في رثاء الإمام علي عليه السلام
طالب ُالمجدِ في علاهُ مهابُ
و لهُ في الوغى تُذلُّ الرقابُ
جلَدٌ في الحروبِ ليس سواهُ
خاضَ في غمرها فلا يرتاب
مَنْ يخافُ الردى يموتُ ذليلًا
تأكلُ الضبعُ لحمَه ُو الذئاب
يعشقُ العيشَ في الحياةِ عزيزاً
أو يرى موتَ عزةٍ لا تعاب
و كريماً قد جادَ بالنفسِ لمّا
يطلبُ الحقُ أنْ تراهُ الصعاب
ليس في قلبِه إذا غارَ خوفٌ
فهو و الحربُ يا أخي أصحاب
هكذا حيدرٌ إذا ما ادهلمّت
نوبُ الدهر ِفي يديّه ِسراب
و هو غوثُ الورى كفيلُ اليتامى
و الندى مِنْ عطائِه ينساب
كفهُ المعصراتُ تَمطرُ غيثاً
بل هو الجودُ لو أتاهُ السحاب
و لهُ في الصلاةِ شأنٌ عظيمٌ
مِنْ معانيه يخشعُ المحراب
مقبلًا خاشعاً بقلبٍ تسامى
ملؤه الحبُ و الدموعُ خطاب
أنتَ يا مولاي أعظمُ نورٍ
و بكم عنّا يُزال ُالحجاب
أنتَ طهرُ السماءِ يا نفسَ طه
أنتَ لولاكَ لا تُحلُ الصعاب
حبكم ميزانُ صدقِ البرايا
يُعرفُ العدلُ منهُ و الكذّاب
كلُ مَن ْيبغضُ الوصيّ شقيٌ
مثله ذلك الجبانُ المعاب
يوم أحنى بسيفِ غدر ٍلئيمٍ
فوق َهامِ الهُدى فكان المصاب
فبكاهُ الوجود ُدمعاً ذروفاً
و نعى جبرئيلُ ماتَ الكتاب
و إذا الكوفةُ استفاقتْ بذعرٍ
و ضجيجٍ و اصطكّت الأبواب
يا مصابا هزّ الوجود َو أدمى
أعينَ الخلقِ و القلوبُ تُذاب
لستُ أدري أ رأسُهُ ذا مصابٌ
أم هو الركنُ بالحسامِ مصاب
أم هو العرشُ قد هوى بالمصلى
أم هو اللوحُ سالَ منه الخضاب
ليتَ شعري أهل لهُ مِنْ شبيهٍ
عز ّفي الخلقِ مثلُه الاتراب
ثُلمَ الدينُ بعدَه ُويح قلبي
أي شي مِن ْبعدِهِ يُستطاب
حملوا العرشَ فوقَ نعشٍ فحارتْ
بالأسى مِنْ رحيلِه الألباب
دفنوهُ في الترابِ و هو سماءٌ
عجباً يحتوي السماءَ التراب ُ!
... نسألكم الدعاء ...