وزارة الإسكان أمام امتحان جديد
بقلم : عبدالله المدني
الهجرة من القرية إلى المدينة والانتقال من الأرياف إلى العاصمة (مشكلة) توجد في أغلب الدول، وعندنا في البحرين (مسألة عكسية) هي الهجرة من العاصمة إلى الريف.. والهجرة التي توجد في الدول تسبب مشاكل للدولة في إيجاد السكن للمهاجرين الجدد وفي إيجاد أعمال لهم وفي توفير العلاج والتعليم وسائر الخدمات، وبالمقابل تخلق الهجرة من الريف إلى المدينة نقصاً في الأيدي العاملة في حقل الزراعة وبالتالي قلة المحصولات الزراعة.
اما الهجرة التي توجد في البحرين فإنها لا تصحب معها شيئاً من هذه المشاكل التي تصاحب الهجرات.. عادة .. في الدول الأخرى. لأنها هجرة عكسية ونادرة الحدوث في المجتمعات لذلك فالمشاكل التي تصحبها تختلف عن المشاكل التي ترافق الهجرات المعهودة في المجتمعات، فلا تخلق أزمة في الإسكان لن السكن يوفر للمهاجرين قبل أن يصلوا البلاد ولا تخلق أزمة في الأعمال لأن المهاجرين يجسلون على اعلى المراتب في الأعمال. و تخلق أزمة في التعليم لأن أبناء المهاجرين لا يتعلمون في مدارس الدولة. ولاتخلق أزمة في المواصلات لأن المهاجرين لا يزاحمون المواطنين في النقل العام لأن كل واحد منهم يمتلك سيارة خاصة.
والمهاجرون في الدول الأخرى هم مواطنون سرعان ما يتأقلمون مع مجتمع المدينة ويندمجون فيه. ولكن المهاجرين إلى الريف البحراني لا يتكلمون لغته ولا يدينون بدينه ولا ينتمون إلى جنسيته ووطنه إنهم من الإنجليز والأمريكان وسائر القوميات الأوروبية.
فهذه الهجرة أوجدت بيئة غريبة غير متجانسة وغير متناقسة فهنا قرية بحرانية لم تمسسها يد التطوير والتخطيط وبجانبها مجمع اسكاني نموذجي مخطط متكامل المرافق والخدمات. وهذا بيئة اجتماعية قروية خالصة أصيلة في عاداتها وتقاليدها وبجانبها بيئة أروبية خالصة.
وتنطرح هنا أسئلة عن ظاهرة هجرة الجاليات الأوربية من العاصمة إلى الريف ويجاب عليها بان الريف هواؤه صحي وخال من الضجيج وبأن الريف لا يبعد كثيراً عن العاصمة ومواقع الأعمال المهم في الأمر هو ان نتصور الحالة النفسية للمواطن في الريف كيف ينظر إلى التجمعات السكنية الأوربية التي تجاور قريته التي لا تزال كما هي منذ مئات السنين، بطبيعة الحال إننا نتوقع منه أن يغبط أولئك المهاجرين الأوربين بل ونتوقع أن يداخله شيء من النفور والاستفزاز لما يرى من مشهدين متناقضين لبيئتين اجتماعيتين. أمام عينيه صباح مساء بل ونتوقع أن يداخله احساس يدفعه للمطالبة بمسكن حديث وقرية مخططة وخدمات متكاملة.
وبالرغم من ان هذه السنة هي سنة اسكان في ميزانية الدولة وبالرغم من أن وزارة الإسكان شكلت اساساً لتلبية مطالب المواطن وتوفير الخدمات له. فإن المشكلة الإسكانية لا تزال مستفحلة وإن ما أعلن عن تنفيذه من مشاريع اسكانية لم تمر رياحها حول الريف.
هل كان ذلك لعدم إمكانية تغطية العشرين مليون دينار المخصصة للإسكان في الميزانية أم لأسباب فنية أو إدارية أم غيرها المهم إنها مشكلة تواجه المواطن.
فهل جاءت زيارة الملك خالد بن عبدالعزيز للبحرين لتحل فيما تحل هذه المشكلة المزمنة والأزمة المستفقمة ولتقول لوزارة الإسكان والأجهزة التنفيذية أن لاعقبة تقم أمامهم في تلبية هذا المطلب الشعبي الملح فتضع أمامها مائة مليون دولار لمشاريع الإسكان من أجل تنفيذ المشاريع الإسكانية.
بقى أن نرى كيف يعمل الرجال في الدولة كيف تتصرف وزارة الإسكان بعد توفير كل هذه الإمكانيات أمامها. هل ستكون وزارة الإسكان في سرعة التجار والشركات ليس أكثر التي حولت المزارع والصحاري إلى أحياء حديثة كاملة المرافق في بضعة شهور لإسكان الموظفين الأوربيين؟
كان رجال الدولة في السنوات الماضية أمام امتحان قلة الإمكانيات والموارد أما الآن فقد وضعوا أمام الامتحان الحديد وهو توفير الإمكانيات فماذا عساهم يعملون أمام هذا الامتحان الجديد.