الكتاب: هداية العباد
المؤلف: الشيخ لطف الله الصافي
الجزء: ١
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ٥ جمادي الأولى ١٤١٦
المطبعة: سپهر
الناشر: دار القرآن الكريم
ردمك:
ملاحظات:

هداية العباد
فتاوي
المرجع الديني سماحة آية الله العظمى
الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني دام ظله الوارف
1

هداية العباد
فتاوى
المرجع الديني سماحة آية الله العظمى
الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني مد ظله الوارف
الناشر: دار القرآن الكريم
ليتوغرافي: مولانا جواد الأئمة عليه السلام
المطبعة: سپهر
الطبعة: الأولى
الكمية: 5000
التاريخ: 5 جمادى الأولى 1416
2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته
محمد وآله الطاهرين، لا سيما بقية الله في الأرضين،
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
وبعد،
فإن رسالة وسيلة النجاة للمرجع الراحل آية الله العظمى السيد أبو الحسن
الموسوي الأصفهاني قدس سره رسالة حسنة الأسلوب، قوية المعاني، جامعة لمسائل مهمة
تعم الحاجة إليها وقد لا توجد في غيرها.
وقد كتب عليها تعليقات جماعة من العلماء الكبار منهم المرجع الأعلى فقيه العصر
السيد محمد رضا الموسوي الگلپايگاني أعلى الله مقامه الشريف، وقد طبعت تعليقته
المباركة، وكرر طبعها ثم أدمجت التعليقة مع عدد من فتاواه الجديدة في الأصل وسماها
(هداية العباد).
وبعد ارتحاله قدس سره طلب من هذا العبد الفقير أن أدمج ما أدى إليه نظري
القاصر فيها ليرجع إليها من يرى الرجوع إلى فتاوي في المسائل الفرعية، فقمت بهذا
العمل رجاء أن يكتبني الله تعالى ممن بين فقه رسوله وآله الطاهرين صلى الله عليه وآله وسلم.
أسأل الله تعالى أن يغفر لي زلاتي وأن يرزقني خلوص النية في جميع أعمالي،
ويجعلني وجميع المؤمنين تحت رعاية صاحب أمرنا وولي عصرنا بقية الله في أرضه
مولانا وسيدنا الإمام المهدي أرواح العالمين له الفداء، وأن يجعلنا من المنتظرين
لأمره، العاملين بأحكام الشرع الشريف، وإعلاء كلمة الدين وتطبيق شريعة سيد
المرسلين، صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين.
لطف الله الصافي
3

أحكام تقليد
(مسألة 1) يجب بإلزام العقل على كل مكلف غير بالغ مرتبة الاجتهاد - في
عباداته ومعاملاته وجميع أعماله حتى المستحبات والمباحات، إلا ما كان من
الضروريات أو اليقينيات - أن يكون إما مقلدا أو محتاطا، بشرط أن يعرف موارد
الاحتياط ولا يعرف ذلك إلا القليل، فعمل العامي غير العارف بمواضع الاحتياط من
غير تقليد باطل، على التفصيل الذي يأتي إن شاء الله تعالى.
(مسألة 2) يجوز العمل بالاحتياط ولو استلزم التكرار على الأقوى.
(مسألة 3) التقليد المصحح للعمل هو الالتزام بالعمل بفتوى مجتهد معين، ويتحقق
بتعلم المسائل منه للعمل بها وإن لم يعمل بها. نعم في مسألة جواز البقاء على تقليد
الميت يتوقف على العمل بها على الأحوط الأولى.
(مسألة 4) الأحوط ترك العدول من حي إلى حي فيما تعلمه من المسائل وإن لم
يعمل بها، إلا إذا كان الثاني أعلم.
(مسألة 5) يجب أن يكون مرجع التقليد عالما مجتهدا عادلا ورعا في دين الله
تعالى، كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (فأما من كان من الفقهاء صائنا
لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه).
(مسألة 6) يجب تقليد الأعلم مع الامكان على الأحوط إذا اختلفت فتواه مع
فتوى غيره في المسائل المبتلى بها، وعلم بذلك المكلف تفصيلا أو إجمالا. ويجب
الفحص عنه، نعم في فتاوى الأعلم النادرة والشاذة وفتوى غيره الموافقة للمشهور
يعمل بأحوط القولين.
5

(مسألة 7) إذا تساوى مجتهدان في العلم، أو كان لا يعلم أنه يوجد بينهما أعلم،
تخير بينهما، إلا إذا كان أحدهما المعين أورع أو أعدل فيتعين تقليده على الأحوط
الأولى. وإذا تردد بين شخصين يحتمل أعلمية أحدهما المعين دون الآخر تعين تقليده.
(مسألة 8) إذا كان الأعلم منحصرا في شخصين ولم يحتمل تساويهما، ولم
يتمكن من تعيين الأعلم منهما، تعين الأخذ بالاحتياط أو العمل بأحوط قوليهما مع
التمكن، ومع عدمه يكون مخيرا بينهما. أما إذا احتمل تساويهما ويئس من تعيين
الأعلم فيتخير بينهما مطلقا.
(مسألة 9) يجب على العامي أن يقلد الأعلم في مسألة تقليد الأعلم، فإن أفتى
بوجوبه لا يجوز له تقليد غيره، وإن أفتى بجواز تقليد غير الأعلم تخير بين تقليده هو
وتقليد غيره، أما إذا أفتى غير الأعلم بعدم وجوب تقليد الأعلم، فلا يجوز تقليده،
نعم لو أفتى بوجوب تقليد الأعلم يجوز الأخذ بقوله، لكن لا من جهة حجية قوله بل
لكونه موافقا للاحتياط.
(مسألة 10) إذا تساوى مجتهدان في العلم تخير العامي في الرجوع إلى أيهما، كما
يجوز له التبعيض في المسائل، بأن يأخذ بعضها من أحدهما وبعضها من الآخر.
(مسألة 11) يجب على العامي في زمان الفحص عن المجتهد أو الأعلم أن يعمل
بالاحتياط، أو بأحوط الأقوال.
(مسألة 12) إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة من المسائل، جاز الرجوع فيها
إلى غيره، مع رعاية الأعلم فالأعلم على الأحوط.
(مسألة 13) إذا قلد من ليس أهلا للفتوى ثم التفت، وجب عليه العدول. وكذا
إذا قلد غير الأعلم وجب على الأحوط العدول إلى الأعلم فيما اختلفت فتواه فيه عن
فتوى غيره. وكذا إذا قلد الأعلم ثم صار غيره أعلم منه.
(مسألة 14) لا يجوز تقليد الميت ابتداءا، نعم يجوز البقاء على تقليده في المسائل
التي عمل بها في زمان حياته أو تعلمها للعمل وإن لم يعمل بها، وإن كان الأحوط
الأولى الاقتصار في البقاء على ما عمل به. كما يجوز الرجوع فيها إلى الحي الأعلم، بل
يجب إذا كان الحي أعلم من الميت كما أن الاحتياط لا يترك في البقاء إذا كان الميت
أعلم من الحي الأعلم.
6

(مسألة 15) لا بد أن يكون البقاء على تقليد الميت بتقليد الحي، فلو بقي على
تقليد الميت من دون الرجوع إلى الحي الذي يفتي بجواز ذلك، كان كمن قلد من غير
تقليد، فإن كان بقاؤه موافقا لفتوى مرجعه الحي صحت أعماله، وإلا، كان كمن عمل
بلا تقليد.
(مسألة 16) إذا قلد مجتهدا، ثم مات فقلد غيره، ثم مات فقلد في مسألة البقاء
على تقليد الميت من يقول بوجوب البقاء أو جوازه، فالأظهر وجوب البقاء على تقليد
الأول إن كان الثالث قائلا بوجوب البقاء، وأما إن كان قائلا بجوازه، فله أن يبقى على
تقليد الثاني أو يرجع إلى الحي على التفصيل الذي مر.
(مسألة 17) المأذون والوكيل عن المجتهد في التصرف في الأوقاف أو الوصايا أو
في أموال القصر ينعزل بموت المجتهد، وأما المنصوب من قبله متوليا على الوقف أو
قيما على القصر ففي انعزاله إشكال، فلا يترك الاحتياط بحصوله على نصب المجتهد
الحي، أو إجازته بالتصرف.
(مسألة 18) إذا عمل عملا من عبادة أو عقد أو إيقاع على طبق فتوى من
يقلده، فمات ذلك المجتهد فقلد من يقول ببطلانه، يجوز له في العبادات البناء على
صحة الأعمال السابقة، إذا كان الاختلاف راجعا إلى الأجزاء والشرائط وإن كان
الأحوط الإعادة أو القضاء سيما إذا كانت العبادة فاقدة لشرط أو جزء ركني وفي
غيرها من الأحكام التكليفية أو الوضعية الأحوط رعاية رأي الثاني إذا بقي موضوعه
موردا لابتلائه الفعلي.
(مسألة 19) إذا قلد مجتهدا من غير فحص عن حاله، أو قطع بكونه جامعا
للشرائط ثم شك في أنه كان جامعا لها أم لا، وجب عليه الفحص لمعرفة جواز تقليده
فعلا، أما أعماله السابقة فحكمها الصحة بدون فحص مع احتمال صحتها احتمالا عقلائيا.
(مسألة 20) إذا أحرز كون مجتهد جامعا للشرائط ثم شك في زوال بعضها عنه
كالعدالة والاجتهاد، فلا يجب عليه الفحص، ويجوز له البناء على بقاء حالته الأولى.
(مسألة 21) إذا عرض للمجتهد ما يوجب فقد الشرائط من فسق أو جنون أو
نسيان، وجب العدول إلى جامع الشرائط ولا يجوز البقاء على تقليده، كما أنه لو قلد من لم
7

يكن جامعا للشرائط ومضى عليه برهة من الزمان، كان كمن لم يقلد أصلا،
فحاله كحال الجاهل القاصر أو المقصر.
(مسألة 22) يثبت الاجتهاد بالاختبار، وبالشياع المفيد للعلم، وبشهادة العدلين
الخبيرين، وكذا الأعلمية. ولا يجوز تقليد من لا يعلم أنه بلغ رتبة الاجتهاد وإن كان
من أهل العلم، كما أنه يجب على غير المجتهد أن يقلد أو يحتاط وإن كان من أهل العلم
وقريبا من الاجتهاد.
(مسألة 23) عمل الجاهل المقصر الملتفت من دون تقليد باطل، وإن طابق الواقع،
إذا كان عباديا ولم يتحقق معه قصد القربة. أما عمل الجاهل القاصر أو المقصر الغافل
مع تحقق قصد القربة، فصحيح إن كان مطابقا للواقع، وطريق معرفة ذلك مطابقته
لفتوى من يجب عليه تقليده.
(مسألة 24) كيفية أخذ المسائل من المجتهد على أنحاء ثلاثة، الأول: السماع منه.
الثاني: نقل عدلين أو عدل واحد عنه، بل الظاهر كفاية نقل شخص واحد إذا كان
ثقة يطمأن بقوله. الثالث: الرجوع إلى رسالته إذا كانت مأمونة من الغلط.
(مسألة 25) إذا اختلف ناقلان في نقل فتوى المجتهد يؤخذ بقول أوثقهما، ومع
تساويهما في الوثاقة يتساقط النقلان، فإذا لم يمكن الرجوع إلى المجتهد أو رسالته يعمل
بما وافق الاحتياط من الفتويين، أو يعمل بالاحتياط.
(مسألة 26) يجب تعلم مسائل الشك والسهو وغيرها مما هو محل ابتلاء غالبا،
كما يجب تعلم أجزاء العبادات وشرائطها وموانعها ومقدماتها. نعم لو علم إجمالا أن
عمله واجد لجميع الأجزاء والشرائط وفاقد للموانع صح وإن لم يعلم ذلك تفصيلا.
وكذا إذا اطمأن بذلك، أو لم يطمئن ولكن أتى به برجاء أن لا يحدث له الشك فلم
يحدث، أو حدث وعمل برجاء أن يطابق عمله وظيفته فطابقها.
(مسألة 27) إذا علم أنه كان في عباداته بلا تقليد مدة من الزمان ولم يعلم مقداره،
فإن علم بمطابقتها لفتوى المجتهد الذي رجع إليه فهو، وإلا فالأحوط أن يقضي الأعمال
السابقة بمقدار يعلم معه بالبراءة، وإن كان لا يبعد جواز الاكتفاء بالقدر المتيقن.
(مسألة 28) إذا كانت أعماله السابقة عن تقليد، ولا يعلم أنه كان تقليدا
صحيحا أم فاسدا، يبني على الصحة.
8

(مسألة 29) إذا مضت مدة من بلوغه وشك بعد ذلك في أن أعماله كانت عن
تقليد صحيح أم لا، يجوز له البناء على الصحة في أعماله السابقة، وفي اللاحقة يجب
عليه التصحيح فعلا.
(مسألة 30) يعتبر في المفتي والقاضي العدالة، وتثبت بشهادة عدلين،
وبالمعاشرة المفيدة للعلم أو الاطمئنان، وبالشياع المفيد للعلم.
(مسألة 31) العدالة عبارة عن (ملكة راسخة باعثة على ملازمة التقوى من
ترك المحرمات وفعل الواجبات) وتعرف بحسن الظاهر ومواظبة الشخص ظاهرا على
الشرعيات والطاعات من حضور الجماعات وغيره، مما يكشف عن الملكة وحسن الباطن
علما أو ظنا. بل الظاهر كفاية حسن ظاهر الشخص وإن لم يورث ذلك ظنا بالملكة.
(مسألة 32) تزول صفة العدالة بارتكاب الكبائر أو الاصرار على الصغائر،
وتعود بالتوبة إذا كانت الملكة المذكورة باقية.
(مسألة 33) إذا نقل شخص فتوى المجتهد خطأ يجب عليه إعلام من تعلم منه.
(مسألة 34) إذا حدثت له في أثناء الصلاة مسألة لا يعلم حكمها ولم يتمكن حينئذ
من استعلامها، بنى على أحد الطرفين بقصد أن يسأل عنها بعد الصلاة وأن يعيدها إذا
ظهر أن ما أتى به خلاف الواقع، فإن فعل ذلك وظهرت المطابقة صحت صلاته.
(مسألة 35) الوكيل في عمل عن الغير كإجراء عقد أو إيقاع، أو أداء خمس أو
زكاة أو كفارة أو نحوها، يجب عليه أن يعمل بمقتضى تقليد الموكل لا تقليد نفسه إذا
كانا مختلفين، بخلاف الوصي على استئجار الصلاة عن الميت مثلا فيجب أن يستأجر
على وفق فتوى مجتهده لا مجتهد الميت، هذا إذا كان وصيا لاستيجار صلاة صحيحة
مثلا، وأما إن كان وصيا لاستيجار صلاة بكيفية خاصة، فلا يجوز له التخطي عنها،
وكذلك الأجير.
(مسألة 36) إذا وقعت معاملة بين شخصين وكان أحدهما مقلدا لمن يقول بصحتها
والآخر مقلدا لمن يقول ببطلانها، وجب على كي منهما مراعاة فتوى مجتهده، فلو وقع نزاع
بينهما ترافعا إلى أحد المجتهدين أو إلى مجتهد آخر، فيحكم بينهما على طبق فتواه، وينفذ
حكمه على الطرفين. وكذا الحال في الايقاع المتعلق بشخصين كالطلاق والعتق ونحوهما.
9

(مسألة 37) الاحتياط المطلق في مقام الفتوى إذا لم تسبقه ولم تلحقه فتوى على
خلافه، لا يجوز تركه، بل يجب إما العمل بالاحتياط أو الرجوع إلى الغير، الأعلم
فالأعلم. وأما إذا كان الاحتياط مسبوقا بفتوى على خلافه، كما لو قال بعد الفتوى في
المسألة: وإن كان الأحوط كذا، أو ملحوقا بفتوى على خلافه، كما لو قال: الأحوط
كذا وإن كان الحكم كذا، أو: وإن كان الأقوى كذا. وكذا إذا كان مقرونا بما يظهر منه
الاستحباب بأن كان فيه كلمة (الأولى) كما لو قال: الأولى والأحوط كذا أو: الأحوط
الأولى كذا، جاز في هذه الموارد ترك الاحتياط، وكذا إذا أفتى في المسألة لكن قال: لا
ينبغي تركه أو: ولكن لا يترك، فهو احتياط استحبابي مؤكد، ليس وجوبيا.
10

كتاب الطهارة
أحكام المياه
(مسألة 38) الماء إما مطلق أو مضاف كالمعتصر من الأجسام كماء الرمان،
والممتزج بغيره بحيث يخرج عن صدق اسم الماء كماء السكر والملح. والمطلق أقسام:
الجاري، والنابع بغير جريان، والبئر، والمطر، والواقف ويقال له الراكد.
(مسألة 39) الماء المضاف طاهر في نفسه وغير مطهر لا من الحدث ولا من
الخبث، ولو لاقى نجسا ينجس جميعه وإن كان كثيرا، نعم في تنجس الكثير الزايد على
المتعارف تأمل وإشكال، نعم إذا كان جاريا من العالي إلى السافل أو مندفعا عن قوة
ولو من السافل كالفوارة، ولاقى أسفله النجاسة، اختصت النجاسة بموضع الملاقاة وما
بعده، ولم تسر إلى ما قبله.
(مسألة 40) الماء المطلق لا يخرج بالتبخير عن الاطلاق. نعم لو مزج معه غيره
وبخر ولم يصدق عليه الماء المطلق يصير مضافا كماء الورد ونحوه، كما أن المضاف
المبخر قد يكون مضافا، ولا تخفى مصاديقه.
(مسألة 41) إذا شك في مائع أنه مطلق أو مضاف، فإن علم حالته السابقة بنى
عليها، وإلا فلا يرفع حدثا ولا خبثا. وإذا لاقى النجاسة فإن كان قليلا ينجس قطعا،
وإن كان كثيرا فالظاهر أنه يحكم بطهارته.
(مسألة 42) الماء المطلق بجميع أقسامه يتنجس إذا تغير أحد أوصافه: اللون
والطعم والرائحة، بسبب ملاقاته النجاسة. ولا يتنجس بالتغير بالمجاورة كما إذا
11

كان قريبا من جيفة فصار جائفا، نعم إذا كانت الجيفة خارج الماء وكان جزء منها في الماء
وتغير بسبب مجموعهما، تنجس على الأحوط.
(مسألة 43) المعتبر تأثر الماء بأوصاف النجاسة لا المتنجس، فإذا احمر الماء
الكثير المعتصم بالصبغ الأحمر المتنجس، لا ينجس، إلا إذا صار بذلك مضافا.
(مسألة 44) المناط تغير أحد الأوصاف الثلاثة بسبب النجاسة، وإن كان الأثر
من غير نوع وصف النجس، فلو اصفر الماء مثلا بوقوع الدم فيه، تنجس.
(مسألة 45) إذا وقع في الماء المعتصم متنجس حامل وصف النجس فغيره
بوصف النجس وصدق عليه أنه تغير بالنجاسة، تنجس على الأقوى، كما إذا وقعت
ميتة في ماء فغيرت رائحته ثم أخرجت منه وصب ذلك الماء في كر فغير رائحته.
(مسألة 46) الماء الجاري، وهو النابع السائل، لا ينجس بملاقاة النجس، كثيرا
كان أو قليلا، ويلحق به النابع الواقف كبعض العيون، وكذلك البئر على
الأقوى، فلا تنجس هذه المياه إلا بالتغير كما مر.
(مسألة 47) الراكد المتصل بالجاري بحكم الجاري فالغدير المتصل بالنهر بساقية
ونحوها كالنهر، وكذا أطراف النهر وإن كان ماؤها واقفا.
(مسألة 48) إذا تنجس الجاري وما في حكمه بالتغير ثم زال تغيره ولو من قبل
نفسه، فالأحوط في تطهيره اعتبار امتزاجه بالمعتصم، وكذا تطهير مطلق المياه.
(مسألة 49) الراكد بلا مادة ينجس بملاقاة النجس إذا كان دون الكر، سواء
كان واردا على النجاسة أو مورودا، إلا في الغسالة كما يأتي. ويطهر بالاتصال
بماء معتصم كالجاري والكر وماء المطر، لكن مع الامتزاج على الأحوط كما ذكرنا
في مسألة 48.
(مسألة 50) إذا كان الماء قليلا وشك في أن له مادة أم لا، فإن كان سابقا ذا
مادة وشك في انقطاعها يبني على الحالة الأولى، وإن لم يكن كذلك يحكم بنجاسته
بملاقاة النجاسة على الأحوط، وإن كان الأقوى طهارته.
(مسألة 51) الراكد إذا بلغ كرا، لا ينجس بالملاقاة إلا بالتغير.
12

(مسألة 52) إذا تغير بعض الماء وكان الباقي كرا يبقى غير المتغير على
طهارته. ويطهر المتغير إذا زال تغيره باتصاله بالباقي الذي يكون كرا، لكن مع
الامتزاج على الأحوط. وإذا كان الباقي أقل من كي ينجس الجميع، المتغير بالتغير،
والباقي بالملاقاة.
(مسألة 53) يقدر الكر بالوزن وبالمساحة. أما بحسب الوزن فهو ألف ومائتا
رطل بالعراقي. وأما بحسب المساحة فهو على الأقوى ما بلغ مكسره، أي حاصل
ضرب أبعاده الثلاثة بعضها في بعض سبعة وعشرين شبرا وإن كان الأحوط ملاحظة
بلوغه، ثلاثة وأربعين شبرا إلا ثمن الشبر كما هو المشهور.
(مسألة 54) الماء المشكوك الكرية إن علمت حالته السابقة يبنى عليها، وإلا
فالأقوى عدم تنجسه بالملاقاة، وإن لم تجر عليه بقية أحكام الكر.
(مسألة 55) إذا كان الماء قليلا فصار كرا ولاقى النجاسة، ولم يعلم سبق الملاقاة
على الكرية أو العكس، يحكم بطهارته، إلا إذا علم تاريخ الملاقاة ولم يعلم تاريخ
الكرية. وأما إذا كان الماء كرا فصار قليلا ولاقى النجاسة ولم يعلم سبق الملاقاة على
القلة أو العكس، فالظاهر الحكم بطهارته مطلقا، حتى فيما إذا علم تاريخ القلة.
(مسألة 56) ماء المطر حال نزوله من السماء كالجاري، فلا ينجس ما لم يتغير،
والأحوط اعتبار كونه بمقدار يصدق عليه مسمى الجريان على الأرض الصلبة.
(مسألة 57) المراد بماء المطر الذي لا يتنجس إلا بالتغير، القطرات النازلة
والمجتمع منها تحت المطر حال تقاطره عليها، وكذا المجتمع المتصل بما يتقاطر عليه
المطر، فالماء الجاري من الميزاب تحت سقف حال نزول المطر، كالماء المجتمع فوق
السطح المتقاطر عليه المطر.
(مسألة 58) يطهر المطر كل ما أصابه من المتنجسات القابلة للتطهير، مثل
الأرض والفرش والأواني والماء، لكن مع الامتزاج في الأخير على الأحوط كما مر.
كما أنه لا يحتاج في الفرش إلى العصر والتعدد، بل لا يحتاج في الأواني أيضا إلى التعدد.
نعم إذا كان متنجسا بولوغ الكلب، فالأقوى أن يعفر أولا ثم يوضع تحت المطر، فإذا
نزل عليه، يطهر بشرط رعاية التعدد على الأحوط.
13

(مسألة 59) الفرش النجس إذا وصل المطر إلى جميع أجزائه ونفذ فيها، تطهر
كلها ظاهرا وباطنا، وإذا أصاب بعضها يطهر ذلك البعض، وإذا أصاب ظاهره ولم ينفذ
فيه، يطهر ظاهره فقط.
(مسألة 60) إذا كان السطل نجسا فنفذ فيه الماء وتقاطر حال نزول المطر، فهو طاهر
ولو كانت عين النجس موجودة على السطح ومر عليها الماء المتقاطر. وكذا المتقاطر
بعد انقطاع المطر إذا احتمل كونه من الماء المحتبس في أعماق السقف، أو كونه غير مار
على عين النجس أو المتنجس بعد انقطاع المطر. نعم إذا علم أنه من الماء المار على
عين النجس أو المتنجس بعد انقطاع المطر، يكون نجسا.
(مسألة 61) الماء الراكد النجس، يطهر بنزول المطر عليه وبالاتصال بماء معتصم
كالكر والجاري، مع الامتزاج في الجميع على الأحوط كما مر. ولا يعتبر في الاتصال
كيفية خاصة، بل المدار على مطلقه، ولو بساقية أو ثقب بينهما. كما لا يعتبر علو
المعتصم أو تساويه مع الماء النجس، نعم لو كان النجس جاريا من فوق على المعتصم،
فالظاهر عدم كفاية هذا الاتصال في طهارة ما فوقه في حال جريانه عليه.
(مسألة 62) لا إشكال في كون الماء المستعمل في الوضوء طاهرا ومطهرا للحدث
والخبث، كما لا إشكال في كون المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهرا ومطهرا للخبث،
بل الأقوى كونه مطهرا للحدث أيضا لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالتجنب عنه مع
وجود غيره وبضم التيمم مع انحصار الماء به.
(مسألة 63) الماء المستعمل في رفع الخبث المسمى بالغسالة، طاهر فيما لا يحتاج
إلى تعدد، وفي الغسلة الأخيرة فيما يحتاج التعدد، والأقوى الاجتناب في الغسلة
المزيلة لعين النجاسة.
(مسألة 64) ماء الاستنجاء سواء كان من البول أو الغائط، طاهر إذا لم يتغير أحد
أوصافه الثلاثة، ولم يكن فيه أجزاء متميزة من الغائط، ولم تتعد النجاسة عن المخرج
تعديا فاحشا، على وجه لا يصدق معه الاستنجاء، ولم يصل إليه نجاسة من خارج.
ومثله ما إذا خرج مع البول أو الغائط نجاسة أخرى مثل الدم. نعم الدم الذي يعد جزءا من
البول أو الغائط إذا كان مستهلكا فلا إشكال فيه، وإلا ففيه إشكال والأحوط الاجتناب.
14

(مسألة 65) لا يشترط في طهارة ماء الاستنجاء أن يسبق الماء اليد، وإن
كان أحوط.
(مسألة 66) إذا اشتبه نجس بين أطراف محصورة كإناء في عشرة، يجب
الاجتناب عن الجميع، ولكن لو توضأ أو اغتسل من أحدها ثم غسل مواضع الوضوء
أو الغسل بماء إناء آخر وتوضأ أو اغتسل به أو بثالث، حكم بصحة وضوءه أو غسله
وطهارة أعضاءه، وأما إذا اشتبه بين الإنائين تعين التيمم في صورة انحصار الماء بهما
وإلا فالحكم التطهير بغيرهما.
(مسألة 67) إذا أريق أحد الإنائين المشتبهين، يجب الاجتناب عن الآخر.
أحكام التخلي
(مسألة 68) يجب في حال التخلي كسائر الأحوال، ستر العورة عن الناظر
المحترم، رجلا كان أو امرأة، حتى المجنون إذا كان مميزا، أو الطفل المميز. كما يحرم
النظر إلى عورة الغير ولو كان المنظور مجنونا أو طفلا مميزا. نعم لا يجب سترها عن
غير المميز، كما يجوز النظر إلى عورته، وكذا الحال في الزوجين، ناظرا ومنظورا.
(مسألة 69) العورة في المرأة هنا القبل والدبر (وسيأتي أحكام ستر المرأة في
كتاب الصلاة وغيره) وفي الرجل هما مع البيضتين، وليس منها الفخذان ولا الأليتان،
بل ولا العانة ولا العجان، بل ولا الشعر النابت أطراف العورة على الأقوى خاصة
البعيد منه. نعم يستحب ستر ما بين السرة إلى الركبة بل إلى نصف الساق.
(مسألة 70) لا يشترط في الستر الواجب نوع معين من الساتر، فيكفي بكل
ما يستر.
(مسألة 71) لا يجوز النظر إلى عورة الغير من وراء الزجاج، بل ولا في المرآة
والماء الصافي ونحوهما.
(مسألة 72) إذا اضطر إلى النظر إلى عورة الغير للعلاج مثلا، فالأحوط أن ينظر
إليها في المرآة المقابلة لها، إن ارتفع الاضطرار بذلك، وإلا فلا مانع.
15

(مسألة 73) يحرم في حال التخلي استدبار القبلة واستقبالها بمقاديم بدنه، وإن
أمال العورة عنها، والمدار في الحرمة صدق الاستقبال والاستدبار عرفا، والأحوط
ترك الاستقبال بعورته فقط، وإن لم يكن بمقاديم بدنه.
(مسألة 74) الأقوى حرمة الاستقبال والاستدبار في حال الاستبراء حال نزول
ما بقي، والأقوى عدم الحرمة حال الاستنجاء، وإن كان الأحوط الترك.
(مسألة 75) إذا اضطر إلى أحدهما تخير، والأحوط اختيار الاستدبار. ولو دار
أمره بين أحدهما وترك الستر عن الناظر، رجح الستر.
(مسألة 76) إذا اشتبهت القبلة بين الجهات ويئس عن تمييزها وتعسر التأخير
إلى أن يميزها تخير بينها، ولا يبعد جواز العمل بالظن عند الاضطرار والحرج.
الاستنجاء
(مسألة 77) يجب غسل مخرج البول بالماء القليل مرتين على الأحوط، والأفضل
ثلاثا، ولا يجزي غير الماء. ويتخير في مخرج الغائط بين الغسل بالماء والمسح بشئ
قالع للنجاسة كالحجر والمدر والخرق وغيرها، والغسل أفضل، والجمع بينهما أكمل.
ولا يعتبر في الغسل التعدد بل الحد النقاء. وفي المسح لا بد من ثلاث على الأحوط وإن
حصل النقاء بالأقل، وإذا لم يحصل النقاء بالثلاث فإلى النقاء.
(مسألة 78) لا يترك الاحتياط بلزوم تعدد ما يمسح به، فلا يكفي ذو الجهات الثلاث.
ويعتبر فيه الطهارة، فلا يجزي النجس ولا المتنجس قبل تطهيره. ويعتبر أن لا يكون فيه
رطوبة مسرية، فلا يجزي الطين والخرقة المبلولة. نعم لا تضر النداوة التي لا تسري.
(مسألة 79) يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر، أي الأجزاء الصغار التي لا
ترى، وفي المسح يكفي إزالة العين، ولا يضر بقاء الأثر.
(مسألة 80) إنما يكتفى بالمسح في الغائط إذا لم يتعد المخرج، على وجه لا يصدق
عليه الاستنجاء ولم يكن في المحل نجاسة من الخارج، أما إذا خرج مع الغائط نجاسة
أخرى كالدم، فيتعين الغسل بالماء.
16

(مسألة 81) يحرم الاستنجاء بالمحترمات، أما العظم والروث، فالحكم بالحرمة
بهما مشكل، وكذا الحكم بتحقق التطهير بهما.
(مسألة 82) لا يجب الدلك باليد في مخرج البول، نعم إذا احتمل خروج المذي
معه، فلا يترك الاحتياط بالدلك في هذه الصورة.
الاستبراء
(مسألة 83) الظاهر أنه لا يتعين كيفية خاصة للاستبراء من البول ولكن لا
بأس بالعمل بما ورد في كلمات بعض الفقهاء، وهو أن يمسح بقوة ما بين المقعد وأصل
الذكر ثلاثا، ثم يضع سبابته مثلا تحت الذكر وإبهامه فوقه ويمسح بقوة إلى رأسه
ثلاثا، ثم يعصر رأسه ثلاثا. فإذا رأى بعد ذلك رطوبة مشتبهة لا يدري أنها بول أو
غيره يحكم بطهارتها وعدم ناقضيتها للوضوء. بخلاف ما إذا لم يستبرئ فإنه يحكم
بنجاستها وناقضيتها.
(مسألة 84) يلحق بالاستبراء على الأقوى طول المدة وكثرة الحركة، بحيث
يقطع بعدم بقاء شئ في المجرى وبأن البلل الخارج المشتبه نزل من الأعلى، فيحكم
بطهارته وعدم ناقضيته.
(مسألة 85) لا يلزم المباشرة في الاستبراء، فلو باشرت استبراء المريض
زوجته مثلا، صح ذلك.
(مسألة 86) إذا شك في الاستبراء يبني على عدمه حتى لو مضت مدة، أو كان
من عادته الاستبراء، نعم لو استبراء ثم شك أن استبرأه كان على الوجه الصحيح أم
لا، يبني على صحته.
(مسألة 87) إذا شك من لم يستبرئ في خروج الرطوبة وعدمه، بنى على عدمه،
كما إذا رأى في ثوبه رطوبة مشتبهة لا يدري أنها خرجت منه أو وقعت عليه من
الخارج، فيحكم بطهارتها وعدم انتقاض الوضوء بها.
(مسألة 88) إذا علم أن الخارج منه مذي ولكن شك في أنه خرج معه بول أم لا،
17

لا يحكم عليه بالنجاسة ولا الناقضية، إلا أن يصدق عليه الرطوبة المشتبهة، كأن
يشك في أن هذا الموجود هل هو بتمامه مذي، أو مركب منه ومن البول.
(مسألة 89) إذا بال وتوضأ ثم خرجت منه رطوبة مشتبهة بين البول والمني، فإن
استبرأ بعد البول يجب عليه الاحتياط بالجمع بين الوضوء والغسل، وإن لم يستبرئ
فكذلك على الأحوط، وإن خرجت الرطوبة المشتبهة قبل أن يتوضأ، يكتفي بالوضوء
ولا يجب عليه الغسل، سواء استبرأ بعد البول أم لا.
أحكام الوضوء
واجبات الوضوء
(مسألة 90) الواجب في الوضوء غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والقدمين،
والمراد بالوجه في المتعارف منه ما بين قصاص الشعر وطرف الذقن طولا، وما دارت
عليه الابهام والوسطى عرضا، فما خرج عن ذلك لا يجب غسله. نعم يجب غسل
شئ مما خرج عن الحد مقدمة لتحصيل اليقين بغسل تمام ما اشتمل عليه الحد. ولو
كان وجه شخص أو يده أصغر من المتعارف أو أكبر منه يغسل منه مقدار ما يغسل
صاحب الوجه المتعارف من وجهه.
(مسألة 91) يجب أن يكون الغسل من أعلى الوجه، ولا يجوز منكوسا، نعم لو رد الماء منكوسا ونوى الغسل من الأعلى برجوعه، جاز.
(مسألة 92) لا يجب غسل ما استرسل من اللحية، أما ما دخل منها في حد الوجه فيجب غسل الظاهر منه، من غير فرق بين الكثيف والخفيف مع صدق إحاطة الشعر
بالبشرة، ومع عدم إحاطة الشعر بها يلزم غسل البشرة الظاهرة.
(مسألة 93) يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع، ويجب غسل
شئ من العضد مقدمة كما في الوجه.
(مسألة 94) لا يجوز ترك شئ من الوجه أو اليدين بلا غسل ولو مقدار
مكان شعرة.
18

(مسألة 95) لا يجب غسل شئ من البواطن كالعين والأنف والفم، إلا شيئا
منها من باب المقدمة. وما لا يظهر من الشفتين بعد الانطباق هو من الباطن، فلا يجب
غسله، كما لا يجب غسل باطن الأنف وموضع الحلقة أو الخزامة، سواء كانت الحلقة
فيها أم لا.
(مسألة 96) الوسخ تحت الأظفار لا يجب إزالته إلا إذا كان ما تحته معدودا
من الظاهر، كما أنه لقص أظفاره فصار ما تحتها ظاهرا، وجب غسله بعد إزالة
الوسخ عنه.
(مسألة 97) إذا انقطع لحم من اليدين أو الوجه وجب غسل ما ظهر بعد قطعه،
ويجب غسل ذلك اللحم أيضا وإن كان اتصاله بجلدة رقيقة.
(مسألة 98) الشقوق التي تحدث على ظهر الكف بسبب البرد مثلا، إن كانت
وسيعة يرى جوفها، وجب إيصال الماء إليها، وإلا فلا.
(مسألة 99) ما يعلو البشرة شبيه الجدري، عند الاحتراق، ما دام باقيا يكفي
غسل ظاهره وإن تخرق، ولا يجب إيصال الماء إلى ما تحت الجلدة، بل لو قطع بعض
الجلدة وبقي بعضها، يكفي غسل ظاهر ذلك البعض ولا يجب قطعها بتمامها، ولو ظهر ما
تحت الجلدة بتمامه وكانت الجلدة متصلة قد تلصق وقد لا تلصق، يجب غسل ما تحتها،
وإن كانت لاصقة، يجب رفعها أو قطعها.
(مسألة 100) يصح الوضوء بالارتماس مع مراعاة الأعلى فالأعلى، والأحوط
الاقتصار في الارتماس بالوجه واليد اليمنى وأما اليد اليسرى فيغسلها باليد اليمنى.
(مسألة 101) يجب رفع ما يمنع وصول الماء أو تحريكه كالخاتم ونحوه ولو شك
في وجود الحاجب، لم يلتفت إذا لم يكن لاحتمال وجوده سبب عقلائي، ولو شك في
أنه حاجب أم لا، وجبت إزالته، أو إيصال الماء إلى ما تحته.
(مسألة 102) ما ينجمد على الجرح عند البرء ويصير كالجلدة لا يجب رفعه،
ويجزي غسل ظاهره وإن كان رفعه سهلا. أما الدواء الذي انجمد عليه، فهو بمنزلة
الجبيرة التي سيأتي حكمها.
19

(مسألة 103) الوسخ على البشرة إن لم يكن جرما مرئيا، لا يجب إزالته وإن
كان يجتمع بالفرك ويكون كثيرا ما دام يصدق عليه أنه غسل البشرة. وكذا البياض
الذي يظهر على اليد من الجص أو النورة مثلا، إذا كان الماء يصل تحته ويصدق معه
غسل البشرة. ولو شك في كونه حاجبا، وجبت إزالته.
(مسألة 104) يجب مسح شئ من مقدم الرأس، ويكفي منه مسمى المسح، وإن
كان الأحوط عدم الاجتزاء بأقل من عرض إصبع، وأحوط منه مسح مقدار ثلاثة
أصابع مضمومة، بل الأولى كون المسح بالثلاثة. والمرأة كالرجل في ذلك.
(مسألة 105) لا يجب كون المسح على البشرة، فيجوز على الشعر النابت على
المقدم. نعم إذا كان الشعر الذي منبته مقدم الرأس طويلا يتجاوز بمده عن حده، لا
يجوز المسح على المقدار المتجاوز منه، سواء كان مسترسلا أو مجتمعا في المقدم.
(مسألة 106) يجب أن يكون المسح بباطن الكف، والأحوط الأيمن بل الأولى
بالأصابع منه، ويجب أن يكون المسح بما بقي في يده من نداوة الوضوء، فلا يجوز
بماء جديد.
(مسألة 107) يجب جفاف الممسوح على وجه لا ينتقل منه أجزاء إلى الماسح.
(مسألة 108) يجب مسح ظاهر القدمين من أطراف الأصابع إلى المفصل على
الأحوط طولا، ولا تقدير للعرض، فيجزي ما يتحقق به اسم المسح، والأفضل بل
الأحوط أن يكون بتمام الكف. وما تقدم في مسح الرأس، من تجفيف الممسوح، وكون
المسح بما بقي على يده من نداوة الوضوء، يجري في القدمين أيضا، والأحوط تقديم
مسح الرجل اليمنى على اليسرى ومسح اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليد اليسرى.
(مسألة 109) إذا تعذر المسح بباطن الكف مسح بظاهرها، وإذا تعذر مسح بذراعه.
(مسألة 110) إذا جفت رطوبة الكف، أخذ من سائر مواضع الوضوء، من
حاجبه أو لحيته أو غيرهما ومسح به، والأحوط أن لا يكون مما خرج عن حد الوجه
كشعر اللحية الخارج، وإذا لم يمكن الأخذ مما ذكر أعاد الوضوء. وإذا لم تنفع الإعادة
من جهة حرارة الهواء أو البدن بحيث كلما توضأ جف ماء وضوئه، فلا يترك الاحتياط
بالجمع بين المسح باليد الجافة ثم بالماء الجديد، ثم التيمم.
20

(مسألة 111) لا بد في المسح من إمرار الماسح على الممسوح، فلو عكس لم يجز.
نعم لا تضر الحركة اليسيرة في الممسوح.
(مسألة 112) لا يجب في مسح القدم أن يضع أصابع الكف مثلا على أصابعها
ويجرها إلى الحد، بل يجزي أن يضع تمام كفه على تمام ظهر القدم، ثم يجرها قليلا
بمقدار يصدق عليه المسح.
(مسألة 113) يجوز المسح على القناع والخف والجورب وغيرها عند الضرورة،
من تقية أو برد أو سبع أو عدو، ونحو ذلك مما يخاف بسببه أن يرفع الحائل. ويعتبر
في المسح على الحائل كل ما يعتبر في مسح البشرة، من كونه بالكف وبنداوة الوضوء
وغير ذلك.
شروط الوضوء
(مسألة 114) يشترط في الوضوء أمور: منها طهارة الماء وإطلاقه وإباحته،
وطهارة المحل المغسول والممسوح، ورفع الحاجب عنه، وإباحة المكان أي الفضاء
الذي يقع فيه الغسل والمسح، وكذا إباحة المصب إذا كان الوضوء مستلزما لانصباب
الماء فيه، وإباحة الإناء، على تفصيل يأتي. ومنها عدم المانع من استعمال الماء كأن
يخشى من استعماله المرض أو العطش، على نفسه أو نفس محترمة، ونحو ذلك مما يجب
معه التيمم، فلو توضأ والحال هذه، بطل.
(مسألة 115) المشتبه بالنجس بالشبهة المحصورة، كإناء في ثلاثة أو أكثر مر
حكمه في المسألة 66، وإذا انحصر الماء في المشتبهين يتيمم للصلاة.
(مسألة 116) إذا لم يكن عنده إلا ماء مشكوك الإضافة والاطلاق، فإن كانت
حالته السابقة الاطلاق يتوضأ به، وإن كانت الإضافة يتيمم، وإن لم يعلم الحالة
السابقة، يجب الاحتياط بالجمع بين الوضوء به والتيمم.
(مسألة 117) إذا اشتبه مضاف في محصور ولم يكن عنده ماء آخر، يجب عليه
الاحتياط بتكرار الوضوء على نحو يعلم أنه توضأ بماء مطلق. والضابط: أن يزاد عدد
21

الوضوءات على عدد المضاف المعلوم بواحد، فإذا كان عنده إناءان، يتوضأ بهما، وإذا
كان عنده ثلاثة أو أكثر وكان يعلم إضافة واحد منها، يتوضأ باثنين منها، وإذا كان
المضاف إناءين بين ثلاثة أو أكثر، يتوضأ بالثلاثة، وهكذا.
(مسألة 118) إذا كان المشتبه بالغصب من أطراف العلم الاجمالي، فهو
كالمغصوب لا يجوز الوضوء به، فلو انحصر الماء به، تعين التيمم. أما المشتبه بدوا
فالأقوى إباحته، نعم لو كان ملكا للغير، فلا يجوز التصرف فيه إلا برضاه.
(مسألة 119) طهارة الماء وإطلاقه شرط واقعي يستوي فيهما العالم والجاهل،
بخلاف الإباحة، فإذا توضأ بماء مغصوب مع جهله بغصبيته أو نسيانه إياها وكان
معذورا في جهله ونسيانه، صح وضوؤه، ولو التفت إلى الغصبية في أثناء الوضوء،
صح ما مضى من وضوئه ويتم الباقي بماء مباح، وإذا التفت إليها بعد غسل اليد
اليسرى فالأحوط عدم جواز المسح بما في يده من الرطوبة، بل لا يخلو من قوة.
وكذا الحال لو كان على محال وضوئه رطوبة من ماء مغصوب، وأراد أن يتوضأ بماء
مباح قبل جفاف الرطوبة.
(مسألة 120) يجوز الوضوء والشرب وسائر التصرفات اليسيرة التي جرت
عليها السيرة، من الأنهار الكبيرة، سواء كانت تجري في مجاريها الطبيعية أو في
جداول، وإن لم يعلم رضا المالكين، بل وإن كان فيهم الصغار والمجانين. نعم مع
نهيهم أو نهي بعضهم يشكل الجواز. وإذا غصبها غاصب، يبقى الجواز لغيره دونه.
(مسألة 121) إذا كان ماء مباح في إناء مغصوب، لا يجوز الوضوء منه بالرمس
فيه مطلقا، وأما بالاغتراف منه فلا يصح الوضوء مع الانحصار فيه، ويتعين التيمم.
وأما مع عدم الانحصار - أي إذا تمكن من ماء آخر مباح - فيصح وضوؤه بالاغتراف
منه وإن فعل حراما من جهة التصرف في الإناء. وكذا لو انحصر الإناء في المغصوب
ولكن صب الماء المباح من الإناء المغصوب في الإناء المباح، فيصح وضوؤه.
(مسألة 122) يصح الوضوء تحت الخيمة المغصوبة، بل في البيت المغصوب سقفه
وجدرانه، إذا كانت أرضه مباحة.
(مسألة 123) الأحوط ترك الوضوء من حياض المساجد والمدارس ونحوهما،
إلا إذا علم أن الواقف لم يجعلها مختصة بالمصلين والساكنين فيها.
22

(مسألة 124) الوضوء من آنية الذهب والفضة كالوضوء من الآنية المغصوبة،
فيبطل إذا كان بالرمس فيها مطلقا، ويبطل بالاغتراف منها مع الانحصار فيها. ولو
توضأ منها جهلا أو نسيانا بل مع الشك في كونها ذهبا أو فضة صح، حتى لو كان
بالرمس أو بالاغتراف مع الانحصار.
(مسألة 125) إذا شك في وجود الحاجب قبل الشروع في الوضوء أو في الأثناء،
لا يجب الفحص، إلا إذا كان لاحتماله سبب عقلائي، وحينئذ يجب الفحص حتى
يطمئن بعدمه. وإذا شك بعد الفراغ في أن الحاجب كان موجودا أم لا، بنى على عدمه
وصحة وضوئه، وكذلك إذا كان موجودا وكان ملتفتا إليه سابقا، وشك بعد الوضوء
في أنه أزاله أو أوصل الماء لما تحته أم لا، وكذا إذا علم بوجود الحاجب، وشك في أنه
كان موجودا حال الوضوء أو طراء بعده، فيحكم في جميع هذه الصور بصحة الوضوء.
(مسألة 126) إذا علم بوجود شئ حال الوضوء قد يصل الماء تحته وقد لا يصل
كالخاتم، وعلم أنه لم يكن ملتفتا إليه حين الغسل، أو علم أنه لم يحركه ومع ذلك شك
في أنه وصل الماء تحته صدفة أم لا، فيشكل الحكم بالصحة، فالأحوط الإعادة.
(مسألة 127) إذا كان بعض محال الوضوء نجسا فتوضأ، وشك بعده في أنه طهره
قبل الوضوء أم لا، يحكم بصحة وضوئه، لكن يبني على بقاء نجاسة المحل، فيجب
غسله للأعمال الآتية لو لم يعلم بتطهيره بالغسل الوضوئي. نعم لو علم أنه لم يكن
ملتفتا إلى ذلك حال الوضوء، فالأحوط الإعادة.
(مسألة 128) من شروط الوضوء المباشرة اختيارا، ومع الاضطرار يجوز بل
يجب عليه الاستعانة بغيره إن أمكن، وإلا يستنيب، وحينئذ يوضؤه الغير وينوي هو،
وإن كان الأحوط أن ينوي الغير أيضا. ولا بد أن يكون المسح بيد المنوب عنه بإمرار
النائب، وإن لم يمكن الامرار، أخذ الرطوبة التي في يده ومسح بها، والأحوط مع ذلك
ضم التيمم إن أمكن.
(مسألة 129) من شروط الوضوء الترتيب في الأعضاء، فيقدم تمام الوجه على اليد
اليمنى، ويقدم اليمنى على اليسرى، واليسرى على مسح الرأس، ومسح الرأس على مسح
الرجلين، ولا يجب الترتيب في مسحهما، نعم الأحوط تقديم الرجل اليمنى على اليسرى.
23

(مسألة 130) من شروط الوضوء الموالاة بين الأعضاء، بمعنى أن لا يؤخر غسل
العضو المتأخر بحيث تجف الأعضاء السابقة فيكفي في اعتبار الموالاة عدم جفاف بعض
الأعضاء السابقة.
(مسألة 131) إنما يضر جفاف الأعضاء السابقة إذا كان بسبب التأخير الكثير،
أما إذا تابع وضوءه عرفا ومع ذلك جفت بسبب حرارة الهواء أو غيرها، فلا
يبطل وضوؤه.
(مسألة 132) إذا لم يتابع أفعال الوضوء لكن لم يجف العضو السابق بسبب
البرودة ورطوبة الهواء، بحيث لو كان الهواء معتدلا لحصل الجفاف، لا يبطل وضوؤه.
فالعبرة في صحة الوضوء بأحد أمرين: إما بقاء البلل حسا، أو المتابعة عرفا.
(مسألة 133) إذا ترك الموالاة نسيانا، بطل وضوؤه. وكذا لو اعتقد عدم الجفاف،
ثم تبين الخلاف.
(مسألة 134) إذا لم يبق رطوبة على أعضاء وضوئه إلا على ما زاد من لحيته عن
حد وجهه، ففي كفاية المسح به إشكال.
(مسألة 135) من شروط الوضوء النية، وهي القصد إلى الفعل بعنوان الامتثال،
أو لرجحان الفعل ومحبوبيته وإن لم يكن مأمورا به لمانع من أمره به، وهو المراد بنية
القربة. ويعتبر فيها الاخلاص، فلو ضم إليها ما ينافي الاخلاص بطل وضوؤه،
خصوصا الرياء، فإنه إذا دخل في العمل على أي نحو كان أفسده، وأما غير المنافي من
الضمائم الراجحة أو المباحة كالتبريد وغيره، فلا يضر ضمها، بشرط أن لا تكون هي
المقصود الأصلي والوضوء تبعا لها، بل بشرط أن لا يكون أمر غير الوضوء مؤثرا ولو
تبعا على الأحوط.
(مسألة 136) لا يعتبر في النية التلفظ بها ولا إخطارها في القلب تفصيلا، بل
يكفي فيها الإرادة الاجمالية المرتكزة في النفس، بحيث لو سئل ماذا تفعل؟ يقول:
أتوضأ. وهذه الإرادة الاجمالية هي التي يسمونها الداعي إلى العمل. نعم لو شرع في
العمل ثم ذهل عنه وغفل بالمرة، بحيث لو سئل عن فعله بقي متحيرا لا يدري ما
يصنع، يكون عمله عملا بلا نية.
24

(مسألة 137) كما تجب النية في أول العمل كذلك يجب استمرارها إلى آخره، فلو
تردد أو نوى العدم وأتم الوضوء على هذه الحالة، بطل. نعم لو رجع إلى النية الأولى
قبل فوات الموالاة وأكمل بها باقي الأفعال، صح.
(مسألة 138) يكفي في النية قصد القربة، ولا يجب نية الوجوب أو الندب لا
وصفا ولا غاية، فلا يلزم أن يقصد: أني أتوضأ الوضوء الذي يكون واجبا علي، أو
يقصد: أني أتوضأ لأنه يجب علي، بل لو نوى الوجوب في موضع الندب أو العكس
اشتباها بعد ما كان قاصدا القربة والامتثال على أي حال، كفى وصح، فإذا نوى
الوجوب بتخيل دخول الوقت فتبين خلافه، صح وضوؤه.
(مسألة 139) الظاهر أنه يعتبر في صحة الوضوء قصد الطهارة أو ما يترتب
عليها، لتوقف قصد القربة عليه.
(مسألة 140) يكفي وضوء واحد عن الأسباب المختلفة، وإن لم يلحظها في النية،
بل لو قصد رفع حدث بعينه ولم يقصد عدم ارتفاع غيره صح الوضوء وارتفع الجميع،
وفي صحته إذا قصد عدم ارتفاع غيره إشكال.
موجبات الوضوء
(مسألة 141) الأحداث الناقضة للوضوء والموجبة له أمور:
الأول والثاني: خروج البول وما في حكمه كالبلل المشتبه قبل الاستبراء، وخروج
الغائط سواء خرجا من الموضع الطبيعي أو من غيره مع انسداد الطبيعي أو بدونه،
كثيرا كانا أو قليلا، ولو كان خروجهما مع غيرهما.
الثالث: خروج الريح من الدبر، إذا كان من الأمعاء، سواء كان له صوت ورائحة
أم لا. ولا عبرة بما يخرج من قبل المرأة، ولا بما لا يكون من الأمعاء كما إذا دخل من
الخارج ثم خرج.
الرابع: النوم الغالب على حاستي السمع والبصر.
الخامس: كل ما أزال العقل، مثل الجنون والاغماء والسكر، ونحوها.
السادس: الحيض والنفاس والاستحاضة، على ما يأتي، كما سيأتي حكم
مس الميت.
25

(مسألة 142) إذا خرج ماء الاحتقان ولم يكن معه شئ من الغائط، لم
ينتقض الوضوء، وكذا لو شك في خروج شئ معه، وكذا لو خرج دود أو نوى غير
ملطخ بالغائط.
(مسألة 143) المسلوس والمبطون إن كانت لأي منهما فترة تسع الطهارة والصلاة
ولو بالاقتصار على أقل واجباتها، انتظرها وصلى في تلك الفترة. وإن لم تكن فترة،
فإما أن يكون خروج الحدث في أثناء الصلاة مرة أو مرتين أو ثلاثا مثلا، بحيث لا
حرج عليه في التوضي في الأثناء والبناء على ما صلى من صلاته، وإما أن يكون متصلا
بحيث لو توضأ بعد كل حدث وبنى لزم عليه الحرج، ففي الصورة الأولى يتوضأ ويشتغل
بالصلاة بعد أن يضع الماء قريبا منه، فإذا خرج شئ توضأ بلا مهلة وبنى على صلاته،
والأحوط أن يصلي صلاة أخرى بوضوء واحد، بل لا يترك هذا الاحتياط استحبابا
مؤكدا إذا استلزم الوضوء أثناء الصلاة الفعل الكثير. وأما في الصورة الثانية فيتوضأ
لكل صلاة، ولا يجوز أن يصلي صلاتين بوضوء واحد. فريضة كانتا أو نافلة أو
مختلفتين. والظاهر إلحاق مسلوس الريح بمسلوس البول في التفصيل المتقدم.
(مسألة 144) يجب على المسلوس التحفظ من تعدي بوله، بكيس فيه قطن
ونحوه، والظاهر عدم وجوب تغييره أو تطهيره لكل صلاة. نعم الأحوط تطهير
الحشفة إن أمكن من غير حرج، كما أنه يجب التحفظ بما أمكن على المبطون أيضا،
والأحوط فيه أيضا تطهير المخرج، إن أمكن من غير حرج.
(مسألة 145) لا يجب على المسلوس والمبطون قضاء ما صليا من الصلوات بعد برئهما،
نعم الظاهر وجوب إعادتها إذا كان البرء في الوقت واتسع الزمان للصلاة مع الطهارة.
غايات الوضوء
(مسألة 146) غاية الوضوء ما كان وجوب الوضوء أو استحبابه لأجله، إما
لأن الطهارة شرط لصحته كالصلاة، أو شرط لجوازه وعدم حرمته، كمس كتابة
القرآن، أو شرط لكماله، كقراءة القرآن، أو لرفع كراهته كالأكل في حال الجنابة،
فإنه مكروه وترتفع كراهته بالوضوء.
26

(مسألة 147) الطهارة شرط لصحة الصلاة فريضة كانت أو نافلة، أداء أو قضاء،
عن النفس أو الغير، وكذا أجزاؤها المنسية، بل وسجدتي السهو أيضا على الأحوط،
وكذا الطواف الذي هو جزء من الحج أو العمرة، وإن كانا مندوبين.
(مسألة 148) الطهارة شرط لجواز مس كتابة القرآن، فيحرم مسها على المحدث،
ولا فرق بين الآيات والكلمات، بل والحروف والمد والتشديد وإعرابها. ويلحق بها
أسماء الله تعالى وصفاته الخاصة، وأما أسماء الأنبياء والأئمة والملائكة عليهم الصلاة
والسلام ففي إلحاقها بها تأمل وإشكال، والأحوط التجنب خصوصا في الأوليين.
(مسألة 149) لا فرق في حرمة المس بين أجزاء البدن الظاهرة والباطنة، نعم لا
يبعد جواز المس بالشعر. كما لا فرق بين أنواع الخطوط حتى المهجور منها كالكوفي،
وكذا بين أنحاء الكتابة، بالقلم أو الطباعة أو غير ذلك.
(مسألة 150) الظاهر أن الكون على الطهارة مستحب بنفسه كسائر المستحبات
النفسية، وسائر الغايات مرتبة عليها، فيصح قصدها في الوضوء وإن لم يقصد
إحدى الغايات.
(مسألة 151) يستحب للمتوضي أن يجدد وضوءه، والظاهر جوازه ثالثا
ورابعا فصاعدا.
(مسألة 152) في استحباب الوضوء بنفسه للمحدث بالأصغر إشكال، فلو جدد
وضوءه مرة أو أكثر ثم تبين مصادفته للحدث، فلا يترك الاحتياط بإعادته.
أحكام الخلل
(مسألة 153) إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة أو ظنها، تطهر، ولو كان شكه
في أثناء العمل - كما لو دخل في الصلاة مثلا وشك في أثنائها في الطهارة - فلا يترك
الاحتياط بالاتمام ثم الاستئناف بطهارة جديدة.
(مسألة 154) إذا شك في الطهارة بعد الفراغ من العمل، بنى على صحة العمل
السابق، وتطهر للعمل اللاحق.
27

(مسألة 155) إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث، لم يلتفت، ولو تيقنهما وشك
في المتأخر منهما، تطهر، إلا إذا علم تاريخ الطهارة، فيبني عليها على الأقوى.
(مسألة 156) إذا تيقن ترك غسل عضو أو مسحه، أتى به وبما بعده، إذا لم
يحصل مفسد كفوات الموالاة ونحوه، وإلا استأنف.
(مسألة 157) إذا شك في فعل شئ من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه، أتى بما
شك فيه وبما بعده، مراعيا الترتيب والموالاة وغيرهما مما يعتبر في الوضوء. والظن
هنا كالشك.
(مسألة 158) كثير الشك لا عبرة بشكه، كما أنه لا عبرة بالشك بعد الفراغ،
سواء كان شكه في فعل من أفعال الوضوء، أو في شرط من شروطه.
وضوء الجبيرة
(مسألة 159) من كان على بعض أعضائه جبيرة ولا يتمكن من غسل محلها بلا
نزعها، نزعها وغسل أو مسح ما تحتها. وإن لم يمكن ذلك وكانت في موضع المسح
مسح عليها، أو موضع الغسل وأمكن إيصال الماء تحتها على نحو يحصل مسمى الغسل
مع مراعاة البدء من الأعلى، وجب غسلها، وإلا مسح عليها.
(مسألة 160) يجب استيعاب المسح في الجبيرة التي على أعضاء الغسل، نعم لا يلزم
مسح ما يتعذر أو يتعسر مسحه كالذي بين الخيوط، وأما التي على أعضاء المسح، فمسحها
كمسح محلها قدرا وكيفية، فيعتبر أن يكون باليد ونداوتها، بخلاف ما كان في موضع الغسل.
(مسألة 161) إذا كانت الجبيرة مستوعبة لعضو واحد أو لتمام الأعضاء، وأمكن
التيمم بلا حائل، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الجبيرة والتيمم، خصوصا في
الصورة الثانية. نعم إذا استوعب الحائل أعضاء التيمم أيضا ولم يمكن التيمم على
البشرة، تعين الوضوء على الجبيرة في الصورتين.
(مسألة 162) إذا وقعت الجبيرة على بعض الأطراف الصحيحة، فالمقدار
المتعارف الذي يلزم لربط غالب الجبائر يلحق بها في الحكم فيمسح عليه، وإن كانت أكثر
28

من ذلك فإن أمكن رفعها، رفعها وغسل المقدار الصحيح، ثم وضعها ومسح
عليها، وإن لم يمكن، مسح عليها ولا يترك الاحتياط بضم التيمم أيضا.
(مسألة 163) إذا لم يمكن المسح على الجبيرة من جهة النجاسة، وضع
خرقة طاهرة فوقها على نحو تعد جزءا منها، ومسح عليها، لكن لا يترك الاحتياط
بضم التيمم.
(مسألة 164) الأقرب جواز الاكتفاء بغسل ما حول الجرح المكشوف إذا لم يمكن
غسل الجرح نفسه، والأحوط وضع شئ عليه والمسح عليه.
(مسألة 165) إذا أضر الماء بالعضو ولم يكن فيه جرح أو قرح أو كسر، يتعين
التيمم، وكذا إذا كان الكسر أو الجرح في غير مواضع الوضوء وكان يضره استعمال
الماء في مواضع الوضوء.
(مسألة 166) الرمد الذي يضر به الوضوء، يتعين معه التيمم.
(مسألة 167) إذا كان على البشرة مانع لا يمكن إزالته كالقير ونحوه، يكفي المسح
عليه، والأحوط كونه وافيا بحيث يحصل به أقل مسمى الغسل، وأحوط من ذلك ضم
التيمم إليه، ولا يترك إذا كان المانع على غير محال التيمم.
(مسألة 168) الوضوء الجبيري رافع للحدث، لا مبيح فقط.
(مسألة 169) من كان على بعض أعضائه جبيرة وحصل له موجب الغسل،
مسح على الجبيرة وغسل المواضع التي لا جبيرة فيها، على ما تقدم. والأحوط كون
غسله ترتيبا لا ارتماسا.
(مسألة 170) من كان تكليفه التيمم وكان على أعضائه جبيرة لا يمكن رفعها،
مسح عليها، وكذا إذا كان حائل آخر لا يمكن إزالته.
(مسألة 171) إذا ارتفع عذر صاحب الجبيرة، لا يجب إعادة الصلاة التي صلاها،
نعم لا يترك الاحتياط بتجديد الوضوء للصلوات الآتية.
(مسألة 172) يجوز أن يصلي صاحب الجبيرة أول الوقت مع اليأس عن زوال
العذر إلى آخر الوقت، ومع عدمه فالأحوط التأخير.
29

الأغسال
(مسألة 173) الأغسال الواجبة بالوجوب النفسي أو الغيري ستة: غسل الجنابة،
والحيض، والاستحاضة، والنفاس، ومس الميت، وغسل الأموات. وقد تجب
الأغسال المستحبة بالنذر.
غسل الجنابة
(مسألة 174) سبب الجنابة أمران، السبب الأول: خروج المني وما في حكمه
من البلل المشتبه قبل الاستبراء بالبول كما ستعرفه، والمعتبر خروجه إلى الخارج، فلو
تحرك من محله ولم يخرج، لم يوجب الجنابة، كما أن المعتبر كونه منه، فلو خرج من
المرأة مني الرجل لا يوجب جنابتها إلا مع العلم باختلاطه بمنيها.
(مسألة 175) المني إن علم فلا إشكال، وإلا فالظاهر في معرفته في الصحيح
كفاية اجتماع الدفق مع الفتور أو مع الشهوة، وفي المريض تكفي الشهوة، ولا يبعد
كفاية الشهوة في المرأة أيضا، وإن كان الأحوط لها الوضوء والغسل إذا كانت مسبوقة
بالحدث الأصغر، وإلا فإن لم تكن مسبوقة به فالغسل وحده.
(مسألة 176) السبب الثاني من أسباب الجنابة: الجماع وإن لم ينزل، ويتحقق
بغيبوبة الحشفة في القبل أو الدبر، وبقدرها من مقطوعها، بل لا يترك الاحتياط فيه
مع صدق الادخال مطلقا. ولا فرق في ذلك بين الصغير والمجنون وغيرهما، فيجب
الغسل حينئذ بعد حصول شرائط التكليف، ولكنه يصح من المميز أيضا.
(مسألة 177) إذا رأى في ثوبه منيا وعلم أنه منه ولم يغتسل بعده، يجب عليه
قضاء الصلوات التي صلاها بعده، وأما الصلوات التي يحتمل وقوعها قبله، فلا يجب
قضاؤها. وإذا علم أنه منه ولكن لم يعلم أنه من جنابة سابقة اغتسل منها، أو من
جنابة أخرى لم يغتسل منها، فالظاهر أنه لا يجب عليه الغسل وإن كان أحوط.
(مسألة 178) إذا تحرك المني من محله في النوم أو اليقظة وكان بعد دخول وقت
الصلاة ولم يكن عنده ماء للغسل، فيشكل الحكم بعدم وجوب حبسه مع عدم الضرر، فلا
30

يترك الاحتياط بحبسه، أما إذا كان متوضئا ولم يكن عنده ما يتيمم به، فلا يبعد
وجوب حبسه إلا إذا تضرر به.
(مسألة 179) يجوز له إتيان أهله كما ورد بذلك النص إذا لم يكن عنده ماء وكان
عنده ما يتيمم به، أما إذا لم يكن عنده ما يتيمم به أيضا، فلا.
أحكام الجنب
(مسألة 180) تتوقف على الغسل من الجنابة أمور، بمعنى أنه شرط في صحتها:
الأول: الصلاة بأقسامها، وأجزائها المنسية، بل وكذا سجدتا السهو على الأحوط
ما عدا صلاة الجنازة.
الثاني: الطواف الواجب، دون المندوب.
الثالث: صوم شهر رمضان وقضاؤه، بمعنى بطلانه إذا أصبح جنبا متعمدا أو ناسيا الجنابة، وأما غيرهما من أقسام الصوم فلا تبطل بالاصباح جنبا، وإن كان
الأحوط في الواجب منها ترك تعمده.
نعم الجنابة العمدية في أثناء النهار تبطل جميع أقسام الصوم حتى المندوب، بخلاف
غيرها كالاحتلام، فلا يضر حتى بصوم شهر رمضان.
(مسألة 181) يحرم على الجنب أمور:
الأول: مس كتابة القرآن على التفصيل المتقدم في الوضوء، ومس اسم الله تعالى
وسائر أسمائه وصفاته المختصة به، وكذا مس أسماء الأنبياء والأئمة عليهم السلام على الأحوط
كما تقدم.
الثاني: دخول المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله، وإن كان بنحو الاجتياز.
الثالث: المكث في غير المسجدين من المساجد، بل مطلق الدخول فيها إذا لم يكن
مارا، بأن يدخل من باب ويخرج من آخر. ويلحق بها المشاهد المشرفة على
الأحوط، بل لا يترك الاحتياط بإلحاقها بالمسجدين، ولا تلحق الأروقة بالروضة
سيما إذا كان قصده من الدخول فيها التشرف والتبرك.
الرابع: وضع شئ في المساجد بالدخول إليها، أو في حال العبور، بل الأحوط أن لا يمنع فيها شيئا وهو خارجها أيضا كما
31

أن الأحوط ترك الدخول لأخذ شئ منها،
نعم لا بأس بأخذه منها من غير الدخول.
الخامس: قراءة سور العزائم الأربع وهي: السجدة، وفصلت، والنجم، والعلق.
والأقوى اختصاص الحرمة بآيات السجدة، دون بقية آيات السورة، وإن كان
الأحوط الأولى تركها أيضا.
(مسألة 182) إذا احتلم في أحد المسجدين، أو دخل فيهما جنبا عمدا أو سهوا
أو جهلا، وجب عليه التيمم للخروج، إلا أن يكون زمان الخروج أقصر من المكث
للتيمم أو مساويا له، فحينئذ يخرج بدون تيمم على الأقوى.
(مسألة 183) إذا أجنب ووجب عليه الغسل فورا وكان الماء في المسجد
فالأقوى أنه فاقد الماء يجب عليه التيمم نعم إذا كان مارا في غير المسجدين وأمكن
له أخد الماء، وجبت عليه الطهارة المائية.
ما يكره للجنب
(مسألة 184) يكره للجنب أمور:
منها: الأكل والشرب، وترتفع كراهتهما له بأمور، أكملها الوضوء الكامل، ثم
غسل اليد والوجه والمضمضة، ثم غسل اليدين فقط.
ومنها: قراءة ما زاد على سبع آيات غير العزائم، وتشتد الكراهة إن زاد على
سبعين آية. ومنها: مس ما عدا خط المصحف، من الجلد والورق والهامش، وما بين السطور.
ومنها: النوم، وترتفع كراهته بالوضوء، وإن لم يجد ماء تيمم بدلا
عن الغسل.
ومنها: الخضاب. وكذا يكره له أن يجنب إذا كان مختضبا قبل أن
يأخذ اللون.
ومنها: الجماع إذا كان جنبا بالاحتلام.
ومنها: حمل المصحف وتعليقه.
32

واجبات الغسل وشروطه
(مسألة 185) واجبات الغسل أمور: الأول: النية، ويعتبر فيها الاخلاص،
ولا بد من استمرارها كما تقدم في الوضوء.
(مسألة 186) إذا دخل الحمام بنية الغسل، فإن بقي في نفسه الداعي وكان
اغتساله بذلك الداعي بحيث لو سئل ما تفعل؟ يقول أغتسل، فغسله صحيح، وأما
إذا كان غافلا بالمرة بحيث لو قيل له ما تفعل؟ بقي متحيرا، بطل غسله، بل لم يقع
منه غسل أصلا.
(مسألة 187) إذا دخل الحمام ليغتسل وبعد ما خرج شك في أنه اغتسل أم لا،
بنى على العدم، أما لو علم أنه اغتسل، لكن شك في أنه على الوجه الصحيح أم لا،
بنى على الصحة.
(مسألة 188) الثاني: غسل ظاهر البشرة، فلا يجزي غيرها، فيجب عليه حينئذ
رفع الحاجب وتخليل ما لا يصل الماء إليه إلا بتخليله. ولا يجب غسل باطن العين والأنف
والأذن وغيرها، حتى الثقبة التي في الأذن أو الأنف للقرط أو الحلقة، إلا إذا كانت واسعة
بحيث تعد من الظاهر، والأحوط غسل ما شك في أنه من الظاهر أو الباطن.
(مسألة 189) لا يجب غسل الشعر، بل يجب غسل ما تحته من البشرة، نعم ما
كان رقيقا بحيث يعد من توابع الجسد، يجب غسله.
(مسألة 190) الثالث: الترتيب في الغسل الترتيبي، دون الارتماسي.
والارتماسي عبارة عن رمس البدن في الماء مقارنا للنية، ويكفي فيها استمرار القصد.
والترتيبي عبارة عن غسل تمام الرأس ومنه العنق، ومعه بعض الجسد مقدمة.
والأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة ثانيا مع الأيمن والنصف الأيسر مع
الأيسر، ثم تمام نصف الأيمن مع بعض الأيسر مقدمة، ثم تمام النصف الأيسر مع بعض
الأيمن مقدمة، وتدخل العورة والسرة في التنصيف المذكور، فيغسل النصف الأيمن من
كل منهما مع الجانب الأيمن، والأيسر مع الأيسر، ولكن الأولى غسلهما من الجانبين،
ويلزم مراعاة الترتيب فيأتي بغسل الرأس والرقبة قبل الأيمن والأيسر، فالاحتياط
الواجب أن يأتي بالأيمن قبل الأيسر.
33

(مسألة 191) اللازم استيعاب الأعضاء الثلاثة بالغسل بصبة واحدة أو أكثر،
بفرك ودلك أو غير ذلك.
(مسألة 192) لا ترتيب في العضو، فيجوز غسله من الأسفل إلى الأعلى، وإن
كان الأولى البدأة بأعلى العضو فالأعلى.
(مسألة 193) لا كيفية مخصوصة للغسل في الترتيبي، بل يكفي تحقق مسماه،
فيجزي حينئذ رمس الرأس أولا ثم الجانب الأيمن ثم الجانب الأيسر، ويجزيه أيضا
رمس البعض والصب على آخر. ولو ارتمس ثلاث مرات ناويا بكل واحدة غسل
عضو صح، بل يتحقق مسمى الغسل بتحريك العضو في الماء على وجه يجري الماء
عليه، فلا يحتاج إلى إخراجه منه ثم غمسه فيه.
(مسألة 194) اللازم في الغسل الارتماسي أن يكون تمام البدن في الماء في آن
واحد وإن كان غمسه على التدريج، فلو خرج بعض بدنه قبل أن يغمس البعض الآخر
لم يكف، مثلا لو كانت رجله في الطين حال دخول سائر بدنه في الماء أو حال إزالة
الطين عنها كان بعض بدنه خارج الماء، لم يتحقق الارتماس.
(مسألة 195) إذا تيقن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه، وجبت إعادة الغسل
كله في الارتماسي، وأما في الترتيبي فإن كان ذلك الجزء من الطرف الأيسر يكفي غسل
ذلك الجزء ولا يحتاج إلى إعادة الغسل، بل ولا إعادة غسل سائر أجزاء الأيسر ولو
طالت المدة حتى جفت جميع الأعضاء. وإن كان ذلك الجزء من الأيمن يغسله ويعيد
غسل الأيسر على الأحوط. وإن كان من الرأس يغسله ويعيد غسل الجانبين.
(مسألة 196) لا يجب الموالاة في الغسل الترتيبي، فلو غسل رأسه ورقبته في أول
النهار، والأيمن في وسطه، والأيسر في آخره مثلا، صح غسله.
(مسألة 197) يجوز الغسل تحت المطر وتحت الميزاب ترتيبا لا ارتماسا.
(مسألة 198) الرابع: إطلاق الماء وطهارته وإباحته، وإباحة المكان والمصب
والآنية على ما مر في الوضوء. والمباشرة اختيارا، وعدم المانع من استعمال الماء
لمرض ونحوه، على ما مر في الوضوء أيضا. وكذا طهارة العضو الذي يراد غسله، فلو
كان نجسا، طهره أولا، ثم غسله.
34

(مسألة 199) إذا كان قاصدا عدم إعطاء الأجرة لصاحب الحمام، أو ناويا
إعطاءه من مال حرام، أو ناويا النسيئة من غير إحراز رضاه، بطل غسله وإن
استرضاه بعد الغسل.
(مسألة 200) يشكل الوضوء والغسل بالماء المسبل، إلا مع العلم بعموم الإباحة
من مالكه.
(مسألة 201) الظاهر أن ماء غسل المرأة من الجنابة والحيض والنفاس، وكذا
أجرة تسخينه إذا لزم، على زوجها، لأنه يعد جزءا من نفقتها، خصوصا في غسلها
من الجنابة.
(مسألة 202) يتعين على المجنب في نهار شهر رمضان أن يغتسل ترتيبا، فلو
اغتسل ارتماسا، لم يصح غسله وبطل صومه على الأحوط. نعم لو اغتسل ارتماسا
نسيانا، لم يبطل صومه، وصح غسله.
(مسألة 203) إذا شك في شئ من أجزاء الغسل وقد دخل في جزء آخر، يجب
تدارك ما شك فيه على الأحوط.
(مسألة 204) ينبغي الاستبراء من المني بالبول قبل الغسل، وليس شرطا في
صحة الغسل، ولكن فائدته أنه لو فعله واغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه لم يعد الغسل،
بخلاف ما لو اغتسل بدونه ثم خرج منه، فإنه يعيد الغسل، سواء استبراء بالخرطات
لتعذر البول عليه، أو لم يستبرئ.
(مسألة 205) إذا اغتسل بدون أن يستبرئ من المني بالبول، ثم خرج منه بلل
مشتبه بين المني والبول، يحكم بكونه منيا، فيجب عليه الغسل، وإن كان استبراء
بالبول ولم يستبرئ بالخرطات بعده يحكم بكونه بولا، فيجب عليه الوضوء ولا فرق في
الحالتين بين أن يحتمل كونه غير البول والمني، أو لا يحتمل.
(مسألة 206) إذا كان استبرأ بالبول والخرطات ولم يحتمل أن البلل الخارج سوى
المني والبول، فالأحوط مطلقا الجمع بين الغسل والوضوء، إلا في المحدث بالحدث
الأصغر، فيكفيه الوضوء.
35

(مسألة 207) إذا رأى بعد الغسل رطوبة مشتبهة بين المني وغيره، وشك في أنه
استبراء بالبول أم لا، بنى على عدمه، فيجب عليه الغسل. والأحوط مع احتمال كونه
بولا ضم الوضوء أيضا.
(مسألة 208) يجزي غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به.
(مسألة 209) إذا أحدث بالأصغر في أثناء الغسل، فالأقوى عدم بطلان غسله،
لكن يجب الوضوء بعده لما يشترط فيه، لكن الأحوط الأولى استئناف الغسل ناويا ما
يجب عليه من التمام أو الاتمام، ثم الوضوء بعده.
(مسألة 210) إذا ارتمس في الماء بقصد الاغتسال وشك في أنه كان ناويا الغسل
الارتماسي وأن غسله تم، أو كان ناويا الترتيبي وأن ارتماسه كان بقصد غسل الرأس
والرقبة، تعين عليه الاحتياط بغسل الجانبين، ولا يكفيه ارتماس آخر على الأحوط.
(مسألة 211) إذا صلى المجنب ثم شك في أنه اغتسل من الجنابة أم لا، بنى على صحة صلاته، ولكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية. وإن كان الشك في أثناء
الصلاة، فالأحوط إتمامها ثم إعادتها بعد الغسل.
(مسألة 212) إذا اجتمع عليه أغسال متعددة واجبة أو مستحبة أو مختلفة، فإن
نوى الجميع بغسل واحد صح وكفى عن الجميع مطلقا، فإن كان فيها غسل جنابة كفت
عن الوضوء أيضا، وإلا وجب الوضوء، قبل الغسل أو بعده. وكذلك تكفي عن الجميع
إن كان فيها غسل جنابة وقد نواه. وإن لم يكن فيها غسل جنابة، أو كان ولكنه نوى
واحدا من الأغسال الواجبة غيره، فيشكل كفايته عن الجميع.
(مسألة 213) إذا كان عليه أغسال مستحبة ونوى بعضها، كفى عنه وفي كفايته عن
غير المنوي من المستحبات نظر، كما أن كفايته عن الواجبات مشكل، فلا يترك الاحتياط.
دم الحيض وأوصافه
(مسألة 214) دم الحيض أسود أو أحمر غليظ طري حار، يخرج بقوة وحرقة،
ودم الاستحاضة أصفر بارد صاف، يخرج من غير لذع وحرقة. وهذه
36

صفات غالبية يرجع إليها لأجل التمييز عند الاشتباه في بعض الحالات، وربما كان كل منهما
بصفات أخر.
(مسألة 215) كل دم تراه الصبية قبل إكمال تسع سنين، ليس بحيض وإن كان
بصفاته، بل هو استحاضة مع عدم العلم بغيرها. وكذا ما تراه المرأة بعد اليأس ليس
بحيض، وإنما هو استحاضة مع احتمالها.
(مسألة 216) تيأس المرأة بإكمال ستين سنة إن كانت قرشية، وخمسين إن كانت
غيرها، والمشكوك أنها قرشية تلحق بغيرها، والمشكوك بلوغها يحكم بعدمه، وكذا
المشكوك يأسها.
(مسألة 217) قيل بأنه إذا خرج ممن شك في بلوغها دم بصفات الحيض، يحكم
بكونه حيضا، ويكون أمارة على سبق البلوغ ولكن المسألة عندي محل إشكال.
(مسألة 218) الحيض يجتمع مع الارضاع، والأقوى اجتماعه مع الحمل وإن ندر
وقوعه، فيحكم بحيضية ما تراه الحامل مع اجتماع الشرائط والصفات، ولو بعد استبانة
الحمل، ولكن لا يترك الاحتياط فيما إذا رأت الدم بعد مضي عشرين يوما من أول
عادتها إذا كان الدم بصفة الحيض بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.
(مسألة 219) تتحقق صفة الحيض وتترتب أحكامه عند خروج دمه إلى الخارج،
وإن كان بمقدار رأس إبرة، ويكفي في بقائها تلوث الباطن به ولو قليلا بحيث تتلطخ به
القطنة لو أدخلتها. أما إذا انصب من محله في فضاء الفرج ولم يخرج ولكن كان يمكن
إخراجه بوسيلة، فلا تتحقق به الحيضية وإن أخرجه بوسيلة ولكن لا يترك الاحتياط
بالجمع بين تروك الحائض وأعمال الطاهر في الصورتين.
(مسألة 220) إذا شكت في أصل الخروج حكمت بالعدم، وإن شكت في أن
الخارج دم أو غيره، حكمت بالطهارة من الحدث والخبث. وإن علمت بالدم وشكت
في أنه من الموضع أو من غيره، حكمت بالطهارة من الحدث خاصة، ولا يجب عليها
الفحص في الصور الثلاث.
(مسألة 221) إذا اشتبه دم الحيض بدم البكارة، تختبره بإدخال قطنة وتصبر
قليلا ثم تخرجها، فإن كانت مطوقة بالدم فهو من البكارة ولو كان بصفات الحيض،
37

وإن كانت منغمسة به، فهو من الحيض. والاختبار المذكور واجب، بل هو شرط
لاحراز صحة عملها مع الامكان، فلو صلت بدونه بطلت صلاتها أي لا تترتب عليها
آثار الصحة في الظاهر، إلا إذا انكشف أنها صلت وهي طاهرة وتحقق منها نية القربة.
ولو تعذر عليها الاختبار، ترجع إلى الحالة السابقة من طهر أو حيض فتبني عليها،
ومع الجهل بها، تحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأفعال الطاهر.
(مسألة 222) الظاهر أن التطويق والانغماس المذكورين علامتان للبكارة
والحيض مطلقا، حتى عند الشك في البكارة أو الافتضاض، فلا يترك الاحتياط
بالاختبار حينئذ مع التمكن.
(مسألة 223) إذا اشتبه دم الحيض بدم القرحة الداخلية، تحتاط بالجمع بين
أفعال الطاهر وتروك الحائض.
(مسألة 224) أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره كأقل الطهر عشرة، فكل دم تراه
المرأة أقل من ثلاثة أو أكثر من عشرة، ليس بحيض، وكذا ما تراه بعد انقطاع الدم
الذي حكم بحيضيته من جهة العادة أو غيرها قبل أقل الطهر، ولا يمكن حيضية
الدمين مع النقاء المتخلل لكون المجموع أكثر من عشرة، فيكون استحاضة، كما إذا
رأت ذات العادة سبعة أيام مثلا في العادة، ثم انقطع سبعة أيام، ثم رأت ثلاثة أيام،
فالثاني ليس بحيض، بل استحاضة.
(مسألة 225) إذا لم يتوال الدم في الأيام الثلاثة الأولى، كأن تراه يومين ثم ينقطع
يوما ثم تراه، فالأحوط أن تجمع بين عمل المستحاضة وتروك الحائض في الأيام التي
ترى فيها الدم، وتجمع في الأيام التي لا تراه بين تروك الحائض وعبادة الطاهر.
(مسألة 226) لا يلزم خروج الدم إلى الخارج تمام الأيام الثلاثة، فلو كان في فضاء
الفرج بنحو لو أدخلت قطنة مثلا في هذه الأيام تلوثت، كفى ذلك، بشرط أن يكون خرج
في أوله مقدار ولو قليلا، أما إذا لم يخرج خارجه أبدا وبقي من الأول في فضاء الفرج
فالأحوط أن تأتي بعبادتها وتترك ما يحرم على الحائض. وإذا انقطع الدم خلال الأيام
الثلاثة مدة قليلة، أي من باطن الفرج، فالحكم بأنه حيض مشكل، لكن إذا كانت مدة
انقطاعه قليلة جدا فالأحوط أن تجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.
38

(مسألة 227) إذا رأت الدم ثلاثة أيام متوالية ثم انقطع، فإن رأته مرة ثانية ولم
يتجاوز مجموع أيام رؤيتها الدم في المرتين مع النقاء المتخلل بينهما عن عشرة أيام،
فالأحوط أن تأتي بعبادتها في أيام النقاء، وتترك ما يحرم على الحائض أيضا.
(مسألة 228) المراد باليوم النهار، وهو ما بين طلوع الفجر إلى الغروب،
فالليالي خارجة، فإذا رأت من الفجر إلى الغروب وانقطع ثم رأت يومين آخرين ضمن
العشرة كفى، نعم بناء على المختار من التوالي في الأيام الثلاثة تدخل الليلتان
المتوسطتان، خاصة إذا كان مبدأ الدم أول النهار، والليالي الثلاث إذا كان مبدؤه أول
الليل، أو عند التلفيق بين أجزاء الأيام.
أقسام الحائض
(مسألة 229) الحائض إما ذات عادة أو غيرها، والثانية إما مبتدئة وهي التي لم
تر حيضا قط، وإما مضطربة وهي التي تكرر منها الحيض ولم تستقر لها عادة. وإما
ناسية وهي التي نسيت عادتها.
(مسألة 230) تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين متفقتين
في الزمان أو العدد، أو فيهما، فتصير بذلك ذات عادة وقتية، أو عددية، أو
وقتية وعددية.
(مسألة 231) لا تزول العادة برؤية الدم على خلافها مرة، وتزول بطرو عادة
أخرى حاصلة من تكرر الدم مرتين متماثلتين على خلافها. وفي زوالها بتكرر رؤية
الدم على خلافها لا على نسق واحد بل مختلفا، قولان أقواهما ذلك إذا وقع التخلف
مرارا بحيث يصدق عرفا أنها ليس لها أيام معلومة.
(مسألة 232) ذات العادة الوقتية سواء كانت عددية أيضا أم لا، تتحيض
بمجرد رؤية الدم في العادة، فتترك العبادة، سواء كان بصفة الحيض أم لا وكذا إذا رأت
قبل العادة بيوم أو يومين أو أكثر ما دام يصدق عليه أنه العادة وقد تقدمت عن وقتها.
فإن انكشف بعد ذلك عدم كونه حيضا لأنه أقل من أقله، قضت ما تركته من عبادة.
أما إذا تأخر عن العادة كذلك، فيشكل الحكم بأنه حيض بمجرد الرؤية بلا صفات
الحيض فلا تترك الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين.
39

(مسألة 233) إذا رأت الدم المبتدئة أو المضطربة أو الناسية أو ذات العادة
العددية وكان بصفات الحيض، فيجب أن تترك عبادتها، وإذا انكشف أنه لم يكن
حيضا، يجب أن تقضي ما فاتها. أما إذا لم يكن بصفات الحيض، فالأحوط أن تعمل
عمل المستحاضة وتترك تروك الحائض، حتى لو استمر عشرة أيام، لأن قاعدة (كل
ما أمكن أن يكون حيضا فهو حيض) عندي محل نظر.
(مسألة 234) ذات العادة الوقتية إذا رأت الدم في العادة وقبلها، أو فيها وبعدها،
أو فيها وقبلها وبعدها، فإن لم يتجاوز المجموع العشرة جعلته حيضا، وإن تجاوز
فالحيض هو خصوص أيام العادة، والباقي استحاضة.
(مسألة 235) إذا رأت الدم ثلاثة أيام متوالية وانقطع لأقل من عشرة، ثم رأته
ثلاثة أيام أو أكثر، فإن لم يزد مجموع الدمين والنقاء المتخلل عن عشرة، كان الطرفان
حيضا إن كانا بصفة الحيض أو صادفا العادة، وإلا فالأحوط الجمع في أيامهما بين
عمل الحائض والمستحاضة، وأما في النقاء تحتاط بالجمع بين عمل الحائض والطاهر في
الصورتين. وإذا زاد المجموع عن عشرة وكان النقاء أقل من عشرة، فإن كانت ذات
عادة عددية وكان أحدهما في العادة، جعلته وحده حيضا إذا كان بعدد أيام العادة أو
أكثر، وإلا أتمت عددها مما تراه في غيرها، ما لم تزد أيام الحيض مع النقاء عن عشرة،
وكذلك الحكم إذا وقعت بعض أيام أحد الدمين في أيام العادة دون الآخر، فتجعله
وحده حيضا وتتم العدد من خارج أيام العادة مع الامكان. وأما إذا لم تكن ذات عادة،
أو لم يقعا كلا ولا بعضا في العادة، فتجعل ما كان بصفة الحيض حيضا دون الآخر،
وتتم ما نقص من العادة من الفاقد مع الامكان. وإن تساويا في الصفة وكانا بصفة
الحيض فالأحوط إن لم يكن أقوى، جعل أولهما حيضا وتتم النقصان من الثاني مع
الامكان، وأما في الفاقدين لصفة الحيض، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين في
الدمين والنقاء في تمام العشرة.
(مسألة 236) ذات العادة إذا رأت أكثر من العادة ولم يتجاوز العشرة،
فالمجموع حيض.
(مسألة 237) إذا كانت عادتها في كل شهر مرة، فرأت في شهر مرتين مع فصل
أقل الطهر، فإن كان أحدهما في العادة تجعله حيضا، وكذلك الآخر إن كان بصفة
40

الحيض، أما إن كان بصفة الاستحاضة، فتحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال
المستحاضة. وإن كانا معا في غير وقت العادة، تجعل كل واحد منهما حيضا إذا كانا
بصفة الحيض، أو ما هو بصفة الحيض. أما إذا كانا فاقدين للصفة، أو كان أحدهما
فاقدا، فلا يترك الاحتياط في الفاقد بالجمع بين الوظيفتين.
(مسألة 238) المبتدئة والمضطربة ومن كانت عادتها عشرة، إذا انقطع عنهن
ظهور الدم قبل العشرة مع احتمال بقائه في الباطن، يجب عليهن الاستبراء بإدخال
قطنة ونحوها والصبر هنيهة ثم إخراجها، فإن خرجت نقية اغتسلن وصلين، وإن
خرجت ملطخة ولو بالصفرة صبرن حتى ينقين أو تمضي عشرة أيام، فإن لم يتجاوز
عن العشرة كان الكل حيضا، وإن تجاوز عنها فسيأتي حكمه.
(مسألة 239) ذات العادة التي عادتها أقل من عشرة، إذا انقطع عنها الدم قبل
العادة استبرأت، فإن نقيت اغتسلت وصلت، وإلا صبرت إلى إكمال العادة، فإن بقي
الدم حتى كملت العادة ونقيت، اغتسلت وصلت، وكذا لو انقطع ظهور الدم على
العادة، فاستبرأت فكانت نقية.
(مسألة 240) إذا تجاوز دم ذات العادة عن عادتها، استظهرت بترك العبادة إلى
العشرة وجوبا إذا كان بصفات الحيض، بل وإن لم يكن بصفات الحيض ما لم تطمئن
بتجاوز العشرة ولو إلى تمام العشرة، والأولى والأحوط بعد العادة الجمع بين تروك
الحائض وأعمال المستحاضة، وحينئذ إذا استمر الدم عليها ولم يتجاوز العشرة، كان
الكل حيضا، وإن تجاوز عنها فسيأتي حكمه.
(مسألة 241) إذا تجاوز الدم عن العشرة قليلا كان أو كثيرا، فقد اختلط
حيضها بطهرها، فإن كانت لها عادة معلومة من حيث الزمان والعدد، تجعله فيهما
حيضا وإن لم يكن بصفاته، والبقية استحاضة وإن كانت بصفاته. وإن لم تكن لها
عادة معلومة لا عددا ولا وقتا، بأن كانت مبتدئة أو مضطربة وقتا وعددا أو ناسية
كذلك، فإن اختلف لون الدم ترجع إلى التمييز، فتجعل ما هو بصفة الحيض حيضا
وغيره استحاضة، بشرط أن لا يكون الذي بصفة الحيض أقل من ثلاثة ولا أكثر من
عشرة، وأن لا يعارضه دم آخر واجد لصفة الحيض مع فصل بينهما بالفاقد الذي يكون
أقل من عشرة، كما إذا رأت خمسة أيام دما أسود ثم خمسة أيام أصفر ثم خمسة أيام أسود.
41

فإن عارضه، تحتاط في المتصفين بالجمع إن كان كل منهما واجدا للشرائط. أما
إذا كان الدم على لون واحد، أو لم تجتمع الشروط المذكورة، فتكون فاقدة التمييز،
فالأقوى في المبتدئة أن ترجع إلى عادة أقاربها في عدد الأيام إذا كانت عادتهن واحدة،
أو كان النادر منها كالمعدوم، ومع عدم الأقارب أو اختلاف عادتهن فهي في الشهر
الأول تجعل حيضها سبعة وتحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة إلى
العشرة وفي بعد الشهر الأول تجعل حيضها ثلاثة وتحتاط إلى الستة أو السبعة والمضطربة
أولا تجمع بين الوظيفتين في الفاضل من عادة الأقارب على السبعة ومن الفاضل من
السبعة على عادة الأقارب ومع عدم الأقارب تختار الستة أو السبعة. وأما الناسية،
فترجع إلى التمييز، ومع عدمه تختار الستة أو السبعة، ولا ترجع إلى أقاربها، والأحوط
أن تختار السبعة. والمراد بأقاربها: أمها، وأختها، وخالتها، وعمتها، وغيرهن.
(مسألة 242) ذات العادة الوقتية فقط إذا تجاوز دمها العشرة، ترجع في الوقت
إلى عادتها، أما في العدد فإن كانت صفات الدم مميزة عندها منطبقة على الوقت
رجعت إليها، وإلا فحالها في العدد كالمضطربة فتعمل بالاحتياط المذكور نعم إذا علمت
زيادة عادتها على الأقارب أو على السبعة لا يجوز لها اختيار الناقص عن عادتها كما
إذا علمت نقصانها عن الأقارب أو عن السبعة لا يجوز لها اختيارها. وأما ذات العادة
العددية فقط فترجع في العدد إلى عادتها، وأما في الوقت، فإن كان لها تمييز يوافق
العدد رجعت إليه، وإن كان مخالفا له ترجع إليه أيضا، لكن تزيد مع نقصانه عن العدد
وتنقص مع زيادته عليه، ومع عدم التمييز أصلا، تجعل العدد في أول الدم.
أحكام الحيض
وهي أمور ترد ضمن المسائل التالية:
(مسألة 243) منها: عدم جواز الصلاة لها، والصيام، والطواف، والاعتكاف.
(مسألة 244) ومنها: يحرم عليها ما يحرم على مطلق المحدث، وهو أمور: مس
اسم الله تعالى، ومس كتابة القرآن، وكذا مس أسماء الأنبياء والأئمة عليه السلام على ما
تقدم في الوضوء.
42

(مسألة 245) ومنها: أنه يحرم عليها ما يحرم على الجنب، من قراءة آيات
السجدة، ودخول المسجدين، واللبث في غيرهما من المساجد، ووضع شئ فيها، على
التفصيل المتقدم في الجنابة، فإن الحائض كالجنب في جميع هذه الأحكام.
(مسألة 246) ومنها: حرمة وطئها على الرجل وعليها، ويجوز الاستمتاع بها
بغير الوطاء من التقبيل والتفخيذ ونحوهما، ويكره الاستمتاع بما بين السرة والركبة.
وأما الوطاء في دبرها فالأحوط اجتنابه.
(مسألة 247) يحرم وطاء الحائض مع العلم بحيضها، علما وجدانيا أو بالأمارات
الشرعية كالعادة والتمييز ونحوهما، ولو جهل بحيضها ثم علم به في حال المقاربة يجب
المبادرة بالاخراج، وكذا إذا لم تكن حائضا فحاضت حينها.
(مسألة 248) إذا أخبرت بالحيض أو ارتفاعه سمع قولها، فيحرم الوطاء، ويجوز
عند إخبارها.
(مسألة 249) لا فرق في حرمة وطاء الحائض بين الزوجة الدائمة، والمنقطعة.
(مسألة 250) إذا طهرت جاز لزوجها وطؤها قبل الغسل على كراهية،
والأحوط التجنب، إلا بعد أن تغسل فرجها.
(مسألة 251) ومنها: أن الأولى إعطاء الكفارة عن وطئها، وهي في وطئ
الزوجة دينار في أول الحيض، ونصف دينار في وسطه وربع دينار في آخره. ولا
كفارة على المرأة وإن كانت مطاوعة، وإنما تجب الكفارة مع العلم بالحرمة والحيض.
(مسألة 252) المراد بأول الحيض ثلثه الأول، وبوسطه ثلثه الثاني، وبآخره
ثلثه الأخير، فإن كانت أيام حيضها ستة يكون كل ثلث يومين، وإن كانت سبعة
يكون الثلث يومين وثلثا، وهكذا.
(مسألة 253) إذا وطأها معتقدا حيضها فبان عدمه، أو معتقدا عدم الحيض
فبان وجوده، فلا شئ عليه.
(مسألة 254) إذا اتفق حيضها حال المقاربة ولم يبادر في الاخراج، فعليه
الكفارة على الأحوط.
43

(مسألة 255) يجوز اعطاء قيمة الكفارة، والمعتبر قيمة وقت الأداء.
(مسألة 256) تعطى كفارة الأمداد لثلاثة مساكين، وأما كفارة الدينار فلا بأس
بإعطائها لمسكين واحد، ولم أعثر على مستند القول بإعطائها إلى ستة أو سبعة، ولو
قيل إلى عشرة لكان وجه محتمل.
(مسألة 257) تتكرر الكفارة بتكرر الوطأ إذا وقع في أوقات مختلفة، كما إذا
وطأها في أوله وفي وسطه وفي آخره، فيكفر بدينار وثلاثة أرباع دينار. وكذا إذا
تكرر منه في وقت واحد مع تخلل التكفير، ومع عدمه على الأحوط.
(مسألة 258) ومنها: بطلان طلاقها إذا كانت مدخولا بها ولو دبرا،
ولم تكن حاملا، وكان زوجها حاضرا أو بحكمه، بأن تمكن من استعلام حالها بسهولة
في غيابه، فلو لم تكن مدخولا بها، أو كانت حاملا، أو كان زوجها غائبا أو بحكمه
بأن لم يكن متمكنا من استعلام حالها مع حضوره، صح طلاقها.
(مسألة 259) إذا كان الزوج غائبا ووكل شخصا حاضرا متمكنا من استعلام
حالها، لا يجوز له طلاقها في حال الحيض.
(مسألة 260) ومنها: أنه يستحب غسل الحيض للأعمال التي يستحب فيها
الطهارة، ويشترط للأعمال غير الواجبة التي يشترط فيها الطهارة.
(مسألة 261) ومنها: وجوب الغسل عند انقطاع الحيض لكل مشروط بالطهارة
من الحدث الأكبر.
(مسألة 262) غسل الحيض كغسل الجنابة في الكيفية والأحكام، إلا أنه لا
يجزي عن الوضوء على الأحوط، لكل مشروط به كالصلاة ونحوها، ولو تعذر الوضوء
فقط تغتسل وتتيمم بدلا عنه، ولو تعذر الغسل فقط، تتوضأ وتتيمم بدلا عن الغسل،
ولو تعذرا معا، تتيمم تيممين أحدهما بدلا عن الغسل والآخر بدلا عن الوضوء.
(مسألة 263) إذا لم يكن عندها ماء إلا بقدر أحدهما، تقدم الغسل.
(مسألة 264) إذا تيممت بدلا عن الغسل ثم أحدثت بالحدث الأصغر، لم يبطل
تيممها، بل يبقى إلى أن تتمكن من الغسل، والأحوط تجديد التيمم.
44

(مسألة 265) ومنها: وجوب قضاء ما تركته في حال الحيض من الصيام
الواجب، سواء كان صوم شهر رمضان أو غيره على الأقوى، والصلاة المنذورة على
الأحوط إن لم يكن أقوى فيما إذا كان وقت النذر موسعا فأخرت الوفاء به حتى حاضت
دون ما إذا كان النذر معينا في وقت صادف الحيض، بخلاف الصلاة اليومية، فإنه لا
يجب عليها قضاء ما تركته في حال حيضها. نعم إذا حاضت بعد دخول الوقت وقد
مضى منه مقدار أقل الواجب من صلاتها بحسب حالها من البطء والسرعة والصحة
والمرض والحضر والسفر، ومقدار تحصيل الشرائط الواجبة عليها بحسب تكليفها الفعلي
من الوضوء أو الغسل أو التيمم، ولم تصل، وجب عليها قضاء تلك الصلاة، بخلاف ما
إذا لم تدرك من أول الوقت هذا المقدار، فإنه لا يجب عليها القضاء، نعم لا يترك
الاحتياط بالقضاء إذا أدركت مقدار أداء الصلاة مع الطهارة، وإن لم تدرك مقدار
تحصيل سائر الشرائط.
(مسألة 266) إذا طهرت من الحيض قبل خروج الوقت، فإن أدركت منه
مقدار أداء ركعة مع إحراز الشرائط، وجب عليها الأداء، فإن تركت وجب عليها
القضاء، بل الأحوط إن لم يكن أقوى القضاء مع عدم سعة الوقت إلا للطهارة وحدها
وأداء ركعة.
(مسألة 267) إذا ظنت ضيق الوقت عن أداء ركعة، فتركت، فبانت السعة،
وجب عليها القضاء.
(مسألة 268) إذا طهرت في آخر النهار وأدركت من الوقت مقدار أربع ركعات
في الحضر أو ركعتين في السفر، صلت العصر، وسقط عنها الظهر أداءا وقضاء. وإذا
أدركت مقدار خمس ركعات في الحضر أو ثلاث ركعات في السفر، تجب عليها
الصلاتان، وإذا تركتهما يجب قضاؤهما.
(مسألة 269) إذا طهرت وبقي من وقت العشاءين من آخر الليل مقدار خمس
ركعات في الحضر أو أربع في السفر، وجبت عليها صلاة المغرب والعشاء، وإذا تركتهما
وجب قضاؤهما، وإذا بقي أقل من خمس ركعات في الحضر أو أقل من أربع في السفر،
تجب العشاء فقط، وتسقط عنها المغرب أداءا وقضاءا.
45

(مسألة 270) إذا اعتقدت سعة الوقت للصلاتين فتبين عدمها وأن وظيفتها خصوص الثانية، وجب قضاؤها، وإذا قدمت الثانية باعتقاد الضيق فبانت السعة،
صحت ووجبت عليها الأولى بعدها، وإن كان التبين بعد خروج الوقت، وجب قضاؤها.
(مسألة 271) يستحب للحائض أن تبدل القطنة وتتوضأ وقت كل صلاة،
وتجلس بمقدار صلاتها، مستقبلة القبلة ذاكرة الله تعالى.
(مسألة 272) يكره للحائض الخضاب بالحناء أو غيره، وقرأة القرآن ولو أقل
من سبع آيات، وحمل المصحف ولو بغلافه، ولمس هامشه وما بين سطوره.
الاستحاضة
(مسألة 273) دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد رقيق، يخرج بغير قوة ولذع
وحرقة، وقد يكون بصفة الحيض كما مر، وليس لقليله ولا لكثيره حد. وكل دم تراه
المرأة قبل البلوغ، أو بعد اليأس، أو أقل من ثلاثة ولم يكن دم قرح ولا جرح ولا
نفاس، فهو استحاضة والمتيقن منه ما كان مرددا بين الحيض والاستحاضة أو بين
النفاس والاستحاضة إذا لم يحكم بأحدهما. أما غيره إذا لم يعلم بالأمارات، فالأحوط
إجراء أحكام الاستحاضة عليه مع احتمالها.
(مسألة 274) الاستحاضة على أقسام ثلاثة: قليلة، ومتوسطة، وكثيرة.
فالقليلة: أن تتلوث القطنة بالدم من دون أن يغمسها، وحكمها وجوب الوضوء لكل
صلاة مع تبديل القطنة أو تطهيرها على الأقوى.
(مسألة 275) الاستحاضة المتوسطة: أن يغمس الدم القطنة ولا يسيل منها إلى
الخرقة التي فوقها، وحكمها مضافا إلى ما مر في القليلة أنه يجب عليها في ذلك اليوم غسل
واحد لصلاة الغداة، بل لكل صلاة حدثت الاستحاضة قبلها أو في أثنائها على الأقوى،
فإن حدثت بعد صلاة الصبح يجب للظهرين، وإن حدثت بعدهما، يجب للعشائين.
(مسألة 276) الاستحاضة الكثيرة: أن يسيل الدم من القطنة إلى الخرقة،
وحكمها تبديل الخرقة أو تطهيرها، وغسل لصلاة الصبح إن حدثت الاستحاضة قبلها، وغسل
46

للظهرين تجمع بينهما، وغسل للعشائين تجمع بينهما. ولو حدثت الاستحاضة
بعد صلاة الصبح يجب عليها في ذلك اليوم غسلان، غسل للظهرين وغسل للعشائين.
ولو حدثت بعد الظهرين، يجب عليها غسل واحد للعشاءين.
(مسألة 277) وجوب الوضوء على المستحاضة بالكثيرة محل تأمل، لكن لا يضر
الاتيان به قبل الغسل رجاء، أما بين الظهرين والعشائين عند الجمع بينهما فالأحوط وجوبا
تركه، إلا حال الاشتغال بالإقامة بحيث لا ينافي الوضوء الجمع العرفي.
(مسألة 278) الظاهر أن الجمع بين الصلاتين في الاستحاضة الكثيرة بغسل واحد
مشروط بالجمع بينهما، وأنه رخصة لا عزيمة، فلو لم تجمع بينهما، وجب الغسل لكل منهما.
(مسألة 279) الاستحاضة القليلة حدث أصغر كالبول، فإذا استمرت أو حدثت
قبل كل صلاة، تكون كالحدث المستمر مثل السلس. أما الاستحاضة الكثيرة
والمتوسطة، فهما حدث أصغر، وأكبر أيضا.
(مسألة 280) يجب على المستحاضة اختبار حالها في وقت كل صلاة بإدخال
قطنة ونحوها والصبر قليلا، لتعلم أنها من أي قسم من الأقسام فتعمل بمقتضى وظيفتها،
ولا يكفي الاختبار قبل الوقت، إلا إذا علمت عدم تغير حالها إلى ما بعد الوقت.
(مسألة 281) إذا لم تتمكن من الاختبار فإن كانت لها حالة سابقة من القلة أو
التوسط أو الكثرة تأخذ بها وتعمل بحكمها، وإلا فالأحوط أن تعمل بشكل تقطع معه بصحة الصلاة.
(مسألة 282) إنما يجب تجديد الوضوء لكل صلاة والأعمال المذكورة إذا استمر الدم،
أما إذا انقطع قبل صلاة الظهر فيجب لها فقط، ولا يجب للعصر ولا للعشائين، وإذا انقطع
بعد الظهر وجب للعصر فقط، وهكذا. بل إذا انقطع الدم وتوضأت للظهر وبقي وضوؤها
إلى المغرب والعشاء، صلتهما بذلك الوضوء، ولم تحتج إلى تجديده.
(مسألة 283) يجب بعد الوضوء والغسل المبادرة إلى الصلاة إذا لم ينقطع الدم
بعدهما، أو خافت عوده بعدهما قبل الصلاة أو في أثنائها. نعم إذا توضأت واغتسلت
في أول الوقت مثلا وانقطع الدم حين الشروع في الوضوء والغسل، ولو انقطاع فترة،
وعلمت بعدم عوده إلى آخر الوقت، جاز لها تأخير الصلاة.
47

(مسألة 284) يجب عليها بعد الوضوء والغسل التحفظ من خروج الدم مع عدم
خوف الضرر، كما أن الأحوط الأولى تمام النهار للصائمة، وذلك بحشو قطنة أو
غيرها وشدها بخرقة، فلو خرج الدم لتقصيرها بالشد أعادت الصلاة، بل الأحوط إن
لم يكن أقوى إعادة الغسل أيضا. نعم لو كان خروج الدم لغلبته لا لتقصير منها في
التحفظ، فلا بأس.
(مسألة 285) إذا انتقلت الاستحاضة من الدنيا إلى العليا، كما إذا صارت القليلة
متوسطة أو كثيرة، أو المتوسطة كثيرة، فلا تجب إعادة الصلاة التي صلتها بوظيفة
الدنيا، وأما الصلوات المتأخرة فتعمل لها عمل العليا. وإن انتقلت إلى العليا بعد
الشروع في العمل قبل إتمامه، فعليها الاستئناف والعمل بوظيفة العليا، كما إذا انتقلت
من المتوسطة أثناء صلاة الصبح إلى الكثيرة تستأنفها بعد الغسل، أي تغتسل للصبح
للكثيرة ثم تأتي بصلاة الصبح، وكذا سائر الصلوات.
(مسألة 286) إذا تغيرت الكثيرة إلى القليلة قبل الاغتسال لصلاة الصبح
واستمرت عليها، اغتسلت للصبح واكتفت بالوضوء للبواقي، ولو تبدلت إلى
المتوسطة بعد صلاة الصبح، اغتسلت للظهر واكتفت بالوضوء للعصر والعشائين،
وهكذا تعمل لصلاة واحدة عمل العليا، ثم تعمل عمل الدنيا التي تغيرت إليها.
(مسألة 287) يصح الصوم من المستحاضة بالقليلة ولا يشترط في صحته
الوضوء، وأما غيرها، فيشترط في صحة صومها الأغسال النهارية على الأحوط، وأما
غسل العشائين لليلة الماضية في الكثيرة فليس شرطا في صحة صوم ذلك اليوم،
فالأحوط لزوما شرطيته في صحة الصوم بل ينبغي مراعاته بالنسبة إلى الليلة الآتية.
(مسألة 288) إذا انقطع دمها بعد تطهرها وقبل الصلاة، أعادتها وصلت، إذا
كان الانقطاع للطهر، وكذا على الأحوط إذا كان لفترة وكانت واسعة للطهارة والصلاة
في الوقت، أو علمت بسعته لهما لكن شكت في أنه انقطاع للبرء أو للفترة. وأما إن لم
تتسع الفترة لهما أو شكت في سعتها لهما، فتكتفي بتلك الطهارة وتصلي. ولو انقطع في
أثناء الصلاة، أعادت الطهارة والصلاة، إن كان انقطاعه لطهر أو لفترة واسعة، وإن لم
تكن واسعة أتمت صلاتها. ولو انقطع بعد فعل الصلاة فالأحوط الإعادة إذا كان
الانقطاع في الوقت، ولو كان لفترة واسعة.
48

(مسألة 289) يجب على المستحاضة الوضوء فقط للطواف الواجب إذا كانت ذات
القليلة، والوضوء مع الغسل إذا كانت ذات الكثيرة أو الوسطى، والأحوط عدم كفاية
الوضوء للصلاة في الأولى مع استمرارها، ولا الوضوء مع الغسل في غيرها، خصوصا
إذا طافت ذات الوسطى في غير وقت الغداة، أو طافت ذات الكثيرة في غير الأوقات
الثلاثة، فتتوقف صحة طوافها على الوضوء والغسل له مستقلا.
(مسألة 290) الطواف المستحب لا يشترط فيه الطهارة من الحدث، فلا يحتاج
إلى وضوء ولا إلى غسل من حيث هو، وإن احتاج إلى الغسل في غير القليلة من
جهة دخول المسجد لو قلنا به.
(مسألة 291) لا يحل لها مس كتابة القرآن إلا بالوضوء فقط في القليلة، وبه
وبالغسل في غيرها، ويحتاج مس القرآن إلى وضوء أو غسل مستقل على الأحوط،
فلا يكفي ما عملته للصلاة، نعم الظاهر جوازه حال إيقاع الصلاة التي أتت بوظيفتها
فيها، لكن الأحوط لها ترك مس كتابة القرآن مطلقا.
(مسألة 292) الأحوط إن لم يكن أقوى أن لا يقارب زوجته المستحاضة
بالكبرى أو الوسطى ما لم تغتسل، بل الأحوط ضم الوضوء أيضا، نعم يكفي الغسل
للصلاة للمواقعة في الوقت بعد الصلاة، أما في غير وقتها فلا بد من غسل مستقل.
(مسألة 293) الأقوى جواز مكثها في المساجد ودخولها المسجدين بدون
اغتسال، وإن كان الأحوط الاجتناب إلا بغسل.
(مسألة 294) لا إشكال في عدم كون طلاقها مشروطا بالاغتسال.
النفاس
(مسألة 295) النفاس دم الولادة معها أو بعدها قبل انقضاء عشرة أيام منها،
حتى لو كان سقطا لم تلجه الروح، بل ولو كان مضغة أو علقة إذا علم كونها مبدأ
نشوء الولد. ومع الشك لا يحكم بكونه نفاسا.
(مسألة 296) ليس لأقل النفاس حد، فيمكن أن يكون لحظة من العشرة أيام
ولو لم تر دما أصلا أو رأته بعد العشرة من حين الولادة، فلا نفاس لها.
49

(مسألة 297) أكثر النفاس عشرة أيام، وابتداء الحساب بعد انفصال الولد إذا
خرج معه الدم وأما إذا خرج الدم بعد ذلك مثلا بيوم أو أيام فلا يترك الاحتياط بجعل
ابتداء الحساب أول ما رأت الدم. وإن ولدت في أول النهار فالليلة الأخيرة خارجة،
وإذا ولدت في الليل فالليلة الأولى جزء من النفاس وإن لم تحسب من العشرة. وإن
ولدت في وسط النهار يلفق ما بقي من اليوم الحادي عشر، ولو ولدت اثنين كان
ابتداء نفاسها من وضع الأول، ومبدأ العشرة من وضع الثاني.
(مسألة 298) إذا انقطع دمها على العشرة أو قبلها فكل ما رأته نفاس، سواء
رأت تمام العشرة أو بعضها، وسواء كانت ذات عادة في حيضها أم لا.
والأحوط في النقاء المتخلل بين الدمين أو الدماء أن تجمع بين وظيفتي النفساء والطاهرة، ولو لم تر
الدم إلا اليوم العاشر مثلا، يكون هو النفاس إذا علمت استناد الدم إلى الولادة وإلا
فالحكم بكونه نفاسا في مثل هذه الصورة التي يكون الفصل بين الولادة وخروج الدم
معتدا به محل الاشكال فلا بد من الاحتياط وأما الأيام السابقة على اليوم المذكور
فطهر كلها.
(مسألة 299) إذا رأت الدم تمام العشرة واستمر إلى أن تجاوزها، فإذا كانت
ذات عادة عددية في الحيض، ترجع في نفاسها إلى مقدار أيام حيضها، سواء كانت
عشرة أو أقل، وتعمل بعدها عمل المستحاضة. وإذا لم تكن ذات عادة، تجعل نفاسها
عشرة، وتعمل بعدها عمل المستحاضة، وإن كان الاحتياط إلى الثمانية عشر بالجمع
بين وظيفتي النفساء والمستحاضة لا ينبغي تركه.
(مسألة 300) يعتبر فصل أقل الطهر، وهو العشرة، بين النفاس والحيض المتأخر
عنه، فلو رأت الدم من حين الولادة إلى اليوم السابع ثم رأت بعد إلى العشرة ثلاثة أيام أو
أكثر، لم يكن حيضا، بل كان استحاضة. وإن كان الأحوط الجمع بين وظيفتي النفساء
والمستحاضة إلى الثمانية عشر إذا لم تكن ذات عادة كما مر. وأما بينه وبين الحيض المتقدم
فلا يعتبر فصل أقل الطهر على الأقوى، فلو رأت قبل المخاض ثلاثة أيام أو أكثر متصلا به
أو منفصلا عنه بأقل من عشرة، يكون حيضا، خصوصا إذا كان في عادة الحيض، ولكن
لا يترك الاحتياط في الحيض المتقدم بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.
50

(مسألة 301) إذا استمر الدم إلى شهر أو أقل أو أكثر، فبعد مضي العادة في ذات
العادة والعشرة في غيرها، محكوم بالاستحاضة. نعم بعد مضي عشرة أيام من النفاس
يمكن أن يكون حيضا، فإن كانت ذات عادة وصادف العادة، يحكم بكونه حيضا،
وإلا فترجع إلى الصفات والتمييز إن وجدت، وإلا فقد تقدم حكمها في الحيض.
(مسألة 302) إذا انقطع دم النفساء في الظاهر، يجب عليها الاستظهار على نحو ما
مر في الحيض. فإذا انقطع الدم واقعا، يجب عليها الغسل للمشروط به كالحائض.
(مسألة 303) أحكام النفساء كأحكام الحائض في: عدم جواز وطئها، وعدم
صحة طلاقها، وحرمة الصلاة والصوم عليها، ومس كتابة القرآن، وقراءة آيات
السجدة، ودخول المسجدين والمكث في غيرهما، ووجوب قضاء الصوم دون الصلاة،
على التفصيل الذي سبق في الحيض.
غسل مس الميت
(مسألة 304) يجب الغسل لمس ميت الإنسان بعد برد تمام جسده وقبل تمام
غسله، لا بعده ولو كان غسلا اضطراريا، كما إذا تمت الأغسال الثلاثة بالماء القراح
لفقد الخليطين. أما إذا كان المغسل كافرا لفقد المسلم المماثل، أو كانوا يمموه لتعذر
الغسل، فالأحوط الغسل من مسه.
(مسألة 305) لا فرق في الميت بين المسلم والكافر والكبير والصغير، حتى السقط
إذا تم له أربعة أشهر، كما لا فرق بين ما تحله الحياة وغيره، ماسا وممسوسا بعد صدق اسم
المس، فيجب الغسل بمس ظفره ولو بالظفر. ولا يترك الاحتياط في الشعر ماسا وممسوسا.
(مسألة 306) القطعة المبانة من الحي، بحكم الميت في وجوب الغسل بمسها إذا اشتملت على العظم،
دون المجردة عنه، والأحوط إلحاق العظم المجرد باللحم المشتمل عليه. وأما القطعة المبانة من الميت، فكل ما كان يوجب مسه الغسل في
حال الاتصال يكون كذلك حال الانفصال.
(مسألة 307) الشهيد كالمغسل، فلا يوجب مسه الغسل، وكذا من وجب قتله
قصاصا أو حدا وأمر بالغسل، واغتسل قبل أن يقتل.
51

(مسألة 308) إذا مس ميتا وشك في أنه قبل برده أو بعده، لا يجب عليه الغسل.
وكذا لو شك في أنه كان شهيدا أو غيره على الأقوى أما إذا شك في أنه كان قبل
تغسيله أو بعده، فيجب الغسل.
(مسألة 309) إذا يبس عضو من أعضاء الحي وخرجت منه الروح بالمرة، فلا
يوجب مسه الغسل ما دام متصلا، وأما بعد الانفصال فلو اشتمل على عظم فالأقوى
وجوب الغسل بمسه. وإذا قطع منه عضو وظل متصلا ببدنه ولو بجلدة، لا يجب الغسل
بمسه في حال الاتصال، ويجب بعد الانفصال إذا كان مشتملا على عظم.
(مسألة 310) مس الميت ينقض الوضوء على الأحوط فيجب الوضوء مع غسله
لكل مشروط به.
(مسألة 311) يجب غسل المس لكل واجب مشروط بالطهارة من الحدث
الأصغر. وهو شرط على الأحوط فيما يشترط فيه الطهارة كالصلاة، والطواف
الواجب، ومس كتابة القرآن.
(مسألة 312) يجوز للماس قبل الغسل دخول المساجد والمشاهد، والمكث فيها،
وقراءة العزائم، ولا يمنع جواز الوطاء، فحال المس حال الحدث الأصغر، إلا في إيجاب
الغسل للصلاة ونحوها.
(مسألة 313) لا يوجب تكرار المس تكرار الغسل، كسائر الأحداث، ولو كان
الممسوس متعددا.
أحكام الأموات
أحكام الاحتضار
(مسألة 314) يجب على من ظهرت عليه أمارات الموت أداء الحقوق الواجبة
خلقيا أو خالقيا، ورد الأمانات التي عنده أو الايصاء بها مع الاطمئنان بإنجازها.
وكذا يجب أن يوصي بالواجبات التي لا تقبل النيابة حال الحياة كالصلاة، والصيام،
والحج ونحوها إذا كان له مال، بل مطلقا إذا احتمل وجود متبرع. أما ما يجب على
الولي كالصلاة والصوم، فيتخير بين إعلامه أو الايصاء به.
52

(مسألة 315) لا يجب عليه نصب قيم على أطفاله الصغار إلا إذا كان عدمه تضييعا
لهم ولحقوقهم، وإذا نصب فليكن المنصوب أمينا، وكذا من يعينه لأداء الحقوق الواجبة.
(مسألة 316) يجب كفاية في حال الاحتضار والنزع توجيه المحتضر المسلم إلى
القبلة، بأن يلقي على ظهره ممددا ويجعل باطن قدميه إلى القبلة، بحيث لو جلس كان
وجهه إليها، رجلا كان أو امرأة، صغيرا كان أو كبيرا. والأحوط مراعاة الاستقبال
بالكيفية المذكورة في جميع الحالات إلى ما بعد الفراغ من الغسل، وأما بعده إلى حال
الدفن، فالأولى بل الأحوط وضعه بنحو ما يوضع حال الصلاة عليه.
(مسألة 317) يستحب تلقينه الشهادتين والاقرار بالأئمة الاثني عشر عليهم
الصلاة والسلام، وكلمات الفرج، وكذا يستحب نقله إلى مصلاه إذا اشتد نزعه بشرط
أن لا يوجب أذاه، وقراءة سورتي يس والصافات عنده، لتعجيل راحته.
(مسألة 318) يستحب تغميض عينيه بعد الموت، وإطباق فمه، وشد فكيه،
ومد يديه إلى جنبيه، ومد رجليه، وتغطيته بثوب، والاسراج عنده في الليل، وإعلام
المؤمنين ليحضروا جنازته، والتعجيل في تجهيزه إلا مع اشتباه حاله فينتظر إلى حصول
اليقين بموته.
(مسألة 319) يكره مسه في حال النزع، ووضع شئ ثقيل على بطنه، وإبقاؤه وحده،
فإن الشيطان يعبث في جوفه، وكذا يكره حضور الجنب والحائض عنده حال الاحتضار.
أحكام تغسيل الميت
(مسألة 320) يجب كفاية تغسيل كل مسلم ولو كان مخالفا، فيغسل بحكم
مذهبنا إلا في مورد التقية فيغسل على مذهبهم. ولا يجوز تغسيل الكافر، ومن حكم
بكفره من المسلمين كالنواصب والغلاة والخوارج.
(مسألة 321) أطفال المسلمين حتى ولد الزنا منهم، بحكمهم، فيجب تغسيلهم،
بل يجب تغسيل السقط أيضا إذا تم له أربعة أشهر، ويكفن ويدفن على المتعارف،
وإذا كان له أقل من أربعة أشهر، فإن استوت خلقته فلا يبعد إلحاقه بمن تم له أربعة
أشهر، وإلا يلف بخرقة ويدفن.
53

(مسألة 322) يسقط تغسيل الشهيد، وهو المقتول في الجهاد مع الإمام عليه السلام أو
نائبه الخاص، ويلحق به المقتول في حفظ بيضة الإسلام، فلا يغسل ولا يحنط ولا
يكفن، بل يدفن بثيابه، إلا إذا كان عاريا، فيكفن. ويشترط فيه أن لا يدركه
المسلمون وبه رمق وإلا فالأحوط تغسيله وإن مات بعد ذلك في المعركة.
(مسألة 323) إذا خرجت روحه بعد انقضاء الحرب، فلا يجب تغسيله وتكفينه
إن لم يدركه المسلمون وبه رمق.
(مسألة 324) يسقط غسل من وجب قتله برجم أو قصاص، فإن الإمام أو
نائبه الخاص أو العام يأمره بالاغتسال والأحوط أن يكون غسله كغسل الميت لكن
يأتي بالغسل الثالث بالماء القراح بقصد ما في ذمته، ثم يكفن كتكفينه ويحنط، ثم
يقتل ويصلى عليه ويدفن بلا تغسيل. والظاهر أن نية الغسل من المأمور، وإن كان
الأحوط نية الآمر أيضا.
(مسألة 325) القطعة المنفصلة من الحي أو الميت قبل تغسيله إن لم تشتمل على
عظم فلا يجب تغسيلها، بل تلف بخرقة وتدفن. وإن كان فيها عظم ولم تشتمل على
الصدر تغسل وتلف بخرقة وتدفن، وكذا إن كانت عظما مجردا، وإذا كانت صدرا أو
اشتملت على الصدر أو كانت بعض الصدر المشتمل على القلب، تغسل وتكفن
ويصلى عليها وتدفن. ويجوز الاقتصار في تكفينها على الثوب واللفافة، إلا إذا كانت
مشتملة على بعض محل المئزر أيضا، وإذا كان معها بعض المساجد يحنط.
(مسألة 326) تغسيل الميت كتكفينه والصلاة عليه فرض على الكفاية على جميع
المكلفين، وبقيام بعضهم به يسقط عن الباقين، وإن كان أولى الناس بذلك أولاهم
بميراثه، بمعنى أن الولي لو أراد القيام به أو عين شخصا لذلك، لا يجوز مزاحمته، بل
الظاهر أن إذنه شرط في صحة عمل غيره، نعم مع امتناعه عن المباشرة والإذن
يسقط اعتبار إذنه، والأحوط إجبار الحاكم إياه أن يأذن، وإن لم يمكن، فالأحوط
الاستيذان من المرتبة المتأخرة من الورثة أيضا. والإذن أعم من الصريح، والفحوى،
وشاهد الحال القطعي.
(مسألة 327) المراد بالولي الذي لا يجوز مزاحمته أو يجب الاستئذان منه: كل
من يرثه بنسب أو سبب، على ترتيب طبقات الإرث، فالطبقة الأولى مقدمون على
54

الثانية، وهي على الثالثة. وإذا فقد الأرحام فالمولى المعتق ثم ضامن الجريرة. وإذا فقد الجميع فالحاكم الشرعي، فإنه ولي من لا ولي له.
(مسألة 328) إذا لم يكن في بعض طبقات الإرث إلا القاصر والغائب، فالأحوط
الجمع بين إذن الحاكم وإذن الطبقة المتأخرة عنها. وإن كان للصبي ولي فالأحوط
الاستئذان منه أيضا. لكن انتقال الولاية إلى الطبقة المتأخرة لا يخلو من قوة.
(مسألة 329) الذكور في طبقات الإرث مقدمون على الإناث، والبالغون على
غيرهم، ومن تقرب إلى الميت بالأبوين مقدم على من تقرب إليه بأحدهما، ومن
انتسب إليه بالأب أولى ممن انتسب إليه بالأم. والأب في الطبقة الأولى مقدم على الأم
والأولاد، وهم على أولادهم. والجد في الطبقة الثانية مقدم على الإخوة، وهم على
أولادهم. والعم في الثالثة مقدم على الخال، وهما على أولادهما.
(مسألة 330) الزوج أولى بزوجته من جميع أقاربها إلى أن يضعها في قبرها،
حرة كانت أو أمة، دائمة أو منقطعة على إشكال في الأخيرة.
(مسألة 331) إذا أوصى الميت بتجهيزه إلى غير الولي، فالأقوى صحة الوصية
ووجوب العمل بها، ويكون الوصي أولى، فليس للولي مزاحمته. والأحوط للوصي
الاستئذان من الولي، وللغير الاستئذان منهما.
(مسألة 332) يشترط المماثلة بين المغسل والميت في الذكورة والأنوثة، فلا يغسل
الرجل المرأة ولا العكس، ولو كان من وراء الساتر ومن دون لمس ونظر، إلا الطفل
الذي لا يزيد عمره على ثلاث سنين، فيجوز لكل من الرجل والمرأة تغسيل مخالفه ولو مع
التجرد. وإلا الزوج والزوجة، فيجوز لكل منهما تغسيل الآخر ولو مع التجرد ووجود
المماثل، حتى أنه يجوز لكي منهما النظر إلى عورة الآخر على كراهية. ولا فرق في الزوجة
بين الدائمة والمنقطعة، بل والمطلقة الرجعية على إشكال في الأخيرتين، فلا يترك الاحتياط
فيهما، خصوصا في المطلقة الرجعية بعد انقضاء عدتها، بل الأقرب فيها عدم الجواز.
(مسألة 333) إذا وجد المماثل فلا يترك الاحتياط بعدم تغسيل الرجل محارمه
وبالعكس، أما إذا لم يوجد، فالأقوى جواز التغسيل من وراء الثياب، ويكره مجردا،
ويحرم على المغسل النظر إلى العورة ويجب عليه سترها.
55

(مسألة 334) الميت المشتبه بين الذكر والأنثى ولو من جهة كونه خنثى يجوز أن
يغسله من وراء الثوب كل من الرجل أو الأنثى.
(مسألة 335) يعتبر في المغسل الإسلام بل الايمان في حال الاختيار، وإذا
انحصر المماثل في الكتابي أو الكتابية أمر المسلم الكتابية، والمسلمة الكتابي أن يغتسل
أولا ثم يغسل الميت، وإن أمكن أن لا يمس الماء وبدن الميت أو يغسله في الكر أو
الجاري تعين. وإذا انحصر المماثل في المخالف فكذلك، إلا أنه لا يحتاج إلى الاغتسال
قبل التغسيل، ولو انحصر المماثل في الكتابي والمخالف، يقدم الثاني.
(مسألة 336) إذا لم يوجد المماثل حتى الكتابي ولا المحرم غير المماثل سقط
الغسل على الأقوى، وإن كان الأحوط تغسيل غير المماثل من وراء الستر، كما أن
الأحوط أن ينشف بدنه قبل التكفين لاحتمال بقاء نجاسته فيتنجس الكفن بها.
(مسألة 337) الظاهر عدم اعتبار البلوغ في المغسل فيجزي تغسيل الصبي المميز
بناء على صحة عباداته كما هو الأقوى، ويسقط عن المكلفين، وإن كان الأحوط عدم الاجتزاء به.
كيفية تغسيل الميت
(مسألة 338) يجب أولا إزالة النجاسة عن بدن الميت، والأقوى كفاية غسل كل
عضو قبل تغسيله، وإن كان الأحوط تطهير جميع الجسد قبل الشروع في الغسل.
(مسألة 339) يجب تغسيله ثلاثة أغسال: بماء السدر، ثم بماء الكافور، ثم بالماء
الخالص. ولو خالف الترتيب وجب أن يفعل ما يتحقق به وكيفية كل غسل من
الأغسال الثلاثة كغسل الجنابة: فيبدأ بغسل الرأس والرقبة،
ثم الجنب الأيمن، ثم الأيسر. ولا يكفي الارتماس في الأغسال الثلاثة
على الأحوط، بأن يكتفي في كل غسل برمسة واحدة، نعم يجوز في غسل كل عضو
من الأعضاء الثلاثة من كل غسل رمس العضو في الماء الكثير مع مراعاة الترتيب.
(مسألة 340) يعتبر في كل من السدر والكافور أن يصدق على الماء أنه مخلوط به،
مع بقائه على إطلاقه.
56

(مسألة 341) إذا تعذر أحد الخليطين أو كلاهما غسل بالماء الخالص بدل المتعذر
على الأحوط، ناويا به البدلية، مراعيا الترتيب بالنية.
(مسألة 342) إذا فقد الماء يممه ثلاث تيممات بدلا عن الأغسال الثلاثة على
الترتيب، والأحوط تيمم رابع بنية البدل عن المجموع، وأن ينوي في التيمم الثالث ما
في الذمة من البدل عن الجميع أو عن خصوص الماء القراح، وييممه أيضا إذا كان
مجروحا أو محروقا أو مجدورا بحيث يخاف من تناثر جلده لو غسل. ويجب أن يكون
التيمم بيد الحي، وإن كان الأحوط تيمم آخر بيد الميت إن أمكن، ويكفي ضربة
واحدة للوجه واليدين، وإن كان الأحوط التعدد.
(مسألة 343) إذا لم يكن عنده ماء إلا مقدار غسل واحد، غسله غسلا واحدا
ويممه تيممين، فإن كان عنده الخليطان أو السدر خاصة، صرف الماء في الغسل الأول
ويممه للأخيرين، وإن لم يكونا عنده. فالأقرب وجوب صرفه في الثالث وييممه عن الأوليين وإن كان عنده الكافور فقط فالأحوط أن ييممه أولا بدل الغسل الأول، ثم
غسله بماء الكافور، ثم يممه بدل الغسل الثالث.
(مسألة 344) إذا كان الميت محرما يغسله ثلاثة أغسال كالمحل، لكن لا يخلط
الماء بالكافور في الغسل الثاني، إلا أن يكون موته بعد التقصير في العمرة وبعد السعي
في الحج، وكذلك لا يحنط بالكافور، ولا يقرب منه طيب آخر.
(مسألة 345) إذا يممه عند تعذر الغسل أو غسله بالماء الخالص لأجل تعذر
الخليط ثم ارتفع العذر، فإن كان قبل الدفن فالأحوط وجوب الغسل في الأول،
والإعادة مع الخليط في الثاني، وإن كان بعد الدفن مضى، إلا أن يصادف خروج
الجنازة من القبر، فيجري عليه حكم ما قبل الدفن.
(مسألة 346) إذا كان على الميت غسل جنابة أو حيض أو نحوهما، أجزأ عنها
غسل الميت.
(مسألة 347) إذا دفن الميت بلا غسل ولو نسيانا وجب نبش قبره لتغسيله، ما لم
يمض زمان يوجب هتك حرمته بانتشار رائحته أو تناثر لحمه مثلا، وإلا فلا يبعد
لزوم التأخير حتى يصير عظاما فيجري عليها حكمها. وكذا إذا لم يغسلوه بعض
57

الأغسال أو تبين بطلانها. وكذا إذا دفن بلا تكفين، أو بكفن مغصوب ولم يرض
صاحبه تبرعا أو بعوض، والأحوط له الرضا.
(مسألة 348) إذا تبين أنه لم يصل عليه، أو تبين بطلانها، فلا يجوز النبش
لأجلها، بل يصلى على قبره.
(مسألة 349) لا يجوز أخذ الأجرة على تغسيل الميت، إلا إذا جعلت الأجرة في
قبال بعض الأمور غير الواجبة، مثل تليين أصابعه ومفاصله، وغسل يديه قبل
التغسيل إلى نصف الذراع، وغسل رأسه برغوة السدر أو الخطمي قبل التغسيل،
وتنشيفه بعد الفراغ بثوب نظيف، وغير ذلك.
(مسألة 350) إذا تنجس بدن الميت بعد الغسل أو في أثنائه بخروج نجاسة أو نجاسة
خارجة، لا يجب معه إعادة الغسل، حتى لو خرج منه بول أو غائط على الأقوى، وإن كان الأحوط إعادته لو خرجا في الأثناء. نعم يجب إزالة الخبث عن جسده ولو كان بعد
وضعه في القبر إلا مع التعذر، كما إذا استلزم إخراج جسده هتك حرمته.
(مسألة 351) لا يجب غسل اللوح أو السرير الذي يغسل عليه الميت بعد كل
واحد من الأغسال الثلاثة. نعم الأحوط غسله لميت آخر، وإن كان الأقوى أنه يطهر
بالتبعية. وكذا الحال في الخرقة الموضوعة عليه، فإنها أيضا تطهر بالتبع.
(مسألة 352) الأحوط أن يوضع الميت حال الغسل مستقبل القبلة على هيئة
المحتضر.
(مسألة 353) لا يجب توضيئ الميت على الأصح، نعم يقوى استحبابه، بل هو
الأحوط، وينبغي تقديمه على الغسل.
آداب تغسيل الميت
(مسألة 354) آداب الغسل أمور: وضعه على ساجة أو سرير، ونزع قميصه من
طرف رجليه وإن استلزم فتقه، لكن حينئذ يراعى رضا الورثة، وأن يكون تحت
الظلال من سقف أو خيمة ونحوهما، وستر عورته وإن لم ينظر إليها أو كان
58

المغسل ممن يجوز له النظر إليها، وتليين أصابعه ومفاصله برفق، وغسل يديه قبل التغسيل إلى
نصف الذراع في كل غسل ثلاث مرات، والأولى أن يكون في أولاها بماء السدر وفي
الثانية بماء الكافور وفي الثالثة بماء القراح، وغسل رأسه برغوة السدر أو الخطمي
وغسل فرجيه قبل التغسيل بالسدر أو الأشنان ثلاث مرات، ومسح بطنه برفق في
الغسلين الأولين إلا الحامل التي مات ولدها في بطنها، وتثليث غسل كل عضو في كل
غسل، فيصير مجموع الغسلات سبعا وعشرين، وتنشيف بدنه بعد الفراغ بثوب نظيف،
وغير ذلك.
(مسألة 355) إذا سقط من بدن الميت شئ من جلد أو شعر أو ظفر أو سن،
يجعل في كفنه ويدفن معه.
تكفين الميت
(مسألة 356) تكفين الميت واجب كفائي كالتغسيل، والواجب منه ثلاثة: مئزر
يستر ما بين السرة والركبة، والأفضل من الصدر إلى القدم، وقميص يصل إلى نصف
الساق على الأقل من الطرفين، على الأحوط بل الأقوى، وما يتعارف في بعض البلاد
من جعله إلى المنكبين من خلف لا وجه له. وإزار يغطي تمام البدن، فيجب أن يكون
طوله زائدا على طول الجسد، وعرضه بمقدار يمكن أن يوضع أحد جانبيه على الآخر
ويلف عليه فيستر جميع الجسد، وعند تعذر الجميع يأتي بما تيسر، حتى إذا لم يمكن
إلا ستر العورة وجب، مقدما الإزار على القميص، والقميص على المئزر، والمئزر
على ستر العورة.
(مسألة 357) لا يجوز التكفين بالمغصوب ولو في حال الاضطرار، ولا بالحرير
الخالص ولو للطفل والمرأة، ولا بجلد الميتة، ولا بالنجس حتى ما عفي عنه في الصلاة،
ولا بما لا يؤكل لحمه، جلدا كان أو شعرا أو وبرا، بل ولا بجلد المأكول أيضا على
الأحوط، دون صوفه وشعره ووبره، فإنه لا بأس به.
(مسألة 358) يختص عدم جواز التكفين بما ذكر، بحال الاختيار، فيجوز الجميع
مع الاضطرار إلا المغصوب، وإذا دار الأمر بين أنواع ما لا يجوز التكفين به، يقدم
جلد المأكول على غيره.
59

(مسألة 359) إذا تنجس الكفن قبل الوضع في القبر، وجبت إزالة النجاسة عنه
بغسل أو قرض لا يضر به، وكذا بعد الوضع فيه، ولو تعذر غسله ولو من جهة
توقفه على إخراجه تعين القرض، كما أنه يتعين الغسل لو تعذر القرض ولو من جهة
استلزامه زوال ساترية الكفن، ولو تعذرا، وجب تبديله مع الامكان.
(مسألة 360) يخرج الكفن من أصل التركة، مقدما على الديون والوصايا
والميراث، وكذا القدر الواجب من سائر مؤن التجهيز من الماء والسدر والكافور
وقيمة الأرض، حتى ما يؤخذ ظلما في الأرض المباحة، وأجرة الحمال والحفار
ونحوها.
(مسألة 361) إذا كانت التركة متعلقا لحق الغير بسبب الفلس أو الرهانة،
فالظاهر تقديم الكفن عليه. نعم في تقديمه على حق الجناية إشكال، بل الأقوى عدمه.
(مسألة 362) إذا لم تكن له تركة بمقدار الكفن، دفن عريانا. ولا يجب على
المسلمين بذله، نعم يستحب لهم.
(مسألة 363) كفن الزوجة بل وسائر مؤن تجهيزها على زوجها ولو مع يسارها،
كبيرة كانت أو صغيرة، مجنونة كانت أو عاقلة، مدخولا بها كانت أو غير مدخول بها،
وكذا المعتدة بالعدة الرجعية لأنها بحكم الزوجة إن لم نقل بكونها زوجة. وفي المنقطعة
والناشزة إشكال.
(مسألة 364) إذا تبرع متبرع بكفنها، سقط عن الزوج.
(مسألة 365) إذا مات الزوج بعد زوجته ولم يكن له مال إلا بمقدار كفن واحد،
قدم عليها.
(مسألة 366) إذا كان الزوج معسرا، فكفن الزوجة من تركتها، ولو أيسر بعد
الدفن، فليس للورثة المطالبة بقيمته.
(مسألة 367) لا يلحق بالزوجة في وجوب الكفن من وجبت نفقته من الأقارب.
نعم كفن المملوك على سيده، إلا الأمة المزوجة فعلى زوجها.
60

آداب التكفين
(مسألة 368) تستحب الزيادة على القطع الثلاث في كل من الرجل والمرأة بخرقة
للفخذين طولها ثلاثة أذرع ونصف وعرضها شبر، تشد من الحقوين ثم تلف على
الفخذين لفا شديدا على وجه لا يظهر منهما شئ، إلى أن تصل إلى الركبتين، ثم
يخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن. ويستحب جعل شئ من القطن بين
الأليتين على وجه يستر العورتين بعد وضع شئ من الحنوط عليه، ويحشى دبره
بشئ منه إذا خشي خروج شئ منه، بل وقبل المرأة أيضا، سيما إذا كان يخشى
خروج دم النفاس ونحوه منه، كل ذلك قبل اللف بالخرقة المذكورة.
(مسألة 369) تستحب لفافة أخرى فوق اللفافة الواجبة، والأفضل كونها بردا
يمانيا، بل يقوى استحباب لفافة ثالثة، سيما في المرأة.
(مسألة 370) تستحب عمامة للرجل خاصة، يلف بها رأسه بالتدوير ويجعل
طرفاها تحت الحنك ويلقيان على صدره، الأيمن على الأيسر وبالعكس.
(مسألة 371) تستحب مقنعة للمرأة بدل العمامة، ولفافة يشد بها ثدياها
إلى ظهرها.
(مسألة 372) يستحب إجادة الكفن، فإن الموتى يتباهون يوم القيامة بأكفانهم،
وأن يكون من طهور المال لا تشوبه شبهة، وأن يكون من القطن، وأن يكون أبيض،
ومن ثياب أحرم فيها أو كان يصلي فيها، وأن يخاط بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة،
وأن يلقى عليه شئ من الكافور، وأن يكتب على حاشية جميع قطع الكفن (إن فلانا
ابن فلان يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
وأن عليا والحسن والحسين) ويعد الأئمة عليه السلام إلى آخرهم (أئمته وسادته وقادته، وأن
البعث والثواب والعقاب حق). وأن يكتب عليه دعاء الجوشن الصغير بل والكبير.
والأولى بل الأحوط أن يكون ذلك كله في مقام يؤمن عليه من النجاسة والقذارة، ولا
يكون هتكا ومنافيا لاحترامه.
(مسألة 373) يستحب لمباشر التكفين إذا كان هو المغسل، الغسل من المس، والوضوء
قبل التكفين، وإذا كان غيره فيستحب له الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر.
61

الحنوط
(مسألة 374) يجب التحنيط على الأصح، صغيرا كان الميت أو كبيرا، ذكرا كان
أو أنثى. ولا يجوز تحنيط المحرم كما تقدم. ويشترط أن يكون بعد الغسل أو كان
أو أنثى. ولا يجوز تحنيط المحرم كما تقدم. ويشترط أن يكون بعد الغسل أو التيمم،
والأقوى جوازه قبل التكفين وبعده وفي أثنائه، وإن كان الأول أولى.
(مسألة 375) كيفية التحنيط أن يضع مقدارا من الكافور على مساجده السبعة،
ويستحب إضافة طرف الأنف إليها بل هو الأحوط، بل لا يبعد استحباب مسح إبطيه
ولبته ومفاصله به، وكل موضع من بدنه فيه رائحة مكروهة. ولا يقوم مقام الكافور
طيب آخر حتى عند الضرورة.
(مسألة 376) لا يجب مقدار معين من الكافور في الحنوط، بل الواجب المسمى
الذي يصدق معه الوضع، والأفضل والأكمل أن يكون سبعة مثاقيل صيرفية، ودونه
في الفضل أربعة مثاقيل شرعية، ودونه أربعة دراهم، ودونه مثقال شرعي. ولو تعذر
الجميع حتى المسمى منه، دفن بغير حنوط.
(مسألة 377) يستحب خلط كافور الحنوط بشئ من التربة الشريفة، لكن لا
يمسح به المواضع المنافية لاحترامها كإبهامي الرجلين.
الجريدتان
(مسألة 378) من السنن الأكيدة عند الشيعة وضع عودين رطبين مع
الميت، صغيرا كان أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، والأفضل كونهما من جريد النخل، وإن
لم يتيسر فمن السدر، وإلا فمن الخلاف أو الرمان، وإلا فمن كل شجر رطب، ولا
تكفي الجريدة اليابسة. والأولى كونهما بمقدار عظم الذراع وإن أجزأ الأقل
والأكثر، كما أن الأولى في كيفية وضعهما جعل إحداهما إلى جانبه الأيمن من عند
الترقوة إلى حيث بلغت، ملصقة بجلده، والأخرى إلى جانبه الأيسر من عند الترقوة
إلى حيث بلغت، فوق القميص تحت اللفافة. ولو تركت الجريدة لنسيان ونحوه، جعلت
فوق قبره.
62

تشييع الجنازة
(مسألة 379) فضل التشييع كثير وثوابه كبير، حتى ورد في الخبر (من شيع
جنازة فله بكل خطوة حتى يرجع مأة ألف حسنة، ويمحى عنه مأة ألف سيئة، ويرفع
له مأة ألف درجة، فإن صلى عليها يشيعه مأة ألف ملك كلهم يستغفرون له، فإن
شهد دفنها وكل الله به مأة ألف ملك يستغفرون له حتى يبعث من قبره. ومن صلى
على ميت صلى عليه جبرئيل وسبعون ألف ملك وغفر له ما تقدم من ذنبه، وإن أقام
عليه حتى يدفنه وحثا عليه من التراب انقلب من الجنازة وله بكل قدم من حيث
تبعها حتى يرجع إلى منزله قيراط من الأجر، والقيراط مثل جبل أحد يلقى في ميزانه
من الأجر).
(مسألة 380) آداب التشييع كثيرة: منها: أن يقول حين حمل الجنازة (بسم
الله وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات).
ومنها: المشي، بل الظاهر كراهة الركوب إلا لعذر. نعم لا يكره في الرجوع.
ومنها: المشي خلف الجنازة أو في جانبيها لا قدامها، والأول أفضل.
ومنها: أن يحملوها على أكتافهم لا على الدابة ونحوها، إلا لعذر كبعد المسافة.
ومنها: أن يكون المشيع خاشعا متفكرا متصورا أنه هو المحمول وقد سأل الرجوع
إلى الدنيا فأجيب.
ومنها: التربيع، بمعنى أن يحمل الشخص الواحد جوانبها الأربعة، والأفضل أن
يبتدئ بمقدم السرير من جهة يمين الميت فيحمله على عاتقه الأيمن، ثم يحمل مؤخره
الأيمن على عاتقه الأيمن، ثم مؤخرة الأيسر على عاتقه الأيسر، ثم ينتقل إلى المقدم
الأيسر فيحمله على عاتقه الأيسر.
ومنها: أن يكون صاحب المصيبة حافيا واضعا رداءه أو مغيرا زيه على وجه آخر،
حتى يعرف.
(مسألة 381) يكره الضحك واللعب واللهو، ووضع الرداء لغير صاحب المصيبة،
والكلام بغير الذكر والدعاء والاستغفار، حتى أنه نهي عن السلام على المشيع. وتشييع
النساء الجنازة حتى جنازة المرأة. والاسراع في المشي على وجه ينافي الرفق بالميت
63

بل ينبغي التوسط في المشي. واتباعها بالنار ولو بمجمرة إلا المصباح في الليل. والقيام عند
مرورها إذا كان جالسا، إلا إذا كان الميت كافرا فيقوم لئلا يعلو على المسلم.
الصلاة على الميت
(مسألة 382) يجب الصلاة على كل مسلم وإن كان مخالفا على الأصح، ولا يجوز
على الكافر بأقسامه، حتى المرتد ومن حكم بكفره ممن انتحل الإسلام، كالنواصب
والخوارج والغلاة.
(مسألة 383) من وجد ميتا في بلاد المسلمين يلحق بهم، وكذا لقيط دار الإسلام،
وأما لقيط دار الكفر إذا وجد فيها مسلم يحتمل كونه منه، فالأقرب إلحاقه بالمسلم.
(مسألة 384) أطفال المسلمين حتى ولد الزنا منهم، بحكمهم في وجوب الصلاة
عليهم إذا بلغوا ست سنين. وتستحب على من لم يبلغ ذلك إذا ولد حيا، دون من
ولد ميتا، وإن ولجته الروح قبل ولادته.
(مسألة 385) تقدم أن بعض البدن إذا كان صدرا أو مشتملا على تمام الصدر أو
كان بعض الصدر المشتمل على القلب، فحكمه حكم تمام البدن في وجوب الصلاة عليه.
(مسألة 386) محل الصلاة بعد الغسل والتكفين، فلا تجزي قبلهما، ولا تسقط
بتعذرهما، كما لا تسقط بتعذر الدفن أيضا، فلو وجد في الفلاة ميت ولم يمكن غسله
ولا تكفينه ولا دفنه، يصلى عليه ويخلى، والقاعدة أن كل ما تعذر من الواجبات
يسقط وكل ما أمكن يثبت.
(مسألة 387) يعتبر في المصلي أن يكون مؤمنا، فلا تجزي صلاة المخالف فضلا
عن الكافر. ولا يعتبر فيه البلوغ على الأقوى، فتصح صلاة الصبي المميز، بل الظاهر
إجزاؤها عن الوجوب الكفائي مع العلم بالاتيان بها صحيحة، أما مع الشك في الصحة،
فلا تجري أصالة الصحة في عمله.
(مسألة 388) لا يعتبر في المصلي الذكورة، فتصح صلاة المرأة ولو على الرجال،
ولا يشترط في صحة صلاتها عدم وجود الرجال.
64

(مسألة 389) الصلاة على الميت وإن كانت فرضا على الكفاية، إلا أنها كسائر
تجهيزه أولى الناس بها أولاهم بميراثه، بمعنى أن الولي إذا أراد المباشرة بنفسه أو عين
شخصا لها، لا يجوز لغيره مزاحمته، كما أن إذنه شرط في صحة صلاة غيره.
(مسألة 390) إذا أوصى الميت بأن يصلي عليه شخص معين، فالظاهر وجوب
العمل بها على الأحوط، والأحوط للوصي استئذان الولي، وللغير استئذانهما.
(مسألة 391) يستحب فيها الجماعة، والأظهر اعتبار اجتماع شرائط الإمامة من
العدالة ونحوها هنا أيضا، كما أن الأظهر اعتبار اجتماع شرائط الجماعة من عدم الحائل
ونحوه، نعم لا يتحمل الإمام هنا عن المأمومين شيئا.
(مسألة 392) يجوز أن يصلي على ميت واحد في زمان واحد، أشخاص
متعددون فرادى بل وجماعات متعددة، ويجوز لكل واحد منهم نية الوجوب ما لم
يفرغ منها أحد، فإذا فرغ نوى الباقون الاستحباب أو القربة، وكذا الحال في المصلين
المتعددين في جماعة واحدة.
(مسألة 393) يجوز للمأموم نية الانفراد في الأثناء وإتمامها منفردا، لكن بشرط
أن لا يكون بعيدا عن الجنازة بما يضر، ولا خارجا عن المحاذاة المعتبرة في المنفرد.
كيفية الصلاة على الميت
(مسألة 394) الصلاة على الميت خمس تكبيرات: يتشهد الشهادتين بعد
التكبيرة الأولى، ويصلي على النبي وآله بعد الثانية، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات بعد
الثالثة، ويدعو للميت بعد الرابعة، ثم يكبر الخامسة وينصرف. ولا يجوز أقل من
خمس تكبيرات، إلا للتقية.
(مسألة 395) ليس فيها أذان، ولا إقامة، ولا قراءة، ولا ركوع، ولا سجود،
ولا تشهد، ولا تسليم.
(مسألة 396) يكفي في الأدعية الأربعة مسماها، فيجزي أن يقول بعد التكبيرة
الأولى (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله) وبعد الثانية (اللهم صل
65

على محمد وآل محمد) وبعد الثالثة (اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات) وبعد
الرابعة (اللهم اغفر لهذا الميت) ثم يقول (الله أكبر) وينصرف.
(مسألة 397) الأولى أن يقول بعد التكبيرة الأولى (أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا فردا حيا قيوما دائما أبدا، لم يتخذ صاحبة
ولا ولدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على
الدين كله ولو كره المشركون). وبعد الثانية (اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك
على محمد وآل محمد وارحم محمدا وآل محمد، أفضل ما صليت وباركت وترحمت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وصل على جميع الأنبياء والمرسلين). وبعد
الثالثة (اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم
والأموات، تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات إنك على كل شئ قدير). وبعد الرابعة
(اللهم إن هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير
منزول به. اللهم إنك قبضت روحه إليك، وقد احتاج إلى رحمتك، وأنت غني عن
عذابه. اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا. اللهم إن كان محسنا فزد في
إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته، واغفر لنا وله. اللهم احشره مع من
يتولاه ويحبه، وأبعده ممن يتبرأ منه ويبغضه. اللهم ألحقه بنبيك وعرف بينه وبينه،
وارحمنا إذا توفيتنا يا إله العالمين. اللهم اكتبه عندك في أعلى عليين، واخلف على
عقبه في الغابرين، واجعله من رفقاء محمد وآله الطاهرين، وارحمه وإيانا برحمتك يا
أرحم الراحمين. اللهم عفوك عفوك عفوك). وإن كان الميت امرأة يقول بدل قوله
(هذا المسجى) (هذه المسجاة قدامنا أمتك وابنة عبدك وابنة أمتك) ويأتي
بالضمائر مؤنثة. وإن كان الميت طفلا دعا في الرابعة لأبويه (اللهم اجعله لأبويه ولنا
سلفا وفرطا وأجرا).
(مسألة 398) في كل من الرجل والمرأة يجوز تذكير الضمائر باعتبار أنه ميت أو
شخص، وتأنيثها باعتبار أنه جنازة، فيسهل الأمر فيما إذا لم يعلم أن الميت رجل أو
امرأة، ولا يحتاج إلى تكرار الدعاء أو الضمائر.
(مسألة 399) إذا شك في التكبيرات بين الأقل والأكثر، بنى على الأقل.
66

شروط الصلاة على الميت
(مسألة 400) تجب في صلاة الميت: نية القربة، وإباحة المكان وتعيين الميت،
ولو بأن ينوي الميت الحاضر أو من عينه الإمام، واستقبال القبلة، والقيام، وأن يوضع
الميت أمامه مستلقيا على قفاه محاذيا له إذا كان إماما أو منفردا. وأن يكون رأسه إلى
يمين المصلي ورجله إلى يساره، وأن لا يكون بينه وبين المصلي حائل كستر أو جدار مما
لا يصدق معه اسم الصلاة عليه، ما عدا النعش ونحوه مما هو بين يدي المصلي، وأن
لا يكون بينهما بعد مفرط على وجه لا يصدق الوقوف عليه إلا في المأموم مع اتصال
الصفوف، وأن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوا مفرطا، وأن تكون الصلاة بعد
التغسيل والتكفين والحنوط، إلا فيمن سقط عنه ذلك كالشهيد، أو تعذر عليه ذلك
فيصلى عليه بدونه.
(مسألة 401) يجب أن يكون الميت مستور العورة حال الصلاة عليه، وإذا لم
يكن له كفن أصلا، فإن أمكن ستر عورته بشئ قبل وضعه في القبر سترها وصلى
عليه، وإلا، يحفر قبره ويوضع فيه كما يوضع في خارجه للصلاة، وتوارى عورته
بلبن أو أحجار أو تراب ثم يصلى عليه، ثم يوضع على كيفية الدفن.
(مسألة 402) لا يعتبر فيها الطهارة من الحدث والخبث ولا سائر شروط الصلاة،
وإن كان الأحوط مراعاة جميع ما يعتبر فيها، بل لا يترك الاحتياط في الالتفات عن
القبلة والتكلم والقهقهة، وكل ما هو ماح لصورة الصلاة.
(مسألة 403) إذا لم يمكن الاستقبال أصلا سقط، وإن اشتبهت القبلة ولم يتمكن
من تحصيل العلم بها وفقدت الأمارات التي يرجع إليها عند عدم إمكان العلم ولم يمكن
الاحتياط، نعمل بالظن معم إمكانه، وإلا فليصل إلى أربع جهات إن لم يخف الفساد
على الميت، وإلا فيتخير ويحتاط بالصلاة إلى سائر الجهات بعد الدفن، إن لم تنكشف
القبلة، وإلا فإليها.
(مسألة 404) إذا لم يقدر على القيام ولم يوجد من يقدر على الصلاة قائما، تعين
عليه الصلاة جالسا، ومع وجود المتمكن، يجب عليه عينا، ولا تجزي عنه صلاة
العاجز على الأظهر، ولكن إذا عصى ولم يقم بوظيفته، يجب على العاجز القيام بوظيفته.
67

وإذا لم يوجد المتمكن من القيام وصلى العاجز جالسا ثم وجد قبل أن يدفن،
فالأحوط إعادة المتمكن، وأولى بذلك ما إذا صلى معتقدا عدم وجوده فتبين خلافه.
(مسألة 405) من أدرك الإمام أثناء الصلاة جاز له الدخول معه، وتابعه في
التكبير، وجعل أول صلاته أول تكبيراته، فيأتي بوظيفته من الشهادتين، فإذا كبر
الإمام الثالثة مثلا كبر معه وكانت له الثانية، فيأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا فرغ
الإمام أتم ما عليه من التكبير مع الأدعية إن أمكنه ولو مخففا، وإن لم يمهلوه أتمها خلف
الجنازة فرادى إن أمكن الاستقبال وسائر الشرائط، بل لا بأس بإتمامها على القبر،
وإن لم تجب عليه الصلاة لسقوط التكليف بفعل السابقين.
(مسألة 406) لا تسقط صلاة الميت عن المكلفين إذا لم يصلها بعضهم على وجه
صحيح، فإذا شك في أصل الاتيان بنى على العدم، وإن علم به وشك في صحتها بنى
على صحتها، وإن علم بفسادها، وجبت عليه وإن كان المصلي قاطعا بالصحة.
(مسألة 407) إذا اختلف المصلي مع غيره بحسب التقليد أو الاجتهاد، بأن كانت
الصلاة صحيحة بحسب تقليد المصلي أو اجتهاده، فاسدة عند غيره، فالأقوى لمن لم
تكن صحيحة عنده عدم الاجتزاء بها.
(مسألة 408) يجب أن تكون الصلاة قبل الدفن لا بعده. نعم لو دفن قبل
الصلاة نسيانا أو لعذر آخر أو تبين فسادها، لا يجوز نبشه لأجل الصلاة، بل يصلي
على قبره مراعيا الشرائط من الاستقبال وغيره، ما لم تمض مدة يتلاشى فيها بدنه
بحيث لا يصدق عليه اسم الميت.
(مسألة 409) من لم يدرك الصلاة على من صلي عليه قبل الدفن، يجوز له أن
يصلي عليه بعده إلى يوم وليلة، وأما لأكثر من ذلك، فالأحوط الترك.
(مسألة 410) يجوز تكرار الصلاة على الميت على كراهية، إلا إذا كان الميت ذا
شرف ومنقبة وفضيلة.
(مسألة 411) إذا حضرت جنازة في وقت الفريضة، فإن لم تزاحم الصلاة عليها
الفريضة لسعة وقتها، ولم يخش الفساد على الميت تخير بينهما، والأفضل تقديم صلاة
الميت، إلا إذا زاحمت وقت فضيلة الفريضة فترجح عليها.
68

(مسألة 412) يجب تقديمها على الفريضة في سعة وقتها إذا خيف على الميت من
الفساد، كما أنه يجب تقديم الفريضة مع ضيق وقتها وعدم الخوف على الميت.
(مسألة 413) إذا خيف على الميت من الفساد وضاق وقت الفريضة، فإن أمكن
صونه عن الفساد بالدفن والآتيان بالفريضة في وقتها ثم الصلاة عليه مدفونا، تعين
ذلك، وإن لم يمكن ذلك بل تزاحم وقت الفريضة مع الدفن، فلا يبعد وجوب تقديم
الدفن وقضاء الفريضة إن خيف عليه من الفساد الكلي ولو بالاقتصار على أقل
الواجب من الصلاة، وأما في مثل تغيير الرائحة فتقدم الفريضة على الدفن.
(مسألة 414) إذا اجتمعت جنازات متعددة، فالأولى إفراد كل واحد منها
بصلاة، إذا لم يخش على بعضها الفساد من جهة تأخير صلاتها، ويجوز التشريك بينها
في صلاة واحدة، بأن يوضع الجميع قدام المصلي مع رعاية المحاذاة، أو يجعل الجميع
صفا واحدا، فيجعل رأس كي عند ألية الآخر شبه الدرج، ويقوم المصلي وسط
الصف ويراعي في الدعاء لهم بعد التكبير الرابع ما يناسبهم من تثنية الضمير أو جمعه، وتذكيره أو تأنيثه.
(مسألة 415) إذا حضرت في أثناء الصلاة على الجنازة، مثلا بعد التكبيرة الأولى،
جنازة أخرى، يجوز تشريك الأولى مع الثانية في التكبيرات الباقية، فتكون ثانية
الأولى أولى الثانية، وثالثة الأولى ثانية الثانية، وهكذا. فإذا تمت تكبيرات الأولى
يأتي ببقية تكبيرات الثانية، فيأتي بعد كل تكبير مختص ما يخصه من الدعاء، وبعد
التكبير المشترك يجمع بين الدعائين، فيأتي بعد التكبير الذي هو أول الثانية وثاني
الأولى بالشهادتين مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهكذا.
آداب الصلاة على الميت
(مسألة 416) وهي مضافا إلى ما مر أمور لا بأس بالاتيان بها رجاء: منها: أن
يقال قبل الصلاة ثلاث مرات (الصلاة) وهي بمنزلة الإقامة للصلاة. ومنها: أن يكون
المصلي على طهارة من حدث، ويجوز التيمم بدل الغسل أو الوضوء هنا حتى مع
وجدان الماء، إن خاف فوت الصلاة لو توضأ أو اغتسل، بل مطلقا. ومنها: أن
69

يقف الإمام أو المنفرد عند وسط الرجل، بل مطلق الذكر، وعند صدر المرأة،
بل مطلق الأنثى. ومنها: نزع النعل، بل يكره الصلاة بالحذاء، وهو النعل دون
الخف والجورب، وإن كان الحفاء لا يخلو من رجحان خصوصا للإمام. ومنها: رفع
اليدين عند التكبيرات، لا سيما الأولى. ومنها: أن يقف قريبا من الجنازة بحيث له
هبت الريح وصل ثوبه إليها. ومنها: الاجهار للإمام والاسرار للمأموم. ومنها:
اختيار المواضع المعدة للصلاة على الجنائز. ومنها: أن لا تصلى في المساجد،
عدا المسجد الحرام.
الدفن
(مسألة 417) يجب كفاية دفن الميت المسلم ومن بحكمه، وهو مواراته في حفرة
في الأرض، فلا يجزي البناء عليه، ولا وضعه في بناء أو تابوت ولو من صخر أو
حديد مع القدرة على المواراة في الأرض. نعم لو تعذر الحفر لصلابة الأرض مثلا أجزاء
البناء عليه ونحو ذلك من المواراة، كما أنه لو أمكن نقله إلى أرض يمكن حفرها قبل أن
يحدث بالميت شئ وجب، والأحوط كون الحفرة بحيث تحرس جثته من السباع
وتكتم رائحته عن الناس، وإن كان الأقوى كفاية مجرد المواراة في الأرض مع الأمن من
الأمرين ولو من جهة عدم وجود السباع وعدم وجود من تؤذيه رائحته من الناس،
أو من جهة البناء على قبره بعد مواراته.
(مسألة 418) إذا مات في البحر وتعذر البر أو تعسر، يغسل ويكفن ويحنط
ويصلى عليه، ويوضع في خابية ونحوها ويوكأ رأسها أو يثقل بحجر أو نحوه في رجله،
ويلقى في البحر مستقبل القبلة على الأحوط الأولى، والأحوط اختيار الأول مع
الامكان، وكذا لو خيف على الميت من نبش العدو قبره والتمثيل به، ألقي في البحر
بالكيفية المذكورة.
(مسألة 419) يجب أن يكون الدفن مستقبل القبلة، بأن يضجعه على جنبه
الأيمن بحيث يكون رأسه إلى المغرب ورجلاه إلى المشرق في البلاد الشمالية، وبعبارة
70

