حيزَتْ ليَ الدُّنيا و عيشيَ ما صفى
و لَإنْ صفى ، أبكي عليهِ تأسُّفا
كيفَ التَّمَتُعُ بالحياةِ و فِطرتي
شيئتْ لحُزنٍ لَمْ تشَأْهُ تَكَلُّفا
أفٍّ لعيشٍ ساءني إن سَرَّني
و أغاضَني إنْ بَرَّ بي و تَلَطَّفا
و أَمرَّني أنْ أستَلِذَّ بطيِّبٍ
و أَعلَّني في الدَّاءِ أنْ أجِدَ الشِفا
و أعرَّني سهوي و شُغليَ عن سِوىٰ
حُزْنٍ ، لَهُ وُجِدَ الوجودُ و صُرِّفا
إني وجِلبابُ البلاءِ عقيدةٌ
زَهَدَتْ بعافيةِ الرَّخاءِ تَعفُّفا
ثوبُ الحِدادِ مُتَرَّبٌ و مُمَزَّقُ
عن منتهىٰ حُلَلِ الهَناءِ تَشَرَّفا
أو دمعةٌ مِقدارَ جُنْحِ بَعوضَةٍ
تُفدىٰ بِما زانَ الوجودَ و زَخْرَفا
هَلْ تُقبِلُ الدُّنيا عليَّ و جمعُها
عَنْ نُصرةِ المظلومِ أدبَرَ مُخْلِفا
و تَمُدُّ لي في الخافقينِ أمَانَها
و حسينُ يُطرَدُ والعيالَ مُخَوَّفا
و تُذيقُني عسَلَ الرُّقادِ و زينَبٌ
أكَلَتْ بمحجَرِها التُرابَ مُقَرَّفا
نفسي فداءٌ تحتَ تُربَةِ نَعْلِها
و لِنَعلِها لو مِتُّ كُنتُ المُجحِفا
للروحُ أن تَفنىٰ و تُبْعثَ لا لكي
تحيا مدىٰ الأزمانِ بَلْ كيْ تُتْلفا
في مَدخِلَ الصِّدِقِ الذي من بابِهِ
أرجو المُثولَ مُعَزيًّا مُتَأسِّفا
بأقَلِّ حَقٍّ للتي في قلبِها
عَظُمَ البلا و خِلالَهُ بَرِحَ الخفا
مولاتيَ الزهرّاءَ آجَرِكِ الإلٰـ
ـهُ بما تقَدَّمَ مِنْ أسىً و تخلفا
أَ بِأيِّ بيْتٍ مِنْ بيوتِ اللهِ قَدْ
فَرَقَ المصابُ عنِ المُصابِ و ألَّفا
قتلُ الأجِنَّةِ قَطعةُ الأرحامِ نهـ
ـبُ الحقِّ مِنْ آلِ النَّبيِّ تَعَسُّفا
و عِصابةٍ عُصِبَتْ برأسِكِ من مضا
ضَةِ ما رَأيتِ لكِ الغِطاءُ تَكَشَّفا
و بَصُرْتِ أنَّ الطَّفَّ فاجِعةٌ لها
هانَتْ فواجِعُ آلِ بيتِ المُصطفىٰ
للجامِعِ الأرزاءَ مِنْ جذَواتِها
و البالِغِ الآتي و ما قَدْ أسلَفا
جُرْحُ النُبوَّةِ و الإمامةِ و الهُدٰى
و أجَلُّ من فدَّتْ دماهُ المُصْحَفا
هوَ حَمزَةُ المقتولُ أم هو جَعفَرٌ
أَمْ حيدرٌ نزَفَ الصّلاةَ و أذرفا
قَصَدتْهُ هِنْدٌ و احترَتهُ سُميَّةٌ
و بما تَحَدَّرَ مِنْ حمامَةَ أُهْدِفا
و أذيقَ مِنْ سُمِّ الزَّكيِّ زُعافَهُ
و لَغِلُّ جَعدةَ من حشاشَتهِ اشتفى
و بغَتْ عليهِ بِحَمْلِها مَرجانَةٌ
