الأسد
هو من أهول السباع صورة، وأشدها قوة وهو لا يرى من يكافئه من السباع ولها لا يألف شيئاً منها، ومتى وضع جلده على شيء من جلودها تساقطت شعورها، وللأسد من الصبر على الجوع وقلة الحاجة إلى الماء ما ليس لغيره من السباع، ومن اعتزاز نفسه أنه لا يأكل من فريسته تركها ولم يعد إليها وإذا جاع ساءت أخلاقه، وإذا امتلأ من الطعام ارتاض، ولا يشرب من ماء ولغ فيه كلب، وإذا أكل نهش من غير مضغ، وريقه قليل جداً ولذلك يوصف بالبخر، ويوصف بالشجاعة والجبن، فمن جبنه أنه يفزع من صوت الديك ونقر الطست ومن السنور ويتحير عند رؤية النار، وقليل ما تفارقه الحمه، واللبوة لا تضع إلا جرواً واحداً، وهي تضعف عند الولادة لأن الوالد يخدش رحمها ببراثنه فالليث يأتي بحرباء لتأكلها فتبرأ من مرضها.
ومن خواصه، شحمه إذا طلي به جميع البدن هربت منه السباع ولم ينله مكروه منها، ولم يقربه النمل، وذهب عن السل والكلف وكلّ عيب يكون في الوجه، وإذا طلي به البواسير والأورام الحارة ينفعها، وإذا جعل في بيت هرب منه العقارب والفأر، وإذا ألقي في ماء لا يشربه شيء من الدواب، وإذا ذوّب شحم جبهته وخلط بدهن ورد ومسح به وجهه يهابه كل من يراه وينقاد إليه، ومرارة الأسد تحل المعقود من النساء إذا سقي منها في بيضة في مستهل الشهر، وإذا تداف بالعسل ويجعل منها على الخنازير تزول، وهي تزيل الصرع حملاً وتنفع لداء الثعلب، ودوام الجلوس على جلده يذهب البواسير من المقعد، وإذا نام عليه صاحب حمّى الربع يوم نوبته ويغطى بالثياب حتى يعرق تزول عنه، وإذا حمل جلد جبهته إنسان تحت عمامته كان مهاباً عند الملوك والسلاطين، ومن علّق عليه قطعة من جلده بشعرها أبرأته من الصرع قبل البلوغ فإن كان الصرع قد أصابه بعده لم تنفعه، وإذا وضع قطعة من جلده في صندوق مع ثياب لم يصبها الدود ولا الأرضه، وإذا أحرق من شعره في مكان هربت منه السباع، وإذا حمل من شعر رأسه ووضعه تحت عمامته هابته الناس كما تهاب الأسد، وسنّه إذا استصحبه إنسان معه أمن وجع الأسنان، وإذا علّق على الصبي تنبت أسنانه دون ألم، وذنبه إذا استصحبه إنسان لا تؤثر فيه حيلة محتال، ودماغ الأسد يداف بزيت عتيق الدهن به الاختلاج والارتعاش يذهبهما، والله أعلم,