أينَ الحياةُ و أينَ نورُ هُداتِها
و منِ السبيلُ و من سفينُ نجاتِها
و مَن الّذي مَنَح الضَّمائرَ و النُّهى
أمَلَ اللقاءِ بُعيدَ طولِ أَنَاتِها
و لِمَ النّوىٰ أعيا الوسائلَ أن ترىٰ
وجهَ المُنىٰ بل منْتهىٰ غاياتِها
و لِما أعزُّ الأُمنياتِ أصَدُّها
عَنْ لَهفةِ المَحْرومِ مِنْ نَفَحاتِها
و هلِ البعيدُ يكونُ أقرَبُ ما يُرىٰ
أَمْ ذا سُلُوُّ النَّفْسِ في رَغَباتِها
:
واهٍ عليَّ و ما ودَدْتُ و ليتني
أستَطعِمُ الآمالَ لا خَيْبَاتِها
هوِّنْ عليَّ أخَ البلاءِ و خَلِّني
أُرخي لِجامَ الصَّمْتِ عنْ حُبُساتِها
و ألومُ ما في الصَّمْتِ و هوَ سجيَّتي
و طبيبُ عافيتي و خيرُ رُعاتِها
و مُمَكِّني منّي و غيرُ مُمَكني
مِنْ رَدْعةِ الأحوالِ عَنْ نَطِقاتِها
:
فالليلُ أحرَقُ مِنْ شُموسِ نهارِهِ
و الشَّمسُ أحلَكُ مِنْ سما غَيْباتِها
و الأرضُ لو مُلِأَتْ بشَتَّىٰ خَلْقِها
تبقىٰ خَلاءًا تحتَ أمْرِ طُغاتِها
و العَدْلُ يملَؤهُ الحنينُ لِحُجَّةٍ
بيضاءَ كالحُجَّاجِ في عَرَفاتِها
:
فَـ لِمَنْ قُلوبُ الصَّالِحينَ تشَوّقَتْ
حتّى مماتِ الصَّبْرِ مِنْ حَسَراتِها
و لِمَنْ نُفوسُ المُؤمنينَ ذليلَةٌ
لو لا اليقينُ لَكَفَّرَتْ بِذواتِها
و مَنْ المُناطُ بأمرِها فَلقد طغَت
فِتَنُ الزَّمانِ بوِلْدِها و بَناتِها
و مَنِ المُخَلِّصُ مِنْ مَفاسِدِ أدْهُرٍ
ألْقَتْ بأوديةِ الهلاكِ هُواتِها
إبليسُ زيَّنَها و آدَمُ خصمُها
و دناءَةُ الدُّنيا مَحَلُّ دُعاتِها
:
أسَفي مِنَ العِلَلِ الّتي طولَ المَدىٰ
تَطغى العبيدُ بها على ساداتِها
و كآبتي أنَّ العَدالةَ فِديَةٌ
لَمْ تَدْفَعِ الأيامُ مُقتضَياتِها
و مَمَالِكَ المُستَضعفَينَ كرامةٌ
ديسَتْ مِنَ الأنجاسِ في حُرُماتِها
و تََحسُّري عجزي و قِلَّةُ حيلتي
و مواطِنُ الإسلامِ في كُرُباتِها
و توجُّعي أرضُ النبيينَ الّتي
قَدْ أُهلِكَتْ مِنْ غاصِبيْ بَرَكاتِها
:
القِبلةُ الأولى الّتي بيتُ الخليـ
ـلِ و ليلَةُ الإسراءِ مِنْ سُوَرَاتِها
سَلْ بيتَ مَقْدِسِها و قُبَّةَ صَخْرِها
مَنْ مُبْكيَ الأحجارِ في جَنَباتِها
سَلْها و سَلْ دَمَها العبيطَ لِمنَ جَرَىٰ
و لِمَنْ أُصِمَّ الدَّهرُ مِنْ نُدُباتِها
و مَنِ المُقدَّمُ بَعدَ مَشْرِقِ غَربِها
و إمامُ عيسىٰ في جموعِ صلاتِها
و مَنْ المُعيدُ لهاشِمٍ أمجادَها
و مُبيدُ خيْبَرَ مِنْ جذورِ نباتِها
سَلْها و سَلْني إنْ أرَدْتَ فَمُنيتي
في تِلكُم الأيامِ بَعْدَ فواتِها
و استَفتِني أُفتيكَ مِنْ أمَلي الّذي
يمشي معَ الأحداثِ في وَقَعاتِها
:
أ وَما خرابُ الشامِ مَحضُ شرارةٍ
قَدَحَتْ إلى الثَّاراتِ مُبْتَدِراتِها
و هلِ التَّعَجُّلُ في الزمانِ دلالةٌ
لِتقارُبِ الخَطَراتِ مِنْ ميقاتِها
:
فمَنْ اليمانيُّ الذي يَنسَلُّ مِنْ
نَسْلِ الهُداةِ إلىٰ قيامِ تِراتِها
