رحمك الله يا عبد الله
“بمرور أربعين يوما على وفاة الأخ الشهيد الغالي الأستاذ عبد الله المدني، يطيب لي أن أكتب هذه الكلمات المعزية وفاءا للصداقة والأخوة”.
وهكذا يمضي الزمن ثقيلا بطيئا، كثقل مصابنا فيك، وعظم رزئنا بك، ويسبقنا اليوم الأربعون لوفاتك، ليدفق إلى قلوبنا حزنه وأساه من جديد بعد أن أعجزنا حزن الأمس وأساه عن البكاء عليك يا شهيد الإيمان.
ونحن إذ نبكيك فإننا لا نبكي عليك فقط، وإنما نبكي على نفوسنا وآمالنا وأمانينا التي ولدت واحتضرت وهي لما تزل بعد براعم على الطريق.
وأسفنا عليك أن تفارق الحياة وأنت لما تزل بعد في ربيع العمر وقمة التدفق والعطاء. والطن أكثر ما يكون احتياجا لفكرك وعطائك ولقد كنت يحرمك الله، تبتسم للحياة بكل قلبك وما أظن أن الحياة ابتسمت لك من قلبها يوما، وكنت تكد وتكدح من أجل سد الحاجة، وإنفاق ما تبقى على الفقراء والمعوزين، ولذا فيحق لنا أن نقف بكل بسالة وفخر نحيي فيك تلك المبادئ العظيمة التي قامت عليها حياتك الرائدة فكانت علامات الطريق، وعلامات مضيئة، تضيء لنا سبيلنا.
وهكذا ودعنا رجل من رجالات الإيمان والوطنية، وهب الإنسان كل حياته ووقته.
وأفل نجمه ليبقى مضيئا أبدا وحيا أبد في ضمير كل إنسان.
فإلى رحمة الله يا عبد الله … وسلام عليك في الخالدين.
على حسن يوسف الديري – المصدر: العدد 162-الاثنين 13 محرم 1397 – 3 يناير 1977