السفر الى الحسين
فؤادك في الخوف لمْ يخشعِ.
وقلبك في اليأس لمْ يضرعِ
وأنتَ كما أنت لا ترعوي.
عن السير في المهْمهِ البلقعِ
تجاهلت كلّ صروف الزمان.
كأنّكَ بالموت لمْ تسمعِ
ضمير تــناوشــه المغــريـات.
وقلب تــفرّق فــي المـجــمَــعِ
تشتت حتى استطال الطريق.
به في المسيرة للمرجعِ
تراوده خطرات الظنون.
فيزداد بعدا عن المنبعِ
تغشته قافلة الأمنيات.
فأصبح منها كأنْ لم يعِ
وغادره الدمع من غفلةٍ.
وضلّ عن الجوهر الألمعِ
تحيط به كبَوات الهوى.
وتورده السوء في المرتعِ
وتسكره لحظات العيون.
لذات الخمار أو البرقعِ
فيا من ْ تطاول في غيّهِ.
وسار على غير ما يدّعي
أعدْ نظراً في صروف الزمان.
وعد للحقيقة والمفزعِ
وجددْ بقلبك صفو الوداد.
لترقى إلى العالم الأنصعِ
تقحّمْ فديتك بحر الحروف.
بشعر يجلجل كالمدفعِ
وجددْ بدمعك عقد الولاء.
وإلا فليتك لم ترجعِ
فمن لم يكن صادقا في الوفاء
وحبِّ الكرامة فليربعِ
فهذا مقام العلا والإباء
ولولا هو الحق لمْ يصدعِ
هنا قبة المجد والكبرياء
هنا حرم العزّةِ الأمنعِ
هنا حرم الله بل عرشه
هنا الشمس تجري لمستودعِ
هنا شمس طه وبرهانه
هنا قبلة الشرف الأرفعِ
فطفْ استلمْ بشغاف الفؤاد
ضريحا هو الشمس في المطلعِ
وقل يا أبا الثائرين العظام
أتيتك في السجّد الرّكعِ
أتيتك يا سيدي والحنين.
يكاد يفتتُ لي أضلعي
وجئتك أجمع تلك السنين
من الحزن والألم الموجعِ
ألملم أشتات روحي التي.
بغير ولائك لمْ تطبعِ
وأبحث في جنبات الفؤاد.
عن الصفو والسلسل المهيعِ
وأبكي مصابك في الفاقدين
بكاء يجفف لي أدمعي
وأشتاق قربك حتى وإن
تباعد قدسك عنْ موضعي
ترفرف روحي على كربلاء
وإن كنت بالجسم لم أشرعِ
وأسمع صوتك وسط الجموع
يرنّ إلى الآن في مسمعي
وحمحمة الخيل ..وقع السيوف
وظلّ الحتوف على الأذرعِ
فليت السيوف التي قطعتك
تقطع جسمي كالمبضعِ
تجرّعتَ يا سيدي غصةً
بها الكون غصّ ولم يجرعِ
كأنّ الزمان بيوم الطفوف
توقّف في الفلك المسرعِ
فيا ليتني ذقتُ حرّ الظما
وليت فؤادك لم يلسعِ
وليت الخيول التي كسّرت
ضلوعك داست على أضلعي
ويا ليتني من ظبا المرهفات
تقطعت شلوا ولم أجمعِ
فداءً لطفلك يا سيدي
أموت وأهلي جميعا معي