و مَنْ الخُراسانيُّ يومَ لِقاءِهِ
يُمضي المواضي في رِقابِ عُداتِها
و تلاكُ سُفيانٌ بِلوْكَةِ هِنْدِها
خَسْفًا على المَخلوفِ مِنْ نَزَواتِها
:
نَسَلَتْ وحوشَ الكُفرِ نَسْلَ سَجيَّةٍ
و مذاهبٍ زادَتْ على فَجَرَاتِها
و استُنَّتِ السُّنَنُ اللتي مِنْ بَعدِها
ظُلَمُ السَّقيفَةِ أجَّجَتْ جَمَراتِها
و أبَتْ بلاغَ اللهِ يومَ غديرِهِ
و صَحَت نوايا الخُبْثِ بَعْدَ بياتِها
بل أضرَمَتْ للهِ نارَ عداوةٍ
لَدَّتْ مُحَمَّدَ سُمَّ مُنْطَوِياتِها
و تَزَيَّفَتْ بالدِّينِ و هي حريَّةٌ
بالرَّجْمِ و الإكثارِ في لَعَناتِها
:
لِمَنْ الشِكايةُ و المُقادُ بحَبْلِها
ما انفكَّ عَنْهُ القيدُ مِنْ سَطَواتِها
و مَنْ الّتي بالبابِ يُكْسَرُ ضِلعُها
و السُّقْطُ يصبَغُ بالدِّما عتَباتِها
بأبي اللتي تُبكي السَّماءَ و أهلَها
في كُلِّ يومٍ مِنْ جَوَىٰ شَهَقاتِها
و علامَ هذا النّوحُ مِنْ تِلكَ القُرُو
نِ الخالياتِ و ما مدىٰ حُرُقاتِها
و هي الّتي مُذْ أسْقِطَتْ ما أُخْلِفَتْ
إلا مَناحَتُها عَلَى فَلَذاتِها
في كُلِّ فَجٍّ قد أُبيحَ بنونُها
و بَناتُها أُلْحِدْنَ في غُرُباتِها
:
أرجوكَ يابنَ الخيرِ بِضعَةُ أَحمَدٍ
مُلِأَتْ بقاعُ الأرضِ مِنْ بِضْعاتِها
أو ليسَ آنَ بِأنْ تَرى مِغوارَها
أفنىٰ البسيطةَ مِنْ لظىٰ زَفَراتِها
أينَ المُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ مَنْ طغىٰ
و مُجَرِّدُ الأقدارِ مِنْ كَدراتِها
:
أينَ المُرجّىٰ .. مُنذُ أن سَقَطَ اللّوا
ءُ و نَكَّسَتْ آلُ الهُدىٰ راياتِها
حيثُ الكفيلُ على الثرىٰ ينعى أخي
و بناتُ طٰه مَزَّقَتْ وَجَناتِها
بأبي اللواتي في الخباءِ مصونَةٌ
شُهِدَتْ على الأعيانِ في فلواتِها
أ مُدَلّلاتٌ في مَنازِلِ عِزِّها
أضحتْ لذُلِّ الأسْرِ رَهْنَ عُداتِها
نَفسي فداها و الحمى فوقَ الثَّرىٰ
و الروسُ قد رُفِعتْ على قنواتِها
جَلَّتْ مصائبُها جَلالةَ قَدْرِها
يا قَدْرَها المُبطي على ثاراتِها
:
بِمَ تُرتجىٰ إنْ لَمْ تَجئْ بِكَ كربلا
ءُ و لَمْ يُهِجْكَ الثَّأرُ مِنْ فَظِعاتِها
قُتَلَ الحسينُ بِها بِأبْشَعِ قَتْلَةٍ ،
يَنهَوْنَ عَنْ قَتْلِ الكلابِ بِذاتِها
بَلْ جَرَّدُوهُ مِنَ الثِّيابِ لِمُثلَةٍ
ما كُنتُ أدرى مِنْكَ عَنْ شُنُعاتِها
حتّى الخيولُ الأعوجيةُ سَلَّبَتْ
مِنْ لحمِهِ و العظمِ في حَدَواتِها
:
أنّىٰ لهذا لا تقومُ قيامَةٌ
أنتَ المُجَلجِلُ في المدىٰ صيحاتِها
و إلى متى الإمهالُ مِنْ ألْفٍ و نيْـ
ـفٍ ما استَفزَّكَ أنْ تُبيدَ عُتاتِها
كيفَ التَّحَمُّلُ مِنْ عُيونٍ قد جرَتْ
بَدَلَ الدُّموعِ دَمًا مدىٰ سنواتِها
و تَرىٰ العبادَ على المُصابِ نوادِبٌ
أدمتْ إلى يومِ المُنىٰ لهواتِها
فَمتى يُرىٰ( صدْرُ الخلائقِ )قد شَفَىٰ
صَدْرَ الخلائقِ مِنْ ذحولِ وُلاتِها ….