وألقى بالمناسبة الشيخ عبد الأمير الجمري قصيدته قال فيها:


                  


خسئت صفقة الردى فعلاكا


قد تجلت تطاول الأملاكا


لست ميتا أبا عماد وإني


لست أبكيك لا ولن أتباكا


إنما يجدر البكاء لميت


قد عفا ذكره وذاك سواك


لم يمت من يعيش مثلك في الناس


طهورا وفي الصفات ملاكا


لم يمت من لدينه كان يسخو


بأعز الأشياء مثل سخاكا


لم يمت من يكون للوطن الغالي


وفيا كما يكون وفاكا


أبدا لم يمت أمين على الحق


فداء للشعب جل فداكا


سوف يفنى الزمان لكن ستبقى


تتحدى قرونه ذكراكا


لست ميتا أعيدها مرة أخرى


وأخرى فالميتون عداكا


عبقري الإيمان اشراقة الفجر


نقي الضمير ما أسماكا


كنت كالطود في مواجهة الإلحاد


صلبا جندت كل قواكا


تتحدى مبادئ الكفر والزيف


تعري المصلل الأفاكا


يا دئوب الجهاد لم تعرف الراحة


يوما حتى الضريح حواكا


يا حليف اليراع فيه أضنيت


مستهدفا رضا مولاكا


بمداد اليراع لم ترض حتى


شئت للحق أن تريق دماكا


إيه يا نسر وكرك الحلو من ذا


عنه بالانصراف قد أغراكا


أ وتدري ماذا تركت به من


وحشة فاق وصفها الادراكا


أسإمت المقام أم رمت وكرا


فيه تغدوا قريرة عيناكا


فوق عرش القلوب في عالم الخلد


مجيبا لله حين دعاكا


 


إيه يا نسر لم أقام لك الأهل


احتفالا فيه المحب نعاكا


هل ضمير هنا خلا منك معنى


أم هنا يا أخي من ينساكا


أم أردوا في القلب تأجيل نار


نار خطب لم تطف منذ عراكا


حيث إنا نعيش أعظم خطب


أذل الدهر زلزل الأفلاكا


لشهيد الإسلام أعني حسين


الحق من جاوزت علاه السماكا


قبلة الثائرين من بدماه


نسف الظلم حطم الأشواكا


يا مثال الوفاء إن بلادا


في بناها أسهمت لن تنساكا


وجهادا به أضيفت إلى التأريخ


فصلا سيحتذى ويحاكا


سوف تلقى جزاها العادل الحق


قريبا مذلة وهلاكا


سنرى في بنيك أجناد دين


وبجزم سيرفعون لواكا


سنرى شارعا باسمك للأجيال


رمزا مخلدا ذكراكا


سيرى الشعب فيك فخرا


وتروي بعينها الآباء حديث علاكا


وستبقى “المواقف” الحرة الغراء


تعلى ما أسسته يداكا


وستبقى أخي على العهد للإسلام


ملكا أعظم به ملاكا


يا سليمان منك نستلهم الصبر


وبالصبر أنت ما أحراكا


كنت في الخطب مثل ما قد ظنناك


فبشراك بالجزاء بشراك


دم منارا حباك ربك ما تصبو


إليه وكل سوء كفاكا


لست أنت المصاب وحدك


بل شعب أوال دهاه ما قد دهاكا


 


ثم ألقى الشيخ عباس أحمد قصيدة جاء فيها:


 


أ أبا عماد وفي الأضالع حسرة


ماذا أقول إذا استحال المطلب


أن يقتلون فكم قتلت بموقف


هو في المواقف ماثل يتأهب


أسكت شقيقة تؤمل أن ترى


عزما يحك النجم فيك يخيب


هدمت ما شادوا وشيدت الذي


هدموا بتصميم وعزم ينقب


لا تحسبن الجرح جرحا واحدا


فالكل في جزع يعجب ويندب


لا نندب الجسم النحيف ولم نكن


نبكي لأحداث تروح وتذهب


لكننا نبكي لأعجب حادث


إذ كيف تفتك بالأسود الأرنب


 


واختتم الحفل بكلمة مرتجلة للشيخ سليمان المدني جاء فيها:


 


أخي عبد الله، ما كنت أود أن أقف هذا الموقف في يوم يكون فيه التأبين لك، وإن كنت لا أأسى على قتلك، ولا أحزم لذهابك، فالموقف ليس موقف أسى، وإنما هو موقف فخر، وليس موقف حزن، وإنما هو موقف تصميم وعمل، وهل أ أسى أن يرفع الله درجة أخي حتى يقف مع الأسلاف الطاهرين من الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وهل أحزن أن يكون أخي علما من معالم طريق النبوة، فهذا هو ديدن الدعاة إلى الله، أكثر من مائة ألف من الأنبياء قل منهم من مات على فراشه، كلهم تجرع الموت الزؤام بيد الضالين، وما مدوا إلى قاتليهم يدا تريد الفتك.


 


فمن يدعو إلى الله لا يريد المدعو أن يقتنع عن طريق الإكراه، الإكراه ليس وسيلة من وسائل الاقتناع في يوم من الأيام، وحتى الشعوب التي وقعت تحت نير الطغاة المستبدين فأكرهوها على عقيدة مافتئت أن انقلبت على أولائك الطغاة وعادت إلى ما كانت عليه العقيدة الصحيحة أو العقيدة التي ترتضيها على الأقل.


 


ثم شكر الحاضرين قائلا: وأشكر الذين واسونا وصمدوا معنا وتأسوا وتعزوا بعزاء الله فيك من المؤمنين ممن حضر هذا المكان ومن لم يحضر والسلام عليكم.


 


المصدر: مجلة المواقف – العدد 163-الاثنين 20 محرم 1397 – 10 يناير 1977


 

... نسألكم الدعاء ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *