غزوة بني لحيان وذي قرد
يدعي جماعة من المؤلفين في السيرة النبوية أن غزوة بني لحيان وذي قرد كانتا بعد صلح الحديبية، وذهب ابن سعد في طبقاته أنهما كانتا قبل الحديبية وذكرهما ابن هشام في سيرته بعد غزوة الأحزاب وقتل بني قريظة وقبل غزوة بني المصطلق بعد أن مر عليهما نحو من ستة أشهر، وكان ذلك في ربيع الأول.
وقيل في جمادى الأولى وقد خرج النبي من المدينة في مائتين من أصحابه قاصداً بني لحيان لينتقم لأصحابه السبعة الذين غدر بهم بنو لحيان عند ماء الرجيع قبل ذلك الوقت بنحو من سنتين تقريباً، ولم يعلم أحداً بمقصده مخافة أن يتسرب خبره إلى القوم فينهزموا، أو يتخذوا الحيطة لأنفسهم، وأظهر أنه يريد الشام، وجعل يجد السير مسرعاً بمن معه حتى بلغ منازل بني لحيان، وصادف أن جماعة رأوه وهو متجه نحوهم فأخبروا بني لحيان بذلك فتركوا منازلهم واعتصموا برؤوس الجبال ومعهم أمتعتهم وذراريهم، فلم يتمكن منهم النبي فرجع واتجه نحو عسفان موهماً أهل مكة أنه قاصداً إليها، فنزل عسفان وبعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم على مقربة من مكة، ورجع بمن معه إلى المدينة وه يردد مع أصحابه آيبون تائبون لربنا حامدون، أعوذ بالله من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال.