وجّهتُ وجهِيَ نحــوَ الطفِ فـي شَجَنٍ … أبكي الحسينَ فيُسقينيْ النّوى حُرَقــا
وجهتُ وجهـيْ إلى قبرٍ أحــاطَ بــهِ … نــورُ الإلــهِ ومِنْ أركــانهِ اْنبثق
قبرٌ تحُـفُّ بــهِ الأمـلاكُ عـاكفـة … تــأبى النُّزوحَ وتـأبى عنهُ مُفْترَقـا
يُــسبِّحونَ بـِحمـدِ اللهِ في وَجــَـلٍ … ويسجدون بـإِجـلالٍ لـهُ وتُقى
ويَخـدمون حسينـــاً حـقَّ خدمتــهِ … فَهُمْ بِفضْلِ حسينٍ نورهُمْ خُلِق
والنـاسُ مِــنْ كلِّ فـجٍ حـول مرقدهِ … يملأْنَ مِنْ كلِّ حـَدْبٍ نحوهُ الطُّرق
وجَّهتُ وَجْهـيَ أبـكي سـيدي وأنــا … جاثٍ على رُكبتي والصَّدرُ قَدْ خُنِق
أبكي النَّوى حيثُ لمْ أحظى بـِـمَدِّ يـدي … نحـوَ الـضَّريـحِ ولمْ أدنوهُ مُـعْتنقـا
يــا سَعْدَ مَنْ يَشْبكُ الشُّباكَ مُحتضنــاً … ويـذرُفُ الـدمـعَ حتى يُقرِحُ الحَـدَق
ويستـغيثـكَ كيْ تقضـي لـهُ كَرَبــاً … و يَسْتجيرُكَ مِنْ رُزءٍ بهِ طرَقَ
فمـا يَفكُّ يـديـهِ مـِنْ مـُعــانقــةٍ … إلاَّ وَقـدْ فــُكَّ مـِنْ بـلواهُ وانْعَتَق
وقفتُ أنـعـاكَ لا في القولِ مُمْـتـلِقـاً … ولا لــِدمعيَ والأحزانِ مـُخْتلِقــا
ومــا اْستجـاشَتْ إليكَ النفسُ عَنْ فـَنَدٍ … ومـا نظمتُ لكَ الأشْعـارَ مُرْتزِقــا
إنِّي خـلِقتُ فكــانَتْ خِلقتي طيناً … وكانَ حـبُّكَ والولاءُ لـيْ خُلُقــا
إنِّي وحَقِّكَ لـمْ أنــعى عـلى بـَـشَرٍ … مِنْ قبلُ والـدمعُ مني قَطُّ مــاْ اْنهَرَق
إلاَّكَ يــا سيـدي جفـنيَّ هـدّهُـمـا … كُثْرُ البُكـا وبدمعِ العينِ قد غرِقا
وكُلـَّـما جـدَّت الذكـرى تملـَّـكَنـي … شوقٌ إليك فمـا ولـَّـى ولا امَّحَقَ
فقلتُ: يا لـيتني مِمـّـن إليك سَـعَتْ … أرواحهم حينَ جَدَّ الموتُ مُسْتبَقـا
مَنْ كان نُصرَةُ دينِ الحقِّ مبدأُهُم … فكـان نصرُ حسينٍ منــهُ مُنطلَقــا
ومَنْ لك استرخصوا الأرواحَ فــاستبقوا … جيشَ الرّدى مُذ عدا يُرديكَ مُنْدَفِقـــا
آلـَـواْ بـِـأنْ لا يظلَّ السـبطُ مُنفـرداً … إلاّ إذا الجسمُ منـهُمْ بالدِّما غَرِقــا
حتى استَبدَّ بِهمْ ضرْبُ السيوفِ فَخـَـ … ـــرُّوا ينزفونَ دماءاً تنفَحُ العَبَقَ
فبعضُهمْ مـَنْ بـِخيْلِ القومِ قـدْ سُحِقوا … وبعضهـم مــنْ بِسيْفٍ هـامُهـمُ فُلِق
وبعضهـم مَنْ على شَطِّ الفراتِ بَقَتْ … أعضـاءُهُمْ بالضُّـبا منْـثورةً مِِِزَقــا
يا ليتني كُنتُ منـهُــمْ يومَ أنْ هَـجموا … لــَكُنتُ في سبْقِهِمْ للموتِ مُسْتبِقا
وليتني كُنتُ منـهـمْ يومَ أنْ صُرِعُوا … وكُنتُ تحْتَ خيولِ القومِ مُنْسَحِقــا
يـا ســيدي إنَّ ما أدْمَتْ لـهُ مُـقَلي … وأجَّ في قلبيَ الأحـزانَ فاحترقَ
حِينَ اْستدارَتْ عليكَ القومُ و اْزْدَحمتْ … كتائباً ضـاقَ منـهـا الـطفُّ وانغلق
جاءوكَ والجشعُ اْستهوى ضمائرهم … مِنْ كُلِّ مَنْ أنْكَرَالإسلامَ أوْ فَسَق
سـلُّوا عليكَ سيوفـاً كـلهـا ظمئتْ … لـِسَفكِ دمّـِكَ وانْـهالـتْ بهـا فِرَقـا
يــا سيدي إنَّني لو لـمْ أكُنْ لكَ في … أرضِ الطفوفِ معَ الأنصارِ مُرْتـَـفِقا
إنّي إليكَ هنـا عــبدٌ و يُسعِدُني, … في دربِ مُعتقدي , أنْ ألفِظَ الرَّمَقَ
وكُلـَّما عـاد يومُ الطفِ صرتُ بـهِ … للشِّعرِ أنـْظـمُ بـالأحزانِ مُحترِقــا
يـا سيدي وتــَراني اليومَ تُلهِمُني … رجوى و تُغلِقُ عني دونكَ الطُرُقَ
أرجُـوكَ بَعدَ الذي دانَتْ لِـعزَّتــِــهِ … كلُّ الدُّنـا وهُوَ الرّبُّ الــذي خَلق
أرجوْ الوصولَ لــِحَيثُ الشوقُ يأخذني … نحـوَ الضريحِ فـأدنُو مِنـهُ مُلتصِقـا
أرجو الوصولَ لـِحَيثُ التُربُ مـُأْتـلِقاً … وحيثُ ينفحُ مِنْ أرجـاءهِ عَـبَـقـا
أرجو الوصولَ إلى القبرِ الذي أبـَـداً … مـا أقبلَ الليلُ إلاّ البدرُ مِنـهُ رَقى
أرجو الوصول إلى القبرِ الـذي أبـَـداً … لا يطلعُ الـصّبحُ إلاّ منـــهُ مُـنـفَلِقا
يا سيدي وإذا حَـانَ الحسابُ غـداً … وكلُّ عضوٍ بجسمي صادقـاً نــَطق
أرجو الشفـاعَة عِنْدَ الِله يـا أمَلِيْ … في يومِ ينكُرِني الخِلاّنَ والرُفَقــا
... نسألكم الدعاء ...