حجر بن عــدي
نسبه
هو حُجْر بن عدي (بضم الحاء وسكون الجيم) الملقب بالأدبر، ابن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة الكندي الكوفي.. كنيته أبو عبد الرحمن، ويُعرف بحجر الخير وبحجر بن الأدبر تمييزاً له من ابن عمه حجر بن يزيد الموصوف بحجر الشر الذي شهد صفين في جيش معاوية..
نسبه. الكندي نسبة إلى قبيلته كندة، والكوفي نسبة إلى إقامته في مدينة الكوفة.. وهو من الأربعة الذين انتهى إليهم الجمال في تلك المدينة. هكذا نسبه في (أسد الغابة) وغيره.
وفي (الطبقات) ابن كندي بدل ابن كندة، قتل في ولاء علي (عليه السلام) بمرج عذرى أو عذراء في شعبان سنة 51هـ كما في الاستيعاب أو سنة 53هـ كما في مروج الذهب، ودفن بقرية عذرى التي ينسب المرج إليها من قرى دمشق على أميال منها إلى جهة الشرق وقبره بها معروف.. وفي (الاستيعاب): الموضع الذي قتل فيه حجر وأصحابه يعرف بمرج عذراء..
ولم تذكر المصادر من أسرته سوى ابنيه: عبيد الله وعبد الرحمن، اللذين قتلهما مصعب بن الزبير صبراً.
ذكر ابن سعد في (طبقاته) أن حجراً بن عدي وفد مع أخيه هاني إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) مسلماً، فكان إسلامه بداية صحبة مباركة، وفاتحة درب جهادي طويل.. سمع من الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) أحاديث شريفة حفظها فكانت جزءاً من السنة النبوية المتبعة..
أجاب داعي الجهاد فكان مع الجيش الإسلامي الذي فتح الشام كما ذكر ابن عساكر. ولعل حكمةً إلهية شاءت أن يكون قائداً للفرقة العسكرية التي فتحت مرج عذراء الذي شهد فيما بعد مأساة مقتله بسبب تمسكه بأوامر الإسلام ونواهيه وثبوته عليها.. وأيضاً شارك في القادسية وأبلى فيها البلاء الحسن.
لفت انتباهه المخلصون من رجال الصحابة أمثال أبي ذر الغفاري (رضوان الله عليه).. وكان من الحاضرين عند موته بالربذة، وعنى حضوره أنه يسير على خطى ذلك الصحابي الجليل في مقاومة أي انحراف عن جادة الإسلام المستقيمة..
قال الشيخ الطوسي في (رجاله) في أصحاب علي (عليه السلام): حجر بن عدي الكندي كان من الأبدال..(1).
وقال الكشي في (رجاله) أيضاً: حدثنا ابن عيينة حدثنا طاووس عن أبيه، انبأنا حجر بن عدي الكندي قال: قال لي علي (عليه السلام): كيف تصنع أنت إذا ضربت وأمرت بلعني؟ قلت: كيف أصنع؟ قال إلعنّي ولا تتبرأ منّي فإني على دين الله.
وقال ابن أبي الحديد في (شرح النهج): أمر المغيرة بن شعبة ـ وهو يومئذ أمير الكوفة من قبل معاوية ـ حجر بن عدي أن يقوم في الناس فيلعن علياً، فأبى ذلك، فتوعده المغيرة، فقام حجر فقال: أيها الناس إن أميركم أمرني أن ألعن علياً، فالعنوه، فقال أهل الكوفة: لعنه الله، وعاد الضمير إلى المغيرة بالنية والقصد..
وفي (الاستيعاب): كان حجر من فضلاء الصحابة رغم صغر سنه عن كبارهم. وكان على كندة يوم صفين، وكان على الميسرة يوم النهروان، وقال أحمد: قلت ليحيى بن سليمان: ابلغك أن حجراً كان مستجاب الدعوة؟ قال: نعم وكان من أفاضل صحابة النبي (صلى الله عليه وآله)..
وفي (أسد الغابة) كان من فضلاء الصحابة، وكان على كندة بصفين وعلى الميسرة يوم النهروان، وشهد الجمل أيضاً مع علي (عليه السلام) وكان من أعيان أصحابه، وكان قتله سنة 51هـ وقبره مشهور بعذراء، وكان مجاب الدعوة.
وفي طبقات ابن سعد: كان ثقة معروفاً، ولم يرو عن غير علي (عليه السلام) شيئاً..
وقال أبو معشر: كان حجر عابداً، وما أحدث إلا توضأ وما توضأ إلا صلّى.
وقد أجمل السيد محسن الأمين في موسوعته (أعيان الشيعة) ما ذكرته المصادر في فضل حجر بن عدي ومقامه..
فكانت صفات خلقية في جانب منها ركزت على (رياسته وشجاعته) الموجبة لاستحقاقه تولي قيادة الجيوش التي سيّرها الإمام علي (عليه السلام) في مواجهة أعدائه..
وظهرت شجاعته في اقتفائه أثر الضحاك بن قيس ـ قائد جيش معاوية ـ من العراق إلى تدمر حتى اضطره إلى الفرار ليلاً.. وأما (إباء نفسه) فقد حمله على تمنّي الموت قبل الرغم والذل، و أما (مجاهرته بالحق ومقاومته الظلم) فهو مما اشتهر به فلم يغرّه زخرف الدنيا، وقد بذل زياد له ما يحب إن هو كفّ عما هو فيه، فلم يفعل..
وكانت له صفات إيمانية في جانب آخر من سيرته، فهو من (خيار الصحابة) كما شهد له بذلك كبار العلماء. وهو (عابد) وصفه الحاكم في (مستدركه) بأنه راهب الصحابة، وأنه ما أحدث إلا توضأ، وما توضأ إلا صلّى. وهو (زاهد) (عارف) (مستجاب الدعوة) قارب الأنبياء والمرسلين وهو (مسلّم لأمر الله تعالى) سلم نفسه للقتل اختياراً دون البراءة من علي (عليه السلام).
وهو إلى ذلك موالٍ علياً (عليه السلام) من أعيان أصحابه على حد تعبير ابن الأثير