الكتاب: المدونة الكبرى
المؤلف: الإمام مالك
الجزء: ٥
الوفاة: ١٧٩
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٢٣
المطبعة: مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن إمام دار الهجرة وأوحد الأئمة الأعلام أبي عبد الله الإمام مالك بن أنس الأصبحي

كتاب المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن أنس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي عن الامام
عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن الامام مالك بن
أنس رضي الله تعالى عنهم أجمعين
الجزء الثاني عشر
أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل
حقوق الطبع محفوظة للملتزم
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
تنبيه
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة اه‍
" طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 ه‍ - لصاحبها محمد إسماعيل "
1

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب المساقاة)
* (العمل في المساقاة) *
* (قلت) * لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن أخذت نخلا مساقاة على أن لي جميع
ما أخرج الله منها (قال) قال مالك لا بأس بذلك * (قلت) * لم أجازه مالك (قال) لأنه
بمنزلة المال يدفعه إليك مقارضة على أن لك ربحه ولأنه إذا جاز أن يترك لك نصف
الثمرة بعملك في الحائط جاز أن يترك لك الثمرة كلها * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى
رجل نخلا مساقاة منها ما يحتاج إلى السقي ومنها ما لا يحتاج إلى السقي فدفعها إليه
معاملة كلها على النصف صفقة واحدة (قال) لا بأس بذلك * (قلت) * أرأيت المساقاة
أتجوز على النصف والثلث والربع أو أقل من ذلك أو أكثر في قول مالك (قال)
نعم وحدث عن ابن وهب عن عبد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر (قال) مالك
فكان بياض خيبر تبعا لسوادها وكان يسيرا بين أضعاف السواد * (سحنون) * عن
ابن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد قال لا بأس أن يعطي الرجل الرجل
حائطه يسقيه على النصف أو الثلث أو أقل من ذلك أو أكثر وأما تسمية كيل
معروف فلا * (وأخبرني) * ابن وهب عن ابن سمعان عن عثمان بن محمد بن سويد
2

الثقفي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إليه في خلافته وعثمان على الطائف في بيع
الثمر وكراء الأرض أن تباع كل أرض ذات أصل بشطر ما يخرج منها أو ثلثه أو ربعه
أو الجزء مما يخرج منها يتراضونه ولا تباع بشئ سوى ما يخرج منها وأن يباع البياض
الذي لا شئ فيه من الأصول بالذهب والورق * (قال) * وأخبرني ابن سمعان رجل
من أهل العلم قال سمعت رجالا من أهل العلم يقولون في الأرض يكون فيها الأصل
والبياض أيهما كان ردفا ألغى وأكريت بكراء أكثرهما إن كان البياض أفضلهما
أكريت بالذهب والورق وإن كان الأصل أفضلهما أكريت بالجزء مما يخرج منها
من ثمرة وأيهما كان ردفا الغي وحمل كراؤه على كراء صاحبه.
* (مساقاة النخل الغائبة) *
* (قلت) * أرأيت أن ساقيت رجلا حائطا لي بالمدينة ونحن بالفسطاط أتجوز المساقاة
فيما بيننا (قال) إذا وصفتما الحائط فلا بأس بالمساقاة فيما بينكما لان مالكا قال لا بأس
أن يبيع الرجل نخلا يكون له في بعض البلدان ويصف النخل إذا باع فإن لم يصف
النخل إذا باع فلا يجوز البيع فكذلك المساقاة عندي * (قلت) * أرأيت أن خرجت
إلى المدينة أريد أن أعمل في الحائط الذي أخذته مساقاة أين نفقتي وعلى من هي
(قال) عليك نفقتك ولا يشبه هذا القراض لأنه ليس من سنة العامل في الحائط
أن تكون نفقته على رب الحائط
(رقيق الحائط ودوابه وعماله)
* (قلت) * أرأيت الرجل يأخذ النخل والشجر مساقاة أيكون جميع العمل من عند
العامل في المال في قول مالك (قال) نعم إلا أن يكون في الحائط دواب أو غلمان كانوا
يعملون في الحائط فلا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن شرطهم المساقى في الحائط وأراد رب المال أن يخرجهم من الحائط أيكون ذلك لرب المال أن يخرجهم في قول
مالك (قال) قال مالك أما عند معاملته واشتراطه فلا ينبغي له أن يخرجهم ولا ينبغي له
3

أن يقول أنا أدفع الحائط مساقاة على أن أخرج ما فيه من غلماني ودوابي ولكن ان
أخرجهم قبل ذلك ثم دفع الحائط مساقاة لم يكن بذلك بأس * (قلت) * ولم كره
مالك أن يشترطهم رب الحائط على المساقى إذا دفع إليه حائطه مساقاة (قال) لأنه
يصير من وجه الزيادة في المساقاة * (قلت) * أرأيت أن أخذت شجرا مساقاة أيصلح
لي أن أشترط على رب المال الدلاء والحبال وأجيرا يعمل معي في الحائط أو عبدا
من عبيد رب المال يعمل معي في الحائط (قال) كل شئ ليس في الحائط يوم أخذت
الحائط مساقاة فلا يصلح أن يشترط على رب المال شئ من ذلك إلا أن يكون
الشئ التافه اليسير مثل الغلام أو الدابة * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) *
ولم كره مالك للعامل أن يشترط على رب المال ما ذكرت (قال) لأنها زيادة
ازدادها عليه * (قلت) * أرأيت التافه اليسير لم جوزته (قال) لان مالكا جوز أيضا
لرب المال أن يشترط على المساقى خم العين وسرو الشرب وقطع الجريد وإبار النخل
والشئ اليسير يكون في الضفيرة يبنيها ولو عظمت نفقته في الضفيرة لم يصلح أن
يشترطه على العامل وقد بلغني أن مالكا سهل في الدابة الواحدة وهو عندي إذا كان
الحائط له قدر يكون حائطا كبيرا لان من الحوائط عندنا بالفسطاط من تجزئه
الدابة الواحدة في عمله فإذا كان الحائط هكذا كان قد اشترط على رب الحائط عمل
الحائط بمنزلة الحائط الكبير الذي له العمل الكثير فيشترط عمل الحائط على رب
الحائط فلا يجوز ذلك عندي والدابة الواحدة التي وسع فيها مالك إنما ذلك في
الحائط الكبير الذي يكثر عمله وتكثر مؤنته (قال) لي مالك وما مات من دواب
الحائط ورقيق الحائط الذين كانوا فيه يوم ساقاه فعلى رب المال أن يخلفهم للعامل لأنه
على هذا عمل (قال) مالك وان اشترط رب الحائط على العامل أن ما مات من
رقيق الحائط الذين كانوا فيه يوم ساقاه فعلى العامل في الحائط أن يخلفه قال لا خير في
ذلك ولا يشبه الحائط الذي ليس فيه دواب ولا رقيق يوم دفعه رب المال مساقاة
الحائط الذي فيه الدواب والرقيق يوم يدفعه ربه مساقاة لان الحائط الذي فيه الدواب
4

والرقيق على صاحب الحائط أن يخلفهم ولا ينبغي له أن يشترط على العامل أن يخلفهم
والحائط الذي ليس فيه رقيق ولا دواب فلا ينبغي أن يشترطهم على رب المال ولا
من مات منهم مما ادخل أن يشترط خلفه على رب المال (قلت) أرأيت ان أخذ
الحائط مساقاة واشترط عليه رب الحائط أن يخرج ما في الحائط من عماله ودوابه
ومتاعه فأخرجهم رب الحائط ثم عمل العامل على هذا فأخرج الحائط ثمرا كثيرا
أو لم يخرجه ما القول في ذلك (قال أرى في هذا أنه أجير له أجرة مثله ولا شئ
له في الثمرة بمنزلة ما لو اشترط العامل على رب المال عمالا للنخل لم يكونوا في الحائط
* (ابن وهب) * عن الليث عن ابن أبي جعفر قال يكره أن يكون للرجل الحائط
فيه النخل فيعطيه رجلا يسقيه بناضح من عنده ويعالجه على أن لصاحب النخل كذا
وكذا من الثمرة للمساقي ما أبقى (قال) ابن أبي جعفر نهى عنه عمر بن عبد العزيز
في خلافته لأنه شبهه بالغرر لان النخل ربما لم تخرج إلا ما يشترط صاحبها فيذهب
سقى المساقى باطلا * (ابن وهب) * قال سئل ربيعة عن رجل أعطى لرجل حديقة
عنب يعمل فيها وعليه نفقته على النصف أو على الثلث أو نحوه أيجوز هذا (قال) نعم
وقال الليث مثله * (ابن وهب) * قال وسئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن رجل
أعطى رجلا حديقة عنب له يعمل فيها ونفقته على رب العنب على النصف من ثمرتها
أو ثلثيها قال فكره ذلك * (فقيل) * لربيعة أرأيت أن كانت النفقة بينهما (قال) لا
لا يكون شئ من النفقة على رب العنب وعلى ذلك كانت مساقاة الناس وقال الليث مثله
* (ابن وهب) * وسئل يحيى بن سعيد الأنضري أعلى أهل المساقاة عملها من أموالهم
خالصا (قال) نعم هي عليهم من أموالهم وعلى ذلك كانت المساقاة * (ابن وهب) *
قال وسألت الليث عن المساقاة فقال لي المساقاة للتي كان عليها رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن أعطى أهل خيبر نخلهم وبياضهم يعلمونها على أن لهم شطر ما يخرج منها
ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعانهم بشئ * (ابن وهب) * قال الليث
وحدثني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي وغيره أن أهل المدينة لم يزالوا يساقون نخلهم
5

على أن الرقيق الذين في النخل والآلة من الحديد وغيره للذين دفعت إليهم المساقاة
يستعينون بهم. هذه الآثار لابن وهب
(نفقة رقيق الحائط ودوابه ونفقة المساقى)
* (قال) وقال مالك نفقة الرقيق والدواب كانت من العامل أو كانت في الحائط يوم
أخذه العامل مساقاة النفقة على العامل ليس على رب الحائط منه شئ * (قلت) *
أرأيت نفقة العامل نفسه أتكون من ثمرة الحائط أم لا (قال) على نفسه نفقته ونفقة
العمال والدواب ولا يكون شئ من النفقة في ثمرة الحائط (قلت) وهذا قول مالك
(قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن أخذت نخلا معاملة على أن طعامي على رب النخل
(قال) لا يجوز ذلك عند مالك (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يساقي الرجل
على أن على رب المال علف الدواب (قال) لا خير فيه * (قلت) * أرأيت إذا أثمر
الحائط أيجوز للمساقي أن يأكل منه (قال) لا أحفظ من مالك فيه شيئا ولا أرى أن
يأكل منه شيئا
(جداد النخل وحصاد زرع المساقاة)
* (قلت) * أرأيت أن أخذت حائطا مساقاة على من جداد الثمرة في قول مالك (قال)
على العامل * (قلت) * وإذا أخذت زرعا مساقاة على من حصاده ودراسه (قال)
سألت مالكا عن مساقاة الزيتون على من عصره (قال) هو على ما اشترطتما عليه
إن كان شرط العصر على العامل في الحائط فلا بأس بذلك وإن كان إنما اشترط أن
يقاسمه الزيتون حبا فلا بأس بذلك ورأي مالك هذا كله واسعا (قال) ولم اسمع
من مالك في الزرع شيئا إلا أني أرى أنه مثل الذي ذكرت في النخل ان جداده
على العامل فأرى أن يكون حصاد الزرع ودراسه على العامل لأنهم لا يستطيعون
أن يقسموه الا بعد دراسة كيلا (قلت) أرأيت أن اشترط العامل على رب النخل
صرام النخل (قال) لا ينبغي ذلك لان مالكا قال الجداد مما يشترط على الداخل
6

* (قلت) * أرأيت المساقى ان اشترط على رب النخل التلقيح أيجوز أم لا (قال) نعم
وهو قول مالك * (قلت) * فإن لم يشترطه فعلى من يكون التلقيح (قال) التلقيح على
العامل لان مالكا قال جميع عمل الحائط على العامل * (قلت) * إن كان في رؤس
النخل ثمر لم يبد صلاحه أتجوز المساقاة فيه (قال) نعم هي جائزة في قول مالك (قلت)
وكذلك الشجر كله (قال) نعم (قلت) أرأيت النخل إذا كان فيه ثمر لم يحل بيعه
أتجوز فيه المساقاة في قول مالك (قال) نعم (قلت) وكذلك الثمار كلها التي لم يحل
بيعها المساقاة فيها جائزة وإن كان في الشجر ثمرة يوم ساقاه إلا أن بيعها لم يحل (قال)
نعم المساقاة فيها جائزة * (قلت) * أرأيت (1) إن كان لرجل حائط فيه نخل قد أطعم ونخل
لم يطعم أيجوز أن آخذ الحائط كله مساقاة في قول مالك (قال) لا يجوز ذلك لان فيه
منفعة لرب الحائط يزدادها على العامل في الحائط لان بيعه قد حل وان الحائط إذا
أزهى بعضه ولم يزه بعضه حل بيعه

(1) بهامش الأصل هنا ما نصه أبو إسحاق وقد أجاز في كتاب محمد أن يدفع إليه نخلا مساقاة
بثمر من نخل أخرى وقد أزهت ولم يلتفت إلي اسم السقاء وجعل ذلك إجارة وان لفظا فيه باسم
السقاء قال أبو إسحاق وهذا نحو قول سحنون وذلك أن ابن القاسم اتقى أن يكون لاسم السقاء
أحكام لا تكون لاسم الإجارة وذلك أن السقاء فيما تجوز فيه المساقاة إذا أجيحت الثمرة ذهب
عمله باطلا وهو لو آجر نفسه بثمره مزهية فوفى الإجارة ثم أجيحت الثمرة لرجع بإجارة مثله كما
يرجع بثمنه لو اشترى ثمرة فأجيحت (فان قيل) فان شرط السقاء فيما أزهى أكثر ما فيه أنه
شرط أن لا جائحة فيه وهذا لا يفسد البيع فيكون له الجائحة (قيل) هذا على أحد الأقاويل
والقول الثاني أنه فاسد كما قالوا في شرط ترك المواضعة وأيضا فان ابن المواز جعل إذا أجيح
موضع من الحائط معلوم ان سقى العامل يسقط منه فظاهر هذا وإن كان أقل من الثلث وهذا
لا يجوز كما لو شرط أن ما أجيح من قليل أو كثير وضع (فان قيل) فقد يقال في هذا أيضا ان
البيع لا يفسد لأنه عكس قولهم إن الجوائح لا توضع فإذا لم يفسد هذا البيع كذلك إذا اشترطوا أن
توضع الجوائح انتهي وقد خفي جواب هذا الشرط فلم يمكن قراءته فاقتصرنا على الواضح اه‍ مصححه
7

في المساقى يعجز عن السقي بعد ما حل بيع الثمرة
* (قلت) * أرأيت العامل في النخل التي يأخذها مساقاة إذا حل بيع الثمرة فعجز
المساقى عن العمل فيها أيكون له أن يساقى غيره (قال) إذا حل بيع الثمرة فليس للعامل
أن يساقي غيره وان عجز إنما يقال له استأجر من يعمل فإن لم يجد إلا أن يبيع نصيبه
ويستأجر به فعل * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي * (قلت) * أرأيت إن لم يكن في نصيبه من ثمر النخل ما يبلغ بقية عمل النخل (قال) يستأجر عليه في عملها
ويباع نصيبه من ثمر النخل فإن كان فيه فضل كان له وإن كان نقصان اتبع به إلا أن
يرضى صاحب النخل أن يأخذوه ويعفيه من العمل فلا أرى به بأسا
(المساقى يساقى غيره)
* (قلت) * أرأيت أن أخذت نخلا أو زرعا أو شجرا معاملة أيجوز لي أن أعطيه
غيري معاملة في قول مالك (قال) نعم قال مالك إذا دفعها إلى أمين ثقة * (قلت) *
أرأيت أن خالف العامل في الحائط فأعطى الحائط من ليس مثله في الأمانة والكفاية
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه إذا دفعه إلى غير أمين أنه ضامن * (قال) *
وأخبرني ابن وهب عن عبد العزيز بن أبي سلمة أنه قال المساقى بالذهب والورق مثل
بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه فلا يصلح الربح في المساقاة الا في الثمر خاصة يأخذه
بالنصف ويساقيه بالثلثين فيربح السدس أو يربح على نحو هذا ومن ربح ذهبا أو
ورقا أو شيئا سوى ذلك فإنما ذلك مثل بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه (قال) ولا ينبغي
للمساقي أن يساقي في النخل الا ما شرك في ثمره بحساب ما عليه ساقى إلا أن يكون
ذلك شيئا لا يأخذ به كل واحد منهما من صاحبه شيئا ليسارته فأما شئ له اسم أو
عدد فان ذلك لا يصلح وتفسير ما كره من ذلك أنه كأنه يقول اسق لي هذا الحائط
بثلث ما يخرج من الآخر وهو لا يدرى كم يخرج من الآخر وتفسير ذلك أنه كأنه
استأجره على أن يسقى هذا بثمر هذا ولا يدرى كم تأتي ثمرته
8

المساقى يشترط لنفسه مكيلة من التمر
* (قلت) * أرأيت العامل في النخل إذا اشترط لنفسه مكيلة من التمر مبدأة على رب
الحائط ثم ما بقي بعد المكيلة بينهما نصفين أو اشترط رب الحائط مكيلة من التمر
معلومة ثم ما بقي بعد ذلك فبينهما نصفين فعمل على هذا وأخرجت النخل تمرا كثيرا
أو لم تخرج شيئا ما القول في ذلك (قال) العامل أجير وله أجر مثله أخرجت النخل
شيئا أو لم تخرجه وما أخرجت النخل من شئ فهو لرب الحائط * (قلت) * أرأيت
ان دفعت إليه نخلا مساقاة على أن ما أخرج الله منها فبينا وعلى أن نقل رب الحائط
العامل نخلة من الحائط جعل ثمرة تلك النخلة للعامل دون رب الحائط (قال) لا يجوز
هذا عند مالك لان العامل قد ازداد * (قلت) * أرأيت لو أخذت حائطا لرجل مساقاة
على أن لرب الحائط نصف ثمره البرنى الذي في الحائط وما سوى ذلك فللعامل كله
أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) لا يجوز هذا لأنه قد وقع الخطار بينهما
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إليه الحائط على أن جميع الثمرة للعامل أيجوز هذا في قول
مالك (قال) نعم * (قلت) * ولم أجزت هذا وكرهت الأول الذي أخذ الحائط مساقاة على
أن لرب الحائط نصف البرنى (قال) الذي أعطى حائطه مساقاة على أن جميع ثمرته
للعامل ليس بينهما خطار وإنما هذا رجل أطعم ثمرة حائطه هذا الرجل سنة وأما الذي
جعل نصف ثمره البرنى لرب الحائط وما سوى ذلك فللعامل فهذا الخطار ألا ترى
أنه ان ذهب البرني كله كان العامل قد غبن رب الحائط وان ذهب ما سوى البرنى
كان رب الحائط قد غبن العامل * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي في
البرنى * (قلت) * أرأيت أن أخذت النخل معاملة على أن أخرج من ثمرة الحائط
نفقتي ثم ما بقي فبيننا نصفين (قال) لا يصلح هذا عند مالك * (قال سحنون) *
وحديث عمر بن عبد العزيز الذي في صدر الكتاب دليل على هذا وقول عبيد الله
ابن أبي جعفر دليل على هذا
9

المساقاة التي لا تجوز
* (قلت) * أرأيت المساقى إذا اشترط على رب النخل أن يعمل فيه معه (قال) لم أسمع
من مالك فيه شيئا وأرى أن يرد إلى المساقاة مثله لان مالكا قد أجاز فيما بلغني الدابة
يشترطها يعمل عليها والغلام يشترطه يعمل معه إذا كأن لا يزول وان مات أخلفه له
(قال) ولقد جاءه قوم قد ساقوا رجلا وفى النخل ثمرة قد طابت فساقوه هذه السنة
وسنتين فيما بعدها فعمل فقال مالك أرى للعامل في الثمرة الأولى أن يعطى ما أنفق
عليها وإجارة عمله ويكون في السنتين الباقيتين على مساقاة مثله (قال ابن القاسم)
وهذا عندي مخالف للقراض ألا ترى أن العمل والنفقة والمؤنة كلها على العامل وإنما
رب الحائط عامل معه بيده بمنزلة الدابة يشترطها على رب الحائط فهذا الذي سهل
فيه مالك فأرى هذا مثله ويكون على مساقاة مثله * (قلت) * أرأيت أن أدرك هذا الذي
ساقاه وفى النخل ثمر قد طاب فأخذها العامل مساقاة ثلاث سنين ان أدرك هذا قبل أن
يعمل العامل في الحائط أتفسخه في قول مالك أم لا (قال) أرى أن يفسخ إذا أدرك
قبل أن يعمل في الحائط أو بعد ما جد الثمرة لأنه إلى هذا الموضع له نفقته التي أنفق
وعمل مثله على رب الحائط (قال) وان عمل في النخل بعد ما جدت الثمرة لم يكن لرب المال
أن ينتزعه منه لان مالكا إنما رده إلى عمل مثله بعد أن عمل سنة (قال) ويكمل له ما بقي
مما لم يعمله حتى يستكمل السنتين فهو عندي إذا عمل بعد ما جد الثمرة في النخل فليس
لهم أن يخرجوه حتى يستكمل السنتين كلتيهما لأنه قد عمل في الحائط لان النخل
قد يخطئ في عام ويطعم في آخر فان أخذه في أول عام ولم يحمل النخل شيئا كنت قد
ظلمته وان كثر حملها في أول عام وأخطت في العام الثاني بعد ما نزعتها من العامل
كنت قد ظلمت صاحبها (قال) وكذلك القراض إذا قارضه بعرض انه ان أدرك قبل
أن يعمل بعد ما باع العرض فسخ القراض بينهما وكان له فيما عمل أجر مثله فيما باع وان
عمل كان على قراض مثله وكان له فيما باع أجر مثله * (قلت) * أرأيت أن أخذت
نخلا معاملة على أن أبني حول النخل حائطا أو أزرب حول النخل زربا أو أخرق في
10

النخل مجرى للعين أو أحفر في النخل بئرا (قال) هذه المساقاة عند مالك
* (قلت) * فان وقعت المساقاة على مثل هذا أتجعل العامل أجيرا أم ترده إلى مساقاة
مثله (قال) أنظر في ذلك فإن كان إنما اشترط رب المال من ذلك شيئا ازداده بالكفاية
حط به عنه مؤنته ولم يكن الذي اشترط رب المال قدره يسيرا مثل خم العين وسرو
الشرب وسد الحظار جعلته أجيرا وإن كان قدر ذلك شيئا يسيرا مؤنته مثل مؤنة
هذا الذي وصفت لك أجزت المساقاة فيه لان مالكا أجاز أمر هذا الذي ذكرت
لك من خم العين ونحوه أن يشترط رب المال على العامل فرأيت أنا الذي أخبرتك
به وأجزته لك مثل قول مالك في خم العين وسرو الشرب (قال) وقد أجاز مالك الدابة
والغلام يشترطه العامل على رب المال فهذا يدلك على ما أخبرتك * (قلت) * وما سرو
الشرب (قال) تنقية ما حول النخلة الذي يجعل حول النخلة ليستنقع الماء فيه حولها
* (قلت) * وما خم العين (قال) كنسها * (قلت) * وكذلك سمعنا من يفسره
(قال) ولقد سألت مالكا غير مرة عن الرجل تكون له الحائط فتهور بئرها وله جار
له بئر فيقول أنا آخذ منك نخلك مساقاة على أن أسوق مائي إليها أسقيها به (فقال)
لا بأس بذلك سألناه عنها غير مرة فأجاز هذا على وجه الضرورة (قال ابن القاسم)
ولولا أن مالكا أجاز هذه المسألة لكرهتها (قلت) ولم تكرهها (قال) لان رجلا
لو كانت في أرضه عين له يشرب منها فأتاه رجل فقال أنا آخذ منك نخلك هذه
مساقاة على أن أسقيها بمائي واصرف أنت ماءك حيث شئت تسقى به ما شئت من
مالك سوى هذا لم يجز عندي فالذي أجازه مالك إنما أجازه على وجه الضرورة
* (قلت) * ولم كرهت ما ذكرت أنه إذا قال جاره أنا آخذ منك نخلك معاملة على أن
أسقيها بمائي وسق أنت ماءك حيثما شئت لم كرهت هذا (قال) لان لرب
النخل فيه منفعة في النخل والأرض من الماء قال لأنها زيادة ازدادها رب النخل
على العامل حين اشترط الماء من قبل العامل ألا ترى لو أنه اشترط على العامل
11

دينارا واحدا زيادة يزدادها عليه لم يجز ذلك فالماء قد يكون ثمنه مالا عظيما فلا يجوز
أن يشترطه رب النخل على العامل كما لا يجوز أن يشترط فضل دينار * (قلت) *
أرأيت أن دفع إلى نخله مساقاة أو أن أحفر في أرضه بئرا يسقى بها
النخل أو الزرع أو أبنى حوله حائطا أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا * (قال
سحنون) * وفيما كتب في صدر هذا الكتاب دليل على هذا
(المساقى يشترط الزكاة)
* (قلت) * أيحل لرب النخل أن يشترط الزكاة على العامل في الحائط أو يشترط
ذلك العامل على رب الحائط (قال) أما أن يشترطه رب الحائط على العامل فلا بأس
به لأنه إنما ساقاه على جزء معلوم كأنه قال له لك أربعة أجزاء ولى ستة * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * وان اشترطه العامل على رب الحائط (قال)
ان اشترط أن الصدقة في نصيب رب الحائط على أن للعامل خمسة أجزاء ولرب
الحائط خمسة أجزاء وعلى أن الصدقة في جزء رب المال يخرجه من هذه الخمسة
الاجزاء التي هي له فلا بأس بذلك * (قال) * وقال لي مالك في العامل ما أخبرتك إذا
اشترط العامل علي رب الحائط وهذا عندي مثله إذا اشترطه في الثمرة بعينها
* (قلت) * فان اشترطه في غير الثمرة في العروض أو الدراهم (قال) لا يحل شرطهما
وهو قول مالك * (قلت) * الزكاة في حصة من تكون (قال) يبدأ بالزكاة فتخرج
ثم يكون ما بقي بينهما على شرطهما وهذا قول مالك
(المساقاة إلى أجل)
* (قال) * وقال مالك لا تجوز مساقاة النخل أربعة أشهر ولا سنة وإنما المساقاة إلى
الجداد * (قلت) * أرأيت أن أخذت شجرا معاملة وهي تطعم في السنة مرتين ولم
أسم الاجل الذي أخذت إليه أتكون معاملتي إلى أول بطن أو السنة كلها (قال)
سمعت مالكا يقول إنما معاملة النخل إلى الجداد وليس يكون فيه أشهر مسماة فهو
12

عندي على ما ساقاه فإن لم يكن له شرط فإنما مساقاته إلى جداده الأول * (قلت) *
أرأيت المساقاة أتجوز عشر سنين (قال) قال مالك المساقاة السنين جائزة فأما ما تجدد
لي إلى عشر سنين أو ثلاثين أو خمسين فلا أدري ما هذا ولم أسمع من مالك فيه
شيئا وأما ما لم يكثر جدا فلا أرى به بأسا * (قلت) * أرأيت أن دفعت إليه أرضا على
أن يغرسها ويقوم على الشجر حتى إذا بلغت الشجر كانت في يديه مساقاة عشر
سنين أيجوز هذا أم لا (قال) لا يجوز ذلك عندي * (قلت) * لم (قال) لأنه غرر
* (قلت) * أرأيت النخل التي لم تبلغ أو الشجر أخذها مساقاة خمس سنين وهي
تبلغ إلى سنتين أتجوز هذه المساقاة في قول مالك (قال) لا يجوز ذلك
(ترك المساقاة)
* (قلت) * أرأيت المساقى إذا أخذ النخل مساقاة ثلاث فعمل في النخل سنة
ثم أراد أن يترك النخل ولا يعمل (قال) ليس ذلك له * (قلت) * وليس لرب النخل
أيضا أن يأخذ نخله حتى ينقضى أجل المساقاة (قال) نعم * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) نعم (قلت) فان رضيا أن يتتاركا قبل مضى أجل المساقاة (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا إلا أنى لا أرى بأسا أن يتتاركا إذا لم يأخذ أحدهما من صاحبه على
المتاركة شيئا لان مالكا قال في الذي يعجز عن السقي انه يقال له ساق من أحببت أمينا
فإن لم تجد أسلم إلى رب الحائط حائطه ولم يكن عليه شئ ولم يكن له شئ لأنه لو ساقاه
ذلك جاز ذلك كما جاز في الأجنبي * (قلت) * أرأيت المساقاة إذا أخذت الحائط مساقاة
فلم أعمل فيه ولم أقبضه من ربه إلا أنا قد فرغنا من شرطنا أيكون لاحد منا أن يأبى
ذلك (قال) هو بيع من البيوع إذا عقدا ذلك بالقول منهما فقد لزمهما ذلك وهو
قول مالك * (قال عبد الرحمن بن القاسم) * والذي أخبرتك به من المساقى ورب الحائط
إذا تتاركا بغير جعل انه لا بأس به ان طعن فيه طاعن فقال هذا بيع الثمرة من قبل أن
يبدو صلاحها ان الحجة على من يقول ذلك أن العامل في النخل لا بأس به أن يدفع
النخل إلى غيره معاملة فإذا كأن لا بأس أن يدفع النخل إلى غيره معاملة فهو إذا تارك
13

رب النخل فكأنه دفعه إلى رب النخل معاملة بالذي أخذه به فلا بأس بذلك وهو فيما بلغني
قول مالك * (قلت) * أرأيت أن أخذت زرعا مساقاة أو شجرا فأردنا أن نبع الزرع
قبل أن يبلغ ممن يحصده قصيلا أو أردنا أن نبيع ثمرة الحائط قبل أن تبلغ اجتمعنا
أنا ورب الحائط على ذلك (قال) ما أرى به بأسا ولا أرى فيه مغمزا وما سمعت فيه
شيئا * (قلت) * أرأيت أن اكترى منى رجل دارا أو أخذ حائطي مساقاة فإذا هو
سارق مبرح أخاف عليه أن يذهب بثمرة حائطي أو يقطع جذوعي أو يخرب داري
ويبيع أبوابها أيكون لي أن أخرجه في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
وأرى المساقاة والكراء لازما له وليتحفظ منه ان خاف وليس له أن يخرجه * (قال) *
وقال مالك في الرجل يبيع من الرجل السلعة إلى أجل وهو مفلس لا يعلم البائع ذلك أن البيع لازم له فهذا وذلك سواء
(الإقالة في المساقاة)
* (قلت) * أرأيت أن أخذت من رجل نخلا معاملة فندم فسألني أن أقيله وذلك قبل
العمل وأبيت أن أقيله فقال أنا أعطيك مائة درهم على أن تقيلني فأقلته أيجوز هذا في
قول مالك (قال) لا يجوز هذا عند مالك لا قبل أن يعمل ولا بعد أن يعمل (قلت) ولم
كرهه مالك (قال) لأنه غرر ان تم ثمرة النخل ذلك العام فهذا باع هذه الثمرة قبل أن
يبدو صلاحها وإن لم يتم فقد أخذ مال رب النخل باطلا
(في سواقط نخل المساقاة) * (قلت) * أرأيت سواقط النخل جرائده وليفه لمن يكون (قال) أرى أن يكون
ذلك بينهما * (قلت) * على قدر ما يتعاملان به (قال) نعم * (قلت) * أرأيت الزرع إذا
دفعته معاملة لمن التبن (قال) أراه بمنزلة سواقط النخل وقد قال مالك سواقط النخل
بينهما والتبن عندي بهذه المنزلة * (قلت) * أرأيت ما سقط من الثمار مثل البلح
وما أشبهه لمن يكون (قال) أراه بمنزلة سواقط النخل
14

* (قلت) * أرأيت أن تجاحدا (قال) القول قول العامل في النخل إذا أتى بما يشبه
* (قلت) * تحفظه عن مالك (قال) لا * (قلت) * أرأيت أن اختلفا في المساقاة فادعى
أحدهما مساقاة فاسدة وادعى الآخر مساقاة جائزة * (قال) * القول عندي قول الذي ادعى
الحلال منهما * (قلت) * أرأيت أن وكلت رجلا يدفع نخلى مساقاة فقال قد دفعتها إلى
هذا الرجل وكذبه رب النخل (فقال) أرى ذلك عندي بمنزلة الرجل يأمر الرجل يبيع
له سلعة من السلع فيقول المأمور قد بعتها ويكذبه رب السلعة (قال) القول قول المأمور
فكذلك مسألتك في المساقاة * (قلت) * فلم قال مالك ان بعث معه بمال ليدفعه إلى
رجل قد سماه له فقال قد دفعته وأنكر المبعوث إليه بالمال وقال ما دفع شيئا قلت
على الرسول البينة أنه قد دفع والاغرام ما فرق ما بين هذا وبين المأمور بالبيع
جعلت المأمور بالبيع القول قوله وجعلت المأمور بدفع المال القول قول المبعوث
إليه بالمال (قال) فرق ما بينهما أن المشتري قد صدق البائع فلا قول للامر ههنا لان
المشترى والمأمور قد تصادفا في البيع ولان المبعوث إليه بالمال لم يصدق الرسول
وقال ما أخذت منك شيئا فهذا فرق ما بينهما ويقال للرسول أقم بينتك أنك قد دفعت
إليه لان المبعوث إليه فلم يصدقك والا فاغرم
(في مساقاة الحائطين)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إليه نخلا مساقاة حائطا على النصف وحائطا على الثلث
أيجوز ذلك في قول مالك * (قال) * لا يجوز عند مالك (قلت) لم (قال) للخطار
لأنهما تخاطرا في الحائطين ان ذهب أحدهما غبن أحدهما صاحبه في الآخر * (قلت) *
أرأيت أن دفع إليه حائطين له على أن يعملها كل حائط منهما على النصف أو الثلث أو
كل حائط منهما على الربع أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * ولا يكون
للخطار هاهنا موضع (قال) ليس للخطار هاهنا موضع قال وكذلك ساقى النبي صلى الله
15

عليه وسلم خيبر كلها على النصف حيطانها كلها وفيها الجيد والردئ (قال) وكذلك بلغني
عن مالك أنه قيل له ما فرق بين الحائطين يساقيهما الرجل الرجل على النصف في
كل حائط وهو يعلم أن أحدهما لو أفرد سوقي علي الثلثين لجودة هذا ورداءة هذا
فيأخذهما جميعا على النصف فيجوز ذلك وقد حمل أحدهما صاحبه وبين أن يساقى أحد
الحائطين على الثلث والآخر على النصف (قال) قال مالك قد ساقى رسول الله
صلى الله عليه وسلم خيبر على مساقاة واحدة على النصف فيها الردئ والجيد وهي
سنة أتبعت وهذا الآخر ليس مثله * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل حائطا
لي مساقاة علي النصف وزرعا لي على الثلث فدفعت ذلك إليه صفقة واحدة أيجوز هذا
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى هذا جائزا * (قلت) * أرأيت أن كان لي
زرع قد عجزت عنه ونخل لي فدفعتهما مساقاة الزرع على النصف والحائط على
النصف والزرع في ناحية والحائط في ناحية أخرى (قال) لم أسمع من مالك فيه
شيئا إلا أن مالكا قال في الحائطين المختلفين إذا أخذهما صفقة واحدة كل حائط
منهما على النصف أنه لا بأس بذلك فكذلك الزرع والحائط عندي لأنهما بمنزلة
الحائطين المختلفين * (قلت) * أرأيت أن دفعت إليه الحائط علي النصف على أن
يعمل لي حائطي هذا بغير شئ (قال) لا خير في هذا ولم أسمع من مالك فيه
شيئا ولكن لا خير فيه لأنه ضرر ومخاطرة
(النخل يكون بين الرجلين يساقى أحدهما الآخر)
* (ومساقاة الوصي والمديان والمريض) *
* (قلت) * أرأيت النخل تكون بين الرجلين أيصلح لي أن آخذ حصة صاحبي
مساقاة (قال) لا أرى بهذا بأسا * (قلت) * تحفظه عن مالك (قال) لا وهو رأيي
* (قلت) * أرأيت الوصي أيجوز له أن يعطى حائط الصبيان مساقاة (قال) نعم
لان مالك قال بيعه للصبيان وشراؤه جائز * (قلت) * أرأيت العبد المأذون له في
التجارة أيصلح له أن يأخذ أرضا مساقاة ويعطى أرضه مساقاة (قال) لا أرى بذلك
16

بأسا * (قلت) * تحفظه عن مالك (قال) لا * (قلت) * أرأيت أن كان على دين محيط
بمالي فدفعت نخلى مساقاة أيجوز ذلك (قال) قال مالك في الرجل يكون عليه الدين
انه يكرى داره وأرضه ويجوز كراؤه فان قامت الغرماء عليه بعد ذلك لم يكن لهم أن
يفسخوا الكراء (قال) وهذا عند مالك بيع من البيوع * (قال ابن القاسم) * وان قامت
الغرماء عليه ثم أكرى وساقي بعد ذلك لم يجز كراؤه ولا مساقاته * (قلت) * أرأيت
المريض أيجوز له أن يساقي نخله في المرض (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأراه
جائزا لان بيعه وشراءه جائز ما لم تكن محاباة فإن كانت فيه محاباة كانت من الثلث
* (قلت) * أيصلح للرجلين أن يأخذا النخل مساقاة من رجل (قال) نعم * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي * (قلت) * وكذلك أن كان أصل الحائط لجماعة
قوم فدفعوه مساقاة إلى جماعة قوم أيجوز ذلك (قال) لا أرى بذلك بأسا
(في المساقى يموت)
* (قلت) * أرأيت العامل في النخل إذا مات ما أنت قائل للورثة (قال) يقال للورثة
اعملوا كما كان يعمل صاحبكم فان أبوا كان ذلك في مال الميت لازما لهم * (قلت) *
أفيسلم الحائط لهم إذا كانوا غير أمناء (قال) لا أرى ذلك وأرى أن يأتوا بأمين
* (قلت) * أرأيت أن مات رب النخل (قال) لا تنتقض المساقاة بموت واحد منهما
وهو قول مالك * (قلت) * أرأيت المساقى أيجوز له ان يعرى من الحائط شيئا (قال)
كيف يعرى وليس له نخلة بعينها وإنما هو شريك في الثمرة وإنما يعرى النخلة
والنخلات فهذا ان ذهب يعرى فليس الذي أعرى له وحده * (قلت) * أفتجوز
حصته من النخلات التي أعراها أرأيت أن قال قد أعريتك نصيبي من هذه
النخلات (قال) نعم أرى هذا جائزا
(مساقاة البعل)
* (قلت) * أرأيت الشجر البعل أتصلح المساقاة فيها مثل شجر أفريقية والشام
17

والأشجار على غير الماء أتجوز المساقاة فيها (قال) قال مالك لا بأس بالمساقاة في شجر
البعل * (قلت) * أرأيت مثل زرع مصر وأفريقية أتجوز المساقاة فيه وهو لا يسقى
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن تجوز المساقاة فيه إذا كان ما يحتاج
من المؤنة مثل ما يحتاج إليه شجر البعل فان ترك خيف عليه الضيعة فلا بأس به وإن كان
بعلا لا مؤنة فيه ولا عمل له فلا تجوز فيه المساقاة إنما يقول له احفظه لي
واحصده وادرسه على أن ذلك نصفه فهذا لا يجوز عندي لأن هذه أجرة * (قلت) *
لم أجزته في الشجر والبعل وكرهته في الزرع البعل (قال) لان الزرع البعل إنما
أجازوا المساقاة فيه على وجه الضرورة فهذا لا ضرورة فيه لأنه لا يخاف موته
(مساقاة النخلة والنخلتين)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت نخلة أو نخلتين مساقاة أيجوز ذلك في قول مالك (قال)
نعم * (قلت) * وكذلك الشجر كلها (قال) نعم
(في مساقاة المسلم حائط النصراني)
* (قلت) * أرأيت حائط الذمي أيجوز لي أن آخذه مساقاة (قال) كره مالك أن
يأخذ المسلم من النصراني مالا قراضا فكذلك المساقاة عندي (قال) ولو أخذه لم أره
حراما * (قلت) * أرأيت الحائط يكون للمسلم أيجوز له أن يعطيه النصراني مساقاة
(قال) قال مالك لا بأس بذلك يريد إذا كان النصراني ممن لا يعصره خمرا
(المساقى يفلس)
* (قلت) * أرأيت أن أخذت نخل رجل مساقاة ففلس رب الحائط أيكون للغرماء
أن يبيعوا النخل وتنتقض المساقاة فيما بينهما في قول مالك (قال) المساقاة لا تنتقض
ولكن يقال للغرماء بيعوا الحائط على أن هذا مساقي كما هو لان الحائط لا يقدر
الغرماء أن يأخذوه من العامل لأنه قد أخذه مساقاة قبل أن تقوم الغرماء على رب
الحائط * (قلت) * ولم أجزته ورب الحائط لو أراد أن يبيع الحائط ويستثني ثمرته
18

سنين لم يجز له ذلك (قال) هذا وجه الشأن فيه لأنه قد ساقاه فان طرأ دين بعد ذلك
باعوا النخل على أن المساقاة كما هي وليس هذا عندي استثناء ثمرة * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) نعم. وقد قال غيره لا يجوز البيع ويكون موقوفا إلا أن يرضى العامل
بتركها فيجوز بيعها وهو أحسن من هذا * (قلت) * وسواء ان فلس قبل أن يعمل
المساقى في الحائط أم لا (قال) نعم ذلك سواء ولا تنتقض المساقاة (قال) وقال لي مالك
من استؤجر في زرع أو أصل يسقيه فسقاه حتى فلس صاحبه فهو أولى به من
الغرماء حتى يستوفى وان مات صاحب الأصل أو الزرع فالمساقي فيه أسوة الغرماء
وان استؤجر في إبل يرعاها أو يرحلها أو يعلفها أو دواب فهو أسوة الغرماء في الموت
والتفليس جميعا وكل ذي صنعة مثل الخياطة والصياغة والصباغ وما أشبههم من الصناع
فهم أحق بما في أيديهم من الغرماء في الموت والتفليس جميعا وكل من تكوري على
حمل متاع فحمله إلى بلد من البلدان فالمكرى أحق بما في يديه أيضا في الموت
والتفليس جميعا من الغرماء * (قلت) * لمالك فالحوانيت يستأجرها الناس يبيعون فيها
الأمتعات ففلس مكتريها فيقول أربابها نحن أولى بما فيها حتى نستوفي (قال) هم أسوة
الغرماء وإنما الحوانيت عندي بمنزلة الدور يكتريها ليسكنها فيدخل فيها متاعه ورقيقه
وعياله أفيكون صاحب الدار أولى بما فيها من الغرماء إذا فلس (قال) ليس كذلك
ولكنهم جميعا أسوة الغرماء
(مساقاة النخل فيها البياض)
* (قلت) * أرأيت أن كان في النخل بياض واشترط رب النخل على العامل أن يزرع
البياض لرب النخل من عند العامل البذر والعمل وعلى أن الزرع الذي يزرع العامل في
البياض كله لرب النخل أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) لا يجوز هذا عند مالك
* (قلت) * فان قال رب النخل للعامل خذ النخل معاملة على أن تزرع لي البياض البذر
من عندي والعمل من عندك على أن الزرع كله لي (قال) لا يصلح هذا عند مالك
* (قلت) * ولم (قال) لأنه قد استفضل على العامل فهو بمنزلة دنانير زادها العامل لرب
19

النخل * (قلت) * أرأيت أن قال رب الحائط خذ النخل مساقاة على أن تزرع البياض
بيننا على أن البذر من عندك أيها العامل (قال) قال مالك نعم هذا جائز (قال) قال
مالك وأحب إلى أن يلغي البياض فيكون للعامل * (قلت) * ولم أجازه مالك (قال)
للسنة التي جاءت في خيبر أن النبي عليه الصلاة والسلام عامل السواد والبياض على
النصف * (قال) * وقال مالك في خيبر وقلت له أكان فيها بياض حين ساقاها
رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) نعم وكان يسيرا فلذلك أجازه مالك إذا اشترط
على العامل أن يزرع البياض والبذر من عند العامل والعمل على أن يكون ما يخرج من
البياض بينهما (قال) مالك وأحب إلى أن يلغى * (قلت) * أرأيت أن اشترطا أن البذر
الذي يبذره العامل في البياض من عندهما نصفه من عند رب النخل ونصفه من عند
العامل والعمل كله من العامل أيجوز أم لا في قول مالك (قال) مالك لا يجوز ذلك
* (قلت) * ولا يجوز أن يكون شئ من البذر من عند رب النخل في قول مالك * (قلت) *
نعم لا يجوز * (قلت) * لم كرهه مالك (قال) لأنها زيادة ازدادها العامل * (قلت) *
أرأيت أن اشترط العامل في النخل على رب الحائط حرث البياض وما سوى ذلك
من البذر والعمل فمن عند العامل في النخل (قال) قال لنا مالك إذا كان العمل والمؤنة
كلها على الداخل فلا بأس بذلك (قال) ففي هذا ما يدلك على مسألتك أنه لا يصلح
أن يشترط العامل على رب النخل حرث البياض وان جعلا الزرع بينهما * (قلت) *
أرأيت أن أخذ النخل معاملة على أن البياض للعامل * (قال) قال مالك هذا أحله
* (قلت) * أرأيت أن ساقى الرجل زرعا وفى وسط الزرع ارض بيضاء لرب الزرع
قليلة وهي تبع للزرع فاشترط العامل تلك الأرض لنفسه يزرعها (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا مثل النخل والبياض إذا كانت الأرض في الأرض
التي فيها الزرع تبعا للزرع * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل نخلا مساقاة
خمس سنين وفي النخل بياض وهو تبع للنخل على أن يكون البياض أول سنة للعامل
يزرعه لنفسه ثم يرجع البياض إلى رب النخل لنفسه وتكون المساقاة
20

في الأرض الأربع سنين الباقية في النخل وحدها (قال) لا يجوز هذا عندي لأنه
خطر * (قلت) * وكذلك لو أن رجلا أخذ حائطين معاملة من رجل على أن يعمل
أول سنة الحائطين جميعا ثم يرد أحد الحائطين إلى ربه في السنة الثانية ويعمل الحائط
الآخر في السنة الثانية وحده (قال) لا يجوز هذا أيضا وهو شبه مسألتك الأولى في
النخل والبياض لان المسألتين جميعا خطر ولا يجوز ذلك * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) لم أسمع من مالك هذا ولكن هذا رأيي
(مساقاة الزرع)
* (قلت) * أرأيت المساقاة في الزرع أتجوز * (قال) * قال مالك لا تجوز المساقاة في الزرع
إلا أن يعجز عنه صاحبه يعجز عن سقيه فهذا يجوز له أن يساقي * (قلت) * أرأيت
الزرع إذا بذره صاحبه ولم يطلع من الأرض أتصلح المساقاة فيه إذا عجز عنه صاحبه
في قول مالك (قال) لا تصلح المساقاة فيه الا بعد ما يبدو ويستقل وكذلك قال
مالك * (قلت) * أرأيت إذا أسبل الزرع أتجوز المساقاة فيه (قال) نعم ما لم يحل بيعه
فالمساقاة فيه جائزة إذا كان يحتاج إلى الماء لأنه لو ترك لمات * (قلت) * أرأيت
صاحب الزرع إذا كان له أيجوز له أن يساقي زرعه وتراه عاجزا وله ماء (قال)
نعم لأن الماء لابد له من البقر ومن يسقيه والاجراء * (قلت) * وإن كان الماء سيحا
أتجعله عاجزا ان عجز عن الاجراء تجيز ومساقاته في ذلك (قال) ينظر في ذلك فان
علم أنه عاجز جازت مساقاته * (قلت) * تحفظ شيئا من هذا عن مالك (قال) إنما قال
مالك إذا عجز فانظر أنت إذا كان غيرك عاجزا جازت مساقاته * (قلت) * أرأيت أن
دفعت إلى رجل زرعا مساقاة وشجرا متفرقة في الزرع أيجوز هذا (قال) لا أرى
بهذا بأسا إذا كان تبعا للزرع ولم يكن فيها من الاشتراط خلاف الزرع * (قلت) *
أرأيت أن أخذت زرعا مساقاة وفى الزرع شجرات قلائل فاشترط العامل في الزرع
أن ما أخرج الله من الثمرة فهي للعامل دون رب الشجر أيجوز هذا في قول مالك
(قال) لا * (قلت) * فان اشترط على أن ما أخرج الله من الشجر بينهما نصفين
21

أيجوز هذا (قال) نعم * (قلت) * فان اشترط رب المال على أن ما أخرج الله من الشجر
فهو لرب الشجر (قال) هذه مساقاة فاسدة لأنه قد ازداد على العامل سقى الشجر
* (قلت) * هذه المسائل قول مالك (قال) نعم * (قلت) * الشجر التي في الزرع إذا
أخذ الزرع مساقاة والشجر الثلث فأدنى مخالف للبياض الذي هو تبع للنخل في
المساقاة (قال) نعم
(مساقاة كل ذي أصل ومساقاة الياسمين والورد)
* (قلت) * أرأيت المساقاة أتجوز في قول مالك في الشجر كلها (قال) قال مالك
المساقاة جائزة في كل ذي أصل من الشجر * (قال) * وقال لي مالك تجوز المساقاة في
الياسمين والورد * (قال) * وقال لي مالك لا بأس بمساقاة الياسمين والورد والقطن
(مساقاة المقاثى)
* (قال) * وسألت مالكا عن المقاثى فقال تجوز فيها المساقاة إذا عجز عنها صاحبها بمنزلة
الزرع (قال) وأنا أرى البصل مثل المقاثى وقصب السكر بمنزلة واحدة والزرع لأنه
جزة واحدة * (قلت) * أرأيت المقاثى أليس قد قال تصلح المساقاة فيها إذا عجز
عنها صاحبها وهي إنما يطعم بعضها بعد بعض وقد يحل للرجل أن يشتريها إذا حل
بيعها وبشرط ما يخرج منها حتى ينقطع فكيف أجاز المساقاة فيها وبيعها حلال (قال)
لا تجوز المساقاة في المقاثى إذا حل بيعها وتجوز المساقاة فيها قبل أن يحل بيعها (قال)
والمقاثى قال لي مالك هي شجرة وإنما هي نبات واحد بمنزلة التين وما أشبهه من الثمار
التي يكون طيب بعض ما فيها قبل بعض فكذلك المقاثى لان المقاثى بمنزلة الشجر
وثمرتها بمنزلة ثمرة الشجر * (قلت) * أرأيت المقاثى إذا حل بيعها فعجز صاحبها عن عملها
أتجوز فيها المساقاة (قال) لا تجوز فيها المساقاة عند مالك لان بيعها حلال
(مساقاة القصب والقرط والبقول)
* (قلت) * أرأيت المساقاة أتجوز في الزرع والبقول والقصب الحلو وفي البصل وفى
22

القرط (قال) قال مالك لا تجوز المساقاة في الزرع إلا أن يعجز عنه صاحبه يعجز
عن سقيه فهذا يجوز أن يساقيه * (قال) * ولقد سألت مالكا عن القصب الحلو
أتجوز فيه المساقاة (قال) هو عندي بمنزلة الزرع إذا عجز عنه صاحبه جازت المساقاة
فيه (قال) وأما القصب فليس بثمرة بمنزلة ثمرة المقاثى إنما هي بطون تأتي وإنما تقع
المساقاة فيه نفسه وقد حل بيعه ولا تجوز ألا ترى أن الثمرة إذا حل بيعها لم تجز
المساقاة فيها وكذلك قال مالك (قال ابن القاسم) وأما القرط والبقل فإنه لا تصلح
فيه المساقاة لأنه مثل القصب وقد قال مالك لا تصلح المساقاة في القصب لأنها جزة
بعد جزة وليست بثمرة تجني مرة واحدة والذي يريد أن يساقيها فليشترها ويشترط
لنفسه خلفتها * (قلت) * أرأيت الشجر إذا كانت ثمر في العام الواحد مرتين أتصلح
المساقاة فيها في قول مالك (قال) نعم لأنه يجوز له أن يساقيها سنين * (قلت) * فما فرق
بين هذا وبين القصب الذي ذكرت أن مالكا كرهه (فقال) لان الشجر لا يحل
بيع ثمرتها قبل أن يبدو صلاحها وبطيب القصب يحل بيعه وبيع ما يأتي بعده فلا تصلح
فيه المساقاة (قال) وقال مالك لا تصلح المساقاة في البقول ولا في الموز ولا في القصب
لأنه يباع بطونا (فقلت) لمالك فالزرع (قال) إذا عجز عنه صاحبه جازت المساقاة فيه
وإن لم يعجز فلا تجوز (قال) فقلت لمالك فالمقاثي (قال) هي مثل الزرع إذا عجز عنه
صاحبه (قال) فقلنا لمالك فقصب السكر ووصفته له يسقى سنة فربما عجز عنه
صاحبه (قال) أراه مثل الزرع إذا عجز عنه صاحبه
(مساقاة الموز)
* (قلت) * أرأيت الموز أتصلح فيه المساقاة (قال) قال لي مالك لا تصلح فيه المساقاة
هو عندي بمنزلة القصب * (قلت) * أرأيت أن عجز عن عمله وهو شجر ليس فيه ثمر
أتصلح فيه المساقاة (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا أكثر من أن قال لنا المساقاة
في الموز لا تجوز * (قال ابن القاسم) * والموز عندي أنه يجز إذا أثمر ثم يخلف ثم يحز إذا
أثمر ثم يخلف فهو بمنزلة القصب عندي ولا أرى المساقاة فيه تحل عجز عنه صاحبه
23

أو لم يعجز (قال مالك) وإنما الموز عندي بمنزلة البقل * (قلت) * أرأيت الموز إذا حل
بيعه أيجوز لي أن أشتريه وأستثني بطونا في المستقبل خمسا أو عشرا (قال) ذلك
جائز * (قلت) * فان اشتريته حين حل بيعه فقلت له لي ما يطعم هذه السنة (قال)
هذا جائز أيضا لان ما يطعم سنة هو معروف * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم
* (قال) * وقال مالك لا بأس بأن يشترى الموز السنة والسنة ونصفا إذا حل بيعه
* (قلت) * أرأيت القضب أهو بهذه المنزلة في قول مالك (قال) نعم وأصل قولهم في
المساقاة أن كل شئ يجز ثم يخلف ثم يجز ثم يخلف أن المساقاة لا تجوز فيه (قال)
وكل شئ قائم إنما تجني ثمرته والأصل ثابت أو غير ذلك إذا كان إنما تجني ثمرته إذا
كانت ثمرته نباتا منها فالمساقاة فيه جائزة * (قلت) * فالقصب والموز إذا عجز عنهما صاحبهما
* (قلت) * ولم كره مالك المساقاة فيهما وهما من الأصول (قال) ليس هما بمنزلة
الأصول إنما هما بمنزلة البقول بطنا بعد بطن * (قلت) * والبقول أتجوز
فيها المساقاة في قول مالك إذا عجز عن سقيها صاحبها (قال) لا تجوز فيها المساقاة
والله سبحانه وتعالى أعلم
(تم كتاب المساقاة بحمد الله وعونه وصلى الله)
* (على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويليه كتاب الجوائح) *
24

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الجوائح)
(ما جاء في الجوائح)
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت المقاثى هل فيها جائحة في قول مالك (قال) نعم إذا
أصابت الثلث فصاعدا وضع عن المشترى ما أصابت الجائحة * (قلت) * أرأيت أن
اشتراها وفيها بطيخ وقثاء فأصابت الجائحة جميع ما في المقثأة من ثمرتها وهي تطعم في
المستقبل كيف يعرف ما أصابت الجائحة منها (قال ابن القاسم) تفسير ذلك أنه يكون مثل
كراء الأرضين والدور أنه ينظر إلى المقثأة كم كان نباتها من أول ما اشترى إلى
آخر ما تنقطع ثمرتها فينظر كم قطف منها وكم أصابت الجائحة منها فإذا كان ما أصابت
الجائحة منها ثلث الثمرة نظر إلى قيمة ما قطف منها فإن كان قيمته النصف أو أقل من
الثلث لم يكن له الا قدر ذلك لان حملها في الأشهر ونفاقها مختلف فتقوم ويقوم ما بقي
من النبات مما لم يأت بعد في كثرة نباته ونفاقه في الأسواق مما يعرف من ناحية
نباته فينظر إلى الذي جده فيقوم على حدته ثم يقوم الذي أصابته الجائحة على حدته
فينظر ما مبلغ ذلك من جميع الثمرة فإن كانت الثمرة التي أكلها المشترى هو نصف
القيمة أو أقل من ذلك أو أكثر فربما كان اطعام المقثأة في أوله هو أقله وأغلاه ثمنا
تكون البطيخة أو الفقوسة أو القثاة بعشرة أفلس أو بنصف درهم أو بدرهم والبطيخة
مثل ذلك وفى آخر الزمان تكون بالفلس والفلسين والثلاثة فيكون القليل الذي كان
25

في البطن الأول أكثر المقثأة ثمنا لنفاقه في السوق وعلى هذا يقع شراء الناس إنما
يحمل أوله آخره وآخره أوله ولو كان إنما وقع الشراء على كل بطن على حدته لكان
لكل بطن جزء من الثمن مسمى وإنما تحسب بطون المقثأة التي تطعم فيها بقدر
اطعامها من قدر نفاقها في الأسواق من كل بطن ثم يقوم ما أطعمت في كل زمان على
قدر نفاقه في الأسواق في كل بطن ثم يقسم الثمن على جميع ذلك فإن كان البطن الأول
هو النصف أو الثلثين رد بقدر ذلك وإن كان البطن الآخر الذي انقطع فيه هو النصف
أو الثلثين رد بقدر ذلك ولا يلتفت إلى نباتها في اطعامها فيقسم على قدر كثرته وعدده
من غير أن ينظر إلى أسواقه ولكن ينظر إلى كثرته ونفاقه في الأسواق * (قال ابن
القاسم) * وكذلك الورد والياسمين وكل ما يجنى بطنا بعد بطن فهو على ما فسرت
لك في المقثأة وما كان يطيب بعضه بعد بعض فعلى هذا يحسب أيضا مما ينبت جميعا مثل
التفاح والخوخ والتين والرمان وما أشبهه من الفاكهة وذلك أن الرمان والخوخ
والتفاح وما أشبهه من الفاكهة ومما لا يخرص إنما يشترى إذا بدأ أوله لأنه يعجل
بيعه فيكون له في أول الزمان ثمن لا يكون لآخره في نفاقه عند الناس وأسواقه
وكثرته في اجتماعه في آخر الزمان فإنما يشترى المشترى على ذلك ويعطى ذهبه لان
يكون له آخره مع أوله ولو أفرد ما يطيب كل يوم أو كل جمعة حتى يباع على حدته
لاختلفت أثمانها وإنما يشتريها المشترى على أن يحمل الغالي على رخيصه والرخيص على
غاليه فإذا أصابت الجائحة منه ما يبلغ الثلث فصاعدا نظر إلى ما قبض ثم نظر إلى
الذي أصابته الجائحة فإن كان الذي أصابته الجائحة ثلث الثمرة التي اشترى وضع عنه
ما يصيبها من الثمن كان ذلك في أول الثمرة أوفى وسطها أو في آخرها وان كانت
ثلث هذه الثمرة التي أصابتها الجائحة يكون حظها من القيمة تسعة أعشار القيمة وضع
عن المشترى تسعة أعشار الثمن وإن لم يكن حظ ثلث الثمرة من الثمن الا عشر
الثمن الذي اشترى به جميع الثمرة وضع عن المشترى عشر الثمن وإنما ينظر في هذا
إلى الجائحة إذا أصابت ثلث الثمرة نظر ما كان يصيب هذا الثلث من
26

الثمن على حال ما وصفت لك من غلائه ورخصه فيوضع عنه ما يصيب ذلك الثلث
من الثمن كان أقل من ثلث الثمن أو أكثر فان أصابت الجائحة أقل من
ثلث الثمرة وكان حظ ما أصابت الجائحة من الثمر يبلغ تسعة أعشار الثمن لم يوضع
عن المشترى قليل ولا كثير ولا يوضع عن المشتري فيما فسرت لك حتى تبلغ الجائحة
ثلث الثمرة فإذا بلغت ثلث الثمرة وضع عن المشترى حظها من الثمن كان أقل من
ثلث الثمن أو أكثر وهذا تفسير ما وصفت لك * (قال سحنون) * وقد قال غيره إنما
ينظر في البطون إلى ما أذهبت الجائحة فإن كأن يكون قيمة ما يصير له ثلث الثمن وضع
وإن كان من الثمرة عشرها وان كانت قيمة ما أتلفت الجائحة لا يصير له من الثمن ثلثه
وإنما يصير له من الثمن أقل لم يوضع عن المشترى شئ وإن كان من الثمرة تسعة
أعشارها وإنما تكون مصيبته إذا ذهب مثل ثلث الثمن وليس يلتفت إلى ثلث الثمرة
لأنه ربما كان ثلث الثمرة إنما غلته عشر الثمن ولا يكون مصيبة وربما كان
عشر الثمرة ويكون لها من الثمن نصف الثمن فيكون مصيبة فلذلك توضع
الجوائح إذا وقعت المصائب * (سحنون) * وأما البطن الواحد وهو صنف واحد فان ثلث
الثمرة بثلث الثمن إذا كان صنفا واحدا من الثمرة فاجتمعت المصيبة من الوجهين جميعا
فلذلك وضع * (قال ابن القاسم) * وما كان من ما يخرص مثل الأعناب والنخل وما
أشبههما مما لا يخرص مما ييبس ويدخر فإنما ينظر إلى ثلث الثمرة فيوضع من الثمن ثلثه ولا
ينظر فيه إلى اختلاف الأسواق لأن هذه أشياء يشتريها المشترى فمنهم من يحسبها
حتى يجدها يابسة فيدخرها ومنهم من يتعجل أكلها ومنهم من يدخر بعضها ويبيع
بعضها فالبائع حين يبيع إنما يبيع على أن المشترى ان شاء حبس وان شاء جد فإنما في
ثلث الثمرة إذا أصابتها الجائحة ثلث الثمن * (سحنون) * وكذلك إذا كان الثمر صنفا
واحدا فإن كان الثمر أصنافا مختلفة مثل البرنى والعجوة والشقم وعرق ابن زبد
فأصابت الجائحة من الثمرة الثلث فإن كان الذي أصابت من البرنى والعجوة نظر إلى
قيمته وقيمة غيره فيقسم الثمن على القيم لاختلاف الثمرة في القيم فيصير حكمه حكم
27

البطون في اختلاف أثمانها وان الرمان والخوخ والتفاح والأترج والموز والمقاثى وما
أشبهها اما يشترى على طيب بعضه بعد بعض ولو ترك من يشتريه أوله لآخره حتى
يطيب كله لكان فسادا لأوله * (قال) * وقال لي مالك وإنما جعل الله عز وجل طيب
بعضه بعد بعض رحمة ولو جعل طيبه واحدا لكان فسادا فالمشترى حين يشترى
ما يطيب بعضه بعد بعض فالبائع يعرف والمشترى أنه إنما يستجنيه كل ما طاب
بمنزلة المقاثى وغيرها وان الذي يخرص ليس كغيره من الثمار ولا ما يقدر على تركه
حتى يجد جميعه معا فهذا مثل الذي يخرص سواء فمحملهما في الجائحة سواء * (قال
سحنون) * وكلما يقدر على ترك أوله على آخره ولا يكون فسادا حتى ييبس فهو
بمنزلة النخل والعنب وكل ما لا يستطاع ترك أوله على آخره حتى ييبس في شجره
فسنته سنة المقاثي * (قال سحنون) * فهذا أصل قوله وكل ما في هذا الكتاب فإلى
هذا يرجع
(ما جاء في جائحة القصيل)
* (قال) * وكذلك القصيل إذا اشترى جزة واحدة فان أصابت الجائحة منه الثلث وضع
عنه ولم ينظر إلى غلاء أوله ولا آخره أو رخصه لان قصله قصلة واحدة ان أراد أن
يقصله وقد أدرك جميعه حين اشتراه والفاكهة لم يدرك جميعها ولا المقاثى ولا الياسمين
إلا أن يشترى القصيل وخلفته التي بعده فيصاب الأول وينبت الآخر أو يصاب
الآخر ويسلم الأول فيحسب كما وصفت لك ينظر كم كان نبات الأول من الاخر في
رخص آخره أو غلائه أو في رخص أوله أو غلائه وحال رغبة الناس فيه وغلائه عندهم
في أوله وفى آخره إذا كان الذي أذهبت الجائحة منه ثلثه فإن كان الأول هو ثلثي الثمن
وهو في النبات الثلث رد ثلثي الثمن فبقدر ذلك يرد وإن كان الآخر نصف الثمن أو ثلاثة
أرباعه في نفاقه عند الناس وقيمته رد من الثمن بقدر ذلك وكذلك قال مالك في
الأرضين تتكارى ثلاث سنين أو أربع سنين ليزرع فيها فيزرعها الرجل السنة أو
السنتين فيعطش أولها أو آخرها أو وسطها وقد تكاراها أربع سنين كل سنة بمائة
28

دينار صفقة واحدة فيعطش سنة منها (قال مالك) فتقوم كل سنة بما كانت تساوى
من نفاقها عند الناس وتشاح الناس فيها ثم يحمل بعض ذلك على بعض فيقسم الكراء
على قدر ذلك ويرد من الكراء بقدر ذلك ويوضع عنه بقدر ذلك ولا ينظر إلى قدر
السنين فيقسم الكراء عليها ان كانت أربع سنين لم يقسم الثمن عليها أرباعا ولكن على
قدر الغلاء والرخص
(في الرجل يكترى الدار سنة فتنهدم قبل مضى السنة)
* (قال) * قال لي مالك وكذلك الدار تتكارى في السنة بعشرة دنانير فيكون فيها أشهر
كراؤها غال وأشهر كراؤها رخيص مثل كراء مكة في إبان الحج وغير إبان الحج
والفنادق تتكارى سنة ولها إبان نفاقها فيه ليس كغير ذلك الا بان فيسكنها
الأشهر ثم تنهدم أو تحترق فإنما يرد من الكراء بقدر ذلك من الأشهر حتى أن الشهر
ليعدل الأربعة أشهر والخمسة وجميع السنة ولا ينظر في ذلك إلى السنة فيقسم الثمن على
اثنى عشر شهرا ولكن على ما وصفت لك (قال) وكل ما فسرت لك من هذه
الجوائح هو تفسير ما حملت من مالك * (قلت) * والذي شبهه مالك من الفاكهة في ى
جائحته بالنخل مما يخرص أهو مما ييبس ويدخر مثل الجوز واللوز والفستق والجلوز (1)
وما أشبه هذه الأشياء (قال) نعم * (قلت) * والتين أيضا هو مما ييبس أيضا ويدخر
وهو مما يطعم بعضه بعد بعض وهو مما ييبس فكيف يعرف شأنه (قال) يسأل عنه
أهل المعرفة به * (قلت) * أرأيت أن اشتريت مقثأة فيها بطيخ وقثاء فأصابت الجائحة
جميع ما في المقثأة من الثمرة وهي تطعم في المستقبل (قال ابن القاسم) ينظر إلى هذا
البطن الأول الذي أصابته الجائحة فيعرف كم نبات ثمره ويقوم أيضا فيعرف قيمته على
غلائه ورخصه وفيما يأتي بعد فيعرف نباته وقيمته في كثرة حمله وينظر إلى قيمته أيضا
هكذا يقوم بطنا بعد بطن ويضم بعضه إلى بعض ويعرف النبات فإن كان البطن الذي
أصابته الجائحة هو الثلث ثلث الثمرة التي اشترى نظر إلى ما كانت قيمة هذا البطن

(1) والجلوز هو كسنور البندق اه‍ القاموس
29

الذي أصابته الجائحة فيطرح عن المشترى قدرها من الثمن وتفسير ذلك أنه لما
أصابت الجائحة البطن الأول فعرف قدر نبات ثمرته وعرف قيمته في غلائه ورخصه ثم نظر إلى ما يأتي من نباتها في المستقبل فيعرف قدر كل بطن وقيمته على غلائه
ورخصه فضمت القيمة قيمة كل بطن بعضها إلى بعض ثم نظر إلى البطن الذي أصابته
الجائحة ما هو من جميع نبات ثمرة هذه المقثأة فإن كان ذلك الثلث ثلث الثمرة وضع
عن المشترى من الثمن بقدر قيمته من ذلك البطن الذي أصابته الجائحة فإن كان
من ذلك نصف جميع نبات ثمرة المقثأة أو ثلثيه أو ثلاثة أرباعه أو أقل أو أكثر طرح
من الثمن بقدر ذلك وسواء إن كان الذي أصابت الجائحة منه في أول أو في آخر أو في
وسط إنما ينظر فإن كان الذي أصابت الجائحة في وسط نظر إلى الذي كان أكل
المشتري فعرف قدر نباته وقيمته في غلائه ورخصه وينظر إلى الذي يأتي بعد حتى تنقطع المقثأة فإن كان الذي
أصابت الجائحة هو ثلث نبات الثمرة قيل كم قيمة الذي أصابته الجائحة من جميع
القيمة فإن كان ذلك نصف القيمة أو ثلثها وضع عن المشترى من الثمن نصفه أو ثلثاه
لأنك قد عرفت ما أكل المشتري وما أصابت الجائحة وما جاء بعد ذلك فلما كان
ذلك ثلث الثمرة وقد كنت أقمت ذلك البطن الذي أصابته الجائحة والذي أكل
المشتري والذي جاء بعد ذلك فعرفت قيمة ذلك في قدر غلاء أوله وآخره ورخصه
ورغبة الناس فيه فوضعت عن المشترى من الثمن بقدر قيمة الجائحة وتفسير ذلك
لو أن رجلا اشترى مقثأة بمائة دينار وخمسين دينارا فأصابت الجائحة منها البطن
الأول أو الأوسط والآخر انها إن كان أول البطن الذي أصابت الجائحة عرف قدر
نباته أقيم فإن كانت قيمته مائة دينار وعرف ناحية نباته نظر إلى الذي يأتي بعد فيقام
بطنا بعد بطن على ما فسرت لك من رغبة الناس فيه ورخصه وغلائه فإن كانت قيمة
هذا البطن الثاني ستين دينارا وقد عرف ناحية نباته أيضا ثم نظر إلى البطن الثالث
فأقيم أيضا فإن كانت قيمته أربعين دينارا وانقطعت الثمرة فلم يكن فيها الا ثلاثة بطون
30

وقد عرفت ناحية البطن الآخر قيل انظروا كم ثمرة كل بطن بعضه من بعض فان
قالوا النبات في كل بطن في الثمرة سواء فالذي أصابت الجائحة هو الثلث من الثمرة
وقيمته مائة دينار وقيمة البطن الثاني ستون دينارا والآخر أربعون دينارا فذلك مائتا
دينار وقد كان الشراء بخمسين ومائة دينار قلنا انظروا إلى مبلغ البطن الذي أصابته
الجائحة وهو ثلث الثمرة فإذا هو مائة دينار قلنا فأي شئ مائة دينار من جميع قيمة
المقثأة قيل النصف لان البطن الأول الذي كانت فيه الجائحة قيمته مائة دينار والثاني
ستون دينارا والآخر أربعون دينارا فذلك مائتا دينار فقد صارت قيمة الذي
أصابته الجائحة من جميع قيمة المقثأة النصف قلنا فارجع على البائع بنصف الثمن أن كنت
نقدته الثمن وإن كنت لم تنقده الثمن فعلى هذا فقس جميع ما يرد عليك من هذا
(في الجائحة في التين (3) والخوخ والرمان وجميع الفاكهة)
(قال) وكذلك الفاكهة التين والخوخ والرمان والتفاح وكل ما يكون بطنا بعد بطن
إنما ينظر إلى أوله وآخره فيقوم فيعرف قيمته وقدر ثمرته ثم ينظر إلى الذي أصابته الجائحة
فإن كان ذلك ثلث الثمرة وكانت قيمة البطن الذي أصابته الجائحة هو نصف جميع
الثمن أو ثلثيه طر ح عن المشترى من الثمن نصفه أو ثلثاه فعلى هذا يكون هذا * (قال
ابن وهب) * وأخبرني يزيد بن عياض عن رجل حدثه عن عبد الله بن عبد الرحمن
ابن معمر الأنصاري أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ابتاع المرء
الثمرة فاصابتها جائحة فذهبت بثلث الثمرة فقد وجب على صاحب المال الوضيعة
* (قال ابن وهب) * وأخبرني يزيد بن عياض عن عبد الرحمن بن القاسم وربيعة بن أبي
عبد الرحمن وأبى الزناد عن القاسم بن محمد قال إذا أصيب المبتاع بثلث الثمرة فقد
وجبت على البائع الوضيعة * (قال سحنون) * وأخبرني أنس بن عياض أن أبا إسحاق مقدم مولى أم الحكم بنت عبد الملك حدثه أن عمر بن عبد العزيز قضى في

(3) (قوله في الجائحة في التين الخ) هذه الترجمة ساقطة من احدى النسختين اللتين بأيدينا
وما بعدها متصل بما قبلها باسقاط قال ويمكن أن يكون له وجه فليحرر كتبه مصححه
31

ثمر حائط باعته مولاته فأصاب الثمرة كلها جائحة إلا سبعة أوسق وكانت قد استثنيت
سبعة أوسق فقال لي عمر وخاصمت إليه في ذلك اقرأ على مولاتك السلام وقل لها قد
أغناك الله في الحسب والمال عن أن تأكلي ما لا يحل لك لا تجوز الجائحة بين
المسلمين وقضى باليمين على المبتاع أن لا يكتم شيئا وعليه ما أكل عماله قال مقدم
فما صار لنا إلا سبعة أوسق وهي التي بقيت * (ابن وهب) * وأخبرني عبد الجبار
ابن عمر عن ربيعة وأبى الزناد انهما قالا لا وضيعة في الجائحة فيما دون الثلث إذا أصيب
* (وأخبرني) * عثمان بن الحكم عن يحيى بن سعيد أنه قال لا جائحة فيما أصيب دون
ثلث رأس المال قال يحيى وذلك في سنة المسلمين * (قال) * وأخبرني عثمان بن
الحكم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال الجوائح كل ظاهر مفسد من مطر أو برد أو
جراد أو ريح أو حريق * (سحنون) * عن أنس بن عياض عن حسن بن عبد الله بن
ضميرة عن أبيه عن جده أن علي بن أبي طالب كان يقول الجائحة إذا بلغت الثلث
* (قال سحنون) * وحدثني أنس بن عياض عن ابن جريج المكي عن أبي الزبير عن
جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو بعت من أخيك تمرا ثم
أصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ثم تأخذ مال أخيك بغير حق
(في جائحة البقول)
* (قلت) * أرأيت البقول والكراث والسلق وما أشبه هذا والجزر والبصل والفجل
إذا اشترى الرجل هذه الأشياء التي ذكرت لك وما أشبهها فأصابتها جائحة أقل من
الثلث هل يوضع عن المشترى شئ أم لا (قال) قال مالك أرى أن يوضع عن
المشترى كل شئ أصابت الجائحة منها قل ذلك أو كثر ولا ينظر فيه إلى الثلث. وقد
ذكر علي بن زياد عن مالك أن البقل إذا بلغت جائحته الثلث وضع عن المشترى
وإن لم تبلغ الثلث لم يوضع منه شئ * (سحنون) * وقد ذكره ابن أشرس عن مالك
32

(في جائحة الخضر)
* (قلت) * أرأيت أن اشترى الفول الأخضر وما أشبهه من القطنية التي تؤكل
خضراء واشترط أن يقطعها خضراء (قال) قال مالك الشراء جائز * (قلت) * فان
أصابته جائحة (قال) أرى ان أصابت الجائحة الثلث وضع عنه ثلث الثمن لان هذا
ثمرة * (قلت) * فان اشترى الفول والقطنية التي تؤكل خضراء بعد ما طابت للأكل
قبل أن تيبس فاشترط أن يترك ذلك حتى ييبس (قال) لا يصلح ذلك عند مالك
وهو مكروه
(جائحة الزيتون)
* (قلت) * أرأيت الزيتون عند مالك أهو مما يخرص على أهله (قال) ليس يخرص
الزيتون عند مالك على أهله ولكن ما أصابت الجائحة منه يحمل محمل ما يخرص لان
مشتريه يقدر على أن يؤخره حتى يجنيه جميعا
(في جائحة القصب الحلو)
* (قلت) * أرأيت القصب الحلو أليس هو مما يدخر وييبس إذا أصابته الجائحة (قال)
لا يوضع منه في الجائحة قليل ولا كثير وذلك أن بيعه إنما هو بعد أن يمكن قطعه
وليس هو مما يأتي بطنا بعد بطن فهو عندي بمنزلة الزرع إذا يبس لا يجوز بيعه حتى
يطيب ويؤكل ولقد سألت مالكا عن مساقاته فقال هو عندي مثل الزرع تجوز
مساقاته إذا عجز عنه صاحبه. وقد قال ابن القاسم توضع فيه الجوائح وهو أحسن
(في جائحة الثمار التي قد يبست)
* (قال) * وقال مالك كل ما اشترى من النخل والعنب بعد ما ييبس ويصير زبيبا أو
تمرا أو ستجد ويمكن قطافه فليس فيه جائحة وما بيع من الحب من القمح والشعير
والفول والعدس والقطنية كلها والسمسم وحب الفجل للزيت وما أشبهه فليس فيه
جائحة لأنه إنما يباع بعد ما ييبس فهو بمنزلة ما لو باعه في الا نادر فلا جائحة فيه وهو
33

قول مالك * (قلت) * وما بيع من النخل والعنب أخضر بعدما طاب فيبس ثم أصابته
الجائحة بعد ذلك فلا جائحة فيه وهو بمنزلة ما اشترى وهو يابس (قال) نعم * (قلت) *
أرأيت أن اشتريت ثمرة نخل قد حل بيعها فتركته حتى طاب للجداد وأمكن ثم
أصابته جائحة تبلغ الثلث فصاعدا (قال) لا يوضع عنه قليل ولا كثير عند مالك لان
الجداد قد أمكنه * (قلت) * ويصير هذا بمنزلة رجل اشترى ما في رؤس النخل وقد
أمكنت للجداد (قال) نعم كذلك قال مالك يصير بمنزلة الذي اشترى ثمرة قد
أمكنت للجداد تيبس فلا جائحة في ذلك
(في الرجل يشترى أصول النخل وفيها ثمر فتصيبها جائحة)
* (قال) * وقال مالك ما اشتري من الأصول وفيها ثمرة قد طابت مثل النخل والعنب
وغير ذلك فاشترى بأصله فأصابته جائحة فلا جائحة في ثمره وإنما الجوائح إذا
اشتريت الثمار وحدها بغير أصولها * (قلت) * وكذلك لو أنى اشتريت رقاب النخل
وفيها ثمر لم يطب ولم يحل بيعه ولم يؤبر أو قد أبرت فاشترط المبتاع ثمرة ما قد أبر
فأصابت هذه الثمرة جائحة أيوضع عنه في قول مالك لما أصابت الجائحة من الثمرة
شئ أم لا (قال) قال مالك لا يوضع عنه شئ * (قلت) * فهذا قول مالك في الذي
يشترى رقاب النخل وفيها ثمرة لم تؤبر فبلغت فأصابتها جائحة أنه لا يوضع عن
المشترى شئ هذا قد علمناه أنه لا يوضع عنه شئ لان الثمرة تبع للنخل لأنها
للمشترى وإن لم يشترطها أرأيت كل ثمرة كانت تكون للبائع إذا اشتراها المشترى
إلا أن يشترطها المشترى لم لا يكون لها حصة من الثمن ويلغى عنه ما أصابت
الجائحة من الثمن إذا بلغ ما أصابت الجائحة ثلث الثمرة (قال) لان مالكا جعل كل
ثمرة اشتريت مع الرقاب تبعا للرقاب فلا جائحة فيها (قال) وكذلك الرجل يكترى
الدار ويشترط ثمرة نخلات فيها وفى النخل ثمرة لم تطب أو طلع فالكراء جائز وما
أصابت الجائحة من ذلك الثمر وان أصابته كله لم يوضع عن المتكاري قليل ولا كثير
لان الثمرة تبع للكراء ولا يقع على الثمرة حصة من الكراء ومما يبين ذلك أن الرجل
34

يشتري العبد وله مال فيستثني ماله معه ولو لم يستثنه كان للبائع فيشتريه ويشترط
ماله فيصاب مال العبد ثم يجد به عيبا أو يستحق فيرجع المشتري بالثمن كله فيأخذه
ولا يوضع عن البائع شئ لمال هذا العبد الذي تلف وهو مما لو لم يستثنه كان للبائع
وفيه زيادة في الثمن فلا يوضع عنه شئ فالثمرة بمنزلة مال العبد وكذلك سمعت مالكا
يقول في الثمرة وفي مال العبد
(الرجل يشتري الزرع على أن يحصده ثم يشترى الأرض بعد ذلك)
* (قلت) * أرأيت لو أني اشتريت زرعا لم يبد صلاحه على أن على أن أحصده ثم اشتريت
الأرض أيجوز لي أن أدع الزرع حتى يبلغ (قال) ذلك جائز عندي ولم أسمعه من
مالك ولكن مالكا قال في الرجل يشتري النخل وفيه نخل قد أبر ولم يشترطه ثم
اشتراه بعد ذلك في صفقة أخرى على حدة قبل أن يزهي ويحل بيعه ان اشتراءه جائز
فهذا يدلك على مسألتك أنه جائز له أن يترك الزرع لان مالكا قال في الثمرة كل شئ
كان يجوز لك أن تشتريه معه فلم تشتره في الصفقة معه ثم اشتريته بعد ذلك في
صفقة على حدة فذلك جائز كما يجوز لك أولا أن تستثنيه * (قلت) * فان أصابت هذه
الثمرة جائحة أيقضى فيها بشئ أم لا (قال) لا يقضى فيها بشئ لان مالكا قال من
اشترى النخل والثمرة في صفقة واحدة فأصابت الثمرة جائحة فلا شئ على البائع
* (قلت) * وان كانت بلحا أو بسرا أو رطبا أو تمرا يوم اشتراها مع النخل (قال)
نعم لا جائحة فيها عند مالك لأنه اشترى الأصل معها فكانت تبعا للأصل فكذلك
الذي اشتري الأصل ثم اشترى الثمرة فلا جائحة فيها * (قال سحنون) * الجواب
صحيح إلا أن الحجة فيها أن البائع إذا باع الثمرة وقد بدى صلاحها في رؤس النخل أن
عليه سقي النخل وإذا باع النخل بأصولها وباع منه بعد ذلك ثمرتها أنه لا سقى
على البائع
35

(في الذي يشتري ثمرة نخلة واحدة فتصيبها جائحة)
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت ثمرة نخلة واحدة فأصابت الجائحة ثلث ما في هذه
النخلة أيوضع عني شئ أم لا (قال) أرى أن يوضع عنك أن أصابت الجائحة ثلث
ما في رأس النخلة من الثمرة
(في الذي يعري حائطه كله ثم يأخذه بخرصه فتصيبه جائحة)
* (قلت) * أرأيت رجلا أعرى حائطا له رجلا فأخذ ذلك منه بخرصه فأصابته جائحة
أيوضع عنه شئ أم لا (قال) قال مالك يوضع عنه مثل ما يوضع عنه في الشراء سواء
(في السلف في حائط بعينه فتصيبه جائحة)
* (قلت) * أرأيت أن أسلمت في ثمرة حائط بعينه في إبان ثمرة ذلك الحائط فأصابت
الحائط جائحة أتت على ثلث الحائط أيلزم المشترى شئ أم لا في قول مالك (قال)
لا يلزم المشترى شئ ويكون حقه فيما بقي من الحائط * (قلت) * ولا ينتقض من
السلم ثلثه لان ثمرة الحائط قد ذهبت الجائحة بثلثه (قال) نعم لا ينتقض من
شئ وسلمه فيما بقي من الحائط * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم هو قوله * (قلت) *
ولو كنت اشتريت ثمرة هذا الحائط فأصابت الجائحة ثلثه أيوضع عنى الثلث في قول
مالك (قال) نعم * (قلت) * وإذا أسلمت في ثمرة هذا الحائط أهو مخالف لشرائي ثمرة
هذا الحائط في الجائحة (قال) نعم * (قال سحنون) * لان سلمك في الحائط إنما هو
اشتراء مكيلة منه معلومة بمنزلة ما لو اشتريت أقساطا من خابية رجل
(في الذي اشترى ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها ثم تصيبها جائحة)
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها على الترك فأصابتها جائحة
كلها أو أقل من ثلثها بعد ما بدا صلاحها أيكون على المشترى شئ أم لا (قال)
لا شئ على المشترى وهو من البائع وهذا قول مالك لأنه لم يقبضها وهي في رؤس
النخل والبيع فاسد فهي من البائع ما لم يقبضها المبتاع
36

(في الرجل يشترى ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها)
* (على أن يجدها من يومه فتصيبها الجائحة) *
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها على أن أجدها من
يومى أو من الغد فأصابتها الجائحة قبل أن أجدها أيوضع عنى للجائحة شئ أم لا وهل
تكون هذه بمنزلة البقول أو الفاكهة الخضراء في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا ولكني أرى أن يوضع عنه ان أصابت الجائحة الثلث فصاعدا * (قلت) * ولا
تراه بمنزلة البقول (قال) لا أراه بمنزلة البقول ولكني أراه بمنزلة الثمار * (قلت) *
وكذلك أن اشترى بلح الثمار كلها التين واللوز والجوز والجلوز والفستق على أن
يجده قبل أن يطيب فأصابته الجائحة أيوضع عنه ان أصابت الجائحة الثلث فصاعدا
وإن لم تصب الثلث لم يوضع عنه شئ (قال) نعم
(في جائحة الجراد والريح والجيش والنار وغير ذلك)
* (قلت) * أرأيت الجراد أهو جائحة في قول مالك أم لا (قال) الجراد جائحة عند مالك
* (قلت) * وكذلك النار في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * وكذلك البرد والمطر
والطير الغالب تأتي فتأكل الثمرة والدود وعفن الثمار في رؤس الشجر والسموم
تصيب الثمرة والعطش يصيب الثمرة من انقطاع مائها أو السماء احتبست عن الثمرة
حتى ماتت أترى هذا من الجوائح (قال) قال مالك في الماء إذا انقطع عن الثمرة
ماء العيون وضع عن المشترى ما ذهب من الثمرة من قبل الماء قليلا كان أو كثيرا وما
بقي فهو للمشترى مما يصيبه من الثمن لان البائع حين باع الثمرة إنما باعها على الماء
فكل ما أصيب من قبل الماء فإنما سببه من قبل البائع ولا يشبه الماء سواه من الجوائح
* (قلت) * وماء السماء إذا انقطع عن الثمرة أهو عند مالك بمنزلة ماء العيون (قال) لم
أسمع من مالك في ماء المطر شيئا إلا أنه قال ما كان من فساد الثمرة من قبل العطش
من الماء وضع عن المشترى قليلا كان أو كثيرا فأرى ماء السماء وماء العيون سواء إذا
37

كان إنما حياتها سقيها (قال) وأما ما سألت عنه من عفن الثمرة والنار والبرد والغرق
وما سألت عنه كله فان ذلك جائحة من الجوائح توضع عن المشترى ان أصابت الثلث
فصاعدا (قال) وهو رأيي في جميع ما سألت عنه * (قال) * وقال مالك في الجيش يمرون
بالنخل فيأخذون ثمرته (قال) هو جائحة من الجوائح * (قال ابن القاسم) * ولو أن
سارقا سرقها كانت جائحة أيضا في رأيي (قال ابن نافع) ليس السارق بجائحة
(في جائحة الحائط المساقى)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت نخلا إلى رجل مساقاة فلما عمل أصابت الثمرة جائحة برد
أو جراد أو ريح فأسقطته ما تقول في ذلك وهل سمعت من مالك فيه شيئا (قال)
سألت مالكا عن ذلك فقال أراه جائحة توضع عنه (وذكر) سعد بن عبد الله عن
مالك قال إذا كان الذي أصابه أقل من الثلث لم يوضع عنه سقى شئ من الحائط ولزمه
عمل الحائط كله وإذا أصاب الثلث فصاعدا كان بالخيار ان شاء ساقي الحائط كله
وان شاء وضع عنه سقى الحائط كله ولقد تكلم به مالك وأنا عنده قاعد فلم أحفظ
تفسيره وكان سعد أقرب إليه منى فأخبرني به سعد
(الرجل يكترى الأرض وفيها النخل فتصيبها جائحة)
* (قلت) * أرأيت أن اكتريت أرضا بيضاء وفيها سواد فاشترطت السواد أيكون
ذلك جائزا (قال) قال مالك نعم إذا كان السواد الثلث فأدنى فاكترى الأرض
واشترط السواد فأثمر السواد فأصابته جائحة أتت على جميع الثمرة أيوضع للمتكارى
شئ أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا يوضع عنه شئ للجائحة لان السواد إنما
كان ملغى وكان تبعا للأرض * (قلت) * وكذلك الدار أيضا يكتريها الرجل وفيها نخلات
يسيرة فاشترطها المتكاري فأصابت الثمرة جائحة انه لا يوضع للمتكارى شئ من
الكراء للذي أصابته الجائحة من الثمرة (قال) نعم كذلك قال مالك * (قلت) * أرأيت
ما سألتك عنه من الرجل اكترى الدار فاستثنى النخل وذلك جائز لان النخل
38

أقل من الثلث فأثمرت النخل فأصابت الثمرة جائحة أيوضع عنه لذلك شئ من الكراء
في قول مالك (قال) نعم لا يوضع عنه للجائحة من الكراء قليل ولا كثير * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) نعم كذلك قال مالك * (قلت) * ولم لا توضع عنه الجائحة وقد
وقع الكراء على ثمرة النخل وعلى كراء الدار (قال) لان ثمرة النخل لم يقع عليها من
الكراء شئ وان اشترطت وإنما هي تبع للدار وهي تشترط وليس فيها ثمر فيجوز
فهذا يدلك على أنها لغو * (قلت) * أرأيت أن اكتريت دارا وفيها نخل كثيرة
وليس النخل تبعا للدار فاكتريت الدار واشترطت ما في رؤس النخل من الثمر
(قال) إن كان ما في رؤس النخل من الثمر قد طاب للبيع فذلك جائز وإن كان ما في
رؤس النخل لم يحل بيعه فلا يجوز ذلك والكراء باطل * (قلت) * فإن كان ما في رؤس
النخل قد حل بيعه فاكتريت الدار واشترطت ما في رؤس النخل (قال) ذلك
جائز * (قلت) * فان أصابت الثمرة التي في رؤس النخل جائحة وأصابت الجائحة ثلث
ثمرة النخل فصاعدا (قال) يوضع ذلك عن المتكارى الذي اشترط ثمرة النخل
* (قلت) * وكيف يوضع ذلك عن المتكارى (قال) ينظر إلى قيمة ثمرة النخل يوم
اكتري الدار والى مثل كراء الدار ثم يقسم الثمن على ذلك فما أصاب الثمرة من
ذلك فهو ثمن للثمرة فان أصابت الجائحة ثلث الثمرة وضع عنه ثلث الثمن من حصة
ما أصاب الثمرة من جميع ما نقد المتكارى وان أصابت الجائحة أقل من الثلث لم
يوضع عنه من ذلك قليل ولا كثير
* (تم كتاب الجوائح والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي) *
* (الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويليه كتاب الشركة) *
39

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله رب العالمين) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الشركة)
(في الشركة بغير مال)
* (قلت) * لعبد الرحمن بن القاسم هل تجوز الشركة في قول مالك بغير مال من واحد
من الشريكين يقول أحدهما لصاحبه هلم نشترك نشترى ونبيع يتفاوضان في ذلك
قد فوض هذا إلى هذا وهذا إلى هذا فما اشترى هذا فقد فوض هذا إليه وقبل شراءه
وضمن معه ان اشترى وما اشترى هذا أيضا كذلك أتجوز هذه الشركة فيما بينهما
(قال) لا يجوز هذا عندي لان مالكا قال في رجلين ليس لهما رأس مال أولهما رأس
مال قليل خرج أحدهما إلى بلد من البلدان وأقام الآخر فقال له صاحبه اشتر هنالك
وبع فما اشتريت وبعت فأنا له ضامن معك وما اشتريت أنا وبعت فأنت له ضامن معي
(قال) قال مالك لا تجوز هذه الشركة وأحدهما يجهز على صاحبه وكذلك مسألتك
لا تجوز وان كانا مقيمين (قال ابن القاسم) لان هذا عندي يكره من هذا الوجه
لان هذا يقول له تحمل عنى بنصف ما اشتريت على أن أتحمل عنك بنصف
ما اشتريت فلا يجوز هذا وإنما الشركة على الأموال أو على الاعمال بالأبدان إذا
كانت الاعمال واحدة * (قلت) * أرأيت أن اشتركا بغير مال على أن يشتريا الرقيق
بوجوههما فما اشتريا فهو بينهما لهما ربحه وعليهما وضيعته (قال) ما سمعت من مالك
في هذا شيئا ولا تعجبني هذه الشركة مثل ما قال مالك في الشريكين اللذين أخبرتك
40

بهما يشتريان ويبيعان هذا في بلد وهذا في بلد ولا رأس مال لهما * (قلت) * فان اجتمعا
في صفقة واحدة فاشتريا رقيقا بوجوهما وليس لهما رأس مال (قال) هذا جائز
والشركة في هذا الرقيق إذا اجتمعا في شرائهما في صفقة واحدة كانت الرقيق بينهما
وهما شريكان في هذه الرقيق * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم هذا قول مالك
لان الرجلين لو اشتريا رقيقا بنسيئة كان شراؤهما جائزا وكان الرقيق بينهما * (قلت) *
أرأيت أن اشتريا هذه الرقيق في صفقة واحدة بالدين على أن كل واحد منهما حميل
بما على صاحبه أيجوز هذا أم لا في قول مالك (قال) لا بأس بذلك عند مالك
* (قلت) * فما فرق ما بين هذين اللذين اجتمعا في شراء هذه الرقيق في صفقة واحدة
وبين اللذين اشتركا في شراء الرقيق وبيعها على أنهما شريكان في كل ما اشترى كل
واحد منهما من الرقيق وباع جوزت الشركة للذين اجتمعا في صفقة واحدة ولم
تجوزها لهذين اللذين اشتركا وفوض بعضها إلى بعض (قال) لان البائع هاهنا
إنما وقعت عهدته عليهما جميعا إذا اشتريا في صفقة واحدة ثم رضى على أن كل واحد
منهما حميل بما على صاحبه بعضهما عن بعض وأما اللذان فوض بعضهما إلى بعض
فالبائع إنما باع أحدهما ولم يبع الآخر وإنما اشترك هذان اللذان تفاوضا بالذمم وليس
تجوز الشركة بالذمم وإنما تجوز الشركة بالأموال أو بالاعمال بالأيدي * (قلت) *
أرأيت أن أقعدت رجلا في حانوت وقلت له أتقبل عليك المتاع وتعمل أنت على أن
ما رزق الله فبيننا نصفين (قال) لا يجوز هذا عند مالك * (قلت) * أرأيت الشركة
بغير مال أتجوز (قال) لذي سمعت من مالك إنما سمعت أن الشركة لا تجوز الا على
التكافؤ في الأموال وما سمعت منه في الذمم شيئا (قال) وقد كره الشركة بالذمم
* (قال ابن القاسم) * ولا تصلح الشركة الا في المال والعين والعمل بالأيدي ولا تصلح
الشركة بالذمم إلا أن يكون شراؤهما في سلعة حاضرة أو غائبة إذا حضرا جميعا الشراء
وكان أحدهما حميلا بالآخر * (قلت) * فان اشتركا بغير مال اشتركا بوجوههما على أن
يشتريا بالدين ويبيعا فاشترى كل واحد منهما سلعة على حدة أيلزم كل واحد منهما
41

نصف ما اشترى صاحبه أم لا (قال) لا تعجبني هذه الشركة * (قلت) * أتحفظه عن
مالك (قال) لا أقوم على حفظه الساعة وقد أخبرتك في أول مسائل الشركة بما
حفظت عن مالك في هذا * (ابن وهب) * عن عامر بن مرة الحيصبي عن عمرو بن
الحرث عن ربيعة أنه قال في رجلين اشتركا في بيع بنقد أحدهما فقال ربيعة لا يصلح
هذا وقال الليث مثله
(في الصناع يشتركون على أن يعملوا في حانوت واحد)
* (وبعضهم أعمل من صاحبه) *
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت الصباغين أو الخياطين إذا اشتركوا على أن يعملوا في
حانوت واحد وبعضهم أفضل عملا من بعض أتجوز هذه الشركة بينهم (قال) قال
مالك إذا اشتركوا على أن يعملوا في حانوت واحد فالشركة جائزة (قال ابن القاسم)
والناس في الاعمال لابد أن يكون بعضهم أفضل عملا من بعض
(في الصانعين يشتركان بعمل أيديهما)
* (قلت) * أرأيت الحدادين والقصارين والخياطين والصواغين والخرازين والسراجين
والفرانين وما أشبه هذه الاعمال هل يجوز لهم أن يشتركوا (قال) قال مالك إذا
كانت الصناعة واحدة خياطين أو قصارين أو حدادين أو فرانين اشتركا جميعا على
أن يعملا في حانوت واحد فذلك جائز ولا يجوز أن يشتركا فيعمل هذا في حانوت
وهذا في حانوت أو هذا في قرية وهذا في قرية أخرى ولا يجوز أن يشتركا وأحدهما
حداد والآخر قصار وإنما يجوز أن يكونا حدادين جميعا أو قصارين جميعا على ما وصفت
لك * (قلت) * أرأيت أن اشتركا على عمل أيديهما وهما قصاران جميعا ولا يحتاجان إلى
رأس مال واشتركا على أن على هذا من العمل الثلث وعلى هذا الثلثين وعلى أن لصاحب
الثلث من كل ما يصيبان الثلث ولصاحب الثلثين الثلثين وعلى أن صاحب الثلث
ثلث الصباغ وعلى صاحب الثلثين ثلثي الصباغ (قال) لا بأس بذلك مثل الشركة في
42

الدراهم لأنهما إذا اشتركا بعمل أيديهما جعل عمل أيديهما مكان الدراهم فما جاز في
الدراهم جاز في عمل أيديهما * (قلت) * وكذلك أن اشترك جماعة قصارون أو جماعة
حدادون في حانوت واحد في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن احتاج
الصباغون إلى رأس مال أو أهل الاعمال ممن سواهم كيف يشتركان (قال) يخرجان
رأس المال بينهما بالسوية فيشتركان في أعمالهما يعملان جميعا * (قلت) * فان أخرج
أحدهما من رأس المال الثلثين وأخرج الآخر من رأس المال الثلث على أن يعملا جميعا
فما أصابا فهو بينهما نصفين (قال) لا تجوز هذه الشركة عند مالك وان اشتركا
فأخرج أحدهما الثلث من رأس المال وأخرج الآخر الثلثين فاشتركا على أن على
صاحب الثلثين من العمل الثلثين وعلى صاحب الثلث من العمل الثلث والربح بينهما
على الثلث والثلثين لصاحب الثلث الثلث ولصاحب الثلثين الثلثان فذلك جائز عند
مالك. وقد قال مالك في الرجلين يشتركان على أن يخرج أحدهما الثلث من رأس المال
ويخرج الآخر الثلثين على أن العمل عليهما نصفين والربح بينهما نصفين (قال مالك)
لا خير في هذه الشركة (قال) وان اشتركا على أن يكون من عند أحدهما ثلثا رأس
المال ومن الآخر الثلث على أن صاحب الثلثين ثلثي العمل وعلى صاحب الثلث
ثلث العمل والربح بينهما على الثلث والثلثين لصاحب الثلثين الثلثان ولصاحب الثلث
الثلث والوضعية بينهما على ذلك (قال مالك) هذا جائز وكذلك الشريكان في القصارة
والخياطة والصباغة وجميع أهل الاعمال الذين يعملون بأيديهم إذا احتاجوا إلى رأس
مال يعملون به مع عملهم بأيديهم (قال ابن القاسم) ومن الاعمال أعمال لا يحتاجون فيها إلى رأس مال فلا بأس أن يشتركوا في أيديهم
(في القصارين يشتركان على أن المدقة والقصارى من عند أحدهما)
* (والحانوت من عند الآخر على أن ما رزق الله بينهما نصفين) *
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت لو أن قصارين اشتركا على أن المدقة والقصارى ومتاع
القصارة من عند أحدهما والحانوت من عند الآخر على أن ما رزق الله بينهما نصفين
43

(قال) لا يعجبني هذا ولم أسمعه من مالك إلا أنى سمعت مالكا يقول في الرجل
يأتي بالدابة والآخر بالرحا فيعملان كذلك اشتركا على أن ما رزق الله بينهما نصفين
ان ذلك غير جائز فأرى مسألتك مثل هذا أنه غير جائز إذا كانت اجارتهم مختلفة
* (قلت) * أرأيت أن اشترك قصاران من عند أحدهما المدقة والقصارى وجميع
الأداة تطاول بذلك على صاحبه على أن ما رزق الله بينهما نصفين أيجوز هذا في قول
مالك (قال) لا خير في هذه الشركة إذا كان للأداة قدر وقيمة كبيرة لان مالكا قال
في الرجلين يشتركان في الزرع وتكون الأرض لأحدهما لها قدر من الكراء فاشتركا
على أن يلغى صاحب الأرض كراءها لصاحبه ويخرجا ما بعد ذلك من العمل
والبذر بينهما بالسوية (قال) لا خير في ذلك إلا أن يخرج الذي لا أرض له نصف
كراء الأرض ويكون جميع العمل والبذر بينهما بالسوية فكذلك الشركة في العمل
بالأيدي لا تصلح إلا أن تكون الأداة منهما جميعا * (قلت) * أرأيت أن كانت أداة
العمل من عند أحدهما فاستأجر شريكه الذي لا أداة عنده نصف تلك الأداة
واشتركا على أن ما رزق الله بينهما نصفين (قال) هذا جائز مثل الشريكين في الزرع
والأرض من عند أحدهما على أن نصف كراء الأرض على شريكه * (قلت) * أرأيت
ان تطاول عليه بالشئ القليل من أداة القصارة مثل المدقة والقصرية (قال) إن كان
شيئا تافها يسيرا لا قدر له في الكراء فلا أرى به بأسا لان مالكا قال في الشريكين
في الزرع يكون لأحدهما الأرض ولا خطب لها في الكراء فرب بلدان لا يكون
للأرض عندهم كبير كراء مثل بعض أرض المغرب وما أشبهها تكون الأرض
العظيمة كراؤها الشئ اليسير (قال مالك) فلا أرى بأسا أن يلغى كراء تلك الأرض
فلا يؤخذ لها كراء إذا كان كراؤها تافها يسيرا ويكون ما بقي بعد كراء هذه الأرض
بينهما بالسوية
44

(في الرجال يأتي أحدهم بالبيت والآخر بالرحا والآخر بالبغل)
* (فيشتركون على أن ما رزق الله بينهم بالسوية) *
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت أن اشتركنا ثلاثة نفر لي بيت ولصاحبي الرحا ولصاحبي
الآخر البغل على أن ما أصبنا من شئ فهو بيننا سواء وجهلنا أن يكون هذا غير جائز
فعملنا على هذا فأصبنا مالا (فقال) يقسم المال بينهم أثلاثا إن كان كراء البيت والدابة
والرحا معتدلا * (قلت) * فإن كان مختلفا (قال) يقسم المال بينهم أثلاثا لان رؤس
أموالهم عمل أيديهم فقد تكافؤا فيه ويرجع من له فضل كراء في متاعه على أصحابه
* (قلت) * فإن لم يصيبوا شيئا (قال) يترادون ذلك فيما بينهم يرجع بذلك بعضهم على
بعض إن لم يصيبوا شيئا بفضل الكراء وهذا عندي مثل ما قال مالك في الرجلين
يشتركان يأتي أحدهما بمائة درهم والآخر بخمسين درهما على أن الربح بينهما نصفين
قال مالك لا خير فيه ويقتسمان الربح على قدر رؤس أموالهما ويقام لصاحب الخمسين
الزائدة عمله في خمسة وعشرين درهما لان الخمسين الزائدة عملا فيها جميعا فعمل صاحب
الخمسين الزائدة في خمسة وعشرين منها وعمل صاحبه في خمسة وعشرين من الخمسين الزائدة
فله أجر مثله فيما عمل فإن لم يربحا ووضعا كانت الوضيعة عليهما على قدر رؤس أموالهما
ويكون لصاحب الخمسين أجر عمله في الخمسة والعشرين الزائدة التي عمل فيها (قال)
وسألنا مالكا عن الرجل يأتي بالرحا ويأتي الآخر بالدابة يعملان جميعا على أن ما اكتسبا
فهو بينهما قال مالك لا خير في ذلك فلما قال مالك لا خير في ذلك فسرنا ما سألتنا عنه
من المسألة التي كرهها مالك * (قلت) * أرأيت أن اشتركوا على أن الرحا من أحدهم
والبيت من آخر والدابة من آخر على أن على رب البغل العمل فعمل على هذا (قال)
العمل كله لصاحب الدابة الذي عمل وعليه أجر الرحا والبيت * (قلت) * وإن لم يصب
شيئا (قال) نعم وإن لم يصب شيئا * (قلت) * لم جعلت جميع العمل لهذا الذي اشترطوا
عليه العمل ولم تجعل أصحابه معه شركاء في الرحا والبيت وقد أشركت بين الذين عملوا
بأيديهم في المسألة الأولى (قال) لان أولئك لم يسلم بعضهم إلى بعض ما في يديه وكأن
45

بعضهم آجر سلعة بعض على أن اشتركوا في العمل بأيديهم وان هذا الذي سألت عنه
الذي شرط عليه العمل وحده ولم يعمل أصحابه معه أسلم إليه الرحا والبيت فعمل بهما
فهو كأنه أعطى رحا وبيتا وقيل له اعمل فيه على أن لك نصف ما تكسب ولنا النصف
أو الثلث فإنما هو استأجر هذه الأشياء بثلث أو بنصف ما يكسب فيها فالإجارة فاسدة
فعليه أجر مثلها * (قال) * وقال مالك في الرجل يدفع إلى الرجل دابته أو سفينته يعمل
عليها على نصف ما يكسب عليها (قال) ما أصاب على الدابة أو السفينة فهو له ويعطى
رب الدابة أجر مثلها فالرحا والبيت عندي مثل الدابة التي يعمل عليها على النصف عند
مالك وإنما قسمت المال في هذه المسألة على الأبدان وجعلت الأبدان رؤس الأموال
لان ما أخرجوا من المتاع له أجرة فقد تكافؤا في عملهم بأيديهم فإذا كانت إجارة
ما أخرجوا من المتاع معتدلة فقد أكرى كل واحد منهم متاعه بمتاع صاحبه وكانت
الشركة صحيحة ألا ترى لو أن هؤلاء الثلاثة أرادوا أن يشتركوا والمتاع لأحدهم
فاكتروا منه ثلثي ما في يديه لجازت شركتهم إذا اعتدلت هذه الأشياء بينهم فكذلك
إذا كان لكل واحد منهم شئ على حدة وكراؤه معتدل ان كل واحد منهم كأنه
أكرى متاعه بمتاع صاحبه وإن كان مختلفا أعطى من له فضل ما بقي من فضله ولم
تكن الدواب رؤس الأموال مثل الدنانير والدراهم إذا اختلفت أن يخرج هذا مائتين
وهذا مائة ويكون الربح بينهما بشطرين والوضيعة كذلك فيكون الربح لرأس المال
لأنه مما لا يجوز أن يؤاجر والرجال يؤاجرون فيقسم الفضل على المال ويعطى الذين
تجوز اجارتهم عمل مثلهم فيما أعانوا من له الفضل في رأس ماله كان في ذلك ربح أو
وضيعة أو لا ترى لو أن صاحب المائتين شرط على صاحب المائة العمل لكان فاسدا
فان وقع فضل أو كانت وضيعة فعلى المال أو للمال لأنه لا يؤاجر وهو رأس المال وأعطى
العامل أجر مثله فيما عمل في مال صاحب المائتين أو لا ترى أن الذين اشتركوا بأبدانهم
وأخرجوا الرحا والبيت والبغل لما شرطوا العمل على رب البغل كان الربح له
والوضيعة عليه وكان أجر الرحا والبيت لان لهم أجره وصار عمله كأنه رأس المال
46

وهذا يذهب أصل قول مالك والله سبحانه وتعالى أعلم
(في الصانعين والشريكين بعمل أيديهما يمرض أحدهما أو يغيب)
(* قلت) * أرأيت قصارين أو حدادين وأهل الصناعات كلها اشترك أهل نوع على
أن ما رزق الله بينهما فمرض أحدهما وعمل الآخر (قال مالك) إذا اشتركا وكانا في
حانوت فمرض أحدهما وعمل الآخر فالعمل بينهما لان هذا أمر جائز بين الشركاء
(قال ابن القاسم) ولكن ان مرض فتطاول به مرضه أو ما أشبهه أو غاب فتطاول
ذلك فهذا يتفاحش فان عمل الحاضر والصحيح فأحب أن يجعل نصف العمل لشريكه
الغائب أو المريض من غير شرط كان بينهما في أصل الشركة انه من مرض مثل
المرض الطويل أو غاب مثل الغيبة البعيدة فما عمل الآخر فهو بينهما فإذا لم يكن هذا
الشرط وأراد العامل أن يعطى المريض أو الغائب نصف ما عمل فلا بأس بذلك
وإن كان الشرط بينهما فالشركة فاسدة * (قلت) * أتحفظ هذا عن مالك في المرض
الطويل والغيبة الطويلة (قال) لا إلا أن مالكا قال لي يتعاون الشريكان في المرض
والشغل فحملت أنا ذلك على المرض الخفيف والغيبة القريبة * (قلت) * فإن كان هذا
الشرط بينهما وأفسدت هذه الشركة كيف يصنع بما عملا (قال) يكون ما عملا
إلى يوم مرض أو غاب بينهما على قدر عملهما وما عمل الصحيح بعد المريض أو
الحاضر بعد الغائب فذلك للعامل ولا يكون لصاحبه فيه شئ
(في الصانعين الشريكين بعل أيديهما أيضمن)
* (أحدهما ما دفع إلى شريكه يعله) *
* (قلت) * أرأيت لو أن قصارين اشتركا أو خياطين أيضمن كل واحد منهما ما يقبل
صاحبه (قال) نعم لان مالكا قال شركتهما جائزة فأرى ضمان كل واحد منهما جائزا
على صاحبه وصاحبه ضامن لما ضمن هذا فأري أن على كل واحد منهما ضمان ما ضمن
صاحبه من عملهما
47

(في الصانعين الشريكين يعمل أيديهما يدفع إلى أحدهما العمل)
* (يعمله فيغيب أو يفاصل شريكه أيلزم بما دفع إلى شريكه) *
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى خياط ثوبا ليخيطه فغاب الذي دفعت إليه الثوب
وأصيب شريكه أيكون لي أن ألزمه بخياطة الثوب في قول مالك (قال) نعم * (قلت) *
أرأيت أن افترقا فلقيت الذي لم أدفع إليه الثوب أيكون لي أن ألزمه بخياطة الثوب
(قال) نعم * (قلت) * لم وقد افترقا (قال) لان عهدتك وقعت عليهما قبل فرقتهما
فلك أن تأخذ أيهما شئت بعملك لان كل واحد منهما ضامن عن صاحبه * (قلت) *
وكذلك لو أنى بعت أحد الشريكين سلعة من السلع بدين إلى أجل ثم افترقا فلقيت
الذي لم أبعه شيئا بعد فرقتهما أيكون لي أن آخذه بالدين (قال) نعم لان عهدتك وقعت عليهما قبل فرقتهما وكل واحد منهما ضامن لما على صاحبه
(في شركة الأطباء والمعلمين)
* (قلت) * هل تجوز شركة الأطباء يشترك رجلان على أن يعملا في مكان واحد
يعالجان ويعملان فما رزق الله بينهما نصفين (قال) سألت مالكا عن المعلمين يشتركان
في تعليم الصبيان على أن ما رزق الله بينهما نصفين (قال) ان كانا في مجلس واحد فلا
بأس به (قال) وان تفرقا في مجلس فلا خير في ذلك * (قال) * وكذلك الأطباء عندي
إذا كان ما يشتريانه من الأدوية إن كان له رأس مال يكون بينهما جميعا بالسوية
(في شركة الحمالين على رؤسهما أو دوابهما)
* (قلت) * هل تجوز الشركة في قول مالك بين الجمالين والبغالين والحمالين على رؤسهم
وجميع الأكرياء الذين يكرون (قال) لا يجوز ذلك * (قلت) * لم لا تجوز
ولم لا تجعل هذا بمنزلة الشركة في عمل الأيدي (قال) ألا ترى أن مالكا لم يجوز
الشركة في عمل الأيدي إلا أن يجتمعا في حانوت واحد ويكون عملهما نوعا واحدا
سراجين أو خياطين أو دواب هذا تعمل في ناحية ودواب هذا تعمل في ناحية فهذا
48

غير جائز إلا أن يعملا في موضع واحد لا يختلفان مثل أن يتقبلا الشئ يحملانه
جميعا ويتعاونان فيه جميعا ألا ترى أيضا أن الشركة لا تجوز بين أهل الصناعات إذا
كانت الأداة لأحدهما دون الآخر ولم تجز الشركة بينهما أيضا إذا كانت الأداة
مختلفة بعضها من هذا وبعضها من هذا إذا كانت الأداة كثيرة لها قيمة مختلفة
حتى يكونا شريكين في جميع الأداة فتكون الأداة التي يعملان بها بينهما جميعا فما
ضاع أو تلف فمنها جميعا وما سلم فبينهما جميعا وان كانت الأداة تافهة يسيرة
فلا بأس أن يتطاول بها أحدهما على صاحبه. فهذا أيضا يدلك على أن الشركة بالدواب
غير جائزة ولو استأجر الذي لا أداة له من شريكه نصف الأداة واشتركا كان ذلك
جائزا على مثل الشركة في الأرض وقد فسرت ذلك لك * (قال سحنون) * وقد روي
ابن غانم في شركة الحرث عن مالك اختلافا فيما يخرجان من البقر والأداة بينهما
فتكون المصيبة منهما جميعا. وروى غيره وهو ابن القاسم إذا كان ما يخرج هذا
من البقر والأداة ويخرج الآخر من الممسك (1) والا رض مستوية في كرائه ان ذلك
جائز بعد أن يعتدلا في الزريعة * (قلت) * فما تقول في الدابة تكون لرجل فيأتيه
رجل فيستأجر نصفها ثم يشتركان في العمل عليها فما أصاب فبينهما (قال) لا بأس
به وما سمعت في هذا شيئا * (قلت) * أرأيت أن كان لي بغل ولصاحبي بغل فاشتركنا
على الحمولة التي تحمل على البغلين (قال) ما أرى بأسا إذا كانا يحملان جميعا فيحملان
على دابتهما لان هذين يصير عملهما في موضع واحد وهذا مثل أن يتقبلا الشئ
يحملانه إلى موضع واحد وإن كان يعمل كل واحد منهما على حدته فلا خير فيه
(في الرجلين يشتركان على أن يحتشا أو يحتطبا)
* (على أنفسهما أو دوابهما) *
* (قلت) * هل يجوز للشريكين أن يشتركا على أن يحتطبا الحطب فما احتطبا من شئ
فهو بينهما نصفين (قال) ان كانا يعملان جميعا معا في موضع واحد فلا بأس بذلك
وذلك جائز وان كانا يحتطبان كل واحد منهما على حدة فما حطب هذا فهو بينهما
49

وما حطب هذا فهو بينهما فهذا لا يجوز مثل قول مالك في الخياطين يعملان هذا
في حانوت وهذا في حانوت * (قلت) * وكذلك أن اشتركا على أن يحتشا الحشيش
أو يجمعا بقل البرية أو ثمار البرية فيبيعانه فما باعا من شئ فهو بينهما أو اشتركا على
أنهما إذا جمعا ذلك اقتسماه بينهما (قال) إذا كانا يعملان ذلك معا فما احتشا اقتسما
بينهما أو ما جمعا من الثمار أو ما باعا من ذلك فالثمن بينهما فلا بأس به * (قلت) *
أرأيت أن اشتركا على أن يحتطبا على دوابهما أو على غلمانهما أويحتشا عليهم أو يلقطا
الحطب أو الثمار أو يحملاه على الدواب إلى مصر فيبيعان ذلك أتجوز هذه الشركة في
قول مالك أم لا (قال) إذا كانا جميعا يعملان في عمل واحد لا يفترقان فذلك جائز
وهذا بمنزلة ما لو عملا بأيديهما في شئ واحد وقد قال مالك في الزرع يشتركان فيه
فيأتي كل واحد منهما بثورة أو بغلامه وما أشبه هذا من أداة الحرث (قال) مالك
ذلك جائز وهذا بمنزلته * (قلت) * فما تقول في الرجلين يخرجان دابتيهما على أن يكرياهما
ويعملا جميعا معا فما رزق الله بينهما (قال) لا يعجبني هذا لان الكراء ربما أكرى
أحدهما ولم يكر الآخر وليس هو أمرا يدوم العمل عليهما مثل الرجلين اللذين يعملان
بأيديهما ذلك يعملان فيما قل أو كثر مما استعملا ولو أجزت لك هذا لأجزت لك
أن يشترك الرجلان على أن يحملا على رقابهما فهذا لا يجوز على أن يكونا حمالين
عندي لان هذا يحمل إلى حارة بنى فلان وهذا إلى حارة بني فلان فالعمل مفترق
فلا تجوز الشركة فيه وكذلك الدواب هو عندي مفترق ولا أحفظ من مالك فيه
شيئا أقوم لك عليه الساعة إلا أن يكونا مجتمعين في كل ما يعملان ولا يفترقان فلا بأس
به وإن كان ذلك لا يقدر عليه ولا بد من افتراقهما فلا خير فيه
(في الرجلين يشتركان في صيد السمك أو الطير في نصب)
* (الشرك وصيد البزاة والكلاب) *
* (قلت) * فان اشتركا على صيد السمك وصيد الطير وصيد الوحش (قال) نعم ذلك
جائز إذا كانا يعملان بحال ما وصفت لك * (قلت) * وكذلك أن اشترك صيادان
50

يصيدان السمك أو الطير بالشباك أو الشرك أو الوحش فهو على ما وصفت لي (قال)
نعم * (قلت) * أرأيت أن اشتركا في نصب الشرك والحبالات للطير والوحش أيجوز
ذلك (قال) إذا كانا يعملان جميعا فلا بأس به * (قلت) * أرأيت أن اشتركا في صيد
البزاة وصيد الكلاب على أن ما صادا ببازيهما أو بكلبيهما فذلك بينهما نصفين أيجوز
ذلك (قال) لا أرى ذلك إلا أن يكون البزاة والكلاب بينهما أو يكون البازان يتعاونان
والكلبان فيكون طلبها واحدا وأخذهما واحدا فلا يفترقان في ذلك
(في الشركة في حفر القبور والمعادن)
* (قلت) * أرأيت أن اشتركا في حفر القبور وحفر المعادن والآبار والعيون وبناء البنيان
وعمل الطين وضرب اللبن وطبخ القراميد وقطع الحجارة من الجبال (قال) ذلك جائز
كله عند مالك لأنهما يجتمعان في هذا جميعا معا فإن كان يعمل هذا في ناحية وهذا في
ناحية فلا يجوز ذلك لان الشريكين في الاعمال بالأيدي لا يجوز لهما أن يعملا الا في
حانوت واحد فكذلك هذان لا يجوز لهما أن يعملا الا في موضع واحد * (قلت) *
أرأيت أن اشتركا في حفر المعادن (قال) ما أرى به بأسا إذا كانا يقبلان جميعا في موضع
واحد يحفران فيه ولا يعمل هذا في غار وهذا في غار * (قلت) * فإذا عملا في المعادن
جميعا فما أدركا من نيل فهو بينهما في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن مات
أحدهما بعد ما أدركا النيل (قال) قال مالك في المعادن لا يجوز بيعها لأنها إذا مات
صاحبها الذي عملها أقطعها السلطان لغيره فلذلك لا يجوز بيعها فأرى المعادن لا تورث
إذا مات صاحبها رجعت إلى السلطان فرأى فيها رأيه ويقطعها لمن يرى وينبغي له أن
ينظر في ذلك لجميع المسلمين (وقد سئل) مالك عما ظهر من المعادن مثل معادن أفريقية
ماذا يرى فيها (قال) أرى ذلك للامام ينظر للناس فيها يعملونها ولا يراها لأهل
البلد * (قلت) * أرأيت أن اشتركا في حفر الكحل والزرنيخ فمات أحدهما أيكون
للسلطان أن يجعله مثل المعادن في قول مالك أم يجعله لورثة الميت وما كان من معادن
النحاس والرصاص والجوهر كله كيف يكون سبيله (قال) أرى سبيله مثل
51

ما وصفت لك في الذهب والفضة إذا مات العامل صنع السلطان فيها مثل
ما يصنع في معادن الذهب والفضة
(في الشركة في طلب اللؤلؤ والعنبر وما يقذف البحر)
* (قلت) * أتجوز الشركة في استخراج اللؤلؤ من البحر وطلب العنبر على ضفة البحر
وجميع ما يقذف البحر والغوص في البحر (قال) لا بأس بذلك إذا كانا يعملان جميعا
بمنزلة ما يكون في المركب يركبان جميعا ويقذفان جميعا ويتعاونان جميعا وكذلك
الصيادان يخرجان جميعا في المركب فيقذفان جميعا ويصيدان ويتعاونان جميعا فيما يحتاجان
إليه (قال) فلا بأس بذلك إذا كانا يعملان في موضع واحد مثل ما وصفت لك
(في الشركة في طلب الكنوز)
* (قلت) * فان اشتركا على أن يطلبا الكنوز والركاز وكل ما كان من دفن الجاهلية
وغسل ترابهم (قال) قال مالك لا يعجبني الطلب في بيوت الجاهلية ولا في قبورهم
(قال مالك) ولا أراه حراما ولا يعجبني أن يطلب الأموال في قبورهم وآثارهم (قال
ابن القاسم) وغسل ترابهم عندي خفيف وكل ما سألت عنه فلا أرى بذلك بأسا
إذا كانا يعملان جميعا بحال ما وصفت لك
(في الشركة في الزرع)
* (قلت) * أرأيت لو كانت الأرض من عندي والبقر من عند شريكي والبذر من
عندنا جميعا والعمل علينا جميعا أتجوز هذه الشركة أم لا في قول مالك (قال) قال
مالك إذا كان كراء الأرض وكراء البقر سواء جازت الشركة بينكما * (قلت) *
أرأيت أن كانت البقر أكثر كراء أو الأرض أكثر كراء أتجوز هذه الشركة فيما بينهما
(قال) قال مالك لا أحبها حتى يعتدلا (قال) وقد كان مالك يقول في الأرض التي
لا كراء لها مثل أرض المغرب التي لا تكرى إنما يمنحونها الناس (قال مالك) لو أن
رجلا أخرج أرضا من هذه الأرض وألغاها وتكافآ فيما بعد ذلك من النفقات والبذر
52

لم أر بذلك بأسا. وأما كل أرض لها كراء (قال مالك) فلا يعجبني أن تقع الشركة
بينهما الا على التكافؤ * (قلت) * أرأيت أن اشتركا فأخرج أحدهما البذر من عنده
وأخرج الآخر الأرض من عنده وتكافآ فيما سوى ذلك من العمل وكراء الأرض
وقيمة البذر سواء (قال مالك) لا خير فيه * (قلت) * لم وقد تكافأ في العمل وقيمة
كراء أرضه مثل قيمة بذر هذا (قال) لان هذا كأنه اكراه نصف أرضه بنصف
بذره فلا يجوز أن يكريه الأرض بشئ من الطعام * (قلت) * ولا تصلح الشركة في
الزرع عند مالك إلا أن يكون البذر بينهما ويتكافآ فيما بعد ذلك من العمل (قال)
نعم كذلك قال مالك إذا أخرجا البذر من عندهما جميعا ثم أخرج أحدهما البقر
والآخر الأرض أو كان العمل من عند أحدهما والبقر والأرض من عند الآخر
وقيمة ذلك سواء فلا بأس بذلك وإنما كره مالك ما أخبرتك من البذر أن يكون من
عند أحدهما والأرض من عند الآخر لان هذا يصير كراء الأرض بالطعام فأما
ما سوى هذا فلا بأس أن يخرج هذا بعض ما يصلحهم من أداة الحرث وهذا
بعض ما يصلحهم بعد أن يكون قيمة ما أخرج هذا مثل قيمة ما أخرج هذا * (قلت) *
أرأيت أن اكتريا الأرض جميعا من رجل وأخرج أحدهما البذر وأخرج الآخر
البقر وجميع العمل وكان قيمة البذر وقيمة كراء البقر وجميع عمل الزرع سواء (قال)
لا بأس بذلك عند مالك لأنهما قد سلما من أن يكون هاهنا كراء الأرض بالطعام
وقد تكافأ بحال ما ذكرت لي * (قلت) * أرأيت أن اشتركا على الثلث والثلثين
على أن العمل بينهما كذلك والبذر من عندهما كذلك على الثلثين والثلث أيجوز
هذا في قول مالك أم لا (قال) نعم ذلك جائز عند مالك إذا تكافأ على ذلك
* (وسئل ابن القاسم) * عن الرجل يعطي الرجل الأرض يزرعها ويعطي من البذر
للعامل مثل ما يخرج هو لزراعتها على نصفين يعطيه أرضه على ذلك وهي أرض مأمونة لا يكاد يخطئها عام في أن تروى من الماء فيعمل العامل فيها من سنته وإنما هي أرض تحرث الآن ليكرمها بالحرث ويتركها فإذا كان قابلا إذا احتاج إلى
53

زراعتها زرعها (قال ابن القاسم) إذا كانت أرضا مأمونة لا يخطئها أن تروى في كل
عام فلا بأس بذلك أن شاء الله تعالى فإن كانت غير مأمونة فلا خير فيه لأنه
حين حرث الأرض كان صاحب الأرض قد انتفع بحرث العامل فيها بحرثه
إياها وتكريمه لها بالحرث لما يرجو من زراعتها فحين حرثها وتأخر المطر عنها
ولم ترو انفسخ العمل فيما بينهما وصار هذا قد انتفع بعمل صاحبه فيها فلا أحبه
وأنا أكرهه كراهية شديدة ويكون بمنزلة من تعجل النقد في بيع باعه أو كراء
أكراه مما لا يجوز فيه من تعجيل النقد فيكون من تعجل النقد قد انتفع بما وصل
إليه بغير شئ أوصله إلى صاحبه فهذا لا يجوز * (قلت) * أرأيت لو أن ثلاثة نفر
اشتركوا في زرع فأخرج أحدهم الأرض والآخر البقر والآخر العمل والبذر
بينهم أثلاثا (قال) هذا جائز عند مالك إذا تكافؤا في العمل وكان البذر بينهم بالسوية
* (قلت) * أرأيت أن كان البذر من عند رجلين بالسوية ومن عند الآخر الأرض
وجميع العمل (قال) لا خير في هذا * (قلت) * لمن الزرع (قال) لصاحب الأرض ويعطى
هذا بذرهما * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي (وقد قال غيره) ويكون
الزرع لصاحبي الزريعة ويكون عليهما كراء الأرض وكراء عمل العامل (وقال غيره)
من الرواة بمنزلة القراض إذا كان العمل فيه فاسدا فيكون الربح للمال ويكون للعامل
أجر مثله لان كل ما لا يؤاجر فالربح له والنماء له والوضيعة عليه ولما يؤاجر أجر مثله
والله سبحانه وتعالى أعلم وقد ذكر نحو هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
الزرع لصاحب الزريعة وللآخرين أجر مثلهم
(الشركة بالعروض)
* (قلت) * هل تجوز الشركة بالعروض تكون عندي ثياب وعند صاحبي حنطة أو
دواب فاشتركنا في ذلك أتجوز الشركة فيما بيننا في قول مالك أم لا (قال) قال
مالك نعم لا بأس بذلك * (قال ابن القاسم) * وتفسير ذلك عندي إذا اشتركا على قدر
قيمة سلعة كل واحد منهما بقدر رأس ماله ويكون عليه من الوضيعة بقدر رأس ماله
54

* (قلت) * إذا كان رأس مالهما عرضا من العروض وإن كان مختلفا فلا بأس أن
يشتركا به على القيمة في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * وكيف يقومان ما في أيديهما
وكيف يكونان شريكين أيبيع هذا نصف ما في يديه من صاحبه بنصف ما في يدي
صاحبه إذا كانت القيمة سواء أو يقومان ولا يبيع كل واحد منهما نصف ما في يديه
بنصف ما في يدي صاحبه (قال) إذا قوما ما في أيديهما وكان قيمة ما في أيديهما سواء
وأشهدا على أنهما قد اشتركا بالنصف فقد باعه نصف ما في يديه بنصف ما في يدي
صاحبه إذا قوماه وكانت قيمتهما سواء ثم أشهدا على الشركة فقد باعه نصف سلعته
بنصف سلعة صاحبه وإن لم يذكر البيع * (قلت) أرأيت أن اشتركا بسلعتيهما على أن الربح بينهما نصفين والوضيعة عليهما نصفين وعلى أن يكون رأس مال كل واحد
منهما بالسوية واشتركا في هاتين السلعتين فلما قوما السلعتين كانت أحداهما الثلثين
والأخرى الثلث كيف يصنعان وكيف تقع الشركة بينهما في قول مالك (قال) ان
كانا لم يعملا وأدركت السلعتان ردتا إلى صاحبيهما وفسخت الشركة فيما بينهما وان
فاتت السلعتان كانا على الشركة على ما بلغته كل سلعة ويعطى القليل الرأس المال أجرة
في الزيادة التي عمل فيها مع صاحبه وان كانت وضيعة فضت الوضيعة على جميع المال
فما أصاب الكثير كان على صاحب الكثير وما أصاب القليل كان على القليل الرأس
المال والربح إن كان فكذلك أيضا لان رأس مالهما كان على ما بلغته سلعتاهما ولم
يكن على ما شرطا ولا يكون على صاحب السلعة القليلة ضمان في فضل سلعة صاحبه
على سلعته وليس فضل سلعة صاحبه مما وقع فيه بينهما بيع. ومما يبين لك ذلك
أن مالكا قال في الرجل يأتي بمائة ويأتي رجل آخر بمائتين فيشتركان على أن الربح
بينهما والنقصان عليهما بالسوية والعمل عليهما بالسوية (قال) قال مالك الوضيعة
على قدر رؤس أموالهما والربح على قدر رؤس أموالهما ويعطى صاحب المائة أجر مثله
فيما أعان صاحب المائتين في فضل المائتين ولم يجعلها سلفا وإنما أعطاه إياها على أن
يشاركه ولو كانت سلفا لكان له ربح الخمسين التي أعطاه إياها حتى يساويه في رأس
55

المال ولكان أيضا ضامنا للخمسين وتكون أيضا شركة فاسدة لأنها شركة وسلف
(وقال مالك) أراه إنما أسلفه على أن أعانه بالعمل قال فأراه مفسوخا لا ضمان
عليه في الخمسين وضمان الخمسين على صاحب المائتين وربحها له ووضيعتها عليه
ويكون عليه لصاحب المائة أجرته فيما أعانه فيها ولو كانت الدنانير تكون هاهنا
عند مالك سلفا لكأن يكون ضمانها منه ان جاء نقصان ولكان المتاع في الشركة
الأولى تبعا يلزم القليل الرأس المال نصف قيمة ما يفضله به صاحبه فلما لم يضمن مالك
الشريكين في العين إذا فضل فضل أحدهما ولم يجعله سلفا وأسقط عنه الضمان
وجعل له الاجر أسقطت أنا عنه نصف قيمة فضل المتاع وأعطيته بعمله في
ذلك مع شريكه نصف عمل مثله ولم أره بيعا * (قلت) * أرأيت أن اشتركا بما يوزن
أو يكال مما لا يؤكل ولا يشرب اشتركا بأنواع مختلفة أخرج هذا مسكا وأخرج
هذا عنبرا وقيمتهما سواء فاشتركا على أن العمل عليهما بالسوية (قال) هذا جائز
* (قلت) * ولم هذا مما يوزن ويكال (قال) إنما كره مالك ما يؤكل ويشرب مما يوزن
ويكال في الشركة إذا كانا من نوعين وان كانت قيمتهما سواء لان محملهما في البيوع
قريب من الصرف فكما كره في الدنانير والدراهم الشركة وان كانت قيمتها سواء
فكذلك كره لي كل ما يؤكل ويشرب مما يكال أو يوزن مما يشبه الصرف * (قلت) *
أرأيت العروض وما سوى الطعام والشراب مما يوزن ويكال ومما لا يوزن ولا يكال
هل يجوز مالك الشركة فيما بينهما إذا كان رأس مالهما نوعين مختلفين وقيمتهما سوا
والعمل بينهما بالسوية (قال) نعم هذا جائز لأني سألت مالكا غير مرة ولا مرتين
عن العروض يشتركان بها من نوعين مفترقين إذا كانت القيمة سواء والعمل بالسوية
(قال مالك) ذلك جائز (قال) ولم أسأل مالكا عما يوزن ويكال مما لا يؤكل ولا
يشرب ولكن إنما سألته عن العروض فجوزها لي فمسألتك هذه هي من العروض فأرى
الشركة بينهما جائزة * (قلت) * والشركة بالعروض جائزة في قول مالك بحال ما وصفت
لي (قال) نعم * (قلت) * وتجوز الشركة في قول مالك بالعروض وبالدنانير بحال ما وصفت لي
56

(قال) نعم * (قلت) * وتجوز أيضا بالطعام والدراهم في قول مالك بحال ما وصفت
لي (قال) نعم * (قلت) * بالعروض وبالطعام (قال) نعم ذلك جائز عند مالك * (قلت) *
أرأيت شريكين اشتركا بالعروض شركة فاسدة أو صحيحة فافترقا بعد ما قد
عملا كيف يخرج كل واحد منهما رأس ماله أيكون له رأس ماله يوم يقتسمان أو
رأس ماله يوم وقعت الشركة فاسدة كانت أو صحيحة (قال) أما الصحيحة فعلى قدر
رؤس أموالهما على ما قوما به سلعتيهما واشتركا وأما الشركة الفاسدة فيردان إلى ما يبلغ
رأس مال كل واحد منهما مما بلغته سلعتاهما في البيع ويقتسمان الربح على قدر ذلك
والوضيعة على قدر ذلك * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) أما في الصحيحة فنعم هو قول
مالك وأما في الشركة الفاسدة فهو رأيي مثل ما قال مالك في الدنانير والدراهم إذا كانت
إحداهما أكثر من الأخرى إذا اشتركا بها أن لكل واحد منهما رأس ماله يوم
وقعت الشركة بينهما والربح على قدر ذلك والوضيعة فكذلك الشركة الفاسدة في
العروض * (قلت) * والعروض إذا اشتركا بها شركة فاسدة وقد كانا قوما العروض (قال)
لا ينظر إلى ما قوما به عروضهما ولكن ينظر إلى ما باعا به العروض فيعطى كل واحد
منهما ثمن عرضه الذي بيع به * (قلت) * فإن كانت الشركة بالعروض صحيحة وقد قوما
عروضهما فباع كل واحد منهما سلعته بأكثر مما قوما به سلعته أو بدون ذلك ثم افترقا
كيف يأخذ كل واحد منهما رأس ماله أيأخذ القيمة التي قوما بها سلعته أو يأخذ
الثمن الذي باعا به سلعتيهما (قال) إذا كانت الشركة صحيحة أخذ قيمتها يوم اشتركا
إذا افترقا ولا ينظر إلى ما باعا به السلعة لأنهما حين قوما العرضين في الشركة الصحيحة
فكأن كل واحد منهما قد باع نصف سلعته بنصف سلعة صاحبه وضمن هذا نصف
سلعة هذا وهذا نصف سلعة هذا وفي الشركة الفاسدة لا يقع لكل واحد منهما في
سلعة صاحبه قليل ولا كثير فلذلك كان لكل واحد منهما ثمن سلعته الذي باع به
سلعته في الشركة الفاسدة * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا مثل ما قال مالك
في الشركة في الدنانير والدراهم
57

* (قلت) * هل تجوز الشركة بالحنطة أخرج أنا عشرة أرادب حنطة وصاحبي عشرة
أرادب حنطة فتشترك والحنطتان في الجودة سواء (قال) أرى أن الشركة فيما بينهما
جائزة (قال) وسألنا مالكا عن ذلك فقال لي لا أرى الشركة جائزة فيما بينهما فأبى مالك
أن يجيز هذه الشركة لنا وأنا أرى هذه الشركة جائزة إذا اشتركا على الكيل ولم يشتركا
على القيمة ولا يصلح أن يشتركا واحدى الحنطتين أفضل من صاحبتها يشتركان على
قيمة الحنطتين أو بكيل الحنطتين يكون لهذا سمراء ولهذا محمولة وأثمانها مختلفة أو سواء
فيشتركان على أن لصاحب السمراء مثل سمرائه إذا افترقا ولصاحب المحمولة مثل
محمولته إذا افترقا (قال) لا يجوز هذا * (قلت) * فان اشتركا على أنهما إذا افترقا أخذ كل
واحد منهما قيمة حنطته وكانت قيمة الحنطتين سواء حين اشتركا (قال) لا يجوز
ذلك عند مالك لان رأس مال هؤلاء لم يستو * (قلت) * أرأيت أن اشتركا على قدر
قيمة حنطة كل واحد منهما وعلى أن العمل على كل واحد منهما على قدر رأس ماله
(قال ابن القاسم) لا تعجبني هذه الشركة وليست بجائزة بينهما على كيل الحنطة ولا
على قيمتها فلا أرى أن تجوز الشركة في الطعام الا على الكيل يتكافئان في الكيل
ويتكافآن في الجودة وفي العمل والا لم تصلح الشركة (قال) ورجع مالك عن إجازة
الشركة بالطعام وان تكافأ لم يجزه لنا مالك منذ لقيناه * (قلت) * لم كرهه مالك (قال)
ما رأيت له فيه حجة أكثر من أنه كرهه * (قلت) * أرأيت أن اشتركا فأخرج هذا
حنطة وأخرج هذا شعير فكانت قيمة الحنطة مثل قيمة الشعير فاشتركا على ذلك
أو باع هذا نصف شعيره من هذا بنصف حنطة هذا واشتركا على أن الربح بينهما
نصفين والوضيعة كذلك وعلى أن العمل عليهما نصفين هل تجوز هذه الشركة في
قول مالك (قال) لا * (قلت) * له لم لا تجوز هذه الشركة في قول مالك (قال) لان الشركة
لا تصلح عند مالك على الدنانير والدراهم إذا كانت الدنانير من عند هذا والدراهم
من عند هذا وان كانت قيمة الدنانير مثل قيمة الدراهم لم تصلح هذه الشركة عند مالك
58

أو كانت القيمة سواء وكذلك الطعامان إذا اختلفا تمر وشعير أو تمر وزبيب أو حنطة
وشعير أو سمن وزيت فإنما محمل هذا محمل الذهب والفضة * (قلت) * لم كره مالك
الشركة في الطعام وجوزه في العروض (قال ابن القاسم) لان الطعام عند مالك بمنزلة
الصرف والعروض إنما هو بيع فلا بأس به * (قلت) * ولا تجوز الشركة في قول
مالك بالطعام والشراب على حال ما كان نوعا واحدا أو أنواعا مختلفة (قال) نعم لا تجوز
الشركة عند مالك في الطعام على حال إذا كان من عند هذا الطعام ومن عند هذا
الطعام نوعا واحدا كان أو مختلفا * (قلت) * وأصل قول مالك في الشركة أن كل ما
يوزن ويكال مما يؤكل ويشرب لا يصلح أن يشتركا به في قول مالك وإن كان رأس
مالهما نوعا واحدا أو مختلفا وجوزته أنت إذا كان رأس مالهما نوعا واحدا في الطعام
والشراب (قال) نعم * (قلت) * فإن كانا اشتركا بالطعام شركة فاسدة فعملا ثم افترقا
كيف يخرجان رؤس أموالهما أيعطى كل واحد منهما مكيلة طعامه أو قيمة طعامه
يوم وقعت الشركة بينهما فاسدة (قال) لا أقوم علي حفظ قول مالك إلا أني أرى أن
يعطى كل واحد منهما ثمن طعامه يوم بيع * (قلت) * ولم أعطيت كل واحد منهما ثمن
طعامه يوم بيع ولم لا تعطيه مثل مكيلة طعامه (قال) لان هذين إنما يعطى كل واحد
منهما ثمن طعامه يوم بيع لان كل أحد منهما كان ضامنا لطعامه حتى باعه فلما كان
ضامنا لطعامه حتى باعه لم يعط إذا افترقا الا الثمن الذي بيع به طعام كل واحد منهما
* (قلت) * فإن كانا قد خلطا طعامهما قبل أن يبيعاه ثم باعاه (قال) يعطى كل واحد
منهما قيمة طعامه يوم خلطاه
(في الشركة بالمالين المتفاضلين على أن الربح بينهما بالسوية)
* (قلت) * أرأيت أن أخرجت ألف درهم وأخرج آخر ألفي درهم فاشتركنا على
أن الربح بيننا والوضيعة نصفين (قال) قد أخبرتك أن هذه الشركة فاسدة عند
مالك * (قلت) * فان عملا على هذه الشركة وربحا (قال) أخبرتك أن الربح بينهما
على قدر رؤس أموالهما عند مالك ويكون للقليل الرأس المال على صاحبه من الاجر
59

بحال ما وصفت لك * (قلت) * فان عملا فوضعا نصف رأس المال الذي في أيديهما
(قال) الوضيعة عند مالك عليهما قدر رؤس أموالهما لان الفضل الذي يفضله
به صاحبه على رأس ماله إنما كان ذلك الفضل في ضمان صاحبه الذي الفضل له ولم
يضمن له شريكه من ذلك الفضل شيئا ألا ترى أن ربح ذلك الفضل إنما هو للذي له
الفضل فهذا يدلك على أن المصيبة في الفضل من الذي له الفضل * (قلت) * فان ذهب
رأس المال خسارة وركبهما ثلاثة آلاف دينار أو ركبهما من تجارتهما بعد وضيعتهما
رأس المال كله كيف تكون هذه الوضيعة عليهما والشركة فاسدة على ما وصفت
لك وقد كان شرطهما أن الوضيعة بينهما نصفين (قال) أرى أن الدين الذي
لحقهما من تجارتهما يكون عليهما على قدر رؤس أموالهما فيكون على صاحب الألف
ثلث هذا الدين ويكون على الذي كان رأس ماله ألفين ثلثا هذا الدين لان الشركة
إنما وقعت بينهما بالمال ليس بالأبدان فما لحقهما من دين فض على المال الذي وقعت
به الشركة بينهما وهو رأس مالهما فيكون على الذي رأس ماله ألف من الدين الذي
لحق الثلث وعلى الذي رأس ماله ألفان الثلثان ولا يلتفت إلى الشرط الذي شرطاه
بينهما لان الشرط كان فاسدا (قال) وهذا الآخر لم أسمعه من مالك ولكنه رأيي
مثل ما قال لي مالك من الوضيعة في رأس المال
(في الشركة بالمالين يشترط أحدهما أن يعمل ولا يعمل الآخر)
* (قلت) * هل يجوز أن أخرج أنا ألف درهم ورجل آخر ألف درهم فنشترك على
أن الربح بيننا نصفين والوضيعة علينا نصفين على أن يعمل أحدنا دون صاحبه (قال)
قال مالك لا تجوز هذه الشركة بينهما الا ان يستويا في رأس المال وفي العمل * (قلت) *
فان أخرج أحدهما ألف درهم والآخر ألفي درهم فاشتركا على أن الربح بينهما نصفين
والوضيعة عليهما نصفين أو اشترطا أن الوضيعة والربح على قدر رؤس أموالهما على أن
يعمل صاحب الألف بجميع المال وحده ويكون عليه العمل وحده (قال) قال مالك
لا خير في هذه الشركة (وقال ابن القاسم) يصنع فيها إذا عمل صاحب الألف بجميع
60

المال فربحا كما وصفت لك في الشركة الفاسدة يأخذ صاحب الألفين رأس ماله ألفين
وصاحب الألف رأس ماله ألفا ثم يقتسمان الربح على قدر رؤس أموالهما والوضيعة
على قدر رؤس أموالهما وللعامل الذي عمل في المال من الاجر بحال ما وصفت لك
(قال) وأصل هذا أن الشركة لا تجوز عند مالك إلا أن يجتمعا في العمل يتكافئان فيه
على قدر رؤس أموالهما * (قلت) * أرأيت صاحب الألف الذي عمل في جميع المال
في ألفه وألفى شريكه على أن الربح بينهما أو على أن له ثلثي الربح لم لا تجعله مقارضا في
الألفين اللذين أخذهما من صاحبه وتجعل للعامل صاحب الألف ثلث الربح للألف
التي هي رأس ماله وتجعله كأنه أخذ الألفين من شريكه مقارضة بالسدس لأنه شرط
نصف ربح الألف فكان ثلث الربح له بألفه وسدس ربح الجميع بما عمل في رأس مال
صاحبه (قال) لا يجوز هذا عند مالك لان هذا لم يأخذ الألفين على القراض إنما أخذهما
على شركة فاسدة فيحمل محمل الشركة الفاسدة ولا يجتمع أيضا عند مالك شركة
وقراض (قال مالك) لا يصلح أن يقول أقارضك بألف على أن تخرج من عندك
ألف درهم أو أقل أو أكثر على أن يخلطها بألفي هذه يعمل بهما جميعا فكره مالك
هذه الشركة فهذا يدلك على أن مسألتك لا تكون مقارضة * (قال ابن القاسم) * لو أن
رجلين اشتركا على أن يخرج أحدهما ربعا والآخر ثلاثة أرباع والعمل بينهما على قدر
رؤس أموالهما فتطوع صاحب الربع فاشترى بجميع المال تجارة لم يكن له في عمله
ذلك أجر
(في الشريكين بالمال يشترط أحدهما أن يكون)
* (المال على يديه دون صاحبه) *
* (قلت) * أتجوز الشركة بين الشريكين ورأس مالهما سواء وعلى أن الربح على المال والوضيعة
على أن يكون المال في يد أحدهما دون الآخر (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في
هذه الساعة وأرى إن كان هذا الذي اشترط أن يكون المال على يديه هو الذي
يشتري ويبيع دون صاحبه فأرى الشركة على هذا الشرط غير جائزة لان الشركة
61

تكون على الأموال والأمانة أيضا وهذا لم يأتمن صاحبه حين اشترط أن يكون المال
عنده دون صاحبه وهو الذي يشتري ويبيع دون صاحبه فإن كانا جميعا هما اللذين يبيعان
ويشتريان غير أن أحدهما الذي يكون المال في يديه دون صاحبه فلا أرى بهذا
بأسا وأراها شركة صحيحة
(في الشريكين بالمالين بالسوية يفضل أحدهما صاحبه في الربح)
* (قلت) * أرأيت أن اشتركا ورأس المال سواء وفضل أحدهما صاحبه بالربح أتجوز
هذه الشركة في قول مالك أم لا (قال) لا تجوز هذه الشركة عند مالك
(في الشركة بالمال الغائب)
* (قلت) * هل تجوز الشركة بالمال الغائب (قال) سئل مالك عن رجلين اشتركا
فأخرج هذا ألفا وخمسمائة درهم وأخرج صاحبه خمسمائة وقال لي ألف درهم في
مكان كذا وكذا فأقام أحدهما وهو الذي له ألف وخمسمائة وخرج الذي كانت ألفه
غائبة إلي الموضع التي فيه الألف التي زعم أنها له هنالك ليجهز جميع المال على صاحبه
فلم يقدر على ألفه التي زعم أنها هناك فاشترى بالألفين تجارة (قال) قال مالك أرى
لكل واحد من الربح قدر رأس ماله ولم ير لصاحب الألف الغائبة في الشركة الا
قدر الخمسمائة التي أخرج * (قلت) * فهل جعل له مالك أجر عمله (قال) لا ما علمت
أنه جعل له أجر عمله * (قلت) * لم (قال) لان هذا عندي متطوع بعمله لأنه لو أن
رجلا اشترك هو ورجل على الربع لهذا ثلاثة أرباع المال ولهذا ربع المال على أن
العمل بينهما على قدر رؤس أموالهما فتطوع صاحب ربع المال فخر ج فاشترى بجميع
المال تجارة لم يكن له في عمله ذلك أجر فكذلك هذا (قال) فمسألتك التي سألتني عنها
من الشركة في المال الغائب ان ذلك جائز في رأيي أن أخرج ذلك المال
(في الشريكين بالمالين المختلفي السكة)
* (قلت) * أرأيت أن اشتركنا أخرجت أنا مائة دينار هاشمية وأخرج صاحبي مائة
62

دينار دمشقية وللهاشمية صرف غير صرف الدمشقية (قال) لا أقوم على حفظ هذا
الساعة عن مالك إلا أنه لا يعجبني إذا كان للهاشمية صرف غير صرف الدمشقية
وكان لها قدر وقيمة كبيرة فلا يعجبني هذا وإن كان فضل صرف الهاشمية شيئا قليلا
لا قدر له وليس لها كبير فضل صرف فلا أرى بالشركة بأسا فيما بينهما * (قلت) *
ولم كرهته إذا كان للهاشمية فضل كبير (قال) لان الهاشمية إذا كان لها فضل كبير
فاشتركا على أن العمل عليهما نصفين والربح بينهما نصفين فقد يفضل أحدهما على
صاحبه في رأس المال وذلك الفضل هو في العين الذي يزيد دنانيره الهاشمية على
دنانير صاحبه الدمشقية فلا تجوز الشركة على أن يكون أحدهما أكثر رأس مال من
صاحبه إلا أن يكون الربح على قدر رؤس أموالهما والعمل عليهما على قدر رؤس
أموالهما فهما ان أرادا أيضا أن يشتركا على قيمة الدنانير الهاشمية والدمشقية ويكون
الربح بينهما على قدر قيمة دنانير كل واحد منهما والوضيعة عليهما على قدر ذلك لم
يجز ذلك أيضا لان الدنانير لا يصلح أن يشتركا بها على القيمة وإنما تجوز الشركة
الذهب بالذهب والفضة بالفضة على الوزن ولا تجوز على القيمة في قول مالك
* (قلت) * أرأيت أن اشتركا على أن رأس مال أحدهما ألف يزيدية ورأس مال الآخر
ألف محمدية (قال) إذا كان لفضل العين قيمة كبيرة لم تصلح الشركة وإن كان تافها
فلا بأس بذلك وقد فسرت لك ذلك في غير هذا الموضع * (قلت) * أرأيت أن اشتركا
ورأس مال هذا ألف دينار هاشمية ورأس مال هذا ألف دينار دمشقية وهما في
الصرف يوم اشتركا سواء (قال) الشركة جائزة * (قلت) * فإذا افترقا وقد حال
الصرف ورخصت الدمشقية ما يكون لصاحب الدمشقية في رأس ماله وما يكون
لصاحب الهاشمية في رأس ماله (قال) لا ينظر إلى ما حال إليه الصرف ولكن إذا
أرادا الفرقة اقتسما ما في أيديهما بالسوية عرضا كان أو طعاما أو عينا لان ما في أيديهما
إذا اشتركا على السوية في رؤس أموالهما فقد صار ما في أيديهما بينهما وكذلك في
العروض على القيمة إذا استوت القيمتان وكذلك إذا كانا شريكين على الثلث والثلثين
63

في رؤس أموالهما * (قلت) وهذا قول مالك (قال) لا أقوم على حفظه الساعة أنه قول مالك ولكن هذا رأيي
(في الشركة بالدنانير والدراهم)
* (قال ابن القاسم) * قال مالك في الشريكين يخرج أحدهما دراهم والآخر دنانير ثم
يشتركان انه لا خير في ذلك * (قلت) * ولا تجوز الشركة في قول مالك بالدراهم من
عند هذا والدنانير من عند هذا (قال) نعم لا تجوز عند مالك * (قلت) * وأصل قول
مالك في الشركة أنها لا تجوز إلا أن يكون رأس مالهما نوعا واحدا من الدنانير والدراهم
(قال) نعم * (قلت) * أرأيت لو أن رجلين اشتركا جاء هذا بمائة دينار وهذا بألف درهم
جهلا ذلك فعملا على هذا حتى ربحا مالا كيف يصنعان في رأس مالهما (قال) بلغني عن
مالك أنه قال يكون لكل واحد منهما رأس ماله ويضرب له ربحه على قدر الدنانير
للعشرة أحد عشر والدراهم مثله والوضيعة كذلك (قال) وبلغني عن مالك في الدنانير
والدراهم إذا اشتركا أنه لا خير فيه فان فات كان لكل واحد منهما رأس ماله ويضرب
له الربح على رأس ماله * (قلت) * فإن كان المتاع قائما بعينه (قال) ذلك سواء كان قائما
بعينه أو لم يكن قائما بعينه يباع ويقتسمانه فيأخذ هذا بقدر ألف درهم وهذا بقدر مائة دينار
فإن كان فضل كان للعشرة دراهم درهم وللعشرة دنانير دينار وان كانت وضيعة فعلى
هذا أيضا يكون. والذي بلغني عن مالك أنه قيل له فان اشتركا على هذا كيف يكون
(قال) يكون لهذا رأس ماله من الذهب ولهذا رأس ماله من الدراهم ثم يقتسمان الربح
للعشرة أحد عشر للدراهم للعشرة دراهم درهم وللدنانير للعشرة دنانير دينار * (قال
سحنون) * وقد قال غيره ان عرف ما اشترى بالدنانير وعرف ما اشترى بالدراهم
فليس لواحد منهما شركة في سلعة صاحبه إلا أن تكون رؤس أموالهما لا تعتدل
فيكون لصاحب القليل الرأس المال على صاحب الكثير الرأس المال إجارة مثله فيما
أعانه وإن لم يعلم ذلك وفي المال فضل أو نقصان قسم الفضل على قدر الدراهم من الدنانير
إن كان الدراهم من الدنانير يوم اشتركا النصف اقتسماه على النصف وإن كان
64

الثلث فعلى ذلك ويرجع القليل الرأس المال على الكثير الرأس المال بأجره مثله فيما
أعانه لأنه قد علم أن السلع بينهما على قدر رأس مال كل واحد منهما من صاحبه وإنما
مثل ذلك مثل الطعام إذا اشتركا به شركة فاسدة فلم يعلم به حتى خلطاه واشتركا
واشتريا به فإنهما يقتسمان الربح على قدر قيمة قمح كل منهما من قمح صاحبه
على ما في صدر الكتاب * (قلت) * أرأيت أن أخرجت أنا ألف درهم وأخرج صاحبي
مائة دينار فبعته خمسمائة درهم بخمسين دينارا فاشتركنا أيجوز هذا أم لا (قال)
لا يجوز هذا عند مالك * (قلت) * لم قال لان هذا صرف وشركة فلا تجوز وكذلك
قال لي مالك لا يجوز ولا خير في ذلك * (قلت) * فان أخرج رجل خمسين دينارا
وخمسمائة درهم وأخرج صاحبه خمسين دينارا وخمسمائة درهم فاشتركا جميعا أتجوز
هذه الشركة في قول مالك أم لا (قال) لا بأس بذلك عند مالك * (قلت) * فما فرق
ما بين هذا وبين المسألة الأولى (قال) لان في الأولى مع الشركة صرفا وهذه ليس
فيها صرف * (قلت) * وكان مالك يجيز أن يشتركا من عند هذا وفضة ومن
عند صاحبه ذهب مثل ذهب هذا وفضة مثل فضة هذا (قال) نعم
(في الشركة بالدنانير والطعام)
* (قلت) * أرأيت أن كان من عند أحدهما حنطة ومن عند الآخر دراهم بعد أن تكون
قيمة الحنطة والدراهم سواء أترى بأسا أن يشتركا على ذلك ويكون العمل عليهما
والنقصان والربح والعمل بالسوية في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فإن كانت
الدراهم الثلثين وقيمة الحنطة الثلث فاشتركا على أن على صاحب الدراهم ثلثي العمل وعلى
صاحب الحنطة ثلث العمل والربح على قدر رؤس أموالهما فذلك جائز في قول مالك
(قال) نعم * (قلت) * وكذلك أن كانت قيمة الحنطة الثلثين والدراهم الثلث فاشتركا
على قدر رؤس أموالهما وعلى أن على كل واحد منهما من العمل على قدر رأس ماله وربحه
(قال) ذلك جائز أيضا عند مالك * (قلت) * وإن كان من عند أحدهما دنانير ومن
عند الآخر عروض وقيمتهما سواء أو قيمتهما مختلفة فذلك جائز أيضا في قول مالك
65

مثل ما وصفت لي في الدراهم والحنطة (قال) نعم * (قلت) * وبالعروض وبالدنانير
وبالدراهم جائز أيضا في قول مالك بحال ما وصفت لي (قال) نعم * (قلت) * لم جوز
مالك الشركة إذا كان من عند أحدهما طعام ومن عند الآخر دراهم والدراهم
الثلثان وقيمة الطعام الثلث إذا كان العمل على قدر رؤس أموالهما والربح على ذلك
(قال) لان هذا لم يدخله قرض وشركة ألا ترى أن مالكا قد جوز أن يكون من
عند أحدهما ألفان ومن عند الآخر ألف على أن الربح بينهما على قدر رؤس أموالهما
والعمل على قدر رؤس أموالهما فالطعام والدراهم بهذه المنزلة والعروض والدراهم
بهذه المنزلة وكذلك العروض والطعام إذا زادت قيمة أحدهما بحال ما وصفت لك
فذلك جائز إذا اشترط العمل عليهما على قدر رؤس أموالهما والربح على قدر رؤس
أموالهما والوضيعة على قدر رؤس أموالهما
(في الشركة بالمالين يضيع أحد المالين)
* (قلت) * أرأيت أن اشترك رجلان من عند كل واحد منهما ألف درهم وأخرج كل
واحد منهما ألفه فصرها وجعل كل واحد منهما ألفه عنده ولم يخلطاها حتى ضاعت
احدى الألفين (قال) سئل مالك عنها فقال إذا كان في يد كل واحد منهما دراهمه ولم
يخلطاها فضاع منها شئ فهو من صاحبه الذي ضاع منه لان هذين لم يخلطا المال
الذي اشتركا به (قال مالك) فلو كانا قد صرا كل ألف في خرقة على حدة ثم جمعاهما
عند أحد الشريكين أو جعلاهما في خرج أحدهما فضاعت من أحدهما كانت المصيبة
منهما جميعا وان كانت كل واحدة منهما في خريطتها لم يخلطاها * (قال) * وسألنا مالكا
عن الرجلين يشتركان بمائتي دينار يخرج أحدهما مائة دينار عتقا وهذا مائة دينار
هاشمية فاشتركا ثم ضاعت احدى المائتين وقد كانت كل واحدة منهما في خريطة
(قال) ان كانت كل واحدة منهما مع صاحبها فمصيبتها منه وان كانا قد جمعاها في
خرج أحدهما أو مع أحدهما إلا أن كل واحدة منهما مصرورة على حدة فأصيبت
إحداهما (قال) مالك المصيبة منهما جميعا إذا جعلاها عند أحدهما أو جمعاها في خرج
66

أحدهما فلو كان هذا عند مالك مكروها لقال لنا لا خير في هذه الشركة ولكان
ينبغي في قوله إن كان هذا مكروها أن يجعل المصيبة فيه من الذي ذهبت دنانيره
(قال) وإنما جوزه مالك عندي لأنه لا فضل فيما بين العتق والهاشمية في العين
وعلى هذا حمله مالك أنه لا فضل بينهما * (قلت) * أرأيت شريكين اشتركا ورأس
مال كل واحد منهما ألف درهم على أن يشتريا جميع التجارات وألف كل واحد منهما
معه لم يخلطاها حتى اشترى أحدهما بألفه جارية على الشركة وتلفت الألف التي
لشريكه قبل أن يشترى بها سلعة (قال) أرى أن الجارية بينهما ومصيبة الألف من
صاحب الألف لان مالكا قال لي غير مرة في الرجلين يشتركان بمالين ورأس مال
كل واحد منهما ألف وهي في يد صاحبها قال مصيبة مال كل واحد منهما من نفسه
إلا أن يخلطا ذلك أو يجمعا ذلك في خرج واحد. وان كانت كل ألف مصرورة على
حدة فضاعت ألف أحدهما بعد ما فعلا ما وصفت لك قال مالك فالمصيبة منهما
جميعا والذي ذكرت أنهما لم يخلطا فهذا لما اشترى الجارية فقد فعل في ألفه ما أمره
صاحبه فمصيبة الجارية منهما جميعا وضياع الألف التي لم يفعل فيها صاحبها شيئا من
صاحبها * (قال سحنون) * وقد قال غيره لا تنعقد بينهما شركة لان الشركة لا تكون
الا بخلط المال ألا ترى أن صاحب المائة التي اشترى بها يقول لم أرض أن يكون
له معي في مالي نصيب إلا أن يكون لي معه نصيب في ماله فإذا كان لم ينعقد لي
في ماله شركة فلا شئ له في مالي أو لا ترى أن مالكا قد قال لي في الذي أخرج
مأتين وأخرج الآخر مائة فاشتركا على أن الربح بينهما والنقصان عليهما ففعلا
واشتريا على ذلك لم يكن فعلهما بالذي يوجب لصاحب القليل الرأس المال في مال
صاحبه الكثير الرأس المال نصفه وقد فعلا على الرضا منهما ولم يكن فعلهما ان وقعت
وضيعة أن يضمن القليل الرأس المال من مال صاحبه الكثير الرأس المال شيئا فلا
تكون شركة الا ما خلطا وجمعا والله سبحانه وتعالى أعلم.
67

(في الشريكين في البلدين يجهز أحدهما على صاحبه كيف تكون نفقتهما)
* (قلت) * أرأيت أن اشتركنا بمال كثير وهو في بلد وأنا في بلد يجهز على وأجهز
عليه (قال) لا بأس بذلك * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) نعم هذا قول مالك * (قلت) *
أرأيت المتفاوضين كيف يصنعان في نفقتهما (قال) سألنا مالكا عن الشريكين يكونان
في بلدين يجهز أحدهما على صاحبه وأسعارهما مختلفة فينفق هذا ها هنا وينفق هذا
ها هنا أترى أن يحسب كل واحد منهما ما أنفق (قال مالك) لا أرى ذلك وأرى
أن تلغى نفقة هذا ونفقة هذا جميعا إلا أن يكون الرجل المنفرد ببدنه لا عيال له ولا
ولد له وللآخر عيال وولد فإذا كان هذا هكذا رأيت أن يحسب كل واحد منهما ما أنفق
وإن لم يكونا على ذلك رأيت أن تلغى النفقة بينهما * (قلت) * أرأيت أن كانا في بلدة
واحدة (قال) قال مالك إذا كانا في بلدين فاختلفت الأسعار ان النفقة تلغى بينهما فإذا
كانا في بلد واحد فذلك أحرى أن تلغى النفقة بينهما لاشك في هذا إذا كان لهما عيال
(الشركة في المفاوضة)
* (قلت) * هل كان مالك يعرف شركة عنان (قال) ما سمعته من مالك ولا رأيت
أحدا من أهل الحجاز يعرفه (قال ابن القاسم) وما اشتركا فيه أن كان في جميع
الأشياء فقد تفاوضا وان كانا إنما اشتركا في أن يشتريا نوعا واحدا من التجارات مثل
الرقيق والدواب فقد تفاوضا في ذلك النوع فأما العنان فلا يعرف ولا نعرفه من
قول مالك الا ما وصفت لك * (قلت) * أرأيت أن اشتركا في شراء الرقيق وحدها
أتراهما متفاوضين في شراء الرقيق (قال) نعم لان هذا جائز إذا اشتركا على أصل
مال * (قلت) * أرأيت أن أقام البينة أنه مفاوضة على الثلث أو على الثلثين أيجوز
هذا في قول مالك ويكونان متفاوضين (قال) نعم لان هذا جائز أن يشتركا عليه
عند مالك
68

(في مال المتفاوضين)
* (قلت) * هل يكونان متفاوضين ولا حدهما مال دون صاحبه عرض أو ناض (قال)
نعم (قلت) ولا تفسد المفاوضة بينهما إذا كأن لأحدهما دراهم أو دنانير أو عرض
دون صاحبه (قال) نعم لا يفسد ذلك المفاوضة بينهما * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) هذا رأيي * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا أقام على رجل البينة أنه مفاوضة في
جميع ماله أيكون جميع ما في يدي الذي قامت عليه البينة بينهما وجميع ما في يدي الذي
أقام البينة بينهما الا ما أقاما عليه البينة أنه ورثه أحدهما دون صاحبه أو وهب له أو
تصدق به عليه أو كان له من قبل أن يتفاوضا وانه لم يفاوض عليه (قال) نعم * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) ما سمعت هذا من مالك ولكن هذا رأيي * (قلت) * أرأيت
ان كأن لأحدهما فضل مال دنانير أو دراهم ورثه أو وهب له أو تصدق به عليه
أتنقطع المفاوضة بينهما في قول مالك أم لا (قال) لا تنقطع المفاوضة بينهما لذلك
ويكون ما ورث أو وهب له أو تصدق به عليه له خاصة دون صاحبه
(في المتفاوضين يلزم كل واحد منهما ما لزم صاحبه)
* (من الشراء والبيع والمداينة) *
* (قلت) * أرأيت ما اشترى أحد المتفاوضين من البيع الفاسد أيلزم شريكه ذلك
أم لا (قال) ذلك لازم لشريكه (قال) وليس كل الناس فقهاء يعرفون ما يشترون
وما يبيعون * (قال ابن القاسم) * فذلك لازم لشريكه إذا فات كما كان يلزمه وحده لو لم
يكن معه شريك * (قلت) أرأيت ما اشترى أحد الشريكين من طعام أو كسوة
لنفسه أو لعياله أيكون لبائع الطعام والكسوة أن يأخذ الثمن من أي الشريكين
قدر عليه (قال) نعم لان مالكا قال لي ما اشتريا من طعام أو نفقة أنفقاها عليهما وعلى
عيالهما كان ذلك في مال التجارة لأنه يلغى ذلك بينهما إذا كانا جميعا لهما عيال فلما
قال مالك تلغى النفقة علمنا أن ما أنفقا إنما هو من مال التجارة والكسوة لهما ولعيالهما
إنما هو أيضا من مال التجارة تلغى الكسوة لان مالكا قال تلغى النفقة والكسوة من
69

النفقة إلا أن تكون كسوة ليس يلتذ لها العيال وإنما هي كسوة مثل الفضي
والشطوي والوشي وما أشبه ذلك فان مثل هذا لا يلغى * (قلت) * أرأيت ما اشترى
أحد الشريكين أيكون للبائع أن يأخذ بالثمن الشريك الاخر الذي لم يشتر
منه شيئا (قال) قال مالك إذا كانا متفاوضين لزم كل واحد منهما ما اشترى صاحبه
* (قلت) * أرأيت الدين يكون على الرجل لاحد المتفاوضين فيقبضه شريكه (قال)
ذلك جائز عند مالك
(في مفاوضة الحر والعبد)
* (قلت) * هل تجوز مفاوضة الحر والعبد في قول مالك (قال) لا أرى به بأسا وذلك
أن مالكا قال لا بأس بأن يفاوض العبد الحر إذا كان العبد مأذونا له في التجارة فلا
بأس أن يدفع ماله مفاوضة * (قلت) * وشركة العبيد في قول مالك (قال) جائزة في
رأيي إذا أذن لهم في التجارة
(في شركة المسلم النصراني والرجل والمرأة)
* (قلت) * هل تصلح شركة النصراني المسلم واليهودي المسلم في قول مالك (قال)
لا إلا أن يكون لا يغيب النصراني واليهودي على شئ في شراء ولا بيع ولا قبض
ولا صرف ولا تقاضي دين الا يحضره المسلم معه فإذا كان يفعل هذا الذي وصفت لك
وإلا فلا * (قلت) * هل تجوز الشركة بين النساء والرجال في قول مالك (قال)
ما علمت من مالك في هذا كراهية ولا ظننت أن أحدا يشك في هذا ولا أرى
به بأسا * (قلت) * وكذلك شركة النساء مع النساء (قال) نعم * (ابن وهب) * قال
وأخبرني أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عباس وسأله رجل هل يشارك اليهودي
والنصراني قال لا تفعل فإنهم يربون والربا لا يحل لك * (ابن وهب) * وبلغني عن
عطاء بن أبي رباح مثله قال إلا أن يكون المسلم يشترى ويبيع (وقال) الليث مثله
70

(في الشريكين يتفاوضان على أن يشتريا ويبيعا ويتداينا)
* (قلت) * أرأيت أن أخرج أحدهما مالا وأخرج الآخر مالا مثله ثم اشتركا
وتفاوضا على أن يشتريا بهذا المال وبالدين أيضا ويبيعا بالدين فما رزقهما الله في ذلك
فهو بينهما (قال) لا يعجبني أن يتفاوضا على أن يشتريا بأكثر من رؤس أموالهما
لأنه لا تجوز الشركة الا على الأموال فان فعلا فاشتريا بالدين كان ما اشتريا بينهما
أيضا وقد أخبرتك بهذه في رسم الشريكين اللذين لم يخلطا وهذه التي تحتاج مثلها
* (قلت) * فان اشترى هذا سلعة على حدة بالدين بأكثر من رؤس أموالهما
واشترى صاحبه كذلك أيكون ما اشترى كل واحد منهما بينه وبين صاحبه أو
يكون ما اشترى كل واحد منهما له خاصة لان الشركة على أن يشتريا بالدين بأكثر
من رؤس أموالهما لا يعجبك ذلك (قال) لا بل أرى كل ما اشترى كل واحد منهما
بينه وبين صاحبه لان صاحبه قد أمره أن يشتري عليه فأرى كل ما اشترى كل
واحد منهما بينهما يصير نصفه على صاحبه ونصفه عليه * (قلت) * أرأيت أن تفاوض
رجلان بمال أخرجاه على أن يشتريا الرقيق ويبيعا أو على أن يشتريا جميع السلع ويبيعا
تفاوضا ولم يذكرا بيع الدين في أصل شركتهما فباع أحدهما بالدين فأنكر ذلك
شريكه وقال لا أجيز لك أن تبيع علي بالدين أيجوز بيعه على شريكه بالدين أم لا
(قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا وأرى جائزا على شريكه
(في المتفاوضين يشتري أحدهما لنفسه جارية أو طعاما من الشركة)
* (قلت) * فان تفاوضا في شراء التجارات كلها بمال اشتركا فيه وليس لأحدهما مال
دون صاحبه فاشترى أحدهما جارية للوطئ فقال شريكه هي بيني وبينك وقال
المشتري إنما اشتريتها لنفسي دونك (قال ابن القاسم) هي بينهما ولا يقبل قوله لأنه
إنما اشتراها بما في أيديهما من المال الذي اشتركا فيه ولو أنه أشهد حين اشتراها أنه
إنما يشتريها لنفسه ما جاز ذلك له ولكان شريكه عليه بالخيار لأنهما قد تفاوضا في جميع
71

ما في أيديهما مما يملكان من أموالهما * (قلت) * أرأيت أن تفاوضا ولأحدهما مال
دون صاحبه ثم اشترى أحدهما جارية للوطئ أو للخدمة بمال من شركتهما أتكون
الجارية له أم تكون من مال الشركة لأنه اشتراها من مال الشركة (قال) سمعت مالكا
وسأله رجل من أهل المدينة من أصحابه في رجلين اشتركا متفاوضين كانا يشتريان
الجواري ويشتريان من مال الشركة فيشتري هذا الجارية فيطؤها فإذا باعها رد ثمنها
في رأس المال ويفعل شريكه كذلك (قال مالك) لا خير في هذا * (قال) * فقلت
لمالك انه قيل لهما لا خير في هذا فكيف يفعلان بما في أيديهما من الجواري مما قد
اشتريا على هذا الشراء (قال مالك) أرى أن يتقاوماها فيما بينهما فان اشتراها الذي
هي عنده كانت عليه برأس مال قد عرفه والآخر مثل ذلك فيحل له حينئذ أن يطأها
* (قلت) * ولم لا يكون المشتري من هذين المتفاوضين حين اشترى الجارية من مال
هو بينهما اشتراها للوطئ أو للخدمة ألا يجعله مالك غاصبا للدنانير حين اشترى بها
جارية لغير التجارة ويجعل الجارية جاريته ويجعل على مثل نصف تلك الدنانير وقد
قال مالك في رجل عصب من رجل دنانير فاشترى بها جارية ان على الغاصب مثل تلك
الدنانير ولا تكون الجارية للذي غصبت منه الدنانير وان قال المغصوب أنا آخذ
الجارية لأنها إنما اشتريت بدنانيري لم يكن له ذلك فما فرق ما بين هاتين المسألتين (قال)
فرق ما بينهما أن المفاوض مأمور لأنه كأنه رجل أبضع معه بضاعة أمر أن يشترى
بها سلعة فخالف فرب المال مخير في أن يأخذ ما اشترى المبضع معه أو يسلمها ويأخذ
رأس ماله فهذا إنما اشترى بمال الشركة يرى ذلك جائز له فشريكه مخير ان شاء
أنفذها له بما اشتراها به المشتري وان شاء قاومه إياها (قال) ولم أسمع من مالك ان
شاء أنفذها له بالثمن ولكن هذا رأيي * (قلت) * فان قال الشريك لا أقاومه ولا أنفذها
له ولكني أرد الجارية في الشركة (قال) ليس ذلك له لان مالكا قال يتقاومانها وقد قال
غيره ذلك له * (قلت) * لابن القاسم فهذا خلاف المبضع معه لان المبضع رب المال
مخير في قول مالك ان شاء أخذها وان شاء ضمنه ماله (قال) نعم هو مخالف له وأما
72

هذا المشتري المفاوض فقد وطئ جارية هي بينهما وقال مالك لو أن جارية بين رجلين
وطئها أحدهما ولم تحمل منه انها تقوم عليه يوم وطئها فهذا المفاوض لما وطئ لم يكن لهما
بد من أن يتقاوماها لأنه إنما أخذ مالا بينهما فاشترى به وهو يرى أن ذلك له جائز
وأن المبضع معه إنما اشترى لنفسه ليستأثر بالربح وليقطع عن صاحبه منفعة ما أبضع
معه فيه وإنما قلت لك هذا لان التعدي ليس كله واحدا ألا ترى لو أن رجلا استودع
مالا ثم اشترى به جارية لم يكن لصاحب الوديعة من الجارية قليل ولا كثير فهذا أيضا
في هذا الوجه مخالف للبضاعة والقراض وقد كانا جميعا أمينين فيما في أيديهما مصدقا
قولهما فيما في أيديهما من ذلك فلكل متعد غاصب سنة يحمل عليها فمن غصب دنانير
من رجل فاشتري بها سلعة لم يكن للمغصوب منه الأمثل دنانيره. ومن استودع دنانير
فاشترى بها سلعة لم يكن لرب الدنانير الا مثل دنانيره أيضا ومن أبضع معه أو قورض
فخالف كان رب المال بالخيار وإنما حمل الشريكان على أن الجارية التي اشتراها للوطئ
من مال الشركة انها بينهما فلذلك أمرهما مالك أن يتقاوماها * (قلت) * والذي ذكرت
لي من أمر الغصب والوديعة والقراض والبضاعة إذا تعدوا أهو قول مالك (قال) نعم
* (قلت) * أرأيت لو أن أحدهما اشترى طعاما ليأكله أو لبيته فطلب صاحبه أن يشاركه
في ذلك الطعام (قال) لا أرى ذلك له ولا أرى هذا من ذلك لان كل واحد منهما قد
عرف حين اشتركا أن كل واحد منهما ينفق في منزله فليس كل من اشترى طعاما
لمنزله ليأكله من قمح أو سمن أو لحم أو ما أشبه ذلك أو كسوة مما يعرف أنه إنما
اشتراه لعياله ابتغى لصاحبه أن يشاركه ويدخل عليه في ذلك فليس له ذلك
(في أحد المتفاوضين يبيع ويؤجر بالدين ويضع من ثمن السلع طلب)
* (الفضل والاستعذار) *
* (قلت) * أرأيت متفاوضين باع أحدهما سلعة بالدين إلى أجل فلما حل الاجل
أخره الشريك الآخر أو أخره الشريك الذي باعه السلعة هل يجوز تأخير أحدهما
على صاحبه (قال) قال مالك في الوكيل يكون للرجل في بعض البلدان ان يبيع له متاعه
73

ويقتضي له الثمن فباع بعض متاعه إلى أجل فلما حل الاجل أخر الوكيل المشتري بالثمن
(قال) إذا كان تأخيره إياه على وجه النظر لرب المتاع إنما أخره ليستألفه في الشراء
منه ولم يؤخره لمعروف صنعه الوكيل به فذلك جائز لان تأخير الوكيل هذا إنما
هو نظر لرب المتاع وإنما هو من التجارة وان أخره طلب معروف صنعه الوكيل
بالمشتري فهذا لا يجوز لأنه لا يجوز للوكيل أن يصنع المعروف في مال رب المتاع الا
بأمره فكذلك الشريكان اللذان سألتني عنهما لا يجوز لأحدهما أن يصنع المعروف
في مال صاحبه الا بأمره وما كان من وجه التجارة فذلك جائز على صاحبه فإذا أخره
إرادة استئلاف المشتري ليشتري منه فذلك جائز * (قلت) * وكذلك أن وضع
أحدهما للمشتري من رأس المال بعد ما وجب البيع (قال) قال مالك في الوكيل
الذي وصفت لك أنه إذا وضع عن المشتري إرادة الاستعذار في المستقبل لرب المتاع
واستئلاف المشتري فذلك جائز على رب المتاع فكذلك الشريكان المتفاوضان أيضا
يجوز عليهما ما جوز مالك على رب المتاع فيما وضع الوكيل عن المشتري
(في أحد المتفاوضين يصنع من ثمن السلع ويؤخر بالدين إرادة المعروف)
* (قلت) * أرأيت أن وضع الوكيل أو الشريك عن المشتري إرادة المعروف أن يصنعه
(قال) لا يجوز ذلك * (قلت) * أرأيت الشريكين إذا وضع أحدهما المشتري
على وجه المعروف أو أخر المشتري على وجه المعروف أيجوز ذلك في حصته
أم لا يجوز (قال) ذلك جائز في حصته * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) لا أقوم
على حفظه الساعة * (قلت) * أرأيت ما صنع الوكيل على وجه المعروف من التأخير
والوضيعة أيكون ذلك جائزا للمشتري (قال) لا يجوز * (قلت) * ويرد المشتري
ما صنع الوكيل به من ذلك (قال) نعم لرب المتاع أن يرد ما صنع الوكيل في ماله من
ذلك * (قلت) * فان ضاع ما صنع الوكيل في مال رب المتاع أيضمن الوكيل ذلك
(قال) نعم * (قلت) * وهذا الذي سألتك عنه من أمر الوكيل هو قول مالك كله
(قال) نعم
74

(في أحد الشريكين يبيع الجارية بثمن إلى أجل)
* (ثم يشتريها الآخر بثمن أقل قبل الاجل) *
* (قلت) * أرأيت لو أن جارية بين شريكين باعها أحدهما بثمن إلى أجل أيصلح
لشريكه أن يشتريها بأقل من ذلك الثمن قبل الاجل نقدا (قال) لا يصلح له ذلك
ولا يصلح له أن يشتريها الا بما يصلح لبائعها أن يشتريها به
(في أحد المتفاوضين يبضع البضاعة ثم يموت أحدهما)
* (قلت) * أرأيت أن أبضع أحد المتفاوضين مع رجل دنانير من مال الشركة
يشتري بها سلعة من السلع فمات أحد الشريكين وعلم بذلك المبضع معه (قال) إن كان
قد علم أن المال الذي أبضع معه من شركتهما فلا يشتري به شيئا ويرده على الباقي
وعلى الورثة * (قلت) * وسواء إن كان هذا الذي دفع البضاعة هو الميت أو هو الحي منهما
(قال) نعم ذلك سواء * (قلت) * ولم نهيته أن يشتري بها والذي أبضع ذلك معه هو
حي (قال) لان الشركة قد انقطعت بين الحي والميت وصار المال للورثة * (قلت) * فإن لم يكن مات واحد منهما ولكن افترقا وعلم بذلك المبضع معه (قال) يشتري بما
أبضع معه ولا يشبه افتراقهما في الشركة موت أحدهما لأنهما إذا افترقا فإنما يقع
ما اشترى المبضع معه لهما وفي الموت إنما يقع للورثة والورثة لم يأمروه بذلك
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) لم أسمعه من مالك ولكن هذا أحسن ما سمعت
(في أحد المتفاوضين يبضع أو يقارض أو يستودع)
* (من مال الشركة) *
* (قلت) * أرأيت المتفاوضين هل يجوز لهما أن يبضع أحدهما دون صاحبه أو يقارض
دون صاحبه في قول مالك (قال) نعم إذا كانا تفاوضا كما وصفت لك قد فوض هذا
إلى هذا وهذا إلى هذا وقال كل واحد منهما لصاحبه اعمل بالذي ترى * (قلت) *
75

وجائز له أن يستودع (قال) إذا احتاج إلى أن يستودع جاز له ذلك * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) هو رأيي وذلك أنا سألنا مالكا عن الرجل يستودع الرجل الوديعة
فيستودعها غيره فتهلك هل عليه ضمان (قال) إن كان رجلا أراد سفرا أو كان بيته
معورا أو ما أشبه هذا من العذر فأرى أن لا ضمان عليه وإن كان ليس له عذر من
هذا فأراه ضامنا (قال) فقلنا لمالك فالمسافر يدفع إليه الرجل البضاعة في سفره يدفعها
له فيدفعها إلى غيره (قال مالك) هو ضامن ولم يجعله مثل الحاضر لان المسافر قد
عرف ناحيته وأنه في سفر فالشريك الذي سألتني عنه إذا نزل البلد فخاف على ما معه
فاستودعها رجلا لان التجار منازلهم في الغربة ما علمت إنما هي الفنادق والمواضع التي
يتخوفون فيها فلا ضمان. عليه إذا كان بهذه الحالة وإن لم يكن على شئ من هذه الحال
فاستودعها رأيته ضامنا * (قلت) * أرأيت أن دفع إلى أحد المتفاوضين وديعة من مال
الشركة فرددتها على شريكه أيكون على الضمان أم لا (قال) لا ضمان عليك إذا
صدقك بذلك * (قلت) * أرأيت أن أودعني أحد المتفاوضين وديعة من مال الشركة
أو باعني فرددت الوديعة على شريكه أو دفعت الثمن إلى شريكه بغير أمره وبغير
بينة فكذبني شريكه وقال لم تدفع إلي شيئا فقال أنت ضامن إلا أن يكون لك بينة
على هذا الشريك أنه قد قبض منك ذلك الدين أو تلك الوديعة لان مالكا قال في
رجل دفع إلى رجل مالا وأمره أن يدفعه إلى وكيله بموضع كذا وكذا فقال هذا
المبعوث معه المال قد دفعت المال إلى وكيلك وأنكر الوكيل ذلك (قال) قال مالك
على الرسول البينة على أنه قد دفع المال إلى الوكيل والا ضمن * (قلت) * والمفاوض
إذا قال لشريكه قد أخذت من فلان الوديعة التي أودعته أو ثمن السلعة التي بعتها منه
كان فلان ذلك بريئا ممن استودع ومما اشترى (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن استودع
أحد المتفاوضين وديعة من تجارتهما عند رجل فقال الرجل المستودع قد دفعتها إليك
وكذبه الذي أودعه أيضمن أم لا (قال) لا ضمان عليه عند مالك لان مالكا قال
القول قول المستودع إذا قال قد رددتها إلى الذي أودعني إلا أن يكون قد استودعه
76

ببينة فلا يبرء بقوله قد رددتها الا ببينة إلا أن يقول قد هلكت فيكون القول قوله وإن كان
قد دفعها إليه ببينة * (قلت) * فلو أن رجلا استودع رجلا وله شريك مفاوض
فاستودع ذلك الرجل ما استودع شريكه (قال) هو ضامن إلا أن يكون له عذر كما
وصفت لك من عورة بيت أو سفر أراده على مثل ما يجوز له في غير شريكه فإن كان كذلك والا فهو ضامن * (قلت) * أرأيت لو أني أودعت أحد المتفاوضين وديعة
وهما متفاوضان في جميع الأشياء ليس لأحدهما مال دون صاحبه أتكون الوديعة
عندهما جميعا أو عند الذي أودعته (قال) لا تكون الا عند الذي استودعتها إياه
* (قلت) * فان مات هذا الذي استودعتها إياه ولا تعرف بعينها (قال) تكون دينا في مال
هذا الميت المستودع وحده ولا يكون شئ من هذه الوديعة في مال شريكه المفاوض
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) قال مالك في الرجل يستودع الوديعة فتهلك ولا
تعرف بعينها عنده أنه ضامن لها في ماله فالشريك المستودع في قول مالك ضامن إذا
لم تعرف بعينها وإنما جعلتها في ماله دون صاحبه لان الوديعة ليست من التجارة
* (قلت) * أرأيت أن استودعت رجلا وديعة أو أبضعت معه بضاعة أو قارضته بمال
فمات ولا يعلم ما صنع بتلك الأشياء ويكون له مال أتكون هذه الأشياء دين في ماله
أم لا (قال) قال مالك ذلك كله دين في ماله وإن كان على الميت دين ضرب صاحب
هذه الأشياء مع الغرماء * (قلت) * أرأيت لو أن أحد المتفاوضين استودع وديعة
فعمل فيها وتعدى وربح أيكون لشريكه من ذلك شئ أم لا (قال) إن كان شريكه
قد علم بما تعدى صاحبه في تلك الوديعة ورضى بأن يتجر بها بينهما فالربح بينهما وهما ضامنان
للوديعة وإن لم يعلم بذلك فلا ضمان على شريكه الذي لم يعلم بذلك ويكون الربح
للمتعدي وعليه الضمان ولا يكون على شريكه ضمان * (قلت) * وهذا قول مالك (قال)
ما سمعت من مالك في هذا شيئا وهو رأيي * (قال سحنون) * وقال غيره إذا رضى
الشريك وعمل معه فإنما له أجر مثله فيما أعانه وهو ضامن معه وان رضى ولم يعمل معه
شيئا فلا شئ له ولا ضمان عليه لان رضاه إذا لم يقبضها ويغب عليها ويقلبها فليس
77

رضاه بالذي يضمنه ولا يكون له بالرضا ربح ما لم يعمل ولا إجارة ما لم يعمل الا من
وجه أن الرجل إذا قال للرجل لك نصف ما أربح في هذه السلعة فطلع فيها ربح فله
أن يقوم عليه فيأخذه ما لم يمت أو يفلس أو يذهب
(في أحد المتفاوضين يشارك أو يقارضه)
* (من مال الشركة أو يأخذ مالا قراضا) *
* (قلت) * أرأيت لو أن شريكين متفاوضين شارك أحدهما شريكا آخر فاوضه بغير
أمر شريكه أيجوز ذلك على شريكه أم لا (قال) إن كان إنما شاركه شركة ليست
بشركة مفاوضة مثل السلعة يشتركان فيها أو ما أشبه ذلك فذلك جائز لان ذلك
تجارة من التجارات وإن كان إنما شاركه شركة مفاوضة حتى يكون شريكا لهم في
أموالهم وتجاراتهم يقضى في ذلك فلا يجوز ذلك له الا باذن شريكه * (قلت) * أرأيت
المتفاوضين هل يجوز لهما أن يقارض أحدهما دون صاحبه في قول مالك (قال) نعم إذا
كانا قد تفاوضا كما وصفت لك قد فوض هذا إلى هذا وهذا إلى هذا يعمل بالذي
يرى * (قلت) * أرأيت أحد المفاوضين أن أخذ مالا قراضا أيكون لصاحبه في هذا
المال شئ أم لا (قال) لا أرى على صاحبه شيئا من ضمان هذه المقارضة ان تعدى
أحدهما ولا أرى له من ربحها شيئا إلا أن يكون أحدهما مع صاحبه لان المقارضة
ليست من التجارة وإنما هو أجير آجر نفسه فيها فلا يكون لشريكه فيها شئ
(في أحد المتفاوضين يستعير العارية لتجارتهما)
* (فتتلف أيضمنانها جميعا أم لا) *
* (قلت) * أرأيت ما استعار أحد المتفاوضين من شئ ليحمل عليه شيئا من تجارتهما
فيتلف أو لغير تجارتهما فتلف أيضمنان له جميعا أم يكون الضمان على الذي استعار وحده
(قال) الضمان على الذي استعار وحده ولا يكون على شريكه من ذلك شئ لان
شريكه يقول أنا لم آمرك بالعارية إنما يجوز لك أن تستأجر على لأنك إذا استأجرت
78

على لم أضمن فأما ما يدخل على فيه الضرر فليس ذلك من التجارة وليس ذلك لك
فيكون القول ما قال * (قال ابن القاسم) * لان الرجل يستعير الدابة قيمتها مائة دينار
أو السفينة أيضا قيمتها كذلك ولو تكاراها كان كراؤها دينارا فهذا يدخل على
صاحبه الضرر فلا يجوز ذلك على صاحبه * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) لا أقوم
على حفظه الساعة (وقد قال غيره) وهذه الدواب عارية لا تضمن إلا أن يتعدى
المستعير ولو استعاراها جميعا فتعدى أحدهما لم يضمن الا المتعدى في مصابته ولا
يضمن صاحبه لان المتعدى جان وصاحبه لا يضمن جنايته * (قلت) * أرأيت أن استعار
أحد المتفاوضين دابة ليحمل عليها طعاما من تجارتهما فخالفه شريكه فحمل عليها بغير
أمره طعاما من تجارتهما فعطبت الدابة أيضمن في قول مالك أم لا (قال) لا أقوم
على حفظ قول مالك في هذا ولكن لا أرى عليه الضمان لان هذا قد فعل ما كان
يجوز لشريكه أن يفعل وإنما استعارها شريكه ليحمل عليها سلعة من تجارتهما فإنما حمل
عليها هذا ما استعارها فيه صاحبه فلا شئ عليه ولا أحفظه عن مالك ولكنه رأيي
* (سحنون) * ولان أحدهما إذا استعار شيئا لمصلحة تجارتهما فعمله الآخر فكأنه وكيل
له على أن يعمله له * (قلت) * أرأيت أن استعار رجل دابة ليحمل عليها غلاما له إلى
موضع من المواضع فربطها في الدار فأتى انسان فحمل عليها ذلك الغلام الذي استعارها
سيده له فعطبت الدابة (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأراه ضامنا لأنه حمل
على دابة رجل بغير أمره وبغير وكالة من المستعير * (وقال أشهب) * لا ضمان عليه
(في أحد المتفاوضين يعير أو يهب من مال الشركة)
* (قلت) * هل يجوز للشريك أن يعير شيئا من متاع الشركة (قال) لا يجوز
ذلك إلا أن يكون قد وسع له في ذلك شريكه أو يكون ذلك في الشئ الخفيف
مثل الغلام يأمره أن يسقى الدابة لرجل فهذا أرجو أن لا يكون به بأس والعارية إنما
هي معروف فلا يجوز لواحد منهما أن يفعل المعروف في مال الشركة الا باذن صاحبه
إلا أن يكون أراد به استئلافا * (قلت) * أرأيت المتفاوضين ما صنع أحدهما أوما أعار
79

أو وهب (قال) فذلك أيضا لا يجوز عندي إلا أن يكون إنما يصنع ذلك ليجتر به في
الاشتراء والاستعذار في سلعته التي يبع فلا بأس بذلك ولا يكون عليه الضمان فيما
وضع لان هذا يصير من تجارتهما وأما ان وضع ذلك لغير التجارة وإنما صنعه معروفا
منه فلا يجوز ذلك على شريكه ويضمن حصة شريكه من ذلك عند مالك الا
ما اجتر به في تجارته منفعة * (قلت) * أرأيت أن باع أحد الشريكين جارية من
شركتهما ثم وهب الثمن أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) لا يجوز ذلك الا
في حصته * (قال سحنون) * وقال غيره لا يجوز له ان يعطى شيئا من المال لا من
حصته ولا من غير ذلك لأنه ينقص من المال ويدخل على شريكه الضرر لأنه إذا
وهب لرجل من حصته ثم وضع لآخر في البيع فقد أضر بصاحبه وأدخل عليه
الضعف في رأس المال فلا أرى ذلك يجوز فعله وتبقى الشركة ولكن فعله جائز عليه
فيما وهب أو وضع وتفسخ الشركة بينهما
(في أحد المتفاوضين يكاتب العبدين من تجارتهما أو يأذن له في التجارة)
* (قلت) * أرأيت عبدا بيني وبين رجل من شركتنا ونحن متفاوضان أذن له أحدنا
في التجارة أيجوز ذلك أم لا (قال) ذلك غير جائز * (قلت) * أتحفظه عن مالك
(قال) لا وهو رأيي أنه لا يجوز * (قلت) * أرأيت أن كاتب أحد المتفاوضين عبدا من
تجارتهما أيجوز ذلك على شريكه (قال) لا أرى ذلك جائزا لأنه لا يجوز له أن يعتقه
على مال يأخذه منه مما في يد العبد فكذلك الكتابة عندي ولو أن رجلا دفع إليه
مالا على أن يعتقه ولم يكن ذلك أقل من قيمته لرأيت ذلك جائزا لأنه لو باعه إياه بذلك
الثمن ولم يكن ذلك الثمن وضيعة عن قيمته لكان ذلك جائزا والعتق لم يزد فيه خيرا
وإنما هو بيع من البيوع
(في كفالة أحد المتفاوضين وغضبه وجنايته أتلزم شريكه أم لا)
* (قلت) * أتلزم كفالة أحد المتفاوضين شريكه أم لا (قال) لا يلزم ذلك شريكه لان
80

هذا معروف * (قلت) * أرأيت ما اغتصب أحد المتفاوضين أو عقر دابة أو أحرق
ثوبا أو تزوج امرأة أو آجر نفسه فعمل الطين والطوب أو حمل على رأسه أو نحو
هذه الأشياء أو جنى جناية أيلزم من ذلك شئ أم لا (قال) لا شئ على شريكه
في شئ من هذا ولا يكون له فيما أصاب شئ * (قلت) * تحفظه عن مالك (قال)
لا ولكن هذا رأيي
(في أحد الشريكين يبيع الجارية فيجد بها المشترى عيبا)
* (فيريد أن يردها على الشريك الآخر) *
* (قلت) * أرأيت أن باع أحد الشريكين جارية من شركتهما فأصاب المشترى بها
عيبا أيكون للمشترى أن يردها على الشريك الذي لم يبعه (قال) إلا أن يكون
صاحبه معه مقيما أو غاب غيبة قريبة فينتظر حتى يأتي لعل له حجة إذا كان إنما غيبته
اليوم ونحوه وإن كان بعيدا فأقام المشترى البينة أنه اشترى بيع الاسلام وعهدة
الاسلام نظر في العيب فإن كان عيبا قديما لا يحدث مثله ردها وإن كان يحدث مثله
قيل له أقم البينة أن العيب كان بها عند البائع والا حلف شريك البائع بالله ما علمت أن
هذا العيب كان بها عندنا ويبرأ وان نكل عن اليمين قيل للمشترى احلف ما حدث
هذا عندك ثم ردها عليه
(في المتفاوضين يبيعان السلعة من تجارتهما إلى أجل ثم يفترقان فيقضى)
* (المشترى أحدهما الثمن أو يكون لهما الدين فيتقاضاه أحدهما) *
* (قلت) * أرأيت لو أن شريكين متفاوضين باع أحدهما عبدا من تجارتهما بدين إلى
أجل ثم افترقا فعلم المشترى بافتراقهما فقضى الثمن الذي باعه العبد أيضمن للشريك
الآخر شيئا أم لا (قال) نعم هو ضامن لما استحق الشريك الذي لم يبعه العبد من
الثمن * (قلت) * فإن لم يعلم بافتراقهما فقضى الذي لم يبعه العبد (قال) فلا ضمان عليه إذا
قضاه وهو لا يعلم بافتراقهما وذلك سواء قضى الذي باعه أو الذي لم يبعه لا يضمن إذا
81

قضى واحدا منهما وهو لا يعلم * (قال ابن القاسم) * ولو أن رجلا كان وكيلا لرجل
قد فوض إليه تجارته وبيعه وشراءه وبأن يقتضي دينه وأشهد له بذلك ثم حجر عليه
وتبرأ من وكالته أو أخرجه من وكالته بشهادة الشهود ولم يعلم ذلك جميع غرمائه فلقى
الوكيل غريما من غرماء الذي كان وكله فقضاه الغريم ان ذلك لا يبرئه من دين
صاحبه ولو كان الوكيل هو الذي باعه فقضاه الغريم ولم يعلم بأنه قد أخرجه من الوكالة
كان ذلك دينا من الدين لا يبرأ منه أيضا هو رأيي * (قلت) * أرأيت الرجل يكون
عليه الدين لاحد المتفاوضين فيقتضيه شريكه الاخر أذلك جائز عند مالك (قال) نعم
وقد قال غيره إن كان الوكيل قد علم بأنه قد فسخ أمره فاقتضى بعد هذا والذي
قضاه يعلم أو لا يعلم فان الغريم ضامن فإن كان لم يعلم الوكيل فقضاه الغريم وهو لا يعلم
فلا تباعة عليه وإن كان الغريم يعلم بفسخ الوكالة والوكيل لا يعلم فالغريم ضامن
(في أحد الشريكين يبتاع من شريكه العبد من تجارتهما) *
* (قلت) * أرأيت أن اشترى أحد الشريكين عبدا من تجارتهما من شريكه أيجوز
شراؤه (قال) نعم شراؤه جائز * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي مثل ما قال
مالك في الجارية التي تكون بينهما فيطؤها أحدهما انهما يتقاومانها حتى تصير لأحدهما
فهذا يدلك على أن مالكا يجيز شراء أحد الشريكين السلعة فيشتريها من شريكه
وهي من تجارتهما * (قلت) * وسواء عندك ان اشتراها من شريكه للتجارة أو ليقنيها
(قال) نعم ذلك سواء عندي
(في أحد المتفاوضين يبتاع العبد فيجد به عيبا فيريد أن يقبله)
* (ويأبى ذلك شريكه أيجوز ذلك أم لا) *
* (قلت) * أرأيت أن اشترى أحد الشريكين عبدا من تجارتهما فأصاب به عيبا فقبله
بعد ما اشتراه المشترى به بعيبه أيجوز ذلك على الشريك أم لا (قال) ذلك جائز * (قلت) * فان أصاب المشترى به عيبا فقبله الشريك الذي لم يشتره (قال) ذلك جائز (قلت) *
82

فان قال المشترى أنا أرده أو قد رددته بعيبه وقال صاحبه قد قبلته (قال) ذلك جائز
لان المشترى لو رده بعيبه ثم اشتراه شريكه الآخر وقد علم بالعيب وبالرد لزم ذلك
شريكه فكذلك مسألتك * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ
قول مالك في هذا الساعة.
(في أحد المتفاوضين يولى أو يقيل من الشركة)
* (قلت) * أرأيت ما باع أحد المتفاوضين أو ولى أو أقال أليس ذلك جائزا على
شريكه وإن كان بغير أمره (قال) نعم في قول مالك على ما وصفت لك * (قلت) *
أرأيت إذا باع أحد الشريكين جارية من شركتهما فأقاله شريكه الآخر أتجوز الإقالة
(قال) إن كان جاباه في الإقالة يعلم الناس أن اقالته محاباة لا بضاع ثمنها وكثرة
ما باعها به صاحبه من الثمن وان صاحبها الذي اشتراها ملي بالثمن فلو شاء ان يأخذ
الثمن أخذه فأقاله فهذا لا يجوز ولا يجوز له الا قدر حصته ولا يجوز له أن يصنع
المعروف في مال شريكه الا ما يعلم أنه إنما أراد بذلك التجارة وما يجربه إلى التجارة
والمعروف كله لا يجوز لمن يصنعه في مال شريكه وهو يجوز عليه هو من ذلك قدر
حصته ولو كان إنما أقاله لعذم به خاف أن يذهب الثمن كله فأقاله على وجه النظر لنفسه
ولشريكه فذلك جائز على شريكه لان هذا ليس من المعروف وهذا شراء حادث
* (قلت) * وهو قول مالك (قال) هذا رأيي
(في اقرار أحد الشريكين يدين لذي قرابة أو لغيره)
* (قلت) * أرأيت أن أقر أحد الشريكين لأبيه أو لامه أو لولده أو لزوجته إذا كان
أمرهما قريبا أو لجده بدين أو لجدته من شركتهما أيجوز ذلك على شريكه أم لا في
قول مالك (قال) أرى أنه لا يجوز * (قلت) * ويجوز أن يقر بدين من تجارتهما
لأبيه (قال) لا يجوز ذلك عندي ولا يجوز أن يقر بدين من تجارتهما لصديق
ملاطف ولا لكل من يتهم فيه * (قلت) * فان أقر لأجنبي بدين (قال) ذلك جائز
83

عندي عليهما جميعا إذا أقر لأجنبي بدين من تجارتهما * (قلت) * أرأيت لو أن
متفاوضين في تجارة أقر أحدهما بدين من تجارتهما (قال) يلزم صاحبه اقراره إذا
كان الذي أقر له بالدين ممن لا يتهم عليه * (قلت) * أرأيت لو أن شريكين في دار
أو متاع أو غير ذلك من العروض أقر أحدهما لرجل أجنبي بنصف ذلك الذي في
أيديهما (قال) يحلف المقر له مع اقرار هذا المقر ويستحق حقه لأنها شهادة ولان
مالكا قال في أحد الورثة إذا أقر بالدين على الميت ان المقر له يحلف مع اقرار هذا
ويستحق ذلك على جميع الورثة
(القضاء في أحد الشريكين يموت)
* (قلت) * أرأيت إذا مات أحد الشريكين (قال) إذا مات أحدهما لم يكن للباقي
منهما أن يحدث في المال الباقي ولا في السلع قليلا ولا كثيرا الا برضا الورثة لان
الشركة حين مات أحدهما انقطعت فيما بينهما وصار نصيب الميت للورثة
وهذا رأيي
(الدعوى في الشركة)
* (قلت) * أرأيت لو أن شريكين اشتركا شركة صحيحة فادعى أحدهما أنه قد ابتاع
سلعة وضاعت منه وكذبه شريكه (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن
يصدق في قوله الذي قال اشتريت وضاع مني لان الشركة إنما وقعت بينهما على أن
يأتمن كل واحد منهما صاحبه * (قلت) * أرأيت لو أن متفاوضين مات أحدهما وقال
الباقي منهما قد رهنا متاعا كذا وكذا وهو من شركتنا عند فلان فقالت ورثة
الهالك لم ترهناه ولكنك أعطيته هذا المتاع بعد موت صاحبنا (قال) أرى أن يكون
للذي في يديه المتاع حصة الذي أقر له أنه قد رهن وهو الحي منهما ويقال للذي في
يديه المتاع الرهن احلف لان لك شهادة هذا واستحق النصف الذي للميت أنه رهن
في يديك لان مالكا قال في رجل هلك وترك أولادا فأقر بعض ولده بدين على
84

أبيه وأنكر البقية (قال) ان أحب صاحب الدين أن يحلف مع الذي أقر له لأنه شاهد
حلف واستحق دينه كله من مال الميت كله وان أبى أخذ حصته من نصيب المقر
له ولم يكن له أن يأخذ دينه كله من حصة هذا الشاهد وحده * (قلت) * أرأيت لو
أن شريكين متفاوضين جحد أحدهما صاحبه أن يكون شريكا له وأقام الآخر عليه
البينة فتلف المال الذي في يد الجاحد أيضمن حصة صاحبه من ذلك أم لا (قال)
هو ضامن لذلك لأنه لما جحد كان مانعا لحصة صاحبه من ذلك فلا يبرأ من حصة
صاحبا حتى يدفع ذلك إليه (قال) فان هلك قبل أن يدفعه إليه فهو ضامن له لأنه لما
جحده صار مانعا متعديا * (قلت) * أرأيت الشريك إذا مات فأقام صاحبه البينة أن
مائة دينار من الشركة كانت عنده فلم يجدوها ولم يعلموا لها مسقطا (قال) أرى إن كان
موته قريبا من أخذهما فيما يظن أن مثله لم يشغلها في تجارة فأرى ذلك في حصته
في ماله وأما تطاول من ذلك فلا شئ عليه لان كل واحد منهما يقتضى عن صاحبه
ويشترى عليه ويقضى عنه فلا شئ له في مثل هذا أرأيت لو أقام عليه البينة أنه
قبض مالا منذ سنة وهما يبيعان ويشتريان أكان يكون ذلك في ماله
* (تم كتاب الشركة بحمد الله وعونه وصلى الله على) *
* (سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويليه كتاب القراض) *
85

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب القراض)
(القراض بالدنانير والدراهم والفلوس)
* (قال سحنون) * قال عبد الرحمن بن القاسم قال مالك لا تصلح المقارضة الا بالدنانير
والدراهم * (قلت) * فهل تصلح بالفلوس (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا
أراه جائزا لأنها تحول إلى الكساد والفساد فلا تنفق وليست الفلوس عند مالك
بالسكة البينة حتى تكون عينا بمنزلة الدنانير والدراهم ولقد أخبرني عبد الرحيم بن
خالد أن مالكا كان يجيز شراءها بالدنانير والدراهم نظرة ثم رجع عنه منذ أدركناه
فقال أكرهه ولا أراه حراما كتحريم الدراهم فمن هاهنا كرهت القراض بالفلوس
* (قال سحنون) * وأخبرني عبد الله بن وهب أن يونس بن يزيد أخبره عن ربيعة
ابن أبي عبد الرحمن أنه قال المقارضة التي عليها أصل المقارضة أن تقارض من قارضته
مالا على أن رأس مالك الذي يدفع إليه عينا ما دفعت إليه ووزن ذلك وضربه ينبغي فيه
صاحبه ما ابتغى ويدير ما أدار منه على ما يكون فيه من نفقة أو زكاة حتى إذا
حضرت المحاسبة ونض القراض فما وجدت بيده أخذت منه رأس مالك وما كان فيه
من ربح تقاسمتماه على ما تقارضتما عليه من أجزاء الربح شطرين كانا أو غيره ولا
يحل لواحد منهما أن يضمن لصاحبه ربحا يأتيه به ولا يحل قراض على ضمان * (وقال
86

سحنون) * قال ابن وهب وابن نافع وأنس بن عياض قال عبد العزيز بن أبي سلمة
القراض لا يكون الا في العين من الذهب والورق * (سحنون) * وعن الحسن وابن
سيرين أنهما قالا لا تكون مقارضة الا بذهب أو فضة * (وكيع) * عن سفيان عن
مغيرة عن إبراهيم أنه كره البز مضاربة
(المقارضة بنقار الذهب والفضة)
* (قلت) * أرأيت النقر من الذهب والفضة أيجوز القراض بها (قال) سألت مالكا عنها
وذلك أن بعض أصحابنا أخبرنا أن مالكا سهل فيها وكان الليث يقول لا يجوز القراض
بها وكان يكرهه كراهية شديدة ويقول لا يجوز القراض الا بالدنانير والدراهم فسألت
مالكا عن ذلك فقال لي مالك لا يجوز القراض بنقر الذهب والفضة
(المقارضة بالحنطة والشعير)
* (قلت) * أرأيت القراض بالحنطة والشعير أيجوز في قول مالك (قال) لا * (قلت) *
أرأيت أن جهلا فأخذا الحنطة قراضا فباعها وعمل فربح (قال) يعطى أجر مثله في
بيعه الحنطة ويرد إلى قراض مثله يوم ينض المال فيما عمل بعد ذلك * (قلت) * أرأيت
إن كان شرط له نصف الربح (قال) لا ينظر إلى ذلك ولكن يرد إلى قراض مثله
* (قلت) * لم (قال) لان أصله كان فاسدا * (قلت) * أرأيت القراض بما يوزن ويكال
لم كرهت ذلك (قال) لأنه خطر يأخذ الحنطة أو الشعير وقيمته يوم أخذه مائة درهم
فيعمل به فتصير قيمته يوم يرده ألف درهم فيغترق ربحه أو يكون قيمتها يوم يردها
خمسين درهما فيكون قد ربح فيها * (وقال) * ابن وهب وابن نافع وأنس بن عياض قال
عبد الغزيز بن أبي سلمة القراض لا يكون الا في العين من الذهب والورق ولا ينبغي
لاحد أن يقارض أحدا مالا على كذا وكذا من الربح وزيادة كذا وكذا من الورق
والذهب وبشئ مسمى أو غير ذلك من الزيادات (قال عبد العزيز) ولا تشترط أيها
المقارض الذي لك المال أنك تعينه بنفسك ولا تبيع منه ولا تبتاع منه ولا تعينه
87

بغلام فان ذلك بمنزلة الدراهم تزيده إياها مع ما يسمى لك من الربح ولا تخلطن مال
القراض بغيره وليس القراض بأن تدفع إلى صاحبك بزا أو سلعة أو غيرها ما
كانت ثم تسمى له ما قام به عليك وتقول ما كان فيه من ربح بعد ذلك فهو بيني
وبينك وليس هذا القراض ولكن هذا باب من الإجارة لا يصلح (قال) وتفسيره
أنك كأنك استأجرته يبيع لك سلعتك وله نصف ما كان فيها من ربح فإن لم يربح
ذهب عمله باطلا وموضع الحق من ذلك إذا كان يحسب له من يبصر ذلك اجارته
بقدر ما عمل ويكون ما كان في سلعتك من ربح أو نقصان لك أو عليك
(القراض بالوديعة والدين)
* (قلت) * أرأيت لو كان لي عند رجل وديعة فقلت له اعمل بها قراضا على النصف
أيجوز هذا (قال) قال مالك في المال إذا كان دينا على رجل فقال له رب المال اعمل
بالدين الذي لي عليك قراضا (قال) لا يجوز هذا إلا أن يقبض دينه ثم يعطيه بعد
ما يقبضه فأرى الوديعة مثل هذا لأني أخاف أن يكون قد أنفق الوديعة فصارت
عليه دينا * (قلت) * فان قلت له اقتض ديني الذي لي على فلان واعمل به قراضا (قال)
لا يجوز هذا عند مالك * (قلت) * فان اقتضاه وعمل على هذا فربح أو وضع (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يعطيه أجر مثله في تقاضيه ويرد إلى قراض
مثله * (قلت) * أرأيت دينا لي على رجل امرته أن يعمل به قراضا أيجوز ذلك أم لا
(قال) لا يجوز ذلك عند مالك * (قلت) * لم (قال) خوفا أن يكون إنما اعتزى أن
يؤخره بالدين ويزيده في دينه
(في المقارض يدفع الدراهم إلى العامل ويقول)
* (صرفها دنانير واعمل فيها قراضا) *
* (قلت) * أرأيت فان أعطاه دراهم صرفها دنانير واعمل بها قراضا (قال) لا يعجبني
هذا لان في هذا منفعة لرب المال وهي مثل الأولى التي فوقها فيما وصفت لك من
88

العمل إذا وقع وعمل به
(في المقارض يدفع إليه المال يشترى به جلودا يعملها خفافا)
* (بيده أو نعالا أو سفرا ويبيعها على النصف) *
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا على أن يشترى به جلود أفيعملها
بيده خفافا أو نعالا أو سفرا ثم يبيعها فما رزق الله فيها فهو بينهما نصفين (قال)
لا خير في هذا عند مالك (وقال عبد الرحمن) في رجل دفع إلى رجل مالا والمدفوع
إليه صائغ على أن يصوغ ويعمل فما ربح في المال فبينهما واشترط صياغة يده في المال
(قال مالك) لا خير فيه قال فان عمل رأيته أجيرا وما كان في المال من ربح أو وضيعة
فلصاحب المال * (قال ابن وهب) * وأخبرني ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران قال
سألت ابن القاسم وسالما عن المقارضة والبضاعة يكون ذلك بشرط فقالا لا يصلح
من أجل الشرط الذي كان فيه * (قال ابن وهب) * وأخبرني يونس عن أبي الزناد أنه
قال لا يصلح أن تدفع إلى الرجل مالا مضاربة وتشترط من الربح خاصة لك دونه
ولو كان درهما واحدا ولكن تشترط نصف الربح لك ونصفه له أو ثلث الربح لك
وثلثيه له أو أكثر من ذلك أو أقل ما دام لك في كل شئ منه شرك قليل أو كثير
فان كل شئ من ذلك حلال وهو قراض المسلمين (قال غيره) فكيف بمن يشترط
عمل العامل بيده فذلك أعظم الزيادة وانه خارج من قراض المسلمين
(في المقارضة على الاجزاء)
* (قلت) * أرأيت المقارضة على النصف أو الخمس أو السدس أو أقل من ذلك أو
أكثر (قال) لا بأس بذلك عند مالك * (قلت) * أرأيت أن أعطيته مالا قراضا على
أن الربح كله للعامل (قال) سألت مالكا عن الرجل يعطى الرجل المال يعمل به على
أن الربح للعامل كله ولا ضمان على العامل (قال) قال مالك قد أحسن ولا بأس به
* (قال) * وقال مالك في الرجل يعطى الرجل النخل مساقاة على أن جميع الثمرة للعامل
89

قال مالك لا بأس بذلك * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا ولم أسم
ثلثا ولا ربعا ولا نصفا ولا أكثر من أن قلت له خذ هذا المال قراضا فعمل به فربح
وتصادق العامل ورب المال على ذلك (قال) يرد إلى قراض مثله * (قلت) * فان
دفعت إلى رجل مالا قراضا على النصف فلقيته بعد ذلك فقلت له أجعله على أن الثلثين
لي والثلث لك أو الثلثان للعامل ولرب المال الثلث وقد عمل بالمال ففعل (قال) لا أرى
به بأسا ولم أسمعه من مالك
(في المقارض يدفع إلى الرجلين المال قراضا على أن النصف)
* (للمقارض والثلث للآخر والسدس للآخر) *
* (قلت) * فان دفعت إلى رجلين مالا قراضا على أن نصف الربح لي وثلث الربح
لأحدهما وسدس الربح للآخر (قال) لا يجوز هذا لان العاملين في المال لو اشتركا
على مثل هذا لم يجز هذا إذا عمل العاملان على مثل ما يجوز في الشركة
بينهما ألا ترى أن أحدهما يأخذ بعض ربح صاحبه بغير شئ * (قلت) * أوليس قد
يجوز لصاحب المال أن يدفع المال قراضا على النصف أو أقل أو أكثر (قال) نعم
* (قلت) * فلم لا يجوز لهذين العاملين ولم لا تجعلهما كأن رب المال جعل لأحدهما
السدس وللآخر السدس وزاد أحدهما السدس (قال) ليس هذا هكذا ولكن
هذا كأن رب المال قال العامل الذي عمل بالثلث اعمل مع هذا على أن لك ربح بعض
عمل هذا
(في المقارضين يختلفان في أجزاء الربح)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إليه المال قراضا على الثلثين ولم أبين لمن الثلثان الرب
المال أم للعامل (قال) قال مالك في العامل ورب المال إذا اختلفا فقال رب المال إنما عملت
على أن الثلث لك وقال العامل بل عملت على أن لرب المال الثلث والثلثين لي (قال)
القول ما قال العامل إذا كان يشبه قراض مثله فأرى أن مسألتك القول قول العامل
90

أن الثلثين له والثلث لرب المال لأنهما إذا اختلفا كان القول قول العامل إذا كان يشبه
عمل مثله والا رد إلى قراض مثله (قال) وأرى المساقاة في هذا مثل القراض وما سمعت
من مالك في المساقاة شيئا * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فاختلفا
فقلت إنما دفعت إليك المال على أن الثلث لك قال العامل بل دفعت إلي على أن
الثلثين لي وذلك قبل أن يعمل في المال (قال) قال مالك يترادان إلا أن يرضى أن
يعمل على ما قال رب المال * (قلت) * لم قال مالك القول قول العامل إذا اختلف العامل
ورب المال في الربح (قال) لأنه بمنزلة رجل دفع إلى خياط ثوبا فاختلفا في أجر الخياطة
قال الخياط اجارتي درهمان وقال رب الثواب اجارتك درهم (قال) فالقول قول العامل
إذا أتى بأمر يشبه فكذلك المقارض القول قوله إذا أتى بأمر يشبه * (قلت) * أرأيت
لو أني دفعت إلى رجل مالا قراضا فادعيت أني دفعت إليه المال على مائة درهم وعلى
أن ثلث الربح للعامل وقال العامل بل دفعت إلي المال على النصف (قال) القول قول
العامل إذا أتى بأمر يشبه لان مالكا قال إذا اختلفا في الربح فالقول قول العامل إذا
أتى بأمر يشبه فهذا من قول مالك في الحلال فكيف ان قلت في الحرام فذلك أحرى
أن يكون القول قول العامل إذا أتى بأمر يشبه فإن كان العامل هو الذي ادعى الثلث
ومائة درهم وأنكر ذلك رب المال وقال بل قارضتك على الثلث أو النصف فالقول
قول مدعي الحلال منهما إذا أتى بأمر يشبه
(في المقارضين يشترطان عند معاملتهما ثلث الربح للمساكين)
* (قلت) * أرأيت المتقارضين يشترطان عند معاملتهما ثلث الربح للمساكين أيجوز
ذلك (قال) نعم * (قلت) * فهل يرجعان فيما جعلا من ذلك (قال) لا وليس يقضى
بذلك عليهما ولا أحب لهما فيما بينهما وبين الله تعالى أن يرجعا فيما جعلا
(في المقارض يكون له شرك في المال)
* (قلت) * أرأيت أن قال له اعمل في هذا المال على أن لك شركا أيرد إلى قراض
91

مثله (قال) نعم لان هذا بمنزلة من أخذ مالا قراضا ولم يسم ماله من الربح ولا ما لرب
المال فعمل فهؤلاء يردون إلى قراض مثلهم * (قال سحنون) * وقد قال غيره إذا قال لك
شرك في المال ولم يسم شيئا وتصادفا فذلك النصف
(في أكل العامل من مال القراض)
* (قال عبد الرحمن بن القاسم) * إنما يأكل العامل من مال القراض إذا شخص في المال من
بلده وليس حين يشترى ويتجهز في بلده ولكن حين يخرج إذا توجه (وقال) للعامل إذا
سافر النفقة ذاهبا وراجعا وإن لم يشتر شيئا عند مالك وله أن يرد ما بقي بعد النفقة
إلى صاحبه * (قلت) * أرأيت أن سافر سفرا قريبا أيأكل من مال القراض (قال)
قال مالك نعم يأكل منه ذاهبا وراجعا فإذا رجع إلى مصره لم يأكل منه شيئا
ولم يكتس من مال القراض إذا كان سفرا قريبا إلا أن يكون مقيما بموضع إقامة
يحتاج فيه إلى الكسوة * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل غريب قدم الفسطاط
مالا قراضا على أن يتجبر به بالفسطاط يقيم بها لأنه غريب وبالفسطاط أعطيته المال
إلا أنه غريب أيكون له أن ينفق منه (قال) لا أحفظ قول مالك في هذا وإنما الذي
قال مالك في الذي لا ينفق من المال حتى يظعن من هو في أهله بالفسطاط أو من
هو من أهل الفسطاط وليس له بها أهل فأما الغرباء الذين احتسبوا على العمل بمال
هذا الرجل فاني أرى أن ينفقوا إلا أن يكون رجل يسكن البلد وإن لم يكن له بها
أهل أو قدم يسكن فلا أرى له نفقة * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا ظعن إلى المدينة
في مال قراض أخذه ليتجر به فلما قدم المدينة تزوج بها وأوطن بها أتكون نفقته على
نفسه حين أوطنها (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن أخذت مالا قراضا بالفسطاط
ولي أهل بالمدينة وأهل بالفسطاط فكنت أتجر فيما بين المدينة وبين الفسطاط
(قال) قد أخبرتك أن مالكا قال من أخذ مالا قراضا في بلد ليس فيه أهله ثم خرج
إلى البلد الذي فيه أهله فتجر هناك (قال) قال مالك لا نفقة له في ذهابه إلى أهله
ولكن له النفقة في رجوعه فأرى في مسألتك أن لا يكون لهذا نفقة لا في ذهابه
92

ولا في رجوعه لأنه ذهب إلى أهله * (قال إن وهب) * وأخبرني
ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن المقارض أيأكل من
القراض ويركب أو من ماله فقالا يأكل ويكتسي ويركب من القراض إذا
كان ذلك في سبب القراض وفيما ينبغي له بالمعروف (قال ابن وهب) وأخبرني
الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال ذلك إذا كان المال يحمل ذلك ثم يقتسمان ما بقي بعد
الزكاة والنفقة * (قال ابن وهب) * وأخبرني ابن لهيعة عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
أنه كان يقول لولا أن المقارض يأكل من المال ويكتسي لم يحل له القراض (وقال مالك)
إذا كان المال كثيرا فإنما يكون طعام العامل وكسوته ونفقته من المال في غير سرف
إذا كان المال يحمل ذلك ولا يحسب ذلك في ربح العامل ولكن يلغى (وقال) الليث
مثله إذا سافر بالمال وإن كان حاضرا بالبلد يشترى ويبيع فلا يستنفق إلا أن يشتغل
في السوق يبيع ويشتري ولا ينقلب إلى أهله فلا بأس أن يتغذى بالأفلس * (قال ابن
وهب) * وأخبرني بشر ومسلمة أنهما سمعا الأوزاعي يقول سألت رجلا من أهل العلم
عن الرجل يأخذ المال مضاربة ما يصلح له أن يأكل منه (قال) مثل الذي يأكل منه (قال) مثل الذي يأكل في
أهله في غير إسراف ولا يضر بنفسه ولا يهدي منه هدية ولا يصنع منه طعاما يدعوا إليه
(في المقارض يستأجر الاجراء والبيوت من القراض)
* (قلت) * أرأيت المقارض أله أن يستأجر الاجراء يعملون معه في المقارضة ويستأجر
البيوت يجعل فيها متاع المقارضة أو يستأجر الدواب يحمل عليها متاع القراض (قال)
نعم عند مالك هذا جائز * (قلت) * أرأيت أن استأجر أجيرا يخدمه في سفره أتكون
إجارة الأجير من القراض (قال) إذا كان مثله ينبغي له أن يستأجر والمال يحمل ذلك
فذلك له وقال لي مالك وجه القراض المعروف الجائز بين الناس أن يأخذ الرجل المال
من صاحبه على أن يعمل فيه ولا ضمان عليه فيه ونفقة العامل في المال وطعامه وكسوته
في سفره وما يصلحه بالمعروف بقدر المال إذا شخص في المال وكان المال يحمل ذلك
فان مقيما في أهله فلا نفقة له من المال ولا كسوة وان للعامل أن يستأجر من
93

المال إذا كان كثيرا لا يقوى عليه بعض من يكفيه بعض مؤنته ومن الاعمال أعمال
لا يعلمها الذي يأخذ المال وليس مثله فله أن يستأجر من المال إذا كان كثيرا
لا يقوى عليه ولا ينبغي للعامل أن يهب منه شيئا ولا يولي منه ولا يعطي منه أحدا
ولا يكافئ فيه أحدا فأما أن يجمع هو وقوم فيأتون بطعام ويأتي بطعام فأرجو أن
يكون ذلك واسعا إن شاء الله تعالى إذا لم يتعمد أن يتفضل عليهم فان تعمد ذلك بغير إذن صاحبه فعليه أن يتحلل منه فان حلله فلا بأس وان أبى أن يحلله فعليه أن يكافئه
بمثله إذا كان ذلك الشئ له مكافأة وذلك الامر المجتمع عليه عندنا (وقال) الليث مثله
(في التاجر الحاج يأخذ مالا قراضا)
* (قال عبد الرحمن بن القاسم) * قلنا لمالك ان عندنا تجارا قد عرفوا أيام الموسم
يأخذون المال قراضا فيشترون البغال والرقيق وغير ذلك فيخرجون بها فيشهدون بها
الموسم ولولا ذلك ما خرجوا إلى الموسم فيما يظن بهم أفترى لهم نفقة في مال القراض (فقال مالك) لا أيخرج حاجا وتكون نفقته من مال القراض فأبى ذلك وقال لا نفقة له
ولا للغازي * (قال) * فقلنا لمالك في رجوعه (قال) ولا في رجوعه إلى بيته لا يكون له
نفقة * (قال) * فقلنا له فالرجل يقدم من بلده إلى بلد آخر فيأخذ المال قراضا فيسير به
إلى بلده وفيها التجارة التي يريد أن يتجر فيها (قال مالك) لا نفقة له في ذهابه ولا في
اقامته في أهله (قال مالك) وله النفقة في رجوعه ولم يجعله مثل الحاج ولا الغازي
* (قال) * ولقد سألت مالكا عن الرجل يتجهز بمال أخذه قراضا وأراد سفرا فتكارى به
واشترى ثيابا لنفسه وطعاما من مال القراض فلما كانت الليلة التي أراد الخروج أتاه
رجل بمال فقال له خذ هذا قراضا فكيف ترى أن تكون له النفقة أمن المال الأول
أم نفقته على المالين جميعا (قال) بل نفقته على المالين جميعا على قدرهما
(في المقارض ينفق على نفسه من ماله في القراض حتى يقدم)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا أخذ مالا قراضا فخرج به فأنفق من عند نفسه في
94

سفره ليقتضيه من مال القراض فأنفق ثم ضاع المال (قال) قال مالك في رجل
اشترى بالمال القراض سلعا فاكترى لها دواب فحملها عليها فاغترق الكراء السلع
وزاد قال مالك ليس له على رب المال في الزيادة شئ فكذلك مسألتك * (قلت) *
أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فاشترى المقارض بجميع المال ثيابا ثم صبغ
الثياب أو قصرها بمال من عنده أيرجع به في ثمن الثياب إذا باع الثياب أم كيف
يصنع (1) (قال) قال مالك في المقارض إذا اشترى سلعا بمال القراض فزاد في ثمنها من
عنده على صاحب المال (قال) قال مالك رب المال بالخيار ان أحب أن يدفع إليه ما
زاد وتكون السلع كلها على القراض وان كره رب المال ذلك كان العامل شريكا

(1) وجد بالأصل هنا طيارة ونص ما فيها قال إذا اشترى الثياب ليصبغها أو ليقصرها ولم يرد أن يكون شريكا لرب المال بما أخرج في صبغها وقصارتها وإنما أسلف ذلك رب المال فان أجاز له
رب المال ذلك مضى ولم يكن بمنزلة من دفع إليه مالا فشغله في سلع ثم دفع إليه مالا آخر على أن
يخلطه بالأول لان الثياب هاهنا إنما اشتريت لهذا كما لو أعطاه مائة على القراض فاشترى سلعة بمائتين
لرب المال فان رضى بأن يعطيه المائة الثانية وتكون السلعة كلها على القراض فعل وان امتنع كانت السلعة
بينهما نصفين فكذلك الصبغ والقصارة هاهنا ان رضى ان يعطيه ما صبغ به فعل والا شاركه بذلك
ولعل غير ابن القاسم إنما لم يجز أن يدفع إليه قيمة الصبغ على أن يكون على القراض لأنه لم يشتر
ليصبغ فإذا لم يرض عند ابن القاسم أن يدفع إليه قيمة الصبغ كانا شريكين كالسلعة التي زاد في
ثمنها وأما قول غير ابن القاسم انه ان دفع إليه قيمة الصبغ لم يكن الصبغ على القراض فيجب على
قوله أن يقاسمه الثياب أو يأتي بمن يعمل معه فيها لان العامل لا يلزمه أن يعمل فيما لا ربح له فيه وان أراد أن يضمنه قيمة الثياب ضمنه وإن كان في قيمتها فضل عن رأس المال يوم صبغها كان ذلك
الفضل بينهما يريد أنه على الثياب يوم صبغها فإن كانت حينئذ تسوي ثمانين ورأس المال مائة إلا أن
سوقها حط لم يضمن الا قيمتها ثمانين فقط لان حوالة سوقها لا يضمنه العامل وإن كان رأس ماله
ثمانين فتعدى عليها العامل فصبغها وقيمتها مائة أخذ رب المال منه تسعين إن كان قراضهما على
النصف لأنهما قد ربحا فيها عشرين وأما قوله وان شاء شاركه بقيمة الصبغ من قيمة الثياب فهذا
مذهب فيمن غصب لإنسان ثوبا فصبغه ان رب الثوب إذا لم يشأ أن يضمن الغاصب قيمة ثوبه ورغب
في عين ثوبه ولم يرض ان يدفع قيمة الصبغ أنه يكون شريكا للغاصب وليس هو المعهود وإنما
يقول ابن القاسم انه بالخيار ان شاء أن يأخذ ثوبه ويدفع قيمة الصبغ وان شاء ضمن الغاصب فقط
وقال أشهب له أن يأخذ ثوبه ولا شئ عليه من قيمة الصبغ كبناء بناه الغاصب إذا نقض لا قيمة
له أو كخياطة في ثوب ان ربه يأخذ ولا شئ عليه ا ه‍ *
95

لرب المال بما زاد من ماله * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فاشترى
بجميعه بزا ثم اكترى على البز من ماله أي شئ يكون للعامل في القراض أيكون
شريكا بالكراء أم ماذا يكون أم تراه دينا في مال القراض (قال) أراه دينا في مال
القراض يستوفيه من المال وإن لم يبق منه شئ فلا شئ له ولا يكون العامل شريكا لرب
المال بهذا الكراء * (قلت) * فان صبغ البز بمال من عنده وقد كان اشترى بجميع مال
القراض بزا (قال) أما الصبغ فيقال لرب المال ادفع إليه المال الذي صبغ به والا كان
شريكا معك بما صبغ من الثياب (قال) والذي يبين لك الفرق فيما بين الصبغ والكراء
أن الصبغ رأس مال يحسب للصبغ رأس ماله وربحه مثل ما يحسب لرأس المال في المال
ربحه إذا باعه مرابحة ولم يجعل للكراء ربح إلا أنه قال يحمل الكراء على المال ولا يجعل
للكراء ربح فإذا لم يكن للكراء في المرابحة ربح لم يكن به شريكا لأنه غير سلعة قائمة
في البز وإنما تكون الشركة بينهما في سلعة قائمة يكون فيها النماء والنقصان والصبغ سلعة
قائمة بعينها والكراء ليس بسلعة قائمة وإنما الكراء هاهنا سلف أسلفه العامل رب المال
فان رضى رب المال بذلك أداه والا قيل للعامل اقبضه من مال القراض وقد قال مالك
في الرجل يدفع إلى الرجل ألف دينار قراضا فيبتاع بألفي دينار على رب المال ان رب
المال بالخيار ان أحب أن يدفع إليه ألف دينار والا كان المبتاع شريكا وجعل مالك في
الذي يشتري المتاع بمال قراضا فيتكارى له من عنده ثم يبيعه انه يرجع بالكراء في
المال القراض إلا أن يكون الكراء أكثر من قيمة المتاع فلا يكون له على رب المال شئ
أكثر من ثمن المتاع فعلى هذا رأيت لك أيضا الكراء وعلى قول مالك في الكراء في
المرابحة حين لم يجعله بمنزلة الشئ القائم بعينه * (قال سحنون) * وقال غيره ان دفع
رب المال إلى العامل قيمة الصبغ على القراض (قال) فان أراد أن يضمنه قيمة
الثياب ضمنه إلا أن يكون فيها فضل فيكون له من القيمة قدر رأس المال وربحه وان
أبى أن يضمنه كان شريكا بقيمة الصبغ من قيمة الثياب وإنما لم ير ان أعطاه قيمة الصبغ
أن يكون على القراض الأول لأنه لا يجوز للرجل أن يدفع إلى الرجل مالا قراضا
96

فيشتري به سلعا ثم يدفع إليه أيضا مالا آخر قراضا على أن يخلطه بالمال الأول فلذلك
لا يجوز ان رضى رب المال أن يعطيه قيمة الصبغ على أن تكون على القراض لان
الصبغ مشترى بعد ما اشترى بالمال الأول الثياب والمال الأول ربما ربح فيه وربما
خسر فيه فلما لم يجز في الابتداء أن يعطيه رب المال مالا ثانيا بعد ما شغل المال
الأول على أن يخلطه فلذلك لم يجز أن يجاز فعل العامل بعد ما شغل المال الأول بأن
يخلط الثاني بالأول والله أعلم ولا يشبه هذا مسألة مالك التي قال في الرجل يعطي
الرجل مالا على القراض فيزيد العامل من عنده مالا قبل أن يشتري شيئا فيشتري
بجميعه سلعة يريد بما زاد سلف رب المال لان المالين جميعا حين اشترى بهما صفقة
واحدة بمنزلة ما لو أن صاحب المال زاد العامل قبل أن يشتري شيئا لم يكن بذلك
بأس * (قلت) * أرأيت لو اشتريت بزا بجميع مال القراض ثم اكتريت لنفسي من
مالي وأنفقت على نفسي من مالي أيكون لي كرائي وما أنفقت من مالي على نفسي
دينا أرجع به في ثمن المتاع (قال) نعم وهو قول مالك * (قلت) * أوليس قد قلت لي في
الذي يخرج وينفق من عنده انه يحسب نفقة مثله في مال القراض فيفض ذلك على
المال القراض وعلى نفقة مثله (قال) إنما قال ذلك مالك إذا أراد أن يخرج في حاجة
نفسه ويجهز ثم أتاه رجل فدفع إليه مالا قراضا فخرج في حاجة نفسه وفي القراض
وهذا إنما خرج في القراض وحده
(في الرجل يأخذ من الرجل مالا قراضا كيف تكون نفقته)
* (قلت) * أرأيت المقارض إذا كان أخذ ألف درهم قراضا فسافر بها وبعشرة آلاف من عنده
أو بعشرة آلاف قراضا فسافر فيها وفي ألف درهم من ماله كيف النفقة التي ينفقها على
نفسه في سفره (قال) على قدر المالين تفض النفقة على المالين فينفق على نفسه بحساب
ذلك من العشرة آلاف عشرة أجزاء ومن الألف جزأ واحدا * (قلت) * أرأيت أن
دفع رجل إلى رجل مالا قراضا فتجهز وابتاع بزا يريد به الخروج إلى بعض البلدان فأتاه
رجل آخر فدفع إليه أيضا مالا قراضا كيف تكون نفقته (قال) لم أسمع من مالك
97

الا الذي أخبرتك أني سألته عن رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فتجهز به في جهاز
نفسه وسفره وتكارى يريد أن يخرج به إلى بلد من البلدان يشتري هنالك متاعا
فأتاه رجل في تلك الليلة فدفع إليه مالا قراضا على من ترى نفقته (قال) مالك نفقته
من المالين جميعا فأما مسألتك فقد تجهز بالمال واشترى وتكارى على البز فهذا كله
على رب البز وحده وأما نفقة العامل وكراؤه فهو على المالين جميعا مثل الذي أخبرتك
(في زكاة القراض)
* (قال) * وقال مالك لا يخرج العامل زكاة القراض الا بحضرة رب المال وان كانت
الزكاة قد وجبت منذ قبضها العامل فان ربح فيها العامل وحال الحول عنده فإنه
لا يخرج شيئا من زكاة رأس المال ولا من ربحه حتى يحضر رأس المال ويحضر رب
المال لأنه عند مالك لا ربح له حتى يستوفي رب المال رأس ماله وقال إنما تخرج
الزكاة عند المقاسمة * (قال) * فقلت لمالك أفيزكيه مرة واحدة لما مضى من السنين أم
لكل سنة مضت زكاة (قال) بل لكل ما مضى من السنين زكاة وإنما ذلك عندي
في الذي يدار إذا كان العامل يديره ونما يزكي لكل سنة قيمة ما كان في يده من
المتاع كل سنة إن كان أول سنة قيمة المتاع مائة والسنة الثانية مائتين والسنة الثالثة
ثلاثمائة فإنما يزكى كل سنة قيمة ما كان يسوى المتاع فإنما يزكى أول سنة مائة والسنة
الثانية مائتين والسنة الثالثة ثلاثمائة الا ما تنقصه الزكاة كل سنة * (قلت) * فلو ربح
العامل دينارا واحدا في المال والمال تسعة عشر دينارا وإنما عمل في المال يوما واحدا
فربح هذا الدينار فبدا له أن يرد القراض وقد كانت أقامت التسعة عشر دينارا عند
ربها سنة أيكون على المقارض في نصف ديناره هذا الذي ربحه في عمل يومه ذلك
فصار له في حصته زكاة (قال) لا لان رب المال ليس في رأس ماله وربحه زكاة وربح
العامل ليس هو لرب المال فليس على واحد منهما زكاة * (قال) * وقال مالك في
رجل دفع إلى رجل مالا قراضا وقد زكى ماله ذلك ومضى لماله ذلك بعدما زكاه ستة
أشهر فعمل العامل به أربعة أشهر ثم اقتسما فأخذ رب المال رأس ماله وحصته من
98

الربح وأخذ العامل حصته من الربح ثم مضت السنة من يوم زكى رب المال ماله
(قال) رب المال يزكى ما بقي في يديه من رأس ماله وربحه الذي صار في حصته
وليس على العامل أن يزكى ما صار له في ربحه إلا أن يحول الحول على ما صار له من
يوم اقتسما وأخذ حصته وفي يديه عشرون دينارا فصاعدا من ربح ومن مال كان
له قبل ربحه ان ضمه إلى ربحه وجبت فيه الزكاة فعليه الزكاة إذا حال على المال الحول
وربحه من يوم افاده لأنه إنما تضم الفائدة التي كانت في يديه قبل ربحه إلى الربح
فيستقل به حولا وهذا قول مالك (1)
(في القراض يتلف بعضه ثم يعمل بما بقي فيربح فيه)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل ألف درهم قراضا فلم يعمل بالمال حتى ضاع
منه خمسمائة درهم ثم عمل فربح أكثر من رأس المال (قال) قال مالك يجبر رأس
المال من الربح وإن لم يعمل بالمال حتى ضاع منه * (قلت) * فلو أن رجلا عمل في المال
فخسر فأتى إلى رب المال فقال قد وضعت في المال فقال له رب المال اعمل بما بقي في
يديك فعمل فربح أيجبر رأس المال (قال) نعم * (قلت) * فان قال العامل لا أعمل به
حتى تجعل هذا الباقي رأس مالك وتسقط عني ما قد خسرت فقال رب المال نعم
اعمل بهذا وقد أسقطت عنك ما خسرت (قال) أرى أنه على قراضه ابدا ما لم يدفع
إلى رب المال ماله ويفاصله وهو رأيي ولا ينفعه قوله إلا أن يدفع إليه ويتبرأ منه ثم
يدفع إليه الثانية ان أحب * (قال ابن القاسم) * ولو أحضره وحاسبه ما لم يدفعه إليه
فهو على القراض الأول حتى يقبضه وكذلك سمعت عن مالك * (قلت) * أرأيت
ان أخذت مالا قراضا فذهبت اللصوص بنصف رأس المال أو سقط مني نصف
رأس المال قبل أن أعمل في المال ثم عملت في النصف الباقي فربحت فيه مالا كيف
يكون هذا في قول مالك (قال) قال مالك يتم رأس المال الذي أخذت اللصوص
والذي ضاع من الربح ويكون بعد ذلك الربح بينهما على ما اشترطا ولا يكون في المال

(1) وجد بالأصل هنا طيارة في مقابلة باب زكاه القراض فأثبتناها في آخر الباب لعدم تعلقها
99

بمحل مخصوص ونص ما فيها (عند ابن القاسم أن العامل بالقراض إذا عمل بالمال حولا فكان لرب
المال في رأس ماله وربحه ما تجب فيه الزكاة ولا دين عليه وهو حر مسلم ولا دين على العامل زكي
العامل ما صار له من الربح دينارا أو أقل أو أكثر وإن كان على العامل دين استغرق ربحه كله لم يكن
عليه زكاة وان بقي من ربحه بعد دينه ولو درهما زكاه وقال ابن القاسم في كتاب محمد ان العامل
لا يزكي شيئا حتى يكون له من الربح عشرون دينارا وهذا ليس ببين ويجب على هذا أن لا يعتبر
رب المال هل عليه دين أو هو عبد وإن كان إنما يراعى رب المال فيجب أن يزكي وان صار له درهم
وإن كان عليه دين كما أسقط عنه الزكاة إذا كان رب المال عبدا وان عمل بالمال ستة أشهر وكانت
تمام حول رب المال فتفاضلا فلا زكاة على العامل عند ابن القاسم وأما أشهب فإنما يراعي وجوب
الزكاة على رب المال أو جملة المال بربح العامل فإن كان في جملته ما تجب فيه الزكاة وجبت الزكاة
على العامل لان المال يزكى على ملك رب المال وإنما للعامل إجارة ولا يشبه إجارة العامل دين
على رب المال من إجارة وغيرها لان إجارة العامل لم تتعلق بذمة رب المال إذ لو ضاع أو ذهب لم
يكن على رب المال شئ وكذا عند أشهب لو دفع إليه عشرة فربح فيها خمسة وعند رب المال خمسة
حال عليها الحول أيضا لزكي العامل لأنه يضيف ما بقي بيد رب المال إلى ما في يد المقارض كما يبنى على
الحول الذي كان عند رب المال وقد قال ابن القاسم فيمن تسلف مائة دينار ولا عرض له فقارض بها
رجالا فربح فيها أربعين دينارا فحال عليها الحول أترى على هذا زكاة قال نعم ولو ربح أقل من أربعين
لم يكن عليهما زكاة * (محمد) * يزكي وإن لم يربح فيها الا عشرين فابن القاسم بناه على أصله أن رب
المال إذا صار له ما تجب فيه الزكاة فحينئذ تجب على العامل ولا يصير لرب المال ما تجب فيه الزكاة
الا بأن يكون الربح أربعين إذ المائة دين على رب المال. وتأول محمد ان ابن القاسم يقول لا تجب على
العامل زكاة حتى يصير له عشرون فإن كان إنما أخذ هذا من هذه المسألة فلا يلزم ابن القاسم ما ألزمه
محمد لان رب المال هنالك لا يملك الا عشرين فقط وعلى ما اختار محمد وهو قول أشهب ان الربح
إذا كان فيه عشرون سواء كأن لأحدهما أولهما فلا بد من أن يزكي فالحاصل هاهنا بعد قضاء الدين
الذي هو مائة وعشرون إنما هو عشرون فتزكى وان اختص العامل بملكها على مذهبه وأما إذا صار
للعامل عشرة حال عليه الحول وعنده عشرة ورب المال وجبت عليه الزكاة فلا يضيف ما كان عنده إلى
ما أخذ من القراض ولم يذكر في هذا خلافا وإنما اختلف هل يضيف رب المال ما أعطي قراضا إلى
ما كان في يده لتمام حول ما كان في يده فأضاف ذلك أشهب ولم يضفه ابن القاسم فينبغي إذا كان رب
المال يدير أن يزكيه وان كأن لا يدير والمال الذي في يد المقارض يدار أن يزكيه على القول الذي
يرى أن من له مال يدار ومال لا يدار أن يزكى كل مال على حدته وقيل يجعل الأقل تبعا للأكثر
وقيل إن كان الأكثر لا يدار والأقل يدار زكى المدار على الإدارة والآخر على التجارة وفي كتاب
محمد إذا كان رب المال يدير زكي ما في يد العامل من رأس ماله وحصته من الربح ولا يزكى عن العامل
فإذا فاصله فإن كان العامل يدير زكى لماضي السنين وان كأن لا يدير زكي لسنة واحدة ولم يذكر في
ذلك خلافا وانظر على مذهب أشهب الذي يزكي على ملك رب المال هل يزكي ربح العامل) انتهى
100

ربح حتى يتم رأس المال * (قلت) * ما فرق ما بين هذا وبين الذي أكله العامل في
المال (قال) لأنه إذا أكله فقد ضمنه وإذا سقط فلا ضمان عليه فيه وكذلك إذا
أخذته اللصوص فلا ضمان عليه فيه فان ربح في بقية المال كان عليه أن يجبر رأس المال
فإذا أكله فهو ضامن لما أكل والذي ضمن هو تمام رأس المال إلا أنه لا ربح للذي
ضمن لأنه لم يعمل به (قال) وما أخذ العاشر منه ظلما فهو بمنزلة ما أخذت اللصوص
* (قال) * وقال مالك ما أخذت اللصوص من القراض فهو من مال القراض وليس على
على العامل شئ * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل ألف درهم قراضا فأكل
خمسمائة منها ثم تجر في المال فربح كيف يكون هذا (قال) قال مالك في رجل دفع
إليه رجل مالا قراضا فتسلف منه مالا ثم عمد بما بقي قال مالك هو ضامن لما تسلف
منه وما بقي في يديه يعمل به فهو الذي فيه القراض وليس الذي تسلف منه على
القراض فمسألتك أرى الخمسمائة التي عمل بها هي رأس مال القراض فربحها على
ما اشترطا والعامل ضامن للخمسمائة التي أكلها ولا يحسب لها ربحا ولا شئ على
العامل فيها إلا أن يخرجها فقط * (قلت) * فان أخذ مالا قراضا فتجر في المال فربح
ألفا أخرى فأكل ألف درهم منها ثم تجر في الألف الباقية التي في يديه فأصاب مالا
(قال) هو ضامن للألف التي أكل وما بقي في يديه وما ربح بعد ذلك فهو بينهما على
ما اشترطا * (قلت) * فان ضاع ما في يديه فلم يبق في يديه الا الألف التي أكلها (قال)
هو ضامن لتلك الألف لرب المال ويجعل تلك الألف رأس المال لأنه لا ربح في
المال الا بعد ما يستوفي رب المال رأس ماله وهذا قول مالك * (قلت) * أرأيت لو أني
اشتريت عبدا من مال القراض بألف درهم وهو جميع المال وقيمة العبد ألفا درهم فجنى
رب المال على العبد جناية تنقص العبد ألفا وخمسمائة فباع العامل العبد بعد ما جنى
عليه رب المال بخمسمائة فعمل بالخمسمائة فربح فيها ربحا كثيرا أو وضع أيكون ما صنع
السيد بالعبد اقتضاء لرأس ماله وربحه (قال) لا يكون اقتضاء إلا أن يفاصله ويحاسبه
فيحسب ذلك عليه فإن لم يفعل وعمل بما بقي عنده فهذا الذي بقي عنده وعمل فيه فهو
101

على القراض كما كان وما صنع السيد فذلك دين عليه ولا أقوم على حفظه عن مالك
(في المقارض يبتاع السلعة بمال القراض فإذا ذهب ينقد وجد)
* (القراض قد تلف أو قطع عليه الطريق) *
* (قلت) * أرأيت أن أخذت مالا قراضا على أن أعمل به على النصف فاشتريت به
عبدا أو سلعة فجئت لأنقد البائع فوجدت المال قد ضاع (قال) يقال لرب المال ان
أجبت فادفع الثمن وتكون السلعة قراضا على حالها وان أبى لزم المقارض إذا ثمنها
وكانت له فإن لم يكن له مال بيعت عليه وكان عليه النقصان وله الربح * (قلت) * فان
نقد رب المال المال في ثمن السلعة كم يكون رأس ماله أيكون رأس ماله المال الذي
تلف وهذا المال الذي نقد (قال) لا يكون رأس ماله عند مالك الا المال الآخر
الذي نقد رب المال في ثمن السلعة هو رأس ماله فقط * (قلت) * أرأيت أن اشتريت
بالمال القراض سلعة فضاعت السلعة وضاع الثمن قبل أن أنقد الثمن (قال) لا شئ على
رب المال ويغرم المقارض * (قلت) * أرأيت أن اشتريت جارية فأردت أن أنقد الثمن
فقطع على الطريق فذهب المال أهذا وضياع المال سواء (قال) نعم فإن كان في المال
بقية فعمل بعد ذلك جبر به رأس المال وإن لم يكن في المال بقية قيل لرب المال ادفع
الثمن إن شئت وتكون الجارية على القراض وان كرهت فلا شئ عليك فان دفع
إليه الثمن كان رأس مال القراض المال الذي يدفع رب المال إلى رب السلعة فإن لم يدفع لزم الثمن المشترى العامل وكانت السلعة له وربحها له وعليه نقصانها
(في المقارض يخلط ماله بالقراض)
(قال) ابن القاسم قلت لمالك أرأيت الرجل يدفع إلى الرجل المال القراض فيعمل به
ولنفسه مال يتجر به فيتخوف ان قدم ماله وأخر مال الرجل وقع الرخص في أول
أو يخاف أن يقدم مال الرجل ويؤخر ماله فيقع الرخص في آخر فكيف تأمره أن
يفعل (قال) الصواب من ذلك أن يخلطهما ثم يشترى بهما جميعا (قال مالك) ولكن
102

لا يصلح له أن يقارضه على أن يخلط المقارض ماله بمال القراض قال مالك هذا لا يجوز
* (قلت) * أرأيت إن لم يشترط رب المال أن يخلط مالي بماله فخلطت ماله بمالي أأضمن
له (قال) قال مالك لا تضمن له * (قلت) * أرأيت أن اشتريت بمال القراض وبمال من
عندي من غير أن يكون اشترط على رب المال أن أخلطه بمالي أيجوز هذا (قال)
لا بأس بذلك كذلك قال لي مالك (قال) وتكون السلعة على القراض وعلى
ما نقدت فيها فتكون حصة القراض رأس مال القراض وتكون حصتك أنت
ما نقدت فيها من مالك
(في المقارض يشارك بمال القراض)
* (قال) * وقال مالك لا يجوز للمقارض أن يشارك أحدا وإنما سألنا مالكا عن المقارض
يأتي بألف درهم ويأتي رجل بألف فيعملان بهما (قال مالك) ان شارك فهو ضامن قال
وان عملا جميعا فهو ضامن * (قلت) * أرأيت أن دفع رجل إلى رجل مالا قراضا
ودفع رب المال إلى رجل آخر مالا قراضا أيجوز لهما أن يشتركا بالمالين فيعملا
ورب المالين إنما هو واحد (قال) لا يعجبني هذا ولم أسمع من مالك فيه شيئا لأنه
لا يجوز عند مالك أن يستودع المال الذي أخذ المال قراضا الا على ما وصفت لك من
الخوف فهذا ان شارك فيه فكأنه قد استودعه غيره فلا يجوز ولا يجوز ذلك أيضا أن
تستودع مالا قد أستودعكه رجل أن تذهب فتستودعه رجلا آخر وإن كان لرب المال
الذي أستودعك عند هذا الرجل ودائع لان رب المال لم يأذن لك في ذلك
(في المقارض يبضع من القراض)
* (قال ابن القاسم) * من قول مالك أن أبضع المقارض فهو ضامن * (قلت) * فان دفع
إلي رجل مالا قراضا فلما أخذت المال منه طلبت إليه أن يأذن لي أن أبضعه فاذن لي
أيجوز ذلك أم لا (قال) لا أحفظه عن مالك وأرجو أن لا يكون به بأس إذا لم يأخذه
على أن يبضع به (قال) ولا يجوز لك أن تبضع مع عبد لرب المال اشترطته في القراض
103

لأنه إنما أعانك بغلامه ولم يأذن لك أن تبضع معه بالمال
(في المقارض يستودع غيره من مال القراض)
* (قلت) * أرأيت المقارض إذا أذنت له أن يبيع بالنقد وبالنسيئة أيكون له أن يستودع
غيره (قال) لا الا على خوف مثل ما يجوز لصاحب الوديعة الذي استودعها
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) قال مالك في الوديعة انه ان استودعها غيره فهو
ضامن الا من عذر من خراب منزل أو إرادة سفر أولا يكون منزله حرزا أو لا يكون
عنده من يثق به فيستودعه فلا ضمان عليه فمسألتك مثله * (قلت) * أرأيت العامل
أله أن يستودع المال القراض (قال) لا يكون له ذلك إلا أن يكون ذلك على وجه
خوف أو إنما فعله نظرا لخوف تخوفه بمنزلة الوديعة تكون عند الرجل ومنزله معور
(قال مالك) في مثل هذا إذا استودعه غيره من خوف دخل عليه قال مالك فلا
ضمان على أن استودعه إذا كان بهذه الحالة والقراض عندي بمنزلة الوديعة
(في المقارض يقارض غيره)
* (قال) * وقال مالك ولا يكون للعامل أن يقارض غيره الا بأمر رب المال (قال)
وكذلك أيضا لا يجوز للعامل أن يشارك بالقراض الا بأمر رب المال لأنه إذا جاز له
أن يقارض باذن رب المال جازت له الشركة (قال) وإذا دفع إلى العامل المال قراضا
على النصف فيدفعه العامل إلى غيره قراضا على الثلثين فهو ضامن عند مالك فان عمل
الثاني به فربح فان رب المال أولى بربح نصف جميع المال ويكون للمقارض الآخر
النصف أيضا ويرجع المقارض الآخر على المقارض الأول بمثل سدس الربح يأخذه
منه ضامنا عليه لأنه جعل له ثلثين فلم يتم له ثلثين فعليه أن يتم له ثلثي الربح * (قال) *
وسمعت مالكا وسئل عن رجل ساقى رجلا حائطا له على النصف فساقي المساقي
رجلا آخر على الثلثين (قال) قال مالك للمساقي الأول النصف يأخذه من حائطه
ويتبع المساقي الآخر المساقي الأول بالسدس الذي بقي له فيأخذه منه فالقراض
104

مثله * (قلت) * فان هلك بعض رأس المال قبل أن يدفعه إلى المقارض الآخر وربح
الآخر ولم يكن علم بذلك (قال) رب المال أولى برأس ماله الذي مع المقارض
الآخر حتى يستوفي رأس ماله وربحه مما بقي بعد ذلك ثم يتبع المقارض الآخر
المقارض الأول بما كان يصيبه من الربح على حساب المال الذي دفعه إليه. وتفسير ذلك
أن يكون رأس المال ثمانين دينارا فضاع منها عند المقارض الأول أربعون وبقي أربعون
فدفعها إلى غيره قراضا فعمل فيها فصارت مائة فان رب المال يأخذ منها رأس ماله
ثمانين ثم يأخذ نصف ما بقي من ربحه وهي عشرة دنانير إن كان قراضهما على النصف
ويبقى للعامل الثاني في يديه عشرة ثم يرجع العامل الثاني على الأول بعشرين لان ربح
المال كان ستين دينارا له منها ثلاثون فلم يبق في يديه الا عشرة وبقيت له عشرون
وهذا تفسير ما وصفت لك (وقد قال أشهب) بل رأس المال في يد هذا الثاني أربعين
ولا يحسب عليه ما لم يكن أخذ فإنما يأخذ رب المال منه ما دفع إليه وهو أربعون
دينارا ونصف الربح وهو ثلاثون ويرجع رب المال على الأول فإن كان الأول أتلف
الأربعين الأولى تعديا رجع رب المال عليه بتمام عشرة ومائة إلى ما أخذ وان كانت
الأربعون الأولى إنما تلفت بغير تعد منه رجع رب المال عليه بعشرين في يدي
رب المال سبعون فقد استوفى رأس ماله وربحه عشرة ولا يرجع بهذه العشرين على
العامل الثاني فيظلم عمله ولكن يرجع بها على الذي صيرها له لأنه لو عمل في المال
لكان ما صار إلى العامل الثاني يجبر به رأس المال ولان كل شئ يجلبه المال فالمال
أولى به حتى يستوفي رأس ماله ولكن العامل الثاني لا يظلم عمله ولا يؤخذ منه
ويكون الرجوع على المتعدي وهو الأول
(في المقارض يوكل من يتقاضى له دين القراض فيتلف)
* (قلت) * أرأيت مقارضا وكل وكيلا يتقاضى له دينا من مال القراض فتقاضاه فتلف
منه أيجوز هذا أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال إذا قار على
المقارض بغير إذن رب المال ضمن فهذا أراه ضامنا ان تلف المال في يد الوكيل ألا
105

ترى أنه لو استودع من غير خوف ضمن
(في المقارض يستأجر غلاما بمال القراض)
* (قلت) * أرأيت المقارض إذا أرسل عبده إلى بلد من البلدان ببعض مال القراض
يتجر له فيه أو يشتري هناك بعض السلع أيضمن في قول مالك (قال) هو ضامن لأنه
ليس له أن يبضع إلا أن يأذن له رب المال بذلك
(في العامل بالقراض يبيع بالنقد ويؤخر رب المال)
* (قلت) * أرأيت لو أن مقارضا باع سلعة من مال القراض فأخره رب المال أيجوز
ذلك (قال) نعم ذلك جائز في حظ رب المال ولا يجوز في حظ المقارض * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) لم أسمعه منه قال وان نوى حظ رب المال وقد اقتضى العامل
في المال حقه لم يكن لرب المال أن يرجع عليه بشئ * (قلت) * وكذلك أن وهب
(قال) نعم يجوز في حظه
(المأذون له يأخذ مالا قراضا)
* (قلت) * أرأيت العبد المأذون له في التجارة أيجوز له أن يأخذ مالا قراضا (قال)
سمعت مالكا وسئل عن العبد المأذون له في التجارة إذا أخذ مالا قراضا فتلف فقال
مالك لا ضمان عليه فهذا يدلك على أنه لا بأس به * (قلت) * ويعطي مالا قراضا (قال)
نعم * (قلت) * أرأيت العبد المأذون له في التجارة أيجوز له أن يأخذ مالا قراضا أو
يعطيه (قال) قال مالك لا بأس أن يأخذ العبد المأذون له في التجارة المال قراضا ولم
أسمع منه في أن يعطي هو المال قراضا شيئا ولا بأس به عندي أيضا لأنه يبيع
بالدين ويشتري
(في المقارض يأخذ من رجل آخر مالا قراضا)
* (قلت) * أرأيت أن أخذ رجل مالا قراضا من رجل أيكون له أن يأخذ مالا آخر
106

من رجل آخر قراضا (قال) قال مالك نعم له أن يأخذ من غير الأول إذا لم يشغله عن
قراض الأول لكثرة مال الأول فإذا كان المال كثيرا فلا يكون له أن يأخذ من آخر
حينئذ شيئا * (قلت) * ويكون له أن يخلط المالين إذا أخذهما وهو يحتمل العمل بها
(قال) نعم إذا أخذ المالين من غير شرط من الثاني الذي يدفع إليه أن يخلطهما
خلطهما ولا ضمان عليه
(في الرجل يقارض عبده أو أجيره)
* (قلت) * أرأيت أن دفع الرجل إلى عبده مالا قراضا (قال) ذلك جائز عند مالك
* (قلت) * أرأيت أن استأجرت أجيرا للخدمة فدفعت إليه مالا قراضا أيجوز ذلك
(قال) قد أخبرتك أن مالكا قال لا بأس أن يدفع الرجل إلى عبده مالا قراضا فإن كان
الأجير مثل العبد فذلك جائز * (قال سحنون) * ليس الأجير مثل العبد ويدخله في
الأجير فسخ دين في دين
(في مقارضة من لا يعرف الحلال والحرام)
(قال) وقال مالك لا أحب للرجل أن يقارض رجلا الا رجلا يعرف الحلال والحرام
وإن كان رجلا مسلما فلا أحب له أن يقارض من يستحل شيئا من الحرام في البيع
والشراء * (ابن وهب) * عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن سعيد بن المسيب
قال لا يصلح أن يقارض الرجل اليهودي والنصراني (قال الليث) وقال ربيعة لا ينبغي
له أن يقارض رجلا يستحل في دينه أكل الحرام
(في العبد والمكاتب يقارضان بأموالهما)
* (قلت) * أرأيت المكاتب أيجوز له أن يبضع أو يأخذ مالا قراضا أو يعطى مالا قراضا
(قال) لم أسمع من مالك في هذا حدا أحده إلا أنه يجوز للمكاتب كل ما كان على وجه
الفضل فهذا كله جائز له في أخذ المسلم المال من النصراني قراضا * (قال ابن القاسم) *
وسألنا مالكا وابن أبي حازم عن الرجل المسلم أيأخذ من النصراني المال قراضا فكرها
107

ذلك جميعا وما أظنهما كرها ذلك إلا أنهما كرها للمسلم أن يؤاجر نفسه من
النصراني لئلا يذل نفسه فأظنها من هذا الوجه كرهاه * (قال) * وقال مالك لا بأس أن
يدفع الرجل المسلم إلى النصراني كرمه مساقاة إذا لم يكن النصراني يعصر حصته خمرا
(قال) ولم أسمع من مالك في المسلم يأخذ من النصراني مساقاة شيئا إلا أن مالكا قال
أكره للمسلم أن يأخذ من النصراني المال قراضا ولا أرى أن يأخذ المسلم من النصراني
مساقاة بمنزلة ما كره مالك من القراض (قال ابن القاسم) ولو أخذه لم أره حراما
(في القراض الذي لا يجوز)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مائتي دينار قراضا على أن يعمل بكل مائة
منهما على حدة على على أن ربح مائة منهما بيننا وربح المائة الأخرى للعامل أيجوز هذا في قول
مالك (قال) لا يجوز هذا لأنهما قد تخاطرا ألا ترى أنه إن لم يربح في المائة التي جعل
ربحها بينهما وربح في الأخرى كان قد غبن العامل رب المال وان ربح في المائة التي جعل
ربحها بينهما وربح في الأخرى كان قد غبن العامل رب المال وان ربح في المائة التي
أخذها بينهما ولم يربح في الأخرى كان رب المال قد غبن العامل فيه فقد تخاطرا على
هذا (قال ابن القاسم) وأرى أنه أجير في المائتين ويكون له أجر مثله * (قلت) *
أرأيت أن دفعت إليه ألف درهم قراضا على أن ما رزق الله في خمسمائة منها بعينها
فذلك للمضارب وما رزق الله في خمسمائة منها بعينها فذلك لرب المال فعمل بكل مائة
على حدة (قال) لا خير في هذا لأني سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المائتي
دينار على أن إحداهما على النصف والأخرى على الثلث فعمل بهذه على حدة وبهذه على
حدة (قال) مالك لا خير في هذا قال مالك وكذلك الحائطان لا يصلح أن يأخذهما
مساقاة هذا على النصف وهذا على الثلث يساقيهما جميعا صفقة واحدة إلا أن يكونا
جميعا على النصف أو جميعا على الثلث * (قلت) * ولم كره مالك هذا في المساقاة وفي
القراض (قال) قال مالك لان فيه خطرا لان الحائطين ربما قل ثمر هذا وكثر ثمر هذا
فكأنما خاطره وقال له اعمل لي هذا الحائط بثلث ما يخرج منه فقال له لا أعمل لك
بالثلث في هذا الحائط إلا أن تعطيني حائطك هذا الآخر أعمل فيه بالنصف فقد
108

تخاطرا ان أخرج هذا الحائط الذي بالثلث وأثمر كان العامل قد غبن رب الحائط
في الحائط الذي أخذه منه بالنصف وإن لم يخرج الحائط الذي أخذه على الثلث كان
رب المال قد غبنه فيه
(في المقارض يشترط لنفسه من الربح شيئا خالصا له دون العامل)
* (قلت) * أرأيت أن أخذ المال على أن لرب المال درهما واحدا من الربح وما بقي بعد
ذلك فهو بينهما فعمل على ذلك فربح أو وضع (قال) يكون الربح لرب المال
والنقصان عليه ويكون للعامل أجر مثله * (قلت) * ويكون العامل أحق بربح المال
من غرماء صاحبه ان فلس حتى يستوفي أجر عمله (قال) لا وهو أسوة غرماء المفلس
بأجرته في المال الذي كان في يديه من رأس ماله وفي جميع مال المفلس * (قلت) * فان
ضاع المال كله بعد ما عمل أيكون للعامل على رب المال أجرة مثله أيضا (قال) نعم
* (قال سحنون) * قد كتبنا شرط الزيادة في أول الكتاب ومن قاله
(في المقارض يشترط لنفسه سلفا أو يشترط على نفسه الضمان)
* (قال) * وقال مالك في الذي يعطى الرجل المال قراضا على أن يسلفه رب المال سلفا
قال مالك فللعامل أجر مثله وجميع الربح لرب المال * (قال) * وسألت مالكا عن الرجل
يدفع إلى الرجل مالا قراضا على أن العامل ضامن للمال (قال) قال مالك يرد إلى
قراض مثله ولا ضمان عليه (قال) وكذلك أن أعطاه مالا قراضا إلى سنة رده أيضا إلى
قراض مثله * (قلت) * لم قال مالك إذا كان في القراض شرط سلف انه يرد إلى
إجارة مثله وقال في القراض إذا اشتراط على العامل الضمان انه يرد إلى قراض مثله
وقال مالك أيضا فيه إذا كان إلى أجل سنة انه يرد إلى قراض مثله فما فرق ما بينهما
قال في بعضه يرد إلى قراض مثله وفي بعضه إلى إجارة مثله (قال) لان سلفه زيادة
ازدادها أحدهما في القراض ولان الاجل في القراض لم يزدده فرد إلى قراض
مثله والضمان أمر قد ازداده ولكنه أمر إنما كان في المال لم تكن منفعته خارجة
109

منه في ربح ولا سلف فحملوا على سنة القراض وفسخ ما اشترطا في ذلك من غير
سنته وردوا إلي قراض مثلهم ممن لا ضمان عليهم كما يرد من شرط الضمان وهذا
وجه ما استحسنت مما سمعت من مالك * (قال سحنون) * وقد ذكر الليث بن
سعد أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن كان يقول في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا ليتجر
فيه سنة ثم يتحاسبان فيكون الربح بينهما (قال) لا يحل أن يضرب للمقارض أجلا
ولا يشترط في ربحه خاصة مضمونا لأحدهما دون صاحبه (قال) ومن وضع القراض
على غير الذي وضع القراض عليه فلا يصلح فيه شرط إلا أن يشترط أن لا يوضع
ماله في شئ يخشى غرره فان ذلك مما كان يشترط في القراض وقد قال ابن لهيعة
عن خالد بن أبي عمران أنه قال سألت القاسم وسالما عن القراض والبضاعة يكون
ذلك بشرط فقالا لا يصلح ذلك من أجل الشرط الذي دخلا فيه
(في المقارض يشترط عليه أن يخرج من عنده مثل القراض يعمل فيهما)
* (قلت) * لم كره مالك ان ادفع إلى الرجل ألف درهم قراضا واشترط عليه أن
يخرج من عنده ألفا أخرى فيعمل بهما جميعا على أن لي ربح ما ربح في جميع المال
(قال) لأنه إذا اشترط ذلك عليه اغتريا كثرة البيع والشراء فلا يجوز هذا لأنه يدخل
في ذلك منفعة لرب المال فلا يجوز أن يقارض بماله ويشترط منفعة لنفسه من غير
ربح المال * (قال) * وقال مالك لا يصلح أن يقول أقارضك بألف درهم على أن تخرج
من عندك ألف درهم أو أقل أو أكثر على أن تخلطها بألفي هذه تعمل بهما جميعا
فكره مالك هذا * (قلت) * ولم كره مالك هذا ان يدفع الرجل إلى الرجل ألف درهم
قراضا على أن يخرج المقارض ألفا من عنده فيخلطها بها يعمل بهما جميعا (قال)
لاستغزار الشراء ألا ترى أنه إذا كان المال كثيرا كان أعظم لتجارته وأكثر لشرائه
وأحرى أن يقدر على ما يريد من الشراء وأكثر لربحه وفضله فيصير الذي دفع
المال قراضا قد جر إلى نفسه منفعة مال غير ماله بقراضه ماله فهذا لا يجوز أن يجر
إلى نفسه منفعة غير ماله
110

(في المقارض يأخذ مالا قراضا ويشترط أن يعمل به مع رب المال)
* (قلت) * أرأيت أن أخذت مالا قراضا على أن يعمل معي رب المال في المال (قال)
قال مالك لا خير في هذا * (قلت) * فان نزل هذا (قال) يرد العامل إلى أجر مثله
عند مالك * (قلت) * فان عمل رب المال بغير شرط (قال) قد أخبرتك أن مالكا كره
ذلك الا ان عمل عملا يسيرا وهو قول مالك * (قلت) * أرأيت أن أخذت مالا قراضا
فاشتريت منه جواري فأخذ رب المال جارية فباعها (قال) ليس له أن يبيعها
وبيعه فيها باطل إلا أن يجيزه العامل وهو قول مالك * (قال سحنون) * وقد كتبنا
ما كره عبد العزيز من اشتراط عون رب المال في أول الكتاب
(في المقارض يشترط على رب المال غلاما يعينه)
* (قال) * وقال مالك لا بأس أن يشترط العامل على رب المال الغلام يعينه في المال إذا
لم يشترط أن يعينه في غيره وكذلك الدابة * (قال ابن القاسم) * فالدابة عندي مثله
ولم أسمعه من مالك ولكن بلغني عنه ذلك في الدابة أنه أجازها في المساقاة وهي
عندي في القراض والمساقاة إذا اشترطها جائزة * (قلت) * أرأيت أن اشترط رب
المال على العامل في المال عون دابته أو غلامه أيصلح (قال) لا يصلح وقد قال الليث
مثل قول مالك في اشتراط العامل على رب المال الغلام يعينه أنه لا بأس به
(في المقارض يدفع إليه المال على أن يخرج به إلى بلد يشتري به)
* (قلت) * فلو دفعت إلى رجل مالا قراضا على أن يخرج بالمال إلى بلد من البلدان
يشتري في ذلك الموضع تجارة (قال) سألت مالكا عن ذلك فقال لا خير فيه (قال)
مالك يعطيه المال ويقوده كما يقود البعير (قال) وإنما كره مالك من هذا أنه يحجر عليه
أنه لا يشتري إلا أن يبلغ ذلك البلد
111

(في المقارض يدفع إليه المال على أن يبتاع به عبد فلان بعينه)
* (ثم يبيعه فيبتاع بثمنه بعدما شاء) *
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا على النصف على أن يشتري عبد
فلان ثم يشتري بعدما يبيع عبد فلان بثمنه ما شاء من السلع (قال) أما قوله
اشتر عبد فلان فهذه أجرة ليس فيها قراض عند مالك وأما ما كان بعد ذلك فهو
قراض بمنزلة الرجل يقارض الرجل بالعرض يكون له أجر مثله في بيعه العروض
ويقاضيه الثمن ثم يكون بعد ذلك فيما عمل على قراض مثله ولا يلتفت إلى ما شرطا من
الشرط فيما بينهما نصفا ولا ثلثا ولا غير ذلك لان العقدة التي كان بها القراض كانت
فاسدة لأنه لا يقارض بالعروض فلذلك ردا إلى قراض مثلهما ولم يلتفت إلى ما شرطا فيما
بينهما وجعل له فيما باع أجر مثله فكذلك مسألتك (ولقد) سمعت مالكا يقول
في الرجل يدفع إلى الرجل نخلا مساقاة وفيها ثمرتها قد طابت على أن يسقيها
فتكون في يد العامل سنين مساقاة على أن هذا الثمر الذي في رؤس النخل مساقاة بينهما
(قال) مالك يقام للعامل قيمة ما أنفق في هذه الثمرة وأجر عمله فيها وتكون الثمرة
كلها لصاحبها * (قال) * فقيل لمالك أيكون له أجر مثله ان عمل (قال مالك) لا ولكن
يكون على مساقاة مثله فيما بعد ذلك * (قال سحنون) * وقد أخبرتك بالشرط الذي
كرهه القاسم وسالم وربيعة فهذا من تلك الشروط
(في المقارض يقول للعامل اشتر وأنا أنقد عنك أو يضم معه رجلا)
* (أمينا عليه أو ابنه ليبصره بالتجارة) *
* (قلت) * هل يجوز لرب المال أن يحبس المال عنده ويقول للعامل اذهب اشتر وأنا
أنقد عنك واقبض السلع أنت فإذا بعت قبضت الثمن وإذا اشتريت نقدت الثمن
(قال) لا يجوز هذا القراض عند مالك وإنما القراض عند مالك أن يسلم المال إليه (قال)
وقال لي مالك ولو ضم إليه رجلا جعله يقتضى المال وينقد والعامل يشترى ويبيع ولا
112

يأمن العامل وجعل هذا عليه أمينا قال لا خير في هذا (ولقد) سالت مالكا عن
الرجل يدفع المال قراضا إلى رجل له أمانة وبصر ويضم ابنه معه ولا بصر لابنه
ولا أمانة وإنما يدفع إلى الرجل المال لان يضم ابنه إليه ولولا ذلك لم يدفع إليه
قراضا لان ابنه لا بصر عنده ولا يأمن ابنه (قال) فقال لي مالك لا خير في هذا
القراض (قال) وإنما كرهه مالك لان لرب المال فيه المنفعة يخرج له ابنه ويعلمه
* (قلت) * فلو كان مكان ابنه رجل أجنبي ليس قبله بصر بالتجارة فجعله رب المال
مكان ابنه (قال) فاني لم أسمع من مالك فيه شيئا الا ما أخبرتك فإن كان لرب المال
فيه المنفعة مثل ما كانت في ابنه أن يكون صديقا له أراد أن ينفعه في تخريجه وتعليمه
فلا أرى ذلك جائزا وهذا مما يفسد من اشتراط الزيادة والشرط في القراض
(في المقارض يدفع إلى ألف على النصف فيربح فيها ألفا أخرى)
* (فيأتيه رب المال بألف أخرى على أن يخلطهما على النصف) *
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل ألف درهم بالنصف فعمل بها فربح
ألفا أخرى ثم أتاه رب المال فقال هذه ألف درهم أخرى خذها قراضا بالنصف
واخلطها بالمال الأول أيجوز هذا أم لا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن
هذا لا يجوز من قبل أنه حين قال له اخلطها وفي المال ربح فكأنه قال اخلطها بالمال
الأول فان وضعت في هذا المال الثاني جبرته من الربح الذي في يديك من المال
الأول فهذا لا يجوز (ولقد) سألت مالكا عن رجل دفع إليه رجل مالا قراضا فابتاع به
سلعة ثم دفع إليه بعد ذلك المال مالا آخر فابتاع به سلعة أخرى ثم بيعت السلعتان
جميعا فربح في أحدهما وخسر في الأخرى فقال قال مالك كل مال منهما على قراضه
ولا يجبر نقصان هذا المال من ربح هذا المال * (قلت) * فان دفعت إليه مالا قراضا
على النصف فلم يعمل به حتى دفعت إليه مالا آخر قراضا بالثلث على أن يخلط المالين
جميعا أيجوز هذا (قال) قد أخبرتك أني سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل
المائتي الدينار على أن واحدة من المائتين قرض على الثلث والأخرى قراض على
113

النصف (قال) مالك لا خير فيه إذا كأن لا يخلطهما * (قال سحنون) * وإذا كان على
أن يخلطهما فهو جائز يرجع حسابه إلى جزء معروف وكذلك الذي دفع مالا
بعد مال * (قلت) * فان دفع إليه مالا قراضا على النصف فاشترى به سلعة من السلع
ثم أتاه بعد ذلك بمال آخر فدفعه إليه قراضا بالنصف على أن يخلطه بالمال الأول أيجوز
هذا (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا ولا يعجبني هذا لأنه خطر بين ألا ترى أنه
ان نقص في المال الآخر وربح في المال الأول جبر بربح المال الأول وقد كان
ربحهما للعامل وان نقص في المال الأول وربح في المال الآخر ربحا كان كذلك
أيضا * (قلت) * فإن لم يكن في قيمة السلعة فضل عن رأس المال الأول (قال) هذا
لا يعرف لان الأسواق تتحول ولا يعجبني على حال * (قلت) * فان دفع رجل إلى
رجل مالا قراضا فلم يعمل به حتى زاده مالا آخر قراضا على أن يخلطه بالمال الأول
(قال) لا أرى بهذا بأسا وهذا كأنه دفعه إليه كله جملة (قال) ولم أسمعه من مالك وأنا أرى
أنه لا بأس به * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا بالنصف فاشترى به
سلعة ثم جئته فقلت له خذ هذا المال قراضا أيضا واعمل به على حدة بالثلث أو بالنصف أيجوز هذا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا * (قلت) * وكذلك أن
باع السلعة ولم يأمره أن يخلطه بالمال الأول قبض في يديه المال الأول وفيه خسارة
أو ربح أو مثل رأس ماله سواء فجاءه رب المال بمال آخر فقال خذ هذا قراضا (قال)
إن كان باع برأس المال سواء فلا بأس أن يدفع إليه على مثل قراضه المال الأول
لا زيادة ولا نقصان وإن كان باع بربح أو وضيعة فلا خير في أن يدفع إليه مالا على
مثل ما قارضه ولا بأدنى ولا بأكثر * (قلت) * فان اشترط عليه أن يخلطه بالمال
الأول لم يعجبك أيضا (قال) هذا بين الفساد لا خير فيه إذا كان قد خسر في المال
الأول أو ربح (وقد قال غيره) لا بأس ان يدفع إليه مالا آخر على مثل قراض الأول
نقدا لا يخلطه بالأول إذا كان فيه ربح * (قلت) * لابن القاسم أرأيت إذا دفعته إليه
على أن يعمل بكل مال على حياله وقد اشترى بالمال الأول سلعة من السلع (قال) هذا
114

جائز وان باع السلعة ونض في يديه ثمنها فجاء رب المال بمال آخر على أن يعمل به قراضا
وقد نض في يديه ربح أو وضيعة * (قلت) * لا يجوز هذا إذا اشترط أن يخلطه
بالمال الأول أو اشترط أن لا يخلطه قلت فيه أنه لا يصلح على حال لم كرهته (قال)
لان مالكا قال في الرجل إذا دفع إلى الرجل مالا قراضا فابتاع به سلعة ثم دفع إليه
مالا آخر بعد ذلك فابتاع به سلعة أخرى قال مالك كل مال على حدة ولم ير مالك بهذا
بأسا (قال) وهكذا قال لنا مالك في الرجل يدفع المالين قراضا على أن يكون كل مال
على حدة وربح هذا على النصف وربح هذا على الثلث ولا يخلطهما ان ذلك مكروه
ولو كان المال الأول قد صرفه في عرض من العروض كان للعامل أن يمنعه من رب
المال حتى يبيعه فإذا نض المال الأول وكان عينا في يد العامل ثم زاده مالا آخر فلا
بأس بذلك إذا لم يكن في رأس المال الأول زيادة ولا نقصان فإن كان فيه زيادة أو
نقصان لم يصلح حتى يقبض ماله فيقاسمه رب المال ثم يدفع إليه ويزيده من عنده
ما شاء فيكون قراضا مبتدأ
(في المقارض يؤمر أن لا يبيع الا بالنسيئة فيبيع بالنقد)
* (قلت) * أرأيت أن دفع إلى رجل مالا قراضا وأمرته أن لا يبيع الا بالنسيئة
فباع بالنقد أيضمن أم لا (قال) لا يكون هذا القراض جائزا ولم أسمع من مالك فيه
شيئا ولا أراه جائزا (وقال غيره) هو معتد وإنما ذلك مثل ما لو أن رجلا أعطى
رجلا مالا قراضا على أن لا يشتري الا نصف كذا لصنف غير موجود كان قراضا
لا يجوز ولو اشترى غير ما أمره به ضمن لأنه متعد ويكون الفضل إن كان فيه
فضل لرب المال وان كانت وضيعة فعليه ولا أجر له في الوضيعة ويعطى من الفضل
إن كان في السلعة على قراض مثله لأني ان ذهبت أعطيته أجر مثله وقد تعدى فلعل
أجر مثله يذهب بالفضل وبنصف رأس المال فيكون قد نال بتعديه وجه ما طلب
وأراد وقد قال ربيعة في المتعدي في القراض ان وضع ضمن وان ربح أدب بأن
يحرم الربح الذي أراد ويعطى منه على قدر شرطه فالمتعدي في القراض الفاسد
115

كذلك أن شاء الله تعالى
(في المقارض يبيع بالنسيئة)
* (قال) * وقال مالك لا يجوز للمقارض أن يبيع بالنسيئة الا باذن رب المال وهو ضامن
ان باع نسيئة بغير أمره
(في المقارض يشترط أن لا يشتري بماله الا سلعة كذا وكذا)
* (قال) * وقال مالك إذا أمره أن لا يعدو البز يشتريه بمقارضة فلا يعدوه إلى غيره
(قال) وقال مالك ولا ينبغي له أن يقارضه على أن لا يشتري الا البز إلا أن يكون البز
موجود في الشتاء والصيف * (قلت) * أرأيت أن أمره أن لا يشتري الا البز فاشتراه
فأراد أن يبيع البز بالعروض أيجوز ذلك له أم لا (قال) لا أرى أن يجوز له ذلك لأنه
إذا جاز له ذلك فقد صار له أن يشتري غير البز * (قلت) * فان دفعت إلى رجل مالا
قراضا فجئنه قبل أن يصرفه في شئ فقلت له لا تنجر الا في البز (قال) ذلك لك إذا
كان المقارض لم يصرفه في شئ وكان البز موجودا لا يخلف في شتاء ولا صيف
* (ابن وهب) * قال وأخبرني ابن لهيعة وحياة بن شريح عن محمد بن عبد الرحمن
الأسدي عن عروة بن الزبير عن حكيم بن حزام أنه كان يدفع المال مقارضة إلى الرجل
ويشترط عليه أن لا ينزل به بطن واد ولا يشتري بليل ولا يبتاع به حيوانا ولا يحمله
في بحر فان فعل شيئا من ذلك فقد ضمن المال (قال) وإذ تعدى أمره ضمنه من
فعل ذلك * (قال سحنون) * وكان السبعة يقولون ذلك وهم سعيد بن المسيب
وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله وسليمان
ابن يسار وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مع مشيخة سواهم من
نظرائهم أهل فقه وفضل. من حديث ابن نافع
(في المقارض يشترط أن لا يشترى بماله سلعة كذا وكذا)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فنهيته عن أن يشتري سلعة من السلع
116

فاشترى ما نهيته عنه أيكون ضامنا في قول مالك أم لا (قال) قال مالك هو ضامن
ان كنت إنما دفعت إليه المال حين دفعته على النهي تنهاه عن تلك السلعة (قال ابن
القاسم) وأنا أرى ان كنت إنما نهيته بعد ما دفعت إليه المال قبل أن يشتري به أنه ضامن
أيضا * (قلت) * أرأيت أن اشترى ما نهاه عنه كيف يصنع (قال) قال مالك ان أحب
أن يضمنه ماله وان أحب أن يقره على القراض فذلك له وإن كان قد باع ما اشترى
فإن كان باع فضل كان على القراض وإن كان فيه نقصان كان ضامنا لرأس المال
* (قلت) * ولم قال مالك هذا (قال) لأنه قد فر بالمال من القراض حين تعدى ليكون
له ربحه * (قلت) * أرأيت لو أني دفعت إلى رجل مالا قراضا ونهيته أن لا يشتري
حيوانا فاشترى فكانت قيمة الحيوان أقل من رأس المال أو تجر بما تعدى فخسر
فجاءني ومعه سلع ليس فيها وفاء برأس مالي أو جاء ومعه دنانير أو دراهم أقل من رأس
مالي فأردت أن أضمنه وآخذ ما وجدت في يديه من مال القراض واتبعه بما بقي من
رأس مالي وقامت الغرماء على العامل فقالوا نحن وأنت في هذا المال سواء إذا ضمنته
فلست بأولى بهذه السلعة منا ولا هذه الدنانير ولا هذه الدراهم وأنت أولى بها منا
لو لم تضمنه (قال مالك) أما الدنانير والدراهم فرب المال أحق بها وإن كان باع
واشترى لان مالكا قال في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فاستسلفه العامل مالا
فاشترى به سلعة لنفسه (قال) ان باع وربح فلصاحب المال ربحه على شرطه وان
نقص كان ضامنا لما نقص من رأس المال فأراه أولى بالدنانير والدراهم وأما السلع فان
أتى بالسلعة لم يبعها خير رب المال (قال مالك) فان أحب أن يشركه فيها وان شاء خلى
بينه وبينها وأخذ رأس المال أي ذلك شاء فعل فأرى في السلع ان شاء خلى بينه وبينها
انه أسوة الغرماء فيها * (ابن وهب) * قال وأخبرني رجال من أهل العلم عن عطاء
ابن أبي رباح ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبي الزناد ونافع أنهم قالوا
إذا خالف ما أمرته فهلك ضمن وان ربح فلهم (قال) يحيى بن سعيد قد كان الناس
يشترطون على من قارضوا مثل هذا (وقال) عطاء بن أبي رباح الربح بينك وبينه
117

لأنه عصى ما قارضته عليه والضمان عليه
(في المقارض يشترط عليه أن لا يسافر بالمال)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا وأمرته أن لا يخرج به من أرض
مصر فخرج به إلى إفريقية وتعدى إلا أنه لم يشتر بالمال شيئا ولم يحركه حتى رجع إلى
أرض مصر فتجر في المال في أرض مصر فخسر أو ضاع منه لما رجع إلى أرض مصر
قبل أن يتجر (قال) لا شئ عليه لأنه قد رده إلى الموضع الذي لو تلف فيه لم يضمن
ألا ترى لو أن وديعة استودعها رجل رجلا بمصر لم يكن للمستودع أن يخرجها من
مصر فان أخرجها كان ضامنا لها ان تلفت وإن لم تتلف حتى يردها إلى الموضع الذي
استودعه فيه رب المال سقط عنه الضمان وكذلك قال لي مالك في الرجل يستودع
الرجل المال فيأخذ منه بعضه فينفقه أو يأخذها كلها فينفقها ثم يردها كلها مكانها
فتضيع ان الضمان من رب المال وانه حين ردها سقط عنه الضمان فكذلك القراض
الذي سألت عنه وكذلك الوديعة التي خرج بها بغير أمر ربها ثم ردها
* (قلت) *
فلو أن رجلا دفع إلى رجل مالا قراضا فاشترى العامل به متاعا وجهازا يريد به بعض
البلدان فلما اشتراه أتاه رب المال فنهاه عن أن يسافر به (قال) ليس لرب المال أن
يمنعه عند مالك لأنه قد اشترى وعمل فليس لرب المال أن يفسد ذلك ويبطل عليه عمله
ألا ترى أنه عند مالكا أيضا انه ان اشترى سلعا ثم أراد رب المال أن يبيع على العامل
السلع مكانه انه ليس ذلك لرب المال ولكن ينظر السلطان في ذلك فإن كان إنما اشتراها
لسوق يرجوه فليس ذلك لرب المال أن يجبره على بيع تلك السلعة ولكن يؤخرها إلى تلك الأسواق التي يرجوها لئلا يذهب عمل هذا العامل باطلا * (ابن وهب) * وقال
الليث مثله إلا أن يكون طعاما يخاف عليه السوس أو ما أشبه فيتلف رأس المال
فإنه يؤمر حينئذ بالبيع * (قلت) * فإن كان قد تجهز العامل واشترى متاعا يريد به
بعض البلدان فهلك رب المال أيكون للعامل أن يخرج بهذا المتاع (قال) نعم
118

(في المقارض يسافر بالقراض إلى البلدان)
* (قلت) * فان دفعت إلى رجل مالا قراضا ولم أقل له اتجر به هاهنا ولا هاهنا دفعت
إليه المال وسكت عنه أيكون له أن يتجر به في أي المواضع أحب ويخرج به إلى أي
البلدان ان شاء فيتجر به (قال) نعم عند مالك له أن يسافر به * (قلت) * أرأيت المقارض
أله أن يسافر بالمال إلى البلدان (قال) نعم إلا أن يكون قد نهاه وقال له رب المال
حين دفع إليه المال بالفسطاط لا تخرج من أرض مصر ولا من الفسطاط
(في المقارض يدفع إليه المال على أن يجلس بمال القراض)
* (في حانوت أو قيسارية أو يزرع به أو لا يشترى) *
* (الا من فلان أو الا سلعة بعينها) *
(قال) * وسألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المال قراضا على أن يجلس به في
حانوت من البزازين والسقاطين أو ما أشبه ذلك يعمل فيه ولا يعمل في غيره قال مالك
لا خير فيه * (قال ابن القاسم) * فان وقع ذلك كان فيه أجيرا يقام له أجر عمل مثله
وما كان في ذلك من ربح أو نقصان فعلى رب المال وله وهو بمنزلة ما لو قال على أن
تشترى سلعة فلان أولا تشترى الا من فلان وإنما قال اجلس في هذا الحانوت
وأعطيك مالا تتجر فيه فما ربحت فيه فلك نصفه فهذا أجير * (قال) * فقلنا لمالك فان دفع
إليه وهو يعلم أنه إنما يجلس به في حانوت ولم يشترط ذلك عليه (قال مالك) لا بأس
به إذا لم يشترطه (قال) ولقد بلغني عن مالك في الذي يأخذ المال قراضا ويشترط
عليه أن يزرع به (قال مالك) لا خير في ذلك * (قلت) * فان أخذ المال قراضا من
غير شرط فزرع به أيكون قراضا جائزا (قال) لا أرى به بأسا إنما هي تجارة من
التجارات إلا أن يكون زرع به في ظلم بين يرى أنه قد خاطر به في ظلم العامل
فأرى أنه ضامن فأما أن يزرع على وجه يعرف وعلى وجه عدل وأمر بين فلا أرا
ضامنا * (قلت) * أرأيت ما كره مالك من الشرط في القراض أنه يزرع به ويعمل
119

كيف يصنع (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك فيه وأرى أن يرد إلى إجارة مثله
ويكون جميع الزرع لرب المال وهو عندي بمنزلة الرجل يقول خذ هذا المال
قراضا ولا تشير به الا من فلان أولا تشتر به الا دابة أو لا تشتر الا سلعة كذا
وكذا لسلعة غير موجودة ولا مأمونة فهذا والذي اشترط عليه أن يزرع بالمال
القراض سواء وهؤلاء كلهم أجراء * (قلت) * فان أعطاه مالا قراضا وقال له اقعد في
القيسارية اشتر وبع فما ربحت فبيننا (قال) قد أخبرتك أن مالكا كره الحانوت فالقيسارية
والحانوت عندي سواء (قال) وقال مالك لا ينبغي أن يقارض الرجل الرجل بمال
ويقول له على أن لا تشتري إلا من فلان (قال ابن القاسم) فان نزل كان أجيرا
(في المقارض يزرع بالقراض أو يساقي به)
* (قلت) * لو دفعت إلى رجل مالا قراضا فاشترى به أرضا أو اكتراها واشترى
زريعة وأزواجا فزرع فربح أو خسر أيكون ذلك قراضا ويكون غير متعد (قال) نعم
إلا أن يكون خاطر به في موضع ظلم أو عدو يرى أن مثله قد خاطر به فيضمن وأما
إذا كان في موضع أمن وعدل فلا يضمن * (قلت) * أوليس مالك قد كره هذا (قال)
إنما كرهه مالك إذا كان يشترط إنما يدفع إليه المال القراض على هذا * (قلت) *
أرأيت أن أعطيته مالا قراضا فذهب فأخذ نخلا مساقاة فأنفق عليها من مال القراض
أيكون هذا متعديا أم تراه قراضا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أراه متعديا
وأراه يشبه الزرع
(في المقارض يشتري سلعة بالقراض كله ثم يشتري سلعة أخرى)
* (بمثل القراض على القراض) *
* (قلت) * أرأيت لو دفع إلي رجل ألف درهم قراضا فاشتريت سلعة من السلع بألف
درهم ولم انقد حتى اشتريت سلعة أخرى بألف درهم على القراض أتكون السلعة
الثانية على القراض أم لا وإنما في يدي من المال القراض ألف درهم (قال) سألت
120

مالكا عن قوم يدفعون إلى أقوام مالا قراضا فيجلسون بها في الحوانيت فيشترون
بأكثر مما دفع إليهم فيضمنون ذلك ثم يعطون الذين قارضوهم من ربح جميع ذلك
(قال) قال مالك لا خير في هذا فأرى مسألتك تشبه هذا وليس من سنة القراض
فيما سمعت من مالك أن يشتري على القراض بدين ويكون العامل ضامنا للدين ويكون
الربح لرب القراض فلا يجوز ذلك
(في المقارض يبتاع عبدين صفقة واحدة بألفين نقدا)
* (أو ألف نقدا وألف إلى أجل) *
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل ألف درهم مقارضة فذهب فاشترى عبدين
صفقة واحدة بألفين (قال) يكون شريكا مع رب القراض يكون نصفها على القراض
ونصفها للعامل عند مالك * (وقال عبد الرحمن بن القاسم) * في رجل دفع إلى رجل مائة
دينار قراضا فاشترى سلعة بمائتي دينار فنقد مائة ومائة إلى سنة (قال) أرى أن
تقوم السلعة بالنقد فإن كانت قيمتها خمسين ومائة كان لرب المال الثلثان من السلعة
وكان للعامل الثلث فهذا يشبه مسألتك التي فوق هذه إلا أن مسألتك شراءه بالنقد
* (قال سحنون) * إنما تقوم المائة الآجلة وتفض قيمة السلعة عليها وعلى المائة النقد
(في الرجل يبتاع السلعة فيقصر ماله عنها فيأخذ عليها قراضا يدفعه في ثمنها)
* (قال) * وسألت مالكا عن الرجل يبتاع السلعة فيصر ماله عنها فيأتي إلى رجل فيقول
له ادفع إلي مالا قراضا وهو يريد أن يدفع ماله في ثمن بقية تلك السلعة التي اشترى
ويجعله قراضا (قال) مالك اني أخاف أن يكون قد استغلاها فيدخل مال الرجل فيه
فلا أحب هذا * (قال مالك) * ولو أن رجلا ابتاع سلعة فأتى إلى رجل فقال ادفع إلي
مالا أدفعه في ثمنها ويكون قراضا (قال مالك) لا خير في هذا فان وقع لزم صاحب
السلعة رد المال إلى صاحبه ويكون له ما كان فيها من الربح وعليه ما كان فيها من
وضيعة وأراه بمنزلة رجل أسلف رجلا مائة دينار فنقدها في سلعة اشتراها على أن
له نصف ما ربح فيها
121

(في المقارض يبيع السلعة فيوجد بها عيب فيضع من)
* (الثمن أكثر من قيمة العيب أو أقل) *
* (قلت) * أرأيت المقارض إذا باع سلعة فطعن عليه بعيب فحط من الثمن أكثر من
قيمة العيب أو أقل أو اشترى من أبيه أو من ولده أيجوز هذا على المال القراض
(قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولكن إنما ينظر في هذا فكل شئ فعله من هذا
على وجه النظر وليس فيه محاباة فأراه جائزا
(في المقارض يبتاع فيجد به عيبا فيريد ويأبى ذلك رب المال)
* (قلت) * فلو دفعت إلى رجل ألف درهم قراضا فاشترى بها عبدا ثم أصاب به العامل
عيبا ينقصه مائة درهم فأراد رد العبد وأبى ذلك رب المال (قال) لا أرى لرب المال هاهنا
قولا لان العامل يقول إن أنا أخذته فقيمته تسعمائة ثم عملت به كان على أن أجيرا رأس
المال لأنه لا ربح لي الا بعد رأس المال فهذا يدخل على العامل الضرر إلا أن يقول
رب المال للعامل ان أبيت فاترك القراض واخرج لأنك إنما تريد رده وأنا أقبله فذلك
له * (قلت) * فلو أن مقارضا اشترى عندا به عيب لم يعلم به ثم علم بالعيب بعد ذلك فقيل
العبد أيكون العبد على المقارضة أو تراه متعديا (قال) ان حابى فهو متعد وان قبله على
وجه النظر فهو على القراض (وقال مالك) في المقارض يبيع ويحابي ان ذلك غير جائز إلا أن
يكون له فيه نصيب فيجوز قدر نصيبه
(في المقارض يبيع القراض ويحتال بالثمن)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا أخذ مالا قراضا فاشترى به وباع فلما باع بعض السلع
احتال بالثمن على رجل ملئ أو معسر إلى أجل أتراه ضامنا (قال) قال مالك إذا باع
العامل بالدين من غير أن يأمره رب المال بذلك فهو ضامن فأراده إذا احتال بذلك إلى
أجل ضامنا كمن باع بالدين
122

(في المقارض يبتاع السلعة وينقد ثمنها فإذا أراد قبضهما)
* (جحد رب السلعة الثمن) *
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فاشترى به سلعة من السلع فنقد المال
رب السلعة فأراد قبض السلعة فجحده رب السلعة أن يكون قبض منه الثمن أيكون
عليه شئ أم لا (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا وأراه ضامنا لأنه أتلف
مال رب المال حين لم يشهد على البائع حين دفع إليه الثمن * (قلت) * فلو وكلت وكيلا
ودفعت إليه دنانير ليشترى لي بها عبدا بعينه أو بغير عينه فاشترى لي عبدا فدفع الثمن فجحده
البائع وقال لم آخذ الثمن أيكون على الوكيل شئ أم لا (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك
في هذا أيضا وأراه ضامنا لأنه أتلف مال رب المال حين لم يشهد * (قلت) * فان علم
رب المال أنه قد دفع إليه الثمن باقرار البائع عنده أو بغير ذلك ثم جحد البائع أن
يكون قبض شيئا أيطيب لرب المال أن يغرم الوكيل أو المقارض الثمن بما أتلف
عليه ماله وهل يقضى له بذلك وإن كان يعلم ذلك (قال) نعم يقضى له بأن يغرمه
الثمن ويطيب له لأنه هو الذي أتلف عليه ماله حين لم يشهد إلا أن يدفع ذلك
الوكيل بحضرة رب المال فلا يكون عليه ضمان * (قال) * وقال مالك في رجل دفع
إلى رجل مالا ليدفعه إلى فلان فقال المأمور قد دفعت المال إلى فلان الذي أمرتني
أن أدفعه إليه وجحده الرجل فقال ما دفع إلي شيئا (قال) مالك المأمور ضامن إلا أن يأتي بالبينة أنه قد دفع إليه المال لأنه أتلف على رب المال ماله حين دفعه إليه بغير
بينة فهذا يدلك على مسألتك في الوكالة وفي القراض * (قال) * وسألت مالكا عن
رجل أمر رجلا أن يشترى له سلعة فاشتراها ثم دفع رب المال ثمنها إلى المأمور بعد ما اشترى المأمور السلعة ودفعها إلى الآمر فدفع إليه الثمن ليدفعه إلى البائع ثم تلف
قبل أن يوصله المأمور إلى البائع ان الآمر الذي اشترى له يغرم المال ثانية (قال) وذلك
أن بعض المدنيين قالوا لا يغرم رب المال لأنه قد دفعه إليه فضاع وإنما هو بمنزلة
ما لو اقتضى فقال مالك يغرم الآمر ولا يغرم المأمور لأنه رسول وهو مؤتمن
123

(في العاملين بالقراض لرجل واحد يبيع أحدهما من صاحبه سلعة)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا على النصف ودفعت إلى آخر مالا
قراضا على النصف فباع أحدهما سلعة من صاحبه فحاباه فيها (قال) لا يجوز ذلك لان
الذي حابى إذا لم يكن فيما في يديه فضل في المال فلا يجوز له أن يحابى في رأس المال
لان للمحاباة حصة فيما حاباه به هذا وإن كان هذا المحابي إنما حاباه من فضل في يده
على رأس المال فلا يجوز ذلك أيضا لأنه ان وضع فيما يستقبل جبر رأس المال بذلك
المال الذي حاباه فيه لو كان في يديه وهو حين حاباه فلم يجعله كله لرب المال
(في المقارض يشترى من رب المال سلعة)
* (قال) * وسألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل مالا قراضا فهل للعامل أن يشترى
من رب المال سلعة ان وجدها عنده (قال) ما يعجبني ذلك لأنها ان صحت من هذين
الرجلين فأخاف أن لا تصح من غيرهما ممن يقارض فلا يعجبني أن يعمل به ووجه
ما كره من ذلك مالك أن يشترى المقارض من صاحب المال سلعة وان صح ذلك
بينهما خوفا من أن يرد إليه رأس ماله ويصير إنما قارضه بهذا العرض (قال سحنون)
ذلك أصل جيد وكل مسألة توجد من هذا النوع فردها إلى هذه
(في المقارض يشترى ولد رب المال أو والده أو ولد نفسه أو والده)
* (قلت) * أرأيت أن اشترى العامل ولد رب المال أو والده أو ولد نفسه أو والدة علم
بذلك أو لم يعلم والمقارض معسر أو موسر (قال) ان اشترى والد نفسه أو ولد نفسه
وكان موسرا وقد علم رأيت أن يعتقا عليه ويدفع إلى رب المال رأس ماله وربحه إن كان
فيه ربح على ما قارضه وإن لم يكن علم وكان فيهم فضل يكون للعامل فيهم نصيب
عتقوا عليه ويرد إلى رب المال رأس ماله وربحه على ما قارضه وإن لم يكن فيهم فضل
بيعوا وأسلم إلى رب المال رأس ماله ولم يعتق عليه منهم شئ وان كأن لا مال للعامل
وكان فيهم فضل بيع منهم بقدر رأس المال وربح رب المال فدفع إلى رب المال وعتق
124

منهم ما بقي علم أو لم يعلم إذا لم يكن له مال * (قلت) * له فان اشترى أبا صاحب المال أو
ابنه وهو يعلم أو لا يعلم (قال) إن لم يكن يعلم عتقوا على رب المال فإن كان فيهم ربح
دفع إلى العامل من مال صاحب المال بقدر نصيبه على ما قارضه عليه وإن كان قد علم
العامل وله مال رأيت أن يعتقوا عليه ويؤخذ من العامل ثمنهم فيدفع إلى رب المال
والولاء لرب المال لأنه قد علم حين اشتراهم أنهم يعتقون على رب المال فأراه ضامنا
إذا ابتاعهم بمعرفة منهم وإن لم يكن له مال بيعوا فأعطى رب المال رأس ماله وربحه وعتق
منهم حصة العامل وحده * (قال سحنون) * وهذه مسألة قد اختلف فيها وهذا أحسن
ما سمعت واخترت لنفسي
(في المقارض يعتق عبدا من مال القراض)
* (قلت) * أرأيت لو اشترى العامل عبدا بمال القراض أو أقل
من ذلك أو أكثر فأعتقه العامل وهو موسر أو معسر (قال) لا أحفظ عن مالك
فيه شيئا ولكن الذي حفظنا عن مالك في العامل يشترى الجارية فيطؤها فتحمل منه
أنه إن كان له مال أخذ منه قيمتها فجبر به رأس المال وأما في مسألتك في العتق فانى أرى
إن كان العامل موسرا عتق عليه وغرم لرب المال رأس ماله وربحه إن كان فيه فضل
وإن كان معدما لا مال له لم يجز عتقه وبيع منه بقدر رأس مال رب المال وربحه إن كان
فيه فضل ويعتق منه نصيب العامل * (قلت) * فان أعتقه رب المال (قال) يجوز
عتقه ويضمن للعامل ربحه إن كان في قيمته فضل عن الثمن الذي اشتراه به وهو
رأيي (وقد قال غيره) كل من جاز له أن يبيع شيئا أطلقت له يده فيه فباعه من
نفسه وأعتقه فالامر بالخيار ان أجاز فعله فقد تم عتقه وان رد فعله لم يجز عتقه
الا المقارض فإنه إن كان في العبد فضل نفذ عتقه للشرك الذي له فيه * (قال سحنون) *
والأب في ابنه الصغير ان فات العبد بعتق لزمته القيمة إن كان له مال وان اشتراه لنفسه
وكان نظرا منه لولده ثم أعتقه نفذ عتقه ولزمه الثمن
125

(في المقارض يبتاع عبدا من مال القراض فيقتل العبد عبد رجل عمدا)
* (قلت) * أرأيت أن قتل عبد من مال المقارضة عمدا قتله عبد رجل فأراد رب المال
أن يقتص وقال العامل أنا أعفو على أن آخذ العبد أو قال العامل أنا أقتل وقال رب
المال أنا أعفو على أن آخذ العبد (قال) القول قول من عفا منهما على الرقبة ولا يلتفت
إلى الذي يريد القصاص ولا احفظه عن مالك * (قلت) * فمن عفا منهما على أن يأخذه
أيكون هذا العبد على القراض كما كان العبد المقتول (قال) نعم وكذلك أن قتله سيده
فقيمة العبد في القراض * (قلت) * أرأيت إن لم يكن في العبد فضل عن رأس المال
فقال سيده أنا أقتص وأبى ذلك العامل (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى القول
لرب المال وإنما ذلك في القتل
(في المقارض والعبد المأذون له يبتاعان الجارية بثمن إلى أجل)
* (ويبتاعها رب المال أو السيد بأقل قبل الاجل) *
* (قلت) * أرأيت لو أن مقارضا باع جارية بألف دينار إلى سنة وقد أذن له رب المال
أن يبع بالدين فاشتراها رب المال بمائة دينار قبل الاجر أو عبدا مأذونا له في التجارة
باع سلعة بمائة دينار إلى أجل السيدة أن يشتريها قبل الاجل بخمسين دينارا نقدا
(قال) أما مسألتك هذه في العبد فلا بأس بذلك وذلك إذا كان العبد إنما يتجر بمال نفسه
فإن كان إنما يتجر بمال سيده فلا يصلح وكذلك المقارض لا خير فيه * (قال سحنون) *
وذلك لان العبد ماله له دون سيده (وقال غيره) ألا ترى أن العبد ان جنى أسلم بماله وان
عتق تبعه ماله إلا أن يستثنيه سيده أولا ترى أن الرجل يحنث في العتق في عبيده
فلا يعتق بذلك عليه عبيد عبيده ويبقون في يدي عبيده الذين عتقوا عبيدا لهم
أو لا ترى أن العبد ليس عليه في ماله الزكاة مع نظائر له كثيرة
(الدعوى في القراض)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فقال المدفوع إليه أودعتني وقال
126

رب المال أقرضتك المال قراضا (قال) القول قول رب المال لان مالكا قال لي في الرجل
يدفع إلى الرجل مالا فيقول المدفوع إليه إنما أخذته قراضا وقال رب المال إنما
أعطيتك المال قراضا (قال) مالك القول قول رب المال مع يمينه * (قلت) * فان ادعى
العامل أنه قراض وقال رب المال بل أبضعته معك لتعمل به لي (قال) القول قول رب
المال بعد أن يحلف وعليه للعامل إجارة مثله إلا أن تكون إجارة مثله أكثر من
نصف ربح القراض فلا يعطى أكثر مما ادعى وان نكل مكان القول قول العامل مع
يمينه إذا كان ممن يستعمل مثله في القراض (وقال ابن القاسم) في رجل دفع إلى
صبغ ثوبا فقال صاحبه استودعتك إياه لم آمرك بالعمل وقال الصباغ بل استعملتنيه
(قال) القول قول الصباغ وأما في القراض إذا قال رب المال هو قرض وقال
الآخر بل هو قراض قال مالك فالقول قول رب المال (قال ابن القاسم) لأنه
قال أخذت منى المال على ضمان وقال العامل إنما أخذته منك على غير ضمان فقد أقر
له بمال قبله فيدعي أنه لا ضمان عليه فالقول قول رب المال إلا أن يأتي العامل بالمخرج
من ذلك * (قلت) * أرأيت أن قال رب المال استودعتك وقال العامل بل أخذته
منك قراضا (قال) القول قول رب المال لان العامل مدع يريد طرح الضمان عن
نفسه أيضا * (قلت) * فان قال رب المال أعطيتك المال قراضا وقال العامل بل سلفا
(قال) القول قول العامل لان رب المال مدع هاهنا في الربح فلا يصدق وهذا
رأيي * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال رجلا قال لرجل لك عندي ألف درهم قراضا وقال
رب المال بل هي عندك سلفا القول قول من (قال) قال مالك القول قول رب المال
* (قلت) * فهل يلتفت إلى قول هذا أخذت منك أو أخذت منى (قال) لا * (قلت) *
أرأيت أن اختلفا في رأس المال العامل ورب المال فقال رب المال رأس مالي ألفا درهم
وقال العامل رأس مالك ألف درهم (قال) القول قول العامل لأنه مدعى عليه وهو أمين
* (قلت) * فان دفعت إلى رجل مالا قراضا فعمل فخسر فقلت له قد تعديت وإنما
كنت أمرتك بالبز وحده وقال العامل لم أتعد ولم تنهني عن شئ دون شئ (قال)
127

القول قول العامل * (قلت) * أرأيت أن قال رب المال لم أقتض منك رأس مالي وقال
العامل قد دفعته إليك وهذا الذي معي ربح (قال) أرى القول قول رب المال
ما دام في المال ربح حتى يستوفي رأس ماله وعلى العامل البينة * (قلت) * ولم وأنت
تجعل القول قول العامل في الذي يدعى أنه عمل على الثلثين وخالفه رب المال فلم
لا تجعل القول قول العامل في مسألتي أنه قد دفع المال وأن هذا الذي معه ربح (قال)
ليس من هاهنا أخذته لان هذا المال هو رأس المال أبدا حتى يستيقن أنه قد دفع
رأس المال لان هذا كله مال واحد وهو مدعى عليه حين يقول قد دفعته إليك
فلا يصدق الا ببنية * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا قراضا فسافر به ثم
قدم ومعه ربح ألف درهم إلا أنه قال أنفقت من مالي مائة درهم في سفري على أن
آخذها من مال القراض أو جاء برأس المال وحده وقال لم أربح وقد أنفقت مائة
درهم على أن أرجع بها في مال القراض (قال) سألت مالكا عن هذا كله فقال لي
ذلك له وهو مصدق ويرجع بما قال أنفقته في مال القراض إذا كان يشبه ما قال نفقة
مثله (قال ابن القاسم) ولو دفع ذلك إليه وقاسمه ثم جاء بعد ذلك يدعى ذلك لم يكن
له شئ ولم يقبل قوله
(في المقارض يبدو له في أخذ ماله قبل العمل وبعده)
* (قلت) * أرأيت ما لم يعمل المقارض بالمال أيكون لرب المال أن يأخذ ماله (قال)
سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المال قراضا ثم يريد أن يأخذه منه قال إذا
كان المال على حاله أخذه منه وإن كان المقارض قد اشترى بالمال أو تجهز بالمال يخرج به
إلى سفر فليس لرب المال أن يرده * (قلت) * أرأيت أن كان قد مضى في بعض سفره
فقال له رب المال ارجع ورد علي مالي وأنا أنفق عليك في رجعتك حتى تبلغ (قال)
ليس ذلك له لأنه قد خرج به * (قلت) * أرأيت أن اشترى العامل بالمال سلعة فنهيته
عن العمل في القراض بعد ما اشترى فقلت له أردد علي مالي أيكون لي أن أجبره
على بيع ما بقي في يديه من السلع وآخذ الثمن في قول مالك (قال) ليس ذلك لك عند
128

مالك ولكن ينظر فيما في يديه من السلع فان رأى السلطان وجه بيع باع فأوفاك
رأس مالك وكان ما بقي من الربح على ما اشترطتما وإن لم ير السلطان وجه بيع أخر
السلع حتى يرى وجه بيع * (قلت) * وما الذي تؤخر له السلع (قال) السلع لها
أسواق تشترى إليها في أبان شرائها وتحبس إلى إبان أسواقها فتباع في ذلك الا بان
بمنزلة الحبوب التي تشترى أبان الحصاد فيرفعها المشتري إلى أبان النفاق ومثل
الضحايا تشترى قرب أيام النحر فيرفعها إلى أيام النحر رجاء نفاقها وما أشبهه * (قلت) *
فلو دفعت إلى رجل مالا قراضا فبعث إليه قبل أن يشترى بالمال شيئا فقلت له
لا تشتر بالمال شيئا ورده علي فتعدى فاشترى به سلعة فربح فيها (قال) ما سمعت
من مالك في هذا شيئا إلا أني أرى أن هذا ليس بفار من القراض وأراه ضامنا للمال
والربح له وإنما هذا بمنزلة رجل عنده وديعة فتعدى فاشترى بها سلعة فربح فيها فالربح
له وهو ضامن للوديعة وإنما يكون فارا من القراض إذا قال له لا تشتر كذا وكذا
فذهب فاشتراه فهذا الذي فر من القراض إلى هذه السلعة التي نهاه عنها ليذهب
بربح المال فجعل مالك الربح على قراضهما والوضيعة على العامل بتعديه
(في المقارض يبدو له في ترك القراض والمال على الرجال أو في السلع)
* (قلت) * فان باع العامل واشترى وقد أذن له رب المال أن يبيع بالنقد وبالنسيئة
فاشترى وباع حتى صار جميع مال القراض دينا على الناس وفيه وضيعة فقال العامل
لرب المال أنا أحيلك عليهم ولا أقتضي ولا أعمل فيه (قال) يجبر على ذلك ولا يكون
له أن يقول لا أقتضي ولا أقبض إلا أن يرضى رب المال بالحوالة وهو قول مالك
* (قلت) * فإن كان فيه ربح وقد صار كله دينا فقال لا أقتضيه أيجبره السلطان على
الاقتضاء في قول مالك (قال) نعم إلا أن يشاء أن يسلم جميع ذلك ويرضى بذلك
رب المال * (قلت) * وإن كان المال دينا ببلد فجبرته على أن يقتضيه وقد خسر فيه أتجعل
نفقته إذا سافر ليقتضيه في المال (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن اشترى سلعا بجميع
المال يرجو بها الأسواق فقال رب المال للعامل أنا آخذ قيمة رأس مالي من هذه السلع
129

وأقاسمك ما بقي على ما اشترطنا من الربح وأبى ذلك العامل (قال) ذلك إلى العامل
لأنه يقول أنا أرجو في هذه السلعة التي يأخذها رب المال بقيمتها اليوم ان ازداد فيها
إذا جاءت أسواقها لأني سمعت مالكا يقول في العامل يريد بيع ما معه فيقول رب
المال أنا آخذها بما تسوى (قال مالك) هو وأجنبي من الناس سواء
(في المقارض يموت أو المقارض)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجلين مالا قراضا فهلك الرجلان وقد عملا (قال) قال
مالك في الرجل يدفع إليه المال قراضا فيعمل به فيموت المقارض (قال) إن كان ورثته
مأمونين قيل لهم تقاضوا هذا المال وبيعوا ما بقي في يدي صاحبكم من السلع وأنتم
على الربح الذي كان لصاحبكم وان كانوا غير مأمونين فأتوا بأمين ثقة كان ذلك لهم
وإن لم يأتوا بأمين ثقة ولم يكونوا مأمونين أسلم المال الدين والعرض وجميع المال
القراض إلى رب المال ولم يكن لورثة الميت من الربح قليل ولا كثير فالذي سألت
عنه يقال لورثة الميت منهما ما قيل لورثة هذا * (قلت) * فان مات رب المال (قال) فهؤلاء
على قراضهم بحال ما كانوا ان أراد الورثة ذلك فان أراد الورثة أخذ مالهم كانوا بمنزلة
ما وصفت لك في الرجل إذا قارض رجلا فاشترى سلعة ثم أراد أخذ ماله وهذا قول
مالك * (قلت) * أرأيت أن مات رب المال والمال في يدي المقارض ولم يعمل به بعد
(قال) قال مالك لا ينبغي أن يعمل به ويؤخذ منه * (قلت) * فإن لم يعلم العامل بموت
رب المال حتى اشترى بالمال بعد موت رب المال (قال) هو على القراض حتى يعلم بموته
(في المقارض يموت وعنده ودائع وعليه ديون)
* (قال) * وقال مالك في رجل هلك وقد كان أخذ مالا قراضا وعنده ودائع للناس
وعليه ديون ولم يوجد القراض ولا الودائع عنده بعينها ولم يوص بشئ (قال) قال
مالك يتحاص أهل القراض وأهل الودائع وأهل الدين فيما ترك * (قال ابن وهب) *
وأخبرني محمد بن عمرو عن ابن جريج أن عطاء بن أبي رباح قال له رجل كان عنده
130

قراض لرجل فأفلس (قال) للقراض هيئة ليست لما سواه لا يحاص الغرماء بقراضه
ولكن يستوفيه أن كان الدين الذي عليه للناس قبل القراض أو معه أو بعده (قال)
نعم إذا لم يكن الدين في القراض وقاله الليث بن سعد
(في أقرار المريض في مرضه بالوديعة والقراض)
* (قلت) * أرأيت أن أقر بدين في مرضه ثم أقر بوديعة أو بمال قراض بعينه بعد
ما أقر بالدين (قال) كل شئ من هذا أقر به بعينه فلا أبالي كان اقراره قبل الدين أو
بعد الدين أصحابه أولى به لأنه لا يتهم في هذا وكل شئ من هذا أقر به بغير عينه
فهو والدين سواء وهذا رأيي لان مالكا قال إذا أقر بوديعة بعينها أو بمال قراض
في مرضه وعليه دين في صحته ببينة ان اقراره جائز بما أقر به ويأخذ أهل الوديعة
وديعتهم وأهل القراض قراضهم * (ابن وهب) * عن الليث بن سعد ويحيى بن أيوب
عن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل كان قبله قراض وعليه دين فأخذه غرماؤه
(قال يحيى) صاحب القراض ان عرف ماله فهو أولى به (قال) يحيى بن أيوب قال
يحيى بن سعيد وإن لم يعرف ماله بعينه وتقوم عليه البينة فهو أسوة الغرماء
(تم كتاب القراض والحمد لله وحده)
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويليه كتاب الأقضية) *
131

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الأقضية)
* (قال سحنون) * قلت لابن القاسم ما قول مالك في الخصمين إذا أتيا إلى القاضي فتبين
للقاضي الحق لأحدهما فأراد أن يحكم على الذي اتضح الحق عليه (قال) سمعت مالكا
وهو يقول من وجه الحكم في القضاء إذا أدلى الخصمان بحجتهما وفهم القاضي عنهما فأراد أن يحكم بينهما أن يقول لهما أبقيت لكما حجة فان قالا لا فصل بينهما وأوقع
الحكم فان أتيا بعد ذلك يريدان نقض ذلك الحكم لم يقبل منهما إلا أن يأتيا بأمر
يرى أن لذلك وجها * (قلت) * فما معنى قول مالك يرى أن لذلك وجها (قال) معناه أنه
ان أتى بشاهد عند من لا يرى الشاهد واليمين وقال الخصم لا أعلم لي شاهدا آخر
فوجه القاضي عليه الحكم ثم قدر على شاهد آخر بعد ذلك أنه يقضي لهذا الآخر
وما أشبه هذا مما قال مالك يعرف به وجه حجته * (قلت) * أرأيت إذا هلك الرجل
في السفر وليس معه من أهل الاسلام أحد أتجوز شهادة أهل الكفر الذين معه ان
أوصى بوصية (قال) لم يكن مالك يجيز شهادة أحد من أهل الكفر في حضر
ولا سفر ولا أرى أن تجوز * (قلت) * أرأيت أن سمع رجل رجلا يقول لفلان
على فلان كذا وكذا أو يقول رأيت فلانا قتل فلانا أو يقول سمعت فلانا قذف فلانا
أو يقول سمعت فلانا طلق فلانة ولم يشهده إلا أنه مر به فسمعه وهو يقول هذه
المقالة أيشهد بها وإنما مر فسمعه وهو يتكلم ولم يشهده (قال) لا يشهد بها ولكن أن
132

مر فسمع رجلا يقذف رجلا أو سمع رجلا يطلق امرأته ولم يشهداه (قال مالك)
فهذا الذي يشهد به وإن لم يشهداه (قال) ويأتي من له الشهادة عنده فيعلمه أن له عنده
شهادة * (قال) * وسمعت هذا من مالك في الحدود أنه يشهد بما سمع من ذلك إذا
كان معه غيره (قال) فأما قوله الأول فاني سمعت مالكا وسئل عن الرجل يمر
بالرجلين وهما يتكلمان في الشئ فلم يشهداه فيدعوه أحدهما إلى الشهادة أترى أن
يشهد (قال) لا قال ابن القاسم إلا أن يكون قد استوعب كلامهما لأنه أن
لم يستوعب كلامهما لم يجز له أن يشهد لان الذي سمع لعله قد كان قبله كلام يبطله
* (قلت) * أرأيت شهادة النساء في القتل الخطأ أتجوز في قول مالك (قال) نعم
* (قلت) * أرأيت أن ادعيت قبل رجل القصاص أو أنه ضربني بالسوط أو ما أشبه
هذا أتستحلفه لي أم لا في قول مالك (قال) لا ولا يستحلف لك إلا أن تأتي بشاهد
عدل فيستحلف لك * (قلت) * أرأيت أن ادعى رجل قبل رجل أنه قطع يده عمدا
وأقام عليه شاهدا واحدا (قال) قال لي مالك يحلف مع شاهده يمينا واحدة وتقطع
يد القاطع (قال ابن القاسم) فان نكل المقطوعة يده عن اليمين استحلف له القاطع
فان حلف والا حبس حتى يحلف * (قلت) * فان أقام عليه شاهدا واحدا أنه قتل وليه
أيحلف مع شاهده هذا (قال) إذا كان عدلا أقسم هو وبعض عصبة المقتول الذين
هم ولاته خمسين يمينا ويقتل * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * ولم قلت
يقسم هو وآخر (قال) لان القسامة في العمد لا تكون بأقل من اثنين * (قلت) *
لم لا يكون له أن أقام شاهدا واحدا أن يحلف في العمد مع شاهده يمينا واحدة
ويقتل كما يحلف في الحقوق وهل اليمين الا موضع الشاهد (قال) قال مالك مضت
السنة أنه لا قسم في القسامة في القتل وإن كان على القاتل شاهد واحد عدل إلا أن
يقسم مع الشاهد رجلان فصاعدا يقسمان خمسين يمينا * (قال ابن القاسم) * والشاهد
العدل في القسامة إنما هو لوث ليست شهادة لأنهما إذا كانا اثنين قد أقسما فإنما هما بموقع
الشهادة التامة وبالقسامة تمت الشهادة وأما قبل ذلك فإنما هو لوث وكذلك إذا قال
133

دمي عند فلان) وأما في الحقوق فإنما جاءت السنة بشاهد ويمين فالشاهد في الحقوق
قد تمت به الشهادة إلا أن معه يمين طالب الحق وجعل في القسامة لا يقسم أقل من
اثنين لأنهما جعلا جميعا موقع الشهادة واللوث الذي كان قبل ذلك لم يكن شهادة
فهذا فرق ما بين اليمين في القسامة وبين اليمين في الحقوق * (قال) * وقال مالك
لا يقسم في الدم الا مع شاهد عدل أو أن يقول المقتول دمي عند فلان ولا يقسم
بالشاهد إذا كان غير عدل (2) * (قلت) * أرأيت أن كان المقتول أبى وليس له وارث
غيري من يقسم معي (قال) يقسم معك عمك أو ابن عمك أو رجل من عصبته
الذين يكونون ولاته لو لم يكن هو حيا إن لم يكن أحد من الأعمام أو بنى الأعمام حضورا
* (قلت) * فإن كان الأعمام وبنو الأعمام حضورا معه فأبوا أن يحلفوا أيكون لي
أن أحلف مع رجل من العشيرة (قال) لا ولا يقسم معه في العمد الا عصبة المقتول
الذين يقومون بالدم ويكونون هم ولأنه لو لم يكن هو حيا وهذا قول مالك * (قلت) *
أرأيت أن أقام رجل شاهدين على حق له على رجل فقال المشهود عليه أحلفه لي مع
شاهديه (قال) قال مالك لا يحلف له وليس عليه يمين إذا أقام شاهدين إلا أن أن
يدعى أنه قد قضاه فيما بينه فأرى أن يحلف الطالب على ذلك فان نكل حلف
المطلوب وبرئ * (قلت) * أرأيت القاضي كيف يستحلف المدعى عليه أيستحلفه بالله
الذي لا إله إلا هو أم يزيد على هذا الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية
(قال) قال مالك يستحلف بالله الذي لا إله إلا هو لا يزيد على ذلك وعلى هذا العمل
وبه مضى أمر الناس * (قلت) * وكذلك الذي يأخذ بيمينه مع شاهده ويستحق
حقه فإنما يحلف بالله الذي لا إله إلا هو في قول مالك (قال) نعم كذلك قال لنا مالك
* (قلت) * فأين يحلفان الذي ادعى قبله والذي يستحق بيمينه مع شاهده أين يستحلفهما
في قول مالك (قال) قال مالك كل شئ له بال فإنه يستحلف فيه هذان جميعا في المسجد
الجامع (فقيل) لمالك عند المنبر (قال مالك) لا أعرف المنبر الا منبر النبي صلى الله عليه
وسلم فأما مساجد الآفاق فلا أعرف المنبر فيها ولكن للمساجد مواضع هي أعظم
134

من بعض فأرى أن يستحلفوا في المواضع التي هي أعظم (قال مالك) وعندنا بالمدينة
لا يستخلف عند المنبر الا في ربع دينارا فصاعدا * (قال *) فقلت له فالقسامة أين
يستحلف فيها (قال) قال مالك في المساجد وعلى رؤس الناس وفي دبر الصلوات
* (قلت) * واللعان (قال) قال مالك في المسجد وعند الامام * (قلت) * ولم يذكر لكم
مالك أنهما يلتعنان في دبر الصلاة (قال) ما سمعته يذكر أنهما يلتعنان في دبر الصلاة
وإنما سمعته يقول في المسجد وعند الامام * (قال) * فقلت لمالك فالنصرانية تكون تحت
المسلم أين تلتعن (قال مالك) في كنيستها وحيث تعظم وتحلف بالله فقط * (قلت) * فهل
ذكر لكم مالك أن النصاري والنصرانية يحلفان في شئ من أيمانهما أو في دعواهما
أو إذا ادعي عليهما أو في لعانهما بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى (قال) ما سمعته
يقول يحلفون الا بالله فقط * (قلت) * واليهود هل سمعته يقول أنهم يحلفون بالله الذي
أنزل التوراة على موسى (قال) اليهود والنصارى عند مالك سواء * (قلت) * فهل يحلف
المجوس في بيت نارهم (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن لا يحلفوا الا بالله
حيث يعظمون * (قال ابن القاسم) * سألت مالكا عن القسامة في أهل القرى أين
يحلفون فقال أما أهل مكة والمدينة وبيت المقدس فأرى أن يجلبوا إليها فيقسموا
فيها (قال) وأما أهل الآفاق فاني أرى أن يستحلفوا في مواضعهم إلا أن تكون
مواضعهم من المصر قريبا عشرة أميال أو نحو ذلك فأرى أن يجلبوا إلى المصر
فيحلفوا في المسجد * (قلت) * أرأيت ما ذكر مالك من أنهم يجلبون إلى هذه
المساجد الثلاثة مكة والمدينة وبيت المقدس في القسامة من أين يجلبون إلى هذا أو من
مسيرة كم من يوم يجلبون أمن مسيرة عشرة أيام (قال) لم أوقف عليه مالكا على
هذا ولم أشك ان أهل عمل مكة حيثما كانوا يجلبون إلى مكة وأهل عمل المدينة حيثما
كانوا يجلبون إلى المدينة وأهل عمل بيت المقدس حيثما كانوا يجلبون إلى بيت
المقدس * (قلت) * أرأيت الحالف هل يستقبل به القبلة في قول مالك (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك عليه * (قلت) * أرأيت النساء العواتق
135

وغير العواتق والعبيد والإماء وأمهات الأولاد والمكاتبين والمدبرين أيحلفون في
المساجد (قال) إنما سألت مالكا عن النساء أين يحلفن قال أما كل شئ له بال فإنهن
يخرجن فيه إلى المساجد فإن كانت امرأة تخرج بالنهار أخرجت نهارا وأحلفت في
المسجد وان كانت مما لا تخرج أخرجت ليلا فأحلفت فيه (قال) وإن كان الحق إنما
هو شئ يسير لا بال له أحلفت في بيتها إذا كانت ممن لا تخرج وأرسل القاضي إليها
من يستحلفها لطالب الحق فأما ما سألت عنه من المكاتب والمدبر وأمهات الأولاد
فسنتهم سنة الأحرار إلا أني أرى أن أمهات الأولاد بمنزلة الحرائر منهن من
تخرج ومنهن من لا تخرج * (قلت) * فهل يجزئ في هذه المرأة التي تستحلف في
بيتها رسول واحد من القاضي يستحلفها (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى
أن يجزئ * (قلت) * أرأيت الصبيان هل عليهم يمين في شئ من الأشياء
يحلفون إذا ادعي عليهم أو يحلفون إذا كان لهم شاهد واحد في قول مالك (قال) قال
مالك لا يحلف الصبيان في شئ من الأشياء إذا ادعوا أو ادعي عليهم حتى يبلغوا * (قال) *
وقال مالك في الرجل يهلك ويترك أولادا صغارا فيوجد للميت ذكر حق فيه شهود
فيدعي الحي أنه قد قضى الميت حقه (قال) قال مالك لا ينفعه ذلك * (قال) * فقيل لمالك
أفيحلف الورثة (قال مالك) إن كان فيهم من قد بلغ ممن يظن أنه قد علم بالقضاء أحلف
وإلا فلا يمين عليهم * (قلت) * فان نكل هذا الذي يظن أنه قد علم بالقضاء عن اليمين
أيسقط الدين كله في قول مالك (قال) لا يسقط الدين كله ولكن يسقط من الدين
قدر حقه إذا حلف الذي عليه الحق أنه قد قضى الميت * (قلت) * أرأيت الطلاق أيحلف
فيه في قول مالك إذا ادعته المرأة على زوجها (قال) قال مالك لا يحلف لها إلا أن تأتي
بشاهد واحد فيحلف لها فان أبى قال مالك آخر ما قال يسجن حتى يحلف وثبت على
هذا القول (قال) وقد كان مرة يقول لنا يفرق بينهما إذا أبى أن يحلف * (قال ابن
القاسم) * وأنا أرى ان أبى أن يحلف وطال حبسه أن يخلى سبيله ويدين في ذلك (قال) وقد
بلغني ذلك عن مالك * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا بيني وبينه خلطة ادعيت عليه حقا من
136

الحقوق فاستحلفته (قال) قال مالك ان حلف برئ * (قلت) * فان أبى أن يحلف
وقال أنا أرد اليمين عليك (قال) قال مالك إذا أبى أن يحلف لم يقض للمدعى
بالحق أبدا حتى يحلف المدعى على حقه ولا يقضى القاضي للمدعى بالحق إذا نكل
المدعى عليه عن اليمين حتى يحلف المدعى فإن لم يطلب المدعى عليه يمين الطالب فان
القاضي لا يقضى للطالب بالحق إذا نكل المطلوب عن اليمين حتى يستحلف الطالب
وإن لم يكن المطلوب يمين الطالب * (قال ابن القاسم) * وقال لي ابن أبي حازم ليس
كل الناس يعرف هذا أنه إذا نكل المطلوب عن اليمين أن اليمين على الطالب
* (قلت) * أرأيت أن نكل المدعى عليه عن اليمين ونكل المدعى أيضا عن اليمين
(قال) قال مالك يبطل حقه إذا لم يحلف * (قلت) * أرأيت أن ادعيت قبل رجل
حقا فاستحلفته فحلف ثم أصبت عليه بينة بعد ذلك أيكون لي ان آخذ حقي منه في
قول مالك (قال) قال لي مالك نعم له أن يأخذ حقه منه إذا كان لم يعلم بينته (قال)
وبلغني عن مالك أنه قال إذا استحلفه وهو يعلم ببينته تاركا لها فلا حق لها * (قلت) *
فإن كانت بينة الطالب غيبا ببلاد أخرى فأراد أن يستحلف المطلوب وهو يعلم أن له بينة
في بلاد أخرى فاستحلفه ثم قدمت بينته أيقضى له بهذه البينة ويرد يمين المطلوب التي
حلف بها أم لا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنى أرى أنه
إذا كان عارفا ببينته وان كانت غائبة عنه فرضى باليمين من المطلوب تاركا لبينته لم
أر له حقا وان قدمت بينته * (قلت) * وما معنى قول مالك تاركا للبينة أرأيت أن قال
لي بينة غائبة فأحلفه لي فان حلف فقدمت بينتي فأنا على حقي ولست بتارك لبينتي
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى للسلطان أن ينظر في ذلك فان ادعى
بينة بعيدة وخاف على الغريم أن يذهب أو أن يتطاول ذلك رأيت أن يحلفه له ويكون
على حقه إذا قدمت بينته * (قلت) * وان كانت البينة ببلاد قريبة (قال) فلا أرى أن
يستحلف له إذا كانت بينته قريبة اليوم واليومين والثلاثة ويقال له قرب بينتك
والا فاستحلفه على ترك البينة * (قلت) * فأين يستحلف النصراني واليهودي (قال)
137

قال مالك في كنائسهم حيث يعظمون (وقال مالك) ولا يحلفوا الا بالله * (قلت) *
أرأيت شهادة الرجل هل تجوز للصديق الملاطف (قال) قال مالك شهادة الرجل
تجوز لأخيه إذا كان عدلا ولمولاه فالصديق الملاطف بهذه المنزلة (قال) مالك الا
يكون في عياله أحد من هؤلاء يمونه فلا تجوز شهادتهم له * (قال ابن القاسم) * ولا
تجوز شهادة السائل ولا الأجير لمن استأجره إلا أن يكون مبزرا في العدالة وإنما
الذي لا تجوز فيه شهادة السؤال في الشئ الكثير مثل الأموال وما أشبهها وأما الشئ
التافه اليسير فهو جائز إذا كان عدلا وأما الأجير فإن كان في عياله فلا تجوز شهادته
له وإن لم يكن في عياله جازت شهادته إذا كان عدلا * (قلت) * أرأيت المحدود في
القذف هل تجوز شهادته ان تاب في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت شهادة
المغنية والمغنى والنائحة أتقبل (قال) سألنا مالكا عن الشاعر أتقبل شهادته قال إن كان
ممن يؤذى الناس بلسانه ويهجوهم إذا لم يعطوه ويمدحهم إذا أعطوه فلا أرى أن
تجوز شهادته (قال مالك) وان كأن لا يهجو وهو ان أعطى شيئا أخذ وليس يؤذى
أحدا بلسانه وإن لم يعط لم يهج فأرى أن تقبل شهادته إذا كان عدلا وأما النائحة
والمغنية والمغنى فما سمعت فيهم شيئا إلا أنى أرى أن لا تجوز شهادتهم إذا كانوا
معروفين بذلك * (قلت) * أرأيت الشاة إذا باعها الرجل أو البعير أو البقرة واستثنى
منها ثلثا أو ربعا أو نصفا أو استثنى جلدها أو رأسها أو فخذها أو كبدها أو صوفها
أو شعرها أو أكارعها أو استثنى بطونها كلها أو استثنى منها أرطالا مسماة قليلة أو
كثيرة أيجوز هذا البيع كله في قول مالك أم لا (قال) أما إذا استثنى ثلثا أو ربعا
أو نصفا فلا بأس بذلك عند مالك وأما إذا استثنى جلدها أو رأسها فإنه إن كان
مسافرا فلا بأس بذلك وأما إن كان حاضرا فلا خير في ذلك * (قلت) * لم أجازه
في السفر وكرهه في الحضر (قال) السفر إذا استثنى فيه البائع الرأس والجلد فليس
لذلك عند المشترى ثمن (قال مالك) وأما في الحضر فلا يعجبني لان المشترى إنما
يطلب بشرائه اللحم * (قلت) * أرأيت أن قال المشترى إذا اشترى في السفر واستثنى
138

البائع رأسها وجلدها فقال المشترى لا أذبحها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن
مالكا قال في الرجل يبيع البعير الذي قد قام عليه بيعه من أهل المياه ويستثنى البائع
جلده ويبيعهم إياه لينحروه فاستحيوه (قال مالك) أرى لصاحب الجلد شروى جلده
* (قال) * فقلت لمالك أو قيمة الجلد (قال مالك) أو قيمة الجلد كل ذلك واسع * (قال) *
قلت وما معنى شروى جلده عند مالك (قال) جلد مثله * (قال) * فقيل لمالك أرأيت أن
قال صاحب الجلد أنا أحب أن أكون شريكا في البعير بقدر الجلد (قال) قال مالك
ليس ذلك له يبيعه على الموت ويريد أن يكون شريكا في الحياة ليس ذلك له وليس له
الا قيمة جلده أو شرواه فمسألتك في المسافر مثل هذا (قال) وأما إذا استثنى فخذها
فلا خير ذلك * (قلت) * وهذا قول مالك في الفخذ (قال) نعم فأما إذا استثنى كبدها
(قال مالك) لا خير في البطون والكبد من البطون وأما إذا استثنى صوفها أو شعرها
فان هذا ليس فيه اختلاف أنه جائز (قال) وأما الأرطال إذا استثناها فان مالكا
قال إن كان الشئ الخفيف الثلاثة الأرطال أو الأربعة فذلك جائز * (قلت) * أرأيت
ان استثنى أرطالا مما يجوز فقال المشترى لا أذبح (قال) أرى أن يذبح على ما أحب
أو كره * (قلت) * أرأيت لو أن عبدي شهد لي على شهادة وهو عبد ثم أعتقه فشهد
لي بها أتجوز (قال) قال مالك شهادة المولى لمولاه جائزة إذا كان عدلا فأرى شهادته
جائزة للذي قال مالك من شهادة المولى لمولاه * (قلت) * أرأيت شهادة رجل
وامرأتين أتجوز على شهادة رجل في القصاص (قال) لا تجوز لان مالكا قال
لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القصاص ولا في الطلاق ولا في النكاح
لا تجوز شهادتهن فيه على شهادة عندي في شئ من هذه الوجوه وتجوز شهادتهن
على شهادة إذا كان معهن رجل في الأموال وفي الوكالات على الأموال وكذلك
قال لي مالك ولا تجوز شهادتهن وان كثرن على شهادة امرأة ولا رجل إذا لم يكن معهن رجل كذلك قال مالك وإنما تجوز من النساء إذا شهدت امرأتان على مال مع
يمين صاحب الحق كانت الشهادتان على شهادة كانتا بمنزلة الرجل يشهد على
139

شهادة رجل فلا تجوز الا ومعه غيره فكذلك هما لا يجوزان الا ومعهما رجل وشهادة
امرأتين على شهادة رجل وما كثر منهن بمنزلة واحدة لا تجوز الا ومعهن رجل
إلا أن يشهدن هن أنفسهن على حق فيكن بمنزلة الرجل مع اليمين وهذا كله قول
مالك * (قلت) * أرأيت مالا تراه الرجال هل تجوز فيه شهادة امرأة (قال) قال
مالك لا يجوز في شئ من الشهادات أقل من شهادة امرأتين لا تجوز شهادة امرأة
واحدة في شئ من الأشياء * (قلت) * أرأيت استهلال هلال رمضان هل
تجوز فيه شهادة رجل واحد في قول مالك (قال) قال مالك لا تجوز فيه شهادة
رجل واحد وإن كان عدلا * (قلت) * فشهادة رجلين (قال) جائزة في قول مالك
* (قلت) * أرأيت هلال شوال (قال) كذلك أيضا لا يجوز فيه أقل من شهادة شاهدين
وتجوز شهادة الشاهدين إذا كانا عدلين كذلك قال مالك * (قلت) * أرأيت العبيد
والإماء والمكاتبين وأمهات الأولاد هل تجوز شهادتهم في هلال رمضان أو شوال
(قال) ما وقفنا مالكا على هذا وهذا مما لا يشك فيه أن العبيد لا تجوز شهادتهم في
الحقوق ففي هذا أبعد أن لا تجوز فيه * (قال) * وقال مالك في الذين قالوا إنه يصام
بشهادة رجل واحد قال مالك أرأيت أن أغمي عليهم هلال شوال كيف يصنعون
أيفطرون أم يصومون أحدا وثلاثين فان أفطروا خافوا أن يكون ذلك اليوم من
رمضان * (قلت) * أرأيت هلال ذي الحجة (قال) سمعت مالكا يقول في الموسم أنه
يقام بشهادة رجلين إذا كانا عدلين * (قلت) * أرأيت القاضي إذا أخذ شاهد
زور كيف يصنع به وما يصنع به (قال) قال مالك يضربه ويطوف به في المجلس
قال ابن القاسم حسبت أنه قال يريد به المجالس في المسجد الأعظم * (قلت) * له
وكم يضربه (قال) قدر ما يرى (قال ابن القاسم) وبلغني عن مالك أنه قال ولا تقبل له
شهادة أبدا وان تاب وحسنت حاله وهو رأيي * (قلت) * أرأيت أن أقمت شاهدا
على مائة وآخر على خمسين (قال) ان أردت أن تحلف مع شاهدك الذي شهد لك
بمائة وتستحق المائة فذلك لك وان أبيت أن تحلف وأردت أن تأخذ خمسين فذلك
140

لك * (قلت) * أرأيت أن أقمت شاهدا واحدا على حق لي وأبيت أن أحلف ورددت
اليمين على الذي لي عليه الحق فأبى أن يحلف (قال) يغرم عند مالك * (قلت) * وتغرمه
ولا ترد اليمين علي (قال) نعم إذا أبيت أن تحلف مع شاهدك ورددت اليمين عليه فان
أبى أن يحلف غرم ولم يرجع اليمين عليك وهو قول مالك (قال) وهذا مخالف للذي
لم يأت بشاهد لان اليمين إنما كانت مع الشاهد للمدعي فإذا لم يحلف ردت على المدعي عليه
فان حلف والا غرم لان اليمين في الذي لا شاهد له إنما كانت على المدعى عليه فان
حلف والا ردت اليمين على المدعي فان حلف وإلا فلا شئ له قال وهذا قول مالك
* (قلت) * أرأيت الأجير هل تجوز شهادته لمن استأجره (قال) قال مالك لا تجوز
شهادة من في عيال الرجل للرجل فأرى الأجير بهذه المنزلة إلا أن يكون أجيرا
لا يكون في عياله ولا في مؤنته * (قلت) * أرأيت أن شهد رجلان ان لهما ولفلان
معهما على فلان ألف درهم أتجوز شهادتهما لفلان بحصته من الدين (قال) لا تجوز
(قال) وبلغني عن مالك أنه قال في رجل إذا شهد لي رجل في ذكر حق له فيه شئ لم تجز
شهادته له ولا لغيره وهذا مخالف للوصية ولا أعلمه الا من قول مالك ولو شهد
رجل على وصية قد أوصى له فيها فإن كان الذي أوصى له به شيئا تافها لا يتهم عليه
جازت له ولغيره وإن كان شيئا كثيرا عليه لم تجز له ولا لغيره والحقوق ليست
كذلك إذا ردت شهادته في حقه وان قل لم تجز لغيره وذلك أنه لا ينبغي أن يجاز
بعض الشهادة ويرد بعضها ولو أن رجلا شهد على وصية رجل وفيها عتق ووصايا
لقوم لم تجز شهادته في العتق وجازت للقوم مع أيمانهم وإنما ترد شهادته له ولغيره
وهذا أحسن ما سمعت * (قلت) * لابن القاسم فان أحلفتهم مع الشاهد في الوصية
وفيها العتق والثلث لا يحمل (قال) إنما يكون لهم بأيمانهم ما فضل عن العتق * (قلت) *
أرأيت أن مات عندنا ميت فأتى رجل فأقام البينة بأنه ابن الميت ولم تشهد الشهود
بأنهم لا يعلمون له وارثا غيره أتجيز شهادتهم وتعطى هذا الميراث أم لا تعطيه من
141

الميراث شيئا وهل تحفظ قول مالك في هذا (قال) وجه الشهادة عند مالك في هذا أن
يقولوا انه ابنه لا يعلمون له وارثا غيره * (قال ابن القاسم) * فإذا لم تشهد الشهود أنهم
لا يعلمون له وارثا غيره فأرى أن ينظر السلطان في ذلك ويسأل وينظر * (قلت) *
أرأيت أن أقمت البينة على دار أنها دار جدي ولم تشهد الشهود أن جدي مات
وتركها ميراثا لأبي وان أبي مات وتركها ميراثا لورثته لم يحددوا المواريث
بحال ما وصفت لك (قال) سألنا مالكا عنها فقال ينظر في ذلك فإن كان المدعى
حاضرا بالبلد التي الدار بها وقد حيزت دونه السنين يراهم يسكنون ويحوزون بما تحاز
به الدور فلا حق له فيها وإن كان لم يكن بالبلد الذي الدار به وإنما قدم من بلاد
أخرى فأقام البينة على أنها دار أبيه ودار جده (قال سحنون) وحدوا المواريث
حتى صار ذلك إليه قال ابن القاسم قال مالك يسئل من الدار في يديه فان أتى ببينة
على أصل شراء أو الوجه الذي صارت به إليه والا فسماع من جيرانه أو من غير
جيرانه أن جده أو والده كان اشترى هذه الدار أو هو نفسه إذا طال الزمان فقالوا
سمعنا أنه اشتراها فهاهنا عندنا دور يعرف لمزاولها تقادم الزمان وليس على أصل
الشراء بينة وإنما هو سماع من الناس أن فلانا اشترى هذه الدور * (قلت) * أرأيت
ان أتى الذي الدار في يديه ببينة يشهدون أنهم سمعوا أن هذا الرجل الذي في يديه الدار
اشترى هذه الدار أو اشتراها والده أو اشتراها جده إلا أنهم قالوا سمعنا أنه اشتراها
ولكنا لم نسمع بالذي اشتراها منه من هو (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا
ولا أرى ذلك حتى يشهدوا على سماع صحة أنه اشتراها من فلان أبى هذا المدعى أو جده
* (قلت) * أرأيت الحيازة هل وقت فيها مالك سنين مسماة عشرا أو أقل أو أكثر
(قال) لا لم يوقت لنا مالك في الحيازة أكثر من أن قال على قدر ما يعلم أنها حيازة
إذا حازها السنين * (قال) * وقال مالك إذا طرأ الرجل على قوم من بلاد لا يعرفونه بها
فقال أنا رجل من العرب فأقام بينهم عمرا قريبا فقال له رجل لست من العرب (قال)
قال مالك لا يضرب هذا الذي قال له لست من العرب الحد إلا أن يتطاول زمانه
142

مقيما بين أظهرهم الزمان الطويل يزعم أنه من العرب فيولد له أولادا وتكتب شهادته
ويجوز نسبه ثم يقول له بعد ذلك رجل أنك لست من العرب (قال) فهذا الذي يضرب
من قال له لست من العرب الحد لأنه قد جاز نسبه هذا الزمان كله ولا يعرف الا به
* (قلت) * أرأيت كل من التقى هو وعصبته إلى حد جاهلي أيتوارثون بذلك أم لا (قال)
قال مالك في كل بلاد افتتحت عنوة وكانت دارهم في الجاهلية ثم سكنها أهل الاسلام
ثم أسلم أهل الدار انهم يتوارثون بأنسابهم التي كانت في الجاهلية وهم على أنسابهم
التي كانوا عليها يريد بذلك كما كانت العرب حين أسلمت (قال) وأما قوم تحملوا فإن كان
لهم عدد كثير توارثوا به وكذلك الحصن يفتح فإنهم يتوارثون بأنسابهم وأما النفر
اليسير يتحملون مثل العشرة ونحو ذلك فلا يتوارثون بذلك إلا أن تقوم لهم بينة عادلة
على الأصل مثل الأسارى من المسلمين يكونون عندهم فيخرجون فيشهدون لهم فإنهم
يتوارثون * (قال ابن القاسم) * قال لي مالك في شهادة السماع من الولاء أنه جائز * (قلت) *
أرأيت لو أن دارا في يدي ورثتها من أبي فأقام ابن عمي البينة أنها دار جدي وطلب
مورثه (قال) هذا من وجه الحيازة التي أخبرتك (قال) وسمعت مالكا واختصم إليه
في أرض احتفر فيها رجل عينا فادعى فيها رجل دعوى فاختصموا إلى صاحب بعض
تلك المياه فأوقفها حتى يرتفعوا إلى المدينة فأتى صاحب العين التي كان عملها فشكا
ذلك إلى مالك فقال مالك قد أحسن حين أوقفها ورآه قد أصاب (قال) فقال له صاحب
الأرض اترك عمالي يعملون فان استحق الأرض فليهدم عملي (قال) لا أرى ذلك وأرى
أن يوقفها فان استحق حقه والا ثبتت * (قلت) * فهل يكون هذا بغير بينة وبغير شئ
توقف هذه الأرض (قال ابن القاسم) لا أرى أن توقف إلا أن يكون لقول المدعي
وجه فتوقف عليه الأرض * (قلت) * أرأيت أن شهدا على نسب ثم رجعا عن شهادتهما
أتثبت النسب أم ترده (قال) كل شئ قضى به القاضي ثم رجعا عن شهادتهما فيه
فالقضاء نافذ ولا يرد * (قلت) * أرأيت الشاهد بما يجرح في قول مالك (قال) يجرح
إذا أقاموا البينة أنه شارب خمر أو آكل ربا أو صاحب قيان أو كذاب في غير شئ
143

واحد أو نحو هذا * (قلت) * أرأيت أن اختلط دينار لي بمائة دينار لك (قال) سمعت
أن مالكا قال يكون شريكا له ان ضاع شئ فهما شريكان هذا بجزء من مائة جزء
وجزء وصاحب المائة بمائة جزء وكذلك بلغني عن مالك وأنا أرى أن لصاحب المائة
تسعة وتسعين دينارا ويقسم صاحب المائة وصاحب الدينار الدينار الباقي نصفين لأنه
لا يشك أحد أن تسعة وتسعين منها لصاحب المائة فكيف يدخل صاحب الدينار فيما
يستيقن أنه لا شئ له فيه وكذلك بلغني عن عبد العزيز بن أبي سلمة
(كتاب القضاء)
* (قلت) * لابن القاسم هل كان مالك يرى للقاضي إذا قضى بقضية ثم تبين له أن غير
ما قضى به أصوب مما قضى به أن يرد قضيته ويقضى بما رأى بعد ذلك وان كانت
قضيته الأولى مما قد اختلف فيها العلماء (قال) إنما قال مالك إذا تبين له أن الحق في
غير ما قضى به رجع فيه وإنما الذي لا يرجع فيما قضت به القضاة مما اختلف الناس فيه
* (قلت) * لابن القاسم هل كان مالك يكره للقاضي إذا دخله هم أو ضجر أو نعاس أن
يقضى وقد دخله شئ من هذه الأشياء (قال) سمعت مالكا يقول لا ينبغي للقاضي أن
يكثر جدا اذن تخلط يريد بهذا أن لا يحمل على نفسه * (قلت) * لابن القاسم هل
سمعت مالكا يقول أين يقضى القاضي أفي داره أم في المسجد (قال) سمعت مالكا
يقول القضاء في المسجد من الحق وهو الامر القديم (قال) وقد كان ابن خلدة وقاضي
عمر بن عبد العزيز يقضيان في المسجد (وقال مالك) هو إذا كان في المسجد رضى
بالدون من المجلس ووصل إليه الضعيف والمرأة وإذا احتجب لم يصل إليه الناس
* (قال) * فقلنا لمالك أفيضرب القاضي في المسجد (قال) أما الأسواط اليسيرة مثل
الأدب فلا بأس وأما الحدود وما أشبهها فلا * (قلت) * هل سمعت مالكا يقول
يضرب القاضي الخصم على اللدد (قال) قال مالك نعم يضربه إذا تبين أنه قد ألد وأنه
ظالم * (قلت) * هل كان مالك يقول على لا يقضي القاضي بشهادة الشهود حتى يسأل
عنهم (قال) قال مالك نعم يسأل عنهم في السر * (قلت) * فهل يقبل تزكية واحد
144

(قال) قال مالك لا يقبل في التزكية أقل من رجلين * (قال) * وقال مالك ومن الناس
من لا يسأل عنهم وما يطلب منهم التزكية لعدالتهم في الناس وعند القضاء * (قلت) *
ويزكى الشاهد وهو غائب (قال) نعم * (قلت) * أرأيت إذا زكوا في السر أو في
العلانية أيكتفي بذلك مالك (قال) نعم إذا زكاه رجلان أجزأه * (قلت) * هل كان مالك
يقيل الشاهد إذا جاء يستقيل شهادته (قال) أما إذا كان بعد أن يحكم بشهادته فلا
يقيله إلا أنه كان يقول لا تجوز شهادته فيما يستقبل وأما إذا استقال قبل أن يقضى
بشهادته فاني لم أسمع أحد يشك في أنه يقال ولا يفسد ذلك شهادته إذا ادعى
الوهم والشبهة إلا أن يعرف منه كذب في شهادته فيرد شهادته في هذه وفيما
يستقبل أبدا * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا رأى خطه في كتاب وعرف انه خطه
وفيه شهادته بخطه نفسه فعرف خطه نفسه ولا يذكر شهادته تلك (قال) قال
مالك لا يشهد بها حتى يستيقن الشهادة ويذكرها * (قلت) * فان ذكر أنه هو خط
الكتاب ولم يذكر الشهادة (قال) هكذا سألت مالكا أنه يذكر الكتاب ويعرفه
ولا يذكر الشهادة (قال) قال مالك فلا يشهد بها ولكن يؤديها هكذا كما علم * (قال) *
فقلت لمالك أتنفعه هذه الشهادة إذا أداها هكذا (قال) لا * (قلت) * أرأيت إذا
عزل القاضي أو مات وقد شهد الشهود عند المعزول أو الميت وأثبت ذلك في ديوانه
أينظر هذا الذي ولى القضاء في شئ من ذلك ويجيزه (قال) لا يجيز شيئا من ذلك
إلا أن تقوم عليه البينة فإن لم تقم عليه بينة لم يجز شئ من ذلك وأمرهم هذا القاضي
المحدث أن يعيدوا شهودهم * (قلت) * فان قال القاضي المعزول كل شئ في ديواني
قد شهدت به الشهود عندي (قال) لا أرى أن يقبل قوله ولا أراه شاهدا وكذلك
بلغني أن مالكا قاله * (قلت) * أفيكون له على المشهود عليه اليمين بالله الذي لا إله إلا هو
ما هذه الشهادة التي في ديوان القاضي مما شهدت به الشهود عليك (قال) نعم
يلزمه اليمين فان نكل عن اليمين أمضيت عليه تلك الشهادات (قال) وإذا نكل عن
اليمين أحلف المشهود له لطالب وثبت له الشاهدان وينظر فيه القاضي المحدث بحال
145

ما كان المعزول ينظر فيه (قال) وما سمعت هذا من مالك * (قلت) * أرأيت كل حكم
يدعى القاضي المعزول أنه قد حكم به أيكون شاهدا ويحلف المحكوم له مع القاضي
أم لا (قال) قال مالك لا تقبل شهادته في هذا لأنه هو الحاكم بهذا * (قلت) * أرأيت
القاضي أيكره له مالك أن يتخذ كاتبا من أهل الذمة (قال) سمعت مالكا يقول
لا يستكتب أهل الذمة في شئ من أمور المسلمين * (قلت) * أرأيت إذا كتب
قاض إلى قاض فمات الذي كتب قبل أن يصل الكتاب إلى القاضي المكتوب
إليه أو عزل. أو مات المكتوب إليه أو عزل وولى القضاء غيره أيقبل هذا الكتاب
في قول مالك أم لا وإنما كتب بالكتاب إلى غيره (قال) سمعت مالكا يقول ذلك
جائز ولا أدري موت أيهما ذكر موت الذي كتب أو موت المكتوب إليه وهذا
كله جائز عند مالك من عزل منهما أو مات فالكتاب جائز ينفذه هذا الذي
ولي وإن كان الكتاب إنما كتب إلى غيره * (قلت) * أرأيت كتب القضاة أتجوز
في قول مالك في الحدود والقصاص (قال) قال مالك شهادة الشهود على الحدود
وغيرها جائزة ففي هذا ما يدلك أن كتب القضاة في ذلك جائزة في رأيي * (قلت) *
أرأيت أن أقمت البينة بحق لي على رجل غائب فقدم بعد ما أوقعت البينة عليه وهو
غائب ثم قدم أيأمرني القاضي بإعادة بينتي أم لا في قول مالك (قال) قال قال مالك
يقضي القاضي على الغائب فلما قال لنا مالك يقضي القاضي على الغائب رأيت أن لا يعيد
البينة وهذا رأيي أن لا يعيد البينة ولكنه يعلم الخصم أنه قد شهد عليه فلان وفلان
فإن كانت عنده حجة والا حكم عليه * (قلت) * أرأيت مثل والي الإسكندرية ان استقضى قاضيا فقضى بقضاء أو قضى والي الإسكندرية نفسه بقضاء أيجوز ذلك في
قول مالك أم لا (قال) كانوا يأتون إلى مالك يسألونه عن أشياء قد قضت بها ولاة المياه
فرأى مالك أن يجوز ذلك إلا أن يكون جوارا بينا * (قلت) * أرأيت ما حكم به
الوالي والي الفسطاط أمير الصلاة أيجوز وينفذ كما تجوز أحكام القضاة في قول مالك
(قال) نعم إلا أن يكون جوارا بينا فيرده القاضي * (قال) * ولقد سئل مالك عن
146

رجلين حكما بينهما رجلا فحكم بينهما (قال) قال مالك أرى للقاضي أن يمضى قضاءه
بينهما ولا يرده إلا أن يكون بينا * (قلت) * أرأيت ما ذكرت لي من قول مالك
في الذي يشترى الدابة فتعترف في يديه فأراد أن يطلب حقه (قال) تخرج قيمتها فتوضع
قيمتها على يدي عدل ويدفع إليه الدابة بطلب حقه * (قلت) * أرأيت أن رددت الدابة
وقد حالت أسواقها أو تغيرت بزيادة أو نقصان بين أيكون له أن يردها ويأخذ القيمة
التي وضعها على يدي عدل (قال) قال مالك ان أصابها نقصان فهو لها ضامن يريد بذلك
مثل العور والكسر والعجف وأما حوالة الأسواق فله أن يردها عند مالك
* (قلت) *
أرأيت هذا هل هو في الإماء والعبيد مثله في الدابة (قال) قال مالك نعم إلا أني سمعت
مالكا يقول في الأمة إن كان الرجل أمينا وقعت إليه الجارية والا فعليه أن يستأجر لها رجلا
أمينا يخرج بها (قال مالك) ويطبع في أعناقهم (قال) فقلت ذلك ولم قلت ويطبع في
أعناقهم (قال) لم يزل ذلك من أمر الناس القديم * (قلت) * أرأيت أن كانت ثيابا أو عروضا
أيمكنه منها ويأخذ القيمة (قال) نعم في رأيي * (قلت) * أرأيت أجر القسام على عدد
الأنصباء أم على عدد الرؤس (قال) كان مالك يكرهه وأنا أرى أن وقع ذلك أن يكون
ذلك على عدد الرؤس إن لم يشترطوا بينهم شيئا * (قلت) * أرأيت القسام إذا شهدوا أنهم
قسموا هذه الدار بينهم (قال) ما سمعت فيه شيئا ولا أرى أن يجوز ذلك وإنما ذلك
بمنزلة شهادة القاضي لأنهم يشهدون على فعل أنفسهم ليجيزوه * (قلت) * أرأيت أن
قسموا فادعى بعضهم الغلط في القسمة أيقبل قوله في قول مالك أم لا (قال) قال مالك
فيمن باع ثوبا فادعى الغلط يقول أخطأت به أو باعه مرابحة فيقول أخطأت أنه لا يقبل
قوله الا ببينة أو أمر يستدل به على قوله إن ثوبه ذلك لا يؤخذ بذلك الثمن فأرى القسمة
بهذه المنزلة لان القسمة بمنزلة البيوع * (قلت) * أرأيت لو أن القاضي دفع مالا إلى رجل
وأمره أن يدفعه إلى فلان فقال المبعوث معه المال قد دفعته إلى الذي أمرني به القاضي
وأنكر الذي أمر القاضي أن يدفع إليه أنكر أن يكون قبض المال (قال) أرى أن هذا
ضامن إلا أن يقيم البينة * (قلت) * أرأيت القاضي أينبغي له أن يتخذ قاسما من أهل
147

الذمة أو عبدا أو مكاتبا (قال) لا ينبغي له ذلك لان مالكا قال في كتاب أهل الذمة
ما قد أعلمتك * (قال ابن القاسم) * ولا ينبغي له أن يتخذ من المسلمين الا العدول
المرضيين وهذا رأيي (قال) وقال مالك كان خارجة بن زيد ومجاهد يقسمان في زمانهما
ولا يأخذان على ذلك أجرا * (قلت) * أرأيت القاضي إذا رأى رجلا يزني أو يسرق
أو يشرب الخمر أيقيم عليه الحد أم لا في قول مالك (قال) قال مالك إذا وجد السلطان
أحدا من الناس على حد من حدود الله رفع ذلك إلى الذي هو فوقه * (قلت) * أرأيت
ان رآه السلطان الأعلى الذي ليس فوقه سلطان (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا
ولكن أرى أن يرفعه إلى القاضي * (قلت) * أرأيت مثل أمير مصر ان رأى أحدا على
حد من حدود الله أيرفعه إلى القاضي أم إلى أمير المؤمنين (قال) يرفعه إلى القاضي
ويكون الأمير شاهدا * (قلت) * أرأيت أن سمع القاضي رجلا يقذف رجلا أيقيم
عليه حد الفرية أم لا (قال) بلغني أن مالكا قال إن سمع السلطان رجلا يقذف رجلا
فإنه لا يجوز فيه العفو * (قال ابن القاسم) * وذلك إذا كان مع السلطان شهود غيره
فإنه لا يجوز فيه العفو إلا أن يكون المقذوف يريد سترا يخاف أن لم يجز عفوه عن
القاذف أن يأتي القاذف بالبينة أنه كذلك * (فقيل) * لمالك فكيف يعرف ذلك
(قال) يسأل الامام في السر ويستحسن فإذا أخبر أن ذلك أمر قد سمع أجاز عفوه
* (قلت) * أرأيت أن رأى القاضي بعدما ولي القضاء رجلا يأخذ مال رجل أو يغصبه
سلعة من السلع أيقضي بذلك وليس عليه شاهد غيره (قال) لا أرى أن يقضي به
الا ببينة تثبت ان أنكر من فعل ذلك لان مالكا سئل عن الخصمين يختصمان إلى
القاضي وليس عنده أحد فيقر أحدهما بالشئ ثم يأتيان بعد ذلك فيجحد وقد أقر
عنده قبل ذلك أترى أن يقضى بما أقر به (قال) مالك هو عندي مثل الحد يطلع
عليه فلا أرى أن يقضى به الا ببينة تثبت سواه عنده أو يرفعه إلى من هو فوقه
فيكون شاهدا وذلك أن أهل العراق فرقوا بين ما أقر به عند القاضي قبل أن
يستقضي وبعد ما يستقضي فسئل مالك عن ذلك فرآه واحدا ورأي أن لا يقضي
148

به ورآه مثل الحد الذي يطلع عليه أو الفرية إلا أن يرفعه إلى من هو فوقه فيكون
شاهدا (وأخبرني) بهذه عن مالك من أثق به * (قلت) * أرأيت القاضي إذا باع مال
اليتامى أو باع مال رجل مفلس في الدين أو باع مال ميت ورثته غياب على من العهدة
(قال) قال مالك في الوصي انه لا عهدة عليه فكذلك القاضي لا عهدة عليه * (قلت) *
فعلى من عهدة المشتري إذا باع الوصي تركة الميت (قال) في مال اليتامى * (قلت) *
فان ضاع الثمن وضاع مال لليتامى غير ذلك واستحقت السلعة التي
باع (قال) بلغني عن مالك أنه قال لا شئ عليهم (قال) وأخبرني بذلك عن مالك من
أثق به * (قلت) * أرأيت إذا عزل القاضي عن القضاء وقد حكم على الناس بأحكام
فادعوا أنه قد جار عليهم في تلك الأحكام (قال) لا ينظر فيما قالوا وما حكم به القاضي
جائز عليهم فليس بينهم وبين القاضي خصومة ولا غير ذلك إلا أن يرى القاضي
الذي بعده من قضائه جورا بينا فيرده ولا شئ على القاضي الأول * (قلت) * أرأيت
إذا ولي الرجل القضاء أينظر في قضاء القضاة قبله (قال) قال مالك لا يعرض لقضاء
القضاة قبله إلا أن يكون جورا بينا * (قلت) * فهل كان مالك يكره أن يلي القضاء
من ليس بفقيه (قال) ذلك كان رأيه لأنه ذكر لنا مالك ما قال عمر بن عبد العزيز
وكان يعجبه فيما رأيت منه قال قال عمر بن عبد العزيز لا ينبغي للرجل أن يلي القضاء
حتى يكون عارفا بآثار من مضى مستشيرا لذوي الرأي * (قلت) * هل كان مالك يكره
للرجل أن يفتى حتى يستبحر في العلم (قال) بلغني أنه قال لعبد الرحيم انه لا ينبغي لمن طلب
العلم أن يفتى الناس حتى يراه الناس أهلا للفتيا فإذا رآه الناس أهلا للفتيا فليفت (قال
مالك ولقد أتى رجل فقال لابن هرمز ان هذا السلطان قد استشارني أفترى أن أفعل
(قال) فقال له ابن هرمز ان رأيت نفسك أهلا لذلك ورآك الناس أهلا لذلك فافعل
* (تم كتاب الأقضية وبه يتم الجزء الثاني عشر والحمد لله وحده) *
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الشهادات وهو أول الجزء الثالث عشر)
149

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي عن الامام
عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن الامام مالك بن
أنس رضي الله تعالى عنهم أجمعين
(الجزء الثالث عشر)
* (أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل) *
* (حقوق الطبع محفوظة للملتزم) *
* الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
(تنبيه)
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة ا ه‍
" طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 ه‍ - لصاحبها محمد إسماعيل "
151

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الشهادات)
(في شهادة الأجير)
* (قلت) * لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت الأجير هل تجوز شهادته لمن استأجره (قال)
قال مالك لا تجوز شهادة من هو في عيال الرجل للرجل (قال ابن القاسم) إلا أن
يكون أجيرا لا يكون في عياله ولا في مؤنته قال عبد الرحمن بن القاسم لا تجوز
شهادة الأجير لمن استأجره إلا أن يكون مبرزا في العدالة وهو قول مالك وإذا كان
الأجير في عياله فلا تجوز شهادته وإن كان ليس في عياله جازت شهادته * (قال
سحنون) * وإنما رددت شهادته إذا كان في عياله لأنه يجر إليه وجره إليه جر إلى
نفسه ألا ترى أن الأخ إذا كان في عيال أخيه لم يجز شهادته لجره إليه لان جره إليه
جر إلى نفسه فإذا لم يكن في عياله وكان مبرزا في العدالة جازت شهادته له في الأموال
والتعديل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين
ولا جار إلى نفسه * (ابن وهب) * عن أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون عن ابن
سيرين عن شريح أنه قال لا أجيز شهادة القريب ولا الشريك لشريكه ولا الأجير
لمن استأجره ولا العبد لسيده ولا الخصم ولا دافع المغرم
152

* (قال ابن القاسم) ولا تجوز شهادة السؤال وهذا قول مالك وإنما الذي لا تجوز
فيه شهادة السؤال في الشئ الكثير الأموال وما أشبهها وأما الشئ التافه اليسير فهي
جائزة إذا كان عدلا * (قال ابن وهب) * وأخبرني بعض أهل العلم قال سمعت رجالا من
أهل العلم يقولون لم يكن السلف الذين مضوا يجيزون شهادة القانع * (قال ابن وهب) *
وكان بعض من مضى لم يكن يجيز شهادة السائل
(في شهادة الشاعر والمغني والمغنية والنائحة)
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت شهادة المغني والمغنية والنائحة والشاعر أتقبل شهادتهم
(قال) سألت مالكا عن الشاعر أتقبل شهادته فقال إن كان ممن يؤذي الناس بلسانه
ويهجوهم إذا لم يعطوه ويمدحهم إذا أعطوه فلا أرى أن تقبل شهادته (قال مالك)
وإن كان ممن لا يهجو الناس وهو ممن إذا أعطى شيئا أخذه وليس يؤذي بلسانه
أحدا وإن لم يعط لم يهجهم فأرى أن تقبل شهادته إذا كان عدلا وأما النائحة
والمغنية والمغني فما سمعت فيه شيئا إلا أني أرى أن لا تقبل شهادتهم إذا كانوا
معروفين بذلك
(في شهادة اللاعب بالشطرنج والنرد
)
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت اللاعب بالشطرنج والنرد أتقبل شهادته في قول مالك
(قال) قال مالك في الذي يلعب بالشطرنج المدمن عليها فلا تقبل شهادته (قال) فإن كان إنما هو المرة بعد المرة فأرى أن تقبل شهادته إذا كان عدلا * (قلت) * وكان
مالك يكره أن يلعب بالشطرنج قليلا كان ذلك أو كثيرا (قال) نعم كان يراها أشد
من النرد (قال) وسألت مالكا عن هذا كله فأخبرني بما أخبرتك
(في شهادة المولى لمولاه)
* (قلت) * أرأيت لو أن عبدي شهد لي على شهادة وهو عبد ثم أعتقته فشهد لي بها
153

أتجوز شهادته (قال) قال مالك شهادة المولى جائزة إذا كان عدلا وأرى
شهادته جائزة للذي قال مالك من شهادة المولى لمولاه * (سحنون) * إذا كان ما شهد
له به لا يجر به إلى نفسه ولا يدفع به عنها شيئا
(في شهادة الرجل لعبد ابنه والرجل لامرأته)
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت شهادة الرجل لعبد ابنه أتجوز (قال) قال مالك لا تجوز
شهادة الرجل لابنه فعبده بمنزلة * (قلت) * أرأيت لو أن أمة شهد لها بالعتق زوجها
ورجل أجنبي (قال) مالك لا تجوز شهادة الزوج لامرأته ولا المرأة لزوجها
(قال) ولو شهد زوج لامرأته ورجل أجنبي أن سيدها أعتقها كان أحرى أن
لا تقبل شهادته * (قال سحنون) * وقد بينا هذا أسفل
(في شهادة الصبي والنصراني والعبد)
* (قلت) * أرأيت الصبي إذا شهد بشهادة وهو صغير فردها القاضي أو العبد أو
النصراني إذا شهدوا فرد القاضي شهادتهم فكبر الصبي وأعتق العبد وأسلم النصراني
ثم شهدوا بها بعد أن ردت (قال) فإنها غير جائزة وإن لم تكن ردت قبل ذلك فهي
جائزة * (ابن وهب) * عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن
عثمان بن عفان أنه قضى في شهادة المملوك والصبي والمشرك أنها جائزة إذا شهد بها
المملوك بعد عتقه والصغير بعد كبره والمشرك بعد اسلامه إلا أن يكونوا ردت عليهم
قبل ذلك * (ابن وهب) * قال ابن شهاب فهي مردودة أبدا * (ابن وهب) * وقاله
أبو الزناد ومكحول وقال الحسن مثله (وقال إبراهيم النخعي) في المشرك مثل قول
عثمان بن عفان
(في شهادة ذوي القربى بعضهم لبعض)
* (قلت) * أرأيت أن شهد لي أبي أو ابني أن فلانا هذا الميت أوصى إلي أتجوز
154

شهادتهم أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا تجوز شهادة الأب لابنه ولا شهادة
الابن لأبيه * (قلت) * تحفظ عن مالك في شهادة ولد الولد لجدهم أو شهادة الجد لولد
الولد (قال) لا أقوم على حفظه الساعة ولا أرى أن يجوز * (قلت) * فهل تجوز شهادة
الرجل لمكاتبه (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك فيه ولا أراها جائزة * (قلت) *
أرأيت شهادة الزوج لامرأته وشهادة المرأة لزوجها (قال) قال مالك لا تجوز
* (قلت) * أتجوز شهادة الأم لابنها أو الابن لامه في قول مالك (قال) لا * (ابن
وهب) * عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال لم يكن يتهم سلف المسلمين
الصالح شهادة الوالد لولده ولا الولد لوالده ولا الأخ لأخيه ولا الرجل لامرأته ثم
دخل الناس بعد ذلك فظهرت منهم أمور حملت الولاة على اتهامهم فتركت شهادة
من اتهم إذا كانت من قرابة وكان ذلك من الولد والوالد والأخ والزوج والمرأة لم
يتهم الا هؤلاء في آخر الزمان * (ابن وهب) * عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد
مثله * (قال ابن وهب) * وأخبرني من أثق به عن شريح الكندي وغيره من أهل
العلم من التابعين مثل قول ابن شهاب في الوالد والولد والزوجين والأخ * (ابن مهدي) *
عن شيبان بن عبد الرحمن عن جابر عن الشعبي عن شريح قال هؤلاء دافعوا مغرم فلم
يكن يجيز شهادتهم الولد والوالد والزوج والمرأة. وقد قال في الشهادات وما لا يجوز
منها لذوي القرابات وغيرهم فقال يرجع ذلك كله إلى جر المرء إلى نفسه ودفعه عنها
انه لا تجوز شهادة غير ولد لوالد ولا والد لولده ولا زوج لامرأته ولا امرأة لزوجها. من
ذلك شهادته له بالمال وشهادته له بالتعديل وجرحته عند من شهد عليه وهو من دفعه
عنه ودفعه عنه جر إلى نفسه وذلك يرجع إلي المرء فيمن كان بهذه المنزلة منه كأنه يدفع
عن نفسه ويجر إليها والدفع عنها جر إليها لأنه إذا جر إلى أبيه وابنه وأمه وزوجته فإنه
يدفع عنهم ودفعه عنهم جر إليهم وجره إليهم لموضعهم منه جر إلى نفسه. لابن وهب
155

(في شهادة الصديق والأخ والشريك)
* (قلت) * أرأيت شهادة الرجل هل تجوز للصديق الملاطف (قال) قال مالك
شهادة الرجل تجوز لأخيه إذا كان عدلا ولمولاه فالصديق الملاطف بهذه المنزلة
(قال مالك) إلا أن يكون في عياله أحد من هؤلاء يمونه فلا تجوز شهادته له * (قلت) *
أرأيت الشريكين المتفاوضين إذا شهد أحدهما لصاحبه بشهادة من غير التجارة
أتجوز شهادته (قال) ذلك جائز إذا كأن لا يجر إلى نفسه بذلك شيئا * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) لا أقوم على حفظه الساعة * (ابن مهدي) * وان عمر بن عبد العزيز
وشريحا وإبراهيم النخعي والحسن قالوا تجوز شهادة الأخ لأخيه قال عمر بن عبد
العزيز إذا كان عدلا * (قال ابن وهب) * قيل للشعبي ما أدنى ما يجوز من شهادة ذوي
الأرحام فقال الأخ لأخيه * (قال ابن وهب) * وسمعت مالكا يقول لا تجوز شهادة
الأب لابنه ولا الابن لأبيه ولا الزوج لامرأته ولا المرأة لزوجها فأما الأخ إذا
كان غناه له غنى ان أفاد شيأ أصابه منه شئ أو كان في عياله فانى لا أرى شهادته
له جائزة وأما إذا كان منقطعا منه لا تناله صلته ولا فائدته قد استغنى عنه ولا بأس
بحاله رأيت شهادته له جائزة * (فقيل) * لمالك أفرأيت الرجل ذا الود للرجل المصافي
له يصله ويعطف عليه (فقال) لا أرى شهادته له جائزة وإذا كأن لا يناله معروفه
ولا صلته فأرى شهادته له جائزة
(في شهادة الكافر للمسلم)
* (قلت) * أرأيت الرجل إذا هلك في السفر وليس معه أحد من أهل الاسلام أتجوز
شهادة أهل الكفر الذين معه ان أوصى بوصية (قال) لم يكن مالك يجيز شهادة
أحد من أهل الكفر لا في سفر ولا في حضر ولا أرى أن تجوز شهادتهم * (قال ابن
وهب) * وأخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال لا تجوز شهادة اليهودي
ولا النصراني فيما بين المسلمين حتى يسلموا * (قال يونس) * وقال ربيعة ليس لأهل
156

الكفر على المسلمين شهادة ولا يجتمع حكم يكون بين مسلم وبين كافر الا كان
ذلك على الاسلام وأمر أهل الاسلام ولا تجوز شهادة نصراني في أمر الاسلام
ولا في أمر أهل الاسلام
(في شهادة الكافر على الكافر)
* (قلت) * أرأيت أهل الذمة هل تجوز شهادتهم بعضهم على بعض في شئ من
الأشياء في قول مالك (قال) لا * (ابن وهب) * عن الحرث بن نبهان عن محمد بن
عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال لا تجوز شهادة أهل الملل
بعضهم على بعض وتجوز شهادة المسلمين عليهم ولا تجوز شهادتهم على المسلمين * (ابن
وهب) * وقال عطاء بن أبي رباح مثله * (يونس) * وقال ابن شهاب لا تجوز شهادة
يهودي على نصراني ولا نصراني على يهودي وقاله يحيى بن سعيد * (ابن وهب) * وقال
الحسن لا تجوز شهادة النصراني واليهودي والمجوسي بعضهم على بعض (وقال الشعبي)
لا تجوز شهادة ملة على ملة الا المسلمين فإنها جائزة على من سواهم. من حديث
ابن وهب
(في شهادة نساء أهل الذمة في الاستهلال)
* (قلت) * لابن القاسم هل تجوز شهادة نساء أهل الذمة في الولادة في قول مالك
(قال) لا ولا شهادة رجالهم لا تجوز في شئ من الأشياء وكيف تجوز شهادة نسائهم
وقد رد شهادة أهل الذمة غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم والتابعين
(في شهادة النساء في الاستهلال)
* (قلت) * أرأيت شهادة النساء في الاستهلال أتجوز أم لا في قول مالك (قال) قال
مالك شهادة امرأتين في الاستهلال جائزة * (قلت) * كم تقبل في الشهادة على الولادة
157

من النساء (قال) قال مالك شهادة امرأتين * (ابن وهب) * وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن تجوز شهادتهن على الاستهلال وذلك أن الاستهلال سنة ومما يكون أنه
لا يشهد المرأة عند النفاس لا النساء وقد رأى الناس أن قد تم أمره وكمل جسده
الا الاستهلال والاستهلال لا يبقى كما يبقى الجسد فيرى ويشهد عليه فشهادة من
حضر النفاس من النساء جائزة على الاستهلال
(في شهادة المرأة الواحدة في الاستهلال)
* (قلت) * أرأيت مالا يراه الرجال هل تجوز فيه شهادة امرأة واحدة (قال) قال مالك
لا يجوز في شئ من الشهادات أقل من شهادة امرأتين لا تجوز شهادة امرأة واحدة
في شئ من الأشياء * (قلت) * ولا تقبل شهادة المرأة الواحدة على الولادة (قال) قال مالك لا تقبل شهادة امرأة واحدة في شئ من الأشياء مما تجوز فيه شهادة النساء
وحدهن فإنه لا يقبل فيه أقل من امرأتين * (ابن مهدي) * عن سفيان بن عيينة عن
ابن جريج عن عطاء قال تجوز شهادة النساء فيما لا ينظر إليه الرجال أربع نسوة * (ابن مهدي) * عن سفيان الثوري عن منصور عن الحكم بن عتبة قال امرأتان
* (ابن مهدي) * وقال الشعبي تجوز شهادة أربع نسوة فيما لا يراه الرجال * (قال
سحنون) * فكيف بمن يريد أن يجيز شهادة امرأة واحدة وكان زيد بن أسلم يحدث
أن عمر بن الخطاب لم يجز شهادة امرأة واحدة في الرضاع وان النبي صلى الله عليه
وسلم أخبر عن رضاع المرأة فتبسم وقال فكيف وقد قيل * (ابن مهدي) * عن حفص
ابن غياث النخعي عن حلام العبسي عن رجل من بنى عبس قال سألت عليا وابن
عباس عن رجل تزوج امرأة فجاءت امرأة فزعمت أنها أرضعتهما فقالا ان تتنزه عنها
فهو خير لك وأما أن يحرمها عليك أحد فلا
(في شهادة المحدود في القذف)
* (قلت) * أرأيت المحدود في القذف هل تجوز شهادته في قول مالك ان تاب
158

في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت المحدود في القذف هل تجوز شهادته في
الطلاق (قال) قال مالك نعم تجوز شهادته إذا ظهرت منه توبة وحسنت حاله * (قال) *
وأخبرني بعض إخواننا أنه قيل لمالك فالرجل الصالح الذي هو من أهل الخير يقذف
فيجلد فيما يقذف أتجوز شهادته بعد ذلك وعدالته وقد كان من أهل الخير قبل ذلك
(قال) إذا ازداد درجة إلى درجته التي كان فيها (قال مالك) ولقد كان عمر بن عبد العزيز
عندنا هاهنا رجلا صالحا عدلا فلما ولى الخلافة ازداد وارتفع وزهد في الدنيا وارتفع إلى
فوق ما كان فيه فكذلك هذا * (ابن وهب) * عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال
أجاز عمر بن الخطاب شهادة من تاب من الذين جلد المغيرة بن شعبة * (ابن وهب) *
وان سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن قسيط وابن شهاب وشريحا وعطاء
قالوا تجوز شهادة المحدود في القذف إذا تاب * (ابن مهدي) * عن ابن المبارك
عن ابن جريج عن عمران بن موسى قال شهدت عمر بن عبد العزيز أجاز شهادة
القاذف مع آخر معه * (ابن مهدي) * عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن سعيد
ابن المسيب أن عمر بن الخطاب استتاب الثلاثة فتاب الاثنان وأبى أبو بكرة فجازت
شهادة اللذين تابا ولم تجز شهادة أبي بكرة
(في الشهادة على الشهادة)
* (قلت) * لابن القاسم أتجوز الشهادة على الشهادة في الطلاق في قول مالك (قال)
نعم * (قلت) * وتجوز الشهادة على الشهادة في قول مالك في الحدود والفرية (قال)
قال لي مالك الشهادة على الشهادة جائزة في الحدود والفرية والطلاق وكل شئ من
الأشياء الشهادة على الشهادة فيه جائزة كذلك قال مالك * (قلت) * أرأيت الشهادة
على الشهادة أتجوز في الولاء في قول مالك (قال) نعم قال مالك وشهادة الرجلين تجوز
على شهادة عدد كثير
159

(في شهادة الشاهد على الشاهد)
* (قلت) * وتجوز شهادة الشاهد على الشاهد في قول مالك (قال) لا يجوز الا
شاهدان على شاهد * (قلت) * ولا يجوز أن يشهد شاهد على شاهد واحد ويحلف
المدعى مع هذا الشاهد على شهادة ذلك الشاهد الذي أشهده (قال) لا يحلف لأنها
ليست بشهادة رجل تام إنما هي بعض شهادة فلا يحلف معها المدعى * (قال سحنون) *
وإنما يجوز اليمين مع الشاهد في المال وان حلفه مع الشاهد على الشاهد ليس بمال
فلذلك لا يجوز * (سحنون) * كل موضع تجوز فيه اليمين مع الشاهد فشهادة النساء
فيه جائزة (وقال غيره) ألا ترى أنه لو جاز حتى يثبت له الشاهد لم يصل إلى قبض ذلك
المال الا بيمين ثانية فصارت عليه يمينان وإنما جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم في اليمين مع الشاهد واليمين واحدة ولا يكون يمينين
(في شهادة النساء على النساء)
* (قلت) * أرأيت شهادة رجل وامرأتين أتجوز على شهادة رجل في القصاص
(قال) لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القصاص ولا في الطلاق ولا في
النكاح ولا تجوز شهادتهن فيه على شهادة غير هن في شئ من هذه الوجوه (قال)
وتجوز شهادتهن على الشهادة إذا كان معهن رجل في الأموال وفي الوكالات على
الأموال وكذلك قال لي مالك ولا تجوز شهادتهن ولو كن عشرين امرأة على شهادة
امرأة ولا رجل إذا لم يكن معهن رجل كذلك قال مالك وإنما يجوز من النساء
إذا شهدت امرأتان على مال مع يمين صاحب الحق فإذا كانت الشاهدتان على شهادة
كانتا بمنزلة الرجل يشهد على شهادة رجل فلا يجوز الا ومعه غيره فكذلك هما لا يجوزان
الا ومعهما رجل وشهادة امرأتين على شهادة رجل وما كثر منهن سواء بمنزلة واحدة
لا تجوز الا ومعهن رجل إلا أن يشهدن هن أنفسهن على حق فيكن بمنزلة الرجل مع
اليمين وهذا قول مالك (وقال) أشهب بن عبد العزيز مثل قول ابن القاسم في شهادتهن
160

على الشهادة * (قال سحنون) * وقد كان كبار أصحاب مالك يقولون إن شهادتهن
لا تجوز على شهادة ولا على وكالة في مال وهو إن شاء الله عدل من القول ولا تجوز
تزكية النساء في وجه من الوجوه لا فيما تجوز فيه شهادتهن ولا في غير ذلك ولا يجوز
للنساء أن تزكين النساء ولا الرجال قال مالك وليس للنساء من التزكية قليل ولا كثير
ولا تقبل تزكيتهن على مال ولا على غير ذلك
(في شهادة النساء في قتل الخطأ)
* (قلت) * أرأيت شهادة النساء في قتل الخطأ أتجوز في قول مالك (قال) نعم لأنه
مال وشهادتهن في المال جائزة * (قال سحنون) * وإنما تجوز شهادتهن في الخطأ إذا
بقي البدن قائما وشهدت البينة عليه أنهم رأوه قتيلا فأما أن يشهد النساء على القتل
خطأ وقلن رأينا فلانا قتيلا قتله فلان خطأ وقد دفن ولم تقم بينة على البدن فان
الشهادة لا تجوز لان شهادة النساء إنما جازت على وجه الضرورة لان القتل لا يبقى
وان البدن يبقى فليس فيه ضرورة * (قال سحنون) * وكذلك تجوز شهادتهن على
الاستهلال إذا بقي بدن الصبي وشهد العدول أنهم رأوه ميتا لان الاستهلال لا يبقى
والبدن يبقى فيرى وكذلك قال ربيعة في الاستهلال * (قلت) * أرأيت شهادة النساء
في الجراحات الخطأ أجائزة في قول مالك (قال) نعم
(في شهادة النساء في جراح العمد والحدود والطلاق)
* (والنكاح والأنساب والولاء والمواريث) *
* (قلت) * أرأيت أن شهد رجل وامرأتان أتجوز على شهادة رجل في القصاص
(قال) لا تجوز شهادة النساء في الحدود ولا في القصاص ولا في الطلاق ولا في النكاح
ولا تجوز شهادتهن على شهادة غيرهن عندي في شئ من هذه الوجوه * (قلت) *
أرأيت شهادة امرأتين مع رجل على العفو عن الدم أتجوز أم لا (قال) لا تجوز
شهادتهن على العفو عن الدم * (قلت) * لم (قال) لان شهادتهن لا تجوز في دم العمد
161

فكذلك لا تجوز في العفو عن الدم * (قلت) * أرأيت شهادة النساء هل تجوز في
المواريث والأنساب في قول مالك (قال) قال مالك شهادة النساء جائزة في المواريث
وفي الأموال ولا تجوز في الأنساب * (سحنون) * وإنما جازت في اختلافهم في المال
في الميراث لأنه مال والنسب معروف بغير شهادتهن * (قلت) * لابن القاسم أرأيت
شهادة النساء أتجوز على الولاء في قول مالك (قال) قال مالك لا تجوز شهادة النساء
على الولاء ولا على النسب * (قلت) * أرأيت أن شهدن على السماع في الولاء أتجوز
شهادتهن في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى أن تجوز على
السماع ولا على غيره في الولاء ولا في النسب لأنه لا تجوز شهادتهن في الدعوى ولا في
النسب على حال من الحالات * (ابن وهب) * عن إسماعيل بن عياش عن الحجاج بن
أرطأة عن ابن شهاب أنه قال مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك
ومن الخليفتين من بعده أنه لا تجوز شهادة النساء في النكاح ولا في الطلاق ولا في
الحدود * (سحنون) * قال ابن وهب وذكره أيضا الليث بن سعد عن عقيل عن ابن
شهاب أنه قال مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده أنه
لا تجوز شهادة النساء في الطلاق والنكاح والحدود إلا أن عقيلا لم يذكر الخليفتين
* (ابن وهب) * عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن ابن المسيب أنه قال لا تجوز
شهادة النساء في الحدود ولا في الطلاق ولا في القتل قال ابن شهاب مضت
السنة بذلك بأن لا تجوز شهادة المرأتين مع الرجل في القتل والنكاح والطلاق
والحدود * (ابن وهب) * عن عبد الجبار عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال لا تجوز
شهادة النساء في القتل والحدود والطلاق والنكاح والعتاقة (قال ابن شهاب) من
حديث مالك ولا في العتاقة * (ابن وهب) * عن سفيان عن مكحول قال لا تجوز
شهادتهن الا في الدين وقاله مالك لا تجوز الا حيث ذكرها الله فيه في الدين أو
مالا يطلع عليه أحد الا هن للضرورة إلى ذلك * (ابن مهدي) * عن شعبة عن الحكم
عن إبراهيم قال لا تجوز شهادة النساء في الحدود والطلاق والطلاق من أشد الحدود
162

* (ابن مهدي) * عن سفيان الثوري عن أبي حصين عن إبراهيم قال لا تجوز شهادة
النساء في الفرقة والنكاح (وقال الحسن) لا تجوز في الحدود والطلاق من الحدود
(في شهادة الصبيان بعضهم على بعض)
* (قال ابن القاسم) * سئل مالك عن غلامين لم يبلغا الحلم اقتتلا فقتل أحدهما صاحبه
فقال الميت فلان قتلني وشهد على لسانه واعترف القاتل الحي أنه فعل ذلك به أترى
أن يؤخذ بقول الميت ويقسم عليه أو باعتراف القاتل الحي لصاحبه فقال مالك
لا ينفعك هذا الا بالشهود ولا ينفعك قول الميت ولا اقرار الحي (فقال) له صاحبه
لا يكون في هذا قسامة (قال) لا أرى ذلك * (قلت) * أرأيت قول مالك يجوز
شهادة الصبيان بعضهم على بعض ما لم يتفرقوا أو يدخل بينهم كبير أو يخببوا في أي
شئ كان ذلك (فقال) في الجراحات والقتل إذا شهد فيه اثنان فصاعدا قبل أن يتفرقوا
وكان ذلك بعضهم في بعض صبيان كلهم ولا تجوز فيه شهادة واحد ولا تجوز فيه
شهادة الإناث أيضا من الصبيان في الجراحات فيما بينهم ولا تجوز شهادة الصبيان
لكبير ان كانوا شهدوا له على صبي أو على كبير وليس في الصبيان قسامة فيما بينهم
بعضهم لبعض إلا أن يقتل رجل كبير صبيا ويشهد رجل على قتله فتكون القسامة
على ما يشهد به الشاهد من عمد أو خطأ * (سحنون) * وقد قال غير واحد من كبار
أصحاب مالك انه لا تجوز شهادتهم في القتل ولا تجوز شهادة الإناث وقد قال كبير من
أصحاب مالك وهو المخزومي ان الإناث يجزن وان شهادة الصبيان في القتل جائزة
* (قال سحنون) * قال ابن نافع وغيره في الصبي يشهد عليه صبيان أنه ضرب صبيا أو
جرحه ثم نزا في جرحه فمات فان أولياء الدم يقسمون لمن ضربه مات ويستحقون الدية
* (وذكر ابن وهب) * أن علي بن أبي طالب وشريحا وعبد الله وعروة بن الزبير وابن
قسيط وأبا بكر بن حزم وربيعة انهم كانوا يجيزون شهادة الصبيان فيما بينهم ما لم
يتفرقوا وينقلبوا إلى أهليهم أو يختلفوا ويؤخذ بأول أقوالهم (قال) بعضهم ولا تجوز
على غيرهم * (ابن مهدي) * عن مغيرة عن إبراهيم النخعي قال كانوا يستجيزون
163

شهادة الصبيان فيما بينهم وكان إبراهيم لا يجيزها على الرجال. وقاله الحسن البصري
من حديث ابن مهدي عن ابن المبارك عن فضالة عن الحسن. وقاله الشعبي من حديث
ابن مهدي عن إسرائيل عن عيسى بن أبي عزة وقال أبو الزناد انها السنة وقاله عمر بن
عبد الغزيز
(في شهادة الوصيين أو الوارثين بدين على الميت)
* (قلت) * أرأيت الوصيين إذا شهدا بدين على الميت أتجوز شهادتهما أم لا في قول
مالك * (قال) * قال مالك تجوز شهادة الوصي على الميت * (قلت) * أرأيت أن شهد
وارثان على الميت بدين أو شهد وارث واحد أيجوز في قول مالك (قال) نعم وإن كان
إنما شهد له واحد حلف مع شاهده واستحق حقه إذا كان عدلا وان نكل وأبى
أن يحلف معه أخذ من شاهده قدر الذي يصيبه من الدين فإن كان سفيها لم تجز
شهادته ولم يرجع عليه في حظه بقليل ولا كثير
(في شهادة الوصيين أو الوارثين بوصي آخر)
* (قلت) * أرأيت أن أوصى إلى رجلين فشهد الوصيان بعد موت الموصى أنه أوصى إلى
فلان أيضا معنا أيجوز أم لا (قال) قال مالك نعم يجوز * (سحنون) * وقال غيره يجوز
ان ادعى ذلك الوصي الثالث إذا لم يكن لهما فيما أدخلاه به على أنفسهما منفعة لهما لأنه
لا يجوز شهادة أحد يجر إلي نفسه وكذلك شهادة الوارثين مثل شهادة الوصيين
* (قلت) * أرأيت أن شهد رجلان من الورثة ان أباهما أوصى إلى فلان (قال) لم أسمع
من مالك فيه شيئا وأراه جائزا لان مالكا قال لو شهد الوارثان على نسب يلحقاه بأبيهما
أو بوصية لرجل بمال أو بدين على أبيهما جاز ذلك فكذلك الوصية * (قال) * ولقد سئل
مالك عن الوارثين يشهدان على عتق ومعهما أخوات (قال) إن كان من الرقيق
الذين لا يتهمون على جر الولاء إليهم في دناة الرقيق وضعهم جاز ذلك وعتق
الرقيق من رأس المال وإن كان من العبيد الذين يرغب في ولائهم ويتهمون على جر
164

ولاء هؤلاء العبيد دون أخواتهم أو امرأة أبيهم أو ما أشبه ذلك لم يجز ذلك
* (قلت) * أرأيت أن شهد النساء للوصي أنه أوصى إليه هذا الميت أتجوز شهادتهن
مع الرجل (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك ولكن إن كان في شهادتهن عتق
وأبضاع النساء فلا أرى أن يجوز * (سحنون) * وقال غيره وقد أخبرتك قبل هذا
ان شهادة النساء على غير المال ليست بجائزة وان الوصي الذي يثبت أو الوكيل ليس
بمال ألا ترى أنهما إذا ثبتا فاستحقا من المال شيئا يكون لهما به شاهد واحد أنهما
لا يحلفان معه لان المال ليس لهما وأن الذي يحلف غيرهما وهو صاحب المال وإنما
جازت شهادة النساء في الأموال لم يستحق المال بشهادتهن
(في شهادة الوصي بدين للميت أو للوارث)
* (قلت) * أرأيت أن شهد الوصي بدين للميت على الناس أيجوز ذلك في قول مالك
(قال) لا * (قلت) * لم قال ذلك لا يجوز (قال) لأنه يجر إلى نفسه * (قلت) * أرأيت
إن كان الورثة كلهم كبارا أتجوز شهادة الوصي (قال) إن كان الورثة عدولا وكان
لا يجر بشهادته شيئا يأخذه فشهادته جائزة * (قلت) * أرأيت أن شهد الوصي لورثة الميت بدين لهم على أحد من الناس أيجوز ذلك في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز
ذلك لأنه هو الناظر لهم * (قلت) * أرأيت أن كان الورثة كبارا (قال) إذا كانوا كبارا
وكانوا عدولا يلون أنفسهم فأرى شهادته لهم جائزة لأنه ليس يقبض لهم الوصي شيئا
إنما يقبضون لأنفسهم إذا كانت حالهم مرضية
(في اليمين مع شهادة المرأتين)
* (قلت) * أرأيت أن شهدت امرأتان أنه أوصى لهذا الرجل بكذا أتجوز شهادتهما
في قول مالك (قال) نعم جائزة فإن لم يكن غيرهن حلف معهن واستحق حقه (قال)
وامرأتان ومائة امرأة في ذلك سواء يحلف معهن ويستحق حقه * (قلت) * ويحلف
مع المرأة الواحدة في قول مالك (قال) لا * (قلت) * فان شهدت امرأتان لعبد أو
165

لامرأة أو الصبي أيحلفون ويستحقون (قال) أما العبد والمرأة فنعم يحلفون ويستحقون
وأما الصبي فلا يحلف حتى يكبر وهو قول مالك * (قلت) * فإن كان في الورثة كبير
واحدا أو كبيران أيحلفان (قال) من حلف منهم فإنما استحق مقدار حقه ولا يستحق
للأصاغر شيئا وإنما يستحق كل من حلف مقدار حقه من ذلك * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فان نكل الأكابر عن اليمين وبلغ الأصاغر كان لهم
أن يحلفوا ويستحقوا حقهم في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت الذمي إذا
شهد له امرأتان بحق من الحقوق على رجل مسلم أيحلف الذمي مع شهادة هؤلاء
النساء ويستحق حقه في قول مالك (قال) نعم قال مالك سمعت ربيعة بن أبي عبد
الرحمن يقول شهادة المرأتين جائزة في الدين يستحلف مع شهادتهما صاحب الحق
* (قال ابن وهب) * وقاله يحيى بن سعيد
(شهادة الرجل والمرأتين على السرقة)
* (قلت) * أرأيت إذا شهد رجل وامرأتان على السرقة أتضمنه المال ولا تقطعه في
قول مالك (قال) نعم هو قول مالك أن يضمن المال ولا يقطع لان مالكا قال في
العبد يقتل العبد عمدا أو خطأ ويأتي سيده بشاهد واحد انه يحلف يمينا واحدة
ويستحق العبد ولا يقبله وإن كان عمدا لا يقتل بشاهد واحد وأرى في الرجل
يشهد وحده بالسرقة على الرجل أنه لا يقطع بشهادة الشاهد الواحد ويحلف المسروق
منه المتاع مع شاهده ويستحق متاعه ولا يقطع وكل جرح لا يكون فيه قصاص
فإنما هو مال فلذلك جازت فيه اليمين مع الشاهد مثل جرح الجائفة والمأمومة ومثلهما
مما لا قود فيه مما هو مخوف ومتلف * (قال سحنون) * وكل جرح فيه قصاص
فشهادة رجل ويمين الطالب يقتص بهما لان الجراح لا قسامة فيها وفي النفس
القسامة فلما كانت النفس تقتل بشاهد واحد مع القسامة فلذلك اقتص المجروح بشهادة
رجل مع يمينه إذا كان عدلا وليس في السنة في الجراح قسامة * (ابن وهب) * وقد
قال عمر بن العزيز وقضى باليمين مع الشاهد الواحد في الجراح في العمد والخطأ
166

ذكر ذلك أبو الزناد
(الشاهدان يختلفان يشهد أحدهما على مائة والآخر على خمسين)
* (قلت) * أرأيت أن أقمت شاهدا على مائة وآخر على خمسين (قال) قال مالك ان
أردت أن تحلف مع شاهدك الذي يشهد لك بمائة وتستحق المائة فذلك لك وان أبيت
أن تحلف وأردت أن تأخذ الخمسين بغير يمين فذلك لك * (سحنون) * عن ابن وهب
عن عبد الجبار بن عمر عن غير واحد من أهل العلم أنهم كانوا يقولون كلهم في الرجلين
يختلفان في الشهادة على الحق فشهد هذا بمائة دينار وشهد هذا بخمسين دينارا انه
يقضى له بخمسين لان شهادتهما قد اجتمعت على الذي هو أدنى
(في الرجلين يشهدان لأنفسهما ولرجل معهما بمال في وصية أو غير وصية)
* (قلت) * أرأيت أن شهدا أن فلانا تكفل لأبيهما ولفلان لرجل أجنبي بألف درهم
أتجوز شهادتهما في قول مالك (قال) لا تجوز شهادتهما عندي لان الشهادة كلها
باطل * (قال سحنون) * ولان فيها جرا إلى أبيهما * (قلت) * أرأيت أن شهد رجلان أن
لهما ولفلان معهما على فلان ألف درهم أتجوز شهادتهما لفلان بحصته من الدين في قول
مالك (قال) لا * (قال) * وبلغني عن مالك أنه قال في الرجل إذا شهد لرجل في ذكر حق
له فيه شئ لم تجز شهادته لا له ولا لغيره وهذا مخالف للوصية لو شهد رجل على وصية قد
أوصى له فيها بشئ فإن كان الذي أوصى له به شيئا تافها يسيرا لا يتهم عليه جازت شهادته
له ولغيره وذلك أنه لا ينبغي أن يجاز بعض الشهادة ويرد بعضها بالتهمة ولو أن رجلا
شهد على وصية رجل وفيها عتق ووصايا لقوم لم تجز شهادته في العتق وحده للشبهة
وجازت في الوصايا للقوم مع أيمانهم وإنما ترد شهادته إذا شهد له ولغيره في كتاب
ذكر حق وله فيه حق فهذا الذي ترد شهادته له ولغيره وهذا أحسن ما سمعت * (قلت) *
فان أحلفتهم مع الشاهد في الوصية وفيها العتق والثلث لا يحمل ذلك (قال) فإنما يكون
لهم بأيمانهم ما فضل عن العتق * (قال) * وقال مالك في رجل هلك فشهد له رجل أنه
أوصى لقوم بوصايا وأوصى للشاهد بوصية وأوصى إلى الشاهد وهو يشهد على
167

جميع ذلك فسمعت مالكا يقول إذا كان الذي يشهد به لنفسه أمرا تافها لا يتهم على
مثله رأيت شهادته جائزة * (قال) * وأخبرني بعض من أثق به أن مالكا قال لا تجوز
شهادته هذه له ولا لغيره إذا كان يتهم لأنه إذا ردت شهادته في بعض حتى يكون فيها
متهما ردت في كلها * (قال سحنون) * وقد روي في هذا الأصل اختلاف عن مالك
وغيره وسأذكره * (قال ابن وهب) * وقال يحيى بن سعيد في رجل شهد في وصية
رجل وقد أوصى له ببعض الوصية قال إن كان وحده ليس معه شاهد في الوصية
غيره لم تجز شهادته لنفسه وإن كان معه شاهد آخر يشهد له جازت شهادته لنفسه
ولغيره وإن كان وحده جازت شهادته لمن شهد له وردت شهادته عن نفسه * (قال
ابن وهب) * وسألت عنها مالكا فقال لا تجوز شهادته لنفسه ولا تجوز شهادة الموصى
له ولا لغيره (2) * (ابن وهب) * عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه سئل عن
رجال كانوا من قبائل شتى كانوا في سفر فتوفي أحدهم فأوصى لقوم بوصية من ماله
ليس لهم من يشهد على ما أوصى إليهم به الا بعضهم فقال إنه لا تجوز شهادة
بعضهم لبعض إلا أن يشهد لهم من ليس له في الوصية حق أو يشهدوا غيرهم
* (ابن وهب) * وقال مالك لا تجوز شهادة الموصى له وإن كان طلب الحق غيره
ولا الموصى إليه لصاحبه لان شهادته جر إلى نفسه ولو جازت شهادته لجاء رجلان قد
شهدا على الوصية فشهدا أنه قد أوصى لهما فيثبت حق كل واحد منهما بشهادة صاحبه
مع يمينه ففي هذا بيان من هذا وغيره
(في المال يكون بيد الرجل فيشهد أن صاحبه)
* (قد تصدق به على رجل حاضر أو غائب) *
* (قلت) * أرأيت لو أني أقررت أن فلانا دفع إلي ألف درهم وانها لفلان لرجل آخر
(قال) يحلف هذا الذي زعمت أنها له ويستحق حقه لان اقرارك هذا له إنما هي شهادة
إذا كان المقر له حاضرا فإن كان غائبا لم تجز شهادتك له لأنك تقر بالشئ يبقي في يديك
فتتهم (قال) وبلغني عن مالك أنه قال في الرجل يشهد في الشئ قد جعل على يديه المال
168

أو غيره أن فلانا الذي وضعه على يديه قد تصدق به على فلان ورب المال ينكر (قال
مالك) إن كان الذي يشهد له حاضرا فأرى شهادته جائزة وإن كان غائبا لم أر أن تجوز
شهادته لأنه يتهم هاهنا لان المال يبقى في يديه (قال ابن القاسم) وذلك إذا كان المشهود
له غائبا إنما هي الغيبة التي ينتفع فيها بالمال
(في شهادة السماع في القذف والقتل والطلاق)
* (قلت) * أرأيت أن سمع رجل رجلا يقول لفلان على فلان كذا وكذا أو يقول
رأيت فلانا قتل فلانا أو يقول سمعت فلانا يقذف فلانا أو يقول سمعت فلانا طلق
فلانة ولم يشهده إلا أنه مر فسمعه وهو يقول هذه المقالة أيشهد بها وإنما مر فسمعه
يتكلم بها ولم يشهده (قال) لا يشهد بها ولكن إن كان مر فسمع رجلا يقذف رجلا
أو سمع رجلا يطلق امرأته ولم يشهداه قال مالك فهذا الذي يشهد به وإن لم
يشهداه قال ويأتي من له الشهادة عنده فيعلمه أن له عنده شهادة (قال) وسمعت
هذا من مالك في الحدود أنه يشهد بما سمع من ذلك وإنما قول مالك الأول فإنما
سمعت مالكا وسئل عن الرجل يمر بالرجلين وهما يتكلمان في الشئ ولم يستشهداه
فيدعوه بعضهما إلى الشهادة أترى أن يشهد (قال) لا * (قال ابن القاسم) * إلا أن
يكون استوعب كلامهما لأنه إن لم يستوعبه لم يجز له أن يشهد لان الذي سمع لعله
قد كان قبله كلام يبطله أو بعده * (ابن وهب) * وقد قال إن السماع شهادة إبراهيم
النخعي والشعبي وابن مهدي * (قال سفيان) * وقال ابن أبي ليلى إذا قال سمعت فلانا
يقول لفلان علي كذا وكذا أخذته له منه وإذا قال سمعت فلانا يقول لفلان على
فلان كذا وكذا لم أقبله وبه يأخذ سفيان وكان رأي سفيان أن السماع شهادة
(في شهادة السماع في الولاء)
* (قلت) * أرأيت أن شهدا على أنهما سمعا أن هذا الميت مولى فلان هذا لا يعلمون
له وارثا غير هذا (قال) قال مالك إذا شهد شاهدان على السماع أو شهد شاهد واحد
169

على أنه مولاه أعتقه ولم يكن الا ذلك من البينة فان الامام لا يعجل في ذلك حتى
يتثبت ان جاء أحد يستحق ذلك والا قضى له بالشاهد الواحد مع يمينه * (قال) * وقال لنا
مالك وقد نزل هذا ببلدنا وقضى به قال مالك وكذلك لو لم يكن الا قوم يشهدون على السماع
فإنه يقضى له بالمال مع يمين الطالب ولا يجز بذلك الولاء * (قلت) * فإن كان شاهدا واحدا
على السماع أيحلف ويستحق المال في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى
أنه لا يحلف مع الشاهد الواحد على السماع ولا يستحق به من المال شيئا لان الشهادة
على السماع إنما هي شهادة على شهادة فلا تجوز شهادة رجل واحد على شهادة غيره
(في الشاهدين يشهدان على الولاء ولا يشهدان على العتق)
* (قلت) * أرأيت أن مات رجل فشهد رجلان على أن هذا الميت مولى هذا الرجل
لا يعلمان للميت وارثا غير مولاه هذا ولا يشهدان على عتقه إياه (قال) لا تجوز هذه
الشهادة على الولاء حتى يشهدا أن هذا الرجل أعتق الميت أو يشهد أنه أعتق أبا هذا
الميت وانهما لا يعلمان للميت وارثا غير هذا أو يشهدان أن الميت أقر أن هذا مولاه
أو يشهدان على شهادة آخر أن هذا مولاه فأما أن يقولا هو مولاه ولا يشهدا على
عتقه إياه ولا على شهادة أحد فلا أرى ذلك شيئا ولا تجوز هذه الشهادة
(في شهادة ابني العم لابن عمهما في الولاء)
* (قلت) * أرأيت أن شهد بنو أعمامي على رجل مات أنه مولى أبي وأن أبى أعتقه
(قال) سمعت مالكا وسئل عن ابني عم شهدا على عتق لابن عمهما فقال مالك ان كانا
ممن يتهمان على قرابتهما أن يجرا بذلك الولاء فلا أرى ذلك يجوز وان كانا من الأباعد
ممن لا يتهمان أن يجرا بذلك ولاء مواليه ولعل ذلك يرجع إليهما يوما ما ولا يتهمان
عليه اليوم قال مالك فشهادتهما جائزة * (قال ابن القاسم) * ففي مسألتك إن كان إنما هو
مال يرثه وقد مات مولاه ولا ولد لمولاه ولا موالي فشهادتهما جائزة لأنهما لا يجران
بشهادتهما إلى أنفسهما شيئا يتهمان عليه فإن كان للمولى الميت ولد وموال يجر
170

هؤلاء الشهود بذلك إلى أنفسهم شيئا يتهمون عليه لقعودهم لمن يشهدوا له لم أر
شهادتهم تجوز في الولاء
(في شهادة السماع في الاحباس والمواريث)
* (قلت) * أرأيت أن شهد شاهد واحد على السماع شهد أن هذا الميت مولى فلان
لا يعلم وارثا غيره أيحلف ويستحق المال في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك
فيه شيئا وأرى أنه لا يحلف مع الشاهد الواحد على السماع ولا يستحق به من المال
شيئا لان الشهادة على السماع إنما هي شهادة على شهادة فلا تجوز شهادة شاهد
واحد على شهادة غيره (قال مالك) والاحباس يكون من شهد عليها قوما قد ماتوا ويأتي
قوم من بعدهم يشهدون على السماع بأنهم لم يزالوا يسمعون أنها حبس وأنها كانت
تحاز بما تحاز به الاحباس فتنفذ في الحبس ويمضي وإن لم يكن الذين شهدوا على الحبس
أحياء (قال مالك) وليس عندنا أحد ممن شهد على أحباس أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم الا على السماع * (قال ابن القاسم) * ونزلت بالمدينة وأنا عند مالك
فقضى بها * (قلت) * وسواء عند مالك إذا شهدوا على السماع فقالوا سمعنا أنها
حبس ولم يشهدوا على قوم أشهدوهم ولا على قوم بأعيانهم إلا أنهم قالوا بلغنا ذلك
أنها حبس (قال) ذلك جائز قال والذي سألنا مالكا عنه إنما سألناه عن السماع ولم
نسأله عن شهادة قوم على قوم بأعيانهم إلا أنهم قالوا بلغنا أنها حبس فقال مالك ذلك
جائز ولو كانت شهادة على شهادة قوم عدول أشهدوهم لم يكن ذلك سماعا وكانت
شهادة * (وسئل مالك) * عن دار لم يزالوا يسمعون أنها حبس ولم يزل الناس
يعرفون أن الرجل من ولده يهلك ولا ترث امرأته من الدار شيئا وتهلك ابنته ولها
زوج وولد فلا يرث ولدها ولا زوجها من الدار شيئا ولا يشهدون على أصل الحبس
بعينه الا على السماع لم نزل نسمع أنها حبس ويشهدون على الذي كان من ترك
الميت في نسائهم وولد بناتهم وأزواج البنات (قال مالك) أراها حبسا ثابتا وإن لم
يشهدوا على أصل الحبس * (قلت) * أرأيت أن شهدوا على السماع ولم يشهدوا على
171

شئ مما وصفت لي مما ذكرت من المواريث أيكون حبسا أم لا (قال) قد أخبرتك
أن مالكا قال شهادة السماع شهادة جائزة في الاحباس مثل ما وصفت لك من أحباس
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأنها قد حيزت عن نسائهم وعمن لا حق له في
الحبس فإذا جاء من ذلك من السماع ما يستدل به جازت شهادة السماع في ذلك
(في شهادة السماع في الدور المتقادم حيازتها)
* (قلت) * أرأيت أن كانت الدار في يد رجل قد أنسئ له في العمر أقام فيها خمسين
سنة أو ستين سنة ثم قدم رجل فادعاها وأثبت الأصل فقال الذي في يده الدار
اشتريتها من قوم قد انقرضوا وانقرضت البينة وجاء بقوم يشهدون على السماع أنه
اشتراها (قال) سمعت مالكا يقول إذا جاء بقوم يشهدون على السماع أنه اشترى ولم
يقل لي ملك من صاحبها الذي ادعاها كان أو من غيره وقد أخبرتك بالذي سمعت
منه وليس وجه السماع الذي يجوز على المدعي والذي حملنا عن مالك إلا أن يشهدوا على
سماع شراء من أهل هذا المدعى الذي يدعي الدار بسببهم فيكون في ذلك قطع لدعوى
هذا المدعى بمنزلة سماع الاحباس فيما فسر لنا مالك * (قلت) * ومعنى قول مالك حتى
تشهدوا على سماع يكون فيه قطع لدعوى هذا المدعى إنما هو أن يشهدوا أنا سمعنا أن
هذا الذي الدار في يديه أو أباه أو جده اشترى هذه الدار من هذا المدعي أو من أبيه
أو من جده أو من رجل يدعى هذا المدعى أنه ورث هذه الدار من قبله (قال) نعم
أو اشترى ممن اشترى من جد هذا المدعى وقد بينت لك ذلك من قول مالك (قال)
وقال مالك ها هنا دور تعرف لمن أولها بالمدينة قد تداولها قوم بعد قوم في الاشتراء
وهي اليوم لغير أهلها فإذا كان على مثل هذا فالسماع جائز على ما وصفت لك وإن لم تكن شهادة قاطعة (قال ابن القاسم) وكان مالك يرى الشهادة على السماع أمرا
قويا * (قلت) * أريت ان أتى الذي في يديه ببينة يشهدون أنهم سمعوا أن هذا
الرجل الذي في يديه اشترى هذه الدار أو اشتراها جده أو اشتراها والده إلا أنهم قالوا سمعنا أنه اشتراها ولكنا لم نسمع بالذي اشتراها منه من هو (قال) لم
172

أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك يجوز حتى يشهدوا على سماع صحة أنه اشتراها
من فلان أبى هذا المدعى أو جده
(في الشهادة على السماع في الدور القريب حيازتها)
* (قلت) * أرأيت أن أتى رجل فادعى دارا في يد رجل وثبت ذلك فقال الذي الدار في
يديه أنا آتى بقوم يشهدون على السماع ان أبى اشتراها منذ خمس سنين أو ما أشبه
ذلك أتقبل البينة في تقارب مثل هذا على السماع (قال) لا أرى أن ينفع السماع في
مثل هذا ولا تنفع شهادة السماع إلا أن تقوم بينة تقطع على الشراء وإنما تكون شهادة
السماع جائزة فيما كثر من السنين وتطاول من الزمان (ولقد) قال مالك في الرجل
يقر لرجل أن أباهم كان أسلفه مالا وأنه قد قضاه والدهم قال مالك إن كان الذي ادعى
من ذلك أمرا حديثا من الزمان والسنين لم يتطاول ذلك لم ينفعه قوله قد قضيت الا
ببينة قاطعة على القضاء وإن كان تطاول زمان ذلك أحلف المقر وكان القول قوله
فهذا يدلك أيضا على تطاول الزمان في شهادة السماع أنها جائزة وما قرب من الزمان
أنها ليست على الغائب بقاطعة لأنه غائب لم يجز عليه شئ دونه فتكون الحيازة دونه
إلا أن مالكا قال في الذي يقر بالدين فيما بلغني عنه ولم أسمعه منه لو كان اقراره
ذلك على وجه الشكر مثل ما يقول الرجل للرجل جزى الله فلانا خيرا قد جئته
مرة فأسلفني وقضيته فالله يجزيه خيرا على نشر الجميل والشكر له لم أر أن يلزمه
في هذا شئ مما أقر به قرب زمان ذلك أم بعد
(في الرجل يقيم شاهدا واحدا على الرجل بكفالة)
* (قلت) * أرأيت أن أقمت شاهدا واحدا على أن فلانا تكفل لي بمالي على فلان
أحلف مع شاهدي واستحق الكفالة قبله في قول مالك (قال) نعم لان الكفالة بالمال
إنما هي مثل الجرح الذي لا قصاص فيه أنما هو المال
173

(في الرجل يقيم شاهدا واحدا على رجل بدين)
* (قلت) * أرأيت أن أقام رجل على رجل شاهدين بدين له عليه وأقمت أنا عليه شاهدا
واحدا بدين لي عليه فخلفت مع شاهدي أيثبت حقي كما يثبت حق صاحب الشاهدين
ونتحاص في مال هذا الغريم بمقدار ديني ومقدار دينه (قال) نعم
(في الرجل تجب عليه اليمين مع الشاهد فيردها على المدعى عليه فينكل)
* (قلت) * أرأيت أن أقمت شاهدا واحدا على حق لي وأبيت أن أحلف ورددت
اليمين على الذي عليه الحق فأبى أن يحلف (قال) يغرم * (قلت) * وتغرمه ولا ترد
اليمين علي (قال) نعم إذا أبيت أن تحلف مع شاهدك ورددت اليمين عليه فأبى أن
يحلف غرم ولم ترجع اليمين عليك وهذا قول مالك (قال) وهذا مخالف للذي لم يأت
بشاهد لان اليمين إنما كانت مع الشاهد للمدعى فإذا لم يحلف رددت اليمين على المدعى
عليه فان حلف والا غرم ولان اليمين في الذي لا شاهد له إنما كانت على المدعى عليه
فان حلف والا رددت اليمين على المدعى فان حلف وإلا فلا شئ له وهذا قول مالك
(في الرجل يدعى قبل الرجل حقا بغير شاهد فتجب اليمين)
* (على المدعى عليه فيأباها ويردها على المدعى فينكل) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا بيني وبينه خلطة ادعيت عليه حقا من الحقوق
فاستحلفته (قال) مالك ان حلف برئ * (قلت) * فان أبى أن يحلف وقال أنا أرد
اليمين عليك (قال) قال مالك إذا أبى أن يحلف لم يقض على المدعى عليه بالحق أبدا
حتى يحلف المدعى على حقه وإن لم يطلب المدعى عليه يمين الطالب فان القاضي لا يقضى
للطالب بالحق إذا نكل المطلوب حتى يستحلف الطالب وإن لم يطلب المدعى عليه
يمين الطالب (قال عبد الرحمن بن القاسم) وقال ابن أبي حازم وليس كل الناس
يعرف هذا أنه إذا نكل عن اليمين أن اليمين ترد على الطالب * (قلت) * أرأيت إذا
نكل المدعى عليه ونكل المدعى أيضا عن اليمين (قال) قال مالك يبطل حقه إذا أبى
174

أن يحلف * (سحنون) * قال ابن وهب وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد
اليمين على المدعى وان شريحا رد اليمين على المدعى والشعبي. من حديث ابن مهدي
(في المدعي عليه يحلف ثم تقوم عليه البينة)
* (قلت) * أرأيت أن ادعيت قبل رجل حقا فاستحلفه فحلف ثم أصبت البينة عليه
بعد ذلك أيكون لي أن آخذ حقي في قول مالك (قال) قال مالك نعم له أن يأخذ حقه منه
إذا كان لم يعلم ببينته (قال) وبلغني عن مالك أنه قال إذا استحلفه وهو يعلم ببينته تاركا
لها فلا حق له * (قلت) * فإن كانت بينة الطالب غائبة ببلد آخر فأراد أن يستحلف
المطلوب وهو يعلم أن له بينة ببلد آخر فاستحلفه ثم قدمت بينته أيقضى له بهذه البينة
وترد يمين المطلوب التي حلف بها أم لا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك في هذا
شيئا إلا أني أرى إذا كان عارفا ببينته وان كانت غائبة عنه فرضي باليمين من المطلوب
تاركا لبينته لم أر له حقا وان قدمت بينته * (قلت) * وما معنى قول مالك تاركا لبينته
أرأيت أن قال لي بينة غائبة فأحلفه لي فان حلف فقدمت بينتي فأنا على حق ولست بتارك
لبينتي (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى للسلطان أن ينظر في ذلك فان
ادعى بينة بعيدة وخيف على الغريم أن يذهب أو يتطاول ذلك رأيت أن يحلفه له
ويكون على حقه إذا قدمت بينته فإن كانت البينة ببلد قريب فلا أرى أن يستخلف
له إذا كانت بينة قريبة اليوم اليومين والثلاثة ويقال له قرب بينتك والا فاستحلفه
على ترك البينة * (ابن مهدي) * قال سفيان الثوري وكان ابن أبي ليلى يقول إذا أحلفته
فليس لك شئ
(في الرجل يدعى قبل الرجل كفالة ولا خلطة بينهما)
* (أتجب عليه اليمين أم لا) *
* (قلت) * أرأيت الرجل يدعي قبل الرجل الكفالة ولا خلطة بينهما أتكون له عليه
175

اليمين في قول مالك (قال) سئل مالك عن رجلين ابتاعا من رجل سلعة فقضاه أحدهما
نصف الحق ثم لقي الآخر فقال له اقض ما عليك وأراد سفرا فقال قد دفعته إلى فلان
لصاحبه الذي اشترى معه السلعة ثم مضى الرجل إلى سفره ثم لقي الطالب صاحبه الذي
اشترى مع الذاهب فقال له ادفع إلي ما دفع إليك فلان فقال ما دفع إلى شيئا قال
فاحلف لي فأتوا إلى مالك فسألوه عن ذلك فقال لا أرى هذه خلطة ولا أرى عليه
اليمين فأرى الكفالة عندي على هذا الوجه لا يمين عليه * (قلت) * أرأيت أن ادعيت
قبل رجل دينا أو استهلاك متاع أو غصبا أيأخذ لي السلطان منه كفيلا أم يحلفه لي
(قال) إنما ينظر السلطان في هذا إلى الذي ادعي عليه فإن كان يعرف بمخالطة في
دين أو تهمة فيما ادعي قبله نظر السلطان في ذلك فاما أحلفه واما أخذ له كفيلا حتى
يأتي ببينة وأما في الدين فإن كانت بينهما خلطة والا لم يعرض له السلطان (قال) ولقد قال لي
مالك في المرأة تدعى أن رجلا استكرهها بأنه إن كان ممن لا يشار إليه بالفسق جلدت
الحد وإن كان ممن يشار إليه بذلك نظر السلطان في ذلك وان عمر بن عبد العزيز لم يكن
يحلف من ادعي عليه إلا أن تكون خلطة * (وذكر) * ابن أبي الزناد عن أبيه عن السبعة
مع مشيخة سواهم من نظرائهم وربما اختلفوا في شئ فأخذ بقول أكثرهم أنهم كانوا
يقولون لا يعلق اليمين إلا أن تكون خلطة وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد
وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد بن
ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار
(في الرجل يدعي قبل الرجل أنه اكترى منه دابة)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا ادعى أنه اكترى منه دابته وأنكر
رب الدابة أتحلفه (قال) لهذا وجوه إن كان رب الدابة مكاريا يكري دابته من الناس
رأيت عليه اليمين وإن كان ليس بمكار ولا مثله يكرى لم أرى عليه اليمين وإن كان هو
176

المكاري ادعى أنه أكرى دابته من رجل وأنكر المدعى عليه ذلك
فلا يمين للمكاري عليه لأن هذه الوجوه لا يشاء رجل
فيها أن يستحلف رجلا بغير حق الا استحلفه
(تم كتاب الشهادات والحمد لله وحده)
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويتلوه كتاب الدعوى) *
177

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الدعوى)
(في المرأة تدعي أن زوجها طلقها فتقيم على ذلك امرأتين أو رجلا)
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت المرأة تدعي طلاق زوجها فتقيم عليه بينة امرأتين
أيحلف لها أم لا (قال) قال مالك ان كانتا ممن تجوز شهادتهما عليه أي في الحقوق
رأيت أن يحلف الزوج والا لم يحلف * (قلت) * أرأيت أن أقامت شاهدا واحدا على
الطلاق (قال) قال مالك يحال بينها وبينه حتى يحلف * (قلت) * فان أتت بشاهد
واحد فأبى أن يحلف أتطلق عليه (قال) فأرى أن يحبس حتى يحلف أو يطلق ورددناها عليه
في أن يمضى عليه الطلاق فأبى (قال) وقد بلغني عنه أنه قال إذا طال ذلك من حبسه
خلي بينه وبينها وهو رأيي وإن لم يحلف * (قال) * وقال مالك وإذا شهد رجل لعبد أن
سيده أعتقه أو لامرأة أن زوجها طلقها أحلف السيد أو الزوج ان شاءا وان أبيا فإن لم يحلفا سجنا حتى يحلفا وقد كان مالك يقول في أول قوله إن أبى أن يحلف طلق عليه
وعتق عليه ثم رجع فقال لنا يسجن حتى يحلف وقوله الآخر أحب إلي وأنا أرى ان
طال حبسه أن يخلى سبيله ويدين ولا يعتق عليه ولا يطلق عليه * (ابن مهدي) * عن
سفيان عن عطاء بن السائب قال أتينا إبراهيم في رجل شهد عليه نسوة ورجل في
طلاق فلم يجز شهادتهم واستحلفه ما طلق
178

(في المرأة تدعى أن زوجها طلقها ولا بينة لها)
* (قلت) * أرأيت أن ادعت المرأة أن زوجها طلقها وقالت استحلفه لي (قال) قال
مالك لا يحلف لها إلا أن تقيم المرأة شاهدا واحدا * (قلت) * أرأيت إن لم يكن لها
شاهد أتخليها وإياه في قول مالك (قال) نعم
(في الرجل يدعى على الرجل أنه والده أو ولده أيحلف أم لا)
* (قلت) * أرأيت لو أنى ادعيت على رجل أنه والدي أو ولدي فأنكر أيكون عليه
اليمين (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى عليه يمينا
(في الرجل يدعى قبل المرأة النكاح ولا يقيم شاهدا)
* (أو يقيم شاهدا واحدا أتحلف له المرأة أم لا) *
* (قلت) * أرأيت أن ادعى رجل قبل امرأة النكاح وأنكرت المرأة أيكون له
عليها اليمين وأن أبت اليمين جعلته زوجها (قال) لا أرى إباءها اليمين مما يوجب له
النكاح عليها ولا يكون النكاح الا ببينة لان مالكا قال في المرأة تدعى على زوجها أنه
قد طلقها قال لا أرى أن يحلف إلا أن تأتي بشاهد واحد فلما أبى مالك أن يحلف
الزوج إذا ادعت المرأة قبله الطلاق إلا أن تأتي المرأة بشاهد واحد فكذلك النكاح
عندي إذا ادعى قبلها نكاحا لم أر له عليها اليمين * (قلت) * أرأيت أن أقام الزوج على
المرأة شاهدا واحدا أنها امرأته وأنكرت المرأة ذلك أيستحلفها له مالك ويحبسها
كما يصنع الزوج في الطلاق (قال) لا أحفظه عن مالك ولا أرى أن تحبس ولا أرى
اباءها اليمين وان أقام الزوج شاهدا واحدا أنه يوجب النكاح عليها الا بشاهدين
والله سبحانه وتعالى أعلم
(في العبد يدعي أن مولاه أعتقه ويقيم شاهدا واحدا أيحلف له أم لا)
* (قلت) * أرأيت العبد ان ادعى أن مولاه أعتقه أيحلفه له مالك (قال) قال مالك
179

لا إلا أن يأتي العبد بشاهد (قال) ولو جاز هذا للنساء والعبيد لم يشأ عبد ولا امرأة
الا أوقفت زوجها وأوقف العبد سيده كل يوم فأحلفه * (قال) * فقلنا لمالك فان شهدت
امرأتان في الطلاق أترى أن يستحلف الزوج (قال) ان كانتا ممن تجوز شهادتهما
عليه رأيت أن يحلف يريد أن لا يكونا من أمهاتها أو بناتها أو أخواتها أو جداتها
أو ممن هن منها بظنة * (قلت) * وكذلك هذا في العتق (قال) نعم مثل ما قال لي مالك
في الطلاق * (قلت) * أرأيت لو أن عبدا ادعى أن مولاه كاتبه أو دبره أيكون على
السيد اليمين إذا أنكر (قال) لا لأنه لو ادعى العتاقة عند مالك لم يستحلف له السيد
إلا أن يقيم شاهدا وكذلك الكتابة والتدبير
(في الأمة تدعى أنها ولدت من سيدها وينكر السيد ذلك أيحلف لها أم لا)
* (قلت) * أرأيت أن قالت أمة لسيدها قد ولدت منك وأنكر السيد أتحلفه لها
أم لا (قال) لا أحلفه لها لان مالكا لم يحلفه في العتق فكذلك هذه لا شئ لها إلا أن تقيم رجلين على اقرار السيد بالوطئ ثم تقيم امرأتين على الولادة فهذه إذا أقامت
صارت له أم ولد وثبت نسب ولدها إن كان معها ولد إلا أن يدعى السيد استبراء بعد
الوطئ فيكون ذلك له * (قلت) * فان أقامت شاهدا واحدا على اقرار السيد بالوطئ
أو امرأتين (قال) رأيت أن يحلف السيد كما يحلف في العتاق * (قلت) * فان أقامت
شاهدين على اقرار السيد بالوطئ وأقامت امرأة واحدة على الولادة أيحلف السيد
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن يحلف لأنها لو أقامت امرأتين ثبتت
الشهادة على الولادة فهي إذا أقامت امرأة واحدة على الولادة رأيت اليمين على السيد
(في الرجل يدعى عبدا أنه له ويقيم شاهدا واحدا)
* (قلت) * أرأيت أن ادعيت أن هذا الرجل عبدي فأردت أن أستحلفه أيكون لي
ذلك (قال) ليس ذلك لك (قلت) فان أقمت شاهدا واحدا أحلف مع شاهدي
ويكون عبدي في قول مالك (قال) نعم ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قد
180

قال في كتبه في الرجل يعتق العبد فيأتي الرجل بشاهد يشهد بحق له على الرجل الذي
أعتقه ان صاحب الحق يحلف ويثبت حقه ويرد عتق العبد فإذا كان هذا عند مالك
هكذا رأيته يسترقه باليمين مع الشاهد * (قال سحنون) * وقال غيره إذا كان معروفا بالرق
(في الرجلين يشهدان على رجل أنه أمرهما أن يزوجاه)
* (ففعلا فأنكر التزويج وأقر بالوكالة) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلين شهدا أن هذا الرجل أمرهما أن يزوجاه فلانة وأنهما
قد زوجاه فلانة وهو يجحد (قال) قال مالك لا تجوز شهادتهما لأنهما خصمان * (قلت) *
وكذلك أن شهدا أنه أمرهما أن يبتاعا له بيعا وانهما قد فعلا والرجل ينكر ذلك
(قال) نعم لا تجوز شهادتهما عليه في قول مالك لأنهما خصمان * (قلت) * أرأيت أن
قال قد أمرتهما أن يبتاعا لي عبد فلان وانهما لم يفعلا وقالا قد فعلناه قد ابتعناه لك
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا والقول قولهما أنهما قد ابتاعا له العبد لأنه قد أقر
أنه أمرهما بذلك فالقول قولهما
(في القوم يشهدون على الرجل أنه أعتق عبده)
* (والعبد والسيد جميعا ينكران) *
* (قلت) * أرأيت لو أن قوما شهدوا على رجل أنه أعتق عبده هذا والعبد ينكر
والسيد ينكر (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا وهو حر لأنه ليس
له أن يرق نفسه
(في الشاهدين يشهدان على الرجل أنه أعتق عبده)
* (فيرد القاضي شهادتهما فيشتريه أحدهما) *
* (قال) * وقال مالك إذا شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبده فرد القاضي شهادتهما
عنه ثم اشتراه أحدهما بعد ذلك أنه يعتق عليه حين اشتراه
181

(في الرجل يدعى على الرجل أنه قذفه ويدعى بينة قريبة)
* (قلت) * أرأيت الرجل يدعي قبل رجل حدا من الحدود فيقدمه إلى القاضي
ويقول بينتي حاضرة أجيئك بها غدا أو العشية أيحبس السلطان هذا أم لا يحبسه
(قال) إن كان ذلك قريبا أوقفه ولم يحبسه إذا رأى السلطان لذلك وجها وكان أمرا
قريبا إلا أن يقيم الطالب عليه شاهدا واحد فيحبسه له ولا يأخذ به كفيلا كذلك
القصاص في الجراحات وفيما يكون في الأبدان لا يؤخذ به كفيل
(في الرجل يدعي عبدا قد مات بيد رجل ويقيم البينة أنه عبده)
* (قلت) * أرأيت لو أقمت البينة على عبد في يد رجل وقد مات في يديه أنه عبدي
أيقضي لي بشئ عليه في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا شئ على الذي مات
العبد في يديه إلا أن يقيم المدعي بينة أنه غصبه لأنه يقول اشتريته من سوق المسلمين
فمات في يدي فلا شئ عليه
(في الرجل يدعي عبدا غائبا ويقيم البينة أنه عبده)
* (قلت) * أرأيت العبد يكون في يد الرجل فيسافر العبد أو يغيب فيدعيه رجل
والعبد غائب فيقيم البينة على ذلك العبد أنه عبده أيقبل القاضي بينته على العبد وهو
غائب وكيف هذا في المتاع والحيوان إذا كان بعينه أيقبل القاضي البينة على ذلك
أم لا (قال) نعم يقبل البينة إذا وصفوه وعرفوه ويقضى له بذلك
(في اليمين مع الشاهد الواحد على الاقرار)
* (قال ابن القاسم) * لو أن رجلا شهد على رجل أنه أقر أن لفلان عليه كذا وكذا ثم
جحد كان للذي أقر له بذلك أن يحلف مع الشاهد على الاقرار ويستحق حقه وهذا
مخالف عندي للدم الخطأ أو العمد وهو رأيي * (قال سحنون) * وقد قضى باليمن مع
الشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى بذلك علي بن أبي طالب وقال رسول الله
182

صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل من عند الله يأمرني بالقضاء باليمين مع الشاهد. وقضى
بذلك عمر بن عبد العزيز وكتب بذلك على عماله أن يقضي باليمين مع الشاهد وكان
السلف يقولون ذلك ويرون القضاء باليمين مع الشاهد العدل في الأموال والحقوق
وكانوا يقولون لا يكون اليمين في الفرية مع الشاهد ولا في الطلاق ولا في العتاق
ولا في أشباه ذلك وهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبو بكر
ابن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار
(في الرجل يدعي العبد في يدي رجل ويقيم شاهدا واحدا)
* (أو لا يقيم شاهدا) *
* (قلت) * أرأيت لو أني ادعيت قبل رجل عبدا وأقمت شاهدا واحدا فأردت أن
آخذ بالعبد كفيلا حتى آتي بشاهد آخر (قال) قال مالك إذا أقام شاهدا واحدا
عدلا دفع إليه العبد إذا وضع قيمته يذهب به إلى موضع بينته ان أراد وأخذ من
يدي الذي هو في يديه * (قال) * فقلت لمالك فإن لم يقم شاهدا وادعى بينة قريبة
بمنزلة اليوم واليومين والثلاثة فقال ادفعوا إلي العبد حتى أذهب به إلى بيتي وأنا
أضع قيمته (قال مالك) لا أرى ذلك له ولكن ان أتى بشاهد أو بسماع رأيت أن
يدفع إليه العبد بعد أن يضع قيمته ويذهب بالعبد حتى يشهد عليه بينته (قال) فقلت
عند من تشهد تلك البينة (قال) عند السلطان الذي يكون في ذلك الموضع (قال مالك)
ولو جاز ذلك للناس بغير بينة أو سماع اعترضوا أموال الناس ورقيقهم ودوابهم
(قال مالك) ولكن ان أقام شاهدا واحدا وأتى بسماع قوم يشهدون أنهم قد سمعوا به
انه قد سرق له مثل ما يدعي فإنه يدفع إليه إذا وضع قيمته وإن لم يكن شهادة قاطعة
كذلك قال مالك (قال مالك) وإن لم يأت بسماع ولا بشهادة لم يدفع إليه * (قلت) *
أرأيت أن قال أوقفوا العبد حتى آتي ببينتي (قال) ليس ذلك له إلا أن يقول للقاضي
ان بينتي حضور أو سماع يثبت له به دعوى فان القاضي يوكل بالعبد ويوقفه حتى
يأتيه بالبينة أو بما يثبت له به دعوى فما قرب من يومه وما أشبهه فان أتى على
183

ذلك برجل أو بسماع ثم سأل أن يوقف له العبد حتى يأتي ببينته فان ادعى بينة بعيدة
وفي ايقافه مضرة على المدعى عليه استحلف المدعى عليه وخلى سبيله ولا يؤخذ عليه
كفيل وان ادعى شهودا حضورا على حقه رأيت أن يوقف له ما بينه وبين الخمسة
إلى الجمعة وهذا التحديد في الوقف ليس لابن القاسم * (قال ابن القاسم) * ثم يوقف
له لان مالكا حين قال يدفع إليه رأيت الوقف له إذا قال الطالب أنا آتى ببينتي إذا
كان قد أثبت بسماع قد سمعوا أو جاء بشاهد * (قال) * فقلت لمالك فان أوقفته فعلى
من النفقة أعلى الذي هو في يديه أم على الطالب (قال) على الذي يقضى له به
(وقال غيره) إنما توقف هذه الأشياء لأنها تحول وتزول وإنما يشهد على عينها
وكذلك هذا في كل ما ادعى بعينه من الرقيق والحيوان والعروض * (قلت) *
لابن القاسم أرأيت أن كانت دورا أو أرضين أو نخلا وما يكون له الغلة لمن الغلة التي
تغتل منها في قول مالك وهل توقف هذه الأشياء (قال) الغلة للتي كانت في يديه
حتى يقضى بها للطالب لأنها لو هلكت كان ضمانها من المطلوب * (قال سحنون) *
وهذا إذا كان المطلوب مشتريا أو صارت إليه من مشتر (قال ابن القاسم) وإنما
الوقف فيما يزول فأما الرباع التي لا تزول ولا تحول فليست مثل ما يزول ولكن
توقف وقفا يمنع من الاحداث فيها * (سحنون) * وقال غيره إذا كلف المدعى
عليه ما ينتفع به بما يثبت المدعى وقفت هذه الأشياء حتى يقضى بها أو لا يقضى
بها (وقال غيره) فان ادعى عليه دينا أو شيئا مستهلكا وسأل القاضي أن يأخذ له
منه كفيلا فان القاضي يسأل الطالب هل له بينة على مخالطة أو حق أو معاملة أو
ظنة فان قال نعم رأيت أن يسأله أحضور هم أم غيب فان قال هم حضور فإن كانوا
على المخالطة والمعاملة والظنة رأيت أن يوكل بالرجل حتى يأتيه بالبينة على ما استحق
به اللطخ فيما قرب من يومه وما أشبهه فان أتى بهم وغيبة شهوده على الحق غيبة
تبعد رأيت أن يستخلف القاضي المدعى عليه ولا يأخذ عليه كفيلا فان ادعى
شهودا حضورا على حق رأيت أن يأخذ له به كفيلا بنفسه ما بينه وبين الخمسة
184

أيام والسبعة إلى الجمعة فان قال للقاضي خذ لي منه حميلا بالمال ان قضيت لي به
عليه لم يأخذ منه كفيلا بذلك المال إنما يأخذ الكفيل ويوقف بالحيوان والعروض
لأنه يحتاج إلى حضوره ليشهد عليه الشهود بعينه فلذلك أخذ منه كفيلا كما يأخذ
كفيلا بنفسه ليحضر فشهد عليه الشهود فأما ما لم يحتج الشهود إلى حضوره ليشهدوا
عليه فان القاضي لا يأخذ منه كفيلا وإن كان الذي ادعى المدعى مالا يبقى ويسرع
إليه الفساد مثل الفاكهة الرطبة واللحم وأقام لطخا لم يوجب به ايقافه أو بينة لم
يعرفها القاضي واحتاج إلى المسألة عنهم فقال الجاحد للقاضي وهو البائع أو المشترى
وهو المدعى أنا أخاف فساده وإن لم يقولاه ان ترك حتى يزكى البينة فإن كان إنما
يشهد للمدعى شاهد واحد وأثبت لطخا وقال لي بينة حاضرة فان القاضي يؤجل
المدعى باحضار شاهده إذا قال عندي شاهد فلا أحلف أو بينة ما لم يخف الفساد على
ذلك الذي ادعى به عليه أو اشترى فان أحضر ما ينتفع به والا خلى بين المدعى عليه وبين
متاعه إن كان هو البائع ونهي المشترى أن يعرض له وإن كان أقام شاهدين فكان
القاضي ينظر في تعديلهما وخاف عليه الفساد أمر أمينا فباعه وقبض ثمنه ووضع
الثمن على يدي عدل فان زكيت بينته قضى للمشترى بالثمن أن كان هو المدعى وأخذ
من المشترى الثمن الذي شهدت له به الشهود فدفع إلى البائع كان أقل أو أكثر
ويقال للبائع أنت أعلم بما زاد ثمن المشترى الذي جحدته البيع على ثمن سلعتك التي
بعت فإن لم تزك البينة على الشراء أخذ القاضي الثمن فدفعه إلى البائع لان بيع القاضي
إنما كان نظرا منه فطاب للبائع وان ضاع الثمن قبل أن يقضى به لواحد منهما فهو لمن
يقضى له به ومنه مصيبته كان تلفه قبل الحكم أو بعد الحكم
(في الوكيل والرسول بالقبض والاقتضاء يقولان)
* (قد اقتضينا أو قبضنا وينكر ذلك المعطي) *
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا بعثت به معه إلى رجل بعينه فقال قد
دفعته إليه وكذبه المبعوث إليه المال أو بعثت به معه صدقة أو هبة إلى رجل بعينه
185

فقال المبعوث معه المال قد دفعت المال وكذبه المتصدق عليه بالمال (قال) قال مالك
على الرسول البينة في الوجهين جميعا والا غرم * (قلت) * له فان قال له تصدق به على
المساكين فقال قد فعلت وكذبه رب المال (قال) القول قول المأمور في هذا الوجه
إذا قال له تصدق به على المساكين * (قلت) * له وما فرق ما بين هذا وبين هذا وبين ما قبله
في قول مالك (قال) لان المساكين أمر لا يشهد عليهم فيما يتصدق به عليهم وقد رضى
بأمانته في الصدقة على المساكين وأما إذا بعث بالمال إلى قوم بأعيانهم صدقة لهم أو
هبة لهم فهذا المبعوث معه هذه الأشياء عليه البينة أنه قد دفع ذلك والا غرم له لأنه لم
يأمره بأن يتلف ماله وفي الصدقة على المساكين قد أمره بتفرقتها فلا غرم عليه
* (قلت) * أرأيت أن كان لي على رجل دين فأمرته أن يدفع ذلك الدين إلى رجل بعينه
فقال المأمور قد دفعت ذلك الدين إلى الذي أمرتني وكذبه الذي أمره أن يدفعه إليه
(قال) عليه الغرم عند مالك إلا أن تكون له بينة * (قال) * وقال مالك ولو أقر
بالقبض الذي أمر أن يدفع إليه المال وقال قد قبضت وضاع مني لم يصدق الذي كان
له عليه إلا أن تكون له بينة أنه قد دفعه إليه والا غرم * (قلت) * أرأيت أن وكلت
رجل يقبض مالا لي على فلان فقال قد قبضته وضاع مني وقال الذي عليه المال قد
دفعته (قال) قال مالك يقيم الذي عليه المال البينة والا غرم * (قلت) * أرأيت أن
وكلت وكيلا يقبض مالا لي على فلان فقال الوكيل قد قبضت المال أو قال قد برئ
إلي من المال أيبرئ الذي عليه الحق بقول الوكيل في قول مالك (قال) قال مالك
لا يبرأ إلا أن تقوم بينة ان الذي عليه الأصل قد دفع المال إليه أو يأتي الوكيل بالمال
(قال) قال مالك إلا أن يكون وكيلا يشترى له ويبيع ويقبض ذلك مفوض إليه. أو وصيا
فهو مصدق وإنما الذي لا يصدق أن يوكله على أن يقبض له مالا على أحد فقط
(في الرجلين يدعيان السلعة وهي بيد أحدهما وأقاما البينة)
* (قلت) * أرأيت لو أن سلعة في يد رجل ادعى رجل أنها له وأقام البينة وادعى
الذي هي في يديه أنها له وأقام البينة لمن هي (قال) للذي هي في يديه عند مالك إذا
186

تكافأت البينتان في العدالة (قال ابن القاسم) وعليه اليمين * (قلت) * فإن كانت السلعة
في يد رجل يدعيها لنفسه وهي دار فأقمت البينة أنها لي وأقام رجل آخر البينة أنها له
وتكافأت بينتي وبينته (قال) لا تؤخذ الدار من الذي هي في يديه لان بينة هذين
قد أكذبت كل واحدة منهما صاحبتها وجرحتها فسقطتا (وقال غيره) ليس هذا
تجريحا ولكنهما لما تكافأت البينة صارا كأنهما لم يأتيا بشئ وبقيا على الدعوى
(في الرجلين يدعيان السلعة ليست في يد واحد منهما ويقيمان البينة)
* (قلت) * أرأيت لو أن سلعة في يدي ادعى رجل أنها له وأقام البينة وادعيت أنا أنها لي
وهي في يدي وأقمت البينة (قال) قال لي مالك هي للذي في يديه إذا تكافأت البينة
(قال ابن القاسم) وعليه اليمين * (قلت) * فإن كانت السلعة ليست في يد واحد منهما
فادعي رجل أنها له وأقام البينة على ذلك وادعى رجل آخر أنها له وأقام البينة على ذلك
(قال) بلغني عن مالك أنه سئل عن الرجل يدعي الشئ ويأتي غيره يدعيه وليس هو
في يد واحد منهما فيأتي هذا ببينة وهذا ببينة (قال) قال مالك ينظر إلى أعدل البينتين
وان قلوا فيقضي بالحق لصاحبهم فإن كانوا سواء وكان الذي شهدوا فيه مما لا يرى الامام
منعهم إياه منعهم حتى يأتوا ببينة أعدل منها (قال) وإن كان مما لا ينبغي للامام أن
يقره ويرى أنه لأحدهما قسمه بينهما بعد أيمانهما كالشئ الذي لم يكن لهما فيه شهادة
فإن كان ما ادعيا شيئا قد اختاره أحدهما دون صاحبه فهو له (قال) وبلغني عن مالك
في القوم يتنازعون عفوا من الأرض فيأتي هؤلاء ببينة ويأتي هؤلاء ببينة فإنه ينظر في
ذلك إلى الثقة بالبينة والعدالة الظاهرة ويحلف أصحابها مع شهادتهم وان كانوا أقل
عددا فإن لم يكن الا تكافيا وتكاثرا لم أرها شهادة وكانت الأرض كغيرها من عفو
بلاد المسلمين حتى تستحق بأثبت من هذا * (قلت) * وما معنى قول مالك حتى تستحق
بأثبت من هذا (قال) حتى يأتي أحدهما ببينة هي أعدل من الأولى
187

(في التكافؤ في البينة هل هو عند مالك في العدد أو في العدالة)
* (قلت) * أرأيت التكافؤ في البينة أهو في العدد عند مالك أم في العدالة (قال) ذلك
عند مالك في العدالة وليس في العدد * (قلت) * فرجلان عدلان في هذه الشهادة ومائة
رجل سواء عند مالك إذا كانت عدالة الرجلين وعدالة المائة سواء (قال) نعم * (ابن
وهب) * عن سفيان الثوري عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة الثعلبي قال اختصم
رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعير فجاء هذا بشاهدين وجاء هذا
بشاهدين فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما * (قال ابن وهب) * قال يحيى
ابن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه إذا كان الشاهدان في العدالة سواء ليس لبعضهم
على بعض فضل استحقا جميعا على ما ادعيا ثم جعله بينهما وإنما قاله يحيى بن سعيد في
رجلين أتيا جميعا يمسكان برأس دابة * (ابن مهدي) * عن حماد بن زيد عن عطاء بن
السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي الزناد أن رجلين ادعيا فرسا فأقام كل
واحد منهما بينة ذوي عدل على أنها فرسه فقضى بها بينهما نصفين
(في تكافؤ البينتين)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا أقام البينة على دور في يدي أو عروض أو عبيد أو
دراهم أو دنانير أو غير ذلك من الأشياء أنها له وأقمت أنا البينة أنها لي من أولى بذلك
في قول مالك (قال) قال مالك إذا تكافأت البينتان في العدالة بحال ما وصفت لك
فالذي هي في يديه أولى بذلك في قول مالك (قال) ولا ينظر مالك في ذلك إلى كثرة
العدد إنما العدالة عنده أن يكون هؤلاء وهؤلاء عدولا وهم في العدالة عند الناس
سواء وان كانت بينة أحدهما اثنين والآخر مائة فكان هذان في العدالة وهؤلاء المائة
سواء فقد تكافأت البينتان فهي للذي في يديه * (قلت) * أرأيت لو أن أحدهما أقام
رجلا وامرأتين وأقام الاخر مائة شاهد وكانت المرأتان والرجل في العدالة مثل المائة
الرجل أليس قد تكافأتا في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا والبينتان
قد تكافأتا عندي إذا كانت الشهادة فيما تجوز فيه شهادة النساء * (قلت) * أرأيت أن
188

أقمت البينة على دار في يد رجل أنى اشتريتها من فلان وأنه كان يملكها يوم باعنيها
وأقام الذي الدار في يديه البينة أنها داره لمن يقضي بها في قول مالك (قال) قال مالك
إذا أقام الذي في يديه الدار البينة أنها داره وأقام رجل آخر البينة أنها له فالذي في
يديه الدار أولى بها فهذا يدلك على مسألتك أن رب الدار أولى بها ألا ترى أن الذي
أقام البينة عليه هذا المدعى أنه اشتراها منه وأنه كان يملكها يوم باعها أن لو كان
هو المدعى وأقام البينة عليها كان رب الدار الذي هي في يديه أولى بها فهذا يدلك
على مسألتك أن رب الدار أولى بها * (قلت) * أرأيت أن أقام البينة أنه اشترى هذه
الدار من فلان وأنه كان يملكها يوم باعها وكانا ممن تجوز شهادتهما أيضا على الذي
باعها وقال الذي في يديه الدار هي داري ولم يقم البينة (قال) يقضي بها للمدعي إلا أن
يكون الذي في يديه الدار قد حازها وهذا حاضر فهذا يكون قطعا لحجة المدعى إذا كان
قد حازها هذا الذي هي في يديه بمحضر من هذا المدعى بحال ما وصفت لك في
الحيازة * (قلت) * أرأيت أن أقمنا جميعا البينة على النتاج أنا والذي الدابة في يديه لمن
تكون (قال) للذي الدابة في يديه * (قلت) * أرأيت النسج أهو مثل النتاج عند
مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أمة ليست في يد واحد منا أقمت البينة أنها سرقت
مني وأنهم لا يعلمون أنها خرجت من ملكي وأقام آخر البينة أنها أمته وانها ولدت عنده
لا يعلمون أنه باع ولا وهب (قال) أقضى بها لصاحب الولادة (قال) ولم أسمع من مالك فيه
شيئا (وقال غيره) إذا كانت بينة النتاج عدولا فإن كانت بينة الآخر أعدل فهي لصاحب
النتاج وليس هذا من التهاتر وإنما ذلك بمنزلة الرجل يقيم البينة أنها له منذ سنة وأقام
الآخر البينة أنها له منذ عشرة أشهر وبينة صاحب العشرة أشهر أعدل من بينة صاحب
السنة إلا أن بينة صاحب السنة عدول أيضا فتكون لصاحب الوقت الأول وكذلك
لو كانت في يدي صاحب الوقت الآخر إلا أن يكون الآخر يحوزها بمحضر من الأول
بما تحاز به الحقوق من الوطئ لها والاستخدام والادعاء لها بمحضر من الأول فينقطع
حقه منها بالحيازة عليه * (ابن وهب) * قال وأخبرني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه
189

كان يقول في رجل نتجت عنده دابة فيما يقول فجاء مدع فادعاها فأقام الذي في يديه
الدابة شاهدين على أنها دابته نتجت عنده وشاهداه من أهل الفضل وجاء الذي ادعاها
بأربعة شهداء أو أكثر فشهدوا أنها دابته قال يحيى يرى أن يستحلف الذي في يديه
الدابة لحيازته إياها مع شاهديه * (قال ابن وهب) * وأخبرني رجال من أهل العلم عن
شريح الكندي وطاوس اليماني أن الدابة للذي هي عنده وقال شريح النتاج أحق من
العراف فأما شريح فذكر حديثه (ابن مهدي) عن حماد بن زيد عن أيوب عن
محمد بن مهدي عن المغيرة عن إبراهيم النخعي في فرس شهد شاهدان أن الفرس
لفلان نتج عنده وشهد شاهدان أن الفرس لفلان نتج عنده فقال هو للذي هو في
يديه * (قلت) * أرأيت لو أن عبدا أقمت أنا عليه البينة أنه عبدي وأقام رجل آخر البينة
أنه عبده وتكافأت البينتان أيقسم العبد بينهما في قول مالك (قال) إذا تكافأت البينتان
ولم تكن السلعة في يد واحد منهما ورأي الامام أن يقسمها بينهما قسمها إذا رأى الامام
ذلك وإنما معنى قوله إن رأي الامام ذلك إذا لم تكن لأحدهما حجة قد استنفد الامام
حجتهما ولم تبق لهما حجة قسمها بينهما * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا ادعى زرعا في
أرض وادعى الآخر ذلك الزرع وأقاما البينة ورب الأرض لا يدعى الزرع لمن
تجعل هذا الزرع (قال) قد أخبرتك بقول مالك في مثل هذا أنه لا يقضى بالزرع
لواحد منهما حتى يشترى ذلك ولكن يسألهما يزيدانه بينة (قال) والذي سمعت عنه
أن كل ما تكافأت فيه البينتان وليس هو في يد واحد منهما أن ما كان من ذلك مما لا
يخاف عليه مثل الدور والأرضين ترك حتى يأتي أحدهما بأعدل مما أتى به صاحبه
فيقضى له به إلا أن يطول زمان ذلك ولا يأتي واحد منهما بشئ غير ما أتيا به أولا
فيقسم بينهما. وكذلك كل ما كان يخاف عليه مثل الحيوان والعروض والطعام فإنه
يستأنى به قليلا لعله أن يأتي أحدهما بأثبت مما أتى به صاحبه فيقضى له به فإن لم يأت
واحد منهما بشئ وخيف عليه قسمته بينهما وكذلك مسألتك في الزرع ورأيي في
الدور والأرضين على ما أخبرتك إذا لم يكن في يد واحد منهما شئ من ذلك ولم
190

يأت واحد منهما بأثبت مما أتى به صاحبه فيقسم ذلك بينهما لان ترك ذلك ووقفه
يصير إلى ضرر * (قلت) * فلو كان رب الأرض يدعي الزرع أيترك الزرع في يد رب
الأرض (قال) نعم * (قلت) * فإن كان الزرع في يد واحد منهما كان أولى بذلك إذا
أقام البينة (قال) نعم * (قلت) * أرأيت لو أن دارا ليست في يدي ادعيت أنها داري
وأقمت البينة وادعى رجل آخر أنها داره وأقام البينة أنها داره أيقضى بها بيننا نصفين
وهل يخرجها من يدي هذا الذي هي في يديه في قول مالك (قال) لا يقضى بها لواحد
منهما حتى يستبرأ ذلك لان مالكا قال في الرجلين يدعيان السلعة وليست في يد واحد
منهما وتكافأت بينتهما (قال) قال مالك لا أقضى بها لواحد منهما وآمرهما أن يزيدا
بينة * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ابنين أحدهما مسلم والآخر نصراني
فادعى المسلم أن أباه مات مسلما وقال الكافر بل مات أبي كافرا القول قول من
وكيف ان أقاما جميعا البينة على دعواهما وتكافأت البينتان (قال) كل شئ لا يعرف
لمن هو يدعيه رجلان فإنه يقسم بينهما فأرى هذا كذلك إذا كانت بينة المسلم
والنصراني مسلمين * (قلت) * لابن القاسم أوليس هذا قد أقام البينة أن والده مات
مسلما صلى عليه ودفن في مقبرة المسلمين فكيف لا يجعل الميراث لهذا المسلم (قال)
ليست الصلاة شهادة (قال) وأما المال فأقسمه بينهما. وأما إذا لم تكن لهما بينة وعرف
أنه كان نصرانيا فهو على النصرانية حتى يقيم المسلم البينة انه مات على الاسلام لان أباه
نصراني يعرف الناس أن أباه كان نصرانيا فهو على النصرانية حتى يقيم بينة أنه مات
على الاسلام لأنه مدع إلا أن يقيما جميعا البينة كما ذكرت لك وتتكافأ البينتان فهو
بينهما (وقال غيره) يكون المال للمسلم بعد أن يحلف على دعوى النصرانية لان بينة
المسلم زادة حين زعمت أنه مسلم
(في الشهادة على الحيازة)
* (قلت) * أرأيت أن شهدوا على دار أنها في يد رجل منذ عشرة سنين يحوزها
ويمنعها ويكريها ويهدم ويبني وأقام آخر البينة أن الدار داره أيجعل مالك الذي أقام
191

البينة على الحيازة وهي في يديه بمنزلة الذي يقيم البينة وهي في يديه أنها له فيكون
أولى بها في قول مالك ويجعل مالك الحيازة إذا شهدوا له بها بمنزلة الملك (قال) قال
مالك بن أنس إذا كان حاضرا يراه يبني ويهدم ويكري فلا حجة له وإن كان غائبا
سأل الذي الدار في يديه فان أتى ببينة أو بسماع قد سمعوا أن أباه أو جده قد
اشترى هذه الدار إذا كان أمرا قد تقادم فأراها له دون الذي أقام البينة أنها له (قال
مالك) لان هاهنا دورا قد عرف لمن أولها قد بيعت وتداولتها المواريث وحيزت
منذ زمان فلو سئل أهلها البينة على أصل الشراء لم يجدوا الا السماع فإذا كان مثل
ما وصفت لك في تطاول الزمان فأتى بالسماع مع الحيازة فأراها له كذلك قال مالك
وإن لم يأت بالسماع ولا بالشهادة وكان الذي يطلب الدار غائبا فقدم فأقام البينة أنها
له رأيتها له (قال مالك) وإن كان حاضرا إذا حازها هذا المشتري دونه فلا شئ للذي
يدعيها * (قلت) * هل كان مالك يوقت في الحيازة عشر سنين (قال) ما سمعت
مالكا يحد عشر سنين ولا غير ذلك ولكن على قدر ما يرى أن هذا قد حازها دون
الآخر فيما يكري ويهدم ويبني ويسكن * (قلت) * أرأيت الدواب والثياب العروض
كلها والحيوان كله هل كان مالك يرى أنها إذا حازها رجل بمحضر من رجل فادعاها
الذي حيزت عليه أنه لا حق له فيها لان هذا قد حازها دونه وهل كان يقول في هذه
الأشياء مثل ما يقول في الدور والحيازة (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن
ذلك عندي مثل ما قال مالك في الدور إذا كانت الثياب تلبس وتمتهن والدواب تكرى
وتركب * (ابن وهب) * عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن
سعيد بن المسيب يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من حاز
شيئا عشر سنين فهو له (قال عبد الجبار) وحدثني عبد العزيز بن المطلب عن زيد بن
أسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله (قال عبد الجبار) عن ربيعة أنه قال إذا كان الرجل
حاضرا وماله في يد غيره فمضت عليه عشر سنين وهو على ذلك كان المال للذي هو في
يديه لحيازته إياه عشر سنين إلا أن يأتي الآخر بالبينة على أنه أكرى أو أسكن أو أعار
192

عارية أو صنع شيئا من هذا وإلا فلا شئ له * (قال ربيعة) * ولا حيازة على غائب
(ما جاء في الشهادة على المواريث)
* (قلت) * أرأيت أن مات عندنا ميت فأتي رجل فأقام البينة بأنه ابن الميت ولم يشهد
الشهود أنهم لا يعلمون له وارثا غيره أتجيز شهادتهم وتعطى هذا الميراث أم لا تعطيه
من الميراث شيئا وهل تحفظ قول مالك في هذا (قال) وجه الشهادة عند مالك في هذا
أن يقولوا انه ابنه وانهم لا يعلمون له وارثا غيره فأرى أن تبطل الشهادة في ذلك
ويسئل وينظر * (قلت) * أرأيت أن أقمت البينة أن هذه الدار دار أبي أو جدي ولم
يشهدوا أنه مات وتركها ميراثا لي أيقضى لي بها السلطان في قول مالك أم لا (قال) لا
حتى يشهدوا انه مات وتركها ميراثا لا يعلمونه أنه أحدث فيها شيئا ولا خرجت من يده
وجل الدور تعرف لمن كان أولها ثم قد تداولها أقوام بعد ذلك فهم ان شهدوا شهدوا
بحق ولا علم لهم بما كان فيها فلا تجوز شهادتهم حتى يشهدوا أنه مات وتركها ميرا
لا يعلمون له وارثا غيره إذا شهدوا ان هذا وارث جده أو وارث أبيه * (قلت) *
أرأيت أن شهدوا أن هذا وارث أبيه وجده ومعه ورثة آخرون (قال) لا يعطى هذا
الا حظه * (قلت) * فحظوظ اخوته أتؤخذ من يد هذا الذي هي في يديه فيضعها
السلطان على يدي عدل (قال) أرى أن لا تعطى منها لهذا الا مقدار حظه وما استحق
من ذلك ويترك السلطان ما سوى ذلك في يدي المدعى عليه حتى يأتي من يستحقه
ولا يخرجه من يديه * (قال سحنون) * وقد كان غيره يقول هذا (1) (وروى) أشهب
عن مالك أنه قال ينزع من يد المطلوب ويوقف * (قلت) * أرأيت لو أن قوما شهدوا
على أن هذه الدار دار جدي وان هذا المولى مولى جدي ولم يحددوا المواريث لم
يشهدوا أن جدي مات فورثه أبي وان أبي مات فورثته أنا (قال) سأل مالكا بعض
أصحابنا وسمعته يسأل عن الرجل يقيم البينة أن هذه الدار دار جده ويكون فيها

(1) كذا في نسخة وفي نسخة أخرى وقد كان يقول غير هذا اه‍
193

رجل قد حازها منذ سنين. قال مالك أما إذا كان الرجل المدعى حاضرا فلا أرى له
فيها حقا لأجل حيازته إياها إذا كان قد حازها سنين ذوات عدد وأما إذا كان
المدعى غائبا وثبتت المواريث حتى صارت له فانى أرى أن يسئل الذي هي في يديه
من أين صارت له فان أتى ببينة على شراء أو سماع على الاشتراء ولم يكن أحد يشهد
على معاينة الشراء وليس من يشهد على البتات الا على السماع فأرى الشهادة جائزة
للذي هي في يديه بالسماع بالاشتراء وإن لم يكن في أصل الشهادة شهادة تقطع
على البيع (قال مالك) لان هاهنا دورا يعرف لمن أولها قد بيعت ولا يوجد من
يشهد على أصل الاشتراء الا بالسماع ثم قال لنا مالك منها هذه الدار التي أنا فيها قد
باعها أهلها وليس أحد يشهد على أصل الشراء الا بالسماع. فإذا أتى الذي في يديه الدار
بأصل الشراء أو بقوم يشهدون على سماع الاشتراء فذلك * (قلت) * فإن لم يأت الذي
في يديه الدار بشئ من هذا لا بقوم يشهدون على الساع ولا بقوم يشهدون على
الشراء أتجعلها للذي أقام البينة انها لجده على ما ثبت في قول مالك (قال) قال مالك
نعم تكون للذي أقام البينة انها لجده إذا كان غائبا * (قلت) * وشهادة السماع هاهنا
إنما هي أن يشهدوا أنهم قد سمعوا أن هذا اشترى هذه الدار من جد هذا المدعي
(قال) إذا تقادم ذلك جازت شهادتهم على السماع وإن كان المشتري حيا لان
الرجل يشتري ويتقادم ذلك حتى يكون اشتراؤه هذا منذ أربعين سنة أو ستين
سنة أو نحو ذلك ولم أوقف مالكا على أنه هو اشتراه بعينه إلا أن الذي ذكر لي
مالك إنما هو في الشراء الذي يتقادم (قال) وأما الذي في الولاء فان مالكا قد أقضى
بالسماع إذا شهدت الشهود على السماع أنه مولاه بالمال ولا أقضى له بالولاء
* (قلت) * أرأيت أن أقام البينة ان الدار دار أبيه وقالت البينة لا نعرف كم الورثة
أيقضي له بشئ من الدار في قول مالك وكيف ان قال الابن إنما أنا وأخي ليس معنا
وارث غيرنا أو قال أنا وحدي الوارث ليس معي وارث غيري أيصدق أم لا في قول
مالك (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولا أرى أن يقضى له السلطان بشئ
194

حتى يقيم البينة على عدة الورثة * (قلت) * أرأيت أن أقمت البينة على دار أنها دار جدي
ولم يشهد الشهود أن جدي مات وتركها ميراثا لأبي وان أبي مات وتركها ميراثا
للورثة ولم يحددوا المواريث بحال ما وصفت لك (قال) سألنا مالكا عنها فقال ينظر
في ذلك فإن كان المدعي حاضرا بالبلد التي الدار فيها وقد حيزت دونه السنين يراهم
يسكنون ويحوزون بما تحاز به الدور فلا حق له فيها وإن كان لم يكن بالبلد التي الدار
بها وإنما قدم من بلد آخر فأقام البينة على أنها دار أبيه ودار جده وثبتت المواريث سئل
الذي الدار في يديه فان أتى ببينة على أصل شراء أو الوجه الذي صارت به إليه أو أتى
بالسماع من جيرانه أو من غير جيرانه أن والده أو جده كان اشترى هذه الدار أو هو
بنفسه إذا طال الزمان فقالوا سمعنا أنه اشتراها وها هنا دور يعرف لمن أولها وقد تقادم
الزمان وليس على أصل الشراء بينة وإنما هو سماع من الناس أن فلانا اشترى هذه
الدار وإن لم يثبت لم يسئل الذي الدار في يديه عن شئ * (قلت) * أرأيت أن أتى
الذي الدار في يديه ببينة يشهدون أنهم سمعوا أن هذا الرجل الذي في يديه الدار
اشترى هذه الدار أو اشتراها جده أو اشتراها والده إلا أنهم قالوا سمعنا أنه اشتراها ولكنا لم نسمع بالذي اشتراها منه من هو (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا
أرى ذلك حتى يشهدوا على سماع صحة أنه اشتراها من فلان أبي هذا المدعي أو جده
(في ايقاف المدعى عليه في الأرض عن العمل فيها)
* (قلت) * أرأيت لو أن دارا في يدي ورثتها عن أبي فأقام ابن عمي البينة انها دار جده
وطلب مورثه (قال) هذا من وجه الحيازة التي أخبرتك (قال) وسمعت مالكا
واختصم إليه في أرض حفرت فيها عين فادعى فيها رجل دعوى فاختصموا إلى صاحب
بعض تلك المياه فأوقفهم حتى يرتفعوا إلى المدينة فأتى صاحب العين الذي كان عملها
فشكا ذلك إلى مالك فقال مالك قد أحسن حين أوقفها وأراه قد أصاب (قال) فقال
له صاحب تلك الأرض اترك عمالي يعملون فان استحق الأرض فليهدم عملي (فقال
مالك) لا أرى ذلك وأرى أن يوقف فان استحق حقه وان الا بينت * (قلت) * لابن
195

القاسم وهل يكون هذا بغير بينة وبغير شئ توقف هذه الأرض (قال) لا توقف
إلا أن يكون لدعوى هذا المدعي وجه
(في الرجل يدعي دارا في يد رجل ويقيم بينة غير)
* (قاطعة فيريد المدعى عليه ان يبيع أو يهب)
* (قلت) * أرأيت رجلا ادعى دارا في يد رجل فأنشب الخصومة فيما بينه وبينه وأقام
البينة إلا أن بينته لم تقطع فأراد الذي الدار في يديه أن يبيع الدار أو يهبها أيمنع من
ذلك في قول مالك للذي أوقع صاحبه عليه من البينة والذي أنشب من الخصومة
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن له أن يبيع أو يتصدق أو يهب ما لم يقض عليه
بذلك لان بيعه ليس مما يبطل حجة هذا ولا تبطل بينته التي أوقع فهذا رد المسألة
الأولى في الوقف (وقال غيره) ليس له أن يبيع لان البيع غرر وخطر
(في الرجل تقوم له البينة على متاعه أيحلف أنه ما باع ولا وهب)
* (قلت) * أرأيت لو أنى ادعيت عبدا بيد رجل فأقمت عليه البينة أنه عبدي أيحلفني
القاضي بالله أني ما بعت ولا وهبت ولا خرج من يدي بوجه من الوجوه مما يخرج
به العبد من ملك السيد (قال) نعم كذلك قال لي مالك * (قلت) * أرأيت كل شئ
ادعيته بيد رجل عبدا أو أمة أو حيوانا أو عروضا أو طعاما أو غير ذلك فأقمت البينة
أنه لي أكان مالك يأمر القاضي أن يحلفه مع بينته بالله الذي لا إله إلا هو ما خرج هذا
الشئ من يديه ببيع ولا بهبة ولا بوجه مما يسقط ملكه عنه (قال) سمعت مالكا
غير مرة يقول في الذي يدعي العبد أو الأمة أو الدابة أو الثوب أنها سرقت منه
ويقيم عليها البينة انه شيئه لا يعلمه باع ولا وهب (قال) مالك فإذا شهد الشهود بهذا
استوجب ما ادعي (قال) فقيل لمالك فلو أن شهود شهدوا على البتات أنه ما باع ولا
وهب (قال مالك) هؤلاء شهدوا على ما لا يعلمون فهذه الشهادة الغموس قال وأراهم
قد شهدوا بباطل (قال مالك) وأرى أن يحلف الامام الذي شهدوا له بالله الذي
196

لا إله إلا هو ما باع ولا أخرجه من يديه بشئ مما يخرج به من ملكه فأرى
كل ما سألت عنه مثل هذا * (قلت) * أرأيت الذي يعرف دابته عند رجل أيلزم
الذي اعترفها أن يأتي ببينة يشهدون أنها دابته لا يعلمون أنه باع ولا وهب (قال) نعم
كذلك قال مالك قال مالك ولا يلزمه أن يأتي ببينة يشهدون على البتة أنه ما باع
ولا وهب (قال مالك) فان شهدت البينة على البتة فأراهم شهود زور (قال مالك)
ويحلف رب الدابة إذا قضى له بها بالله الذي لا إله إلا هو ما باع ولا وهب ولا أخرجها
من يده بوجه من الوجوه يحلف على البتة * (قلت) * فان قال أعرتها أو استودعتها
أيكون هذا خروجا من ملكه في قول مالك (قال) لا يكون هذا خروجا من ملكه
ويأخذ دابته * (قلت) * أرأيت أن أقام شاهدا واحدا في هذا أيحلف مع شاهده
ويستحق دابته (قال) نعم
(في الرجل يقضى له القاضي بالقضية هل يأخذ منه كفيلا)
* (قلت) * أرأيت أن أقمت البينة أن هذه الدار دار أبي أو جدي أو أن هذا المتاع متاع
أبي مات وتركه ميراثا لا وارث له غيري فقضى لي القاضي به هل كان مالك يأمر
القاضي أن يأخذ منى كفيلا إذا أراد أن يدفع إلى ذلك الشئ ء في قول مالك (قال)
ان الكفيل الذي يأخذه القضاة في هذا إنما هو جور وتعد وليس عليهم إذا استحقوا
حقوقهم أن يأتوا بكفلاء * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم بل يعطون حقوقهم
بغير كفالة
(في الاستحلاف على البتات)
* (قلت) * أرأيت لو أنى بعت من رجل سلعة فاقتضيت الثمن وجحدته الاقتضاء
فادعيت قبله الثمن وأردت أن أستحلفه على أنه لم يشتر مني سلعة كذا وكذا بكذا
وكذا وقال أنا أحلف لك أنه لا حق لك على (قال) سألت مالكا عنها فقال لا تقبل
منه اليمين حتى يبين أنه ما اشترى منه سلعة كذا وكذا بكذا وكذا لان هذا
197

يريد أن يورك فلا أرى ذلك له * (قلت) * له ما معنى قول مالك يريد أن يورك
(قال) الا لغاز فيما نوى
(في الشريكين يكون لهما الدين على الرجل فيجحده فيريد)
* (أحدهما أن يستحلفه فيحلف على الكل ثم يريد الشريك) *
* (الآخر أن يستحلفه الثانية على مصابته) *
* (قلت) * أرأيت لو أن متفاوضين ادعي قبل رجل دينا من شركتهما فجحده
الرجل ذلك فأراد المفاوض أن يستحلفه فقال الرجل المستحلف أنا أحلف لك على
حصتك ولا أحلف لك علي حصة صاحبك (قال) أرى أن يحلف على حصته وحصة
صاحبه لأنه في حصة صاحبه موكل بالقبض مفوض إليه أن يشترى ويبيع
ويقبض الثمن في حصة صاحبه * (قلت) * أرأيت أن حلف لهذا ثم أتى صاحبه فأراد
أن يستحلفه أيضا على حصته أيكون له ذلك أم لا (قال) لا يكون له ذلك لأنه قد
حلف لشريكه فلا يكون للوالي أن يستحلفه * (قلت) * وكذلك لو وكلت وكيلا
يقبض مالي على فلان فجحد فلان المال فقدمه وحلف له ثم لقيته بعد ذلك لم يكن لي
أن أستخلفه لان وكيلي قد استحلفه (قال) نعم
(في استحلاف مدعى الحق إذا ادعى قبله القضاء)
* (قلت) * أرأيت أن أقام رجل شاهدين على حق له فقال المشهود عليه أحلفه لي
مع شاهديه (قال) قال مالك لا يحلف وليس عليه يمين إذا أقام شاهدين إلا أن
يدعى أنه قضاه فيما بينه وبينه فأرى أن يحلف الطالب على ذلك فان نكل أحلف
المطلوب وبرئ
(في استحلاف المدعى عليه)
* (قلت) * أرأيت القاضي كيف يحلف المدعى عليه أيحلفه بالله الذي لا إله إلا هو أم
يزيد على هذا الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية (قال) قال مالك
198

يستحلف بالله الذي لا إله إلا هو ولا يزيد على ذلك كذلك قال لنا مالك * (ابن مهدي عن سلام بن سليمان عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس قال
جاء خصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعى أحدهما على الآخر فقال
النبي صلى الله عليه وسلم للمدعي أقم بيتك على حقك فقال ليست لي بينة فقال
النبي صلى الله عليه وسلم للآخر احلف بالله الذي لا إله إلا هو ماله عندك شئ
فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ماله عندي شئ * (قلت) * فأين يحلف الذي يدعى
قبله والذي يستحق بيمينه مع شاهده أين يستحلفهما في قول مالك (قال) قال مالك
كل شئ له بال فإنهما يستحلفان فيه هذان جميعا في المسجد الجامع * (فقيل) *
لمالك أعند المنبر (فقال) مالك لا أعرف المنبر الا منبر النبي صلى الله عليه وسلم وأما
مساجد الآفاق فلا أعرف المنبر فيها ولكن للمساجد مواضع هي أعظم من بعض
فأرى أن يستحلفه في المواضع التي هي أعظم (قال مالك) وعندنا بالمدينة لا يستحلف عند
المنبر الا في ربع دينار فصاعدا * (قلت) * أرأيت الحالف هل يستقبل به القبلة في قول
مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك عليه * (ابن وهب) * عن ابن لهيعة
عن يزيد بن أبي حبيب قال الاستحلاف عند المنبر لم يزل يعمل به منذ بدا الاسلام وان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف عند منبري بيمين كاذبة فليتبوأ مقعده من
النار (قال مالك) وان عمر بن الخطاب أمر أن يجلب إليه إلى الموسم الذي قال لامرأته
حبلك على غاربك فكل عظيم من الامر يحلف في أعظم المواضع وان عمر بن الخطاب
كانت بينه وبين رجل خصومة فرتب عليه عثمان اليمين على المنبر فاتقاها فاقتدى
منها وقال أخاف أن أوافق قدرا وبلاء فيقال بيمينه (قال مالك) وقد اتقاها زيد بن ثابت
حين حكم عليه باليمين عند المنبر وجعل يحلف مكانه * (سحنون) * ولو أن زيدا
كان الحلف عنده على المنبر من الباطل لقالها لمروان (قال مالك) ألا ترى أنه دخل
على مروان فقال أتحل بيع الربا يا مروان فقال مروان أعوذ بالله قال فالناس يتبايعون
الصكوك قبل أن يقبضوها فبعث مروان حرسا يردونها فلو لم تكن اليمين على زيد
199

ابن ثابت في الموضع الذي قال له مروان لقال له ما هذا علي وقد قال له أشد من هذا
ولقد اجتبذه أبو سعيد الخدري بردائه في صعوده المنبر قبل الصلاة في العيد ولقد
قيل له وقد أراد أن يقطع سارقا في ثمر أو كثر فقال له كبير من أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قطع في ثمر ولا كثر فخلى عن
السارق. فما كانوا ليتركوا حقا يحضرونه الا قالوا به أو لا ترى أن العظيم
من الامر مثل اللعان أنه يكون بحضرة الناس وبعد الصلاة لاجتماع الناس وشهرة
اليمين أو لا ترى أن ابن عباس أمر ابن أبي مليكة بالطائف أن يحبس الجارية بعد
العصر ثم يقرأ عليها ان الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ففعل فاعترفت. من
حديث ابن مهدي
(في استحلاف النساء والعبيد في المسجد)
* (قلت) * أرأيت النساء العواتق وغير العواتق والعبيد والإماء وأمهات الأولاد والمكاتبين
والمدبرين أيحلفوا في المساجد (قال) إنما سألنا ملكا عن النساء أين يحلفن فقال أما كل شئ له بال فإنهن يخرجن فيه إلى المساجد فإن كانت امرأة تخرج بالنهار
أخرجت بالنهار وأحلفت في المسجد وان كانت ممن لا تخرج بالنهار أخرجت ليلا
فأحلفت فيه (قال) وإن كان الحق إنما هو شئ يسير لا بال له أحلفت في بيتها إذا كانت
ممن لا تخرج وأرسل إليها القاضي من يستحلفها لصاحب الحق. أما ما سألت عنه
من المكاتب والمدبر وأمهات الأولاد فسنتهم سنة الأحرار إلا أني أرى أن أمهات الأولاد بمنزلة الحرائر منهن من تخرج ومنهن من لا تخرج * (قلت) * هل يجزئ
في هذه المرة التي يستحلف في بيتها رسول واحد من القاضي يستحلفها (قال) ما سمعت من مالك فيها شيئا وأرى أن يجزئ
(في استحلاف الصبيان)
* (قلت) * أرأيت الصبيان هل عليهم يمين في شئ من الأشياء إذا ادعى
200

عليهم أو يحلفوا إذا كان لهم شاهد في قول مالك (قال) قال مالك لا يحلف الصبيان
في شئ من الأشياء حتى يبلغوا
(في استحلاف الورثة على ذكر حق أبيهم إذا ادعى)
* (الغريم أنه قد قضى الميت) *
* (قال) * وقال مالك في الرجل يهلك ويدع أولادا صغارا فيوجد للميت ذكر حق
فيه شهود فيدعي الذي عليه الحق أنه قد قضى الميت حقه (قال) قال مالك لا ينفعه
ذلك (قال) فقلنا لمالك أفتحلف الورثة (قال) قال مالك إن كان فيهم من قد بلغ
ممن يظن أنه قد علم بالقضاء أحلف وإلا فلا يمين عليهم
* (قلت) * فان نكل هذا
الذي يظن أنه قد علم بالقضاء عن اليمين أيسقط الدين كله في قول مالك (قال)
لا يسقط الدين كله ولكن يسقط من الدين قدر حقه أن لو حلف عن الذي عليه الحق
(في استحلاف اليهودي والنصراني والمجوسي)
* (قلت) * هل ذكر لكم مالك أن النصراني أو النصرانية يحلفان في شئ من أيمانهما
في دعواهما أو إذا ادعى عليهم أو في لعانهم أنهم يحلفون بالله الذي أنزل الإنجيل على
عيسى (قال) سمعته يقول لا يحلفون الا بالله فقط * (قلت) * واليهود هل سمعته
يقول يحلفون بالله الذي أنزل التوراة على موسى (قال) اليهود والنصارى عند مالك
سواء * (قلت) * فهل يحلف المجوس في بيت نارهم (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
وأرى أن يحلفوا بالله حيث يعظمون * (قلت) * فأين يحلف اليهود والنصارى (قال) قال مالك في كنائسهم حيث يعظمون (وقال) قال مالك لا يحلفون الا بالله * (ابن وهب) *
عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار أن عمر بن عبد العزيز نهى أن يستحلف النصراني
بغير الله * (قال وهب) * وأخبرني بعض أهل العلم عن رجال من أهل العلم بذلك
* (ابن مهدي) * عن إسرائيل عن سماك بن حرب عن الشعبي أن أبا موسى الأشعري
أحلف يهوديا بالله قال الشعبي لو أدخله الكنيسة لغلظ عليه * (ابن مهدي) * عن
201

سفيان الثوري عن أيوب عن محمد بن سيرين أن كعب بن سوار كان يحلف
بالله وكان يضع على رأسه الإنجيل في المذبح * (قال سحنون) * وان كنا
لا نقول بوضع الإنجيل على رأسه في المذبح ولكنه نزع من يزعم أنه لا يحلف الا
في أعظم مواضعه * (ابن مهدي) * عن سفيان الثوري عن جابر عن الشعبي عن
مسروق أنه كان يحلف أهل الكتاب بالله ويقول أنزل الله على نبيه صلى الله عليه
وسلم وأن احكم بينهم بما أنزل الله وأنزل الله أن لا تشركوا به شيئا * (ابن مهدي) *
عن قيس بن الربيع عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب عن شريح انه خاصم إليه رجل
رجلا من أهل الكتاب فحلفه بالله حيث يكره
(في تعديل الشهود)
* (قلت) * هل كان مالك يقول لا يقضى القاضي بشهادة الشهود حتى يسأل عنهم
في السر (قال) نعم * (قلت) * فهل يقبل تزكية واحد (قال) قال مالك لا يقبل في التزكية
أقل من رجلين (قال) وقال مالك ومن الناس من لا يسئل عنهم ولا يطلب منهم
التزكية لعدالتهم عند القاضي * (قلت) * ويزكى الشاهد عند القاضي وهو غائب (قال)
نعم * (قلت) * أرأيت إذا زكوا في السر أو العلانية أيكتفى بذلك عند مالك (قال) نعم إذا
زكاة رجلان أجزأه
(في تجريح الشاهد)
* (قلت) * أرأيت الشاهد بم يجرح في قول مالك (قال) يجرح إذا أقاموا البينة عليه
أنه شارب خمر أو آكل ربا أو صاحب قيان أو كذاب في غير شئ واحد ونحو هذا
ولا يجرحه الا اثنان عدلان * (ابن وهب) * قال يونس بن يزيد وسألت ربيعة بن أبي
عبد الرحمن عن صفة الذي لا تجوز شهادته فقال ربيعة ترد شهادة الخصم الذي يجر
إلى نفسه والظنين والمغموص عليه في خلائقه وشكله ومخالفته أمر العدول في
سيرته وإن لم يوقفه على عمل يظهر به فساده وترد شهاد العدو الذي لا يؤمن على
202

ما شهد عليه في كل أمر لا يبقى عليه فيه
(في شهادة الزور)
* (قلت) * أرأيت القاضي إذا أخذ شاهد الزور كيف يصنع فيه وما يصنع به في قول
مالك (قال) قال مالك يضربه ويطوف به في المجالس (قال ابن القاسم) حسبت أنه
يريد به في المجالس في المسجد الأعظم * (قلت) * وكم يضربه (قال) على قدر ما يرى
الامام (قال) وبلغني عن مالك أنه قال ولا تقبل له شهادة أبدا وان تاب وحسنت
حاله * (ابن وهب) * وأخبرني رجال من أهل العلم عن مكحول والوليد بن أبي مالك
أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله بالشام إذا أخذتم شاهد زور فاجلدوه أربعين
وسخموا وجهه وطوفوا به حتى يعرفه الناس ويطال حبسه ويحلق رأسه وبعضهم
يزيد الحرف (وقال ابن شهاب) أرى أن ينكل بعقوبة موجعة وأن يسمع به حتى
يجعلوا أحاديث وينكل بهم ويهاب شهود الزور مثل الذي وقع بهم
* (تم كتاب الدعوى بحمد الله وعونه) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويليه كتاب المديان) *
203

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (كتاب المديان) *
* (في حبس المديان) *
* (قلت) * لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت القاضي هل يحبس في الدين في قول مالك بن
أنس (قال) قال مالك لا يحبس الحر العبد في الدين ولكن يستبرئ أمره فان اتهم
أنه قد أخفى مالا وغيبه حبسه وإن لم يجد له شيئا ولم يخف شيئا لم يحبسه وخلى سبيله
فان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه وان كانوا ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة إلا أن يحبسه قدر ما يتلوم له من اختباره ومعرفة ماله وعليه أو يأخذ حميلا * (قلت) * فان عرف له
أموال قد غيبها أيحبسه السلطان أم لا (قال) نعم يحبسه أبدا حتى يأتي بماله ذلك * (قلت) * أرأيت الدين هل يحبس فيه مالك (قال) قال مالك ابن أنس إذا تبين للقاضي الالداد
من الغريم حبسه * (قلت) * فما قول مالك في الالداد (قال) قال مالك إذا كان له مال
فاتهمه السلطان أن يكون قد غيبه قال مالك أو مثل هؤلاء التجار الذين يأخذون أموال
الناس فيقعدون عليها فيقولون قد ذهبت منا ولا يعرف ذلك الا بقولهم وهم في
مواضعهم لا يعلم أنه سرق مالهم ولا احترق بيتهم ولا مصيبة دخلت عليهم ولكنهم
يقعدون على أموال الناس فهؤلاء الذين يحبسون حتى يوفوا الناس حقوقهم * (قلت) *
هل لحبس هؤلاء عند مالك حد (قال) لا ليس لحبس هؤلاء عند مالك حد ولكنه
يحبسهم أبدا حتى يوفوا الناس حقوقهم أو يتبين للقاضي أنه لا مال لهم فإذا تبين له
204

أنه لا مال لهم أخرجهم ولم يحبسهم * (قلت) * فإذا أخرجهم من بعد ما تبين للقاضي
افلاسهم أيكون للطالب أن يلزمهم ويمنعهم من الخروج يبتغون من فضل الله ولا
يفارقهم أو يوكل من يلزمهم في قول مالك (قال) ليس ذلك له عند مالك أن يلزمهم
ولا يمنعهم من الخروج يبتغون من فضل الله ولا يوكل بهم من يلزمهم * (ابن
وهب) * عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر أن عمر بن عبد العزيز كان
لا يسجن الحر في الدين يقول يذهب فيسعى في دينه خير من أن يحبس وإنما
حقوقهم في مواضعها التي وضعوها فيها صادفت عدما أو ملاء * (ابن وهب) * عن
محمد بن عمرو بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي أن أبا بكر الصديق وعمر
ابن الخطاب كانا يستحلفان المعسر الذي لا يعلم له مال أجد له قضاء في قرض ولا
عرض ولئن وجدت له قضاء حيث لا نعلم لنقضينه * (ابن وهب) * قال مالك الامر
عندنا الذي لا اختلاف فيه أن الحر إذا أفلس لا يؤاجر لقول الله تبارك وتعالى
وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة
(في حبس الوالدين في دين الولد والولد في دين والديه والزوجين كل)
* (واحد منهما في دين صاحبه والأجداد والحر والعبد) *
* (قلت) * أرأيت الوالد هل يحبس في دين الولد أو المرأة هل تحبس في دين الزوج
أو الزوج في دين المرأة أو الولد في دين الوالد أو في دين الجد أو الجدة أو الجد في
دين ولد الولد أو العبد هل يحبس في الدين (قال) قال مالك الحر والعبد في الحبس
في الدين سواء إذا تبين للقاضي الالداد فالولد أراه يحبس في دين الوالد لا أشك
فيه ولا أقوم على حفظ قول مالك فيه وأما الوالد فلا أرى أن يحبس في دين الولد
وأما الزوج والمرأة فإنهما يحبسان بعضهما لبعض في الدين وكذلك من سوى
الوالد والوالدة فإنه يحبس بعضهم لبعض في الدين إذا تبين الالداد للسلطان من
المطلوب (قال ابن القاسم) ولا ينبغي للسلطان وإن لم يحبس الوالد والوالدة في دين
الولد أن يظلم الولد لهما وإنما رأيت أن لا يسجنا له لان مالك قال فيما بلغني في الابن
205

يريد أن يستحلف أباه في شئ قال لا أرى أن يحلف له فإذا لم يحلف له فالحلف أيسر
من السجن * (قلت) * أرأيت أهل الذمة في الدين والتفليس مثل المسلمين سواء في
الحبس (قال) قال مالك ذلك في الحر والعبد سواء والنصراني عندي بتلك المنزلة
(في حبس النساء والعبيد في الدين والقصاص)
* (قلت) * أرأيت النساء والرجال في ذلك سواء في قول مالك والعبيد والإماء
والمكاتبين والمدبرين وأمهات الأولاد (قال) نعم كلهم سواء عندنا مثل الأحرار
وهو قول مالك في العبيد * (قلت) * أرأيت النساء هل يحبسن في القصاص والحدود
في قول مالك (قال) نعم
(الحر يؤاجر في الدين)
* (قلت) * أرأيت الحر هل يؤاجر في الدين إذا كان مفلسا أو يستعمل أو يشتغل
(قال) قال مالك لا يؤاجر (قال ابن القاسم) ولا يستعمل مثل قول مالك في الدين
إذا كان مفلسا
(في حبس سيد المكاتب لمكاتبه في دين مكاتبه عليه)
* (قلت) * أرأيت المكاتب إذا كان له على سيده دين أيحبس له السيد في دينه (قال)
قال مالك دين المكاتب إذا كان له على سيده دين من الديون قال عبد الرحمن بن القاسم
فالمكاتب وغيره في هذا سواء (قال) وأرى أن يحبس ان ألد به
(في حبس المكاتب إذا عجز عن نجم من نجومه)
* (قلت) * أرأيت المكاتب عن نجم من نجومه أيحبسه السلطان لمولاه في
السجن في قول مالك (قال) إنما قال مالك في المكاتب يتلوم له ولم يقل يسجن (قال
ابن القاسم) ولا أرى أن يحبس * (سحنون) * لان الكتابة ليست بدين في ذمته إنما
الكتابة جنس من الغلة
206

(في الوصي أو الورثة يقضون بعض دين الميت دون بعض)
* (علموا بدين الميت أو لم يعلموا) *
* (قلت) * أرأيت رجلا هلك وترك مالا وترك ديونا للناس عليه وليس في ماله هذا
الذي ترك وفاء لحق واحد من الغرماء فأخذ الوصي المال أو أخذته الورثة فقضوه
رجلا واحد وهم لا يعلمون بالذين لهم الدين أو كانوا يعلمون فقضوا واحدا من الغرماء
دون بقيتهم (قال) إذا لم يعلموا ببقية الغرماء ولم يكن الميت موصوفا بالدين فلا شئ
على الوصي ولا على الورثة فان علموا أو كان موصوفا بالدين فعليهم ما يصيب هؤلاء إذا
تحاصوا ويتبع الورثة أو الوصي الذي اقتضى المال بما غرموا لهؤلاء الغرماء وان كانوا
لم يعلموا فإنما يتبع الغرماء الذين استوفوا المال ولا يكون على الوصي ولا على الورثة
شئ * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم هو قوله
(في الوصي يقضي بعض غرماء الميت وفي المال فضل ثم يتلف)
* (المال قبل أن يقبض من بقي دينهم) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ديونا للناس عليه وفي ماله وفاء بالدين
فقضى الوصي بعض الغرماء ثم تلف ما بقي من المال (قال) ليس لهؤلاء أن يتبعوا
الذي اقتضى حقه بشئ ما اقتضى لأنه قد كان في المال فضل فيه وفاء لحقوق هؤلاء
* (قلت) * فإن كان في المال فضل ليس فيه وفاء لحقوق هؤلاء (قال) ينظر إلى قدر
ما بقي من حقوقهم بعد فضلة هذا المال فيتبعون الغرماء بذلك * (قلت) * وهذا قول
مالك (قال) نعم * (قلت) * فهل ذكر مالك إذا كان هؤلاء الغرماء الذين لم يقبضوا
حضورا أم غيبا (قال) لم أسأله عن ذلك وإنما قال لنا ذلك مبهما ولم يفسر لنا حاضرا
من غائب * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك وترك عليه ديونا للناس فباع الورثة ماله
وقضوا أهل دينه وفضلت في يد الورثة فضلة من تركته فاقتسموها فقدم رجل فأقام
البينة على الميت بدين له عليه وقد توى (1) ما أخذ الورثة من تركته وأصاب الورثة

(1) التوى بالقصر هلاك المال والفعل من باب صدى ا ه‍
207

عدما أيكون له أن يتبع الغرماء الذين أخذوا دينهم من الورثة في قول مالك (قال)
قال مالك ليس له أنم يتبع الغرماء ولكن يتبع الورثة إذا كان الذي بقي من تركة الميت
في يد الورثة كفافا لدينه وإن كان دينه أكثر مما بقي في يدي الورثة رجع على الغرماء
بما يصير له عندهم أن لو كان حاضرا فحاصهم. وتفسير ذلك أن يكون على الميت دين
ثلاثمائة دينار لثلاثة رجال وتركة الميت مائتان وخمسون دينارا فقضى الورثة غريمين
مائتين ولم يعلم بالآخر وبقيت في يد الورثة خمسون فهو يحاص الغرماء بجميع دينه
فيصير لكل واحد من الغرماء ثلاثة وثمانون وثلث فالخمسون التي في يد الورثة هي
للغريم الذي أحيا دينه يتبع الورثة بها ويتبع اللذين اقتضيا مائة مائة يتبع كل واحد
بسبعة عشر الا ثلثا فذلك ثلاثة وثلاثون وثلث فيصير له ثلاثة وثمانون وثلث بالخمسين
التي في يد الورثة ويصير لكل واحد من الغرماء ثلاثة وثمانون وثلث لأنه رجع على
كل واحد بسبعة عشر الا ثلثا * (قلت) * فإن لم يترك الا مقدار الدين الذي أخذته
الغرماء من تركة الميت الذي دفعه إليهم الورثة (قال) قال مالك يرجع على الغرماء
فيحاصهم بمقدار دينه * (قلت) * ولا يرجع على الورثة بشئ من ذلك أن أصاب الغرماء
عدما (قال) إذا قضت الورثة الغرماء دينهم وهم لا يعلمون بدين هذا الرجل الذي
طرأ عليهم فليس عليهم شئ وان كانوا يعلمون بدينه فان أصاب الغرماء عدما لا مال
عندهم كان له أن يرجع على الورثة بحصته من الدين ويتبع الورثة الغرماء الأولين
بمقدار ما غرموا لهذا الغريم الذي طرأ * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
لأنهم أتلفوا حقه وهم يعلمون بذلك
(في الورثة يتبعون تركة الميت فيستهلكونها ثم يأتي الغرماء)
* (قلت) * أرأيت أن باع الورثة تركة الميت فأكلوها واستهلكوها ثم قدم قوم
فأقاموا البينة على دين لهم على الميت (قال) قال مالك إن كان الرجل الميت معروفا
بالدين فبادر الورثة الغرماء فأخذوا ماله فباعوه واقتسموه وأكلوه كان للغرماء أن
يأخذوا مال الميت حيثما وجدوه ولا يجوز بيع الورثة واتبع الذين اشتروا الورثة
208

وإن كان الرجل الميت لا يعرف فباعوا على مثل ما يبيع الناس تركة ميتهم اتبع
الغرماء الورثة ولم يكن لهم على من اشترى منهم سبيل ولا يأخذون من الذين اشتروا
ما في أيديهم (قال ابن القاسم) أخبرني بهذا عن مالك غير واحد من أصحابنا وهو
رأيي * (سحنون) * عن ابن وهب قال مالك في الرجل يهلك وهو مديان أو غير
مديان معروف كلاهما في حالة ثم يبيع الورثة أمواله فيقسمونها ثم يأتي دين على هذا
الميت فيوجد المال بأيدي الناس الذين اشتروا (قال) أما الذي يعرف بالدين ولا يجهل
أمره فان الغرماء يأخذون ما وجدوا بأيدي الناس الذين اشتروا ويتبع الذين اشتروا
الورثة بأموالهم وأما الذي لا يعرف بالدين ولا يظن به الدين فإنما يتبع غرماؤه الورثة
بثمن ما باعوا كان فيه وفاؤهم أو لم يكن
(في المريض يقضى بعض غرمائه دون بعض)
* (قلت) * أرأيت إذا مرض الرجل أيكون أن يقضي بعض غرمائه دون بعض
(قال) لا لان قضاؤه الساعة إنما هو على وجه التوليج وكذلك قال مالك * (قلت) *
أرأيت أن قضى بعض غرمائه دون بعض في مرضه أيجوز ذلك (قال) لا يجوز ذلك
له إذا كان الدين يغترق ماله لان ذلك على وجه التوليج * (قال سحنون) * وقال
غيره المريض لم تحجر عليه التجارة وهو كالصحيح في تجارته وفي اقراره بالدين
لمن لا يتهم عليه
(في المديان يرهن بعض غرمائه)
* (قلت) * أرأيت من رهن رهنا وعليه دين يحيط بماله إلا أن الغرماء لم يقوموا عليه
أيجوز ما رهن (قال) سألت مالكا عن الرجل يتاجر الناس فيكون عليه الدين
فيقوم رجل عند حلول الأجل بحقه فيلزمه بحقه فيرهنه في ذلك رهنا أتراه له دون
الغرماء (قال) قال مالك نعم ما لم يفلسوه (قال) وقد كان روى مرة عن مالك خلاف
هذا أنهم يدخلون معه وليس هذا بشئ والقول الأول الذي سمعت منه وقال لي
209

هو الذي عليه جماعة الناس وهو أحق به فإنما الرهن بمنزلة القضاء أن لو قضى أحدا
منهم قبل أن يقوموا عليه ويفلسوه فقضاؤه جائز ولا أبالي بحدثان ذلك قاموا عليه
أو غيره إذا كان قائما ببيع ويتاجر الناس فقضاؤه وبيعه جائز * (قال ابن وهب) *
وقال الليث مثل قول مالك
(في الدين يكون للرجلين على الرجل فيؤخره أحدهما بحصته)
* (قلت) * أرأيت لو أن لرجلين على رجل دينا أخره أحدهما بحصته أيجوز هذا أم لا
في قول مالك (قال) ذلك جائز * (قلت) * أرأيت أن توى ما على الغريم من حصة
هذا الذي أخره وقد أقضى صاحبه أيكون له فيما اقتضى صاحبه شئ في قول مالك
أم لا (قال) لا
(في الدين يكون للرجلين فيقبض أحدهما حصته باذن شريكه أو بغير إذنه)
* (قلت) * أرأيت لو أن دينا لي ولرجل آخر على رجل بأفريقية فخرجت في اقتضاء
نصيبي وأقام شريكي أيكون لشريكي أن يتبعني في قول مالك (قال) نعم وإنما
لا يكون له فيما اقتضيت أنت شئ إذا كنت قد عرضت على شريكك الخروج فأبى
(القضاء في الدين)
* (قلت) * أرأيت لو أن والدنا هلك وعليه دين مائة دينار فعزلنا المائة دينار من ميراثه
واقتسمنا ما بقي فضاعت المائة ممن ضياعها (قال) ضياعها عليكم والدين بحاله
* (قلت) * أسمعته من مالك (قال) هذا رأيي (قال) وإن كان السلطان قبضها للغائب
وقسم ما بقي من ميراث الميت فضاعت فهي في مال الغريم وهو قول مالك
(الرجلان يكون لهما الدين فيبيع أحدهما نصيبه من المديان)
* (فيريد شريكه في الدين أن يتبعه بنصيبه) *
* (قلت) * أرأيت لو أن دينا لي ولرجل آخر بكتاب واحد على رجل بعت نصيبي
من ذلك الدين للذي عليه الدين بعرض أيكون لشريكي أن يتبعني بشئ أم لا (قال)
210

نعم أرى أن يرجع عليك فيأخذ نصف ما بعت به فإذا استوفى حقه رجعت فأخذت
منه مقدار ما أخذ منك ومضى الصلح عليك وذلك أنه يأخذ منه مما اقتضى نصف
قيمة العرض الذي أخذ منه يوم أخذ ذلك من الذي عليه الدين وإنما ذلك عندي
بمنزلة ما لو أن أحد الشريكين اقتضى خمسة وكان حقهما عشرين دينارا لكل واحد
عشرة فاقتضى أحدهما خمسة وترك خمسة فإنه يأخذ الشريك الذي لم يدع شيئا
من الذي أخذ الخمسة دينارين ونصف دينار ثم إذا اقتضى صاحبه العشرة رجع
عليه بالدينارين ونصف فأخذهما منه ولو كان إذا أخذ منه نصف ما اقتضى وجب له
بذلك نصف حق صاحبه الذي بقي لكان إذا اقتضى صاحبه منه العشرة أخذ منه
خمسة وإنما دفع إليه دينارين ونصفا فهذا لا يستقيم * (قال سحنون) * وقد قيل إنه إذا
أخذ أحد الغريمين في نصيبه عرضا ان الشريك بالخيار ان شاء جوز له ما أخذ واتبع
الغريم بجميع حقه وان شاء شارك صاحبه فيما أخذ فكان له نصفه بنصف حقه واتبعا
جميعا الغريم بما بقي لهما وهو نصف جميع الحق فاقتسماه إذا اقتضياه والذي صالح على
خمسة دنانير ان صاحبه يرجع عليه ويأخذ منه دينارين ونصفا ويتبعان الغريم جميعا
ثم يتبعه المصالح عن عشرة بخمسة بدينارين ونصف الذي أخذ منه شريكه ويتبع
الشريك الذي لم يصالح بسبعة دنانير ونصف
(في الرجل يموت وبينه وبين رجل خلطة فيدعى)
* (بعض ورثته أن له على الخليط دينا) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك وقد كانت بينه وبين رجل خلطة فادعى ولد
الهالك أن لأبيهم على هذا الرجل الذي كانت بينه وبين أبيهم خلطة دينا فأقر
أو أنكر فصالحه أحدهم على حقه فدفع إليه دراهم أو دنانير أو دفع إلى أحدهم عرضا
من العروض على انكار من الذي يدعى قبله أو على اقرار أيكون لأخويه أن يدخلوا
معه في الذي أخذ من هذا الرجل (قال) قال لي مالك كل ذكر حق كان لقوم
بكتاب واحد فاقتضى بعضهم دون بعض فان شركاءهم يدخلون معهم فيما اقتضوا
211

وإن كان كتب كل انسان منهم ذكر حقه على حدة وان كانت صفقة واحدة
فان من اقتضى من حقه شيئا لا يدخل معه الآخرون بشئ * (قال) * وقال مالك
وإن كان لقوم ذكر حق واحد على رجل وهو غائب فأراد بعضهم أن يخرج إليه
في حقه فأبى الآخر (قال) يعرض الذي أراد الخروج على المقيم الخروج فان وكل
معه وكيلا أو خرج كانوا شركاء فيما اقتضوا وان أبي أشهد عليه وخرج وكان
ما اقتضى له دون شريكه فهذا يدلك على مسألتك التي سألت عنها * (قلت) * فإن كان لي ولصاحبي دين على رجل في ذكر حق واحد فأخذت أنا بذكر حقي عرضا
من العروض أيكون لشريكي أن يدخل معي في هذا العرض والدين إنما كان دراهم
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى ذلك له ان أراد
(في المريض يؤخر غرماءه في مرضه)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا مريضا وكان ماله كله دينا على رجل فأوصى المريض
أن يؤخروا ذلك الدين عنه إلى أجل مسمى فمات فقالت الورثة لا نجيز الا الثلث فانا
نؤخر الثلث عنك إلى ذلك الاجل وأما الثلثان فعجله لنا وقال الموصى له بالتأخير بل
أخروني بجميع المال أو أبرأوا إلي بجميع ثلث المال (قال) إن لم يفعلوا ويؤخروه بجميع
المال برئوا إليه من ثلث مال الميت بتلا في قول مالك لان مالكا سئل عن الرجل
يوصى للرجل بمائة دينار ولا يملك غيرها يعمل بها سنة فيقول الورثة لا نجيز (قال) اما أمضوا ذلك له واما قطعوا له بثلثها بتلا
(في المريض يقر أنه قبض دينه من غريمه)
* (قلت) * أرأيت أن أقر في مرضه أنه قد قبض دينه الذي كان له على فلان أيجوز
أم لا (قال إن كان وارثا وكان ممن يتهم أن يكون إنما أراد أن يولج ذلك إليه لم يقبل
قوله وإن كان من الأجنبيين الذين لا يتهم عليهم جاز ذلك * (قلت) * أرأيت أن كان
الصداق على الزوج ببينة أنه مؤخر عنه فأقرت المرأة في مرضها أنها قد قبضت
212

صداقها (قال) لا يقبل قولها * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) بلغني ذلك عنه
(في اقرار المريض لوارث بدين)
* (قلت) * أرأيت أن أقر لوارث بدين في مرضه الذي مات فيه أيجوز ذلك في قول
مالك (قال) قال مالك لا يجوز ذلك الا ببينة (قال) فقيل له فالرجل يقر لامرأته في
مرضه بالمهر يكون عليه أو بالدين (قال) ينظر في ذلك فإن كأن لا يعرف منها إليه ناحية
ولا انقطاع وله ولد من غيرها جاز ذلك وإن كان يعرف منه انقطاع إليها ومودة وقد
كان الذي بينه وبين ولده متفاقما ولعل لها الولد الصغير قال مالك فلا أرى أن
يجوز ذلك * (قلت) * أرأيت الورثة أهم بهذه المنزلة على ما وصفت لي من أمر المرأة
يكون بعضهم له إليه الانقطاع والمودة وآخر قد كان يعرف منه إليه البغضاء
أيكونون بحال ما وصفت لي من المرأة (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى
أن يجوز ذلك وإنما رأى ذلك مالك في المرأة وقال لا يتهم إذا لم يكن له منها ولد
ولا ناحية مودة يعرف أنه يقر بماله من ولده إلى غيرهم فأما الولد أو الاخوة كلهم
إذا كانوا هم ورثته فلا أرى ذلك ولو كان يترك ابنته ويترك عصبة يرثونه بولاء أو
قرابة يلقونه فأقر لهم بمال لم يتهم ان يقر إلى العصبة دون ابنته ويترك عصبة يرثونه
بولاء أو قرابة (قال ابن القاسم) وأصل ما سمعت من مالك بن أنس إنما يريد بذلك
التهمة فإذا لم تقع التهمة لقرار يقر به إليه دون من يرثه معه لم يتهم وجاز فهذا يجزيك
من ذلك كله * (سحنون) * عن ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد
أنه قال أيما امرئ قال لفلان في مالي كذا وكذا مال يسميه دينا عليه قال إن كان
وارثا بطل (وقال) يحيى بن سعيد من ذكر عند الموت أنه تصدق بصدقة من ماله
ولو كان عدلا أو غير عدل لم يجز ذلك إلا أن يجيزه الورثة فان شاؤوا ردوها وان شاؤوا
أجازوها (وقال) شريح الكندي لا يجوز اقرار الميت بدين لوارث (قال ابن وهب)
وقال إبراهيم النخعي لا يجوز الا ببينة
213

(في المديان يقر في مرضه بدين لوارث)
* (قلت) * أرأيت أن هلك رجل وعليه دين لرجل ببينة فأقر في مرضه بدين لصديق
ملاطف أو لامرأته والدين الذي عليه ببينة يغترق ماله (قال) قال مالك لا يقبل قوله
(قال) ولقد سئل مالك عن رجل كان عليه دين وأقر لأخت له بدين عليه قال مالك
لا يجوز ذلك إلا أن يكون لها بينة على الدين * (فقيل) * لمالك انها قد كانت تقتضيه منه في
حياته (قال) ان كانت لها بينة أنها كانت تقتضي * (سحنون) * معنى قول مالك أن
ذلك لها ويلزمه الاقرار لها بالدين
(في اقرار الوارث بدين على الميت)
* (قلت) * أرأيت أن هلك أبي وترك ألفي درهم وتركني وأخا لي فأقر أحدنا أن
لهذا الرجل على أبينا ألف درهم وأنكر الأخ الآخر (قال) قال مالك بحلف مع
هذا الذي أقر له ويستحق حقه إذا كان الذي أقر له عدلا ويكون الميراث فيما ما بقي
بعد حقه (قال مالك) وان أبى أن يحلف أخذ من حق هذا الذي أقر له نصف دينه
وهو خمسمائة درهم لان الذي أقر بما أقر إنما أقر أن دينه في حقه وحق أخيه
(في اقرار الرجل للرجل عليه ببضعة دراهم)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال لفلان بضعة عشر درهما كم البضع عند مالك
(قال) ما بين الثلاث إلى التسع (قال مالك) فان اختلفوا في البضع لم يعط الا ثلاثة
دراهم إذا زعم ذلك المقر له بها
(في الشهادة على الميت بدين)
* (قلت) * أرأيت أن شهد وارثان بدين على الميت أو شهد واحد أيجوز ذلك في
قول مالك (قال) نعم وإن كان إنما شهد له شاهد واحد حلف مع شاهده
واستحق حقه إذا كان عدلا وان نكل أن يحلف معه أخذ من شاهده قدر الذي
214

يصيبه من الدين فإن كان سفيها لم تجز شهادته ولم يرتجع عليه في حظه بقليل
ولا كثير * (قلت) * أرأيت أن أقام رجل على رجل شاهدين بدين له عليه وأقمت
أنا عليه شاهدا واحدا بدين لي عليه فحلفت مع شاهدي أيثبت حقي كما يثبت حق
صاحب الشاهدين ونتحاص في مال هذا الغريم بمقدار ديني ومقدار دينه (قال) نعم
(في الرجل يأمر الرجل بأن يدفع عنه مالا إلى رجل صلة من الآمر)
* (للمأمور له ثم يموت الآمر قبل أن يدفع) *
* (وليس له قبل المأمور بالدفع دين) *
* (قلت) * أرأيت أن قال رجل لرجل ادفع إلى فلان مائة درهم صلة مني له فقال نعم
وليس للذي وصل قبل الذي أمره بأن يدفع دين فمات الذي أمر قبل أن يدفع
المأمور الصلة إلى المأمور له بالصلة (قال) قال مالك في الرجل يبعث بالهدية إلى
الرجل فيموت الباعث قبل أن تصل الهدية إلى المبعوث إليه قال مالك إن كان الذي
بعث بها أشهد عليها حين بعث بها إليه فهي للذي بعث بها إليه وان مات الذي بعث
بها قبل أن تصل إلى المبعوث إليه (قال) وقال لي مالك في الرجل يتصدق على
الرجل بالدين يكون له على رجل ويشهد له بذلك ثم يموت الذي تصدق قبل أن
يقبض الذي تصدق به عليه قال مالك هي للمتصدق عليه وان مات الذي تصدق بها
قبل أن يقبضها فهي للمتصدق بها عليه. وهذا في مسألتك إن كان قد أشهد على هذه
الصلة ورضي بأن تكون سلفا عليه من قبل المأمور بالدفع وأشهد بذلك فهي حيازة
جائزة من الذي وصل بها وما قبل هذا يدلك على هذا. ومن ذلك أيضا أن مالكا
قال في الرجل يزوج الرجل ويصدق عنه فيموت الذي أصدق عنه قبل أن تقبض
المرأة صداقها ان ذلك في رأس ماله دينا عليه وإن لم تقبض المرأة مهرها حتى مات
فهو دين في جميع ماله * (سحنون) * وقال غيره إذا مات الذي وصل قبل أن يقبضها الذي وصل بها فتصير دينا على الذي وصل بها فليس للذي وصل بها شئ
215

(الرجل يستقرض الرجل دراهم فيأمر رجلا له عليه دراهم)
* (أن يدفعها إليه قرضا منه له فيعطيه مكان) *
* (الدراهم دنانير بم يرجع عليه) *
* (قلت) * أرأيت لو أن لي على رجل دراهم فأتاني رجل فقال أقرضني دراهم فأمرت
الذي لي عليه الدراهم أن يدفعها إليه قرضا مني فأعطاه مكان الدراهم التي كانت لي
عليه دنانير أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * بم يرجع عليه الذي
أقرض رب الدين (قال) اختلف قول مالك في هذا وأحب ما فيه إلي أن يأخذ
منه الدراهم لأنه إنما أقرضه دراهم فباعها قبل أن يقبضها بدنانير ولو أراد المقرض أن
يمنعه أن يبيع تلك الدراهم التي أقرضه من الذي أمره أن يدفعها إليه لم يكن ذلك
للمقرض بعد أن أسلفها إياه * (قلت) * وكذلك لو أنه أخذ بها بيعا (قال) نعم وهو
قول مالك * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا أتاني فقال لي أقرضني خمسة دنانير فأمرت
رجلا لي عليه خمسة دنانير أن يدفعها إلى هذا المستقرض منى ولهذا الرجل الذي
أمرته ان يدفع الخمسة الدنانير على هذا المستقرض مني مائة درهم فقال له الذي أمرته
أن يدفع إليه الخمسة الدنانير أقاصك بالمائة الدرهم التي لي عليك أيصلح هذا في قول
مالك (قال) هذا جائز إذا كانت المائة التي على المستقرض الدنانير قد حلت للذي
أمر أن يعطيه الدنانير
(في الرجل يأمر الرجل أن ينقد عنه غريمه دراهم فيبيعه بها جارية)
* (فيريد أن يرجع عليه بم يرجع عليه) *
* (قلت) * أرأيت لو أني أمرت رجلا أن ينقد عني فلانا ألف درهم فباعه بها جارية أو
عرضا من العروض أو شيئا مما يكال أو يوزن غير الورق والدنانير فأراد أن يرجع
علي بم يرجع علي (قال) ليس له الا مثل ما أمرته به في جميع ذلك كان الذي دفع
إلى المأمور ورقا أو كان ذهبا أو غير ذلك لأنه قد أسلفه الذي أمر
216

بالدفع سلفنا منه للذي أمره * (سحنون) * وقد ذكر عن مالك فيه اختلاف أنه
لا يربح في السلف * (قال سحنون) * وهو بيع حادث لو شاء الذي أمرته أن لا يأخذ
الا الدنانير أخذها على ما أحب أو كره * (قال سحنون) * قال لي ابن القاسم وهذا
أحسن ما سمعت
(الرجل يأمر الرجل أن ينقد عنه غريمه دينا ثم يموت)
* (القائل قبل أن يأخذ الغريم دينه) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال لرجل انقد عنى فلانا ألف درهم فمات القائل قبل
أن يأخذ فلان المال (قال) قال مالك في الرجل يقول للرجل ادفع إلى فلان عنى
مائة دينار فأنعم له بذلك (قال) إن كان أهل الدين اقتعدوا على موعد من الذي
قال له الميت ادفع عنى قرضي بدلك ورضوا به وانصرفوا على موعد منه لزمه الغرم
لهم فكذلك مسألتك * (سحنون) * وهذه حمالة
(الرجل يعجل دينه قبل محله)
* (قلت) * أرأيت لو أن لرجل على رجل دينا من دراهم أو دنانير أو عرضا من العروض
إلى أجل من الآجال من قرض أو من ثمن بيع فأراد الذي عليه الدين أن يعجله قبل
محل أجله وقال الذي له الدين لا أقبله حتى يحل الاجل (قال) قال مالك إذا كان الدين
عينا فإنه يجبر الذي له الدين على أخذه وإن لم يحل أجله من قرض كان الدين أو من
بيع (قال مالك) وإن كان الدين عرضا من قرض طعاما أو حيوانا أجبر على أخذه
قبل الاجل وإن كان الدين من بيع ابتاعه وهو عرض أو طعام أو حيوان إلى أجل لم يجبر الذي له الدين على أن يأخذه قبل محل الاجل (قال) وهذا الذي ذكرت
إذا كان عرضا من قرض أو طعاما أو حيوانا فأداه قبل محل الاجل فإنه لا يجبر على
أخذه وهو أيضا قول مالك وإنما بلغني عن مالك
217

(في الرجل يموت وعليه دين فيأتي رجل فيضمن دينه)
* (ثم يريد أن يرجع به فيما ترك أو يبدو له فيما ضمن) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا مات وعليه دين وله مال أو لا مال له فقال رجل أنا
ضامن لدينه أيكون له أن يرجع في مال الميت إذا أدى دين الميت وكيف إن لم يكن
للميت مال فقال لا أدفع ما ضمنت أيلزمه ذلك في قول مالك أم لا (قال) اما إذا
كان للميت مال فله أن يرجع في مال الميت إذا قال إنما أديت لا رجع في ماله فإن لم
يكن له مال فان ذلك لازم له وليس له أن يأبى الأداء * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) نعم هذا قول مالك إذا كان له مال (قال) ولو ضمن ذلك عن الميت ولا مال
للميت وهو عالم بذلك ثم بان للميت مال بعد ذلك لم يرجع فيه بشئ ورأيته غرما
غرمه على وجه الحسبة * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا مات وعليه دين فقال رجل أنا
ضامن لدينه ثم قال بعد ذلك قد بدا لي أيلزمه ذلك في قول مالك (قال) نعم ذلك
لازم عند مالك ألا ترى أن المعروف إذا أشهد به الرجل على نفسه عند مالك لازم
له * (سحنون) * عن ابن وهب وسمعت عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج يحدث
أنه بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الحميل غارم
(الرجل يقول للرجل أنا أقضيك دينك الذي لك على فلان فقضاه)
* (ولم يكن المديان أمره فيريد أن يرجع به على المديان) *
* (قلت) * أرأيت لو أتى رجل إلى رجل فقال أنا أؤدي إليك دينك الذي لك على
فلان فأدى له عن فلان ولم يكن فلان الذي عليه الدين أمره بذلك فأراد أن يرجع
على الذي كان عليه الدين بما أدى عنه أيجوز له ذلك في قول مالك أم لا (قال)
سمعت مالكا وسئل عن رجل ابتاع دينا على رجل وقد كان بين المشترى وبين
الذي عليه الدين عداوة (قال) ان علم أنه إنما أراد بذلك ضرره وتعبه وعنته في ذلك
فلا أرى أن يمكن من ذلك فهذا يشبهه عندي ان علم أنه إنما أداة عنه من غير أمره
218

يريد بذلك ضرره وعنته وسجنه وانه لا شئ عنده منع من ذلك وإن كان ذلك منه
على وجه المرفق بالذي عليه الدين فذلك جائز (قال ابن القاسم) إذا علم أنه إنما
أراد ضرره لم يجز ذلك البيع ورد * (قلت) * وكذلك أن قال رجل لامرأة أنا أؤدي
المهر الذي لك على زوجك وقد دخل بها أو لم يدخل بها أهو مثل هذا (قال) نعم
هو عندي مثله لا يجوز ذلك إذا عرف أنه يريد عنته
(في الرجل يوكل وكيلا يقبض دينه فيدعي)
* (أن قد قبض الدين وضاع منه) *
* (قلت) * أرأيت أن وكلت رجلا يقبض مالا لي على فلان فقال قد قبضته وضاع مني
وقال الذي عليه الدين قد دفعته (قال) قال مالك يقيم الذي عليه الدين البينة
والا غرم * (قلت) * أرأيت أن وكلت رجلا يقبض مالي على فلان فقال الوكيل
قد قبضت المال أو قال قد برئ إلى من المال أيبرأ الذي عليه الأصل بقول الوكيل
في قول مالك (قال) قال مالك لا يبرأ إلا أن تقوم بينة أن الذي عليه الأصل قد
دفع المال إليه أو يأتي الوكيل بالمال * (قال) * وقال مالك بن أنس لا يبرأ إلا أن يكون
وكيلا يشترى ويبيع ويقبض ذلك مفوض إليه فهو مصدق وإنما الذي لا يصدق أن
يوكله يقتضى مالا له على أحد فقط
(الوصي يدعى أنه قد قبض دين الميت)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا أوصى إلى رجل وللميت على الناس دين فقال الوصي
للغرماء قد برئتم إلي من المال وقد قبضت المال ثم كبر اليتامى فقالوا للغرماء هلم ما
دفعتم من المال أيبرأ الغرماء من الدين بقول الوصي (قال) نعم * (قال ابن القاسم) *
وأخبرني ابن أبي حازم عن ابن هرمز أنه سئل عن رجل أوصى إليه رجل وله ديون
على الناس فتقاضى الوصي من الغرماء فقالوا قد دفعناها إليك وأنكر فأراد الغرماء
أن يحلفوه (قال) لهم أن يحلفوه (قال) لهم أن يحلفوه فان نكل عن اليمين ضمن المال وذلك رأيي فان أقر
219

الوصي بالقبض سقط الدين عن الغرماء (قال) وسألت مالكا عنها فقال لي إن كان الشئ
اليسير فالوصي ضامن أن نكل عن اليمين فأما إذا كثر المال قال مالك لا أدرى * (قال
ابن القاسم) * ورأيي مثل قول ابن هرمز كل ذلك عندي سواء قل أو كثر فإن لم يحلف
ضمن * (قلت) * لم هرب مالك فقال لا أدرى إذا كثر المال (قال) خوفا من أن
يبطل أموال اليتامى قال وخوفا من أن يضمن الوصي لأنه أمين لهم فوقف عنها وقال
لا أدرى * (قلت) * ففي مسألتي إذا قال قد قبضت فسقط الدين عن الغرماء بقوله
أرأيت أن قال مع ذلك قد قبضته من الغرماء وضاع أيصدق (قال) نعم
(في الوصي يدفع إلى غرماء الميت ديونهم بغير بينة)
* (قلت) * أرأيت أن أوصى رجل إلى رجل وعليه للناس ديون فباع الوصي تركته
وأوفى الغرماء مالهم على الميت بغير بينة فجحدوه ما قبضوا وطلبوا دينهم والوصي
يقول قد قبضت أيضمن الوصي لأنه قد دفع بغير بينة (قال) إن لم يقم الوصي البينة
غرم لأنه أتلف أموالهم حين لم يشهد * (قال) * وسألت مالكا عن الوصي يقتضى من
غرماء الميت دينا للميت عليهم فيزعمون أنهم قد دفعوا إليه وينكر الوصي فيقولون له
احلف فيأبى أن يحلف أترى أن يضمن (قال) قال مالك أما الشئ الكثير فاني لا أدرى
ما هو ووقف عنه قال وإن كان الشئ اليسير فأراه ضامنا إن لم يحلف * (قال ابن القاسم) *
وأخبرني ابن أبي حازم عن ابن هرمز أنه قال يضمن ذلك كله القليل والكثير إن لم
يحلف * (قال ابن القاسم) * وأرى أن يضمن القليل والكثير وهو رأيي
(اليتيم يحتلم ولم يؤنس منه الرشد يبيع ويشترى)
* (أو يهب أو يتصدق أو يعتق) *
* (قلت) * أرأيت قول الله تبارك وتعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان
آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم أرأيت أن احتلم الغلام أو حاضت الجارية ولم
يؤنس منهما الرشد (قال) قال مالك لو خضب بالحناء ولم يؤنس منه الرشد لم يدفع
220

إليه ماله ولا يجوز له في ماله بيع ولا شراء ولا هبة ولا صدقة ولا عتق حتى يؤنس
منه الرشد وما وهب أو تصدق أو أعتق قبل أن يؤنس منه الرشد ثم أنس منه
الرشد فدفع إليه ماله قال مالك لا يلزمه ذلك العتق ولا تلك الصدقة ولا تلك الهبة
بقضاء ولكنه ان فعل ذلك من قبل نفسه فأجاز ما كان صنع فذلك جائز (قال) وأنا
أرى أن الصدقة والهبة لغير الثواب بمنزلة العتق في هذا أستحب له أن يمضيه ولا
أجيره في القضاء على ذلك * (سحنون) * عن ابن وهب أنه سأل ربيعة بن أبي
عبد الرحمن ما صفة السفيه وما يجوز عليه من نكاح أو غيره (قال) الذي لا يثمر ماله
في بيعه ولا ابتياعه ولا يمنع نفسه لذتها وان كانت سرفا لا يبلغه قوامه يسقط في المال
سقوط من لا يعد المال شيئا وهو الذي لا يرى له عقل في مال * (قال يونس) * قال ابن
شهاب يجوز طلاقه ولا يجوز نكاحه الا بأذن وليه * (وأخبرني) * ابن أبي ذئب أن
سفيها طلق امرأته وأراد أن يأخذ ماله وكان القاسم بن محمد وليه فأجاز القاسم عليه
الطلاق ومنعه ماله * (قال يونس) * عن ربيعة أما العتاقة فلا تجوز إلا أن تكون ولدت
منه السرية وذلك أن السفيه يولى عليه ماله ومن ولى عليه ماله فلا عتاقة له ولا بيع
ولا هبة وأما كل شئ ليس للسفيه منه الا المتعة من زوجة أو أم ولد فرأى السفيه
فيه جائز طلاقه جائز وعتقه أم ولده جائز. لابن وهب
(مال المحجور عليه ما وهب له وما استفاد يحجر عليه)
* (قلت) * أرأيت ما وهب للمحجور عليه من مال أيدخل ذلك المال في المال المحجور
عليه فيه (قال) نعم لان مالكا لو أن سفيها تجر فأصاب مالا يحجر عليه فيه ولقد
سألنا مالكا عن المولى عليه يدفع إليه وليه المال ليتجر به يختبره ويخلي بينه وبين
التجارة فيركبه الدين انه لا يلزمه من ذلك الدين شئ لا فيما في يديه ولا في غيره مما
يحجب عنه (قال) فقلنا لمالك انه قد خلى بينه وبين التجارة (قال) هو مولى عليه
ولا يجوز عليه شئ من ذلك الدين
221

(في اشتراء المحجور عليه طعامه وما يصلحه)
* (قلت) * أرأيت المحجور عليه أيجوز أن يشترى اللحم بالدرهم والبقل والخبز لبنيه
أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا لأنه يشترى هذا ومثله لأنه
يسير وهو يدفع إليه نفقته فيشترى بها ما يصلحه
(استئجار العبد بغير إذن مولاه وأم الولد)
* (والمرأة بغير إذن زوجها) *
* (قلت) * أرأيت أم الولد إذا أرادت أن تتجر فمنعها السيد من ذلك أيكون ذلك
للسيد أم لا (قال) ذلك للسيد عند مالك لان مالكا قال للسيد أن ينزع مال أم ولده
فلما كان له أن ينزع مالها كان له أن يمنعها من التجارة * (قلت) * أرأيت امرأة رجل
أرادت أن تتجر فأراد زوجها أن يمنعها من ذلك (قال) مالك ليس له أن يمنعها من
التجارة ولكن له أن يمنعها من الخروج
(في مداينة المولى عليه واستخباره)
* (قال) * وسألنا مالكا عن الوصي يحتلم الغلام الذي قد أوصى به إليه ويرى منه
بعض ما يريد أن يختبر في حالاته فيدفع إليه الخمسين الدينار أو الستين الدينار
ليتجر بها فيرهقه في ذلك الدين أترى أن يكون ذلك الدين عليه (قال) قال مالك
لا أرى أن يتبع المولى عليه بشئ من ذلك الدين الذي لحقه لا مما في يديه من
الستين الدينار التي أعطاه وصية يتجر بها ولا في ماله الذي في يدي الوصي (قال)
فقيل له يا أبا عبد الله انه قد أمكنه وصيه من بعض ماله ودفعه إليه وأمره أن يتجر
وأذن له أن يتاجر الناس بها (قال مالك) هو مولى عليه حيث لم يدفع إليه ماله وليس
ذلك الاذن باذن * (قال ابن القاسم) * والعبد مخالف لهذا لو أن السيد دفع إليه مالا
ليتجر به كان مأذونا له ولا يشبه الوصي * (سحنون) * وقال غيره في اليتيم أنه يلحق
الدين المال الذي في يديه الذي أعطاه وليه يختبره به
222

(في الوصي يأذن للصبي بالتجارة إذا كان يعقل التجارة) *
* (قلت) * أرأيت الصبي إذا كان يعقل التجارة فأذن له أبوه أو وصيه في التجارة
أيجوز ذلك أم لا (قال) لا أرى ذلك جائزا لان الصبي مولى عليه فإذا كان مولى
عليه فلا أرى الاذن له في التجارة ادنا * (قلت) * لم لا يجوز عليه الشراء والبيع إذ
أذن له وليه والعبد المحجور مولى عليه فإذا أذن له سيده جاز ذلك عليه (قال)
لان العبد ليس بسفيه إلا أن ملكه بيد غيره فإنما منع التجارة لان ملكه بيد غيره كما
منع النكاح وغير ذلك من الأشياء فإذا أذن له سيده جاز ذلك عليه والصبي ليس
ملكه بيد أحد ولقد سئل مالك عن يتيم قد بلغ واحتلم لا يعلم منه وليه الا خيرا
فأعطاه ذهبا بعد احتلامه ليختبره بها وأذن له في التجارة ليختبره بذلك أو ليعرف
حاله فداين الناس فرهقه دين (قال مالك) لا أرى أن يعدى عليه في شئ من ماله
لا فيما في يده ولا في غير ذلك * (قال) * فقيل لمالك انه قد أمكنه وأذن في
التجارة أفلا يكون ذلك على ما في يديه (قال) لا لم يدفع إليه ماله المال المحجور عليه
وإن كان دفعه إليه ليختبره به فهو محجور عليه فالصبي إذا أذن له في التجارة عندي
أضعف شأنا من هذا
(فيمن دفع إلى عبد محجور عليه أو إلى يتيم محجور عليه)
* (مالا ليتجر به للرجل الدافع) *
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى عبد رجل أجنبي محجور عليه مالا وأمرته أن يتجر
لي به أو إلى يتيم محجور عليه ففعل ثم لحق العبد دين أو اليتيم أيكون ذلك في ذمتهما
(قال) قال مالك انه لا يكون ذلك في ذمتهما * (قلت) * ويكون ذلك في المال الذي
دفع إليهما (قال) نعم يكون في المال الذي دفع إليهما يتجران به ولا يكون الا في
ذلك المال فما زاد على ذلك المال فهو باطل لا يكون في ذمتهما ولا يكون في مال من
دفع إليهما المال ولا ذمة من دفع إليهما المال وأمرهما أن يتجرا به إلا أن يكون مال
223

لليتيم دفعه إليه وصيه ليختبره به فرهقه دين فلا يكون على اليتيم فيما في يديه مما دفع
إليه يختبره به ولا فيما في يدي وصيه من ذلك الدين قليل ولا كثير (قال) فقلت
لمالك انه قد دفعه إليه ليختبره وليتجر به (قال) لم يؤمن على ماله وهو مولى عليه فلا
أرى ذلك يلزمه فيما في يديه مما اختبره به ولا في ماله الذي في يدي وصيه ولا في
ذمته (قال) وهذا قول مالك
(في الحجر على المولى عليه)
* (قلت) * أرأيت الذي يحجر عليه من الأحرار ممن لا يحجر عليه من هم صفهم لي
(قال) هم الذين لا يحرزون أموالهم ويبذرونها في الفسق والشراب وغير ذلك من
السرف قد عرف ذلك منهم فهؤلاء الذين يحجر عليهم وأما من كان يحرز ماله وهو
خبيث فاسق إلا أنه ليس بسفيه في تدبير ماله فان هذا لا يحجر عليه وإن كان له مال
عند وصي أبيه أخذه منه * (قال سحنون) * وقد كتبنا آثار هذا وقول ربيعة فيه * (قلت) *
لابن القاسم هل يحجر على السفيه في ماله في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * وإن كان شيخا
كبيرا (قال) نعم * (قلت) * فان أعتق هذا السفيه أيجوز عتقه في قول مالك (قال)
قال مالك لا يجوز عتقه الا في أم ولده وحدها * (قلت) * لم جوز مالك عتق أم ولده
وحدها (قال) لأنها ليست بمال له * (قلت) * أفيجوز بيعه وشراؤه في قول مالك
(قال) قال مالك لا يجوز بيعه ولا شراؤه * (ابن وهب) * عن أنس بن عياض عن
جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله
عن خمس خلال فكتب إليه ابن عباس كتبت إلي تسألني متى ينقضي يتم اليتيم
ولعمري ان الرجل لتنبت لحيته وانه لضعيف الاخذ لنفسه ضعيف الاعطاء منها
فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد انقطع عنه اليتم * (قال) * وأخبرني ابن
وهب عن ابن جريج قال كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن هذه الأشياء
فقال ابن عباس لولا أن أرده عن شئ يقع فيه ما كتبت إليه ولا نعمة عين وكتبت
تسألني متى ينقضي يتم اليتيم فإذا بلغ النكاح وأنس منه الرشد ودفع إليه ماله فقد
224

انقضى يتمه * (قلت) * أرأيت صاحب الشرط وما أشبهه أيجوز حجره (قال) الذي
سمعت من مالك أن القاضي هو الذي يجوز حجره * (قلت) * فرأيك (قال) القاضي
أحب إلي * (قلت) * أيجوز حجر الرجل على ولده وولده رجل (قال) قال مالك من
أراد أن يحجر على ولده فليأت به إلى السلطان حتى يوقفه السلطان ويدور به في
الأسواق والمواضع والمساجد * (قال ابن وهب) * وسمعت مالكا يقول في الرجل
يريد أن يحجر على ولده (قال) لا يحجر عليه الا عند السلطان فيكون السلطان هو
الذي يوقفه للناس أو يسمع به في مجلسه ويشهد على ذلك فمن باع أو ابتاع منه بعد
ذلك فهو مردود
(في رجل دفع إلى رجل مالا فقال المدفوع إليه كانت لي عليه سلفا)
* (وقال الدافع إليه بل أسلفتك إياها) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال لرجل ادفع إلى فلان عني ألف درهم أو لم يقل عني
فدفعها كما أمره ثم جاء يطلبه بها فقال الآمر كانت لي عليك دينا وقال المأمور لم يكن
لك علي شئ ولكن دفعتها سلفا عليك (قال) القول قول المأمور * (قلت) * أتحفظه
عن مالك (قال) هذا رأيي والله سبحانه وتعالى أعلم
(تم كتاب المديان بحمد الله وعونه)
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويليه كتاب التفليس) *
بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
225

(كتاب التفليس)
(في الرجل يقوم عليه بعض غرمائه بتفليسه)
* (قلت) * لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن كان لرجل على رجل مال فقام عليه
فأراد أن يفلسه (قال) ذلك له عند مالك * (قلت) * فان قال الذي عليه الدين ان
علي أموالا لقوم غيب (قال) لا يصدق إذا لم يكن أقر بذلك قبل التفليس فإن كان أقر بذلك بعد التفليس لم يصدق الا ببينة فان قامت له بينة بما قال عزل حظ الغيب
من ماله ولم يأخذ هذا الحاضر من مال هذا الغريم الا قدر المحاصة أو يكون قد أقر
له قبل التفليس فيلزمه ذلك ويحاص به المقر له * (قال) * وسألت مالكا عن الرجل
يفلس فيقوم عليه غرماؤه فتباع أمواله ثم يقتسمون بالحصص ثم يأتي غريم لم
يحاصهم كيف يرجع عليهم (قال) يرجع عليهم بقدر حقه فمن وجد منهم غنيا أخذ منه
بقدر ذلك ومن وجد منهم قد أعدم ولا شئ عنده لم يكن له أن يأخذ من هذا الغنى
الا ما أخذ منه مما يصيبه واتبع هذا المفلس في ذمته والموت والتفليس في هذا بمنزلة
واحدة * (قلت) * والواحد إذا قام بالتفليس كان ذلك له (قال) لم أسمع مالكا يقول في
الرجل الواحد إذا قام انه يفلس له ولكن الرجل الواحد والجماعة في ذلك عندي بمنزلة
سواء انه يفلس له * (وقال) * عبد الرحمن وغيره من الرواة إذا قام به رجل أوقف
وضرب على يديه واستقصى أمره ثم يباع له ماله وهو والميت سواء إذا كان معروفا
226

بالدين لم يعجل بقضاء من حضر ووقف حتى يستبرأ أمره ويجتمع أهل دينه أو يعرفوا
فيضرب لهم بحقوقهم فهذا أعدل روايتهم عن مالك * (ابن وهب) * وقال مالك بن أنس
في الذي يغيب في بعض المخارج فيهلك فيأتي رجل فيذكر حقا على الميت فيريد أخذ
حقه ويقول الورثة نخشى أن يكون عليه دين سوى هذا (قال) إن كان الميت رجلا
ليس معروفا بالدين قضى هذا حقه ولم ينتظر به وإن كان ممن يعد مديانا في ظاهر
معرفة الناس ويخاف كثرة دينه لم يعجل بقضاء هذا حتى يستبرأ أمره * (قلت) * لابن
القاسم أرأيت أن كان معه في المصر غرماؤه ففلس هذا المديان بعض غرمائه ولم يقم
عليه من بقي من الغرماء وهم في المصر قد علموا به حين فلس المديان فقاموا بعد ذلك
على الذين اقتضوا حقوقهم أيكون لهم أن يتبعوهم فيحاصوهم في قول مالك (قال) ما
سمعت من مالك فيه شيئا ولكن مالكا قال في الرجل يعتق عبده وعليه دين يغترق
ماله فلا يقومون عليه الا بعد ذلك وقد علموا بالعتق فلم يقوموا عليه حين أعتق فإنه
لا يرد لهم العتق بعد ذلك لأنهم تركوا القيام عليه حين أعتق عبده وقد علموا بذلك
وكذلك مسألتك لأنهم حين تركوا أن يقوموا عليه عندما فلس وهم حضور وقد
علموا بالتفليس فقد رضوا أن يكون حقهم في ذمة الغريم في المستقبل ورضوا أن
يتركوا المحاصة مع هؤلاء الذين أخذوا المال * (قال سحنون) * وقد قيل إنه يوقف
لهم حقوقهم لأنه قد ضرب على يديه وأوقف ليقسم ماله والحاضر والغائب سواء إلا أن يتبين من الحاضر أنه تارك لحقه في ذمة الغريم وراض باقتضاء هؤلاء حقوقهم
(في المفلس يقر بالدين لرجل)
* (قلت) * أرأيت أن كان على رجل دين في الصحة ببينة أو باقرار منه ثم أقر في
مرضه بدين لوارث أو غير وارث أيتحاصون في ماله (قال) ان أقر في مرضه بدين
لوارث أو لذي قرابة أو لصديق ملاطف لم يقبل قوله الا ببينة وإن كان إنما أقر في
مرضه لأجنبي من الناس فإنه يحاص الغرماء الذين ديونهم ببينة والذين أقر لهم في
الصحة وهو قول مالك ولو فلس ولقوم عليه حقوق ببينة ثم أقر بعد التفليس بدين
227

لم يقبل اقراره إلا أن تكون لهم بينة ولو أقر لقوم قبل التفليس تحاص الذين لهم عليه
الدين ببينة * (قلت) * أرأيت أن قام عليه الغرماء ففلسوه فأقر لرجل فقال له علي مائة
دينار ولا يعلم ذلك الا بقوله (قال) إذا لم يكن اقراره هذا قبل التفليس فلا شئ
للذي أقر له بالدين إلا أن تكون له بينة * (قلت) * ويتحاص أهل الدين في ماله هذا
دون هذا المقر له (قال) نعم * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فان
أفاد بعد ذلك مالا وقد بقي لأهل الدين بقية من دينهم أيضرب المقر له معهم لأنه
ليس ها هنا موضع تهمة إنما كانت التهمة في المال الأول * (قلت) * فان أفاد مالا بعد
ما فلسوه فلم يقم الغرماء ولا هذا المقر له على ما أفاد من المال حتى أقر لرجل آخر بدين
أيجوز اقراره له بالدين أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى اقراره لهذا
بالدين بعد التفليس جائزا إذا أقر قبل أن يقوم عليه الغرماء الأولون الذين لهم الدين
ببينة والذين أقر لهم المفلس أولا على ما في يديه فيفلسونه ثانية لان هذا الآخر
الذي أقر له بعد التفليس أولى بما في يديه من الغرماء الأولين لان ما في يديه
مال حادث * (سحنون) * وذلك إذا كان قد عومل بعد التفليس الأول وباع واشترى
وقد قال مالك في المفلس إذا داين الناس بعد التفليس ثم فلس ثانية فالذين داينوه
بعد التفليس أولى بما في يديه من الغرماء الأولين لان هذا مالهم فاقراره فيما أفاد
بعد ما فلس بدين فذلك جائز عليه بمنزلة ما ثبت بالبينة وإن كان ما أفاد من المال بعد
التفليس الأول من صلة أو ميراث أو جناية جنيت عليه ضرب أهل التفليس الأول
بما بقي لهم ومن أقر له في المال المفاد * (قلت) * ولم أجزت اقراره وأنت لا تجيز هبته
ولا صدقته (قال) ألا ترى أن الرجل المديان ما لم يفلس ان تصدق أو وهب أو
أعتق لم يجز ذلك في قول مالك فان أقر لرجل بدين وعليه دين ببينة فاقراره جائز
وكذلك قال مالك فيما أقر به قبل التفليس ما لم يفلس فكذلك إذا فلس ثم أقر بدين
لرجل بعد التفليس قبل أن يفلس الثانية فاقراره جائز بمنزلة ما لو كان ببينة ولا تجوز
صدقته ولا هبته ولا عطيته ولا عتقه وهو بحال ما وصفت لك من الرجل المديان إذا
228

كأن لا وفاء له * (قلت) * أرأيت إذا سجنه السلطان فأقر في السجن بدين لرجل
أيجوز اقراره في قول مالك (قال) إذا صنع به هذا غرماؤه ورفعوه إلى السلطان
وقاموا عليه حتى سجنوه فهذا وجه التفليس ولا يجوز اقراره بالدين لان مالكا قال
إذا فلس لم يجز اقراره بالدين وكذلك قال مالك إذا قام غرماؤه عليه على وجه التفليس
فلا يجوز اقراره بالدين إلا أن تقوم بينة لمن أقر له بالدين * (قلت) * ويبيع السلطان
ما ظهر له من مال إذا رفعوا أمره إلى السلطان فيتوزعه الغرماء فيما بينهم بالحصص
ويسجنه في الذي بقي عليه من أموالهم إذا عرف منه وجه الالداد الذي وصفت لي
في قول مالك (قال) نعم * (ابن وهب) * وأخبرني إسماعيل بن عياش قال كان
إبراهيم النخعي يقول في الحر يفلس انه لا يجوز له بيع ولا عتاقة ولا صدقة ولا اعتراف
بدين ولا بشئ يفعله (وقال) الليث بن سعد مثله (وقال) إسماعيل بن عياش وكان شريح
يقضى به (وقال الليث بن سعد) وان قضى بعض غرمائه وترك بعضا جاز له وان
رهن رهنا جاز له ذلك ما لم يقم به غرماؤه وكان ابن أبي سلمة يقول هو قول مالك
الأول إذا تبين فلسه ولم يقم به غرماؤه فليس له أن يقضى بعض غرمائه أو يرهنه.
لابن وهب
(الرجل يفلس وبعض غرمائه غيب)
* (قلت) * أرأيت إذا أفلس الرجل ولقوم غيب عليه دين أيعزل القاضي أنصباءهم
أم لا في قول مالك (قال) نعم يعزل القاضي أنصباءهم عند مالك * (قلت) * فان
ضاع أنصباء الغيب بعد ما عزلها القاضي لهم كان ضياعها منهم (قال) قال لي مالك نعم
(قال) وقال لي مالك ولو كان له غريم لم يعلم به ثم قدم رجع عليهم جميعا بقدر حصته
فأخذ من كل رجل بقدر الذي أخذ من نصيبه الذي يصير له في المحاصة. وتفسير
ذلك لو أن رجلا أفلسه رجلان لكل واحد منهما مائة درهم ولرجل غائب عليه مائة
درهم أيضا ولم يعلم بالغائب ففلسوا هذا الغريم فلم يجدوا له الا مائة درهم فقسمت
المائة بين هذين الرجلين فأخذ هذا خمسين وأخذ هذا خمسين ثم قدم الغائب وأثبت
229

دينه فإنه يصير له في المحاصة من المائة ثلاثة وثلاثون وثلث وقد أخذ كل واحد منهما
خمسين فقد أخذ صاحباه فضلا على حقهما سبعة عشر درهما الا ثلث درهم فيصير له
على كل واحد سبعة عشر درهما الا ثلثا فيقال لهما ادفعا إليه كل واحد منكما سبعة عشر
درهما الا ثلث درهم ما استفضلتماه به وهو مقدار حصته في المحاصة فان أصاب أحدهما
عديما لم يكن له قبل هذا الذي أصاب مليا الا سبعة عشر درهما الا ثلثا لان بقية
حقه إنما أتلفه الآخر ويكون ذلك دينا على الذي أتلفه يتبعه به وهذا قول مالك
* (وقال ابن القاسم) * في الرجل يمرض فيقر في مرضه بدين لأجنبي من الناس وبدين
لابن له وقد ترك بنين سواه وترك مائة دينار فأقر أن للأجنبي عليه مائة دينار
ولابنه عليه مائة دينار ولا مال له غير المائة الدينار (قال) الابن والأجنبي يتحاصان في
المائة الدينار فما صار للأجنبي أخذه وما صار للوارث فان أجازه له الورثة كان أولى به
والا كان ميراثا بينهم وإنما يحاص الوارث الأجنبي من قبل أنه لا تهمة في اقراره للوارث
حين لم يترك الا المائة لأنه لو شاء أن يقر للأجنبي لفعل فليس للأجنبي ها هنا حجة
على الميت أن يقول فر عني بالمائة الدينار الحجة له أن لو كان دينه ببينة
فأدخل عليه من يتهم عليه فيكون له حينئذ حجة وهذا الذي سمعت من قول مالك
(في المفلس يريد بعض غرمائه حبسه وتفليسه)
* (ويأبى بعضهم حبسه وتفليسه) *
* (قلت) * أرأيت أن قال بعضهم نحن نسجنه وقال بعضهم لا نسجنه ولكنا نخليه
يطلب الفضل حتى يقضينا حقوقنا (قال) إذا تبين الالداد للسلطان وطلب واحد من
الغرماء أن يسجنه له سجنه فإن شاء أولئك الذين لم يريدوا أن يسجنوه أن يقوموا
على حقوقهم فيحاصوا هذا الغريم الذي سجنه في مال المسجون المطلوب فذلك لهم فان
شاؤوا أخذوه وان شاؤوا أقروه في يدي المطلوب ولا يكون للغريم الذي سجنه وأخذ
حقه أن يأخذ هذا الذي رده أصحابه في يدي المطلوب وأقروه إلا أن يفيد مالا غيره
أو يكون فيه ربح فيأخذ حقه من ذلك ويكون هو وهم في ذلك المال الذي يفيده
230

أسوة فيما بقي من دينهم * (قلت) * وهذا كله قول مالك (قال) هو قوله لي الا قولي
لك أو يربح فيما أقر في يديه فإنه رأيي * (قلت) * أرأيت الذي ذكرت من المحبوس
في الدين إذا طلبه واحد من الغرماء بحقه فسجنه وقال بقية الغرماء نحن نخليه (قال)
يحاصون هذا الغريم الذي سجنه ان أحبوا ثم إن أرادوا ردوا ما صار لهم في المحاصة في
يد المطلوب فكان في يديه ولا يكون للغريم الذي لم يرد إليه ما اقتضى من حقه في
هذا الذي رده هؤلاء على المطلوب شئ إلا أن يفيد مالا * (قلت) * أرأيت أن أفاد
مالا والذي رد عليه الغرماء قائم في يده فأراد الذي لم يرد عليه شيئا أن يقتضي حقه
مما أفاد (قال) يقتضي حقه مما أفاد ولا يقبض مما رد عليه أصحابه شيئا ويحاصه أصحابه
في الذي أفاد المطلوب * (قلت) * أفيحسب عليهم هذا الغريم الذي لم يرد على المطلوب
ما في يد الغريم المطلوب من دينهم الذي أخذوه وردوه إليه ثم يحاصهم بما بقي لهم
بعد ذلك في هذا الذي أفاد هذا المطلوب إن كان هذا الذي ردوا قائما بعينه (قال)
نعم كذلك هؤلاء يحاسبونه بما ردوا إليه فإن كان ذلك نصف حقوقهم وكان كفافا
اليوم لما ردوا إليه ذلك اليوم لان ردهم إليه المال الذي أخذوا منه كأنه بيع حادث
بايعوه فينظر إلى مبلغ الذي ردوا ما هو اليوم من حقوقهم التي ردوا فإن كان أقل
ضربوا بما نقض وبما بقي لهم قبل ذلك في هذه الفائدة * (سحنون) * ويحاصهم الأول
الذي لم يرد إليه شيئا في ذلك بما بقي له من دينه الأول وكذلك لو ذهب ما ردوا إليه
جميعه ثم أفاد مالا حاصوا الذي لم يرد إليه شيئا في هذه الفائدة بجميع دينهم ويضربون
هم فيها بجميع دينهم ما ردوا إليه وما بقي لهم قبل ذلك ويضرب فيها الذي لم يرد إلى
المطلوب شيئا مما بقي من جميع دينه * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) رأيي * (قال) *
قال لنا مالك من شاء أن يقر حقه في يد المفلس أقره ومن شاء أن يأخذه أخذه
(قال مالك) وليس للذين اقتضوا أن يرجعوا فيما ترك هؤلاء في يد المفلس مما حاصوهم
لأنهم بمنزلة ما داينوه به بعد التفليس ألا ترى لو أن مفلسا داينه قوم بعد التفليس
أن الذين داينوه بعد التفليس أولى بما في يديه من الذين فلسوه إلا أن يكون فيما في
231

يديه فضل عن حقوق الذين داينوه بعد التفليس الأول فكذلك الذين ردوا إليه
حصصهم هم أحق بما في يديه حتى يقبضوا ما ردوا إليه إلا أن يفضل فضلة فيتحاص
فيها من لم يرد ومن رد بما بقي لهم عند التفليس الأول. ومما يبين لك ذلك لو أن مارد
الذين ردوا على المفلس نقص ذلك بعد ما ردوه إليه حاصوا الغرماء بما نقص مما ردوا
وبما بقي لهم من حقوقهم في المحاصة الأولى في فائدة ان كانت من هبة أو صدقة
أو ميراث والهبة والصدقة والجرح والميراث في هذا بمنزلة واحدة سواء (قال)
وما كان من فائدة فالدين فلسوه والذين داينوه في ذلك أسوة الغرماء فيما لهم عليه
من الدين قال وهذا قول مالك (قال) فهذا أيضا يدلك على ذلك كله * (قلت) * أرأيت
ان تجر المفلس في هذا المال الذي رده عليه غرماؤه وربح فيه أيكون هذا الربح بمنزلة
الفائدة يشرع فيه جميع الغرماء (قال) نعم لان مالكا قال ما داينه الآخرون بعد
الأولين فالآخرين أولى به إلا أن يفضل من دينهم فضلة فيكون الأولون والآخرون
يتحاصون فيه بقدر ديونهم فما أقر هؤلاء في يد بمنزلة ما لو داينه غيرهم بعد التفليس
وما بقي في يديه بعد الذي أقروا في يديه فهو بمنزلة ما لو فضل في يديه بعد مداينة
هؤلاء الذين داينوه بعد التفليس * (قلت) * وإنما ينظر إلى ما بقي في يديه فيقيمه
قيمة إن كان عرضا فما كان فيه من فضل عن الدين الذي تركوا في يديه فذلك
الفضل الذي يشرع فيه الغرماء بما بقي لهم يوم فلسه هؤلاء جميعا في قول مالك
(قال) نعم * (ابن وهب) * عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني عبد الرحمن
ابن كعب بن مالك أن معاذ بن جبل وهو أحد قوم بني سلمة كثر دينه في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزد رسول الله صلى الله عليه وسلم غرماؤه على أن
خلع لهم ماله * (ابن وهب) * عن ابن لهيعة عن عمارة بن غزية ويزيد بن أبي حبيب
عن ابن شهاب قال مضت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاذ بن جبل أن
خلعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماله ولم يأمر ببيعه وفى رسول الله أسوة
حسنة * (ابن وهب) عن عمرو بن الحارث والليث بن سعد عن بكير بن الأشج
232

عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري أنه قال أصيب رجل في عهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
تصدقوا عليه فتصدق عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
خذوا ما وجدتم وليس لكم الا ذلك * (قال مالك) * الامر عندنا الذي لا اختلاف فيه
أن الحر إذا فلس لا يؤاجر لقول الله تبارك وتعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة
* (ابن وهب) * عن مالك وعبد الله بن عمر عن نافع عن عمر بن عبد الرحمن بن
دلاف المزني عن أبيه أن رجلا من جهينة كان يشتري الرواحل فيغلي بها ثم يسرع
السير فيسبق الحاج فأفلس فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب فقام عمر فقال أما بعد
أيها الناس فان الأسيفع أسيفع جهينة رضى من دينه وأمانته بأن يقال سبق الحاج
ألا وإنه قد أدان معرضا فأصبح قد دين به فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة حتى
نقسم ماله بين غرماؤه بالغداة ثم قال إياكم والدين فان أوله هم وآخره حرب
* (ابن وهب) * عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن عبد العزيز قضى
في رجل غرق في دين أن يقسم ماله بين الغرماء ويترك حتى يرزقه الله * (الليث
ابن سعد) * عن يحيى بن سعيد مثل ذلك * (سحنون) * عن ابن وهب عن يونس بن
يزيد عن ربيعة أنه قال إذا فلس الرجل وتحاص غرماؤه ماله فمن بايعه بعد ذلك
فإنما بايعه في غير أموال الغرماء الذين فلسوا وإنما بايعوه في ذمته وفيما يستقبل
من رزق الله وافادته فان أعدم الثانية فالذين بايعوه بعد عدمه الأول أحق بماله
فيتحاصون فيه دون الغرماء الأولين إلا أن يكون عقل في ذمة أو ميراث ورثه
فأما كل عمل أداره أو كان مما رجعت عليه به الأرزاق فهو للذين بايعوه بعد عدمه
لان ذلك لهم خاصة لما خرجت فيه أموالهم لأنه لم يكن يستطيع أن يبلغ في الناس
الا بمعايشة من عايشه ومداينة من داينه وابتغائه الرزق من ربه بالإدارة والتجارة
فأما الذين يفلسون غريمهم فان حقوقهم تدخل في فضول ان كانت بيديه بعد قضاء
حقوق الآخرين
233

(في الرجل يفلس ولغلامه عليه دين)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا عليه دين ولغلامه عليه دين وليس على العبد دين
فقامت الغرماء عليه ففلسوه أيضرب العبد مع الغرماء بدينه (قال) لا لان العبد يباع
في دين السيد فلا يضرب مع الغرماء وسيده أحق بماله منه لان ماله له ألا ترى
الحديث الذي جاء من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) لم أسمعه من مالك
(الرجل يفلس ولعبده عليه دين وعلى العبد دين لأجنبي)
* (أيضرب مع الغرماء) *
* (قلت) * أرأيت أن كان لي عبد له علي دين وعلى عبدي دين لأجنبي فقامت غرمائي
علي ففلسوني أيضرب عبدي مع غرمائي بدينه الذي له علي (قال) نعم ويكون غرماء
العبد أولى بما ضرب به العبد وبما بقي في يديه من مال حتى يستوفوا حقوقهم وتكون
رقبة العبد لغرماء السيد حتى يباع لهم في ذلك ويكون ما بقي على العبد من دين في ذمته
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم هذا قوله * (قلت) * أرأيت أن ارتهنت جارية
من رجل قيمتها خمسمائة بخمسمائة مائة درهم أسلفتها إياه ثم جاءني بعد ذلك فقال
أسلفني خمسمائة درهم أخرى فقلت لا إلا أن ترهنني جاريتك فلانة الأخرى بجميع
الألف وقيمتها ألف درهم (قال) مالك لا خير فيه لأنه سلف جر منفعة ألا ترى أنه
أقرضه على أن زاده في سلفه الأول ذهبا * (قلت) * وكذلك لو أن رجلا أتى إلى
رجل له عليه دين فقال له أنا أقرضك أيضا على أن ترهنني رهنا بجميع حقي الأول
والآخر (قال) قال مالك لا خير فيه
(في الرجل يرهن رهنين بسلفين مختلفين أحدهما بالسلف)
* (الأول والآخر بالسلف الأول والثاني) *
* (قلت) * أرأيت الرجل يرهن رهنين بسلفين مختلفين أحدهما بالسلف الأول
234

والآخر بالسلف الأول والثاني فوقع هذا بحال ما وصفت لك فاسدا جهلوا ذلك حتى
قامت الغرماء ففلسوا المستسلف أو مات وقامت الغرماء أيكون هذا الرهن الثاني
الذي كان فاسدا رهنا أم لا ويكون المرتهن أولى به حتى يستوفي حقه في قول مالك
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن لا أراه رهنا الا بالسلف الآخر ولا يكون
الرهن في شئ من السلف الأول لأنه سلف جر منفعة (وقال) أشهب مثله
(الرجل يجنى جناية فيرهن رهنا ثم يفلس)
* (قلت) * أرأيت أن جنى رجل على رجل جناية لا تحملها العاقلة فرهنه بتلك الجناية
رهنا وعليه دين يحيط بماله وهذا قبل أن تقوم عليه الغرماء فقامت عليه الغرماء ففلسوه
فقال الغرماء ان هذا الرهن الذي رهنته من صاحب الجناية إنما هو أموالنا وإنما
دين صاحب الجناية منى غير بيع ولا شراء ولا قرض ولا يكون له الرهن دوننا
ونحن أولى به فهل تحفظ من مالك فيه شيئا (قال) قال مالك في الرجل يجنى جناية
لا تحملها العاقلة ثم يقوم الغرماء عليه فيفلسونه ان صاحب الجناية يضرب بدينه مع
الغرماء فأرى الرهن جائزا للمرتهن المجني عليه على مثل هذا القول
(في المفلس يكون عليه دين حال ودين إلى أجل)
* (قلت) * أرأيت المفلس إذا كانت عليه ديون إلى أجل وعليه ديون قد حلت ففلسه
الذين قد حلت ديونهم أيكون للذين لم تحل ديونهم عليه أن يدخلوا في قول مالك
(قال) نعم ولكن ما كان للمفلس من دين إلى أجل على الناس فهو إلى أجله * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت المفلس إذا كانت عليه ديون للناس إلى
أجل أتحل إذا فلس في قول مالك أم لا (قال) إذا فلس فقد حلت ديونه عند مالك
* (قلت) * أرأيت أن فلس هذا المفلس وله ديون على الناس ابتاع ديونه الساعة نقدا
في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أفلا ينتظر به ويتلوم له حتى يقبض دينه ويوفيهم
(قال) قد حل دين الغرماء فذلك إلى الغرماء ان شاؤوا أخروه وان شاؤوا لم يؤخروه
235

* (قال ابن وهب) * قال مالك من مات أو فلس فقد حل دينه وإن كان إلى أجل
* (قال ابن وهب) * وأخبرني يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن مثله * (قال
ابن وهب) * وأخبرني يونس أنه سأل ابن شهاب عن رجل كان عليه دين إلى أجل
فمات قال ابن شهاب مضت السنة بأن دينه قد حل حين مات ولأنه لا يكون
ميراث الا بعد قضاء الدين * (ابن وهب) * عن يونس وعبد الجبار عن ربيعة أنه
قال من مات فقد حل الدين الذي عليه ولا يؤخر الغرماء بحقوقهم إلى ذلك الاجل
* (ابن وهب) * وعن شريح الكندي وإبراهيم النخعي وغيرهم من التابعين مثله
(في الرجل يفلس وله زرع مرهون)
* (قال عبد الرحمن بن القاسم) * ولو فلس رجل أو مات وقد ارتهن منه رجل زرعا لم
يبد صلاحه قال يحاص الغرماء بجميع دينه في مال المفلس أو الميت واستوفى بالزرع
فإذا حل بيعه بيع ونظر إلى قدر الدين وثمن الزرع فإن كان كفافا رد ما أخذ في المحاصة
وكان بين الغرماء وإن كان ثمن الزرع لا يبلغ دينه نظر إلى ما بقي من دينه بعد مبلغ
ثمن الزرع والى دين الميت أو المفلس فضرب به مع الغرماء في جميع مال المفلس أو
الميت من أوله فيما صار في يديه وأيدي الغرماء فما كان له في المحاصة أحذه ورد
ما بقي فصار بين الغرماء بالحصص * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم هو
قوله فيما بلغني
(في المفلس يريد أن يتزوج بعدما فلس)
* (قلت) * أرأيت المفلس أيكون له أن يتزوج بعدما فلسوه (قال) أما في المال الذي
فلسوه فيه فلا يكون له أن يتزوج فيه وأما فيما يفيد بعد ذلك فله أن يتزوج فيه
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي * (سحنون) * وقد بينا آثار هذا قبل هذا
236

(باب الموهوب له الهبة يفلس والهبة بعينها في يده)
* (قد تغيرت بزيادة أو نقصان) *
* (قلت) * أرأيت أن وهبت هبة للثواب فتغيرت الهبة في يد الموهوب له بزيادة
بدن أو نقصان ففلس الرجل والهبة عنده فقام عليه الواهب فقال أنا أولى بهبتي (قال)
ذلك له في قول مالك بن أنس إلا أن يرضى الغرماء أن يعطوه قيمة الهبة فيكونون
أولى بها
(فيمن باع سلعة من رجل فمات المشترى فوجد البائع سلعته)
* (بعينها ولم يدع الميت مالا سواها) *
* (قلت) * أرأيت من مات وعليه دين وقد اشترى سلعة وهي قائمة بعينها أيكون
الغرماء وهذا الرجل الذي باع هذه السلعة أسوة الغرماء في هذه السلعة إذا لم يدع
الميت مالا سواها (قال) نعم * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * وإنما
يكون أولى بسلعته إذا أدركها من الغرماء في التفليس لا في الموت في قول مالك
(قال) نعم * (ابن وهب) * عن مالك والليث وعمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد
عن أبي بكر بن حزم أن عمر بن عبد العزيز حدثه أن أبا بكر بن عبد الرحمن حدثه
أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل فلس فأدرك
رجل ماله بعينه فهو أحق به من غيره * (قال ابن وهب) * وأخبرني مالك عن ابن
شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه
شيئا فوجده بعينه فهو أحق به فان مات المشترى فصاحب المتاع أسوة الغرماء * (قال
ابن وهب) * وسمعت من أرضى به يقول سمعت من أدركت من علمائنا يقولون
من باع سلعة من رجل فأفلس المبتاع فصاحب السلعة أحق بها إذا وجدها قائمة بعينها
إلا أن يعطى ثمن سلعته كاملا ليس له النماء * (وقال ابن وهب) * وسمعت الليث يقول ذلك
237

(في الرجل يبتاع الجارية أو الشاة من الرجل فتلد أولادا)
* (ثم تموت الأم ويفلس المشترى) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا باع من رجل جارية فولدت عنده أولادا فماتت الأم
ثم أفلس (قال مالك) ان أحب أن يأخذ ولدها بجميع ماله كان ذلك له وان
أبى أسلمهم وكانوا أسوة الغرماء وان أراد أخذهم فقالت الغرماء نحن نؤدى الدين
الذي لك عليه من ثمن هذه الجارية كله ونأخذ الولد فذلك لهم * (قلت) * أرأيت أن
بعت من رجل غنما فولدت عنده أولادا أو حلب منها فاتخذ سمونها وجبنها وجز
أصوافها ثم أفلس فجاء صاحب الغنم البائع فقال أنا آخذها وما جز من أصوافها وما
اتخذ من لبنها وآخذ أولادها (قال) قول مالك أن أصوافها وألبانها غلة ليس للبائع
من ذلك شئ وأما أولادها فله أن يأخذها مع الأمهات لان مالكا قال لي في الزكاة
ان أصواف الغنم فائدة * (قال) * ابن القاسم والأولاد عند مالك ليست بفائدة وهي
مثل رقاب الأمهات ألا ترى لو أن رجلا اشترى وليدة فولدت عنده ثم أصاب
بها عيبا ردها وولدها وما استغل منها لم يكن عليه أن يرده ولو أنه آجرها ترضع
فأخذ لذلك أجرا لم يكن عليه أن يرده معها إذا أصاب بها عيبا فاللبن في جميع
ما وصفت لك والصوف فائدة الا ما كان على ظهور الغنم إذا كان الصوف قد تم على
ظهورها يوم اشتراها وكذلك الثمرة تكون في رؤس النخل حين اشترى النخل
قد أبر فيوجد بالنخل عيب فيريد ردها وقد جد الثمرة فليس له أن يرد النخل دون
الثمرة * (سحنون) * وقال أشهب في النخل إذا جد الثمرة فهي غلة وليس عليه ردها
وقال في الصوف كذلك
(في المساقي والراعي والصناع يفلس من استعملهم)
* (قال) * وقال مالك كل من استؤجر زرع أو نخل أو أصل يسقيه فسقاه ثم فلس
صاحبه فساقيه أولى به من الغرماء حتى يستوفي حقه وإن مات رب الأصل أو الزرع
238

فالمساقي أسوة الغرماء (قال مالك) ومن استؤجر في إبل يرعاها أو يرحلها أو دواب
فهو أسوة الغرماء في الموت والتفليس جميعا وكل ذي صنعة مثل الخياط والصباغ
والصائغ وما أشبههم فهم أحق بما في أيديهم من الغرماء في الموت والتفليس جميعا وكل
من تكوري على حمل متاع فحمله إلى بلد من البلدان فالمكرى أحق بما في يديه من
الغرماء في الموت والتفليس جميعا * (قال) * فقلت لمالك فحوانيت يستأجرها الناس
يبيعون فيها الأمتعات فيفلس مكتريها فيقول أهل الحوانيت نحن أحق بما فيها حتى
نستوفي كراءنا ويقول الغرماء بل أنتم أسوة (قال) هم أسوة الغرماء وإنما كراء
الحوانيت عندي بمنزلة رجل تكارى دارا ليسكنها فأدخل فيها متاعه وعياله ورقيقه
أفيكون صاحب الدار أولى بما فيها من المتاع من الغرماء أو لا يكون أولى وليس هذا
بشئ وهو أسوة الغرماء * (قلت) * أرأيت أن أكرى رجل إبله فأسلم الإبل إلى
المتكارى فمات المتكارى أو فلس ولم يدع مالا الا حمولته التي حمل على الإبل أيكون
الجمال أسوة الغرماء أم يكون أولى بها (قال) الجمال أولى بها * (قلت) * لم ولم يسلم إلى
الجمال المتاع وإنما كان الذي أسلم إليه المتاع أولى به لأنه بمنزلة الرهن في يديه (قال)
ليس الذي قال لنا مالك إنما هو من أجل أنه أسلم المتاع إليه إنما هو من أجل انه إنما
بلغ إلى ذلك الموضع على إبله * (قال ابن القاسم) * ألا ترى أن الجمال بعينه لو كان في
الإبل وكان معه رب المتاع أن الجمال أولى به حتى يستوفي حقه فهذا يدلك على
مسألتك (قال مالك) والجمال بمنزلة الصناع غاب رب المال أو حضر * (ابن وهب) *
عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال إذا أفلس الرجل وله حلى عند صائغ
قد صاغه له كان هو أولى بأجره ولم يحاصه الغرماء بمنزلة الرهن في يديه
(الرجل يفلس وله أم ولد ومدبرون لهم أموال)
* (فيريد الغرماء أخذ أموالهم) *
* (قال ابن القاسم) * وسألت مالكا عن الرجل يفلس وله أم ولد ومدبرون ولهم أموال
أفترى أن يجبره الغرماء على أخذ أموالهم (قال) مالك ليس ذلك لهم أن يجبروه على
239

أخذ أموالهم في أداء دينه حين أفلس ولا يكون ذلك للغرماء (قال مالك) ولو أراد
أن يأخذ أموالهم على غير هذا الوجه أخذها وان أراد أن يأخذها لنفسه فان ذلك
له (قال مالك) ولو أراد أن يأخذه هو فيقضى دينه من غير أن يجبره الغرماء على
ذلك لم أمنعه من ذلك * (قلت) * أرأيت أم الولد إذا كان لها مال أيكون لسيدها أن
يأخذ ذلك المال منها وقد قلتم في قول مالك انه ليس لسيدها فيها الا الاستمتاع
منها ببضعها (قال) قال مالك نعم له أن يأخذ مالها ما لم يمرض أو يفلس لغريم فليس
للغرماء أن يأخذوا مالها ولا يجبر السيد على أخذه والمدبر والمدبرة بتلك المنزلة
* (قال) * فقلنا لمالك فالمعتق إلى سنين السيدة أن يأخذ ماله (قال) نعم ما لم يتقارب
ذلك * (قال) * فقلت لمالك فان بقيت سنة (قال) له أن يأخذ ماله (قال) نعم ما لم يتقارب ذلك
أو يمرض ولم ير السنة قريبا * (قلت) * ما حجة مالك في هذا حين قال إذا مرض
فلا يأخذ مال أم ولده ولا مدبرته (قال) قال مالك لأنه يأخذه لغيره إنما يأخذه
لورثته وقد أشرف هؤلاء على عتقهم والذي يفلس فلا يجبر الغرماء السيد على أن
يأخذ مالهم لغيره ولو أراد أن يأخذه من غير أن يجبره الغرماء على أخذه فان أراد ذلك
كان ذلك له يأخذه ويقضى به دينه وإنما الذي لا يكون له ذلك إذا أراد الغرماء أن
يلزموه ذلك فليس ذلك لهم وكذلك قال مالك * (قلت) * أرأيت أن مرض ففلس
وهو مريض أيأخذ مال المدبر الغرماء أم لا وانه لو مات سيده ولم يدع مالا يعتقه
وماله للغرماء (قال) لا أرى أن يأخذ ماله إلا أن يموت سيد المدبر فيباع بماله لان مالكا قال لي لا يؤخذ مال هذا المدبر للغرماء فالصحة والمرض عندي سواء
(في العبد يفلس ولسيده عليه دين)
* (قال) * وقال مالك يجوز مبايعة الرجل عبده المأذون له في التجارة ويكون دين
السيد دينا يحاص به الغرماء * (قلت) * أرأيت المكاتب إذا مات وعليه دين للناس
ودين لسيده أيكون للسيد أن يضرب مع الغرماء بدينه (قال) قال مالك إن كان دينه
من غير كتابته فإنه يضرب بذلك الدين مع الغرماء وإن كان دينه من الكتابة لم
240

يضرب به مع الغرماء
(في دين المرتد)
* (قلت) * أرأيت أن ارتد الرجل وهرب إلى دار المشركين ولرجل عليه دين فغزا
المسلمون تلك الدار فقاتل ذلك الرجل مع المشركين فقتل فظهر المسلمون على ماله
فقام الغريم يطالب بحقه (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى دينه في مال
الغريم المرتد المقتول ولا يقع في المقاسم حتى يستوفى هذا الغريم حقه فإذا استوفى
حقه كان ما بقي بعد ذلك في المقاسم
* (تم كتاب التفليس والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي)
* (وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويليه كتاب المأذون له في التجارة) *
241

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب المأذون له في التجارة)
(في المأذون له في التجارة)
* (قلت) * لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن أذنت لعبدي في نوع من أنواع التجارة
أيكون له أن يتجر في غير ذلك النوع (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنه
إذا خلى بينه وبين الشراء والبيع فهذا يلزمه ما داين الناس به من جميع أنواع
التجارات في ذمته وهذا يتجر فيما شاء لأنه قد أقعده للناس فيما يدرى الناس لأي
أنواع التجارات أقعده فيلزمه ما داين الناس به من جميع أنواع التجارة في ذمته
* (قلت) * أرأيت أن أقعده قصارا أو أمره أن يعمل القصارة أيكون مأذونا له في
التجارة في جميع التجارات (قال) ليس بمأذون له ولا يشبه هذا البزازين لان هذا
عامل بيديه وقد عرف الناس حال هذا وان هذا لم يأمر الناس بمداينته
(في العبد المأذون له يبيع بالدين)
* (قلت) * أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا باع سلعة ثم أخر بالثمن أيجوز ذلك
أم لا (قال) قال مالك في الرجل يكون ببعض البلدان يجهز إلى عبده ببلد أخرى فيبيع
العبد (قال) قال مالك إذا باع فوضع من الثمن عن المشترى ان لهذا وجوها فأما العبد
المفوض إليه الذي يريد بذلك استئلاف الناس إليه في تجارته مثل ما تصنعون فيخفف
242

عنهم أو لا يربحون فيربحهم يريد بذلك استئلاف الناس إليه ان ذلك جائز وأما ما
كان على غير هذا ولا يعرف له وجه فان ذلك لا يجوز (قال مالك) وكذلك الوكيل
* (قال) * فقيل لمالك الرجل يوكل الرجل يبيع بعيره في السوق أو جاريته فيجب البيع
ثم يسألونه الوضيعة فيضع (قال مالك) ليس ذلك له لم يره مثل ما وصفت لك فالعبد
المأذون له الذي سألت عنه إذا صنع ما يصنع التاجر فان ذلك جائز عندي
(في المأذون له في التجارة يدعو إلى طعامه أو يعير شيئا من ماله)
* (قلت) * أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا دعا إلى طعامه أو أعار بعض ثيابه
أو أعار دابته أيجوز هذا له أم لا (قال) سئل مالك عن العبد يكون له المال الواسع
من الرقيق أو غير ذلك فيولد له فيريد أن يعق عن ابنه ويصنع له صنيعا ويطعم عنه
أترى ذلك له (قال) لا إلا أن يكون يعلم أن أهله لا يكرهون ذلك * (قلت) *
أرأيت العبد المأذون له في التجارة أو غير المأذون له في التجارة إذا كان لهما مال
أيجوز لهما أن يعيرا شيئا من أموالهما بغير إذن السيد في قول مالك (قال) قال مالك
لا يجوز للعبد أن يعطى شيئا من ماله بغير إذن سيده مأذونا له في التجارة أو غير
مأذون له في التجارة فأرى العارية بهذه المنزلة * (قلت) * ولا يجوز للعبد أن يصنع
طعاما فيدعو إليه الناس (قال) نعم لا يجوز له ذلك في قول مالك إلا أن يأذن سيده
إلا أن يكون عبدا مأذونا له في التجارة فيصنع ذلك ليجتر به إليه المشتري منه فيكون
ما صنع إنما يطلب بذلك منفعة في شرائه وبيعه فيكون هذا من التجارة فهذا هو
جائز عندي
(في المأذون له في التجارة يستهلك الوديعة)
* (قلت) * أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا استودعه الرجل وديعة فاستهلكها
أيكون ذلك دينا عليه (قال) قال مالك ذلك في ذمته * (قلت) * وليس للسيد أن
يسقط ذلك من ذمته (قال) نعم ليس له أن يسقط ذلك من ذمته والدين لازم له
243

في ذمته * (قلت) * ولم هذا إنما استودعته والوديعة ليست من التجارة (قال) كذلك
قال مالك انها في ذمته * (قلت) * أرأيت عبد الرجل إذا استدان دينا ولم يؤذن
له في التجارة (قال) لا يتبعه بشئ من ذلك إلا أن يعتق يوما ما فيتبعه في ذمته إلا أن يكون سيده قد فسخ ذلك عنه وأعلن به لان مالكا قال في العبد ما استودعه
الناس وائتمنوه عليه وكل ما أتاه الناس فيما بينهم وبينه طائعين فان ذلك يكون في ذمته
ولا يكون في رقبته إذا كان مأذونا له في التجارة وليس للسيد أن يفسخ ذلك عنه
والمحجور أولى أن يكون ذلك الا في ذمته إلا أن يفسخ ذلك السيد لان الدين إذا
ثبت في الذمة فهو عيب وليس من دابته بغير إذن سيده أن يوجب في رقبته عيبا
وهو الذي أضاع ماله
(في أم ولد العبد التاجر وولده يباعون في دينه)
* (قلت) * أرأيت العبد التاجر إذا ولدت منه أمته ولدا أيكون ابنه ملكا له ولا يباع في
دينه (قال) أما ولده فلا يباع في دينه وأما أم ولده فإنها تباع في دينه * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) نعم * (قلت) * ولم لا يباع ابنه في دينه (قال) لأنه ليس بملك له
وإنما هو بمنزلته (قال) ولقد شدد علي مالك في أم ولد العبد المأذون له في التجارة
فقلت أله أن يبيعها فقال لي وان أذن له سيده فلم يزدني على هذا * (قال) * وقال مالك
الولد ليس بملك للعبد التاجر ولا للمكاتب ألا ترى أن المدين عند مالك إذا اتخذ جارية
فولدت أن ولده بمنزلته فهذا يدلك على أنه ليس بملك له ولو كان ملكا له لم يكن بمنزلته
* (قلت) * أرأيت أم ولد العبد التاجر لم بعتها في دينه (قال) لأنها مال له * (قلت) *
فكيف تكون مالا له وأنت تقول في أم ولد الحر انها ليست بمال له ولا يبيعها في
دينه (قال) أم ولد الحر في هذا لا تشبه أم ولد العبد وإنما لم تبع أم ولد الحر في دين
الحر للعتق الذي دخلها ولسيدها أن يطأها لأنه قد بقي له فيها المتعة إلى الموت وأم
ولد العبد التاجر لم يدخلها عتاقة بعد فلذلك تباع في دين العبد وله أن يطأها مثل
ما للحر أن يطأ أم ولده لو قلت إنها للسيد حين صارت أم ولد له لنهيته عن وطئها فهو
244

يطؤها وتباع في دينه وأم ولد العبد لم يدخلها عتاقة بعد * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) نعم * (قلت) * أرأيت العبد يشتري ولده وعليه دين أيباعون في دينه (قال)
نعم * (قلت) * ولم وهم ليسوا بملكه (قال) لأنه يتلف أموال غرمائه فليس له ذلك وهم
في هذا الموضع ملكه
(في صدقة العبد والمكاتب والمدبر وأم الولد وهبتهم بغير إذن سيدهم) *
* (قلت) * أرأيت المكاتب والمدبر وأم الولد والعبد إذا تصدقوا بصدقة أو وهبوا هبة
فاستهلكها المتصدق عليه أو الموهوب له ثم علم بذلك السيد فرد صدقتهم أو هبتهم
كيف يصنع بالمتصدق عليه والموهوب له (قال) تكون قيمة ذلك لهؤلاء دينا على
المتصدق عليه أو الموهوب له أن يكون ذلك من السيد انتزاعا من أم الولد
والمدبر والعبد فيكون ذلك لسيدهم فان مات السيد أو أفلس قبل أن ينتزعه وقد كان
رد ذلك وأقره لهم على حال ما كان قبل ذلك فذلك لهم * (قلت) * فان أعتقهم السيد
قبل أن يقبض ذلك من المتصدق عليه أو الموهوب له أيكون ذلك دينا لهؤلاء
عليهم (قال) نعم إذا كان قد رده وأقره لهم كما هو ولم ينتزعه وإن كان رده واستثناه
لنفسه كان ذلك للسيد الا في المكاتب فإنه للمكاتب ليس للسيد فيه شئ لأنه لا يجوز
له أن ينتزع ماله منه وهو يجوز للسيد أن ينتزع مال عبده ومدبره وأم ولده ما لم
يمرض فان مرض لم يجز له أن ينتزع مال أم ولده ولا مال مدبره فإن كان إنما رد ذلك
في مرضه فهو لام الولد والمدبر لا ينتزعه السيد منهم (قال) وهذا رأيي في هبة العبد
وصدقته إذا ردها السيد قبل أن يعتق العبد
(في دين العبد المأذون له وتفليسه)
* (قلت) * أرأيت أن كان مع العبد مال للسيد قد دفعه إليه يتجر به واذن له في التجارة
فلحق العبد دين أيكون ذلك الدين الذي لحق العبد في مال العبد ومال السيد الذي
دفعه إلى العبد يتجر به في قول مالك (قال) قال مالك نعم يكون الدين الذي لحق العبد
245

في مال السيد الذي دفعه إلى العبد يتجر به وفي مال العبد ولا يكون في رقبة العبد
ويكون بقية الدين في ذمة العبد ولا يكون في ذمة السيد من ذلك الدين شئ
* (قلت) * أرأيت أن داينه السيد أيضرب بدينه مع الغرماء (قال) قال مالك نعم يحاص
به الغرماء إذا داينه مداينة صحيحة * (قلت) * أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا داينه
سيده أيلزم العبد ذلك ويكون ذلك لسيده على عبده وضرب به مع الغرماء (قال) قال مالك نعم ما لم يحاب العبد به سيده * (قلت) * أرأيت السيد أيضرب مع الغرماء
بدينه في مال العبد وفي ماله الذي في يد العبد الذي كان دفعه إليه يتجر به وقد جعلته
أنت للغرماء أم لا يضرب الا في مال العبد وحده (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
وأرى أن يحاص الغرماء فيما في يد العبد من ماله ومال سيده ألا ترى أن السيد لو
منع من المحاصة لذهب مال السيد الذي باعه أو أسلفه إياه فهذا يدلك على ذلك وهو
رأيي * (قلت) * أرأيت إذا أمرته بالتجارة ودفعت إليه مالا يتجر به فتجر فركبه الدين
(قال) الدين في ذمته وفي المال الذي في يديه من مال سيده لأنه أمره أن يداين الناس
عليه حين أذن له أن يتجر به * (قال) * وقال مالك في العبد يستتجره سيده ثم يفلس
وعليه دين للناس ان سيده لا يحاص الغرماء بما كان في يد العبد من ماله الذي
استتجره به إلا أن يكون إنما أسلفه سلفا أو باعه بيعا فإنه يحاص به الغرماء وإن كان
رهنه رهنا فهو أولى برهنه وإن كان باعه بيعا لا يشبه البيع في كثرة ما زاد العبد
من الثمن الذي باعه به السيد ويعلم انه إنما أراد العبد أن يولج إلى السيد وأراد السيد
أن يجر المال إلى نفسه فالغرماء إذا كان كذلك أولى بما في يد العبد إلا أن يبيعه بيعا يشبه البيع مال العبد وهو يحاص به الغرماء * (قلت) * أرأيت لو أذنت لعبدي
في التجارة فاغترقه الدين فوهب للعبد مال من أولى بما وهب للعبد أسيده أم الغرماء
(قال) الغرماء أولى به * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم لان دينه في ذمته
والمال قد صار ملكا للعبد وإنما يكون سيده أولى بعمله وبكسبه فأما ما وهب له
من الأموال فالغرماء أولى بذلك * (قلت) * أرأيت أن أذنت لعبدي في التجارة فلحقه
246

الدين فوهب للعبد هبة أو جرح العبد جرحا له أرش لمن يكون الأرش والهبة في
قول مالك (قال) الهبة للغرماء والأرش للسيد وهو قول مالك * (قلت) * أرأيت
العبد المأذون له في التجارة إذا اغترقه الدين فقتل فأخذ السيد قيمة العبد أيكون للغرماء
في قيمته شئ أم لا في قول مالك (قال) لا شئ لهم من قيمة العبد عند مالك
* (قلت) * أرأيت كل ما لزم ذمة العبد أيكون للغرماء أن يأخذوا ذلك من العبد بعد
ما يأخذ السيد خراجه من العبد إن كان عليه دين (قال) قال مالك ليس لهم من
خراج العبد شئ * (قال ابن القاسم) * ولا من الذي يبقى في يد العبد بعد خراجه
قليل ولا كثير (قال مالك) وإنما يكون لهم ذلك في مال ان وهب للعبد أو تصدق
به عليه أو أوصى له به فقبله العبد فأما ما عمله فليس لهم فيه قليل ولا كثير وإنما
يكون دينهم الذي صار في ذمة العبد في مال العبد ان طرأ للعبد مال يوما ما بحال
ما وصفت لك وان عتق العبد يوما ما كان ذلك الدين عليه يتبع به وهذا قول مالك
وكل دين لحق العبد وهو مأذون له في التجارة فهذا الذي يكون في المال الذي في
يديه أو كسبه من تجارة بحال ما وصفت لك وليس لهم من عمل يديه وخراجه قليل
ولا كثير وإن كان للسيد عليه دين ضرب بدينه مع الغرماء (وقد حدثني) ابن
وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال يصير في مال سيد
العبد ما أدان لسيده من تجارة يستدين فيها بمال سيده ويداين فيها بماله وكل ذلك
يديره لسيده قد علم ذلك وأقر له به (قال) وما تحمل به سيده عنه فهو على سيده قال
ويصير في مال العبد وفي عمله ما خلي بين العبد وبين التجارة فيه لنفسه * (وأخبرني) *
ابن وهب عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال إذا استتجر الرجل عبده
ثم أدان لم يكن على سيده غرم شئ من دينه ويأخذ الغرماء كل ما وجدوه في يد العبد
فيجعل بينهم * (قال ابن وهب) * وبلغني عن زيد بن أسلم أنه قال ليس على السيد
شئ إلا أن يكون تحمل به فان وجد مال أخذ منه * (وأخبرني) * ابن وهب عن
إسماعيل بن عياش قال كان الحكم بن عتيبة يقول إذا أفلس العبد فلا يقضى دينه الا
247

بشهود (قال ابن وهب) وسألت الليث فقال مثل ذلك
(في المأذون له يفلس وفي يديه سلعة أو سلم لسيده بعينه)
* (قلت) * أرأيت العبد المأذون له في التجارة لو باعه مولاه سلعة بعينها ثم فلس العبد
والسلعة قائمة بعينها في يدي العبد (قال) السيد أحق بذلك إلا أن يرضى الغرماء أن
يدفعوا إلى السيد الثمن * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن
أسلمت إلى رجل مائة دينار في ألف أردب من حنطة أو إلى عبدي مائة دينار في
ألف أردب حنطة هو مأذون له في التجارة فقام الغرماء على العبد ففلسوه أو قام
على الرجل غرماؤه ففلسوه والدنانير التي أسلمت إليه في يديه بعينها قائمة يشهد الشهود
عليها أنها هي بعينها (قال) ان شهد الشهود أنهم لم يفارقوه وأن الدنانير هي بعينها
فصاحبها أولى بها من الغرماء * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم فيما بلغني
* (سحنون) * روى ابن وهب عن مالك في رجل اشترى من رجل روايا زيت ثم
انطلق بها فصبها في جرار له فيها زيت كثير ومعه شهود ينظرون حتى أفرغها في
زيته ثم جاءه رجل يطلبه بحق بان فيه افلاسه فقام الرجل يريد أن يأخذ زيته
فقال غرماؤه ليس هو زيتك بعينه قد خلطه بزيت غيره (قال) أرى أن يأخذ زيته
وهو عندي بعينه ليس خلطه إياه بالذي يمنعه أن يأخذ زيته ومثل ذلك مثل رجل
وقف على صراف فدفع إليه مائة دينار فصبها في كيسه والناس ينظرون إليه ثم بان
فلسه مكانه أو البز يشتريه الرجل فيرقمه ويخلطه ببز غيره ثم يفلس فليس هذا وأشباهه
بالذي يقطع عن الناس أخذ ما وجدوا من متاعهم إذا فلس من ابتاعه إذا كانوا على
هذا (وكان) أشهب بن عبد العزيز يقول ليس العين مثل العرض ليس له على العين
سبيل وهو فيه أسوة الغرماء وهو أحق بالعرض إذا وجدوه من الغرماء
(في العبد المأذون له يقر على نفسه بالدين)
* (قلت) * أرأيت المأذون له في التجارة إذا أقر بدين أيلزمه ذلك (قال) قال مالك
248

هو في اقراره بمنزلة الحر إذا قام عليه الغرماء اقراره كما لا يجوز اقرار الحر إذا
قام عليه غرماؤه وفلسوه وكذلك العبد بمنزلة الحر في مداينة الناس (قال مالك)
إلا أن يكون اقراره قبل التفليس فيكون اقراره جائزا عليه يحاص به الغرماء ان
فلسوه بعد ذلك * (قلت) * أرأيت العبد إذا أذنت له في التجارة ثم حجرت عليه وفي
يديه مال وأقر بديون الناس أيجوز اقراره بما في يديه من المال (قال) نعم * (قال) *
وسمعت مالكا وسئل عن العبد التاجر يقر للناس بدين أيجوز ذلك (قال) نعم قد وضعه
في موضع ذلك إذا أقر لمن لا يتهم عليه ولم أسمع في مسألتك شيئا * (قلت) *
أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا أقر في مرضه بدين أيجوز ذلك أم لا (قال)
قال لي مالك إذا كان ممن لا يتهم عليه جاز اقراره له (قال) لي مالك والعبد في هذا
والحر بمنزلة سواء
(في عهدة ما يشتري العبد المأذون له في التجارة)
* (قلت) * أرأيت العبد المأذون له في التجارة أيكون على سيده من عهدة ما يشتري
العبد ويبيع شئ أم لا (قال) لا إلا أن يكون قال للناس بايعوه وأنا له ضامن فإنه يلحقه
ذلك ويكون ذلك في ذمة السيد وفي ذمة العبد أيضا ويباع العبد إن لم يوف السيد عن
العبد * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم
(في الرجل يستتجر عبده النصراني)
* (قلت) * أرأيت العبد النصراني أيجوز لسيده أن يأذن له في التجارة (قال) قال مالك
لا أرى المسلم أن يستتجر عبده النصراني ولا يأمره ببيع شئ لقول الله تبارك وتعالى
وأخذهم الربا وقد نهوا عنه
(في العبد بين الرجلين يأذن له أحدهما في التجارة)
* (قلت) * أرأيت عبدا بيني وبين شريكي أذنت له في التجارة دون شريكي (قال)
لا يجوز أن يأذن أحدهما بالتجارة دون صاحبه * (قلت) * أرأيت العبد بين الرجلين
249

هل يجوز لأحدهما أن يأذن له في التجارة أم لا (قال) لا يجوز ذلك لان مالكا قال
في العبد يكون بين الرجلين له مال فأراد أحدهما أن يقاسم صاحبه مال العبد وأبى
الآخر (قال) ليس له أن يقاسمه إلا أن يرضى شريكه بذلك لان ذلك يكسر ثمن
العبد لان صاحبه يقول أنا أريد أن أترك مال العبد في يدي العبد يتجر به ولا آخذه
منه لأني ان أخذته منه كان كسرا لثمنه فكان ذلك قولا وحجة * (قلت) * فان أنت
منعت هذا من القسم أتجبرهما على البيع أم لا (قال) ان تداعيا إلى البيع أو دعا
أحدهما إلى البيع أجبر على البيع إلا أن يتقاوماه فيما بينهما * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) نعم هذا قول مالك
(الدعوى في مال العبد المأذون له في التجارة)
* (قلت) * أرأيت أن قال عبدي المأذون له في التجارة لمال في يديه هذا مالي وقال
السيد بل هو مالي وعلى العبد دين يحيط بماله (قال) فالقول قول العبد في رأيي
* (قلت) * فإن كان محجورا عليه (قال) القول قول السيد لأني سمعت مالكا يقول
في عبد كان معه ثوب فقال فلان استودعني إياه وقال السيد بل الثوب ثوبي (قال مالك) القول قول السيد إلا أن يقيم الذي أقر له العبد البينة أن الثوب ثوبه
(في المأذون له في التجارة يحجر عليه سيده)
* (قلت) * هل سمعت مالكا يقول في الحجر كيف يحجر السيد على عبده المأذون له
في التجارة (قال) بلغني عن مالك أنه قال في الرجل يريد أن يحجر على وليه (قال) قال
مالك لا يحجر عليه الا عند السلطان فيكون السلطان هو الذي يوقفه للناس ويسمع
به في مجلسه ويشهد على ذلك فمن باعه أو ابتاع منه بعد ذلك فهو مردود
* (ابن وهب) * قال قال مالك في عبد لرجل إذا كان أذن له في التجارة ثم أراد أن يحجر
عليه دون السلطان (قال) لا حتى يكون السلطان هو الذي يوقفه للباس (قال مالك)
ومن ذلك أن يأمر به السلطان فيطاف به حتى يعلم ذلك منه * (قلت) * أرأيت
250

المحجور عليه أيجوز له أن يبيع شيئا من ماله بغير إذن سيده (قال) لا * (قلت) * أرأيت
ان آجر عبده هذا المحجور عليه أيجوز (قال) لا يجوز للمحجور عليه أن يؤاجر
عبده ولا يبيع شيئا من ماله * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت
العبد المأذون له في التجارة إذا لحقه دين يغترق ماله السيدة أن يحجر عليه في قول
مالك ويمنعه من التجارة (قال) نعم لسيده أن يمنعه ودينه في ماله وليس للسيد في
ماله شئ إلا أن يفضل عن دينه شئ أو يكون السيد داينه فيكون أسوة الغرماء
* (قلت) * فهل للغرماء أن يحجروا عليه والسيد لم يحجر عليه (قال) إنما لهم أن يقوموا
عليه فيفلسوه وليس لهم أن يحجروا عليه وهو بمنزلة الحر في هذا وهذا رأيي
* (تم كتاب المأذون له في التجارة بحمد الله وعونه وحسن توفيقه) *
* (والحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويتلوه كتاب الكفالة والحوالة) *
251

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الكفالة والحمالة)
(في الحميل بالوجه يغرم المال)
* (قلت) * لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت تكفل رجل بوجه رجل أيكون هذا
كفيلا بالمال أم لا في قول مالك (قال) قال مالك من تكفل بوجه رجل إلى رجل
فإن لم يأت به غرم المال * (قلت) * أرأيت أن تكفل له بوجهه إلى أجل فمضى الاجل
ورفعه إلى السلطان أيغرمه أم لا في قول مالك (قال) قال مالك يتلوم له السلطان فان أتى
به والا أغرمه المال * (قلت) * أرأيت أن تكفلت لرجل بوجه رجل إلى أجل فغاب
لما حل الاجل (قال) إن كان سافر سفرا بعيدا غرم وإن كان قريبا اليوم وما أشبهه
تلوم له كما يتلوم له في الحاضر فان أتى به بعد التلوم له والا غرم * (قلت) * وهذا قول
مالك (قال) هذا رأيي * (قلت) * أرأيت أن تكفلت بوجه رجل إلى أجل فلما حل
الاجل لم آت به فغرمت المال ثم وجدته بعد ذلك أتيت به أيكون لي أن أرجع على
الذي أخذ مني المال (قال) لا ولكن تتبع الذي عليه الدين الذي تحملت به
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم هذا قول مالك * (قلت) * أرأيت أن تكفلت
بوجه رجل إلى أجل فأتيت به إلى ذلك الاجل أيكون على شئ أم لا (قال) لا شئ
عليك * (قلت) * ولا يكون علي من دينه شئ وإن كان عديما (قال) نعم لا شئ
252

عليك لأنك قد أتيت به * (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت
ان أخذت ينفسه كفيلا إلى غد ثم أتى به من الغد أيبرأ من المال في قول مالك (قال) نعم يبرأ من المال في رأيي * (قال ابن وهب) * وسمعت عبد الملك بن عبد العزيز بن
جريج يحدث أنه بلغه عن رسول الله صلى الله وسلم أنه قال الحميل غارم
(في الحميل بالوجه لا يغرم المال)
* (قلت) * أرأيت أن قال أنا أتكفل بوجهه إلى أجل كذا وكذا فإن لم آت به فعلى
طلبه حتى آتي به فأما المال فلا أضمنه أيكون عليه من المال شئ ان مضى الاجل ولم
يأت به في قول مالك (قال) قال مالك لا شئ عليه ويكون كما اشترطه * (قلت) * أرأيت
ان تكفلت لرجل لوجه رجل إلى أجل كذا وكذا فإن لم أوافه به إلى ذلك الاجل
فلا شئ له علي من المال ولكني حميل له بوجهه أطلبه له حتى آتيه به (قال) قال مالك
هو على شرطه الذي اشترطه ليس له عليه شئ الا طلب وجهه هو شرط لنفسه ما ذكرت
(وقال غيره) وإذا تحمل الرجل بالرجل أو بالحق أو بعينه فقال الحمالة لازمة كالدين
وذلك كله سواء إلا أنه إذا تحمل بالرجل أو بالعين ولم يقل بالمال فجاء بالرجل فقد
برئ من جميع حمالته وإن لم يأت به أغرم الحميل كما يغرم من تحمل بالمال فالحمالة بنفس
الرجل وبالمال سواء إذا لم يأت بالرجل وحميل المال لا يبرئه أن يأتي بالرجل ومن
اشترط في الحمالة بالوجه أني لست من المال في شئ فإنه لا يكون عليه من المال شئ
جاء بالرجل أو لم يأت به لان المحمول له لم يؤكد ما ينتفع به إلا أن يكون الذي
اشترط لنفسه أتي لست من المال في شئ كان قادرا على الاتيان بالرجل الذي تحمل
به ففرط في ذلك وتركه وهو يمكنه حتى غاب فيكون قد غرم ولم يؤخذ لذلك وإنما
أخذ ليجمعه على صاحبه وليس هذا من شروط المسلمين وان تحمل بعين الرجل فلم
يأت به إلى الاجل الذي تحمل به إليه فطلبه منه المحمول له ورفعه إلى الحاكم فلم
يقض عليه بالمال حتى أتى به فقد برئ من المال ومن عين الرجل وان حكم عليه بالمال
حين لم يأت بالرجل على قدر ما رآه السلطان فقد لزمه المال ومضى الحكم وان حبس
253

الغريم المحمول بعينه في الحبس وقد كفل له رجل فأخذ به فدفعه إليه وهو في السجن
فقد برئ الحميل لأنه يقدر على أخذه في السجن فيسجن له في حقه وإن كان قد انقضى
ما سجن فيه فهو يحبس له في حقه وكذلك إذا أمكنه منه في موضع حكم وسلطان
فإنه يبرأ وان دفعه في موضع لا يستطيع حبسه ولا يبلغ به سلطانا لأنه موضع
لا سلطان فيه أو في حال فتنة أو في مفازة أو في موضع يقدر الغريم على الامتناع لم
يبرأ منه حتى يدفعه حيث تمضي الاحكام ويكون السلطان وإن كان غير بلده لأنه إنما
تحمل له بنفسه فقد أمكنه من نفسه في السجن أو حيث تجوز الاحكام وكذلك لو
مات الغريم لأنه إنما تحمل له بنفسه وهذه نفسه قد ذهبت وإنما تحمل ما كان حيا
وان أخذ الحميل بالغريم والغريم غائب فحكم على الحميل وأغرم المال ثم طلعت للحميل
بينة أن الغريم كان ميتا قبل أن يحكم على الحميل ارتجع ماله لأنه لو علم أنه ميت حين
أخذ به الحميل لم يكن عليه شئ لأنه إنما تحمل بنفسه وهذه نفسه قد ذهبت وإنما
تقع الحمالة بالنفس ما كان حيا ولو كان الغريم أمكن الطالب من نفسه وأشهد أني
دفعت نفسي إليك من حمالة فلان لي وفي موضع يقدر عليه لم يبرئه ذلك وكان كأنه
دفعه إليه رجل أجنبي ليس بوكيل للحميل ولا يبرأ الحميل حتى يدفعه هو أو كيله
وان أبي الطالب أن يقبل ذلك فأشهد عليه الحميل أو وكيل الحميل فقد برئ الحميل
وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحميل غارم. وقال أيضا الزعيم
الحميل * فإذا قال أنا ضامن لك أو حميل لك أو قبيل لك أو زعيم لك أو هو لك عندي
أو هو إلي أو هو لك علي أو هو لك فبلي فهذا كله ضمان لازم والضمان حمالة والحمالة
لازمة كالدين وإن كان في هذه الوجوه كلها يريد الحق فهو لازم وإن كان يريد الرجل
فهو لازم فخذ هذا على هذا
(في الرجل يدعي قبل الرجل حقا والمدعى عليه ينكر فيقول الرجل)
* (أنا ضامن بوجهه إلى غد فان جئتك به والا فأنا ضامن للحق) *
* (قلت) * أرأيت أن ادعى رجل قبل رجل حقا والمدعى عليه ينكر فقال رجل
254

للطالب أنا كفيل لك بوجهه إلى غد فان جئتك به والا فأنا ضامن للمال فلم يجئ به
للغد (قال) يقال لهذا الطالب أثبت حقك وأقم البينة على حقك وإلا فلا شئ لك ولا
يكون له أن يأخذ من الكفيل شيئا إلا أن يقيم البينة على حقه * (قلت) * تحفظه
عن مالك (قال) لا
(في الرجل يدعي قبل الرجل حقا والمدعى قبله ينكر فيقول أجلني)
* (اليوم فإن لم أوفك غدا فالحق الذي تدعي قبلي حق) *
* (قلت) * أرأيت أن ادعى رجل قبل رجل حقا فأنكر ثم قال أجلني اليوم فإن لم أوفك
غدا فالحق الذي تدعيه علي هو لك قبلي (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في
هذا وأرى هذا مخاطرة ولا شئ عليه
(في الرجل يقول لي على فلان ألف درهم فيقول)
* (له رجل أنا حميل لك بها ثم ينكر ذلك فلان) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال لي على فلان ألف درهم فقال له رجل أنا لك بها
كفيل فجاء فلان فأنكر أن يكون عليه شئ (قال) لا شئ على الكفيل إلا أن يقيم
البينة على حقه لان الذي عليه الحق قد جحده * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) لا
(في الصبي يدعى رجل قبله حقا فيتكفل به رجل فيقضى على الصبي بذلك)
* (الحق فيؤخذ من الحميل فيريد الحميل أن يرجع علي الصبي) *
* (قلت) * أرأيت الصبي يدعى رجل قبله حقا فيتكفل به رجل فقضى بذلك الحق
على الصبي وأخذه الطالب من الكفيل أيكون للحميل أن يرجع بذلك على هذا
الصبي أم لا في قول مالك (قال) يرجع به في مال الصبي لان مالكا قال لو أن رجلا
أدى عن رجل مالا كان عليه بغير أمره ان له أن يرجع بذلك على الذي كان عليه
المال فهذا يدلك على أصل قول مالك في مسألتك في هذا الوجه كله إذا كان
ذلك حقا * (قلت) * أرأيت لو أن صبيا أفسد متاعا لرجل فألزمه بقيمة ذلك المتاع
255

فأدى عنه رجل بغير أمر الصبي وبغير أمر الولي فأراد أن يتبع الصبي بذلك
أيكون ذلك له أم لا (قال) نعم يلزمه ذلك في رأيي لان مالكا قال ما أفسد الصبي
أو كسر أو اختلس فهو ضامن عليه
(القضاء والدعوى في الكفالة)
* (قلت) * أرأيت لو أن لرجل على رجل ألف درهم من قبل كفالة وألفا من قبل
قرض فدفع إليه ألف درهم فقال الألف الذي دفعتها إليك من القرض وقال الآخر
بل هي من الكفالة (قال) قال مالك يقسم بينهما فيكون نصفها من الكفالة ونصفها
من القرض * (وقال غيره) * من الرواة القول عندنا قول المقتضى مع يمينه لأنه مدعى
عليه وقد ائتمنه حين دفع إليه وقد كان قادرا على أن يتوثق مما دفع ويتبرأ مما عليه
وكذلك الورثة أيضا لا قول لورثته الذي قضى مع المقتضى الا مثل الذي كان للذي
ورثهم * (قلت) * لابن القاسم أرأيت أن مات الدافع فاختلف ورثته والمدفوع إليه
المال (فقال) ورثته عندي بمنزلته يقسم المال بين القرض والكفالة ولم أسمع من مالك
في الورثة شيئا
(في أخذ الحميل بالحق والمتحمل به ملى غائب أو حاضر)
* (قلت) * أرأيت أن تحملت برجل أو بمال على رجل أيكون للذي له الدين أن
يأخذني بالحق الذي تحملت به وصاحبي الذي تحملت به ملى بالذي عليه في
قول مالك (قال) قال مالك ليس ذلك له ولكن يأخذ حقه من الذي عليه الدين فان
نقص شئ من حقه أخذه من مال الحميل إلا أن يكون الذي عليه الحق مديانا
وصاحب الحق يخاف ان قام عليه حاصه الغرماء أو غائبا عنه فله أن يأخذ الحميل ويدعه
وقد كان مالك يقول قبل ذلك للذي له الحق أن يأخذ ان شاء الحميل وان شاء الذي
عليه الحق ثم رجع إلى هذا القول الذي أخبرتك وهو أحب ما فيه إلى وكذلك
روى ابن وهب * (قلت) * أرأيت أن كان الذي عليه الحق مليا غائبا والحميل حاضر
256

أيكون للذي له الدين أن يأخذ الحميل والذي عليه الدين ملى إلا أنه غائب (قال) نعم
كذلك قال لي مالك إلا أن يكون للذي عليه الدين أموال حاضرة ظاهرة فإنها
تباع أمواله في دينه * (وقال غيره) * إلا أن يكون في تثبيت ذلك وفي النظر فيه بعد
فيؤخذ من الحميل ولمثل هذا أخذ وما أشبهه
(في الحميل أو المتحمل به يموت قبل محل الحق)
* (قلت) * أرأيت أن تكفلت لرجل بماله على رجل إلى أجل فمات الكفيل أو مات
المكفول به (قال) قال لي مالك إذا مات الكفيل قبل محل الاجل كان لرب الحق
أن يأخذ حقه من مال الكفيل ولا يكون لورثة الكفيل أن يأخذوا من الذي عليه
الحق شيئا حتى يحل أجل المال (قال مالك) وان مات الذي عليه الحق قبل الاجل
كان للطالب أن يأخذ حقه من ماله فإن لم يكن له مال لم يكن له أن يأخذ الكفيل
بالحق حتى يحل الاجل * (قلت) * أرأيت أن مات الكفيل قبل محل أجل الكفالة
وعلى الكفيل دين يغترق ماله أيكون للمكفول له أن يضرب مع الغرماء بمقدار دينه
(قال) نعم * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم هذا قوله إذا لم يكن عليه دين
وقال مالك ما أخبرتك وقال فإن كان عليه دين ضرب مع الغرماء
(في المتحمل به يموت قبل أجل الحق والمتحمل له وارثه)
* (قلت) * أرأيت لو أنى تكفلت عن رجل بمال أو أحاله علي رجل بمال فمات المطلوب
الغريم والطالب وارثه (قال) ان مات ولا مال له فالكفيل ضامن للمال وان مات وله
مال فيه وفاء فلا شئ على الكفيل لأنه ان رجع الطالب على الكفيل رجع الكفيل في مال
المطلوب الهالك والطالب وارثه فقد صار له المال فصار ذلك قصاصا وأما في الحوالة
فإن كان الميت أحال الطالب وله دين على هذا الذي أحال عليه فهي حوالة وليست
بحمالة وللطالب أن يرجع بها على هذا الذي أحيل عليه كان للميت مال أو لم يكن له
مال * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) لم أسمعه من مالك ولكنه رأيي
257

(في المتحمل لرجلين يغيب أحدهما ويقوم الآخر فيأخذ بحقه)
* (ثم يقدم الغائب فيريد أن يرجع بحصته) *
* (قلت) * أريت لو أني تكفلت لرجلين بحق لهما فغاب أحدهما وحضر الآخر
فأخذ مني الحاضر حصته من الدين فقدم فلان الغائب أيكون له أن يرجع على الذي
أخذ حصته فيما أخذ (قال) قال مالك في الدين يكون بين الرجلين في صك واحد
على رجل واحد فيقضى أحدهما نصيبه من الدين دون صاحبه قال مالك يشاركه
صاحبه فيما اقتضى إذا كان ذكر الحق واحدا فكذلك مسألتك إلا أن يكون
الشريك رفع ذلك إلى السلطان فاستعدى عليه وأمره أن يخرج معه في اقتضائه أو
يوكل فأبى فأذن له في ذلك السلطان أو يكون قد أشهد عليه وإن لم يأت السلطان
بأن يخرج أو يوكل فلا يفعل فيخرج على ذلك فيقتضى فهذا لا يرجع معه فيه وهذا
قول مالك * (قلت) * فلو رفع ذلك إلى السلطان والشريك الآخر غائب فقضى
السلطان بأن يأخذ حقه فأخذه وقبل الغريم وفاء لحق صاحبه وأعدم الغريم بعد ذلك
ثم قدم الغائب فطلب شريكه بنصف ما اقتضى (قال) لا يكون ذلك له (قال) لو
قام عليه الحاضر ولم يجد عنده الا قدر حقه فقط أخذ الحاضر من ذلك ما ينوبه في
المحاصة لو كان صاحبه معه فان جهل السلطان وقضى له بأخذ حقه فان قدم الغائب
طالب الحاضر بنصف ما اقتضى لأنه بمنزلة التفليس لأنه قد بيع ماله وخلع منه كله
* (وقال غيره) * إذا لم يكن عنده الا مقدار حق أحد الرجلين فقضى له بما ينوبه
في الحصاص أو قضى له بجميع حقه فهو سواء إذا قدم الغائب طالب شريكه بما
ينوبه لأنه بمنزلة التفليس
(في الرجل يتحمل للرجل بما قضى له على غريمه)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال لرجل وهو يخاصم رجلا في طلب حق له فقال
الرجل للطالب ما ذاب (1) لك على فلان الذي تخاصمه فأنا كفيل لك به فاستحق

(1) (ذاب) هو بالذال المعجمة قال في المختار وذاب له عليه من الحق كذا أي وجب وثبت اه‍
258

قبله مالا أيكون هذا الكفيل ضامنا له في قول مالك (قال) نعم وكذلك كل من تبرع
بكفالة فإنها له لازمة وهذا له لازم في مسألتك * (قال) * ولقد سئل مالك عن رجل
قال لرجل وهو يدعى قبل أخيه حقا فقال له الآخر ما تصنع بأخي احلف أن حقك
حق وأنا ضامن لك ثم قال بعد ذلك أنما قلت لك قولا ولا أفعل ولا أضمن ولم ينفعه
رجوعه * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال اشهدوا بأني ضامن بما قضى لفلان على
فلان وهما غائبان جميعا أو قال أنا كفيل لفلان بما على فلان وهما غائبان جميعا أيلزمه
ذلك في قول مالك أم لا (قال) قال مالك في رجل قال لرجل مالك ولأخي احلف
أن الدين الذي تدعيه قبله حق وأنا أغرم لك فرضى المدعى بذلك فنزع الذي قال
احلف وأنا أضمن (قال مالك) ليس ينفعه نزوعه ويحلف هذا ويستحق ويغرمه
فكذلك مسألتك وسواء إن كان أحدهما حاضرا أو كانا غائبين جميعا أو حاضرين
لان مالكا يلزم المعروف من أوجبه على نفسه والكفالة معروف وهي حمالة وهي
لازمة كالدين فهذا قد وجب عليه ما أوجب على نفسه من الكفالة والضمان وهذا
رأيي * (قال ابن القاسم) * ولو مات الضامن كان ذلك في ماله
(في الرجل يتحمل عن الرجل بحمالة وهو غائب عنه)
* (قلت) * أرأيت لو أن لرجل على رجل حقا فقال رجل غائب عنهما من غير أن
يخاطبه أحد اشهدوا أنى كفيل لفلان بماله على فلان أيلزمه هذا في قول مالك (قال)
لا أقوم على حفظ قول مالك وأراه لازما له
(في الرجل يتحمل عن الرجل بحمالة ثم يموت الحميل قبل أن يستحق قبل)
* (المتحمل له شئ ثم استحق قبله الحق بعد موت الحميل) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال لرجل ما ذاب لك قبل فلان فأنا كفيل به فمات
الذي قال أنا كفيل به قبل أن يستحق هذا قبل فلان شيئا ثم استحق قبله الحق
259

بعد موت الذي قال أنا كفيل أيكون في ماله أم لا (قال) نعم * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا إلا أن هذا رأيي
(في الرجل يقول للرجل داين فلانا فما ذاب لك قبله من حق فأنا له حميل)
* (قلت) * أرأيت أن قلت لرجل بايع فلانا فما بايعته به من شئ فأنا ضامن للثمن
أيلزمني ذلك الضمان أم لا (قال) نعم يلزمك هذا إذا ثبت ما بايعته به من شئ
* (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) نعم * (وقال غيره) * وإنما يلزم من ذلك كل ما كان
يشبه أن يداين بمثله المحمول عنه ويبايع به
(في الرجل يقول للرجل داين فلانا وأنا لك حميل ثم يرجع قبل المداينة)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال لرجل داين فلانا فما داينته به من شئ فأنا ضامن لك
فلم يداينه حتى أتاه فقال له لا تفعل فإنه قد بدا لي أيكون ذلك له أم لا (قال) نعم وما
سمعت من مالك فيه شيئا * (قلت) * أليس قد قال مالك في الذي قال احلف وأبا
ضامن للحق الذي تدعيه على أخي ثم قال بعد ذلك لا تحلف فاني لا أضمن قال
مالك هذا لا ينفعه (قال ابن القاسم) لان هذا حق قد لزمه (قال) وهذا
لا يشبه مسألتك
(في الرجلين يتحملان بالحمالة ثم يغيب أحدهما والمتحمل به فيؤدي)
* (الحاضر المال ثم يقدم المتحمل والذي عليه الحق فيريد الحميل) *
* (أن يتبع صاحبه بما أدى عنه وصاحب الحق ملي) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلين كفيلين تكفلا عن رجل بألف درهم وكل واحد
كفيل ضامن فغاب الذي تكفلا عنه وغاب أحد الكفيلين فلزم الكفيل الحاضر
فأدى المال ثم قدم الذي عليه الأصل والكفيل الآخر وكلاهما ملي فأراد الكفيل أن
يتبع الكفيل بنصف ما أدى أيكون ذلك له والذي عليه الأصل ملي (قال) نعم
(* قلت) * ولم وقد قال مالك في الذي عليه الأصل إذا كان مليا لم يكن للطالب أن
260

يأخذ الكفلاء بالمال (قال) لا يشبه الكفيلين ها هنا الذي عليه الأصل لان
الكفيلين إذا أدى أحدهما عن صاحبه وكل واحد منهما كفيل ضامن بما على صاحبه
فإنه يرجع على أيهما شاء على صاحب الأصل أو على الكفيل الذي تكفل معه لأنه
حين أدى صار دينا له عليهما * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
(في القوم يتحملون بالحمالة فيعدم المطلوب فيريد طالب الحق أن يأخذ)
* (من وجد من الحملاء بجميع الحق) *
* (قلت) * أرأيت أن تكفل لي ثلاثة رجال بمالي على فلان فأعدم فلان الذي عليه الحق
أيكون لي أن آخذ من قدرت عليه من الكفلاء الثلاثة بجميع حقي في قول
مالك (قال) قال مالك لا تأخذ من قدرت عليه من الكفلاء الا بثلث الحق لأنهم
كفلاء ثلاثة * (قلت) * فان قال حين تكفلوا له بعضكم كفيل عن بعض (قال) قال
مالك إذا جعلهم كفلاء بعضهم ببعض أخذ من قدر عليه منهم بجميع الحق * (قلت) *
أرأيت أن غرم المال أحد الكفلاء ثم لقي الذي غرم ذلك أحد الكفيلين بم يرجع
عليه أبالنصف أم بالثلث (قال) أرى أن يرجع عليه بالنصف (قال) ولو أنه حين
تكفلوا له شرط عليهم أيكم شئت أن آخذ بحقي أخذته ولم يجعلهم كفلاء
بعضهم عن بعض فأخذ من وجد منهم لم يكن أخذ منه أن يرجع بما أخذ على
صاحبه لأنهما لم يتكفلا للغارم بشئ وإنما كان الشرط لصاحب الدين أيهم شاء أخذ
بحقه وكذلك بلغني عن مالك * (قلت) * أرأيت أن تكفل ثلاثة رجال لرجل بحقه
الذي له على فلان أيكون له أن يأخذ من لقي منهم بجميع الحق (قال) لا إلا أن
يكونوا بذلك الحق وبعضهم أيضا حملاء عن بعض واشترط أن يأخذ من شاء
منهم بحقه فإن كانوا هكذا أخذ من لقي منهم بجميع الحق وإن لم يكن بعضهم حميلا
عن بعض لم يكن له أن يأخذ من لقي منهم الا بثلث المال (قال ابن القاسم) فإذا
اشترط عليهم ان شاء أن يأخذ منهم من شاء بحقه فأخذ منهم بالحق رجلا لم يكن
لهذا الذي أخذه بجميع الحق أن يرجع على من تحمل معه إلا أن يكونوا اشترطوا
261

عند الحمالة أن بعضهم حملاء عن بعض واشترط الذي له الحق أن يأخذ من شاء بالجميع
فأخذ بذلك أحدهم فإنه ها هنا يرجع من غرم منهم على صاحبيه بثلثي ما غرم إذا
كان في أصل الحمالة بعضهم حملاء عن بعض (قال ابن القاسم) ولو كان الحملاء كلهم
حضورا وكلهم موسر لم يكن له أن يأخذ من كل واحد الا ثلث الحق وهذا بمنزلة
الحميل والذي عليه الأصل إذا كان الذي عليه الأصل موسرا لم يؤخذ الحميل وإن كان
معدما أخذ الحميل وإن كان بعض الحملاء معدما وبعضهم موسرا أخذ الذي
له الحق حقه من الذي وجده منهم مليا إلا أن يكون شرط عليهم في الحمالة أنه يأخذ
من شاء منهم بحقه فيكون له أن يأخذ بعضهم بالجميع وان كانوا كلهم مياسير * (قال ابن
وهب) * وقال مالك ان من أمر الناس الجائز عندهم أن الرجل يكتب حقه على
الرجلين فيشترط أن حيكما عن ميتكما أو مليكما عن معدمكما وإنما ذلك بمنزلة الحمالة
يتحمل بها أحدهما عن صاحبه * (قال ابن وهب) * وأخبرني الثقة عن عطاء بن أبي رباح
أنه قال نحو ذلك * (سحنون) * وقال غيره إذا كان لرجل ستمائة دينار على ستة رجال على
أن بعضهم حملاء عن بعض بجميع المال أو قال على أن كل واحد منهم حميل عن
أصحابه بجميع المال أو قال على أن كل واحد منهم حميل بجميع المال ولم يذكر أصحابه
بشئ أو قال على أن كل واحد منهم حميل عن صاحبه بجميع المال فأيهم شاء أن
يأخذ بجميع حقه أخذ قال في ذلك كله ولا براءة لواحد منهم حتى يوفى جميع هذا
المال أو لم يقله فهو سواء كله وله أن يأخذ من لقي منهم بجميع الحق فان لقي واحدا
منهم أو لقيهم جميعا كانوا مياسير كلهم أو بعضهم وإن لم يكن شرط فأيهم شاء أن
يأخذ بحقه أخذه فإنه إن لقي واحدا منهم فله أخذه بجميع الحق وان لقيهم جميعا وهم
مياسير فليس له أن يأخذ بعضهم ببعض لان الحميل لا يؤخذ بالذي على المديان
إذا كان المديان حاضرا مليا وإنما له أخذه إذا كان المديان عديما أو غائبا أو يكون
مديانا أو ملدا ظالما فان لقي الغريم واحدا من الستة فأخذ منه المال كله ثم لقي
المأخوذ منه المال كله أحد الستة بعد ذلك فإنه يأخذه منه مائة أداها عنه خاصة
262

ويأخذ منه مائتين لأنهما حميلان عن الأربعة وقد كان أدى عن نفسه مائة لا يرجع
بها على أحد وأخذ من هذا الذي لقي مائة أداها عنه وبقيت أربعمائة أداها عن الأربعة
الباقين فله أن يرجع على هذا بنصف الأربعمائة لأنهما حميلان عن الأربعة فإذا أخذ
منه مائتين فقد استويا في الغرم فان لقي أحدهما أحد الأربعة الباقين فإنه يأخذه
بخمسين دينارا قضاها عنه خاصة من الدين الذي عليه ويرجع عليه بنصف ما أدى
عن الثلاثة وقد أدى عن الثلاثة بالحمالة خمسين ومائة فيرجع عليه بنصفها فيكون
جميع ذلك مائة وخمسة وعشرين خمسون عنه خاصة أداها عنه وخمسة وسبعون
أداها عنه بالحمالة عن الثلاثة وكذلك إذا لقي الرابع المأخوذ منه المال الثالث من
الباقين فإنه يأخذه بما أدي عنه من أصل الدين وبنصف ما أدى عن أصحابه فان لقي
هذا الرابع الآخر من الأولين الذي لم يرجع على الرابع فإنه يرجع عليه بما أدى عنه
من أصل الدين وذلك خمسون دينارا وينظر ما بقي مما أداه بالحمالة عنه فإذا هي
مائة وخمسون دينارا وقد أدى الرابع بالحمالة خمسة وسبعين دينارا فيرجع عليه الذي
أدي خمسين ومائة بسبعة وثلاثين ونصف حتى يعتدلا بما أديا في الحمالة عن الثلاثة
فيصير كل واحد قد أدى مائة واثنى عشر ونصفا فعلى هذا يكون إذا لقي بعضهم
بعضا حتى يؤدي كل واحد منهم مائة لان كل واحد كان عليه من أصل الدين مائة فخذ
هذا على هذا ونحوه * ولو أن هؤلاء الستة الذين عليهم ستمائة دينار تحمل بها بعضهم
عن بعض على أن كل اثنين منهم حميلان بجميع المال أو قال على أن كل اثنين منهم
حميلان عن أصحابهم بجميع الدين أو على أن كل اثنين حميلان عن اثنين منهم بجميع
المال أو على أن كل اثنين ضامنان عن واحد بجميع المال على ما وصفت لك في صدر
المسألة فهذا كله سواء فان لقي رب المال اثنين منهم أخذ منهما الجميع ثلاثمائة وان
لقي واحدا منهم أخذه بثلاثمائة وخمسين مائة منها عليه من أصل الدين وخمسون
ومائتان من الكفالة لأنه كفيل بنصف ما بقي فان أخذ ذلك منه ثم لقي المأخوذ
منه رجلا من الستة كان له أن يأخذ منه خمسين أداها لدينه خاصة ثم يأخذه بنصف
263

المائتين اللتين أدى عن الحمالة لان المؤدى الأول أدى عن نفسه مائة لا يرجع بها على
أحد وأدى خمسين ومائتين عن أصحابه عن كل واحد منهم خمسين خمسين فإذا لقي
واحدا منهم أخذ منه خمسين أداها عنه عن أصل دينه ثم يشاركه فيما بقي مما أدى
عن أصحابه فذلك مائتان لان كل اثنين حميلان بجميع المال وهذا بمنزلة ستة رجال
عليهم ستمائة درهم ضمنوها لصاحبها على أن كل واحد منهم ضامن لنصف جميع المال
فإذا لقي صاحب الدين واحدا منهم أخذه بحصته من الدين وذلك مائة وبنصف
ما على أصحابه فهذا والأول سواء فان لقي صاحب الدين واحدا منهم أخذ منه
ثلاثمائة وخمسين ثم إن لقي المأخوذ منه أجدا من أصحابه أخذه بخمسين أداها عنه
وبمائة درهم مما أدى عنه وعن أصحابه وان لقي المؤدى الثاني أحدا من الأربعة الباقين
أخذه بخمسة وعشرين أداها عنه عن خاصة نفسه وبنصف ما بقي من المائة حتى
يستووا في الغرم عن أصحابهم وذلك نصف خمسة وسبعين درهما وكذلك من لقوا
من أصحابهم على ما وصفت لك فخذ هذا على هذا * ولو كانت الستمائة على ستة رجال
على أن كل ثلاثة حملاء عن ثلاثة بجميع المال أو على أن كل ثلاثة حملاء عن صاحبهم
أو عن أصحابهم أو عن واحد بجميع المال أو على أن كل واحد حميل بثلث المال فهذا
كله سواء فان لقي ثلاثة أخذهم بجميع المال وان لقي واحدا أخذه بمائة وبثلث
ما بقي وذلك مائة وستة وستون وثلثان فان لقي اثنين أخذ منهما مائتين ما عليهما
خاصة وثلثي ما بقي مما تحملا به ليس له أخذهما بغير ذلك وذلك مائتان وستة
وثلاثون فان لقي ثلاثة أخذهم بجميع المال فان أخذه منهم ثم لقي واحد منهم أحد
الثلاثة الذين لم يؤدوا فإنه يأخذه بما أدى عنه خاصة بثلاثة وثلاثين درهما وثلث لأنه
أدى مائتين مائة منهما عليه خاصة ومائة أداها عن الثلاثة أدى عن كل واحد منهم
ثلثها فيأخذ منه ثلث المائة التي أدى عنه عن خاصة نفسه وبقي ما أدى عن الاثنين
وذلك ستة وستون وثلثان فيرجع عليه بنصفها حتى يستووا في الغرم عن الاثنين فان
أخذ منه ثم لقي الثالث الذي أخذ من صاحبه ما أخذ أحد الاثنين اللذين أديا معه
264

لمال جمع ما أديا جميعا عن الثلاثة فجعل عليهما نصفين فرجع الأول الذي لم يأخذه من
الثالث شيئا على الذي أخذ بالفضل حتى يكونا في الغرم سواء فان اقتسما ذلك ثم لقيا
الباقي الذي أدى معهم المال تراجعوا الفضل أيضا حتى يصير ما أخذ من الثالث بينهم
أثلاثا لأنهم في الكفالة سواء فان لقي واحد منهم أحدا ممن لم يؤد فأخذه بشئ
على حساب ما يقع عليه فلا بد من أن يشارك فيه من بقي من الاثنين اللذين أديا
معه المال حتى يكون ما أخذ كل واحد منهم بينهم بالسوية لأنهم حملاء عن أصحابهم ثم
يفعل هكذا فيهم. ولو كانت الستمائة على ستة فضمنوها على أن كل واحد منهم حميل
عن ثلاثة بجميع المال أو عن خمسة أو عن واحد أو عن جميعهم فهذا أصل واحد وكل
واحد حميل بجميع الستمائة لأنه قد قال في أول الحمالة على أن كل واحد منهم حميل
بجميع المال فلا يضره قال عن ثلاثة أو عن أقل أو أكثر فكل واحد منهم حميل
بجميع المال فخذ هذا على هذا
(في الغريم يؤخذ منه حميل بعد حميل)
* (قلت) * أرأيت أن كان لي على رجل ألف درهم فأخذت منه كفيلا بالألف ثم
لقيته بعد ذلك فأخذت منه كفيلا آخر بتلك الألف أيكون لي أن آخذ أيهما شئت
بجميع الألف إذا أعدم الذي عليه الأصل (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى
ذلك لك ولا يشبه هذا الكفيلين إذا تكفلا في صفقة واحدة ولم يجعل بعضهما
كفيلا عن بعض * (قلت) * أرأيت أن تحمل رجل لرجل بماله على فلان ثم لقي
الذي له الحق الذي عليه الحق فأخذ منه كفيلا آخر أيكون لرب الحق أن يأخذ أي
الحميلين شاء وقدر عليه بجميع الحق (قال) نعم ذلك له لأنهما لم يتحملا في صفقة
واحدة وإنما تحمل كل واحد منهما على حدة * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا
رأيي * (قلت) * أو لا ترى أن أخذه الحميل الثاني من الذي عليه الحق ابراء للحميل
الأول (قال) لا * (قلت) * أرأيت أن أخذت من فلان كفيلا بمالي عليه ثم لقيته
بعد ذلك فأخذت منه كفيلا آخر أتسقط الكفالة في الأول أو تسقط كلها أو
265

يسقط نصفها (قال) لا يسقط منها شئ * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) هذا رأيي
وهما جميعا كفيلان كل واحد بالجميع
(باب في الحميل يؤخذ منه الحميل)
* (قلت) * أرأيت أن تكفل لي رجل بحق لي على رجل فأخذت من الكفيل كفيلا آخر
أيلزم كفيل الكفيل الكفالة أم لا (قال) نعم تلزمه * (قلت) * تحفظه عن مالك (قال)
لا * (وقال غيره) * وكذلك لو تحمل رجل بنفس رجل أو تحمل آخر بنفس الحميل
ان ذلك جائز وكذلك لو تحمل ثلاثة رجال بنفس رجل وكل واحد منهم حميل
عن صاحبه فهو جائز ومن جاء به منهم فقد برئوا كلهم لان الحمالة وكالة وان كانوا
تحملوا بوجهه وليس بعضهم حملاء عن بعض فان جاء به أحدهم برئ هو وحده
ولم يبرأ صاحباه لأنه لم يتحمل عنهما وإذا تحمل بعضهم ببعض فأتى به أحدهم فيكون
إذا جاء به أحدهم كأن كلهم أتى به لان كل واحد منهم وكيل لصاحبه على الاتيان به
* (قال سحنون) * فخذ هذا الباب على هذا ونحوه
(في الغريم يؤخذ منه الحميل فإذا حل الاجل أخر)
(طالب الحق الغريم أيكون ذلك تأخيرا عن الحميل) *
* (قلت) * أرأيت أن كان لي على رجل حق وقد أخذت منه كفيلا فلما حل الاجل
أخرت الذي عليه الأصل أيكون هذا تأخيرا عن الكفيل أيضا وكيف ان أخرت
الكفيل أيكون ذلك تأخيرا للذي عليه الأصل (قال) أما إذا أخر الغريم فهو تأخير
للكفيل إلا أنه إذا أخر الذي عليه الأصل فقال الحميل لا أرضى لأني أخاف أن
يفلس ويذهب ماله كان ذلك له ويكون صاحب الحق فيه بالخيار ان أحب أن يؤخر
الذي عليه الحق ولا حمالة له على الحميل فذلك له وان أبى لم يكن له ذلك إلا أن يرضى
الحميل وان سكت الحميل وقد علم بذلك فالحمالة له لازمة وإن لم يكن له علم حتى يحل
أجل ما أخره إليه حلف صاحب الحق بالله ما أخره ليبرأ الحميل من حمالته وكانت
266

حمالته عليه لازمة وأما إذا أخر الحميل فاني أراه تأخيرا عن الذي عليه الأصل إلا أن يحلف صاحب الحق بالله الذي لا إله إلا هو ما كان ذلك مني تأخيرا للحق عن
صاحبه ولا كان ذلك مني الا للحميل فان حلف كان له أن يطلب صاحب الحق وان
أبى أن يحلف لزمه التأخير وذلك لو أنه وضع عن الحميل حمالته لكان له أن يتبع صاحب
الحق إذا قال إنما أردت وضع الحمالة واتباع غريمي فالتأخير بمنزلته * (سحنون) *
وقال غيره إذا أخر الغريم وهو ملى موسر تأخيرا بينا فالحمالة ساقطة عن الحميل وان
أخره ولا شئ عنده فلا حجة للكفيل وله القيام على الكفيل وله أن يقف عنه
(باب في الحميل يدفع عن حمالته غير ما تحمل به عن الغريم)
* (قلت) * أرأيت أن تكفلت بألف دينار هاشمية ورضى صاحب الحق بألف دينار
دمشقية فقضيته ذلك بم أرجع على صاحبي الذي لي عليه الأصل (قال) ترجع عليه
بألف دينار دمشقية لأنك كذلك أديت * (قلت) * أرأيت لو أنى تكفلت عن رجل
بألف درهم فغاب ولزمني الذي تكفلت له فأعطيته بألف درهم دنانير أو عرضا
من العروض أو طعاما ثم قدم الذي عليه الأصل بم أرجع (قال) الذي عليه الأصل
بالخيار ان أحب أن يدفع قيمة ما دفع الكفيل إليه إن كان عرضا أو حيوانا فذلك
له وإن كان طعاما فمكيلته وان أحب الألف التي كانت عليه فان هو دفع الذهب
من الورق الذي تحمل بها فلا يحل ذلك ولا يجوز ويفسخ ذلك ويرجع الكفيل
الذي دفع الذهب إلى صاحب الدين فيأخذ منه ذهبه ويكون الورق على الذي عليه
الأصل وعلى الحميل كما هي * (قال ابن القاسم) * والمأمور إذا دفع دراهم من دنانير
خلاف هذا ولا يشبه الكفيل وهو بيع حادث وقد فسرت لك ذلك * (قلت) *
أرأيت لو أن رجلا تكفل عن رجل بألف درهم فقال الكفيل للذي عليه المال
ادفع إلي هذا الثوب وأنا أدفع الألف عنك فدفع الثوب إليه ثم إن الذي له الدين
لزم الذي عليه الأصل فغرم المال بم يرجع الذي عليه الأصل على الكفيل أبالثوب
أم بالألف (قال) يرجع بالألف * (قلت) * لم (قال) لأنه باعه الثوب بألف وأمره أن
267

يدفعها إلى فلان * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك
في هذا وهذا رأيي * (قال سحنون) * وقد قال هو وغيره في هذا الأصل في المأمور
بالدفع والكفيل بالدفع وذكر كثيرا منه عن مالك إذا دفعوا دنانير من دراهم أو
طعام أو عروض فالآمر والغريم المكفول عنه بالخيار ان شاء دفع ما دفع عنه لأنه
قد تعدى عليه بما لم يأمره به وان شاء دفع ما أمرهم أن يدفعوا عنه لأنهم إنما قضوا عنه
* (سحنون) * وهذا الأصل التنازع فيه كثير * (قلت) * أرأيت لو أن كفيلا تكفل
لي بمائة دينار على رجل فأبرأت الكفيل من خمسين دينارا على أن دفع إلي الخمسين
الدينار بم يرجع الكفيل على الذي عليه الأصل (قال) بما أدى وهي الخمسون
الدينار * (قلت) * ويكون للذي له الدين أن يرجع على الذي عليه الدين بالخمسين
الباقية (قال) نعم لأنه لم يبرئ الذي عليه الأصل منها إنما أبرأ الكفيل من الكفالة
ولم يبرئ الذي عليه الأصل فلهما جميعا أي للكفيل وللذي له الدين ان يرجعا
على الذي عليه الأصل كل واحد منهما بخمسين خمسين * (قلت) * وهذا قول
مالك (قال) هذا رأيي * (قلت) * أرأيت لو أن كفيلين تكفلا بألف درهم عن
رجل فقال أحدهما لصاحبه ادفع إلي مائة درهم وأنا أدفع الألف كلها عني وعنك
(قال) إن كان قد حل الحق وصاحب الحق حاضر وإنما يأخذ منه فيدفعها مكانه
فذلك جائز وإن كان إنما اغتزى سلفا ينتفع به أو كان صاحب الحق غائبا أو لم يحل
الحق فهذا لا يجوز وهو رأيي * (قال سحنون) * وقال غيره وان أعطاه في موضع
يجوز ذلك لقرب دفعه عنه ثم إن الذي قبض المائة من صاحبه صالح الغريم على
خمسين فان الصلح جائز ولا يكون على الغريم الا خمسون ويرجع الذي أعطى المائة على
صاحبه بخمسة وسبعين ويتبعان الغريم بخمسين يتبعه كل واحد منهما بخمسة وعشرين
وان صالح الكفيل الذي أخذ المائة من صاحبه على خمسين ومائة فان الصلح جائز
ولا يكون على الغريم الا مائة وخمسون ويرجع الذي أعطى المائة على صاحبه بخمسة
وسبعين ويتبعان الغريم بخمسين يتبعه كل واحد منهما بخمسة وعشرين وان صالح
268

الكفيل الذي أخذ المائة من صاحبه على خمسين ومائة فان الصلح جائز ولا يكون
على الغريم الا مائة وخمسون ويرجع الذي أعطى المائة على صاحبه بخمسة وعشرين
ويتبعان الغريم بمائة وخمسين يتبعه كل واحد منهما بخمسة وسبعين وان صالح الذي
أخذ المائة من صاحبه الغريم على مائتين أو على خمسمائة فان الصلح جائز ولا يكون
على الغريم الا ما قبض من الكفيل ويتبعان الغريم بمائتين بمائة مائة وإن كان الصلح
بخمسمائة اتبعاه بما أديا عنه أحدهما بمائة والآخر بأربعمائة فان أعدم الذي عليه الدين
لم يكن للكفيل الذي أدى أربعمائة أن يرجع على صاحبه الذي كان صالحه بالمائة
بقليل ولا كثير ويتبعان جميعا الغريم بما أديا عنه
(في الرجل يشترى الجارية أو السلعة ويتحمل له رجل)
* (بما أدركه فيها من درك) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى جارية فتكفلت له بما أدركه فيها من درك
أتكون هذه كفالة وأكون ضامنا بما أدركه في الجارية من درك في قول مالك
(قال) نعم * (قلت) * أرأيت لو أني بعت من رجل بيعا وأعطيته كفيلا بما أدركه
من درك أتجوز هذه الكفالة أم لا (قال) إن كان أعطاه كفيلا بما أدركه فقال إن أدركك فيها درك فعلي أن أرد الثمن فالكفالة في هذا جائزة وإن كان إنما
أعطاه على أنه ان أدركه فيها درك فعليه أن يخلصها له بالغة ما بلغت فالكفالة في هذا
باطل لان هذا لا يلزم البائع (قال) والكفالة لا تلزم أيضا * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) هذا قوله وهو رأيي * (وقال غيره) * لا يخرج من الكفالة لما رضي أن يلزمه نفسه
وهو الذي أدخل المشترى في دفع ماله للثقة منه به فعليه الأقل من قيمة السلعة يوم
يستحق أو الثمن الذي أعطى إلا أن يكون الغريم موسرا حاضرا فلا يكون عليه
شئ وخذ هذا الأصل على هذا في مثل هذا وما أشبهه * (قلت) * لابن القاسم أرأيت
من باع بيعا واشترط المشترى على البائع الخلاص وأخذ منه بالخلاص كفيلا أيجوز
هذا أم لا في قول مالك (قال) لا يحل وذلك عندي بمنزلة ما لو أن رجلا باع دارا
269

ليست له فقال للمشترى اشترها منى فإن لم يسلم لك ذلك صاحبها فعلي خلاصها لك
فهذا لا يجوز وهذا قول مالك والبيع فيها مردود ولولا أن الناس اشترطوا هذه
الشروط في البيع الأول على أنهم لا يريد ون بذلك الخلاص إنما كتبوه على وجه
الثقة والتشديد لنقضت البيع به ولو عمد رجل فاشترط فقال إن أدركني درك في
الدار فعليك أن تتخلص لي الدار بما يكون من مالك أو تتخلصها بما بلغت وعلى ذلك
اشترى وبه عقد بيعه لكان هذا فاسدا لا يحل ولنقضت به البيع
(في الحمالة في البيع بعينه وبيع الغائب)
* (قلت) * أرأيت ما كان بعينه مما اشتريته أيجوز أن اخذ به كفيلا (قال) لا يجوز
ذلك عندي ولم أسمعه من مالك إلا أن مالكا قال لا يجوز أن يشترط أن يكون
ضامنا إذا باع سلعة بعينها أن يكون ضامنا لها ان تلفت فعليه شرواها فكذلك الكفالة
* (وقال غيره) * هذا من الأصل الذي بينته لك قبله * (قلت) * أرأيت أن اشتريت
منه عبدا أو دابة غائبة وأخذت منه كفيلا بها (قال) لا يكون في هذا كفالة لأنه
إنما اشترى منه غائبا بعينه ألا ترى أنه لو ماتت الدابة أو العبد لم يضمن البائع شيئا
ولا يصلح النقد فيه * (قلت) * فإن كانت غيبة قريبة مما يصلح النقد فيها لم تصلح
الكفالة فيه أيضا (قال) نعم
(في الرجل يعتق عبده على مال ويأخذ منه بالمال حميلا)
* (قلت) * أرأيت أن أعتقت عبدي على ألف درهم وأخذت منه بها كفيلا أيجوز
هذا أم لا في قول مالك (قال) نعم ذلك جائز عند مالك وإنما الذي لا تجوز الكفالة
فيه كتابة المكاتب
(في الكفالة بكتابة المكاتب)
* (قلت) * أرأيت الكفالة لرجل بكتابة مكاتبة أتجوز أم لا (قال) قال مالك لا تجوز
* (قلت) * أرأيت أن كاتبت عبدي على مال فأتى رجل فقال لي عجل عتقه وأنا كفيل
270

لك بكتابته ففعلت أتلزمه الكفالة أم لا في قول مالك (قال) الكفالة له لازمة لان
مالكا قال لو أن رجلا أعتق عبده على مال على أن تكفل بذلك المال رجل ان ذلك
جائز لازم للكفيل فكذلك مسألتك * (قلت) * أرأيت هذا الكفيل الذي أدى عن
المكاتب هذا المال أيكون له أن يرجع بذلك على المكاتب (قال) نعم في رأيي ولم
أسمعه من مالك
(في الغريم يؤخذ منه قبل محل الاجل أو بعد محل الاجل حميل أو رهن)
* (على أن يؤخر إلى أبعد من الاجل) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا أعطى غريمه حميلا قبل محل أجل دينه على أن يؤخره
إلى أبعد من الاجل (قال) قال مالك لا يصلح ذلك (قال) وان حل حقه فلا بأس
أن يأخذ منه حميلا ويؤخره إلى أبعد من الاجل (قال مالك) وكذلك لو رهنه قبل
الاجل على أن يؤخره فلا يصلح وان رهنه بعد ماحل الاجل على أن يؤخره فلا
بأس به (وقال غيره) وإذا كان الرهن أو الحميل قبل محل الحق على أن يؤخره إلى أبعد
من الاجل فهذا لا يجوز وهذا كان الرهن به رهنا وإن كان مقبوضا ولا يكون
قبضه له قبضا ان فلس الغريم أن يكون أحق به من الغرماء ولا يكون على الحميل شئ
أيضا لأنه لم يخرج بما ارتهن ولا بما أخذ له الحميل شئ مبتدأ إنما كان دين في ذمته لم
يكن يجوز له أخذه فلا يجوز أن يبقى في يديه الوثيقة منه لأنه يشبه سلفا جر منفعة
وهو باق في لذمة كما كان * (قلت) * أرأيت أن حط عنه بعض ماله عليه قبل الاجل على
أن أعطاه حميلا ورهنا ببقية الحق (قال) هذا لا بأس به (قال) وقال مالك كل من كان له
حق على رجل إلى أجل من الآجال فأخذ منه حميلا قبل محل الاجل أو رهنه رهنا
إلى أبعد من الاجل فلا خير فيه (قال ابن القاسم) لان ذلك عنده كأنه سلف أسلفه
على أن يزداد في سلفه (قال) وإذا حل الاجل فلا بأس به (قال ابن القاسم) لان
ذلك حينئذ بمنزلة من أسلف سلفا عن ظهر يد وأخذ به حميلا * (قال مالك) * والرهن
مثله إذا رهنه قبل محل الاجل على أن يؤخره إلى أبعد من محل الاجل فلا يجوز
271

ولا يحل وإن كان بعد محل الاجل فلا بأس به
(في الغريم إلى أجل يؤخذ منه حميل)
* (أو رهن بالقضاء قبل محل الاجل) *
* (قلت) * أرأيت أن أخذت منه حميلا قبل محل الاجل على أن يوفيني قبل محل
الاجل (قال) لا بأس بذلك لأنه لا تهمة ها هنا وكذلك الرهن * (قلت) * وكذلك أن أعطاني حميلا أو رهنا قبل محل الاجل على أن يعطيني حقي عند محل الاجل أيجوز
هذا أم لا (قال) لا بأس به * (قلت) * أرأيت أن أخذت منه حميلا قبل محل الاجل
وكان ديني عليه محله إلى سنة فأعطاني كفيلا بحقي إلى ستة أشهر (قال) هذا لا بأس
به لان هذا لا تهمة فيه ألا ترى أنه عجل الدين الذي عليه قبل محل الاجل وزاد مع ذلك
حمالة هذا الرجل فلا بأس بذلك
(في الحميل يأتي بالغريم بعد محل الاجل)
* (قبل أن يقضي على الحميل بالمال) *
* (قلت) * أرأيت أن قلت لرجل أنا كفيل لك بفلان إلى غد فإن لم أوافك به فأنا ضامن
للمال فمضى الغد فقلت قد وافيتك به وقال لم توافني به (قال) يقيم البينة أنه قد وافاه
به والا غرم المال * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي * (قلت) * فان وافاه
بعد الغد قبل أن يحكم السلطان عليه (قال) ذلك له جائز ويبرأ من المال ولا يكون عليه
غرم * (سحنون) * وكذلك يقول غيره من الرواة
(في الرجل يطلب قبل الرجل حقا فيطلب منه حميلا بالخصومة)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا طلب قبل رجل حقا وقد كانت بينهما خلطة في معاملة
فقال الطالب للمطلوب أعطني كفيلا حتى أقيم بينتي عند القاضي (قال) لا أرى ذلك
عليه ولكن يطلب بينته * (قلت) * وليس له أن يأخذ عليه كفيلا بوجهه حتى يثبت
حقه (قال) لا * (وقال غيره) * إذا ثبتت المعاملة بينهما فله عليه كفيل بنفسه ليوقع البينة
272

على عينه * (قلت) * فان قال أعطني وكيلا بالخصومة حتى أقيم بينتي (قال) لا أرى
أن يعطيه وكيلا بالخصومة إذا لم يرد المطلوب أن يوكل لأنا نقبل بينة هذا الطالب
على المطلوب وإن كان غائبا فلا يلزم المطلوب أن يقيم وكيلا إلا أن يشاء المطلوب ان
يوكل من يدفع عنه
(في الرجل يقضى له القاضي بالقضية أيأخذ منه كفيلا)
* (قلت) * أرأيت أن أقمت البينة أن هذه الدار دار أبي أو دار جدي أو ان هذا المتاع
متاعي أو متاع أبي مات وتركه ميراثا لا يعلم له وارث غيري فقضى لي القاضي هل
كان مالك يأمر القاضي أن يأخذ مني كفيلا إذا أراد أن يدفع إلي ذلك الشئ في
قول مالك (قال) ان الكفيل الذي تأخذه القضاة في هذا إنما هو جور وتعد وليس
عليهم إذا استحقوا حقوقهم أن يأتوا بكفلاء بل يعطون حقوقهم بغير كفالة
(في الرجل يكون له على الرجل الطعام إلى أجل فيأخذ به منه كفيلا)
* (فيصالحه الكفيل قبل الاجل أو بعده على أدنى أو أقل أو أجود) *
* (قلت) * أرأيت لو أن لي على رجل طعاما إلى أجل من سلم أو قرض أخذت منه
كفيلا فلما حل الاجل أعطاني الكفيل بعض طعامي على أن تركت له بعضا
أو قبل أن يحل الاجل أعطاني بعض الطعام على أن تركت له بعض الطعام (قال)
لا يصلح ذلك إذا لم يحل الاجل لأنه يدخله ضع عني وتعجل فأما إذا حل الاجل فلا بأس
بذلك ولا يرجع الكفيل على الذي عليه الحق الا بما أدى إلى الطالب لان مالكا
قال في الذي عليه الحق لو أخذ بعض حقه منه على أن ترك له ما بقي قبل الاجل
لم يجز هذا لأنه وضع وتعجل فإذا حل الاجل فلا بأس بذلك وكذلك الكفيل
عندي مثل الذي عليه الأصل * (قلت) * أرأيت الكفيل إذا صالح الذي له الحق
على حنطة مثل كيل حنطته قبل أن يحل الاجل إلا أنها أجود من شرط الطالب
أو أدنى من شرطه (قال) لا يجوز ذلك لان مالكا قال لا يجوز أن يصالح الذي عليه
273

الحق الطالب قبل محل الاجل على حنطة مثل كيل حنطته إذا كانت أجود من حنطته
أو أدنى * (قلت) * فان حل الاجل (قال) لا خير في ذلك إذا حل الاجل أن يصالحه
الكفيل على مثل كيل حنطته أو أجود إذا كانت من صنفها أو أدنى منها إذا كانت
التي عليه سمراء كلها أو محمولة كلها وان أخذ أيضا أجود من حنطته وأدنى من كيلها
فلا خير فيه وان كانت من صنف واحد وإذا أخذ مثل كيل طعامه فلا خير في أن
يأخذ أجود إذا كانت من الصنف أو أدنى منه ولا بأس أن يصالح الطالب إذا حل
الاجل الذي عليه الحق على مثل كيل حنطته أو أجود منه أو أدنى والكفيل إذا صالح
بأجود أو أدنى صار يتبع بغير ما أعطى فصار في التسليف بيع الطعام قبل استيفائه
والذي عليه الأصل ليس كذلك لان ذلك يصير بدلا وتبرأ ذمته وإذا أعطى الكفيل
غير ما تحمل به كان الذي عليه الدين بالخيار ان شاء أعطاه مثل ما أعطى الكفيل
وا ن شاء أعطاه مثل ما كان عليه فصار بيع الطعام قبل الاستيفاء ولا بأس على الكفيل
أن يعطى أجود أو أدنى من الصنف في القرض مثل المكيلة إذا حل الاجل وإن لم
يحل الاجل فلا خير في أن يعطى في القرض أجود أو أدنى
(في الرجل يدرك قبل الطالب حقا أيدفع إليه)
* (ولا يأخذ منه حميلا) *
* (قلت) * أرأيت أن أقمت البينة على رجل غائب بحق لي وللغائب مال حاضر أيبيعه
القاضي ويوفيني حقي من غير أن يأخذ منى كفيلا (قال) الذي كنا نسمع من قول
مالك أنه كان ينكر أن يأخذ منه كفيلا بحقه الذي حكم له به وأما ما ذكرت من
مال الغائب فإنه يباع لهذا إذا ثبت حقه * (قلت) * رباعا كانت أمواله أو غير رباع
فإنها تباع في قول مالك (قال) نعم
(الدعوى في الحمالة)
* (قال سحنون) * وسألت ابن القاسم عن ثلاثة نفر اشتروا سلعة من رجل وكتب عليهم
274

أيهم شئت أخذت بحقي وكل واحد حميل بما على صاحبه فمات أحد الثلاثة فادعى ورثة
الهالك أنه قد دفع المال كله إلى بائع السلعة وأقاموا شاهدا واحدا (قال) يحلفون
مع شاهدهم ويبرؤون ويرجعون على الشريكين الباقيين بما أدى صاحبهما عنهما * (قلت) *
فان أبى الورثة أن يحلفوا أترى للشريكين أن يحلفا (قال) لا لأنهما يغرمان إلا أن
يقولا نحن أمرناه ووكلناه بالدفع عنه وعنا ودفعنا ذلك إليه وإنما هو حق علينا وإنما
الشاهد لنا فيحلفان ويبرآن * (قلت) * أرأيت أن قلت أنا كفيل لك بفلان إلى غد
فإن لم أوافك به فأنا ضامن للمال فمضى الغد فقلت قد وافيتك به وقال لم توافني به
(قال) يقيم البينة أنه قد وافاه والا غرم المال * (قلت) * وهذا قول مالك هذا رأيي
(في الحمالة في الحدود)
* (قلت) * أرأيت الحدود أفيها كفالة (قال) لا كفالة في الحدود * (قلت) * لابن
القاسم أرأيت لو أن رجلا شتمني ولم يقذفني فأخذت منه كفيلا بنفسه فهرب الرجل
(قال) هذا إنما هو أدب ولا تجوز الكفالة في هذا ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن هذا
رأيي أنه لا كفالة في الحدود ولا في التعزير * (ابن وهب) * وأخبرني مخرمة عن
أبيه قال يقال لا تقبل حمالة في دم ولا زنا ولا في سرقة ولا في شرب خمر ولا في
شئ من حدود الله وتقبل فيما سوى ذلك
(في كفالة الأخرس)
* (قلت) * أرأيت هل تجوز كفالة الأخرس في قول مالك أم لا (قال) لا أقوم على حفظ
قول مالك إلا أن الذي بلغنا عن مالك أنه قال ما أثبتت البينة أن الأخرس قد فهمه
من طلاقه وشرائه ان ذلك جائز عليه وكذلك مسألتك
(في الرجل يقر في مرضه بالكفالة لوارث أو غير وارث)
* (قلت) * أرأيت أن هو أقر أنه تكفل في مرضه أتجوز الكفالة في ثلثه (قال) نعم
إذا كان أجنبيا لان المعروف إنما يجوز للمريض في ثلثه للأجنبي ولا يجوز للوارث
275

من ذلك شئ * (قلت) * أرأيت أن كان هذا الذي أقر له بالكفالة في مرضه أنه
تكفل له في مرضه صديقا ملاطفا أيجوز له الاقرار في ثلث الميت (قال) نعم ذلك
جائز لان الوصية له جائزة في الثلث كذلك قال مالك إلا أن يكون عليه دين
يغترق ماله فلا يجوز وكذلك إذا أقر له بدين فإنما يرد إذا كان عليه دين يغترق ماله
ولا يرد إذا كان يورث بغير دين لأنه لو أوصى له مع الورثة جازت وصيته ولو
أوصى له مع الدين يغترق ماله لم تجز فلذلك اتهم إذا كان صديقا ملاطفا إذا أقر
له مع الدين لأنه لا تجوز له وصية ولا يتهم إذا أقر له من غير دين وكان يورث
بولد أو كلالة فالوصية له جائزة في الثلث وهذا أحسن ما سمعت * (قلت) * فإن كان
الورثة أباعد إنما هم عصبة (قال) نعم الوصية له جائزة في مسألتك هذه في قول مالك
* (قلت) * أرأيت أن أقر في مرضه فقال قد كنت أعتقت عبدي في مرضي هذا
أيجوز هذا في ثلثه (قال) كل ما أقر به في مرضه أنه فعله في مرضه فهو وصية وما أقر به في
الصحة فهو خلاف ما أقر به في مرضه فان قام الذي أقر له بذلك وهو صحيح أخذ
ذلك منه وإن لم يقم حتى يمرض أو يموت فلا شئ لهم وان كانت لهم بينة الا العتق
والكفالة فإنه إن أقر به في الصحة وقامت على ذلك بينة أعتق في رأس ماله وان
كانت الشهادة إنما هي بعد الموت أخذت الكفالة من ماله وارثا كان أو غير
وارث لأنه دين قد ثبت في ماله في صحته * (قلت) * أرأيت من أقر في مرضه بكفالة
أو قال قد كنت تكفلت في الصحة عن هذا الرجل بكفالة والرجل وارث أو غير
وارث (قال) قال مالك اقراره لوارث بالدين في مرضه لا يجوز منه شئ * (قال) *
وقال مالك في الرجل يقر في مرضه فيقول قد كنت تصدقت على فلان بداري
أو بدابتي في صحتي أو كنت حبست في صحتي خادمي أو داري على فلان أو قد
كنت أعتقت عبدي في صحتي (قال) قال مالك لا يكون هذا في ثلث ولا غيره
واقراره هذا باطل كله (قال مالك) وإن كان أوصى كانت الوصايا في ثلث ما بقي بعد
ذلك الشئ فان قصر الثلث عن وصيته لم يكن لأهل الوصايا في ذلك شئ ولم تدخل
276

الوصايا في شئ من ذلك الذي أقر به وإنما الوصايا فيما بعد ذلك لأنا قد علمنا أنه لم
يرد أن يكون وصيته فيما أقر به وذلك الذي أقر به يرجع إلى الورثة ميراثا * (قلت) *
ولا تكون وصيته لمن أقر له بذلك (قال) نعم لا تكون له وصية
(في كفالة المريض)
* (قلت) * أرأيت المريض إذا تكفل بكفالة أتجوز كفالته (قال) ذلك جائز في
ثلثه ألا ترى أن مالكا قد قال في المرأة تكون تحت الزوج فتتكفل بكفالة ان ذلك
في ثلثها إذا لم تجاوز الثلث لأنها محجورة عن جميع مالها وكذلك المريض قد حجر
عليه جميع ماله وإنما يجوز له من ماله الثلث والكفالة معروف فإنما يجوز ذلك في ثلثه
كما يجوز للمرأة ذات الزوج معروفها في ثلثها عند مالك * (قلت) * أرأيت أن تكفل
في مرضه بكفالة وداين الناس بعد الكفالة حتى اغترق الدين ماله أتسقط الكفالة
ولا يحاص به الغرماء في قول مالك (قال) هكذا ينبغي لان الدين أولى من الكفالة
لان الكفالة في الثلث والدين من رأس المال وكل شئ يكون في جميع المال فالذي يكون
في جميع المال أولى بذلك ألا ترى لو أن رجلا أوصى لرجل بثلث ماله فركبه دين
اغترق ماله أن الوصية تبطل في قول مالك فكذلك الكفالة لأنها معروف من
المريض في مرضه * (قلت) * أرأيت أن تكفل في مرضه لوارث أو لغير وارث
فصح من مرضه ذلك أتلزمه الكفالة أم لا في قول مالك (قال) نعم تلزمه الكفالة
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي لأنه لو تصدق على وارث في مرضه
بأمر بتله له ثم صح لزمته الصدقة إذا لم يكن على وجه الوصية وهو قول مالك
(في الرجل يستأجر الأجير يخدمه ويأخذ منه بالخدمة حميلا)
* (قلت) * أرأيت أن استأجرت رجلا يخدمني شهرا وأخذت منه كفيلا بالخدمة
(قال) لا خير في هذا عند مالك (قال) لأني سألت مالكا عن الغلام يستأجر سنة
فيموت فيريد أن يأخذ مكانه غلاما يعمل له عمله ويقول سيد الغلام أنا أدفع إليك
277

غلاما يعمل لك مكانه (قال مالك) لا خير في هذا لأنه من قبل الدين بالدين لأنك
تفسخ دينك في دين لا تستوفيه مكانك فالحمالة في مثل هذا لا تجوز لأنه لو
مات الغلام لم يكن على الحميل أن يأتي بغلام آخر يخدمه
(في الرجل يستأجر الخياط يخيط ويأخذ منه بالخياطة حميلا)
* (قلت) * أرأيت أن دفعت ثوبا إلى خياط وشرطت عليه أن يخيطه هو نفسه أيجوز
في قول مالك أم لا (قال) ذلك جائز عند مالك * (قلت) * أرأيت أن أخذت منه
حميلا بالعمل (قال) ان كنت أخذت منه حميلا بالعمل ان مات الخياط أو عاش فلا
خير في ذلك وإن كنت أخذت منه حميلا على الحياة حتى يعمله لك فلا خير في ذلك
وهو مثل الحميل بالخدمة * (قال سحنون) * وقد بينا هذا الأصل قبل هذا
(في الرجل يكترى الراحلة بعينها ويأخذ من الكرى حميلا بالحمولة)
* (قلت) * أرأيت أن استأجرت راحلة بعينها وأخذت من ربها حميلا بالحمولة أيجوز
أم لا (قال) الحمالة بالحمولة لا تجوز في كراء الراحلة بعينها وأما ان أعطاه حميلا بالكراء
ان ماتت الراحلة رد عليه ما بقي له فالحمالة جائزة وان كانت الحمالة في كراء مضمون
فذلك جائز عند مالك * (قال سحنون) * وكذلك أجير الخياطة والخدمة
(في الرجل يكتري كراء مضمونا ويأخذ حميلا بالحمولة)
* (قلت) * أرأيت أن كانت الحمالة في كراء مضمون أيجوز ذلك (قال) ذلك جائز
عند مالك * (قلت) * أرأيت أن اكتريت من رجل كراء مضمونا إلى مكة وأخذت
منه حميلا بالحمولة ففر المكارى وأخذت الحميل فاكترى لي إبلا إلى مكة فحملني
عليها بضعف ما اكتريت من صاحبي الذي فر ثم رجع صاحبي فقدر عليه الحميل
بم يرجع عليه (قال) يرجع عليه الحميل بما اكترى الحميل ولا ينظر إلى الكراء
الأول والكراء الأول للكرى الهارب وعلى الهارب أن يرد إلى الحميل المال الذي
اكترى به الحميل للمتكاري * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) قال مالك في
278

الكرى إذا هرب اكترى عليه ولزمه ما اكترى عليه به فهذا يدلك على الذي سألت
عنه من قول مالك * (قلت) * أرأيت أن اكتريت ولم آخذ منه حميلا ثم هرب المكاري
فأتيت السلطان أيتكارى لي عليه السلطان (قال) نعم * (قلت) * وأرجع عليه بما تكاريت
به عليه (قال) نعم
(في كفالة العبيد بغير إذن ساداتهم)
* (قلت) * أرأيت العبد التاجر والمكاتب هل تجوز كفالتهم (قال) لا تجوز كفالتهم
ولا أحفظ من مالك في هذا شيئا * (قلت) * أرأيت أن تكفل عبد أو مكاتب أو أم
أولد أو مدبر بغير أمر سيده بكفالة أتجوز أم لا (قال) لا يجوز ذلك * (قلت) * فإن لم
يعلم السيد بذلك حتى عتقوا (قال) فالكفالة لازمة لهم * (قلت) * فان فسخ السيد
الكفالة قبل أن يعتقوا ثم أعتقهم السيد (قال) فلا كفالة عليهم لان مالكا قال لا تجوز
صدقتهم ولا هبتهم فان أعتقهم السيد جاز ذلك إلا أن يكون السيد رد ذلك قبل
أن يعتقهم فيكون ذلك مردودا وانظر كل معروف صنعه هؤلاء من كفالة أو حمالة
أو صدقة أو هبة أو عطية أو نحل أو عتق أو غير ذلك من الأشياء مما هو معروف
عند الناس فان ذلك إذا رده السيد قبل أن يعتق العبد فإنه مردود وان أعتقه السيد
بعد ما رده فليس يلزم العبد من ذلك قليل ولا كثير وإن كان لم يرده السيد حتى
أعتقه أو لم يعلم به فان ذلك جائز على العبد علم بذلك السيد أو لم يعلم * (قلت) * أرأيت
العبد أتجوز كفالته أم لا تجوز (قال) لا يجوز ذلك وإن كان مأذونا له في التجارة الا
باذن سيده أو يكون عليه دين يغترق ماله فلا يجوز وان أذن له سيده
(في كفالة العبيد باذن ساداتهم)
* (قلت) * أرأيت حمالات العبيد ووكالاتهم في الخصومات أو غير ذلك باذن
ساداتهم أجائزة هي في قول مالك (قال) نعم لأني سمعت مالكا وسئل عن الرجل
يوكل عبده بقضاء دينه فيأتي العبد بشاهد واحد أنه قد قضاه قال مالك يحلف العبد
279

ويبرأ السيد ولا يحلف السيد (قال مالك) والعبد عندي في هذه الوكالة بمنزلة أن لو
كان حرا فهذا يدلك على مسألتك * (قلت) * أرأيت ما تحمل به العبد من دين باذن
سيده أين يكون ذلك أفي ذمته أم في رقبته (قال) إن كان تحمل لسيده فأفلس
السيد أو مات بيع العبد ان طلب صاحب الدين دينه قبل السيد وان رضى أن يترك السيد
ويتبع العبد كان ذلك له في ذمة العبد وإن كان إنما تحمل بالدين عن أجنبي بأمر السيد
كان في ذمته ولا يكون ذلك في رقبته * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
* (وقال غيره) * ليس ذلك له وإنما يكون على العبد ما عجز عنه مال سيده فيكون في ذمته
يتبع بذلك الدين حيث كان * (قلت) * فان أذن له السيد بذلك (قال) ذلك جائز لان
ذلك معروف منهم والمعروف من المكاتبين والعبيد وأمهات الأولاد والمدبرين جائز
إذا أذن لهم ساداتهم * (وقال غيره) * لا يجوز أن يجاز معروف المكاتب لان ذلك داعية
إلى رقه وليس له أن يرق نفسه بهبة ماله وليس ذلك لسيده * (قلت) * فان تكفل
هؤلاء بسيدهم أيجوز ذلك (قال) نعم ذلك جائز لان معروف هؤلاء جائز إذا أذن
لهم سيدهم فان تكفلوا به فان ذلك جائز عليهم لان ذلك بأمره * (قلت) * ويجبرهم
سيدهم على أن يتكفلوا به (قال) لا ليس ذلك عليهم ولا يجبر أحد من هؤلاء
على أن يتحمل به إلا أن يرضوا بذلك وان تكفلوا به على استكراه منهم لم يلزمهم
(في كفالة العبد المديان باذن سيده)
* (قلت) * أرأيت العبد يكون عليه دين يغترق ماله فيأمره سيده فيتكفل بكفالة
أيلزمه ذلك أم لا وهل لسيده أن يدخل على أهل الدين ما يضرهم في دينهم في قول
مالك (قال) قال مالك في الحر يكون عليه دين يغترق ماله انه لا يجوز عتقه ولا هبته
ولا صدقته ولا كفالته لان هذا معروف والكفالة عنده من المعروف فلا يجوز
أيضا فأرى العبد بهذه المنزلة مثل الحر إذا كان الدين الذي على العبد قد اغترق ماله
280

(في الرجل يجبر عبده على أن يكفل عنه)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال لعبده اكفل عني بهذا المال فقال العبد لا أكفل
فقال السيد اشهدوا أنى قد جعلته كفيلا بهذا المال أيلزم العبد ذلك أم لا والعبد
يقول لا أرضى لأنه يقول إن عتقت لزمتني هذه الكفالة فلا أرضى (قال) ذلك
عندي غير لازم للعبد (قال) وقال مالك في الرجل يعتق عبده على أن عليه مائة
ديناران ذلك لازم للعبد وان كره العبد ذلك
(في السيد يكفل عن عبده بالكفالة)
* (قلت) * أرأيت الرجل يبيع من عبده سلعة من السلع بدين إلى أجل أو يتكفل عن
عبده بكفالة فيؤدي السيد ذلك المال عن عبده فيعتقه أيكون ذلك المال دينا على العبد
يتبعه به سيده أم لا في قول مالك (قال) نعم يكون ذلك دينا عليه يتبعه به لان مالكا
قال لي في عبد باعه سيده وعلى العبد دين لسيده الذي باعه فأراد أن يتبعه بذلك الدين
فقال المشترى ليس ذلك لك إنما هو دينك قد بعتنيه ولم تبينه لي (قال) قال مالك
الدين لازم للعبد يتبعه به البائع فان رضي المشترى أن يقبل العبد وعليه دين فذلك له
وان كره رد العبد وأخذ الثمن
(في السيد يكون له على العبد الدين فيأخذ منه كفيلا)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا كان له على عبده دين أخذ منه بذلك الدين كفيلا
أيلزم ذلك الكفيل في قول مالك (قال) يلزم في قول مالك لان مالكا قال يحاص
السيد غرماء العبد إذا أفلس العبد
(في الحمالة إلى غير أجل)
* (قلت) * أرأيت أن قال إن لم يوفك فلان حقك فهو علي ولم يضرب لذلك أجلا
متى يلزم الكفيل ذلك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكنني أرى أن يتلوم
له السلطان على قدر ما يرى ثم يلزمه المال إلا أن يكون الذي عليه المال حاضرا مليا
281

(في الحمالة إلى موت المتحمل عنه)
* (قلت) * أرأيت أن قلت إن لم يوفك فلان حقك حتى يموت فهو على أيكون له
أن يأخذ مني شيئا قبل موت فلان ذلك أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
وأرى أنه ليس له ذلك الا بعد موت فلأن لان هذا بمنزلة الاجل يضربه لنفسه
(في الحمالة إلى خروج العطاء)
* (قلت) * أرأيت أن قال أنا كفيل بمالك على فلان إلى خروج العطاء (قال)
سألت مالكا عن الذي يبيع إلى العطاء قال مرة كان ذلك جائزا لان العطاء كان
معروفا ثم تحول فلا يعرف ولا يعجبني ثم سمعته بعد ذلك يقول فيه مرفق للناس
ولا يجوز أعجب إلي أن يكون معروفا وأما الحمالة فلا بأس به وإن لم يكن العطاء
معروفا إذا لم يكن على أصل بيع إنما هو سلف أو دين أنظر به بعد بيعه وقد كانت
عقدة البيع صحيحة فلا بأس بذلك
(في الرجل يريد أن يأخذ المال من المتحمل عنه قبل أن يطلب منه)
* (قلت) * أرأيت أن تكفلت بمال على رجل أيكون لي أن آخذ منه قبل أن يؤخذ
مني المال يقضي لي بذلك عليه (قال) لا يقضي لك عليه ولكن ان تطوع بذلك فذلك
جائز ولم أسمعه من مالك وذلك لأنه لو أخذه منه ثم أعدم الحميل أو أفلس كان للذي
له الحق أن يتبع الذي عليه الأصل
(في الحميل يقتضى من المتحمل عنه ثم يضيع منه)
* (قلت) * أرأيت لو أن كفيلا تكفل بمال علي فدفعته إلى الكفيل فضاع من
الكفيل أيكون الكفيل فيه مؤتمنا أم يكون ذلك اقتضاء (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا قال وأرى إذا كان ذلك من الكفيل على وجه الاقتضاء منه له فأراه من الكفيل * (قلت) * عروضا كانت الكفالة أو ذهبا أو ورقا أو غير ذلك فكل ذلك
سواء (قال) نعم
282

(في كفالة المرأة التي قد عنست ورضي حالها)
* (قلت) * أرأيت الجارية البكر التي قد بلغت وعنست في أهلها تكفلت بكفالة
أيجوز ذلك أم لا (قال) قال مالك في هبتها وصدقتها لا تجوز إذا كانت بكرا وان
كانت عنست فكذلك كفالتها في هذا * (قلت) * لم لا تجوز ذلك (قال) لان
بضعها بيد أبيها * (قلت) * أليس قد كان مالك مرة يقول إذا عنست جاز أمرها
(قال) لم أسمعه أنا قط
(في حمالة الجارية البكر التي قد عنست ولم يرض حالها)
* (قلت) * أرأيت الجارية البكر في بيت أبيها أتجوز كفالتها (قال) لا تجوز كفالتها
ولا بيعها ولا صدقتها ولا عتقها * (قلت) * أرأيت أن أجاز الوالد كفالة الجارية البكر
أتجوز في قول مالك (قال) لا يجوز معروف الجارية البكر وان أجاره الوالد لم ينبغ
للسلطان أن يجيزه وكذلك كفالتها وهذا قول مالك وهو رأيي * (قلت) * أرأيت
الجارية البكر تتكفل بكفالة باذن والدها وذلك بعدما حاضت أتجوز كفالتها أم لا
في قول مالك (قال) هي عندي بمنزلة الصبي وبمنزلة المولى عليه ولا يجوز هذا عند
مالك لان الصبي لو تكفل بكفالة عن رجل باذن الوالد لم يجز ذلك لان الوالد ليس له
أن يهب مال الولد الصغير ولا مال الجارية التي قد حاضت فكذلك لا تجوز كفالتهم
وان كانت باذن الوالد لان الكفالة ها هنا معروف فلا يجوز ذلك وإن كان باذن
الوالد * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم هذا قوله * (قلت) * فإن كانت بكرا
في بيت أبيها فأعطت الوالد أو الوالدة من مالها شيئا أيجوز ذلك لهما (قال) لا يجوز
لهما من ذلك شئ وهما في ذلك بمنزلة الأجنبيين فإذا أعطت الأجنبيين وهي بكر
في بيت أبيها لم تجز عطيتها فكذلك والدتها ووالدها * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) نعم (قال) والبكر لا تجوز كفالتها لأنه لا يجوز لها أن تصنع المعروف في مالها
وإنما الكفالة معروف وهي أيضا لا يجوز لها قضاء في مالها
283

(في كفالة المرأة ذات الزوج بغير إذن زوجها)
* (قلت) * أرأيت هل تجوز كفالة المرأة ذات الزوج (قال) قال مالك تجوز كفالتها فيما بينها
وبين ثلث مالها * (قلت) * أرأيت كقالة المرأة أتجوز أم لا في قول مالك (قال) قال
مالك إن كان لها زوج جازت الكفالة في ثلث مالها وإن لم يكن لها زوج فذلك جائز
عليها بمنزلة الرجل * (قلت) * وان كانت بكرا (قال) لا تجوز كفالتها لأنها لا يجوز
لها أن تصنع المعروف في مالها وإنما الكفالة معروف * (قلت) * أرأيت المرأة إذا
تكفلت بكفالة ولها زوج أيجوز ذلك أم لا (قال) قال مالك يجوز ما بينها وبين
ثلثها لان كل معروف تصنعه المرأة ذات الزوج فهو في ثلثها والكفالة عند مالك من
وجه الصدقة لان مالكا قال في بيع المرأة ذات الزوج دارها أو خادمها أو دابتها جائز
على ما أحب زوجها أو كره إذا كانت مرضية في حالها وأصابت وجه البيع (قال
مالك وأرى إن كان فيه محاباة كان في ثلث مالها (قال) وان تصدقت وهي مرضية
الحال لم يجز لها الا ما بينها وبين ثلث مالها عند مالك (قال مالك) وان تصدقت أو
وهبت أكثر من الثلث لم يجز من ذلك شئ لا قليل ولا كثير * (قلت) * فهل
يجوز بيع المرأة ذات الزوج وشراؤها (قال) قال مالك يجوز شراؤها وبيعها في مالها
كله وان كره ذلك زوجها * (قلت) * فان حابت في بيعها (قال) تجوز محاباتها في بيعها
فيما بينها وبين ثلثها عند مالك * (قلت) * لم لا يجيز مالك كفالتها الا في ثلثها ويجيز
بيعها وشراؤها في جميع مالها (قال) لان كفالتها معروف * (قلت) * والمحاباة في
الكفالة معروف في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * وان كانت غير مرضية الحال
(قال) ان كانت سفيهة ضعيفة في عقلها لم يجز لها من الذي صنعت شئ في هبة ولا
شراء ولا غير ذلك أجاز ذلك زوجها أو لم يجزه
(في كفالة المرأة بغير إذن زوجها بأكثر من ثلثها)
* (قال) * وقال مالك الحمالة معروف من المرأة ذات الزوج فلا يجوز لها إذا زادت على
284

الثلث قليل ولا كثير لا ثلث ولا غيره وإنما تجوز الكفالة أن لو كانت الثلث فأدنى
إذا كانت ذات زوج وكانت لا يولى عليها * (قلت) * وكل ما فعلته المرأة ذات الزوج
من معروف في مالها أو وهبت أو تصدقت أو أعتقت أو تكفلت فكان ذلك
أكثر من الثلث لم يجز منه قليل ولا كثير في قول مالك (قال) نعم إلا أن تكون
إنما زادت الدينار أو الشئ الخفيف فهذا يعلم أنها لم ترد به الضرر فهذا يمضى * (قلت) *
أرأيت هذا الدينار الذي زادته على ثلثها أتمضيه في قول مالك أم ترده وتمضى الثلث
(قال) بل يمضى وإنما أمضيته لأنه ليس على وجه ضرر تعمدته * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) نعم ولقد كتب رجل من القضاة إلى مالك يسأله عن رجل أوصى
في جارية له ان وسعها الثلث أن تعتق وإن لم يسعها الثلث فلا تعتق فما ذا ترى فيها
قال أرى فيها كما قال إلا أن يكون الذي خس من ثمنها غير الثلث الدينار والدينارين
فلا أرى أن تحرم العتق (قال ابن القاسم) وأرى إن كان الذي زاد على الثلث الشئ
اليسير ان تغرمه الجارية وإن لم يكن ذلك عندها اتبعت به دينا تؤديه إلى الورثة
* (قلت) * ولم قال مالك إذا تصدقت المرأة بثلثها فأدنى جاز ذلك إذا كانت ذات
زوج وان زادت على ثلثها أبطل جميع ذلك (قال) لأنه إذا كان الثلث فأدنى لم يكن
ذلك عنده ضررا وإن كان أكثر من الثلث رآه ضررا أبطل جميعه ولم يجز منه شئ
* (قال) * ولقد سئل مالك عن امرأة حلفت بعتق رقيقها في شئ أن لا تفعله وهي
ذات زوج ففعلته قال مالك أراها قد حنثت وإن كان الرقيق يحملهم الثلث عتقوا وان
كانوا جل مالها فلزوجها أن يرد جميع ذلك ولا يعتق منهم قليل ولا كثير * (قال) *
وبلغني عن مالك أنه قال إن مات زوجها أو فارقها رأيت أن يعتقهم ولا يسترقهم
(قال) وهو رأيي ولا تجبر على ذلك بقضاء * (قلت) * أرأيت ولدها ووالدها أهي
في عطيتها إياهم بمنزلة الأجنبيين في قول مالك (قال) نعم إذا كان لها زوج
(في كفالة المرأة ذات الزوج باذن زوجها)
* (قلت) * أرأيت أن أجاز الزوج كفالة امرأته أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم
285

يجوز ذلك عند مالك إذا كانت مرضية
(في كفالة المرأة عن زوجها بما يغترق)
* (مالها كله بغير إذن زوجها) *
* (قلت) * أرأيت المرأة إذا تكفلت عن زوجها بما يغترق فيه جميع مالها ولم يرض
الزوج أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن
يجوز لا ثلث ولا غيره * (قلت) * الثلث لم لا تجيزه (قال) لان مالكا قال ما تصدقت
به المرأة ذات الزوج أو أعتقت أو وهبت مما هو أكثر من الثلث فلا يجوز منه
ثلث ولا غيره (قال مالك) والحمالة معروف من المرأة ذات الزوج فلا يجوز لها إذا
زادت على الثلث قليل ولا كثير لا ثلث ولا غيره وإنما يجوز أن لو كانت الكفالة
الثلث فأدنى * (قال سحنون) * لأنها إذا جاوزت ما أذن لها فيه صارت كالمحجور
عليه والمضروب على يديه وكانت في حالها كحال المولى عليه
(في كفالة المرأة عن زوجها بما يغترق مالها باذن زوجها)
* (قلت) * أرأيت لو أن امرأة تكفلت لرجل بزوجها (قال) قال مالك عطية المرأة
للزوج المال جائز عليها وان أحاط ذلك بمالها كله وكفالتها في جميع مالها وان أعطته
أكثر من ثلثها فذلك جائز وان بلغت جميع مالها (قال مالك) وكذلك كفالة المرأة
لزوجها إذا كانت مرضية * (قلت) * أرأيت مالكا لم جوز عطيتها للزوج المال كله
وجعله خلاف غيره من الناس إذا لم تكن سفيهة في حالها (قال) لان الرجل إنما يتزوج
المرأة لمالها ويرفع في صداقها لمالها فهو خلاف غيره في هذا إنما أعطاها إياه على
بضعها ومالها * (سحنون) * ألا ترى أنه جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
لا يجوز لامرأة عطية الا باذن زوجها أو لا ترى أن شهادة الزوج لا تجوز لها
ومالها غير ماله ورأي أهل العلم من أهل الحجاز أن تبلغ بعطيتها الثلث بغير أمر
الزوج (وكان المخزومي) يقول فان جاوزت الثلث لم يبطل الثلث كالمريض يوصى بأكثر
286

من ثلثه فجوز من ذلك الثلث (وقال) غير المخزومي ليست كالمريض أجاز عمر بن
الخطاب وصية غلام يفاع وأجاز ذلك أبان بن عثمان وأجازه الناس وليس يجوز عطيته
في صحته في قليل من ماله ولا كثير فحكم المريض غير حكم الصحة فاتبعنا في هذا
أثر من مضى من أئمة الهدى الذي مضى العمل به ببلد الرسول صلى الله عليه وسلم
من أئمة الهدى
(في كفالة المرأة عن زوجها ثم تدعى أنه أكرهها)
* (قلت) * أرأيت لو أن امرأة تكفلت لرجل بزوجها ثم قالت بعد ذلك أكرهني
أيقبل قولها أم لا (قال) قال مالك عطية المرأة لزوجها المال جائز عليها وان أحاط
ذلك بمالها كله وكفالتها في جميع مالها وان أعطته أكثر من ثلثها فذلك جائز وان
بلغت جميع مالها (قال مالك) وكفالة المرأة لزوجها إذا كانت مرضية حالها فهي جائزة
وان ادعت الاكراه في العطية إذا أعطته زوجها لم تصدق فكذلك الكفالة إلا أن
يعلم ذلك وتقوم عليه بينة فيسقط عنها كما سقطت عطيتها على الاضرار
(في كفالة المرأة الأيم غير ذات الزوج)
* (قلت) * أرأيت كفالة المرأة أتجوز في قول مالك أم لا (قال) قال مالك إذا لم
يكن لها زوج فذلك جائز عليها بمنزلة الرجل * (قال) * وقال مالك في التي ليس لها
زوج تجوز كفالتها في جميع مالها * (قلت) * أرأيت أن كانت المرأة أيما لا زوج لها
فتكفلت بكفالة أيجوز ذلك عليها (قال) نعم عند مالك لان معروفها جائز إذا كانت
لا يولى عليها
* (تم كتاب الكفالة بحمد الله وعونه) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(ويليه كتاب الحوالة)
287

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الحوالة)
(في الرجل المحتال يموت وعليه دين فيريد الذي أحيل)
* (أن يرجع على الذي أحاله بحقه) *
* (قلت) * أرأيت الحوالة أيكون للذي احتال بحقه على رجل ان مات هذا المحتال
عليه فلم يجد عنده شيئا أيكون للذي له الحق أن يرجع على الذي أحاله بحقه أم لا في
قول مالك (قال) قال مالك ان كانت إحالة الذي أحاله وله على المحتال عليه دين ولم يغره
من فلس عليه من غريمه الذي أحاله عليه فلا يرجع عليه (قال) قال مالك وإن كان
غره أو لم يكن له عليه شئ فإنه يرجع عليه إذا أحاله وليس له على الذي أحال عليه
دين فإنما هي حمالة * (ابن وهب) * قال مالك وابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن عبد
الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مطل الغني ظلم
ومن أتبع على ملي فليتبع * (ابن وهب) * عن عبد الجبار عن ربيعة أنه قال إذا أحال
الرجل رجلا بحق له على رجل فرضي أن يحتال عليه فليس له ان أفلس المحتال عليه
قبل الذي أحاله شئ * (ابن وهب) * عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في
رجل أحال على رجل فلم يحل الحق حتى أفلس قال ابن شهاب إذا أحاله فأبرأه فليس
له شئ مفلسا كان أو مليا
288

(في الرجل يحتال بدينه على رجل فيموت المحيل قبل)
* (أن يقبض المحتال دينه فيريد غرماء المحيل) *
* (أن يدخلوا على المحتال في غرمه) *
* (قلت) * أرأيت الرجل يحيل الرجل على أحد بماله عليه وللرجل الذي أحال عليه
دين فمات الذي أحال وعليه دين من قبل أن يقتضى المحتال دينه أيكون لغرماء
الذي أحال في هذا الدين الذي على المحتال عليه شئ أم يكون الرجل الذي احتال به
أولى من غرماء المحيل وإن لم يكن قبضه (قال) إذا أحاله على رجل وله على المحتال
عليه دين فالمحال أولى بما على المحتال عليه لأنه قد صار يشبه البيع ألا ترى أنه لا يرجع
على الذي كان عليه الأصل بدينه ان توى ما على المحتال عليه فهو أولى به من غرماء
الميت لان الذي أحاله حين أحاله سقط ما كان له على المحتال عليه من دين وصار
ذلك الدين للذي أحيل عليه وحازه * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم
(في الرجل يحيل الرجل على الرجل وليس)
* (له عليه دين فيرضى المحتال أن يبرئه من الدين) *
* (قلت) * أرأيت أن أحالني غريم لي على رجل وليس للغريم على هذا المحتال عليه مال
وشرط الذي عليه الأصل أنه برئ من المال الذي عليه أو قال الذي له الحق أحلني على
فلان وأنت برئ من المال الذي عليك (قال) لم أسمع من مالك فيه الا ما أخبرتك
في الحوالة إذا لم يكن على المحتال عليه للذي أحال عليه دين فإنما هي حمالة والحوالة
عند مالك تبرئة إذا كان له على الذي أحال عليه دين فأرى في مسألتك انه إذا علم أنه ليس له عليه دين فرضى بأن يحتال عليه وأبرأه من ذلك أنه لا يرجع عليه ويؤخذ
هذا بما أقر به وإن كان لم يعلم فله أن يرجع (وقال ابن وهب) عن مالك في رجل
كان له على رجل حق فلزمه فتحمل له رجل من الناس فقال أنالك بمالك فخرق ذكر
الحق عنه واطلبني بما عليه من غير أن يكون تحول عليه بحق كان للغريم حمالة فشق
289

صحيفته وأشهد عليه وصار يطلبه بحقه حتى أفلس أو مات ولم يترك وفاء (قال) يرجع
صاحب الحق إلى غريمه الأول لان المتحمل إنما هو رجل وعد رجلا أن يسلفه
ويقضي عنه فهو لا يثبت له على صاحبه حتى يقضي غريمه عنه. ومما يبين لك ذلك أن
غرماء المفلس الحميل لو قالوا للذي تحمل عنه هلم هذا الذي تحمل به صاحبنا عنك
نقسمه لم يكن لهم ذلك ولم يكن على هذا الذي تحمل عنه أن يؤخذ ماله بغير شئ
أخذه ولا قضى عنه فكل شئ كان من الحمولة فهو يرجع ولكن ما كان من الحول
فهو الذي يثبت وذلك أن يكون للرجل على الرجل ذهب ويكون للذي عليه
الذهب على رجل آخر ذهب مثل تلك الذهب فيحيل الذي عليه الذهب غريمه
الذي يطلبه على الذي عليه الحق فيحتال صاحب الحق على غريم صاحبه فيفلس
فذلك الذي لا يرجع * (قلت) * لابن القاسم أرأيت أن أحالني على رجل ليس له علي
ذلك الرجل الذي أحالني عليه دين أيكون لي أن آخذ الذي أحالني عليه بحقي أو آخذ
الذي احتلت عليه (قال) قال مالك كل من أحال على رجل ليس له على الذي
أحال عليه دين فإنما هي حمالة سبيله سبيل ما وصفت لك في الحمالة
(في الرجل يكترى الدار بعشرة دنانير ويحيله بها)
* (على رجل ليس له عليه دين) *
* (قلت) * أرأيت أن استأجرت دارا سنة بعشرة دنانير على أن أحيله بها على رجل
ليس لي عليه دين (قال) لا بأس بهذا عند مالك لان الحوالة ها هنا إنما هي حمالة
لان كل حوالة لا يكون فيها للمحيل على المحال عليه دين قبل ذلك فليست بحوالة
وإنما هي حينئذ حمالة فلا بأس أن يكريه الدار على أن يتحمل له فلان بالكراء فهو ان
أخذ الكراء من الذي أكرى منه الدار والا رجع به على الحميل ان أفلس متكارى
الدار * (قلت) * ولا يكون له أن يرجع على الحميل إلا أن يفلس المتكارى أو يموت
ولا يترك شيئا (قال) نعم * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم
290

(في الرجل يكتري الدار من رجل بعشرة دنانير نقدا ثم يحيله)
* (بالكراء قبل أن يسكن) *
* (قلت) * أرأيت أن استأجرت دارا من رجل سنة بعشرة دنانير نقدا ثم أحلته
بالكراء قبل أن أسكن (قال) لا بأس بذلك
(في الرجل يكتري الدار بعشرة دنانير ولا يشترطوا النقد)
* (ثم يحيله بها على رجل له عليه دين) *
* (قلت) * أرأيت أن اكتريتها بعشرة دنانير ولم يشترط أنها نقد وأحلته بها على
رجل لي عليه دين (قال) لا خير في ذلك لأنه يفسخ دينا عليه لم يحل في دين قد
حل أو لم يحل ولو كان كراؤهم بالنقد وإن لم يذكروه كان بمنزلة ما اشترطوا فيه
النقد ويجوز ذلك
(في الرجل يكتري الدار والأجير على أن يحيله بالكراء)
* (على رجل له عليه دين) *
* (قلت) * أرأيت أن تكاريت دارا بدين على رجل أيصلح ذلك (قال) سألت
مالكا عن الرجل يتكارى الأجير يعمل له سنة بدين له على رجل يحيله عليه يكون
ذلك الدين اجارته (قال) لا بأس به وقد كان بعض أصحابنا أخبرنا عنه أنه يجيزه
وذلك إذا كان الذي عليه الحق حاضرا وأحاله عليه كان الدين الذي على الرجل حالا
أو إلى أجل إذا شرع في السكنى
(في الرجل يبيع عبده ويحيل غريما له على المشتري ثم يستحق)
* (العبد قبل أن يغرم المشتري الثمن) *
* (قلت) * أرأيت أن بعت عبدا لي بمائة دينار ولرجل علي مائة دينار فأحلت الذي
له علي الدين على هذا الذي اشترى العبد مني فاستحق العبد أيكون على المشتري
291

أن يغرم المائة للذي أحلته عليه بها (قال) نعم يغرمها ويرجع بها عليك لان العبد قد
استحق من يديه * (قلت) * ولم جعلته يغرمها وقد استحق العبد من يديه (قال)
لأنها صارت دينا للطالب حين أحاله عليه المطلوب * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) كذلك بلغني عن مالك
(في المكاتب يحيل سيده بكتابته على مكاتب له)
* (قلت) * أرأيت لو كان مكاتبا لي أحالني على مكاتب له بالكتابة التي لي على مكاتبي
أتجوز هذه الحوالة أم لا (قال) لا أراها حوالة إلا أن يكون السيد بت عتق مكاتبه
ورضى بذلك منه فإنه يعتق وان عجز مكاتب مكاتبه رجع مملوكا لسيد المكاتب الأعلى
ولم يكن له أن يرجع على المكاتب الأعلى لان الحوالة كالبيع وتمت حرية المكاتب
الأعلى وإن كان لم يبت عتقه وإنما أحاله مكاتبه على مكاتبه فالحوالة ها هنا باطل
(في المكاتب يحيل سيده بكتابته على رجل أجنبي)
* (قلت) * أيجوز لي أن أحتال بكاتبة مكاتبي على رجل أجنبي أو أكاتبه على أن
يضمن لي كتابته عنه غيره في قول مالك (قال) قال مالك كل حوالة يحتال بها رجل
على رجل وكان للمحيل على المحتال عليه دين فان الحوالة جائزة وهي حوالة وإن لم
يكن له عليه دين فأحاله فإنما هي حمالة وليست بحوالة وان أفلس هذا الذي أحيل عليه
رجع على الذي أحاله بدينه فالمكاتب إذا أحال سيده على رجل أجنبي فإن كان
للمكاتب على ذلك الرجل دين فالحوالة جائزة وإن لم يكن له عليه دين فإنما هي حمالة
ولا تجوز الحمالة لسيد المكاتب بكتابة مكاتبه وهي باطل عند مالك لأنه لم يتحمل للسيد
بأصل دين له لان كتابة المكاتب ليست بدين للسيد على المكاتب ألا ترى أنه
لا يضرب بالكتابة مع غرماء المكاتب * (قلت) * فإن كان للمكاتب على هذا الذي
أحال سيده عليه دين فرضي سيده بالحوالة عليه أيعتق المكاتب مكانه أم لا (قال)
لا تجوز الحوالة إذا كانت الكتابة لم تحل * (وقال غيره) * يعتق مكانه وتجوز الحوالة
292

لان ما على المكاتب ليس بدين ثابت وإنما هو كأنه قال لمكاتبه وعليه دنانير إلى أجل
فعجل له عتقه على دراهم إلى أجل أو أحاله فكأنه لم يكن له على مكاتبه شئ وإنما صار
عتيقا بالذي أخذ منه ألا ترى لو أن رجلا قال لعبده ان جئتني بألف درهم فأنت حر
ثم قال له ان جئتني بمائة درهم فأنت حر أو قال له ان جئتني بعشرة دنانير فأنت حر فان
جاء بها كان حرا ولم يقل له فسخت دينا كان لك في أقل منه أو بعت دراهم بدنانير
إنما هذا رجل أعتق عبده بما أخذ منه * (قلت) * لابن القاسم فإن كانت الكتابة قد
حلت فأحاله بذلك علي رجل للمكاتب عليه دين لم يحل بعد (قال) ذلك جائز وأري
أن يعتق مكانه * (قلت) * أرأيت إذا كان نجم المكاتب لم يحل وللمكاتب دين على
أجنبي قد حل فأحال سيده بذلك لم لا يجوز والمكاتب لو عجل كتابته قبل حلول الأجل
جاز ذلك (قال) إنما يجوز لو اقتضاه فأوفاه السيد فأما إذا أحاله ولم يقبضه فإنه
لا يجوز لان هذا ذمة بذمة * (قال سحنون) * وربا بين السيد ومكاتبه ألا ترى لو أن
رجلا كان عليه دين لم يحل فأحال غريمه على رجل عليه دين قد حل ان ذلك لا يجوز
فكذلك المكاتب وأما إذا كانت الكتابة قد حلت والدين الذي للمكاتب لم يحل
فأحال سيده بذلك فهو جائز فإن كان هذا الذي أحال به السيد إنما هو نجم من نجوم
المكاتب كان المكاتب برئ من هذا النجم إذا كان النجم الذي على المكاتب قد حل
فإن كان النجم الذي أحاله به المكاتب هو آخر نجومه وكان للمكاتب على الذي أحاله
عليه دين فالمكاتب حر مكانه * (قلت) * ولم كرهت للسيد أن يحتال بكتابة مكاتبه
على رجل للمكاتب عليه دين إذا لم تحل الكتابة (قال) لان مالكا كره للسيد أن
يبيع كتابة مكاتبة من رجل أجنبي بعرض أو بغير ذلك إلى أجل من الآجال وإنما
وسع في هذا فيما بين السيد وبين مكاتبه فلما كره مالك هذا بين سيد المكاتب
وبين الأجنبي من قبل أنه دين بدين كرهنا الحوالة أيضا إذا كانت الكتابة لم تحل
لأنه دين بدين * (وقال غيره) * إنما كره من قبل الربا بين السيد وبين مكاتبه لان
المكاتب لم يأخذ بذلك في نفسه عتقا تعجله الا ما أراد من الربح في بيع ذمة بما عليه
293

مما لم يحل عليه (قال) وقال مالك وسمعت بعض أهل العلم يقول الذمة بالذمة من
وجه الدين بالدين فهذا إنما ترك ذمة مكاتبه على أن جعل دينه في ذمة هذا الأجنبي
(قال) وقد أخبرتك أن مالكا كره أن يكاتب الرجل عبده بطعام ثم يبيعه من أجنبي
من الناس قبل أن يستوفي الطعام * (قال) * فقلت لمالك أيبيعه من المكاتب ويؤخره
بالثمن بعرض أو بغير عرض (قال) نعم (قال مالك) فكل ما كان بين المكاتب وسيده
من هذا فليس هو دينا بدين وما كان بين السيد وبين أجنبي من بيع كتابة مكاتبه
بثمن لا يتعجله فهو وجه الدين بالدين إذا كان بين السيد وبين أجنبي من بيع كتابة مكاتبه
بثمن لا يتعجله فهو وجه الدين بالدين إذا كان مما يجوز بيعه به من الأجنبي وان تعجله
من الأجنبي فهو جائز وأما من المكاتب إذا تعجل عتقه فلا بأس بما باعه به ان
كانت كتابته دراهم لم تحل فباعها بدنانير نقدا أو إلى أجل أو كانت كتابته بطعام
فباعه بعرض أو بدنانير أو بدراهم أو بطعام غيره نقدا أو إلى أجل فلا بأس به
* (تم كتاب الحوالة بحمد الله وعونه وبه يتم الجزء الثالث عشر) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(ويليه كتاب الرهن وهو أول الجزء الرابع عشر) *
294

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي عن الامام
عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن الامام مالك بن
أنس رضي الله تعالى عنهم أجمعين
(الجزء الرابع عشر)
* (أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل) *
* (حقوق الطبع محفوظة للملتزم) *
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
(تنبيه)
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة اه‍
" طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 ه‍ - لصاحبها محمد إسماعيل "
295

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الرهن)
(في الرهن يجوز غير مقسوم)
* (قلت) * لابن القاسم ما قول مالك في الرهن أيجوز غير مقسوم أم لا يجوز الا مقسوما
مقبوضا (قال) يجوز غير مقسوم إذا قبضه صاحبه وحازه مع من له فيه شرك وكان
يكريه ويليه مع من له فيه شرك فهو جائز وإن كان غير مقسوم وهذا قول مالك
(فيمن ارتهن رهنا فلم يقيضه حتى قالم الغرماء على الراهن)
* (وفي رهن مشاع غير مقسوم من العروض والحيوان) *
* (قلت) * أرأيت أن رهنت رجلا رهنا فلم يقبضه مني حتى قامت علي الغرماء
أيكون أسوة الغرماء أم يكون أولى بالرهن في قول مالك (قال) قال مالك هو أسوة
الغرماء * (قلت) * أرأيت أن ارتهنت من رجل سدس دار أو سدس حمام أو نصف
سيف أو نصف ثوب أيجوز وكيف يكون قبضي لذلك (قال) قال مالك ذلك جائز
وقبضه أن يجوزه دون صاحبه * (قال ابن القاسم) * في رجل ارتهن نصف دار من رجل وكارى الراهن النصف الآخر من شريكه (قال) أرى رهنه فاسدا حين سكن فيه
الراهن لأنه إذا لم يقم المرتهن بقبض نصف الدار وتقاسمه لأنه قد صار ساكنا في
نصف الدار والدار غير مقسومة فصار المرتهن غير حائز لما ارتهن * (قال ابن القاسم) *
296

ولو قال الشريك الذي لم يرهن إنما أكري نصيبي من الراهن وأبى الا ذلك لم يمنع
من ذلك وقسمت الدار بينهما فحاز المرتهن نصيب الراهن وأكرى الشريك نصيبه
ممن شاء ولم يفسخ * (قلت) * أرأيت أن ارتهنت نصف دابة كيف يكون قبضي لها
(قال) بقبض جميعها
(فيمن ارتهن نصف دابة أو نصف ثوب)
* (فقبض جميعه فضاع الثوب) *
* (قلت) * فإن كانت الدابة بين الراهن ورجل آخر (قال) يقبض حصة الراهن
* (قلت) * فإن شاء جعله على يدي شريك الراهن فذلك جائز (قال) نعم * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) نعم هذا قوله * (قلت) * أرأيت أن ارتهنت نصف ثوب فقبضته
كله أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فان ضاع الثوب عندي أأضمن
نصفه أم كله في قول مالك (قال) لا أحفظ من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن لا يلزمه
الا نصفه لان مالكا سئل عن رجل كان يسأل رجلا نصف دينار فأعطاه دينارا
يستوفي منه نصفه ويرد إليه النصف الباقي فزعم أنه قد ضاع (قال) قال مالك
النصف من المقتضي والنصف الآخر هو فيه مؤتمن * (قلت) * وعليه اليمين ان اتهمه
(قال) إن كان متهما أحلف ولا لم يحلف
(فيمن ارتهن رهنا فاستحق بعضه والرهن مشاع غير مقسوم)
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت دابة أو دارا أو ثيابا فاستحق نصف ما في يدي من
الرهن والرهن مشاع غير مقسوم (قال) يكون ما بقي في يديك رهنا بجميع حقك
عند مالك * (قلت) * فإن كان ثوبا فاستحق نصفه فقال المستحق أنا أريد أن أبيع
حصتي (قال) يقال للمرتهن وللراهن بيعا معه ثم يكون نصف الثمن رهنا في يد
المرتهن * (قلت) * فان قال الذي استحق لا أبيع وأنا أدعه بحاله بيننا فضاع الثوب
كم يذهب من الدين (قال) إن كان في يد المرتهن حتى ضاع ضمن نصف قيمته
297

للراهن (قال) وإن كان الراهن والمرتهن قد وضعاه على يدي المستحق أو على يدي
غيره فلا ضمان على المرتهن والدين كما هو بحاله على الراهن * (قلت) * وهذا قول
مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن ارتهنت ثوبا من رجل فجعلناه على يدي عدل
أنا والراهن فضاع الثوب ممن ضياعه (قال) من الراهن عند مالك * (قلت) * أرأيت
ان استحق رجل نصف الثوب وهو رهن فأراد البيع لمن يقال بع معه أللراهن أم
للمرتهن (قال) إنما يقال ذلك للراهن ويقال للمرتهن لا تسلم رهنك وهو في يديك
حتى يباع فنقبض نصف الثمن فيكون رهنا بجميع حقك ويوضع على يدي من كان
الثوب على يديه وهذا رأيي
(في ضياع الرهن من الحيوان والعروض إذا ضاع)
* (ضياعا ظاهرا أو غير ظاهر) *
* (قلت) * أرأيت الحيوان كله إذا ارتهنه الرجل فضل أو أبق أو مات أو عمي أو
أصابه عيب ممن ضمان ذلك (قال) من الراهن عند مالك * (قلت) * أرأيت ما يغيب
عليه المرتهن إذا ضاع ضياعا ظاهرا أيكون ذلك من الراهن (قال) كل شئ يصيبه
من أمر الله عز وجل يقوم على ذلك بينة لم يأت من سبب الذي هو على يديه فهو
من الراهن * (قلت) * فان شهدت الشهود للمرتهن أن رجلا وثب على الثياب فأحرقها
فهرب ولم يوجد ممن مصيبة ذلك (قال) من الراهن عند مالك (قال) وكل شئ
يصيب الرهن تقوم عليه بينة أن هلاكه كان من غير سبب المرتهن فلا ضمان على
المرتهن في ذلك * (قلت) * فان أحرقه رجل فغرم قيمته أتكون القيمة رهنا مكانه في
قول مالك (قال) أحب ما فيه إلي ان أتى الراهن برهن ثقة مكانه أخذ القيمة والا
جعلت هذه القيمة رهنا
(في بيع الراهن رهن بغير أمر المرتهن أو بأمره)
* (قال) * وقال مالك إذا رهن الرجل رهنا فباعه الراهن بغير إذن المرتهن (قال)
298

فلا يجوز بيعه وان أجازه المرتهن جاز البيع وعجل للمرتهن حقه ولم يكن للراهن أن
يأبى ذلك إذا باع الرهن بغير إذن المرتهن فأجاز ذلك المرتهن * (قال سحنون) * إنما
يكون للمرتهن أن يجيز البيع أو يرد إذا باعه الراهن بأقل من حق المرتهن فأما إذا
باعه بمثل حق المرتهن أو أكثر فلا خيار له لان المرتهن أخذ حقه فلا حجة له (قال
مالك) فان باعه بإذن المرتهن فقال المرتهن لم آذن للراهن في البيع ليأخذ الراهن
الثمن (قال) يحلف فان حلف فأتى الراهن برهن ثقة بشبه الرهن الذي باع أخذه
المرتهن ووقف له رهنا وأخذ الراهن الثمن فإن لم يقدر على رهن مثل رهنه الأول
تكون قيمته مثل قيمة الرهن الأول وقف هذا الثمن إلى محل أجل دينه لم يعجل
للمرتهن الدين * (قلت) * وما ذكرت من أن المرتهن إذا أذن للراهن في البيع لم
يكن ذلك نقضا للرهن إنما ذلك إذا باع الراهن والرهن في يد المرتهن لم يخرج من
يده (قال) نعم * (قلت) * فان أمكن المرتهن الراهن من الرهن ليبيعه وأخرجه من
يده إليه أيكون الرهن قد خرج من الرهن (قال) نعم أراه قد نقض رهنه حيث
أسلمه إلى الراهن وأذن له فيما أذن له فيه من البيع * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) نعم هو قول مالك
(فيمن ارتهن طعاما مشاعا)
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت نصف هذا الطعام من الراهن والطعام بين الراهن
وبين غيره (قال) إذا ارتهنته فحزته فذلك جائز عند مالك * (قلت) * فان أراد شريك
الراهن في الطعام البيع (قال) يقتسمونه فيكون نصفه رهنا في يدي المرتهن * (قلت) *
ومن يقاسمه (قال) إن كان الراهن حاضرا أمر أن يحضر فيقاسم شريكه والرهن
كما هو في يد المرتهن لا يخرجه من يده فتكون حصته إذا قاسم شريكه رهنا ويدفع
النصف إلى شريكه فإن شاء باع وان شاء حبسه * (قلت) * وهذا قول مالك (قال)
هذا قول مالك * (قلت) * فإن لم يكن رب الرهن حاضرا (قال) يرفعه إلى السلطان
299

فيقاسمه السلطان أو يأمر بذلك
(فيمن ارتهن ثمرة لم يبد صلاحها أو بعد ما بدا)
* (صلاحها أو زرعا لم يبد صلاحه) *
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها أو بعد ما بدا صلاحها
أيجوز في قول مالك أم لا (قال) نعم ذلك جائز عند مالك إذا حزته وقبضته وكنت
أنت تسقيه أو جعلته على يدي رجل باذن الراهن يسقيه ويليه ويجوزه لك * (قلت) *
فأجر السقي على من يكون (قال) على الراهن * (قلت) * وهذا قول مالك في أجر
السقي على الراهن (قال) نعم هذا قول مالك * (قال) * وقال مالك في الدابة والعبد
والوليدة إذا كانوا رهنا أن نفقتهم وعلوفتهم وكسوتهم على أربابهم فكذلك النخل
* (قلت) * وكذلك الزرع الذي لم يبد صلاحه إذا ارتهنه الرجل (قال) الزرع
الذي لم يبد صلاحه والثمرة التي لم يبدو صلاحها محمل واحد عند مالك * (قلت) *
أرأيت الذي ارتهن الثمرة قبل أن يبدو صلاحها أيأخذ النخل معها (قال) نعم لا يقدر
على قبض الثمرة الا بقبض النخل والنخل ليست رقابها برهن ولكنه لا يقدر على
حوزة الثمرة وسقيها الا والنخل معها لان الثمرة في النخل فان فلس الراهن وقد
جازها المرتهن بما وصفت لك من سقيها والقيام عليها فالثمرة له دون الغرماء والنخل
للغرماء * (قلت) * فالزرع الذي لم يبد صلاحه مثل ما وصفت لي في النخل لا يكون
قبض الزرع الا مع الأرض التي الزرع فيها (قال) نعم وليس الأرض برهن مع
النخل فيكون الامر فيه كما وصفت لك في النخل * (قلت) * وهذا قول مالك (قال)
نعم هذا قوله
(فيمن ارتهن شجرا هل تكون ثمرتها رهنا معها أو دارا)
* (هل تكون غلتها رهنا معها) *
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت نخلا وفيها ثمر يوم ارتهنتها قد أزهى أو لم يزه أو أبر
300

أولم يؤبر أتكون الثمرة رهنا مع النخل أم لا (قال) قال مالك لا تكون الثمرة رهنا
مع النخل إلا أن يشترط ذلك المرتهن * (قلت) * وكذلك كل ثمرة تخرج في الرهن
بعد ذلك فليست برهن إلا أن يشترطها المرتهن فان اشترط ذلك المرتهن فان الثمرة
تكون رهنا مع النخل كانت في رؤس النخل أو لم تكن أو خرجت بعد ذلك (قال)
نعم وهذا قول مالك * (قلت) * لم قال مالك في الثمرة لا تكون رهنا مع النخل وهو
يقول في الولادة انها رهن مع الأم فما فرق ما بينهما (قال) لأنه من باع جارية حاملا
في بطنها ولد فهو لمن اشترى الجارية ومن باع نخلا فيها ثمر قد أبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع فهذا فرق ما بينهما * (قلت) * والثمرة وكراء الدور في الرهن بمنزلة
واحدة في قول مالك وكذلك إجارة العبيد كل ذلك للراهن ولا يكون في الرهن
إلا أن يشترطه المرتهن (قال) نعم
(في الكفالة واعطاء الكفيل رهنا بغير أمر المكفول به أو باذنه)
* (قلت) * أرأيت أن تكفلت لرجل بكفالة وأعطيته بذلك رهنا أيجوز ذلك أم لا (قال)
نعم ذلك جائز عند مالك * (قلت) * فان كنت قد رهنته بغير أمر الذي عليه الدين أو
بأمره والرهن أكثر قيمة من الدين فضاع الرهن وهو مما يغيب عليه المرتهن (قال)
إذا ضاع عند المرتهن وكنت قد رهنته بأمر الذي عليه الدين فلك أن ترجع بقيمة
رهنك كله على الذي عليه وإن شئت اتبعت المرتهن بفضل قيمة رهنك على
الدين ورجعت على الذي كان عليه الدين بالدين ويكون الخيار في ذلك إليك وتتبع
بفضل قيمة رهنك على الدين أيهما شئت وأما مبلغ الدين من رهنك فإنما ترجع به
على الذي أمرك رجع الذي أمرك بذلك وتبطل حق المرتهن فان أنت رجعت بفضل قيمة رهنك على
الذي أمرك رجع الذي أمرك بذلك على المرتهن فأخذه منه لان المرتهن كان ضامنا
لجميع الرهن حين قبضه ولم يكن في دينه وفاء لجميع قيمة الرهن فلما هلك الرهن عنده
قص له من الرهن مقدار دينه وغرم البقية وإن كان رهنه بغير أمر الذي عليه الدين
وقيمة أكثر من الدين فضاع الرهن عند المرتهن فان الذي رهن بغير أمر الذي
301

عليه الدين له أن يرجع بالدين على الذي عليه الدين ويرجع بفضل قيمة رهنه على
المرتهن الذي له الدين وليس له أن يرجع بالفضل من قيمة رهنه على الذي عليه الدين
لأنه لم يأمره بذلك وهذا رأيي (1) * (قلت) * أرأيت أن كان رهن الكفيل قد ضاع عند
المرتهن (قال) إذا كانت قيمة الرهن والدين سواء وكان مما يغيب عليه المرتهن فقد
استوفى المرتهن حقه لان الضياع منه إذا كانت الصفة كما وصفت لك ويكون
للكفيل أن يرجع على الذي عليه الحق بقيمة رهنه لان قيمة الرهن والدين سواء
* (قلت) * فان كنت إنما تكفلت بهذا الحق بغير أمر الذي عليه الحق وأعطيته الرهن
بغير أمره فضاع الرهن وهو مما يغيب عليه المرتهن وكان قيمة الرهن والدين سواء
أيكون لي أن أرجع على الذي عليه الدين بالدين الذي عليه (قال) نعم * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) هذا رأيي وهذا مخالف للمسألة التي فوقها في القضاء لأنه لا يرجع
ها هنا على الراهن ويرجع بها على المرتهن لان رهنه قد تلف عنده
(في الكفالة بالدم الخطأ والرهن فيه وفي العارية)
* (قلت) * أرأيت الدم الخطأ أتجوز فيه الكفالة (قال) سمعت مالكا وسأله رجل
عنه وقد كان تكفل لرجل بدم خطأ فأعطاه بعض الدية ثم سأل عن ذلك مالكا فقال
لا تلزمه الكفالة ويتبعون به العاقلة * (قلت) * فهل يجوز الرهن في القتل الخطأ
(قال) لا يجوز عند مالك إن كان رهنه وهو يظن أن الدية لازمة له وحده وإن كان
إنما رهنه عن قتيله وهو يعلم أن الدية تجب على القتيل فالرهن جائز عندي * (قلت) *
أرأيت أن استعرت دابة ورهنته بها رهنا أيجوز ذلك أم لا (قال) قال مالك من
استعار دابة فمصيبتها من ربها فأرى الرهن فيها لا يجوز * (قلت) * أيجوز أن يستعير
الرجل الدابة على أنها مضمونة عليه أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) أرى أنه
(3)

(1) (قوله أرأيت أن كان رهن الكفيل إلى قوله لان رهنه قد تلف عنده) هذه
الجملة موجودة في أحدي النسختين اللتين بأيدينا فقط وموضوع في أولها وفي آخرها علامة ولعلها
إشارة إلى زيادة هذه الجملة بدليل أنها ساقطة من النسخة الثانية فليحرر اه‍ كتبه
302

لا يضمن لان مالكا قال في الرجل يرتهن من رجل رهنا مما يغيب عليه ويشترط أنه
مصدق فيه فلا ضمان عليه فيه فيقول بعد ذلك قد ضاع مني (قال) قال مالك
شرطه باطل وهو ضامن * (قلت) * أرأيت المتاع أستعيره وأعطيه به رهنا أيجوز
أم لا في قول مالك (قال) نعم يجوز ذلك عند مالك لأنه ضامن * (قلت) * أرأيت أن
استأجرت عند رجل وأعطيته بالإجارة رهنا أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم
عند مالك
(فيمن أعار دابة وارتهن بها رهنا فضاع الرهن)
* (قلت) * أرأيت أن أعرته دابتي وأخذت بها منه رهنا مما غيب عليه فضاع الرهن
عندي (قال) أراك ضامنا للرهن لان أصل ما أخذته عليه على الضمان ولم تأخذه على وجه الأمانة
(في رجل ادعى قبل رجل بألف درهم فأخذ منه رهنا فضاع الرهن)
* (وقد أقر المدعى أنه لا حق له فيما كان ادعى قبله) *
* (قلت) * وكذلك لو ادعيت قبل رجل بألف درهم فرهنني بها رهنا مما أغيب عليه
فضاع الرهن عندي فتصادقنا أن الدين الذي ادعيت قبله كان باطلا وكنت قد
اقتضيته ولم أعلم بذلك (قال) أنت ضامن لقيمة الرهن لأنك لم تأخذه على وجه
الأمانة * (قال) * ولقد سئل مالك عن رجل كان يسأل رجلا دنانير فتعلق به فيدفع
إليه دراهم حتى يصارفه بها فأتاه فقال قد ضاعت الدراهم مني (قال مالك) هو
ضامن لها لأنه لم يعطها إياه على وجه الائتمان له * (قال) * وقال مالك في الرجل يدفع
إلى الرجل الصائغ الخاتم يعالج له فصه أو شيئا يصلحه له فيه أو القلادة يصلح فيها
الشئ بغير حق على وجه المعروف (قال مالك) هو ضامن وإن لم يأخذ عليها أجرا
* (قلت) * وكذلك جميع الصناع كلهم في قول مالك الخياطين والصباغين وغيرهم من
أهل الصناعات ما دفع إليهم بغير أجر فقالوا قد ضاع أيضمنون (قال) نعم يضمنون
ذلك عند مالك * (قلت) * وكذلك لو دفع إلى خياط قميصا ليرقعه له فضاع القميص
303

عند الخياط (قال) نعم هو ضامن له كذلك قال مالك * (قلت) * أرأيت أن دفعت
إلى رجل رهنا فقلت له هذا لك رهنا بكل ما أقرضت فلانا من شئ أيجوز
هذا (قال) نعم
(فيما ولدت الأمة المرهونة وفي أصواف الغنم)
* (وألبانها وأولادها وسمونها إذا رهنت) *
* (قلت) * أرأيت الأمة إذا ارتهنها رجل وهي حامل فولد ت ثم ولدت بعد ذلك أيضا
أتكون أولادها رهنا معها (قال) قال مالك نعم ما ولدت من ولد بعد الرهن فولدها
رهن معها * (قلت) * أرأيت أصواف الغنم وألبانها وسمونها وأولادها أيكون ذلك
رهنا معها (قال) أما أولادها فهم رهن مع الأمهات عند مالك وأما الأصواف
والألبان والسمون فلا تكون رهنا معها عند مالك إلا أن يكون صوفا كان عليها
يوم ارتهنها فأراه رهنا معها إذا كان يومئذ قد تم ألا ترى لو أن رجلا ارتهن دارا
أن غلتها لا تكون رهنا معها أو ارتهن غلاما أن خراجه لا يكون رهنا معه ولو
اشتراهما كانت غلتهما له فالرهن لا يشبه البيوع
(في الرهن يجعل على يدي عدل أو يكون على يدي المرتهن)
* (فإذا حل الاجل باعه العدل أو المرتهن بغير أمر السلطان) *
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت رهنا فجعلناه على يدي عدل أو على يدي المرتهن إلى
أجل كذا وكذا فان جاء الراهن بحقه إلى ذلك الاجل والا فالذي على يديه الرهن
مسلط على بيعه ويأخذ المرتهن من ذلك حقه (قال) قال مالك لا يباع الرهن وان
اشترط ذلك كان على يدي المرتهن أو على يدي عدل الا بأمر السلطان * (قال
ابن القاسم) * وبلغني ممن أثق به أن مالكا قال وان بيع نفذ البيع ولم يرد وذلك رأيي
(قال) قال مالك وإن لم يشترط أنه يبيعه إذا حل الاجل فإنه إذا حل الحق رفعه
المرتهن إلى السلطان فان أوفاه حقه والا باع له الرهن فأوفاه حقه
304

(فيمن ارتهن رهنا فأرسل وكيله يقبض له الرهن فقبضه)
* (فضاع الرهن من الرسول ممن ضياعه) *
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت رهنا فبعث وكيلا لي يقبض الرهن فضاع الرهن وهو
مما يغيب عليه المرتهن أيكون الضياع من الراهن لان الوكيل قبضه وتجعله بمنزلة
الرهن إذا كان على يدي عدل أو تجعل ضياعه من المرتهن لان وكيله قبضه فقبض
الوكيل كقبض المرتهن (قال) أرى أن قبض الوكيل إذا وكله المرتهن فإنما هو
كقبض المرتهن فضياعه من المرتهن وإنما يكون العدل الذي يتراضيان به جميعا المرتهن
والراهن أن يجعلا الرهن على يديه فهذا الذي يكون عدلا ويكون ضياع الرهن فيه
من الراهن فأما رسول المرتهن فليس يكون بمنزلة العدل في هذا
(فيمن رهن عبدا على من نفقته أو كفنه ودفنه إذا مات)
* (قلت) * أرأيت أن رهنت عبدا عند رجل فمات عند المرتهن على من كفنه ودفنه
(قال) على الراهن عند مالك (قال مالك) ونفقته وكفنه ودفنه على الراهن
(في الرهن يجعل على يدي عدل فيدفعه العدل إلى الراهن أو المرتهن)
* (قلت) * أرأيت الرهن إذا كان على يدي عدل فدفعه العدل إلى الراهن أو إلى
المرتهن فضاع وهو مما يغيب عليه أيضمن أم لا في قول مالك (قال) نعم يضمن
ان دفعه إلى الراهن ضمن للمرتهن وان دفعه إلى المرتهن ضمن ذلك للراهن لان
الراهن لم يرض أن يكون رهنه عند المرتهن فإن كان الرهن كفافا لحق المرتهن سقط
بذلك حق المرتهن إذا تلف الرهن في يديه وإن كان في قيمته فضل غرم ذلك العدل
للراهن لان الراهن لم يرض أن يكون رهنه عند المرتهن
305

(في الرهن يجعل على يدي عدل فيموت العدل فيوصي إلى رجل هل يكون)
* (الرهن على يديه وفي المرتهن يرفع الرهن إلى السلطان فيأمر) *
* (السلطان رجلا ببيعه فيضيع الثمن من المأمور) *
* (قلت) * أرأيت إذا مات العدل والرهن على يديه وأوصى إلى رجل أيكون الرهن
على يدي الوصي (قال) لا ولكن يتراضيان الراهن والمرتهن بينهما كيفما أحبا
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي لان هذا ليس له أن يوصي فيه لان أربابه
أحياء قيام وهم أملك لشيئهم * (قلت) * أرأيت لو أن المرتهن رفع رهنه إلى السلطان
وقد حل الاجل فأمر السلطان رجلا يبيع الرهن حتى يدفع إلى المرتهن حقه فباع
ذلك الرجل الذي أمره السلطان ببيع الرهن فضاع الثمن من يد المأمور الذي أمره
السلطان ممن يكون ضياعه وهل يكون على المأمور شئ أم لا (قال) لا ضمان على
المأمور عند مالك والقول في الضياع قوله فان اتهم كانت عليه اليمين
(في المفلس يأمر السلطان ببيع ماله للغرماء فيضيع الثمن ممن ضياعه)
(قال وقال مالك في المفلس انه إذا باع السلطان للغرماء ماله فضاع الثمن بعد ما باع
السلطان ماله ان الضياع من الغرماء وكذلك مسألتك في الرهن ان ضياع الثمن
من المرتهن لأنه قد باعه السلطان للمرتهن فلما وقع البيع كان الثمن للمرتهن فضمانه منه
ان ضاع قبل أن يقبضه * (قال أشهب) * عن مالك مصيبة الثمن من الراهن حتى
يصل إلى المرتهن وكذلك التفليس * (قلت) * أرأيت لو أن الذي أمره السلطان
بالبيع وأن يدفع إلى المرتهن حقه باع الرهن فقال قد دفعت إلى المرتهن حقه وكذبه
المرتهن وقال لم آخذه (قال) القول قول المرتهن لا مالكا يقول في رجل دفع إلى
رجل مالا ليدفعه إلى غيره فقال قد دفعته إليه لم يصدق الا ببينة فكذلك هذا
306

(فيمن ارتهن رهنا فلما حل الاجل دفعه إلى السلطان فباعه وقضاه حقه)
* (ثم استحق الرهن رجل وقد فات من يد المشترى)
* (قلت) * أرأيت الرجل إذا ارتهن رهنا فلما حل الاجل دفع ذلك إلى السلطان فباعه
له وأوفاه حقه ثم أتاه رجل فاستحق الرهن وقد فات عند المشتري وغاب المشتري
ولا يدري أين هو (قال) أرى أن هذا الذي استحق الرهن ان أجاز البيع أخذ
الثمن من المرتهن ورجع المرتهن على الراهن بحقه لأنه ثمن شيئه وكذلك قال مالك
في البيوع إذا باع رجل سلعة فاستحقها صاحبها وقد دارت في أيدي رجال انه يأخذ
الثمن من أيهم شاء
(في الرهن إذا كان على يدي عدل فقال بعته بمائة وقضيتك إياها)
* (أيها المرتهن وقال المرتهن بل بعت بخمسين وقضيتني خمسين) *
* (قلت) * أرأيت العدل إذا باع بأمر السلطان الرهن فقال بعته بمائة وقضيتك إياها
أيها المرتهن وقال المرتهن بل بعت بخمسين وقضيتني خمسين (فقال) أرى ان العدل
ضامن للخمسين لأنه قد أقر أنه باع بمائة وهذه الخمسون منها قد تبين موضعها وخمسون
منها هو ضامن لها لأنه لا يعلم لها موضع ألا ترى لو أن رجلا دفع إلى رجل مائة دينار
يدفعها إلى رجل من حق له عليه فقال قد دفعتها إليه وقال الذي أمر بأن يدفعها إليه
لم تدفع إلي الا خمسين دينارا انه ضامن للخمسين وهذا قول مالك وكذلك مسألتك
(في اختلاف الراهن والمرتهن في الاجل)
* (قلت) * أرأيت أن قال المرتهن قد حل أجل المال وقال الراهن لم يحل أجل المال
(قال) القول قول الراهن لان المرتهن قد أقر أن الحق إلى أجل وهذا إذا أتى الراهن
بأمر لا يستنكر ادعى أجلا يشبه أن يكون القول قوله لا يدعى أجلا بعيدا يستنكر
فان ادعى من ذلك مالا يشبه لم يصدق * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) أخبرني
307

بعض من أثق به انه سأل مالكا عن الرجل يبيع من الرجل السلعة فتفوت عنده
السلعة فيقتضيه ثمنها الذي عليه الحق ثمنها إنما هو إلى أجل كذا وكذا ويقول
الذي له الحق ديني حال (قال مالك) ان ادعى الذي عليه الحق أجلا قريبا لا يستنكر
رأيته مصدقا وان ادعى أجلا بعيدا لم يقبل قوله * (قال ابن القاسم) * وأنا أرى أن
لا يصدق المبتاع في الاجل ويؤخذ بما أقر به من المال حالا إلا أن يكون أقر
بأكثر مما ادعى البائع فلا يكون للبائع الا ما ادعى فهذا لم يزعم أنه باع إلى أجل
فقد جعل مالك القول قول مدعى الاجل إذا أتى بأمر لا يستنكر ففي مسألتك
أحرى أن يكون القول قول من ادعى * (قال سحنون) * إنما معنى قول مالك
ان ادعى أجلا قريبا يريد بذلك ما يرى أن تلك السلعة قد تباع بذلك إلى ذلك من
الاجل الذي ادعى ومعنى قوله إن ادعى أجلا بعيدا لم يقبل قوله إنما يريد بذلك أن
ادعى أنه ابتاع إلى أجل يرى أن تلك السلعة لا تباع إلى ذلك من الاجل فهذا لا يقبل
قوله لأنه قد ادعى ما لا يمكن بمنزلة ما يدعى الرجل في السلعة فيقول اشتريتها بخمسة
دراهم ومثلها لا يبتاع بخمسة دراهم وهي ثمن عشرة دنانير أو خمسة عشر فهذا لا يقبل
قوله فهكذا هذه المسألة التي وصفت لك
(في تعدى المأمور وبيعه السلعة بما لا تباع به)
* (قلت) * أرأيت أن أمر الامام رجلا أن يبيع رهن هذا الراهن ويوفيه حقه فباع
المأمور الرهن بحنطة أو شعير أو عرض من العروض أيجوز ذلك في قول مالك (قال)
لا يجوز ذلك في رأيي ألا ترى أن الرجل يوكل الرجل ببيع السلعة فيبيعها بعرض
أو حيوان فيتلف ما باع به فينكر صاحب السلعة فان البائع ضامن ولو باعها بدنانير
فتلفت لم يكن عليه ضمان فهذا يشبه مسألتك * (قلت) * أرأيت أن أمرت رجلا يبيع
لي سلعة بنقد فباعها بنسيئة أيجوز أم لا (قال) لا يجوز ذلك عند مالك * (قلت) *
أفيرد البيع أم لا (قال) يرد البيع ان أدرك وإن لم يدرك بيع الدين إن كان مما يباع قبل
أن يستوفى فإن كان فيه ما سمى إن كان سمى له ثمنا أو قيمته إن كان فوض إليه أو
308

أكثر أسلم ذلك إلى صاحبها وإن كان أقل من ذلك ضمن ما أمره به كما سمى وغرم
قيمتها وإن كان مما لا يباع حتى يستوفي ترك وأخذ من المأمور ما أمره به من الثمن
أو قيمتها إن كان فوض إليه فدفع إلى صاحبها ثم استؤني بالطعام فإذا حل استوفاه ثم
ببيع فإن كان فيه فضل عما سماه له أو عن قيمتها إن كان فوض إليه دفع إلى صاحبها
وإن كان نقصانا كان على البائع بما تعدى وهذا قول مالك
(في الرهن يرجع إلى الراهن بوديعة أو بإجارة)
* (قلت) * أيجوز للرجل أن يرتهن رهنا فيقبضه ثم يجعله على يدي الراهن (قال)
لا يجوز ذلك عند مالك لأنه إذا رده إليه بوديعة أو أجرة من الراهن أو بوجه من
الوجوه حتى يكون الراهن هو الحائز له فقد خرج من الرهن
(في الرجل يرتهن رهنا فلا يقبضه حتى يموت الراهن)
* (قلت) * أرأيت أن ارتهن الرجل رهنا فلم يقبضه حتى مات الراهن أيكون أسوة
الغرماء في الرهن في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن كان الحق إلى أجل
فأخذ به رهنا فمات الراهن قبل حلول أجل المال (قال) يباع الرهن ويقضي المرتهن
حقه لأنه إذا مات الذي عليه الدين فقد حل المال وهذا قول مالك (قلت) *
أرأيت لو أنى رهنت ثوبا بألف وقيمته ألف فلقيني المرتهن فوهب لي دينه ذلك ثم
رجع ليدفع إلي الثوب فضاع الثوب (قال) هو ضامن لقيمة الثوب * (قلت) *
أتحفظه عن مالك (قال) لا * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا رهن امرأته رهنا قبل
البناء بها بجميع الصداق أيجوز أم لا في قول مالك (قال) قال مالك إذا عقد
النكاح فقد وجب لها الصداق كله إلا أن يطلقها قبل البناء بها فهذه إنما أخذت
الرهن بمال جميعه لها عند مالك وهو جائز * (قلت) * أرأيت أن طلقها الزوج قبل
البناء بها فأراد أن يرجع عليها فيأخذ منها نصف الرهن أيجوز ذلك أم لا في قول
مالك (قال) لا يأخذ منها من الرهن شيئا حتى يوفيها نصف الصداق وقد صار جميع
309

الرهن رهنا بنصف الصداق في رأيي ألا ترى لو أن رجلا رهن رجلا رهنا بألف
درهم فقضاه خمسمائة منها أو وهبها له ثم أراد أن يرجع فيأخذ نصف الرهن لم يكن
ذلك له حتى يوفيه جميع حقه وهذا قول مالك * (قلت) * أرأيت أن ضاع الرهن كم
يضمن (قال) قيمته كله إن كان مما يغيب عليه عند مالك
(فيمن رهن رهنا وعليه دين يحيط بماله)
* (قلت) * أرأيت من رهن رهنا وعليه دين يحيط بماله إلا أن الغرماء لم يقوموا عليه
أيجوز ما رهن (قال) سألت مالكا عن الرجل يتاجر الناس فيكون عليه الدين فيقوم
رجل عند حلول الأجل بحقه فيلزمه بحقه فيرهنه في ذلك رهنا أتراه له دون الغرماء
(قال) نعم ما لم يفلسوه * (قال ابن القاسم) * وقد كان روى مرة عن مالك خلاف
هذا انهم يدخلون معه وليس هذا بشئ والقول الذي سمعت منه وقال لي هو الذي
عليه جماعة الناس وهو أحق به وإنما الرهن بمنزلة القضاء أن لو قضى أحدا منهم قبل
أن يقوموا عليه ويفلس فقضاؤه جائز ولا أبالي كان بحدثان ذلك قاموا عليه أو غيره
إذا كان قائما يبيع ويتاجر الناس فقضاؤه وبيعه جائز
(فيمن كان له قبل رجل مائتا دينار فارتهن منه بمائة منها رهنا ثم قضاه)
* (مائة دينارا ثم أدعى أن الرهن إنما كان بالمائة التي قضى وادعى المرتهن) *
* (أن الرهن إنما هو عن المائة التي بقيت) *
* (قلت) * أرأيت لو أن لي على رجل مائتي دينار فرهنني بمائة منها رهنا وبقيت عليه
مائة أخرى لا رهن فيها فقضاني مائة دينار ثم قام عليه الغرماء بعد ذلك أو لم يقوموا
فقال لي أعطني الرهن فان المائة التي قضيتك إنما هي المائة التي فيها الرهن وقال المرتهن
بل المائة التي قضيتني إنما هي المائة التي كانت لي عليك بغير رهن القول قول من (قال)
قال مالك تقسم المائة التي قضاه بين المائة التي فيها الرهن وبين المائة التي لا رهن فيها
فيكون نصفها قضاء عن هذه ونصفها قضاء عن هذه * (قال سحنون) * القول قول المرتهن
لان الراهن قد أئتمنه على قبضها حين دفعها ولم يشهد والراهن مدع وهو قول أشهب
310

(فيمن أسلم سلما وأخذ بذلك رهنا)
* (قلت) * أرأيت أن أسلمت إلى رجل في طعام إلى أجل وأخذت منه بذلك رهنا
فلما حل الاجل تقايلنا أو قبل حلول الأجل تقايلنا أو بعد حلوله والرهن في يدي
المرتهن أتجوز الإقالة من غير أن يقبض رأس المال لمكان الرهن الذي في يد الذي
أسلم في الطعام (قال) لا تجوز الإقالة إلا أن يعطيه رأس المال مكانه قبل أن يتفرقا
والا فهذا بيع الطعام قبل أن يستوفي * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم هذا
قول مالك * (قلت) * أرأيت أن أسلمت إلى رجل في طعام أيصلح لي أن أبيعه قبل
أن أقبضه (قال) لا يصلح عند مالك أن تبيعه قبل أن تقبضه إلا أنه لا بأس بأن
توليه أو تقيل صاحب الطعام أو تشرك فيه وتقبض رأس المال قبل أن تفارق الذي
وليته أو أقلته أو أشركته في ذلك * (قلت) * فإذا جوزت لي التولية والشركة
والإقالة في ذلك فلا بأس أن أؤخره برأس المال (قال) لأنك إذا أخرته برأس
المال دخله بيع الطعام قبل استيفائه لأنه قد صار في التأخير معروف فإذا دخله
المعروف فليس هذا بتولية ولا إقالة ولا شرك وإنما التولية والإقالة والشرك أن
يأخذ منه مثل رأس ماله بغير معروف يصطنعه ويدخله أيضا عند مالك بيع الطعام
قبل أن يستوفى لأنه إذا أخره برأس المال وقبض المشتري الطعام فهذا بيع الطعام
قبل أن يستوفى
(في الرهن في الصرف واختلاف الراهن والمرتهن)
* (قلت) * أرأيت أن صرفت عند رجل دراهم بدنانير فقبضت الدراهم وأعطيته
بالدنانير رهنا فضاع الرهن عنده بعد ما افترقنا وهو مما يغاب عليه وجهلنا السنة في
ذلك أيكون عليه ضمان الرهن (قال) نعم في رأيي ألا ترى أن من اشترى بيعا فاسدا
ضمن ذلك أن ضاع عنده عند مالك فكذلك الرهن والرهن أيضا لم يقبضه الا على
الضمان فعليه غرمه * (قلت) * وأي شئ يكون غرم هذا الرهن الدنانير التي وجبت عليه
311

في الدراهم التي أخذ أو قيمة الرهن وترد الدراهم (قال) إن كان قيمة الرهن والدراهم
سواء فلا شئ عليه وإن كان في الدراهم فضل أو في قيمة الرهن ترادا الفضل بينهما
* (قلت) * أرأيت لو أن لي على رجل دينا فأخذت به منه رهنا فأوفاني حقي فضاع
الرهن عندي بعد ما أوفاني حقي ممن الضياع (قال) أنت ضامن للرهن عند مالك
حتى ترده * (قلت) * أرأيت الرهن في قول مالك أهو بما فيه (قال) لا ولكن
المرتهن ضامن لجميع قيمة الرهن * (قلت) * أرأيت أن رهنت رهنا قيمته مائة دينار
فقال المرتهن ارتهنته بمائة دينار وقال الراهن بل رهنتكه بخمسين دينار (قال مالك)
القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمة الرهن * (قلت) * فان ادعى أكثر من قيمة
الرهن (قال) لا يصدق المرتهن وعلى الراهن اليمين فان حل برئ مما زاد على قيمة
الرهن وأدى قيمة رهنه وأخذ رهنه ان أحب ولا فلا سبيل له إلى رهنه * (قلت) *
فان ضاع الرهن عند المرتهن فاختلفا في قيمة الرهن (قال) يتواصفانه ويكون القول
في الصفة قول المرتهن مع يمينه ثم يدعي لتلك الصفة المقومون فيكون القول فيما
رهن به الرهن قول المرتهن إلى مبلغ قيمة هذه الصفة وهذا قول مالك * (قلت) *
أرأيت أن ادعيت أن هذه السلعة التي في يدي رهن وقال ربها بل أعرتكها (قال)
قال مالك القول قول رب السلعة
(في العبد المرتهن يجني جناية)
* (قلت) * أرأيت لو أني ارتهنت عبدا لحق لي على رجل فجنى العبد جناية على رجل
(قال) قال مالك يقال لرب العبد افتد عبدك فان افتداه كان على رهنه كما هو وان
أبى أن يفتديه قيل للمرتهن افتده لان حقك فيه فان افتداه فأراد سيده أخذه لم
يكن له الحق حتى يدفع ما افتداه به من الجناية مع دينه فان أبى سيده أن يأخذه بيع
فبدئ بما فداه به المرتهن من الجناية فان قصر ثمنه عن الذي أدى فيه المرتهن من
الجناية لم يكن للمرتهن على السيد في ذلك شئ الا الدين الذي ارتهنه به وحده لأنه
افتداه بغير أمره وان زاد ثمنه على ما افتداه به من الجناية قضى بالزيادة في الدين عن
312

الراهن وهذا قول مالك * (قال ابن القاسم) * ولا يباع حتى يحل أجل الدين ولم
أسمع من مالك في الاجل شيئا * (قلت) * أرأيت أن قالا جميعا الراهن والمرتهن
نحن نسلمه فأسلماه أيكون دين المرتهن بحاله في قول مالك كما هو (قال) نعم هو
قول مالك * (قلت) * أرأيت أن أبى الراهن أن يفتديه وقال للمرتهن افتده لي (قال)
قال لي مالك إذا أمره أن يفتديه اتبعه المرتهن بالجناية وبالدين جميعا (قال مالك) وان
أسلماه جميعا وله مال كان ماله مع رقبته في جنايته وان افتكه المرتهن لم يكن ماله مع
رقبته فيما افتكه به ولا يزاد على ما كان في يديه من رهن رقبة العبد إذا لم يكن مال
العبد رهنا معه أولا
(في ارتهان فضلة الرهن وازدياد الراهن على الرهن)
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت من رجل رهنا بدين لي عليه ولقيته بعد ذلك فقال أقرضني
مائة درهم أخرى على الرهن الذي لي عندك ففعلت أتكون هذه المائة التي أقرضته
في الرهن أيضا في قول مالك (قال) قال مالك في رجل ارتهن عبدا قيمته مائة دينار
بخمسين دينارا فأتى رب العبد إلى رجل من الناس فقال أقرضني خمسين دينارا أو
أكثر من ذلك أو أقل فقال له الرجل لا أقرضك الا على أن ترهنني فضل العبد
الرهن الذي في يدي فلان (قال مالك) ان رضي فلان الذي في يديه العبد بذلك
فان ذلك جائز وإن لم يرض لم يجز ويكون الفضل الذي في العبد عن رهن الأول
رهنا للمقرض الثاني فكذلك مسألتك إذا جاز هذا هاهنا فهو في مسألتك أجوز
* (قلت) * ويكون المرتهن الأول حائزا للمرتهن الثاني (قال) نعم إذا رضى بذلك
وكذلك قال مالك * (قلت) * فان ضاع الرهن عند المرتهن الأول بعد ما ارتهن المرتهن
الثاني فضلة الرهن والرهن مما يغيب عليه المرتهن وليس هو عبدا كيف يكون ضياع
الرهن وممن يكون (قال) يضمن الأول من الرهن قيمة مبلغ حقه ويكون فيما بقي
مؤتمنا لأنه كان لغيره رهنا ويرجع المرتهن الآخر بدينه على صاحبه لان فضلة الرهن
هي على يدي عدل والعدل هاهنا هو المرتهن الأول
313

(في النفقة على الرهن باذن الراهن أو بغير إذنه)
* (قلت) * أرأيت ما أنفق المرتهن على الرهن باذن الراهن أو بغير إذنه أتكون تلك
النفقة في الرهن في قول مالك أم لا (قال) قال مالك النفقة على الراهن قال ابن
القاسم فإن كان أنفق المرتهن بأمر الراهن فإنما هو سلف ولا أراه في الرهن إلا أن
يكون قال له أنفق على أن نفقتك في الرهن فان قال له ذلك رأيتها له في الرهن وله
أن يحتبسه بنفقته وبما رهنه فيه إلا أن يكون له غرماء فلا أراه بأحق بفضلها عن
دينه لأجل نفقته أذن له في ذلك أولم يأذن له إلا أن يكون اشترط أن النفقة التي ينفقها
الرهن به أيضا * (قلت) * أرأيت الضالة أليس له ما أنفق عليها وليس لصاحبها أن
يأخذها حتى يعطيه نفقتها في قول مالك ويكون أولى بها من الغرماء حتى يقبض
نفقته وقد أنفق بغير أمر ربها فلم قال مالك في الضالة هو أولى بها وفي نفقة الراهن
لم لا يكون أولى بها أيضا (قال) لان الضالة لا يقدر على صاحبها ولا بد له من أن
ينفق على الضالة ونفقة الرهن ليس هي على المرتهن فلو شاء طلب صاحبه فإن لم يكن
صاحبه حاضرا رفع ذلك إلى السلطان
(في الوصي يرهن مال اليتيم أو يعمل به قراضا أو يعطيه غيره)
* (قلت) * أرأيت الوصي أيجوز له أن يرهن رهنا من متاع اليتيم لليتيم في كسوة
اشتراها لليتيم أو في طعام اشتراه لليتيم (قال) قال مالك يستلف الوصي لليتيم حتى
يبيع له بعض متاعه فيقضيه فذلك جائز على اليتيم وكذلك الرهن عندي * (قلت) *
فهل يجوز للوصي أن يعمل بمال اليتيم مضاربة هو نفسه في قول مالك (قال) لا
أحفظ قول مالك فيه ولا يعجبني ذلك إلا أن يتجر لليتيم فيه ويقارض له من غيره
فيتجر له * (قلت) * أفيعطى مال اليتيم مضاربة (قال) نعم * (قلت) * أيجوز للرجل أن
يعطى مالا مضاربة ويأخذ به رهنا في قول مالك (قال) لا خير في هذا عند مالك
* (قلت) * أرأيت أن ضاع هذا الرهن (قال) أراه ضامنا لأنه لم يأخذه على وجه الأمانة
314

(فيما رهن الوصي لليتيم)
* (قلت) * أرأيت الوصي أيجوز له أن يرتهن مالا لليتيم بدين يقرضه اليتيم في قول
مالك (قال) قال مالك في الوصي يجوز له أن يسلف اليتيم مالا ينفقه عليه أو يجعله
في مصلحة له إذا كان لليتيم عروض ثم يبيع ويستوفي فإن لم يكن لليتيم مال فقال أنا
أسلفه وأنفق عليه فان أفاد اليتيم مالا اقتضيت منه فما أنفق عليه إذا لم يكن لليتيم
عروض وأموال فنفقته عليه على وجه الحسنة ولا يتبعه بشئ منه فان أفاد اليتيم بعد
ذلك مالا لم يلزمه ما أسلفه على هذا الشرط إلا أن يكون له مال حين أسلفه وأما ما
سألت عنه من الرهن أن الوصي يرتهن لنفسه عروض اليتيم فليس ذلك له إلا أن
يكون تسليف مالا لليتيم من غيره أنفقه عليه ولا يكون أحق بالرهن من الغرماء لأنه
لا يجوز لنفسه من نفسه دون الغرماء وهو والغرماء ها هنا فيه سواء * (قال
سحنون) * وقال غيره ليس ذلك له وليس للوصي أن يقبض من نفسه لنفسه
(نذر صيام (1))
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال لله علي أن أصوم شهرا متتابعا فصام أول يوم
أيجزئه البيات بعد ذلك ولا يحتاج إلى أن يبيت كل ليلة الصوم (قال) نعم يجزئه
ولقد سئل مالك عن رجل شأنه صيام الاثنين والخميس فمر به وهو لا يعلم حتى يطلع
عليه الفجر أيجزئه صيامه (قال) نعم لأنه قد كان على بيات من صومه هذا قبل الليلة
* (قلت) * أرأيت الوصيين أيجوز لأحدهما أن يرتهن متاعا لليتيم دون صاحبه في
قول مالك أو يبيع أحدهما متاعا لليتيم دون صاحبه (قال) قال مالك لا يجوز انكاح
أحد الوصيين الا باجتماع منهما فان اختلفا في ذلك نظر السلطان في ذلك فأرى
البيع والرهن بهذه المنزلة

(1) (قوله نذر صيام) انظر ما وجه ذكر هذه الترجمة هنا مع المسألة المترجم لها المتعلقة
بتبييت الصوم كل ليلة ولا يصح أن تكون استطرادية لان الاستطراد شرطه المناسبة ولا مناسبة
هنا ظاهرة فليحرر اه‍ كتبه مصصحه
315

(في الورثة يعزلون ما على أبيهم من الدين ويقتسمون ما بقي فيضيع)
* (ما عزلوا وفي الراهن يستعير من المرتهن الرهن وفي رهن الرجل) *
* (مال ولده الصغار) *
* (قلت) * أرأيت لو أن والدنا هلك وعليه مائة دينار دينا فعزلنا مائة دينار من
ميراثه واقتسمنا ما بقي فضاعت المائة ممن ضياعها (قال) ضياعها عليكم والدين بحاله
* (قلت) * سمعت هذا من مالك (قال) لا أقوم علي حفظه وهذا رأيي (قال) وإن كان
السلطان قبضها للغائب وقسم ما بقي من ميراث الميت فضاعت فهي من مال الغريم وهذا
قول مالك * (قلت) * أرأيت أن زوجت أمتي من رجل فأخذت جميع مهرها قبل أن
يبنى بها زوجها فأعتقتها ثم طلقها زوجها قبل البناء بها وقد كان السيد استهلك المهر ولا
مال للسيد غير الأمة (قال) لا أرى أن يرد عتقها لان السيد يوم أعتقها لم يكن عليه
دين وإنما وجب الدين عليه حين طلق الزوج امرأته * (قال) * وقال مالك وليس للسيد
أن يأخذ مهر أمته ويدعها بلا جهاز ولكن يجهزها به مثل الحرة ألا ترى أن مهرها
في جهازها * (قلت) * أرأيت أن رهنت رهنا فاستعرته من المرتهن أتراه خارجا من
الرهن (قال) هو خارج من الرهن عند مالك * (قلت) * أفيكون له أن يرده بعد ذلك
وللمرتهن أن يقوم على الرهن فيأخذه منه ويرده في الرهن (قال) لا إلا أن يكون
أعاره على ذلك فان أعاره على ذلك فاستحدث دينا أو مات قبل أن يقوم عليه كان
أسوة الغرماء * (قلت) * أرأيت أن استدنت دينا فرهنت به متاعا لولد لي صغار ولم
أستدن الدين على ولدى أيجوز عليهم ذلك أم لا (قال) لا أراه جائزا * (قلت) * لم
أليس بيعه جائزا عليهم (قال) إنما يجوز بيعه عليهم على وجه النظر لهم * (قلت) * وكذلك
الوصي (قال) نعم * (قلت) * تحفظه عن مالك (قال) لا أقوم على حفظه الساعة عن
مالك ولكنه رأيي لان مالكا قال ما أخذ الوالد من مال ولده على غير حاجة فلا
يجوز ذلك له * (قلت) * أرأيت إذا اشترى الرجل من مال ابنه وهو صغير لابن
316

له صغير أيجوز هذا الشراء (قال) نعم ولا أقوم على حفظه عن مالك * (قلت) *
أرأيت الوصي أهو بهذه المنزلة (قال) نعم
(في اشتراط المرتهن الانتفاع بالرهن وإجارة الرجل نفسه فيما لا يحل)
* (قلت) * أرأيت المرتهن هل يجوز له أن يشترط شيئا من منفعة الرهن (قال) إن كان
من بيع فذلك جائز وإن كان الدين من قرض فلا يجوز ذلك لأنه يصير سلفا
جر منفعة * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم إلا أن مالكا قال لي إذا باعه وارتهن
رهنا فاشترط منفعة الرهن إلى أجل فلا أرى به بأسا في الدور والأرضين (قال مالك)
وأكرهه في الحيوان والثياب * (قال ابن القاسم) * ولا بأس به في الحيوان وغيره
إذا ضرب لذلك أجلا * (قلت) * لم كرهه مالك في الحيوان والثياب (قال) لأنه يقول
لا أدرى كيف ترجع إليه الدابة والثوب * (قال ابن القاسم) * وليس هذا بشئ
لا بأس به في الحيوان والثياب وغير ذلك إذا ضرب لذلك أجلا ألا ترى أنه يجوز له
أن يستأجره إلى أجل ولا أدرى كيف يرجع وإنما باع سلعته بثمن قد سماه وبعمل
هذه الدابة أو لباس هذا الثوب إلى أجل فاجتمع بيع وكراء فلا بأس به
(في المرتهن يبيع الرهن وفي المرتهن يؤاجر أو يعيره بأمر الراهن)
* (قال ابن القاسم) * قال مالك فيمن ارتهن رهنا فباعه أو رهنه فإنه يرده حيث وجده
فيأخذه ربه ويدفع ما عليه فيه ويتبع الذي اشتراه الذي غره فيلزمه بحقه * (قلت) *
أرأيت لو أن المرتهن أجر الرهن بأمر الراهن إلا أن المرتهن هو الذي ولى الإجارة
أيكون الرهن خارجا من المرتهن في قول مالك (قال) لا يكون خارجا في قول مالك
* (قلت) * وكذلك لو أعاره بأمر الراهن إلا أن الذي ولى العارية إنما هو المرتهن (قال)
نعم هو في الرهن على حاله لان الذي ولى ذلك هو المرتهن * (قلت) * فان ضاع عند
المستأجر هذا الرهن وهو مما يغيب عليه (قال) الضياع من الراهن لان ضياعه عند
الذي استأجره إذا كان بأمر الراهن بمنزلة الرهن على يدي عدل * (قلت) * أرأيت
317

الرجل أيحل له أن يؤاجر نفسه في عمل كنيسة في قول مالك (قال) لا يجوز له
لان مالكا قال لا يؤاجر الرجل نفسه في شئ مما حرم الله عز وجل (قال مالك) ولا
يكرى داره ولا يبيعها ممن يتخذها كنيسة (قال مالك) ولا يكرى دابته ممن يركبها
إلى الكنائس
(في الرجل يرتهن الأمة فتلد في الرهن فيقوم الغرماء على ولدها)
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت أمة فولدت أولادا وماتت الأم فقامت الغرماء على
الولد (قال) الولد رهن بجميع الدين وهذا قول مالك
(في الرجل يرهن دنانير أو دراهم أو فلوسا أو طعاما أو مصحفا)
* (قلت) * هل يجوز أن أرتهن في قول مالك دنانير أو دراهم أو فلوسا (قال) قال
مالك ان طبع عليها وإلا فلا * (قلت) * أرأيت الحنطة والشعير وكل ما يكال أو يوزن
أيصلح أن يرهن (قال) لا بأس بأن يرهن عند مالك ويطبع عليه ويحال بين المرتهن
وبين أن يصل إلى منفعته كما يفعل بالدنانير والدراهم وكذلك سمعته عن مالك
* (قلت) * والحلي يرهن (قال) نعم عند مالك * (قلت) * أفلا يخاف أن ينتفع بلبسه
(قال) لا لان هذا يدخل فيه إذا الثياب وغير ذلك فلا بأس بهذا * (قلت) * فما فرق
ما بين منفعة الحلي في الرهن ومنفعة الطعام والدراهم (قال) الطعام والدراهم يأكله
وينفق الدراهم ثم يأتي بمثله والثياب والحلي ليس يأتي بمثله إنما هو بعينه وليس يأتي
بمثله * (قلت) * أرأيت المصحف أيجوز أن يرتهن في قول مالك (قال) نعم ولا يقرأ
فيه * (قلت) * فإن لم يكن في أصل الرهن شرط أن يقرأ فيه فتوسع له رب المصحف
أن يقرأ فيه بعد ذلك (قال) قال مالك لا يعجبني ذلك * (قلت) * أرأيت أن كان هذا
الرهن من قرض أو من بيع (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه سواء من
قرض كان أو من بيع
318

(في ارتهان الخمر والخنزير وفيمن ارتهن حلى ذهب أو فضة)
* (قلت) * أرأيت المسلم أيجوز له أن يرتهن من ذمي خمرا أو خنزيرا (قال) لا يجوز
ذلك * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) لا * (قلت) * أرأيت أن ارتهنت خلخالين
فضة أو سوارين فضة بمائة درهم وقيمة السوارين أو الخلخالين مائة درهم فاستهلكت
الخلخالين أو السوارين (قال) عليك قيمتها من الذهب تكون رهنا مكانهما * (قلت) *
فان كسرتهما ولم أستهلكهما (قال) عليك قيمتهما مصوغين من الذهب * (قلت) * أليس
قد قلت إذا كسرهما رجل ولم يتلفهما فإنما عليه ما نقص الصياغة (قال) هذا القول
أحب إلي واليه أرجع وأرى أن يضمن قيمتهما من الذهب مصوغا استهلكهما أو
كسرهما فهو سواء ويكونان له * (قلت) * فان ضمن قيمتهما من الذهب أتكون
القيمة رهنا أم يقبض هذا الذهب من حقه قبل محل الاجل وحقه دراهم (قال)
لا أرى أن يقبضه من حقه ولكن تكون هذه القيمة رهنا ويطبع عليها وتوضع
على يدي عدل فإذا حل حقه فان أوفاه الراهن حقه أخذ هذه الذهب والا صرفت له
فاستوفى منها حقه * (قال سحنون) * قال بعض أصحابنا انه يطبع على القيمة ويحال
بينه وبينها حتى يحل الاجل تأديبا له لئلا يعدو الناس على ما ارتهنوا فيستعجلوا
التقاضي * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) قال مالك فيمن استهلك سوارين ان عليه
قيمتهما يوم استهلكهما ان كانا من الذهب فعليه قيمتهما من الفضة (قال) ولم أسمع
منه في الكسر شيئا * (قلت) * أرأيت لو أنى ارتهنت سواري ذهب بدراهم فأتلفتهما
وقيمتهما مثل الدين سواء وقد استهلكتهما قبل محل الاجل أتكون القيمة رهنا أم
تجعله قصاصا (قال) أرى القيمة رهنا حتى يحل الاجل فيأخذه منه في حقه إذا حل
الاجل * (قلت) * لم (قال) لان مالكا قال لي في الراهن إذا باع الرهن بغير أمر
المرتهن فأجاز المرتهن البيع عجل للمرتهن حقه (قال مالك) وإذا باع الراهن بأمر
المرتهن وقال المرتهن لم آذن لك في البيع لان تخرجه من الرهن ولكن أذنت لك في
البيع لاحياء الرهن وما يشبه هذا ولم يمكن المرتهن الراهن من البيع وحده ولكن
319

السلعة بقيت في يد المرتهن حتى باعها الراهن وقبضت من يدي المرتهن وقبض الثمن
المرتهن أحلف في هذا أنه لم يأذن له في البيع الا لما ذكر وكان القول قوله ويجعل الثمن
رهنا مكان الرهن حتى يحل الاجل إلا أن يعطيه الراهن رهنا مكان الثمن فيه ثقة
من حقه فيجوز ذلك حتى إذا حل الاجل قضاه الراهن حقه وأخذ ما بقي في يدي
المرتهن من رهنه فكذلك مسألتك ألا ترى أن مالكا قد قال ها هنا لا أعجل له
حقه من الثمن حتى يحل الاجل فكذلك مسألتك
(في الراهن يقول للمرتهن ان جئتك إلى أجل كذا وكذا)
* (والا فالرهن لك بما لك على) *
* (قلت) * أرأيت أن رهنته رهنا وقلت له ان جئتك إلى أجل كذا وكذا والا فالرهن
لك بما أخذت منك (قال) قال مالك هذا الرهن فاسد وينقض هذا الرهن ولا يقر
(قال مالك) من قرض كان أو من بيع فإنه لا يقر ويفسخ وإن لم يفسخ حتى يأتي
الاجل الذي جعله الراهن للمرتهن بما أخذ من المرتهن إلى ذلك الاجل فإنه لا يكون
للمرتهن ولكن الرهن يرد إلى ربه ويأخذ المرتهن دينه * (قلت) * أفيكون للمرتهن
أن يحتبس هذا الرهن حتى يوفيه الراهن حقه ويكون المرتهن ان أفلس هذا الراهن
أولى بهذا الرهن من الغرماء في قول مالك (قال) نعم وإنما معنى قوله إنه يفسخ أنه
إن كان أقرضه إلى سنة على أن ارتهن به هذا المتاع فان حل الاجل ولم يوفه فالسلعة
للمرتهن بما قبض منه الراهن فان هذا يفسخ قبل السنة ولا ينتظر بهما السنة فهذا معنى
قول مالك انه يفسخ فأما ما لم يدفع إليه الراهن حقه فليس له أن يخرجه من يده
والمرتهن أولى به من الغرماء وكذلك لو كان إنما رهنه من بيع فهو والقرض سواء
* (قال) * وقال لي مالك في هذه المسألة فان مضى الاجل والرهن في يدي المرتهن
أو قبضه من أحد جعله على يديه بما شرط من الشرط في رهنه قال مالك فان أدرك
الرهن بحضرة ذلك رد وان تطاول ذلك وحالت أسواقه أو تغير بزيادة بد ن أو
نقصان بدن لم يرده ولزمته القيمة في ذلك يوم حل الاجل وضمنه * (قال سحنون) *
320

إنما تلزمه بالقيمة السلعة أو الحيوان لأنه حين أخذها على أنه إن لم يأت بالثمن فهي له
بالثمن فصار إن لم يأت رب السلعة بما عليه فقد اشتراها المرتهن شراء فاسدا فيفعل
بالرهن ما يفعل بالبيع الفاسد * (قال ابن القاسم) * وقاصه بالدين الذي كان للمرتهن على
الراهن من قيمة السلعة ويترادان الفضل (قال مالك) وهذا في السلع والحيوان
وأما الدور والأرضون قال مالك فليس فيهما فوت وان حالت أسواقهما وطال
زمانهما فإنها ترد إلى الراهن ويأخذ دينه (قال) وهذا مثل البيع الفاسد كذلك قال
مالك * (قلت) * فان انهدمت الدار أو بنى فيها (قال) هذا فوت وكذلك قال مالك
الهدم فوت والبنيان فوت والغرس فوت * (قلت) * فان هدمها هو أ انهدمت من
السماء فذلك سواء في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * وهذا في البيع الحرام مثل هذا
في قول مالك (قال) نعم ويلزمه قيمتها يوم حل الاجل وهو يوم قبضها وهذا بيع حرام
(فيمن أسلف فلوسا فأخذ بها رهنا ففسدت الفلوس)
* (بعد السلف أو اشترى بفلوس إلى أجل) *
* (قلت) * أرأيت أن أسلفت رجلا فلوسا وأخذت بها رهنا ففسدت الفلوس (قال)
قال مالك ليس لك الا فلوس مثل فلوسك فإذا جاء بها أخذ رهنه لان مالكا قال من
أسلف فلوسا أو اشترى بفلوس إلى أجل فإنما له نقد الفلوس يوم اشتري ولا يلتفت
إلى فسادها ولا إلى غير ذلك * (قلت) * أرأيت أن أتيت إلى رجل فقلت له أسلفني
درهم فلوس ففعل والفلوس يومئذ مائة فلس بدرهم ثم حالت الفلوس ورخصت
حتى صارت مائتا فلس بدرهم (قال) إنما يرد مثل ما أخذ ولا يلتفت إلى الزيادة
* (قال) * وقال مالك الشرط باطل وإنما عليه مثل ما أخذ
(فيمن ارتهن رهنا من غريم فضاع الرهن فقام الغرماء على المرتهن)
* (هل يكون الراهن أولى بما عليه من الغرماء) *
* (قلت) * أرأيت لو أنى ارتهنت من رجل رهنا مما أغيب عليه في طعام أسلفته إياه
321

أو في دراهم أسلفتها إياه أو في ثياب أسلفتها إياه أو في حيوان أو كان ذلك من شئ
بعته منه إلى أجل فضاع الرهن عندي ولا مال لي غير الدين لي عليه من سلم
أو من قرض فقامت الغرماء علي وقال الذي لي عليه الحق أنا أولى بماله علي من قبل أن رهني قد ضاع في يديه وأنا حائز لما علي وأنا أولى بقيمة رهني أستوفيه من هذا
الدين الذي له علي فان فضل عن ديني شئ كان لكم (قال) أراه أسوة الغرماء لأنه
دين كان له عليه ولم يكن هو رهنا عن شئ دفعه إليه فأرى له أن يرجع بقيمته والغرماء
فيما عليه من الدين يتحاصون ويتبعونه بما بقي ولقد سئل مالك عن الرجل يستلف من
الرجل مائة دينار فيبتاع الذي أسلف من الذي استسلف سلعة بمائة دينار ولم يسم
انها في ثمن سلعته فيفلس أحدهما قال مالك هو دين له يحاص الغرماء أيهما أفلس
فليس له أن يقول لي عليه مثله فأنا أحق به فكذلك مسألتك
(في المتكفل يأخذ رهنا)
* (قلت) * أرأيت الرجل يتكفل عن الرجل بحق عليه ويأخذ بذلك رهنا من الذي
تكفل عنه أيجوز هذا أم لا في قول مالك (قال) نعم هذا جائز لأنه إنما تكفل بالحق
(الدعوى في الرهن)
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت رهنا قيمته مائتا دينار فقلت ارتهنته بمائتي دينار وقال
الراهن بل رهنتكه بمائة ولك علي مائتا دينار إلا أن مائة منهما لم أرهنك بها رهنا
(قال) القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمة الرهن مثل ما قال مالك إذا ارتهن رهنا
بحق له وأنكر الراهن وقال هو رهن بأقل من قيمتها فكذلك إذا أقر له الراهن بما قال
المرتهن من الدين وأقر بأن السلعة رهن إلا أنه قال لم أرهنها الا ببعض دينك الذي
علي ولم أرهنكها بجميع دينك فالقول قول المرتهن أنه إنما ارتهنها بجميع دينه ولا يصدق
الراهن * (قلت) * فان قال المرتهن ارتهنتها بألف درهم أقرضتكها وقيمة السلعة خمسمائة
درهم وأقر له الراهن بأن له عليه ألف درهم وقال ما رهنتكها الا بخمسمائة درهم
322

وهذه خمسمائة درهم فخذها وأعطني رهني وأجل الألف الدين لم يحل بعد وقال
المرتهن لا أعطيكها إلا أن آخذ الألف كلها (قال) القول فيها قول الراهن لأنه لا يتهم
إذا أعطى قيمتها وعليه اليمين ووجه الحجة فيه أنه لو قال له لم أرهنكها الا بخمسمائة
كان القول قوله وكان المرتهن مدعيا في الخمسمائة الأخرى فكما لا يجوز قوله إذا
ادعي انها له قبله دينا فكذلك لا يجوز قوله إذا ادعى انها رهن إذا كان الرهن إنما
يساوي خمسمائة * (قلت) * أرأيت أن ارتهنت من رجل سلعة قيمتها ألف درهم ثم حالت
أسواق السلعة فصارت تساوي ألفي درهم فتصادقا على قيمتها الراهن والمرتهن ان قيمتها
يوم قبضها ألف درهم وان أسواقها حالت بعد ذلك فصارت تساوي ألفي درهم أو
نمت السلعة في يديهما حتى صارت تساوي ألفي درهم وادعى الراهن انه إنما كان رهنها
بألف درهم وقال المرتهن بل ارتهنتها بألفي درهم والمرتهن مقر أنه يوم ارتهنها إنما
كانت قيمتها ألف درهم بكم تجعلها رهنا والقول قول من (قال) قال مالك إنما ينظر
إلى قيمة الرهن يوم يحكم فيها فالقول قول المرتهن إلى مبلغ قيمة الرهن يوم يحكم فيها
ولا ينظر إلى قيمتها يوم قبضت ولم أسمعه يقول في قيمتها انهما تصادقا أو لم يتصادقا
ولكن ان تصادقا في ذلك أو لم يتصادقا فان القول قول المرتهن فيما بينه وبين قيمتها
يوم يحكم عليهما ألا ترى أن مالكا لم يقل فيهما إذا اختلفا في القيمة انه ينظر إلى
قيمتها يوم قبضها فيسئل أهل المعرفة عن قيمتها يومئذ فلو كان ينظر إلى قولهما إذا
تصادقا على القيمة يوم قبضها لقال ينظر في قيمتها يوم قبضها إذا اختلفا
(الدعوى في قيمة الرهن)
* (قلت) * أرأيت لو رهنت رجلا ثوبين بمائة درهم فضاع أحدهما فاختلفا في قيمة
الذاهب القول قول من (قال) قال مالك القول قول المرتهن في قيمة الرهن إذا هلك
بعد الصفة مع يمينه ويذهب من الرهن مقدار قيمة الثوب الذاهب * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) قال مالك القول قول المرتهن في قيمة الرهن إذا هلك والرهن
بعد الصفة مع يمينه فذهاب بعضه كذهابه كله
323

(في الرجل يبيع السلعة على أن يأخذ رهنا)
* (بغير عينه أو رهنا بعينه) *
* (قلت) * أرأيت أن بعت سلعة من رجل على أن آخذ عبده ميمونا رهنا بحقي فافترقنا
قبل أن أقبض ميمونا أيفسد الرهن بافتراقنا قبل القبض (قال) لا * (قلت) * فان قمت
عليه بعد ذلك كان لي أن آخذ منه الغلام رهنا أم لا (قال) نعم * (قلت) * فان قامت الغرماء
عليه قبل أن آخذه منه أكون فيه أسوة الغرماء (قال) نعم * (قلت) * فان باعه قبل أن
أقبضه منه (قال) بيعه جائز * (قلت) * أفيلزمه أن يعطيني رهنا مكانه (قال) لم أسمع
من مالك فيه أنه يعطيه رهنا مكانه إلا أن مالكا قال إن أمكنه من الرهن فباعه فبيعه
جائز وليس له إلى الرهن سبيل فهو حين تركه في يده ولم يقبضه منه حتى باعه
فقد تركه * (قلت) * وكل هذه المسائل التي سألتك عنها في ميمون هذا الرهن هو
قول مالك (قال) نعم * (قلت) * لم أجزت بيع الراهن لهذا العبد الذي قد شرط هذا المرتهن حين باعه السلعة انه يأخذه رهنا ولماذا أجزت بيع الراهن للعبد لم
لا تفسخ البيع بينهما لان البائع شرط في عقدة البيع انه يأخذه ميمونا رهنا بحقه
(قال) لأنك تركته في يده حتى باعه فكأنك تركت الرهن الذي كان لك
* (قال سحنون) * وهذا إذا كان تركه في يد المولى تركا يرى أن تركه رضا منه
بإجازة البيع بلا رهن * (قلت) * أرأيت أن بعت رجلا سلعة إلى سنة على أن يعطيني
رهنا فيه وثيقة من حقي فمضيت معه فلم أجد عنده رهنا (قال) أنت أعلم ان أحببت
أن تمضي البيع بلا رهن وإن شئت أخذت سلعتك ونقضت البيع * (قلت) *
وهذا
قول مالك (قال) لا أقوم على حفظه
(اختلاف الراهن والمرتهن)
* (قلت) * أرأيت أن قال رجل لرجل عبداك هذان اللذان عندي هما جميعا رهن
عندي بألف درهم لي عليك فقال له الرجل أما ألف درهم لك علي فقد صدقت ان
324

لك عندي ألف درهم وأما أن أكون رهنتك العبدين جميعا فلم أفعل إنما رهنتك
أحدهما واستودعتك الآخر فقال القول قول رب العبدين ولم أسمع من مالك فيه
شيئا إلا أني سألت مالكا عن الرجل يكون في يديه عبد الرجل فيقول قول رب العبد
* (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل ثوبين أحدهما نمط والاخر جبة فقال
المدفوع إليه الثوبان أما النمط فكان وديعة وقد ضاع أما الجبة فرهن وهي عندي
وقال رب الثوبين بل كان النمط رهنا والجبة وديعة القول قول من في قول مالك (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن أرى هذه المسألة مثل المسألة الأولى القول
قول الراهن في أن الثوب الباقي ليس برهن ولا تكون دعوى المرتهن شيئا ها هنا
الا ببينة ولا يلزم المرتهن من ضياع الثوب الذاهب شئ لأنه قال إنما كان وديعة
عندي وكل واحد منهما مدع على صاحبه * (قال سحنون) * فليس يصدق صاحب
الثوبين فيما ادعى أن الثوب الذاهب كان رهنا وليس على الذي كان في يديه من غرمه
شئ وليس يصدق الذي في يديه الثوب ان الباقي هو الرهن وليس هو برهن ولكن
يأخذ صاحب الثوب ثوبه ويبرأ هذا من ضمان الثوب الذي ذهب لأنه زعم أنه إنما
كان وديعة ويتبعه بدينه الذي له عليه
(في ارتهان الزرع الذي لم يبد صلاحه والثمرة التي لم يبد صلاحها)
* (قلت) * هل يجوز في قول مالك أن ارتهن مالا يحل بيعه (قال) نعم مثل الزرع
الذي لم يبد صلاحه والثمرة التي لم يبد صلاحها * (قلت) * فإن كان الدين إلى أجل
فارتهنت به ثمرا لم يبد صلاحه أو زرعا لم يبد صلاحه فمات الراهن قبل حلول الأجل
والذي في يدي من الرهن لم يبد صلاحه أيكون ديني قد حل في قول مالك حين
مات الراهن (قال) نعم * (قلت) * ويباع لي هذا الرهن قبل أن يبدو صلاحه (قال)
لا ولكن إن كان للراهن مال أخذت حقك ورددت عليهم رهنهم وإن لم يكن للميت
مال انتظرت فإذا حل بيعه وأخذت حقك وهو قول مالك لان مالكا (قال) في
325

الديون إذا مات الذي عليه الدين فقد حل الدين وقال في الزرع والثمار لا تباع حتى
يبدو صلاحها * (قال ابن القاسم) * ولو فلس رجل أو مات وقد ارتهن منه رجل زرعا
لم يبد صلاحه حاص الغرماء بجميع دينه في مال المفلس أو الميت واستؤني بالزرع فإذا
حل بيعه بيع ونظر إلى قدر الدين وثمن الزرع فإن كان كفافا رد ما أخذ في المحاصة
فكان بين الغرماء وكان له ثمن الزرع إذا كان كفافا وإن كان فيه فضل رد ذلك
الفضل مع الذي أخذ في المحاصة إلى الغرماء وإن كان ثمن الزرع أقل من دينه رد
ما أخذ في المحاصة ثم نظر إلى ما بق من دينه بعد مبلغ ثمن الزرع والى دين الميت
أو المفلس فضرب به مع الغرماء في جميع مال المفلس أو الميت من أو له فيما صار في
يديه وأيدي الغرماء فما كان له في المحاصة أخذه ورد ما بقي فصار بين الغرماء
بالحصص * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم هو قوله فيما بلغني
(في رهن الحيوان وتظالم أهل الذمة في الرهون)
* (ورهن المكاتب والمأذون له) *
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت عبدا فادعيت أنه أبق مني (قال) القول قولك عند
مالك * (قلت) * أرأيت أن ارتهنت حيوانا فادعيت أنها قد ضلت مني (قال) القول
قولك ودينك كما هو على الراهن * (قلت) * أرأيت الرهون إذا تظالم أهل الذمة بها
فيما بينهم أيحكم بينهم في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت المكاتب إذا رهن
أو ارتهن أيجوز في قول مالك (قال) نعم إذا أصاب وجه الرهن لأنه جائز الشراء
والبيع * (قال سحنون) * إذا ارتهن في مال أسلفه فليس بجائز لأنه لا يجوز له أن
يصنع المعروف فان ارتهن في مال أسلفه فهو جائز * (قلت) * أرأيت أن وجد السيد
مع المكاتب مالا قبل حلول أجل الكتابة فيه وفاء من الكتابة أو أقل من الكتابة
أيكون له أن يأخذه أو لا في قول مالك (قال) ليس له ذلك * (قلت) * أرأيت أن
رهنني رجل بكتابة مكاتبي رهنا أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لا تجوز الحمالة
326

للسيد بكتابة مكاتبه عند مالك فكذلك الرهن عندي لا يجوز مثل الحمالة (* قلت) *
أرأيت العبد التاجر أيجوز ما رهن أو ارتهن في قول مالك (قال) نعم * (قلت) *
أرأيت المكاتب أيجوز له أن يرهن ولده أو أم ولده في قول مالك (قال) قال مالك
ان خاف العجز جاز له أن يبيع أم ولده وليس له أن يبيع ولده وان خاف العجز
فأراه ان خاف جاز له أن يرهن أم ولده وليس له أن يرهن ولده مثل قول
مالك في البيع
(في الرجل يرهن أمته فيعتقها أو يكاتبها أو يدبرها أو يطؤها فيولدها)
* (قلت) * أرأيت أن رهنت أمتي فأعتقتها وهي في الرهن أو كاتبتها أو دبرتها (قال)
قال مالك ان أعتقها وله مال أخذ المال منه فدفع إلى المرتهن وعتقت الجارية والتدبير
جائز وتكون رهنا بحالها لان الرجل يرهن مدبره عند مالك ان أحب وأما الكتابة
فهي عندي بمنزلة العتق إن كان للسيد مال أخذ منه ومضت الكتابة * (قال سحنون) *
والتدبير بمنزلة العتق سواء ويعجل له حقه كذلك قال مالك ذكره ابن
وهب عن مالك وكذلك الكتابة إن كان له مال إلا أن يكون في ثمن الكتابة إذا
بيعت وفاء للدين فتكون الكتابة جائزة * (قلت) * فان وطئها الراهن فأحبلها (قال)
قال مالك إن كان وطئها بإذن المرتهن أذن له في الوطئ أو كانت مخلاة تذهب في
حوائج المرتهن وتجئ فهي أم ولد للراهن ولا رهن للمرتهن فيها وإن كان وطؤه إياها
على وجه الاغتصاب لها والتسور عليها بغير إذنه فكان له مال أخذ منه المال فدفع إلى
المرتهن وكانت الجارية أم ولد للراهن وإن لم يكن له مال بيعت الجارية بعد أن تضع
ولم يبع ولدها فان نقص ثمن الجارية عن حق المرتهن اتبع السيد بذلك ولم يبع الولد
واتبع الولد أباه * (قال سحنون) * وان كانت تذهب وتجئ في حوائج المرتهن إذا لم
يأذن له المرتهن في الوطئ فهو كالمتسور عليها لأنه وطئ بغير إذن ولا أمر من المرتهن
* (قلت) * أرأيت أن أعتق السيد الجارية وهو موسر ودين المرتهن لم يحل بعد
أتأمره أن يخرج رهنا فيجعله مكانها ثقة من حق المرتهن أم تأمر الراهن أن يقضى
327

المرتهن حقه قبل حلول الأجل في قول مالك (قال) قال مالك يعجل له حقه وتعتق
الجارية
(فيمن رهن عبدا فأعتقه وهو في الرهن)
* (قلت) * أرأيت أن أعتقت العبد الذي رهنت وأنا معسر أيكون العبد رهنا على
حاله إلى محل الاجل في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فان أفدت مالا قبل محل
الاجل (قال) يؤخذ منك الدين ويخرج العبد حرا مكانه وهذا قول مالك * (قلت) *
أرأيت لو أن رجلا أعتق عبده ولا مال له وعلى السيد دين فأراد الغرماء بيع العبد
فقال العبد خذوا دينكم مني ولا تردوني في الرق أو قال لهم أجنبي من الناس خذوا
دينكم مني ولا تردوا العبد في الرق (قال) قال مالك في العبد يجنى الجناية فيعتقه
سيده بعد ما حنى فيريد أهل الجناية أن يأخذوا السيد بالجناية ليأخذوا منه قيمة
الجناية فيقول السيد ما أردت وما ظننت أن ذلك علي وما أردت أن أتحمل
الجناية ويحلف على ذلك (قال) قال مالك يرد عتق العبد إلا أن يكون للعبد مال
فيدفعه العبد في ذلك أو يجد أحدا يؤدي ذلك عنه يعجل ذلك فإنه يخرج حرا ولا
يكون لهم أن يردوه في الرق فكذلك مسألتك
(في الرجل يستعير السلعة ليرهنها)
* (قلت) * أرأيت الرجل يستعير السلعة ليرهنها أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم
* (قلت) * أرأيت أن استعرتها لأرهنها فرهنتها فضاعت عند المرتهن وهي مما يغيب
عليه المرتهن (قال) قال مالك في رجل يرهن متاعا لغيره وقد أعيره ليرهنه ان الراهن إن لم يؤد الدين باعه المرتهن في حقه إذا حل الاجل واتبع المعير المستعير بما أدى عنه من ثمن
سلعته دينا (عليه وقال) مالك في ضمانها انها ان هلكت ان للمعير أن يتبع المستعير
بقيمتها دينا عليه قال وأما كل مالا يغيب عليه فإنه لا ضمان على من استعاره ليرهنه
فرهنه ولا على من كان في يديه ولا يتبع من أعاره الذي استعاره منه بشئ من قيمته
328

(فيمن رهن عبدا ثم أقر أنه لغيره وفي العبد يكون رهنا فيجنى جناية)
* (قلت) * أرأيت أن رهنت عبدا فأقررت أنه لغيري أيجوز في قول مالك أم لا
(قال) لا يجوز اقرارك * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) لا أقوم على حفظه الآن
* (قلت) * أرأيت ما جنى العبد عند المرتهن أيلزم المرتهن من ذلك شئ في قول مالك
أم لا (قال) لا يلزم المرتهن من ذلك شئ عند مالك * (قلت) * فإن كان موسرا
فأقره الذي أقر له رهنا فهو بحاله إلى أجله وان أبى الا أخذه أخذه وعجل للمرتهن حقه
(قال) نعم وإن كان المقر معسرا لم يجز اقراره على المرتهن وكان المقر له بالخيار ان شاء
ضمن الراهن قيمته واتبعه بها وان شاء وقف فان أفاد الراهن مالا أخذ عبده وقضى
المرتهن حقه وإن لم يفد مالا حتى يحل الاجل ويباع في الدين ويقضي المرتهن ثمنه
فإن شاء أخذه من الراهن أو قيمته يوم نقد وان شاء أخذ منه ثمنه الذي قضى عن
نفسه ان أفاد يوما مالا
(فيمن رهن رجلا سلعة سنة فإذا مضت السنة فهو خارج من الرهن)
* (قلت) * أرأيت رجلا رهن عند رجل جعله هذه السنة رهنا فإذا مضت السنة
خرج من الرهن أيكون هذا رهنا أم لا (قال) لا يعرف هذا من رهون الناس ولا
يكون هذا رهنا * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) لا * (قلت) * أرأيت أن قال
الرجل لعبده أد الغلة إلي أيكون هذا مأذونا له في التجارة في قول مالك (قال)
لا يكون مأذونا له بهذا
(فيمن استعار عبدا ليرهنه فأعتقه السيد وهو في الرهن)
* (قلت) * أرأيت لو استعرت عبدا لأرهنه فرهنته فأعتقه سيده وهو موسر أيجوز
عتقه أم لا في قول مالك (قال) قال مالك انه إذا رهن عبد نفسه ولم يستعره فأعتقه
وهو موسر كان عتقه جائزا فأرى في مسألتك أن عتق المعير جائز إذا كان موسرا
ويقال للمعير قد أفسدت الرهن على المرتهن فأد الدين وخذ عبدك إلا أن تكون قيمة
329

العبد أقل من الدين فلا يكون عليه الا قيمته لأنها هو فإن كان الدين قد حل
رجع المعير بما أدى على المستعير وإن كان الدين لم يحل لم يرجع به المعير على المستعير
حتى يحل الدين فإذا حل الدين رجع عليه بالدين
(في العبد المأذون له في التجارة يشترى أبا مولاه)
* (قلت) * أرأيت لو أن عبدا مأذونا له في التجارة اشترى أبا مولاه أو ابنه أيعتق
أم لا (قال) قال مالك إذا ملك العبد من لو ملكهم سيده عتقوا على سيده فإنهم
يعتقون في مال العبد * (قلت) * فلو أن العبد اشتراه وهو يعلم أنه أبو مولاه أو ابنه
أو هو لا يعلم ذلك أهو سواء يعتقون عليه إذا ملكهم العبد أم لا والبائع يعلم أو لا يعلم
(قال) أرى ان باعه البائع وهو يعلم أو لا يعلم فذلك سواء وينفذ البيع ويعتقون
على العبد وليس على البائع أن يعلمه ذلك ولا يخبره لأنه لو باع رجل رجلا أبا نفسه
أو ابنه لم يكن عليه أن يعلمه وسواء علم السيد أو لم يعلم فإنهم يعتقون فإن كان العبد قد
علم بذلك فاشتراه على ذلك وهو يعلم فان ذلك لا يجوز وإنما ذلك بمنزلة أن لو أعطاه
سيده مالا يشترى له عبدا فاشترى أبا مولاه فان ذلك لا يجوز على سيده وليس له أن
يتلف مال سيده * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل سلعة يبيعها لي فباعها وأخذ
بثمنها رهنا أيجوز ذلك علي أم لا (قال) لا يجوز ذلك عليك لأنه لا يجوز له أن يبيع
سلعتك بالدين لأنك لم تأمره بالدين * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم في الدين
وليس له أن يبيعها بدين * (قلت) * أرأيت أن أمره أن يبيع بالدين فباع وأخذ رهنا
أيجوز ذلك الرهن على الآمر أم لا (قال) الآمر بالخيار ان شاء قبل ذلك وكان
ضمانه منه ان تلف والا رد الرهن إلى ربه ولم يلزمه ويكون البيع على حاله وان تلف
قبل أن يعلم به الآمر فلا ضمان عليه والضمان على المأمور ولا يقاص المأمور الآمر
بشئ من حقه الذي على المشترى
330

(فيمن ارتهن عصيرا فصار خمرا)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا ارتهن عصيرا فصار خمرا كيف يصنع (قال) يرفعها
إلى السلطان فيأمر السلطان بها فتهراق * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) قال مالك
في الرجل يوصي إلى الرجل فتكون في تركته خمر (قال مالك) أرى أن يهريقها
الوصي ولا يهريقها الا بأمر السلطان خوفا من أن يتعقب بأمر من يأتي يطلبه فيها
فكذلك مسألتك (قال مالك) وإذا ملك المسلم خمرا أهريقت عليه ولم يترك أن
يخللها * (قلت) * فان أصلحها فصارت خلا (قال) قد أساء ويأكله كذلك قال مالك
(فيمن رهن جلود السباع والميتة)
* (قلت) * أرأيت جلود الميتة إذا دبغت أو جلود السباع إذا كانت ذكية أيجوز أن
يرهنها الرجل (قال) أما جلود الميتة فلا يجوز أن يرهنها الرجل لأنه لا يجوز بيعها
عند مالك فأرى أنه لا بأس برهنها * (قلت) * إذا كانت جلود السباع ذكية جاز البيع
فيها والرهن دبغت أو لم تدبغ (قال) نعم وكذلك قال مالك في الصلاة بها فالبيع
عندي والرهن مثل ذلك * (قلت) * لم لا تجيز جلود الميتة في الرهن وإن كنت
لا تجيز بيعها بمنزلة ما أجزت في الزرع قبل أن يبدو صلاحه والثمرة قبل أن يبدو
صلاحها في الرهن في قول مالك ومالك لا يجيز هذا في البيع فما فرق ما بين جلود
الميتة وهذا (قال) لان الثمرة والزرع قد يحل بيعهما يوما ما إذا ارتهنت وجلود الميتة
لا يحل بيعها عند مالك على حال من الحالات فهذا فرق ما بينهما
(في المقارض يشترى بجميع مال القراض عبدا ثم يشترى آخر)
* (فيرهن الأول وفي الرجل يرهن الجارية فيطؤها المرتهن) *
* (قلت) * أرأيت المقارض أيجوز له أن يشتري بالدين على المقارضة في قول مالك (قال)
لا * (قلت) * فان اشترى بجميع مال المقارضة عبدا ثم اشترى عبدا آخر بألف
331

درهم فرهن العبد الذي اشتراه بمال المقارضة مكان هذا العبد أيجوز أم لا وهل ترى
أنه اشترى بالدين لان جميع مال المقارضة قد نقده في العبد الأول (قال) لا أرى أن
يجوز ذلك * (قلت) * أرأيت أن قال له رب المال اشتر على المقارضة بالدين أيجوز
هذا (قال مالك) هذه مقارضة لا تحل * (قال ابن القاسم) * ولا ينبغي له هذا لأنه لو
جاز هذا جاز أن يقارض الرجل الرجل بغير مال ألا ترى أنه لما قال له ما اشتريت
به من دين فهو على القراض فهو كرجل قارض بغير مال فهذا لا يجوز * (قلت) *
أرأيت أن أعرت رجلا سلعة ليرهنها فأمرته أن يرهنها بكذا وكذا درهما فرهنها
بطعام ولم يرهنها بدراهم أتراه مخالفا وتراه ضامنا في قول مالك (قال) نعم * (قلت) *
أرأيت أن ارتهنت أمة فوطئتها فولدت مني أيقام علي الحد في قول مالك (قال) نعم
* (قلت) * ويكون الولد رهنا معها في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * ولا يثبت نسب
الولد من المرتهن في قول مالك (قال) نعم لا يثبت نسبه عند مالك * (قلت) * أرأيت
السيد هل يكون له على المرتهن مهر مثلها في قول مالك مع الحد الذي عليه ان كانت
طاوعته الجارية أو أكرهها (قال) إنما على الرجل في قول مالك إذا أكره جارية
رجل فوطئها ما نقصها بكرا كانت أو ثيبا * (قلت) * أرأيت هذا الذي وطئ الأمة
فولدت وهي رهن عنده ان اشتراها واشترى ولدها أيعتق عليه ولدها في قول
مالك أم لا (قال) لا يعتق عليه لأنه لم يثبت نسبه منه
(فيما وهب للأمة وهي رهن)
* (قلت) * أرأيت ما وهب لامة وهي رهن أيكون رهنا معها في قول مالك
(قال)
لا لا يكون رهنا معها عند مالك ويكون ذلك موقوفا إلا أن ينتزعه السيد
* (قلت) * أرأيت لو رهنها ولها مال أيكون مالها رهنا معها في قول مالك (قال)
قال مالك لا يكون مالها رهنا معها إلا أن يشترطه المرتهن * (قلت) * أرأيت أن
اشترط مالها رهنا معها والمال مجهول أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) نعم
لان مالكا أجازه في البيع
332

(فيمن ارتهن زرعا لم يبد صلاحه أو نخلا)
* (ببئرهما فانهارت البئر) *
* (قلت) * أرأيت لو أني ارتهنت زرعا لم يبد صلاحه ببئره أو نخلا في أرض ببئرها
فانهارت البئر وقال الراهن لا أنفق على البئر فأراد المرتهن أن ينفق ويصلح رهنه
ويرجع بما أنفق على الراهن (قال) ليس له أن يرجع على الراهن بشئ ولكن يكون
ما أنفق في الزرع وفى رقاب النخل إن كان إنما أنفق عليها خوفا من أن تهلك حتى يستوفي
ما أنفق على الراهن (قال) ليس له أن يرجع على الراهن بشئ ولكن يكون
ما وأنفق ويستوفي دينه ويبدأ بما أنفق قبل دينه ثم يأخذ دينه بعد ذلك فان بقي شئ
كان لربه لان مالكا قال في الرجل يستكرى الأرض يزرع فيها فتتهور بئرها أو
تنقطع عينها أو يساقي الرجل الرجل فتتهور البئر وتنقطع العين (قال) ان أحب
المساقي أو المستكرى أن ينفق في العين أو في البئر حتى تتم الثمرة فيبيعها ويستوفى
ما أنفق من حصة صاحب النخل في المساقاة ويقاص المستكرى من كراء تلك السنة
التي تكاراها بما أنفق وان تكاراها سنين فليس له أن ينفق الا كراء سنة واحدة
يقاصه بكراء سنة فان فضل فضل مما أنفق لم يبلغه كراء السنة أو حصة صاحبه في
المساقاة لم يكن له أن يتبعه بأكثر من ذلك فأرى في مسألتك إذا خاف هلاك
الزرع أو النخل فأنفق رأيت ذلك له ويبدأ بما أنفق فان فضل فضل كان في الدين
بمنزلة الزرع الذي يرهنه الرجل فيخاف الهلاك فيعرض الراهن على المرتهن أن ينفق
فيه فيأبى فيأخذ مالا من رجل آخر فينفقه فيه فيكون الآخر أحق بهذا الزرع حتى
يستوفي حقه من المرتهن الأول فان فضل فضل كان للمرتهن الأول * (قلت) * أرأيت
إن لم يخرج الزرع الا تمام دين الآخر أين يكون دين المرتهن الأول (قال) يرجع
الأول بجميع دينه على الراهن * (قلت) * أرأيت الثمرة أتكون رهنا مع النخل إذا
كانت في النخل يوم يرتهنها أو أثمرت بعد ما ارتهنها في قول مالك (قال) لا تكون
رهنا وان كانت في النخل يوم ارتهنها أو أثمرت بعد ما ارتهنها بلحا كانت أو غير بلح
ولا ما يأتي بعد من الثمرة إلا أن يشترطه المرتهن (قال) وهذا قول مالك * (قلت) *
333

أرأيت لو أن رجلا رهن أرضا فيها نخل ولم يسم النخل في الرهن أيكون النخل مع
الأرض في الرهن أم لا في قول مالك (قال) قال مالك في رجل أوصى لرجل بأصل
نخل فقال الورثة إنما أوصي له بالنخل والأرض لنا (قال مالك) الأصل من الأرض
والأرض من الأصل فكذلك مسألتك في الرهن إذا رهنه الأصل فالأرض مع
الأصل وإذا رهنه الأرض فالنخل مع الأرض (قال) ومما يبين ذلك لو أن رجلا
اشترى نخل رجل ان الأرض مع النخل * (قلت) * أرأيت أن ارتهنت أرضا فأتاني
السلطان فأخذ مني خراجها أيكون لي أن أرجع علي ربها بذلك (قال) لا إلا أن
تكون حقا وإلا فلا * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) هذا رأيي
(فيمن ارتهن أرضا فأذن للراهن أن يزرعها أو يؤاجرها وفي)
* (الرهن يرتهنه رجلان على يدي من يكون) *
* (قلت) * أرأيت أرضا ارتهنتها فأذنت للراهن أن يزرعها فزرعها أتكون خارجة
من الرهن أم لا (قال) نعم * (قلت) * فان زرعها ربها ولم يخرجها من يدي (قال) إذا
زرعها ربها فليست في يديك وإنما ذلك بمنزلة الدار يرتهنها ثم يسكنها ربها أو العبد
يرتهنه ثم يخدم العبد ربه فهذا كله خروج من الرهن وهذا قول مالك * (قلت) *
فان اكراها الراهن بأمر المرتهن (قال) هذا خروج من الرهن وهذا اسلام من
المرتهن إلى الراهن * (قلت) * أرأيت أن ارتهنا ثوبا أنا وصاحب لي على يدي من
يكون (قال) إذا رضيتما ورضى الراهن معكما أن يكون على يدي أحدكما فذلك جائز
والذي ليس في يديه شئ حصته من ذلك في الضياع على الراهن وحصة الذي
الثوب على يديه في الضياع منه وهذا رأيي * (قلت) * فان ارتهنا الثوب ولم يجعله
الراهن على يدي أحدكما كيف يصنع به هذان وعند من يكون (قال) يجعلانه
حيث شاءا وهما ضامنان له
334

(في الرجلين يكون لهما دين مفترق دين أحدكما من سلم والآخر من)
* (قرض أو دين أحدهما دراهم والآخر شعير فأخذ بذلك رهنا) *
* (قلت) * أرأيت أن كان لرجلين على رجل دين مفترق دين أحدهما من سلم ودين
الآخر من قرض أو دين أحدهما دراهم ودين الآخر شعير فأخذا بذلك رهنا
واحدا أيجوز هذا في قول مالك (قال) هذا جائز عند مالك إلا أن يكون أحدهما
أقرضه قرضا على أن يبع الرجل الآخر بيعا ويأخذا بذلك جميعا رهنا فهذا لا يجوز
لان هذا قرض جر منفعة وأما إن كان الدين قد وجب من بيع ومن قرض ولم يقع
بينهما شئ من هذا الشرط فلا بأس بما ذكرت وان كانا أقرضاه جميعا معا واشترطا
على أن يرهنهما فلا بأس بذلك * (قلت) * أرأيت أن قضى أحدهما دينه أيكون له أن
يأخذ حصته من الرهن أم لا في قول مالك (قال) قال مالك في الرجلين يكون بينهما
الدار فيرهنانها بمائة دينار فيأتي أحدهما بحصته من الدين يريد أن يفتك نصيبه من
الدار (قال) قال مالك ذلك له فمسألتك مثل هذا أن في مسألتك ان كتبا كتابا
بذكر حق واحد وكان دينهما واحدا فليس لواحد منهما أن يقتضى حصته دون
صاحبه (قال) وإن كان دينهما مفترقا شيئين مثل أن يكون لأحدهما دنانير وللآخر
قمح كان لكل واحد منهما أن يقتضى حقه ولا يدخل معه صاحبه فيما اقتضاه وكذلك
لو كتبا عليه ذكر حق بأمرين مختلفين كان لكل واحد منهما أن يقتضي حقه دون
صاحبه وإنما الذي لا يكون لأحدهما أن يقتضي حقه دون صاحبه أن يكتبا كتابا بينهما
جميعا بشئ واحد يكون ذلك الشئ بينهما أو يكون الرهن لهما من شئ واحد وإن لم يكتبا
بذلك كتابا فليس لأحدهما أن يقتضي دون صاحبه مثل أن تكون دنانير كلها أو قمحا
كله أو شيئا واحدا أو نوعا واحدا كله فليس لأحدهما أن يقتضى دون صاحبه
(في الرجل يجنى جناية فيرهن بذلك رهنا)
* (قلت) * أرأيت أن جنى رجل على رجل جناية لا تحملها العاقلة فرهنه بتلك الجناية
335

رهنا وعليه دين يحيط بماله وهذا قبل أن تقوم عليه الغرماء فقامت عليه الغرماء ففلسوه
فقالت الغرماء ان هذا الرهن الذي ارتهنته من صاحب الجناية إنما هي أموالنا وإنما
دين صاحب الجناية من غير بيع ولا شراء ولا قرض فلا يكون له الرهن دوننا ونحن
أولى به هل تحفظ من مالك فيه شيئا (قال) قال مالك في الرجل يجنى جناية لا تحملها
العاقلة ثم تقوم عليه الغرماء فيه فيفلسونه ان صاحب الجناية يضرب بدينه مع الغرماء
* (قال ابن القاسم) * فالرهن جائز للمرتهن المجني عليه مثل هذا القول * (قلت) * أرأيت
لو أن رجلا رهن عبدين عند رجل فقتل أحدهما صاحبه بكم يفتك الراهن الباقي
(قال) بجميع الدين لان مصيبة العبد من الراهن
(فيمن رهن رهنا فأقر الراهن أنه جنى جناية)
* (أو استهلك مالا وهو عند المرتهن) *
* (قلت) * أرأيت أن رهن رجل عبدا له فأقر الراهن أن عبده هذا الرهن قد جنى
جناية أو استهلك مالا وهو عند المرتهن والسيد موسرا أو معسر (قال) إن كان معسرا
لم يصدق على المرتهن وإن كان موسرا قيل للسيد ادفع أو افد فان قال أنا أفديه فداه
وإن كان رهنا على حاله وان قال لا أفتدى وأنا أدفع العبد لم يكن له أن يدفع حتى
يحل الاجل فإذا حل الاجل أدى الدين ودفع العبد بجنايته التي أقر بها وان أفلس قبل
أن يحل الاجل كان المرتهن أولى به من الذين أقر لهم بالجناية ولا يشبه اقراره ها هنا
البينة إذا قامت على الجناية * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) لا أقوم على حفظه ولكن قد
قال مالك في جناية العبد إذا كان رهنا فقامت البينة على الجناية ما قد أخبرتك وهو رأيي
(في الرجل يحبس على ولده الصغار دارا أو يتصدق عليهم)
* (بدار وهو فيها ساكن حتى مات) *
* (قلت) * أرأيت أن حبست دارا لي على ولدى وهم صغار أو تصدقت عليهم وهم
صغار في حجري بدار لي وأشهدت لهم إلا أنى فيها ساكن حتى مت أيجوز ذلك
336

في قول مالك أم لا (قال) قال مالك في الرجل يهب لولده الصغار وهم في حجره دارا
أو يتصدق بها عليهم أو يحبسها عليهم ان حوز وصدقتهم وهبتهم والحبس
عليهم ثابت جائز إلا أن يكون يسكن فيها كلها حتى مات فإن كان ساكنا فيها كلها
حتى مات فهي مورثة على فرائض الله تبارك وتعالى وإن كان كانت دارا كبيرة
فسكن القليل منها وجلها الأب يكريه فحوزه لهم فيما سكن وفيما لم يسكن حوز كله
وتجوز الهبة والصدقة والحبس في الدار كلها إذا كان إنما سكن الشئ الخفيف منها
(قال مالك) وان كانت دارا يسكن جلها والذي يكرى منها القليل لم يجز للولد منها
قليل ولا كثير لا ما أكرى ولا ما سكن (قال) والاحباس والهبة والصدقة
كلها سواء * (قال) * وقال مالك وان حبس ذلك في دور مفترقة فسكن في دار منها
ليست تلك الدار التي سكن جل حبسه ولا أكثره وهي في هذه الدور التي حبس
خفيفة رأيت الحبس جائزا للولد فيما سكن من ذلك وفيما لم يسكن (قال مالك) وإذا
كانت الدار التي يسكن هي جل الدور وأكبرها (قال مالك) فلا يجوز ها هنا من
الدور للولد قليل ولا كثير لا ما سكن ولا ما لم يسكن * (قال سحنون) * الكبار
غير الصغار لأنه يسكن القليل للصغار فيجوز الباقي لهم فيكون حاز الحوز وأما إذا
كانوا كبارا يلون أنفسهم فقبضوا لأنفسهم وبقي يسكن من ذلك المعظم فان ذلك
غير جائز * (قال ابن القاسم) * وسمعت مالكا يقول في حيازة الدار إذا حبسها الرجل
على ولده الصغار وسكن منها المنزل وهي ذات منازل فحاز الكبار سائر الدار أو كانوا
صغارا فكانت الدار في يديه إلا أنه ساكن في منزل منها كما ذكرت لك (قال
مالك ان عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت حبسا جميعا داريهما وكانا يسكنان فيهما
حتى ماتا منزلا منزلا منها (قال مالك) فنفذ حبسهما ما سكنا وما لم يسكنا (قال مالك)
فإذا كان الشئ على ما وصفت لك إذا سكن من حبسه أقله جاز ذلك كله فإذا كان
سكن أكثرها أو كلها لم يجز منها قليل ولا كثير
337

(في الرجل يغتصب الرجل عبدا فيجنى عنده)
* (أو يرتهن عبدا فيعيره) *
* (قلت) * أرأيت أن غصبني رجل عبدا فجنى عنده جناية ثم رده علي وفي رقبته
الجناية (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى أن سيد العبد مخير ان أحب
أن يسلمه ويأخذ قيمته من الغاصب فذلك له وان أحب أن يفتكه بدية الجناية فذلك
له ولا يتبع الغاصب من ذلك بشئ مما دفعه فيه * (قال سحنون) *
وقول ابن القاسم أحسن وهو أحب إلي * (قلت) * أرأيت لو أنى ارتهنت من رجل
عبدا فأعرته رجلا بغير أمر الراهن فمات العبد عند المعار أيضمن المرتهن قيمته
أم لا (قال) إن لم يعطب في عمل استعمله المستعير فيه فلا ضمان على واحد منهما وإذا
مات من أمر الله فلا ضمان عليهما لا على المرتهن ولا على المستعير * (قلت) * لم
أوليس هذا المرتهن عاصيا حين أعار العبد بغير أمر سيده (قال) لا * (قلت) * تحفظه
عن مالك أن المرتهن لو استودعه رجلا بغير أمر الراهن لم يضمن (قال) لا وهو
رأيي إلا أن يكون الذي استودعه أو استعاره استعمله عملا أو بعثه مبعثا يعطب في
مثله فيضمن * (قال سحنون) * إذا عطب عند المستعير ضمنه لأنه متعد كان العمل
مما يعطب فيه أو لا يعطب فيه
(في الرجل يرهن أمته ولها زوج أيجوز أن يطأها أو يزوج أمته)
* (وقد رهنها قبل ذلك أو يرهن جارية عبده) *
* (قلت) * أرأيت لو أني ارتهنت جارية لها زوج أيكون لي أن أمنع زوجها من الوطئ
في قول مالك (قال) قال مالك ليس له أن يمنع زوجها من الوطئ (قال) وقال مالك
أرأيت لو باعها أيكون للمشترى أن يمنع زوجها من الوطئ أي ليس له أن يمنعه
فكذلك المرتهن (قال) وقال مالك ولو أن رجلا رهن جارية عبد له لم يكن لسيدها
338

هذا العبد أن يطأها (قال مالك) وكذلك لو رهنهما جميعا عبده وأمته لم يكن للعبد
أن يطأها * (قال أشهب) * ان وطئ العبد جاريته بأمر المرتهن فقد أفسد رهنه
* (قلت) * أرأيت أن افتكهما السيد وتكون الجارية للعبد كما هي في قول مالك (قال)
نعم * (قلت) * وسواء إن كان رهنها السيد وحدها ثم افتكها أو رهنها هي وسيدها
العبد ثم افتكهما أهما سواء وتكون الجارية للعبد (قال) قال مالك انه إذا افتكها
السيد رجعت إلى العبد بحال ما كانت قبل الرهن وكذلك إذا رهنهما جميعا فافتكهما
هو أبين منه حين رهنها دونه * (قلت) * أرأيت أن زوج أمته وقد رهنها قبل ذلك
أيجوز هذا التزويج في قول مالك (قال) لا يجوز تزويجه إياها لان التزويج عيب يلحق
الجارية فليس للسيد أن يدخل في الرهن ما ينقصه إلا أن يرضى بذلك المرتهن فان
رضى بذلك جاز
(في الرهن بالسلف)
* (قلت) * أرأيت أن ارتهنت من رجل جارية قيمتها خمسمائة درهم بخمسمائة درهم
أسلفته إياها ثم جاءني بعد ذلك فقال أسلفني خمسمائة أخرى فقلت لا إلا أن ترهنني
جاريتك فلانة الأخرى بجميع الألف وقيمتها ألف درهم (قال مالك) لا خير في
هذا لان هذا قرض جر منفعة ألا ترى أنه أقرضه على أن زاده في سلفه الأول
رهنا * (قلت) * وكذلك لو أن رجلا أتي إلى رجل له عليه دين فقال أنا أقرضك
أيضا على أن ترهنني رهنا بجميع حقي الأول والآخر قال مالك لا خير فيه * (قلت) *
أرأيت أن وقع هذا بحال ما وصفت لك فاسدا جهلوا ذلك حتى قامت الغرماء ففلسوا
المستسلف أو مات وقامت الغرماء أيكون الرهن الثاني الذي صار فاسدا رهنا أولا
ويكون المرتهن أولى به حتى يستوفي حقه في قول مالك أم لا (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا ولكن لا يكون رهنا الا بالسلف الآخر ولا يكون الرهن في شئ
من السلف الأول لأنه سلف اجتر به منفعة
339

(في ارتهان الدين يكون على الرجل)
* (قلت) * لابن القاسم هل يجوز في قول مالك أن يرتهن الرجل الدين يكون له على
رجل ويبتاع من رجل بيعا أو يستقرض منه قرضا فيقرضه ويرتهن منه الدين الذي
له على ذلك الرجل (فقال) قال مالك نعم له أن يرتهن ذلك فيقبض ذكر الحق ويشهد
* (قلت) * فإن لم يكن كتب ذكر حق (قال) يشهد وتجزئه * (قلت) * فإن كان لرجل
علي دين فبعته بيعا وارتهنت منه الدين الذي له علي أيجوز ذلك في قول مالك (قال)
نعم وهو أقواهما * (قال) * وقال مالك فيمن ارتهن دينا على غيره ان ذلك جائز فهذا
جائز لما عليه
(تم كتاب الرهن بحمد الله وعونه)
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويليه كتاب الغصب) *
340

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (كتاب الغصب) *
* (قلت) * لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أني كسرت صحفة لرجل كسرا فاسدا
صيرتها فلقتين أو كسرتها كسرا غير فاسد أو كسرت له عصا كسرا فاسدا أو غير
فاسد أو شققت له ثوبا فأفسدت الثوب شققته نصفين أو شققته شقا قليلا (قال)
قال مالك في رجل أفسد لرجل ثوبا قال إن كان الفساد يسيرا رأيت أن يرفوه ثم
يغرم ما نقصه بعد الرفو وإن كان الفساد كثيرا فإنه يأخذ الثوب ويغرم قيمته يوم
أفسده لرب الثوب وكذلك المتاع مثل ما قال لي مالك في الثوب فكل الذي
سألت عنه هو عندي على مثل هذا المحمل * (قلت) * فان قال رب الثوب لا أسلم
الثوب وقد أفسده فساد فاحشا فقال لا أسلمه ولكني أتبعه بما أفسده من ثوبي
(قال) هو مخير في ذلك أن أحب أن يسلعه ويأخذ قيمته فعل وان شاء احتبسه
وأخذ ما نقصه وإنما فرق ما بينه إذا أفسده فسادا كثيرا وإذا أفسده فسادا يسيرا أن
اليسير لا مضرة على صاحبه فيه فكذلك لم يكن له خيار ولم يلزم من فعل ذلك به وانه
حين أفسده فسادا كثيرا فصاحبه يحتج يقول أبطل علي ثوبي فكذلك يخير (قال)
ولقد كان مالك دهره يقول لنا في الفساد يغرم ما نقصه ولا يقول يسير ولا كثير
ثم وقف بعد ذلك فقال هذا القول في الفساد الكثير وهو أيضا لا مضرة فيه على
الذي أفسده لأنه إنما يطرح عنه بقدر الذي بقي في يدي صاحب الثوب وهو قيمته
341

التي كان يغرم وليس هذا بيعا من البيوع يخير فيه أنما هذه جنايات فالمجني عليه هو
الذي يخير كما وصفت لك
(فيمن اغتصب جارية فزادت عنده)
* (ثم باعها أو وهبها أو قتلها) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اغتصب جارية من رجل وقيمتها ألف درهم فزادت
عنده حتى صارت تساوي ألفين ثم باعها الغاصب بعد ذلك بألف وخمسمائة أو وهبها
أو قتلها أو تصدق بها ففاتت الجارية ما يكون على الغاصب وهل يكون رب الجارية مخيرا في هذا في أن يضمنه قيمتها يوم غصبها أو قيمتها يوم باعها أو وهبها أو تصدق
بها أو يجيز بيعه هل يكون مخيرا في هذا كله في قول مالك أم لا (قال) أما إذا
فاتت الجارية عنده وقد زادت قيمتها فليس عليه في الزيادة عند مالك شئ ولكن عليه
قيمتها يوم غصبها وأما إذا باعها فرب الجارية بالخيار ان شاء ضمنه قيمتها يوم غصبها
وان شاء أجاز بيعه وأخذ الثمن وأما ان قتلها الغاصب وقد زادت عند الغاصب فليس
عليه الا قيمتها يوم غصبها ألا ترى أنها لو نقصت لكان ضامنا لقيمتها يوم غصبها
فكذلك إذا زادت ولا يشبه الأجنبي إذا قتلها عند الغاصب فليس على الأجنبي الا
قيمتها يوم قتلها وتكون القيمة لصاحب الجارية إلا أن تكون القيمة أقل من قيمتها
يوم غصبها الغاصب فيكون على الغاصب تمام قيمتها يوم غصبها
(فيمن اغتصب جارية فباعها من رجل فماتت عند المشتري فأتى سيدها)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اغتصب من رجل جارية فباعها من رجل فماتت عند
المشتري وأتى سيدها ما يكون له في قول مالك (قال) قال مالك ليس لسيدها على
هذا الذي اشتراها قليل ولا كثير لأنها قد ماتت ويكون لسيدها على الذي اغتصبها
قيمتها يوم غصبها ان أحب وان أراد أن يمضي البيع ويأخذ الثمن الذي باعها به الغاصب
فذلك له * (قلت) * أفهل يكون له أن يضمن الغاصب قيمة الجارية يوم باعها في قول
342

مالك (قال) لا * (قلت) * ولم أجزت له أن يجيز بيع الغاصب الجارية بعد موتها
وإنما يقع البيع الساعة حين يجيز سيدها البيع والجارية ميتة وبيع الموتى لا يحل (قال)
ليس هذا بيع الموتى إنما هذا رجل أخذ ثمن سلعته ولا يلتفت في هذا إلى حياتها ولا
إلى موتها إذا رضى أن يأخذ الثمن الذي بيعت به وهو قول مالك
(فيمن اغتصب جارية من رجل فباعها فاشترها رجل وهو)
* (لا يعلم بالغصب فقتلت عنده فأخذ لها أرشا ثم قدم سيدها) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل جارية فباعها في سوق المسلمين
فاشتراها رجل وهو لا يعلم أنها مغصوبة فقتلت عنده فأخذ لها أرشا ثم قدم
سيدها فاستحقها (قال) سيدها مخير في قول مالك ان شاء أخذ قيمتها من الغاصب
يوم غصبها وان شاء أخذ ثمنها الذي باعها به الغاصب (قال ابن القاسم) وأنا أرى
أن لسيدها أيضا ان شاء أن يأخذ من المشتري العقل الذي أخذه من الذي قتل
الجارية ويرجع المشتري ان أخذ السيد منه ذلك العقل على البائع بالثمن * (قلت) *
فإن كان المشتري هو نفسه قتلها فأراد سيد الجارية حين استحقها أن يضمنه قيمة
جاريته لأنه هو الذي قتلها (قال) ذلك له وما سمعته من مالك * (قلت) * فان ضمنه
قيمتها لقتله إياها أترده على بائعه بالثمن (قال) نعم (قال) وإنما قلت لك انه يضمن لان
مالكا قال فيمن ابتاع طعاما في سوق المسلمين أو ثيابا فأكل الطعام أو لبس الثياب
فاستحق ذلك رجل ان المستحق يأخذ من المشتري طعاما مثله ويأخذ منه قيمة
الثياب وكذلك قتله الجارية وإنما يوضع عنه موتها لأنه أمر من أمر الله تعالى يعرف
والثياب والطعام كذلك أيضا لو جاءه أمر من أمر الله تعالى يعرف فهلك لم يضمن
المشتري قليلا ولا كثيرا
343

(فيمن اشترى جارية في سوق المسلمين فقطع يدها)
* (أو فقأ عينها فاستحقها رجل) *
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت جارية في سوق فقطعت يدها أو فقأت عينها
فاستحقها رجل أيكون له أن يأخذ ويضمنني ما نقصها في قول مالك (قال)
قال مالك في الثوب يشتريه الرجل في سوق المسلمين فيلبسه فيتغير من لبسه ثم
يستحقه رجل انه يأخذه ويضمن المشترى ما نقصه اللبس إلا أن يشاء أن يمضي
البيع فذلك له فكذلك مسألتك في هذا مثل الثوب له أن يأخذ جاريته ويضمنك
ما نقصها جنايتك * (قلت) * أرأيت مشترى الثوب إذا أخذ رب الثوب الثوب وأخذ
منه ما نقصه اللبس أيرجع بالثمن على البائع في قول مالك (قال) نعم
(فيمن اشترى جارية مغصوبة ولا علم له)
* (فأصابها أمر من السماء) *
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت جارية مغصوبة من سوق المسلمين ولا علم لي فأصابها
عندي أمر من السماء ذهاب عين أو ذهاب يد أيكون لسيدها إذا استحقها أخذها
ويضمنني ما نقصها في قول مالك (قال) قال مالك لا ولكن له أن يأخذها ان شاء
ناقصة ولا شئ له على الغاصب وان شاء أن يأخذ الثمن الذي باعها به الغاصب ويسلمها
وهذا قول مالك في الثمن وان شاء أن يضمن الغاصب قيمتها يوم غصبها وهذا أيضا
قول مالك * (قلت) * ولم لا تجعله يأخذ جاريته ويأخذ ما نقصها العيب الذي حدث
بها عند المشترى من الغاصب (قال) لان الغاصب لو لم يبعها وكانت الجارية عنده
فذهبت عيناها بأمر من السماء لم يكن لرب الجارية أن يأخذ جاريته ويضمن الغاصب
ما نقصها عنده إلا أن يأخذها معيبة ولا شئ له أو يضمنه قيمتهما يوم غصبها * (قلت) *
فلم قلت إذا باعها الغاصب فحدث بها عند المشترى عيب انه يأخذ جاريته ولا شئ له
على الغاصب ولا على المشترى مما نقصها العيب (قال) أما المشترى فلا شئ عليه من
344

العيب الذي أصابها عنده من السماء لأنه اشترى في سوق المسلمين وأما الغاصب فإنما
امتعنت من أن أجعل عليه ما نقص الجارية العيب الذي أصابها عند المشترى لأني لو
جعلت ذلك عليه لم يكن لي بد من أن أجعل الغاصب يرد الثمن على المشترى إذا
أخذت منه الجارية فإذا رد الثمن وجعلت له على الغاصب أيضا قيمة العيب الذي أصابها
عند المشترى فيكون الغاصب رد الجارية وأغرم قيمة العيب الذي أصابها عند
المشترى وهو لا يستطيع أن يرجع بقيمة ذلك العيب على المشتري لان المشترى
لا يضمن عند مالك ما أصابها عنده من عيب من السماء إذا استحقها مستحق فلا
أرى لربها إذا أصابها عند المشترى أمر من الله إلا أن يأخذها ناقصة البدن أو
يضمن الغاصب قيمتها يوم غصبها أو يجيز البيع ويأخذ الثمن
(فيمن غصب دابة فباعها في سوق المسلمين فقطع)
* (يدها أو فقأ عينها فاستحقها رجل) *
* (قلت) * أرأيت لو أني اغتصبت من رجل دابة أو جارية فبعتها من رجل فأتى ربها
فاستحقها وهي عند المشتري بحالها لم تحل عن حالها فأراد أن يضمنني قيمتها (قال)
ليس ذلك له عند مالك إنما له أن يأخذها أو يجيز البيع لأنها لم تتغير عن حالها ألا
ترى أنها لو كانت عند الغاصب لم تتغير عن حالها فأراد المستحق أن يضمنه قيمتها
يوم غصبها لم يكن ذلك له وليس له الا جاريته أو دابته أو ثمنها ان أجاز البيع يأخذه
من الغاصب (قال) وقال لي مالك في الدابة إلا أن يكون استعملها فأعجفها أو أدبرها أو
نقصها فله أن يأخذ من الغاصب قيمة دابته يوم غصبها * (فقلت) * له أفله أن يأخذها
ويأخذ كراء ما استعملها (قال) لا إنما له أن يأخذها ان وجدها على حالها أو يأخذ
قيمتها يوم غصبها إن كان دخلها نقص ولا شئ له من عملها (قال) وكذلك إذا
خرجت من يده إلى غيره ببيع باعها فلم تتغير فليس لربها إذا وجدها بحالها الا سلعته
أو الثمن الذي باعها به الغاصب ولا ينظر في هذا وان حالت الأسواق وكذلك قال
لي مالك في المسألة الأولى في حوالة الأسواق في الغصب انه لا يلتفت إلى ذلك
345

(فيمن اغتصب جارية فأصابها عيب مفسد ثم جاء ربها)
* (أو ولدت عنده فأبى ربها) *
* (قلت) * أرأيت أن غصبني رجل أو عبدا فأصابها عنده عيب قليل غير مفسد
فاستحقها ربها فأردت أن أضمنه قيمتها يوم غصبها وقال الغاصب ليس ذلك لك إنما لك
أن تأخذ جاريتك وأضمن لك ما نقصها العيب لان العيب غير مفسد ما القول في هذا
في قول مالك (قال) قال لي مالك ليس له الا جاريته إلا أن تنقص في بدنها ولم يقل
لي نقصان قليل ولا كثير وذلك عندي سواء ان نقصت قليلا أو كثيرا ان أحب أن
يأخذها معيبة على حالها وان أحب أن يضمنه قيمتها يوم غصبها فذلك له * (قلت) *
أرأيت أن غصبني رجل جارية فولدت عنده أولادا فمات الأولاد عنده أيضمنهم
لي في قول مالك (قال) قال لي مالك لا ضمان عليه فيمن مات منهم * (قلت) * أرأيت
ان قتلهم أيضمنهم (قال) نعم * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قطع يد عبدي أو يد
أمتي أو فقأ أعينهما أو قطع أيديهما أو قطع أرجلهما جميعا أو قطع يدا أو رجلا ما يكون
عليه في قول مالك (قال) يضمن الجاني على العبد قيمة العبد كلها إذا كانت جنايته
عليه قد أفسدته بمنزلة ما أفسد من العروض ونحن نقول إنه إذا كان فسادا لا منفعة
في العبد حتى يضمنه من تعدى عليه عتق عليه كان بمنزلة من مثل بعبده وهو رأيي
ورأي من أرضى من أهل العلم * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قطع يد دابتي أو رجلها
أو فقأ عينها أو قطع أذنيها أو ذنبها (قال) الدابة بمنزلة الثوب إذا كان الذي أصابها
عيبا مفسدا أفسد الدابة حتى لا يكون فيها كبير منفعة أخذها الجاني عليها وغرم
جميع قيمتها لربها بحال ما وصفت لك في الثوب وإن كان عيبا يسيرا غرم ما نقصها مثل
ما قلت لك في الثوب وهذا قول مالك * (قلت) * والغنم والبقر والإبل إذا أصابها
رجل بعيب (قال) هذا كله مثل الثوب وهذا قول مالك
346

(فيمن اغتصب جارية صغيرة فكبرت ثم ماتت أو غصبها صغيرة)
* (فهرمت أو اختلفت أسواقها) *
* (قلت) * أرأيت أن اغتصب رجل جارية صغيرة فكبرت عنده حتى نهدت فماتت وقيمتها
يوم اغتصبها مائة دينار وقيمتها اليوم حين ماتت ألف دينار (قال) لا أرى أن يضمن
الا قيمتها يوم غصبها ولا يضمن الزيادة * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) ما أحفظه
الساعة عن مالك * (قلت) * أرأيت أن غصبني رجل جارية شابة فكبرت عنده حتى
صارت عجوزا ثم أقمت عليه البينة فأردت أن أضمنه قيمتها يوم غصبها منى وقال الغاصب
هذه جاريتك خذها (قال) الهرم فوت ولك القيمة عند مالك لأنه لو غصبها
فأصابها عند الغاصب عيب مفسد كان لربها أن يضمنه جميع قيمتها يوم غصبها عند
مالك وكذلك الهرم فهو بمنزلة العيب المفسد وكذلك قال مالك في الهرم انه في
البيوع فوت وكذلك هو في الغصب عندي
(فيمن أقام شاهدا واحدا على أن فلانا غصبه جاريته)
* (وأقام شاهدا آخر أنه أقر أنه غصبها) *
* (قلت) * أرأيت أن أقمت شاهدا واحدا على أن هذا الرجل غصبني هذه الجارية
وأقمت رجلا آخر أقر أنه غصبنيها (قال) هذه الشهادة جائزة * (قلت) * وكذلك
لو أنى أقمت شاهدا واحدا على أنه غصبنيها وأقمت آخر على أنها جاريتي (قال) لا أراهما
شهادة واحدة فإن كان دخل الجارية نقص حلف مع الذي شهد له أنه غصبها وأخذ
قيمتها ان شاء وقد كان قال أرى أن شهادتهما جائزة * (قال) * ولقد سئل مالك عن
رجل أقام شاهدا واحدا علي أرض أنها له وأقام آخر أنها حيزه (قال) مالك أراها
له لان حيزه تركته وأراهما قد اجتمعا على الشهادة (قلت) * لابن القاسم ما معنى
حيزه (قال) كقولك هو حيز فلان وهذا حيز فلان
347

(فيمن اغتصب من رجل جارية فباعها فضاع الثمن عنده)
* (فأجاز البيع أيكون على الغاصب شئ أم لا) *
* (قلت) * أرأيت أن غصبني رجل جارية فباعها فضاع الثمن عنده فأجزت البيع
أيكون على الغاصب شئ من الثمن أم لا في قول مالك (قال) نعم عليه الثمن لان
مالكا قال إن أراد أن يجيز البيع فذلك له ويأخذ الثمن من الغاصب * (قلت) * لا لان الغاصب لم يزل
ضامنا للجارية حين غصبها أو للثمن حين باعها ان أراد رب الجارية أن يجيز البيع فلا
يبرئه من ضمانه الذي لزمه الا الأداء
(فيمن غصب جارية رجل فباعها فولدت عند)
* (المشترى فأتى ربها فأجاز البيع) *
* (قلت) * أرأيت أن غصب جارية من رجل فباعها فولدت عند المشترى فأتى ربها
فأجاز البيع أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) ذلك جائز لان مالكا قال إذا
باعها الغاصب فان أراد ربها أن يجيز البيع كان ذلك له ولست ألتفت إلى ولادتها عند
المشترى ألا ترى أنها لو ماتت هي نفسها فأجاز سيدها البيع أخذ الثمن وكان ذلك
جائزا ولست ألتفت إلى نقصان الجارية ولا إلى زيادتها إذا أجاز البيع لأنه إنما يجيز
اليوم أمرا قد كان قبل اليوم فإذا أجاز اليوم فالجارية لم تزل للمشترى من يوم اشتراها
فنماؤها له ونقصانها على المشترى وله من يوم اشتراها إذا أجاز رب الجارية البيع
(فيمن غصب جارية بعينها بياض فباعها الغاصب ثم ذهب البياض)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا غصبني جارية وبعينها بياض فباعها الغاصب ثم ذهب
البياض عند المشتري فجاء ربها فأجاز البيع ثم علم بعد ذلك أن البياض قد ذهب من
عينها وقال إنما أجزت البيع ولم أعلم بذهاب البياض من عينها وأنا الآن لا أجيز (قال)
لا يلتفت إلى قوله والبيع جائز * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) قال مالك في
348

رجل اكترى من رجل دابة فتعدى عليها فضلت منه في تعديه فضمنه رب الدابة
قيمتها ثم أصابها بعد ذلك المتعدى فأراد ربها أخذها (قال) قال مالك لا شئ له فيها
وهي للمتعدي لأنه قد ضمن قيمتها (قال) قال مالك ولو شاء صبر ولو لم يعجل حتى ينظر أيجدها أم لا * (قلت) * فمسألتي لا تشبه هذا (قال) أجل ولكن لو شاء رب
الجارية استثبت قبل أن يجيز البيع * (قلت) * أرأيت أن اشتراها رجل من الغاصب
فأعتقها ثم جاء ربها فأجاز البيع أتكون حرة بالعتق الذي أعتقها المشتري قبل أن
يجيز ربها البيع في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فمتى جاز البيع أقبل العتق أم بعد
العتق (قال) لم يزل البيع جائزا فان أراد رد البيع ربها فهو مردود وان أجازه فلم يزل
جائزا لان العتق إنما وقع يوم وقع البيع فصار بيعا جائزا إلا أن يرده المستحق فلذلك
جاز العتق وصار نماؤه ونقصانه من المشترى * (قلت) * أرأيت أن أعتقها المشترى ثم
ثم أتى سيدها فاستحقها أيكون له أن يأخذ جاريته ويردها في الرق في قول مالك
(قال) نعم * (قلت) * فإن كانت قد نقصت أو زادت فهو سواء وله أن يأخذها ويبطل
العتق في قول مالك (قال) نعم كذلك قال مالك
(فيمن باع الجارية فأقر أنه اغتصبها من فلان أيصدق على المشترى)
* (قلت) * أرأيت أن بعت جارية ثم إني أقررت أنى قد كنت اغتصبتها من فلان أأصدق
على المشترى أم لا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى أن لا
يصدق عليه وأراه ضامنا لقيمتها للمغصوب منه يوم غصبها إلا أن يشاء المغصوب أن
يأخذ الثمن الذي باعها به فذلك له * (قلت) * أرأيت أن اغتصبت جارية من رجل فبعتها
من رجل ثم لقيت الذي اغتصبتها منه فاشتريتها منه ثم أردت أن آخذها من المشترى
الذي اشتراها مني (قال) لا أرى لك ذلك وأرى بيعك فيها جائزا وإن كان البيع قبل
اشترائك إياها لأنك إنما تحللت صنيعك في الجارية من الذي اغتصبتها منه فكأنه أخذ
منك قيمة الجارية حين اشتريتها منه ولست أنت في هذا كغيرك وأرى البيع الذي
كان فيما بينك وبين مشتري الجارية منك جائزا ليس لك أن تنقصه وليس لاحد أن
349

ينقض بيعك الا المغصوب منه الجارية أو مشتريها منك ان أراد أن يردها عليك إذا علم
أنها غصب وكان المغصوب منه غائبا لان رب الجارية ان أحب أخذ جاريته فذلك
له ويكون هذا نقضا للبيع الذي باعها به الغاصب ولان المشتري إذا كان رب الجارية
بعيدا فقال أنا أردها ولا أضمنها فيكون ربها علي بالخيار إذا جاء فيكون ذلك له وهو
رأيي وان وجدها ربها عند رجل فباعها من رجل قد رآها وعرف شأنها أيضا من
غير الغاصب ومن غير الذي اشتراها من الغاصب فهو أيضا نقض لبيع الغاصب لان
الذي اشتراها من ربها له أن يأخذها من الذي اشتراها من الغاصب * (قلت) * فان
علم المشتري أن الجارية مغصوبة وأتى ربها فقال قد أجزت البيع وقال المشترى
لا أقبل الجارية لأنها غصب (قال) يلزمه البيع (قال) ولقد سئل ملك عن الرجل
يفتات على الرجل فيبيع سلعته وهو غائب فيعلم بذلك المشترى فيريد ردها ويقول بائعها
أنا أستأني رأي صاحبها فيها (قال مالك) ليس ذلك له وله أن يردها قال فإن كان المغصوب
منه غائبا كان بحال من أفتيت عليه وإن كان حاضرا فأجاز البيع فليس للمشتري ان
يأبى ذلك إذا جاءه رب السلعة وإنما كان له أن يرد إذا كان رب السلعة غائبا لأنه
يقول لا أوقف جارية في يدي أنفق عليها وصاحبها علي بالخيار فيها وهذا رأيي
* (قلت) * أرأيت أن أقمت البينة على رجل أنه غصبني جارية والجارية مستهلكة ولا
يعرف الشهود ما قيمتها أيقال لهم صفوها فيدعى لصفتها المقومون (قال) نعم * (قلت) *
أرأيت أن قالوا نشهد أنه غصب منه جارية ولا يدرى الجارية أهي للمغصوبة منه أم
لا (قال) إذا شهدوا أنه غصبها منه فهي عندنا له وقال أرأيت لو أن قوما شهدوا على
رجل أنه نزع هذا الثوب من هذا الرجل غصبه إياه الساعة وقالوا لا ندري الثوب
للمغصوب منه أم لا أما كنت ترده عليه فالأمة بهذه المنزلة
(فيمن غصب جارية فادعى أنه قد استهلكها أو قال هلكت)
* (فاختلفا في صفتها) *
* (قلت) * أرأيت أن غصبني رجل جارية فادعى أنه قد استهلكها أو قال هلكت
350

الجارية فاختلفا في صفتها أنا والغاصب (قال) القول قول المغصوب منه الجارية في
الصفة مع يمينه * (قلت) * فان ضمنه قيمتها ثم ظهرت الجارية عند الغاصب بعد ذلك
أيكون للمغصوب منه أن يأخذها ويرد القيمة (قال) ان علم أن الغاصب قد أخفاها
عن المغصوب منه فله أن يأخذ جاريته وإن لم يعلم ذلك فليس له أن يأخذها إلا أن
يكون للغاصب حلف على صفتها وغرم قيمة تلك الصفة فظهرت الجارية بعد ذلك
مخالفة لتلك الصفة خلافا بينا فيكون للمغصوبة منه الجارية أن يرد ما أخذ ويأخذ
جاريته وان شاء تركها وحبس ما أخذ من القيمة * (قلت) * وهذا قول مالك (قال)
هذا رأيي * (وقال) * أيضا أرى أن يأخذ من الغاصب تمام القيمة لأنه إنما جحده بعض
قيمتها فلذلك رجع عليه بالذي جحده * (قال) * ولقد سئل عن رجل انتهب من رجل
صرة دنانير وناس ينظرون إليه فادعى الذي انتهب منه أن فيها كذا وكذا وقال
الذي انتهبها إنما فيها كذا وكذا أقل من العدد الذي ادعى المنهوب منه (قال مالك)
القول قول المنتهب مع يمينه فكذلك هذا
(فيمن أقام بينة على رجل انه غصبه جارية)
* (وقد ولدت من الغاصب أو من غيره) *
* (قلت) * أرأيت أن أقمت البينة على رجل أنه غصبني هذه الجارية وقد ولدت من
الغاصب أولادا أو من غير الغاصب أيقضى بها وبولدها للذي استحقها في قول مالك
(قال) نعم ويقام على الغاصب الحد إذا أقر بوطئها ولا يثبت نسب ولدها منه وأما
ولدها من غير فإن كان بتزويج أو شراء فإنه يثبت نسبه من الذي تزوجها أو اشتراها
ويكون الولد في الترويج رقيقا لسيد الجارية ويكون في الشراء على أبيهم قيمتهم يوم يحكم
فيهم إلا أن يكون الذي تزوجها تزوجها على أنها حرة فيكون عليه قيمتهم بمنزلة التي تقر
من نفسها بأنها حرة * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى جارية في سوق المسلمين
فأعتقها أو ولدت منه أولادا فأتاه رجل فأقام البينة أنها له سرقت منه أو غصبت
منه أو أقام البينة أنها له ولم يشهدوا على سرقة ولا غصب أيأخذ الجارية في قول مالك
351

أم لا (قال) أما في العتق فله أن يأخذها عند مالك ويردها رقيقا وأما إذا ولدت من
المشتري فقد اختلف قول مالك فيها وأحب قوليه إلى أن يأخذ ويأخذ قيمة ولدها
* (قلت) * أرأيت أن ماتت بعد ما ولدت من المشترى قبل أن يأتي سيدها فأتى سيدها
فاستحقها وهي ميتة أيضمن المشترى قيمتها أم لا (قال) لا يضمن قيمتها إلا أن
يدركها حية فيأخذها ويأخذ قيمة ما أردك من ولدها حيا * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) نعم * (قلت) * أرأيت إذا قضيت على المشترى بقيمة الولد أيقضى له على بائعه
بتلك القيمة أم لا (قال) لا أقضي عليه بقيمة الولد * (قلت) * أتحفظه عن مالك
(قال) لا وما سمعت مالكا يذكر أنه يقضى على البائع بقيمة الولد
(فيمن غصب من رجل أمة وقيمتها ألف درهم فزادت)
* (قيمتها فباعها الغاصب بألف وخمسمائة فذهب بها) *
* (قلت) * * أرأيت أن اغتصب رجل من رجل أمة وقيمتها يوم اغتصبها منه ألف درهم
فزادت قيمتها حتى صارت تساوى ألفين فباعها الغاصب بألف وخمسمائة فذهب بها
المشترى فلم يعلم بموضعها أيكون لربها أن يضمن الغاصب أي القيمتين شاء وان شاء
أجاز البيع وأخذ الثمن في قول مالك (قال) ليس له الا قيمتها يوم غصبها أو الثمن
* (قال) * وقال ملك في رجل غصب من رجل ثوبا فباعه فاشتراه رجل في سوق
المسلمين فلبسه المشترى حتى أبلاه ثم جاء ربه فاستحقه فإنه إن شاء ضمن المشترى
قيمة الثوب يوم لبسه وان شاء ضمن الغاصب قيمة الثوب يوم غصبه إياه لان
الثوب قد تلف وان شاء أجاز البيع وأخذ الثمن فالغاصب لا يشبه من اشترى لان
الغاصب لو أصابه عنده أمر من أمر الله لكان ضامنا والمشترى ان أصابه عنده أمر
من أمر الله لم يكن له ضامنا فليس على الغاصب أكثر من قيمة يوم غصبه أو ثمنه
ولو كأن يكون عليه أكثر من قيمتها يوم غصبها لكان عليه قيمتها يوم ماتت إذا
كانت أكثر من قيمتها يوم غصبها فليس عليه إذا ماتت في يديه أو فاتت الا قيمتها
يوم غصبها أو ثمنها إن كان أخذ لها ثمنا
352

(فيمن اغتصب من رجل طعاما أو أداما فاستهلكه)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اغتصب من رجل طعاما أو أداما فاستهلكه ماذا
عليه في قول مالك (قال) عليه مثله في موضعه الذي أخذه منه فيه (قال مالك)
وان لقيه في غير الموضع الذي غصبه فيه فليس له أن يأخذ منه في الموضع الذي لقيه
فيه شيئا * (قلت) * ولا يكون له أن يأخذ منه في الموضع الذي لقيه فيه قيمة الطعام
أو الادام الذي استهلكه له أو يأخذ منه قيمته في بلاده حيث غصبه (قال) لا إنما له
قبله طعام أو دام في الموضع الذي غصبه فيه منه وليس له قبله قيمة عند مالك
(فيمن استهلك ثيابا أو حيوانا أو عروضا مما لا يكال ولا يوزن)
* (قلت) * أرأيت أن استهلك له ثيابا أو حيوانا أو عروضا مما لا يكال ولا يوزن (قال)
عليه قيمته عند مالك * (قلت) * فان لقيه بغير البلد الذي اغتصبه فيه (قال) عليه قيمته
يوم اغتصبه قيمته في البلاد التي اغتصبه فيها ويأخذه بالقيمة حيثما وجده * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * إنما تجعل عليه قيمته يوم اغتصبه ولا يلتفت
إلى قيمته ان كانت قد زادت بعد ذلك أو نقصت (قال) قال مالك من اغتصب
حيوانا فإنما عليه قيمته يوم اغتصبه ولست ألفت إلى نقصان قيمة الحيوان أو زيادته
بعد ذلك
(فيمن استهلك لرجل سمنا أو عسلا)
* (قلت) * أرأيت أن استهلكت لرجل سمنا أو عسلا في بعض المواضع فلم أجد له
في الموضع الذي استهلكته فيه سمنا ولا عسلا أيكون علي قيمته أم لا (قال) ليس
عليك الا مثله تأتي به ذلك لك لازم إلا أن تصطلحا على شئ لان مالكا قال لي إنما
عليه مثل ما استهلك في الموضع الذي استهلكه فيه
353

(فيمن غصب جارية فأصابها عنده عور أو عمى ثم)
* (استحقها ربها فأراد أخذ الجارية) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل جارية فأصابها عنده عور أو عمى أو
ذهاب يد من السماء ثم استحقها ربها فأراد سيدها أن يأخذ الجارية ويأخذ من الغاصب
ما نقصها العيب (قال) ليس ذلك له إنما له أن يأخذها بعينها ولا شئ له أو يأخذ قيمتها
من الغاصب يوم اغتصبها ويسلم الجارية * (قلت) * لم (قال) لان الغاصب كان ضامنا
لها يوم غصبها فما أصابها بعد ذلك من أمر من السماء فليس الغاصب بضامن لذلك
وإنما هو ضامن للقيمة التي كان لها ضامنا بالغصب لان الذي أصابها ليس من فعله
وإنما يضمن قيمتها أن لو ماتت فأما إذا أصابها عيب من ذهاب عين أو يد أو رجل
أو ما أشبه هذا من العيوب فإنه يقال لربها خذ قيمتها يوم غصبها أو خذ جاريتك ولا
شئ لك غير ذلك * (قلت) * فان قال للغاصب لا أغرم جميع قيمتها وهذه الجارية
فخذها مني وخذ منى ما نقصها العيب عندي أيكون ذلك له أم لا (قال) لا لأنه قد
ضمن قيمتها يوم غصبها إلا أن يردها صحيحة يوم يستحقها سيدها إلا أن الأسواق قد حالت والجارية لم تتغير بزيادة بدن
ولا نقصان بدن أيضمن قيمتها إذا جاء ربها (قال) لا ولا يلتفت في هذا إلى حوالة
الأسواق ويقال لرب الجارية خذ جاريتك ولا شئ لك غيرها وهذا كله قول مالك
* (قلت) * أرأيت أن كان الغاصب هو الذي قطع يدها أيكون لربها أن يضمنه ما نقصها
القطع ويأخذ جاريته في قول مالك (قال) نعم لان قطعه يدها جنابة منه وان أحب
أخذ قيمتها يوم غصبها * (قلت) * أرأيت أن قطع يدها أجنبي من الناس فهرب فلم يقدر
عليه فأتي ربها فاستحقها أيكون له أن يأخذ جاريته ويضمن الغاصب ما نقصها (قال)
لا ليس له إلا أن يأخذ جاريته ويتبع الجاني ان أحب أو يأخذ قيمتها يوم غصبها من
الغاصب ويتبع الغاصب الجاني بما جنى عليها
354

(فيمن اغتصب رجلا نخلا أو شجرا أو إبلا أو غنما)
* (فأثمرت النخل وتوالدت الغنم) *
* (قلت) * أرأيت أن اغتصبت من رجل نخلا أو شجرا أو غنما أو إبلا فأثمرت النخل
وتوالدت الغنم عندي أو الإبل فجزرت أصوافها وشربت ألبانها وأكلت سمونها وجبنها
ثم قام ربها فاستحقها أله أن يضمنني ما أكلت من ذلك ويأخذها منى بأعيانها في
قول مالك (قال) نعم الا ما كان من ذلك يؤكل أو يوزن فعليه مثل كيلة أو وزنه
* (قلت) * فإن كانت قد ماتت أله أن يضمنني قيمتها وقيمة ما أكلت منها في قول
مالك (قال) لا لأنه بلغني عن مالك أنه قال لو أن رجلا اغتصب رجلا جارية أو دابة
فولدت عنده أولادا ثم هلكت الأم فأراد ربها أن يأخذ الأولاد ولا قيمة له في
الأمهات فكذلك ما باع أو أكل إذا ماتت أمهاتها فإنما له قيمة أمهاتها أو الثمن الذي
باع به أو قيمة ما أكل بمنزلة ما لو وجد أولادها وقد هلكت أمهاتها فما أكل أو باع
فهو بمنزلة الأولاد إذا وجدهم وهو رأيي الذي آخذ به ألا ترى لو أن الغاصب باعها
من رجل فولدت عنده ثم هلكت أمهاتها فأبى ربها لم يكن له أن يأخذ أولادها
وقيمة الأم من المغتصب وإنما له أن يأخذ أولادها ويتبع المشترى الغاصب بالثمن أو
يأخذ الثمن من الغاصب أو قيمتها يوم غصبها ويترك الولد في يد المشترى ولا يجتمع
على المغتصب قيمتها ويتبع بالثمن فالمغتصب في موت أمهاتها ومن ماتت عنده ممن
اشتراها من المغتصب بمنزلة سواء إذا ماتت أمهاتها وهو الذي سمعت وبلغني من
قول مالك ممن أثق به * (قلت) * وهذه النخل وهذه الشجر وهذه الحيوان التي
اغتصبت وأكلت ثمرته ان كنت قد سقيته وعالجته وعملت فيه ورعيت الغنم وأنفقت
عليها في رعايتها ومصلحتها أيكون ما أنفقت في ذلك لي (قال) لا شئ لك فيما أنفقت
على النخل ولا في رعاية الغنم ولكن يكون ذلك لك فيما عليك من قيمة الغنم إلا أن
يكون ما أنفقت أكثر مما اغتللت ألا ترى لو أن رجلا سرق دابة فحلبها أشهرا
355

وأنفق عليها ثم أتى ربها فاستحقها انه لا شئ له فيما علف وسقى وكذلك الغاصب
* (قلت) * تحفظه عن مالك (قال) لا ولكن هذا رأيي
(في الدور والعبيد إذا غصبها رجل زمانا والأرضين فاستحق ذلك)
* (قلت) * أرأيت الدور والعبيد إذا غصبهم رجل زمانا والأرضين فأكرى ذلك كله
أو زرع أو سكن أو لم يسكن ولم يكر ولم يزرع الأرض فأتى رجل فاستحق أنه
غصبها منه منذ كذا وكذا سنة أيكون له على الغاصب كراء هذه الدور وهذه
الأرضين وهؤلاء العبيد هذه السنين في قول مالك أم لا (قال) قال مالك في
الرجل يغتصب الرجل الدابة فتقيم عنده أشهرا فيستعملها انه لا كراء عليه فيها
فكذلك العبيد عندي بمنزلة الحيوان * (قال سحنون) * وقد روى علي بن زياد عن
مالك أنه يرجع بالغلة وقاله أشهب * (قال ابن القاسم) * وأما الدور والأرضون فإن كان زرعها أو سكنها فان عليه كراءها وإن لم يسكن ولا أكرى ولا زرع فلا شئ
عليه من الكراء وهو قول من أرضى من أهل العلم وإن كان أكرها غرم ما أخذ من
الكراء بمنزلة ما لو سكن أو زرع * (قلت) * أرأيت العبد إذا كان استخدمه أيكون
عليه كراؤه في قول مالك (قال) لا كراء عليه * (قلت) * أرأيت العاقلة هل تحمل
دية العبد إذا قتله رجل عمدا كان أو خطأ (قال) لا كراء عليه * (قلت) * أرأيت العاقلة هل تحمل
دية العبد إذا قتله رجل عمدا كان أو خطأ (قال) قال مالك لا تحمل العاقلة دم العبد
خطأ كان أو عمدا عند مالك
(فيمن اغتصب دارا فلم يسكنها وانهدمت من غير سكنى)
* (قلت) * أرأيت أن اغتصبت دارا فلم أسكنها فانهدمت من غير سكناي أأضمن
قيمتها في قول مالك أم لا (قال) نعم تضمن قيمتها لان مالكا قال فيمن غصب دابة أو
غلاما فمات عنده بعد يوم أو يومين فهو ضامن لقيمته فكذلك الدار * (قلت) *
أفيكون علي كراء الدار للسنين التي اغتصبتها في قول مالك (قال) لا * (قال) * وسألت
مالكا عن السارق يسرق الدابة فيستعملها فيريد ربها أن يأخذها منه ويأخذ كراء
356

ما استعملها فيه (قال مالك) لا أرى ذلك له ولا أرى له الا دابته إذا كانت على حالها
فإن كان قد أعجفها وأنقصها فربها مخير ان أحب أن يأخذ قيمتها فذلك له وان أحب أن
يأخذها معيبة فذلك له * (قال) * فقلت له فإن كانت أسواقها قد اختلفت وهي على
حالها فأراد أن يضمنه قيمتها يوم سرقها (قال) ليس له ذلك إذا وجدها على حالها
فليس له الا دابته
(فيمن استعار دابة أو اكتراها فتعدى عليها)
* (قلت) * أرأيت أن استعارها مني إلى موضع من المواضع فتعدى عليها أيكون
لي كراء ما تعدى إليه في قول مالك وآخذ دابتي منه (قال) قال مالك نعم إن كان
تعديه ذلك تعديا بعيدا كان رب الدابة بالخيار في قيمة الدابة يوم تعدى عليها وفي
كراء ما تعدى فيه ويأخذ دابته * (قلت) * فان ردها بحالها أو أحسن حالا (قال)
قال مالك وان ردها بحالها أو أحسن حالا فذلك له لأنه قد حبسها عن أسواقها
ومنافعها * (قلت) * وكذلك الكراء إذا تعدى فيه في قول مالك (قال) الكراء
والعارية إذا تعدى فيهما فهما سواء القول فيهما واحد عند مالك (قال) فقلت
لمالك إذا كان تعديه في الكراء مثل الأميال أو البريد وما أشبهه ثم أتى بها وهي على
حالها فأراد ربها أن يلزمه قيمتها (قال) لا أرى ذلك له إلا أن تعطب فيه وليس
له الا كراء ما تعدى عليها إذا أتى بها على حالها * (قلت) * فان أصابها في ذلك البريد
الذي تعدى فيه عيب أيكون لرب الدابة أن يضمنه قيمة الدابة (قال) نعم إذا كان
عيبا مفسدا وإن كان العيب اليسير فأرى ذلك مثل من تعدى على بهيمة رجل فضربها
وإن كان يسيرا فعليه ما نقص من ثمنها وإن كان عيبا مفسدا لزمه جميع قيمتها
وأخذها لان مالكا لم ير البريد وما أشبهه تعديا يضمن بتعديه بذلك قيمتها إذا ردها
على حالها وإنما ضمنه إذا عطبت في ذلك التعدي فهو في هذا البريد إذا تعدى فأصابها
فيه عيب بمنزلة رجل تعدى على دابة رجل فبقرها أو ضربها لأنه حين تعدى هذا
البريد لم يضمن قيمتها بالتعدي ساعة تعدى وإنما يضمن ما حدث فيها من عيب
357

* (قلت) * فما الفرق ما بين الغاصب والسارق يسرق الدابة فيستعملها ويريد ربها أن
يأخذها منه ويأخذ كراء ما استعملها فيه (قال) مالك لا أرى ذلك وليس له الا دابته
إذا كانت على حالها فإذا كان أعجفها أو نقصها فربها مخير ان أحب أن يأخذ قيمتها
فذلك له وان أحب أن يأخذها معيبة فذلك له * (قال) * فقلت له فما الفرق بين
الغاصب والسارق وبين المستعير والمتكاري * (قلت) * في المستعير والمتكاري انه إذا
رد الدابة وقد تعدى عليها فأصابها العيب ان رب الدابة مخير في أن يأخذ الدابة بعينها
ويأخذ كراءها وفي أن يضمن المتكارى أو المستعير قيمتها يوم تعدى عليها وان ردها
صحيحة وكان تعديه ذلك ليس ببريد وما أشبهه ولكن أكثر من ذلك فله أن يضمنه
ان شاء قيمتها يوم تعدى وان شاء أخذ دبته وأخذ كراءها * (وقلت) * في السارق
والغاصب لا يضمن الكراء إنما لرب الدابة أن يأخذ دابته إذا وجدها بعينها
وليس له غير ذلك إذا كانت بحالها يوم غصبت أو يوم سرقت وان كانت أسواقها قد
حالت فليس له الا دابته إذا كانت بحالها وأن أصابها عيب فليس له الا دابته معيبة أو
قيمتها يوم غصبها أو سرقها ولا كراء له وليس على الغاصب ولا على السارق في واحد
من الوجهين كراء * (قال ابن القاسم) * لان مالكا قال في المتكارى إذا حبسها عن
أجلها الذي تكاراها إليه جاز عليه كراء ما حبسها فيه وإن كان لم يركبها وهي على
حالها قائمة على مداودها وان حبسها عن أسواقها فلربها أن يضمنه قيمتها يوم حبسها
* (قال) * وقال مالك في السارق إذا سرقها فحبسها عن أسواقها ومنافعها فوجدها صاحبها
على حالها لم يكن له على سارقها قيمة ولا كراء ولم يكن له الا دابته بعينها فهذا فرق
ما بينهما عند مالك والمغتصب بمنزلة السارق والمستعير بمنزلة المتكارى ولولا ما قال
مالك لجعلت على السارق مثل ما أجعل على المتكارى من كراء ركوبه إياها وأضمنه
قيمتها إذا حبسها عن أسواقها ولكني أخبرتك بقول مالك فيها وهو الذي آخذ به
ولقد قال جل الناس ان السارق والمستعير والمتكاري والغاصب بمنزلة واحدة ولا
كراء عليهم وليس عليهم الا القيمة أو يأخذ دابته فكيف يجعل على المغتصب والسارق
358

كراء * (قلت) * أرأيت الأرض والدور أليس قد قال مالك في الدار إذا اغتصبها
رجل فزرعها ان عليه كراءها ويردها (قال) نعم * (قلت) * والدور عند مالك بتلك
المنزلة (قال) نعم إذا سكنها الذي اغتصبها فعليه كراء ما سكن * (قلت) * فالدابة إذا
سرقها فركبها لم قلت لا كراء عليه فيها في قول مالك فما فرق ما بين الدابة وبين الدور
والأرضين (قال) كذلك سمعت من مالك لان الدابة لو أن رجلا سرقها فحبسها
حينا فأنفق عليها وكبرت الدابة والجارية والغلام بهذه المنزلة فاستحقهم صاحبهم انه
يأخذهم بزيادتهم ولا نفقة لمن أنفق عليهم في طعامهم ولا كسوتهم ولا علوفة الدواب
وان الدور لو أحدث فيها عملا والأرض ثم جاء صاحبها فاستحقها أخذ الغاصب ما كان
له فيها ولهذا الأشياء وجوه تنصرف إليها
(فيمن سرق دابة من رجل فأكراها)
* (قلت) * أرأيت أن سرق رجل دابة من رجل فأكراها فاستحقها ربها بعد ما ركبها
المتكارى وأخذ السارق الكراء أيكون لرب الدابة أن يأخذ دابته ويأخذ كراءها
في قول مالك وكيف إن كان السارق حابى في الكراء أيضمن ما حابى فيه أم لا (قال)
سألنا مالكا عن السارق يسرق الدابة فيجدها صاحبها عنده وقد نقصها واستعملها
فما ترى له فيها (قال) أرى له قيمتها يوم سرقها (قال) فقلت لمالك فان أراد أن
يأخذها وكراء ما استعملها فيه (قال) فقلت لمالك فان أراد أن
يأخذها وكراء ما استعملها فيه (قال) ليس ذلك له وأرى أن يأخذ دابته ولا كراء له
إذا كانت الدابة لم تتغير عن حالها وان كانت قد نقصت كان على السارق قيمتها يوم
سرقها ولا كراء لصاحب الدابة فيما أكراها به السارق لأني لو جعلت لصاحبها كراء
لجعلت له فيما استعملها السارق كراء لأنه كان ضامنا لها وجعلت للسارق في قيامه عليها
على ربها كراء وأعطيته نفقته التي أنفق عليها ولا يشبه الحيوان الدور ولا الأرضين
فيما سكن أو زرع وإنما الدور والأرضون فيما سكن أو زرع بمنزلة ما أكل الغاصب أوليس
وهذا رأيي في السارق والسارق والغاصب مخالفان للمتكارى والمستعير وقد
وصفت لك ذلك
359

(فيمن استعار دابة أو اكتراها فتعدى عليها)
* (قلت) * أرأيت أن اكتريت دابة رجل أو استعرتها إلى موضع من المواضع فتعديت
عليها فنفقت الدابة (قال) قال مالك رب الدابة مخير في أن يأخذ منك قيمة دابته
يوم تعديت عليها أو يأخذ منك كراء ما تعديت به عليها ولا شئ له من قيمة
الدابة فإذا كان إنما أكراها منه فتعدى عليها فماتت فان رب الدابة مخير في أن
يأخذ منه قيمتها يوم تعدى عليها أو الكراء من الموضع الذي ركب منه إلى الموضع
الذي تعدى فيه ولا يكون عليه فيما ركبها في حال التعدي قليل ولا كثير وان أحب
أن يأخذ منه كراءها إلى الموضع الأول الذي تعدى فيه وكراء ما تعدى ولا شئ له
من قيمة الدابة فذلك له * (قال) * ولقد سأل رجل مالكا وأنا عنده عن رجل استعار
دابة ليشيع عليها الحاج إلى ذي الحليفة فلما أتى ذا الحليفة تنحي قريبا من ذي الحليفة
فنزل ثم رجع فنفقت الدابة في رجوعه (قال) قال مالك إن كان الموضع الذي تنحى
إليه منزلا من منازل الناس التي ينزلونها من ذي الحليفة فلا شئ عليه وإن كان تعدى
من منازل الناس فأراه ضامنا
(فيمن وهب لرجل طعاما أو ثيابا أو أداما فأتى)
* (رجل فاستحق ذلك وقد أكله) *
* (قلت) * أرأيت أن وهبت لرجل طعاما أو ثيابا أو أداما فأتي رجل فاستحق ذلك
وقد أكله الموهوب له أو لبس الثياب فأبلاها فضمنه المستحق قيمة ما أبلى أو أكرى
أيكون للموهوب له أن يرجع على الواهب بشئ من ذلك لأنه غره في قول مالك
(قال) إنما يكون للمستحق أن يرجع على الموهوب له في هذه الأشياء أبدا إذا كان
الواهب عديما لا شئ له أو لا يقدر على الواهب فأما إذا كان الواهب مليا يقدر عليه
فلا ضمان على الموهوب له وإنما للمستحق أن يضمن ذلك الواهب * (قلت) *
فإن كان الواهب عديما فضمن المستحق الموهوب له أيكون له أن يرجع
360

على الواهب بذلك في قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولا أرى
ذلك له
(فيمن استعار من رجل ثوبا شهرين فلبسه شهرين)
* (فنقضه اللبس فأتى رجل فاستحقه) *
* (قلت) * أرأيت أن استعرت من رجل ثوبا شهرين لا لبسه فلبسته شهرين فنقصه
لبسي فأتى رجل فاستحق الثوب والذي أعارني الثوب عديم لا شئ له أيكون للذي
استحقه أن يضمنني ما نقصه لبسي الثوب (قال) نعم في رأيي مثل ما قال مالك في
الاشتراء * (قلت) * فان ضمنني أيكون لي أن أرجع بذلك على الذي أعارني في قول
مالك (قال) لا أرى لك أن ترجع عليه بشئ لان الهبة معروف ولأنه لم يأخذ لهبته
ثوابا فيرجع عليه بالثواب (قال) ولم أسمع هذا من مالك * (قلت) * أرأيت أن
كنت استأجرت الثوب فلبسته فنقصه لبسي فأتى رب الثوب أيكون له أن يضمنني
(قال) نعم مثل ما قال مالك في شراء الثوب انه إذا لبسه وقد اشتراه فنقصه لبسه أنه
ضامن لما نقص لبسه وكذلك الإجارة عندي هي مثل البيع * (قلت) * فهل يرجع
على الذي آجره الثوب بما أخذ منه من الإجارة (قال) نعم كما يرجع في البيع بالثمن
ألا ترى أنه إذا لبس الثوب وقد اشتراه فنقصه اللبس فضمن مالك المشترى ما نقص
اللبس الثوب وأخذ ثوبه أنه يرجع على البائع بجميع الثمن فكذلك هذا في الإجارة
وهو في البيوع قول مالك وفي الإجارة رأيي
(فيمن ادعى قبل رجل أنه غصبه ألف درهم)
* (قلت) * أرأيت لو أنى ادعيت قبل رجل أنه غصبني ألف درهم أيكون لي أن
أستخلفه في قول مالك (قال) قال مالك في امرأة ادعت أن فلانا استكرهها على نفسها
قال مالك إن كان الرجل لا يشار إليه بشئ من هذا رأيت على المرأة الحد وإن كان
ممن يشار إليه بالفسق رأيت أن ينظر السلطان في ذلك فكذلك الغصب في
361

الأموال إذا ادعى رجل قبل رجل غصبا فان السلطان ينظر في ذلك فإن كان المدعى
عليه ممن لا يتهم في شئ من هذا رأيت أن يؤدب السلطان الذي ادعى ذلك وإن كان
ممن يتهم بذلك نظر السلطان في ذلك وأحلفه * (قلت) * أرأيت لو أن هذا
الغاصب كان ممن يتهم بذلك فاستخلفه فأبى أن يحلف أيقضى عليه بالمال أم حتى يحلف
المدعى (قال) لا يقضى عليه حتى يحلف المدعى لان مالكا يرى أن ترد اليمين على
المدعى في الحقوق إذا نكل المدعى عليه عن اليمين فكذلك هذا في مسألتك لان
هذا من حقوق الناس
(فيمن اغتصب من رجل ثوبا فادعى الغاصب أنه غصبه منه)
* (خلقا وقال المغصوب منه غصبته جديدا) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل ثوبا وادعي الغاصب أنه غصبه منه
خلقا وقال المغصوب منه غصبتنيه جديدا (قال) القول قول الغاصب مع يمينه
* (قلت) * فان استحلفه المغصوب منه فحلف وأخذ المغصوب منه الثوب خلقا ثم وجد
بعد ذلك بينة يشهدون أنه غصبه منه جديدا أتجيز بينته بعد اليمين في قول مالك
(قال) نعم إذا لم يكن علم ببينته يوم استحلفه لأنه بلغني عن مالك أنه قال في رجل
ادعى قبل رجل حقا وله بينة يعلم بها فاستحلفه ورضى بيمينه عند السلطان أو عند غير
السلطان ثم أراد أن يقيم البينة عليه بعد ذلك قال فلا شئ له لأنه قد ترك البينة
ورضى بيمينه * (قال) * وسمعت مالكا يقول في رجل له على رجل دين فجحده
فاستخلفه وهو لا يعلم أن له بينة فخلف المدعى قبله ثم أصاب عليه بعد ذلك بينة
يشهدون له (قال) قال مالك تقبل بينته ويقضي له بحقه لان هذا لم يعلم ببينته يوم
استحلفه فمسألتك مثل هذا
362

(فيمن اغتصب من رجل سويقا فلته بسمن فأتى رجل)
* (فاستحق ذلك السويق) *
* (قلت) * أرأيت لو أنى اغتصبت من رجل سويقا فلتته بسمن فأتى رجل فاستحق
ذلك السويق (قال) تضمن له سويقا مثل ذلك السويق * (قلت) * فان غصب رجل
من رجل ثوبا فصبغة أحمر أو أصفر أو أسود فأتى رجل فاستحقه (قال) ما سمعت
من مالك فيه شيئا وأراه مخيرا بين أن يدفع إلى الغاصب قيمة صبغه ويأخذ ثوبه
وبين أن يسلمه إلى الغاصب ويأخذ قيمته منه يوم غصبه * (قلت) * أرأيت أن
غصبت من رجل حنطة فطحنتها دقيقا (قال) أحب ما فيه إلي أن يضمن له حنطة
مثل حنطته
(فيمن سرق من رجل دابة فنقصها)
* (قال ابن القاسم) * سألت مالكا عن السارق الذي يسرق الدابة فيجدها صاحبها
عنده وقد نقصها واستعملها فماذا ترى له (قال) أرى له قيمتها يوم سرقها * (قال) *
فقلت فان أراد أن يأخذها وكراء ما استعملها فيه (قال) ليس ذلك له * (قلت) *
لابن القاسم فان أكرهها السارق فنقصها أيكون لربها أن يأخذها ويأخذ الكراء
في قول مالك (قال) لا ليس له إلا أن يأخذها ولا كراء له ولا شئ أو يضمنه القيمة
ان تغيرت أو نقصت
(فيمن اغتصب من رجل سوار ذهب فاستهلكها ماذا عليه)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اغتصب من رجل سوار ذهب فاستهلكه ماذا عليه
(قال) قال مالك عليه قيمته مصوغا من الفضة * (قلت) * فيصلح له إذا ضمنه قيمته
أن يؤخره في قول مالك (قال) لا بأس به وإنما هو حكم من الاحكام وإنما هو بمنزلة
رجل غصب ثوبا من رجل فحكم عليه بقيمته دراهم فلا بأس أن يؤخره (قال) فان
قال قائل ليس هو مثله لان الثياب بالدراهم إلى أجل لا بأس بها والذهب بالورق إلى
363

أجل لا خير فيه أخطأ لأنه حين استهلكه لم يكن عليه ذهب إنما كان عليه
ورق فما كأن يكون عليه في القضاء فلا بأس به ان أخره أو عجله لأنه ليس ببيع وإنما
هو حكم من الاحكام
(فيمن كسر لرجل سوارين من فضة)
* (قلت) * أرأيت أن كسرت لرجل سوارين من فضة (فال) أرى عليك قيمة ما
أفسدت ويكون السواران لربهما وإنما عليك قيمة صياغتهما * (قلت) * تحفظه عن
مالك (قال) لا وإنما رأيت هذا الذي قلت لك لأنه إنما أفسد له صياغته فليس عليه
الا تلك الصياغة ألا ترى لو أن رجلا كسر لصائغ سوارين من ذهب قد صاغهما
لرجل بكراء كان عليه قيمة الصياغة وليس عليه غير ذلك وليس فساد الصياغة تلفا
للذهب كما يكون في العروض إذا أفسدها فسادا فاحشا أخذها ويضمن قيمتها
(فيمن ادعى وديعة لرجل أنها له)
* (قلت) * أرأيت السلعة تكون عند الرجل وديعة أو عارية أو بإجارة فيغيب ربها ثم
يدعيها رجل ويقيم البينة أنها له أيقضي له بها وربها غائب في قول مالك (قال) نعم
يقضى على الغائب وهذا بعد الاستيناء والاستبراء وكذلك قال مالك إلا أن يكون
ربها بموضع قريب فيتلوم له القاضي ويأمر أن يكتب إليه حتى يقدم
(فيمن غصب من رجل حنطة ومن آخر شعيرا فخلطهما)
* (أو خشبة فجعلها في بنيانه) *
* (قلت) * أرأيت أن اغتصبت من رجل حنطة ومن آخر شعيرا فخلطتهما ما على
(قال) عليك حنطة مثل الحنطة لصاحب الحنطة وشعير مثل الشعير لصاحب الشعير
* (قلت) * أرأيت أن اغتصب رجل من رجل خشبة فجعلها في بنيانه (قال) بلغني أن
مالكا قال يأخذها ربها ويهدم بنيانه * (قلت) * والحجر إذا أدخله في بنيانه (قال) هو
364

بمنزلة الخشبة كذلك (قال مالك) يأخذه ربه
(فيمن غصب من رجل خشبة فعمل بها مصراعين)
* (قلت) * أرأيت أن اغتصب من رجل خشبة فعمل منها مصراعين (قال) هذا
يكون لرب الخشبة قيمتها (قال) ولم أسمع هذا من قول مالك * (قلت) * وما فرق
ما بين هذا وبين الذي أدخلها في بنيانه (قال) الذي أدخلها في بنيانه قد بلغني عن
مالك ما أخبرتك وفرق ما بينهما أنه لم يغير الخشبة التي أدخلها في البنيان وهذا الذي
عمل منها مصراعين قد غيرها وصار له ها هنا عمل فلا يذهب عمله باطلا وإنما عليه
قيمتها لأنه ان ظلم فلا يظلم
(فيمن اغتصب من رجل فضة فضربها دراهم أو صاغ منها حليا)
* (قلت) * أرأيت أن اغتصب من رجل فضة فضربها دراهم أو صنع منها حليا
(قال) عليه فضة مثلها وما أحفظ أنى سمعت من مالك فيه شيئا * (قلت) * أرأيت أن
اغتصبت من رجل ترابا فجعلته ملاطا لبنياني ماذا له على (قال) عليك مثله * (قلت) *
أرأيت لو أنى اغتصبت من رجل وديا من النخل أو شجرا صغيرا فقلعتها وغرستها
في أرضى فكبرت فأتى ربها (قال) يأخذها * (قلت) * يأخذها بعد ما صارت كبارا
(قال) نعم * (قلت) * فلو غصبت من رجل حنطة فزرعتها فأخرجت حنطة كثيرة
(قال) أرى عليك قمحا مثله * (قلت) * أرأيت النخلة الصغيرة إذا غصبها فصارت
نخلة كبيرة لم قلت يأخذها ربها (قال) ألا ترى أنه إذا غصبه دابة صغيرة فكبرت
عنده ان ربها يأخذها فكذلك النخلة
(في مسلم غصب مسلما خمرا فخللها أو غصب من)
* (رجل جلد ميتة غير مدبوغ فأتلفه) *
* (قلت) * أرأيت أن غصب مسلم مسلما خمرا فخللها فأتى ربها أيكون له أن يأخذها
365

خلافي قول مالك (قال) قال مالك في مسلم كان عنده خمر قال أرى ان يهريقها فان
اجترأ فلم يهرقها حتى صيرها خلا فليأكلها فأرى أنها للمغصوبة منه * (قلت) * أرأيت أن
اغتصبت من رجل جلد ميتة غير مدبوغ فأتلفته أيكون علي شئ أم لا في قول مالك
(قال) عليك قيمته * (قلت) * لم قلت عليك قيمته وقد قال مالك لا تباع جلود الميتة
(قال) ألا ترى أن مالكا قال لا يباع كلب الزرع ولا كلب الماشية ولا كلب الصيد
ولا يحل ثمنه ومن قتلها كان عليه قيمتها كذلك قال مالك في الكلاب فجلود الميتة
بهذه المنزلة * (قلت) * أكان مالك يكره الصلاة في جلود الميتة وعليها وبيعها وان
دبغت (قال) نعم * (قلت) * ولا تلبس وان دبغت (قال) نعم في قول مالك لا تلبس
وان دبغت (قال) ولكن يقعد عليها إذا دبغت وتفرش وتمتهن للمنافع ولا يصلى
عليها ولا تلبس * (قال) * فقلت لمالك أفيستقى بها (قال) أما أنا فاتقيها في خاصة نفسي
وما أحب ان أضيق على الناس وغيرها أحب إلي منها (قال) ولا يؤكل ثمنها وان
دبغت * (قلت) * فجلود السباع إذا ذكيت أيحل بيعها إذا دبغت أو قبل أن تدبغ
(قال) بلغني عن مالك أنه قال في جلود السباع إذا ذكيت انه لا بأس بالصلاة عليها
فإذا قال لا بأس بالصلاة عليها فلا بأس بلبسها ولا بأس ببيعها * (قلت) * فهل كان
مالك يوقت في أثمان الكلاب في كلب الزرع فرق من طعام وفي كلب الماشية شاة
من الضأن وفي كلب الصيد أربعون درهما (قال) لا لم يكن يوقت هذا ولكن كان
يقول على قاتله قيمته
(في الغاصب يكون محاربا)
* (قلت) * أرأيت الغاصب هل يكون محاربا في قول مالك (قال) قال مالك ليس
كل غاصب يكون محاربا أرأيت السلطان إذا غصب رجلا متاعا أو دارا أيكون هذا
محاربا (قال) لا يكون هذا محاربا في قول مالك إنما لمحارب من قطع الطريق أو دخل
على رجل في حريمه فدافعه على شيئه وكابره فهذا المحارب أو لقيه في الطريق فضربه
أو دفعه عن شيئه بعصى أو بسيف أو بغير ذلك فهؤلاء المحاربون في قول مالك
366

* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا مات وعليه دين للناس وترك دنانير ودراهم فأتى قوم
فشهدوا الرجل أنه اغتصب منه هذه الدنانير وهذه الدراهم بأعيانها من هذا الرجل
أيكون أحق بها من الغرماء (قال) ان عرفوها بأعيانها وشهدوا عليها فهو أحق بها
من الغرماء في رأيي
(فيمن اغتصب سلعة فاستودعها رجلا فتلفت عنده فأتى ربها
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل سلعة فاستودعها رجلا فتلفت عنده
فأتى ربها فاستحقها أيكون له على المستودع شئ أم لا في قول مالك (قال) لا شئ عليه
إلا أن تتلف من فعله
(منع الامام الناس الحرس الا باذن)
* (قال ابن القاسم) * فقلت لمالك يا أبا عبد الله انا نكون في ثغورنا بالإسكندرية
فيقولون لنا ان الامام يقول لا تحرسوا الا باذني (قال) مالك ويقول أيضا لا تصلوا
الا باذني. أي ليس قوله هذا بشئ وليحرس الناس ولا يلتفتوا إلى قوله هذا
(فيمن أقر أنه غصب من رجل ثوبا فجعله ظهارة لجبته)
* (قلت) * أرأيت لو أنى أقررت أنى غصبت من رجل ثوبا فجعلته ظهارة لجبتي هذه
أيكون علي قيمته أم يكون لربه أن يأخذه منى (قال) لربه أن يأخذه منك مثل
الخشبة التي أدخلها في البنيان أو يضمنك قيمة الثوب * (قلت) * أرأيت لو أقررت
لرجل أنى غصبته هذا الخاتم ثم قلت بعد ما أقررت به ان لي فصه أأصدق أم لا (قال)
لا تصدق إلا أن يكون الكلام نسقا متتابعا * (قلت) * وكذلك الجبة إذا أقر بها
ثم قال بعد ذلك البطانة لي (قال) هذا والخاتم سواء * (قلت) * أتحفظه عن مالك
(قال) لا (قلت) وكذلك الدار عند مالك إذا أقر بها أنه غصبها ثم قال بعد ذلك
البنيان أنا بنيته (فقال) هذا مثل الخاتم سواء
367

(فيمن اغتصب أرضا فغرسها أو شيئا مما يوزن أو يكال فأتلفه)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا غصب أرضا فغرس فيها شجرا فاستحقها ربها (قال)
يقال للغاصب اقلع شجرك إلا أن يشاء رب الأرض أن يأخذها بقيمتها مقلوعة
وكذلك البنيان إذا كان للغاصب في قلعه منفعة فإنه يقال له اقلعه إلا أن يشاء رب
الأرض أن يأخذه بقيمته مقلوعا وأما ما ليس للغاصب فيه منفعة فليس له أن يقلعه
وليس له في حفر حفرة في بئر في الأرض أو تراب ردم به حفرا في الأرض أو
مطامير حفرها فليس له في ذلك شئ لان هذا مما لا يقدر الغاصب على أخذه وهذا
قول مالك * (قلت) * أرأيت أن اغتصبت من رجل حديدا أو نحاسا أو رصاصا أو
ما أشبه هذا مما يوزن أو يكال فأتلفته أيكون علي مثله (قال) قال مالك من اشترى
بيعا جزافا مثل ما سألت عنه فأتلفه فعليه مثله وكذلك الغصب هو بمنزلة هذا
* (قلت) * أرأيت أن اغتصبت من رجل حديدا أو نحاسا فصنعت منه قدرا أو سيوفا
أيكون للمغصوب منه أن يأخذ ذلك أم لا (قال) لا أرى له الا وزنا مثل نحاسه
أو حديده
(الحكم بين أهل الذمة والمسلم يغصب نصرانيا خمرا)
* (قلت) * أرأيت أهل الذمة إذا تظالموا فيما بينهم في الخمر يأخذها بعضهم من بعض أو
يفسدها بعضهم لبعض أيحكم فيما بينهم أم لا (قال) نعم يحكم فيما بينهم في الخمر لأنها مال من
أموالهم (1) * (قلت) * أليس قد قال مالك إذا تظالموا بينهم حكمت بينهم ودفعتهم عن
الظلم أفليس الخمر من أموالهم التي ينبغي أن يدفع بعضهم عن ظلم بعض فيها (قال) بلى
كذلك أرى أن يحكم بينهم فيها (قال) قال مالك ولا أحكم بينهم في الربا إذ تظالموا بينهم
في الربا وتحاكموا الينا لم أحكم بينهم * (قلت) * أرأيت إذا رضوا أن يحكم بينهم في الخمر

(1) (قوله نعم يحكم فيما بينهم في الخمر إلي قوله فلا أرى أن يحكم بينهم في شئ من الربا) لتأمل في
هذا المبحث بالامعان والتدقيق فلعله لم تصل إليه يد التحرير والتحقيق اه‍ كتبه مصححه
368

والربا ظالمهم ومظلومهم أيحكم بينهم ويردهم إلى رؤس أموالهم (قال) سمعت مالكا
وسأله رجل عن الحكم بين النصارى فقال يقول الله تبارك وتعالى في كتابه في
الحكم بين النصارى فاحكم بينهم أو أعرض عنهم (قال) والترك أحب إلي فان
حكم حكم بالعدل ثم قال مالك أرأيت لو أربى بعضهم على بعض أكان يحكم بينهم
استنكارا أن يفعل ذلك فلا أرى أن يحكم بينهم في شئ من الربا * (قلت) * أرأيت
مسلما غصب نصرانيا خمرا (قال) عليه قيمتها في قول مالك * (قلت) * ومن يقومها
(قال) يقومها أهل دينهم (1) * (قلت) * أرأيت الرجل والمرأة إذا دفنا في قبر واحد
من يقدم في قول مالك (قال) الرجل * (قلت) * أفيجعل بينهما حاجز من الصعيد
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنه قال يقدم الرجل * (قلت) * أفيدفنان في
قبر واحد من غير ضرورة (قال) ما سمعت من مالك فيه الا ما أخبرتك * (قلت) *
من يدخل قبر المرأة في قول مالك (قال) قال مالك أبوها وأخوها وعصبتها أولى
بالصلاة عليها وزوجها أولى بادلائها في قبرها وغسلها من أبيها وابنها (قال) وأرى أن
يدخل ذو محارمها دون الأجنبي فان اضطروا إلى الأجنبي فلا بأس أن يدخل القبر
في رأيي ولم أسمع من مالك فيه شيئا
(فيمن استحق أرضا وقد عمل المشترى فيها عملا)
* (قلت) * أرأيت أن اشترى رجل أرضا فحفر فيها مطامير أو آبارا أو بنى فيها ثم أتى

(1) (قال أبو الفضل قوله يقومها أهل دينهم) كذا روايتنا وكذا عند ابن عتاب وفي رواية
ابن باز وحوق عليه في كتاب ابن المرابط وقال ضرب عليه عند يحيى وكذا في الأصل يعنى أصل
الأسدية وفي نسخ يقومها من يعرف قيمتها من المسلمين وكذا في كتاب سهل وفي رواية الدباغ في
حاشية ابن المرابط وعليه اختصر أكثر المختصرين قال فضل ومن روايتنا عن عبد الرحيم وقد
اختلف فيه قول ابن القاسم قال أحمد بن خالد كذا أصلحت وكانت في الأسدية خطأ والقولان
معروفان وفيها أقوال أخر معلومة كلها ترجع إلى معنى واحد إلى ما هاهنا اه‍ من التنبيهات اه‍
من هامش الأصل (قوله قلت الرجل والمرأة إذا دفنا في قبر) انظر ما وجه ذكر هذا المبحث
هنا مع أنه من تعلقات باب الجنائز فليحرر اه‍ كتبه مصححه
369

ربها فاستحقها ما يكون له في قول مالك (قال) يقال للذي استحقها ادفع قيمة العمارة
والبناء إلى هذا الذي اشتراها وخذ أرضك وما فيها من العمارة وهذا قول مالك
(قال) وقال مالك في الرجل يشترى الأرض فيعمرها بأصل يضعه فيها أو البئر
يحفرها فيها ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقا فيريد أن يأخذ بالشفعة (قال) لا شفعة له فيها
إلا أن يعطيه قيمة ما عمر فان أعطاه كان أحق بشفعته وإلا فلا حق له فيها * (قال) *
وقال مالك في الأرض الموات إذا أتى رجل إلى أرض فأحياها وهو يظن أنها موات
وأنها ليست لاحد ثم استحقها رجل (قال مالك) في قضاء عمر بن الخطاب أنا آخذ به
وأرى أنه إذا أبى هذا وأبى هذا أنهما يكونان شريكين بقدر ما أنفق هذا من عمارته
وبقدر قيمة الأرض يكونان شريكين في الأرض والعمارة جميعا وهذه المسألة قد اختلف
فيها وهذا أحسن ما سمعت وأحب ما فيه إلي * وأنا أري أن الذي اشترى الأرض فبنى
فيها إذا أتى الذي استحقها أن يغرم له قيمة ما أنفق ويأخذها أو يقال للذي اشتراها
أغرم له قيمة بقعته وحدها واتبع من اشتريت منه بالثمن فان أبى كانا شريكين
صاحب العرصة بقيمة عرصته والمشترى بقيمة ما أحدث يكونا شريكين فيهما على
قدر مالهما فيقسمان أو يبيعان. وكذلك الذي يريد أن يأخذ بالشفعة فيما استحق انه
يقال للمستحق ادفع إليه قيمة ما عمر وخذ بالشفعة فان أبى قيل للمشترى ادفع إليه
نصف قيمة البقعة التي استحق فان فعل كان ذلك له ورجع على البائع بنصف الثمن
فان أبى أن يدفع قيمة ما استحق وأبى المستحق أن يدفع إليه قيمة ما عمل ويأخذ
بالشفعة نظر إلى نصف الدار التي اشترى المشترى والى نصف ما أحدث فيكون
له ثم ينظر إلى قيمة ما أحدثه في حصة المستحق وينظر إلى قيمة المستحق
فيكونان شريكين في ذلك لصاحب البنيان بقدر نصف قيمة البنيان الذي بني في
حصة المستحق فيكون للمستحق قدر نصيبه فيما استحق فيكونان شريكين في ذلك
النصف بقدر ما لكل واحد منهما من القيمة فيكون للمشترى النصف الذي اشتراه
ونصف جميع قيمة ما أحدثه من البنيان وهذا أحسن ما سمعت وتكلمت فيه مع
370

من تكلمت ولم أوقف مالكا فيهما على أمر أبلغ فيه حقيقته ألا ترى أنه مما
يبين لك هذا أن المستحق يستحق الدار أو المستحق للنصف بالشفعة إذا
لم يجد ما يعطى أكان يذهب حقه فيقال له اتبع من باع ولعله أن يكون معدما وليس
ذلك كذلك فلا بد له من أخذ حقه فإذا لم يأخذ أسلم وإذا أبى المشتري أن يأخذ حملا على
الشركة على ما فسرت لك وهذا أحسن ما سمعت والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب
(فيمن غصب ثوبا فصبغه أحمر) (1)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا غصب ثوبا فصبغه أحمر ثم رب الثوب فاستحقه
(قال) يقال له خذ ثوبك وادفع إليه قيمة الصبغ أو خذ قيمة ثوبك لان الغاصب قد
غيره عن حاله * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي * (قلت) * ولا يكونان
شريكين إذا أبى أن يأخذ الثوب ويدفع قيمة الصبغ وأبى أن يقبل قيمة الثوب (قال)
لا يكونان شريكين إذا أبى أن يأخذ الثوب وليس الا واحد من هذين اما أن يأخذ
واما أن يعطى * (قلت) * فإن كانا عديمين لا يقدران على شئ الغاصب قيمة
الصبغ أو خذ الثوب وبع وأعط الغاصب قيمة الصبغ وان أحببت أن تضمن الغاصب
قيمة الثوب بع الثوب وأعط الغاصب قيمته فإن لم يبع بقيمته يوم غصبته كان ما بقي دينا
لك عليه * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي إلا أن مالكا قال لا يكونان
شريكين في الغصب وإنما يكونان شريكين فيما كان على وجه شبهة
* (تم كتاب الغصب بحمد الله وعونه) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (ويليه كتاب الاستحقاق) *

(1) هذه الترجمة إلى آخر الباب ثابته في أحد الأصلين اللذين بأيدينا وساقطة من الآخر اه‍ مصححه
371

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الاستحقاق)
* (قلت) * لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن استأجرت من رجل أرضه سنين على
أن أسكن فيها وابني وأغرس ففعلت فبنيت وغرست وزرعت ثم استحق الأرض
رجل قبل انقضاء أجل الإجارة (فقال) لا شئ على الذي آجره إن كان الذي آجره
الأرض إنما كان اشترى الأرض فالكراء له لان الكراء له بالضمان إلى يوم
استحق ما في يديه من السكنى وان كانت للزرع فاستحق وقد فات إبان الزرع فليس
للمستحق من كراء تلك السنة شئ وهو مثل ما مضى وفات * (قلت) * وإن كان قد
مضى من السنين شئ وإن كان إبان الزرع لم يفت فالمستحق أولى بكراء تلك السنة
وان كانت من الأرض التي يعمل فيها السنة كلها فهي مثل السكنى إنما يكون له من
يوم يستحق وما مضى فهو للأول ويكون المستحق بالخيار فيما بقي من السنين ان
شاء أجاز الكراء إلى المدة وان شاء نقض فان أجاز إلى المدة فله ان شاء إذا انقضت
المدة أن يأخذ النقض والغرس بقيمته مقلوعا وان شاء أمر صاحبه بقلعه وان أبى
أن يخير وفسخ الكراء لم يكن له أن يقلع البناء ولا يأخذه بقيمته مقلوعا ولكنه
بالخيار ان شاء أن يعطيه قيمته قائما وان أبى قيل للباني أو الغارس أعطه قيمة الأرض
فان أبيا كانا شريكين وكذلك هذا الأصل في البنيان والغرس وأما الأرض التي
تزرع مرة في السنة فليس له فسخ كراء تلك السنة التي استحق الأرض فيها لأنه قد
372

وجب له كراؤها وان كانت أرضا تعمل السنة كلها فله من يوم يستحقها فان أراد
الفسخ لزمه تمام البطن التي هو فيها على حساب السنة ويفسخ ما بقي لان المكترى
ليس بغاصب ولا متعد وإنما زرع على وجه الشبهة ومما يجوز له وإن كان رجل ورث
تلك الأرض فأتى رجل فاستحقها أو أدرك معه شركا فإنه يتبع الذي أكراها
بالكراء لأنه لم يكن ضامنا لشئ إنما أخذ شيئا ظن أنه له فأتي من هو أحق به منه
مثل الأخ يرث الأرض فيكريها فيأتي أخ له لم يكن عالما به أو علم به فيرجع على أخيه
بحصته من الكراء إن لم يكن حابى في الكراء فان حابى رجع بتمام الكراء على أخيه
إن كان له مال فإن لم يكن له مال رجع على المكترى (وغير ابن القاسم) يقول يرجع
على المكترى ولا يرجع على الأخ بالمحاباة كان للأخ مال أو لم يكن له مال إلا أن لا يكون للمكترى مال فيرجع على أخيه وهذا إذا علم بأن له أخا فإن لم يعلم فإنما
يرجع بالمحاباة على المكترى * (قال ابن القاسم) * وإن كان إنما يسكنها ويزرعها لنفسه
وهو لا يظن أن معه وارثا غيره فأتى من يستحق معه فلا كراء عليه فيها لأني
سألت مالكا عن الأخ يرث الدار فيسكنها فيأتي أخ له بعد ذلك فقال إن كان علم
أن له أخا أغرمته نصف كراء ما سكن وإن كان لم يعلم فلا شئ عليه وكذلك في
السكنى (وقد قال) عبد الرحمن بن القاسم وأما الكراء عندي فهو مخالف للسكنى
له أن يأخذ منه نصف ما أكراها به علم أو لم يعلم لأنه لم يكن ضامنا لنصيب أخيه
ونصيب أخيه في ضمان أخيه ليس في ضمانة وإنما أجيز له السكنى إذا لم يعلم على وجه
الاستحسان لأنه لم يأخذ لأخيه مالا وعسى أنه لو علم لم يسكن نصيب الأخ
ولكان في نصيبه من الدار ما يكفيه * (سحنون) * وقد روى علي بن زياد عن مالك
أن له عليه نصف كراء ما سكن
(في الرجل يكترى الأرض فيزرعها ثم يستحقها رجل
* (في أيام الحرث وغير أيام الحرث) *
* (قلت) * أرأيت أن اكتريت من رجل أرضا سنة واحدة بعشرين دينارا لأزرعها
373

فلما فرغت من زراعتها وذلك في أيام الحرث بعد فأتى رجل فاستحقها أيكون له أن
يقلع الزرع في قول مالك أم لا (قال) ليس له أن يقلع زرع هذا الزارع إذا كان
الذي أكراه الأرض لم يكن غصبها وكان المكترى لم يعلم بالغصب لأنه زرعها بأمر
كان يجوز له ولم يكن متعديا * (قلت) * ولم لا يكون لهذا الذي استحق أن يقلع زرع
هذا الزارع وقد صارت الأرض أرضه (قال) قد أخبرتك لان الزارع لم يزرع
غاصبا وإنما زرع على وجه شبهة وقد قال مالك فيمن زرع على وجه شبهة انه لا يقلع
زرعه ويكون عليه الكراء * (قلت) * فلمن يكون هذا الكراء وقد استحقها هذا
الذي استحقها في إبان الحرث وقد زرعها المتكارى (قال) إذا استحقها في إبان
الحرث فالكراء للذي استحقها كذلك قال لي مالك لان مالكا قال من زرع أرضا
بوجه شبهة فأتى صاحبها فاستحقها في إبان الحرث لم يكن له أن يقلع الزرع وكان له
كراء الأرض على الذي زرعها فان استحقها وقد فات إبان الزرع فلا كراء له فيها
وكراؤها للذي اشتراها أو ورثها وهو بمنزلة ما استعمل قبل ذلك أو زرع أو سكن
وإن كان غصبها الزارع قلع زرعه إذا كان في إبان تدرك فيه الزراعة وإنما يقلع من
هذا ما كان على وجه الغصب فأما ما كان على وجه شبهة فليس له أن يقلعه وإنما
يكون للذي استحق الكراء * (قلت) * فان مضى إبان الحرث وقد زرعها المكتري
أو زرعها الذي اشترى الأرض فاستحقها رجل آخر أيكون له من الكراء شئ أم لا
(قال) لا يكون له من الكراء شئ لان الحرث قد ذهب ابانه * (قلت) * وتجعل
الكراء للذي أكراها (قال) نعم * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم فيما بلغني إذا لم
يكن غصبها (قال) وهذا بمنزلة الدار يكريها فيأخذ غلتها ويسكن هذا المتكارى حتى
ينقضى أجل السكنى ثم يستحقها مستحق بعد انقضاء السكنى فيكون الكراء للذي
اشترى الدار وأكراها لأنه قد صار ضامنا للدار فالأرض إذا ذهب إبان الحرث بمنزلة
ما وصفت لك في كراء الدار إذا انقضى أجل السكنى فاستحقها رجل كذا سمعت إذا
لم يكن غاصبا * (قلت) * أرأيت أن كان هذا الذي أكرى لا يعرف أنه اشتراها فأكراها
374

أو زرعها المتكارى فأتى رجل فاستحقها في إبان الحرث (قال) هو بمنزلة ما لو أنه اشتراها
حتى يعلم أنه غصبها لان مالكا قال من زرع على وجه شبهة فليس لمن استحق الأرض
أن يقلع زرعه * (قلت) * أرأيت أن كان إنما ورث الأرض عن أخيه فأتى رجل فادعى
أنه ابن أخيه وأثبت ذلك وذلك في إبان الحرث أيكون له أن يقلع الزرع ويكريه
الكراء (1) * (قلت) * فإن كان قد مضى إبان الحرث فاستحق الأرض لمن يكون الكراء
(قال) أما في الموارثة فأرى الكراء للذي استحق الأرض كان في إبان الحرث أو
غير إبان الحرث لان ضمانها إنما كان من الذي استحق الأرض لان الأرض لو غرقت
أو كانت دارا فانهدمت أو احترقت لم يضمنها هذا الذي كانت في يديه وإنما كان
ضمانها من الغائب الذي استحقها فلذلك كان له الكراء لان ضمانها كان في ملكه وان
الذي اشترى الدار أو ورثها من أبيه فاستحقها رجلا بغير وراثة دخل معه فإنما له
الكراء من يوم استحقها على ما وصفت لك ولا كراء له فيما مضي وإنما الذي يرجع
على الورثة في الكراء والغلة الذي يدخل بسبب مع من كانت في يديه يكون هو
وأبوهم ورثوا دارا فأما أن يستحقها بوراثة وقد كانت في يدي غيره بغير وراثة فإنه
لا حق له الا من يوم استحق إلا أن يعلم أنه كان غاصبا وهو الذي سمعت
واستحسنت وفسر لي
(في الرجل يكترى الأرض بالعبد أو بالثوب ثم يستحق العبد أو الثوب)
* (أو بحديد أو رصاص أو نحاس بعينه ثم يستحق ذلك) *
* (قلت) * أرأيت أن اكتريت أرضا بعبد أو بثوب فزرعت الأرض فاستحق العبد
أو الثوب ما يكون علي في قول مالك (قال) عليك قيمة كراء الأرض * (قلت) *
أرأيت أن اكتريتها بحديد بعينه أو برصاص بعينه أو بنحاس بعينه فاستحق ذلك
الحديد أو النحاس أو الرصاص وقد عرفنا وزنه أيكون علي مثل وزنه أو يكون مثل

(1) لم يذكر جواب هذا السؤال ولعل تقديره نعم له أن يقلع الزرع ويكرى الكراء يدل على
هذا جواب السؤال الذي بعده فتأمل وحرره اه‍ كتبه مصححه
375

كراء الأرض (قال) إن كان استحقاقه قبل أن يزرع الأرض أو يحرثها أو يكون له فيها
عمل أو زرع انفسخ الكراء وإن كان بعد ما أحدث فيها عملا أو زرع كان عليه مثل
كراء تلك الأرض * (قال) * وسألت مالكا عن الرجل يبتاع من الرجل الطعام بعينه
فيفارقه قبل أن يكتاله فيتعدى البائع على الطعام فيبيعه (قال) قال مالك للمبتاع على
البائع أن يأتيه بطعام مثله * (قال) * فقلت لمالك فان قال المشترى أما إذا بعت طعامي
فاردد لي دنانيري (قال) قال مالك ليس له ذلك أن يكون عليه بالخيار ان شاء طعامه
وان شاء دنانيره وإنما عليه أن يأتيه بطعام مثله (قال مالك) ولكن لو أصابه أمر من
أمر الله من نار أهلكت الطعام أو سارق أو سيل أو ما أشبه هذه الوجوه فهذا
ينتقض البيع فيه بينهما ويرد عليه دنانيره وليس على البائع أن يأتيه بطعام مثله وليس
للبائع أن يقول أنا آتيك بطعام مثله
(في الرجل يكرى داره سنة يسكنها المكترى ستة أشهر)
* (ولم يقبض منه الكراء ثم يستحقها رجل) *
* (قلت) * أرأيت أن أكريت الدار سنة بمائة دينار ولم أقبض الكراء حتى سكن
المتكارى نصف سنة ثم استحق رجل الدار لمن يكون كراء الشهور الماضية في قول
مالك (قال) للمكري الذي استحقت الدار من يديه وللذي استحق الدار أن يخرجه
وينتقض الكراء فان أحب الذي استحق الدار أن يمضى الكراء أمضاه ولم يكن
للمتكارى أن ينقض الكراء وان رضى امضاء ذلك الكراء مستحق الدار * (قلت) *
ولم يكن للمتكارى أن ينقض الكراء وهو يقول إنما كانت عهدتي على الأول فلا أرضى
أن تكون عهدتي عليك أيها المستحق (قال) يقال له ليس ذلك لك ولا ضرر عليك في
عهدتك اسكن فان انهدمت الدار وجاء أمر لا تستطيع السكنى معه من هدم الدار
أو ما أشبهه فأد من الكراء بقدر ما سكنت واخرج * (قلت) * فإن كان المتكارى قد
نقد الكراء كله فاستحقها هذا الرجل بعد ما سكنها هذا المتكارى نصف سنة (قال)
يرد نصف النقد إلى المستحق وإن كان غير مخوف عليه فإن لم يكن وجد خوف
376

أن يكون الرجل كثير الدين ونحو هذا دفع إليه بقية الكراء ولم يرد ما بقي من الكراء
على سكنى الدار ولزمه الكراء وهذا إذا رضى بذلك مستحق الدار وهو رأيي
(في الرجل يكرى داره من رجل فيهدمها المتكارى تعديا)
* (أو المكرى ثم يستحقها رجل) *
* (قلت) * أرأيت لو أنى أكريت داري سنة من رجل فهدمها المتكارى تعديا وأخذ
نقضه فاستحقها رجل (قال) تكون الدار للمستحق ويكون قيمة ما هدم المتكارى
للمستحق * (قلت) * فإن كان المكرى قد ترك قيمة الهدم للمتكارى قبل أن يستحقها
هذا المستحق (قال) يرجع المستحق بقيمة الهدم على المتكارى الذي هدمها * (قلت) *
فإن كان معدما أيرجع على المكرى بالقيمة التي ترك له (قال) لا إنما هو بمنزلة عبد
اشتراه رجل في سوق المسلمين فسرق منه فترك قيمته للسارق ثم استحق فلا
يكون لمستحقه على الذي وهبه شئ إنما يتبع الذي سرقه لأنه هو الذي أتلفه وإنما
عمل هذا المشترى ما كان يجوز له ولم يتعد (قال) ولو كان المكترى باع نقض الدار
بعد هدمه إياها فان المستحق بالخيار ان شاء أخذ قيمة النقض من المكتري الذي
هدم الدار وان شاء أخذ الثمن الذي باع به النقض هو في ذلك بالخيار * (قلت) * فإن كان المكرى هو الذي هدم الدار ثم استحقها هذا المستحق (قال) فلا شئ له على
المكترى إلا أن يكون هو الذي باع نقضها فإن كان باع نقضها أخذ منه ثمن ما باع
به وإن كان إنما هدم منها شيئا قائما عنده أخذه منه * (قلت) * والذي سألتك عنه
من أمر المكرى الذي ترك الهدم للمتكارى أهو قول مالك (قال) هو رأيي
(في الرجل يكرى الدار فيستحق الرجل بعضها أو بيتا منها)
* (قلت) * أرأيت أن اكتريت دارا فاستحق بعضها أو بيت منها (قال) قال مالك
في رجل ابتاع دارا فاستحق بيت منها أو بعضها (قال) إن كان البيت الذي استحق منها
هو أيسر الدار شأنا فأرى أن يلزم البيع ويرد من الثمن مبلغ قيمة ذلك البيت من الثمن
377

(قال مالك) ورب دار لا يضرها ذلك تكون دارا وفيها من البيوت بيوت كثيرة
ومساكن رجال فلا يضرها ذلك والنخل كذلك يستحق منها الشئ اليسير النخلات
فلا يفسخ ذلك البيع إذا كان النخل لها عدد وقدر وإن كان الذي استحق منها نصفها
أو جلها أو كان أقل من نصفها ما يكون ضررا على المشترى فان أحب أن يردها
كلها ردها وأخذ الثمن كان ذلك له وان أحب أن يتماسك بما لم يستحق منها على
قدر قيمته من الثمن أن كان النصف رد إليه النصف من الثمن وإن كان استحق
الثلث فذلك له فأرى الدار إذا تكاراها رجل فاستحق منها شئ مثل قول مالك في
البيوع (وقال غيره) لا يشبه الكراء البيوع في مثل هذا إذا كان الذي استحق
النصف أو الجل لم يكن للمتكارى أن يتماسك بما بقي لان ما بقي مجهول
(في الرجل يشترى الدار أو يرثها فيستغلها زمانا)
* (ثم يستحقها رجل) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى دارا أو ورثها فاستغلها زمانا ثم استحقها رجل
(قال) الغلة للذي كانت الدار في يديه وليس للمستحق من الغلة شئ * (قلت) * لم
(قال) لان الغلة بالضمان وإنما هذا ورث دارا أو غلمانا لا يدري بما كانوا لأبيه ولعله
ابتاعهم فكان كراؤهم له بالضمان * (قلت) * فإن كانت الدار والغلمان إنما وهبوا لأبيه
ثم يبتاعهم أبوه فورثهم عن أبيه ثم استحق جميع ذلك رجل أتكون عليه غلة الغلمان
والكراء فيما مضى من يوم وهبوا لأبيه إلى يوم استحقه المستحق له (قال) ان علم
أن الواهب لأبيه هو غصب هذه الأشياء من رجل هذا المستحق وارثه فجميع هذه
الغلة وهؤلاء الغلمان أو غصب هذه الأشياء من رجل هذا المستحق وارثه فجميع هذه
الغلة والكراء للمستحق * (قلت) * ولم قلت في الواهب إذا كأن لا يدرى أغاصبا أم لا
(قال) لأني لا أدرى لعل هذا الواهب اشترى هذه الأشياء من سوق المسلمين ألا
ترى لو أن رجلا اشترى في سوق المسلمين دارا أو عبدا فاستعملهم ثم استحق ذلك
رجل لم يكن له من الغلة شئ * (قلت) * فإن كان الذي باعها في السوق هو الذي
378

غصب هذه الأشياء أتكون الغلة للمشترى في قول مالك أم لا (قال) نعم إذا لم يعلم
المشترى بالغصب * (قلت) * فان وهبها هذا الغاصب لرجل وهو لا يعلم بالغصب أو علم
به فاغتل هذه الأشياء الموهوبة له أو أخذ كراءها ثم استحقها رجل (فقال) الكراء
للذي استحقها إن كان الموهوب له علم بالغصب كانت الغلة التي اغتل مردودة إلى
الذي استحقها وإن كان لم يعلم بالواهب له أنه غصب هذه الأشياء نظر فإن كان
الغاصب الذي غصب هذه الأشياء مليا كان غرم ما اغتل هذا الموهوبة له هذه الأشياء
على الغاصب إذا كان مليا وإذا لم يكن للواهب مال كان علي الموهوب له أن يرد جميع
الغلة بمنزلة ما لو أن رجلا اغتصب ثوبا أو طعاما فوهبها لرجل فأكله أو لبس الثوب
فأبلاه أو كانت دابة فباعها وأكل ثمنها ثم استحقت هذه الأشياء فإن كان عند
الواهب مال أغرم وأسلم للموهوب له هبته إذا لم يعلم بأن الواهب كان غاصبا وهذا
إذا فاتت في يد الواهب وإن لم يكن للواهب مال أغرم الموهوب له وهذا مثل الأول
ألا ترى أن الغاصب نفسه لو اغتل هذا العبد أو أخذ كراء الدار كأن لازما له أن يرد
جميع الغلة والكراء إلى مستحق الدار فلما وهب هذه الأشياء فأخذها هذا الموهوب
له بغير ثمن فكأنه هو الغاصب نفسه في غلتها وكرائها إذا لم يكن للواهب مال ألا ترى
لو أن الغاصب مات فتركها ميراثا فاستغلها ولده كانت هذه الأشياء وغلتها للمستحق
فكذلك الموهوبة له هذه الأشياء لا يكون أحسن حالا من الوارث فيها إذا لم يكن
للغاصب الواهب مال أولا ترى لو أن رجلا ابتاع قمحا أو ثيابا أو ماشية فأكل القمح
ولبس الثياب فأبلاها وذبح الماشية فأكلها ثم استحقها رجل أنه يغرم المشترى ثمن
ذلك كله ولا يوضع عنه لاشترائه في سوق المسلمين وإنما يوضع عنه ما كان من
الحيوان مما هلك في يديه أو دارا احترقت أو انهدمت لأنه كان ضامنا لثمنها ومصيبتها
منه وان كانت هذه الحنطة والثياب لم يأكلها ولم يبلها حتى أتت عليها جائحة من السماء
فذهبت بها وله على ذلك البينة فلا شئ عليه فكما كان من اشترى في سوق المسلمين
طعاما أو ثيابا أو ماشية فأكلها أو لبسها لم يضع الشراء عنه الضمان فكذلك
379

الموهوب له حين وهب له ما ليس هو لمن وهبه إنما اغتصبه فاستغلها الموهوب له
لم يكن عليه ضمان لثمن أخرجه فيه كان عليه أن يؤدى ما استغل إذا لم يكن للغاصب
الواهب مال لأنه أخذ هذه الأشياء بغير ثمن. ومما يبين لك ذلك أن الغلة للذي
استحق هذه الأشياء إن كان وهبها هذا الغاصب ولو أن عبدا نزل بلدا من البلدان
فادعى أنه حر فاستعانه رجل فبنى له دارا أو بيتا أو وهب له مال فأتى سيده فاستحقه
انه يأخذ قيمة عمل غلامه في تلك الدار والبيت إذا كان الشئ له بال إلا أن يكون
الشئ الذي لا بال له مثل سقى الدابة وما أشبهه ويأخذ جميع ماله الذي وهب له إن كان
أكله الموهوب له أو باعه فأخذ ثمنه فعليه غرمه إلا أن تكون هذه الأشياء تلفت
من يد الموهوب له من غير فعله قد علم ذلك فلا غرم عليه * (قلت) * ولم لا يكون على
الموهوب له هذه الأشياء إذا تلفت عنده وقد جعلت أنت الغلة للمستحق لأنك
قلت الموهوب له في الغلة بمنزلة الغاصب إذا لم يكن للواهب مال لان الغاصب لو اغتل
هذه الأشياء أخذ الغلة المستحق منه لهذه الأشياء فجعلت الموهوبة بمنزلة الغاصب
في الغلة إذا لم يكن للواهب مال فلم لا يكون الموهوبة له هذه الأشياء بمنزلة الغاصب
إذا لم يكن للغاصب مال في التلف لأنك تقول في الغاصب لو تلفت هذه الأشياء
عنده بموت أو تلفت من غير فعله كان عليه الضمان فلم لا يكون ذلك على الموهوب له
هذه الأشياء إذا لم يكن للغاصب مال (قال) لان الموهوبة له هذه الأشياء لم يتعد
والغاصب قد تعدى حين غصبها إلا أن يكون الموهوبة له هذه الأشياء قد علم
بالغصب فقبلها وهو يعلم بالغصب فتلفت عنده أنه يضمن لأنه مثل الغاصب أيضا
* (قلت) * أرأيت ما اشتريت من الدور والأرضين والحيوان والثياب وجميع ما يكرى
وله الغلة أو نخل فأثمرت عندي فاستحق جميع ذلك مني رجل أقام البينة أن البائع
غصبه ما قول مالك فيه (قال) قال مالك الغلة للمشترى بالضمان * (قلت) * وجعل
مالك ثمر النخلة بمنزلة غلة الدور والعبيد جعل للمشترى (قال) نعم * (قلت) *
فان وهب الغاصب هذه الأشياء هبة فاغتلها هذا الموهوب له أتكون غلتها للمستحق
380

(قال) نعم ولا تطيب الغلة له لأنه لم يؤد في ذلك ثمنا * (قلت) * تحفظه عن مالك (قال)
لا أقوم على حفظه في الهبة الساعة ولا أشك أن الغلة للمستحق إذا كانت في يدي
هذا بهبة من الغاصب بحال ما وصفت لك ويعطى هذا الموهوبة له هذه الأشياء قيمة
عمله فيها وعلاجه * (قلت) * ما فرق ما بين الهبة وبين البيع (قال) لان في البيع تصير له
الغلة إلى الضمان والهبة ليس فيها الضمان * (قلت) * وما معنى الضمان (قال) معنى
الضمان أن الذي اشترى هذه الأشياء وان اشتراها من غاصب إذا لم يعلم أنه غاصب
أن هده الأشياء إذا تلفت في يدي المشترى بشئ من أمر الله كانت مصيبتها من
المشترى وتلف الثمن الذي أعطى فيها والموهوب له ليس بهذه المنزلة ان تلفت هذه
الأشياء من يديه لم يتلف له فيها شئ من الثمن فإنما جعلت الغلة للمشترى بالثمن الذي
أدى في ذلك وكانت الغلة له بالضمان بما أدى منها والموهوب له لا تطيب له الغلة لأنه
لم يؤد في ذلك شيئا إذا لم يكن للغاصب مال
(الرجل يبتاع السلعة بثمن إلى أجل فإذا حل الاجل أخذ)
* (مكان الدنانير دراهم ثم يستحق رجل تلك السلعة) *
* (قلت) * أرأيت أن بعت سلعة بدنانير إلى أجل فلما حل الاجل أخذت منه بالدنانير
دراهم فاستحقت السلعة التي بعتها بم يرجع علي صاحبها (قال) قال مالك لي في الرجل
يبيع السلعة بمائة دينار فيأخذ بثمنها دراهم ثم يجد بها عيبا فيردها بم يرجع على صاحبها
(قال) بالدراهم * (قال) * فقلنا له فان أخذ بها عرضا ماذا له عليه إذا ردها (قال) له عليه
مائة دينار * (قال) * ورأيته يجعله إذا أخذ العين من العين الدنانير من الدراهم أو الدراهم
من الدنانير لا يشبه عنده ما إذا أخذ من العين الذي وجب له عرضا فمسألتك التي
سألت عنها مثلها سواء لأنه لما أخذ بمائة دينار كانت له عليه من ثمن سلعة ألف درهم
فلما استحقت السلعة من يدي المشترى رجع على البائع بالذي دفع إليه وذلك ألف
درهم لان مالكا جعل العين بعضه من بعض فإذا كان إنما باعه سلعة بمائة دينار فأخذ
منه بالمائة الدينار سلعة من السلع دابة أو غير ذلك ثم استحقت الدابة أو السلعة
381

التي أخذ في ثمن الدنانير من يده رجع على صاحبه بمائة دينار لأنه إنما أخذ السلعة
التي استحقت من يديه بمائة دينار كانت له على صاحبه ولم تكن هذه ثمنا
للسلعة الأخرى وإنما هي عندي بمنزلة ما لو قبض الذهب ثم ابتاع بها من صاحبها
سلعة أخرى فاستحقت السلعة من يده فإنما يرجع عليه بالذهب
(الرجل يشترى الجارية ثم يستحقها رجل)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشتري جارية في سوق المسلمين فوطئها فاستحقها
رجل أنها أمة أو استحقت أنها حرة وقد وطئها السيد المشترى أيكون عليه الوطئ
شئ أم لا (قال) قال مالك لا شئ عليه * (قلت) * أرأيت من اشترى جارية فوطئها
فافتضها أو كانت ثيبا فوطئها فاستحقت أنها حرة أو استحقها رجل أنها أمته (قال)
قال مالك لا شئ على الواطئ بكرا كانت أو ثيبا
(الرجل يشترى الجارية فتلد منه ولدا فيقتله رجل)
* (خطأ أو عمدا ثم يستحقها سيدها) *
* (قلت) * أرأيت الرجل يشترى الجارية في سوق المسلمين فتلد منه ولدا عند السيد
فيقتله رجل خطأ أو عمدا ثم يأتي رجل فيستحق الأمة وقد قضى على القاتل بالدية أو
القصاص أو لم يقض عليه بعد بذلك (قال) أما الدية فان مالكا قال في ديته انها لأبيه
كاملة لأنه حر ويكون على أبيه قيمته لسيد الأمة إلا أن تكون القيمة أكثر من
الدية فلا يكون على الأب أكثر مما أخذ وأما في العمد فهو حر وفيه القصاص ولا
يضع القصاص عن القاتل استحقاق هذه الأمة لأنه حر * (قلت) * وكذلك أن
جرح (قال) نعم كذلك أن جرح أو لم يجرح لأنه حر وهو قول مالك * (قلت) *
أرأيت الأب إذا اقتص من قاتل ابنه هذا ثم أتى سيد الأمة هل يغرم له الأب شيئا
أم لا (قال) لا * (قلت) * أرأيت الولد إذا كان قائما عند والده أيكون لمستحق الأمة
على والده قيمته بالغة ما بلغت وان كانت أكثر من ديته (قال) كذلك قال لي مالك
382

إنما يغرم قيمته أن لو كان عبدا يباع على حالته التي هو عليها يومئذ * (قلت) * أرأيت
لو أن رجلا قطع يده خطأ وقيمة الولد أكثر من ألف دينار فأخذ الأب نصف
دية ولده ثم استحق رجل أمه (قال) يقوم والده قيمة الولد أقطع اليد يوم يحكم له
فيه ويقال ما قيمته صحيحا وقيمته أقطع اليد يوم جنى عليه فينظركم بينهما فإن كان بين
قيمته صحيحا وقيمته أقطع اليد الخمسمائة التي أخذها الأب غرمها الأب وإن كان أقل منها
غرم الأب ما بين قيمته صحيحا وقيمته اقطع اليد وكان الفضل للأب وإن كان فيما
بين قيمته صحيحا وبين قيمته أقطع اليد أكثر مما أخذه الأب لم يكن على الأب أكثر
مما أخذ وهو مثل القتل إذا قتل فأخذ أبوه الدية * (قلت) * أرأيت لو أن الولد مات
صحيحا أيكون على الولد من قيمته شئ أم لا في قول مالك (قال) لا شئ على والدهم
فيهم إذا ماتوا * (قلت) * فان ضرب رجل بطن هذه الأمة وفي بطنها جنين من
سيدها فطرحته فاستحقها رجل وقد كان أخذ سيدها الغرة أو لم يأخذها بعد (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن الضارب يغرم غرة فتكون لأبيه ثم ينظر
إلى قيمة أمه كم قيمتها يوم ضرب بطنها فينظر إلى ما أخذ الأب فإن كان ما أخذ
الأب أكثر من عشر قيمتها يوم جنى عليها غرم الأب عشر قيمتها وإن كان أقل
من عشر قيمتها لم يكن على الأب الا ما أخذ لان مالكا قال لي ذلك فيه إذا أخذ
دية ابنه من القاتل * (قلت) * أرأيت مالكا هل كان يغرم سيدها لهذا الذي استحقها
ما نقصتها الولادة أم لا (قال) أرى أن يأخذ جاريته ولا يكون عليه فيما نقص الحمل
منها لأنها لو ماتت لم يكن عليه قيمتها لأنه اشتراها في سوق المسلمين
(الرجل يشتري الجارية فتلد منه فيستحقها رجل)
* (قلت) * أرأيت الرجل تكون عنده الجارية قد اشتراها فتلد منه فيأتي رجل فيقيم
البينة انها أمته (قال) يأخذ المستحق الجارية وقيمة ولدها من والدهم وهذا قول
مالك وهو أحب قوليه إلي والذي آخذ به وعليه جماعة الناس وقد كان مالك مرة
يقوله ثم رجع عنه وقال يأخذ قيمة الجارية لان في ذلك ضررا على المستكري لأنها
383

إذا ولدت منه فأخذت كان ذلك عارا على سيدها الذي ولدت منه وعلى ولدها وفي
قوله الآخر أنه ان أخذها فإنه يأخذ معها قيمة الولد أيضا فهذا هو الضرر ويمنع من
ذلك * (قلت) * فهل يرجع مشترى الجارية على البائع بقيمة الولد الذي غرم في قوله
هذا (قال) لا * (قلت) * تحفظه عن مالك (قال) لا إلا أن مالكا قال في رجل باع من
رجل عبدا سارقا دلس له فأدخله بيته فسرق العبد مال المشترى انه لا يرجع بما
سرق له على البائع * (قلت) * أرأيت أن أقام هذا المستحق البينة أن الذي ولدت منه
الجارية غصبها له (قال) يأخذها ويأخذ ولدها ويحد غاصبها * (قلت) * أرأيت الذي
يشترى الجارية فتلد منه ثم يستحقها رجل فيقوم الأب قيمة الولد على ما أخبرني من
أثق به من قول مالك في القول الأول أيرجع بما أدى من قيمة الولد على الذي باعه
الجارية بتلك القيمة في قول مالك أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه رجوعا ولا غير
ذلك ولا أرى ذلك له ولو كان له أن يرجع على البائع بقيمة الولد لسمعناه من مالك
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا زوج أمته رجلا غره منها وزعم أنها حرة فاستحقها
رجل وقد ولدت من الزوج (قال) يأخذها السيد ويأخذ قيمة الولد من أبي الولد
ويرجع الزوج على الذي غره بالصداق الذي دفعه إليها * (قلت) * ولا يرجع الزوج
على الذي غره منها بقيمة الولد عند مالك (قال) لا * (قلت) * فلم جعلته يرجع
بالصداق ولا يرجع بقيمة الولد (قال) لأنه غره منها فلذلك يرجع بالصداق ولو
كانت هي التي غرته لم يرجع الزوج عليها بقليل ولا بكثير إلا أن يكون ما أعطاه
أكثر من صداق مثلها فيرجع عليها بالفضل * (قلت) * أرأيت أن رجع بالصداق على الذي غره أيترك له قدر ما استحل به فرجها (قال) لا * (قلت) * تحفظه عن
مالك (قال) إنما قال لنا مالك يرجع بالصداق على الذي غره ولم يقل لنا مالك يترك
له شيئا وأصل قول مالك إنما يرجع بالصداق على الذي غره لأنه كأنه باعه بضعها
فاستحق من يده البضع فيرجع بالثمن الذي دفعه في البضع وهو الصداق ولا يرجع
بقيمة الولد لأنه لم يبعه الولد فهذا أصل قولهم * (قلت) * أرأيت أن اشتريت عبدا
384

فأعتقته أو أمة في سوق المسلمين فاتخذتها أم ولد فأتى رجل فاستحق رقابهما
أيرد البيع ويفسخ عتق العبد وتصير الأمة أم ولد لهذا الرجل أو أمة لهذا المستحق
(قال) قال مالك أما في العبد فيفسخ عتقه ويرد رقيقا (قال مالك) وأما الجارية فإنها
ترد ما لم تحمل فإذا حملت كان على سيدها الذي حملت منه قيمتها للذي استحقها * (قال
ابن القاسم) * وقد قال لي قبل ذلك يأخذها ويأخذ قيمة ولدها من الأب قيمتهم
يوم يحكم فيهم * (قال ابن القاسم) * وهذا أحب قوليه إلي
(الرجل يشترى الجارية فتلد منه ثم يستحقها)
* (رجل والسيد عديم والولد قائم موسر) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى جارية في سوق المسلمين فولدت ولدا من
السيد فاستحقها رجل والسيد المشترى عديم (قال) يأخذ جاريته وتكون قيمة ولدها
دينا على الأب عند مالك * (قلت) * فإن كان الأب موسرا فأدى قيمة الابن أيكون
له أن يرجع على الابن بقيمته التي أدى عنه في قول مالك يبيعه بها (قال) لا * (قلت) *
فإن كانا موسرين أتؤخذ قيمة الابن من مال الأب أم من مال الابن (قال) بل من
مال الأب * (قلت) * فيرجع بها الأب في مال الولد إذا كان موسرا أو بنقصه
أو بشئ منه (قال) لا * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فإن كان الأب
عديما والولد موسرا تؤخذ القيمة من مال الابن (قال) نعم * (وقال غيره) * لا يكون
على الابن شئ وذلك على الأب في اليسر والعدم * (قال سحنون) * وهذا أحسن
* (قلت) * لابن القاسم أفيرجع به الابن على الأب (قال) لا * (قلت) * أفتؤخذ قيمة
الأم من مال الولد إذا كان الأب عديما والولد موسر (قال) لا تؤخذ قيمة الأم من
الولد على حال * (ابن وهب) * عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في رجل ابتاع وليدة
مسروقة أو آبقة فتلد منه ثم يأتي سيد الجارية فيقبضها ويريد أخذ ولدها قال ابن
شهاب نراها لسيدها الذي أبقت منه أو سرقت ونرى ولدها لأبيهم الذي ابتاع
أمهم بقيمة عدل يؤدي قيمتهم إلى سيد الجارية * (سحنون) * عن ابن وهب عن
385

الليث بن سعيد عن يحيى بن سعيد أنه قال ما رأيت الناس يرون إلا أن الرجل إذا
أدرك وليدته وأقام البينة أنها مسروقة يأخذ وليدته ويكون الولد لوالدهم بالقيمة
يؤدي الثمن إلى سيد الوليدة ولا نري عليه غير ذلك ولو أخذ السارق كان أهلا
للعقوبة الموجعة والغرامة والناس لا يرون في الحيوان من الماشية إذا أخذت في
الصحراء قطعا ولا في الرقيق قطعا
(الرجل يبنى داره مسجدا ثم يأتي رجل فيستحقها)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا بنى داره مسجدا ثم يأتي رجل فيستحقها أيكون له
أن يهدم المسجد في قول مالك (قال) قال مالك في الرجل يعتق عبدا له فيأتي رجل
فيستحق العبد ان العتق يرد وانه يرجع رقيقا فكذلك المسجد له أن يهدمه مثل
العتق له أن يرده
(في الرجل يشتري سلعا كثيرة أو يصالح على سلع كثيرة)
* (ويأتي رجل فيستحق بعضها) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى من رجل سلعا كثيرة أو صالحته من دعوى
ادعيتها على سلع كثيرة فقبضت السلع أو لم أقبضها حتى استحق رجل بعضها (قال)
ينظر فإن كان ما استحق منها ذلك الرجل وجه ذلك البيع كان له أن يرد جميع ذلك
فإن لم يكن وجه ذلك لزمه ما يفي بحصته من الثمن كذلك قال مالك وسواء إن كان
قبض أو لم يقبض كذلك قال مالك في الاستحقاق والعيوب جميعا (قال مالك) ولو أن
العيوب والاستحقاق وجدت في عيون ذلك فرضي البائع والمبتاع أن يسلما ما ليس
فيه عيوب بما يصيبه من جملة الثمن كله لم يحل ذلك لواحد منهما وكان مكروها لان
الصفقة قد وجب ردها كلها فكأنه باعهم بثمن لا يدري ما يبلغ أثمانهم من الجملة
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت حنطة أو شعيرا أو عروضا كثيرة صفقة واحدة
فاستحق بعض ذلك الشئ قبل أن أقبضه أو بعد ما قبضته فأردت أن أرد ما بقي أيجوز
386

لي ذلك في قول مالك (قال) قول مالك إن كان ما استحق منه الشئ اليسير التافه
أخذ ما يفي بحصته من الثمن (قال) وإن كان إنما استحق منه جل ذلك الشئ فله أن
يرده ولا يأخذه * (قلت) * أرأيت أن اشتريت سلعا كثيرة صفقة واحدة متى يقع
لكل سلعة منها حصتها من الثمن أحين وقعت الصفقة أم حين يقبض (قال) حين
وقعت الصفقة وقع لكل سلعة منها حصة من الثمن * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) نعم
(الرجل يتزوج المرأة على جارية فيستحقها رجل)
* (قلت) * أرأيت أن تزوجت امرأة على جارية فاستحقت الجارية أنها حرة أو أصابت
المرأة بها عيبا (قال) تردها وتأخذ قيمة الجارية من زوجها * (قلت) * ولم لا تأخذ منه
مهر مثلها إذا استحقت الجارية أنها حرة أو أصابت بها عيبا فردتها (قال) لا وليس
هذا الوجه يشبه البيوع في قول مالك * (قال) * قال مالك ولو أن امرأة تزوجت
بشقص من دار فأتى الشفيع ليأخذها بشفعته فقلت لمالك فأي شئ يكون للمرأة
إذا أخذ الشفيع الدار بالشفعة أصداق مثلها أم قيمة الشقص (قال) بل قيمة الشقص
* (قلت) * وكذلك أن خالعها زوجها على عبد دفعته إليه فأصاب به عيبا رده وأخذ
قيمة العبد في قول مالك (قال) نعم
* (الرجل يشتري الصبر مع القمح والشعير)
* (بالثمن الواحد فيستحق بعضها) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى صبرة شعير وصبرة قمح صفقة واحدة بمائة
دينار على أن كل صبرة منها بخمسين دينارا فنقد الثمن واكتال الشعير والحنطة ثم
استحقت الحنطة أو الشعير بم يرجع على بائعه أيرجع عليه بخمسين ثمن صبرة الشعير
إن كان الذي استحق الحنطة أو الشعير (قال) لا ولكن يقسم على قيمة
الحنطة وقيمة الشعير فيوضع عن المشتري من الثمن مقدار ما استحق من ذلك لأنها
387

صفقة واحدة وكذلك لو اشترى رقيقا أو ثيابا صفقة واحدة على أن كل واحد من
الرقيق وكل واحد من الثياب بدينار دينار فاستحق بعض ذلك أنه لا ينظر إلى ما سميا
ان لكل ثوب دينار ولكل عبد دينار ولكن يقسم الثمن على جميع الصفقة فما أصاب
الذي استحق من الصفقة من الثمن وضع عن المشتري * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) نعم * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى صبرة شعير وصبرة حنطة صفقة
واحدة كل قفيز بدرهم فنقد الثمن فاكتال القمح والشعير ثم استحقت الحنطة أو
الشعير فبم يرجع على بائعه أيرجع بدرهم لكل قفيز كان الذي استحق شعيرا أو
حنطة (قال) أصل هذا البيع لا يحل ولا يجوز (قال) ومن اشترى رقيقا وثيابا
صفقة واحدة كل واحد من العبيد وكل واحد من الثياب بدينار دينار فاستحق
بعض ذلك أنه لا ينظر إلى ما سميا من أن لكل عبد دينار أو لكل ثوب دينار
ولكن يفض الثمن على جميع الصفقة فما أصاب الذي استحق من الثمن وضع عن
المشتري وهو قول مالك * (قلت) * أرأيت أن اشتريت عبدين صفقة واحدة فلم
أقبضها أو قبضتها فاستحق أحدها أنه حر (قال) قال مالك ينظر إلى الحر المستحق
فإن كان هو وجه العبدين ومن أجله اشتريا رد الباقي وإن كان ليس من أجله اشتريا
ولا هو وجههما لزمه الباقي بحصته من الثمن * (قلت) * ويقوم هذا الحر المستحق
قيمته أن لو كان عبدا في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * وكذلك أن كان المستحق
مكاتبا أو مدبرا أو أم ولد في قول مالك (قال) نعم
(الرجلان يصطلحان على الاقرار أو على الانكار)
* (يستحق ما في يد أحدهما) *
* (قلت) * أرأيت أن اصطلحا على الاقرار فاستحق ما في يد المدعي أيرجع على صاحبه
بالذي أقر له به (قال) نعم إن كان قائما يفت وكان عرضا أو حيوانا فان فات بزيادة
أو نقصان أو حوالة أسواق رجع عليه بقيمة ما أقر له به * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) إنما الصلح بيع عند مالك فهذا والبيع سواء * (قلت) * أرأيت أن اصطلحا على
388

الانكار فاستحق ما في يدي المدعى عليه أيرجع على المدعى بشئ أم لا (قال) نعم
يرجع عليه بقيمة ما دفع إليه إن كان ما دفع إليه عروضا أو حيوانا قد فاتت بنماء أو
نقصان أو حوالة أسواق وإن كان قائما بعينه لم يفت رجع عليه فأخذه منه * (قلت) *
أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم فصالحته على أن حططت عنه خمسمائة درهم
على أن يعطيني بالخمسمائة الباقية عبده ميمونا أيجوز هذا في قول مالك وكيف ان
استحق العبد بم يرجع عليه في قول مالك أبا لخمسمائة أم بالألف كلها (قال) شراء العبد
جائز وفي الاستحقاق يرجع بالألف كلها ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا
قال إذا باع الرجل سلعة بشئ من الأشياء على أن يعطي بتلك السلعة سلعة أخرى
كانت السلعة الأخرى نقدا أو إلى أجل فإنما وقع البيع بملك السلعة الأخرى كان
ذلك ذهبا أو ورقا أو طعاما أو عرضا وكان الكلام الذي كان قبل ذلك حشوا (قال
مالك) إنما ينظر في ذلك إلى الفعل ولا ينظر إلى الكلام فإذا صح الفعل لم يضرهم
قبح كلامهم * (قلت) * أرأيت الرجل يكون له على رجل دم عمد فيصالحه من الدم
العمد على عبد أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فان استحق العبد (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى له أن يرجع بقيمة العبد ولا سبيل له إلى القتل
ألا ترى أن مالكا قال في رجل تزوج امرأة بعبد فاستحق العبد انه في النكاح
ترجع المرأة بقيمة العبد على الزوج ولا سبيل للمرأة على نفسها وهي زوجته على حالها
وكذلك القتل العمد هو بهذه بمنزلة مثل ما قال في النكاح * (قلت) * فالخلع هو بتلك
المنزلة عند مالك (قال) نعم
(الرجل يبتاع العبد فيجد به عيبا فيصالحه من العيب)
* (على عبد آخر فيستحق أحد العبدين) *
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت عبدا فأصبت به عيبا ثم صالحته من العيب على عبد
دفعه إلي أيجوز أم لا (قال) ذلك جائز لان مالكا جوز ذلك بالدنانير * (قلت) * فان
استحق أحد العبدين (قال) يفض الثمن عليهما ثم يكون سبيلهما سبيل ما وصفت
389

لك فيمن اشترى عبدين صفقة واحدة فأصاب بأحدهما عيبا أو استحق أحدهما
فذلك جائز فهذا جائز لان مالكا قال الصلح بيع من البيوع
(العبد يشتريه الرجل بعرض فيموت العبد ويستحق العرض
* (قال) * وقال مالك إذا اشترى الرجل عبدا بثوب فأعتق العبد واستحق العرض
فإنه يرجع على بائع الثوب بقيمة العبد * (قلت) * أرأيت أن اشتريت جارية بعبد
فولدت الجارية عندي أولادا ثم استحق العبد أيكون علي أن أرد الجارية وأولادها
في قول مالك (قال) لا لأنها قد تغيرت وفاتت عندك فليس عليك الا قيمتها يوم
قبضتها والنماء والنقصان لك وعليك * (قلت) * أرأيت أن اشتريت جارية بعبد فزوجت
الجارية من يومى أو من العبد فاستحق العبد أو أصاب به صاحبه عيبا أيكون هذا
في الجارية فوتا أم لا وكيف إن كان أخذ للجارية مهرا أو لم يأخذه (قال) أرى أن
تزويج الجارية عيب فأراه فوتا وأرى عليه القيمة أخذ لها مهرا أو لم يأخذه * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) سألت مالكا عن الرجل يشترى الجارية فيزوجها ثم يجد بها
عيبا (قال) يردها وما نقص النكاح منها والنكاح لا شك عند الناس نقصان
* (قلت) * وان كانت من وخش الرقيق (قال) نعم وإن كان من وخش الرقيق * (قلت) *
أرأيت أن اشتريت جارية بعبد فاستحق العبد أنه حر أينتقض البيع فيما بيننا وقد
حالت الأسواق في الجارية أم لا (قال) لا ينتقض البيع فيما بينكما ويكون عليه قيمة
الجارية يوم الصفقة * (قلت) * فان استحق أنه حر أو عبد فهو سواء عند مالك (قال)
نعم * (قلت) * وهذا الذي سألتك عنه أهو قول مالك (قال) نعم
(الرجل يكاتب عبده على حيوان موصوفة فيؤدي ذلك)
* (إلى سيده فيعتق ثم يستحق الحيوان) *
* (قلت) * أرأيت أن كاتبت عبدي على حيوان موصوفة أو ثياب موصوفة أو طعام
موصوف فأداه إلي فاستحق من يدي الذي أدى إلي من ذلك أيرد المكاتب في
390

الكتابة أم قد عتق ويكون ذلك دينا عليه (قال) أحب إلي أن لا يرد ويكون ذلك
دينا عليه يتبع به لان حرمته قد ثبتت ويرجع عليه بمثل ما استحق منه لان ما كاتبه
عليه بمنزلة ما صالحه عليه * (قلت) * فان أعتقه على شئ مما ذكرت بعينه وهو عبد
غير مكاتب فاستحق ذلك من يدي (قال) يمضى عتقه ولا يرد وهذا بين لا شك
فيه لأنه كأنه ماله انتزعه منه وأعتقه
(الرجل يهب الهبة للرجل فيعوضه من هبته فتستحق الهبة أو العوض)
* (قلت) * أرأيت أن وهب رجلا هبة فعوضه فاستحقت الهبة أيكون له أن يرجع
في عوضه في قول مالك (قال) نعم وهذا بمنزلة البيع * (قلت) * أرأيت أن استحق
العوض أيكون لي أن أرجع في هبتي آخذها منه (قال) نعم في قول مالك إلا أن
يعوضك عوضا آخر يكون قيمة الهبة أو أكثر فليس لك أن ترجع في الهبة ان
أعطاك عوضا مكان العوض الذي استحق * (قلت) * أرأيت أن وهبت لرجل هبة
فعوضني منها عوضا ضعف قيمة الهبة ثم استحق هذا العوض فأردت أن أرجع في
هبتي فقال الموهوب له أنا أعطيك قيمة الهبة عوضا من هبتك فقلت لا أرضى إلا أن
تعطيني قيمة العوض وقيمة العوض الذي استحق من يدي ضعف قيمة الهبة (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى له الا قيمة الهبة لان الذي زاده أو لا في عوضه على
قيمة هبته إنما كان ذلك معروفا منه تطاول به عليه فلما استحق لم يكن له الا قيمة الهبة
* (قلت) * أرأيت لوأني بعت سلعة لي من رجل بسلعة أخرى فاستحقت احدى
السلعتين أو قامت البينة أنها حرة واستحقها رجل وقد تغيرت السلعة الأخرى بحوالة
الأسواق أو بزيادة أو نقصان (قال) قال لي مالك ان استحقت احدى السلعتين أنها
حرة واستحقها رجل وقد تغيرت السلعة الأخرى بزيادة بدن أو نقصان بدن أو
بحوالة أسواق فليس له على الذي تغيرت السلعة في يديه الا قيمة هذه السلعة يوم
قبضها لأنها قد فاتت ولو لم تفت أخذها فلما فاتت صار له قيمتها يوم قبضها لأنه لا يجتمع
لاحد في قول الخيار في الضمان أوفى أخذ سلعته في مثل هذا * (قلت) * وكذلك
391

ان وهبت لرجل هبة العوض فعوضني من الهبة التي وهبت له ثم استحقت
الهبة وقد زاد العوض في يدي أو نقص أو حالت أسواقه فإنما للموهوب قيمة عوضه
يوم قبض عوضه ولا يجتمع له في قول مالك أن يكون له الخيار في أخذ سلعته وفي
أن يضمنني قيمتها (قال) نعم هذا قول مالك
(الرجل يشتري الغلام بجارية فيعتق الغلام)
* (ثم يستحق نصف الجارية) *
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت جارية بغلام فتقابضنا ثم أعتقت الغلام واستحق
نصف الجارية وذلك بعد يوم أو يومين أو ثلاثة أيام قبل أن تحول أسواق الجارية
(قال) قال مالك الذي استحقت الجارية في يديه بالخيار ان شاء رد إليه الذي بقي في
يديه من الجارية وأخذ جميع قيمة الغلام من الذي أعتق هذا الغلام يوم قبضه وان
شاء حبس الجارية ورجع على صاحبه بنصفه قيمة الغلام * (قلت) * وسواء إن كان
الغلام هو الذي استحق نصفه أو الجارية هي التي أعتقت في قول مالك (قال)
نعم ذلك سواء في قول مالك على ما فسرت لك
(الرجل يهلك فيوصي بوصايا فتنفذ وصاياه ويقسم ماله)
* (فيستحق رجل رقبته) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك فأوصى أن يحج عنه فأنفذ الوصي ذلك ثم أتى
رجل فاستحق رقبة الميت هل يضمن الوصي أو الحاج عن الميت المال وكيف بما قد
بيع من مال الميت فأصيب قائما بعينه (قال) أرى إذا كان الميت حرا عند الناس
يوم يباع ماله فلا يضمن الوصي شيئا ولا الذي حج عن الميت ويأخذ ما أدرك
من مال الميت وما أصاب مما باعوا من مال الميت قائما بعينه فليس له أن يأخذه
الا بالثمن ويرجع هو على من باع تلك الأشياء فيأخذ منه ثمن ما باع من مال عبده
لان مالكا قال في رجل شهد عليه أنه مات فباعوا رقيقه ومتاعه وتزوجت امرأته
392

ثم أتى الرجل بعد ذلك فقال إن كان شهدوا عليه بزور ردت عليه امرأته وأخذ
رقيقه حيث وجدهم أو الثمن الذي بيعوا به ان أحب ذلك (قال) وقال مالك
وان كانوا شبه عليهم وكانوا عدولا ردت عليه امرأته وما وجد من متاعه ورقيقه
لم يتغير عن حاله وقد بيع أخذه بعد أن يدفع الثمن إلى من ابتاعه وليس له أن يأخذ
ذلك حتى يدفع الثمن إلى من ابتاعه وما تحول عن حاله ففات أو جارية وطئت
فحملت من سيدها أو أعتقت فليس له الا الثمن على بائع الجارية وأرى أن يفعل في
العبد مثل ذلك * (قال ابن القاسم) * وأرى التدبير والعتق والكتابة فوتا فيما قال
مالك والصغير إذا كبر فوتا أيضا فيما قال لي مالك لان مالكا قال إذا لم تتغير عن
حالها فهذه قد تغيرت عن حالها والذي أراد مالك تغيير بدنها * (قلت) * وكيف يتبين
شهود الزور ها هنا من غير شهود الزور وكيف نعرفهم في قول مالك (قال) إذا
أتوا بأمر يشبه أن يكونوا شهدوا بحق مثل ما لو حضروا معركة فصرع فنظروا
إليه في القتلى ثم جاء بعد ذلك أو طعن فضنوا أنه قد مات فخرجوا على ذلك ثم جاء
حيا بعدهم أو أشهدهم قوم على موته فشهدوا بذلك عند القاضي فهو لا يعلم أنهم
لم يتعمدوا الزور فهذا وما أشبهه. وأما الزور في قول مالك فهو إذا لم يأتوا بأمر يشبه
وعرف كذبهم (قال مالك) إذا شهدوا بالزور أنه يرد إليه جميع ماله حيث وجده
* (قال ابن القاسم) * فأرى إذا كانوا شهدوا بالزور أن يرد إليه ما أعتق وما دبر
وما كوتب وما كبر وأم الولد وقيمة ولدها أيضا (قال مالك) ويأخذ أم الولد
ويأخذ المشتري ولده بالقيمة وكذلك قال لي مالك في الذي يباع عليه بشهود زور
انه يأخذها وقيمة ولدها إذا كانوا شهدوا على سيدها بالزور أنه مات فباعوها في
السوق وقد قال مالك في الجارية المسروقة ان صاحبها يأخذها ويأخذ قيمة ولدها
وهو أحب قوليه إلي (قال) وقال مالك وإنما يأخذ قيمة ولده يوم يحكم فيهم وما مات
منهم فلا قيمة فيه
393

(الرجل يسلف الدراهم والسلعة في الطعام فتستحق)
* (السلعة أو الدراهم أو الطعام بم قبضه) *
* (قلت) * أرأيت أن سلفت دراهم في طعام فاستحقت الدراهم بعد ما قبضها المسلف
إليه أيبطل السلف أم يرجع عليه بدراهم مثلها ويكون السلف على حاله (قال) يرجع
عليه بدراهم مثلها عند مالك ويكون السلف على حاله * (قلت) * فإن كان إنما أسلفه
سلعة بعينها دابة أو عبدا أو ثوبا أو جارية أو ما سوى هؤلاء من السلع في حنطة
موصوفة إلى أجل معلوم فاستحقت السلعة التي سلفتها في الطعام أو وجد بها عيبا
قبل أن يقبض الطعام أو بعد ما حل الاجل وقبض الطعام (قال) ينتقض السلف
ويرجع عليه بمثل طعامه إن كان استهلك الطعام وإن كان الطعام قائما بعينه أخذه منه
* (قلت) * فما فرق ما بين السلعة إذا كانت رأس مال السلم وبين الدراهم في قول مالك
وقد قلت في الدراهم إذا كانت رأس مال السلم فاستحقت قبل أن يقبض ما سلف فيه
أو بعد ما قبض ما سلف فيه أنه يرجع بدراهم مثلها ولا يقبض السلف وقلت في
السلعة إذا استحقت انتقض السلف ورجع بطعامه أو بمثل طعامه (قال) لان
الدراهم إنما هي عين وأثمان ألا ترى لو أن رجلا اشترى سلعة بعينها بدراهم بعينها
فاستحقت الدراهم من يده أنه يرجع بدراهم مثلها ولا ينتقض البيع ولو اشترى سلعة
بسلعة فاستحقت احدى السلعتين بحضرة ذلك رجع صاحب السلعة الباقية التي لم تستحق
في سلعته وان تطاول ذلك قبل أن تستحق ثم استحقت بعد ذلك وكانت السلعة
الباقية التي لم تستحق قد دخلها تغيير في بدنها بزيادة أو نقصان أو تغير أسواق أو غلا
سعر تلك السلعة أو رخص عما كان عليه يوم تبايعاها مضى البيع فيما بينهما ورجع عليه بقيمة
سلعته التي تغيرت لان البيع قد تم وليس تشبه السلع في هذه الدراهم والدنانير
فكذلك هذه أيضا في السلم. ومما يبين لك ذلك أيضا فرق ما بين الدراهم والسلع
في الأثمان أن من باع سلعة بسلعة إنما يقع ذلك على سلعة بعينها ومثل من باع سلعة
بدراهم فإنما يقع البيع على السلعة بعينها وعلى دراهم ليست بأعيانها فلذلك لما استحقت
394

الدراهم رجع بدراهم مثلها ولم ينتقض السلم * (قلت) * أرأيت أن أسلفت سلعة
في طعام إلى أجل فلما حل الاجل قبضت الطعام فاستحق الطعام من يدي أينتقض
السلف وأرجع في سلعتي أم يكون لي طعام مثل طعامي ولا ينتقض السلف في قول
مالك (قال ابن القاسم) يكون لك طعام مثل طعامك ترجع به على الذي كان عليه
السلف ولا ينتقض السلف والسلف إنما كان عليك دينا اقتضيته فلما استحق رجعت
بدينك عليه ولم ينتقض ما كان بينكما من السلف فهذا والدراهم إذا كانت ثمنا
فاستحقت سواء * (قلت) * أرأيت أن أسلفت شيئا مما يكال أو يوزن مما يؤكل ويشرب
أو مما لا يؤكل ولا يشرب أو دنانير أو دراهم أو فلوسا في سلعة من السلع موصوفة
إلى أجل معلوم فاستحق رأس المال أيبطل السلم أم لا في قول مالك (قال) أرى أن
السلم جائز إذا كان رأس المال دارهم أو دنانير أو فلوسا (قال) وأما إن كان رأس المال
طعاما مما يكال أو يوزن أو طعاما لا يوزن ولا يكال فان المسلم ينقض ولا يرجع عليه
بمثل كيله ولا وزنه. ومما يدلك على ذلك أنه لو اشترى طعاما كيلا أو وزنا فتلف
قبل أن يقبضه لم يكن على البائع أن يأتي بمثله فكذلك هو في السلم إذا كان رأس المال
طعاما ان استحق لم يكن للمشتري أن يلزم البائع مثله يأتيه به
(الرجل يبتاع السلعة على أن يهب له البائع هبة)
* (فتستحق السلعة وقد فاتت الهبة) *
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت من رجل سلعة على أن يهب لي هبة أو يتصدق علي
بصدقة (قال) لا بأس بذلك إذا كان الذي يهب لك أو الذي يتصدق به عليك شيئا
معروفا * (قلت) * فان استحقت السلعة وقد فاتت الهبة (قال) يقسم الثمن عند مالك
على الهبة والسلعة التي اشتريت فيرجع المشتري على البائع بحصته من الثمن عند مالك
* (قلت) * والهبة والصدقة ها هنا إذا قال أشتري منك هذه السلعة على أن تتصدق
علي بكذا وكذا أو تهب لي كذا وكذا فإنما وقع البيع في هذا على السلعة التي
اشترى وعلى ما اشترط من الهبة والصدقة في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن
395

قال أبيعك عبدي هذا بخمسة أثواب موصوفة إلى أجل أيهما رأس المال في قول
مالك (قال) العبد * (قلت) * فان قال اشتري منك عبدك بعشرة أثواب موصوفة إلى
أجل أيهما رأس المال في قول مالك (قال) العبد رأس المال في قول مالك وإنما ينظر في
هذا إلى فعلهما ولا ينظر إلى لفظهما وهو حين قال أشتري منك عبدك بعشرة أثواب
موصوفة إلى أجل إنما هذا سلم وإنما أخطأ في اللفظ ورأس المال ها هنا إنما هو العبد
* (قلت) * فان استحق العبد ها هنا وقد قال أشتري منك عبدك هذا بعشرة أثواب
موصوفة إلى أجل أنبطل الأثواب أم لا (قال) تبطل الأثواب عند مالك لان العبد
هو رأس المال فلما استحق العبد بطلت الأثواب * (قلت) * أرأيت أن أسلمت ثوبا في
عشرة أرداب حنطة إلى شهر وعشرة دراهم إلى شهر آخر فأسلمت الثوب في هذه
الأشياء كلها وجعلت آجالها مختلفة كما ذكرت لك (قال) لا بأس بذلك مختلفة جعلت
آجالها أو مجتمعة * (قلت) * أرأيت أن استحق نصف هذا الثوب الذي أسلفت في جميع
هذه الأشياء (قال ابن القاسم) المسلم إليه هذا الثوب مخير في أن يرد إليه النصف الباقي
الذي بقي في يديه ويبطل جميع السلم كله وفي أن يقبل النصف الباقي الذي لم يستحق
بنصف الذي أسلم الثوب فيه * (قلت) * وعلى ماذا قلته (قال) لان مالكا قال لي لو أن
رجلا ابتاع غلاما أو ثوبا بثمن فاستحق نصف ذلك فان المبتاع بالخيار ان شاء أن يرده
كله وان شاء أن يكون له نصفه بنصف الثمن ويرجع على البائع بنصف الثمن فيأخذ
ذلك منه وليس للبائع أن يأبى ذلك فهذا عندي مثله * (قلت) * وسواء في قول
مالك هذا استحق نصف الثوب عند الذي أسلم في هذه الأشياء قبل أن يدفع الثوب
أو بعد ما دفعه (قال) نعم ذلك سواء * (قلت) * فان أسلمت ثوبين في فرس موصوف
إلى أجل معلوم فاستحق أحد الثوبين (قال) لا أحفظه من قول مالك (قال) وأرى إن كان
الثوبان متكافئين أو كان المستحق هو وجه ما اشترى وفيه الفضل انتقض السلم
وإن كان تافها ليس من أجله اشترى ولا فيه رجاء الفضل كان عليه قيمة ما استحق
وثبت السلم * (قال ابن القاسم) * والسلم في هذا وما اشترى يدا بيد بعضه ببعض فهو
396

سواء ما يفسخ في بيع يدا بيد ينفسخ في السلم وأمرهما واحد وكذلك قال مالك
فيمن اشترى يدا بيد في هذه المسألة فيما استحق أو يوجد به عيب فمسألتك في السلم
عندي مثل هذا * (قلت) * أرأيت ما أسلمت فيه من الحيوان إلى أجل فقبضته
ثم زاد في يدي ثم استحقه رجل بم أرجع على الذي أسلمته إليه بقيمته يوم استحق
في يدي أم بصفته التي أسلمت فيها (قال) بصفته التي أسلمت فيها ولا ترجع بالزيادة
التي زاد عندك * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا قوله
(الرجل يشتري الحلي بذهب أو بورق ثم يستحق)
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت من رجل أباريق من فضة بدنانير أو بدراهم فاستحقت
الدراهم أو الدنانير أينتقض البيع فيما بيننا في قول مالك وتجعله صرفا (قال) نعم أراه
صرفا وينتقض البيع بينكما (قال) وكان مالك يكره هذه الأشياء التي تجعل من الفضة
مثل الأباريق (قال) وكان مالك يكره هذا من الفضة والذهب ومجامير الفضة والذهب
وسمعت ذلك منه والأقداح واللجم والسكاكين المفضضة وان كانت تبعا فلا أرى
أن تشترى * (قلت) * أرأيت أن صرفت دراهم بدنانير فاستحقت الدراهم بعينها
أينتقض الصرف أم لا (قال) أرى الصرف منتقضا * (قلت) * فان استحقت ساعة
صارفه فقال له صاحبهما خذ مثلها مكانها أيصلح ذلك أم لا (قال) إن كان ذلك مكانه
ساعة صارفه فلا أرى به بأسا وان تطاول ذلك وافترقا انتقض الصرف * (قلت) *
أرأيت أن اشتريت خلخالين من رجل بدنانير أو بدراهم فاستحقهما رجل في يدي
بعد ما افترقنا أنا وبائعي فقال الذي استحق الخلخالين أنا أجيز البيع وأتبع الذي أخذ
الثمن (قال) لا يصلح هذا لأنه صرف فلا يصلح أن يعطى الخلخالين ولا ينتقد
الثمن * (قلت) * فإن كانا لم يتفرقا مشترى الخلخالين وبائعهما حتى استحقهما رجل فقال
المستحق أنا أجيز بيع الخلخالين وآخذ الدنانير (قال) ذلك جائز أجاز المستحق
البيع والخلخالان حاضران وأخذ الدنانير مكانه فذلك جائز * (قلت) * فإن كان
الخلخالان قد بعث بهما مشتريهما إلى البيت (قال) لا يجوز ذلك * (قلت) * ولا ينظر
397

في هذا إلى افتراق البائع والمشتري بعد ما اشترى الخلخالين إذا استحقهما رجل
والخلخالان حاضران حسن استحقهما وأجاز البيع فقال له مشترى الخلخالين أو بائعهما
أنا أدفع إليك الثمن حين أجزت البيع وكان ذلك معا (قال) نعم ذلك جائز ولا ينظر
في هذا الا إلى حضور الخلخالين والنقد مع إجازة المستحق البيع فإذا كان هكذا جاز
وإلا فلا * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) لا
* (تم كتاب الاستحقاق بحمد الله وعونه) *
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم)
(ويليه كتاب الشفعة الأول)
398

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الشفعة الأول)
* (قيل) * لابن القاسم هل لأهل الذمة شفعة في قول مالك (فقال) سألت مالكا
عن المسلم والنصراني تكون الدار بينهما فيبيع المسلم نصيبه هل للنصراني فيه شفعة
(قال) نعم أرى ذلك له مثل ما لو كان شريكه مسلما * (قلت) * فلو كان الذميان شريكين
في دار فباع أحدهما أيكون لصاحبه الشفعة أم لا (قال) ان تحاكما إلى المسلمين حكم
بينهما بالشفعة * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) ان تراضيا فأرى أن يحكم بينهما
بالشفعة
(تشافع أهل السهام)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ثلاثة بنين اثنين منهم لأب وأم وآخر لأب
وحده وترك دارا بينهم فلم يقتسموا فباع أحد الأخوين اللذين لأب وأم حصته
أيكون لأخيه لأبيه وأمه الشفعة دون الأخ للأب في قول مالك (قال) قال مالك
الشفعة لأخيه لأبيه وأمه ولأخيه لأبيه جميعا ليست الشفعة لأحدهما دون الآخر
* (قلت) * فإن كان هذا الأخ لم يبع ولكن ولد لأحدهم أولاد ثم مات الذي ولد له فباع
واحد من أولاد هذا الميت حصته (قال) قال مالك الشفعة لاخوته أولاد هذا الميت
دون أعمامهم لان هؤلاء قد صاروا أهل وراثة دون أعمامهم * (قلت) * وكل قوم
399

ورثوا رجلا وبعض الورثة أقعد ببعضهم من بعض وإنما قعد دهم من قبل أن بعضهم
أقرب بأم وهم أهل سهم واحد أولاد علات أو اخوة مختلفين فباع رجل منهم
حصته فالشفعة لجميعهم في قول مالك ولا تكون الشفعة للذي هو أقعد بهذا البائع
من صاحبه * (قلت) * وإن كان ولد لأحدهم ولد ثم مات فباع أحد ولده أينتقل هذا
الامر ويصيرون شفعاء بعضهم لبعض دون أهل السهم الأول في قول مالك (قال) نعم لان هؤلاء قد انتقلوا من حال السهم الأول إلى وراثة بعد ذلك فبعضهم أولى
بشفعة بعض فان سلم هؤلاء شفعتهم فالشفعة لأعمامهم عند مالك فان باع بعض
الأعمام فالشفعة بين جميعهم اخوته وولد اخوته جميعا من قبل أن والدهم كان في
ذلك السهم الذي ورثه الأعمام لان والدهم كان في ذلك السهم وليس الأعمام
معهم في شفعتهم لأنهم قد صاروا أهل وراثة دون الأعمام وهو قول مالك
* (قلت) * فلو أن رجلا هلك وترك ابنتين وأختين وترك دارا فلم تقسم الدار حتى
باعت احدى الابنتين حصتها من الدار (قال) قال مالك الشفعة لأختها دون عمتيها
لأنها وأختها أهل سهم دون عمتيها وإنما عمتاها هاهنا عند مالك عصبة * (قلت) *
فإن لم تبع الابنة ولكن باعت احدى الأختين حصتها (قال) فالشفعة لأختها
وللابنتين وكذلك قال مالك * (قيل) * ولم جعل مالك الشفعة للبنات دون الأخوات
وجعل شفعة الأخوات للبنات والأخوات جميعا (قال) لان مالكا قال إذا كان أهل
سهام ورثوا رجلا وورث معهم عصبتهم فباع بعض أهل السهم حصته فأهل
السهم أحق بالشفعة من عصبته وان باع أحد من العصبة حصته فأهل السهم والعصبة
في الشفعة جميعا لان أهل السهم هو شئ لهم مسمى في كتاب الله والعصبة ليس لهم
ذلك مسمى وليس هو سهما مسمى * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك وترك
نصف دار له شركة بينه وبين شريكه في الدار مشاعة غير مقسومة فورثه عصبته
فباع رجل من العصبة حصته من الدار أتكون الشفعة للعصبة دون شركائهم في
الدار في قول مالك (قال) قال مالك نعم الشفعة للعصبة دون شركائهم في الدار فان
400

سلم العصبة الشفعة فالشفعة لشركائهم * (قلت) * لم والعصبة ها هنا ليسوا أهل سهم
مسمى (قال) لأنهم أهل وراثة واحدة وإن لم يكن لهم سهم مسمى * (قلت) * فلو
هلك رجل وترك ابنتين وعصبة وترك نصف دار شركته فيها مشاعة غير مقسومة
فباعت احدى الأختين حصتها فسلمت أختها الشفعة أتكون الشفعة للعصبة دون
الشركاء في قول مالك (قال) نعم لان العصبة والبنات أهل وراثة دون الشركاء
* (قيل) * فالجدتان إذا ورثتا السدس أتجعلهما أهل سهم وتحملهما محمل أهل سهام أم
تجعلهما بمنزلة العصية في قول مالك (قال) قال مالك هذا بمنزلة أهل السهام الشفعة لهما
دون من ورث الميت معهما لان الجدتين أهل سهم * (قلت) * ولا وارث في قول مالك
أكثر من الجدتين (قال) نعم لا يرث في قول مالك أكثر من جدتين * (قلت) *
فإن كان أخوات لأم معهن وارثة سواهن فباعت احدى الأخوات للأم حصتها من
الدار (قال) فالأخوات للأم أحق بالشفعة لأنهن أهل سهم دون من سواهن من الورثة
* (قلت) * فالأخوات للأب إذا أخذت الأخت للأب والأم النصف وأخذت
الأخوات للأب السدس تكملة الثلثين فباعت احدى الأخوات للأب حصتها
فطلبت الأخت للأم والأب أن تدخل معهن في الشفعة وقال الأخوات للأب الشفعة
لنا دونك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى الشفعة للأخت للأب والأم مع
الأخوات للأب لأنهن أهل سهم واحد ألا ترى أن السدس الذي صار للأخوات
للأب إنما هو أمر تكملة الثلثين فإنما هو سهم واحد
(باب اقتسام الشفعة)
* (قلت) * ما قول مالك في الشفعة أتقسم على عدد الرجال أو على قدر الأنصباء
(قال) قال مالك إنما الشفعة على قدر الأنصباء وليس على عدد الرجل (قال ابن
القاسم) وأخبرني ابن الدراوردي عن سفيان الثوري عن علي بن أبي طالب أنه قال
الشفعة على قدر الأنصباء * (قلت) * لابن القاسم أرأيت لو أن قوما اقتسموا دارا
بينهم فعرف كل رجل منهم بيوته ومقاصيره إلا أن الساحة بينهم لم يقتسموها
401

أتكون الشفعة بينهم أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا شفعة بينهم إذا اقتسموا
* (قلت) * وإن لم يقتسموا الساحة وقد اقتسموا البيوت فلا شفعة بينهم في قول مالك
(قال) نعم * (قال) * وقيل لمالك أرأيت إذا كانت الساحة واسعة فأرادوا أن يقتسموا
فيأخذ كل انسان منهم قدر حصته يحوزه إلى منزله فيرتفق به (فقال) إذا كانت
كذلك ولم تكن ضررا رأيت أن يقسم * (قلت) * أرأيت السكة غير النافذة تكون
فيها دار لقوم فباع بعضهم داره أيكون لأصحاب السكة الشفعة أم لا في قول مالك
(قال) لا شفعة لهم عند مالك * (قلت) * ولا تكون الشفعة في قول مالك بالشركة
في الطريق (قال) نعم لا شفعة بينهم إذا كانوا شركاء في طريق ألا ترى أن مالكا قال
لا شفعة بينهم إذا اقتسموا الدار وان كانت الساحة بينهم لم يقتسموها
(مالا تقع فيه الشفعة)
* (قلت) * أرأيت ما سوى الدور والأرضين والنخل والشجر أفيه الشفعة في قول
مالك (قال) قال مالك لا شفعة الا في الدور والأرضين والنخل والشجر * (قيل) *
والشجر (قال) الشجر بمنزلة النخل (قال) وجعل مالك في الثمر الشفعة * (قلت) *
ولا شفعة في دين ولا حيوان ولا سفن ولا بز ولا طعام ولا في شئ من العروض
ولا سارية ولا حجر ولا في شئ من الأشياء سوى ما ذكرت لي كان مما يقسم أولا
يقسم في قول مالك (قال) نعم لا شفعة في ذلك ولا شفعة الا فيما ذكرت لك
(الشفعة في النقص)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا أذن لرجلين في أن يبنيا في عرصة له فبنيا بأمره فباع
أحدهما حصته من النقص أيكون في ذلك شفعة أم لا في قول مالك ولمن تكون
الشفعة (قال) قال مالك في رجل أذن لرجل أن يبني في عرصته فأراد الخروج منها
ويأخذ نقضه (قال مالك) صاحب العرصة عليه بالخيار ان أحب أن يدفع إليه قيمتها
نقضا ويأخذها فذلك له وان أبى أسلمها إلى صاحبها بنقضها (قال) وسئل مالك عن
402

قوم حبست عليهم دار فبنوا فيها ثم إن أحدهم مات فأراد بعض ورثة الميت أن يبيع
نصيبه من ذلك البنيان فقال اخوته نحن نأخذ بالشفعة أفترى لهم في مثل هذا شفعة
(قال مالك) ما الشفعة الا في الأرضين والدور وان هذا الشئ ما سمعت فيه بشئ
وما أرى إذا نزل مثل هذا الا ولهم في ذلك الشفعة ونزلت بالمدينة فرأيت مالكا
استحسن أن يجعل في ذلك الشفعة فمسألتك ان أحب صاحب الدار أن يأخذ نقضه
بالقيمة أخذ ذلك ولم ينظر في ذلك إلى ما باع به صاحب النقض إن كان أكثر من
قيمته لأنه لو أراد أن يأخذ النقض ويدفع إلى رب النقض قيمة نقضه كان ذلك له
إلا أن تكون قيمة النقض أكثر مما باع به فيكون لصاحب الأرض أن يأخذ
النقض بهذا الثمن الذي باع به وإن كان أقل من قيمته لان البائع قد رضي بذلك فان
أبى رب الأرض أن يأخذ فالشريك أولى من المشتري لان مالكا قال في الشركاء
الذين بنوا في حبسهم فباع بعضهم انه رأى لهم الشفعة لان ذلك يدخل على الباقين
منهم إذا تركه صاحب الأرض مضرة إذا صار يهدم نصف كل بيت فيدخل في ذلك
فساد (قال) وإنما أصل الشفعة أنها جعلت للمضرة
(شفعة العبيد وشفعة الصغير)
* (قلت) * هل للعبيد شفعة في قول مالك (قال) نعم لهم الشفعة عند مالك * (قلت) *
أرأيت لو أن صبيا وجبت له الشفعة من يأخذ له بشفعته (قال) الوالد (قيل) فإن لم يكن له والد (قال) فالوصي * (قيل) * فإن لم يكن له وصي (قال) فالسلطان * (قلت) *
فإن كان في موضع لا سلطان فيه ولا أب له ولا وصى (قال) فهو على شفعته إذا بلغ
(قال) وهذا كله قول مالك * (قلت) * فإن كان لهذا الصغير والد فلم يأخذ له بالشفعة ولم
يترك حتى بلغ الصبي وقد مضى لذلك عشر سنين أيكون الصبي على شفعته إذا بلغ
أم لا في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى للصغير فيه شفعة
لان والده بمنزلته ألا ترى أن الصغير نفسه لو كان بالغا فترك أن يأخذ شفعته عشر
سنين لكان ذلك قطعا لشفعته وكذلك مسألتك لان والده بمنزلته
403

(باب أجل شفعة الحاضر والغائب)
* (قلت) * أرأيت لو أن شفيعا علم بالاشتراء فلم يطلب شفعته سنة أيكون على شفعته
(قال) وقفت مالكا على السنة فلم يره كثيرا ولم ير السنة مما تقطع به الشفعة وقال
التسعة الأشهر والسنة قريب ولا أرى فيها قطعا للشفعة (قال) فقلت لمالك فلو كان
هذا الشفيع قد كتب شهادته في هذا الاشتراء ثم قام يطلب شفعته بعد ذلك (قال
مالك) وإن كان قد كتب شهادته فلا أرى في ذلك ما تقطع به شفعته (قال) ولم أسأله
عما وراء السنة (قال مالك) وأرى ان أراد أخذ الشفعة أن يستحلف ما كان وقوفه
تركا للشفعة إذا كان تباعد هكذا
(شفعة الجد لابن ابنه والمكاتب وأم الولد)
* (قلت) * أرأيت الجد أيأخذ لابن ابنه بالشفعة للصبي إذا لم يكن للصبي والد ولا
وصي في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن يرفع ذلك إلى
السلطان فينظر في ذلك * (قلت) * فالمكاتب وأم الولد ألهما الشفعة في قول مالك
(قال) نعم ألا ترى أن العبيد لهم الشفعة عند مالك
(اختلاف المشترى والشفيع في الثمن)
* (قلت) * أرأيت إذا اختلف الشفيع والمشترى في الثمن الذي اشتريت به الدار القول
قول من في قول مالك (قال) القول قول المشتري إلا أن يأتي بما لا يشبه فلا يصدق
عندي إلا أن يكون مثل هؤلاء الملوك يرغب أحدهم في الدار لضيق داره فيثمنها
فالقول قوله إذا أتى بما يشبه * (قلت) * وما معنى قوله إذا أتى بما يشبه (قال) إذا
تكافأت البينتان في العدالة فالقول قول المشتري في الثمن وهما بمنزلة من لا بينة
بينهما لان الدار في يده وهذا رأيي
404

(باب عهدة الشفيع)
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا في دار فلم أقبض الشقص ولم أدفع شقصا في دار فلم أقبض الشقص ولم أدفع الثمن حتى
قام الشفيع على شفعته فأراد أن يأخذها ممن يأخذ الدار أو إلى من يدفع الثمن وعلى
من تكون عهدته في قول مالك (قال) قال مالك من أخذ شقصا من دار بشفعة
قائما عهدته على المشترى وليس على البائع (قال) ولم يختلف عند مالك قبض أو لم يقبض
ولقد سمعت عنه ولم أسمعه منه أن من حجته في أن عهدته على المشترى أن الشفيع
يقول قد عرفت أنه يبيع ولكنه رجل يسئ المخالطة ولم أدر ما يلحق الدار أو قال هو
مديان أو ما أشبهه فأحببت أن تكون تباعتي على ثقة فرأى مالك أن هذا له حجة
وأنه جعل تباعة هذا الشفيع على المشترى * (قلت) * فإن كان هذا المشتري لم ينقد
الثمن ولم يقبض الدار وغاب المشتري كيف يصنع هذا الشفيع (قال) ينظر فيه السلطان
* (قلت) * أرأيت أن اشترى منه ولم ينقده أيكون للبائع أن يمنعه من قبض الدار في
قول مالك حتى ينتقد الثمن (قال) نعم * (قلت) * فان قال الشفيع هذا الثمن ويدفعوا
إلي الدار وقال رب الدار لا أدفع الدار حتى انتقد الثمن كيف يصنع بهذا الثمن
والمشترى لم يدفع إلى البائع (قال) لا تؤخذ الدار عند مالك من بائعها حتى يقبض
الثمن فان أحب الشفيع أن يدفع ثمنا إلى البائع دفع وقبض الدار وتكون عهدته على
المشتري لان دفعه الثمن ها هنا إنما هو قضاء عن المشتري عندي في قول مالك
* (قلت) * فإن كان على المشتري للدار دين كبير ولم يقبض الدار ولم يدفع الثمن فقال
الشفيع أنا آخذ بالشفعة وقال الغرماء نحن نريد ديننا وقال رب الدار لا أدفع الدار
حتى أستوفى ثمنها (قال) يقال للشفيع ادفع الثمن إلى رب الدار قضاء عن المشتري
واقبض الدار ولا يكون للغرماء ها هنا شئ لان بائع الدار له أن يمنع الدار حتى يقبض
الثمن ولان الشفيع يقول لا أدفع الثمن إلى المشتري لأني أخاف أن يستهلكه وإنما
أدفع الثمن لأقبض الدار بشفعتي فلا يكون للغرماء ها هنا شئ ولان الشفيع لو
أسلمها بيعت الدار فأعطى صاحب الدار الثمن الذي بيعت به الدار وكان أحق بذلك
405

الثمن من الغرماء إلا أن تقوم عليه الغرماء ويفلسوه فيكون رب الدار أولى بداره إلا أن يضمن له الغرماء الثمن وهذا قول مالك فهذا يدلك على ما ذكرت لك ويبين لك
(في طلب الشفيع الشفعة والمشتري غائب)
* (قيل) * أرأيت لو أن المشتري غاب وحضر الشفيع أيقضى له بالشفعة والمشتري
غائب في قول مالك (قال) نعم ولا يلتفت إلى مغيب المشترى لان القضاء جائز عند
مالك على الغائب على حجته إذا قدم * (قلت) * أرأيت أن اشتريت
شقصا من دار بثمن إلى أجل من الآجال فقال الشفيع أنا آخذ الدار وأنقد الثمن لمن
يكون هذا الثمن أللمشتري إلى أجل أم للبائع والمشتري يقول إنما الثمن علي إلى أجل
فلا أعجله فلمن يكون هذا الثمن قبل الاجل في قول مالك (قال) قال مالك في
الرجل يبتاع الشقص من الدار إلى أجل ان الشفيع إن كان مليا فله أن يأخذها إلى
ذلك الاجل وإن لم يكن مليا وأتى بحميل ثقة ملي فذلك له فأرى فيما سألت عنه أنه
إنما يدفع الثمن إلى المشتري ليس إلى البائع لان الثمن قد وجب للبائع على المشترى
وإنما يجب الثمن للمشترى على الشفيع ألا ترى أن الشفيع إنما وجب عليه الثمن
للمشترى والمشترى قد وجب عليه الثمن للبائع وقد قبض المشتري الدار وهو إن لم يكن قبض فليس للبائع أن يمنعه قبض الدار * (قلت) * لابن القاسم أرأيت لو أن
بائع شقص الدار الذي باع إلى أجل قال للمشتري أنا أرضى أن يكون مالي على
الشفيع إلى أجل (قال) لا يجوز ذلك عند مالك لان الثمن قد وجب للبائع على
المشتري فلا يصلح أن يفسخه بدين على رجل آخر فيصير هذا دينا بدين وذمة بذمة
(اشتراك الشفعاء في الشفعة)
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار لها شفعيان فقال أحد
الشفيعين أنا آخذ بالشفعة وقال الآخر أنا أسلم الشفعة فقال المشتري للشفيع الذي
قال أنا آخذ خذ الجميع أودع وقال الشفيع لا آخذ الا حصتي (قال) قال مالك يأخذ
406

الشفيع الجميع أو يترك وليس للشفيع الآخر أن يأخذ الا الجميع إذا ترك ذلك صاحبه
فقد صارت الشفعة كلها له فليس له أن يأخذ بعضها دون بعض * (قلت) * أرأيت
لو أن رجلا اشترى حظوظ ثلاثة رجال من دار مشتركة صفقة واحدة وشفيعها
رجل واحد فقال شفيعها أنا آخذ حظ رجل واحد منهم وأسلم حظوظ الاثنين منهم
وقال المشترى خذ الجميع أو اترك (قال) قال مالك يقال للشفيع خذ الجميع أو اترك
وليس له أن يأخذ بعض ذلك دون بعض لأنها صفقة واحدة * (قلت) * فإن كان
إنما اشترى منهم صفقات مختلفات اشترى من كل واحد منهم حظه على حدة
في صفقة على حدة فقال الشفيع أنا آخذ حظ واحد منهم نظر إليه فإن كان إنما أخذ
حظ أول صفقة اشتراها المشتري فلا شفعة للمشتري معه فيها لان صفقتيه الباقيتين
إنما وقعنا بعد هذه الصفقة (قال) وقال مالك وان أخذ الشفيع الصفقة الثانية كان
للمشترى معه الشفعة أيضا بقدر صفقته الأولى ولا يكون له الشفعة بصفقته الآخرة
لأنها إنما كانت بعد الصفقة الثانية (قال) مالك وان أخذ الآخرة كان المشتري شفيعا
مع الشفيع بالصفتين الأوليين كلتيهما وهذا قول مالك * (قلت) * وكان مالك يقول
لو أني اشتريت شقصا من دار وأنا شفيع هذا الشقص قبل اشترائي إياه ولهذا
الشقص معي شفيع آخر ألي الشفعة فيما اشتريت مع الشفيع (قال) قال مالك لهما
الشفعة بينهما على قدر حظوظهما ولا يخرجه من الشفعة اشتراؤه الشقص وله الشفعة
فيما اشترى عند مالك
(اشتراء شقص وعروض صفقة واحدة)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار وعروضا صفقة واحدة فقال
الشفيع أنا آخذ الشقص من الدار ولا آخذ العروض وقال المشتري خذ الجميع أودع
(قال) قال مالك ذلك للشفيع أن يأخذ الدار ويدع العروض لا يأخذها ويقسم الثمن
على قيمة الشقص من الدار وعلى قيمة العروض فيأخذ الشفيع الشقص بما أصابه من
الثمن * (قلت) * ومتى يقوم هذا الشقص أيوم يقوم الشفيع للاخذ بالشفعة أم
407

يوم اشترى المشتري (قال) قال مالك يقوم هذا الشقص يوم وقع الاشتراء ولا يقوم
اليوم * (قلت) * أرأيت أن كان المشتري قد سكن هذا الشقص حتى أبلى المساكن
فانهدمت لسكناه (قال) قال مالك لو عدمها هذا المشتري ثم أراد الشفيع أخذها
بالشفعة لم يكن له أن يأخذها الا بجميع ما اشتراها به المشتري فكذلك هذا الذي
اشترى الشقص والعروض في صفقة واحدة إذا أراد الشفيع أن يأخذ بالشفعة
فإنما يقوم الشقص قيمته يوم وقع الاشتراء فيأخذه بحصته من الثمن
(باب اشتراء الرجلين الشقص والشفيع واحد)
* (قلت) * أرأيت أن كان بائع الشقص رجلا واحدا والمشتري رجلين فقال الشفيع
أنا آخذ حصة أحدهما وقال المشتري بل خذ الجميع أودع (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا إلا أنى أرى أنه ليس للشفيع إلا أن يأخذ الجميع أو يدع وليس له أن يأخذ
حصة أحدهما ويترك الآخر لان الصفقة وقعت واحدة فكل صفقة وقعت واحدة
فليس له أن يأخذ بعضها ويدع بعضها لان الصفقة واحدة وان اشتراها رجلان
(باب رجوع الشفيع في الشفعة بعد تسليمه إياها)
* (قلت) * أرأيت أن أخبر الشفيع أن المشتري اشترى بكذا وكذا درهما فسلم
الشفيع فنظر فإذا هو قد اشترى بأقل من ذلك فطلب شفعته (قال) له عند مالك
أن يأخذ بالشفعة ويحلف بالله ما سلم الشفعة الا لمكان الثمن الكبير فأما إذا كان بهذا
الثمن فأنا آخذه لان مالكا سئل عن رجل باع شقصا له في دار فقال شريكه أشهدكم
بالله أنى قد أخذت ثم بدا له أن لا يأخذ فقال إن كان علم بما بيعت به الدار فذلك يلزمه
حتى يباع فيها ماله وإن كان لم يعلم فقال إنما قلت أنا آخذ فإن كان بهذا الثمن فلا آخذ
(قال) قال مالك فذلك رأيت الأول مثل ما وصفت لك
* (قلت) * أرأيت
ان أسلم الشفعة قبل الاشتراء فأتاه رجل فقال أنا أريد أن أشتري الحصة التي أنت
شفيعها فقال اشتر فاني قد أسلمت لك شفعتي فلما اشتري المشتري قال الشفيع أنا
408

آخذ بشفعتي (قال) قال مالك ذلك له يأخذ بشفعته
(باب اختلاف الشفيع والمشتري في الثمن)
* (قلت) * أرأيت أن كان المشتري يقول اشتريتها بمائة دينار ويقول الشفيع بل
اشتريتها بخمسين وقال البائع بل بعت بمائتي دينار (قال) ان كانت الدار في يد
البائع أو في يد المشتري ولم تفت بطول زمان أو بهدم من الدار أو بتغيير المساكن
أو ببيع أو بهبة أو بصدقة أو بما تخرج به من ملك المشتري فالقول قول البائع وان
تغيرت الدار بما ذكرت لك وهي في يدي المشترى فالقول قول المشتري وهذا قول
مالك في البيوع ثم يأخذ الشفيع على مثل ذلك * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى
شقصا من دار بألف درهم ثم جاء الشفيع فأخذها بالشفعة فوضع البائع عن المشتري
تسعمائة درهم بعد ما أخذها الشفيع بالشفعة (قال) ينظر في قيمة الدار فإن كانت تشبه
أن يكون ثمنها عند الناس مائة درهم إذا تغابنوا بينهم أو اشتروا بغير تغابن قيل
للمشتري أنت لم تشتر بألف درهم ولكن هذه ذريعة فيما بينكما وإنما أردتما قطع
الشفعة عن هذا الشفيع فلا يكون لكما ذلك وان كانت قيمة الدار عند الناس لا تشبه
أن تكون بهذه المائة فالذي ترك البائع للمشتري هبة فلا يرجع الشفيع بشئ من
ذلك على المشتري * (قلت) * وكذلك أن كان البائع ترك ذلك للمشتري قبل أخذ
الشفيع بالشفعة (قال) نعم هو سواء * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) لم أسمع من
مالك هذا ولكنه رأيي * (قيل) * أرأيت أن قال المشتري اشتريتها بألف وقال
البائع بعتها فأنكر ذلك المشتري وتحالفا وفسخ البيع بينهما ثم جاء الشفيع فقال
أنا آخذ الشفعة بألفين (قال) قال مالك في رجل وهب لرجل شقصا له في دار له
للثواب فلم يثبه الموهوب له فأراد الشفيع أن يأخذها بالثواب فقال مالك لا شفعة له
حتى يئيب الموهوب له رب الدار فمسألتك تشبه هذا فلا شفعة له فيه * (قلت) * ولم
أجاز مالك الهبة لغير الثواب المسمى (قال) أجازه الناس وإنما هو على وجه التفويض في
النكاح وفي القياس لا ينبغي أن يكون جائزا ولكن قد أجازه الناس فمسألتك أيضا في
409

الشراء لا أرى فيها الشفعة مثل ما قال مالك (قال مالك) في الهبة حتى يأخذ المشتري
ويجب له الاشتراء لان النبي صلى الله عليه وسلم قال في البيعين إذا اختلفا فالقول قول
البائع أو يترادان فقد رده النبي صلى الله عليه وسلم فصار غير بيع فلا شفعة فيه
الا بعد البيع وإنما يكتب آخذ الشفعة العهدة على المشتري وها هنا لم تقع العهدة على
المشتري لأنه منكر والبائع إنما رضى أن تكون العهدة عليه للمشتري ولم يرض أن
يكون للشفيع عليه عهدة ولم يرد مبايعة
(باب فيمن اشترى شقصا فقاسم شركاءه أو وهبه أو باعه)
* (أو تزوج به ثم قدم الشفيع) *
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار مشتركة ولها شفيع غائب فقاسم
شركاءه ثم قدم الشفيع فقال أنا آخذ بالشفعة وأرد القسمة (قال) ذلك له لان المشتري
لو كان باع لكان للشفيع أن يرد بيعه فكذلك مقاسمته * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) قول مالك انه يرد البيع الثاني فإذا كان للشفيع أن يرد البيع الثاني فله أ ن يرد
المقاسمة * (قلت) * أرأيت أن كان المشتري قد وهب ما اشترى من الدار فقدم الشفيع
فقال أنا آخذ بالشفعة لمن يكون هذا الثمن أللموهوب له أو للمشتري في قول مالك
(قال) للموهوب له ولا يشبه هذا ما استحق ولا ما كان حرا من العبيد لان هذا
حين وهبه قد علم أنه يؤخذ منه بالشفعة فكأنه إنما وهب له الثمن والذي استحق
إنما وهبه بعينه ولم يرد أن يهب له الثمن والحرية كذلك * (قلت) * أرأيت لو أن
رجلا اشترى شقصا من دار مشتركة فباعها من غيره وباعها المشترى الثاني من غيره
ثم قدم الشفيع أيكون له أن يأخذها بأي الأثمان شاء في قول مالك (قال) نعم له
عند مالك أن يأخذها بأي الأثمان شاء ان شاء بما اشتراها المشتري الأول ويفسخ
ما كان بعد ذلك من بيوعهما وان شاء أخذها بالبيع الثاني ويفسخ البيع الثالث وان
شاء أخذها بالبيع الثالث وثبتت البيوع كلها بينهم * (قلت) * وكذلك لو أن المشتري
تصدق بما اشترى فجاء الشفيع فقال أنا آخذها بالشفعة أتفسخ الصدقة في قول مالك
410

ويأخذ بالشفعة (قال) نعم والثمن للمتصدق عليه * (قلت) * أرأيت أن كان المشتري
قد تزوج بما اشترى ثم جاء الشفيع فأخذ بالشفعة بم ترجع المرأة على زوجها في قول
مالك (قال) ترجع عليه بقيمة ما أخذ منها يوم نكحها به
(باب اشترى شقصا بثمن ثم زاد البائع على ذلك الثمن أو وضع منه)
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا من دار مشتركة ثم أتاني البائع فقال استرخصت
فزدني في الثمن فزدته ثم جاء الشفيع ليأخذ بالشفعة (فقال) يأخذ بالثمن الأول ولا
يلتفت إلى الزيادة لان هذا حق قد وجب * (قلت) * تحفظه عن مالك (قال) لا
إلا أن مالكا قال لو اشترى منه شقصا من دار ثم أقاله كانت الشفعة للشفيع وكانت
الإقالة باطلا إلا أن يسلم الشفيع الشفعة فتكون الإقالة جائزة * (قلت) * ولا تكون
الإقالة بيعا من البيوع فيكون للشفيع أن يأخذ بعهدة الإقالة (قال) ليست الإقالة في
هذا الموضع في قول مالك بيعا من البيوع * (قيل) * فالاقالة عند مالك بيع من البيوع
(قال) نعم الإقالة عند مالك بيع من البيوع حادث إلا أن مالكا قال لي في الإقالة في
الشفعة ما أخبرتك * (قلت) * أرأيت البائع ما حط عن المشتري قبل أخذ الشفيع
بالشفعة أو بعد ما أخذ (قال) إذا وضع عنه ما يرى أن مثل ذلك مما يوضع في البيوع
فتلك الوضيعة توضع عن الشفيع وإن كان شيئا لا يوضع مثله فتلك الوضيعة هبة فلا
يوضع عن الشفيع من ذلك شئ * (قلت) * أرأيت أن اشترت امرأة شقصا من دار
مشتركة فخالعت زوجها بذلك الشقص فأتى الشفيع فأخذ من الزوج بالشفعة على
من تكون عهدته (قال) تكون العهدة للشفيع ان شاء على المرأة وان شاء على الزوج
* (قلت) * فان أراد أن يأخذ من المرأة (قال) يأخذ بالثمن الذي اشترت به أولا
* (قلت) * فان أخذ من الزوج (قال) يأخذ بقيمة الشقص يوم خالعته المرأة عليه
وتكون عهدته على الزوج * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) قال مالك في الرجل
يشترى الشقص من الدار فيتزوج به امرأة فيقدم الشفيع ان الشفيع مخير ان شاء
فسخ عنه عطية الزوج المرأة الدار في صداقها فأخذ الدار بما اشتراها وكانت عهدته
411

على الزوج وان شاء أجاز عطية الزوج امرأته الشقص في صداقها وأخذ الشفعة
بقيمة الشقص يوم أعطت المرأة ذلك في الصداق وتكون عهدته على المرأة وكذلك
مسألتك في الخلع
(باب تلوم السلطان للشفيع في الثمن وأخذ الشفعة من الغائب)
* (قلت) * أرأيت أن أراد الشفيع الاخذ بالشفعة ولم يحضره نقده أيتلوم له القاضي
في قول مالك (قال) قال مالك رأيت القضاة عندنا يؤخرون الاخذ بالشفعة في
النقد اليوم واليومين والثلاثة ورأيت مالكا استحسنه وأخذ به ورآه * (قلت) *
أرأيت أن اشتريت شقصا من دار مشتركة فقام الشفيع فأخذ بالشفعة فلم يقبض
مني الشقص حتى انهدم فقال إنا أترك ولا آخذ لان الدار قد انهدمت أيكون له
ذلك في قول مالك أم لا (قال) لا يكون للشفيع أن يترك عند مالك لأنه قد أخذ
وقد وجبت له الشفعة فما أصاب الدار من شئ فهو من الشفيع * (قلت) * وكذلك
هذا في البيع إذا انهدمت الدار بعد الصفقة قبل أن يقبض المشترى ما أصاب
الدار من المشتري ليس من البائع في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فلا
يجوز أن أوكل من يأخذ لي بشفعتي وأنا غائب أو حاضر في قول مالك (قال) نعم
* (قلت) * أرأيت أن قيل لي ان فلانا قد اشترى نصف نصيب شريكك فسلمت
شفعتي ثم قيل إنه قد اشترى جميع نصيبه فقلت قد أخذت بالشفعة أيكون ذلك لي
أم لا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى ذلك لك * (قلت) * أرأيت أن
اشتريت شقصا من دار فأصابها هدم أو غرق أو حرق فأراد الشفيع الاخذ بالشفعة
(قال) قال مالك يأخذها بجميع الثمن أو يدع * (قلت) * وان اشتريت شقصا من
دار فهدمتها فأتى الشفيع ليأخذ بالشفعة (قال) قال مالك يأخذها مهدومة بجميع
الثمن ويأخذ هذا النقض مهدوما ولا يكون له على المشترى قليل ولا كثير
412

(قال) قال مالك وان هدمها المشتري ثم بناها قيل للشفيع خذها بجميع ما اشترى
وقيمة ما عمر فيها فان أبى لم يكن له شفعة
(باب اشترى دارا فباع بعضها ثم استحق نصفها)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى دارا من رجل فهدمها فباع نقضها ثم قدم رجل
فاستحق نصف الدار كيف يصنع (قال) إن لم يجز البيع فإنه يأخذ نصف ما استحق
من الدار ونصف الثمن الذي باع به النقض لأنه قد استحقه ثم إن أراد الاخذ
بالشفعة فإنه يقسم الثمن على ما باع منها وما بقي يوم وقعت الصفقة ولا ينظر إلى ثمن
ما باع منه فإن كانت قيمة النقض الذي باع يوم وقعت الصفقة هي الثلثين والذي بقي من
الدار ثلث الثمن فيدفع نصف الثلث ويأخذ العرصة بالشفعة ويكون له نصف ثمن
النقض الذي بيع من حصته لأنه هو له لأنه كان له نصف الأرض ونصف البنيان
وأما النصف الآخر من النقض فهو للمشتري ولا يرجع عليه فيه بشئ لأنه بيع قد
جاز له لم يكن للآخذ بالشفعة فيه شئ وفات البيع فإنما يرجع على ما بقي على ما فسرت
لك وهذا الذي بلغني عمن أثق به من قول مالك (قال) وإنما كان له نصف ثمن
النقض لان المبتاع باع شيئا نصفه للآخذ بالشفعة وإنما أجيز بيع نصف النقض الذي
اشترى المشتري لأنه باع شيئا هو له لم يكن للآخذ بالشفعة فيه حق إلا أن يدركه
لم يفت فلما فات رجع إلى العرصة فأخذها بحصتها مما بقي وقد فسرت لك ما بلغني
(قال) وإن لم يكن المشتري باع من النقض شيئا قيل للمستحق إن شئت خذ نصف
الدار مهدمة ونصف هذا النقض فليس لك على هذا المشتري الهادم من قيمة البناء
الذي هدم قليل ولا كثير لأنه إنما هدم على وجه الشبهة ووجه الاشتراء وهو لم يبع
من النقض شيئا فيكون لك أن تتبعه بما باع من النقض فان أبى أن يأخذ ما استحق
منها مهدوما قيل له لا شئ لك واتبع الذي باع فخذ منه الثمن الذي باع به حصتك
ان أحببت * (قلت) * فان أخذ حصته التي استحق وقال أنا آخذ بالشفعة (قال) ذلك
له * (قلت) * فهل يبيع المشتري إذا أخذ بالشفعة بشئ مما هدم من الحظ الذي
413

يأخذه هذا المستحق بالشفعة (قال) لا يضمن له شيئا مما هدم * (قلت) * فإن كان
المشتري قد باع من الهدم شيئا (قال) يضمن له نصف ما باع من ذلك إذا أخذ
المستحق بالشفعة * (قلت) * فالمشتري إذا باع مما نقض شيئا أخذ المستحق نصفه
ذلك منه باستحقاقه نصف الدار ونصفه بالشفعة (قال) نعم إذا كان ما باع من النقض
حاضرا لم يفت * (قلت) * فان فات النقض فليس له أن يرجع عليه بما يصيبه من الثمن
وإنما له أن يأخذ البقعة بما يقع عليها من الثمن (قال) نعم * (قلت) * وما لم يبع من ذلك
لم يضمن له شيئا من ذلك (قال) لا يضمن له ما هدم من حظ النصف الذي
استحقه المستحق ولا يضمن له حظ النصف الذي يأخذ المستحق بالشفعة (قال) نعم
لا يضمن شيئا من هذا إلا أن يبيع شيئا من ذلك فيضمن له بحال ما وصفت لك
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم
(ما جاء فيمن اشترى أنصباء)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى نصيبا في دارين صفقة واحدة وشفيعهما
واحد فقال الشفيع أنا آخذ احدى الدارين وأسلم الأخرى وقال المشتري خذ الجميع
أو دع (قال) قال مالك يقال للشفيع خذ الجميع أو دع * (قلت) * فإن كان المشترى
اشترى هذين النصيبين من رجلين مختلفين صفقة واحدة (قال) قال مالك ليس
للشفيع أن يأخذ حظ أحد الرجلين دون الآخر لان الصفقة واحدة والمشتري
واحد فاما أن يأخذ الجميع واما أن يدع * (قلت) * وكذلك أن كانوا ثلاثة رجال
لأحدهم نخل وأرض وللآخر قرية وللآخر دور فباعوا جميع ذلك كله صفقة
واحدة من رجل وشفيع هذه القرية وهذه النخل وهذه الدور رجل واحد فقال
الشفيع أنا آخذ هذه النخل بحصتها من الثمن ولا أريد القرية ولا الدور وقال المشتري
خذ الجميع أو دع (فقال) سألت مالكا عن الشريكين في الدور والأرضين والنخل
وذلك مفترق يبيع أحدهما نصيبه من ذلك كله فيأتي الشفيع فيقول أنا آخذ بعض
ذلك دون بعض (فقال) مالك ليس له إلا أن يأخذ الجميع أو يدع وليس له أن يختار
414

عليه أن يأخذ ما يحب ويدع ما يكره (قال ابن القاسم) لان الشفعة تكون فيه وهو
كله مما تجري فيه الشفعة وكذلك مسألتك في الثلاثة نفر ليس له إلا أن يأخذ الجميع
أو يدع لأنها صفقة واحدة ومشتريها رجل واحد وشفيعها رجل واحد (قال) وسألت
مالكا عن الرجل يبتاع من النفر الثلاثة أو الأربعة حظوظهم في صفقة واحدة فيأتي
شفيع في ذلك كله فيريد أن يأخذ حظ أحدهم فقال ليس له إلا أن يأخذ ذلك كله
أو يسلمه فمسألتك مثل هذا أيضا * (قلت) * فإن كانوا ثلاثة رجال اشتروا من ثلاثة
رجال دارا وأرضا ونخلا وشفيع هذه الدار والنخل والأرض رجل واحد فأتى الشفيع
فقال أنا آخذ حظ أحدهم وأسلم حظ الاثنين (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
وليس ذلك له إلا أن يأخذ ذلك كله أو يتركه وذلك إذا كان ذلك كله في
صفقة واحدة * (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا من دارين صفقة واحدة وشفيع
كل دار على حدة فسلم لي أحدهما الشفعة وأراد الآخر الاخذ بالشفعة فقلت له خذ
الصفقة كلها أو دع فقال لا آخذ الا الذي أنا فيه شفيع أيكون له ذلك في قول مالك
أم لا (قال) قال مالك للشفيع أن يترك تلك التي لا شريك له فيها لأنه ليس بشفيع
لها ويأخذ التي له فيها شرك لأنه شفيعها
(ما جاء فيمن اشترى شقصا فوهبه ثم استحق أو غير ذلك)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى دارا فوهبها لرجل فهدمها أو وهب نقضها
لرجل يهدمه ثم أتى رجل فاستحق نصف الدار (فقال) هذا والبائع سواء ألا ترى أن
المشتري لو باع من غيره فهدمها المشتري الآخر انه لا شئ للشفيع عليه من قيمة
البناء إلا أن يكون الهادم باع شيئا من ذلك فيبيعه على ما فسرت لك فيمن باع نقضا
وكذلك الهبة في هذا لان الموهوب له لم يكن غاصبا إنما هدم على وجه الهبة
والاشتراء فلا شئ عليه إلا أن يكون باع شيئا من ذلك فيكون بحال ما وصفت لك
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) قال لي مالك ذلك في المشتري والموهوب له مثله
415

* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى دارا فوهبها لرجل فأتى رجل فاستحق نصفها
وأخذ النصف الباقي بالشفعة لمن يكون ثمن هذا النصف الذي يأخذه المستحق
بالشفعة أللواهب أم للموهوب له (قال) للواهب * (قلت) * لم (قال) لأنه إنما
وهب له الدار ولم يهب له الثمن * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هو قوله وأما
الذي سمعت أنا منه في رجل وهب لرجل جارية ثم هلك الموهوب له ثم استحقت
بحرية فقيل لمالك لمن ترى هذا الثمن الذي أخذ من بائعها الورثة الموهوب له أم
للمشتري الواهب فقال مالك بل للواهب وليس للموهوب له ولا لورثته شئ (قال)
وقد بلغني أنه كان يقول في الاستحقاق أيضا ان الثمن للواهب إذا وهب عبدا
فاستحق العبد أنه مسروق * (قلت) * أرأيت أن اشترى رجل شقصا من دار فوهبها
لرجل فأتى شفيعها فأخذ بالشفعة لمن يكون الثمن (قال) إذا وهبها وهو يعلم أن
للذي وهب من الدار شفيعا يأخذ ذلك أن شاء أو يترك فأرى الثمن للموهوب له
* (قلت) * ما فرق ما بين هذه المسألة وبين المسألة التي قبلها في الذي اشترى جميع
الدار فوهبها فاستحق نصف الدار فقلت فيه الثمن للواهب وقلت ها هنا الثمن
للموهوب له (فقال) لان الواهب إنما وهب الدار كلها ولم يهب الثمن وان الذي
وهب الشقص من الدار قد عرف أن لها شفيعا إنما وهبها وقد عرف أن الشفيع ان
شاء أخذ وان شاء ترك فليس له من الثمن شئ
(الرجوع في الشفعة بعد تسليمها وأخذ الشفعة بالبيع الفاسد)
* (قلت) * أرأيت أن اشترى رجلا ن حصة رجل فأخبر الشريك ان حصة صاحبك
قد اشتراها فلأن لأحدهما ولم يذكر له أن يذكر له أن الآخر قد اشترى مع الذي ذكر له
فقال قد سلمت له الشفعة فقيل له بعد ذلك أنه لم يشتر هو وحده إنما اشترى هو
وفلان فقال فأنا آخذ بالشفعة وقال الذي أسلم الشفعة قد سلمت لي فلا أعطيك
حصتي (فقال) أرى أن يأخذهما جميعا حصة الذي سلم له الشفعة وحصة الآخر الذي
لم يسلم له الشفعة لان الرجلين إذا اشتريا من رجل حصته لم يكن للشفيع إلا أن يأخذ
416

الشفعة كلها أو يترك البيع * (قلت) * أرأيت البيع الفاسد أفيه شفعة أم لا (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إن لم يفت البيع الفاسد رد بعينه وان فات حتى تصير
الدار على المشتري بالقيمة رأيت الشفعة للشفيع * (قلت) * أرأيت حوالة الأسواق
أهي في الدور فوت أم لا في قول مالك (قال) ليست بفوت * (قيل) * فتغيير البناء
من غير هدم (قال) لا أعرف هذا وإنما أعرف الفوت في البناء إذا كان الهدم فهذا
فوت عند مالك * (قلت) * ويكون المشترى قد بنى فيها بنيانا من البيوت والقصور
فهذا فوت أيضا (قال) والغرس أيضا فوت أو يشتريها وفيها غرس فيموت الغرس
فهذا أيضا فوت * (قلت) * أرأيت البيع الفاسد إذا ولاه الرجل أيجوز أم لا (فقال) قال
لي مالك ان ولاه فقال أوليك كما اشتريت فهذا لا يصلح وينقض أيضا لأنه إن كان
المشترى الأول وقع في صفقته بيع وسلف فقال للذي ولاه أوليك هذه الشفعة كما اشتريتها
فهذا لا يصلح لان هذا الثاني أيضا قد وقع مثل ما وقع فيه الأول في بيع وسلف
فلا يجوز * (قلت) * فان قال قامت علي هذه السلعة بمائة دينار وإنما أبيعكها بذلك
(قال) هذا كذب لم تقم عليه بمائة دينار لأنه إن كان أخذها بمائة دينار على أن
أسلف عشرة دنانير وقيمة السلعة خمسون دينارا فلم تقم عليه السلعة بمائة فهذا قد
كذب فيكون المشتري بالخيار ان أحب أن يأخذ بالمائة دينار أخذ وان أحب أن
يرد رد فان فاتت في يدي المشتري قبل أن يختار قومت السلعة فان بلغت من القيمة
أكثر من المائة لم يزد عليها لأنه قد رضي به أولا وان كانت أقل من المائة فله ذلك
* (قلت) * فان اشتراها بيعا فاسدا وباعها بيعا صحيحا (قال) هذا فوت أيضا في البيع
الفاسد وله أن يأخذ بالبيع الصحيح وليس له أن يأخذ بالبيع الفاسد * (قلت) * أرأيت
الشفعة هل تورث في قول مالك (قال) نعم
(تنازع الغرماء والشفعاء في الدار)
* (قلت) * أرأيت الرجل يشترى شقصا من دار مشتركة فيموت وعليه دين أو يقوم
عليه الغرماء ولم يمت فيأتي الشفيع بحضرة ذلك فيريد الاخذ بالشفعة وفي قيمة الدار
417

فضل عما اشتراها به وقال الغرماء نحن نأخذ الدار لان فيها فضلا عما اشتراها به
(قال) الشفيع أولى من الغرماء * (قال) * ولقد سئل مالك عن رجل عليه دين وله
شريك في دار فباع شريكه حصته فقام عليه غرماؤه فقالوا له خذ شفعتك فان فيها
فضلا وقال لا آخذ فقال له الغرماء أنت مضار ونحن نأخذ إذا كانت لك الشفعة
فان فيها فضلا نستوفيه (قال مالك) ذلك للشفيع ان شاء أن يأخذ وان شاء أن يترك
وليس للغرماء ها هنا حجة * (قلت) * أرأيت أن أسلم الشفيع الشفعة بمال أخذه من
المشتري أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) قال مالك إذا أسلم الشفعة بعد وجوب
الصفقة بمال أخذه فذلك جائز وان أسلم شفعته قبل وجوب البيع للمشتري بمال أخذه
فذلك باطل لا يجوز لأنه لم تجب له الشفعة بعد وهو مرود وهو على شفعته هاهنا
ان أحب أن يأخذ شفعته أخذ وان أحب أن يترك ترك (قال ابن القاسم) وكذلك أن أسلمها بمال قبل الوجوب فهو كذلك ويرد ما أخذ * (قلت) * أرأيت أن اشتريت
شقصا من دار مشتركة فأتى رجل إلى الشفيع فقال خذها بشفعتك ولك مائة دينار
ربحا أربحك فيها (قال) قال مالك لا خير في هذا ولا يجوز * (قلت) * أرأيت لو أن
شفيعا وجبت له الشفعة فباع قبل أن يأخذ أيجوز ذلك في قول مالك (قال)
قال مالك لا يجوز ذلك * (قلت) * هل تحفظه عن مالك (قال) هو قول مالك
(شفعة الغائب)
* (قلت) * أرأيت الغائب إذا علم بالشراء وهو شفيع ولم يقدم يطلب الشفعة حتى متى
تكون له الشفعة (قال) قال مالك لا تقطع عن الغائب الشفعة بغيبته * (قلت) *
علم أو لم يعلم (قال) ليس ذلك عندي الا فيما علم وأما فيما لا يعلم فليس فيه
كلام ولو كان حاضرا * (قلت) * أرأيت لو أنى اشتريت من رجل شقصا من دار
بإفريقية وأنا بمصر وشفيعها معي بمصر فأقام معي زمانا من دهره لا يطلب الشفعة ثم
خرجنا إلى إفريقية فطلب شفعته أيكون ذلك له لا زمانه في قول مالك أو طلب بمصر
قبل أن يخرج إلى إفريقية أيكون ذلك له في قول مالك أم لا (قال) لا أحفظ قول مالك
418

مالك فيها وأرى الدار الغائبة والحاضرة سواء ان ذلك له قام بمصر أو بإفريقية فذلك
له ما لم يطل ذلك حتى يرى أنه تارك للشفعة وفي مسألتك التي ذكرت أنه مقيم
معك زمانا من دهره ولا يطلب ذلك فلا أرى له شفعة إذا كان تاركا لذلك بعد
علمه به حتى يطول ويكون أكثر من السنة فيما يرى أنه تارك لها والدار الحاضرة
والغائبة في ذلك عندي سواء
(الدعوى في الدار)
* (قلت) * أرأيت أن وكلت رجلا يشترى لي شقصا من دار وهو شفيعها أو وكلته
أن يبيع لي شقصا من دار وهو شفيعها فباع أو اشترى أتكون له الشفعة في الوجهين
جميعا أم لا (قال) نعم ولا أقوم على حفظ سماعي من مالك فيه * (قلت) * أرأيت
ان كانت دار في يدي رجل فأقام البينة رجل أنه اشترى هذه الدار من هذا الذي
الدار في يديه وأقام الذي الدار في يديه البينة أنه اشتراها من هذا المدعى (قال) إذا
تكافأت البينتان في العدالة فهي للذي في يديه وإن لم تتكافآ في العدالة قضى بها
لأعدل البنتين * (قلت) * أرأيت أن اشتريت دارا فبنيت فيها بيوتا أو قصورا أو
وهبتها أو بعتها ثم اختلفنا أنا والبائع في الثمن القول قول من (قال) هذا فوت والقول
قول المشترى عند مالك * (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا من دار لها شفيعان فسلم
لي أحدهما الشفعة وقال الآخر أنا آخذ جميع الشفعة وقال المشتري خذ الجميع وقال
الشفيع لا آخذ الا حصتي لم يكن ذلك له اما أن يأخذ الجميع واما أن يدع وهذا قول
مالك * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشتري شقصا من دار مشتركة لها شفعاء
وكلهم غيب الا واحدا حاضرا فقال الحاضر الجميع بشفعتي وقال المشترى
لا أدفع إليك حظوظ الغيب أو قال المشتري خذ الجميع وقال الشفيع لا آخذ الا قدر
حصتي من الشفعة (قال) قال مالك يأخذ هذا الحاضر جميع ذلك أو يترك في
الوجهين جميعا * (قلت) * فان قدم الغائب وقد أخذ هذا الحاضر الجميع بالشفعة (قال)
يدخلون معه جميعا ان أحبوا كلهم فيأخذون بقدر ما كان لهم من شفعتهم فان أخذ
419

بعضهم وأبى بعضهم لم يكن للآخذ أن يأخذ بقدر حصته ويدع ما بقي وليس له إلا أن يكون شريكا يقاسمه جميع ما اشترى فيأخذ أو يدع * (قال) * وقال لي مالك ولو أن
هذا الحاضر أبى أن يأخذ الجميع وقال لا آخذ الا قدر حصتي فترك أن يأخذ الجميع
لم يكن له شئ فان قدم الغيب كان لهم أن يأخذوا جميع ذلك بالشفعة فان أخذوا ذلك
بالشفعة لم يكن لذلك الحاضر فيما أخذ الغيب شفعة لأنه قد ترك ذلك أولا فلا
يكون له في ذلك شئ ولهؤلاء الذين قدموا أن يأخذوا جميع ذلك أو يتركوا (قال)
قال مالك وليس لهذا الحاضر أن يقول أنا آخذ بقدر حصتي من الشفعة وأترك
حصص أصحابي حتى يقدموا فان أخذوا شفعتهم والا أخذت ذلك (قال مالك)
ليس ذلك له ولكن اما أن يدع واما أن يأخذ وإذا قدم هؤلاء الغيب فترك جميعهم
الشفعة الا واحدا منهم قيل له خذ الجميع أو دع
(باب الكفالة في الدور)
* (قلت) * أرأيت أن بعت دارا وأخذ مني المشتري كفيلا بما أدركه من درك فبنى في الدار
ثم استحقها مستحق أيكون للمشتري على الكفيل من قيمة ما بنى شئ أم لا (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى على الكفيل الا ما ضمن له أولا ولا يكون عليه
من قيمة ما بنى المشتري في الدار قليل ولا كثير ولكن يقال للمستحق ادفع إلى
هذا المشتري قيمة ما بنى أو خذ قيمة دارك فان دفع إليه قيمة ما بنى وأخذ داره رجع
المشتري على البائع بالثمن أو على الحميل بالثمن والمشترى في ذلك مخير وهو قول مالك
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا قال اشهدوا أني قد أخذت بشفعتي ثم قال قد بدا لي (قال)
قال مالك إذا كان قوله ذلك بعد الشراء وقد علم بالثمن فقد لزمه ذلك وإن كان لم يعلم
بالثمن فله أن يترك ان أحب * (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا في دار بعبد
فمات العبد في يدي قبل أن أدفعه (قال) قال مالك المصيبة من رب الدار لان العبد
قد وجب له (قلت) أفيأخذ الدار الشفيع بشفعته بقيمة العبد (قال) نعم عند مالك
* (قلت) * وتكون عهدة الشفيع على رب الدار الذي باعها (قال) لا ولكن تكون
420

العهدة على المشتري * (قيل) * فمتى تجب للشفيع الشفعة في قول مالك (قال) قال
مالك ان الشفعة تجب للشفيع ساعة تقع الصفقة نقد أو لم ينقد قبض الدار أو لم يقبض
(أخذ الشفيع الشفعة بالبيع الفاسد)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار بيعا فاسدا فأخذ الشفيع ذلك
بالشفعة ثم علم بفساد البيع (قال) ترد الدار إلى البائع ولا يأخذها الشفيع ولا المشتري
لان البيع فاسد
(باب باع شقصا من دار بعبد فأخذ الشقص)
* (بالشفعة ثم أصيب بالعبد عيب) *
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا من دار بعبد ثم أخذها الشفيع بالشفعة فأصاب
بائع الدار بالعبد عيبا (قال) يرده ويأخذ قيمة الدار من المشتري للدار وقد مضت الدار
للشفيع بالشفعة * (قلت) * ولم أمضيت الدار للشفيع بالشفعة هاهنا (قال) لان هذا
المشتري إذا دفعها إلى الشفيع فهو بمنزلة ما لو باعها من غيره * (قلت) * فلم لا تجعله
في البيع الفاسد بهذه المنزلة (قال) لان البيع الفاسد كان مردودا من الآخر والأول
ألا ترى لو أن رجلا باع باع بيعا فاسدا ثم باع من آخر ردا جميعا إلا أن يتطاول
أو يتغير بالأبدان أو بالأسواق فيكون في ذلك القيمة ولا يرد فهذا فرق بينهما
* (قلت) * وهذا كله قول مالك (قال) منه قوله ومنه رأيي * (قلت) * أرأيت أن
اشتريت شقصا من دار بعبد فأخذ الشفيع ذلك الشقص بشفعته ثم استحق العبد
من يد بائع بالدار (قال) قد مضت الدار للشفيع ويرجع بائع الدار على المشتري بقيمة
الشقص * (قلت) * أرأيت أن كانت قيمة العبد ألفا وقيمة الشقص ألفين فرجع بائع
الشقص على المشتري بألفين وإنما أخذ المشتري من الشفيع ألفا فأراد المشتري أن
يرجع على الشفيع بألف آخر لأنه قد صارت الدار على المشتري بألفين وهو قيمتها
وإنما أخذها الشفيع منه بألف (قال) لا يرجع المشتري على الشفيع بقليل ولا كثير
421

لان الاخذ بالشفعة إنما هو بيع من البيوع وكذلك لو كانت قيمة العبد ألفي درهم
وقيمة الشقص ألف درهم فلما أخذها الشفيع بقيمة العبد وهي ألفا درهم استحق العبد
فرجع البائع على المشتري بألف درهم فليس للشفيع أن يرجع على المشتري بالألف
التي فضلت عنده * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) لا أحفظه عن مالك وهو رأيي
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا من دار بعرض من العروض فمضى لذلك زمان
والعرض قائم بعينه عند بائع الدار أو مستهلك فاختلف المشتري والشفيع في قيمته
أينظر إلى قيمة العرض إن كان قائما بعينه اليوم أم لا (قال) إنما ينظر إلى قيمته يوم وقع
الشراء ولا ينظر إلى قيمته * (قلت) * فان تأتي بما لا يشبه (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
المشتري مع يمينه * (قلت) * فان أتى بما لا يشبه (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
ولكن رأيي أنه مثل البيوع أنه ان أتى بما لا يشبه لم يقبل قوله وكان القول قول الشفيع
إذا أتى الشفيع بما يشبه فان أتى أيضا بما لا يشبه قيل للذي استهلكه وهو المشتري
صف العرض ويحلف على الصفة ثم يقوم على صفته بعد يمينه ثم يقال للشفيع خذ
أو اترك * (قيل) * فان نكل المشتري عن اليمين على الصفة التي وصفت (قال)
يقال للشفيع صف واحلف فإذا وصف وحلف أخذها بقيمة تلك الصفة وهذا
مثل البيوع
(باب اشترى شقصا بحنطة فاستحقت الحنطة)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار بحنطة بعينها فاستحقت الحنطة
أيرجع بائع الشقص فيأخذ الشقص أم يأخذ حنطة مثل الحنطة التي استحقت في
يده وهل فيه شفعة (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن لو أن رجلا اشترى
حنطة بعينها ثم استحقت الحنطة لم يكن على صاحب الحنطة أن يأتي بحنطة مثلها
عند مالك فأرى في مسألتك ان أخذها الشفيع بالشفعة قبل أن يستحق الطعام
أن لا يرد ويغرم له قيمة الشقص الذي اشترى وإن كان إنما استحق قبل أن يأخذ
الشفيع الشفعة فلا شفعة للشفيع (قال) وكذلك الرجل يشتري الدار بعبد فيستحق
422

العبد قبل أن يقوم الشفيع فلا شفعة له فيه لأنه لم يتم البيع وترد الدار إلى صاحبها
وينفسخ البيع ولو أخذت بالشفعة ثم استحق العبد رجع بقيمة الدار ولم يؤخذ من
الشفيع ما أخذ (قال) وشراء الطعام بالدراهم والدنانير سواء إذا استحق أنه يرجع
بالدنانير ولا بيع بينهما والدار عندي بمنزلته
(ما جاء في البائع يقر بالبيع وينكر المشتري)
* (فيريد الشفيع أن يأخذ بالشفعة باقرار البائع) *
* (قلت) * أرأيت أن أقر البائع بالبيع وجحد المشتري البيع وقال لم أشتر شيئا ثم تحالفا
وتفاسخا البيع فقام الشفيع فقال أنا آخذ بالشفعة بما أقررت لي أيها البائع (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى فيه شفعة لان عهدته على المشتري فإذا لم يثبت
للمشتري ما اشترى فلا شفعة له
(فيمن باع عبدا بشقص ودراهم ثم جاء الشفيع ليأخذ الشقص)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا باع عبده بشقص من دار وبألف درهم فأتى الشفيع
ليأخذ بالشفعة وقيمة العبد ألف درهم وقيمة الشقص ألف درهم فبكم يأخذها الشفيع
(قال) يأخذها الشفيع في قول مالك بخمسمائة درهم لان ثمن العبد وهو الألف درهم
يقسم على ثمن الشقص وهو ألف درهم وعلى الألف درهم فيصير نصف ها هنا
ونصف ها هنا فيأخذ الشفيع الشقص بنصف قيمة العبد وذلك خمسمائة درهم
(مالا شفعة فيه من السلع)
* (قلت) * أرأيت سفينة بيني وبين رجل أو خادما بيني وبين رجل بعت حصتي
من ذلك أيكون شريكي أولى بذلك في قول مالك أم لا (قال) لا يكون شريكك
أولى بذلك عند مالك إنما يقال لشريكك بع معه أو خذ بما يعطى فأما إذا باع ورضى
بأن يبيع وحده فليس لشريكه فيه شفعة وهذا قول مالك
423

(باب الشفعة في العين والبئر)
* (قلت) * أرأيت لو أن أرضا بيني وبين رجل ونخلا وعينا لهذه الأرض والنخل
قاسمت شريكي في الأرض والنخل ثم بعت حصتي من العين (قال) قال مالك
لا شفعة لشريكك فيما بعت من العين * (قلت) * فان هو لم يقاسمه الأرض والنخل
ولكنه باع نصيبه من العين ولم يبع نصيبه من الأرض (قال) قال مالك فلشريكه الشفعة
في العين ما دامت الشركة في الأرض والنخل * (قال) * قلت لمالك أرأيت الحديث الذي
جاء لا شفعة في بئر ما هو (قال) هو إذا قسم أصحابه الأرض والنخل ثم باع حصته
من العين أو البئر قال مالك فهذا الذي جاء فيه الحديث لا شفعة في بئر (قال) وان هو
لم يقسم كانت فيه شفعة باع حصته من الأرض والبئر أو باع البئر أو العين وحدها
ففيها الشفعة * (قلت) * أرأيت العين هل يقسم شربها في قول مالك (قال) قال
مالك نعم يقسم بالقلد (1) * (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا من الأرض فزرعتها
أو غرستها فأتى الشفيع ليأخذ بالشفعة (قال) قال مالك له أن يأخذ بالشفعة
والزرع للزارع * (قلت) * فهل يكون للشفيع من الكراء شئ أم لا (قال) لا يكون
له من الكراء شئ * (قلت) * فإذا كان قد غرسها نخلا أو شجرا (قال) إذا غرسها
نخلا أو شجرا فإنه يقال للشفيع إن شئت فخذها واغرم قيمة ما فيها من الغرس
فان أبى لم يكن له شفعة وهذا قول مالك * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا بينه وبين
شريك له أرض ونخل فاقتسما النخل وتركا الأرض لم يقتسماها فباع أحدهما ما صار
له من النخل أيكون لشريكه الشفعة أم لا (قال) سمعت مالكا يقول في النخلة تكون
للرجل في الحائط فيبيعها انه لا شفعة لرب الحائط فيها وكذلك مسألتك لان كل
ما قسم فلا شفعة فيه عند مالك * (قلت) * أرأيت لو أنى اشتريت أرضا من رجل
يزرعها قبل أن يبدو صلاحها بمائة دينار فأتى رجل فاستحق نصف الأرض فطلب
الاخذ بالشفعة كيف يصنع فيما بينهما في قول مالك (قال) إذا استحق نصف الأرض

(1) (بالقلد) هو بكسر القاف الحظ من الماء اه‍
424

بطل البيع في النصف الذي استحق هذا المستحق فيما بين البائع والمشتري في
الأرض وفي الزرع لان نصف الزرع الذي صار في نصف الأرض التي استحقت
صار بيع الزرع قبل أن يبدو صلاحه فيرجع ذلك النصف من الزرع إلى بائع
الأرض ويرد على مشتري الأرض نصف الثمن لان نصف الأرض ونصف الزرع
قد بطل البيع فيهما وبقي نصف الأرض ونصف الزرع والبيع فيهما صحيح ثم
يبدأ الشفيع فيخير في الشفعة فان اختار الاخذ بالشفعة كانت له الشفعة في نصف
الأرض وليس له في نصف الزرع شفعة (قال) وان ترك المستحق الشفعة فالمشتري
مخير ان شاء تماسك بما بقي في يديه وان شاء رد ذلك لأنه قد استحق منها ماله البال
والقدر وعليه قيمة المضرة فله أن يرد ذلك أن شاء ويرجع بجميع الثمن * (قلت) *
ولم بدأت الشفيع بالخيار في الاخذ بالشفعة والمشتري يقول لا أريد التماسك وأنا
أريد الرد لان ما استحق منها عيبا فيها شديدا فانا أريد الرد ولا أحب أن يكون
للشفيع علي عهدة إذا كان لي أن أرد (قال) ليس ذلك له وله الشفعة عليه * (قال) * وقال
مالك في رجل باع حائطا فأتى رجل فاستحق بعض الحائط فأراد أن يأخذ بالشفعة
وفيه ثمر لم يبد صلاحها كيف يصنع (فقال) قال مالك يدفع الشفيع إلى المشتري قيمة
ما أنفق في النخل في سقيها وعلاجها وتكون له الثمرة كلها وذلك أن بعض المدنيين
قالوا إن الثمرة للمشتري حين لم يدركها الشفيع حتى أبرت النخل فقال مالك ما أخبرتك
* (قال) * وقال مالك ولو أن رجلا ابتاع أرضا فزرع فيها ثم أتي رجل فاستحقها لم يكن
له من الزرع قليل ولا كثير وإنما له كراء مثلها إذا كان زرع الأرض لم يفت ولو لم يكن
فيها زرع لزرعها المستحق ولو كان فيها زرع وقد فاتت زراعة الأرض لم يكن له من
كراء الأرض قليل ولا كثير وكان بمنزلة ما لو زرعها وهي في يديه قبل ذلك لما
مضى من السنين * (قلت) * فان استحق بعضها وأخذ البقية بالشفعة أيكون له فيما
أخذ بالشفعة كراء أم لا (قال) أما الذي استحقه فله فيه كراء مثله على ما وصفت
لك وأما الذي يأخذ بالشفعة فلا كراء له لأنه لم تجب له الأرض الا بعد ما أخذها
425

وقد زرعها صاحبها قبل ذلك والذي استحق قد كان وجبت له قبل الزرع فله فيه
الكراء على ما وصفت لك ما لم يفت * (قلت) * أرأيت لو أنى اشتريت من رجل أرضا
بمائة دينار وللبائع في الأرض زرع لم يبد صلاحه ثم اشتريت الزرع أيضا في صفقة
واحدة أخرى بمائة دينار فأتى رجل فاستحق الأرض كلها (قال) إذا استحق رجل
الأرض كلها بطل شراء المشتري في الزرع لأنه إنما جاز له أن يشتري الزرع قبل أن
يبدو صلاحه إذا كانت له الأرض فيشتري الزرع بعدها أو يشتري الأرض والزرع
جميعا معا فيجوز ذلك فأما إذا اشترى الزرع مع الأرض أو بعد الأرض في صفقة
على حدة فاستحقت الأرض بطل البيع في الزرع إلى البائع * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) هذا رأيي * (قيل) * فان اشتريت الزرع في صفقة في صفقة أخرى
أو اشتريت الزرع والأرض جميعا في صفقة واحدة فبعت الأرض وبقي الزرع في
يدي أيبطل الشراء في الزرع لأنه لم يبد صلاحه أم لا (قال) لا يبطل الشراء فيه
لأنك قد صرت فيه بمنزلة رب الأرض إذا زرع أرضه فباع أرضه وترك زرعه
فذلك جائز له لان الأرض هاهنا لم يستحقها مستحق فيبطل شراؤك في الأرض
وإنما أنت رجل بعت الأرض وشراؤك إياها صحيح فمن هاهنا جاز لك شراء الزرع
وطاب * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم
(ما جاء في الشفعة في الثمرة)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى نخلا وفي النخل طلع لم يؤبر فأتى رجل
فاستحق نصفه وطلب النصف الباقي في الشفعة (قال) ان أتى الشفيع يوم باعه البائع
أخذ النصف الذي استحق ورجع المشتري على البائع بنصف الثمن وأخذ النصف
الباقي بشفعته ان أحب بما فيها * (قلت) * فإن لم يأت حتى عمل المشتري في النخل وسقى
وأبرت النخل وصارت بلحا (قال) يقال للشفيع خذ النصف بالاستحقاق وخذ
النصف الباقي إن أحببت بالشفعة واغرم للمشتري عمله فيما سقى وعالج في جميع
ذلك فيما استحققت وفيما أخذت بالشفعة فان أبى أن يأخذ بالشفعة كان له نصف
426

الحائط ونصف الثمرة ويكون عليه نصف قيمة ما عمل المشتري في ذلك وسقى إن كان
له فيه عمل فان أبى أن يغرم ذلك لم يكن له أن يأخذ نصف ما استحق
ورجع على البائع نصف الثمن * (قلت) * وإن لم يأت هذا المستحق ولم يستحق
الا بعد ما أزهى هذا الطلع (قال) يأخذ نصف النخل ونصف الثمرة بالاستحقاق
ويغرم نصف العمل كما وصفت لك ويأخذ النصف الباقي ان أحب بالشفعة بنصف
ثمن الجميع ويكون له ثمرة هذا النصف الذي يأخذه بالشفعة إذا أزهى ما بينها وبين
أن تيبس فإذا يبست فلا حق للشفيع فيها وكذلك قال مالك في الرجلين تكون
بينهما الثمرة ان باع أحدهما حظه منها بعد أن أزهت ان للشريك أن يأخذ بالشفعة
ما لم تيبس وتستجد فإذا يبست واستجدت فباع بعد ذلك فلا شفعة له فيها
فمسألتك عندي مثلها (قال ابن القاسم) والذي يشترى النخل ثم يسقيها حتى تثمر
ثم يفلس وفى النخل ثمرة ان البائع أحق بالنخل وبالثمرة ما لم تجد الثمرة إلا أن
يشاء الغرماء أن يدفعوا إليه الثمن ويكون لهم النخل والثمرة وهذا عندي مخالف
للشفعة * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى نخلا وفي النخل ثمر قد أزهى وحل
بيعه فأتى رجل فاستحق نصف تلك النخل (قال) يأخذ نصف النخل وما فيها من
الثمرة ويرجع المشتري على البائع بنصف الثمن ويغرم المستحق للمشتري
نصف قيمة ما عمل إن كان عالج في ذلك شيئا وسقى * (قلت) * فان أراد أن يأخذ
بالشفعة أيكون له يأخذ الثمرة والنخل جميعا بالشفعة (قال) نعم لان مالكا قال في
قوم شركاء في ثمرة كان الأصل لهم أو كانت النخل في أيديهم مساقاة أو كانت نخلا
حبسا على قوم فأثمرت النخل وحل بيعها فباع أحد من سميت لك من أهل
الحبس أو أحد من المساقين أو ممن كان النخل بينهم فباع حصته من الثمرة ولم يبع
الرقاب فان شركاءه في الثمرة كان لهم الأصل أو لم يكن لهم الأصل يأخذون الذي
باع شريكهم في الثمرة بالشفعة بما باع به فلذلك رأيت للمستحق أن يأخذ النخل
والثمر جميعا بالشفعة وان كانت الصفقة إنما هي بعد أن أزهت الثمرة فله أن يأخذ
427

بالشفعة لان البائع لو باع الثمرة وحدها بغير أصل كان هذا الذي استحق نصف
النخل شفيعا في الثمرة عند مالك فلذلك كان هذا له أن يأخذ النخل والثمرة * (قال) *
وقال مالك في الحائط اشتراه رجل ولا ثمرة فيه ففلس مشتري الحائط وفيه ثمر قد
طاب وحل بيعه ان الثمرة لصاحب الحائط ما دامت في رؤس النخل وان أزهت ألا أن
يدفع إليه الغرماء الثمن * (قلت) * أرأيت أن اشترى هذه النخل وفيها ثمرة قد أبرت
ولم تزه فاستثناها البائع ثم أزهت عند المشتري وقام الغرماء (قال) فلا شئ للغرماء
في النخل ولا في الثمرة ويقال للبائع خذ حائطك بثمرته إلا أن يشاء الغرماء أن
يدفعوا إليك الثمن الذي بعت به ويكونون أولى بالنخل وبثمرته فذلك لهم
* (قلت) * أرأيت إذا اشتري أرضا وفيها زرع قد بدا صلاحه اشترى الأرض
والزرع جميعا فأتى رجل فاستحق نصف الأرض فأخذها أيكون له الشفعة في
النصف الآخر في الزرع (قال) قال مالك في الشريكين في الزرع يبيع أحدهما
نصيبه بعد ما ييبس ويحل بيعه انه لا شفعة له في الزرع إذا حل بيعه * (قلت) * فلم
قال مالك في الثمرة إذا طابت فاشتراها رجل مع النخل ان فيها الشفعة (قال)
لا أدري إلا أن مالكا كان يفرق بينهما ويقول إنه لشئ ما علمت أنه قاله في الثمرة
أحد من أهل العلم قبلي ان فيها شفعة ولكنه شئ استحسنته ورأيته فأرى أن يعمل
به وقال الزرع لا يشبه الثمرة عندي (قال ابن القاسم) وبلغني عنه وهو رأيي أنه قال
ما بيع من الثمار مما فيه الشفعة من الثمر والعنب والثمار كلها سوى الزرع مما ييبس في
شجره فباع نصيبه إذا يبست واستجدت فيبيع فلا شفعة في ذلك مثل الزرع وذلك
أن ما بيع من الثمار بعد ما يبس واستحد فلا جائحة فيه وكذلك الزرع لا جائحة فيه
وأمرهما واحد * (قلت) * أرأيت أن اشتريت نخلا فأكلت ثمرتها سنين ثم جاء
الشفيع يطلب الشفعة فقال إن كان اشتراها وليس فيها ثمرة يوم اشتراها ثم أثمرت بعد
ذلك فأكلها سنين فان مالكا قال لا شئ للشفيع من ذلك لان الشفيع إنما صارت
له النخل الساعة حين أخذها فما كان قبل ذلك مما أثمرت النخل وهي في غير ملك
428

الشفيع فلا شئ للشفيع من ذلك * (قلت) * فإن كان المشتري اشترى النخل وفي
رؤس النخل ثمر يوم اشتراها (قال) قد وصفت لك ذلك أن كانت لم تزه فأزهت
عند المشتري أخذ الشفيع النخل والثمرة بالثمن وإن كان المشتري اشترى النخل
وفيها ثمرة قد طابت وحل بيعها فلم يأخذ الشفيع بالشفعة حتى صرم المشتري النخل
فان الثمن يقسم على قيمة النخل وعلى قيمة الثمرة يوم وقعت الصفقة فأخذ الشفيع
بالشفعة النخل بما أصاب النخل من الثمن ويوضع عن الشفيع ما أصاب الثمرة
من الثمن لان الصفقة حين وقعت وقع للثمرة حصة من الثمن (قال) وهذا قول
مالك * (قلت) * فان أدرك الشفيع النخل والثمرة قبل أن يجدها المشتري وقد
كان اشتراها المشتري بعد ما أزهت وطابت (قال) يأخذ النخل والثمرة جميعا عند
مالك بالشفعة (قال) وقال مالك وان أدرك الشفيع النخل وفيها ثمرتها لم تزه بعد أخذ
الشفيع النخل والثمرة بالثمن بعد أن يدفع إليه قيمة ما أنفق * (قلت) * أرأيت لو أني
اشتريت نخلا وأرضا فأكريت الأرض وأثمرت النخل عندي فأكلت ذلك
فأردت أن أبيع الأرض والنخل مرابحة (قال) قال مالك في الثياب والحيوان إذا
حالت أسواقه عند المشتري فلا يبيعه مرابحة حتى يبين أنه اشتراه في زمان كذا
وكذا فأرى النخل والأرض عندي بتلك المنزلة * (قلت) * أرأيت لو أني اشتريت نخلا
صغارا وديا فلم يأت الشفيع ليأخذ بالشفعة حتى صارت نخلا كبارا بواسق فجاء الشفيع
يطلب بالشفعة (قال) يغرم قيمة ما عمل المشتري ويأخذ الشفيع النخل وان كانت قد
كبرت * (قيل) * أرأيت أن اشتريت أرضا وزرعا لم يبد صلاحه صفقة واحدة ثم
جاء الشفيع فاستحق بالشفعة بعد ما طاب الزرع أيكون للشفيع في الزرع شفعة أم لا
(قال) لا شفعة له في الزرع * (قلت) * فبم يأخذ الأرض الشفيع أبجميع الثمن أم
يوضع عن الشفيع للزرع شئ أم لا وهل وقع للزرع حصة من الثمن في الصفقة
أم لا (قال) قد وقع للزرع حصة من الثمن فيقسم الثمن على قيمة الأرض وقيمة الزرع
429

يوم اشتراه المشتري بين الرجاء والخوف ثم يوضع عن الشفيع ما أصاب الزرع من
الثمر ويأخذ الأرض بما أصابها من الثمن * (قلت) * لم كان هذا في الزرع هكذا وقد
قلت في الطلع انه إذا استحق الشفيع في النخل الشفعة وقد انتقل الطلع إلى حال
الأثمار واليبس انه يأخذ النخل بالشفعة ولا يوضع عن الشفيع للثمرة شئ ولا حصة
للثمرة من الثمن يوم وقعت الصفقة (قال) لان الثمرة حبل ما كانت في رؤس النخل
ألا ترى أن النخل لو باعها بائع وفيها طلع لم يؤبر فاستثنى البائع فهذا فرق ما بينهما
* (قلت) * فان النخل إذا أبرت فباعها ربها فالثمرة للبائع إلا أن يشترطها المبتاع فقد
صار للثمرة بعد الابار حصة من الثمن إذا جاء الشفيع فاستحق بالشفعة وقد انتقلت
الثمرة إلى حال اليبس والأثمار فلم لا تجعل للثمرة حصة كما جعلت للزرع حصة من
الثمن ولان الأرض قد يبيعها صاحبها ويبقي الزرع لصاحبها فكذلك النخل إذا كانت
الثمرة قد أبرت فان صاحبها يبيعها وتكون له الثمرة فما فرق بين هذين (قال)
سمعت مالكا يقول في الشفيع إذا جاء ليأخذ وقد أبرت النخل انه يدفع إلى المشتري
ما أنفق في السقي والعلاج ويأخذ الثمرة بالشفعة (قال) مما يبين لك أيضا فرق
ما بينهما أن الثمرة نصفها للآخذ بالشفعة وان الزرع ليس للآخذ بالشفعة منه قليل
ولا كثير لان الثمرة ولادة وليس الزرع بولادة فهذا الذي سمعت من قول مالك
وبلغني عنه (قال) وأما إذا اشترى النخل وفيها ثمرة قد أبرت فاستثنى ثمرتها ثم جاء
الشفيع ليأخذ بالشفعة وقد يبست الثمرة (قال) الشفيع لا يأخذ الثمرة ولكن يقسم
الثمن على قيمة الثمرة (قال) الشفيع لا يأخذ الثمرة ولكن يقسم
الثمن على قيمة الثمرة وقيمة النخل فيوضع عن الشفيع ما أصاب الثمرة من الثمن
ويأخذ النخل بما أصابها من الثمن وهذا والزرع سواء ليس بينهما فرق وإنما الذي
قلت لك لا حصة له من الثمن إذا يبست الثمرة ذلك إذا اشترى النخل وفيها
طلع لم يؤبر ولم يكن في النخل فهذا الذي إذا يبست الثمرة فأخذ الشفيع النخل
430

بالشفعة فلا شئ له من الثمرة ولا يكون للثمرة حصة من الثمن لأن هذه
الثمرة ها هنا بمنزلة النخل ألا ترى أنه لا يجوز لصاحب النخل أن يبيع النخل
ويستثنى ذلك
* (تم كتاب الشفعة الأول بحمد الله وعونه) *
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي)
* (وعلى آله وصحبه وسلم) *
(ويليه كتاب الشفعة الثاني)
431

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب الشفعة الثاني)
(الشفعة في الأرحاء)
* (قلت) * أرأيت الرحا رحا الماء هل فيها شفعة في قول مالك (قال) قال مالك
لا شفعة في الأرحية * (قلت) * أرأيت أن كانت الأرض التي نصب فيها البيت فيما بين
الشريكين والنهر يخرق تلك الأرض وجعلا الرحا فيه (قال) إذا باع البيت مع
الرحا والأرض فأرى في الأرض والبيت الشفعة وأما الرحا فلا شفعة فيها * (قلت) *
ولا ترى الرحا من البنيان (قال) لا لان مالكا قال لا شفعة في رحا الماء وإنما هي
عندي بمنزلة عرصة بين رجلين نصبا فيها فكانا يعملان فيها فباع أحدهما نصيبه
من العرصة مع الرحا فليس في الرحا شفعة وليست الرحا من البنيان إنما هي بمنزلة
حجر ملقى في الدار * (قال سحنون) * والرحا في الأرض ما كان يجره الماء أو الدواب
فهو بمنزلة واحدة لا شفعة فيها وإنما الشفعة في الأرض
(الشفعة في الحمام والعين والنهر والبئر)
* (قلت) * أرأيت الحمام هل فيه شفعة في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت
النهر والبئر والعين إذا اشترى الرجل شقصا منه هل فيه شفعة (قال) قال مالك لا
إلا أن يكون لها أرض لم تقسم أو يبيعها وأرضها فتكون الشفعة فيهما جميعا في العين
432

والبئر والنهر والأرض فان اشترى الماء وحده ولا بياض معه ولا نخل فلا شفعة فيه
وكذلك قال لي مالك كل بئر لا بياض معها ولا نخل فإن كانت مما يسقي بها الزرع
والنخل فلا شفعة فيها والعين والنهر مثلها إنما تكون بينهم فيه الشفعة إذا كانت الأرض
معه وهذا لم يختلف قول مالك فيه قط * (قال) * وقال لي مالك لو أن بئرا كانت بين
رجلين ولها بياض ونخل فباع أحدهما نصيبه من الماء وترك نصيبه من النخل ولم
يقاسم صاحبه النخل كان شريكه في النخل أحق بشفعته في هذا الماء إذا كان البائع
باع أصل الماء إذا كانت النخل والأرض لم تقسم * (قلت) * وان اقتسموا النخل
والأرض ثم باع بعد ذلك حظه من الماء فلا شفعة له (قال) نعم لأنه لو باع حصته من الماء
والنخل لم يكن لشريكه فيه شفعة بعد أن يقاسمه وكذلك لو كان لهما بياض بغير نخل
كان مثل ما وصفت لك في النخل لان النخل قد قسم
(باب اشترى شربا فغار بعض الماء)
* (قلت) * هل يجوز في قول مالك أن أشتري شرب يوم أو يومين من هذا النهر
لأسقي به زرعي ولم أشترط أصل الماء (قال) قال مالك لا بأس به * (قال) * وقال
مالك فان اشترى رجل شرب يوم أو يومين أو شهر أو شهرين يسقى به زرعه في
أرض نفسه فغار الماء فعلم أن الذي هو ثلث الشرب الذي اشترى أو أقل
أو أكثر فإنه يوضع عن المشتري ما قل منه أو كثر (قال) وإن كان أدنى من الثلث
إذا كان ما غار من الماء يضر به في سقيه وجاء من نقصانه ضرر بين فإنه يوضع عنه
ولا ينظر إلى الثلث إذا كان ما غار من الماء يضربه في سقيه * (قال ابن القاسم) * وأرى
إن كان ما كثر من الماء حتى قطع ذلك سقيه وضع عنه لان مالكا قال لي ما أصيب
من الثمار من قبل الماء وإن كان أقل من الثلث رأيت أن يوضع ولم ير ما هلك من الماء
مثل ما يصيبه من أمر الله من الجراد والبرد وأشباه ذلك (وقال) أرى الماء من سبب
ما باع به البائع فأرى أن يوضع عنه وإن كان أقل من الثلث فكذلك الماء عندي إذا
أتاه منه ما يضره ويقطع عنه بعض ما اشتراه له إلا أن يكون الذي فسد من ذلك
433

الشئ التافه اليسير الذي لا خطب له
(فيمن اشترى أرضا وفيها زرع أو نخل لم يشترطه)
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت أرضا وفيها زرع ولم أذكر الزرع لمن يكون الزرع
(قال) الزرع زرع البائع إلا أن يشترطه المبتاع * (قلت) * فان اشترى أرضا وفيها نخل
ولم يشترط النخل ولم يذكر النخل لمن يكون النخل (فقال) إذا اشترى رجل أرضا
وفيها شجر فالشجر تبع للأرض وهي للمشتري إلا أن يقول البائع أبيعك الأرض
بغير شجر ألا ترى أن الرجل إذا اشترى الدار كان جميع ما في الدار من البنيان
للمشتري وإن لم يسموا البينان في الشراء ألا ترى لو اشترى كرما أما كأن يكون له
ما فيه من الشجر من رمانه أو تفاحه أو أترنجه أو غير ذلك وكذلك اشتراء الأرض
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي لأني سمعت مالكا يقول لو أن رجلا
تصدق على رجل بأصل حائط له كانت الأرض تبعا للأصل ولو تصدق عليه بأرض
وفيها نخل كانت النخل تبعا للأرض (قال مالك) الأرض من الأصل والأصل من
الأرض فكذلك البيع
(باب اشترى أرضا بعبد فاستحق ثم أتى الشفيع)
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت أرضا بعبد فاستحق نصف الأرض من يومي أو من
الغد قبل أن تحول أسواق العبد فقال مشترى الأرض أنا آخذ عبدي وأرد البيع (قال)
ذلك له عند مالك * (قلت) * فان قال المستحق أنا آخذ بالشفعة (قال) قال مالك
ذلك له * (قلت) * وعلى من تكون عهدة الشفيع (قال) على المشتري * (قلت) * ولم
يأخذ النصف بالشفعة (قال) بنصف قيمة العبد * (قلت) * أرأيت لو اشتريت نخلا
لها شفيع أو شقصا من دار أو شقصا من أرض فأتى الشفيع فاكترى الأرض مني
أو عاملني في النخل أو اكترى الدار مني أو ساومني بجميع ذلك ليشتريه مني ثم طلب
بعد ذلك الشفعة أتكون له الشفعة في قول مالك أم لا (قال) قال مالك الشفيع على
434

شفعته حتى يترك أو يأتي من طول الزمان ما يعلم أنه تارك لشفعته * (قال) * فقلت
لمالك فالستة الأشهر والسبعة الأشهر والسنة (قال) أما ما هو دون السنة فلم نشك
فيه أن له أن يأخذ بالشفعة (قال مالك) السنة ما هو عندي بكثير فأرى ما سألت
عنه من قول مالك أنه اكترى منه أو ساقاه أو ساومه بذلك فهذا تسليم منه
لشفعته ولا أرى له الشفعة * (قلت) * أرأيت أن اشتريت نخلا لأقلعها ثم اشتريت
الأرض بعد ذلك فأقررت النخل فيها ثم أتى رجل فاستحق نصفها وأراد أخذ ما بقي
له بالشفعة فقلت له إنما اشتريت النخل لأقلعها ثم اشتريت الأرض فتركتها فأما
إذ ضرب يأخذ الشفعة فخذ الأرض فأما النخل فانى أقلعها (قال) لا يستطيع أن
يقلع النخل لان المستحق قد صار شريكا لك في جميع النخل فان رضى الشفيع أن
يأخذها بالشفعة أخذ جميع الأرض والنخل وان أبى أن يأخذ الا حصته التي
استحق كان المشتري مخيرا ان أحب أن يأخذ نصف الأرض ونصف النخل كان
ذلك له وان أحب الرد رد وإذا أخذ الشفيع شفعته في نصف الأرض ونصف النخل
أخذه بما يقع عليه من الثمن الأول الذي اشتراه به المشتري
(باب اشترى نقض شقص والشريك غائب)
* (قلت) * ان اشترى نقض شقص في دار والشريك غائب أيجوز أم لا أو
اشترى نصيب رجل في نخل وشريكه فيها غائب على أن يقلع النخل (قال) لا يجوز
هذا الشراء لان الصفقة وقعت غير صحيحة لأنه لا يستطيع أن يقلع ما اشترى لان
للشريك فيه النصف ألا ترى أن البائع نفسه لو أراد أن يقلع حصته بغير أمر شريكه
لم يكن له ذلك فإذا لم يكن له ذلك فلا يجوز له أن يبيع ما ليس له ألا ترى أيضا أنه
لو أراد أن يقاسم شريكه النخل وحدها على أن يقلعها لم يكن له ذلك فإذا لم يكن له
ذلك إلا أن يقاسمه الأرض والنخل جميعا فيصنع في نخله ما شاء فأما أن يقاسمه
النخل وحدها ويترك الأرض بينهما فيقلع نخله أو يترك نخل صاحبه في الأرض
فهذا لا يصلح * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي * (قلت) * أرأيت
435

ان اشتريت نقض دار على أن أقلعه ثم أتى رجل فاستحق نصف الدار أيكون لمشتري
النقض أن يرد ما بقي في يديه من النقض مما لم يستحق على البائع (قال) نعم * (قلت) *
فإذا رده أيكون للمستحق في هذا النقض الشفعة أم لا (قال) لا لان المستحق
ليست له شفعة ولان البائع لم يبع الأرض إنما باع النقض وحده والأرض أرضه
فلا تكون الشفعة في النقض وان الذي يكون للمستحق أن يأخذ النقض بالقيمة
إنما ذلك في رجل باع نقض داره كله على أن يقلعه المشتري فأتى رجل فاستحق
الأرض دون البناء وقال المشتري أنا أقلع فقال المستحق أنا أعطيك قيمة بنيانك ان
ذلك للمستحق ويعطيه قيمة بنيانه ولا يأخذه منه بالثمن الذي اشتراه به ولكنه
يعطيه قيمة وليس هذا من وجه أنه شفيع في هذا ولكنه من وجه أن النبي عليه
الصلاة والسلام قال لا ضرر ولا ضرار فإذا دفع إليه قيمة نقضه فليس على المشتري
الذي أراد أن يقلع النقض ضرر ولا يكون له أن يمتنع من ذلك وكذلك هذا في النخل
والأرض ولو أن رجلا باع نخلا له في أرضه على أن يقلعه المشتري فأتى رجل
فاستحق الأرض دون النخل كان له أن يدفع إلى مشتري النخل قيمة النخل مقلوعا
والبيع جائز فيما بين مشتري النخل وبين بائعه ويقال للمستحق دفع قيمة النخل
إلى المشتري فان أبي قيل للمشتري اقلع نخلك فهذا والنقص في هذا الوجه سواء
وهذا رأيي لان مالكا قال لو أن رجلا غرس في أرض رجل نخلا لا يظنها الا له
فاستحقها أو اكترى أرضا سنين فانقضت سنوه كان مستحق الأرض ورب الأرض
الذي اكراها بالخيار ان شاء دفع إليه قيمة شجره إلا أنه في الكراء يدفع إليه قيمة شجره مقلوعا وفي الذي غرس ولا يظنها الا له يدفع إليه قيمته غير مقلوع لأنه غرس
على وجه الشبهة ألا ترى أنه إن لم يرض هذا المستحق ان يدفع إليه قيمة شجره قيل له
أسلم أرضك بقيمتها فان أبى هذا أن يأخذ الشجر بقيمتها غير مقلوعة وأبى هذا
أن يأخذ الأرض بقيمتها كانا شريكين هذا بقيمة أرضه وهذا بقيمة شجره وهذا
قول مالك
436

(الرجل يشتري الدار فيهدمها أو يهدمها رجل تعديا ثم تستحق)
* (قلت) * أرأيت اشتريت دارا ثم بنيتها أو هدمها رجل أجنبي من
الناس أو انهدمت من أمر من السماء ثم أتى رجل فاستحق نصفها أيكون له على
المشتري شئ أم لا (قال) قال مالك لا شئ على المشتري فيما هدم المشتري مما أراد
أن يبنيه أو أراد أن يتوسع به * (قال ابن القاسم) * وإن كان هدم فباع النقض فان
له نصف ثمن النقض وبعض الثمن الذي اشترى به المشتري على قيمة النقض الذي
باع وعلى قيمة قاعة الدار فينظر إلى الذي باع كم هو من الدار ثلث أو ربع أو نصف
فيكون له فيما بقي أن يأخذ بالشفعة بما يصيبه من حصة الثمن وينظر إلى قيمة النقض
وقيمة العرصة كم كان منها فيفض الثمن عليها ثم يأخذ العرصة بالذي يصيبها من
حصة الثمن (قال) وهذا رأيي وقد بلغني عن مالك * (قال ابن القاسم) * وان هدمها
انسان ظلما فلم يأخذ المجترى منه ثمنها حتى استحق هذا نصف الدار فض الثمن على
ما هدم منه وما بقي ثم أخذ العرصة بما يصيبها من حصة الثمن ثم اتبع المشتري الغاصب
بنصف قيمة ما قلع وكان له وكان بمنزلة ما باع واتبعه المستحق مثل ذلك * (قلت) *
فإن كان المشتري قد كان ترك للهادم قيمة ما هدم ثم استحق هذا (قال) فللمستحق
على الهادم نصف قيمة ذلك وتسقط عنه حصة المشتري * (قلت) * فلو كان عديما
أيرجع المستحق على المشتري بذلك (قال) لا * (قال) * وليس ما انهدم بأمر من
أمر الله مما لا شئ للمشتري فيه بمنزلة ما هدم فباعه أو غصبه غاصب أو هدمه
هادم على وجه الظلم فقد صارما هدم ضامنا للمشتري فجرى عندي مجرى البيع
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى عبدا في سوق من أسواق المسلمين فوهبه
لرجل ثم جاء رجل فاستحقه (قال) يقال للمستحق إن شئت فاتبع البائع بالثمن
والا فاطلب العبد فان وجدته أخذته ولا شئ لك على المشترى الواهب * (قلت) *
والنصف الذي استحق والنصف الذي يأخذ بالشفعة سواء عندك في مسألتي الأولى
(قال) نعم سواء لأنه لم يهدم ما هدم من ذلك على وجه التعدي لا في النصف
437

الذي استحق ولا في النصف الذي أخذ المستحق بالشفعة لأنه هدم جميع ذلك على
وجه أنه مالك له وليس بغاصب ولا متعد
(باب الشفعة فيما وهب للثواب)
* (قلت) * أرأيت أن وهبت شقصا لي في دار على عوض أو تصدقت به على عوض
أو أوصيت به على عوض أتكون فيه الشفعة في قول مالك أم لا (قال) نعم هذا كله
بيع عند مالك وفيه الشفعة (قال مالك) ومن تصدق على عوض فهو بيع * (قلت) *
ويأخذها الشفعة في جميع ذلك بقيمة العوض في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت
ان كانت الدار في يدي الواهب لم يدفعها بعد أيكون للشفيع أن يأخذها بالشفعة
(قال) إن كان وهب الدار على عوض قد سماه للشفيع أن يأخذها بالشفعة بقيمة ذلك
العوض إن كان عرضا أو كان دنانير أو دراهم أو ورقا أو ذهبا أخذها بذلك وإن كان
اشتراه بحنطة أو شعير أو زيت أو ما يشبه هذا من الطعام أو الادام أخذه
بمثل ذلك بمثل كيله مثل صنفه فقبض الموهوب له هبته أو لم يقبض لان هذا بيع
(قال) وإن كان إنما وهب الدار على عوض يرجوه ولم يسمه فليس للشفيع أن يأخذ
بالشفعة الا بعد العوض * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن
وهبت شقصا في دار على ثواب أرجوه أيكون لرب الدار أن يأخذ الدار ويرجع فيها
من قبل أن يثاب أم لا في قول مالك (قال) إذا أثابه الموهوب له قيمتها لم يكن له أن
يرجع فيها وان هو أثابه أقل من قيمتها كان له أن يرجع فيها فيأخذها قال وهذا قول
مالك (قال) وان كانت الدار على حالها لم تتغير بنماء أو نقصان فلرب الدار أن يأخذها
إذا لم يثبه الموهوب له بقيمتها وليس على الذي وهبت له أن يجبر على ثواب إذا كانت
الدار لم تتغير عن حالها (قال) وان كانت الهبة غير الدار فوهب حيوانا أو غيره فهو
أيضا سواء مثل ما وصفت لك وإنما يقال لصاحب الدار خذها إن شئت ولا شئ
لك غير ذلك إلا أن يقبل ما أثابك به إن كان أثابه بأقل من القيمة وإن كان لم يثبه
بشئ لم يجبر الموهوب له على ثواب إلا أنه يجبر على رد الهبة ان كانت لم تتغير فان
438

كانت قد تغيرت بنماء أو نقصان لم يكن لرب الدار أن يأخذها ولا لرب الهبة فإن كانت
تغيرت الدار أجبر الموهوب له على قيمتها يوم قبضها على ما أحب أو كره ويقال
للشفيع خذ الآن بالشفعة أو دع إذا قضى على الموهوب له بقيمتها * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن وهبها له رجاء ثواب فتغيرت الدار في يدي
الموهوب له ثم أثابه الموهوب له بأكثر من قيمة الدار أضعافا (قال) يقال للشفيع
خذ بجميع ذلك أو دع أو يأخذها الشفيع بقيمتها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
ولكن أرى أن يأخذها بجميع ما أثابه به لان الناس إنما يهبون الهبات للثواب رجاء
أن يأخذوا أكثر منها من قيمة ما أعطوا وإنما رجعوا إلى القيمة حين تشاحوا بعد
تغيير السلعة ألا ترى أن الهبة لو كانت على حالها لم تتغير ردت إلا أن يضمنها الواهب
بغير شئ ولو كانت عند الناس هبة الثواب إنما يطلبون بها كفاف الثمن لما وهب
أحد للثمن ولحملها على وجه السوق فانتقد الثمن ولكنهم رجوا الفضل في ذلك عند
أهل الفضل * (قلت) * أرأيت أن وهبت شقصا في دار رجاء الثواب فقال الشفيع
أنا آخذ الساعة بالقيمة أيكون ذلك للشفيع (قال) قال مالك من وهب هبة رجاء
الثواب لم يكن للشفيع أن يأخذها بالشفعة الا بعد الثواب * (قلت) * أرأيت أن
أوصيت أن يباع شقص لي من داري من فلان بكذا وكذا درهما فلم يقبل الموصى
له بالبيع ذلك أتكون للشفيع الشفعة (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى
له الشفعة وإنما ذلك عندي بمنزلة ما لو قال لرجل اشهدوا أني قد بعت شقصي هذا
من فلان بكذا وكذا درهما ان قبله فيقول لا أقبل فلا تكون للشفيع الشفعة ومما
يبين ذلك أن مالكا قال في رجل باع من رجل شقصا في دار على أن المشتري
بالخيار انه لا شفعة لشريكه في ذلك حتى يأخذ المشتري أو يدع * (قلت) *
وكذلك أن كان الخيار للبائع (قال) الخيار إذا كان للبائع فهذا لا شك فيه أنه لا شفعة
(باب الهبة لغير الثواب)
* (قلت) * أرأيت أن وهبت هبة لغير الثواب ولا رجاء الثواب فعوضني منها فقبلت
439

عوضه أيكون هذا بيعا وتجب الشفعة فيه أم لا (قال) ان كانت هبته هذه على وجه
صلة رحم أو على وجه صدقة لا يريد بها ثوابا ثم أتى به صاحبه بعد ذلك بأمر لم يكن
يلزم الموهوب له فيه قضاء من قاض فلا شفعة فيه ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن
مالكا قد قال في رجل تصدق على رجل بصدقة فأثابه الذي تصدق عليه بثواب ثم
أتى الرجل بعد ذلك يطلب ثوابه وقال إني ظننت أن ذلك يلزمني فأما إذا كان
لا يلزمني فأنا أرجع فيه (قال مالك) ان أدرك ذلك بعينه فله أن يأخذ ذلك وان فات
لم أر على صاحبه شيئا فهذا يدلك أنه إذا كان له أن يأخذ ثوابه إذا وجده فان مسألتك
أنه إنما هو شئ تطوع به الموهوب لم يكن يلزم الموهوب له فيه ثواب * (قلت) *
أرأيت أن وهبت شقصا من دار كأن لابني وابني صغير في عيالي على عوض أتجوز
هذه الهبة وتكون فيها الشفعة في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن حابى
الأب الموهوب له أتجوز محاباته عند مالك في مال ابنه وذلك أنه أخذ من العوض
أقل من قيمة الشقص الذي وهب من مال ابنه (قال) لا تجوز محاباته هذه عند
مالك لان مالكا قال لا تجوز هبته في مال ابنه (قيل) وكيف يصنع بهذا الشقص
الذي وهب من مال ابنه الذي حابى فيه الأب أيجوز منه شئ أم لا (قال) لا يجوز منه شئ ويرد كله * (قلت) * ولم رددته كله (قال) لأنه ليس بيعا وإنما
يجوز بيع الأب مال ابنه على وجه النظر له وابتغاء الفضل له فإذا كان على غير ذلك
لم يجز ذلك وكذلك سمعت مالكا * (قلت) * أسمعته من مالك (قال) قال مالك
لا يجوز ما وهب ولا ما حابى ولا ما تصدق من مال ابنه ولا ما أعتق إلا أن
يكون الأب موسرا في الثمن فإن كان موسرا جاز ذلك على الأب وضمن قيمته في
ماله ولا يجوز في الهبة وإن كان موسرا
* (قلت) * أرأيت لو أن القاضي وهب
شقصا في دار الصبي أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا ينبغي للوصي
أيبيع رباع اليتامى لا أن يكون لذلك وجه مثل السلطان يكون جارا له أو الرجل
الموسر يكون جارا لهذا اليتيم فيعطيه بنصيبه من الدار أو بداره أو بقريته أو بحائطه
440

أكثر من ثمنها مما يعرف أن بيعها غبطة في ذلك ونظر للصبي أو يكون ليس في
غلتها ما يحمله فيجوز ذلك عليه وما كان على غير هذا الوجه فليس بجائز فمسألتك إن كان
الذي وهب له على عوض على مثل هذا فهذا جائز وللشفيع فيه الشفعة وما كان
على غير هذا الوجه فليس يجوز * (قلت) * أرأيت أن وهب المكاتب شقصا له في
الدار على ثواب أيجوز ذلك أم لا (قال) هذا بيع وهو جائز إذا لم يحاب عند مالك
ويكون للشفيع الشفعة كما وصفت لك * (قلت) * وكذلك العبد المأذون له في التجارة
(قال) نعم إذا كان هذا بيعا فهو من التجارة * (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا
من دار على أنى بالخيار ثلاثة أيام فبيع الشقص الآخر بيعا بتله بائعه بغير خيار لمن
الشفعة (قال) ما سمعت فيه شيئا إلا أني أرى الشفعة للمشتري الأول الذي كان له
الخيار ان قبل البيع وكان أولى بالشفعة فيما اشترى صاحبه فان رد أيضا الذي كان له
الخيار البيع كان بائعه أولى بالشفعة فيما باع صاحبه * (قلت) * أرأيت أن اشتريت دارا
على أني بالخيار ثلاثا فانهدمت في أيام الخيار أيكون لي أن أردها أم لا في قول مالك
(قال) نعم لك أن تردها عند مالك ولا يكون عليك فيما انهدم منها شئ * (قيل) *
ولا يكون للشفيع فيها شفعة (قال) نعم لا شفعة فيها ولو ردها وهي قائمة عند مالك
فكيف إذا انهدمت فردها فلا شفعة فيها أيضا * (قلت) * أرأيت أن تزوجت على
شقص من دار أو خالعت امرأتي على شقص من دار أيكون في ذلك الشفعة في
قول مالك (قال) نعم مثل النكاح والخلع * (قلت) * فبماذا يأخذ الشفيع في الخلع
والنكاح والصلح في دم العمد الشقص (قال) أما في النكاح والخلع فقال لي مالك
يأخذ الشفيع الشقص بقيمته وأرى الدم العمد مثله يأخذه بقيمته * (قلت) * فإن كان
الدم خطأ فصالح من ذلك بشقص له في دار (قال) يأخذها الشفيع بالدية لان
الذي أخذها به هذا الذي وجب له الدم إنما أخذ الطقس بما قد وجب له وهي الدية
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هو رأيي مثل ما قال مالك في الشفعة إذا اشتريت
الدار بالدراهم فكذلك هذا إنما أخذها بالدية والدية دراهم أو دنانير إلا أني أرى
441

إن كان الذين وجبت عليهم الدية من أهل الدية من أهل الإبل أخذ الشفيع الدار
بقيمة الإبل وان كانوا من أهل الذهب أخذ بالذهب وان كانوا من أهل الورق
أخذ بالورق ويقطع على الشفيع نحو ما كانت تقطع الدية على العاقلة ان كانت الدية
كاملة ففي ثلاث سنين وان كانت الثلثين ففي سنتين وان كانت ثلث دية ففي سنة
وان كانت نصف دية فان مالكا قال لي أرى اجتهاد الامام في ذلك على قدر ما يرى
(فقلنا) له ألا تكون في سنتين (فقال) ما أجد فيه حدا ولكن أرى اجتهاد الامام
يسعه فأرى للشفيع أن يأخذ بمثل ما وجبت عليهم الدية على اجتهاد الامام إذا كان
النصف * (قال ابن القاسم) * فأنا آخذ بقوله الأول يقطع نصف الدية في سنتين
* (قلت) * أرأيت أن استأجرت إبلا إلى مكة لشقص لي في دار فأراد الشفيع
الاخذ بالشفعة بم يأخذها (قال) قال مالك يأخذها بمثل كراء الإبل إلى مكة * (قلت) *
ويكون في مثل هذا شفعة (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن تكلفت بنفس رجل
فغاب المكفول به فطلبني الذي تكفلت له به فلم أقدر عليه فصالحته من الكفالة التي
تكفلت له على شقص في دار (قال) إذا علم الدين الذي على المكفول به فالصلح
جائز لان مالكا قال كل من تكفل بنفس رجل وإن لم يذكر المال فهو ضامن للمال
وهذا حين تكفل بنفس هذا الرجل فهو ضامن للمال فإذا صالح وقد عرفا المال
الذي على المكفول بنفسه فالصلح جائز ويأخذ الشفيع بالدين الذي كان
للمكفول له على المكفول به لأنه قد أخذ الشقص بالدين الذي كان له * (قلت) * وبم
يرجع الذي دفع الشقص على الذي تكفل عنه (قال) ذلك إلى المكفول عنه ان شاء
دفع إليه ما كان عليه من المال وان شاء دفع إليه قيمة الدار الآخرة إلا أن تكون
قيمة الدار أكثر من الثمن فلا يكون عليه الا الدين لان الكفيل إنما غرم عنه هذا
فقط فالمكفول عنه مخير في ذلك * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) لم أسمعه من
مالك وهو رأيي وإن لم يعرف ماله عليه فلا يصلح الصلح فيه * (قلت) * أرأيت أن
تكفلت بنفس رجل ولم يذكر ما على المكفول عنه من المال أتجوز هذه الكفالة
442

في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فان غاب المكفول عنه وطلب المكفول له
هذا الكفيل بما كان له على المكفول عنه كيف يصنع (قال) يقيم البينة على ما كان
له عليه من الدين فان أقام البينة أخذ منه * (قلت) * فإن لم تقم البينة فادعى أن له على
المكفول عنه ألف درهم فأراد أن يستحلف الكفيل على علمه أيكون له أن يستحلفه
(قال) نعم * (قلت) * فان نكل عن اليمين هذا الكفيل (قال) يحلف المكفول له
ويستحق حقه * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي * (قلت) أ * رأيت أن
صالحت من قذف لرجل على شقص لي في دار فدفعته إليه أيجوز هذا الصلح
وتكون فيه الشفعة (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى الصلح في هذا
جائزا لان الحدود التي هي لله لا عفو فيها إذا بلغت السلطان ولا يصلح فيها الصلح على
مال قبل أن تنتهي إلى السلطان إنما فيها العفو قبل أن تبلغ السلطان فان بلغت السلطان
أقيم الحد ولا يعرف في هذا أكثر من هذا وكذلك المحارب إذا أخذه قوم ولهم
قبله دم قتل وليهم فأخذوه قبل أن يتوب فليس عفوهم عفوا ولا يجوز أن يصالحوه
من الدم على مال فالصلح ها هنا باطل والمال مردود لأنه لا عفو لهم في ذلك وان
بلغوا السلطان * (قلت) * تحفظ هذا عن مالك (قال) لم أسمعه منه ولكنه رأيي
* (قلت) * أرأيت أن شجني رجل موضحتين واحدة عمدا وأخرى خطأ فصالحته
من ذلك على شقص له في دار فأراد الشفيع الاخذ بالشفعة (قال) يأخذ الشقص
بدية موضحة خطأ وبنصف قيمة الشقص لأني قسمت الشقص على الموضحتين فصار
نصف هاهنا ونصف ها هنا فصار ما صار للخطأ من ذلك مالا وما صار من ذلك العمد
فللشفيع أن يأخذه بقيمة الشقص وإنما صار للعمد نصف الشقص وهذا مثل
ما أخبرتك من قول مالك في النكاح لان مالكا قال في قتل العمد وفي جراح العمد
ليس فيه دية إنما هو ما اصطلحوا عليه فلما قال لي مالك ليست فيه دية إنما هو
ما اصطلحوا عليه كان فيما صار للعمد قيمة ذلك الشئ بمنزلة النكاح
443

* (قلت) * أرأيت البيع الفاسد هل فيه شفعة في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا إلا أن مالكا قال يفسخ البيع الفاسد في الدور وغير ذلك وقال في الدور لا أرى الفوت فيها وان تطاول سنتين أو ثلاثا فوتا وإنما الفوت في الدور الهدم
والبنيان فإذا تفاوتت بهدم أو بنيان كانت على المشتري القيمة يوم قبضها ولا يستطيع
ردها فأرى الآن للشفيع أن يأخذها بما لزم المشتري من القيمة يوم قبضها لأنها
صارت الآن بيعا لا يقدر على ردها وإن كان المشترى أحدث فيها بناء لم يأخذها حتى
يدفع إليه قيمة ما أنفق مع القيمة التي وجبت للبائع على المشتري وان كانت قد
انهدمت لم يوضع للشفيع من قبل الهدم شئ وقيل له خذ قيمتها التي وجبت على
المشتري أودع وان كانت لم تفت فسخ البيع وليس للشفيع أن يأخذ لان البيع فاسد
فلا يستطيع أن يدفع إلى الشفيع شفعته لأنه إنما صفقته مثل صفقة المشتري وصفقة
المشتري وقعت فاسدة فكذلك تقع صفقة الشفيع فكما ترد صفقة البائع فكذلك
أيضا ينبغي أن ترد صفقة المشتري * (قلت) * فلو اشتراها مشتر بيعا فاسدا ثم باعها
من غيره بيعا صحيحا (قال) فللشفيع أن يأخذها ان شاء بالبيع الثاني وهو البيع
الصحيح وليس له أن يأخذ بالبيع الفاسد فان قال أنا آخذ بالبيع الفاسد قلنا فليس
ذلك لك إنما له أن يأخذ بالبيع الصحيح أو يدع لان بيع المشتري الاشتراء الفاسد
فوت فلذلك جاز البيع الثاني وكان للشفيع أن يأخذ بالشفعة بالبيع الثاني * (قلت) *
وهذا قول مالك (قال) قال مالك في الأشياء كلها من باع بيعا حراما كأن لا يقر على
حال ويفسخ قبل أن يتفاوت بشئ من الأشياء فان باعه المشتري قبل أن يتفاوت في يديه
بيعا حلالا قال البيع الثاني ينفذ ولا يرد ويترادان البائع الأول والمشتري الأول
الثمن فيما بينهما ويلزمه البيع بالقيمة يوم قبض فعلى هذا رأيت مسألتك في الشفعة وإنما
رأيت للشفيع الاخذ بالبيع الأول لأنه ان أخذ بالبيع الأول كان ذلك مفسوخا فيرد
حينئذ إلى البائع الأول ويفسخ بيع الآخر الصحيح فلا يكون للشفيع شفعة ان طلب
444

أن يأخذ بالبيع الفاسد وإنما له ان يأخذ بالبيع الصحيح أو يدع ويترادان الأول لان
القيمة فيما بينهما ولم أسمع من مالك فيه شيئا لا أنى استحسنت هذا * (قال ابن
القاسم) * وهذا إذا كانت الدور والأرض بعينها لم تفت ببناء ولا هدم فان فاتت
بالبناء أو الهدم فان الشفيع يأخذ ان شاء بالقيمة التي لزمت المشترى وان شاء أخذها
بالثمن الذي بيعت به في البيع الصحيح وهي إذا فاتت فإنما كان للشفيع أن يأخذها
بالقيمة لأنها ترد بالبيع الفاسد وقد لزمته القيمة فيها حتى كأنه بيع صحيح * (قلت) *
أرأيت أن تراد البيع فيما بينهما البائع الأول والمشتري الأول والشقص من الدار في
يد المشتري الثاني الذي اشترى شراء صحيحا فقدم الشفيع فقال أنا آخذ بالشفعة (فقال) ذلك
للشفيع يأخذ بأي ذلك شاء ألا تري أن المشتري الثاني الذي اشترى الدار اشتراء
صحيحا لو أصاب بالدار عيبا بعد ما تراد البائع الأول والمشتري الأول الثمن فيما بينهما
وتراجعا إلى القيمة بقضاء قاض أو بغير قضاء فأراد هذا المشتري الثاني أن يرد الدار على
المشتري الأول بالعيب كان ذلك له فان ردها عليه بالعيب فأراد المشتري الأول أن
يردها على البائع الأول بالبيع الفاسد لم يكن ذلك له لان البيع قد صح فيما بينهما
بالقيمة التي تراجعا إليها إلا أن يكون إنما يردها بالعيب فيكون له أن يردها بالعيب
الذي ردت عليه به ويرجع على البائع الأول بالقيمة التي كان أخذها منه * (قال) * وقال
لي مالك ولو أن رجلا اكترى دابة إلى موضع من المواضع فتعدى ذلك الموضع
فضلت منه الدابة فضمنه رب الدار قيمة الدابة وقبض القيمة ثم أصاب المتعدى بعد
ذلك الدابة بحالها لم تتغير فأراد ربها أن يستردها ويرد الثمن على المتعدى (قال) قال
مالك ليس ذلك له لأنه قد ضمن القيمة ونقد ذلك بينهما فليس له أن يستردها لان
ذلك بيع قد تم بينهما فكذلك ما فسرت لك من البيع الفاسد إذا تراجعا إلى القيمة
* (قلت) * أرأيت ما كان من الآجام والغياض أيكون في ذلك الشفعة (قال) إذا
كانت الأرض بينهما ففيها الشفعة عند مالك لان مالكا قال في الأرض كلها الشفعة
445

* (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا في أرض وشقصا في عين من رجل والعين
لتلك الأرض تشرب تلك الأرض من تلك العين أو كان موضع العين بئرا تشرب
منها فاشتريت شقصا من الأرض وبئرها فغار ماء البئر أو ماء العين ثم أتى الشفيع
ليأخذ بالشفعة (قال) يقال للشفيع خذ بجميع الثمن أو دع لان مالكا قال في البنيان
ما قد أخبرتك لو احترق أو انهدم أو هدمه المشتري ببينة فان الشفيع يأخذ بالشفعة
بجميع الثمن أو يدع فكذلك هذا * (قلت) * أرأيت أن اشتريت دارا فهدمتها ثم
بنيتها فأتى رجل فاستحق نصفها فأراد الاخذ بالشفعة (قال) يقال له ادفع إليه قيمة
بنيانه وإلا فلا شفعة لك وأما في النصف الذي استحق فيقال للمستحق ادفع قيمة
بنيانه أيضا فان أبى قيل للمشتري الذي بنى ادفع إليه قيمة نصف الدار بغير بنيان إن كان
هدم البنيان كله فان أبى كانا شريكين ولا يكون عليه شئ لما هدم لأنه هدم
على وجه الشبهة وهذا رأيي * (قلت) * أرأيت أن قال رجل يا فلان اشتر هذا
النصيب من هذه الدار فقد سلمت لك شفعتي وأشهد له بذلك فاشتراها ثم طلب شفعته
وقد كان سلمها له قبل الاشتراء (قال) قال مالك له أن يأخذ بالشفعة وليس تسليمه
وان أشهد في ذلك قبل الاشتراء بشئ ولا ذلك مما يقطع شفعته (قال) وقال مالك
ولو أنه أخذ من المشتري مالا على أن يسلم له الشفعة وذلك قبل عقد البيع كان هذا
المال مردودا فلا يحل له هذا المال ويكون على شفعته * (قال) * وقال مالك في رجل
اشترى دارا فأتى رجل فأدرك فيها شقصا فأراد أن يأخذ الدار بالشفعة (قال) قال
مالك ذلك له فقيل لمالك فإنهم اصطلحوا على أن يسلم المشتري للمستحق الذي يريد
أن يأخذ بالشفعة بيتا من الدار بما يصيبه من قدر الثمن على ما اشترى به الدار (قال)
تقوم الدار جميعها ويقسم الثمن عليها فما أصاب ذلك البيت من شئ كان له أن يأخذ
ذلك * (قلت) * أرأيت أن وكلت وكيلا يطلب شفعتي فيسلمها أيكون تسليمه جائزا
في قول مالك (قال) إن كان إنما فوض إليه على وجه النظر له ان رأى غبطه أخذ له
وان رأى غير ذلك سلم فيسلم الشفعة فذلك جائز وإن كان إنما أمره أن يأخذ شفعته
446

ولم يفوض إليه أن ينظر له وإنما أمره بالأخذ فقط فسلم الشفعة فذلك غير جائز
* (قلت) * أرأيت شفعة الصغير ان سلمها الأب أو الوصي أيجوز ذلك على الصغير
في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * فإن لم يكن له وصي (قال) القاضي ينظر له * (قلت) *
فان سلم القاضي شفعته (قال) إذا رأى القاضي أن يسلم شفعته فذلك جائز على الصغير
في رأيي * (قلت) * أرأيت أن اشترك شريكان شركة مفاوضة في شراء الدور وبيعها
فباع أحدهما دارا قد اشترياها فطلب شريكه الشفعة (قال) لا أعرف المفاوضة في
الدور فان نزل هذا وتفاوضا في شراء الدور وبيعها فباع أحدهما فليس لصاحبه أن
يأخذ بالشفعة مثل ما قال مالك في المتفاوضين في الاشتراء والبيع لان أحد
المتفاوضين إذا باع جاز بيعه على شريكه وليس لشريكه أن يرد فهذا إذا باع فقد باع
صاحبه أيضا لان بيعه جائز على صاحبه * (قلت) * أرأيت أن دفعت إلى رجل مالا
قراضا فأتى إلى شقص من دار أنا فيها شريك فاشترى ذلك الشقص فأردت أن
آخذ بالشفعة (قال) ذلك لك لان مالكا قال لو أن رجلا اشترى شقصا من دار
والمشتري نفسه شفيعها ورجل آخر فطلب ذلك الرجل الآخر الاخذ بالشفعة فان
للمشترى أن يأخذ بالشفعة مع ذلك الرجل أيضا يضرب المشترى والرجل الآخر
كل واحد منهما فيما اشترى المشترى بقدر ما لكل واحد منهما في الدار ولا يضرب
المشترى بما اشترى ولكن يضرب بقدر ما كان له من الدار قبل الاشتراء فيما
اشترى * (قلت) * أرأيت رب المال أيجوز له أن يبيع شيئا مما في يدي المقارض بغير
أمر المقارض في قول مالك (قال) لا يجوز ذلك عند مالك * (قلت) * أرأيت لو أن
مضاربا اشترى شقصا من دار بمال المضاربة وهذا المضارب شفيع في الدار التي
اشترى فأراد الاخذ بالشفعة فقال رب المال ليس لك أن تأخذ بالشفعة لأنك أنت
اشتريت وفيه فضل فلا شفعة لك في ذلك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى
له أن يأخذ بالشفعة ألا ترى لو كان مع هذا المقارض رجل آخر شريك في الدار لم
يبع فأراد أن يأخذ ما اشترى هذا المقارض بالشفعة كان ذلك له ولم يكن لرب
447

المال أن يدفعه عن ذلك فان أخذ بالشفعة شاركه هذا المقارض شفيعا معه فإذا كان
له أن يأخذ مع شريكه بالشفعة وهو المشتري فان له الشفعة وإن لم يكن معه شريك
وإن كان هو المشتري فان ذلك لا يبطل شفعته عندي
(باب شفعة المكاتبين والعبيد)
* (قلت) * أرأيت العبد هل له شفعة في قول مالك (قال) نعم إذا كان مأذونا له في
التجارة * (قلت) * فإن كان غير مأذون له في التجارة (قال) سيده أولى ان أحب
أن يأخذ لعبده بالشفعة أخذ وان أحب أن يترك ترك (قال) وهذا قول مالك * (قلت) *
أرأيت أن كان مأذونا له في التجارة فبعت الأرض وهذا المأذون له في التجارة
شفيعها فطلب العبد الاخذ بالشفعة وسلم المولى الشفعة (قال) أرى إن كان على العبد
دين فأراد العبد أن يأخذ ذلك الدين عليه ولفضل قد تبين في الذي يأخذ بالشفعة
فليس تسليم السيد ها هنا شيئا لان ذلك ضرر على العبد وعلى الغرماء لان الدين يبقى في
ذمته * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي وإن لم يكن عليه دين فأراد الغرماء
تسليم السيد كان ذلك جائزا عليه * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي * (قلت) *
أرأيت أن اشتريت أرضا والمأذون له في التجارة شفيعها فسلم شفعته وطلب سيده
الاخذ بالشفعة (قال) تسليمه جائز وكذلك سمعت مالكا يقول في الغريم إذا سلم
الشفعة وفيها فضل فيأبى ذلك الغرماء وليس في ماله وفاء قال ليس للغرماء وتسليمه
جائز * (قلت) * أرأيت المكاتب أله الشفعة في قول مالك (قال) نعم * (قلت) *
أرأيت أن أسلم شفعته وقال مولاه أنا آخذ أيكون ذلك له (قال) ليس له ذلك في
قول مالك لان المكاتب أحق بماله من سيده * (قال) * ولقد سمعت من مالك فيما هو
أقوى من هذا فلم ير فيه الشفعة وذلك في رجل عليه دين وقعت له شفعة مربحة
كثيرة الفضل فقال غرماؤه خذ بالشفعة فان لنا فيها فضلا ودينه كثير يغترق
ماله وقال الغريم لا أريد الشفعة فقال مالك يجبر على ذلك وليس للغرماء ها هنا حجة
ان شاء أخذ وان شاء ترك فهذا يبين لك أمر المكاتب والعبد * (قلت) * أرأيت أن
448

أسلمت المرأة شفعة وجبت لها وأبى زوجها ذلك (قال) تسليمها جائز عند مالك
لأنها تقول لا أشتري وهي أحق بمالها أن لا تشتري به شيئا * (قال) * وقال مالك
واشتراؤها وبيعها جائز رضى ذلك الزوج أو لم يرض إلا أن تحابى في بيعها واشترائها
فيأبى ذلك زوجها فيكون في ثلثها * (قلت) * أرأيت أن كان غير مولى ولا سفيهة
في عقلها فباعت واشترت فحابت أيكون لاحد من الناس والد أو غيره أن يرد محاباتها
ما خلا زوجها (قال) قال مالك ليس ذلك لاحد الا للزوج وحده فإنه يرده ويكون
ذلك في ثلث جميع مالها فإن كان ذلك أكثر من الثلث لم يجز منه قليل ولا كثير
وردت جميعه وهذا قول مالك (قال) وان أعطت المرأة زوجها مالها كله جاز ذلك
لزوجها إذا كانت غير سفيهة وإنما يرد من عطية الزوجة عطيتها لغير زوجها * (قلت) *
أرأيت الشفعة هل تورث في قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت من أعمر العمرى
على عوض أيجوز هذا وهل تكون الدار لمن أعمرها ولورثته ويأخذ الشفيع بالشفعة
في قول مالك (قال) لا ولا يجوز هذا ويفسخ لان هذا كراء أكرى حصته من الدار
حياة هذا المتكارى فلا يجوز هذا عند مالك لان العمرى عند مالك مرجعها إلى الذي
أعمرها (قال) فإن كان استغلها هذا المعمر رد ما استغل لأن الضمان كان من صاحبها
وكانت الأجرة فاسدة ويكون عليه إجارة ما سكن وهذا قول مالك * (قال) * وقال
مالك ولو أن رجلا تصدق على رجل بدار على أن ينفق عليه حياته فلم يعلم ذلك الا
بعد سنين ان الذي أنفق يغرم ما أنفق عليه وما استغل الذي قبض الدار فهو له
ولا يقاصه صاحب الدار بشئ من ذلك لأنه كان ضامنا للدار فصار الكراء له بالضمان
* (قال ابن القاسم) * وتفسير قول مالك في الصدقة ها هنا إنما هي بمنزلة البيع الفاسد
وإنما مسألتك في العمري فلا يجوز لان العمري ضمانها من ربها الذي أعمرها لأنها لم
تجب للذي أعمرها * (قلت) * أرأيت المتصدق عليه بالدار على أن ينفق على هذا
الرجل حياته ان أنفق عليه سنين ثم غرقت الدار أو احترقت أو غلب عليها الماء
فصارت بحرا كيف يصنعون (قال) يرجع بما أنفق على رب الدار فيأخذ رب الدار
449

من هذا المتصدق عليه قيمة داره يوم قبضها هذا المتصدق عليه لأنها قد فاتت في يديه
بمنزلة الاشتراء ألا ترى لو أنه اشترى اشتراء فاسدا فانهدمت في يديه أو
احترقت كانت ضامنا لقيمتها ورجع بالثمن الذي دفع على بائعه وهذا قول مالك وكذلك
هذا في البيوع الفاسدة كلها * (قلت) * أرأيت الهبة أتجوز غير مقسومة في قول مالك
(قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن اشترى رجل في صفقة واحدة أرضا ونخلا وقرى
وشفيعها واحد وهي في بلدان مختلفة (قال) سألت مالكا عنها فقال يأخذ الشفيع الجميع
أو يدع ولم أذكر له اختلاف البلدان فلو كان هذا إذا كان في بلدان مختلفة كان له أن
يأخذ ما شاء من ذلك لكان له أيضا أن يأخذ النخل دون الدور لان هذا مختلف هذا
يقسم على حدة وهذا يقسم على حدة * (قلت) * أرأيت الشفعة في دور القرى ودور
المدائن أهي سواء عند مالك (قال) ما اختلف هذا فيما علمنا عند مالك وكل هذا عندنا
محمل واحد فيه الشفعة * (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا من دار بإفريقية وكانت
صفقة الاشتراء بمصر وشفيعها معي بمصر فأقمنا زمانا لا يطلب شفعة أيكون هذا
قطعا لشفعته (قال) نعم لان مالكا قال الغائب على شفعته إذا قدم لا تنقطع عنه
الشفعة لطول غيبته وهذا ليس بغائب * (قلت) * فان هذا لما قدم إفريقية طلب
بالشفعة فقال إنما تركت أن آخذ بالشفعة بمصر لأني لم أرد أن أنقد مالي الا حيث
أقبض الدار (قال) لا يكون قوله في هذا شيئا لان النقد في الدور جائز وان كانت
الدور غائبة وهذا إن كان الأول نقدا لم يكن له أن يأخذ وان كانت الدار غائبة حتى
ينقد وإن كان صاحبه لم ينقد وكان الثمن إلى أجل أخذ بمثل ما أخذ به صاحبه إن كان
مليا وإن كان غير ملي إن كان لم ينقد * (قلت) * أرأيت أن
وكلت وكيلا يقبض شفعتي فأقر الوكيل أنى قد سلمت شفعتي (قال) لم أسمع
من مالك فيه شيئا وأرى هذا هاهنا شاهدا يحلف المشتري معه ويسلم بما اشترى
ولا يكون للشفيع الشفعة * (قلت) * أرأيت أن نكل المشتري عن اليمين أيحلف
الآخذ بالشفعة أنه ما أسلمها ويأخذ شفعته (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن ادعى
450

أن فلانا وكله ان يطلب شفعته في هذه الدار والمشتري غائب أيجوز ذلك ويمكن
من الوكالة والاخذ بالشفعة والمشتري غائب في قول مالك (قال) إذا أقام البينة على
الوكالة أمكن من ذلك ولم يلتفت إلى مغيب المشتري عند مالك (قلت) أرأيت
ان قال رجل قد اشتريت هذا الشقص من هذه الدار من فلان وفلان صاحب ذلك
الشقص غائب فقام الشفيع فقال أنا آخذ بالشفعة وأبى هذا أن يدفع إليه ذلك أترى
أن يحكم القاضي عليه بالشفعة في قول مالك ولا يعلم أنه اشترى الا بقول المشتري
(قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى له أن يحكم بالشفعة لان هذا الذي
ادعى الشراء ان أتى رب الدار فقال لم أبعه الدار كان له أن يأخذ كراء ما سكن ويأخذ
داره وان قضى لهذا بالشفعة فأتى رب الدار فقال لم أبع داري لم يكن له أن يأخذ من
هذا الذي قضى له بالشفعة شيئا من الكراء فيما سكن لأنه سكن على وجه الشبهة
ولا يكون لرب الدار أن يأخذ كراء ما سكن هذا الذي أخذ بالشفعة من الذي
ادعى الاشتراء أيضا فهذا القاضي إذا قضى بالشفعة هاهنا كان قد أبطل حقا لرب
الدار في كراء ما سكن هذا الذي ادعى الشراء في الدار بالضمان الذي يضمنه فلا
تكون له شفعة إلا أن يقيم بينة على الاشتراء * (قلت) * أرأيت شهادة ابني أو أبي
أو زوجي أو ابنتي أو جدي أتجوز شهادة هؤلاء على وكالتي إذا أنا وكلت أو وكلني
غيري (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأما أنا فلا أرى شهادتهم جائزة بما وكله
غيره وأراها جائزة إذا وكل هو غيره * (قلت) * هل تجوز شهادة النساء في الوكالة
في طلب الشفعة (قال) قال مالك كل موضع تجوز فيه شهادتهن في الأموال تجوز
فيه شهادتهن في الوكالة على ذلك الشئ الذي لو شهدن عليه أنفسهن جازت شهادتهن
فيه * (قال مالك) * لا تجوز شهادة النساء على الوكالة في شئ لو شهدن على ذلك الشئ
لم تجز شهادتهن فيه مثل أن يشهدن على عتق أو طلاق أو قتل لم تجز شهادتهن عليه
فهن إذا شهدن على الوكالة في ذلك لم تجز شهادتهن عليه وأما في الشفعة فشهادتهن
جائزة على الوكالة على الاخذ بالشفعة عند مالك لأنهن لو شهدن على أنه شفيع جاز
451

ذلك أو شهدن على أنه سلم شفعته جاز ذلك أو شهدن على المشتري أنه قد أقر بأن
هذا شفيع هذه الدار جاز ذلك * (قال) * وقال مالك ولا تجوز تزكية النساء في وجه
من الوجوه ولا فيما تجوز فيه شهادتهن ولا في غير ذلك ولا يجوز للنساء أن يزكين
النساء ولا الرجال * (قال مالك) * وليس للنساء من الزكية قليل ولا كثير ولا تقبل
تزكيتهن في شهادة على مال ولا غير ذلك * (قلت) * أرأيت أن بعت دار أنا شفيعها
فأردت أن آخذ بالشفعة لغيري أيجوز ذلك (قال) بلغني عن مالك أنه قال في رجل
باع حصته من دار فقام شريكه يريد أن يأخذ شفعته لغيره (قال مالك)
لا أرى
ذلك له إلا أن يريد لنفسه فأما لغيره فلا فهذا يشبه عندي ما سألت عنه * (قلت) * هل
يجوز لي أن أوكل من يطلب شفعتي وأنا حاضر في قول مالك (قال) نعم لان مالكا
قال يجوز للرجل أن يوكل من يخاصم صاحبه عنه وهو حاضر * (قال) * فقيل لمالك فلو أن
رجلا خاصم رجلا حتى ينظر القاضي في أمرهما ويوجه أمرهما وتحاجا عند القاضي
ثم حلف أحدهما أن لا يخاصم صاحبه وأراد أن يوكل (قال) ليس ذلك له إلا أن
يكون له عذر مثل أن يكون شتمه أو أمرع عليه أو ما أشبه ذلك * (قال ابن
القاسم) * وأنا أرى أنه ان مرض أو أراد سفرا أو غزوا أو حجا ولم يكن ذلك منه
الدادا لصاحبه ولا قطعا له في خصومته رأيت له أن يستخلف * (قلت) * ويكون هذا
المستخلف على حجة الأول (قال) نعم ويحدث من الحجة ما شاء * (قلت) * وهذا
الذي يوكل ما أقام من بينته الذين شهدوا على الذي وكل هذه الوكالة جائزة وكل
ما كان أوقع من حجته على خصمه الأول قبل أن يوكل هذا ذلك جائز على هذا
الموكل عليه عند مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت أن وكلت وكيلا على خصومتي
وأنا حاضر فقال خصمي لا أرضى (قال) ذلك جائز عند مالك له أن يوكل وإن لم
يرض خصمه إلا أن يكون الذي يوكل إنما يوكل ليضر بهذا الخصم ولعداوة بينهما
(قال مالك) فلا يجوز ذلك * (قلت) * فكل وكالة كانت ممن يتوكل بها أو يوكل
هذا اضرارا فلا يجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم ولقد سئل مالك عن رجل كان
452

له على رجل دين فأراد أن يبتاعه وهو يعلم أنه إنما دعاه إلى ذلك لعداوة بين المشتري
وبين الذي عليه الدين ويعلم أنه إنما أراد بذلك عنته (قال مالك) إذا علم ذلك رأيت
أن لا يمكن من ذلك * (قلت) * أرأيت أن باع شقصا له في دار ولها شفعاء بعضهم
غيب وبعضهم صغار وكلهم عبيد الا رجلا واحدا حاضرا من الشفعاء فطلب أن يأخذ
بالشفعة (قال) قال مالك يأخذ جميع الشفعة أو يدع * (قلت) * فان قال البائع لا أدفع
إليه الا قدر حصته من الشفعة (قال) قال مالك ليس ذلك له إذا طلب الشفيع وأراد
أخذ جميع ذلك فذلك له وليس لهذا أن يمنعه وليس للذي طلب الشفعة أن يأخذ
بعض ذلك دون بعض إذا أبى ذلك المشترى * (قيل) * فان أخذ جميع الشفعة فقدم
واحد من الغيب (قال) يقال له خذ ما في يد صاحبك من الشفعة وتكون الشفعة بينكما
وإلا فلا شفعة له * (قلت) * وكل من قدم من الغيب يدخل معهم فيكون معه في الشفعة
(قال) نعم وليس له أن يقول أنا آخذ قدر حصتي من الشفعة وأسلم بقية الشفعة فان أبي
إلا أن يأخذ بقدر حصته من الشفعة فلا شفعة له وهو قول مالك * (قلت) * أرأيت
الوصي أيأخذ بالشفعة للحبل في قول مالك أم لا (قال) لا يأخذ له بشفعة حتى
يولد لأنه لا ميراث له الا بعد الولادة فكذلك لا شفعة له الا بعد الولادة والاستهلال
صارخا * (قلت) * أرأيت لو أن دارا بين رجلين مسلم ونصراني هما شريكان في الدار
فباع المسلم حصته من مسلم أو نصراني أيكون لشريكه النصراني فيه شفعة أم لا
(قال) قال مالك لشريكه الشفعة وإن كان نصرانيا * (قلت) * أرأيت العبد النصراني
ومولاه نصراني أسلم العبد وسيده غائب أيباع على سيده أم ينتظر سيده حتى يقدم
(قال) ان كانت غيبة السيد قريبة نظر الامام في ذلك ولم يعجل بيعه لعل سيده
يكون قد أسلم فيكون العبد له على حاله عبدا وإن كان بعيدا باعه السلطان ولم ينتظره
وكذلك أن كانت أمة لان مالكا قال في نصراني تزوج نصرانية فأسلمت النصرانية
وزوجها غائب قبل أن يبني بها زوجها (قال مالك) ينظر السلطان في ذلك فإن كان
موضع الزوج قريبا استؤني بالمرأة وكتب إلى ذلك الموضع لعله يكون قد أسلم قبل
453

المرأة فإن كان قد أسلم قبلها فهو أحق بها وان كانت غيبة بعيدة لم يأمرها أن تنتظره
ولها أن تنكح مكانها ان أحبت * (قلت) * أرأيت أن تزوجت ولم تنتظره لبعد غيبته
فقدم الزوج وقد كان أسلم في مغيبه قبلها (قال) إذا أدركها قبل أن يبني بها زوجها
فهو أحق بها وان بنى بها زوجها الثاني فلا نكاح بينهما لان مالكا قال في التي تسلم
وزوجها غائب وقد كان دخل بها ان كانت غيبته قريبة سئل عنه وان كانت غيبته
بعيدة انتظرت فيما بينها وبين أن تنقضي عدتها فان قدم زوجها وقد تزوجت ودخل
بها زوجها الثاني وقد كان اسلامه قبل اسلامها أو في عدتها فلا سبيل له إليها وان
أدركها قبل أن يدخل بها وقد كان اسلامه على ما وصفت لك فهو أحق بها * (قلت) *
ولم قال ذلك مالك (قال) أراه مثل قول عمر بن الخطاب في التي يطلقها زوجها فتعلم
بطلاقها ثم يراجعها ولا تعلم برجعته حتى تنكح زوجا غيره انه ان أدركها قبل أن يبني
بها زوجها هذا الثاني فهو أحق بها وان أدركها بعد ما بنى بها زوجها الثاني فلا سبيل
للأول عليها فكذلك هذه في اسلامها * (قلت) * أرأيت أن اشتريت شقصا من
دار فقاسمت شريكي ثم بنيته مسجدا ثم جاء الشفيع فأراد رد قسمتي وأن يأخذ
بالشفعة ويهدم المسجد أله ذلك أم لا عند مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن ذلك له لأنه حين بيع هذا الشقص كان له الاخذ بالشفعة فلا تبطل شفعته بما
أحدث المشتري في ذلك * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا اشترى شقصا من دار وهو
مديان فقام عليه غرماؤه فباعوا ما اشترى أو مات فباع ذلك ورثته للغرماء ثم أتى
الشفيع فأراد أن يأخذ بالصفقة الأولى أيكون ذلك له (قال) قال مالك في الرجل
يشترى الشقص من الدار فيبيعها من غيره ويبيعها ذلك أيضا من غيره ثم يأتي
الشفيع ان له أن يأخذ أي صفقة شاء من ذلك فكذلك مسألتك * (قيل) * أرأيت
من بنى مسجدا على ظهر بيت له أو على غير ظهر بيت أو على أرضه ولم يبنه على
بيت أيجوز له أن يبيعه (قال) لا يجوز له أن يبيعه لان هذا عندي بمنزلة الحبس
أرأيت من حبس عرصة له أو بيتا له في المساكين أو على المسلمين أيجوز له أن
454

يبيعه (قال مالك) لا يجوز له أن يبيعه وكذلك المسجد عندي مثل ما قال مالك في
الحبس لا يجوز بيعه إذا كان بناؤه إياه على وجه الصدقة والإباحة للناس * (قلت) *
أرأيت لو أن جدارا بيني وبين رجل الجدار بين داري وداره أنا وهو في الجدار
شريكان بعت نصيبي منه أيكون شريكي فيه شفيعا في قول مالك أم لا (قال) نعم هو
شفيع * (قيل) * فإن كان الجدار جداري وإنما له عليه مواضع خشب فبعت الجدار
أيكون شفيعا بمواضع الخشب أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا شفعة له الا
في الشركة في أصل الأرض وهذا ليس بشريك فلا شفعة له * (قلت) * أرأيت أن
بعت عوالي وتحته سفلى لغيري أو بعت سفليا وتحته عوال لغيري أيكون لبعضنا
الشفعة فيما باع صاحبه في قول مالك (قال) لا شفعة لهم لان هؤلاء قد عرف كل
واحد منهم حقه ما هو وحيث هو * (قلت) * أرأيت أن اشترى مسلم من ذمي
أرض خراج وشفيعها مسلم أيجوز هذا البيع وتكون فيه شفعة في قول مالك أم لا
(قال) قال مالك لا تباع أرض الذمي إذا كانت الأرض أخذت عنوة * (قلت) * فإن كانت الأرض أرض صلح عليها خراج باع أرضه رجل من أهل الذمة من مسلم
أو من نصراني وشفيعها مسلم أيجوز هذا البيع وتكون له الشفعة في قول مالك أم لا
(قال) قال مالك لا يعجبني هذا البيع ولا أراه جائزا ان اشترط البائع على المشتري
خراجا يؤديه للأرض وان اشترى بلا خراج عليه لم يكن بذلك بأس وأرى فيها
حينئذ الشفعة ولا ينبغي في قول مالك أن يبيع رجل من رجل أرضا على أن المشتري
عليه كل عام شئ يدفعه (قال ابن القاسم) * قال مالك في أهل الصلح ان لهم أن يبيعوا
أرضهم فإن كان المشتري إنما يبيعه البائع على أن عليه خراجا يتبع به فلا يحل وإن كان
يكون الخراج على البائع ويسقط عن المشتري فلا بأس به وأصل هذا فيما سمعنا
من قول مالك أن أهل الصلح يبيعون أرضهم ممن أحبوه بمنزلة أموالهم ولا جزية
على من اشترى ذلك منهم لأنه لو أسلم سقطت الجزية عنه وعن أرضه وهو يتبع
455

بما صالح عليه فإنما عليه ما صالح عليه ولا يبيع (1) من أرضه ومن ماله ما شاء وهذا
قول مالك فأما أن يبيعه علي أن على المشتري خراجها فلا يحل * (قلت) * أرأيت أن
اشتريت أرضا ونخلا صفقة واحدة فاستحق نصف النخل أيكون لي أن أرد جميع
صفقتي والأرض أرض النخل (قال) ينظر في ذلك فإن كان الذي استحق من النخل
شيئا يسيرا تافها لم يكن له أن يرد شيئا منها مما اشترى فكذلك قال مالك ويوضع
عنه من الثمن ما يصيب الذي استحق من الخل ويقسم الثمن على جميع ما اشترى
فيوضع عنه من الثمن ما صار لهذا الذي استحق من يديه وإن كان الذي استحق
من النخل شيئا كثيرا كان له أن يرد جميع ذلك أو يتماسك بما بقي في يديه ويأخذ
من الثمن بقدر ما استحق وهذا قول مالك * (قيل) * له فإن كانت الأرض على حدة
والنخل على حدة فاشترى الأرض والنخل صفقة واحدة فاستحق بعض النخل (قال)
ينظر في الذي اشترى فإن كان الذي استحق من النخل هو وجه ما اشترى وفيه
كان يرجو الفضل ولمكان هذا الذي استحق اشترى جميع صفقة الأرض وما بقي
من النخل فله أن يرد ذلك وإن لم يكن ذلك وجه ما اشترى ولا فيه طلب الفضل
كان له أن يرد جميع النخل وحدها بما يصيب النخل من الثمن إذا كان الذي استحق
من النخل هو أكثر النخل وإن كان النخل الشئ التافه الذي استحق من النخل
كان له أن يرجع بما يصيب ذلك من الثمن ولم يفسخ البيع
(باب اشترى دارين صفقة واحدة فاستحق من إحداهما شئ)
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت دارين صفقة واحدة فاستحق شئ من احدى
الدارين والدار التي استحق بعضها ليست وجه ما اشتريت (قال) ينظر فيما استحق
من الدار فإن كان شيئا تافها لا ضرر فيه لم يكن له أن يرد شيئا من اشترائه وكان له
أن يرجع بحصته ما استحق من الدار في الثمن وإن كان ما استحق من الدار هو أكثر

(1) (قوله ولا يبيع الخ) كذا بالأصل ولعل الصوب حذف لا بدليل ما قبله وحرر
اه‍ مصححه
456

تلك الدار وفيه ضرر رد تلك الدار وحدها ورجع في الثمن بحصة تلك الدار ولم يكن
له ان يرد الدار الأخرى لان التي استحق أكثرها ليست وجه ما اشترى فان
استحق من احدى الدارين التي هي جل ما اشترى ولها اشترى الدار الأخرى وفيها
الفضل جلها أو ما فيه الضرر فان له أن يرد الدارين جميعا يرد جميع بيعه ويرجع بالثمن
وهذا قول مالك (قال) وإن كان الذي استحق منها شيئا تافها الا ضرر فيه وذلك الذي
استحق منها فقط رجع بقدر ذلك من الثمن ولم يكن له أن يرد بقية الدار ولا الدار
الأخرى وهو قول مالك * (قلت) * أرأيت أن اشتريت دارا وشفيعها حاضر فغاب
الشفيع فأقام في غيبته سنين عشرا أو أكثر من ذلك ثم قدم يطلب الشفعة أيكون
له ذلك (قال) إن كان خروجه بحدثان اشترائه وفيما لو قام كانت له فيه الشفعة نظر
فإن كانت غيبته قد علم أنه لا يأتي الا في مثل ما تنقطع فيه الشفعة فلا شفعة له وإن كان
سفرا يرجع في مثله فيدرك فيه شفعته فعاقه أمر من الله بعد ذلك رأيته على
شفعته ويحلف بالله ما كان في ذلك تاركا لشفعته لان مالكا قال لا تنقطع شفعة
الغائب لغيبته وهذا يقول إنما خرجت إلى سفري ولم تنقطع شفعتي في الأيام التي
خرجت فيها وخرجت وأنا أرجو أن أرجع وخرجت ولست بتارك لشفعتي فأنا في
مغيبي على شفعتي ويكون ذلك له لان شفعته لم تنقطع عندنا إلى اليوم الذي طلب فيه
على حال من الحال * (قلت) * ولا يبالي أشهد حين خرج في سفره أنه على شفعته
أو لم يشهد هو عندك سواء وهو على شفعته (قال) نعم ذلك سواء * (قلت) * أرأيت
ان ادعيت في دار دعوى فصالحني الذي ادعيت في داره هذه الدعوى على مائة درهم
دفعها إلي ولم أسم دعواي ما هي ثلث ولا ربع ولا نصف أيجوز هذا الصلح ويكون
في الدار الشفعة أم لا (قال) لا يجوز هذا الصلح لان مالكا قد جعل الصلح بمنزلة
البيع لا يجوز فيه المجهول كما لا يجوز في البيع المجهول إذا كان يعرف ما يدعى من الدار
فلا بد من أن يسميه ثم يصطلحان بعد تسمية ذلك على ما أحبا فإن لم يفعلا فالصلح
فاسد ولا شفعة فيه لأنه غير جائز إلا أن يكونا يعرفان ذلك فيجوز الصلح * (قال
457

ابن القاسم) * ولقد سألت مالكا عن الرجل يهلك ويترك دورا ورقيقا وماشية وغير
ذلك من العروض فيريد ورثته أن يصالحوا المرأة على ميراثها من ذلك (قال) قال
مالك إن كان ما ترك الميت قد عرفته المرأة وعرفه الورثة فلا بأس بذلك وإن كان
مجهولا لا يعرف فالصلح فيه غير جائز وإنما هو بمنزلة البيع ولا يجوز في الصلح من
هذا الوجه الا ما يجوز في البيع * (قلت) * أرأيت أن استأجرت أجيرا سنة بحظي من
هذه الدار أيكون في هذه الدار شفعة أم لا في قول مالك (قال) فيها الشفعة * (قلت) *
فبكم يأخذها الشفيع (قال) يأخذها بقيمة الإجارة * (قلت) * وهذا قول مالك (قال)
نعم الإجارة عند مالك بيع من البيوع فإذا كانت بيعا من البيوع فالشفعة فيها إذا
اشتريت الدار فالإجارة بمنزلة الشراء والبيع بالأموال والعروض تكون في الدور
الشفعة بقيمة الإجارة (قال) وهذا كله قول مالك * (قيل) * وكذلك أن بعت حظي
من هذه الدار بسكنى دار أخرى أيكون فيها الشفعة (قال) نعم له الشفعة عند مالك
* (قلت) * أرأيت أن ادعيت في دار سدسا وذلك حظ رجل في تلك الدار
وجحدني فصالحته على أن سلمت له شقصا لي في دار أخرى على أن يسلم لي هذا
السدس الذي ادعيته في يديه أيكون فيهما جميعا شفعة أم لا في قول مالك (قال)
لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولكن أرى الشفعة في الشقص الذي لم يكن
فيه دعوى وأما السدس الذي كانت فيه دعوى المدعى فلا أرى فيه الشفعة لان هذا
المدعى يقول إنما أخذت حقا كان لي ولم أشتره فيؤخذ مني بالشفعة ويكون في
الشقص الذي لم يكن فيه دعوى الشفعة ويأخذ الشفيع الشقص بقيمة السدس الذي
كانت فيه الدعوى لان الذي أخذ الشقص من الدار دفع هذا السدس إلى الذي
كانت فيه الدعوى وهو مقر بأن السدس الذي دفع ثمن لهذا الشقص الذي في يديه
من هذا الشقص لأنه مقر أنه قد اشتراه وثمنه السدس الذي دفع فيه وأما مدعى
السدس الذي أخذه فيقول أنا لم أشتر هذا السدس إنما أنا رجل أخذت حقي
وظلمت في شقصي الآخر جحدنني هذا السدس فافتديته بهذا الشقص الذي
458

دفعته من مالي فلا يكون فيما في يديه من السدس شفعة لأنه لا يقر بشراء هذا
السدس * (قلت) * أرأيت أن ادعيت على رجل انه قتل دابتي فصالحته من ذلك على
شقص له في دار فأتى الشفيع يطلب بالشفعة بم يأخذها (قال) بقيمة الدابة
* (قلت) * فالقول قول من في قيمة الدابة (قال) القول قول رب الدابة * (قيل) *
ولا يقال له هاهنا صف الدابة (قال) لا لان مالكا قال في الذي يشترى الدار
بالعرض فيفوت العرض ان القول فيه قول المشتري ويقال للشفيع خذ بذلك أو دع
ولم يقل مالك يقال له صف * (قيل) * فان قال قيمة ذلك العرض ما يعلم الناس انه فيه
كاذب ليس ذلك قيمة العرض (قال) لا يصدق وإذا أتى بما لا يشبه كان
القول قول الشفيع إذا أتى بما يشبه * (قلت) * أرأيت اللقيط إذا تصدق عليه بصدقة
أو وهبت له هبة أيكون الذي هو في حجره القابض له ولم يجعله السلطان وصيا ولا
ناظرا (قال) نعم لان مالكا قال في الرجل يتصدق على الرجل بصدقة والمتصدق
عليه غائب فيقول هذا الذي تصدق لرجل أجنبي اقبض لفلان صدقته فيدفعها إليه
ويحوزها هذا الأجنبي لذلك الرجل الغائب ولم يعلم الغائب بما يصدق هذا عليه ولا
بما حاز له هذا الرجل (قال) قال مالك ذلك جائز وكذلك اللقيط عندي هو بمنزلة هذا
* (قلت) * أرأيت أن أخذت عبدا لرجل غصبته إياه فاشتريت به شقصا في دار أيكون
فيه الشفعة أم لا (قال) أما ما كان العبد قائما بعينه ولم يفت ولم يتغير فلا شفعة في الدار
فإذا فات العبد حتى تجب على آخذه قيمته فالشفعة للشفيع بقيمة العبد يوم اشترى به
الدار لان البيع قد تم بينهما حين لزم المتعدى القيمة * (قلت) * أرأيت أن اشتريت
شقصا في دار بألف درهم غصبتها من رجل يعلم ذلك ثم طلب الشفيع الشفعة (قال)
له الشفعة والشراء جائز وإنما عليه ألف درهم مثلها ولربها الذي استحقها أن يأخذها
من بائع الدار ان كانت الدراهم قائمة بعينها لان الدراهم والدنانير في هذا لا تشبه
العروض * (قلت) * أتحفظه عن مالك (قال) لا (قال ابن القاسم) إذا أقام البينة على
دراهمه بعينها أخذها ورجع البائع على المشتري بمثل تلك الدراهم ولا ينقض البيع
459

بينهما * (قلت) * أرأيت لو أنى اشتريت شقصا من دار بألف درهم فأتى الشفيع
يطلب بالشفعة فقال المشتري بنيت في هذا البيت وهذا البيت وكذبه الشفيع (قال)
القول قول الشفيع لان المشترى مدع فيما بنى فلا يصدق الا ببينة * (قيل) * وهذا قول
مالك (قال) لا أحفظ عن مالك الساعة شيئا * (قلت) * أرأيت أن اشتريت عرصة
دار فيها بنيان على أن النقض أولا ثم اشتريت العرصة بعد ذلك فطلب الشفيع
الشفعة أيكون له شفعته في العرصة والنقض جميعا (قال) نعم تكون شفعة الشفيع
في النقض والعرصة جميعا في رأيي * (قلت) * أرأيت أن وهب لي رجل شقصا له في
دار لا يعلم ذلك الا بقوله أيكون القول قوله أنه لم يهب للثواب (قال) سئل مالك
عن رجل تصدق على رجل بشقص له في دار فقال الشفيع لمالك اني أخاف أن
يكون قد باعه في السر أو أعطاه ثوابا وأشهد له بالصدقة ليقطع شفعتي فأنا أريد أن
أحلف المتصدق عليه (قال مالك) إن كان رجل صدق لا يتهم على مثل هذا فلا يمين
عليه وإن كان يتهم على مثل هذا حلف له وكذلك الهبة * (قلت) * أرأيت أن
اشتريت شقصا من دار من رجل فتصدقت به على رجل ثم قدم الشفيع فأراد الاخذ
بالشفعة أتنتقض الصدقة ويأخذ شفعته بصفقة البيع أم لا في قول مالك (قال) نعم
تنتقض الصدقة ويأخذ بالشفعة بصفقة البيع * (قلت) * أرأيت لو أن دارا بيني وبين
رجل غير مقسومة بعت أنا طائفة منها بغير إذن شريكي والذي بعت أنا
من الدار هو نصف الدار إلا أن الذي بعت هو نصف بعينه (قال) قال مالك ان أحب
شريكه أن يأخذ ما باع ويدفع إلى المشترى نصف الثمن الذي اشترى به المشترى
فذلك له وهذا النصف الثمن الذي يدفع إنما هو ثمن حصة شريكه لان البيع إنما
يجوز في حصة شريكه ولا يجوز في حصته هو إلا أن يجيزه * (قال) * فقلت لمالك
أفلا يقاسم هذا الذي لم يبع شريكه الذي باع فان صار هذا النصف الذي باعه البائع
في حظه جاز عليه البيع وان صار في حظ صاحبه بطل البيع (قال مالك) لا يكون
460

هذا هكذا ولكن الذي لم يبع يأخذ حصة شريكه الذي باع بشفعته ويأخذ حصته
من ذلك ولا يجوز فيه البيع إذا لم يجزه هو ويرجع المشترى على البائع بنصف الثمن
لان الشريك الذي أخذ شفعته قد دفع إلى المشتري نصف ثمنه وهو حصة البائع
ويقاسمه النصف الباقي من الدار ان شاء * (قلت) * أرأيت لو أن نخلة بيني وبين
رجل بعت نصيبي منها أيكون لصاحبي الشفعة فيها أم لا (قال مالك) لا شفعة فيها
* (تم كتاب الشفعة الثاني بحمد الله وعونه) *
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي)
* (وعلى آله وصحبه وسلم) *
(ويليه كتاب القسمة الأول)
461

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب القسمة الأول)
(ما جاء في بيع الميراث)
(* قال سحنون) * قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أني بعت مورثي من هذه
الدار ولم أسم ما هو أخمس أو ربع أو عشر أو نصف أيجوز هذا البيع (قال) لا خير
في هذا البيع عند مالك * (قلت) * فان تصدق بميراثه من هذه الدار أو وهبه ولم يخبر
ما هو أثلث أو ربع أيجوز هذا (قال) نعم ذلك جائز عند مالك * (قلت) * أرأيت أن
ورثنا دارين ونحن أشراك كثير فبعت نصيبي من هذه الدار من أحد الورثة بنصيبه
من الدار الأخرى ولم أسم عند البيع ما نصيبي ولا سماه هو لي أيضا إلا أن كل
واحد منا قد عرف نصيبه ما هو وعرف نصيب صاحبه أيجوز هذا في قول مالك
أم لا (قال) نعم * (قلت) * وكذلك أن ورثت في دار سدسا أو ربعا أو خمسا فبعت
مورثي من الدار من رجل ولم أسم عند عقده البيع أن ذلك ربع ولا خمس ولا سدس
وقد عرف البائع والمشتري ما ميراث البائع من الدار (قال) ذلك جائز عند مالك
* (قلت) * أرأيت أن عرف المشتري ما مورث البائع ولم يعرف البائع ما مورثه من الدار
(قال) قال مالك إذا جهل أحدهما كم ذلك من الدار فلا خير في ذلك البيع
(ما جاء في التهيؤ في القسم)
* (قلت) * أرأيت لو أن دارا بيني وبين رجل اقتسمناها على أن أخذت أنا الغرف
462

وأخذ هو الأسافل أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) ذلك جائز * (قلت) *
أرأيت لو أن دارا بين ثلاثة رجال رضوا بأن يأخذ أحدهم بيتا من الدار على أن
تكون للآخرين بقية الدار أيجوز هذا عند مالك (قال) نعم * (قلت) * أليس قد قال
مالك لا يجمع بين رجلين في القسم (قال) إنما قال ذلك مالك في القرعة بالسهام
(ما جاء في شراء الممر وقسمة الدار على أن الطريق على أحدهم)
* (قلت) * أرأيت لو أن دارا بيني وبين رجل قاسمته الدار فأخذ طائفة وأخذت
أنا طائفة على أن الطريق لي إلا أن له في الطريق الممر فصار الطريق لي وله الممر فيه
أيجوز هذا القسم أم لا في قول مالك (قال) جائز * (قلت) * أرأيت أن اشترى
رجل من رجل ممرا في دار من غير أن يشتري من رقبة البنيان شيئا أيجوز هذا أم لا
في قول مالك (قال) ذلك جائز لهما
(ما جاء في قسمة الدار وأحدهما يجهل حظه)
* (قلت) * أرأيت لو أن دارين ورثهما رجلان أحدهما قد عرف مورثه من الدارين
والآخر يجهل مورثه منهما فرضيا بأن يأخذ أحدهما بمورثه من احدى الدارين
النصف ومن الآخرى الثلث فسلم بقيتها لصاحبه أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا
يجوز هذا عند مالك لان مالكا قال في المرأة تصالح على مورثها من الدار ولا تعرف
ما هو قال الصلح باطل
(في الرجوع في القسم)
* (قلت) * أرأيت لو أن دارا بيني وبين رجل تراضينا في أن جعلت له طائفة من
الدار على أن جعل لي طائفة أخرى فرجع أحدنا قبل أن تنصب الحدود بيننا (قال)
ذلك لازم لهما ولا يكون لهما أن يرجعا عند مالك لان هذا بيع من البيوع
* (قلت) * أرأيت لو أن أقرحه (1) متباينة بين قوم شتى أرادوا أن يقتسموا قال بعضهم
* (هامش) (1) (أقرحة) جمع قراح كسحاب وكأمير هي الأرض التي لا ماء بها ولا شجر اه‍ (*)
463

اقسم لنا في الأقرحة كلها وقال بعضهم بل اجمع لنا نصيب كل واحد منا في موضع
واحد (قال) ان كانت الأرض بعضها قريبة من بعض وكانت في الكرم سواء قسمت
كلها وجمع نصيب كل واحد منهم في موضع واحد وان كانت الأقرحة مختلفة
وكانت قريبة قسم كل قريح على حدة وان كانت الأقرحة في الكرم سواء إلا أنها
متباينة متباعدة مسيرة اليوم واليومين قسم كل قريح على حدة أيضا لان مالكا قال
في القوم يرثون الحوائط والدور ويكون بينهم اليوم واليومان (قال) أرى أن تقسم
الحوائط والدور كل واحد على حدته
(قسمة القرى)
* (قلت) * وكذلك أن كانت القرى بينهم ورثوها أو اشتروها فأرادوا أن يقتسموها
فقال بعضهم اجمع نصيب كل واحد منا في موضع واحد وقال بعضهم اقسم لنا في كل
قرية منها وأعط كل واحد منا في موضع حظه من كل قرية (قال) ان كانت القرى
متقاربة وهي في رغبة الناس فيها ونفاقها عند الناس سواء جمعت تلك القرى كلها في
القسم فقسم لكل واحد منهم حصته في موضع واحد منها * (قلت) * أرأيت أن كانت القرى متباعدة متباينة مسيرة اليوم ونحوه واليومين وهي في رغبة الناس فيها
سواء وفى حرص الناس عليها وفى نفاقها عند الناس سواء (قال) أرى أن تقسم كل
قربة على حدة كما قال مالك في الدور التي أخبرتك
(ما جاء في قسمة الدور بين ناس شتى)
* (قلت) * فإن كانت قرية بين قوم شتى فأرادوا أن يقسموا الدور فقال بعضهم
اقسم حظي في كل دار من القرية وقال بعضهم بل اجمع نصيب كل واحد منا في
موضع واحد (قال) ينظر في ذلك فإن كانت الدور سواء في نفاقها عند الناس ورغبة
الناس فيها وفي موضعها قسمت وجمع لكل انسان حظه في موضع واحد وان كانت
الدور متفاوتة مختلفا نفاقها عند الناس وموضعها كذلك جمع القاسم كل دار منها
464

إذا كانت صفقتهما واحدة في رغبة الناس فيها ونفاقها وموضعها فتقسم هذه كلها
قسما واحدا فينظر إلى ما اختلف من الدور فيقسم ذلك على حدة يعطى لكل انسان
حظه من ذلك وان اتفقت داران على صفة واحدة جمعتهما في القسم وهذا قول مالك
(ما جاء في قسمة القرى وفيها دور وشجر)
* (قلت) * أرأيت لو ورثنا أنا وأخ لي قرية من القرى فيها دور وشجر وأرض بيضاء
فأردنا أن نقسم كيف نقسم ذلك بيننا (قال) أما دور القرية فتقسم كما وصفت لك في
قسمة الدور وأما الأرض البيضاء فتقسم كما وصفت لك في قسم الأرض البيضاء
* (قلت) * وكيف وصفت لي في قسمة الأرض البيضاء (قال) ينظر إلى ما كان من
الأرض التي يشبه بعضها بعضا في الكرم والنفاق عند الناس وتقارب موضع بعضه
من بعض جمع له هذا كله فجعل نصيب كل انسان منهم حظه في كل أرض على حدة وهذا مثل
الدور والنخل * (قلت) * وما حد قرب الأرض بعضها من بعض (قال) لم يحد لنا مالك
فيه حدا * (قال ابن القاسم) * وأرى الميل وما أشبهه قريبا في الحوائط والأرضين
* (قلت) * أرأيت الشجر التي في هذه القرية بين هذين الأخوين كيف يقسمها
مالك بينهما وهي من أنواع الأشجار تفاح ورمان وخوخ وأترج وأنواع الفاكهة
مختلطة في جنان واحد أو كانت الأجنة كل نوع على حدة (قال) لم أسمع من مالك
في هذا بعينه شيئا ولكني أرى ان كانت الأشجار مختلطة في حائط واحد كما وصفت
لي قسم الحائط وجمع نصيب كل واحد منهما في موضع واحد على القيمة وان كانت
الأجنة التفاح جنان على حدة والرمان جنان على حدة وكل نوع جنان على حدة
وكل واحد منها يحتمل ان يقسم بينهم قسم بينهم كل جنان على حدة على القيمة
وأعطى لكل واحد منهم حظه من كل واحد منها وهذا مثل قول مالك في النخل
يكون في الحائط منه البرني والصيحاني واللون والجعرور وأنواع التمر رأيته يقسم
على القيمة ويعطى كل واحد منهم يجمع له حظه في موضع واحد من الحائط ولا
465

يلتف إلى ما يصير في حظ هذا من ألوان التمر وما يصير في حظ هذا من ألوان التمر
* (قلت) * أرأيت لو أن دارا في يد رجل غائب أتى رجل فادعى أنه وارث هذه
الدار مع الغائب أيقبل القاضي منه البينة والذي كانت الدار في يده غائب أم لا (قال)
لا أحفظه عن مالك إلا أنى سمعت من يذكر هذا عن مالك أن الدور لا يقضى على
أهلها فيها وهم غيب وهو رأيي * (قال ابن القاسم) * إلا أن تكون غيبته تطول
فينظر في ذلك السلطان مثل من يغيب إلى الأندلس أو طنجة فيقيم في ذلك
الزمان الطويل فأرى أن ينظر في ذلك السلطان ويقضي به * (قلت) * أرأيت أن
أقام البينة انهم ورثوا هذه الدار عن أبيهم وان ذلك الغائب الذي هذه الدار في يديه
لا حق له فيها (قال) لم أسمع من مالك في هذه الا ما أخبرتك أنه بلغني فأرى أنه
ان كانت الغيبة مثل ما يسافر الناس ويقدمون كتب الوالي إلى ذلك الموضع بذلك أن
يستخلف أو يقدم فيخاصمهم وان كانت غيبته بعيدة يعلم أن الذين طلبوا لا يقدرون
على الذهاب إلى ذلك الغائب الذي في يده الدار ولا يوصل إليه لبعد البلاد رأيت أن
يقضى لهم بحقوقهم * (قلت) * هل يقيم القاضي وكيلا لهذا الغائب يقوم له بحجته
(قال) لا أحفظ في هذا شيئا ولا أعرفه من قول مالك أنه يستخلف للغائب ولكن
يقضى عليه ولا يستخلف له خليفة * (قلت) * وكذلك أن كان الذي في يديه الدار
صبيا صغيرا وادعى رجل أن الدار داره وأقام البينة هل يستخلف القاضي لهذا الصبي
خليفة (قال) ما علمت أن مالكا ولا أحدا من أهل المدينة ولا رأيته في شئ من
مسائل مالك قال إنه يستخلف له القاضي خليفة ولا أرى ذلك
(ما جاء في قسمة الثمار)
* (قلت) * أرأيت أن كانت أرض وشجر ونخل وفي الشجر والنخل ثمار فأرادوا أن
يقتسموا الأرض والنخل والثمار (قال) مالك لا تقسم الثمار مع الأصل وكذلك
الزرع لا يقسم مع الأرض ولكن تقسم الأرض والشجر وتقر الثمرة والزرع حتى
يحل بيعهما فإذا حل بيعهما فان أحبوا أن يبيعوا الثمرة والزرع ثم يقتسموا الثمن على
466

فرائض الله تعالى فذلك لهم ولا يقسمون الزرع فدادين ولا مزارعة ولا قتا ولا يقسم
الا كيلا. وأما التمرة من النخل والعنب فان مالكا قال فيه إذا طاب وحل بيعه
واحتاج أهله إلى قسمته (قال مالك) ان كانوا يريدون أن يجدوا كلهم فلا أرى أن
يقتسموه وان كانوا يريدون أن يأكلوه رطبا كلهم أو يبيعوه رطبا كلهم فلا أرى
أيضا أن يقتسموه كذلك وإن كان بعضهم يريد أن يبيع وبعضهم يريد أن يتمر وبعضهم
يريد أن يأكل فاختلفت حوائجهم أو أراد بعضهم أن يبيع وبعضهم أن يتمر رأيت أن
يقسم بينهم بالخرص إذا وجدوا من أهل المعرفة من يعرف الخرص * (قلت) * لمالك
فالفاكهة والرمان والفرسك (1) وما أشبهه (قال) لا يقسم بالخرص وان احتاج أهله
إليه لان هذا مما ليس فيه الخرص من عمل الناس وإنما مضى الخرص في النخل والعنب
* (قال ابن القاسم) * وذلك أنه ذكر بعض أصحابنا ان مالكا أرخص في قسم الفواكه
بالخرص فسألناه عنه فقال لا أرى ذلك (قال) ولقد سألته عنه غير مرة فأبى
أن يرخص لي فيه
(ما جاء في قسمة البقل)
* (قلت) * أرأيت أن ورثنا بقلا أيصلح لنا أن نقسمه (قال) لا يعجبني ذلك ولم أسمع
من مالك به شيئا إلا أن مالكا كره قسم الثمار بالخرص وقال هو مما لو كان شئ يجوز
فيه الخرص لجاز في الثمار والبقل أيعد من الثمار في الخرص ولا أرى أن يقسم حتى
يجد ويباع فيقتسمون ثمنه وذلك أن جل الثمار من التفاح والفرسك والخوخ
والرمان والأترج والموز وما أشبهه لا بأس به اثنين بواحد يدا بيد والقرط لا بأس
به اثنين بواحد يدا بيد فلما لم يجوز لي مالك فيما يجوز من الثمار اثنين بواحد يدا بيد أن
يقسم ذلك بالخرص كرهت أن يقسم البقل القائم بالخرص وإنما هذه الفاكهة الخضراء
عند أهل العلم بمنزلة البقل في أثمانها في الزكاة لأنه لا زكاة فيها وفي تفاضلها سهل اثنان
بواحد * (قلت) * هل يجوز بيع فدان كراث بفداني كراث أو سريس أو خس أو

(1) (والفرسك) قال في القاموس الفرسك كزبرج الخوخ أو ضرب منه أجرد أحمر ا ه‍
467

سلق (قال) لا خير فيه عند مالك إلا أن يجزا ذلك مكانهما ويقطعا ذلك قبل أن يتفرقا
وذلك أني سألت مالكا عن الرجل يشتري الثمرة قد طابت بقمح يدفعه إليه أو
بثمرة يابسة يكتالها له من غير صنفها أو ثمرة في رؤس النخل بثمرة في رؤس شجر
سوى النخل وكل قد طابت (قال مالك) لا يحل ذلك إلا أن يجدا ما في رؤس الشجر من
ذلك قبل أن يتفرقا * (قلت) * أرأيت أن جد أحدهما وتفرقا قبل أن يجد الآخر
(قال) لا يجوز ذلك وكذلك لو اشترى ما في رؤس النخل بحنطة فدفع الحنطة وتفرقا
قبل أن يجد ما في رؤس النخل لم يجز ذلك عند مالك فكذلك البقل عندي مثل
هذا والذي أخبرتك من الثمار هو قول مالك
(ما جاء في قسمة الأرض ومائها وشجرها)
* (قلت) * أرأيت لو أن ثلاثة نفر ورثوا القرية لها ماء وشجر ومجرى ماء ورثوا أرضها
وماءها وشجرها وشربها لأحدهم الثلث وللآخر السدس وللآخر النصف فأرادوا أن يقتسموا (قال) تقسم الأرض عند مالك على قدر مواريثهم منها ويكون لهم في شربهم
من الماء على قدر مواريثهم منه وكل قوم كانوا أشراكا في فلد من الأفلاد فباع أحدهم
نصيبه من ذلك فشركاؤه دنية أحق بالشفعة من سائر شركائه في الماء * (قلت) *
والدنية في قول مالك هم أهل ورثة يتوارثون دون شركائهم (قال) نعم * (قلت) *
وان كانت الأرض قد قسمت إلا أنهم لم يقسموا الماء فباع رجل حظه من الماء ولم
يبع الأرض كانت فيه الشفعة في قول مالك (قال) سألت مالكا عن نخل بين قوم
اقتسموها ولها بئر وتركوا البئر على حالها ليسقوا بها فباع أحدهم حظه من الأرض
وترك حظه من البئر لم يبعه معه ثم باعه بعد ذلك من انسان فقال شريكه في البئر أنا
آخذ بالشفعة (قال) قال لي مالك لا شفعة له فيها * (قال) * فقلت لمالك البئر التي
لا شفعة فيها ما هي (قال) هي هذه التي إذا قسمت النخل وتركت البئر فلا شفعة
فيها فالعيون بهذه المنزلة * (قلت) * فإن لم تقسم النخل فإذا باع رجل حظه من الماء ان
له الشفعة (قال ابن القاسم) سمعت مالكا يقول في رجل له شرك في نخل يسيرة
468

حظه فيها يسير ولهم نبع ماء فأراد أحدهم أن يبيع حظه من الماء من رجل وهو
القليل الحظ ولا يبيع النخل (قال) أرى شركاءه في الماء أحق بالشفعة
(ما جاء في قسمة الزرع الأخضر قبل أن يبدو صلاحه)
* (قلت) * أرأيت هل يقسم الورثة الزرع في قول مالك من قبل أن يبدو صلاحه
على أن يحصد كل واحد منهم حصته مكانه (قال) إذا كان ذلك يستطاع أن يعدل
بينهما بالتحري في القسم جاز ذلك بينهما بمنزلة غيره من الأشياء التي تقسم على
التحري * (قلت) * أرأيت أن اقتسماه على أن يحصداه فحصد أحدهما وترك الآخر
نصيبه حتى صار حبا (قال) تنتقض القسمة أيضا فيما بينهما ويكون على الذي حصده
قيمة ما حصد من الزرع ويكون هذا الزرع الذي استحصد بينهما يقتسمانه بينهما حبا
ويقتسمان القيمة أيضا بينهما * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) إنما قال مالك في
القصب والتين إذا قسم على التحري فذلك جائز فرأيت قسمة هذا الذي ذكرت
لك على التحري جائزا في رأيي فإذا ترك أحدهما نصيبه حتى يصير حبا فقد فسدت
القسمة بينهما لان القسمة ها هنا بيع من البيوع ولا يصلح لأحدهما أن يبيع حصته
من هذا الزرع قبل أن ييبس على أن يتركه مشتريه حتى يصير حبا فلما كان هذا في
البيع لا يجوز عند مالك كان أيضا في القسمة غير جائز وكذلك أن اقتسماه على التحري
على أن يحصداه وهو بقل ثم تركاه جميعا حتى صار حبا فان القسمة تنتقض ويصير
جميع ذلك بينهما يقتسمانه كيلا وهذا رأيي مثل ما قال مالك في البيوع
(ما جاء في قسمة البلح الكبير والبسر والرطب في رؤس النخل)
* (قلت) * أرأيت أن أردنا أن نقتسم بلحا في رؤس النخل ورثناه أو اشتريناه (قال)
إن كان البلح كبيرا واختلفت حاجتهما في ذلك أراد أحدهما أن يأكل البلح وأراد
الآخر أن يبيع البلح فلا بأس أن يقتسماه على الخرص يخرص بينهما إذا اختلفت
حاجتهما إليه لان مالكا كره البلح الكبار واحدا باثنين (قال) ولا أرى أن يباع البلح
469

إذا كان كبيرا الا مثلا بمثل (قال) وكذلك في البسر والرطب وقال مالك في البسر
والرطب لا بأس أن يقتسما ذلك على الخرص فيما بينهما إذا اختلفت حاجتهما إليه
وجعل مالك البلح الكبير في البيع مثل البسر والرطب فكذلك ينبغي أن يكون
البلح الكبير في القسمة مثل الرطب والبسر * (قلت) * أرأيت أن اقتسما هذا البلح
الكبير بالخرص وخرص بينهما على أن يأخذه أحدهما ليأكله وأراد الآخر أن يبيعه
أما يخشى أن يكون هذا بيع الطعام بالطعام ليس يدا بيد (قال) إذا اقتسما في رؤس
النخل وخرص بينهما إذا كانت حاجتهما إليه مختلفة وعرف كل واحد منهما الذي
له من ذلك وقد قبض كل واحد منهما الذي له فلا بأس بهذا القسم وإن لم يجد الذي
حاجته إلى الأكل الا بعد يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك ما لم يتركه حتى يزهى
وقسمتها بالخرص إذا اختلفت حاجتهما قبض والخرص فيه بمنزلة الكيل وكذلك
الذي حاجته إلى البيع لان مالكا قال في الرطب إذا اختلفت حاجتهما إلى ذلك
فلا بأس أن يقتسماه بالخرص ثم يأخذ كل واحد منهما من الرطب كل يوم مقدار
حاجته من ذلك فكذلك البلح الكبار في رأيي * (قلت) * أرأيت أن اقتسما هذا
البلح الكبير بالخرص وكانت حاجتهما إلى البلح مختلفة فجد أحدهما وترك الآخر
حصته حتى أزهى أو تركا جميعا حصتهما حتى أزهت النخل أتنتقض القسمة فيما بينهما
أو تكون القسمة جائزة (قال) تنتقض القسمة فيما بينهما ان تركاه جميعا حتى أزهى
أو تركه أحدهما وجد الآخر * (قلت) * ولم نقضت القسمة فيما بينهما (قال) لأنه بيع
الثمر قبل أن يبدو صلاحه ألا ترى أن أحدهما ابتاع نصف نصيب صاحبه بنصف
ما كان له من البلح فلا يصلح أن يبتاع النخل وإن كان كبيرا على أن يترك حتى
يزهي * (قلت) * أرأيت أن اقتسماه بعدما أزهى وحاجتهما إلى ما في رؤس النخل
مختلفة فتركاه حتى أثمر أتنتقض القسمة فيما بينهما أم لا (قال) لا بأس بذلك ولا
تنتقض وكذلك قال لي مالك إذا اختلفت حاجتهما فيه بثمن واحد وبجد آخر وببيع
آخر لان الرجل لو اشترى رطبا في رؤس النخل ثم تركه حتى يتتمر لم ينتقض البيع
470

فيما بينهما عند مالك وكذلك القسمة أيضا عندي * (قلت) * أرأيت مثل تمر أفريقية
فإنهم يجدونه بسرا إذا بدا قبل أن يرطب ثم يتركونه حتى يتتمر على ظهور البيوت وفي
الا نادر أرأيت أن اقتسماه بعد ما جداه أيجوز ذلك فيما بينهما (قال) نعم ذلك جائز
إذا اقتسماه كيلا * (قلت) * ولا يخشى أن يكون هذا التمر بالتمر ليس مثلا بمثل لأنه
إذا جف وانتقض لا يدرى أيكون ذلك سواء أم لا (قال) لا بأس بهذا لان ذلك
الرطب كله شئ واحد فان اقتسماه فلا أشك أن نقصان ذلك كله شئ واحد
* (قلت) * ويصلح الرطب بالرطب كله مثلا بمثل (قال) نعم لا بأس بذلك عند
مالك فلما قال مالك هذا رأيت أنا أنه جائز إذا اقتسماه ثم جف بعد ذلك نصيب
كل واحد منهما وصار تمرا فذلك جائز (قال) ولو كان ذلك يختلف أيضا ما كان
به بأس لأنه الرطب بالرطب * (قلت) * أرأيت أن اقتسماه بلحا صغارا أيجوز ذلك في
قول مالك أم لا (قال) لا بأس بذلك إذا اقتسماه على التحري واجتهد حتى يخرجا
من وجه المخاطرة (قال مالك) وإنما البلح الصغير علف (قال ابن القاسم) وهو بقل
من البقول (قال مالك) وان اقتسماه وفضل أحدهما صاحبه فلا بأس بذلك إذا عرف
أنه قد فضله بذلك * (قال ابن القاسم) * لا بأس ببلح نخلة ببلح نخلتين على أن يجداه
مكانهما إذا كان البلح صغارا * (قلت) * ويجوز قسمتهما هذا البلح وحاجتهما في ذلك
سواء (قال) نعم يجوز ذلك وان كانت حاجتهما إلى البلح سواء لان هذا لا يشبه
الرطب بالرطب وإنما هو بمنزلة البقل والعلف * (قلت) * فان اقتسما هذا البلح فلم
يجداه حتى صار بلحا كبارا لا يشبه الرطب أتنتقض القسمة فيما بينهما وأحدهما قد
فضل صاحبه في القسمة (قال) نعم * (قلت) * فإن لم يكونا اقتسماه على تفاضل (قال) لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ولكن أرى ان كانا اقتسماه بينهما على غير تفاضل
وكان إذا كبر يتفاضل في الكيل فأراه مفسوخا والا لم أره مفسوخا إلا أن يزهي قبل
أن يجداه أو قبل أن يجد أحدهما أو يكونا قد جدا إلا أن أحدهما قد بقي له في
رؤس النخل شئ لم يجده حتى أزهى (قال) وإذا أكل أحدهما جميع ما صار له في
471

القسم وأكل الآخر نصف قيمة ما صار له أينقض القسم في نصف ما أكل الذي
أكل جميع ما صار له فعليه أن يخرج نصف قيمة ما صار له فيكون ذلك بينهما ويكون
هذا الذي أزهى فيما بينهما أيضا (قال) وكذلك الزرع إذا اقتسماه بقلا على أن
يحصداه فتركاه حتى أفرك أو ترك بعضه حتى أفرك * (قلت) * أرأيت قول مالك
في الرطب والبسر حين يقول يقتسمانه بالخرص إذا وجد من يخرص ذلك بينهما
إذا كانت حاجتهما إلى ذلك مختلفة وقال ذلك في العنب أيضا لم قاله ولم فرق ما بين
هذا إذا كانت حاجتهما إليه سواء أو مختلفة (قال) لان الخرص عند مالك كيل
إذا اختلف حاجتهما إليه فإذا اتفقت حاجتهما إلى ذلك الرطب لم يقتسماه الا كيلا
لان حاجتهما إلى هذا الرطب حاجة واحدة وان كانت حاجتهما إلى أن يبيعا ذلك
جميعا قيل لهما بيعا ثم اقتسما الثمن وإذا اختلفت حاجتهما إلى ذلك لم يكن لهما بد من
أن يقتسماه بالخرص ويجعل الخرص بينهما بمنزلة الكيل فلا يكون الخرص في القسمة
بينهما بمنزلة الكيل إذا كانت حاجتهما واحدة لأنه إذا كانت حاجتهما إلى ذلك
واحدة كان بمنزلة الطعام الموضوع بينهما فلا يقتسمانه الا بالصاع
(ما جاء في قسمة العبيد)
* (قلت) * أرأيت العبيد هل يقتسمون وان أبى ذلك بعضهم في قول مالك (قال)
نعم إذا كان ذلك ينقسم
(ما جاء في قسمة اللبن في الضروع والصوف على ظهور الغنم)
* (قلت) * فهل بجوز أن يقسم اللبن في ضروع الماشية مثل غنم بيني وبين شريكي
نقتسمها للحلب يحلب وأحلب (قال) لا يجوز هذا لان هذا من المخاطرة وقد كره
مالك القسمة على المخاطرة * (قلت) * أرأيت أن فضل أحدهما صاحبه حتى يتبين
ذلك (قال) إذا كان ذلك منه على وجه المعروف وكانا ان هلكت الغنم التي في يد
أحدهما رجع على صاحبه فيما بقي في يديه فلا بأس بذلك لان هذا رجل ترك فضلا
472

لصاحبه على غير وجه المقاسمة * (قال سحنون) * لا خير في هذا القسم لأنه الطعام
بالطعام * (قلت) * هل يقسم الصوف على ظهور الغنم بين الشركاء (قال) نعم لا بأس
بذلك إذا كانا يجزانه بحضرتهما أو إلى أيام قريبة يجوز أن يشتريه إليها فان تباعد ذلك
لم يكن فيه خير
(في قسمة الجذع والمصراعين والخفين والنعلين والثياب)
* (قلت) * أرأيت الجذع يكون بين الرجلين فدعا أحدهما إلى قسمته إلى أن يقطع
بينهما وأبي ذلك صاحبه (قال) لا يقسم بينهما كذلك قال مالك (قال) وقال مالك
في الثوب لا يقسم بينهما إلا أن يجتمعا على ذلك وكذلك الجذع * (قلت) * وكذلك
الباب (قال) نعم * (قلت) * وكذلك المصراعان والنعلان والخفان هو مثل ما ذكرت
في الثوب والخفين والنعلين والمصراعين إنما هو شئ واحد (قال) نعم * (قلت) *
وكذلك هذه الثياب الملفقة مثل العرقي والمروى والملفق أهو عندك سواء (قال)
نعم * (قلت) * أرأيت الساعدين والساقين والذراعين (قال) لا تقسم * (قلت) * أرأيت
الرحا هل تقسم آخذ أنا حجرا وصاحبي حجرا (قال) لا إلا أن يتراضيا بذلك
فان أبى أحدهما لم تقسم * (قلت) * وكذلك الفص والياقوتة واللؤلؤة والخاتم (قال)
نعم هذا كله سواء لا يقسم عند مالك * (قلت) * أرأيت هذا الذي سألتك عنه إذا
اجتمع من كل صنف منه شئ كثير يحتمل القسمة أتجمعه كله بعضه إلى بعض
فتقسمه بينهم أم تجعل كل صنف على حدة بينهم (قال) يجعل كل صنف على حدة
إذا كان ذلك يحمل القسمة فيقسم بينهم * (قلت) * أرأيت المتاع إذا كان خزا أو حريرا
أو قطنا أو ديباجا أو كتانا أو صوفا أتجمعه في القسمة أم لا وكيف إن كان كل نوع
منها كثيرا يحمل القسمة على حدة (قال) هذه ثياب كلها تجمع في القسمة إذا كانت
لا تحمل أن يقسم كل صنف منها على حدة * (قلت) * وكذلك لو كان مع هذا المتاع
فراء (قال) الفراء عندي بمنزلة الثياب * (قلت) * وكذلك لو كان معها بسط ووسائد
(قال) لا أرى أن يجمع هذا مع الثياب والبز لان هذا المتاع سوى البز (قال) والبز
473

أيضا كل إن كان في كل صنف مما سألت عنه ما يحمل القسمة على حدة قسمه على حدة
(قال) ولا أقوم على حفظه وهو رأيي * (قلت) * أرأيت الغرارتين أيقسمان بين
الشريكين (قال) إن كان ذلك فسادا إذا قسم لم أقسمه وإن كان ليس فسادا قسمته
مثل النعلين والخفين * (قلت) * أرأيت الحبل هل يقسم إذا أبى أحدهما ذلك (قال)
لا يقسم * (قلت) * وكذلك الخرج (قال) نعم * (قلت) * أرأيت المحمل هل يقسم
إذا أبى أحدهما ذلك (قال) ينظر فيه إلى المضرة ونقصان الثمن فإن كان فيه نقصان
الثمن ومضره على أحدهما لم يقسم إلا أن يجتمعا
(في قسمة الجبنة والطعام)
* (قلت) * أرأيت الجبنة بين الرجلين أتقسم بينهما أم لا (قال) نعم تقسم وان أبي
أحدهما لان هذا مما ينقسم وقد قال مالك في الطعام انه يقسم فأرى هذه الجبنة
بمنزلة الطعام
(في قسمة الأرض والعيون)
* (قلت) * أرأيت قوما ورثوا أرضين وعيونا كثيرة فأرادوا قسمة ذلك فقال بعضهم
تجمع لكل واحد منا نصيبه في موضع واحد من العيون والأرضين وقال بعضهم
بل أعطني نصيبي من كل عين ومن كل أرض (قال) إذا استوت العيون في سقيها
الأرض واستوت الأرض في الكرم وكانت قريبة بعضها من بعض حتى لا يكون
اختلافا بينا شديدا قسمت لكل واحد منهم حصته في موضع واحد وان اختلفت
العيون في سقيها الأرض وغزرها واختلفت الأرض في كرمها قسمت كل أرض
وعيونها على حدة بمنزلة ما وصفت لك في الدور والأرضين عند مالك
(في بيع النخل بالنخل وفيها ثمر قد أزهى أو لم يزه)
* (قلت) * أيجوز لي أن أبيع نخلا لي فيها ثمر قد أزهى أو لم يزه أو هو طلع بنخل
لرجل فيه ثمر قد أزهى أو لم يزه أو هو طلع بعد (قال) سألت مالكا عن الجنانين
474

أو الحائطين يبيع أحدهما جنانه أو حائطه من النخل بجنان صاحبه أو بحائط صاحبه
من النخل (قال) قال مالك إذا لم يكن فيها ثمرة فلا بأس بذلك (قال مالك) وإن كان
فيها ثمر فلا خير في ذلك (قال ابن القاسم) وإن كان في أحدهما ثمرة وليس
في الأخرى ثمرة فلا بأس بذلك * (قلت) * وسواء ان كانت ثمرة الحائطين بلحا أو
طلعا أو بسرا أو رطبا أو تمرا في قول مالك (قال) نعم ذلك كله سواء وهو مكروه
إذا اشترطا الثمرة مع الأصل (قال) لان مالكا سئل عن الرجل يبيع الحائط وفيه
ثمرة لم تؤبر بعد بقمح نقدا أو إلى أجل (قال مالك) لا خير فيه فإذا اشترطا
الثمرة مع الأصل فلا خير في ذلك وان تبايعا الأصلين بغير ثمرتهما فلا بأس بذلك
إذا كانت ثمرتهما قد أبرت أو كانت بلحا أو بسرا أو رطبا وان كانت ثمرتهما لم تؤبر
فلا خير في أن يتبايعاهما على حال لا ان كانت ثمرة كل واحد من الحائطين لصاحبه
ولا ان كانت تبعا للأصل لأنها ان كانت تبعا للأصل فهو بيع ثمرة لم تبلغ بثمرة
وهو التمر بالتمر إلى أجل وإذا لم يكن تبعا لم يجز لأنه لا يجوز لاحد أن يبيع حائطا
وفيه ثمر لم يؤبر ويستثنى ثمره فإذا لم يجز له أن يستثنى لم يجز له أن يبايع صاحبه حائطه
بحائطه ويحبس ثمرته لأنه استثنى وان كانت ثمرة أحدهما قد أبرت وثمرة الآخر لم
تؤبر فلا بأس أن يبيع إحداهما بصاحبتها إذا كانت التي قد أبرت لصاحبها فان
استثناها صاحب الثمرة التي لم تؤبر فلا يحل * (قلت) * فأصل ما كره مالك من
هذا أن النخل إذا كان فيها طلع أو بلح أو رطب أو تمر لم يصلح أن تباع تلك النخل
بما في رؤسها بشئ من الطعام ويجوز بالدراهم وبالعروض كلها (قال) نعم إلا أن
يجدا ما في رؤس النخل ويتقابضا قبل أن يتفرقا فيجوز ذلك بالطعام وغيره
(ما جاء في قسمة الثمر مع الشجر)
* (قلت) * أرأيت أن ورثنا نخلا أو شجرا وفيها ثمر قد بدا صلاحه أو لم يبد صلاحه
وهو طلع بعد فأردنا أن نقسم النخل وما في رؤسها أو الشجر وما في رؤسها (قال
ابن القاسم) يقسم الشجر على حدة ولا يقسم ما في رؤسها * (قلت) * أرأيت أن قالا
475

نحن نريد أن نقسم النخل وما في رؤسها من الرطب بيننا وقد اختلفت حاجتهما إلى
الرطب (قال) يقسم إذا بينهما إذا كان بحال ما وصفت لك يقسم الأصل على القيمة
وما في رؤس النخل بالخرص وعلى كل واحد منهما سقى نخلة وان كانت ثمرتها
لصاحبه لأنه من باع ثمرا كان على صاحب النخل سقى الثمرة فكذلك إذا كانت
ثمرتي في حائطك كان سقى الأصل عليك فيجمع من الأصل لكل رجل حقه
في موضع ويكون حقه في الثمرة حيث وقع وإن كان وقع ذلك له في نصيب صاحبه
* (قلت) * فان ورثا نخلا فيها بلح أو طلع فأرادا أن يقتسما النخل والبلح (قال) أما
البلح والطلع فلا يقسم على حال إلا أن يجداه ويقتسما الرقاب بينهما ويترك البلح
والطلع حتى يطيب ثم إن أرادا أن يقتسماه إذا طاب اقتسماه وكذلك قال مالك في
هذا الطلع * (قلت) * ولم يكره ولم يكره مالك أن يقتسما البلح في النخل (قال) أرأيت الزرع
أيصلح أن يقتسماه مع الأرض إذا ورثا الزرع والأرض جميعا قلت لا (قال) فالأرض
والزرع بمنزلة النخل والبلح عند مالك * (قلت) * فإذا كانت في رؤس النخل لم قسمه
مالك بينهما بالخرص (قال) ألا ترى أن الزرع إذا حصد وصار حبا قسماه بينهما
بالكيل والخرص في ثمرة النخل بمنزلة الكيل لان الزرع ليس فيه خرص والنخل
فيها الخرص فإذا طاب قسم بينهما بالخرص
(ما جاء في قسمة الفواكه)
* (قلت) * أرأيت الشجر في غير النخل هل يقسم بالخرص ما في رؤسها إذا طاب وقد
ورثناها وما في رؤسها (قال) سألت مالكا عن هذه غير مرة فقال لا يقسم بالخرص
(قال مالك) لا يقسم بالخرص الا العنب والنخل لان الخرص ليس في شئ من الثمار
الا فيهما جميعا فجعل مالك الخرص فيهما إذا طابا بمنزلة الكيل في غيرهما من الثمار
وإن لم يطب النخل والعنب فلا يقسم بينهما بالخرص وإنما يقسم ان أرادا ذلك بأن يجداه ثم
يقتسماه كيلا * (قلت) * أرأيت أن هلك رجل وترك ورثة وترك دينا على رجال شتى
وترك عروضا ليست بدين فاقتسما فأخذ أحدهما الدين على أن يتبع الغرماء وأخذ
476

الآخر العروض أيجوز هذا (قال) إذا كانت الغرماء حضورا وجمع بينه وبينهم فذلك
جائز وان كانوا غيبا فهو غير جائز (قال) وهذا قول مالك في البيوع أنه قال لا خير
في أن يشتري دينا على غريم غائب إذا كان بحال ما وصفت لك * (قلت) * هل يقسم
الدين على الرجال في قول مالك (قال) قال مالك يقسم ما كان على كل رجل منهم ولا
يقسم الرجال لان هذا يصير ذمة بذمة وهو قول مالك وبلغني عن مالك أنه قال
سمعت بعض أهل العلم يقول الذمة بالذمة من وجه الدين بالدين
(ما جاء في اقتسام أهل الميراث ثم يدعى أحدهم الغلط)
* (قلت) * أرأيت إذا اقتسم أهل الميراث فادعى أحدهم الغلط وأنكر الآخرون (قال)
لا يقبل منه قوله إذا ادعى الغلط إلا أن يأتي بأمر يستدل به على ذلك ببينة تقوم أو
يتفاحش ذلك حتى يعلم أنه غلط لا شك فيه لان مالكا قال في الرجل يبيع الثوب
مرابحة ثم يأتي البائع فيدعى وهما على المشتري انه لا يقبل ذلك منه إلا أن تكون
له بينة أو يأتي من رقم الثوب ما يستدل به على الغلط فيحلف البائع ويكون القول
قوله فكذلك من ادعى الغلط في قسم الميراث * (قلت) * أرأيت أن اقتسموا فادعى
بعضهم الغلط بعد القسمة أيقبل قوله في قول مالك أم لا (قال) قال مالك فيمن
باع ثوبا فادعى الغلط يقول أخطأت أو باعه مرابحة فيقول أخطأت انه لا يقبل
الا ببينة أو أمر يستدل به على قوله إن ثوبه ذلك لا يؤخذ بذلك الثمن فان تلك
القسمة بهذه المنزلة لان القسمة بمنزلة البيوع * (قلت) * أرأيت أن ادعى أحدهم
الغلط في قسم الميراث وأنكر الآخرون ذلك أتحلفهم له أم لا (قال) نعم
(في الرجلين يقتسمان الثياب فيدعى أحدهما ثوبا بعد ما قسم)
* (قلت) * أرأيت أثوابا ورثناها فاقتسمناها فأخذت أنا أربعة أثواب وأخذ صاحبي
ستة ثم ادعيت أن ثوبا منها لي في قسمتي وأنكر صاحبي ذلك أتنتقض القسمة بيننا
أم تحلفه وتكون القسمة جائزة (قال) أحلفه وتكون القسمة جائزة * (قلت) * ولم
477

(قال) لان الذي ادعى الثوب الذي في يدي صاحبه قد أقر بالقسمة وهو يدعي ثوبا
مما في يدي صاحبه فلا يصدق والقسمة جائزة إذا كانت تشبه ما يقاسم الناس وحلف
شريكه على الثوب فلا شئ له * (قلت) * ولم جعلت القول قول من في يديه الثوب
مع يمينه وأنت تقول لو أنى بعت عشرة أثواب من رجل فلما قبضها جئته فقلت له
إنما بعتك تسعة أثواب وغلطت بالعاشر فدفعته إليك وقال المشتري بل اشتريت
العشرة كلها والأثواب قائمة بأعيانها ان البيع ينتقض بينهما بعد ما يحلف كل واحد
منا فالقسمة لم لا تجعلها بهذه المنزلة (قال) لا لا تكون القسمة بهذه المنزلة لان القسمة
إذا قبض كل واحد منهما ما صار له وحازه لم يجز قول شريكه على ما في يديه ولو
كان هذا يجوز لم يشأ رجل بعد ما يقاسم أصحابه أن يفسخ القسمة فيما بينهما الا فعل
ذلك والبيع يجوز أن يقول بعتك نصفها أو ربعها وكذلك في الجارية وكذلك في
الثياب والقسمة إذا تحاوزا فالقول في الذي حاز كل واحد منهما قوله ولا يلتفت إلى
قول صاحبه في ذلك * (قلت) * أرأيت أن أقمنا البينة على الثوب الذي ادعيته أقمت
أنا البينة أنه صار لي في القسمة وأقام صاحبي أيضا البينة على مثل ذلك لمن يكون
(قال) إذا تكافأت البينتان كان القول قول من في يديه الثوب في رأيي * (قلت) *
والغنم بمنزلة ما ذكرت لك من الثياب إذا اقتسماها فادعى أحدهما غلطا (قال) نعم
ذلك سواء
(ما جاء في الرجلين يقتسمان الدار فيدعى أحدهما بيتا بعد القسم)
* (قلت) * أرأيت أن اقتسمنا دارا فاختلفنا في بيت من الدار وليس ذلك البيت في
يد واحد منا فادعاه كل واحد منا (قال) إن لم يكن لواحد منهما بينة تحالفا وفسخت
القسمة كلها بينهما وان كانت لأحدهما بينة أو كان قد حاز ذلك البيت كان القول
قوله مع يمينه وان أبى اليمين واحد منهما جعل البيت لصاحبه الآخر بعد أن يحلف
ولا يكون له البيت إذا أبى صاحبه اليمين الا بعد ما يحلف وهذا قول مالك وأما
ما أخبرتك به في رد اليمين فانى سمعت مالكا يقول في الرجل يدعى على الرجل
478

مالا وقد كانت بينهما مخالطة فيقال للمدعى عليه احلف وابرأ فينكل عن اليمين
أيقضي بالمال عليه أم يقول السلطان للمدعى احلف والا لم يقض له بشئ والمدعى
عليه لم يرد اليمين على صاحبه (قال مالك) لا ينبغي للسلطان أن يقضى بذلك على
المدعى عليه حتى يحلف المدعي وإن لم يطلب ذلك المدعى عليه لأنه ليس كل من ادعى
عليه يعرف أن له رد اليمين على صاحبه الذي ادعى عليه فهذا يشبه ما أخبرتك به
من اختلافهما في البيت من تلك الدار في القسمة
(ما جاء في الاختلاف في حد القسمة)
* (قلت) * أرأيت أن اختلفا في الحد فيما بينهما في الدار فقال أحدهما الحد من ها هنا
ودفع عن جانبه إلى جانب صاحبه وقال صاحبه بل الحد من ها هنا ودفع عن جانبه
إلى جانب صاحبه (قال) ان كانا قسما البيوت على حدة والساحة ولم تفسخ القسمة في البيوت لان
اختلافهما إنما هو في الحد والساحة وهذا كله مثل قول مالك في البيوع وان كانا
اقتسما البيوت والساحة قسما واحدا تراضيا بذلك فسخت القسمة بينهما كلها لأنها
قسمة واحدة اختلفا فيها
(في قسمة الوصي مال الصغار)
* (قلت) * أرأيت الوصي هل يقسم مال الصغار فيما بينهم إذا لم يترك الميت الا صبيانا
صغارا وأوصى بهم وبتركتهم إلى هذا الرجل (قال) لا أرى أن يقسم الوصي مالهم
بينهم ولا يقسم مال الصغار بينهم إذا كانوا بحال ما وصفت الا السلطان ان أرى ذلك
خيرا لهم * (قال) * وسمعت مالكا يقول لا يقسم بين الأصاغر أحد الا السلطان
* (قلت) * أرأيت إذا أوصى رجل إلى رجل وترك صبيانا صغارا أو أولادا كبارا
أليس يجوز للوصي أن يقاسم الورثة الكبار للصغار بغير أمر قاض (قال) أحب إلي
أن يرفع ذلك إلى القاضي لأني سمعت مالكا وسئل عن امرأة حلفت لتقاسمن
479

اخوتها فأرادوا أن يقاسموها فقال مالك أحب إلي أن يرفعوا ذلك إلى القاضي حتى
يبعث من يقسم بينهم (قال ابن القاسم) فان قاسم الوصي والقاضي الكبار للصغار
على وجه الإصابة والاجتهاد فذلك جائز * (قلت) * أرأيت إذا قاسم الوصي أو
القاضي هؤلاء الكبار للصغار فوقعت سهمان الأصاغر كل واحد منهم على حدة فأخذ
الكبار حظهم وبقي حظ الأصاغر كل واحد منهم على حدة فهل يجمع ذلك بينهم أم لا
(قال) لا يجمع ذلك بينهم ويكون سهم كل صغير منهم حيث وقع لان مالكا قال
لا يجمع حظ اثنين في القسم
(ما جاء في قسمة الوصي على الكبير الغائب)
* (قلت) * أرأيت قسمة الوصي على الكبير الغائب إذا كان في الورثة صغار وكبار
أتجوز على هذا الغائب (قال) لا تجوز قسمة الوصي على الغائب ولا يقسم لهذا
الغائب الا السلطان فان قسم لهذا الغائب الوصي لم يجز ذلك عليه * (قلت) * هل
يجوز بيع الوصي العقار على اليتامى أم لا (قال) قال مالك لا أحب له أن يبيع إلا أن
يكون لذلك وجه مثل أن يكون الملك يجاوره فيعطيه الثمن الكثير المرغوب فيه وقد
أضعف له في الثمن أو نحو ذلك أو يكون ليس فيما يخرج منها ما يحمل اليتيم في نفقة
اليتيم فإذا كان هذا وما أشبهه رأيت للوصي أن يبيع ويجوز ذلك على اليتيم ان كبر
* (قلت) * أرأيت نصيب الغائب إذا قسم السلطان له كيف يصنع بنصيبه وفي يد من
يتركه (قال) ينظر في ذلك السلطان للغائب لأني سمعت مالكا يقول في الوصي
ينظر بالدين وفي الورثة كبار (قال) إذا كان الورثة كبارا فلا يجوز عليهم فهذا مثله
ليس للوصي في حظ الكبار شئ أن يقول أترك نصيب هذا الكبير الغائب في
يدي حتى يقدم وإنما ينظر للغائب السلطان
(في المسلم إذا أوصى إلى الذمي وقسمة مجرى الماء)
* (قلت) * أرأيت إذا أوصى إلى الذمي أتجوز وصيته في قول مالك (قال) قال
480

مالك كل من أوصى إلى من لا يرضى حاله والموصى إليه مسخوط لم تجز وصيته فهو
ممن لا يرضى * (قلت) * هل يقسم مجرى الماء في قول مالك (قال) لم أسمع مالكا
يقول يقسم مجرى الماء وما علمت أن أحدا أجازه وما أحفظ من مالك فيه شيئا
ولا أرى أن يقسم مجرى الماء * (قلت) * أرأيت أن اقتسموا أرضا بينهم على أنه
لا طريق لواحد منهم في أرض صاحبه وبعضهم إذا وقعت القسمة على هذا تبعا
لا طريق له إلى أرضه (قال) لا يجوز هذا ولا أرى هذا من قسمة المسلمين وقد بلغني
أن مالكا كره ما يشبه هذا
(فيمن كانت له نخلة في أرض رجل فقلعها)
* (وأراد أن يغرس مكانها نخلتين) *
* (قلت) * أرأيت لو أن لي نخلة في أرض رجل قلعها الريح أو قلعتها أنا بنفسي فأردت
أن أغرس مكانها نخلة أخرى (قال) قال مالك وسأله عنها أهل المغرب فقال ذلك
له * (قلت) * فان أراد أن يغرس مكانها زيتونة أو جوزة أو يغرس في موضع أصل
تلك النخلة نخلتين أو شجرتين من سوى النخيل أيجوز ذلك له أم لا (قال) إنما يجوز
له أن يغرس في موضع نخلته ما يعلم أنه مثل نخلته كائنا ما كان من الأشجار وليس
له أن يزيد على أصل تلك النخلة وليس له أن يغرس ما يعلم الناس أنه يعظم حتى يكون
أكثر انتشارا وأضر بالأرض من نخلته ولم أسمع ذلك من مالك ولكن ذلك رأيي
لان مالكا جعل للرجل أن يغرس في موضع نخلته مثلها * (قلت) * أرأيت لو أن نخلة
لي في أرض رجل فأردت أن أجدها فقال رب الأرض لا أتركك نتخذ في أرضى
طريقا (قال) لا أرى أن يمنعه من الذهاب إلى نخلته ليجدها أو ليصلحها * (قلت) *
فإن كان رب الأرض قد زرع أرضه كلها فأراد أن يخرق زرعه إلى نخلته أيكون له ذلك
قال لا أرى أن يمنع المر إلى نخلته ولا أرى أن يضر صاحب النخلة برب الأرض في
الممر إلى نخلته ان له يمر ويسلك إلى نخلته هو ومن يجد له ويجمع له وليس له أن
يجمع نفرا من الناس يفسدون عليه فيما يتواطؤون به من الذهاب إلى نخلته والرجوع
481

(قال) ولقد سئل مالك عن الرجل تكون له الأرض في وسط أرض الرجل فيزرع
الرجل ما حول أرض صاحبه من أرضه فأراد صاحب الأرض الوسطى أن يمر في
أرض هذا الرجل إلى أرضه ببقرة وماشيته ليرعى الخصب الذي في أرضه (قال مالك)
لا أرى له ذلك فأرى أن يمنع من مضره صاحبه لأنه ان سلك بماشيته في أزرع
هذا إلى أرضه أفسد عليه زرعه (قال ابن القاسم) وأرى له أن يدخل يحش
خصب أرضه ولا يمنع من ذلك ولم أسمعه من مالك * (قلت) * أرأيت لو أن نهرا لي
يمر في أرض قوم فأرادوا أن يغرسوا حافتي النهر من أرضهم فأردت أن أمنعهم من
ذلك (قال) لا أرى أن يمنعهم من ذلك ولم أسمع فيه شيئا * (قلت) * فان غرسوا
واحتاج صاحب النهر إلى أن يلقى طينته أيكون له ان يلقى طينه في حافتي النهر في
أرض هذا الرجل وان يطرح ذلك على شجره (قال) ان قدر أن يطرح ذلك على
حافتي النهر من غير أن يطرح ذلك على الشجر منع من أن يطرح ذلك على الشجر
وان كأن لا يقدر على طرحه الا على الشجر لكثرة الطين وكثرة الشجر بحافتي
النهر ولا يكفيه القاء الطين فيما بين الشجر رأيت أن يطرح على الشجر ولم أسمع
هذا من مالك وذلك إذا كانت الأنهار عندهم إنما يلقى طينها على حافتي النهر (قال)
ولكل أهل بلد سنة في هذا وإنما يحمل أهل كل بلد على سنتهم عندهم
(ما جاء في الميت يلحقه دين بعد قسمة الميراث)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك وعليه دين وترك دورا ورقيقا وصاحب الدين
غائب فاقتسم الورثة مال الميت جهلوا أن الدين يخرج قبل القسمة وقبل الميراث أو
جهلوا أن عليه دينا حين اقتسموا ثم علموا ان عليه دينا (قال) أرى ان ترد القسمة
حتى يخرجوا الدين ان أدرك مال الميت بعينه لان مالكا قال في رجل مات وترك
دارا ودينا قال أرى أن يباع من الدار مقدار الدين ثم يقتسم الورثة ما بقي من الدار
إلا أن يخرج الورثة الدين من عندهم فتكون الدار دراهم ولا تباع عليهم ويقتسمونها
بينهم * (قلت) * أرأيت الورثة الذين جهلوا أن الدين يخرج قبل الميراث أو جهلوا
482

أن على الميت دينا ان كانوا قد اقتسموا الميراث فأتلف بعضهم ما صار له وبقي في يد
بعضهم الذي أخذ من الميراث فقدم صاحب الدين كيف يأخذ دينه وقد أراد أن
يأخذ جميع دينه من الميراث الذي أدرك في يد هذا الوارث الذي لم يتلف ما بقي في
يده من ذلك (قال) قال مالك للغريم أن يأخذ جميع ما أدرك في يد هذا الوارث
إلا أن يكون حقه أقل مما في يد هذا الوارث فليأخذ مقدار دينه من ذلك ويطرح
هذا الدين فلا يحسب من مال هذا الميت وينظر إلى ما بقي من مال هذا الميت مما بقي
في يد هذا الذي أخذ الغريم منه ما أخذ وما أتلف الورثة مما أخذوا فيكون هذا كله
مال الميت فينظر إلى ما بقي في يد هذا فيكون له ويتبع جميع الورثة بما بقي له من تمام
حقه من ميراثه من مال الميت بعد الدين ان بقي له شئ ويضمن الورثة ما أكلوا
واستهلكوا مما كان في أيديهم وما مات في أيديهم من حيوان أو رقيق أو غير ذلك
وما كان بقي في أيديهم من العروض والأمتعات أصابتها الجوائح من السماء فلا ضمان
عليهم في ذلك وكذلك قال مالك في هذا فهذا يدلك على أن القسمة كانت باطلا إذا
كان على الميت دين لان مالكا قد جعل في قوله هذا المال مال الميت على حاله وجعل
القسمة باطلا لما قال ما أصابت الجوائح من الأموال التي في أيديهم وما مات مما في
أيديهم فضمانه من جميعهم علمنا أنه لم يجز القسمة فيما بينهم للدين الذي كان على الميت
* (قلت) * أرأيت ما جنى عليه مما في أيديهم بعد القسمة قبل أن يلحق الدين ثم لحق
الدين (قال) يتبعون جميعا صاحب الجناية لأنه كان لجميعهم يوم جنى عليه عند مالك
وكانت القسمة فيه باطلا ولان مالكا قال فيما باعوا مما قبضوا من قسمتهم مما لم يحابوا
فيه فإنما يؤدون الثمن الذي باعوا به ولا يكون عليهم قيمة تلك السلعة يوم قبضوها
* (قلت) * أرأيت إذ أ عطى القاضي أهل الميراث كل ذي حق حقه أترى أن يأخذ منهم
كفيلا مما يلحق الميت في هذا المال (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أنه لا يأخذ
منهم كفيلا ويدفع إليهم حقوقهم بلا كفيل * (قلت) * أرأيت أن قسم القاضي بينهم ثم
لحق الميت دين أتنتقض القسمة فيما بينهم بحال ما وصفت لك في قول مالك (قال)
483

أرى ان القسمة تنتقض لان قسمة القاضي بينهم بمنزلة ما لو قسموا هم أنفسهم بغير
أمر قاض وهم رجال
(في الوارث يلحق بالميت بعد قسمة الميراث)
* (قلت) * أرأيت لو أن قوما ورثوا رجلا فاقتسموا ميراثه بينهم ثم قدم عليهم رجل
فأقام البينة أنه وارث هذا الميت معهم وقد أتلف بعضهم ما أخذ من مال الميت وأدرك
بعضهم وفي يديه ما أخذ من مال الميت أو بعض ما أخذ من مال الميت (قال) قال مالك
يتبع هذا الوارث الذي قدم فأقام البينة أنه وارث الميت جميعهم ويأخذ من كل واحد
قدر ما يصير عليه من ميراثه وليس له على هذا الذي بقي في يديه مال الميت الا مقدار
ما يصيبه من ميراثه إذا فضضت ميراثه على جميع الورثة فيأخذ من هذا الذي لم يتلف
ما في يديه مقدار ما يلزمه من ذلك ويتبع بقية الورثة بما يصير عليهم من ذلك أملياء كانوا
أو عدما (قال مالك) وليس له الا ذلك. وكذلك قال مالك في رجل هلك وترك
عليه دينا فقسم ماله بين الغرماء ثم قدم قوم فأقاموا البينة على دين لهم على هذا الميت
وقد أعدم بعض الغرماء الأولين الذين أخذوا دينهم (قال مالك) يكون لهؤلاء
الذين قدموا فأحيوا على هذا الميت دينا أن يتبعوا كل واحد من الغرماء بما يصير عليه
من دينهم إذا فض دينهم على جميع الغرماء الذين قبضوا دينهم ويكون بما ذلك على
المحاصة في مال الميت وليس لهؤلاء الذين أحيوا على هذا الميت دينا أن يأخذوا ما وجدوا
في يد هذا الغريم من مال الميت الذي لم يتلف ما اقتضى من دينه ولكن يأخذون من هذا
مقدار ما يصير عليه من ذلك ويتبعون بقية الغرماء بقدر ما يصير لهم على كل رجل منهم
مما اقتضى من حقه وكذلك أبدا إنما ينظر إلى مال الميت الذي أخذه الغرماء وينظر إلى
دين الغرماء الأولين ودين هؤلاء الذين أحيوا دينهم على هذا الميت فيقسم بينهم مال
الميت بالحصص فما صار لهؤلاء الذين أحيوا على الميت الدين كان لهم أن يتبعوا أولئك
الغرماء الذين قبضوا دينهم قبل أن يعلموا بهؤلاء ولا يتبعون كل واحد منهم الا بما أخذ
من الفضل على حقه في المحاصة وليس لهم أن يأخذوا ما وجدوا من ذلك بعينه فيقسموه
484

بينهم ولكن يأخذون منه مثل ما وصفت لك ويتبعون العديم والملى بما يصير عليهم
من الفضل الذي أخذوا حين وقعت المحاصة بينهم وبين هؤلاء الذين أحيوا دينهم
وكذلك قال مالك * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك وترك مالا وترك ورثة وترك
عليه دينا فأخذ الغرماء دينهم واقتسم الورثة ما بقي بعد الدين ثم أتى قوم فأحيوا على
الميت دينا وقد أتلف الورثة جميع ما قبضوا من مال الميت وأعدموا أيكون لهؤلاء
الذين أحيوا هذا الدين على الميت أن يتبعوا هؤلاء الغرماء الذين أخذوا حقهم من مال
الميت الذي أخذه الغرماء الأولون من مال الميت في أيديهم لم يستهلكوه (قال)
قال مالك ليس لهم أن يتبعوا الغرماء الأولين إذا كان ما أخذه الورثة بعد الدين فيه
وفاء لهذا الدين الذي أحيا هؤلاء الآخرون لان دينهم يجعل فيما أخذ الورثة ولا
يجعل دينهم فيما اقتضى الغرماء من مال الميت لان ها هنا فضل مال وإنما يكون لهؤلاء
الذين أحيوا هذا الدين أن يتبعوا الورثة عدماء كان الورثة أو أملياء فليس لهم غير
ذلك (قال مالك) وإن كان ليس فيما أخذت الورثة بعد الدين وفاء بهذا الدين الذي
أحيا هؤلاء الغرماء رجع هؤلاء الذين أحيوا هذا الدين على الغرماء الأولين بما زاد
من دينهم على الذي أخذت الورثة فيحاصون الغرماء بما يصير لهم في يد كل واحد
من الغرماء بحال ما وصفت لك. وتفسير ذلك أنه ينظر إلى هذا الغريم كم كان يدرك
أن لو كان حاضرا في محاصتهم فيما في أيديهم وفيما في أيدي الورثة فينظر إلى عدد
الذي كان يصيبه في محاصته ثم ينظر إلى الذي في يد الورثة فيقاص به فيتبعهم به
ويرجع بما بقي له على الغرماء فيأخذه منهم على قدر حصصهم يضرب بذلك في نصيبهم
ولا يحاص له بجميع دينه فيما أخذ ولكنه يحاص بما فسرت لك * (قلت) * لم جعل
مالك لهؤلاء الغرماء الأولين الذين اقتضوا حقوقهم ما قبضوا دون الغرماء الآخرين
الذين أحيوا الدين على الميت إذا كان ورثته قد أتلفوا ما في أيديهم وكان فيما بقي في
أيدي الورثة وفاء لديون الآخرين (قال) لأنه يقال للغرماء الآخرين ليس مغيبكم
إذا لم يعلم بدينكم مما يمنع به هؤلاء الحضور من قضاء ديونهم فلما كان لهم أن يقبضوا
485

ديونهم إذا لم يعلموا بكم دونكم جاز ذلك وكان ذلك لهم دونكم لأنه كان حكم فلا
يرد إذا وقع
(في اقرار الوارث بالدين بعد القسمة)
* (قلت) * أرأيت لو أن ورثة الميت اقتسموا مال الميت فأقر أحدهم بدين على الميت
فقال المقر له بالدين أنا أخاف وآخذ حقي (قال) قال مالك ذلك له * (قلت) * ولا ترى
أن هذا يريد أن يبطل القسمة باقراره لهذا بالدين ولا تتهمه على أنه إنما أراد أن يبطل
القسمة باقراره لهذا بالدين لأنه إذا ندم في القسمة أقر بعشرة دراهم أو بمثل ذلك
يريد به ابطال القسمة لعله أن يجر إلى نفسه بذلك منفعة كبيرة (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا وأرى أن يقال للورثة إذا حلف هذا المقر له إن شئتم فادفعوا إليه ما استحق
باقرار هذا مع يمينه أنتم وهذا المقر بالدين فينفذ قسمكم والا أبطلنا القسمة وأعطينا
هذا دينه ثم قسمنا ما بقي بينكم * (قلت) * أرأيت أن قالت الورثة نحن نخرج ما يصيبنا
من هذا الدين وقال هذا الذي أقر لا أخرج أنا دينه ولكن انقضوا القسمة وبيعوا
حتى توفوه حقه (قال) يقال للورثة أخرجوا هذا الذي يصير عليكم من حق هذا فإذا
فعلوا ذلك قيل للذي أقر أعط حصتك والا بيع عليك ما أخذت من ميراثك (قال)
ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال يحلف المقر له ويستحق حقه * (قلت) * أرأيت
ان أقر أحد الورثة بدين قبل القسمة فحلف المقر له (قال) لا يجوز لهم أن يقتسموا
حتى يأخذ هذا المقر له حقه لأنه قد استحق حقه
(ما جاء في الوصية تلحق الميت بعد القسمة)
* (قلت) * أرأيت أن اقتسموا دورا ورقيقا وأرضين وحيوانا وغير ذلك فأتى رجل
وأقام البينة ان الميت قد أوصى له بالثلث أو أتى رجل فأقام البينة انه وارث معهم
(قال) ان كانت دراهم ودنانير وعروضا فإنما لهذا الموصى له ولهذا الوارث الذي
لحق أن يتبع كل واحد منهم بما صار في يده من حقه إذا كان ما أخذ كل واحد منهم
486

يقدر على أن يدفع إلى هذا الموصى له أو إلى هذا الوارث حقه مما في يديه وينقسم ذلك
وأما الدور والأرضون فإن كانوا اقتسموا كل دار على حدة ولم يجمعوا الدور في القسم
فأعطى كل انسان حقه في موضع واحد والأرضون كذلك اقتسموها والأجنة
كذلك اقتسموها فأرى أن تنقض القسمة حتى يجمع له حقه في كل دار أو أرض أو
جنان كما يجمع لهم ولا يأخذ من كل انسان منهم قدر نصيبه فيتفرق ذلك عليه ويكون
ذلك به ضررا بينا وكذلك لو اقتسموا الدور فلم يقطع لكل انسان منهم نصيبه في كل
دار ولكن جمع له فإنه أيضا لا يأخذ من كل انسان حقه فيتفرق ذلك عليه ولكنهم
يقتسمون الثانية فيجمعون نصيبه كما جمع لهم * (قلت) * أرأيت أن كان ترك دورا أو
عقارا أو عروضا ولم يترك دراهم ولا دنانير فأقام رجل البينة بعد ما اقتسم الورثة ان
الميت أوصى له بألف درهم أتنتقض القسمة فيما بينهم أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه
شيئا إلا أنى أرى أن يقال للورثة اصطلحوا فيما بينكم وأخرجوا وصية هذا الرجل وأقروا
قسمتكم بحالها ان أحببتم فان أبوا ردت القسمة وبيع من مال هذا الميت مقدار وصية
هذا الرجل إذا كان الثلث يحمل ذلك ثم يقسم الورثة ما بقي وإنما جعلنا الورثة ها هنا
بالخيار ان أحبوا أن يؤدوا الدين الذي لحق من الوصية في مال الميت والا ردوا
ما أخذوا من مال الميت فباعوا منه مقدار دين هذا الميت واقتسموا ما بقي بينهم لأنهم
يقولون هذا مال الميت الذي ورثناه فأخرجوا منه الدين ولا نخرج نحن الدين من
أموالنا وكذلك أن قال ذلك واحد منهم كان ذلك له ولا يجبر على أن يخرج حظه
من الدين من مال نفسه فان قال بعضهم نحن نخرج الدين من أموالنا وقال أحدهم
لا أخرج الدين من مالي ولكن ردوا القسمة وبيعوا فأوفوا الوصية ثم اقتسموا ما بقي
فيما بيننا (قال) القول قول هذا الذي أبى وتنتقض القسمة ويدفعون إلى هذا المستحق
حقه من الوصية ثم يقتسمون ما بقي وذلك أنه ليس لهم إذا أبى صاحبهم أن يشتروا
ما في يديه بغير رضاه لان الدين لما لحق دخل في جميع ما في أيديهم فلو جوزنا لهم
ما قالوا لقلنا لهذا الذي أبى بع مما في يديك وأوف الغرماء أو هذا الموصى له حصتك من
487

ذلك ولعل الذي لحقه يغترق ما في يديه ولعل قسمتهم إنما كانت على التغابن
فيما بينهم أو لعله قد أتت جائحة من السماء على ما في يديه فأتلفته ثم لحق الدين أو
الوصية فلا يكون عليه لذلك شئ فهذا يدلك على ابطال القسمة فيما بينهم إذا أبي هذا
الواحد وقال لا أخرج حتى ولا يجوز شراء ما في أيديهم بحصتهم من الدين لان
هذا الذي أبى لو تلف ما في يديه مما كان أخذ من مال الميت بجائحة أتت من السماء
لم يضمن فلا تتم الوصية ولا يتم الدين ولم أسمع هذا بعينه من مالك إلا أنه رأيي لان
مالكا قال إذا لحق الميت دين وقد اقتسمت الورثة أخذ الدين مما في أيديهم وما تلف
بأمر من السماء مما كان في أيديهم لم يلزم واحدا منهم ما تلف في يديه من ذلك فلما
قال مالك هذا علمت أن القسمة تنقض القسمة فيما بينهم * (قلت) * أرأيت أن لحق دين
أو وصية في مال هذا الميت وقد اقتسم الورثة الدور والرقيق وجميع ما ترك الميت فيما
بينهم فقال الورثة كلهم ننقض القسمة ونبيع فنوفى هذا الرجل حقه أو وصيته
والوصية دراهم أو كيل من الطعام فقال واحد منهم لا أنقض القسمة ولكن أنا أوفي
هذا الرجل دينه أو وصيته من مالي ولا أتبعكم بشئ وذلك لأنه مغتبط بحظه من
ذلك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ذلك ولا تنتقض القسمة
(في قسم القاضي العقار على الغائب)
* (قلت) * أرأيت أن كانت قرية بين أبى وبين رجل من شراء أو ميراث ورثاها فغاب
الرجل وهلك والدي فأردنا أن نقسم (قال) قال مالك يرفعون ذلك إلى القاضي فيقسم
ذلك بينهم ويعزل نصيب الغائب * (قلت) وسواء ان كانت شركة أبى مع هذا الغائب
من شراء أو ميراث في قول مالك (قال) القسمة في الدور والرقيق وجميع
الأشياء إذا كانت بينهم من شراء أو ميراث فهو سواء ويقسم ذلك بينهم (قال)
والذي قال مالك في الغائب يدعى عليه في الدور والأرضين إنما قال مالك لا يقضي عليه
ولكن يستأنى به وأما أهل القسم فيقسم عليهم وإن كان غائبا * (قلت) * وكذلك أن
كان شريك أبيهم حاضرا وبعض ورثة الميت غيب أيقسمها القاضي بينهم أم لا (قال)
488

قال لي مالك يقسمها القاضي بينهم ويعزل نصيب الغائب * (قلت) * فلو أن قوما
ورثوا دورا ورقيقا فرفعوا أمرهم إلى صاحب الشرط وفي ورثة الميت قوم غيب
فسمع من بينتهم فقسم ذلك على الغائب أم لا (قال) قال مالك لا تجوز
قسمته الا بأمر القاضي ولا أرى أن يجوز ذلك
(ما جاء في قسمة الأرض والشجر المفترقة)
* (قلت) * أرأيت الأرض التي فيها الشجر المفترقة ها هنا شجرة وها هنا شجرة ورثوها
فأرادوا أن يقتسموها كيف يقتسمون هذه الشجر (قال) أرى أن يقتسموا الأرض
والشجر جميعا لأنهم ان اقتسموا الأرض على حدة والشجر على حدة لصار لهذا
شجرة في أرض هذا ولهذا شجرة في أرض هذا فأفضل ذلك أن يقسموا الأرض
والشجر جميعا فيكون الشجر لمن تصير له الأرض * (قلت) * أرأيت لو أن قوما ورثوا
دورا ورقيقا وعروضا وحيوانا فأرادوا أن يقتسموا بالسهام فجعلوا البقر حظا واحدا
والحيوان والرقيق حظا واحدا والدور حظا واحدا على أن
يضربوا بالسهام (قال) لا خير في هذا لأنه خطر وإنما تقسم هذه الأشياء كل نوع
على حدة وهو قول مالك أنه يقسم كل نوع على حدة البقر على حدة والغنم على حدة
والعروض على حدة إلا أن يتراضوا على شئ بينهم بغير سهام
(ما جاء في قسمة مالا ينقسم)
* (قلت) * أرأيت أن كان الميراث عبدا واحدا أو دابة واحدة أو ثوبا واحدا أو
سرجا أو تورا أو طستا واحدا فأرادوا أن يقتسموا (قال) قال مالك ان هذا لا ينقسم
ولكن يباع عليهم جميع هذا لان هذا مما لا يقسم كل نوع منه على حدة إلا أن
يتراضوا على شئ فيكون لهم ما تراضوا عليه فأما بالسهام فلا يجوز أن يقتسموه
(ما يجمع في القسمة من البز والماشية)
* (قلت) * أرأيت أن هلك رجل وترك بزا فيه الخز والحرير والقطن والكتان والأكسية
489

والحباب أيجعل هذا كله في القسمة نوعا واحدا أم يقسم كل نوع على حدة (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن يجمع البز كله في القسمة فيجعل نوعا
واحدا فيقسم على القيمة مثل الرقيق لان الرقيق عند مالك نوع واحد وفيهم الكبير
والصغير والهرم والجارية الفارهة فهذا كله نوع واحد وهو يتفاوت في الأثمان
بمنزلة البز أو أشد فقد جعله مالك نوعا واحدا والبز عندي بهذه المنزلة والرجل يهلك
ويترك قمصا وجبابا وأردية وسراويلات فلم أسمع مالكا يقول تجعل السراويلات قسما
على حدة والجباب قسما على حدة ولكن هذا كله نوع واحد يجمع في القسمة على
القيمة * (قلت) * وكذلك لو كانت الإبل من صنوف الإبل والبقر من صنوف البقر
جمعتها كلها في القسمة على القيمة في قول مالك بحال ما وصفت لي في الرقيق (قال) نعم
* (قلت) * أرأيت الخيل والبغال والحمير والبراذين أتجمع مع هؤلاء في القسمة (قال)
لا يجمع هؤلاء في القسمة بالسهام ولكن يقسم كل صنف منها على حدة البغال على حدة
والحمير على حدة والخيل والبراذين صنف واحد على حدة ولم أسمع هذا من مالك
ولكنه رأيي
(ما جاء في قسمة الحلي والجوهر)
* (قلت) * أرأيت لو أن امرأة هلكت وتركت زوجها وأخاها وتركت حليا كثيرا
ومتاعا من متاع النساء مختلفا كيف يقتسمه الزوج والأخ في قول مالك (قال) أما
الحلي فلا يقسم الا وزنا وأما متاع جسدها أو متاع بيتها فبالقيمة * (قلت) * أرأيت الحلي
إذا كان فيه الجوهر واللؤلؤ والذهب والفضة فكان قيمة ما فيه من الجوهر واللؤلؤ
الثلثين والذهب والفضة الثلث فأدنى أيصلح أن يقسم على القيمة أم لا والسيوف
المحلاة التي ورثناها فيها من الحلي الثلث فأدنى وقيمة النصول الثلثان فصاعدا أيصلح
أن تقسم السيوف على القيمة أم لا (قال) لا بأس بالقسمة في هذا بالقيمة لان السيف
إذا كان فيه من الفضة الثلث فأدنى فلا بأس به بالفضة كان أقل مما في السيف أو
أكثر إذا كان يدا بيد عند مالك ولا بأس بالفضة والعروض بهذا السيف ألا ترى
490

لو أن رجلين أتيا بسيفين فضتهما أقل من الثلث أو فضة أحدهما أقل من الثلث
والآخر أكثر من الثلث فتبايعا السيفين يدا بيد لم يكن ذلك بأس فكذلك القسمة
أيضا وإن كان في كل سيف من تلك السيوف أكثر من الثلث فلا خير في القسمة
فيه بالقيمة وكذلك الحلي مثل ما وصفت لك في السيوف
(ما جاء في قسمة الأرض والزرع الأخضر)
* (قلت) * أرأيت أن ورثا أرضا فيها زرع فأرادا أن يقتسماها (قال) قال مالك يقتسمان
الأرض على حدة ويتركان الزرع لا يقسم * (قلت) * ولم كره مالك أن يقتسما الأرض
والزرع جميعا وقد جوز مالك بيع الأرض والزرع جميعا قبل أن يطيب الزرع للبيع
فقد جوز مالك بيعه فلم لم يجز مالك القسمة فيه (قال) إنما جوز مالك بيع الأرض
والزرع جميعا بالدنانير والدراهم كان الزرع أقل من ثلث قيمة الأرض أو أكثر ولم
يجوز بيع ذلك بالطعام وهذان إذا اقتسماه فقد صار ان اشترى كل واحد منهما نصف
ما في يديه من الزرع والأرض بنصف ما صار لصاحبه من الأرض والزرع فصار
بيع الأرض والزرع بالأرض والزرع فلا يجوز هذا * (قلت) * فلو أن قوما ورثوا
رجلا فقسم القاسم بينهم الرقيق والإبل والدور والعروض فجعل السهام على عدة
الفرائض فأفرع بينهم فخرج سهم رجل منهم والورثة عشرة رجال فقال بعض من بقي
لا نجيز القسمة أو قالوا ما عدلت في هذا القسم فاردده أو قالوا دع هذا السهم الذي
خرج لصاحبه وأخلط هذا الذي بقي فاقسمه بيننا فإنك لم تعدل فيه (قال) لا ينظر
إلى قول الذين أبوا وقالوا ازدد القسمة ولكن يقرع بينهم وينظر القاضي في ذلك فإن كان قد عدل في القسمة أمضاه بينهم والا أبطله وذلك أن مالكا قال لو أن القاضي
بعث رجلا يقسم بين ورثة ما ورثوا من دور أو غير ذلك فادعى بعضهم أن القاسم
قد جار عليهم قال مالك ينظر القاضي في ذلك فإن كان قد جار عليهم أو غلط رد
القسمة (قال) ولم يرد مالك قسم القاسم بمنزلة حكم الحاكم * (قلت) * أرأيت ثوبا بين
اثنين دعا أحدهما إلى القسمة وأبى الآخر (قال) قال مالك لا يقسم ويقال لهما تقاوماه
491

فيما بينكما أو بيعا فإن لم يتقاوماه وأرادا بيعه فإذا استقر على ثمن فإن شاء الذي كره
البيع أن يأخذه أخذه والا بيع * (قلت) * أرأيت لو أن رجلين ورثا دارا أو عروضا
أو اشتريا ذلك فقسم ذلك القاسم بينهما ثم أقرع بينهما فلما خرج سهم أحدهما قال
لا أرضى أو كانوا جميعا فلما خرج منهم أحدهم قال لا أرضى هذا لأني لم أظن أن هذا
يخرج لي هل ترى هذا من المخاطرة أو يلزمه السهم الذي خرج له أم لا يلزمه
(قال) ذلك لازم له عند مالك * (قلت) * لم ألزمه مالك بهذا وأنت لا تجيز هذا في
البيوع وتجعله مخاطرة لان رجلا لو أتى بعشرة أثواب أو بثوبين فباع أحدهما بعشرة
دراهم على أن يقرع على الثياب فأيها خرج السهم عليه فهو لازم للمشتري فهذا عند
مالك غرر ومخاطرة فلم جوزه في القسمة (قال) لان القسمة عند مالك بالقرعة
ليست من البيوع والقسمة تفارق البيوع في بعض الحالات عند مالك وفي القسمة
عند مالك قد كان هؤلاء شركاء وفي البيع لم يكن المشترى شريكا للبائع
(ما جاء في قسمة المواريث على غير رؤية)
* (قلت) * فلو أنا ورثنا كرما أو نخلا ولم ير واحد منا الكرم والنخل فتراضينا أنا
وصاحبي على أن أعطيته الكرم وأخذت النخل أيجوز هذا في قول مالك (قال)
لا يجوز ذلك عند مالك الا بعد الرؤية أو يكونان قد عرفا الصفة فيقتسمان على
الصفة فلا بأس أن يتراضيا بعد معرفتهما بالصفة على ما أحبا من ذلك * (قلت) *
وكذلك لو كان أحدهما قد عرف الكرم والنخل أو عرف صفة ذلك ولم يعرف
ذلك الآخر (قال) كذلك أيضا لا يجوز لان الذي لم ير ولم يعرف الصفة لا يدرى
ما يأخذ ولا ما يعطى فهذا لا يجوز عند مالك إلا أن يكونا قد رأيا ذلك أو وصف
لهما فيجوز على ما تراضيا من ذلك
(ما جاء في القسمة على الخيار)
* (قلت) * أرأيت لو أنا اقتسمنا دارا وعروضا ورقيقا على أن أحدنا بالخيار ثلاثة أيام أو
492

نحو ذلك (قال) قال مالك ذلك جائز إذا كانت تلك السلع مما يجوز فيها الخيار عدد
الأيام التي اشترط الخيار فيها لنفسه فهذا مثل ما قال مالك في البيع * (قلت) * أرأيت
ان جعلت الخيار لهذا الذي اشترط الخيار لنفسه أيكون لصاحبه من الخيار في الرد
الذي لم يشترط شئ أم لا (قال) لا خيار له في ذلك وقد لزمته القيمة وإنما الخيار
لصاحبه * (قلت) * أرأيت أن أحدث هذا الذي اشترط لنفسه الخيار بناء في الدار أو
هدم فيها شيئا أو ساوم بها أتلزمه القسمة ويبطل خياره أم لا (قال) نعم كذلك قال
مالك في البيوع إذا اشترط المشترط الخيار فصنع من ذلك ما يبطل به خياره فهو بمنزلة
ما صنع هذا في القسمة
(في قسمة الأب أو وصيه على ابنه الصغير وهبته ماله)
* (قلت) * هل يجوز أن يقاسم على الصغير الدور أو العقار أبوه أو وصى أبيه (قال)
ذلك جائز عند مالك * (قلت) * وكذلك العروض وجميع الأشياء (قال) نعم ذلك
جائز عند مالك * (قلت) * أرأيت لو أن صبيا صغيرا في حجر أبيه ورث من أمه مورثا أو
من غير أمه مورثا فقاسم الأب لابنه الصغير فحابى أيجوز ذلك على الصغير وقد حابى
الأب شركاءه (قال) قال مالك لا تجوز هبة الأب مالا لابنه الصغير ولا يتصدق
بمال ابنه الصغير فكذلك المحاباة أيضا لا تجوز عند مالك * (قلت) * فان أدركت هذه
المحاباة وهذه الصدقة وهذه الهبة ردت بعينها وان فاتت ضمن ذلك الأب للابن في
ماله (قال) نعم إذا كان الأب موسرا فان فاتت ضمن الأب ذلك في ماله * (قلت) *
أرأيت أن كان هذا الموهوب له من مال الصبي أو المتصدق عليه من مال الصبي
أو المحاباة في مال الصبي الذي ذكرت مما فعله الأب في مال ابنه إن كان المتصدق عليه
والمحابي والموهوب له قد أتلف الصدقة والمحاباة والهبة بعينها وهو ملي أيكون للأب
إذا غرم ذلك الصبي أو للصبي أن يرجع عليه في ماله فيأخذ منه قيمة ما أتلف من ذلك
في ماله وكيف إن كان عديما وقد استهلك تلك الصدقة والهبة والمحاباة فأراد الأب أو
الابن أن يتبعا بقيمة ما استهلك من ذلك أيكون ذلك لهما في قول مالك أم لا (قال)
493

إذا كان الأب موسرا يوم يختصمون لم يكن للأب ولا للابن أن يتبع المتصدق عليه
ولا المحابى ولا الموهوب له وإنما يكون ذلك للابن على الأب * (قلت) * فإن كانا عديمين
الأب والمتصدق عليه يوم يختصمون (قال) يتبع الصبي أيهما أيسرا أولا الأب أو
المتصدق عليه وللابن أن يتبع أولهما يسرا بقيمة ماله ذلك أن كان الأب اتبعه وإن كان
المتصدق عليه أتبعه ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي ألا ترى أن مالكا
قال إذا تصدق الأب بشئ من مال الابن والابن صغير وإن كان الأب موسرا لم
يجز ورد فان فات ضمن وللابن إن يتبعه إذا أيسر أو يتبع المتصدق عليه إذا أيسر يتبع
أيهما شاء إلا أن يوسر الأب أولا فيقول الابن أنا أتبع الأجنبي ولا أتبع أبى فلا
يكون له ذلك لان الأب لو كان موسرا يوم يختصمون لم يكن للابن أن يتبع المتصدق
عليه ويترك الأب * (قال) * وقال مالك ولو أعتق الأب غلاما لابن له صغير في حجره
جاز إن كان موسرا يوم أعتق وكان عليه الثمن في ماله وإن لم يكن موسرا يوم أعتق لم يجز
عتقه ورد * (قال) * وقال لي مالك إلا أن يتطاول زمان ذلك وينكح الحرائر وتجوز
شهادته فلا أرى أن يرد ويتبع الأب بقيمته * (قلت) * فان أيسر الأب أولهما غرم ذلك
للابن أيكون له أن يتبع المتصدق عليه (قال) لا * (قيل) * فان أيسر المتصدق عليه أولا
فغرم ذلك للابن أيكون له أن يتبع الأب بذلك أم لا (قال) ليس له أن يتبعه بذلك
(ما جاء في وصى الأم ومقاسمته)
* (قلت) * فلو أن امرأة هلكت وتركت ولدا صغيرا يتيما لا وصى له فأوصت الأم بالصبي
وبمالها إلى رجل ولها ورثة سوى الصبي فقاسم وصى الأم لهذا الصبي الذي أوصت
به الأم إليه أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا يجوز من وصية الأم
شئ ولا يجوز شئ مما صنع وصى الأم وليس وصى الأم بوصي وهو كرجل من
الناس فلا يجوز على الصبي شئ من صنيعه * (قلت) * فهل يترك مال المرأة في يديه
وقد أوصت إليه أم لا (قال) مالك إذا كان الذي تركت المرأة تافها يسيرا جاز
ذلك وذلك أن مالكا سئل عن امرأة هلكت وأوصت إلى رجل بمالها قال مالك
494

كم تركت قالوا له خمسين دينارا أو ستين (قال) هذا يسير وجوزه في اليسير
* (قلت) * أرأيت أن هلكت امرأة وأوصت بثلثها أن ينفذ وأوصت بذلك إلى رجل
ان ينفذه وذلك جائز عند مالك (قلت) فان تركت أختها وأخاها صغيرين وأوصت
إلى رجل بهما وبمالها ولا وارث لها غيرهما (قال) أرى وصيتها غير جائزة إلا أن يكون
مالها الذي تركت قليلا مثل الذي ذكرت لك فيجوز ذلك إلى الملك خاصة ولا يكون
لهما وصيا بذلك في انكاحهم وشرائهم والمصالحة عليهم * (قلت) * أرأيت أن هلك رجل
وترك ابن أخ له صغيرا وهو وارثه ومعه وارث غيره أيضا كبير وأوصى العم بهذا
الصبي إلى رجل أيكون وصيه وتجوز مقاسمته له أم لا في قول مالك أو كان الجد
أبا الأب أو كان أخا لهذا الصبي فهلك فأوصى إلى رجل بحال ما وصفت لك (قال)
لا يجوز من وصية هؤلاء قليل ولا كثير وليس لواحد من هؤلاء من الوصية
قليل ولا كثير لان الميت نفسه لم يكن يجوز أمره ولا صنيعه في مال الصبي قبل
موته فكذلك وصيه أيضا لا يكون أحسن حالا منه نفسه * (قلت) * ولا تجوز وصيته
في الشئ القليل مثل ما أجاز مالك وصية الأم في الشئ القليل (قال) لا أرى أن
تجوز وصيته لهذا في قليل ولا كثير * (قلت) * وما فرق ما بين هؤلاء وبين
الأم (قال) إنما استحسن مالك في الأم وليست الأم كغيرها من هؤلاء لان
الأم والدة وليست كغيرها وهو مالها وهذا ليس بماله الذي يوصى به لغيره وما
هو بالقياس ولكنه استحسان ألا ترى أن الأم تعتصر ما وهبت لابنها أو ابنتها
وتكون بمنزلة الأب والجد والأخ لا يعتصران فهذا يدلك أيضا على الفرق فيما بينهم
* (قلت) * فما يصنع بهذا المال الذي أوصى به إلى هذا الوصي الذي لا يجيز وصيته
(قال) ذلك إلى السلطان عند مالك يرى فيه رأيه وينظر فيه للصغار ويجوزه عليهم
وعلى الغائب
495

(ما جاء في قسمة الكافر على ابنته البالغ)
* (قلت) * أرأيت الكافر أيجوز له أن يقاسم على ابنته الكبيرة التي لم تتزوج وقد
أسلمت وهي في حجره في قول مالك (قال) قال مالك ليس له أن يزوج ابنته
الكبيرة إذا أسلمت فلما قال ليس له أن يزوج ابنته الكبيرة إذا أسلمت رأيت
أن لا تجوز عليها قسمته
(في قسمته الأم أو الأب على الكبار الغيب ومقاسمة الأم على ولدها)
* (قلت) * فالوصي هل يجوز أن يقاسم على الغيب الكبار في قول مالك (قال) لا يجوز
ذلك لان مالكا قال لي في الوصي يؤخر الدين وفي الورثة كبار وصغار فيؤخر ذلك
على الغريم على وجه النظر (قال مالك) يجوز ذلك على الصغار ولا يجوز على الكبار
فلما قال مالك لا يجوز على الكبار رأيت أن لا تجوز مقاسمته على الغيب إذا كانوا
كبارا * (قلت) * فالأب هل يقاسم على ابنه الكبير إذا كان غائبا في قول مالك
(قال) لا * (قلت) * أيجوز للأم أن تقاسم على ابنها الصغير (قال) لا يجوز من
مقاسمة الأم على الصغير قليل ولا كثير إلا أن تكون الأم وصية
(في قسمة وصى اللقيط للقيط)
* (قلت) * فلو أن لقيطا في حجر رجل أوصى له بوصية أيجوز لهذا الرجل الذي
اللقيط في حجره أن يقاسم لهذا اللقيط (قال) أرى ذلك جائزا له ولو أن رجلا
أخذ ابن أخ أو ابن أخته وهو صغير في حجره لا مال له واحتسب فيه فأوصى
له بمال فقام فيه وقاسم له وباع له لم أر ذلك يجوز له ولا يجوز له أن يعمد إلى أخ له
يموت فيثب على ماله وولده فيقبض ذلك بغير خلافة من السلطان فيبيع فيه ويشتري
فهذا بمنزلة الغاصب
(ما جاء في قضاء الرجل في مال امرأته)
* (قلت) * أرأيت أن زوج رجل ابنته وهي صبية صغيرة فماتت أمها فورثت الصبية
496

مالا فقال الزوج أنا أقبض ميراثها وأقاسم لها وقال الأب أنا أقبض ميراثها (قال)
قال مالك الأب أحق بمال الصبية ما لم تدخل بيتها ويؤنس منها الرشد لان مالكا
قال لو أن رجلا تزوج جارية قد بلغ مثلها ولها عند الوصي مال لم تأخذ مالها وان
دخلت منزلها حتى يرضى حالها فلما قال لي مالك في الوصي هذا الذي أخبرتك كان
الأب والوصي أحق من الزوج بقبض ميراثها من الزوج والزوج أيضا لا حق له في
قبض مال امرأته ألا ترى أنها إذا دخلت ولم يؤنس منها الرشد لم يدفع إليها مالها
وإنما يدفع إليها مالها إذا أونس منها الرشد وان كانت عند الزوج فهذا يدلك على أن
الزوج لا يقبض مال امرأته والأب والوصي الناظران لها والحائزان لها وان تزوجت
ودخلت منزلها ما لم يرض حالها ويجز أمرها وليس للزوج قضاء في مال امرأته
قبل دخول بها ولا بعده * (قلت) * أرأيت هذه الصبية ان هلك والدها ولم يوص ثم
هلكت أمها وقد تركت مع هذه الصبية ورثة فأرد الزوج أن يقاسم لامرأته وليس
لها وصى ولا أب أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) لا يجوز الا بأمر القاضي
* (تم كتاب القسمة الأول بحمد الله وعونه) *
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي)
* (وعلى آله وصحبه وسلم) *
(ويليه كتاب القسمة الثاني)
497

بسم الله الرحمن الرحيم
* (الحمد لله وحده) *
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
(كتاب القسمة الثاني)
(ما جاء في الشريكين يقتسمان فيجد أحدهما بحصته عيبا أو ببعضها)
* (قلت) * فلو أن شريكين اقتسما دورا أو رقيقا أو أرضا أو عروضا فأصاب أحدهما
بعبد من العبيد عيبا أو ببعض الدور أو ببعض العروض التي صارت في حظه عيبا
كيف يصنع في قول مالك (قال) أرى ذلك مثل البيوع والدور ليس فيها فوت
فإن كان الذي وجد به العيب هو وجه ما أخذ في نصيبه وكثرته رد ذلك كله
ورجع على حقه وردت القسمة إلا أن يفوت ما في يد صاحبه ببيع أو هبة
أو حبس أو صدقة أو هدم أو يكون قد هدم داره فبناها فهذا عند مالك كله فوت
(قال) فان فاتت في يد هذا وأصاب الآخر عيبا فإنه يردها ويأخذ من الذي فاتت الدار
في يده نصف قيمة الدور يوم قبضها وتكون هذه الدور التي ردها صاحبها بالعيب
بينهما وان كانت لم تفت ردت وكانت بينهما على حالها واختلاف الأسواق ليس
بفوت في الدور عند مالك * (قلت) * وإن كان الذي وجد به العيب أقل مما في يده
من الذي صار له رده (قال) قال مالك إذا كان الذي وجد به العيب أقل مما في
يده من ذلك وليس من أجله اشترى رده ونظر إليه كم هو مما اشترى فإن كان السبع
أو الثمن رجع إلى قيمة ما في يد أصحابه فأخذ منهم قيمة نصف سبع ذلك أو نصف
ثمنه ذهبا أو ورقا ولم يرجع في شئ مما في أيديهم * (قال مالك) * في الرجل يبيع
498

الدار ثم يجد المشترى بها عيبا أو يستحق منها شئ (قال) إن كان الذي وجد
به العيب أو استحق من الدار الشئ التافه مثل البيت يكون في الدار العظيمة
والنخلات تكون في النخل الكثيرة فان ذلك يرجع بحصته من الثمن ويلزمه البيع
فيما بقي وإن كان جل ذلك رده فكذلك القسمة والدار الواحدة والدور الكثيرة
إذا أصاب بها عيبا سواء على ما فسرت لك إن كان الذي أصاب العيب يسيرا رد ذلك
الذي أصاب به العيب بحصته من الثمن ويلزمه ما بقي ويرجع على صاحبه بالذي
يصيبه من قيمة ما في يديه ولا يرجع عليه في شئ مما في يديه فيشاركه فيه وإنما له قيمة
ذلك ذهبا أو ورقا كان حظ صاحبه قائما أو فائتا * (قلت) * وكذلك لو اقتسماه فأخذ
أحدهما في حظه نخلا ودورا ورقيقا وحيوانا وأخذ الآخر في حظه بزا وعطرا
وجوهرا وتراضيا بذلك فأصاب أحدهما في بعض ما صار له عيبا أصاب ذلك في
الجوهر وحده أو في بعض العطر أيكون له أن يرد جميع ما صار له في نصيبه أم يرد
هذا الذي أصاب به العيب وحده (قال) ينظر في ذلك فإن كان الذي أصاب به
العيب هو وجه ما صار له رد جميعه بحال ما وصفت لك وإن لم يكن ذلك رد ذلك
وحده بعينه بحال ما وصفت لك
(ما جاء في الحنطة يقتسمانها فيجد أحدهما بحنطته عيبا)
* (قلت) * فإن كان قمح بين اثنين ورثاه فاقتسماه فطحن أحدهما حنطته ثم ظهر على
عيب في حنطته من عفن أو غير ذلك فأراد أن يرجع على صاحبه كيف يرجع عليه
(قال) يرد صاحبه الذي لم يطحن حنطته ان كانت لم نفت وان كانت قد فاتت أخرج
مكيلتها ويخرج هذا الذي طحن حنطته قيمة حنطته التي طحن فتكون بينهما
* (قلت) * ولم لا يخرج هذا الذي طحن حنطته حنطة مثلها معفونة معيبة فتكون بينهما
نصفين (قال) لان الأشياء كلها إذا وجد بها المشتري عيبا وقد فاتت ولا يجد مثلها
لم يخرج مثلها ولان من اشترى حنطة بدراهم فأتلفها فظهر على عيب كان عند البائع
فإنه يرجع في دراهمه بقدر العيب ولا يقال له رد حنطة مثلها معفونة معيبة لان
499

المشترى لو أراد أن يأتي بحنطة مثلها معفونة معيبة لم يحط بمعرفة ذلك والعروض كلها
والحيوان كذلك وهذا الذي قاسم صاحبه حنطته فطحنها فظهر على عيب بعد
طحنه ان أراد أن يرجع في حصة صاحبه من الحنطة بنصف العيب لم يصلح ذلك
لأنها تصير حنطة بحنطة وفضل فلا يصلح ذلك فلما كان هذا لا يصلح لم يكن له بد
من أن يخرج قيمة الحنطة التي طحنها وليس عليه أن يخرج مثلها لان من اشترى سلعة
من السلع كائنة ما كانت طعاما أو غيره فوجد بها عيبا وقد فاتت عنده لا يكون له
أن يقول أنا أخرج مثلها لأنه لا يحاط بمعرفته ولو كان يحاط بمعرفة ذلك لرأيت أن
يكون له ذلك أن يخرج مثلها فيما يكال أو يوزن * (قلت) * أرأيت الطعام العفن
بالطعام العفن أ يصلح أن يكون هذا مثلا بمثل (قال) إن كان ذلك العفن يشبه بعضه
بعضا فلا بأس به وإن كان العفن متفاوتا فلا خير في ذلك وكذلك القمحان يكون
فيهما من التبن والتراب الشئ الخفيف فلا بأس به مثلا بمثل ولو كان أحدهما كثير
التبن أو التراب حتى يصير ذلك إلى المخاطرة فيما بينهما أو يكون أحدهما نقيا
والآخر مغشوشا كثير التبن والتراب فلا خير في ذلك إلا أن يكونا نقيين أو
يكون فيهما من الغلث الشئ اليسير فإن كان ذلك كثيرا صار إلى المخاطرة والى طعام
بطعام ليس مثلا بمثل وليس هذا يشبه ما اختلف من الطعام مثل البيضاء والسمراء
أو الشعير والسلت بعض هذه الأصناف ببعض لان هذين الصنفين اختلفا جميعا
فتبايعا به ولان هذا مغشوش فلا يصلح ذلك * (قلت) * وكذلك لو كانت
سمراء مغلوثة بشعير مغلوث أيصلح ذلك أم لا (قال) لا خير في ذلك إلا أن
يكون شيئا خفيفا بحال ما وصفت لك (قال) وليس حشف التمر بمنزلة غلث الطعام
لان الحشف من التمر والغلث إنما هو من غير الطعام وهذا كله رأيي * (قلت) *
أرأيت هذا الطعام المغلوث إذا كان صبرة واحدة أيجوز أن يقتسماه بينهما (قال)
نعم لا بأس بذلك إذا كان من صبرة واحدة فإن كان من صبرتين مختلفتين لم يصلح
ذلك لأنه لا يدرى ما وقع غلث كل واحدة منهما من صاحبتها والواحدة إذا كانت
500

مغلوثة غلثها شئ واحد لا يدخله من خوف الاختلاف والمخاطرة ما يدخل الصبرتين
إذا كانتا مختلفتين * (قال) * ولقد سألت مالكا عن غربلة القمح في بيعه فقال هو الحق
الذي لا شك فيه وأرى أن يعمل به والذي أجيز من القمح بالقمح أو القمح بالشعير
أن يكونا نقيين أو يكونا مشتبهين ولا يكون أحدهما مغلوثا والآخر نقيا ولا يكون
الا مثلا بمثل وهذا الذي سمعته * (قلت) * أرأيت أن اقتسمنا دارا بيننا فبنيت حصتي
أو هدمتها فأصبت عيبا كان في حصتي قبل أن أهدم أو قبل أن أبنى (قال) قد
أخبرتك بهذا انه إذا هدم أو بنى ثم أصاب عيبا فهو فوت ويرجع بقيمة نصف العيب
فيأخذ ذلك دنانير أو دراهم على ما فسرت لك قبل هذا فينظر ما قيمة العيب فيرجع
بنصفه دنانير أو دراهم وهذا مثل ما قال مالك في البيوع
(في الرجل يشترى عبدا فيستحق)
* (قلت) * فلو أن رجلا اشترى عبدا فباع نصفه من يومه ذلك ثم استحق رجل ربع
جميع العبد أيكون للمشترى أن يرد نصف هذا العبد أم لا (قال) قال مالك من
اشترى عبدا فاستحق بعضه نصفه أو ثلثه أو ربعه أو غير ذلك فان المشترى بالخيار ان
شاء رد الجميع وان شاء حبس ما بقي من العبد بعد الذي استحق منه ويرجع على بائعه في
ثمن العبد بقدر ما استحق من العبد * (قلت) * أرأيت هذا الذي اشترى من المشتري
الأول إذا استحق ربع جميع العبد أيكون عليه في النصف الذي اشترى شئ أم لا
(قال) نعم يأخذ المستحق الربع منهما جميعا ويرجع هذا المشترى الثاني على بائعه بقدر
ما استحق من العبد من حصته ان شاء أو يرد ان شاء ويكون للمشتري الأول على
بائعه مثل ما وصفت لك في هذا يكون مخيرا (قال) وهذا رأيي * (قلت) * فلو أن رجلا
اشترى عبدا أو ثوبا فباع نصفه مكانه ثم ظهر على عيب فرضى المشترى الثاني بالعيب
وقبل العبد وقال المشتري الأول أنا أرد أيكون له أن يرد نصف العبد في قول مالك
أم لا (قال) قال مالك له أن يرد إلا أن البائع الأول بالخيار ويقال له أردد الآن ان أحببت
نصف قيمة العيب إلى الذي باع نصف العبد ولا يرد لك من نصف الذي باعه من العيب
501

شيأ أو خذ نصف العبد وادفع إليه نصف الثمن * (قلت) * فان اقتسمت أنا وصاحبي
عبدين بيننا فأخذت أنا عبدا وهو عبدا فاستحق نصف العبد الذي صار لي (قال)
إنما كان قبل القسمة لكل واحد منكما نصف كل عبد فلما أخذت جميع هذا العبد
وأعطيت شريكك العبد الآخر كنت قد بعته نصف ذلك العبد الذي صار له بنصف
هذا العبد الذي صار لك فلما استحق نصف العبد الذي صار في يدك قسم هذا
الاستحقاق على النصف الذي كان لك وعلى النصف الذي اشتريته من صاحبك فيكون
نصف النصف الذي استحق من نصيبك ونصف النصف من نصيب صاحبك فترجع
على صاحبك بربع العبد الذي في يده لأنه ثمن لما استحق من العبد الذي في يدك من
نصيب صاحبك فترجع على صاحبك إذا كان العبد لم يفت في يد صاحبك وإن كان
العبد قد قات في يد صاحبك كان لك عليه ربع قيمته يوم قبضه ولا تكون بالخيار في أن ترد
نصف العبد على صاحبك فتأخذ نصف عبدك لان مالكا قال في الدار والأرض يشتريها
الرجل فتستحق منها الطائفة (قال) إن كان الذي استحق منها يسيرا رأيت أن
يرجع بقيمته من الثمن ولا ينتقض البيع فيما بينهما (قال) قال مالك وأرى البيت من
الدار الجامعة والنخلة من النخل الكثيرة والشئ اليسير من الأرض الكثيرة ليس
ذلك إذا استحق بفساد لها فأرى أن يلزم المشترى البيع فيما بقي في يديه ويرجع في
الثمن بقدر الذي استحق وإن كان الذي استحق هو جل الدار وله القدر من الدار
رأيت المشترى بالخيار ان أحب أن يحبس ما بقي في يديه بعد الاستحقاق من الدار
ويرجع في الثمن بقدر الذي استحق فذلك له وان أحب أن يرد ما بقي في يديه بعد
الاستحقاق ويأخذ الثمن كله فذلك له (قال) فقيل لمالك فالغلام أو الجارية يشتريها
الرجل فيستحق منه أو منها الشئ اليسير (قال) قال مالك لا يشبه العبد أو الأمة
عندي الدور والأرضين ولا النخل لان الغلمان والجواري يريد أهلهم أن يظعنوا بهم
ويطأ الرجل الجارية ويسافر بالغلام فهو في الغلام والجارية إذا اشترى واحدا
منهما فاستحق منه الشئ اليسير كان بالخيار ان أحب أن يتماسك بما بقي ويرجع في
502

الثمن بقدر ما استحق منه كان ذلك له وان أحب أن يرده كله فذلك له فمسألتك
في القسمة في العبدين عندي تشبه الدور ولا تشبه العبيد لان كل واحد منهما من أن
في كل عبد نصفه فكان ممنوعا من الوطئ ان كانتا جاريتين وكان ممنوعا من أن
يسافر بهما ان كانا عبدين فلما قاسم صاحبه فأخذ كل واحد منهما نصف عبده ونصف
عبد صاحبه فاستحق نصف عبد صاحبه فاستحق من نصف صاحبه ربعه لم يكن
له أن يرد نصف صاحبه كله ولكنه يرجع بذلك الربع الذي استحق منه في العبد
الذي صار لصاحبه إن كان لم يفت فإن كان قد فات رجع عليه بربع قيمة العبد الذي
صار لصاحبه يوم قبضه (قال) وقال مالك والفوت في العبيد في مثل هذا النماء
والنقصان والبيع واختلاف الأسواق ألا ترى أن مالكا قال في الرجل يشتري
السلع فيجد ببعضها عيبا أو يستحق منها الشئ (قال) إن كان الذي وجد به عيبا أو
استحق ليس هو جل ذلك ولا كثرته ولا من أجله اشترى رده بعينه ولزمه البيع
فيما بقي فكذلك هذا العبد ليس الربع جل ما اشترى أحدهما من صاحبه ولا فيه
طلب الفضل فلما قال مالك هذا في هذا وقال في العبد إنما كان أن يرده إذا اشتراه
كله من رجل لان للمشترى أن يسافر به ولان له في الجارية أن يطأها إذا اشتراها
فإذا استحق منها القليل ردها ان أحب ولم يكن للبائع حجة أن يقول لا أقبلها لأنها
إنما استحق منها الشئ اليسير لان هذا قد انقطعت عنه المنفعة التي كانت في الوطئ
والاسفار وما أشبه هذا وأما الذي قاسم صاحبه فأخذ في نصف عبده الذي كان له
نصف عبد صاحبه الذي كان معه شريكا فاستحق الربع من نصيب كل واحد منهما
فليس له أن يرد ما بقي في يديه من حظ شريكه لان العبد والجارية إنما يردهما في
هذا إلى الحال الأولى وقد كان في العبد والأمة في الحال الأولى قبل القسمة لا يقدر
على أن يسافر بهما ولا يطأ الجارية فالعبيد إذا كانوا بين الشركاء فاقتسموهم ثم
استحق من بعضهم بعض ما في يديه إنما يحملون محمل السلع والدور إذا اشتريت
فاستحق بعضها إن كان ذلك الذي استحق كثيرا كان له أن يرد الجميع وإن كان
503

تافها يسيرا لا قدر له لم يرد ما بقي ويرجع بما يصيبه على ما فسرت لك وهذا في
القسمة في العبيد كذلك سواء ألا ترى أن من قول مالك لو أن رجلا اشترى عبدين
وهما في القيمة سواء لا تفاضل بينهما فاستحق منهما واحد لم يرد الباقي منهما لأنه لم
يشتر أحدهما لصاحبه فكذلك النصف حين اشترى لم يشتر الربع الذي استحق
للربع الآخر الذي لم يستحق فتكون له حجة يرده بها أو يقول كنت أسافر بالعبد
أو أطأ الجارية فلا أحب أن يكون معي شريك فتكون له حجة فلما لم تكن له في
هذا الوجه ولا في هذا الوجه الآخر حجة لم يكن له أن يرد ما بقي في يديه من
نصيب صاحبه بعد الاستحقاق ولكن يرجع على صاحبه بربع العبد إن كان لم يفت
وإن كان قد فات فبحال ما وصفت لك
(ما جاء في استحقاق بعض الصفقة)
* (قلت) * أرأيت أن اشتريت عشرة أعبد بألف دينار قيمة كل عبد مائة دينار
فاستحق من العبيد تسعة أعبد وبقي عندي منهم عبد واحد فأردت رده أيكون
ذلك لي أم لا (قال) قال مالك نعم يرد إذا استحق جل السلعة التي فيها كان يرجى
الفضل والربح أو كثرته ولا ينظر في ذلك إلى استواء قيمة المتاع ولا تفاوت في ذلك
* (قلت) * فإن كانت هذه الصفقة دارا أو عبدا أو دابة وثوبا وجوهرا وعطرا
فأصاب بأكثر هذه الصنوف عيبا أو استحق أكثرها وكل صنف منها في الثمن
قريب من صاحبه وليس من هذه الصنوف شئ اشترى الصنف الآخر لمكانه
ولا فيه طلب الفضل ولكن يطلب الفضل في جميع هذه الأشياء أيكون له أن يرد
(قال) نعم له أن يرد ما بقي في يده بعد الاستحقاق إذا كان إنما استحق من ذلك
أكثر المتاع أو الذي فيه يرجى النماء والفضل * (قلت) * فلو أن دارا بيني وبين
صاحبي اقتسمناها فأخذت أنا ربعها من مقدمها وأخذ صاحبي ثلاثة أرباعها من
مؤخرها أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم ذلك جائز في قول مالك لان هذا يجوز
في البيع فإذا جاز في البيع جاز في القسمة * (قلت) * فان استحق من يدي
504

هذا الذي أخذ الربع نصف ما في يديه كيف يرجع على صاحبه (قال) يرجع على
الذي أخذ ثلاثة أرباع الدار من مؤخر الدار بقيمة ربع ما في يديه وكذلك أن
استحق من صاحب الثلاثة الأرباع نصف ما في يديه أو ثلثه فعلى هذا يعمل فيه
وهذا مثل قول مالك في البيوع * (قلت) * ولا تنتقض القسمة فيما بينهما في هذا
الاستحقاق في قول مالك (قال) القسمة لا تنتقض فيما بينهما إذا كان ما استحق من
يد كل واحد منهما تافها يسيرا فإن كان ما استحق من يد كل واحد منهما هوجل
ما في يديه فأرى أن القسمة تنتقض فيما بينهما لان القسمة إنما تحمل محمل البيع ولأنه
لا حجة لمن استحق في يديه شئ أن يقول إنما بعتك نصف ما في يديك بنصف ما في
يدي لأنه ليس بيعا إنما هي مقاسمة فإذا استحق من ذلك الشئ التافه الذي لا يكون
ضررا لما يبقى في يديه ثبتت القسمة فيما بينهما ولا تنتقض ويرجع بعضهم على بعض
بحال ما وصفت لك وإن كان ذلك الذي استحق من الدار ضررا لما يبقى في يديه من
نصيبه رده كله ورجع يقاسم صاحبه الثانية إلا أن يفوت نصيب صاحبه فيخرج
القيمة بحال ما وصفت لك * (قلت) * هذا الذي أسمعك تذكر عن مالك إذا
استحق القليل لم تنتقض القسمة وإذا استحق الكثير انتقضت القسمة ما حد هذا
(قال) قال مالك في الرجل يبيع الدار فيستحق النصف منها في يد المشتري
فللمشتري أن يرد النصف الباقي * (قلت) * فان استحق من الدار الثلث (قال) لم يحد
لنا مالك في الثلث شيئا أحفظه ولكني أرى الثلث كثيرا وأرى أن يرد الدار إذا
استحق منها الثلث لان استحقاق ثلث الدار فساد على المشترى
(ما جاء في قسمة الغنم بين الرجلين بالقيمة)
* (قلت) * فان ورثنا أنا وأخي عشرين شاة فأخذت أنا خمس شياه تساوي مائة
وأخذ أخي خمسة عشر شاة تساوي مائة أيصلح هذا في قول مالك (قال) نعم لا بأس
بذلك أن تقسم الغنم على القيمة إذا كان بالسهام إلا أن يتراضوا على أمر فيكون ذلك
على ما تراضوا عليه * (قلت) * فان استحق مما في يد أحدهما شاة أتنتقض القسمة فيما
505

بينهما أم لا (قال) لا أرى أن تنتقض القسمة فيما بينهما ولكن ينظر فإن كانت هذه
الشاة المستحقة هي خمس ما في يديه رجع هذا على أخيه بنصف قيمة خمس ما في
يديه * (قلت) * وكذلك أن استحق جل ما صار لأحدهما من الغنم (قال) نعم تنتقض
القسمة إذا كان الذي استحق من يدي أحدهما هو جل حصته وفيه رجاء الفضل
والنماء (قال ابن القاسم) قال لي مالك في القوم يرثون الحائط من النخل يقتسمونه
بينهم انه لا يجوز أن يقتسموا التمر فيفضل بعضهم في الكيل لرداءة ما يأخذ من التمر
ولا أن يأخذ مثل مكيلة ما يأخذ أصحابه من التمر إلا أن تمر أصحابه أجود فيأخذ هو
لموضع جودة ثمرة أصحابه دراهم (قال) قال مالك لا يجوز هذا ولكن يتقاومون
الأصل كل صنف منها فيما بينهم ثم يترادون هذا الفضل إن كان بينهم فضل وقال مالك
ولو أن رجلا أتى بحنطة ودراهم وأتى آخر بحنطة ودراهم فتبادلا بها وإن كان الكيل
واحدا ووزن الدراهم واحدا فلا خير فيه
(ما جاء في قسمة الحنطة والدراهم بين الرجلين)
* (قلت) * فان ورثت أنا وأخي ثلاثين أردبا من حنطة وثلاثين درهما فاقتسمناها
فأخذت أنا عشرين أردبا من الحنطة وأخذ أخي عشرة أرادب من الحنطة وثلاثين
درهما أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) إن كان القمح مختلفا سمراء ومحمولة أو
نقية ومغلوثة فلا خير فيه وهو مثل ما وصفت لك في التمر وإن كان الطعام من صبرة
واحدة ونقاوة واحدة وصنف واحد لا يؤخذ أوله للرغبة فيه ويهرب من رداءة آخره
فلا بأس بذلك لأنه إنما أخذ عشرة أرادب وأعطى أخاه عشرة أرادب ثم بقيت
عشرة أرادب بينهما وثلاثون درهما فأخذ بحصته من الثلاثين درهما حصة أخيه من
هذه العشرة أرادب فلا بأس بهذا لأنه لم يأت هذا بطعام وهذا بطعام ودراهم فيكون
فاسدا وإنما كان هذا القمح بينهما فكأنه قال له خذ هذه الدراهم وآخذ أنا هذا القمح
أو قال خذ هذه الدراهم من نصيبك هذا من القمح ربعه أو نصفه فلا بأس بهذا
وهذا فيما فضل بعد حصته من الحنطة بيع من البيوع فلا بأس به * (قلت) * فلو
506

ورثنا أنا وأخ لي مائة أردب من حنطة ومائة أردب من شعير فأخذت أنا ستين
أردبا من حنطة وأربعين أردبا من شعير وأخذ أخي ستين أردبا من شعير وأربعين
أردبا من حنطة أتجوز هذه القسمة فيما بينهما أم لا في قول مالك (قال) لا بأس بهذا
في قول مالك لان الحنطة التي أخذها أحدهما هي مثل ما أخذ شريكه وما زاد على
الذي أخذ شريكه فإنما هو بدل بادله ألا ترى أن مالكا قال لا بأس بالشعير بالحنطة
مثلا بمثل إذا كان يدا بيد (قال) وقد سألت مالكا عن القوم يرثون الحلي من الذهب
فيقول أحدهم اتركوا لي هذا الحلي وأنا أعطيكم وزن حظكم من هذا الحلي ذهبا
(قال) قال مالك إذا وزن ذلك لهم يدا بيد فلا بأس بذلك * (قلت) * وكذلك لو ورثنا
حنطة وقطنية فاقتسمنا ذلك أنا وأخي أخذت أنا الحنطة وأعطيت أخي القطنية أيجوز
هذا في قول مالك (قال) قال مالك لا بأس بهذا إذا كان ذلك يدا بيد فإن كان زرعا
قد بلغ وطاب للحصاد فلا خير في ذلك إلا أن يحصده كله مكانه فإن كان كذلك
فلا بأس به إذا كان حنطة وقطنية وإن كان صنفا واحدا فلا يصلح أن يقتسماه زرعا
حتى يحصداه ويدرساه ويقتسماه بالكيل
(ما جاء في القوم يقتسمون الدور فتستحق حصة أحدهم وقد بنى)
* (قلت) * فان اقتسمنا دارا فيما بيننا فبنى أحدنا في نصيبه البنيان ثم استحق نصف
نصيب الذي بنى بعينه (قال) قد أخبرتك أن مالكا قال إذا بنى أحدهما في نصيبه
فذلك فوت * (قلت) * وكذلك أن كان إنما استحق نصف نصيب الآخر الذي لم
يبن في نصيبه شيئا كان ذلك فوتا في قول مالك (قال) نعم ويقال للذي بني أخرج
قيمة ما صار لك ويرد هذا كل ما في يديه ثم يقتسمان القيمة وما بقي من الأرض
بينهما نصفين إذا كان الذي استحق كثيرا وإن كان قليلا تركت القسمة ورجع
بنصف قيمة ذلك في قيمة نصيب صاحبه وإن كان الذي استحق ربع ما في يديه
رجع بثمن قيمة نصيب صاحبه الذي بنى نصيبه وكان نصيبه فوتا * (قلت) * والداران
والدار الواحدة في ذلك سواء (قال) نعم * (قلت) * وكذلك أن كانت أرضا واحدة
507

فاقتسموها فاستحق بعضها أو أرضين مختلفتين فهما سواء في قول مالك (قال) نعم
* (قلت) * فان اقتسمنا أرضين فأخذت أنا أرضا وأخذ صاحبي أرضا أخرى فغرس
أحدنا في أرضه وبنى ثم أتى رجل فاستحق بعض الأرض التي صارت لهذا الذي
غرس وبنى (قال) يقال لهذا المستحق ادفع إلى هذا الذي غرس قيمة غراسته وبنيانه
في الأرض التي استحققتها والا دفع إليك قيمة أرضك براحا لأنه لم يبن في أرضك
غاصبا وإنما بنى على وجه الشبهة ثم ينظر فيما بينه وبين شريكه الذي قاسمه فإن كان
إنما استحق من أرضه الشئ التافه القليل لم يكن له أن ينقض القسمة ولكن إن كان
استحق ربع ما في يديه رجع بقيمة ثمن ما في يدي صاحبه ولا يرجع بذلك في الدار
كانت قائمة لم تفت أو قد فاتت (قال ابن القاسم) وانظر أبدا إلى ما يستحق فإن كان
كثيرا كان له أن يرجع بقدر نصف ذلك فيما في يدي صاحبه يكون به شريكا له
فيما يديه إذا لم تفت وإن كان الذي استحق تافها يسيرا رجع بنصف قيمة ذلك دنانير
أو دراهم ولا يكون بذلك شريكا لصاحبه وهذا قول مالك * (قلت) * فالدار إذا
اقتسماها فبني أحدهما في نصيبه ثم استحق نصيبه وقد بناه أو نصفه يقال
للمستحق إن شئت فادفع إلى هذا قيمة بنيانه أو خذ منه قيمة أرضك براحا في قول
مالك (قال) نعم قال ابن القاسم والعبيد والدور بمنزلة واحدة إذا استحق جل ما في
يديه رد الجميع وان استحق الأقل مما في يديه لم يرد الا ما استحق وحده بما يقع
عليه من حصة الثمن فالقسمة إذا استحق من يد أحدهما جل نصيبه رجع بقدر
نصف ذلك فشارك به صاحبه وإن كان الذي استحق تافها يسيرا رجع بنصف قيمة
ذلك كما وصفت لك ولا يشارك به صاحبه في حصته التي في يديه وهذا كله قول
مالك وتفسيره لان مالكا قال في الرجل يشتري مائة أردب من حنطة فيستحق
خمسون منها (قال مالك) يكون المشتري بالخيار ان أحب أن يحبس ما بقي بحصته
من الثمن فذلك له وان أحب أن يرد فذلك الداران (قال مالك) وإذا
أصاب بخمسين أردبا منها عيبا أو ثلث ذلك الطعام أو ربعه لم يكن له أن يأخذ
508

ما وجد من طيبه ويرد ما أصاب فيه العيب إنما له أن يأخذ الجميع أو يرد الجميع
وكذلك قال مالك
(في قسمة الدور الكثيرة يستحق بعضها من يد أحدهما)
* (قلت) * أرأيت أن كانت عشرون دارا تركها والدي ميراثا بيني وبين أخي
فاقتسمناها فأخذت أنا عشرة دور في ناحية وأخذ أخي عشرة دور في ناحية أخرى
تراضينا بذلك واستهمنا على القيمة فاستحقت دار من الدور التي صارت لي (قال)
قال مالك في البيوع ان كانت هذه الدار التي استحقت من نصيبه أو أصاب بها عيبا
هي جل ما في يديه من هذه الدور وأكثر هذه الدور ثمنا ردت القسمة كلها وان
كانت ليس كذلك ردها وحدها ورجع على شريكه بحصتها من نصيب صاحبه
* (قلت) * وكيف يرجع في نصيب صاحبه أيضرب بذلك في كل دار (قال) لا
ولكن تقوم الدور فينظر كم قيمتها ثم ينظر إلى الدار التي استحقت كم كانت من
الدور التي كانت في يدي الذي استحقت منه فإن كانت عشرا أو ثمنا أو تسعا رجع
فأخذ من صاحبه قيمة نصف عشر ما في يد صاحبه وإن كان إنما أصاب عيبا بدار
منها قسمت هذه المعيبة وما يأخذ من صاحبه بينهما نصفين * (قلت) * والدار
الواحدة في هذا مخالفة في القسمة في قول مالك للدور الكثيرة (قال) نعم لان
الدار الواحدة يدخل فيها الضرر عليه فيما يريد أن يبنى أو يسكن فلذلك جعل له
في الدار الواحدة أن يرد بمنزلة العبد الواحد يشترى فيستحق نصفه فله أن يرد
جميعه وإذا كانت دورا كثيرة فإنما تحمل محمل الشراء والبيع في جملة الرقيق وجملة
الدور وجملة المتاع إذا استحق من ذلك بعضه دون بعض إلا أن يكون ما استحق
من هذه الدار لا مضرة فيه على ما بقي فيكون مثل الدار * (قلت) * فلو أن
جاريتين بيني وبين رجل من شراء أو ميراث أخذت أنا واحدة وأعطيته أخرى
فوطئ صاحبي جاريته فولدت منه ثم أتى رجل فاستحقها بعد ما ولدت منه
(قال) يأخذ الجارية ويأخذ قيمة ولدها ويرجع هذا الذي استحقت في يديه على
509

صاحبه فيقاسمه الجارية الأخرى إلا أن تكون قد فاتت فان فاتت بنماء أو نقصان
أو اختلاف أسواق أو شئ مما يفوت به كان له عليه نصف قيمتها يوم قبضها
(الرجل يشتري الجارية فتلد منه فيستحقها رجل)
* (قال ابن القاسم) * وقد قال مالك إذا وجد رجل جاريته عند رجل وقد ولدت منه
وقد كانت سرقت منه فثبتت له البينة على ذلك فله أن يأخذها وقيمة ولدها يوم
يستحقها ثم قال بعد ذلك ليس له أن يأخذها ولكن يأخذ قيمة ولدها إلا أن يكون
عليه في ذلك ضرر. والذي آخذ به أنا أنه يأخذها ويأخذ قيمة ولدها * (قلت) * فلو
أن رجلا باع جارية في سوق المسلمين فاستحقها رجل من المسلمين بعد ما فاتت
بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق في يد هذا المشترى أيكون المستحق بالخيار
ان شاء أخذ من المشتري قيمة الجارية لأنها قد فاتت في يديه وان شاء أخذ ثمنها من
البائع (قال) لا يكون للمستحق إلا أن يأخذ جاريته بعينها وان كانت قد حالت
بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق فليس له غيرها أو يأخذ ثمنها من بائعها هو بالخيار
في هذا * (قلت) * فإن كان ثمنها عروضا أو حيوانا قد حال بالأسواق أو بنماء أو
نقصان (قال) فان له أن يأخذ العروض من يدي بائع الجارية زادت العروض أو
نقصت ولا حجة للبائع في زيادة العروض ولا نقصانها لأنها ثمن جاريته لان مالكا
قال لو أن رجلا باع سلعة بسلعة فوجد أحد الرجلين بالسلعة التي أخذ من صاحبه
عيبا فردها وقد حالت الأسواق في التي وجد بها العيب وفي الأخرى كان له أن يرد
التي وجد فيها العيب ولم يكن له أن يأخذ الأخرى ولكن يأخذ قيمتها وكذلك قال
مالك * (قلت) * ولم قال مالك ذلك (قال) لان الذي لم يجد بجاريته عيبا كان ضامنا
لها فعليه نقصانها وله نماؤها والذي وجد بجاريته عيبا ولم يرض بها فله أن يردها للعيب
الذي أصاب بها فإذا ردها فليس له أن يأخذ ما زاد في الجارية الأخرى التي في يد
صاحبه فلما كانت الزيادة التي في الجارية التي في يد صاحبه لصاحبه كان عليه النقصان
أيضا * (قلت) * فقول مالك الذي يؤخذ به في مستحق الجارية التي قد ولدت عند
510

سيدها لم قال مالك لا يأخذها ولكن يأخذ قيمتها وقد قال مالك في الجارية التي قد
حالت بنماء أو نقصان أو حوالة أسواق ثم استحقها رجل ان للمستحق أن يأخذها
بعينها فما فرق ما بينهما (قال) لان الولادة إذا ولدت الجارية من سيدها ان أخذت
من سيدها الذي ولدت منه كان ذلك عارا على سيدها الذي ولدت منه وعلى ولدها
وهذا الذي استحقها إذا أعطى قيمتها فقد أعطى حقه فان أبى فهذا الضرر ويمنع من
ذلك (قال) وهذا تفسير قول مالك الآخرة فأنا آخذ بقوله القديم يأخذها ويأخذ
قيمة ولدها * (قلت) * فان قال لا أريد الجارية وأنا آخذ قيمتها وقال سيد الجارية التي
ولدت عنده لا أدفع إلى هذا المستحق شيئا ولكن يأخذ جاريته أيجبره مالك على
أن يدفع قيمتها أم لا (قال) نعم يجبره مالك على أن يدفع إليه قيمتها وقيمة ولدها
وذلك رأيي إذا أراد ذلك المستحق فان المشتري يجبر على دفع قيمتها وقيمة ولدها في
القولين جميعا قول الأول والآخر * (قلت) * وكيف يأخذ قيمة جاريته في قول
مالك إذا ولدت عنده أيوم اشتراها أو يوم حملت أو يوم استحقها (قال) قال مالك
يوم استحقها لأنها لو ماتت قبل أن يستحقها مستحقها لم يكن للمستحق أن يتبع
الذي ولدت عنده بقيمتها دينا ولو كان له أن يتبعه ان هي هلكت بقيمتها ما كان له
في ولدها قيمة فليس له الا قيمتها يوم يستحقها وقيمة ولدها يوم يستحقهم وليس له
من قيمة ولدها الذين هلكوا شئ * (قلت) * فهذا المستحق الجارية التي ولدت
أيكون له على الواطئ من المهر شئ أم لا (قال) لا يكون له من المهر قليل ولا كثير
* (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم
(في الرجل يوصى للرجل بثلث ماله فيأخذ في وصيته)
* (ثلث دار فيستحق من يده بعد البناء) *
* (قلت) * فلو أوصى رجل لرجل بثلث ماله فأخذ في وصيته ثلث دار الميت فبنى
ذلك ثم استحق ذلك من يده مستحق (قال) يقال للمستحق ادفع قيمة بنيان هذا
الموصى له أو خذ قيمة أرضك براحا * (قلت) * فان دفع إليه قيمة بنيانه وقد أنفق
511

الموصى له في بنيانه أكثر من القيمة التي أخذ لان أسواق البنيان حالت أيكون له
أن يرجع بما خسر في قيمة البنيان على ورثة الميت لأنهم أعطوه في ثلثه ما ليس لهم
فغروه (قال) لا يكون له أن يرجع على ورثة الميت من ذلك بقليل ولا كثير
* (قلت) * فتنتقض القسمة فيما بينهم (قال) نعم تنتقض القسمة في الدور ويقتسمون
ثانية ويأخذ الموصى له بالثلث ثلث دور الميت بعد الذي استحق * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) هذا مثل قول مالك في البيوع إلا أن تفوت الدور في أيدي الورثة
ببيع أو بنيان فيرجع عليهم بالقيمة يوم أعطوا الدور في القسمة فيقسمون القيمة فيما
بينهم على قدر الوصية والمواريث فيما بينهم * (قلت) * فإن كانت الدور قد فاتت في
أيدي الورثة بهدم (قال) يقال للموصى له خذ ثلث هذه الدور مهدومة وثلث نقضها
ولا يكون عليهم فيما نقض الهدم شئ إلا أن يكونوا قد باعوا من النقض شيئا فيكون
له ثلث ما باعوا به ولا يكون له عليهم شئ غير ذلك لا قيمة ولا غيرها لان مالكا
قال في رجل اشترى دارا فهدمها فاستحقها رجل فقال لي مالك ان أحب مستحقها
أن يأخذها مهدومة بحالها فذلك له وان أبى كان له أن يتبع البائع بالثمن وليس له على
المشترى قيمة ولا غيرها فيما تقدم (قال ابن القاسم) وأنا أرى إن كان هذا المشترى
الذي هدم باع من نقضها شيئا فأراد المستحق أخذ الدار مهدومة كان له ثمن الذي
باعه المشترى لأنه ثمن شيئه * (قلت) * فان اشترى رجل جارية فعميت عنده ثم
استحقها رجل أيكون للمستحق أن يضمن المشترى قيمتها (قال) لا يكون له ذلك
عند مالك إنما له أن يأخذها بحالها أو يأخذ من البائع ثمنها هو مخبر في ذلك (قال)
ولقد قال لي مالك لو أن رجلا ابتاع دارا فاحترقت ثم أتى صاحبها فاستحقها أو
أدرك رجل فيها شفعة لم يكن له على صاحبها الذي احترقت في يديه قليل ولا كثير
إلا أن يأخذها أو يسلمها ويتبع البائع بالثمن وللشفيع أن يأخذها بجميع الثمن محترقة
أو يدعها لا شئ له غير ذلك
512

(ما جاء في النقض يكون بين الرجلين والعرصة لهما فيقتسمانه)
* (قلت) * فلو أن نقضا بين رجلين والعرصة ليست لهما فأراد أن يقتسما نقضها على
القيمة ثم يستهما أو يتراضيا على شئ أيكون ذلك لهما في قول مالك (قال) أرى أن
ذلك جائز لان هذا بمنزلة العروض * (قلت) * فان أراد أحدهما قسمة النقض
وأبى صاحبه أيجبر على القسمة أم لا (قال) نعم يجبر على ذلك وإنما هو بمنزلة العروض
* (قلت) * فان أرادا أن يهدما النقض وصاحب الدار غائب أيكون لهما أن يهدماه أم لا
(قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أني أرى ان أرادا أن يهدماه وصاحب
الدار غائب أن يرفع ذلك إلى السلطان فينظر السلطان للغائب فإن كان أفضل للغائب
أن يعطيهما قيمة النقض ويأخذ النقض له فعل ذلك وان رأى أن يخليهما ونقضهما
خلالهما وذلك وما صنع السلطان فهو جائز على الغائب * (قلت) * فمن أين ينقد الثمن
ان رأى أن يأخذ له (قال) ينظر السلطان في ذلك والسلطان أعلم * (قلت) * فان نقضا
ولم يرفعا ذلك إلى السلطان أيكون عليهما لذلك شئ أم لا (قال) لا شئ عليهما ويقتسمانه
بينهما * (قلت) * فان أذنت لرجل يبنى في عرصة لي ويسكن ولم أوقت له كم يسكن
سنة ولا شهرا أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) نعم لا بأس بذلك * (قلت) *
فان بنى فلما فرغ من بنيانه قال رب العرصة اخرج عني (قال) بلغني عن مالك أنه قال
ليس له ذلك أن كان على هذا الوجه إلا أن يدفع إليه ما أنفق وإن كان قد سكن
ما يرى من طول السنين ما يكون سكنى في مثل ما أذن له ثم أراد أن يخرجه
دفع إليه قيمة ذلك منقوضا ان أحب أو قال له خذ بنيانك ولا شئ لك غير ذلك
* (قلت) * فإن كان قد سكن السنة والسنتين أو العشر سنين فقال رب العرصة اخرج
عني (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه إذا سكن الامر الذي يعلم أنه إنما
أذن له في البنيان ليسكن مقدار هذه السنين لكثرة ما أنفق في بنيانه كان ذلك له
* (قلت) * فإذا أخرجه أيعطيه قيمة نقضه أم لا (قال) قال مالك رب العرصة مخير
في أن يدفع إلى صاحب القض قيمة نقضه اليوم حين يخرجه منقوضا أو في أن يأمره
513

أن يقلع نقضه وليس لصاحب النقض إذا قال له صاحب العرصة أنا أدفع إليك قيمة
نقضك أن يقول لا أقبل ذلك ولكني أقلع وإنما الخيار في ذلك إلى رب العرصة
* (قلت) * فإذا أذن رجل لرجلين في أن يبنيا عرصة له ويسكناها فبنياها فأخرج
أحدهما بعد ما قد سكن مقدار ما يعلم أنه إذا أعطاه العرصة ليبنى فيسكن مقدار
ما سكن كيف يخرجه رب العرصة أيعطيه قيمة نصف النقض أم يقول رب العرصة
اقلع نصف النقض أم لا يكون رب العرصة في هذا مخيرا لان صاحب النقض
لا يقدر على أن يقلع نقضه لان له فيه شريكا (قال) إن كان يستطاع أن يقسم
النقض بين الشريكين فيكون نصيب هذا على حدة ونصيب هذا على حدة قسم
بينهما ثم يقال للذي قال له رب العرصة اخرج عنى يقال له اقلع نقضك إلا أن يشاء
رب العرصة أن يأخذه بقيمته فإن كأن لا يستطاع القسمة في هذا النقض قيل
للشريكين لا بد من أن يقلع هذا الذي قال له رب العرصة اقلع نقضك فليتراض
الشريكان على أمر يصطلحان عليه بينهما اما أن يتقاوماه بينهما أو يبيعاه وان بلغ الثمن
فأحب المقيم في العرصة أن يأخذه كان ذلك له بشفعته وقد سمعته من مالك في رجلين
بنيا في ربع ليس لهما فباع أحدهما حصته من ذلك النقض فأراد شريكه أن يأخذه
بشفعته (قال مالك) أرى ذلك له (قال مالك) وما هو بالأمر الذي جاء فيه شئ
ولكني أرى ذلك له فالشريكان عندي بهذه المنزلة
(ما جاء في قسمة الطريق والجدار)
* (قلت) * هل يقسم الطريق في الدار إذا أبى ذلك بعضهم (قال) لا يقسم ذلك
عند مالك * (قلت) * والجدار بين الشريكين هل يقسم إذا طلب ذلك أحدهما وأبى
الآخر (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى ان كأن لا يدخل في ذلك
ضرر وكان ينقسم رأيت أن يقسم ذلك بينهما * (قلت) * فإن كان لهذا عليه جذوع
ولهذا عليه جذوع قال إذا كانت جذوع هذا من ها هنا وجذوع هذا من هاهنا
كيف يقتسمه هذان لا يستطيعان قسمة هذا الحائط فإذا كان هذا هكذا رأيت أن
514

يتقاوماه بمنزلة ما لا ينقسم من العروض والحيوان
(ما جاء في قسمة الحمام والآبار والمواجل والعيون)
* (قلت) * فالحمام أيقسم إذا دعا أحد الشريكين إلى القسمة وأبى ذلك شريكه
(قال) قال مالك ذلك يقسم * (قلت) * فما فرق ما بين الحمام والطريق والحائط إذا كان
في قسمته ضرر عليهما ومالك يقسم الحمام وفيه ضرر ولا يقسم الطريق والحائط
وفيه ضرر (قال) لان الحمام عرصة والطريق والحائط ليس لهما كبير عرصة فإنما
يقسمان على غير ضرر فإذا وقع الضرر لم يقسما إلا أن يتراضيا على قسم ذلك فيكون
لهما * (قال ابن القاسم) * وأنا أرى أيضا في الحمام إن كان في قسمته ضرر أن لا يقسم
وأن يباع عليهم * (قلت) * فهل تقسم الآبار في قول مالك (قال) لا * (قلت) *
فهل تقسم المواجل في قول مالك (قال) أما في قول مالك فتقسم وأما أنا فلا أرى
ذلك لان في ذلك ضررا إلا أن لا يكون في ذلك ضرر ان اقتسماه فيكون لكل واحد
منهما ما جل على حدة ينتفع به فلا أرى به بأسا * (قلت) * فهل تقسم العيون في قول
مالك (قال) ما سمعت أن العيون تقسم أو الآبار الا على الشرب فيكون لكل قوم
حظهم من الشرب معلوم فأما قسمة أصل العيون أو أصل بئر فلم أسمع أن أحدا
قال تقسم ولا أرى أن تقسم الا على الشرب
(ما جاء في قسمة النخلة والزيتونة)
* (قلت) * أرأيت لو أن نخلة وزيتونة بين رجلين هل يقسمانهما بينهما (قال) إذا اعتدلنا
في القسمة وتراضيا بذلك قسمتهما بينهما يأخذ هذا واحدة وهذا واحدة فان كرها
لم يجبرا على ذلك وان كانتا لا تعتدلان في القسمة تقاوماهما بينهما أو يتبايعانهما وإنما
الشجرتان عندي بمنزلة الشجرة بين اثنين أو ثلاثة والشجرة بمنزلة الثوب أو العبد
وقد قال مالك في الثوب بين النفر انه لا يقسم * (قلت) * فإن كأن لا يقسم وقال أحدهما
أنا أريد أن أبيع وقال صاحبه لا أبيع (قال) قال مالك يجبر الذي لا يريد البيع على البيع
515

فإذا قامت السلعة على ثمن قيل للذي لا يريد البيع إن شئت فخذ وإن شئت فبع مع
صاحبك والنخلة كذلك فان باع فلا شفعة لصاحبه فيها
(ما جاء في قسمة الأرض القليلة والد كان بين الشركاء)
* (قلت) * فإذا كانت الأرض قليلة بين أشراك كثير ان اقتسموها فيما بينهم لم
يصر في حظ أحدهم الا القليل الذي لا ينتفع به أتقسم بينهم هذه الأرض أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك تقسم بينهم وان كره بعضهم ومن دعا إلى القسم منهم قسمت
الأرض بينهم وإن لم يدع إلى ذلك الا واحد منهم * (قلت) * وكذلك أن كان دكان
في السوق بين رجلين دعا أحدهما إلى القسمة وأبى صاحبه (قال) إذا كانت العرصة
أصلها بينهم فمن دعا إلى القسمة قسم بينهما عند مالك * (قلت) * فلو أن دارا في جوف
دار الدار الداخلة لقوم والخارجة لقوم آخرين ولا هل الدار الداخلة الممر في الخارجة
فأراد أهل الخارجة أن يحولوا باب دراهم في موضع سوى الموضع الذي كان فيه وأبى
عليهم أهل الدار الداخلة ذلك أيكون ذلك لهم (قال) لا أحفظ عن مالك في هذا
شيئا وأرى ان كانوا أرادوا أن يحولوه إلى جنب باب الدار الذي كان وليس في ذلك
ضرر على أهل الدار الداخلة رأيت أن لا يمنعوا من ذلك وان أرادوا أن يحولوا بابهم
إلى ناحية من الدار ليس في قرب الموضع الذي كان فيه باب الدار فليس لهم ذلك أن
أبى عليهم أهل الدار الداخلة * (قلت) * فان أراد أهل الدار الخارجة أن يضيقوا باب
الدار وأبى عليهم أهل الدار الداخلة (قال) ليس لهم أن يضيقوا الباب ولا أحفظه
عن مالك * (قلت) * فلو أن دارا بيني وبين رجل أنا وهو شريكان فيها لم تقسم والى
جانبها دار لي فأردت أن أفتح باب الدار التي لي في الدار التي بيني وبين شريكي وأبى
شريكي ذلك (قال) ذلك له أن يمنعك * (قلت) * لم (قال) لان الموضع الذي تريد
أن تفتح فيه باب دارك هو بينك وبين شريكك وإن كان في يديك لأنكما لم تقتسماها
بعد * (قلت) * فان أردنا ان نقسم فقلت اجعلوا نصيبي في هذه الدار إلى جنب داري
حتى أفتح فيه بابا (قال) سألت مالكا عن هذا بعينه فقال لا يلتفت إلى قوله هذا
516

ولكن تقسم الدار على القيمة كما وصفت لك ثم يضرب بينهما بالسهام فان صار له
الموضع الذي إلى جنب داره فتح فيه بابه ان شاء كما وصفت لك وان وقع نصيبه في
الموضع الآخر أخذه ولم يكن له غير ذلك * (قلت) * فلو أن دارا بين قوم اقتسموها
على أن يأخذ هذا طائفة وهذا طائفة فوقعت الأجنحة في حظ رجل منهم أتكون
الأجنحة له (قال) إذا وقعت الأجنحة في حظ رجل منهم فذلك له * (قلت) * ولم
جعلت الأجنحة للذي صارت له تلك الناحية والأجنحة إنما هي في هواء الأفنية
فلما أخذ كل واحد منهم ناحية كان فناء هذه الدار بينهما على حاله والأجنحة إنما هي
في الفناء (قال) الأجنحة إذا كانت مبنية فهي من الدار وقد خرجت من أن تكون من
الفناء وصارت خزائن للدار فلما اقتسموا على أن أعطوا كل واحد منهم طائفة من
الدار كانت الأجنحة للذي أخذ تلك الناحية التي فيها الأجنحة وإنما الأجنحة خزائن
لحصته وقد خرجت من أن تكون فناء وهذا رأيي
(في الرجلين يقتسمان الجدار على أن يزيد أحدهما)
* (صاحبه دنانير أو سلعة نقدا أو إلى أجل) *
* (قلت) * أرأيت لو أن دارا بين رجلين اقتسماها فيما بينهما فأخذ هذا طائفة وأعطى
صاحبه طائفة على أن أعطى أحدهما صاحبه عبدا أو أعطاه دراهم أو عروضا نقدا
أو إلى أجل وكيف إن لم يضرب للذي يعطيه أجلا إذا لم يكن بعينه (قال) ذلك جائز
إذا كان بعينه وإذا كان دينا موصوفا فلا يصلح إلا أن يضرب لذلك أجلا يجوز من
هذا ما يجوز في البيع ويفسد من هذا ما يفسد في البيع (قال) وهذا رأيي لان مالكا قال
لا بأس أن يأخذ أحدهما طائفة من الدار على أن يزيد أحدهما
صاحبه دنانير * (قلت) * وكذلك أن اقتسما فيما بينهما فأخذ هذا طائفة وهذا طائفة
على أن يتصدق أحدهما على صاحبه بصدقة معروفة أو يهب له هبة معروفة (قال) قال
مالك ذلك جائز * (قلت) * فلو اشترى رجل من رجل ممره في داره من غير أن
يشترى من رقبة الدار شيئا أيجوز ذلك (قال) ذلك جائز عند مالك * (قلت) *
517

ما قول مالك في البيت الصغير يكون بين القوم فيكون في نصيب أحدهم ما لا ينتفع به
إذا قسم أيقسم أم لا (قال) قال مالك يقسم وإن كان في نصيب أحدهم مالا ينتفع به يقسم
بينهم لان الله تبارك وتعالى قال في كتابه مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا فالقليل
النصيب في هذا والكثير النصيب في هذا سواء يقسم عليهم إذا طلبوا القسمة ولا يلتفت
إلى قليل النصيب ولا إلى كثير النصيب (قلت) فإذا دعا واحد من الشركاء إلى القسمة
وشركتهم من ميراث أو شراء وأبى بقيتهم القسمة (قال) قال مالك من دعا منهم
إلى القسمة وكان في أيديهم مما يقسم قسم من رقيق أو دواب أو غير ذلك قال لي
مالك كان ذلك من شراء أو ميراث فإنه يقسم. وإن كان مما لا ينقسم وقال أحدهم أنا
لا أبيع وقال بقيتهم نحن نبيع (قال) يباع عليه وعليهم جميع ذلك على ما أحبوا أو
كرهوا إلا أن يريد الذين كرهوا البيع أن يأخذوا ذلك بما يعطون به فيكون ذلك لهم
(ما جاء في أرزاق القضاة والعمال والقسام وأجرهم على من هو)
* (قلت) * لابن القاسم هل كان مالك يكره أرزاق القضاة والعمال (قال) أما العمال
فكان يقول إذا عملوا على حق فلا بأس بأرزاقهم وأما أرزاق القضاة فلم أر مالكا يرى
بذلك بأسا * (قلت) * لابن القاسم أرأيت قسام المغانم أيصلح أن يأخذوا عليها أجرا
(قال) قال مالك في قسام القاضي لا أرى أن يأخذوا على القسم أجرا فقسام المغانم
عندي لا ينبغي لهم أن يأخذوا على ذلك أجرا * (قلت) * لم كره مالك أرزاق القسام
وجوز أرزاق العمال (قال) لان أرزاق القسام إنما يؤخذ ذلك من أموال اليتامى
وأرزاق العمال إنما تؤخذ من بيت المال * (قلت) * أفرأيت أن جعل للقسام أرزاقا
من بيت المال (قال) لا بأس بذلك (قال مالك) وكذلك أشياء من أمور الناس مما
ينوبهم يبعث فيها السلطان إنما ذلك على السلطان يرزقون من بيت مال المسلمين
* (قلت) * أرأيت أن استأجر قوم قاسما فقسم بينهم دارهم (قال) لا أرى بدلك
بأسا (قال) ولقد سئل مالك عن القوم يكون لهم عند الرجل المال فيستأجرون رجلا
يكتب بينهم الكتاب ويستوثق لهم جميعا على من ترى جعل ذلك (قال) أراه بينهم
518

* (فقيل) * له أفترى على الذي على يديه المال شيأ وإنما المال لهؤلاء (قال) نعم لأنه يستوثق
له وإنما هذا عندي بمنزلة الدار تكون بين قوم فيطلب بعضهم القسم ولا يطلب بعضهم
القسم فيستأجرون الرجل فيكون ذلك على من طلب وعلى من لم يطلب وإنما وجه
ما رأيت مالكا كره من ذلك أن يجعل القاضي للقاسم أرزاقا من أموال الناس * (قلت) *
أرأيت أن قال أهل المغنم نحن نرضى أن نعطى هذا القاسم على أن يقسم بيننا (قال) لا أرى بذلك بأسا وأرجو أن يكون خفيفا (قال) وإنما رأيت مالكا كره ذلك أن
يأخذ ذلك الامام من أموال الناس بمنزلة صاحب السوق ويرزقه من أموال الناس فهذا
الذي كرهه وقال إنما يحمل هذا الامام فأما ان رضوا أن يعطوا من يقسم بينهم مغنمهم
فلا بأس بذلك
(فيمن دبر في الصحة والمرض والعتق في المرض)
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا أعتق عبيدا له في مرضه لا يحملهم الثلث (قال) قال
مالك يقرع بينهم * (قال) * فقلت لمالك فان دبرهم جميعا (قال مالك) ما دبر في الصحة
وفي المرض عتق منهم مبلغ الثلث وما دبر منهم جميعا في مرض أو في صحة في كلمة
واحدة لم يكن تدبير بعضهم قبل بعض فإنه يعتق منهم جميعا ما حمل الثلث لا يبدأ أحد
منهم قبل صاحبه ان عتق منهم أنصافهم عتق منهم أنصافهم كلهم أو ثلثهم أو ثلاثة أرباعهم
ويبقى ما بقي منهم رقيقا وعلى هذا يحسبون وما دبر بعضهم قبل بعض في صحة كان أو في
مرض بدئ بالأول فالأول يبدأ بالمدبر في الصحة الأول فالأول فكل ما كان في الصحة
على ما كان في المرض ويبدأ بما دبر في المرض الأول فالأول (قال مالك) ولا يشبه
العتق التدبير في القرعة * (قلت) * أرأيت من أعتق ثلاثة أعبد له والثلث يحمل منهم
عبدين ونصفا (قال ابن القاسم) يعتق ما حمل الثلث منهم بالسهام (قال مالك)
ويقومون ثم يضرب بينهم بالسهام (قال) وقال مالك تقسم الأشياء كلها بينهم على القيمة
ثم تضرب بالسهام فينظر إلى الذي خرج السهم عليه فإن كان هو وحده كفاف الثلث رق
الاثنان الباقيان وإن كان هو أكثر من الثلث عتق منه ما حمل الثلث ورق منه ما بقي
519

ورق صاحباه جميعا وإن كان خرج السهم عليه هو أقل من الثلث عتق جميعه
ثم ضرب السهم في الاثنين الباقيين فإن كان الذي يقع عليه السهم هو أقل من بقية
الثلث عتق كله وعتق من الآخر الباقي تمام الثلث ورق منه ما بقي وإن كان الذي وقع
عليه السهم هو أكثر من بقية الثلث عتق منه تمام الثلث ورق ما بقي منه وصاحبه
كله رقيق (قال) وكذلك فسر لي مالك كما فسرت لك * (قلت) * فهل يكون شئ
من الثياب لا ينقسم أو من الدواب أو من الرقيق (قال) نعم قال لي مالك رأسان
بين عشرة رجال أو ثوب بين رجلين فهذا لا ينقسم (قلت) وقول مالك في القسمة
على القيمة أم لا (قال) قال مالك تقسم الأشياء كلها على القيمة ثم يضرب بالسهام
(ما جاء في قسمة الدار بالأذرع على السهام)
* (قلت) * أرأيت أن كانت دار بيني وبين صاحبي فاقتسمناها مذارعة ذرعنا نصفها
في ناحية ونصفها في ناحية على أن يضرب بيننا بالسهام فحيثما خرج سهم أحدنا أخذه
(قال) إذا كانت الدار كلها سواء وقسماها بالأذرع سواء فلا بأس أن يضربا على هذا
بالسهام وان كانت الدار مختلفة بعضها أجود من بعض فقسماها بحال ما وصفت لي
فهذا لا يجوز أن يضرب عليه بالسهام عند مالك لان هذا مخاطرة لا يدرى أحدهما
أيخرج سهمه على الجيد أم على الردئ فلا خير في هذا * (قلت) * وكذلك أن كانت
الدار كلها سواء فقسماها فجعلا في ناحية أكثر مما في ناحية على أن يضربا بالسهام على
ذلك (قال) لا خير في هذا أيضا عند مالك لان هذا مخاطرة * (قلت) * فان رضيا
أن يعطى كل واحد منهما صاحبه طائفة من الدار وبعض ذلك أكثر من بعض أو
أفضل من بعض (قال) هذا جائز عند مالك لان هذا ليس فيه مخاطرة (قلت)
ولا تجوز في قول مالك القسمة بالسهام إلا أن يقسما الدار على قيمة عدل (قال) نعم
لا تجوز الا على قيمة العدل إذا كان أصل القسمة بالقرعة
520

(ما جاء في قسمة الدور والساحة والمرفق بالساحة)
* (قلت) * أرأيت الدار تكون بين القوم لها ساحة ولها بنيان كيف يقتسمونها
أيقتسمون البنيان على حدة والساحة على حدة أم يقتسمون البنيان ولا يقتسمون
الساحة (قال) إذا كانت الساحة على حدة لم يقتسموا البنيان ولا يقتسمون الساحة
(قال) إذا كانت الساحة إذا قسمت مع البنيان كان لكل واحد منهم في حصته من
الساحة ما ينتفع به في مدخله ومخرجه ومربط دوابه ومرافقه فإن كانت هكذا
قسمت الساحة والبنيان جميعا وان كانت الساحة إذا قسمت مع البنيان لا يكون
في نصيب كل واحد منهم ما يرتفق به في مدخله ومخرجه وحوائجه أو كان واحد
منهم لقلة نصيبه من الساحة لا يكون في نصيبه من الساحة ما يرتفق به في مدخله
ومخرجه ومرافقه وكان بقيتهم يكون في نصيبهم ما يرتفقون به فلا تقسم الساحة
وتترك الساحة بينهم ويقسم البناء * (قلت) * أرأيت أن كان أحدهم قليل النصيب
فكان الذي يصير له من الساحة قدر مدخله ومخرجه وقدر طريقه فقط وبقيتهم
يصير حظ كل واحد منهم من الساحة ما ينتفع به فأرادوا القسمة (قال) لا تقسم
الساحة لان القليل النصيب ان اقتسموا لم يرتفق بأكثر من المدخل والمخرج وهم
يرتفقون بأكثر من ذلك وإنما مرتفق الساحة بينهم كلهم القليل النصيب والكثير
النصيب في ذلك سواء في الانتفاع بالساحة * (قلت) * فان أ راد بعضهم أن يبنى في
الساحة بناء كان لهم أن يمنعوه (قال) نعم
(في قسمة البيوت والغرف والسطوح)
* (قلت) * فلو أن دارا لها غرف وبيوت سفل وللغرف سطوح وللبيوت ساحة
بين يديها فاقتسموا البنيان على القيمة أيكون لصاحب الغرف أن يرتفق بساحة الدار
(قال) نعم لصاحب الغرفة أن يرتفق بساحة أسفل الدار فيما قال لنا مالك كما يرتفق
صاحب البيوت السفل ولا يكون لصاحب السفل أن يرتفق بسطح بين يدي الغرفة
521

وإنما المرفق في ساحة الدار ولا يكون ذلك في السطوح * (قلت) * وهذا قول مالك
(قال) نعم * (قلت) * أرأيت السطح الذي بين يدي الغرف إذا أراد القسام أن يقسموا
البنيان بينهم أيقومون السطح فيما يقومون من البنيان أم لا في قول مالك (قال) نعم
يقومون السطح فيما يقومون من البنيان لان السطح ليس بساحة عند مالك وكل
ما ليس من الساحة فلا بد للقسام من أن يقسموه ويدخلوه في القسمة يقومون الغرفة
بما بين يديها من المرفق * (قلت) * أرأيت خشب هذا السطح الذي بين يدي هذه
الغرفة على من يقومون خشب السطح هؤلاء القسام (قال) إن كان تحت هذا السطح
بيت جعل القسام قيمة خشب هذا السطح من البيت الذي تحته الذي سقفه هذا
السطح (قال) وكذلك قال لي مالك * (قلت) * فلو كانت غرفة فوق بيت فأراد القسام
أن يقسموا البنيان كيف يقومون خشب سقف هذا البيت وعليه خشب الغرفة (قال)
قال مالك يقسم خشب سقف البيت الذي فوفه غرفة مع البيت الأسفل ولا يقسم مع
الغرفة (قال مالك) وكذلك أن انكسرت خشبة من سقف هذا البيت وفوقها
غرف كان على رب البيت السفلى اصلاح هذه الخشبة (قال) ويجبر على أن
يصلحها لان فوقها غرفة (قال) مالك وكذلك هذا البيت الذي فوقه غرفة لغير رب
البيت إذا رثت حيطان البيت كان على رب البيت السفلى اصلاح الحيطان لئلا تنهدم
غرفة الأعلى (وقال ابن القاسم) على صاحب العلو أن يدعم علوه حتى يبنى صاحب السفل
سقفه ويفرغ منه وليس على صاحب السفل أن يبنى سفله الا بما كان مبنيا قبل ذلك
وإن كان في ذلك ضرر على صاحب العلو (قال) وقال مالك وإذا انهدمت الغرفة فسقطت
على البيت فهدمته أجبر رب البيت السفلى على أن يبني بيته لصاحب الغرفة حتى يبنى
صاحب الغرفة غرفته فان أبى صاحب السفل أن يبنى بيته أجبر على أن يبيع بيته ممن
يبنيه * (قلت) * فان اشتراه مشتر على أن يبنيه فقال لا أبنيه (فقال) يجبر أيضا على
أن يبنيه أو يبيعه أيضا ممن يبنيه * (قلت) * أرأيت البيت إذا كان نصيب أحدهم
إذا قسم لم ينتفع به أيقسم في قول مالك (قال) قال مالك يقسم لان الله تبارك وتعالى
522

يقول مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا * (قلت) * فيكون لصاحب هذا
النصيب القليل الذي لا يقدر على أن يسكنه أو يرتفق من الساحة في حوائجه بمثل
ما يرتفق به الكثير النصيب في حوائجه (قال) ان سكن معهم فله أن يرتفق
وإن لم يسكن معهم فأراد أن يرتفق بالساحة وهو ساكن في دار أخرى فأرى ذلك
له * (قال ابن القاسم) * وأنا أرى أن كل مالا ينقسم من الدار والمنازل والأرضين
والحمامات وغير ذلك مما لا يكون في قسمته الضرر ولا يكون فيما يقسم منه منتفع
فأرى أن يباع ويقسم ثمنه على الفرائض لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا ضرر ولا ضرار وهذا ضرر * (قلت) * أرأيت أن كان نصيب أحدهم لا ينتفع به
ولا يقدر على سكناه فقال أصحاب الدار شركاؤه نحن نقسم الساحة وجميع البنيان
لينتفع كل واحد منا بنصيبه من الساحة يبنى ويصنع فيه ما شاء وقال القليل النصيب
الذي ليس له في نصيبه من البنيان ما يسكن لا تقسموا الساحة (قال) لم أسمع من
مالك في هذا شيئا وأرى إن كان هذا هكذا لا تقسم عليه الساحة وتترك على حالها
(في صفة قسم الدور والأرضين بين الورثة)
* (قال ابن القاسم) * وسألت مالكا عن رجل هلك وترك ولدا وامرأة وترك أرضا
ودورا (قال مالك) تقسم الدور والأرض أثمانا فيضرب للمرأة بثمنها في احدى
الناحيتين ويضرب للورثة في الناحية الأخرى ولا يضرب لها بثمنها في وسط
الأرض ولا في وسط الدار * (قلت) * كيف يضرب لها في أحد الطرفين (قال)
تقسم الدار أثمانا ثم ينظر إلى الثمنين من الطرفين الذي من هذه الناحية والذي
من الناحية الأخرى فيسهم للمرأة عليهما ولا يسهم لها الا عليهما فأي الطرفين
خرج للمرأة أخذته المرأة وضم ما بقي بعضه إلى بعض فيقسم بين الورثة أيضا
* (قلت) * أرأيت أن اقتسموا البنيان بالقيمة والساحة مذارعة أيجوز هذا في قول
مالك (قال) إذا كانت الساحة مما يحمل القسمة وكانت الساحة كلها سواء وتساووا
في الذرع فيما بينهم جاز ذلك وان كانت متفاضلة فلا أرى ذلك * (قلت) * أرأيت
523

ان قال بعضهم لانقسم الساحة وقال بعضهم نقسم الساحة وفي الساحة في نصيب
كل واحد منهم ما ينتفع به ويرتفق به (قال) تقسم الساحة إذا كان بحال
ما وصفت لي عليهم عند مالك * (قلت) * أيجوز أن نقسم بيتا بيني وبين شريكي
مذارعة ثم نسهم في قول مالك (قال) قد أخبرتك أن مالكا قال لا يجوز أن يقتسما شيأ
من الأشياء مساهمة إذا كان أحد النصيبين أفضل من الآخر لان هذا يصير مخاطرة
وأما إذا كان غير مساهمة يأخذ هذا ناحية وهذا ناحية تراضيا بذلك فلا بأس بذلك
(في قسم الدار للغائبة وقسم الوصي على الكبير الغائب والصغار)
* (قلت) * أرأيت دارا ورثناها عن رجل والدار غائبة ببلد من البلدان وقد وصفت
لنا الدار وبيوتها وما فيها من ساحتها فأردنا أن نقتسمها على صفة ما وصفوا لنا فعرف
كل واحد منا ناحيته وموضعه وما يكون لنا من البنيان أيجوز هذا أم لا في قول
مالك (قال) لا أرى بذلك بأسا لان الدار الغائبة قد تباع بالصفة عند مالك فإذا جاز
البيع فيها جازت المقاسمة فيها * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك وترك دورا وعقارا
وأموالا ولم يوص وترك ورثة كلهم أغنياء الا رجلا واحدا حاضرا من الورثة فأراد
هذا الحاضر أن يقسم هذه الدور والعروض والرباع ويأخذ حقه من العروض ونصيبه
من الأرضين (قال) قال مالك يرفع ذلك إلى السلطان فيوكل السلطان وكيلا يقسم
للحاضر والغائب جميعا فما صار للغائب عزله السلطان وأحرزه له (قال) وهذا بعينه
سألت مالكا عنه فقال مثل ما قلت لك * (قلت) * فإن كان الميت قد أوصى والورثة غيب
كلهم غير واحد منهم فأراد الحاضر أن يقسم نصيبه من جميع هذه الأشياء هل يكون
الوصي ها هنا بمنزلة السلطان في نصيب الغائب أم لا (قال) إن كان الغيب كبارا كلهم
لم يجز أن يقاسم الوصي لهم ولكن يرفع ذلك إلى السلطان حتى يقاسمه لهم وإن كان
الورثة الغيب صغارا كلهم جازت مقاسمة الوصي لهم وعليهم * (قلت) * وهذا
قول مالك (قال) هذا رأيي (قال) ولقد سئل مالك عن امرأة حلفت لاخوتها
لقاسمنهم دارا بينها وبينهم فقال لها اخوتها أما إذ حلفت فنحن نقاسمك (قال مالك)
524

أرى أن ترفع ذلك إلى السلطان فيقسم لها * (قلت) * لم قال مالك هذا (قال) خوفا
من الدلسة فتحنث * (قلت) * أرأيت أن كان كبير من الورثة غائبا وجميع الورثة
صغار وهم حضور عند الوصي أيقسم الوصي الدار ويعزل نصيب الغائب أم لا (قال) قال مالك في هذه المسألة بعينها لا يقسم الوصي للغيب ولكن يرفع ذلك إلى السلطان
فيقسمها عليهم ويعزل نصيب الكبير فيحوزه له * (قلت) * فإن كان الصغار غيبا
والكبير حاضرا فأراد الكبير أن يقاسم الوصي أو الوصي أراد أن يقاسم الكبير
للأصاغر أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) ذلك جائز لأنه إذا كان الكبير حاضرا لم
يلتفت إلى مغيب الصغير إذا كان الوصي حاضرا (قال) وهذا رأيي * (قلت) * ما قول
مالك في الحمام والجدار يكون بين الشريكين أيقسم (قال) قال مالك في الحمام
يكون بين الشركاء انه يقسم ولم أسمع من مالك في الجدار شيئا * (قلت) * لم جوز
مالك قسمة الحمام وهو إذا قسم بطل إذا أخذ كل واحد منهم حصته (قال) هو
مثل البيت ألا ترى أن البيت قد يكون بين القوم الكثير وهم ان اقتسموا لم يصر
في حظ أحدهم ما يسكن ولا يصير له فيه منفعة فيقسم بينهم فكذلك الحمام
* (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك وأوصى لرجل بالثلث وترك دورا وعقارا وتلك
الورثة غيب فأراد الموصى له بالثلث أن يقسم ويأخذ نصيبه (قال) قال مالك الموصى
له بالثلث في هذا بمنزلة الوارث يرفع ذلك إلى السلطان فيوكل رجلا يقسم مال
الميت ويعطى السلطان هذا الموصى له بالثلث حقه ويجوز ذلك * (قلت) * أليس كل
واحد من أهل الدار هو أولى بما بين يدي باب بيته من الساحة في الارتفاق بها
(قال) نعم عندي (قال) ولا يطرح في الساحة بين يدي باب غيره الحطب
والعلف إذا كان في الدار سعة عن ذلك * (قال ابن القاسم) * وان احتاج إلى طرح
ذلك في الساحة ووضع بعض ذلك على باب غيره طرحه إلا أن يكون في ذلك ضرر
بمن يطرح ذلك على بابه فيمنع من أن يضر بغيره * (قلت) * أرأيت أن اقتسما البنيان
وساحة الدار أيكون على كل واحد منهما أن يترك الطريق لا يعرض فيها لصاحبه
525

(قال) نعم تقر الطريق على حالها * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) *
فان اقتسماها على أن يصرف كل واحد منهما بابا في ناحية أخرى ولا يتركا طريقا
ورضيا بذلك (قال) فالقسمة جائزة ولا يكون لهما طريق يرتفقان به بينهما ولكن
يأخذ هذا حصته فيصرف بابه حيث شاء إذا كان له موضع يصرف إليه بابه وكذلك
صاحبه * (قلت) * تحفظه عن مالك (قال) لا * (قلت) * أرأيت أن قسما البنيان ثم قسما
الساحة بينهما ولم يذكر الطريق أنهما يرتفقان به بينهما ولم يرتفقا الطريق بينهما
أو تأمر الذي صار باب الدار لغيره أن يفتح في نصيبه بابا لان باب الدار قد صار
لغيره وقد رضى بذلك (قال) إذا لم يذكرا في قسمتهما أن يجعل أحدهما ولا كل
واحد منهما مخرجه من الدار في حصته يفتح في نصيبه بابا فأرى الطريق بينهما على
حالها وباب الدار للذي صار له في حصته ولكن الممر لهما جميعا ليس له أن يمنع
شريكه الذي قاسمه من الممر في ذلك (قال) ولا أحفظ ذلك عن مالك * (قلت) *
أرأيت أن اقتسما دارا بينهما فأخذ أحدهما دبر الدار وأعطى صاحبه ناحية من مقدم
الدار على أن لا يكون له طريق في حصة صاحبه (قال) ذلك جائز على ما شرطا ورضيا
إذا كان له موضع يصرف بابه إليه وإن لم يكن له موضع لم يجز ذلك فكذلك قال مالك
فيها وقد بلغني عن مالك أنه قال في قوم اقتسموا دارا على أن أخذ بعضهم غرفا على أن
لا يكون له طريق في الدار فكره ذلك وكان ليس للغرف طريق يصرف إليه وقال
لا يجوز ذلك (قال ابن القاسم) ولو كان لها طريق يفتح بابها إليه لم يكن بذلك بأس
(ما جاء في اختلاف الورثة في قسمة الدور)
* (إذا أرادوا أن يجعلوا سهامهم في كل دار) *
* (قلت) * أرأيت دورا بين قوم شتى أرادوا أن يقتسموا فقال رجل منهم اجعلوا
نصيبي في دار واحدة وقال بقيتهم بل يجعل نصيبك في كل دار (قال) سألت مالكا
عن الشركاء يريدون قسم دورهم فقال إن كانت الدور في موضع واحد رأيت أن
526

يجعل نصيب كل واحد في دار يجمع نصيبه في دار واحدة في موضع واحد ولا
تفرق أنصباؤهم في كل دار وان كانت مواضعها مختلفة مما يتشاح الناس فيها للعمران
أو لغير العمران رأيت أن تقسم كل دار على حدتها * (قال) * وأخبرني بعض أهل
المدينة قال وأراه من قول مالك أن الرجل إذا مات وترك دورا وكان ورثته في دار من
دوره كانوا يسكنونها ودوره التي ترك كلها سواء في مواضعها وفي تشاح الناس فيها
فتشاح الورثة في الدار التي كانوا يسكنونها أنه تقسم بينهم هذه الدار ويجعل لكل
واحد منهم فيها نصيب إذا كانت الدور في نفاقها عند الناس وتشاح الناس
على مواضعها سواء وكان بعضها قريبا من بعض وذلك كله رأيي * (قلت) * فان
تباعد ما بين الدارين تكون الدار في موضع من المدينة والدار الأخرى في الناحية
الأخرى من المدينة إلا أن مواضعها ورغبة الناس فيها في تلك المواضع وتشاح الناس فيها
في الموضعين سواء (قال) فهاتان يجمع نصيب كل انسان منهم في موضع واحد من
احدى الدارين ولا يقسم نصيبه في هذه وهذه لان الدارين سواء في المواضع والنفاق
عند الناس ولا يلتفت إلى افتراق الدارين في ذلك المصر إذا كانتا بحال ما وصفت لك
* (قلت) * أرأيت أن ترك الميت دورا بعضها هي سواء في مواضعها ونفاقها عند الناس
بحال ما وصفت لك وبعضها ليست سواء أتجمع هذه الدور التي مواضعها عند الناس في
النفاق سواء فيقسم كل انسان حصته منها في موضع واحد في دار واحدة وينظر إلى
كل دار مما ترك الميت ليست في المواضع سواء فتقسم على حدة فيأخذ كل واحد
منهم حصته منها (قال) نعم * (قلت) * وهذا قول مالك (قال) نعم * (قلت) * أرأيت
إذا كانت الدار بين قوم شتى لأحدهم فيها الخمس ولآخر فيها الربع ولآخر السبع
كيف تقسم هذه الدار في قول مالك (قال) تقسم بينهم على سهم أقلهم نصيبا وكذلك
قال مالك * (قلت) * فان قسمت على سهم أقلهم نصيبا أيعطى سهمه حيثما خرج أم
527

يجعل سهمه في أحد الطرفين (قال) قال مالك في الرجل إذا ترك امرأته وعصبته
انه يضرب للمرأة في أحد الطرفين ويضم نصيب العصبة إلى شق واحد (قال مالك)
ولا يجمع نصيب اثنين في القسم وان أراد ولكن يقسم لكل واحد منهم
نصيبه على حدة * (قلت) * أرأيت إذا ترك الرجل أخته وأمه وامرأته كيف تقسم
هذه الدار بينهم في قول مالك (قال) قال مالك تقسم على أقلهم سهما (قال) ويجمع
حق كل واحد منهم على حدة ولا يفرق (قال) قال مالك تقسم على أقلهم سهما (قال) ويجمع
أقلهم سهما أو الأرض ان كانت أرضا فيضرب على أحد الطرفين فان تشاح الورثة
وقال بعضهم اضرب على هذا الطرف أولا وقال بعضهم بل اضرب على هذا الطرف
أولا ضرب القاسم بالسهام على أي الطرفين يضرب عليه أولا فعلى أي الطرفين
يخرج السهم فإنه يضرب عليه أولا ويأخذ سهامهم فيضرب على هذا الطرف فأي
سهم خرج من سهامهم ان كانت الابنة أو الأخت أو المرأة أو الأم ضم إلى سهمها
هذا بقية حقها حتى يكمله في موضعها ذلك (قال ابن القاسم) ثم تضرب أيضا سهام
من بقي فان تشاحوا في الطرفين ضرب القاسم أيضا بالسهام على الطرفين فعلى أي
الطرفين خرج السهم ضرب بسهامهم عليه فأيتهن خرج سهمها أكمل لها بقية نصيبها
من ذلك الموضع فإذا بقي منهن اثنتان وتشاحا على الطرفين لم ينظر إلى قول واحد منهما
وضرب القاسم على أن الطرفين شاء لأنه ضرب على أحد الطرفين فقد ضرب لهما
جميعا في الطرفين وهذا رأيي * (قلت) * أرأيت أن كانت السهام لا تعتدل في الحساب
إلا أن يرفعوا ذلك في الحساب فيصير سهم أحدهم لا يعتدل حتى يضعف إلى عشرة
أسهم فإذا ضرب عليه بالسهام فخرج على أحد هذه العشرة ضمت التسعة إليه (قال)
نعم وهذا رأيي * (قلت) * أرأيت إذا كانت الساحة واسعة فأرادوا أن يقسموها وفي
حظ كل واحد منهم ما يرتفق به إذا قسمت بينهم وليس لهم مخرج ولا طريق الا من
باب الدار فاشتجروا في الطريق فقال بعضهم اجعلها ثلاثة أذرع وقال بعضهم أكثر من
ذلك (قال) قال مالك في هذا انه يترك لهم طريقا قدر ما تدخل الحمولة وقدر
528

ما يدخلون * (قلت) * ولا يترك لهم من الطريق قدر عرض باب الدار (قال)
لا أعرف هذا من قول مالك * (قلت) * هل يكون للجار أن يرفع بنيانه فيجاوز به
بنيان جاره فيشرف عليه (قال) له أن يرفع بنيانه إلا أنى سمعت مالكا يقول يمنع
من الضرر * (قلت) * أرأيت إذا رفع بنيانه فسد على جاره كواه وأظلمت أبواب
غرفة وكواها ومنعه الشمس أن تقع في حجرته (قال) لم أسمع من مالك الا ما أخبرتك
أنه يمنع من ضرر جاره ولا أرى أن يمنع هذا من البنيان
(ما جاء في اتخاذ الحمامات والأفران والأرحية)
* (قلت) * أرأيت أن كانت لي عرصة إلى جانب دور قوم فأردت أن أحدث في تلك
العرصة حماما أو فرنا أو موضعا لرحا فأبى علي الجيران ذلك أيكون لهم أن يمنعوني
في قول مالك (قال) إن كان ما يحدث ضررا على الجيران من الدخان وما أشبهه
فلهم أن يمنعوك من ذلك لان مالكا قال يمنع من ضرر جاره فإذا كان هذا ضررا منع
من ذلك * (قلت) * وكذلك أن كان حدادا فاتخذ فيها كيرا أو اتخذ فيها أفرانا
يسيل فيها الذهب والفضة أو اتخذ فيها أرحية تضر بجدران الجيران أو حفر فيها
آبارا أو اتخذ فيها كنيفا قرب جدران جيرانه منعته من ذلك (قال) نعم كذلك
قال مالك في غير واحد من هذا في الدخان وغيره * (قلت) * هل ترى التنور
ضررا في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأراه خفيفا * (قلت)
لابن القاسم أرأيت أن كانت دار الرجل إلى جنب دار قوم ففتح في غرفة كوى أو
أبوابا يشرف منها على دور جيرانه أيمنعه مالك من ذلك أم لا (قال) قال مالك يمنع
من ذلك في قسمة الدور والرقيق فكانت القيمة واحدة * (قلت) * أرأيت لو أن
دورا ورقيقا بين رجلين فقوموا الرقيق فكانت قيمة الرقيق ألف دينار وقوموا
الدور فكانت قيمة الدور أيضا ألف دينار فأرادا أن يجعلا الرقيق في ناحية والدور في
ناحية على أن يستهما على الرقيق والدور (قال) لا يجوز هذا * (قلت) * لم (قال) لان
هذا من المخاطرة * (قلت) * كيف يكون هذا من المخاطرة وقيمة الرقيق ألف
529

دينار وقيمة الدور ألف دينار (قال) وان كانت القيمة سواء لان هذين شيئان
مختلفان الدور غير الرقيق والرقيق غير الدور فإنما تخاطرا على أن من خرج سهمه على
الرقيق فلا شئ له من الدور فلا خير في هذا وإنما ينبغي لهذا ان يقسموا الدور على
حدة والرقيق على حدة * (قلت) * ولم كرهت هذا في الدور والرقيق وأنت تجيزه فيما
هو مثل هذا الدار تكون بين الرجلين أو الداران تكونان بين الرجلين هما في الموضع
والنفاق سواء عند الناس فقسمها القاسم على القيمة وكان في بنيان احدى الدارين
ضعف بنيان الأخرى في القيمة لان بنيانها قد ورث وبنيان الأخرى أحسن وأطرى
فقسمها القاسم على القيمة فجعل مكان البنيان المرتفع ضعفه من البنيان الرث أو قسم
الدار الواحدة التي بينهما فكانت ناحية من الدار قد تقادم بنيانها ورث وناحية من
الدار الأخرى جديدة البنيان فصار البنيان الذي تقادم في القسم ضعف البنيان الجديد
فضرب على ذلك بالسهام فجوزه مالك وأنت تجيزه فما فرق ما بين هذا وما بين الرقيق
والدور وهذا كل واحد منهما قد خاطر بالبنيان الجديد (قال) ليس هذا مثل الدور
والرقيق لان الرقيق يقسم على حدة والدور على حدة وهذا إذا كانت الدور بحال
ما وصفت لك من أن ناحية منها حسنة البنيان وناحية أخرى دون ذلك لم يكن للقاسم بد
من أن يقسم على القيمة ويجعل حظ كل انسان في موضع واحد ويسهم بينهم فان
خرج سهمه في البنيان الجديد أخذه بقيمته وان خرج في غير الجديد كان ذلك له
فلا بد من هذا وذلك في الرقيق والدور يقدر على أن يقسم الرقيق على حدة والدور
على حدة وأما الدور والرقيق فذلك من المخاطرة ألا ترى أنه إن كان هواهما جميعا في
الدور فجعلا الرقيق في ناحية والدور في ناحية على أن يستهما فكأنهما قد تخاطرا فيما
هواهما فيه * (قلت) * فان تراضى هذان في الدور والرقيق فأخذ واحد منهما الدور
والآخر الرقيق (قال) فذلك جائز إذا كان من غير قرعة * (قلت) * أرأيت أن
ورثا رقيقا ودنانير فجعلا الرقيق في ناحية والدنانير في ناحية على أن يستهما على ذلك
وقيمة الرقيق مثل الدنانير سواء أيجوز ذلك أم لا وكيف ان كانت دورا ودنانير
530

فجعلا الدور في ناحية والدنانير في ناحية أو كانت دورا وثيابا وقيمة الحيوان مثل قيمة
الثياب فجعلا الثياب في ناحية والحيوان في ناحية على أن يستهما ذلك وقيمة الحيوان
وقيمة الثياب سواء (قال) لا خير في ذلك كله لان الصنفين إذا اختلفا دخله المخاطرة
والغرر إلا أن يقتسما ذلك بغير القرعة * (قلت) * فإن كان صنفا واحدا جاز ان
يقتسما ذلك بالقرعة إذا عدلا القسمين في القيمة (قال) نعم
(في الرجل يريد أن يفتح بابا في زقاق نافذ أو غير نافذ)
* (قلت) * أرأيت لو أن زقاقا نافذا أو غير نافذ فيه دور لقوم شتى فأراد أحدهم أن
يجعل لداره بابين يفتح ذلك في الزقاق أو أراد أن يحول باب داره إلى موضع من
السكة فيمنعه أهل السكة أيكون ذلك لهم أم لا (قال) ليس له أن يحدث بابا حذاء
باب دار جاره أو قرب ذلك إذا كانت السكة غير نافذة لان جاره يقول قد كان هذا
الموضع من السكة الذي هو حيال بابي الذي تريد أن تفتح فيه بابا لدارك لي فيه مرفق
أفتح بابي وأنا في سترة وأقرب حمولتي إلى باب داري فلا أوذي أحدا ولا أتركك
تفتح حيال باب داري بابا أو قرب ذلك فتتخذ علي فيها المجالس وما أشبه هذا فإن كان هذا ضررا فلا يجوز أن يحدث على جاره ما يضره به وان كانت السكة نافذة
فله أن يفتح بابه حيث شاء ويحول بابه إلى أي موضع شاء * (قلت) * وإذا كانت
السكة نافذة فهو قول مالك (قال) نعم هو قوله * (قلت) * وكذلك لو أن دارين
إحداهما في جوف الأخرى الدار الداخلة لقوم شتى والخارجة لغيرهم إلا أن لأهل
الدار الداخلة الممر في هذه الدار الخارجة والطريق لهم فيها فقسم أهل الدار الداخلة
دارهم بينهم فأراد كل واحد منهم بعد ما اقتسموا أن يفتح في حصته بابا إلى الدار
الخارجة لان لهم فيها الممر وقال صاحب الدار الخارجة لا أترككم تفتحون هذه
الأبواب علي وإنما لكم الممر من موضعكم الذي كان (قال) له أن يمنعهم من ذلك
ولا يكون لهم أن يحدثوا بابا في الدار الخارجة الا الباب الذي كان لهم قبل أن يقتسموا
(وقال مالك) في حديث عمر بن الخطاب في الخليج الذي أمره في أرض الرجل بغير
531

رضاه قال مالك ليس عليه العمل * (قلت) * أرأيت لو أن دارا بين رجلين اقتسماها
ولرجل في جنبهم دار لصيقة أحد النصيبين فاشترى هذا الرجل النصيب الذي هو
ملاصقة ففتح بابا في هذا النصيب وأحدث الممر ممر داره في طريق هذا النصيب فأبي
عليه صاحب النصيب الآخر ذلك (قال) قال مالك في هذه المسألة بعينها ليس له
أن يمنعه إذا كان إنما جعل في النصيب الذي اشترى ليرتفق بذلك هو ومن معه
ممن سكن من ولده ويتوسع بالنصيب ويكون ممره فيه وإن كان إنما أراد أ ن يجعلها
سكة نافذة للناس يدخلون من باب داره فيخرجون إلى النصيب ويمرون في النصيب
إلى مخرج النصيب حتى يتخذ ممرا شبه الممر في الزقاق فليس له ذلك وكذلك قال لي
مالك حين سألته عنها * (قلت) * أرأيت أن أ سكن معه غيره أو آجر الدار أيكون
لهم أن يمروا في النصيب كما كان له (قال) نعم (قال) وإنما رأيت من كراهية مالك أن
يجعلها سكة نافذة فقط
(تم كتاب القسم الثاني بحمد الله وعونه)
* (وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) *
* (وبه يتم الجزء الرابع عشر) *
(ويليه كتاب الوصايا الأول وهو أول الجزء الخامس عشر)
532