لقد ابتلى هذا الإمام العظيم بمصائب جمة تجرعها (ع) بصبر وثبات ، ومن ذلك مصائب الواقفية .
كان الرضا (ع) حجة الله وخليفته في أرضه بعد أبيه الإمام موسى الكاظم (ع) بنصوص من أبائه (ع) . وقد صرح الإمام موسى الكاظم (ع) بإمامة ابنه الرضا (ع) تكراراً ومراراً ، دون بقية اولاده ، وأشهد على ذلك اصحابه في مواقع عديدة ، ومن ذلك ماروى أن أباه الكاظم (ع) قال للمفضل بن عمر انه صاحب الأمر من بعده ، ومن أطاعه فقد رشد ، ومن عصاه كفر .
وقد بين الإمام الكاظم (ع) أم امر الإمامة والخلافة هو بيد الله عز وجل كما النبوة كذلك ، وليس للناس أن يختاروا لأنفسهم نبياً ويجعلوه واسطة بينهم وبين خالقهم ليبلغهم أحكامه تعالى إليهم ، ولا ينبغي ولا يُقبل أن يكون الخالق تابعاً لأراء المخلوقين واهوائهم ” ولو اتبع الحق اهواءهم لفسدت السماوات والأرض ” قال تعالى (( ولله الأمر من قبل ومن بعد ))
بل إن البشر تأبى ذلك فهل يرضى شخص كمدير أو رئيس أن ينصب شخص غيره نائباً له ، فإن ذلك يعتبر تدخلاً في شؤونه الشخصية ، فالمدير هو الذي يضع له نائباً وليس غيره ، وكذلك الرئيس فإذا كان هذا حال الناس ، فكيف بالله تعالى ، وهو منزه عن الأستشارة والأهواء والميول .
ولذا نرى في القرآن الكريم أنه تعالى قد نسب ” جعل ” الخلافة والإمامة أي تعيينها وتقريرهما إلى ذاته المقدسة في كل اية منها شيئاً فيقول عز من قائل :(( يا داود إنا جعلناك خليفةً في الأرض )) سورة ص اية 26 ، ويقول في حق ادم (ع) (( إني جاعلٌ في الأرضِ خليفة )) سورة البقرة اية 30 ، وفي حق ابراهيم (ع) ((إني جاعلك للناس إماماً )) سورة البقرة اية 124وفي حق نبينا المصطفى محمد (ص) ((إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا )) سورة الفتح اية 8، فكذلك أمر الخلافة والإمامة ، وجعل الإمام بعد الإمام ليس ألا بيد الله تعالى حتى أن النبي والإمام لا يمكنهما جعل الخليفة إلا بأمر منه تعالى وبأذن منه وتعيين منه تعالى ، ولذا كان طلب نبي الله موسى (ع) من ربه تعالى ان يجعل له وزيراً . قال تعالى (( وجعل لي وزيراً من أهلي )) سورة طه اية 29 ، وقال تعالى في حق نبينا (ص) (( وما ينطق عن الهوى () إن هو إلا وحي يوحي )) سورة النجم ايه 3 و4 ، وقال تعالى (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل )) سورة الحاقة اية 44 ومع ذلك بعد كل تلك التأكيدات التامة من الإمام الكاظم (ع) في ولده الرضا (ع) وأخد العهود والمواثيق الأكيده من أصحابه على الأقرار بإمامته دون بقية ذريته ن فقد انحرف من شيعة الكاظم (ع)عن ابنه الرضا (ع) وقالوا بوقف الإمامية على الكاظم (ع) وانه بعد وفاته وشهادته قد انقطعت الإمامة والخلافة وهم المعروفون “بالواقفية “
بل قيل أن سبب انحرافهم أن رؤسائهم كانت بأيديهم من الأوقاف والأموال المتعلقة بإمام زمانهم شيئ كثير . فطمعاً بأكل تلك الأموال أنكروا إمامة الرضا (ع) وقالوا بالوقف على الكاظم . ثم بعد ما علم أتباعهم بفساد نيات رؤساهم ، وتشرفوا بخدمة الإمام الرضا (ع) ورأوا منه المعاجز الكثيرة أذعنوا لإمامة الرضا (ع) ، وبقى شرذمة قليلة منهم على غيهم وظلالهم