أخرى يكون رأسه إلى يمين من يستقبل القبلة ورجلاه إلى يساره، وكذا في دفن الجسد بلا رأس، بل في الرأس بلا جسد، بل وفي الصدر وحده.
(مسألة 420) إذا كان الميت كافرة حاملة بولد مسلم، تدفن مستدبرة القبلة على
جنبها الأيسر، ليصير الولد في بطنها مستقبلا.
(مسألة 421) مؤنة الدفن حتى ما يحتاج إليه لأجل استحكامه من مواد بناء،
بل ما يأخذه الجائر للدفن في الأرض المباحة، تخرج من أصل التركة. وكذا مؤنة
الالقاء في البحر.
(مسألة 422) إذا اشتبهت القبلة، يعمل بالظن على الأحوط، ومع عدمه
يسقط الاستقبال إن لم يمكن تحصيل العلم بها، ولو بالتأخير على وجه لا يضر بالميت
ولا بالمباشر.
(مسألة 423) يجب دفن الأجزاء المبانة من الميت حتى الشعر والسن والظفر،
والأحوط إن لم يكن أقوى إلحاقها ببدن الميت ودفنها معه مع الامكان.
(مسألة 424) إذا مات شخص في البئر ولم يمكن إخراجه ولا استقباله، يخلى
على حاله ويسد البئر ويجعل قبرا له.
(مسألة 425) لا يجوز الدفن في الأرض المغصوبة عينا أو منفعة، ومنها الأرض
الموقوفة لغير الدفن، وما تعلق بها حق الغير كالمرهونة.
(مسألة 426) لا مانع من الدفن في قبر ميت آخر إذا كانت الأرض مباحة، نعم لا يجوز نبشه لذلك قبل أن يصير رميما.
(مسألة 427) الأقوى عدم جواز الدفن في المساجد ولو مع عدم الاضرار
بالمسلمين وعدم مزاحمة المصلين.
(مسألة 428) لا يجوز أن يدفن الكفار وأولادهم في مقابر المسلمين،
بل لو دفنوا نبشوا، سيما إذا كانت المقبرة مسبلة للمسلمين، وكذا لا يجوز دفن المسلم
في مقبرة الكفار، ولو دفن عصيانا أو نسيانا فلا إشكال في جواز نبشه ونقله لرعاية
احترامه، بل الأحوط وجوبه إلا إذا استلزم النبش هتكا آخر لحرمته.
71

مستحبات الدفن ومكروهاته
(مسألة 429) مستحبات الدفن أمور لا بأس بالاتيان بها رجاء.
منها: حفر القبر إلى الترقوة أو قدر القامة.
ومنها: اللحد في الأرض الصلبة، بأن يحفر في حائط القبر مما يلي القبلة حفرة بقدر
ما تسع جثته فيوضع فيها، والشق في الأرض الرخوة بأن يحفر في قعر القبر حفرة شبه
النهر فيوضع فيها الميت ويسقف عليه.
ومنها: وضع جنازة الرجل قبل إنزاله في القبر مما يلي الرجلين من القبر، وجنازة
المرأة عند القبر مما يلي القبلة.
ومنها: أن لا يفجأ به القبر ولا ينزل فيه بغتة، بل يوضع دون القبر بذراعين أو ثلاثة
ويصبر عليه هنيهة، ثم يقدم قليلا ويصبر عليه هنيهة، ثم يوضع على شفير القبر ليأخذ
أهبته للسؤال، فإن للقبر أهوالا عظيمة نستجير بالله منها، ثم يسله من نعشه سلا فيدخله
برفق، سابقا برأسه إن كان رجلا، وعرضا إن كان امرأة.
ومنها: أن تحل جميع عقد الكفن بعد وضعه في القبر.
ومنها: أن يكشف عن وجهه ويجعل خده على الأرض ويعمل له وسادة من
تراب، ويسند ظهره بلبنة أو مدرة لئلا يستلقي على قفاه.
ومنها: أن يسد اللحد باللبن أو الأحجار، لئلا يصل إليه التراب، وإن أحكمه
بالطين كان أحسن.
ومنها: أن يكون من ينزله في القبر متطهرا مكشوف الرأس، حالا أزراره، نازعا
عمامته ورداءه ونعليه.
ومنها: أن يكون المباشر لانزال المرأة وحل أكفانها زوجها أو محرمها، ومع عدمهم
فأقرب أرحامها من الرجال ثم النساء، ثم الأجانب. والزوج أولى من الجميع.
ومنها: أن يهيل عليه التراب غير أرحامه بظهر الأكف.
ومنها: قراءة الأدعية المأثورة المذكورة في الكتب المبسوطة في مواضع مخصوصة عند
سله من النعش، وعند معاينة القبر، وعند إنزاله فيه، وبعد وضعه فيه، وبعد وضعه في
لحده، وعند الاشتغال بسد اللحد، وعند الخروج من القبر، وعند إهالة التراب عليه.
72

ومنها: تلقينه العقائد الحقة من أصول دينه ومذهبه بالمأثور، بعد وضعه في اللحد،
قبل أن يسد.
ومنها: رفع القبر عن الأرض مقدار أربع أصابع مضمومة أو مفرجة. ومنها: تربيع القبر، بمعنى تسطيحه وجعله ذا أربع زوايا قائمة، ويكره تسنيمه، بل
الأحوط تركه. ومنها: أن يرش الماء على قبره، والأولى في كيفيته أن يستقبل القبلة ويبتدئ
بالرش من عند الرأس إلى الرجلين، ثم يدور به على القبر حتى ينتهي إلى الرأس، ثم
يرش على وسط القبر ما يفضل من الماء.
ومنها: وضع اليد على القبر مفرجة الأصابع مع غمزها بحيث يبقى أثرها، وقرأة
سورة القدر سبع مرات، والاستغفار والدعاء له بمثل (اللهم جاف الأرض عن جنبيه،
وأصعد إليك روحه، ولقه منك رضوانا، وأسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن رحمة
من سواك). أو (اللهم ارحم غربته، وصل وحدته، وآنس وحشته، وآمن روعته،
وأفض عليه من رحمتك، وأسكن إليه من برد عفوك وسعة غفرانك ورحمتك ما يستغني به
عن رحمة من سواك، واحشره مع من كان يتولاه). ومنها: أن يلقنه الولي أو من يأمره
بعد تمام الدفن ورجوع المشيعين وانصرافهم أصول دينه ومذهبه بأرفع صوته، من
الاقرار بالتوحيد ورسالة سيد المرسلين، وإمامة الأئمة المعصومين، والاقرار بما جاء به
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والبعث والنشور، والحساب والميزان والصراط، والجنة والنار، فإن ذلك
يدفع خطر سؤال منكر ونكير إن شاء الله تعالى.
ومنها: أن يكتب اسم الميت على القبر، أو على لوح أو حجر، وينصب
عند رأسه.
ومنها: أن يدفن الأقارب متقاربين.
ومنها: أحكام القبر.
(مسألة 430) مكروهات الدفن أمور لا بأس بتركها رجاء. منها: دفن ميتين في
قبر واحد، كجمعهما في جنازة واحدة، وفرش القبر بساج ونحوه كالآجر والحجر إلا
إذا كانت الأرض ندية، ونزول الوالد في قبر ولده خوفا من جزعه وفوات أجره، وأن
يهيل ذو الرحم على رحمه التراب، وسد القبر وتطيينه بغير ترابه، وتجديد القبر
73

بعد اندراسه، إلا قبور الأنبياء والأوصياء والصلحاء والعلماء، والجلوس على القبر،
والحدث في المقابر، والضحك فيها، والاتكاء على القبر، والمشي على القبر من غير
ضرورة، ورفع القبر عن الأرض أكثر من أربع أصابع مفرجات.
خاتمة
(مسألة 431) إذا مات الجنين في بطن الحامل وخيف عليها من بقائه يجب التوصل
إلى إخراجه بكل وسيلة، مراعيا الأرفق فالأرفق، ولو بتقطيعه، ويكون المباشر زوجها
أو النساء، ومع عدمها فالمحارم من الرجال، فإن تعذر فالأجانب.
(مسألة 432) إذا ماتت الحامل وكان الجنين حيا وجب إخراجه ولو بشق بطنها،
فيشق جنبها الأيسر ويخرج الطفل، ثم يخاط وتدفن. ولا فرق في ذلك بين رجاء بقاء
الطفل بعد إخراجه وعدمه وأما إذا كانا حيين وكان الخطر عليهما متساويا فينتظر قضاء
الله تعالى.
(مسألة 433) يجوز نقل الميت من بلد موته إلى بلد آخر قبل دفنه، على كراهة،
إلا إلى المشاهد المشرفة والأماكن المقدسة، فلا كراهة في النقل إليها، بل فيه فضل
ورجحان، وذلك إذا لم يستلزم من جهة بعد المسافة وتأخير الدفن أو غير ذلك تغير
الميت وفساده وهتك، وحينئذ فلا يجوز إلى غير المشاهد قطعا، وأما إليها ففيه تأمل
وإشكال. وأما بعد الدفن فلو خرج الميت من قبره بسبب من الأسباب فهو بحكم غير
المدفون، وأما نبشه للنقل فلا يجوز إلى غير المشاهد قطعا، وأما إليها فالأقوى جوازه
إذا لم يستلزم الهتك.
(مسألة 434) ما تعارف من إيداع الميت لينقل فيما بعد إلى المشاهد المشرفة
لأجل التخلص من محذور النبش، تخلص حسن إذا صدق عليه الدفن ولم يصدق على
إخراجه النبش، مثل أن يوضع في تابوت بنحو ما يوضع شرعا في القبر، ثم يدفن
ذلك التابوت، ثم يخرج التابوت للنقل، ولا يخرج الميت من التابوت. نعم إيداع الميت
فوق الأرض والبناء عليه أو في الحائط من دون مواراة في الأرض، غير جائز، وإذا
فعلوا ذلك جهلا أو عصيانا، يجب إخراجه ودفنه بنحو شرعي.
74

(مسألة 435) يجوز البكاء على الميت، بل قد يستحب عند اشتداد الحزن
والوجد، ولكن لا يقول ما يسخط الرب، وكذا يجوز النوح عليه بالنظم والنثر إذا لم
يشتمل على الباطل من الكذب وسائر المحرمات، بل ولم يشتمل على الويل والثبور
على الأحوط.
(مسألة 436) لا يجوز اللطم والخدش وجز الشعر ونتفه على الميت،
بل والصراخ الخارج عن حد الاعتدال على الأحوط إن لم يكن أقوى، وكذا
لا يجوز شق الثوب ولو كان الميت ولده أو زوجته، إلا على الأب والأخ
والأم والزوج، بل وبعض الأقارب الآخرين، والاقتصار على الأب والأخ
موافق للاحتياط.
(مسألة 437) في جز المرأة شعرها في المصيبة كفارة شهر رمضان، وفي نتف
شعرها وخدش وجهها، وفي شق الرجل ثوبه في موت زوجته أو ولده، كفارة اليمين.
وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة. وإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
(مسألة 438) يحرم نبش قبر المسلم ومن بحكمه إلا مع العلم باندراسه
وصيرورته رميما وترابا. نعم لا يجوز نبش قبور الأنبياء والأئمة عليه السلام وإن طالت المدة،
بل وكذا قبور أولاد الأئمة والصلحاء والشهداء المتخذة مزارا وملاذا. والمراد بالنبش
كشف جسد الميت المدفون بعد ما كان مستورا بالدفن، فلو حفر القبر وأخرج ترابه من
دون أن يظهر جسد الميت لم يكن من النبش المحرم، وكذا إذا كان الميت موضوعا على
وجه الأرض وبني عليه بناء فأخرج منه.
(مسألة 439) يجوز بل قد يجب النبش في موارد: منها: إذا دفن في مكان
مغصوب عينا أو منفعة، عدوانا أو جهلا أو نسيانا، ولا يجب على المالك الرضا ببقائه
مجانا أو بعوض، وإن كان الأولى بل الأحوط إبقاؤه ولو بعوض، خصوصا إذا كان
المالك وارثا أو رحما، أو دفن الميت فيه اشتباها.
(مسألة 440) إذا أذن المالك في دفن ميت في ملكه وأباحه له، ليس له أن يرجع
عن إذنه وإباحته، نعم إذا خرج الميت بسبب من الأسباب لا يجب عليه الرضا والإذن
بدفنه ثانيا في ذلك المكان، بل له الرجوع عن إذنه.
75

(مسألة 441) ومنها: إذا دفن بكفن مغصوب، أو مال آخر مغصوب، فيجوز بل
يجب النبش لأخذ ما يجب رده. نعم لو كان معه شئ من أمواله من خاتم ونحوه فدفن
معه، ففي جواز نبش الورثة إياه لأخذه تأمل وإشكال، خصوصا إذا لم يجحف بهم.
(مسألة 442) ومنها: النبش لتدارك الغسل أو الكفن أو الحنوط، إذا دفن
بدونها مع التمكن منها، فإنه يجب نبشه لذلك، إلا إذا استلزم هتك حرمته لفساد
جسده، فيحرم حينئذ. أما لو دفن لعذر، كما إذا لم يوجد الماء أو الكفن أو الكافور ثم
وجد بعد الدفن، ففي جواز النبش لتدارك الفائت تأمل وإشكال، ولا سيما إذا لم يوجد
الماء فيمم بدلا عن الغسل ودفن، ثم وجد الماء. بل عدم جواز النبش لتدارك الغسل
حينئذ هو الأقوى. وأما إذا دفن بلا صلاة فلا يجوز النبش لأجلها، بل يصلى على
قبره كما تقدم.
(مسألة 443) ومنها: لنقله إلى المشاهد المشرفة، والظاهر جواز النبش لهذا
الغرض سواء أوصى به الميت، أم لم يوص.
(مسألة 444) ومنها: إذا توقف إثبات حق من الحقوق على مشاهدة جسده.
(مسألة 445) ومنها: إذا دفن في مكان يوجب هتكه، كما إذا دفن في بالوعة أو
مزبلة، وكذا إذا دفن في مقبرة الكفار، في وجه لا يخلو من قوة.
(مسألة 446) ومنها: إذا خيف عليه من سبع أو سيل أو عدي، ونحو ذلك.
(مسألة 447) يجوز محو آثار القبور التي علم اندراس أمواتها، سيما إذا كانت في
مقبرة مسبلة للمسلمين مع حاجتهم إليها، عدا ما تقدم من قبور الشهداء والصلحاء
والعلماء وأولاد الأئمة عليهم السلام، المتخذة مزارا.
(مسألة 448) إذا أخرج الميت من قبره في مكان مباح عصيانا، أو بنحو مباح،
أو خرج بسبب من الأسباب، لا يجب دفنه ثانيا في ذلك المكان، بل يجوز أن يدفن في
مكان آخر.
(مسألة 449) من المستحبات الأكيدة تعزية أهل المصيبة وتسليتهم وتخفيف
حزنهم، بذكر ما يناسب المقام من مصائب الدنيا وسرعة زوالها، وأن كل نفس فانية
76

والآجال متقاربة، وذكر ما ورد فيما أعد الله تعالى للمصاب من الأجر، ولا سيما في
مصاب الولد وأنه شافع مشفع لأبويه، حتى أن السقط يقف وقفة الغضبان على باب
الجنة فيقول (لا أدخل حتى يدخل أبواي، فيدخلهما الله الجنة) إلى غير ذلك.
(مسألة 450) تجوز التعزية قبل الدفن وبعده، وإن كان الأفضل بعده، وأجرها
عظيم، ولا سيما تعزية الثكلى واليتيم، فمن عزى مصابا كان له مثل أجره من غير أن
ينتقص من أجر المصاب شئ، وما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من
حلل الكرامة. وكان فيما ناجى به موسى ربه أنه قال: (يا رب ما لمن عزى الثكلى؟
قال: أظله في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي. ومن سكت يتيما عن البكاء وجبت له الجنة،
وما من عبد يمسح يده على رأس يتيم إلا ويكتب الله عز وجل له بعدد كل شعرة مرت
عليها يده حسنة). إلى غير ذلك مما ورد في الأخبار.
(مسألة 451) يكفي في تحقق التعزية مجرد الحضور عند المصاب لأجلها، بحيث
يراه، فإن له دخلا في تسلية الخاطر وتسكين لوعة الحزن.
(مسألة 452) يجوز جلوس أهل الميت للتعزية، ولا كراهة فيه على الأقوى.
نعم الأولى أن لا يزيد على ثلاثة أيام.
(مسألة 453) يستحب إرسال الطعام إلى أهل الميت إلى ثلاثة أيام، ولو كان
مدة جلوسهم للتعزية أقل.
صلاة ليلة الدفن
(مسألة 454) يستحب ليلة الدفن صلاة الهدية للميت، وهي المشتهرة في الألسن
بصلاة الوحشة، ففي الخبر النبوي (لا يأتي على الميت ساعة أشد من أول ليلة، فارحموا
موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا فليصل أحدكم ركعتين).
(مسألة 455) كيفية صلاة الوحشة على ما في الخبر المذكور: أن يقرأ في الأولى
بفاتحة الكتاب مرة، والتوحيد مرتين، وفي الثانية بفاتحة الكتاب مرة، والتكاثر عشر
مرات، وبعد السلام يقول (اللهم صل على محمد وآل محمد وابعث ثوابها إلى
77

قبر فلان ابن فلان) فيبعث الله من ساعته ألف ملك إلى قبره مع كل ملك ثوب وحلة،
ويوسع في قبره من الضيق إلى يوم ينفخ في الصور، ويعطى المصلي بعدد ما طلعت
عليه الشمس حسنات، وترفع له أربعون درجة. وعلى رواية أخرى: يقرأ في الركعة
الأولى الحمد وآية الكرسي مرة، وفي الثانية الحمد مرة، والقدر عشر مرات، ويقول
بعد الصلاة (اللهم صل على محمد وآل محمد وابعث ثوابها إلى قبر فلان) وإن أتى
بالكيفيتين كان أولى، وتكفي صلاة واحدة عن شخص واحد. وما تعارف من عدد
الأربعين أو الواحد والأربعين غير وارد. نعم لا بأس به إذا لم يكن بقصد الورود في
الشرع، والأحوط قراءة آية الكرسي إلى (هم فيها خالدون). والظاهر أن وقتها
تمام الليل، وإن كان الأولى إيقاعها في أوله. والأقوى عدم جواز الاستيجار وأخذ
الأجرة عليها.
الأغسال المندوبة
(مسألة 456) الأغسال المندوبة أقسام: زمانية، ومكانية، وفعلية. أما الزمانية
فكثيرة، منها: غسل الجمعة، وهو من المستحبات المؤكدة حتى قال بعض بوجوبه،
ولكن الأقوى استحبابه. ووقته من طلوع الفجر الثاني إلى الزوال، وبعده إلى آخر يوم
السبت قضاء، ولكن الأحوط بعد الزوال إلى الغروب من يوم الجمعة أن ينوي القربة
من غير أداء ولا قضاء، كما أن الأولى مع تركه إلى الغروب أن يأتي به قضاء في نهار
السبت، لا في ليله. ويجوز تقديمه يوم الخميس إذا خاف إعواز الماء يوم الجمعة، فإن
تمكن منه يوم الجمعة قبل الزوال يستحب إعادته، وبعده يأتي به رجاء، ولو دار الأمر
بين التقديم والقضاء فالأول أولى. ويشكل إلحاق ليلة الجمعة بيوم الخميس، والأحوط
تقديمه يوم الخميس رجاء إذا كان فوته يوم الجمعة لا لاعواز الماء بل لأمر آخر.
ومنها: أغسال ليالي شهر رمضان، وهي ليالي الأفراد: الأولى والثالثة والخامسة
وهكذا، وتمام ليالي العشر الأخيرة. والآكد منها: ليالي القدر، وليلة النصف، وليلة
سبع عشرة، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين. وتسع وعشرين منه. ويستحب في
ليلة الثالث والعشرين غسل ثان. ووقت الغسل فيها تمام الليل، وإن كان الأولى الاتيان به مقارنا للغروب. نعم لا
78

يبعد في العشر الأخيرة رجحان الاتيان به بين
المغرب والعشاء تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم على ما روي. والغسل الثاني في الليلة الثالثة
والعشرين آخرها. ومنها: غسل يومي العيدين الفطر والأضحى، والغسل في هذين
اليومين من السنن الأكيدة، ووقته بعد الفجر إلى الزوال، والأحوط الاتيان به بعد
الزوال رجاء. ومنها: غسل يوم التروية الثامن من ذي الحجة. ومنها: غسل يوم
عرفة، والأولى إيقاعه عند الزوال. ومنها: غسل أيام من رجب: أوله ووسطه وآخره.
ومنها: غسل يوم الغدير، والأولى أن يكون قبل الزوال بنصف ساعة. ومنها: غسل
يوم المباهلة، وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة. ومنها: غسل يوم دحو الأرض،
وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة. ومنها: غسل يوم المبعث، وهو السابع
والعشرون من رجب. ومنها: غسل ليلة النصف من شعبان. ومنها: غسل يوم المولود،
وهو السابع عشر من ربيع الأول. ومنها: غسل يوم النيروز. ومنها: غسل يوم التاسع
من ربيع الأول.
(مسألة 457) لا تقضى هذه الأغسال بفوات وقتها، كما أنها لا تتقدم على
أوقاتها مع خوف فوتها فيها، إلا غسل الجمعة كما تقدم.
(مسألة 458) الأغسال المكانية هي ما يستحب للدخول في بعض الأمكنة
الخاصة، مثل حرم مكة وبلدها ومسجدها والكعبة الشريفة، وحرم المدينة وبلدها
ومسجدها، وجميع المشاهد المشرفة.
(مسألة 459) الأغسال الفعلية قسمان: أحدهما: ما يكون لأجل الفعل الذي
يريد إيقاعه أو الأمر الذي يريد وقوعه، كغسل الاحرام والطواف والزيارة، والغسل
للوقوف بعرفات، والمشعر، وللذبح والنحر، والحلق، ولرؤية أحد الأئمة في المنام كما
روي عن الكاظم عليه السلام (إذا أراد ذلك يغتسل ثلاث ليال ويناجيهم فيراهم في المنام)
ولصلاة الحاجة، وللاستخارة، ولعمل الاستفتاح المعروف بعمل أم داود، ولأخذ
التربة الشريفة من محلها، أو لإرادة السفر، خصوصا لزيارة الحسين عليه السلام، ولصلاة
الاستسقاء، وللتوبة من الكفر بل من كل معصية. وللتظلم والشكوى إلى الله تعالى
من ظلم ظالم، فإنه يغتسل ويصلي ركعتين في موضع لا يحجبه شئ عن
79

السماء ثم يقول (اللهم إن فلانا ابن فلان ظلمني وليس لي أحد أصول به عليه غيرك، فاستوف
لي ظلامتي الساعة الساعة، بالاسم الذي إذا سألك به المضطر أجبته فكشفت ما به
من ضي ومكنت له في الأرض، وجعلته خليفتك على خلقك. فأسألك أن تصلي على
محمد وآل محمد وأن تستوفي ظلامتي الساعة الساعة) فسترى ما تحب. وللخوف من
الظالم فإنه يغتسل ويصلي ثم يكشف ركبتيه ويجعلهما قريبا من مصلاه ويقول مأة مرة
(يا حي يا قيوم يا لا إله إلا أنت، برحمتك أستغيث، فصل على محمد وآل محمد، وأن
تلطف لي، وأن تغلب لي، وأن تمكر لي، وأن تخدع لي، وأن تكيد لي، وأن تكفيني
مؤونة فلان بن فلان بلا مؤونة).
ثانيهما: ما يكون لأجل الفعل الذي فعله، فمنها لقتل الوزغ. ومنها لرؤية
المصلوب إذا سعى إلى رؤيته متعمدا. ومنها للتفريط في أداء صلاة الكسوفين مع
احتراق القرص، فإنه يستحب أن يغتسل عند قضائها، بل لا ينبغي ترك الاحتياط
فيه. ومنها لمس الميت بعد تغسيله.
(مسألة 460) وقت الأغسال المكانية قبل الدخول في تلك الأمكنة بحيث يقع
الدخول فيها بعده من دون فصل كثير، وإن تركه فبعد الدخول إذا أراد البقاء، ويكفي
الغسل في أول النهار أو الليل والدخول في آخر كل منهما، بل كفاية غسل النهار لليل
وبالعكس لا يخلو من قوة، وكذا الحال في القسم الأول من الأغسال الفعلية مما
استحب لايجاد عمل بعد الغسل كالاحرام والزيارة ونحوهما، فوقته قبل ذلك الفعل،
ولا يضر الفصل بينهما بالمقدار المذكور. وأما القسم الثاني من الأغسال الفعلية فوقتها
عند تحقق السبب، ويمتد إلى آخر العمر، وإن استحب المبادرة إليها.
(مسألة 461) لا تنتقض الأغسال الزمانية والقسم الثاني من الفعلية بشئ من
الأحداث بعدها. وأما المكانية والقسم الأول من الفعلية، فالظاهر انتقاضها بالحدث
الأصغر فضلا عن الأكبر، فإذا أحدث بينها وبين الدخول في تلك الأمكنة أو بينها
وبين تلك الأفعال أعاد الغسل.
(مسألة 462) إذا كان عليه أغسال متعددة زمانية أو مكانية أو فعلية أو مختلفة،
يكفي غسل واحد عن الجميع إذا نواها.
80

(مسألة 463) في قيام التيمم عند التعذر مقام تلك الأغسال تأمل وإشكال،
فالأحوط الاتيان به رجاء.
التيمم
مسوغات التيمم
(مسألة 464) مسوغات التيمم أمور: منها: عدم وجدان ما يكفيه من الماء
لطهارته، غسلا كانت أو وضوءا، ويجب الفحص عنه إلى اليأس، وفي البرية يكفي
الطلب غلوة سهم في الحزنة وغلوة سهمين في السهلة في الجوانب الأربعة، مع احتمال
وجوده في الجميع. ويسقط من الجانب الذي يعلم بعدمه فيه، كما أنه يسقط في الجميع
إذا قطع بعدمه فيها، وكذا يسقط لو احتمل وجوده فوق المقدار الواجب. نعم لو علم
أو اطمأن بوجوده فوق المقدار وجب تحصيله إذا بقي الوقت ولم يتعسر.
(مسألة 465) الظاهر عدم وجوب المباشرة في الطلب، بل يكفي طلب شخص
واحد لجماعة، ويكفي فيه الأمانة والوثاقة، ولا يعتبر فيه العدالة.
(مسألة 466) إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة وفي بعضها سهلة، يكون
لكل جانب حكمه من الغلوة أو الغلوتين.
(مسألة 467) المناط في السهم والرمي والقوس والهواء والرامي، هو
المتعارف المعتدل.
(مسألة 468) إذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت تيمم وصلى وصحت صلاته، وإن
أثم بالترك، والأحوط القضاء خصوصا فيما علم أنه لو طلب لعثر به، وأما مع السعة
فتبطل صلاته وتيممه وإن صادف عدم الماء في الواقع. نعم مع المصادفة لو تحققت منه
نية القربة لا يبعد الصحة.
(مسألة 469) إذا طلب بالمقدار اللازم فلم يجد فتيمم وصلى، ثم ظفر بالماء بعد
الوقت في محل الطلب أو في رحله أو قافلته، صحت صلاته، ولا يجب عليه القضاء،
وأما إن ظفر بالماء في الوقت فالأحوط الإعادة.
81

(مسألة 470) يسقط وجوب الطلب مع الخوف على نفسه أو عرضه أو ماله
المعتد به، من سبع أو لص أو غير ذلك، وكذا إذا كان فيه حرج ومشقة لا تتحمل،
أو ضاق عنه الوقت.
(مسألة 471) إذا اعتقد الضيق فتركه وتيمم وصلى، ثم تبين السعة، فإن كان في
المكان الذي صلى فيه فعليه الطلب، فإن لم يجد الماء تجزي صلاته، وإن وجده أعادها.
وإن انتقل إلى مكان آخر فإن علم بأنه لو طلبه لوجده يعيد الصلاة، حتى لو كان غير
قادر على الطلب في الحال وكان تكليفه التيمم. أما لو علم بأنه لو طلبه لما ظفر به
فتصح صلاته ولا يعيدها. ومع اشتباه الحال، ففيه إشكال فلا يترك الاحتياط
بالإعادة أو القضاء.
(مسألة 472) الظاهر عدم اعتبار كون الطلب في وقت الصلاة، فلو طلب
قبل الوقت ولم يجد الماء، لا يحتاج إلى تجديده بعده. وكذا إذا طلب في الوقت
لصلاة فلم يجد، يكفي لغيرها من الصلوات. نعم يجب تجديده لو احتمل تجدد الماء
احتمالا عقلائيا.
(مسألة 473) إذا لم يكن عنده إلا ماء واحد يكفي للطهارة، وعلم أنه لا يوجد
ماء آخر فلا يجوز إراقته بعد دخول الوقت، بل ولو كان على وضوء ولم يكن عنده
ماء لا يجوز له إبطال وضوئه ما أمكنه، ولو عصى فأراق الماء أو أبطل الوضوء، يصح
تيممه وصلاته، وإن كان الأحوط قضاؤها. وكذا الحكم قبل الوقت على الأحوط.
(مسألة 474) إذا تمكن من حفر بئر بلا حرج، وجب حفره على الأحوط.
(مسألة 475) ومن مسوغات التيمم الخوف من الوصول إلى الماء، من لص أو
سبع، أو من الضياع، أو نحو ذلك مما يحصل معه خوف الضرر على النفس، أو
العرض، أو المال المعتد به.
(مسألة 476) ومنها: خوف الضرر المانع من استعماله لمرض، أو رمد، أو ورم، أو
جرح، أو قرح، أو نحو ذلك مما يتضرر معه باستعمال الماء على وجه لا يلحق بالجبيرة
وما في حكمها. ولا فرق بين الخوف من حصول المرض، أو الخوف من زيادته، أو بطئه،
أو شدة الألم باستعماله على وجه لا يتحمل عادة بسبب البرد أو غيره.
82

(مسألة 477) ومنها: الخوف باستعماله من العطش على حيوان محترم.
(مسألة 478) ومنها: الحرج والمشقة الشديدة التي لا تتحمل عادة في تحصيل
الماء أو استعماله، وإن لم يكن ضرر ولا خوف، ومن ذلك حصول المنة التي لا تتحمل
عادة باستيهابه، والذل والهوان بالاكتساب لشرائه.
(مسألة 479) ومنها: توقف حصوله على دفع جميع ما عنده، أو دفع ما يضر
بحاله، بخلاف غير المضر فإنه يجب وإن كان أضعاف ثمن المثل.
(مسألة 480) ومنها: ضيق الوقت عن تحصيله أو عن استعماله.
(مسألة 481) ومنها: وجوب استعمال الموجود من الماء في غسل نجاسة ونحوه،
مما لا يقوم غير الماء مقامه، فإنه يتعين التيمم حينئذ، لكن الأحوط صرف الماء في
غسلها أولا، ثم التيمم.
(مسألة 482) لا فرق في العطش الذي يسوغ معه التيمم بين المؤدي إلى الهلاك،
أو المرض، أو المشقة الشديدة التي لا تتحمل وإن أمن من ضرره، كما لا فرق فيما
يؤدي إلى الهلاك بين الخوف منه على نفسه أو على غيره، آدميا كان أو غيره مملوكا
كان أو غيره، مما يجب حفظه عن الهلاك، بل لا يبعد التعدي إلى من لا يجوز قتله
وإن لم يجب حفظه كالذمي. نعم الظاهر عدم التعدي إلى ما يجوز قتله بأي حيلة
كالمؤذيات من الحيوانات، ومهدور الدم كالحربي والمرتد عن فطرة ونحوهما.
(مسألة 483) إذا أمكن رفع عطشه بما يحرم تناوله كالنجس وكان عنده ماء
طاهر، يجب عليه حفظه لعطشه ويتيمم لصلاته، لأن وجود المحرم كالعدم.
(مسألة 484) إذا كان متمكنا من الصلاة بالطهارة المائية فأخرها حتى ضاق
الوقت عن الوضوء والغسل، تيمم وصلى وصحت صلاته وإن أثم بالتأخير،
والأحوط احتياطا شديدا قضاؤها أيضا.
(مسألة 485) إذا خاف أن يفوته الوقت ينتقل إلى التيمم سواء كان خوفه من
جهة الشك بين سعة الوقت وضيقه مع عدم العلم بمقدار ما بقي أو من جهة الشك فيهما
مع العلم بمقدار ما بقي والقول بالفرق بين الصورتين لجريان استصحاب الوقت في
83

الأولى دون الثانية مردود لدلالة النص على أن المعيار في الانتقال إلى التيمم خوف
فوت الوقت وهو موجود في الصورتين.
(مسألة 486) إذا دار الأمر بين إيقاع تمام الصلاة في الوقت مع التيمم وإيقاع
ركعة منها مع الوضوء، قدم الأول على الأقوى.
(مسألة 487) لا يستباح بالتيمم لأجل ضيق الوقت مع وجود الماء إلا الصلاة
التي ضاق وقتها، فلا ينفع لصلاة أخرى ولغايات أخر ولو صار فاقدا للماء حينها.
نعم لو فقد الماء في أثناء الصلاة الأولى لا يبعد كفايته لصلاة أخرى، والأحوط أن لا
يأتي بسائر الغايات حال الصلاة.
(مسألة 488) لا فرق في الانتقال إلى التيمم بين عدم وجود الماء أصلا وبين وجود
ما لا يكفي لتمام الأعضاء، لأن الوضوء والغسل لا يتبعضان، ولو تمكن من مزج الماء
الذي لا يكفي لطهارته بما لا يخرجه عن الاطلاق ليكون كافيا، فالأحوط ذلك.
(مسألة 489) إذا خالف من كان فرضه التيمم فتوضأ أو اغتسل، فطهارته
باطلة، إلا أن يأتي بها في ضيق الوقت، لا للصلاة بل لأجل الكون على طهارة أو
غيره من الغايات. وكذا تصح لو خالف ودفع المضر بحاله ثمنا للماء، أو تحمل المنة
والهوان أو المخاطرة في تحصيله ونحو ذلك، مما كان الممنوع منه من مقدمات الطهارة لا
هي نفسها. ولو تحمل ألم البرد أو مشقة العطش وتطهر ولم يتضرر، فالأحوط التيمم
وعدم الاكتفاء بوضوئه أو غسله، كما أن الأحوط عدم الاقدام على ذلك.
(مسألة 490) يجوز التيمم لصلاة الجنازة وللنوم مع التمكن من الماء، إلا أنه
ينبغي الاقتصار في الأخير على ما كان من الحدث الأصغر، بخلاف الأول فإنه يجوز مع
الحدث الأكبر أيضا.
ما يتيمم به
(مسألة 491) يعتبر فيما يتيمم به أن يكون صعيدا، وهو مطلق وجه الأرض،
من غير فرق بين التراب والرمل والحجر والمدر والحصى، وأرض الجص
84

والنورة قبل الاحراق، وتراب القبر، والمستعمل في التيمم، وذي اللون، وغيرها مما يندرج تحت
اسمها، وإن لم يعلق منه في اليد شئ، لكن الأحوط التراب.
(مسألة 492) لا يصح التيمم بما لا يندرج تحت اسم الأرض وإن كان منها، كالنبات
والذهب والفضة وغيرهما من المعادن الخارجة عن اسمها، وكذا الرماد وإن كان منها.
(مسألة 493) إذا شك في كون شئ ترابا، أو غيره مما لا يتيمم به، فإن علم
بكونه ترابا في السابق وشك في استحالته إلى غيره، يجوز التيمم به، وإن لم يعلم
حالته السابقة ولم يتمكن من غيره مما هو في المرتبة الأولى، يجمع بين التيمم به
والتيمم بالمرتبة اللاحقة من الغبار والطين إن وجدا، وإلا، يحتاط بالجمع بين التيمم به
والصلاة في الوقت، ثم القضاء خارجه.
(مسألة 494) لا يجوز التيمم بالخزف والجص والنورة بعد الاحراق مع التمكن من
التراب ونحوه، وأما مع عدم التمكن، فالأحوط الجمع بين التيمم بأحدها وبين الغبار أو الطين.
(مسألة 495) لا يصح التيمم بالتراب ونحوه إذا كان متنجسا، وإن كان جاهلا
بنجاسته أو ناسيا، ولا بالمغصوب. أما إذا أكره على المكث فيه كالمحبوس، أو كان
جاهلا بالحكم مقصرا، ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بتلك الصلاة
والجمع بينها وبين الإعادة أو القضاء، ولكنه يكفي بالإضافة إلى تكليفه بالصلاة لا
بالإضافة إلى حرمة الغصب نعم هذا الاحتياط يكفي بالنسبة إلى المحبوس والجاهل بالحكم
مقصرا إذا التفت إلى الحكم بعد التيمم فيجمع بين الصلاة به وبين الإعادة أو القضاء.
(مسألة 496) لا يصح التيمم بالتراب الممتزج بغيره مزجا يخرجه عن إطلاق
اسم التراب، فلا بأس بالخليط المستهلك، كما لا بأس بالخليط المتميز الذي لا يمنع شيئا يعتد به من باطن الكف من مماسة التراب.
(مسألة 497) حكم المشتبه هنا بالمغصوب والممتزج حكم الماء بالنسبة إلى الوضوء
والغسل، أما المشتبه بالنجس مع الانحصار، فإنه يتيمم بهما. ولو كان عنده ماء وتراب
وعلم بنجاسة أحدهما، يجب عليه مع الانحصار الجمع بين التيمم والوضوء أو الغسل مقدما
التيمم عليهما، ويجب عليه إزالة التراب عن موضع التيمم بعده، وتجفيف الماء عن مواضع
الغسل أو الوضوء بعده، وإن كان جواز الاكتفاء بالغسل أو الوضوء لا يخلو من وجه.
85

(مسألة 498) يشترط إباحة مكان التيمم دون مكان الشخص المتيمم، إلا إذا
انحصر مكان المتيمم به. وذلك كما تقدم في الوضوء والغسل.
(مسألة 499) يجوز للمحبوس في مكان مغصوب أن يتيمم فيه، أما التيمم به
فقد تقدم أنه لا يترك فيه الاحتياط. وأما التوضؤ فيه فإن كان بماء مباح فهو كالتيمم
فيه لا بأس به، إذا تحفظ من وقوع قطرات الوضوء على أرض المحبس وكان فضاء
الوضوء مباحا. وأما بالماء الذي في المحبس، فلا يجوز التوضؤ به ما لم يحرز رضا
صاحبه، فإن لم يرض يكون كفاقد الماء يتعين عليه التيمم إذا كان عنده تراب مباح.
(مسألة 500) إذا فقد الصعيد تيمم بغبار ثوبه، أو لبد سرجه، أو عرف دابته،
مما يكون على ظاهره غبار الأرض، ضاربا عليه، ولا يكفي الضرب على ما في باطنه
الغبار دون ظاهره وإن ثار منه بالضرب. نعم إذا تمكن من نفضه وجمعه ثم التيمم به
وجب، ومن فقد ذلك تيمم بالوحل وإذا تمكن من تجفيفه ثم التيمم به وجب، وليس
منه الأرض الندية والتراب الندي، بل هما من المرتبة الأولى. وإذا تيمم بالوحل
فلصق بيده، يجب إزالته عنها ثم المسح بها، والأقوى عدم جواز إزالته بالغسل.
(مسألة 501) لا يصح التيمم بالثلج، فمن لم يجد غيره ولم يتمكن من تحقيق
مسمى الغسل به، كان فاقد الطهورين، والأحوط له المسح بالثلج على أعضاء وضوئه
والتيمم به والصلاة، ثم القضاء.
(مسألة 502) يكره التيمم بالرمل وكذا بالأرض السبخة، بل لا يجوز بما خرج
منها عن اسم الأرض. ويستحب نفض اليدين بعد الضرب، وأن يكون ما يتيمم به
من ربى الأرض وعواليها، بل يكره أن يكون من مهابطها.
كيفية التيمم
(مسألة 503) كيفية التيمم مع الاختيار: أن يضرب الأرض بباطن الكفين معا
دفعة، ثم مسح الجبهة والجبينين بهما معا مستوعبا لهما من قصاص الشعر إلى طرف
الأنف الأعلى وإلى الحاجبين، والأحوط المسح عليهما بحيث يكون المسح بمجموع
الكفين على المجموع، فلا يكفي المسح ببعض كي من اليدين، ولا مسح
86

بعض الجبهة والجبينين على الأحوط. نعم يجزي التوزيع فلا يجب المسح بكل من اليدين على تمام
أجزاء الممسوح. وبعد الضرب يمسح تمام ظاهر الكف اليمنى من الزند إلى أطراف
الأصابع بتمام باطن الكف اليسرى على الأحوط، ثم تمام ظاهر الكف اليسرى بتمام
باطن الكف اليمنى. وليس ما بين الأصابع من الظاهر، إذ المراد ما يماسه ظاهر بشرة
الماسح، بل لا يعتبر التدقيق والتعميق فيه.
(مسألة 504) الأحوط عدم الاكتفاء بالوضع بدون مسمى الضرب، ولا
بالضرب بأحدهما ولا بهما على التعاقب، ولا بالضرب بظاهرهما، ولا ببعض الباطن
بحيث لا يصدق عليه الضرب بتمام الكف عرفا، وكذا المسح بأحدهما، أو بهما على
التعاقب، أو على وجه لا يصدق المسح بتمامهما.
(مسألة 505) إذا تعذر الضرب والمسح بالباطن انتقل إلى الظاهر، ولا ينتقل
إليه لو كان الباطن متنجسا بغير المتعدي وتعذرت الإزالة، بل يضرب بهما ويمسح.
(مسألة 506) إذا كانت النجاسة حائلة مستوعبة باطن الكفين ولم يمكن التطهير
والإزالة، فالأحوط الجمع بين الضرب بالباطن وبالظاهر. نعم إذا كانت النجاسة
تتعدى منه إلى الصعيد ولم يمكن الإزالة ولا التجفيف، ينتقل إلى الظاهر حينئذ، ولو
كانت النجاسة على الأعضاء الممسوحة وتعذر التطهير والإزالة، مسح عليها.
ما يعتبر في التيمم
(مسألة 507) يعتبر النية في التيمم قاصدا به البدلية عن الوضوء أو الغسل،
مقارنا بها الضرب الذي هو أول أفعاله على الأحوط. ويعتبر فيه المباشرة،
والترتيب، والموالاة بمعنى عدم الفصل المنافي لهيئته وصورته، والمسح من الأعلى إلى
الأسفل في الجبهة واليدين على الأحوط، بحيث يصدق ذلك عليه عرفا، وطهارة
الماسح والممسوح على الأحوط، ورفع الحاجب عنهما حتى مثل الخاتم. وليس الشعر
النابت على المحل من الحاجب، فيمسح عليه، نعم يجب رفع المتدلي من شعر الرأس
على الجبهة إذا كان خارجا عن المتعارف. هذا كله مع الاختيار، أما مع الاضطرار
فيسقط المعسور، ويثبت الميسور.
87

(مسألة 508) يكفي ضربة واحدة للوجه واليدين في بدل الوضوء والغسل، وإن
كان الأفضل ضربتين، مخيرا بين إيقاعهما متعاقبتين قبل مسح الوجه أو موزعتين على
الوجه واليدين، والأولى مسح الجبهة واليدين بعد الأولى، واليدين بعد الثانية،
وأفضل من الضربتين ثلاث ضربات اثنتان متعاقبتان قبل مسح الوجه، وواحدة قبل
مسح اليدين. ومع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بالضربتين، خصوصا في بدل الغسل.
(مسألة 509) العاجز ييممه غيره، لكن يضرب الأرض بيد العاجز ثم يمسح بها.
نعم إذا عجز عن الضرب والوضع يضرب المتولي بيده ويمسح بهما، ولو توقف ذلك
على أجرة وجب بذلها وإن كانت أضعاف أجرة المثل، ما لم تضر بحاله.
(مسألة 510) من قطعت إحدى يديه تيمم باليد الموجودة ومسح بها جبهته، ثم
مسح بظهرها الأرض. والأحوط الجمع بينه وبين تيميم الغير إياه إن أمكن إن لم يكن
له ذراع، وإلا يتيمم به أيضا، ومن قطعت يداه يمسح بجبهته على الأرض، والأحوط
تولي الغير تيميمه أيضا إن أمكن، بأن يضرب يديه على الأرض ويمسح بهما جبهته،
إن لم يكن له ذراع وإلا يتيمم به أيضا.
(مسألة 511) يجب إمرار الماسح على الممسوح، فلا يكفي جر الممسوح تحت
الماسح نعم لا تضر الحركة اليسيرة في الممسوح إذا صدق كونه ممسوحا.
أحكام التيمم
(مسألة 512) لا يصح التيمم للفريضة قبل دخول وقتها، والأحوط احتياطا لا
يترك لمن يعلم عدم تمكنه منه في الوقت، فعله قبله لشئ من غاياته، وعدم نقضه
إلى وقت الصلاة. وأما بعد دخول الوقت فيصح إن علم بعدم ارتفاع العذر إلى آخر
الوقت وإن لم يتضيق، والأحوط إن كان يرجو ارتفاع العذر في آخره تأخيره إلى أن
يتضيق الوقت. ومع العلم بالارتفاع يجب الانتظار، والأحوط مراعاة الضيق مطلقا.
(مسألة 513) لا يعيد ما صلاه بتيمم صحيح بعد ارتفاع العذر، ولا
يقضيه أيضا.
88

(مسألة 514) إذا تيمم لغاية من الغايات كان بحكم المتطهر ما دام عذره باقيا ولم
ينتقض تيممه، فيجوز له فعل جميع ما يشترط فيه الطهارة مثل مس كتابة القرآن
ودخول المسجد وغيره، وإذا كان عذره ضيق الوقت، فقد مر أن الأحوط أن لا يأتي
بسائر الغايات حين الصلاة.
(مسألة 515) يشكل قيام التيمم مقام الوضوء أو الغسل اللذين لا تحصل منهما
الطهارة، كالوضوء التجديدي والأغسال الزمانية والمكانية، فالأحوط الاتيان به
برجاء المطلوبية.
(مسألة 516) إذا تيمم لصلاة حضر وقتها ولم ينتقض تيممه ولم يرتفع العذر
حتى دخل وقت صلاة أخرى، جاز له صلاتها في أول وقتها، إن علم بعدم ارتفاع
عذره إلى آخر الوقت وإلا فيجب على الأحوط تأخيرها. بل يباح له بهذه الشروط
بالتيمم لغاية غيرها من الغايات، فهو كالمتطهر ما دام عذره ولم ينتقض تيممه.
(مسألة 517) الظاهر قيام التيمم مقام الوضوء والغسل في كل مشروط بطهارة
غير الصلاة وما ذكر، وإن كان الأحوط الاتيان به برجاء المطلوبية.
(مسألة 518) يكفي للمجنب تيمم واحد وأما غيره من المحدث بالأكبر فيتيمم
تيممين أحدهما عن الغسل والآخر عن الوضوء، ولو وجد ماء يكفي لأحدهما خاصة،
صرفه فيه وتيمم عن الآخر، ولو وجد ماء يكفي لأحدهما وأمكن صرفه في كي منهما،
قدم الغسل وتيمم عن الوضوء.
(مسألة 519) إذا اجتمعت أسباب مختلفة للحدث الأكبر، كفاه تيمم واحد عن
الجميع، إذا نواه عن الجميع، وإذا نواه بدل غسل الجنابة خاصة، فيكفيه عن الوضوء،
ولا يبعد سقوط الجميع وإن لم ينوها.
(مسألة 520) ينتقض التيمم بدل الوضوء بالحدث الأصغر فضلا عن الأكبر، كما
ينتقض بدل الغسل بما يوجب الغسل، والأقوى عدم انتقاضه بما ينقض الوضوء حتى
لو كان بدل غسل جنابة، فالجنب إذا أحدث بعد تيممه يكون كالمغتسل المحدث بعد
أن اغتسل، والحائض إذا أحدثت بعد تيممها، تكون كما لو أحدثت بعد أن توضأت
واغتسلت. ومع ذلك لا يترك الاحتياط سيما فيما هو بدل غسل الجنابة.
89

(مسألة 521) إذا وجد الماء أو زال عذره قبل الصلاة، انتقض تيممه ولا يصح
أن يصبه. وإن تجدد فقدان الماء أو حصول العذر، يجب أن يتيمم ثانيا. نعم لو
لم يسع زمان الوجدان أو ارتفاع العذر للوضوء أو الغسل، فلا يبعد عدم انتقاضه،
وإن كان الأحوط تجديده ثانيا مطلقا. وكذا إذا كان وجدان الماء أو زوال العذر في
ضيق الوقت.
(مسألة 522) المجنب المتيمم إذا وجد ماءا بقدر وضوئه، لا يبطل تيممه، وأما
غيره ممن تيمم تيممين إذا وجد ماءا بقدر الوضوء، بطل تيممه الذي هو بدل عنه فقط.
وإذا وجد ما يكفي للغسل فقط، صرفه فيه وبقي تيمم الوضوء، وكذا إذا كان كافيا
لأحدهما وأمكن صرفه في كل منهما لا في كليهما.
(مسألة 523) إذا وجد الماء بعد الصلاة لا يجب إعادتها، بل تمت وصحت،
وكذا إذا وجده أثناءها بعد ركوع الركعة الأولى. وأما قبل الركوع، فلا يبعد عدم
البطلان مع استحباب القطع واستيناف الصلاة بالطهارة المائية، لكن لا ينبغي ترك
الاحتياط بالاتمام والإعادة مع سعة الوقت.
(مسألة 524) إذا شك في بعض أجزاء التيمم بعد الفراغ منه، لم يعتن وبنى على
الصحة، بخلاف ما إذا شك في جزء من أجزائه في أثنائه فإنه إذا لم يتجاوز عن محله
أتى به وبما بعده وإن تجاوز عن محله يبني على الصحة ولكن الأحوط الاتيان به مطلقا،
من غير فرق بين ما هو بدل الوضوء أو الغسل.
النجاسات
(مسألة 525) النجاسات أحد عشر شيئا: الأول والثاني البول والخرء من
الحيوان الذي له نفس سائلة، غير مأكول اللحم ولو بالعارض كالجلال وموطوء
الإنسان. أما من مأكول اللحم فإنهما طاهران، وفي بول غير ذي النفس السائلة محرم
اللحم إشكال، نعم لا إشكال في بول وخرء ما لا يعتد بلحمه.
(مسألة 526) بول الطير وخرؤه طاهر وإن كان غير مأكول اللحم، حتى بول
الخفاش، وإن كان الاحتياط اجتنابهما من غير المأكول، خصوصا الأخير.
90

(مسألة 527) إذا شك في أن الخرء من حيوان مأكول اللحم أو غيره، أو مما له
نفس سائلة أو غيره، أو علم أنه خرء حيوان ولكن شك أن هذا الحيوان طاهر الخرء
أو نجسه، ففي جميع هذه الصور يحكم بطهارته، ولأجل ذلك يحكم بطهارة خرء الحية
لعدم العلم بأنها ذات دم سائل.
(مسألة 528) الثالث: المني من كل حيوان له نفس سائلة، حل أكله أو حرم.
وما لا نفس سائلة له، فمنيه طاهر.
(مسألة 529) الرابع: ميتة الحيوان ذي النفس السائلة، ما تحله الحياة منه، وما
يقطع منه حيا مما تحله الحياة.
(مسألة 530) ما ينفصل من بدن الحيوان الطاهر العين مطلقا من أجزاء صغار،
طاهر كالبثور والثالول، وما يعلو الشفة والقروح عند البرء، وقشور الجرب ونحوها.
وكذا ما لا تحله الحياة من الميتة كالعظم والقرن والسن والمنقار والظفر والحافر والشعر
والصوف والوبر والريش، فإنها طاهرة، وكذا البيض من الميتة التي اكتسى القشر
الأعلى من مأكول اللحم، بل وغيره، بل يمكن الحكم بطهارته قبل اكتسائه الجلد
الغليظ وإن اكتسائه كذلك شرط حلية أكله ورواية غياث لا تدل على أزيد من
السؤال عن حكم أكله والاحتياط حسن في كل حال.
(مسألة 531) يلحق بما ذكر في الطهارة الإنفحة، وهي الشئ المنجمد في جوف
كرش الحمل والجدي والعجل، قبل أن تأكل، يصنع به الجبن، وكذا اللبن في الضرع.
ولا ينجسان بملاقاة محلهما. لا يترك الاحتياط في لبن غير مأكول اللحم.
(مسألة 532) فأرة المسك المبانة من المذكى طاهرة مطلقا، والمبانة من الحي إذا
زالت عنها الحياة قبل الانفصال، وإلا ففيها وفيما ينقطع عنه قبل بلوغه الحد الذي
ينفصل عنه إشكال، وكذا المبانة من الميت.
(مسألة 533) مسك فأرة المسك طاهر في جميع الصور، إلا في المبانة من الميتة
والمبانة من الحي قبل أوان انفصالها مع سراية رطوبتها إليه في الصورتين، فطهارته حينئذ
لا تخلو من إشكال، ومع الجهل بالحال يحكم بطهارته.
(مسألة 534) ما يؤخذ في سوق المسلمين من أيديهم، أو يكون مطروحا في أرضهم،
91

من اللحم أو الشحم أو الجلد فإنه محكوم بالطهارة إذا لم يعلم كونه مسبوقا
بيد الكافر، وإن لم تعلم تذكيته. وأما إذا علم كونه مسبوقا بيد الكفار، فإن احتمل
أن المسلم الذي أخذه من الكفار قد فحص وأحرز تذكيته، فهو أيضا محكوم
بالطهارة، وإذا علم أن المسلم قد أخذه من غير فحص، فالأحوط بل الأقوى وجوب
الاجتناب عنه.
(مسألة 535) الأحوط الاجتناب عن المأخوذ من يد المسلم في سوق الكفار،
إلا إذا عامله المسلم معاملة الطهارة مع احتمال إحرازه طهارته.
(مسألة 536) الأحوط الاجتناب عن المأخوذ من يد الكفار في سوق المسلمين،
إلا إذا كان مسبوقا بيد المسلم.
(مسألة 537) إذا أخذ لحما أو شحما أو جلدا من الكافر أو من سوق الكفار ولم
يعلم أنه من ذي النفس أو من غيره كالسمك ونحوه، فهو محكوم بالطهارة وإن لم يحرز
تذكيته، ولكن لا يجوز الصلاة فيه.
(مسألة 538) المأخوذ من الكفار أو من سوقهم ولم يعلم أنه من أجزاء الحيوان
أو غيره، محكوم بالطهارة ما لم يعلم بملاقاته النجاسة، بل تصح الصلاة فيه أيضا.
(مسألة 539) الخامس: دم ذي النفس السائلة، بخلاف دم غيره مثل السمك
والبق والقمل والبراغيث فإنه طاهر، والمشكوك في أنه من أيهما محكوم بطهارته.
(مسألة 540) العلقة المستحيلة من المني نجسة على الأحوط حتى العلقة في
البيضة، والأحوط الاجتناب عن الدم الذي يوجد فيها، بل عن جميع ما فيها، نعم لو
كان الدم في عرق أو تحت جلدة رقيقة حائلة بينه وبين غيره، يكفي الاجتناب عن
خصوص الدم. وكذا إذا كان في الصفار وعليه جلدة رقيقة، فلا ينجس معه البياض،
إلا إذا تمزقت الجلدة.
(مسألة 541) الدم المتخلف في الذبيحة من مأكول اللحم، طاهر بعد قذف ما
يعتاد قذفه، من غير فرق بين المتخلف في بطنها أو في لحمها أو عروقها أو قلبها أو
كبدها إذا لم ينجس بنجاسة آلة التذكية ونحوها. ومع طهارته فأكله حرام، إلا ما كان
مستهلكا في الأمراق ونحوها، أو كان يعد جزءا من اللحم.
92

(مسألة 542) ليس من الدم المستثنى ما يرجع من دم المذبح إلى الجوف بالتنفس أو
لكون رأس الذبيحة أعلى. وكذا الدم المتخلف من ذبيحة غير مأكول اللحم على الأحوط.
كما أن الأحوط الاجتناب عن دم الأجزاء غير المأكولة من مأكول اللحم كالطحال.
(مسألة 543) ما شك في أنه دم أو غيره طاهر، كالذي يخرج من الجرح بلون
أصفر، أو يشك فيه من جهة الظلمة أو العمى أو غير ذلك أنه دم أو قيح، ولا يجب
الفحص والاستعلام. وكذا ما يشك في أنه مما له نفس سائلة أو لا، من جهة عدم
العلم بحال الحيوان كالحية مثلا، أو من جهة الشك في الدم وأنه دم شاة مثلا أو دم
سمك، فيحكم بطهارته.
(مسألة 544) الدم الخارج من بين الأسنان نجس وحرام لا يجوز بلعه، وإذا
استهلك في الريق يطهر ويجوز بلعه، ولا يجب تطهير الفم بالمضمضة ونحوها.
(مسألة 545) الدم المتجمد تحت الأظفار أو الجلد بسبب الرض، نجس ما لم
يعلم استحالته، فلو انخرق الجلد وصار الدم ظاهرا ووصل إليه الماء، تنجس فيجب
إزالته للوضوء أو الغسل إن لم يكن حرج، وإلا يجعل عليه شئ كالجبيرة ويمسح عليه،
أو يغسله بالماء المعتصم. أما إذا كان في الباطن ووصل إليه الماء من ثقب ورجع
نظيفا فالأقوى طهارته. كل هذا إذا علم أنه دم متجمد، أما إذا احتمل أنه لحم صار
كالدم بسبب الرض كما هو الغالب فهو طاهر.
(مسألة 546) السادس والسابع: الكلب والخنزير البريان عينا ولعابا وجميع أجزائهما
وإن كانت مما لا تحله الحياة كالشعر والعظم ونحوهما، أما كلب الماء وخنزيره فطاهران.
(مسألة 547) الثامن: المسكر المائع بالأصل، دون الجامد كالحشيشة وإن غلا
وصار مائعا بالعارض، وأما العصير العنبي فالظاهر طهارته إذا غلا بالنار ولم يذهب
ثلثاه وإن كان حراما، وكذلك الحال في الزبيبي، كما أن الأقوى طهارتهما لو غليا
بنفسهما، ما لم يعلم صيرورتهما مسكرا. وكذلك التمري.
(مسألة 548) لا بأس بأكل الزبيب (الكشمش) إذا غلى في الدهن أو جعل في
المحشي والطبيخ، بل إذا جعل في الأمراق ولم يعلم غليان ما في جوفه، بل الأقوى
عدم حرمته بالغليان أيضا. أما التمر فلا إشكال في أكله إن وضع في الطعام ولو غلى.
93

(مسألة 549) التاسع: الفقاع، وهو شراب مخصوص متخذ من الشعير غالبا،
أما المتخذ من غيره ففي حرمته ونجاسته تأمل وإن سمي فقاعا، إلا إذا كان مسكرا.
(مسألة 550) العاشر: الكافر، وهو من انتحل غير الإسلام، أو انتحله وجحد
ما يعلم أنه من الدين ضرورة، أو صدر منه ما يقتضي كفره من قول أو فعل، من غير
فرق بين المرتد والكافر الأصلي ومنه أهل الكتاب على الأحوط، ومنه الخارجي
والغالي والناصبي.
(مسألة 551) غير الاثني عشرية من فرق الشيعة إذا لم يظهر منهم نصب
ومعاداة وسب لسائر الأئمة الذين لا يعتقدون بإمامتهم، فهم طاهرون، وأما مع ظهور
ذلك منهم فهم مثل سائر النواصب.
(مسألة 552) الحادي عشر: عرق الإبل الجلالة، بل عرق مطلق الحيوان الجلال
على الأحوط. وفي نجاسة عرق الجنب من الحرام تردد، والأظهر الطهارة وإن وجب
التجنب عنه في الصلاة، والأحوط التجنب عنه مطلقا.
أحكام النجاسات
(مسألة 553) يشترط في صحة الصلاة والطواف، واجبهما ومندوبهما، طهارة
البدن حتى الشعر والظفر وغيرهما من توابع الجسد، واللباس، الساتر منه وغيره عدا
ما استثني من النجس والمتنجس. ولا فرق بين أن تكون النجاسة كثيرة أو قليلة ولو
مثل رؤوس الأبر. ويشترط في صحة الصلاة أيضا طهارة موضع الجبهة دون المواضع
الأخرى، ما دامت غير مسرية إلى بدنه أو لباسه بنجاسة غير معفو عنها.
(مسألة 554) يحرم تنجيس المساجد، ويجب إزالة النجاسة عن المساجد بجميع
أجزائها من أرضها وبنائها حتى الجزء الخارج من جدرانها على الأحوط، إلا إذا لم
يجعلها الواقف جزءا من المسجد. ويلحق بها المشاهد المشرفة والضرائح المقدسة وكل
ما علم من الشرع وجوب تعظيمه على وجه ينافيه التنجيس، كتربة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
وسائر الأئمة عليه السلام، خاصة التربة الحسينية.
94

(مسألة 555) يحرم تنجيس المصحف الكريم حتى جلده وغلافه ويجب تطهيره، بل
وكتب الأحاديث عن المعصومين عليه السلام، على الأحوط إن لم يكن أقوى.
(مسألة 556) وجوب تطهير ما ذكر كفائي لا يختص بمن نجسها، كما أنه يجب
المبادرة لتطهيرها مع القدرة. ولو توقف تطهيرها على صرف مال وجب.
(مسألة 557) إذا توقف تطهير المسجد مثلا على حفر أرضه أو تخريب شئ منه،
جاز بل وجب، إن كان بقاؤه على الحالة النجسة موجبا للهتك أو كان تخريبه يسيرا
أو كان باذلا لنفقة تعميره، وفي ضمان من نجسه لخسارة التعمير وجه قوي ومعه يجوز
تخريبه لتطهيره مطلقا إن أمكن الزام من نجسه بأداء نفقة تعميره.
(مسألة 558) إذا رأى نجاسة في المسجد مثلا وقد حضر وقت الصلاة، تجب
المبادرة إلى إزالتها قبل الصلاة مع سعة وقتها، فلو أخرها عن الصلاة عصى، لكن
الأقوى صحة صلاته، ومع ضيق وقت الصلاة يقدمها على الإزالة.
(مسألة 559) حصير المسجد وفرشه كنفس المسجد في حرمة تنجيسه ووجوب
تطهيره، حتى بقطع الموضع المتنجس منه، إذا لم يمكن التطهير بغيره وكان بقاؤه
مستلزما لهتكه.
(مسألة 560) لا فرق في المساجد بين العامرة والخربة أو المهجورة، بل لا يبعد جريان
الحكم إذا تغير عنوان المسجد، كما إذا غصب وجعل دارا أو خانا أو دكانا أو بستانا.
(مسألة 561) إذا علم أن الواقف أخرج بعض أجزاء المسجد عن الوقف، لا
يلحقها الحكم، ومع الشك في ذلك لا يترك الاحتياط (وجوبا)، ولا سيما في السقف
والجدران، مما يشهد ظاهر الحال على جزئيته.
(مسألة 562) كما يحرم تنجيس المصحف يحرم كتابته بالمداد النجس، ولو كتب
جهلا أو عمدا يجب تطهيره إن أمكن وإلا فيمحى منه.
(مسألة 563) من صلى بالنجاسة متعمدا بطلت صلاته ووجبت إعادتها، من
غير فرق بين بقاء الوقت وخروجه، وكذا من نسيها ولم يذكر حتى فرغ من صلاته أو
ذكر في أثنائها، بخلاف الجاهل بها حتى فرغ، فإنه لا يعيد في الوقت فضلا عن
خارجه، وإن كان الأحوط الإعادة.
95

(مسألة 564) إذا علم بالنجاسة في أثناء صلاته، فإن لم يعلم بسبقها وأمكنه
إزالتها بنزع أو غيره على وجه لا ينافي الصلاة وبقاء التستر، فعل ذلك ومضى في
صلاته. وإن لم يمكنه ذلك استأنف الصلاة إذا كان الوقت واسعا، وصلى بالنجاسة مع
ضيقه، وكذا الحكم لو عرضت له النجاسة في الأثناء. أما لو علم بسبقها على الصلاة،
فيجب الاستيناف مع سعة الوقت مطلقا ولكن لا يترك الاحتياط بإتمام الصلاة إن
أمكن له تحصيل الشرط فيما بقي من الصلاة دون أن يفعل المنافي ثم الاستيناف.
(مسألة 565) إذا انحصر الساتر في النجس، فإن لم يقدر على نزعه لبرد ونحوه
صلى فيه، وإن تمكن من نزعه، فالأقوى الصلاة في النجس، والاحتياط تكرارها عاريا.
(مسألة 566) إذا اشتبه الثوب الطاهر بالنجس، كرر الصلاة فيهما مع
الانحصار بهما، ولو كانت أطراف الشبهة ثلاثة أو أكثر كرر الصلاة على نحو يعلم
بوقوع الصلاة في ثوب طاهر. والضابط أن يزاد عدد الصلاة على عدد الثياب المعلومة
النجاسة بواحدة. هذا في سعة الوقت وأما إذا لم يسع الوقت إلا لصلاة واحدة فتكفي
الصلاة في إحديهما.
كيفية التنجس
(مسألة 567) لا ينجس ملاقي النجاسة إذا كانا جافين، ولا مع الرطوبة غير
المسرية. نعم ينجس الملاقي مع البلة في أحدهما على وجه تصل إلى الآخر بدون
مساعدة رطوبة من الخارج، فالذهب الذائب في البوطقة النجسة لا تسري منه
النجاسة ما لم تكن رطوبة مسرية فيها أو فيه، ولو كانت رطوبة، لا يتنجس إلا
ظاهره كالجامد.
(مسألة 568) مع الشك في الرطوبة أو السراية يحكم بعدم التنجس، فإذا وقع
الذباب على النجس ثم على الثوب، لا يحكم بالتنجس، لاحتمال عدم تبلل رجله ببلة
تسري إلى ملاقيه.
(مسألة 569) لا يحكم بنجاسة الشئ ولا بطهارة ما ثبتت نجاسته إلا باليقين،
أو بإخبار ذي اليد أو بشهادة العدلين، وفي الاكتفاء بالعدل الواحد إشكال، فلا يترك
96

الاحتياط في الصورتين. ولا يثبت الحكم في المقامين بالظن وإن كان قويا، ولا
بالشك، إلا في البلل الخارج قبل الاستبراء كما تقدم.
(مسألة 570) العلم الاجمالي كالتفصيلي، فإذا علم بنجاسة أحد الشيئين يجب
الاجتناب عنهما، إلا إذا لم يكن أحدهما محل ابتلائه فلا يجب الاجتناب عما هو محل
ابتلائه أيضا. وفي حكم العلم الاجمالي الشهادة بالاجمال، كما إذا قامت البينة على
وقوع قطرة من البول في أحد الإنائين ولا يدرى في أي منهما، فيجب الاجتناب عنهما.
(مسألة 571) إذا شهد الشاهدان بنجاسة سابقة مع الشك في زوالها، كفى في
وجوب الاجتناب عملا بالاستصحاب.
(مسألة 572) المراد بذي اليد كل من كان مستوليا على الشئ، سواء كان بملك
أو إجارة أو إعارة أو أمانة أو غصب، فإذا أخبرت الزوجة أو الخادم بنجاسة ما في
يدها من الثياب أو ظروف البيت، كفى في الحكم بالنجاسة. بل وكذا إذا أخبرت
مربية الطفل بنجاسته أو نجاسة ثيابه.
(مسألة 573) إذا كان الشئ بيد شخصين كالشريكين، يسمع قول كل منهما في
نجاسته، ولو أخبر أحدهما بنجاسته والآخر بطهارته تساقطا، إذا لم يكن قول أحدهما
خاصة مستندا إلى الأصل، وإلا فيقدم قول الآخر. وكذلك في تعارض البينتين،
وتعارض البينة مع قول ذي اليد.
(مسألة 574) لا فرق في ذي اليد بين كونه عادلا أو فاسقا، وفي اعتبار قول
الكافر إشكال، وأما الصبي فلا يبعد اعتبار قوله إذا كان مراهقا.
(مسألة 575) المتنجس بالعين النجس منجس، وإن لم يجر عليه أحكام النجس
الذي تنجس به، فالمتنجس بالبول إذا لاقى شيئا ينجسه، لكن لا يكون حكمه كملاقي
البول، وكذلك الإناء الذي ولغ فيه الكلب إذا لاقى إناء آخر ينجسه لكن لا يكون
الثاني بحكم الإناء الأول في وجوب تعفيره، نعم إذا صب ماء الولوغ في إناء آخر، فلا
يترك الاحتياط بتعفير الثاني أيضا، هذا وأما المتنجس بالمتنجس بالعين فالحكم عليه
بوجوب الاجتناب مبني على الاحتياط فلا يترك.
97

(مسألة 576) إذا لاقى ما في الباطن النجاسة التي في الباطن لا تنجسه، فالنخامة
إذا لاقت الدم في الباطن وخرجت غير ملطخة به، طاهرة. كما أنه لو دخل شئ من
الخارج ولاقى النجاسة في الباطن، فالأقوى عدم تنجسه.
ما يعفى عنه في الصلاة
(مسألة 577) يعفى في الصلاة عن أشياء: الأول: دم الجروح والقروح في البدن
واللباس ما لم تبراء، والأحوط (وجوبا) اعتبار المشقة العرفية التي لا تصل إلى حد
الحرج في الإزالة والتبديل. هذا في الجروح الظاهرة وأما الباطنة مثل دم البواسير فلا
يترك فيه الاحتياط.
الثاني: الدم في البدن واللباس إذا كانت سعته أقل من الدرهم البغلي ولم يكن من
الدماء الثلاثة الحيض والنفاس والاستحاضة، ولا من نجس العين والميتة وكذا غير
مأكول اللحم، فإنه يلزم الاجتناب عن أجزاء غير مأكول اللحم ولو كان غير الدم.
(مسألة 578) إذا كان الدم متفرقا في الثياب والبدن فالمدار سعة مجموعه، ولو
تفشى من أحد جانبي الثوب إلى الآخر فهو دم واحد، إلا إذا كان الثوب ذا طبقات
فتفشى من طبقة إلى أخرى، فالظاهر فيه التعدد.
(مسألة 579) إذا شك في الدم الأقل من درهم أنه من المستثنيات كالدماء
الثلاثة أو من غيرها، فحكمه العفو عنه حتى يعلم وإن كان الاحتياط فيه لا ينبغي
تركه، ولو بان بعد ذلك أنه غير معفي عنه، كان من الجهل بالنجاسة وقد عرفت حكمه.
ولو علم أنه مما يعفى عنه وشك في أنه أقل من درهم أم لا، فالأقوى العفو إلا في
المسبوق بعدم العفو، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه في غير المسبوق أيضا.
(مسألة 580) المتنجس بالدم ليس كالدم في العفو عنه وإن كان أقل من درهم،
ولكن مكان الدم المتنجس به يبقى له حكمه إذا زال الدم عنه.
(مسألة 581) الثالث: كل ما لا تتم الصلاة فيه منفردا، كالتكة والجورب
ونحوهما، فإنه معفو عنه إذا كان متنجسا.
98

(مسألة 582) لا يعفى عما لا تتم الصلاة به إذا كان متخذا من النجس كشعر الميتة
والكلب والخنزير والكافر ولا مما لا يؤكل لحمه ولا الحرير ولا الذهب.
(مسألة 583) الرابع: ما صار من البواطن والتوابع، كالميتة التي أكلها، والخمر
الذي شربه، والدم الذي أدخله في بدنه، والخيط النجس الذي خاط به جرحه، فإن
ذلك كله معفو عنه في الصلاة.
(مسألة 584) الأحوط الاجتناب عن حمل النجس في الصلاة، خصوصا الميتة،
بل وكذا المتنجس الذي تتم فيه الصلاة أيضا، وأما ما لا تتم فيه مثل السكين
والدراهم، فالأقوى جواز حمله أثناءها.
(مسألة 585) الخامس: ثوب المربية للطفل إذا لم يكن عندها غيره، وكانت أمه
وفي غيرها إشكال فالاحتياط لا يترك، والعفو عنه مقصور بتنجسه ببوله فقط،
وغسله في اليوم والليلة مرة ولا يترك الاحتياط بغسله آخر النهار أما البدن فلا يترك
الاحتياط فيه. ولا يتعدى من البول إلى غيره على الأحوط، ولا من المربية إلى المربي،
ولا من ذات الثوب إلى ذات الثياب المتعددة، مع عدم الحاجة إلى لبسها جميعا، وإلا
كانت كذات الثوب الواحد.
المطهرات
(مسألة 586) الأول: الماء، ويطهر به كل متنجس حتى الماء كما تقدم، وأما
كيفية التطهير به، فيكفي في المطر في غير ما يجب تعفيره، استيلاؤه على المتنجس بعد
زوال العين كما مر، وكذا في الكر والجاري على الأظهر، فلا يحتاج في التطهير بهما إلى
العصر فيما يقبله كالثياب ولا التعدد، من غير فرق بين أنواع النجاسات وأصناف
المتنجسات.
(مسألة 587) يطهر المتنجس الذي لم تنفذ فيه النجاسة والماء كالبدن بمجرد
غمسه في الكر والجاري، بعد زوال عين النجاسة وإزالة المانع لو كان. وكذا الثوب
المتنجس ونحوه مما يرسب فيه الماء ويمكن عصره، نعم الأولى والأحوط فيه تحريكه
99

في الماء بحيث يتخلل الماء أعماقه، وأحوط منه عصره، أو ما يقوم مقام العصر
كالفرك والغمز بالكف، ونحو ذلك.
(مسألة 588) المتنجس الذي ينفذ فيه الماء ولا يمكن عصره، كالخشب
والصابون والحبوب ونحو ذلك، يطهر ظاهره بمجرد غمسه في الكر والجاري، أما باطنه
فيطهر بنفوذ الماء المطلق إلى حيث نفذت النجاسة واستيلائه عليها، نعم إذا نفذت إلى
أعماقه رطوبة فلا يترك الاحتياط بتجفيفه أولا، ثم تطهيره.
(مسألة 589) المتنجس بالبول غير الآنية يلزم في تطهيره بالقليل غسله مرتين،
والأحوط كونهما غير غسلة الإزالة، وأما المتنجس بغير البول غير الآنية فيجزي فيه
المرة بعد الإزالة، ولا يكفي الصب للإزالة فقط.
(مسألة 590) يعتبر في التطهير بالقليل انفصال الغسالة، فما ينفذ فيه الماء ويقبل
العصر مثل الثياب لا بد فيه من العصر أو ما يقوم مقامه، أما ما لا يقبل العصر مثل
الصابون والحبوب وغيره مما ينفذ فيه الماء، فيطهر ظاهره بإجراء الماء عليه، أو باطنه
فيطهر بنفوذ الماء الكثير أو رطوبته على النحو الذي يراه العرف تطهيرا له.
(مسألة 591) إذا تنجست الآنية بولوغ الكلب غسلت ثلاثا، أولاهن بالتراب،
ويعتبر فيه الطهارة. ولا يقوم غير الترب مقامه ولو عند الاضطرار، والأولى
والأحوط مسحه بالتراب الخالص أولا، ثم غسله بوضع ماء عليه بحيث لا يخرجه
عن اسم التراب، ثم يوضع عليه ماء بحيث لا يخرجه التراب عن اسم الاطلاق.
(مسألة 592) لا يترك الاحتياط بأن يلحق بالولوغ مباشرة الكلب بفمه كاللطع
ونحوه والشرب بلا ولوغ، بل الأحوط وجوبا إلحاق جميع ما يحتمل إلحاقه بالولوغ
ويحتمل عدم إلحاقه، ولا ترجيح لأحد الاحتمالين.
(مسألة 593) إذا كانت الآنية المتنجسة بالولوغ مما يتعذر تعفيرها بالتراب
لسبب ما، فلا يسقط تعفيرها بما يمكن، ولو بإدخال التراب فيها وتحريكها تحريكا
عنيفا. ولو فرض التعذر أصلا، لا يبعد بقاؤها على النجاسة.
(مسألة 594) الأقوى عدم سقوط التعفير بالغسل بالماء الكثير والجاري والمطر،
والأحوط عدم سقوط العدد في الكثير والجاري.
100

(مسألة 595) يجب غسل الإناء سبعا لموت الجرذ وشرب الخنزير، ولا يجب
التعفير، نعم هو الأحوط في الخنزير قبل السبع. وينبغي غسله سبعا أيضا لموت الفأرة،
ولشرب النبيذ فيه أو الخمر أو المسكر، ومباشرة الكلب، وإن لم يجب ذلك، وإنما
الواجب أن يغسل بالقليل ثلاثا كما يغسل من غيرها من النجاسات.
(مسألة 596) تطهر الأواني الصغيرة والكبيرة بالكثير والجاري بأن توضع فيه
حتى يستولي عليها الماء، وأما بالقليل فيصب الماء فيها وتدار حتى يستوعب جميع
أجزائها ثم يراق منها، يفعل ذلك ثلاثا كما يكفي أن يملأها ماءا ثم يفرغه ثلاث مرات،
والأحوط الفورية في الإدارة عقيب الصب فيها، وإفراغه عقيب إدارته.
(مسألة 597) الأواني الكبار المثبتة والحياض ونحوها، تطهر بإجراء الماء عليها
حتى يستوعب جميع أجزائها، ثم يخرج ماء الغسالة المجتمع في وسطها مثلا بنزح
وغيره، من غير اعتبار للفورية المذكورة، والأحوط تطهير آلة النزح إذا أعادها إليها،
ولا بأس بما يتقاطر فيها حال النزح، وإن كان الأحوط مراعاة ذلك.
(مسألة 598) إذا تنجس التنور يطهر بصب الماء في الموضع النجس من فوق إلى
تحت، ولا يحتاج إلى التثليث، لعدم كونه من الأواني، فيصب عليه مرتين إذا تنجس
بالبول، وفي غيره يكفي المرة.
(مسألة 599) إذا تنجس الأرز أو العدس ونحوهما من الحبوب يجعل في خرقة
ويغمس في الكر أو الجاري فيطهر، وإذا نفذ فيه الماء النجس فيصبر حتى يعلم نفوذ
الماء الطاهر إلى حيث نفذ فيه الماء النجس واستيلائه عليه. ولا إشكال في تطهير
ظاهره بالقليل، والأحوط التثليث.
(مسألة 600) إذا غسل ثوبه المتنجس ثم رأى فيه شيئا من الطين أو الصابون،
لا يضر ذلك بتطهيره إذا علم وصول الماء إلى جميع أجزائه وأن ذلك الشئ لم يكن
مانعا، بل يحكم بطهارة ذلك الشئ أيضا إذا علم انغساله بغسل الثوب.
(مسألة 601) إذا أكل طعاما نجسا، فما يبقى منه بين أسنانه باق على نجاسته،
ويطهر بالمضمضة ظاهره بشرط العلم بوصول الماء إلى جميع سطوحه وباطنه بشرط
العلم بنفوذ الماء فيه واستيلائه عليه. وأما إذا كان طاهرا وخرج الدم من بين أسنانه
ولاقاه الريق الذي لاقى الدم، فهو طاهر، بل وإن لاقاه الدم على الأقوى.
101

(مسألة 602) الثاني: الأرض، فإنها تطهر ما يماسها من القدم بالمشي عليها أو
بالمسح بها بنحو تزول معه عين النجاسة إن كانت، وكذا ما يوقى به القدم كالنعل. ولو
فرض زوالها قبل ذلك فالأقوى كفاية المماسة في تطهيره، ويكفي مسمى المسح أو
المشي حينئذ.
(مسألة 603) الأحوط قصر الحكم بالطهارة على ما إذا حصلت النجاسة من
المشي على الأرض النجسة.
(مسألة 604) لا فرق في الأرض بين التراب والرمل والحجر أصليا كان أو
مفروشا عليها. ولا تطهر بالمطلي بالقير والمفروش بالخشب كما لا تطهر بالمفروش
بالآجر أو الجص على الأحوط. ويعتبر جفاف الأرض وطهارتها على الأحوط.
(مسألة 605) الثالث: الشمس، فإنها تطهر الأرض، وكل ما لا ينقل من
الأبنية، وما اتصل بها من أخشاب وأبواب وأعتاب وأوتاد وأشجار ونبات وثمار
وخضروات وإن حان قطفها، وغير ذلك، حتى الأواني المثبتة ونحوها.
(مسألة 606) الظاهر أن السفينة والطرادة في الماء من غير المنقول، أما
مثل السيارة والعربة التي يجرها حيوان وكذا الحصر والبواري، ففي طهارتها
بالشمس إشكال.
(مسألة 607) يعتبر في طهارة المذكورات بعد زوال عين النجاسة عنها،
أن تكون رطبة رطوبة تعلق باليد، ثم تجففها الشمس تجفيفا يستند إلى إشراقها
بدون واسطة.
(مسألة 608) يطهر باطن الشئ الواحد المتصل بظاهره المتنجس بإشراق
الشمس عليه إذا جف باطنه بجفاف ظاهره، بخلاف ما إذا كان الباطن فقط نجسا أو
كان منفصلا عن الظاهر بتراب طاهر أو هواء مثلا، أو جف الباطن دون الظاهر، أو
جف بجفاف غير متصل بجفاف ظاهرها، مثل أن يكون جفاف الباطن في غير وقت
جفاف الظاهر.
(مسألة 609) إذا كانت الأرض النجسة أو نحوها جافة وأريد تطهيرها بالشمس،
يصب عليها الماء الطاهر أو النجس لكي تترطب، ثم تجففها الشمس فتطهر.
102

