الجمعة 21 شوال 1428هـ الموافق 2 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007م
————————————————-
الخطبة الأولى:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ المتفردِ قدمُه، ولم يسبقْ وجودَه عدمُه، المنعمِ الذي لا تُحصى نعمُه، ولا يكافأ من أحدٍ كرمُه، ولا تجفُّ بكثرةِ العطاءِ ديمُه، مُبدِئِ كلِّ شيءٍ ومعيدِه، وخالقِ كلِّ شيءٍ ومبيدِه، بإرادتِه كوَّنَ الكائنات، وبيدِه الموتُ والحياة، ماضٍ حكمُه فيما وُجِد وما هو آت، مستغنٍ عن المعينِ والواسطات، سبحانه وتعالى عن الحاجةِ والمساعدات.
أحمدُه على نعمةِ الخلق، وما تفضل به من الرزق، وما هدى إليه من الحق، ومتابعةِ المتميِّزِ بالأمانةِ والصدق، في ما جاء به من الدين، منزَلاً من ربِّ العالمين، فمن عمِلَ به كان من الفائزين، ومن صدَّ عنه حُشِر في الخاسرين، كما جاءَ في الكتابِ المبين، من قولِ أصدقِ القائلين: ((ومنْ يبتغِ غيرَ الإسلامِ ديناً فلن يقبلَ منه وهو في الآخرةِ من الخاسرين))(1). وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمداً (ص)عبدُه ورسولُه، ختمَ به من بعثَ وأرسل، وأكملَ برسالتِه ما شرَّعَ وأنزل، فبلَّغَ رسالةَ الله، وجاهد في سبيلِ الله، صابراً على ما ابتلاه، مستجيباً إلى ما دعاه، رحيماً بالمؤمنين، شديداً على الكافرين، حتى أتاه اليقين، وانقلبَ إلى السَّابقين، معافىً من أذى المنافقين، موصياً أتباعَه وزُمَرَه، بالتمسُّكِ بالقرآنِ وآياتِه النيِّرَة، واتِّباعِ عليٍّ وعترتِه المعصومةِ المطهَّرَة. اللهمَّ صلِّ وسلِّم على محمّدٍ خيرةِ الخيرة، ومن حملَ الإمامةَ بعدَه من الكرامِ البررَة، واجعلنا لهم من التَّابعين، ولآثارِهم من المقتفين، واجعلنا بهم من المهتدين، وارزقنا بهم سعادةَ الداريْنِ برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
أيُّها الإخوةُ المؤمنون، والأخلاَّءُ الصَّالحون، أنصحُكم ونفسي قبلَكم بخيرِ ما به تُنصَحون، وأدعوكم إلى أفضلِ ما عليه تُدلَّوْن، وهو عزُّكم إنْ كنتم تعلمون، ومصدرُ سعادتِكم إنْ كنتم تعقلون، ألا وهو تقوى اللهِ في أنفسِكم وما تملِكون، وزينةِ حياتِكم وهو المالُ والبنون، فهي نعمُ اللهِ عليكم، وهو سائلُكم عنها يوم تفِدون عليه، وموصلةٌ لكم أو مانعتُكم ممَّا تطمحون إليه، من خلودٍ في جنَّاتِ ونعيم، وما لا تُدركون من رزقٍ كريم، وأكبرُ من ذلكم رضاً من الربِّ العظيم، كما أوضحَ في القرآنِ الكريم، حيثُ يقول: ((وعدَ اللهُ المؤمنين والمؤمناتِ جنَّاتٍ تجري من تحتِها الأنهارُ خالدين فيها ومساكنَ طيبةً في جناتِ عدن، ورِضوانٌ من اللهِ أكبر، ذلك هو الفوزُ العظيم))(2).
واعلموا أيُّها الأحبَّة، أن تقوى اللهِ سبحانه وتعالى في المالِ يتطلَّبُ منكم أمريْن:
الأمرُ الأوَّل: أن يكونَ طلبُكم للمال، مقصوراً على الوجهِ الحلال، ومن اشتبه عليه أمرٌ في ذلك، فلْيرجِعْ إلى كتبِ الفقهاءِ واضحةِ المسالِك، أو العدولِ من العلماءِ قبل الوقوعِ في المهالِك.
أمَّا الأمرُ الثاني: فإنَّكم مسئولون عن مواردِ إنفاقِه، كمسئوليَّتِكم عن مصادرِ استرزاقِه، وخيرُ موردٍ بعد التوسعةِ على الحال، وقضاءِ حاجةِ واجبِ النفقةِ من العيال، إنفاقُه على المحتاجين، من الفقراءِ والمساكين، مباشرةً وبطريقةٍ سريَّة، ودونَها في الفضلِ، الصدقةُ العلنيَّة، كما أوضح ذلك الربُّ الحميد، في كتابِه المجيد، حيثُ يقول: ((إنْ تبدُوا الصدقاتِ فنِعِمَّا هي، وإنْ تخفوها وتؤتوها الفقراءَ فهو خيرٌ لكم، ويكفّر عنكم من سيئاتِكم، واللهُ بما تعملون خبير))(3).
وإنْ شئتم أيُّها الأحبَّةُ، سلَّمتموها إلى القائمينَ على جمعِها، وإيصالِها إلى مستحقِّيها، كالصناديقِ الخيريَّةِ المنتشرِ وجودُها هذه الأيّام، ولكنْ لابدَّ من أنْ يكونَ القائمون عليها موثوقين لديكم، وبالأمانةِ والعدالةِ موصوفين فيكم، وبدقَّةِ التحرِّي معروفين عندكم. وحيثُ إنَّنا نعيشُ قربَ موعدِ انتخابِ إدارةٍ جديدةٍ لصندوقِ جدحفصَ الخيريّ، فإنَّني أدعو الإخوةَ المؤمنين، ليترشَّحَ منهم من وجدَ القدرةَ في نفسِه على العملِ في هذا المجال، والتمكُّنِ من حسنِ إدارةِ المال، كما وأدعو أعضاءَ الصندوقِ المسجَّلين، لاختيارِ أفضلِ المترشِّحين، في الأمانةِ والدقَّةِ والدِّين، وحُسنِ التَّصرِّفِ في أموالِ المحسنين، وإيصالِها بتجرُّدٍ إلى المحتاجين، وهذا أمرٌ متعلِّقٌ لما ندبَكم إليه ربُّكم، الذي إليه مرجعُكم وإيابُكم، والذي عليه مساءَلتُكم وحسابُكم، حيثُ قال: ((وتعاونوا على البرِّ والتَّقوى))(4)، وقال سبحانه: ((لن تنالوا البرَّ حتّى تُنفِقوا ممَّا تُحبُّون، وما تنفقوا من شيءٍ فإنَّ اللهَ به عليم))(5).
فاتَّقوا اللهَ أيُّها المؤمنون، ورصُّوا في طاعتِه صفوفَكم، وأعِينوا محتاجَكم، وأغيثوا ملهوفَكم، وعلِّموا جاهلَكم، وارحمُوا صغيرَكم، وقدِّروا عالمَكم، ووقِّرُوا كبيرَكم، وتفقَّهوا في دينِ الإسلام، لتميِّزوا الحلالَ من الحرام، وروِّضوا أنفسَكم على الالتزام، وعوِّدوها الاستقامةِ والانتظام، لتنجوَ يومَ الطامّة، وتأمنَ يومَ القيامة، من الحسرةِ والندامة، وتأتيَ مستبشرةً، بحلولِ الآخرة، وما هي إليه صائرة، من النِّعمِ الفاخرة، مسرورةً بالعطاء، راضيةً بالجزاء.
وأحذِّرُكم ونفسي أيُّها الإخوان، أن تكونُوا من عصاةِ الديَّان، فتسوقُكم ملائكةُ العذاب، إلى أسوأ دارٍ وشرِّ مآب؛ نارٍ عظيمٍ خطرُها، شديدٍ حرُّها، متطايرٍ شررُها، يعذَّبُ فيها الملحِدون، والكفرةُ والمعاندون، يجابُون حين ينادُون، بأنَّكم فيها خالِدون، و إنْ يَسألوا الماءَ المعين، يُسقَوا حميماً وغسلين، كما بيَّن ربُّ العالمين، في كتابِه المبين، حيثُ يقول أصدقُ القائلين: ((وقلِ الحقُّ من ربِّكم فمنْ شاءَ فليؤمنْ ومن شاءَ فليكفرْ، إنَّا أعتدنا للظالمينَ ناراً أحاطَ بهم سرادقُها، وإنْ يستغِيثوا يُغاثوا بماءٍ كالمهلِ يشوِي الوجوه، بئسَ الشرابُ وساءَت مرتفقا))(6).
