من عجائب هذه الجزيرة بها أشجار تحمل أثماراً كالنساء بصور أجسام وعيون وأيدٍ وأرجل وشعور وأثداء وفروج كفروج النساء، وهن حسان الوجوه، معلقات من شعورهن، يخرجن من غلف كالأجربة الكبار، فإذا أحسسن بالهواء والشمس يصحن واق واق، حتى تتقطع شعورهن فإذا انقطعت ماتت، وأهل هذه الجزيزة يفهمون هذا الصوت ويتطيرون منه، وهذه الأشجار هي مزج بين النبات والحيوان.
وقيل: إن تجاوز هؤلاء وقع على نساء يخرجن من الأشجار أعظم منهن قدوداً وأطول منهن شعوراً، وأكمل محاسن وأحسن أعجازاً وفروجاً، ولهن رائحة عطرة طيبة، فإذا انقطعت شعورها ووقعت من الشجرة عاشت يوماً أو بعض يوم، وربما جامعها من يقطعها أو من يحضر قطعها فيجد لها لذة عظيمة لا توجد في النساء.
وأرضهن أطيب الأراضي وأكثرها عطراً وطيباً، وبها أنهاراً أحلى ماءً من العسل والسكر المذاب، وليس فيها أنيس ولا عامر إلا الفيلة، وربما بلغ ارتفاع الفيل في هذه الجزيرة أحد عشر ذراعاً.
وبها من الطير شيء كثير، وليس يعلم ما وراء هذه الجزيرة إلا الله تعالى، ويخرج من بعض هذه الجزائر سيل عظيم يسيل كالقطران يصب في البحر فيحرق السمك في البحر فيطو على الماء.
أقول: والله أعلم أن هذه الجزيرة ربما تكون من الأساطير التي نسجت من الوهم والخيال، أو تكون من مخلوقات الله التي ذكرها في كتابة الكريم: {ويخلق ما لاتعلمون} بدليل أن نعيم جنة الدنيا مشابه لنعيم الدنيا بمعنى أن جميع ما في الدنيا من الفواكه والمطاعم والملابس والسلطنة مشابه لما في جنة الدنيا لأن تلك هي الأصل وإنما هذه مثال وتذكرة وذكرى للذاكرين، وكذلك ما في جنة الدنيا مثال وتذكرة لجنة الآخرة وإلى ذلك الإشارة بقوله تتعالى: {كلما رزقوامنها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به مشابهاً}، وقوله صلى الله عليه آله: الدنيا مزرعة الآخرة،فلا يكون شيء هناك إلا وله مثل آية يستدل بها عليه في الدنيا، ولهذا لما سئل الحبر النصراني محمد بن علي الباقر عليه السلام عن أهل الجنة كيف يأكلون ولا يتغوطون فأجابه عليه السلام نظيره في هذه الدنيا الجنين في بطن أمه يتغذى ولا يتغوط.
ولقد ثبت في الأخبار أن في الجنة أشجاراً تنبت بنساء من الحور العين، فعن أبي عبدالله عليه السلام في حديث: على حافتي ذلك النهر-يعني نهر الكوثر-جواري نابتات كلما قلعت واحدة تنبت أخرى، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال لا إله إلا الله غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء نبتها في مسك أبيض أحلى من العسل وأشد بياضاً من الثلج وأطيب ريحاً من المسكفيها مثال ثدي الأبكار،فهذه هي الأصل في الجنة وفي الأرض إن صدقت حكاية جزيرة الواق واق فهي المثال والله تعالى أعلم