الجمعة 10 ربيع الأول 1428هـ الموافق 30 مارس ( آذار) 2007م
————————————————-
* الخطبة الأولى:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ القادرِ الوحيد، ذي العرشِ المجيد، والبأسِ الشديد، الفعّالِ لما يريد، الذي يبدئُ ويعيد، يعلم كلَّ شيءٍ وهو على كلِّ شيءٍ شهيد.
أحمده على ما أنعم، وأشكرُه على ما ألهم، وأعترفُ بفضلِه فيما قدّم، علِمَ بحاجتي فتكرّم، وعصيتُه فترحّم، فما أعظمَ أسماءَه، وأجزلَ نعماءَه، وأكثرَ عطاءَه.
وأسألُه أنْ يدفعَ عني وعنكم مضِلَّ بلائِه، ويدمِّرَ عنّا كيدَ أعدائِه، ويجعلَنا من الشاكرينَ لنعمائِه، والتابعينَ لسادةِ أوليائِه.
وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ إلهاً واحداً أحدا، فرداً صمدا، لم يتخذْ من عزِّ جلالِه صاحبةً ولا ولدا. ولم يكنْ له شريكٌ في ملكِه، ولا معينٌ في سلطانِه، ولا نظيرٌ في مكانِه، ولا مثيلٌ في شأنِه.
وأشهدُ أنَّ محمداً (ص) عبدُه المقرّب، ورسولُه المنتدب، إلى جميعِ العجمِ والعرب، سيدُ الأنبياء والمرسلين، ورحمتُه على جميعِ العالمين. صلّى اللهُ عليه وآلِه الطيبين الطاهرين. اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآلِ محمّدٍ حتى ترثَ الأرضَ ومنْ عليها، وأنتَ خيرُ الوارِثين، وارحمنا بهم يا أرحمَ الراحمين.
عبادَ اللهِ أوصيكم ونفسيَ التي فطرنيَ اللهُ على حبِّها، وأمرني بحملِها على طاعةِ ربِّها، وكبحِ جماحِها عن معصيةِ سيّدِها ومولاها. أوصي الجميعَ بتقوى اللهِ جلَّ جلالُه، والتقرّبِ إليهِ بما يرضيه من قولٍ وعمل، واتقاءِ عذابِه بتركِ ما يسخطُه من المعاصي والزلل. فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واطلبوا ثوابَه في دارِ المقر، بالإكثارِ من العملِ الصالحِ في دارِ الممر، فإنّها وصيّةُ سيدِ الوصيين (ع) حيثُ يقول: “أيُّها الناس، إنّ الدنيا دارُ فناء، والآخرةَ دارُ بقاء. فخذوا من ممرِّكم لمقرِّكم، وأخرِجوا من الدنيا قلوبَكم من قبلِ أنْ تخرجَ منها أبدانُكم، ففي الدنيا حييتم، وللآخرةِ خُلقتم”(1)، ويقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ في كتابِه المجيد: ((فأمّا من طغى، وآثرَ الحياةَ الدنيا، فإنَّ الجحيمَ هي المأوى، وأمّا منْ خافَ مقامَ ربِّه ونهى النفسَ عن الهوى، فإنَّ الجنَّةَ هي المأوى))(2).
واعلموا أيُّها المؤمنونَ أنَّ اللهَ سبحانه قدْ شرّعَ لكم من الدينِ ما يناسبُكم، وأنزلَ عليكم من الأحكامِ ما يتلاءَم مع طبعِكم، ونظّم حياتَكم بما ينسجمُ مع فطرتِكم، واختارَ خيرَ خلقِه على الإطلاقِ فبعثَه نبياً لكم، وأذهبَ الرجسَ عن آلِه، فجعلهم أئمّةً لكم، وأمرَكم بمودّتِهم، فأنزل تعالى إلى نبيّه (ص) ليقرأ عليكم: ((قلْ لا أسألُكم عليه أجراً إلاّ المودّةَ في القربى))(3)، مبيناً في كتابه أنّ تلك المودّةَ لكم. كما يقولُ جلَّ ذكرُه: ((قل ما سألتكم من أجرٍ فهو لكم، إنْ أجريَ إلاّ على الله))(4)، ثمّ بيّن أنَّ مودّتهم هي السبيلُ إليه، فقال جلَّ وعلا: ((قل ما أسألكم عليه من أجرٍ إلاّ مَنْ شاء أنْ يتخذَ إلى ربِّه سبيلا))(5).
ولقد عشتم أيُّها المؤمنونَ الموالونَ لآلِ الرسولِ عليه وعليهمُ الصلاةُ السلامُ في أسبوعِكم هذا ذكرى استشهادِ الإمامِ أبي محمّدٍ الحسنِ العسكريِّ (ع)، وسمعتم أنَّ عمرَه الشريفَ -الذي لم يتجاوز التاسعةَ والعشرين سنة- قضاه -رغم التضييقِ من قبلِ الحكامِ الجائرينَ- في النصحِ والتوجيهِ إلى ما يوصلُ شيعتَه إلى طاعةِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ويؤدّي إلى معرفةِ أحكامِه التي امتزج بها كثيرٌ من الوضعِ والتحريف، فيبيّن لشيعتِه تعريفَ من يُرجعُ إليهِ في أحكامِ الدين، ومن يُعتمدُ عليه من الفقهاءِ والمحدّثين. فيقولُ (ع): “فأمّا من كان من الفقهاءِ صائناً لنفسِه، حافظاً لدينِه، مخالِفاً على هواه، مطيعاً لأمرِ مولاه، فللعوامِّ أنْ يقلِّدوه، وذلك لا يكونُ إلاّ بعضُ فقهاءِ الشيعة لا كلُّهم. فإنَّ مَن ركب من القبائح والفواحشِ مراكبَ علماءِ العامَّة، فلا تقبلوا منهم عنَّا شيئاً ولا كرامة”(6).
فتأملوا أيُّها الأحبةُ في كلامِ سيّدِكم هذا، فإنّه يأمرُكم بالاختيارِ الدقيق، لمَن تأخذون عنه الأحكامَ الشرعيَّة. معمِلينَ الموازينَ الحساسة، والمعاييرَ المحددةَ التي بها يوزنُ مدّعي القيادة، والمتصدّي للريادةِ في الناس. فخذوا بأمرِه، وأعمِلوا مقاييسَه، واحتاطوا لدينِكم، فإنّه صاحِبكم في دنياكم، وفي برزخِكم، ومعادِكم. وحصِّنوا أنفسَكم بما تكونُ به الحجةُ لكم، بينَ يديْ خالِقِكم، ولا تنخدِعوا بالمظاهر، بلْ لابدَّ من معرفةِ المخابر، فيمن تصدّى للصدارةِ بينَ الناس، واعتلى مواقعَ الأمرِ والنّهى، خاصّةً وأنتم ترونَ كثيراً من الذين تمظْهروا بمظهرِ أهلِ الإيمان، ولبِسوا لباسَ أهلِ العلمِ بالسنَّةِ والقرآن، في زمانِكم هذا وفي سابقِ الأزمان، قدْ أصبحوا من دعاةِ الشيطان، إلى الدنيا الفانية، ونعيمِها الزائل، فمنهم من صارَ مع السلطاتِ الحاكمة، يصدرُ الفتاوى، ويطوعُ النصوصَ الشرعيّةَ على مذاقِ السلطان، وما يوافقُ رغباتِه، ويحققُ أمنياتِه. ومنهم من تفرّغَ للضربِ على وترِ المصالحِ العامّة، ويبررُ كلَّ ما يصدرُ عن الناس، ويركِّزُ على القضايا المرتبطةِ بالدنيا، مفصولةً عن ذكرِ اللهِ والآخرة، فلا يأمرُ بمعروفٍ إلاّ إذا كان يحققُ رضا أهلِ الدنيا، ويشدُّهم إلى اتِّباعِه. ولا ينهى عن منكرٍ إلاّ إذا كانَ صادراً عن غيرِ من يَخْطبُ ودَّهم، فهو لا يرى خيراً إلاّ فيمن صحِبَه، ولا يرى سوءاً إلاّ فيمن بعُدَ عنه وجانبَه. فاتّقوا اللهَ عبادَ اللهِ، ولا تكونوا من المتعصِّبين، فإنَّ العصبيّةَ كما وردَ تعريفُها في كلامِ أحدِ الهداةِ المعصومين (ع) حينَ سئلَ عنها، فقال: هي تفضيلُك شرارَ قومِك على خِيارِ الآخرين. واتَّبِعوا من يدلُّكم على خيرِ تجارةٍ رابحةٍ عندَ ربِّ العالمين، كما أخبرَ في الذكرِ المبين، حيثُ يقول: أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيم، ((بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، والعصرِ، إنّ الإنسانَ لفي خسر، إلاّ الذينَ آمنوا وعملوا الصّالحاتِ وتواصوا بالحقِّ وتواصوا بالصّبر))(7).
أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم، ولجميعِ المؤمنينَ والمؤمناتِ، الأحياءِ منهم والأموات، إنّه هو الغفورُ الرحيم، والتوّابُ الكريم.
الجمعة 10 ربيع الأول 1428هـ الموافق 30 مارس ( آذار) 2007م
————————————————-
* الخطبة الثانية:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدُ للهِ ذي المنِّ والعطاء، والجودِ بالنعماء، خالقِ الأرضِ والسماء، يرزقُ المؤمنينَ والكافرين، فمن شكرَه زادَه عطاءً في الدارين، ومن جحدَ، أمهلَه إلى حين، كما قالَ وهو أصدقُ القائلين: ((سنستدرجُهم من حيثُ لا يعلمونَ، وأملي لهم إنَّ كيدي متين))(8).
أحمده على ما منحني من التوفيقِ، وهداني إليهِ من واضحِ الطريق، وأنْ جعلني من أهلِ الإيمانِ والتصديق، بما جاءَ به خيرُ الخلقِ على التحقيق، ومن أخذ اللهُ له العهدَ الوثيق، على جميعِ خلقِه بلا تفريق، محمّدٌ صلّى الله عليه وآلِه حملةِ الحقِّ الحقيق، النازلِ من الرؤوف الشفيق.
وأشهدُ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ إقراراً وإذعانا، وأنّ محمداً (ص) عبدُه ورسولُه تصديقاً وإيمانا، وأسألُه أنْ يثبّـتَنا جميعاً على ذلكَ ما أحيانا، وأنْ يدخلَنا الجنّةَ فيمن حباهم قبولاً وغفرانا، وكساهم بجودِه رحمةً ورضوانا. إنّه على كلِّ شيءٍ قدير، وبالإجابةِ حريٌّ جدير.
أيُّها المؤمنونَ الساعونَ إلى ذكرِ اللهِ، التاركونَ بيعَكم وأعمالَكم طلباً لما وعدَكم الله، من خيرٍ في دنياكم وفي يومِ لِقاه، حيثُ قالَ في كتابِه المصون، الذي لا يمسُّه إلاّ المطهّرون: ((يا أيُّها الذين آمنوا إذا نوديَ للصلاةِ من يومِ الجمعةِ فاسعوا إلى ذكرِ اللهِ، وذروا البيعَ، ذلكم خيرٌ لكم إنْ كنتم تعلمون))(9). أوصيكم أيها الأخوةُ في اللهِ ونفسيَ بتقوى اللهِ سبحانه في السرِّ والعلن، ومراعاتِها في ما ظهرَ منكم وما بطن، فإنّ التقوى أساسُ قبولِ الأعمال، عندَ ذي العزَّةِ والجلال، كما أخبرَكم في عرضِ قصةِ ولَديْ آدم في كتابِه حيثُ قال: ((واتلُ عليهم نبَأ ابنيْ آدمَ بالحقِّ إذْ قرَّبا قرباناً، فتُقُبِّلَ من أحدِهما ولم يُتَقبَّل من الآخر، قال لأقتلنَّك، قال إنّما يتقبَّلُ اللهُ من المتّقين))(10). واعلموا رحمكمُ اللهُ أنّ اليومَ الذي قُبِض فيه مولانا أبو محمّدٍ الحسنُ العسكريُّ (ع)، وهو يوم الثامنِ من شهرِ ربيعٍ الأولِ لعامِ مائتينِ وستينَ للهِجرة، هو اليوم الذي تسلَّمَ فيه مولانا صاحبُ الزمانِ مقاليدَ الإمامةِ من اللهِ جلَّ وعلا، وبدأ في ذلكَ اليوم غيبتَه الصُّغرى التي استمرّت نيفاً وسبعين سنة، عيَّنَ خلالَها لشيعتِه أربعةَ سفراءَ على التوالي، وهم: عثمانُ بنُ سعيدٍ العمري، ومحمَّدُ بنُ عثمانَ العمري، والحسينُ بنُ روْح النوبختي، عليُّ بنُ محمّدٍ السمري، رضيَ اللهُ عنهم وأرضاهم أجمعين. كانوا يتلقَّون الأوامرَ والتوجيهاتِ من قِبَله (عج)، ثمّ يوصلونها بكلِّ أمانةٍ وصدقٍ إلى شيعتِه وموالِيه. وكانَ آخرَ ما صدرَ عنه (ع) توقيعُه إلى عليِّ بنِ محمدٍ السمري رحمه الله، ونصُّه كما أخرجَه المحقِّقون: “بسم اللهِ الرحمنِ الرحيم، يا عليُّ بنُ محمَّدٍ السمري، أعظمَ اللهُ أجرَ إخوانِك فيك، فأنت ميِّت ما بينَك وبينَ ستَّةِ أيّامٍ، فاجمعْ أمرَك، ولا توصِ إلى أحد فيقوم مقامَك بعدَ وفاتِك، فقد وقعت الغيبةُ التامّة، فلا ظهورَ إلاّ بإذنِ اللهِ تعالى ذكرُه، وذلك بعد طولِ الأمد، وقسوةِ القلوب، وامتلاءِ الأرضِ جوراً. وسيأتي لشيعتي من يدّعي المشاهدةَ، ألا فمن ادّعى المشاهدَةَ قبلَ خروجِ السفيانيِّ والصيحة فهو كذّابٌ مفترٍ، ولا حولَ ولا قوةَ إلاّ باللهِ العليِّ العظيم”(11). فأنهى (عج) زمنَ السفارةِ والنيابةِ الخاصّةِ بانتهاءِ الغيبةِ الصغرى، وأرجعَ شيعتَه إلى الفقهاءِ العدولِ في زمنِ الغيبةِ الكبرى، وحتّى يأذنَ اللهُ له بالخروجِ؛ ليملأَ الأرضَ قسطاً وعدلا، كما ملئتْ ظلماً وجورا، فقال أرواحنُا له الفداء: “وأمّا الحوادثُ الواقعةُ فارجعوا فيها إلى رواةِ حديثِنا، فإنَّهم حجتي عليكم، وأنا حجةُ اللهِ”(12).
ورغم كلِّ تلك التوجيهاتِ، ظهرت عدّةُ دعواتٍ على امتدادِ الفترةِ، يدّعي أصحابُها الانتماءَ إليه (عج). ومنها الدعوى التي ظهرت في بلدِكم هذا، والتي صدرت ضدّها مجموعةٌ من فتاوى العلماءِ الأعلام، وارتفعت ضجَّةُ المؤمنينَ ضدَّها في تلكَ الأيام.
وما يؤسفُ له أيُّها المؤمنون، أنّها دعوةٌ تمكّنت من كثيرينَ من الشبابِ والشابات، وتجذّرت حينَ أُهمِلتْ من قبلِ الخطباءِ والدُّعاة، حتى أصبحت اليومَ مما يُخشى خطرُه على البنينِ والبنات، لما تملكُه من القوةِ الشيطانيَّةِ والثروات، وانشغالِ الآخرينَ عنها بأمرِ هذه الحياة، واعتبارِها ليست من الأولويَّات، مع أنّها -واقعاً- من أهمِّ المهمّات، لأنّها تمثِّلُ، أولاً: كذِباً على حجّةِ الله، وثانياً: لأنّها تزوّرُ الوعي، وتحرِفُ الانتظارَ المقدَّس.
فيا أيُّها المؤمنونَ أعِدُّوا أنفسَكم، وربُّوا أبناءَكم على طاعةِ الله، وطاعةِ إمامِ زمانِكم، بالالتزامِ بأحكامِ الله، والتسلُّحِ بالعلمِ والعملِ اتّقاءً لسخطِ الله، ووالوا أولِياءَ الله، وعادوا أعداءَ الله، واستجيبوا لدعوةِ اللهِ إليكم، حيثُ أنزلَ في كتابِه عليكم: ((يا أيُّها الذين آمنوا اتّقوا اللهَ وكونوا مع الصادقين))(13)، وادعوا ربَّكم أنْ يفرّجَ عنكم، ويعجِّلَ ظهورَ وليِّكم، ويُذهبَ البلاءَ الذي نزلَ بكم، وأنْ يجعلَ يومَ لقاه خيرَ أيّامِكم، متوسِّلينَ إليه بسادتِكم وشفعائكم، واستهلُّوا دعاءَكم واختموه بالصلاةِ والسلامِ على سادةِ العالمينَ محمدٍ وآلِه الطيبينَ الطاهرين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على مَن مدحتَه في كتابِك الكريم، فقلت وقولُك الحقُّ المبين: ((وإنّك لعلى خلُقٍ عظيم))(14)، وخاطبته في الحديثِ بقولك: “لولاكَ لما خلقت الأفلاك”، سيدِ خلقِك أجمعين، أبي القاسمِ محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ الصادقِ الأمين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على أولِ المسلمين، برسالةِ سيدِ المرسلين، وكاشفِ الكربِ عن نبيِّك الأمين، الإمامِ بالنصِّ عليِّ بنِ أبي طالبٍ أميرِ المؤمنين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على الحوراءِ البتول، قرةِ عينِ الرسول، سيدةِ نساءِ العالمين، من الأوّلين والآخرين، فاطمةَ الزهراءِ أمِّ الحسنين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على سيِّديْ شبابِ أهلِ الجَنَّة، وإماميْ الإنسِ والجِنَّة، مَن شهِد في حقِّهما المصطفى، أنّهما إمامانِ فاضلانِ قاما أو قعدا، زينةِ عرشِ اللهِ العليِّ، الإماميْنِ بالنصِّ الجليّ، أبي محمدٍ الحسن، وأخيه أبي عبدِ اللهِ الشهيدِ الحسينِ سبطيْ النبي.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على أئمّةِ الهدى، والعروةِ الوثقى، والحجةِ على أهلِ الدنيا، الأئمةِ بالنصِّ من خيرِ الورى: عليِّ بنِ الحسين، ومحمّدِ بنِ عليِ، وجعفرِ بنِ محمد، وموسى بنِ جعفر، وعليِّ بنِ موسى، ومحمدِ بنِ عليّ، وعليِّ بنِ محمد، والحسنِ بنِ علي.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على مَنْ أعدَدْتَه لإظهارِ دينِك، في كلِّ مَنْ أظلَّته سماؤك، وحلَّ في أرضِك، الآخذِ بثارِك وثارِ أوليائِك، المنتظِرِ لإذنِك في أعدائِك؛ ليقمعَ الجورَ والطغيانَ، ويظهرَ العدلَ والإيمان، الإمامِ بالنصِّ أبي القاسمِ المهديِّ بن الحسن صاحبِ الزمان.
“اللهمَّ كنْ لوليِّك الحجةِ بنِ الحسنِ صلواتُكَ عليهِ وعلى آبائِه، في هذه الساعةِ، وفي كلِّ ساعةٍ، ولياً وحافظا، وقائداً وناصرا، ودليلاً وعينا، حتى تُسكنَه أرضَك طوعا، وتمتِّعَه فيها طويلا”، واجعلنا من أنصارِه وشيعتِه، المدافعينَ عنه، والمستشهدينَ تحتَ رايتِه، واكفِنا شرَّ الأشرارِ، وكيدَ الفجَّارِ، وطوارقَ الليلِ وحوادثَ النهارِ، بمحمدٍ وآلِه السادةِ الأطهار، صلواتك عليهم أجمعين.
أيُّها المؤمنونَ والمؤمنات، استمعوا كلامَ ربِّكم، ربِّ الأرضِ والسماوات، فهو خيرُ ما تُختمُ به الخطبُ والمحاضرات، وانتهجوه قولا وعملاً في جميعِ الحالات، أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيم، ((بسم اللهِ الرحمنِ الرحيم، إنّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القربى، وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي، يعِظكم لعلّكم تذكّرون))(15).
أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المؤمنينَ والمؤمنات، إنّه هو الغفورُ الرحيم.
* الهوامش:
(1) بحار الأنوار/ ج77/ ص88، إرشاد القلوب/ ج1/ ص19، الأمالي للصدوق 219.
(2) سورة النازعات/ الآية 37-41.
(3) سورة الشورى/ الآية 23.
(4) سورة سبأ/ الآية 47.
(5) سورة الفرقان/ الآية 57.
(6) وسائل الشيعة/ ج18/ ص95.
(7) سورة العصر كاملة.
(8) سورة الأعراف/ الآية 182-183، سورة القلم/ الآية 44-45.
(9) سورة الجمعة/ الآية 9.
(10) سورة المائدة/ الآية 27.
(11) تاريخ الغيبة الصغرى/ لـ محمد الصدر/ ص633.
(12) وسائل الشيعة/ ج18.
(13) سورة التوبة/ الآية 119.
(14) سورة القلم/ الآية 4.
(15) سورة النحل/ الآية 90.