ألا وإنَّ خيرَ ما أختمُ به الكلام، ما أنزلَه الملكُ العلاَّم، عظة وعبرةً لذوي الأفهام: أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرَّجيم، ((بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم، ويلٌ لكلِّ همزةٍ لمزة، الذي جمع مالاً وعدَّده، يحسبُ أنَّ مالَه أخلدَه، كلاّ لينبذنَّ في الحطمةِ، وما أدراك ما الحطمة، نارُ اللهِ الموقدة، التي تطَّلِعُ على الأفئدة، إنَّها عليهم مؤصدة، في عمدٍ ممدَّدة))(7).
وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المؤمنين والمؤمنات، إنَّه هو الغفورُ الرَّحيم والتوَّابُ الحليم.
الجمعة 21 شوال 1428هـ الموافق 2 نوفمبر (تشرين الثاني) 2007م
————————————————-
الخطبة الثانية:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ ملكِ المُلاَّك، مدبِّرِ الأفلاك، بيدِه الحياةُ والهلاك، خالقِ كلِّ مخلوق، ورازقِ كلِّ مرزوق، يوسعُ على من يشاءُ بمشيئته، ويقدِر على من يشاءُ بإرادتِه، غيرَ عابثٍ في بريَّتِه، بل بما يراه من حكمتِه، كما أوضح في كلمتِه: “إنَّ مِنْ عباديَ المؤمنينَ عباداً لا يصلُحُ لهم أمرُ دينِهم إلاّ بالغنى والسَّعةِ والصِّحّةِ في البدن، فأبلوهم بالغنى والسَّعةِ وصحَّةِ البدن، فيصلُحُ عليهم أمرُ دينِهم، وإنَّ من عباديَ المؤمنينَ لَعباداً لا يصلُحُ لهم أمرُ دينِهم إلاّ بالفاقةِ والمسكنةِ والسّقم، فيصلُحُ عليهم أمرُ دينِهم، وأنا أعلمُ بما يصلُحُ عليه أمرُ دينِ عباديَ المؤمنين”(8).
أحمدُه ربًّا عظيما، خالقاً كريما، متصرِّفاً حكيما، إلهاً رحيما، ملِكاً حليما، وجودُه قديم، وملكُه مقيم، ومقامُه عظيم، وهَدْيُه قويم، وصراطُه مستقيم، وعذابُه أليم، وعطاؤُه كريم، عفوٌّ غفور، ممتحنٌ شكور، مكلفٌ صبور، له الحمدُ وله الشكرُ على كلِّ نعمةٍ أنعمَ بها عليَّ وعلى كلِّ أحدٍ من خلقِه ممَّن كان أو يكون. وأشهدُ أنْ لا إله إلا الملكُ الحقُّ المبين، وأشهدُ أنَّ عبدَه محمّداً (ص) سيدُ الأنبياءِ والمرسلين، وأعظمُهم طاعةً لربِّ العالمين، أوَّلُ العارِفين، وأَعْبَدُ العابِدين، مَنْ كان نبياً وآدمُ بين الماءِ والطين. صلَّى اللهُ عليه وعلى سيِّدِ عترتِه، قاضي دينِه ومنجزِ عِدَتِه، عليٍّ والطيِّبينَ من ذريَّتِه. اللهمَّ صلِّ وسلِّم على محمَّدٍ وآلِه الطَّاهرين، ووفِّهم خيرَ جزاءِ الصَّابرين، واكتُبنا بهم في عبادِك المؤمنين، برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمين.
أيُّها الآباءُ والأمهات، والإخوةُ والأخوات، والبنونَ والبنات، أدعوكم ونفسي قبلَكم إلى تقوى اللهِ وطاعتِه، والمسارعةِ إلى مغفرتِه ورحمتِه، والهروبِ من نارِه إلى جنَّتِه، بالسيرِ على هديِه وطريقتِه، التي بيَّنها النبيُّ (ص) صادقاً في دعوتِه، مخلِصاً إلى ربِّه وأمَّتِه، وشرحها الأئمةُ المعصومون من آلِه وذريَّتِه، الذين تجرَّعوا في سبيلِ ذلك الأذى، وصبروا على المصائبِ والبلوى، عبرَ الأيَّامِ والسِّنين، ابتداءً بأميرِ المؤمنين، ثمَّ الحسنِ والحسين، وتتابعتْ في السادةِ المعصومين، قائداً بعد قائد، ورائداً بعد رائد، حتى خرجوا من هذه الدار، بينَ مقتولٍ ذبيح، ودمُه مسفوكٌ يسيح، جسدُه معرّىً في الرِّمال، ورأسُه فوق عسَّال، بين نسائِه والأطفال، يُشهَّرون في الأمصار، كما يُفعلُ بالكفَّار. وبين مُثـقَلٍ بالهموم، مقتولٍ بحرِّ السموم.
وإنّ من أولئك الأطهار، صادقَ العقيدةِ والإخبار، أبي عبدِ اللهِ جعفرٍ الصادق (ع)، الذي تصادفكم ذكرى وفاتُه بعد ثلاثةِ أيَّام، وهو سلامُ اللهِ عليه قد انتهز الوقتَ الثمين، وفرصةَ انشغالِ الآثمين، حيثُ كان الصِّراعُ بين الأرجاس، من بني أميةَ وبني العبَّاس، ومَن انشغلَ معهم مِن عبيدِ الدُّنيا من النَّاس، فقام (ع) ناشراً للإسلام، في عقائدِه وأخلاقِه والأحكام، فكان المجدِّدَ للدين، لطلاَّبِه والمريدين، فلمَّا قوَيِت شوكةُ الظَّالمين، وسقطتْ دولةُ الأمويين، واستقرَّ الحكمُ في العباسيين، ولم يبقَ أمامَهم سوى العلويّين، ضيَّقوا على صادقِهمُ الخناق، وتتبَّعوا أهلَه والرِّفاق، وأوقفوه موقفَ الإذلال، ورموه بالكذبِ والضَّلال، ومازال يقاسي منهمُ الأذى، حتّى جرَّعوه سمومَ الرَّدى، فقضى مهموماً مسموما، وخرج من الدنيا شهيداً مظلوما، فتلقَّته ملائكةُ اللهِ مستبشرةً بلقاه، متشرَّفةً بمُحيّاه، وزُفَّ إلى مقامِ الأنبياء، وساداتِ الأولياء، المخلَصينَ الأوفياء، مقرَّبين مكرَّمين، برضا اللهِ فرِحين، حتّى يأتيَ يومُ القيام، يومُ الإذلالِ والإكرام، فيُظهِرُ اللهُ فضلَهم، حيث يَقبلُ قولَهم، شافعين مشفَّعين، في أشياعِهمُ المقصِّرِين، الذين ماتوا مؤمنين، وكانوا مِن المصلِّين. وإلاَّ فلا تنالُهم شفاعةُ الشَّافعين، كما ورد عنه عليه السلام، قبيلَ نزولِ الحِمَام، حيثُ قال في جمعٍ من الأرْحام: ” شفاعتنا لا تنال مستخفاً بصلاته”(9)، فحافِظُوا على صلواتِكم أيُّها المؤمنون، ولا تتهاونُوا بمقدِّماتِها، وأدُّوها في أوَّلِ أوقاتِها، وتفقَّهوا في شرائطِها ومبطلاتِها.
