أسباب النزول
تنقسم الآيات القرآنية – من حيث سبب النزول – إلى قسمين:
1 – ما نزل ابتداءً من غير سبق سبب نزول خاص، وهو كثير في القرآن وذلك مثل الأيات التي اشتملت على الأحكام والآداب التي قصد بها – ابتداءً – هداية الخلق وارشادهم إلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة.
2 – ما نزل مرتبطاً بسبب من الأسباب الخاصة التي نزلت الآية من أجله.
ما هو سبب النزول؟
سبب النزول: هو ما نزلت الآية أو الآيات متحدثة عنه أو مبيّنة لحكمه أيام وقوعه.
توضيح ذلك: أنه اذا وقعت حادثة ما أو وُجِّهَ سؤال الى النبي صلى الله عليه واله وسلم، فينزل الوحي بتبيان ما يتصل بهذه الحادثة أو بجواب هذا السؤال مثال ذلك: حادثة (خولة بنت ثعلبة) التي ظاهر منها زوجها (أوس بن الصامت) فنزلت بسببها آيات الظهار في سورة (المجادلة/ 1 – 4).
وما حدث بين الأوس والخزرج من خصومة بسبب تأليب أحد اليهود العداوة بينهما، فقد نزل عقبها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكـُمْ بَعْـدَ إِيمَانِـكُمْ كَافِرِينَ…} (آل عمران/ 100 – 103).
طريق معرفة سبب النزول
لا طريق لمعرفة أسباب النزول إلاّ النقل الصحيح الثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو أهل البيت عليهم السلام أو الصحابة الذين شاهدوا قرائن الأصول وتتبعوا مسيرة الوحي من بدايته إلى نهايته ولا مجال للعقل فيه إلاّ بالتمحيص والترجيح، قال الواحدي في كتاب (أسباب النزول):
(لا يحل القول في أسباب نزول القرآن إلاّ بالرواية والسماع، ممن شاهدوا التنزيل، ووقفوا على الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدّوا في الطلب) لذا ينبغي التثبت في سبب النزول وإلاّ دخل القائل تحت قوله صلى الله عليه وآله وسلم ((واتقوا الحديث عَليَّ (عني) إلاّ ما علمتم فإن من كذب عَليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، ومن كذب علىالقرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار))(1).
فوائد معرفة سبب النزول
لمعرفة سبب النزول فوائد كثيرة، منها:
أولاً: الاستعانة على فهم الآية، وإزالة الاشكال عنها، قال الواحدي في (أسباب النزول):
((لا يمكن معرفة الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها))، فمعرفة سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الآيات القرآنية لأن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب.
ثانياً: إنها تعين على فهم الحكمة التي يشتمل عليها التشريع، وفي ذلك فائدة للمؤمن وغير المؤمن:
أما المؤمن فيزداد إيماناً وبصيرة بحكمة الله في تشريعه فيدعوه ذلك إلى شدة التمسك بها، وأما غير المؤمن فيعلم ان الشرع قائم على رعاية المصلحة وجلب المنفعة ودفع المضرة فيدعوه ذلك – ان كان منصفاً – إلى الدخول في الاسلام.
ثالثاً: معرفة اسم من نزلت فيه الآية، وتعيين المبهم فيها، وفي ذلك اسناد الفضل لأهله ونفي التهمة عن البريء، ومعرفة المنافقين والكاذبين الذين آذوا رسول الله واتباعه.
رابعاً: تخصيص الحكم بالسبب عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ، فعند هؤلاء ما لم يعرف السبب لا يمكن معرفة المقصود بالحكم فتبقى الآية معطلةخالية من الفائدة.
خامساً: تثبيت الوحي، وتيسير الحفظ والفهم، وتأكيد الحكم في ذهن من يسمع الآية إذا عرف سببها وذلك لأن ربط الأسباب بالمسببات والأحكام بالحوادث والحوادث بالأشخاص والأزمنة والأمكنة كل ذلك من دواعي تقرر الأشياء وتثبيتها في الذهن ليسهل استذكارها عند تذكّر ما يقارنها.
المصدر:
(1) مسند أحمد ج 1/ 293، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ج 1/ 147.