الجمعة 2 ربيع الثاني 1428هـ الموافق 20 أبريل (نيسان) 2007م

————————————————-

* الخطبة الأولى:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

       الحمد لله إلهاً واحداً أحداً، فرداً صمداً، قيوماً أبداً، لم يتخذ من عزِّ جلالِه صاحبةً ولا ولداً، ولا شريكاً ولا عضداً.

أحمدُه وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفرُه، وأستعين به وأستنصرُه، وأرجو عطفَه ورحمتَه، وأطلبُ من رزقِه وعطائِه، مؤمناً بقدرتِه وسخائِه، يعطي من يشاءُ برحمتِه، ويمنعُ من يشاءُ بإرادتِه، كما قال في كتابِه: ((قل اللهمَّ مالكَ الملكِ تؤتي الملكَ من تشاءُ، وتنزِعُ الملكَ ممن تشاءُ، وتعزُّ من تشاءُ، وتذلُّ من تشاءُ، بيدِك الخيرُ إنَّك على كلِّ شيءٍ قدير، تولجُ الليلَ في النَّهارِ، وتولجُ النَّهارَ في الليلِ، وتخرجُ الحيَّ من الميِّتِ، وتخرِجُ الميِّتَ من الحيِّ، وترزقُ من تشاءُ بغيرِ حساب))(1).

       وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له، تفرَدَ بالربوبيةِ، وتوحَّدَ بالألوهيةِ، كما شهِدَ لنفسِه، وأقرَّت به ملائكتُه، وأولوا العلمِ من خلقِه، وقد أوضحَ ذلك كتابُهُ في قوله: ((شهد اللهُ أنَّه لا إلهَ إلا هو والملائكةُ وأولوا العلمِ قائماً بالقسط، لا إلهَ إلا هو العزيزُ الحكيم))(2).

       وأشهدُ أنَّ محمداً (ص) عبدُه ورسولُه وصفوتُهُ من بني الإنسان، المؤيدُ منه بالقرآن، معجزةً خالدةً أبدَ الزمانِ، يتحدي الكافرينَ به من الإنسِ والجان، في قولِه من محكمِ البيان: ((قلْ لئنِ اجتمعتِ الإنسُ والجنُ على أنْ يأتوا بمثلِ هذا القرآنِ لا يأتونَ بمثلِهِ ولو كان بعضُهُم لبعضٍ ظهيراً))(3)، الداعي إليه بأوضحِ البيان، وأجلى دليلٍ وأنصعِ برهان. صلَّى اللهُ عليه وآلِه المنتجبينَ من الرحمن، وأصحابِه الذين ناصروه بلا توان، ومن لحقهم ويلحقُ بهم إلى آخِرِ الزمان. اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآلِ محمدٍ، صلاةً تناسبُ فضلَك يا ذا الفضلِ العظيم، واهدنا بهم لما اختلفَ فيه من الحقِّ بإذنِك، إنَّك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم.

أيُّها الإخوةُ المؤمنونَ أوصيكم ونفسي قبلَكم بتقوى اللهِ العليِّ العظيم، الذي هداكم إلى معرفتِه بالفطرة، وأقام الأدلةَ والبراهينَ على ذلكم بكثرة، ودعاكم في كتابِه المجيدِ إلى استنطاقِها بعبرة، والنظرِ إليها بتأمُّلٍ وفكرة، فقال عزَّ من قائل: ((أفلا ينظرونَ إلى الإبلِ كيف خُلِقت، وإلى السماءِ كيف رُفِعت، وإلى الجبالِ كيف نُصِبت، وإلى الأرضِ كيف سُطحت))(4)، ثم مَنَّ عليكم فأنزل عليكم خيرَ دين، وجعلَكم من أمةِ سيدِ المرسلينَ (صلّى اللهُ عليه وآلِه الأطيَبين)، وأتمَّ عليكمُ النِّعمةَ بولايةِ أميرِ المؤمنينَ، وأبنائِه الهداةِ المعصومين، صلواتُ اللهِ وسلامُه عليهم أجمعين. فاتقوا اللهَ عبادَ الله، ولا يخدعْكمُ الشيطانُ بوَسوستِه، فإنَّه يقابِلُكم بسوءِ نيَّتِه، ويضمرُ لكم خُبْثَ سريرتِه، التي كشفها لكمُ اللهُ سبحانَه برحمتِه، وبيَّن لكم غرضه وما أسرَّ من رغبتِه، فقال على لسانِه في كتابِه المبين: ((قال ربِّ بما أغويتني لأزيِّنَنَّ لهم في الأرضِ ولأغويَنَّهم أجمعين))(5).

