علي الأكبر ابن الإمام الحسين (ع)
(شبيه أهل الكساء عليهم السلام)
هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).كان يكنى أبا الحسن،ويلقب بالأكبر لأنه أكبر أولاد الإمام الحسين (ع) على ما رواه صاحب الحدائق الوردية. وروى ابن إدريس في السرائر، والمفيد في الإرشاد أنه ولد بعد وفاة جده أمير المؤمنين (ع) بسنتين وقيل ولد في أوائل خلافة عثمان .
أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. وكان علي الأكبر (ع) أول المستشهدين يوم الطف من أهل البيت،وقيل كان عمره 27 وقيل 25 وقيل 19 وقيل 18 سنة وهو الأصح. وكان علي الأكبر أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً برسول الله (ص)،لا بل أنه شابه الخمسة أصحاب الكساء(ع) فأما شبهه بجده رسول الله (ص) ففي كلامه ومقاله، وفي خَلقه واخلاقه. وأما شبهه بجده الإمام علي (ع) ففي كنيته وشجاعته وتعصبه للحق. وأما شبهه بجدته فاطمة الزهراء (ع) ففي مدة حياته، إذ توفيت الزهراء (ع) وعمرها ثماني عشرة سنة. وأما شبهه بعمه الحسن (ع) فقد كان بالبهاء والهيبة. فكان وجهه يتلألأ نوراً وأما شبهه بأبيه الحسين (ع) فقد شابهه بالإباء والكرم، ويكفيه اباء وكرما أنه أول من برز من أهل البيت الطاهر يوم كربلاء، وما زال يضرب في القوم (ضرب غلام هاشمي علوي) حتى استشهد سلام الله عليه.
شهادته عليه السلام:
ذكر الخوارزمي في مقتله ما نصه:
فتقدم علي بن الحســين الأكبر، وأمه (ليلى بنت أبي مرة بن عروة ابن مسعود الثقفي) وكان من اصبح الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً. وكان عمره تسع عشرة وقيل ثماني عشرة وقيل خمس وعشرون سنة وهو أول قتيل يوم كربلاء من آل أبي طالب. فاستأذن أباه في القتال فأذن له ثم نظر إليه الإمام (ع) نظرة آيس منه، وأرخى عينيه فبكى. ثم رفع سبابتيه نحو السماء وقال: اللهم كن أنت الشهيد عليهم فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك محمد صلّى الله عليه وآله وسلم وكنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه. اللهم فامنعهم بركات الأرض، وإن منعتهم ففرقهم تفريقا، ومزقهم تمزيقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض الولاة عنهم أبداً. فانهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا يقاتلونا ويقتلونا. ثم صاح الحسين (ع) بعمر بن سعد: ما لك قطع الله رحمك ولا بارك لك في امرك، وسلط عليك من يذبحك على فراشك، كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله (ص). ثم رفع صوته وقرأ (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم).
ثم حمل علي بن الحسين (ع) وهو يقول:
أنا علي بن الحسين بن علي نحن وبيـت الله أولى بالنبي
والله لا يحكم فينا ابن الدعي اطعنكم بــالرمح حتى ينثني
أضربكم بالسيف حتى يلتوي ضرب غلام هاشمي علـوي
فلم يزل يقاتل حتى ضج أهل الكوفة لكثرة من قتل منهم، حتى أنه روي انه على عطشه قتل 120 رجلاً. ثم رجع إلى أبيه الحسين (ع) وقد اصابته جراحات كثيرة. فقال: يا أبت العطش قد قتلني وثقل الحديد قد اجهدني، فهل إلى شربة من ماء سبيل، أتقوى بها على الأعداء؟ فبكى الحسين (ع) وقال: يا بني عزّ على محمد وعلى عليّ وعلى أبيك أن تدعوهم فلا يجيبوك وتستغيث بهم فلا يغيثوك يا بني هات لسانك. فأخذ لسانه فمصه، ودفع إليه خاتمه وقال له: خذ هذا الخاتم في فيك وارجع إلى قتال عدوك، فإني أرجو أن لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا.
وذكر المقرم في مقتله، أن رجلاً من القوم صاح: (يا علي إن لك رحما بأمير المؤمنين (يزيد) ونريد أن نرعى الرحم، فان شئت آمناك). فقال عليه السلام: إن قرابة رسول الله احق أن ترعى. فرجع علي بن الحسين إلى القتال، وحمل وهو يقول:
الحرب قد بانت لها حقائق وظهرت من بعدها مصادق
والله رب العرش لا نفارق جموعكم أو تغمــد البوارق
وجعل يقاتل حتى قتل تمام المائتين (وفي رواية، فقال مرة بن منقذ العبدي: علي آثام العرب إن لم اثكل أباه به، فطعنه بالرمح على ظهره. ثم ضربه (مرة) على مفرق رأسه ضربة صرعه بها، وضربه الناس بأسيافهم إربا إربا. فلما بلغت روحه التراقي، نادى بأعلى صوته: يا أبتاه هذا جدي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أضمأ بعدها أبدا، وهو يقول لك: العجل، فان لك كأسا مذخورة فصاح الحسين: قتل الله قوما قتلوك يا بني، ما اجراهم على الله وعلى انتهاك حرمة رسول الله. على الدنيا بعدك العفى.