أزمة المدرسين .. ومشاكل أخرى ..
بقلم: عبد الله المدني
أن يضيع اسبوع واسبوعان وثلاثة اسابيع في بداية كل عام دراسي دون أن تنتظم المدارس وتوزع جداول المدرسين شيء مألوف.
وأن يتأخرتوزيع الكتب لاسابيع في كثر من المدارس ويرص الطلاب في الصفوف رصا ويجلس المدرسون على طاولات تشبه (تختة) سماك أو قصاب كلها اشياء مألوفة. ونواقص مزمنة ومتكررة في وزارة التربية والتعليم تعرقل المسيرة التعليمية في البلاد وتؤثر على مستوى تحصيل رجال المستقبل. ومع ذلك يمكن الاعتذار عنها بانها مشاكل عمل تواجه اي مسئول.
ولكن الاوضاع في وزارة التربية والتعليم هذا العام قد وصلت الى مرحلة تجاوز (الشيء المألوف) فمضى شهر وانتصف الشهر الثاني من العام الدراسي ولا تزال هيئة التدريس لم تكتمل ولم تنتظم الدراسة في عدد كبير من المدارس ولم يكتمل توزيع الكتب على الطلاب.
وشيء مألوف ان يمل عدد من المدرسين هذه المهنة الشاقة ويلتحقوا باعمال اكثر دخلا واقل مجهودا كما يجري في اي قطاع من قطاعات الوظائف العامة. ولكن الامر الذي تجاوز حد المالوف هو ان الاستقالات في قطاع المدرسين بعد ان كانت ظاهرة تحولت الى مشكلة ففي العام الماضي استقال مئات المدرسين معدل سبعة افراد في كل يوم!
وامام هذه المشكلة ماذا فعلت الوزارة لقد اتخذت الوزارة عدة طرق لمواجهة المشكلة ولكن هذه الاجراءات لم تنه المشكلة وهي اودية مهدئة ولها مفعول مضاد يخلق مشكلة جديدة.
أولا: قامت الوزارة بوضع مدرسات مكان المدرسين في بعض المدارس وهذه الخطوة لا يمكن التوسع فيها من ناحية محدودية عدد المدرسات ان السير في هذا الاتجاه يعود الى وضع مدرسات في الصفوف العليا ليدرسن للشباب المراهق. وبهذا تفتح الوزارة مشكلة جديدة هي في غنى عنها.
ثانيا: استعارة اعداد جديدة من المدرسين من البلدان العربية الشقيقة. وهذه خطوة يمكن اتباعها في سد النقص في صفوف ابناء البلد وليس كعملية استبدال للمواطنين الذين يستقبلون بالمئات. الى جانب التكاليف المالية والحاجة الى المساكن التي تعاني البلاد منها نقصا كبيرا ومن ناحية اخرى انه كلما كان المدرس من البيئة استطاع ان يعطي للطالب اضعاف ما يمكن ان يعطيه المدرس الذي ستكون عملية التفاهم بينه وبين الطالب الصغير صعبة.
ثالثا: الوعد باصدار كادر جديد ينصف المدرسين. وهذا ليس حلا لجذور المشكلة لان المشكلة ليست قضية اقتصادية فحسب وهذا الوعد لم يوقف نسبة الاستقالات.
واجراءات اخرى ………….. لمواجهة الازمة منها زيادة عدد الطلاب في الصف الواحد وفتح المجال للمدرسين ليقوموا بدروس اضافية عن المقرر عليهم مقابل مبلغ لكل حصة. وهذه الاجراءات واضح فشلها ومردودها العكسي على عملية التدريس.
وبدلا من مضي الوزارة في الاجراءات التي تزيد الطين بلة وتخلق مشاكل جديدة. عليها ان تدرس اسباب المشكلة وتشخصها كي توفق الى العلاج الصحيح.
فهل المشكلة هي مشكلة دخل قليل امام موجة الغلاء التي شملت كل شيء – اذااستثنينا المواد المسعرة – في مقابل الجهد الشاق الذي يقوم به المدرسون. ام ان المشكلة سببها شعور المدرسين بعد التقدير من جانب الوزارة ام ان المشكلة هي بسبب التيار الذي يقود الوزارة الى ان تفرض على المدرسين والمدرسات ان يمروا بعملية اختلاط مفروض في معهد المعلمين والمعلمات. ويفرض على الطلاب ان يكونوا مطربين وملحنين حتى لو كانت نظرتهم الدينية اليه بانه عمل باطل والا تعرضوا الى عقوبة الحرمان من الدرجات المخصصة لهذه المادة!
هذا التيار الذي يقود الوزارة الى تقليص عدد حصص الين التي يعتبر شبابنا في حاجة الى المزيد منها والى تكثيفها كيفما وكما امام التيارات الضالة والاغراض التي تحرف الشباب.
هذا التيار الذي استبعد كلمة (تربية) من مادة الدين في الشهادات وحولهل لعبارة هزلية هي عبارة (قصص دينية) ويعطي كلمة (تربية) للموسيقى والفن والرياضة بينما تستكثرها الوزارة على مادة الدين!
المصدر: مجلة المواقف – العدد 155 – 23 ذو القعدة 1396 هـ – 15 نوفمبر 1976 م