ومن ذلك ما حكاه عمه ابراهيم بن العباس قال : ما رأيت ابا الحسن الرضا (ع) جفا أحداً بكلامه قط ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه قط حتى يفرغ منه ، ولا ردا أحداً عن حاجه قط ، ولا مد رجليه بين يدي جليس له قط ، ولا رأيته يشتم أحد من مواليه ومماليكه قط ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قط ، بل كان ضحكه (ع) التبسم ، وكان إذا نصب ما ئدته أجلس معه عليها ماليكه ومواليه حتى البواب والسايس ، وكان قليل النوم باليل كثير السهر يحيي لياليه بالعباده من أولها إلى الصبح .
وكان كثير الصيام ولا يفوته صيام ثلاثة في الشهر ، ويقول (ع) ذلك صوم الدهر ، وكان (ع) كثير المعروف والصدقة في السر واكثر ذلك في اليالي المظلمة ، فمن رأى مثله فلا تصدقوه .
وناهيك بها من خصال شريفه ، وخلال طريفه ، وصفات منيفة فيه (ع) وأباؤه الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام ، لا بد أن يكونوا أحسن الناس خَلقاً وخُلقاً ، واظهرهم فرعاً وعرقاً.
ولا ينافيه ما ورد فيه (ع) أنه أسمر اللون مع ان الأسمر هو الذي بياضه مشوب بالحمرة فيسمى عند العرب أسمر
وأن الإمام (ع) لا يظهر للناس من كل شيئ إلا ما تحتمله عقولهم ولا تنحسر عنه أنصارهم ولا تنفر منه بصائرهم .
وروي ان النبي (ص) كان يسمع أصحابه من صوته في قرآءته القرآن ما تحتمله عقولهم ، ولو أسمعهم صوته لماتوا من سماعه .
ولا شك أن نورهم واحد ، وطينتهم واحدة من ذلك النور العظيم ، قال تعالى (( ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم )) ولهذا كان الأئمة (ع) يظهرون لخواص شيعتهم الكرام على حسب الحالات التي تحتملها عقولهم في كل مقام ، فهم مظاهر الحقيقة الأحدية ، والحجة على جميع البرية ، فلا بد من ظهورهم لكل واحد بما يناسب القابلية ، وليس هذا بغريب ، ولا منهم بعجيب .