لقطات من جلسات محكمة المتهمين في قضية اغتيال المدني
قبل أن يعلن الشيخ عبد الرحمن بن جابر الخليفة – رئيس المحكمة الكبرى الجزائية – قرار المحكمة بتحديد جلسة النطق بالحكم في قضية مصرع المرحوم الأستاذ عبد الله المدني والتي حددتها المحكمة يوم 16 يناير الحالي .. رفع المتهم الثاني إبراهيم مرهون يده مستأذنا المحكمة في الرغبة في الحديث ..
.. والذين تابعوا جلسات محاكمة المهمين باغتيال المرحوم الأستاذ عبد الله المدني قد لاحظوا أن المتهم الثاني إبراهيم المرهون كان أكثر المتهمين الذين طلبوا الكلمة .. فقد تكلم أكثر من مرة .. وفي الجلسة الأخيرة حاول أن يدافع عن نفسه بالرغم من قيام محاميه بالدفاع عنه .
وفي الجلسة الأخيرة .. وبعد أن سمحت له المحكمة بالحديث قال إبراهيم مرهون معلقا على مرافعة الأستاذ حميد صنقور محامي المتهم الرابع عندما قال لقد قدم الإدعاء اعتراف المتهم الثاني إبراهيم مرهون وجاء به أنه حرر الاعتراف بخط يده .. ونسى الإدعاء العام أن إبراهيم مرهون أمي لا يقرأ ولا يكتب وأنه التحق بالصف الأول بمدرسة محو الأمية .. كما أنه قرر أنه وزملاؤه قرروا خطف طائرة من طائرات الخليج واللجوء بها إلى دبي .. ونسى أن دبي هي آخر الخط بالنسبة لطيران الخليج ..
وبعد أن سمحت المحكمة لإبراهيم مرهون بالحديث قال :
مع احترامي للمحامي لكن اتضح لي أن المحامي على غير علم أو اطلاع من أساسه فقد جاء باعترافي أنه بعد اختطاف الطائرة فإننا سنقلها إلى عدن .. ولم نقل سننقلها إلى دبي .. كما أنه قال أنني أمي لا أقرأ ولا أكتب .. علما بأنني تركت الدراسة بعد السنة الأولى الإعدادية التحقت بمدرسة الصناعات سنة واحدة ..
.. ورد المحامي قائلا لقد قرأت هذا في الصحف ..
وخرج أكثر من صوت من الصفوف الخلفية .. الصحف لم تكتب هذا أبدا
وعاد إبراهيم مرهون للحديث : بالنسبة لشهادة الشاهدين اللذين سبق أن أدليا بشهادتهما وهما عيسى إدريس وعلي عبد العزيز ..
وقال رئيس المحكمة ما أنت علقت عليهما قبل كده ..
.. ولقد كان المتهم إبراهيم مرهون هو أول المتحدثين .. أو أول الذين طلبوا الكلام في الجلسة الأولى للمحاكمة والتي بدأت يوم السبت 11 ديسمبر عندما رفع يده مستأذنا في الكلام وسمحت له المحكمة بذلك واعترض على محامية قائلا :لدي اعتراض بالنسبة للمحامي أنا لا أريد المحامي لأنه قال أنه لا يعرف عن القضية أي شيء وبيقول أنه مبعوث من قبل المحكمة للدفاع عني ولذلك أنا اطلب تعيين محام ..
وعندما قال له رئيس المحكمة يا إبراهيم المحكمة عينت لك محام لأنك لم توكل محام قال : المحامي بيقول انه ما كان يرغب في الدفاع عني وأن الحكومة أجبرته للدفاع ..
ويرد رئيس المحكمة تستطيع على نفقتك الخاصة تعيين من تريده للدفاع عنك ..
.. وحتى جلسة الأحد وبعد أن أدى الشاهد عيسى إدريس شهادته .. اعترض المتهم الثاني إبراهيم مرهون موجها حديثه للمحكمة .. هل لي حق الاعتراض على الشهادة؟
وطلب منه رئيس المحكمة الانتظار حتى سماع شهادة باقي الشهود ..وعاد إبراهيم مرهون بعد الاستراحة ليقول لرئيس المحكمة لدي الأدلة الكاملة لافتراء الشاهدين.