       ولا تغرَّنَّكمُ الدنيا بزينتِها، فإنَّها لن تدومَ لكم، كما لم تدم لمَن سبقكم، ولن تدومَ لمن يأتي بعدَكم. ورِزْقُكم فيها مضمون، والمتكفِّلُ به مأمون، وقد أخبرَكم في كتابِه المصون، حيثُ يقول: ((وفي السماءِ رزقكم وما توعدون))(6)، وقال عزَّ وجلَّ: ((وما من دابةٍ في الأرضِ إلا على اللهِ رزقُها، ويعلمُ مستقرَّها ومستودَعها، كلٌّ في كتابٍ مبين))(7). ولا تكونوا كأولئك الذين نسوا اللهَ، فأنساهم أنفسَهم، واستُغْرِقوا في دنياهم، فنسوا آخرتَهم، وظنُّوا أنَّ تحصيلَ الرزقِ في الدنيا إنَّما يعتمدُ على جهدِهم، ووفرتَه إنَّما تعتمدُ على اجتهاداتِهم، فصاروا لا يفرِّقون في مصادرِه بين الحلالِ والحرام، بل أوهمهمُ الشيطانُ الرجيمُ أنَّ المالَ والثروةَ تحتاجُ إلى التحلُّلِ من القيودِ الشرعيَّةِ، والضوابطِ الأخلاقيَّة، فأصبحت الدولُ والحكوماتُ فيما يسمَّى بالمنطقةِ الإسلاميَّةِ تتسابقُ في فتحِ أسواقِها، رافعةً شعارَ تعدُّدِ مصادرِ الدخلِ، فسارعَ المشرِّعونَ فيها لوضعِ الأنظمةِ والقوانينِ الملائمةِ لذلك، تاركينَ كتابَ اللهِ سبحانَه وسنَّةَ رسولِه (ص) وراءَ ظهورِهم، ليُرضُوا بذلك عدوَّ اللهِ وعدوَّهم من اليهودِ والنَّصارى، الذينَ أظهروا لهمُ الرِّضا عنهم، بقدرِ ما تركُوه من دينِهم، فوصفوهم بالتقدُّمِ والتحضُّر، بقدرِ ما فعلوه من التَّراجُعِ والتقهقرِ عن الدينِ، وبقدرِ الانفكاكِ عن شريعةِ سيِّدِ المرسلينَ (صلَّى اللهُ وآلِه الطيِّبين)، وبالرجعيَّةِ والتخلُّفِ بقدرِ ما ظلُّوا عليه محافظِين، من المبادئِ الشرعيَّةِ، والمظاهرِ الدينيَّةِ، ولذلك تكرَّمُوا عليهم ببيعِ بعضِ الفُتاتِ، وأعطَوْهُمُ الآحادَ مقابلَ المئاتِ، وصارُوا يتُعُّونَهم تعّاً لمصالحةِ اليهودِ، الذينَ هم أشدُّ عداوةً للمؤمنينَ، كما أخبرَ اللهُ تعالى في قولِه: ((لتجدنَّ أشدَّ الناسِ عداوةً للذينَ آمنوا اليهودَ والذينَ أشركوا))(8)، وللاعترافِ بدولتِهمُ المسماة (إسرائيل)، التي أُعِدَّتْ من قبَلِ المستكبرينَ للضربِ والتَّنكيلِ، بكلِّ مَن يأبى أنْ يعيشَ لهم ذليلاً، أو يكونَ لهم ولما يخطِّطُون ذيلاً، ولأطروحاتِهم مروِّجاً ودليلاً. وفرِحوا بذلك الرِّضا على حسابِ رضا خالقِهمُ الذي أخبرَ بذلك في الكتابِ المنزَّلِ عليهم، حيثُ يقول: ((ولنْ ترضى عنك اليهودُ ولا النَّصارى حتّى تتَّبِعَ ملَّتَهم، قلْ إنَّ هدى اللهِ هُوَ الهُدى، ولَئِن اتَّبَعْت أهواءَهم بعدَ الذي جاءَك من العلمِ، ما لك من اللهِ من وليٍّ ولا نَصِير))(9)، بلْ وأصدرَ سبحانَه نهياً صريحاً عن موالاتِهم، وحذَفَ من يتولاهم من قوائمِ المؤمنين، وضمِّه إليهم، فقال: ((يا أيُّها الذين أمنُوا لا تتَّخِذوا اليهودَ والنَّصارى أولياءَ بعضُهم أولياءُ بعضٍ، ومنْ يتوَلَّهُم منكم فإنَّه منهم، إنَّ اللهَ لا يهدي القومَ الظَّالمين))(10)، وقال سبحانَه وتعالى: ((يا أيُّها الذينَ آمنوا لا تتَّخِذوا الذينَ اتَّخذوا دينَكم هُزُواً ولعِباً من الذينَ أوتُوا الكتابَ من قبلِكم والكفارَ أولياءَ، واتَّقوا اللهَ إنْ كنتم مؤمنين))(11).

