كنت ذاهمَّةٍ(51)
كـلما عـن رثائك الفكر iiكلا أسـعد الدمع مقولي iiفاستهلا
لا أقـول الديار بعدك iiأقوتْ أَوَهل قد ألفتَ غير iiالمصلى؟
لا ولا بـعدك الـعباد iiبـثكلٍ إنـما بـعدك الـعبادة iiثكلى
جار حكمُ القضا بفقدك يا iiمن وسع الناس منه قسطا iiوعدلا
كـنت للمهتدي برشدك iiشمسا كـنت لـلملتجي بعدلك iiظلا
كـنت لـلعلم والرشاد iiمعزّا كـنت لـلغيِّ والـعناد iiمُذِلا
كنت ذا راحة من الغيث iiأندى كنت ذا همةٍ من الشهب iiأعلى
كـنت ذا شدة أمرَّ من iiالصب رِ وذا رقـة من الشهد iiأحلى
ولـسبع الافلاك قد كنت قطبا ولـعشر العقول قد كنت عقلا
كنت بعض الورى تُعَدُّ iiولكن كنت بالفضل تعدل الناس iiكُلا
مثريا كنت من صلاح iiوفضل ومـن المال حيث يفنى iiمُقلا
يـالخطب دهى الرشاد iiفجلا رحل الزهد والتُقى حين iiحلا
أيّ عـقد بـدونه نوب الدهر وفـيه جـيد الـحمام iiتحلَّى
أي طـود أشمَّ صدَّعه iiالخط بُ وعرش أركانَه الحتفُ iiثلا
أي نـجم مـن الهداية iiأهوى صـعقا مـذ لـه الاله iiتجلّى
يوم أضحى الحسينُ جارَ عليٍّ ولـطه أبـقى شجونا iiوثكلا
_________________________________
51 - قالها في رثاء العالم الشهير الشيخ حسين الشيخ يعقوب آل نجف المتوفى سنة 1315
هـ أو سنة 1317 هـ. ولم نقف إلا على هذا الجزء من القصيدة.
كأن السما تبكي(52)
عـذرتـك إذ يـنهلُّ دمـعك iiجـاريا لـمثل حـسين فـابك إن كـنت iiباكيا
سـأبكي حـسينا ثاويا في ثرى iiالحمى بـكائي حـسينا فـي ثرى الطف ثاويا
وأبـكي حـسينا فـي قميصيه iiمدرجا بـكائي حـسينا مـن قـميصيه iiعاريا
ألا أرخـص الـدمع المصون لمن iiله غـدا مـرجل الاحزان في القلب iiغاليا
ومـا هـو إلا الـجفن يـنهلُّ دامـعا إذا مـا أحـسَّ الـقلب بـالوجد iiداميا
أبـا مـحسن حـال الـقضأُ فـلم تكن تـعـي داعـيا أو تـستجيب مـناديا
رجـوتـك لـلجلِّى فـخيبني iiالـردى ومــا كـنت لـولاه تـخيِّبُ راجـيا
مـصاب بـأهل الـبيت بـرَّح iiشجوه إذ الـبـيت أمـسى ركـنه iiمـتداعيا
عـجبت لـمن لم يمس للعيش iiساخطا بـيوم بـه أصـبحت لـلموت iiراضيا
بـيومٍ حـنى ظـهري وكـان iiمـقوَّما وقــوَّم أضـلاعـي وكـنَّ iiحـوانيا
بـيوم بـه قـد أخرس الخطب منطقي وإلا لادَّى مـــا عـلـيه iiلـسـانيا
لـكـنت إذن أبـكي عـقيقا iiبـأدمعي وأبـكي يـراعي فـي الطروس iiلاليا
رثـيتك لـكن لـو رأيـت iiلـواعجي لـكـنت لـحالي بـعد فـقدك iiراثـيا
بـرغمي غدا ظهر الثرى منك iiموحشا يـنوح وأمـسى بـطنها بـك iiزاهـيا
وبـينا يُرى في الناس شخصُكَ iiسائرا إذا قـد عـلا الاكـتاف نـعشك ساريا
يُـثَـقِّلُ أعـنـاقا خـواضـعَ iiتـحته بـأيـديك كــم ثـقـلتهنَّ iiأيـاديـا
أطـفـنا بــه والـيوم أقـتم iiغـائم ولـست تـرى فينا من الوجد iiصاحيا
كـأن الـسما تـبكي حـسينا iiبـساجم حـكى عـبرتي لـو كـان أحمر iiقانيا
ومـهما أردد فـي الـمحافل iiنـاظري أرى الـصدر يا قلب الهدى منك iiخاليا
فـلـيت الـمـنايا آذنـتني iiبـقربها (وحـسب الـمنايا أن يـكنَّ iiأمـانيا)
ويـاقلب هل يشفيك شيء سوى iiالردى (كفى بك دأً أن ترى الموت شافيا)(53)
سـليت عـلى جـمر اللواعج إن iiتكن لـرزء حـسين آخـر الـدهر iiسـاليا
فـيا مـن أمات الشرك والجهل iiعلمه ومـا زال فـي المحراب يحيي iiاللياليا
بـنا شـمت الاعـداء جهلا ولا iiأرى مـن الـخطب فـينا ما يسرُّ iiالاعاديا
لانــي رأيـت الـيوم حـالك iiمـيتا لـحـالك حـيّـا مـشـبها iiومـدانيا
ولـولا يـتامى أو أيـامى عـليك iiقد غـدا يـسعد الـباكون مـنها iiالبواكيا
نـعـم وبـيـوتٌ لـلتُقى iiومـدارسُ خـلت فـغدت تـنعى السنين iiالخواليا
لـكـنت أعــدُّ الـيوم عـيدا iiلانـه بـه عـدت مـن سجن المكاره iiناجيا
ويـا مـربع الاحـسان عاصفة iiالردى دهـتك إلـى أن عـدت يا ربع iiعافيا
بـلـيت فـأنـعم بـالدموع iiجـواريا لـو انَّ انـسجام الـدمع يـنعم iiبـاليا
لـئن بـلغت فـيك الـحوادث iiقصدها فـقد بـلغت نـفسي عـليك iiالـتراقيا
هـلـمَّ فـأسـعدني بـنـوحك إنـما عـراك مـن الاحـزان ما قد iiعرانيا
فـذلـك رزٌ عــاد فـيـه iiمـحـمد عـلى صـبره عـند الـنوائب بـاكيا
ضـللت طـريق الـصبر مـقتديا به عـلـى أنـه لـلناس أرسـل iiهـاديا
بـه قـد غـدت أفلاكها التسع iiعشرة وأصـبحت الـسبع الـمثاني iiثـمانيا
إمــام غـدا لـلمال والـجاه iiبـاذلا كـما قـد غـدا للعرض والدين iiحاميا
أجـلتُ بـياني فـي بـديع iiصـفاته فـلـم تـسع الالـفاظ مـنه iiالـمعانيا
أبـا الـقاسم أعـذرني فـلستُ iiببالغٍ عُـلاك ولـو أفـنيتُ فـيكَ iiالـقوافيا
ومـا الـشعرُ مـن طـبعي ولكن iiنفثةً تـنـظِّمُ أفــلاذ الـفـؤاد iiمـراثـيا
ويـا قـلمي أمـسك فـقد أُبرم iiالقضا وأرخْ (عـظيم بالحسين iiمصابيا)(54)
_________________________________
52 - قالها في رثاء العلامة السيد حسين نجل العلامة الكبير السيد مهدي القزويني
المتوفى ليلة الاحد 21 من ذي الحجة سنة 1325 هـ وقد صادف إنشادها قرب شهر محرم.
53 - هذا الشطر والذي قبله مطلع قصيدة للمتنبي قالها في كافور:
كفى بك دأ أن ترى الموت شافيا وحسب المنايا أن يكنَّ أمانيا
54 - يكون تاريخ وفاته بحساب الجمل كالاتى: عظيم = 1020 بالحسين = 161 مصابيا = 144
ومجموع هذه الارقام 1325 وهي سنة وفاته بالتاريخ الهجري.
وجد الهدى أرِقا(55)
إن تُـمسِ فـي ظُلَمِ اللحود iiموسَّدا فـلقد أضأت بهنَّ أنوار iiالهدى(56)
ولـئن يـفاجئك الـردى iiفـلطالما حـاولت إنـقاذ الـعداة من iiالردى
هـذا مـدى تـجري إلـيه iiفسابقٌ فـي يـومه أو لاحـق يمضي iiغدا
قـد كـنت أهـوى أنّني لك iiسابق هـيهات قد سبق الجواد إلى iiالمدى
فـلـيندب الـتوحيد يـوم iiمـماته سيفا على (التثليث) كان مجردا(57)
ولـيـبك ديــن مـحمد iiلـمجاهدٍ أشـجـت رزيـته الـنبيّ iiمـحمدا
ولـيـجر أدمـعه الـيراع لـكاتبٍ أجـراه فـي جـفن الهداية iiمرودا
وجـد الـهدى أرِقـا فـأسهر iiجفنه حـرصا على جفن الهدى أن iiيرقدا
أأخـيَّ كـم نثرت يداكَ من iiالهدى بـذرا فـطب نفسا فزرعك iiأحصدا
إن كـنت لـم تعقب بنين فكل iiمن يـهديه رشـدك فـهو مـنك iiتولدا
أأخـيَّ إن الـعيش أكـدر iiمـوردٍ قـل لـي: فهل تحلو المنية iiموردا
صـفـها فـإنّي بـابتهاجك iiواثـق لـكن على نفسي أخافُ من iiالردى
هـل خـولوك مـن الشفاعةِ ما iiبه أحـظى وأحـيا فـي الجنان iiمُخلدا
أأخــيَّ إن الـموتَ فـرَّق iiبـيننا أتـراك تـجعل لـلتلاقي iiمـوعدا
حـال الـحمامُ فـلا تـلبي iiداعـيا يـأتـي فـناك ولا تـحيي iiالـوُفَّدا
واعـتدت أن تـجفو مـحبا لم iiيكن أبـد الـزمان عـلى جـفاكَ iiمُعودا
إنّـي لاطـمعُ فـي الـمنامِ iiبزورةٍ لـو لـم يـكن جفني عليكَ iiمسهدا
يـا مـن هـدى المسترشدين بنوره نـمْ هـادئا فـعليك قـلبي ما iiهدا
لا تـحذر الـسفر الـبعيد فلم iiتزل بـالـباقيات الـصالحات iiمـزودا
_____________________________________
55 - قالها في رثاء العلامة المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي المتوفى سنة 1352 هـ.
56 - إشارة إلى واحد من مؤلفات الشيخ البلاغي وهو كتابه ((الهدى إلى دين المصطفى)).
57 - توجهت مؤلفات المرثي لمحاكمة أباطيل أهل الكتاب وتزييفهم لكتبهم السماوية.
يا من أغاث الدين(58)
قـد خـصَّك الـرحمن في iiآلائه فـدعـاك داعـيه لـدار لـقائه
عـمّت رزيتك السما والارض iiيا داعـي هـداه بـأرضه iiوسمائه
يـا مـحيي الدين الحنيف iiتلافه فـالدين أوشـك أن يموت iiبدائه
أوقـدت أنـوار الهدى من بعدما قـد جـدَّ أهـل الكفر في iiإطفائه
ورفـعت لـلتوحيد رايـة iiباسلٍ ردَّ الـضـلال مـنكِّسا iiلـلوائه
يـا باري القلم الذي إن يجرِ iiفي لـوح أصاب الشرك حتم iiقضائه
مـا السمر تشبه منه حسن قوامه كـلا ولا الاسـياف حـدَّ iiمضائه
عـجبا لـه يـملي بيانَك أخرسا وتـرى الاصـمَّ مـلبّيا iiلـدعائه
هـو مـعجز طورا ويسحر iiتارة أهـلَ الحجى إن شاء في iiإنشائه
قـد نـلت مـنه مـشحطا بمداده أجـر الـشهيد مـشحطا iiبدمائه
كم من مريضِ ضلالةٍ أشفى iiوقد كـنت الـضمين لـبرئه iiوشفائه
يـا مـن أغاثَ الدين عند iiندائه فـكفاه مـا يـلقاه مـن iiخصمائه
الـيوم أصـبح شـاكيا iiمـتألما لـما انفصلت وأنت من iiأعضائه
لـما ركـدت وأنت ينبوع iiالهدى أذويـت غـصن الحق بعد iiنمائه
كـلاّ لـقد أبـقيت ذكـرا iiخالدا يـفنى طـويل الـدهر قبل iiفنائه
لك عاد بطن الارض أفسحَ iiمنزلٍ والكونُ بعدك ضاق رحب iiفضائه
جـاورتَ مـرقدَ حيدرٍ إذ لم تزل مـا عـشت معتصما بحبل iiولائه
شقُّوا ضريحك في الصعيد وودَّ لو قـد شـقَّه الاسـلام في iiأحشائه
لـم تـألُ جـهدك بالجهاد iiكأنّما خـوطبتَ وحـدك دونـنا iiبأدائه
ووقـفت نفسك في المواقف iiكلّها لـحماية الاسـلام مـن iiأعـدائه
ومـنيت مـدة مـا حييت معانيا إصـلاح مـا يـلقاه مـن iiأبنائه
حـتى بـنفسك جُدتَ تفديه iiومن مـثل الـجواد بـجوده iiوفـدائه
إن كـان صرحُ الدينِ هُدَّ iiفطالما شـيَّدتَ فـي الـدنيا رفيع iiبنائه
لـله رزؤك مـذ أطلَّ على الهدى أنـساه مـا قـد مـرَّ من iiأرزائه
لـيس الـمجاهد عنه في iiأسيافه مـثل الـمجاهد عـنه في آرائه
______________________________________
58 - قالها في رثاء العلامة المجاهد الشيخ محمد جواد البلاغي أيضا، وفي صدر المطلع
إشارة إلى كتابه ((آلاء الرحمن)).
حسنت خلائقه(59)
هـذا ثـرى يحمي حماه حيدر يـخشى نـكيرٌ من لقاه iiومنكر
يـعفو الالـه عن الدفين iiبرمله ولـه مـلائكة الـسما iiتستغفر
تـستقبل الـولدان روح iiدفينه والحور من طلب اللقا iiتستبشر
وتـميس طوبى من تباشرها iiبه وعـليه أنـواع الـفواكه تنثر
والـنار تـغلق دونـه iiأبوابها ويـبلُّ غـلَّتَه الـرحيق الكوثر
يـلقى نعيما في الجنان iiونضرة والله يـومـئذٍ إلـيـه iiيـنظر
طوبى لمن يحمي الوصيُّ مقرَّه وبـه إذا بـعث الخلائق iiيحشر
وعـليه من نور الولاء iiعلامةً غـرأَ يـعرفهُ بـها من iiيُبصر
فـليهن فيه محمد الحسنُ iiالذي حَسُنَتْ خلائقه وطاب iiالعنصر
قـد كـان أيـامَ الحياةِ iiبجودهِ يحيي الفقير ويُنْصَرُ iiالمستنصر
فـلذاك وفـقه السلام إلى iiحمى وادي الـسلام فـصار فيه يُقبر
وأقـام جـارا لابـن عمّ iiمحمد يُـحبى بأصناف النعيم iiويُحبر
مـا مات من أودى وخلف iiبعده شـبلا بـه كسر الامارة iiيجبر
الطيب الزاكي الجواد الباسل ال سـامي مـحمدٌ الحسين الاطهر
نـاهيك فـيه لـلامارة iiحاكما يـنهى على نهج الكتاب ويأمر
يـنهلُّ مـن كفيه وبل iiسماحة يـنمو به غصن الرجاء iiفيثمر
_______________________________________
59 - قالها في رثاء محمد حسن، أمين دار الضرب لسكة النقد القاجاري على عهد ناصر
الدين شاه، وقد كتبت على جدار مقبرته الملاصقة للمنارة القبلية في الحرم العلوي.
|