🌹1:قال سيد الوصيين ومولى المتقين علي عليه صلوات الله العلي:حسب المرء من عرفانه علمه بزمانه.
2: وقال عليه السلام: لا يتحمل هذا الأمر إلا أهل الصبر والبصر والعلم بمواقع الأمر.
3: 🌹: وقال ثمرته اليانعة جعفر بن الصادق عليه صلوات الله الباهرة: العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس.
المصدر: غرر الحكم ودرر الكلم للآمدي قدس سره.الكافي لثقة الإسلام الكليني طيب الله ثراه.
وهي ثلاث إضاءات تنير درب من نذر نفسه لإرشاد الخلق ولمن استوفى حقيقة البصيرة وكلها تصب في مصب واحد ألا وهو: العلم بواقعه المعاش كيما يمكنه التحرك في المسار الصحيح وهو ركن مهم في مسألة البلاغ والتبليغ ولإجل ذلك ألمحت النصوص الشريفة بضرورة معرفة الزمان وأهله أي الإحاطة المعرفية ولو على نحو الكليات حتى يمكنه إرجاع الجزئيات لها من وحي الممارسة والتطبيق واستلهام النجاح من السيرة العملية للمعصوم عليه السلام وتجارب من سبقوه من الأعلام المأمونين على الحلال والحرام ومقاصد الشريعة السمحآء .
وهي حصانة عن الخلل الذي نشاهده عند أكثر المتصدين للشأن الديني .
المندفعون بنية خالصة ولكن حماسهم يوقعهم في متاهات لا تحمد عقباها عليهم وعلى أتباعهم ومريديهم.تهجم عليهم لوابس الأمور لقلة عرفانهم وعلمهم بزمانهم ولجهلهم بمواقع الأمر .بمعنى آخر: تختلط عليهم الأوراق لإن همهم الوحيد هو حرق مراحل الهداية بحفنة مصطلحات ويعوزهم الصبر على التبليغ في زمان يحتاج إلى دراسة لوحده.دراسة نقاط ضعفه وقوته وأولويات احتياجاته.وكذلك تصنيف أهله ومدى تفاعلهم وقابلياتهم مع ما يطرح من أساليب وأهم شيء هو مدى تقبلهم لنهجه في هدايتهم.وإلا أصبح ثقيل الظل عندهم يرمي بذره في أرض سبخة لا رجآء في صلاحها .والأهم من ذلك كله قوة شخصيته وعلو همته وشكيمته مع المرونة التي لا تستباح معها قناعاته الدينية والفكرية ولا يخضع للعقل الجمعي لإهل الزمان خشية قص جناحيه وإقصائه ولا يظهر منه الوهن في مسايرتهم على حساب الواضحات من الدين لإجل أوسمة سوق الألقاب الذي يعشي بصر من لا حريجة له في الدين وهو خلو من العلم والبصيرة .وعليه بالحذر من مصآئد الشيطان الذي يزين له اقتحام لوابس الأمور تحت عناوين براقة وإن بدت في ظاهرها عنوانات مقدسة:كحامي الشرع الأقدس والمحترق على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمجاهد في سبيل إعلآء شريعة سيد المرسلين صلى عليه وآله وسلم رب العالمين وهو بعد لم يخبر زمانه وأهله حتى ولو اجتمعت تحت رايته مئاة الألوف.فإن ذلك من خدع الشيطان الرجيم . فإن كان عكس ذلك فمن الأفضل أن يدع هذا الشأن العظيم لإهله وليتفرغ للكد على عياله فهو أبرك له ولا أن يكون ألعوبة بيد إبليس اللعين أهلك نفسه وطحن جماجم المساكين وأهدر طاقاته وطاقاتهم.
فكم من متلبس بالعلم قد خان حقيقته التي تعني البصيرة واستسلم لهجوم اللوابس عليه فأضر أكثر مما نفع .وتحول ذاك الحماس للدين وأهله والدعوة لقلب نظام الحكم إلى الهروب والهرولة خلف الليبراليين وشتات الإلتقاطيين ونزع العمامة وأصبح سبعا ضاريا في طروحاته ونقده للدين وأهله.
وكم من متلبس بالعلم قد خانته المقادير وأصبح حبيس داره نتيجة الخطأ في الحسابات أو قل: نتيجة تعجله وعدم إلمامه بواقع زمانه وأهله والإصرار على أساليب: تعنتية .صدامية.اصطفافية.حزبية.مناطقية.عشائرية.انغلاقية.حسدية.إقصائية.
ولتتأمل معي: كيف ينتج أمثاله مجتمعا واعيا إذا كان هذا نمط تفكيره؟!
إنه بالتأكيد يخسر رهان الهداية والقدوة والإقتدآء والتأثير وتحل به وبأهل زمانه طامة الجهل والعصبيات ويفقد بريقه المفترض أن يكون شعلة هداية ونور لمن هم في بيانات المعصومين عليهم السلام ” أيتام آل بيت محمد” صلى الله عليه وآله وسلم. ينتشلهم من براثن الفتن وانتحال المبطلين في زمن المحنة وغيبة مولانا صاحب الأمر أروحنا فداه.
إن هجوم اللوابس على المتلبس بالعلم قد تكون لوابس زمان وأهله ولا مانع عندنا من تعديتها للوابس في مصادر فكره أي البيئة التي يكرع منها.
فعندنا عقلية تكرع من جداول عدة :إسلامية.ماركسية.حزبية.ليبرالية.إشتراكية.برغماتية.
وعندنا التقاطية وافتقار للمحاكمة .
وعندنا سيولة في التنظير.
وعندنا أهل زمان تصفق وتهلل لكل جديد ويطربهم كل خطيب على وقع التكبير.
فماذا تتوقع ؟!
بالتأكيد فإن كل تلك الجداول التي كرعت منها تلك العقلية سوف تصب لوابسها على المحتسين أمام منصته وخطبه العرمرمية.
وهاهنا المصيبة العظمى التي يبتلى بها الدين وأهله حين تهجم لوابس الفكر على عقل المتلبس بالعلم فيتابعه الخلق الكثير ويروجون له ولأفكاره المزيج من تلك الجداول.
إن أهل الحيطة والحذر في الغالب لا يكادون يركنون ويطمئنون للمتلبس بالعلم مدة طويلة ويرقبون مجمل أفكاره وتصوراته عن الدين والمجتمع ويدققون في مرامي وأطراف كلامه حتى يبيعوه دينهم .هذا ما كان يصنعه الرجال قديما وإن كانت حصيلة معارفهم ضئيلة لكنهم كانوا يتمتعون بحس إيماني قوي وحنكة من تجارب عهدوها من الأسلاف.
أما اليوم فالمهجوم باللوابس أصبح هاجما بها على المتلبسين بها من أصل وأساس.فالتبست اللوابس على الكل والجميع.
وهاأنت ترى بأم عينيك ما حل بنا ويحل نتيجة هجوم اللوابس على شريحة يطلق عليها رجال الدين.
وتجول معي في كلام من كلامه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق مولانا علي منكس الرايات والبيارق.
لا يتحمل هذا الأمر إلا أهل الصبر والبصر والعلم بمواقع الأمر.
وخصوصا الذيل:والعلم بمواقع الأمر.
وسوف ينجلي عن غبش بصيرتك معنى نفي هجوم اللوابس على العالم بزمانه.وليس بالضرورة أن يكون هو رجل الدين المعهود وإن كان في الحقيقة هو أضوء مصاديق العالم .ولكن يصح أن يكون أعم منه فتكون داخلا في العنوان الأشمل بمعنى العارف.وقد ورد الأثر الوارد بالفعل عن كشاف عويصات الدقآئق مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه صلوات وسلام الله الخالق في ن.خ العارف بزمانه.
وليس بممتنع أن يوجد بالخارج عارف بزمانه أمي معرفيا ولكنه خبير بصير بالزمان وأهله يضع حقآئق الأمور في نصابها ولا تلتبس عليه اللوابس.أي أن الحياة قد عجمته عجما واتخذ من وقائعها نبراسا لامتناع هجوم اللوابس على مجمل حياته .
بينما تجد متلبسا بالعلم لا يدير بالا لواقعة حدثت بالأمس القريب وتهجم عليه اللوابس ولا يحسن التعامل معها .وذلك لإن هناك فرق كبير بين النظرية والتطبيق.فرق بين المصطلحات الخام وبين واقع التجربة والدرس المستفاد أو قل: العبرة.
أما ماهي حصانات هجوم اللوابس فذاك بحث آخر قد نتعرض له في مطلب تزكية النفس لطالب العلم قبل أن تطأ قدماه عتبة الحوزة العلمية