الذئب
حيوان كثير الغارات وحيل وصبر على المطاولة وقلّما يخطئ في وثبته، فيه قوة حاسة الشّم، ولا تتولد في شعره الحيوانات المؤذية، ومن عجيب أمره أنه ينام بإحدى مقلتيه والأخرى يقظى حتى تكتفي العين النائمة من النوم فيفتحها وينام بالأخرى ليحترس باليقظة ويستريح بالنائمة، والذئب إذا أكدّه الجوع عوى فتجتمع له الذئاب ويقف بعضها إلى بعض، فمن ولى منها وثب إليه الباقون وأكلوه، وكذلك إذا أصاب أحدهم جراحة أكلته البقية، ولذا إذا مرض انفرد بنفسه عن الذئاب لعلمه بأنها إن علمت بضعفه أكلته، وأكثر ما يتعرض للغنم بنفسه عن الذئاب لعلمه بأنها إن علمت بضعفه أكلته، وأكثر ما يتعرض للغنم وقت طلوع الشمس لأنه يتوقع فترة الكلب ونومه لأنه يعلم أن الكلب يظل طول الليل متيقظاَ حارساَ.
ومن خواصه، إذا جعل في برج حمام أي جزء منه خصوصاً رأسه لم تقربه حية ولا سنور و آفة، ومتى ذبح وجد إحدى عينيه مطبوقة وهذه تجلب النوم تعليقاً وتحت الوسادة والأخرى مفتوحة تفعل بالعكس، وقيل إن عينه اليسرى من استصحبها لا يغلبه النوم، وعينه اليمنى من حملها تدفع عنه البله ولا يفزع بالليل ولم يخف لصاً ولا سبعاً، وإذا علقت عيناه على صبي لم يصرع، وعين الذئبة إذا علقت على من يصرع منعته من الصرع، وكعب الذئب الأيمن إذا علّق على رأس رمح ثم اجتمع عليه جماعة لم يصلوا إليه مادام الكعب معلقاً على رمحه، ومن حمل كعبه يغلب في مخاصمته الرجال ومن استصحب كعبه اليسرى يغلب في مخاصمة النساء، ومن شد كعبه عادي ساق الماشي لا يتعب من السير، وإذا شجّ على صبي سيئ الخلق حسنت أخلاقه، وإذا علق على الركبة الوجعة يسكن وجعها، وإذا حمل الإنسان أنيابه وعينه في جلده معه غلب خصمه وكان مهاباً عند الناس، وإذا علق ذنب الذئب على معلف البقر نفرت، ولو علق نابه على الفرس سبقت الخيل، وعظم ساقه إذا أحرق يهرب من دخانه الفأر، ومن أدمن الجلوس على جلده أمن من القولنج، وإن اتخذ طبل من جلده وضرب به بين تشققت الطبول كلها، ومن جعل شيء من شعره خلف أذنه لم يأخذه النوم مادام عليه، وشحمه ينفع داء الثعلب، والله أعلم.