الكتاب: منهاج الصالحين
المؤلف: الشيخ وحيد الخراساني
الجزء: ٣
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:

منهاج الصالحين
المعاملات
فتاوى
مرجع المسلمين زعيم الحوزة العلمية
السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي
1

شناسنامه
2

كتاب التجارة
وفيه مقدمة وفصول:
5

مقدمة
التجارة في الجملة من المستحبات الأكيدة في نفسها، وقد تستحب (1)
لغيرها، وقد تجب - كذلك - إذا كانت مقدمة لواجب أو مستحب، وقد تكره لنفسها
أو لغيرها، وقد تحرم كذلك، والمحرم منها أصناف، وهنا مسائل:
(مسألة 1): تحرم ولا تصح التجارة بالخمر، وباقي المسكرات والميتة،
والكلب غير الصيود، (2) والخنزير، ولا فرق في الحرمة بين بيعها وشرائها،
وجعلها أجرة في الإجارة، وعوضا عن العمل في الجعالة، ومهرا في النكاح وعوضا
في الطلاق الخلعي، وأما سائر الأعيان النجسة فالظاهر جواز بيعها إذا كانت لها
منافع محللة مقصودة كبيع العذرة للتسميد والدم للتزريق، وكذلك تجوز هبتها
والاتجار بها بسائر أنحاء المعاوضات.
(مسألة 2): الأعيان النجسة التي لا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها لا يبعد
ثبوت حق الاختصاص لصاحبها فيها، فلو صار خله خمرا، أو ماتت دابته، أو
اصطاد كلبا غير كلب الصيد لا يجوز أخذ شئ من ذلك قهرا عليه، وكذا الحكم في

(1) لو تمت الملازمة في الحكم بين المقدمة وذيها.
(2) الحرمة التكليفية فيه وفي الميتة النجسة مبنية على الاحتياط.
7

بقية الموارد، وتجوز المعاوضة على الحق المذكور فيبذل له مال في مقابله، ويحل ذلك
المال له، بمعنى أنه يبذل لمن في يده العين النجسة كالميتة - مثلا - مالا ليرفع يده عنها،
ويوكل أمرها إلى الباذل.
(مسألة 3): الظاهر أن الميتة الطاهرة كميتة السمك والجراد لا يجوز بيعها
والمعاوضة عليها، (1) وإن كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف بحيث يصح
عندهم بذل المال بازائها، نعم يجوز بذل المال بإزاء رفع اليد عنها كالأعيان النجسة.
(مسألة 4): يجوز بيع ما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة إذا كانت له منفعة
محللة معتد بها.
(مسألة 5): يجوز الانتفاع بالأعيان النجسة في غير الجهة المحرمة مثل
التسميد بالعذرات، والاشعال، والطلي بدهن الميتة النجسة، والصبغ بالدم، وغير
ذلك.
(مسألة 6): يجوز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها
- كما هي كذلك اليوم - وكذلك الأبوال الطاهرة.
(مسألة 7): الأعيان المتنجسة كالدبس، والعسل، والدهن، والسكنجبين
وغيرها إذا لاقت النجاسة يجوز بيعها والمعاوضة عليها، إن كانت لها منفعة محللة
معتد بها عند العرف، ويجب إعلام المشتري بنجاستها، ولو لم تكن لها منفعة محللة
لا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها على الأحوط (2) والظاهر بقاؤها على ملكية
مالكها، ويجوز أخذ شئ بإزاء رفع اليد عنها.

(1) لا يبعد الجواز إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف.
(2) بل على الأقوى.
8

(مسألة 8): تحرم ولا تصح التجارة بما يكون آلة للحرام، بحيث يكون
المقصود منه غالبا الحرام، كالمزامير والأصنام والصلبان والطبول وآلات القمار،
كالشطرنج ونحوه، ولا إشكال في أن منها الصفحات الغنائية (الأسطوانات)
لصندوق حبس الصوت، وكذلك الأشرطة المسجل عليها الغناء، وأما الصندوق
نفسه فهو كالراديو من الآلات المشتركة، فيجوز بيعهما (1) كما يجوز أن يستمع
منهما الاخبار والقرآن والتعزية ونحوها مما يباح استماعه، أما التلفزيون، فإن عد
عرفا من آلات اللهو فلا يجوز بيعه ولا استعماله، وأما مشاهدة أفلامه فلا بأس بها
إذا لم تكن مثيرة للشهوة، بل كانت فيها فائدة علمية أو ترويح للنفس، وإذا اتفق أن
صارت فوائده المحللة المذكورة كثيرة الوقوع بحيث لم يعد من آلات اللهو عرفا جاز
بيعه واستعماله، ويكون كالراديو، وتختص الحرمة - حينئذ - باستعماله في جهات
اللهو المثيرة للشهوات الشيطانية، وأما المسجلات فلا بأس ببيعها واستعمالها.
(مسألة 9): كما يحرم بيع الآلات المذكورة يحرم عملها، وأخذ الأجرة عليها،
بل يجب إعدامها على الأحوط ولو بتغيير هيئتها، ويجوز بيع مادتها من الخشب
والنحاس والحديد بعد تغيير هيئتها بل قبله، لكن لا يجوز (2) دفعها إلى المشتري،
إلا مع الوثوق بأن المشتري يغيرها، أما مع عدم الوثوق بذلك، فالظاهر جواز البيع
وإن أثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام، أما إذا كانت لها فائدة ولو قليلة
لم يجب تغييرها.
(مسألة 10): تحرم ولا تصح المعاملة بالدراهم الخارجة عن السكة المعمولة

(1) إذا لم يكن للاستعمال في الحرام.
(2) على الأحوط.
9

لأجل غش الناس، فلا يجوز جعلها عوضا أو معوضا عنه في المعاملة مع جهل من
تدفع إليه، أما مع علمه ففيه إشكال، والأظهر الجواز، بل الظاهر جواز دفع الظالم
بها من دون إعلامه بأنها مغشوشة، وفي وجوب كسرها إشكال، والأظهر عدمه.
(مسألة 11): يجوز بيع السباع، كالهر والاسد والذئب ونحوها إذا كانت لها
منفعة محللة معتد بها، وكذا يجوز بيع الحشرات والمسوخات - إذا كانت كذلك -
كالعلق الذي يمص الدم ودود القز ونحل العسل والفيل، أما إذا لم تكن لها منفعة
محللة، فلا يجوز بيعها ولا يصح على الأحوط الأولى. (1)
(مسألة 12): المراد بالمنفعة المحللة المجوزة للبيع الفائدة المحللة المحتاج إليها
حاجة كثيرة غالبا الباعثة على تنافس العقلاء على اقتناء العين سواء أكانت الحاجة
إليها في حال الاختيار أم في حال الاضطرار كالأدوية والعقاقير المحتاج إليها
للتداوي.
(مسألة 13): المشهور المنع عن بيع أواني الذهب والفضة للتزيين أو لمجرد
الاقتناء، والأقوى الجواز، (2) وإنما يحرم استعمالها كما مر.
(مسألة 14): يحرم ولا يصح بيع المصحف الشريف على الكافر على الأحوط،
وكذا يحرم تمكينه منه إلا إذا كان تمكينه لارشاده وهدايته فلا بأس به حينئذ،
والأحوط استحبابا الاجتناب عن بيعه على المسلم فإذا أريدت المعاوضة عليه
فلتجعل المعاوضة على الغلاف ونحوه، أو تكون المعاوضة بنحو الهبة المشروطة
بعوض، وأما الكتب المشتملة على الآيات والأدعية وأسماء الله تعالى، فالظاهر

(1) بل على الأقوى.
(2) والأحوط وجوبا عدم البيع للتزيين.
10

جواز بيعها على الكافر، فضلا عن المسلم، وكذا كتب أحاديث المعصومين (عليهم السلام) كما
يجوز تمكينه منها.
(مسألة 15): يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمرا، أو الخشب - مثلا - ليعمل
صنما، أو آلة لهو، أو نحو ذلك سواء أكان تواطؤهما على ذلك في ضمن العقد أم في
خارجه، وإذا باع واشترط الحرام صح البيع وفسد الشرط، وكذا تحرم ولا تصح
إجارة المساكن لتباع فيها الخمر، أو تحرز فيها، أو يعمل فيها شئ من المحرمات،
وكذا تحرم ولا تصح إجارة السفن أو الدواب أو غيرها لحمل الخمر، والثمن والأجرة
في ذلك محرمان، وأما بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا، أو إجارة السكن ممن يعلم
أنه يحرز فيها الخمر، أو يعمل بها شيئا من المحرمات من دون تواطئهما على ذلك في
عقد البيع أو الإجارة أو قبله، فقيل أنه حرام وهو أحوط والأظهر الجواز.
(مسألة 16): يحرم تصوير ذوات الأرواح من الانسان والحيوان سواء أكانت
مجسمة أم لم تكن، (1) ويحرم أخذ الأجرة عليه، أما تصوير غير ذوات الأرواح،
كالشجر وغيره فلا بأس به، ويجوز أخذ الأجرة عليه، كما لا بأس بالتصوير
الفوتغرافي المتعارف في عصرنا، ومثله تصوير بعض البدن كالرأس والرجل
ونحوهما، مما لا يعد تصويرا ناقصا، أما إذا كان كذلك، مثل تصوير شخص مقطوع
الرأس ففيه إشكال، أما لو كان تصويرا له على هيئة خاصة مثل تصويره جالسا أو
واضعا يديه خلفه أو نحو ذلك مما يعد تصويرا تاما فالظاهر هو الحرمة (2) بل
الامر كذلك فيما إذا كانت الصورة ناقصة، ولكن النقص لا يكون دخيلا في الحياة

(1) الحرمة في تصوير غير المجسمة وفي أخذ الأجرة عليه مبنية على الاحتياط.
(2) على الأحوط في غير المجسمة.
11

كتصوير إنسان مقطوع اليد أو الرجل، ويجوز - على كراهة - اقتناء الصور وبيعها
وإن كانت مجسمة وذوات أرواح.
(مسألة 17): الغناء حرام إذا وقع على وجه اللهو والباطل، بمعنى أن تكون
الكيفية كيفية لهوية، والعبرة في ذلك بالصدق العرفي، وكذا استماعه ولا فرق في
حرمته بين وقوعه في قراءة ودعاء ورثاء وغيرها، ويستثنى منه غناء النساء في
الأعراس إذا لم يضم إليه محرم آخر من الضرب بالطبل والتكلم بالباطل، ودخول
الرجال على النساء وسماع أصواتهن على نحو يوجب تهييج الشهوة، وإلا حرم
ذلك.
(مسألة 18): معونة الظالمين في ظلمهم، بل في كل محرم حرام، أما معونتهم في
غير المحرمات من المباحات والطاعات فلا بأس بها، إلا أن يعد الشخص من
أعوانهم والمنسوبين إليهم فتحرم.
(مسألة 19): اللعب بآلات القمار كالشطرنج، والدوملة، والطاولي وغيرها مما
أعد لذلك حرام مع الرهن، ويحرم أخذ الرهن أيضا، ولا يملكه الغالب، ويحرم اللعب
بها إذا لم يكن رهن أيضا، (1) ويحرم اللعب بغيرها مع الرهن، كالمراهنة على حمل
الوزن الثقيل، أو على المصارعة أو على القفز أو نحو ذلك، ويحرم أخذ الرهن، وأما
إذا لم يكن رهن فالأظهر الجواز.
(مسألة 20): عمل السحر حرام، وكذا تعليمه وتعلمه والتكسب به، والمراد
منه ما يوجب الوقوع في الوهم بالغلبة على البصر أو السمع أو غيرهما، وفي كون
تسخير الجن أو الملائكة أو الانسان من السحر إشكال، والأظهر تحريم ما كان

(1) على الأحوط، والاحتياط في النرد والشطرنج والأربعة عشر آكد.
12

مضرا بمن يحرم الاضرار به دون غيره.
(مسألة 21): القيافة حرام، وهي إلحاق الناس بعضهم ببعض استنادا إلى
علامات خاصة على خلاف الموازين الشرعية في الالحاق.
(مسألة 22): الشعبذة، وهي إراءة غير الواقع واقعا بسبب الحركة السريعة
الخارجة عن العادة حرام، إذا ترتب عليها عنوان محرم كالاضرار بمؤمن ونحوه.
(مسألة 23): الكهانة حرام، وهي الاخبار عن المغيبات بزعم أنه يخبره بها
بعض الجان، أما إذا كان اعتمادا على بعض الامارات الخفية فالظاهر أنه لا بأس به إذا
اعتقد صحته أو اطمأن به.
(مسألة 24): النجش حرام، (1) وهو أن يزيد الرجل في ثمن السلعة، وهو
لا يريد شراءها، بل لان يسمعه غيره فيزيد لزيادته، سواء أكان ذلك عن مواطاة
مع البائع أم لا.
(مسألة 25): التنجيم حرام، وهو الاخبار عن الحوادث، مثل الرخص
والغلاء والحر والبرد ونحوها، استنادا إلى الحركات الفلكية والطوارئ الطارئة على
الكواكب، من الاتصال بينها، أو الانفصال، أو الاقتران، أو نحو ذلك، باعتقاد
تأثيرها في الحادث، على وجه ينافي الاعتقاد بالدين.
(مسألة 26): الغش حرام، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (2): " من غش أخاه
المسلم نزع الله بركة رزقه، وسد عليه معيشته ووكله إلى نفسه " ويكون الغش
بإخفاء الأدنى في الأعلى، كمزج الجيد بالردئ، وبإخفاء غير المراد في المراد، كمزج

(1) إذا كان تغريرا وإلا فعلى الأحوط.
(2) على ما في عقاب الأعمال.
13

الماء باللبن، وبإظهار الصفة الجيدة مع أنها مفقودة واقعا، مثل رش الماء على بعض
الخضروات ليتوهم أنها جديدة، وبإظهار الشئ على خلاف جنسه، مثل طلي
الحديد بماء الفضة أو الذهب ليتوهم أنه فضة أو ذهب، وقد يكون بترك الاعلام مع
ظهور العيب وعدم خفائه، كما إذا أحرز البائع اعتماد المشتري عليه في عدم إعلامه
بالعيب فاعتقد أنه صحيح ولم ينظر في المبيع ليظهر له عيبه، فإن عدم إعلام البائع
بالعيب - مع اعتماد المشتري عليه - غش له.
(مسألة 27): الغش وإن حرم لا تفسد المعاملة به، لكن يثبت الخيار
للمغشوش، إلا في بيع المطلي بماء الذهب أو الفضة، فإنه يبطل فيه البيع، ويحرم الثمن
على البائع، وكذا أمثاله مما كان الغش فيه موجبا لاختلاف الجنس.
(مسألة 28): لا تصح الإجارة على العبادات التي لا تشرع إلا أن يأتي بها
الأجير عن نفسه مجانا، واجبة كانت أو مستحبة، عينية كانت أو كفائية، فلو
استأجر شخصا على فعل الفرائض اليومية، أو نوافلها أو صوم شهر رمضان، أو
حجة الاسلام، أو تغسيل الأموات، أو تكفينهم أو الصلاة عليهم، أو غير ذلك من
العبادات الواجبة أو المستحبة لم تصح الإجارة، إذا كان المقصود أن يأتي بها الأجير
عن نفسه، نعم لو استأجره على أن ينوب عن غيره في عبادة من صلاة أو غيرها إذا
كانت مما تشرع فيه النيابة جاز، وكذا لو استأجره على الواجب - غير العبادي -
كوصف الدواء للمريض، أو العلاج له، أو نحو ذلك فإنه يصح، وكذا لو استأجره
لفعل الواجبات التي يتوقف عليها النظام، كتعليم بعض علوم الزراعة والصناعة
والطب، ولو استأجره لتعليم الحلال والحرام فيما هو محل الابتلاء فالأحوط وجوبا
البطلان وحرمة الأجرة، بل الصحة والجواز فيما لا يكون محلا للابتلاء لا يخلو من
14

إشكال أيضا. (1)
(مسألة 29): يحرم النوح بالباطل، يعني الكذب، ولا بأس بالنوح بالحق.
(مسألة 30): يحرم هجاء المؤمن، ويجوز هجاء المخالف، وكذا الفاسق المبتدع،
لئلا يؤخذ ببدعته.
(مسألة 31): يحرم الفحش من القول، ومنه ما يستقبح التصريح به إذا كان في
الكلام مع الناس، غير الزوجة والأمة، أما معهما فلا بأس به. (2)
(مسألة 32): تحرم الرشوة على القضاء بالحق أو الباطل، وأما الرشوة على
استنقاذ الحق من الظالم فجائزة، وإن حرم على الظالم أخذها.
(مسألة 33): يحرم حفظ كتب الضلال مع احتمال ترتب الضلال لنفسه أو
لغيره، فلو امن من ذلك أو كانت هناك مصلحة أهم جاز، وكذا يحرم بيعها ونشرها،
ومنها الكتب الرائجة من التوراة والإنجيل وغيرها، هذا مع احتمال التضليل بها.
(مسألة 34): يحرم على الرجل لبس الذهب حتى التختم به ونحوه، وأما
التزين به من غير لبس كتلبيس مقدم الأسنان به فالظاهر جوازه.
(مسألة 35): يحرم الكذب، وهو الاخبار بما ليس بواقع، ولا فرق في الحرمة
بين ما يكون في مقام الجد وما يكون في مقام الهزل، نعم إذا تكلم بصورة الخبر
- هزلا - بلا قصد الحكاية والاخبار فلا بأس، به ومثله التورية بأن يقصد من الكلام
معنى له واقع ولكنه خلاف الظاهر، كما أنه يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو
عن المؤمن، بل يجوز الحلف كاذبا حينئذ، ويجوز الكذب أيضا للاصلاح بين

(1) بل لا يبعد الجواز والصحة.
(2) فيما كان قبحه من جهة الاستحياء من التصريح.
15

المؤمنين، والأحوط - استحبابا (1) - الاقتصار فيهما على صورة عدم إمكان
التورية، وأما الكذب في الوعد، بأن يخلف في وعده فالظاهر جوازه على كراهة
شديدة، نعم لو كان حال الوعد بانيا على الخلف فالظاهر حرمته، والأحوط
- لزوما - الاجتناب عن وعد أهله بشئ وهو لا يريد أن يفي به.
(مسألة 36): تحرم الولاية من قبل السلطان الجائر، إلا مع القيام بمصالح
المؤمنين، وعدم ارتكاب ما يخالف الشرع المبين، ويجوز - أيضا - مع الاكراه من
الجائر بأن يأمره بالولاية، ويتوعده على تركها، بما يوجب الضرر بدنيا أو ماليا
عليه، أو على من يتعلق به، بحيث يكون الاضرار بذلك الشخص إضرارا بالمكره
عرفا، كالاضرار بأبيه أو أخيه أو ولده أو نحوهم ممن يهمه أمرهم.
(مسألة 37): ما يأخذه السلطان المخالف المدعي للخلافة العامة من الضرائب
المجعولة على الأراضي والأشجار والنخيل يجوز شراؤه وأخذه منه مجانا، بلا فرق
بين الخراج، وهو: ضريبة النقد، والمقاسمة، وهي: ضريبة السهم من النصف والعشر
ونحوهما، وكذا المأخوذ بعنوان الزكاة، والظاهر براءة ذمة المالك بالدفع إليه، بل
الظاهر أنه لو لم تأخذه الحكومة وحولت شخصا على المالك في أخذه منه، جاز
للمحول أخذه، وبرئت ذمة المحول عليه، وفي جريان الحكم المذكور فيما يأخذه
السلطان المسلم المؤالف أو المخالف الذي لا يدعي الخلافة العامة، أو الكافر إشكال.
(مسألة 38): إذا دفع إنسان مالا له إلى آخر، ليصرفه في طائفة من الناس،
وكان المدفوع إليه منهم، فإن فهم من الدافع الاذن في الاخذ من ذلك المال جاز له
أن يأخذ منه مثل أحدهم أو أكثر على حسب الاذن، وإن لم يفهم الاذن لم يجز الاخذ

(1) بل وجوبا.
16

منه أصلا، وإن دفع له شيئا مما له مصرف خاص، كالزكاة ليصرفه في مصارفه، فله
أن يأخذ منه بمقدار ما يعطيه لغيره إذا كان هو أيضا من مصارفه، ولا يتوقف الجواز
فيه على إحراز الاذن من الدافع. (1)
(مسألة 39): جوائز الظالم حلال، وإن علم اجمالا أن في ماله حراما، وكذا
كل ما كان في يده يجوز أخذه منه وتملكه والتصرف فيه بإذنه، إلا أن يعلم أنه
غصب، فلو أخذ منه - حينئذ - وجب رده إلى مالكه، إن عرف بعينه، فإن جهل
وتردد بين جماعة محصورة، فإن أمكن استرضاؤهم وجب، (2) وإلا رجع في
تعيين مالكه إلى القرعة، وإن تردد بين جماعة غير محصورة تصدق به عن مالكه، مع
الاذن من الحاكم الشرعي على الأحوط إن كان يائسا عن معرفته، وإلا وجب
الفحص عنه وإيصاله إليه.
(مسألة 40): يكره بيع الصرف، وبيع الأكفان، وبيع الطعام، وبيع العبيد، كما
يكره أن يكون الانسان جزارا أو حجاما، ولا سيما مع الشرط بأن يشترط أجرة،
ويكره أيضا التكسب بضراب الفحل، بأن يؤجره لذلك، أو بغير إجارة بقصد
العوض، أما لو كان بقصد المجانية فلا بأس بما يعطى بعنوان الهدية.
(مسألة 41): لا يجوز بيع أوراق اليانصيب، فإذا كان الاعطاء بقصد البدلية
عن الفائدة المحتملة فالمعاملة باطلة، وأما إذا كان الاعطاء مجانا وبقصد الاشتراك في
مشروع خيري فلا بأس به، وعلى كلا التقديرين فالمال المعطى لمن أصابت القرعة

(1) هذا في خصوص الزكاة، واما في غيرها مما له مصرف خاص فالأحوط
احراز الإذن.
(2) على الأحوط.
17

باسمه إذا كان المتصدي لها شركة غير أهلية من المال المجهول مالكه، لابد من مراجعة
الحاكم الشرعي لاصلاحه. (1)
(مسألة 42): يجوز إعطاء الدم إلى المرضى المحتاجين إليه، كما يجوز أخذ
العوض في مقابله على ما تقدم.
(مسألة 43): يحرم حلق اللحية على الأحوط ويحرم أخذ الأجرة عليه
كذلك، إلا إذا كان ترك الحلق يوجب سخرية ومهانة شديدة لا تتحمل عند العقلاء،
فيجوز حينئذ.
آداب التجارة
(مسألة 44): يستحب التفقه فيها ليعرف صحيح البيع وفاسده ويسلم من
الربا، ومع الشك في الصحة والفساد لا يجوز له ترتيب آثار الصحة، بل يتعين عليه
الاحتياط، ويستحب أن يساوي بين المبتاعين فلا يفرق بين المماكس وغيره بزيادة
السعر في الأول أو بنقصه، أما لو فرق بينهم لمرجحات شرعية كالعلم والتقوى
ونحوهما، فالظاهر أنه لا بأس به، ويستحب أن يقيل النادم ويشهد الشهادتين عند
العقد، ويكبر الله تعالى عنده، ويأخذ الناقص ويعطى الراجح.
(مسألة 45): يكره مدح البائع سلعته، وذم المشتري لها، وكتمان العيب إذا
لم يؤد إلى غش، وإلا حرم كما تقدم، والحلف على البيع، والبيع في المكان المظلم
الذي يستتر فيه العيب، بل كل ما كان كذلك والربح على المؤمن زائدا على مقدار

(1) لافرق في المعاملات المشروعة بين الشركة الحكومية والأهلية، وإن كان
الأحوط الاستيذان في الحكومية.
18

الحاجة، وعلى الموعود بالاحسان، والسوم ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس،
وأن يدخل السوق قبل غيره، ومبايعة الأدنين وذوي العاهات والنقص في أبدانهم،
والمحارفين، وطلب تنقيص الثمن بعد العقد، والزيادة وقت النداء لطلب الزيادة، أما
الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها، والتعرض للكيل أو الوزن أو العد أو
المساحة إذا لم يحسنه حذرا من الخطأ، والدخول في سوم المؤمن، بل الأحوط تركه،
والمراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري، أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع، مع
رجاء تمامية المعاملة بينهما، فلو انصرف أحدهما عنها، أو علم بعدم تماميتها بينهما
فلا كراهة، وكذا لو كان البيع مبنيا على المزايدة، وأن يتوكل بعض أهل البلد لمن هو
غريب عنها بل الأحوط استحبابا تركه، وتلقي الركبان الذين يجلبون السلعة وحده
إلى ما دون أربعة فراسخ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة، وكذا لو اتفق ذلك بلا
قصد، والظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة، كالصلح والإجارة ونحوهما.
(مسألة 46): يحرم الاحتكار وهو: حبس السلعة والامتناع من بيعها لانتظار
زيادة القيمة مع حاجة المسلمين إليها، وعدم وجود الباذل لها، والظاهر اختصاص
الحكم بالحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت لا غير، وإن كان الأحوط
- استحبابا - إلحاق الملح بها بل كل ما يحتاج إليه عامة المسلمين من الملابس
والمساكن والمراكب وغيرها، ويجبر المحتكر على البيع في الاحتكار المحرم، من دون أن
يعين له السعر، نعم إذا كان السعر الذي اختاره مجحفا بالعامة أجبر على الأقل منه.
الفصل الأول
شروط العقد
البيع هو: نقل المال بعوض بما أن العوض مال، لا لخصوصية فيه، والاشتراء هو
إعطاء الثمن بإزاء ما للمشتري غرض فيه بخصوصه في شخص المعاملة، فمن يبيع
19

السكر مثلا يريد حفظ مالية ماله في الثمن لكن المشتري إنما يطلب السكر لحاجته
فيه، (1) فإذا كان الغرض لكلا المتعاملين أمرا واحدا كمبادلة كتاب بكتاب
- مثلا - لم يكن هذا بيعا، بل هو معاملة مستقلة.
(مسألة 47): يعتبر في البيع الايجاب والقبول، ويقع بكل لفظ دال على
المقصود وإن لم يكن صريحا فيه مثل: بعت وملكت، وبادلت (2) ونحوها في
الايجاب، ومثل: قبلت ورضيت وتملكت واشتريت ونحوها في القبول، ولا تشترط
فيه العربية، كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة، ويجوز إن شاء الايجاب بمثل:
اشتريت، وابتعت، وتملكت وإنشاء القبول بمثل: شريت وبعت وملكت.
(مسألة 48): إذا قال: بعني فرسك بهذا الدينار، فقال المخاطب: بعتك فرسي
بهذا الدينار، ففي صحته وترتب الأثر عليه بلا أن ينضم إليه إن شاء القبول من الامر
اشكال، وكذلك الحكم في الولي عن الطرفين أو الوكيل عنهما فإنه لا يكتفى فيه
بالايجاب بدون القبول.
(مسألة 49): يعتبر في تحقق العقد الموالاة بين الايجاب والقبول فلو قال
البائع: بعت، فلم يبادر المشتري إلى القبول حتى انصرف البائع عن البيع لم يتحقق
العقد، ولم يترتب عليه الأثر، أما إذا لم ينصرف وكان ينتظر القبول، حتى قبل صح،

(1) الظاهر صدق البيع بانشائه وإن كان غرض البايع خصوصية العوض وغرض
المشتري حفظ المالية في المعوض، ومنه يظهر ما في التعريف والتفريع، نعم إن كان
المنشأ هو المبادلة من دون اختصاص أحدهما بالمعوضية والآخر
بالعوضية تكون معاملة مستقلة.
(2) إذا كان المقصود بالإنشاء التمليك بعوض.
20

كما أنه لا تعتبر وحدة المجلس فلو تعاقدا بالتليفون فأوقع أحدهما الايجاب وقبل
الأخر صح.
أما المعاملة بالمكاتبة ففيها إشكال، والأظهر الصحة، إن لم ينصرف البائع عن
بيعه وكان ينتظر القبول.
(مسألة 50): الظاهر اعتبار التطابق بين الايجاب والقبول في الثمن والمثمن
وسائر التوابع، فلو قال: بعتك هذا الفرس بدرهم، بشرط أن تخيط قميصي، فقال
المشتري: اشتريت هذا الحمار بدرهم، أو هذا الفرس بدينار، أو بشرط أن أخيط
عباءتك، أو بلا شرط شئ أو بشرط أن تخيط ثوبي، أو اشتريت نصفه بنصف
دينار، أو نحو ذلك من أنحاء الاختلاف لم يصح العقد، نعم لو قال: بعتك هذا الفرس
بدينار، فقال: اشتريت كل نصف منه بنصف دينار صح، وكذا في غيره مما كان
الاختلاف فيه بالاجمال والتفصيل.
(مسألة 51): إذا تعذر اللفظ لخرس ونحوه قامت الإشارة مقامه وإن تمكن
من التوكيل، وكذا الكتابة مع العجز عن الإشارة، أما مع القدرة عليها ففي تقديم
الإشارة أو الكتابة وجهان، بل قولان، والأظهر الجواز بكل منهما، بل يحتمل ذلك
حتى مع التمكن من اللفظ.
(مسألة 52): الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة، بأن ينشئ البائع البيع بإعطائه
المبيع إلى المشتري، وينشئ المشتري القبول بإعطاء الثمن إلى البائع، ولا فرق في
صحتها بين المال الخطير والحقير، وقد تحصل بإعطاء البائع المبيع وأخذ المشتري بلا
إعطاء منه، كما لو كان الثمن كليا في الذمة أو باعطاء المشتري الثمن وأخذ البائع له بلا
إعطاء منه، كما لو كان المثمن كليا في الذمة.
(مسألة 53): الظاهر أنه يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في البيع
21

العقدي من شرائط العقد والعوضين والمتعاقدين، كما أن الظاهر ثبوت الخيارات
الآتية إن شاء الله تعالى على نحو ثبوتها في البيع العقدي.
(مسألة 54): الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات بل
الايقاعات إلا في موارد خاصة، كالنكاح والطلاق والعتق والتحليل والنذر واليمين،
والظاهر جريانها في الرهن والوقف أيضا.
(مسألة 55): في قبول البيع المعاطاتي للشرط سواء أكان شرط خيار في مدة
معينة أم شرط فعل، أم غيرهما اشكال، وإن كان القبول لا يخلو من وجه، فلو
أعطى كل منهما ماله إلى الأخر قاصدين البيع، وقال أحدهما في حال التعاطي:
جعلت لي الخيار إلى سنة - مثلا - وقبل الأخر صح شرط الخيار، وكان البيع
خياريا.
(مسألة 56): لا يجوز تعليق البيع على أمر غير حاصل حين العقد سواء أعلم
حصوله بعد ذلك، كما إذا قال: بعتك إذا هل الهلال، أم جهل حصوله، كما لو قال:
بعتك إذا ولد لي ولد ذكر، ولا على أمر مجهول الحصول حال العقد، كما إذا قال: بعتك
إن كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك، أما مع علمه به فالوجه الجواز.
(مسألة 57): إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد، فإن علم برضا
البائع بالتصرف فيه حتى مع فساد العقد جاز له التصرف فيه (1) وإلا وجب
عليه رده إلى البائع، وإذا تلف - ولو من دون تفريط - وجب عليه رد مثله إن كان
مثليا وقيمته إن كان قيميا، وكذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد، وإذا
كان المالك مجهولا جرى عليه حكم المال المجهول مالكه، ولا فرق في جميع ذلك بين

(1) بما لا يتوقف على الملك.
22

العلم بالحكم والجهل به، ولو باع أحدهما ما قبضه كان البيع فضوليا وتوقفت صحته
على إجازة المالك وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
الفصل الثاني
شروط المتعاقدين
(مسألة 58): يشترط في كل من المتعاقدين أمور:
الأول: البلوغ، فلا يصح عقد الصبي في ماله، وإن كان مميزا، إذا لم يكن بإذن
الولي بل وإن كان بإذنه إذا كان الصبي مستقلا في التصرف وأما إذا كانت المعاملة
من الولي، وكان الصبي وكيلا عنه في إن شاء الصيغة فالصحة لا تخلو من وجه وجيه،
وكذا إذا كان تصرفه في غير ماله بإذن المالك، وإن لم يكن بإذن الولي.
الثاني: العقل، فلا يصح عقد المجنون، وإن كان قاصدا إن شاء البيع.
الثالث: الاختيار، فلا يصح بيع المكره، (1) وهو من يأمره غيره بالبيع
المكروه له، على نحو يخاف من الاضرار به لو خالفه، بحيث يكون وقوع البيع منه
من باب ارتكاب أقل المكروهين، ولو لم يكن البيع مكروها وقد أمره الظالم بالبيع
فباع صح، وكذا لو أمره بشئ غير البيع وكان ذلك الشئ موقوفا على البيع المكروه
فباع فإنه يصح، كما إذا أمره بدفع مقدار من المال ولم يمكنه إلا ببيع داره فباعها، فإنه
يصح بيعها.
(مسألة 59): إذا أكره أحد الشخصين على بيع داره، كما لو قال الظالم: فليبع
زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره بطل البيع، إلا إذا علم إقدام الأخر على البيع.

(1) إذا كان بغير حق، كما لا يصح كل عقد أو ايقاع عن المكره بغير الحق.
23

(مسألة 60): لو أكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل، ولو باع
الأخر بعد ذلك صح، ولو باعهما جميعا دفعة بطل فيهما جميعا.
(مسألة 61): لو أكرهه على بيع دابته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة، وصح
بيع الولد.
(مسألة 62): لا يعتبر (1) في صدق الاكراه عدم إمكان التفصي بالتورية،
فلو أكرهه على بيع داره فباعها - مع قدرته على التورية - لم يصح البيع.
(مسألة 63): المراد من الضرر الذي يخافه، على تقدير عدم الاتيان بما أكره
عليه ما يعم الضرر الواقع على نفسه وماله وشأنه، وعلى بعض من يتعلق به ممن
يهمه أمره فلو لم يكن كذلك فلا إكراه، فلو باع - حينئذ - صح البيع.
البيع الفضولي
الرابع: من شرائط المتعاقدين القدرة على التصرف بكونه مالكا أو وكيلا عنه،
أو مأذونا منه، أو وليا عليه، فلو لم يكن العاقد قادرا على التصرف لم يصح البيع، بل
توقفت صحته على إجازة القادر على ذلك التصرف، مالكا كان، أو وكيلا عنه، أو
مأذونا منه، أو وليا عليه، فإن أجاز صح، وإن رد بطل، وهذا هو المسمى بعقد
الفضولي، والمشهور أن الإجازة بعد الرد لا أثر لها، ولكنه لا يخلو عن إشكال، بل
لا يبعد نفوذها، وأما الرد بعد الإجازة فلا أثر له جزما.
(مسألة 64): لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي، فإن أجازه المالك
صح، ولا أثر للمنع السابق في البطلان.

(1) بل الظاهر الاعتبار.
24

(مسألة 65): إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه لم يصح وتوقفت
صحته على الإجازة.
(مسألة 66): إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك، أو
لبنائه على ذلك، كما في الغاصب، فأجازه المالك صح البيع ويرجع الثمن إلى المالك.
(مسألة 67): لا يكفي في تحقق الإجازة الرضا الباطني، بل لا بد من الدلالة
عليه بالقول مثل: رضيت، وأجزت، ونحو هما، أو بالفعل مثل أخذ الثمن، أو بيعه، أو
الاذن في بيعه، أو إجازة العقد الواقع عليه أو نحو ذلك.
(مسألة 68): الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه
كشفا حكميا، فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك مالك المبيع، ونماء
المبيع ملك للمشتري.
(مسألة 69): لو باع باعتقاد كونه وليا أو وكيلا فتبين خلافه فإن أجازه المالك
صح وإن رد بطل، ولو باع باعتقاد كونه أجنبيا فتبين كونه وليا أو وكيلا صح،
ولم يحتج إلى الإجازة، ولو تبين كونه مالكا ففي صحة البيع - من دون حاجة إلى
إجازته - إشكال والأظهر هو الصحة. (1)
(مسألة 70): لو باع مال غيره فضولا، ثم ملكه قبل إجازة المالك ففي صحته
- بلا حاجة إلى الإجازة أو توقفه على الإجازة أو بطلانه رأسا - وجوه أقواها
أوسطها. (2)
(مسألة 71): لو باع مال غيره فضولا فباعه المالك من شخص آخر صح بيع

(1) في الصحة تأمل ونظر.
(2) بل الأخير.
25

المالك، ويصح (1) بيع الفضولي - أيضا - إن أجازه المشتري.
(مسألة 72): إذا باع الفضولي مال غيره ولم تتحقق الإجازة من المالك، فإن
كانت العين في يد المالك فلا إشكال، وإن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها
عليه، وإن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع
والمشتري، وإن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري أو على
أحدهما إن دفعها إليه بمثلها إن كانت مثلية، وبقيمتها إن كانت قيمية.
(مسألة 73): المنافع المستوفاة مضمونة، وللمالك الرجوع بها على من
استوفاها، وكذا الزيادات العينية، مثل اللبن والصوف والشعر والسرجين ونحوها
مما كانت له مالية، فإنها مضمونة على من استولى عليها كالعين، أما المنافع غير
المستوفاة ففي ضمانها إشكال، والضمان أظهر. (2)
(مسألة 74): المثلي ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها
الرغبات، والقيمي ما لا يكون كذلك، فالآلات والظروف والأقمشة المعمولة في
المعامل في هذا الزمان من المثلي، والجواهر الأصلية من الياقوت والزمرد والألماس
والفيروزج ونحوها من القيمي.
(مسألة 75): الظاهر أن المدار في القيمة المضمون بها القيمي قيمة زمان
القبض (3) لا زمان التلف، ولا زمان الأداء.
(مسألة 76): إذا لم يمض المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي أن يرد

(1) بل لا يصح.
(2) ضمانها مع جهل القابض مبنى على الاحتياط.
(3) بل الظاهر أن المدار في المقبوض بالعقد الفاسد قيمة زمان التلف.
26

الثمن المسمى إلى المشتري، فإذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو
القيمة فليس للمشتري الرجوع على البائع في مقدار الثمن المسمى، ويرجع في الزائد
عليه إذا كان مغرورا، وإذا رجع المالك على البائع رجع البائع على المشتري بمقدار
الثمن المسمى إذا لم يكن قد قبض الثمن، ولا يرجع في الزائد عليه إذا كان غارا،
وإذا رجع المالك على المشتري ببدل نماء العين من الصوف واللبن ونحوهما أو بدل
المنافع المستوفاة أو غير ذلك، فإن كان المشتري مغرورا من قبل البائع، بأن كان
جاهلا بأن البائع فضولي، وكان البائع عالما فأخبره البائع بأنه مالك، أو ظهر له منه
أنه مالك رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك، وإن
لم يكن مغرورا من البائع كما إذا كان عالما بالحال، أو كان البائع أيضا جاهلا لم يرجع
عليه بشئ من الخسارات المذكورة، (1) وإذا رجع المالك على البائع ببدل
النماءات، فإن كان المشتري مغرورا من قبل البائع لم يرجع البائع على المشتري،
وإن لم يكن مغرورا من قبل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك.
وكذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال المالك،
فإنه إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغرورا منه،
وإلا لم يرجع على اللاحق، وإن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق، إلا
مع كونه مغرورا منه، وكذا الحكم في المال غير المملوك لشخص كالزكاة المعزولة،
ومال الوقف المجعول مصرفا في جهة معينة أو غير معينة، أو في مصلحة شخص أو
أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه، مع وجوده، وكذا مع تلفه على النهج
المذكور.

(1) تقدم الإشكال في ضمان المنافع غير المستوفاة مع جهل القابض.
27

(مسألة 77): لو باع إنسان ملكه وملك غيره صفقة واحدة صح البيع فيما
يملك، وتوقفت صحة بيع غيره على إجازة المالك، فإن أجازه صح، وإلا فلا،
وحينئذ يكون للمشتري خيار تبعض الصفقة، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه
البائع.
(مسألة 78): طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن: أن يقوم كل من
المالين بقيمته السوقية، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة
مال غير البائع إلى مجموع القيمتين، فإذا كانت قيمة ماله عشرة وقيمة مال غيره
خمسة، والثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد الذي هو ثلث الثمن، ويبقى للبائع اثنان،
وهما ثلثا الثمن، هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة ونقصها، أما لو كان
الامر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الأخر ثم تنسب قيمة كل
واحد منهما إلى مجموع القيمتين، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة، مثلا إذا باع الجارية
وابنتها بخمسة، وكانت قيمة الجارية في حال الانفراد ستة، وفي حال الانضمام أربعة،
وقيمة ابنتها بالعكس فمجموع القيمتين عشرة، فإن كانت الجارية لغير البائع رجع
المشتري بخمسين، وهما اثنان من الثمن، وبقي للبائع ثلاثة أخماس، وإن كانت البنت
لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن، وهو ثلاثة وبقي للبائع اثنان.
(مسألة 79): إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السوية فباع أحدهما
نصف الدار، فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه، أو نصف غيره، أو نصف
في النصفين عمل على القرينة، وإن لم تقم القرينة على شئ من ذلك حمل على نصف
نفسه لا غير.
(مسألة 80): يجوز للأب والجد للأب وإن علا التصرف في مال الصغير بالبيع
والشراء والإجارة وغيرها، وكل منهما مستقل في الولاية فلا يعتبر الاذن من
28

الأخر، كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما، ولا أن تكون مصلحة في تصرفهما، (1) بل
يكفي عدم المفسدة فيه، إلا أن يكون التصرف تفريطا منهما في مصلحة الصغير، كما
لو اضطر الولي إلي بيع مال الصغير، وأمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل، فلا يجوز له
البيع بقيمة المثل، وكذا لو دار الامر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل، وزيادة
درهمين، لاختلاف الأماكن أو الدلالين، أو نحو ذلك لم يجز البيع بالأقل، وإن كانت
فيه مصلحة إذا عد ذلك تساهلا عرفا في مال الصغير، والمدار في كون التصرف
مشتملا على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء، لا بالنظر إلى
علم الغيب، فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبين أنه ليس كذلك في نظر العقلاء
بطل التصرف، ولو تبين أنه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صح إذا كانت فيه
مصلحة بنظر العقلاء.
(مسألة 81): يجوز للأب والجد التصرف في نفس الصغير بإجارته لعمل ما أو
جعله عاملا في المعامل، وكذلك في سائر شؤونه مثل تزويجه، نعم ليس لهما طلاق
زوجته، وهل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوغ للفسخ، وهبة المدة في عقد
المتعة: وجهان، والثبوت أقرب.
(مسألة 82): إذا أوصى الأب أو الجد إلى شخص بالولاية بعد موته على
القاصرين نفذت الوصية، وصار الموصى إليه وليا عليهم بمنزلة الموصي تنفذ
تصرفاته، ويشترط فيه الرشد والأمانة، ولا تشترط فيه العدالة على الأقوى، كما
يشترط في صحة الوصية فقد الأخر، فلا تصح وصية الأب بالولاية على الطفل مع
وجود الجد، ولا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب، ولو أوصى

(1) بل الأحوط اعتبار المصلحة.
29

أحدهما بالولاية على الطفل، بعد فقد الأخر لا في حال وجوده، ففي صحتها إشكال.
(مسألة 83): ليس لغير الأب والجد للأب والوصي لأحدهما ولاية على
الصغير، ولو كان عما أو أما أو جدا للام أو أخا كبيرا، فلو تصرف أحد هؤلاء في
مال الصغير، أو في نفسه، أو سائر شؤونه لم يصح، وتوقف على إجازة الولي.
(مسألة 84): تكون الولاية على الطفل للحاكم الشرعي، مع فقد الأب والجد
والوصي لأحدهما، (1) ومع تعذر الرجوع إلى الحاكم فالولاية لعدول المؤمنين،
لكن الأحوط الاقتصار على صورة لزوم الضرر في ترك التصرف، كما لو خيف على
ماله التلف - مثلا - فيبيعه العادل، لئلا يتلف، ولا يعتبر (2) - حينئذ - أن تكون في
التصرف فيه غبطة وفائدة، بل لو تعذر وجود العادل - حينئذ - لم يبعد جواز ذلك
لسائر المؤمنين، ولو اتفق احتياج المكلف إلى دخول دار الأيتام والجلوس على
فراشهم، والاكل من طعامهم، وتعذر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك، إذا
عوضهم عن ذلك بالقيمة، ولم يكن فيه ضرر عليهم، وإن كان الأحوط تركه، وإذا
كان التصرف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض، والله سبحانه العالم.
الفصل الثالث
شروط العوضين
يشترط في المبيع أن يكون عينا، سواء أكان موجودا في الخارج أم في الذمة،
وسواء أكانت الذمة ذمة البائع أم غيره، كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه

(1) وتعتبر مراعاة المصلحة في تصرفاته.
(2) بل الظاهر الاعتبار.
30

لشخص ثالث، فلا يجوز بيع المنفعة، كمنفعة الدار، ولا بيع العمل كخياطة الثوب،
وأما الثمن فيجوز أن يكون عينا أو منفعة أو عملا.
(مسألة 85): المشهور على اعتبار أن يكون المبيع والثمن مالا يتنافس فيه
العقلاء، فكل ما لا يكون مالا كبعض الحشرات لا يجوز بيعه، ولا جعله ثمنا، ولكن
الظاهر عدم اعتبار ذلك، (1) وإن كان الاعتبار أحوط.
(مسألة 86): الحقوق مطلقا من قبيل الاحكام، فكما لا يصح بيعها لا يصح
جعلها ثمنا، نعم في مثل حق التحجير القابل للانتقال يجوز جعل متعلق الحق بما هو
كذلك ثمنا (2) ويجوز جعل شئ بإزاء رفع اليد عن الحق، حتى فيما إذا لم يكن قابلا
للانتقال، وكان قابلا للاسقاط، كما يجوز جعل الاسقاط ثمنا، بأن يملك البائع عليه
العمل فيجب عليه الاسقاط بعد البيع.
(مسألة 87): يشترط في البيع أن لا يكون غرريا، (3) وتكفي المشاهدة فيما
تعارف بيعه بالمشاهدة، ولا تكفي في غير ذلك، بل لابد أن يكون مقدار كل من
العوضين المتعارف تقديره به عند البيع، من كيل أو وزن، أو عد، أو مساحة،
معلوما، ولا بأس بتقديره بغير المتعارف فيه عند البيع، كبيع المكيل بالوزن،
وبالعكس إذا لم يكن البيع غرريا، وإذا كان الشئ مما يباع في حال بالمشاهدة، وفي
حال أخرى بالوزن أو الكيل، كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة وفي المخازن
بالوزن، والحطب محمولا على الدابة بالمشاهدة وفي المخزن بالوزن، واللبن المخيض

(1) بل الظاهر الاعتبار.
(2) ويجوز جعل نفسه أيضا ثمنا.
(3) بحيث يعد عند العقلاء مجازفة.
31

يباع في السقاء بالمشاهدة وفي المخازن بالكيل، فصحة بيعه مقدرا أو مشاهدا تابعة
للمتعارف.
(مسألة 88): يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر، كيلا أو وزنا، أو
عدا، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه، والأحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتري
بإخباره، ولو تبين الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ والامضاء بتمام
الثمن، ولو تبينت الزيادة كان البائع بالخيار بين الفسخ والامضاء بتمام المبيع، وقيل:
يرجع المشتري على البائع بثمن النقيصة في الأول وتكون الزيادة للبائع في الثاني،
وهو ضعيف.
(مسألة 89): لا بد في مثل القماش والأرض ونحوهما - مما يكون تقديره
بالمساحة دخيلا في زيادة القيمة - معرفة مقداره، ولا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلا
إذا كانت المشاهدة رافعة للغرر، كما هو الغالب في بيع الدور والفرش ونحو هما.
(مسألة 90): إذا اختلفت البلدان في تقدير شئ، بأن كان موزونا في بلد،
ومعدودا في آخر، ومكيلا في ثالث، فالظاهر أن المدار في التقدير بلد المعاملة، ولكن
يجوز البيع بالتقدير الأخر أيضا إذا لم يكن فيه غرر.
(مسألة 91): قد يؤخذ الوزن شرطا في المكيل أو المعدود، أو الكيل شرطا في
الموزون، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس، بشرط أن يكون كيلها صاعا،
فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش، بشرط
أن يكون وزنها ألف مثقال، فيتبين أن وزنها تسعمائة، لعدم إحكام النسج، أو يبيعه
عشرة أذرع من الكتان، بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال، فيتبين أن وزنه مائتا
مثقال لغلظة خيوطه ونحو ذلك، مما كان التقدير فيه ملحوظا صفة كمال للمبيع
لا مقوما له، والحكم أنه مع التخلف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري،
32

لتخلف الوصف، فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن، والزيادة للمشتري على كل
حال.
(مسألة 92): يشترط معرفة جنس العوضين وصفاتهما التي تختلف القيمة
باختلافها، كالألوان والطعوم والجودة والرداءة والرقة والغلظة والثقل والخفة ونحو
ذلك، مما يوجب اختلاف القيمة، أما ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب
معرفته، وإن كان مرغوبا عند قوم، وغير مرغوب عند آخرين، والمعرفة إما
بالمشاهدة، أو بتوصيف البائع، أو بالرؤية السابقة.
(مسألة 93): يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكا، مثل أكثر البيوع
الواقعة بين الناس، أو ما هو بمنزلته، كبيع الكلي في الذمة أو بيع مال شخصي مختص
بجهة من الجهات، مثل بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة وشرائه العلف لها، وعليه
فلا يجوز بيع ما ليس كذلك، مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء، وشجر البيداء
قبل أن يصطاد أو يحاز.
(مسألة 94): يصح للراهن بيع العين المرهونة بإذن المرتهن، وكذلك لو أجازه
بعد وقوعه، والأظهر صحة البيع مع عدم إجازته أيضا إلا أنه يثبت الخيار - حينئذ -
للمشتري إذا كان جاهلا بالحال حين البيع.
(مسألة 95): لا يجوز بيع الوقف إلا في موارد:
منها: أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، كالحيوان المذبوح،
والجذع البالي، والحصير المخرق.
ومنها: أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به، مع كونه ذا منفعة يسيرة
ملحقة بالمعدوم عرفا.
ومنها: ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر، من قلة المنفعة أو كثرة
33

الخراج، أو كون بيعه أنفع، أو احتياجهم إلى عوضه، أو نحو ذلك.
ومنها: ما إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم، بحيث لا يؤمن معه
من تلف النفوس والأموال. (1)
ومنها: ما لو علم أن الواقف لاحظ في قوام الوقف عنوانا خاصا في العين
الموقوفة، مثل كونها بستانا، أو حماما فيزول ذلك العنوان، فإنه يجوز البيع - حينئذ -
وإن كانت الفائدة باقية بحالها أو أكثر.
ومنها: ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن
المنفعة المعتد بها عرفا، واللازم حينئذ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء.
(مسألة 96): ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في
المساجد، فإنها لا يجوز بيعها على كل حال، نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة
للمسافرين، وكتب العلم والمدارس والرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة.
(مسألة 97): إذا جاز بيع الوقف، فإن كان من الأوقاف غير المحتاجة إلى
المتولي كالوقف على الاشخاص المعينين لم تحتج إلى إجازة غيرهم، وإلا فإن كان له
متول خاص فاللازم مراجعته، ويكون البيع بإذنه، وإلا فالأحوط (2) مراجعة
الحاكم الشرعي، والاستئذان منه في البيع، كما أن الأحوط (3) أن يشتري بثمنه ملكا
ويوقف على النهج الذي كان عليه الوقف الأول، نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع
ذلك البعض وصرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر، أو في وقف آخر إذا كان موقوفا

(1) اطلاقه لغير مال الوقف محل اشكال.
(2) بل الأقوى.
(3) بل الأقوى الاشتراء ويكون البدل وقفا من دون حاجة إلى الايقاف.
34

على نهج وقف الخراب، (1) وإذا خرب الوقف ولم يمكن الانتفاع به وأمكن بيع
بعضه وتعمير الباقي بثمنه فالأحوط الاقتصار على بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه.
(مسألة 98): لا يجوز بيع الأمة إذا كانت ذات ولد لسيدها، ولو كان حملا غير
مولود، وكذا لا يجوز نقلها بسائر النواقل، وإذا مات ولدها جاز بيعها، كما يجوز
بيعها في ثمن رقبتها مع إعسار المولى، وفي هذه المسألة فروع كثيرة لم نتعرض لها لقلة
الابتلاء بها.
(مسألة 99): لا يجوز بيع الأرض الخراجية، وهي الأرض المفتوحة عنوة
العامرة حين الفتح، فإنها ملك للمسلمين من وجد ومن يوجد، ولا فرق بين أن
تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما، وأن لا تكون، بل الظاهر
عدم جواز التصرف فيها إلا بإذن الحاكم الشرعي، إلا أن تكون تحت سلطة
السلطان المدعي للخلافة العامة فيكفي الاستئذان منه، (2) بل في كفاية الاستئذان
من الحاكم الشرعي - حينئذ - إشكال، ولو ماتت الأرض العامرة - حين الفتح -
فلا يبعد (3) أنها تملك بالاحياء.
أما الأرض الميتة في زمان الفتح فهي ملك للإمام (عليه السلام)، وإذا أحياها أحد ملكها
بالاحياء، مسلما كان المحيي أو كافرا، وليس عليه دفع العوض، وإذا تركها حتى

(1) الظاهر تعين الصرف فيما هو أقرب إلى غرض الواقف، من صرف الثمن في
مصلحة المقدار العامر أو الاشتراء به ما يماثل الخراب، ومع عدم امكانهما
يصرف في الموقوف على نهج وقف الخراب.
(2) في كفاية الاستيذان منه من دون الاستيذان من الحاكم الشرعي اشكال.
(3) بل الأقوى عدم التملك.
35

ماتت فهي على ملكه، ولكنه إذا ترك زرعها وأهملها ولم ينتفع بها بوجه، جاز لغيره
زرعها، وهو أحق بها منه، وإن كان الأحوط استحبابا عدم زرعها بلا إذن منه إذا
عرف مالكها، إلا إذا كان المالك قد أعرض عنها، وإذا أحياها السلطان المدعي
للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجية.
(مسألة 100): في تعيين أرض الخراج إشكال، وقد ذكر العلماء والمؤرخون
مواضع كثيرة منها، وإذا شك في أرض أنها كانت ميتة أو عامرة - حين الفتح - تحمل
على أنها كانت ميتة، فيجوز إحياؤها وتملكها إن كانت حية، (1) كما يجوز بيعها
وغيره من التصرفات الموقوفة على الملك.
(مسألة 101): يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدورا على تسليمه،
فلا يجوز بيع الجمل الشارد، أو الطير الطائر، أو السمك المرسل في الماء، ولا فرق بين
العلم بالحال والجهل بها، ولو باع العين المغصوبة وكان المشتري قادرا على أخذها
من الغاصب صح، كما أنه يصح بيعها على الغاصب أيضا، وإن كان البائع لا يقدر
على أخذها منه، ثم دفعها إليه، وإذا كان المبيع مما لا يستحق المشتري أخذه، كما لو
باع من ينعتق على المشتري صح، وإن لم يقدر على تسليمه.
(مسألة 102): لو علم بالقدرة على التسليم فباع فانكشف الخلاف بطل، ولو
علم العجز عنه فانكشف الخلاف فالظاهر الصحة.
(مسألة 103): لو انتفت القدرة على التسليم في زمان استحقاقه، لكن علم
بحصولها بعده، فإن كانت المدة يسيرة صح، وإذا كانت طويلة لا يتسامح بها، فإن
كانت مضبوطة كسنة أو أكثر فالظاهر الصحة مع علم المشتري بها وكذا مع جهله

(1) في جواز تملكها لغير الشيعة اشكال.
36

بها، (1) لكن يثبت الخيار للمشتري، وإن كانت غير مضبوطة فالظاهر البطلان،
كما لو باعه دابة غائبة يعلم بحضورها لكن لا يعلم زمانه.
(مسألة 104): إذا كان العاقد هو المالك فالاعتبار بقدرته، وإن كان وكيلا في
إجراء الصيغة فقط فالاعتبار بقدرة المالك، وإن كان وكيلا في المعاملة كعامل
المضاربة، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالك فيكفي قدرة أحدهما على التسليم في
صحة المعاملة، فإذا لم يقدرا بطل البيع.
(مسألة 105): يجوز بيع العبد الآبق مع الضميمة، إذا كانت ذات قيمة معتد بها.
الفصل الرابع
الخيارات
الخيار حق يقتضي السلطنة على فسخ العقد برفع مضمونه وهو أقسام:
(الأول): خيار المجلس:
أي مجلس البيع فإنه إذا وقع البيع كان لكل من البائع والمشتري الخيار في
المجلس ما لم يفترقا، فإذا افترقا - عرفا - لزم البيع وانتفى الخيار، ولو كان المباشر
للعقد الوكيل كان الخيار للمالك، فإن الوكيل وكيل في إجراء الصيغة فقط، وليس له
الفسخ عن المالك، ولو كان وكيلا في تمام المعاملة وشؤونها كان له الفسخ عن المالك،
والمدار على اجتماع المباشرين وافتراقهما لا المالكين، ولو فارقا المجلس مصطحبين
بقي الخيار لهما حتى يفترقا، ولو كان الموجب والقابل واحدا وكالة عن المالكين أو
ولاية عليهما، ففي ثبوت الخيار إشكال، بل الاظهر العدم.

(1) الصحة مع الجهل محل اشكال.
37

(مسألة 106): هذا الخيار يختص بالبيع ولا يجري في غيره من المعاوضات.
(مسألة 107): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في العقد، كما يسقط بإسقاطه
بعد العقد.
(الثاني): خيار الحيوان:
كل من اشترى حيوانا - إنسانا كان أو غيره - ثبت له الخيار ثلاثة أيام،
مبدؤها زمان العقد، وإذا كان العقد في أثناء النهار لفق المنكسر من اليوم الرابع،
والليلتان المتوسطتان داخلتان في مدة الخيار، وكذا الليلة الثالثة في صورة تلفيق
المنكسر، وإذا لم يفترق المتبايعان حتى مضت ثلاثة أيام سقط خيار الحيوان، وبقي
خيار المجلس.
(مسألة 108): يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه في متن العقد، كما يسقط
بإسقاطه بعده، وبالتصرف في الحيوان تصرفا يدل على إمضاء العقد واختيار عدم
الفسخ. (1)
(مسألة 109): يثبت هذا الخيار للبائع أيضا، إذا كان الثمن حيوانا.
(مسألة 110): يختص هذا الخيار أيضا بالبيع، ولا يثبت في غيره من
المعاوضات.
(مسألة 111): إذا تلف الحيوان قبل القبض أو بعده في مدة الخيار كان تلفه من
مال البائع، ورجع المشتري عليه بالثمن إذا كان دفعه إليه.
(مسألة 112): إذا طرأ عيب في الحيوان من غير تفريط من المشتري لم يمنع من

(1) أو أحدث فيها حدثا عرفا كأنعال الدابة، أو شرعا كالنظر إلى ما كان يحرم
عليه قبل شراء الجارية.
38

الفسخ والرد، وإن كان بتفريط منه سقط خياره.
(الثالث): خيار الشرط:
والمراد به الخيار المجعول باشتراطه في العقد، إما لكل من المتعاقدين أو
لأحدهما بعينه، أو لأجنبي.
(مسألة 113): لا يتقدر هذا الخيار بمدة معينة، بل يجوز اشتراطه في أي مدة
كانت قصيرة أو طويلة، متصلة أو منفصلة عن العقد، نعم لا بد من تعيين مبدأها
وتقديرها بقدر معين، ولو ما دام العمر، فلا يجوز جعل الخيار بلا مدة، ولا جعله مدة
غير محدودة قابلة للزيادة والنقيصة وموجبة للغرر، وإلا بطل العقد. (1)
(مسألة 114): إذا جعل الخيار شهرا كان الظاهر منه المتصل بالعقد، وكذا
الحكم في غير الشهر من السنة أو الأسبوع أو نحوهما، وإذا جعل الخيار شهرا مرددا
بين الشهور احتمل البطلان من جهة عدم التعيين، لكن الظاهر الصحة، فإن مرجع
ذلك هو جعل الخيار في تمام تلك الشهور.
(مسألة 115): لا يجوز اشتراط الخيار في الايقاعات، كالطلاق والعتق، ولا في
العقود الجائزة، كالوديعة والعارية، ويجوز اشتراطه في العقود اللازمة عدا النكاح،
وفي جواز اشتراطه في الصدقة وفي الهبة اللازمة وفي الضمان إشكال، وإن كان
الاظهر عدم الجواز في الأخير (2) والجواز في الثاني.
(مسألة 116): يجوز اشتراط الخيار للبائع في مدة معينة متصلة بالعقد، أو
منفصلة عنه، على نحو يكون له الخيار في حال رد الثمن بنفسه مع وجوده أو ببدله مع

(1) إذا كان الغرر موجبا لبطلانه.
(2) فيه تفصيل يأتي في المسألة (854).
39

تلفه، ويسمى بيع الخيار فإذا مضت مدة الخيار لزم البيع وسقط الخيار وامتنع
الفسخ، وإذا فسخ في المدة من دون رد الثمن أو بدله مع تلفه لا يصح الفسخ، وكذا لو
فسخ قبل المدة، فلا يصح الفسخ إلا في المدة المعينة في حال رد الثمن أو رد بدله مع
تلفه، ثم إن الفسخ إما أن يكون بإنشاء مستقل في حال الرد، مثل فسخت ونحوه، أو
يكون بنفس الرد، على أن يكون إن شاء الفسخ بالفعل وهو الرد، لا بقوله: فسخت
ونحوه.
(مسألة 117): المراد من رد الثمن إحضاره عند المشتري وتمكينه منه، فلو
أحضره كذلك جاز له الفسخ وإن امتنع المشتري من قبضه.
(مسألة 118): الظاهر أنه يجوز اشتراط الفسخ في تمام المبيع برد بعض الثمن، كما
يجوز اشتراط الفسخ في بعض المبيع بذلك.
(مسألة 119): إذا تعذر تمكين المشتري من الثمن لغيبة، أو جنون، أو نحوهما مما
يرجع إلى قصور فيه فالظاهر أنه يكفي في صحة الفسخ تمكين وليه ولو كان الحاكم
الشرعي أو وكيله، فإذا مكنه من الثمن جاز له الفسخ.
(مسألة 120): نماء المبيع من زمان العقد إلى زمان الفسخ للمشتري، كما أن نماء
الثمن للبائع.
(مسألة 121): لا يجوز للمشتري فيما بين العقد إلى انتهاء مدة الخيار التصرف
الناقل للعين من هبة أو بيع أو نحو هما، ولو تلف المبيع كان ضمانه على المشتري،
ولا يسقط بذلك خيار البائع، إلا إذا كان المقصود من الخيار المشروط خصوص
الخيار في حال وجود العين، بحيث يكون الفسخ موجبا لرجوعها نفسها إلى البائع،
لكن الغالب الأول.
(مسألة 122): إذا كان الثمن المشروط رده دينا في ذمة البائع كما إذا كان
40

للمشتري دين في ذمة البائع فباعه بذلك الدين، واشترط الخيار مشروطا برده كفي
في رده إعطاء فرد منه، وإذا كان الثمن عينا في يد البائع فالظاهر ثبوت الخيار في
حال دفعها للمشتري، وإذا كان الثمن كليا في ذمة المشتري فدفع منه فردا إلى البائع
بعد وقوع البيع فالظاهر كفاية رد فرد آخر في صحة الفسخ.
(مسألة 123): لو اشترى الولي شيئا للمولى عليه ببيع الخيار، فارتفع حجره
قبل انقضاء المدة كان الفسخ مشروطا برد الثمن إليه، ولا يكفي الرد إلى وليه، ولو
اشترى أحد الوليين كالأب ببيع الخيار جاز الفسخ بالرد إلى الولي الأخر كالجد، إلا
أن يكون المشروط الرد إلى خصوص الولي المباشر للشراء.
(مسألة 124): إذا مات البائع - قبل إعمال الخيار - انتقل الخيار إلى ورثته،
فلهم الفسخ بردهم الثمن إلى المشتري، ويشتركون في المبيع على حساب سهامهم،
ولو امتنع بعضهم عن الفسخ لم يصح للبعض الأخر الفسخ، لا في تمام المبيع ولا في
بعضه، ولو مات المشتري كان للبائع الفسخ برد الثمن إلى ورثته.
(مسألة 125): يجوز اشتراط الخيار في الفسخ للمشتري برد المبيع إلى البائع،
والظاهر منه رد نفس العين، فلا يكفي رد البدل حتى مع تلفها إلا أن تقوم قرينة على
إرادة ما يعم رد البدل عند التلف، كما يجوز أيضا اشتراط الخيار لكل منهما عند رد
ما انتقل إليه بنفسه أو ببدله عند تلفه.
(مسألة 126): لا يجوز اشتراط الخيار في الفسخ برد البدل مع وجود العين، بلا
فرق بين رد الثمن ورد المثمن، وفي جواز اشتراطه برد القيمة في المثلي، أو المثل في
القيمي مع التلف اشكال، وإن كان الاظهر أيضا العدم.
(مسألة 127): يسقط هذا الخيار، بانقضاء المدة المجعولة له، مع عدم الرد
وبإسقاطه بعد العقد.
41

(الرابع): خيار الغبن:
إذا باع بأقل من قيمة المثل، ثبت له الخيار، وكذا إذا اشترى بأكثر من قيمة
المثل، ولا يثبت هذا الخيار للمغبون إذا كان عالما بالحال.
(مسألة 128): يشترط في ثبوت الخيار للمغبون أن يكون التفاوت موجبا
للغبن عرفا، بأن يكون مقدارا لا يتسامح به عند غالب الناس، فلو كان جزئيا غير
معتد به لقلته لم يوجب الخيار، وحده بعضهم بالثلث وآخر بالربع وثالث بالخمس،
ولا يبعد اختلاف المعاملات في ذلك فالمعاملات التجارية المبنية على المماكسة
الشديدة يكفي في صدق الغبن فيها العشر بل نصف العشر، وأما المعاملات العادية
فلا يكفي فيها ذلك، والمدار على ما عرفت من عدم المسامحة الغالبية.
(مسألة 129): الظاهر كون الخيار المذكور ثابتا من حين العقد لا من حين
ظهور الغبن فلو فسخ قبل ظهور الغبن صح فسخه مع ثبوت الغبن واقعا.
(مسألة 130): ليس للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت وترك الفسخ، ولو بذل له
الغابن التفاوت لم يجب عليه القبول بل يتخير بين فسخ البيع من أصله وامضائه بتمام
الثمن المسمى، نعم لو تصالحا على إسقاط الخيار بمال صح الصلح وسقط الخيار
ووجب على الغابن دفع عوض المصالحة.
يسقط الخيار المذكور بأمور:
الأول: إسقاطه بعد العقد وإن كان قبل ظهور الغبن، ولو أسقطه بزعم كون
التفاوت عشرة فتبين كونه مائة فإن كان التفاوت بالأقل ملحوظا قيدا بطل
الاسقاط، وإن كان ملحوظا من قبيل الداعي كما هو الغالب صح، وكذا الحال لو
صالحه عليه بمال.
42

الثاني: اشتراط سقوطه في متن العقد وإذا اشترط سقوطه بزعم كونه عشرة
فتبين أنه مائة جرى فيه التفصيل السابق.
الثالث: تصرف المغبون - بائعا كان أو مشتريا فيما انتقل إليه - تصرفا يدل على
الالتزام بالعقد، هذا إذا كان بعد العلم بالغبن، أما لو كان قبله فالمشهور عدم السقوط
به ولا يخلو من تأمل، بل البناء على السقوط به - لو كان دالا على الالتزام بالعقد -
لا يخلو من وجه، نعم إذا لم يدل على ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل
بالغبن فلا يسقط الخيار به ولو كان متلفا للعين أو مخرجا لها عن الملك أو مانعا عن
الاسترداد كالاستيلاد.
(مسألة 131): إذا ظهر الغبن للبائع المغبون ففسخ البيع، فإن كان المبيع موجودا
عند المشتري استرده منه، وإن كان تالفا بفعله أو بغير فعله رجع بمثله إن كان مثليا،
وبقيمته إن كان قيميا، وإن وجده معيبا بفعله أو بغير فعله أخذه مع أرش العيب،
وإن وجده خارجا عن ملك المشتري بأن نقله إلى غيره بعقد لازم كالبيع والهبة
المعوضة أو لذي الرحم، فالظاهر أنه بحكم التالف فيرجع عليه بالمثل أو القيمة،
وليس له إلزام المشتري بارجاع العين بشرائها أو استيهابها، بل لا يبعد ذلك لو نقلها
بعقد جائز كالهبة والبيع بخيار، فلا يجب عليه الفسخ وارجاع العين، بل لو اتفق
رجوع العين إليه بإقالة أو شراء أو ميراث أو غير ذلك بعد دفع البدل من المثل أو
القيمة لم يجب عليه دفعها إلى المغبون، نعم لو كان رجوع العين إليه قبل دفع البدل
وجب ارجاعها إليه، وأولى منه في ذلك لو كان رجوعها إليه قبل فسخ المغبون، بلا
فرق بين أن يكون الرجوع بفسخ العقد السابق وأن يكون بعقد جديد، فإنه يجب
عليه دفع العين نفسها إلى الفاسخ المغبون، ولا يجتزي بدفع البدل من المثل أو القيمة،
وإذا كانت العين باقية عند المشتري حين فسخ البائع المغبون، لكنه قد نقل منفعتها
43

إلى غيره بعقد لازم كالإجارة اللازمة أو جائز كالإجارة المشروط فيها الخيار
لم يجب عليه الفسخ أو الاستقالة مع إمكانها، بل يدفع العين وأرش النقصان الحاصل
بكون العين مسلوبة المنفعة مدة الإجارة.
(مسألة 132): إذا فسخ البائع المغبون وكان المشتري قد تصرف في المبيع
تصرفا مغيرا له، فإما أن يكون بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج بغيره، فإن كان
بالنقيصة أخذ البائع من المشتري المبيع مع أرش النقيصة.
وإن كان بالزيادة فإما أن تكون الزيادة صفة محضة كطحن الحنطة وصياغة
الفضة وقصارة الثوب، وإما أن تكون صفة مشوبة بالعين كصبغ الثوب، وإما أن
تكون عينا غير قابلة للفصل كسمن الحيوان ونمو الشجرة أو قابلة للفصل كالثمرة
والبناء والغرس والزرع، فإن كانت صفة محضة أو صفة مشوبة بالعين، فإن لم تكن
لها مالية لعدم زيادة قيمة العين بها فالمبيع للبائع ولا شئ للمشتري، وكذا إن كانت
لها مالية ولم تكن بفعل المشتري، (1) كما إذا اشترى منه عصى عوجاء فاعتدلت
أو خلا قليل الحموضة فزادت حموضته، وإن كانت لها مالية وكانت بفعل المشتري،
فلكون الصفة للمشتري وشركته مع الفاسخ بالقيمة وجه، (2) لكنه ضعيف،
والأظهر أنه لا شئ للمشتري، وإن كانت الزيادة عينا فإن كانت غير قابلة
للانفصال كسمن الحيوان ونمو الشجرة فلا شئ للمشتري أيضا، وإن كانت قابلة
للانفصال كالصوف واللبن والشعر والثمر والبناء والزرع كانت الزيادة للمشتري،
وحينئذ فإن لم يلزم من فصل الزيادة ضرر على المشتري حال الفسخ كان للبائع

(1) فيه اشكال فلا يترك الاحتياط بالصلح.
(2) وهو الأقرب فيه وفي الزيادة العينية غير القابلة للانفصال.
44

إلزام المشتري بفصلها كاللبن والثمر، بل له ذلك وإن لزم الضرر على المشتري من
فصلها، وإذا أراد المشتري فصلها فليس للبائع منعه عنه، وإذا أراد المشتري فصل
الزيادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء فحدث من ذلك نقص على الأرض
تداركه، فعليه طم الحفر وتسوية الأرض ونحو ذلك.
وإن كان بالامتزاج بغير الجنس فحكمه حكم التالف يضمنه المشتري ببدله من
المثل أو القيمة سواء عد المبيع مستهلكا عرفا كامتزاج ماء الورد المبيع بالماء، أم
لم يعد مستهلكا بل عد موجودا على نحو المزج، مثل خلط الخل بالعسل أو السكر،
فإن الفاسخ بفسخه يملك الخل مثلا، والمفروض أنه لا وجود له وإنما الموجود طبيعة
ثالثة حصلت من المزج، فلا مناص من الضمان بالمثل أو القيمة، بل الحال كذلك في
الخلط بجنسه كخلط السمن بالسمن سواء كان الخلط بمثله أو كان بالأجود والأردأ،
فإن اللازم بعد الفسخ رد شخص المبيع، فإن لم يمكن من جهة المزج وجب رد بدله
من المثل أو القيمة.
(مسألة 133): إذا فسخ المشتري المغبون وكان قد تصرف في المبيع تصرفا غير
مسقط لخياره لجهله بالغبن، فتصرفه أيضا تارة لا يكون مغيرا للعين وأخرى يكون
مغيرا لها بالنقيصة أو الزيادة أو بالمزج، وتأتي فيه الصور المتقدمة وتجري عليه
أحكامها، وهكذا لو فسخ المشتري المغبون وكان البائع قد تصرف في الثمن أو فسخ
البائع المغبون وكان هو قد تصرف في الثمن تصرفا غير مسقط لخياره فإن حكم
تلف العين ونقل المنفعة ونقص العين وزيادتها ومزجها بغيرها وحكم سائر الصور
التي ذكرناها هناك جار هنا على نهج واحد.
(مسألة 134): الظاهر أن الخيار في الغبن ليس على الفور، فلو أخر إن شاء
الفسخ عالما عامدا لانتظار حضور الغابن أو حضور من يستشيره في الفسخ وعدمه
45

ونحو ذلك من الأغراض الصحيحة لم يسقط خياره، فضلا عما لو أخره جاهلا بالغبن
أو بثبوت الخيار للمغبون أو غافلا عنه أو ناسيا له، فيجوز له الفسخ إذا علم أو
التفت.
(مسألة 135): الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاملة مبنية على المماكسة
صلحا كانت أو إجارة أو غيرهما.
(مسألة 136): إذا اشترى شيئين صفقة بثمنين كعبد بعشرة وفرس بعشرة وكان
مغبونا في شراء الفرس جاز له الفسخ ويكون للبائع الخيار في بيع العبد.
(مسألة 137): إذا تلف ما في يد الغابن بفعله أو بأمر سماوي وكان قيميا ففسخ
المغبون رجع عليه بقيمة التالف، وفي كونها قيمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو
زمان الأداء وجوه، أقواها الثاني، ولو كان التلف باتلاف المغبون لم يرجع عليه
بشئ، ولو كان باتلاف أجنبي ففي رجوع المغبون بعد الفسخ على الغابن أو على
الأجنبي أو يتخير في الرجوع على أحدهما وجوه، أقواها الأول، ويرجع الغابن
على الأجنبي، وكذا الحكم لو تلف ما في يد المغبون ففسخ بعد التلف فإنه إن كان
التلف بفعل الغابن لم يرجع على المغبون بشئ، وإن كان بآفة سماوية أو بفعل المغبون
أو بفعل أجنبي رجع على المغبون بقيمة يوم الفسخ ورجع المغبون على الأجنبي إن
كان هو المتلف، وحكم تلف الوصف الموجب للأرش حكم تلف العين.
(الخامس): خيار التأخير:
إطلاق العقد يقتضي أن يكون تسليم كل من العوضين فعليا، فلو امتنع أحد
الطرفين عنه أجبر عليه، فإن لم يسلم كان للطرف الآخر فسخ العقد، بل لا يبعد
جواز الفسخ عند الامتناع قبل الاجبار أيضا، ولا يختص هذا الخيار بالبيع بل يجري
46

في كل معاوضة، ويختص البيع بخيار وهو المسمى بخيار التأخير، ويتحقق فيما إذا باع
سلعة ولم يقبض الثمن ولم يسلم المبيع حتى يجئ المشتري بالثمن، فإنه يلزم البيع ثلاثة
أيام فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة، وإلا فللبائع فسخ البيع، ولو تلفت
السلعة كانت من مال البائع سواء أكان التلف في الثلاثة أم بعدها، حال ثبوت الخيار
وبعد سقوطه.
(مسألة 138): الظاهر أن قبض بعض الثمن كلا قبض، وكذا قبض بعض المبيع.
(مسألة 139): المراد بالثلاثة أيام، الأيام البيض ويدخل فيها الليلتان
المتوسطتان دون غيرهما، ويجزي في اليوم الملفق كما تقدم في مدة خيار الحيوان.
(مسألة 140): يشترط في ثبوت الخيار المذكور عدم اشتراط تأخير تسليم
أحد العوضين وإلا فلا خيار.
(مسألة 141): لا إشكال في ثبوت الحكم المذكور فيما لو كان المبيع شخصيا، وفي
ثبوته إذا كان كليا في الذمة قولان، فالأحوط وجوبا عدم الفسخ بعد الثلاثة إلا
برضى الطرفين.
(مسألة 142): ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر والبقول واللحم في بعض
الأوقات يثبت الخيار فيه عند دخول الليل، فإذا فسخ جاز له أن يتصرف في المبيع
كيف يشاء، ويختص هذا الحكم بالمبيع الشخصي.
(مسألة 143): يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الثلاثة، وفي سقوطه باسقاطه
قبلها، وباشتراط سقوطه في ضمن العقد اشكال، والأظهر السقوط، والظاهر عدم
سقوطه ببذل المشتري الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع، ولا بمطالبة البائع للمشتري
بالثمن، نعم الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجري على المعاملة لا بعنوان
العارية أو الوديعة، ويكفي ظهور الفعل في ذلك ولو بواسطة بعض القرائن.
47

(مسألة 144): في كون هذا الخيار على الفور أو التراخي قولان: أقواهما
الثاني.
(السادس): خيار الرؤية:
ويتحقق فيما لو رأى شيئا ثم اشتراه فوجده على خلاف ما رآه، أو اشترى
موصوفا غير مشاهد فوجده على خلاف الوصف، فإن للمشتري الخيار بين الفسخ
والامضاء.
(مسألة 145): لا فرق في الوصف الذي يكون تخلفه موجبا للخيار بين وصف
الكمال الذي تزيد به المالية لعموم الرغبة فيه وغيره إذا اتفق تعلق غرض للمشتري
به، سواء أكان على خلاف الرغبة العامة مثل كون العبد أميا لا كاتبا ولا قارئا أم كان
مرغوبا فيه عند قوم ومرغوبا عنه عند قوم آخرين، مثل اشتراط كون القماش
أصفر لا أسود.
(مسألة 146): الخيار هنا بين الفسخ والرد وبين ترك الفسخ وإمساك العين
مجانا، وليس لذي الخيار المطالبة بالأرش لو ترك الفسخ، كما أنه لا يسقط الخيار
ببذل البائع الأرش ولا بإبدال العين بعين أخرى واجدة للوصف.
(مسألة 147): كما يثبت الخيار للمشتري عند تخلف الوصف يثبت للبائع عند
تخلف الوصف إذا كان قد رأى المبيع سابقا فباعه بتخيل أنه على ما رآه فتبين
خلافه، أو باعه بوصف غيره فانكشف خلافه.
(مسألة 148): المشهور أن هذا الخيار على الفور ولكن الأقرب عدمه.
(مسألة 149): يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد الرؤية بل قبلها، وبالتصرف بعد
الرؤية إذا كان دالا على الالتزام بالعقد وكذا قبل الرؤية إذا كان كذلك، وفي جواز
اشتراط سقوطه في ضمن العقد وجهان، أقواهما ذلك فيسقط به.
48

(مسألة 150): مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية ولا يجري في بيع الكلي،
فلو باع كليا موصوفا ودفع إلى المشتري فردا فاقدا للوصف لم يكن للمشتري
الخيار، وإنما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف، نعم لو كان المبيع كليا في المعين كما لو
باعه صاعا من هذه الصبرة الجيدة فتبين الخلاف كان له الخيار.
(السابع): خيار العيب:
وهو فيما لو اشترى شيئا فوجد فيه عيبا فإن له الخيار بين الفسخ برد المعيب
وإمضاء البيع فإن لم يمكن الرد جاز له الامساك والمطالبة بالأرش ولا فرق في ذلك
بين المشتري والبائع، فلو وجد البائع عيبا في الثمن كان له الخيار المذكور.
(مسألة 151): يسقط هذا الخيار بالالتزام بالعقد، بمعنى اختيار عدم الفسخ،
ومنه التصرف في المعيب تصرفا يدل على اختيار عدم الفسخ.
موارد جواز طلب الأرش
لا يجوز فسخ العقد بالعيب في موارد وإنما يتعين جواز المطالبة بالأرش فيها:
الأول: تلف العين.
الثاني: خروجها عن الملك ببيع أو عتق أو هبة أو نحو ذلك.
الثالث: التصرف الخارجي في العين الموجب لتغيير العين، مثل تفصيل الثوب
وصبغه وخياطته ونحوها.
الرابع: التصرف الاعتباري إذا كان كذلك، مثل إجارة العين ورهنها.
الخامس: حدوث عيب فيه بعد قبضه من البائع ففي جميع هذه الموارد ليس له
فسخ العقد برده، نعم يثبت له الأرش إن طالبه، نعم إذا كان حدوث عيب آخر في
زمان خيار آخر للمشتري كخيار الحيوان مثلا جاز رده.
49

(مسألة 152): يسقط الأرش دون الرد فيما لو كان العيب لا يوجب نقصا في
المالية كالخصاء في العبيد إذا اتفق تعلق غرض نوعي به بحيث صارت قيمة الخصي
تساوي قيمة الفحل، وإذا اشترى ربويا بجنسه فظهر عيب في أحدهما، قيل:
لا أرش حذرا من الربا، لكن الأقوى جواز أخذ الأرش.
يسقط الرد والأرش بأمرين:
الأول: العلم بالعيب قبل العقد.
الثاني: تبرؤ البائع من العيوب بمعنى اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن
أو الأرش.
(مسألة 153): الأقوى أن هذا الخيار أيضا ليس على الفور.
(مسألة 154): المراد من العيب ما كان على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية
سواء أكان نقصا مثل العور والعمى والصمم والخرس والعرج ونحوها، أم زيادة مثل
الإصبع الزائد واليد الزائدة، أما ما لم يكن على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية لكنه
كان عيبا عرفا مثل كون الأرض موردا لنزول العساكر ففي كونه عيبا بحيث يثبت
الأرش إشكال، وإن كان الثبوت هو الاظهر.
(مسألة 155): إذا كان العيب موجودا في أغلب أفراد ذلك الصنف مثل الثيبوبة
في الإماء، فالظاهر عدم جريان حكم العيب عليه.
(مسألة 156): لا يشترط في العيب أن يكون موجبا لنقص المالية، نعم لا يثبت
الأرش إذا لم يكن كذلك كما تقدم.
(مسألة 157): كما يثبت الخيار بالعيب الموجود حال العقد كذلك يثبت بالعيب
الحادث بعده قبل القبض فيجوز رد العين به، وفي جواز أخذ الأرش به قولان،
أظهرهما عدم الجواز إذا لم يكن العيب بفعل المشتري وإلا فلا أثر له.
50

(مسألة 158): يثبت خيار العيب في الجنون والجذام والبرص والقرن إذا
حدث بعد العقد إلى انتهاء السنة من تاريخ الشراء.
(مسألة 159): كيفية أخذ الأرش أن يقوم المبيع صحيحا ثم يقوم معيبا
وتلاحظ النسبة بينهما، ثم ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة، فإذا قوم صحيحا
بثمانية ومعيبا بأربعة وكان الثمن أربعة ينقص من الثمن النصف، وهو اثنان، وهكذا،
ويرجع في معرفة قيمة الصحيح والمعيب إلى أهل الخبرة وتعتبر فيهم الأمانة
والوثاقة.
(مسألة 160): إذا اختلف أهل الخبرة في قيمة الصحيح والمعيب، فإن اتفقت
النسبة بين قيمتي الصحيح والمعيب على تقويم بعضهم مع قيمتهما على تقويم البعض
الأخر فلا إشكال، كما إذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بأربعة وبعضهم
الصحيح بستة والمعيب بثلاثة، فإن التفاوت على كل من التقويمين يكون بالنصف
فيكون الأرش نصف الثمن، وإذا اختلفت النسبة كما إذا قوم بعضهم الصحيح بثمانية
والمعيب بأربعة وبعضهم الصحيح بثمانية والمعيب بستة ففيه وجوه وأقوال، والذي
تقتضيه القواعد لزوم الاخذ بقول أقواهم خبرة، (1) والأحوط التصالح.
(مسألة 161): إذا اشترى شيئين بثمنين صفقة، فظهر عيب في أحدهما كان له
الخيار في رد المعيب وحده، فإن اختار الرد كان للبائع الفسخ في الصحيح، وكذا إذا
اشترى شيئين بثمن واحد، لكن ليس له رد المعيب وحده، بل يردهما معا على
تقدير الفسخ.
(مسألة 162): إذا اشترك شخصان في شراء شئ فوجداه معيبا جاز لأحدهما

(1) ومع عدم كون بعضهم أقوى خبرة يؤخذ بالأقل.
51

الفسخ في حصته ويثبت الخيار للبائع حينئذ على تقدير فسخه.
(مسألة 163): لو زال العيب قبل ظهوره للمشتري فالأظهر عدم سقوط
الخيار، فيجوز له الرد مع إمكانه، وإلا طالب بالأرش.
تذنيب في أحكام الشرط
كما يجب الوفاء بالعقد اللازم يجب الوفاء بالشرط المجعول فيه، كما إذا باعه
فرسا بثمن معين واشترط عليه أن يخيط له ثوبه فإن البائع يستحق على المشتري
الخياطة بالشرط، فتجب عليه خياطة ثوب البائع.
ويشترط في وجوب الوفاء بالشرط أمور:
منها: أن لا يكون مخالفا للكتاب والسنة، ويتحقق هذا في موردين:
الأول: أن يكون العمل بالشرط غير مشروع في نفسه، كما إذا استأجره للعمل في
نهار شهر رمضان بشرط أن يفطر أو يبيعه شيئا بشرط أن يرتكب محرما من
المحرمات الإلهية.
الثاني: أن يكون الشرط بنفسه مخالفا لحكم شرعي كما إذا زوجه أمته بشرط أن
يكون ولدها رقا، أو باعه أو وهبه مالا بشرط أن لا يرثه منه ورثته أو بعضهم
وأمثال ذلك، فإن الشرط في جميع هذه الموارد باطل.
ومنها: أن لا يكون منافيا لمقتضى العقد كما إذا باعه بشرط أن لا يكون له ثمن أو
آجره الدار بشرط أن لا تكون لها أجرة.
ومنها: أن يكون مذكورا في ضمن العقد صريحا أو ضمنا كما إذا قامت القرينة
على كون العقد مبنيا عليه ومقيدا به إما لذكره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفي مثل
اشتراط التسليم حال استحقاق التسليم فلو ذكر قبل العقد ولم يكن العقد مبنيا عليه
52

عمدا أو سهوا لم يجب الوفاء به.
ومنها: أن يكون مقدورا عليه بل لو علم عدم القدرة لم يمكن إن شاء الالتزام به.
(مسألة 164): لا بأس بأن يبيع ماله ويشترط على المشتري بيعه منه ثانيا ولو
بعد حين، نعم لا يجوز ذلك (1) فيما إذا اشترط على المشتري أن يبيعه بأقل مما
اشتراه أو يشترط المشتري على البائع بأن يشتريه بأكثر مما باعه، والبيع في هذين
الفرضين محكوم بالبطلان.
(مسألة 165): لا يعتبر في صحة الشرط أن يكون منجزا، بل يجوز فيه التعليق
كما إذا باع داره وشرط على المشتري أن يكون له السكنى فيها شهرا إذا لم يسافر،
بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول أيضا إلا إذا كانت الجهالة موجبة لان يكون
البيع غرريا فيفسد البيع حينئذ.
(مسألة 166): الظاهر أن فساد الشرط لا يسري إلى العقد المشروط فيه فيصح
العقد (2) ويلغو الشرط.
(مسألة 167): إذا امتنع المشروط عليه من فعل الشرط جاز للمشروط له
اجباره عليه، والظاهر أن خياره غير مشروط بتعذر اجباره، بل له الخيار عند
مخالفته وعدم اتيانه بما اشترط عليه حتى مع التمكن من الاجبار.
(مسألة 168): إذا لم يتمكن المشروط عليه من فعل الشرط كان للمشروط له
الخيار في الفسخ، وليس له المطالبة بقيمة الشرط سواء كان عدم التمكن لقصور فيه،

(1) فيما إذا باعه نسيئة واشترط عليه أن يبيعه بأقل مما اشتراه نقدا، وفي غير هذه
الصورة مما ذكر في المتن فعلى الأحوط.
(2) إلا أن في لزومه اشكالا.
53

كما لو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه، أو كان لقصور في موضوع الشرط، كما لو
اشترط عليه خياطة ثوب فتلف الثوب، وفي الجميع له الخيار لا غير.
الفصل الخامس
أحكام الخيار
الخيار حق من الحقوق، فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه، ويحرم منه من
يحرم من إرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق، ويحجب عنه ما يحجب عن إرث المال،
ولو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقا بمال يحرم منه الوارث - كالحبوة المختصة بالذكر
الأكبر والأرض التي لا ترث منها الزوجة - ففي حرمان ذلك الوارث من إرث
الخيار وعدمه أقوال، أقربها عدم حرمانه (1) والخيار لجميع الورثة، فلو باع
الميت أرضا وكان له الخيار أو كان قد اشترى أرضا وكان له الخيار ورثت منه
الزوجة كغيرها من الورثة.
(مسألة 169): إذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم بدون
انضمام الباقين إليه في تمام المبيع ولا في حصته إلا إذا رضي من عليه الخيار فيصح في
حصته.
(مسألة 170): إذا فسخ الورثة بيع مورثهم، فإن كان عين الثمن موجودا دفعوه
إلى المشتري وإن كان تالفا أو بحكمه أخرج من تركة الميت كسائر ديونه.
(مسألة 171): لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات لم ينتقل الخيار إلى وارثه.
(مسألة 172): إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع،

(1) في عدم حرمانه مع حرمانه من المال اشكال قوى.
54

وكذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط إذا كان الخيار للمشتري، أما
إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالأظهر أنه من مال
المشتري.
الفصل السادس
ما يدخل في المبيع
من باع شيئا دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره، ويعرف
قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعا أو بالقرينة العامة أو الخاصة، فمن باع بستانا
دخل فيه الأرض والشجر والنخل والطوف والبئر والناعور والحضيرة ونحوها مما
هو من أجزائها أو توابعها، أما من باع أرضا فلا يدخل فيها الشجر والنخل
الموجودان، وكذا لا يدخل الحمل في بيع الام ولا الثمرة في بيع الشجرة، نعم إذا باع
نخلا فإن كان التمر مؤبرا فالتمر للبائع، وإن لم يكن مؤبرا فهو للمشتري، ويختص هذا
الحكم ببيع النخل، أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر
فالثمر فيه للبائع مطلقا وإن لم يكن مؤبرا، هذا إذا لم تكن قرينة على دخول الثمر في
بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة، أما إذا قامت القرينة على
ذلك وإن كانت هي التعارف الخارجي عمل عليها وكان جميع ذلك للمشتري.
(مسألة 173): إذا باع الشجر وبقي الثمر للبائع مع اشتراط بقائه واحتاج الشجر
إلى السقي جاز للبائع سقيه وليس للمشتري منعه، وإذا لم يحتج إلى السقي لم يجب
على البائع سقيه وإن أمره المشتري بذلك، ولو تضرر أحدهما بالسقي والاخر بتركه
ففي تقديم حق البائع أو المشتري وجهان بل قولان، أرجحهما الأول إن اشترط
الابقاء وإلا فالأرجح الثاني.
55

(مسألة 174): إذا باع بستانا واستثنى نخلة مثلا فله الممر إليها والمخرج منها
ومدى جرائدها وعروقها من الأرض وليس للمشتري منع شئ من ذلك.
(مسألة 175): إذا باع دارا دخل فيها الأرض والبناء الاعلى والأسفل إلا أن
يكون الاعلى مستقلا من حيث المدخل والمخرج فيكون ذلك قرينة على عدم
دخوله، وكذا يدخل في بيع الدار السراديب والبئر والأبواب والاخشاب الداخلة
في البناء وكذا السلم المثبت، بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل وشجر وأسلاك
كهربائية وأنا بيب الماء ونحو ذلك مما يعد من توابع الدار حتى مفتاح الغلق، فإن ذلك
كله داخل في المبيع إلا مع الشرط.
(مسألة 176): الاحجار المخلوقة في الأرض والمعادن المتكونة فيها تدخل في
بيعها إذا كانت تابعة للأرض عرفا، وأما إذا لم تكن تابعة لها كالمعادن المكنونة في
جوف الأرض فالظاهر أنها غير مملوكة لاحد ويملكها من يخرجها، وكذلك
لا تدخل في بيع الأرض الاحجار المدفونة فيها والكنوز المودعة فيها ونحوها.
الفصل السابع
التسليم والقبض
يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير،
ولا يجوز لواحد منهما التأخير مع الامكان إلا برضى الأخر، فإن امتنعا أجبرا، ولو
امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع، ولو اشترط أحدهما تأخير التسليم
إلى مدة معينة جاز، وليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذ.
(مسألة 177): يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة أو
زرع الأرض أو نحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة.
56

(مسألة 178): التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول وغيره هو التخلية
بدفع المانع عنه والاذن لصاحبه في التصرف.
(مسألة 179): إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري انفسخ
البيع، وكان تلفه من مال البائع ورجع الثمن إلى المشتري، وكذا إذا تلف الثمن قبل
قبض البائع.
(مسألة 180): يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى
المتقدم في غير المنقولات كالأراضي، وأما في المنقولات فلا بد فيها من الاستيلاء
عليها خارجا مثل أخذ الدرهم والدينار واللباس وأخذ لجام الفرس أو ركوبه.
(مسألة 181): في حكم التلف تعذر الوصول إليه كما لو سرق أو غرق أو نهب
أو أبق العبد أو أفلت الطائر أو نحو ذلك.
(مسألة 182): لو أمر المشتري البائع بتسليم المبيع إلى شخص معين فقبضه كان
بمنزلة قبض المشتري، وكذا لو أمره بإرساله إلى بلده أو غيره فأرسله كان بمنزلة
قبضه، ولا فرق بين تعيين المرسل معه وعدمه.
(مسألة 183): إذا أتلف المبيع البائع أو الأجنبي الذي يمكن الرجوع إليه في
تدارك خسارته فالأقوى صحة العقد، وللمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من
مثل أو قيمة، وهل له الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم إشكال، والأظهر ذلك.
(مسألة 184): إذا حصل للمبيع نماء فتلف الأصل قبل قبض المشتري كان النماء
للمشتري.
(مسألة 185): لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد، كما
تقدم.
(مسألة 186): لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة إلى
57

التالف ورجع إليه ما يخصه من الثمن وكان له الخيار في الباقي.
(مسألة 187): يجب على البائع تفريغ المبيع عما كان فيه من متاع أو غيره، حتى أنه
لو كان مشغولا بزرع لم يأت وقت حصاده وجبت إزالته منه، نعم إذا اشترط
بقاؤه جاز لمالكه إبقاؤه إلى وقت الحصاد، لكن عليه الأجرة إن لم يشترط الابقاء
مجانا، ولو أزال المالك الزرع وبقيت له عروق تضر بالانتفاع بالأرض أو كانت في
الأرض حجارة مدفونة وجب إزالتها وتسوية الأرض، ولو كان شئ لا يمكن
فراغ المبيع منه إلا بتخريب شئ من الأبنية وجب إصلاحه وتعمير البناء.
(مسألة 188): من اشترى شيئا ولم يقبضه فإن كان مما لا يكال ولا يوزن جاز
له بيعه قبل قبضه، وكذا إذا كان مما يكال أو يوزن وكان البيع برأس المال أما لو كان
بربح ففيه قولان، أظهر هما المنع.
الفصل الثامن
النقد والنسيئة
من باع ولم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالا، فللبائع المطالبة به بعد انتهاء
العقد، كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري وليس له الامتناع من أخذه.
(مسألة 189): إذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه
قبل الاجل وإن طالبه به البائع، ولكن يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري
قبله إلا أن تكون قرينة على كون التأجيل حقا للبائع أيضا.
(مسألة 190): يجب أن يكون الاجل معينا لا يتردد فيه بين الزيادة والنقصان
فلو جعل الاجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ الثمر أو نحو ذلك بطل العقد.
(مسألة 191): لو كانت معرفة الأجل محتاجة إلى الحساب مثل أول الحمل أو
58

الميزان فالظاهر البطلان، نعم لو كان الاجل أول الشهر القابل مع التردد في الشهر
الحالي بين الكمال والنقصان فالظاهر الصحة.
(مسألة 192): لو باع شيئا بثمن نقدا وبأكثر منه مؤجلا بأن قال: بعتك الفرس
بعشرة نقدا وبعشرين إلى سنة فقبل المشتري فالمشهور البطلان وهو الاظهر.
(مسألة 193): لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد
فيه مقدارا ليؤخره إلى أجل، وكذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل ليزيد في الأجل،
ويجوز عكس ذلك بأن يعجل المؤجل بنقصان منه على وجه الابراء، بل على وجه
المعاوضة أيضا في غير المكيل والموزون. (1)
(مسألة 194): يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقل الحال في غير ما يكال ويوزن،
وأما فيهما فلا يجوز، لأنه ربا، ولا يجوز للدائن في الدين المؤجل أن يزيد في الاجل
على أن ينقد المدين بعضه قبل حلول الأجل. (2)
(مسألة 195): إذا اشترى شيئا نسيئة جاز شراؤه منه قبل حلول الأجل أو
بعده بجنس الثمن أو بغيره مساويا له أو زائدا عليه أو ناقصا عنه، حالا كان البيع
الثاني أو مؤجلا، نعم إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أن يبيعه عليه
بعد شرائه بأقل مما اشتراه به أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أن يشتريه
منه بأكثر مما اشتراه منه فإن المشهور فيه البطلان، وهو الاظهر. (3)

(1) والذهب والفضة، وفي صحة هذه المعاوضة إذا كان الدين من قبيل الدينار
والتومان بجنسه اشكال، ومنه يظهر ما في اطلاق جواز البيع في المسألة الآتية.
(2) نعم يجوز إذا قال: انقد لي بعضا وأمد لك في الأجل في ما بقي عليك.
(3) فيما إذا اشترط البائع على المشترى، واما إذا كان الشارط هو المشتري ففي
البطلان اشكال.
59

إلحاق
في المساومة والمرابحة والمواضعة والتولية
التعامل بين البائع والمشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشترى به
البائع السلعة وأخرى لا يكون كذلك، والثاني يسمى مساومة، وهذا هو الغالب
المتعارف، والأول تارة يكون بزيادة على رأس المال واخرى بنقيصة عنه وثالثة بلا
زيادة ولا نقيصة، والأول يسمى مرابحة، والثاني مواضعة، والثالث يسمى تولية.
(مسألة 196): لا بد في جميع الأقسام الثلاثة غير المساومة من ذكر الثمن تفصيلا
فلو قال بعتك هذه السلعة برأس مالها وزيادة درهم أو بنقيصة درهم أو بلا زيادة
ولا نقيصة لم يصح حتى يقول: بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به وهو مائة
درهم بزيادة درهم مثلا أو نقيصته أو بلا زيادة ولا نقيصة.
(مسألة 197): إذا قال البائع: بعتك هذه السلعة بمائة درهم وربح درهم في كل
عشرة، فإن عرف المشتري أن الثمن مائة وعشرة دراهم صح البيع، بل الظاهر
الصحة إذا لم يعرف المشتري ذلك حال البيع وعرفه بعد الحساب، وكذلك الحكم في
المواضعة كما إذا قال: بعتك بمائة درهم مع خسران درهم في كل عشرة.
(مسألة 198): إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب على البائع مرابحة أن يخبر
بالأجل فإن أخفى تخير المشتري بين الرد والامساك بالثمن.
(مسألة 199): إذا اشترى جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع أفرادها مرابحة بالتقويم
إلا بعد الاعلام.
(مسألة 200): إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال - كما إذا أخبر أن رأس
ماله مائة وباع بربح عشرة وكان في الواقع رأس المال تسعين - صح البيع، وتخير
60

المشتري بين فسخ البيع وإمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد وهو مائة وعشرة.
(مسألة 201): إذا اشترى سلعة بثمن معين - مثل مائة درهم - ولم يعمل فيها
شيئا كان ذلك رأس مالها وجاز له الاخبار بذلك، أما إذا عمل في السلعة عملا فإن
كان بأجرة جاز ضم الأجرة إلى رأس المال فإذا كانت الأجرة عشرة جاز له أن
يقول بعتك السلعة برأس مالها مائة وعشرة وربح كذا.
(مسألة 202): إن باشر العمل بنفسه وكانت له أجرة لم يجز له أن يضم الأجرة
إلى رأس المال، بل يقول: رأس المال مائة وعملي يساوي كذا وبعتكها بما ذكر وربح
كذا.
(مسألة 203): إذا اشترى معيبا فرجع على البائع بالأرش كان الثمن ما بقي بعد
الأرش، ولو أسقط البائع بعض الثمن تفضلا منه أو مجازاة على الاحسان لم يسقط
ذلك من الثمن، بل رأس المال هو الثمن في العقد.
الفصل التاسع
الربا وهو قسمان
الأول: ما يكون في المعاملة.
الثاني: ما يكون في القرض، ويأتي حكمه في كتاب القرض إن شاء الله تعالى.
أما الأول فهو بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع مائة كيلو
من الحنطة بمائة وعشرين منها، أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة
ودينار، أو زيادة حكمية كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقدا بعشرين كيلو من الحنطة
نسيئة، (1) وهل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات؟ قولان،

(1) إذا كانت الحنطتان متمايزتين وإلا فعلى الأحوط.
61

والأظهر اختصاصه بما كانت المعاوضة فيه بين العينين، سواء أكانت بعنوان البيع أو
الصلح، (1) مثل أن يقول: صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه
الخمسة التي لي، أما إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول: صالحتك على أن
تهب لي تلك العشرة وأهب لك هذه الخمسة، أو يقول: أبرأتك عن الخمسة التي لي
عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك علي ونحوهما فالظاهر الصحة.
يشترط في تحقق الربا في المعاملة أمران:
الأول: إتحاد الجنس والذات عرفا وإن اختلفت الصفات، فلا يجوز بيع مائة
كيلو من الحنطة الجيدة بمائة وخمسين كيلو من الرديئة ولا بيع عشرين كيلو من
الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الردئ كالحويزاوي، أما إذا اختلفت
الذات فلا بأس كبيع مائة وخمسين كيلو من الحنطة بمائة كيلو من الأرز.
الثاني: أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون، فإن كانا مما يباع
بالعد كالبيض والجوز فلا بأس، (2) فيجوز بيع بيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين.
(مسألة 204): المعاملة الربوية باطلة مطلقا من دون فرق بين العالم والجاهل
سواء أكان الجهل جهلا بالحكم أم كان جهلا بالموضوع، وعليه فيجب على كل من
المتعاملين رد ما أخذه إلى مالكه على ما تقدم في المسألة (57).
(مسألة 205): الحنطة والشعير في الربا جنس واحد فلا يباع مائة كيلو من
الحنطة بمائتي كيلو من الشعير وإن كانا في باب الزكاة جنسين، فلا يضم أحدهما إلى

(1) على الأحوط فيه.
(2) هذا مع شخصية العوضين، وهكذا إذا بيع الشخصي بما في الذمة مع الامتياز
بينهما، ومع عدم الامتياز فالصحة محل اشكال.
62

الأخر في تكميل النصاب، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة ونصف نصاب شعير
لم تجب فيهما الزكاة.
(مسألة 206): الظاهر أن العلس ليس من جنس الحنطة، والسلت ليس من
جنس الشعير. (1)
(مسألة 207): اللحوم والألبان والادهان تختلف باختلاف الحيوان، فيجوز
بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر، وكذا الحكم في لبن الغنم ولبن البقر،
فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل.
(مسألة 208): التمر بأنواعه جنس واحد، والحبوب كل واحد منها جنس،
فالحنطة والأرز والماش والذرة والعدس وغيرها كل واحد جنس، والفلزات من
الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص وغيرها كل واحد منها جنس برأسه.
(مسألة 209): الضأن والمعز جنس واحد، والبقر والجاموس جنس واحد،
والإبل العراب والبخاتي جنس واحد، والطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس
واحد في مقابل غيره، فالعصفور غير الحمام، وكل ما يختص باسم من الحمام جنس
في مقابل غيره، فالفاختة والحمام المتعارف جنسان، والسمك جنس واحد على
قول، وأجناس على قول آخر، وهو أقوى.
(مسألة 210): الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي، فالبقر الأهلي يخالف
الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما، وكذا الحمار الأهلي والوحشي، والغنم الأهلي
والوحشي.
(مسألة 211): كل أصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد، وكذا الفروع بعضها مع

(1) حكما وإن كان ظهور نفي الموضوع محل تأمل.
63

بعض كالحنطة والدقيق والخبز، وكالحليب واللبن والجبن والزبد والسمن، وكالبسر
والرطب والتمر والدبس.
(مسألة 212): إذا كان الشئ مما يكال أو يوزن وكان فرعه لا يكال ولا يوزن
جاز بيعه مع أصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون والثياب المنسوجة منه
التي ليست منه، فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل، وكذلك القطن والكتان والثياب
المنسوجة منهما.
(مسألة 213): إذا كان الشئ في حال موزونا أو مكيلا وفي حال أخرى ليس
كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلا في الحال الأولى وجاز في الحال الثانية.
(مسألة 214): لا بأس ببيع لحم حيوان بحيوان حي من غير جنسه كبيع لحم
الغنم ببقر، والأحوط عدم جواز بيع لحم حيوان بحيوان حي بجنسه كبيع لحم الغنم
بغنم وإن كان الاظهر الجواز فيه أيضا. (1)
(مسألة 215): إذا كان للشئ حالتان حالة رطوبة وحالة جفاف كالرطب
يصير تمرا والعنب يصير زبيبا والخبز اللين يكون يابسا يجوز بيعه جافا بجاف منه
ورطبا برطب منه متماثلا ولا يجوز متفاضلا، وأما بيع الرطب منه بالجاف متماثلا ففيه
اشكال، والأظهر الجواز على كراهة، ولا يجوز بيعه متفاضلا حتى بمقدار الزيادة
بحيث إذا جف يساوي الجاف.
(مسألة 216): إذا كان الشئ يباع جزافا في بلد ومكيلا أو موزونا في آخر،
فلكل بلد حكمه، وجاز بيعه متفاضلا في الأول ولا يجوز في الثاني، وأما إذا كان
مكيلا أو موزونا في غالب البلاد فالأحوط لزوما (2) أن لا يباع متفاضلا مطلقا.

(1) بل الاحتياط لا يترك.
(2) بل استحبابا.
64

(مسألة 217): يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص، بأن
يبيع مائة كيلو من الحنطة ودرهما بمائتي كيلو من الحنطة، وبضم غير الجنس إلى كل
من الطرفين ولو مع التفاضل فيهما كما لو باع درهمين ومائتي كيلو من الحنطة بدرهم
ومائة كيلو منها.
(مسألة 218): المشهور (1) على أنه لا ربا بين الوالد وولده، فيجوز لكل منهما
بيع الأخر مع التفاضل، وكذا بين الرجل وزوجته، (2) وبين المسلم والحربي إذا
أخذ المسلم الزيادة، ولكنه مشكل والأحوط وجوبا تركه، نعم يجوز أخذ الربا من
الحربي بعد وقوع المعاملة من باب الاستنقاذ.
(مسألة 219): الاظهر عدم جواز الربا بين المسلم والذمي ولكنه بعد وقوع
المعاملة يجوز أخذ الربا منه من جهة قاعدة الالزام.
(مسألة 220): الأوراق النقدية لما لم تكن من المكيل والموزون لا يجري فيها
الربا فيجوز (3) التفاضل في البيع بها، لكن إذا لم تكن المعاملة شخصية لا بد في
صحة المعاملة من امتياز الثمن عن المثمن (4) كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار
الكويتي أو بالريال الإيراني مثلا، ولا يجوز بيع الدينار العراقي بمثله في الذمة، نعم إن
تنزيل الأوراق لا بأس به مطلقا.
(مسألة 221): ما يتعارف في زماننا من إعطاء سند بمبلغ من الأوراق النقدية

(1) وهو الأقوى.
(2) إن كانت دائمة.
(3) فيه اشكال مع وحدة الجنس، كبيع الدينار العراقي بمثله.
(4) على الأحوط.
65

من دون أن يكون في ذمته شئ فيأخذه آخر فينزله عند شخص ثالث بأقل منه
فالظاهر عدم جواز ذلك، نعم لا بأس به في المصارف غير الأهلية (1) بجعل ذلك
وسيلة إلى أخذ مجهول المالك والتصرف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي.
الفصل العاشر
بيع الصرف
وهو بيع الذهب أو الفضة، بالذهب أو الفضة ولا فرق بين المسكوك منهما
وغيره.
(مسألة 222): يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق فلو
لم يتقابضا حتى افترقا بطل البيع ولو تقابضا في بعض المبيع صح فيه وبطل في غيره.
(مسألة 223): لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة واحدة ولم يتقابضا حتى افترقا
صح في غير النقد وبطل في النقد.
(مسألة 224): لو فارقا المجلس مصطحبين وتقابضا قبل الافتراق صح البيع.
(مسألة 225): لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين بل تختص
شرطيته بالبيع.
(مسألة 226): لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية كالدينار العراقي
والنوط الهندي والتومان الإيراني والدولار والباون ونحوها من الأوراق المستعملة
في هذه الأزمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض وإن لم يتحقق التقابض قبل
الافتراق كما أنه لا زكاة فيها.

(1) الظاهر عدم الفرق في عدم الجواز بين الأهلية وغيرها.
66

(مسألة 227): إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين فباعه عليه بنقد
آخر وقبض الثمن قبل التفرق صح البيع، ولا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته.
(مسألة 228): لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد وقبضه من عمرو
ووكل عمرو زيدا على قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل إشكال، بل
لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد ويعينه في مصداق بعينه.
(مسألة 229): إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو على غيره قبل
قبضها لم يصح البيع الثاني، فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع
الأول، فإن أجاز البيع الثاني وأقبضه صح (1) البيع الثاني أيضا وإذا لم يقبضها
حتى افترقا بطل البيع الأول والثاني.
(مسألة 230): إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حولها دنانير في ذمتك
فقبل المديون صح ذلك وتحول ما في الذمة إلى دنانير وإن لم يتقابضا، وكذا لو كان له
دنانير في ذمته فقال له حولها دراهم وقبل المديون، فإنه يصح وتتحول الدنانير إلى
دراهم، وكذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من
جنس إلى آخر.
(مسألة 231): لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع أو الثمن حتى لو
قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه، ولو كان للمبيع أو الثمن نماء قبل القبض
كان لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.
(مسألة 232): الدراهم والدنانير المغشوشة إن كانت رائجة في المعاملة بها
يجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها سواء أكان غشها مجهولا أم معلوما وسواء أكان

(1) إذا كان الاقباض قبل التفرق وإن كان ممن باع شيئا ثم ملكه.
67

مقدار الغش معلوما أم مجهولا، وإن لم تكن رائجة فلا يجوز خرجها وإنفاقها
والمعاملة بها إلا بعد إظهار حالها.
(مسألة 233): يجوز صرف المسكوكات من النحاس وأمثاله إلى أبعاضها ولو
مع التفاضل بين الأصل وأبعاضه كما هو الغالب، نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات
الذهبية والفضية فإنها من الموزون فلا يجوز تصريفها إلى أبعاضها مع التفاضل إلا
مع الضميمة.
(مسألة 234): يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون
في الذهب والفضة المغشوشين إذا كان الغش غير مستهلك وكانت له قيمة في حال
كونه غشا، ولا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية، فإذا كان الطرفان
مغشوشين كذلك صح مع التفاضل، وإذا كان أحدهما مغشوشا دون الأخر جاز
التفاضل إذا كانت الزيادة في الخالص ولا يصح إذا كانت الزيادة في المغشوش.
(مسألة 235): الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب إذا كان أكثر من
الذهب المحلاة به وإلا لم يجز، نعم لو بيع السيف بالسيف وكان كل منهما محلى جاز
مطلقا وإن كانت الحلية في أحدهما أكثر من الحلية في الأخر.
(مسألة 236): الكلبتون المصنوع من الفضة يجوز بيعه بالفضة إذا كانت أكثر منه
وزنا أو مساويا له، والمصنوع من الذهب يجوز بيعه بالذهب إذا كان أكثر منه وزنا
أو مساويا له.
(مسألة 237): إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب وقبضها قبل التفرق
فوجدها جنسا آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع، وليس له المطالبة
بالإبدال، ولو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه وصح في الباقي، وله حينئذ رد الكل
لتبعض الصفقة، وإن وجدها فضة معيبة كان بالخيار، فله الرد والمطالبة بالأرش مع
68

عدم التمكن من الرد، ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره، وكون أخذ
الأرش قبل التفرق وبعده.
(مسألة 238): إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب وبعد القبض وجدها
جنسا آخر رصاصا أو نحاسا أو غيرهما، فإن كان قبل التفرق جاز للبائع إبدالها،
فإذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع، وإن وجدها جنسا آخر بعد التفرق بطل
البيع، ولا يكفى الإبدال في صحته، وإذا وجدها فضة معيبة فالأقوى ان المشتري
مخير بين رد المقبوض وإبداله والرضا به من دون أرش، وليس له فسخ العقد من
أصله، ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره ولا بين كون ظهور العيب قبل
التفرق وبعده.
(مسألة 239): لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتما أو غيره من
المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرة الصياغة، بل إما أن
يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة ليتخلص من الربا.
(مسألة 240): لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية وأخذ منه شيئا من
المسكوكات الفضية كالربيات، فإن كان الاخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من
الليرات في كل زمان أخذ فيه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الزمان، فإذا كان الدين
خمس ليرات وأخذ منه في الشهر الأول عشر ربيات وفي الثاني عشرا، وفي الثالث
عشرا وكان سعر الليرة في الشهر الأول خمس عشرة روبية، وفي الثاني اثنتي عشرة
روبية، وفي الثالث عشر ربيات، نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الأول
وخمسة أسداسها في الثاني وليرة تامة في الثالث، وإن كان الاخذ بعنوان القرض
كان ما أخذه دينا عليه لزيد وبقي دين زيد عليه، وفي جواز احتساب أحدهما دينه
وفاءا عن الأخر إشكال، والأظهر الجواز، وتجوز المصالحة بينهما على إبراء كل منهما
69

صاحبه مما له عليه.
(مسألة 241): إذا أقرض زيدا نقدا معينا من الذهب أو الفضة أو أصدق زوجته
مهرا كذلك أو جعله ثمنا في الذمة مؤجلا أو حالا فتغير السعر لزمه النقد المعين
ولا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة.
(مسألة 242): لا يجوز بيع درهم بدرهم بشرط صياغة خاتم مثلا، ويجوز أن
يقول له صغ لي هذا الخاتم وأبيعك درهما بدرهم على أن يكون البيع جعلا لصياغة
الخاتم كما يجوز أيضا يشتري منه مثقال فضة مصوغا خاتما بمثقال غير مصوغ.
(مسألة 243): لو باع عشر ربيات بليرة ذهبية إلا عشرين فلسا صح بشرط
أن يعلما مقدار نسبة العشرين فلسا إلى الليرة. (1)
(مسألة 244): المصوغ من الذهب والفضة معا لا يجوز بيعه بأحدهما بلا زيادة،
بل إما أن يباع بأحدهما مع الزيادة أو يباع بهما معا أو بجنس آخر غيرهما.
(مسألة 245): الظاهر أن ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب والفضة
ويجتمع فيه عند الصائغ - وقد جرت العادة على عدم مطالبة المالك بها - ملك
للصائغ نفسه والأحوط - استحبابا - أن يتصدق به عن مالكه مع الجهل به
والاستيذان منه مع معرفته، ويطرد الحكم المذكور في الخياطين والنجارين
والحدادين ونحوهم فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب
والخشب والحديد، ولا يضمنون شيئا من ذلك وإن كانت له مالية عند العرف إذا
كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء.

(1) ويكفي أيضا ان يعلما قيمة الليرة بالفلوس.
70

الفصل الحادي عشر
في السلف
ويقال له السلم أيضا وهو ابتياع كلي مؤجل بثمن حال، عكس النسيئة،
ويقال للمشتري المسلم (بكسر اللام) وللبائع المسلم إليه وللثمن المسلم وللمبيع
المسلم فيه (بفتح اللام) في الجميع.
(مسألة 246): يجوز في السلف أن يكون المبيع والثمن من غير النقدين مع
اختلاف الجنس أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل والموزون كما يجوز أن يكون
أحدهما من النقدين والاخر من غير هما ثمنا كان أو مثمنا، ولا يجوز أن يكون كل
من الثمن والمثمن من النقدين اختلفا في الجنس أو اتفقا.
يشترط في السلف أمور:
(الأول): أن يكون المبيع مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها
كالجودة والرداءة والطعم والريح واللون وغيرها كالخضر والفواكه والحبوب والجوز
واللوز والبيض والملابس والأشربة والأدوية وآلات السلاح وآلات النجارة
والنساجة والخياطة وغيرها من الأعمال والحيوان والانسان وغير ذلك، فلا يصح
فيما لا يمكن ضبط أوصافه كالجواهر واللآلئ والبساتين وغيرها مما لا ترتفع الجهالة
والغرر فيها إلا بالمشاهدة.
(الثاني): ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة.
(الثالث): قبض الثمن قبل التفرق ولو قبض البعض صح فيه وبطل في الباقي، ولو
كان الثمن دينا في ذمة البائع فالأقوى الصحة إذا كان الدين حالا، لا مؤجلا.
71

(الرابع): تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره.
(الخامس): تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو
نحوها، ولو جعل الاجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع، ويجوز فيه
أن يكون قليلا كيوم ونحوه وأن يكون كثيرا كعشرين سنة.
(السادس): إمكان دفع ما تعهد البائع دفعه وقت الحلول وفي البلد الذي شرط
التسليم فيه إذا كان قد شرط ذلك سواء أكان عام الوجود أم نادرة، فلو لم يمكن ذلك
ولو تسبيبا لعجزه عنه ولو لكونه في سجن أو في بيداء لا يمكنه الوصول إلى البلد
الذي اشترط التسليم فيه عند الاجل بطل.
(مسألة 247): إطلاق العقد يقتضي وجوب تسليم المسلم فيه في بلد العقد إلا
أن تقوم قرينة على الاطلاق أو على تعيين غيره فيعمل على طبقها، والأقوى عدم
وجوب تعيينه في العقد إلا إذا اختلفت الأمكنة في صعوبة التسليم فيها ولزوم
الخسارة المالية بحيث يكون الجهل بها غررا فيجب تعيينه حينئذ.
(مسألة 248): إذا جعل الاجل شهرا قمريا أو شمسيا أو شهرين فإن كان وقوع
المعاملة في أول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر، وإن كان في أثناء الشهر فالمراد من
الشهر مجموع ما بقي منه مع إضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر
الأول وهكذا.
(مسألة 249): إذا جعل الاجل جمادى أو ربيعا حمل على أولهما من تلك السنة
وحل بأول جزء من ليلة الهلال، وإذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الأول من
تلك السنة وحل بأول جزء من نهار اليوم المذكور.
(مسألة 250): إذا اشترى شيئا سلفا جاز بيعه من بايعه (1) قبل حلول

(1) الأحوط عدم بيعه من بائعه قبل حلول الأجل.
72

الاجل وبعده بجنس آخر أو بجنس الثمن بشرط عدم الزيادة، ولا يجوز بيعه من
غيره قبل حلول الأجل، ويجوز بعده سواء باعه بجنس آخر أو بجنس الثمن مع
الزيادة أو النقيصة أو التساوي، هذا في غير المكيل والموزون، وأما فيهما فلا يجوز
بيعهما قبل القبض مرابحة مطلقا كما تقدم.
(مسألة 251): إذا دفع البائع المسلم فيه دون الصفة لم يجب على المشترى
القبول، ولو رضي بذلك صح، وكذلك إذا دفع أقل من المقدار، وتبرأ ذمة البائع إذا
أبرأ المشتري الباقي، وإذا دفعه على الصفة والمقدار وجب عليه القبول، وإذا دفع
فوق الصفة، فإن كان شرط الصفة راجعا إلى استثناء ما دونها فقط وجب القبول
أيضا، وإن كان راجعا إلى استثناء ما دونها وما فوقها لم يجب القبول، ولو دفع إليه
زائدا على المقدار لم يجب القبول.
(مسألة 252): إذا حل الاجل ولم يتمكن البائع من دفع المسلم فيه تخير
المشتري بين الفسخ والرجوع بالثمن بلا زيادة ولا نقيصة وبين أن ينتظر إلى أن
يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر، ولو تمكن من دفع بعضه وعجز
عن الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه والانتظار، وفي جواز فسخه
في الكل حينئذ إشكال، والأظهر الجواز، نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ
في الكل.
(مسألة 253): لو كان المبيع موجودا في غير البلد الذي يجب التسليم فيه، فإن
تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز، وإلا فإن أمكن وتعارف نقله إلى بلد
التسليم وجب على البائع نقله، وإلا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ
والانتظار.
73

الفصل الثاني عشر
بيع الثمار والخضر والزرع
لا يجوز بيع ثمرة النخل والشجر قبل ظهورها عاما واحدا بلا ضميمة، ويجوز
بيعها عامين فما زاد وعاما واحدا مع الضميمة على الأقوى، وأما بعد ظهورها فإن
بدا صلاحها أو كان البيع في عامين أو مع الضميمة جاز بيعها بلا إشكال، أما مع
انتفاء الثلاثة فالأقوى الجواز (1) والأحوط العدم.
(مسألة 254): بدو الصلاح في الثمر هو كونه قابلا للاكل في العادة وإن كان أول
أوان أكله.
(مسألة 255): يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل بدو صلاحه (2) أن
تكون مما يجوز بيعه منفردا، ويعتبر كونها مملوكة للمالك، وكون الثمن لها وللمنضم
إليه على الإشاعة، ولا يعتبر فيها أن تكون متبوعة على الأقوى فيجوز كونها تابعة.
(مسألة 256): يكتفى في الضميمة في ثمر النخل مثل السعف والكرب والشجر
اليابس الذي في البستان.
(مسألة 257): لو بيعت الثمرة قبل بدو صلاحها (3) مع أصولها جاز بلا إشكال.
(مسألة 258): إذا ظهر بعض ثمر البستان جاز بيع المتجدد في تلك السنة معه
وإن لم يظهر، اتحد الجنس أم اختلف، اتحد البستان أم تكثر، على الأقوى.

(1) إلا في التمر فلا يجوز بيعه قبل أن يحمر ويصفر.
(2) بل قبل ظهوره.
(3) بل قبل ظهورها.
74

(مسألة 259): إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين ففي جريان
حكم العامين عليهما إشكال، أظهره الجريان.
(مسألة 260): إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثم باع أصولها على شخص
آخر لم يبطل بيع الثمرة، بل تنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة
وله الخيار في الفسخ مع الجهل.
(مسألة 261): لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها بل تنتقل الأصول إلى ورثة البائع
بموته مسلوبة المنفعة، وكذا لا يبطل بيعها بموت المشتري بل تنتقل إلى ورثته.
(مسألة 262): إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد وكانت الخسارة
من مال البائع، كما تقدم ذلك في أحكام القبض، وتقدم أيضا إلحاق السرقة ونحوها
بالتلف وحكم ما لو كان التلف من البائع أو المشتري أو الأجنبي.
(مسألة 263): يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها، وأن
يستثني حصة مشاعة كالربع والخمس، وأن يستثني مقدارا معينا كمائة كيلو لكن في
هاتين الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص على المستثنى والمستثنى منه على
النسبة (1) ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة، وأما إذا كان
المستثنى مقدارا معينا فطريقة معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلا
فيسقط من المقدار المستثنى بتلك النسبة فإن كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث
وإن كان الربع يسقط الربع وهكذا.
(مسألة 264): يجوز بيع ثمرة النخل وغيره في أصولها بالنقود وبغيرها كالأمتعة

(1) توزيع النقص على النسبة فيما كان المستثنى على الوجه الكلي في المعين محل
اشكال.
75

والحيوان والطعام وبالمنافع والأعمال وغيرها، كغيره من أفراد البيع.
(مسألة 265): لا تجوز المزابنة وهي بيع ثمرة النخل - تمرا كانت أو رطبا أو بسرا
أو غيرها - بالتمر من ذلك النخل، وأما بيعها بثمرة غيره سواء كان في الذمة أم كان
معينا في الخارج فالظاهر جوازه (1) وإن كان الترك أحوط.
(مسألة 266): الظاهر أن الحكم المزبور لا يختص بالنخل فلا يجوز بيع ثمر غير
النخل بثمره أيضا وأما بيعه بغير ثمره فلا إشكال فيه أصلا. (2)
(مسألة 267): يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد على ثمنه
الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو، سواء أباعه قبل قبضه أم بعده.
(مسألة 268): لا يجوز بيع الزرع قبل ظهوره على الأحوط، (3) ويجوز بيعه
تبعا للأرض لو باعها معه، أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله، بمعنى بيع المقدار
الظاهر مع أصوله الثابتة فإن شاء المشتري قصله وإن شاء أبقاه مع اشتراط الابقاء
أو بإذن من صاحب الأرض، فإن أبقاه حتى يسنبل كان له السنبل وعليه أجرة
الأرض إذا لم يشترط الابقاء مجانا، وإن قصله قبل أن يسنبل فنمت الأصول الثابتة
في الأرض حتى سنبلت كان له أيضا ولا تجب عليه أجرة الأرض وإن كان
الوجوب أحوط.
(مسألة 269): يجوز بيع الزرع لا مع أصله بل قصيلا إذا كان قد بلغ أوان قصله
أو قبل ذلك على أن يبقى حتى يصير قصيلا أو قبل ذلك، فإن قطعه ونمت الأصول

(1) بل الأحوط وجوبا الترك.
(2) بيعه بتلك الثمرة من غير شجرها مشكل.
(3) بل على الأقوى.
76

حتى صارت سنبلا كان السنبل للبائع، وإن لم يقطعه كان لصاحب الأرض إلزامه
بقطعه، وله إبقاؤه والمطالبة بالأجرة فلو أبقاه فنما حتى سنبل كان السنبل للمشتري
وليس لصاحب الأرض إلا مطالبة الأجرة، وكذا الحال لو اشترى نخلا.
(مسألة 270): لو اشترى الجذع بشرط القلع فلم يقلعه ونما كان النماء للمشتري.
(مسألة 271): يجوز بيع الزرع محصودا ولا يشترط معرفة مقداره بالكيل أو
الوزن، بل تكفي فيه المشاهدة.
(مسألة 272): لا تجوز المحاقلة وهي بيع سنبل الحنطة أو الشعير بالحنطة منه
وكذا بيع سنبل الشعير بالشعير منه (1) بل وكذا بيع سنبل غير الحنطة والشعير من
الحبوب بحب منه.
(مسألة 273): الخضر كالخيار والباذنجان والبطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها
على الأحوط، (2) ويجوز بعد ظهورها مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات،
والمرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع.
(مسألة 274): لو كانت الخضرة مستورة كالشلغم والجزر ونحوهما فالظاهر
جواز بيعها أيضا.
(مسألة 275): إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث والنعناع واللفت ونحوها
يجوز بيعها بعد ظهورها جزة وجزات، ولا يجوز بيعها قبل ظهورها على
الأحوط، (3) والمرجع في تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق، وكذا الحكم فيما

(1) والأحوط وجوبا عدم بيعه بالحنطة والشعير من غيره.
(2) بل على الأقوى.
(3) بل على الأقوى.
77

يخرط كورق الحناء والتوت فإنه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة وخرطات.
(مسألة 276): إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركا بين اثنين جاز أن يتقبل
أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار فإذا خرص
حصة صاحبه بوزنة مثلا جاز أن يتقبلها بتلك الوزنة زادت عليها في الواقع أو
نقصت عنها أو ساوتها.
(مسألة 277): الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الشركاء اثنين أو أكثر، وكون
المقدار المتقبل به منها وفي الذمة، نعم إذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان على المتقبل
بخلاف ما لو كان في الذمة فإنه باق على ضمانه، والظاهر أنه صلح على تعيين المقدار
المشترك فيه في كمية خاصة على أن يكون اختيار التعيين بيد المتقبل، ويكفي فيها
كل لفظ دال على المقصود، بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من العقود.
(مسألة 278): إذا مر الانسان بشئ من النخل أو الشجر جاز له أن يأكل - مع
الضرورة العرفية (1) - من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غيرها.
(مسألة 279): الظاهر جواز الأكل للمار وإن كان قاصدا له من أول الأمر،
ولا يجوز له أن يحمل معه شيئا من الثمر، وإذا حمل معه شيئا حرم ما حمل ولم يحرم ما
أكل، وإذا كان للبستان جدار أو حائط أو علم بكراهة المالك ففي جواز الأكل
إشكال، والمنع أظهر.
(مسألة 280): لا بأس ببيع العرية وهي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره
فيبيع ثمرتها قبل أن تكون تمرا منه بخرصها تمرا.

(1) التقييد بها مبني على الاحتياط.
78

الفصل الثالث عشر
في بيع الحيوان
يجوز استرقاق الكافر الأصلي إذا لم يكن معتصما بعهد أو ذمام سواء أكان في
دار الحرب أم كان في دار الاسلام، وسواء أكان بالقهر والغلبة أم بالسرقة أم بالغيلة
ويسري الرق في اعقابه وإن كان قد أسلم.
(مسألة 281): المرتد الفطري والملي لا يجوز استرقاقهما على الأقوى.
(مسألة 282): لو قهر حربي حربيا آخر فباعه ملكه المشتري وإن كان أخاه أو
زوجته أو ممن ينعتق عليه كأبيه وأمه وفي كونه بيعا حقيقة وتجري عليه أحكامه
اشكال وإن كان أقرب.
(مسألة 283): يصح أن يملك الرجل كل أحد غير الأب والأم والجد وإن علا
لأب كان أو لأم، والولد - وإن نزل - ذكرا كان أو أنثى، والمحارم وهي الأخت والعمة
والخالة وإن علون، وبنات الأخ وبنات الأخت وأن نزلن، ولا فرق في المذكورين
بين النسبيين والرضاعيين.
(مسألة 284): إذا وجد السبب المملك فيما لا يصح ملكه اختياريا كان السبب
كالشراء أو قهريا كالإرث انعتق قهرا.
(مسألة 285): لو ملك أحد الزوجين صاحبه ولو بعضا منه استقر الملك وبطل
النكاح.
(مسألة 286): يكره أن يملك الرجل غير هؤلاء من ذوي قرابته كالأخ والعم
والخال وأولادهم.
(مسألة 287): تملك المرأة كل أحد غير الأب والأم والجد والجدة والولد وإن
79

نزل ذكرا كان أو أنثى نسبيين كانوا أو رضاعيين.
(مسألة 288): الكافر لا يملك المسلم ابتداء ولو أسلم عبد الكافر بيع على مسلم
وأعطي ثمنه.
(مسألة 289): كل من أقر على نفسه بالعبودية حكم عليه بها مع الشك إذا كان
عاقلا بالغا مختارا.
(مسألة 290): لو اشترى عبدا فادعى الحرية لم يقبل قوله إلا بالبينة.
(مسألة 291): يجب على مالك الأمة إذا أراد بيعها وقد وطأها أن يستبرئها قبل
بيعها بحيضة إن كانت تحيض وبخمسة وأربعين يوما من حين الوطء إن كانت
لا تحيض وهي في سن من تحيض.
(مسألة 292): لو باعها بدون الاستبراء صح البيع ووجب على المشتري
استبراؤها فلا يطأها إلا بعد حيضة أو مضي المدة المذكورة.
(مسألة 293): إذا لم يعلم أن البائع استبرأها أو وطأها وجب عليه الاحتياط
في استبرائها، وإذا علم أن البائع لم يطأها أو أنه استبرأها لم يجب عليه استبراؤها،
وكذا إذا أخبره صاحبها بأنه قد استبرأها أو أنه لم يطأها إذا كان أمينا.
(مسألة 294): لا يجب الاستبراء في أمة المرأة إلا أن يعلم أنها موطوءة وطئا
محترما، ولا في الصغيرة ولا في اليائسة ولا في الحائض حال البيع، نعم لا يجوز
وطؤها حال الحيض.
(مسألة 295): لا استبراء في الحامل، نعم لا يجوز وطؤها في القبل إلا بعد مضي
أربعة أشهر وعشرة أيام من زمان حملها، فإن وطأها وقد استبان حملها عزل
استحبابا، فإن لم يعزل فالأحوط لو لم يكن أقوى عدم جواز بيع الولد بل وجوب
عتقه وجعل شئ له من ماله يعيش به.
80

(مسألة 296): يثبت وجوب استبراء البائع للأمة قبل البيع لكل مالك يريد
نقلها إلى غيره ولو بسبب غير البيع، وكذلك وجوب استبراء المشتري قبل الوطء
يثبت لكل من تنتقل إليه الأمة بسبب وإن كان إرثا أو استرقاقا أو نحوهما فلا يجوز
له وطؤها إلا بعد الاستبراء.
(مسألة 297): يجوز شراء بعض الحيوان مشاعا كنصفه وربعه ولا يجوز شراء
بعض معين منه كرأسه وجلده إذا لم يكن مما يطلب لحمه، بل كان المقصود منه الابقاء
للركوب أو الحمل أو نحوهما.
(مسألة 298): لو كان الحيوان مما يطلب لحمه جاز شراء بعض معين منه، لكن
لو لم يذبح لمانع - كما إذا كان في ذبحه ضرر مالي - كان المشتري شريكا بنسبة الجزء،
وكذا لو باع الحيوان واستثنى الرأس والجلد، وأما إذا اشترك اثنان أو جماعة وشرط
أحدهم لنفسه الرأس والجلد فإنه يكون شريكا بنسبة المال لا بنسبة الرأس والجلد.
(مسألة 299): لو قال شخص لآخر: اشتر حيوانا بشركتي صح ويثبت البيع
لهما على السوية مع الاطلاق ويكون على كل واحد منهما نصف الثمن، ولو قامت
القرينة على كون المراد الاشتراك على التفاضل كان العمل عليها.
(مسألة 300): لو دفع المأمور عن الآمر بالشراء شركة ما عليه من جزء الثمن،
فإن كان الامر بالشراء على وجه الشركة قرينة على الامر بالدفع عنه رجع الدافع
عليه بما دفعه عنه وإلا كان متبرعا وليس له الرجوع عليه به.
(مسألة 301): لو اشترى أمة فوطأها فظهر أنها ملك لغير البائع كان للمالك
انتزاعها منه وله على المشتري عشر قيمتها إن كانت بكرا ونصف العشر إن كانت
ثيبا، ولو حملت منه كان عليه قيمة الولد يوم ولد حيا ويرجع المشتري على البائع بما
اغترمه للمالك إن كان جاهلا.
81

(مسألة 302): الأقوى أن العبد يملك فلو ملكه مولاه شيئا ملكه وكذا لو ملكه
غيره أو حاز لنفسه شيئا إذا كان بإذن المولى، ولا ينفذ تصرفه فيما ملكه بدون إذن
مولاه.
(مسألة 303): إذا اشترى كل من العبدين المأذونين من مولاهما بالشراء
صاحبه من مولاه فإن اقترن العقدان وكان شراؤهما لأنفسهما بطلا، وإن كان
شراؤهما للسيدين فالأقوى الصحة، وإن ترتبا صح السابق، وأما اللاحق فهو
باطل إن كان الشراء لنفسه، وإن كان الشراء لسيده صح إذا كان إذنه بالشراء
مطلقا، وأما إذا كان مقيدا بعبديته فصحته تتوقف على إجازته.
(مسألة 304): لو وطأ الشريك جارية الشركة حد بنصيب غيره فإن حملت
قومت عليه وانعقد الولد حرا وعليه قيمة حصص الشركاء من الولد عند سقوطه
حيا، بل يحتمل تقويمهم لها عليه بمجرد الوطء مع احتمال الحمل.
(مسألة 305): يستحب لمن اشترى مملوكا تغيير اسمه واطعامه شيئا من الحلاوة
والصدقة عنه بأربعة دراهم ولا يريه ثمنه في الميزان.
(مسألة 306): الأحوط عدم التفرقة بين الام والولد قبل الاستغناء عن الام،
أما البهائم فيجوز فيها ذلك ما لم يؤد إلى إتلاف المال المحترم.
خاتمة
في الإقالة
وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الأخر، والظاهر جريانها في
عامة العقود اللازمة حتى الهبة اللازمة غير النكاح والضمان، وفي جريانها في
الصدقة إشكال، وتقع بكل لفظ يدل على المراد وإن لم يكن عربيا، بل تقع بالفعل كما
82

تقع بالقول، فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إليه كان فسخا وإقالة،
ووجب على الطالب إرجاع ما في يده إلى صاحبه.
(مسألة 307): لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان فلو أقال
كذلك بطلت وبقي كل من العوضين على ملك مالكه.
(مسألة 308): إذا جعل له مالا في الذمة أو في الخارج ليقيله بأن قال له: أقلني
ولك هذا المال، أو أقلني ولك علي كذا - نظير الجعالة - فالأظهر الصحة.
(مسألة 309): لو أقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل: أقلتك
بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل صح.
(مسألة 310): لا يجري في الإقالة فسخ أو إقالة.
(مسألة 311): في قيام وراث المتعاقدين مقام المورث في صحة الإقالة
إشكال، والظاهر العدم، نعم تجوز الاستقالة من الوارث والإقالة من الطرف الآخر
. (1)
(مسألة 312): تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد وفي بعضه ويتقسط الثمن
حينئذ على النسبة، وإذا تعدد البائع أو المشتري تصح الإقالة بين أحدهما والطرف الآخر
بالنسبة إلى حصته ولا يشترط رضي الأخر.
(مسألة 313): تلف أحد العوضين أو كليها لا يمنع من صحة الإقالة، فإذا تقايلا
رجع كل عوض إلى صاحبه الأول، فإن كان موجودا أخذه، وإن كان تالفا رجع
بمثله إن كان مثليا وبقيمته يوم الفسخ إن كان قيميا.
(مسألة 314): الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف وتلف

(1) فيه إشكال.
83

البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف.
(مسألة 315): العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالأرش مع
الإقالة، والحمد لله رب العالمين.
* * *
84

كتاب الشفعة
وفيه فصول
إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن المجعول
له في البيع، ويسمى هذا الحق بالشفعة.
فصل
في ما تثبت فيه الشفعة
(مسألة 316): تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة كالأرضين
والدور والبساتين بلا إشكال، وهل تثبت فيما ينقل كالآلات والثياب والحيوان وفيما
لا ينقل إذا لم يقبل القسمة؟ قولان: أقواهما الأول (1) فيما عدا السفينة والنهر
والطريق والحمام والرحى فإنه لا تثبت فيها الشفعة.
(مسألة 317): لا تثبت الشفعة بالجوار، فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ
بالشفعة.
(مسألة 318): إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص وكانا مشتركين
في طريقهما فبيعت إحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة

(1) ثبوته في الحيوان محل اشكال.
85

لصاحب الدار الأخرى سواء أكانت الداران قبل ذلك مشتركتين وقسمتا أم لم تكونا
كذلك.
(مسألة 319): يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد مع
الاشتراك في الطريق فإذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبتت الشفعة
للباقين.
(مسألة 320): إذا بيعت إحدى الدارين بلا ضم حصة الطريق إليها لم تثبت
الشفعة للشريك في الطريق.
(مسألة 321): إذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت الشفعة للشريك.
(مسألة 322): هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الأملاك
المفروزة المشتركة في الطريق، وجهان، أقواهما الأول.
(مسألة 323): ألحق جماعة بالطريق النهر، والساقية، والبئر، فإذا كانت
الداران المختصة كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت إحداهما
مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الأخرى الشفعة في الدار
أيضا، وفيه إشكال بل منع.
(مسألة 324): إذا بيع المقسوم منضما إلى حصة من المشاع صفقة واحدة كان
للشريك في المشاع الأخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه
وليس له الأخذ في المقسوم.
(مسألة 325): تختص الشفعة في غير المساكن والأرضين بالبيع، فإذا انتقل
الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غيرهما فلا شفعة للشريك، وأما المساكن
والأرضين فاختصاص الشفعة فيها بالبيع محل إشكال.
(مسألة 326): إذا كانت العين بعضها ملكا وبعضها وقفا فبيع الملك لم يكن
86

للموقوف عليهم الشفعة على الأقوى وإن كان الموقوف عليه واحدا.
(مسألة 327): إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه، ففي ثبوت الشفعة للشريك
قولان، أقربهما ذلك.
(مسألة 328): يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين
اثنين فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة. وإذا
باعوا جميعا إلا واحدا منهم ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع.
(مسألة 329): إذا كانت العين بين شريكين فباع أحدهما بعض حصته ثبتت
الشفعة للاخر.
فصل
في الشفيع
(مسألة 330): يعتبر في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلما، فلا شفعة
للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر، وتثبت للمسلم على الكافر وللكافر على
مثله.
(مسألة 331): يشترط في الشفيع أن يكون قادرا على أداء الثمن فلا تثبت
للعاجز عنه وإن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلا أن يرضى المشتري بذلك، نعم إذا
ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام، وإذا ادعى أن الثمن في بلد آخر أجل بمقدار وصول
المال إليه وزيادة ثلاثة أيام، فإن انتهى الأجل فلا شفعة، ويكفي في الثلاثة أيام
التلفيق كما أن مبدأها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.
(مسألة 332): إذا كان التأجيل إلى زمان نقل الثمن من البلد الأخر، حيث
يدعي وجوده فيه زائدا على المقدار المتعارف فالظاهر سقوط الشفعة.
87

(مسألة 333): إذا كان الشريك غائبا عن بلد البيع وقت البيع جاز له الأخذ
بالشفعة إذا حضر البلد وعلم بالبيع وإن كانت الغيبة طويلة.
(مسألة 334): إذا كان له وكيل مطلق في البلد أو في خصوص الأخذ بالشفعة،
جاز لذلك الوكيل الأخذ بالشفعة عنه.
(مسألة 335): تثبت الشفعة للشريك وإن كان سفيها أو صبيا أو مجنونا فيأخذ
لهم الولي بها، بل إذا أخذ السفيه بها بإذن الولي صح، وكذا الصبي على احتمال قوي.
(مسألة 336): تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن في ذمته، أو
استدان الثمن من غيره أو دفعه من ماله بإذن الغرماء.
(مسألة 337): إذا أسقط الولي عن الصبي أو المجنون أو السفيه حق الشفعة
لم يكن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والرشد والعقل، وكذا إذا لم يكن الأخذ بها مصلحة
فلم يطالب، أما إذا ترك المطالبة بها مساهلة منه في حقهم فالظاهر أن لهم المطالبة بها
بعد البلوغ والرشد.
(مسألة 338): إذا كان المبيع مشتركا بين الولي والمولى عليه فباع الولي عنه
جاز له أن يأخذ بالشفعة على الأقوى.
(مسألة 339): إذا باع الولي عن نفسه فإنه يجوز له أن يأخذ بالشفعة للمولى
عليه وكذا الحكم في الوكيل إذا كان شريكا مع الموكل.
فصل
في الأخذ بالشفعة
(مسألة 340): الأخذ بالشفعة من الإنشائيات المعتبر فيها الإيقاع، ويكون
بالقول مثل أن يقول: أخذت المبيع المذكور بثمنه، وبالفعل مثل أن يدفع الثمن
88

ويستقل بالمبيع.
(مسألة 341): لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع وترك بعضه بل إما أن يأخذ
الجميع أو يدع الجميع.
(مسألة 342): الشفيع يأخذ بقدر الثمن إذا كان مثليا لا بأكثر منه ولا بأقل سواء
أكانت قيمة المبيع السوقية مساوية للثمن أم زائدة أم ناقصة.
(مسألة 343): في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بأن يأخذ المبيع بقيمته قولان،
أقواهما العدم.
(مسألة 344): إذا غرم المشتري شيئا من أجرة الدلال أو غيرها أو تبرع به
للبائع من خلعة ونحوها لم يلزم الشفيع تداركه.
(مسألة 345): إذا حط البائع شيئا من الثمن للمشتري لم يكن للشفيع تنقيصه.
(مسألة 346): الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فيسقط مع المماطلة
والتأخير بلا عذر، ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع أو جهله
باستحقاق الشفعة، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلا، أو كون المشتري زيدا فبان
عمرا، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره، أو العكس، أو أنه واحد فبان اثنين أو
العكس، أو أن المبيع النصف بمائة فتبين أنه الربع بخمسين، أو كون الثمن ذهبا فبان
فضة، أو لكونه محبوسا ظلما أو بحق يعجز عن أدائه، وكذا أمثال ذلك من الأعذار.
(مسألة 347): المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة يراد منها المبادرة
على النحو المتعارف الذي جرت به العادة، فإذا كان مشغولا بعبادة واجبة أو
مندوبة لم يجب عليه قطعها.
(مسألة 348): إذا كان مشغولا بأكل أو شرب لم يجب قطعه، ولا يجب عليه
الإسراع في المشي.
89

(مسألة 349): يجوز له إن كان غائبا انتظار الرفقة إذا كان الطريق مخوفا، أو
انتظار زوال الحر أو البرد إذا جرت العادة بانتظاره، وقضاء وطره من الحمام إذا
علم بالبيع وهو في الحمام وأمثال ذلك مما جرت العادة بفعله لمثله، نعم يشكل مثل
عيادة المريض وتشييع المؤمن ونحو ذلك إذا لم يكن تركه موجبا للطعن فيه، وكذا
الاشتغال بالنوافل إبتداء، والأظهر السقوط في كل مورد صدقت فيه المماطلة عرفا.
(مسألة 350): إذا كان غائبا عن بلد البيع وعلم بوقوعه وكان يتمكن الاخذ
بالشفعة بالتوكيل فلم يبادر إليه سقطت الشفعة.
(مسألة 351): لا بد في الأخذ بالشفعة من إحضار الثمن ولا يكفي قول الشفيع:
أخذت بالشفعة في انتقال المبيع إليه، فإذا قال ذلك وهرب أو ماطل أو عجز عن دفع
الثمن بقي المبيع على ملك المشتري، لا أنه ينتقل بالقول إلى ملك الشفيع وبالعجز أو
الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري.
(مسألة 352): إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط بل جاز
للشفيع الأخذ من المشتري الأول بالثمن الأول فيبطل الثاني، وتجزي الإجازة منه
في صحته له، وله الأخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصح البيع الأول.
(مسألة 353): إذا زادت العقود على اثنين فإن أخذ بالسابق بطل اللاحق
ويصح مع إجازته، وإن أخذ باللاحق صح السابق، وإن أخذ بالمتوسط صح ما قبله
وبطل ما بعده ويصح مع إجازته.
(مسألة 354): إذا تصرف المشتري في المبيع بوقف أو هبة لازمة أو غير لازمة
أو بجعله صداقا أو غير ذلك مما لا شفعة فيه كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى
البيع فتبطل التصرفات اللاحقة له.
(مسألة 355): الشفعة من الحقوق فتسقط بالإسقاط، ويجوز تعويض المال
90

بإزاء إسقاطها وبإزاء عدم الأخذ بها، لكن على الأول لا يسقط إلا بالإسقاط، فإذا
لم يسقطه وأخذ بالشفعة صح وكان آثما، ومعطى العوض مخير بين الفسخ ومطالبة
العوض وأن يطالبه بأجرة المثل للإسقاط، والظاهر صحة الأخذ بالشفعة على الثاني
أيضا، ويصح الصلح عليه نفسه فيسقط بذلك.
(مسألة 356): الظاهر أنه لا إشكال في أن حق الشفعة لا يقبل الانتقال إلى غير
الشفيع.
(مسألة 357): إذا باع الشريك نصيبه قبل الأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها
خصوصا إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة.
(مسألة 358): المشهور اعتبار العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة فإذا أخذ
بها وكان جاهلا به لم يصح، لكن الصحة لا تخلو من وجه.
(مسألة 359): إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ بالشفعة سقطت.
(مسألة 360): إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط وجاز له أخذ الباقي بتمام الثمن
من دون ضمان على المشتري.
(مسألة 361): إذا كان التلف بعد الأخذ بالشفعة فإن كان التلف بفعل المشتري
ضمنه.
(مسألة 362): إذا كان التلف بغير فعل المشتري ضمنه المشتري أيضا فيما إذا
كان التلف بعد المطالبة ومسامحة المشتري في الإقباض.
(مسألة 363): في انتقال الشفعة إلى الوارث إشكال، وعلى تقدير الانتقال
ليس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون.
(مسألة 364): إذا أسقط الشفيع حقه قبل البيع لم يسقط، وكذا إذا شهد على
البيع أو بارك للمشتري إلا أن تقوم القرينة على إرادة الإسقاط بذلك بعد البيع.
91

(مسألة 365): إذا كانت العين مشتركة بين حاضر وغائب وكانت حصة
الغائب بيد ثالث فباعها بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه والتصرف فيه،
وهل يجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه على البيع؟ إشكال، وإن
كان الجواز أقرب فإذا حضر الغائب وصدق فهو، وإن أنكر كان القول قوله بيمينه،
فإذا حلف انتزع الحصة من يد الشفيع وكان له عليه الأجرة إن كانت ذات منفعة
مستوفاة بل مطلقا، (1) فإن دفعها إلى المالك رجع بها على مدعي الوكالة.
(مسألة 366): إذا كان الثمن مؤجلا جاز للشفيع الأخذ بالشفعة بالثمن المؤجل،
والظاهر جواز إلزامه بالكفيل، ويجوز أيضا الاخذ بالثمن حالا إن رضي المشتري به
أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع.
(مسألة 367): الشفعة لا تسقط بالإقالة فإذا تقايلا جاز للشفيع الأخذ
بالشفعة، فينكشف بطلان الإقالة فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري ونماء الثمن للبائع
كما كان الحال قبلها كذلك.
(مسألة 368): إذا كان للبائع خيار رد العين فالظاهر أن الشفعة لا تسقط به،
لكن البائع إذا فسخ يرجع المبيع إليه، بل الظاهر ثبوت سائر الخيارات أيضا ومع
الفسخ يرجع المبيع إلى البائع.
(مسألة 369): إذا كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له ولا أرش
فإذا أخذ الشفيع بالشفعة فإن كان عالما به فلا شئ له وإن كان جاهلا كان له الخيار
في الرد وليس له اختيار الأرش، وإذا كان المشتري جاهلا كان له الأرش،
ولا خيار له في الرد فإذا أخذ الشفيع بالشفعة كان له الرد فإن لم يمكن الرد لم يبعد

(1) فيه اشكال.
92

رجوعه على المشتري بالأرش حتى إذا كان قد أسقطه عن البائع.
(مسألة 370): إذا اتفق اطلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع فالظاهر أن
له أخذ الأرش وعليه دفعه إلى الشفيع، وإذا اطلع الشفيع عليه دون المشتري فليس
له مطالبة البائع بالأرش ولا يبعد جواز مطالبة المشتري به إن لم يمكن الرد.
* * *
93

كتاب الإجارة
وفيه فصول
وهي المعاوضة على المنفعة عملا كانت أو غيره، فالأول مثل إجارة الخياط
للخياطة، والثاني مثل إجارة الدار.
(مسألة 371): لا بد فيها من الإيجاب والقبول، فالإيجاب مثل قول الخياط:
آجرتك نفسي، وقول صاحب الدار: أجرتك داري، والقبول مثل قول المستأجر:
قبلت، ويجوز وقوع الإيجاب من المستأجر، مثل: استأجرتك لتخيط ثوبي
واستأجرت دارك، فيقول المؤجر: قبلت، وتجري فيها المعاطاة أيضا.
(مسألة 372): يشترط في المتعاقدين أن لا يكون أحدهما محجورا عن
التصرف لصغر أو سفه أو تفليس أو رق، كما يشترط أن لا يكون أحدهما مكرها
على التصرف إلا أن يكون الإكراه بحق.
يشترط في كل من العوضين أمور:
الأول: أن يكون معلوما بحيث لا يلزم الغرر على الأحوط، (1) فالأجرة إذا
كانت من المكيل أو الموزون أو المعدود لا بد من معرفتها بالكيل أو الوزن أو العد،

(1) بل على الأقوى.
94

وما يعرف منها بالمشاهدة لا بد من مشاهدته أو وصفه على نحو ترتفع الجهالة.
(مسألة 373): لا يعتبر العلم بمقدار المنفعة فيما لا غرر مع الجهل به كما في إجارة
السيارة مثلا إلى مكة أو غيرها من البلاد المعروفة، فإن المنفعة حينئذ أمر عادي
متعارف، ولا بأس بالجهل بمقدارها ولا بمقدار زمان السير، وفي غير ذلك لا بد من
العلم بالمقدار وهو إما بتقدير المدة مثل سكنى الدار سنة أو شهرا، أو المسافة مثل
ركوب الدابة فرسخا أو فرسخين، وإما بتقدير موضوعها مثل خياطة الثوب المعلوم
طوله وعرضه ورقته وغلظته، ولا بد من تعيين الزمان في الأولين، فإذا استأجر
الدار للسكنى سنة والدابة للركوب فرسخا من دون تعيين الزمان بطلت الإجارة إلا
أن تكون قرينة على التعيين كالإطلاق الذي هو قرينة على التعجيل.
(مسألة 374): الظاهر عدم اعتبار تعيين الزمان في الإجارة على مثل الخياطة
غير المتقوم ماليته بالزمان فيجب الإتيان به متى طالب المستأجر.
الثاني: أن يكون مقدورا على تسليمه فلا تصح إجارة العبد الآبق، وإن ضمت
إليه ضميمة على الأقوى.
الثالث: أن تكون العين المستأجرة ذات منفعة فلا تصح إجارة الأرض التي
لا ماء لها للزراعة.
الرابع: أن تكون العين مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها، فلا تصح إجارة الخبز
للأكل.
الخامس: أن تكون المنفعة محللة، فلا تصح إجارة المساكن لإحراز المحرمات،
ولا إجارة الجارية للغناء.
السادس: تمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة، فلا تصح إجارة
الحائض لكنس المسجد.
95

(مسألة 375): إذا آجر مال غيره توقفت صحة الإجارة على إجازة المالك،
وإذا آجر مال نفسه وكان محجورا عليه لسفه أو رق توقفت صحتها على إجازة
الولي، وإذا كان مكرها توقفت على الرضا لا بداعي الإكراه.
(مسألة 376): إذا آجر السفيه نفسه لعمل فالأظهر الصحة، (1) والأحوط
الاستيذان من الولي.
(مسألة 377): إذا استأجر دابة للحمل فلا بد من تعيين الحمل، وإذا استأجر
دابة للركوب فلا بد من تعيين الراكب، وإذا استأجر دابة لحرث جريب من الأرض
فلابد من تعيين الأرض، نعم إذا كان اختلاف الراكب أو الحمل أو الأرض
لا يوجب اختلافا في المالية لم يجب التعيين.
(مسألة 378): إذا قال آجرتك الدار شهرا أو شهرين بطلت الإجارة، وإذا
قال: آجرتك كل شهر بدرهم صح في الشهر الأول وبطل في غيره، وكذا إذا قال
آجرتك شهرا بدرهم فإن زدت فبحسابه، هذا إذا كان بعنوان الإجارة، أما إذا كان
بعنوان الجعالة بأن يجعل المنفعة لمن يعطي درهما أو كان من قبيل الإباحة بالعوض
بأن يبيح المنفعة لمن يعطيه درهما فلا بأس.
(مسألة 379): إذا قال: إن خطت هذا الثوب بدرز فلك درهم وإن خطته
بدرزين فلك درهمان، فإن قصد الجعالة كما هو الظاهر صح، وإن قصد الإجارة
بطل، وكذا إن قال: إن خطته هذا اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلك نصف
درهم.
والفرق بين الإجارة والجعالة أن في الإجارة تشتغل ذمة العامل بالعمل

(1) بل الأقوى الفساد إلا مع إجازة الولي.
96

للمستأجر حين العقد وكذا تشتغل ذمة المستأجر بالعوض، ولأجل ذلك صارت
عقدا، وليس ذلك في الجعالة فإن اشتغال ذمة المالك بالعوض يكون بعد عمل العامل
من دون اشتغال لذمة العامل بالعمل أبدا، ولأجل ذلك صارت إيقاعا.
(مسألة 380): إذا استأجره على عمل مقيد بقيد خاص من زمان أو مكان أو
آلة أو وصف فجاء به على خلاف القيد لم يستحق شيئا على عمله، فإن لم يمكن العمل
ثانيا تخير المستأجر بين فسخ الإجارة وبين مطالبة الأجير بأجرة المثل للعمل
المستأجر عليه، فإن طالبه بها لزمه إعطاؤه أجرة المثل، وإن أمكن العمل ثانيا
وجب الإتيان به على النهج الذي وقعت عليه الإجارة.
(مسألة 381): إذا استأجره على عمل بشرط، بأن كان إن شاء الشرط في ضمن
عقد الإجارة كما إذا استأجره على خياطة ثوبه واشترط عليه قراءة سورة من
القرآن فخاط الثوب ولم يقرأ السورة كان له فسخ الإجارة وعليه حينئذ أجرة
المثل، (1) وله إمضاؤه ودفع الأجرة المسماة.
والفرق بين القيد والشرط أن متعلق الإجارة في موارد التقييد حصة خاصة
مغايرة لسائر الحصص، وأما في موارد الإشتراط فمتعلق الإجارة هو طبيعي العمل
لكن الالتزام العقدي معلق على الالتزام بما جعل شرطا.
(مسألة 382): إذا استأجر دابة إلى " كربلاء " مثلا بدرهم واشترط على نفسه
أنه إن أوصله المؤجر نهارا أعطاه درهمين صح.
(مسألة 383): لو استأجر دابة مثلا إلى مسافة بدرهمين واشترط على المؤجر
أن يعطيه درهما واحدا إن لم يوصله نهارا صح ذلك.

(1) إذا لم يزد على المسمى وإلا فالأحوط الصلح في الزائد.
97

(مسألة 384): إذا استأجر دابة على أن يوصله المؤجر نهارا بدرهمين أو ليلا
بدرهم بحيث تكون الإجارة على أحد الامرين مرددا بينهما فالإجارة باطلة.
(مسألة 385): إذا استأجره على أن يوصله إلى " كربلاء " وكان من نيته زيارة
ليلة النصف من شعبان ولكن لم يذكر ذلك في العقد ولم تكن قرينة على التعيين
استحق الأجرة وإن لم يوصله ليلة النصف من شعبان.
فصل
وفيه مسائل تتعلق بلزوم الإجارة
(مسألة 386): الإجارة من العقود اللازمة لا يجوز فسخها إلا بالتراضي بينهما
أو يكون للفاسخ الخيار، والأظهر أن الإجارة المعاطاتية أيضا لازمة.
(مسألة 387): إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدة الإجارة لم تنفسخ
الإجارة، بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الإجارة، وإذا كان
المشتري جاهلا بالإجارة أو معتقدا قلة المدة فتبين زيادتها كان له فسخ البيع وليس
له المطالبة بالأرش، وإذا فسخت الإجارة رجعت المنفعة إلى البائع.
(مسألة 388): لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الإجارة بالبيع بين أن يكون
البيع على المستأجر وغيره.
(مسألة 389): إذا باع المالك العين على شخص وآجرها وكيله مدة معينة على
شخص آخر واقترن البيع والإجارة زمانا بطلت الإجارة وصح البيع مسلوب
المنفعة مدة الإجارة، ويثبت الخيار حينئذ للمشتري.
(مسألة 390): لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر حتى فيما إذا
استأجر دارا على أن يسكنها بنفسه فمات.
98

(مسألة 391): إذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل مضي زمان يتمكن فيه من
العمل بطلت الإجارة.
(مسألة 392): إذا آجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة
فانقرضوا قبل انتهاء مدة الإجارة بطلت، وإذا آجرها البطن السابق ولاية منه على
العين لمصلحة البطون جميعها لم تبطل بانقراضه.
(مسألة 393): إذا آجر نفسه للعمل بلا قيد المباشرة فإنها لا تبطل بموته إذا كان
متمكنا منه ولو بالتسبيب، ويجب حينئذ أداء العمل من تركته كسائر الديون.
(مسألة 394): إذا آجر الولي مال الصبي في مدة تزيد على زمان بلوغه صح،
وإذا آجر الولي الصبي كذلك ففي صحتها في الزيادة إشكال (1) حتى إذا قضت
ضرورة الصبي بذلك.
(مسألة 395): إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت في أثنائها
لم تبطل الإجارة وإن كانت الخدمة منافية لحق الزوج.
(مسألة 396): إذا آجرت نفسها بعد التزويج توقفت صحة الإجارة على
إجازة الزوج فيما ينافي حقه ونفذت الإجارة فيما لا ينافي حقه.
(مسألة 397): إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه قبل انتهاء مدة الإجارة
لم تبطل الإجارة، وتكون نفقته في كسبه إن أمكن له الإكتساب لنفسه في غير زمان
الخدمة، وإن لم يمكن فهي على المسلمين كفاية. (2)

(1) بل منع في اجارة الصبى وفي إجارة ماله إلا مع المصلحة اللازمة مراعاتها
شرعا، والأحوط الاستيذان من الحاكم الشرعي أيضا.
(2) مع فقد بيت المال.
99

(مسألة 398): إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيبا فإن كان عالما به
حين العقد فلا أثر له وإن كان جاهلا به، فإن كان موجبا لفوات بعض المنفعة
- كخراب بعض بيوت الدار - قسطت الأجرة ورجع على المالك بما يقابل المنفعة
الفائتة وله فسخ العقد من أصله، هذا إذا لم يكن الخراب قابلا للانتفاع أصلا ولو بغير
السكنى وإلا لم يكن له إلا خيار العيب، وإن كان العيب، موجبا لعيب في المنفعة مثل
عرج الدابة كان له الخيار في الفسخ وليس له مطالبة الأرش، وإن لم يوجب العيب
شيئا من ذلك لكن يوجب نقص الأجرة كان له الخيار أيضا، وإن لم يوجب ذلك
أيضا فلا خيار، هذا إذا كانت العين شخصية أما إذا كان كليا وكان المقبوض معيبا
كان له المطالبة بالصحيح ولا خيار في الفسخ، وإذا تعذر الصحيح كان له الخيار في
أصل العقد.
(مسألة 399): إذا وجد المؤجر عيبا في الأجرة وكان جاهلا به كان له الفسخ
وليس له المطالبة بالأرش، وإذا كانت الأجرة كليا فقبض فردا معيبا منها فليس له
فسخ العقد بل له المطالبة بالصحيح فإن تعذر كان له الفسخ.
(مسألة 400): يجري في الإجارة خيار الغبن وخيار الشرط - حتى للأجنبي -
وخيار العيب، وخيار تخلف الشرط وتبعض الصفقة، وتعذر التسليم والتفليس
والتدليس والشركة، وخيار شرط رد العوض نظير شرط رد الثمن، ولا يجري فيها
خيار المجلس، ولا خيار الحيوان. (1)
(مسألة 401): إذا حصل الفسخ في عقد الإيجار إبتداء المدة فلا إشكال، وإذا
حصل أثناء المدة فالأقوى كونه موجبا لانفساخ العقد في جميع المدة فيرجع

(1) ولا خيار التأخير وقد تقدم في البيع.
100

المستأجر بتمام المسمى ويكون للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى. (1)
فصل
وفيه مسائل في أحكام التسليم في الإجارة
إذا وقع عقد الإجارة ملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان والعمل في
الإجارة على الأعمال بنفس العقد، وكذا المؤجر والأجير يملكان الأجرة بنفس
العقد، لكن ليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة والعمل إلا في حال تسليم الأجرة،
وليس للأجير والمؤجر المطالبة بالأجرة إلا في حال تسليم المنفعة، ويجب على كل
منهما تسليم ما عليه تسليمه إلا إذا كان الآخر ممتنعا عنه.
وتسليم المنفعة يكون بتسليم العمل فيما لا يتعلق بالعين بإتمامه وفيما يتعلق بالعين
يكون بتسليم العين، بمعنى التخلية بينها وبين المالك مع إتمام العمل فيها، وليس
للأجير المطالبة بالأجرة قبل إتمام العمل إلا إذا كان قد اشترط تقديم الأجرة صريحا
أو كانت العادة جارية على ذلك، وكذا ليس للمستأجر المطالبة بالعين المستأجرة أو
العمل المستأجر عليه مع تأجيل الأجرة إلا إذا كان قد شرط ذلك وإن كان لإجل
جريان العادة عليه.
وإذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة مع بذل المستأجر الأجرة جاز
للمستأجر إجباره على تسليم العين، كما جاز له الفسخ وأخذ الأجرة إذا كان قد

(1) هذا إذا كان سبب الخيار من الأول - كالغبن ونحوه - وأما إذا كان حاصلا في
الأثناء - كما لو استأجر دابة إلى مسافة فأعيت ونحو ذلك - أو كان من جهة
شرط الخيار لنفسه متى شاء فالأظهر الانفساخ من حين الفسخ.
101

دفعها وله إبقاء الإجارة والمطالبة بقيمة المنفعة الفائتة، وكذا إذا دفع المؤجر العين ثم
أخذها من المستأجر بلا فصل أو في أثناء المدة، ومع الفسخ في الأثناء يرجع بتمام
الأجرة، وعليه أجرة المثل لما مضى، وكذا الحكم فيما إذا امتنع المستأجر من تسليم
الأجرة مع بذل المؤجر للعين المستأجرة.
(مسألة 402): إذا كان العمل المستأجر عليه في العين التي هي بيد الأجير،
فتلفت العين بعد تمام العمل قبل دفعها إلى المستأجر من غير تفريط استحق الأجير
المطالبة بالأجرة، فإذا كان أجيرا على خياطة ثوب فتلف بعد الخياطة وقبل دفعه
إلى المستأجر استحق الأجير مطالبة الأجرة، فإذا كان الثوب مضمونا على الأجير
استحق عليه المالك قيمة الثوب مخيطا وإلا لم يستحق عليه شيئا.
(مسألة 403): يجوز للأجير بعد إتمام العمل حبس العين إلى أن يستوفي الأجرة
وإذا حبسها لذلك فتلفت من غير تفريط لم يضمن.
(مسألة 404): إذا تلفت العين المستأجرة قبل انتهاء المدة بطلت الإجارة، فإن
كان التلف قبل القبض أو بعده بلا فصل لم يستحق المالك على المستأجر شيئا، وإن
كان بعد القبض بمدة كان للمستأجر الخيار في فسخ الإيجار، فإن فسخ رجع على
المؤجر بتمام الأجرة المسماة وعليه للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى المدة الماضية، وإن
لم يفسخ قسطت الأجرة على النسبة وكان للمالك حصة من الأجرة على نسبة المدة،
هذا إذا تلفت العين بتمامها، وأما إذا تلف بعضها ولم يمكن الانتفاع به تبطل الإجارة
بنسبته من أول الأمر أو في أثناء المدة ويثبت الخيار للمستأجر حينئذ أيضا.
(مسألة 405): إذا قبض المستأجر العين المستأجرة ولم يستوف منفعتها حتى
انقضت مدة الإجارة، كما إذا استأجر دابة أو سفينة للركوب أو حمل المتاع
فلم يركبها ولم يحمل متاعه عليها أو استأجر دارا وقبضها ولم يسكنها حتى مضت
102

المدة استقرت عليه الأجرة، وكذا إذا بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر
من قبضها واستيفاء المنفعة منها حتى انقضت مدة الإجارة، وكذا الحكم في الإجارة
على الأعمال، فإنه إذا بذل الأجير نفسه للعمل وامتنع المستأجر من استيفائه، كما إذا
استأجر شخصا لخياطة ثوبه في وقت معين فهيأ الأجير نفسه للعمل فلم يدفع
المستأجر إليه الثوب حتى مضى الوقت فإنه يستحق الأجرة سواء اشتغل الأجير في
ذلك الوقت بشغل لنفسه أو غيره أم لم يشتغل، كما لا فرق على الأقوى في الإجارة
الواقعة على العين بين أن تكون العين شخصية مثل أن يؤجره الدابة فيبذلها المؤجر
للمستأجر فلا يركبها حتى يمضي الوقت وأن تكون كلية كما إذا آجره دابة كلية فسلم
فردا منها إليه أو بذله له حتى انقضت المدة، فإنه يستحق تمام الأجرة على المستأجر،
كما لا فرق في الإجارة الواقعة على الكلي بين تعيين الوقت وعدمه إذا كان قد قبض
فردا من الكلي بعنوان الجري على الإجارة، فإن الأجرة تستقر على المستأجر في
جميع ذلك وإن لم يستوف المنفعة، هذا إذا كان عدم الاستيفاء باختياره، أما إذا كان
لعذر فإن كان عاما مثل نزول المطر المانع من السفر على الدابة أو في السفينة حتى
انقضت المدة بطلت الإجارة، وليس على المستأجر شئ من الأجرة، وإن كان
العذر خاصا بالمستأجر كما إذا مرض فلم يتمكن من السفر فلا إشكال في الصحة فيما
لم تشترط فيه المباشرة، بل الأقوى الصحة فيما إذا اشترطت مباشرته في الاستيفاء
أيضا، إلا إذا كان العذر على نحو يوجب بطلان الإجارة إذا كان حاصلا قبل العقد،
فإذا استأجره لقلع ضرسه فبرئ من الألم وكان القلع حينئذ محرما بطلت الإجارة.
(مسألة 406): إذا لم يستوف المستأجر المنفعة في بعض المدة جرت الأقسام
المذكورة بعينها وجرت عليه أحكامها.
(مسألة 407): إذا غصب العين المستأجرة غاصب فتعذر استيفاء المنفعة، فإن
103

كان الغصب قبل القبض تخير المستأجر بين الفسخ، فيرجع على المؤجر بالأجرة إن
كان قد دفعها إليه والرجوع على الغاصب بأجرة المثل، وإن كان الغصب بعد القبض
تعين الثاني، وكذلك إذا منعه الظالم من الانتفاع بالعين المستأجرة من دون غصب
العين فيرجع عليه بالمقدار الذي فوته عليه من المنفعة.
(مسألة 408): إتلاف المستأجر للعين المستأجرة بمنزلة قبضها واستيفاء منفعتها
فتلزمه الأجرة.
(مسألة 409): إذا أتلفها المؤجر تخير المستأجر بين الفسخ والرجوع عليه
بالأجرة وبين الرجوع عليه بقيمة المنفعة.
(مسألة 410): إذا أتلفها الأجنبي فإن كان بعد القبض رجع المستأجر عليه
بالقيمة، وإن كان قبل القبض تخير بين الفسخ والرجوع إلى المؤجر بالأجرة وبين
الإمضاء والرجوع إلى المتلف بالقيمة.
(مسألة 411): إذا انهدم بعض الدار التي استأجرها فبادر المؤجر إلى تجديدها
فالأقوى أنه إن كانت الفترة غير معتد بها فلا فسخ ولا انفساخ، وإن كانت معتدا بها
رجع المستأجر بما يقابلها من الأجرة وكان له الفسخ في الجميع لتبعض الصفقة، فإذا
فسخ رجع بتمام الأجرة وعليه أجرة المثل لما قبل الانهدام، وإذا انهدم تمام الدار
فالظاهر انفساخ العقد.
(مسألة 412): المواضع التي تبطل فيها الإجارة وتثبت للمالك أجرة المثل (1)
لا فرق بين أن يكون المالك عالما بالبطلان وجاهلا به.

(1) إذا كانت أجرة المثل زائدة على أجرة المسمى فالأحوط وجوبا الصلح في
الزائد.
104

(مسألة 413): تجوز إجارة الحصة المشاعة من العين، لكن لا يجوز تسليمها إلى
المستأجر إلا بإذن الشريك إذا كانت العين مشتركة.
(مسألة 414): يجوز أن يستأجر اثنان دارا أو دابة فيكونان مشتركين في المنفعة
فيقتسمانها بينهما كالشريكين في ملك العين.
(مسألة 415): يجوز أن يستأجر شخصين لعمل شئ معين كحمل متاع أو غيره
أو بناء جدار أو هدمه أو غير ذلك فيشتركان في الأجرة وعليهما معا القيام بالعمل
الذي استؤجرا عليه.
(مسألة 416): لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد على الأقوى، فيجوز أن
يؤجر داره سنة مثلا متأخرة عن العقد بسنة أو أقل أو أكثر، ولا بد من تعيين مبدأ
المدة، وإذا كانت المدة محدودة وأطلقت الإجارة ولم يذكر البدء انصرف إلى
الاتصال.
(مسألة 417): إذا آجره دابة كلية ودفع فردا منها فتلف كان على المؤجر دفع
فرد آخر.
فصل
وفيه مسائل في أحكام التلف
(مسألة 418): العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر لا يضمنها إذا تلفت أو
تعيبت إلا بالتعدي أو التفريط، وإذا اشترط المؤجر ضمانها بمعنى أداء قيمتها أو أرش
عيبها صح، وأما بمعنى اشتغال الذمة بمثلها أو قيمتها فالظاهر عدم صحة اشتراطه،
كما أن الظاهر أنه لا ضمان في الإجارة الباطلة إذا تلفت العين أو تعيبت.
(مسألة 419): العين التي للمستأجر بيد الأجير الذي آجر نفسه على عمل
105

فيها، كالثوب الذي أخذه ليخيطه لا يضمن تلفه أو نقصه إلا بالتعدي أو التفريط.
(مسألة 420): إذا اشترط المستأجر ضمان العين على الأجير بمعنى أداء قيمتها
أو أرش عيبها صح الشرط.
(مسألة 421): إذا تلف محل العمل في الإجارة أو أتلفه الأجنبي قبل العمل أو في
الأثناء قبل مضي زمان يمكن فيه إتمام العمل بطلت الإجارة ورجعت الأجرة كلا أو بعضا إلى المستأجر.
(مسألة 422): إذا أتلفه المستأجر كان إتلافه بمنزلة قبضه فيستحق الأجير
عليه تمام الأجرة.
(مسألة 423): إذا أتلفه الأجير كان المستأجر مخيرا بين فسخ العقد وإمضائه،
فإن أمضى جاز له مطالبة الأجير بقيمة العمل الفائت.
(مسألة 424): المدار في القيمة على زمان الضمان. (1)
(مسألة 425): كل من آجر نفسه لعمل في مال غيره إذا أفسد ذلك المال ضمن
كالحجام إذا جنى في حجامته، والختان في ختانه، وهكذا الخياط والنجار والحداد
إذا أفسدوا، هذا إذا تجاوز الحد المأذون فيه، أما إذا لم يتجاوز ففي الضمان إشكال
وإن كان الاظهر العدم، (2) وكذا الطبيب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد فهو
ضامن، وأما إذا كان واصفا فالأظهر عدم الضمان.
(مسألة 426): إذا تبرأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليه بذلك
ولم يقصر في الاجتهاد فإنه يبرأ من الضمان بالتلف وإن كان مباشرا للعلاج.

(1) ومع اختلاف زمان الضمان عن زمان التلف فالأحوط وجوبا أداء أعلى القيم.
(2) في الختان والحجام يشكل عدم الضمان مع عدم أخذ البراءة.
106

(مسألة 427): إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره فانكسر ضمنه
مع التفريط في مشيه ولا يضمنه مع عدمه، وكذلك إذا عثر فوقع ما على رأسه على
إناء غيره فكسره. (1)
(مسألة 428): إذا قال للخياط: إن كان هذا القماش يكفيني قميصا فاقطعه
فقطعه فلم يكفه ضمن، وأما إذا قال له: هل يكفيني قميصا فقال: نعم، فقال: اقطعه،
فقطعه فلم يكفه فالظاهر أنه لا ضمان إذا كان الخياط مخطئا في اعتقاده.
(مسألة 429): إذا آجر عبده لعمل فأفسده فالأقوى كون الضمان في كسبه، فإن
لم يف فعلى ذمة العبد يتبع به بعد العتق إذا لم يكن جناية على نفس أو طرف وإلا
تعلق برقبته وللمولى فداؤه بأقل الأمرين من الأرش والقيمة إن كانت خطأ، وإن
كانت عمدا تخير ولي المجني عليه بين قتله واسترقاقه على تفصيل يأتي في محله.
(مسألة 430): إذا آجر دابته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص فلا ضمان على
صاحبها إلا إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب، وإذا كان غيره السبب كان هو
الضامن.
(مسألة 431): إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن
صاحبها ولو شرط عليه أداء قيمة التالف أو أرش النقص صح الشرط ولزم العمل
به.
(مسألة 432): إذا حمل الدابة المستأجرة أكثر من المقدار المقرر بينهما بالشرط
أو لأجل التعارف فتلفت أو تعيبت ضمن ذلك، وعليه أجرة المثل للزيادة مضافة
إلى الأجرة المسماة، وكذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معينة فزاد على ذلك.

(1) الأحوط إن لم يكن أقوى ضمان الإناء مطلقا.
107

(مسألة 433): إذا استأجر دابة لحمل المتاع مسافة معينة فركبها أو بالعكس
لزمته الأجرة المسماة وأجرة المثل للمنفعة المستوفاة، وكذا الحكم في أمثاله مما كانت
فيه المنفعة المستوفاة مضادة للمنفعة المقصودة بالإجارة بلا فرق بين الإجارة الواقعة
على الأعيان كالدار والدابة، والإجارة الواقعة على الأعمال كما إذا استأجره لكتابة
فاستعمله في الخياطة.
(مسألة 434): إذا استأجر العامل للخياطة فاشتغل العامل بالكتابة للمستأجر
عمدا أو خطأ لم يستحق على المستأجر شيئا.
(مسألة 435): إذا آجر دابة لحمل متاع زيد فحملها المالك متاع عمرو
لم يستحق أجرة، لا على زيد ولا على عمرو.
(مسألة 436): إذا استأجر دابة معينة من زيد للركوب إلى مكان معين فركب
غيرها عمدا أو خطأ لزمته الأجرة المسماة للأولى وأجرة المثل للثانية، وإذا اشتبه
فركب دابة عمرو لزمته أجرة المثل لها مضافة إلى الأجرة المسماة لدابة زيد.
(مسألة 437): إذا استأجر سفينة لحمل الخل المعين مسافة معينة فحملها خمرا
مع الخل المعين استحق المالك عليه الأجرة المسماة وأجرة المثل لحمل الخمر لو فرض
أنه كان حلالا.
(مسألة 438): يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها أو يكبحها
باللجام على النحو المتعارف إلا مع منع المالك، وإذا تعدى عن المتعارف أو مع منع
المالك ضمن نقصها أو تلفها، وفي صورة الجواز لا ضمان للنقص على الأقوى.
(مسألة 439): صاحب الحمام لا يضمن الثياب أو نحوها لو سرقت إلا إذا
جعلت عنده وديعة وقد تعدى أو فرط.
(مسألة 440): إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن إلا مع التقصير في
108

الحفظ، والظاهر أن غلبة النوم لا تعد من التقصير، نعم إذا اشترط عليه أداء القيمة
إذا سرق المتاع وجب الوفاء به، ولم يستحق أجرة في الصورتين.
(مسألة 441): إنما يجب تسليم العين المستأجرة إلى المستأجر إذا توقف استيفاء
المنفعة على تسليمها، كما في إجارة آلات النساجة والنجارة والخياطة أو كان
المستأجر قد اشترط ذلك وإلا لم يجب، فمن استأجر سفينة للركوب لم يجب على
المؤجر تسليمها إليه.
(مسألة 442): يكفي في صحة الإجارة ملك المؤجر المنفعة وإن لم يكن مالكا
للعين، فمن استأجر دارا جاز له أن يؤجرها من غيره وإن لم يكن مالكا لنفس الدار،
فإذا توقف استيفاء المنفعة على تسليمها وجب على المؤجر الثاني تسليمها إلى
المستأجر منه وإن لم يأذن له المالك، وإذا لم يتوقف استيفاء المنفعة على التسليم
كالسفينة والسيارة لم يجب على المؤجر الأول تسليمها إلى الثاني إلا إذا اشترط عليه
ذلك، ولا يجوز للمؤجر الثاني تسليمها إلى المستأجر منه وإن اشترط عليه، بل
الشرط يكون فاسدا، نعم إذا أذن له المالك فلا بأس، كما أنه في الصورة السابقة التي
يجب فيها تسليم المؤجر الثاني إلى المستأجر منه لا يجوز التسليم إلا إذا كان
المستأجر منه أمينا، فإذا لم يكن أمينا وسلمها إليه كان ضامنا، هذا إذا كانت
الإجارة مطلقة، أما إذا كانت مقيدة كما إذا استأجر دابة لركوب نفسه فلا تصح
إجارتها من غيره، فإذا آجرها من غيره بطلت الإجارة، فإذا ركبها المستأجر
الثاني وكان عالما بالفساد كان آثما ويضمن للمالك أجرة المثل للمنفعة المستوفاة
وللمؤجر بأجرة المثل للمنفعة الفائتة، ولكنه مع الجهل وعلم المؤجر بالحال يرجع
إلى المؤجر بما غرمه للمالك.
(مسألة 443): إذا آجر الدابة للركوب واشترط على المستأجر استيفاء المنفعة
109

بنفسه أو أن لا يؤجرها من غيره فآجرها قيل: بطلت الإجارة، فإذا استوفى
المستأجر منه المنفعة كان ضامنا له أجرة المثل لا للمالك، ولكن الأظهر صحة
الإجارة (1) وثبوت الخيار للمالك في فسخ عقده ومطالبة المستأجر منه بأجرة المثل.
(مسألة 444): إذا استأجر الدكان مثلا مدة فانتهت المدة وجب عليه إرجاعه
إلى المالك ولا يجوز له إيجاره من ثالث إلا بإذن المالك، كما لا يجوز له أخذ مال من
ثالث ليمكنه من الدكان المسمى في عرفنا (سرقفلية) إذا لم يشترط له ذلك إلا إذا
رضي المالك به، وإذا مات المستأجر والحال هذه لم يجز لوارثه أخذ (السرقفلية) إلا
إذا رضي المالك به فإذا أخذها برضا المالك لم يجب إخراج ثلث للميت إذا كان قد
أوصى إلا إذا كان رضا المالك مشروطا بإخراج الثلث.
(مسألة 445): إذا اشترط المستأجر على المالك في عقد الإجارة أو عقد آخر
لازم أن يأخذ (السرقفلية) جاز له أخذها فإذا مات كان ذلك موروثا لوارثه
ووجب إخراج ثلثه إذا كان أوصى به، وإذا كان للمستأجر حق في أخذ
(السرقفلية) من غيره وإن لم يرض المالك به كان ذلك من أرباح التجارة وجب
إخراج خمسه بقيمته وربما زادت القيمة وربما نقصت وربما ساوت ما دفعه.
(مسألة 446): يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن يؤجر
العين المستأجرة بأقل مما استأجرها به وبالمساوي، وكذا بالأكثر منه إذا أحدث فيها
حدثا أو كانت الأجرة من غير جنس الأجرة السابقة، بل يجوز أيضا مع عدم
الشرطين المذكورين عدا البيت (2) والدار والدكان والأجير فلا يجوز إجارتها

(1) بل الأظهر البطلان.
(2) على الأحوط وجوبا في البيت.
110

بالأكثر حينئذ، والأحوط (1) إلحاق السفينة بها، بل الأحوط إلحاق الرحى
والأرض أيضا وإن كان الأقوى فيهما الجواز على كراهة. (2)
(مسألة 447): لا يجوز أن يؤجر بعض أحد هذه الأربعة بل السفينة أيضا على
الأحوط (3) بأكثر من الأجرة كما إذا استأجر دارا بعشرة دراهم فسكن بعضها
وآجر البعض الأخر بأكثر من عشرة دراهم إلا أن يحدث فيها حدثا، وأما إذا آجره
بأقل من العشرة فلا إشكال، والأقوى الجواز بالعشرة أيضا.
(مسألة 448): إذا استؤجر على عمل من غير اشتراط المباشرة ولا مع
الانصراف إليها يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة أو الأكثر ولا يجوز
بالأقل إلا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلا كما إذا تقبل خياطة ثوب بدرهمين ففصله
أو خاط منه شيئا ولو قليلا فإنه يجوز أن يستأجر غيره على خياطته بدرهم بل
لا يبعد الاكتفاء في جواز الاستيجار بالأقل بشراء الخيوط والإبرة. (4)
(مسألة 449): في الموارد التي يتوقف العمل المستأجر عليه على تسليم العين
إلى الأجير إذا جاز للأجير أن يستأجر غيره على العمل الذي استؤجر عليه جاز له
أن يسلم العين إلى الأجير الثاني نظير ما تقدم في تسليم العين المستأجرة إلى
المستأجر الثاني.
(مسألة 450): إذا استؤجر للعمل بنفسه مباشرة ففعله غيره قبل مضي زمان

(1) بل الأظهر.
(2) لا يترك الاحتياط في الرحى.
(3) على الأقوى في السفينة وعلى الأحوط في البيت.
(4) في الاكتفاء به إشكال ولا يترك الاحتياط بالإتيان ببعض العمل.
111

يتمكن فيه الأجير من العمل بطلت الإجارة ولم يستحق العامل ولا الأجير
الأجرة، وكذلك إذا استؤجر على عمل في ذمته لا بقيد المباشرة ففعله غيره لا بقصد
التبرع عنه، وأما إذا فعله بقصد التبرع عنه كان أداء للعمل المستأجر عليه واستحق
الأجير الأجرة.
(مسألة 451): إجارة الأجير على قسمين:
(الأول): أن تكون الإجارة واقعة على منفعته الخارجية من دون اشتغال ذمته
بشئ نظير إجارة الدابة والدار ونحوهما من الأعيان المملوكة.
(الثاني): أن تكون الإجارة واقعة على عمل في الذمة فيكون العمل المستأجر
عليه دينا في ذمته كسائر الديون.
فإن كانت على النحو الأول فقد تكون الإجارة على جميع منافعه في مدة معينة،
وحينئذ لا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعا ولا بإجارة
ولا بجعالة، نعم لا بأس ببعض الأعمال التي تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها
ولا تكون منافية لما شملته، كما أنه إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال
بالنهار - مثلا - فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره تبرعا أو
بإجارة أو جعالة إلا إذا أدى إلى ضعفه في النهار عن القيام بما استؤجر عليه، فإذا
عمل في المدة المضروبة في الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها فإن كان العمل لنفسه
تخير المستأجر بين فسخ الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وبين إمضاء الإجارة
ومطالبته بقيمة العمل الذي عمله لنفسه، وكذا إذا عمل لغيره تبرعا، نعم يحتمل أن
له أيضا حينئذ مطالبة غيره بقيمة العمل الذي استوفاه فيتخير بين أمور ثلاثة
ولا يخلو من وجه، (1) وأما إذا عمل لغيره بعنوان الإجارة أو الجعالة فله الخيار

(1) وجيه إذا كان الاستيفاء بتسبيب من الغير، وإلا فالأوجه عدم ضمانه.
112

بين الأمرين المذكورين أولا وبين إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الأجرة أو الجعل
المسمى فيها، ويحتمل قريبا أن له مطالبة غيره على ما عرفت فيتخير بين أمور
أربعة.
ثم إذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الأولى في جميع الصور المذكورة ورجع
بالأجرة المسماة فيها وكان قد عمل الأجير بعض العمل للمستأجر كان له عليه أجرة
المثل. (1)
هذا إذا كانت الإجارة واقعة على جميع منافعه، أما إذا كانت على خصوص
عمل بعينه كالخياطة فليس له أن يعمل ذلك العمل لنفسه ولا لغيره لا تبرعا
ولا بإجارة ولا بجعالة، فإذا خالف وعمل لنفسه تخير المستأجر بين الأمرين
السابقين، وإن عمل لغيره تبرعا تخير بين الأمور الثلاثة (2) وإن عمل لغيره
بإجارة أو جعالة تخير بين الأمور الأربعة كما في الصورة السابقة.
وفي هذه الصورة لا مانع من أن يعمل لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة غير ذلك
العمل إذا لم يكن منافيا له، فإذا آجر نفسه في يوم معين للصوم عن زيد جاز له أن
يخيط لنفسه أو لغيره بإجارة أو جعالة وله الأجر أو الجعل المسمى، أما إذا كان
منافيا له كما إذا آجر نفسه للخياطة فاشتغل بالكتابة تخير المستأجر بين فسخ
الإجارة والمطالبة بقيمة العمل المستأجر عليه الذي فوته على المستأجر.
وإذا كانت الإجارة على النحو الثاني الذي يكون العمل المستأجر عليه في
الذمة، فتارة تؤخذ المباشرة قيدا على نحو وحدة المطلوب، وتارة على نحو تعدد

(1) ولا يترك الاحتياط بالصلح في الزائد على الأجرة المسماة.
(2) تقدم ما في إطلاقه.
113

المطلوب، فإن كان على النحو الأول جاز له كل عمل لا ينافي الوفاء بالإجارة
ولا يجوز له ما ينافيه سواء أكان من نوع العمل المستأجر عليه أم من غيره، وإذا
عمل ما ينافيه تخير المستأجر بين فسخ الإجارة والمطالبة بقيمة العمل الفائت
المستأجر عليه، وإذا آجر نفسه لما ينافيه توقفت صحة الإجارة الثانية على إجازة
المستأجر الأول، بمعنى رفع يده عن حقه، فإن لم يجز بطلت واستحق الأجير على
من عمل له أجرة المثل، (1) كما أن المستأجر الأول يتخير كما تقدم بين فسخ
الإجارة الأولى والمطالبة بقيمة العمل الفائت، وإن أجاز صحت الإجارة الثانية
واستحق الأجير على كل من المستأجر الأول والثاني الأجرة المسماة في الإجارتين
وبرئت ذمته من العمل الذي استؤجر عليه أولا.
وإن كانت الإجارة على نحو تعدد المطلوب فالحكم كذلك، نعم لا يسقط العمل
المستأجر عليه عن ذمة الأجير بمجرد الإجارة الواقعة على ما ينافيه، بل يسقط
شرط المباشرة ويجب على الأجير العمل للمستأجر الأول لا بنحو المباشرة والعمل
للمستأجر الثاني بنحو المباشرة، لكن فرض تعدد المطلوب في الذميات لا يخلو من
شبهة.
فصل
وفيه مسائل متفرقة
(مسألة 452): لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما يحصل منها كحنطة أو شعير
مقدارا معينا كما لا تجوز إجارتها بالحصة من زرعها مشاعة ربعا أو نصفا، وتجوز

(1) ولا يترك الاحتياط بالصلح في الزائد على الأجرة المسماة.
114

إجارتها بالحنطة أو الشعير في الذمة ولو كان من جنس ما يزرع فيها، فضلا عن
إجارتها بغير الحنطة والشعير من الحبوب وإن كان الأحوط تركه.
(مسألة 453): تجوز إجارة حصة مشاعة من أرض معينة، كما تجوز إجارة
حصة منها على نحو الكلي في المعين.
(مسألة 454): لا تجوز إجارة الأرض مدة طويلة لتوقف مسجدا ولا تترتب
آثار المسجد عليها، نعم تجوز إجارتها لتعمل مصلى يصلى فيه أو يتعبد فيه أو نحو
ذلك من أنواع الانتفاع، ولا تترتب عليها أحكام المسجد.
(مسألة 455): يجوز استيجار الشجرة لفائدة الاستظلال ونحوه كربط الدواب
ونشر الثياب، ويجوز استيجار البستان لفائدة التنزه.
(مسألة 456): يجوز استيجار الإنسان للاحتطاب والاحتشاش والاستقاء
ونحوها، فإن كانت الإجارة واقعة على المنفعة الخاصة وحدها أو مع غيرها ملك
المستأجر العين المحازة وإن قصد الأجير نفسه أو شخصا آخر غير المستأجر، وإن
كانت واقعة على العمل في الذمة فإن قصد الأجير تطبيق العمل المملوك عليه على
فعله الخاص بأن كان في مقام الوفاء بعقد الإجارة ملك المستأجر المحاز أيضا، وإن
لم يقصد ذلك بل قصد الحيازة لنفسه أو غيره فيما يجوز الحيازة له كان المحاز ملكا لمن
قصد الحيازة له وكان للمستأجر الفسخ والرجوع بالأجرة المسماة، والإمضاء
والرجوع بقيمة العمل المملوك له بالإجارة الذي فوته عليه.
(مسألة 457): يجوز استيجار المرأة للإرضاع بل للرضاع أيضا بمعنى ارتضاع
اللبن وإن لم يكن بفعل منها أصلا مدة معينة، ولا بد من معرفة الصبي الذي
استؤجرت لإرضاعه ولو بالوصف على نحو يرتفع الغرر، كما لا بد من معرفة
المرضعة كذلك، كما لابد أيضا من معرفة مكان الرضاع وزمانه إذا كانت تختلف
115

المالية باختلافهما.
(مسألة 458): لا بأس باستيجار الشاة والمرأة مدة معينة للانتفاع بلبنها الذي
يتكون فيها بعد الايجار، وكذلك استيجار الشجرة للثمرة والبئر للإستقاء وفي جواز
استيجارها للمنافع الموجودة فيها فعلا من اللبن والثمر والماء إشكال، بل المنع
أظهر. (1)
(مسألة 459): تجوز الإجارة لكنس المسجد، والمشهد، ونحوهما وإشعال
سراجهما ونحو ذلك.
(مسألة 460): لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة إلا في الحج عن
المستطيع العاجز عن المباشرة، وتجوز في المستحبات، ولكن في جوازها فيها على
الإطلاق حتى في مثل الصلاة والصيام إشكال، ولا بأس بها في فرض الإتيان بها
رجاء.
(مسألة 461): تجوز الإجارة عن الميت في الواجبات والمستحبات، وتجوز
أيضا الإجارة على أن يعمل الأجير عن نفسه ويهدي ثواب عمله إلى غيره.
(مسألة 462): إذا أمر غيره بإتيان عمل فعمله المأمور فإن قصد المأمور التبرع
لم يستحق أجرة وإن كان من قصد الآمر دفع الأجرة، وإن قصد الأجرة استحقها
وإن كان من قصد الآمر التبرع، إلا أن تكون قرينة على قصد المجانية كما إذا جرت
العادة على فعله مجانا أو كان المأمور ممن ليس من شأنه فعله بأجرة أو نحو ذلك مما
يوجب ظهور الطلب في المجانية.
(مسألة 463): إذا استأجره على الكتابة أو الخياطة فمع إطلاق الإجارة يكون

(1) في ظهور المنع تأمل.
116

المداد والخيوط على الأجير، وكذا الحكم في جميع الأعمال المتوقفة على بذل عين
فإنها لا يجب بذلها على المستأجر (1) إلا أن يشترط كونها عليه أو تقوم القرينة
على ذلك.
(مسألة 464): يجوز استيجار الشخص للقيام بكل ما يراد منه مما يكون
مقدورا له ويتعارف قيامه به، والأقوى أن نفقته حينئذ على نفسه لا على المستأجر
إلا مع الشرط أو قيام القرينة ولو كانت هي العادة.
(مسألة 465): يجوز أن يستعمل العامل ويأمره بالعمل من دون تعيين أجرة
ولكنه مكروه، ويكون عليه أجرة المثل لاستيفاء عمل العامل وليس من باب الإجارة.
(مسألة 466): إذا استأجر أرضا مدة معينة فغرس فيها أو زرع ما يبقى بعد
انقضاء تلك المدة فإذا انقضت المدة جاز للمالك أن يأمره بقلعه، وكذا إذا استأجرها
لخصوص الزرع أو الغرس، وليس له الإبقاء بدون رضا المالك وإن بذل الأجرة،
كما أنه ليس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع، وكذلك إذا غرس ما لا يبقى فاتفق
بقاؤه لبعض الطوارئ على الأظهر. (2)
(مسألة 467): خراج الأرض المستأجرة - إذا كانت خراجية - على المالك،
نعم إذا شرط أن تكون على المستأجر صح على الأقوى.
(مسألة 468): لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء (عليه السلام)
وفضائل أهل البيت (عليهم السلام) والخطب المشتملة على المواعظ ونحو ذلك مما له فائدة

(1) بل عليه إلا مع الشرط أو القرينة الخاصة أو العامة - كعادة ينصرف إليها
الإطلاق - على الخلاف.
(2) فيه اشكال بل منع إلا أن يكون الابقاء مع الأجرة موجبا لتضرر المالك.
117

عقلائية دينية أو دنيوية.
(مسألة 469): يجوز الاستئجار للنيابة عن الأحياء والأموات في العبادات
التي تشرع فيها النيابة دون ما لا تشرع فيه كالواجبات العبادية مثل الصلاة
والصيام عن الأحياء، وتجوز عن الأموات.
ولا تجوز الإجارة على تعليم الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة
والصيام وغيرهما مما هو محل الابتلاء على الأحوط وجوبا، بل إذا لم يكن محل
الابتلاء فلا يخلو عن إشكال أيضا. (1)
ولا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم، نعم الظاهر أنه
لا بأس بأخذ الأجرة على حفر القبر على نحو خاص من طوله وعرضه وعمقه، أما
أخذ الأجرة على مسمى حفر القبر اللازم فلا يجوز ولا تصح الإجارة عليه.
(مسألة 470): إذا بقيت أصول الزرع في الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت
فإن أعرض المالك عنها فهي لمن سبق إليها بلا فرق بين مالك الأرض وغيره، نعم
لا يجوز الدخول في الأرض إلا بإذنه، وإن لم يعرض عنها فهي له.
(مسألة 471): إذا استأجر شخصا لذبح حيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي
فصار حراما ضمن، وكذا لو تبرع بلا إجارة فذبحه كذلك.
(مسألة 472): إذا استأجر شخصا لخياطة ثوب معين مثلا لا بقيد المباشرة جاز
لغيره التبرع عنه فيه، وحينئذ يستحق الأجير الأجرة المسماة لا العامل، وإذا خاطه
غيره لا بقصد النيابة عنه بطلت الإجارة إذا لم يمض زمان يتمكن فيه الأجير من
الخياطة وإلا ثبت الخيار لكل منهما. (2)

(1) بل الأظهر الجواز.
(2) بل للمستأجر.
118

هذا فيما إذا لم تكن الخياطة من غير الأجير بأمر من المستأجر أو بإجارته ثانية
وإلا فالظاهر أن الأجير يستحق الأجرة لان التفويت حينئذ مستند إلى المستأجر
نفسه كما إذا كان هو الخائط.
وأما الخائط فيستحق على المالك أجرة المثل إن خاط بأمره، وأما إذا كان قد
استأجره ثانية للخياطة فقيل: إن الإجارة الثانية باطلة ويكون للخائط أجرة المثل،
ولكن الاظهر صحتها واستحقاق الأجير الأجرة المسماة، وإن خاط بغير أمره
ولا إجازته لم يستحق عليه شيئا وإن اعتقد أن المالك أمره بذلك.
(مسألة 473): إذا استأجره ليوصل متاعه إلى بلد كذا في مدة معينة فسافر
بالمتاع وفي أثناء الطريق حصل مانع عن الوصول بطلت الإجارة، فإن كان
المستأجر عليه نفس إيصال المتاع لم يستحق شيئا، وإن كان مجموع السفر وإيصال
المتاع على نحو تعدد المطلوب استحق من الأجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة
إلى مجموع المستأجر عليه، أما إذا كان على نحو وحدة المطلوب فالأظهر عدم
استحقاقه شيئا.
(مسألة 474): إذا كان للأجير الخيار في الفسخ لغبن أو تخلف شرط أو وجود
عيب أو غيرها فإن فسخ قبل الشروع في العمل فلا شئ له، وإن كان بعد تمام العمل
كان له أجرة المثل وإن كان في أثنائه استحق بمقدار ما أتى به من أجرة المثل إلا إذا
كان مجموع العمل ملحوظا بنحو وحدة المطلوب كما إذا استأجره على الصلاة أو
الصيام فإنه لو فسخ في الأثناء لم يكن له شئ، وكذا إذا كان الخيار للمستأجر (1)

(1) إلا أنه إذا ثبت للأجير أجرة المثل وكانت زائدة على المسمى فالأحوط الصلح
في الزائد.
119

ويحتمل بعيدا أنه إذا كان المستأجر عليه هو المجموع على نحو وحدة المطلوب ففسخ
المستأجر في الأثناء كما إذا استأجره على الصلاة ففسخ في أثنائها أن يستحق الأجير
بمقدار ما عمل من أجرة المثل.
(مسألة 475): إذا استأجر عينا مدة معينة ثم اشتراها في أثناء المدة فالإجارة
باقية على صحتها وإذا باعها في أثناء المدة ففي تبعية المنفعة للعين وجهان أقواهما
ذلك.
(مسألة 476): تجوز إجارة الأرض مدة معينة بتعميرها دارا أو تعميرها بستانا
بكري الأنهار، وتنقية الآبار، وغرس الأشجار، ونحو ذلك ولا بد من تعيين مقدار
التعمير كما وكيفا.
(مسألة 477): تجوز الإجارة على الطبابة ومعالجة المرضى سواء أكانت بمجرد
وصف العلاج أم بالمباشرة كجبر الكسير وتضميد القروح والجروح ونحو ذلك.
(مسألة 478): تجوز المقاطعة على العلاج بقيد البرء إذا كانت العادة تقتضي
ذلك، كما في سائر موارد الإجارة على الأعمال الموقوفة على مقدمات غير اختيارية
للأجير وكانت توجد عادة عند إرادة العمل.
(مسألة 479): إذا أسقط المستأجر حقه من العين المستأجرة لم يسقط وبقيت
المنفعة على ملكه.
(مسألة 480): لا يجوز في الاستيجار للحج البلدي أن يستأجر شخصا من بلد
الميت إلى (النجف) مثلا وآخر من (النجف) إلى (المدينة) وثالثا من (المدينة) إلى
(مكة) بل لا بد من أن يستأجر من يسافر من البلد بقصد الحج إلى أن يحج.
(مسألة 481): إذا استؤجر للصلاة عن الميت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط
غير الركنية سهوا، فإن كانت الإجارة على الصلاة الصحيحة كما هو الظاهر عند
120

الإطلاق استحق تمام الأجرة، وكذا إذا كانت على نفس الأعمال المخصوصة وكان
النقص على النحو المتعارف، وإن كان على خلاف المتعارف نقص من الأجرة
بمقداره.
(مسألة 482): إذا استؤجر لختم القرآن الشريف فالأحوط الترتيب بين
السور، والظاهر لزوم الترتيب بين آيات السور وكلماتها، وإذا قرأ بعض الكلمات
غلطا والتفت إلى ذلك بعد الفراغ من السورة أو الختم، فإن كان بالمقدار المتعارف
لم ينقص من الأجرة شئ، وإن كان بالمقدار غير المتعارف ففي إمكان تداركه
بقراءة ذلك المقدار صحيحا إشكال، والأحوط (1) للأجير أن يقرأ السورة من
مكان الغلط إلى آخرها.
(مسألة 483): إذا استؤجر للصلاة عن (زيد) فاشتبه وصلى عن (عمرو) فإن
كان على نحو الخطأ في التطبيق بأن كان مقصوده الصلاة عمن استؤجر للصلاة عنه
فأخطأ في اعتقاده أنه عمرو، صح عن زيد واستحق الأجرة، وإن كان على نحو
آخر لم يستحق الأجرة ولم يصح عن زيد.
(مسألة 484): الموارد التي يجوز فيها استيجار البالغ للنيابة في العبادات
المستحبة يجوز فيها أيضا استيجار الصبي والله سبحانه العالم.
* * *

(1) استحبابا.
121

كتاب المزارعة
المزارعة هي الاتفاق بين مالك الأرض (1) والزارع على زرع الأرض بحصة
من حاصلها.
يعتبر في المزارعة أمور:
(الأول): الإيجاب من المالك والقبول من الزارع بكل ما يدل على تسليم
الأرض للزراعة وقبول الزارع لها من لفظ كقول المالك للزارع مثلا سلمت إليك
الأرض لتزرعها فيقول الزارع قبلت، أو فعل دال على تسليم الأرض للزارع
وقبول الزارع لها من دون كلام، ولا يعتبر فيها العربية والماضوية، كما لا يعتبر تقديم
الإيجاب على القبول، ولا يعتبر أن يكون الإيجاب من المالك والقبول من الزارع،
بل يجوز العكس.
(الثاني): أن يكون كل من المالك والزارع بالغا وعاقلا ومختارا وأن يكون
المالك غير محجور عليه لسفه أو فلس، وكذلك العامل إذا استلزم تصرفا ماليا.
(الثالث): أن يكون نصيبهما من تمام حاصل الأرض، فلو جعل لأحدهما أول
الحاصل وللآخر آخره بطلت المزارعة، وكذا الحال لو جعل الكل لأحدهما.
(الرابع): أن تجعل حصة كل منهما على نحو الإشاعة - كالنصف والثلث

(1) أو من بحكمه.
122

ونحوهما - فلو قال للزارع ازرع واعطني ما شئت لم تصح المزارعة، وكذا لو عين
للمالك أو الزارع مقدار معين كعشرة أطنان.
(الخامس): تعيين المدة بالأشهر أو السنين أو الفصل بمقدار يمكن حصول الزرع
فيه، وعليه فلو جعل آخر المدة إدراك الحاصل بعد تعيين أولها كفى في الصحة.
(السادس): أن تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج والإصلاح، وأما إذا
لم تكن كذلك كما إذا كانت الأرض سبخة لا يمكن الانتفاع بها أو نحوها بطلت
المزارعة.
(السابع): تعيين الزرع إذا كان بينهما اختلاف نظر في ذلك وإلا لم يلزم التعيين.
(الثامن): تعيين الأرض وحدودها ومقدارها فلو لم يعينها بطلت، وكذا إذا
لم يعين مقدارها، نعم لو عين كليا موصوفا على وجه لا يكون فيه غرر كمقدار
جريب من هذه القطعة من الأرض التي لا اختلاف بين أجزائها صحت. (1)
(التاسع): تعيين ما عليهما من المصارف كالبذر ونحوه بأن يجعل على أحدهما أو
كليهما ويكفي في ذلك المتعارف الخارجي لانصراف الإطلاق إليه.
(مسألة 485): يجوز للعامل أن يزرع الأرض بنفسه أو بغيره أو بالشركة مع
غيره، هذا فيما إذا لم يشترط المالك عليه المباشرة وإلا لزم أن يزرع بنفسه.
(مسألة 486): لو أذن شخص لآخر في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما
بالنصف أو الثلث أو نحوهما فهل هو من المزارعة المصطلحة أو لا، وجهان، الظاهر
أنه من المزارعة، (2) ويترتب عليه أحكامها، وكذلك الحال لو أذن لكل من

(1) بل لا يبعد الصحة حتى مع الاختلاف.
(2) الظاهر عدم كونه منها.
123

يتصدى للزرع وإن لم يعين شخصا معينا بأن يقول: لكل من زرع أرضي هذه نصف
حاصلها أو ثلثه. (1)
(مسألة 487): قيل: (2) " يجوز اشتراط مقدار معين من الحاصل لأحدهما
وتقسيم الباقي بينهما بنسبة معينة إذا علما ببقاء شئ من الحاصل بعد استثناء ذلك
المقدار، كما يجوز استثناء مقدار البذر لمن كان منه أو استثناء مقدار خراج السلطان
أو ما يصرف في تعمير الأرض " ولكن في جواز استثناء غير الخراج من المذكورات
إشكال بل منع.
(مسألة 488): إذا عين المالك نوعا خاصا من الزرع من حنطة أو شعير أو نحو
ذلك في ضمن عقد المزارعة تعين ذلك على الزارع، فلا يجوز له التعدي عنه، ولكن
لو تعدى إلى غيره وزرع نوعا آخر منه فللمالك الخيار بين الفسخ والإمضاء، فإن
فسخ رجع على العامل بأجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض.
وأما الحاصل فهو للعامل إن كان البذر له وإن كان للمالك فله المطالبة ببدله
أيضا وعلى تقدير البذل كان الحاصل للعامل أيضا وليست له مطالبة المالك بأجرة
العمل مطلقا.
هذا إذا علم المالك بذلك بعد بلوغ الحاصل، وأما إذا علم به قبل بلوغه فله
المطالبة ببدل المنفعة الفائتة وإلزام العامل بقطع الزرع أو إبقائه بالأجرة أو مجانا إن
كان البذر له، وأما إذا كان للمالك فله المطالبة ببدل المنفعة الفائتة وبدل البذر أيضا
ومع بذله يكون الزرع للعامل.

(1) هذا من الجعالة إذا كان البذر من المالك.
(2) وهو الأقوى.
124

هذا إذا كان على نحو الإشتراط وأما إذا كان التعيين على نحو التقييد بطلت
المزارعة، وحكمه ما تقدم في فرض الفسخ.
(مسألة 489): إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع فإن كان البذر للمالك كان
الزرع له وعليه للزارع ما صرفه من الأموال وكذا أجرة عمله وأجرة الآلات التي
استعملها في الأرض (1) وإن كان البذر للزارع فالزرع له وعليه للمالك أجرة
الأرض وما صرفه المالك وأجرة أعيانه التي استعملت في ذلك الزرع.
ثم إن رضي المالك والزارع ببقاء الزرع في الأرض بالأجرة أو مجانا فهو، وإن
لم يرض المالك بذلك جاز له اجبار الزارع على إزالة الزرع وان لم يدرك الحاصل
وتضرر بذلك، وليس للزارع اجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض ولو بأجرة،
كما أنه ليس للمالك إجبار الزارع على إبقاء الزرع في الأرض ولو مجانا.
وكذلك الحال فيما إذا انقضت مدة المزارعة الصحيحة ولم يدرك الحاصل. (2)
(مسألة 490): يصح أن يشترط أحدهما على الآخر شيئا على ذمته من ذهب
أو فضة أو نحوهما مضافا إلى حصته.

(1) إذا كان ما صرفه من الأموال وأجرة عمله وأجرة الآلات زائدا على المقدار
المقرر في العقد فاستحقاق الزيادة محل إشكال، ولا يترك الاحتياط بالصلح،
وهكذا بالنسبة إلى المالك.
(2) إذا لم يتضرر المالك من بقاء الزراعة في ملكه ولم يكن بقاء الزرع موجبا
لفوات المنفعة المعتد بها ولم يكن الزارع مقصرا في إدراك الحاصل فليس للمالك
إجبار الزارع على إزالة الزرع، وعلى الزارع أجرة الأرض للزائد على مدة
المزارعة.
125

(مسألة 491): المزارعة عقد لازم لا ينفسخ إلا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط
أو بخيار تخلف بعض الشروط المشترطة فيه، ولا ينفسخ بموت أحدهما فيقوم
الوارث مقامه، نعم ينفسخ بموت الزارع إذا قيدت المزارعة بمباشرته للعمل.
(مسألة 492): إذا ترك الزارع الأرض بعد عقد المزارعة فلم يزرع حتى
انقضت المدة، فإن كانت الأرض في تصرفه وكان تركه بلا عذر ضمن أجرة المثل
للمالك، ولا فرق في ضمانه في هذه الصورة بين أن يكون المالك عالما بالحال وأن
يكون غير عالم، وإن لم تكن الأرض تحت يده بل كانت تحت يد المالك فحينئذ إن كان
المالك مطلعا على ذلك فالظاهر عدم ضمان الزارع وإن لم يكن المالك مطلعا
فالظاهر ضمانه.
(مسألة 493): يجوز لكل من المالك والزارع أن يخرص الزرع بعد إدراكه
بمقدار معين منه بشرط رضا الآخر به، وعليه فيكون الزرع للآخر وله المقدار
المعين، ولو تلف الزرع أو بعضه كان عليهما معا.
(مسألة 494): إذا غرقت الأرض قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع أو قبل
إدراكه بطلت المزارعة، وإذا غرق بعضها تخير المالك والعامل في الباقي بين الفسخ
والإمضاء.
(مسألة 495): الأقوى عدم جواز عقد المزارعة بين أكثر من اثنين بأن تكون
الأرض من واحد والبذر من آخر والعمل من ثالث والعوامل من رابع، وكذا الحال
إذا وقع العقد بين جماعة على النحو المذكور. (1)
(مسألة 496): لا فرق في صحة عقد المزارعة بين أن يكون البذر من المالك أو

(1) لا يبعد صحته ولا تجري عليه أحكام المزارعة.
126

العامل أو منهما معا، ولكن كل ذلك يحتاج إلى تعيين وجعل في ضمن العقد إلا أن
يكون هناك متعارف ينصرف إليه الإطلاق.
وكذا لا فرق بين أن تكون الأرض مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه وبين
العامل، كما أنه لا يلزم أن يكون تمام العمل على العامل فيجوز أن يكون عليهما،
وكذا الحال في سائر التصرفات والآلات، والضابط أن كل ذلك تابع للجعل في
ضمن العقد.
(مسألة 497): إذا وجد مانع في الأثناء قبل ظهور الزرع أو قبل بلوغه وإدراكه
كما إذا انقطع الماء عنه ولم يمكن تحصيله أو استولى عليه الماء ولم يمكن قطعه أو وجد
مانع لم يمكن رفعه فالظاهر بطلان المزارعة من الأول لكشفه عن عدم قابلية الأرض
للزراعة، وعليه فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر فإن كان البذر للمالك فعليه
أجرة مثل عمل العامل وإن كان للعامل فعليه أجرة مثل أرضه. (1)
(مسألة 498): إذا كانت الأرض التي وقعت المزارعة عليها مغصوبة وكان
البذر من العامل بطلت المزارعة بالإضافة إلى المزارع، فإن أجاز المالك عقد
المزارعة وقع له وإلا كان الزرع للزارع وعليه أجرة المثل لمالك الأرض، وإذا
انكشف الحال قبل بلوغ الزرع وإدراكه كان المالك مخيرا أيضا بين الإجازة والرد
فإن رد فله الأمر بالإزالة أو الرضا ببقائه ولو بأجرة وعلى الزارع أجرة المثل
بالنسبة إلى ما مضى.
(مسألة 499): تجب على كل من المالك والزارع الزكاة إذا بلغت حصة كل منهما
حد النصاب وتجب على أحدهما إذا بلغت حصته كذلك.

(1) ولا يترك الاحتياط بالصلح فيما زادت أجرة المثل على المقدار المقرر.
127

هذا إذا كان الزرع مشتركا بينهما من الأول أو من حين ظهور الثمر قبل صدق
الاسم، وأما إذا اشترطا الاشتراك بعد صدق الاسم أو من حين الحصاد والتصفية
فالزكاة على صاحب البذر سواء أكان هو المالك أم العامل.
(مسألة 500): الباقي في الأرض من أصول الزرع بعد الحصاد وانقضاء المدة إذا
نبت في السنة الجديدة وأدرك فحاصله لمالك الأرض إن لم يشترط في عقد المزارعة
اشتراكهما في الأصول. (1)
(مسألة 501): إذا اختلف (2) المالك والزارع في المدة فادعى أحدهما
الزيادة والاخر القلة فالقول قول منكر الزيادة، ولو اختلفا في الحصة قلة وكثرة
فالقول قول صاحب البذر المدعي للقلة.
وأما إذا اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أيهما فالمرجع
التحالف ومع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة.
(مسألة 502): الزارع إذا قصر في تربية الأرض فقل الحاصل لم يبعد ضمانه
التفاوت فيما إذا كان البذر للمالك، وأما إذا كان للعامل وكان التقصير قبل ظهور
الزرع فلا ضمان (3) ولكن للمالك حينئذ الفسخ والمطالبة بأجرة المثل للأرض.
(مسألة 503): لو ادعى المالك على الزارع عدم العمل بما اشترط عليه في ضمن

(1) ولا يترك الاحتياط بالصلح إذا كان البذر للزارع.
(2) المراد من الاختلاف ما لا يكون مرجعه إلى الاختلاف في صحة العقد وفساده
كما لو ادعى المالك مدة قليلة لا تكفي لبلوغ الحاصل فحينئذ فالقول قول مدعي
الزيادة.
(3) كما لا ضمان بعده مع تحديد الشركة ببلوغ الحاصل.
128

عقد المزارعة من بعض الأعمال أو ادعى تقصيره فيه على وجه يضر بالزراعة أو
تقصيره في الحفظ أو نحو ذلك وأنكره الزارع فالقول قوله.
وكذلك الحال في كل مورد ادعى أحدهما شيئا وأنكره الآخر ما لم يثبت ما
أدعاه شرعا.
(مسألة 504): إذا أوقع المتولي للوقف عقد المزارعة على الأرض الموقوفة على
البطون إلى مدة حسب ما يراه صالحا لهم لزم ولا يبطل بالموت، وأما إذا أوقعه
البطن المتقدم من الموقوف عليهم ثم مات في الأثناء قبل انقضاء المدة بطل العقد من
ذلك الحين إلا إذا أجاز البطن اللاحق.
(مسألة 505): يجوز لكل من المالك والعامل بعد ظهور الحاصل أن يصالح
الآخر عن حصته بمقدار معين من جنسه أو غير جنسه بعد التخمين (1) بحسب
المتعارف في الخارج كما يجوز ذلك قبل ظهور الحاصل مع الضميمة.
(مسألة 506): لا يعتبر في عقد المزارعة على الأرض أن تكون قابلة للزرع من
حين العقد وفي السنة الأولى، بل يصح العقد على أرض بائرة وخربة لا تصلح للزرع
إلا بعد إصلاحها وتعميرها سنة أو أكثر، وعليه فيجوز للمتولي أن يزارع الأراضي
الموقوفة وقفا عاما أو خاصا التي أصبحت بائرة إلى عشر سنين أو أقل أو أكثر
حسب ما يراه صالحا.
* * *

(1) على الأحوط استحبابا.
129

كتاب المساقاة
المساقاة هي اتفاق شخص مع آخر على سقي أشجار مثمرة وإصلاح شؤونها
إلى مدة معينة بحصة من أثمارها ويشترط فيها أمور:
(الأول): الإيجاب والقبول، ويكفي فيه كل ما يدل على المعنى المذكور من لفظ أو
فعل أو نحوهما، ولا تعتبر فيها العربية ولا الماضوية.
(الثاني): البلوغ والعقل والاختيار، وأما عدم الحجر لسفه أو فلس فهو إنما
يعتبر في المالك دون العامل محضا.
(الثالث): أن تكون أصول الأشجار مملوكة عينا ومنفعة أو منفعة فقط أو يكون
تصرفه فيها نافذا بولاية أو وكالة أو تولية.
(الرابع): أن تكون معلومة ومعينة عندهما.
(الخامس): تعيين مدة العمل فيها إما ببلوغ الثمرة المساقى عليها وإما بالأشهر أو
السنين بمقدار تبلغ فيها الثمرة غالبا فلو كانت أقل من هذا المقدار بطلت المساقاة.
(السادس): تعيين الحصة وكونها مشاعة في الثمرة فلا يجوز أن يجعل للعامل ثمرة
شجر معين دون غيره نعم يجوز اشتراط مقدار معين كطن من الثمرة مثلا بالإضافة
إلى الحصة المشاعة لأحدهما إذا علم وجود ثمرة غيرها.
(السابع): تعيين ما على المالك من الأمور وما على العامل من الأعمال، ويكفي
الانصراف إذا كان قرينة على التعيين.
130

(الثامن): أن تكون المساقاة قبل ظهور الثمرة أو بعده قبل البلوغ إذا كان محتاجا
إلى السقي ونحوه، وأما إذا لم يحتج إلى ذلك فصحتها بلحاظ القطف والحفظ محل
إشكال. (1)
(التاسع): أن تكون المعاملة على أصل ثابت وأما إذا لم يكن ثابتا كالبطيخ
والباذنجان ونحوهما فالظاهر (2) عدم وقوع المساقاة، وأما كونها معاملة مستقلة
محكومة بالصحة فمحل إشكال، والاحتياط لا يترك، ولا تصح المساقاة على
الأشجار غير المثمرة كالصفصاف والغرب ونحوهما، بل صحتها على الشجر الذي
ينتفع بورقه كالحناء ونحوه لا تخلو عن إشكال.
(مسألة 507): يصح عقد المساقاة في الأشجار المستغنية عن السقي بالمطر أو
بمص رطوبة الأرض إذا احتاجت إلى أعمال أخرى.
(مسألة 508): يجوز اشتراط شئ من الذهب أو الفضة للعامل أو المالك زائدا
على الحصة من الثمرة، وهل يجب الوفاء به إذا لم تسلم الثمرة قولان بل أقوال أظهرها
الوجوب بلا فرق بين أن يكون الشرط للمالك وأن يكون للعامل، ولا بين صورة
عدم ظهور الثمرة أصلا (3) وصورة تلفها بعد الظهور.
(مسألة 509): يجوز تعدد المالك واتحاد العامل فيساقي الشريكان عاملا
واحدا ويجوز العكس فيساقي المالك الواحد عاملين بالنصف له مثلا والنصف الآخر

(1) بل منع.
(2) الظهور محل تأمل، والاحتياط لا يترك، لكنه إذا أوقعها بعنوان الجعالة أو
الصلح مثلا فلا إشكال فيها، كما لا تبعد صحتها معاملة مستقلة.
(3) الظاهر بطلان العقد والشرط في هذه الصورة.
131

لهما ويجوز تعددهما معا.
(مسألة 510): خراج الأرض على المالك وكذا بناء الجدران وعمل الناضح
ونحو ذلك مما لا يرجع إلى الثمرة، وإنما يرجع إلى غيرها من الأرض أو الشجرة.
(مسألة 511): يملك العامل مع إطلاق العقد الحصة في المساقاة من حين ظهور
الثمرة، وإذا كانت المساقاة بعد الظهور ملك الحصة من حين تحقق العقد.
(مسألة 512): الظاهر أن عقد المغارسة باطل (1) وهي أن يدفع شخص
أرضه إلى غيره ليغرس فيها على أن تكون الأشجار المغروسة بينهما بالسوية أو
بالتفاضل على حسب القرار الواقع بينهما، فإذا اتفق وقوعها كان الغرس لمالكه، فإن
كان هو مالك الأرض استحق العامل عليه أجرة مثل عمله (2) وإن كان هو
العامل استحق عليه مالك الأرض أجرة مثل أرضه، ولكن ليس له إجبار مالك
الأرض على إبقائها ولو بأجرة، بل وجب عليه قلعها إن لم يرض المالك ببقائها، كما
أن عليه طم الحفر التي تحدث في الأرض بذلك، وليس على المالك نقص الأشجار
بالقلع، نعم لو قلعها المالك فنقصت وعابت ضمن تفاوت القيمة.
(مسألة 513): يبطل عقد المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك، ومع ذلك يكون
تمام الحاصل والثمرة له وليس للعامل مطالبته بالأجرة حيث إنه أقدم على العمل في
هذه الصورة مجانا، وأما إذا كان بطلان المساقاة من جهة أخرى وجب على المالك

(1) بعنوانها، وأما بعنوان عقد آخر جائز - كالجعالة - أو لازم - كالصلح -
فلا مانع.
(2) لا يترك الاحتياط بالصلح في الزائد على السهم المقرر وكذلك في أجرة
الأرض للمالك.
132

أن يدفع للعامل أجرة مثل ما عمله حسب المتعارف. (1)
(مسألة 514): عقد المساقاة لازم لا يبطل ولا ينفسخ إلا بالتقايل والتراضي أو
الفسخ ممن له الخيار ولو من جهة تخلف بعض الشروط التي جعلاها في ضمن العقد
أو بعروض مانع موجب للبطلان.
(مسألة 515): إذا مات المالك قام وارثه مقامه ولا تنفسخ المساقاة، وإذا مات
العامل قام وارثه مقامه إن لم تؤخذ المباشرة في العمل قيدا، فإن لم يقم الوارث
بالعمل ولا استأجر من يقوم به فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميت من
يقوم بالعمل ويقسم الحاصل بين المالك والوارث، وأما إذا أخذت المباشرة في العمل
قيدا انفسخت المعاملة.
(مسألة 516): مقتضى إطلاق عقد المساقاة كون الأعمال التي تتوقف تربية
الأشجار وسقيها عليها والآلات مشتركة بين المالك والعامل بمعنى أنهما عليهما
لا على خصوص واحد منهما، نعم إذا كان هناك تعيين أو انصراف في كون شئ على
العامل أو المالك فهو المتبع.
والضابط أن كون عمل خاص أو آلة خاصة على أحدهما دون الآخر تابع
للجعل في ضمن العقد بتصريح منهما أو من جهة الانصراف من الإطلاق وإلا فهو
عليهما معا.
(مسألة 517): إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الأعمال
فللمالك إجباره على العمل المزبور كما أن له حق الفسخ، وإن فات وقت العمل فله

(1) إطلاقه محل اشكال، فلا يترك الاحتياط بالصلح إذا كانت أجرة المثل زائدة
على المقدار المقرر.
133

الفسخ من جهة تخلف الشرط، وليس له أن لا يفسخ ويطالبه بأجرة العمل بالإضافة
إلى حصته على الأظهر الأقوى.
(مسألة 518): لا يعتبر في المساقاة أن يكون العامل مباشرا للعمل بنفسه إن
لم يشترط عليه المباشرة فيجوز له أن يستأجر شخصا في بعض أعمالها أو في تمامها،
وعليه الأجرة كما أنه يجوز أن يشترط كون أجرة بعض الأعمال على المالك.
(مسألة 519): إذا كان البستان مشتملا على أنواع من الأشجار كالنخل
والكرم والرمان ونحوها من أنواع الفواكه فلا يعتبر العلم بمقدار كل واحد من هذه
الأنواع تفصيلا في صحة المساقاة عليها، بل يكفي العلم الاجمالي بها على نحو يرتفع
معه الغرر، بل وإن لم يرتفع معه الغرر أيضا.
(مسألة 520): لا فرق في صحة المساقاة بين أن تكون على المجموع بالنصف أو
الثلث أو نحوهما وبين أن تكون على كل نوع منها بحصة مخالفة لحصة نوع آخر، كأن
تجعل في النخل النصف مثلا وفي الكرم الثلث وفي الرمان الربع وهكذا.
(مسألة 521): قيل تصح المساقاة مرددا مثلا بالنصف إن كان السقي بالناضح
وبالثلث إن كان السقي بالسيح ولا يضر هذا المقدار من الجهالة بصحتها ولكن
الاظهر عدم الصحة كما في الإجارة.
(مسألة 522): إذا تلف بعض الثمرة فهل ينقص عما اشترط أحدهما على الآخر
من ذهب أو فضة أو نحو هما بنسبة ما تلف من الثمرة أم لا وجهان الأقوى الثاني.
(مسألة 523): إذا ظهر بطريق شرعي أن الأصول في عقد المساقاة مغصوبة
فعندئذ إن أجاز المالك المعاملة صحت المساقاة بينه وبين العامل وإلا بطلت وكان
تمام الثمرة للمالك وللعامل أجرة المثل يرجع بها إلى الغاصب.
(مسألة 524): إذا كان ظهور غصب الأصول بعد تقسيم الثمرة وتلفها فعندئذ
134

للمالك أن يرجع إلى الغاصب فقط بتمام عوضها، وله أن يرجع إلى كل منهما بمقدار
حصته وليس له أن يرجع إلى العامل بتمام العوض.
(مسألة 525): تجب الزكاة على كل من المالك والعامل إذا بلغت حصة كل منهما
حد النصاب فيما إذا كانت الشركة قبل زمان الوجوب وإلا فالزكاة على المالك فقط.
(مسألة 526): إذا اختلف المالك والعامل في اشتراط شئ على أحدهما وعدمه
فالقول قول منكره.
(مسألة 527): لو اختلف المالك والعامل في صحة العقد وفساده قدم قول
مدعي الصحة.
(مسألة 528): لو اختلف المالك والعامل في مقدار حصة العامل فالقول قول
المالك المنكر للزيادة، وكذا الحال فيما إذا اختلفا في المدة.
وأما إذا اختلفا في مقدار الحاصل زيادة ونقيصة بأن يطالب المالك العامل
بالزيادة فالقول قول العامل ولا تسمع دعوى المالك على العامل الخيانة أو السرقة
أو الإتلاف أو كون التلف بتفريط منه ما لم تثبت شرعا بعد ما كان المفروض أن
العامل كان أمينا له.
* * *
135

كتاب الجعالة
الجعالة من الإيقاعات، لا بد فيها من الإيجاب عاما مثل: من رد عبدي الآبق
أو بنى جداري فله كذا، أو خاصا مثل إن خطت ثوبي فلك كذا.
ولا تحتاج إلى القبول لأنها ليست معاملة بين طرفين حتى تحتاج إلى قبول
بخلاف المضاربة والمزارعة والمساقاة ونحوها.
وتصح على كل عمل محلل مقصود عند العقلاء.
ويجوز أن يكون مجهولا كما يجوز في العوض أن يكون مجهولا إذا كان بنحو
لا يؤدي إلى التنازع مثل: من رد عبدي فله نصفه أو هذه الصبرة أو هذا الثوب،
وإذا كان العوض مجهولا محضا مثل من رد عبدي فله شئ بطلت وكان للعامل
أجرة المثل.
(مسألة 529): إذا تبرع العامل بالعمل فلا أجرة له، سواء أجعل لغيره أم
لم يجعل.
(مسألة 530): يجوز أن يكون الجعل من غير المالك كما إذا قال: من خاط ثوب
زيد فله درهم، فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زيد.
(مسألة 531): يستحق الجعل بالتسليم إذا كان المجعول عليه التسليم، أما إذا
كان المجعول عليه غيره كما إذا قال: من أوصل عبدي إلى البلد كان له درهم استحق
العامل الدرهم بمجرد الإيصال إلى البلد وإن لم يسلمه إلى أحد، وإذا قال: من خاط
136

هذا الثوب فله درهم، استحق الخياط الدرهم بمجرد الخياطة.
(مسألة 532): الجعالة جائزة يجوز للجاعل الرجوع فيها قبل العمل، وفي
جواز الرجوع في أثنائه إشكال فإن صح رجوعه فيها فلا إشكال في أن للعامل أجرة
المقدار الذي عمله.
(مسألة 533): إذا جعل جعلين بأن قال: من خاط هذا الثوب فله درهم ثم
قال: من خاط هذا الثوب فله دينار، كان العمل على الثاني، فإذا خاطه الخياط لزم
الجاعل الدينار لا الدرهم، ولو انعكس الفرض لزم الجاعل الدرهم لا الدينار، وإذا
لم تكن قرينة على العدول من الأول إلى الثاني وجب الجعلان معا.
(مسألة 534): إذا جعل جعلا لفعل فصدر جميعه من جماعة من كل واحد منهم
بعضه كان للجميع جعل واحد، لكل واحد منهم بعضه بمقدار عمله، ولو صدر الفعل
بتمامه من كل واحد منهم كان لكل واحد منهم جعل تام.
(مسألة 535): إذا جعل جعلا لمن رده من مسافة معينة فرده من بعضها كان له
من الجعل بنسبة عمله مع قصد الجاعل التوزيع.
(مسألة 536): إذا تنازع العامل والمالك في الجعل وعدمه أو في تعيين المجعول
عليه (1) أو القدر المجعول عليه أو في سعي العامل كان القول قول المالك.
(مسألة 537): إذا تنازع العامل والمالك في تعيين الجعل ففيه إشكال، والأظهر
أنه مع التنازع في قدره يكون القول قول مدعي الأقل ومع التنازع في ذاته يكون
القول قول الجاعل في نفي دعوى العامل، وتجب عليه التخلية بين ما يدعيه للعامل
وبينه.

(1) إذا كان التنازع في جنس المجعول عليه وفي جنس الجعل يكون من التداعي.
137

(مسألة 538): عقد التأمين للنفس أو المال - المعبر عنه في هذا العصر
بال‍ " سيكورته " - صحيح بعنوان المعاوضة إن كان للمتعهد بالتأمين عمل محترم له
مالية وقيمة عند العقلاء من وصف نظام للأكل أو الشرب أو غيرهما أو وضع محافظ
على المال أو غير ذلك من الأعمال المحترمة فيكون نوعا من المعاوضة، وأخذ المال
من الطرفين حلال، وإلا فالعقد باطل وأخذ المال حرام.
نعم إذا كان بعنوان الهبة المشروطة فيدفع مقدارا من المال هبة ويشترط على
المتهب دفع مال آخر على نهج خاص بينهم فأخذ المال من الطرفين حلال. (1)
* * *

(1) تقدم ما يتعلق بهذه المسألة في مستحدثات المسائل، المسألة (28).
138

كتاب السبق والرماية
(مسألة 539): لابد فيهما من إيجاب وقبول، وإنما يصحان في السهام،
والحراب، والسيوف، والإبل، والفيلة، والخيل، والبغال، والحمير، ولا يبعد صحة
المسابقة في جميع الآلات المستعملة في الحرب كالآلات المتداولة في زماننا.
(مسألة 540): يجوز أن يكون العوض عينا ودينا، وأن يبذله أجنبي أو أحدهما
أو من بيت المال، ويجوز جعله للسابق وللمحلل وليس المحلل شرطا.
(مسألة 541): لا بد في المسابقة من تعيين الجهات التي يكون الجهل بها موجبا
للنزاع، فلا بد من تقدير المسافة، والعوض وتعيين الدابة، ولا بد في الرماية من
تقدير عدد الرمي وعدد الإصابة وصفتها، وقدر المسافة، والغرض، والعوض،
ونحو ذلك.
(مسألة 542): إذا قالا بعد أن أخرج كل منهما سبقا من نفسه وأدخلا محللا: من
سبق منا ومن المحلل فله العوضان، فمن سبق من الثلاثة فهما له، فإن سبقا فلكل ماله،
وإن سبق أحدهما والمحلل فللسابق ماله ونصف الآخر، والباقي للمحلل.
(مسألة 543): المحلل هو الذي يدخل بين المتراهنين ولا يبذل معهما عوضا بل
يجري دابته بينهما أو في أحد الجانبين على وجه يتناوله العقد على أنه إن سبق بنفسه
أو مع غيره أخذ العوض أو بعضه على حسب الشرط وإن لم يسبق لم يغرم شيئا.
(مسألة 544): إذا فسد العقد فلا أجرة للغالب ويضمن العوض إذا ظهر
139

مستحقا للغير مع عدم إجازته وعدم كون الباذل غارا، (1) ويحصل السبق بتقدم
العنق أو الكتد وهو العظم الناتئ بين الظهر وأصل العنق إذا لم تكن قرينة على خلاف
ذلك.
* * *

(1) المراد أن المغرور يرجع إلى الغار.
140

كتاب الشركة
(مسألة 545): الشركة عقد جائز، فيجوز لكل من المتعاقدين فسخه، فإذا فسخ
أحدهما لم يجز للآخر التصرف في المال المشترك فيه، وينفسخ عقد الشركة بعروض
الموت أو الجنون أو الحجر بفلس أو سفه لأحد الشريكين، ويكره مشاركة الذمي.
(مسألة 546): تصح الشركة في الأموال ولا تصح في الأعمال بأن يتعاقدا على
أن تكون أجرة عمل كل منهما مشتركة بينهما فإذا تعاقدا على ذلك بطل وكان لكل
منهما أجرة عمله، نعم لو صالح كل منهما صاحبه على أن يكون نصف منفعة نفسه
بنصف منفعة صاحبه مدة معينة فقبل الآخر صح وكان عمل كل منهما مشتركا بينهما.
(مسألة 547): لو تصالح العاملان في ضمن عقد آخر لازم (1) على أن يعطي
كل منهما نصف أجرته للآخر صح ذلك ووجب العمل بالشرط.
(مسألة 548): لا تصح الشركة في الوجوه بأن يتعاقدا على أن يشتري كل منهما
مالا بثمن في ذمته إلى أجل ثم يبيعانه ويكون ربحه بينهما والخسران عليهما.
(مسألة 549): لا تصح شركة المفاوضة بأن يتعاقدا على أن يكون ما يحصل
لكل منهما من ربح تجارة أو زراعة أو إرث أو غير ذلك بينهما وما يرد على كل منهما
من غرامة تكون عليهما معا.

(1) وكذا إذا اشترطا في ضمن عقد جائز ويجب الوفاء به ما دام العقد باقيا.
141

(مسألة 550): لو تعاقدا في شركة الوجوه أو شركة المفاوضة على ما ذكر كان
لكل منهما ربحه وعليه خسارته، نعم إذا تصالحا في ضمن عقد آخر لازم (1) على
أنه إن ربح أحدهما أعطى صاحبه نصف ربحه وإن خسر أحدهما تدارك صاحبه
نصف خسارته صح في المقامين.
(مسألة 551): تتحقق الشركة في المال باستحقاق شخصين فما زاد مالا واحدا
عينا كان أو دينا بإرث أو وصية أو بفعلهما معا، كما إذا حفرا بئرا، أو اصطادا صيدا،
أو اقتلعا شجرة أو نحو ذلك من الأسباب الاختيارية وغيرها، (2) وقد تكون
بمزج المالين على نحو يرتفع الامتياز بينهما مع الاتحاد في الجنس كمزج الحنطة بالحنطة
والماء بالماء واختلافه كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير ودهن اللوز بدهن الجوز.
(مسألة 552): يلحق كلا من الشريكين من الربح والخسران بنسبة ماله فإن
تساويا في الحصة كان الربح والخسران بينهما بالسوية وإن اختلفا فبالنسبة.
(مسألة 553): إذا اشترطا المساواة في الربح مع اختلاف الحصص أو اشترطا
الاختلاف مع تساوي الحصص صح إذا كان للمشروط له عمل (3) وإلا لم يصح
الشرط.
(مسألة 554): لا يجوز لاحد الشريكين التصرف في العين المشتركة بدون إذن
شريكه وإذا أذن له في نوع من التصرف لم يجز التعدي إلى نوع آخر، نعم إذا كان

(1) وكذا إذا اشترطا في العقد الجائز ويجب الوفاء به ما دام العقد باقيا.
(2) كما تتحقق بالعقد أيضا، بأن يعاوض كل منهما نصف ماله المشاع بالنصف
المشاع من مال الآخر ببيع أو صلح مثلا.
(3) أو كان عمله أكثر قيمة.
142

الاشتراك في أمر تابع مثل البئر والطريق غير النافذ والدهليز ونحوها مما كان
الانتفاع به مبنيا عرفا على عدم الاستئذان جاز التصرف وان لم يأذن الشريك.
(مسألة 555): إذا كان ترك التصرف موجبا لنقص العين كما لو كانا مشتركين
في طعام فإذا لم يأذن أحدهما في التصرف رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي ليأذن
في أكله أو بيعه أو نحوهما ليسلم من الضرر.
(مسألة 556): إذا كانا شريكين في دار مثلا فتعاسرا، وامتنع أحدهما من الاذن
في جميع التصرفات بحيث أدى ذلك إلى الضرر رجع الشريك إلى الحاكم الشرعي
ليأذن في التصرف الأصلح حسب نظره.
(مسألة 557): إذا طلب أحد الشريكين القسمة فإن لزم الضرر منها لنقصان في
العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادة لم تجب إجابته، وإلا وجبت الإجابة ويجبر
عليها لو امتنع.
(مسألة 558): إذا طلب الشريك بيع ما يترتب على قسمته نقص ليقسم الثمن
فإنه تجب الإجابة ويجبر الشريك عليها لو امتنع.
(مسألة 559): إذا اشترط أحد الشريكين في عقد لازم (1) عدم القسمة إلى
أجل بعينه لم تجب الإجابة حينئذ إلى أن ينتهي الأجل.
(مسألة 560): يكفي في تحقق القسمة تعديل السهام ثم القرعة، وفي الاكتفاء
بمجرد التراضي وجه لكن الأحوط استحبابا خلافه.
(مسألة 561): تصح قسمة الوقف مع الملك الطلق ولا تصح قسمة الوقف في
نفسه إذا كانت منافية لشرط الواقف وإلا صحت. (2)

(1) وكذا في عقد جائز ما دام العقد باقيا.
(2) في الصحة إشكال إلا إذا تعدد الواقف والموقوف عليه.
143

(مسألة 562): الشريك المأذون أمين لا يضمن ما في يده من المال المشترك إلا
بالتعدي أو التفريط.
وإذا ادعى التلف قبل قوله مع يمينه، وكذلك يقبل قوله مع يمينه إذا ادعى عليه
التعدي أو التفريط فأنكر.
* * *
144

كتاب المضاربة
المضاربة هي أن يدفع الإنسان مالا إلى غيره ليتجر فيه على أن يكون الربح
بينهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك ويعتبر فيها أمور:
(الأول): الإيجاب والقبول، ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل أو نحو
ذلك ولا يعتبر فيهما العربية ولا الماضوية.
(الثاني): البلوغ والعقل والاختيار في كل من المالك والعامل، وأما عدم الحجر
من سفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل. (1)
(الثالث): تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك إلا أن يكون هناك
تعارف خارجي ينصرف إليه الإطلاق.
(الرابع): أن يكون الربح بينهما فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح المضاربة إلا
إذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة.
(الخامس): أن يكون العامل قادرا على التجارة فيما كان المقصود مباشرته للعمل
فإذا كان عاجزا عنه لم تصح.
هذا إذا أخذت المباشرة قيدا، وأما إذا كانت شرطا لم تبطل المضاربة، ولكن
يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط.

(1) صحة المضاربة مع العامل السفيه محل إشكال.
145

وأما إذا لم يكن لا هذا ولا ذاك وكان العامل عاجزا عن التجارة حتى مع
الاستعانة بالغير بطلت المضاربة، ولا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الأول
وطروه بعد حين فتنفسخ المضاربة من حين طرو العجز.
(مسألة 563): الأقوى صحة المضاربة بغير الذهب والفضة المسكوكين بسكة
المعاملة من الأوراق النقدية ونحوها وفي صحتها بالمنفعة إشكال، وأما الدين
فلا تصح المضاربة فيه.
(مسألة 564): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال بيد العامل فلو كان
بيد المالك وتصدى العامل للمعاملة صحت.
(مسألة 565): مقتضى عقد المضاربة الشركة في الربح ويكون لكل من العامل
والمالك ما جعل له من الحصة نصفا أو ثلثا أو نحو ذلك، وإذا وقع فاسدا كان للعامل
أجرة المثل (1) وللمالك تمام الربح.
(مسألة 566): يجب على العامل أن يقتصر على التصرف المأذون فيه فلا يجوز
التعدي عنه فلو أمره أن يبيعه بسعر معين أو بلد معين أو سوق معين أو جنس معين
فلا يجوز التعدي عنه، ولو تعدى إلى غيره لم ينفذ تصرفه وتوقف على إجازة
المالك. (2)
(مسألة 567): لا يعتبر في صحة المضاربة أن يكون المال معلوما قدرا ووصفا
كما لا يعتبر أن يكون معينا فلو أحضر المالك مالين وقال قارضتك بأحدهما صحت

(1) لا يترك الاحتياط بالصلح في الزائد على ما جعل له من الحصة.
(2) الظاهر أنه فيما تعدى عما شرط عليه المالك يكون الربح بينهما، وضمان المال
والخسارة على العامل.
146

وإن كان الأحوط أن يكون معلوما كذلك ومعينا.
(مسألة 568): لا خسران على العامل من دون تفريط، وإذا اشترط المالك
على العامل أن تكون الخسارة عليهما كالربح في ضمن العقد فالظاهر بطلان الشرط،
نعم لو اشترط على العامل أن يتدارك الخسارة من كيسه إذا وقعت صح ولا بأس به.
(مسألة 569): إذا كان لشخص مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها
فضاربه عليه صح.
(مسألة 570): إذا كان المال في يده غصبا أو لغيره مما تكون اليد فيه يد
ضمان فضاربه عليه فهل يرتفع الضمان بذلك أم لا قولان، الأقوى هو الأول.
وذلك لان عقد المضاربة في نفسه وإن لم يقتض رضا المالك ببقاء المال في يده لما
عرفت من أنه لا يعتبر في صحته كون المال بيد العامل إلا أن عقد المضاربة من المالك
على ذلك المال قرينة عرفية على رضاه ببقاء هذا المال في يده وتصرفه فيه، نعم إذا
لم تكن قرينة على ذلك لم يرتفع الضمان.
(مسألة 571): عقد المضاربة جائز من الطرفين فيجوز لكل منهما فسخه سواء
أكان قبل الشروع في العمل أم بعده، كان قبل تحقق الربح أو بعده كما أنه لا فرق في
ذلك بين كونه مطلقا أو مقيدا إلى أجل خاص.
(مسألة 572): لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره إلا
مع إذن المالك عموما أو خصوصا وعليه فلو خلط بدون إذنه ضمن ما تلف تحت
يده من ذلك المال، ولكن هذا لا يضر بصحة المضاربة بل هي باقية على حالها
والربح بينهما على النسبة.
(مسألة 573): يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة التصرف حسب ما يراه
مصلحة من حيث البائع والمشتري ونوع الجنس، نعم لا يجوز له أن يسافر به من
147

دون إذن المالك إلا إذا كان هناك تعارف ينصرف الإطلاق إليه وعليه، فلو خالف
وسافر وتلف المال ضمن، وكذا الحال في كل تصرف وعمل خارج عن عقد
المضاربة.
(مسألة 574): مع إطلاق العقد يجوز البيع حالا ونسيئة إذا كان البيع نسيئة أمرا
متعارفا في الخارج يشمله الإطلاق، وأما إذا لم يكن أمرا متعارفا فلا يجوز بدون
الإذن الخاص.
(مسألة 575): لو خالف العامل المضارب وباع نسيئة بدون إذنه فعندئذ إن
استوفى الثمن قبل اطلاع المالك فهو، وان اطلع المالك قبل الاستيفاء فان أجاز صح
البيع وإلا بطل.
(مسألة 576): إطلاق العقد لا يقتضي بيع الجنس بالنقد بل يجوز بيع الجنس
بجنس آخر أيضا، نعم لو كان الجنس من الأجناس التي لا رغبة للناس فيها أصلا
فعندئذ لا يجوز ذلك لانصراف الإطلاق عنه.
(مسألة 577): يجب على العامل بعد عقد المضاربة العمل بما يعتاد بالنسبة إليه،
وعليه أن يتولى ما يتولاه التاجر لنفسه من الأمور المتعارفة في التجارة اللائقة
بحاله، فيجوز له استئجار من يكون متعارفا استئجاره كالدلال والحمال والوزان
والكيال والمحل وما شاكل ذلك، ومن هنا يظهر أنه لو استأجر فيما كان المتعارف
مباشرته فيه بنفسه فالأجرة من ماله لا من الوسط كما أنه لو تولى ما يتعارف
الاستئجار جاز له ان يأخذ الأجرة ان لم يتصد له مجانا.
(مسألة 578): نفقة سفر العامل من المأكل والمشرب والملبس والمسكن وأجرة
الركوب وغير ذلك مما يصدق عليه النفقة من رأس المال إذا كان السفر بإذن المالك
ولم يشترط نفقته عليه، وكذلك الحال بالإضافة إلى كل ما يصرفه من الأموال في
148

طريق التجارة، نعم ما يصرفه مما لا تتوقف عليه التجارة فعلى نفسه، والمراد من
النفقة هي اللائقة بحاله فلو أسرف حسب عليه، نعم لو قتر على نفسه أو حل ضيفا
عند شخص لا يحسب له.
(مسألة 579): إذا كان شخص عاملا لاثنين أو أكثر أو عاملا لنفسه ولغيره
توزعت النفقة على نسبة العملين على الأظهر لا على نسبة المالين كما قيل.
(مسألة 580): لا يشترط في استحقاق العامل النفقة تحقق الربح، بل ينفق من
أصل المال، نعم إذا حصل الربح بعد هذا تحسب منه ويعطى المالك تمام رأس ماله ثم
يقسم الربح بينهما.
(مسألة 581): إذا مرض العامل في السفر فإن لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة،
نعم ليس له أخذ ما يحتاج إليه للبرء من المرض، وأما إذا منعه عن شغله فليس له
أخذ النفقة.
(مسألة 582): إذا فسخ العامل عقد المضاربة في أثناء السفر أو انفسخ فنفقة
الرجوع عليه لا على المال المضارب به.
(مسألة 583): إذا اختلف المالك والعامل في أنها مضاربة فاسدة أو قرض
ولم يكن هناك دليل معين لأحدهما فقد يكون الاختلاف من جهة أن العامل يدعي
القرض ليكون الربح له، والمالك يدعي المضاربة لئلا يكون عليه غير أجرة المثل
ويكون الربح له، ففي مثل ذلك يتوجه الحلف على المالك وبعده يحكم بكون الربح
للمالك وثبوت أجرة المثل للعامل.
وقد يكون من جهة أن المالك يدعي القرض لدفع الخسارة عن نفسه أو لعدم
اشتغال ذمته للعامل بشئ والعامل يدعي المضاربة الفاسدة (1) فيحكم فيه بعد

(1) مع عدم تقيد إذن المالك في العمل بالمضاربة.
149

التحالف بكون الخسارة على المالك وعدم اشتغال ذمته للعامل.
هذا إذا كان الاختلاف بينهما في كونها مضاربة فاسدة أو قرضا، وأما إذا كان
الاختلاف بينهما في أنها مضاربة فاسدة أو بضاعة فالظاهر في هذه الصورة ان يكون
الربح تماما للمالك بعد حلف المالك ولا يكون للعامل أجرة المثل.
(مسألة 584): يجوز أن يكون المالك واحدا والعامل متعددا سواء أكان المال
أيضا واحدا أو كان متعددا، وسواء أكان العمال متساوين في مقدار الجعل في العمل
أم كانوا متفاضلين، وكذا يجوز أن يكون المالك متعددا والعامل واحدا.
(مسألة 585): إذا كان المال مشتركا بين شخصين وقارضا واحدا واشترطا له
النصف وتفاضلا في النصف الآخر بأن جعل لأحدهما أكثر من الآخر مع تساويهما
في رأس المال أو تساويا فيه بأن كانت حصة كل منهما مساوية لحصة الآخر مع
تفاضلهما في رأس المال فالظاهر بطلان المضاربة إذا لم تكن الزيادة في مقابل عمل.
نعم لو كان المقصود من ذلك النقص على حصة العامل، بمعنى أن أحدهما قد
جعل للعامل في العمل بماله أقل مما جعله الآخر، مثلا جعل أحدهما له ثلث ربح
حصته وجعل الآخر له ثلثي ربح حصته صحت المضاربة.
(مسألة 586): تبطل المضاربة بموت كل من المالك والعامل، أما على الأول
فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته، فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة
جديدة، وأما على الثاني فلفرض اختصاص الإذن به.
(مسألة 587): لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلا في عمله أو يستأجر شخصا إلا
بإذن المالك كما لا يجوز أن يضارب غيره إلا بأذنه، فلو فعل ذلك بدون إذنه وتلف
ضمن.
نعم لا بأس بالاستئجار أو التوكيل في بعض المقدمات على ما هو المتعارف في
150

الخارج المنصرف إليه الإطلاق.
(مسألة 588): يجوز لكل من المالك والعامل أن يشترط على الآخر في ضمن
عقد المضاربة مالا أو عملا كخياطة ثوب أو نحوها أو إيقاع بيع أو صلح أو وكالة أو
قرض أو نحو ذلك، ويجب الوفاء بهذا الشرط سواء أتحقق الربح بينهما أم لم يتحقق،
وسواء أكان عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجي أم من جهة ترك العامل العمل
بالتجارة.
(مسألة 589): مقتضى عقد المضاربة خارجا ملكية العامل لحصته من حين
ظهور الربح ولا تتوقف على الإنضاض أو القسمة، نعم لو عرض بعد ذلك خسران
أو تلف يجبر به إلى أن تستقر ملكية العامل.
وهل يكفي في الاستقرار قسمة تمام الربح والمال بينهما فحسب من دون فسخ
المضاربة خارجا أو لا يكفي؟ وجهان، الظاهر هو الأول لأنها فسخ فعلي، وعليه
فلا يكون التلف بعد القسمة محسوبا من الربح.
(مسألة 590): إذا ظهر الربح وتحقق في الخارج فطلب أحدهما قسمته فإن
رضي الآخر فلا مانع منها، وإن لم يرض فإن كان هو المالك فليس للعامل إجباره
عليها وإن كان هو العامل فالظاهر أن للمالك إجباره عليها.
(مسألة 591): إن اقتسما الربح ثم عرض الخسران فإن حصل بعده ربح جبر به
إذا كان بمقداره أو أكثر واما إذا كان أقل منه وجب على العامل رد أقل الأمرين من
مقدار الخسران وما أخذه من الربح.
(مسألة 592): إذا باع العامل حصته من الربح أو وهبها أو نحو ذلك ثم طرأت
الخسارة على مال المضاربة وجب على العامل دفع أقل الأمرين من قيمة ما باعه أو
وهبه ومقدار الخسران، ولا يكشف الخسران اللاحق عن بطلان البيع أو الهبة أو
151

نحوهما بل هو في حكم التلف.
(مسألة 593): لا فرق في جبر الخسارة بالربح بين الربح السابق واللاحق ما
دام عقد المضاربة باقيا، بل الأظهر الجبر وإن كانت الخسارة قبل الشروع في
التجارة، كما إذا سرق في أثناء سفر التجارة قبل الشروع فيها أو في البلد قبل
الشروع في السفر.
هذا في تلف البعض، وأما لو تلف الجميع قبل الشروع في التجارة فالظاهر أنه
موجب لبطلان المضاربة، هذا في التلف السماوي، وأما إذا أتلفه العامل أو الأجنبي
فالمضاربة لا تبطل إذا أدى المتلف بدل التالف.
(مسألة 594): فسخ عقد المضاربة أو انفساخه تارة يكون قبل الشروع في
العمل وأخرى بعده وقبل ظهور الربح وعلى كلا التقديرين لا شئ للمالك ولا عليه
وكذا العامل من دون فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك.
(مسألة 595): لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك وصرف مقدار
من رأس المال في نفقته فالاحتياط في هذه الصورة بإرضاء المالك لا يترك.
(مسألة 596): إذا كان الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح فإن رضي كل من
المالك والعامل بالقسمة فلا كلام وان لم يرض أحدهما أجبر عليها.
(مسألة 597): إذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب على العامل أخذها
بعد الفسخ أو الانفساخ أو لا وجهان، والوجوب إن لم يكن أقوى فهو أحوط.
(مسألة 598): لا يجب على العامل بعد الفسخ إلا التخلية بين المالك وبين ماله،
وأما الإيصال إليه فلا يجب إلا إذا أرسله إلى بلد آخر فعندئذ الأظهر وجوب الرد
إلى بلده.
(مسألة 599): إذا اختلف المالك والعامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه
152

للعامل، بأن ادعى المالك الزيادة وأنكرها العامل قدم قول العامل مع يمينه إذا
لم تكن للمالك بينة عليها، ولا فرق في ذلك بين كون رأس المال موجودا أو تالفا مع
ضمان العامل.
(مسألة 600): إذا اختلفا في مقدار نصيب العامل بأن يدعي المالك الأقل
والعامل يدعي الأكثر فالقول قول المالك.
(مسألة 601): إذا ادعى المالك على العامل الخيانة والتفريط فالقول قول
العامل.
(مسألة 602): لو ادعى المالك على العامل أنه شرط عليه بأن لا يشتري
الجنس الفلاني أو لا يبيع من فلان أو نحو ذلك والعامل ينكره فالقول قول المالك،
فإن الشك يرجع إلى أن المالك هل أذن فيما يدعيه العامل أم لا فالأصل عدمه.
(مسألة 603): لو ادعى العامل التلف وأنكره المالك قدم قول العامل، وكذا
الحال إذا ادعى الخسارة أو عدم الربح أو عدم حصول المطالبات مع فرض كونه
مأذونا في المعاملات النسيئة.
(مسألة 604): لا فرق في سماع قول العامل في هذه الفروض بين أن تكون
الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده، بل الأظهر سماع قوله حتى فيما إذا ادعى بعد
الفسخ التلف بعده.
(مسألة 605): إذا مات العامل وكان عنده مال المضاربة فإن كان معلوما بعينه
فلا كلام، وإن علم بوجوده في التركة من غير تعيين فيأخذ المالك مقدار ماله
منها (1) ولا يكون المالك شريكا مع الورثة بالنسبة على الأظهر الأقوى.

(1) لابد من المصالحة مع الورثة أو التعيين بالقرعة.
153

(مسألة 606): إذا كان رأس المال مشتركا بين شخصين فضاربا واحدا ثم فسخ
أحد الشريكين دون الآخر فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالإضافة إلى حصة الآخر.
(مسألة 607): إذا أخذ العامل مال المضاربة وأبقاه عنده ولم يتجر به إلى مدة
قليلة أو كثيرة لم يستحق المالك عليه غير أصل المال، وإن كان عاصيا في تعطيل
مال الغير.
(مسألة 608): إذا اشترط العامل على المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح
جابرا للخسران المتقدم على الربح أو المتأخر عنه فالظاهر الصحة.
* * *
154

كتاب الوديعة
وهي من العقود الجائزة ومفادها الائتمان في الحفظ.
(مسألة 609): يجب على الودعي حفظ الوديعة بمجرى العادة وإذا عين المالك
محرزا تعين، فلو خالف ضمن إلا مع الخوف إذا لم ينص المالك على الخوف وإلا
ضمن حتى مع الخوف.
(مسألة 610): يضمن الودعي الوديعة لو تصرف فيها تصرفا منافيا للاستئمان
وموجبا لصدق الخيانة كما إذا خلطها بماله بحيث لا تتميز أو أودعه كيسا مختوما ففتح
ختمه أو أودعه طعاما فأكل بعضه أو دراهم فاستقرض بعضها.
(مسألة 611): إذا أودعه كيسين فتصرف في أحدهما ضمنه دون الأخر.
(مسألة 612): إذا كان التصرف لا يوجب صدق الخيانة كما إذا كتب على
الكيس بيتا من الشعر أو نقش عليه نقشا أو نحو ذلك فإنه لا يوجب ضمان الوديعة
وإن كان التصرف حراما لكونه غير مأذون فيه.
(مسألة 613): يجب على الودعي علف الدابة وسقيها ويرجع به على المالك.
(مسألة 614): إذا فرط الودعي ضمن ولا يزول الضمان إلا بالرد إلى المالك أو
الابراء منه.
155

(مسألة 615): يجب على الودعي أن يحلف للظالم ويوري (1) إن أمكن ولو
أقر له ضمن.
(مسألة 616): يجب رد الوديعة إلى المودع أو وارثه بعد موته وإن كان كافرا
إلا إذا كان المودع غاصبا فلا يجوز ردها إليه، بل يجب ردها إلى مالكها، فإن ردها
إلى المودع ضمن، ولو جهل المالك عرف بها فإن لم يعرفه تصدق بها عنه، فإن وجد
ولم يرض بذلك فالأظهر عدم الضمان، ولو أجبره الغاصب على أخذها منه لم يضمن.
(مسألة 617): إذا أودعه الكافر الحربي فالأحوط إنه تحرم عليه الخيانة
ولم يصح له تملك المال ولا بيعه.
(مسألة 618): إذا اختلف المالك والودعي في التفريط أو قيمة العين كان القول
قول الودعي مع يمينه، وكذلك إذا اختلفا في التلف إن لم يكن الودعي متهما.
(مسألة 619): إذا اختلفا في الرد فالأظهر أن القول قول المالك مع يمينه،
وكذلك إذا اختلفا في أنها دين أو وديعة مع التلف.
(مسألة 620): لا يصح إيداع الصبي (2) والمجنون فإن لم يكن مميزا لم يضمن
الوديعة حتى إذا أتلف وكذلك المجنون.
(مسألة 621): إذا كان الودعي صبيا مميزا ضمن بالاتلاف، ولا يضمن بمجرد
القبض، ولا سيما إذا كان بإذن الولي، وفي ضمانه بالتفريط والاهمال إشكال والأظهر
الضمان.

(1) على الأحوط.
(2) إلا إذا كان مميزا وحافظا للوديعة ولم يكن الايداع مستلزما للتصرف في
ماله.
156

كتاب العارية
وهي التسليط على العين للانتفاع بها مجانا.
(مسألة 622): كل عين مملوكة يصح الانتفاع بها مع بقائها تصح إعارتها،
وتجوز إعارة ما تملك منفعته وإن لم تملك عينه.
(مسألة 623): ينتفع المستعير على العادة الجارية، ولا يجوز له التعدي عن ذلك
فإن تعدى ضمن، ولا يضمن مع عدمه إلا أن يشترط عليه الضمان أو تكون العين
من الذهب أو الفضة وإن لم يكونا مسكوكين على اشكال ضعيف، ولو اشترط عدم
الضمان فيهما صح.
(مسألة 624): إذا نقصت العين المستعارة بالاستعمال المأذون فيه لم تضمن، وإذا
استعار من الغاصب ضمن، فإن كان جاهلا رجع على المعير بما أخذ منه إذا كان قد غره.
(مسألة 625): إذا أذن له في انتفاع خاص لم يجز التعدي عنه إلى غيره وإن كان معتادا.
(مسألة 626): تصح الإعارة للرهن، وللمالك المطالبة بالفك بعد المدة، بل قيل
له المطالبة قبلها أيضا ولا يبطل الرهن.
(مسألة 627): إذا لم يفك الرهن جاز بيع العين في وفاء الدين فإن كان الرهن
عارية ضمن المستعير العين بما بيعت به إلا أن تباع بأقل من قيمة المثل.
وفي ضمان الراهن العين لو تلفت بغير الفك إشكال، والظاهر عدم الضمان إلا مع
اشتراطه.
157

كتاب اللقطة
وهي المال الضائع الذي لا يد لاحد عليه، المجهول مالكه.
(مسألة 628): الضائع إما إنسان أو حيوان أو غيرهما من الأموال.
(والأول): يسمى لقيطا.
(والثاني): يسمى ضالة.
(والثالث): يسمى لقطة بالمعنى الأخص.
(مسألة 629): لقيط دار الاسلام محكوم بحريته، وكذا لقيط دار الكفر إذا كان
فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه، ووارثه الامام إذا لم يكن له وارث وكذلك
الامام عاقلته، وإذا بلغ رشيدا فأقر برقيته قبل منه.
(مسألة 630): لقيط دار الكفر إذا لم يكن فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه
يجوز استرقاقه.
(مسألة 631): أخذ اللقيط واجب على الكفاية إذا توقف عليه حفظه، فإذا
أخذه كان أحق بتربيته وحضانته من غيره إلا أن يوجد من له الولاية عليه لنسب
أو غيره، فيجب دفعه إليه حينئذ ولا يجري عليه حكم الالتقاط.
(مسألة 632): ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنه ملكه. (1)

(1) اطلاقه لغير المميز محل اشكال وإن كان لا يجوز اخذه منه.
158

(مسألة 633): يشترط في ملتقط الصبي البلوغ والعقل والحرية، فلا اعتبار
بالتقاط الصبي والمجنون والعبد إلا بإذن مولاه بل يشترط الاسلام فيه إذا كان
اللقيط محكوما بإسلامه، فلو التقط الكافر صبيا في دار الاسلام لم يجر على التقاطه
أحكام الالتقاط ولا يكون أحق بحضانته.
(مسألة 634): اللقيط إن وجد متبرع بنفقته أنفق عليه، وإلا فإن كان له مال
أنفق عليه منه بعد الاستئذان من الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه، وإلا أنفق
الملتقط من ماله عليه ورجع بها عليه (1) إن لم يكن قد تبرع بها وإلا لم يرجع.
(مسألة 635): يكره أخذ الضالة حتى لو خيف عليها التلف.
(مسألة 636): إذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري والجبال والاجام
والفلوات ونحوها من المواضع الخالية من السكان، فإن كان الحيوان يحفظ نفسه
ويمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير والفرس والجاموس
والثور ونحوها لم يجز أخذه سواء أكان في كلاء وماء أم لم يكن فيهما إذا كان صحيحا
يقوى على السعي إليهما، فإن أخذه الواجد حينئذ كان آثما وضامنا له وتجب عليه
نفقته ولا يرجع بها على المالك، وإذا استوفى شيئا من نمائه كلبنه وصوفه كان عليه
مثله أو قيمته، وإذا ركبه أو حمله حملا كان عليه أجرته ولا يبرأ من ضمانه إلا بدفعه
إلى مالكه، نعم إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم
الشرعي. (2)
(مسألة 637): إن كان الحيوان لا يقوى على الامتناع من السباع جاز أخذه

(1) في جواز الرجوع إذا كبر وتولى إلى ملتقطه اشكال.
(2) على الأحوط في الاستيذان.
159

كالشاة وأطفال الإبل والبقر والخيل والحمير ونحوها، فإن أخذه عرفه في موضع
الالتقاط والأحوط أن يعرفه في ما حول موضع الالتقاط أيضا فإن لم يعرف المالك
جاز له تملكها والتصرف فيها بالاكل والبيع.
والمشهور أنه يضمنها حينئذ بقيمتها لكن من الظاهر أن الضمان مشروط بمطالبة
المالك فإذا جاء صاحبها وطلبها وجب عليه دفع القيمة، وجاز له أيضا إبقاؤها
عنده إلى أن يعرف صاحبها ولا ضمان عليه حينئذ.
(مسألة 638): إذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق فإن كان قد أعرض عنه
جاز لكل أحد تملكه كالمباحات الأصلية ولا ضمان على الآخذ، وإذا تركه عن جهد
وكلل بحيث لا يقدر أن يبقى عنده ولا يقدر أن يأخذه معه، فإذا كان الموضع الذي
تركه فيه لا يقدر الحيوان على التعيش فيه لأنه لا ماء ولا كلاء ولا يقوى الحيوان فيه
على السعي إليهما جاز لكل أحد أخذه وتملكه.
وأما إذا كان الحيوان يقدر فيه على التعيش لم يجز لاحد أخذه ولا تملكه، فمن
أخذه كان ضامنا له، وكذا إذا تركه عن جهد وكان ناويا للرجوع إليه قبل ورود
الخطر عليه.
(مسألة 639): إذا وجد الحيوان في العمران وهو المواضع المسكونة التي يكون
الحيوان فيها مأمونا كالبلاد والقرى وما حولها مما يتعارف وصول الحيوان منها إليه
لم يجز له أخذه، ومن أخذه ضمنه ويجب عليه التعريف ويبقى في يده مضمونا إلى أن
يؤديه إلى مالكه، فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم الشرعي. (1)
نعم إذا كان غير مأمون من التلف عادة لبعض الطوارئ لم يبعد جريان حكم

(1) على الأحوط في الاستيذان.
160

غير العمران عليه من جواز تملكه في الحال بعد التعريف ومن ضمانه له كما سبق.
(مسألة 640): إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار إنسان لا يجوز له أخذها
ويجوز إخراجها من الدار وليس عليه شئ إذا لم يكن قد أخذها، أما إذا أخذها ففي
جريان حكم اللقطة عليها اشكال، والأحوط التعريف بها حتى يحصل اليأس من
معرفة مالكها ثم يتصدق بها، (1) ولا يبعد عدم ضمانها لصاحبها إذا ظهر.
(مسألة 641): إذا احتاجت الضالة إلى نفقة فإن وجد متبرع بها أنفق عليها
وإلا أنفق عليها من ماله ورجع بها على المالك.
(مسألة 642): إذا كان للضالة نماء أو منفعة استوفاها الآخذ يكون ذلك بدل ما
أنفقه عليها، ولكن لا بد أن يكون ذلك بحساب القيمة على الأقوى.
(مسألة 643): كل ما ليس حيوانا ولا إنسانا إذا كان ضائعا ومجهول المالك
وهو المسمى لقطة بالمعنى الأخص يجوز أخذه على كراهة، ولا فرق بين ما يوجد في
الحرم وغيره وإن كانت كراهة الاخذ في الأول أشد وآكد.
(مسألة 644): لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه من متاعها فهو لصاحبه
وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه إذا كان صاحبه قد تركه.
(مسألة 645): اللقطة المذكورة إن كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها بمجرد
الاخذ ولا يجب فيها التعريف ولا الفحص عن مالكها، ثم إذا جاء المالك فإن كانت
العين موجودة ردها إليه وإن كانت تالفة لم يكن عليه البدل. (2)
(مسألة 646): إذا كانت قيمة اللقطة درهما فما زاد وجب على الملتقط التعريف

(1) والأحوط الاستيذان من الحاكم الشرعي.
(2) بل الأحوط وجوبا ردها إن كانت موجودة ورد بدلها إن كانت تالفة.
161

بها والفحص عن مالكها فإن لم يعرفه فإن كان قد التقطها في الحرم فالأحوط (1)
أن يتصدق بها عن مالكها وليس له تملكها، وإن التقطها في غير الحرم تخير بين أمور
ثلاثة: تملكها مع الضمان، والتصدق بها مع الضمان، وإبقاؤها أمانة في يده بلا ضمان.
(مسألة 647): المدار في القيمة على مكان الالتقاط وزمانه دون غيره من
الأمكنة والأزمنة.
(مسألة 648): المراد من الدرهم ما يساوي (6 / 12) حمصة من الفضة
المسكوكة فإن عشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية وربع مثقال.
(مسألة 649): إذا كان المال الملتقط مما لا يمكن تعريفه إما لأنه لا علامة فيه
كالمسكوكات المفردة والمصنوعات بالمصانع المتداولة في هذه الأزمنة أو لان مالكه قد
سافر إلى البلاد البعيدة التي يتعذر الوصول إليها أو لان الملتقط يخاف من الخطر والتهمة
إن عرف به أو نحو ذلك من الموانع سقط التعريف، والأحوط التصدق به عنه، (2)
وجواز التملك لا يخلو من إشكال وإن كان الاظهر جوازه (3) فيما لا علامة له.
(مسألة 650): تجب المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط إلى تمام السنة على
وجه التوالي، فإن لم يبادر إليه كان عاصيا ولكن لا يسقط وجوب التعريف عنه، بل
تجب المبادرة إليه بعد ذلك إلى أن ييأس من المالك.
وكذا الحكم لو بادر إليه من حين الالتقاط ولكن تركه بعد ستة أشهر مثلا حتى
تمت السنة.

(1) بل الأقوى.
(2) بإذن الحاكم الشرعي.
(3) بل الأحوط عدم التملك.
162

فإذا تم التعريف تخير بين التصدق والابقاء للمالك.
(مسألة 651): إذا كان الملتقط قد ترك المبادرة إلى التعريف من حين الالتقاط
لعذر أو ترك الاستمرار عليه كذلك إلى انتهاء السنة فالحكم كما تقدم فيتخير بين
التصدق والابقاء للمالك غير إنه لا يكون عاصيا.
(مسألة 652): لا تجب مباشرة الملتقط للتعريف فتجوز له الاستنابة فيه بلا
أجرة أو بأجرة، والأقوى كون الأجرة عليه لا على المالك وإن كان الالتقاط بنية
إبقائها في يده للمالك.
(مسألة 653): إذا عرفها سنة كاملة، فقد عرفت انه يتخير بين التصدق وغيره
من الأمور المتقدمة، ولا يشترط في التخيير بينها اليأس من معرفة المالك.
(مسألة 654): إذا كان الملتقط يعلم بالوصول إلى المالك لو زاد في التعريف على
السنة فالأحوط لو لم يكن أقوى لزوم التعريف حينئذ وعدم جواز التملك أو
التصدق.
(مسألة 655): إذا كانت اللقطة مما لا تبقى كالخضر والفواكه واللحم ونحوها
جاز أن يقومها الملتقط على نفسه ويتصرف فيها بما شاء من أكل ونحوه ويبقى الثمن
في ذمته للمالك.
كما يجوز له أيضا بيعها على غيره ويحفظ ثمنها للمالك (1) والأحوط (2) أن
يكون بيعها على غيره بإذن الحاكم الشرعي، ولا يسقط التعريف عنه على الأحوط،
بل يحفظ صفاتها ويعرف بها سنة فإن وجد صاحبها دفع إليه الثمن الذي باعها به أو

(1) والأحوط وجوبا تأخير التصرف مالم يطرء عليها الفساد.
(2) بل الأقوى.
163

القيمة التي في ذمته وإلا لم يبعد جريان التخيير المتقدم.
(مسألة 656): إذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر وجب عليه
التعريف بها سنة، فإن وجد المالك دفعها إليه وإن لم يجده ووجد الملتقط الأول جاز
دفعها إليه إذا كان واثقا بأنه يعمل بوظيفته، وعليه إكمال التعريف سنة ولو بضميمة
تعريف الملتقط الثاني، فإن لم يجد أحدهما حتى تمت السنة جرى التخيير المتقدم من
التملك والتصدق والابقاء للمالك.
(مسألة 657): قد عرفت أنه يعتبر تتابع التعريف طوال السنة، فقال بعضهم
يتحقق التتابع بأن لا ينسى اتصال الثاني بما سبقه، ويظهر انه تكرار لما سبق، ونسب
إلى المشهور أنه يعتبر فيه أن يكون في الأسبوع الأول كل يوم مرة، وفي بقية الشهر
الأول كل أسبوع مرة، وفي بقية الشهور كل شهر مرة، وكلا القولين مشكل، واللازم
الرجوع إلى العرف فيه ولا يبعد صدقه إذا كان في كل ثلاثة أيام.
(مسألة 658): يجب أن يكون التعريف في موضع الالتقاط ولا يجزئ في غيره.
(مسألة 659): إذا كان الالتقاط في طريق عام أو في السوق أو ميدان البلد ونحو
ذلك وجب أن يكون التعريف في مجامع الناس كالأسواق ومحل إقامة الجماعات
والمجالس العامة ونحو ذلك مما يكون مظنة وجود المالك.
(مسألة 660): إذا كان الالتقاط في القفار والبراري فإن كان فيها نزال عرفهم،
وإن كانت خالية فالأحوط التعريف في المواضع القريبة التي هي مظنة وجود المالك.
(مسألة 661): إذا التقط في موضع الغربة جاز له السفر واستنابة شخص أمين
في التعريف ولا يجوز السفر بها إلى بلده.
(مسألة 662): إذا التقطها في منزل السفر جاز له السفر بها والتعريف بها في بلد
المسافرين.
164

(مسألة 663): إذا التقط في بلده جاز له السفر واستنابة أمين في التعريف.
(مسألة 664): اللازم في عبارة التعريف مراعاة ما هو أقرب إلى تنبيه السامع
لتفقد المال الضائع وذكر صفاته للملتقط، فلا يكفي أن يقول من ضاع له شئ أو
مال، بل لا بد أن يقال من ضاع له ذهب أو فضة أو إناء أو ثوب أو نحو ذلك مع
الاحتفاظ ببقاء إبهام للقطة فلا يذكر جميع صفاتها.
وبالجملة يتحرى ما هو أقرب إلى الوصول إلى المالك فلا يجدي المبهم المحض
ولا المتعين المحض بل أمر بين الامرين.
(مسألة 665): إذا وجد مقدارا من الدراهم أو الدنانير وأمكن معرفة صاحبها
بسبب بعض الخصوصيات التي هي فيها مثل العدد الخاص والزمان الخاص والمكان
الخاص وجب التعريف ولا تكون حينئذ مما لا علامة له الذي تقدم سقوط التعريف
فيه.
(مسألة 666): إذا التقط الصبي أو المجنون، فإن كانت اللقطة دون الدرهم جاز
للولي أن يقصد تملكها لهما، وإن كانت درهما فما زاد جاز لوليهما التعريف بها سنة
وبعد التعريف سواء أكان من الولي أم من غيره يجري التخيير المتقدم. (1)
(مسألة 667): إذا تملك الملتقط اللقطة بعد التعريف فعرف صاحبها، فإن كانت
العين موجودة دفعها إليه وليس للمالك المطالبة بالبدل، وإن كانت تالفة أو منتقلة
منه إلى غيره ببيع أو صلح أو هبة أو نحوها كان للمالك عليه البدل وهو المثل في
المثلي، والقيمة في القيمي.

(1) لكنه إذا تصدق الولي ولم يرض مالكها فالأحوط وجوبا أن يؤدي البدل من
ماله.
165

(مسألة 668): إذا تصدق الملتقط بها فعرف صاحبها غرم له المثل أو القيمة
وليس له الرجوع بالعين إن كانت موجودة ولا الرجوع على المتصدق عليه بالمثل أو
القيمة إن كانت مفقودة، هذا إذا لم يرض المالك بالصدقة وإلا فلا رجوع له على أحد
وكان له أجر التصدق.
(مسألة 669): اللقطة أمانة في يد الملتقط لا يضمنها إلا بالتعدي عليها أو
التفريط بها ولا فرق بين مدة التعريف وما بعدها، نعم إذا تملكها أو تصدق بها
ضمنها على ما عرفت.
(مسألة 670): المشهور جواز دفع الملتقط اللقطة إلى الحاكم فيسقط وجوب
التعريف عن الملتقط وفيه إشكال، وكذا الاشكال في جواز أخذ الحاكم لها أو
وجوب قبولها.
(مسألة 671): إذا شهدت البينة بأن مالك اللقطة فلان وجب دفعها إليه وسقط
التعريف سواء أكان ذلك قبل التعريف أم في أثنائه أم بعده قبل التملك أم بعده.
نعم إذا كان بعد التملك فقد عرفت أنه إذا كانت موجودة عنده دفعها إليه، وإن
كانت تالفة أو بمنزلة التالفة دفع إليه البدل، وكذا إذا تصدق بها ولم يرض المالك
بالصدقة.
(مسألة 672): إذا تلفت العين قبل التعريف فإن كانت غير مضمونة بأن لم يكن
تعد أو تفريط سقط التعريف، وإذا كانت مضمونة لم يسقط.
وكذا إذا كان التلف في أثناء التعريف ففي الصورة الأولى يسقط التعريف وفي
الصورة الثانية يجب إكماله فإذا عرف المالك دفع إليه المثل أو القيمة.
(مسألة 673): إذا ادعى اللقطة مدع وعلم صدقه وجب دفعها إليه، وكذا إذا
وصفها بصفاتها الموجودة فيها مع حصول الاطمئنان بصدقه، ولا يكفي مجرد
166

التوصيف بل لا يكفي حصول الظن أيضا.
(مسألة 674): إذا عرف المالك وقد حصل للقطة نماء متصل دفع إليه العين
والنماء سواء حصل النماء قبل التملك أم بعده.
(مسألة 675): إذا حصل للقطة نماء منفصل فإن حصل قبل التملك كان للمالك
وإن حصل بعده كان للملتقط.
(مسألة 676): إذا لم يعرف المالك وقد حصل للقطة نماء فإن كان متصلا ملكه
الملتقط تبعا لتملك اللقطة، وأما إذا كان منفصلا ففي جواز تملكه إشكال والأحوط
التصدق به.
(مسألة 677): لو عرف المالك ولكن لم يمكن إيصال اللقطة إليه ولا إلى وكيله
فإن أمكن الاستيذان منه في التصرف فيها ولو بمثل الصدقة عنه أو دفعها إلى أقاربه
أو نحو ذلك تعين وإلا تعين التصدق بها عنه.
(مسألة 678): إذا مات الملتقط، فإن كان بعد التعريف والتملك انتقلت إلى
وارثه كسائر أملاكه، (1) وإن كان بعد التعريف وقبل التملك فالمشهور قيام
الوارث مقامه في التخيير بين الأمور الثلاثة أو الامرين، وإن كان قبل التعريف قام
الوارث مقامه فيه، وإن كان في أثنائه قام مقامه في إتمامه.
فإذا تم التعريف تخير الوارث بين الأمور الثلاثة أو الاثنين، والأحوط إجراء
حكم مجهول المالك عليه في التعريف به إلى أن يحصل اليأس من الوصول إلى مالكه
ثم يتصدق به عنه.
(مسألة 679): إذا وجد مالا في صندوقه ولم يعلم أنه له أو لغيره، فإن كان

(1) إلا أنه ان جاء مالكها وطالبها دفعها إليه.
167

لا يدخل أحد يده في صندوقه فهو له، وإن كان يدخل أحد يده في صندوقه عرفه
إياه فإن عرفه دفعه إليه وإن أنكره فهو له، وإن جهله لم يبعد الرجوع إلى
القرعة (1) كما في سائر موارد تردد المال بين مالكين.
هذا إذا كان الغير محصورا، أما إذا لم يكن فلا يبعد الرجوع إلى القرعة فإن
خرجت باسم غيره فحص عن المالك وبعد اليأس منه تصدق به عنه.
(مسألة 680): إذا وجد مالا في داره ولم يعلم أنه له أو لغيره فإن لم يدخلها أحد
غيره أو يدخلها قليل فهو له، وإن كان يدخلها كثير كما في المضائف ونحوها جرى
عليه حكم اللقطة.
(مسألة 681): إذا تبدلت عباءة إنسان بعباءة غيره أو حذاؤه بحذاء غيره، فإن
علم أن الذي بدله قد تعمد ذلك جاز له أخذ البدل من باب المقاصة، فإن كانت
قيمته أكثر من ماله تصدق بالزائد إن لم يمكن إيصاله إلى المالك.
وإن لم يعلم أنه قد تعمد ذلك فإن علم رضاه بالتصرف جاز له التصرف فيه
وإلا جرى عليه حكم مجهول المالك فيفحص عن المالك فإن يئس منه ففي جواز
أخذه وفاء عما أخذه إشكال، (2) والأحوط التصدق به بإذن الحاكم الشرعي،
وأحوط منه أخذه وفاءا ثم التصدق به عن صاحبه كل ذلك بإذن الحاكم الشرعي.
* * *

(1) مع عدم التصالح.
(2) بل الظاهر وجوب التصدق.
168

كتاب الغصب
وهو حرام عقلا وشرعا ويتحقق بالاستيلاء على مال الغير (1) ظلما وإن
كان عقارا ويضمن تمامه بالاستقلال، ولو سكن الدار قهرا مع المالك ضمن النصف
لو كانت بينهما بنسبة واحدة، ولو اختلفت فبتلك النسبة، ويضمن المنفعة إذا كانت
مستوفاة، وكذا إذا فاتت تحت يده، ولو غصب الحامل ضمن الحمل.
(مسألة 682): لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة فشردت أو من القعود
على بساطه فسرق لم يضمن ما لم يستند الاتلاف إليه وإلا فيضمن.
(مسألة 683): لو غصب من الغاصب تخير المالك في الاستيفاء ممن شاء، فإن
رجع على الأول رجع الأول على الثاني، وإن رجع على الثاني لم يرجع على الأول.
(مسألة 684): إذا استولى على حر فتلف عنده فلا ضمان على المستولي وإن
كان الحر صغيرا إلا أن يكون تلفه مستندا إليه.
(مسألة 685): إذا منع حرا عن عمله لم يضمن (2) إلا إذا كان أجيرا خاصا
لغيره فيضمن لمن استأجره، ولو كان أجيرا له لزمته الأجرة، ولو استعمل الحر فعليه
اجرة عمله.

(1) أو حقه.
(2) في عدم الضمان إذا كان الممنوع كسوبا اشكال.
169

(مسألة 686): لو أزال القيد عن العبد المجنون أو الفرس ضمن جنايتهما، وكذا
الحكم في كل حيوان جنى على غيره من انسان أو حيوان أو غيرهما، فان صاحبه
يضمن جنايته إذا كان بتفريط منه، إما بترك رباطه أو بحله من الرباط إذا كان
الحيوان من شأنه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه.
(مسألة 687): لو انهار جدار الجار فوقع على إنسان أو حيوان أو غيرهما
فصاحب الدار ضامن إذا كان عالما بالانهيار فلم يصلحه أو يهدمه وتركه حتى
انهدم فأصاب عينا فأتلفها.
وكذا لو كان الجدار في الطريق العام فإن صاحب الجدار ضامن للتلف الحاصل
من انهدامه إذا لم يبادر إلى قلعه أو اصلاحه.
وضمان صاحب الجدار في الفرضين مشروط بجهل التالف بالحال إن كان انسانا
وبجهل مالكه إن كان من الأموال، فلو وقف شخص تحت الجدار المنهار أو ربط
حيوانه هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار فتلف الانسان أو الحيوان لم يكن على
صاحب الجدار ضمان.
(مسألة 688): ضمان الانسان يتعلق بذمته في ماله لا على عاقلته.
(مسألة 689): لو فتح بابا فسرق غيره المتاع ضمن السارق.
(مسألة 690): لو أجج نارا من شأنها السراية إلى مال الغير فسرت إليه ضمنه،
وإذا لم يكن من شأنها السراية فاتفقت السراية بتوسط الريح أو غيره لم يضمن.
(مسألة 691): يضمن المسلم للذمي الخمر والخنزير بقيمتهما عندهم مع
الاستتار، وكذا يضمن للمسلم حق اختصاصه فيما إذا استولى عليهما لغرض صحيح.
(مسألة 692): يجب رد المغصوب فإن تعيب ضمن الأرش، (1) فإن تعذر

(1) فعليه قيمة ما بين الصحة والعيب يوم الرد.
170

الرد ضمن مثله ولو لم يكن مثليا ضمنه بقيمته يوم الغصب، (1) والأحوط
استحبابا التصالح لو اختلفت القيمة من يوم غصبه إلى أدائه.
(مسألة 693): لو أعوز المثل في المثلي ضمن قيمة يوم الأداء.
(مسألة 694): لو زادت القيمة للسوق فنقصت لم يضمنها، ولو زادت الصفة
فنقصت ضمنها، فعليه رد العين وقيمة تلك الزيادة، ولو تجددت صفة لا قيمة لها
لم يضمنها.
(مسألة 695): لو زادت القيمة لنقص بعضه مما له مقدر كالجب فعليه دية
الجناية، ولو زادت العين زيادة حكمية أو عينية كانت الزيادة للمالك وإن كانت
مستندة إلى فعل الغاصب، نعم إذا كانت الزيادة ملك الغاصب كما إذا غرس في
الأرض المغصوبة شجرا رجع بها وعليه أرش النقصان لو نقصت العين وليس له
الرجوع بأرش نقصان عينه.
(مسألة 696): لو غصب عبدا وجنى عليه بكمال قيمته رده مع القيمة على قول
وفيه تأمل.
(مسألة 697): لو امتزج المغصوب بجنسه، فإن كان بما يساويه شارك المالك
بقدر كميته، وإن كان بأجود منه أو بالأدون فله أن يشارك بقدر ماليته، وله أن
يطالب الغاصب ببدل ماله، وكذا لو كان المزج بغير جنسه ولم يتميز كامتزاج الخل
بالعسل ونحو ذلك.
(مسألة 698): لو اشترى شيئا جاهلا بالغصب رجع بالثمن على الغاصب وبما
غرم للمالك عوضا عما لا نفع له في مقابله أو كان له فيه نفع، ولو كان عالما فلا رجوع

(1) والأحوط وجوبا أداء أعلى القيم من يوم الغصب إلى يوم التلف.
171

بشئ مما غرم للمالك.
(مسألة 699): لو غصب أرضا فزرع فيها زرعا كان الزرع له وعليه الأجرة
للمالك، والقول قول الغاصب في مقدار القيمة مع اليمين وتعذر البينة.
(مسألة 700): يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب ولو قهرا وإذا
انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك، ولا يجوز له مطالبة الغاصب
بما صرفه في سبيل أخذ الحق.
(مسألة 701): إذا كان له دين على آخر وامتنع من أدائه وصرف مالا في سبيل
تحصيله لا يجوز له أن يأخذه من المدين إلا إذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة
لازمة.
(مسألة 702): إذا وقع في يده مال الغاصب جاز أخذه مقاصة ولا يتوقف على
إذن الحاكم الشرعي، كما لا يتوقف ذلك على تعذر الاستيفاء بواسطة الحاكم
الشرعي.
(مسألة 703): لا فرق في مال الغاصب المأخوذ مقاصة بين أن يكون من جنس
المغصوب وغيره كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده وغيره.
(مسألة 704): إذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من ماله أخذ منه حصة تساوي
ماله وكان بها استيفاء حقه، ولا يبعد جواز بيعها أجمع واستيفاء دينه من الثمن،
والأحوط أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي ويرد الباقي من الثمن إلى الغاصب.
(مسألة 705): لو كان المغصوب منه قد استحلف الغاصب فحلف على عدم
الغصب لم تجز المقاصة منه.
* * *
172

كتاب احياء الموات
المراد بالموات الأرض المتروكة التي لا ينتفع به إما لعدم المقتضي لاحيائها وإما
لوجود المانع عنه كانقطاع الماء عنها أو استيلاء المياه أو الرمول أو الاحجار أو
السبخ عليها أو نحو ذلك.
(مسألة 706): الموات على نوعين:
1 - الموات بالأصل وهو ما لم يعلم بعروض الحياة عليه أو علم عدمه، كأكثر
البراري والمفاوز والبوادي وسفوح الجبال ونحو ذلك.
2 - الموات بالعارض وهو ما عرض عليه الخراب والموتان بعد الحياة
والعمران.
(مسألة 707): يجوز لكل أحد إحياء الموات بالأصل، والظاهر أنه يملك به من
دون فرق بين كون المحيى مسلما أو كافرا.
(مسألة 708): الموات بالعارض على أقسام:
الأول: ما لا يكون له مالك، وذلك كالأراضي الدارسة المتروكة والقرى أو
البلاد الخربة والقنوات الطامسة التي كانت للأمم الماضية الذين لم يبق منهم أحد بل
ولا اسم ولا رسم، أو انها تنسب إلى طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم.
الثاني: ما يكون له مالك مجهول لم يعرف شخصه.
الثالث: ما يكون له مالك معلوم.
173

أما القسم الأول فحاله حال الموات بالأصل ولا يجري عليه حكم مجهول المالك.
وأما القسم الثاني ففي جواز احيائه والقيام بعمارته وعدمه وجهان: المشهور
هو الأول، ولكن الأحوط فيه الفحص عن صاحبه وبعد اليأس عنه يعامل معه
معاملة مجهول المالك، فإما أن يشتري عينه من الحاكم الشرعي أو وكيله المأذون
ويصرف ثمنه على الفقراء، وإما أن يستأجره منه بأجرة معينة أو يقدر ما هو أجرة
مثله ويتصدق بها على الفقراء، هذا فيما إذا لم يعلم بإعراض مالكه عنه، وأما إذا علم
به جاز احياؤه وتملكه بلا حاجة إلى الاذن أصلا.
وأما القسم الثالث فإن أعرض عنه صاحبه جاز لكل أحد إحياؤه، وإن
لم يعرض عنه فإن أبقاه مواتا للانتفاع به على تلك الحال من حشيشه أو قصبه أو
جعله مرعى لدوابه وأنعامه، أو أنه كان عازما على احيائه وإنما أخر ذلك لانتظار
وقت صالح له أو لعدم توفر الآلات والأسباب المتوقف عليها الاحياء ونحو ذلك،
فلا إشكال في جميع ذلك في عدم جواز احيائه لاحد والتصرف فيه بدون إذن
مالكه.
وأما إذا علم أن ابقاءه من جهة عدم الاعتناء به وأنه غير قاصد لاحيائه
فالظاهر جواز احيائه لغيره إذا كان سبب ملك المالك الأول الاحياء، وليس له
انتزاعه من يد المحيي وإن كان الأحوط أنه لو رجع إليه المالك الأول أن يعطي حقه
إليه ولا يتصرف فيه بدون اذنه.
وأما إذا كان سبب ملكه غير الاحياء من الشراء أو الإرث فالأحوط عدم
جواز احيائه لغيره والتصرف فيه بدون اذنه، ولو تصرف فيه بزرع أو نحوه فعليه
أجرته لمالكه على الأحوط.
(مسألة 709): كما يجوز إحياء البلاد القديمة الخربة والقرى الدارسة التي باد
174

أهلها كذلك يجوز حيازة موادها وأجزائها الباقية من الأخشاب والأحجار والاجر
وما شاكل ذلك ويملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.
(مسألة 710): الأراضي الموقوفة التي طرأ عليها الموتان والخراب على أقسام:
1 - ما لا يعلم كيفية وقفها أصلا وأنها وقف خاص أو عام أو أنها وقف على
الجهات أو على أقوام.
2 - ما علم أنها وقف على أقوام ولم يبق منهم أثر أو على طائفة لم يعرف منهم
سوى الاسم خاصة.
3 - ما علم أنها وقف على جهة من الجهات ولكن تلك الجهة غير معلومة أنها
مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غير ذلك.
4 - ما علم أنها وقف على أشخاص ولكنهم غير معلومين بأشخاصهم
وأعيانهم كما إذا علم أن مالكها وقفها على ذريته مع العلم بوجودهم فعلا.
5 - ما علم أنها وقف على جهة معينة أو أشخاص معلومين بأعيانهم.
6 - ما علم اجمالا بأن مالكها قد وقفها ولكن لا يدري أنه وقفها على جهة
كمدرسته المعينة أو أنه وقفها على ذريته المعلومين بأعيانهم ولم يكن طريق شرعي
لاثبات وقفها على أحد الامرين.
أما القسم الأول والثاني فالظاهر أنه لا إشكال في جواز احيائهما لكل أحد
ويملكهما المحيي فحالهما من هذه الناحية حال سائر الأراضي الموات.
وأما القسم الثالث فالمشهور جواز احيائه ولكنه لا يخلو من إشكال، فالأحوط
لمن يقوم باحيائه وعمارته بزرع أو نحوه أن يراجع الحاكم الشرعي (1) أو وكيله

(1) الاشتراء من الحاكم محل اشكال بل منع وكذلك في القسم الرابع.
175

ويدفع أجرة مثله إليه أو يصرفها في وجوه البر، وله أن يشتريه منه أو يستأجره
بأجرة معينة، وكذلك الحال في القسم الرابع.
وأما القسم الخامس فيجب على من أحياه وعمره أجرة مثله ويصرفها في الجهة
المعينة إذا كان الوقف عليها ويدفعها إلى الموقوف عليهم المعينين إذا كان الوقف
عليهم، ويجب أن يكون التصرف بإجازة المتولي أو الموقوف عليهم.
وأما السادس فيجب على من يقوم بعمارته واحيائه أجرة مثله ويجب صرفها
في الجهة المعينة بإجازة من الذرية كما أنه يجب عليه أن يستأذن في تصرفه فيه منهم
ومن المتولي لتلك الجهة إن كان وإلا فمن الحاكم الشرعي أو وكيله، وإذا لم يجز
الذرية الصرف في تلك الجهة فينتهي الامر إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه كما
يأتي.
(مسألة 711): من أحيى أرضا مواتا تبعها حريمها بعد الاحياء، وحريم كل
شئ مقدار ما يتوقف عليه الانتفاع به، ولا يجوز لاحد أن يحيي هذا المقدار بدون
رضا صاحبه.
(مسألة 712): حريم الدار عبارة من مسلك الدخول إليها والخروج منها في
الجهة التي يفتح إليها باب الدار ومطرح ترابها ورمادها ومصب مائها وثلوجها وما
شاكل ذلك.
(مسألة 713): حريم حائط البستان ونحوه مقدار مطرح ترابه والآلات
والطين والجص إذا احتاج إلى الترميم والبناء.
(مسألة 714): حريم النهر مقدار مطرح ترابه وطينه إذا احتاج إلى الاصلاح
والتنقية والمجاز على حافتيه للمواظبة عليه.
(مسألة 715): حريم البئر موضع وقوف النازح إذا كان الاستقاء منها باليد،
176

وموضع تردد البهيمة والدولاب والموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه،
ومصبه ومطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة ونحو ذلك.
(مسألة 716): حريم العين ما تحتاج إليه في الانتفاع منها على نحو ما مر في
غيرها.
(مسألة 717): حريم القرية ما تحتاج إليه في حفظ مصالحها ومصالح أهلها من
مجمع ترابها وكناستها ومطرح سمادها ورمادها ومجمع أهاليها لمصالحهم ومسيل
مائها والطرق المسلوكة منها وإليها ومدفن موتاهم ومرعى ماشيتهم ومحتطبهم وما
شاكل ذلك، كل ذلك بمقدار حاجة أهل القرية بحيث لو زاحم مزاحم لوقعوا في ضيق
وحرج وهي تختلف باختلاف سعة القرية وضيقها وكثرة أهاليها وقلتهم وكثرة
مواشيها ودوابها وقلتها، وهكذا وليس لذلك ضابط غير ذلك وليس لاحد أن
يزاحم أهاليها في هذه المواضع.
(مسألة 718): حريم المزرعة ما يتوقف عليه الانتفاع منها، ويكون من
مرافقها كمسالك الدخول إليها والخروج منها ومحل بيادرها وحظائرها ومجتمع
سمادها ونحو ذلك.
(مسألة 719): الأراضي المنسوبة إلى طوائف العرب والعجم وغيرهم
لمجاورتها لبيوتهم ومساكنهم من دون تملكهم لها بالاحياء باقية على اباحتها
الأصلية، فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها، ولا يجوز لهم أخذ الأجرة ممن
ينتفع بها، وإذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر والنزاع لا تكون القسمة صحيحة،
فيجوز لكل من المتقاسمين التصرف فيما يختص بالآخر بحسب القسمة.
نعم إذا كانوا يحتاجون إليها لرعي الحيوان أو نحو ذلك كانت من حريم أملاكهم
ولا يجوز لغيرهم مزاحمتهم وتعطيل حوائجهم.
177

(مسألة 720): للبئر حريم آخر، وهو أن يكون الفصل بين بئر وبئر أخرى
بمقدار لا يكون في احداث البئر الثانية ضرر على الأولى من جذب مائها تماما أو
بعضا أو منع جريانه من عروقها، وهذا هو الضابط الكلي في جميع أقسامها.
(مسألة 721): للعين والقناة أيضا حريم آخر، وهو أن يكون الفصل بين عين
وعين أخرى وقناة وقناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع وفي الأرض
الرخوة ألف ذراع.
ولكن الظاهر أن هذا التحديد غالبي حيث إن الغالب يندفع الضرر بهذا المقدار
من البعد وليس تعبديا، وعليه فلو فرض أن العين الثانية تضر بالأولى وينقص
ماؤها مع هذا البعد فالظاهر عدم جواز إحداثها، ولا بد من زيادة البعد بما يندفع به
الضرر أو يرضى به مالك الأولى، كما أنه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في
إحداث قناة أخرى في أقل من هذا البعد فالظاهر جوازه بلا حاجة إلى الاذن من
صاحب القناة الأولى.
ولا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات وبين إحداثها في ملكه، فكما يعتبر
في الأول أن لا يكون مضرا بالأولى فكذلك في الثاني.
كما أن الامر كذلك في الآبار والأنهار التي تكون مجاري للماء فيجوز احداث
بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر أخرى كذلك، وكذلك احداث نهر قرب
آخر وليس لمالك الأول منعه إلا إذا استلزم ضررا فعندئذ يجوز منعه.
(مسألة 722): يجوز احياء الموات التي في أطراف القنوات والآبار في غير
المقدار الذي يتوقف عليه الانتفاع منها، فإن اعتبار البعد المذكور في القنوات
والآبار إنما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر أخرى فقط.
(مسألة 723): إذا لم تكن الموات من حريم العامر ومرافقه على النحو المتقدم
178

جاز احياؤها لكل أحد وإن كانت بقرب العامر، ولا تختص بمن يملك العامر
ولا أولوية له.
(مسألة 724): الظاهر أن الحريم مطلقا ليس ملكا لمالك ما له الحريم سواء أكان
حريم قناة أو بئر أو قرية أو بستان أو دار أو نهر أو غير ذلك، وإنما لا يجوز لغيره
مزاحمته فيه باعتبار أنه من متعلقات حقه.
(مسألة 725): لا حريم للاملاك المتجاورة، مثلا لو بنى المالكان المتجاوران
حائطا في البين لم يكن له حريم من الجانبين وكذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه
حائطا أو غيره لم يكن له حريم في ملك الأخر.
(مسألة 726): يجوز لكل مالك أن يتصرف في ملكه بما شاء ما لم يستلزم ضررا
على جاره، وإلا فالظاهر عدم جوازه، كما إذا تصرف في ملكه على نحو يوجب
خللا في حيطان دار جاره، أو حبس ماء في ملكه بحيث تسري الرطوبة إلى بناء
جاره، أو أحدث بالوعة أو كنيفا بقرب بئر الجار فأوجب فساد مائها، أو حفر بئرا
بقرب بئر جاره، فأوجب نقصان مائها.
والظاهر عدم الفرق بين أن يكون النقص مستندا إلى جذب البئر الثانية ماء
الأولى وأن يكون مستندا إلى كون الثانية أعمق من الأولى، نعم لا مانع من تعلية
البناء وإن كانت مانعة عن الاستفادة من الشمس أو الهواء.
(مسألة 727): إذا لزم من تصرفه في ملكه ضرر معتد به على جاره ولم يكن
مثل هذا الضرر أمرا متعارفا فيما بين الجيران لم يجز له التصرف فيه، ولو تصرف
وجب عليه رفعه.
هذا إذا لم يكن في ترك التصرف ضرر على المالك، وأما إذا كان في تركه ضرر
179

عليه ففي جواز تصرفه عندئذ وعدمه وجهان، (1) والاحتياط في ترك التصرف
لا يترك.
كما أن الأحوط ان لم يكن أقوى ضمانه للضرر الوارد على جاره إذا كان مستندا
إليه عرفا، مثلا لو حفر بالوعة في داره تضر ببئر جاره وجب عليه طمها إلا إذا كان
فيه ضرر على المالك، وعندئذ ففي وجوب طمها وعدمه إشكال (2) والاحتياط
لا يترك.
نعم الظاهر عدم جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر متأخرا عن حفر
البالوعة.
(مسألة 728): من سبق من المؤمنين إلى أرض ذات أشجار وقابلة للانتفاع بها
ملكها ولا يتحقق السبق إليها إلا بالاستيلاء عليها وصيرورتها تحت سلطانه
وخروجها من امكان استيلاء غيره عليها.
(مسألة 729): قد حث في الروايات الكثيرة على رعاية الجار وحسن المعاشرة
مع الجيران وكف الأذى عنهم وحرمة ايذائهم، وقد ورد في بعض الروايات أن
الجار كالنفس وان حرمته كحرمة أمه.
وفى بعضها الأخر ان حسن الجوار يزيد في الرزق ويعمر الديار ويزيد في
الأعمار.
وفي الثالث: من كف أذاه عن جاره أقال الله عثرته يوم القيامة، وفي الرابع:
ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره، وغيرها مما قد أكد في الوصية بالجار

(1) والأوجه عدم الجواز.
(2) الأقوى هو الوجوب.
180

وتشديد الامر فيه.
(مسألة 730): يستحب للجار الإذن في وضع خشب جاره على حائطه مع
الحاجة، ولو أذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه، وكذا بعد البناء إذا لم يضر الرفع
وإلا فالظاهر عدم جوازه.
(مسألة 731): لو تداعيا جدارا لا يد لأحدهما عليه فهو للحالف منهما مع
نكول الأخر، ولو حلفا أو نكلا فهو لهما، (1) ولو اتصل ببناء أحدهما دون الأخر
أو كان له عليه طرح فهو له مع اليمين.
(مسألة 732): إذا اختلف مالك العلو ومالك السفل كان القول قول مالك
السفل في جدران البيت وقول مالك العلو في السقف (2) وجدران الغرفة
والدرجة، وأما المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل وطريق العلو في
الصحن بينهما والباقي للأسفل.
(مسألة 733): يجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملكه إذا تدلت
عليه، فإن تعذر عطفها قطعها بإذن مالكها، فإن امتنع أجبره الحاكم الشرعي.
(مسألة 734): راكب الدابة أولى بها من قابض لجامها، ومالك الأسفل أولى
بالغرفة المفتوح بابها إلى الجار من الجار مع التنازع واليمين وعدم البينة.
(مسألة 735): يعتبر في تملك الموات أن لا تكون مسبوقة بالتحجير من غيره،
ولو أحياها بدون إذن المحجر لم يملكها.
ويتحقق التحجير بكل ما يدل على إرادة الاحياء كوضع الاحجار في أطرافها

(1) الظاهر أنه مع نكولهما يقرع بينهما.
(2) في اختصاص يد مالك العلو بالسقف اشكال.
181

أو حفر أساس أو حفر بئر من آبار القناة الدارسة الخربة فإنه تحجير بالإضافة إلى
بقية آبار القناة، بل هو تحجير أيضا بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقى بمائها
بعد جريانه فلا يجوز لغيره إحياؤها.
(مسألة 736): لو حفر بئرا في الموات بالأصل لاحداث قناة فيها فالظاهر أنه
تحجير بالإضافة إلى أصل القناة وبالإضافة إلى الأراضي الموات التي يصل إليها
ماؤها بعد تمامها وليس لغيره إحياء تلك الأراضي.
(مسألة 737): التحجير كما عرفت يفيد حق الأولوية ولا يفيد الملكية، ولكن
مع ذلك لا بأس بنقل ما تعلق به بما هو كذلك ببيع أو غيره، فما هو غير قابل للنقل إنما
هو نفس الحق حيث إنه حكم شرعي غير قابل للانتقال، (1) وأما متعلقه فلا مانع
من نقله.
(مسألة 738): يعتبر في كون التحجير مانعا تمكن المحجر من القيام بعمارته
وإحيائه، فإن لم يتمكن من إحياء ما حجره لمانع من الموانع كالفقر أو العجز عن
تهيئة الأسباب المتوقف عليها الاحياء جاز لغيره إحياؤه.
(مسألة 739): لو حجر زائدا على ما يقدر على إحيائه لا أثر لتحجيره
بالإضافة إلى المقدار الزائد.
(مسألة 740): لو حجر الموات من كان عاجزا عن احيائها ليس له نقلها إلى
غيره بصلح أو هبة أو بيع أو نحو ذلك.
(مسألة 741): لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة بل يجوز أن يكون

(1) الظاهر أن مثل هذا الحق قابل للانتقال بالأرث وللنقل بالصلح، لجعله عوضا
في البيع ونحوه.
182

بالتوكيل والاستيجار، وعليه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموكل والمستأجر
لا للوكيل والأجير.
(مسألة 742): إذا وقع التحجير عن شخص نيابة عن غيره ثم أجاز النيابة فهل
يثبت الحق للمنوب عنه أو لا وجهان لا يبعد عدم الثبوت.
(مسألة 743): إذا انمحت آثار التحجير، فإن كان من جهة إهمال المحجر بطل
حقه وجاز لغيره احياؤه، وإذا لم يكن من جهة اهماله وتسامحه وكان زوالها بدون
اختياره، كما إذا أزالها عاصف ونحوه ففي بطلان حقه إشكال. (1)
(مسألة 744): اللازم على المحجر أن يشتغل بالعمارة والاحياء عقيب التحجير،
فلو أهمل وترك الاحياء وطالت المدة ففي جواز إحيائه لغيره بدون إذنه إشكال،
فالأحوط أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي مع بسط يده أو وكيله، فيلزم المحجر
بأحد أمرين، إما الاحياء أو رفع اليد عنه، نعم إذا أبدى عذرا مقبولا يمهل بمقدار
زوال عذره، فإذا اشتغل بعده بالتعمير ونحوه فهو وإلا بطل حقه وجاز لغيره
إحياؤه، وإذا لم يكن الحاكم موجودا فالظاهر سقوط حق المحجر إذا أهمل بمقدار يعد
عرفا تعطيلا له، والأحوط الأولى مراعاة حقه إلى ثلاث سنين.
(مسألة 745): الظاهر أنه لا يعتبر في التملك بالاحياء قصد التملك بل يكفي قصد
الاحياء والانتفاع به بنفسه أو من هو بمنزلته فلو حفر بئرا في مفازة بقصد أن يقضي
منها حاجته ملكها، ولكن إذا ارتحل وأعرض عنها فهي مباحة للجميع.
(مسألة 746): لا بد في صدق إحياء الموات من العمل فيه إلى حد يصدق عليه
أحد العناوين العامرة كالدار والبستان والمزرعة والحظيرة والبئر والقناة والنهر وما

(1) بل منع.
183

شاكل ذلك، ولذلك يختلف ما اعتبر في الاحياء باختلاف العمارة، فما اعتبر في احياء
البستان والمزرعة ونحوهما غير ما هو معتبر في احياء الدار وما شاكلها، وعليه
فحصول الملك تابع لصدق أحد هذه العناوين ويدور مداره وجودا وعدما، وعند
الشك في حصوله يحكم بعدمه.
(مسألة 747): الاعراض عن الملك لا يوجب زوال ملكيته، نعم إذا سبق إليه
من تملكه ملكه وإلا فهو يبقى على ملك مالكه، فإذا مات فهو لوارثه ولا يجوز
التصرف فيه إلا باذنه أو إعراضه عنه.
* * *
184

كتاب المشتركات
المراد بالمشتركات: الطرق والشوارع والمساجد والمدارس والربط والمياه
والمعادن.
(مسألة 748): الطرق على قسمين نافذ وغير نافذ، أما الأول فهو الطريق
المسمى بالشارع العام، والناس فيه شرع سواء، ولا يجوز التصرف لاحد فيه
باحياء أو نحوه، ولا في أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس
أشجار ونحو ذلك، وإن لم يكن مضرا بالمارة.
وأما حفر بالوعة فيه ليجتمع فيها ماء المطر ونحوه فلا إشكال في جوازه، لكونها
من مصالحه ومرافقه.
وكذا لا بأس بحفر سرداب تحته إذا أحكم أساسه وسقفه.
كما أنه لا بأس بالتصرف في فضائه باخراج روشن أو جناح أو فتح باب أو
نصب ميزاب أو غير ذلك.
والضابط أن كل تصرف في فضائه لا يكون مضرا بالمارة جائز.
(مسألة 749): لو أحدث جناحا على الشارع العام ثم انهدم أو هدم فإن كان
من قصده تجديده ثانيا، فالظاهر أنه لا يجوز للطرف الآخر إشغال ذلك الفضاء، وإن
لم يكن من قصده تجديده جاز له ذلك.
(مسألة 750): الطريق الذي لا يسلك منه إلى طريق آخر أو أرض مباحة
185

لكونه محاطا بالدور من جوانبه الثلاثة، وهو المسمى بالسكة المرفوعة والدريبة،
فهو ملك (1) لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه، دون كل من كان حائط
داره إليه، وهو مشترك بينهم من صدره إلى ساقه، (2) وحكمه حكم سائر
الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد منهم التصرف فيه بدون إذن الآخرين، نعم
يجوز لكل منهم فتح باب آخر وسد الباب الأول.
(مسألة 751): لا يجوز لمن كان حائط داره إلى الدريبة فتح باب إليها
للاستطراق إلا بإذن أربابها.
نعم له فتح ثقبة وشباك إليها، وأما فتح باب لا للاستطراق، بل لمجرد دخول
الهواء أو الاستضاءة، فلا يخلو عن إشكال.
(مسألة 752): يجوز لكل من أصحاب الدريبة الجلوس فيها والاستطراق
والتردد منها إلى داره بنفسه وعائلته ودوابه، وكل ما يتعلق بشؤونه من دون إذن
باقي الشركاء، وإن كان فيهم القصر، ومن دون رعاية المساواة معهم.
(مسألة 753): يجوز لكل أحد الانتفاع من الشوارع والطرق العامة كالجلوس
أو النوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك، ما لم يكن مزاحما للمستطرقين،
وليس لاحد منعه عن ذلك وإزعاجه، كما أنه ليس لأحد مزاحمته في قدر ما يحتاج
إليه لوضع متاعه ووقوف المعاملين ونحو ذلك.
(مسألة 754): إذا جلس أحد في موضع من الطريق ثم قام عنه، فإن كان
جلوسه جلوس استراحة ونحوها بطل حقه، وإن كان لحرفة ونحوها، فإن كان قيامه

(1) الظاهر ثبوت الحق لهم.
(2) اشتراك الجميع في الجميع مشكل جدا.
186

بعد استيفاء غرضه أو أنه لا ينوي العود بطل حقه أيضا، فلو جلس في محله غيره
لم يكن له منعه، وإن كان قيامه قبل استيفاء غرضه وكان ناويا للعود فعندئذ إن بقي
منه فيه متاع أو رحل أو بساط فالظاهر بقاء حقه، وإن لم يبق منه شئ فبقاء حقه
لا يخلو عن إشكال، (1) والاحتياط لا يترك فيما إذا كان في يوم واحد، وأما إذا
كان في يوم آخر فالظاهر أنه لا اشكال في أن الثاني أحق به من الأول.
(مسألة 755): يتحقق الشارع العام بأمور:
الأول: كثرة الاستطراق والتردد ومرور القوافل في الأرض الموات.
الثاني: جعل الانسان ملكه شارعا وتسبيله تسبيلا دائميا لسلوك عامة الناس،
فإنه بسلوك بعض الناس يصير طريقا وليس للمسبل الرجوع بعد ذلك.
الثالث: إحياء جماعة أرضا مواتا وتركهم طريقا نافذا بين الدور والمساكن.
(مسألة 756): لو كان الشارع العام واقعا بين الاملاك فلا حد له، كما إذا كانت
قطعة أرض موات بين الاملاك عرضها ثلاثة أذرع أو أقل أو أكثر، واستطرقها
الناس حتى أصبحت جادة فلا يجب على الملاك توسيعها وإن تضيقت على المارة،
وكذا الحال فيما لو سبل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره
مقدارا لعبور الناس.
(مسألة 757): إذا كان الشارع العام واقعا بين الموات بكلا طرفيه أو أحد
طرفيه فلا يجوز إحياء ذلك الموات بمقدار يوجب نقص الشارع عن خمسة أذرع،
فإن ذلك حد الطريق المعين من قبل الشرع، (2) بل الأفضل أن يكون سبعة أذرع،

(1) بل الظاهر بقاء حقه إلى الليل.
(2) إذا لم تكن ضرورة مقضية للزيادة عليها.
187

وعليه فلو كان الاحياء إلى حد لا يبقى للطريق خمسة أذرع وجب عليه هدمه، نعم
لو أحيى شخص من أحد طرفيه، ثم أحيى آخر من طرفه الأخر بمقدار يوجب
نقصه عن حده لزم على الثاني هدمه دون الأول.
(مسألة 758): إذا انقطعت المارة عن الطريق إما لعدم المقتضي أو لوجود المانع،
زال حكمه، بل ارتفع موضوعه وعنوانه، وعليه فيجوز لكل أحد إحياؤه.
(مسألة 759): إذا زاد عرض الطريق عن خمسة أذرع، فإن كان مسبلا
فلا يجوز لاحد إحياء ما زاد عليها وتملكه، وأما إذا كان غير مسبل فإن كان الزائد
موردا للحاجة لكثرة المارة، فلا يجوز ذلك أيضا، وإلا فلا مانع منه.
(مسألة 760): يجوز لكل مسلم أن يتعبد ويصلي في المسجد، وجميع المسلمين
فيه شرع سواء، ولا يجوز لاحد أن يزاحم الأخر فيه إذا كان الأخر سابقا عليه،
لكن الظاهر تقدم الصلاة على غيرها، فلو أراد أحد أن يصلي فيه جماعة أو فرادى،
فلا يجوز لغيره أن يزاحمه ولو كان سابقا عليه كما إذ كان جالسا فيه لقراءة القرآن أو
الدعاء أو التدريس، بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلي.
ولا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتى لو كان اختيار المصلى هذا المكان اقتراحا
منه، فلو اختار المصلي مكانا مشغولا بغير الصلاة ولو اقتراحا، يشكل مزاحمته
بفعل غير الصلاة وإن كان سابقا عليه.
(مسألة 761): من سبق إلى مكان للصلاة فيه منفردا فليس لمريد الصلاة فيه
جماعة منعه وإزعاجه، وإن كان الأولى للمنفرد حينئذ أن يخلي المكان للجامع إذا
وجد مكانا آخر فارغا لصلاته، ولا يكون مناعا للخير.
(مسألة 762): إذا قام الجالس من المسجد وفارق المكان، فإن أعرض عنه
بطل حقه، ولو عاد إليه وقد أخذه غيره، فليس له منعه وإزعاجه.
188

وأما إذا كان ناويا للعود فإن بقي رحله فيه بقي حقه بلا إشكال، وإن لم يبق ففي
بقاء حقه إشكال، فالأحوط مراعاة حقه، ولا سيما إذا كان خروجه لضرورة،
كتجديد الطهارة أو نحوه.
(مسألة 763): في كفاية وضع الرحل في ثبوت الأولوية إشكال، والاحتياط
لا يترك، هذا إذا لم يكن بين وضع الرحل ومجيئه طول زمان بحيث يستلزم تعطيل
المكان، وإلا فلا أثر له، وجاز لغيره رفعه والصلاة في مكانه إذا كان شغل المحل بحيث
لا يمكن الصلاة فيه إلا برفعه.
وهل أنه يضمنه برفعه أم لا؟ وجهان الظاهر عدم الضمان، إذ لا موجب له بعد
جواز رفعه للوصول إلى حقه.
(مسألة 764): المشاهد المشرفة كالمساجد في تمام ما ذكر من الاحكام. (1)
(مسألة 765): جواز السكنى في المدارس لطالب العلم وعدمه تابعان لكيفية
وقف الواقف، فإذا خصها الواقف بطائفة خاصة كالعرب أو العجم، أو بصنف
خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلا، فلا يجوز لغير هذه
الطائفة أو الصنف السكنى فيها.
وأما بالنسبة إلى مستحقي السكنى بها فهي كالمساجد، فمن حاز غرفة وسكنها
فهو أحق بها، ولا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها وإن طالت المدة، إلا إذا
اشترط الواقف مدة خاصة كخمس سنين مثلا، فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء
تلك المدة بلا مهلة.

(1) الا انه من كان مشتغلا بالزيارة وقراءة القرآن والدعاء لا يجوز لغيره مزاحمته
وإن كانت للصلاة.
189

(مسألة 766): إذا اشترط الواقف اتصاف ساكنها بصفة خاصة، كأن لا يكون
معيلا، أو يكون مشغولا بالتدريس أو بالتحصيل، فإذا تزوج أو طرأ عليه العجز
لزمه الخروج منها.
والضابط أن حق السكنى - حدوثا وبقاءا - تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه،
فلا يجوز السكنى لفاقدها حدوثا أو بقاءا.
(مسألة 767): لا يبطل حق السكني لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية من
المأكول والمشروب والملبس وما شاكل ذلك، كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوما
أو يومين أو أكثر، وكذلك الاسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كالشهر أو
الشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر، كالسفر إلى الحج أو الزيارة، أو لملاقاة الأقرباء أو
نحو ذلك مع نية العود وبقاء رحله ومتاعه، فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف،
نعم لا بد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه، فإن كانت المدة طويلة بحيث
توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقه.
(مسألة 768): إذا اعتبر الواقف البيتوتة في المدرسة في ليالي التحصيل خاصة
أو في جميع الليالي لم يجز لساكنها أن يبيت في مكان آخر ولو بات فيه بطل حقه.
(مسألة 769): لا يجوز للساكن في غرفة منع غيره عن مشاركته إلا إذا كانت
الحجرة حسب الوقف أو بمقتضى قابليتها معدة لسكني طالب واحد.
(مسألة 770): الربط وهي المساكن المعدة لسكني الفقراء أو الغرباء كالمدارس
في جميع ما ذكر.
(مسألة 771): مياه الشطوط والأنهار الكبار كدجلة والفرات، وما شاكلهما،
أو الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج، وكذا العيون
المتفجرة من الجبال أو في أراضي الموات وغير ذلك من المشتركات.
190

(مسألة 772): كل ما جرى بنفسه أو اجتمع بنفسه في مكان بلا يد خارجية
عليه فهو من المباحات الأصلية فمن حازه باناء أو غيره ملكه من دون فرق بين
المسلم والكافر في ذلك.
(مسألة 773): مياه الأبار والعيون والقنوات التي جرت بالحفر لا بنفسها، ملك
للحافر، فلا يجوز لاحد التصرف فيها بدون إذن مالكها.
(مسألة 774): إذا شق نهرا من ماء مباح سواء أكان بحفره في أرض مملوكة له أو
بحفره في الموات بقصد إحيائه نهرا ملك ما يدخل فيه من الماء.
(مسألة 775): إذا كان النهر لاشخاص متعددين، ملك كل منهم بمقدار حصته
من النهر، فإن كانت حصة كل منهم من النهر بالسوية اشتركوا في الماء بالسوية،
وإن كانت بالتفاوت ملكوا الماء بتلك النسبة، ولا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة
استحقاق الأراضي التي تسقى منه.
(مسألة 776): الماء الجاري في النهر المشترك حكمه حكم سائر الأموال
المشتركة، فلا يجوز لكل واحد من الشركاء التصرف فيه بدون إذن الباقين، وعليه
فإن أباح كل منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كل وقت وزمان وبأي
مقدار شاء، جاز له ذلك.
(مسألة 777): إذا وقع بين الشركاء تعاسر وتشاجر، فإن تراضوا بالتناوب
والمهاياة بالأيام أو الساعات فهو، وإلا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالاجزاء بأن
توضع في فم النهر حديدة مثلا ذات ثقوب متعددة متساوية ويجعل لكل منهم من
الثقوب بمقدار حصته، فإن كانت حصة أحدهم سدسا والاخر ثلثا والثالث نصفا،
فلصاحب السدس ثقب واحد، ولصاحب الثلث ثقبان ولصاحب النصف ثلاثة
ثقوب فالمجموع ستة.
191

(مسألة 778): القسمة بحسب الأجزاء لازمة، والظاهر أنها قسمة إجبار، فإذا
طلبها أحد الشركاء أجبر الممتنع منهم عليها.
وأما القسمة بالمهاياة والتناوب، فهي ليست بلازمة، فيجوز لكل منهم الرجوع
عنها، نعم الظاهر عدم جواز رجوع من استوفى تمام نوبته دون الأخر.
(مسألة 779): إذا اجتمع جماعة على ماء مباح من عين أو واد أو نهر أو نحو
ذلك، كان للجميع حق السقي منه، وليس لاحد منهم شق نهر فوقها ليقبض الماء كله
أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين.
وعندئذ فإن كفى الماء للجميع من دون مزاحمة فهو، وإلا قدم الأسبق فالأسبق
في الاحياء إن كان وعلم السابق، وإلا قدم الاعلى فالأعلى، والأقرب فالأقرب
إلى فوهة العين أو أصل النهر، وكذا الحال في الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط،
فإن كفى الماء للجميع، وإلا قدم الأسبق فالأسبق أي: من كان شق نهره أسبق من
شق نهر الأخر، وهكذا إن كان هناك سابق ولاحق، وإلا فيقبض الاعلى بمقدار ما
يحتاج إليه، ثم ما يليه وهكذا.
(مسألة 780): تنقية النهر المشترك وإصلاحه ونحوهما على الجميع بنسبة
ملكهم إذا كانوا مقدمين على ذلك باختيارهم، وأما إذا لم يقدم عليها إلا البعض
لم يجبر الممتنع، كما أنه ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المؤنة إلا إذا كان إقدامهم
بالتماس منه وتعهده ببذل حصته.
(مسألة 781): إذا كان النهر مشتركا بين القاصر وغيره، وكان إقدام غير
القاصر متوقفا على مشاركة القاصر إما لعدم اقتداره بدونه، أو لغير ذلك، وجب
على ولي القاصر - مراعاة لمصلحته - مشاركته في الاحياء والتعمير وبذل المؤنة من
مال القاصر بمقدار حصته.
192

(مسألة 782): يحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل، وفي الزرع إلى
الشراك، ثم كذلك لمن هو دونه، وليس لصاحب النهر تحويله إلا بإذن صاحب
الرحى المنصوبة عليه باذنه، وكذا غير الرحى أيضا من الأشجار المغروسة على
حافتيه وغيرها، وليس لاحد أن يحمي المرعى ويمنع غيره عن رعي مواشيه إلا أن
يكون المرعى ملكا (1) له فيجوز له أن يحميه حينئذ.
(مسألة 783): المعادن على نوعين:
الأول: المعادن الظاهرة، وهي الموجودة على سطح الأرض، فلا يحتاج
استخراجها إلى مؤنة عمل خارجي، وذلك كالملح والقير والكبريت والمومياء
والفيروزج وما شاكل ذلك.
الثاني: المعادن الباطنة وهي التي يتوقف استخراجها على الحفر والعمل، وذلك
كالذهب والفضة.
(أما الأولى) فهي تملك بالحيازة، فمن حاز منها شيئا ملك قليلا كان أو كثيرا،
وبقي الباقي على الاشتراك.
و (أما الثانية) فهي تملك بالاحياء بعد الوصول إليها وظهورها، وأما إذا حفر،
ولم يبلغ نيلها، فهو يفيد فائدة التحجير.
(مسألة 784): إذا شرع في إحياء معدن ثم أهمله وعطله، أجبره الحاكم أو
وكيله على إتمام العمل أو رفع يده عنه. ولو أبدى عذرا أمهله إلى أن يزول عذره، ثم
يلزمه على أحد الامرين.
(مسألة 785): المعادن الباطنة إنما تملك باحياء الأرض إذا عدت عرفا من

(1) أو حقا لكونه حريما لملكه.
193

توابع الأرض وملحقاتها، وأما إذا لم تعد منها كمعادن النفط المحتاجة إلى حفر زائد
للوصول إليها أو ما شاكلها، فلا تتبع الأرض ولا تملك باحيائها.
(مسألة 786): لو قال المالك اعمل ولك نصف الخارج من المعدن فإن كان
بعنوان الإجارة بطل، وفي صحته بعنوان الجعالة إشكال. (1)
* * *

(1) بل الظاهر الصحة.
194

كتاب الدين والقرض
(مسألة 787): لا تعتبر الصيغة في القرض، فلو دفع مالا إلى أحد بقصد القرض
وأخذه المدفوع له بهذا القصد صح القرض.
(مسألة 788): يكره الدين مع القدرة، ولو استدان وجبت نية القضاء،
والاقراض أفضل من الصدقة.
(مسألة 789): يعتبر في القرض أن يكون المال عينا، فلو كان دينا أو منفعة
لم يصح القرض، نعم يصح إقراض الكلي في المعين، كاقراض درهم من درهمين
خارجيين.
(مسألة 790): يعتبر في القرض أن يكون المال مما يصح تملكه، فلا يصح
إقراض الخمر والخنزير، ولا يعتبر فيه تعيين مقداره وأوصافه وخصوصياته التي
تختلف المالية باختلافها، سواء أكان مثليا أم قيميا، نعم على المقترض تحصيل العلم
بمقداره وأوصافه مقدمة لأدائه وهذا أجنبي عن اعتباره في صحة القرض.
(مسألة 791): يعتبر في القرض القبض، فلا يملك المستقرض المال المقترض إلا
بعد قبضه.
(مسألة 792): إذا كان المال المقترض مثليا كالحنطة والشعير والذهب والفضة
ونحوها ثبت في ذمة المقترض مثل ما اقترض، وعليه أداء المثل سواء أبقي على سعره
وقت الأداء أو زاد أو تنزل، وليس للمقرض مطالبة المقترض بالقيمة، نعم يجوز
195

الأداء بها مع التراضي، والعبرة عندئذ بالقيمة وقت الأداء. وإذا كان قيميا ثبتت في
ذمته قيمته وقت القرض.
(مسألة 793): إذا أقرض انسان عينا، وقبضها المقترض، فرجع المقرض
وطالب بالعين لا تجب إعادة العين على المقترض.
(مسألة 794): لا يتأجل الدين الحال إلا باشتراطه في ضمن عقد لازم، ويصح
تعجيل المؤجل باسقاط بعضه، ولا يصح تأجيل الحال بإضافة شئ.
(مسألة 795): ليس للدائن الامتناع عن قبض الدين من المدين في أي وقت
كان إذا كان الدين حالا، وأما إذا كان مؤجلا فكذلك بعد حلوله، وأما قبل حلوله
فهل للدائن حق الامتناع من قبوله؟ فيه وجهان، الظاهر أنه ليس له ذلك إلا إذا
علم من الخارج أن التأجيل حق للدائن أيضا.
(مسألة 796): يحرم اشتراط زيادة في القدر أو الصفة على المقترض، لكن
الظاهر أن القرض لا يبطل بذلك، بل يبطل الشرط فقط، ويحرم أخذ الزيادة، فلو
أخذ الحنطة مثلا بالقرض الربوي فزرعها جاز له التصرف في حاصله، وكذا الحال
فيما إذا أخذ مالا بالقرض الربوي، ثم اشترى به ثوبا، نعم لو اشترى شيئا بعين
الزيادة التي أخذها في القرض لم يجز التصرف فيه.
(مسألة 797): لا فرق في حرمة اشتراط الزيادة بين أن تكون الزيادة راجعة
إلى المقرض وغيره، فلو قال: أقرضتك دينارا بشرط أن تهب زيدا، أو تصرف في
المسجد أو المأتم درهما لم يصح، وكذا إذا اشترط ان يعمر المسجد أو يقيم المأتم أو
نحو ذلك مما لوحظ فيه المال فإنه يحرم، ويجوز قبولها مطلقا من غير شرط كما يجوز
اشتراط ما هو واجب على المقترض، مثل أقرضتك بشرط أن تؤدي زكاتك أو
دينك مما كان مالا لازم الأداء، وكذا اشتراط ما لم يلحظ فيه المال، مثل أن تدعو لي
196

أو تدعو لزيد أو تصلي أنت أو تصوم من غير فرق بين ان ترجع فائدته للمقرض أو
المقترض وغيرهما، فالمدار في المنع ما لو حظ فيه المال ولم يكن ثابتا بغير القرض،
فيجوز شرط غير ذلك.
ولو شرط موضع التسليم لزم وكذا إذا اشترط الرهن، ولو شرط تأجيله في
عقد لازم صح ولزم الاجل، بل الظاهر جواز اشتراط الاجل في عقد القرض نفسه،
فلا يحق للدائن حينئذ المطالبة قبله.
(مسألة 798): لو اقرضه شيئا وشرط عليه أن يبيع منه شيئا بأقل من قيمته أو
يؤجره بأقل من اجرته دخل في شرط الزيادة، فلا يجوز.
واما إذا باع المقترض المقرض شيئا بأقل من قيمته أو اشترى منه شيئا بأكثر
من قيمته وشرط عليه ان يقرضه مبلغا من المال جاز، ولم يدخل في القرض
الربوي.
(مسألة 799): يجوز للمقرض ان يشترط على المقترض في قرض المثلى ان
يؤديه من غير جنسه، بأن يؤدي بدل الدراهم دنانير وبالعكس، ويلزم عليه هذا
الشرط إذا كانا متساويين في القيمة، أو كان ما شرط عليه أقل قيمة مما اقترضه.
(مسألة 800): إنما يحرم شرط الزيادة للمقرض على المقترض، واما إذا شرطها
للمقترض فلا بأس به، كما إذا اقرضه عشرة دنانير على أن يؤدي تسعة دنانير، كما
لا بأس ان يشترط المقترض على المقرض شيئا له.
(مسألة 801): يجب على المدين أداء الدين فورا عند مطالبة الدائن إن قدر
عليه ولو ببيع سلعته ومتاعه أو عقاره أو مطالبة غريمه أو استقراضه إذا لم يكن
حرجيا عليه أو اجارة املاكه.
وأما إذا لم يقدر عليه بذلك فهل يجب عليه التكسب اللائق بحاله والاداء منه؟
197

الأحوط ذلك. (1)
نعم يستثنى من ذلك بيع دار سكناه وثيابه المحتاج إليها ولو للتجمل وخادمه
ونحو ذلك، مما يحتاج إليه ولو بحسب حاله وشؤونه.
والضابط هو كل ما احتاج إليه بحسب حاله وشرفه، وكان بحيث لولاه لوقع في
عسر وشدة أو حزازة ومنقصة.
ولا فرق في استثناء هذه الأشياء بين الواحد والمتعدد، فلو كانت عنده دور
متعددة واحتاج إلى كل منها لسكناه ولو بحسب حاله وشرفه لم يبع شيئا منها،
وكذلك الحال في الخادم ونحوه.
نعم إذا لم يحتج إلى بعضها أو كانت داره أزيد مما يحتاج إليه وجب عليه بيع الزائد.
ثم إن المقصود من كون الدار ونحوها من مستثنيات الدين أنه لا يجبر على بيعها
لأدائه ولا يجب عليه ذلك، وأما لو رضي هو بذلك وقضى به دينه جاز للدائن أخذه
وإن كان ينبغي له أن لا يرضى ببيع داره.
(مسألة 802): لو كانت عنده دار موقوفة عليه لم يسكنها فعلا، ولكنها كافية
لسكناه، وله دار مملوكة، فإن لم تكن في سكناه في الدار الموقوفة أية حزازة
ومنقصة، فالأحوط بل الاظهر أن عليه أن يبيع داره المملوكة لأداء دينه.
(مسألة 803): لو كانت عنده بضاعة أو عقار زائدة على مستثنيات الدين
ولكنها لا تباع إلا بأقل من قيمتها السوقية، وجب عليه بيعها بالأقل لأداء دينه،
نعم إذا كان التفاوت بين القيمتين بمقدار لا يتحمل عادة ولا يصدق عليه اليسر في
هذه الحال لم يجب.

(1) بل الأقوى ذلك إذا لم يكن حرجا عليه.
198

(مسألة 804): يجوز التبرع بأداء دين الغير، سواء أكان حيا أم كان ميتا وتبرأ
ذمته به، ولا فرق في ذلك بين أن يكون التبرع به بإذن المدين أو بدونه، بل وإن منعه
المدين عن ذلك.
(مسألة 805): لا يتعين الدين فيما عينه المدين، وإنما يتعين بقبض الدائن، فلو
تلف قبل قبضه فهو من مال المدين، وتبقى ذمته مشغولة به.
(مسألة 806): إذا مات المدين حل الاجل، ويخرج الدين من أصل ماله، وإذا
مات الدائن بقي الاجل على حاله، وليس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل، وعلى
هذا فلو كان صداق المرأة مؤجلا، ومات الزوج قبل حلوله استحقت الزوجة
مطالبته بعد موته، وهذا بخلاف ما إذا ماتت الزوجة، فإنه ليس لورثتها المطالبة قبل
حلول الأجل، وهل يلحق بموت الزوج طلاقه؟ فيه وجهان، الظاهر هو
الالحاق (1) لانصراف اشتراط التأجيل إلى جواز التأخير مع بقاء الزوجية.
(مسألة 807): لا يلحق بموت المدين حجره بسبب الفلس، فلو كانت عليه
ديون حالة ومؤجلة، قسمت أمواله بين أرباب الديون الحالة ولا يشاركهم أرباب
الديون المؤجلة.
(مسألة 808): لو غاب الدائن وانقطع خبره، وجب على المستدين نية القضاء
والوصية به عند الوفاة، فان جهل خبره ومضت مدة يقطع بموته فيها وجب
تسليمه إلى ورثته، ومع عدم معرفتهم أو مع عدم التمكن من الوصول إليهم
يتصدق به عنهم، (2) ويجوز تسليمه إلى الورثة مع انقطاع خبره بعد مضي عشر

(1) بل الظاهر عدم الالحاق إلا مع القرينة.
(2) والأحوط ان يكون التصدق بإذن الحاكم الشرعي.
199

سنين، (1) وإن لم يقطع بموته، بل يجوز ذلك بعد مضي أربع سنين من غيبته إذا
فحص عنه في هذه المدة.
(مسألة 809): لا تجوز قسمة الدين، فإذا كان لاثنين دين مشترك على ذمم
أشخاص متعددة، كما إذا افترضنا انهما باعا مالا مشتركا بينهما من أشخاص عديدة
أو ورثا من مورثهما دينا على أشخاص، ثم قسما الدين بينهما بعد التعديل، فجعلا ما
في ذمة بعضهم لأحدهما، وما في ذمة الباقي لاخر لم تصح، ويبقى الدين على
الاشتراك السابق بينهما.
نعم إذا كان لهما دين مشترك على واحد جاز لأحدهما أن يستوفي حصته منه
ويتعين الباقي في حصة الأخر، وهذا ليس من تقسيم الدين المشترك في شئ.
(مسألة 810): تحرم على الدائن مطالبة المدين إذا كان معسرا، بل عليه الصبر
والنظرة إلى الميسرة.
(مسألة 811): إذا اقترض دنانير مثلا، ثم أسقطتها الحكومة عن الاعتبار
وجاءت بدنانير أخرى غيرها، كانت عليه الدنانير الأولى.
نعم إذا اقترض الأوراق النقدية المسماة ب‍ (اسكناس) ثم أسقطت عن الاعتبار،
لم تسقط ذمة المقترض بأدائها بل عليه أداء قيمتها قبل زمن الاسقاط.
(مسألة 812): يصح بيع الدين بمال موجود وإن كان أقل منه إذا كان من غير
جنسه أو لم يكن ربويا، ولا يصح بيعه بدين مثله إذا كان دينا قبل العقد ولا فرق في
المنع بين كونهما حالين ومؤجلين ومختلفين، ولو صار دينا بالعقد بطل في المؤجلين
على الأحوط، وصح في غيرهما، ولو كان أحدهما دينا قبل العقد والاخر دينا بعد

(1) في جواز التسليم قبل مضي المدة التي يعيش فيها مثله اشكال.
200

العقد صح إلا في بيع المسلم فيه قبل حلوله، فإنه لا يجوز بيعه من غير بائعه مطلقا
ويجوز بيعه من غير بائعه بعد حلوله ومن بائعه مطلقا (1) على تفصيل تقدم.
(مسألة 813): يجوز للمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من
المحرمات، ولو أسلم الذمي بعد البيع لم يسقط استحقاقه المطالبة بالثمن.
وليس للعبد الاستدانة بدون إذن المولى، فان فعل ضمن العين فيرد ما أخذ،
ولو تلفت ففي ذمته مثله أو قيمته، ولو أذن المولى له لزمه دون المملوك وإن أعتق،
وغريم المملوك أحد غرماء المولى، ولو أذن له في التجارة فاستدان لها الزم المولى مع
اطلاق الاذن وإلا تبع به بعد العتق.
(مسألة 814): يجوز دفع مال إلى شخص في بلد ليحوله إلى صاحبه في بلد آخر
إذا كان له مال على ذمة صاحبه في ذلك البلد ولم يكن مما يكال أو يوزن بلا فرق بين
أن يكون التحويل بأقل مما دفعه أو أكثر. (2)
(مسألة 815): ما أخذه بالربا في القرض وكان جاهلا، سواء أكان جهله
بالحكم أو بالموضوع، ثم علم بالحال، فان تاب، فما أخذه له وعليه أن يترك فيما بعد.
(مسألة 816): إذا ورث مالا فيه الربا، فإن كان مخلوطا بالمال الحلال فليس
عليه شئ وإن كان معلوما ومعروفا وعرف صاحبه رده إليه وإن لم يعرف عامله
معاملة المال المجهول مالكه.

(1) الأحوط عدم الجواز منه قبل حلول الأجل.
(2) إذا كان الدفع بعنوان القرض والآخذ يحول الدافع إلى صاحبه المديون - كما في
المتن - فلا يجوز ان يكون التحويل بالأكثر، كان مما يعد أو يكال أو يوزن، وإن كان
بعنوان البيع يصح ما في المتن الا في الأوراق النقدية المتجانسة فان الصحة
فيها محل اشكال.
201

خاتمة
إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة سيما لذوي الحاجة منهم لما فيه من
قضاء حاجة المؤمن وكشف كربته.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربه
يوم القيامة وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): من أقرض مؤمنا قرضا ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة
وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه.
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): من أقرض أخاه المسلم كان له بكل درهم أقرضه وزن جبل أحد
من جبال رضوي وطور سيناء حسنات وإن رفق به في طلبه تعدى (1) على
الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا عذاب ومن شكا إليه أخوه المسلم
ولم (2) يقرضه حرم الله عز وجل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين.
وعن أبي عبد الله (عليه السلام): ما من مؤمن أقرض مؤمنا يلتمس به وجه الله إلا حسب
الله له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه.
وعنه (عليه السلام) أيضا: مكتوب على باب الجنة الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر،
إلى غير ذلك من الروايات.
* * *

(1) في الوسائل: تعدى به.
(2) في الوسائل: فلم.
202

كتاب الرهن
ولا بد فيه من الايجاب والقبول من أهله، ولا يعتبر في الايجاب والقبول
التلفظ، بل يتحققان بالفعل أيضا، وفي اشتراط الاقباض إشكال أقواه ذلك.
(مسألة 817): يشترط في الرهن أن يكون المرهون عينا مملوكة (1) يمكن
قبضها ويصح بيعها وأن يكون الرهن على حق ثابت في الذمة عينا كان أو منفعة.
(مسألة 818): يتوقف رهن غير المملوك للراهن على اجازة مالكه، ولو ضم
مملوك غيره إلى مملوكه فرهنهما، لزم الرهن في ملكه وتوقف في الضميمة على اجازة
مالكها.
(مسألة 819): يلزم الرهن من جهة الراهن.
(مسألة 820): رهن الحامل ليس رهنا للحمل وإن تجدد.
(مسألة 821): فوائد الرهن للمالك، والرهن على أحد الدينين ليس رهنا على
الأخر، ولو استدان من الدائن دينا آخر وجعل الرهن على الأول رهنا عليهما صح.
(مسألة 822): يجوز للولي أن يرهن مال المولى عليه مع مصلحته.
(مسألة 823): المرتهن ممنوع من التصرف بغير إذن الراهن، ولا بأس بتصرف
الراهن في المرهون تصرفا لا ينافي حق الرهانة، ولا يجوز له التصرف المنافي من

(1) يكفي كونها قابلا لاستيفاء الدين منه وان لم يكن مملوكا كالأرض المحجرة.
203

دون إذن المرتهن، وتقدم حكم بيع الراهن العين المرهونة مع علم المشتري وجهله
في شروط العوضين.
(مسألة 824): لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدة
الرهن مجانا فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض أو في تأجيل الدين صح،
وكذلك ما لو شرط استيفاءها بالأجرة مدة، وإذا صح الشرط لزم العمل به إلى
نهاية المدة وإن برئت ذمة الراهن من الدين.
(مسألة 825): لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل
ما دام حيا.
(مسألة 826): لو أوصى الراهن إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة ويستوفي
حقه منها لزمت الوصية، وليس للوارث إلزامه برد العين واستيفاء دينه من مال
آخر.
(مسألة 827): حق الرهانة موروث فإذا مات المرتهن قامت ورثته مقامه.
(مسألة 828): المرتهن أمين لا يضمن بدون التعدي ويضمن معه لمثله إن كان
مثليا وإلا فلقيمته يوم التعدي، (1) والقول قوله مع يمينه في قيمته وعدم التفريط
وقول الراهن في قدر الدين.
(مسألة 829): المرتهن أحق بالعين المرهونة من باقي الغرماء إذا صار الراهن
مفلسا، ولو فضل من الدين شئ شاركهم في الفاضل، ولو فضل من الرهن وله دين
بغير رهن تساوى الغرماء فيه.
(مسألة 830): لو تصرف المرتهن بدون إذن الراهن ضمن وعليه الأجرة.

(1) والأحوط وجوبا أداء أعلى القيم من يوم الغصب إلى يوم التلف.
204

(مسألة 831): لو أذن الراهن في البيع قبل الاجل فباع لم يتصرف في الثمن إلا
بإذن الراهن حتى بعد الاجل، وإذا لم يأذن في الاستيفاء حينئذ جاز للمرتهن
الاستيفاء بلا إذن، (1) كما أنه لو لم يأذن في البيع حينئذ وامتنع من وفاء الدين جاز
للمرتهن البيع والاستيفاء بلا إذن، والأحوط استحبابا مراجعة الحاكم الشرعي.
(مسألة 832): لو كان الرهن على الدين المؤجل وكان مما يفسد قبل الاجل
كالأثمار فإن شرط الراهن عدم بيعه قبل الاجل بطل الرهن، وإلا لزم بيعه ويجعل
ثمنه رهنا، فإن باعه الراهن أو وكيله فهو، وإن امتنع أجبره الحاكم، فإن تعذر باعه
الحاكم أو وكيله، ومع فقده باعه المرتهن.
(مسألة 833): لو خاف المرتهن جحود الوارث عند موت الراهن ولا بينة له
جاز أن يستوفي من الرهن مما في يده.
(مسألة 834): إذا اختلفا فالقول قول المالك مع ادعائه الوديعة وادعاء الأخر
الرهن، هذا إذا لم يكن الدين ثابتا وإلا فالقول قول مدعي الرهن.
* * *

(1) الأقوى الاستيذان من الحاكم الشرعي فيه وفيما بعده.
205

كتاب الحجر
وأسبابه أمور:
(الأول): الصغر، فالصغير ممنوع من التصرف حتى يبلغ، ويعلم بنبت الشعر
الخشن على العانة (1) أو الاحتلام أو إكمال خمس عشرة سنة في الذكر وتسع في
الأنثى، (2) والصغير كما أنه لا ينفذ تصرفه في أمواله لا ينفذ تصرفه في ذمته،
فلا يصح منه البيع والشراء في الذمة ولا الاقتراض وإن صادف مدة الأداء من
البلوغ، وكذا لا ينفذ منه التزويج والطلاق ولا اجارة نفسه ولا جعل نفسه عاملا في
المضاربة والمزارعة ونحو ذلك.
(الثاني): الجنون، فلا يصح تصرفه إلا في أوقات إفاقته.
(الثالث): السفه، فيحجر على السفيه في تصرفاته ويختص الحجر بأمواله على
المشهور، (3) ويعلم الرشد باصلاح ماله عند اختباره بحيث يسلم من المغابنات
وتقع أفعاله على الوجه الملائم، ولا يزول الحجر مع فقد الرشد وان طعن في السن،

(1) في الذكر.
(2) وبالحيض في المشكوك بلوغها تسع سنين.
(3) بل الأظهر عمومه لما في ذمته - بمثل الضمان والقرض - وللتصرفات المالية في
نفسه بمثل الإجارة والعمل في المضاربة والمزارعة.
206

ويثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم، وفي النساء بشهادة الرجال وكذلك
بشهادتهن على اشكال.
(الرابع): الملك، فلا ينعقد تصرف المملوك بدون إذن مولاه ولو ملكه مولاه
شيئا ملكه على الأصح، وكذا غيره إذا كان بإذن المولى.
(الخامس): الفلس، ويحجر على المفلس بشروط أربعة: ثبوت ديونه عند
الحاكم، وحلولها، وقصور أمواله عنها، ومطالبة أربابها الحجر، وإذا حجر عليه
الحاكم بطل تصرفه في ماله مع عدم اجازة الديان ما دام الحجر باقيا.
(مسألة 835): لو اقترض المفلس بعد الحجر عليه أو اشترى في الذمة لم يشارك
المقرض والبائع الغرماء، ولو أتلف مال غيره فالأظهر عدم مشاركة صاحبه
للغرماء، وكذا لو أقر بدين سابق أو بعين.
(مسألة 836): للمفلس اجازة بيع الخيار وفي جواز فسخه اشكال.
(مسألة 837): من وجد عين ماله في أموال المفلس كان له أخذها دون نمائها
المنفصل، أما المتصل فإن كان كالطول والسمن وبلوغ الثمرة ونحوها مما لا يصلح
للانفصال تبعها (1) وما يصلح لذلك كالصوف والثمرة ونحوهما ففيه إشكال،
والأظهر عدم التبعية.
(مسألة 838): من وجد عين ماله وقد خلطها المفلس بجنسها (2) فله عين
ماله مطلقا، وإن كان بالأجود وكذا لو خلطها بغير جنسها ما لم تعد من التالف.

(1) في التبعية بل في جواز الأخذ اشكال والأحوط مصالحته مع الغرماء.
(2) إذا كان الخلط بحيث يرتفع الامتياز بينهما فالأحوط وجوبا مصالحته مع
الغرماء.
207

(مسألة 839): لا يختص الدائن بعين ماله إذا كانت في مال الميت مع قصور التركة.
(مسألة 840): يخرج الحب والبيض بالزرع والاستفراخ عن الاختصاص.
(مسألة 841): للشفيع أخذ الشقص ويضرب البائع مع الغرماء، وإذا كان في
التركة عين زكوية قدمت الزكاة على الديون وكذلك الخمس، وإذا كانا في ذمة الميت
كانا كسائر الديون.
(مسألة 842): لو أفلس بثمن أم الولد بيعت أو أخذها البائع بعد موت الولد،
وأما قبله ففيه اشكال، والجواز أظهر.
(مسألة 843): لا يحل مطالبة المعسر ولا إلزامه بالتكسب إذا لم يكن من عادته
وكان عسرا عليه ولا بيع دار سكناه اللائقة بحاله ولا عبد خدمته ولا غيره مما يعسر
عليه بيعه كما تقدم في كتاب الدين.
(مسألة 844): لا يحل بالحجر الدين المؤجل ولو مات من عليه الدين حل
ولا يحل بموت صاحبه.
(مسألة 845): ينفق على المفلس من ماله إلى يوم القسمة وعلى عياله، ولو
مات قدم الكفن وغيره من واجبات التجهيز.
(مسألة 846): يقسم المال على الديون الحالة بالتقسيط ولو ظهر دين حال بعد
القسمة نقضت وشاركهم، ومع القسمة (1) يطلق ويزول الحجر بالأداء.
(مسألة 847): الولاية في مال الطفل والمجنون والسفيه إذا بلغا كذلك للأب
والجد له، فان فقدا فللوصي إذا كان وصيا في ذلك، فان فقد فللحاكم، وفي مال
السفيه والمجنون اللذين عرض عليهما السفه والجنون بعد البلوغ فالمشهور ان الولاية
للحاكم خاصة وفيه اشكال.

(1) بل مع ضبط أمواله وإن لم تقسم.
208

كتاب الضمان
الضمان هو نقل المال عن ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن للمضمون له.
(مسألة 848): يعتبر في الضمان الايجاب من الضامن، والقبول من المضمون له
بكل ما يدل على تعهد الأول بالدين ورضا الثاني بذلك.
(مسألة 849): الأحوط اعتبار التنجيز في عقد الضمان، فالتعليق لا يخلو عن
اشكال.
نعم لا يبعد صحة الضمان إذا كان تعهد الضامن للدين فعليا، ولكن علق أداءه
على عدم أداء المضمون عنه، فعندئذ للدائن أن يطالب الضامن على تقدير عدم أداء
المدين.
(مسألة 850): يعتبر في الضامن والمضمون له البلوغ والعقل والاختيار وعدم
السفه، وعدم التفليس أيضا في خصوص المضمون له، وأما في المديون فلا يعتبر
شئ من ذلك فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدين صح.
(مسألة 851): إذا دفع الضامن ما ضمنه إلى المضمون له رجع به إلى المضمون
عنه إذا كان الضمان بطلبه وإلا لم يرجع.
(مسألة 852): إذا أبرأ المضمون له ذمة الضامن عن تمام الدين برئت ذمته،
ولا يجوز له الرجوع إلى المضمون عنه، وإذا أبرأ ذمته عن بعضه برئت عنه،
ولا يرجع إلى المضمون عنه بذلك المقدار، وإذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار
209

الأقل، فليس للضامن مطالبة المضمون عنه إلا بذلك المقدار دون الزائد، وكذا الحال
لو ضمن الدين بمقدار أقل من الدين برضا المضمون له.
والضابط أن الضامن لا يطالب المضمون عنه إلا بما خسر دون الزائد، ومنه
يظهر أنه ليس له المطالبة في صورة تبرع أجنبي لأداء الدين.
(مسألة 853): عقد الضمان لازم، فلا يجوز للضامن فسخه ولا للمضمون له.
(مسألة 854): يشكل ثبوت الخيار لكل من الضامن والمضمون له بالاشتراط
أو بغيره (1) بل الاظهر عدمه.
(مسألة 855): إذا كان الدين حالا وضمنه الضامن مؤجلا، فيكون الاجل
للضمان لا للدين، فلو أسقط الضامن الاجل وأدى الدين حالا، فله مطالبة المضمون
عنه كذلك، وكذا إذا مات الضامن قبل انقضاء الأجل المذكور.
(مسألة 856): إذا كان الدين مؤجلا وضمنه شخص كذلك، ثم أسقط الاجل
وأدى الدين حالا، فليس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.
وكذا الحال إذا مات الضامن في الأثناء، فان المضمون له يأخذ المال المضمون
من تركته حالا ولكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.
(مسألة 857): إذا كان الدين مؤجلا وضمنه شخص حالا بإذن المضمون عنه،
وأدى الدين، فالظاهر جواز الرجوع إليه بعد أداء الدين، لأنه المتفاهم العرفي من
اذنه بذلك.

(1) في إطلاقه منع، فإنه يثبت للمضمون له إذا علم بعد الضمان باعسار الضامن
حين العقد، نعم إذا صار موسرا بعده ففي ثبوت الخيار اشكال، كما أن في ظهور
عدم الخيار مع الاشتراط تأملا.
210

(مسألة 858): إذا كان الدين مؤجلا وضمنه بأقل من أجله، كما إذا كان أجله
ثلاثة أشهر مثلا، وضمنه بمدة شهر وأداه بعد هذه المدة وقبل حلول الأجل، فليس
له مطالبة المضمون عنه بذلك قبل انقضاء الأجل الأول، وهو أجل الدين، وإذا
ضمنه بأكثر من أجله، ثم أسقط الزائد وأداه، فله مطالبة المضمون عنه بذلك، وكذا
الحال إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدين وقبل انقضاء المدة الزائدة.
(مسألة 859): إذا احتسب المضمون له ما على ذمة الضامن خمسا أو زكاة
بإجازة من الحاكم الشرعي، (1) أو صدقة، فالظاهر أن للضامن أن يطالب
المضمون عنه بذلك، وكذا الحال إذا أخذه منه ثم رده إليه بعنوان الهبة أو نحوها،
وهكذا إذا مات المضمون له وورث الضامن ما في ذمته.
(مسألة 860): يجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون عنه.
(مسألة 861): إذا كان على الدين الثابت في ذمة المضمون عنه رهن فهو ينفك
بالضمان.
(مسألة 862): إذا ضمن شخصان مثلا عن واحد، فلا يخلو من أن يكون إما
بنحو العموم المجموعي أو بنحو العموم الاستغراقي، فعلى الأول يقسط الدين عليهما،
وعلى الثاني قيل يكون كل واحد منهما ضامنا على نحو تعاقب الأيدي، وعليه فإذا
أبرأ المضمون له أحدهما بخصوصه برئت ذمته دون الأخر (2) وفيه إشكال بل
الاظهر البطلان.

(1) الظاهر عدم لزوم الاستيذان من الحاكم الشرعي في احتساب الزكاة،
والأحوط لزومه في الخمس.
(2) لو سلم المبنى فالبناء ممنوع، بل الظاهر براءة الذمتين.
211

(مسألة 863): إذا كان مديونا لشخصين، صح ضمان شخص لهما أو لأحدهما
المعين، ولا يصح ضمانه لأحدهما لا على التعيين، وكذا الحال إذا كان شخصان
مديونين لواحد، فضمن عنهما شخص، فإن كان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعين
صح، وإن كان عن أحدهما لا على التعيين لم يصح.
(مسألة 864): إذا كان المديون فقيرا لم يصح أن يضمن شخص عنه بالوفاء من
الخمس أو الزكاة أو المظالم، ولا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها
فعلا أم لا.
(مسألة 865): إذا كان الدين الثابت على ذمة المدين خمسا أو زكاة صح ان
يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله.
(مسألة 866): إذا ضمن شخص في مرض موته صح الضمان، ويخرج المال
المضمون من أصل تركته، سواء أكان الضمان بإذن المضمون عنه أم لا.
(مسألة 867): يصح أن يضمن شخص للمرأة نفقاتها الماضية، وأما ضمانه
لنفقاتها الآتية، ففي صحته اشكال، وأما نفقة الأقارب فلا يصح ضمانها بلا اشكال.
(مسألة 868): يصح ضمان الأعيان الخارجية، بمعنى كون العين في عهدة
الضامن فعلا، وأثر ذلك وجوب ردها مع بقاء العين المضمونة ورد بدلها من المثل أو
القيمة عند تلفها، ومن هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري إذا ظهر المبيع
مستحقا للغير أو ظهر بطلان البيع من جهة أخرى، والضابط ان الضمان في الأعيان
الخارجية بمعنى التعهد لا بمعنى الثبوت في الذمة، فهو قسم آخر من الضمان.
(مسألة 869): في صحة ضمان ما يحدثه المشتري في الأرض المشتراة من بناء أو
غرس أو نحو ذلك إذا ظهر كونها مستحقة للغير اشكال.
(مسألة 870): إذا قال شخص لاخر: ألق متاعك في البحر وعلى ضمانه، فألقاه
212

ضمنه، سواء أكان لخوف غرق السفينة أو لمصلحة أخرى من خفتها أو نحوها،
وهكذا إذا أمره باعطاء دينار مثلا لفقير أو أمره بعمل لاخر أو لنفسه، فإنه يضمن
إذا لم يقصد المأمور المجانية.
(مسألة 871): إذا اختلف الدائن والمدين في أصل الضمان، كما إذا ادعى
المديون الضمان وانكره الدائن، فالقول قول الدائن، وهكذا إذا ادعى المديون الضمان
في تمام الدين، وانكره المضمون له في بعضه.
(مسألة 872): إذا ادعى الدائن على أحد الضمان فأنكره فالقول قول المنكر،
وإذا اعترف بالضمان واختلفا في مقداره أو في اشتراط التعجيل إذا كان الدين
مؤجلا، فالقول قول الضامن، وإذا اختلفا في اشتراط التأجيل مع كون الدين حالا،
أو في وفائه للدين، أو في إبراء المضمون له قدم قول المضمون له.
(مسألة 873): إذا اختلف الضامن والمضمون عنه في الاذن وعدمه أو في وفاء
الضامن للدين، أو في مقدار الدين المضمون، أو في اشتراط شئ على المضمون عنه،
قدم قول المضمون عنه.
(مسألة 874): إذا أنكر المدعى عليه الضمان، ولكن استوفى المضمون له الحق
منه بإقامة بينة، فليس له مطالبة المضمون عنه، لاعترافه بأن المضمون له أخذ المال
منه ظلما.
(مسألة 875): إذا ادعى الضامن الوفاء وانكر المضمون له وحلف، فليس
للضامن الرجوع إلى المضمون عنه إذا لم يصدقه في ذلك.
(مسألة 876): يجوز الترامي في الضمان بأن يضمن زيد دين عمرو ويضمن بكر
عن زيد وهكذا فتبرأ ذمة غير الضامن الأخير وتشتغل ذمته للدائن، فإذا أداه
رجع به إلى سابقه وهو إلى سابقه وهكذا إلى أن ينتهي إلى المدين الأول.
213

هذا إذا كان الضمان بإذن المضمون عنه، وإلا فلا رجوع عليه فلو كان ضمان
زيد بغير إذن عمرو وكان ضمان بكر بإذن زيد وأدى بكر الدين رجع به إلى زيد
ولا يرجع زيد إلى عمرو.
* * *
214

كتاب الحوالة
الحوالة هي تحويل المدين ما في ذمته من الدين إلى ذمة غيره بإحالة الدائن
عليه.
(مسألة 877): يعتبر في الحوالة الايجاب من المحيل والقبول من المحال بكل ما
يدل عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة.
(مسألة 878): يشترط في المحيل والمحال البلوغ والعقل والرشد، كما يعتبر فيهما
عدم التفليس إلا في الحوالة على البرئ، فإنه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلسا أو
سفيها، ويعتبر في المحيل والمحال الاختيار، وفي اعتباره في المحال عليه إشكال،
والأظهر عدم الاعتبار إلا في الحوالة على البرئ أو بغير الجنس، فيعتبر عندئذ قبول
المحال عليه برضاه واختياره.
(مسألة 879): يعتبر في الحوالة أن يكون الدين ثابتا في ذمة المحيل فلا تصح
الحوالة بما سيستقرضه.
(مسألة 880): يشترط في الحوالة أن يكون المال المحال به معينا، فإذا كان
شخص مدينا لاخر بمن من الحنطة ودينار، لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير
تعيين.
(مسألة 881): يكفي في صحة الحوالة تعين الدين واقعا، وإن لم يعلم المحيل
والمحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة، فإذا كان الدين مسجلا في الدفتر، فحوله
215

المدين على شخص قبل مراجعته فراجعه، وأخبر المحال بجنسه ومقداره صحت
الحوالة.
(مسألة 882): للمحال أن لا يقبل الحوالة وإن لم يكن المحال عليه فقيرا
ولا مماطلا في أداء الحوالة.
(مسألة 883): لا يجوز للمحال عليه البرئ مطالبة المال المحال به من المحيل قبل
أدائه إلى المحال، وإذا تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين، لم يجز أن
يأخذ من المحيل إلا الأقل.
(مسألة 884): لا فرق في المال المحال به بين أن يكون عينا في ذمة المحيل، أو
منفعة أو عملا لا يعتبر فيه المباشرة، كخياطة ثوب ونحوها، بل ولو مثل الصلاة
والصوم والحج والزيارة والقراءة وغير ذلك، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الحوالة
على البرئ أو على المشغول ذمته، كما لا فرق بين أن يكون المال المحال به مثليا أو
قيميا.
(مسألة 885): الحوالة عقد لازم، فليس للمحيل والمحال فسخه، نعم لو كان
المحال عليه معسرا حين الحوالة، وكان المحال جاهلا به، جاز له الفسخ بعد علمه
بالحال وإن صار غنيا فعلا، وأما إذا كان حين الحوالة موسرا أو كان المحال عالما
باعساره، فليس له الفسخ.
(مسألة 886): يجوز جعل الخيار لكل من المحيل والمحال والمحال عليه. (1)
(مسألة 887): لو أدى المحيل نفسه الدين، فإذا كان بطلب من المحال عليه وكان
مدينا، فله أن يطالب المحال عليه بما أداه، وأما إذا لم يكن بطلبه، أو لم يكن مدينا له،

(1) ولكن جعل الخيار من المحال عليه انما يصح فيما إذا كان قبوله شرطا.
216

فليس له ذلك.
(مسألة 888): إذا تبرع أجنبي عن المحال عليه برئت ذمته، وكذا إذا ضمن
شخص عنه برضا المحال.
(مسألة 889): إذا طالب المحال عليه المحيل بما أداه، وأدعى المحيل أن له عليه
مالا وأنكره المحال عليه، فالقول قوله مع عدم البينة، فيحلف على براءته.
(مسألة 890): تصح الحوالة بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة من السيد على
مكاتبه، سواء أكانت قبل حلول النجم أو بعده، وبها يتحرر المكاتب لبراءة ذمته
لمولاه، وتشتغل ذمته للمحال، ولا يتوقف تحرره على قبوله الحوالة، لفرض أنه
مدين لمولاه.
(مسألة 891): إذا كان للمكاتب دين على أجنبي، فأحال المكاتب سيده عليه
بمال الكتابة، فقبلها صحت الحوالة، وينعتق المكاتب، سواء أدى المحال عليه المال
للسيد أم لا.
(مسألة 892): إذا اختلف الدائن والمدين في أن العقد الواقع بينهما كان حوالة
أو وكالة، فمع عدم قيام البينة يقدم قول منكر الحوالة، سواء أكان هو الدائن أم
المدين.
(مسألة 893): إذا كان له على زيد دنانير وعليه لعمرو دراهم فأحال عمرا
على زيد بالدنانير فإن كان المراد بذلك تحويل ما بذمته من الدراهم بالدنانير برضا
عمرو به ثم إحالة عمرو على زيد بالدنانير فلا إشكال، وإن كان المراد إحالته على
زيد ليحتسب الدنانير بقيمة الدراهم من دون تحويل في الذمة لم يجب على زيد قبول
الحوالة، كما أنه إذا أحاله عليه بالدراهم مع بقاء اشتغال ذمته عليه بالدنانير لم يجب
القبول بل هو من قبيل الحوالة على البرئ.
217

كتاب الكفالة
الكفالة هي التعهد باحضار المدين وتسليمه إلى الدائن عند طلبه ذلك.
(مسألة 894): تصح الكفالة بالايجاب من الكفيل بكل ما يدل على تعهده
والتزامه والقبول من الدائن بكل ما يدل على رضاه بذلك.
(مسألة 895): يعتبر في الكفيل العقل والبلوغ والاختيار والقدرة على إحضار
المدين، وعدم السفه، (1) ولا يشترط في الدائن البلوغ والرشد والعقل
والاختيار، فتصح الكفالة للصبي والسفيه والمجنون إذا قبلها الولي.
(مسألة 896): تصح الكفالة باحضار المكفول إذا كان عليه حق مالي، (2)
ولا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال.
(مسألة 897): إذا كان المال ثابتا في الذمة، فلا شبهة في صحة الكفالة، وأما إذا
لم يكن ثابتا في الذمة فعلا، ولكن وجد سببه كالجعل في عقد الجعالة وكالعوض في
عقد السبق والرماية وما شاكل ذلك، ففي صحة الكفالة في هذه الموارد إشكال،

(1) لا تكون السفاهة مانعة إلا إذا استلزمت الكفالة التصرف في المال، وكذلك
التفليس.
(2) بل في كل حق تصح إقامة الدعوى عليه، ولا تصح في الحدود ولا في التعزيرات
على اشكال.
218

والصحة أقرب.
(مسألة 898): الكفالة عقد لازم لا يجوز فسخه من طرف الكفيل إلا بالإقالة،
أو بجعل الخيار له.
(مسألة 899): إذا لم يحضر الكفيل المكفول، فأخذ المكفول له المال من الكفيل
فإن لم يأذن المكفول لا في الكفالة ولا في الأداء، فليس للكفيل الرجوع عليه
والمطالبة بما أداه، وإذا أذن في الكفالة والاداء أو أذن في الأداء فحسب، كان له أن
يرجع عليه، وإن أذن له في الكفالة دون الأداء فالظاهر عدم رجوعه عليه بما أداه
وإن كان غير متمكن من إحضاره عند طلب المكفول له ذلك.
(مسألة 900): يجب على الكفيل التوسل بكل وسيلة مشروعة لاحضار
المكفول، فإذا احتاج إلى الاستعانة بشخص قاهر، ولم تكن فيها مفسدة دينية
وجبت الاستعانة به.
(مسألة 901): إذا كان المكفول غائبا احتاج حمله إلى مؤنة، فالظاهر أنها على
الكفيل، إلا إذا كان صرفها بإذن من المكفول.
(مسألة 902): إذا نقل المكفول له حقه الثابت على المكفول إلى غيره ببيع أو
صلح أو حوالة، أو هبة، بطلت الكفالة.
(مسألة 903): إذا أخرج أحد من يد الغريم مديونه قهرا أو حيلة بحيث لا يظفر
به ليأخذ منه دينه، فهو بحكم الكفيل يجب عليه إحضاره لديه، وإلا فيضمن عنه
دينه، ويجب عليه تأديته له.
(مسألة 904): ينحل عقد الكفالة بأمور:
(الأول): أن يسلم الكفيل المكفول إلى المكفول له.
(الثاني): أن يؤدي دينه.
219

(الثالث): ما إذا أبرأ المكفول له ذمة المدين.
(الرابع): ما إذا مات المدين.
(الخامس): ما إذا رفع المكفول له يده عن الكفالة.
* * *
220

كتاب الصلح
الصلح عقد شرعي للتراضي والتسالم بين شخصين في أمر: من تمليك عين أو
منفعة أو إسقاط دين أو حق أو غير ذلك مجانا، (1) أو بعوض.
(مسألة 905): الصلح عقد مستقل ولا يرجع إلى سائر العقود وإن أفاد
فائدتها، فيفيد فائدة البيع إذا كان الصلح على عين بعوض، وفائدة الهبة إذا كان على
عين بغير عوض، وفائدة الإجارة إذا كان على منفعة بعوض، وفائدة الابراء إذا
كان على إسقاط حق أو دين.
(مسألة 906): إذا تعلق الصلح بعين أو منفعة أفاد انتقالهما إلى المتصالح، سواء
أكان مع العوض أو بدونه، وكذا إذا تعلق بدين على غير المصالح له أو حق قابل
للانتقال، كحقي التحجير والاختصاص، وإذا تعلق بدين على المتصالح، أفاد
سقوطه، وكذا الحال إذا تعلق بحق قابل للاسقاط وغير قابل للنقل والانتقال، كحق
الشفعة ونحوه، وأما ما لا يقبل الانتفال ولا الاسقاط، فلا يصح الصلح عليه.
(مسألة 907): يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين، كأن يصالح شخصا على
أن يسكن داره أو يلبس ثوبه في مدة، أو على أن يكون جذوع سقفه على حائطه، أو

(1) في تحققه من دون عوض اشكال، ومنه يظهر الاشكال فيما لا يكون بعوض في
المسائل الآتية.
221

يجري ماءه على سطح داره، أو يكون ميزابه على عرصة داره، أو يكون الممر
والمخرج من داره أو بستانه، أو على أن يخرج جناحا في فضاء ملكه، أو على أن
يكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه، وغير ذلك، ولا فرق فيه بين أن يكون بلا
عوض أو معه.
(مسألة 908): يجري الفضولي في الصلح، كما يجري في البيع ونحوه.
(مسألة 909): لا يعتبر في الصلح العلم بالمصالح به، فإذا اختلط مال أحد
الشخصين بمال الأخر جاز لهما أن يتصالحا على الشركة بالتساوي أو بالاختلاف،
كما يجوز لأحدهما أن يصالح الأخر بمال خارجي معين ولا يفرق في ذلك بين ما إذا
كان التمييز بين المالين متعذرا وما إذا لم يكن متعذرا.
(مسألة 910): يجوز للمتداعيين أن يتصالحا بشئ من المدعى به أو بشئ آخر،
حتى مع إنكار المدعى عليه، ويسقط بهذا الصلح حق الدعوى، وكذا يسقط حق
اليمين الذي كان للمدعي على المنكر، فليس للمدعي بعد ذلك تجديد المرافعة، ولكن
هذا قطع للنزاع ظاهرا، ولا يحل لغير المحق ما يأخذه بالصلح، وذلك مثل ما إذا
ادعى شخص على آخر بدين فأنكره، ثم تصالحا على النصف، فهذا الصلح وإن أثر
في سقوط الدعوى، ولكن المدعي لو كان محقا فقد وصل إليه نصف حقه، ويبقى
نصفه الأخر في ذمة المنكر، إلا أنه إذا كان المنكر معذورا في اعتقاده لم يكن عليه إثم،
نعم لو رضي المدعي بالصلح عن جميع ما في ذمته، فقد سقط حقه.
(مسألة 911): لو قال المدعى عليه للمدعي: صالحني، لم يكن ذلك منه إقرارا
بالحق، لما عرفت من أن الصلح يصح مع الاقرار والانكار، وأما لو قال: بعني أو
ملكني، كان إقرارا.
(مسألة 912): يعتبر في المتصالحين البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم
222

الحجر لسفه أو غيره.
(مسألة 913): يتحقق الصلح بكل ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو نحو ذلك،
ولا تعتبر فيه صيغة خاصة.
(مسألة 914): لو تصالح شخص مع الراعي بأن يسلم نعاجه إليه ليرعاها سنة
مثلا، ويتصرف في لبنها ويعطي مقدارا معينا من الدهن مثلا صحت المصالحة، بل لو
آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معين من دهن أو
غيره صحت الإجارة. (1)
(مسألة 915): لا يحتاج إسقاط الحق أو الدين إلى القبول، وأما المصالحة عليه
فتحتاج إلى القبول.
(مسألة 916): لو علم المديون بمقدار الدين، ولم يعلم به الدائن وصالحه بأقل
منه، لم تبرأ ذمته عن المقدار الزائد إلا أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة، حتى لو علم
بمقدار الدين أيضا.
(مسألة 917): لا تجوز المصالحة على مبادلة مالين من جنس واحد إذا كان مما
يكال أو يوزن، مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأحوط، ولا بأس بها مع احتمال
الزيادة.
(مسألة 918): لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو على
شخصين فيما إذا لم يكونا من المكيل أو الموزون، أو لم يكونا من جنس واحد، أو كانا
متساويين في الكيل أو الوزن، وأما إذا كانا من المكيل أو الموزون ومن جنس

(1) والأحوط وجوبا أن يكون الدهن في الصلح والإجارة من غير جنس ذلك
الحيوان.
223

واحد، فجواز الصلح على مبادلتهما مع زيادة محل إشكال.
(مسألة 919): يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض إبراء
ذمة المديون من بعض الدين وأخذ الباقي منه نقدا، هذا فيما إذا كان الدين من جنس
الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون، وأما في غير ذلك فيجوز البيع
والصلح بالأقل من المديون وغيره، وعليه فيجوز للدائن تنزيل الكمبيالة في
المصرف وغيره في عصرنا الحاضر لان الدنانير الرائجة ليست مما يوزن أو
يكال. (1)
(مسألة 920): عقد الصلح لازم في نفسه حتى فيما إذا كان بلا عوض وكانت
فائدته فائدة الهبة، ولا ينفسخ إلا بتراضي المتصالحين بالفسخ أو بفسخ من جعل له
حق الفسخ منهما (2) في ضمن الصلح.
(مسألة 921): لا يجري خيار الحيوان ولا خيار المجلس ولا خيار التأخير في
الصلح، نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف، أو اشترط تسليمه نقدا
فلم يعمل به، فللآخر أن يفسخ المصالحة.
وأما الخيارات الباقية فهي تجري في عقد الصلح.
(مسألة 922): لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ، وأما أخذ التفاوت بين
قيمتي الصحيح والمعيب ففيه إشكال.
(مسألة 923): لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به على جهة خاصة
ترجع إلى المصالح نفسه أو إلى غيره أو جهة عامة في حياة المصالح أو بعد وفاته صح،

(1) تقدم ما يتعلق بهذا الفرع في المسألة (193).
(2) أو من أجنبي.
224

ولزم الوفاء بالشرط.
(مسألة 924): الأثمار والخضر والزرع يجوز الصلح عليها قبل ظهورها في عام
واحد من دون ضميمة وإن كان لا يجوز ذلك في البيع على ما مر.
(مسألة 925): إذا كان لاحد الشخصين سلعة تسوى بعشرين درهما مثلا
وللآخر سلعة تسوى بثلاثين واشتبهتا ولم تتميز إحداهما عن الأخرى، فإن تصالحا
على أن يختار أحدهما فلا إشكال، وإن تشاجرا بيعت السلعتان وقسم الثمن بينهما
بالنسبة فيعطى لصاحب العشرين سهمان وللآخر ثلاثة أسهم، هذا فيما إذا كان
المقصود لكل من المالكين المالية، وأما إذا كان مقصود كل منهما شخص المال من
دون نظر إلى قيمته وماليته كان المرجع في التعيين هو القرعة.
* * *
225

كتاب الاقرار
وهو إخبار عن حق ثابت على المخبر أو نفي حق له على غيره، ولا يختص بلفظ
بل يكفي كل لفظ دال على ذلك عرفا ولو لم يكن صريحا، وكذا تكفي الإشارة
المعلومة.
(مسألة 926): لا يعتبر في نفوذ الاقرار صدوره من المقر ابتداء واستفادته من
الكلام بالدلالة المطابقية أو التضمنية، فلو استفيد من كلام آخر على نحو الدلالة
الالتزامية كان نافذا أيضا، فإذا قال: الدار التي أسكنها اشتريتها من زيد، كان ذلك
إقرارا منه بكونها ملكا لزيد سابقا وهو يدعي انتقالها منه إليه، ومن هذا القبيل ما
إذا قال أحد المتخاصمين في مال للاخر: بعنيه، فإن ذلك يكون اعترافا منه
بمالكيته له.
(مسألة 927): يعتبر في المقربه أن يكون مما لو كان المقر صادقا في إخباره كان
للمقر له إلزامه ومطالبته به، وذلك بأن يكون المقر به مالا في ذمته أو عينا خارجية
أو منفعة أو عملا أو حقا كحق الخيار والشفعة وحق الاستطراق في ملكه أو إجراء
الماء في نهره أو نصب الميزاب على سطح داره وما شاكل ذلك، وأما إذا أقر بما ليس
للمقر له إلزامه به فلا أثر له، كما إذا أقر بأن عليه لزيد شيئا من ثمن خمر أو قمار ونحو
ذلك لم ينفذ إقراره.
(مسألة 928): إذا أقر بشئ ثم عقبه بما يضاده وينافيه، فإن كان ذلك رجوعا
226

عن إقراره ينفذ إقراره ولا أثر لرجوعه، فلو قال: لزيد علي عشرون دينارا ثم قال:
لا بل عشرة دنانير الزم بالعشرين، وأما إذا لم يكن رجوعا بل كان قرينة على بيان
مراده لم ينفذ الاقرار إلا بما يستفاد من مجموع الكلام فلو قال: لزيد على عشرون
دينارا إلا خمسة دنانير، كان هذا إقرارا على خمسة عشر دينارا فقط ولا ينفذ إقراره
إلا بهذا المقدار.
(مسألة 929): يشترط في المقر التكليف والحرية فلا ينفذ إقرار الصبي والمجنون
ولا إقرار العبد بالنسبة إلى ما يتعلق بحق المولى بدون تصديقه مطلقا ولو كان مما
يوجب الجناية على العبد نفسا أو طرفا، وأما بالنسبة إلى ما يتعلق به نفسه مالا كان
أو جناية فيتبع به بعد عتقه، وينفذ إقرار المريض في مرض موته على الأظهر. (1)
(مسألة 930): يشترط في المقر له أهلية التملك، ولو أقر للعبد فهو له لو قيل
بملكه كما هو الظاهر.
(مسألة 931): لو قال: له علي مال، ألزم به فإن فسره بما لا يملك لم يقبل.
(مسألة 932): لو قال: هذا لفلان بل لفلان كان للأول وغرم القيمة للثاني، وإذا
اعترف بنقد أو وزن أو كيل فيرجع في تعيينه إلى عادة البلد، ومع التعدد إلى
تفسيره.
(مسألة 933): لو أقر بالمظروف لم يدخل الظرف، ولو أقر بالدين المؤجل ثبت
المؤجل ولم يستحق المقر له المطالبة به قبل الاجل، ولو أقر بالمردد بين الأقل والأكثر
ثبت الأقل.
(مسألة 934): لو أبهم المقر له فإن عين قبل، ولو أدعاه الأخر كانا خصمين،

(1) هذا لا يتم على اطلاقه، وفيه تفصيل يأتي في المسألة (1095).
227

وللآخر على المقر اليمين على عدم العلم ان ادعى عليه العلم.
(مسألة 935): لو أبهم المقر به ثم عين أو عينه من الأول وأنكره المقر له، فإن
كان المقر به دينا على ذمة المقر فلا أثر للاقرار ولا يطالب المقر بشئ وإن كان عينا
خارجية، قيل: إن للحاكم انتزاعها من يده ولكن الاظهر عدمه.
(مسألة 936): لو ادعى البائع المواطاة على الاشهاد وأنه لم يقبض الثمن كان
عليه إقامة البينة عليها أو إحلاف المشتري على إقباض الثمن.
(مسألة 937): إذا أقر بولد أو أخ أو أخت أو غير ذلك، نفذ إقراره مع احتمال
صدقه في ما عليه من وجوب انفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في ارث ونحو ذلك،
وأما بالنسبة إلى غير ما عليه من الاحكام ففيه تفصيل، فإن كان الاقرار بالولد
فيثبت النسب باقراره مع احتمال صدقه وعدم المنازع إذا كان الولد صغيرا وكان
تحت يده، ولا يشترط فيه تصديق الصغير ولا يلتفت إلى إنكاره بعد بلوغه، ويثبت
بذلك النسب بينهما وبين أولادهما وسائر الطبقات.
وأما في غير الولد الصغير فلا أثر للاقرار إلا مع تصديق الأخر، فإن لم يصدقه
الأخر لم يثبت النسب، وإن صدقه ولا وارث غيرهما توارثا، وفي ثبوت التوارث
مع الوارث الأخر إشكال، والاحتياط لا يترك، وكذلك في تعدي التوارث إلى
غيرهما، ولا يترك الاحتياط أيضا فيما لو أقر بولد أو غيره، ثم نفاه بعد ذلك.
(مسألة 938): لو أقر الوارث بأولى منه دفع ما في يده إليه ولو كان مساويا دفع
بنسبة نصيبه من الأصل، ولو أقر باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما فيعمل
بالاقرار، ولكن تبقى الدعوى قائمة بينهما، ولو أقر بأولى منه في الميراث ثم أقر بأولى
من المقر له أولا كما إذا أقر العم بالأخ ثم أقر بالولد فإن صدقه المقر له أولا دفع إلى
الثاني وإلا فإلى الأول ويغرم للثاني.
228

(مسألة 939): لو أقر الولد باخر ثم أقر بثالث وأنكر الثالث الثاني كان للثالث
النصف وللثاني السدس، ولو كانا معلومي النسب لا يلتفت إلى إنكاره، وكذلك
الحكم إذا كان للميت ولدان وأقر أحدهما له بثالث وأنكره الأخر، فإن نصف التركة
حينئذ للمنكر وثلثها للمقر وللمقر له السدس.
وإذا كانت للميت زوجة وإخوة مثلا وأقرت الزوجة بولد له فإن صدقتها
الاخوة كان ثمن التركة للزوجة والباقي للولد وإن لم تصدقها أخذت الاخوة ثلاثة
أرباع التركة وأخذت الزوجة ثمنها والباقي وهو الثمن للمقر له.
(مسألة 940): يثبت النسب بشهادة عدلين، ولا يثبت بشهادة رجل
وامرأتين، ولا بشهادة رجل ويمين، ولو شهد الاخوان بابن للميت وكانا عدلين كان
أولى منهما ويثبت النسب، ولو كانا فاسقين لم يثبت النسب ويثبت الميراث إذا
لم يكن لهما ثالث وإلا كان إقرار هما نافذا في حقهما دون غيرهما.
* * *
229

كتاب الوكالة
ولا بد فيها من الايجاب والقبول بكل ما يدل عليهما من لفظ أو فعل ولا يعتبر
فيها اتصال القبول بالايجاب كما لا يشترط فيها التنجيز، (1) فلو علقها على شرط
غير حاصل حال العقد أو مجهول الحصول حينه فالظاهر الصحة، ويصح تصرف
الوكيل حينئذ عند تحقيق الشرط.
(مسألة 941): الوكالة جائزة من الطرفين، ولكن يعتبر في عزل الموكل له
اعلامه به، فلو تصرف قبل علمه به صح تصرفه.
(مسألة 942): تبطل الوكالة بالموت وتلف متعلقها وفعل الموكل نفسه، كما أنها
تبطل بجنون الموكل وباغمائه حال جنونه واغمائه، وفي بطلانها مطلقا حتى بعد
رجوع العقل والإفاقة إشكال.
(مسألة 943): تصح الوكالة فيما لا يتعلق غرض الشارع بايقاعه مباشرة،
ويعلم ذلك ببناء العرف والمتشرعة عليه.
(مسألة 944): الوكيل المأذون لا يجوز له التعدي حتى في تخصيص السوق إلا
إذا علم أنه ذكره من باب أحد الافراد.
(مسألة 945): لو عمم الموكل التصرف صح تصرف الوكيل مع المصلحة مطلقا

(1) الأحوط وجوبا عدم التعليق.
230

إلا في الاقرار، نعم إذا قال: أنت وكيلي في أن تقر علي بكذا لزيد مثلا كان هذا إقرارا
منه لزيد به.
(مسألة 946): الاطلاق في الوكالة يقتضي البيع حالا بثمن المثل بنقد البلد
وابتياع الصحيح وتسليم المبيع وتسليم الثمن بالشراء والرد بالعيب.
(مسألة 947): وكالة الخصومة عند القاضي لا تقتضي الوكالة في القبض وكذلك
العكس.
(مسألة 948): يشترط أهلية التصرف في الوكيل والموكل، فيصح توكيل
الصغير فيما جاز له مباشرته كالوصية إذا بلغ عشرا، ويجوز أن يكون الصغير وكيلا
ولو بدون إذن وليه.
(مسألة 949): لو وكل العبد بإذن مولاه صح.
(مسألة 950): ليس للوكيل أن يوكل غيره بغير إذن الموكل.
(مسألة 951): للحاكم التوكيل عن السفهاء والبله.
(مسألة 952): يستحب لذوي المروءات التوكيل في مهماتهم.
(مسألة 953): لا يتوكل الذمي على المسلم على المشهور، ولكن الاظهر
الجواز.
(مسألة 954): لا يضمن الوكيل إلا بتعد أو تفريط، ولا تبطل وكالته به.
(مسألة 955): القول قول الوكيل مع اليمين وعدم البينة في عدم التعدي
والتفريط، وكذلك في العزل والعلم به والتصرف، وفي قبول قوله في الرد إشكال
والأظهر العدم.
(مسألة 956): لو ادعى الوكيل التلف فالقول قوله إلا إذا كان متهما فيطالب
بالبينة.
231

(مسألة 957): القول قول منكر الوكالة، وقول الموكل لو ادعى الوكيل الاذن
في البيع بثمن معين، فإن وجدت العين استعيدت وإن فقدت أو تعذرت فالمثل أو
القيمة إن لم يكن مثليا.
(مسألة 958): لو زوجه فأنكر الموكل الوكالة حلف، وعلى الوكيل نصف المهر
لها، وعلى الموكل إن كان كاذبا في إنكاره الزوجية طلاقها، ولو لم يفعل وقد علمت
الزوجة بكذبه رفعت أمرها إلى الحاكم ليطلقها بعد أمره الزوج بالانفاق عليها
وامتناعه.
(مسألة 959): لو وكل اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بالتصرف إلا إذا كانت
هناك دلالة على توكيل كل منهما على الاستقلال.
(مسألة 960): لا تثبت الوكالة عند الاختلاف إلا بشاهدين عدلين.
(مسألة 961): لو أخر الوكيل التسليم مع القدرة والمطالبة ضمن.
(مسألة 962): الوكيل المفوض إليه المعاملة بحكم المالك يرجع عليه البائع
بالثمن ويرجع عليه المشتري بالمثمن وترد عليه العين بالفسخ بعيب ونحوه ويؤخذ
منه العوض.
(مسألة 963): يجوز التوكيل فيما لا يتمكن الموكل منه فعلا شرعا إذا كان تابعا
لما يتمكن منه، كما إذا وكله في شراء دار له وبيعها أو وكله في شراء عبد وعتقه أو في
تزويج امرأة وطلاقها ونحو ذلك، واما التوكيل فيه استقلالا بأن يوكله في بيع دار
يملكها بعد ذلك أو في تزويج امرأة معتدة بعد انقضاء عدتها أو في طلاق امرأة
يتزوجها بعد حين ونحو ذلك ففي صحته إشكال، والأقرب الصحة.
ويجوز التوكيل في القبض والاقباض في موارد لزومهما كما في القرض والرهن
وبيع الصرف وفي موارد عدم لزومهما كما إذا باع داره من زيد ووكل عمرا في قبض
232

الثمن فإن قبض الوكيل في جميع هذه الموارد بمنزلة قبض الموكل، ولا يعتبر في صحة
التوكيل حينئذ قدرة الموكل على القبض خارجا فيجوز لمن لا يقدر على أخذ ماله
من غاصب أن يوكل من يقدر على أخذه منه فيكون أخذه بمنزلة أخذ الموكل.
(مسألة 964): تصح الوكالة في حيازة المباحات فإذا وكل أحدا في حيازتها
وقد حازها الوكيل لموكله كان المال المحوز ملكا للموكل دون الوكيل.
(مسألة 965): إذا وكل شخصا لاستيفاء حق له على غيره فجحد من عليه
الحق، لم يكن للوكيل مخاصمته والمرافعة معه لاثبات الحق عليه إلا إذا كان وكيلا في
ذلك أيضا.
(مسألة 966): لا بأس بجعل جعل للوكيل ولكنه إنما يستحق الجعل بالاتيان
بالعمل الموكل فيه، فلو وكله في البيع أو الشراء وجعل له جعلا لم يكن للوكيل أن
يطالب به إلا بعد إتمام العمل، نعم له المطالبة به قبل حصول القبض والاقباض.
(مسألة 967): لو وكله في قبض ماله على شخص من دين فمات المدين قبل
الأداء بطلت الوكالة، وليس للوكيل مطالبة الورثة، نعم إذا كانت الوكالة عامة
وشاملة لاخذ الدين ولو من الورثة لم تبطل الوكالة وكان حينئذ للوكيل مطالبة
الورثة بذلك.
* * *
233

كتاب الهبة
وهي تمليك عين مجانا من دون عوض، وهي عقد يحتاج إلى إيجاب وقبول،
ويكفي في الايجاب كل ما دل على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة،
ولا تعتبر فيه صيغة خاصة ولا العربية، ويكفي في القبول كل ما دل على الرضا
بالايجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك.
(مسألة 968): يعتبر في الواهب البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر
عليه بسفه أو فلس أو ملك.
(مسألة 969): تصح الهبة من المريض في مرض الموت وإن زاد عن الثلث كما
تصح سائر تصرفاته من بيع أو صلح أو نحو ذلك.
(مسألة 970): تصح الهبة في الأعيان المملوكة وإن كانت مشاعة، ولا تبعد
أيضا، صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه ويكون قبضه بقبض مصداقه، ولو
وهبه ما في ذمته كان ابراءا.
(مسألة 971): يشترط في صحة الهبة القبض، ولابد فيه من إذن الواهب إلا أن
يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذ إلى قبض جديد، ولا تعتبر الفورية في القبض
ولا كونه في مجلس العقد، فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير ومتى تحقق
القبض صحت الهبة من حينه، فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل
بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له، وإذا وهبه شيئين فقبض الموهوب له
234

أحدهما دون الأخر صحت الهبة في المقبوض دون غيره.
(مسألة 972): للأب والجد ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون إذا بلغ
مجنونا، أما لو جن بعد البلوغ فولاية القبول والقبض للحاكم على المشهور، وفيه
اشكال، ولو وهب الولي أحدهما وكانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج إلى قبض
جديد.
(مسألة 973): يتحقق القبض في غير المنقول بالتخلية ورفع الواهب يده عن
الموهوب وجعله تحت استيلاء الموهوب له وسلطانه، ويتحقق في المنقول بوضعه
تحت يد الموهوب له.
(مسألة 974): ليس للواهب الرجوع بعد الاقباض إن كانت لذي رحم أو بعد
التلف أو مع التعويض، وفي جواز الرجوع مع التصرف خلاف، والأقوى جوازه
إذا كان الموهوب باقيا بعينه، فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه أو نقله إلى غيره
لم يجز له الرجوع، وله الرجوع في غير ذلك، فإن عاب فلا أرش، وإن زادت زيادة
منفصلة فهي للموهوب له، وإن كانت متصلة فإن كانت غير قابلة للانفصال كالطول
والسمن وبلوغ الثمرة ونحوها فهي تتبع الموهوب، وإن كانت قابلة للانفصال
كالصوف والثمرة ونحوهما ففي التبعية إشكال، والأظهر عدمها وإن الزيادة
للموهوب له بعد رجوع الواهب أيضا.
(مسألة 975): في إلحاق الزوج أو الزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة إشكال،
والأقرب عدمه.
(مسألة 976): لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة وانتقل
الموهوب إلى ورثة الواهب.
(مسألة 977): لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة فليس
235

للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب له، كما أنه ليس لورثة الواهب الرجوع إلى
الموهوب له.
(مسألة 978): لا يعتبر في صحة الرجوع علم الموهوب، فيصح الرجوع مع
جهله أيضا.
(مسألة 979): في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط، فإذا
وهبه شيئا بشرط أن يهبه شيئا وجب على الموهوب له العمل بالشرط فإذا تعذر أو
امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة، بل الظاهر جواز
الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.
(مسألة 980): في الهبة المطلقة لا يجب التعويض على الأقوى لكن لو عوض
المتهب لزمت الهبة ولم يجز للواهب الرجوع.
(مسألة 981): لو بذل المتهب العوض ولم يقبل الواهب لم يكن تعويضا.
(مسألة 982): العوض المشروط إن كان معينا تعين وإن كان مطلقا أجزأ
اليسير إلا إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على إرادة المساوي.
(مسألة 983): لا يشترط في العوض أن يكون عينا بل يجوز أن يكون عقدا أو
إيقاعا كبيع شئ على الواهب أو إبراء ذمته من دين له عليه أو نحو ذلك.
* * *
236

كتاب الوصية
وهي قسمان:
1 - تمليكية: بأن يجعل شيئا من تركته لزيد أو للفقراء مثلا بعد وفاته، فهي
وصية بالملك أو الاختصاص.
2 - عهدية: بأن يأمر بالتصرف بشئ يتعلق به من بدن أو مال كأن يأمر بدفنه في
مكان معين أو زمان معين أو يأمر بأن يعطى من ماله أحدا أو يستناب عنه في الصوم
والصلاة من ماله أو يوقف ماله أو يباع أو نحو ذلك، فإن وجه أمره إلى شخص معين
فقد جعله وصيا عنه وجعل له ولاية التصرف، وإن لم يوجه أمره إلى شخص معين
ولم تكن قرينة على التعيين كما إذا قال: أوصيت بأن يحج عني أو يصام عني أو نحو
ذلك فلم يجعل له وصيا معينا كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعي.
(مسألة 984): الوصية العهدية لا تحتاج إلى قبول سواء جعل له وصيا أم
لم يجعل، وأما الوصية التمليكية فكما إذا قال: هذا المال لزيد بعد مماتي فالمشهور
احتياجه إلى القبول من الموصى له، لكن الاظهر عدمه.
(مسألة 985): تتضيق الواجبات الموسعة إذا لم يطمئن المكلف بالتمكن من
الامتثال مع التأخير، كقضاء الصلاة والصيام وأداء الكفارات والنذور ونحوها من
الواجبات البدنية وغيرها فتجب المبادرة إلى أدائها، وإذا ضاق الوقت عن أدائها
وجب الايصاء والاعلام بها على الأقوى إلا أن يعلم بقيام الوارث أو غيره به.
237

وأما أموال الناس من الوديعة والعارية ومال المضاربة ونحوها مما يكون تحت
يده فالظاهر عدم وجوب المبادرة إلى أدائه إلا إذا خاف عدم أداء الوارث، (1)
ويجب الايصاء به والاشهاد عليه إذا كان يتوقف عليهما الأداء وإلا لم يجب، ومثلها
الديون التي عليه مع عدم مطالبة الدائن، أما مع مطالبته فتجب المبادرة إلى أدائها
وإن لم يخف الموت.
(مسألة 986): يكفي في تحقق الوصية كل ما دل عليها من لفظ صريح أو غير
صريح أو فعل وإن كان كتابة أو إشارة بلا فرق بين صورتي الاختيار وعدمه بل
يكفي وجود مكتوب بخطه أو بإمضائه بحيث يظهر منه إرادة العمل به بعد موته، وإذا
قيل له هل أوصيت؟ فقال: لا، فقامت البينة على أنه قد أوصى، كان العمل على
البينة ولم يعتد بخبره.
نعم إذا كان قد قصد من إنكاره إن شاء العدول عن الوصية صح العدول منه،
وكذا الحكم لو قال: نعم وقامت البينة على عدم الوصية منه فإنه إن قصد الاخبار
كان العمل على البينة وإن قصد إن شاء الوصية صح الانشاء وتحققت الوصية.
(مسألة 987): المشهور أن رد الموصى له الوصية في الوصية التمليكية مبطل لها
إذا كان الرد بعد الموت ولم يسبق بقبوله، ولكنه لا يخلو عن إشكال، (2) أما إذا
سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له وكذا الرد حال الحياة.
(مسألة 988): لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما ورد الأخر صحت فيما قبل
وبطلت فيما رد على اشكال (3) وكذا لو أوصى له بشئ واحد فقبل في بعضه ورد في

(1) أو احتمل عدم رضاء المالك ببقائها عند الوارث.
(2) والأقوى ما عليه المشهور.
(3) بل على الأقوى.
238

البعض الأخر.
(مسألة 989): لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصي بها قبل أن يختار
الموصى له أحد الامرين من الرد والقبول، وليس لهم إجباره على الاختيار
معجلا. (1)
(مسألة 990): إذا مات الموصى له قبل قبوله ورده قام وارثه مقامه في ذلك،
فله القبول أو الرد إذا لم يرجع الموصي من وصيته، ولا فرق بين أن يموت في حياة
الموصي أو بعد وفاته. (2)
(مسألة 991): الظاهر أن الوارث يتلقى المال الموصى به من مورثه الموصى له
إذا مات بعد موت الموصي، فتخرج منه ديونه ووصاياه ولا ترث منه الزوجة إذا
كان أرضا وترث قيمته إن كان نخلا أو بناءا، وأما إذا مات الموصى له قبل الموصي
فالظاهر أن ورثة الموصى له يتلقون الموصى به من الموصي نفسه فلا يجري عليه
حكم تركة الميت الموصى له، وفي كلتا الصورتين المدار على الوارث للموصى له عند
موته لا الوارث عند موت الموصي.
وأما إذا مات الوارث في حياة الموصي أيضا ففي انتقال الموصى به إلى ورثته
أيضا إشكال، والانتقال أظهر.
(مسألة 992): إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص مثلا فهل
يجري الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه

(1) إلا أن يكون تأخيره اضرارا بالورثة.
(2) بل إذا مات بعد وفات الموصى لا يبعد انتقال الموصى به إلى وارث الموصى له
بالإرث.
239

إشكال والجريان أظهر.
(مسألة 993): يشترط في الموصي أمور:
(الأول): البلوغ، فلا تصح وصية الصبي إلا إذا بلغ عشرا (1) وكان قد عقل
وكانت وصيته في وجوه الخير والمعروف لأرحامه، (2) وفي نفوذ وصيته لغير
أرحامه إشكال.
(الثاني): العقل، فلا تصح وصية المجنون والمغمى عليه والسكران حال جنونه
وإغمائه وسكره، وإذا أوصى حال عقله ثم جن أو سكر أو أغمي عليه لم تبطل
وصيته، وفي اعتبار الرشد فيه إشكال فلا يترك الاحتياط. (3)
(الثالث): الاختيار، فلا تصح وصية المكره.
(الرابع): الحرية، فلا تصح وصية المملوك إلا أن يجيز مولاه، ولا فرق بين أن
تكون في ماله وأن تكون في غير ماله كما إذا أوصى أن يدفن في مكان معين، وإذا
أوصى ثم انعتق وأجازها صحت وإن لم يجزها المولى.
(الخامس): أن لا يكون قاتل نفسه، فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما
يوجب هلاكه من جرح أو شرب سم أو نحو ذلك لم تصح وصيته إذا كانت في ماله،

(1) لا يترك الاحتياط بانفاذ وصية ابن سبع سنين باليسير من ماله إذا كان في
حق.
(2) وتصح إذا اوصى على حد معروف وحق في مطلق وجوه الخير كالتصدق
ونحوه.
(3) بل الأظهر الاعتبار فيما استلزم تصرفا ماليا وعدم الاعتبار في غيره إذا لم تكن
الوصية سفهية.
240

أما إذا كانت في غيره من تجهيز ونحوه صحت، وكذا تصح الوصية إذا فعل ذلك
لاعن عمد بل كان خطأ أو سهوا أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر أو على غير
وجه العصيان، مثل الجهاد في سبيل الله، وكذا إذا عوفي ثم أوصى، بل الظاهر الصحة
أيضا إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثم عوفي ثم مات.
(مسألة 994): إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثم أحدث فيها صحت
وصيته وإن كان حين الوصية بانيا على أن يحدث ذلك بعدها.
(مسألة 995): تصح الوصية من كل من الأب والجد بالولاية على الطفل مع
فقد الأخر ولا تصح مع وجوده.
(مسألة 996): لا يجوز للحاكم الوصية بالولاية على الطفل بعد موته، بل بعد
موته يرجع الامر إلى حاكم آخر غيره.
(مسألة 997): لو أوصى وصية تمليكية لصغير من أرحامه أو من غيرهم بمال
ولكنه جعل أمره إلى غير الأب والجد وغير الحاكم لم يصح هذا الجعل، بل يكون أمر
ذلك المال للأب والجد مع وجود أحدهما وللحاكم مع فقدهما، نعم لو أوصى أن يبقى
ماله بيد الوصي حتى يبلغوا فيملكهم إياه صح، وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله
عليهم من دون أن يملكهم إياه.
(مسألة 998): يجوز أن يجعل الأب والجد الولاية والقيمومة على الأطفال
لاثنين أو أكثر كما يجوز جعل الناظر على القيم المذكور، بمعنى كونه مشرفا على عمله
أو بمعنى كون العمل بنظره وتصويبه كما يأتي في الناظر على الوصي.
(مسألة 999): إذا قال الموصي لشخص: أنت ولي وقيم على أولادي
القاصرين وأولاد ولدي ولم يقيد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرف في جميع
الشؤون المتعلقة بهم من حفظ نفوسهم وتربيتهم وحفظ أموالهم والانفاق عليهم
241

واستيفاء ديونهم ووفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو غير ذلك من الجهات.
(مسألة 1000): إذا قيد الموصي الولاية بجهة دون جهة وجب على الولي
الاقتصار على محل الاذن دون غيره من الجهات، وكان المرجع في الجهات الأخرى
الحاكم الشرعي.
(مسألة 1001): يجوز للقيم على اليتيم أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له
أجرة وكان فقيرا، أما إذا كان غنيا ففيه إشكال والأحوط الترك
فصل
في الموصى به
(مسألة 1002): يشترط في الموصى به أن يكون مما له نفع محلل معتد به سواء
أكان عينا موجودة أم معدومة إذا كانت متوقعة الوجود، كما إذا أوصى بما تحمله
الجارية أو الدابة، أو منفعة لعين موجودة أو معدومة متوقعة الوجود، أو حق من
الحقوق القابلة للنقل مثل حق التحجير ونحوه لا مثل حق القذف ونحوه مما لا يقبل
الانتقال إلى الموصى له.
(مسألة 1003): إذا أوصى لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها في غير
الشرب أو أوصى بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كسرت صح.
(مسألة 1004): يشترط في الموصى به أن لا يكون زائدا على الثلث (1) فإذا
أوصى بما زاد عليه بطل الايصاء في الزائد إلا مع إجازة الوارث، وإذا أجاز بعضهم

(1) هذا بالنسبة إلى من يكون له وارث، واما من لا وارث له الا الإمام (عليه السلام) فيجيئ
حكمه في المسألة (1818).
242

دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الأخر، وإذا أجازوا في بعض الموصى به وردوا
في غيره صح فيما أجازوه وبطل في غيره.
(مسألة 1005): لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة وفي الاجتزاء بها
حال الحياة قولان، أقواهما الأول.
(مسألة 1006): ليس للمجيز الرجوع عن إجازته حال حياة الموصي ولا بعد
وفاته كما لا أثر للرد إذا لحقته الإجازة.
(مسألة 1007): لا فرق بين وقوع الوصية حال مرض الموصي وحال صحته،
ولا بين كون الوارث غنيا وفقيرا.
(مسألة 1008): لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي أنها من الثلث الذي
جعله الشارع له، فإذا أوصى بعين غير ملتفت إلى ذلك وكانت بقدره أو أقل صح.
(مسألة 1009): إذا أوصى بثلث ما تركه ثم أوصى بشئ وقصد كونه من ثلثي
الورثة فان أجازوا صحت الثانية أيضا وإلا بطلت.
(مسألة 1010): إذا أوصى بعين وقصد كونها من الأصل نفذت الوصية في ثلثها
وتوقفت في ثلثيها على إجازة الورثة كما إذا قال: فرسي لزيد وثلثي من باقي التركة
لعمرو فإنه تصح وصيته لعمرو، وأما وصيته لزيد فتصح إذا رضي الورثة وإلا
صحت في ثلث الفرس وكان الثلثان للورثة.
(مسألة 1011): إذا أوصى بعين ولم يوص بالثلث فإن لم تكن الوصية زائدة على
الثلث نفذت، وإن زادت على الثلث توقف نفوذها في الزائد على إجازة الورثة.
(مسألة 1012): إذا أوصى بعين معينة أو بمقدار كلي من المال كألف دينار،
يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقل أو أكثر بالإضافة إلى أموال الموصي حين الموت
لا حين الوصية، فإذا أوصى لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية
243

وصارت حين الموت بمقدار الثلث إما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو
لحدوث مال له لم يكن حين الوصية صحت الوصية في تمامها.
(مسألة 1013): إذا كانت العين حين الوصية بمقدار الثلث فصارت أكثر من
الثلث حال الموت إما لزيادة قيمتها أو لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله
عن ملكه نفذت الوصية بما يساوي الثلث وبطلت في الزائد إلا إذا أجاز الورثة.
(مسألة 1014): إذا أوصى بكسر مشاع كالثلث فإن كان حين الوفاة مساويا له
حين الوصية فلا إشكال في صحة الوصية بتمامه، وكذا إذا كان أقل فتصح فيه بتمامه
حين الوفاة، أما إذا كان حين الوفاة أكثر منه حين الوصية، كما لو تجدد له مال فهل
يجب إخراج ثلث الزيادة المتجددة أيضا أو يقتصر على ثلث المقدار الموجود حين
الوصية، فهو لا يخلو من إشكال وإن كان الأقوى الأول، إلا أن تقوم القرينة على
إرادة الوصية بثلث الأعيان الموجودة حين الوصية لا غير، فإذا تبدلت أعيانها
لم يجب إخراج شئ، أو تقوم القرينة على إرادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها،
وإن تبدلت أعيانها فلا يجب إخراج الزائد.
وكذا إذا كان كلامه محفوفا بما يوجب إجمال المراد فإنه يقتصر حينئذ على القدر
المتيقن وهو الأقل.
(مسألة 1015): يحسب من التركة ما يملكه الميت بعد الموت كالدية في الخطأ وكذا
في العمد إذا صالح عليها أولياء الميت وكما إذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها شئ
بعد وفاته فيخرج من جميع ذلك الثلث إذا كان قد أوصى به.
(مسألة 1016): إذا أوصى بعين تزيد على ثلثه في حياته وبضم الدية ونحوها
تساوي الثلث نفذت وصيته فيها بتمامها.
(مسألة 1017): إنما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل من الديون
244

المالية فإذا أخرج جميع الديون المالية من مجموع التركة كان ثلث الباقي هو مورد
العمل بالوصية.
(مسألة 1018): إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته أو تبرع متبرع في
أدائه بعد وفاته لم يكن مستثنى من التركة وكان بمنزلة عدمه.
(مسألة 1019): لا بد في إجازة الوارث الوصية الزائدة على الثلث من إمضاء
الوصية وتنفيذها ولا يكفي فيها مجرد الرضا النفساني.
(مسألة 1020): إذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين، وإذا فوض التعيين
إلى الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضا بلا حاجة إلى رضا الوارث، وإذا
لم يحصل منه شئ من ذلك كان ثلثه مشاعا في التركة ولا يتعين في عين بعينها بتعيين
الوصي إلا مع رضا الورثة.
(مسألة 1021): الواجبات المالية تخرج من الأصل وإن لم يوص بها الموصي
وهي الأموال التي اشتغلت بها ذمته مثل المال الذي اقترضه والمبيع الذي باعه سلفا
وثمن ما اشتراه نسيئة وعوض المضمونات وأروش الجنايات ونحوها، ومنها
الخمس والزكاة والمظالم، وأما الكفارات والنذور ونحوها فالظاهر أنها لا تخرج من
الأصل.
(مسألة 1022): إذا تلف من التركة شئ بعد موت الموصي وجب إخراج
الواجبات المالية من الباقي وإن استوعبه وكذا إذا غصب بعض التركة.
(مسألة 1023): إذا تمرد بعض الورثة عن وفاء الدين لم يسقط من الدين ما يلزم
في حصته بل يجب على غيره وفاء الجميع (1) كما يجب عليه.

(1) على الأحوط.
245

ثم إذا وفى غيره تمام الدين فإن كان بإذن الحاكم الشرعي رجع على المتمرد
بالمقدار الذي يلزم في حصته، وإذا كان بغير إذن الحاكم الشرعي ففي رجوعه عليه
بذلك المقدار إشكال، وإن كان الاظهر الجواز.
(مسألة 1024): الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل،
وأما الحج النذري فيخرج من الثلث على الأظهر.
(مسألة 1025): إذا أوصى بوصايا متعددة متضادة كان العمل على الثانية
وتكون ناسخة للأولى، فإذا أوصى بعين شخصية لزيد ثم أوصى بها لعمرو أعطيت
لعمرو، وكذا إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى به لعمرو.
(مسألة 1026): إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى بنصف ثلثه لعمرو كان الثلث
بينهما على السوية.
(مسألة 1027): إذا أوصى بعين شخصية لزيد ثم أوصى بنصفها لعمرو كانت
الثانية ناسخة للأولى بمقدارها.
(مسألة 1028): إذا أوصى بوصايا متعددة غير متضادة وكانت كلها مما يخرج
من الأصل وجب إخراجها من الأصل وإن زادت على الثلث.
(مسألة 1029): إذا كانت الوصايا كلها واجبات لا تخرج من الأصل
كالواجبات البدنية والكفارات والنذور أخرجت من الثلث، فإن زادت على الثلث
وأجاز الورثة أخرجت جميعها، وإن لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة
سواء أكانت مرتبة بأن ذكرت في كلام الموصي واحدة بعد أخرى كما إذا قال: أعطوا
عني صوم عشرين شهرا وصلاة عشرين سنة أم كانت غير مرتبة بأن ذكرت جملة
واحدة كما إذا قال: اقضوا عني عباداتي مدة عمري صلاتي وصومي.
فإذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة فإن أجاز الورثة نفذت في الجميع وإن
246

لم يجز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث ومن وصية الصوم الثلث.
وكذا الحكم إذا كانت كلها تبرعية غير واجبة فإنها إن زادت على الثلث
وأجاز الورثة وجب إخراج الجميع، وإن لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع
بالنسبة.
(مسألة 1030): إذا كانت الوصايا المتعددة مختلفة بعضها واجب يخرج من
الأصل وبعضها واجب لا يخرج من الأصل، كما إذا قال: أعطوا عني ستين دينارا:
عشرين دينارا زكاة وعشرين دينارا صلاة وعشرين دينارا صوما، فإن وسعها
الثلث أخرج الجميع، وكذلك ان لم يسعها وأجاز الورثة.
أما إذا لم يسعها ولم يجز الورثة فيقسم الثلث على الجميع وما يجب اخراجه من
أصل التركة يلزم تتميمه منها.
فإن كان الميت قد ترك مائة دينار يخرج من أصل تركته عشرة دنانير للزكاة،
ثم يخرج ثلثه ثلاثون دينارا فيوزع على الزكاة والصلاة والصوم.
وكذا الحال فيما إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجبا يخرج من الأصل
وبعضها تبرعية، نعم إذا لم يمكن التتميم من التركة تعين التتميم من الثلث في كلتا
الصورتين.
(مسألة 1031): إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجبا لا يخرج من الأصل
وبعضها تبرعية ولم يف الثلث بالجميع ولم يجزها الورثة ففي تقديم الواجب على
غيره إشكال وكلام، والأظهر هو التقديم.
(مسألة 1032): المراد من الوصية التبرعية الوصية بما لا يكون واجبا عليه في
حياته سواء أكانت تمليكية كما إذا قال: فرسي لزيد بعد وفاتي أم عهدية كما إذا قال:
تصدقوا بفرسي بعد وفاتي.
247

(مسألة 1033): إذا أوصى بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية يكون
الموصى له شريكا مع الورثة، فله الثلث ولهم الثلثان، فان تلف من التركة شئ كان
التلف على الجميع، وإن حصل لتركته نماء كان النماء مشتركا بين الجميع.
(مسألة 1034): إذا أوصى بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات وقربات يكون
الثلث باقيا على ملكه، فان تلف من التركة شئ كان التلف موزعا عليه وعلى بقية
الورثة، وإن حصل النماء كان له منه الثلث.
(مسألة 1035): إذا عين ثلثه في عين معينة تعين، كما عرفت، فإذا حصل منها
نماء كان النماء له وحده، وإن تلف بعضها أو تمامها اختص التلف به ولم يشاركه فيه
بقية الورثة.
(مسألة 1036): إذا أوصى بثلثه مشاعا ثم أوصى بشئ آخر معينا كما إذا قال:
أنفقوا علي ثلثي وأعطوا فرسي لزيد وجب إخراج ثلثه من غير الفرس وتصح
وصيته بثلث الفرس لزيد.
وأما وصيته بالثلثين الآخرين من الفرس لزيد فصحتها موقوفة على إجازة
الورثة، فإن لم يجيزوا بطلت كما تقدم.
وإذا كان الشئ الآخر غير معين كما إذا قال: انفقوا علي ثلثي وأعطوا زيدا مائة
دينار، توقفت الوصية بالمائة على إجازة الورثة، فان أجازوها في الكل صحت في
تمامها، وان أجازوها في البعض صحت في بعضها، وان لم يجيزوا منها شيئا بطلت في
جميعها، ونحوه إذا قال: أعطوا ثلثي لزيد وأعطوا ثلثا آخر من مالي لعمرو فإنه تصح
وصيته لزيد ولا تصح وصيته لعمرو إلا بإجازة الورثة.
أما إذا قال: أعطوا ثلثي لزيد ثم قال: أعطوا ثلثي لعمرو كانت الثانية ناسخة
للأولى كما عرفت، والمدار على ما يفهم من الكلام.
248

(مسألة 1037): لا تصح الوصية في المعصية، فإذا أوصى بصرف مال في معونة
الظالم أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس والبيع ونشر كتب الضلال بطلت
الوصية.
(مسألة 1038): إذا كان ما أوصى به جائزا عند الموصي باجتهاده أو تقليده
وليس بجائز عند الوصي كذلك لم يجز للوصي تنفيذ الوصية، وإذا كان الامر
بالعكس وجب على الوصي العمل بها.
(مسألة 1039): إذا أوصى بحرمان بعض الورثة من الميراث فلم يجز ذلك البعض
لم يصح.
نعم إذا لم يكن قد أوصى بالثلث وأوصى بذلك وجب العمل بالوصية بالنسبة
إلى الثلث لغيره، فإذا كان له ولدان وكانت التركة ستة فأوصى بحرمان ولده زيد من
الميراث أعطي زيد اثنين وأعطي الأخر أربعة.
وإذا أوصى بسدس ماله لأخيه وأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث أعطي
أخوه السدس وأعطي زيد الثلث وأعطي ولده الأخر النصف.
(مسألة 1040): إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصح وإن أجازها زيد،
وإذا أوصى بمال زيد بعد وفاة زيد فأجازها زيد صح.
(مسألة 1041): قد عرفت انه إذا أوصى بعين من تركته لزيد ثم أوصى بها لعمرو
كانت الثانية ناسخة ووجب دفع العين لعمرو، فإذا اشتبه المتقدم والمتأخر تعين
الرجوع إلى القرعة في تعيينه.
(مسألة 1042): إذا دفع إنسان إلى آخر مالا وقال له إذا مت فأنفقه عني ولم يعلم أنه
أكثر من الثلث أو أقل أو مساو له أو علم أنه أكثر واحتمل انه مأذون من الورثة
في هذه الوصية، أو علم أنه غير مأذون من الورثة لكن احتمل أنه كان له ملزم
249

شرعي يقتضي إخراجه من الأصل فهل يجب على الوصي العمل بالوصية حتى
يثبت بطلانها، فيه إشكال ولا سيما في الفرضين الأخيرين.
(مسألة 1043): إذا أوصى بشئ لزيد وتردد بين الأقل والأكثر اقتصر على
الأقل وإذا تردد بين المتباينين عين بالقرعة.
فصل
في الموصى له
(مسألة 1044): الاظهر صحة الوصية العهدية للمعدوم إذا كان متوقع الوجود في
المستقبل، مثل أن يوصي بإعطاء شئ لأولاد ولده الذين لم يولدوا حال الوصية
ولا حين موت الموصي فيبقى المال الموصى به في ملك الموصي فان ولدوا بعد ذلك
أعطي لهم وإلا صرف في الأقرب فالأقرب إلى نظر الموصي. (1)
(مسألة 1045): الوصية التمليكية لا تصح للمعدوم إلى زمان موت الموصي.
(مسألة 1046): لو أوصى لحمل فان ولد حيا ملك الموصى به وإلا بطلت الوصية
ورجع المال إلى ورثة الموصي.
(مسألة 1047): تصح الوصية للذمي وللحربي ولمملوكه وأم ولده ومدبره ومكاتبه.
(مسألة 1048): لا تصح الوصية لمملوك غيره قنا كان أو غيره وان أجاز مولاه
إلا إذا كان مكاتبا مطلقا وقد أدى بعض مال الكتابة فيصح من الوصية له قدر ما
تحرر منه.

(1) هذا إذا كانت قرينة على تعدد المطلوب، وإلا فالوصية محكومة بالبطلان والمال
للوارث.
250

(مسألة 1049): إذا كان ما أوصى به لمملوكه بقدر قيمته أعتق ولا شئ له، وإذا
كان أكثر من قيمته أعتق وأعطي الزائد، وإن كان أقل منها أعتق واستسعى في
الزائد سواء أكان ما أوصى له به بقدر نصف قيمته أم أكثر أم أقل.
(مسألة 1050): إذا أوصى لجماعة ذكورا أو إناثا أو ذكورا وإناثا بمال اشتركوا
فيه على السوية إلا أن تكون قرينة على التفضيل.
(مسألة 1051): إذا أوصى لأبنائه وبناته أو لأعمامه وعماته أو أخواله وخالاته
أو أعمامه وأخواله (1) فان الحكم في الجميع التسوية إلا أن تقوم القرينة على
التفضيل فيكون العمل على القرينة.
فصل
في الوصي
(مسألة 1052): يجوز للموصي أن يعين شخصا لتنفيذ وصاياه، ويقال له:
الوصي، ويشترط فيه أمور:
(الأول): البلوغ على المشهور، فلا تصح الوصاية إلى الصبي منفردا إذا أراد منه
التصرف في حال صباه مستقلا، ولكنه لا يخلو عن إشكال، نعم الأحوط أن يكون
تصرفه بإذن الولي أو الحاكم الشرعي.
أما لو أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ أو مع إذن الولي، فالأظهر صحة
الوصية، وتجوز الوصاية إليه منضما إلى الكامل سواء أراد أن لا يتصرف الكامل إلا
بعد بلوغ الصبي أم أراد أن يتصرف منفردا قبل بلوغ الصبي، لكن في الصورة الأولى

(1) الأحوط وجوبا الصلح إذا كانت الوصية للأعمام والأخوال.
251

إذا كانت عليه تصرفات فورية كوفاء دين عليه ونحوه يتولى ذلك الحاكم الشرعي.
(الثاني): العقل فلا تصح الوصية إلى المجنون في حال جنونه سواء أكان مطبقا أم
ادواريا، وإذا أوصى إليه في حال العقل ثم جن بطلت الوصاية إليه، وإذا أفاق بعد
ذلك عادت على الأظهر، وأما إذا نص الموصي على عودها فلا إشكال.
(الثالث): الاسلام، إذا كان الموصي مسلما على المشهور وفيه إشكال. (1)
(مسألة 1053): الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي، بل يكفي فيه الوثوق
والأمانة.
هذا في الحقوق الراجعة إلى غيره كأداء الحقوق الواجبة والتصرف في مال
الأيتام ونحو ذلك، أما ما يرجع إلى نفسه كما إذا أوصى إليه في أن يصرف ثلثه في
الخيرات والقربات ففي اعتبار الوثوق به إشكال. (2)
(مسألة 1054): إذا ارتد الوصي بطلت وصايته بناء على اعتبار الاسلام في
الوصي ولا تعود إليه إذا أسلم إلا إذا نص الموصي على عودها.
(مسألة 1055): إذا أوصى إلى عادل ففسق فان ظهر من القرينة التقييد بالعدالة
بطلت الوصية، وإن لم يظهر من القرينة التقيد بالعدالة لم تبطل، وكذا الحكم إذا
أوصى إلى الثقة.
(مسألة 1056): لا تجوز الوصية إلى المملوك إلا بإذن سيده أو معلقة على حريته.
(مسألة 1057): تجوز الوصاية إلى المرأة على كراهة والأعمى والوارث.
(مسألة 1058): إذا أوصى إلى صبى وبالغ فمات الصبي قبل بلوغه أو بلغ مجنونا

(1) والأقوى اعتباره في القيم على أولاده الصغار.
(2) الظاهر عدم الاعتبار في غير الواجبات.
252

ففي جواز انفراد البالغ بالوصية قولان، أحوطهما الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضم
إليه آخر.
(مسألة 1059): يجوز جعل الوصاية إلى اثنين أو أكثر على نحو الانضمام وعلى
نحو الاستقلال، فان نص على الأول فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف لا في
جميع ما أوصى به ولا في بعضه، وإذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه عن
الوصاية من موت ونحوه ضم الحاكم آخر إلى الأخر.
وإن نص على الثاني جاز لأحدهما الاستقلال وأيهما سبق نفذ تصرفه، وإن
اقترنا في التصرف مع تنافي التصرفين بأن باع أحدهما على زيد والاخر على عمرو
في زمان واحد بطلا معا.
ولهما أن يقتسما الثلث بالسوية وبغير السوية.
وإذا سقط أحدهما عن الوصاية انفرد الأخر ولم يضم إليه الحاكم آخر، وإذا
أطلق الوصاية إليهما ولم ينص على الانضمام والاستقلال جرى عليه حكم الانضمام
إلا إذا كانت قرينة على الانفراد كما إذا قال: وصيي فلان وفلانة فإذا ماتا كان
الوصي فلانا فإنه إذا مات أحدهما استقل الباقي ولم يحتج إلى أن يضم إليه الحاكم
آخر، وكذا الحكم في ولاية الوقف.
(مسألة 1060): إذا قال: زيد وصيي فإن مات فعمرو وصيي، صح ويكونان
وصيين مترتبين وكذا يصح إذا قال: وصيي زيد فإن بلغ ولدي فهو الوصي.
(مسألة 1061): يجوز أن يوصي إلى وصيين أو أكثر ويجعل الوصاية إلى كل
واحد في أمر بعينه لا يشاركه فيه الأخر.
(مسألة 1062): إذا أوصى إلى اثنين بشرط الانضمام فتشاحا لاختلاف نظرهما،
فإن لم يكن مانع لأحدهما بعينه من الانضمام إلى الأخر أجبره الحاكم على ذلك، وإن
253

لم يكن مانع لكل منهما من الانضمام أجبرهما الحاكم عليه، وإن كان لكل منهما مانع
انضم الحاكم إلى أحدهما ونفذ تصرفه دون الأخر.
(مسألة 1063): إذا قال: أوصيت بكذا وكذا وجعلت الوصي فلانا إن استمر
على طلب العلم مثلا صح، وكان فلان وصيا إذا استمر على طلب العلم، فإن
انصرف عنه بطلت وصايته وتولى تنفيذ وصيته الحاكم الشرعي.
(مسألة 1064): إذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية ضم إليه الحاكم من يساعده،
وإذا ظهرت منه الخيانة ضم إليه أمينا يمنعه عن الخيانة، فإن لم يمكن ذلك عزله
ونصب غيره.
(مسألة 1065): إذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما أوصي إليه به نصب الحاكم
الشرعي وصيا لتنفيذه.
وكذا إذا مات في حياة الموصي ولم يعلم هو بذلك أو علم ولم ينصب غيره
ولم يكن ما يدل على عدوله عن أصل الوصية.
(مسألة 1066): ليس للوصي أن يوصي إلى أحد في تنفيذ ما أوصى إليه به إلا أن
يكون مأذونا من الموصي في الايصاء إلى غيره.
(مسألة 1067): الوصي أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط، ويكفي في الضمان
حصول الخيانة بالإضافة إلى ضمان موردها، أما الضمان بالنسبة إلى الموارد الأخر مما
لم يتحقق فيها الخيانة ففيه إشكال بل الاظهر العدم.
(مسألة 1068): إذا عين الموصي للوصي عملا خاصا أو قدرا خاصا أو كيفية
خاصة وجب الاقتصار على ما عين ولم يجز له التعدي فإن تعدى كان خائنا، وإذا
أطلق له التصرف بأن قال له: أخرج ثلثي وأنفقه، عمل بنظره، ولابد من ملاحظة
مصلحة الميت، فلا يجوز له أن يتصرف كيف شاء وإن لم يكن صلاحا للميت أو كان
254

غيره أصلح مع تيسر فعله على النحو المتعارف، ويختلف ذلك باختلاف الأموات،
فربما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطية عنه، وربما يكون الأصلح أداء
الحقوق المالية الاحتياطية، وربما يكون الأصلح أداء حق بعينه احتياطي دون غيره
أو أداء الصلاة عنه دون الصوم، وربما يكون الأصلح فعل القربات والصدقات
وكسوة العراة ومداواة المرضى ونحو ذلك.
هذا إذا لم يكن تعارف يكون قرينة على تعيين مصرف بعينه وإلا كان عليه
العمل.
(مسألة 1069): إذا قال: أنت وصيي ولم يعين شيئا ولم يعرف المراد منه وإنه
تجهيزه أو صرف ثلثه أو شؤون أخرى كان لغوا، إلا إذا كان تعارف يكون قرينة
على تعيين المراد، كما يتعارف في كثير من بلدان العراق أنه وصي في إخراج الثلث
وصرفه في مصلحة الموصي وأداء الحقوق التي عليه وأخذ الحقوق التي له ورد
الأمانات والبضائع إلى أهلها وأخذها.
نعم في شموله للقيمومة على القاصرين من أولاده إشكال، والأحوط أن
لا يتصدى لأمورهم إلا بعد مراجعة الحاكم الشرعي وعدم نصب الحاكم الشرعي
غيره إلا بإذن منه.
(مسألة 1070): يجوز للموصى إليه أن يرد الوصية في حال حياة الموصي بشرط
أن يبلغه الرد، بل الأحوط اعتبار إمكان نصب غيره له أيضا، ولا يجوز له الرد بعد
موت الموصي سواء قبلها قبل الرد أم لم يقبلها. (1)
(مسألة 1071): الرد السابق على الوصية لا أثر له، فلو قال زيد لعمرو: لا أقبل

(1) وقد سبق حكم الوصية بالتجهيز في المسألة (263 غسل الأموات).
255

أن توصي إلي، فأوصى عمرو إليه لزمته الوصية إلا أن يردها بعد ذلك.
(مسألة 1072): لو أوصى إلى أحد فرد الوصية فأوصى إليه ثانيا ولم يردها ثانيا
لجهله بها ففي لزومها له قول، ولكنه لا يخلو من إشكال بل الاظهر خلافه.
(مسألة 1073): إذا رأى الوصي أن تفويض الامر إلى شخص في بعض الأمور
الموصى بها أصلح للميت جاز له تفويض الامر إليه، كأن يفوض أمر العبادات التي
أوصى بها إلى من له خبرة في الاستنابة في العبادات، ويفوض أمر العمارات التي
أوصى بها إلى من له خبرة فيها، ويفوض أمر الكفارات التي أوصى بها إلى من له
خبرة بالفقراء وكيفية القسمة عليهم وهكذا.
وربما يفوض الامر في جميع ذلك إلى شخص واحد إذا كانت له خبرة في
جميعها.
وقد لا يكون الموصي قد أوصى بأمور معينة بل أوصى بصرف ثلثه في مصالحه
وأوكل تعيين المصرف كما وكيفا إلى نظر الوصي فيرى الوصي من هو أعرف منه في
تعيين جهات المصرف وكيفيتها فيوكل الامر إليه فيدفع الثلث إليه بتمامه ويفوض
إليه تعيين الجهات كما وكيفا كما يتعارف ذلك عند كثير من الأوصياء، حيث يدفعون
الثلث الموصى به إلى المجتهد الموثوق به عندهم، فالوصاية إلى شخص ولاية في
التصرف ولو بواسطة التفويض إلى الغير، فلا بأس أن يفوض الوصي أمر الوصية إلى
غيره إلا أن تقوم القرينة على إرادة الموصي منه المباشرة، فلا يجوز له حينئذ التفويض.
(مسألة 1074): لا يجوز للوصي تفويض الوصاية إلى غيره، بمعنى عزل نفسه
عن الوصاية وجعلها له فيكون غيره وصيا عن الميت بجعل منه.
(مسألة 1075): إذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي
وصيا مكانه أو تولى الصرف بنفسه وكذا إذا أوصى ولم يعين وصيا أصلا.
256

(مسألة 1076): إذا نسي الوصي مصرف المال الموصى به وعجز عن معرفته
صرفه في وجوه البر التي يحتمل أن تكون مصرف المال الموصى به، هذا إذا كان
التردد بين غير المحصور، أما إذا تردد بين محصور ففيه إشكال، ولا يبعد الرجوع إلى
القرعة في تعيينه.
(مسألة 1077): يجوز للموصي أن يجعل ناظرا على الوصي مشرفا ومطلعا على
عمله بحيث لا يجوز للوصي أن يعمل بالوصية إلا بإطلاع الناظر وإشرافه عليه، فإذا
عمل بدون إشرافه كان بدون إذن من الموصي وخيانة له، وإذا عمل بإطلاعه كان
مأذونا فيه وأداء لوظيفته، ولا يجب على الوصي متابعة مثل هذا الناظر في رأيه
ونظره، فإذا أوصى الموصي باستنابة من يصلي عنه فاستناب الوصي زيدا وكان
الناظر يريد استنابة عمرو ويراها أرجح لم يقدح ذلك في صحة استنابة زيد وليس
للناظر الاعتراض عليه في ذلك، نعم لو جعله ناظرا على الوصي بمعنى أن يكون
عمل الوصي بنظره ففي المثال المذكور لا تصح استنابة زيد وتجب استنابة عمرو،
لكن هذا المعنى خلاف ظاهر جعل الناظر على الوصي.
والظاهر أنه إذا خان الوصي لم يجب على الناظر - بما هو ناظر - مدافعته في
كلتا الصورتين، فلو لم يدافع لم يكن ضامنا، وفي كلتا الصورتين إذا مات الناظر لزم
الوصي الرجوع إلى الحاكم الشرعي.
(مسألة 1078): الوصية جائزة من طرف الموصي فإذا أوصى بشئ جاز له
العدول إلى غيره.
(مسألة 1079): إذا أوصى إلى أحد جاز له العدول إلى غيره.
(مسألة 1080): إذا أوصى بأشياء جاز له العدول عن جميعها وعن بعضها، كما
يجوز له تبديل جميعها وتبديل بعضها ما دام فيه الروح إذا وجدت فيه الشرائط
257

المتقدمة من العقل والاختيار وغيرهما.
(مسألة 1081): إذا أوصى إلى شخص ثم أوصى إلى آخر ولم يخبر الوصي الأول
بالعدول عنه إلى غيره فمات فعمل الوصي الأول بالوصية، ثم علم كانت الغرامة على
الميت فتخرج من أصل التركة ثم يخرج الثلث للوصي الثاني.
هذا إذا لم يكن العدول عن الأول لسبب ظاهر أما إذا كان لسبب ظاهر، كما إذا
هاجر الوصي الأول إلى بلاد بعيدة أو حدثت بينه وبين الوصي عداوة ومقاطعة
فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الأول من مال نفسه.
(مسألة 1082): يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول مثل أن يقول: رجعت عن
وصيتي إلى زيد، وبالفعل مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثم يوصي بوقفه ومثل أن
يوصي بوقف عين أو بصرفها ثم يبيعها أو يهبها.
(مسألة 1083): لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية مرور مدة طويلة أو قصيرة
فإذا أوصى ثم مات بلا فصل وجب العمل بها، وكذا إذا مات بعد مرور سنين، نعم
يعتبر عدم الرجوع عنها، وإذا شك في الرجوع بنى على عدمه.
(مسألة 1084): إذا قال: إذا مت في هذا السفر فوصيي فلان ووصيتي كذا وكذا،
فإذا لم يمت في ذلك السفر ومات في غيره لم يجب العمل بوصيته ولم يكن له وصي.
(مسألة 1085): إذا كان الداعي له على إن شاء الوصية خوف الموت في السفر
الذي عزم عليه وجب العمل بوصيته وإن لم يمت في ذلك السفر، ولأجل ذلك يجب
العمل بوصايا الحجاج عند العزم على الحج، ومثلهم زوار الرضا (عليه السلام) والمسافرون
أسفارا بعيدة، فإن الظاهر أن هؤلاء وأمثالهم لم يقيدوا الوصية بالموت في ذلك السفر
وإنما كان الداعي على الوصية خوف الموت في ذلك السفر فيجب العمل بوصاياهم
ما لم يتحقق الرجوع عنها.
258

(مسألة 1086): يجوز للوصي أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة إلا إذا
كان أوصي إليه بأن يعمل مجانا كما لو صرح الموصي بذلك أو كانت قرينة عليه
فلا يجوز له أخذ الأجرة حينئذ ويجب عليه العمل بالوصية إن كان قد قبل، أما إذا
لم يقبل ففي الوجوب إشكال والأقرب العدم.
هذا بالنسبة إلى العمل الذي أوصى إليه فيه كالبيع والشراء وأداء الديون ونحو
ذلك من الأعمال التي هي موضوع ولايته، أما لو أوصى بأعمال أخرى مثل أن
يوصي إلى زيد أن يحج عنه أو يصلي عنه أو نحو ذلك لم يجب عليه القبول حتى لو
لم يعلم بذلك في حياة الموصي، ولو قبل في حياته فإن كان أوصى إليه بالعمل مجانا
مثل أن يحج فقبل لم يبعد جواز الرد بعد وفاته. (1)
(مسألة 1087): إذا جعل له أجرة معينة بأن قال له: حج عني بمائة دينار كان
إجارة ووجب العمل بها وله الأجرة إذا كان قد قبل في حياته وإلا لم يجب.
ولو كان بأجرة غير معينة عندهما بأن قال له: حج عني بأجرة المثل ولم تكن
الأجرة معلومة عندهما فقبل في حياته لم يبعد أيضا عدم وجوب العمل وجريان
حكم الإجارة الفاسدة، ولو كان بطريق الجعالة لم يجب العمل، لكنه يستحق الأجرة
على تقدير العمل لصدق الوصية حينئذ.
(مسألة 1088): تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمين عادلين، وبشهادة
مسلم عادل مع يمين الموصى له، وبشهادة مسلم عادل مع مسلمتين عادلتين كغيرها
من الدعاوى المالية.
(مسألة 1089): تختص الوصية التمليكية بأنها تثبت بشهادة النساء منفردات

(1) فيه اشكال فلا يترك الاحتياط بعدم الرد.
259

فيثبت ربعها بشهادة مسلمة عادلة ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين وثلاثة
أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات وتمامها بشهادة أربع مسلمات عادلات بلا
حاجة إلى اليمين في شهادتهن.
(مسألة 1090): الوصية العهدية وهي الوصاية بالولاية لا تثبت إلا بشهادة
مسلمين عادلين.
(مسألة 1091): تثبت الوصية التمليكية والعهدية بشهادة كتابيين عدلين في دينهما
عند عدم عدول المسلمين ولا تثبت بشهادة غيرهما من الكفار.
(مسألة 1092): تثبت الوصية التمليكية بإقرار الورثة جميعهم إذا كانوا عقلاء
بالغين وإن لم يكونوا عدولا.
وإذا أقر بعضهم دون بعض تثبت بالنسبة إلى حصة المقر دون المنكر، نعم إذا
أقر منهم اثنان وكانا عدلين ثبتت الوصية بتمامها، وإذا كان عدلا واحدا تثبت أيضا
مع يمين الموصى له.
(مسألة 1093): تثبت الوصية العهدية بإقرار الورثة جميعهم، وإذا أقر بعضهم
ثبت بعض الموصى به على نسبة حصة المقر وينقص من حقه، نعم إذا أقر اثنان
عدلان منهم ثبتت الوصية بتمامها.
فصل
في منجزات المريض
(مسألة 1094): إذا تصرف المريض في مرض الموت تصرفا منجزا، فإن لم يكن
مشتملا على المحاباة - كما إذا باع بثمن المثل أو آجر بأجرة المثل - فلا اشكال في
صحته ولزوم العمل به، وإذا كان مشتملا على نوع من المحاباة والعطاء المجاني - كما
260

إذا أعتق أو أبرأ أو وهب هبة مجانية غير معوضة أو معوضة بأقل من القيمة أو باع
بأقل من ثمن المثل أو آجر بأقل من أجرة المثل أو نحو ذلك مما يستوجب نقصا في
ماله - فالظاهر أنه نافذ كتصرفه في حال الصحة، والقول بأنه يخرج من الثلث فإذا
زاد عليه لم ينفذ إلا بإجازة الوارث ضعيف.
(مسألة 1095): إذا أقر بعين أو دين لوارث أو لغيره فإن كان المقر مأمونا
ومصدقا في نفسه نفذ الاقرار من الأصل، وإن كان متهما نفذ من الثلث.
هذا إذا كان الاقرار في مرض الموت، أما إذا كان في حال الصحة أو في مرض
غير مرض الموت أخرج من الأصل وإن كان متهما.
(مسألة 1096): إذا قال: هذا وقف بعد وفاتي، أو نحو ذلك مما يتضمن تعليق
الايقاع على الوفاة فهو باطل لا يصح وإن أجاز الورثة.
(مسألة 1097): الانشاء المعلق على الوفاة إنما يصح في مقامين:
1 - انشاء الملك وهي الوصية التمليكية أو انشاء الولاية كما في موارد الوصية
العهدية.
2 - انشاء العتق وهو التدبير، ولا يصح في غيرهما من أنواع الانشاء.
(مسألة 1098): إذا قال: بعت أو آجرت أو صالحت أو وقفت بعد وفاتي بطل،
ولا يجري عليه حكم الوصية بالبيع أو الوقف مثلا، بحيث يجب على الورثة أن يبيعوا
أو يوقفوا بعد وفاته إلا إذا فهم من كلامه انه يريد الوصية بالبيع أو الوقف فحينئذ
كانت وصيته صحيحة ووجب العمل بها.
(مسألة 1099): إذا قال للمدين: أبرأت ذمتك بعد وفاتي، واجازه الوارث بعد
موته برئت ذمة المدين، فان إجازة الابراء بنفسها تنازل من قبل الورثة عن حقهم
وابراء لذمة المدين.
261

كتاب الوقف
وهو تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة
(مسألة 1100): لا يكفي في تحقق الوقف مجرد النية، بل لا بد من إن شاء ذلك بمثل:
وقفت، وحبست ونحوهما مما يدل على المقصود.
(مسألة 1101): الظاهر وقوعه بالمعاطاة، مثل أن يعطي إلى قيم مسجد أو مشهد
آلات الاسراج أو يعطيه الفراش أو نحو ذلك، بل ربما يقع بالفعل بلا معاطاة مثل أن
يعمر الجدار أو الأسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلك، فإنه إذا مات من دون
اجراء صيغة الوقف لا يرجع ميراثا إلى ورثته.
(مسألة 1102): الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة إليه،
وتارة لا يكون كذلك، والثاني كوقف المسجد فان الواقف لم يلحظ في الوقف منفعة
خاصة، وإنما لاحظ مجرد حفظ العنوان الخاص، وهو عنوان المسجدية، وهذا القسم
لا يكون له موقوف عليه.
(مسألة 1103): إذا لاحظ الواقف منفعة خاصة، مثل الصلاة أو الذكر أو الدعاء
أو نحوها من انحاء العبادة، فقال: وقفت هذا المكان على المصلين أو الذاكرين أو
الداعين أو نحو ذلك لم يصر مسجدا ولم تجر عليه أحكام المسجد، وإنما يصير وقفا
على الصلاة أو غيرها مما لاحظه الواقف، ويكون من القسم الأول الذي له موقوف
عليه، وهو الذي لاحظ الواقف فيه المنفعة وهو على أقسام:
262

(الأول): ان يلحظ عود المنفعة إلى الموقوف عليهم بصيرورتها ملكا لهم كما إذا
قال: هذا المكان وقف على أولادي على أن تكون منافعه لهم، أو هذه البستان وقف
على أولادي على أن تكون ثمرتها لهم، فتكون المنافع والثمرة ملكا لهم كسائر
أملاكهم، تجوز المعاوضة منهم عليها ويرثها وارثهم وتضمن لهم عند طروء سبب
الضمان وتجب الزكاة على كل واحد منهم عند بلوغ حصته النصاب.
(الثاني): أن يلحظ صرف المنافع على الموقوف عليهم من دون تمليك فلا تجوز
المعاوضة من أحد الموقوف عليهم على حصته ولا تجب فيها الزكاة وإن بلغت
النصاب ولا يرثها وارث الموقوف عليه إذا مات قبل أن تصرف المنفعة عليه ولكن
المنفعة تضمن بطروء سبب الضمان وهذا القسم على نوعين.
(الأول): أن يلحظ فيه صرف شخص المنفعة، كما إذا قال: هذه الشجرة وقف
على أولادي يأكلون ثمرتها، وفي مثله لا يجوز للولي تبديلها والمعاوضة عليها، بل
يصرف نفس الثمرة عليهم ليأكلوها.
(الثاني): ان لا يلحظ فيه صرف شخص المنفعة، بل يلحظ الأعم منها ومن
بدلها كما إذا قال: هذه البستان وقف على أولادي تصرف منفعتها عليهم سواء أكان
بتبديلها إلى عين أخرى بأن يبدل الولي الثمرة بالحنطة أو الدقيق أو الدراهم أم ببذل
نفسها لهم.
(القسم الثالث): أن يلاحظ الواقف انتفاع الموقوف عليهم مباشرة باستيفاء
المنفعة بأنفسهم، مثل وقف خانات المسافرين والرباطات والمدارس وكتب العلم
والأدعية ونحوها.
وهذا القسم كما لا تجوز المعاوضة على منافعه لا من الموقوف عليهم ولا من
الولي لا توارث فيه، والظاهر ثبوت الضمان فيه أيضا إذا غصب المنفعة غاصب
263

كالاقسام السابقة.
نعم الظاهر عدم الضمان في مثل المساجد التي يكون الوقف فيها تحريرا.
(مسألة 1104): الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع أنواعه وإن كان
الاعتبار أحوط، ولا سيما في الوقف بلحاظ ملك المنفعة سواء أكان عاما مثل الوقف
على العلماء أم خاصا مثل الوقف على أولاده، فيقبل في الأول الحاكم الشرعي، وفي
الثاني الموقوف عليهم من الطبقة الأولى.
(مسألة 1105): الاظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف ولا سيما في مثل
الوقف على الذرية.
(مسألة 1106): يعتبر في صحة الوقف قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو
وليه فإذا مات قبل القبض بطل، ولا يعتبر في القبض الفورية، وفي اعتبار إذن
الواقف في القبض اشكال.
(مسألة 1107): يكفي في تحقق القبض في مثل الوقف على الذرية مثلا قبض
الطبقة الأولى.
(مسألة 1108): إذا وقف على أولاده الصغار وأولاد أولاده وكانت العين في يده
كفى ذلك في تحقق القبض (1) ولم يحتج إلى قبض آخر، وإذا كانت العين في يد
غيره فلا بد من أخذها منه ليتحقق قبض وليهم.
(مسألة 1109): إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفى ذلك في قبضها ولم يحتج
إلى قبض جديد.
(مسألة 1110): يكفي في قبض غير المنقول رفع الواقف يده عنه واستيلاء

(1) الأحوط ان لم يكن أقوى ان ينوي بإبقائها في يده الحيازة لهم.
264

الموقوف عليهم عليه.
(مسألة 1111): في اعتبار القبض في صحة الوقف على الجهات العامة إشكال،
ولا يبعد عدم اعتباره، ولا سيما إذا كان من نية الواقف أن تبقى في يده ويعمل بها على
حسب ما وقف.
(مسألة 1112): بناء على اعتبار القبض في الوقف على الجهات العامة فالظاهر
عدم الحاجة إلى قبض الحاكم، فإذا وقف مقبرة كفى في تحقق القبض الدفن فيها،
وإذا وقف مكانا للصلاة تكفي الصلاة فيه، وإذا وقف حسينية تكفي إقامة العزاء
فيها.
وكذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين والدار على سكنى العلماء
والفقراء فإنه يكفي في قبضها السكنى فيها.
(مسألة 1113): إذا وقف حصيرا للمسجد كفى وضعه في المسجد، وكذا في مثل
آلات المشاهد والمعابد والمساجد ونحوها، فان الظاهر أنه يكفي في قبضها وضعها
فيها بقصد استعمالها.
(مسألة 1114): إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوها فعمره
عامر فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف وإن لم يقبضه قابض، وإذا مات لم يرجع
ميراثا لوارثه كما عرفت.
(مسألة 1115): إذا وقف على أولاده الكبار فقبض واحد منهم صح القبض في
حصته ولم يصح في حصة الباقين.
(مسألة 1116): الوقوف التي تتعارف عند الاعراب بأن يقفوا شاة على أن
يكون الذكر المتولد منها (ذبيحة) أي يذبح ويؤكل والأنثى (منيحة) أي تبقى وينتفع
بصوفها ولبنها، وإذا ولدت ذكرا كان (ذبيحة) وإذا ولدت أنثى كانت (منيحة)
265

وهكذا، فإذا كان وقفهم معلقا على شفاء مريض أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم
من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة، وإذا كانت منجزة غير معلقة فالظاهر
بطلانها (1) أيضا، لان المنيحة إذا كانت ملكا للواقف فلا يمكن أن يكون نتاجها
الذكر ذبيحة، لان وقف المعدوم باطل وان خرجت عن ملك الواقف، فلا يمكن أن
يكون صوفها ولبنها راجعا إليه أو إلى ورثته.
(مسألة 1117): لا يجوز في الوقف توقيته بمدة فإذا قال: داري وقف على
أولادي سنة أو عشر سنين بطل، والظاهر عدم صحته حبسا.
(مسألة 1118): إذا وقف على من ينقرض كما إذا وقف على أولاده وأولاد
أولاده صح وقفا، فإذا انقرضوا رجع إلى ورثة الواقف حين الموت لا حين
الانقراض، فإذا مات الواقف عن ولدين ومات أحدهما قبل الانقراض وترك ولدا
ثم انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشتركة بين العم وابن أخيه.
(مسألة 1119): لا فرق فيما ذكرناه من صحة الوقف ورجوعه إلى ورثة الواقف
بين كون الموقوف عليه مما ينقرض غالبا وبين كونه مما لا ينقرض غالبا فاتفق
انقراضه.
نعم يستثنى من ذلك ما إذا ظهر من القرائن ان خصوصية الموقوف عليه
ملحوظة بنحو تعدد المطلوب بأن كان الواقف قد أنشأ التصدق بالعين وكونه على
نحو خاص، فإذا بطلت الخصوصية بقي أصل التصدق، فإذا قامت القرينة على ذلك
وانقرض الموقوف عليه لم يرجع إلى الوارث أو ورثته، بل تبقى العين وقفا وتصرف
منافعها في جهة أخرى الأقرب فالأقرب.

(1) بل الظاهر الصحة.
266

(مسألة 1120): إذا وقف عينا على غيره وشرط عودها إليه عند الحاجة ففي
صحته قولان والأظهر البطلان.
(مسألة 1121): يشترط في صحة الوقف التنجيز، فلو علقه على أمر مستقبل
معلوم الحصول أو متوقع الحصول أو أمر حالي محتمل الحصول إذا كان لا يتوقف
عليه صحة العقد بطل، فإذا قال: وقفت داري إذا جاء رأس الشهر أو إذا ولد لي
ذكر أو إن كان هذا اليوم يوم الجمعة بطل، وإذا علقه على أمر حالي معلوم الحصول
أو علقه على أمر مجهول الحصول ولكنه كان يتوقف عليه صحة العقد كما إذا قال
زيد: وقفت داري إن كنت زيدا أو وقفت داري إن كانت لي صح.
(مسألة 1122): إذا قال: هذا وقف بعد وفاتي بطل إلا أن يفهم منه عرفا انه أراد
الوصية بالوقف فيجب العمل بها عند تحقق شرائطها فيوقف بعده.
(مسألة 1123): يشترط في صحة الوقف اخراج الواقف نفسه عن الوقف، فإذا
وقف على نفسه بطل، وإذا قال: داري وقف علي وعلى أخي مثلا على نحو التشريك
بطل الوقف في نصف الدار، وإذا كان على نحو الترتيب بأن قصد الوقف على نفسه ثم
على غيره كان الوقف من المنقطع الأول فيبطل مطلقا، وإن قصد الوقف على غيره
ثم على نفسه بطل بالنسبة على نفسه فقط وكان من الوقف المنقطع الأخر، وإن قال:
هي وقف على أخي، ثم على نفسي، ثم على شخص آخر بطل الوقف بالنسبة إلى
نفسه والشخص الأخر، وكان من الوقف المنقطع الوسط.
(مسألة 1124): إذا وقف على أولاده واشترط عليهم وفاء ديونه من مالهم،
عرفية كانت الديون أم شرعية كالزكاة والكفارات المالية صح، بل الظاهر صحة
الوقف إذا اشترط وفاء ديونه من حاصل الوقف أيضا.
(مسألة 1125): إذا وقف على جيرانه واشترط عليهم أكل ضيوفه أو القيام بمؤنة
267

أهله وأولاده حتى زوجته صح، وإذا اشترط عليهم نفقة زوجته الواجبة عليه من
مالهم صح، بل الظاهر الصحة مع اشتراطها من حاصل الوقف أيضا.
(مسألة 1126): إذا وقف عينا له على وفاء ديونه العرفية والشرعية بعد الموت
ففي صحته كما قيل اشكال، بل الاظهر البطلان، وكذا في ما لو وقفها على أداء
العبادات عنه بعد الوفاة.
(مسألة 1127): إذا أراد التخلص من اشكال الوقف على النفس فله أن يملك
العين لغيره ثم يقفها غيره على النهج الذي يريد من ادرار مؤنته ووفاء ديونه ونحو
ذلك.
ويجوز له ان يشترط ذلك عليه في ضمن عقد التمليك، كما يجوز له أن يوجرها
مدة ويجعل لنفسه خيار الفسخ وبعد الوقف يفسخ الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى
الموقوف عليهم، بل لا يبعد صحة وقف العين مع اشتراط (1) بقاء منافعها على
ملكه مدة معينة كسنة أو غير معينة مثل مدة حياته.
(مسألة 1128): يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل المساجد والقناطر
والمدارس ومنازل المسافرين وكتب العلم والزيارات والأدعية والآبار والعيون
ونحوها مما لم تكن المنفعة معنونة بعنوان خاص مضاف إلى الموقوف عليه، بل قصد
مجرد بذل المنفعة واباحتها للعنوان العام الشامل للواقف.
أما إذا كان الوقف على الأنحاء الأخر مع كون الموقوف عليه عنوانا كليا عاما
ففي جواز مشاركة الواقف اشكال والأظهر الجواز.
(مسألة 1129): إذا تم الوقف كان لازما لا يجوز للواقف الرجوع فيه، وإن وقع

(1) بمعنى استثناء منافع المدة من تسبيل الثمرة.
268

في مرض الموت لم يجز للورثة رده وإن زاد على الثلث.
فصل
في شرائط الواقف
(مسألة 1130): يعتبر في الواقف أن يكون جائز التصرف بالبلوغ والعقل
والاختيار، وعدم الحجر لسفه أو رق أو غيرهما، فلا يصح وقف الصبي وان بلغ
عشرا.
نعم إذا أوصى بأن يوقف ملكه بعد وفاته على وجوه البر والمعروف لأرحامه
وكان قد بلغ عشرا وعقل نفذت وصيته كما تقدم، وإذا كان وقف الصبي بإذن الولي
وكان ذا مصلحة ففي بطلانه اشكال والأظهر الصحة.
(مسألة 1131): يجوز للواقف جعل الولاية على العين الموقوفة لنفسه ولغيره
على وجه الاستقلال والاشتراك، كما يجوز له أيضا جعل الناظر على الولي بمعنى
المشرف عليه أو بمعنى أن يكون هو المرجع في النظر والرأي، ولا فرق في المجعول له
الولاية والنظارة بين العادل والفاسق، نعم إذا خان الولي ضم إليه الحاكم الشرعي
من يمنعه عن الخيانة فإن لم يمكن ذلك عزله.
(مسألة 1132): يجوز للمجعول له الولاية أو النظارة الرد وعدم القبول بل
لا يبعد جواز الرد بعد القبول أيضا. (1)
(مسألة 1133): يجوز أن يجعل الواقف للولي والناظر مقدارا معينا من ثمرة العين
الموقوفة أو منفعتها سواء أكان أقل من أجرة المثل أم أكثر أم مساويا، فإن لم يجعل له

(1) الأحوط إن لم يكن أقوى عدم الجواز.
269

شيئا كانت له أجرة المثل إن كانت لعمله أجرة إلا أن يظهر من القرائن ان الواقف
قصد المجانية.
(مسألة 1134): إذا لم يجعل الواقف وليا على الوقف كانت الولاية عليه للحاكم
الشرعي.
نعم إذا كان الوقف على نحو التمليك وكان خاصا كانت الولاية عليه للموقوف
عليه، فإذا قال: هذه الدار وقف لأولادي ومن بعدهم لأولادهم وهكذا، فالولاية
عليها وعلى منافعها تكون للأولاد، (1) وإذا لم يكن الوقف خاصا أو كان
ولم يكن على نحو التمليك بأن كان على نحو الصرف وغيره من الأنواع فالولاية
للحاكم الشرعي.
(مسألة 1135): إذا جعل الواقف وليا أو ناظرا على الولي فليس له عزله.
نعم إذا فقد شرط الواقف كما إذا جعل الولاية للعدل ففسق أو جعلها للأرشد
فصار غيره أرشد، أو نحو ذلك انعزل بذلك بلا حاجة إلى عزل.
(مسألة 1136): يجوز للواقف أن يفوض تعيين الولي على الوقف إلى شخص
بعينه وأن يجعل الولاية لشخص ويفوض إليه تعيين من بعده
(مسألة 1137): إذا عين الواقف للولي (المجعول له الولاية) جهة خاصة اختصت
ولايته بتلك الجهة وكان المرجع في بقية الجهات الحاكم الشرعي، وان اطلق له
الولاية كانت الجهات كلها تحت ولايته، فله الإجارة والتعمير وأخذ العوض ودفع
الخراج وجمع الحاصل وقسمته على الموقوف عليهم وغير ذلك مما يكون تحت ولاية

(1) ويعتبر في التصرفات الراجعة إلى مصلحة الوقف ومصالح غير الموجودين من
الطبقات اجازة الحاكم الشرعي.
270

الولي، نعم إذا كان في الخارج تعارف تنصرف إليه الولاية اختصت الولاية بذلك
المتعارف.
(مسألة 1138): لا يشترط في الواقف الاسلام فيصح وقف الكافر إذا كان
واجدا لسائر الشرائط على الأقوى.
فصل
في شرائط العين الموقوفة
(مسألة 1139): يعتبر في العين الموقوفة أن تكون عينا موجودة، فلا يصح وقف
الدين ولا وقف الكلي (1) ولا وقف المنفعة، فإذا قال: وقفت ما هو لي في ذمة
زيد من فرش أو اناء أو نحوهما، أو قال: وقفت فرسا أو عبدا من دون تعيين أو قال:
وقفت منفعة داري لم يصح في الجميع.
(مسألة 1140): يعتبر أن تكون العين مملوكة أو بحكمها، فلا يصح وقف الحر
والمباحات الأصلية قبل حيازتها، ويجوز وقف ابل الصدقة وغنمها وبقرها إذا كان
الواقف مالك (2) العين الزكوية أو الحاكم الشرعي.
(مسألة 1141): يعتبر في العين الموقوفة أن تكون مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها،
فلا يصح وقف الأطعمة والخضر والفواكه مما لا نفع فيه إلا بإتلاف عينه، كما يعتبر
أن يكون الانتفاع بها محللا، فلا يصح وقف آلات اللهو وآلات القمار والصلبان
ونحوها مما يحرم الانتفاع به، ويعتبر أن تكون المنفعة المقصودة بالوقف محللة،

(1) في اطلاقه للكلي في المعين اشكال.
(2) في ولايته على الوقف اشكال.
271

فلا يصح وقف الدابة لحمل الخمر والخنزير.
(مسألة 1142): لا يعتبر في انشاء الوقف أن تكون العين مما يمكن قبضه حال
الوقف، فإذا وقف العبد الآبق أو الجمل الشارد أو الطير الطائر وتحقق القبض بعده
صح الوقف.
(مسألة 1143): لا إشكال في صحة وقف الثياب والأواني والفرش والدور
والبساتين والأراضي الزراعية والكتب والسلاح والحيوانات إذا كان ينتفع بها في
الركوب أو الحمل أو اللبن أو الوبر والشعر والصوف أو غير ذلك، وكذا غيرها مما له
منفعة محللة ويجوز وقف الدراهم والدنانير إذا كان ينتفع بها في التزيين، وأما وقفها
لحفظ الاعتبار ففيه اشكال.
(مسألة 1144): المراد من المنفعة أعم من المنفعة العينية مثل الثمر واللبن ونحوهما
والمنفعة الفعلية مثل الركوب والحرث والسكنى وغيرها.
(مسألة 1145): لا يشترط في المنفعة أن تكون موجودة حال الوقف فيكفي أن
تكون متوقعة الوجود في المستقبل، مثل وقف الشجرة قبل أن تثمر ووقف الدابة
الصغيرة قبل أن تقوى على الركوب أو الحمل عليها.
فصل
في شرائط الموقوف عليه
(مسألة 1146): يشترط في الموقوف عليه أمور:
(الأول): التعيين، فإذا وقف على المردد بين شيئين أو أشياء مثل أحد المسجدين
أو أحد المشهدين أو أحد الولدين لم يصح، نعم إذا وقف على الجامع بين أمرين أو
أمور صح.
272

(الثاني): أن يكون الموقوف عليه إذا كان خاصا موجودا حال الوقف،
فلا يصح الوقف على المعدوم حاله سواء أكان موجودا قبل ذلك، كما إذا وقف على
زيد الذي مات أو يوجد بعد الوقف مثل أن يقف على ولده الذي سيولد.
وأما إذا كان حملا لم ينفصل حين الوقف ففي بطلان الوقف تأمل.
نعم إذا وقف على المعدوم تبعا للموجود كما إذا وقف على أولاده ثم على
أولادهم ثم على أولاد أولادهم وهكذا صح.
(مسألة 1147): إذا وقف على أولاده الموجودين ثم على من سيوجد على أن
يكون بعد وجوده مقدما على الموجودين فالظاهر الصحة.
(الشرط الثالث): أن لا يكون الوقف عليه على نحو الصرف في المعصية كالصرف
في الزنا وشرب الخمر ونسخ كتب الضلال ونشرها وتدريسها وشراء آلات الملاهي
ونحو ذلك.
(مسألة 1148): يجوز وقف المسلم على الكافر في الجهات المحللة.
(مسألة 1149): يجوز الوقف على المملوك قنا كان أم غيره، كان الوقف على نحو
التمليك أم الصرف.
(مسألة 1150): إذا وقف على ما لا يصح الوقف عليه وما يصح على نحو
التشريك بطل بالنسبة إلى حصة الأول وصح بالنسبة إلى حصة الثاني، وإن كان
على نحو الترتيب، فإن كان الأول مقدما فالأقوى بطلانه رأسا، وإن كان مؤخرا
كان من المنقطع الأخر فيصح فيما يصح الوقف عليه ويبطل فيما بعده.
(مسألة 1151): إذا وقف على ما يصح الوقف عليه ثم على ما لا يصح الوقف
عليه ثم على ما يصح الوقف عليه كان من المنقطع الوسط، فيصح في الأول ويبطل
فيما بعده مطلقا حتى في الأخير.
273

(مسألة 1152): إذا وقف على الزائرين أو الحجاج أو عالم البلد أو نحو ذلك من
العناوين العامة التي توجد لها أفراد في وقت ولا توجد في وقت آخر صح وإن
لم يكن له فرد حين الوقف.
فصل
في بيان المراد من بعض عبارات الواقف
(مسألة 1153): إذا وقف مسلم على الفقراء أو فقراء البلد فالمراد فقراء
المسلمين، وإذا كان الواقف من الشيعة فالمراد فقراء الشيعة، وإذا كان كافرا فالمراد
فقراء أهل دينه، فإن كان يهوديا فالمراد فقراء اليهود، وإن كان نصرانيا فالمراد
فقراء النصارى وهكذا، وكذا إذا كان سنيا فالمراد فقراء السنة وإذا كان السنيون
على مذاهب بحيث لا يعطف بعضهم على بعض اختص بفقراء مذهب الواقف.
(مسألة 1154): إذا وقف على الفقراء أو فقراء البلد أو فقراء بني فلان أو الحجاج
أو الزوار أو العلماء أو مجلس العزاء لسيد الشهداء (عليه السلام) أو خصوص مجالس البلد
فالظاهر منه المصرف، فلا يجب الاستيعاب وإن كانت الافراد محصورة.
نعم إذا وقف على جميعهم وجب الاستيعاب فإن لم يمكن لتفرقهم عزل حصة
من لم يتمكن من ايصال حصته إليه إلى زمان التمكن، وإذا شك في عددهم اقتصر
على الأقل المعلوم، والأحوط له التفتيش والفحص.
(مسألة 1155): إذا قال: هذا وقف على أولادي أو ذريتي أو أصهاري أو
أرحامي أو تلامذتي أو مشايخي أو جيراني، فالظاهر منه العموم فيجب فيه
الاستيعاب.
(مسألة 1156): إذا وقف على المسلمين كان لمن يعتقد الواقف اسلامه،
274

فلا يدخل في الموقوف عليهم من يعتقد الواقف كفره وإن أقر بالشهادتين، ويعم
الوقف المسلمين جميعا الذكور والإناث والكبار والصغار.
(مسألة 1157): إذا وقف على المؤمنين اختص الوقف بمن كان مؤمنا في اعتقاد
الواقف، فإذا كان الواقف اثني عشريا اختص الوقف بالاثني عشرية من الامامية،
ولا فرق بين الرجال والنساء والأطفال والمستضعفين ولا بين العدول والفساق،
وكذا إذا وقف على الشيعة، نعم إذا كان الواقف على الشيعة من بعض الفرق الأخر
من الشيعة فالظاهر من الشيعة العموم للاثني عشرية وغيرهم ممن يعتقد الخلافة
لعلي (عليه السلام) بلا فصل.
(مسألة 1158): إذا وقف في سبيل الله تعالى أو في وجوه البر فالمراد منه ما
يكون قربة وطاعة.
(مسألة 1159): إذا وقف على أرحامه أو أقاربه فالمرجع فيه العرف وإذا وقف
على الأقرب فالأقرب كان على كيفية الإرث. (1)
(مسألة 1160): إذا وقف على أولاده اشترك الذكر والأنثى والخنثى، نعم إذا كان
المفهوم في العرف الخاص لبعض البلاد خصوص الذكر اختص به دون الأنثى، وكذا
الحال إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده.
(مسألة 1161): إذا وقف على اخوته اشترك الإخوة للأبوين والإخوة للأب
فقط والإخوة للأم فقط بالسوية، وكذا إذا وقف على أجداده اشترك الأجداد لأبيه
والأجداد لامه، وكذا إذا وقف على الأعمام أو الأخوال فإنه يعم الأعمام للأبوين
وللأب وللام وكذلك الأخوال، ولا يشمل الوقف على الاخوة أولادهم

(1) اطلاقه لتقديم ابن العم من الأبوين على العم من الأب محل اشكال.
275

ولا الأخوات، ولا الوقف على الأعمام والأخوال أعمام الأب والام وأخوالهما
والعمات مطلقا والخالات كذلك.
(مسألة 1162): إذا وقف على أبنائه لم تدخل البنات، وإذا وقف على ذريته
دخل الذكر والأنثى والصلبي وغيره.
(مسألة 1163): إذا قال: هذا وقف على أولادي ما تعاقبوا وتناسلوا فالظاهر
منه التشريك، وإذا قال: وقف على أولادي الاعلى فالأعلى فالظاهر منه الترتيب،
وإذا قال: وقف على أولادي نسلا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة أو طبقة فطبقة، ففي
كونه للترتيب أو للتشريك قولان، والأظهر الأول.
(مسألة 1164): إذا تردد الموقوف عليه بين عنوانين أو شخصين فالمرجع في
تعيينه القرعة، وإذا شك في الوقف أنه ترتيبي أو تشريكي، فإن كان هناك اطلاق في
عبارة الواقف كان مقتضاه التشريك، وإن لم يكن فيها اطلاق أعطي أهل المرتبة
المحتملة التقدم حصتهم وأقرع في الحصة المرددة بينهم وبين من بعدهم فيعطى من
خرجت القرعة باسمه.
(مسألة 1165): إذا وقف على العلماء فالظاهر منه علماء الشريعة فلا يشمل
علماء الطب والنجوم والهندسة والجغرافيا ونحوهم.
وإذا وقف على أهل بلد اختص بالمواطنين والمجاورين منهم ولا يشمل
المسافرين وان نووا إقامة مدة فيه.
(مسألة 1166): إذا وقف على مسجد أو مشهد صرف نماؤه في مصالحه من تعمير
وفرش وسراج وكنس ونحو ذلك من مصالحه، وفي جواز اعطاء شئ من النماء
لامام الجماعة اشكال، إلا أن تكون هناك قرينة على إرادة ما يشمل ذلك فيعطى منه
حينئذ.
276

(مسألة 1167): إذا وقف على الحسين (عليه السلام) صرف في إقامة عزائه مع بذل الطعام
فيه وبدونه والأحوط (1) إهداء ثواب ذلك إليه (عليه السلام) ولا فرق بين إقامة مجلس
للعزاء وأن يعطى الذاكر لعزائه (عليه السلام) في المسجد أو الحرم أو الصحن أو غير ذلك.
(مسألة 1168): إذا وقف على أن يصرف على ميت أو أموات صرف في
مصالحهم الأخروية من الصدقات عنهم وفعل الخيرات لهم، وإذا احتمل اشتغال
ذمتهم بالديون صرف أيضا في افراغ ذمتهم.
(مسألة 1169): إذا وقف على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) صرف في إقامة المجالس
لذكر فضائلهم ومناقبهم ووفياتهم وبيان ظلاماتهم ونحو ذلك مما يوجب التبصر
بمقامهم الرفيع والأحوط (2) اهداء ثواب ذلك إليهم (عليهم السلام) ولا فرق بين امام
العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وآبائه الطاهرين (عليهم السلام).
(مسألة 1170): إذا وقف على أولاده فالأقوى العموم لأولاد أولاده وأولادهم
وان سفلوا.
(مسألة 1171): إذا قال: هذا وقف على أولادي فإذا انقرض أولادي وأولاد
أولادي فهو على الفقراء، فالأقوى انه وقف على أولاده الصلبيين وغيرهم على
التشريك، وكذا إذا قال: وقف على أولادي فإذا انقرضوا وانقرض أولاد أولادي
فهو على الفقراء على الأقوى.
(مسألة 1172): إذا قال: هذا وقف على سكنى أولادي فالظاهر أنه لا يجوز ان
يؤجروها ويقتسموا الأجرة بل يتعين عليهم السكنى فيها، فإن أمكن سكنى الجميع

(1) استحبابا.
(2) استحبابا.
277

سكنوا جميعا وإن تشاحوا في تعيين المسكن فالمرجع نظر الولي فإن تعدد الأولياء
واختلف نظرهم فالمرجع الحاكم الشرعي، وإذا اختلف حكام الشرع فالمرجع
القرعة، وإذا امتنع بعضهم عن السكنى حينئذ جاز للاخر الاستقلال فيها وليس
عليه شئ لصاحبه، وان تعذر سكنى الجميع اقتسموها بينهم يوما فيوما أو شهرا
فشهرا أو سنة فسنة، وإن اختلفوا في ذلك وتشاحوا فالحكم كما سبق، وليس
لبعضهم ترك السكنى وعدم الرضا بالمهاياة والمطالبة بالأجرة حينئذ بالنسبة إلى
حصته.
(مسألة 1173): إذا قال: هذا وقف على الذكور من أولادي أو ذكور أولادي
نسلا بعد نسل أو طبقة بعد طبقة اختص بالذكور من الذكور ولا يشمل الذكور من
الإناث.
(مسألة 1174): إذا قال: وقف على اخوتي نسلا بعد نسل فالظاهر العموم
لأولادهم الذكور والإناث.
(مسألة 1175): إذا قال: هذا وقف على أولادي ثم أولاد أولادي كان الترتيب،
بين أولاده الصلبيين وأولادهم ولا يكون بين أولاد أولاده وأولادهم ترتيب بل
الحكم بينهم على نحو التشريك.
(مسألة 1176): إذا وقف على زيد والفقراء فالظاهر التنصيف، وكذا إذا قال:
وقف على زيد وأولاد عمرو، أو قال: وقف على أولاد زيد وأولاد عمرو، أو قال:
وقف على العلماء والفقراء.
(مسألة 1177): إذا وقف على الزوار فالظاهر الاختصاص بغير أهل المشهد ممن
يأتي من الخارج للزيارة، وفي كونه كذلك إذا قال: وقف على من يزور المشهد
اشكال.
278

فصل
في بعض أحكام الوقف
(مسألة 1178): إذا تم الوقف لا يجوز للواقف ولا لغيره التبديل والتغيير في
الموقوف عليه بنقله منهم إلى غيرهم وإخراج بعضهم منه وإدخال أجنبي عنهم
معهم إذا لم يشترط ذلك، إما إذا اشترط إدخال من شاء معهم فالظاهر صحته
وحينئذ إذا ادخل غيرهم معهم نفذ، وإذا لم يدخل أحدا إلى أن مات بقي الوقف على
حاله الأولى، وإذا اشترط اخراج بعضهم فالظاهر صحته أيضا. (1)
(مسألة 1179): العين الموقوفة تخرج من ملك الواقف وتدخل في ملك الموقوف
عليه (2) ويكون نماؤها له، نعم إذا كان الوقف وقفا على الصرف لم تدخل العين
في ملك الموقوف عليه بل يتعين صرف نمائها في الجهة الموقوف عليها على اختلاف
كيفيات الوقف.
(مسألة 1180): إذا اشترط الواقف شرطا في الموقوف عليه، كما إذا وقف
المدرسة على الطلبة العدول أو المجتهدين ففقد الشرط خرج عن الوقف، وإذا
اشترط عليه شرطا كما إذا وقف على الطلبة واشترط عليهم التهجد في الليل وجب
فعل الشرط فإن لم يتهجد فالظاهر أنه يخرج عن الوقف أيضا.
(مسألة 1181): إذا احتاجت الاملاك الموقوفة إلى التعمير أو الترميم لأجل

(1) في الصحة اشكال، إلا إذا رجع إلى أخذ خصوصية في الموقوف عليه.
(2) ما هو الثابت في الوقف المؤبد خروج العين عن ملك الواقف واختصاصها
بالموقوف عليه، واما الزائد على مطلق الاختصاص فمحل تأمل.
279

بقائها وحصول النماء منها فإن عين الواقف لها ما يصرف فيها عمل عليه وإلا
صرف من نمائها وجوبا مقدما على حق الموقوف عليهم، وإذا احتاج إلى التعمير
بحيث لولاه لم يبق للبطون اللاحقة فالظاهر وجوبه وإن أدى إلى حرمان البطن السابق.
(مسألة 1182): الثمر الموجود على النخل أو الشجر حين إجراء صيغة الوقف باق
على ملك مالكها ولا يكون للموقوف عليه، وكذا الحمل الموجود حين وقف الدابة
واللبن والصوف الموجودان حين وقف الشاة، وكذا ما يتجدد من الثمر أو الحمل أو
اللبن أو الصوف ونحوها بعد إن شاء الوقف وقبل القبض فيما يعتبر القبض في صحته.
(مسألة 1183): إذا وقف على مصلحة فبطل رسمها، كما إذا وقف على مسجد
فخرب أو مدرسة فخربت ولم يمكن تعميرها أو لم يحتاجا إلى مصرف لانقطاع من
يصلي في المسجد أو مهاجرة الطلبة أو نحو ذلك، فإن كان الوقف على نحو تعدد
المطلوب كما هو الغالب صرف نماء الوقف في مسجد أو مدرسة أخرى إن أمكن وإلا
ففي وجوه البر الأقرب فالأقرب.
(مسألة 1184): إذا جهل مصرف الوقف فإن كانت المحتملات متصادقة صرف
في المتيقن، كما إذا لم يدر ان الوقف وقف على العلماء مطلقا أو على خصوص العدول
منهم، أو لم يدر أن الوقف وقف على العلماء أو الفقراء فإنه يصرف في الفرض الأول
على العلماء العدول، وفي الفرض الثاني على العلماء الفقراء، وإن كانت المحتملات
متباينة، فإن كانت غير محصورة تصدق به إذا كان التصدق من الوجوه المحتملة
للوقف، وإلا صرفه في وجه آخر من الوجوه المحتملة، وإن كانت الوجوه محصورة،
كما إذا لم يدر أن الوقف وقف على المسجد الفلاني أو على المسجد الأخر أو أنه وقف
لزيد أو لعمرو على نحو المصرف أو على نحو التمليك فالأقرب الرجوع إلى القرعة في
تعيين الموقوف عليه.
280

(مسألة 1185): إذا آجر البطن الأول من الموقوف عليهم العين الموقوفة في
الوقف الترتيبي وانقرضوا قبل انقضاء مدة الإجارة لم تصح الإجارة بالنسبة إلى
بقية المدة، وكذا الحكم في الوقف التشريكي إذا ولد في أثناء المدة من يشارك
الموقوف عليه المؤجر، فإنه لا تصح الإجارة بالنسبة إلى حصته، والظاهر صحتها
بالإجازة من البطن الثاني في الصورة الأولى ومن الشريك في الصورة الثانية،
فيكون للمجيز حصته من الأجرة ولا يحتاج إلى تجديد الإجارة وإن كان أحوط.
نعم إذا كانت الإجارة من الولي لمصلحة الوقف صحت ونفذت وكذا إذا كانت
لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك فإنها تصح ويكون للبطون
اللاحقة حصتهم من الأجرة.
(مسألة 1186): إذا كانت للعين الموقوفة منافع مختلفة وثمرات متنوعة كان الجميع
للموقوف عليه مع اطلاق الوقف، فإذا وقف الشجر أو النخل كانت ثمرتهما ومنفعة
الاستظلال بهما والسعف والأغصان والأوراق اليابسة واكمام الطلع والفسيل
ونحوها مما هو مبني على الانفصال للموقوف عليه، ولا يجوز للمالك ولا لغيره
التصرف فيها إلا على الوجه الذي اشترطه الواقف.
(مسألة 1187): الفسيل الخارج بعد الوقف إذا نما واستطال حتى صار نخلا أو
قلع من موضعه وغرس في موضع آخر فنما حتى صار مثمرا لا يكون وقفا، بل هو
من نماء الوقف فيجوز بيعه وصرفه في الموقوف عليه، وكذا إذا قطع بعض الأغصان
الزائدة للاصلاح وغرس فصار شجرة فإنه لا يكون وقفا بل يجري عليه حكم نماء
الوقف من جواز بيعه وصرف ثمنه في مصرف الوقف.
(مسألة 1188): إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدية وإن تعذر
تعميره، وكذا إذا خربت القرية التي هو فيها حتى بطل الانتفاع به إلى الأبد.
281

(مسألة 1189): غير المسجد من الأعيان الموقوفة إذا تعذر الانتفاع بها في الجهة
المقصودة للواقف لخرابها وزوال منفعتها يجوز بيع بعضها وعمارة الباقي للانتفاع به،
فإن لم يمكن ذلك جاز بيعها وتبديلها بما يمكن الانتفاع به، وإن لم يمكن ذلك أيضا
صرف ثمنها في الجهة الموقوف عليها.
(مسألة 1190): إذا تعذر الانتفاع بالعين الموقوفة لانتفاء الجهة الموقوف عليها
صرفت منافعها فيما هو الأقرب فالأقرب، فإذا كان الوقف وقفا على إقامة عزاء
الحسين (عليه السلام) في بلد خاص ولم يمكن ذلك صرفت منافعه في إقامة عزائه (عليه السلام) في بلد
آخر.
(مسألة 1191): إذا تعذر الانتفاع بالوقف لانقراض الموقوف عليه تبطل وقفيته
ويرجع ملكا للواقف على ما تقدم، فإن لم يكن موجودا كان لورثته.
(مسألة 1192): إذا خرب الوقف ولم تبطل منفعته بل بقيت له منفعة معتد بها
قليلة أو كثيرة فإن أمكن تجديده وإن كان بإجارة مدة وصرف الإجارة في العمارة
وجب ذلك، وإن لم يمكن فالظاهر بقاء الوقفية بحالها وتصرف منافعه في الجهة
الموقوف عليها.
(مسألة 1193): إذا وقف بستانا لصرف نمائها في جهة خاصة فانقطع عنها الماء
حتى يبس شجرها أو انقلع شجرها وبقيت عرصة، فإن أمكن إيجارها وجب ذلك
وصرفت الأجرة في الجهة الموقوف عليها، نعم إذا فهم من القرائن ان الوقفية قائمة
بعنوان البستان كما إذا وقفها للتنزه أو للاستظلال فإن أمكن بيعها وشراء بستان أخرى
تعين ذلك، وإلا بطلت الوقفية بذهاب عنوان البستان وترجع ملكا للواقف. (1)

(1) كما تبطل إذا كانت الوقفية قائمة بالعنوان بحيث لا يبقى بعد زواله متعلق للوقف.
282

(مسألة 1194): يجوز وقف البستان واستثناء نخلة منها، ويجوز له حينئذ
الدخول إليها بمقدار الحاجة، كما أن له إبقاءها مجانا، وليس للموقوف عليهم قلعها،
وإذا انقلعت لم يبق له حق في الأرض، فلا يجوز له غرس نخلة أخرى مكانها، وكذا
يجوز في وقف الدار استثناء غرفة منها، ولكن إذا خربت بقيت له الأرض لان
الأرض جزء الغرفة.
(مسألة 1195): إذا كانت العين مشتركة بين الوقف والملك الطلق جازت
قسمتها بتمييز الوقف عن الملك الطلق، ويتولى القسمة المالك للطلق ومتولي
الوقف، بل الأقوى جواز القسمة إذا تعدد الواقف والموقوف عليه كما إذا كانت دار
مشتركة بين شخصين فوقف كل منهما نصفه المشاع على أولاده، وكذا (1) إذا
اتحد الواقف مع تعدد الموقوف عليه كما إذا وقف مالك الدار نصفها على مسجد
ونصفها على مشهد وكذا إذا اتحد الواقف والموقوف عليه إذا لم تكن القسمة منافية
للوقف كما إذا وقف أرضا على أولاده وكانوا أربعة فإنه يجوز لهم اقتسامها أرباعا،
فإذا صار له ولد آخر بطلت القسمة وجاز اقتسامها أخماسا، فإذا مات اثنان منهم
بطلت القسمة وجاز اقتسامها أثلاثا، وهكذا.
(مسألة 1196): لا يجوز تغيير العين الموقوفة إذا علم من الواقف إرادة بقاء
عنوانها سواء فهم ذلك من كيفية الوقف كما إذا وقف داره على السكنى، فلا يجوز
تغييرها إلى الدكاكين، أم فهم من قرينة خارجية، بل إذا احتمل ذلك ولم يكن
اطلاق في انشاء الوقف لم يجز ذلك، نعم إذا كان اطلاق في انشاء الوقف جاز للولي
التغيير، فيبدل الدار إلى دكاكين والدكاكين إلى دار وهكذا، وقد يعلم من حال

(1) جواز القسمة فيه وفيما بعده محل اشكال.
283

الوقف إرادة بقاء العنوان ما دام له دخل في كثرة المنفعة فحينئذ لا يجوز التغيير ما دام
الحال كذلك، فإذا قلت المنفعة جاز التغيير.
(مسألة 1197): إذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة، فإن كان وقفها للانتفاع
بثمرها جاز بيعها وصرف ثمنها في البستان إن احتاج إليه وإلا ففي الجهة الموقوف
عليها، وإذا وقفها للانتفاع بأي وجه كان، فإن أمكن الانتفاع بها في جعلها سقفا أو
عمدا أو نحو ذلك لم يجز بيعها، وإن بطل الانتفاع بها على حالها جاز بيعها وصرف
ثمنها في البستان مع الحاجة، ومع عدمها في الجهة الموقوف عليها.
(مسألة 1198): الأموال التي تجمع لعزاء سيد الشهداء (عليه السلام) من صنف خاص
لإقامة مأتمهم أو من أهل بلد لإقامة مأتم فيها أو للأنصار الذين يذهبون في زيارة
الأربعين إلى (كربلاء) الظاهر أنها من قسم الصدقات المشروط صرفها في جهة
معينة وليست باقية على ملك مالكها، ولا يجوز لمالكها الرجوع فيها، وإذا مات قبل
صرفها لا يجوز لوارثه المطالبة بها، وكذا إذا أفلس لا يجوز لغرمائه المطالبة بها، وإذا
تعذر صرفها في الجهة المعينة فالأحوط صرفها فيما هو الأقرب فالأقرب إلى الجهة
الخاصة، نعم إذا كان الدافع للمال غير معرض عنه ويرى أن الآخذ للمال بمنزلة
الوكيل عنه لم يخرج حينئذ عن ملك الدافع، وجاز له ولورثته ولغرمائه المطالبة به
بل يجب ارجاعه إليه عند مطالبته وإلى وارثه عند موته وإلى غرمائه عند تفليسه،
وإذا تعذر صرفه في الجهة الخاصة واحتمل عدم اذنه في التصرف فيه في غيرها
وجبت مراجعته في ذلك.
(مسألة 1199): لا يجوز بيع العين الموقوفة إلا في موارد ذكرناها في كتاب البيع.
(مسألة 1200): إذا كان غرض الواقف من الوقف حصول شئ فبان عدم
حصوله لا يكون ذلك موجبا لبطلان الوقف، فإذا علم أن غرض الواقف من الوقف
284

على أولاده أن يستعينوا به على طلب العلم أو الإقامة بالمشهد الفلاني أو نحو ذلك
فلم يترتب الغرض المذكور عليه لم يكن ذلك موجب لبطلان الوقف، وهكذا الحال
في جميع الأغراض والدواعي التي تدعو إلى إيقاع المعاملات أو الايقاعات، فإذا
كان غرض المشتري الربح فلم يربح لم يكن ذلك موجبا لبطلان الشراء أو التسلط
على الفسخ.
(مسألة 1201): الشرائط التي يشترطها الواقف تصح ويجب العمل عليها إذا
كانت مشروعة، فإذا اشترط أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجر على غير
أهل العلم لا تصح إجارته سنتين ولا على غير أهل العلم.
(مسألة 1202): تثبت الوقفية بالعلم - وان حصل من الشياع - وبالبينة الشرعية
وبإقرار ذي اليد وإن لم تكن اليد مستقلة، كما إذا كان جماعة في دار فأخبر بعضهم
بأنها وقف حكم بها في حصته وإن لم يعترف غيره بها.
(مسألة 1203): إذا كان كتاب أو إناء قد كتب عليه انه وقف فالظاهر (1)
الحكم بوقفيته.
نعم إذا كان بيد شخص وادعى ملكيته واعتذر عن الكتابة بعذر مقبول قيل
صدق وحكم بملكيته له فيجوز حينئذ الشراء منه والتصرف بإذنه وغير ذلك من
أحكام الملك لكنه لا يخلو عن اشكال.
(مسألة 1204): إذا وجدت ورقة في تركة الميت قد كتب عليها: إن الشئ
الفلاني وقف فإن كان عليه امارة الاعتراف بالوقفية من توقيعه في ذيلها ووضعها
في ظرف مكتوب عليه: هذه ورقة الوقف الفلاني أو نحو ذلك مما يكون ظاهرا

(1) في اطلاقه مع عدم حصول الوثوق اشكال.
285

في الاعتراف بالوقفية، حكم بالوقفية وإلا فلا يحكم بها وان علم أنها بخط
المالك.
(مسألة 1205): لا فرق في حجية اخبار ذي اليد بين أن يكون اخبارا بأصل
الوقف وأن يكون اخبارا بكيفيته من كونه ترتيبيا أو تشريكيا وكونه على الذكور
فقط أو على الذكور والإناث وانه على نحو التساوي أو على نحو الاختلاف، كما أنه
لا فرق في الاخبار بين أن يكون بالقول وأن يكون بالفعل، كما إذا كان يتصرف فيه
على نحو الوقف أو يتصرف فيه على نحو الوقف الترتيبي أو التشريكي أو للذكور
والإناث أو للذكور دون الإناث وهكذا، فإن تصرفه إذا كان ظاهرا في الاخبار عن
حاله كان حجة كخبره القولي.
(مسألة 1206): إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالغنم والبقر
والإبل لم تجب الزكاة فيها وان اجتمعت فيها شرائط الزكاة، وأما إذا كان نماؤها
زكويا كما إذا وقف بستانا فإن كان الوقف على نحو التمليك لاشخاص الموقوف
عليهم كما إذا قال: وقفت البستان لأولادي، فإن بلغت حصة واحد منهم النصاب
وجبت عليه الزكاة وإلا لم تجب، وإن كان الوقف على نحو التمليك للعنوان كما
إذا قال: وقفت البستان على فقراء البلد غير قاصد لاستيعابهم، لم تجب الزكاة
على واحد منهم إلا إذا أعطى الولي واحدا منهم بعض النماء قبل زمان تعلق
الزكاة وكان يبلغ النصاب فإنه تجب الزكاة على من ملك منهم واحدا كان أو
أكثر، وكذلك لا تجب الزكاة على حاصل الوقف إذا كان على نحو المصرف، كما
إذا قال: وقفت البستان على تزويج أولادي أو على إطعام الفقراء وكسوتهم ونحو
ذلك.
286

الحاق
فيه بابان
الباب الأول في الحبس وأخواته
(مسألة 1207): يجوز للمالك أن يحبس ملكه على جهة معينة يجوز الوقف عليها
على أن يصرف نماؤه فيها، ولا يخرج بذلك عن ملكه، فإن كان الحابس قد قصد
القربة بحبسه (1) وكان حبسه مطلقا أو مقيدا بالدوام لزم ما دامت العين ولم يجز
له الرجوع فيه، وإن كان مقيدا بمدة معينة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدة، وإذا
انتهت المدة انتهى التحبيس، فإذا قال: فرسي محبس على نقل الحجاج أو عبدي
محبس على خدمة العلماء لزمت ما دامت العين باقية، وإذا جعل المدة عشر سنين
مثلا لزم في العشر وانتهى بانقضائها.
(مسألة 1208): ذكر جماعة كثيرة أنه لا يصح التحبيس إلا بعد القبض ولا يخلو
من اشكال، بل الاظهر الصحة بدونه، ولكنه شرط في اللزوم، فيجوز للمالك
الرجوع فيه قبل القبض.
(مسألة 1209): إذا حبس ملكه على شخص فإن عين مدة كعشرة سنين أو مدة
حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة، وبعدها يرجع إلى الحابس، وإذا مات
الحابس قبل انقضاء المدة بقي الحبس على حاله إلى أن تنتهي المدة فيرجع ميراثا،
وإذا حبس عليه مدة حياة نفسه - يعني الحابس - لم يجز له الرجوع ما دام حيا، فإذا

(1) بل مطلقا إذا كان الحبس مقيدا بالدوام أو بمده ة معينة، وإذا كان مطلقا
ولم يقصد القربة لزم إلى موت الحابس.
287

مات رجع ميراثا، وإذا حبسه على شخص ولم يذكر مدة معينة ولا مدة حياة نفسه
ولا حياة المحبس عليه ففي لزومه إلى موت الحابس وبعد موته يرجع ميراثا وجوازه
فيجوز له الرجوع فيه متى شاء قولان أقربهما الثاني. (1)
(مسألة 1210): يلحق بالحبس السكنى والعمري والرقبي، والأولى تختص
بالمسكن، والأخيرتان تجريان فيه وفي غيره من العقار والحيوانات والأثاث
ونحوها مما لا يتحقق فيه الاسكان، فإن كان المجعول الاسكان قيل له (سكنى) فإن
قيد بعمر المالك أو الساكن قيل له أيضا (عمري) وإن قيده بمدة معينة قيل له (رقبى)
وإذا كان المجعول غير الاسكان كما في الأثاث ونحوه مما لا يتحقق فيه السكنى
لا يقال له سكنى بل قيل (عمري) إن قيد بعمر أحدهما و (رقبى) إن قيد بمدة معينة.
(مسألة 1211): الظاهر أن القبض فيها ليس شرطا في الصحة بل في اللزوم كما
تقدم في الحبس.
(مسألة 1212): إذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين أو مدة عمر المالك أو مدة عمر
الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة، فإن انقضت المدة في الصور الثلاث رجع
المسكن إلى المالك أو ورثته.
(مسألة 1213): إذا قال له: أسكنتك هذه الدار لك ولعقبك لم يجز له الرجوع في
هذه السكنى ما دام الساكن موجودا أو عقبه فإذا انقرض هو وعقبه رجعت الدار
إلى المالك.
(مسألة 1214): إذا قال له: أسكنتك هذه الدار مدة عمري، فمات الساكن في
حال حياة المالك، فإن كان المقصود السكنى بنفسه وتوابعه كما يقتضيه اطلاق

(1) بل الأول.
288

السكنى انتقلت السكنى بموته إلى المالك قبل وفاته على اشكال، وإن كان المقصود
تمليك السكنى له انتقلت السكنى إلى وارثه ما دام المالك حيا، فإذا مات انتقلت من
ورثة الساكن إلى ورثة المالك، وكذا الحكم لو عين مدة معينة فمات الساكن في
أثنائها.
(مسألة 1215): إذا جعل السكنى له مدة حياته كما إذا قال له: أسكنتك هذه
الدار مدة حياتك، فمات المالك قبل الساكن لم يجز لورثة المالك منع الساكن، بل تبقى
السكنى على حالها إلى أن يموت الساكن.
(مسألة 1216): إذا جعل له السكنى ولم يذكر له مدة ولا عمر أحدهما صح، ولزم
بالقبض ووجب على المالك اسكانه وقتا ما وجاز له الرجوع بعد ذلك أي وقت
شاء، ولا يجري ذلك في الرقبى والعمري لاختصاص الأولى بالمدة المعينة والثانية
بمدة عمر أحدهما والمفروض انتفاء ذلك كله.
(مسألة 1217): اطلاق السكنى كما تقدم يقتضي ان يسكن هو وأهله وسائر
توابعه من أولاده وخدمه وعبيده وضيوفه بل دوابه إن كان فيها موضع معد لذلك،
وله اقتناء ما جرت العادة فيه لمثله من غلة وأوان وأمتعة، والمدار على ما جرت به
العادة من توابعه، وليس له اجارته ولا اعارته لغيره، فلو آجره ففي صحة الإجارة
بإجازة المالك وكون الأجرة له حينئذ اشكال.
(مسألة 1218): الظاهر أن (السكنى) و (العمرى) و (الرقبى) من العقود
المحتاجة في وجودها الاعتباري إلى ايجاب وقبول، ويعتبر فيها ما يعتبر في العقود،
كما يعتبر في المتعاقدين هنا ما يعتبر في المتعاقدين في غيره، وقد تقدم ذلك في كتاب
البيع، وأما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فيه في الحبس على الشخص، وعدم
اعتباره في الحبس على الصرف في جهة معينة.
289

(مسألة 1219): الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء أجل التحبيس، فتنتقل
العين إلى المشتري على النحو الذي كانت عليه عند البائع، فيكون للمحبس عليهم
الانتفاع بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس، ويجوز للمشتري المصالحة معهم على
نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالعين مدة التحبيس، بأن يعطيهم مالا على أن
لا ينتفعوا بالعين، أما المصالحة معهم على إسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة على
حق الانتفاع بها ففيه اشكال.
الباب الثاني
في الصدقة التي تواترت الروايات في الحث عليها والترغيب فيها، وقد ورد
أنها دواء المريض، وبها يدفع البلاء وقد أبرم ابراما، وبها يستنزل الرزق، وأنها تقع
في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد، وأنها تخلف البركة، وبها يقضى الدين، وأنها
تزيد في المال، وأنها تدفع ميتة السوء والداء والدبيلة والحرق والغرق والجذام
والجنون إلى أن عد سبعين بابا من السوء، ويستحب التبكير بها، فإنه يدفع شر ذلك
اليوم وفي أول الليل فإنه يدفع شر الليل.
(مسألة 1220): المشهور كون الصدقة من العقود، فيعتبر فيها الايجاب والقبول،
ولكن الاظهر كونها الاحسان بالمال على وجه القربة، فإن كان الاحسان بالتمليك
احتاج إلى إيجاب وقبول، وإن كان بالابراء كفى الايجاب بمثل أبرأت ذمتك، وإن
كان بالبذل كفى الاذن في التصرف، وهكذا فيختلف حكمها من هذه الجهة باختلاف
مواردها.
(مسألة 1221): المشهور اعتبار القبض فيها مطلقا، ولكن الظاهر أنه لا يعتبر
فيها كلية، وانما يعتبر فيها إذا كان العنوان المنطبق عليه مما يتوقف على القبض، فإذا
290

كان التصدق بالهبة أو بالوقف اعتبر القبض، وإذا كان التصدق بالابراء أو البذل
لم يعتبر، وهكذا.
(مسألة 1222): يعتبر في الصدقة القربة، فإذا وهب أو أبرأ أو وقف بلا قصد
القربة كان هبة وابراء ووقفا ولا يكون صدقة.
(مسألة 1223): تحل صدقة الهاشمي على الهاشمي وعلى غيره حتى زكاة المال
وزكاة الفطرة، وأما صدقة غير الهاشمي، فإن كانت زكاة المال أو زكاة الفطرة فهي
حرام على الهاشمي ولا تحل للمتصدق عليه ولا تفرغ ذمة المتصدق بها عنها، وإن كانت
غيرهما فالأقوى جوازها سواء أكانت واجبة كرد المظالم والكفارات وفدية
الصوم أم مندوبة إلا إذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء
ونحو ذلك، مما كان من مراسم الذل والهوان ففي جواز مثل ذلك إشكال.
(مسألة 1224): لا يجوز الرجوع في الصدقة إذا كانت هبة مقبوضة (1) وإن
كانت لأجنبي على الأصح.
(مسألة 1225): تجوز الصدقة المندوبة على الغني والمخالف والكافر الذمي.
(مسألة 1226): الصدقة المندوبة سرا أفضل إلا إذا كان الاجهار بها بقصد رفع
التهمة أو الترغيب أو نحو ذلك مما يتوقف على الاجهار، أما الصدقة الواجبة ففي
بعض الروايات أن الأفضل إظهارها، وقيل الأفضل الإسرار بها، والأظهر اختلاف
الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للإسرار والإجهار.
(مسألة 1227): التوسعة على العيال أفضل من الصدقة على غيرهم، والصدقة
على القريب المحتاج أفضل من الصدقة على غيره، وأفضل منها الصدقة على الرحم

(1) بل مطلقا.
291

الكاشح يعني المعادي، ويستحب التوسط في إيصالها إلى المسكين، ففي الخبر لو
جرى المعروف على ثمانين كفا لاجروا كلهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شئ
والله سبحانه العالم والموفق.
* * *
292

كتاب النكاح
وفيه فصول:
الفصل الأول
النكاح ثلاثة: دائم، ومنقطع، وملك يمين، ويفتقر الأول إلى العقد وهو الايجاب
والقبول بلفظ الماضي على الأحوط استحبابا، كزوجت وأنكحت وقبلت، وتجزي
ترجمتها بشرط العجز عن العربية على الأحوط وجوبا، وتجزي الإشارة مع العجز
عن النطق (1) ولو زوجت المرأة نفسها صح، ويشترط في تزويج البكر إذن
الولي، وهو الأب أو الجد للأب على الأحوط وجوبا، إلا إذا منعها الولي عن
التزويج بالكفؤ شرعا وعرفا، فإنه تسقط ولايته حينئذ، وإذا تزوجت البكر
بدون إذن وليها ثم أجاز وليها العقد صح بلا إشكال.
(مسألة 1228): يجزي في صورة عقد النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج:
زوجتك نفسي بمهر دينار، مثلا، فيقول الزوج، قبلت، وإذا كانت الزوجة قد وكلت
وكيلا، قال وكيلها للزوج: زوجتك موكلتي هندا - مثلا - بمهر دينار، فيقول الزوج
قبلت، وإذا كان الزوج قد وكل وكيلا قالت الزوجة لوكيل الزوج: زوجت موكلك
زيدا - مثلا - نفسي بمهر دينار - مثلا - فيقول الوكيل: قبلت، وإذا كان كل من الزوج

(1) في اطلاقه لغير الأخرس إذا كان قادرا على التوكيل اشكال.
293

والزوجة قد وكل وكيلا قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج: زوجت موكلك زيدا
موكلتي هندا بمهر دينار - مثلا -، فيقول وكيل الزوج: قبلت، ويجوز لشخص واحد
تولي طرفي العقد حتى الزوج نفسه، لكن الأحوط استحبابا أن لا يتولى الزوج
الايجاب عن الزوجة والقبول عن نفسه.
(مسألة 1229): لا يشترط الشهود في صحة النكاح، ولا يلتفت إلى دعوى
الزوجية بغير بينة مع حلف المنكر وان تصادقا على الدخول، فلو رد اليمين فحلف
المدعي حكم بها، كما أنه يلزم المقر باقراره على كل حال ولو تصادقا على الزوجية
ثبتت.
(مسألة 1230): القول قول الأب في تعيين المعقود عليها بغير تسمية مع رؤية
الزوج للجميع وإلا بطل العقد، ويستحب لمن أراد التزويج أن يتخير البكر العفيفة
الكريمة الأصل، وصلاة ركعتين عند إرادة التزويج، والدعاء بالمأثور وهو: (اللهم
إني أريد أن أتزوج فقدر لي من النساء أعفهن فرجا واحفظهن لي في نفسها ومالي
وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة) والاشهاد على العقد، والاعلان به، والخطبة أمام
العقد، وإيقاعه ليلا، وصلاة ركعتين عند الدخول، والدعاء بالمأثور بعد أن يضع يده
على ناصيتها وهو (اللهم على كتابك تزوجتها وفي أمانتك أخذتها وبكلماتك
استحللت فرجها فان قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا ولا تجعله شرك
شيطان) وأمرها بمثله ويسأل الله تعالى الولد الذكر.
(مسألة 1231): يكره إيقاع العقد والقمر في العقرب، وتزويج العقيم، والجماع في
ليلة الخسوف ويوم الكسوف، وعند الزوال إلا يوم الخميس، وعند الغروب قبل
ذهاب الشفق، وفي المحاق، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس، وفي أول ليلة من الشهر
إلا رمضان، وفي ليلة النصف من الشهر واخره، وعند الزلزلة والريح الصفراء
294

والسوداء، ويكره مستقبل القبلة ومستدبرها، وفي السفينة، وعاريا، وعقيب
الاحتلام قبل الغسل، والنظر في فرج المرأة، والكلام بغير الذكر، والعزل عن الحرة
بغير إذنها، وأن يطرق المسافر أهله ليلا، ويحرم الدخول بالزوجة قبل بلوغها تسع
سنين.
(مسألة 1232): يجوز للرجل النظر إلى من يريد التزويج بها أو شراءها، وكذا
إلى نساء أهل الذمة وكذا المتبذلات اللاتي لا ينتهين إذا نهين عن التكشف، (1)
وإلى المحارم اللاتي يحرم نكاحهن مؤبدا لنسب أو مصاهرة أو رضاع بشرط عدم
التلذذ في الجميع، ويحرم النظر إلى غيرهن بغير تلذذ أيضا في غير الوجه والكفين بلا
إشكال، وفيهما على الأحوط، (2) ومن غير المحارم أخت الزوجة وكذا الربيبة
قبل الدخول بأمها، ويحرم على المرأة النظر إلى الرجل على الأحوط (3) في غير
الوجه واليدين والرأس والرقبة والقدمين، وأما نظرها إلى هذه المواضع من الرجل
فالظاهر جوازه فيما إذا لم يكن بتلذذ أو ريبة وإن كان الأحوط ترك ذلك أيضا، وكذا
يحرم النظر واللمس مع التلذذ ولو إلى المماثل، وكذا يحرم اللمس من الرجل والمرأة
لغير المحارم، ويجوز النظر واللمس من الرجل للصبية غير البالغة ومن المرأة للصبي
غير البالغ مع عدم التلذذ في الجميع، أما مع التلذذ فإنه حرام مطلقا.
(مسألة 1233): يجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه والكفين عن غير الزوج
والمحارم، بل يجب عليها ستر الوجه والكفين عن غير الزوج حتى المحارم مع

(1) فيما لا يسترن بحسب عادتهن.
(2) استحبابا مع عدم خوف الوقوع في الحرام أيضا.
(3) بل على الأقوى في غير ما جرت سيرة المتشرعة على عدم ستره.
295

تلذذه (1) بل عن غير المحارم مطلقا على الأحوط (2) ولا يجب على الرجل
الستر مطلقا.
(مسألة 1234): يجوز سماع صوت الأجنبية مع عدم التلذذ.
(مسألة 1235): لا يجوز (3) ترك وطء الزوجة الدائمة أكثر من أربعة أشهر
إذا كانت شابة (4) بل الحكم كذلك في المنقطعة على الأحوط.
الفصل الثاني
في الأولياء
إنما الولاية للأب وإن علا ووصيه والحاكم والمولى.
(مسألة 1236): للأب الولاية على الصغيرين والمجنونين البالغين كذلك،
ولا خيار لهما بعد زوال الوصفين، إلا إذا كان العقد حين وقوعه مفسدة عند العقلاء
فلا يصح إلا بالإجازة بعد البلوغ والعقل، نعم إذا زوج الأبوان الصغيرين ولاية
فالعقد وإن كان صحيحا إلا أن في لزومه عليهما بعد بلوغهما إشكالا، فالاحتياط
لا يترك، ولا يبعد ولاية الأب على من جن بعد بلوغه على إشكال، فالأحوط

(1) مع قصدها للإرائة، وأما مع عدم قصدها فعلى الأحوط وجوبا.
(2) إلا إذا لم يكن النظر من الأجنبي للتلذذ ولم يكن للمرأة قصد الإراءة فلا يجب
عليها الستر، وإن كان أحوط استحبابا.
(3) الا مع رضاها أو الضرر أو الحرج على الرجل فيما لا يزاحم الضرر أو الحرج على
المرأة، والا إذا كانت المرأة ناشزة، أو اشترط في ضمن العقد اختيار الوطي للرجل.
(4) وفي غيرها على الأحوط وجوبا.
296

الاستجازة من الحاكم الشرعي أيضا.
(مسألة 1237): لا ولاية للأب والجد على البالغ الرشيد ولا على البالغة الرشيدة
عدا البكر، فان الأحوط لزوما في تزويجها اعتبار إذن أحدهما وإذنها معا كما مر،
ويكفي في إثبات إذنها سكوتها إلا إذا كانت هناك قرينة على عدم الرضا، وإذا زالت
بكارتها بغير الوطء فهي بمنزلة البكر، بخلاف ما إذا زالت بالوطء شبهة أو زنا على الأظهر.
(مسألة 1238): لا تعتبر الاستجازة من الأب في تزويج البكر إذا تعذرت
الاستجازة لغيبته أو حبسه ونحوهما وكانت البنت بحاجة إلى الزواج.
(مسألة 1239): للوصي ولاية النكاح على الصبي إذا نص عليه الموصي، وكذا
على المجنون واضطر إلى التزويج والأحوط استئذان الحاكم.
(مسألة 1240): للحاكم الشرعي الولاية على المجنون إذا لم يكن له ولي مع
ضرورته إلى التزويج، وفي ولايته على الصبي في ذلك إشكال، والأظهر الجواز مع
ضرورته إليه.
(مسألة 1241): في صحة تزويج السفيه إشكال، فالأحوط أن لا ينكح إلا بإذن
الأب إن كان، وإلا فالحاكم، وإذا كان رشيدا في المال غير رشيد في التزويج
فالأحوط له الاستئذان من الحاكم (1) في تزويجه.
(مسألة 1242): للمولى الولاية على مملوكه ذكرا كان أم أنثى مطلقا.
(مسألة 1243): لو زوج الولي الصغيرين توارثا، ولو كان المزوج غيره وقف
على الإجازة، فان مات أحدهما قبل البلوغ بطل، وان بلغ أحدهما وأجاز ثم مات

(1) ومن الأب أو الجد مع وجوده.
297

أحلف الثاني بعد بلوغه على انتفاء الطمع إذا احتمل كون إجازته طمعا في الميراث،
فإذا حلف على ذلك ورث وإلا فلا.
(مسألة 1244): كما يصح عقد الفضولي في البيع يصح في النكاح، فإذا عقد
شخص لغيره من دون إذنه فأجاز المعقود له صح العقد، وإذا لم يجز بطل.
(مسألة 1245): إذا وكلت المرأة شخصا على تزويجها، لم يصح له أن يتزوجها
إلا مع عموم الاذن منها، بل لو أذنت له في أن يتزوجها فالأحوط له استحبابا أن
لا يتولى الايجاب والقبول بنفسه، بل يوكل عنها من يتولى الايجاب عنها،
ولا بأس له أن يوكلها فتتولى الايجاب منها والقبول عنه.
(مسألة 1246): إذا أكره الزوجان على العقد ثم رضيا (1) وأجازا العقد صح،
وكذلك الحكم في إكراه أحدهما والأولى تجديد العقد فيهما.
الفصل الثالث
في المحرمات
وهي قسمان: نسب وسبب
(فالنسب) الأم وإن علت والبنت وإن سفلت والأخت وبناتها وإن نزلن والعمة
والخالة وإن علتا كعمة الأبوين والجدين وخالتهما وبنات الأخ وإن نزلن.
(وأما السبب) فأمور:
(الأول) ما يحرم بالمصاهرة.

(1) إذا كان المكره على التزويج هو العاقد يكفي رضاه بعد العقد، وإن كان العاقد
غيره فلابد من الإجازة.
298

(مسألة 1247): من وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه أمها وإن علت
وبناتها وإن نزلن، لابن أو بنت تحريما مؤبدا سواء سبقن على الوطء أم تأخرن عنه.
(مسألة 1248): تحرم الموطوءة بالملك أو العقد على أبي الواطئ وإن علا، ولو
كان لامه وعلى أولاده وإن نزلوا، وكذا المعقود عليها لأحدهما مطلقا، فإنها تحرم
على الأخر، وكذا الأمة المملوكة الملموسة بشهوة أو المنظور إلى شئ منها مما يحرم
النظر إليه لغير المالك بشهوة فإنها تحرم على الأخر.
(مسألة 1249): من عقد على امرأة ولم يدخل بها حرمت عليه أمها وإن علت
أبدا، وتحرم بنتها على الأحوط (1) وإن نزلت من بنت كانت أو من ابن ما دامت
الام في عقده فان فارقها قبل الدخول جاز له العقد على بنتها، ولو دخل حرمت
عليه البنت أبدا ولم تحرم البنت على أبيه ولا على ابنه.
(مسألة 1250): تحرم أخت الزوجة جمعا لا عينا وكذا بنت أختها وأخيها إلا مع
إذن العمة والخالة، ولو عقد من دون إذنهما فأجازتا صح على الأقوى، وإن كان
الأحوط تجديد العقد.
(مسألة 1251): من زنا بخالته في قبلها أو دبرها حرمت عليه بناتها أبدا إذا كان
الزنا سابقا على العقد، ويلحق بالزنا بخالته الزنا بالعمة على الأحوط وجوبا، والأحوط استحبابا أن لا يتزوج الزاني بنت المزني بها مطلقا، وفي إلحاق الوطء
بالشبهة بالزنا وكذلك إلحاق الزنا بعد العقد وقبل الدخول بالزنا قبل العقد قولان،
والالحاق أحوط وأولى (2) والأظهر عدم الإلحاق.

(1) بل على الأقوى.
(2) بل الأحوط وجوبا الحاق الزنا بعد العقد وقبل الدخول بالزنا قبل العقد.
299

(مسألة 1252): لا يلحق بالزنا التقبيل واللمس والنظر بشهوة ونحوها فلو قبل
خالته أو عمته أو امرأة أخرى ولمسها أو نظر إليها بشهوة لم تحرم عليه بنتها.
(مسألة 1253): الزنا والوطء بالشبهة الطارئان على العقد والدخول لا يوجبان
التحريم فلو تزوج بنت خالته ودخل بها ثم زنى بخالته أو وطأها شبهة لم تحرم عليه
بنتها.
(مسألة 1254): المشهور أن المرأة المزني بها تحرم على آباء الزاني وأبنائه إذا كان
الزنا سابقا على العقد والا لم تحرم، ولكن الظاهر عدم التحريم حتى فيما إذا كان الزنا
سابقا على العقد وإن كان الأحوط الترك في هذه الصورة. (1)
(مسألة 1255): لو ملك الأختين فوطأ إحداهما حرمت الأخرى جمعا فلو
وطأها أيضا لم تحرم الأولى إلا أن يكون عالما بالحرمة والموضوع فتحرم حينئذ، ثم إنه
ان أخرج الأولى عن ملكه حلت الثانية مطلقا، وإن أخرج الثانية عن ملكه
لم تحل الأولى إلا إذا كان اخراجه للثانية لا بقصد الرجوع إلى الأولى، والأحوط في
وطء الثانية جهلا ان لا تحل له الأولى إلا بالشرط المذكور.
(مسألة 1256): يحرم على الحر في الدائم ما زاد على أربع حرائر، وفي الإماء ما
زاد على الأمتين، وله أن يجمع بين حرتين وأمتين أو ثلاث حرائر وأمة، ويحرم على
العبد ما زاد على أربع إماء، وفي الحرائر ما زاد على حرتين، وله أن ينكح حرة وأمتين،
ولا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا باذنها، ولو عقد بدونه كان باطلا بدون اجازتها،
وأما معها فالأظهر الصحة، ولو ادخل الحرة على الأمة ولم تعلم فلها الخيار في عقد
نفسها، ولو جمعهما في عقد واحد صح عقد الحرة وتوقف عقد الأمة على اجازة الحرة.

(1) في الظهور تأمل فلا يترك الاحتياط بالترك فيها.
300

(مسألة 1257): يحرم العقد على ذات البعل أو المعتدة ما دامتا كذلك، ولو
تزوجها جاهلا بالحكم أو الموضوع بطل العقد، فان دخل حينئذ حرمت عليه أبدا،
والولد له وعليه مهر المثل للمرأة مع جهلها، والأحوط ان تتم عدة الأول إن كانت
معتدة، وتستأنف عدة الثاني، والأظهر التداخل.
ولو عقد عالما بالحكم والموضوع حرمت عليه أبدا بالعقد، وكذا إذا كانت
المعتدة المعقود عليها عالمة بهما، وأما ذات البعل فلا أثر لعلمها.
ولا فرق في العدة بين عدة الطلاق بائنا أو رجعيا وعدة الوفاة وعدة وطء
الشبهة، ولا فرق في المعتدة بين الحرة والأمة، ولا في الدخول بين أن يكون في القبل
والدبر، ولا يلحق بالعدة مدة استبراء الأمة ولا بالعقد وطء الشبهة ولا الوطء
بالملك ولا بالتحليل، والمدار على علم الزوج فلا يقدح علم وليه أو وكيله.
(مسألة 1258): لا يصح العقد على المرأة في المدة التي تكون بين وفاة زوجها
وعلمها بوفاته، وهل يجري عليها حكم العدة، قيل: لا، فلو عقد على امرأة في تلك
المدة لم تحرم عليه وإن كان عالما ودخل بها، فله تجديد العقد بعد العلم بالوفاة
وانقضاء العدة بعده، ولكنه محل اشكال جدا، والاحتياط لا يترك.
(مسألة 1259): من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أبدا - على الأحوط (1) - أم
الغلام وان علت وأخته وبنته وان سفلت، ولو سبق عقدهن لم يحرمن، وإن كان الأحوط
الاجتناب، وفي عموم الحكم للواطئ إذا كان صغيرا أو كان الموطوء كبيرا اشكال،
والأظهر العدم، (2) ولا تحرم على الواطئ بنت أخت الموطوء ولا بنت أخيه.

(1) بل على الأقوى في الام والبنت والأخت، وعلى الأحوط في الأم إذا علت وفي
البنت إذا سفلت.
(2) الأحوط وجوبا الاجتناب.
301

(مسألة 1260): لو دخل بصبية لم تبلغ تسعا فأفضاها قيل حرمت عليه أبدا،
وهو ضعيف، ولا سيما إذا اندمل الجرح، فتجري لها وعليها أحكام الزوجة من النفقة
وغيرها، بل تجب لها النفقة ما دامت حية وان نشزت أو طلقت، بل وإن تزوجت
بعد الطلاق على الأحوط، ولو أفضاها بعد التسع لم تحرم عليه أيضا، ولا تجب لها
الدية مطلقا، وتجب إذا أفضاها قبل التسع إذا كان قد طلقها، وقيل مطلقا، لكنه
ضعيف، والأحوط (1) وجوب النفقة لها كما لو كان الافضاء قبل التسع، ولو
أفضى الأجنبية لم تحرم عليه أيضا.
(مسألة 1261): لو زنى بامرأة غير معتدة ولا ذات بعل لم يحرم نكاحها عليه،
والأحوط وجوبا أن لا يتزوجها قبل استبرائها بحيضة.
(مسألة 1262): يجوز التزويج بالزانية، والأحوط لزوما ترك التزويج
بالمشهورة بالزنا قبل أن تظهر توبتها.
(مسألة 1263): لو زنى بذات بعل أو في عدة رجعية حرمت عليه أبدا على
الأحوط، ولا فرق في ذات البعل بين الدائمة والمتمتع بها والحرة والأمة والصغيرة
والكبيرة والمدخول بها وغيرها والعالمة والجاهلة، ولا في البعل بين الحر والعبد
والصغير والكبير، ولا في الزاني بين العالم بكونها ذات بعل أو في العدة والجاهل بذلك.
(مسألة 1264): لا يلحق بذات البعل الأمة الموطوءة بالملك أو التحلل كما لا يلحق
بالعدة الرجعية عدة البائنة وعدة الوفاة وعدة وطء الشبهة ومدة استبراء الأمة.
(مسألة 1265): إذا زنت ذات البعل لم تحرم على بعلها.
(مسألة 1666): لو عقد المحرم على امرأة عالما بالتحريم حرمت عليه ابدا، ولو

(1) بل الأقوى.
302

كان جاهلا بطل العقد ولم تحرم.
(مسألة 1267): لو طلقت الحرة ثلاثا حرمت على المطلق حتى تنكح زوجا
غيره وإن كانت تحت عبد، ولو طلقت الأمة طلقتين حرمت عليه حتى تنكح زوجا
غيره وإن كانت تحت حر.
(مسألة 1268): المطلقة تسعا للعدة بينها نكاحان ولو لرجل واحد تحرم على
المطلق أبدا، بل لا يبعد تحريم المطلقة تسعا مطلقا (1) كما يأتي.
(مسألة 1269): لو طلق إحدى زوجاته الأربع رجعيا لم يجز أن ينكح بدلها حتى
تخرج من العدة، ويجوز ذلك في البائن على المشهور ولكنه محل إشكال.
(مسألة 1270): لو عقد ذو الزوجات الثلاث على اثنتين مرتبا بطل الثاني، ولو
عقد عليهما دفعة لم يبعد أن يكون له الخيار (2) في تعيين أيتهما شاء، وكذا الحكم
في تزويج الأختين.
(الثاني) من أسباب التحريم: الرضاع.
(مسألة 1271): يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب إذا كان اللبن ناتجا من ولادة
عن وطء صحيح وإن كان عن شبهة، (3) يوما وليلة، أو ما أنبت اللحم وشد
العظم، أو كان خمس عشرة رضعة كاملة من الثدي.
(مسألة 1272): يشترط في التحريم برضاع يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة ان
لا يفصل بينها برضاع آخر، ولا يقدح الفصل بذلك فيما أنبت اللحم وشد العظم.

(1) بل على الأحوط في المطلقة تسعا للسنة.
(2) ولا يترك الاحتياط بتجديد العقد على المختارة.
(3) بل وإن كان بسبق الماء من دون وطء.
303

(مسألة 1273): لا يقدح الفصل بين الرضعات بالاكل والشرب للغذاء في
الرضاع بخمس عشرة رضعة وفيما أنبت اللحم وشد العظم، ولكن يقدح ذلك في
رضاع يوم وليلة فلو أكل أو شرب الرضيع للغذاء شيئا آخر لم يحرم الرضاع
(مسألة 1274): لا يبعد (1) كفاية عشر رضعات كاملة في التحريم إذا
لم يتخلل بينها شئ حتى الأكل والشرب.
(مسألة 1275): يشترط في حصول التحريم بالرضاع ان يكون في الحولين
بالنسبة إلى المرتضع دون ولد المرضعة، فالرضاع بعد مضي الحولين على المرتضع
لا أثر له، ويعتبر أن يكون اللبن لفحل واحد من امرأة واحدة، فلو أرضعت امرأة
صبيا بعض العدد من فحل وأكملته من فحل آخر لم ينشر الحرمة، وكذا لو أرضعته
امرأة بعض العدد من فحل وأكملته الأخرى من ذلك الفحل، فإنه لا ينشر الحرمة.
(مسألة 1276): لا ينشر الرضاع الحرمة بين المرتضعين إلا مع اتحاد الفحل وان
تعددت المرضعة، فلو أرضعت امرأتان صبيين بلبن فحل واحد نشر الحرمة بينهما،
ولو أرضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة بينهما.
(مسألة 1277): مع اجتماع الشرائط تصير المرضعة أما للرضيع وذو اللبن أبا له
وأخواتهما أخوالا وأعماما له، وأخواتهما عمات وخالات له، وأولادهما اخوة له.
(مسألة 1278): إذا أرضعت زوجته الصغيرة امرأة حرمت المرضعة عليه وجاز
له النظر إليها فان الام الرضاعية للزوجة بمنزلة الام النسبية لها، وكذلك تحرم زوجة
الابن على أبيه الرضاعي فإنها بمنزلة زوجة الابن النسبي.
(مسألة 1279): يحرم أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا على المرتضع وكذا

(1) الظاهر عدم الكفاية وإن كان أحوط.
304

أولاد المرضعة ولادة لا رضاعا.
(مسألة 1280): لا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا
ولا في أولاد المرضعة ولادة لا رضاعا، فإذا أرضعت زوجة الجد للام طفلا من لبن
جده لامه حرمت أم المرتضع على أبيه، ولا فرق في المرضعة بين أن تكون أما لام
المرتضع وان لا تكون أما لها بل تكون زوجة لأبيها.
(مسألة 1281): في جواز نكاح أولاد أبي المرتضع الذين لم يرتضعوا من هذا
اللبن في أولاد المرضعة نسبا وفي أولاد الفحل مطلقا قولان أقربهما الجواز.
هذا إذا لم يكن مانع من النكاح من نسب أو سبب، كما إذا كان الأولاد من
زوجة أخرى ليست بنتا لصاحب اللبن وإلا لم يجز كما في المثال المتقدم، لان أولاد
أبي المرتضع حينئذ أولاد أخت لأولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة.
(مسألة 1282): لو أرضعت كبيرة الزوجتين صغيرتهما حرمتا (1) إن كان قد
دخل بالمرضعة أو فرض الارضاع بلبنه مع عدم الدخول وإلا حرمت هي (2)
ولا يترك الاحتياط بتجديد العقد على المرتضعة.
(مسألة 1283): لو أرضعت الام من الرضاع الزوجة الصغيرة مع اتحاد الفحل
حرمت، وفي حرمة أم أم الولد من الرضاع على الولد لأنها قد حرمت من النسب أو
عدم حرمتها لعدم اتحاد الفحل قولان أقواهما الأول.
(مسألة 1284): يستحب اختيار المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة للرضاع. (3)

(1) على الأحوط في الكبيرة.
(2) على الأحوط.
(3) بل المؤمنة الواجدة لغيرها من الصفات الحميدة، فان اللبن يعدي ويغلب الطباع.
305

(مسألة 1285): إذا كان للمرتضع أخ لم يرتضع معه جاز له ان يتزوج بالمرضعة
أو إحدى بناتها، وإذا كان له أخت لم ترضع معه جاز لها أن تتزوج بصاحب اللبن أو
أحد أولاده.
(مسألة 1286): يجوز للمرأة ان ترضع بلبن فحلها الذي هي في نكاحه حال
الرضاع أخاها أو أختها، ولا يضر كونها بالرضاع أختا لولد فحلها، وكذا يجوز لها
أن ترضع ولد أختها أو أخيها، ولا يضر صيرورتها بالرضاع عمة أو خالة لولد
فحلها، وكذا يجوز لها أن ترضع ابن ابنها وإن صارت بذلك جدة ولد فحلها فلا تحرم
على فحلها، ولا تحرم أم المرتضع على زوجها، ومثل ذلك ان ترضع إحدى زوجتي
الفحل ابن ابن الأخرى.
وكذا يجوز لها أن ترضع عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها ولا تحرم بذلك على
زوجها وإن صار بذلك أبا لعمها أو عمتها أو خالها أو خالتها، وكذا يجوز لها أن
ترضع أخا الزوج أو أخته فتكون بذلك أما لأخيه أو أخته، وكذا يجوز لها أن ترضع
ابن ابن الزوج فتكون بذلك أما لولد ولده، وكذا يجوز لها أن ترضع ولد أخي زوجها
أو أخته وأن ترضع عمه أو عمته أو خاله أو خالته.
(مسألة 1287): يثبت الرضاع بشهادة أربع نسوة منفردات ليس معهن رجل كما
يثبت بشهادة عدلين، ولا يثبت بشهادة المرضعة وامه منفردتين أو منضمتين.
(الثالث) من أسباب التحريم: اللعان ويثبت به التحريم المؤبد، وكذا يثبت
التحريم المؤبد بقذف الزوج امرأته الخرساء، وفي ثبوت التحريم في قذف زوجته
الصماء إشكال.
(الرابع) من أسباب التحريم: الكفر فلا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية
إجماعا لا دواما ولا انقطاعا، وفي الكتابية قولان أظهرهما الجواز في المنقطع، بل في
306

الدائم أيضا، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه، وفي عموم الحكم للمجوسية وإن
كانت من الكتابية (1) اشكال. (2)
(مسألة 1288): لا يجوز للمسلمة المرتدة أن تنكح المسلم، وكذا لا يجوز للمسلم
المرتد أن ينكح المسلمة، ولا يجوز للمسلمة أن تنكح غير المسلم، ولو إرتد أحد
الزوجين قبل الدخول انفسخ في الحال، وكذلك بعد الدخول إذا ارتد الزوج عن
فطرة، وأما في غير ذلك فالمشهور على أن الانفساخ يتوقف على انقضاء العدة وفيه
اشكال والاحتياط لا يترك.
(مسألة 1289): عدة زوجة المرتد عن فطرة عدة الوفاة وعدتها عن المرتد عن
ملة عدة الطلاق.
(مسألة 1290): لو أسلم زوج الكتابية ثبت عقده ولو أسلمت دونه قبل الدخول
انفسخ العقد، وبعده يقف على انقضاء العدة فان أسلم فيها كان أملك بها. (3)
(مسألة 1291): لو كان الزوجان غير كتابيين وأسلم أحدهما قبل الدخول
انفسخ النكاح في الحال ولو كان بعده توقف على انقضاء العدة.
(مسألة 1292): لو أسلم الزوج على أكثر من أربع غير كتابيات وأسلمن فاختار
أربعا انفسخ نكاح البواقي.
(مسألة 1293): لو أسلم الزوج وعنده أربع كتابيات ثبت عقده عليهن، ولو كن
أكثر تخير أربعا وبطل نكاح البواقي.

(1) كون المجوس من أهل الكتاب ممنوع وان اشترك معهم في جملة من الأحكام.
(2) بل منع.
(3) والأحوط وجوبا تجديد التزوج بها وكذا في الفرع الآتي.
307

(مسألة 1294): يصح نكاح المريض بشرط الدخول إذا مات في مرضه، فإن لم
يدخل حتى مات في مرضه بطل العقد ولا مهر لها ولا ميراث سواء مات بمرضه أم
بسبب آخر من قتل أو مرض آخر.
أما إذا مات بعد الدخول بها صح العقد وثبت المهر والميراث، ولو برئ من
مرضه فمات ولم يدخل بها ورثته وكان لها نصف المهر.
(مسألة 1295): لو تزوج امرأة وهي مريضة فماتت في مرضها أو بعدما برئت
ولم يدخل بها ورثها وكان لها نصف المهر.
(مسألة 1296): في إرث الزوج لو تزوجها في مرضه فماتت قبل الدخول بها ثم
مات الزوج في مرضه إشكال، والاحتياط لا يترك.
(مسألة 1297): الظاهر أن النكاح في حال مرض الزوج إذا مات فيه قبل
الدخول بمنزلة العدم، فلا عدة عليها بموته، والظاهر عموم الحكم للأمراض الطويلة
التي تستمر سنين أيضا.
(مسألة 1298): يجوز للمؤمنة ان تتزوج بالمخالف على كراهية، بل الأحوط
تركه إلا إذا خيف عليها الضلال فيحرم، ويجوز العكس إلا إذا خيف الضلال ويكره
تزويج الفاسق وتتأكد الكراهة في شارب الخمر.
(مسألة 1299): نكاح الشغار باطل وهو جعل نكاح امرأة مهر أخرى.
(مسألة 1300): يجوز تزويج الحرة بالعبد والهاشمية بغيره والعربية بالعجمي
وبالعكس.
(مسألة 1301): لا يجوز التعريض بالخطبة لذات البعل ولا لذات العدة الرجعية،
ويجوز للمعتدة البائنة، وكذا من الزوج لها إلا أن تكون محرمة أبدا عليه أو تحتاج إلى
محلل.
308

الفصل الرابع
في عقد المتعة
ويشترط فيه الايجاب مثل أن تقول المرأة: متعتك أو زوجتك أو أنكحتك
نفسي، والقبول من أهله مثل: قبلت، ويشترط فيه ذكر المهر كما يشترط أيضا ذكر
أجل معين لا يزيد على عمر الزوجين عادة وإلا كان العقد عقد دوام على الأظهر، (1) ولو لم يذكر المهر بطل.
(مسألة 1302): لو نسي ذكر الاجل ففي البطلان أو انقلابه دائما قولان أظهرهما
الأول.
(مسألة 1303): يحرم عقد المتعة على غير الكتابية من الكفار والأمة على الحرة
من دون إذنها وبنت الأخ والأخت من دون إذن العمة والخالة، ويكره على البكر
وعلى الزانية، وإذا كانت مشهورة بالزنا فالأحوط لزوما ترك التمتع بها. (2)
(مسألة 1304): لا تنحصر المتعة في عدد فيجوز التمتع بما شاء الرجل من النساء،
كما لا ينحصر ملك اليمين في عدد، ولا حد للمهر قلة وكثرة، ويجوز أن يكون المهر
عملا كخياطة ثوب أو تعليم كتابة ونحوهما، كما يجوز أن يكون حقا قابلا للانتقال
كحق التحجير، ولو وهبها المدة قبل الدخول ثبت نصف المهر على الأظهر، ولو
ماتت أو مات أو انقضت المدة لم ينقص منه شئ وإن كان قبل الدخول.

(1) في الظهور تأمل، ولكن الأحوط أن لا يزيد الأجل على عمر الزوجين أو
أحدهما.
(2) قبل ظهور توبتها.
309

(مسألة 1305): تملك المتمتع بها تمام المهر بالعقد وتسليم نفسها للاستمتاع بها،
لكنها لو أخلت ببعض المدة سقط من المهر بنسبته، ولا فرق بين كون الاخلال لعذر
أو غيره عدا أيام الحيض ونحوها مما يحرم عليه فيها الوطء.
والمدار في الاخلال على الاستمتاع بالوطء دون غيره من أنواع الاستمتاع
فلو أخلت به مع التمكين من الوطء لم يسقط من المهر شئ ولو لم تحضر في بعض
المدة لعجزه عن الاستمتاع بالوطء ففي سقوط بعض المهر إشكال.
(مسألة 1306): لو ظهر بطلان العقد فلا مهر لها قبل الدخول، وبعده لها أقل الأمرين
(1) من المهر المسمى ومهر المثل متعة لا دواما مع جهلها ولا مهر لها مع
علمها بالبطلان.
(مسألة 1307): يلحق الولد بزوج المتمتع بها إذا وطأها وإن كان قد عزل، ويلحق
بالوطء الانزال في فم الفرج، وليس للزوج حينئذ نفي الولد مع احتمال تولده منه،
ولو نفاه جزما انتفى ظاهرا بلا لعان إلا إذا كان قد أقر به سابقا، وكذا الحكم في الأمة.
(مسألة 1308): لو أبرأها المدة على أن لا تتزوج فلانا صح الابراء وصح
الشرط، فيجب عليها الوفاء به لكنها لو تزوجت منه ولو عصيانا صح زواجها على الأظهر.
(مسألة 1309): لو صالحها على أن يبرئها المدة وان لا تتزوج بفلان صح الصلح
ووجب عليه الابراء، فان امتنع أجبره الحاكم، فان تعذر تولاه الحاكم، ولا يجوز لها
ان تتزوج بفلان، لكنها إن تزوجت به صح التزويج.
وإن كانت المصالحة على أن تتزوج بفلان وجب ذلك عليها، فان امتنعت

(1) ولا يترك الاحتياط بالصلح فيما زاد مهر المثل على أجر المسمى.
310

اجبرها الحاكم، فان تعذر اجبارها زوجها الحاكم منه، ولو صالحها على أن تكون
بريئة من المدة بنحو شرط النتيجة صحت المصالحة، ولو أبرأها معلقا على شئ مثل
ان لا تتزوج من فلان مثلا أو مطلقا بطل الابراء.
(مسألة 1310): تعتد الحائل بعد الاجل أو بعد الابراء بحيضتين كاملتين
ولا يكفي فيهما المسمى أو في إحداهما، فإن كانت في سن من تحيض ولا تحيض
فبخمسة وأربعين يوما، وفي الموت بأربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت حرة، وإن
كانت أمة اعتدت بشهرين وخمسة أيام، (1) وتعتد الحامل بأبعد الأجلين من
المدة ووضع الحمل إن كان الاعتداد للوفاة، بل لغيرها أيضا على الأحوط. (2)
(مسألة 1311): لا يصح للزوج تجديد العقد على التمتع بها دائما أو منقطعا قبل
انقضاء الأجل.
(مسألة 1312): إذا اختلف الزوجان في الدوام والانقطاع لم يبعد تقديم قول
مدعي الانقطاع بيمينه إن لم تكن بينة على الدوام. (3)
(مسألة 1313): لا يجوز جعل المدة منفصلة عن العقد فيتزوجها شهرا بعد شهر
العقد وقيل يجوز وهو ضعيف.
(مسألة 1314): يجوز للمتمتع بها أن تشترط على زوجها ان لا يدخل بها ويجب

(1) لا يترك الاحتياط فيها بأربعة أشهر وعشرة أيام.
(2) استحبابا.
(3) إن كان مصب دعوى الدوام اثبات ما يترتب عليه من النفقة ونحوها على
مدعى الانقطاع قدم قول مدعي الانقطاع بيمينه، وإن كان مصبها نفس بقاء
الزوجية وعدمه قدم قول مدعي الدوام بيمينه.
311

عليه الوفاء بالشرط، ولكنها إذا أسقطت الشرط جاز له ذلك.
(مسألة 13154): يجوز التمتع بالصغيرة وإن كانت المدة قليلة لجواز الاستمتاع بها
بغير الوطء وانما لا يجوز الدخول بها قبل بلوغها.
(مسألة 1316): صحة العقد متعة للصغير لمدة لا تكون قابلة للاستمتاع فيها محل
إشكال والاحتياط لا يترك.
(مسألة 1317): يجوز لولي الصغير إبراء المدة إذا كانت فيه مصلحة للصبي.
(مسألة 1318): لا تجب نفقة الزوجة المتمتع بها على زوجها إلا إذا اشترط ذلك
في عقد المتعة أو في ضمن عقد آخر لازم. (1)
(مسألة 1319): لا طلاق ولا لعان في المتعة ولا توارث بينهما إلا إذا اشترط ذلك
لهما أو لأحدهما ومع الاشتراط ينفذ الشرط.
الفصل الخامس
في جواز الاستمتاع بالإماء ونكاحهن
(مسألة 1320): يجوز وطء الأمة بالملك وسائر الاستمتاعات بها كالزوجة إذا
لم تكن محرمة عليه بسبب ما، كما إذا كانت موطوءة الأب أو الابن أو كانت منظورة
أو ملموسة له بشهوة، ولا فرق في الأمة بين أن تكون مسلمة أو كافرة، وقيل إن
الأمة إذا كانت مشركة أو مرتدة لا يجوز وطؤها، ودليله غير ظاهر.
(مسألة 1321): لا يجوز للعبد والأمة أن يعقدا لأنفسهما بغير إذن المولى فإن فعل
أحدهما ذلك وقف على الإجازة.

(1) أو جايز ما دام العقد باقيا.
312

(مسألة 1322): لو أذن المولى في العقد للعبد فالمهر (1) والنفقة على المولى
ويستقر المهر بالدخول.
(مسألة 1323): لو تزوج عبد بأمة لغير مولاه فالمعروف أنه إن كان بإذن
السيدين سابقا أو لاحقا فالولد لهما، وكذا لو لم يأذنا، ولو أذن أحدهما فقط فالولد
للاخر مع جهل الزوجين بالحرمة في الصورتين، ولكن الخروج في الصور الثلاث
عن قاعدة تبعية الولد للام في الملك لا يخلو من تأمل.
(مسألة 1324): لو كان أحد الزوجين حرا فالولد مثله، ولو اشترط المولى رقيته
فالأقوى إلغاء شرطه.
(مسألة 1325): لو تزوج الحر الأمة من دون إذن المولى عالما فهو زان والولد
رق للمولى، ولو كان جاهلا سقط الحد دون المهر وعليه قيمة الولد لمولاها يوم
سقوطه حيا وكذلك الحكم لو ادعت الأمة الحرية، وعلى الأب فك أولاده ويلزم
المولى دفعهم إليه ولو عجز سعى في القيمة ومع عدم الدخول لا مهر.
(مسألة 1326): لو تزوجت الحرة بعبد عالمة من دون إذن المولى فلا مهر لها
والولد رق، ومع الجهل كان الولد حرا على المشهور ولا قيمة عليها وعلى العبد المهر
يتبع به بعد العتق مع الدخول.
(مسألة 1327): لو زنى الحر أو المملوك بمملوكة فالولد لمولاها.
(مسألة 1328): لو اشترى الزوج جزءا من زوجته بطل العقد وتحل بالتحليل
من الشريك على قول قوي، ولو اشترت الزوجة زوجها أو جزءا منه بطل عقد
النكاح بينهما.

(1) في ثبوت المهر على المولى - بمجرد الإذن في العقد - تأمل.
313

(مسألة 1329): لو أعتقت الأمة المزوجة كان لها فسخ النكاح إن كان زوجها
رقا.
(مسألة 1330): يجوز جعل العتق مهرا لمملوكته سواء قدم العتق أم قدم النكاح
والأولى تقديم النكاح وإذا قدم العتق فليعطها شيئا للمهر.
(مسألة 1331): أم الولد رق ولا يجوز بيعها إلا في ثمن رقبتها إذا لم يكن غيرها
على تفصيل، وتنعتق بموت المولى من نصيب الولد ولو عجز النصيب سعت في
قيمتها.
(مسألة 1332): إذا بيعت الأمة المزوجة كان للمشتري فسخ النكاح وكذا إذا بيع
العبد المزوج بأمة ومع فسخ مشتري الأمة قبل الدخول لا مهر، ولو أجاز قبله أو
بعده فالمهر للبائع.
(مسألة 1333): إذا زوج المولى عبده بحرة أو أمة لغيره فالطلاق بيد العبد، ولو
كانا لواحد كان للمولى الطلاق والفسخ.
(مسألة 1334): يحرم لمن زوج أمته وطؤها ولمسها والنظر إليها بشهوة ما دامت
في حبال الزوج وكذلك إذا كانت في العدة.
(مسألة 1335): ليس لأحد الشريكين وطء الأمة المشتركة بالملك ويجوز
بالتحليل من شريكه كما سبق.
(مسألة 1336): يجب على مشتري الجارية من الرجل استبراؤها بحيضة إذا
لم يستبرئها البائع، إلا إذا علم بعدم كونها موطوءة وتقدم تفصيل ذلك في مسائل بيع
الحيوان.
(مسألة 1337): لو أعتقها مولاها جاز وطؤها بالعقد من غير استبراء إلا إذا
علم كونها موطوءة بالوطء الصحيح فإن الأحوط لزوجها الاستبراء حينئذ.
314

(مسألة 1338): لو حلل أمته لغيره حلت له ولو كان مملوكه ولا يشترط فيه
تعيين مدة ولا ذكر مهر ولا نفقة لها عليه، ولا سلطان له عليها وليس هو عقد نكاح
ولا تمليك انتفاع ولا تمليك منفعة بل هو إذن في الانتفاع داخل في ملك اليمين بأن
يكون المراد منه ما يعم ذلك فتجري عليه أحكامه الثابتة له بما هو عام.
(مسألة 1339): يختص التحليل بالإماء ولا يجوز للحرة أن تحلل نفسها لاحد
ولا تحل له بذلك.
(مسألة 1340): إذا أطلق المالك التحليل حل للمحلل له جميع الاستمتاعات وإن
خصصه بمعين اختص الحل به ولا يحل ما سواه ومع حرية المحلل له ينعقد الولد حرا.
الفصل السادس
في العيوب
(مسألة 1341): العيوب في الرجل التي توجب الخيار للزوجة في فسخ عقد
الزواج أربعة:
(1) الجنون وإن تجدد بعد العقد والوطء. (1)
(2) العنن وإن تجدد بعد العقد لكن لو تجدد بعد العقد والوطء - ولو مرة -
لم يوجب الخيار.
(3) الخصاء إذا سبق على العقد مع تدليس الزوج وجهل الزوجة به. (2)
(4) الجب الذي لا يقدر معه على الوطء أصلا إذا سبق على العقد أو تجدد قبل
الوطء، أما إذا كان بعد الوطء - ولو مرة - فالأقوى أنه لا يقتضي الخيار.

(1) لا يترك الاحتياط في الجنون المتجدد بعد العقد بالطلاق إذا أرادت الفسخ.
(2) ومع عدم التدليس لا يترك الاحتياط بالطلاق إذا أرادت الفسخ.
315

(مسألة 1342): العيوب في المرأة التي توجب الخيار للزوج في فسخ العقد سبعة:
(الجنون) و (الجذام) و (البرص) و (القرن) وهو العفل ومثله الرتق و (الافضاء) و
(العمى) و (الاقعاد) ومنه العرج البين، ويثبت الخيار للزوج فيما إذا كان العيب
سابقا على العقد، وفي ثبوته في المتجدد بعد العقد وقبل الوطء إشكال، والأقرب
الثبوت وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه.
(مسألة 1343): الخيار من جهة العيب في الرجل أو المرأة يثبت في الدائم
والمنقطع، والأظهر أنه ليس على الفور فلا يسقط بالتأخير.
(مسألة 1344): ليس الفسخ بطلاق ولا مهر مع فسخ الزوج قبل الدخول
وللزوجة المسمى بعده، ويرجع به على المدلس إن كان، وإن كانت هي المدلسة
نفسها فلا مهر لها كما لا مهر لها مع فسخها قبل الدخول إلا في العنة فيثبت نصفه.
(مسألة 1345): القول قول منكر العيب مع اليمين وعدم البينة.
(مسألة 1346): لا بد في خصوص العنة من رفع الامر إلى الحاكم الشرعي
فيؤجل العنين بعد المرافعة سنة، فإن وطأها أو وطأ غيرها فلا فسخ وإلا فسخت إن
شاءت وإذا امتنع من الحضور عند الحاكم جرى عليه حكم التأجيل.
(مسألة 1347): لو تزوجها على أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ ولا مهر إلا مع
الدخول، فيرجع به على المدلس، فإن لم يكن المدلس مولاها كان له عشر قيمتها إن
كانت بكرا وإلا فنصف العشر.
(مسألة 1348): لو تزوجته على أنه حر فبان عبدا فلها الفسخ ولها المهر بعد
الدخول لا قبله، وكذا إذا قال أنا من بني فلان فتزوجته على ذلك فبان أنه من غيرهم.
(مسألة 1349): لو تزوجها على أنها بكر فبانت ثيبا لم يكن له الفسخ، (1)

(1) لا يترك الاحتياط بالطلاق إذا أراد الفسخ.
316

نعم ينقص من المهر بمقدار ما به التفاوت بين البكر والثيب للنص الصحيح ولا يثبت
الأرش في غير ذلك من العيوب.
الفصل السابع
في المهر
(مسألة 1350): المرأة تملك المهر بالعقد، ويسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول،
وكذا في موت أحدهما على الأظهر، ولو دخل بها قبلا أو دبرا استقر المهر، وكذا إذا
أزال بكارتها بإصبعه من دون رضاها.
(مسألة 1351): إذا أزال غير الزوج بكارة المرأة بإكراهها بالوطء أو بغيره كان
عليه مهر المثل بكرا.
(مسألة 1352): يصح أن يكون المهر عينا أو دينا أو منفعة ويجوز أن يكون من
غير الزوج، ولو طلقها الزوج قبل الدخول حينئذ رجع إليه نصف المهر لا إلى الزوج.
(مسألة 1353): لا يتقدر المهر قلة ولا كثرة، ولا بد فيه من أن يكون متعينا وإن
لم يكن معلوما بالوصف أو المشاهدة، ولو أجله وجب تعيين الاجل ولو في الجملة،
مثل ورود المسافر ووضع الحمل ونحو ذلك، ولو كان الاجل مبهما بحتا مثل إلى زمان ما
أو ورود مسافر ما، صح العقد وصح المهر أيضا على الأظهر وسقط التأجيل. (1)
(مسألة 1354): لو لم يذكر المهر صح العقد وكان لها مع الدخول مهر المثل ومع
الطلاق قبله لها المتعة على الموسر وعلى الفقير بحسب قدرهما، ولو مات أحدهما قبل

(1) إذا أراد الفرد المردد منهما، واما إذا أراد ما يصدق عليه الطبيعي منهما - كما
هو الظاهر من المثالين - فلا يبعد ثبوت الأجل بصرف الوجود منهما.
317

الدخول فلا مهر ولا متعة.
(مسألة 1355): لو وطأ امرأة شبهة كان لها مهر المثل سواء أكان الوطء بعقد
باطل أو بلا عقد.
(مسألة 1356): لو تزوجها بحكم أحدهما صح ويلزم ما يحكم به صاحب الحكم
ما لم يتجاوز حكم المرأة مهر السنة إن كانت هي الحاكمة، ولو مات الحاكم قبله
وقبل الدخول فلها المتعة وبعد الدخول فلها مهر المثل إن كان الحكم إلى الزوج، وأما
إن كان إلى الزوجة فلا يبعد أن يكون مهر السنة.
(مسألة 1357): لو تزوجها على خادم مطلقا أو دار أو بيت كان لها وسط ذلك،
ولو قال: على السنة فخمسمائة درهم.
(مسألة 1358): لو تزوج الذميان على خمر صح، فإن أسلما قبل القبض فللزوجة
القيمة، (1) وإن أسلم أحدهما قبله فالظاهر لزوم القيمة أيضا، ولو تزوج المسلم
عليها ففيه أقوال أقواها صحة العقد، وثبوت مهر المثل مع الدخول بها ولو أمهر
المدبر بطل التدبير.
(مسألة 1359): لو شرط في العقد محرما بطل الشرط دون العقد، ولو اشترط أن
لا يخرجها من بلدها لزم الشرط، ويجوز أن تشترط الزوجة على الزوج في عقد
النكاح أو غيره أن لا يتزوج عليها ويلزم الزوج العمل به، (2) ولكن لو تزوج
صح تزويجه، كما يجوز أن تشترط الوكالة على طلاق نفسها عند ارتكابه بعض

(1) والأحوط وجوبا فيه وفيما إذا أسلم أحدهما قبل القبض التصالح في التفاوت
بين قيمته ومهر المثل.
(2) في صحة هذا الشرط ووجوب العمل به اشكال.
318

الأمور من سفر طويل أو جريمة موجبة لحبسه أو غير ذلك، فتكون حينئذ وكيلة
على طلاق نفسها ولا يجوز له عزلها فإذا طلقت نفسها صح طلاقها.
(مسألة 1360): القول قول الزوج في قدر المهر، ولو أنكره بعد الدخول لزمه أقل الأمرين
مما تدعيه الزوجة ومهر المثل، ولو ادعت المواقعة وأنكرها الزوج فالقول
قوله مع يمينه.
(مسألة 1361): لو زوج الأب ابنه الصغير ضمن المهر إن لم يكن للولد مال وإلا
كان المهر على الولد.
(مسألة 1362): للمرأة الامتناع من التمكين قبل الدخول حتى تقبض المهر إلا أن
يكون المهر مؤجلا، فلا يجوز لها الامتناع وإن حل الاجل، ولا فرق بين الموسر
والمعسر، وإذا مكنت من نفسها فليس لها الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبض المهر
فلو امتنعت حينئذ صارت ناشزا.
الفصل الثامن
في القسمة والنشوز
(مسألة 1363): الظاهر عدم وجوب القسمة ابتداءا مع تعدد الزوجات بالمبيت،
ولكن إذا بات عند إحداهن ليلة من أربع ليال وجب المبيت عند الأخرى ليلة منها،
والأحوط (1) القسمة ابتداءا، بل الأحوط القسمة وإن اتحدت الزوجة، ولو
وهبته إحداهن، وضع ليلتها حيث شاء، ولو وهبت ضرتها بات عندها إن رضي
بالهبة والواجب المضاجعة ليلا لا المواقعة.

(1) وجوبا فيه وفيما بعده.
319

(مسألة 1364): إذا تزوج حرة وأمة أو كتابية كان للحرة ليلتان من ثمان وللأمة
والكتابية ليلة من ثمان، ولا قسمة للمتمتع بها ولا للموطوءة بالملك، وتختص البكر
عند الدخول بسبع والثيب بثلاث، ويستحب التسوية في الانفاق على الزوجات.
(مسألة 1365): يجب على الزوجة التمكين وإزالة المنفر، وله ضرب الناشزة من
دون ادماء لحم ولا كسر عظم بعد وعظها وهجرها على الترتيب ولو نشز طالبته
ولها ترك بعض حقها أو كله استمالة ويحل قبوله.
(مسألة 1366): لو كره كل منهما صاحبه أنفذ الحاكم حكمين من أهلهما أو
أجنبيين مع تعذر أهلهما على الأحوط، فإن رأيا الصلح أصلحا، وإن رأيا الفرقة
راجعا هما في الطلاق والبذل، ومع اختلافهما لا بد للزوجة من أن تصبر مع زوجها
إن كان العصيان منها أو منهما، وإن كان من الزوج فقط رفعت أمرها إلى الحاكم
الشرعي فيأمر الحاكم زوجها بالرجوع والانفاق أو الطلاق والتسريح، فإن امتنع
عن كليهما طلقها الحاكم.
الفصل التاسع
في أحكام الأولاد
(مسألة 1367): يلحق ولد المرأة بزوجها في الدائم والمنقطع بشروط:
(الأول): الدخول مع العلم بالانزال أو احتماله أو الانزال على فم الفرج.
(الثاني): مضي ستة أشهر من حين الوطء ونحوه.
(الثالث): عدم التجاوز عن أقصى الحمل، وهو تسعة أشهر أو عشرة أشهر أو
سنة، والمشهور الأول والأظهر الأخير.
(مسألة 1368): لو غاب الزوج أو اعتزل زوجته أكثر من أقصى الحمل ثم
320

ولدت لم يلحق الولد به.
(مسألة 1369): القول قول الزوج في عدم الدخول، ولو اعترف به ثم أنكر الولد
لم ينتف إلا باللعان في الدائم.
(مسألة 1370): لا يجوز للزاني إلحاق ولد الزنا به وإن تزوج بأمه بعد الزنا،
وكذا لو زنى بأمة فأحبلها ثم اشتراها.
(مسألة 1371): لو تزوجت الحرة أو الأمة باخر بعد طلاق الأول وأتت بولد
لأقل من ستة أشهر من عقد الثاني ودخوله بها فهو للأول، ويظهر كون عقد الثاني
في العدة فتحرم عليه مؤبدا، وإن كان الاتيان به لستة أشهر فصاعدا من دخوله بها
فهو للأخير سواء أمكن كونه للأول بأن لم تتجاوز أقصى مدة الحمل من وطء الأول
أم لم يمكن بأن تجاوز المدة المذكورة من وطئه، ولو كان الاتيان بولد لأقل من ستة
أشهر من الثاني وأكثر من أقصى الحمل من وطء الأول فليس الولد لهما، وكذا الأمة
لو بيعت بعد الوطء بالملك أو التزويج فوطأها المشتري أو زوجت فوطأها الزوج.
(مسألة 1372): إذا طلقت المرأة فوطأها رجل في غير العدة الرجعية شبهة
واشتبه إلحاق الولد بالمطلق والواطئ قيل يقرع بينهما، وقيل يلحق بالثاني، ولعله
الاظهر، وكذا المتمتع بها، إذا وهبها زوجها المدة أو انتهت المدة ووطأها رجل شبهة
واشتبه إلحاق الولد بهما وإذا وطئت الزوجة أو المعتدة الرجعية شبهة ثم ولدت وعلم
لحوقه بالزوج أو الواطئ ألحق به، وإن اشتبه أمره أقرع بينهما وعمل على ما تقتضيه
القرعة.
(مسألة 1373): لو ولدت زوجتان لزوجين أو لزوج واحد ولدين واشتبه
أحدهما بالآخر عمل بالقرعة.
(مسألة 1374): الأمة إذا وطأها المولى فولدت ولدا ألحق به إلا إذا نفاه فيقبل
321

نفيه ظاهرا، ولا يجوز له نفيه بغير جزم ولو وطأها المولى وأجنبي فجورا فالولد
للمولى، ولو وطأها المشتركون فتداعوه ألحق بمن تخرجه القرعة، ويغرم للباقين
حصصهم من قيمة الأمة وقيمة ولدها يوم سقوطه حيا.
(مسألة 1375): لو وطأ المرأة أجنبي شبهة فحملت يلحق به الولد، فإن كان لها
زوج ردت عليه بعد العدة من الثاني.
(مسألة 1376): المراد بوطء الشبهة الوطء غير المستحق مع بناء الواطئ على
استحقاقه له سواء كان معذورا فيه شرعا أم عقلا أم غير معذور.
(مسألة 1377): إذا أدخلت المرأة مني رجل أجنبي في فرجها أثمت ولحق بها
الولد وبصاحب المني، فإذا كان الولد أنثى لم يجز لصاحب المني تزويجها، وكذا الحكم
لو أدخلت مني زوجها في فرجها فحملت منه ولكن لا إثم عليها في ذلك.
(مسألة 1378): يجوز للمرأة استعمال ما يمنع الحمل إذا لم يكن فيه ضرر كثير
وإن لم يرض الزوج بذلك.
(مسألة 1379): لا يجوز (1) إسقاط الحمل وإن كان نطفة، وفيه الدية كما
يأتي في المواريث.
(مسألة 1380): إذا وطأ الرجل زوجته فساحقت بكرا فحملت البكر استحقت
الزوجة الرجم والبكر الجلد وكان على الزوجة مهر البكر ويلحق الولد بصاحب
النطفة كما يلحق بالبكر للنص.
(مسألة 1381): يجب عند الولادة استبداد النساء والزوج بالمرأة.
(مسألة 1382): يستحب غسل المولود والاذان في أذنه اليمنى والإقامة في

(1) إذا كان أحد الأبوين مسلما وإلا فعلى الأحوط.
322

اليسرى وتحنيكه بتربة الحسين (عليه السلام) وبماء الفرات وتسميته باسم أحد الأنبياء
والأئمة (عليهم السلام) وتكنيته (ولا يكنى محمد بأبي القاسم) وحلق رأسه في اليوم السابع
والعقيقة بعده والتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة وثقب أذنه وختانه فيه ويجب عليه
الختان بعد البلوغ لو لم يختن قبله، وخفض الجواري مستحب وإن بلغن والأولى أن
يكون بعد بلوغها سبع سنين.
(مسألة 1383): يستحب أن يعق عن الذكر بذكر وعن الأنثى بأنثى، وأن تكون
سالمة من العيوب سمينة، وفي الروايات هي شاة لحم يجزئ فيها كل شئ وإن
خيرها أسمنها، ويكره أن يأكل الأب منها أو أحد من عيال الأب، والأحوط للام
الترك، وتجزي الشاة والبقرة والبدنة، والأفضل الكبش، ويستحب أن تقطع
جداول، وقيل يكره أن تكسر العظام، ويستحب أن تعطى القابلة منها الربع،
ويقسم الباقي على المؤمنين، وأفضل منه أن يطبخ ويعمل عليه وليمة، والأفضل أن
يكون عددهم عشرة فما زاد كما أن الأفضل أن يكون ما يطبخ به ماء وملحا.
وأما ما اشتهر بين بعض السواد من استحباب لف العظام بخرقة بيضاء ودفنها
فلم نعثر على مستنده.
(مسألة 1384): من بلغ ولم يعق عنه استحب له أن يعق عن نفسه.
(مسألة 1385): لا يجزئ عن العقيقة التصدق بثمنها ومن ضحي عنه أجزأته
الأضحية عن العقيقة.
(مسألة 1386): أفضل المراضع الام، وللحرة الأجرة على الأب إذا لم يكن للولد
مال، وإلا فمن ماله، ومع موته فمن مال الرضيع إن كان له مال وإلا فمن مال من تجب
نفقته عليه كما يأتي بيانه، ولا تجبر على إرضاعه وتجبر الأمة.
(مسألة 1387): حد الرضاعة حولان، وتجوز الزيادة على ذلك وأقله واحد
323

وعشرون شهرا على المشهور، (1) والام أحق بالرضاعة إذا رضيت بما يرضى به
غيرها من أجرة أو تبرع.
(مسألة 1388): الام أحق بحضانة الولد إن شاءت إذا كانت حرة مسلمة عاقلة
مأمونة على الولد إلى سنتين وإن كان أنثى، والأولى (2) جعله في حضانة الام إلى
سبع سنين وإن كان ذكرا، وتسقط الحضانة لو تزوجت ولا تسقط لو زنت.
(مسألة 1389): لو مات الأب بعد انتقال الحضانة إليه أو كان مملوكا أو كافرا أو
مجنونا فالأم أولى به إلى أن يبلغ من الوصي للأب ومن الجد والجدة له وغيرهما من
أقاربه وإن تزوجت.
(مسألة 1390): لو ماتت الام في مدة الحضانة فالأب أولى به من وصيها وأبيها
وأمها وغيرهما من أقاربها، وإذا فقد الأبوان فأب الأب أولى به ومع فقده فالوصي
لأحدهما ومع فقده ففي ثبوت حق الحضانة للأقرب من الأقارب إشكال.
(مسألة 1391): إذا بلغ الولد رشيدا سقطت ولاية الأبوين عنه وكان له الخيار في
الانضمام إلى من شاء منهما أو من غيرهما.
(مسألة 1392): إذا طلبت الام أجرة للرضاع زائدة على غيرها أو وجد متبرع
به وكان نظر الأب الارضاع من غيرها ففي سقوط حق الحضانة إشكال، والأظهر
سقوطه. (3)
(مسألة 1393): لو تزوجت فسقطت حضانتها ففي رجوع حضانتها بالطلاق

(1) والأحوط وجوبا مع الامكان أن لا يكون أقل من ذلك.
(2) بل الأحوط وجوبا في الأنثى.
(3) في مدة الرضاع.
324

قولان أقواهما العدم.
(مسألة 1394): حق الحضانة الذي يكون للام يسقط بإسقاطها بخلاف حق
الحضانة الذي يكون للأب أو الجد فإنه لا يسقط بإسقاطه.
(مسألة 1395): الظاهر أن الام تستحق الأجرة على الحضانة إلا إذا كانت
متبرعة بها أو وجد متبرع بالحضانة.
(مسألة 1396): إذا أخذ الأب أو غيره الطفل من أمه ولو عدوانا لم يكن عليه
تدارك حق الحضانة بقيمة أو نحوها.
(مسألة 1397): يصح إسقاط حق الحضانة المستقبلة كما يصح إسقاطه يوما فيوما.
الفصل العاشر
في النفقات
وهي أقسام: نفقة الزوجة ونفقة الأقارب ونفقة المملوك إنسانا كان أو حيوانا.
أما نفقة الزوجة الدائمة فتجب على الزوج وهي الاطعام والكسوة والسكنى
والفراش والغطاء وآلة التنظيف وسائر ما تحتاج إليه بحسب حالها بشرط أن تكون
عنده، فإذا خرجت من عنده تاركة له من دون مسوغ شرعي لم تستحق النفقة،
والمشهور أن وجوب النفقة مشروط بعدم النشوز وهو التمرد على الزوج بمنعه عن
حقوقه أو بفعل المنفرات له عنها وإن كان مثل سبه وشتمه وفيه إشكال. (1)
(مسألة 1398): الظاهر أن من النفقة الواجبة على الزوج أجرة الحمام عند حاجة

(1) الأقوى اشتراط وجوب النفقة بعدم التمرد على الزوج بمنعه عن حقوقه
الشرعية.
325

الزوجة إلى التنظيف إذا لم تتهيأ لها مقدمات التنظيف في البيت أو كان ذلك عسرا
عليها لبرد أو غيره، كما أن منها أجرة مصاريف الولادة والفصد والحجامة عند
الاحتياج إليهما، وكذلك أجرة الطبيب والأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها
عادة، بل لا يبعد أن يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي
يكون الابتلاء بها اتفاقيا ولو احتاج إلى بذل مال خطير (1) ما لم يكن ذلك حرجيا.
(مسألة 1399): لا تجب نفقة الزوجة في الزمان الفاصل بين العقد والزفاف، فإن
الارتكاز العرفي قرينة على إسقاطها في هذه المدة.
(مسألة 1400): تجب النفقة للزوجة الدائمة وإن كانت ذمية أو أمة أو صغيرة،
فإن طلقت رجعيا بقيت لها النفقة، فإن طلقت بائنا أو مات الزوج فلا نفقة لها مع
عدم الحمل، وأما مع الحمل فتجب في الطلاق دون الموت وتقضى مع الفوات فلو
ماتت انتقلت إلى ورثتها.
(مسألة 1401): يجب على الولد الانفاق على الأبوين، ويجب على الوالد الانفاق
على الولد، ولا يسقط الوجوب بمجرد القدرة على أخذ الحقوق مثل الزكاة والخمس
إذا كان فيه مهانة، بل مع عدمها أيضا.
نعم لا يجب الانفاق مع البذل خارجا كما لا يجب مع غناهم أو قدرتهم على
الكسب.
(مسألة 1402): يشترط في وجوب الانفاق قدرة المنفق على الانفاق فإن عجز
بقيت في ذمته نفقة الزوجة وسقطت نفقة الأقارب.
(مسألة 1402): المشهور أن نفقة الأولاد مع فقد الاباء على الام، فإن فقدت

(1) في كونه من النفقة الواجبة تأمل.
326

فعلى أبيها وأمها بالسوية ولو كانت معهما أم الأب شاركتهما في النفقة، وهو لا يخلو
من إشكال وإن كان أحوط، ولا تجب النفقة على غير العمودين من الاخوة
والأعمام والأخوال ذكورا أو إناثا وأولادهم.
(مسألة 1404): نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة وهي مقدمة على نفقة
الأقارب، والأقرب منهم مقدم على الابعد فالولد مقدم على ولد الولد، ولو تساووا
وعجز عن الانفاق عليهم تخير بينهم.
(مسألة 1405): الانسان المملوك تجب نفقته على مولاه وله أن يجعلها في كسبه
مع الكفاية وإلا تممه المولى والأحوط (1) للمالك النفقة للبهائم أو البيع أو الذبح
إن كانت من المذكاة.
(مسألة 1406): الأشهر أن القدرة على النفقة ليست شرطا في صحة النكاح،
فإذا تزوجت المرأة الرجل العاجز أو طرأ العجز بعد العقد لم يكن لها الخيار في الفسخ
لا بنفسها ولا بواسطة الحاكم، ولكن يجوز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي
فيأمر زوجها بالطلاق فإن امتنع طلقها الحاكم الشرعي، وإذا امتنع القادر على
النفقة عن الانفاق جاز لها أيضا أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيلزمه بأحد
الامرين من الانفاق والطلاق، فإن امتنع عن الامرين ولم يمكن الانفاق عليها من
ماله جاز للحاكم طلاقها، ولا فرق في ذلك بين الحاضر والغائب، نعم إذا كان الزوج
مفقودا وعلمت حياته وجب عليها الصبر (2) وإن لم يكن له مال ينفق عليها منه

(1) بل الظاهر وجوب نفقتها عليه وان امتنع من الانفاق أجبره الحاكم عليه أو على
البيع أو الذبح.
(2) على تفصيل يأتي في المسألة (1459).
327

ولا ولي ينفق عليها من مال نفسه.
ويأتي في مبحث العدة التعرض لبقية أحكام المفقود.
(مسألة 1407): لا يجوز للزوجة أن تخرج من بيتها بغير إذن زوجها فيما إذا كان
خروجها منافيا لحق الاستمتاع بها بل مطلقا على الأحوط، (1) فإن خرجت
بغير إذنه كانت ناشزا، ولا يحرم عليها سائر الأفعال بغير إذن الزوج إلا أن يكون
منافيا لحق الاستمتاع.
(مسألة 1408): ما كان من النفقة يتوقف الانتفاع به على ذهاب عينه كالطعام
والشراب والصابون ونحوها تملك الزوجة عينه، فلها مطالبة الزوج بتمليكه إياها
ولها الاجتزاء بما يبذله لها منه، كما هو المتعارف فتأكل وتشرب من طعامه وشرابه،
وأما ما تبقى عينه بالانتفاع به فإن كان مثل المسكن والخادم فلا إشكال في كونه
إمتاعا لا تمليكا فليس لها المطالبة بتمليكها إياه، والظاهر أن الفراش والغطاء أيضا
كذلك، وأما الكسوة ففي كونها كالأول أو الثاني إشكال، ولا يبعد أن الأول
أقرب، (2) ولا يجوز لها في القسم الثاني نقله إلى غيرها ولا التصرف فيه على
غير النحو المتعارف بغير إذن الزوج ويجوز لها ذلك كله في القسم الأول.
(مسألة 1409): مر أن الزوجة إذا خرجت من عند زوجها تاركة له من دون
مسوغ شرعي سقطت نفقتها ويستمر السقوط ما دامت كذلك، فإذا رجعت وتابت
رجع الاستحقاق.
(مسألة 1410): إذا نشز الزوج فلم يؤد إلى زوجته النفقة اللازمة من غير عذر

(1) بل على الأقوى.
(2) في كونها تمليكا لا امتاعا تأمل.
328

وتعذر رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ففي جواز نشوزها وامتناعها عن القيام
بحقوق الزوج حينئذ إشكال.
(مسألة 1411): إذا لم يكن للزوج مال ينفق منه على زوجته وكان يتمكن من
الكسب وجب عليه إلا إذا كان لا يليق به فتبقى النفقة دينا عليه، والظاهر وجوب
الاستدانة عليه إذا علم التمكن من الوفاء، أما إذا احتمل عدم التمكن من الوفاء ففي
سقوط الوجوب إشكال والأقرب عدم السقوط. (1)
(مسألة 1412): نفقة الزوجة تقبل الاسقاط في كل يوم، أما الاسقاط في جميع
الأزمنة المستقبلة فلا يخلو من إشكال، وإن كان الجواز أظهر، وأما نفقة الأقارب
فلا تقبل الاسقاط لأنها واجبة تكليفا محضا.
(مسألة 1413): يجزئ في الانفاق على القريب بذل النفقة في دار المنفق، ولا يجب
عليه تمليكها ولا بذلها في دار أخرى، ولو طلب المنفق عليه ذلك لم تجب إجابته إلا إذا
كان عن عذر مانع له عن استيفاء النفقة في بيت المنفق من حر أو برد أو وجود من
يؤذيه هناك أو نحو ذلك مما يرجع إلى خلل في محل الانفاق.
(مسألة 1414): إذا وجب السفر على الزوجة لم تسقط نفقتها في السفر ووجب
على الزوج القيام بها، أما بذل أجور السفر ونحوها مما تحتاج إليه من حيث السفر،
فإن كان السفر لشؤون حياتها بأن كانت مريضة وتوقف علاجها على السفر إلى
طبيب وجب على الزوج بذل ذلك، وإذا كان السفر أداءا لواجب في ذمتها فقط كما
إذا استطاعت للحج أو نذرت الحج الاستحبابي بإذن الزوج لم يجب على الزوج بذل
ذلك، كما لا يجب عليه أداء الفدية والكفارة وفداء الاحرام ونحو ذلك من الواجبات

(1) فيه تأمل وإن كان أحوط.
329

التي لا تقوم بها حياتها.
(مسألة 1415): إذا اختلف الزوجان في الانفاق وعدمه مع اتفاقهما على
استحقاق النفقة فالظاهر أن القول قول الزوجة مع يمينها بلا فرق بين أن يكون
الزوج غائبا أو كانت الزوجة منعزلة عنها وغير ذلك.
(مسألة 1416): إذا كانت الزوجة حاملا ووضعت وقد طلقت رجعيا فادعت
الزوجة أن الطلاق كان بعد الوضع فتستحق عليه النفقة وادعى الزوج أنه كان قبل
الوضع وقد انقضت عدتها فلا نفقة لها فالقول قول الزوجة مع يمينها، فإن حلفت
استحقت النفقة ولكن الزوج يلزم باعترافه فلا يجوز له الرجوع إليها.
(مسألة 1417): إذا اختلفا في الاعسار واليسار فادعى الزوج الاعسار وأنه
لا يقدر على الانفاق وادعت الزوجة يساره كان القول قول الزوج مع يمينه، نعم إذا
كان الزوج موسرا وادعى تلف أمواله وإنه صار معسرا فأنكرته الزوجة كان القول
قولها مع يمينها.
(مسألة 1418): لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها
وحاجتها بل تستحقها على زوجها وإن كانت غنية غير محتاجة.
(مسألة 1419): يتخير الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول كالخبز
والطبيخ واللحم المطبوخ وما شاكل ذلك، وأن يدفع إليها موادها كالحنطة والدقيق
والأرز واللحم ونحو ذلك مما يحتاج في إعداده للاكل إلى علاج ومؤنة، فإذا اختار
الثاني كانت مؤنة الاعداد على الزوج دون الزوجة.
* * *
330

كتاب الطلاق
(مسألة 1420): يشترط في المطلق البلوغ والعقل والاختيار والقصد فلا يصح
طلاق الصبي وإن بلغ عشرا، (1) ولا المجنون وإن كان جنونه ادواريا إذا كان
الطلاق في دور الجنون، ولا طلاق المكره وإن رضي بعد ذلك، ولا طلاق السكران
ونحوه مما لا قصد له معتدا به.
ويجوز لولي المجنون أن يطلق عنه مع المصلحة ولا يجوز لولي الصبي والسكران
أن يطلق عنهما.
وهل يجوز لولي الصبي أن يهب المتمتع بها المدة (2) قولان أظهر هما الجواز.
(مسألة 1421): يشترط في المطلقة دوام الزوجية فلا يصح طلاق المتمتع بها
ولا الموطوءة بملك اليمين، ويشترط أيضا خلوها من الحيض والنفاس إذا كانت
مدخولا بها وكانت حائلا وكان المطلق حاضرا، فلو كانت غير مدخول بها أو
حاملا مستبينة الحمل (3) جاز طلاقها وإن كانت حائضا، وكذا إذا كان المطلق

(1) صحة طلاقه لا تخلو من وجه ولكنه لا يترك الاحتياط.
(2) إذا كانت فيها مصلحة للصبي.
(3) ولو لم تكن مستبينة الحمل وطلقت في حال الحيض ثم علم أنها كانت حاملا
ففي بطلان الطلاق اشكال، والأحوط أن تطلق ثانيا.
331

غائبا وكان جاهلا بحالها، ولا فرق بين أن يكون المطلق هو الزوج أو الوكيل الذي
فوض إليه أمر الطلاق، نعم يشترط (1) في صحة طلاقه على الأحوط مضي مدة
يعلم بحسب عادتها انتقالها فيها من طهر إلى آخر، والأحوط أن لا يقل ذلك عن
شهر فإذا مضت المدة المذكورة فطلقها صح طلاقها وإن كانت حائضا حال الطلاق،
وبحكم الغائب في ذلك الحاضر الذي لا يقدر بحسب العادة أن يعرف أنها حائض أو
طاهر كالمحبوس، كما أن الغائب الذي يقدر على معرفة أنها حائض أو طاهر لا يصح
طلاقه وإن وقع الطلاق بعد المدة المزبورة إلا إذا تبين أنها كانت طاهرا في حال
الطلاق.
(مسألة 1422): اعتبار المدة المذكورة في طلاق الغائب يختص بمن كانت تحيض،
فإذا كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض جاز طلاق الغائب لها بعد ثلاثة أشهر
من الدخول بها وإن احتمل طروء الحيض حال الطلاق.
(مسألة 1423): يشترط في المطلقة أيضا أن تكون طاهرا طهرا لم يجامعها زوجها
فيه، فلو طلقها في طهر قد جامعها فيه لم يصح إلا إذا كانت صغيرة أو يائسة أو
حاملا مستبينة الحمل، فإن كل واحدة من المذكورات يصح طلاقها وإن وقع في
طهر قد جامعها فيه، ومثلها من غاب عنها زوجها إذا كان جاهلا بذلك وكان
طلاقها بعد انقضاء المدة المتقدمة على الأحوط، (2) فإنه يصح الطلاق وإن كان

(1) الظاهر كفاية مضى شهر في صحة الطلاق وان لم يعلم انتقالها من طهر إلى آخر،
إلا إذا كان عالما بأنها حائض أو نفساء فيعتبر مضي مدة يعلم أو يطمأن
بطهرها.
(2) الظاهر كفاية مضي شهر كما تقدم.
332

وقوعه في طهر قد جامعها فيه على نحو ما تقدم في شرطية عدم الحيض.
(مسألة 1424): إذا أخبرت الزوجة أنها طاهر فطلقها الزوج أو وكيله ثم
أخبرت أنها كانت حائضا حال الطلاق لم يقبل خبرها إلا بالبينة ويكون العمل على
خبرها الأول ما لم يثبت خلافه.
(مسألة 1425): لو طلق الغائب زوجته قبل مضي المدة المذكورة فتبين كون
الطلاق في طهر لم يجامعها فيه صح، وأما إذا طلق الحاضر زوجته غير مستبينة
الحمل في طهر المجامعة فتبين كونها حاملا ففي صحة طلاقه إشكال والاحتياط
بإعادة الطلاق لا يترك.
وكذا الاشكال فيما إذا وطأها حال الحيض عمدا أو خطأ ثم طلقها بعد أن
طهرت من الحيض، بل لا يبعد فيه البطلان، وإذا طلقها اعتمادا على استصحاب
الطهر أو استصحاب عدم الدخول صح الطلاق ظاهرا، أما صحته واقعا فتابعة
لتحقق الشرط واقعا.
(مسألة 1426): إذا كانت المرأة مسترابة بأن كانت لا تحيض وهي في سن من
تحيض سواء أكان لعارض اتفاقي أم لعادة جارية في أمثالها كما في أيام إرضاعها أوفي
أوائل بلوغها جاز طلاقها في طهر قد جامعها فيه إذا كان قد اعتزلها حتى مضت
ثلاثة أشهر، فإنه إذا طلقها بعد مضي المدة المذكورة صح طلاقها وإن كان في طهر
المجامعة.
(مسألة 1427): يشترط في صحة الطلاق تعيين المطلقة مع تعدد الزوجات، فلو
كانت له زوجة واحدة فقال: زوجتي طالق صح، ولو كانت له زوجتان أو زوجات
فقال زوجتي طالق فإن نوى معينة منهما أو منها صح وقبل تفسيره، وإن نوى غير
معينة بطل على الأقوى.
333

(مسألة 1428): يجوز التوكيل في الطلاق من الحاضر والغائب للحاضر
والغائب.
(مسألة 1429): الصيغة التي يقع بها الطلاق أن يقول: أنت طالق وهي طالق أو
فلانة طالق، وفي وقوعه بمثل طلقت فلانة أو طلقتك أو أنت مطلقة أو فلانة مطلقة
إشكال، بل الاظهر البطلان.
(مسألة 1430): لا يقع الطلاق بالكتابة ولا بالإشارة للقادر على النطق ويقع بهما
للعاجز عنه، ولو خير زوجته وقصد تفويض الطلاق إليها فاختارت نفسها بقصد
الطلاق قيل يقع الطلاق رجعيا وقيل لا يقع أصلا وهو الأقوى، ولو قيل له: هل
طلقت زوجتك فلانة؟ فقال: نعم، بقصد إن شاء الطلاق قيل يقع الطلاق بذلك وقيل
لا وهو الأقوى.
(مسألة 1431): يشترط في صحة الطلاق عدم تعليقه على الشرط المحتمل
الحصول أو الصفة المعلومة الحصول متأخرا، فلو قال: إذا جاء زيد فأنت طالق، أو
إذا طلعت الشمس فأنت طالق، بطل، نعم إذا كان الشرط المحتمل الحصول مقوما
لصحة الطلاق كما إذا قال: إن كنت زوجتي فأنت طالق، أو كانت الصفة المعلومة
الحصول غير متأخرة كما إذا أشار إلى يده وقال إن كانت هذه يدي فأنت طالق،
صح.
(مسألة 1432): يشترط أيضا في صحة الطلاق سماع رجلين عدلين، ولا يعتبر
معرفة المرأة بعينها، بحيث تصح الشهادة عليها، فلو قال: زوجتي هند طالق بمسمع
الشاهدين صح وإن لم يكونا يعرفان هندا بعينها، بل وإن اعتقدا غيرها، ولو طلقها
وكيل الزوج لم تكف شهادة الزوج ولا شهادته وتكفي شهادة الوكيل على التوكيل
عن الزوج في إن شاء الطلاق.
334

فصل
في أقسام الطلاق
الطلاق قسمان: بدعة، وسنة
(مسألة 1433): الطلاق بدعة هو طلاق الحائض الحائل أو النفساء حال حضور
الزوج مع إمكان معرفة حالها أو مع غيبته كذلك أو قبل المدة المعتبرة والطلاق في
طهر المواقعة مع عدم اليأس والصغر والحمل وطلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة
أشهر وطلاق الثلاث إما مرسلا بأن يقول: هي طالق ثلاثا وإما ولاءا بأن يقول هي
طالق، هي طالق، هي طالق، والكل باطل عدا طلاق الثلاث فإن فيه تصح واحدة
ويبطل الزائد.
(مسألة 1434): إذا طلق المخالف زوجته طلاقا بدعيا جاز لنا تزويجها إلزاما له
بما ألزم به نفسه، ولو طلقها ثلاثا بانت منه فلا يجوز له مراجعتها، نعم إذا تبصر بعد
الطلاق جرى عليه حكم المتبصر.
(مسألة 1435): الطلاق سنة قسمان: بائن ورجعي.
(الأول): طلاق اليائسة والصغيرة غير البالغة تسعا وغير المدخول بها ولو
دبرا والمختلعة والمباراة مع استمرار الزوجة على البذل والمطلقة ثلاثا بينها رجعتان
ولو كان الرجوع بعقد جديد إن كانت حرة والمطلقة طلقتين بينهما رجعة ولو بعقد
جديد إن كانت أمة.
(الثاني): ما عدا ذلك ويجوز للزوج الرجوع فيه أثناء العدة.
(مسألة 1436): الطلاق العدي هو أن يطلق زوجته مع اجتماع الشرائط ثم
يراجع قبل خروجها من العدة فيواقعها ثم يطلقها في طهر آخر ثم يراجعها فيه
335

ويواقعها ثم يطلقها في طهر آخر فتحرم عليه حتى تنكح زوجا آخر، فإذا نكحت
وخلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثا على النهج السابق حرمت عليه حتى تنكح
زوجا آخر، فإذا نكحت آخر وخلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثا على النهج
السابق حرمت في التاسعة تحريما مؤبدا إذا كانت حرة، أما إذا كانت أمة فإنها تحرم
بعد كل تطليقتين حتى تنكح زوجا آخر، وفي السادسة تحرم مؤبدا، وما عدا ذلك
فليس بعدي، وإذا لم يكن الطلاق عديا فالمشهور أنها لا تحرم المطلقة مؤبدا وإن زاد
عدد الطلاق على التسع، لكنه لا يخلو من إشكال والاحتياط لا يترك بل التحريم
مؤبدا غير بعيد. (1)
(مسألة 1437): تحرم المطلقة الحرة في الثالث مطلقا حتى تنكح زوجا غيره،
والأمة المطلقة تحرم في الثاني كذلك حتى تنكح زوجا غيره.
(مسألة 1438): الطلاق السني أقسام: سني بالمعنى الأعم، وهو كل طلاق جامع
للشرائط مقابل الطلاق البدعي، وسني مقابل العدي وهو ما يراجع فيه في العدة من
دون جماع، وسني بالمعنى الأخص وهو أن يطلق الزوجة فلا يراجعها حتى تنقضي
العدة ثم يتزوجها.
(مسألة 1439): المشهور أنه يشترط في الزوج الذي يكون نكاحه محللا للزوجة
بعد ثلاث تطليقات في الحرة أو تطليقتين في الأمة أمور: بلوغه ووطؤه قبلا بالعقد
الصحيح الدائم فإذا فقد واحدا منها لم تحل للأول، ولكنه لا يخلو من إشكال في
التزويج بالمراهق والوطء في الدبر (2) نعم الاشتراط أحوط، وكما يهدم نكاحه

(1) فيه تأمل فلا يترك الاحتياط.
(2) الأقوى ما عليه المشهور من اعتبار الوطء قبلا.
336

الطلقات الثلاث يهدم ما دونها، فلو نكحت زوجا آخر بعد تطليق الأول تطليقتين
لم تحرم عليه إذا طلقها الثالثة، بل لا بد في تحريمها عليه من ثلاث تطليقات مستأنفة.
(مسألة 1440): الرجوع الموجب لرجوع الزوجية من الايقاعات، فيصح
انشاؤه باللفظ مثل: رجعت بك وراجعتك وأرجعتك إلى نكاحي ونحو ذلك،
وبالفعل كالتقبيل بشهوة ونحو ذلك مما لا يحل إلا للزوج، ولا بد في تحقق الرجوع
بالفعل من قصده، فلو وقع من الساهي أو بظن انها غير المطلقة أو نحو ذلك لم يكن
رجوعا، نعم الظاهر تحقق الرجوع بالوطء وإن لم يقصده به.
(مسألة 1441): لا يجب الاشهاد في الرجوع فيصح بدونه وإن كان الاشهاد
أفضل، ويصح فيه التوكيل، فإذا قال الوكيل: أرجعتك إلى نكاح موكلي أو رجعت
بك، قاصدا ذلك صح.
(مسألة 1442): يقبل قول المرأة في انقضاء العدة بالحيض وبالشهور، ويقبل قول
الرجل في الطلاق حتى بعد انقضاء العدة بالنسبة إلى أصل الطلاق وعدم الحق له على
زوجته، وأما بالنسبة إلى حقوق الزوجة كمطالبتها النفقة للأيام السابقة على إخباره
بالطلاق فلا يقبل قوله على الأظهر.
(مسألة 1443): يثبت الرجوع بمجرد ادعاء الزوج واخباره به إذا كان في أثناء
العدة، أما بعد انقضاء العدة إذا أخبر بالرجعة سابقا في العدة فلا يقبل إلا بالبينة، وفي
قبول شهادة شاهد ويمين الزوج إشكال، (1) وكذا بشهادة شاهد وامرأتين وإن
كان الاظهر في الثاني القبول.
(مسألة 1444): إذا طلقها فادعت الزوجة بعده أن الطلاق كان في الحيض وأنكره

(1) بل الأقوى القبول.
337

الزوج كان القول قوله مع يمينه، وإذا رجع الزوج وادعت الزوجة انقضاء عدتها
صدقت، وإذا علم بالرجوع وانقضاء العدة وشك في المتقدم والمتأخر فادعى الزوج
تقدم الرجوع وادعت الزوجة تأخره كان القول قول الزوج سواء أكان تاريخ انقضاء
العدة معلوما وتاريخ الرجوع مجهولا أم كان الامر بالعكس أم كانا مجهولي التاريخ.
فصل
في العدة
(مسألة 1445): لا عدة في الطلاق على الصغيرة واليائسة وإن دخل بهما وعلى
غير المدخول بها قبلا ولا دبرا، ويتحقق الدخول بادخال الحشفة وإن لم ينزل،
حراما كان كما إذا دخل في نهار الصوم الواجب المعين أو في حالة الحيض أو حلالا.
(مسألة 1446): عدة طلاق الزوجة الحرة غير الحامل في التي تحيض ثلاثة
أطهار إذا كانت مستقيمة الحيض، فإذا رأت دم الحيضة الثالثة فقد خرجت من العدة
وأما غير المستقيمة كمن تحيض في كل أربعة أشهر مثلا مرة فعدتها ثلاثة أشهر.
(مسألة 1447): عدة طلاق الزوجة الأمة غير الحامل في التي تحيض وكانت
مستقيمة الحيض طهران، فإذا رأت دم الحيضة الثانية فقد خرجت من العدة،
والأحوط انتظار انتهاء الحيضة الأخيرة، وإن كانت غير مستقيمة الحيض فعدتها
خمسة وأربعون يوما.
(مسألة 1448): عدة طلاق الزوجة غير الحامل في التي لا تحيض - وهي في سن
من تحيض لخلقة أو لعارض من رضاع أو غيره - ثلاثة أشهر ولو كانت ملفقة (1)

(1) والأحوط وجوبا اكمال كسر الشهر الأول من الرابع ثلاثين يوما.
338

إن كانت حرة، وإن كانت أمة فعدتها خمسة وأربعون يوما.
(مسألة 1449): عدة طلاق الزوجة الحامل - وإن كان حملها بإراقة ماء زوجها
في فرجها من دون دخول - إلى وضع الحمل ولا فرق بين الحرة والأمة.
(مسألة 1450): عدة المتوفى عنها زوجها إن كانت حرة حائلا أربعة أشهر
وعشرة أيام، صغيرة كانت أم كبيرة، يائسة كانت أم غيرها، مسلمة كانت أم غيرها
مدخولا بها أم غير مدخول بها، دائمة كانت أم متمتعا بها، ولا فرق في الزوج بين
الكبير والصغير والحر والعبد والعاقل وغيره والأحوط استحبابا أن تكون الشهور
عددية فتكون المدة مائة وثلاثين يوما وإن كانت حرة حاملا فعدتها أبعد الأجلين
من المدة المذكورة ووضع الحمل كما سبق.
(مسألة 1451): عدة الأمة الحائل ذات الولد من الوفاة كعدة الحرة على الأقوى
أربعة أشهر وعشرة أيام، سواء أكان الاعتداد من وفاة سيدها أم من وفاة زوجها
إذا كانت مزوجة، وكذلك غير ذات الولد من وفاة سيدها إذا كانت موطوءة له.
وأما عدتها من وفاة زوجها فالظاهر أنها شهران وخمسة أيام، (1) إما إذا
كانت حاملا فعدتها أبعد الأجلين من عدة الحائل ومن وضع الحمل.
(مسألة 1452): يجب على المعتدة عدة الوفاة الحداد ما دامت في العدة بترك
الزينة في البدن واللباس مثل الكحل والطيب والخضاب والحمرة وماء الذهب
ولبس مثل الأحمر والأصفر إذا كان لباس زينة عند العرف، وربما يكون لباس
الأسود كذلك، إما لكيفية تفصيله أو لبعض الخصوصيات الموجودة فيه مثل كونه
مخططا.

(1) لا يترك الاحتياط باعتدادها أربعة أشهر وعشرة أيام.
339

وبالجملة ما يكون زينة من اللباس يحرم لبسه ومنه الحلي، ولا بأس بما لا يعد
زينة مثل تنظيف البدن واللباس وتقليم الأظفار ودخول الحمام، ولا فرق بين
المسلمة والذمية، ولا فرق في الزوج بين الكبير والصغير.
والأقوى عدم ثبوت الحداد في الصغيرة، كما أن الظاهر اختصاص الوجوب
بالحرة، فلا يجب على الأمة، نعم الأقوى وجوبه على المتمتع بها (1) كالدائمة.
والظاهر أنه ليس شرطا في العدة، فلو تركته عمدا أو لعذر جاز لها التزويج بعد
انقضاء العدة، ولا يجب عليها استئنافها، والأقوى جواز خروجها من بيتها على
كراهية إلا لضرورة أو أداء حق أو فعل طاعة أو قضاء حاجة.
(مسألة 1453): إذا وطأ أمته ثم أعتقها اعتدت منه كالحرة بثلاثة اطهار إن كانت
مستقيمة الحيض وإلا فبثلاثة أشهر.
(مسألة 1454): إذا طلق زوجته رجعيا فمات في أثناء العدة اعتدت عدة الوفاة،
فإن كانت حرة اعتدت عدة الحرة للوفاة، وإن كانت أمة اعتدت عدة الأمة للوفاة،
أما لو كان الطلاق بائنا أكملت عدة الطلاق لا غير، حرة كانت أم أمة.
(مسألة 1455): الحمل الذي يكون وضعه هو منتهى عدة الحامل أعم مما كان
سقطا تاما وغير تام حتى لو كان مضغة أو علقة.
(مسألة 1456): إذا كانت حاملا باثنين لم تخرج من العدة إلا بوضع الاثنين. (2)
(مسألة 1457): لا بد من العلم بوضع الحمل فلا يكفي الظن به فضلا عن الشك،
نعم يكفي قيام الحجة على ذلك كالبينة وإن لم تفد الظن.

(1) الظاهر عدم الحداد عليها إذا كانت المدة يومين أو أقل.
(2) ولكنها تبين من زوجها بالأول.
340

(مسألة 1458): المشهور (1) على أنه يعتبر في انقضاء عدة الحامل بوضع
حملها، إلحاق الولد بذي العدة فلو لم يلحق به كما لو كان الزوج بعيدا عنها بحيث
لا يحتمل تولده منه لم يكن وضعه موجبا للخروج عن العدة منه، بل تكون عدتها
الأقراء أو الشهور، ولكنه لا يخلو من إشكال والاحتياط لا يترك.
(مسألة 1459): الغائب إن عرف خبره وعلمت حياته صبرت امرأته، وكذا أن
جهل خبره وانفق عليها وليه من مال الغائب أو من مال نفسه، وإن لم يكن للغائب
مال ولم ينفق الولي عليها من مال نفسه فإن صبرت المرأة على ذلك فهو، وإن
لم تصبر فالمشهور انها ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيؤجلها أربع سنين، ثم
يفحص عنه في الجهات التي فقد فيها، فإن علم حياته صبرت وإن علم موته
اعتدت عدة الوفاة، وإن جهل حاله وانقضت الأربع سنين أمر الحاكم وليه بأن
يطلقها، فإن امتنع أجبره فإن لم يكن له ولي أو لم يمكن اجباره طلقها الحاكم، ثم
اعتدت عدة الوفاة وليس عليها فيها حداد، فإذا خرجت من العدة صارت أجنبية
عن زوجها وجاز لها أن تتزوج من شاءت وإذا جاء زوجها حينئذ فليس له عليها
سبيل، وما ذكره المشهور قريب وإن منعه بعض.
(مسألة 1460): لو كانت للغائب زوجات أخرى لم يرفعن أمرهن إلى الحاكم،
فهل يجوز للحاكم طلاقهن إذا طلبن ذلك فيجتزي بمضي المدة المذكورة والفحص
عنه بعد طلب إحداهن أو يحتاج إلى تأجيل وفحص جديد؟ وجهان أقربهما الأول.
(مسألة 1461): لا يبعد الاجتزاء بمضي الأربع سنين بعد فقد الزوج، مع الفحص
فيها وإن لم يكن بتأجيل من الحاكم ولكن الحاكم يأمر حينئذ بالفحص عنه مقدارا

(1) وهو الأقوى.
341

ما، ثم يأمر بالطلاق أو يطلق، والأحوط الأولى أن يكون التأجيل والفحص في
تلك المدة من قبله.
(مسألة 1462): لو فقد الزوج في بلد مخصوص أو جهة مخصوصة بحيث دلت
القرائن على عدم انتقاله منها كفى البحث في ذلك البلد أو تلك الجهة.
(مسألة 1463): لو تحقق الفحص التام في مدة يسيرة، فإن احتمل الوجدان
بالفحص في المقدار الباقي ولو بعيدا لزم الفحص، وإن تيقن عدم الوجدان سقط
وجوب الفحص، ولكن يجب الانتظار تمام المدة على الأحوط.
(مسألة 1464): لو تمت المدة واحتمل وجدانه بالفحص بعدها لم يجب، بل يكتفى
بالفحص في المدة المضروبة.
(مسألة 1465): لا فرق في المفقود بين المسافر ومن كان في معركة قتال ومن
انكسرت سفينته ففقد.
(مسألة 1466): يجوز للحاكم الاستنابة في الفحص وإن كان النائب نفس
الزوجة، ويكفي في النائب الوثاقة، ولا فرق في الزوج بين الحر والعبد، وكذلك
الزوجة، والظاهر اختصاص الحكم بالدوام فلا يجري في المتعة.
(مسألة 1467): الطلاق الواقع من الولي أو الحاكم رجعي تجب فيه النفقة، وإذا
حضر الزوج أثناء العدة جاز له الرجوع بها، وإذا مات أحدهما في العدة ورثه
الأخر، ولو مات بعد العدة فلا توارث بينهما.
(مسألة 1468): ذكر بعض الأكابر أن المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته
من الصبر يجوز للحاكم أن يطلق زوجته، وكذلك المحبوس الذي لا يمكن اطلاقه من
الحبس أبدا إذا لم تصبر زوجته على هذه الحال.
وما ذكره - قدس سره - بعيد، وأبعد منه ما ذكره أيضا من أن المفقود إذا أمكن
342

إعمال الكيفيات المذكورة من ضرب الاجل والفحص لكن كان ذلك موجبا للوقوع
في المعصية تجوز المبادرة إلى طلاقها من دون ذلك، ولازم كلامه جواز المبادرة إلى
طلاق الزوجة بلا إذن من الزوج إذا علم كون بقائها على الزوجية موجبا للوقوع في
المعصية، وهو كما ترى؟
(مسألة 1469): مر أن الزوج إذا كان ممتنعا من الانفاق على زوجته مع
استحقاقها النفقة عليه رفعت أمرها إلى الحاكم فيأمر زوجها بالانفاق أو الطلاق،
فإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم، والظاهر أن الطلاق حينئذ بائن لا يجوز للزوج
الرجوع بها أثناء العدة، وعدتها عدة الطلاق.
(مسألة 1470): عدة الموطوءة بشبهة عدة الطلاق، فإن كانت حاملا فبوضع
الحمل، وإن كانت حائلا مستقيمة الحيض فبالاقراء، وإلا فبالشهور، وكذلك
المفسوخ نكاحها بعد الدخول بفسخ فاسخ لعيب أو نحوه أو بانفساخ لارتداد أو
رضاع أو غيره، نعم إذا ارتد الزوج عن فطرة فالعدة عدة الوفاة، أما إذا كان الفسخ
قبل الدخول فلا عدة عليها.
هذا في الحرة وحكم الأمة حكم الحرة فيما ذكرناه على الأحوط.
(مسألة 1471): لا عدة على المزني بها من الزنا إن كانت حرة ولا استبراء عليها
إن كانت أمة، فيجوز لزوجها أن يطأها ويجوز التزويج بها للزاني وغيره، لكن
الأحوط لزوما أن لا يتزوج بها الزاني إلا بعد استبرائها بحيضة.
(مسألة 1472): الموطوءة شبهة لا يجوز لزوجها أن يطأها ما دامت في العدة وفي
جواز سائر الاستمتاعات له إشكال، والظاهر أنه لا يجوز تزويجها في العدة لو كانت
خلية.
(مسألة 1473): مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه، حاضرا كان الزوج أو
343

غائبا، ومبدأ عدة الوفاة في الحاضر من حينها، وفي الغائب ومن بحكمه كالمحبوس
من حين بلوغ خبر الوفاة، بل لا يبعد ذلك في الحاضر إذا لم يبلغها خبر وفاته إلا بعد
مدة، وفي عموم الحكم للأمة إذا مات من له العدة وعلمت به بعد مدة إشكال، وكذا
الاشكال في عمومه للصغيرة والمجنونة، وهل يشترط في تحقق البلوغ حجية الخبر؟
وجهان أظهرهما ذلك، ومبدأ عدة الفسخ من حينه، وكذا مبدأ عدة وطء الشبهة
فإنه من حينه لا من حين زوال الشبهة على الأظهر.
(مسألة 1474): المطلقة بائنا بمنزلة الأجنبية لا تستحق نفقة على زوجها
ولا تجب عليها اطاعته ولا يحرم عليها الخروج بغير إذنه، وأما المطلقة رجعيا فهي
بمنزلة الزوجة ما دامت في العدة فيجوز لزوجها الدخول عليها بغير إذن ويجوز بل
يستحب لها اظهار زينتها له، وتجب عليه نفقتها وتجب عليها اطاعته، ويحرم عليها
الخروج من بيته بغير إذنه على ما مر، ويتوارثان إذا مات أحدهما في أثناء العدة
ولا يجوز له أن يخرجها من بيت الطلاق إلى بيت آخر إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، كما
إذا كانت بذيئة اللسان أو أنها تتردد على الأجانب أو أنهم يترددون عليها (1)
ولو اضطرت إلى الخروج بغير إذن زوجها فالأحوط أن يكون بعد نصف الليل
وترجع قبل الفجر إذا تأدت الضرورة بذلك.
(مسألة 1475): إذا طلق زوجته بعد الدخول ورجع ثم طلقها قبل الدخول
وجبت عليها العدة من حين الطلاق الثاني، وقيل لا عدة عليها لأنه طلاق قبل
الدخول، لكنه ضعيف، ولو طلقها بائنا بعد الدخول ثم عقد عليها في أثناء العدة ثم

(1) في صدق الإتيان بفاحشة مبينة على مطلق ترددها على الأجانب أو ترددهم
عليها اشكال.
344

طلقها قبل الدخول ففي جريان حكم الطلاق قبل الدخول في عدم العدة وعدمه
وجهان، أقواهما الثاني، ولكن لا يجب عليها استئناف العدة، بل اللازم إكمال عدتها
من الطلاق الأول، وكذا الحكم في المنقطعة إذا تزوجها فدخل بها ثم وهبها المدة ثم
تزوجها ثانيا ووهبها المدة قبل الدخول.
(مسألة 1476): إذا طلقها فحاضت بحيث لم يتخلل زمان طهر بين الطلاق
والحيض لم يحسب ذلك الطهر الذي وقع فيه الطلاق من الاطهار الثلاثة، واحتاجت
في انتهاء عدتها إلى اطهار ثلاثة أخرى، فتنتهي عدتها برؤية الحيضة الرابعة، ولو
تخلل زمان طهر بين الطلاق والحيض احتسب ذلك الطهر اليسير من الاطهار الثلاثة
وانتهت عدتها برؤية الحيضة الثالثة.
(مسألة 1477): إذا كانت المرأة تحيض بعد كل ثلاثة أشهر مرة فطلقها في أول
الطهر ومرت عليها ثلاثة أشهر بيض فقد خرجت من العدة وكانت عدتها الشهور
لا الاطهار، وإذا كانت تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة بحيث لا تمر عليها ثلاثة أشهر
بيض لا حيض فيها فهذه عدتها الاطهار لا الشهور، وإذا اختلف حالها فكانت
تحيض في الحر مثلا في أقل من ثلاثة أشهر مرة، وفي البرد بعد كل ثلاثة أشهر مرة
اعتدت بالسابق من الشهور والأطهار، فإن سبق لها ثلاثة أشهر بيض كانت عدتها،
وإن سبق لها ثلاثة أطهار كانت عدتها أيضا، نعم إذا كانت مستقيمة الحيض فطلقها
ورأت الدم مرة ثم ارتفع على خلاف عادتها وجهل سببه وأنه حمل أو سبب آخر
انتظرت تسعة أشهر من يوم طلاقها، فإن لم تضع اعتدت بعد ذلك بثلاثة أشهر
وخرجت بذلك عن العدة.
(مسألة 1478): إذا رأت الدم مرة ثم بلغت سن اليأس أكملت العدة بشهرين.
(مسألة 1479): تختص العدة في وطء الشبهة بما إذا كان الواطئ جاهلا سواء
345

أكانت الموطوءة عالمة أم جاهلة، أما إذا كان الواطئ عالما والموطوءة جاهلة
فالظاهر أنه لا عدة له عليها. (1)
(مسألة 1480): إذا طلق زوجته بائنا ثم وطأها شبهة فهل تتداخل العدتان بأن
تستأنف عدة للوطء وتشترك معها عدة الطلاق من دون فرق بين كون العدتين من
جنس واحد أو من جنسين بأن يطلقها حاملا ثم وطأها أو طلقها حائلا ثم وطأها
فحملت أو لا تتداخل، قولان أشهر هما الثاني، وأقربهما الأول، بل لا يبعد ذلك لو
وطأها أجنبي شبهة ثم طلقها زوجها أو بالعكس، ولكن لا يترك الاحتياط بتعدد
العدة حينئذ، وكذا إذا وطأها رجل شبهة ثم وطأها آخر كذلك، نعم لا ينبغي
الاشكال في التداخل إذا وطأها رجل شبهة مرة بعد أخرى.
(مسألة 1481): إذا طلق زوجته غير المدخول بها ولكنها كانت حاملا بإراقته
على فم الفرج اعتدت عدة الحامل وكان له الرجوع فيها.
فصل
في الخلع والمباراة
وهما نوعان من الطلاق على الأقوى، فإذا انضم إلى أحدهما تطليقتان حرمت
الزوجة حتى تنكح زوجا غيره.
(مسألة 1482): يقع الخلع بقوله: أنت طالق على كذا، وفلانة طالق على كذا،
وبقوله: خلعتك على كذا، أو أنت مختلعة على كذا، أو فلانة مختلعة على كذا، بالفتح
فيهما وفي الكسر إشكال وإن لم يلحق بقوله: أنت طالق أو هي طالق، وإن كان

(1) لا يترك الاحتياط بالاعتداد.
346

الأحوط إلحاقه به، ولا يقع بالتقايل بين الزوجين.
(مسألة 1483): يشترط في الخلع الفدية، ويعتبر فيها أن تكون مما يصح تمليكه
وأن تكون معلومة قدرا ووصفا ولو في الجملة، وأن يكون بذلها باختيار المرأة
فلا تصح مع إكراهها على بذلها سواء أكان الاكراه من الزوج أم من غيره، ويجوز أن
تكون أكثر من المهر وأقل منه ومساوية له، ويشترط في الخلع أيضا كراهة الزوجة
للزوج، فلو انتفت الكراهة منها لم يصح خلعا ولم يملك الزوج الفدية
والأحوط (1) أن تكون الكراهة بحد يخاف منها الوقوع في الحرام.
(مسألة 1484): يشترط في الخلع عدم كراهة الزوج لها، وحضور شاهدين
عادلين حال ايقاع الخلع، وأن لا يكون معلقا على شرط مشكوك الحصول
ولا معلوم الحصول إذا كان مستقبلا، وإذا وقع بدون حضور شاهدين عادلين بطل
من أصله، وكذا إذا كان معلقا على شرط، نعم إذا كان معلقا على شرط يقتضيه العقد
كما إذا قال: خلعتك إن كنت زوجتي أو إن كنت كارهة صح.
(مسألة 1485): يشترط في الزوج الخالع البلوغ (2) والعقل والاختيار
والقصد ولا يشترط في الزوجة المختلعة البلوغ ولا العقل على الأقوى، فيصح خلعها
ويتولى الولي البذل.
(مسألة 1486): يشترط في الخلع أن تكون الزوجة حال الخلع طاهرا من
الحيض والنفاس، وأن لا يكون الطهر طهر مواقعة، فلو كانت حائضا أو نفساء أو
طاهرة طهرا واقعها فيه الزوج لم يصح الخلع، نعم اعتبار ذلك إنما هو إذا كانت قد

(1) بل الأقوى.
(2) على ما تقدم في المسألة (1420).
347

دخل بها بالغة غير آيس حائلا وكان الزوج حاضرا، أما إذا لم تكن مدخولا بها أو
كانت صغيرة أو يائسة أو حاملا أو كان الزوج غائبا صح خلعها وإن كانت حائضا
أو نفساء أو كانت في طهر المواقعة، نعم الغائب الذي يقدر على معرفة حالها بحكم
الحاضر والحاضر الذي لا يقدر على معرفة حالها بحكم الغائب على نحو ما تقدم في
الطلاق.
(مسألة 1487): يجوز للزوجة الرجوع في الفدية كلا أو بعضا ما دامت في العدة،
وإذا رجعت كان للزوج الرجوع بها، وإذا لم يعلم الزوج برجوعها في الفدية حتى
خرجت عن العدة كان رجوعها بها لغوا، وكذا إذا علم برجوعها في الفدية قبل
خروجها من العدة لكن كان الزوج لا يمكنه الرجوع بها بأن كان الخلع طلاقا بائنا في
نفسه ككونه طلاقا ثالثا أو كان الزوج قد تزوج بأختها أو برابعة قبل رجوعها
بالبذل أو نحو ذلك مما يمنع من رجوعه في العدة.
(مسألة 1488): لا توارث بين الزوج والمختلعة لو مات أحدهما في العدة إلا إذا
رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك في العدة.
(مسألة 1489): لو كانت الفدية المسلمة مما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير بطل
الخلع، ولو كانت مستحقة لغير الزوجة ففي صحة الخلع والرجوع إلى البدل وبطلانه
قولان أقربهما الثاني.
(مسألة 1490): إذا خلعها على خل فبان خمرا بطل البذل، بل الخلع أيضا على الأظهر، ولو خلعها على ألف ولم يعين بطل.
(مسألة 1491): قد عرفت أنه إذا بذلت له على أن يطلقها وكانت كارهة له فقال
لها: أنت طالق على كذا، صح خلعها وإن تجرد عن لفظ الخلع، أما إذا لم تكن كارهة
له فلا يصح خلعها، وهل يصح طلاقها فيه إشكال وخلاف، والأقرب البطلان إلا
348

إذا ملك البذل بسبب مستقل قد أخذ الطلاق شرطا فيه، كما إذا صالحته على مال
واشترطت عليه أن يطلقها فإنه بعقد الصلح المذكور يملك المال وعليه الطلاق،
والطلاق حينئذ رجعي لا خلعي حتى إذا اشترطت عليه عدم الرجوع إلا أنه يحرم
عليه مخالفة الشرط، لكنه إذا خالف ورجع صح رجوعه، ويثبت للزوجة الخيار في
فسخ عقد الصلح من جهة تخلف الشرط.
(مسألة 1492): الظاهر عدم صحة الخلع مع كون البذل من متبرع، نعم لا تبعد
صحة البذل والطلاق ويكون رجعيا أو بائنا على حسب اختلاف موارده، وكذا لو
بذلت الزوجة مال غيرها باذنه، نعم إذا ملكها الغير ماله فبذلته صح الخلع، ولو بذل
السيد لزوج أمته على أن يخلعها فخلعها ففي صحة الخلع والزام المولى به إشكال.
(مسألة 1493): لو خالعها على عبد كاتب فتبين أنه غير كاتب فإن رضي به صح
الخلع، وإن رده بطل الخلع وصح طلاقها بلا عوض، وكذا لو خالعها على عين فتبين
أنها معيبة.
(مسألة 1494): الأحوط المبادرة إلى ايقاع الخلع من الزوج بعد ايقاع البذل من
الزوجة بلا فصل، فإذا قالت له: طلقني على ألف درهم لزم فورا أن يقول: أنت
طالق على ألف درهم.
(مسألة 1495): يجوز أن يكون البذل والخلع بمباشرة الزوجين وبتوكيلهما
وبالاختلاف، فإذا وقع بمباشرتهما فالأحوط أن تبدأ الزوجة فتقول: بذلت لك كذا
على أن تطلقني، فيقول الزوج أنت مختلعة على كذا فأنت طالق، وفي جواز ابتداء
الزوج بالطلاق وقبول الزوجة بعده إشكال، وإذا كان بتوكيلهما يقول وكيل
الزوجة: بذلت لك كذا على أن تطلق موكلتي فلانة فيقول وكيل الزوج موكلتك فلانة
زوجة موكلي مختلعة على كذا فهي طالق، وفي جواز ابتداء وكيل الزوج وقبول وكيل
349

الزوجة بعده إشكال كما تقدم.
(مسألة 1496): الكراهة المعتبرة في صحة الخلع أعم من أن تكون لذاته كقبح
منظره وسوء خلقه أو عرضية من جهة بعض الأعمال الصادرة منه التي هي على
خلاف ذوق الزوجة من دون أن يكون ظلما لها واغتصابا لحقوقها الواجبة كالقسم
والنفقة، وأما إذا كان منشأ الكراهة شئ من ذلك فالظاهر عدم صحة البذل فلا يقع
الطلاق خلعا.
(مسألة 1497): المباراة كالخلع، وتفترق عنه بأن الكراهة فيها منهما جميعا
وبلزوم اتباعها بالطلاق (1) فلا يجتزأ بقوله: بارأت زوجتي على كذا حتى يقول:
فأنت طالق أو هي طالق، كما أنه يكفي الاقتصار على صيغة الطلاق فقط، ولا يجوز
في الفدية فيها أن تكون أكثر من المهر.
(مسألة 1498): طلاق المباراة بائن لا يجوز الرجوع فيه ما لم ترجع الزوجة في
البذل قبل انتهاء العدة، فإذا رجعت فيه في العدة جاز له الرجوع بها على ما تقدم في
الخلع.
* * *

(1) على الأحوط.
350

كتاب الظهار
(مسألة 1499): الظهار حرام وقيل إنه معفو عنه ولم يثبت.
(مسألة 1500): يتحقق الظهار بأن يقول لزوجته أو أمته: أنت أو هند أو نحوهما
- مما يميزها عن غيرها - علي كظهر أمي، وفي ثبوت الظهار في التشبيه بغير الظهر
من اليد والرجل ونحوهما إشكال، والأقرب العدم، ويلحق بالام جميع المحرمات
النسبية، كالعمة والخالة وغيرهما ولا تلحق المحرمات بالرضاع وبالمصاهرة بالنسبية
في ذلك.
(مسألة 1501): لو قالت الزوجة لزوجها: أنت علي كظهر أبي لم يتحقق الظهار.
(مسألة 1502): يعتبر في الظهار سماع شاهدي عدل قول المظاهر وكماله بالبلوغ
والعقل والاختيار والقصد وعدم الغضب وايقاعه في طهر لم يجامعها فيه إذا كان
حاضرا ومثلها تحيض.
(مسألة 1503): كما يقع الظهار في الزوجة الدائمة يقع في المتمتع بها، وكذلك في
الأمة، ويصح مع التعليق على الشرط أيضا حتى الزمان على الأقوى، نعم لا يقع في
يمين بأن كان غرضه الزجر عن فعل، كما لو قال: إن كلمتك فأنت علي كظهر أمي، أو
البعث على فعل كما لو قال: إن تركت الصلاة فأنت علي كظهر أمي.
(مسألة 1504): لا يقع الظهار على المدخول بها ولا يقع في إضرار على الأظهر.
(مسألة 1505): لو قيد الظهار بمدة كشهر أو سنة ففي صحته إشكال.
351

(مسألة 1506): يحرم الوطء بعد الظهار، فلو أراد الوطء لزمه التكفير أولا ثم
يطأها فإن طلق وراجع في العدة لم تحل حتى يكفر، ولو خرجت عن العدة أو كان
الطلاق بائنا وتزوجها في العدة أو مات أحدهما أو ارتد بنحو لا يمكن الرجوع إلى
الزوجية كما لو كان الارتداد قبل الدخول أو بعده وكان المرتد الرجل عن فطرة
فلا كفارة.
(مسألة 1507): لو وطأ المظاهر قبل التكفير عامدا لزمته كفارتان إحداهما
للوطء والاخرى لإرادة العود إليه، وتتكرر الكفارة بتكرر الوطء، كما أنها تتكرر
بتكرر الظهار مع تعدد المجلس، أما مع اتحاده ففيه إشكال، ولو عجز لم يجزئه
الاستغفار على الأحوط. (1)
(مسألة 1508): إذا رافعت المظاهرة زوجها إلى الحاكم أنظره الحاكم ثلاثة أشهر
من حين المرافعة فيضيق عليه بعدها حتى يكفر أو يطلق.
(مسألة 1509): لو ظاهر زوجته الأمة ثم اشتراها ووطأها بالملك فلا كفارة.
* * *

(1) بل على الأقوى.
352

كتاب الايلاء
(مسألة 1510): الايلاء هو الحلف على ترك وطء الزوجة، (1) ولا ينعقد
بغير اسم الله تعالى ولا لغير اضرار، فلو كان لمصلحة وإن كانت راجعة إلى الطفل
لم ينعقد ايلاء، بل انعقد يمينا وجرى عليه حكم الايمان.
(مسألة 1511): يشترط في الايلاء وقوعه من بالغ كامل مختار قاصد وإن كان
عبدا أو خصيا بل مجبوبا على إشكال قوي فيمن لا يتمكن من الايلاج.
(مسألة 1512):): لا بد في الايلاء أن تكون المرأة منكوحة بالدائم مدخولا بها
وأن يولي مطلقا أو أزيد من أربعة أشهر.
(مسألة 1513): إذا رافعت الزوجة زوجها بعد الايلاء إلى الحاكم أنظره الحاكم
إلى أربعة أشهر من حين المرافعة، فإن رجع وكفر بعد الوطء وإلا ألزمه بالطلاق أو
الفئة والتكفير ويضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يقبل أحدهما، فإن امتنع عن
كليهما طلقها الحاكم، ولو طلق وقع الطلاق رجعيا وبائنا على حسب اختلاف
موارده.
(مسألة 1514): لو آلى مدة فدافع حتى خرجت فلا كفارة عليه، وعليه الكفارة
لو وطأ قبله.

(1) قبلا.
353

(مسألة 1515): لو ادعى الوطء فالقول قوله مع يمينه.
(مسألة 1516): فئة القادر هو الوطء قبلا وفئة العاجز إظهار العزم على الوطء
مع القدرة.
(مسألة 1517): لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين إذا كان الزمان المحلوف على ترك
الوطء فيه واحدا.
* * *
354

كتاب اللعان
(مسألة 1518): سبب اللعان قذف الزوجة بالزنا مع ادعاء المشاهدة وعدم
البينة، وفي ثبوته بانكار ولد يلحق به ظاهرا بدون القذف اشكال.
(مسألة 1519): يشترط في الملاعن والملاعنة التكليف وسلامة المرأة من الصمم
والخرس ودوام النكاح والدخول، وصورته أن يقول الرجل أربع مرات: أشهد بالله
اني لمن الصادقين فيما قلته عن هذه المرأة ثم يقول: إن لعنة الله علي إن كنت من
الكاذبين، ثم تقول المرأة أربع مرات: أشهد بالله إنه لمن الكاذبين، ثم تقول: إن
غضب الله علي إن كان من الصادقين، فتحرم عليه أبدا، ويجب التلفظ بالشهادة
وقيامهما عند التلفظ وبدء الرجل وتعيين المرأة والنطق بالعربية مع القدرة ويجوز
غيرها مع التعذر والبدأة بالشهادة ثم باللعن في الرجل، والمرأة تبدأ بالشهادة ثم
بالغضب، ويستحب جلوس الحاكم مستدبر القبلة ووقوف الرجل عن يمينه والمرأة
عن يساره وحضور من يستمع اللعان، والوعظ قبل اللعن والغضب.
(مسألة 1520): لو اكذب الملاعن نفسه بعد اللعان فلا يحد للقذف ولم يزل
التحريم ولو اكذب في أثنائه يحد ولا تثبت أحكام اللعان.
(مسألة 1521): إذا اعترف الرجل بعد اللعان بالولد ورثه الولد ولا يرثه الأب
ولا من يتقرب به، ولو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنا أربعا ففي الحد تردد،
والأظهر العدم، ولو ادعت المرأة المطلقة الحمل منه فأنكر الدخول فأقامت بينة
بإرخاء الستر فالأقرب ثبوت اللعان والله العالم بحقائق الاحكام.
355

كتاب العتق
وفيه فصول
الفصل الأول في الرق
(مسألة 1522): يختص الاسترقاق بأهل الحرب وبأهل الذمة ان أخلوا
بالشرائط على تفصيل في محله فان أسلموا بقي الرق بحاله فيهم وفي أعقابهم.
(مسألة 1523): يحكم على المقر بالرقية إذا كان مختارا بالغا.
(مسألة 1524): لا يقبل قول مدعي الحرية إذا كان يباع في الأسواق إلا ببينة.
(مسألة 1525): لا يملك الرجل ولا المرأة أحد الأبوين وان علوا والأولاد وان
نزلوا ولا يملك الرجل المحارم بالنسب من النساء ولو ملك أحد هؤلاء عتق، وحكم
الرضاع حكم النسب.
الفصل الثاني
في صيغة العتق
(مسألة 1526): الصريح من صيغة العتق: أنت حر، وفي لفظ العتق إشكال أظهره
الوقوع به ولا يقع بغير هما ولا بالإشارة والكتابة مع القدرة ولا يقع معلقا على
شرط ولا في يمين كما إذا قال إن كلمت زيدا فعبدي حر، ولو شرط مع العتق شيئا من
خدمة وغيرها جاز.
356

(مسألة 1527): يشترط في المعتق البلوغ (1) والاختيار والقصد والقربة
ويشترط في المعتق - بالفتح - الملك وفي اشتراط اسلامه اشكال، والأقرب العدم
ويكره عتق المخالف، ويستحب أن يعتق من مضى عليه في ملكه سبع سنين فصاعدا.
(مسألة 1528): لو أعتق ثلث عبيده استخرج بالقرعة، ولو أعتق بعض عبده
عتق كله، ولو كان له شريك قومت عليه حصة شريكه، ولو كان معسرا سعى العبد
في النصيب.
(مسألة 1529): لو أعتق الحبلى فالوجه تبعية الحمل لها.
(مسألة 1530): من أسباب العتق عمى المملوك وجذامه وتنكيل المولى به،
وإسلام العبد وخروجه عن دار الحرب قبل مولاه، وكذا الاقعاد على المشهور
المدعى عليه الاجماع ويحتمل ذلك في الجنون.
(مسألة 1531): لو مات ذو المال وله وارث مملوك لا غير اشتري من مولاه
وأعتق وأعطي الباقي، ولا فرق بين المملوك الواحد والمتعدد.
الفصل الثالث
في التدبير
(مسألة 1532): التدبير أن يقول المولى لعبده: أنت حر بعد وفاتي، ونحو ذلك مما
دل صريحا على ذلك من العبارات ويعتبر صدوره من الكامل (2) القاصد المختار
فيعتق من الثلث بعد الوفاة كالوصية وله الرجوع متى شاء، وهو متأخر عن الدين.

(1) الظاهر أن الصبى البالغ عشرا يجوز عتقه وصدقته على حد معروف.
(2) في بطلان تدبير البالغ عشرا إذا كان تدبيره على حد معروف وحق اشكال.
357

(مسألة 1533): لو دبر الحبلى اختصت بالتدبير دون الحمل فلا يدبر بمجرد
تدبيرها هذا فيما إذا لم يعلم المولى بحملها، وإلا فلا تبعد التبعية، أما لو تجدد الحمل من
مملوك بعد التدبير فإنه يكون مدبرا وحينئذ يصح رجوعه في تدبير الام ولا يصح
رجوعه في تدبير ولدها على الأقوى.
(مسألة 1534): ولد المدبر المولود بعد تدبير أبيه إذا كان مملوكا لمولاه مدبر
ولا يبطل تدبير الولد بموت أبيه قبل مولاه وينعتقون من الثلث فان قصر استسعوا.
(مسألة 1535): إباق المدبر إبطال لتدبيره وتدبير أولاده الذين ولدوا بعد
الاباق.
الفصل الرابع
في الكتابة
وهي قسمان: مطلقة ومشروطة:
(مسألة 1536): المكاتبة المطلقة أن يقول المولى لعبده أو أمته: كاتبتك على كذا
على أن تؤديه في نجم كذا، إما في نجم واحد أو نجوم متعددة، فيقول العبد: قبلت،
فهذا يتحرر منه بقدر ما يؤدي وليس له ولا لمولاه فسخ الكتابة وان عجز يفك من
سهم الرقاب، وفي وجوب ذلك تأمل.
(مسألة 1537): المكاتب المطلق ان أولد من مملوكة تحرر من أولاده بقدر ما فيه
من الحرية، وان مات ولم يتحرر منه شئ كان ميراثه للمولى، وان تحرر منه شئ
كان لمولاه من ماله بقدر الرقية ولورثته الباقي، ويؤدون ما بقي من مال الكتابة ان
كانوا تابعين له في الحرية والرقية، ولو لم يكن له مال سعى الأولاد فيما بقي على أبيهم،
ومع الأداء ينعتقون.
358

ولو أوصى أو أوصي له بشئ صح بقدر الحرية، وكذا لو وجب عليه حد ولو
وطأ المولى أمته المكاتبة حد بنصيب الحرية.
(مسألة 1538): المكاتبة المشروطة أن يقول المولى بعد ما قاله في المطلقة فان
عجزت فأنت رد في الرق وهذا لا يتحرر منه شئ إلا بأداء جميع ما عليه فان عجز
رد في الرق، وحد العجز أن يؤخر نجما عن وقته لا عن مطل إلا أن يكون الشرط
عدم التأخير مطلقا، والمدار في جواز الرد عدم القيام بالشرط ويستحب للمولى
الصبر عليه.
(مسألة 1539): لا بد في صحة المكاتبة في المولى من جواز التصرف وفي العبد
من البلوغ وكمال العقل وفي العوض من كونه دينا مؤجلا على قول عينا كان أو منفعة
كخدمة سنة معلوما مما يصح تملكه.
(مسألة 1540): إذا مات المكاتب في المشروطة بطلت الكتابة وكان ماله
وأولاده لمولاه.
(مسألة 1541): ليس للمكاتب أن يتصرف في ماله بغير الاكتساب إلا بإذن
المولى وينقطع تصرف المولى عن ماله بغير الاستيفاء بإذنه.
(مسألة 1542): لو وطأ مكاتبته فلها المهر وليس لها أن تتزوج بدون إذن المولى
وأولادها بعد الكتابة مكاتبون إذا لم يكونوا أحرارا كما إذا كان زوجها حرا.
* * *
359

كتاب الايمان والنذور
وفيه فصول
الفصل الأول في اليمين
(مسألة 1543): ينعقد اليمين بالله بأسمائه المختصة أو بما دل عليه جل وعلا مما
ينصرف إليه، وكذا مما لا ينصرف إليه على الأحوط، وينعقد لو قال: والله لا فعلن أو
بالله أو برب الكعبة أو تالله أو أيم الله أو لعمر الله أو أقسم بالله أو أحلف برب المصحف
ونحو ذلك، ولا ينعقد ما إذا قال وحق الله إلا قصد به الحلف بالله تعالى ولا ينعقد
اليمين بالبراءة من الله أو من أحد الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) ويحرم اليمين بها على الأحوط.
(مسألة 1544): يشترط في الحالف التكليف والقصد والاختيار، ويصح من
الكافر، وإنما ينعقد على الواجب أو المندوب أو المباح مع الأولوية أو ترك الحرام أو
ترك المكروه أو ترك المباح مع الأولوية، ولو تساوى متعلق اليمين وعدمه في الدين
والدنيا فالأظهر (1) وجوب العمل بمقتضى اليمين.
(مسألة 1545): لا يتعلق اليمين بفعل الغير، وتسمى يمين المناشدة، كما إذا قال:
والله لتفعلن، ولا بالماضي ولا بالمستحيل فلا يترتب أثر على اليمين في جميع ذلك.
(مسألة 1546): لو حلف على أمر ممكن ولكن تجدد له العجز مستمرا إلى انقضاء

(1) بل الأحوط.
360

الوقت المحلوف عليه أو إلى الأبد إن لم يكن له وقت انحلت اليمين.
(مسألة 1547): يجوز أن يحلف على خلاف الواقع مع تضمن المصلحة الخاصة
كدفع الظالم عن ماله أو مال المؤمن ولو مع إمكان التورية، (1) بل قد يجب
الحلف إذا كان به التخلص عن الحرام أو تخليص نفسه أو نفس مؤمن من الهلاك.
(مسألة 1548): لو حلف واستثنى بالمشيئة انحلت اليمين كما إذا قال: إن شاء الله
قاصدا به التعليق، أما إذا كان قصده التبرك لزمت.
(مسألة 1549): لا يمين للولد مع الأب ولا للزوجة مع الزوج ولا للعبد مع المولى
بمعنى أن للأب حل يمين الولد، وللزوج حل يمين الزوجة، وللمولى حل يمين العبد، بل
لا يبعد أن لا تصح يمينهم بدون إذنهم.
(مسألة 1550): إنما تجب الكفارة بحنث اليمين بأن يترك ما يجب فعله أو يفعل ما
يجب عليه تركه باليمين، لا بالغموس وهي اليمين كذبا على وقوع أمر، وقد يظهر من
بعض النصوص اختصاصها باليمين على حق امرئ أو منع حقه كذبا، ولا يجوز أن
يحلف إلا مع العلم.
الفصل الثاني
في النذر
(مسألة 1551): يشترط في الناذر التكليف والاختيار والقصد وإذن المولى
للعبد وفي اعتبار إذن الزوج في نذر ما لا ينافي حقه إشكال، ولا يبعد (2) عدم

(1) لا يترك الاحتياط بالتورية مع امكانها.
(2) صحة نذرها في مالها من دون اذنه في غير الحج أو الزكاة أو بر والديها أو صلة
رحمها محل اشكال.
361

اعتباره، ولا سيما في نذر الزوجة أمرا لا يتعلق بمالها، أما نذر ما ينافي حق الزوج
فلا اشكال في اعتبار اذنه في صحته ولو كان لاحقا إذا كان النذر في حال
زوجيتها، بل إذا كان قبلها أيضا على الأظهر.
وأما نذر الولد فالظاهر أنه لا ينعقد مع نهي والده عما تعلق به النذر وينحل
بنهيه عنه بعد النذر.
(مسألة 1552): النذر إما نذر بر شكرا كقوله: ان رزقت ولدا فلله علي كذا، أو
استدفاعا لبلية كقوله: ان برئ المريض فلله علي كذا، وإما نذر زجر كقوله: ان
فعلت محرما فلله علي كذا أو ان لم أفعل الطاعة فلله علي كذا، وإما نذر تبرع كقوله:
لله علي كذا، ومتعلق النذر في جميع ذلك يجب أن يكون طاعة (1) لله مقدورا للناذر.
(مسألة 1553): يعتبر في النذر أن يكون لله، فلو قال: علي كذا ولم يقل لله لم يجب
الوفاء به، ولو جاء بالترجمة فالأظهر وجوب الوفاء به.
(مسألة 1554): لو نذر فعل طاعة ولم يعين تصدق بشئ أو صلى ركعتين أو صام
يوما أو فعل أمرا آخر من الخيرات، ولو نذر صوم حين كان عليه ستة أشهر، ولو
قال زمانا فخمسة أشهر، (2) ولو نذر الصدقة بمال كثير فالمروي أنه ثمانون
درهما وعليه العمل، ولو نذر عتق كل عبد قديم عتق من مضى عليه ستة أشهر
فصاعدا في ملكه، هذا كله إذا لم تكن هناك قرينة تصرفه عنه وإلا كان العمل عليها،
ولو نذر عتق أول مملوك يملكه فملك جماعة فإن قصد عتق الواحد عينه بالقرعة، وان
قصد عتق كل مملوك ملكه أولا فعليه عتق الجميع.

(1) أي راجحا بحيث يصح اتيانه مضافا إلى الله تعالى.
(2) التقييد بالستة والخمسة مبني على الاحتياط.
362

(مسألة 1555): لو عجز عما نذر سقط فرضه إذا استمر العجز، فلو تجددت
القدرة عليه في وقته وجب، وإذا أطلق النذر لا يتقيد بوقت ولو قيده بوقت معين أو
مكان معين لزم.
(مسألة 1556): لو نذر صوم يوم فاتفق له السفر أو المرض أو حاضت المرأة أو
نفست أو كان عيدا أفطر ولزمه القضاء، (1) ولو أفطر عمدا لزمته الكفارة أيضا.
(مسألة 1557): لو نذر أن يجعل دابته أو عبده أو جاريته هديا لبيت الله تعالى أو
المشاهد، استعملت في مصالح البيت أو المشهد فإن لم يمكن ذلك بيعت وصرف ثمنها
في مصالحه من سراج وفراش وتنظيف وتعمير وغير ذلك.
(مسألة 1558): لو نذر شيئا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو لولي فالمدار على قصد الناذر ويرجع
في تعيينه مع الشك إلى ظاهر كلام الناذر، ولو لم يقصد إلا نفس هذا العنوان يصرف
على جهة راجعة إلى المنذور له، كالانفاق على زواره الفقراء أو الانفاق على حرمه
الشريف ونحو ذلك، ولو نذر شيئا لمشهد من المشاهد المشرفة صرف في مصارفه
فينفق على عمارته أو إنارته أو في شراء فراش له وما إلى ذلك من شؤونه.
الفصل الثالث
في العهود
(مسألة 1559): العهد أن يقول: عاهدت الله أو علي عهد الله أنه متى كان كذا
فعلي كذا، والظاهر انعقاده أيضا لو كان مطلقا غير معلق، وهو لازم ومتعلقه كمتعلق
النذر على إشكال ولا ينعقد النذر بل العهد أيضا إلا باللفظ وإن كان الأحوط فيه أن

(1) لزوم القضاء في حيض المرأة ونفاسها مبني على الاحتياط.
363

لا يتخلف عما نواه.
(مسألة 1560): لو عاهد الله أن يتصدق بجميع ما يملكه وخاف الضرر قومه
وتصدق به شيئا فشيئا حتى يوفي.
* * *
364

كتاب الكفارات
(مسألة 1561): الكفارة قد تكون مرتبة وقد تكون مخيرة وقد يجتمع فيها
الأمران وقد تكون كفارة الجمع.
(مسألة 1562): كفارة الظهار وقتل الخطأ مرتبة، ويجب فيهما عتق رقبة، فإن
عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينا، وكذلك كفارة من أفطر
يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال، ويجب فيها إطعام عشرة مساكين، فإن
عجز صام ثلاثة أيام، والأحوط أن تكون متتابعات.
(مسألة 1563): كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان أو خالف عهدا مخيرة،
وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا.
(مسألة 1564): كفارة الايلاء وكفارة اليمين وكفارة النذر حتى نذر صوم يوم
معين اجتمع فيها التخيير والترتيب، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو
كسوتهم، فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.
(مسألة 1565): كفارة قتل المؤمن عمدا ظلما كفارة جمع، وهي عتق رقبة وصيام
شهرين متتابعين وإطعام ستين مسكينا، وكذلك الافطار على حرام في شهر رمضان
على الأحوط.
(مسألة 1566): إذا اشترك جماعة في القتل وجبت الكفارة على كل واحد منهم
وكذا في قتل الخطأ.
365

(مسألة 1567): إذا كان المقتول مهدور الدم شرعا كالزاني المحصن واللائط
والمرتد فقتله غير الامام لم تجب الكفارة إذا كان بإذنه، وأما إن كان بغير إذن الإمام
ففيه إشكال. (1)
(مسألة 1568): قيل من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفارة ظهار، فإن عجز
فكفارة اليمين، ولا دليل عليه، وقيل كفارته إطعام عشرة مساكين وبه رواية معتبرة.
(مسألة 1569): في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة الافطار في شهر رمضان،
وفي نتفه أو خدش وجهها إذا أدمته أو شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته
كفارة يمين على الأحوط الأولى في جميع ذلك.
(مسألة 1570): لو تزوج بامرأة ذات بعل أو في العدة الرجعية فارقها،
والأحوط أن يكفر بخمسة أصوع من دقيق وإن كان الأقوى عدم وجوبه.
(مسألة 1571): لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى خرج الوقت أصبح صائما
على الأحوط استحبابا.
(مسألة 1572): لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه فالأحوط أن يتصدق لكل
يوم بمد على مسكين أو يعطيه مدين ليصوم عنه.
(مسألة 1573): من وجد ثمن الرقبة وأمكنه الشراء فقد وجد الرقبة، ويشترط
فيها الايمان بمعنى الاسلام وجوبا في القتل، وكذا في غيره على الأظهر، والأحوط
استحبابا اعتبار الايمان بالمعنى الأخص في الجميع، ويجزي الآبق، والأحوط
استحبابا اعتبار وجود طريق إلى حياته، وأم الولد والمدبر إذا نقض تدبيره قبل
العتق والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئا من مال الكتابة.

(1) إلا فيما يكون القتل جايزا شرعا كما يجئ في المسألة (1725).
366

(مسألة 1574): من لم يجد الرقبة أو وجدها ولم يجد الثمن انتقل إلى الصوم في
المرتبة، ولا يبيع ثياب بدنه ولا خادمه ولا مسكنه ولا غيرها مما يكون في بيعه ضيق
وحرج عليه لحاجته إليه.
(مسألة 1575): كفارة العبد في الظهار بالنسبة إلى الصوم صوم شهر وهو نصف
كفارة الحر، والمشهور على أن الكفارة في قتل الخطأ كذلك لكنه مشكل.
(مسألة 1576): إذا عجز عن الصيام في المرتبة ولو لأجل كونه حرجا عليه
وجب الاطعام، وكلما كان التكفير بالاطعام فإن كان بالتسليم لزم لكل مسكين مد
من الحنطة أو الدقيق أو الخبز على الأحوط في كفارة اليمين، وأما في غيرها فيجزي
مطلق الطعام كالتمر، والأرز، والأقط، والماش، والذرة، ولا تجزي القيمة، والأفضل
بل الأحوط مدان، ولو كان بالاشباع أجزأه مطلق الطعام، ويستحب الادام وأعلاه
اللحم وأوسطه الخل وأدناه الملح.
(مسألة 1577): يجوز إطعام الصغار بتمليكهم وتسليم الطعام إلى وليهم ليصرفه
عليهم، ولو كان بالاشباع فلا يعتبر إذن الولي على الأقوى، والأحوط احتساب
الاثنين منهم بواحد.
(مسألة 1578): يجوز التبعيض في التسليم والاشباع، فيشبع بعضهم ويسلم إلى
الباقي، ولكن لا يجوز التكرار مطلقا بأن يشبع واحدا مرات متعددة أو يدفع إليه
أمدادا متعددة من كفارة واحدة إلا إذا تعذر استيفاء تمام العدد. (1)
(مسألة 1579): الكسوة لكل فقير ثوب وجوبا، وثوبان استحبابا، بل هما مع
القدرة أحوط.

(1) والأحوط أن يكون في أيام متعددة.
367

(مسألة 1580): لابد من التعيين مع اختلاف نوع الكفارة، ويعتبر التكليف
والاسلام (1) في المكفر كما يعتبر في مصرفها الفقر، والأحوط اعتبار الايمان
ولا يجوز دفعها لواجب النفقة ويجوز دفعها إلى الأقارب بل لعله أفضل.
(مسألة 1581): المدار في الكفارة المرتبة على حال الأداء، فلو كان قادرا على
العتق ثم عجز صام، ولا يستقر العتق في ذمته، ويكفي في تحقق الموجب للانتقال إلى
البدل فيها العجز العرفي في وقت، فإذا أتى بالبدل ثم طرأت القدرة أجزأ، بل إذا عجز
عن الرقبة فصام شهرا (2) ثم تمكن منها اجتزأ بإتمام الصوم.
(مسألة 1582): في كفارة الجمع إذا عجز عن العتق وجب الباقي وعليه الاستغفار
على الأحوط، وكذا إذا عجز عن غيره من الخصال. (3)
(مسألة 1583): يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد، فلا يجوز أن يكفر
بنصفين من جنسين بأن يصوم شهرا ويطعم ثلاثين مسكينا.
(مسألة 1584): الأشبه في الكفارة المالية وغيرها جواز التأخير بمقدار لا يعد
من المسامحة في أداء الواجب، ولكن المبادرة أحوط.
(مسألة 1585): من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق (عليه السلام) من أن كفارة
عمل السلطان قضاء حوائج الاخوان، وكفارة المجالس أن تقول عند قيامك منها:
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين)

(1) بل الايمان.
(2) بل بالشروع في الصوم، وإن كان الأحوط الاقتصار في الاجتزاء بما إذا دخل
في الشهر الثاني.
(3) وإذا عجز عن الجميع فكفارته الاستغفار.
368

وكفارة الضحك: (اللهم لا تمقتني) وكفارة الاغتياب: الاستغفار للمغتاب، وكفارة
الطيرة: التوكل، وكفارة اللطم على الخدود: الاستغفار والتوبة.
(مسألة 1586): إذا عجز عن الكفارة المخيرة لافطار شهر رمضان عمدا استغفر
وتصدق بما يطيق على الأحوط، ولكن إذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير على الأحوط
وجوبا.
* * *
369

كتاب الصيد والذباحة
لا يجوز أكل الحيوان بدون تذكية، والتذكية تكون بالصيد والذبح والنحر
وغيرها فهنا فصول:
الفصل الأول
في الصيد
(مسألة 1587): لا يحل الحيوان إذا اصطاده غير الكلب من أنواع الحيوان
كالعقاب، والباشق، والصقر، والبازي، والفهد، والنمر وغيرها، ويحل إذا اصطاده
الكلب من دون فرق بين السلوقي وغيره، والأسود وغيره، فكل حيوان حلال
اللحم قد قتله الكلب بعقره وجرحه فهو ذكي ويحل أكله كما إذا ذبح.
(مسألة 1588): يشترط في حلية صيد الكلب أمور:
(الأول): أن يكون معلما للاصطياد، ويتحقق ذلك بأمرين:
أحدهما استرساله إذا أرسل، بمعنى أنه متى أغراه صاحبه بالصيد هاج عليه
وانبعث إليه.
ثانيهما أن ينزجر إذا زجره، وهل يعتبر فيه الانزجار بالزجر حتى إذا كان بعد
إرساله؟ وجهان أقواهما العدم، والأحوط اعتبار أن لا يأكل مما يمسكه في معتاد
الاكل، ولا بأس بأكله اتفاقا إذا لم يكن معتادا.
370

(الثاني): أن يكون بإرساله للاصطياد، فلو استرسل بنفسه من دون إرسال
لم يحل مقتوله، وكذا إذا أرسله لأمر غير الاصطياد من طرد عدو أو سبع فاصطاد
حيوانا، فإنه لا يحل، وإذا استرسل بنفسه فأغراه صاحبه لم يحل صيده وإن أثر
الاغراء فيه أثرا كشدة العدو على الأحوط، وإذا استرسل لنفسه فزجره صاحبه
فوقف ثم أغراه وأرسله فاسترسل كفى ذلك في حل مقتوله، وإذا أرسله لصيد غزال
بعينه فصاد غيره حل، وكذا إذا صاده وصاد غيره معه فإنهما يحلان، فالشرط قصد
الجنس لا قصد الشخص.
(الثالث): أن يكون المرسل مسلما فإذا أرسله كافر (1) فاصطاد لم يحل
صيده، ولا فرق في المسلم بين المؤمن والمخالف حتى الصبي، كما لا فرق في الكافر بين
الوثني وغيره والحربي والذمي.
(الرابع): أن يسمي عند إرساله، والأقوى الاجتزاء (2) بها بعد الارسال
قبل الإصابة فإذا ترك التسمية عمدا لم يحل الصيد، أما إذا كان نسيانا حل وكذلك
حكم الصيد بالآلة الجمادية كالسهم.
(مسألة 1589): يكفي الاقتصار في التسمية هنا وفي الذبح والنحر على ذكر الله
مقترنا بالتعظيم مثل: الله أكبر، والحمد لله، وبسم الله وفي الاكتفاء بذكر الاسم
الشريف مجردا إشكال. (3)
(الخامس): أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب وعقره، أما إذا استند إلى

(1) أو من بحكمه كالنواصب والخوارج.
(2) الأحوط ان لم يكن أقوى عدم الاجتزاء.
(3) بل الظاهر الاكتفاء.
371

سبب آخر من صدمة أو اختناق أو إتعاب في العدو أو نحو ذلك لم يحل.
(مسألة 1590): إذا أرسل الكلب إلى الصيد فلحقه فأدركه ميتا بعد إصابة
الكلب حل أكله، وكذا إذا أدركه حيا بعد إصابته ولكن لم يسع الزمان لتذكيته فمات،
أما إذا كان الزمان يسع لتذكيته فتركه حتى مات لم يحل، وكذا الحال إذا أدركه بعد
عقر الكلب له حيا لكنه كان ممتنعا بأن بقي منهزما يعدو، فإنه إذا تبعه فوقف فإن
أدركه ميتا حل، وكذا إذا أدركه حيا ولكنه لم يسع الزمان لتذكيته، أما إذا كان يسع
لتذكيته فتركه حتى مات لم يحل.
(مسألة 1591): أدنى زمان تدرك فيه ذكاته أن يجده تطرف عينه أو تركض
رجله أو يتحرك ذنبه أو يده، فإنه إذا أدركه كذلك ولم يذكه والزمان متسع لتذكيته
لم يحل إلا بالتذكية.
(مسألة 1592): إذا اشتغل عن تذكيته بمقدمات التذكية من سل السكين ورفع
الحائل من شعر ونحوه عن موضع الذبح ونحو ذلك فمات قبل أن يذبحه حل، كما إذا
لم يسع الوقت للتذكية، أما إذا لم تكن عنده آلة الذبح فلم يذبحه حتى مات لم يحل،
نعم لو أغرى الكلب به حينئذ حتى يقتله فقتله حل أكله على الأقوى.
(مسألة 1593): الظاهر عدم وجوب المبادرة إلى الصيد من حين إرسال الكلب
ولا من حين إصابته له إذا بقي على امتناعه، وفي وجوب المبادرة حينما أوقفه وصيره
غير ممتنع وجهان، أحوطهما الأول، هذا إذا احتمل ان في المسارعة إليه إدراك
ذكاته، أما إذا علم بعدم ذلك ولو من جهة بعد المسافة على نحو لا يدركه إلا بعد موته
بجناية الكلب فلا إشكال في عدم وجوب المسارعة إليه.
(مسألة 1594): إذا عض الكلب الصيد كان موضع العضة نجسا فيجب غسله
ولا يجوز أكله قبل غسله.
372

(مسألة 1595): لا يعتبر في حل الصيد وحدة المرسل، فإذا أرسل جماعة كلبا
واحدا مع إجتماع الشرائط في الجميع أو في واحد منهم مع كفاية إغرائه في ذهاب
الكلب لو كان هو المغري وحده (1) حل صيده، وكذا لا يعتبر وحدة الكلب فإذا
أرسل شخص واحد كلابا فاصطادت على الاشتراك حيوانا حل.
نعم يعتبر في المتعدد اجتماع الشرائط، فلو أرسل مسلم وكافر كلبين فاصطادا
حيوانا لم يحل، وكذا إذا كانا مسلمين فسمى أحدهما ولم يسم الأخر أو كان كلب
أحدهما معلما دون كلب الأخر.
هذا إذا استند القتل إليهما معا، أما إذا استند إلى أحدهما كما إذا سبق أحدهما
فأثخنه وأشرف على الموت ثم جاءه الأخر فأصابه يسيرا بحيث استند الموت إلى
السابق اعتبر إجتماع الشروط في السابق لا غير، وإذا أجهز عليه اللاحق بعد أن
أصابه السابق ولم يوقفه، بل بقي على امتناعه بحيث استند موته إلى اللاحق لا غير
اعتبر اجتماع الشروط في اللاحق.
(مسألة 1596): إذا شك في أن موت الصيد كان مستندا إلى جناية الكلب أو إلى
سبب آخر لم يحل، نعم إذا كانت هناك امارة عرفية على استناده إليها حل وإن
لم يحصل منها العلم.
(مسألة 1597): لا يحل الصيد المقتول بالآلة الجمادية إلا إذا كانت الآلة سلاحا
قاطعا كان كالسيف والسكين والخنجر ونحوها أو شائكا كالرمح والسهم والعصا وان
لم يكن في طرفهما حديدة بل كانا محددين بنفسهما، نعم يعتبر الجرح فيما لا حديدة له
دون ما فيه حديدة، فإنه إذا قتل بوقوعه على الحيوان حل وان لم يجرحه بخلاف ما

(1) الأحوط ان لم يكن أقوى عدم حل الصيد في هذه الصورة.
373

لا حديدة له، فإنه لا يحل إذا وقع معترضا فالمعراض - وهو كما قيل خشبة غليظة
الوسط محددة الطرفين - ان قتل معترضا لم يحل ما يقتله وان قتل بالخرق حل.
(مسألة 1598): الظاهر أنه يجزي عن الحديد غيره من الفلزات كالذهب والفضة
والصفر وغيرها، فيحل الحيوان المقتول بالسيف أو الرمح المصنوعين منها.
(مسألة 1599): لا يحل الصيد المقتول بالحجارة والمقمعة والعمود والشبكة
والشرك والحبالة ونحوها من آلات الصيد مما ليست قاطعة ولا شائكة.
(مسألة 1600): في الاجتزاء بمثل المخيط والشك ونحوهما مما لا يصدق عليه
السلاح عرفا وإن كان شائكا إشكال، وأما ما يصدق عليه السلاح فلا إشكال فيه
وان لم يكن معتادا.
(مسألة 1601): لا يبعد حل الصيد بالبنادق المتعارفة في هذه الأزمنة إذا كانت
محددة مخروطة سواء أكانت من الحديد أم الرصاص أم غيرهما، نعم إذا كانت
البنادق صغيرة الحجم المعبر عنها في عرفنا (بالصچم) ففيه اشكال.
(مسألة 1602): يشترط في حل الصيد بالآلة الجمادية كون الرامي مسلما،
والتسمية حال الرمي، واستناد القتل إلى الرمي، وأن يكون الرمي بقصد الاصطياد،
فلو رمى لا بقصد شئ أو بقصد هدف أو عدو أو خنزير فأصاب غزالا فقتله
لم يحل، وكذا إذا أفلت من يده فأصاب غزالا فقتله، ولو رمى بقصد الاصطياد
فأصاب غير ما قصد حل.
ويعتبر في الحلية أن تستقل الآلة المحللة في القتل فلو شاركها غيرها لم يحل، كما
إذا سقط في الماء أو سقط من أعلى الجدار إلى الأرض بعد ما أصابه السهم فاستند
الموت إليهما، وكذا إذا رماه مسلم وكافر ومن سمى ومن لم يسم أو من قصد ومن
لم يقصد واستند القتل إليهما معا، وإذا شك في الاستقلال في الاستناد إلى المحلل بني
374

علي الحرمة.
(مسألة 1603): إذا رمى سهما فأوصلته الريح إلى الصيد فقتله حل وإن كان لولا
الريح لم يصل، وكذا إذا أصاب السهم الأرض ثم وثب فأصابه فقتله.
(مسألة 1604): لا يعتبر في حلية الصيد بالآلة وحدة الآلة ولا وحدة الصائد،
فلو رمى أحد صيدا بسهم وطعنه آخر برمح فمات منهما معا حل إذا اجتمعت
الشرائط في كل منهما، بل إذا أرسل أحد كلبه إلى حيوان فعقره ورما آخر بسهم
فأصابه فمات منهما معا حل أيضا.
(مسألة 1605): إذا اصطاد بالآلة المغصوبة حل الصيد، وان أثم باستعمال الآلة
وكان عليه أجرة المثل إذا كان للاصطياد بها أجرة، ويكون الصيد ملكا للصائد
لا لصاحب الآلة.
(مسألة 1606): يختص الحل بالاصطياد بالآلة الحيوانية والجمادية بما كان
الحيوان ممتنعا بحيث لا يقدر عليه إلا بوسيلة - كالطير والظبي وبقر الوحش وحماره
ونحوها - فلا يقع على الأهلي الذي يقدر عليه بلا وسيلة - كالبقر والغنم والإبل
والدجاج ونحوها - وإذا استوحش الأهلي حل لحمه بالاصطياد، وإذا تأهل
الوحشي كالظبي والطير المتأهلين لم يحل لحمه بالاصطياد، وولد الحيوان الوحشي
قبل أن يقوى على الفرار وفرخ الطير قبل نهوضه للطيران بحكم الأهلي فإذا رمى
طيرا وفرخه فماتا حل الطير وحرم الفرخ.
(مسألة 1607): الثور المستعصي والبعير العاصي والصائل من البهائم يحل لحمه
بالاصطياد كالوحشي بالأصل، وكذلك كل ما تردى من البهائم في بئر ونحوها
وتعذر ذبحه أو نحره فان تذكيته تحصل بعقره في أي موضع كان من جسده وان
لم يكن في موضع النحر أو الذبح ويحل لحمه حينئذ، ولكن في عموم الحكم للعقر
375

بالكلب إشكال، فالأحوط الاقتصار في تذكيته بذلك على العقر بالآلة الجمادية.
(مسألة 1608): لا فرق في تحقق الذكاة بالاصطياد بين حلال اللحم وحرامه،
فالسباع إذا اصطيدت صارت ذكية وجاز الانتفاع بجلدها، هذا إذا كان الصيد
بالآلة الجمادية أما إذا كان بالكلب ففيه اشكال.
(مسألة 1609): إذا قطعت آلة الصيد الحيوان قطعتين، فإن كانت الآلة مما يجوز
الاصطياد بها مثل السيف والكلب فان زالت الحياة عنهما معا حلتا جميعا مع اجتماع
سائر شرائط التذكية، وكذا ان بقيت الحياة ولم يتسع الزمن لتذكيته، وان وسع الزمان
لتذكيته حرم الجزء الذي ليس فيه الرأس وحل ما فيه الرأس بالتذكية فإن مات ولم يذك
حرم هو أيضا، وإن كانت الآلة مما لا يجوز الاصطياد به كالحبالة والشبكة حرم ما ليس
فيه الرأس وحل ما فيه الرأس بالتذكية فإن لم يذك حتى مات حرم أيضا.
(مسألة 1610): الحيوان الممتنع بالأصل يملك بأخذه، كما إذا قبض على يده أو
رجله أو رباطه، فإنه يملكه الآخذ، وكذا إذا نصب شبكة أو شركا أو نحوهما من
الآلات التي يعتاد الاصطياد بها فوقع فيها، فإنه يملكه ناصبها، وكذا إذا رماه بسهم
أو نحوه من آلات الصيد فصيره غير ممتنع، كما إذا جرحه فعجز عن العدو أو كسر
جناحه فعجز عن الطيران، فإنه يملكه الرامي ويكون له نماؤه، ولا يجوز لغيره
التصرف فيه إلا باذنه، وإذا أفلت من يده أو شبكته أو برأ من العوار الذي أصابه
بالرمي فصار ممتنعا فاصطاده غيره لم يملكه ووجب دفعه إلى مالكه.
نعم إذا نصب الشبكة لا بقصد الاصطياد لم يملك ما ثبت فيها وكذا إذا رمى
لا بقصد الاصطياد فإنه لا يملك الرمية ويجوز لغيره اخذها ولو أخذها لا بقصد الملك
ففي تحقق ملكه لها اشكال، والأقرب ذلك.
(مسألة 1611): إذا توحل الحيوان في أرضه أو وثبت السمكة في سفينته لم يملك
376

شيئا من ذلك، أما إذا أعد شيئا من ذلك للاصطياد كما إذا أجري الماء في أرضه
لتكون موحلة أو وضع سفينته في موضع معين ليثب فيها السمك فوثب فيها أو وضع
الحبوب في بيته وأعده لدخول العصافير فيه فدخلت وأغلق عليها باب البيت أو
طردها إلى مضيق لا يمكنها الخروج منه فدخله ونحو ذلك من الاصطياد بغير
الآلات التي يعتاد الاصطياد بها ففي إلحاق ذلك بالة الصيد المعتادة في حصول الملك
إشكال وإن كان الالحاق هو الاظهر.
(مسألة 1612): إذا سعى خلف حيوان فوقف للاعياء لم يملكه حتى يأخذه، فإذا
أخذه غيره قبل أن يأخذه هو ملكه. (1)
(مسألة 1613): إذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد فلم تمسكه الشبكة
لضعفها وقوته فانفلت منها لم يملكه ناصبها.
(مسألة 1614): إذا رمى الصيد فأصابه لكنه تحامل طائرا أو عاديا بحيث بقي
على امتناعه ولم يقدر عليه إلا بالاتباع والاسراع لم يملكه الرامي.
(مسألة 1615): إذا رمى اثنان صيدا دفعة فان تساويا في الأثر بأن أثبتاه معا
فهو لهما، وإذا كان أحدهما جارحا والاخر مثبتا وموقفا له كان للثاني، ولا ضمان
على الجارح، وإذا كان تدريجا فهو ملك من صيره رمية غير ممتنع سابقا كان أو لاحقا.
(مسألة 1616): إذا رمى صيدا حلالا باعتقاد كونه كلبا أو خنزيرا فقتله لم يحل.
(مسألة 1617): إذا رماه فجرحه لكن لم يخرج عن الامتناع فدخل دارا فأخذه
صاحب الدار ملكه بأخذه لا بدخول الدار.
(مسألة 1618): إذا صنع برجا في داره لتعشعش فيه الحمام فعشعشت فيه

(1) في عدم ثبوت حق للساعي اشكال، فالأحوط التصالح.
377

لم يملكها، فيجوز لغيره صيدها ويملكها بذلك.
(مسألة 1619): إذا أطلق الصائد صيده من يده فإن لم يكن ذلك عن اعراض
عنه بقي على ملكه لا يملكه غيره باصطياده، وإن كان عن إعراض صار كالمباح
بالأصل فيجوز لغيره اصطياده ويملكه بذلك، وليس للأول الرجوع عليه، وكذا
الحكم في كل مال أعرض عنه مالكه حيوانا كان أو غيره، بل الظاهر أنه لا فرق بين
أن يكون الاعراض ناشئا عن عجز المالك عن بقائه في يده وتحت استيلائه لقصور
في المال أو المالك وأن يكون لاعن عجز عنه بل لغرض آخر.
(مسألة 1620): قد عرفت أن الصائد يملك الصيد بالاصطياد إذا كان مباحا
بالأصل أو بمنزلته كما تقدم ولا يملكه إذا كان مملوكا لمالك، وإذا شك في ذلك بنى على
الأول إلا إذا كانت امارة على الثاني، مثل ان يوجد طوق في عنقه أو قرط في أذنه أو
حبل مشدود في يده أو رجله أو غيرها، وإذا علم كونه مملوكا لمالك وجب رده إليه
وإذا جهل جرى عليه حكم اللقطة إن كان ضائعا وإلا جرى عليه حكم مجهول
المالك، ولا فرق في ذلك بين الطير وغيره.
نعم إذا ملك الطائر جناحيه فهو لمن أخذه إلا إذا كان له مالك معلوم معين
فيجب رده إليه، وإن كان الأحوط فيما إذا علم أن له مالكا غير معين إجراء حكم
اللقطة أو مجهول المالك عليه.
فصل
في ذكاة السمك والجراد
(مسألة 1621): ذكاة السمك تحصل بالاستيلاء عليه حيا خارج الماء، إما
بأخذه من داخل الماء إلى خارجه حيا باليد أو من شبكة وشص وفالة وغيرها، أو
378

بأخذه خارج الماء باليد أو بالآلة بعدما خرج بنفسه أو بنضوب الماء عنه أو غير
ذلك، فإذا وثب في سفينة أو على الأرض فاخذ حيا صار ذكيا وإذا لم يؤخذ حتى
مات صار ميتة وحرم أكله وإن كان قد نظر إليه وهو حي يضطرب، وإذا ضربها
وهي في الماء بالة فقسمها نصفين ثم أخرجهما حيين فان صدق على أحدهما أنه سمكة
ناقصة كما لو كان فيه الرأس حل هو دون غيره، وإذا لم يصدق على أحدهما انه
سمكة ففي حلهما اشكال والأظهر العدم.
(مسألة 1622): لا يشترط في تذكية السمك الاسلام ولا التسمية فلو أخرجه
الكافر حيا من الماء أو أخذه بعد أن خرج فمات صار ذكيا كما في المسلم ولا فرق في
الكافر بين الكتابي وغيره.
(مسألة 1623): إذا وجد السمك في يد الكافر ولم يعلم أنه ذكاه أم لا بنى على
العدم، وإذا أخبره بأنه ذكاه لم يقبل خبره، وإذا وجده في يد مسلم يتصرف فيه بما
يدل على التذكية أو أخبر بتذكيته بنى على ذلك.
(مسألة 1624): إذا وثبت السمكة في سفينة لم يملكها السفان ولا صاحب السفينة
حتى تؤخذ فيملكها آخذها وإن كان غيرهما، نعم إذا قصد صاحب السفينة
الاصطياد بها وعمل بعض الأعمال المستوجبة لذلك، كما إذا وضعها في مجتمع
السمك وضرب الماء بنحو يوجب وثوب السمك فيها كان ذلك بمنزلة اخراجه من
الماء حيا في صيرورته ذكيا، وفي تحقق الملك بمجرد ذلك ما لم يؤخذ باليد ونحوها
اشكال وتقدم أنه هو الاظهر.
(مسألة 1625): إذا وضع شبكة في الماء فدخل فيها السمك ثم أخرجها من الماء
ووجد ما فيها ميتا كله أو بعضه فالظاهر حليته.
(مسألة 1626): إذا نصب شبكة أو صنع حضيرة لاصطياد السمك فدخلها ثم
379

نضب الماء بسبب الجزر أو غيره فمات بعد نضوب الماء صار ذكيا وحل أكله، أما إذا
مات قبل نضوب الماء فقولان أقواهما الحلية.
(مسألة 1627): إذا أخرج السمك من الماء حيا ثم ربطه بحبل مثلا وارجعه إليه
فمات فيه فالظاهر الحرمة، وإذا أخرجه ثم وجده ميتا وشك في أن موته كان في الماء
أو في خارجه حكم بحليته سواء علم تاريخ الاخراج أو الموت أو جهل التاريخان،
وإذا اضطر السماك إلى ارجاعه إلى الماء وخاف موته فيه فليكن ذلك بعد موته ولو
بأن يقتله هو بضرب أو غيره.
(مسألة 1628): إذ طفا السمك على وجه الماء بسبب ابتلاعه ما يسمى بالزهر أو
عض حيوان له أو غير ذلك مما يوجب عجزه عن السباحة فان اخذ حيا صار ذكيا
وحل أكله، وان مات قبل ذلك حرم.
(مسألة 1629): إذا القى إنسان الزهر في الماء لا بقصد اصطياد السمك فابتلعه
السمك وطفا لم يملكه إلا إذا أخذه، فإن أخذه غيره ملكه، واما إذا كان بقصد
الاصطياد فالظاهر أيضا أنه لا يملكه به (1) من دون فرق بين أن يقصد سمكة
معينة أو بعضا غير معين، نعم لو رماه بالبندقية أو بسهم أو طعنه برمح فعجز عن
السباحة وطفا على وجه الماء لم يبعد كونه ملكا للرامي والطاعن.
(مسألة 1630): لا يعتبر في حل السمك إذا خرج من الماء حيا ان يموت بنفسه،
فلو مات بالتقطيع أو بشق بطنه أو بالضرب على رأسه فمات حل أيضا، بل لو شواه
في النار حيا فمات حل أكله بل الأقوى جواز أكله حيا.
(مسألة 1631): إذا أخرج السمك من الماء حيا فقطع منه قطعة وهو حي وألقى

(1) ولكن الأحوط وجوبا ان يصالحه من أخذه.
380

الباقي في الماء فمات فيه حلت (1) القطعة المبانة منه وحرم الباقي، وإذا قطعت منه
قطعة وهو في الماء قبل اخراجه ثم اخرج حيا فمات خارج الماء حرمت القطعة
المبانة منه وهو في الماء وحل الباقي.
ذكاة الجراد
(مسألة 1632): ذكاة الجراد أخذه حيا سواء أكان الاخذ باليد أم بالآلة، فما مات
قبل أخذه حرم ولا يعتبر في تذكيته التسمية والاسلام، فما يأخذه الكافر حيا فهو
أيضا ذكي حلال، نعم لا يحكم بتذكية ما في يده إلا أن يعلم بها، وان أخبر بأنه ذكاه
لا يقبل خبره.
(مسألة 1633): لا يحل الدبا من الجراد وهو الذي لم يستقل بالطيران.
(مسألة 1634): إذا اشتعلت النار في موضع فيه الجراد فمات قبل ان يؤخذ حيا
حرم أكله، وإذا اشتعلت النار في موضع فجاء الجراد الذي كان في المواضع المجاورة
لذلك وألقى نفسه فيه فمات ففي حله بذلك إشكال. (2)
فصل
في الذباحة
(مسألة 1635): يشترط في حل الذبيحة بالذبح أن يكون الذابح مسلما، فلا تحل
ذبيحة الكافر وإن كان كتابيا ولا يشترط فيه الايمان، فتحل ذبيحة المخالف إذا كان

(1) في حليتها اشكال فلا يترك الاحتياط.
(2) الا ان يقصد بالإشعال اصطياده.
381

محكوما باسلامه على الأقوى، ولا تحل إذا كان محكوما بكفره كالناصب والخارجي
وبعض أقسام الغلاة.
(مسألة 1636): يجوز أن تذبح المسلمة وولد المسلم وإن كان طفلا إذا أحسن
التذكية، وكذا الأعمى والأغلف والخصي والجنب والحائض والفاسق، ولا يجوز
ذبح غير الشاعر بفعله كالمجنون والنائم والسكران، نعم الظاهر جواز ذبح المجنون
ونحوه إذا كان مميزا في الجملة مع تحقق سائر الشرائط.
(مسألة 1637): لا يعتبر في الذبح الاختيار فيجوز ذبح المكره وإن كان اكراهه
بغير حق، كما لا يعتبر أن يكون الذابح ممن يعتقد وجوب التسمية، فيجوز ذبح غيره
إذا كان قد سمى.
(مسألة 1638): يجوز ذبح ولد الزنا إذا كان مسلما بالغا كان أم غيره.
(مسألة 1639): لا يجوز الذبح بغير الحديد في حال الاختيار وإن كان من
المعادن المنطبعة كالنحاس والصفر والرصاص والذهب والفضة، فان ذبح بغيره مع
القدرة عليه لا يحل المذبوح، أما مع عدم القدرة على الحديد فيجوز الذبح بكل ما
يفري الأوداج وإن كان ليطة أو خشبة أو حجرا حادا أو زجاجة، والأظهر (1)
عدم اعتبار خوف فوت الذبيحة في الضرورة، وإن كان الاعتبار أحوط، وفي
جوازه حينئذ بالسن والظفر اشكال، ولا يبعد جواز الذبح اختيارا بالمنجل ونحوه
مما يقطع الأوداج ولو بصعوبة، وإن كان الأحوط الاقتصار على حال الضرورة.
(مسألة 1640): الواجب قطع الأعضاء الأربعة وهي: المرئ وهو مجرى الطعام،
والحلقوم وهو مجرى النفس ومحله فوق المرئ، والودجان وهما عرقان محيطان

(1) بل الأحوط وجوبا اعتبار خوف فوتها.
382

بالحلقوم والمرئ، وفي الاجتزاء بفريها من دون قطع إشكال، (1) وكذا الاشكال
في الاجتزاء بقطع الحلقوم وحده وإن كان الاظهر عدمه.
(مسألة 1641): الظاهر أن قطع تمام الأعضاء يلازم بقاء الخرزة المسماة في عرفنا
(بالجوزة) في العنق، فلو بقى شئ منها في الجسد لم يتحقق قطع تمامها كما شهد بذلك
بعض الممارسين المختبرين.
(مسألة 1642): يعتبر قصد الذبح، فلو وقع السكين من يد أحد على الأعضاء
الأربعة فقطعها لم يحل وان سمى حين أصاب الأعضاء، وكذا لو كان قد قصد بتحريك
السكين على المذبح شيئا غير الذبح فقطع الأعضاء أو كان سكرانا أو مغمى عليه أو
مجنونا غير مميز على ما تقدم.
(مسألة 1643): الظاهر عدم وجوب تتابع قطع الأعضاء فلو قطع بعضها ثم
أرسلها ثم أخذها فقطع الباقي قبل أن تموت حل لحمها (2) ولكن الاحتياط
بالتتابع أولى وأحسن.
(مسألة 1644): ذهب جماعة كثيرة إلى أنه يشترط في حل الذبيحة استقرار
الحياة بمعنى امكان أن يعيش مثلها اليوم والأيام، وذهب آخرون إلى عدم اشتراط
ذلك، وهو الأقوى، نعم يشترط الحياة حال قطع الأعضاء بالمعنى المقابل للموت
فلا تحل الذبيحة بالذبح إذا كانت ميتة، وهذا مما لا إشكال فيه، وعلى هذا فلو قطعت
رقبة الذبيحة من فوق وبقيت فيها الحياة فقطعت الأعضاء على الوجه المشروع
حلت، وكذا إذا شق بطنها وانتزعت أمعاؤها فلم تمت بذلك فإنها إذا ذبحت حلت،

(1) بل منع.
(2) والأحوط وجوبا مراعاة التتابع بحسب المتعارف.
383

وكذا إذا عقرها سبع أو ذئب أو ضربت بسيف أو بندقية وأشرفت على الموت
فذبحت قبل أن تموت فإنها تحل.
(مسألة 1645): لو أخذ الذابح بالذبح فشق آخر بطنه وانتزع أمعاءه مقارنا
للذبح فالظاهر (1) حل لحمه، وكذا الحكم في كل فعل يزهق إذا كان مقارنا
للذبح، ولكن الاحتياط أولى.
(مسألة 1646): لا يعتبر اتحاد الذابح، فيجوز وقوع الذبح من اثنين على سبيل
الاشتراك مقترنين بان يأخذا السكين بيديهما ويذبحا معا أو يقطع أحدهما بعض
الأعضاء والاخر الباقي دفعة أو على التدريج بان يقطع أحدهما بعض الأعضاء ثم
يقطع الأخر الباقي وتجب التسمية عليهما معا، ولا يجتزأ بتسمية أحدهما على
الأقوى.
(مسألة 1647): إذا أخطأ الذابح فذبح من فوق الجوزة والتفت فذبحها من تحت
الجوزة قبل أن تموت حل لحمها كما تقدم.
(مسألة 1648): إذا قطع بعض الأعضاء الأربعة على غير النهج الشرعي بان
ضربها شخص بالة فانقطع بعض الأعضاء، أو عضها الذئب فقطعه بأسنانه أو غير
ذلك وبقيت الحياة وكان بعض الأعضاء سالما أمكنت تذكيتها بقطع العضو الباقي
وبفري العضو المقطوع من فوق محل القطع من العضو المقطوع أو من تحته وتحل
بذلك، (2) نعم إذا قطع الذئب أو غيره تمام العضو فلم يبق ما يكون قابلا للفري
حرمت.

(1) فيه اشكال فلا يترك الاحتياط.
(2) في الحلية اشكال فلا يترك الاحتياط.
384

(مسألة 1649): إذا ذبحت الذبيحة ثم وقعت في نار أو ماء أو سقطت إلى الأرض
من شاهق أو نحو ذلك مما يوجب زوال الحياة لم تحرم، وليس الحكم كذلك في الصيد
كما تقدم، فتفترق التذكية بالصيد عن التذكية بالذبح فإنه يعتبر في الأول العلم
باستناد الموت إليها ولا يعتبر ذلك في الثانية.
(مسألة 1650): يشترط في التذكية بالذبح أمور:
(الأول): الاستقبال بالذبيحة حال الذبح بأن يوجه مقاديمها ومذبحها إلى القبلة
فان أخل بذلك عالما عامدا حرمت، وإن كان ناسيا أو جاهلا بالحكم أو خطأ منه في
القبلة بأن وجهها إلى جهة اعتقد انها القبلة فتبين الخلاف لم تحرم في جميع ذلك، وكذا
إذا لم يعرف القبلة أو لم يتمكن من توجيهها إليها واضطر إلى تذكيتها كالحيوان
المستعصي أو الواقع في بئر ونحوه.
(مسألة 1651): لا يشترط استقبال الذابح نفسه وإن كان أحوط.
(مسألة 1652): إذا خاف موت الذبيحة لو اشتغل بالاستقبال بها فالظاهر عدم
لزومه.
(مسألة 1653): يجوز في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح أن يضعها على
الجانب الأيمن كهيئة الميت حال الدفن وان يضعها على الأيسر، ويجوز أن يذبحها
وهي قائمة مستقبلة القبلة.
الشرط الثاني: التسمية من الذابح مع الالتفات، ولو تركها عمدا حرمت
الذبيحة، ولو تركها نسيانا لم تحرم، والأحوط استحبابا الاتيان بها عند الذكر، ولو
تركها جهلا بالحكم فالظاهر الحرمة.
(مسألة 1654): الظاهر لزوم الاتيان بالتسمية بعنوان كونها على الذبيحة من
جهة الذبح، ولا تجزي التسمية الاتفاقية أو المقصود منها عنوان آخر، والظاهر لزوم
385

الاتيان بها عند الذبح مقارنة له عرفا، ولا يجزي الاتيان بها عند مقدمات الذبح
كربط المذبوح.
(مسألة 1655): يجوز ذبح الأخرس، وتسميته تحريك لسانه واشارته بإصبعه.
(مسألة 1656): يكفي في التسمية الاتيان بذكر الله تعالى مقترنا بالتعظيم مثل:
الله أكبر، والحمد لله، وبسم الله، وفي الاكتفاء بمجرد ذكر الاسم الشريف
اشكال (1) كما تقدم في الصيد.
الشرط الثالث: خروج الدم المعتاد على النحو المتعارف على الأحوط لو لم يكن
أقوى، فلو لم يخرج الدم أو خرج متثاقلا أو متقاطرا لم تحل وإن علم حياتها حال
الذبح، والعبرة في ذلك بملاحظة نوع الحيوان، فقد يكون الحيوان ولو من جهة
المرض يخرج منه الدم متثاقلا متقاطرا لكنه متعارف في نوعه فلا يضر ذلك بحليته.
الشرط الرابع: أن يكون الذبح من المذبح، (2) فلا يجوز أن يكون من القفا،
بل الأحوط وضع السكين على المذبح ثم قطع الأوداج فلا يكفي إدخال السكين
تحت الأوداج ثم قطعها إلى فوق.
(مسألة 1657): إذا شك في حياة الذبيحة كفى في الحكم بها حدوث حركة بعد
تمامية الذبح وإن كانت قليلة مثل ان تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو اذنها أو تركض
برجلها أو نحو ذلك، ولا حاجة إلى هذه الحركة إذا علم بحياتها حال الذبح.
(مسألة 1658): الأحوط لزوما عدم قطع رأس الذبيحة عمدا قبل موتها،
ولا بأس به إذا لم يكن عن عمد بل كان لغفلة أو سبقته السكين أو غير ذلك، كما أن

(1) بل الظاهر الاكتفاء.
(2) على الأحوط وجوبا.
386

الأحوط ان لا تنخع الذبيحة عمدا بأن يصاب نخاعها حين الذبح، والمراد به الخيط
الأبيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة إلى الذنب.
(مسألة 1659): إذا ذبح الطير فقطع رأسه متعمدا فالظاهر جواز أكل لحمه،
ولكن يحرم تعمد ذلك مع عدم الاضطرار تكليفا على الأحوط.
(مسألة 1660): تختص الإبل من بين البهائم بان تذكيتها بالنحر، ولا يجوز ذلك
في غيرها، فلو ذكى الإبل بالذبح أو ذكى غيرها بالنحر لم يحل، نعم لو أدرك ذكاته
بان نحر غير الإبل وأمكن ذبحه قبل ان يموت فذبحه حل، وكذا لو ذبح الإبل ثم نحرها
قبل أن تموت حلت.
(مسألة 1661): لا يجب في الذبح أن يكون في أعلى الرقبة بل يجوز أن يكون في
وسطها وفي أسفلها إذا تحقق قطع الأوداج الأربعة.
(مسألة 1662): كيفية النحر ان يدخل الآلة من سكين وغيره حتى مثل المنجل
في اللبة وهو الموضع المنخفض الواقع في أعلى الصدر متصلا بالعنق، ويشترط في
الناحر ما يشترط في الذابح، وفي آلة النحر ما يشترط في آلة الذبح، ويجب فيه
التسمية والاستقبال بالمنحور والحياة حال النحر وخروج الدم المعتاد، ويجوز نحر
الإبل قائمة وباركة مستقبلا بها القبلة.
(مسألة 1663): إذا تعذر ذبح الحيوان أو نحره كالمستعصي والواقع عليه جدار
والمتردي في بئر أو نهر ونحوهما على نحو لا يتمكن من ذبحه أو نحره جاز أن يعقر
بسيف أو خنجر أو سكين أو غيرها وإن لم يصادف موضع التذكية ويحل لحمه بذلك،
نعم لا بد من التسمية واجتماع شرائط الذابح في العاقر، وقد تقدم التعرض لذلك في
الصيد فراجع.
(مسألة 1664): ذكاة الجنين ذكاة امه فإذا ماتت أمه بدون تذكية فان مات هو
387

في جوفها حرم أكله، وكذا إذا اخرج منها حيا فمات بلا تذكية وأما إذا أخرج
حيا فذكي حل اكله، وإذا ذكيت امه فمات في جوفها حل أكله وإذا اخرج حيا فان
ذكي حل اكله وإن لم يذك حرم.
(مسألة 1665): إذا ذكيت أمه فخرج حيا ولم يتسع الزمان لتذكيته فمات بلا
تذكية فالأقوى حرمته، وأما إذا ماتت أمه بلا تذكية فخرج حيا ولم يتسع الزمان
لتذكيته فمات بدونها فلا إشكال في حرمته.
(مسألة 1666): الظاهر وجوب المبادرة إلى شق جوف الذبيحة واخراج الجنين
منها على النحو المتعارف، فإذا توانى عن ذلك زائدا على المقدار المتعارف فخرج
ميتا حرم اكله.
(مسألة 1667): يشترط في حل الجنين بذكاة امه ان يكون تام الخلقة بان يكون
قد اشعر أو أوبر فإن لم يكن تام الخلقة فلا يحل بذكاة امه، والذي تحصل مما ذكرناه
ان حلية الجنين بلا تذكية مشروطة بأمور: تذكية امه، وتمام خلقته، وموته قبل
خروجه من بطنها.
(مسألة 1668): لا فرق في ذكاة الجنين بذكاة امه بين محلل الاكل ومحرمه إذا كان
مما يقبل التذكية.
(مسألة 1669): تقع التذكية على كل حيوان مأكول اللحم فإذا ذكي صار طاهرا
وحل أكله، ولا تقع على نجس العين من الحيوان كالكلب والخنزير، فإذا ذكي كان
باقيا على النجاسة، ولا تقع على الانسان، فإذا مات نجس وان ذكي، ولا يطهر بدنه
إلا بالغسل إذا كان مسلما، أما الكافر الذي هو نجس العين (1) فلا يطهر بالغسل

(1) بل مطلقا.
388

أيضا، وأما غير الأصناف المذكورة من الحيوانات غير مأكولة اللحم فالظاهر وقوع
الذكاة عليه إذا كان له جلد يمكن الانتفاع به بلبس وفرش ونحوهما، ويطهر لحمه
وجلده بها، ولا فرق بين السباع كالأسد والنمر والفهد والثعلب وغيرها وبين
الحشرات التي تسكن باطن الأرض إذا كان لها جلد (1) على النحو المذكور،
مثل ابن عرس والجرذ ونحوهما، فيجوز استعمال جلدها إذا ذكيت فيما يعتبر فيه
الطهارة، فيتخذ ظرفا للسمن والماء، ولا ينجس ما يلاقيها برطوبة.
(مسألة 1670): الحيوان غير مأكول اللحم إذا لم تكن له نفس سائلة ميتته
طاهرة، ويجوز الانتفاع بما يمكن الانتفاع به من اجزائه كالجلد على الأظهر، ولكن
لا يجوز بيعه، (2) فإذا ذكي جاز بيعه أيضا.
(مسألة 1671): لا فرق في الحيوان غير مأكول اللحم في قبوله للتذكية إذا كان له
جلد بين الطير وغيره.
(مسألة 1672): إذا وجد لحم الحيوان الذي يقبل التذكية أو جلده ولم يعلم أنه
مذكى أم لا، يبنى على عدم التذكية، فلا يجوز اكل لحمه ولا استعمال جلده فيما يعتبر
فيه التذكية، ولكن لا يحكم بنجاسة ملاقيه برطوبة حتى إذا كانت له نفس
سائلة (3) ما لم يعلم أنه ميتة.
نعم إذا وجد بيد المسلم يتصرف فيه بما يناسب التذكية مثل تعريضه للبيع
والاستعمال باللبس والفرش ونحوهما يحكم بأنه مذكى حتى يثبت خلافه، والظاهر

(1) في وقوع التذكية عليها اشكال.
(2) لا يبعد الجواز إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف.
(3) بل يحكم بالنجاسة.
389

عدم الفرق بين كون تصرف المسلم مسبوقا بيد الكافر وعدمه، نعم إذا علم أن
المسلم أخذه من الكافر من دون تحقيق حكم عليه بعدم التذكية، والمأخوذ من
مجهول الاسلام بمنزلة المأخوذ من المسلم إذا كان في بلاد يغلب عليها المسلمون.
وإذا كان بيد المسلم من دون تصرف يشعر بالتذكية كما إذا رأينا لحما بيد المسلم
لا يدري انه يريد أكله أو وضعه لسباع الطير لا يحكم بأنه مذكى وكذا إذا صنع الجلد
ظرفا للقاذورات مثلا.
(مسألة 1673): ما يؤخذ من يد الكافر من جلد ولحم وشحم يحكم بأنه غير
مذكى وإن أخبر بأنه مذكى إلا إذا علم أنه كان في تصرف المسلم الدال على التذكية،
وأما دهن السمك المجلوب من بلاد الكفار فلا يجوز شربه من دون ضرورة إذا
اشتري من الكافر وإن أحرز تذكية السمكة المأخوذ منها الدهن إذا لم يحرز أنها
كانت ذات فلس، (1) ويجوز شربه إذا اشتري من المسلم إلا إذا علم أن المسلم
أخذه من الكافر من دون تحقيق.
(مسألة 1674): لافرق في المسلم الذي يكون تصرفه أمارة على التذكية بين
المؤمن والمخالف وبين من يعتقد طهارة الميتة بالدبغ وغيره وبين من يعتبر الشروط
المعتبرة في التذكية كالاستقبال والتسمية وكون المذكي مسلما وقطع الأعضاء الأربعة
وغير ذلك، ومن لا يعتبرها.
(مسألة 1675): إذا كان الجلد مجلوبا من بلاد الاسلام ومصنوعا فيها حكم بأنه
مذكى، وكذا إذا وجد مطروحا في أرضهم وعليه أثر استعمالهم له باللباس والفرش

(1) عدم جواز الشرب مع احراز تذكيتها وعدم احراز كونها ذات فلس مبني على
الاحتياط.
390

والطبخ أو بصنعه لباسا أو فراشا أو نحوها من الاستعمالات الموقوفة على التذكية أو
المناسبة لها، فإنه يحكم بأنه مذكى ويجوز استعماله استعمال المذكى من دون حاجة
إلى الفحص عن حاله، وفي حكم الجلد اللحم المجلوب من بلاد الاسلام.
(مسألة 1676): قد ذكر للذبح والنحر آداب فيستحب في ذبح الغنم أن تربط
يداه ورجل واحدة ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد، وفي ذبح البقر أن تعقل يداه
ورجلاه ويطلق الذنب، وفي الإبل أن تربط أخفافها إلى إباطها وتطلق رجالها، هذا
إذا نحرت باركة، أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرى معقولة، وفي
الطير يستحب أن يرسل بعد الذباحة، ويستحب حد الشفرة وسرعة القطع وأن
لا يري الشفرة للحيوان ولا يحركه من مكان إلى آخر بل يتركه في مكانه إلى أن
يموت وأن يساق إلى الذبح برفق ويعرض عليه الماء قبل الذبح ويمر السكين بقوة
ذهابا وإيابا ويجد في الاسراع ليكون أسهل.
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الله تعالى شأنه كتب عليكم الاحسان في كل شئ فإذا
قتلتم فاحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح
ذبيحته وفي خبر اخر أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر أن تحد الشفار وأن توارى عن البهائم.
(مسألة 1677): تكره الذباحة ليلا وكذا نهار الجمعة إلى الزوال.
* * *
391

كتاب الأطعمة والأشربة
وهي على أقسام:
(القسم الأول) حيوان البحر:
(مسألة 1678): لا يؤكل من حيوان البحر إلا سمك له فلس، وإذا شك في وجود
الفلس بني على حرمته ويحرم الميت الطافي على وجه الماء والجلال منه حتى يزول
الجلل منه عرفا، والجري والمارماهي والزمير، والسلحفاة، والضفدع، والسرطان،
ولا بأس بالكنعت والربيثا والطمر والطيراني والابلامي والأربيان.
(مسألة 1679): يؤكل من السمك ما يوجد في جوف السمكة المباحة إذا كان
مباحا ولا يؤكل من السمك ما تقذفه الحية إلا أن يضطرب ويؤخذ حيا خارج
الماء، والأحوط الأولى اعتبار عدم انسلاخ فلسه أيضا.
(مسألة 1680): البيض تابع لحيوانه، ومع الاشتباه قيل يؤكل الخشن المسمى في
عرفنا (ثروب) ولا يؤكل الأملس المسمى في عرفنا (حلبلاب) وفيها تأمل، بل
الاظهر (1) حرمة كل ما يشتبه منه.

(1) في ظهور الحرمة تأمل.
392

(القسم الثاني) البهائم:
(مسألة 1681): يؤكل من الأهلية منها: الإبل والبقر، والغنم ومن الوحشية
كبش الجبل، والبقر، والحمير، والغزلان واليحامير وفي تخصيص الحل بهذه الخمسة
إشكال، والحلية غير بعيدة.
(مسألة 1682): يكره أكل لحوم الخيل والبغال والحمير.
(مسألة 1683): يحرم الجلال من المباح، وهو ما يأكل عذرة الانسان خاصة إلا
مع الاستبراء وزوال الجلل، والأحوط مع ذلك أن تطعم الناقة بل مطلق الإبل علفا
طاهرا أربعين يوما والبقر عشرين والشاة عشرة والبطة خمسة أو سبعة والدجاجة
ثلاثة.
(مسألة 1684): لو رضع الجدي لبن خنزيرة واشتد لحمه (1) حرم هو ونسله
ولو لم يشتد استبرئ (2) سبعة أيام، فيلقى على ضرع شاة وإذا كان مستغنيا عن
الرضاع علف، ويحل بعد ذلك ولا يلحق بالخنزيرة الكلبة والكافرة، وفي عموم
الحكم لشرب اللبن من غير ارتضاع إشكال والأظهر العدم.
(مسألة 1685): يحرم كل ذي ناب كالأسد والثعلب ويحرم الأرنب والضب
واليربوع والحشرات والقمل والبق والبراغيث.
(مسألة 1686): إذا وطأ إنسان حيوانا محللا أكله ومما يطلب لحمه حرم لحمه
ولحم نسله ولبنهما، ولا فرق في الواطئ بين الصغير والكبير على الأحوط، كما

(1) وعظمه.
(2) على الأحوط.
393

لا فرق بين العاقل والمجنون والحر والعبد والعالم والجاهل والمختار والمكره، ولا فرق
في الموطوء بين الذكر والأنثى، ولا يحرم الحمل إذا كان متكونا قبل الوطء كما لا يحرم
الموطوء إذا كان ميتا أو كان من غير ذوات الأربع، ثم إن الموطوء إن كان مما يقصد
لحمه كالشاة ذبح فإذا مات أحرق، فإن كان الواطئ غير المالك أغرم قيمته للمالك،
وإن كان المقصود ظهره نفي إلى بلد غير بلد الوطء وأغرم الواطئ قيمته للمالك إذا
كان غير المالك ثم يباع في البلد الأخر، وفي رجوع الثمن إلى المالك أو الواطئ أو
يتصدق به على الفقراء وجوه، خيرها أوسطها وإذا اشتبه الموطأ فيما يقصد لحمه
أخرج بالقرعة.
(مسألة 1687): إذا شرب الحيوان المحلل الخمر فسكر فذبح جاز أكل لحمه،
ولا بد من غسل ما لاقته الخمر مع بقاء عينها، ولا يؤكل ما في جوفه من القلب
والكرش وغيرهما على الأحوط، ولو شرب بولا أو غيره من النجاسات لم يحرم
لحمه، ويؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه.
(القسم الثالث) الطيور:
(مسألة 1688): يحرم السبع منها كالبازي والرخمة وكل ما كان صفيفه أكثر من
دفيفه، فإن تساويا فالأظهر الحلية إذا كانت فيه إحدى العلامات الآتية، وإلا
فيحرم.
والعلامات هي القانصة والحوصلة والصيصية وهي الشوكة التي خلف رجل
الطائر خارجة عن الكف والقانصة وهي في الطير بمنزلة الكرش في غيره، ويكفي في
الحل وجود واحدة منها، وإذا انتفت كلها حرم، وإذا تعارض انتفاء الجميع مع
الدفيف قدم الدفيف، فيحل ما كان دفيفه أكثر وإن لم تكن له إحدى الثلاث، وإذا
394

كانت له إحدى الثلاث وكان صفيفه أكثر حرم، نعم إذا وجدت له إحدى الثلاث أو
جميعها وشك في كيفية طيرانه حكم بالحل.
وأما اللقلق فقد حكي وجود الثلاث فيه لكن المظنون أن صفيفه أكثر، فيكون
حراما كما أفتى بذلك بعض الأعاظم على ما حكي.
(مسألة 1689): يحرم الخفاش والطاووس والجلال من الطير حتى يستبرأ،
ويحرم الزنابير والذباب وبيض الطير المحرم، وكذا يحرم الغراب على إشكال في بعض
أقسامه، وإن كان الاظهر الحرمة في الجميع، وما اتفق طرفاه من البيض المشتبه
حرام.
(مسألة 1690): يكره الخطاف والهدهد والصرد والصوام والشقراق والفاختة
والقبرة.
(القسم الرابع) الجامد:
(مسألة 1691): تحرم الميتة وأجزاؤها وهي نجسة إذا كان الحيوان ذا نفس
سائلة، وكذلك أجزاؤها عدا صوف ما كان طاهرا في حال حياته وشعره ووبره
وريشه، وقرنه وعظمه، وظلفه، وبيضه، إذا اكتسى الجلد الفوقاني (1) وإن كان
مما لا يحل أكله والأنفحة. (2)
(مسألة 1692): يحرم من الذبيحة على المشهور القضيب والأنثيان والطحال،
والفرث، والدم، والمثانة، والمرارة، والمشيمة، والفرج، والعلباء، والنخاع، والغدد،

(1) في نجاستها مع اكتسائها للجلد الرقيق اشكال.
(2) ويجب غسل ظاهرها على الأحوط.
395

وخرزة الدماغ، والحدق، وفي تحريم بعضها إشكال والاجتناب أحوط، (1) هذا
في ذبيحة غير الطيور.
وأما الطيور فالظاهر عدم وجود شئ من الأمور المذكورة فيها ما عدا الرجيع
والدم (2) والمرارة والطحال والبيضتين في بعضها، ويكره الكلى، وأذنا القلب.
(مسألة 1693): تحرم الأعيان النجسة كالعذرة والقطعة المبانة من الحيوان الحي،
وكذا يحرم الطين (3) عدا اليسير الذي لا يتجاوز قدر الحمصة من تربة
الحسين (عليه السلام) للاستشفاء، ولا يحرم غيره من المعادن والأحجار والأشجار.
(مسألة 1694): تحرم السموم القاتلة وكل ما يضر الانسان ضررا يعتد به ومنه
(الأفيون) المعبر عنه بالترياك سواء أكان من جهة زيادة المقدار المستعمل منه أم
من جهة المواظبة عليه.
(القسم الخامس) في المائع:
(مسألة 1695): يحرم كل مسكر من خمر وغيره حتى الجامد والفقاع والدم
والعلقة وإن كانت في البيضة وكل ما ينجس من المائع وغيره.
(مسألة 1696): إذا وقعت النجاسة في الجسم الجامد كالسمن والعسل الجامدين
لزم إلقاء النجاسة وما يكنفها من الملاقي ويحل الباقي، وإذا كان المائع غليظا ثخينا
فهو كالجامد ولا تسري النجاسة إلى تمام أجزائه إذا لا قت بعضها، بل تختص

(1) الظاهر حرمة الجميع إلا أن الاجتناب عن العلباء أحوط.
(2) حرمة ما عدا الرجيع والدم في الطيور مبنية على الاحتياط.
(3) ولا يترك الاحتياط في سائر اجزاء الأرض كالرمل والحجر.
396

النجاسة بالبعض الملاقي لها ويبقى الباقي على طهارته.
(مسألة 1697): الدهن المتنجس بملاقاة النجاسة يجوز بيعه والانتفاع به فيما
لا يشترط فيه الطهارة، والأولى الاقتصار على الاستصباح به تحت السماء.
(مسألة 1698): تحرم الأبوال مما لا يؤكل لحمه، بل مما يؤكل لحمه أيضا على
الأحوط (1) عدا بول الإبل للاستشفاء (2) وكذا يحرم لبن الحيوان المحرم دون
الانسان فإنه يحل لبنه.
(مسألة 1699): لو اشتبه اللحم فلم يعلم أنه مذكى ولم يكن عليه يد مسلم تشعر
بالتذكية اجتنب، ولو اشتبه فلم يعلم أنه من نوع الحلال أو الحرام حكم بحله.
(مسألة 1700): يجوز للانسان أن يأكل من بيت من تضمنته الآية الشريفة
المذكورة في سورة النور وهم: الاباء والأمهات، والاخوان والأخوات، والأعمام
والعمات، والأخوال والخالات، والأصدقاء، والموكل المفوض إليه الامر، وتلحق
بهم الزوجة (3) والولد، فيجوز الاكل من بيوت من ذكر على النحو المتعارف مع
عدم العلم بالكراهية، بل مع عدم الظن بها أيضا على الأحوط (4) بل مع الشك
فيها وإن كان الاظهر الجواز حينئذ.
(مسألة 1701): إذا انقلبت الخمر خلا طهرت وحلت بعلاج كان أو غيره على
تفصيل قد مر في فصل المطهرات.

(1) بل على الأقوى.
(2) وكذا بول البقر والغنم للتداوي.
(3) بل يحل للمرأة من بيت زوجها.
(4) استحبابا.
397

(مسألة 1702): لا يحرم شئ من المربيات وإن شم منها رائحة المسكر.
(مسألة 1703): العصير من العنب إذا غلى بالنار أو بغيرها أو نش حرم حتى
يذهب ثلثاه بالنار أو ينقلب خلا. (1)
(مسألة 1704): يجوز للمضطر تناول المحرم بقدر ما يمسك رمقه إلا الباغي، وهو
الخارج على الامام أو باغي الصيد لهوا، والعادي، وهو قاطع الطريق أو السارق،
ويجب عقلا في باغي الصيد والعادي ارتكاب المحرم من باب وجوب ارتكاب أقل
القبيحين ويعاقب عليه.
وأما الخارج على الامام فلا يبعد شمول وجوب قتله لنفسه أيضا.
(مسألة 1705): يحرم الاكل بل الجلوس على مائدة فيها المسكر. (2)
(مسألة 1706): يستحب غسل اليدين قبل الطعام والتسمية والاكل باليمنى
وغسل اليد بعده والحمد له تعالى والاستلقاء وجعل الرجل اليمنى على اليسرى.
* * *

(1) على ما تقدم في المسألة (406 من المجلد الأول).
(2) إذا عد من أهلها.
398

كتاب الميراث
وفيه فصول
الفصل الأول (وفيه فوائد)
(الفائدة الأولى): في بيان موجباته وهي نوعان: نسب وسبب.
أما النسب فله ثلاث مراتب:
(المرتبة الأولى): صنفان: أحدهما الأبوان المتصلان دون الأجداد والجدات،
وثانيهما الأولاد وإن نزلوا ذكورا وإناثا.
(المرتبة الثانية): صنفان أيضا: أحدهما الأجداد والجدات وإن علوا كابائهم
وأجدادهم، وثانيهما الاخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا.
(المرتبة الثالثة): صنف واحد: وهم الأعمام والأخوال وإن علوا كأعمام الاباء
والأمهات وأخوالهم، وأعمام الأجداد والجدات وأخوالهم وكذلك أولادهم وإن
نزلوا كأولاد أولادهم وأولاد أولاد أولادهم وهكذا بشرط صدق القرابة للميت
عرفا.
(وأما السبب) فهو قسمان: زوجية وولاء، والولاء ثلاث مراتب: ولاء العتق،
ثم ولاء ضمان الجريرة، ثم ولاء الإمامة.
(الفائدة الثانية): ينقسم الوارث إلى خمسة أقسام:
(الأول) من يرث بالفرض لا غير دائما، وهو الزوجة، فإن لها الربع مع عدم
399

الولد والثمن معه ولا يرد عليها أبدا.
(الثاني) من يرث بالفرض دائما وربما يرث معه بالرد كالام، فإن لها السدس
مع الولد والثلث مع عدمه إذا لم يكن حاجب، وربما يرد عليها زائدا على الفرض كما
إذا زادت الفريضة على السهام، وكالزوج فإنه يرث الربع مع الولد والنصف مع
عدمه ويرد عليه إذا لم يكن وارث إلا الامام.
(الثالث) من يرث بالفرض تارة، وبالقرابة أخرى كالأب، فإنه يرث بالفرض
مع وجود الولد وبالقرابة مع عدمه، والبنت والبنات فإنها ترث مع الابن بالقرابة
وبدونه بالفرض، والأخت والأخوات للأب أو للأبوين فإنها ترث مع الأخ بالقرابة
ومع عدمه بالفرض، وكالأخوة والأخوات من الام فإنها ترث بالفرض إذا لم يكن
جد للام وبالقرابة معه.
(الرابع) من لا يرث إلا بالقرابة كالابن والاخوة للأبوين أو للأب والجد
والأعمام والأخوال.
(الخامس) من لا يرث بالفرض ولا بالقرابة بل يرث بالولاء كالمعتق وضامن
الجريرة، والامام.
(الفائدة الثالثة): الفرض هو السهم المقدر في الكتاب المجيد وهو ستة أنواع:
النصف، والربع، والثمن، والثلثان، والثلث، والسدس وأربابها ثلاثة عشر:
(فالنصف) للبنت الواحدة والأخت للأبوين أو للأب فقط إذا لم يكن معها أخ،
وللزوج مع عدم الولد للزوجة وان نزل.
(والربع) للزوج مع الولد للزوجة وان نزل، وللزوجة مع عدم الولد للزوج
وان نزل فإن كانت واحدة اختصت به وإلا فهو لهن بالسوية.
(والثمن) للزوجة مع الولد للزوج وإن نزل فإن كانت واحدة اختصت به وإلا
400

فهو لهن بالسوية.
(والثلثان) للبنتين فصاعدا مع عدم الابن المساوي وللأختين فصاعدا للأبوين
أو للأب فقط مع عدم الأخ.
(والثلث) سهم الام مع عدم الولد وإن نزل وعدم الاخوة على تفصيل يأتي،
وللأخ والأخت من الام مع التعدد.
(والسدس) لكل واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل، وللام مع الإخوة للأبوين
أو للأب على تفصيل يأتي، وللأخ الواحد من الام والأخت الواحدة منها.
(الفائدة الرابعة): الورثة إذا تعددوا فتارة يكونون جميعا ذوي فروض وأخرى
لا يكونون جميعا ذوي فروض وثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون بعض.
وإذا كانوا جميعا ذوي فروض فتارة تكون فروضهم مساوية للفريضة
وأخرى تكون زائدة عليها، وثالثة تكون ناقصة عنها.
فالأولى مثل أن يترك الميت أبوين وبنتين فإن سهم كل واحد من الأبوين
السدس وسهم البنتين الثلثان ومجموعها مساو للفريضة.
والثانية مثل أن يترك الميت زوجا وأبوين وبنتين فإن السهام في الفرض الربع
والسدسان والثلثان وهي زائدة على الفريضة، وهذه هي مسألة العول، ومذهب
المخالفين فيها ورود النقص على كل واحد من ذوي الفروض على نسبة فرضه،
وعندنا يدخل النقص على بعض منهم معين دون بعض، ففي ارث أهل المرتبة الأولى
يدخل النقص على البنت أو البنات وفي ارث المرتبة الثانية كما إذا ترك زوجا وأختا
من الأبوين وأختين من الام فإن سهم الزوج النصف وسهم الأخت من الأبوين
النصف وسهم الأختين من الام الثلث ومجموعها زائد على الفريضة، يدخل النقص
على المتقرب بالأبوين كالأخت في المثال دون الزوج ودون المتقرب بالام.
401

والثالثة ما إذا ترك بنتا واحدة فإن لها النصف وتزيد الفريضة نصفا وهذه هي
مسألة التعصيب، ومذهب المخالفين فيها اعطاء النصف الزائد إلى العصبة، وهم
الذكور الذين ينتسبون إلى الميت بغير واسطة أو بواسطة الذكور، وربما عمموها
للأنثى على تفصيل عندهم، وأما عندنا فيرد على ذوي الفروض كالبنت في الفرض
فترث النصف بالفرض والنصف الآخر بالرد.
وإذا لم يكونوا جميعا ذوي فروض قسم المال بينهم على تفصيل يأتي.
وإذا كان بعضهم ذا فرض دون آخر أعطي ذو الفرض فرضه وأعطي الباقي
لغيره على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.
الفصل الثاني
موانع الإرث ثلاثة: الكفر، والقتل، والرق.
(مسألة 1707): لا يرث الكافر من المسلم وان قرب، ولا فرق في الكافر بين
الأصلي ذميا كان أو حربيا وبين المرتد فطريا كان أو مليا ولا في المسلم بين المؤمن
وغيره.
(مسألة 1708): الكافر لا يمنع من يتقرب به، فلو مات مسلم وله ولد كافر
وللولد ولد مسلم كان ميراثه لولد ولده، ولو مات المسلم وفقد الوارث المسلم كان
ميراثه للامام.
(مسألة 1709): المسلم يرث الكافر ويمنع من ارث الكافر للكافر، فلو مات
كافر وله ولد كافر وأخ مسلم أو عم مسلم أو معتق أو ضامن جريرة ورثه ولم يرثه
الكافر، فإن لم يكن له وارث إلا الامام كان ميراثه للكافر.
هذا إذا كان الكافر أصليا أما إذا كان مرتدا عن ملة أو فطرة فالمشهور أن
402

وارثه الامام ولا يرثه الكافر وكان بحكم المسلم، ولكن لا يبعد أن يكون المرتد
كالكافر الأصلي ولا سيما إذا كان مليا. (1)
(مسألة 1710): لو أسلم الكافر قبل القسمة فإن كان مساويا في المرتبة شارك
وإن كان أولى انفرد بالميراث، ولو أسلم بعد القسمة لم يرث، وكذا لو أسلم مقارنا
للقسمة، ولا فرق فيما ذكرنا بين كون الميت مسلما وكافرا هذا إذا كان الوراث
متعددا.
وأما إذا كان الوارث واحدا لم يرث، نعم لو كان الواحد هو الزوجة وأسلم قبل
القسمة بينها وبين الامام ورث وإلا لم يرث.
(مسألة 1711): لو أسلم بعد قسمة بعض التركة ففيه أقوال، قيل: يرث من
الجميع، وقيل لا يرث من الجميع، وقيل: بالتفصيل وأنه يرث مما لم يقسم ولا يرث
مما قسم وهو الأقرب.
(مسألة 1712): المسلمون يتوارثون وان اختلفوا في المذاهب والآراء،
والكافرون يتوارثون على ما بينهم وان اختلفوا في الملل.
(مسألة 1713): المراد من المسلم والكافر وارثا وموروثا وحاجبا ومحجوبا أعم
من المسلم والكافر بالأصالة وبالتبعية كالطفل والمجنون، فكل طفل كان أحد أبويه
مسلما حال انعقاد نطفته بحكم المسلم، فيمنع من إرث الكافر ولا يرثه الكافر بل
يرثه الامام إذا لم يكن له وارث مسلم، وكل طفل كان أبواه معا كافرين حال انعقاد
نطفته (2) بحكم الكافر فلا يرث المسلم مطلقا كما لا يرث الكافر إذا كان له

(1) مخالفة المشهور في المقام في غاية الاشكال لا سيما إذا كان فطريا.
(2) ولم يسلم مميزا.
403

وارث مسلم غير الامام، نعم إذا أسلم أحد أبويه قبل بلوغه تبعه في الاسلام وجرى
عليه حكم المسلمين.
(مسألة 1714): المرتد قسمان فطري وملي، فالفطري من انعقدت نطفته وكان
أحد أبويه مسلما ثم كفر، وفي اعتبار إسلامه بعد البلوغ قبل الكفر قولان، أقربهما
العدم، وحكمه أنه يقتل في الحال وتعتد امرأته من حين الارتداد عدة الوفاة ويقسم
ميراثه بين ورثته، (1) ولا تسقط الأحكام المذكورة بالتوبة، نعم إذا تاب تقبل
توبته باطنا على الأقوى، بل ظاهرا أيضا بالنسبة إلى غير الأحكام المذكورة،
فيحكم بطهارة بدنه وصحة تزويجه جديدا حتى بامرأته السابقة.
وأما المرتد الملي وهو ما يقابل الفطري فحكمه انه يستتاب، فان تاب فهو وإلا
قتل وينفسخ نكاحه لزوجته فتبين منه إن كانت غير مدخول بها وتعتد عدة الطلاق
من حين الارتداد إن كانت مدخولا بها (2) ولا تقسم أمواله إلا بعد الموت
بالقتل أو بغيره، وإذا تاب ثم ارتد ففي وجوب قتله من دون استتابة في الثالثة أو
الرابعة إشكال، بل الاظهر عدم القتل.
وأما المرأة المرتدة فلا تقتل ولا تنتقل أموالها عنها إلى الورثة إلا بالموت
وينفسخ نكاحها، فإن كانت مدخولا بها اعتدت عدة الطلاق وإلا بانت بمجرد
الارتداد وتحبس ويضيق عليها وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب، فان تابت
قبلت توبتها، ولا فرق بين أن تكون عن ملة أو عن فطرة.

(1) مع ملاحظة ما تقدم من الاشكال في المسألة (1709) إذا كان الوارث كافرا.
(2) تقدم الإشكال في انفساخ نكاح المدخول بها قبل انقضاء العدة في المرتد الملي
وفي المرأة المرتدة مطلقا في المسألة (1288).
404

(مسألة 1715): يشترط في ترتيب الأثر على الارتداد البلوغ (1) وكمال
العقل والاختيار فلو أكره على الارتداد فارتد كان لغوا، وكذا إذا كان غافلا أو
ساهيا أو سبق لسانه أو كان صادرا عن الغضب الذي لا يملك به نفسه ويخرج به عن
الاختيار أو كان عن جهل بالمعنى.
(الثاني) من موانع الإرث القتل
(مسألة 1716): القاتل لا يرث المقتول إذا كان القتل عمدا ظلما، أما إذا كان
خطأ محضا فلا يمنع كما إذا رمى طائرا فأصاب المورث، وكذا إذا كان بحق قصاصا أو
دفاعا عن نفسه أو عرضه أو ماله.
أما إذا كان الخطأ شبيها بالعمد كما إذا ضربه بما لا يقتل عادة قاصدا ضربه غير
قاصد قتله فقتل به ففيه قولان، أقواهما أنه بحكم الخطأ من حيث عدم المنع من
الإرث وإن كان بحكم العمد من حيث كون الدية فيه على الجاني لا على العاقلة وهم
الاباء والأبناء والاخوة من الأب وأولادهم والأعمام وأولادهم، بخلاف الخطأ
المحض فإن الدية فيه عليهم، فإن عجزوا عنها أو عن بعضها تكون الدية أو النقص
على الجاني، فإن عجز فعلى الامام، والخيار في تعيين الدية من الأصناف الستة
للجاني لا المجني عليه.
والمراد من الأصناف الستة مائة من الإبل ومائتان من البقر وألف شاة وألف
دينار وعشرة آلاف درهم ومائتا حلة هذا للرجل، ودية المرأة نصف ذلك.
ولا فرق في القتل العمدي بين أن يكون بالمباشرة كما لو ضربه بالسيف فمات

(1) اطلاق الأثر حتى لمثل النجاسة المترتبة على اظهار الكفر من المميز ممنوع.
405

وأن يكون بالتسبيب كما لو كتفه وألقاه إلى السبع فافترسه أو أمر صبيا غير مميز أو
مجنونا بقتل أحد فقتله، وأما إذا أمر به شخصا عاقلا مختارا فامتثل أمره بإرادته
واختياره فقتله فلا إشكال في أنه ارتكب حراما ويحكم بحبسه إلى أن يموت إلا أنه
لا يكون قاتلا لا عمدا ولا خطأ.
و إذا قتل اثنان شخصا عمدا وكانا وارثين منعا جميعا وكان لولي المقتول
القصاص منهما جميعا ورد نصف الدية على كل واحد منهما، وإذا قتل واحد اثنين
منع من ارثهما وكان لولي كل منهما القصاص منه، فإذا اقتص منه لأحدهما ثبتت
للاخر الدية في مال الجاني.
(مسألة 1717): القتل خطأ لا يمنع من ارث غير الدية كما مر، وفي منعه عن ارث
الدية إشكال.
(مسألة 1718): القاتل لا يرث ولا يحجب من هو أبعد منه وإن تقرب به، فإذا
قتل الولد أباه ولم يكن له ولد آخر وكان للقاتل عمدا ولد كان ولده وارثا لأبيه، فإن
كان للمقتول أب أو أم كان الإرث له ولولد القاتل.
(مسألة 1719): إذا انحصر الوارث في الطبقة الأولى بالولد القاتل انتقل ارث
المقتول إلى الطبقة الثانية وهم أجداده وأخوته ومع عدمهم فإلى الطبقة الثالثة وهم
أعمامه وأخواله ولو لم يكن له وارث إلا الامام كان ميراثه للامام.
(مسألة 1720): إذا أسقطت الام جنينها كانت عليها ديته لأبيه أو غيره من
ورثته، وهي عشرون دينارا إذا كان نطفة، وأربعون إذا كان علقة، وستون إذا كان
مضغة، وثمانون إذا كان عظاما، ومائة إذا تم خلقه ولم تلجه الروح، فإن ولجته
الروح كانت ديته دية الانسان الحي، وإذا كان الأب هو الجاني على الجنين كانت
ديته لامه، وفي تحديد المراتب المذكورة خلاف والأظهر أنه أربعون يوما نطفة،
406

وأربعون علقة، وأربعون مضغة.
(مسألة 1721): الدية في حكم مال المقتول تقضى منها ديونه وتخرج منها
وصاياه سواء أكان القتل خطأ أم كان عمدا فأخذت الدية صلحا أو لتعذر القصاص
بموت الجاني أو فراره أو نحوهما، ويرثها كل وارث سواء أكان ميراثه بالنسب أم
السبب حتى الزوجين وإن كانا لا يرثان من القصاص شيئا، نعم لا يرثها من يتقرب
بالام سواء الاخوة والأخوات وأولادهم وغيرهم كالأجداد للام والأخوال.
(مسألة 1722): إذا جرح أحد شخصا فمات لكن المجروح أبرأ الجارح في حياته
لم تسقط الدية عمدا كان الجرح أو خطأ.
(مسألة 1723): إذا لم يكن للمقتول عمدا وارث سوى الامام رجع الامر إليه
وله المطالبة بالقصاص وله أخذ الدية مع التراضي، وإذا كان الوارث غير الامام
كان له العفو بلا مال ولو عفا بشرط المال لم يسقط القصاص ولم تثبت الدية إلا مع
رضا الجاني.
(مسألة 1724): لو عفا بعض الوراث عن القصاص قيل: لم يجز لغيره الاستيفاء
وقيل: يجوز له مع ضمان حصة من لم يأذن، والأظهر الثاني.
(مسألة 1725): إذا كان المقتول مهدور الدم شرعا كالزاني المحصن واللائط فقتله
قاتل بغير إذن الإمام قيل: لم يثبت القصاص ولا الدية بل ولا الكفارة، وفيه
اشكال، نعم يصح ذلك فيما يجوز فيه القتل كموارد الدفاع عن النفس أو العرض أو
قتل ساب النبي والأئمة (عليهم السلام) ونحو ذلك.
(مسألة 1726): إذا كان على المقتول عمدا ديون وليس له تركة توفى منها جاز
للولي القصاص وليس للديان المنع عنه.
(مسألة 1727): إذا كانت الجناية على الميت بعد الموت لم تعط الدية إلى الورثة
407

بل صرفت في وجوه البر عنه، وإذا كان عليه دين ففي وجوب قضائه منها إشكال،
والأظهر الوجوب.
(الثالث) من موانع الإرث الرق
فإنه مانع من الوارث والموروث من غير فرق بين المتشبث بالحرية كأم الولد
والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئا من مال الكتابة فإذا مات المملوك
كان ماله لسيده، وإذا مات الحر وكان له وارث حر وآخر مملوك كان ميراثه للحر
دون المملوك وإن كان أقرب من الحر ولو كان الوارث مملوكا وله ولد حر كان
الميراث لولده دونه وإذا لم يكن له وارث أصلا كان ميراثه للامام.
(مسألة 1728): إذا أعتق المملوك قبل القسمة شارك مع المساواة وانفرد بالميراث
إذا كان أولى ولو أعتق بعد القسمة أو مقارنا لها أو كان الوارث واحدا لم يرث، نعم إذا
كان الوارث الزوجة والامام فأعتق قبل القسمة بينهما ورث كما تقدم في الكافر.
(مسألة 1729): إذا انحصر الوارث بالمملوك اشتري من التركة اتحد أو تعدد على
اشكال في ضامن الجريرة إرثا وحجبا والأحوط (1) عتقه بعد الشراء فإن زاد
من المال شئ دفع إليه وإذا امتنع مالكه عن بيعه قهر على بيعه وإذا قصرت التركة
عن قيمته لم يفك وكان الإرث للامام.
(مسألة 1730): لو كان الوارث المملوك متعددا ووفت حصة بعضهم بقيمته دون
الأخر فلا يبعد لزوم فك الأول وإذا كانت حصة كل منهم لا تفي بقيمته كان الوارث
الامام.

(1) بل الأقوى.
408

(مسألة 1731): لو كان المملوك قد تحرر بعضه ورث من نصيبه بقدر حريته،
وإذا مات وكان له مال ورث منه الوارث بقدر حريته والباقي لمالكه، ولا فرق بين
ما جمعه بجزئه الحر وغيره.
الفصل الثالث
في كيفية الإرث حسب مراتبه
(المرتبة الأولى): الآباء والأبناء.
(مسألة 1732): للأب المنفرد تمام المال، وللأم المنفردة أيضا تمام المال، الثلث منه
بالفرض والزائد عليه بالرد.
(مسألة 1733): لو اجتمع الأبوان وليس للميت ولد ولا زوج أو زوجة كان للأم
الثلث مع عدم الحاجب والسدس معه على ما يأتي والباقي للأب، ولو كان معهما
زوج كان له النصف ولو كان معهما زوجة كان لها الربع وللأم الثلث مع عدم الحاجب
والسدس معه والباقي للأب.
(مسألة 1734): للابن المنفرد تمام المال، وللبنت المنفردة أيضا تمام المال النصف
بالفرض والباقي يرد عليها، وللابنين المنفردين فما زاد تمام المال يقسم بينهم
بالسوية، وللبنتين المنفردتين فما زاد الثلثان ويقسم بينهن بالسوية والباقي يرد
عليهن كذلك.
(مسألة 1735): لو اجتمع الابن والبنت منفردين أو الأبناء والبنات منفردين
كان لهما أو لهم تمام المال للذكر مثل حظ الأنثيين.
(مسألة 1736): إذا اجتمع الأبوان مع ابن واحد كان لكل من الأبوين السدس
والباقي للابن، وإذا اجتمعا مع الأبناء الذكور فقط كان لكل واحد منهما السدس
409

والباقي يقسم بين الأبناء بالسوية، وإذا كان مع الابن الواحد أو الأبناء البنات قسم
الباقي بينهم جميعا للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا اجتمع أحد الأبوين مع ابن واحد
كان له السدس والباقي للابن، وإذا اجتمع مع الأبناء الذكور كان له السدس والباقي
يقسم بين الأبناء بالسوية، ولو كان مع الابن الواحد أو الأبناء البنات كان لاحد
الأبوين السدس والباقي يقسم بين الأبناء والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين.
(مسألة 1737): إذا اجتمع أحد الأبوين مع بنت واحدة لا غير كان لاحد
الأبوين الربع بالتسمية والرد والثلاثة الأرباع للبنت كذلك، وإذا اجتمع أحد
الأبوين مع البنتين فما زاد لاغير كان له الخمس بالتسمية والرد والباقي للبنتين أو
البنات بالتسمية والرد يقسم بينهن بالسوية، وإذا اجتمع الأبوان معا مع البنت
الواحدة لا غير كان لكل واحد منهما الخمس بالتسمية والرد والباقي للبنت كذلك،
وإذا اجتمعا معا مع البنتين فما زاد كان لكل واحد منهما السدس والباقي للبنتين فما
زاد.
(مسألة 1738): لو اجتمع زوج أو زوجة مع أحد الأبوين ومعهما البنت الواحدة
أو البنات كان للزوج الربع وللزوجة الثمن وللبنت الواحدة النصف وللبنات الثلثان
ولاحد الأبوين السدس، فإن بقي شئ يرد عليه وعلى البنت أو البنات، وإن كان
نقص ورد النقص على البنات.
(مسألة 1739): إذا اجتمع زوج مع الأبوين والبنت كان للزوج الربع وللأبوين
السدسان وللبنت سدسان ونصف سدس ينتقص من سهمها وهو النصف نصف
السدس، ولو كان البنتان مكان البنت كان لهما سدسان ونصف فينتقص من سهمهما
وهو الثلثان سدس ونصف سدس.
(مسألة 1740): إذا اجتمعت زوجة مع الأبوين وبنتين كان للزوجة الثمن
410

وللأبوين السدسان وللبنتين الباقي وهو أقل من الثلثين اللذين هما سهم البنتين،
وإذا كان مكان البنتين في الفرض بنت فلا نقص بل يزيد ربع السدس فيرد على
الأبوين والبنت خمسان منه للأبوين وثلاثة أخماس منه للبنت.
(مسألة 1741): إذا خلف الميت مع الأبوين أخا وأختين أو أربع أخوات أو
أخوين حجبوا الام عما زاد على السدس بشرط أن يكونوا مسلمين غير مماليك
ويكونوا منفصلين بالولادة لا حملا ويكونوا من الأبوين أو من الأب ويكون الأب
موجودا، فإن فقد بعض هذه الشرائط فلا حجب، وإذا اجتمعت هذه الشرائط فإن
لم يكن مع الأبوين ولد ذكر أو اثنى كان للأم السدس خاصة والباقي للأب، وإن كان
معهما بنت فلكل من الأبوين السدس وللبنت النصف، والمشهور (1) أن الباقي
يرد على الأب والبنت أرباعا ولا يرد شئ منه على الام ولكنه لا يخلو عن إشكال
ولا يبعد ان يرد الباقي على الجميع.
(مسألة 1742): أولاد الأولاد يقومون مقام الأولاد عند عدمهم ويأخذ كل
فريق منهم نصيب من يتقرب به، فلو كان للميت أولاد بنت وأولاد ابن كان لأولاد
البنت الثلث يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ولأولاد الابن الثلثان يقسم بينهم
كذلك، ولا يرث أولاد الأولاد إذا كان للميت ولد ولو أنثى، فإذا كان له بنت وابن
ابن كان الميراث للبنت والأقرب من أولاد الأولاد يمنع الأبعد.
فإذا كان للميت ولد ولد وولد ولد ولد كان الميراث لولد الولد دون ولد ولد
الولد، ويشاركون الأبوين كابائهم، لان الاباء مع الأولاد صنفان ولا يمنع قرب
الأبوين إلى الميت عن إرثهم، فإذا ترك أبوين وولد ابن كان لكل من الأبوين

(1) وهو الأقوى.
411

السدس ولولد الابن الباقي، وإذا ترك أبوين وأولاد بنت كان للأبوين السدسان
ولأولاد البنت النصف ويرد السدس على الجميع على النسبة ثلاثة أخماس منه
لأولاد البنت وخمسان للأبوين، فينقسم مجموع التركة أخماسا، ثلاثة منها لأولاد
البنت بالتسمية والرد، واثنان منها للأبوين بالتسمية والرد كما تقدم في صورة ما إذا
ترك أبوين وبنتا، وإذا ترك أحد الأبوين مع أولاد بنت كان لأولاد البنت ثلاثة
أرباع التركة بالتسمية والرد والربع الرابع لاحد الأبوين كما تقدم فيما إذا ترك أحد
الأبوين وبنتا، وهكذا الحكم في بقية الصور فيكون الرد على أولاد البنت كما يكون
الرد على البنت.
وإذا شاركهم زوج أو زوجة دخل النقص على أولاد البنت، فإذا ترك زوجا
وأبوين وأولاد بنت كان للزوج الربع وللأبوين السدسان ولأولاد البنت سدسان
ونصف سدس فينقص من سهم البنت وهو النصف نصف سدس.
(مسألة 1743): يحبى الولد الذكر الأكبر وجوبا مجانا بثياب بدن الميت وخاتمه
وسيفه ومصحفه لا غيرها، (1) وإذا تعدد الثوب أعطي الجميع، ولا يترك
الاحتياط عند تعدد غيره من المذكورات بالمصالحة مع سائر الورثة في الزائد على
الواحد، وإذا كان على الميت دين مستغرق للتركة جاز للمحبو فكها بما يخصها من
الدين، وإذا لم يكن مستغرقا لها جاز له فكها بالنسبة، فإذا كان دينه عشرة دراهم
وكان ما زاد على الحبوة من التركة يساوي ثمانية وقيمة الحبوة أربعة فكها المحبو
بثلاثة دراهم وثلث درهم، وإذا كان الدين في الفرض المذكور ثمانية دراهم فكها
المحبو بدرهمين وثلثي درهم وهكذا.

(1) ولا يترك الاحتياط في الكتب والرحل والراحلة وغير السيف من السلاح.
412

وكذا الحكم في الكفن وغيره من مؤنة التجهيز التي تخرج من أصل التركة.
(مسألة 1744): إذا أوصى الميت بتمام الحبوة أو ببعضها لغير المحبو نفذت وصيته
وحرم المحبو منها، وإذا أوصى بثلث ماله أخرج الثلث منها ومن غيرها، وكذلك إذا
أوصى بمائة دينار مثلا فإنها تخرج من مجموع التركة بالنسبة إن كانت تساوي المائة
ثلثها أو تنقص عنه، ولو كانت أعيانها أو بعضها مرهونة وجب فيها من مجموع
التركة.
(مسألة 1745): لا فرق بين الكسوة الشتائية والصيفية ولا بين القطن والجلد
وغيرهما ولا بين الصغيرة والكبيرة، فيدخل فيها مثل القلنسوة، وفي الجورب
والحزام والنعل تردد أظهره الدخول، ولا يتوقف صدق الثياب ونحوها على اللبس
بل يكفي اعدادها لذلك، نعم إذا أعدها للتجارة أو لكسوة غيره من أهل بيته
وأولاده وخدامه لم تكن من الحبوة.
(مسألة 1746): لا يدخل في الحبوة مثل الساعة، وفي دخول مثل الدرع
والطاس والمغفر ونحوها من معدات الحرب إشكال، بل الاظهر العدم، والأحوط في
مثل البندقية والخنجر ونحوهما من آلات السلاح المصالحة مع سائر الورثة، نعم
لا يبعد تبعية غمد السيف وقبضته وبيت المصحف وحمائلهما لهما، وفي دخول ما يحرم
لبسه مثل خاتم الذهب وثوب الحرير اشكال، وإذا كان مقطوع اليدين
فالسيف (1) لا يكون من الحبوة، ولو كان أعمى فالمصحف ليس منها، نعم
لو طرأ ذلك اتفاقا وكان قد أعدهما قبل ذلك لنفسه كانا منها.
(مسألة 1747): إذا اختلف الذكر الأكبر وسائر الورثة في ثبوت الحبوة أو في

(1) لا يترك الاحتياط بالصلح مع سائر الورثة فيه وفي مصحف الأعمى.
413

أعيانها أو في غير ذلك من مسائلها لاختلافهم في الاجتهاد أو في التقليد رجعوا إلى
الحاكم الشرعي في فصل خصومتهم.
(مسألة 1748): إذا تعدد الذكر مع التساوي في السن فالمشهور الاشتراك فيها
ولا يخلو من وجه قوى.
(مسألة 1749): المراد بالأكبر الأسبق ولادة لا علوقا، وإذا اشتبه فالمرجع في
تعيينه القرعة، والظاهر اختصاصها بالولد الصلبي فلا تكون لولد الولد، ولا يشترط
انفصاله بالولادة فضلا عن اشتراط بلوغه حين الوفاة.
(مسألة 1750): قيل يشترط في المحبو ان لا يكون سفيها وفيه اشكال، بل
الاظهر عدمه، وقيل يشترط أن يخلف الميت مالا غيرها وفيه تأمل.
(مسألة 1751): يستحب لكل من الأبوين الوارثين لولدهما اطعام الجد والجدة
المتقرب به سدس الأصل إذا زاد نصيبه عن السدس، وهل يختص بصورة اتحاد
الجد فلا يشمل التعدد أو صورة فقد الولد للميت فلا يشمل صورة وجوده إشكال.
(المرتبة الثانية): الإخوة والأجداد.
(مسألة 1752): لا ترث هذه المرتبة إلا إذا لم يكن للميت ولد وإن نزل ولا أحد
الأبوين المتصلين.
(مسألة 1753): إذا لم يكن للميت جد ولا جدة فللأخ المنفرد من الأبوين المال
كله يرثه بالقرابة، ومع التعدد ينقسم بينهم بالسوية، وللأخت المنفردة من الأبوين
المال كله ترث نصفه بالفرض كما تقدم ونصفه الأخر ردا بالقرابة، وللأختين أو
الأخوات من الأبوين المال كله يرثن ثلثيه بالفرض كما تقدم والثلث الثالث ردا
بالقرابة، وإذا ترك أخا واحدا أو أكثر من الأبوين مع أخت واحدة أو أكثر كذلك
414

فلا فرض، بل يرثون المال كله بالقرابة يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
(مسألة 1754): للأخ المنفرد من الام والأخت كذلك المال كله يرث السدس
بالفرض والباقي ردا بالقرابة، وللأثنين فصاعدا من الاخوة للام ذكورا أو إناثا أو
ذكورا وإناثا المال كله يرثون ثلثه بالفرض والباقي ردا بالقرابة ويقسم بينهم فرضا
وردا بالسوية.
(مسألة 1755): لا يرث الأخ أو الأخت للأب مع وجود الأخ والأخت
للأبوين، نعم مع فقدهم يرثون على نهج ميراثهم فللأخ من الأب واحدا كان أو
متعددا تمام المال بالقرابة، وللأخت الواحدة النصف بالفرض والنصف الآخر
بالقرابة، وللأخوات المتعددات تمام المال يرثن ثلثيه بالفرض والباقي ردا بالقرابة،
وإذا اجتمع الاخوة والأخوات كلهم للأب كان لهم تمام المال يقسمونه بينهم للذكر
مثل حظ الأنثيين.
(مسألة 1756): إذا اجتمع الأخوة بعضهم من الأبوين وبعضهم من الأم فإن
كان الذي من الأم واحدا كان له السدس ذكرا كان أو أنثى والباقي لمن كان من
الأبوين، وإن كان الذي من الأم متعددا كان له الثلث يقسم بينهم بالسوية ذكورا
كانوا أو إناثا أو ذكورا وإناثا والباقي لمن كان من الأبوين واحدا كان أو متعددا،
ومع اتفاقهم في الذكورة والأنوثة يقسم بالسوية، ومع الاختلاف فيهما يقسم للذكر
مثل حظ الأنثيين.
نعم في صورة كون المتقرب بالأبوين إناثا وكون الأخ من الأم واحدا كان
ميراث الأخوات من الأبوين بالفرض ثلثين وبالقرابة السدس، وإذا كان المتقرب
بالأبوين أنثى واحدة كان لها النصف فرضا وما زاد على سهم المتقرب بالأم وهو
السدس أو الثلث ردا عليها، ولا يرد على المتقرب بالأم وإذا وجد معهم إخوة من
415

الأب فقط فلا ميراث لهم كما عرفت.
(مسألة 1757): إذا لم يوجد للميت إخوة من الأبوين وكان له إخوة بعضهم من
الأب فقط وبعضهم من الأم فقط فالحكم كما سبق في الإخوة من الأبوين من أنه إذا
كان الأخ من الأم واحدا كان له السدس، وإذا كان متعددا كان له الثلث يقسم بينهم
بالسوية والباقي الزائد على السدس أو الثلث يكون للإخوة من الأب يقسم بينهم
للذكر مثل حظ الأنثيين مع اختلافهم في الذكورة والأنوثة ومع عدم الاختلاف فيهما
يقسم بينهم بالسوية، وفي الصورة التي يكون المتقرب بالأب أنثى واحدة يكون
أيضا ميراثها ما زاد على سهم المتقرب بالأم بعضه بالفرض وبعضه بالرد بالقرابة.
(مسألة 1758): في جميع صور انحصار الوارث القريب بالإخوة سواء كانوا من
الأبوين أم من الأب أم من الأم أم بعضهم من الأبوين وبعضهم من الأب وبعضهم
من الأم إذا كان للميت زوج كان له النصف وإذا كانت له زوجة كان لها الربع وللأخ
من الأم مع الاتحاد السدس ومع التعدد الثلث والباقي للإخوة من الأبوين أو من
الأب إذا كانوا ذكورا أو ذكورا وإناثا.
أما إذا كانوا إناثا ففي بعض الصور تكون الفروض أكثر من الفريضة كما إذا
ترك زوجا أو زوجة وأختين من الأبوين أو الأب وأختين أو أخوين من الأم فإن
سهم المتقرب بالام الثلث وسهم الأختين من الأبوين أو الأب الثلثان، وذلك تمام
الفريضة ويزيد عليها سهم الزوج أو الزوجة، وكذا إذا ترك زوجا وأختا واحدة من
الأبوين أو الأب وأختين أو أخوين من الأم فإن نصف الزوج ونصف الأخت من
الأبوين يستوفيان الفريضة ويزيد عليها سهم المتقرب بالام، ففي مثل هذه الفروض
يدخل النقص على المتقرب بالأبوين أو بالأب خاصة ولا يدخل النقص على
المتقرب بالام ولا على الزوج أو الزوجة.
416

وفي بعض الصور تكون الفريضة أكثر كما إذا ترك زوجة وأختا من الأبوين
وأخا أو أختا من الأم فإن الفريضة تزيد على الفروض بنصف سدس فيرد على
الأخت من الأبوين فيكون لها نصف التركة ونصف سدسها وللزوجة الربع وللأخ
أو الأخت من الام السدس.
(مسألة 1759): إذا لم يكن للميت أخ أو أخت وانحصر الوارث بالجد أو الجدة
للأب أو للام كان له المال كله، وإذا اجتمع الجد والجدة معا فإن كانا لأب كان المال
لهما يقسم بينهما للذكر ضعف الأنثى، وإن كانا لام فالمال أيضا لهما لكن يقسم بينهما
بالسوية، وإذا اجتمع الأجداد بعضهم للام وبعضهم للأب كان للجد للأم الثلث وإن
كان واحدا وللجد للأب الثلثان، ولا فرق فيما ذكرنا بين الجد الأدنى والأعلى، نعم
إذا اجتمع الجد الأدنى والجد الأعلى كان الميراث للأدنى ولم يرث الأعلى شيئا،
ولا فرق بين أن يكون الأدنى ممن يتقرب به الأعلى كما إذا ترك جدة وأبا جدته
وغيره كما إذا ترك جدا وأبا جدة فإن الميراث في الجميع للأدنى.
هذا مع المزاحمة أما مع عدمها كما إذا ترك إخوة لام وجدا قريبا لأب وجدا
بعيدا لام أو ترك إخوة لأب وجدا قريبا لام وجدا بعيدا لأب فإن الجد البعيد في
الصورتين يشارك الاخوة ولا يمنع الجد القريب من إرث الجد البعيد.
(مسألة 1760): إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأجداد كان للزوج نصفه
وللزوجة ربعه ويعطى المتقرب بالأم الثلث والباقي من التركة للمتقرب بالأب.
(مسألة 1761): إذا اجتمع الاخوة مع الأجداد فالجد وإن علا كالأخ والجدة
وإن علت كالأخت، فالجد وإن علا يقاسم الاخوة، وكذلك الجدة، فإذا اجتمع
الإخوة والأجداد فإما أن يتحد نوع كل منهما مع الاتحاد في جهة النسب بأن يكون
الأجداد والإخوة كلهم للأب أو كلهم للام أو مع الاختلاف فيها كأن يكون الأجداد
417

للأب والإخوة للأم، وإما أن يتعدد نوع كل منهما بأن يكون كل من الأجداد
والاخوة بعضهم للأب وبعضهم للام، أو يتعدد نوع أحدهما ويتحد الأخر بأن
يكون الأجداد نوعين بعضهم للأب وبعضهم للام والإخوة للأب لا غير أو للام
لا غير، أو يكون الاخوة بعضهم للأب وبعضهم للام والأجداد كلهم للأب لا غير أو
للام لا غير، ثم إن كلا منهما إما أن يكون واحدا ذكرا أو أنثى أو متعددا ذكورا أو إناثا
أو ذكورا وإناثا فهنا صور:
الأولى: أن يكون الجد واحدا ذكرا أو أنثى أو متعددا ذكورا أو إناثا أو ذكورا
وإناثا من قبل الام وكان الأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضا من قبل الام
فيقتسمون المال بينهم بالسوية.
الثانية: أن يكون كل من الجد والأخ على أحد الأقسام المذكورة فيهما للأب
فيقتسمون المال بينهم أيضا بالسوية إن كانوا جميعا ذكورا أو إناثا، وإن اختلفوا في
الذكورة والأنوثة اقتسموا المال بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين.
الثالثة: أن يكون الجد للأب والأخ للأبوين والحكم فيها كذلك.
الرابعة: أن يكون الأجداد متفرقين بعضهم للأب وبعضهم للام ذكورا كانوا أو
إناثا أو ذكورا وإناثا والاخوة كذلك بعضهم للأب وبعضهم للام ذكورا أو إناثا أو
ذكورا وإناثا فللمتقرب بالام من الإخوة والأجداد جميعا الثلث يقتسمونه بالسوية
وللمتقرب بالأب منهم جميعا الثلثان يقتسمونهما للذكر مثل حظ الأنثيين مع
الاختلاف بالذكورة والأنوثة وإلا فبالسوية.
الخامسة: أن يكون الجد على أحد الأقسام المذكورة للأب والأخ على أحد
الأقسام المذكورة أيضا للام فيكون للأخ السدس إن كان واحدا والثلث إن كان
متعددا يقسم بينهم بالسوية والباقي للجد واحدا كان أو متعددا، ومع الاختلاف في
418

الذكورة والأنوثة يقتسمونه بالتفاضل.
السادسة: أن ينعكس الفرض بأن يكون الجد بأقسامه المذكورة للام والأخ
للأب فيكون للجد الثلث وللأخ الثلثان، وإذا كانت مع الجد للام أخت للأب فإن
كانتا اثنتين فما زاد لم تزد الفريضة على السهام، وإن كانت واحدة كان لها النصف
وللجد الثلث وفي السدس الزائد من الفريضة لا يترك الاحتياط بالصلح، (1)
وإذا كان الأجداد متفرقين وكان معهم أخ أو أكثر لأب كان للجد للام وإن كان أنثى
واحدة الثلث ومع تعدد الجد يقتسمونه بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة
والأنوثة، والثلثان للأجداد للأب مع الاخوة له يقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين،
وإذا كان معهم أخ لام كان للجد للام مع الأخ للأم الثلث بالسوية ولو مع الاختلاف
بالذكورة والأنوثة، وللأجداد للأب الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كان الجد
للأب لا غير والاخوة متفرقين فللأخوة للأم السدس إن كان واحدا والثلث إن كان
متعددا يقتسمونه بالسوية، وللاخوة للأب مع الأجداد للأب الباقي، ولو كان الجد للام
لاغير والاخوة متفرقين كان للجد مع الاخوة للأم الثلث بالسوية وللأخ للأب الباقي.
(مسألة 1762): أولاد الإخوة لا يرثون مع الاخوة شيئا فلا يرث ابن الأخ للأبوين
مع الأخ من الأب أو الام بل الميراث للأخ، هذا إذا زاحمه، أما إذا لم يزاحمه كما إذا
ترك جدا لام وابن أخ لام مع أخ لأب فابن الأخ يرث مع الجد الثلث، والثلثان للأخ.
(مسألة 1763): إذا فقد الميت الاخوة قام أولادهم مقامهم في الإرث وفي مقاسمة
الأجداد وكل واحد من الأولاد يرث نصيب من يتقرب به، فلو خلف الميت أولاد
أخ أو أخت لأم لا غير كان لهم سدس أبيهم أو أمهم بالفرض والباقي بالرد، ولو

(1) الأقوى الرد عليها وإن كان الأحوط الصلح.
419

خلف أولاد أخوين أو أختين أو أخ وأخت كان لأولاد كل واحد من الاخوة
السدس بالفرض وسدسين بالرد، ولو خلف أولاد ثلاثة إخوة كان لكل فريق من
أولاد واحد منهم حصة أبيه أو أمه، وهكذا الحكم في أولاد الإخوة للأبوين أو للأب
ويقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا أولاد أخ لام وإن اختلفوا بالذكورة والأنوثة،
والمشهور على أن التقسيم بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين إن كانوا أولاد أخ
للأبوين أو للأب، ولكنه لا يخلو من اشكال، ولا يبعد أن تكون القسمة بينهم أيضا
بالسوية، والأحوط هو الرجوع إلى الصلح.
(مسألة 1764): إذا خلف الميت أولاد أخ لام وأولاد أخ للأبوين أو للأب كان
لأولاد الأخ للأم السدس وإن كثروا ولأولاد الأخ للأبوين أو للأب الباقي وان قلوا.
(مسألة 1765): إذا لم يكن للميت اخوة ولا أولادهم الصلبيون كان الميراث
لأولاد أولاد الإخوة، والأعلى طبقة منهم وإن كان من الأب يمنع من ارث الطبقة
النازلة وإن كانت من الأبوين.
(المرتبة الثالثة): الأعمام والأخوال.
(مسألة 1766): لا يرث الأعمام والأخوال مع وجود المرتبتين الأولتين وهم
صنف واحد يمنع الأقرب منهم الأبعد.
(مسألة 1767): للعم المنفرد تمام المال وكذا للعمين فما زاد يقسم بينهم بالسوية
وكذا العمة والعمتان والعمات لأب كانوا أم لام أم لهما.
(مسألة 1768): إذا اجتمع الذكور والإناث كالعم والعمة والأعمام والعمات
فالمشهور والمعروف ان القسمة بالتفاضل (1) للذكر مثل حظ الأنثيين إن كانوا

(1) وهو الأقوى وإن كان الأحوط الصلح.
420

جميعا للأبوين أو للأب، لكن لا يبعد أن تكون القسمة بينهم بالتساوي، والأحوط
الرجوع إلى الصلح أما إذا كانوا جميعا للام ففيه قولان، أقربهما القسمة
بالسوية. (1)
(مسألة 1769): إذا اجتمع الأعمام والعمات وتفرقوا في جهة النسب بأن كان
بعضهم للأبوين وبعضهم للأب وبعضهم للام سقط المتقرب بالأب ولو فقد المتقرب
بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامه، والمشهور (2) على أن المتقرب بالام إن كان
واحدا كان له السدس وإن كان متعددا كان لهم الثلث يقسم بينهم بالسوية والزائد
على السدس أو الثلث يكون للمتقرب بالأبوين واحدا كان أو أكثر يقسم بينهم
للذكر مثل حظ الأنثيين، ولكن لا يبعد أن يكون الأعمام والعمات من طرف الام
كالأعمام والعمات من الأبوين ويقتسمون المال بينهم جميعا بالسوية
(مسألة 1770): للخال المنفرد المال كله، وكذا الخالان فما زاد يقسم بينهم
بالسوية، وللخالة المنفردة المال كله وكذا الخالتان والخالات، وإذا اجتمع الذكور
والإناث بأن كان للميت خال فما زاد وخالة فما زاد يقسم المال بينهم بالسوية (3)
الذكر والأنثى سواء أكانوا للأبوين أم للأب أم للام، أما لو تفرقوا بأن كان بعضهم
للأبوين وبعضهم للأب وبعضهم للام سقط المتقرب بالأب، ولو فقد المتقرب

(1) الأحوط اتمام القسمة بالصلح.
(2) وهو الأقوى، إلا أن الأحوط وجوبا إذا كان المتقرب بالام واحدا أن يصالح
المتقرب بالأب مع المتقرب بالأم في خمس نصيبه، كما أن الأحوط وجوبا في
اجتماع العم والعمة من قبل الأم القسمة بينهما بالصلح.
(3) الأحوط وجوبا مصالحة الذكر والأنثى في القسمة.
421

بالأبوين قام مقامه، والمشهور (1) على أنه للمتقرب بالام السدس إن كان
واحدا والثلث إن كان متعددا يقسم بينهم بالسوية والباقي للمتقرب بالأبوين يقسم
بينهم بالسوية أيضا، ولكن لا يبعد أن يكون المتقرب بالام كالمتقرب بالأبوين
وانهم يقتسمون المال جميعا بينهم بالسوية.
(مسألة 1771): إذا اجتمع الأعمام والأخوال كان للأخوال الثلث وإن كان
واحدا ذكرا أو أنثى والثلثان للأعمام وإن كان واحدا ذكرا أو أنثى، فإن تعدد
الأخوال اقتسموا الثلث على ما تقدم، وإذا تعدد الأعمام اقتسموا الثلثين كذلك.
(مسألة 1772): أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات يقومون مقام
آبائهم عند فقدهم، فلا يرث ولد عم أو عمة مع عم ولا مع عمة ولا مع خال ولا مع
خالة، ولا يرث ولد خال أو خالة مع خال ولا مع خالة ولا مع عم ولا مع عمة، بل
يكون الميراث للعم أو الخال أو العمة أو الخالة، لما عرفت من أن هذه المرتبة كلها
صنف واحد لا صنفان كي يتوهم أن ولد العم لا يرث مع العم والعمة ولكن يرث مع
الخال والخالة وأن ولد الخال لا يرث مع الخال أو الخالة ولكن يرث مع العم أو العمة
بل الولد لا يرث مع وجود العم أو الخال ذكرا أو أنثى ويرث مع فقدهم جميعا.
(مسألة 1773): يرث كل واحد من أولاد العمومة والخؤولة نصيب من يتقرب
به فإذا اجتمع ولد عمة وولد خال أخذ ولد العمة وإن كان واحدا أنثى الثلثين، وولد
الخال وإن كان ذكرا متعددا الثلث والقسمة بين أولاد العمومة أو الخؤولة على النحو
المتقدم في أولاد الإخوة في المسألة رقم (1763).

(1) الأحوط وجوبا مصالحة المتقرب بالأب مع المتقرب بالأم في القسمة في
الصورتين، كما أن الأحوط وجوبا مصالحة الخال مع الخالة.
422

(مسألة 1774): قد عرفت ان العم والعمة والخال والخالة يمنعون أولادهم،
ويستثنى من ذلك صورة واحدة وهي ابن عم لأبوين مع عم لأب، فان ابن العم يمنع
العم ويكون المال كله له ولا يرث معه العم للأب أصلا، ولو كان معهما خال أو خالة
سقط ابن العم وكان الميراث للعم والخال والخالة، ولو تعدد العم أو ابن العم أو كان
زوج أو زوجة ففي جريان الحكم الأول اشكال.
(مسألة 1775): الأقرب من العمومة والخؤولة يمنع الأبعد منهما، فإذا كان للميت
عم وعم أب أو عم أم أو خال لأب أو أم كان الميراث لعم الميت ولا يرث معه عم
أبيه ولا خال أبيه ولا عم أمه ولا خال أمه، ولو لم يكن للميت عم أو خال لكن كان
له عم أب وعم جد أو خال جد كان الميراث لعم الأب دون عم الجد أو خاله.
(مسألة 1776): أولاد العم والخال مقدمون على عم أب الميت وخال أبيه وعم
أم الميت وخالها وكذلك من نزلوا من الأولاد وان بعدوا، فإنهم مقدمون على
الدرجة الثانية من الأعمام والأخوال.
(مسألة 1777): إذا اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الام وعمتها
وخالها وخالتها كان للمتقرب بالام الثلث يقسم بينهم بالسوية وللمتقرب بالأب
الثلثان، والمشهور أن ثلثهما لخال أبيه وخالته يقسم بينهما بالسوية والباقي يقسم بين
عم أبيه وعمته للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا يبعد أن المتقربين بالأب أيضا يقتسمون
المال بينهم بالسوية من دون فرق بين الخال والعم. (1)

(1) والأحوط وجوبا مصالحة المتقرب بالام في الثلث من الأصل، ومصالحة خال
الأب وخالته في الثلث من الثلثين، وأما عم الأب وعمته فالقسمة بينهما على
ما تقدم في المسألة (1769).
423

(مسألة 1778): إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام والأخوال كان للزوج
أو الزوجة نصيبه الأعلى من النصف أو الربع وللأخوال الثلث وللأعمام الباقي، وأما
قسمة الثلث بين الأخوال وكذلك قسمة الباقي بين الأعمام فعلى ما تقدم.
(مسألة 1779): إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأخوال فقط وكانوا متعددين
أخذ نصيبه الأعلى من النصف والربع والباقي يقسم بينهم على ما تقدم، وهكذا
الحكم فيما لو دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام المتعددين.
(مسألة 1780): إذا اجتمع لوارث سببان للميراث فإن لم يمنع أحدهما الأخر
ورث بهما معا سواء اتحدا في النوع كجد لأب هو جد لام أم تعددا، كما إذا تزوج أخو
الشخص لأبيه بأخته لأمه فولدت له، فهذا الشخص بالنسبة إلى ولد الشخص عم
وخال وولد الشخص بالنسبة إلى ولدهما ولد عم لأب وولد خال لام.
وإذا منع أحد السببين الأخر ورث بالمانع كما إذا تزوج الاخوان زوجتين
فولدتا لهما ثم مات أحدهما فتزوجها الأخر فولدت له، فولد هذه المرأة من زوجها
الأول ابن عم لولدها من زوجها الثاني وأخ لام فيرث بالاخوة لا بالعمومة.
فصل
في الميراث بالسبب
وهو اثنان: الزوجية والولاء فهنا مبحثان:
(الأول) الزوجية
(مسألة 1781): يرث الزوج من الزوجة النصف مع عدم الولد لها والربع مع
الولد وان نزل، وترث الزوجة من الزوج الربع مع عدم الولد له والثمن مع الولد وان
نزل.
424

(مسألة 1782): إذا لم تترك الزوجة وارثا لها ذا نسب أو سبب إلا الامام
فالنصف لزوجها بالفرض والنصف الآخر يرد عليه على الأقوى، وإذا لم يترك
الزوج وارثا له ذا نسب أو سبب إلا الامام فلزوجته الربع فرضا، وهل يرد عليها
الباقي مطلقا أو إذا كان الامام غائبا أو لا يرد عليها بل يكون الباقي للامام أقواها
الأخير.
(مسألة 1783): إذا كان للميت زوجتان فما زاد اشتركن في الثمن بالسوية مع
الولد وفي الربع بالسوية مع عدم الولد.
(مسألة 1784): يشترط في التوارث بين الزوجين دوام العقد فلا ميراث بينهما في
الانقطاع كما تقدم، ولا يشترط الدخول في التوارث، فلو مات أحدهما قبل
الدخول ورثه الأخر زوجا كان أم زوجة، والمطلقة رجعيا ترثه وتورث بخلاف
البائن.
(مسألة 1785): يصح طلاق المريض لزوجته ولكنه مكروه، فإذا طلقها في
مرضه وماتت الزوجة في العدة الرجعية ورثها، ولا يرثها في غير ذلك.
واما إذا مات الزوج فهي ترثه سواء أكان الطلاق رجعيا أم كان بائنا إذا كان
موته قبل انتهاء السنة من حين الطلاق ولم يبرأ من مرضه الذي طلق فيه ولم يكن
الطلاق بسؤالها ولم يكن خلعا ولا مباراة ولم تتزوج بغيره، فلو مات بعد انتهاء السنة
ولو بلحظة أو برئ من مرضه فمات لم ترثه، وأما إذا كان الطلاق بسؤالها أو كان
الطلاق خلعا أو كانت قد تزوجت المرأة بغيره ففيه إشكال.
(مسألة 1786): إذا طلق المريض زوجاته وكن أربعا وتزوج أربعا أخرى
ودخل بهن ومات في مرضه قبل انتهاء السنة من الطلاق اشتركت المطلقات مع
الزوجات في الربع أو الثمن.
425

(مسألة 1787): إذا طلق الشخص واحدة من أربع فتزوج أخرى ثم مات
واشتبهت المطلقة في الزوجات الأولى ففي الرواية - وعليها العمل -: أنه كان للتي
تزوجها أخيرا ربع الثمن وتشترك الأربع المشتبهة فيهن المطلقة بثلاثة أرباعه، هذا
إذا كان للميت ولد، وإلا كان لها الربع وتشترك الأربعة الأولى في ثلاثة أرباعه،
وهل يتعدى إلى كل مورد اشتبهت فيه المطلقة بغيرها أو يعمل بالقرعة قولان،
أقواهما الثاني.
(مسألة 1788): يرث الزوج من جميع ما تركته الزوجة منقولا وغيره أرضا
وغيرها، وترث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات والسفن والحيوانات،
ولا ترث من الأرض لا عينا ولا قيمة وترث مما ثبت فيها من بناء وأشجار وآلات
وأخشاب ونحو ذلك، ولكن للوارث دفع القيمة إليها، ويجب عليها القبول، ولا فرق
في الأرض بين الخالية والمشغولة بغرس أو بناء أو زرع أو غيرها.
(مسألة 1789): كيفية التقويم ان يفرض البناء ثابتا من غير أجرة ثم يقوم على
هذا الفرض فتستحق الزوجة الربع أو الثمن من قيمته.
(مسألة 1790): الظاهر أنها تستحق من عين ثمرة النخل والشجر والزرع
الموجودة حال موت الزوج وليس للوارث إجبارها على قبول القيمة.
(مسألة 1791): إذا لم يدفع الوارث القيمة لعذر أو لغير عذر سنة أو أكثر كان
للزوجة المطالبة بأجرة البناء، وإذا أثمرت الشجرة في تلك المدة كان لها فرضها من
الثمرة عينا فلها المطالبة بها، وهكذا ما دام الوارث لم يدفع القيمة تستحق الحصة من
المنافع والثمرة وغيرهما من النماءات.
(مسألة 1792): إذا انقلعت الشجرة أو انكسرت أو انهدم البناء فالظاهر عدم
جواز إجبارها على اخذ القيمة، فيجوز لها المطالبة بحصتها من العين كالمنقول، نعم
426

إذا كان البناء معرضا للهدم والشجر معرضا للكسر والقطع جاز إجبارها على أخذ
القيمة ما دام لم ينهدم ولم ينكسر، وكذا الحكم في الفسيل المعد للقطع، وهل يلحق
بذلك الدولاب والمحالة والعريش الذي يكون عليه أغصان الكرم، وجهان، أقواهما
ذلك، فللوارث إجبارها على أخذ قيمتها وكذا بيوت القصب.
(مسألة 1793): القنوات والعيون والآبار ترث الزوجة من آلاتها وللوارث
إجبارها على أخذ القيمة، واما الماء الموجود فيها فإنها ترث من عينه وليس
للوارث إجبارها على أخذ قيمته، ولو حفر سردابا أو بئرا قبل أن يصل إلى حد النبع
فمات ورثت منها الزوجة وعليها أخذ القيمة.
(مسألة 1794): لو لم يرغب الوارث في دفع القيمة للزوجة عن الشجرة والبناء
فدفع لها العين نفسها كانت شريكة فيها كسائر الورثة، ولا يجوز لها المطالبة بالقيمة،
ولو عدل الوارث عن بذل العين إلى القيمة ففي وجوب قبولها إشكال وإن كان
الاظهر العدم.
(مسألة 1795): المدار في القيمة على قيمة يوم الدفع.
(مسألة 1796): قد تقدم في كتاب النكاح أنه لو تزوج المريض ودخل بزوجته
ورثته، وإذا مات قبل الدخول فنكاحه باطل ولا مهر لها ولا ميراث.
(المبحث الثاني): في الولاء، وأقسامه ثلاثة:
(الأول): ولاء العتق.
(مسألة 1797): يرث المعتق عتيقه بشروط ثلاثة:
(الشرط الأول): أن لا يكون عتقه في واجب كالكفارة والنذر، وإلا لم يثبت
للمعتق الميراث، وكذا المكاتب إلا إذا شرط المولى عليه الميراث فإنه حينئذ يرثه،
427

نعم إذا شرط عليه الميراث مع وجود القريب لم يصح الشرط.
(مسألة 1798): الظاهر أنه لا فرق في عدم الولاء لمن أعتق عبده عن نذر بين أن
يكون قد نذر عتق عبد كلي فأعتق عبدا معينا وفاءا بنذره وأن يكون قد نذر عتق
عبد بعينه فأعتقه وفاءا بنذره.
(مسألة 1799): لو تبرع بالعتق عن غيره ممن كان العتق واجبا عليه لم يرث
عتيقه.
(الشرط الثاني): ان لا يتبرأ من ضمان جريرته، فلو اشترط عليه عدم ضمان
جريرته لم يضمنها ولم يرثه، ولا يشترط في سقوط الضمان الاشهاد على الأقوى،
وهل يكفي التبري بعد العتق أو لا بد من أن يكون حال العتق؟ وجهان. (1)
(الشرط الثالث): أن لا يكون للعتيق قرابة، قريبا كان أو بعيدا فلو كان له قريب
كان هو الوارث.
(مسألة 1800): إذا كان للعتيق زوج أو زوجة كان له نصيبه الأعلى والباقي
للمعتق.
(مسألة 1801): إذا اشترك جماعة في العتق، اشتركوا في الميراث ذكورا كانوا أم
إناثا أم ذكورا وإناثا وإذا عدم المعتق فإن كان ذكرا انتقل الولاء إلى ورثته الذكور
كالأب (2) والبنين دون النساء كالزوجة والام والبنات، وإذا كان أنثى انتقل إلى
عصبتها وهم أولاد أبيها دون أولادها ذكورا وإناثا، وفي عدم كون الأب نفسه من
العصبة إشكال.

(1) والأ وجه هو الثاني.
(2) لا يترك الاحتياط بصلح البنين مع الأب والأم.
428

(مسألة 1802): يقوم أولاد الأولاد مقام آبائهم عند عدمهم ويرث كل منهم
نصيب من يتقرب به كما تقدم في الميراث بالقرابة.
(مسألة 1803): مع فقد الأب والأولاد حتى من نزلوا يكون الولاء للاخوة
والأجداد من الأب دون الأخوات والجدات والأجداد من الام ومع فقدهم
فللأعمام دون الأخوال والعمات والخالات، ومع فقد قرابة المعتق يرثه المعتق له فإن
عدم وكان ذكرا ورثه أولاده الذكور وأبوه وأقاربه من الأب دون الام (1) وإن
كان أنثى ورثته العصبة.
(مسألة 1804): لا يرث العتيق مولاه بل إذا لم يكن له قريب ولا ضامن جريرة
كان ميراثه للامام.
(مسألة 1805): لا يصح بيع الولاء ولا هبته ولا اشتراطه في بيع.
(مسألة 1806): إذا حملت الأمة المعتقة بعد العتق من رق فالولد حر وولاؤه
لمولى الأمة الذي أعتقها، فإذا أعتق أبوه انجر الولاء من معتق امه إلى معتق أبيه، فإن
فقد فإلى ورثته الذكور (2) فإن فقدوا فإلى عصبته، فإن فقدوا فإلى معتق معتق
أبيه ثم إلى ورثته الذكور ثم إلى عصبته ثم إلى معتق معتق معتق أبيه وهكذا، فإن فقد
الموالي وعصباتهم فلمولى عصبة موالي الأب ثم إلى عصبات موالي العصبات، فإن
فقد الموالي وعصباتهم ومواليهم فإلى ضامن الجريرة، فإن لم يكن فإلى الإمام (عليه السلام)،
ولا يرجع إلى مولى الام، ولو كان له زوج رد عليه ولم يرثه الامام، ولو كان زوجة
كان الزائد على نصيبها للإمام (عليه السلام).

(1) لا يترك الاحتياط بالصلح مع الأب والأم.
(2) مع مراعاة الاحتياط المتقدم في المسألة (1801).
429

(مسألة 1807): إذا حملت الأمة المعتقة من حر لم يكن لمولى امه ولاء، وإذا
حملت به قبل العتق فتحرر لا بعتق امه فولاؤه لمعتقه.
(مسألة 1808): إذا فقد معتق الام كان ولاء الولد لورثته الذكور (1) فإذا
فقدوا فلعصبة المعتق ثم إلى معتقه ثم إلى ورثته الذكور، فإن فقدوا فلعصبته، فإن
فقدوا فلمعتقه وهكذا، فإن فقد الموالي وعصباتهم وموالي عصباتهم فإلى ضامن
الجريرة، فإن فقد فإلى الامام.
(مسألة 1809): إذا مات المولى عن ابنين ثم مات المعتق بعد موت أحدهما
اشترك الابن الحي وورثة الميت الذكور لان الأقوى كون ارثهم من أجل ارث
الولاء.
(الثاني): ولاء ضمان الجريرة
(مسألة 1810): يجوز لاحد الشخصين أن يتولى الأخر على أن يضمن جريرته
أي جنايته فيقول له مثلا: عاقدتك على أن تعقل عني وترثني، فيقول الأخر: قبلت.
فإذا عقدا العقد المذكور صح وترتب عليه أثره، وهو العقل والإرث، ويجوز
الاقتصار في العقد على العقل وحده من دون ذكر الإرث فيترتب عليه الإرث، وأما
الاقتصار على ذكر الإرث ففي صحته وترتب الإرث عليه اشكال فضلا عن ترتب
العقل عليه، بل الاظهر العدم فيهما، والمراد من العقل الدية فمعنى عقله عنه قيامه
بدية جنايته.
(مسألة 1811): يجوز التولي المذكور بين الشخصين على أن يعقل أحدهما بعينه

(1) مع مراعاة الاحتياط المتقدم في المسألة (1801)، وهكذا فيما يليه.
430

الأخر دون العكس، كما يجوز التولي على أن يعقل كل منهما عن الأخر، فيقول مثلا:
عاقدتك على أن تعقل عني واعقل عنك وترثني وأرثك فيقول الأخر: قبلت،
فيترتب عليه العقل من الطرفين والإرث كذلك.
(مسألة 1812): لا يصح العقد المذكور إلا إذا كان المضمون لا وارث له من
النسب ولا مولى معتق، فإن كان الضمان من الطرفين اعتبر عدم الوارث النسبي
والمولى المعتق لهما معا، وإن كان من أحد الطرفين اعتبر ذلك في المضمون لا غير،
فلو ضمن من له وارث نسبي أو مولى معتق لم يصح، ولأجل ذلك لا يرث ضامن
الجريرة إلا مع فقد القرابة من النسب والمولى المعتق.
(مسألة 1813): إذا وقع الضمان مع من لا وارث له بالقرابة ولا مولى معتق ثم ولد
له بعد ذلك فهل يبطل العقد أو يبقى مراعى بفقده وجهان. (1)
(مسألة 1814): إذا وجد الزوج أو الزوجة مع ضامن الجريرة كان له نصيبه
الأعلى وكان الباقي للضامن.
(مسألة 1815): إذا مات الضامن لم ينتقل الولاء إلى ورثته.
(الثالث): ولاء الإمامة
(مسألة 1816): إذا فقد الوارث المناسب والمولى المعتق وضامن الجريرة كان
الميراث للامام إلا إذا كان له زوج، فإنه يأخذ النصف بالفرض ويرد الباقي عليه،
وإذا كانت له زوجة كان لها الربع والباقي يكون للامام كما تقدم.
(مسألة 1817): إذا كان الامام ظاهرا كان الميراث له يعمل به ما يشاء وكان

(1) والأوجه الأول.
431

علي (عليه السلام) يعطيه لفقراء بلده، وإن كان غائبا كان المرجع فيه الحاكم الشرعي وسبيله
سبيل سهمه (عليه السلام) من الخمس يصرف في مصارفه كما تقدم في كتاب الخمس.
(مسألة 1818): إذا أوصى من لا وارث له إلا الامام بجميع ماله في الفقراء
والمساكين وابن السبيل ففي نفوذ وصيته في جميع المال كما عن ظاهر بعضهم وتدل عليه
بعض الروايات أو لا كما هو ظاهر الأصحاب اشكال ولا يبعد الأول، (1) ولو اوصى
بجميع ماله في غير الأمور المذكورة فالأظهر عدم نفوذ الوصية والله سبحانه العالم.
فصل
في ميراث ولد الملاعنة والزنا والحمل والمفقود
(مسألة 1819): ولد الملاعنة ترثه امه ومن يتقرب بها من إخوة وأخوال
والزوج والزوجة ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به وحده، فإن ترك امه منفردة كان
لها الثلث فرضا والباقي يرد عليها على الأقوى، وإن ترك مع الام أولادا كان لها
السدس والباقي لهم للذكر مثل حظ الأنثيين إلا إذا كان الولد بنتا فلها النصف ويرد
الباقي أرباعا عليها وعلى الام، وإذا ترك زوجا أو زوجة كان له نصيبه كغيره
وتجري الاحكام السابقة في مراتب الميراث جميعا، ولا فرق بينه وبين غيره من
الأموات إلا في عدم ارث الأب ومن يتقرب به وحده كالأعمام والأجداد واخوة
للأب، ولو ترك اخوة من الأبوين قسم المال بينهم جميعا بالسوية وان كانوا ذكورا
وإناثا.

(1) الأحوط وجوبا أن يصرف في المصارف المذكورة بقصد الأعم من العمل
بالوصية والصدقة عن الإمام (عليه السلام).
432

(مسألة 1820): يرث ولد الملاعنة امه وقرابتها ولا يرث أباه إلا أن يعترف به
الأب بعد اللعان، ولا يرث هو من يتقرب بالأب إذا لم يعترف به، وهل يرثهم إذا
اعترف به الأب قولان، أقواهما العدم.
(مسألة 1821): إذا تبرأ الأب من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات الولد قيل
كان ميراثه لعصبة أبيه دون أبيه، وقيل لا أثر للتبري المذكور في نفي التوارث وهو
الأقوى.
(مسألة 1822): ولد الزنا لا يرثه أبوه الزاني ولا من يتقرب به ولا يرثهم هو،
وفي عدم ارث امه الزانية ومن يتقرب بها اشكال، (1) ويرثه ولده وزوجه أو
زوجته ويرثهم هو، وإذا مات مع عدم الوارث فإرثه للمولى المعتق ثم الضامن ثم
الامام، وإذا كان له زوج أو زوجة حينئذ كان له نصيبه الأعلى ولا يرد على الزوجة
إذا لم يكن له وارث إلا الامام بل يكون له ما زاد على نصيبها، نعم يرد على الزوج
على ما سبق.
(مسألة 1823): الحمل وإن كان نطفة حال موت المورث يرث إذا سقط حيا وان
لم يكن كاملا، ولا بد من اثبات ذلك وإن كان بشهادة النساء، وإذا مات بعد ان
سقط حيا كان ميراثه لوارثه وان لم يكن مستقر الحياة، وإذا سقط ميتا لم يرث وان
علم أنه كان حيا حال كونه حملا أو تحرك بعد ما انفصل إذا لم تكن حركته حركة
حياة.
(مسألة 1824): إذا خرج نصفه واستهل صائحا ثم مات فانفصل ميتا لم يرث
ولم يورث.

(1) الأقرب العدم.
433

(مسألة 1825): يترك للحمل قبل الولادة نصيب ذكرين احتياطا ويعطى
أصحاب الفرائض سهامهم من الباقي، فإن ولد حيا وكان ذكرين فهو، وإن كان
ذكرا وأنثى أو ذكرا واحدا أو انثيين أو أنثى واحدة قسم الزائد على أصحاب
الفرائض بنسبة سهامهم، هذا إذا رضي الورثة بذلك وإلا يترك له سهم ذكر (1)
واحد ويقسم الباقي مع الوثوق بحفظ السهم الزائد للحمل وامكان أخذه له ولو بعد
التقسيم على تقدير سقوطه حيا.
(مسألة 1826): دية الجنين يرثها من يرث الدية على ما تقدم.
(مسألة 1827): المفقود خبره والمجهول حاله يتربص بماله وفي مدة التربص
أقوال، والأقوى انها أربع سنين يفحص عنه فيها فإذا جهل خبره قسم ماله بين
ورثته الذين يرثونه لو مات حين انتهاء مدة التربص ولا يرثه الذين يرثونه لو مات
بعد انتهاء مدة التربص ويرث هو مورثه إذا مات قبل ذلك ولا يرثه إذا مات بعد
ذلك، والأظهر جواز التقسيم بعد مضي عشر سنوات (2) بلا حاجة إلى الفحص.
(مسألة 1828): إذا تعارف اثنان بالنسب وتصادقا عليه توارثا إذا لم يكن
وارث آخر وإلا ففيه إشكال كما تقدم في كتاب الاقرار.
فصل
في ميراث الخنثى
(مسألة 1829): الخنثى - وهو من له فرج الرجال وفرج النساء - إن علم أنه من

(1) كون المتروك سهم الذكر مبنى على الاحتياط.
(2) في جواز التقسيم قبل مضي المدة التي يعيش فيها مثله اشكال.
434

الرجال أو النساء عمل به، وإلا رجع إلى الامارات، فمنها: البول من أحدهما بعينه،
فإن كان يبول من فرج الرجال فهو رجل، وإن كان يبول من فرج النساء فهو
امرأة، وإن كان يبول من كل منهما كان المدار على ما سبق البول منه، فإن تساويا في
السبق قيل المدار على ما ينقطع عنه البول أخيرا ولا يخلو من إشكال.
وعلى كل حال إذا لم تكن أمارة على أحد الامرين أعطي نصف سهم رجل
ونصف سهم امرأة، فإذا خلف الميت ولدين ذكرا وخنثى فرضتهما ذكرين تارة ثم
ذكرا وأنثى أخرى وضربت إحدى الفريضتين في الأخرى، فالفريضة على الفرض
الأول اثنان وعلى الفرض الثاني ثلاثة، فإذا ضرب الاثنان في الثلاثة كان حاصل
الضرب ستة، فإذا ضرب في مخرج النصف وهو اثنان صار اثني عشر، سبعة منها
للذكر وخمسة للخنثى.
وإذا خلف ذكرين وخنثى فرضتها ذكرا فالفريضة ثلاثة لثلاثة ذكور،
وفرضتها أنثى فالفريضة خمسة للذكرين أربعة، وللأنثى واحد، فإذا ضرب الثلاثة
في الخمسة كان خمسة عشر، فإذا ضربت في الاثنين صارت ثلاثين، يعطى منها
للخنثى ثمانية ولكل من الذكرين أحد عشر.
وإن شئت قلت في الفرض الأول لو كانت أنثى كان سهمها أربعة من اثني عشر
ولو كانت ذكرا كان سهمها ستة، فيعطى الخنثى نصف الأربعة ونصف الستة وهو
خمسة، وفي الفرض الثاني لو كانت ذكرا كان سهمها عشرة ولو كانت أنثى سهمها
ستة فيعطى الخنثى نصف العشرة ونصف الستة.
(مسألة 1830): من له رأسان أو بدنان على حقو واحد فإن انتبها معا فهما واحد
وإلا فاثنان، والظاهر التعدي عن الميراث إلى سائر الأحكام.
(مسألة 1831): من جهل حاله ولم يعلم أنه ذكر أو أنثى لغرق ونحوه يورث
435

بالقرعة، وكذا من ليس له فرج الرجال ولا فرج النساء يكتب على سهم (عبد الله)
وعلى سهم آخر (أمة الله) ثم يقول المقرع: (اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب
والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون بين لنا هذا المولود حتى يورث
ما فرضت له في الكتاب) ثم يطرح السهمان في سهام مبهمة وتشوش السهام ثم
يجال السهم على ما خرج ويورث عليه، والظاهر أن الدعاء مستحب وإن كان
ظاهر جماعة الوجوب.
فصل
في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم
(مسألة 1832): يرث الغرقى بعضهم من بعض وكذلك المهدوم عليهم بشروط
ثلاثة:
(الأول): أن يكون لهم أو لأحدهم مال.
(الثاني): أن يكون بينهم نسب أو سبب يوجب الإرث من دون مانع.
(الثالث): أن يجهل المتقدم والمتأخر، فمع اجتماع الشرائط المذكورة يرث كل
واحد منهما من صاحبه من ماله الذي مات عنه لا مما ورثه منه، فيفرض كل منهما
حيا حال موت الأخر فما يرثه منه يرثه إذا غرقا.
مثلا إذا غرق الزوجان واشتبه المتقدم والمتأخر وليس لهما ولد ورث الزوج
النصف من تركة الزوجة وورثت الزوجة ربع ما تركه زوجها، فيدفع النصف
الموروث للزوج إلى ورثته مع ثلاثة أرباع تركته الباقية بعد إخراج ربع الزوجة
ويدفع ربع الموروث للزوجة مع نصف تركتها الباقي بعد نصف الزوج إلى ورثتها،
هذا حكم توارثهما فيما بينهما.
436

أما حكم إرث الحي غيرهما من أحدهما من ماله الأصلي فهو أنه يفرض
الموروث سابقا في الموت ويورث الثالث الحي منه ولا يفرض لاحقا في الموت، مثلا
إذا غرقت الزوجة وبنتها فالزوج يرث من زوجته الربع وإن لم يكن للزوجة ولد
غير البنت ولا يرث النصف، وكذا إرث البنت فإنها تفرض سابقة فيكون لأمها التي
غرقت معها الثلث ولأبيها الثلثان، وإذا غرق الأب وبنته التي ليس له ولد سواها
كان لزوجته الثمن ولا يفرض موته بعد البنت.
وأما حكم إرث غيرهما الحي لأحدهما من ماله الذي ورثه من صاحبه الذي
غرق معه فهو أنه يفرض المورث لاحقا لصاحبه في الموت فيرثه وارثه على هذا
التقدير ولا يلاحظ فيه احتمال تقدم موته عكس ما سبق في إرث ماله الأصلي، وإذا
كان الموتى ثلاثة فما زاد، فرض موت كل واحد منهم وحياة الآخرين فيرثان منه
كغيرهما من الاحياء.
(مسألة 1833): إذا ماتا بسبب غير الغرق والهدم كالحرق والقتل في معركة
قتال أو افتراس سبع أو نحو ذلك ففي الحكم بالتوارث من الطرفين كما في الغرق
والهدم قولان، أقواهما ذلك، بل الظاهر عموم الحكم لما إذا ماتا حتف أنفهما بلا
سبب.
(مسألة 1834): إذا كان الغرقى والمهدوم عليهم يتوارث بعضهم من بعض دون
بعض آخر إلا على تقدير غير معلوم كما إذا غرق الأب وولداه فإن الولدين
لا يتوارثان إلا مع فقد الأب ففي الحكم بالتوارث إشكال، بل الاظهر العدم.
(مسألة 1835): المشهور اعتبار صلاحية التوارث من الطرفين، فلو انتفت من
أحدهما لم يحكم بالإرث من أحد الطرفين، كما إذا غرق أخوان لأحدهما ولد دون
الأخر، وقيل لا يعتبر ذلك ويحكم بالإرث من أحد الطرفين وهو قوي.
437

فصل
في ميراث المجوس
(مسألة 1836): لا إشكال في أن المجوس يتوارثون بالنسب والسبب الصحيحين،
وهل يتوارثون بالنسب والسبب الفاسدين كما إذا تزوج من يحرم عليه نكاحها
عندنا فأولدها، قيل: نعم، فإذا تزوج أخته فأولدها ومات ورثت أخته نصيب
الزوجة وورث ولدها نصيب الولد، وقيل: لا، ففي المثال لا ترثه أخته الزوجة
ولا ولدها، وقيل: بالتفصيل بين النسب والسبب فيرثه في المثال المذكور الولد
ولا ترثه الزوجة، والأقوال المذكورة كلها مشهورة، وأقواها الأول للنص ولولاه
لكان الأخير هو الأقوى.
(مسألة 1837): إذا اجتمع للوارث سببان ورث بهما معا كما إذا تزوج المجوسي
أمه فمات ورثته أمه نصيب الام ونصيب الزوجة، وكذا إذا تزوج بنته فإنها ترثه
نصيب الزوجة ونصيب البنت.
وإذا اجتمع سببان أحدهما يمنع الأخر ورث من جهة المانع دون الممنوع كما إذا
تزوج أمه فأولدها فإن الولد أخوه من أمه فهو يرث من حيث كونه ولدا ولا يرث
من حيث كونه أخا، وكما إذا تزوج بنته فأولدها فإن ولدها ولد له وابن بنته فيرث
من السبب الأول ولا يرث من السبب الثاني.
(مسألة 1838): المسلم لا يرث بالسبب الفاسد ويرث بالنسب الفاسد ما لم يكن
زنا، فولد الشبهة يرث ويورث، وإذا كانت الشبهة من طرف واحد اختص
التوارث به دون الأخر والله سبحانه العالم.
* * *
438

خاتمة
مخارج السهام المفروضة في الكتاب العزيز، خمسة الاثنان مخرج النصف،
والثلاثة مخرج الثلث والثلثين، والأربعة مخرج الربع، والستة مخرج السدس،
والثمانية مخرج الثمن.
(مسألة 1839): لو كان في الفريضة كسران فإن كانا متداخلين بأن كان مخرج
أحدهما يفني مخرج الأخر إذا سقط منه مكررا كالنصف والربع، فإن مخرج النصف
وهو الاثنان يفني مخرج الربع وهو الأربعة وكالنصف والثمن والثلث والسدس، فإذا
كان الامر كذلك كانت الفريضة مطابقة للأكثر، فإذا اجتمع النصف والربع كانت
الفريضة أربعة، وإذا اجتمع النصف والسدس كانت ستة، وإذا اجتمع النصف والثمن
كانت ثمانية.
وإن كان الكسران متوافقين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الأخر إذا
سقط منه مكررا ولكن يفني مخرجيهما عدد ثالث إذا سقط مكررا من كل منهما كالربع
والسدس فإن مخرج الربع أربعة ومخرج السدس ستة والأربعة لا تفني الستة ولكن
الاثنين يفني كلا منهما وكسر ذلك العدد وفق بينهما، فإذا كان الامر كذلك ضرب
أحد المخرجين في وفق الأخر وتكون الفريضة مطابقة لحاصل الضرب، فإذا اجتمع
الربع والسدس ضربت نصف الأربعة في الستة أو نصف الستة في الأربعة وكان
الحاصل هو عدد الفريضة وهو إثنا عشر، وإذا اجتمع السدس والثمن كانت الفريضة
أربعة وعشرين حاصلة من ضرب نصف مخرج السدس وهو ثلاثة في الثمانية أو
نصف مخرج الثمن وهو الأربعة في الستة.
وإن كان الكسران متباينين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج الأخر
439

ولا يفنيهما عدد ثالث غير الواحد كالثلث والثمن ضرب مخرج أحدهما في مخرج
الأخر وكان المتحصل هو عدد الفريضة، ففي المثال المذكور تكون الفريضة أربعة
وعشرين حاصلة من ضرب الثلاثة في الثمانية، وإذا اجتمع الثلث والربع كانت
الفريضة اثنتي عشرة حاصلة من ضرب الأربعة في الثلاثة.
(مسألة 1840): إذا تعدد أصحاب الفرض الواحد كانت الفريضة حاصلة من
ضرب عددهم في مخرج الفرض، كما إذا ترك أربع زوجات وولدا، فإن الفريضة
تكون من اثنين وثلاثين حاصلة من ضرب الأربعة (عدد الزوجات) في الثمانية
مخرج الثمن.
وإذا ترك أبوين وأربع زوجات كانت الفريضة من ثمانية وأربعين حاصلة من
ضرب الثلاث التي هي مخرج الثلث في الأربع التي هي مخرج الربع فتكون اثنتي
عشرة، فتضرب في الأربع (عدد الزوجات) ويكون الحاصل ثمانية وأربعين.
وهكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر عليه السهم.
الحمد لله رب العالين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
* * *
440

تكملة
منهاج الصالحين
في أحكام القضاء والشهادات والحدود
والقصاص والديات
فتاوى
سماحة آية الله العظمى
السيد أبي القاسم الموسوي الخوئي (قدس سره)
مع فتاوى
سماحة آية الله العظمى
الشيخ حسين الوحيد الخراساني دام ظله الوارف
441

تكملة منهاج الصالحين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنار للمؤمنين سبل دينه ووفق الصالحين للسير على منهاج
شريعته والصلاة والسلام على أفضل سفرائه وخاتم أنبيائه وأشرف بريته محمد
وعترته الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
وبعد فيقول المفتقر إلى رحمة ربه السائل إياه تسديد الخطى ومغفرة الخطايا أبو
القاسم ابن العلامة الجليل المرحوم السيد علي أكبر الموسوي الخوئي - تغمده الله
برحمته - إني لما رأيت مسائل القضاء والشهادات والحدود والقصاص والديات
يكثر الابتلاء بها والسؤال عنها أحببت أن أدونها وأتعرض لها لتكون تكملة ل‍
(منهاج الصالحين) وأشكر الله تعالى وأحمده على توفيقه إياي لا تمامها وإياه أسأل
أن ينفع بها المؤمنين ويجعلها ذخرا لي ليوم الدين إنه سميع مجيب.
* * *
443

كتاب القضاء
القضاء هو فصل الخصومة بين المتخاصمين، والحكم بثبوت دعوى المدعي أو
بعدم حق له على المدعى عليه.
والفرق بينه وبين الفتوى أن الفتوى عبارة عن بيان الأحكام الكلية من
دون نظر إلى تطبيقها على مواردها وهي - أي الفتوى - لا تكون حجة إلا على
من يجب عليه تقليد المفتي بها، والعبرة في التطبيق إنما هي بنظره دون نظر
المفتي.
وأما القضاء فهو الحكم بالقضايا الشخصية التي هي مورد الترافع والتشاجر،
فيحكم القاضي بأن المال الفلاني لزيد أو أن المرأة الفلانية زوجة فلان وما شاكل
ذلك، وهو نافذ على كل أحد حتى إذا كان أحد المتخاصمين أو كلاهما مجتهدا.
نعم قد يكون منشأ الترافع الاختلاف في الفتوى، كما إذا تنازع الورثة في
الأراضي، فادعت الزوجة ذات الولد الإرث منها، وادعى الباقي حرمانها فتحاكما
لدى القاضي، فإن حكمه يكون نافذا عليهما وإن كان مخالفا لفتوى من يرجع إليه
المحكوم عليه.
(مسألة 1): القضاء واجب كفائي.
(مسألة 2): هل يجوز أخذ الأجرة على القضاء من المتخاصمين أو غيرهما؟
445

فيه اشكال، والأظهر الجواز. (1)
(مسألة 3): بناءا على عدم جواز أخذ الأجرة على القضاء هل يجوز أخذ
الأجرة على الكتابة؟ الظاهر ذلك.
(مسألة 4): تحرم الرشوة على القضاء، ولا فرق بين الاخذ والباذل.
(مسألة 5): القاضي على نوعين: القاضي المنصوب، وقاضي التحكيم. (2)
(مسألة 6): هل يكون تعيين القاضي بيد المدعي أو بيده والمدعى عليه معا؟
فيه تفصيل، فإن كان القاضي قاضي التحكيم فالتعيين بيدهما معا، وإن كان قاضيا
منصوبا فالتعيين بيد المدعي.
وأما إذا تداعيا فالمرجع في تعيين القاضي عند الاختلاف هو القرعة.
(مسألة 7): يعتبر في القاضي أمور:
(الأول) البلوغ
(الثاني) العقل
(الثالث) الذكورة
(الرابع) الإيمان
(الخامس) طهارة المولد
(السادس) العدالة

(1) بل الأظهر عدم الجواز.
(2) لا اثر لهذا التنويع فيما اختاره في شرح هذه المسألة من التفصيل بين قاضي
المنصوب وقاضي التحكيم، من جهة اعتبار الاجتهاد في الأول دون الثاني،
فإن الظاهر اعتبار الاجتهاد في القاضي مطلقا.
446

(السابع) الرشد
(الثامن) الاجتهاد بل الضبط على وجه، (1) ولا تعتبر فيه الحرية، كما
لا تعتبر فيه الكتابة ولا البصر، فإن العبرة بالبصيرة.
(مسألة 8): كما أن للحاكم أن يحكم بين المتخاصمين بالبينة وبالإقرار وباليمين
كذلك له أن يحكم بينهما بعلمه، ولا فرق في ذلك بين حق الله وحق الناس، نعم لا يجوز
إقامة الحد قبل مطالبة صاحب الحق، وإن كان قد علم الحاكم بموجبه، على ما يأتي.
(مسألة 9): يعتبر في سماع الدعوى أن تكون على نحو الجزم، ولا تسمع إذا
كانت على نحو الظن أو الاحتمال.
(مسألة 10): إذا ادعى شخص مالا على آخر، فالاخر لا يخلو من أن يعترف
له أو ينكر عليه أو يسكت، بمعنى أنه لا يعترف ولا ينكر، فهنا صور ثلاث:
(الأولى) - اعتراف المدعى عليه فيحكم الحاكم على طبقه ويؤخذ به.
(الثانية) - انكار المدعى عليه فيطالب المدعي بالبينة، فان أقامها حكم على
طبقها، والا حلف المنكر، فإن حلف سقطت الدعوى ولا يحل للمدعي - بعد حكم
الحاكم - التقاص من مال الحالف.
نعم لو كذب الحالف نفسه جاز للمدعي مطالبته بالمال، فان امتنع حلت له
المقاصة من أمواله.
(الثالثة) - سكوت المدعى عليه، فيطالب المدعي بالبينة، فإن لم يقمها ألزم
الحاكم المدعى عليه بالحلف إذا رضي به المدعي وطلبه، فإن حلف فهو، وإلا فيرد
الحاكم الحلف على المدعي.

(1) في اعتبار الضبط تأمل.
447

وأما إذا ادعى المدعى عليه الجهل بالحال، فإن لم يكذبه المدعي فليس له
إحلافه، وإلا أحلفه على عدم العلم.
(مسألة 11): لا تسمع بينة المدعي على دعواه بعد حلف المنكر وحكم الحاكم له.
(مسألة 12): إذا امتنع المنكر عن الحلف ورده على المدعي، فإن حلف
المدعي ثبت له مدعاه، وإن نكل سقطت دعواه.
(مسألة 13): لو نكل المنكر، بمعنى أنه لم يحلف ولم يرد الحلف فالحاكم يرد
الحلف على المدعي، فإن حلف حكم له.
(مسألة 14): ليس للحاكم إحلاف المدعي بعد إقامة البينة إلا إذا كانت دعواه
على الميت، فعندئذ للحاكم مطالبته باليمين على بقاء حقه في ذمته زائدا على بينته.
(مسألة 15): الظاهر اختصاص الحكم المذكور بالدين، فلو ادعى عينا كانت
بيد الميت وأقام بينة على ذلك قبلت منه بلا حاجة إلى ضم يمين.
(مسألة 16): لا فرق في الدعوى على الميت بين أن يدعي المدعي دينا على
الميت لنفسه أو لموكله أو لمن هو ولي عليه، ففي جميع ذلك لابد في ثبوت الدعوى من
ضم اليمين إلى البينة، كما أنه لا فرق بين كون المدعي وارثا أو وصيا أو أجنبيا.
(مسألة 17): لو ثبت دين الميت بغير بينة، كما إذا اعترف الورثة بذلك أو ثبت
ذلك بعلم الحاكم أو بشياع مفيد للعلم، واحتمل أن الميت قد أوفي دينه، فهل يحتاج
في مثل ذلك إلى ضم اليمين أم لا؟ وجهان: الأقرب هو الثاني.
(مسألة 18): لو أقام المدعي على الميت شاهدا واحدا وحلف، فالمعروف
ثبوت الدين بذلك وهل يحتاج إلى يمين آخر؟ فيه خلاف، قيل بعدم الحاجة، وقيل
بلزومها، ولكن في ثبوت الحق على الميت بشاهد ويمين إشكال بل منع. (1)

(1) الأقوى ثبوت الحق على الميت بشاهد ويمين، كما أن الأقوى لزوم يمين آخر.
448

(مسألة 19): لو قامت البينة بدين على صبي أو مجنون أو غائب فهل يحتاج
إلى ضم اليمين، فيه تردد وخلاف، والأظهر عدم الحاجة إليه.
(مسألة 20): لا يجوز الترافع إلى حاكم آخر بعد حكم الحاكم الأول،
ولا يجوز للاخر نقض حكم الأول إلا إذا لم يكن الحاكم الأول واجدا للشرائط، أو
كان حكمه مخالفا لما ثبت قطعا من الكتاب والسنة.
(مسألة 21): إذا طالب المدعي حقه وكان المدعى عليه غائبا، ولم يمكن
إحضاره فعلا، فعندئذ إن أقام البينة على مدعاه حكم الحاكم له بالبينة وأخذ حقه
من أموال المدعى عليه ودفعه له وأخذ منه كفيلا بالمال.
والغائب إذا قدم فهو على حجته، فإن أثبت عدم استحقاق المدعي شيئا عليه
استرجع الحاكم ما دفعه للمدعي ودفعه للمدعي عليه.
(مسألة 22): إذا كان الموكل غائبا، وطالب وكيله الغريم بأداء ما عليه من
حق، وادعى الغريم التسليم إلى الموكل أو الإبراء، فإن أقام البينة على ذلك فهو،
والا فعليه أن يدفعه إلى الوكيل.
(مسألة 23): إذا حكم الحاكم بثبوت دين على شخص وامتنع المحكوم عليه
عن الوفاء جاز للحاكم حبسه واجباره على الأداء، نعم إذا كان المحكوم عليه معسرا
لم يجز حبسه بل ينظره الحاكم حتى يتمكن من الأداء.
احكام اليمين
(مسألة 24): لا يصح الحلف الا بالله وبأسمائه تعالى، ولا يعتبر فيه أن يكون
بلفظ عربي، بل يصح بكل ما يكون ترجمة لأسمائه سبحانه.
449

(مسألة 25): يجوز (1) للحاكم أن يحلف أهل الكتاب بما يعتقدون به
ولا يجب الزامهم بالحلف بأسمائه تعالى الخاصة.
(مسألة 26): هل يعتبر في الحلف المباشرة أو يجوز فيه التوكيل، فيحلف
الوكيل نيابة عن الموكل؟ الظاهر هو اعتبار المباشرة.
(مسألة 27): إذا علم أن الحالف قد ورى في حلفه وقصد به شيئا آخر ففي
كفايته وعدمها خلاف، والأظهر عدم الكفاية.
(مسألة 28): لو كان الكافر غير الكتابي المحترم ماله، كالكافر الحربي أو
المشرك أو الملحد ونحو ذلك، فقد ذكر بعض أنهم يستحلفون بالله وذكر بعض أنهم
يستحلفون بما يعتقدون به على الخلاف المتقدم، ولكن الظاهر أنهم لا يستحلفون
بشئ ولا تجري عليهم أحكام القضاء.
(مسألة 29): المشهور عدم جواز احلاف الحاكم أحدا إلا في مجلس قضائه،
ولكن لا دليل عليه، فالأظهر (2) الجواز.
(مسألة 30): لو حلف شخص على أن لا يحلف أبدا، ولكن اتفق توقف اثبات
حقه على الحلف جاز له ذلك.
(مسألة 31): إذا ادعى شخص مالا على ميت، فان ادعى علم الوارث به
والوارث ينكره فله احلافه بعدم العلم، والا فلا يتوجه الحلف على الوارث.
(مسألة 32): لو علم أن لزيد حقا على شخص، وادعى علم الورثة بموته،
وأنه ترك مالا عندهم، فان اعترف الورثة بذلك لزمهم الوفاء، والا فعليهم الحلف

(1) الظاهر عدم جواز الحلف بغير الله سبحانه مطلقا.
(2) الأحوط وجوبا الإحلاف في المجلس القضاء.
450

إما على نفي العلم بالموت أو نفي وجود مال للميت عندهم.
(مسألة 33): إذا ادعى شخص على مملوك، فالغريم مولاه ولا أثر لاقرار
المملوك في ثبوت الدعوى، بلا فرق في ذلك بين دعوى المال والجناية، نعم إذا كانت
الدعوى أجنبية عن المولى، كما إذا ادعى على العبد اتلاف مال واعترف العبد به،
ثبت ذلك ويتبع به بعد العتق.
وبذلك يظهر حكم ما إذا كانت الدعوى مشتركة بين العبد ومولاه، كما إذا
ادعى على العبد القتل عمدا أو خطأ واعترف العبد به فإنه لا أثر له بالنسبة إلى
المولى، ولكنه يتبع به بعد العتق.
(مسألة 34): لا تثبت الدعوى في الحدود الا بالبينة أو الاقرار، ولا يتوجه
اليمين فيها على المنكر.
(مسألة 35): يحلف المنكر للسرقة مع عدم البينة، فان حلف سقط عنه الغرم،
ولو أقام المدعي شاهدا وحلف غرم المنكر، وأما الحد فلا يثبت الا بالبينة أو الاقرار
ولا يسقط بالحلف، فإذا قامت البينة بعد الحلف جرى عليه الحد.
(مسألة 36): إذا كان على الميت دين، وادعى الدائن أن له في ذمة شخص
آخر دينا، فإن كان الدين مستغرقا رجع الدائن إلى المدعى عليه وطالبه بالدين،
فان أقام البينة على ذلك فهو، والا حلف المدعى عليه، وان لم يكن مستغرقا فإن كان
عند الورثة مال للميت غير المال المدعى به في ذمة غيره رجع الدائن إلى الورثة
وطالبهم بالدين، وان لم يكن له مال عندهم، فتارة يدعي الورثة عدم العلم بالدين
للميت على ذمة آخر، وأخرى يعترفون به، فعلى الأول يرجع الدائن إلى المدعى
عليه، فان أقام البينة على ذلك فهو، والا حلف المدعى عليه، وعلى الثاني يرجع إلى
الورثة وهم يرجعون إلى المدعى عليه ويطالبونه بدين الميت، فان أقاموا البينة على
451

ذلك حكم بها لهم، والا فعلى المدعى عليه الحلف، نعم لو امتنع الورثة من الرجوع
إليه فللدائن أن يرجع إليه ويطالبه بالدين على ما عرفت.
حكم اليمين مع الشاهد الواحد
(مسألة 37): تثبت الدعوى في الأموال بشهادة عدل واحد ويمين المدعي،
والمشهور (1) على أنه يعتبر في ذلك تقديم الشهادة على اليمين، فلو عكس
لم تثبت، وفيه إشكال، وإن كان لا يخلو من وجه، هذا كله في الدعوى على غير
الميت، وأما الدعوى عليه فقد تقدم الكلام فيها.
(مسألة 38): الظاهر ثبوت المال المدعى به بهما مطلقا، عينا كان أو دينا، وأما
ثبوت غير المال من الحقوق الأخر بهما ففيه إشكال، والثبوت أقرب.
(مسألة 39): إذا ادعى جماعة مالا لمورثهم، وأقاموا شاهدا واحدا، فان
حلفوا جميعا قسم المال بينهم بالنسبة، وإن حلف بعضهم وامتنع الآخرون ثبت حق
الحالف دون الممتنع، فإن كان المدعى به دينا أخذ الحالف حصته ولا يشاركه فيها
غيره، وإن كان عينا شاركه فيها غيره، وكذلك الحال في دعوى الوصية بالمال
لجماعة، فإنهم إذا أقاموا شاهدا واحدا ثبت حق الحالف منهم دون الممتنع.
(مسألة 40): لو كان بين الجماعة المدعين مالا لمورثهم صغير، فالمشهور أنه
ليس لوليه الحلف لاثبات حقه، بل تبقى حصته إلى أن يبلغ، وفيه اشكال،
والأقرب (2) أن لوليه الحلف، فإن لم يحلف ومات الصبي قبل بلوغه قام وارثه

(1) الأقوى اعتبار تقديم الشهادة على اليمين.
(2) بل الأقرب انه ليس لوليه الحلف.
452

مقامه، فان حلف فهو، والا فلا حق له.
(مسألة 41): إذا ادعى بعض الورثة أن الميت قد أوقف عليهم داره مثلا نسلا
بعد نسل وأنكره الآخرون، فان أقام المدعون البينة ثبتت الوقفية، وكذلك إذا كان
لهم شاهد واحد وحلفوا جميعا، وإن امتنع الجميع لم تثبت الوقفية وقسم المدعى به
بين الورثة بعد إخراج الديون والوصايا إن كان على الميت دين أو كانت له وصية،
وبعد ذلك يحكم بوقفية حصة المدعي للوقفية أخذا باقراره، ولو حلف بعض المدعين
دون بعض ثبتت الوقفية في حصة الحالف، فلو كانت للميت وصية أو كان عليه دين
أخرج من الباقي، ثم قسم بين سائر الورثة.
(مسألة 42): إذا امتنع بعض الورثة عن الحلف، ثم مات قبل حكم الحاكم قام
وارثه مقامه فان حلف ثبت الوقف في حصته والا فلا.
فصل
في القسمة
(مسألة 43): تجرى القسمة في الأعيان المشتركة المتساوية الأجزاء،
وللشريك أن يطالب شريكه بقسمة العين فان امتنع أجبر عليها.
(مسألة 44): تتصور القسمة في الأعيان المشتركة غير المتساوية الأجزاء
على صور:
(الأولى) - أن يتضرر الكل بها.
(الثانية) - أن يتضرر البعض دون بعض.
(الثالثة) - أن لا يتضرر الكل.
فعلى الأولى لا تجوز القسمة بالاجبار وتجوز بالتراضي، وعلى الثانية فان
453

رضي المتضرر بالقسمة فهو والا فلا يجوز اجباره عليها، وعلى الثالثة يجوز اجبار
الممتنع عليها.
(مسألة 45): إذا طلب أحد الشريكين القسمة لزمت اجابته سواء أكانت
القسمة قسمة إفراز أم كانت قسمة تعديل.
والأول كما إذا كانت العين المشتركة متساوية الأجزاء من حيث القيمة،
كالحبوب والأدهان والنقود وما شاكل ذلك، والثاني كما إذا كانت العين المشتركة
غير متساوية الأجزاء من جهة القيمة، كالثياب والدور والدكاكين والبساتين
والحيوانات وما شاكلها، ففي مثل ذلك لا بد أولا من تعديل السهام من حيث
القيمة، كأن كان ثوب يسوى دينارا، وثوبان يسوى كل واحد نصف دينار، فيجعل
الأول سهما والاخران سهما، ثم تقسم بين الشريكين.
وأما إذا لم يمكن القسمة الا بالرد كما إذا كان المال المشترك بينهما سيارتين
تسوى إحداهما ألف دينار مثلا، والاخرى ألفا وخمسمائة دينار، ففي مثل ذلك
لا يمكن التقسيم إلا بالرد، بأن يرد من يأخذ الأغلى منهما إلى الأخر مائتين وخمسين
دينارا، فان تراضيا بذلك فهو، وإلا بأن طلب كل منهما الأغلى منهما مثلا عينت
حصة كل منهما بالقرعة.
(مسألة 46): لو كان المال المشترك بين شخصين غير قابل للقسمة خارجا،
وطلب أحدهما القسمة ولم يتراضيا على أن يتقبله أحدهما ويعطى الأخر حصته من
القيمة، أجبرا على البيع وقسم الثمن بينهما.
(مسألة 47): إذا كان المال غير قابل للقسمة بالافراز أو التعديل وطلب أحد
الشريكين القسمة بالرد وامتنع الأخر عنها أجبر الممتنع عليها، فإن لم يمكن جبره
عليها، أجبر على البيع وقسم ثمنه بينهما، وإن لم يمكن ذلك أيضا باعه الحاكم الشرعي
454

أو وكيله وقسم ثمنه بينهما.
(مسألة 48): القسمة عقد لازم فلا يجوز لأحد الشريكين فسخه، ولو ادعى
وقوع الغلط والاشتباه فيها، فان أثبت ذلك بالبينة فهو، والا فلا تسمع دعواه، نعم
لو ادعى علم شريكه بوقوع الغلط، فله إحلافه على عدم العلم.
(مسألة 49): إذا ظهر بعض المال مستحقا للغير بعد القسمة، فإن كان في حصة
أحدهما دون الأخر بطلت القسمة وإن كان في حصتهما معا، فإن كانت النسبة
متساوية صحت القسمة، ووجب على كل منهما رد ما أخذه من مال الغير إلى
صاحبه، وإن لم تكن النسبة متساوية، كما إذا كان ثلثان منه في حصة أحدهما وثلث
منه في حصة الأخر بطلت القسمة أيضا.
(مسألة 50): إذا قسم الورثة تركة الميت بينهم، ثم ظهر دين على الميت، فان
أدي الورثة دينه أو أبرأ الدائن ذمته أو تبرع به متبرع صحت القسمة، وإلا بطلت،
فلا بد أولا من أداء دينه منها ثم تقسيم الباقي بينهم.
فصل في احكام الدعاوي
(مسألة 51): المدعي هو الذي يدعي شيئا على آخر ويكون ملزما باثباته
عند العقلاء، كأن يدعي عليه شيئا من مال أو حق أو غيرهما أو يدعى وفاء دين أو
أداء عين كان واجبا عليه ونحو ذلك، ويعتبر فيه البلوغ والعقل، وقيل يعتبر فيه
الرشد أيضا، ولكن الاظهر عدم اعتباره.
(مسألة 52): يعتبر في سماع دعوى المدعي أن تكون دعواه لنفسه أو لمن له
ولاية الدعوى عنه، فلا تسمع دعواه مالا لغيره إلا أن يكون وليه أو وكيله أو
وصيه، كما يعتبر في سماع الدعوى أن يكون متعلقها أمرا سائغا ومشروعا، فلا تسمع
455

دعوى المسلم على آخر في ذمته خمرا أو خنزيرا أو ما شاكلهما، وأيضا يعتبر في ذلك
أن يكون متعلق دعواه ذا أثر شرعي، فلا تسمع دعوى الهبة أو الوقف من دون
اقباض.
(مسألة 53): إذا كان المدعي غير من له الحق كالولي أو الوصي أو الوكيل
المفوض، فان تمكن من اثبات مدعاه بإقامة البينة فهو، والا فله احلاف المنكر، فان
حلف سقطت الدعوى، وإن رد المنكر الحلف على المدعي، فان حلف ثبت الحق،
وإن لم يحلف سقطت الدعوى من قبله فحسب، ولصاحب الحق تجديد الدعوى بعد
ذلك.
(مسألة 54): إذا كان مال شخص في يد غيره جاز له أخذه منه بدون إذنه،
وأما إن كان دينا في ذمته، فإن كان المدعى عليه معترفا بذلك وباذلا له فلا يجوز له
أخذه من ماله بدون إذنه، وكذلك الحال إذا امتنع وكان امتناعه عن حق، كما إذا
لم يعلم بثبوت مال له في ذمته، فعندئذ يترافعان عند الحاكم.
وأما إذا كان امتناعه عن ظلم، سواء أكان معترفا به أم جاحدا، جاز لمن له
الحق المقاصة من أمواله، والظاهر أنه لا يتوقف على اذن الحاكم الشرعي أو وكيله
وإن كان تحصيل الاذن أحوط (1) وأحوط منه التوصل في أخذ حقه إلى حكم
الحاكم بالترافع عنده، وكذا تجوز المقاصة من أمواله عوضا عن ماله الشخصي ان
لم يتمكن من أخذه منه.
(مسألة 55): تجوز المقاصة من غير جنس المال الثابت في ذمته ولكن مع
تعديل القيمة، فلا يجوز أخذ الزائد.

(1) الأحوط وجوبا الاستيذان.
456

(مسألة 56): الأظهر (1) جواز المقاصة من الوديعة على كراهة.
(مسألة 57): لا يختص جواز المقاصة بمباشرة من له الحق، فيجوز له أن يوكل
غيره فيها، بل يجوز ذلك للولي أيضا، فلو كان للصغير أو المجنون مال عند آخر
فجحده جاز لوليهما المقاصة منه، وعلى ذلك يجوز للحاكم الشرعي أن يقتص من
أموال من يمتنع عن أداء الحقوق الشرعية من خمس أو زكاة.
فصل في دعوى الأملاك
(مسألة 58): لو ادعى شخص مالا لا يد لأحد عليه، حكم به له، فلو كان
كيس بين جماعة وادعاه واحد منهم دون الباقين قضى له.
(مسألة 59): إذا تنازع شخصان في مال، ففيه صور:
(الأولى) - أن يكون المال في يد أحدهما.
(الثانية) - أن يكون في يد كليهما.
(الثالثة) - ان يكون في يد ثالث.
(الرابعة) - أن لا تكون عليه يد.
(أما الصورة الأولى) فتارة تكون لكل منهما البينة على أن المال له، واخرى
تكون لأحدهما دون الأخر، وثالثة لا تكون بينة أصلا.
فعلى الأول إن كان ذو اليد منكرا لما أدعاه الأخر حكم بأن المال له مع حلفه،
وإما إذا لم يكن منكرا بل ادعى الجهل بالحال، وأن المال انتقل إليه من غيره بإرث
أو نحوه فعندئذ يتوجه الحلف إلى من كانت بينته أكثر عددا، فإذا حلف حكم بأن

(1) الأقوى عدم الجواز.
457

المال له، وإذا تساوت البينتان في العدد أقرع بينهما فمن اصابته القرعة حلف وأخذ
المال، نعم إذا صدق المدعي صاحب اليد في دعواه الجهل بالحال، ولكنه ادعى أن
من انتقل منه المال إليه قد غصبه، أو كان المال عارية عنده أو نحو ذلك فعندئذ إن
أقام البينة على ذلك حكم بها له وإلا فهو لذي اليد.
وعلى الثاني فإن كانت البينة للمدعي حكم بها له، وإن كانت لذي اليد حكم
له مع حلفه، وأما الحكم له بدون حلفه ففيه إشكال، والأظهر العدم.
وعلى الثالث كان على ذي اليد الحلف، فان حلف حكم له، وإن نكل ورد
الحلف على المدعي، فان حلف حكم له، والا فالمال لذي اليد.
وأما (الصورة الثانية) ففيها أيضا قد تكون لكل منهما البينة، وأخرى تكون
لأحدهما دون الأخر، وثالثة لا بينة أصلا.
فعلى الأول إن حلف كلاهما أو لم يحلفا معا قسم المال بينهما بالسوية، وإن
حلف أحدهما دون الأخر حكم بأن المال له.
وعلى الثاني كان المال لمن كانت عنده بينة مع يمينه، وفي جواز الاكتفاء بالبينة
وحدها إشكال، والأظهر عدمه.
وعلى الثالث حلفا، فان حلفا حكم بتنصيف المال بينهما، وكذلك الحال فيما إذا
لم يحلفا جميعا، وإن حلف أحدهما دون الأخر حكم له.
وأما (الصورة الثالثة) فان صدق من بيده المال أحدهما دون الأخر فتدخل في
الصورة الأولى، وتجري عليها أحكامها بجميع شقوقها، وإن اعترف ذو اليد بأن
المال لهما معا جرى عليها أحكام الصورة الثانية، وان لم يعترف بأنه لهما كان حكمها
حكم الصورة الرابعة.
وأما (الصورة الرابعة) ففيها أيضا قد تكون لكل منهما بينة على أن المال له،
458

وأخرى تكون لأحدهما، وثالثة لا تكون بينة أصلا.
فعلى الأول إن حلفا جميعا أو نكلا جميعا كان المال بينهما نصفين، وإن حلف
أحدهما ونكل الأخر كان المال للحالف، وعلى الثاني فالمال لمن كانت عنده البينة،
وعلى الثالث فان حلف أحدهما دون الأخر فالمال له، وإن حلفا معا كان المال بينهما
نصفين، وإن لم يحلفا كذلك أقرع بينهما.
ثم إن المراد بالبينة في هذه المسألة هو شهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين،
وأما شهادة رجل واحد ويمين المدعي فهي لا تكون بينة وإن كانت يثبت بها الحق
على ما تقدم.
(مسألة 60): إذا ادعى شخص مالا في يد آخر، وهو يعترف بأن المال لغيره
وليس له ارتفعت عنه المخاصمة، فعندئذ إن أقام المدعي البينة على أن المال له حكم
بها له، ولكن بكفالة الغير على ما مر في الدعوى على الغائب.
(مسألة 61): إذا ادعى شخص مالا على آخر وهو في يده فعلا، فان أقام
البينة على أنه كان في يده سابقا أو كان ملكا له كذلك فلا أثر لها، ولا تثبت بها
ملكيته فعلا، بل مقتضى اليد أن المال ملك لصاحب اليد، نعم للمدعي أن يطالبه
بالحلف، وإن أقام البينة على أن يد صاحب اليد على هذا المال يد أمانة له أو اجارة
منه أو غصب عنه حكم بها له، وسقطت اليد الفعلية عن الاعتبار، نعم إذا أقام
ذو اليد أيضا البينة على أن المال له فعلا، حكم له مع يمينه ولو أقر ذو اليد بأن المال
كان سابقا ملكا للمدعي وادعى انتقاله إليه ببيع أو نحوه، فان أقام البينة على مدعاه
فهو، وإلا فالقول قول ذي اليد السابقة مع يمينه.
فصل في الاختلاف في العقود
(مسألة 62): إذا اختلف الزوج والزوجة في العقد، بأن ادعى الزوج
459

الانقطاع، وادعت الزوجة الدوام، أو بالعكس فالظاهر (1) أن القول قول
مدعي الانقطاع وعلى مدعي الدوام إقامة البينة على مدعاه، فإن لم يمكن حكم
بالانقطاع مع يمين مدعيه، وكذلك الحال إذا وقع الاختلاف بين ورثة الزوج والزوجة.
(مسألة 63): إذا ثبتت الزوجية باعتراف كل من الرجل والمرأة وادعى
شخص اخر زوجيتها له، فان أقام البينة على ذلك فهو، والا فله إحلاف أيهما شاء.
(مسألة 64): إذا ادعى رجل زوجية امرأة وهي غير معترفة بها ولو لجهلها
بالحال، وادعى رجل اخر زوجيتها كذلك، وأقام كل منهما البينة على مدعاه، حلف
أكثرهما عددا في الشهود، فان تساويا أقرع بينهما فأيهما أصابته القرعة كان الحلف
له، وإذا لم يحلف أكثرهما عددا أو من اصابته القرعة لم تثبت الزوجية لسقوط
البينتين بالتعارض.
(مسألة 65): إذا اختلفا في عقد، فكان الناقل للمال مدعيا البيع وكان المنقول
إليه المال مدعيا الهبة، فالقول قول مدعي الهبة، وعلى مدعي البيع الاثبات، وأما إذا
انعكس الأمر فادعى الناقل الهبة وادعى المنقول إليه البيع، فالقول قول مدعي
البيع، وعلى مدعي الهبة الاثبات.
(مسألة 66): إذا ادعى المالك الإجارة، وادعى الأخر العارية فالقول قول
مدعي العارية، ولو انعكس الأمر كان القول قول المالك.
(مسألة 67): إذا اختلفا فادعى المالك أن المال التالف كان قرضا وادعى

(1) إن كان مصب دعوى الدوام اثبات ما يترتب عليه من النفقة ونحوها على
مدعى الانقطاع قدم قول مدعى الانقطاع بيمينه، وإن كان مصبها كيفية وقوع
العقد قدم قول مدعى الدوام بيمينه.
460

القابض أنه كان وديعة، فالقول قول المالك مع يمينه، وأما إذا كان المال موجودا
وكان قيميا فالقول قول من يدعي الوديعة.
(مسألة 68): إذا اختلفا فادعى المالك أن المال كان وديعة وادعى القابض أنه
كان رهنا، فإن كان الدين ثابتا فالقول قول القابض مع يمينه، وإلا فالقول قول المالك.
(مسألة 69): إذا اتفقا في الرهن وادعى المرتهن أنه رهن بألف درهم مثلا
وادعى الراهن أنه رهن بمائة درهم فالقول قول الراهن مع يمينه.
(مسألة 70): إذا اختلفا في البيع والإجارة، فادعى القابض البيع والمالك
الإجارة، فالظاهر أن القول قول مدعي الإجارة، وعلى مدعي البيع إثبات مدعاه،
هذا إذا اتفقا في مقدار العوض أو كان الثمن على تقدير البيع أكثر، والا كان المورد من
موارد التداعي، فيحكم بالانفساخ مع التحالف.
(مسألة 71): إذا اختلف البائع والمشتري في الثمن زيادة ونقيصة، فإن كان
المبيع تالفا، فالقول قول المشتري مع يمينه، وإن كان المبيع باقيا لم يبعد تقديم قول
البائع مع يمينه، كما هو المشهور.
(مسألة 72): إذا ادعى المشتري على البائع شرطا كتأجيل الثمن أو اشتراط
الرهن على الدرك أو غير ذلك كان القول قول البائع مع يمينه، وكذلك إذا اختلفا في
مقدار الأجل وادعى المشتري الزيادة.
(مسألة 73): إذا اختلفا في مقدار المبيع مع الاتفاق على مقدار الثمن، فادعى
المشتري أن المبيع ثوبان مثلا، وقال البائع أنه ثوب واحد فالقول قول البائع مع
يمينه، وإذا اختلفا في جنس المبيع أو جنس الثمن كان من موارد التداعي.
(مسألة 74): إذا اتفقا في الإجارة واختلفا في الأجرة زيادة ونقيصة، فالقول
قول مدعي النقيصة، وعلى مدعي الزيادة الاثبات، وكذلك الحال فيما إذا كان
461

الاختلاف في العين المستأجرة زيادة ونقيصة مع الاتفاق في الأجرة أو كان
الاختلاف في المدة زيادة ونقيصة مع الاتفاق في العين ومقدار الأجرة.
(مسألة 75): إذا اختلفا في مال معين، فادعى كل منهما أنه اشتراه من زيد
وأقبضه الثمن، فان اعترف البائع لأحدهما دون الأخر، فالمال للمقر له وللآخر
إحلاف البائع على ما يأتي سواء أقام كل منهما البينة على مدعاه أم لم يقيما جميعا، نعم
إذا أقام غير المقر له البينة على مدعاه سقط اعتراف البائع عن الاعتبار وحكم له
بالمال وعلى البائع حينئذ أن يرد إلى المقر له ما قبضه منه باعترافه وان لم يعترف
البائع أصلا، فان أقام أحدهما البينة على مدعاه حكم له وللآخر إحلاف البائع فان
حلف سقط حقه وإن رد الحلف إليه، فان نكل سقط حقه أيضا وإن حلف ثبت حقه
في أخذ الثمن منه وإن أقام كل منهما البينة على مدعاه، أو لم يقيما جميعا توجه الحلف
إلى البائع، فان حلف على عدم البيع من كل منهما سقط حقهما وإن حلف على عدم
البيع من أحدهما سقط حقه خاصة، وإن نكل ورد الحلف إليهما فان حلفا معا قسم
المال بينهما نصفين وإن لم يحلفا جميعا سقط حقهما، وإن حلف أحدهما دون الأخر
كان المال للحالف، وإن اعترف البائع بالبيع من أحدهما لا على التعيين جرى عليه
حكم دعويين على مال لا يد لأحد عليه.
(مسألة 76): إذا ادعى أحد رقية الطفل المجهول النسب في يده حكم بها له،
وإذا ادعى الحرية بعد البلوغ لم تسمع إلا إذا أقام البينة عليها، وكذلك الحال في البالغ
المملوك في يد أحد إذا ادعى الحرية، نعم لو ادعى أحد أنه مملوك له، وليس بيده،
وأنكره المدعى عليه لم تسمع دعوى المدعي إلا ببينة.
(مسألة 77): إذا تداعى شخصان على طفل، فادعى أحدهما أنه مملوك له،
وادعى الأخر أنه ولده، فان أقام مدعي الملكية البينة على ما أدعاه ولم تكن للاخر
462

بينة حكم بملكيته له، وإن كانت للاخر بينة على أنه ولده حكم به له، سواء أكانت
للأول بينة أم لم تكن، وان لم تكن لهما بينة خلى سبيل الطفل يذهب حيث شاء.
(مسألة 78): لو ادعى كل من شخصين مالا في يد الآخر، وأقام كل منهما
البينة على أن كلا المالين له حكم بملكية كل منهما ما في يده مع يمينه.
(مسألة 79): إذا اختلف الزوج والزوجة في ملكية شئ، فما كان من
مختصات أحدهما فهو له وعلى الأخر الاثبات، وما كان مشتركا بينهما كأمتعة البيت
وأثاثه، فان علم أو قامت البينة على أن المرأة جاءت بها فهي لها، وعلى الزوج
اثبات مدعاه من الزيادة، فان أقام البينة على ذلك فهو، وإلا فله إحلاف الزوجة،
وان لم يعلم ذلك قسم المال بينهما، وكذلك الحال فيما إذا كان الاختلاف بين ورثة
أحدهما مع الأخر أو بين ورثة كليهما.
(مسألة 80): إذا ماتت المرأة وادعى أبوها أن بعض ما عندها من الأموال
عارية فالأظهر (1) قبول دعواه، وأما إذا كان المدعي غيره فعليه الاثبات
بالبينة، والا فهي لوارث المرأة مع اليمين، نعم إذا اعترف الوارث بأن المال كان
للمدعي وادعى أنه وهبه للمرأة المتوفاة انقلبت الدعوى، فعلى الوارث اثبات ما
يدعيه بالبينة أو استحلاف منكر الهبة.
فصل في دعوى المواريث
(مسألة 81): إذا مات المسلم عن ولدين مسبوقين بالكفر واتفقا على تقدم
اسلام أحدهما على موت الأب واختلفا في الأخر، فعلى مدعي التقدم الاثبات،

(1) بل الأظهر عدم القبول.
463

والا كان القول قول أخيه مع حلفه إذا كان منكرا للتقدم، وأما إذا ادعى الجهل
بالحال فلمدعي التقدم إحلافه على عدم العلم بتقدم اسلامه على موت أبيه ان ادعى
عليه علمه به.
(مسألة 82): لو كان للميت ولد كافر ووارث مسلم، فمات الأب واسلم الولد
وادعى الاسلام قبل موت والده، وانكره الوارث المسلم فعلى الولد اثبات تقدم
اسلامه على موت والده، فإن لم يثبت لم يرث.
(مسألة 83): إذا كان مال في يد شخص، وادعى آخر أن المال لمورثه الميت،
فان أقام البينة على ذلك وانه الوارث له، دفع تمام المال له، وان علم أن له وارثا
غيره دفعت له حصته، وتحفظ على حصة الغائب وبحث عنه، فان وجد دفعت له،
والا عوملت معاملة مجهول المالك إن كان مجهولا أو معلوما لا يمكن ايصال المال
إليه، والا عومل معاملة المال المفقود خبره.
(مسألة 84): إذا كان لامرأة ولد واحد وماتت المرأة وولدها، وادعى أخ
المرأة ان الولد مات قبل المرأة، وادعى زوجها ان المرأة ماتت أولا ثم ولدها،
فالنزاع بين الأخ والزوج انما يكون في نصف مال المرأة وسدس مال الولد، واما
النصف الآخر من مال المرأة وخمسة أسداس مال الولد فللزوج على كلا التقديرين،
فعندئذ إن أقام كل منهما البينة على مدعاه حكم بالتنصيف بينهما مع حلفهما، وكذلك
الحال إذا لم تكن بينة وقد حلفا معا، وان أقام أحدهما البينة دون الآخر، فالمال له،
وكذلك ان حلف أحدهما دون الآخر، وان لم يحلفا جميعا أقرع بينهما.
(مسألة 85): حكم الحاكم انما يؤثر في رفع النزاع ولزوم ترتيب الآثار عليه
ظاهرا، وأما بالنسبة إلى الواقع فلا أثر له أصلا، فلو علم المدعي أنه لا يستحق على
المدعى عليه شيئا ومع ذلك أخذه بحكم الحاكم لم يجز له التصرف فيه بل يجب رده
إلى مالكه، وكذلك إذا علم الوارث أن مورثه أخذ المال من المدعى عليه بغير حق.
464

كتاب الشهادات
فصل في شرائط الشهادة
(الأول) - البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبيان، نعم تقبل شهادتهم في القتل إذا
كانت واجدة لشرائطها ويؤخذ بأول كلامهم، وفي قبول شهادتهم في الجرح إشكال.
(الثاني) - العقل فلا عبرة بشهادة المجنون حال جنونه وتقبل حال افاقته.
(الثالث) - الايمان، فلا تقبل شهادة غير المؤمن (1) واما المؤمن فتقبل
شهادته وإن كان مخالفا في الفروع، وتقبل شهادة المسلم على غير المسلم، ولا تقبل
شهادة غير المسلم على المسلم، نعم تقبل شهادة الذمي (2) على المسلم في
الوصية إذا لم يوجد شاهدان عادلان من المسلمين، وقد تقدم ذلك في كتاب
الوصية، ولا يبعد قبول شهادة أهل كل ملة على ملتهم.
(الرابع) - العدالة، فلا تقبل شهادة غير العادل، ولا بأس بقبول شهادة أرباب
الصنائع المكروهة والدنيئة.
(الخامس) - أن لا يكون الشاهد ممن له نصيب فيما يشهد به، فلا تقبل شهادة

(1) أي على المؤمن.
(2) تقدم ثبوتها بشهادة كتابيين عدلين في دينهما (المسألة 1091 من كتاب
الوصية).
465

الشريك في المال المشترك، ولا شهادة صاحب الدين إذا شهد للمحجور عليه بمال،
ولا شهادة السيد لعبده المأذون، ولا شهادة الوصي فيما هو وصي فيه، ولا شهادة من
يريد دفع ضرر عن نفسه، كشهادة أحد العاقلة بجرح شهود الجناية، ولا شهادة
الوكيل أو الوصي بجرح شهود المدعي على الموكل أو الموصي، ولا شهادة الشريك
لبيع الشقص الذي فيه حق الشفعة.
وأما إذا شهد شاهدان لمن يرثانه فمات قبل حكم الحاكم فالمشهور عدم
الاعتداد بشهادتهما، ولكنه مشكل، والأقرب هو القبول.
(مسألة 86): إذا تبين فسق الشهود أو ما يمنع عن قبول شهادتهم بعد حكم
الحاكم، فإن كان ذلك حادثا بعد الشهادة لم يضر بالحكم، وإن علم أنه كان موجودا
من قبل وقد خفي على الحاكم بطل حكمه.
(مسألة 87): لا تمنع العداوة الدينية عن قبول الشهادة، فتقبل شهادة المسلم
على الكافر، وأما العداوة الدنيوية فهي تمنع عن قبول الشهادة، فلا تسمع شهادة
العدو على أخيه المسلم وان لم توجب الفسق.
(مسألة 88): لا تمنع القرابة من جهة النسب عن قبول الشهادة، فتسمع شهادة
الأب لولده وعلى ولده، والولد لوالده، والأخ لأخيه وعليه، وأما قبول شهادة الولد
على الوالد ففيه خلاف، والأظهر القبول.
(مسألة 89): تقبل شهادة الزوج لزوجته وعليها، وأما شهادة الزوجة
لزوجها أو عليه فتقبل إذا كان معها غيرها، وكذا تقبل شهادة الصديق لصديقه وان
تأكدت بينهما الصداقة والصحبة.
(مسألة 90): لا تسمع شهادة السائل بالكف المتخذ ذلك حرفة له.
(مسألة 91): إذا تحمل الكافر والفاسق والصغير الشهادة وأقاموها بعد زوال
466

المانع قبلت، وأما إذا أقاموها قبل زوال المانع ردت، ولكن إذا أعادوها بعد زواله
قبلت.
(مسألة 92): تقبل شهادة الضيف وإن كان له ميل إلى المشهود له، وكذلك
الأجير بعد مفارقته لصاحبه، وأما شهادته لصاحبه قبل مفارقته ففي جوازها
اشكال، والأظهر عدم القبول.
(مسألة 93): تقبل شهادة المملوك لمولاه ولغيره وعلى غيره، وأما شهادته
على مولاه ففي قبولها اشكال، والأظهر القبول.
(مسألة 94): لا يبعد قبول شهادة المتبرع بها إذا كانت واجدة للشرائط، بلا
فرق في ذلك بين حقوق الله تعالى وحقوق الناس. (1)
(مسألة 95): لا تقبل شهادة ولد الزنا مطلقا إلا في الشئ اليسير على اشكال،
وتقبل شهادة من لم يثبت كونه ولد زنا وإن ناله بعض الألسن.
(مسألة 96): لا تجوز الشهادة إلا بالمشاهدة أو السماع أو ما شاكل ذلك،
وتتحقق المشاهدة في مورد الغصب والسرقة والقتل والرضاع وما شاكل ذلك،
وتقبل في تلك الموارد شهادة الأصم، ويتحقق السماع في موارد النسب والاقرار
والشهادة على الشهادة والمعاملات من العقود والايقاعات وما شاكل ذلك.
وعلى هذا الضابط لا تقبل الشهادة بالملك المطلق مستندة إلى اليد، نعم تجوز
الشهادة على أنه في يده أو على أنه ملكه ظاهرا.
(مسألة 97): لا تجوز الشهادة بمضمون ورقة لا يذكره بمجرد رؤية خطه فيها
إذا احتمل التزوير في الخط أو احتمل التزوير في الورقة، أو أن خطه لم يكن لأجل

(1) في قبول شهادته في حقوق الناس اشكال.
467

الشهادة، بل كان بداع آخر، وأما إذا علم أن خطه كان بداعي الشهادة، ولم يحتمل
التزوير، جازت له الشهادة، وإن كان لا يذكر مضمون الورقة فعلا.
(مسألة 98): يثبت النسب بالاستفاضة المفيدة للعلم عادة، ويكفي فيها
الاشتهار في البلد، (1) وتجوز الشهادة به مستندة إليها، وأما غير النسب، كالوقف
والنكاح والملك وغيرها، فهي وإن كانت تثبت بالاستفاضة الا أنه لا تجوز الشهادة
استنادا إليها وانما تجوز الشهادة بالاستفاضة. (2)
(مسألة 99): يثبت الزنا واللواط والسحق بشهادة أربعة رجال ويثبت الزنا
خاصة بشهادة ثلاثة رجال وامرأتين أيضا، وكذلك يثبت بشهادة رجلين وأربع
نساء، الا أنه لا يثبت بها الرجم، بل يثبت بها الجلد فحسب، ولا يثبت شئ من
ذلك بشهادة رجلين عدلين.
وهذا بخلاف غيرها من الجنايات الموجبة للحد كالسرقة وشرب الخمر
ونحوهما، ولا يثبت شئ من ذلك بشهادة عدل وامرأتين ولا بشاهد ويمين،
ولا بشهادة النساء منفردات.
(مسألة 100): لا يثبت الطلاق والخلع والحدود والوصية إليه والنسب ورؤية
الأهلة والوكالة وما شاكل ذلك في غير ما يأتي الا بشاهدين عدلين، ولا يثبت
بشهادة النساء لا منضمات ولا منفردات، ولا بشاهد ويمين.
(مسألة 101): تثبت الديون والنكاح والدية بشهادة رجل وامرأتين، وأما

(1) مع عدم الظن بالخلاف.
(2) التفصيل بين النسب وغيره في جواز الشهادة بالنسب مستندة إلى الاستفاضة
وعدم الجواز في غيره محل للنظر، فان الشهادة تدور مدار العلم سواء كانت
على السبب أو المسبب.
468

الغصب والوصية إليه والأموال والمعاوضات والرهن، فالمشهور أنها تثبت بها،
وكذلك الوقف والعتق على قول جماعة، ولكن الجميع لا يخلو عن اشكال
والأقرب عدم الثبوت. (1)
(مسألة 102): تثبت الأموال من الديون والأعيان بشاهد ويمين، وأما ثبوت
غيرها من الحقوق بهما فمحل اشكال، وإن كان الأقرب الثبوت كما تقدم في القضاء،
وكذلك تثبت الديون بشهادة امرأتين ويمين، وأما ثبوت مطلق الأموال بهما فمحل
اشكال، وعدم الثبوت أقرب. (2)
(مسألة 103): تثبت العذرة وعيوب النساء الباطنة وكل ما لا يجوز للرجال
النظر إليه، والرضاع بشهادة أربع نسوة منفرادت.
(مسألة 104): المرأة تصدق في دعواها أنها خلية وان عدتها قد انقضت،
ولكنها إذا ادعت ذلك وكانت دعواها مخالفة للعادة الجارية بين النساء، كما إذا
ادعت أنها حاضت في شهر واحد ثلاث مرات، فإنها لا تصدق، ولكن إذا شهدت
النساء من بطانتها بان عادتها كذلك قبلت.
(مسألة 105): يثبت بشهادة المرأة الواحدة ربع الموصى به للموصى له، كما
يثبت ربع الميراث للولد بشهادة القابلة باستهلاله، بل بشهادة مطلق المرأة وان
لم تكن قابلة، وإذا شهدت اثنتان ثبت النصف، وإذا شهدت ثلاثة، نسوة ثبت ثلاثة
أرباعه، وإذا شهدت أربع نسوة ثبت الجميع، وفي ثبوت ربع الدية بشهادة المرأة
الواحدة في القتل، ونصفها بشهادة امرأتين وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث اشكال،

(1) بل الأقرب الثبوت.
(2) بل الثبوت أقرب.
469

وإن كان الأقرب الثبوت، ولا يثبت بشهادة النساء غير ذلك.
(مسألة 106): لا يعتبر الاشهاد في شئ من العقود والايقاعات إلا في الطلاق
والظهار، نعم يستحب الاشهاد في النكاح، والمشهور أنه يستحب في البيع والدين
ونحو ذلك أيضا.
(مسألة 107): لا خلاف في وجوب أداء الشهادة بعد تحملها مع الطلب إذا
لم يكن فيه ضرر عليه.
(مسألة 108): الظاهر أن أداء الشهادة واجب عيني، وليس للشاهد أن يكتم
شهادته وإن علم أن المشهود له يتوصل إلى إثبات مدعاه بطريق آخر، نعم إذا ثبت
الحق بطريق شرعي سقط الوجوب.
(مسألة 109): يختص وجوب أداء الشهادة بما إذا أشهد، ومع عدم الاشهاد،
فهو بالخيار إن شاء شهد وإن شاء لم يشهد، نعم إذا كان أحد طرفي الدعوى ظالما
للاخر، وجب أداء الشهادة لدفع الظلم، وإن لم يكن إشهاد.
(مسألة 110): إذا دعي من له أهلية التحمل ففي وجوبه عليه خلاف،
والأقرب هو الوجوب مع عدم الضرر.
(مسألة 111): تقبل الشهادة على الشهادة في حقوق الناس كالقصاص
والطلاق والنسب والعتق والمعاملة والمال وما شابه ذلك، ولا تقبل في الحدود سواء
أكانت لله محضا أم كانت مشتركة، كحد القذف والسرقة ونحوهما.
(مسألة 112): في قبول الشهادة على الشهادة على الشهادة فصاعدا إشكال،
والأظهر القبول. (1)

(1) في ظهور القبول اشكال.
470

(مسألة 113): لو شهد رجلان عادلان على شهادة عدول أربعة بالزنا لم يثبت
الحد، وفي ثبوت غيره من الأحكام كنشر الحرمة بالنسبة إلى ابن الزاني أو أبيه
خلاف، والأظهر هو الثبوت.
(مسألة 114): تثبت الشهادة بشهادة رجلين عدلين، ولا تثبت بشهادة رجل
واحد، ولا بشهادة رجل وامرأتين، ولو شهد عادلان على شهادة رجل أو على
شهادة امرأتين أو عليهما معا، ثبتت، ولو شهد رجل واحد على أمر وشهد أيضا على
شهادة رجل آخر عليه، وشهد معه رجل آخر على شهادة ذلك الرجل، ثبتت
الشهادة.
(مسألة 115): لا تقبل شهادة الفرع (الشهادة على الشهادة) على المشهور إلا
عند تعذر شهادة الأصل لمرض أو غيبة أو نحوهما، ولكنه لا يخلو من إشكال
والقبول أقرب. (1)
(مسألة 116): إذا شهد الفرع فأنكر الأصل شهادته، فإن كان بعد حكم الحاكم
لم يلتفت إلى إنكار الأصل، وأما إذا كان قبله فلا يلتفت إلى شهادة الفرع، نعم إذا
كان شاهد الفرع أعدل ففي عدم الالتفات إليه إشكال، والأقرب هو الالتفات.
(مسألة 117): يعتبر في قبول شهادة الشاهدين تواردها على شئ واحد وإن
كانا مختلفين بحسب اللفظ، ولا تقبل مع الاختلاف في المورد، فإذا شهد أحدهما
بالبيع، والاخر بالاقرار به، لم يثبت البيع، وكذلك إذا اتفقا على أمر واختلفا في
زمانه، فقال أحدهما انه باعه في شهر كذا، وقال الآخر انه باعه في شهر آخر، وكذلك
إذا اختلفا في المتعلق كما إذا قال أحدهما انه سرق دينارا وقال الآخر سرق درهما.

(1) بل القبول مع عدم تعذر الأصل مشكل.
471

وتثبت الدعوى في جميع ذلك بيمين المدعي منضمة إلى إحدى الشهادتين، نعم
لا يثبت في المثال الأخير الا الغرم دون الحد.
وليس من هذا القبيل ما إذا شهد أنه سرق ثوبا بعينه، ولكن قال أحدهما ان
قيمته درهم، وقال الآخر ان قيمته درهمان، فان السرقة تثبت بشهادتهما معا،
والاختلاف انما هو في قيمة ما سرق، فالواجب - عندئذ - على السارق عند تلف
العين رد درهم دون درهمين، نعم إذا حلف المدعي على أن قيمته درهمان غرم درهمين.
(مسألة 118): إذا شهد شاهدان عادلان عند الحاكم، ثم ماتا حكم بشهادتهما،
وكذلك لو شهدا ثم زكيا من حين الشهادة، ولو شهدا ثم فسقا أو فسق أحدهما قبل
الحكم، فالمشهور عدم جواز الحكم بشهادتهما في حقوق الله، وأما حقوق الناس
ففيه خلاف، والظاهر هو الحكم بشهادتهما مطلقا، (1) لأن المعتبر انما هو العدالة
حال الشهادة.
(مسألة 119): لو رجع الشاهدان عن شهادتهما في حق مالي، وأبرزا خطأهما
فيها قبل الحكم لم يحكم، ولو رجع بعده وبعد الاستيفاء وتلف المحكوم به، لم ينقض
الحكم (2) وضمنا ما شهدا به، وكذا الحكم لو رجعا قبل الاستيفاء أو قبل التلف
على الأظهر.

(1) في ظهور جواز الحكم بشهادتهما في حقوق الله تعالى تأمل ونظر.
(2) صحة الحكم مع رجوع الشاهد عن شهادته مطلقا والأحكام المترتبة عليها في
الفروع الآتية محل اشكال، واما ما لا يترتب على الحكم كضمان المحكوم به بعد
الاستيفاء والتلف بتسبيب الشهود فلا اشكال في ترتبه في هذا الفرع والفروع
الآتية.
472

(مسألة 120): إذا رجع الشاهدان أو أحدهما عن الشهادة في الحدود خطأ،
فإن كان قبل الحكم لم يحكم، وإن كان بعد الحكم والاستيفاء ضمنا إن كان الراجع
كليهما، وإن كان أحدهما ضمن النصف، وإن كان بعده وقبل الاستيفاء نقض الحكم
على المشهور، ولكنه لا يخلو من إشكال، والأقرب نفوذ الحكم. (1)
(مسألة 121): لو أعاد الشاهدان شهادتهما بعد الرجوع عنها قبل حكم الحاكم
فهل تقبل؟ فيه وجهان، الأقرب عدم القبول.
(مسألة 122): إذا رجع الشهود أو بعضهم عن الشهادة في الزنا خطأ جرى فيه
ما تقدم، ولكن إذا كان الراجع واحدا وكان رجوعه بعد الحكم والاستيفاء، غرم
ربع الدية، وإذا كان الراجع اثنين غرما نصف الدية، وإذا كان الراجع ثلاثة غرموا
ثلاثة أرباع الدية، وإذا كان الراجع جميعهم غرموا تمام الدية.
(مسألة 123): تحرم الشهادة بغير حق، وهي من الكبائر، فان شهد الشاهدان
شهادة الزور وحكم الحاكم بشهادتهما، ثم ثبت عنده أن شهادتهما كانت شهادة زور
انتقض حكمه، وعندئذ إن كان المحكوم به من الأموال ضمناه، ووجب رد العين على
صاحبها إن كانت باقية، وإلا غرما، وكذلك المشهود له إذا كان عالما بالحال، واما
إن كان جاهلا بالحال فالظاهر أنه غير ضامن، بل الغرامة على الشاهدين، وإن كان
المحكوم به من غير الأموال، كقطع اليد والقتل والرجم وما شاكل ذلك اقتص من
الشاهد.
(مسألة 124): إذا أنكر الزوج طلاق زوجته وهي مدعية له، وشهد شاهدان
بطلاقها، فحكم الحاكم به، ثم رجعا وأظهرا خطأهما، فإن كان بعد الدخول لم يضمنا

(1) بل الأقرب عدم النفوذ.
473

شيئا، وإن كان قبله ضمنا نصف المهر المسمى على المشهور، ولكنه لا يخلو من
اشكال، بل الأظهر عدم الضمان.
(مسألة 125): إذا شهد شاهدان بطلاق امرأة - زورا - فاعتدت المرأة
وتزوجت زوجا آخر مستندة إلى شهادتهما، فجاء الزوج وأنكر الطلاق، فعندئذ
يفرق بينهما، وتعتد من الأخير، ويضمن الشاهدان الصداق للزوج الثاني، ويضربان
الحد، وكذلك إذا شهدا بموت الزوج، فتزوجت المرأة ثم جاءها زوجها الأول.
(مسألة 126): إذا شهد شاهدان بطلاق امرأة، فاعتدت المرأة فتزوجت رجلا
آخر، ثم جاء الزوج فأنكر الطلاق ورجع أحد الشاهدين وأبرز خطأه، فعندئذ
يفرق بينهما وترجع إلى زوجها الأول، وتعتد من الثاني، ويؤخذ الصداق من الذي
شهد ورجع.
(مسألة 127): إذا حكم الحاكم بثبوت حق مالي مستندا إلى شهادة رجلين
عادلين، فرجع أحدهما ضمن نصف المشهود به، وان رجع كلاهما ضمنا تمام
المشهود به، وإذا كان ثبوت الحق بشهادة رجل وامرأتين، فرجع الرجل عن
شهادته دون المرأتين، ضمن نصف المشهود به، وإذا رجعت إحدى المرأتين عن
شهادتها ضمنت ربع المشهود به، وإذا رجعتا معا ضمنتا تمام النصف.
وإذا كان ثبوت الحق بشهادة أربع نسوة كما في الوصية، فرجعن جميعا عن
شهادتهن، ضمنت كل واحدة منهن الربع، وإذا رجع بعضهن ضمنت بالنسبة.
(مسألة 128): إذا كان الشهود أكثر مما تثبت به الدعوى كما إذا شهد ثلاثة من
الرجال، أو رجل وأربع نسوة، فرجع شاهد واحد، قيل إنه يضمن بمقدار شهادته،
ولكن لا يبعد عدم الضمان، ولو رجع اثنان منهم معا فالظاهر أنهما يضمنان النصف.
(مسألة 129): إذا ثبت الحق بشهادة واحد ويمين المدعى، فإذا رجع الشاهد
474

عن شهادته ضمن النصف، وإذا كذب الحالف نفسه اختص بالضمان سواء أرجع
الشاهد عن شهادته أم لم يرجع.
(مسألة 130): إذا شهد شاهدان وحكم الحاكم بشهادتهما ثم انكشف فسقهما
حال الشهادة، ففي مثل ذلك (تارة) يكون المشهود به من الأموال، و (أخرى)
يكون من غيرها، فإن كان من الأموال استردت العين من المحكوم له إن كانت
باقية، والا ضمن مثلها أو قيمتها، وإن كان من غير الأموال، فلا اشكال في أنه
لا قصاص ولا قود على من له القصاص أو القود وإن كان هو المباشر، وأما الدية،
ففي ثبوتها عليه أو على الحاكم من بيت المال خلاف، والأقرب أنها على من له
الولاية على القصاص إذا كان هو المباشر، وعلى بيت المال إذا كان المباشر من أذن
له الحاكم. (1)
(مسألة 131): إذا شهد شاهدان بوصية أحد لزيد بمال، وشهد شاهدان من
الورثة برجوعه عنها ووصيته لعمرو، قيل: تقبل شهادة الرجوع، وقيل: لا تقبل،
والأقرب أنها لا تقبل فيما كان بيد الورثة أو كان مشاعا، والا فتقبل.
(مسألة 132): إذا شهد شاهدان لزيد بالوصية، وشهد شاهد واحد بالرجوع
عنها وأنه أوصى لعمرو، فعندئذ إن حلف عمرو ثبت الرجوع، والا كان المال
الموصى به لزيد.
(مسألة 133): إذا أوصى شخص بوصيتين منفردتين فشهد شاهدان بأنه رجع
عن إحداهما، قيل: لا تقبل، وهو ضعيف، والظاهر هو القبول والرجوع إلى القرعة
في التعيين.

(1) بل الأقرب أنها على بيت المال مطلقا.
475

كتاب الحدود
الحدود وأسبابها وهي ستة عشرة
الأول - الزنا
ويتحقق ذلك بايلاج الانسان حشفة ذكره في فرج امرأة محرمة عليه أصالة من
غير عقد ولا ملك ولا شبهة، ولا فرق في ذلك بين القبل والدبر، فلو عقد على امرأة
محرمة كالأم والأخت وزوجة الولد وزوجة الأب ونحوها جاهلا بالموضوع أو
بالحكم، فوطأها سقط عنه الحد، وكذلك في كل موضع كان الوطء شبهة، كمن وجد
على فراشه امرأة فاعتقد أنها زوجته ووطأها.
وإن كانت الشبهة من أحد الطرفين دون الطرف الآخر سقط الحد عن
المشتبه خاصة دون غيره، فلو تشبهت امرأة لرجل بزوجته فوطأها، فعليها الحد
دونه.
(مسألة 134): المراد بالشبهة الموجبة لسقوط الحد هو الجهل عن قصور أو
تقصير في المقدمات مع اعتقاد الحلية حال الوطء، وأما من كان جاهلا بالحكم عن
تقصير وملتفتا إلى جهله حال العمل، حكم عليه بالزنا وثبوت الحد.
(مسألة 135): يشترط في ثبوت الحد أمور:
(الأول): البلوغ، فلا حد على الصبي.
476

(الثاني): الاختيار، فلا حد على المكره ونحوه.
(الثالث): العقل فلا حد على المجنون.
(مسألة 136): إذا ادعت المرأة الاكراه على الزنا قبلت.
(مسألة 137): يثبت الزنا بالاقرار وبالبينة، ويعتبر في المقر العقل (1)
والاختيار والحرية، فلو أقر عبد به، فان صدقه المولى ثبت باقراره والا
لم يثبت، (2) نعم لو انعتق العبد وأعاد اقراره، كان اقراره حجة عليه، ويثبت به
الزنا وتترتب عليه أحكامه.
(مسألة 138): لا يثبت حد الزنا الا بالاقرار أربع مرات، فلو أقر به كذلك
أجري عليه الحد، وإلا فلا.
(مسألة 139): لو أقر شخص بما يوجب رجمه ثم جحد، سقط عنه الرجم دون
الحد، ولو أقر بما يوجب الحد غير الرجم، ثم أنكر لم يسقط.
(مسألة 140): لو أقر بما يوجب الحد من رجم أو جلد كان للإمام (عليه السلام) العفو
وعدم إقامة الحد عليه، وقيده المشهور بما إذا تاب المقر، ودليله غير ظاهر.
(مسألة 141): إذا حملت المرأة وليس لها بعل، لم تحد، لاحتمال أن يكون الحمل
بسبب آخر دون الوطء، أو بالوطء شبهة أو اكراها أو نحو ذلك، نعم إذا أقرت بالزنا
أربع مرات حدت كما مر.
(مسألة 142): لا يثبت الزنا بشهادة رجلين عادلين، بل لابد من شهادة أربعة
رجال عدول، أو ثلاثة وامرأتين، أو رجلين وأربع نساء الا أنه لا يثبت الرجم

(1) والبلوغ.
(2) لا يبعد الثبوت، الا أنه يتبع به بعد عتقه.
477

بالأخيرة، ولا يثبت بغير ذلك من شهادة النساء منفردات، أو شهادة رجل وست
نساء، أو شهادة واحد ويمين.
(مسألة 143): يعتبر في قبول الشهادة على الزنا أن تكون الشهادة شهادة
حس ومشاهدة، ولو شهدوا بغير المشاهدة والمعاينة لم يحد المشهود عليه، وحد
الشهود، ويعتبر أن تكون الشهادة شهادة بفعل واحد زمانا ومكانا، فلو اختلفوا في
الزمان أو المكان لم يثبت الزنا وحد الشهود، وأما لو كان اختلافهم غير موجب
لتعدد الفعل واختلافه، كما إذا شهد بعضهم على أن المرأة المعينة المزني بها من بني تميم
مثلا، وشهد البعض الأخر على أنها من بني أسد مثلا أو نحو ذلك من الاختلاف في
الخصوصيات، لم يضر بثبوت الزنا بلا إشكال، وأما إذا كان اختلافهم في خصوصية
الزنا، كما لو شهد بعضهم على أن الزاني قد أكره المرأة على الزنا، وشهد الأخر على
عدم الاكراه وأن المرأة طاوعته، ففي ثبوت الزنا بالإضافة إلى الزاني عندئذ إشكال،
ولا يبعد التفصيل بين ما إذا كان الشاهد على المطاوعة شاهدا على زناها وما إذا
لم يكن، فعلى الأول لا يثبت الزنا بشهادته، ويثبت على الثاني.
(مسألة 144): إذا شهد أربعة رجال على امرأة بكر بالزنا قبلا، وأنكرت المرأة
وادعت أنها بكر، فشهدت أربع نسوة بأنها بكر، سقط عنها الحد.
(مسألة 145): إذا شهد أربعة رجال على امرأة بالزنا، وكان أحدهم زوجها،
فالأكثر على أنه يثبت الزنا وتحد المرأة، ولكن الأظهر أنه لا يثبت.
(مسألة 146): لا فرق في قبول شهادة أربعة رجال بالزنا بين أن تكون الشهادة
على واحد أو أكثر.
(مسألة 147): يجب التعجيل في إقامة الحدود بعد أداء الشهادة ولا يجوز
تأجيلها، كما لا يجوز التسريح بكفالة أو العفو بشفاعة.
478

(مسألة 148): لو تاب المشهود عليه قبل قيام البينة، فالمشهور (1) سقوط
الحد عنه، ودليله غير ظاهر، وأما بعد قيامها فلا يسقط بلا اشكال.
(مسألة 149): لو شهد ثلاثة رجال بالزنا أو ما دونه حدوا حد القذف،
ولا ينتظر لاتمام البينة، وهي شهادة الأربعة.
(مسألة 150): لا فرق في الأحكام المتقدمة بين كون الزاني مسلما أو كافرا،
وكذا لا فرق بين كون المزني بها مسلمة أو كافرة، وأما إذا زنى كافر بكافرة، أو لاط
بمثله، فالامام مخير بين إقامة الحد عليه، وبين دفعه إلى أهل ملته، ليقيموا عليه الحد.
حد الزاني
(مسألة 151): من زنى بذات محرم له كالام والبنت والأخت وما شاكل ذلك،
يقتل بالضرب بالسيف في رقبته ولا يجب جلده قبل قتله، ولا فرق في ذلك بين
المحصن وغيره والحر والعبد والمسلم والكافر والشيخ والشاب، كما لا فرق في هذا
الحكم بين الرجل والمرأة إذا تابعته، والأظهر عموم الحكم للمحرم بالرضاع أو
بالمصاهرة، (2) نعم يستثنى من المحرم بالمصاهرة زوجة الأب فان من زنى بها
يرجم وإن كان غير محصن.
(مسألة 152): إذا زنى الذمي بمسلمة قتل.
(مسألة 153): إذا أكره شخص امرأة على الزنا فزنى بها قتل من دون فرق في
ذلك بين المحصن وغيره.

(1) وهو الأقوى.
(2) في عمومه لهما تأمل ونظر.
479

(مسألة 154): الزاني إذا كان شيخا وكان محصنا يجلد ثم يرجم، وكذلك
الشيخة إذا كانت محصنة، وأما إذا لم يكونا محصنين ففيه الجلد فحسب، وإذا كان
الزاني شابا أو شابة، فإنه يرجم إذا كان محصنا، ويجلد إذا لم يكن محصنا.
(مسألة 155): هل يختص الحكم فيما ثبت فيه الرجم بما إذا كانت المزني بها
عاقلة بالغة، فلو زنى البالغ المحصن بصبية أو مجنونة فلا رجم؟ فيه خلاف، ذهب
جماعة إلى الاختصاص، منهم المحقق في الشرائع، ولكن الظاهر عموم الحكم.
(مسألة 156): إذا زنت المرأة المحصنة، وكان الزاني بها بالغا رجمت، وأما إذا
كان الزاني صبيا غير بالغ فلا ترجم، وعليها الحد كاملا، ويجلد الغلام دون الحد.
(مسألة 157): قد عرفت أن الزاني إذا لم يكن محصنا يضرب مائة جلدة، ولكن
مع ذلك يجب جز شعر رأسه، أو حلقه ويغرب عن بلده سنة كاملة، وهل يختص هذا
الحكم - وهو جز شعر الرأس أو الحلق والتغريب - بمن أملك ولم يدخل بها أو يعمه
وغيره؟ فيه قولان، الأظهر هو الاختصاص، وأما المرأة فلا جز عليها بلا اشكال،
وأما التغريب ففي ثبوته إشكال، والأقرب الثبوت. (1)
(مسألة 158): يعتبر في احصان الرجل أمران:
(الأول) الحرية، فلا رجم على العبد.
(الثاني) أن تكون له زوجة دائمة قد دخل بها أو أمة كذلك وهو متمكن من
وطئها متى شاء وأراد، فلو كانت زوجته غائبة عنه بحيث لا يتمكن من الاستمتاع
بها، أو كان محبوسا فلا يتمكن من الخروج إليها، لم يترتب حكم الاحصان.
(مسألة 159): يعتبر في إحصان المرأة الحرية وأن يكون لها زوج دائم قد دخل

(1) في الثبوت اشكال.
480

بها، فلو زنت والحال هذه، وكان الزاني بالغا رجمت.
(مسألة 160): المطلقة رجعية زوجة ما دامت في العدة، فلو زنت والحال هذه
عالمة بالحكم والموضوع رجمت، وكذلك زوجها، ولا رجم إذا كان الطلاق بائنا، أو
كانت العدة عدة وفاة.
(مسألة 161): لو طلق شخص زوجته خلعا، فرجعت الزوجة بالبذل، ورجع
الزوج بها ثم زنى قبل أن يطأ زوجته لم يرجم، وكذلك زوجته، وكذا المملوك
لو أعتق والمكاتب لو تحرر، فلو زنيا قبل أن يطئا زوجتيهما، لم يرجما.
(مسألة 162): إذا زنى المملوك جلد خمسين جلدة، سواء أكان محصنا أم غير
محصن شابا أم شيخا، وكذلك الحال في المملوكة ولا تغريب عليهما ولا جز.
نعم المكاتب إذا تحرر منه شئ، جلد بقدر ما أعتق وبقدر ما بقى، فلو أعتق
نصفه جلد خمسا وسبعين جلدة، وإن أعتق ثلاثة أرباعه جلد سبعا وثمانين جلدة
ونصف جلدة، ولو أعتق ربعه، جلد اثنتين وستين جلدة ونصف جلدة، وكذلك
الحال في المكاتبة إذا تحرر منها شئ.
(مسألة 163): لا تجلد المستحاضة ما لم ينقطع عنها الدم، فإذا انقطع جلدت.
(مسألة 164): لا يجلد المريض الذي يخاف عليه الموت حتى يبرأ ومع اليأس
من البرء يضرب بالضغث المشتمل على العدد مرة واحدة، ولا يعتبر وصول كل
شمراخ إلى جسده.
(مسألة 165): لو زنى شخص مرارا، وثبت ذلك بالاقرار أو البينة، حد حدا
واحدا.
(مسألة 166): لو أقيم الحد على الزاني ثلاث مرات، قتل في الرابعة إن كان
حرا، ويقتل في الثامنة بعد إقامة الحد عليه سبعا إن كان مملوكا، وأدى الامام قيمته
481

إلى مواليه من بيت المال.
(مسألة 167): إذا كانت المزني بها حاملا، فإن كانت محصنة تربص بها حتى
تضع حملها، وترضعه مدة اللباء، (1) ثم ترجم، وإن كانت غير محصنة، حدت
الا إذا خيف على ولدها.
(مسألة 168): إذا وجب الحد على شخص ثم جن لم يسقط عنه، بل يقام عليه
الحد حال جنونه.
(مسألة 169): لا تجوز إقامة الحد على أحد في أرض العدو إذا خيف أن تأخذه
الحمية ويلحق بالعدو.
(مسألة 170): إذا جنى شخص في غير الحرم، ثم لجأ إليه لم يجز أن يقام عليه
الحد، ولكن لا يطعم ولا يسقى ولا يكلم ولا يبايع حتى يخرج ويقام عليه الحد، وأما
إذا جنى في الحرم أقيم عليه الحد فيه.
(مسألة 171): لو اجتمعت على رجل حدود بدئ بالحد الذي لا يفوت معه
الأخر، كما لو اجتمع عليه الحد والرجم بدئ بالحد أولا ثم رجم.
(مسألة 172): يدفن الرجل عند رجمه إلى حقويه، وتدفن المرأة إلى موضع
الثديين، والمشهور على أنه إذا ثبت الزنا بالاقرار بدأ الامام بالرجم ثم الناس
بأحجار صغار، ولو ثبت بالبينة وجب الابتداء على الشهود، وهو لا يخلو من
إشكال، بل لا يبعد وجوب بدء الامام بالرجم مطلقا.
(مسألة 173): لو هرب المرجوم أو المرجومة من الحفيرة، فان ثبت زناه
بالاقرار لم يرد إن أصابه شئ من الحجارة، وإن كان قبل الإصابة أو ثبت زناه

(1) في عدم التربص إلى الحولين اشكال.
482

بالبينة رد، وأما الجلد فلا يسقط بالفرار مطلقا.
(مسألة 174): ينبغي إعلام الناس لحضور إقامة الحد، بل الظاهر وجوب
حضور طائفة لاقامته، والمراد بالطائفة الواحد وما زاد.
(مسألة 175): هل يجوز تصدي الرجم لمن كان عليه حد من حدود الله أم لا؟
وجهان، المشهور هو الأول على كراهة، ولكن الأقرب هو الثاني. (1)
(مسألة 176): لو وجد الزاني عاريا جلد عاريا، وإن وجد كاسيا، قيل يجرد
فيجلد، وفيه إشكال، والأظهر (2) جواز جلده كاسيا، وأما المرأة الزانية فتجلد
وهي كاسية، والرجل يجلد قائما والمرأة قاعدة، ويتقى الوجه والمذاكير.
(مسألة 177): يجوز للحاكم الجامع للشرائط إقامة الحدود على الأظهر.
(مسألة 178): على الحاكم أن يقيم الحدود بعلمه في حقوق الله كحد الزنا
وشرب الخمر والسرقة ونحوهما، وأما في حقوق الناس فتتوقف إقامتها على مطالبة
من له الحق حدا كان أو تعزيرا.
(مسألة 179): لا فرق فيما ذكرناه من الأحكام المترتبة على الزنا بين الحي
والميت، فلو زنى بامرأة ميتة، فإن كان محصنا رجم، وإن كان غير محصن
جلد.
الثاني - اللواط
(مسألة 180): المراد باللواط وطء الذكران، ويثبت بشهادة أربعة رجال

(1) بل الأقرب هو الأول.
(2) بل الأظهر وجوب جلده على الحال التي وجد عليها.
483

وبالاقرار أربع مرات، ولا يثبت بأقل من ذلك، ويعتبر في المقر العقل (1)
والاختيار والحرية، فلو أقر المجنون أو المكره أو العبد لم يثبت الحد.
(مسألة 181): يقتل اللائط المحصن، ولا فرق في ذلك بين الحر والعبد والمسلم
والكافر وهل يقتل غير المحصن؟ المشهور أنه يقتل، وفيه إشكال، والأظهر (2)
عدم القتل، ولكنه يجلد، كما أنه يقتل الملوط مطلقا على ما سيأتي، نعم لا قتل على
المجنون ولا على الصبي.
(مسألة 182): إذا لاط البالغ العاقل بالمجنون حد اللائط دون الملوط.
(مسألة 183): إذا لاط الرجل بصبي حد الرجل وأدب الصبي، وكذلك
العكس.
(مسألة 184): إذا لاط بعبده حدا، ولو ادعى العبد الاكراه سقط الحد عنه إذا
احتمل صدقه، وكذلك الحال في دعوى الاكراه من غير العبد.
(مسألة 185): إذا لاط ذمي بمسلم، فإن كان مع الايقاب قتل، وإن كان بدونه
فالمشهور أنه يقتل أيضا، وهو غير بعيد، وأما إذا لاط بذمي آخر أو بغير ذمي من
الكفار، فالحكم كما تقدم في باب الزنا.
(مسألة 186): إذا تاب اللائط قبل قيام البينة، فالمشهور (3) أنه يسقط عنه
الحد، ودليله غير ظاهر، ولو تاب بعده لم يسقط بلا إشكال، ولو أقر به ولم تكن بينة،
كان الامام مخيرا بين العفو والاستيفاء.

(1) والبلوغ.
(2) كونه أظهر في غاية الإشكال.
(3) وهو الأقوى.
484

(مسألة 187): إذا لاط بميت كان حكمه حكم من لاط بحي.
كيفية قتل اللائط
(مسألة 188): يتخير الامام في قتل اللائط المحصن وكذلك غير المحصن
- ان قلنا بوجوب قتله - بين أن يضربه بالسيف، وإذا ضربه بالسيف لزمه احراقه
بعده بالنار على الأظهر، أو يحرقه بالنار، أو يدحرج به مشدود اليدين والرجلين
من جبل ونحوه وإذا كان اللائط محصنا فللامام أن يرجمه، وأما الملوط فالامام
مخير بين رجمه والأحكام الثلاثة المذكورة، (1) ولا فرق بين كونه محصنا أو غير
محصن.
الثالث - التفخيذ
(مسألة 189): حد التفخيذ إذا لم يكن ايقاب مائة جلدة، ولا فرق في ذلك بين
المسلم والكافر والمحصن وغيره والفاعل والمفعول، والمشهور أنه لا فرق بين الحر
والعبد، ولكن الظاهر هو الفرق، وأن حد العبد نصف حد الحر.
(مسألة 190): لو تكرر التفخيذ ونحوه وحد مرتين قتل في الثالثة.
(مسألة 191): إذا وجد رجلان تحت لحاف واحد مجردين من دون أن يكون
بينهما حاجز، فالمشهور بين المتأخرين أنهما يعزران من ثلاثين سوطا إلى تسعة
وتسعين سوطا، والأظهر أن يجلد كل واحد منهما تسعة وتسعين سوطا، وكذلك
الحال في امرأتين وجدتا مجردتين تحت لحاف واحد، أو رجل وامرأتين.

(1) في ثبوت غير القتل بالسيف والرجم في الملوط اشكال.
485

الرابع - تزويج ذمية على مسلمة بغير اذنها
(مسألة 192): من تزوج ذمية على مسلمة فجامعها عالما بالتحريم قبل إجازة
المرأة المسلمة، كان عليه ثمن حد الزاني، وإن لم ترض المرأة بذلك فرق بينهما، وأما
إذا تزوج أمة على حرة مسلمة فجامعها عالما بالتحريم قبل اجازتها، فقال جماعة:
عليه ثمن حد الزاني أيضا، وهو لا يخلو من إشكال بل منع، والأظهر ثبوت تمام الحد.
الخامس - تقبيل المحرم غلاما بشهوة
(مسألة 193): من قبل غلاما بشهوة، فإن كان محرما ضرب مائة
سوط، (1) وإلا عزره الحاكم دون الحد حسبما يراه من المصلحة.
السادس - السحق
(مسألة 194): حد السحق إذا كانت غير محصنة مائة جلدة ويستوي في ذلك
المسلمة والكافرة وكذلك الأمة والحرة على المشهور، وفيه إشكال بل منع، وقال
جماعة: إن الحكم في المحصنة أيضا كذلك، ولكنه ضعيف، بل الظاهر أن المحصنة ترجم.
(مسألة 195): لو تكررت المساحقة، فان أقيم الحد عليها بعد كل مساحقة
قتلت في الثالثة، وأما إذا لم يقم عليها الحد لم تقتل.
(مسألة 196): إذا تابت المساحقة قبل قيام البينة فالمشهور (2) سقوط الحد

(1) في ثبوت الزائد على التعزير في المحرم اشكال.
(2) وهو الأقوى.
486

عنها ودليله غير ظاهر، ولا أثر لتوبتها بعد قيام البينة بلا إشكال.
(مسألة 197): لو جامع الرجل زوجته فقامت الزوجة فوقعت على جارية
بكر، فساحقتها، فألقت النطفة فيها فحملت، فعلى المرأة مهر الجارية البكر، ثم
ترجم المرأة، وأما الجارية فتنظر حتى تضع ما في بطنها ويرد إلى أبيه صاحب
النطفة، ثم تجلد وما نسب إلى بعض المتأخرين من انكار كون المهر على المرأة
بدعوى أن المساحقة كالزانية في سقوط دية العذرة لا وجه له.
السابع - القيادة
وهي الجمع بين الرجال والنساء للزنا، وبين الرجال والرجال للواط وبين
النساء والنساء للسحق.
(مسألة 198): تثبت القيادة بشهادة رجلين عادلين، ولا تثبت بشهادة رجل
وامرأتين، ولا بشهادة النساء منفردات، وهل تثبت بالاقرار مرة واحدة؟ المشهور عدم
ثبوتها بذلك، بل لابد من الاقرار مرتين، ولكن لا يبعد ثبوتها بالاقرار مرة واحدة.
(مسألة 199): إذا كان القواد رجلا، فالمشهور (1) أنه يضرب ثلاثة أرباع
حد الزاني، بل في كلام بعض عدم الخلاف فيه، بل الاجماع عليه وقال جماعة: أنه مع
ذلك ينفى من مصره إلى غيره من الأمصار، وهو ضعيف، وقيل يحلق رأسه ويشهر،
بل نسب ذلك إلى المشهور، ولكن لا مستند له، وأما إذا كان القواد امرأة، فالمشهور
أنها تجلد، بل ادعي على ذلك عدم الخلاف لكنه لا يخلو من اشكال، (2) وليس

(1) وهو المختار.
(2) الظاهر ثبوت الجلد.
487

عليها نفي ولا شهرة ولا حلق.
الثامن - القذف
وهو الرمي بالزنا أو اللواط، مثل أن يقول لغيره: زنيت أو أنت زان، أو ليط
بك، أو أنت منكوح في دبرك، أو أنت لائط أو ما يؤدي هذا المعنى.
(مسألة 200): لا يقام حد القذف الا بمطالبة المقذوف ذلك.
(مسألة 201): يعتبر في القاذف البلوغ والعقل، فلو قذف الصبي أو المجنون
لم يحد، ولا فرق في القاذف بين الحر والعبد ولا بين المسلم والكافر.
(مسألة 202): يعتبر في المقذوف البلوغ والعقل والحرية والاسلام،
والاحصان، فلو لم يكن المقذوف واجدا لهذه الأوصاف لم يثبت الحد بقذفه، نعم
يثبت التعزير حسبما يراه الحاكم من المصلحة على ما سيأتي في باب التعزير، ولو
قذف الأب ابنه لم يحد، وكذلك لو قذف أم ابنه الميتة، نعم لو كان لها ابن من غيره
ثبت له الحد، وكذا الحال إذا كان لها قرابة.
(مسألة 203): لو قذف رجل جماعة بلفظ واحد، فان أتوا به مجتمعين ضرب
حدا واحدا، وان أتوا به متفرقين، ضرب لكل منهم حدا، ولو قذفهم متفرقين حد
لكل منهم حدا.
(مسألة 204): إذا عفا المقذوف حد القذف عن القاذف فليس له المطالبة به بعد
ذلك.
(مسألة 205): إذا مات المقذوف قبل أن يطالب بحقه أو يعفو فلأوليائه من
أقاربه المطالبة به، كما أن لهم العفو، فان تعدد الولي كما إذا مات عن ولدين أو
أخوين، فعفا أحدهما، كان للاخر المطالبة بالحق، ولا يسقط بعفو الأول.
488

(مسألة 206): إذا قذف أحد ابن شخص أو ابنته، فقال له: ابنك زان، أو ابنتك
زانية، فالحد حق لهما، وليس لأبيهما حق المطالبة به أو العفو.
(مسألة 207): إذا تكرر الحد بتكرر القذف، قتل القاذف في الثالثة.
(مسألة 208): إذا تكرر القذف من شخص واحد لواحد قبل أن يقام عليه
الحد، حد حدا واحدا.
(مسألة 209): لا يسقط الحد عن القاذف إلا بالبينة المصدقة أو بتصديق من
يستحق عليه الحد أو بالعفو، نعم لو قذف الزوج زوجته، سقط حق القذف باللعان
أيضا على ما تقدم.
(مسألة 210): لو شهد أربعة بالزنا ثم رجع أحدهم حد الراجع، ولا فرق في
ذلك بين كونه قبل حكم الحاكم وبعده.
(مسألة 211): حد القذف ثمانون جلدة، ولا فرق في ذلك بين الحر والعبد
والذكر والأنثى، ويضرب بثياب بدنه ولا يجرد ويقتصر فيه على الضرب
المتوسط.
(مسألة 212): يثبت القذف بشهادة عدلين، وأما ثبوته بالاقرار فقد اعتبر
جماعة كونه مرتين، ولكن الأظهر ثبوته بالاقرار مرة واحدة.
(مسألة 213): لو تقاذف شخصان درئ عنهما الحد، ولكنهما يعزران.
التاسع - سب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
(مسألة 214): يجب قتل من سب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على سامعه ما لم يخف الضرر على
نفسه أو عرضه أو ماله الخطير ونحو ذلك، ويلحق به سب الأئمة (عليهم السلام) وسب فاطمة
الزهراء (عليها السلام)، ولا يحتاج جواز قتله إلى الاذن من الحاكم الشرعي.
489

العاشر - دعوى النبوة
(مسألة 215): من ادعى النبوة وجب قتله مع التمكن والأمن من الضرر من
دون حاجة إلى الاذن من الحاكم الشرعي.
الحادي عشر - السحر
(مسألة 216): ساحر المسلمين يقتل، وساحر الكفار لا يقتل، ومن تعلم شيئا
من السحر كان آخر عهده بربه، وحده القتل إلا أن يتوب. (1)
الثاني عشر - شرب المسكر
(مسألة 217): من شرب المسكر أو الفقاع عالما بالتحريم (2) مع الاختيار
والبلوغ والعقل حد، ولا فرق في ذلك بين القليل والكثير، كما لا فرق في ذلك بين
أنواع المسكرات مما اتخذ من التمر أو الزبيب أو نحو ذلك.
(مسألة 218): لا فرق في ثبوت الحد بين شرب الخمر وإدخاله في الجوف وإن
لم يصدق عليه عنوان الشرب كالاصطباغ، وأما عموم الحكم لغير ذلك كما إذا مزجه
بمائع آخر واستهلك فيه وشربه فهو المعروف بل المتسالم عليه بين الأصحاب، إلا أنه
لا يخلو عن إشكال وإن كان شربه حراما.
(مسألة 219): لا يلحق العصير العنبي قبل ذهاب ثلثيه بالمسكر في إيجابه الحد

(1) في اطلاقه لمن تعلم ولم يعمل اشكال.
(2) أو كان جاهلا مقصرا ملتفتا إلى جهله حال الشرب.
490

وإن كان شربه حراما بلا إشكال.
(مسألة 220): يثبت شرب المسكر بشهادة عدلين وبالإقرار مرة واحدة، نعم
لا يثبت بشهادة النساء لا منضمات ولا منفردات.
حد الشرب وكيفيته
وهو ثمانون جلدة، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة والحر والعبد والمسلم
والكافر.
(مسألة 221): يضرب الرجل الشارب للمسكر - من خمر أو غيرها - مجردا
عن الثياب بين الكتفين، وأما المرأة فتجلد من فوق ثيابها.
(مسألة 222): إذا شرب الخمر مرتين، وحد بعد كل منهما قتل في الثالثة،
وكذلك الحال في شرب بقية المسكرات.
(مسألة 223): لو شهد رجل واحد على شرب الخمر وشهد آخر بقيئها لزم
الحد، نعم إذا احتمل في حقه الاكراه أو الاشتباه لم يثبت الحد، وكذلك الحال إذا شهد
كلاهما بالقئ.
(مسألة 224): من شرب الخمر مستحلا، فان احتمل في حقه الاشتباه - كما إذا
كان جديد العهد بالاسلام، أو كان بلده بعيدا عن بلاد المسلمين - لم يقتل، وإن
لم يحتمل في حقه ذلك إرتد، وتجري عليه أحكام المرتد من القتل ونحوه، وقيل
يستتاب أولا، فان تاب أقيم عليه حد شرب الخمر وإلا قتل، وفيه منع، وكذلك
الحال في شرب سائر المسكرات.
(مسألة 225): إذا تاب شارب الخمر قبل قيام البينة، فالمشهور سقوط الحد
491

عنه، ولكنه مشكل، والأظهر عدم السقوط، (1) وإن تاب بعد قيامها لم يسقط
بلا إشكال ولا خلاف.
(مسألة 226): إن أقر شارب الخمر بذلك ولم تكن بينة فالامام مخير بين العفو
عنه وإقامة الحد عليه.
الثالث عشر - السرقة
يعتبر في السارق أمور:
(الأول): البلوغ، فلو سرق الصبي لا يحد، بل يعفى في المرة الأولى بل الثانية
أيضا، ويعزر في الثالثة، أو تقطع أنامله، أو يقطع من لحم أطراف أصابعه، أو تحك
حتى تدمى إن كان له سبع سنين، فان عاد قطع من المفصل الثاني، فان عاد مرة
خامسة، قطعت أصابعه إن كان له تسع سنين، ولا فرق في ذلك بين علم الصبي
وجهله بالعقوبة.
(الثاني): العقل فلو سرق المجنون لم تقطع يداه.
(الثالث): ارتفاع الشبهة، فلو توهم أن المال الفلاني ملكه فأخذه، ثم بان أنه
غير مالك له لم يحد.
(الرابع): أن لا يكون المال مشتركا بينه وبين غيره، فلو سرق من المال المشترك
بقدر حصته أو أقل لم تقطع يده، ولكنه يعزر، نعم لو سرق أكثر من مقدار حصته
وكان الزائد بقدر ربع دينار من الذهب قطعت يده، وفي حكم السرقة من المال
المشترك السرقة من المغنم أو من بيت مال المسلمين.

(1) بل الأظهر السقوط.
492

(الخامس): أن يكون المال في مكان محرز ولم يكن مأذونا في دخوله، ففي مثل
ذلك لو سرق المال من ذلك المكان وهتك الحرز قطع، وأما لو سرقه من مكان غير
محرز أو مأذون في دخوله، أو كان المال تحت يده لم يقطع، ومن هذا القبيل المستأمن
إذا خان وسرق الأمانة، وكذلك الزوج إذا سرق من مال زوجته وبالعكس فيما
لم يكن المال محرزا، ومثله السرقة من منزل الأب ومنزل الأخ والأخت ونحو ذلك
مما يجوز الدخول فيه، ومن هذا القبيل أيضا السرقة من المجامع العامة كالخانات
والحمامات والأرحية والمساجد وما شاكل ذلك، ولا قطع في الطرار والمختلس.
(مسألة 227): من سرق طعاما في عام المجاعة لم يقطع.
(مسألة 228): لا يعتبر في المحرز أن يكون ملكا لصاحب المال، فلو استعار بيتا
أو استأجره فنقبه المعير أو المؤجر فسرق مالا للمستعير أو المستأجر قطع.
(مسألة 229): إذا سرق باب الحرز أو شيئا من أبنيته المثبتة فيه قطع، وأما إذا
كان باب الدار مفتوحا ونام صاحبها، ودخل سارق وسرق المال فهل يقطع؟ فيه
اشكال وخلاف، والظاهر هو القطع.
(مسألة 230): إذا سرق الأجير من مال المستأجر، فإن كان المال في حرزه
قطع، والا لم يقطع، ويلحق به الضيف، فلا قطع في سرقته من غير حرز.
(مسألة 231): إذا كان المال في محرز، فهتكه أحد شخصين، وأخذ ثانيهما المال
المحرز فلا قطع عليهما.
(مسألة 232): لا فرق في ثبوت الحد على السارق المخرج للمتاع من حرز بين
أن يكون مستقلا أو مشاركا لغيره، فلو أخرج شخصان متاعا واحدا ثبت الحد
عليهما جميعا، ولا فرق في ذلك أيضا بين أن يكون الاخراج بالمباشرة وأن يكون
بالتسبيب فيما إذا استند الاخراج إليه.
493

(السادس): أن لا يكون السارق والدا لصاحب المتاع، فلو سرق المتاع من ولده
لم تقطع يده، وأما لو سرق الولد من والده مع وجود سائر الشرائط قطعت يده،
وكذلك الحال في بقية الأقارب.
(السابع): أن يأخذ المال سرا، فلو هتك الحرز قهرا وعلنا وأخذ المال لم يقطع.
(الثامن): أن يكون المال ملك غيره، وأما لو كان متعلقا لحق غيره، ولكن كان
المال ملك نفسه كما في الرهن، أو كانت منفعته ملكا لغيره كما في الإجارة لم يقطع.
(التاسع): أن لا يكون السارق عبدا للانسان، فلو سرق عبده من ماله لم يقطع،
وكذلك الحال في عبد الغنيمة إذا سرق منها.
(مسألة 233): لا قطع في الطير وحجارة الرخام وأشباه ذلك على
الأظهر. (1)
مقدار المسروق
المشهور بين الأصحاب أنه يعتبر في القطع أن تكون قيمة المسروق ربع دينار
(والدينار عبارة عن ثماني عشرة حمصة من الذهب المسكوك) وقيل يقطع في خمس
دينار، وهو الأظهر. (2)
(مسألة 234): من نبش قبرا وسرق الكفن قطع، هذا إذا بلغت قيمة الكفن
نصابا، وقيل يشترط ذلك في المرة الأولى دون الثانية والثالثة، وقيل لا يشترط
مطلقا، ووجههما غير ظاهر.

(1) في عدم القطع في حجارة الرخام وأشباهها اشكال.
(2) بل الأظهر هو الربع.
494

ما يثبت به حد السرقة
(مسألة 235): لا يثبت حد السرقة إلا بشهادة رجلين عدلين، ولا يثبت
بشهادة رجل وامرأتين ولا بشهادة النساء منفردات.
(مسألة 236): المعروف بين الأصحاب أنه يعتبر في ثبوت حد السرقة الاقرار
مرتين، وهو لا يخلو من نظر، فالأظهر (1) ثبوته بالاقرار مرة واحدة، وأما
الغرم فلا إشكال في ثبوته بالاقرار مرة واحدة.
(مسألة 237): إذا أخرج المال من حرز شخص وادعى أن صاحبه أعطاه إياه
سقط عنه الحد إلا إذا أقام صاحب المال البينة على أنه سرقة، فعندئذ يقطع.
(مسألة 238): يعتبر في المقر البلوغ والعقل، فلا اعتبار باقرار الصبي والمجنون،
والحرية فلو أقر العبد بالسرقة لم يقطع، وإن شهد عليه شاهدان قطع، نعم يثبت
باقراره الغرم.
حد القطع
(مسألة 239): تقطع الأصابع الأربع من اليد اليمنى وتترك له الراحة والابهام،
ولو سرق ثانية قطعت رجله اليسرى وترك له العقب، وإن سرق ثالثة حبس دائما
وانفق عليه من بيت المال، وإن سرق في السجن قتل، ولا فرق في ذلك بين المسلم
والكافر والذكر والأنثى والحر والعبد.
(مسألة 240): لو تكررت السرقة ولم يظفر به ثم ظفر به فعليه حد واحد، وهو

(1) في ثبوته بالإقرار مرة اشكال.
495

قطع اليد اليمنى فقط، وأما لو اخذ وشهدت البينة بالسرقة الأولى ثم أمسك لتقطع
يده، فقامت البينة على السرقة الثانية قطعت رجله اليسرى أيضا.
(مسألة 241): تقطع اليد اليمنى في السرقة ولا تقطع اليسرى وإن كانت اليمنى
شلاء أو كانت اليسرى فقط شلاء أو كانتا شلاءين
(مسألة 242): المشهور بين الأصحاب أنه تقطع يمينه وان لم تكن له يسار،
ولكنه لا يخلو من اشكال، بل لا يبعد عدم جواز قطع اليمين حينئذ. (1)
(مسألة 243): لو كانت للسارق يمين حين السرقة فذهبت قبل اجراء الحد عليه
لم تقطع يساره ولا رجله.
(مسألة 244): لو سرق من لا يمين له سقط عنه القطع ولا ينتقل إلى اليسرى
ولا إلى الرجل اليسرى ولا إلى الحبس، وكذا لو سرق فقطعت يده اليمنى ثم سرق
ثانيا ولم تكن له رجل يسرى، فإنه يسقط عنه القطع ولا تقطع يده اليسرى
ولا رجله اليمنى ولا ينتقل إلى الحبس، كما أن مثل هذا الرجل لو سرق ثالثة
لم يحبس.
(مسألة 245): يسقط الحد بالتوبة قبل ثبوته ولا أثر لها بعد ثبوته بالبينة، وأما
إذا ثبت بالاقرار ففي سقوطه بها إشكال وخلاف، والأظهر عدم السقوط.
(مسألة 246): لو قطع الحداد يد السارق مع علمه بأنها يساره فعليه القصاص
ولا يسقط القطع عن السارق على المشهور، ولكن فيه إشكال بل منع، فالأظهر
عدم القطع، وأما لو اعتقد بأنها يمينه فقطعها فعليه الدية ويسقط به القطع عن
السارق.

(1) الأقرب الجواز.
496

(مسألة 247): إذا قطعت يد السارق ينبغي (1) معالجتها والقيام بشؤونه
حتى تبرأ.
(مسألة 248): إذا مات السارق بقطع يده فلا ضمان على أحد.
(مسألة 249): يجب على السارق رد العين المسروقة إلى مالكها، وإن تعيبت
ونقصت قيمتها فعليه أرش النقصان، ولو مات صاحبها وجب دفعها إلى ورثته،
وان تلفت العين ضمن مثلها إن كانت مثلية وقيمتها إن كانت قيمية.
(مسألة 250): إذا سرق اثنان مالا لم يبلغ نصيب كل منهما نصابا فلا قطع.
(مسألة 251): إذا عفا المسروق منه عن السارق قبل رفع أمره إلى الامام سقط
عنه الحد، وأما إذا عفا بعد رفع أمره إلى الامام لم يسقط عنه الحد.
(مسألة 252): إذا ثبتت السرقة باقرار أو بينة بناءا على قبول البينة الحسبية كما
قويناه سابقا، فهل للامام أن يقيم الحد عليه من دون مطالبة المسروق منه؟ فيه
خلاف، والأظهر جواز إقامة الحد عليه.
(مسألة 253): لو ملك السارق العين المسروقة، فإن كان ذلك قبل رفع أمره
إلى الامام سقط عنه الحد، وإن كان بعده لم يسقط.
(مسألة 254): لو أخرج المال من حرز شخص، ثم رده إلى حرزه، فإن كان
الرد إليه ردا إلى صاحبه عرفا سقط عنه الضمان، وفي سقوط الحد خلاف، والأظهر
عدم السقوط.
(مسألة 255): إذا هتك الحرز جماعة وأخرج المال منه واحد منهم، فالقطع
عليه خاصة، وكذلك الحال لو قربه أحدهم إلى النقب وأخرج المال منه آخر،

(1) لا يترك الاحتياط في العلاج والقيام بشؤونه.
497

فالقطع على المخرج خاصة، وكذا لو دخل أحدهم النقب ووضع المال في وسطه
وأخرجه الأخر منه فالقطع عليه دون الداخل.
(مسألة 256): لو أخرج المال من الحرز بقدر النصاب مرارا متعددة، فعندئذ ان
عد الجميع عرفا سرقة واحدة قطع والا فلا.
(مسألة 257): إذا نقب فاخذ من المال بقدر النصاب، ثم أحدث فيه حدثا
تنقص به قيمته عن حد النصاب، وذلك كأن يخرق الثوب أو يذبح الشاة ثم يخرجه،
فالظاهر أنه لا قطع، وأما إذا أخرج المال من الحرز وكان بقدر النصاب ثم نقصت
قيمته السوقية بفعله أو بفعل غيره، فلا اشكال في القطع.
(مسألة 258): إذا ابتلع السارق داخل الحرز ما هو بقدر النصاب فان استهلكه
الابتلاع كالطعام فلا قطع، وان لم يستهلكه كاللؤلؤ ونحوه، فإن كان اخراجه
متعذرا فهو كالتالف فلا قطع أيضا، ولكنه يضمن المثل إن كان مثليا والقيمة إن كان
قيميا.
وفي مثل ذلك لو خرج المال اتفاقا بعد خروج السارق من الحرز وجب عليه
رد نفس العين ولا قطع أيضا، نعم لو رد إلى مالكه مثله أو قيمته ثم اتفق خروجه
فالظاهر عدم وجوب رده عليه، وأما لو ابتلع ما يكون بقدر النصاب في الحرز ثم
خرج منه، ولكن كان اخراجه من بطنه غير متعذر عادة وكان قصده اخراجه من
الحرز بهذه الطريقة قطع، ولو كان قصده من ذلك اتلافه ضمن ولا قطع عليه.
الرابع عشر - بيع الحر
(مسألة 259): من باع انسانا حرا، صغيرا كان أو كبيرا ذكرا كان أو أنثى قطعت
يده.
498

الخامس عشر - المحاربة
(مسألة 260): من شهر السلاح لإخافة الناس نفي من البلد، ومن شهر فعقر
اقتص منه ثم نفى من البلد، ومن شهر وأخذ المال قطعت يده ورجله، ومن شهر
وأخذ المال وضرب وعقر ولم يقتل، فأمره إلى الامام ان شاء قتله وصلبه، وان شاء
قطع يده ورجله، ومن حارب فقتل ولم يأخذ المال كان على الامام أن يقتله، ومن
حارب وقتل وأخذ المال فعلى الامام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة، ثم يدفعه إلى
أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثم يقتلونه، وان عفا عنه أولياء المقتول كان على الامام
أن يقتله، وليس لأولياء المقتول أن يأخذوا الدية منه فيتركوه.
(مسألة 261): لا فرق في المال الذي يأخذه المحارب بين بلوغه حد النصاب
وعدمه.
(مسألة 262): لو قتل المحارب أحدا طلبا للمال، فلولي المقتول أن يقتله قصاصا
إذا كان المقتول كفوا، وان عفا الولي عنه قتله الامام حدا، وان لم يكن كفوا
فلا قصاص عليه، ولكنه يقتل حدا.
(مسألة 263): يجوز للولي أخذ الدية بدلا عن القصاص الذي هو حقه،
ولا يجوز له ذلك بدلا عن قتله حدا.
(مسألة 264): لو جرح المحارب أحدا سواء أكان جرحه طلبا للمال أم كان
لغيره اقتص الولي منه ونفى من البلد، وان عفا الولي عن القصاص فعلى الامام أن
ينفيه منه.
(مسألة 265): إذا تاب المحارب قبل أن يقدر عليه سقط عنه الحد، ولا يسقط
عنه ما يتعلق به من الحقوق كالقصاص والمال، ولو تاب بعد الظفر به لم يسقط عنه
499

الحد، كما لا يسقط غيره من الحقوق.
(مسألة 266): لا يترك المصلوب على خشبته أكثر من ثلاثة أيام، ثم بعد ذلك
ينزل ويصلى عليه ويدفن.
(مسألة 267): ينفى المحارب من مصر إلى مصر ومن بلد إلى آخر ولا يسمح له
بالاستقرار على وجه الأرض، ولا أمان له ولا يبايع ولا يؤوى ولا يطعم
ولا يتصدق عليه حتى يموت.
السادس عشر - الارتداد
المرتد عبارة عمن خرج عن دين الاسلام، وهو قسمان: (فطري) و (ملي):
(الأول) - المرتد الفطري وهو الذي ولد على الاسلام من أبوين مسلمين أو من
أبوين أحدهما مسلم، ويجب قتله وتبين منه زوجته وتعتد عدة الوفاة وتقسم أمواله
حال ردته بين ورثته.
(الثاني) - المرتد الملي وهو من أسلم عن كفر ثم ارتد ورجع إليه، وهذا
يستتاب، فان تاب خلال ثلاثة أيام فهو، وإلا قتل في اليوم الرابع، ولا تزول عنه
أملاكه وينفسخ العقد بينه وبين زوجته، (1) وتعتد عدة المطلقة إذا كانت مدخولا
بها.
(مسألة 268): يشترط في تحقق الارتداد البلوغ وكمال العقل والاختيار فلو
نطق الصبي بما يوجب الكفر لم يحكم بارتداده وكفره، وكذا المجنون والمكره، ولو
ادعى الاكراه على الارتداد، فان قامت قرينة على ذلك فهو، وإلا فلا أثر لها.

(1) فيه اشكال قبل انقضاء العدة كما تقدم في المسألة (1288) كتاب النكاح.
500

(مسألة 269): لو قتل المرتد الملي أو مات كانت تركته لورثته المسلمين.
وإن لم يكن له وارث مسلم، فالمشهور أن ارثه للإمام (عليه السلام) وهو لا يخلو من
إشكال، بل لا يبعد أن يكون كالكافر الأصلي فيرثه الكافر. (1)
(مسألة 270): إذا كان للمرتد ولد صغير فهو محكوم بالاسلام ويرثه ولا يتبعه
في الكفر، نعم إذا بلغ فاظهر الكفر حكم بكفره، ولو ولد للمرتد ولد بعد ردته كان
الولد محكوما بالاسلام أيضا، إذا كان انعقاد نطفته حال إسلام أحد أبويه، فإنه يكفي
في ترتب أحكام الاسلام انعقاد نطفته حال كون أحد أبويه مسلما وان ارتد بعد
ذلك.
(مسألة 271): إذا ارتدت المرأة ولو عن فطرة لم تقتل وتبين من زوجها وتعتد
عدة الطلاق وتستتاب فان تابت فهو، والا حبست دائما وضربت في أوقات
الصلاة، واستخدمت خدمة شديدة، ومنعت الطعام والشراب الا ما يمسك نفسها،
وألبست خشن الثياب.
(مسألة 272): إذا تكرر الارتداد في الملي أو في المرأة قيل: يقتل في الرابعة،
وقيل: يقتل في الثالثة، وكلاهما لا يخلو من اشكال، بل الأظهر عدم القتل.
(مسألة 273): غير الكتابي إذا أظهر الشهادتين حكم باسلامه ولا يفتش عن
باطنه، بل الحكم كذلك حتى مع قيام القرينة على أن اسلامه انما هو للخوف من
القتل، وأما الكتابي فقال جماعة بعدم الحكم باسلامه في هذا الفرض، وهو لا يخلو
من اشكال، بل الأظهر هو الحكم باسلامه.
(مسألة 274): إذا صلى المرتد أو الكافر الأصلي في دار الحرب أو دار الاسلام،

(1) فيه اشكال تقدم في المسألة (1709) من كتاب الإرث.
501

فان قامت قرينة على أنها من جهة التزامه بالاسلام حكم به والا فلا.
(مسألة 275): لو جن المرتد الملي بعد ردته وقبل توبته لم يقتل وان جن بعد
امتناعه عن التوبة قتل.
(مسألة 276): لا يجوز تزويج المرتد بالمسلمة وقيل بعدم جواز تزويجه من
الكافرة أيضا، وفيه اشكال، بل الأظهر جوازه ولا سيما في الكتابية ولا سيما في المتعة.
(مسألة 277): لا ولاية للأب أو الجد المرتد على بنته المسلمة، لانقطاع
ولايتهما بالارتداد.
(مسألة 278): يتحقق رجوع المرتد عن ارتداده باعترافه بالشهادتين إذا كان
ارتداده بانكار التوحيد أو النبوة الخاصة، وأما إذا كان ارتداده بانكار عموم نبوة
نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لجميع البشر، فلا بد في توبته من رجوعه عما جحد وأنكر.
(مسألة 279): إذا قتل المرتد عن فطرة أو ملة مسلما عمدا جاز لولي المقتول
قتله فورا، وبذلك يسقط قتله من جهة ارتداده بسقوط موضوعه، نعم لو عفا الولي
أو صالحه على مال قتل من ناحية ارتداده.
(مسألة 280): إذا قتل أحد المرتد عن ملة بعد توبته، فإن كان معتقدا بقاءه على
الارتداد لم يثبت القصاص، ولكن تثبت الدية.
(مسألة 281): إذا تاب المرتد عن فطرة لم تقبل توبته بالنسبة إلى الأحكام
اللازمة عليه من وجوب قتله وانتقال أمواله إلى ورثته وبينونة زوجته منه، وأما
بالإضافة إلى غير تلك الأحكام فالأظهر قبول توبته فتجري عليه أحكام المسلم
فيجوز له أن يتزوج من زوجته السابقة أو امرأة مسلمة أخرى وغير ذلك من
الأحكام.
* * *
502

التعزيرات
(مسألة 282): من فعل محرما أو ترك واجبا إلهيا عالما عامدا عزره الحاكم
حسب ما يراه من المصلحة، ويثبت موجب التعزير بشهادة شاهدين وبالاقرار.
(مسألة 283): إذا أقر بالزنا أو باللواط دون الأربع لم يحد ولكنه يعزر.
(مسألة 284): من افتض بكرا غير الزوجة والمملوكة باصبع أو نحوها عزر
على المشهور، وفيه إشكال، والأقرب أنه يحد ثمانين جلدة.
(مسألة 285): لا باس بضرب الصبي تأديبا خمسة أو ستة مع رفق، كما لا بأس
بضرب المملوك تأديبا إلى عشرة.
(مسألة 286): من باع الخمر عالما بحرمته غير مستحل عزر، وان استحله
حكم بارتداده، وإن لم يكن عالما بحرمته فلا شئ عليه، ولكن يبين له حرمته ليمتنع
بعد ذلك، وكذلك من استحل شيئا من المحرمات المعلوم حرمته في الشريعة
الاسلامية، كالميتة والدم ولحم الخنزير والربا، ولو ارتكب شيئا منها غير مستحل
عزر.
(مسألة 287): لو نبش قبرا ولم يسرق الكفن عزر.
(مسألة 288): لو سرق ولا يمين له أو سرق ثانيا وليس له رجل يسرى سقط
عنه الحد وعزره الامام حسب ما يراه من المصلحة.
(مسألة 289): قد تقدم اختصاص قطع اليد بمن سرق من حرز، وأما المستلب
الذي يأخذ المال جهرا أو المختلس الذي يأخذ المال خفية ومع الاغفال أو المحتال
الذي يأخذ المال بالتزوير والرسائل الكاذبة فليس عليهم حد وإنما يعزرون.
(مسألة 290): من وطأ بهيمة مأكولة اللحم أو غيرها فلا حد عليه، ولكن
503

يعزره الحاكم حسب ما يراه من المصلحة، وينفى من بلاده إلى غيرها، وأما حكم
البهيمة نفسها وحكم ضمان الواطئ فقد تقدما في المسألة التاسعة من باب الأطعمة
والأشربة (الجزء الثاني من المنهاج).
(مسألة 291): من بال أو تغوط في الكعبة متعمدا أخرج منها ومن الحرم،
وضربت عنقه، ومن بال أو تغوط في المسجد الحرام متعمدا ضرب ضربا شديدا.
(مسألة 292): من استمنى بيده أو بغيرها عزره الحاكم حسبما يراه من
المصلحة.
(مسألة 293): من شهد شهادة زور جلده الامام حسبما يراه، ويطاف به
ليعرفه الناس، ولا تقبل شهادته إلا إذا تاب وكذب نفسه على رؤوس الأشهاد.
(مسألة 294): إذا دخل رجل تحت فراش امرأة أجنبية عزر.
(مسألة 295): من أراد الزنا بامرأة جاز لها قتله دفاعا عن نفسها ودمه هدر.
(مسألة 296): إذا دخل اللص دار شخص بالقهر والغلبة جاز لصاحب الدار
محاربته، فلو توقف دفعه عن نفسه أو أهله أو ماله على قتله جاز له قتله، وكان دمه
ضائعا ولا ضمان على الدافع، ويجوز الكف عنه في مقابل ماله وتركه قتله، هذا فيما إذا
أحرز ذلك، وأما إذا لم يحرز واحتمل أن قصد الداخل ليس هو التعدي لم يجز له
الابتداء بضربه أو قتله، نعم له منعه عن دخول داره.
(مسألة 297): لو ضرب اللص فعطل لم يجز له الضرب مرة ثانية، ولو ضربه
مرة ثانية فهي مضمونة.
(مسألة 298): من اعتدى على زوجة رجل أو مملوكته أو غلامه أو نحو ذلك
من أرحامه وأراد مجامعتها أو ما دون الجماع فله دفعه وان توقف دفعه على قتله
جاز قتله ودمه هدر.
504

(مسألة 299): من اطلع على قوم في دارهم لينظر عوراتهم فلهم زجره، فلو
توقف على أن يفقأوا عينيه أو يجرحوه فلا دية عليهم، نعم لو كان المطلع محرما لنساء
صاحب المنزل ولم تكن النساء عاريات لم يجز جرحه ولا فق ء عينيه.
(مسألة 300): لو قتل رجلا في منزله وادعى أنه دخله بقصد التعدي على نفسه
أو عرضه أو ماله، ولم يعترف الورثة بذلك، لزم القاتل إثبات مدعاه، فان أقام البينة
على ذلك أو على ما يلازمه فهو وإلا اقتص منه.
(مسألة 301): يجوز للانسان أن يدفع عن نفسه أو ما يتعلق به من مال وغيره،
الدابة الصائلة، فلو تلفت بدفعه مع توقف الحفظ عليه فلا ضمان عليه.
(مسألة 302): لو عض يد إنسان ظلما، فانتزع يده فسقطت أسنان العاض
بذلك، فلا قود ولا دية وكانت هدرا.
(مسألة 303): لو تعدى كل من رجلين على آخر ضمن كل منهما ما جناه على
الأخر، ولو كف أحدهما فصال الآخر وقصد الكاف الدفع عن نفسه فلا ضمان عليه.
(مسألة 304): لو تجارح اثنان، وادعى كل منهما أنه قصد الدفع عن نفسه، فان
حلف أحدهما دون الأخر ضمن الآخر، وإن حلفا أو لم يحلفا معا ضمن كل منهما
جنايته.
(مسألة 305): أجرة من يقيم الحدود من بيت المال وقيل: إن أجرته - فيما إذا
لم يكن بيت مال، أو كان هناك أهم منه - على من يقام عليه الحد، ولكن لا وجه له.
* * *
505

كتاب القصاص
وفيه فصول
الفصل الأول في قصاص النفس
(مسألة 1): يثبت القصاص بقتل النفس المحترمة المكافئة عمدا وعدوانا
ويتحقق العمد بقصد البالغ العاقل القتل، ولو بما لا يكون قاتلا غالبا فيما إذا ترتب
القتل عليه، بل الأظهر تحقق العمد بقصد ما يكون قاتلا عادة، وإن لم يكن قاصدا
القتل ابتداءا، وأما إذا لم يكن قاصدا القتل ولم يكن الفعل قاتلا عادة كما إذا ضربه
بعود خفيف أو رماه بحصاة فاتفق موته لم يتحقق به موجب القصاص.
(مسألة 2): كما يتحقق القتل العمدي فيما إذا كان فعل المكلف علة تامة للقتل
أو جزءا أخيرا للعلة بحيث لا ينفك الموت عن فعل الفاعل زمانا، كذلك يتحقق فيما
إذا ترتب القتل عليه من دون أن يتوسطه فعل اختياري من شخص آخر، كما إذا
رمى سهما نحو من أراد قتله فأصابه فمات بذلك بعد مدة من الزمن، ومن هذا القبيل
ما إذا خنقه بحبل ولم يرخه عنه حتى مات أو حبسه في مكان ومنع عنه الطعام
والشراب حتى مات أو نحو ذلك، فهذه الموارد وأشباهها داخلة في القتل العمدي.
(مسألة 3): لو ألقى شخصا في النار أو البحر متعمدا فمات، فإن كان متمكنا
من الخروج ولم يخرج باختياره فلا قود ولا دية، وان لم يكن متمكنا من الخروج
506

وانجاء نفسه من الهلاك، فعلى الملقي القصاص.
(مسألة 4): لو أحرقه بالنار قاصدا به قتله أو جرحه كذلك فمات فعليه
القصاص وإن كان متمكنا من انجاء نفسه بالمداواة وتركها باختياره.
(مسألة 5): إذا جنى عمدا ولم تكن الجناية مما تقتل غالبا ولم يكن الجاني قد
قصد بها القتل، ولكن اتفق موت المجني عليه بالسراية فالمشهور بين الأصحاب
ثبوت القود ولكنه لا يخلو من اشكال، بل لا يبعد عدمه، فيجري عليه حكم القتل
الشبيه بالعمد.
(مسألة 6): لو القى نفسه من شاهق على انسان عمدا قاصدا به قتله أو كان
مما يترتب عليه القتل عادة فقتله، فعليه القود، وأما إذا لم يقصد به القتل ولم يكن مما
يقتل عادة فلا قود عليه، وأما إذا مات الملقي فدمه هدر على كلا التقديرين.
(مسألة 7): ليس للسحر حقيقة موضوعية، بل هو إراءة غير الواقع بصورة
الواقع، ولكنه مع ذلك لو سحر شخصا بما يترتب عليه الموت غالبا أو كان بقصد
القتل، كما لو سحره فتراءى له أن الأسد يحمل عليه فمات خوفا، كان على الساحر
القصاص.
(مسألة 8): لو أطعمه عمدا طعاما مسموما يقتل عادة، فان علم الآكل
بالحال وكان مميزا، ومع ذلك أقدم على أكله فمات فهو المعين على نفسه، فلا قود
ولا دية على المطعم، وان لم يعلم الآكل به أو كان غير مميز فاكل فمات فعلى المطعم
القصاص بلا فرق بين قصده القتل به وعدمه، بل الأظهر أن الأمر كذلك فيما لو جعل
السم في طعام صاحب المنزل وكان السم مما يقتل عادة فاكل صاحب المنزل جاهلا
بالحال فمات.
(مسألة 9): لو حفر بئرا عميقة في معرض مرور الناس متعمدا وكان الموت
507

يترتب على السقوط فيها غالبا، فسقط فيها المار ومات فعلى الحافر القود بلا فرق
بين قصده القتل وعدمه، نعم لو لم يترتب الموت على السقوط فيها عادة وسقط فيها
أحد المارة فمات اتفاقا، فعندئذ إن كان الحافر قاصدا القتل فعليه القود والا فلا،
وكذلك يثبت القصاص لو حفرها في طريق ليس في معرض المرور، ولكنه دعا غيره
الجاهل بالحال لسلوكه قاصدا به القتل أو كان السقوط فيها مما يقتل عادة فسلكه
المدعو وسقط فيها فمات.
(مسألة 10): إذا جرح شخصا قاصدا به قتله، فداوى المجروح نفسه بدواء
مسموم أو أقدم على عملية ولم تنجح فمات، فإن كان الموت مستندا إلى فعل نفسه
فلا قود ولا دية على الجارح، نعم لولي الميت القصاص من الجاني بنسبة الجرح أو
أخذ الدية منه كذلك، وإن كان مستندا إلى الجرح فعليه القود، وإن كان مستندا إليهما
معا كان لولي المقتول القود بعد رد نصف الدية إليه وله العفو وأخذ نصف الدية منه.
(مسألة 11): لو ألقاه من شاهق قاصدا به القتل أو كان مما يترتب عليه القتل
عادة، فمات الملقى في الطريق خوفا قبل سقوطه إلى الأرض كان عليه القود، ومثله
ما لو ألقاه في بحر قاصدا به قتله أو كان مما يترتب عليه الموت غالبا فالتقمه الحوت
قبل وصوله إلى البحر.
(مسألة 12): لو أغرى به كلبا عقورا قاصدا به قتله أو كان مما يترتب عليه
القتل غالبا فقتله فعليه القود، وكذا الحال لو ألقاه إلى أسد كذلك وكان ممن لا يمكنه
الاعتصام منه بفرار أو نحوه، وإلا فهو المعين على نفسه فلا قود عليه ولا دية، ومثله
ما لو أنهش حية قاتلة أو ألقاها عليه فنهشته فعليه القود بلا فرق بين قصده القتل به
وعدمه.
(مسألة 13): لو جرحه بقصد القتل ثم عضه الأسد - مثلا - وسرتا فمات
508

بالسراية كان لولي المقتول قتل الجارح بعد رد نصف الدية إليه، كما أن له العفو عن
القصاص ومطالبته بنصف الدية.
(مسألة 14): لو كتفه ثم ألقاه في أرض مسبعة مظنة للافتراس عادة أو كان
قاصدا به قتله فافترسه السباع فعليه القود، نعم لو ألقاه في أرض لم تكن مظنة
للافتراس عادة ولم يقصد به قتله، فافترسه السباع اتفاقا، فالظاهر أنه لا قود وعليه
الدية فقط.
(مسألة 15): لو حفر بئرا فسقط فيها آخر بدفع ثالث فالقاتل هو الدافع دون
الحافر.
(مسألة 16): لو أمسكه وقتله آخر قتل القاتل وحبس الممسك مؤبدا حتى
يموت بعد ضرب جنبيه ويجلد كل سنة خمسين جلدة، ولو اجتمعت جماعة على قتل
شخص فامسكه أحدهم وقتله آخر ونظر إليه ثالث فعلى القاتل القود وعلى الممسك
الحبس مؤبدا حتى الموت وعلى الناظر أن تفقأ عيناه.
(مسألة 17): لو أمر غيره بقتل أحد، فقتله، فعلى القاتل القود وعلى الآمر
الحبس مؤبدا إلى أن يموت، ولو أكرهه على القتل، فإن كان ما توعد به دون القتل
فلا ريب في عدم جواز القتل، ولو قتله - والحال هذه - كان عليه القود وعلى المكره
الحبس المؤبد، وإن كان ما توعد به هو القتل، فالمشهور أن حكمه حكم الصورة
الأولى، ولكنه مشكل، ولا يبعد جواز القتل عندئذ، (1) وعلى ذلك فلا قود ولكن
عليه الدية، وحكم المكره - بالكسر - في هذه الصورة حكمه في الصورة الأولى.
هذا إذا كان المكره - بالفتح - بالغا عاقلا، وأما إذا كان مجنونا أو صبيا غير مميز،

(1) بل جواز القتل بعيد.
509

فلا قود على المكره ولا على الصبي، نعم على عاقلة الصبي الدية وعلى المكره الحبس
مؤبدا.
(مسألة 18): المشهور جريان الحكم المذكور فيما لو أمر السيد عبده بقتل
شخص فقتله، ولكنه مشكل، بل لا يبعد أن يقتل السيد الآمر ويحبس العبد.
(مسألة 19): لو قال أقتلني فقتله فلا ريب في أنه قد ارتكب محرما، وهل
يثبت القصاص عندئذ أم لا؟ وجهان، الأظهر ثبوته، هذا إذا كان القاتل مختارا أو
متوعدا بما دون القتل، وأما إذا كان متوعدا بالقتل فالحكم فيه كما تقدم. (1)
(مسألة 20): لو أمر شخص غيره بأن يقتل نفسه، فقتل نفسه، فإن كان
المأمور صبيا غير مميز، فعلى الآمر القود، وإن كان مميزا أو كبيرا بالغا فقد اثم فلا قود
على الآمر.
هذا إذا كان القاتل مختارا أو مكرها متوعدا بما دون القتل أو بالقتل، وأما إذا
كان متوعدا بما يزيد على القتل من خصوصياته كما إذا قال: اقتل نفسك والا
لقطعتك إربا إربا، فالظاهر جواز قتل نفسه عندئذ وهل يثبت القود على المكره
وجهان، الأقرب عدمه.
(مسألة 21): لو أكره شخصا على قطع يد ثالث معينا كان أو غير معين وهدده
بالقتل ان لم يفعل جاز له قطع يده، وهل يثبت القصاص على المكره، أو ان القصاص
يسقط وتثبت الدية على المباشر؟ وجهان، الظاهر هو الثاني.
(مسألة 22): لو أكرهه على صعود جبل أو شجرة أو نزول بئر فزلت قدمه
وسقط فمات، فإن لم يكن الغالب في ذلك، السقوط المهلك، ولا هو قصد به القتل

(1) تقدم عدم جواز القتل.
510

فلا قود عليه ولا دية، والا ففيه الوجهان، والأقرب انه لا شئ عليه، وكذلك الحال
فيما إذا أكره على شرب سم فشرب فمات.
(مسألة 23): إذا شهدت بينة بما يوجب القتل، كما إذا شهدت بارتداد شخص
أو بأنه قاتل لنفس محترمة أو نحو ذلك أو شهد أربعة بما يوجب الرجم كالزنا، ثم بعد
اجراء الحد ثبت انهم شهدوا زورا كان القود على الشهود، ولا ضمان على الحاكم
الآمر، ولا حد على المباشر للقتل أو الرجم، نعم لو علم مباشر القتل بأن الشهادة
شهادة زور كان عليه القود دون الشهود.
(مسألة 24): لو جنى على شخص فجعله في حكم المذبوح ولم تبق له حياة
مستقرة بمعنى انه لم يبق له ادراك ولا شعور ولا نطق ولا حركة اختيارية، ثم ذبحه
آخر، كان القود على الأول وعليه دية ذبح الميت، وأما لو كانت حياته مستقرة،
كان القاتل هو الثاني، وعليه القود، والأول جارح سواء أكانت جنايته مما يفضي
إلى الموت كشق البطن أو نحوه أم لا كقطع أنملة أو ما شاكلها.
(مسألة 25): إذا قطع يد شخص وقطع آخر رجله قاصدا كل منهما قتله
فاندملت إحداهما دون الأخرى ثم مات بالسراية، فمن لم يندمل جرحه هو القاتل
وعليه القود، ومن اندمل جرحه فعليه القصاص في الطرف أو الدية مع التراضي،
وقيل: (1) يرد الدية المأخوذة إلى أولياء القاتل، ولكنه لا يخلو من إشكال، بل
لا يبعد عدمه.
(مسألة 26): لو جرح اثنان شخصا جرحين بقصد القتل فمات المجروح
بالسراية، فادعى أحدهما اندمال جرحه وصدقه الولي نفذ اقراره على نفسه

(1) وهو الأقوى.
511

ولم ينفذ على الأخر، وعليه فيكون الولي مدعيا استناد القتل إلى جرحه وهو منكر
له، فعلى الولي الاثبات.
(مسألة 27): إذا قطع اثنان يد شخص، ولكن أحدهما قطع من الكوع
والاخر من الذراع فمات بالسراية، فان استند الموت إلى كلتا الجنايتين معا كان
كلاهما قاتلا، وان استند إلى قاطع الذراع، فالقاتل هو الثاني، والأول جارح، نظير
ما إذا قطع أحد يد شخص وقتله آخر، فالأول جارح والثاني قاتل.
(مسألة 28): لو كان الجارح والقاتل واحدا فهل تدخل دية الطرف في دية
النفس أم لا؟ وجهان، الصحيح هو التفصيل بين ما إذا كان القتل والجرح بضربة
واحدة وما إذا كانا بضربتين.
فعلى الأول تدخل دية الطرف في دية النفس فيما تثبت فيه الدية أصالة.
وعلى الثاني فالمشهور - المدعى عليه الاجماع - هو التداخل أيضا والاكتفاء
بدية واحدة وهي دية النفس، ولكنه لا يخلو من اشكال، والأقرب (1) عدم
التداخل.
وأما القصاص فإن كان الجرح والقتل بجناية واحدة، كما إذا ضربه ضربة
واحدة فقطعت يده فمات فلا ريب في دخول قصاص الطرف في قصاص النفس،
ولا يقتص منه بغير القتل، كما أنه لا ريب في عدم التداخل إذا كان الجرح والقتل
بضربتين متفرقتين زمانا، كما لو قطع يده ولم يمت به ثم قتله، وأما إذا كانت الضربتان
متواليتين زمانا كما إذا ضربه ضربة فقطعت يده مثلا وضربه ضربة ثانية فقتلته،
فهل يحكم بالتداخل؟ فيه إشكال وخلاف، والأقرب عدم التداخل.

(1) عدم التداخل - خصوصا إذا لم يكن الفصل بينهما كثيرا - في غاية الاشكال.
512

(مسألة 29): إذا قتل رجلان رجلا مثلا، جاز لأولياء المقتول قتلهما، بعد أن
يردوا إلى أولياء كل منهما نصف الدية كما أن لهم أن يقتلوا أحدهما، ولكن على
الأخر أن يؤدي نصف الدية إلى أهل المقتص منه، وإن قتل ثلاثة واحدا كان كل
واحد منهم شريكا في قتله بمقدار الثلث، وعليه فان قتل ولي المقتول واحدا من
هؤلاء الثلاثة، وجب على كل واحد من الآخرين أن يرد ثلث الدية إلى أولياء
المقتص منه، وان قتل اثنين منهم وجب على الثالث أن يرد ثلث الدية إلى أولياء
المقتص منهما، ويجب على ولي المقتول المقتص أن يرد إليهم تمام الدية ليصل إلى
أولياء كل واحد من المقتولين ثلثا الدية قبل الاقتصاص، وان أراد قتل جميعهم، فله
ذلك بعد أن يرد إلى أولياء كل واحد منهم ثلثي الدية.
(مسألة 30): تتحقق الشركة في القتل بفعل شخصين معا وإن كانت جناية
أحدهما أكثر من جناية الأخر، فلو ضرب أحدهما ضربة والاخر ضربتين أو أكثر
فمات المضروب واستند موته إلى فعل كليهما كانا متساويين في القتل، وعليه فلولي
المقتول أن يقتل أحدهما قصاصا، كما أن له أن يقتل كليهما معا على التفصيل المتقدم.
(مسألة 31): لو اشترك انسان مع حيوان - بلا اغراء - في قتل مسلم، فلولي
المقتول أن يقتل القاتل بعد أن يرد إلى وليه نصف الدية، وله أن يطالبه بنصف الدية.
(مسألة 32): إذا اشترك الأب مع أجنبي في قتل ابنه جاز لولي المقتول أن
يقتل الأجنبي، وأما الأب فلا يقتل بل عليه نصف الدية يعطيه لولي المقتص منه في
فرض القصاص ولولي المقتول مع عدم الاقتصاص، وكذلك إذا اشترك مسلم وذمي
في قتل ذمي.
(مسألة 33): يقتص من الجماعة المشتركين في جناية الأطراف حسب ما
عرفت في قصاص النفس، وتتحقق الشركة في الجناية على الأطراف بفعل شخصين
513

أو أشخاص معا على نحو تستند الجناية إلى فعل الجميع، كما لو وضع جماعة سكينا
على يد شخص وضغطوا عليها حتى قطعت يده، وأما إذا وضع أحد سكينا فوق يده
وآخر تحتها وضغط كل واحد منهما على سكينه حتى التقيا، فذهب جماعة إلى أنه
ليس من الاشتراك في الجناية بل على كل منهما القصاص في جنايته، ولكنه مشكل
جدا، ولا يبعد تحقق الاشتراك بذلك، للصدق العرفي.
(مسألة 34): لو اشتركت امرأتان في قتل رجل كان لولي المقتول قتلهما معا بلا
رد، ولو كن أكثر كان له قتل جميعهن، فان شاء قتلهن أدى فاضل ديتهن إليهن ثم
قتلهن جميعا، وأما إذا قتل بعضهن، كما إذا قتل اثنتين منهن مثلا وجب على الثالثة
رد ثلث دية الرجل إلى أولياء المقتص منهما.
(مسألة 35): إذا اشترك رجل وامرأة في قتل رجل، جاز لولي المقتول قتلهما
معا، بعد أن يرد نصف الدية إلى أولياء الرجل دون أولياء المرأة، كما أن له قتل المرأة
ومطالبة الرجل بنصف الدية، وأما إذا قتل الرجل وجب على المرأة رد نصف الدية
إلى أولياء المقتص منه.
(مسألة 36): كل موضع وجب فيه الرد على الولي عند ارادته القصاص - على
اختلاف موارده - لزم فيه تقديم الرد على استيفاء الحق كالقتل ونحوه، فإذا كان
القاتل اثنين وأراد ولي المقتول قتلهما معا وجب عليه - أولا - رد نصف الدية إلى كل
منهما، ثم استيفاء الحق منهما.
(مسألة 37): لو قتل رجلان رجلا وكان القتل من أحدهما خطأ ومن الأخر
عمدا، جاز لأولياء المقتول قتل القاتل عمدا بعد ردهم نصف ديته إلى وليه ومطالبة
عاقلة القاتل خطأ نصف الدية، كما لهم العفو عن قصاص القاتل وأخذ الدية منه
بقدر نصيبه، وكذلك الحال فيما إذا اشترك صبي مع رجل في قتل رجل عمدا.
514

(مسألة 38): لو اشترك حر وعبد في قتل حر عمدا، كان لولي المقتول قتلهما
معا بعد رد نصف الدية إلى أولياء الحر، وأما العبد فيقوم، فإن كانت قيمته تساوي
نصف دية الحر أو كانت أقل منه فلا شئ على الولي، وإن كانت أكثر منه فعليه أن
يرد الزائد إلى مولاه.
ولا فرق في ذلك بين كون الزائد بمقدار نصف دية الحر أو أقل، نعم إذا كان أكثر
منه، كما لو كانت قيمة العبد أكثر من تمام الدية لم يجب عليه رد الزائد على النصف،
بل يقتصر على رد النصف.
(مسألة 39): إذا اشترك عبد وامرأة في قتل حر، كان لولي المقتول قتلهما معا
بدون أن يجب عليه رد شئ بالنسبة إلى المرأة، واما بالنسبة إلى العبد فقد مر
التفصيل فيه، وإذا لم يقتل العبد كان له استرقاقه، فعندئذ إن كانت قيمته أكثر من
نصف دية المقتول رد الزائد على مولاه والا فلا.
شروط القصاص
وهي خمسة:
(الأول): التساوي في الحرية والعبودية.
(مسألة 40): إذا قتل الحر الحر عمدا قتل به، وكذا إذا قتل الحرة، ولكن بعد
رد نصف الدية إلى أولياء المقتص منه.
(مسألة 41): إذا قتلت الحرة الحرة قتلت بها، وإذا قتلت الحر فكذلك، وليس
لولي المقتول مطالبة وليها بنصف الدية.
(مسألة 42): إذا قتل الحر الحر أو الحرة خطأ محضا أو شبيه عمد فلا قصاص،
نعم تثبت الدية وهي على الأول تحمل على عاقلة القاتل، وعلى الثاني في ماله على
515

تفصيل يأتي في باب الديات إن شاء الله تعالى.
(مسألة 43): إذا قتل الحر أو الحرة العبد عمدا فلا قصاص، وعلى القاتل قيمة
المقتول يوم قتله لمولاه إذا لم تتجاوز دية الحر، وإلا فلا يغرم الزائد، وإذا قتل الأمة
فكذلك، وعلى القاتل قيمتها إذا لم تتجاوز دية الحرة، ولو كان العبد أو الأمة ذميا
غرم قيمة المقتول إذا لم تتجاوز دية الذمي أو الذمية.
ولا فرق فيما ذكرناه بين كون العبد أو الأمة قنا أو مدبرا، وكذلك إذا قتل الحر أو
الحرة مكاتبا مشروطا أو مطلقا، ولم يؤد من مال الكتابة شيئا، ولا فرق في ذلك بين
الذكر والأنثى، ومثل ذلك القتل الخطائي، غاية الأمر أن الدية تحمل على عاقلة
القاتل الحر إذا كان خطأ محضا، والا ففي مال القاتل نفسه على تفصيل يأتي.
(مسألة 44): إذا اختلف الجاني ومولى العبد في قيمته يوم القتل فالقول قول
الجاني مع يمينه إذا لم تكن للمولى بينة.
(مسألة 45): لو قتل المولى عبده متعمدا، فإن كان غير معروف بالقتل،
ضرب مائة ضربة شديدة، وحبس وأخذت منه قيمته يتصدق بها، أو تدفع إلى
بيت مال المسلمين، وإن كان متعودا على القتل قتل به، ولا فرق في ما ذكر بين العبد
والأمة، كما أنه لا فرق بين القن والمدبر والمكاتب سواء أكان مشروطا أم مطلقا
لم يؤد من مال كتابته شيئا.
(مسألة 46): إذا قتل الحر أو الحرة متعمدا مكاتبا أدى من مال مكاتبته شيئا
لم يقتل به، ولكن عليه دية الحر بمقدار ما تحرر منه ودية العبد بمقدار ما بقي، كما هو
الحال في القتل الخطائي، ولا فرق في ذلك بين كون المكاتب عبدا أو أمة، كما لا فرق
بين كونه قد أدى نصف مال كتابته أو أقل من ذلك، وكذا الحال فيما لو قتل المولى
مكاتبه عمدا.
516

(مسألة 47): لو قتل العبد حرا عمدا قتل به ولا يضمن مولاه جنايته، نعم
لولي المقتول الخيار بين قتل العبد واسترقاقه، وليس لمولاه فكه الا إذا رضي الولي
به، ولا فرق فيما ذكرناه بين كون القاتل أو المقتول ذكرا أو أنثى كما أنه لا فرق بين كون
القاتل قنا أو مدبرا وكذلك أم الولد.
(مسألة 48): إذا قتل المملوك أو المملوكة مولاه عمدا، جاز لولي المولى قتله
كما يجوز له العفو عنه، ولا فرق في ذلك بين القن والمدبر والمكاتب بأقسامه.
(مسألة 49): لو قتل المكاتب حرا متعمدا قتل به مطلقا سواء أكان مشروطا
أم مطلقا، أدى من مال الكتابة شيئا أم لم يؤد، نعم لو أدى المطلق منه شيئا لم يكن
لولي المقتول استرقاقه تماما، وله استرقاقه بمقدار ما بقى من عبوديته، وليس له
مطالبته بالدية بمقدار ما تحرر منه إلا مع التراضي.
(مسألة 50): لو قتل العبد أو الأمة الحر خطأ، تخير المولى بين فك رقبته
باعطاء دية المقتول أو بالصلح عليها وبين دفع القاتل إلى ولي المقتول ليسترقه،
وليس له إلزام المولى بشئ من الأمرين، ولا فرق في ذلك بين القن والمدبر والمكاتب
المشروط والمطلق الذي لم يؤد من مال الكتابة شيئا، وأم الولد.
(مسألة 51): لو قتل المكاتب - الذي تحرر مقدار منه - الحر أو العبد خطأ،
فعليه الدية بمقدار ما تحرر، والباقي على مولاه، فهو بالخيار بين رد الباقي إلى أولياء
المقتول وبين دفع المكاتب إليهم، وإذا عجز المكاتب عن أداء ما عليه كان ذلك على
إمام المسلمين.
(مسألة 52): لو قتل العبد عبدا متعمدا قتل به، بلا فرق بين كون القاتل
والمقتول قنين أو مدبرين أو كون أحدهما قنا والاخر مدبرا، وكذلك الحكم لو قتل
العبد أمة ولا رد لفاضل ديته إلى مولاه.
517

(مسألة 53): لو قتل العبد مكاتبا عمدا، فإن كان مشروطا أو مطلقا لم يؤد من
مال الكتابة شيئا فحكمه حكم قتل القن، وإن كان مطلقا تحرر بعضه، فلكل من
مولى المقتول وورثته حق القتل، فان قتلاه معا فهو، وإن قتله أحدهما دون الأخر
سقط حقه بسقوط موضوعه، وهل لولي المقتول استرقاق القاتل بمقدار حرية
المقتول؟ نعم له ذلك.
(مسألة 54): لو قتلت الأمة أمة قتلت بها بلا فرق بين أقسامها، وكذا لو قتلت
عبدا.
(مسألة 55): لو قتل المكاتب عبدا عمدا فإن كان مشروطا أو مطلقا لم يؤد
من مال الكتابة شيئا، فحكمه حكم القن، وإن أدي منه شيئا لم يقتل به، ولكن تتعلق
الجناية برقبته بقدر ما بقي من الرقية، ويسعى في نصيب حريته إذا لم يكن عنده مال،
وإلا فيؤدي من ماله، فان عجز كانت الدية على مولى المكاتب، وأما ما تعلق
برقبته فلمولى المقتول استرقاقه بمقدار رقيته ليستوفي حقه، ولا يكون مولى القاتل
ملزما بدفعه الدية إلى مولى المقتول ولا فرق في ذلك بين كون القاتل أو المقتول ذكرا
أو أنثى، كما أنه لا فرق بين كون المقتول قنا أو مدبرا.
(مسألة 56): لو قتل المكاتب الذي تحرر مقدار منه مكاتبا مثله عمدا، فان
تحرر من المقتول بقدر ما تحرر من القاتل أو أكثر قتل به، وإلا فالمشهور أنه لا يقتل
ولكنه لا يخلو من إشكال، والأقرب أنه يقتل.
(مسألة 57): إذا قتل عبد عبدا خطأ، كان مولى القاتل بالخيار بين فكه بأداء
دية المقتول وبين دفعه إلى مولى المقتول ليسترقه ويستوفي حقه من قيمته، فان
تساوت القيمتان فهو، وإن زادت قيمة القاتل على قيمة المقتول رد الزائد إلى مولى
القاتل، وإن نقصت عنها فليس له أن يرجع إلى مولى القاتل ويطالبه بالنقص،
518

ولا فرق في ذلك بين كون القاتل ذكرا أو أنثى، كما أنه لا فرق بين كونه قنا أو مدبرا أو
مكاتبا مشروطا أو مطلقا لم يؤد من مال الكتابة شيئا، وأما لو قتل مكاتبا تحرر
مقدار منه فقد ظهر حكمه مما تقدم.
(مسألة 58): لو كان للحر عبدان قتل أحدهما الآخر، خير المولى بين قتل
القاتل والعفو عنه.
(مسألة 59): لو قتل حر حرين فصاعدا فليس لأوليائهما إلا قتله، وليس لهم
مطالبته بالدية إلا إذا رضي القاتل بذلك، نعم لو قتله ولي أحد المقتولين فالظاهر
جواز أخذ الأخر الدية من ماله.
(مسألة 60): لو قتل عبد حرين معا ثبت لأولياء كل منهما حق الاقتصاص
مستقلا فلا يتوقف على اذن الآخر، نعم لو بادر أحدهما واسترقه جاز للاخر أيضا
ذلك، ولكنهما يصبحان شريكين فيه، وإذا قتل أحدهما واسترقه أولياؤه ثم قتل الثاني
اختص العبد بأولياء الثاني، بمعنى أن لهم استرقاقه وأخذه من أولياء الأول أو قتله.
(مسألة 61): لو قتل عبد عبدين عمدا جاز لمولى كل منهما الاقتصاص منه،
وأما استرقاقه فيتوقف على رضا مولى القاتل، فلو سبق أحدهما بالاقتصاص سقط
حق الأخر بسقوط موضوعه، ولو رضي المولى باسترقاقه فعندئذ إن اختار أحدهما
استرقاقه واقتص الأخر سقط حق الأول، وإن اختار الأخر الاسترقاق أيضا
اشترك معه.
ولا فرق في ذلك بين كون استرقاقه في زمان استرقاق الأول أو بعده كما لا فرق
في ذلك بين قتله العبدين دفعة واحدة أو على نحو التعاقب، نعم إذا استرقه مولى
الأول وبعد ذلك قتل الثاني، كان مولى الثاني بالخيار بين قتله واسترقاقه مع رضا
مولاه الثاني.
519

(مسألة 62): لو قتل عبد عبدا لشخصين عمدا اشتركا في القود والاسترقاق،
فكما أن لهما قتله فكذلك لهما استرقاقه بالتراضي مع مولى القاتل، ولو طلب أحدهما
من المولى ما يستحقه من القيمة فدفعه إليه سقط حقه عن رقبته ولم يسقط حق
الأخر فله قتله بعد رد نصف قيمته إلى مولاه.
(مسألة 63): لو قتل عبدان أو أكثر عبدا عمدا فلمولى المقتول قتل الجميع، كما
أن له قتل البعض، ولكن إذا قتل الجميع فعليه أن يرد ما فضل عن جناية كل واحد
منهم إلى مولاه، وله ترك قتلهم ومطالبة الدية من مواليهم، وهم مخيرون بين فك
رقاب عبيدهم بدفع قيمة العبد المقتول وبين تسليم القتلة إلى مولى المقتول ليستوفي
حقه منهم ولو كان باسترقاقهم، لكن يجب عليه رد الزائد على مقدار جنايتهم على
مواليهم.
(مسألة 64): لو قتل العبد حرا عمدا، ثم أعتقه مولاه، فهل يصح العتق؟ فيه
قولان، الأظهر الصحة، (1) وأما بيعه أو هبته فالظاهر أنه لا ينبغي الاشكال في
صحته، وان قيل بالبطلان فيه أيضا.
(مسألة 65): لو قتل العبد حرا خطأ، ثم أعتقه مولاه، صح (2) وألزم
مولاه بالدية.
(الشرط الثاني): التساوي في الدين، فلا يقتل المسلم بقتله كافرا: ذميا كان أو
مستأمنا أو حربيا، كان قتله سائغا أم لم يكن، نعم إذا لم يكن القتل سائغا، عزره
الحاكم حسبما يراه من المصلحة، وفي قتل الذمي من النصارى واليهود والمجوس يغرم

(1) في الصحة اشكال.
(2) إذا كان موسرا، والا قفى صحة العتق اشكال.
520

الدية، كما سيأتي، هذا مع عدم الاعتياد، وأما لو اعتاد المسلم قتل أهل الذمة جاز
لولي الذمي المقتول قتله بعد رد فاضل ديته.
(مسألة 66): يقتل الذمي بالذمي وبالذمية بعد رد فاضل ديته إلى أوليائه،
وتقتل الذمية بالذمية وبالذمي، ولو قتل الذمي غيره من الكفار المحقوني الدم قتل
به.
(مسألة 67): لو قتل الذمي مسلما عمدا، دفع إلى أولياء المقتول، فان شاءوا
قتلوه، وان شاءوا عفوا عنه، وإن شاءوا استرقوه، وإن كان معه مال دفع إلى
أوليائه هو وماله ولو أسلم الذمي قبل الاسترقاق، كانوا بالخيار بين قتله والعفو عنه
وقبول الدية إذا رضي بها.
(مسألة 68): لو قتل الكافر كافرا ثم أسلم، لم يقتل به، نعم تجب عليه الدية إن
كان المقتول ذا دية.
(مسألة 69): لو قتل ولد الحلال ولد الزنا، قتل به.
(مسألة 70): الضابط في ثبوت القصاص وعدمه إنما هو حال المجني عليه حال
الجناية، إلا ما ثبت خلافه، فلو جنى مسلم على ذمي قاصدا قتله، أو كانت الجناية
قاتلة عادة، ثم أسلم فمات فلا قصاص، وكذلك الحال فيما لو جنى على عبد كذلك، ثم
أعتق فمات، نعم تثبت عليه في الصورتين دية النفس كاملة.
(مسألة 71): لو جنى الصبي بقتل أو بغيره، ثم بلغ لم يقتص منه، وإنما تثبت
الدية على عاقلته.
(مسألة 72): لو رمى سهما وقصد به ذميا أو كافرا حربيا أو مرتدا، فأصابه
بعدما أسلم، فلا قود، نعم عليه الدية، وأما لو جرح حربيا أو مرتدا فأسلم المجني
عليه، وسرت الجناية فمات، فهل عليه الدية أم لا؟ وجهان، الظاهر هو الأول.
521

(مسألة 73): لو رمى عبدا بسهم، فأعتق، ثم أصابه السهم فمات، فلا قود
ولكن عليه الدية.
(مسألة 74): إذا قطع يد مسلم قاصدا به قتله ثم ارتد المجني عليه فمات،
فلا قود في النفس ولا دية، وهل لولي المقتول الاقتصاص من الجاني بقطع يده أم لا؟
وجهان، ولا يبعد عدم القصاص، ولو ارتد ثم تاب ثم مات، فالظاهر ثبوت القود.
(مسألة 75): لو قتل المرتد ذميا، فهل يقتل المرتد أم لا؟ وجهان، الأظهر أنه
يقتل به، ولو عاد إلى الاسلام لم يقتل حتى وإن كان فطريا.
(مسألة 76): لو جنى مسلم على ذمي قاصدا قتله، أو كانت الجناية قاتلة
عادة، ثم ارتد الجاني، وسرت الجناية فمات المجني عليه، قيل: إنه لا قود عليه، لعدم
التساوي حال الجناية، والأظهر ثبوت القود.
(مسألة 77): لو قتل ذمي مرتدا قتل به، وأما لو قتله مسلم فلا قود عليه،
لعدم الكفاءة في الدين، وأما الدية ففي ثبوتها قولان، الأظهر عدم ثبوتها في قتل
المسلم غير الذمي من أقسام الكفار.
(مسألة 78): إذا كان على مسلم قصاص، فقتله غير الولي بدون إذنه، ثبت
عليه القود.
(مسألة 79): لو وجب قتل شخص بزنا أو لواط أو نحو ذلك غير سب
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقتله غير الإمام (عليه السلام) قيل: إنه لا قود ولا دية عليه، ولكن الأظهر (1)
ثبوت القود أو الدية مع التراضي.
(مسألة 80): لا فرق في المسلم المجني عليه بين الأقارب والأجانب، ولا بين

(1) في ظهور الثبوت اشكال، وقد تقدم في المسألة (1725).
522

الوضيع والشريف، وهل يقتل البالغ بقتل الصبي؟ قيل: نعم، وهو المشهور، (1)
وفيه اشكال بل منع.
(الشرط الثالث): أن لا يكون القاتل أبا للمقتول، فإنه لا يقتل بقتل ابنه وعليه
الدية ويعزر، وهل يشمل الحكم أب الأب أم لا؟ وجهان، لا يبعد الشمول.
(مسألة 81): لو قتل شخصا، وادعى أنه ابنه، لم تسمع دعواه ما لم تثبت ببينة
أو نحوها، فيجوز لولي المقتول الاقتصاص منه، وكذلك لو أدعاه اثنان، وقتله
أحدهما أو كلاهما، مع عدم العلم بصدق أحدهما، وأما إذا علم بصدق أحدهما، أو
ثبت ذلك بدليل تعبدي، ولم يمكن تعيينه، فلا يبعد الرجوع فيه إلى القرعة.
(مسألة 82): لو قتل الرجل زوجته، وكان له ولد منها فهل يثبت حق
القصاص لولدها؟ المشهور عدم الثبوت، وهو الصحيح، كما لو قذف الزوج زوجته
الميتة ولا وارث لها الا ولدها منه.
(مسألة 83): لو قتل أحد الأخوين أباهما، والاخر أمهما فلكل واحد منهما
على الأخر القود، فان بدر أحدهما، فاقتص، كان لوارث الأخر الاقتصاص منه.
(الشرط الرابع): أن يكون القاتل عاقلا بالغا، فلو كان مجنونا لم يقتل، من دون
فرق في ذلك بين كون المقتول عاقلا أو مجنونا، نعم تحمل على عاقلته الدية.
وكذلك الصبي لا يقتل بقتل غيره صبيا كان أو بالغا، وتحمل على عاقلته الدية،
والعبرة في عدم ثبوت القود بالجنون حال القتل، فلو قتل وهو عاقل ثم جن
لم يسقط عنه القود.
(مسألة 84): لو اختلف الولي والجاني في البلوغ وعدمه حال الجناية، فادعى

(1) وهو الأقوى.
523

الولي أن الجناية كانت حال البلوغ، وأنكره الجاني، كان القول قول الجاني مع يمينه،
وعلى الولي الاثبات، وكذلك الحال فيما إذا كان مجنونا ثم أفاق، فادعى الولي أن
الجناية كانت حال الإفاقة، وادعى الجاني أنها كانت حال الجنون، فالقول قول
الجاني مع يمينه، نعم لو لم يكن الجاني مسبوقا بالجنون، فادعى أنه كان مجنونا حال
الجناية، فعليه الاثبات، والا فالقول قول الولي مع يمينه.
(مسألة 85): لو قتل العاقل مجنونا، لم يقتل به، نعم عليه الدية إن كان القتل
عمديا أو شبيه عمد.
(مسألة 86): لو أراد المجنون عاقلا فقتله العاقل دفاعا عن نفسه أو عما يتعلق
به، فالمشهور أن دمه هدر، فلا قود ولا دية عليه، وقيل: إن ديته من بيت مال
المسلمين، وهو الصحيح.
(مسألة 87): لو كان القاتل سكرانا، فهل عليه القود أم لا؟ قولان، نسب إلى
المشهور الأول، وذهب جماعة إلى الثاني، ولكن لا يبعد أن يقال: إن من شرب
المسكر إن كان يعلم أن ذلك مما يؤدي إلى القتل نوعا، وكان شربه في معرض ذلك
فعليه القود، وان لم يكن كذلك بل كان القتل اتفاقيا، فلا قود، بل عليه الدية.
(مسألة 88): إذا كان القاتل أعمى، فهل عليه القود أم لا؟ قولان، نسب إلى
أكثر المتأخرين الأول، ولكن الأظهر عدمه، نعم تثبت الدية على عاقلته، وإن
لم تكن له عاقلة، فالدية في ماله، وإلا فعلى الإمام (عليه السلام).
(الشرط الخامس): أن يكون المقتول محقون الدم، فلا قود في القتل السائغ
شرعا، كقتل ساب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام)، وقتل المرتد الفطري ولو بعد
توبته والمحارب والمهاجم القاصد للنفس أو العرض أو المال، وكذا من يقتل
بقصاص أو حد وغير ذلك، والضابط في جميع ذلك هو كون القتل سائغا للقاتل.
524

(مسألة 89): المشهور على أن من رأى زوجته يزني بها رجل وهي مطاوعة،
جاز له قتلهما، وهو لا يخلو عن إشكال بل منع. (1)
الفصل الثاني
في دعوى القتل وما يثبت به
(مسألة 90): يشترط في المدعي: العقل والبلوغ، وقيل يعتبر فيه الرشد
أيضا، والأظهر عدم اعتباره، ويشترط في المدعى عليه إمكان صدور القتل منه،
فلو أدعاه على غائب لا يمكن صدور القتل منه عادة لم تقبل، وكذا لو أدعاه على
جماعة يتعذر اجتماعهم على قتل واحد عادة، كأهل البلد مثلا.
(مسألة 91): لو ادعى على شخص أنه قتل أباه - مثلا - مع جماعة لا يعرفهم،
سمعت دعواه، فإذا ثبت شرعا، كان لولي المقتول قتل المدعى عليه، ولأولياء الجاني
بعد القود الرجوع إلى الباقين بما يخصهم من الدية، فإن لم يعلموا عددهم رجعوا إلى
المعلومين منهم، وعليهم أن يؤدوا ما يخصهم من الدية.
(مسألة 92): لو ادعى القتل ولم يبين أنه كان عمدا أو خطأ، فهذا يتصور على
وجهين:
(الأول) - أن يكون عدم بيانه لمانع خارجي لا لجهله بخصوصياته، فحينئذ
يستفصل القاضي منه.
(الثاني) - أن يكون عدم بيانه لجهله بالحال، وأنه لا يدري أن القتل الواقع كان
عمدا أو خطأ، وهذا أيضا يتصور على وجهين:

(1) يجوز له قتل الزاني مع البينة ولاقود عليه، وفي جواز قتل الزوجة اشكال.
525

فإنه (تارة) يدعي أن القاتل كان قاصدا لذات الفعل الذي لا يترتب عليه
القتل عادة، ولكنه لا يدري أنه كان قاصدا للقتل أيضا أم لا؟ فهذا يدخل تحت
دعوى القتل الشبيه بالعمد.
و (أخرى) لا يدعي أنه كان قاصدا لذات الفعل لاحتمال أنه كان قاصدا أمرا
آخر، ولكنه أصاب المقتول اتفاقا، فعندئذ يدخل ذلك تحت دعوى القتل الخطائي
المحض، وعلى كلا الفرضين تثبت الدية إن ثبت ما يدعيه، ولكنها في الفرض الأول
على القاتل نفسه، وفي الفرض الثاني تحمل على عاقلته.
(مسألة 93): لو ادعى على شخص أنه القاتل منفردا، ثم ادعى على آخر أنه
القاتل كذلك، أو أنه كان شريكا مع غيره فيه، لم تسمع الدعوى الثانية بل لا يبعد
سقوط الدعوى الأولى أيضا.
(مسألة 94): لو ادعى القتل العمدي على أحد وفسره بالخطأ، فان احتمل في
حقه عدم معرفته بمفهوم العمد والخطأ سمعت دعواه، وإلا سقطت الدعوى من
أصلها، وكذلك الحال فيما لو ادعى القتل الخطائي وفسره بالعمد.
(مسألة 95): يثبت القتل بأمور:
(الأول) - الاقرار، وتكفي فيه مرة واحدة، ويعتبر في المقر البلوغ وكمال العقل
والاختيار والحرية على تفصيل، فإذا أقر بالقتل العمدي ثبت القود، وإذا أقر بالقتل
الخطائي ثبتت الدية في ماله لا على العاقلة، وأما المحجور عليه لفلس أو سفه فيقبل
إقراره بالقتل عمدا فيثبت عليه القود، وإذا أقر المفلس بالقتل الخطائي، ثبتت الدية
في ذمته ولكن ولي المقتول لا يشارك الغرماء إذا لم يصدقوا المقر.
(مسألة 96): لو أقر أحد بقتل شخص عمدا، وأقر آخر بقتله خطأ، تخير (1)

(1) ولا يترك الاحتياط بالأخذ باقرار المقر بالقتل خطأ.
526

ولي المقتول في تصديق أيهما شاء، فإذا صدق واحدا منهما فليس له على الأخر
سبيل.
(مسألة 97): لو أقر أحد بقتل شخص عمدا، وأقر آخر أنه هو الذي قتله،
ورجع الأول عن إقراره، فالمشهور (1) أنه يدرأ عنهما القصاص والدية، وتؤخذ
الدية من بيت مال المسلمين، وفيه إشكال، بل منع، فالظاهر أن حكمهما حكم
المسألة السابقة، وأما إذا لم يرجع الأول عن إقراره، تخير الولي في تصديق أيهما
شاء، بلا خلاف ظاهر.
(الثاني) - البينة، وهي أن يشهد رجلان بالغان عاقلان عدلان بالقتل.
(مسألة 98): لا يثبت القتل بشاهد وامرأتين، ولا بشهادة النساء منفردات،
ولا بشاهد ويمين، نعم يثبت ربع الدية بشهادة امرأة واحدة، ونصفها بشهادة
امرأتين، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث نسوة، وتمامها بشهادة أربع نسوة.
(مسألة 99): يعتبر في الشهادة على القتل أن تكون عن حس أو ما يقرب
منه، وإلا فلا تقبل.
(مسألة 100): لو شهد شاهدان بما يكون سببا للموت عادة، وادعى الجاني أن
موته لم يكن مستندا إلى جنايته، قبل قوله مع يمينه.
(مسألة 101): يعتبر في قبول شهادة الشاهدين توارد شهادتهما على أمر
واحد، فلو اختلفا في ذلك لم تقبل، كما إذا شهد أحدهما أنه قتل في الليل، وشهد
الأخر أنه قتل في النهار، أو شهد أحدهما أنه قتله في مكان، والاخر شهد بأنه قتله في
مكان آخر، وهكذا.

(1) وهو الأقوى.
527

(مسألة 102): لو شهد أحدهما بالقتل، وشهد الأخر باقراره به، لم يثبت القتل.
(مسألة 103): لو شهد أحدهما بالاقرار بالقتل من دون تعيين العمد والخطأ،
وشهد الأخر بالاقرار به عمدا، ثبت إقراره، وكلف بالبيان، فان أنكر العمد في القتل
فالقول قوله، وتثبت الدية في ماله، فان ادعى الولي أن القتل كان عن عمد، فعليه
الاثبات، ومثل ذلك ما لو شهد أحدهما بالقتل متعمدا، وشهد الأخر بمطلق القتل،
وأنكر القاتل العمد فإنه لا يثبت القتل العمدي، وعلى الولي إثباته بالقسامة، على
تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى.
(مسألة 104): لو ادعى شخص القتل على شخصين، وأقام على ذلك بينة، ثم
شهد المشهود عليهما بأن الشاهدين هما القاتلان له، فإن لم يصدقهما الولي فلا أثر
لشهادتهما وللولي الاقتصاص منهما أو من أحدهما على تفصيل قد تقدم، وإن
صدقهما سقطت الدعوى رأسا.
(مسألة 105): لو شهد شخصان لمن يرثانه بأن زيدا جرحه، وكانت الشهادة
بعد الاندمال قبلت، وأما إذا كانت قبله فقيل لا تقبل، ولكن الأظهر القبول.
(مسألة 106): لو شهد شاهدان من العاقلة بفسق شاهدي القتل، فإن كان
المشهود به القتل عمدا أو شبه عمد قبلت وطرحت شهادة الشاهدين، وإن كان
المشهود به القتل خطأ لم تقبل شهادتهما.
(مسألة 107): لو قامت بينة على أن زيدا قتل شخصا منفردا، وقامت بينة
أخرى على أن القاتل غيره، سقط القصاص عنهما جزما، وكذا الدية، وقيل وجبت
الدية عليهما نصفين، وفيه إشكال بل منع.
(مسألة 108): لو قامت بينة على أن شخصا قتل زيدا عمدا وأقر آخر أنه هو
الذي قتله دون المشهود عليه وأنه برئ، واحتمل اشتراكهما في القتل، كان للولي قتل
528

المشهود عليه، وعلى المقر رد نصف الدية إلى ولي المشهود عليه، وله قتل المقر،
ولكن عندئذ لا يرد المشهود عليه إلى ورثة المقر شيئا، وله قتلهما بعد أن يرد إلى ولي
المشهود عليه نصف ديته، ولو عفا عنهما ورضى بالدية كانت عليهما نصفين، وأما إذا
علم أن القاتل واحد فالظاهر جواز قتل المقر أو أخذ الدية منه بالتراضي.
(مسألة 109): لو ادعى الولي أن القتل الواقع في الخارج عمدي، وأقام على
ذلك شاهدا وامرأتين، ثم عفا عن حق الاقتصاص، قيل بعدم صحة العفو، حيث أن
حقه لم يثبت فيكون العفو عفوا عما لم يثبت، ولكن الظاهر هو الصحة.
الفصل الثالث
في القسامة
(مسألة 110): لو ادعى الولي القتل على واحد أو جماعة فان أقام البينة على
مدعاه فهو، وإلا فإن لم يكن هنا لوث طولب المدعى عليه بالحلف، فان حلف
سقطت الدعوى، وإن لم يحلف كان له رد الحلف إلى المدعي، وإن كان لوث طولب
المدعى عليه بالبينة فان أقامها على عدم القتل فهو، والا فعلى المدعي الاتيان
بقسامة خمسين رجلا لاثبات مدعاه، وإلا فعلى المدعى عليه القسامة كذلك، فان
أتى بها سقطت الدعوى، والا الزم الدعوى.
(مسألة 111): إذا كان المدعي أو المدعى عليه امرأة، فهل تثبت القسامة؟ فيه
وجهان، الأظهر هو الثبوت.
(كمية القسامة)
(مسألة 112): في القتل العمدي خمسون يمينا وفي الخطأ المحض والشبيه بالعمد
529

خمس وعشرون يمينا، وعليه فان أقام المدعي خمسين رجلا يقسمون فهو، والا
فالمشهور تكرير الأيمان عليهم حتى يتم عدد القسامة وهو غير بعيد.
(مسألة 113): إذا كان المدعون جماعة أقل من عدد القسامة، قسمت عليهم
الايمان بالسوية على الأظهر.
(مسألة 114): المشهور أن المدعى عليه إذا كان واحدا، حلف هو وأحضر من
قومه ما يكمل عدد القسامة، فإن لم يكمل كررت عليهم الأيمان حتى يكمل عددها،
وفيه اشكال، وأما إذا كان أكثر من واحد، بمعنى أن الدعوى كانت متوجهة إلى كل
واحد منهم، فعلى كل واحد منهم قسامة خمسين رجلا.
(مسألة 115): إذا لم تكن بينة للمدعي ولا للمدعى عليه ولم يحلف المدعي،
وحلف المدعى عليه، سقطت الدعوى، ولا شئ على المدعى عليه، وتعطى الدية
لورثة المقتول من بيت المال.
(مسألة 116): القسامة كما تثبت بها الدعوى في قتل النفس، كذلك تثبت بها في
الجروح بالإضافة إلى الدية، وفي عددها في الجروح خلاف: قيل خمسون يمينا ان
بلغت الجناية فيها الدية كاملة، والا فبحسابها، وقيل ستة أيمان فيما بلغت ديته دية
النفس، وما كان دون ذلك فبحسابه، وهذا القول هو الصحيح.
(مسألة 117): إذا كان القتيل كافرا، فادعى وليه القتل على المسلم، ولم تكن له
بينة، فهل تثبت القسامة حينئذ؟ وجهان قيل: تقبل، وهو لا يخلو من إشكال بل
منع.
(مسألة 118): إذا قتل رجل في قرية أو في قريب منها أغرم أهل تلك القرية
الدية إذا لم توجد بينة على أهل تلك القرية أنهم ما قتلوه، وإذا وجد بين قريتين
ضمنت الأقرب منهما.
530

(مسألة 119): إذا وجد قتيل في زحام الناس، أو على قنطرة أو بئر أو جسر أو
مصنع أو في شارع عام أو جامع أو فلاة أو ما شاكل ذلك، والضابط أن لا يكون مما
يستند القتل فيه إلى شخص خاص أو جماعة معينة أو قرية معلومة فديته من بيت
مال المسلمين.
(مسألة 120): يعتبر في اليمين أن تكون مطابقة للدعوى، فلو ادعى القتل
العمدي وحلف على القتل الخطأي فلا أثر له.
(مسألة 121): لو ادعى أن أحد هذين الشخصين قاتل، (1) ولكنه لا يعلم
به تفصيلا، فله أن يطالب كلا منهما بالبينة على عدم كونه قاتلا، فان أقام كل منهما
البينة على ذلك فهو، وإن لم تكن لهما بينة فعلى المدعي القسامة، وإن لم يأت بها
فعليهما القسامة، وإن نكلا ثبتت الدية دون القود.
(مسألة 122): لو ادعى القتل على اثنين بنحو الاشتراك (2) ولم تكن له
بينة، فله أن يطالبهما بالبينة، فان أقاما البينة على عدم صدور القتل منهما فهو، وإلا
فعلى المدعي الاتيان بالقسامة، فان أتى بها على أحدهما دون الأخر فله قتله بعد رد
نصف الدية إلى أوليائه، كما أن له العفو وأخذ نصف الدية منه، وإن أتى بها على
كليهما، فله قتلهما بعد أن يرد إلى أولياء كل منهما نصف الدية، كما أن له مطالبة الدية
منهما، وإن نكل فالقسامة عليهما، فان أتيا بها سقط عنهما القصاص والدية، وإن أتى
بها أحدهما سقط عنه ذلك، وللولي أن يقتل الآخر بعد رد نصف ديته إلى أوليائه،
وله أن يعفو عنه ويأخذ نصف الدية، وإن نكلا معا كان للولي قتلهما معا بعد رد

(1) وكان فيهما لوث.
(2) وكان فيهما لوث.
531

نصف دية كل منهما إلى أوليائه، أو مطالبة الدية منهما.
(مسألة 123): لو ادعى القتل على اثنين، وكان في أحدهما لوث فعلى المدعي
إقامة البينة بالإضافة إلى من ليس فيه لوث، وإن لم يقم فعلى المنكر اليمين، وأما
بالإضافة إلى من فيه لوث فالحكم فيه كما سبق.
(مسألة 124): لو كان للمقتول وليان وكان أحدهما غائبا فادعى الحاضر على
شخص أنه القاتل ولم تكن له بينة، فان حلف خمسين يمينا في دعوى العمد وخمسا
وعشرين في دعوى الخطأ ثبت حقه، ولو حضر الغائب، فإن لم يدع شيئا انحصر
الحق بالحاضر، وإن ادعى كان عليه الحلف بمقدار حصته فيما كانت الدعوى القتل
عمدا أو خطأ، وكذلك الحال إذا كان أحد الوليين صغيرا وادعى الكبير على شخص
أنه القاتل.
(مسألة 125): إذا كان للقتيل وليان، وادعى أحدهما القتل على شخص،
وكذبه الأخر: بأن ادعى أن القاتل غيره أو أنه اقتصر على نفي القتل عنه، لم يقدح
هذا في دعوى الأول، ويمكنه إثبات حقه بالقسامة إذا لم تكن للمدعى عليه بينة على
عدم كونه قاتلا.
(مسألة 126): إذا مات الولي قام وارثه مقامه ولو مات أثناء الأيمان، كان على
الوارث خمسون يمينا مستأنفة، فلا اعتداد بالأيمان الماضية.
(مسألة 127): لو حلف المدعي على أن القاتل زيد، ثم اعترف آخر بأنه القاتل
منفردا، قال الشيخ في الخلاف انه مخير بين البقاء على مقتضى القسامة وبين العمل
على مقتضى الاقرار ولو كان الاقرار بعد استيفاء الحق من المدعى عليه، ولكنه
لا وجه له، وإذا صدق المدعي المقر، سقطت دعواه الأولى أيضا.
(مسألة 128): إذا حلف المدعي واستوفى حقه من الدية، ثم قامت البينة على
532

أن المدعى عليه كان غائبا حين القتل أو كان مريضا أو نحو ذلك مما لا يتمكن معه
من القتل بطلت القسامة وردت الدية، وكذلك الحال فيما إذا اقتص منه.
(مسألة 129): لو اتهم رجل بالقتل حبس ستة أيام، فان جاء أولياء المقتول بما
يثبت به القتل فهو، والا خلي سبيله.
الفصل الرابع
في احكام القصاص
(مسألة 130): الثابت في القتل العمدي القود دون الدية، فليس لولي المقتول
مطالبة القاتل بها، إلا إذا رضي بذلك، وعندئذ يسقط عنه القود وتثبت الدية ويجوز
لهما التراضي على أقل من الدية أو على أكثر منها، نعم إذا كان الاقتصاص يستدعي
الرد من الولي، كما إذا قتل رجل امرأة، كان ولي المقتول مخيرا بين القتل ومطالبة الدية.
(مسألة 131): لو تعذر القصاص لهرب القاتل أو موته أو كان ممن لا يمكن
الاقتصاص منه لمانع خارجي، انتقل الأمر إلى الدية، فإن كان للقاتل مال، فالدية
في ماله، وإلا أخذت من الأقرب فالأقرب إليه، وإن لم يكن أدى الإمام (عليه السلام) الدية
من بيت المال.
(مسألة 132): لو أراد أولياء المقتول القصاص من القاتل فخلصه قوم من
أيديهم، حبس المخلص حتى يتمكن من القاتل، فان مات القاتل أو لم يقدر عليه،
فالدية على المخلص.
(مسألة 133): يتولى القصاص من يرث المال من الرجال دون الزوج ومن
يتقرب بالام، وأما النساء فليس لهن عفو ولا قود. (1)

(1) على اشكال في غير الزوجة.
533

(مسألة 134): إذا كان ولي المقتول واحدا، جازت له المبادرة إلى القصاص،
والأولى الاستئذان من الإمام (عليه السلام) ولا سيما في قصاص الأطراف.
(مسألة 135): إذا كان للمقتول أولياء متعددون فهل يجوز لكل واحد منهم
الاقتصاص من القاتل مستقلا وبدون اذن الباقين أولا، فيه وجهان، الأظهر هو
الأول.
(مسألة 136): إذا اقتص بعض الأولياء فان رضي الباقون بالقصاص فهو،
والا ضمن المقتص حصتهم فان طالبوه بها فعليه دفعها إليهم، وان عفوا فعليه دفعها
إلى ورثة الجاني.
(مسألة 137): إذا كان المقتول مسلما ولم يكن له أولياء من المسلمين وكان له
أولياء من الذميين، عرض على قرابته من أهل بيته الاسلام، فمن أسلم فهو وليه،
ويدفع القاتل إليه، فان شاء قتل وان شاء اخذ الدية وان شاء عفا، وان لم يسلم منهم
أحد فأمره إلى الإمام (عليه السلام) فان شاء قتله وان شاء أخذ الدية منه.
(مسألة 138): لا تجوز مثلة القاتل عند الاقتصاص، والمشهور بين الأصحاب
أنه لا يقتص الا بالسيف، وهو الصحيح.
(مسألة 139): الاقتصاص حق ثابت للولي، وله أن يتولاه مباشرة أو بتسبيب
غيره مجانا أو بأجرة.
(مسألة 140): لو كان بعض أولياء المقتول حاضرا دون بعض، جاز
الاقتصاص مع ضمان حصة الباقي من الدية، وكذلك الحال إذا كان بعضهم صغيرا.
(مسألة 141): إذا كان ولي الميت صغيرا أو مجنونا، وكان للولي ولي كالأب أو
الجد أو الحاكم الشرعي، فهل لوليه الاقتصاص من القاتل أم لا؟ قولان، لا يبعد
العدم، نعم إذا اقتضت المصلحة أخذ الدية من القاتل أو المصالحة معه في أخذ شئ،
534

جاز لوليه ذلك.
(مسألة 142): إذا كان للميت وليان فادعى أحدهما أن شريكه عفا عن
القصاص على مال أو مجانا لم تقبل دعواه على الشريك، وإذا اقتص المدعي وجب
عليه رد نصيب شريكه، فان صدقه الشريك بالعفو مجانا أو بعوض، وجب عليه رده
إلى ورثة المقتول قصاصا.
(مسألة 143): إذا كان ولي المقتول محجورا عليه لفلس أو سفه، جاز له
الاقتصاص من القاتل، كما جاز له العفو عنه، ويجوز له أخذ الدية بالتراضي.
(مسألة 144): لو قتل شخص وعليه دين وليس له مال فان أخذ أولياءه الدية
من القاتل وجب صرفها في ديون المقتول واخراج وصاياه منها، وهل لهم
الاقتصاص من دون ضمان ما عليه من الديون؟ فيه قولان، الأظهر هو الأول.
(مسألة 145): إذا قتل شخص، وعليه دين، وليس له مال، فإن كان قتله خطا
أو شبه عمد، فليس لأولياء المقتول عفو القاتل أو عاقلته عن الدية، الا مع أداء
الدين أو ضمانه، وإن كان القتل عمدا فلأوليائه العفو عن القصاص والرضا بالدية،
وليس لهم العفو عن القصاص بلا دية، فان فعلوا ذلك ضمنوا الدية للغرماء.
(مسألة 146): إذا قتل واحد اثنين على التعاقب أو دفعة واحدة ثبت لأولياء
كل منهما القود، فان استوفى الجميع مباشرة أو تسبيبا فهو، وان رضي أولياء أحد
المقتولين بالدية وقبل القاتل أو عفوا عن القصاص مجانا، لم يسقط حق أولياء
الآخر.
(مسألة 147): لو وكل ولي المقتول من يستوفي القصاص ثم عزله قبل
الاستيفاء، فإن كان الوكيل قد علم بانعزاله ومع ذلك أقدم على قتله فعليه القود،
وان لم يكن يعلم به فلا قصاص ولا دية وأما لو عفا الموكل القاتل ولم يعلم به الوكيل
535

حتى استوفى فعليه الدية، ولكن يرجع بها إلى الموكل، وكذلك الحال فيما إذا مات
الموكل بعد التوكيل وقبل الاستيفاء.
(مسألة 148): لا يقتص من المرأة الحامل حتى تضع ولو كان حملها حادثا بعد
الجناية أو كان الحمل عن زنا، ولو توقفت حياة الطفل على ارضاعها إياه مدة، لزم
تأخير القصاص إلى تلك المدة، ولو ادعت الحمل قبل قولها على المشهور، الا إذا
كانت امارة على كذبها وفيه اشكال بل منع. (1)
(مسألة 149): لو قتلت المرأة قصاصا، فبانت حاملا، فلا شئ على المقتص، نعم
ان أوجب ذلك تلف الحمل ففيه الدية، وهي تحمل على العاقلة وان لم تلجه الروح
على المشهور، لكن الأظهر أن الدية على المتلف نفسه قبل ولوج الروح في الحمل.
(مسألة 150): لو قطع يد شخص، ثم قتل شخصا آخر فالمشهور، (2) بين
الأصحاب أنه تقطع يده أولا، ثم يقتل، وفيه اشكال بل منع، وإذا قتله أولياء
المقتول قبل قطع يده، فهل تثبت الدية في ماله أم لا؟ وجهان، ولا يبعد ثبوتها، كما
مر في قتل شخص اثنين.
(مسألة 151): إذا قطع يد رجل ثم قتل شخصا آخر فاقتص منه بقطع يده
وبقتله، ثم سرت الجناية في المجني عليه فمات وجبت الدية في مال الجاني.
(مسألة 152): إذا قطع يد شخص ثم اقتص المجني عليه من الجاني فسرت
الجنايتان، فقد تكون السراية في طرف المجني عليه أولا ثم في الجاني، وأخرى تكون
بالعكس، أما على الأول فالمشهور أن موت الجاني يقع قصاصا، وعلى الثاني يكون

(1) ولا يترك الاحتياط بالتأخير حتى يعلم الحال.
(2) وهو الأقوى.
536

هدرا، وفيه اشكال، والأظهر التفصيل بين ما إذا كان كل من الجاني والمجني عليه
قاصدا للقتل أو كان الجرح مما يقتل عادة، وبين ما إذا لم يكن كذلك، فعلى الثاني
تثبت الدية في مال الجاني دون الأول.
(مسألة 153): حق القصاص من الجاني انما يثبت للولي بعد موت المجني عليه
فلو قتله قبل موته كان قتله ظلما وعدوانا، فيجوز لولي الجاني المقتول الاقتصاص
منه، كما أن له العفو والرضا بالدية، وأما دية المجني عليه بعد موته فهي من مال
الجاني.
(مسألة 154): لو قتل شخصا مقطوع اليد، قيل إن كانت يده قطعت في جناية
جناها، أو أنه أخذ ديتها من قاطعها، فعلى المقتول إن أراد الاقتصاص أن يرد دية
يده إليه، والا فله قتله من غير رد، ولكن الأظهر عدم الرد مطلقا.
(مسألة 155): لو ضرب ولي الدم الجاني قصاصا، وظن أنه قتله فتركه وبه
رمق، ثم برئ، قيل ليس للولي قتله حتى يقتص هو من الولي بمثل ما فعله، ولكن
الأظهر أن ما فعله الولي إن كان سائغا، كما إذا ضربه بالسيف في عنقه فظن أنه قتله
فتركه، ولكنه لم يتحقق به القصاص، جاز له ضربه ثانيا قصاصا، وإن كان ما فعله
غير سائغ، جاز للمضروب الاقتصاص منه بمثل ما فعله.
الفصل الخامس
في قصاص الأطراف
(مسألة 156): يثبت القصاص في الأطراف بالجناية عليها عمدا، وهي تتحقق
بالعمد إلى فعل ما يتلف به العضو عادة، أو بما يقصد به الاتلاف، وإن لم يكن مما
يتحقق به الاتلاف عادة.
537

(مسألة 157): يشترط في جواز القصاص فيها البلوغ والعقل وأن لا يكون
الجاني والد المجني عليه ويعتبر فيه أيضا أمران:
(الأول) - التساوي في الحرية والرقية فلا يقتص من الحر بالعبد.
(مسألة 158): لو جرح العبد حرا، كان للمجروح الاقتصاص منه، كما أن له
استرقاقه إن كانت الجراحة تحيط برقبته، وإلا فليس له استرقاقه إذا لم يرض مولاه
ولكن عندئذ إن افتداه مولاه وأدى دية الجرح فهو، وإلا كان للحر المجروح من
العبد بقدر دية جرحه، والباقي لمولاه، فيباع العبد ويأخذ المجروح حقه، ويرد الباقي
على المولى.
(مسألة 159): إذا جنى حر على مملوك فلا قصاص وعليه قيمة الجناية، فإن كانت
الجناية قطع يده مثلا وجب عليه نصف قيمته، وإن سرت فمات المملوك فعليه
تمام القيمة ولو تحرر فسرت الجناية إلى نفسه، فمات بعد تحرره فعلى الجاني دية الحر
ولمولاه قيمة الجناية من الدية والباقي لورثته، وإن كانت القيمة أكثر من دية ذلك
العضو فليس للمولى إلا مقدار الدية دون قيمة الجناية، وإن كانت أقل فللمولى قيمة
الجناية، هذا إذا لم تنقص قيمة الجناية بالسراية، وأما إذا نقصت بها كما لو قطع يد
مملوك، وقطع آخر يده الأخرى، وقطع ثالث رجله، ثم سرى الجميع فمات، سقطت
دية الأطراف ودخلت في دية النفس ففي هذه الصورة تنقص قيمة الجناية بالسراية
من النصف إلى الثلث، فليس للمولى الا ذلك الناقص، وهو ثلث الدية، ولا يلزم
الجاني بأكثر منه.
(مسألة 160): لو قطع حر يد عبد قاصدا قتله فأعتق، ثم جنى آخر عليه كذلك
فسرت الجنايتان فمات، فللمولى على الجاني الأول نصف قيمة العبد على أن
لا تجاوز نصف دية الحر، وعلى الجاني الثاني القود، فان اقتص منه، فعلى المقتص أن
538

يرد إلى ولي المقتص منه نصف دية الحر.
(مسألة 161): لو قطع حر يد عبد، ثم قطع رجله بعد عتقه كان عليه أن يرد
قيمة الجناية الأولى إلى مولاه، وأما بالإضافة إلى الجناية الثانية فكان للعبد المعتق
الاقتصاص من الجاني بقطع رجله، وان عفا ورضي بالدية كانت له ولا صلة للمولى
بها أصلا.
(الثاني) - التساوي في الدين، فلا يقتص من مسلم بكافر، فلو قطع المسلم يد
ذمي مثلا لم تقطع يده ولكن عليه دية اليد.
(مسألة 162): إذا جنت المرأة على الرجل، اقتص الرجل من المرأة من دون
أخذ شئ منها، وان جنى الرجل على المرأة اقتصت المرأة منه بعد رد التفاوت إليه
إذا بلغت دية الجناية الثلث والا فلا، فلو قطع الرجل إصبع امرأة جاز لها قطع إصبعه
بدون رد شئ إليه، ولو قطع يدها جاز لها قطع يده بعد رد نصف دية يده إليه.
(مسألة 163): المشهور (1) اعتبار التساوي في السلامة من الشلل في
الاقتصاص، فلا تقطع اليد الصحيحة بالشلاء وان بذل الجاني يده للقصاص وهو
لا يخلو من اشكال، بل لا يبعد عدمه، وأما اليد الشلاء فتقطع باليد الصحيحة بلا
اشكال، الا أن يحكم أهل الخبرة أنها لا تنحسم، فعندئذ لا يجوز قطعها وتؤخذ
الدية.
(مسألة 164): لو قطع يمين رجل قطعت يمينه إن كانت له يمين، وإلا قطعت
يساره على اشكال، وإن كان لا يبعد جوازه، وان لم تكن له يسار فالمشهور أنه
تقطع رجله إن كانت، وفيه اشكال، والأقرب الرجوع فيه إلى الدية.

(1) وهو الأقوى.
539

(مسألة 165): لو قطع أيدي جماعة على التعاقب، كان حكمه في الاقتصاص
وأخذ الدية حكم من قتل جماعة على التعاقب على تفصيل تقدم في قصاص النفس.
(مسألة 166): لو قطع اثنان يد واحد، جاز له الاقتصاص منهما بعد رد دية يد
واحدة إليهما، وإذا اقتص من أحدهما رد الأخر نصف دية اليد إلى المقتص منه، كما
أن له مطالبة الدية منهما من الأول.
(مسألة 167): يثبت القصاص في الشجاج، الشجة بالشجة، ويعتبر فيه
التساوي طولا وعرضا وأما العمق فالعبرة فيه بحصول الاسم.
(مسألة 168): يثبت القصاص في الجروح فيما إذا كان مضبوطا بأن كان
القصاص بمقدار الجرح، وأما إذا كان غير مضبوط وموجبا لتعريض النفس على
الهلاك أو زيادة في الجرح أو تلف العضو، كالجائفة والمأمومة والهاشمة والمنقلة ونحو
ذلك لم يجز وينتقل الأمر فيها إلى الدية الثابتة بأصل الشرع أو بالحكومة.
(مسألة 169): يجوز الاقتصاص قبل الاندمال ان احتمل عدمه، (1) وعلى
هذا فلو اقتص من الجاني ثم سرت الجناية فمات المجني عليه، كان لوليه أخذ الدية
من الجاني فيما إذا لم يكن القتل مقصودا، ولم تكن الجناية مما يقتل غالبا والا كان له
قتل الجاني أو أخذ الدية منه فان قتله كان عليه دية جرحه.
(مسألة 170): كيفية القصاص في الجروح هي أن يحفظ الجاني من الاضطراب
حال الاستيفاء، ثم يقاس محل الشجة بمقياس ويعلم طرفاه في موضع الاقتصاص
من الجاني ثم يشرع في الاقتصاص من إحدى العلامتين إلى العلامة الأخرى.

(1) الا إذا كان الجارح قاصدا للقتل أو كان الجرح مما يقتل عادة، فان الأحوط إن
لم يكن أقوى التأخير فيهما.
540

(مسألة 171): يجب تأخير القصاص في الأطراف عن شدة البرد أو الحر إذا
كان في معرض السراية، وإلا جاز.
(مسألة 172): المشهور اعتبار كون آلة القصاص من الحديد، ودليله غير
ظاهر، فالظاهر عدم الاعتبار.
(مسألة 173): إذا كانت مساحة الجراحة في عضو المجني عليه تستوعب عضو
الجاني وتزيد عليه لصغره، لم يجز له أن يقتص من عضوه الأخر عوضا عن الزائد،
بل يجب عليه الاقتصاص على ما يتحمل ذلك العضو، ويرجع في الزائد إلى الدية
بالنسبة، وكذا الحال إذا كان عضو المجني عليه صغيرا واستوعبته الجناية
ولم تستوعب عضو الجاني، فيقتصر في الاقتصاص على مقدار مساحة الجناية.
(مسألة 174): لو قطع عضوا من شخص كالاذن، فاقتص المجني عليه من
الجاني، ثم ألصق المجني عليه عضوه المقطوع بمحله، فالتحم وبرئ جاز للجاني إزالته
وكذلك الحال في العكس.
(مسألة 175): لو قطعت أذن شخص مثلا، ثم ألصقها المجني عليه قبل
الاقتصاص من الجاني والتحمت، فهل يسقط به حق الاقتصاص؟ المشهور عدم
السقوط، ولكن الأظهر هو السقوط وانتقال الأمر إلى الدية.
(مسألة 176): لو قلع رجل أعور عين رجل صحيح، قلعت عينه.
(مسألة 177): لو قلع صحيح العينين العين الصحيحة من رجل أعور خلقة أو
بآفة، كان المجني عليه بالخيار بين قلع إحدى عيني الصحيح وأخذ نصف الدية منه،
وبين العفو وأخذ تمام الدية، وأما لو كان أعور بجناية جان، لم يكن للمجني عليه إلا
قلع إحدى عيني الصحيح.
(مسألة 178): لو أذهب ضوء عين آخر دون الحدقة، كان للمجني عليه
541

الاقتصاص بمثل ذلك إن أمكن، وإلا انتقل الأمر إلى الدية.
(مسألة 179): يثبت القصاص في الحاجبين واللحية وشعر الرأس وما شاكل ذلك.
(مسألة 180): يثبت القصاص في قطع الذكر، ولا فرق فيه بين ذكر الشاب
والشيخ والأغلف والمختون وغير ذلك، والمشهور (1) أنه لا فرق بين الصغير
والكبير، ولكنه لا يخلو عن اشكال بل منع.
(مسألة 181): ذهب جماعة إلى أنه لا يقاد الصحيح بذكر العنين، وهو لا يخلو
من اشكال، بل الظاهر ثبوت القصاص، وعدم الفرق بين الصحيح والمعيب.
(مسألة 182): يثبت القصاص في الخصيتين وكذا في إحداهما، فان قطعت اليمنى
اقتص من اليمنى وان قطعت اليسرى فمن اليسرى.
(مسألة 183): يثبت القصاص في قطع الشفرين فان قطعت امرأة الشفرين من
امرأة أخرى فلها الاقتصاص منها بالمثل، وكذلك الحال إذا قطعت إحداهما، وأما
إذا قطعهما الرجل فلا قصاص وتجب عليه ديتهما، كما أنها لو قطعت ذكر الرجل
فلا قصاص وعليها الدية، نعم لو قطع الرجل فرج امرأته وامتنع عن الدية وطالبت
المرأة قطع ذكره قطع. (2)
(مسألة 184): لا يعتبر التساوي بين العضو المقطوع وعضو الجاني، فيقطع
العضو الصحيح بالمجذوم، وان سقط منه شئ وتناثر لحمه، والأنف الشام بالعادم،
والاذن الصحيحة بالصماء، والكبيرة بالصغيرة، والصحيحة بالمثقوبة أو المخرومة وما
شاكل ذلك.

(1) وهو الأقوى.
(2) فيه اشكال بل منع.
542

(مسألة 185): لو قطع بعض الأنف نسب المقطوع إلى أصله، ويؤخذ من الجاني
بحسابه، فإن كان المقطوع نصف الأنف، قطع من الجاني نصف أنفه، وإن كان أقل أو
أكثر فكذلك بالنسبة.
(مسألة 186): يثبت القصاص في السن، فلو قلع سن شخص فله قلع سنه، ولو
عادت اتفاقا كما كانت، فهل يكون له القصاص أو الدية؟ فيه وجهان، الأقرب فيه
القصاص. (1)
(مسألة 187): لا قصاص في سن الصبي الذي لم يثغر إذا عادت، وفيها الدية،
وان لم تعد أصلا ففيها القصاص على المشهور، (2) وفيه اشكال بل منع.
(مسألة 188): لو اقتص المجني عليه من الجاني وقلع سنه ثم عادت فليس له
قلعها.
(مسألة 189): المشهور اشتراط التساوي في المحل والموضع في قصاص
الأسنان، ولكنه لا يخلو من اشكال، بل لا يبعد عدمه. (3)
(مسألة 190): لا تقلع السن الأصلية بالزائدة، نعم لا يبعد جواز قلع الزائدة
بالزائدة حتى مع تغاير المحلين، (4) وكذلك الحال في الأصابع الأصلية والزائدة.
(مسألة 191): كل عضو يقتص منه مع وجوده تؤخذ الدية بدله مع فقده، فإذا
قطع من له إصبع واحدة إصبعين من شخص، قطعت الإصبع الواحدة قصاصا عن

(1) في ثبوت القصاص اشكال.
(2) وهو الأقوى.
(3) بل بعيد، والأظهر ما عليه المشهور.
(4) فيه اشكال بل منع، وكذلك في الأصابع الزائدة.
543

إحداهما واخذت دية الأخرى، وكذلك الحال فيما إذا قلع عين شخص من لا عين له.
(مسألة 192): ذهب جماعة إلى أنه لو قطع كفا تامة من ليس له أصابع أصلا، أوليس
له بعضها قطعت كفه واخذت منه دية الناقص وفيه إشكال، والأقرب عدم
جواز أخذ الدية، وأما إذا كان الناقص عضو المجني عليه كما إذا قطعت يده الناقصة
إصبعا واحدة أو أكثر، فهل له قطع يد الجاني الكاملة أم لا؟ فيه أقوال، الظاهر أن له
القطع من دون وجوب رد شئ عليه. (1)
(مسألة 193): المشهور أنه لو قطع إصبع شخص، وسرت الجناية إلى كفه
اتفاقا، ثبت القصاص في الكف، وفيه اشكال، والأظهر عدم ثبوته، وانما له قطع
إصبع الجاني وأخذ دية الكف منه، وأما إذا تعمد السراية، أو كانت الجناية مما
تسري عادة، فليس له القصاص في الإصبع وأخذ دية الكف، بل هو بالخيار بين
القصاص في تمام الكف وبين العفو وأخذ الدية مع التراضي.
(مسألة 194): لو قطع يده من مفصل الكوع، ثبت القصاص ولو قطع معها
بعض الذراع، فالمشهور أنه يقتص من الكوع ويأخذ الدية من الزائد حكومة،
ولكن لا وجه له، بل الظاهر هو القصاص من بعض الذراع ان أمكن، والا فالمرجع
هو الدية، كما أنه لو قطع يده من المرفق اقتص منها، وليس له الاقتصاص من
الكوع، وأخذ الأرش في الزائد، وكذا الحال إذا قطعت من فوق المرفق.
(مسألة 195): لو كانت للقاطع إصبع زائدة، وللمقطوع كذلك ثبت القصاص
بل لا يبعد ذلك فيما إذا كانت الزائدة في الجاني فقط، (2) وأما إذا كانت في المجني

(1) الأحوط وجوبا رد دية الفاضل من الجاني.
(2) بعد رد دية الزائدة.
544

عليه فقط فالمشهور (1) أن له الاقتصاص، وأخذ دية الزائدة وهي ثلث دية
الأصلية، وفيه اشكال، والأقرب عدمه.
(مسألة 196): لو قطع يمين شخص، فبذل الجاني شماله فقطعها المجني عليه
جاهلا بالحال، فالظاهر عدم سقوط القصاص عنه، فللمجني عليه أن يقطع يده
اليمنى، نعم إذا كان القطع معرضا للسراية مع وجود الجرح في اليسرى، لم يجز حتى
يندمل الجرح فيها، ثم إن الجاني إذا كان قد تعمد ذلك وكان يعلم أن قطع اليسرى
لا يجزي من قطع اليمنى فلا دية له، والا فله الدية، وإذا كان المجني عليه عالما بالحال
ومع ذلك قطعها، فالظاهر أن عليه القود مطلقا.
(مسألة 197): لو قطع يد رجل فمات، وادعى الولي الموت بالسراية، وأنكره
الجاني، فالقول قول الجاني، ومثله ما إذا قد الملفوف في الكساء نصفين فادعى الولي
أنه كان حيا وادعى الجاني أنه كان ميتا مع احتمال صدقه عادة.
(مسألة 198): لو قطع إصبع شخص من يده اليمنى مثلا، ثم قطع تمام اليد اليمنى
من شخص آخر ثبت القصاص عليه لكل منهما، فان اقتص الثاني الزم للأول بدية
الإصبع، وان اقتص الأول منه بقطع إصبعه قطع الثاني يده، وليس له أن يرجع إليه
بدية الإصبع كما تقدم.
(مسألة 199): إذا قطع إصبع رجل عمدا، فعفا المجني عليه قبل الاندمال أو
بعده سقط القصاص ولا دية أيضا، ولو قطع إصبعه خطأ أو شبيها بالعمد، فعفا المجني
عليه عن الدية سقطت، ولو عفا عن الجناية ثم سرت إلى الكف سقط القصاص في
الإصبع، وأما في الكف، فإن كانت السراية مقصودة للجاني، أو كانت تلك الجناية

(1) وهو الأقرب.
545

مما تؤدي إلى السراية غالبا وإن لم تكن مقصودة، ثبت القصاص في اليد، وأما إذا
كانت غير مقصودة، وكانت السراية اتفاقية ثبتت الدية دون القصاص، وكذلك
الحال إذا سرت إلى النفس.
(مسألة 200): لو عفا المجني عليه عن قصاص النفس لم يسقط، وكذا لو أسقط
دية النفس لم تسقط.
(مسألة 201): إذا اقتص من الجاني فسرت الجناية اتفاقا وبغير قصد إلى عضو
اخر منه أو إلى نفسه، فلا ضمان ولا دية.
(مسألة 202): لا يقتص من الجاني عمدا إذا التجأ إلى حرم الله تعالى، ولكن
يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيقتص منه، ولو جنى في الحرم جناية
اقتص منه فيه، ولا يلحق به حرم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومشاهد الأئمة (عليهم السلام).
* * *
546

كتاب الديات
الدية: هي المال المفروض في الجناية على النفس أو الطرف أو الجرح أو نحو ذلك.
(مسألة 203): تثبت الدية في موارد الخطأ المحض أو الشبيه بالعمد أو فيما
لا يكون القصاص فيه أو لا يمكن، وأما ما ثبت فيه القصاص بلا رد شئ فلا تثبت
فيه الدية إلا بالتراضي والتصالح، سواء أكان في النفس أم كان في غيرها، وقد تقدم
حكم ما يستلزم القصاص فيه الرد.
(مسألة 204): دية قتل المسلم متعمدا مأة بعير فحل من مسان الإبل، أو مائتا
بقرة أو ألف دينار - وكل دينار يساوي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي من الذهب
المسكوك - أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم وكل درهم يساوي 6 / 12 حمصة من
الفضة المسكوكة - فعشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية وربع المثقال - أو
مائتا حلة (1) وكل حلة ثوبان، وقيل: لابد أن يكون من أبراد اليمن وهو غير ثابت.
(مسألة 205): تستوفى دية العمد في سنة واحدة من مال الجاني، ويتخير
الجاني بين الأصناف المذكورة، فله اختيار أي صنف شاء وإن كان أقلها قيمة، وهو
عشرة آلاف درهم أو مائتا حلة (2) في زماننا هذا، وليس لولي المقتول إجباره

(1) في كونها من أصناف الدية تأمل.
(2) تقدم التأمل في كونها من الدية.
547

على صنف خاص من الأصناف المذكورة.
(مسألة 206): دية شبه العمد أيضا أحد الأمور الستة (1) وهي على الجاني
نفسه إلا أنه إذا اختار تأديتها من الإبل اعتبر أن تكون على الأوصاف التالية:
(أربعون) منها خلفة من بين ثنية إلى بازل عامها و (ثلاثون) حقة، و (ثلاثون)
بنت لبون.
(مسألة 207): المشهور بين الأصحاب أن دية شبه العمد تستوفى في سنتين
ولكن لا دليل عليه، بل الظاهر أنها تستوفى في ثلاث سنوات.
(مسألة 208): إذا هرب القاتل فيما يشبه العمد فلم يقدر عليه أو مات أخذت
الدية من ماله، فإن لم يكن له مال فالدية على الأقرب فالأقرب إليه.
(مسألة 209): دية الخطأ المحض أيضا أحد الأمور الستة (2) المذكورة وهي
تحمل على العاقلة.
(مسألة 210): إذا أرادت العاقلة أداء الدية من الإبل اعتبر أن يكون ثلاثون
منها حقة، وثلاثون منها بنت لبون، وعشرون منها بنت مخاض وعشرون منها ابن
لبون.
(مسألة 211): يستثنى من ثبوت الدية في القتل الخطائي ما إذا قتل مؤمنا في
دار الحرب معتقدا جواز قتله وأنه ليس بمؤمن فبان أنه مؤمن، فإنه لا تجب الدية
عندئذ وتجب فيه الكفارة فقط.
(مسألة 212): دية القتل في الأشهر الحرم عمدا أو خطأ دية كاملة وثلثها،

(1) على تأمل في السادس.
(2) في ثبوت السادس تأمل.
548

وعلى القاتل متعمدا مطلقا كفارة الجمع وهي عتق رقبة وصوم شهرين متتابعين
واطعام ستين مسكينا، وإذا كان القتل في الأشهر الحرم فلا بد وأن يكون الصوم فيها
فيصوم يوم العيد أيضا إذا صادفه، والكفارة مرتبة إذا كان القتل خطأ حتى إذا كان
في الأشهر الحرم على المشهور، وفيه إشكال، والأقرب أن الكفارة معينة فيما إذا وقع
القتل في الأشهر الحرم، وهي صوم شهرين متتابعين فيها، وهل يلحق بالقتل في
الأشهر الحرم في تغليظ الدية القتل في الحرم؟ فيه قولان، الأقرب عدم الالحاق،
ولا تغليظ في الجنايات على الأطراف إذا كانت في الأشهر الحرم.
(مسألة 213): دية المرأة الحرة المسلمة نصف دية الرجل الحر المسلم من جميع
الأجناس المتقدمة.
(مسألة 214): المشهور بين الأصحاب ان دية ولد الزنا إذا كان محكوما
بالاسلام دية المسلم، وقيل: إن ديته ثمانمائة درهم، وهو الأقرب. (1)
(مسألة 215): دية الذمي من اليهود والنصارى والمجوس ثمانمائة درهم ودية
نسائهم نصف ديتهم، وأما سائر الكفار فلا دية في قتلهم، كما لا قصاص فيه.
(مسألة 216): دية العبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحر، فان تجاوزت لم يجب
الزائد، وكذلك الحال في الأعضاء والجراحات، فما كانت ديته كاملة كالأنف
واللسان واليدين والرجلين والعينين ونحو ذلك، فهو في العبد قيمته، وما كانت ديته
نصف الدية، كاحدى اليدين أو الرجلين فهو في العبد نصف قيمته وهكذا.
(مسألة 217): لو جنى على عبد بما فيه قيمته، كأن قطع لسانه أو أنفه أو يديه
لم يكن لمولاه المطالبة بها إلا مع دفع العبد إلى الجاني، كما أنه ليس له المطالبة ببعض

(1) بل الأقرب ما عليه المشهور.
549

القيمة مع العفو عن بعضها الأخر ما لم يدفع العبد إليه، وأما لو جنى عليه بما
لا يستوعب قيمته كان لمولاه المطالبة بدية الجناية مع إمساك العبد، وليس له إلزام
الجاني بتمام القيمة مع دفع العبد إليه.
(مسألة 218): كل جناية لا مقدر فيها شرعا ففيها الأرش فيؤخذ من الجاني
إن كانت الجناية عمدية أو شبه عمد والا فمن عاقلته، وتعيين الأرش بنظر
الحاكم (1) بعد رجوعه في ذلك إلى ذوي عدل من المؤمنين.
(مسألة 219): لا دية لمن قتله الحد أو التعزير وقيل: إن ديته إذا كان الحد
للناس من بيت مال المسلمين، ولكنه ضعيف.
(مسألة 220): إذا بان فسق الشاهدين أو الشهود بعد قتل المشهود عليه
فلا ضمان على الحاكم، بل كانت ديته في بيت مال المسلمين.
(مسألة 221): من اقتض بكرا أجنبية، فإن كانت حرة لزمه مهر نسائها،
ولا فرق في ذلك بين كون الاقتضاض بالجماع أو بالإصبع أو بغير ذلك، أما إذا كانت
أمة لزمه عشر قيمتها.
(مسألة 222): من أكره امرأة أجنبية غير بكر فجامعها فعليه مهر المثل، وأما
إذا كانت مطاوعة فلا مهر لها سواء أكانت بكرا أم لم تكن.
(مسألة 223): لو أدب الزوج زوجته تأديبا مشروعا فأدى إلى موتها اتفاقا
قيل: إنه لا دية عليه كما لا قود، ولكن الظاهر ثبوت الدية، وكذلك الحال في الصبي
إذا أدبه وليه تأديبا مشروعا فأدى إلى هلاكه.
(مسألة 224): إذا أمر شخصا بقطع عقدة في رأسه مثلا ولم يكن القطع مما يؤدي

(1) دخل نظر الحاكم في تعيين الأرش مبنى على الاحتياط.
550

إلى الموت غالبا، فقطعها فمات فلا قود وكذلك لا دية على القاطع إذا كان قد أخذ
البراءة من الآمر، وإلا فعليه الدية.
(مسألة 225): لو قطع عدة أعضاء شخص خطأ، فإن لم يسر القطع، فعلى
الجاني دية تمام تلك الأعضاء المقطوعة، وإن سرى فإن كان القطع متفرقا فعليه دية
كل عضو إلا الأخير زائدة على دية النفس، وأما العضو الأخير المترتب على قطعه
الموت فتتداخل ديته في دية النفس، وإن كان قطعها بضربة واحدة دخلت دية
الجميع في دية النفس، فعلى الجاني دية واحدة وهي دية النفس، وان شك في
السراية فهل لولي المجني عليه مطالبة الجاني بدية الأعضاء المقطوعة أم ليس له إلا
دية النفس؟ قولان، الأظهر هو الأول.
موجبات الضمان
وهي أمران: (المباشرة، التسبيب).
(مسألة 226): من قتل نفسا من دون قصد إليه، ولا إلى فعل يترتب عليه القتل
عادة، كمن رمى هدفا فأصاب انسانا أو ضرب صبيا مثلا تأديبا فمات اتفاقا أو نحو
ذلك ففيه الدية دون القصاص.
(مسألة 227): يضمن الطبيب ما يتلف بعلاجه مباشرة إذا عالج المجنون أو
الصبي بدون اذن وليه، أو عالج بالغا عاقلا بدون اذنه، وكذلك مع الاذن إذا قصر،
وأما إذا اذن له المريض في علاجه ولم يقصر، ولكنه آل إلى التلف اتفاقا، فهل عليه
ضمان أم لا؟ قولان، الأقرب هو الأول، وكذلك الحال إذا عالج حيوانا بإذن صاحبه
وآل إلى التلف هذا إذا لم يأخذ الطبيب البراءة من المريض أو وليه أو صاحب
الدابة، وأما إذا أخذها فلا ضمان عليه.
551

(مسألة 228): إذا انقلب النائم غير الظئر فاتلف نفسا أو طرفا منها،
قيل (1) ان الدية في ماله، وقيل إنها على عاقلته وفي كلا القولين اشكال،
والأقرب عدم ثبوت الدية.
(مسألة 229): لو أتلفت الظئر طفلا وهي نائمة بانقلابها عليه أو حركتها، فإن كانت
انما ظايرت طلبا للعز والفخر، فالدية في مالها، وإن كانت مظايرتها للفقر،
فالدية على عاقلتها.
(مسألة 230): إذا أعنف الرجل بزوجته جماعا في قبل أو دبر أو ضمها إليه
بعنف فماتت الزوجة فلا قود، ولكن يضمن الدية في ماله، وكذلك الحال في الزوجة
إذا أعنفت بزوجها فمات.
(مسألة 231): من حمل متاعا على رأسه فأصاب إنسانا فعليه ديته في ماله،
ويضمن المال إذا تلف منه شئ على المشهور، وفيهما إشكال، والأقرب أن الدية
على العاقلة، (2) ولا ضمان عليه في تلف المال إذا كان مأمونا غير مفرط.
(مسألة 232): من صاح على أحد فمات، فإن كان قصد ذلك أو كانت الصيحة
في محل يترتب عليها الموت عادة وكان الصائح يعلم بذلك فعليه القود، وإلا فعليه
الدية، هذا فيما إذا علم استناد الموت إلى الصيحة، وإلا فلا شئ عليه، ومثل ذلك ما
لو شهر سلاحه في وجه إنسان فمات.
(مسألة 233): لو صدم شخصا عمدا غير قاصد لقتله، ولم تكن الصدمة مما
يترتب عليه الموت عادة، فاتفق موته فديته في مال الصادم، وأما إذا مات الصادم

(1) وهو الأقرب.
(2) بل الأقرب أن الدية في ماله.
552

فدمه هدر، وكذلك إذا كان الصادم المقتول غير قاصد للصدم وكان المصدوم واقفا
في ملكه أو نحوه مما لا يكون فيه تفريط من قبله، وأما إذا كان واقفا في مكان
لا يسوغ له الوقوف فيه كما إذا وقف في طريق المسلمين وكان ضيقا فصدمه انسان
من غير قصد فمات كان ضمانه على المصدوم.
(مسألة 234): لو اصطدم حران بالغان عاقلان قاصدان ذلك فماتا اتفاقا،
ضمن كل واحد منهما نصف دية الآخر، ولا فرق في ذلك بين كونهما مقبلين أو
مدبرين أو مختلفين.
(مسألة 235): لو تصادم فارسان فمات الفرسان أو تعيبا فعلى كل واحد منهما
نصف قيمة فرس الأخر أو نصف الأرش، هذا إذا كان الفارس مالكا للفرس، وأما
إذا كان غيره ضمن نصف قيمة كل من الفرسين لمالكيهما، هذا كله إذا كان التلف
مستندا إلى فعل الفارس، وأما إذا استند إلى أمر آخر كإطارة الريح ونحوها مما هو
خارج عن اختيار الفارس لم يضمن شيئا، ومثله ما إذا كان الاصطدام من طرف
واحد، أو كان التعدي منه فإنه لا ضمان حينئذ على الطرف الآخر، بل الضمان على
المصطدم أو المتعدي، ويجري ما ذكرناه من التفصيل في غير الفرس من المراكب
سواء أكان حيوانا أم سيارة أم سفينة أم غيرها.
(مسألة 236): إذا اصطدم صبيان راكبان بأنفسهما أو بإذن ولييهما اذنا سائغا
فماتا فعلى عاقلة كل منهما نصف دية الأخر.
(مسألة 237): لو اصطدم عبدان بالغان عاقلان سواء أكانا راكبين أم راجلين
أم مختلفين فماتا فلا شئ على مولاهما.
(مسألة 238): إذا اصطدم عبد وحر فماتا اتفاقا فلا شئ على مولى العبد ولاله
من دية العبد شئ.
553

(مسألة 239): إذا اصطدم فارسان فمات أحدهما دون الأخر ضمن الأخر
نصف دية المقتول، والنصف الآخر منها هدر.
(مسألة 240): إذا اصطدمت امرأتان إحداهما حامل والاخرى غير حامل
فماتتا سقطت ديتهما، وإذا قتل الجنين فعلى كل واحدة منهما نصف ديته إن كان القتل
شبيه عمد، كما إذا كانتا قاصدتين للاصطدام وعالمتين بالحمل، والا فالقتل خطأ
محض، فالدية على عاقلتهما، ومن ذلك يظهر حال ما إذا كانت كلتاهما حاملا.
(مسألة 241): لو رمى إلى طرف قد يمر فيه إنسان فأصاب عابرا اتفاقا، فالدية
على عاقلة الرامي، وإن كان الرامي قد أخبر من يريد العبور بالحال، وحذره فعبر
والرامي جاهل بالحال فأصابه الرمي فقتله لم يكن عليه شئ.
ولو اصطحب العابر صبيا فأصابه الرمي فمات فهل فيه دية على العابر أو
الرامي أو على عاقلتهما؟ فيه خلاف، والأقرب هو التفصيل، فمن كان منهما عالما
بالحال فعليه نصف الدية، ومن كان جاهلا بها فعلى عاقلته كذلك.
(مسألة 242): إذا أخطأ الختان فقطع حشفة غلام ضمن.
(مسألة 243): من سقط من شاهق على غيره اختيارا فقتله، فإن كان قاصدا
قتله أو كان السقوط مما يقتل غالبا فعليه القود، والا فعليه الدية، وان قصد السقوط
على غيره ولكن سقط عليه خطأ فالدية على عاقلته.
(مسألة 244): إذا سقط من شاهق على شخص بغير اختياره كما لو ألقته الريح
الشديدة أو زلت قدمه فسقط فمات الشخص، فالظاهر أنه لا دية لا عليه ولا على
عاقلته، كما لا قصاص عليه.
(مسألة 245): لو دفع شخصا على آخر فان أصاب المدفوع شئ فهو على الدافع
بلا إشكال، وأما إذا مات المدفوع عليه فالدية على المدفوع، وهو يرجع إلى الدافع.
554

(مسألة 246): لو ركبت جارية جارية أخرى فنخستها جارية ثالثة فقمصت
الجارية المركوبة قهرا وبلا اختيار فصرعت الراكبة فماتت فالدية على الناخسة دون
المنخوسة.
(فروع)
(الأول) - من دعا غيره ليلا فأخرجه من منزله فهو له ضامن حتى يرجع إلى
منزله، فان فقد ولم يعرف حاله فعليه ديته، نعم ان ادعى أهل الرجل القتل على
الداعي المخرج، فقد تقدم حكمه في ضمن مسائل الدعاوي.
(الثاني) - أن الظئر إذا جاءت بالولد، فأنكره أهله صدقت ما لم يثبت كذبها،
فان علم كذبها وجب عليها احضار الولد، والمشهور أن عليها الدية مع عدم
احضارها الولد، ووجهه غير ظاهر، ولو ادعت الظئر أن الولد قد مات صدقت.
(الثالث) - لو استأجرت الظئر امرأة أخرى ودفعت الولد إليها بغير اذن أهله،
فجهل خبره، ولم تأت بالولد فعليها دية كاملة.
(فروع التسبيب)
(مسألة 247): إذا أدخلت المرأة أجنبيا في بيت زوجها فجاء الزوج وقتل
الرجل فهل تضمن المرأة ديته؟ فيه وجهان والأقرب عدم الضمان.
(مسألة 248): لو وضع حجرا في ملكه لم يضمن دية العاثر به اتفاقا، ولو وضعه
في ملك غيره أو في طريق مسلوك وعثر به شخص فمات أو جرح ضمن ديته،
وكذلك لو نصب سكينا أو حفر بئرا في ملك غيره أو في طريق المسلمين فوقع عليه أو
فيها شخص فجرح أو مات ضمن ديته، هذا إذا كان العابر جاهلا بالحال، وأما إذا
555

كان عالما بها فلا ضمان له.
(مسألة 249): لو حفر في طريق المسلمين ما فيه مصلحة العابرين، فاتفق
وقوع شخص فيه فمات، قيل: لا يضمن الحافر وهو قريب.
(مسألة 250): لو كان يعلم صبيا السباحة فغرق الصبي اتفاقا ضمن المعلم إذا
كان الغرق مستندا إلى فعله، وكذا الحال إذا كان بالغا رشيدا وقد تقدم حكم التبري
عن الضمان.
(مسألة 251): إذا اشترك جماعة في قتل واحد منهم خطأ كما إذا اشتركوا في
هدم حائط مثلا، فوقع على أحدهم فمات سقط من الدية بقدر حصة المقتول والباقي
منها على عاقلة الباقين، فإذا كان الاشتراك بين اثنين سقط نصف الدية لأنه نصيب
المقتول، ونصفها الآخر على عاقلة الباقي، وإذا كان الاشتراك بين ثلاثة سقط ثلث
الدية، وثلثان منها على عاقلة الشخصين الباقيين وهكذا.
(مسألة 252): لو أراد اصلاح سفينة حال سيرها فغرقت بفعله، كما لو أسمر
مسمارا فقلع لوحة أو أراد ردم موضع فانهتك ضمن ما يتلف فيها من مال لغيره أو
نفس.
(مسألة 253): لا يضمن مالك الجدار ما يتلف من انسان أو حيوان بوقوع
جداره عليه إذا كان قد بناه في ملكه أو في مكان مباح، وكذلك الحال لو وقع في
طريق فمات شخص بغباره، نعم لو بناه مائلا إلى غير ملكه أو بناه في ملك غيره
فوقع على انسان أو حيوان اتفاقا فمات ضمن، ولو بناه في ملكه ثم مال إلى الطريق
أو إلى غير ملكه فوقع على عابر فمات ضمن مع علمه بالحال وتمكنه من الإزالة أو
الاصلاح قبل وقوعه، ولو وقع مع جهله أو قبل تمكنه من الإزالة أو الاصلاح
لم يضمن.
556

(مسألة 254): يجوز نصب الميازيب وتوجيهها نحو الطرق النافذة، فلو وقعت
على انسان أو حيوان فتلف لم يضمن، نعم إذا كانت في معرض الانهيار مع علم
المالك بالحال وتمكنه من الإزالة أو الاصلاح ضمن، وفي حكم ذلك اخراج الرواشن
والأجنحة.
(مسألة 255): لو أجج نارا في ملكه فسرت إلى ملك غيره اتفاقا لم يضمن الا
إذا كانت في معرض السراية، كما لو كانت كثيرة أو كانت الريح عاصفة فإنه يضمن
ولو أججها في ملك غيره بدون اذنه ضمن ما يتلف بسببها من الأموال والأنفس،
ولو كان قاصدا اتلاف النفس، أو كان التأجيج مما يترتب عليه ذلك عادة وان
لم يكن المقصود اتلافها ولم يكن الشخص التالف متمكنا من الفرار والتخلص ثبت
عليه القود.
(مسألة 256): لو ألقى قشر بطيخ أو موز ونحوه في الطريق، أو أسال الماء فيه
فزلق به انسان فتلف أو كسرت رجله مثلا ضمن.
(مسألة 257): لو وضع اناء على حائط وكان في معرض السقوط فسقط فتلف
به انسان أو حيوان ضمن، وان لم يكن كذلك وسقط اتفاقا لعارض لم يضمن.
(مسألة 258): يجب على صاحب الدابة حفظ دابته الصائلة، كالبعير المغتلم،
والكلب العقور، فلو أهملهما وجنيا على شخص ضمن جنايتهما، نعم لو جهل المالك
بالحال أو علم، ولكنه لم يفرط فلا ضمان عليه ولو جنى على صائلة، فإن كان دفاعا
عن نفسه أو ماله لم يضمن والا ضمن، وإن كانت جنايته انتقاما من جنايتها على
نفس محترمة أو غيرها.
(مسألة 259): إذا كان حفظ الزرع على صاحبه في النهار - كما جرت العادة به -
فلا ضمان فيما أفسدته البهائم، نعم إذا أفسدته ليلا فعلى صاحبها الضمان.
557

(مسألة 260): لو هجمت دابة على أخرى، فجنت الداخلة ضمن صاحبها
جنايتها إذا فرط في حفظها، وإلا فلا، ولو جنت بها المدخولة كانت هدرا.
(مسألة 261): إذا دخل دار قوم فعقره كلبهم ضمنوا جنايته إن كان الدخول
باذنهم، والا فلا ضمان عليهم، وإذا عقر الكلب انسانا خارج الدار، فإن كان العقر
في النهار ضمن صاحبه، وإن كان في الليل فلا ضمان.
(مسألة 262): إذا أتلفت الهرة المملوكة مال أحد، فهل يضمن مالكها؟ قال
الشيخ، نعم بالتفريط مع الضراوة، والأظهر عدم الضمان مطلقا.
(مسألة 263): يضمن راكب الدابة وقائدها ما تجنيه بيديها، وكذلك ما تجنيه
برجليها إن كانت الجناية مستندة إليهما بأن كانت بتفريط منهما، والا فلا ضمان، كما
أنهما لا يضمنان ما ضربته الدابة بحافرها، الا إذا عبث بها أحد فيضمن العابث
جنايتها، وأما السائق فيضمن ما تجنيه الدابة برجلها دون يدها، الا إذا كانت
الجناية مستندة إليه بتفريطه، فإنه يضمن.
(مسألة 264): المشهور أن من وقف بدابته فعليه ضمان ما تصيبه بيدها
ورجلها، وفيه اشكال، والأقرب عدم الضمان. (1)
(مسألة 265): لو ركب الدابة رديفان، فوطأت شخصا فمات أو جرح، فالضمان
عليهما بالسوية.
(مسألة 266): إذا ألقت الدابة راكبها فمات أو جرح فلا ضمان على مالكها، نعم
لو كان القاؤها له مستندا إلى تنفيره ضمن.
(مسألة 267): لو حمل المولى عبده على دابته فوطأت رجلا، ضمن المولى

(1) في عدم الضمان اشكال.
558

ديته، ولا فرق في ذلك بين أن يكون العبد بالغا أو غير بالغ، ولو كانت جنايتها على
مال لم يضمن.
(مسألة 268): لو شهر سلاحه في وجه انسان، ففر وألقى نفسه في بئر أو من شاهق
اختيارا فمات فلا ضمان عليه، وأما إذا كان بغير اختيار كما إذا كان أعمى أو بصيرا لا يعلم
به، فقيل: انه يضمن، ولكنه لا يخلو من اشكال، بل لا يبعد عدم الضمان، (1) وكذلك
الحال إذا اضطره إلى مضيق فافترسه سبع اتفاقا أو ما شاكل ذلك.
(مسألة 269): لو أركب صبيا بدون اذن الولي على دابة وكان في معرض
السقوط فوقع فمات، ضمن ديته، (2) ولو أركب صبيين كذلك فتصادما فتلفا،
ضمن ديتهما تماما إن كان المركب واحدا، وان كانا اثنين فعلى كل واحد منهما نصف
دية كل منهما وان كانوا ثلاثة فعلى كل منهم ثلث دية كل منهما وهكذا، وكذلك الحال
إذا أركبهما وليهما مع وجود المفسدة فيه.
(فروع تزاحم الموجبات)
(مسألة 270): إذا كان أحد شخصين مباشرا للقتل والاخر سببا له ضمن
المباشر، كما إذا حفر بئرا في غير ملكه ودفع الأخر ثالثا إليها فسقط فيها فمات،
فالضمان على الدافع إذا كان عالما، وأما إذا كان جاهلا فالمشهور أن الضمان على
الحافر، (3) وفيه اشكال، ولا يبعد كون الضمان على كليهما، وإذا أمسك أحدهما

(1) بل بعيد، وكذا في الاضطرار.
(2) وكذا إذا لم يكن في معرض السقوط على الأحوط.
(3) وهو الأقوى.
559

شخصا وذبحه الأخر فالقاتل هو الذابح كما تقدم، وإذا وضع حجرا - مثلا - في كفة
المنجنيق وجذبه الأخر فأصاب شخصا فمات أو جرح فالضمان على الجاذب دون
الواضع.
(مسألة 271): لو حفر بئرا في ملكه وغطاها ودعا غيره فسقط فيها، فإن كانت
البئر في معرض السقوط كما لو كانت في ممر الدار وكان قاصدا للقتل أو كان السقوط
فيها مما يقتل غالبا ثبت القود، والا فعليه الدية، وان لم تكن في معرض السقوط
واتفق سقوطه فيها لم يضمن.
(مسألة 272): لو اجتمع سببان لموت شخص، كما إذا وضع أحد حجرا - مثلا -
في غير ملكه وحفر الأخر بئرا فيه فعثر ثالث بالحجر وسقط في البئر فمات، فالأشهر
ان الضمان على من سبقت جنايته، وفيه اشكال، فالأظهر ان الضمان على كليهما، نعم
إذا كان أحدهما متعديا كما إذا حفر بئرا في غير ملكه والاخر لم يكن متعديا كما إذا
وضع حجرا في ملكه فمات العاثر بسقوطه في البئر فالضمان على المتعدي.
(مسألة 273): إذا حفر بئرا في الطريق عدوانا فسقط شخصان فيها فهلك كل
واحد منهما بسقوط الأخر فيها فالضمان على الحافر.
(مسألة 274): لو قال لاخر: ألق متاعك في البحر لتسلم السفينة من الغرق
والخطر وكانت هناك قرينة على المجانية وعدم ضمان الآمر فألقاه المأمور فلا ضمان
على الآمر، ولو أمر به وقال: وعلي ضمانه ضمن إذا كان الالقاء لدفع الخوف ونحوه
من الدواعي العقلائية، واما إذا لم يكن ذلك ومع هذا قال: الق متاعك في البحر
وعلي ضمانه، فالمشهور على أنه لا ضمان عليه بل ادعي الاجماع عليه، وفيه اشكال،
والأقرب هو الضمان.
(مسألة 275): لو أمر شخصا بالقاء متاعه في البحر وقال: علي وعلى ركاب
560

السفينة ضمانه، فان قال ذلك من قبلهم بتخيل انهم راضون به ولكنهم بعد ذلك
اظهروا عدم الرضا به، ضمن الآمر بقدر حصته دون تمام المال، وكذلك الحال فيما إذا
ادعى الاذن من قبلهم ولكنهم أنكروا ذلك، واما إذا قال ذلك مدعيا الاذن منهم أو
بدونه ولكن مع ذلك قال: لو لم يعط هؤلاء فانا ضامن، فإنه يضمن التمام إذا لم يقبلوا.
(مسألة 276): إذا وقع من شاهق أو في بئر أو ما شاكل ذلك فتعلق بأخر ضمن
ديته، وإذا تعلق الثاني بالثالث ضمن كل من الأول والثاني نصف دية الثالث، وإذا
تعلق الثالث بالرابع ضمن كل من الثلاثة ثلث دية الرابع، وإذا تعلق الرابع بالخامس
ضمن كل من الأربعة ربع دية الخامس وهكذا، هذا كله فيما إذا علم بتعلق المجذوب
بالآخر، والا فالقتل بالإضافة إليه خطأ محض، والدية فيه على العاقلة، نعم يستثنى
من ذلك ما إذا وقع في زبية الأسد فتعلق بالآخر وتعلق الثاني بالثالث والثالث
بالرابع فقتلهم الأسد ضمن أهل الأول ثلث دية الثاني، والثاني ثلثي دية الثالث
والثالث تمام دية الرابع.
(مسألة 277): لو جذب غيره إلى بئر مثلا فسقط المجذوب فمات الجاذب
بسقوطه عليه فدمه هدر، ولو مات المجذوب فقط ضمنه الجاذب، فإن كان قاصدا
لقتله أو كان عمله مما يؤدي إلى القتل عادة فعليه القود، وإلا فعليه الدية، وإذا مات
كلاهما معا فدم الجاذب هدر ودية المجذوب في مال الجاذب.
(مسألة 278): لو سقط في بئر مثلا فجذب ثانيا، والثاني ثالثا فسقطوا فيها
جميعا فماتوا بسقوط كل منهم على الأخر، فعلى الأول ثلاثة أرباع دية الثاني، وعلى
الثاني ربع دية الأول وعلى كل واحد من الأول والثاني نصف دية الثالث ولا شئ
على الثالث، ومن ذلك يظهر الحال فيما إذا جذب الثالث رابعا وهكذا.
561

(ديات الأعضاء)
وفيها فصول
الفصل الأول في دية القطع
(مسألة 279): في قطع كل عضو من أعضاء الانسان أو ما بحكمه الدية، وهي
على قسمين:
(الأول) - ما ليس فيه مقدر خاص في الشرع.
(الثاني) - ما فيه مقدر كذلك.
(إما الأول) فالمشهور أن فيه الأرش، ويسمى بالحكومة، وهو أن يفرض الحر
مملوكا فيقوم صحيحا مرة وغير صحيح أخرى ويؤخذ ما به التفاوت، بينهما إذا
كانت الجناية توجب التفاوت، واما إذا لم توجبه فالأمر بيد الحاكم، فله أن يأخذ
من الجاني ما يرى فيه مصلحة، وفيه اشكال، والأظهر ان له ذلك مطلقا حتى فيما إذا
كانت الجناية موجبة للتفاوت.
وأما (الثاني) فهو في ستة عشر موضعا.
(الأول) - الشعر
ففي اللحية إذا حلقت فان نبتت ففيه ثلث الدية، وان لم تنبت ففيه الدية كاملة،
وفي شعر الرأس إذا ذهب، فإن لم ينبت ففيه الدية كاملة، وان نبت ففيه الحكومة،
وفي شعر المرأة إذا حلق، فان نبت ففيه مهر نسائها، وان لم ينبت ففيه الدية كاملة،
وفي شعر الحاجب إذا ذهب كله فديته نصف دية العين: مأتان وخمسون دينارا، وإذا
ذهب بعضه فعلى حساب ذلك.
562

(الثاني) - العينان
وفيهما الدية كاملة، وفي كل منهما نصف الدية، ولا فرق في ذلك بين العين
الصحيحة والعمشاء والحولاء والجاحظة، والمشهور أن في الأجفان الأربعة الدية
كاملة، وفيه اشكال، والأقرب العدم، بل إن في الجفن الاعلى ثلث دية العين وهو
مائة وستة وستون دينارا وثلثا دينار (1) وفي الجفن الأسفل نصف دية العين
وهو مأتان وخمسون دينارا، واما الأهداب فلا تقدير فيها شرعا كما أنه ليس فيها
شئ إذا انضمت مع الأجفان، وفيها الحكومة إذا انفردت.
(مسألة 280): لو قلعت الأجفان مع العينين لم تتداخل ديتاهما.
(مسألة 281): إذا قلعت العين الصحيحة من الأعور ففيه الدية كاملة،
والمشهور قيدوا ذلك بما إذا كان العور خلقة أو بآفة سماوية، واما إذا كان بجناية فعليه
نصف الدية وفيه اشكال، (2) والأقرب عدم الفرق، كما أنه لا فرق فيما إذا كان
العور بالجناية بين ما إذا أخذ الأعور ديتها من الجاني وما إذا لم يأخذها، وفي خسف
العين العوراء ثلث الدية من دون فرق في ذلك بين كونه أصليا أو عارضيا، وكذلك
الحال في قطع كل عضو مشلول فان الدية فيه ثلث دية الصحيح.
(مسألة 282): لو قلع عين شخص وادعى انها كانت قائمة لا تبصر وادعى
المجني عليه انها كانت صحيحة، ففيه قولان، والأظهر ان القول قول المجني عليه مع

(1) هذا إذا شتر الجفن، واما إذا قطع فلا يترك الاحتياط بالصلح في الزائد على
الثلث إلى النصف، كما لابد من رعاية هذا الاحتياط في قطع الأجفان الأربعة.
(2) والأحوط في الزائد على النصف الصلح.
563

يمينه، وكذلك الحال فيما إذا كان الاختلاف بينهما في سائر الأعضاء من هذه الناحية.
(الثالث) - الانف
إذا استؤصل الأنف أو قطع مارنه ففيه الدية كاملة، وفي قطع روثته نصف ديته.
(مسألة 283): في دية قطع إحدى المنخرين خلاف، قيل: إنها نصف الدية
وقيل: ربع الدية، والصحيح انها ثلث الدية.
(الرابع) - الأذنان
وفيهما الدية كاملة، وفي إحداهما نصف الدية وفي بعضهما بحساب ذلك وفي
شحمة الأذن ثلث ديتها.
(الخامس) - الشفتان
وفيهما الدية كاملة، وفي كل منهما نصف الدية وما قطع منهما فبحسابهما.
(السادس) - اللسان
وفي استيصال اللسان الصحيح الدية كاملة، وفي قطع لسان الأخرس ثلث
الدية، وفيما قطع من لسانه فبحسابه مساحة، واما في اللسان الصحيح فيحاسب
بحروف المعجم ويعطي الدية بحساب ما لا يفصح منها.
(مسألة 284): المشهور بين الأصحاب ان حروف المعجم ثمانية وعشرون
حرفا وفيه اشكال، والأظهر انها تسعة وعشرون حرفا.
(مسألة 285): لا اعتبار بالمساحة في المقدار المقطوع من اللسان الصحيح فيما
564

إذا أوجب ذهاب المنفعة، لما عرفت من أن العبرة فيه بحروف المعجم، فلو قطع ربع
لسانه وذهب نصف كلامه ففيه نصف الدية، ولو قطع نصفه وذهب ربع كلامه ففيه
ربع الدية.
(مسألة 286): لو جنى على شخص فذهب بعض كلامه بقطع بعض لسانه أو
بغير ذلك فاخذ الدية ثم عاد كلامه قيل: تستعاد الدية، ولكن الصحيح هو التفصيل
بين ما إذا كان العود كاشفا عن أن ذهابه كان عارضيا ولم يذهب حقيقة وبين ما إذا
ذهب واقعا، فعلى الأول تستعاد الدية واما على الثاني فلا تستعاد.
(مسألة 287): لو كان اللسان ذا طرفين كالمشقوق فقطع أحدهما دون الأخر
كان الاعتبار بالحروف فان نطق بالجميع فلا دية مقدرة، وفيه الحكومة، وان نطق
ببعضها دون بعض أخذت الدية بنسبة ما ذهب منها.
(مسألة 288): في قطع لسان الطفل الدية كاملة، واما إذا بلغ حدا ينطق مثله
وهو لم ينطق فان علم أو اطمأن بأنه أخرس ففيه ثلث الدية والا فالدية كاملة.
(السابع) - الأسنان
وفيها الدية كاملة وتقسم الدية على ثمانية وعشرين سنا، ست عشرة في
مواخير الفم، واثنتي عشرة في مقاديمه، ودية كل سن من المقاديم إذا كسرت حتى
يذهب خمسون دينارا، فيكون المجموع ستمائة دينار، ودية كل سن من المواخير إذا
كسرت حتى يذهب على النصف من دية المقاديم خمسة وعشرون دينارا، فيكون
ذلك أربعمائة دينار، والمجموع ألف دينار فما نقص فلا دية له، وكذلك ما زاد عليها،
وفيه الحكومة إذا قلع منفردا.
(مسألة 289): إذا ضربت السن انتظر بها سنة واحدة فان وقعت غرم
565

الضارب ديتها، وان لم تقع واسودت غرم ثلثي ديتها، وفي سقوطها بعد الاسوداد
ثلث ديتها على المشهور، وفيه اشكال، والأظهر ان فيه ربع ديتها. (1)
(مسألة 290): لا فرق في ثبوت الدية بين قلع السن من أصلها الثابت في اللثة
وبين كسرها منها، واما إذا كسرها أحد من اللثة وقلعها منها اخر فعلى الأول ديتها
وعلى الثاني الحكومة.
(مسألة 291): المشهور (2) بين الأصحاب انه لو قلع سن الصغير أو كسرت
تماما ينتظر بها سنة، فان نبتت لزم الأرش والا ففيها الدية، ولكن دليله غير ظاهر،
فلا يبعد ثبوت الدية مطلقا.
(مسألة 292): لو زرع الانسان في موضع السن المقلوعة عظما فثبت فيه ثم
قلعه قالع فلا دية فيه، ولكن فيه الحكومة.
(الثامن) - اللحيان
وهما العظمان اللذان يلتقيان في الذقن، ويتصل طرفاهما بالاذن من جانبي
الوجه وعليهما نبات الأسنان، وفيهما الدية كاملة، وفي كل واحدة منهما نصف الدية،
هذا فيما إذا قلعا منفردين عن الأسنان ولو قلعا مع الأسنان ففي كل منهما ديته.
(التاسع) - اليدان
وفيهما الدية كاملة، وفي كل واحدة منهما نصف الدية، ولا حكم للأصابع

(1) بل الأظهر هو الثلث.
(2) وهو الأقوى.
566

مع قطع اليد.
(مسألة 293): لا ريب في ثبوت الدية بقطع اليد من الزند، واما إذا قطع معها
مقدار من الزند ففيه خلاف، والمشهور بين الأصحاب: ان فيه دية قطع اليد
والأرش لقطع الزائد، وفيه اشكال، بل لا يبعد الاقتصار فيه على الدية فقط.
(مسألة 294): إذا كان لشخص يدان على زند إحداهما أصلية والأخرى
زائدة، فان قطعت اليد الأصلية ففيها خمسمائة دينار، وان قطعت اليد الزائدة قيل: إن
ديتها ثلث دية اليد، وهو لا يخلو عن اشكال، والأقرب ان المرجع فيه هو
الحكومة.
(مسألة 295): لو اشتبهت اليد الأصلية بالزائدة ولم يمكن تمييز إحداهما عن
الأخرى لتساويهما في البطش والقوة وغيرهما من الجهات فان قطعتا معا ففيه الدية
كاملة والحكومة، وان قطعت إحداهما دون الأخرى ففيه الحكومة ما لم تزد على دية
اليد الكاملة.
(مسألة 296): لو قطع ذراع لا كف لها ففيه نصف الدية وكذا الحال في العضد.
(العاشر) - الأصابع
المشهور ان في قطع كل واحد من أصابع اليدين أو الرجلين عشر الدية، وعن
جماعة ان في قطع الابهام ثلث دية اليد أو الرجل، وفي كل واحد من الأربعة البواقي
سدس دية اليد أو الرجل وهو الصحيح.
(مسألة 297): دية كل إصبع مقسومة على ثلاث أنامل ما عدا الابهام فان
ديتها مقسومة على أنملتين، فإذا قطع المفصل الأوسط من الأصابع الأربع فديتها
خمسة وخمسون دينارا وثلث دينار، وان قطع المفصل الاعلى منها فديتها سبعة
وعشرون دينارا وثمانية أعشار دينار.
567

(مسألة 298): في فصل الظفر من كل إصبع من أصابع اليد خمسة دنانير، وقيل: إن
لم ينبت الظفر أو نبت اسود ففيه عشرة دنانير، وهو ضعيف.
(مسألة 299): في فصل ظفر الابهام من القدم ثلاثون دينارا، وفي فصله من كل
إصبع غير الابهام عشرة دنانير.
(مسألة 300): في الإصبع الزائدة في اليد أو الرجل ثلث دية الإصبع
الصحيحة، وفي قطع العضو المشلول ثلث ديته.
(الحادي عشر) - النخاع
المشهور (1) ان في قطعه الدية كاملة، وهو لا يخلو عن اشكال بل لا يبعد
فيه الحكومة.
(الثاني عشر) - الثديان
وفي قطعهما الدية كاملة، وفي كل منهما نصف الدية، ولو قطعهما مع شئ من
جلد الصدر ففي قطعهما الدية، وفي قطع الجلد الحكومة، ولو أجاف الصدر مع ذلك
ففيه زائدا على ذلك دية الجائفة.
(مسألة 301): في كل واحد من الحلمتين من الرجل ثمن الدية، وكذلك الحال في
قطع حلمة المرأة.
(الثالث عشر) - الذكر
وفي قطع الحشفة وما زاد الدية كاملة، ولا فرق في ذلك بين الشاب والشيخ

(1) وهو الأقوى.
568

والصغير والكبير، واما من سلت خصيتاه فإن لم يؤد ذلك إلى شلل ذكره ففي قطعه
تمام الدية، وان أدي إليه ففيه ثلث الدية، وكذلك الحال في قطع ذكر الخصي.
(مسألة 302): في قطع بعض الحشفة الدية بنسبة دية المقطوع من الكمرة.
(مسألة 303): إذا قطع حشفة شخص، وقطع آخر ما بقي من ذكره فعلى الأول
الدية كاملة وعلى الثاني الحكومة.
(مسألة 304): المشهور ان في قطع ذكر العنين ثلث الدية، وهو لا يخلو عن
اشكال، والأظهر ان فيه الدية كاملة.
(مسألة 305): في قطع الخصيتين الدية كاملة، وقيل: (1) في قطع اليسرى ثلثا
الدية، وفي اليمنى ثلث الدية، وفيه اشكال، والأظهر ما هو المشهور من التساوي.
(الرابع عشر) - الشفران
وهما اللحمان المحيطان بالفرج، وفي قطعهما الدية كاملة، وفي قطع واحد منهما نصف
الدية ولا فرق في ذلك بين المرأة السليمة وغيرها كالرتقاء والقرناء والكبيرة والصغيرة
والثيب والبكر، وفي قطع الركب وهو في المرأة كموضع العانة في الرجل الحكومة.
(الخامس عشر) - الأليتان
وفي قطعهما معا الدية كاملة، وفي قطع إحداهما نصف الدية.
(السادس عشر) - الرجلان
وفي قطع كلتيهما الدية كاملة، وفي قطع إحداهما نصف الدية، ولا فرق في ذلك

(1) وهو الأظهر.
569

بين قطعهما من المفصل أو من الساق أو من الركبة أو من الفخذ.
(مسألة 306): في قطع أصابع الرجلين الدية كاملة.
(مسألة 307): في قطع الساقين الدية كاملة، وفي قطع إحداهما نصف الدية،
وكذلك قطع الفخذين.
(مسألة 308): كل ما كان من أعضاء الرجل فيه دية كاملة كالأنف واليدين
والرجلين ونحو ذلك، كان فيه من المرأة ديتها، وكل ما كان فيه نصف الدية كاحدى
اليدين ففي المرأة نصف ديتها، وكذلك الحال بالنسبة إلى الذمي فلو قطعت إحدى
يدي الذمي ففيه نصف ديته وفي الذمية نصف ديتها، وكذا الحال في العبد فلو قطع
إحدى يدي العبد كان فيه نصف قيمته.
(مسألة 309): كل جناية كانت فيها دية مقدرة شرعا سواء أكانت بقطع عضو
أو كسره أو جرحه أو زوال منفعته، فإن كانت الدية أقل من ثلث دية الرجل فالمرأة
تعاقله فيها، وإن كان بقدر الثلث أو أزيد صارت دية المرأة نصف دية الرجل.
* * *
570

فصل
في ديات الكسر والصدع والرض والنقل
والنقب والفك والجرح في البدن غير الرأس
(مسألة 310): المشهور ان في كسر العظم من كل عضو كان له مقدر في الشرع
خمس دية ذلك العضو، فان صلح على غير عيب ولا عثم فديته أربعة أخماس دية
كسره، وفي موضحته ربع دية كسره، وفي رضه ثلث دية ذلك العضو، فإذا برئ على
غير عيب ولا عثم فديته أربعة أخماس دية رضه، وفي فكه من العضو بحيث يصبح
العضو عاطلا ثلثا ديته، فان صلح على غير عيب ولا عثم فأربعة أخماس دية فكه،
ولكن مستند جميع ذلك على الاطلاق غير ظاهر حيث إن دية هذه الأمور تختلف
باختلاف الأعضاء والنسبة غير محفوظة في الجميع كما ستأتي في ضمن المسائل
الآتية.
(مسألة 311): في كسر الظهر الدية كاملة، وكذلك إذا أصيب فأحدب أو صار
بحيث لا يستطيع الجلوس.
(مسألة 312): إذا كسر الظهر فجبر على غير عثم ولا عيب، قيل: إن فيه ثلث
الدية، وهو لا يخلو عن اشكال، والصحيح أن ديته مائة دينار، وان عثم ففيه ألف دينار.
(مسألة 313): إذا كسر الظهر فشلت الرجلان ففيه دية كاملة وثلثا الدية.
(مسألة 314): إذا كسر الصلب فذهب به جماعه ففيه ديتان.
(مسألة 315): في موضحة الظهر خمسة وعشرون دينارا وفي نقل عظامه
خمسون دينارا، وفي قرحته التي لا تبرأ ثلث دية كسره، وكذلك الحال في قرحة
571

سائر الأعضاء.
(مسألة 316): في كسر الترقوة إذا جبرت على غير عثم ولا عيب أربعون
دينارا، وفي صدعها أربعة أخماس دية كسرها، وفي موضحتها خمسة وعشرون
دينارا، وفي نقل عظامها نصف دية كسرها، وفي نقبها ربع دية كسرها.
(مسألة 317): في كسر كل ضلع من الأضلاع التي خالط القلب خمسة
وعشرون دينارا، وفي صدعه اثنا عشر دينارا ونصف دينار، وفي موضحته ربع دية
كسره وكذا في نقبه، وفي نقل عظامه سبعة دنانير ونصف دينار.
(مسألة 318): في كسر كل ضلع من الأضلاع التي تلي العضدين عشرة دنانير،
وفي صدعه سبعة دنانير، وفي موضحته ديناران ونصف دينار، وكذا في نقبه، وفي
نقل عظامه خمسة دنانير.
(مسألة 319): في رض الصدر إذا انثنى شقاه نصف الدية، وإذا انثنى أحد شقيه
ربع الدية، وكذلك الحال في الكتفين، وفي موضحة كل من الصدر والكتفين خمسة
وعشرون دينارا.
(مسألة 320): في كسر المنكب إذا جبر على غير عثم ولا عيب خمس دية اليد
مائة دينار، وفي صدعه ثمانون دينارا، وفي موضحته خمسة وعشرون دينارا،
وكذلك الحال في نقبه، وفي نقل عظامه خمسون دينارا، وفي رضه إذا عثم ثلث دية
النفس، وفي فكه ثلاثون دينارا.
(مسألة 321): في كسر العضد إذا جبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية اليد
وفي موضحتها خمسة وعشرون دينارا، وكذلك في نقبها، وفي نقل عظامها خمسون
دينارا.
(مسألة 322): في كسر الساعد إذا جبرت على غير عثم ولاعيب ثلث دية
572

النفس وفي كسر إحدى قصبتي الساعد إذا جبرت على غير عثم ولا عيب مائة
دينار، وفي صدعها ثمانون دينارا، وفي موضحتها خمسة وعشرون دينارا، وفي نقل
عظامها مائة دينار، وفي نقبها اثنا عشر دينارا ونصف دينار، وفي نافذتها خمسون
دينارا، وفي قرحتها التي لا تبرأ ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.
(مسألة 323): في كسر المرفق إذا جبر على غير عثم ولا عيب مائة دينار، وفي
صدعه ثمانون دينارا، وفي نقل عظامه خمسون دينارا، وفي نقبه خمسة وعشرون
دينارا، وكذلك موضحته، وفي فكه ثلاثون دينارا، وفي رضه إذا عثم ثلث دية
النفس.
(مسألة 324): في كسر كلا الزندين إذا جبرا على غير عثم ولا عيب مائة
دينار، وفي كسر إحداهما خمسون دينارا، وفي نقل عظامها نصف دية كسرها.
(مسألة 325): في رض أحد الزندين إذا جبر على غير عيب ولا عثم ثلث دية
اليد.
(مسألة 326): في كسر الكف إذا جبرت على غير عثم ولا عيب أربعون
دينارا، وفي صدعها اثنان وثلاثون دينارا، وفي موضحتها خمسة وعشرون دينارا،
وفي نقل عظامها عشرون دينارا ونصف دينار، وفي نقبها ربع دية كسرها، وفي
قرحة لا تبرأ ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار.
(مسألة 327): في كسر قصبة ابهام الكف إذا جبرت على غير عثم ولا عيب
ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وفي صدعها ستة وعشرون دينارا وثلثا دينار،
وفي موضحتها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي نقل عظامها ستة عشر دينارا وثلثا
دينار، وفي نقبها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي فكها عشرة دنانير.
(مسألة 328): في كسر كل قصبة من قصب أصابع الكف دون الابهام إذا
573

جبرت على غير عثم ولا عيب عشرون دينارا وثلثا دينار، وفي موضحة كل قصبة
من تلك القصب الأربع أربعة دنانير وسدس دينار، وفي نقل كل قصبة منهن ثمانية
دنانير وثلث دينار.
(مسألة 329): في كسر المفصل الذي فيه الظفر من الابهام في الكف إذا جبر
على غير عيب ولا عثم ستة عشر دينارا وثلثا دينار، وفي موضحتها أربعة دنانير
وسدس دينار وكذا في نقبها وفي صدعها ثلاثة عشر دينارا وثلث دينار وفي نقل
عظامها خمسة دنانير.
(مسألة 330): في كسر كل مفصل من الأصابع الأربع التي تلي الكف غير
الابهام ستة عشر دينارا وثلثا دينار، وفي صدع كل قصبة منهن ثلاثة عشر دينارا
وثلث دينار، وفي نقل عظامها ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي موضحتها أربعة دنانير
وسدس دينار، وكذلك في نقبها، وفي فكها خمسة دنانير.
(مسألة 331): في كسر المفصل الأوسط من الأصابع الأربع أحد عشر دينارا
وثلث دينار، وفي صدعه ثمانية دنانير ونصف دينار، وفي موضحته ديناران وثلث
دينار، وكذا في نقبه، وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث دينار، وفي فكه ثلاثة
دنانير وثلثا دينار.
(مسألة 332): في كسر المفصل الأعلى من الأصابع الأربع خمسة دنانير وأربعة
أخماس دينار، وفي صدعه أربعة دنانير وخمس دينار، وفي موضحته ديناران وثلث
دينار، وفي نقل عظامه خمسة دنانير وثلث دينار وفي نقبه ديناران وثلثا دينار، وفي
فكه ثلاثة دنانير وثلثا دينار.
(مسألة 333): في الورك إذا كسر فجبر على غير عثم ولا عيب خمس دية
الرجل، وفي صدعه أربعة أخماس دية كسره، وفي موضحته ربع دية كسره، وفي نقل
574

عظامه خمسون دينارا، وفي رضه إذا عثم ثلث دية النفس، والأقرب ان دية فكه
ثلاثون دينارا.
(مسألة 334): في الفخذ إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب خمس دية
الرجل، فان عثمت فديتها ثلث دية الرجل، وفي صدعها ثمانون دينارا، وفي
موضحتها ربع دية كسرها، وكذلك في نقبها، وفي نقل عظامها نصف دية كسرها،
وإن كانت فيها قرحة لا تبرأ فديتها ثلث دية كسرها.
(مسألة 335): في كسر الركبة إذا جبرت على غير عثم ولا عيب مائة دينار
وفي صدعها ثمانون دينارا، وفي موضحتها خمسة وعشرون دينارا، وكذلك في نقبها،
وفي نقل عظامها خمسون دينارا، ودية فكها ثلاثون دينارا، وفي رضها إذا عثمت
ثلث دية النفس، وفي قرحتها التي لا تبرأ ثلث دية كسرها.
(مسألة 336): في كسر الساق إذا جبرت على غير عثم ولا عيب مائة دينار
ومع العثم مائة وستون دينارا وثلثا دينار، وفي صدعها ثمانون دينارا، وفي
موضحتها خمسة وعشرون دينارا، وكذلك في نقل عظامها وفي نفوذها، ودية نقبها
نصف دية موضحتها وفي قرحتها التي لا تبرأ ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.
(مسألة 337): في رض الكعبين إذا جبرتا على غير عثم ولا عيب ثلث دية
النفس، وفي رض إحداهما إذا جبرت على غير عثم ولا عيب نصف ذلك.
(مسألة 338): في القدم إذا كسرت فجبرت على غير عثم ولا عيب مائة دينار،
وفي موضحتها ربع دية كسرها، وفي نقل عظامها نصف دية كسرها، وفي نافذتها
التي لا تنسد مائة دينار، وفي ناقبتها ربع دية كسرها.
(مسألة 339): دية كسر قصبة الابهام التي تلي القدم كدية قصبة الابهام من
اليد، وفي نقل عظامها ستة وعشرون دينارا وثلثا دينار وكذلك الحال في صدعها،
575

ودية موضحتها ونقبها وفكها كديتها في اليد.
ودية كسر الأعلى من الابهام - وهو الثاني الذي فيه الظفر - كدية كسر الأعلى
من الابهام في اليد، وكذلك الحال في موضحتها ونقبها وصدعها، وفي نقل عظامها
ثمانية دنانير وثلث دينار، وفي فكها خمسة دنانير، وفي كسر قصبة كل من الأصابع
الأربعة سوى الابهام ستة عشر دينارا وثلثا دينار، ودية صدعها ثلاثة عشر دينارا
وثلث دينار ودية موضحتها ونقبها ونقل عظامها كديتها في اليد، وفي قرحة لا تبرأ
في القدم ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.
(مسألة 340): في كسر المفصل الأخير من كل من الأصابع الأربع من القدم
غير الابهام ستة عشر دينارا وثلث دينار، وفي صدعها ثلاثة عشر دينارا وثلث
دينار، وفي كسر المفصل الأوسط من الأصابع الأربع أحد عشر دينارا وثلثا دينار،
وفي صدعها ثمانية دنانير وأربعة أخماس دينار، وفي موضحتها ديناران، وفي نقل
عظامها خمسة دنانير وثلثا دينار، ودية نقبها كديته في اليد، وفي فكها ثلاثة دنانير،
ودية كسر المفصل الأعلى منها كديته في اليد، وكذلك في صدعها، وفي موضحتها
دينار وثلث دينار، وكذلك في نقبها، وفي نقل عظامها ديناران وخمس دينار وفي
فكها ديناران وأربعة أخماس دينار.
(مسألة 341): لو نفذت نافذة من رمح أو خنجر في شئ من أطراف البدن
فديتها مائة دينار.
(مسألة 342): في قرحة كل عضو إذا لم تبرأ ثلث دية ذلك العضو.
(مسألة 342): إذا اجتمع بعض ما فيه الدية المقدرة شرعا مع بعضها الأخر
كذلك فلكل ديته، نعم إذا كانت الجنايتان بضربة واحدة وكانتا مترتبتين وكانت
دية إحداهما أغلظ من الأخرى دخلت دية غير الأغلظ في الأغلظ.
576

(دية الجناية على منافع الأعضاء)
وهي كما يلي:
(الأول) - العقل
وفي ذهابه دية كاملة، وفي ثبوت الدية فيما إذا رجع العقل أثناء السنة اشكال،
بل لا يبعد عدم الثبوت، وعليه فالمرجع فيه الحكومة، واما إذا تمت السنة ولم يرجع
استحق الدية وان رجع بعد ذلك.
(مسألة 344): إذا جنى على شخص بما أوجب نقصان عقله لم تثبت الدية،
فالمرجع فيه الحكومة، وكذلك فيما أوجب جنونا ادواريا.
(مسألة 345): لو شج شخصا شجة فذهب بها عقله، فإن كانت الشجة وذهاب
العقل بضربة واحدة تداخلت ديتاهما، وان كانا بضربتين فجنى بكل ضربة جناية
لم تتداخلا.
(الثاني) - السمع
وفي ذهابه كله دية كاملة، وفي ذهاب سمع إحدى الاذنين كله نصف الدية، وإذا
جنى على رجل فادعى ذهاب سمعه كله قبل قوله إن صدقه الجاني، واما إذا أنكره أو
قال لا اعلم ذلك أجل إلى سنة ويترصد واستغفل بسؤاله، فان انكشف الخلاف
وبان انه يسمع أو شهد شاهدان بذلك فليس له مطالبة الدية، والا فعليه أن يأتي
بالقسامة بان يحلف هو وخمسة أشخاص ان وجدوا والا حلف هو ست مرات،
فعندئذ يستحق الدية.
(مسألة 346): لو ادعى المجني عليه النقص في سمع كلتا الاذنين، فان ثبت ذلك
577

ببينة فبها، والا فعليه القسامة بالنسبة بمعنى: ان المدعى إن كان ثلث سمعه حلف هو
وحلف معه رجل واحد، وإن كان نصف سمعه حلف هو وحلف معه رجلان،
وهكذا، ولو ادعى النقص في إحداهما قيست إلى الصحيحة بأن تسد الناقصة سدا
جيدا وتطلق الصحيحة ويصاح به ويتباعد عنه حتى يقول: لا اسمع فان علم أو
اطمئن بصدقه فهو، وإلا يعلم ذلك المكان ثم يعاد عليه من طرف آخر كذلك، فان
تساوت المسافتان صدق والا فلا، ثم بعد ذلك تطلق الناقصة وتسد الصحيحة جيدا
ويختبر بالصيحة أو بغيرها حتى يقول: لا اسمع، فان علم أو اطمئن بصدقه والا يكرر
عليه الاختبار، فان تساوت المقادير صدق ثم تمسح المسافتان الأولى والثانية
فتؤخذ الدية عندئذ من الجاني بنسبة التفاوت وتعطى له بعد اتيانه بالقسامة على ما
يدعي من النقص في سمع إحدى اذنيه.
(مسألة 347): إذا أوجب قطع الاذنين ذهاب السمع ففيه ديتان دية لقطعهما
ودية لذهاب السمع.
(الثالث) - ضوء العينين
وفي ذهابه منهما الدية كاملة، وفي ذهابه من إحداهما نصف الدية، وان
ادعى المجني عليه ذهاب بصره كله فان صدقه الجاني فعليه الدية، وان أنكره
أو قال لا اعلم اختبر بجعل عينيه في قبال نور قوي كالشمس ونحوها فإن لم يتمالك
حتى غمض عينيه فهو كاذب ولا دية له، وان بقيتا مفتوحتين كان صادقا واستحق
الدية، مع الاستظهار بالأيمان، وان عاد البصر بعد مدة، فإن كان كاشفا عن عدم
الذهاب من الأول فلا دية وفيه الحكومة، وان لم يكشف عن ذلك ففيه الدية.
(مسألة 348): إذا اختلف الجاني والمجني عليه في العود وعدمه، فان أقام
الجاني البينة على ما يدعيه فهو، والا فالقول قول المجني عليه مع الحلف.
578

(مسألة 349): لو ادعى المجني عليه النقصان في إحدى عينيه وانكره الجاني أو
قال لا اعلم، اختبر ذلك بقياسها بعينه الأخرى الصحيحة، ومع ذلك لابد في اثبات
ما يدعيه من القسامة، ولو ادعى النقص في العينين كان القياس بعين من هو من أبناء
سنه.
(مسألة 350): لا تقاس العين في يوم غيم، وكذا لا تقاس في أرض مختلفة
الجهات علوا وانخفاضا ونحو ذلك مما يمنع عن معرفة الحال.
(الرابع) - الشم
وفي اذهابه من كلا المنخرين الدية كاملة، وفي اذهابه من أحدهما نصف الدية،
ولو ادعى المجني عليه ذهابه عقيب الجناية الواردة عليه فان صدقه الجاني فهو، وان
أنكره أو قال لا اعلم اختبر بالحراق ويدنى منه فان دمعت عيناه ونحى رأسه فهو
كاذب، والا فصادق، وحينئذ قيل: إن عليه خمسين قسامة، ولكن دليله غير ظاهر
بل الظاهر أنها من الستة الأجزاء الواردة في المنافع.
(مسألة 351): إذا ادعى المجني عليه النقص في الشم فعليه أن يأتي بالقسامة
على النحو المتقدم في السمع.
(مسألة 352): إذا أخذ المجني عليه الدية ثم عاد الشم، فإن كان العود كاشفا عن
عدم ذهابه من الأول فللجاني أن يسترد الدية وللمجني عليه أن يرجع إليه
بالحكومة، وإلا فليس للجاني حق الاسترداد.
(مسألة 353): لو قطع أنف شخص فذهب به الشم أيضا فعليه ديتان.
(الخامس) - النطق
وفي ذهابه بالضرب أو غيره دية كاملة، وفي ذهاب بعضه الدية بنسبة ما ذهب
579

بأن تعرض عليه حروف المعجم كلها ثم تعطى الدية بنسبة ما لم يفصحه منها.
(مسألة 354): لو ادعى المجني عليه ذهاب نطقه بالجناية كلا فان صدقه الجاني
فهو، وان أنكره أو قال لا اعلم اختبر بأن يضرب لسانه بابرة أو نحوها فان خرج
الدم احمر فقد كذب، وان خرج الدم اسود فقد صدق، والظاهر اعتبار القسامة هنا
أيضا على النحو المتقدم في السمع والبصر، وإذا عاد النطق فالكلام فيه هو الكلام في
نظائره، وفي الحاق الذوق بالنطق اشكال، والأظهر أن فيه الحكومة، وكذلك الحال
في ما يوجب نقصان الذوق.
(مسألة 355): إذا أوجبت الجناية ثقلا في اللسان أو نحو ذلك مما لا تقدير له في
الشرع كالجناية على اللحيين بحيث يعسر تحريكهما ففيه الحكومة.
(مسألة 356): لو جنى على شخص فذهب بعض كلامه ثم جنى عليه اخر
فذهب بعضه الأخر، فعلى كل منهما الدية بنسبة ما ذهب بجنايته.
(مسألة 357): لو جنى على شخص فذهب كلامه كله ثم قطع هو أو آخر لسانه
ففي الجناية الأولى تمام الدية وفي الثانية ثلثها.
(السادس) - صعر العنق
والمشهور ان في صعره - الميل إلى أحد الجانبين - دية كاملة، وهو لا يخلو عن
اشكال، فلا يبعد الرجوع فيه إلى الحكومة، (1) نعم الصعر إذا كان على نحو
لا يقدر على الالتفات ففيه نصف الدية. (2)

(1) لا يترك الاحتياط بالصلح على الدية الكاملة فيه أو فيما إذا كان على نحو لا يقدر
على الالتفات.
(2) بل الظاهر تمامها.
580

(السابع) - كسر البعصوص
وفيه بحيث لا يملك إسته الدية كاملة.
(الثامن) - سلس البول
وفيه دية كاملة إذا كان مستمرا.
(التاسع) - الصوت
وفي ذهابه كله من الغنن والبحح دية كاملة.
(العاشر) - أدرة الخصيتين
وفيها أربعمائة دينار، وان فحج أي: تباعد رجلاه بحيث لا يستطيع المشي
النافع له فديته أربعة أخماس دية النفس.
(الحادي عشر) - تعذر الانزال
المشهور: ان من أصيب بجناية فتعذر عليه الانزال في الجماع ففيه دية كاملة،
وفيه اشكال، فالأظهر أن فيه الحكومة.
(الثاني عشر) - دوس البطن
من داس بطن انسان بحيث خرج منه البول أو الغائط فعليه ثلث الدية، أو
يداس بطنه حتى يحدث في ثيابه.
581

(الثالث عشر) - خرق مثانة البكر
المشهور ان من اقتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها فعليه ديتها
كاملة ولكنه لا يخلو عن اشكال، فالأظهر ان فيه ثلث ديتها وفيه أيضا مثل مهر
نساء قومها.
(الرابع عشر) - الافضاء
(مسألة 358): في افضاء المرأة دية كاملة إذا كان المفضي أجنبيا، واما إذا كان
المفضي زوجها فان أفضاها ولها تسع سنين فلا شئ عليه، وإن أفضاها قبل بلوغ
تسع سنين فان طلقها فعليه الدية، وإن أمسكها فلا شئ عليه.
(مسألة 359): إذا أكره امرأة فجامعها فأفضاها فعليه الدية والمهر معا، وهل
يجب عليه أرش البكارة - إذا كانت بكرا - زائدا على المهر قيل: يجب، وهو ضعيف،
فالصحيح عدم وجوبه.
(الخامس عشر) - تقلص الشفتين
قال الشيخ: ان فيه دية كاملة، وهو لا يخلو عن اشكال، والأظهر أن فيه
الحكومة.
(السادس عشر) - شلل الأعضاء
في شلل كل عضو ثلثا دية ذلك العضو الا الذكر فان في شلله الدية كاملة.
(مسألة 360): المشهور أن في انصداع السن ثلثي ديتها، وهذا هو الأظهر إن
582

وصلت إلى حد الشلل والا ففيه الحكومة.
دية الشجاج والجراح
الشجاج: هو الجرح المختص بالرأس والوجه وهو على أقسام:
(الأول) - الخارصة وقد يعبر عنها ب‍ (الدامية)، وهي التي تسلخ الجلد ولا تأخذ
من اللحم وفيها بعير، أي: جزء من مائة جزء من الدية.
(الثاني) - الدامية وقد يعبر عنها ب‍ (الباضعة) وهي التي تأخذ من اللحم يسيرا،
وفيها بعيران.
(الثالث) - الباضعة وقد يعبر عنها ب‍ (المتلاحمة) وهي التي تأخذ من اللحم
كثيرا، ولا تبلغ السمحاق، وفيها ثلاثة أباعر.
(الرابع) - السمحاق وهو الذي يبلغ الجلد الرقيق بين العظم واللحم، وفيه أربعة
من الإبل.
(الخامس) - الموضحة وهي التي توضح العظم، وفيها خمس من الإبل.
(السادس) - الهاشمة وهي التي تهشم العظم وفيها عشرة من الإبل، ويتعلق
الحكم بالكسر وإن لم يكن جرحا.
(السابع) - المنقلة وهي التي تنقل العظم من الموضع الذي خلقه الله تعالى فيه
إلى موضع آخر وفيها خمس عشرة من الإبل والحكم فيه متعلق بالنقل وإن لم يكن
جرحا.
(الثامن) - المأمومة وهي التي تبلغ أم الدماغ، وفيها ثلث الدية: ثلاثمائة وثلاثة
وثلاثون دينارا وثلث دينار، ويكفي فيها ثلاث وثلاثون من الإبل وكذا الحال في
الجائفة.
583

(مسألة 361): في ما ذكرناه من المراتب تدخل المرتبة الدانية في المرتبة العالية
إذا كانتا بضربة واحدة، واما إذا كانتا بضربتين فلكل منهما ديته من دون فرق بين
أن تكونا من شخص واحد أو من شخصين.
(مسألة 362): لو أوضح موضحتين فلكل منهما ديتها، ولو أوصل آخر إحدى
الموضحتين بالأخرى بجناية ثالثة فعليه ديتها، ولو كان ذلك بفعل المجني عليه فهي
هدر، وإن كان ذلك بفعل الجاني أو بالسراية فهل هذا يوجب اتحاد الموضحتين أو
هو موضحة ثالثة أو فيه تفصيل، وجوه بل أقوال، والأقرب انه موضحة ثالثة إذا
كان بفعل الجاني، ولا شئ عليه إذا كان بالسراية. (1)
(مسألة 363): إذا اختلفت مقادير الشجة في الضربة الواحدة أخذت دية
الأبلغ عمقا، كما إذا كان مقدار منها خارصة ومقدار منها متلاحمة، والأبلغ عمقا
موضحة، فالواجب هو دية الموضحة.
(مسألة 364): إذا جرح عضوين مختلفين لشخص كاليد والرأس كان لجرح كل
عضو حكمه، فإن كان جرح الرأس بقدر الموضحة مثلا وجرح الأخر دونها ففي
الأول دية الايضاح وفي الثاني دية ما دونه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الجرحان
بضربة واحدة أو بضربتين، ولو جرح موضعين من عضو واحد كالرأس أو الجبهة
أو نحو ذلك جرحا متصلا ففيه دية واحدة.
(مسألة 365): لو جنى شخص بموضحة فجنى آخر بجعلها هاشمة وثالث بجعلها
منقلة ورابع بجعلها مأمومة فعلى الأول خمس من الإبل، وقيل على الثاني خمس من
الإبل أي ما به التفاوت بين الموضحة والهاشمة، وعلى الثالث ما به التفاوت بين

(1) والأوجه انها موضحة ثالثة وإن كان الاتحاد بالسراية.
584

الهاشمة والمنقلة وعلى الرابع ثمان عشرة من الإبل وفيه اشكال، والأظهر: أن على
الثاني تمام دية الهاشمة، وعلى الثالث تمام دية المنقلة، وعلى الرابع تمام دية المأمومة.
(مسألة 366): الجائفة وهي التي تصل الجوف بطعنة أو رمية، فيها ثلث دية
النفس ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، ولا تختص بما يدخل جوف
الدماغ، بل يعم الداخل في الصدر والبطن أيضا، ويكفي فيها ثلاث وثلاثون من
الإبل.
(مسألة 367): لو جرح عضوا ثم أجافه مثل أن يشق الكتف إلى أن يحاذي
الجنب ثم يجيفه، لزمه دية الجرح ودية الجائفة.
(مسألة 368): لو أجافه كان عليه دية الجائفة، ولو أدخل فيه سكينا ولم يزد
عما كان عليه فعليه التعزير، وإن زاد باطنا فحسب أو ظاهرا كذلك ففيه الحكومة،
ولو زاد فيهما معا فهو جائفة أخرى فعليه ديتها.
(مسألة 369): لو كانت الجائفة مخيطة ففتقها شخص، فإن كانت بحالها وغير
ملتئمة ففيه الحكومة، وإن كانت ملتئمة فهي جائفة جديدة وعليه ثلث الدية.
(مسألة 370): لو طعنه في صدره فخرج من ظهره فهل عليه دية واحدة لوحدة
الطعنة أو متعددة لخروجه من الظهر؟ وجهان قيل: بأنه جائفة واحدة وفيها ديتها،
والأظهر ان ديته أربعمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار. (1)
(مسألة 371): في دية خرم الأذن خلاف، قيل: إنها ثلث ديتها، وفيه اشكال،
والأظهر فيه الرجوع إلى الحكومة.
(مسألة 372): لو كسر الأنف ففسد فالمشهور بين الأصحاب ان فيه دية كاملة،

(1) بل الأظهر أنه جائفتان وفيها ثلثا الدية.
585

وهولا يخلو عن اشكال، والأقرب فيه الرجوع إلى الحكومة. (1)
(مسألة 373): إذا كسر الانف فجبر على غير عيب ولا عثم فالمشهور ان ديته
مائة دينار، وهو لا يخلو عن اشكال، بل لا يبعد الرجوع فيه إلى الحكومة، وكذلك
الحال فيما إذا جبر على عيب وعثم.
(مسألة 374): إذا نفذت في الأنف نافذة فان انسدت وبرأت ففيه خمس دية
روثة الانف، وما أصيب منه فبحساب ذلك، وان لم تنسد فديته ثلث ديته، وإن كانت
النافذة في إحدى المنخرين إلى الخيشوم فديتها عشر دية روثة الانف، وإن كانت
في إحدى المنخرين إلى المنخر الأخرى أو في الخيشوم إلى المنخر الأخرى
فديتها ستة وستون دينارا وثلثا دينار.
(مسألة 375): إذا انشقت الشفة العليا أو السفلى حتى يبدو منها الأسنان ثم
برأت والتأمت ففيه خمس ديتها، وإن أصيبت الشفة العليا فشينت شينا قبيحا
فديتها مائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار، وان أصيبت الشفة السفلى وشينت
شينا قبيحا فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار.
(مسألة 376): في احمرار الوجه باللطمة دينار ونصف، وفي اخضراره ثلاثة
دنانير، وفي اسوداده ستة دنانير، وإن كانت هذه الأمور في البدن فديتها نصف ما
كانت في الوجه.
(مسألة 377): إذا نفذت في الخد نافذة يرى منها جوف الفم فديتها مائتا
دينار، فان دووي وبرئ والتأم وبه أثر بين وشتر فاحش فديته خمسون دينارا
زائدة على المائتين المذكورتين، وان لم يبق به أثر بين وشتر فلم يجب الزائد، فان

(1) بل الأقرب أن فيه دية كاملة.
586

كانت النافذة في الخدين كليهما من دون أن يرى منها جوف الفم فديتها مائة دينار،
فإن كانت موضحة في شئ من الوجه فديتها خمسون دينارا، فإن كان لها شين فدية
شينه ربع دية موضحته، فإن كانت رمية بنصل نشبت في العظم حتى نفذت إلى
الحنك ففيها ديتان: دية النافذة وهي مائة دينار، ودية الموضحة وهي خمسون
دينارا، فإن كان جرحا ولم يوضح ثم برئ وكان في أحد الخدين فديته عشرة
دنانير، فإن كان في الوجه صدع فديته ثمانون دينارا فان سقطت منه جذمة لحم
ولم توضح وكان قدر الدرهم فما زاد على ذلك فديته ثلاثون دينارا، ودية الشجة
الموضحة أربعون دينارا إذا كانت في الجسد.
(مسألة 378): دية الشجاج في الرأس والوجه سواء.
فصل في دية الحمل
(مسألة 379): إذا كان الحمل نطفة فديته عشرون دينارا وإن كان علقة
فأربعون دينارا وإن كان مضغة فستون دينارا، وان نشأ عظم فثمانون دينارا، وإن
كسى لحما فمائة دينار، وإن ولجته الروح فألف دينار إن كان ذكرا وخمسمائة دينار إن
كان أنثى.
(مسألة 380): في تحديد المراتب المذكورة خلاف، والصحيح أنه أربعون يوما
نطفة، وأربعون يوما علقة، وأربعون يوما مضغة، وهل الدية بين هذه المراتب
بحسابها وتقسم عليها قيل: كذلك، وهو الأظهر.
(مسألة 381): المشهور أن دية الجنين الذمي عشر دية أبيه ثمانون درهما، وفيه
إشكال، والأظهر أن ديته عشر دية امه أربعون درهما، إما ديته في المراتب السابقة
فبحساب ذلك.
587

(مسألة 382): المشهور أن دية الجنين المملوك عشر قيمة امه المملوكة، وفيه
اشكال، والأقرب فيه الحكومة.
(مسألة 383): لو كان الحمل أكثر من واحد فلكل ديته.
(مسألة 384): لو أسقط الجنين قبل ولوج الروح فلا كفارة على الجاني، واما لو
أسقطه بعد ولوج الروح فالمشهور أن عليه الكفارة، وفيه اشكال، ولا يبعد
عدمها. (1)
(مسألة 385): لو قتل امرأة وهي حبلى فمات ولدها أيضا فعليه دية المرأة كاملة
ودية الحمل الذكر كذلك إن كان ذكرا ودية الأنثى، إن كان أنثى هذا إذا علم بالحال،
واما إذا جهل بها فقيل يقرع، ولكنه مشكل، فالأظهر أن عليه نصف دية الذكر
ونصف دية الأنثى.
(مسألة 386): لو تصدت المرأة لاسقاط حملها فإن كان بعد ولوج الروح وكان
ذكرا فعليها دية الذكر، وإن كان أنثى فعليها ديتها، وإن كان قبل ولوج الروح فعليها
ديته، ولو أفزعها مفزع فألقت جنينها فالدية على المفزع.
(مسألة 387): في قطع أعضاء الجنين قبل ولوج الروح وجراحاته دية على
نسبة ديته، ففي قطع إحدى يديه مثلا خمسون دينارا، وفي قطع كلتيهما تمام ديته مائة
دينار.
(مسألة 388): لو افزع شخصا حال الجماع فعزل منه المني في الخارج فعليه
عشرة دنانير، ولو عزل الرجل عن امرأته الحرة بدون اذنها قيل: لزمه عشرة
دنانير، ولكن لا وجه له بل الأظهر: أنه ليس عليه شئ، وأما العزل عن الأمة

(1) فيه تأمل فلا يترك الاحتياط.
588

فلا اشكال في جوازه ولا دية عليه.
(مسألة 389): في اسقاط الجنين المتكون من زنا إذا تمت خلقته قبل أن تلجه
الروح عشر دية ولد الزنا، وأما ديته في المراتب السابقة دون هذه المرتبة فعلى
النسبة، واما بعد ولوج الروح فديته ثمانمائة درهم إن كان ذكرا، وإن كان أنثى
فأربعمائة درهم.
(مسألة 390): لو ضرب المرأة الذمية وهي حبلى فأسلمت ثم أسقطت حملها
فعلى الجاني دية جنين مسلم، ولو ضرب الحربية فأسلمت وأسقطت حملها بعد
إسلامها فالمشهور انه لا ضمان عليه، وفيه إشكال، والأظهر الضمان.
(مسألة 391): لو ضرب الأمة وهي حبلى فأعتقت ثم أسقطت حملها فالمشهور
أن للمولى عشر قيمة امه يوم الجناية، فإن كانت دية الجنين زائدة على عشر
القيمة كانت الزيادة لورثة الجنين، وفيه إشكال، ولا يبعد عدم ثبوت شئ
للمولى. (1)
(مسألة 392): لو ضرب حاملا خطأ فأسقطت جنينها وادعى ولي الدم أنه كان
بعد ولوج الروح، فان اعترف الجاني بذلك أي: بولوج الروح ضمن المعترف ما زاد
على دية الجنين قبل ولوج الروح، وهو التسعة الأعشار من الدية الكاملة، أما
العشر الباقي فهو يحمل على العاقلة على المشهور، ويأتي الكلام عليه، وإن أنكر ذلك
كان القول قوله الا إذا أقام الولي البينة على أن الجناية كانت بعد ولوج الروح.
(مسألة 393): لو ضرب حاملا فأسقطت حملها فمات حين سقوطه فالضارب
قاتل، والمشهور أن عليه القود إن كان متعمدا وقاصدا لقتله، وفيه اشكال،

(1) لا يترك الاحتياط بالصلح.
589

والأقرب عدمه، (1) وعليه الدية، وإن كان شبه عمد فعليه ديته، وإن كان خطأ
محضا فالدية على عاقلته، وكذلك الحال إذا بقى الولد بعد سقوطه مضمنا ومات أو
سقط صحيحا ولكنه كان ممن لا يعيش مثله كما إذا كان دون ستة أشهر.
(مسألة 394): لو أسقطت حملها حيا فقطع آخر رأسه، فإن كانت له حياة
مستقرة عادة بحيث كان قابلا للبقاء، فالقاتل هو الثاني دون الأول، وإن كانت
حياته غير مستقرة فالقاتل هو الأول دون الثاني، وإن جهل حاله ولم يعلم أن له
حياة مستقرة سقط القود عن كليهما، واما الدية فهل هي على الثاني أو على كليهما أو
انها تعين بالقرعة أو انها في بيت مال المسلمين وجوه، الصحيح هو الأخير فيما عدا
عشر الدية، واما العشر فهو على الثاني.
(مسألة 395): لو وطأ مسلم وذمي امرأة شبهة في طهر واحد ثم أسقطت حملها
بالجناية أقرع بين الواطيين، وألزم الجاني بالدية بنسبة دية من ألحق به الولد من
الذمي أو المسلم.
(مسألة 396): إذا كانت الجناية على الجنين عمدا أو شبه عمد فديته في مال
الجاني، وإن كانت خطأ وبعد ولوج الروح فعلى العاقلة، وإن كانت قبل ولوج
الروح ففي ثبوتها على العاقلة إشكال، والأظهر عدمه. (2)
(مسألة 397): الميت كالجنين ففي قطع رأسه أو ما فيه اجتياح نفسه لو كان حيا
عشر الدية ولو كان خطأ، وفي قطع جوارحه بحسابه من ديته، وهي لا تورث
وتصرف في وجوه القرب له.

(1) بل الأقرب ثبوت القود.
(2) بل الأظهر ثبوتها على العاقلة.
590

الجناية على الحيوان
(مسألة 398): كل حيوان قابل للتذكية (1) سواء كان مأكول اللحم أم
لم يكن وإذا ذكاه أحد بغير اذن مالكه فالمالك مخير (2) بين اخذه ومطالبته
بالتفاوت بين كونه حيا وذكيا وبين عدم اخذه ومطالبته بتمام القيمة، فإذا دفع الجاني
قيمته (3) إلى صاحبه ملك الحيوان المذكى.
واما إذا أتلفه بغير تذكية ضمن قيمته، نعم إذا بقى فيه ما كان قابلا للملكية
والانتفاع من اجزائه كالصوف ونحوه فالمالك مخير كالسابق. (4)
وإذا جنى عليه بغير اتلاف، كما إذا قطع بعض أعضائه أو كسر بعضها أو جرح
فعليه الأرش، وهو التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب، نعم إذا فقأ عين ذات
القوائم الأربع فعلى الجاني ربع ثمنها، وإذا جنى عليها فألقت جنينها ففيه عشر
قيمتها.
(مسألة 399): في الجناية على ما لا يقبل التذكية كالكلب والخنزير تفصيل، إما
الخنزير فلا ضمان في الجناية عليه باتلاف أو نحوه إلا إذا كان لكافر ذمي، ولكن
يشترط في ضمانه له قيامه بشرائط الذمة والا فلا يضمن، كما لا ضمان في الخمر وآلة

(1) على ما تقدم في المسألة (1669) كتاب الصيد والذباحة.
(2) الظاهر أن له اخذه ومطالبته بالتفاوت، واما عدم اخذه ومطالبته بتمام القيمة
ففيه اشكال، بل منع.
(3) مع التراضي.
(4) بل له أخذها ومطالبته بالتفاوت.
591

اللهو وما شاكلهما، واما الكلب فكذلك غير كلب الغنم وكلب الحائط وكلب الزرع
وكلب الصيد، واما فيها ففي الأول والثاني والثالث يضمن القيمة، وأما الرابع
فالمشهور أن فيه أربعين درهما، وفيه اشكال، والأظهر أن فيه أيضا القيمة إذا لم تكن
أقل من أربعين درهما، وإلا فأربعون درهما.
كفارة القتل
(مسألة 400): تقدم في أوائل كتاب الديات ثبوت الكفارة في قتل المؤمن
زائدة على الدية لكنها تختص بموارد صدق عنوان القاتل كما في فرض المباشرة
وبعض موارد التسبيب ولا تثبت فيما لا يصدق عليه ذلك وإن ثبتت الدية فيه، كما لو
وضع حجرا أو حفر بئرا أو نصب سكينا في غير ملكه، فعثر به عاثر اتفاقا فهلك
فلا كفارة عليه في هذه الموارد.
(مسألة 401): لا فرق في وجوب الكفارة بقتل المسلم بين البالغ وغيره
والعاقل والمجنون والذكر والأنثى والحر والعبد وإن كان العبد عبد القاتل، والمشهور
وجوب الكفارة في قتل الجنين بعد ولوج الروح فيه، وفيه اشكال، والأقرب عدم
الوجوب (1) واما الكافر فلا كفارة في قتله من دون فرق بين الذمي وغيره.
(مسألة 402): لو اشترك جماعة في قتل واحد فعلى كل منهم كفارة.
(مسألة 403): لا إشكال في ثبوت الكفارة على القاتل العمدي إذا رضي ولي
المقتول بالدية أو عفا عنه، واما لو قتله قصاصا أو مات بسبب آخر فهل عليه كفارة
في ماله، فيه اشكال، والأظهر عدم الوجوب.

(1) فيه تأمل فلا يترك الاحتياط.
592

(مسألة 404): لو قتل صبي أو مجنون مسلما فهل عليهما كفارة؟ فيه وجهان
الأظهر عدم وجوبها.
فصل في العاقلة
(مسألة 405): عاقلة الجاني عصبته، والعصبة، هم المتقربون بالأب كالاخوة
والأعمام وأولادهم وإن نزلوا، وهل يدخل في العاقلة الاباء وان علوا، والأبناء
وان نزلوا؟ الأقرب الدخول، ولا يشترك القاتل مع العاقلة في الدية، ولا يشاركهم
فيها الصبي ولا المجنون ولا المرأة وإن ورثوا منها.
(مسألة 406): هل يعتبر الغنى في العاقلة؟ المشهور اعتباره، وفيه اشكال،
والأقرب عدم اعتباره.
(مسألة 407): لا يدخل أهل البلد في العاقلة إذا لم يكونوا عصبة.
(مسألة 408): المشهور أن المتقرب بالأبوين يتقدم على المتقرب بالأب
خاصة، وفيه اشكال، والأظهر عدم الفرق بينهما.
(مسألة 409): يعقل المولى جناية العبد المعتق ويرثه المولى إذا لم تكن له قرابة،
وإذا مات مولاه قبله فجنايته على من يرث الولاء.
(مسألة 410): إذا لم تكن للقاتل أو الجاني عصبة ولا من له ولاء العتق، وكان
له ضامن جريرة فهو عاقلته، وإلا فيعقله الإمام (عليه السلام) من بيت المال.
(مسألة 411): تحمل العاقلة دية الموضحة وما فوقها من الجروح ودية ما دونها
في مال الجاني.
(مسألة 412): قد تقدم أن عمد الأعمى خطأ فلا قود عليه، وأما الدية فهي
على عاقلته، فإن لم تكن له عاقلة ففي ماله، وإن لم يكن له مال فعلى الإمام (عليه السلام).
593

(مسألة 413): تؤدي العاقلة دية الخطأ في ثلاث سنين، ولا فرق في ذلك بين
الدية التامة والناقصة، ولا بين دية النفس ودية الجروح وتقسط في ثلاث سنين،
ويستأدي في كل سنة ثلث منها.
(مسألة 414): الأظهر عدم اختصاص التأجيل بموارد ثبوت الدية المقدرة.
(مسألة 415): دية جناية الذمي وإن كانت خطأ محضا في ماله دون عاقلته وان
عجز عنها عقلها الإمام (عليه السلام).
(مسألة 416): لا تعقل العاقلة إقرارا ولا صلحا، فلو أقر القاتل بالقتل أو بجناية
أخرى خطأ تثبت الدية في ماله دون العاقلة، وكذلك لو صالح عن قتل خطائي بمال
آخر غير الدية فان ذلك لا يحمل على العاقلة.
(مسألة 417): تتحمل العاقلة الخطأ المحض دون العمد وشبيه العمد، نعم لو
هرب القاتل ولم يقدر عليه أو مات، فإن كان له مال أخذت الدية من ماله، والا فمن
الأقرب فالأقرب، وإن لم تكن له قرابة أداه الإمام (عليه السلام).
(مسألة 418): لو جرح أو قتل نفسه خطأ لم يضمنه العاقلة ولا دية له.
(مسألة 419): المملوك جنايته على رقبته ولا يعقلها المولى.
(مسألة 420): تجب الدية على العاقلة في القتل الخطائي كما مر، فإن لم تكن له
عاقلة أو عجزت عن الدية أخذت من مال الجاني، وان لم يكن له مال فهي على
الإمام (عليه السلام).
(مسألة 421): المشهور أنه إذا مات بعض العاقلة فإن كان قبل تمام الحول سقط
عنه، وإن كان بعد تمام الحول انتقل إلى تركته، وفيه اشكال، والأظهر السقوط
مطلقا.
(مسألة 422): في كيفية تقسيم الدية على العاقلة خلاف فقيل: إنها على الغني
594

نصف دينار، وعلى الفقير ربع دينار وقيل يقسطها الإمام (عليه السلام) أو نائبه عليهم على
الشكل الذي يراه فيه مصلحة، وقيل: تقسط عليهم بالسوية، وهذا القول هو
الأظهر.
(مسألة 423): هل يجمع في العاقلة بين القريب والبعيد أو يعتبر الترتيب بينهم؟
قيل بالثاني، وهذا هو المشهور بين الأصحاب، وفيه إشكال، والأول هو الأظهر.
(مسألة 424): إذا كان بعض أفراد العاقلة عاجزا عن الدية فهي على المتمكن
منهم.
(مسألة 425): لو كان بعض العاقلة غائبا لم يختص الحاضر بالدية بل هي
عليهما معا.
(مسألة 426): ابتداء زمان التأجيل في دية الخطأ من حين استقرارها وهو في
القتل من حين الموت وفي جناية الطرف من حين الجناية إذا لم تسر واما إذا سرت
فمن حين شروع الجرح في الاندمال.
(مسألة 427): لا يعقل الدية الا من علم أنه من عصبة القاتل ومع الشك
لا تجب.
(مسألة 428): القاتل عمدا وظلما لا يرث من الدية ولا من سائر أمواله، وإذا
لم يكن له وارث غيره فهي للإمام (عليه السلام) كسائر أمواله، واما إذا كان شبه عمد أو خطأ
محضا فهل يرث من الدية؟ المشهور عدمه، وهو الأظهر. (1)
(مسألة 429): لا يضمن العاقلة عبدا ولا بهيمة.
(مسألة 430): لو جرح ذمي مسلما خطأ ثم أسلم فسرت الجناية فمات المجروح

(1) فيه اشكال تقدم في المسألة (1717).
595

لم يعقل عنه عصبته لا من الكفار ولا من المسلمين، وعليه فديته في ماله، وكذا لو
جرح مسلم مسلما ثم ارتد الجاني فسرت الجناية فمات المجني عليه لم يعقل عنه
عصبته المسلمون ولا الكفار.
(مسألة 431): لو رمى صبي شخصا، ثم بلغ فقتل ذلك الشخص فديته على
عاقلته.
هذا آخر ما كتبناه تكميلا للمنهاج والحمد لله أولا وآخرا
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
596