وقال يرثي ولد الحاج محمد رضا كبه وقد سقط من أعلى السطح إلى صحن الدار:ـ
أجـل مـن عُـلىً مـا خـلتُ يرقاه iiفادحُ هــلالُ الـمـعالي طـوحتّه iiالـطوائحُ
ومـن حـيث لا تـعلو يدُ الدهر iiأهبطت إلـى الـلحد نـجمَ الـفخر فـالدهر iiكالح
تـنـاوله مــن افــق مـجـدٍ iiلـعزَّةٍ قـد انـحسرت عـنها الـعيونُ iiالطوامح
فـمـطلعه فـي مـشرق الـمجد iiمـظلمٌ ومـغربه فـي مـوضع الـلحد iiواضـح
لـحـى الله يـوما قـد أرانـي iiصـباحه تـبـاريحَ وجــدٍ لـلـحشا لا iiتـبارحُ
بــه صـاح نـاعيه فـأشغلت iiمـسمعي وقـد مـضَّ فـي قـعر الحشا منه iiصائحُ
وهـمَّـت جـفـوني بـالـبكا iiفـملكتُها عـلى الـدمع أرجو الكذب والصدق iiلائح
وقـلـتُ لـمـن يـنعاه إذ جـدَّ بـاسمه بـنـوح تـبَّـين بـاسم مـنأنت iiنـائح
بـفيك الـثرى لا تُـسم فـي النعي جعفرا فـيوشك أن تـجتاحَ نفسي iiالجوائح(668)
فـلـما أبـى إلاّ الـتي تـشعبُ iiالـحشا وإلاّ الـتي تـبيضُّ مـنها المسائح(669)
جمعتُ فؤادي وانطويتُ على الجوى(670) عـلـى حـرقٍ ضـاقت بـهنَّ الـجوانح
أعـاذلتي(671) عـنّي خـذي اللومَ iiجانبا فـلا أدمـعي ترقى(672) ولا الوجدُ iiبارح
فـلم يـنسفحْ من عيني(673) الدمعُ iiوحده ولـكـنَّ كـلِّـى مـدمـعٌ مـنه iiسـافح
أصـبـرا وذا إنـسـانُ عـينيَ iiأطـبقت عـلـى شـخـصه أجـفانهنَّ iiالـضرايح
قـد اسـتلَّه مـن عـيني الـدهر iiبـعدما تـخيلتُ أن الـدهر لـي عـنه iiصـافح
بـكـفٍ لــه مــدّت إلــيَّ بـهـيئةٍ بـدت وهـي فيها كفُّ خلٍّ iiيصافح(674)
ومــرَّت عـلى وجـهي فـقدَّرتُ iiأنـه يـلاطـفني فــي مَـرّهـا ويـمـازح
ومــا خـلـتُه يــا شـلَّـها اللهُ iiأنـه بـهـا لـسـواد الـعـين مـنّي iiمـاسح
فـأطبقتُ عـيني وهـي بـيضأُ من iiعمىً وإنـسانها حـيث اشـتهى الـدهرُ iiطائح
بـمن عـن ضـياء العين يعتاض iiطرفها فـيـغدو عـلـيه وهـو لـلجفن iiفـاتح
لـتجرِ الليالي حيث(675) شاءت iiبنحسها فـمـا عـندها فـوق الـذي أنـا نـائح
ومـاذا تـريني بـعدَها فـي مُدى iiالاسى يـدا لـفؤادي سـعدُها وهـو iiذابح(676)
أقـول لـركبٍ أجـمعوا الـسيرَ iiمـوهنا وقــد نـشطت لـلكرخ فـيهم iiطـلايح
أقـيموا فـواقي ناقةٍ(677) من iiصدورها لاودعـكـم مــا اسـتحفظته iiالـجوانح
خـذوا مهجتي ثمّ انضحوها iiعقيرةً(678) عـلى جـدثٍ دمـعُ الـبلى فـيه iiناضح
وقـولوا لايـدٍ أحـدرت(679) فيه iiجعفرا ولـم تـدرِ مـاذا قـد طـوته الـصفائح
لاحــدرت مـن قـلب الـمكارم iiفـلذةً قــد انـتزعتها مـن حـشاها iiالـفوادح
فـغـير جـميلِ بـعده الـصبرُ iiلـلورى ولا عـيشهم لـولا (مـحمدُ) iiصالح(680)
فـتـى الـحـلم لا مـسـتثقلا لـعظيمةٍ تـخـفُ لـها الاحـلامُ وهـي رواجـح
تــدرّع مــن نـسج الـبصيرة iiقـلبه اضـاة أسـىً(681) لم تدرّعها iiالجحاجح
