أتيتك يا مولاي و الشوق يهرع
و عفوك يحدوني فأرجو و أطمع
فإن كنت مذموما جعلت وسيلتي
إليك فؤادا بالمحبة ينبع
أتيت و قد بل اللقاء بوصله
أواما لطول البعد بالصدر يلذع
حملت سوادي فوق ظهر مطيتي
و جئتك يا من للمقصر يشفع
و أملت يا سر الوجود بأنني
سأنجو وباب الصفح للعبد مشرع
أيا رحمة الباري و يا خير من برى
و كهف الحيارى آمنين تضرعوا
أغثني فثقل الذنب أوهن كاهلي
و مالي من جرمي ملاذ و مفزع
سواك فلولاك الليالي تشابهت
و ما كان نور البدر في الأفق يسطع
***
أجر مثقلا أملى حفيظيه جهله
ذنوبا بها تلك الصحيفة ترفع
أجرني رسول الله عبدا بحبكم
تمسك فهو الواله المتولع
تبرأ من أشياع آل أمية
و أتباعهم من كان في الغي يرتع
نفوس تغذت بالضغائن و اشترت
هوانا بعز خالد لا يضيع
و من تكن الأحقاد أصلا لغرسه
فليس سواها في الحصيلة أفرع
طغام أباحوا قتل آل محمد
ففي كل قطر قد أبيدوا و صرعوا
فما بين مطعون و بين مجدل
و آخر كاسات السموم يجرع
كأن نبي الله أوصى بغيرهم
ليوصل أو أوصى بهم كي يقطعوا
فما غادروا منهم كبيرا و لا فتى
ولا رحمت في زهرة العمر رضع
و إن أنس لا أنسى الحسين مطاردا
يضيق به رحب من الكون أوسع
****
أما أفصح المختار عن عظم حقه
إماما إذا ما قام في الناس يتبع
أما قال هذا سيد و ابن سيد
أبو سادة كيما يطيعوا و يسمعوا
وكان امتثال القوم أن يرصدوا له
و إن لاذ بالأستار لا ما تورعوا
فغادر من سكنى “معاد” ميمما
لأرض له فيها معاد و مصرع
لقد خط للإنسان و الموت مجمع
كما خط حول الجيد عقد مرصع
و إن لأسلافي اشتياقا يمضني
كما شوق يعقوب ليوسف موجع
كأني بأوصالي على طف كربلا
بأنياب عسلان البراري تبضع
و لا بد من يوم به أبرم القضا
به رضي المولى فما نحن نجزع
فمن كان فينا باذل النفس قانعا
فإني لدى الإصباح بالركب مقلع
***
و سار بأقمار الهواشم قاصدا
ديارا بها صك الشهادة يطبع
إلى حيث وافى للخليل مصدقا
لرؤياه و الذبح العظيم سيضجع
إلى حيث تأتيه الكواكب سجدا
كما أخبر الصديق تنعى و تدمع
إلى حيث ميقات الكليم بعشرة
يقيم بها دهرا إلى يوم يرجع
إلى حيث لم يشبه لهم عند حربه
و لكن يقينا حين كادوا و أجمعوا
إلى حيث ناداه المنادي بقوله
يسير و في الإثر المنية تسرع
إلى حيث ألقى للجواد عنانه
و أبصر أملاك السماء تودع
**
ولهفي عليه هذه بقعة البلا
و أرض جيوش الكفر فيها تجمعوا
بذؤبان أعراب النفاق و شرهم
و بهم رجال و الشياطين جعجعوا
أزيلوا عليا لا تبقوا لنسله
سليلا به كل المكارم تودع
فليت دمائي دون فيض دمائهم
أريقت و أعضائي فداهم توزع
كليم الحسين (ع) 1446هـ