اجابة بعض الاسئلة الهادفة من أختٍ فاضلة..
1. إن هناك خطأ شائع لدى الكثير أو سوء فهم للحديث
النبوي الشريف الذي يقول نوم الصائم عبادة ، فيقضون
ليلهم ونهارهم في النوم ، ماهي النصيحة التي تقدمونها لمن يقوم بذلك؟
المعروف لدى الفهم العرفي البسيط أن هذا الحديث خاص بنهار شهر رمضان الكريم ، ولا يتعداه إلى الزمان الليلي ، وإن كان الليل هو الموظف بحسب سياق الآيات لنوم الإنسان ( وجعلنا نومكم سباتا ) سورة النبأ.
والحديث ناظر في الحقيقة إلى معنى اخلاقي وراء ذلك الإمساك ، فبالإضافة إلى كسر النفس ، هناك هدية من الرحمن الرحيم مفادها : إننا نعوضكم عن ذلك النوم بالحسنات ( تماما كعداد سيارة الأجرة) وبهذا النوم العبادي تدخل العين إجازة عن النظر المحرم ، والأذن إجازة عن الغيبة ، واللسان إجازة عن الفحش ، والقلب إجازة عن الحقد والكراهية ، والرجل إجازة عن السعاية في التفريق بين مؤمنين ، واليد في إجازة عن البطش بخلق الله ، والدماغ في إجازة عن الخواطر الشيطانية والكيد والحيلة ….الخ.
والنوم سلطان لا يمكن قهره ، ويتراءا لي والله أعلم أنه إذا قهر الصائم واستسلم فهنا يصبح نومه عباديا . وله خصوصيته دون النوم في سائر شهور العام ، إذ يوجد كم كاثر في ذم الإكثار منه ، وأقله أنه يضيع حظوظ الآخرة كما هو مضمون بعض ألسنة الروايات
ونصيحتي للمغرقين في النوم اعتمادا ظاهريا على الحديث النبوي الشريف : أن يفهموه ويعوه صيحيحا ، وأن للعبادة النهارية دور أيضا لا يقل أهمية عن العبادة الليلية ، فالشهر الكريم موظف كله للعبادة . وإن كان الركون إلى ما يذهبون صحيحا فالمفروض أن يكون الليل أولى بالنوم من النهار في شهر رمضان ، مع أن القطعة الزمانية للمستحبات والأوراد وتلاوة القرآن والتهجد والمناجاة والذكر هو الليل حسب ما ينص أكثر الفقهاء وخصوصا صلاة الليل ونوافلها وصلاة جعفر الطيار (ع) وكذلك التوسل والمناجاة .
نصيحتي لهم أن لا يحرموا أنفسهم من النهار اعتمادا ظاهريا على النص الشريف .
فليقرأوا ويضموا هواجرهم بالقرآن ، وليدعوا ويكثروا ، وسوف يأتي النوم قهرا وتتحقق العبادة التي يرومونها من الإستغراق في النوم النهاري.
2. هل يقتصر تفريغ القلب للعبادة بقدوم شهر رمضان فقط
، أم يجب أم يكون هناك تحضير مسبق خلال أشهر النور؟
2_ حضور القلب مستحب مؤكد في جميع الأحوال العبادية ، وبالخصوص الصلاة لورود نصوص معصومية على أصحابها آلاف التحية وأزكى السلام ترغب فيه وتحث عليه:
* منها ما روي عن أبي جعفر الباقر (ع) : إنه لا يكتب لك من صلاتك إلا ما أقبلت عليه بقلبك .
ولا يختص بشهر دون شهر من شهور العام ، ولكن بما أن للشهر الكريم خصوصيته ومعانيه الروحانية ، وأجواءه العبادية ، قلنا أنه ينبغي التركيز على تفريغ القلب للعبادة .
ويوجد هناك منبهات قبل حلول الشهر الفضيل تساعد على تفريغ القلب للعبادة ، ليس هنا محل بحثها ، لإقتضاء المقام على الإختصار .
3.لماذا خص الله نفسه بهذا الشهر الفضيل ؟
3_ سأدع الإجابة للإبنة العزيزة فلم أجد الإجابة عليه ، والظاهر انه مستل من حديث شريف ، لا أعلم مدى وجوده من عدمه .
4. شهر رمضان هو زاد روحي نتزود منه على مدار السنة
، ولكن اختلف المعنى الآن فأصبح شهر رمضان هو زاد
لملأ البطون وزيادة الوزن ، وطول العام يخفف من الوزن
الزائد بالرجيم والتقليل من الأكل ، كيف نعالج هذه
المشكلة؟
لكل بضاعة مشتر ، ولكل سوق روادها ، هناك أهل الله الذين يذوبون في معانيه وروحانيته ، ويتعلمون كل عام درسا من فلسفته ، ولا يهمهم ما عليه أهل الدنيا من سفاسف الأمور وإضاعة تلك الأوقات الشريفة في التسكع في الفعاليات المنحرفة أو عبادة حلقة تلفزيونية هابطة تحت موائذ ما لذ وطاب .
ومن أراد الزاد الروحي فإنه يجده حتما من مواضعه وأمكنته ومصادره ، ومن أراد ماعليه المحرومون من فيوضات شهر التوبة والغفران فإنه يعرف أيضا .
أما معالجة زيادة الوزن ، أو معرفة طرق التخسيس ، فليست من اختصاصي ، لإني طبيب عقول ولست طبيب جسوم ( عذرا على التعليق).
ولكن ماالفائدة من زيادة الوزن ، وفي المقابل يوجد نقصان في نعمة التأمل والتفكير في المعاني الروحانية ، والعيش في ظلال مائدة الله الغنية بألذ وأشهى المنتوجات العرفانية من مطبخ القدرة الإلهية لا تتيسر إلا في شهر واحد فيه عروض للتجارة مع الله تعالى عن سائر شهور العام ، عروض مجانية وبإقل الأثمان ، وتريد مشتر حقيقي يعرف كيف يقتنصها وبأساليب مبسطة جدا جدا
وهنا تحل الطامة الكبرى ، حين تتخم البطون على حساب العقول ؟!!.
فأي حل لمثل هذه المشكلة ، قد أعيا الأنبياء والمصلحين على مرور الأيام وكرور الدهور ؟!.
أعتقد أن المشكلة ذاتية في نفس الفرد المبتلى بها ، فليخرج أولا من عبودية البطن وسوف يعرف ثانيا تلك المعاني
سماحة السيد جميل المصلي