أرى الدهرَ مقلوبَ الخُطى والبصائرِ
يدكُّ أعالي مجدِنا بالحوافرِ
فقد صوَّبَ الأسهامَ في كبدِ الهدى
فأردتْ عمادَ الدِّينِ نورَ البصائرِ
وقد شنت الأيامُ غارةَ حقدِها
(فما رجعت إلا بنهبِ الذخائرِ)
وجاء الردى للمؤمنين بغصةٍ
له شوكةٌ بين الحشا والحناجرِ
ونعيُه لمَّا جاء صكَّ مسامعًا
ودكَّ مفازاتِ العلا والمفاخِرِ
(أناعيَه مهلاً فنعيُكَ جمرةٌ
حرقتَ بها ما بين طي الخواطرِ)
رويدكَ فاكتم ويكَ ما جئتنا به
فقد عدَّه الأعداءُ خيرَ البشائرِ)
تسربلتْ الدنيا لفقده أسودًا
وأسدلت الديجورَ إسدالَ صاغرِ
وهبَّت رياحُ الحزنِ حتى كأنها
تقول فقدنا العزَّ حصنَ المجاورِ
فهذا حمى دينِ الإلهِ وإنَّهُ
هُمامٌ وأمنٌ من صروفِ الدوائرِ
يُشارُ إليهِ في الملماتِ مثلما
يُشارُ إلى ضُرغامِ عبَّاسِ زافِرِ
هو الليثُ في الهيجاء والبدرُ في الدُجى
كبحرِ العطايا للمريدين زاخرِ
منوِّرُ دربَ الناسِ بالعلمِ والتقى
وفي وجه أهلِ الشركِ كالسيفِ باترِ
هو البلبلُ الشادي على منبرِ الهدى
(وبالحقِ لو يُدعى سراجُ المنابرِ)
هو العَلمُ العالي الذي ذاع صيتُهُ
يُشارُ إليه في الدُجى بالخناصرِ
عويصاتُ أمرٍ حلَّها بلُحيظةٍ
وقد تاه فيها غيرُهُ غيرَ باصِرِ
مُعزُّ يتامى آلِ طه وحصنُهم
وريثُ المعالي كابرًا بعد كابر
أبا طاهرٍ ما أنصفتكَ قلوبُناِ
(إذا لمْ نُسلْها من جراحِ المحاجِرِ)
فقدناكَ كالشَذْرِ النفيسِ مرصَّفًا
(بجوهرة الإيمانِ لا بالجواهرِ)
فقدناكَ شمسًا لاشُعاعَ لمثلِها
(بنورِكَ يُهدَى كلُّ بادٍ وحاضرِ)
فقدناك للدينِ الحنيفِ عمادَه
تُجدد منه بالهدى كلَّ داثرِ
(فقدناك غيثًا ما تخيَّل برقَهُ
بصيرٌ فأنبا أنَّه غيرَ ماطر
فقدناك بحرًا للسماحةِ هادرًاِ)
تميرُ عطاءً بالهباتِ الهوادرِ
****************************************************************************
دفناك والتقوى فعتبي لكفنا
تهيل الثرى فوق العلا والمفاخرِ
(نفضنا يدينا لا لتربٍ أصابها
ولكنها والله صفقة خاسرِ
وقفنا حيارى في ثراك لأننا
أضعنا بترب القبرِ نورَ البصائرِ
وأظلمت الدنيا وقد غاب نورُها
فتهنا ضحًى في داجياتِ الدياجرِ
(فلم تلقَ إلا ذا جفونِ قريحةٍ
يخالف كفيه على قلب حائرِ
أبا طاهرٍ يا نبعَ عذبٍ وبلسمًا
يداوي جروحي من لئيمٍ وغادرِ
ترجلتَ عن مُهرٍ علوًا مع الهدى
محمد والآل الكرامِ الأكابرِ
علوتَ مع المحتارِ ترتاحُ بالهنا
وخلّفتنا ما بين باغٍ وجائرِ
فقدناك حصنًا نستظلُ بظلِهِ
وعلامة الأعلام خِدنَ المحابرِ
فقدناك نبعَ العَذبِ والناسُ حولَه
فمِن واردٍ يمتاز فيه وصادرِ
فقدناك سيفًا للتقى وتركتنا
نُكظِّمُ للمحتومِ كظمة صابرِ
وطار أناسٌ بعدكم وتنسَّروا
وما كلُّ صفاف الجناح بكاسرِ
وبعدكم دارتْ علينا دوائرٌ
ودارتُنا ضجّت بأبقعِ غادرِ
أيا لطمةَ الإثنين حسبُكِ أنَّكِ
جعلتِ الهدى ما بين رخوٍ وكافرِ
وكم ثغرةٍ صارت بفقدِكَ كبوةً
تجرجرُ أبناء الهدى في المخاطرِ
تُجرجرُنا بالدينِ والدينُ صارخٌ
بوجه مُعادي الله صرخةَ داحرِ
وهذي أحاديثُ الهدايةِ كالضُحى
تُزلزلُ رأي الجهل بلْ كلَّ خائرِ
كأن الليالي أنجبتك ونفَّضتْ
على كثرة الأولاد أذيالَ عاقرِ
فكونوا بني أمي صبورين بعده
فما انقادت الآمالُ إلا لصابرِ
وإنَّ لنا في نجلِهِ خيرَ سلوةٍ
كريم السجايا البرِّ عفِّ المآزرِ
نرى فيه ذاك الشهمَ ينطقُ بالتقى
وكم غائبٍ خصاً بصورةِ حاضرِ ؟
وإنّا نراه الليثَ في حلباتِها
وهل تلدّ الآسادُ غيرَ القساورِ
أيا طاهرَ الأذيالِ كُنْ كأبيكمُ
هزبراً هصوراً في قبال المُكابرِ
وخُذْ حجةَ الباري مَلاذًا وحجةً
فإنَّك بالهادي نصيرُ المناصرِ
وإني بَهدي الطاهرين بأمركم
وإنَّك بالتقوى مُعزي وآمري
فياربُّ فاحفظنا بحفظ عميدِنا
جميلِ المحيا طاهرٍ نجلِ طاهرِ
يوسف أحمد جمعة المقشاعي 23 شعبان 1432هـ ـــ 24/7/2011 م