الجمعة 12 ذي القعدة 1428هـ الموافق 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007م

————————————————-

الخطبة الأولى:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدُ للهِ السلامِ المؤمن، الملكِ القيُّومِ المهيمن، البديعِ الخلاَّقِ المتقن، بيدِه الملكوتُ وكلُّ شيءٍ له مذعِن، كما أوضحَ في كتابِه المبين، حيثُ أخبرَكم وهو أصدقُ المخبرين: ((ثمَّ استوى إلى السماءِ وهي دخانٌ فقال لها وللأرضِ ائْتيا طوعاً أو كرها، قالتا أتينا طائعين))(1)، وقال جلَّ شأنُه، فيما حكاه قرآنُه: ((أفغير دينِ اللهِ يبغون وله أسلمَ من في السماواتِ والأرضِ طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون))(2).

أحمدُه مسبِّحاً بحمدِه، وأشكرُه على ما أفاض مِن وجدِه، مؤمِّلاً المزيدَ من رزقِه ورفدِه، وأسألُه أنْ يكتبَني وإيَّاكم في زوَّارِ بيتِه ووفدِه، ويرتضينا في أوليائِه وجندِه. وأشهدُ أنْ لا إله إلاَّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّداً (ص) أفضلُ مَن خلقه وعدَّله، وخيرُ من اختاره وأرسله، وأكثرُ مَن تعبَّدَ إليه وأخلصَ له، صلَّى اللهُ عليه وعلى وصيِّه عليٍّ أميرِ المؤمنين، وآلِهما الأئمَّةِ الهداةِ المعصومين. اللهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ الطَّيبينَ الطَّاهرين، واجعلْنا من أتباعِهمُ الصَّادقين، وأخرِجْنا من الدُّنيا سالمين، وأدخِلْنا الجنَّةَ آمنين، برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمين.

أيُّها الآباءُ والأمَّهات، والإخوةُ والأخوات، والأبناءُ والبنات، أوصيكم ونفسي قبلَكم، بتقوى اللهِ في سرِّكم وعلانيتِكم، فإنَّه تعالى مالكُ ناصيتِكم، وكلِّ ما خولتم في حياتكم، وإليه مرجِعُكم بعد مماتِكم، في يومِ حشرِكم لمحاسبتِكم، فمن جاء منكم بالصَّالحات، ضاعفَ له بفضلِه الحسنات، وخلَّده في نعيمٍ وجنَّات. ومَن جاء منكم بالسيئات، تحمَّلَ وزرَها دونَ زيادة، وقد تسقطُ كلاًّ أو بعضاً كما تقتضي الإرادة، أو بشفاعةٍ مقبولةٍ من ذوي السيادةِ والرِّيادة، الذين أخلصوا لربِّهم وعبدُوه حقَّ العبادة، من الأنبياءِ والمرسلين، والزَّهراءِ سيِّدةِ نساءِ العالمين، والأئمَّةِ الهداةِ المعصومين، وعلى رأسِهم جميعاً محمَّد سيِّد المرسلين، صلَّى اللهُ عليه وعليهم أجمعين.

وإنَّني لأسألُ اللهَ ذي الجلالِ والإكرام، أنْ يقبلَ فيَّ وفيكم شفاعةَ عبادِه العظام، ويدخلَنا بهمُ الجنَّةَ فرحِين بالرِّضا والإنعام، مع الذين وصف اللهُ وضعَهم في كتابِه المبينِ بقولِه: ((إنَّ الذين آمنوا وعمِلُوا الصَّالحاتِ يهديهم ربُّهم بإيمانِهم تجرِي من تحتِهمُ الأنهارُ في جنَّاتِ النعيم. دعْواهم فيها سبحانَك اللهمَّ، وتحيَّتُهم فيها سلامٌ، وآخرُ دعواهم أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين))(3).

فمهِّدوا الطريقَ أيُّها المؤمنونَ إلى ذلكم، بما تروِّضون عليه أنفسَكم، من الإيمانِ باللهِ ورسلِه، وملائكتِه وكتبِه، وبحملِها على طاعتِه، واجتنابِ معصيتِه، كما أرشدَنا إلى ذلك أميرُ المؤمنين (ع) إذ يقول: “إنَّما هي نفسي أروضُها بالتَّقوى، لتأتيَ آمنةً يومَ الخوفِ الأكبر، وتثبتَ على جوانبِ المزلق”(4)، وتنبَّهوا إلى جوابِ أبي عبدِ اللهِ (ع) إلى أحدِ أصحابه، والذي يقولُ فيه: “أمَّا بعدُ فإنِّي أوصيك بتقوى الله، فإنَّ اللهَ قد ضمِن لمن اتَّقاه أنْ يحولَه عمَّا يكره إلى ما يحبّ، ويرزقَه من حيثُ لا يحتسب، فإياك أن تكون ممَّن يخافُ على العبادِ من ذنوبِهم ويأمنَ العقوبةَ من ذنبه، فإنَّ اللهَ عزَّ وجلّ لا يخدع عن جنَّتِه، ولا يُنالُ ما عندَه إلاَّ بطاعتِه”(5).