       فاتَّقوا اللهَ وأطيعُوا أمرَه، ليرحمَكُم برحمتِه، واشكُرُوه على ما أغدَقَ عليكم ليزيدَكُم من نعمتِه، فقد أرشدَكم إلى ما يوصلُكُم إلى حكمتِه، ويميزُكُم في توحيدِهِ وعبادتِه، وهُو خيرُ ما يَختمُ به خطيبٌ خطبتَه، ويُنهِي به واعظٌ موعظتَه. أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ، ((بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، قلْ يا أيُّها الكافرونَ، لا أعبدُ ما تعبدونَ، ولا أنتُم عابدونَ ما أعبدُ، ولا أناْ عابدٌ ما عبدتُّم، ولا أنتم عابدونَ ما أعبدُ، لكم دينُكم وليَ دين))(12).

       أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المؤمنينَ والمؤمناتِ، إنَّه هُوَ الغفورُ الرَّحيم.  

الجمعة 2 ربيع الثاني 1428هـ الموافق 20 أبريل (نيسان) 2007م

————————————————-

* الخطبة الثانية:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

       الحمدُ لله قابلِ التوب، غفّارِ الذنوب، ستّارِ العيوب، كشّافِ الكروب، يتكرّمُ فيعطينا، ونشكرُه فيزيدُنا، ونعصيه فيمهلنا، ونستغفرُه فيغفرُ لنا، ونذكرُه مؤمنينَ فتطمئِنُّ قلوبُنا، كما قال في كتابِه إلينا: ((الذين آمنوا وتطمئنُّ قلوبُهم لذكرِ الله، ألا بذكرِ اللهِ تطمئنُّ القلوب))(13).

       أحمدُه على ما أنعم، وأشكرُه على ما ألهم، وأسألُه أن يُذهبَ عنّا وعن جميعِ المؤمنين الهمَّ والغم، وأنْ يربطَ على قلوبِنا، ويثبِّتَ أقدامَنا، وينصرَنا على القومِ الكافرين.

       وأشهدُ أن لا إله إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً (ص) عبدُه ورسولُه، أوّلُ من نبَّأه، وختمَ به رسالاتِه، وجعل موالاةَ آلِه جزءاً لا يتجزّأُ من موالاتِه، وفرضها على أمَّتِه مقابلَ خدماتِه، وأجراً عليها لما تحمّله من معاناتِه، في مواجهةِ المشركين، وأذى المنافقين، في تبليغِ الرسالة، وكما تقولُ الصدِّيقةُ الكبرى فاطمةُ (ع) في خطبتِها المشهورة، التي وجّهتها في مثلِ هذه الأيام: “فبلّغَ الرسالة، صادعاً بالنذارة، مائلاً عن مدرجةِ المشركين، ضارباً بثجَهم، آخذاً بأكظامِهم، داعياً إلى سبيلِ ربِّه بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة، يكسرُ الأصنام، وينكثُ الإلهامَ، حتى انهزمَ الجمعُ وولّوا الدبر، وحتى تفرّى الليلُ عن صبحِه، وأسفرَ الحقُّ من محضِه، ونطقَ زعيمُ الدين، وخرست شقاشقُ الشياطين، وطاح وشيظُ النفاق، وانحلَّت عقدُ الكفرِ والشقاق، وفهتم بكلمةِ الإخلاص، في نفرٍ من البيضِ الخماص”(14).

اللهمَّ صلِّ وسلِّم عليه وعلى وصيِّه وخليفتِه عليٍّ أميرِ المؤمنين، وآلِهما الطيبين الطاهرين، مادامت الأرضُ والسماوات، واكشُفْ عنّا بهمُ الظلماتِ، واحشرنا بهم معهم في أعلى الدرجات، إنَّك مجيبُ الدعواتِ، يا ربَّ العالمين.

       أيُّها المؤمنون المجتمعونَ في يومِ زينتِكم، وعيدِكمُ الأسبوعيّ الذي اختارَه لكم خالقُكم، يومِ الجمعةِ الذي حدّده يوماً لاجتماعِكم، وأوجبَ عليكم فيه فرداً من عبادتِكم، التي تمثِّلُ صلةً لكم بربِّكم، ومعراجاً إلى خالقِكم، وهي الصلاةُ التي قال عنها رسولُ اللهِ (ص) إليكم: “الصلاةُ عمودُ الدينِ إنْ قُبِلت قُبِلَ ما سِواها، وإنْ رُدَّتْ رُدَّ ما سواها”(15). ودعا إلى إقامتِها ومراعاتِها أميرُ المؤمنين (ع) في آخرِ وصيَّةٍ له حيثُ قال: “اللهَ، اللهَ في الصلاة، فإنَّها عمودُ دينِكم”(16).

       فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ، وأدُّوها في أوقاتِها المحدّدةِ من قِبلِ فارضِها عليكم، المنزِلِ في كتابِه إليكم: ((أقم الصَّلاةَ لدلوكِ الشمسِ، إلى غسقِ الليلِ، وقرآنَ الفجرِ، إنَّ قرآنَ الفجرِ كان مشهوداً))(17). وقال سبحانه مبيِّناً بعضَ عطاءاتِها المهمَّةِ في حياةِ المؤمن: ((وأقم الصَّلاةَ، إنَّ الصَّلاةَ تنهى عن الفحشاءِ والمنكرِ))(18). وجاءَ فيها عن مولانا جعفرٍ الصَّادق (ع) قبيْلَ احتضارِه، حيثُ أمرَ أن يُجمعَ إليه كلُّ من تربطُه بهم عَلاقةُ رحم، فلمّا اجتمعوا بين يديْه أمرَ أولادَه أنْ يُجْلِسوه، فأجلسوه، والكاظمُ (ع) يسندُ ظَهْر أبيه إلى صدره، ماسكاً له بيديْه، فأدارَ الصادق (ع) طرفَه في الحاضرين وقال: ” شفاعتُنا لا تنالُ مستخفّاً بصلاتِه”(19).

       واعلموا أيُّها الآباءُ والإخوةُ والأبناء، أنَّ من الاستخفافِ بالصّلاةِ عدمُ الاعتناءِ بمقدّماتِها، التي هي شرطٌ في صحَّتِها، كالطَّهارةِ من الحدثِ بالغسلِ، أو الوضوءِ الصَّحيحيْن في شرائِطِهما وأجزائِهما، وطهارةِ وإباحةِ اللباس، وطهارةِ البدنِ من الأخباث، والبدنِ وموضعِ السجود، وإباحةِ المكانِ الذي تؤدَّى فيه، وأفضلُ تأديةٍ لفرائضِها تكونُ في المساجد، وفي الجماعةِ مع توفُّرِها، واكتمالِ شرائطِها، فإنَّ ذلك أرجى لقبولِها إنْ صحَّت، وصحَّتُها بأدائِها تامَّةً في أفعالِها من القيامِ والقعودِ، والركوعِ والسجود، وفي أقوالِها من القراءةِ والأذكار. وصحَّةُ جماعتِها بعدَ توفُّرِ الشرائطِ بالمحافظةِ على ما ورد في أحكامِ الجماعة. ويعظمُ التوبُ عليها بالالتزامِ بآدابِها.

       فلا تفوِّتوا على أنفسِكم أيُّها المؤمنون أمراً جسيما، وثواباً عظيما، بتركِ صلاةِ الجماعةِ التي منَّ اللهُ عليكم بتوفُّرِها وتعدُّدِها، فإنَّ مما وردَ من الترغيبِ فيها، أنّه إذا بلغَ عددُ المصلِّين عشرة، أمرَ اللهُ تعالى ملائكتَهُ بالكفِّ عن عدِّ ثوابِهِم، وتولى ذلك بنفسه سبحانه وتعالى. ومما ورد أيضاً أنَّ قبولَ صلاةِ واحدٍ من المصلين في الجماعةِ يتسببُ في قبولِ صلاةِ الآخَرين، ومن فاتتْه الجماعةُ منكم، فلا يفُتْه إيقاعُها في المساجدِ التي هي بيوتُ ربِّكم، التي كلَّفَكم بالاعتناءِ بها، وإبعادِ أطفالِكم ومجانينِكم عن التسلُّطِ عليها، ولا تجعلوها مجالسَ لاستراحتِكم، ولا موضعاً لبيعِكم وشرائِكم، ولا تتحدَّثوا فيها عن أمورِ دنياكم.

       أيُّها المؤمنون، ورصُّوا في الجمعةِ والجماعةِ صفوفَكم، وقاربوا بين أبدانِكم، ولْتتآخى بذلك نفوسُكم، وتتضامنَ قلوبُكم، ولْتتصافحْ بعد الفراغِ أكفُّكم، ولتُنْزع الأضغانُ والأحقادُ من نفوسكم، وتبادلوا الدعاءَ بالقبولِ لصلاتِكم، والعفوَ والمغفرةَ من ربِّكم، واسألوه أن يعينَكم على أنفسِكم، وأنْ يحشرَكم جميعاً مع نبيِّكم، والمعصومين أئمتِكم، وأنْ يدخلَكم الجنَّةَ آمِنين، في الرَّاضين المرضِيِّين، وإذا سألتُموه فتوسَّلوا إليه، وادعوه مستشفعين لديه، بخيرِ خلقِه المقرَّبِين إليه، وصلُّوا وسلِّموا على شفعائِكم بين يديْه، محمدٍ وعليٍّ والأئمةِ المعصومينَ من بنيه.

       اللهمَّ صلِّ وسلِّم على سيدِ خلقِك لديك، والشفيعِ لمذنبي أمتِه بين يديك، من فضَّلته على جميعِ الورى، أبي القاسمِ محمدٍ المصطفى.

       اللهمَّ صلِّ وسلِّم على يعسوبِ الدِّين، فارسِ بدرٍ وحنين، المصلِّي مع نبيِّك إلى القبلتين، أبي الحسنِ عليٍّ أميرِ المؤمنين.

       اللهمَّ صلِّ وسلِّم على شفيعةِ يومِ المحشر، لكلِّ من مات على ولايةِ حيدر، وأبنائِه المعصومين الغرر، سيدةِ جميعِ النساء، أمِّ الحسنين فاطمةَ الزهراء.

       اللهمَّ صلِّ وسلِّم على سبطِ نبيِّك المؤتَمن، المتجرِّعِ في سبيلِك الغصصَ والمحن، الشائعِ صيتُه في الكرمِ والمنن، الإمامِ بالنصِّ أبي محمدٍ الحسن.

       اللهمَّ صلِّ وسلِّم على الذبيحِ العطشان، المدفونِ بلا أكفان، متجرِّعِ كؤؤسِ المصائبِ في سبيلِ إحياءِ الدين، الإمامِ بالنصِّ أبي عبدِ الله الشهيدِ الحسين.

       اللهمَّ صلِّ وسلِّم على حَفَظةِ سرِّك، وحجَجِك على خلقِك، الأئمةِ بالنصِّ الجليّ، من أمينِك على وحيِك النبِي: عليِّ بنِ الحسينِ، ومحمدِ بنِ عليٍّ، وجعفرِ بنِ محمدٍ، وموسى بنِ جعفرٍ، وعليِّ بنِ موسى، ومحمدِ بنِ عليٍّ، وعليِّ بنِ محمَّدٍ ، والحسنِ بنِ عليٍّ العَسكريّ.

       اللهمَّ صلِّ وسلِّم على العدلِ المنتظر، مظهر ما اندرسَ واندثر، من علومِ القرآنِ والأثَر، محيي الإيمان، وناشرِ الأمان، المهديِّ بنِ الحسنِ صاحبِ الزَّمان.

       اللهمَّ عجِّل له الفرجَ، وسهِّل له المخرجَ، وأوضح به المنهجَ، واجعلنا من أنصارِه ومريدِيه، والرَّاضين به ومؤيِّديه، والمدافعين عنه والمستشهدِين بين يديْه، برحمتِك يا أرحمَ الرَّاحمين.

       ألا وأنَّ خيرَ كلامٍ يُقالُ للسَّامعين، ويؤثر إلقاؤه في المؤمنين، ويُختمُ به خطابُ الواعظين، ما أنزله ربُّ العالمين في الكتابِ المبين، أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيم، ((بسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيم، إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذي القربى وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغيِ يعظُكم لعلَّكم تذكَّرون))(20).

أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمؤمنين والمؤمنات، إنَّه هو الغفورُ الرحيم، والتوَّابُ الكريم.      

* الهوامش:

(1) سورة آل عمران/ الآية 26-27.

(2) سورة آل عمران/ الآية 18.

(3) سورة الإسراء/ الآية 88.

(4) سورة الغاشية/ الآية 17-20.

(5) سورة الحجر/ الآية 39.

(6) سورة الذاريات/ الآية 22.

(7) سورة هود/ الآية 6.

(8) سورة المائدة/ الآية 82.

(9) سورة البقرة/ الآية 120.

(10) سورة المائدة/ الآية 51.

(11) سورة المائدة/ الآية 57.

(12) سورة الكافرون كاملة.

(13) سورة الرعد/ الآية 28.

(14) بيت الأحزان للشيخ عبّاس القمّي/ ص142.

(15) أعيان الشيعة للسيِّد محسن الحكيم/ ج4/ ص440.

(16) روضة الواعظين للفتال النيسابوري/ ص136، فقه المغتربين للسيد السيستاني/ ص87.

(17) سورة الإسراء/ الآية 78.

(18) سورة العنكبوت/ الآية 45.

(19) بحار الأنوار للعلامة المجلسي/ ج79/ ص227.

(20) سورة النحل/ الآية 90.

... نسألكم الدعاء ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *