“أَلا وإنَّ الدَّعِيَ ابنَ الدَّعِيَ قد رَكزَ بينَ اثنتين : السِّلة أوِ الذِّلَة
وهيهاتَ مِنَّا الذِّلَة ، يأبَى اللهُ لنا ذلك ، ورسُولُه والمؤمنون ” ـ الإمام الحسين (ع)
10 ـ الحُسينُ بنُ عليّ ، ريحانةُ المُصطفى(ص)
شعر : ميرزا عمران حبيب
وَقَفَ السِّبطُ وَحيدًا يَنظُرُ الصُّحبَ الضَّحايَا
كلُّهُم صَرعَى على التُّربِ سُقُوا كأسَ المَنايا
فامتَلت عيناهُ بالعَبرَاتِ مِن هَولِ الرَّزَايا
وَغدَا يَندُبُهُم والقلبُ مَكسورٌ حَزين
أنتُمُ يا خِيرةَ الصُّحبِ لَكُم أسمَى مَقَام
بأسُكمُ كان مُحيقًا أَفزعَ القومَ اللِّئام
جُرِّعُوا مِنهُ وَبالاً شَبهَ السُّمِّ الزُّؤام
إنَّما المقدورُ أن تَقضُوا بأَيدي الظالمين
لَكَ أَفضَالٌ جِزالٌ أيُّها الشَّهمُ العَضِيد
كُنتَ لِي ذُخري وَفخري يا أبالفضلِ الرَّشِيد
أَرعَبَ الأَعدَا نِزالٌ مِنكَ في الحربِ شديد
وَحملتَ الرَّايةَ العلياءَ مَقطوعَ اليَدين
وَلنَا يا بنَ أخي القاسِمَ عونٌ وَأرِيب
ما بَدا مِنكَ قُصورٌ أيُّها الغالي مَعِيب
وَتَحنَّيتَ بِيومِ العُرسِ بالدَّمِّ الصَّبيب
فَلكَ الجَنةُ مَثوىً يا سَليلَ الأَكرمين
وَبعزمٍ صُلتَ في الحربِ على الأعداءِ يا ابني
وَلقَوا مِنكَ نَكالاً أيُّها “الأكبرُ” يفني
فَأحَاطُوكَ وأردوكَ بِأحقادٍ وَضُغنِ
نِعمَ مِنكَ البأسُ في الهَيجاءِ يا حُصنِي الحَصِين
وَلكُم يا صَفوةَ الأنصَارِ فَضلٌ وَمَآثِر
أَنتَ يا “حرٌّ” وأَنتُم يا “حبيبَ بنَ مُظاهِر”
و”زُهَيرٌ” و”بُرَيرٌ” و”الطُّرمَّاحُ” المُنَاصِر
كُلُّكُم يا صحبتي الأخيارَ بَرٌّ وأَمِين
كُلُّكُم أَبلَى وَأوفَى وقَضَى حُرًّا شهيدا
ولهُ الجنَّةُ مَثوىً خالدًا فيها حَمِيدا
وَأنَا بعدَكُمُ صِرتُ وَحيدًا وَفرِيدا
بَينَ قومٍ أدعياءٍ وبُغَاةٍ شامتين
وَمَضى لِلآلِ في همٍّ مِنَ الخَطبِ الفَجيع
وَدعَا زَينبَ : يا أُختاهُ آتِي بِالرَّضيع
فلفَاهُ ضَاوِيَ الجِسمِ وَفي حالٍ مُريع
فَبكاهُ في التياعٍ وافتجَاعٍ بَالِغَين
وَإِلَى القومِ نَحَا بِالطفلِ مَحزونًا كَليلا
طالبًا شَربةَ ماء يُسقِي الطفلَ الغَليلَ
لكنِ القومُ بِسهمِ الغدرِ أَردوهُ جَديلا
فَهوى يَعفُرُ بِالدَّم على صدرِ الحُسين
فُجِعَ الآلُ بقتلِ الطفلِ والفِعلِ الأَثِيم
وَبكَوهُ بِالتياعٍ يُوجِعُ القَلبَ السَّليم
لكنِ الحُزنُ على السِّبطِ بِهم جِدُّ أَلِيم
حينما أمسى وحيدًا ما لَهُ وَالٍ يُعين
آهِ ما آلَمَهُ وقتًا على الآلُ أتَى
حينما هَمُّوا بتوديعِ ابنِ بنتِ المُصطَفى
وهو يَمضي بِإباءٍ نحوَ ميدانِ الوَغَى
فأَحاطوهُ حُزَانَى وَبكَوه ُ حاضِنين
وبِإيمانٍ وتَصديقٍ بِمحتومُ القَضَا
قَصَدَ السِّبط ُ إلى الأَعدَا بِصبرٍ وَرِضَا
وَبعزمٍ حَيدَريٍّ خَاضَ فيهم وَقَضَى
قَالِبَ اليُمنةَ يُسرَى وَمِنَ اليُسرَى يَمين
وَبرَغمِ الظَّمأِ المُضنِي وحرِّ الهَاجِرَة
وَجُموعٍ مِن حُشُودٍ للأعادي كاثِرَة
فلَقد أضرَى بِها السِّبطُ وَظَلت عاثِرة
فَلَجا القومُ إلى الغدرِ لإِضعافِ الحُسين
صَوَّب الأنذالُ سَهمًا لأِمامِي الطَّاهِرِ
فَثوَى في النَّحرِ بغيًا مِن دَعِيٍّ فَاجِرِ
فَهوَى فوقَ ثَرى البَوغَا بِجسمٍ خائرِ
دَمُهُ يَنثالُ مِنهُ وهو يَشكُو في أنين
جَفلَ المُهرُ ولِلآلِ مَضَى عالي الصَّهيل
وَدَمُ السِّبطِ يُغطِّي الجِسمَ مِنهُ وَيَسيل
فعَرا النِّسوةَ ذعرٌ وبُكاءٌ وعَويل
صَائحاتٍ وهي تَجري في ذهولٍ : وَاحُسين
فَبكَت وَهيَ ترَى الوَالِي على حرٌِ الثَّرى
وَعليهِ قد جَثا “شِمرٌ” يَحزُ المَنحرَا
فَنهتهُ دُونَ أَن يُصغِي وللرأسِ بَرَا
وَعلى رُمحٍ عَلاهُ والسَّنا مِنهُ يَبين
آهِ ما ألعنَها أُمَّةَ بَغيٍ وَنِفَاق
غَدَرت بابنِ نبَيها عن عٍداءٍ وَشِقَاق
وأذاقتهُ بَلاءً وجَحيمًا لايُطَاق
بِئسَ فِعلاً همجيًّا مِن بُغاةٍ شانئين
ََ أنتَ يا سِبطَ رسولِ اللهِ يا نَجلَ البَتُول
لَكَ عِشقٌ راسِخٌ في القلبِ حَيٌ لايزول
وَسنبقَى ما بَقَى العُمرُ نُنَادي وَنَقُول:
واحُسينٌ واحُسينٌ واحُسينٌ واحُسين
23/10/2015