أُناجِزُ دنياً بين راجٍ ونادِبِ

وأٙعجبُ منها وهيَ أُمُّ العجائِبِ

 

وأُقرِؤها شكوىٰ تَضِجُّ بها السَّما

من الشَّرقِ مَسراها لأقصىٰ المَغارِبِ

 

لقد جُهِلَت – وهيَ المُكَشَّفُ وجهُها –

مصائِبُها والجَهلُ رأسُ المصائِبِ

 

تقلُّبُها في مُقبِلٍ إثرَ ذاهِبٍ

وما الدَّهرُ إلَّا مُقبِلٌ إثرَ ذاهِبِ

 

هَرِمتُ أُحابي الدَّهرَ فابيَضَّ عارِضي

بياضًا به كَشَّفتُ كُنهَ الغَياهِبِ

 

وما الشًيبُ إلا بُكرَةٌ بعدٙ ليلةٍ

بياضٌ تَجلىٰ من سوادِ التَّجاربِ

 

إذا صاحَ ناعٍ في الدِّيارِ أخالُني

نُعيتُ وزُمَّت للحِمامِ رَكائِبي

 

فيا دهرُ دَع لي من حَشايَ بَقِيَّةً

لأقضي بها في الحُبِّ بَعضَ المآرِبِ

 

فلي من حياتي أربعونَ مُحرَّمًا

أتيتُ بها مَنهوكَةً بالمَتاعِبِ

 

إلىٰ خيرِ أبياتٍ وأقدسِ وِجهَةٍ

رجاءًا، وراجي فضلِها غيرُ خائِبِ

 

منازلُ زَكَّاها الإلهُ فأصبحت

مناهلَ فضلِ اللهِ، مأوىٰ الرَّغائِبِ

 

بها أتداوىٰ عن أَثاميَ، والجَفا

غِوايَةُ نَفسٍ ثُمَّ خِزيُ العَواقِبِ

 

بُيوتٌ من الرَّحمنِ يَهبِطُ فوقَها

ملائِكَةٌ يَجلونَها بالمَواهِبِ

 

ويُذكَرُ فيها اللهُ حَقًا، وإنَّها

حِمىٰ كُلِّ عافٍ، عالياتِ المَراتِبِ

 

حمىً لم يَطأهُ المُرجِفونَ ولم تَجُز

سَماهُ سِوىٰ تلكَ النُّجومِ الثَّواقِبِ

 

وما أخذت مِنهُنَّ نَفسًا زَكِيَّةً

يَدُ المَوتِ إلا استأذنت كُلَّ حاجِبِ

 

فكيفَ ومن أنَّىٰ وفيها مُحَمَّدٌ

مَنيعُ الحِمىٰ باللّٰهِ ثُمَّ الغَوالِبِ؟!

 

وتِلكَ رِجالُ اللهِ في كُلِّ حادِثٍ

تُريكَ بأنَّ اللهَ أغلَبُ غالِبِ

 

فحيدرةُ الغابِ المُهابُ لدىٰ الوَغىٰ

ومُظهِرُ دِينِ اللهِ مُبدي العَجائِبِ

 

حُسامُ رسولِ اللهِ في قلبِ خَيبَرٍ

ومُدرِكُهُ في كَربِهِ والنَّوائِبِ

 

بهِ يَتَّقي كَيدَ العَدوِ ، ويَتَّكي

بجعفرٍ الطَّيارِ فوقَ السَّلاهِبِ

 

وكهفُ الحِمىٰ شَيخُ الأباطِحِ والَّذي

دَروا فِعلَهُ مَسحَ السَّلا بالشَّوارِبِ

 

وعَجزُ قُرَيشٍ أن تَجوزَ بثقلِها

لدىٰ الشِّعبِ حيثُ الرُّعبُ أمنعُ جانِبِ

 

فذلِكَ لَيثُ اللهِ لَيثُ رسولِهِ

ومُفتَرِسُ الأُسدِ افتراسَةَ لاعِبِ

 

فتىً يرتدي من شَيبَةِ الحَمدِ هَيبةً

تَفُكُّ العُرى تُردي السُّهى بالسَّباسِبِ

 

إذا وَرَدَ الغابَ استَكنَّت سِباعُها

ولِبدَةُ مَلْكِ الغابِ فوقَ المَناكِبِ

 

وإذ نَدبتهُ يومَ عادَ صَفِيَّةٌ

وما نَدبَت إلَّا نَديمَ المَصاعِبِ

 

لقد يا أبا يَعلىٰ عَلينا تَطاوَلوا

وآذَوا رسولَ اللهِ يا ابنَ الأطايِبِ

 

فَمَرَّغَ رأسَ الشُّركِ فيه بصَفعَةٍ

ألا رُدَّها إن كُنتَ يا ابنَ المَثالِبِ

 

 

لقد رَدَّها في سِبطِ طه ورَهطِهِ

بأشياعِهِ في الطَّفِّ رَدَّ الثَّعالِبِ

 

بحُقدِ بَني صَخرٍ وكَيدِ أُمَيَّةٍ

أُولوا البَغيِ أهلُ الغَدرِ بَيتُ المَعايِبِ

 

بقتلٍ وبالمُثلىٰ وبالسَّلبِ والسِّبىٰ

كَهِندٍ بأكبادِ العَطاشىٰ السَّواغِبِ

 

حِماكُم أباحتهُ الكِلابُ ، وهذِهِ

عَقيلَتُكُم بالسَّبيِ يا آلَ طالِبِ

 

وتَندبُ وا غوثاهُ يا آلَ هاشِمٍ

ويا غِيرَةَ البيضِ الأُباةِ الغَوالِبِ

 

ويا عَمَّنا يا حَمزَةَ الخَيرِ والنَّدىٰ

وعِزَّةَ بَيتِ المُصطَفىٰ والأقارِبِ

 

ويا من أَذلَّ المُشرِكينَ إبىً، ومن

حَمِيَّتُهُ دِينٌ وأَسمىٰ المَذاهِبِ

 

أَقِمها عِتاقًا غائِراتٍ شَوازِبًا

فخَيرُ قِيامٍ بالعِتاقِ الشَّوازِبِ

 

وأَنعِمْ جَوابَ النَّادِباتِ قَواضِبًا

فلَحمُ رَسولِ اللهِ بينَ القَواضِبِ

 

وزُجَّ القَنا في الظَّالِمينَ حَمِيَّةً

لمُستَلَباتِ الصَّونِ حَسرى التَّرائِبِ

 

حَمِيَّتُكُم يا آلَ فِهرٍ فهذِهِ

نِساؤُكُمُ سَوْمُ العِدىٰ والأجانِبِ

 

ألم تَأتِكُم أنباءُهُنَّ بكربلا

وكَيفَ أتاها الرَّوعُ من كُلِّ جانِبِ

 

وكَيفَ عَليها أحرَقوا الخِدرَ فانثَنت

تُدافِعُ نارًا بينَ سابٍ وناهِبِ

 

وأطفالُكُم من هَولِ خَطبٍ لدىٰ العَرا

لها اللهُ رُعبًا بينَ هاوٍ وهارِبِ

 

وكَيفَ أبادوا بالعَراءِ رِجالَكُم

وهُم خِيرَةُ المَولىٰ وبابُ المَواهِبِ

 

لَكُمْ جُثَثٌ فوقَ الصَّعيدِ، وأَرؤُسٌ

تُدارُ علىٰ الأرماحِ مِثلَ الكَواكِبِ

 

ولَحمٌ فَرَتهُ المُرهَفاتِ ، وأَعظُمٌ

تَحَطَّمُ ما بينَ الحَصىٰ والسَّلاهِبِ

 

حُسَينٌ على البَوغاءِ ، والرَّأسُ بالقَنا

وجُثَّتُهُ للعَدوِ أو للسَّوالِبِ

 

وزَينَبُ حَيْرىٰ ، والأعادي أُمَيَّةٌ

وغَيبَةُ حامي الجارِ إحدىٰ العَجائِبِ

 

وإنَّ ذَوِيْ القُربىٰ وفَرضُ وِدادِهِم

غدىٰ قَتلُهُم بالجَورِ أَوْجَبُ واجِبِ

 

علىٰ خُلفاءِ اللهِ في الأَرضِ حُشِّدَت

صِلالُ المَلا بَغيًا وسُودُ العَقارِبِ

 

وآلُ رَسولِ اللهِ أَمسَوا خِلافَكُم

شتاتًا فمن صَرعىٰ وحَسرىٰ نَوادِبِ

 

لَهُم من رَزايا الدَّهرِ مِقدارُ ما لَهُم

لَدىٰ اللهِ من فَضلٍ وقَدرُ المَناقِبِ

 

رَزايا يَذُوبُ الصَّلدُ منها مَرارَةً

وحُزنّا يَنُوحُ الجَلدُ نَوْحَ الرَّواعِبِ

 

فَلَسنا – وأيمُ اللهِ – نُسليْ نُفُوسَنا

إلىٰ أن يُرَدَّ الحَقُّ من كُلِّ غاصِبِ

 

ولا أَصلَحَ اللهُ الفُؤادَ إذا سلىٰ

ولا العَينَ إلَّا بالدُّموعِ السَّواكِبِ

 

 

قاسم حمادة

كليم الحسين 1446

... نسألكم الدعاء ...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *