الجمعة 5 ذي القعدة 1428هـ الموافق 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007م
————————————————-
الخطبة الأولى:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ الذي خلقَ فأحسن، وأبدعَ فأتقن، وكلَّف فأعلن، وأنذرَ فبيّن، أحسنَ كلَّ شيءٍ خلقَه، ومكَّنه مما رزقه، يعلمُ سكونََه ومنطلَقَه، كما بيَّن في آياتِه المفصَّلة، في أفضلِ كتبِه المنزلة، حيثُ قال: ((وما من دابةٍ في الأرضِ إلا على اللهِ رزقُها ويعلمُ مستقرَّها ومستودَعَها، كلٌّ في كتابٍ مبين))(1). قدَّرَ ما شاءَ وفرّقه، وفضَّلَ الإنسانَ فأنطقه، وميَّزه بالعقل، والإرادةِ في التَّركِ والفعل، وهو سبحانَه يرصدُ فعلَه، وإسرَارَه وقولَه، وما قصدَ من إشارتِه، وما كتمَه في دخيلتِه، وقد أخبرَكم اللهُ بذلك إثباتاً لحجتِه، حيثُ قال في دستورِ شريعتِه: ((يعلمُ خائنةَ الأعينِ وما تُخفي الصدور))(2).
أحمدُه جلَّ كرمُه، وهطلتْ ديمُه، وغمرت نعمُه، فأشكرُه ليزيدَني، وأستغفرُه ليرحمَني، وأسألُه ليعطيَني، وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً (ص) خيرُ من اختارَه وأرسلَه، خاتِماً به أنبياءَه ورسلَه، فاستجاب لدعوتِه، وبلَّغ رسالتَه، وبيَّن شريعتَه، ودعا إلى سبيلِه بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة، وجاهدَ فيه بكلِّ ما مكَّنه، حتى أتاه اليقين. صلَّى اللهُ عليه وآلِه الطيبين الطاهرين. اللهمَّ صلِّ على محمّدٍ وآلِ محمدٍ كما صلَّيْت على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ إنَّك حميدٌ مجيد. بعددِ ما خلقتَ وتخلقُ من جديد، ووفِّقنا لاتِّباعِه وآلِه إنَّك فعّالٌ لما تريد، برحمتِك يا أرحم الراحمين.
أيُّها المؤمنون بالله ورسالتِه، وما وصف به نفسَه من عظمتِه، وما تفرَّد بهَ من قدرتِه، أوصيكم ونفسي قبلَكم بتقواه، وبالعملِ بما يحبُّه ويرضاه،
وبطاعتِه طاعةَ الرقِّ لمولاه، تقيُّداً بما أنزله وأوحاه، معلِّماً به أنبياءَه ورسلَه، من فرائضِه وأحكامِه المفصلَة، وجدُّوا في طلبِ رحمتِه، ورضاه الموصل إلى جنتِه.
وأحذِّرُ نفسي وإيَّاكم، من الوقوعِ في مخالفةِ مولاكم، الذي خلقكم وسوَّاكم، فلا تعصوه بما رزقَكم وأعطاكم، ولا تتَّبعوا الشيطانَ والهوى فيُضِلَّانِكم، كما حصل لأمثالِكم من السابقين، وما تشاهدونه في كثير من المعاصرين، وهم في ذلك إلى قسمين:
الأول: قومٌ كفروا بربِّ العباد، وكذَّبوا بيومِ المعاد، وزعموا أنْ لا حياةَ، ولا بعثَ بعد الممات، وقد حكا القرآن واقعَ حالِهم، وما أعلنوه من مقالِهم، حيثُ يقول: ((وقالوا إنْ هي إلا حياتُنا الدُّنيا وما نحن بمبعوثين))(3).
أمّا القسمُ الثاني: فهم الذين يزعمون الإيمانَ بالله ربًّا وإلهًا لكلِّ الموجودين، والتصديقَ لجميعِ الأنبياءِ والمرسلين، وبما جاءوا به من دين، وأنَّه منزَّلٌ من ربِّ العالمين، غيرَ أنَّهم غيَّروا وبدَّلوا، وحذفوا واستبدلوا، ورفعوا ووضعوا، وسطّروا وابتدعوا، ثمّ شبَّهوا على ضعفاءِ المؤمنين، مستغلِّين جهلَهم ورغبتَهم في الدين، فأضلُّوا كثيراً من النِّساءِ والقاصرين، وقد تحدَّثَ اللهُ سبحانه عن السابقينَ منهم في كتابِه المبين، حيث يقول: ((فويلٌ للذين يكتبون الكتابَ بأيديهم ثمَّ يقولون هذا من عندِ اللهِ ليشتروا به ثمناً قليلاً، فويلٌ لهم ممَّا كتبتْ أيديهم، وويلٌ لهم ممَّا يكسبون))(4)، وقال جلَّ جلالُه: ((وإنَّ منهم لفريقاً يلوون ألسنتَهم بالكتاب لتحسبوه من الكتابِ وما هو من الكتاب، ويقولون هو من عندِ اللهِ وما هو من عندِ الله، ويقولون على اللهِ الكذبَ وهم يعلمون))(5).
واعلموا رحمكمُ الله، أنَّكم تعيشون في زمانٍ خالٍ من نبيِّكم (ص)، وفُرِّقَ فيه بينكم وبين وليِّكم، حيثُ غُيِّب في عِلم اللهِ محفوظاً برعايةِ الله، وهو زمانٌ كثرتْ فيه المحن، وظهرت الابتلاءاتُ والفتن، ونشط أهلُ البدعِ والضلالات، مستغلِّين كلَّ الفرصِ والمجالات، مستفيدين من إطلاقِ الحريات، فشكَّلوا المؤسساتِ والجمعيات، واستخدموا كلَّ الآليَّات، لنشرِ مقالاتِهمُ السامّة، وأفكارِهمُ الهدَّامة، ومن أولئك رجالٌ كانوا إخوةً لنا في الدين، وكان ظاهرُ حالِهم أنَّهم من الملتزمين، والدعاةِ المخلصين إلى ربِّ العالمين، وكنَّا بذلك نحترمُهم ونعزُّهم، حتى أمَّ الجماعةَ منَّا بعضُهم، ثمَّ انكشفَ زيْفُ إيمانِهم، وفسادِ آرائهم، باتِّباعِ وسوسةِ شيطانِهم، حيثُ افترَوا على صاحبِ الزَّمانِ عجَّلَ اللهُ فرجَه، وكذَّبوا على شيعتِه، وادَّعَوا النِّيابةَ الخاصَّةَ عنه حتى نهضته، وقال علماءُ البحرينِ فيهم قولَهم، وجاءتْ فتاوى كبارِ المراجعِ مؤيِّدةً لهم، موضحةً أنَّ مدَّعي النيابةِ الخاصةِ في زمنِ الغيبةِ الكبرى من الضالين، وأنَّ مقاطعتَه واجبةٌ على جميعِ المؤمنين، غيرَ أنَّه قد انشغلَ غالبيةُ من يُسمَّوْن بالمثقفين، وأكثرُ المحسوبين على علماءِ الدين، بالخلافاتِ البينيَّة، والصراعاتِ الحزبيَّة، على المواقعِ السياسيَّة، والمكاسبِ الدنيويَّة، وفي سبيلِ تحقيقِ ذلك المراد، لا مانعَ لديْهم من التعاونِ مع أهلِ الإلحاد، والفسقةِ المتجاهرين، بل الدُّعاةِ إلى التحلُّلِ من الدين، بزعمِ أنَّهم من المواطنين.
أمَّا ما يخصُّ الإسلام، من العقائدِ والأحكام، فلا يحظى بشيءٍ من اهتماماتِهم، إلا ما كان مردودُه على حياتِهم، ويحفظُ لهم شخصياتِهم، لدى مَن يخطبون ودَّه من جماعاتِهم، فهم كما ورد عن مولانا الحسينِ (ع) في بيانِ حقيقتِهم، حيثُ قال عليه السلام في مثلِ حالتِهم: ” الناسُ عبيدُ هذه الدنيا، والدينُ لعِقٌ على ألسنتِهم، يحوطونه ما درَّتْ معائشُهم، وإذا محِّصُوا بالبلاءِ قلَّ الديَّانُون”(6).
فيا أيُّها المؤمنونَ اتَّقوا اللهَ ولا تجعلُوا الدُّنيا منتهى بصرِكم، ولا تجعلوا كلَّ همِّكم في ممرِّكم، بل تزوَّدُوا منها لدارِ مقرِّكم، وانصرفوا إلى الآخرةِ بنظرِكم، واعملوا بما جاءَكم عن أميرِكم عليه السلام، حيثُ يقول: “ألا وإنَّ الدنيا دارُ ممر، والآخرةَ دارُ مقر، فخذُوا من ممرِّكم لمقرِّكم، وتزوَّدوا، فإنَّ خيرَ الزادِ التقوى”(7)، وما ورد أيضاً في ذلك: “إنَّما الدنيا منتهى بصرِ الأعمى، لا يبصرُ مما وراءَها شيئًا، والبصيرُ ينفذُها بصره، ويعلمُ أنَّ الدارَ وراءَها، فالبصيرُ منها شاخصٌ، والأعمى إليها شاخصٌ. والبصيرُ منها متزودٌ، والأعمى لها متزود”(8). واللهُ سبحانه وتعالى يقول: ((فإذا جاءتِ الطامَّةُ الكبرى * يوم يتذكَّرُ الإنسانُ ما سعى * وبرِّزتِ الجحيمُ لمن يرى * فأمَّا من طغى * وآثرَ الحياةَ الدنيا * فإنَّ الجحيمَ هي المأوى * وأمَّا مَن خاف مقامَ ربِّه ونهى النَّفسَ عن الهوى * فإنَّ الجنَّةَ هي المأوى))(9).
فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله، فإنَّه لا إلهَ غيرُه ولا يستحقُّ العبادةَ سواه، وتبرَّءوا ممَّن اتَّخذَ إلهِه هواه، وتدبَّروا كتابَ اللهِ واعملوا بمؤدَّاه، وارجِعوا إلى المعصومينَ في فهمِ معناه، وها هو يدعوكم ويهديكم، إلى ما يصلحُكم ويُنجِيكم، حيثُ يقولُ اللهُ الحميد، في كتابِه المجيد، من القولِ السديد، لكلِّ عبدٍ رشيد، وهو خيرُ ما أختمُ به هذا الخطابَ، لكم أيُّها الإخوةُ والأحباب، أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ: ((بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم * والعصرِ * إنّ الإنسانَ لفي خسرٍ * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ وتواصوا بالحقِّ وتواصَوا بالصبر))(10).
أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المؤمنينَ والمؤمنات، الأحياءِ منهم والأموات، إنَّه مجيبُ الدَّعواتِ غفورٌ رحيم. فكبِّرُوا اللهَ واحمدوه.
الجمعة 5 ذي القعدة 1428هـ الموافق 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007م
————————————————-
الخطبة الثانية:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ خالقِ الخلق، الملكِ الحق، باسطِ الرزق، ذي الجلالِ والإكرام، والفضلِ والإنعام، مؤيِّدِ مَن وحَّدَه، مسدِّدِ مَنْ عَبَدَه، معطِي مَن قصدَه، معذِّبِ مَن جَحَدَه، لا يبلغُ وصفَه الواصفون، ولا يُحصِي آلاءَه العادُّون، ويعجزُ عن مدحِه الحامدُون.
أحمدُه على عطائِه، وأشكرُه على نعمائِه، وأسألُه التوفيقَ والتدبير، لطاعتِه وعملِ الخير، وأن يعفوَ الكثيرَ من ذنوبي، ويسترَ الخطيرَ من عيوبي، ويقبلَ القليلَ من طاعتِي، ويعفوَ عن تقصيري ومعصيتي، فإنَّني طامعٌ في مغفرتِه، وواثقٌ في رحمتِه، التي أوضحَها في كتابِه، وبيَّنَ سعتَها في خطابِه، حيثُ يقول: ((قلْ يا عباديَ الذينَ أسرفوا على أنفسِهم لا تقنَطُوا من رحمةِ الله، إنَّه يغفرُ الذنوبَ جميعاً، إنَّه هو الغفورُ الرَّحيم))(11).
وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمداً (ص) عبدُه ورسولُه، الذي بلَّغَ عنه الرسالةَ، وأدَّى لخلقِه الأمانة، وأنَّه قد رَؤُفَ بالمؤمنين، وغلُظ على الكافرين، وجاهدَ في سبيلِ اللهِ حتى أتاه اليقين، اللهمَّ فصلِّ على محمَّدٍ وآلِه أفضلَ ما صلَّيْتَ على أحدٍ من العالمين، واكتُبنا في أتباعِهم وارحمنا بهم يا أرحمَ الراحمين، واحشُرْنا في زمرتِهم يا ربَّ العالمين.
أيُّها المؤمنون والمؤمنات، اتَّقوا اللهَ وأكثِروا من الصالحات، واجتنبوا الكبيرَ والصغيرَ من السيِّئات، واجمعوا في دنياكم ما أمكن من الحسنات،
وأصلِحوا عباداتِكم بخلوصِ النيَّات، لتفوزوا برضا ربِّكم يومَ القيامة، فينجيَكم من الحسرةِ والنَّدامة، ويكفيَكم أهوالَ يومِ الطامَّة، واعلموا أنَّكم مبعوثون إلى ربِّكم في يومٍ عظيم، كما وصفَه لكم في كتابِه الكريم، حيثُ يقول: ((بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم * يا أيُّها النَّاسُ اتَّقوا ربَّكم، إنَّ زلزلةَ الساعةِ شيءٌ عظيم * يومَ ترونَها تذهلُ كلُّ مرضعةٍ عمَّا أرضعت، وتضعُ كلُّ ذاتِ حملٍ حملَها، وترى النَّاسَ سكارى وما هم بسكارى، ولكنَّ عذابَ اللهِ شديد))(12).
فيا أيُّها الإخوةُ الكرام، إذا كان هذا حالُ الأنامِ ساعةَ البعثِ والقيام، فما هو حالُ الكفَّار، ومن حُشِر مع الأشرار، وصدرَ فيه أمرُ الملكِ القهَّار، إلى النارِ وبئسَ القرار، إنَّه كما جاء على لسانِ السابقين، من إخوانِنا المؤمنين، وحكاه الله في كتابِه المبين، حيثُ يقول عزَّ وجلّ: ((ربَّنا إنَّك مَن تُدخِلِ النَّارَ فقد أخزيْتَه، وما للظَّالمينَ مِن أنصار))(13). وقال سبحانه في وصفِ حالِهم، وهم يُساقُون إلى دارِ هوانِهم وذلِّهم: ((وسيقَ الذين كفروا إلى جهنَّمَ زمراً، حتى إذا جاءوها وفُتِحَتْ أبوابُها وقال لهم خزنتُها ألمْ يأتِكم رسلٌ منكم يتلُون عليكم آياتِ ربِّكم وينذرونَكم لقاءَ يومِكم هذا، قالوا بلى ولكن حقَّتْ كلمةُ العذابِ على الكافرين))(14).
وفي المقابلِ أيُّها الإخوان، تُبرِزُ لنا آياتُ القرآن، حالَ عبادِ اللهِ المتَّقين، وجزائِهم من ربِّ العالمين، فاستمِعوا قولَ ربِّكمُ العظيم، في القرآنِ الكريم، حيثُ يقول جلَّ من قائل: ((وسيق الذين اتَّقَوا ربَّهم إلى الجنَّةِ زمراً، حتى إذا جاءوها وفُتِحت أبوابُها وقال لهم خزنتُها سلامٌ عليكم طِبْتُم فادخُلوها خالدين))(15)، ثمَّ يحكي عنهم الشكرَ والحمد، على نعمِه وما صدَقَهم من الوعد، فيقول: ((وقالُوا الحمدُ للهِ الذي صدقنا وعدَه وأورثَنا
الأرضَ نتبوَّأ من الجنَّةِ حيثُ نشاء، فنعمَ أجرُ العاملين))(16).
فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ في أنفسِكم، وتأمَّلُوا في ما تلوتُه على مسامِعِكم، من كلامِ اللهِ تعالى عن يومِ حشرِكم، حيثُ تصيرون فريقَيْن بعد التقسيم، فريقٌ يُساقُ مُهاناً إلى الجحيم، وفريقٌ يساقُ مكرَّماً إلى النَّعيم، كلُّ فردٍ يجني نتيجةَ أعمالِه، وما تلفَّظَ من أقوالِه، ومؤهِّلُه الأكبرُ ما يحملُ من معتقداتِه، وموقفُه من توحيدِ اللهِ في ذاتِه وصفاتِه، ومن اتَّخذَ من أئمتِه وساداتِه، والتقرُّبِ إلى اللهِ سبحانه في عباداتِه، واجتنابِ معصيةِ اللهِ بمحرماتِه.
فتحرَّزوا أيُّها المؤمنونَ بدينِكم، وتواصَوا بالحقِّ فيما بينكم، وتزوَّدوا بتقوى اللهِ في دنياكم، واحمِلوا عملَ الخيرِ إلى أخراكم، واسألُوا اللهَ مولاكم، أن يمدَّكم بتوفيقاتِه، ويمنحَكم من تسديداتِه، وأنْ يعينَكم على أنفسِكم، وينصرَكم على عدوِّكم، ويباركَ في أرزاقِكم، ويضاعفَ في حسناتِكم، ويكفِّرَ عن سيِّئاتِكم، ويشفيَ أمراضَكم ومرضَاكم، ويرحمَ موتاكم، متوسِّلين في ذلك إليه، بذوي المكانةِ والشفاعةِ لديه، مكثرينَ من الصَّلاةِ والسلامِ على محمَّدٍ وآلِه سادةِ الأنام.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك، وحبيبِك وخليلِك، من عرَّفتَ ملائكتَك بفضلِه، فأوطأتَه بساطَك بنعلِه، المسوَّدِ منك على كلِّ مسوَّد، أبي القاسمِ المصطفى محمَّد.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على وزيرِه وخليفتِه، قاضي دينِه ومنجزِ عدتِه، سيدِ قومِه ووالدِ عترتِه، الولي بعدَه على كلِّ وليّ، أميرِ المؤمنينَ بالنصِّ الجليّ، أبي الحسنينِ المرتضى عليّ.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على بضعةِ نبيِّك، وزوجةِ وليِّك، سيدةِ جميعِ النساء، بالنصِّ من سيِّدِ الأنبياء، أمِّ الحسنينِ فاطمةَ الزهراء.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على الشفيعِ بنِ الشفيع، المقتولِ بالسمِّ النقيع، المهدومِ قبرُه في البقيع، حجَّتِك المؤتمن، على كتابِك والسنن، الإمامِ بالنصِّ أبي محمَّدٍ الحسن.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على من فدى بمهجتِه الدين، بعدَ رجالِه وإخوانِه والبنين، الإمام بالنصِّ أبي عبدِ اللهِ الشهيدِ الحسين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على سيِّدِ العباد، وملهِمِ الزُّهَّاد، الطائفِ بجرابِه المحمَّلِ بالنفقةِ والزَّاد، ليلاً على الفقراءِ والمساكين، الإمامِ بالنصِّ عليٍّ زينِ العابدين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على ذي الصيتِ الطائر، في البوادي والحواضر، بفضلِه وعلمِه الظَّاهر، الإمامِ بالنصِّ محمدٍ الباقر.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على من أظهرتَ فضلَه وعلاه، لمن صدَّقه وتولاه، ومن جَحَده وعاداه، الإمامِ بالنصِّ جعفرٍ المكنَّى بأبِي عبدِ الله.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على صاحبِ السجدةِ الطويلة، المعذَّبِ بالقيودِ الثقيلة، المطهَّرِ العالِم، الإمامِ بالنصِّ موسى الكاظم.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على المغرَّبِ عن الأوطان، المبعَدِ عن الشيعةِ والخلان، الراضي بالقدرِ والقضا، الإمامِ بالنصِّ عليٍّ الرضا.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على حجَّتِك المسدَّد، العاملِ بنهجِك المخلَّد، في ما أصدر وأورد، الإمامِ بالنصِّ أبي جعفرٍ الثاني محمّد.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على نورِك وفضلِك السادي، للحاضرِ والبادي، المعترفِ بفضلِه الموالي والمعادي، الإمامِ بالنصِّ عليٍّ الهادي.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على من فُرِضَتْ عليه الإقامةُ في الغربة، حتى قضى نحبَه بالسمِّ والكربة، بعيداً عن أهلِه وشيعتِه والوطن، الإمامِ بالنصِّ أبي محمّدٍ الحسن.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على منتظرِ فرجِك، لإظهارِ العدلِ بمنهجِك، خاتمِ أوليائِك وحججِك، المؤيَّدِ منك بالنصرِ والظَّفر، الإمامِ بالنصِّ أبي القاسمِ المنتظر.
اللهمَّ عجِّلْ له الفرج، وسهِّل له المخرج، وأوضحْ به المنهج، واكتُبْنا في أنصارِه وأوليائِه، واختُمْ لنا بالشهادةِ تحت لوائِه، بحقِّه وحقِّ آبائِه، صلواتُك عليهم أجمعين، برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمين.
ألا وإنَّ خيرَ ما يختم به الواعظون، كلامُ من يقولُ للشيءِ كنْ فيكون، أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ، (( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحيم، إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القربى، وينهى عنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبغيِ، يعظُكم لعلَّكم تذكَّرون))(17).
وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المؤمنين والمؤمنات، إنَّه هو الغفورُ الرحيم، والتوَّاب الحليم.