فِي ذِكْرَى وَفَاةِ الْمُصْطَفَى (ص)
شعر : ميرزا عمران الحبيب
الْكَوْنُ أَظْلَمَ وَاكْتَسَى بِسَوَادِ
وَالْكَائِنَاتُ تَلَفَعَتْ بحِدَادِ
وَالْتَاعَتِ الْأَفْلَاكُ فِي كَبِدِ السَّمَا
وَالْكُلُّ يَنْعَى حَسْرةً وَيُنَادِي
حُزْناً عَلَى فَقْدِ الْبَشِيرِ مُحَمَّدٍ
خَيْرِ الْأَنَامِ وَعِشْقِ كُلِّ فُؤَادِ
صَعَدَتْ إِلَى بَارِي الْخَلَائِقِ رُوحُهُ
فَبَكَتْ لَهُ الْأَرْوَاحُ فِي الْأَجْسَادِ
وَبَكَى لَهُ الْإِحْسْانُ وَالطَّبْعُ الْوَفِي
وَمَكَارِمٌ فُضْلَى وَبِيضُ أَيَادِي
وَصَفَاءُ نَفْسٍ وَارْتِقَاءُ سَجِيَّةٍ
وَالصَّفْحُ عَنْ قَالٍ لَهُ وَمُعَادِي
أَمْضَى سِنِييِّ الْعُمْرِ يُصْلِحُ أَنْفُسًا
جُبِلَتْ عَلَى الْأَضْغَانِ وَالْأَحْقَادِ
وَيَمُدُّهَا مِنْ فَيْضِهِ وَصَفَائِه
نَهْجًا قَوِيمًا سَاطِعَ الْأَوْرَادِ
وَيُزِيحُ كَابُوسًا مِنَ الْجَهْلِ اكْتَوَتْ
مِنْهُ الْعُقُولُ وَصَارَ كَالْأَصْفَادِ
فَلَقَى مِنَ الْقَوْمِ الْعُصَاةِ مِنَ الْبَلَا
مَا لَا تَحَمَّلُ أَرْعَنُ الْأَطْوَادِ
فَبَنَى مِنَ الدِّينِ الْحَنِيفِ وَشَرْعِهِ
صَرْحًا مَنِيعًا ثَابِتَ الْأَوْتَادِ
نَهْجُ الْمَوَدَةِ وَالتَّسَامُحِ رُوحُهُ
وَالْفَضْلُ وَالْمَعْرُوفُ خَيْرُ الزَّادِ
وَمَحَبَّةُ الْآلِ التُّقَاةِ قَوَامُهُ
وَمَعِينُهُ الصَّافِي وَوِرْدُ الصَّادِي
لَكِنَّمَا رَهْطٌ مِنَ الْقَوْمِ لَمْ يَفُوا
وَمَضَوْا بِدَرْبٍ خَاسِرٍ مَيَّادِي
وَبَغَتْ نُفُوسُهُمُ عَلَى آلِ النَّبِي
وَجَنَوْا عَلَيْهِمْ غِيلَةً بِتَمَادِي
فَغَدَتْ حَيَاتُهُمُ تَنُوءُ ظُلَامَةً
مِنْ جَوْرِ مَا لَاقَوْا مِنَ الْأَوْغَادِ
وَلَقَى مُوَالُوهُمْ ضُرُوبًا مِنْ أَذَى
مِمَّنْ تَوَرَّثَهُمْ مِنَ الْأَحْفَادِ
مَا بَيْنَ تَشْرِيدٍ وَتَكْفِيرٍ لَهُم
أَوْ قَتْلِهِمْ مِنْ مَارِقِينَ أَعَادِي
حَتَّى جَفَا الْعَيْشُ الْهَنِيِّ وَعَافَهُمْ
وَانْهَدَّ صَرْحُ الْآمِنِينَ الْهَادِي
وَتَمَلَّكَ الرُّعْبُ النُّفُوسَ وَهَالَهَا
وغَدَا كَغُولٍ فَاتٍكٍ جَلَّادِ
عُذْرًا إِلَيْكَ نَبِيَّنَا مِنْ زُمْرَةٍ
عَاثَتْ بِدِينِ الْحَقِّ شَرَّ فَسَادِ
وَجَنَتْ عَلَى الْهَدْيِ الْقَوِيمِ بِجَهْلِهَا
لِتُصِيبَهُ فِي نُورِهِ الْوَقَّادِ
وَتُحِيلُ نَفْحَاتِ الضِّيَاءِ وَطِيبَهَا
نَارًا تَوَقَّدُ أَيَّمَا إِيْقَادِ
لَكِنَّ دِينَ الْحَقِ يَأَبَى مَكْرَهَا
ويَظَلُّ وَهَّاجًا مَدَى الْأَمَادِ
فِي يَوْمِ فَقْدِكَ يَا سِرَاجَ حَيَاتِنَا
تَهْفُو القُلُوبُ إِلَيْكَ بِاسْتِنْجَادِ
لِتُقِيلَنَا مِنْ عَثْرَةٍ أَوْدَتْ بِنَا
مِنْ فِعْلِ قَوْمٍ أَدْنِيَاءَ عَوَادِي
وَتُعِيدَ لِلدِّينِ الْقَوِيمِ بَهَاءَهُ
يَزْهُو بِظِلِّ الْعِتْرَةِ الْأَمْجَادِ
كتبت بتاريخ : 28/11/2016