وفي جلسة السبت من الأسبوع الثاني للمحاكمة طلب المتهم إبراهيم مرهون الحديث وسألته المحكمة هل لديك تعقيب فقال نعم لدي تعقيب على أقوال الشهود وكان كل همه هو الحديث عن شهادة عيسى إدريس وعلي عبد العزيز
وفي جلسة الثلاثاء تحدث إبراهيم مرهون عن اعترافه الثاني الذي أدلى به أمام قاضي التحقيق وعندما سألته المحكمة عن اعترافه قال أنه صحيح وعندما سألته لماذا لم تقل هذا أمام المحكمة قال خوفا من أن ينكشف أمري أمام المتهمين ..
.. والذي يلي إبراهيم مرهون في الحديث كان احمد مكي المتهم الرابع ثم عبد الأمير منصور المتهم الخامس.
عندما قال المتهم أحمد مكي إفادته أمام قاضي التحقيق غير صحيحة لأنها تمت بإكراهه على الاعتراف .. كذلك عبد الأمير منصور عندما تحدث عن الاعتداء عليه ..
.. وفي جلسة الأحد وبعد أن انتهت محامية المتهم من قراءة مرافعتها رفع عبد الأمير منصور اصبعه
مستأذنا في الحديث وقال موجها حديثه للمحكمة .. لدي توضيح للقضية أكثر .. ورد رئيس المحكمة لقد مكنا محاميتك من لقائك أمس وقلت لها كل ما تريده وترافعت عنك اليوم ..
وعاد عبد الأمير ليقول : التركيز على أني عنصر قيادي في الجبهة غير صحيح وحاول عبد الأمير الحديث وانتقلت إليه المحامية لولوة وأقنعته بعد الحديث لأنها تتولى عملية الدفاع عنه وأن كل ما يريد أن يقوله للمحكمة عليه أن يبلغها به .. واقتنع عبد الأمير وسكت ..
.. وكان المتهم محمد طاهر هو أكثر المتهمين صمتا .. كان يؤتى به في كل جلسة منقولا على كرسي متحرك ويكون ترتيبه في قفص الاتهام الأول .. وتظل الجلسة أي وقت ولا يتحدث ..
.. أما أحمد مكي فقد كان يتفقد بنظراته كل الموجودين بالمحكمة .. كانت نظراته فاحصة .. يركزها على الصحفيين وبعد أن ينتهي من كل نظرة فاحصة لمجموعة من الحاضرين يتحسس رقبته ودفنه .. ثم يعود ليركز نظراته على كل الحاضرين ..
أما عبد الأمير فكان يضع يده على ذقنه ويسنده على جدار قفص الاتهام .. وكان يركز كل نظراته على الشهود ..
ولم يكن علي فلاح يركز نظراته سوى على والده الذي كان يحرص على حضور جميع الجلسات .. كان والده ينظر إليه نظرات كلها أسى .. ويبادله علي فلاح النظرات ثم يعود ليخفي وجهه بين زملائه ..
أما عن هيئة الدفاع فقد بدت منذ الجلسة الأولى أنها تعمل كلها ضمن إطار واحد ..
كان يبدو أن هناك خطة واحدة للدفاع وكان الأستاذ حميد صنقور يتولى إعداد الأسئلة وتسليمها للمحامين .. لم يكن يوجه بنفسه الأسئلة لكنه كان يوجه الباقين كما كان يبدو أمامنا في كل جلسة ..
حتى عندما قرر المحامي حاتم الزغبي محامي المتهم الثالث الانسحاب إذا أخذت المحكمة باعتراف المتهمين انضم إليه كل زملائه وهددوا بالانسحاب .
محامية واحدة حضرت جلسات المحاكمة هي الأستاذة لولوة العوضي.
المصدر: مجلة المواقف – العدد 162– الاثنين 13 محرم 1397 – 3 يناير 1977