نُوحُوا وَضُجُّوا بِالدُّمُوعِ السَّاجِمَهْ
وَلْتَرْفَعُوا نَعْشَ الوَدِيعَةِ فَاطِمَهْ
فَلَقَدْ قَضَتْ وَضُلُوعُهَا مُتَهَشِّمَهْ
مِنْ عَصْرَةِ الأضْلاعِ خَلْفَ البَابِ
أُمُّ الهُدَاةِ وَمُهْجَةُ المُخْتَارِ
حُورَيّةٌ قُدْسِيَّةُ الأسْرَارِ
مَعْرُوفَةٌ فِي عَالَمِ الأنْوَارِ
سِرُّ الوُجُودِ وَحُجَّةُ الأَقْطَابِ
أَوْصَى بِهَا طَهَ النَّبِيُّ الأَعْظَمُ
أنْ لَا تَرَى مِنْ بَعْدِهِ مَا يُؤْلِمُ
وَإذَا بِهِمْ للدَّارِ حِقْدًا أَقْدَمُوا
وَتَجَمَّعُوا بِالنَّارِ وَالأحْطَابِ
أَوَ مَا سَمِعْتَ بِمَا جَرَى فِي دَارِهَا
عَصَرُوا البَتُولَةَ وَهْيَ دُونَ خِمَارِهَا
وَهَوَى الجَنِينُ عَلَى الثَّرَى بِجِوَارِهَا
نَجْمٌ هَوَى فِي مَوْضِعِ الأَعْتَابِ
مَا حَالُهَا وَالكَسْرُ فِي أَضْلاعِهَا
إنْ جَرَّتِ الأنْفَاسَ مِنْ أَوْجَاعِهَا
مَعْلُولَةٌ قَدْ حَانَ يَوْمُ وَدَاعِهَا
رَحَلَتْ بِغُصَّتِهَا عَنِ الأَحْبَابِ
مَاتَتْ بِحُزْنٍ تَشْتَكِي مِمَّا جَرَى
للهِ مِنْ خَطْبٍ أَلَمَّ عَلَى الوَرَى
وَبَكَتْ عَلَيْهَا حَسْرَةً أمُّ القُرَى
فَمُصَابُهَا قَدْ فَاقَ كُلَّ مُصَابِ
عَيْنُ الوُجُودِ بَكَتْ عَلَيْهَا بالدِّمَا
لِمُصَابِهَا ضَجَّتْ مَلَائِكَةُ السَّمَا
وَالعَرْشُ مَالَ لِمَا جَرَى مُتَأَلِّمَا
وَالأَنْبِيَاءُ بَكَتْ وكُلُّ كِتَابِ
يَا لَهْفَ نَفْسِي للَّتِي بالمُغْتَسَلْ
مَمْدُودَةً وَجِرَاحُهَا لَمَّا تَزَلْ
مِنْ لَطْمَةٍ بِالعَيْنِ أَوْ أَثَرٍ حَصَلْ
وَتَجَرَّعَتْ مِحَنَا وَكُلَّ عَذَابِ
يَا عُظْمَ مَا بِي مِنْ جَوًى كَالنَّارِ
لِمُصِيبَةٍ حَلَّتْ عَلَى الكَرَّارِ
فَلَقَدْ رَأَى فِي بَضْعَةِ المُخْتَارِ
أَثَرَ السِّيَاطِ بَقى بِكُلِّ صَوَابِ
وَالأعْظَمُ الأدْهَى إذَا مَرَّ اليَدَا
حَتَّى يُغَسِّلَ جِسْمَهَا بَعْدَ الرَّدَى
فَأَحَسَّ تَكْسِيرَ الضُّلُوعِ وَمَا بَدَا
مِنْ جُرْحِ مِسْمَارٍ وَعَصْرةِ بَابِ
أَهْوَى عَلَيْهَا المُجْتَبَى بِالأَدْمُعِ
وَبَكَى الحُسَينُ بِحَسْرةٍ وَتَفَجُّعِ
ضَمَّتْهُمَا ضَمَّ الوَدَاعِ المُفْزِعِ
وَمَلائِكُ الرَّحْمَنِ فِي تَنْحَابِ
فِي ظُلْمَةِ اللَّيلِ البَهِيمِ تُشَيَّعُ
وَالنَّعْشُ بِالدَّمْعَاتِ حُزْنًا يُرْفَعُ
وَظُلامَةُ الزَّهْرَاءِ تَبْقَى تُسْمَعُ
لِلْحَشْرِ مُفْصِحَةً بِكُلِّ خِطَابِ
يَا نَعْشَ فَاطِمَةٍ تَرَفَّقْ بِالَّتِي
قَدْ كُسِّرَتْ أَضْلاعُهَا بِالعَصْرَةِ
وَتَوَرَّمَتْ عَيْنٌ لَهَا بِاللَّطْمَةِ
يَوْمَ الهُجُومِ بِوَاقِدِ الأَخْشَابِ
هَذَا عَلِيٌّ وَهْوَ قَتَّالُ العِدَا
قَدْ جَرَّبَ الأَهْوَالَ لَا يَخْشَى الرَّدَى
لَكِنْ عَلَى الزَّهْرَاءِ مُنْهَارًا بَدَا
فِي مَوْقِفِ التَّوْدِيعِ بِالتَّنْحَابِ
يَنْعَى البَتُولَةَ حَيْدَرٌ فِي قَبْرِهَا
يَشْكُو وَيُنْبِي عَنْ مَصَائِبِ أَمْرِهَا
كَمْ مِنْ هُمُومٍ تَغْتَلِي فِي صَدْرِهَا
حَتَّى مَضَتْ عَنْ صَفْوَةِ الأطْيَابِ
قَدْ قَلَّ صَبْرِي عن تَحَمُّلِ مِحْنَتِي
فَإِلَيْكَ يَا طَهَ أَبُثُّ مُصِيبَتِي
يَا لَيْتَ عُمْرِي رَاحَ بَعْدَ البَضْعَةِ
مَنْ ذَا يُسَلِّي فَاقِدَ الأَصْحَابِ
يَا وَالِدَ الزَّهْرَاءِ إِنَّكَ تَسْمَعُ
إِنَّ البَتُولَةَ حَقَّهَا قَدْ ضَيَّعُوا
سَلْهَا عَنِ العَادِينَ حِينَ تَجَمَّعُوا
بالدَّارِ حِقْدًا وَهْيَ دُونَ حِجَابِ
قَدْ عَادَ يَحْمِلُ هَمَّهُ مِنْ دُونِهَا
وَلِزَيْنَبٍ بِالدَّارِ صَوُتُ شُجُونِهَا
ضَمَّتْهُ وَالدَّمْعَاتُ مِلْءُ جُفُونِهَا
يَا وَالِدِي غَابَتْ سَنَا المِحْرَابِ
يَا زَيْنَبٌ رِفْقًا فَذَا بَعْضُ البَلَا
سَتَرَيْنَ مَا يُدْمِي العُيُونَ بِكَرْبَلَا
يَبْقَى الحُسَينُ عَلَى التُّرَابِ مُجَدَّلَا
وَالنَّارُ تَلْهَبُ فِي رُبَى الأَطْنَابِ
في موقفَ التشييعِ ماذا أكتبُ
عن كُنِهها كلُّ الخَليقةِ تُحجب
أومثلُ فاطمةٍ تُهانُ و تُضرب
وسناؤها يَمتدُّ في الأحقاب
شيخ قاسم المتوج
موكب تشيع الزهراء ١٤٤٤هـ | ٢٠٢٢م
مسجد المشرف | جدحفص