سليمان المواقف

وضمير شعري في هواك متيمُ

يا سيدي قلبي بذكرك مفعمً

تتحير الأقلام والمتكلمُ

عذراً إن نكص القصيد وكيف لا

زان الوجود وطالعته الأنجم

ماذا يقول الشعر في من ذكره

في ذكركم إذ أن شعري أعجم

إني وحقك لم أزل متردداً

إلا لأن علاك ليس يترجم

وتخونني الأبيات لا من علةٍ

تحتار فيك وفكرها يستسلم

فالشعر لا يرقى رقيك والنهى

فكأن أقصى ما يقال توهم

ولقد أقول وكل قول قاصرٍ

بسناك طاهرة الثرى تتيمم

حاشا يغيبك التراب فأنت من

منها البكاء يفيض إذ تتكلم

وأخال أبياتي تسحّ مدامعاً

حزناً عليك وكل شبر يلطم

وأخال كل الكون يبكي من أسىُ

 

 

باقٍ بقاء العلم والعلماء

لا لن تموت فأنت فأنت في الأحياء

في ليلةٍ مسودةٍ ظلماء

باقٍ بقاء الحق إذ جسدته

لكن ربوعك تزدهي بضياء

كان الظلام يعم في أرجائنا

والآل في الضراء والسراء

ويشع منبركم بهدي محمدٍ

إلا المواقف ميزة العظماء

إيهٍ سليمان المواقف لا أرى

لله لا للجاه والأهواء

لا زلت توصينا بنظم أمورنا

صلب العزيمة ثابتاً كفدائي

ولقد رأيتك في المواقف كلها

لا ينثني لتكالب الأرزاء

ورأيت كيف الحق يصدح شامخاً

لم يخضعوا لتقلب الآراء

ولقد عرفتك من رجال قلةٍ

في وجهِ كل مزخرفٍ مشاءِ

بل كان موقفهم ثباتاً راسخاَ

كالطود لا يخشى من الهوجاءِ

تطأ الصعاب بقوةٍ وعزيمةٍ

والدين والتقوى ونبذ جفاء

ولطالما ناديت قومك بالهدى

أعتى صنوف الجهل والإيذاء

ولطالما أعلنتها متجشماً

في الله عند تقهقر القرناء

وصبرت يالله صبرك في الأذى

غصصاً من الأسقام والأدواء

حتى انجلت من بعد ما كابدتها

عند اصطكاك أسنة الشحناء

فعرفت فيك الحلم مبتدأ به

آراء والأفكار والأسماء

وعرفتك فيك الجزم عند تردد الـ

قد جاء يطلبه بلا إبطاء

وعرفت فيك النصح تبذله لمن

أو مغرضٍ أو كاذبٍ ومرائي

والدين نصحُ لا دعاية مدعٍ

والزيف والتدجيل والإيحاء

والدين لا يرضى التلون والهوى

خالٍ من التزويق والإنشاء

هو مثل حد السيف خطُ واحدُ

تودي الجسور بمهمه الإعياء

ولطالما عايشت منك مواقفاً

عاينت من صبرٍ لدى الضراء

فرأيت منك الصبر ..يا عجباً لما

وأراك تبسم ضاحكاً بجلاء

كانت تضيق عليك من أرجائها

في الله عند تخاصم الخصماءِ

ما كنت تخشى لومة من لائمٍ

خلا غداة الجهر والإخفاء

أبدا ولم ترض بغير أخي التقى

في رفعةٍ كالقمة الشماءِ

رجل إذا عد الرجال وجدته

وإبائه وبعزمه المضاءِ

هو أمةُ في رأيه وجهاده

فازداد تصميماً على الأعباء

دار الزمان عليه دورة غادرٍ

كشفت دعاوى الزيف والسفراء

متصدياً للنائبات بعزمةٍ

أرخى العنان لفتنةٍ عمياء

لم يكترث يوماً لقولة جاهلٍ

أن النجاة بشرعةٍ النجباء

متيقناً حتى وإن طال السرى

إن ضاقت الدنيا على الشرفاء

وبأن أهل البيت حبل نجاتنا

 

 

ممزوجةً بمودتي ووفائي

يا أيها النائي القريب تحيةً

أم هل أبرد زفرتي برثائي

أبكيك .. هل يجدي عليك بكائي

كبكاء ثاكلةٍ على الأبناءِ

أبكيك من عمق الفؤاد بحرقةٍ

فأذوب من حزني ومن إعيائي

وأعوذ بالذكرى لأيامٍ مضت

من زخرف الشيطان والإغواء

وأراك حتى الآن تبسم هازئاً

ضنك المحول بقوةٍ وإباء

ثقةً برب العالمين صبرت في

درعاً من الإيمان لا الإيماء

ومشيت للعلياء متخذاً لها

هي من صميم الدين والإحياء

ما لنت يوماً في سبيل مواقفٍ

ترض بغير الشرعة السمحاء

وثبت حين البأسِ لم تنكص ولم

جازت دؤابته ذرى الجوزاءِ

لله درك من عظيمٍ شامخٍ

ويزيدني رزاءً على أرزائي

حزني عليك يزيد طول عنائي

من بعدكم ظمئى لشرب الماء

ويحيل أيامي القليلة بلقعاً

حزناً تشب بمحنةٍ وبلاءِ

وأخال في المعنّى جمرةً

قفرا تحن أسى لطول تنائي

وأخال جدحفص الحبيبة بعدكم

كي لا أهيج عبرتي وبكائي

وأخاف أن أرنو لقبرك لوعةً

أن الفراق نهاية الخلطاء

وإذا مررت بها أعيش حقيقة

تمضي براكبها لدار بقاءِ

وبأن دنيانا محطة عابرٍ

 

 

الشاعر: محمد هادي الحلواچي

 

الثلاثاء 6/مايوم/2003م