بنيان تهدّم

فهذا المصاب الفذُ ما بعده بعدُ

ألا فاشمتي إن كنتِ شامتةً هندُ

لقد ذهب الخصم الذي ما له ند

وقولي إذا ما رمت فيه شماتة

فتنتفخ الأفعى ويستأسد القرد

أرسك أن يمضي من السوح ليثها

به تأنس الدنيا وتفتخر البرد

مضى طاهر الأثواب عارٍ عن الخنا

فما لحقته العاديات التي تعدو

مضى مرسلاَ في المجد فضل عنانه

وفارسها الفحلُ الذي ليس يرتد

مضى الرجل المقدام في كل محنةٍ

بمن غره التصفيق أو غره العد

ومن كان يمضي ضاحكاً غير عابئ

فإن شريف الزهد أن يكتم الزهدُ

ومن كان لا يبدى الزهادة خدعة

إذا طاش رعديدٌ فأخطاه القصد

ومن لا تطيش المعضلات فؤاده

ويكشف وجه الحق والأفق المسودُ

ومن يسير الأغوار والهول مظلمٌ

وبردا فما للقلب من بعدهِ برد

ومن كان من نار الحوادثِ جنة

فعدنا ولا نحس لدينا ولا سعد

ومن كان نحساً للعدو وسعدنا

فينكسر المولى ويستبشر الوغد

سيذكره الأقوام إن جد جدهم

أطلت ودرعاً للعلى ليس ينقذ

لقد كان مصباح الهدى إن عماية

وإن عصف الهول الخطير له نعدو

إذا اشتدت الأخطار لذنا بجنبه

وفيه خشوع للضعيف إذا يغدو

له هيبة الأملاك لا عن تكلف

ولا عن ضعاف الناس يحجبه الصد

وما لقويٍ فيه ذل وخشية

ومن بعده للحق أن طالة الجحد

فمن بعده للدين إن بدعة بدت

لما ظن من أني على مثلها جلد

وذي ثقةٍ لام انكساري وعبرتي

وكل مكانٍ منك بارقة تبدو

وأنى لنا السلوى وفي كل محلةٍ

وفي كل بيتٍ من هداك فم يشدو

وفي كل ارضٍ نبتة قد زرعتها

أخو حاجةٍ أو طالبٌ ماله ردُ

لقد كنت بيتاً يستظل بظله

ففاضت على من كان يسعى ومن يغدو

وعيبة علمٍ ما حبست بحورها

ولو أيقنت نفسي لأرهقتها الجهد

ومازلت مذهولاً لفقدك منكراً

وموتك فينا ثلمة ليس تنسدُ

فراقك نارٌ لا نطيق احتمالها

ولكن قضاء الله ليس له ردُ

وجائحة ما كان أعظم وقعها

إذا هاجت الأذكار يستعرُ الوقد

أرى في فؤادي جمرةً من لهيبها

ولذات دنيانا فأودى بنا الفقد

فقدنا بك الأفراح والأمن والهدى

ولا ميتاً من بعده ضمه لحد

فأقسمت لا أرثي فقيداً فقدته

 

الأستاذ: ناصر المبارك