الشيخ أحمد آل عصفور الدرازي
المحقق الأمجد العالم الأوحد الشيخ أحمد ابن الشيخ ابراهيم ابن الحاج أحمد بن صالح بن عصفور بن أحمد بن عبدالحسين بن عطية بن شنبه الدرازي البحراني، قال ابنه الفاضل المنصف في اللؤلؤة في ترجمته كذا وجدته بخطه رحمه الله في آخر كتاب (قطر الندى) المكتوب بخطه وقت اشتغاله بالنحو في أول عمره وقد طلب له أبوه رجلاً فاضلاً يسمى الشيخ أحمد بن ابراهيم المقابي يجيء له في البيت كل يوم لتدريسه وعين له وظيفه هذا في أول اشتغاله بالمطلب ثم لما صارت له قوه في علم النحو والصرف انتقل إلى الشيخ محمد يوسف المتقدم ذكره ثم إلى شيخه الشيخ سليمان المتقدم ذكره وكان (قدس سره) مجتهداً فاضلاً جليلاً وفقيهاً نبيلاً لا يبارية في ذلك مباري وكان لا يمل من البحث ولا يغتاظ ولا يظهر منه الغضب كما هو جملة من العلماء الذين ليس لهم ملكة البحث ولقد كان يدرس في خطبة الكافي ومكان في الحلقة جملة من الفضلاء منهم الشيخ علي ابن الشيخ عبدالصمد الأصبعي ….كان فاضلاً دقيق النظر فوقع البحث في قوله (ره) احتجب بغير حجاب محجوب واستمر البحث من أول الصبح إلى وقت الظهر وهما ينتقلان في البحث من علم إلى علم ومن مسألة إلى مسألة أخرى وانفض المجلس بدخول وقت الظهر وانصرفوا، ثم بعد صلاة العصر جلسوا للدرس فعاد الشيخ علي البحث واستمر الكلام إلى المغرب، قرأت عليه (قطر الندى) وكتاب شرح ابن الناظم اكثره وكتاب شرح ابن الناظم أكثره وكتاب (المطول إلى علم البديع) واتفق بعد ذلك مجيء الخوارج لأخذ بلاد البحرين ووقع فيها الهرج والمرج والخراب والعطال باشتغالهم للأستعداد لحرب الأعداء وسيأتي كل ذلك في آخر الإجازة إن شاء الله تعالى وكانت له ملكة في التدريس لم يسبق إليها سابق غيره ممن رأيت وحضرت درسه من علماء عصرنا كان (قدس سره) لسعة باعة في العلوم يستفيد من الدارس في علم جملة من مسائل العلوم المتأخرة مما يفرغه في وقت البحث ويبسطه من الكلام في المقام فتصير عند الدارس قواعد من تلك العلوم قبل الخوض فيها.
قال المحدث الصالح الشيخ عبدالله بن صالح (الآتي ذكره) في وصفه (قدس الله سرهما) أخي بالمؤاخات وصديقي بالمصافات الشيخ العلامة الفهامة الأسعد الأمجد شيخنا الأوحد الشيخ احمد ابن المقدس الحليم الكريم الشيخ ابراهيم ابن أحمد بن صالح بن عصفور الدرازي البحراني (قده) وشمل المتعلمين إفادات جوده وهذا الشيخ ماهر في أكثر العلوم لا سيما العقلية والرياضية وهو فقيه مجتهد محدث وله شأن كبير في بلادنا واعتبار عظيم أمام ففي الجمعة والجماعة ولي به اختصاص زائد دون سائر الأخوان والأقران وقد قرأت عليه شيئاً من النحو في كتاب الرضي وفي صغري وأوائل الخلاصة في طريق السفر وله لسان طلق وسرعة في الجواب حسن الإنشاء والعبارة وهو أفضل أهل بلدنا الآن في العلوم العقلية والرياضة انتهى.
له من التصانيف جملة من الرسائل الرشيقة والتحقيقات الدقيقة وكانت تصانيفه مهذبة محررة وعباراته مع دقتها ظاهرة منها رسالة في بيان القول بحياة الأموات بعد الموت ورسالة في الجوهر والعرض ورسالة في الجزء الذي لايتجزأ وقد اختار فيها مذهب الحكماء ورسالة في الأذان ورسالة الإستثنائية في الأقرار ورسالة شرح الحمدية لشيخه الشيخ سليمان بن عبد الله ، وقد مدحه في صدرها مدحاً عظيماً وأثنى عليها غاية الثناء أخبر (قدس سره) أنه لما عرضها عليه وكان فيها جملة من الإعتراضات على المصنف وأعجب بها قال بعد ملاحظة الإعتراضات مداعباً له: أن حصل من يتصدى للجواب عنها اعنناه، فقال له الوالدان عدتم عدناه ورسالة في بيان ثبوت الولاية على البكر البالغ الرشيد ورسالة في مسئلة هدم الطلقتين بتخلل المحلل وعدمه اختار فيها عدم الهدم خلاف المشهور ورد في هاتين الرسالتين على بعض المعاصرين وأراد به المحدث الصالح الشيخ عبدالله بن صالح ورسالة في القرعة حسنة ورسالة في التقية غربية عجيبة إلا أن هاتين الرسالتين ذهبتا فيما وقع على كتبنا من قضية البحرين مع جملة من الكتب وقد كان (قدس سره) يتلهف عليهما غاية التلهف ويتأسف على عدم حفظهما غاية التأسف ورسالة في شرح عبارة اللمعة في بحث الزوال ورسالة في مسألة موت الزوج أو الزوجة قبل الدخول هل يوجب المهر كملاً أم لا؟ ورسالة في الدعوى على الميت هل يثبت بشاهد ويمين أم لا؟ أختار فيها الأول ورد فيها على بعض المعاصرين وهو الشيخ عبدالله بن علي البلادي كما تقدمت الإشارة إليه، قلت وسيأتي الكلام إنشاء الله تعالى عليه ورسالة في الصلح ورسالة في تحقيق مسألة النجاسة ورسالة في العدول من سورة إلى سورة أخرى ورسالة أجوبة ثلاث مسائل للشيخ ناصر الجارودي الخطي حنسة جيدة تشتمل على تحقيق في طلاق الفدية وأنه هل يفيد فائدة الخلع أم لا والرسالة العطارية وهي أجوبة جملة من المسائل للشيخ علي بن لطف الله الجحفصي تتعلق بالعطارة وتنتظم بالتجارة ورسالة أجوبة مسائل السيد يحيى بن السيد حسين الإحسائي ورسالة في مسئلة المتنجس بعد زوال عين النجاسة هل ينجس أم لا وهي مسألة المحدث الكاشاني التي تفرد بها وقد رد فيها عليه ورسالة أجوبة مسائل الشيخ عبدالإمام الإحسائي ورسالة في دخول الرقبة في الرأس في الغسل وقد كان الشيخ عبدالله بن صالح قد كتب رسالة في عجم دخولها وقد أشرنا إلى ذلك في كتاب (لحدائق الناضرة).
وتوفي (قدس سره) في بلد القطيف بعد أخذ الخوارج البحرين وخرج جملة من أعيانها إلى القطيف وذلك بضحوة اليوم العشرين من شهر صفر في السنة الحادية والثلاثين بعد المائة والألف هجرية ودفن في مقبرتها المعروفة بالحباكة وعمره يومئذ يقرب سبعة وأربعين سنة تغدمه الله تعالى بغفرانه وعامله بعفوه ورضوانه وأفاض عليه رواشح فضله واحسانه واسكنه بحبوحة جنانه.