واعلموا أنَّه ليس بين اللهِ وأحدٍ من الخلائق، من قرابةٍ تنجيه أو علائق، موصلةً إلى ما وعد به من النَّعيمِ الفائق، إلاَّ بما يحملُه الإنسانُ من الإيمانِ الصَّادق، والإخلاصِ لوجهِ ربِّه بالطَّاعات، واجتنابِ ما يبغضُه ونهى

عنه من الذُّنوبِ والمخالفات، كما بيَّن سبحانه في القرآن، وأوضحَه بأجلى بيان، حيثُ يقول: ((فأمَّا من طغى وآثرَ الحياةَ الدنيا، فإنَّ الجحيمَ هي المأوى. وأمَّا مَن خاف مقامَ ربِّه ونهى النَّفسَ عن الهوى. فإنَّ الجنَّةَ هي المأوى))(6).

فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ واستجلِبُوا رحمتَه بالطَّاعة، فيما أوجبَ وحبَّبَ قدرَ الاستطاعة، وتمسَّكُوا بولاءِ سبلِ الهدايةِ وذوي الشَّفاعة، محمَّدٍ وآلِه الطَّيبينَ الطَّاهرين، صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين. ولا تكونوا من الذين جحدوا في الدُّنيا مكانتَهم، ومالوا إلى مَنْ غَصَبَ إمرتَهم، واحتلَّ ظُلماً محِلَّتَهم، وأنكرُوا في الآخرةِ شفاعتَهم، بلْ وكفَّروا مَن قالَ بها مِن المؤمنين، وصنَّفوه في جماعةٍ المشركين، مع أنَّهم يتلُون كلامَ اللهِ في كتابِه، ويزعمون فهمَ المحكمِ منه والمتشابِه، وهم في الحقيقةِ بين أنْ يكونوا كاذبين، فيما ادَّعوا من فهمِ القرآنِ المبين، أوْ أنْ يكونوا جاحدين، وعن تبيانِه معرِضين، حيثُ أنَّ كتابَ الله، قد نصَّ على الشفاعةِ لأولياءِ الله، ومن صدر لهمُ الإذنَ مِن جلالتِه، ليشفعوا فيمن شاءَ أنْ يشملَهم برحمتِه، كما في آيةِ الكرسيِّ الكريمة، وما فيها من الدَّلالاتِ العظيمة، حيثُ يقول: ((اللهُ لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيوم، لا تأخذُه سِنةٌ ولا نوم، من ذا الذي يشفعُ عندَه إلاَّ بإذنِه))(7)، فمَن تأمَّلَ النصَّ الشريفَ يجدْ المستنكرَ فيه شفيعٌ غيرُ مأذونٍ من قبلِ اللهِ جلَّ ذكرُه، وما نعتقدُه من الشفاعةِ إنَّما هو لمنْ أذِنَ اللهُ لهم بذلك، وكما في قولِه: ((لا يملكون الشَّفاعةَ، إلا مَنْ أذِن له الرَّحمنُ ورضيَ له قولا))(8)، وقولُه أيضاً: ((لا يملكُ الذين يدعونَ من دونِه الشَّفاعةَ، إلا مَن شهِدَ بالحقِّ وهم يعلمون))(9).

فاتَّقوا اللهَ أيُّها المؤمنون، والزموا الطريقَ الآمِنَ المضمون، ولا

تتأثَّروا بما يقولُ النَّاصِبون، وتَبِعهم فيه الحاقدون أو الجاهِلُون، الذين هم عن الحقِّ غافلون أو يتغافلون. وربُّوا أبناءَكم وبناتِكم، على الصَّحيحِ مِن اعتقاداتِكم، والتمسُّكِ بأئمَّتِكم وسادتِكم، والالتزامِ بهديِهم في عبادتِكم، وبإرشادِهم في معاملاتِكم، واعلموا أنَّ محمَّداً وآلَه الطَّاهرين، صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين، سبيلُ من أراد إلى ربِّه سبيلا، ودليلُ مَن أراد إلى رحمةِ اللهِ دليلا، فاسألُوا اللهَ الكريم، أنْ يمُنَّ علينا جميعاً بفضلِه العظيم، فيوفقَنا في الدُّنيا لملازمتِهم، والثباتِ على وَلايتِهم، وفي الآخرةِ لنيلِ شفاعتِهم، ويعرِّفَ بيننا وبينهم يومَ الدِّين، ويكتبَنا بهم مِن المرحومين، ويغفرَ لنا ولإخوانِنا المؤمنين، من السَّابقين لنا واللاحقين، إنَّه سميعُ الدُّعاءِ قريبٌ مجيب. فإنَّه وكما ورد عن مولانا الرِّضا (ع)، الذي مرَّت بنا ذكرى ولادتِه يومَ أمس، في حديثِه المعروفِ بسلسلةِ الذَّهب، حيثُ قال: أنَّ اللهَ سبحانَه قال: ((كلمةُ لا إلهَ إلاَّ اللهُ حصني، ومَن دخل حصني أمِنَ من عذابي))(10)، ثمَّ قالَ (ع): “بشرطِها وشروطِها وأناْ مِن شروطِها”(11).

ألا وإنَّ خيرَ ما يختمُ به الواعظُ المقال، محذِّراً من العقوبةِ والنَّكال، كلامُ اللهِ ذي العزَّةِ والجلال: أعوذُ باللهِ من الشَّيطانِ الرجيم، ((بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم، والعصرِ، إنَّ الإنسانَ لفي خُسر، إلا الذين آمنُوا وعمِلوا الصَّالحات، وتواصَوا بالحقِّ وتواصَوا بالصَّبر))(12).

وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المؤمنينَ والمؤمنات، إنَّه هو الغفورُ الرَّحيم، والتوابُ الكريم.

الجمعة 12 ذي القعدة 1428هـ الموافق 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007م

————————————————-

الخطبة الثانية:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدُ للهِ عالمِ الغيبِ والشَّهادة، الذي وسِعتْ رحمتُه عبادَه، واعِداً الشاكرينَ منهم بالزِّيادة، والجاحِدينَ بما قضاه وأراده، مِن أخذِه وشديدِ عذابِه، الذي أخبرَ عنه في كتابِه، حيثُ قالَ في واضحِ خطابِه: ((وإذ تأذَّن ربُّكم لئنْ شكرتُم لأزيدنَّكم، ولئنْ كفرتم إنَّ عذابي لشديد))(13).

أحمدُه على ما أعطى من الخير، وما أحسنَ فينا من التدبير، وما منحنا من القدرةِ على التفكير، الموصلِ إلى التبصيرِ والتنوير، وما هدانا إليه من المسير، إلى معرفةِ اللطيفِ الخبير، وأنَّه على كلِّ شيءٍ قدير، حيثُ قال في كتابِه المنير: ((قلْ سيروا في الأرضِ فانظروا كيفَ يبدأ الخلقَ ثمَّ الله ينشأ النشأةَ الآخرة، إنَّ اللهَ على كلِّ شيءٍ قدير))(14). وأشهدُ أنْ لا إله إلاَّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً (ص) عبدُه ورسولُه إلى الجِنَّةِ والنَّاسِ أجمعين، خاتِماً به الأنبياءَ والمرسلين، وجعلَه الرَّحمةَ الواسعةَ للعالمين. صلَّى اللهُ عليه وآلِه الطيبينَ الطَّاهرين. اللهمَّ صلِّ وسلِّم على محمدٍ وعليٍّ والزهراءِ وأبنائِهمُ الهداةِ المعصومين، صلاةً لا انقطاعَ لها ولا أمد، ولا يُحصي عددَها من الخلائقِ أحد، وأوسِع لنا ببركتِها مننَك في الداريْن، برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.

أيُّها المؤمنونَ باللهِ وكبريائِه، المصدِّقونَ بوحيِه وإنبائِه، المغمورون بنعمِه وآلائِه، أوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ وإرضائِه، بمتابعةِ رسلِه وأنبيائِه، والاقتداءِ بحججِه وأوليائِه، وموالاةِ مَن أمرَكم بولائِه، ومجانبةِ مَن أمرَكم بمعاداتِه، فقد أنزلَ إليكم الأمرَ السديد، في كتابِه المجيد، إذْ يقولُ: ((إنَّما وليُّكم اللهُ ورسولُه والذين آمنوا الذينَ يقيمونَ الصَّلاةَ ويؤتون الزَّكاةَ وهم راكِعون. ومَنْ يتولَّ اللهَ ورسولَه والذين آمنوا، فإنَّ حزبَ اللهِ هم الغالبون. يا أيُّها الذينَ آمنوا لا تتَّخِذوا الذين اتَّخذوا دينَكم هزُواً ولعِباً من الذين أوتُوا الكتابَ من قبلِكم والكفَّار أولياء، واتَّقُوا اللهَ إنْ كنتم مؤمنين))(15).

فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ وتوحَّدوا في حركتِكم، على أساسٍ من دينِكم وعقيدتِكم، كما وحَّدكم اللهُ في خلقِكم منذ بدايتِكم، وكلَّفكم بأمرٍ واحد -شكلاً ومضموناً- في عبادتِكم، وأوجبَ التوجُّهَ إلى نقطةٍ محدَّدةٍ في صلواتِكم، أين ما كنتم من بقاعِ الأرضِ إلى قبلتِكم، حيثُ قال في كتابِه، وكريمِ خطابِه: ((قدْ نرى تقلُّبَ وجهِك في السَّماء، فلَنُولِّينَّك قِبلةً ترضاها، فولِّ وجهَك شطرَ المسجدِ الحرام، وحيثُ ما كنتم فولُّوا وجوهَكم شطرَه))(16)، بعد أنْ بيَّن سبحانه أنَّه لا يحويه مكان، ولا يخلُو منه مكان، في صريحِ القرآن، حيثُ يقول: ((وللهِ المشرقُ والمغرب، فأينما تولُّوا فثمَّ وجهُ الله، إنَّ اللهَ واسعٌ عليم))(17).

وتأمَّلوا أيُّها المؤمنونَ الكرام، في العبادةِ التي اعتُبرت ركناً من أركانِ الإسلام، وهي الحجُّ إلى بيتِ اللهِ الحرام، كيف أنَّ اللهَ سبحانه قد خصَّص لها أياماً محدَّدة في كلِّ عام، كما يقولُ في كتابِه المجيد: ((وأذِّنْ في النَّاسِ بالحجِّ يأتوك رجالاً، وعلى كلِّ ضامرٍ يأتين من كلِّ فجٍّ عميق. ليشهدوا منافعَ لهم، ويذكروا اسمَ اللهِ في أيَّامٍ معلومات))(18)، وتنبَّهوا إلى أنَّ الواجبَ من فريضةِ الحجِّ يتأدَّى في أيَّامٍ لا تصلُ إلى عشرةٍ معيَّنةٍ في النصفِ الأوَّلِ من شهرِ ذي الحجة، غيرَ أنَّ اللهَ سبحانه يقولُ في كتابِه: ((الحجُّ أشهرٌ معلومات))(19)، وقد حرَّم اللهُ سبحانه في تلك الشُّهورِ القتالَ الذي أوجبه على المسلمين، فريضةً لإعزازِ الدِّين، ونصرةِ المستضعفين من المؤمنين، وردع المشركينَ والكافرين، وجعل التَّحريمَ في شهرِ الحجِّ وحرَّم حوله شهريْن، ليؤمنَ بذلك سبيلُ القاصدين، الرَّاغبين أنْ يكونوا من الوافدين، لحجِّ البيتِ العتيق.

واعلموا أيُّها الإخوةُ الصَّالحون، أنَّ في هذا البابِ حكماً ينبغي أنْ لا يجهلَه المؤمنون، وهو أنَّ خطابَ التكليفِ للمستطيعين، يتوجَّه في بدايةِ شهرِ شوَّال، ومنذُ ذلك الحين، لا يجوز لمَن لم يحجّ في أعوامٍ سابقةٍ وكان قادراً -صحةً وأمناً ونفقة- أنْ يتصرَّفَ أيَّ تصرُّفٍ يعجزُه عن قدرتِه، بلْ يجبُ عليه السعيُ إلى الحجِّ في سنته. وتأمَّلوا ما أنزل اللهُ الحميد، في كتابِه العزيزِ المجيد، حيث يقول: ((وللهِ على النَّاسِ حِجُّ البيتِ من استطاع إليه سبيلا، ومن كفر فإنَّ اللهَ غنيٌّ عن العالمين))(20)، ففي تأديةِ هذه الفريضةِ يجتمعُ المؤمنون في مكانٍ وزمان، من غيرِ تمايزٍ في الألوانِ أو اللسان، يتساوى الرَّعيَّةُ والسُّلطان، متماثلين في لباسِهم، ومكشفين رؤوسَهم، خالعين حُللَ الكِبر من نفوسِهم، خاشعين لربِّهم، ليكفِّرَ من ذنبِهم، مقرِّين له بالعبوديةِ في مظهرهِم، متَّحدين في موردِهم ومصدرِهم. فتوحَّدوا أيُّها المؤمنون في حياتِكم، وكونوا صفًّا ضدَّ عداتكم، وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوَّتِكم، ولتكنْ في اللهِ مودَّتُكم، وفيه عداوتُكم.

فاتَّقوا اللهَ وبادروا إلى الاستجابةِ لدعوتِه، محاذرين من غضبِه وعقوبتِه، وتوسَّلوا إليه، بسادةِ خلقِه ودعاتِهم إليه، وشفعائِهمُ المقبولينَ لديه، محمَّدٍ وآلِه الطَّاهرين، مُكثرين من الصَّلاةِ والسلامِ عليهم أجمعين.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على رحمتِك في الخلق، الدَّاعي إلى دينِك الحق، مؤدِّياً الأمانةَ بالصِّدق، سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين، أبي القاسمِ محمدٍ الصَّادقِ الأمين.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على حلاّلِ المشكلات، معينِ رسولِك في النازلات، أسدِك الغالب، وسيفِك الضارب، أميرِ المؤمنينَ بالنصِّ عليِّ بنِ أبي طالب.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على مشكاةِ النُّور، سيدةِ نساءِ الجنِّ والإنس والحور، الصدِّيقةِ الكبرى، أمِّ الحسنينِ فاطمةَ الزهراء.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على مَن أسرَرْت بهما قلبَ الرَّسول، ومنحتَهما خصائصَ المرتضى والبتول، سيِّديْ شبابِ أهلِ الجنَّةِ أجمعين، الإماميْنِ الفاضليْنِ بالنصِّ المبينِ، أبي محمَّدٍ الحسنِ وأخيه أبي عبدِ اللهِ الشهيدِ الحسين.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على زينِ العابدين، وسيدِ الساجدين، وقدوةِ المتهجِّدين، الإمامِ بالنصِّ عليِّ بنِ الحسين.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على قرَّةِ النواظر، جامعِ الفضائلِ والمفاخر، الإمامِ بالنص أبي جعفرٍ الأوَّلِ محمَّدٍ الباقر.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على كاشفِ لَبْسِ الجاهلِ وتلبيسِ المريض، في مسألةِ الجبرِ والتفويض، كتابِك الناطق، وحجَّتِك على الخلائق، الإمام بالنصِّ جعفرٍ الصادق.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على الزاهدِ العابد، المعذَّبِ في سجونِ الآثمِ الجاحِد، المشارِ إليه بالرجلِ والعالِم، الإمامِ بالنصَّ موسى الكاظم.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على سميِّ المرتضى، وأعدلِ من حكم بعده وقضى، الإمام بالنصِّ عليِّ بنِ موسى الرِّضا.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على المؤيَّدِ بالسدادِ في صغرِه، معزِّ المؤمنِ الموالي ومفتخرِه، كاشفِ شُبَهِ ذوي الإلحاد، ومُفحِم أهلِ العناد، الإمامِ بالنصِّ محمَّدٍ الجواد.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على إماميْ أهلِ الهدى، في المعرفةِ والدينِ والندى، السيديْن العلييْن، والولييْن الرضييْن، عليِّ بنِ محمدٍ وابنه الحسنِ بنِ عليٍّ العسكريين.

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على المدَّخرِ لإظهارِ النور، لتبديدِ ظُلَمِ الكفرِ والفُجور، المنصورِ بالملائكِ والجنِّ والبشر، الإمامِ بالنصِّ المعتبَر، أبي القاسمِ المهديِّ المنتظر.

اللهمَّ عجِّل له الفرج، وسهِّل له المخرج، وامدُدْه بنصرِك وعونِك، لإقامةِ عدلِك وإظهارِ دينِك، واكتبنا في أعوانِه وأودَّائِه، وأنصارِه على أعدائِه، واختم لنا بالشهادةِ تحت لوائِه، بجاهِه وجاه آبائِه، صلواتُك عليهم أجمعين، برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمين.

وخيرُ ما أختمُ به هذا المقال، كلامُ اللهِ الملكِ المتعال، أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيم، ((بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القربى، وينهى عنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبغي، يعظكم لعلَّكم تذكَّرون))(21).

وأستغفرُ الله لي ولكم وللمؤمنين والمؤمنات، إنَّه هو الغفورُ الرَّحمن، والتوابُ المنَّان.

... نسألكم الدعاء ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *