أناْ يا مولايَ ما زلتُ إليكم أنتمي
لكُمُ دُرُّ دموعي ولكُمْ قاني دَمي
أتولّاكُم فما زلَّت لديكُم قدمي
وأرَى الآراءَ حولي مثلُ سَيلِ العَرِمِ
أناْ يا إمامي .. يا أبا الكرامِ .. مُستنيرٌ بِهُداكُمْ
ما أنا بِراغِبْ .. عنكُمُ وذاهِبْ .. مذهَبًا رامَ سِواكمْ
أنتُمُ النورُ الذي فيهِ جَلاءُ الظُّلَمِ
والهُدى الماحي مِنَ الناسِ بقايا الصَّنَمِ
علَّمَ اللهُ بِكُم هذا الورى بالقلمِ
ودعاهُمْ منكُمُ أن يُمسِكوا بالعِصَمِ
قُلْ لِذي ارتيابِ .. مُحكَمُ الكِتابِ .. شاهِدٌ فيهِمْ صَريحُ
والنبيُّ طه .. كم لنا تَناهى .. خبَرٌ مِنهُ صحيحُ
إنّ مَنْ آمنَ باللّهِ وما
كان في إيمانِهِ شِرْكُ .. فَلقَد فازْ
والذي آلَ النبيِّ التَزَما
لم يكن في قلبِهِ شَكُّ .. ذلكَ امتازْ
فالذي أهلَ بيتِ النبيِّ اتَّبَعْ
عارفًا حقَّهُم قد دنَى واستمَع
مُوقِنًا أنّهم سادةُ المُجتمعْ
لم يقَعْ بعدهُم في مَهاوي البِدَعْ
إنّما الحقُّ معَ المولَى علِيْ
وعليٌّ لَمَعَ الحقِّ .. مَعَهُ دارْ
لستُ إلّاهُ أرَى لي مِنْ وَليْ
ناطقٍ بالعدلِ والصّدقِ .. وهوَ كرّارْ
أودعَ اللهُ في حيدرٍ ما ظَهَرْ
مِن مَعانٍ لهُ حارَ فيها البَشرْ
فهو ذو رَحمةٍ لليتيمِ افتَقَر
وهو ذو نِقمةٍ لعدُوٍّ قَهَرْ
وهو في عدلِهِ مَعروفُ .. وبأورادِهِ مَوصُوفُ
يُلبِسُ الناسَ مِن دِيباجٍ .. وعَليهِ ثِيابٌ صُوفُ
***
جهِلَ الناسُ على رَغمِ الهُدى مَعرفتَكْ
وتَناسَوْا يا بنَ عَمِّ المُصطفى مَنزلتَكْ
أنتَ مَن شرَّفَكَ اللهُ وأعلَى رُتْبتَكْ
يومَ أوحَى لرسولِ اللهِ أبْلِغْ أُمَّتَكْ
أيُّها النبيُّ .. بعدَكَ الوصيُّ .. مَن لهُ الأمرُ عليُّ
بَلِّغِ الرسالةْ .. فيهِ فالعُلا لَهْ .. وَلَكَ اللهُ وَلِيُّ
خالفُوا عهدَ رسولِ اللهِ خانُوا بيعَتَكْ
خَسِرُوا حُبَّكَ مَولايَ أضاعُوا نِعمتَك
ثُمَّ لمَّا أمِنُوا مِنكَ عليهِمْ نِقمتَك
قصدُوا دارَكَ لم يَرعَوا إمامي حُرمتَكْ
أوسَعُوكَ ظُلما .. إذْ أرَيتَ حِلما .. وعَلى الدِّينِ حِفاظا
صابرًا كظيما .. شاكرًا كريما .. تَتَلقَّاهُم غِلاظا
ثُمَّ لمَّا قُمتَ بالأمرِ على
منهَجِ القرآنِ تَقفُو المُرسلا .. طعَنُوا فِيكْ
أظهَرُوا حِقدًا بأكبادٍ غلى
وعَداءً كان منهُم أوّلا .. لِمَعاليكْ
تشتكي مِنهُمُ ناكِثًا غاشما
ثُمَّ تَلقَى بِهِم قاسِطًا ظالما
مُصلِتًا فيهِمُ سيفَكَ الصارما
لستَ تُبقي بِهِم كاذبًا آثما
تاركًا مَنْ كانَ منهُم مارقا
وبأذيالِ هَواهُ عالقا .. والأضاليلْ
بدَمٍ مِنهُ تَجارى غارقا
لم يَعُدْ مِن بَعدِ غَيٍّ ناطقا .. بالأباطيلْ
غيرَ أنَّ الذي ظهرَنا أنقَضا
غادرٌ مِنهُمُ سَيفُهُ مُنتَضى
جاءَ والقلبُ منهُ كجمرِ الغَضا
ضاربًا فالقًا هامةَ المُرتضى
فبَكى بَعدَهُ الإيمانُ .. ولَهُ زُلزِلَت أركانُ
والهُدى دمعُهُ يُجريهِ .. ما لَهُ بَعدَهُ سُلوانُ
***
ليتَ شِعري ودُموعُ العَينِ مِنّي هاملَةْ
وعليٌّ في بَنيهِ: ثاكلٌ مَعْ ثاكلةْ
ناظرٌ فيهِم بِعَينٍ وَيحَ قلبي آفلةْ
أدَنَتْ زينبُ مِنهُ وهيَ تدعُو قائلة:
يا شِفاءَ رُوحي .. عَظُمَتْ جُروحي .. وأذابَتْني المصائبْ
أتَرَى زمانا .. حلَّ يا أبانا .. فيهِ تَغشانا النوائبْ
وكأنّي بِعليٍّ بِدموعٍ ساجمةْ
قالَ يا بِنتاهُ يا قُرَّةَ عَينَيْ فاطمةْ
أنتِ يا نفحةَ طِيبٍ مِن شذاها ناعمةْ
أبشِري تَفديكِ نفسي فالرّزايا قادمةْ
حَسَنٌ سيمضي .. يا ابنتي ويَقضي .. بسُمومِ الظالمينا
والحسينُ بعدَهْ .. سترَينَ فقدَهْ .. في الثرى مُلقًى طعينا
وكأنّي بسؤالٍ حائرِ
جاءَ مِن لُبِّ فُؤادٍ طائرِ .. مَن لَنا والْ
ودموعٍ مِن مآقي حيدرةْ
أينَ تَلقَينَ كسَبعِ القنطرةْ .. عند أهوالْ
يا أبا الفضلِ كُنْ عارفًا حُبَّها
هذهِ زينبٌ فلتكُنْ قُربَها
وامنعِ القومَ إن حاولُوا ضربَها
أو أرادُوا برغمِ العُلا سلبَها
وإذا قيلَ ألا يا زينبُ
قد سَبيناكِ فأينَ المهربُ .. هذهِ الشامْ
قُم وكفَّيكَ القطيعينِ وقل:
زينبٌ في الشامِ عن ألفِ رجُلْ .. رَغمَ آلامْ
واعلمي يا ابنتي أنَّما كربلاءْ
أرضُ كربٍ بها تَشهدُونَ البلاء
وتُلَبُّونَ ما تَرتَضيهِ السماءْ
ولكُمْ ما لَكُم مِن جميلِ الجزاءْ
وعَلت ضجّةُ الأيتامِ .. مُذْ ثَوَى بطلُ الإسلامِ
خَرَّ كالطودِ مِن عُلياهُ .. هكذا هدَّةُ الأعلامِ
٢٤ مايو ٢٠١٩ م