و طغىٰ هوىٰ ميسونَ لمّا خلَّفا
أَ بنو البغاءِ تُبيحُ حُرمةَ طاهِرٍ
و يُدارُ حُكْمُ الدِّينِ حيثُ تَحرَّفا
و حبيبُ فاطِمَةٍ و سِبْطُ مُحَمَّدٍ
الطَّفُّ مروتُهُ و هجرَتُهُ الصفا
أبكيهِ ما طلَعَ النَّهارُ و ما دَجى
ليلٌ عليَّ إلى المماتِ و أسدَفا
و لَإنْ هوتْ أشفارُ عينيَ نادِبًا
أو فُقِّأَ الحَدَقانِ لستُ مُكَفْكِفا
و لو انتَحبْتُ و قُطِّعَتْ أحبالُ صو
تي سوفَ أخمشُ وجنتيَّ لِتُنْزَفا
يا ليتَ لَطْمَ الصَّدْرِ يُخْرِجُ ما ورا
ءَ الصَّدرِ ، يَظهرُ بالمُرادِ و ما خفى
و خِلالَ ذلكَ تَصطلي قَدَمايَ يُخْـ
ـلَعُ حَزْمُ صلبيَ كيْ أسُحَّ تَزَحُّفا
و لَإنْ طويتُ بِقاعَ كُلِّ الأرضِ طو
لَ العمْرِ لنْ أجِدَ السبيلَ إلى الوفا
و لو اجترعتُ مِدادَ ما في الدَّهرِ مِنْ
مَضضِ المصابِ لما استطَعْتُ تَزَلُّفَا
للمُبكيْ عينيْ جَدِّهِ و أبيهِ مِنْ
يومٍ دهى السَّبْعَ الشِدادَ و أرجَفا
و أصابَها بِدَمِ الرضيعِ و زادَها
بِدَمِ الحُسينِ و هالَها و استنزَفا
زفرَتْ بلوعَتِها الدُخانَ و أمطَرَتْ
مطَرَ الرَمَادِ تحَرُّقًا و تَلهُّفا
و جَرَىٰ بكُلِّ مجرَّةٍ في لُجَّةٍ
حَمراءَ كادتْ أن تَهِدَّ و تَخسِفا
و بِكلُّ فجٍّ مِنْ ملائكَةِ السَّما
و الأنبيا جاشَ النواحُ و ( هتَّفا
يومٌ تديرُ رحاهُ فِتيةُ هاشِمٍ
و تُطيرُ سافِلَهُ و توطي الأصْلَفا
و تخِرُّ صرعى بالهجيرِ كأنَّها
صفوٌ مِنْ الياقوتِ مُدَّ و صُفِّفا
و هنالِكَ الظامي على الرمَقِ الأخيـ
ـرِ عنِ الخباءِ و أهلِهِ ما أطرَفا
و يرى العقيلةَ قد تطايرَ نعلُها
رَكْضًا و سِترُ عفافِها ما عُرِّفا
تهوي و تنهضُ ثُمَّ تهوي ثُمَّ تنْـ
هَضُ ثمَّ يدفَعُها اللعينُ مُعنِّفا
يا ربُّ مَنْ يُرقي بزينبَ ثِقلَها
عجَزت فرائصُها بأنْ تتخَفّفا
و حُسينُ يضربُ فوق قاعِ الأرضِ حتّـ
ـى لا تمورَ و شِمرُ ينحرُ بالقفا
أواهُ يا الرُزءَ الجليلَ فَإنَّهُ
لأجَلُّ قتْلٍ في المدىٰ أنْ توصَفا
و أجَلُّ منهُ أنْ أرى قلبي إلى
غيرِ الأسىٰ و الحُزْنِ يومًا قد هَفا
لا طابَ لي عيشٌ و مُهجةُ فاطمٍ
قَدْ قال في كَمَدٍ على الدُّنيا العفا
كليم الحسين (ع) ١٤٤٥هـ – أنشدني في الحسين