هنا حيث الدماء تفيض سيلا *** و تروي نينوى وهداً و سهلا
هنا حيث الخطوب مشمرات *** و حيث الحرب بين القوم تصلى
لواء في خيام السبط علا *** و سيف مثل نار الحشر سلا
ففي اليمنى حسام من علي *** و رمح الحمزة اليسرى استقلا
فتىً حار العدا فيه فقالوا *** أنارٌ تلك أم بدرٌ تجلى
مشى للحرب و العينان جمرٌ *** و همته من الأفلاك أعلى
بعزم صاح في الفرسان أهلا *** و كف لامتشاق السيف عجلى
و لاح لهم فقالوا حيدري *** و لا ريب الفتى شكلاً و أصلا
و هذا السيف قاسى الكفر منه *** أحيدرة بوادينا أطلا
فخاطبهم أنا العباس عبد *** لفاطمةٍ و للكرار شبلا
أنا المولود للسبط فداءً *** أنا المعدود للهيجاء هولا
و نفسي ترتجي مذ كنت طفلا *** لهذا اليوم حتى ضقت مهلا
ألا من يرتجي منكم حياةً *** يجنب نفسه رمحي المعلى
فإن الأرض حولي الآن تغلي *** و سيفي من لزوم الغمد ملا
و كر كأن شهب الفلك تهوي *** و نار في جيوش البغي تصلى
فأجساد غدت تعلو و تهوي *** و من يهوى الحياة عدا و ولى
فإما هاربٌ خوفاً و ذعراً *** و أما من مهول الخطب شلا
و إما غارقون على الفرات *** و أما فوق وجه الأرض قتلى
تغطى وجه أرض الطف منهم ***فصاروا صرعاً للمهر نعلا
و كدس خلفه جثث الأعادي *** و جاء الشط فاستولى و جلا
بنفسي مالك الماء المصفى *** و لم يروي الحشاشة أو يبلا
خرجت كما دخلت بلا ارتواء *** فما أعلى الوفاء و ما أجلا