السيد السند والركن المعتمد ذو الفضل والشرف السيد محمد ابن السيد شرف الجدحفصي الموسوي البحراني المتوطن أولاً مسقط ثم لنجه وبها توفي (قدس الله سره وروحه وتابع فتوحه) في سنة 1319 هجرية وكل هذا السيد النجيب الجليل عالماً عاملاً فاضلاً كريماً مهيباً وقوراً ذا ربانية إشتغل أولاً عند خاله ومربية الفاضل الشيخ سليمان ابن العلامة الأمجد الشيخ أحمد آل عبدالجبار القطيفي البحراني برهة من الزمان ثم سافر إلى النجف الأشرف لتحصيل العلوم وحضر عند جماعة من فضلائها كالسيد المحقق حجة الإسلام الميرزا حسن الشيرازي وشيخنا العلامة الشيخ محمد حسين الكاظمي (قدس الله سرهما) ونور قبرهما وغيرها من فضلائها، ثم زار الإمام الرضا عليه السلام ورجع وسكن بلدة لنجة وقطن وبها همى غيث جوده وهتن وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر وكان مرجعاً لأهل تلك الأطراف ملجأ وموئلالمهن من الفقر والجور يخاف وبيته كعبة للاجىء والاضياف ذابا عن المؤمنين قامعاً لأيدي المعتدين مؤيداً من رب العالمين مقيماً لشعائر الدين وسمعت مستفيضاً أنه يكون في بيته من أطراف البحرين والعجم والعراق المائة والمائتان والثلاث في كثير من الأيام ويتلقاهم بغاية الأكرام وحسن الترتيب والإنتظام وكان معظماً عند الملوك والحكام، مهاباً عند الخاص والعام وربما تنزل النازلة بأحد أمراء العجم التي في تلك الأطراف فليتجئ إليه فيصلح أمره ويشد على ما أصابه أزره، وبالجملة فهذا السيد الجليل قليل المثيل ومن هذه الجهة لم يتمكن من التصنيف والتدريس والتأليف وكل ميسر لما خلق له ولم أقف على مصنف له إلا جواب بعض المسائل وردت عليه من البحرين من السيد الفاخر السيد باقر ابن المرحوم السيد علي ابن السيد إسحاق البحراني (الآني ذكره إن شاء الله) فكتب جوابها جواباً شافياً وافياً وهو عندنا بخطه (قدس سره) وحدثني شيخنا الثقة الصالح العلامة أفاض الله عليه شأبيب الكرامة أنه لما أجتمع به السيد المذكور في النجف الأشرف وكان شيخناً زائراً والسيد مجارراً إلتمس منه أن يخمس له أبيات (المعلم الثاني أبي نصر الفارابي) فخمسمها له تخميساً جيداً فأعجب به السيد المذكور تغمدهما الله تعالى بالكرامة والحبور والأبيات التي للفارابي الحكيمة هي هذه:
كمل حقيقتك التي لم تكمل والجسم دعة في الحضيض الأسفل
أتكمل الفأني وتترك باقيساً والجسم دعة في الحضيض الأسفل
وقد ضاع تخميس شيخنا منه بعد ما ضاع وحصل المطلوب منه والإنتفاع وتوفي (قدس سره) ولم يخلف ولداً ذكراً إلا أنه خلف ذكراً جميلاً وأجر جزيلاً.