في رحاب الحزن المقدس
(دموعي أحجى)
دموعي أحجى من عقولٍ لوامعِوحزني أبهى من صروحِ الجوامعِ
فإني أعدّ الحزنَ والدمعَ والأسى عقيدتي الأنقى وأزكى شرائعي
فيا مَن ترى دمعي شكايةَ عاجزٍودأبي على التّـنْحابِ حجةَ خانعِ
لعمرك هذا منتهى المدح والنُّهىوغايتي المثلى ومنيا طبائعي
أنا (زينبٌ) شيخي؛ إذا قيل كربلاو(زينُ عبادِ الله) أعلى مراجعي
فدعْني وديني لستُ في الفقه عالـمًاولكنّني في الحبّ صعبُ التدافعِ
وذرني وقلبي لستَ تعلمُ وجدَهوشيمةُ عقلي أنه غير تابعِ
وإني تركتُ الوعيَ إن كُنتَ واعيًافمثلكَ لم يعقلْ عظيمَ فجائعي
إذا ما بدا حزنًا هلالُ محرمٍوهبتُ إلى ناعي الحسين مسامعي
فيا أذْنُ صمّي عن نياحةِ غيرِهويا عيـنُ بالدمعات ويلكِ سارعي
ولو ثَمّ أغلى من دموعي بذلتُهولكنّها كنزي وأسمى ودائعي
وإنّ وقاري بعد سبطِ محمدٍسفاهةُ عقلٍ غارقٍ في المطامعِ
ولولا رجائي في تداركِ ثأرهلقطّعتُ جسمي حسرةً بالمباضعِ
وإنّي أصونُ النفسَ لا باخلًا بهاولكنْ لأقضي بعضَ حقِّ المدامعِ
فما قيمةُ الإنسان إنْ هلَّ عاشرٌولم يكُ في يوم الحسين بجازعِ
وإنّ فؤادًا لا يذوبُ لذكرِهحرامٌ عليه المكث بي الأضالعِ
وإنّي أُريحُ العيـنَ للدمعِ والبكاولولاه ما كانت حلالًا هواجعي
وإنّي لأبكيه ولستُ بطامعٍوإنْ كان ذخري يوم حشري وشافعي
وعلّةُ دمعي فطرةٌ من مودةٍونطفةُ مفجوعٍ وشجو المراضعِ
فإنْ كان حالي بعد ألفٍ كما ترىفما حالُ من عاشت بتلك المصارعِ
وما حالُها والنارُ تسري بخدرِهاورحلُ أخيها بين مَيْتٍ وضائعِ
وما حالُها والجيشُ ينهبُ ظعنَهاويسلبُ لؤمًا طاهراتِ المقانعِ
وما حالُها والقومُ ترمقُ وجهَهافتندبُ يا عباسُ حصني ومانعي
وما حالُها والشمرُ يُلهب متنَهاوما حالُها والسبطُ عند التنازعِ
وما حالُها في الشام تنظرُ رأسهيُدارُ عليه الخمرُ في كفّ قارعِ
رويدكَ لا تجزعْ فما كنتَ حاضرًاوحسبكَ وصفي بعضَ تلك الفظائعِ
وممّا يسلّي النفسَ حينًا وتارةًيقلّبُها فوق الجمارِ اللواذعِ
سكونُ جبيني فوق طاهر تربِهوسبحتُه تنسابُ بين أصابعي
لقد شاخت الأرواحُ منّا وهذه وحقِّكَ آثارُ السنين الشواسع ِ
وإنّ لنا في كل فجرٍ لزفرةًتضيقُ بنا وسطَ القلوبِ الضوارعِ
أعلّلُ نفسي سوف ينهضُ طالبٌبثأر حسين فاصبري للوقائعِ
وإنْ طال هذا اليوم فالحزنُ شافعٌوخيرُ انتظارٍ بالعيون الدوامعِ
وخيرُ انتظار الثأر ما كان مأتمًافإنَّ فتورَ الحزنِ بِدْءُ التراجعِ
فيا غضبةَ الجبار عجّلْ بطلعةٍوكبّرْ بهاتيكَ السيوفِ القواطعِ
وأعلِ على الهاماتِ رايةَ حمدكموأبرقْ بهامات ِ الرماح اللوامعِ
ونادِ لثاراتِ الحسين وآلهوألقِ بنا في هولِ تلك الزعازعِ
✏حسين علي خلف