ومصيبة تذر الجبال الراسية
ذرا يميد مع الرياح العاتية
لما بقي سبط النبي لوحده
بعد الأحبة في الخيام الخالية
ودعى النساء وزينب لوداعه
قبل الفراق فلن يراهم ثانية
(فخرجن ربات الخدور) وقد غدت
منها الصوائح بالنوائح عالية
هذي تجر ذيول حزن فؤادها
هذي أتت والعين منها هامية
ألوت عليه تشمه وتضمه
في نحره وضلوعه المتحانية
وتصيح يا عزي ومعقل سؤددي
وسُلوّ أيامي وأنس فؤاديه
(تبكيك عيني ليس سخطا للقضا
لكنما عيني لفقدك باكية)
أحسين إني لا أطيق تصبرا
فالصبر عنك لدى الفراق عصانيه
أحسين ذي روحي تكاد تسيل من
جسدي وتخرج من فمي أحشائيه
فجرت عليها من دموعه رحمة
تجري على أذيالها المترامية
وأجابها وفؤاده فيه التقى
حر الظمى ولظى الشجون الحامية
آجالنا في هذه الأرض دنت
وجسومنا عنها السلامة نائية
(قضي القضا) فتصبري وتجلدي
إن المصائب والرزايا آتية
ومشى لمصرعه الحسين موطنا
لله نفسا بالكرامة غالية
وغدى يشن على مريدي ذله
حربا تعج لها القلوب القاسية
حتى إذا ما قد توارى شخصه
بين الأسنة والسيوف الماضية
ما كان إلا ساعة حتى أتى
عنه الجواد مجلجلا بالواعية
يشكوا الظليمة للسماء وسرجه
قدم مال والدم صابغا للناصية
فرأته زينب مفردا من عزها
وبجانبيه دماء قلبه جارية
فتنهدت وتسمرت وتجمدت
نظراتها عما تشاهد لاهية
وقف الزمان من الذهول بقلبها
أهي القيامة أم بأرض باقية
يوم عاشر محرم الحرام ١٤٤٥ – ٢٠٢٣