وصـابـرها دهـياء فـي فـقد iiجـعفرٍ يـكـافح مـنـها قـلـبُه مــا iiيـكافح
ونـهـنه فـيـه زفــرة عـدن iiفـوقها حـوانيَ مـن (عـبد الـكريم) iiالـجوانح
تـعـرّض فـيها حـادثُ الـدهر iiمـنهما لـصـلَّين مـن نـابيهما الـسمُّ iiراشـح
ونـصـلين لا تـمـضى بـيوم iiكـريهةٍ مـضـاءهما يــومَ الـخصام iiالـصفائح
ورمـحين سـل قـلبَ الـكواشح iiعـنهما بـما مـنهما فـي الـقلب تـلقى iiالكواشح
تـجـده كـلـيما وهــو أعـدلُ شـاهدٍ عـلى جرحه والجرحُ لا شك iiفادح(682)
تـسـربلتها يــا دهـرُ شـنعأَ iiوسـمها لـوجهك مـا عـمَّرت بـالخزي iiفـاضح
عـمىً لـك هـل عـينٌ تـبيتُ iiوطرفها لانـسـانها(683) بـالشر أزرقُ iiلامـح؟
أفــق أيَّ وقــتٍ فـيه مـنك iiلـجعفرٍ تُـفـرغُ كــفُّ لـيـته مـنـك طـائح
وقـد شـغلت فـي كـلِّ لـمحة iiنـاظرٍ يـديك جـميعا مـن أبـيه المنائح(684)
فـتىً يـجد الـساري عـلى نـوره iiهدىً ولــو ضـمَّه فـجُّ مـن الارض نـازح
كــأنَّ الـمـحيّا مـنه والـليل iiجـانحٌ ((سـهـيلٌ)) لابـصـار الـمهبِّينَ لائـح
تـجاوز ((هـادي)) مـجده كـاهل السهى إلـى حـيث مـالحظ الـكواكب iiطـائح
وأمـسى(685) حسينا وجه جدواه iiللورى عـلى حـين وجـه الدهر في الخلق iiكالح
وأصـبح مـعنى فـخره مـصطفى iiالعلى وكــلُّ لان يـقـفو مـحـمدَ iiصـالـح
فـتى فـي صـريح الـمجد يُنمي لمعشرٍ أكـفُّـهم أنــوأُ عـرف iiدوالـح(686)
مـضيئون ضـوء الانـجم الشهب iiللورى فـأوجـههم والـشـهب كــلُّ iiمـصابح
عـلـى أول الـدهـر اسـتـهل iiنـداهم فـسـالت بـه قـبل الـغيوث الابـاطح
ومــدَّ (أبــو الـمهديَّ) فـيه iiأنـاملا رواضـعـها صـيد الـملوك iiالـجحاجح
جـرت بـالنمير الـعذب عـشر iiبحارها وكــل بـحـار الارض عـذب iiومـالح
فـما لـلندى فـي آخـر الـدهر iiخـاتم ســواه ولا فــي أول الـدهـر iiفـاتح
___________________________________
668 الجوايح: المهلكات.
669 المسائح جمع مسيّحة: الذؤابة، وشعر جانبي الرأس.
670 في المطبوع: من.
671 في المطبوع: أعاذلتا.
672 رقأ الدمع: اذا نشف وجف.
673 في المطبوع: في جفني.
674 وفيه: تصافح.
675 في الاصل: كيف شاءت.
676 في سعد وذابح تورية. فان سعد الذابح هو أحد سعود الكواكب العشرة وهو من منازل
القمر، ويريد: اذا كانت ليالي السعد تذبحني فما ظنك بليالي النحس.
677 الفواق: ما بين الحلبتين من الوقت، لان الناقة تحلب ثمّ تترك سويعة يرضعها
الفصيل لتدر، ثمّ تحلب.
678 العقيرة: ما يعقر على القبر اعظاما.
679 في العقد المفصل: اهبطت.
680 في العقد المفصل: جاء البيت هكذا:
فغير جميل بعده الصبر والعزا***ولا العيش لي لولا محمد صالح.
681 الاضاءة: الدرع.
682 وفي المطبوع: قادح.
683 في المطبوع: وانسانها.
684 في المخطوط: لمائح.
685 وفي المخطوطة: وأسنى.
686 في مخطوطة الملا: عرف وفاتح. وفي العقد المفصل جأ صدر هذا البيت هكذا:
نمته إلى المجد الصريح معاشر.
وقال في رثاء عمه الشاعر المعروف السيد مهدي بن السيد داود:
أظُـبي الردى أنصلتي وهاك iiوريدي ذهـب الـزمان بـعَّدتي iiوعـديدي
نـشـبت سـهام الـنائبات iiبـمقتلي فـلحفظ مـاذا أتـقي عـن جـيدي
مـاذا الـذي يـا دهـرُ توعدني iiبه أو بـعـدُ عـندكَ مـوضعٌ iiلـمزيد
طـرقـتني الـدنـيا بــأي iiمـلمةٍ ذهـبـت عـلىَّ بـطارفي iiوتـليدي
مـا خلت رحب الصبر حتى iiفاجأت عـنّي يـضيقُ وفـيه رحـب iiالبيد
الان أصـبـح لـلـنوائب iiجـانبي غـرضـا وشـملُ قـواىَ iiلـلتبديد
طـلـعت عـلـيَّ الـحادثات ثـنيَّة لا يُـهـتدي لـرتـاجها iiالـمـسدود
وإليَّ قد طلعت(687) ذرىً من شاهقٍ لا تـرتـقي هـضـباته iiبـصـعود
فـنزعن مـن كـفىَّ قـائمَ أبـيضٍ أعـددتـه لـلقا الـخطوب iiالـسود
قـد مـلتُ نـحو الصبر حين iiفقدته فـاذا الـمصابُ بـصبريَ iiالـمفقود
أفـهـل أذودُ الـحادثات بـكفيَّ iiال جـذاء(688) أم بـحساميَ iiالمغمود؟
عـجبا أمـنتُ الـدهرَ وهو iiمخاتلي ورقــدتُ والايــامُ غـير iiرقـود
وأنـا الـفداء لـمن نـشأتُ iiبـظلّه والـدهـرُ يـرمقني بـعين iiحـسود
لـم أدرِ مـا لـفحُ الخطوب iiبحرّها وهـواجرُ الايـام ذات وقـود(689)
مـازلتُ وهـو عـليَّ أحنى من iiأبي بـألـذّ عـيشٍ فـي حـماه رغـيد
حـتى رمـاني فـي صـبيحة iiنعيه أرسـى بـداهيةٍ عـليَّ iiكؤود(690)
فـفـقدتُه فـقدَ الـنواظر iiضـوءها وعـججتُ(691) عجّة مثقلٍ iiمجهود
مـالـي ولـلايام قـوض iiصـرفُها عـنّـى عـمـادَ رواقـي iiالـممدود
عـثرتْ فـجاوزت الاقـالة iiعـثرةٌ وطـئت بـها أنـفي وأنـفَ iiالجود
ومـضـتْ بـنخوة هـاشمٍ iiوإبـائها فـطـوتهما والـصبرَ فـي iiمـلحود
حـملت بـكاهلها الاجبّ(692) iiلفقده ثـقلَ الـمصاب وركـنها iiالـمهدود
وشـككت مـذ تحت الضلوع iiقلوبُها رجـفت صـبيحةَ يـومها الـمشهود
أبـه نـعى الناعي لها (عمرو iiالعُلى) أم (شـيبة) الـحمد انـطوى iiبصعيد
فـكأنما أضـلاعُ هـاشم لـم يـكن أبــدا لـهـا عـهدٌ بـقلب جـليد
مـا زال يـوعدها الـزمان iiبـنكبةٍ صـمّأَ تـأخذ مـن قـوى iiالـجلود
حـتـى أطــلَّ بـوثـبةٍ iiفـتبيَّنت ذاك الـوعيدَ بيومها(693) iiالموعود
لـم تـقضِ ثـكل عـميدها iiبمحرمٍ إلاّ وأردفــهـا بـثـكل iiعـمـيدِ
يـبكي عـليه الـدينُ بـالعين iiالتي بـكت الـحسينَ أبـاه خـيرَ iiشـهيد
إن يـخـتلط رزءاهـمـا iiفـكلاهما قـصما قَـرا الايمان(694) والتوحيد
وأرى الـقريض وإن مـلكتُ iiزمامه وجـريـتُ فـي أمـدٍ الـيه بـعيد
لـم ترضَ عنه غيرَ ما قدَّرته(695) في مدح جدِّك طاهرا(696) في iiالجيد
أمـنت حـشاشتُك الـروائعَ لا iiتخف جــورَ الـزمـان عـليَّ iiبـالتنكيد
___________________________________
687 وفي الديوان المطبوع: صعدت.
688 في المخطوط: المجذوذ.
689 في مخطوطة الملا: غير رقود.
690 كؤود: صعبة، شاقة.
691 في المطبوع: عجبت.
692 الاجب: المقطوع.
693 في المطبوع: بيومه.
694 في المطبوع: الاسلام. وقرا: بفتح القاف. الظهر.
695 وفيه: فلدته.
696 وفيه: طائرا.
وقال يرثي الحاج مهدي كبه وقد توفى في طريق فارس، ويعزي والده الحاج محمد صالح:ـ
أغــائـرٌ دمـعـك أم iiمـنـجدُ قـد رحل الصبرُ ولا iiمنجدُ(697)
يـا رابـط الاحـشاء فـي iiراحةٍ قـد نـضجت بـالجمر مـا iiتقصد
لا تـلـتمسْ قـلـبك فـي جـذوةٍ مــا بـقـيتْ مـنكَ عـليها iiيـد
أخـلت يـبقى لـك قـلبٌ iiعـلى فــاغـرة الـوجـد ولا iiيـفـقد
وانَّ قـلـبـا بــيـن iiأنـيـابها طـاح شظايا كيف لا iiيزرد(698)
حـسبك مـنها زفـرةً لـو غـدتْ فــي جـلـدٍ مـنها نـزا الـجلد
كـم هـزَّ أضـلاعَك مـن فـوقها حـتـى تـلاقـين جـوىً iiمـكمد
فـسـاقطت مـنك الـحشا iiأدمـعا حـمرا عـلى ذوب الـحشا iiتشهد
لــو تـعلم الايـامُ مـاذا iiجـنت إذا لـــودَّت أنــهـا تـنـفـد
لـقـد أجـلَّـت رزَ خـطبٍ iiلـها فــي كـل قـلبٍ مـأتما iiيُـعقد
إذ كـوّرت شـمسا، بنو iiالمصطفى فـيـها تـرجَّـوا افـقَهم iiيـسعدُ
اللهَ يـــا دهـــرُ أبـيـنـاهُم فـي زهـو بـشرٍ لـلعدى iiتكمد؟
وبـيـنما فــي فـرط iiإبـهاجهم فـيـها لاثـواب الـهنا iiجـدَّدوا؟
وكـلُّـهم قـد مـد عـينَ iiالـرجا لـفـرقد الـفـخر بـها iiيـرصد؟
إذ يــردُ الـنـاعي الـيهم iiبـأن جاء ((ابن نعشٍ)) ذلك الفرقد(699)
فـيـغـتدي ذاك الـهـنا iiحـنَّـةً فـرائصُ الـدنيا لـها ترعد(700)
نـعشٌ أتـى يُـحمل فـيه iiالـنهى مـيـتا عـلـيه يـندب iiالـسؤدد
وخـلـفه الـعـليأُ فـي iiصـرخةٍ تـدعو إلـى أيـن بـه iiيـقصد؟
يـا حـاملي إنـسانَ عـيني iiقفوا نـشـدتُـكم بـالـلّه لا iiتـبـعدوا
دعــوه لـي حـسبي iiلـتجهيزه عـيـنٌ عـلـيه طـرفُها iiأرمـد
دمـوعها الغسلُ وأكفانه(701) iiال بـيـاضُ، والـجـفنُ لـه iiمـلحد
غـدرتَ يـا دهـرُ ومـنك iiالـوفا لا الـغـدرُ بـالامـجاد iiمـستبعد
فـاذهـب ذمـيـما إنـها غـدرةٌ وجـهك مـا عـشتَ بـها iiاسـود
مـا لـك بـالسوء لاهـل iiالحجى وردتَ لا طــاب لــك الـمورد
يــا نـاهدا بـالشرّ مـن iiجـهله تـعلمُ بـالشر لـمن iiتـنهد(702)
___________________________________
697منجد: الاولى بلاد نجد، والثانية، المساعد.
698 يزرد: يبلع.
699 في ابن نعش تورية غير خفية.
700 في المطبوع: له ترعد.
701 في مخطوطة الملا: وأكفانها.
702 نهد: اسرع اليه.
|