فيا أيُّها الموالون، جدِّدوا عليه العزاءَ، وأحيُوا مأتمَه بالبكاء، واقتبسُوا من سنا نورِه الضياء، واسألوا اللهَ الهدايةَ والثبات، على ولايتِهم حتى الممات، واسألوه شفاءَ المرضى وقضاءَ الحاجات، لكم ولإخوانِكمُ المؤمنينَ والمؤمنات، بادئينَ دعاءَكم وخاتمِين، بمفتاحِ رحمةِ ربِّ العالمين، وهو الصلاةُ والسلامُ على محمدٍ وآلِه الطاهرين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على أوَّلِ الموحِّدين، ومولى العابدين، سيِّدِ الأنبياءِ والمرسلين، محمَّدِ بن عبدِ اللهِ الصادقِ الأمين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على أخي رسولِك، وأحبِّ النَّاسِ إلى خليلِك، وصيِّ البشيرِ النذير، المنَصَّبِ يومَ الغديرِ، والدِ الأئمةِ المعصومين، عليِّ بنِ أبي طالبٍ أميرِ المؤمنين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على بضعةِ المظلَّلِ بالغمامة، الواسطةِ بينَ النبوّةِ والإمامة، الدرَّةِ النوراء، أمِّ الحسنينِ فاطمةَ الزَّهراء.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على الإمامِ الزَّكي، البرِّ التقي، السبطِ الممتحنِ، محيي الفرائضِ والسنن، الإمامِ بالنصِّ أبي محمَّدٍ الحسن.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على المذبوحِ من قفاه، المقتولِ بظماه، المضحِّي بنفسِه لمولاه، بعدَ صحبِه والبنين، الإمامِ بالنصِّ المبين، سيِّدِ الشهداءِ أبي عبدِ اللهِ الحسين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على كعبةِ الوفَّاد، من طالب المعيشةَ والرشاد، ذي الثفناتِ لطولِ سجودِه في الأوراد، الإمامِ بالنصِّ عليِّ بنِ الحسينِ السجاد.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على العَلَم الظاهر، في جميعِ المفاخر، ذي العِلم الباهر، الإمام بالنصِّ أبي جعفرٍ الأولِ محمَّدٍ الباقر.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على إمامِ الجموع، في المعقولِ والمسموع، كتابِك الناطق، بواقعِ الحقائق، الإمامِ بالنصِّ أبي عبدِ اللهِ جعفرٍ الصادق.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على الرازِحِ في القيد، والعذابِ الشديد، في سجونِ الرشيد، الملقاةِ جنازتُه بين العالَم، فرجةً لذوي المآثِم، الإمامِ بالنصِّ موسى الكاظم.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على مقتدى الأمّة، ثامنِ الأئمَّة، الصابرِ على ما قدَّر ربُّه وقضى، الإمامِ بالنصِّ عليِّ بنِ موسى الرِّضا.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على سيِّدِ الأسياد، بعد آبائِه الأمجاد، الداعي إلى الرشادِ بالسداد، الإمامِ بالنصِّ أبي جعفرٍ الثاني محمَّدٍ الجواد.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على قدوةِ الموحِّد، في الإيمانِ والتعبُّد، نورِ اللهِ المجسَّد، وحجَّتِه المعتمد، الإمامِ بالنصِّ عليِّ بنِ محمّد.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على المصباحِ المنير، لذوي العقولِ والتفكير، مَن قضى عُمُرَه القصير، بين أهلِ التحريفِ والتزوير، الإمامِ بالنصِّ الجلي، أبي محمَّدٍ الحسنِ بنِ عليّ.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على عينِ الحياة، ووارثِ الأئمةِ الهداة، حجَّتِك على الإنسِ والجان، الإمامِ المدَّخر، لإزالةِ المنكرِ والشرّ، الإمامِ بالنصِّ أبي القاسمِ المنتظَر.
اللهمَّ عجِّل له فرجَه، وسهِّلْ مخرجَه، واجعلْنا من أنصارِه وأحبَّائِه، والمستشهدينَ تحت لوائِه، واحرُسْه اللهمَّ بعينِك التي لا تنام، وأكنُفْه برُكنِك الذي لا يُرام، وبلِّغْه وآباءَه عنَّا وعنِ المؤمنينَ السلام، يا ذا الجلالِ والإكرام، برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمين.
ألا وإنَّ خيرَ ختامٍ لكلامِ الواعظين، لأعزَّائِهم من المؤمنين، ما جاءَ في كتابِ ربِّ العالمين، أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرَّجيمِ، ((بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون))(10).
أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمؤمنينَ والمؤمنات، الأحياءِ منهم والأموات، إنَّه هو الغفورُ الرَّحيم.
______________________________________________________
* الهوامش:
(1) سورة آل عمران/ الآية 85.
(2) سورة التوبة/ الآية 72.
(3) سورة البقرة/ الآية 271.
(4) سورة المائدة/ الآية 2.
(5) سورة آل عمران/ 92.
(6) سورة الكهف/ الآية 29.
(7) سورة الهمزة كاملة.
(8) الكافي للكليني/ ج2/ ص7.
(9) بحار الأنوار للعلامة المجلسي/ ج79/ ص227.
(10) سورة النحل/ الآية 90.