إنّي اتخذتك يا حسين شعاري
وجعلت قبركَ قبلتي ومزاري
أنا طينةٌ عجنت بفاضل طينكم
ورويتها بمدامع الأشعارِ
ونشأت في حضن المآتم عاشقاً
متعلقاً بالسادةِ الأطهارِ
مستعصمٌ قلبي بحبل ودادهم
وطريقهم طولَ الحياةِ مساري
وعليهم أهوى وأبغض لا أرى
إلا هم في اليسرِ والإعسارِ
هي فطرةٌ زرعت بطاهر نطفتي
وحفظتها من زائف الأفكارِ
لم تنمُ في أرض الشتات لتلتوي
لم ترو من مستنقع الأكدارِ
لم تنحني للريح وهي عصوفةٌ
وسمت برغم قساوة الإعصارِ
ظلت بوجه العصف غصناً فارعاً
لم تنكسر بتكسر الأشجارِ
حمقاء, قالوها, وليت حماقتي
تبقى وتسكن في قرار قراري
أنا يا حسين حكاية منسية
ذابت حروفي في فم الإنكار
واستبدلت بحكاية رومية
واستهجنتها حجةُ التكرارِ
كيف استوى سبط النبي وثائرٌ
قادَ الجموع براية الكفارِ
كيف انتهينا أن نمجد ملحداً
ونقيمه رمزاً إلى الأبرارِ
فاحتاش (جيفارا) شباب محمدٍ
واستعذبتهُ عُصبةُ الكرار
حتى الدموع الزاكيات استبدلت
بالدفء والأوتارِ والمزمارِ
ومسائل الدنيا الغرور وأهلها
حلت محل الندب والتزفارِ
يا سيدي يا من ألوذ بظله
وأبثهُ حزني بكلِ نهارِ
وأراه رؤي العين إن هي أمطرت
في رزئهِ في وحشة الأسحارِ
كيف استحلت بلحظة مخطوفة
جسر العبور ومركب الإبحارِ
من قال أنك قصةٌ ثوريةٌ
موقوفةٌ للحربِ والثوارِ
من قال أنكم دعاة سياسية
تتلونونَ بمقتضى الأدوارِ
هذا يقضي بالعبادة عمره
وأبوه لا يخشى من الأخطارِ
هذا يُبايعُ في ولايةِ ظالمٍ
هذا يصالح ُ دولةَ الفجّارِ
كلٌ يبدل دورهُ كي يعتلي
عرش الملوك وإمرة الأمصارِ
واستبدلوا تاريخكم بخرافةٍ
منسوجةٌ بالسّمِ والأزهارِ
وبنوا على كتب الرواةِ غِشاوةً
كي لا يشعّ النّورُ في الأبصارِ
حتى إذا جئنا لنبصر دربنا
وضعوا أمامَ الشمسِ ألف ستارِ
أبناء جرحك يا حسين تيتموا
واستحكمت فيهم يدُ التجارِ
واستعملوا خشباً لكلِ مدلسٍ
يحتاج في مساره بعضَ النارِ
أنا أول الباكين فوق رمادهم
روحي تغصُّ بقسوة الأسرارِ
وتكاد تنفجرُ الحقيقة في فمي
عريانة مثل النذير العاري
وتقولُ قولتها بكلِ صلافةٍ
مازال صدري بالحماقةِ واري
مازالت تلكَ الصخرةَ الصماء لم
تُسلمْ قرارَ النهرِ للتيارِ
من يشتري صمتي ويجمحُ صولتي
بالنصحِ أو باللوم والإنكارِ
والله ضاق الصدرُ من أسبابهم
واستيأست روحي من الأعذارِ
من فتنة الشورى ونحن بمحنة
نطوي الحياةَ لفتنة الدوّارِ
في مولد الحزن المقدسِ رافعاً
سِفرَ الخلاصِ ورايةَ الإنذارِ
وموطناً نفسي لكلِ كريهةٍ
متدرعاً بالعزمِ والإصرارِ
إني حملتك يا حسين عقيدةً
موصولة بالمصطفى المختارِ
أنا هاهنا سيف انتظارٍ مغمدٌ
وَقفاً لأمرِ الواحدِ القهارِ
في يومه أردُ المنيةَ واثقاً
مستبشراً أني من الثوّار