(مسألة 610) الحصى والتراب والطين والأحجار ما دامت على الأرض تكون
بحكمها، وإن أخذت منها ألحقت بالمنقولات، وإن أعيدت عاد حكمها. وكذا المسمار
الثابت في الأرض أو البناء بحكمها، وإذا قلع زال حكمه، وإذا أعيد عاد. وهكذا كل
ما يشبه ذلك.
(مسألة 611) الرابع: الاستحالة إلى جسم آخر، فيطهر ما أحالته النار رمادا أو
دخانا أو بخارا، سواء كان نجسا أو متنجسا، وكذا المستحيل بخارا بغيرها. أما ما
أحالته فحما أو خزفا أو آجرا أو جصا أو نورة، فهو باق على النجاسة.
(مسألة 612) يطهر الخمر بانقلابه خلا، بنفسه، أو بعلاج كطرح جسم فيه
ونحوه، سواء استهلك الجسم أو لا. نعم لو تنجس الخمر بنجاسة خارجية ثم انقلب
خلا لم يطهر على الأحوط.
(مسألة 613) الخامس: ذهاب الثلثين في العصير العنبي - بناء على القول
بنجاسته - وذلك إذا غلى بالنار وذهب ثلثاه بالنار فيطهر الباقي. أما إذا غلى بغير النار،
وذهب ثلثاه بالنار، أو غلى بالنار وذهب ثلثاه بغير النار فالحكم بطهارة ثلثه الباقي
مشكل، إلا إذا صار خلا.
(مسألة 614) السادس: الانتقال، فإنه موجب لطهارة المنتقل إذا أضيف إلى
المنتقل إليه وعد جزءا منه، كانتقال دم ذي النفس إلى غير ذي النفس، وكذا لو كان
المنتقل غير الدم والمنتقل إليه غير الحيوان من النبات وغيره.
(مسألة 615) إذا علم عدم صيرورة المنتقل جزءا من المنتقل إليه أو شك فيها
لأنها لم تستقر في بطن الحيوان مثلا، كالدم الذي يمصه العلق، فهو باق على النجاسة.
(مسألة 616) السابع: الإسلام، فإنه مطهر للكافر بجميع أقسامه حتى الرجل
المرتد عن فطرة إذا علمت توبته فضلا عن المرأة، ويتبع الكافر أجزاؤه المتصلة به من
شعره وظفره وبصاقه ونخامته وقيحه، ونحو ذلك.
(مسألة 617) الثامن: التبعية، فإذا أسلم الكافر يتبعه ولده في الطهارة، أبا كان
الذي أسلم أو جدا أو أما أو جدة.
103

(مسألة 618) يتبع الميت بعد طهارته آلات تغسيله من السدة والثوب المغطى
فيه، ويد الغاسل، وفي باقي بدن الغاسل وثيابه إشكال أحوطه العدم، بل الأولى
الاحتياط فيما عدا يد الغاسل.
(مسألة 619) التاسع: زوال عين النجاسة عن الحيوان الصامت وعن بواطن
الإنسان، فيطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة بمجرد زوال عينها وجفاف رطوبتها،
وكذا بدن الدابة المجروح، وفم الهرة الملوث بالدم بمجرد زوال الدم عنه. وكذا يطهر
فم الإنسان إذا أكل أو شرب شيئا متنجسا أو نجسا بعد بلعه.
(مسألة 620) العاشر: الغيبة، فإنها مطهرة للإنسان وثيابه وفرشه وأوانيه
وغيرها من توابعه، إذا كان عالما بالنجاسة واحتمل تطهيره إياها.
(مسألة 621) الحادي عشر: استبراء الجلال من الحيوان المحلل بما يخرجه
عن اسم الجلل، فإنه مطهر لبوله وخرئه. ولا يترك الاحتياط مع ذلك باستبراء
الحيوان في المدة المنصوصة وهي: في الإبل أربعون يوما، وفي البقر ثلاثون يوما، وفي
الغنم عشرة أيام، وفي البط خمسة أو سبعة، وفي الدجاج ثلاثة، وفي غيرها يكفي
زوال الاسم.
أحكام الأواني
(مسألة 622) أواني الكفار كأواني غيرهم محكومة بالطهارة ما لم يعلم ملاقاتهم
لها مع الرطوبة المسرية، وكذا كل ما في أيديهم من اللباس والفرش وغير ذلك. وقد
مر حكم سوقهم والجلود والشحوم المأخوذة من أيديهم.
(مسألة 623) يحرم استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب والطهارة
من الحدث والخبث وغيرها، والمحرم نفس استعمالها وتناول المأكول أو المشروب مثلا
منها، دون أكله وبلعه ودون نفس المأكول والمشروب. فلو أكل منها طعاما مباحا في
نهار شهر رمضان مثلا، لا يكون مفطرا بالحرام وإن ارتكب الحرام من جهة التناول
منها واستعمالها.
104

(مسألة 624) يدخل في استعمالها المحرم على الأحوط وضعها على الرفوف للتزيين،
بل وتزيين المساجد والمشاهد بها، وفي اقتنائها من غير استعمال تردد وإشكال.
(مسألة 625) يحرم استعمال الملبس بالذهب أو الفضة إذا كان على وجه لو
انفصل كان إناء مستقلا، دون ما لم يكن كذلك، ودون المفضض والمموه بأحدهما.
(مسألة 626) الممتزج منهما بحكم أحدهما وإن لم يصدق عليه اسم أحدهما،
بخلاف الممتزج من أحدهما بغيرهما إذا لم يصدق عليه اسم أحدهما.
(مسألة 627) الظاهر أن المراد من الأواني ما يستعمل في الأكل والشرب بلا
واسطة بل وما يشرب بالواسطة مثل الكأس والكوز والقصاع والقدور والجفان
والأقداح والسماور والقوري والفنجان، بل والملعقة فلا يشمل مثل رأس القليان
ورأس الشطب وغلاف السيف والخنجر والسكين والصندوق، وما يصنع بيتا للتعويذة،
وقاب الساعة، والقنديل والخلخال وإن كان مجوفا.
(مسألة 628) لا ينبغي ترك الاحتياط في مثل الهاون والمجامر والمباخر وظروف
الغالية والمعجون ونحو ذلك.
(مسألة 629) كما يحرم الأكل والشرب بالتناول مباشرة أو بواسطة من آنية
الذهب والفضة، كذلك يحرم تفريغ ما فيها في إناء آخر بقصد الأكل والشرب، نعم لو
كان تفريغ ما فيها في إناء آخر بقصد التخلص من الحرام، فلا بأس به. بل ولا يحرم
الأكل والشرب من الإناء الثاني، بل لا يبعد أن يكون المحرم في الصورة الأولى نفس
التفريغ بذلك القصد، دون الأكل والشرب بعد ذلك، فلو كان الصاب منها شخص
وأكل أو شرب شخص آخر، كان الصاب مرتكبا للحرام دون الآكل والشارب بسبب
أكله وشربه. نعم الأحوط له أن لا يأمره بالصب، وللمأمور أن لا يصب.
(مسألة 630) الظاهر أن الوضوء من آنية الذهب والفضة كالوضوء من الآنية
المغصوبة، يبطل إن كان بنحو الرمس مطلقا، ويبطل مع الانحصار إذا كان بنحو
الاغتراف، ويصح مع عدم الانحصار، كما تقدم.
105

كتاب الصلاة
أعداد الفرائض ومواقيتها
(مسألة 631) الصلوات الواجبة خمس: اليومية ومنها الجمعة، وصلاة الآيات،
والطواف الواجب، والأموات، وما التزمه المكلف بنذر أو إجارة أو غيرهما.
(مسألة 632) الصلوات المندوبة كثيرة: منها: الرواتب اليومية، وهي ثمان
ركعات للظهر قبله، وثمان للعصر قبله أيضا، وأربع للمغرب بعده، وركعتان من
جلوس بعد العشاء تعدان بركعة تسمى الوتيرة، ويمتد وقتها بامتداد وقتها، وركعتان
للفجر قبل الفريضة، ووقتهما الفجر الأول ويمتد إلى أن يبقى من طلوع الحمرة مقدار
أداء الفريضة، ويجوز دمجها في صلاة الليل قبل الفجر ولو عند نصف الليل.
وإحدى عشرة ركعة نافلة الليل، صلاة الليل منها ثمان ركعات، ثم ركعتا الشفع، ثم
ركعة الوتر، وهي مع الشفع أفضل من صلاة الليل، وركعتا الفجر أفضل منهما. ويجوز
الاقتصار على الشفع والوتر، بل على الوتر خاصة. ووقت صلاة الليل نصف الليل إلى
الفجر الصادق، والسحر أفضل من غيره، والثلث الأخير من الليل كله سحر،
وأفضله القريب من الفجر. فعدد النوافل بعد عد الوتيرة ركعة، أربع وثلاثون ركعة،
ضعف عدد الفرائض. وتسقط في السفر الموجب للقصر ثمانية الظهر وثمانية العصر،
وتثبت البواقي غير الوتيرة، ولكن لا بأس بالاتيان بها رجاء، وسيأتي حكم الغفيلة.
(مسألة 633) يجوز الاتيان بالنوافل والرواتب وغيرها جالسا حتى في حال
الاختيار، لكن الأولى حينئذ عد كل ركعتين بركعة حتى في الوتر، فيأتي بها مرتين
كل مرة ركعة.
107

(مسألة 634) وقت نافلة الظهر من الزوال إلى الذراع أي سبعي الشاخص،
والعصر بعد الوقت المختص بالظهر إلى الذراعين أي أربعة أسباع الشاخص، والأقوى
امتداد وقتهما إلى وقت إجزاء الفريضتين، وإن كان الأولى بعد الذراع تقديم الظهر،
وبعد الذراعين تقديم العصر، والآتيان بالنافلتين بعد الفريضتين. والأحوط فيهما بعد
الذراع والذراعين عدم نية الأداء والقضاء.
(مسألة 635) إذا نسي الظهر وأتى بنافلة العصر في الوقت المختص بالظهر، لم
يحكم بصحتها على الأحوط.
(مسألة 636) يجوز تقديم نافلتي الظهر والعصر على الزوال في يوم الجمعة،
ويزاد على عددهما أربع ركعات فتصير عشرين ركعة، وأما في غير يوم الجمعة
فالأقوى جواز تقديمهما أيضا، خصوصا إذا علم بعدم التمكن فيما بعد، وكذا يجوز
تقديم نافلة الليل على نصفه للمسافر والشاب الذي يخاف فوتها في وقتها، بل وكل
ذي عذر كالشيخ وخائف البرد أو الاحتلام، وينبغي لهم نية التعجيل لا الأداء.
(مسألة 637) وقت الظهرين من الزوال إلى المغرب، ويختص الظهر على القول
المشهور بأوله بمقدار أدائها بحسب حاله، والعصر بآخره كذلك، وما بينهما مشترك بينهما.
(مسألة 638) وقت العشائين للمختار من المغرب إلى نصف الليل، ويختص
المغرب على المشهور بأوله بمقدار أدائها والعشاء بآخره كذلك، وما بينهما مشترك بينهما.
ويمتد وقتهما إلى طلوع الفجر للمضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو غيرها. وتختص
العشاء من آخره بمقدار أدائها. ولا يبعد امتداد وقتهما إلى الفجر للعامد أيضا، فلا
تكون صلاته بعد نصف الليل قضاء وإن أثم بالتأخير، ولكن لا يترك الاحتياط بعد
نصف الليل بنية ما في الذمة من الأداء أو القضاء.
(مسألة 639) وقت الصبح ما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس،
ووقت فضيلتها من أوله إلى حدوث الحمرة المشرقية.
(مسألة 640) وقت فضيلة الظهر من الزوال إلى بلوغ الظل الحادث مقدار
الشاخص، ومنتهى فضيلة العصر مقداره مرتين، ولا يبعد أن يكون مبدأ فضيلتها من
الزوال بعد ما يختص بالظهر.
108

(مسألة 641) وقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق، وهو أول
فضيلة العشاء إلى ثلث الليل. فللعشاء وقتا إجزاء: قبل ذهاب الشفق، وبعد ثلث
الليل إلى النصف.
(مسألة 642) المراد باختصاص الوقت على القول المشهور عدم صحة الشريكة
فيه مع عدم أداء صاحبتها بوجه صحيح، فلا مانع من صلاة غير الشريكة كالقضاء،
وكذا لا مانع من صلاة الشريكة فيه إذا فرغت الذمة من صاحبة الوقت، كما إذا قدم
العصر سهوا على الظهر وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات فيصح أن يصلي الظهر في
ذلك الوقت أداءا، وكذا لو صلى الظهر قبل الزوال بظن دخول الوقت فدخل الوقت
قبل تمامها، فلا مانع من صلاة العصر بعد الفراغ منها، ولا يجب التأخير إلى مضي
مقدار أربع ركعات.
(مسألة 643) إذا قدم العصر على الظهر أو العشاء على المغرب عمدا بطل ما
قدمه، سواء كان في الوقت المختص بالأولى أو في الوقت المشترك. وإذا قدم سهوا
وتذكر بعد الفراغ يبني على بطلان ما قدمه احتياطا إن كان الوقت المختص وصح ما
قدمه إن كان في الوقت المشترك فيأتي بالأولى بعده. وكذا إن تذكر في الأثناء عدل
بنيته إلى السابقة إلا إذا تجاوز محل العدول، كما إذا قدم العشاء وتذكر بعد ركوع
الرابعة، فالأقوى بطلان صلاته، فيأتي بها بعد الأولى مطلقا سواء أتمها احتياطا أو لا.
(مسألة 644) إذا بقي للحاضر مقدار خمس ركعات إلى الغروب، وللمسافر
مقدار ثلاث أو أكثر، قدم الظهر وإن وقع بعض العصر خارج الوقت. وإذا بقي
للحاضر أربع أو أقل، وللمسافر ركعتان أو أقل صلى العصر. وإذا بقي للحاضر إلى
نصف الليل خمس ركعات أو أكثر، وللمسافر أربع ركعات أو أكثر قدم المغرب ثم
العشاء. وإذا بقي للمسافر إلى نصف الليل أقل من أربع ركعات قدم العشاء. ويجب
المبادرة بالمغرب بعدها إذا بقي مقدار ركعة أو أكثر.
(مسألة 645) يجوز العدول من الفريضة اللاحقة إلى السابقة بخلاف العكس، فلو
دخل في الظهر أو المغرب فتبين في الأثناء أنه صلاهما، لا يجوز له العدول إلى اللاحقة،
بخلاف ما إذا دخل في الثانية بتخيل أنه صلى الأولى فتبين في الأثناء خلافه، فإنه يعدل
إلى الأولى إذا لم يتجاوز محل العدول كما تقدم.
109

(مسألة 646) إذا كان مسافرا وبقي من الوقت مقدار أربع ركعات فنوى الظهر
مثلا، ثم نوى الإقامة في الأثناء بطلت صلاته، ولا يجوز له العدول إلى اللاحقة، بل
يقطعها ويشرع فيها. وإذا كان في الفرض ناويا الإقامة فشرع في اللاحقة ثم عدل عن
نية الإقامة، فالأظهر أنه يقطع ما بيده ويأتي بهما ولو بإدراك ركعة من الظهر.
(مسألة 647) الأحوط تأخير الصلاة عن أول وقتها لذوي الأعذار مع رجاء
زوالها في آخر الوقت.
(مسألة 648) الأقوى جواز التطوع في وقت الفريضة ما لم تتضيق، وكذا لمن
عليه قضاء الفريضة.
(مسألة 649) إذا تيقن بدخول الوقت فصلى أو عول على الظن المعتبر كشهادة
العدلين أو أذان الثقة العارف، فإن وقع تمام صلاته قبل الوقت بطلت، وإن وقع بعضها
في الوقت ولو قليلا، صحت.
(مسألة 650) إذا مضى من أول الوقت أو بقي من آخره مقدار أداء الصلاة بحسب
حالها، ثم حدث لها عذر الحيض أو النفاس، وجب عليها القضاء. وإذا مضى منه أو بقي
منه مقدار أداء الصلاة الاضطرارية ثم حدث عذر آخر، وجب القضاء أيضا على الأحوط.
(مسألة 651) إذا ارتفع العذر في آخر الوقت، فإن وسع الصلاتين وجبتا، وإن
وسع واحدة أتى بها، فإن زاد عنها بمقدار ركعة، وجبت الثانية أيضا.
(مسألة 652) يعتبر لغير ذي العذر العلم بدخول الوقت حين الشروع في الصلاة،
ويقوم مقامه شهادة العدلين على الأقوى، ولا يبعد كفاية أذان العارف الثقة إذا كان
شديد المحافظة على الوقت. وأما ذو العذر بالغيم ونحوه من الأعذار العامة، وذو العذر
الخاص كالأعمى والمحبوس فالأحوط أن يؤخر إلى أن يحصل له العلم بدخول الوقت.
القبلة
(مسألة 653) يجب استقبال القبلة مع الامكان في الفرائض اليومية وغيرها من
الفرائض حتى صلاة الجنائز، وفي النافلة إذا صليت على الأرض حال الاستقرار، أما
لو صليت حال المشي والركوب وفي السفينة فلا يعتبر فيها الاستقبال.
110

(مسألة 654) يعتبر العلم بالتوجه إلى القبلة حال الصلاة، أو شهادة العدلين فيها
إذا استندت إلى الحس، ومع تعذرهما يبذل تمام جهده ويعمل على ظنه، ومع تعذر
الظن يكتفي بالجهة العرفية، إن لم يتجاوز ربع الدائرة، وإلا فعليه التكرار.
(مسألة 655) مع تساوي الجهات في الاحتمال يصلي إلى أربع جهات إن وسع
الوقت، وإلا فبقدر ما يسع. والأحوط القضاء أيضا بعد العلم. ولو علم عدمها في
بعض الجهات، سقط اعتبارها وصلى إلى المحتملات الأخر.
(مسألة 656) يعول على قبلة بلد المسلمين لصلاتهم وقبورهم ومحاريبهم، إذا لم
يعلم بناؤها على الغلط.
(مسألة 657) المتحير الذي يجب عليه الصلاة إلى أكثر من جهة واحدة، لو
كان عليه صلاتان كالظهرين فالأحوط أن تكون الثانية إلى جهات الأولى، كما أن
الأقوى أن له أن يأتي بالصلاتين متعاقبتين في كل جهة أو يتم جهات الأولى ثم يشرع
في الثانية.
(مسألة 658) من صلى إلى جهة بالقطع أو الظن المعتبر، ثم تبين خطأ اجتهاده،
فإن كان منحرفا عنها إلى ما بين اليمين والشمال صحت صلاته، وإن كان في أثنائها
مضى ما تقدم منها واستقام في الباقي، من غير فرق بين بقاء الوقت وعدمه. وإن
تجاوز انحرافه عما بين اليمين والشمال وكان مخطئا في اجتهاده، أعاد في الوقت دون
خارجه، حتى لو بان أنه كان مستدبرا، وإن كان الأحوط القضاء مع الاستدبار، بل
مطلقا. أما إذا كان ناسيا أو غافلا أو جاهلا، فالأحوط الإعادة في الوقت والقضاء
خارجه، وكذا الحكم إذا التفت في أثناء الصلاة.
الستر والساتر
(مسألة 659) يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة، وتوابعها، والنافلة،
دون صلاة الجنازة، وإن كان الأحوط فيها الستر أيضا، ويجب ستر العورة في
الطواف أيضا.
111

(مسألة 660) إذا بدت العورة لريح أو غفلة، أو كانت خارجة من أول الأمر
وهو لا يعلم، فصلاته صحيحة إذا بادر إلى الستر. نعم لا يترك الاحتياط بالاتمام
والاستئناف إذا احتاج سترها إلى زمان ولو غير معتد به، وكذا لو نسي سترها من
أول الأمر أو بعد الانكشاف في الأثناء.
(مسألة 661) عورة الرجل في الصلاة عورته في النظر، وهي الدبر والقضيب
والأنثيان، والأحوط ستر الشبح الذي يرى من خلف الثوب ولا يتميز لونه. وعورة
المرأة في الصلاة جميع بدنها حتى الرأس والشعر، ما عدا الوجه الذي يجب غسله في
الوضوء، واليدين إلى الزندين، والقدمين إلى الساقين. ويجب عليها ستر شئ من
أطراف هذه المستثنيات مقدمة.
(مسألة 662) يجب على المرأة ستر رقبتها وتحت ذقنها، حتى المقدار الذي يرى
عند اختمارها على الأحوط.
(مسألة 663) الأمة غير المبعضة والصبية كالحرة والبالغة، إلا أنه لا يجب عليهما
ستر الرأس والشعر والعنق.
(مسألة 664) لا يجب على المصلي الستر من جهة التحت، إذا لم يكن معرضا
لوجود الناظر.
(مسألة 665) يحصل الستر بكل ما يمنع عن النظر، ولو باليد أو الطلي بالطين أو
الولوج في الماء، حتى أن الدبر يكفي في ستره الأليتان.
(مسألة 666) الستر الصلاتي لا يكفي فيه ما تقدم ولو في حال الاضطرار على
الأحوط، وأما الستر بالورق والحشيش وكذا القطن والصوف غير المنسوجين
فالأقوى جوازه على كل حال. وإن كان الأحوط الاكتفاء بها في حال الاضطرار كما أن
الاحتياط إذا لم يجد غير الطين تكرار الصلاة.
(مسألة 667) يعتبر في الساتر بل مطلق لباس المصلي شروط: الأول: الطهارة
إلا في ما لا تتم الصلاة فيه وحده، كما تقدم.
(مسألة 668) الشرط الثاني: الإباحة، فلا يجوز في المغصوب مع العلم بالغصبية،
ولو لم يعلم بها صحت صلاته إن كان معذورا كالجاهل بالموضوع أو بالحكم عن قصور،
112

وأما المقصر فالأقوى فيه البطلان. وأما ناسي الغصبية فتصح صلاته إن لم يكن هو
الغاصب، وإلا فالأحوط الإعادة.
(مسألة 669) لا فرق في الغصب بين أن يكون عين مال الغير، أو منفعته، أو
يكون متعلقا لحق الغير كالمرهون، بل إذا اشترى ثوبا بعين مال تعلق به الخمس أو
الزكاة مع عدم أدائهما من مال آخر، فهو بحكم المغصوب.
(مسألة 670) إذا صبغ الثوب بصبغ مغصوب أو خيط بخيط مغصوب، ففي
جريان حكم المغصوب عليه إشكال، فلا يترك الاحتياط خصوصا في الثاني. نعم لا
إشكال في الصلاة في الثوب إذا أجبر الصباغ أو الخياط على عمله ولم يعطه أجرته
وكان الصبغ والخيوط لمالك الثوب، وكذا إذا غسل الثوب بماء مغصوب، أو أزيل
وسخه بصابون مغصوب، أو أجبر الغاسل على غسله ولم يعطه أجرته.
(مسألة 671) الشرط الثالث: أن يكون مذكى مأكول اللحم إذا كان جلدا، فلا
تجوز الصلاة في جلد غير مذكى، ولا في أجزائه التي تحلها الحياة، ولو كان طاهرا من
جهة عدم كونه ذا نفس سائلة كالسمك على الأحوط. ويجوز فيما لا تحله الحياة من
أجزائه كالصوف والشعر والوبر ونحوها.
(مسألة 672) لا تجوز الصلاة في شئ من غير مأكول اللحم وإن ذكي، من غير
فرق بين أجزائه التي تحلها الحياة وغيرها، بل يجب إزالة البقايا الطاهرة منه كالرطوبة
والشعرات الملتصقة بلباس المصلي وبدنه.
(مسألة 673) إذا شك في اللباس أو فيما على اللباس من الرطوبة ونحوها، أنها
من المأكول أو من غيره، أو من الحيوان أو غيره، تصح الصلاة فيه. بخلاف ما إذا
شك فيما تحله الحياة من الحيوان أنه مذكى أو ميتة، فلا يصلي فيه حتى يحرز تذكيته.
(مسألة 674) لا بأس بالشمع والعسل والحرير الممتزج، وأجزاء مثل البق
والبرغوث والزنبور ونحوها مما لا لحم له، وكذلك الصدف.
(مسألة 675) استثني مما لا يؤكل الخز الغير المغشوش بوبر الأرانب والثعالب،
ولا بأس بالصلاة في الذي يسمونه الآن بالخز لمن اشتبه عليه حاله، وإن كان الأحوط
الاجتناب عنه. أما السنجاب فلا يترك الاحتياط بعدم الصلاة في شئ منه.
113

(مسألة 676) لا بأس بالأجزاء المنفصلة من الإنسان كشعره وريقه ولبنه، سواء
كان من نفسه أو من غيره، كالشعر الموصول بالشعر، وتصح الصلاة فيه سواء كان من الرجل
أو المرأة. أما الساتر من شعر الإنسان فلا يترك فيه الاحتياط إن لم يكن له ساتر غيره.
(مسألة 677) الشرط الرابع: أن لا يكون الساتر بل مطلق اللباس من الذهب
للرجال في الصلاة وغيرها، ولو كان حليا كالخاتم ونحوه.
(مسألة 678) لا بأس بشد الأسنان بالذهب، بل وتركيبها منه، في الصلاة
وغيرها. نعم الأحوط تركه في مثل الثنايا مما كان ظاهرا ولو مع عدم قصد الزينة.
وكذا لا بأس بكون قاب الساعة من الذهب وحملها في الصلاة، نعم إذا كانت سلسلة
الساعة من الذهب وعلقها في رقبته مثلا، فيشكل الصلاة فيها. بخلاف ما إذا كانت
غير معلقة وكانت في جيبه مثلا، فلا بأس بها.
(مسألة 679) الشرط الخامس: أن لا يكون حريرا محضا للرجال، بل لا يجوز
لبسه لهم في غير الصلاة أيضا، حتى لو لم تتم فيه الصلاة وحده كالتكة والقلنسوة
ونحوهما على الأحوط. والمراد بالحرير ما يشمل القز. ويجوز للنساء ولو في الصلاة،
وللرجال في الضرورة، وفي الحرب.
(مسألة 680) الذي يحرم على الرجال خصوص لبس الحرير، فلا بأس
بالافتراش والركوب عليه والتدثر به، على نحو لا يصدق عليه اللبس، ولا بزر
الثياب وعلاماتها والسفائف والقياطين عليها، كما لا بأس بعصابة الجروح والقروح
وحفيظة المسلوس وغير ذلك، بل ولا بأس بترقيع الثوب وكفه به إذا لم يكونا بمقدار
يصدق معه لبس الحرير. وإن كان الأحوط في الكف أن لا يزيد على مقدار أربع
أصابع مضمومة، بل الأحوط ذلك في الرقاع أيضا.
(مسألة 681) لا بأس بلبس الحرير المخلوط، والمدار على صدق مسمى
الامتزاج الذي يخرجه عن الحرير المحض، ولو كان الخليط بقدر العشر. ويشترط
كون الخليط من جنس ما يصح الصلاة فيه، فلا يكفي مزجه بصوف أو وبر مما لا
يؤكل لحمه وإن كان كافيا في رفع حرمة لبسه. أما الثوب المنسوج من الإبريسم
المفتول بالذهب، فيحرم لبسه كما لا تصح الصلاة فيه.
114

(مسألة 682) يحرم لباس الشهرة، وكذا ما يختص بالنساء للرجال وبالعكس
على الأحوط. لكن لا يضر لبسها بالصلاة.
(مسألة 683) إذا شك في أن اللباس أو الخاتم ذهب أو غيره، يجوز لبسه
والصلاة فيه. وكذا ما شك أنه من الحرير أو غيره، بل لو شك في أنه حرير محض أو
مخلوط، فالأقوى عدم وجوب الاجتناب عنه.
(مسألة 684) لا بأس بلبس الصبي الحرير، والأحوط للولي وغيره من سائر
المكلفين ترك إلباسه وترك تسبيبه، إلا في الصغار الذين لا يميزون اللباس، وفي صحة
صلاة المميز فيه إشكال، والأحوط عدم الصحة.
(مسألة 685) إذا لم يجد المصلي ساترا حتى الورق والحشيش، فإن وجد حفرة
يلج فيها ويتستر بها صلى صلاة المختار، وإذا وجد طينا أو ماء كدرا فالأقوى اتحاد
حكمه مع العاري، والأحوط الجمع بين وظيفتي المختار والعاري. وإن لم يجد ذلك
أيضا وأمن الناظر، فالأقوى أن يصلي قائما مؤميا للركوع والسجود، ويضع يديه على
قبله حال القيام على الأحوط. وإن لم يأمن الناظر صلى جالسا فإن تمكن من الركوع
والسجود بحيث لا تبدو عورته تعينا، وإلا يومي برأسه، ولا يبعد التمكن من الركوع
والسجود للجالس، خصوصا الركوع.
(مسألة 686) لا يجب تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر ولم
يحتمل وجوده إلى آخر الوقت. ولكن إن قدمها في أول الوقت ثم وجد الساتر في
الوقت يجب عليه إعادة الصلاة، وإن قدمها رجاءا في أول الوقت مع احتمال وجوده في
آخر الوقت ولم يجده إلى انقضاء الوقت يكتفي بها.
مكان المصلي
(مسألة 687) تجوز الصلاة في كل مكان إلا المغصوب عينا أو منفعة، وفي حكم
الغصب ما تعلق به حق الغير كالرهن، وحق الميت إذا أوصى بالثلث ولم يخرج بعد،
بل ما تعلق به حق السبق على الأقوى، بأن سبق شخص إلى مكان من المسجد أو
غيره للصلاة فيه ولم يعرض عنه.
115

(مسألة 688) تبطل الصلاة في المغصوب إذا كان عالما عامدا مختارا، من غير
فرق بين الفريضة والنافلة، أما الجاهل بالموضوع أو الحكم قاصرا، والمحبوس بباطل
والناسي غير الغاصب، والمضطر، فصلاتهم فيه صحيحة. ويصلي المضطر كصلاة
غيره بقيام وركوع وسجود.
(مسألة 689) لا تجوز الصلاة في الأرض المغصوبة المجهول مالكها، ويرجع
أمرها إلى الحاكم الشرعي إلا بإذنه، ولا في الأرض المشتركة إلا بإذن جميع الشركاء.
(مسألة 690) لا تبطل الصلاة تحت السقف المغصوب، وفي الخيمة المغصوبة،
والدار المغصوب بعض سورها، إذا كان ما يقع فيه الصلاة مباحا. وإن كان الأحوط
الاجتناب في الجميع.
(مسألة 691) إذا اشترى دارا بعين المال الذي تعلق به الخمس أو الزكاة،
فالأقوى بطلان الصلاة فيه، في غير الغافل والجاهل المعذورين.
(مسألة 692) يشكل تصرفات الورثة من الصلاة وغيرها في تركة مورثهم
إذا كان عليه حقوق الناس كالمظالم أو الزكاة أو الخمس قبل أدائها. وكذا إذا كان
عليه دين مستغرق للتركة، بل وغير المستغرق إلا مع رضى الديان، أو كون الورثة
بانين على الأداء غير متسامحين، والأحوط أيضا الاستئذان من ولي أمر الميت
بالوصاية أو الحكومة.
(مسألة 693) المدار في جواز التصرف والصلاة في ملك الغير على إحراز رضاه
وطيب نفسه، وإن لم يأذن صريحا، فلو علم ذلك من القرائن وشاهد الحال والظواهر
التي تكشف عن رضاه كشفا اطمئنانيا بحيث لا يعتنى باحتمال الخلاف، كفى.
(مسألة 694) يجوز الصلاة في الأراضي المتسعة كالصحاري والمزارع والبساتين
التي لم يبن لها حيطان، بل وسائر التصرفات اليسيرة مما جرت عليه السيرة
كالاستطراقات العادية غير المضرة، والجلوس والنوم فيها وغير ذلك، ولا يجب
التفحص عن ملاكها، من غير فرق بين كونهم كاملين أو قاصرين كالصغار والمجانين.
نعم يشكل جميع ما ذكر إذا ظهرت الكراهة والمنع من ملاكها، ولو بوضع ما يمنع المارة
عن الدخول فيها.
116

(مسألة 695) المراد بالمكان الذي تبطل الصلاة بغصبه، ما استقر عليه المصلي
ولو بوسائط، أو ما شغله من الفضاء في قيامه وركوعه وسجوده نحوها فقد
يجتمعان وقد يفترقان، ففي الصلاة في الأرض المغصوبة، يجتمع غصب المقر والفضاء،
وعلى الجناح المباح الخارج إلى الفضاء غير المباح، يتحقق غصب الفضاء دون المقر،
وعلى الفراش المغصوب المطروح على أرض مباحة، يتحقق غصب المقر دون الفضاء.
(مسألة 696) الأقوى صحة صلاة كل من الرجل والمرأة مع المحاذاة أو تقدم
المرأة، لكن على كراهة بالنسبة إليهما مع تقارنهما في الشروع في الصلاة، وبالنسبة إلى
المتأخر منهما مع اختلافهما. والأحوط لهما احتياطا مؤكدا ترك ذلك، ولو فعلا،
فالأحوط إعادتهما مع التقارن وإعادة المتأخر منهما مع الاختلاف.
(مسألة 697) لا فرق في الحكم المذكور كراهة أو حرمة بين المحارم
وغيرهم، وبين كون المصليين بالغين أو غير بالغين أو مختلفين، بل يعم الحكم الزوج
والزوجة أيضا.
(مسألة 698) ترتفع الكراهة أو الحرمة بوجود الحائل، وبالبعد بينهما عشرة
أذرع بذراع اليد، وبتأخر المرأة. والأحوط في الحائل كونه بحيث يمنع المشاهدة، وفي
التأخر كون مسجدها وراء موقفه، وإن كان لا يبعد كفاية مطلقهما.
(مسألة 699) الأحوط أن لا يتقدم في الصلاة على قبر المعصوم عليه السلام، بل ولا
يساويه أيضا، ويرتفع الحكم بالبعد المفرط على وجه لا يصدق معه التقدم أو المحاذاة
ويخرج عن صدق وحدة المكان، وكذا بالحائل الرافع لسوء الأدب، والظاهر أن
الشباك المصنوع على الضريح وثوبه ليس من الحائل المجوز.
(مسألة 700) لا تعتبر طهارة مكان المصلي إلا مع تعدي نجاسته إلى الثوب أو
البدن، نعم تعتبر في مسجد الجبهة كما مر.
(مسألة 701) يعتبر في مسجد الجبهة مع الاختيار أن يكون أرضا أو نباتا،
والأفضل التربة الحسينية التي تخرق الحجب السبع وتنور إلى الأرضين السبع. أما
القرطاس فإن كان مصنوعا مما يجوز السجود عليه فلا بأس، وإن كان مصنوعا من
غيره فالأحوط تركه.
117

(مسألة 702) لا يجوز السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن كالذهب
والفضة والقير ونحو ذلك، وكذا ما خرج عن اسم النبات كالرماد. وفي جواز السجود
على الخزف والآجر والنورة والجص المطبوخين وكذا الفحم تأمل وإشكال. نعم يجوز على
الجص قبل الطبخ والطين الأرمني وحجر الرحى، بل وبعض أصناف المرمر.
(مسألة 703) يعتبر في جواز السجود على النبات أن يكون من غير المأكول
والملبوس. فلا يجوز السجود على المخبوز والمطبوخ، والحبوب المعتاد أكلها من الحنطة
والشعير ونحوهما، والفواكه والبقول المأكولة، والثمرة المأكولة ولو قبل أوان أكلها. ولا
بأس بغير المأكول منها كالحنظل والخرنوب ونحوهما، وكذا لا بأس بالتبن والقصيل
ونحوهما. وفي جواز السجود على نخالة الحنطة والشعير وقشر البطيخ إشكال، فلا
يترك الاحتياط، والأحوط ترك السجدة على قشور جميع المأكولات ونواها.
(مسألة 704) الملبوس كالمأكول، فلا يجوز على القطن والكتان ولو قبل قابليتهما
للغزل. نعم لا بأس بالسجود على خشبهما وغيره كالورق والخوص ونحوهما، مما لا تصنع
الملابس المعتادة منها كالحصير والبارية والمروحة، والأحوط ترك السجود على القنب.
(مسألة 705) لا بد في حالة الاختيار من تمكين الجبهة على ما يسجد عليه، فلا
يجوز على الوحل غير المتماسك، بل ولا على التراب الذي لا تتمكن الجبهة عليه،
ومع إمكان التمكين على الطين لا بأس بالسجود عليه وإن لصق بجبهته، لكن يجب
إزالته للسجدة الثانية، ولو لم يكن عنده إلا طين غير متماسك وضع عليه جبهته
للسجدة من غير اعتماد.
(مسألة 706) إذا كان في أرض ذات طين ووحل بحيث لو جلس للسجود
والتشهد تلطخ بدنه وثيابه، ولم يوجد مكان آخر، فالأحوط الصلاة فيها بشكل
كامل ولو تلطخت ثيابه، إذا لم يكن في ذلك حرج شديد، وإن كان يجوز له أن يصلي
فيها واقفا موميا للسجود ويتشهد قائما.
(مسألة 707) إذا لم يكن عنده ما يصح السجود عليه، أو كان ولم يتمكن من
السجود عليه لحي أو برد أو تقية أو غيرها، سجد على ثوب القطن أو الكتان بل
وغيرهما على الأقوى، وإن لم يكن، سجد على ظهر كفه، وإن لم يتمكن فعلى المعادن.
118

(مسألة 708) إذا فقد ما يصح السجود عليه في أثناء الصلاة، ففي سعة الوقت
قطعها مع وجود ما يصح السجود عليه في مكان آخر ومع عدم وجوده في غير مكانه
أيضا يتم صلاته بالسجود على ثوبه ثم على ظهر كفه وإن كان الأحوط له إعادة
الصلاة لو وجده بعد الصلاة، وفي الضيق يسجد على ثوبه القطن أو الكتان، ثم على
ظهر الكف، ثم على المعادن على الترتيب.
(مسألة 709) يعتبر في المكان الذي يصلي فيه الفريضة أن يكون مستقرا غير
مضطرب، فلو صلى اختيارا في سفينة أو على سرير، فإن فات الاستقرار المعتبر في
الفريضة بطلت صلاته، وإن حصل الاستقرار بحيث يصدق عليه أنه مستقر مطمئن،
صحت صلاته، حتى لو كانت في مثل السفينة والسيارة والطائرة السائرة، لكن يجب
المحافظة على بقية ما يجب في الصلاة من الاستقبال ونحوه. أما مع الاضطرار، فيصلي
ماشيا وعلى الدابة وفي السيارة غير المستقرة، لكن مع مراعاة الاستقبال بما أمكنه من
صلاته، وينحرف إلى القبلة كلما انحرفت الدابة أو السيارة، فإن لم يتمكن من
الاستقبال إلا في تكبيرة الاحرام اقتصر على ذلك، وإن لم يتمكن من الاستقبال أصلا
سقط، لكن يجب عليه تحري الأقرب إلى القبلة فالأقرب. وكذا بالنسبة إلى غير
الاستقبال مما هو واجب في الصلاة، فإنه يأتي بما يتمكن منه أو ببدله، ويسقط ما
تقتضي الضرورة سقوطه.
(مسألة 710) يستحب الصلاة في المساجد، بل يكره عدم حضورها بغير عذر
كالمطر، خصوصا لجار المسجد، حتى ورد في الخبر (لا صلاة لجار المسجد إلا في
المسجد) وأفضلها المسجد الحرام، فإن الصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة، ثم مسجد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصلاة فيه تعدل عشرة آلاف، ثم مسجد الكوفة والأقصى، والصلاة فيهما
تعدل ألف صلاة، ثم المسجد الجامع، وتعدل فيه مائة صلاة، ثم مسجد القبيلة، وتعدل
فيه خمسا وعشرين، ثم مسجد السوق، وتعدل فيه اثنتي عشرة. وكذا يستحب الصلاة في
مشاهد الأئمة عليه السلام وهي بيوت التي أمر الله تعالى أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
(مسألة 711) يكره تعطيل المسجد، فإنه أحد الثلاثة الذين يشكون إلى الله عز
وجل القيامة، والآخران: عالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا
119

يقرأ فيه. ومن مشى إلى مسجد من مساجد الله فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع
إلى منزله عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات.
(مسألة 712) الأفضل للنساء الصلاة في بيوتهن، والأفضل بيت المخدع.
(مسألة 713) من المستحبات الأكيدة بناء المسجد، وفيه أجر عظيم وثواب
جسيم، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (من بنى مسجدا في الدنيا أعطاه الله لكل شبر منه مسيرة
أربعين ألف عام مدينة من ذهب وفضة ولؤلؤ وزبرجد).
(مسألة 714) المشهور اعتبار إجراء صيغة الوقف في صيرورة الأرض مسجدا
فيقول (وقفتها مسجدا قربة إلى الله تعالى) لكن الأقوى كفاية البناء بقصد كونه
مسجدا مع صلاة شخص واحد فيه بإذن الباني، فيجري عليه حكم المسجدية وإن لم
يجر الصيغة.
(مسألة 715) تكره الصلاة في الحمام حتى المنزع منه، وفي المزبلة، والمجزرة،
والمكان المتخذ للكنيف ولو سطحا متخذا مبالا، وبيت المسكر، وفي أعطان الإبل،
ومرابط الخيل والبغال والحمير والبقر، ومرابض الغنم، وفي الطرق إن لم تضر بالمارة،
وإلا حرمت، وفي قرى النمل، وفي مجاري المياه وإن لم يتوقع جريانها فعلا، وفي الأرض
السبخة، وفي كل أرض نزل فيها عذاب، وعلى الثلج، وفي معابد النيران، بل كل بيت
أعد لاضرام النار فيه، وعلى القبر أو إلى القبر أو بين القبور. وترتفع كراهة الأخيرين
بالحائل وببعد عشرة أذرع، ولا كراهة بالصلاة خلف قبور المعصومين عليه السلام. وكذا يكره أن
يصلي وبين يديه نار مضرمة، أو سراج، أو تمثال ذي روح، وتزول في الأخير بالتغطية.
وكذا تكره وبين يديه مصحف أو كتاب مفتوح، أو مقابله باب مفتوح.
الأذان والإقامة
(مسألة 716) يتأكد رجحان الأذان والإقامة للصلوات الخمس أداء وقضاء،
حضرا وسفرا، في الصحة والمرض، للجامع والمنفرد، للرجال والنساء، حتى قال
بعض بوجوبهما، وخصه بعض بالصبح والمغرب، وبعضهم بالجماعة، والأقوى استحبابهما
مطلقا لكن لا ينبغي تركهما، خصوصا الإقامة لما ورد فيها من الحث والترغيب.
120

(مسألة 717) يسقط الأذان للعصر والعشاء إذا جمع بينهما وبين الظهر والمغرب،
من غير فرق بين موارد استحباب الجمع مثل عصر يوم الجمعة وعصر يوم عرفة لمن
كان بعرفات وعشاء ليلة العيد في المزدلفة، وبين غيرها. ويتحقق التفريق الموجب
لعدم سقوط الأذان بطول الزمان بين الصلاتين، وبفعل النافلة الموظفة بينهما على
الأقوى. والأحوط أن سقوط الأذان في عصر يوم عرفة والعشاء في المزدلفة يكون
على نحو العزيمة كما أن الأحوط في عصر يوم الجمعة سيما إذا جمع بينه وبين الجمعة إن
أراد الاتيان بها أن يأتي رجاءا وأما في غير هذه الثلاثة فالأذان في صورة الجمع ساقط
بنحو الرخصة. نعم لا يترك الاحتياط في المستحاضة التي تجمع بين الظهرين
والعشاءين، وكذا في المسلوس.
(مسألة 718) يسقط الأذان مع الإقامة في مواضع، منها: للداخل في الجماعة
التي أذنوا وأقاموا لها، وإن لم يسمعهما ولم يكن حاضرا حينهما. بل مشروعيتهما
حينئذ لا تخلو من إشكال. ومنها: من صلى في مسجد فيه جماعة لم تتفرق، والظاهر
أن سقوطهما رخصة لا عزيمة سواء قصد الصلاة في تلك الجماعة أم لا، وسواء صلى
جماعة إماما أو مأموما أو منفردا والأحوط كون السقوط فيه عزيمة، وأما لو تفرقوا أو
أعرضوا عن الصلاة وتعقيبها وإن بقوا في مكانهم، لم يسقطا عنه. كما أنهما لا يسقطان
إذا كانت الجماعة السابقة بغير أذان وإقامة، وإن كان تركهم لهما بسبب اكتفائهم بالسماع
من الغير. وكذا إذا كانت الصلاة باطلة، لفسق الإمام مع علم المأمومين به مثلا، أو
من جهة أخرى، وكذا مع عدم اتحاد مكان الصلاتين عرفا، بأن كانت إحداهما داخل
المسجد والأخرى على سطحه مثلا، أو بعدت إحداهما عن الأخرى كثيرا. ولا
إشكال إذا كانت إحدى الصلاتين قضائية والأخرى أدائية أو لم تشتركا في الوقت. وفي
جريان هذا الحكم في غير المسجد إشكال.
التوجه بالقلب في الصلاة
(مسألة 719) ينبغي للمصلي التوجه بقلبه في تمام الصلاة في أقوالها وأفعالها، فإنه
لا يحسب للعبد من صلاته إلا ما أقبل عليه منها. ومعنى الاقبال الالتفات التام إلى
الصلاة وإلى ما يقول فيها، والتوجه الكامل نحو حضرة المعبود جل جلاله، واستشعار عظمته وجلال هيبته، وتفريغ قلبه عما عداه،
121

فيرى نفسه ماثلا بين يدي ملك الملوك
عظيم العظماء، مخاطبا مناجيا إياه. فإذا استشعر ذلك ووقعت في قلبه هيبته يرى نفسه
مقصرا في أداء حقه فيخافه، ثم يلاحظ سعة رحمته فيرجو ثوابه، فيحصل له حالة
بين الخوف والرجاء. وهذه صفة الكاملين، ولها درجات ومراتب شتى لا تحصى، على
حسب درجات المتعبدين. وينبغي للمصلي الخضوع والخشوع والسكينة والوقار
والزي الحسن والطيب والسواك قبل الدخول فيها والتمشط، وينبغي أن يصلي صلاة
مودع فيجدد التوبة والإنابة والاستغفار، وأن يقوم بين يدي ربه قيام العبد الذليل بين
يدي مولاه، وأن يكون صادقا في مقالته (إياك نعبد وإياك نستعين) فلا يقول هذا
القول وهو عابد لهواه ومستعين بغير مولاه. وينبغي له أيضا أن يبذل جهده في الحذر
من موانع القبول، من العجب والحسد والكبر والغيبة وحبس الزكاة وسائر الحقوق
الواجبة، فإن ذلك كله من موانع قبول الصلاة.
أفعال الصلاة
(مسألة 720) وهي: واجبة، ومسنونة. والواجب أحد عشر: النية، وتكبيرة
الاحرام، والقيام، والركوع، والسجود، والقراءة، والذكر، والتشهد، والتسليم،
والترتيب، والموالاة. والخمسة الأولى أركان، تبطل الصلاة بزيادتها أو نقصانها عمدا
وسهوا، لكن لا يتصور الزيادة في النية بناء على أنها الداعي، وبناء على أنها
الاخطار في الذهن أو القلب لا تضر زيادتها. وباقي الواجبات لا تبطل الصلاة
بزيادتها أو نقصانها إلا مع العمد دون السهو. نعم نقصان الترتيب والموالاة سهوا قد
يوجب البطلان، كما يأتي.
النية
(مسألة 721) النية عبارة عن قصد الفعل قربة إلى الله تعالى وامتثالا لأمره،
وذلك إما لأنه أهل للعبادة وهو أعلاها، أو شكرا لنعمته، أو طلبا لرضاه، أو خوفا
من سخطه، أو رجاء لثوابه، وهذا أدناها.
122

(مسألة 722) لا يجب في النية اللفظ لأنها أمر قلبي، كما لا يجب فيها الاخطار
الفكري والتصور القلبي، بل يكفي الداعي، وهو الإرادة الاجمالية المؤثرة في صدور
الفعل، المنبعثة عما في نفسه من الغايات، على وجه يخرج به عن الساهي والغافل،
ويدخل فعله في فعل الفاعل المختار كسائر أفعاله الإرادية، ويكون باعثه ومحركه
للعمل الامتثال.
(مسألة 723) يعتبر الاخلاص في النية، فلو ضم إليها ما ينافيها، بطلت،
خصوصا الرياء فإنه إذا دخل في النية على أي حال يكون مفسدا، سواء كان في
الابتداء أو في الأثناء، في الأجزاء الواجبة لو اكتفى بها، ولا يترك الاحتياط في مثل
آيات القراءة والتشهد التدارك ثم الاتمام والإعادة. وفي مثل القنوت والأذكار
المستحبة الأحوط إتمام الصلاة ثم الإعادة، سواء تدارك الجزء أم لا. والأقوى البطلان
أيضا بالرياء في أوصاف الصلاة كالصلاة في المسجد أو جماعة.
(مسألة 724) الرياء المتأخر لا يبطل العمل، كما لو أخبر بما فعله من طاعة،
رغبة في الأغراض الدنيوية من مدح أو ثناء أو جاه أو مال.
فائدة: روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (المرائي يوم القيامة ينادى بأربعة أسماء: يا
كافر يا فاجر يا غادر يا خاسر، ضل سعيك وبطل أجرك ولا خلاق لك، التمس الأجر
ممن كنت تعمل له يا مخادع) وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (إن الله يعطي الدنيا بعمل الآخرة
ولا يعطي الآخرة بعمل الدنيا، فإذا أنت أخلصت النية وجردت الهمة للآخرة،
حصلت لك الدنيا والآخرة).
(مسألة 725) إذا كانت الضمائم المباحة أو الراجحة المقصودة للمصلي مؤثرة في
الداعي إلى الصلاة مستقلا بطلت، وكذا إذا كانت مؤثرة تبعا أيضا على الأحوط.
(مسألة 726) إذا كانت الضميمة موثرة في صفات الصلاة وخصوصياتها فقط،
مثل مكان الصلاة وزمانها، فلا تبطل. أما إذا أثرت في فعل أصل الصلاة فمشكل.
(مسألة 727) إذا قال في صلاته كلمة بنية القراءة أو الذكر، مثل: الله أكبر،
ورفع بها صوته ليفهم شيئا للغير فلا إشكال فيه وكذا بنية القراءة في غير الجهرية. أما
إذا قالها بنية إفهام الغير ونوى معه الذكر فتبطل صلاته.
123

(مسألة 728) يجب في النية تعيين نوع الصلاة ولو إجمالا، بأن ينوي مثلا ما في
ذمته إذا كان واحدا، أو ما في ذمته من الصلاة الأولى أو الثانية.
(مسألة 729) لا يجب نية الأداء والقضاء، فلو نوى الاتيان بصلاة الظهر
الواجبة عليه فعلا ولم يكن عليه قضاء، كفى. أما لو كان عليه قضاء فلا بد من تعيين
ما يأتي به وأنه لذلك اليوم أو لغيره.
(مسألة 730) إذا نوى امتثال الأمر المتوجه إليه، وتخيل أن الوقت باق وأنه أمر
بأداء الصلاة، فبان فوات الوقت وأن الأمر هو القضاء، فتصح صلاته وتقع قضاء.
(مسألة 731) لا يجب نية القصر والاتمام حتى في أماكن التخيير أيضا، فلو
شرع فيها في صلاة الظهر مثلا على أنه بعد التشهد الأول إما يسلم أو يتمها، صحت،
بل لو عين أحدهما في النية لم يلزم به على الأظهر وكان له العدول إلى الآخر، لكن لو
نوى القصر فشك بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين، فالأحوط العدول إلى
التمام ومعالجة الصلاة من البطلان وإتمامها، ثم إعادتها.
(مسألة 732) لا يجب قصد الوجوب أو الندب، بل يكفي قصد القربة المطلقة،
وإن كان الأحوط قصد أحدهما.
(مسألة 733) لا يجب حين النية تصور الصلاة تفصيلا، بل يكفي الاجمال.
(مسألة 734) إذا نوى في أثناء الصلاة قطعها أو الاتيان بالقاطع، فإن أتم صلاته
على تلك الحال بطلت، ولو عاد إلى نيتها قبل أن يأتي بشئ لم تبطل، وإن كان
الأحوط الاتمام ثم الإعادة. أما لو أتى ببعض الأجزاء ثم رجع إلى نية الصلاة،
فالأحوط بعد العود التدارك ثم الاتمام ثم الإعادة، إلا إذا كان ما أتى به من الأجزاء
فعلا كثيرا، فإنه مبطل.
(مسألة 735) إذا شك فيما بيده أنه نواه ظهرا أو عصرا، فإن كان قد أتى بالظهر
ولم يعلم ما قام له يرفع اليد عنها ويستأنف العصر، وإن لم يكن صلى الظهر ففي الوقت
المشترك ينويها ظهرا، وفي الوقت المختص بالظهر يرفع اليد عنها ويستأنف الظهر إن لم
يعلم ما قام له، وفي المختص بالعصر أيضا إن لم يعلم ما قام له يرفع اليد عنها
ويستأنف العصر إن أدرك ولو ركعة منه، وإلا فالأحوط إتمامها عصرا ثم يقضيهما، أو
يقضي العصر إن علم أنه أتى بالظهر.
124

(مسألة 736) إذا رأى نفسه في العصر وقد أتى بالظهر وهو يعلم أنه قام للعصر
لكن شك في أنه نواها أولا أو نوى الظهر أتمها عصرا وإن لم يأت بالظهر ينويها ظهرا
إلا في الوقت المختص بالعصر فإنه مع العلم بأنه قام للعصر أتمها عصرا.
(مسألة 737) يجوز العدول من صلاة إلى أخرى في مواضع: منها: في الصلاتين
الأدائيتين المرتبتين كالظهرين والعشائين إذا دخل في الثانية قبل الأولى سهوا أو
نسيانا، فيجب أن يعدل إليها إذا تذكر في الأثناء ولم يتجاوز محل العدول، أما إذا تذكر
في الأثناء بعد تجاوز محل العدول، كما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة من العشاء
فالأقوى بطلانها، والأحوط إتمامها ثم الاتيان بالصلاتين مرتبا. وأما لو تذكر بعد
الفراغ من اللاحقة، فتصح. وبحكم الأدائيتين الصلاتان المقضيتان المرتبتان، كما إذا
فاته الظهران أو العشائان من يوم واحد. ومنها: إذا دخل في الحاضرة فذكر أن عليه
قضاء، فإنه يستحب أن يعدل إليه مع بقاء المحل. ومنها: العدول من الفريضة إلى
النافلة، في موضعين: أحدهما، في ظهر يوم الجمعة لمن نسي قراءة سورة الجمعة وقرأ
سورة أخرى وبلغ النصف أو تجاوزه. ثانيهما، إذا كان مشتغلا بالصلاة وأقيمت
الجماعة وخاف السبق، فيجوز له العدول إلى النافلة وإتمامها ركعتين.
(مسألة 738) لا يجوز العدول من النفل إلى الفرض ولا من النفل إلى النفل
مطلقا، حتى في النوافل الخاصة المرتبة قبل الفريضة أو بعدها. وكذا لا يجوز العدول
من الفائتة إلى الحاضرة، فلو دخل في فائتة ثم ذكر في أثنائها أن الحاضرة قد ضاق
وقتها قطعها وشرع في الحاضرة، ولا يجوز العدول منها إليها. وكذا لا يجوز العدول في
الحاضرتين المرتبتين من السابقة إلى اللاحقة، بخلاف العكس كما مر، فلو دخل في
الظهر بتخيل عدم إتيانه بها فعرف في الأثناء أنه أتى بها، لم يجز له العدول إلى العصر.
(مسألة 739) إذا عدل في موضع لا يجوز العدول فيه، بطلتا معا، إلا إذا عدل من
اللاحقة إلى السابقة بتخيل عدم الاتيان بها، وتذكر بعد عدوله وقبل أن يفعل شيئا بنية
السابقة، فإن الأقوى الصحة فيتمها بنية ما شرع به، وإن كان الأقوى إعادتها.
(مسألة 740) إذا دخل في ركعتين من صلاة الليل بنية ركعتين بعدهما، صحتا
وحسبتا له الأولتين قهرا، وليس هذا من باب العدول ولا يحتاج إليه، لأن مدار
الأولية والثانوية فيها ما هو الواقع، ولا أثر للقصد.
125

تكبيرة الاحرام
(مسألة 741) وتسمى تكبيرة الافتتاح أيضا، وصورتها (الله أكبر) بدون
تغيير، ولا يجزي مرادفها من العربية ولا ترجمتها بغير العربية، وهي ركن تبطل
الصلاة بنقصانها عمدا وسهوا، وكذا بزيادتها عمدا وعلى الأحوط سهوا. فإذا كبر
للافتتاح ثم زاد ثانية للافتتاح أيضا عمدا بطلت الصلاة، واحتاج إلى ثالثة، فإن
أبطلها برابعة احتاج إلى خامسة، وهكذا وإذا زاد الثانية سهوا فالأحوط إتمام الصلاة
ثم إعادتها.
(مسألة 742) يجب فيها القيام التام، فلو تركه عمدا أو سهوا بطلت، بل لا بد
من تقديمه على البدء فيها مقدمة، من غير فرق في ذلك بين المأموم الذي أدرك الإمام
راكعا وغيره، بل ينبغي التريث في الجملة حتى يعلم وقوع التكبير تاما قائما،
والأحوط كون الاستقرار في القيام كالقيام، فتبطل التكبيرة بتركه فيها عمدا، أما
سهوا فالأحوط الاتمام ثم الإعادة.
(مسألة 743) الأحوط عدم جواز وصلها بما قبلها من الدعاء، والظاهر جواز
وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة فيظهر إعراب راء (أكبر) لكن الأحوط
عدم الوصل فيه أيضا. كما أن الأحوط تفخيم اللام من (الله) والراء من (أكبر)
وإن كان الأقوى جواز تركه.
(مسألة 744) الظاهر بحسب الروايات أنه يجوز أن يكبر بنية افتتاح الصلاة
تكبيرة واحدة أو ثلاث أو خمس أو سبع فإذا نوى الافتتاح بالثلاث مثلا لا يتحقق
التحريم إلا بعد تمام الثالثة لكن الاحتياط لا يترك بأن يأتي بالسبع برجاء المطلوبية أو
مطلق الذكر ويجعل ما للافتتاح والاحرام السابعة فإن أراد أن يأتي بها ولاء يأت بها
كذلك وإن أراد أن يأتي بها مع الفصل بالأدعية فيأت بالثلاث ولاء ثم يقول (اللهم
أنت الملك الحق لا إله إلا أنت سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي، إنه لا يغفر
الذنوب إلا أنت) ثم يأتي باثنتين ويقول (لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر
ليس إليك، والمهدي من هديت، لا ملجاء منك إلا إليك، سبحانك وحنانيك تباركت
وتعاليت، سبحانك رب البيت) ثم يأتي باثنتين ويقول
126

(وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، حنيفا مسلما وما أنا من المشركين. إن
صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من
المسلمين) ثم يشرع في الاستعاذة وسورة الحمد.
(مسألة 745) يستحب للإمام الجهر بتكبيرة الاحرام بحيث يسمع من خلفه،
والاخفات بالست الباقية.
(مسألة 746) يستحب رفع اليدين عند التكبير إلى الأذنين أو إلى حيال وجهه،
مبتدئا بالتكبير بابتداء الرفع ومنتهيا بانتهائه، والأولى أن لا يتجاوز الأذنين، وأن
يضم أصابع الكفين ويستقبل بباطنهما القبلة.
(مسألة 747) إذا كبر ثم شك في أنها تكبيرة الاحرام أو الركوع، بنى على الأول.
القيام
(مسألة 748) القيام ركن في تكبيرة الاحرام، وفي الركوع، وهو الذي يقع
الركوع عنه، وهو المعبر عنه بالقيام المتصل بالركوع، فمن أخل به في هاتين الصورتين
عمدا أو سهوا، بأن كبر للافتتاح وهو جالس، أو سهى وصلى ركعة تامة من
جلوس، أو ذكر حال الركوع وقام منحنيا بركوعه، أو ذكر قبل تمام الركوع وقام
متقوسا غير منتصب ولو ساهيا، بطلت صلاته. والقيام في غير هاتين الصورتين
واجب ليس بركن لا تبطل الصلاة بنقصانه إلا عن عمد، كالقيام حال القراءة، فمن
سهى وقراء جالسا ثم ذكر وقام فصلاته صحيحة، والأحوط الأولى استئناف القراءة
قائما. وكذا الزيادة، كما لو قام ساهيا في محل القعود.
(مسألة 749) يجب مع الامكان الاعتدال في القيام والانتصاب بحسب حال
المصلي، فلو انحنى أو مال إلى أحد الجانبين بطل، بل الأحوط الأولى نصب العنق وإن
كان الأقوى جواز إطراق الرأس. ولا يجوز الاستناد إلى شئ حال القيام مع الاختيار.
نعم لا بأس به مع الاضطرار، فيستند حينئذ على إنسان أو جدار أو خشبة أو غير
ذلك، ولا يجوز القعود مستقلا مع التمكن من القيام مستندا.
127

(مسألة 750) يعتبر في القيام عدم التفريج الفاحش بين الرجلين، بحيث يخرج
عن صدق القيام.
(مسألة 751) لا يجب التسوية بين الرجلين في الاعتماد. نعم الأحوط الوقوف
على القدمين، لا على قدم واحدة، ولا على الأصابع، ولا على أصل القدمين.
(مسألة 752) إذا لم يقدر على القيام أصلا ولو مستندا أو منحنيا أو منفرجا، ولا
على جميع أنواع القيام حتى الاضطراري منه بجميع أشكاله، صلى من جلوس، وكان
انتصابه جالسا كانتصابه قائما، فلا يجوز فيه الاستناد والتمايل مع التمكن من الاستقلال
والانتصاب، ويجوز مع الاضطرار. ومع تعذر الجلوس أصلا يصلي مضطجعا على
الجانب الأيمن كالمدفون، فإن تعذر فعلى الأيسر عكس الأول، فإن تعذر صلى
مستلقيا كالمحتضر.
(مسألة 753) إذا تمكن من القيام ولم يتمكن من الركوع قائما، صلى قائما ثم
جلس وركع جالسا، وإن لم يتمكن من الركوع والسجود أصلا حتى جالسا، صلى
قائما وأومى للركوع والسجود، والأحوط فيما إذا تمكن من الجلوس أن يكون إيماؤه
للسجود جالسا، بل الأحوط رفع ما يصح السجود عليه ووضع الجبهة عليه إن أمكن.
(مسألة 754) إذا قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع، وجب أن يقوم إلى
أن يحس من نفسه العجز فيجلس، ثم إذا أحس من نفسه القدرة على القيام قام، وهكذا.
(مسألة 755) يجب الاستقرار في القيام وغيره من أفعال الفريضة كالركوع
والسجود والقعود، فمن تعذر عليه الاستقرار وكان متمكنا من الوقوف مضطربا قدمه
على القعود مستقرا، وكذا الركوع والذكر ورفع الرأس، فيأتي بكل منها مضطربا ولا
ينتقل إلى الجلوس وإن حصل به الاستقرار.
القراءة والذكر
(مسألة 756) يجب في الركعة الأولى والثانية من الفرائض قراءة سورة الحمد بل
وسورة كاملة عقيبها، ولو قدمها على الفاتحة عمدا استأنف الصلاة، والأحوط أن يتدارك الترتيب ويتم صلاته ثم يستأنفها. ولو قدمها سهوا وذكر قبل
128

الركوع، فإن لم يكن قرأ
الفاتحة بعدها، أعادها بعد أن يقرأ الفاتحة، وإن قرأها بعدها، أعادها دون الفاتحة.
(مسألة 757) يجوز ترك السورة في بعض الأحوال، بل قد يجب مع ضيق الوقت
والخوف ونحوهما من حالات الضرورة.
(مسألة 758) يجب قراءة الحمد في النوافل كالفرائض، بمعنى كونها شرطا في
صحتها. وأما السورة فلا تجب في شئ من النوافل وإن وجبت بالعارض بالنذر ونحوه.
نعم النوافل التي وردت في كيفيتها سور خاصة تعتبر فيها، إلا إذا علم أن تلك السورة
شرط لكمالها لا لأصل مشروعيتها وصحتها.
(مسألة 759) الأقوى جواز قراءة أكثر من سورة واحدة في ركعة في الفريضة
لكن على كراهية، وإن كان الأحوط تركها، بخلاف النافلة فلا كراهة فيها.
(مسألة 760) لا تجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال، فإن
فعله عامدا بطلت صلاته بقراءة ما يوجب التفويت، وإن كان سهوا عدل إلى غيرها
مع سعة الوقت، وإن ذكر بعد الفراغ منها وقد فات الوقت، أتم صلاته.
(مسألة 761) لا تجوز قراءة إحدى سور العزائم، وتبطل الصلاة بقراءة آية السجدة
منها عمدا، وبطلانها بقراءة غيرها من آيات تلك السور محل إشكال، فلا يترك الاحتياط
بالاتمام والإعادة. ولو قرأ سورتها سهوا حتى وصل إلى آية السجدة، أو استمع إلى الآية
وهو في الصلاة، فالأحوط أن يومئ للسجود وهو في الصلاة ثم يسجد بعد فراغه.
(مسألة 762) البسملة جزء من كل سورة، فيجب قراءتها، عدا سورة براءة.
(مسألة 763) سورتا (الفيل ولايلاف) سورة واحدة، وكذلك (والضحى
وألم نشرح) فلا تجزي واحدة منها، بل لا بد من الجمع بينهما بالترتيب مع البسملة
التي بينهما.
(مسألة 764) يجب تعيين السورة عند الشروع في البسملة على الأحوط، ولو
عين سورة ثم عدل إلى غيرها، يجب إعادة البسملة للمعدول إليها، وإذا عين سورة
عند البسملة ثم نسيها ولم يدر ما عين، أعادها مع تعيين سورة.
129

(مسألة 765) إذا كان بانيا من أول الصلاة أن يقرأ سورة معينة فنسي وقرأ
غيرها، أو كانت عادته قراءة سورة فقرأ غيرها، كفى، ولم تجب إعادة السورة.
(مسألة 766) يجوز العدول اختيارا من سورة إلى غيرها ما لم يبلغ النصف، عدا
التوحيد والجحد، فإنه لا يجوز العدول منهما إلى غيرهما، ولا من إحداهما إلى
الأخرى بمجرد الشروع. نعم يجوز العدول منهما إذا شرع فيهما نسيانا إلى الجمعة
والمنافقين، في الجمعة وظهر يوم الجمعة، ما لم يبلغ النصف.
(مسألة 767) يجب الاخفات بالقراءة عدا البسملة في الظهر والعصر، في غير
يوم الجمعة فالمستحب بل الأحوط فيه الجهر بها في صلاة الجمعة بل وفي ظهره أيضا
على الرجال، ويجب على الرجال الجهر بها في الصبح وأوليي المغرب والعشاء، فمن
عكس عامدا بطلت صلاته، ويعذر الناسي والجاهل بالحكم من أصله غير الملتفت
للسؤال، بل لا يعيدان ما وقع منهما من القراءة بعد ارتفاع العذر في الأثناء، وكذا
العالم به في الجملة إلا أنه جهل محله أو نسيه. وأما الجاهل الملتفت التارك للسؤال
عمدا، فالأحوط أن يستأنف.
(مسألة 768) لا جهر على النساء، بل يتخيرن بينه وبين الاخفات مع عدم
الأجنبي ومعه فالأحوط إخفاتهن، أما الاخفات فيجب عليهن فيما يجب على الرجال،
ويعذرن فيما يعذرون فيه.
(مسألة 769) يستحب للرجل الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد والسورة، كما
يستحب له الجهر بالقراءة في ظهر يوم الجمعة.
(مسألة 770) الأحوط اعتبار عدم سماع البعيد في الاخفات وسماع القريب في
الجهر كما هو المتعارف فيهما. ولا يجوز الافراط في الجهر كالصياح، كما لا يجوز
الاخفات بحيث لا يسمع نفسه مع عدم المانع.
(مسألة 771) تجب القراءة الصحيحة، فلو أخل عامدا بحرف أو حركة أو تشديد
أو نحو ذلك، بطلت صلاته. ومن لا يحسن الفاتحة أو السورة، يجب عليه تعلمهما.
(مسألة 772) المدار في صحة القراءة على أداء الحروف من مخارجها بنحو يعده
أهل اللغة مؤديا للحرف الفلاني دون حرف آخر، ومراعاة حركات البنية، وما له دخل
130

في هيئة الكلمة، والحركات والسكنات الاعرابية والبنائية كما ضبطه علماء العربية،
والتشديد والمد الواجب فيما يتوقف عليه أداء الكلمة صحيحة، وحذف همزة الوصل
في الدرج كهمزة (أل‍) وهمزة (إهدنا) وإثبات همزة القطع كهمزة (أنعمت).
(مسألة 773) لا يلزم مراعاة تدقيقات علماء التجويد في تعيين مخارج الحروف،
فضلا عما يرجع إلى صفاتها من الشدة والرخاوة والتفخيم والترقيق وغير ذلك، ولا
الادغام الكبير وهو إدراج الحرف المتحرك بعد إسكانه في حرف مماثل له من كلمتين
مثل (يعلم ما بين أيديهم) بإدراج الميم في الميم، بل الأحوط ترك الادغام في
الحرفين المتقاربين من كلمة واحدة مثل (يرزقكم) و (زحزح عن النار) بإدراج
القاف في الكاف والحاء في العين. ولا تجب بعض أقسام الادغام الصغير كإدراج
الساكن الأصلي فيما يقاربه مثل (من ربك) نعم الأحوط ترك الوقف على المتحرك،
والوصل بالسكون، وإدغام التنوين والنون الساكنة في حروف (يرملون) وإن كان
المترجح في النظر عدم لزوم شئ مما ذكر.
(مسألة 774) الأحوط القراءة بإحدى القراءات السبع، وإن كان الأقوى عدم
وجوبها وكفاية القراءة على النهج العربي، وإن خالفهم في حركة بنية أو اعراب.
(مسألة 775) يجوز قراءة (مالك يوم الدين) و (ملك يوم الدين)، ولعل
الثاني أرجح، وكذا يجوز في (الصراط) أن يقرأ بالصاد والسين وفي (كفوا أحد)
وجوه أربعة بضم الفاء أو سكونه مع الهمزة أو الواو، والأرجح أن يقرأ بالهمزة مع ضم
الفاء، وأدونها بالواو مع إسكان الفاء.
(مسألة 776) من لا يقدر إلا على الملحون أو تبديل بعض الحروف ولا يستطيع
أن يتعلم، يجزيه ذلك ولا يجب عليه الائتمام، وإن كان أحوط، بخلاف من كان قادرا
على التصحيح والتعلم ولم يتعلم، فإنه يجب عليه الائتمام على الأحوط إن لم يتعلم
وضاق الوقت، وفي الوقت الموسع مخير بين الائتمام والتعلم.
(مسألة 777) يتخير فيما عدا الركعتين الأوليين من فرائضه بين الذكر والفاتحة،
والأفضل الذكر للمأموم والأولى للإمام القراءة والمنفرد مخير بينهما وإن كان الأولى له
اختيار الذكر، وصورته (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)
131

ويجب المحافظة على العربية، ويجزي أن يقول ذلك مرة واحدة، والأحوط التكرار
ثلاثا، فتكون اثنتي عشرة تسبيحة. والأولى إضافة الاستغفار إليها. ويلزم الاخفات
في الذكر وفي القراءة، حتى البسملة على الأحوط إذا اختار الاتيان بها بدل الذكر،
وله القراءة في ركعة والذكر في الأخرى.
(مسألة 778) إذا قصد التسبيح مثلا فسبق لسانه إلى القراءة، فالأحوط عدم
الاجتزاء به، أما لو فعل ذلك غافلا من غير قصد إلى أحدهما، اجتزاء به مع الالتفات
إلى عنوان الحمد أو التسبيح وقصد القربة، وإن كان من عادته خلافه، بل وإن كان
عازما من أول الصلاة على غيره، والأحوط استيناف غيره.
(مسألة 779) إذا قرأ الفاتحة بتخيل أنه في الأوليين فتبين أنه في الأخيرتين، كفاه،
وكذا لو قرأها بتخيل أنه في الأخيرتين فتبين كونه في الأوليين.
(مسألة 780) الأحوط أن لا يزيد على ثلاث تسبيحات إلا بقصد الذكر المطلق.
(مسألة 781) يستحب قراءة (عم يتساءلون، أو هل أتى، أو الغاشية، أو
القيامة) وأشباهها في صلاة الصبح. وقراءة (سبح اسم، أو والشمس) ونحوهما
في الظهر والعشاء، وقراءة (إذا جاء نصر الله، وألهاكم التكاثر) في العصر والمغرب.
وقرأة سورة الجمعة في الركعة الأولى، والمنافقين في الثانية، في الظهر والعصر من يوم
الجمعة. وكذا في صبح يوم الجمعة، أو يقرأ فيها في الأولى الجمعة، وفي الثانية التوحيد.
وكذا في العشاء في ليلة الجمعة يقرأ في الأولى الجمعة وفي الثانية المنافقين. وفي مغربها
الجمعة في الأولى والتوحيد في الثانية. كما أنه يستحب في كل صلاة قراءة إنا أنزلناه في
الأولى، والتوحيد في الثانية.
(مسألة 782) إذا أراد التقدم أو التأخر أو الانحناء لغرض من الأغراض حال
القراءة أو الأذكار، يجب أن يسكت حال الحركة، لكن لا يضر مثل تحريك اليد أو
أصابع الرجلين، وإن كان الترك أولى. وإذا تحرك حال القراءة قهرا، فالأحوط إعادة
ما قرأه في تلك الحالة.
(مسألة 783) إذا شك في صحة قراءة آية أو كلمة بعد الفراغ منها، فالأقوى
صحتها وإن كان الأحوط إعادتها، وتجوز إعادتها بقصد الاحتياط مع التجاوز. ولو
شك ثانيا أو ثالثا، فلا بأس بتكرارها، ما لم يكن عن وسوسة فلا يعتن بالشك.
132

الركوع
(مسألة 784) يجب في كل ركعة من الفرائض اليومية ركوع واحد، وهو ركن
تبطل الصلاة بزيادته ونقصانه عمدا وسهوا، إلا في الجماعة للمتابعة. ولا فيه من
الانحناء المتعارف بحيث تصل اليد إلى الركبة، والأحوط وصول الراحة إليها، فلا يكفي
مسمى الانحناء.
(مسألة 785) من لم يتمكن من الانحناء اعتمد، فإن لم يتمكن ولو بالاعتماد أتى
بالممكن منه، ولا ينتقل إلى الركوع جالسا إلا إذا لم يتمكن من الانحناء أصلا،
والأحوط صلاة أخرى بالايماء قائما، فإن لم يتمكن من الركوع جالسا أجزأ الايماء
برأسه قائما، فإن لم يتمكن غمض عينيه للركوع وفتحهما للرفع منه، وركوع الجالس
بالانحناء الذي يحصل به مسماه عرفا، ويتحقق بانحنائه بحيث يساوي وجهه ركبتيه،
والأفضل له الزيادة على ذلك بحيث يحاذي مسجده.
(مسألة 786) يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع، فلو انحنى بقصد وضع
شئ على الأرض مثلا، لا يكفي في جعله ركوعا، لب لا بد من القيام ثم الانحناء للركوع.
(مسألة 787) من كان كالراكع خلقة لعارض، إن تمكن من الانتصاب ولو
بالاعتماد لتحصيل القيام الواجب ليركع عنه، وجب، وإن لم يتمكن من الانتصاب
التام فالانتصاب في الجملة وما هو أقرب إلى القيام ليركع عنه. وإن لم يتمكن أصلا،
وجب أن ينحني أكثر مما هو عليه إذا لم يخرج بذلك عن حد الركوع. وإن لم يتمكن
من ذلك، بأن لم يقدر على زيادة الانحناء أو كان إنحناؤه بالغا أقصى مراتب الركوع
بحيث لو زاد خرج عن حد الركوع بانحنائه، نوى الركوع بانحنائه، والأحوط أن يومئ
برأسه إن لم يتمكن من الركوع جالسا، وإلا فالأحوط تكرار الصلاة، ومع الدوران لا
يبعد تقديم الركوع عن جلوس على الايماء والغمض وقصد الركوع بانحنائه.
(مسألة 788) إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود وتذكر قبل وضع جبهته على
الأرض، رجع إلى القيام ثم ركع، ولا يكفي أن يقوم منحنيا إلى حد الركوع. ولو
تذكر بعد الدخول في السجدة الأولى أو بعد رفع الرأس منها، فالأحوط العود إلى
الركوع عن قيام، والأقوى عدم وجوب إعادة الصلاة.
133

(مسألة 789) إذا انحنى بقصد الركوع فلما وصل إلى حده نسي وهوى
إلى السجود، فإن تذكر قبل أن يخرج عن حده، بقي على تلك الحال مطمئنا
وأتى بالذكر. وإن تذكر بعد خروجه عن حده، فالأقوى وجوب القيام بقصد
الرفع عن الركوع ثم الهوي إلى السجود، لكن لا يترك الاحتياط بإتمام الصلاة
ثم إعادتها.
(مسألة 790) يجب الذكر في الركوع، والأقوى كفاية مطلق الذكر بشرط أن
لا يكون أقل من ثلاث تسبيحات صغريات وهي (سبحان الله) وتجزي
التسبيحة الكبرى التامة عن التثليث وهي (سبحان ربي العظيم وبحمده) وهي
الأحوط الأولى، وأحوط منه تكريرها ثلاثا.
(مسألة 791) تجب الطمأنينة حال الذكر الواجب، فإن تركها عمدا بطلت
صلاته بخلاف السهو، وإن كان الأحوط الاستيناف معه أيضا. ولو شرع بالذكر
الواجب عامدا قبل الوصول إلى حد الراكع أو بعده قبل الطمأنينة أو أتمه حال الرفع
قبل الخروج عن اسم الركوع أو بعده، لم يجز فالأحوط حينئذ إتمام صلاته ثم
استئنافها. ولو لم يتمكن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت، لكن يجب عليه إكمال
الذكر الواجب قبل الخروج عن مسمى الركوع.
(مسألة 792) يجب رفع الرأس من الركوع حتى ينتصب قائما مطمئنا، فلو سجد
قبل ذلك عامدا، بطلت صلاته.
(مسألة 793) يستحب التكبير للركوع وهو قائم منتصب، والأحوط عدم
تركه، ويستحب رفع اليدين حال التكبير، ووضع الكفين مفرجات الأصابع على
الركبتين حال الركوع، والأحوط عدم تركه مع الامكان. وكذا يستحب رد الركبتين إلى
الخلف، وتسوية الظهر، ومد العنق، والتجنيح بالمرفقين، وأن تضع المرأة يديها
على فخذيها فوق الركبتين، واختيار التسبيحة الكبرى وتكرارها ثلاثا أو خمسا أو
سبعا، بل أكثر، وأن يقول بعده (سمع الله لمن حمده) وأن يكبر للسجود ويرفع يديه
له. ويكره أن يطأطئ رأسه حال الركوع، وأن يضم يديه إلى جنبه، وأن يدخل
يديه بين ركبتيه.
134

السجود
(مسألة 794) يجب في كل ركعة سجدتان، وهما معا ركن تبطل الصلاة
بزيادتهما معا في الركعة الواحدة ونقصانهما كذلك عمدا أو سهوا، فلو أخل سهوا
بواحدة فقط زيادة أو نقصانا، فلا بطلان. ولا بد فيه من الانحناء ووضع الجبهة على
وجه يتحقق به مسماه، وعلى هذا مدار الركنية والزيادة العمدية والسهوية، وإن كان
يعتبر في السجود أمور أخرى لكن لا مدخلية لها في ركنيته.
(مسألة 795) يعتبر في السجود أيضا السجود على ستة أعضاء: الكفين والركبتين
والابهامين. ويجب الباطن في الكفين، والأحوط الاستيعاب العرفي. أما مع الضرورة
فيجزي مسمى الباطن. ولو لم يقدر إلا على ضم أصابعه إلى كفه والسجود عليها،
يجتزئ به، ومع تعذر ذلك كله يجزي ظاهرها، ومع عدم إمكانه أيضا لكونه مقطوع
الكف أو لغير ذلك، ينتقل إلى الأقرب فالأقرب من الكف. ويجب صدق مسمى السجود
على ظاهر الركبتين وإن لم يستوعبه، أما الابهامان فالأحوط أن يكون على طرفيهما.
(مسألة 796) لا يجب الاستيعاب في الجبهة، بل يكفي صدق السجود على
مسماها، ويتحقق بمقدار الدرهم، والأحوط عدم الأقل منه. كما أن الأحوط كونه
مجتمعا لا متفرقا، وإن كان الأقوى جوازه، فيجوز على السبحة غير المطبوخة إذا كان
مجموع ما وقع عليه الجبهة بمقدار الدرهم. ولا بد من رفع ما يمنع من مباشرة الجبهة
لمحل السجود إن كان له جرم بحيث لا يحسب من تغير اللون. ولو لصق بجبهته تربة
أو تراب أو حصاة ونحوها في السجدة الأولى، يجب إزالتها للسجدة الثانية على
الأحوط إن لم يكن أقوى.
(مسألة 797) المراد بالجبهة هنا ما بين قصاص الشعر وطرف الأنف الأعلى
والحاجبين طولا، وما بين الجبينين عرضا.
(مسألة 798) الأقوى أنه لا يجب في السجود أكثر مما يتوقف عليه مسمى
السجود، وإن كان الأحوط الاعتماد على الأعضاء السبعة، ولا يجب مساواتها في
الاعتماد، ولا يضر مشاركة غيرها معها فيه كالذراع مع الكفين، وسائر أصابع
الرجلين مع الابهامين.
135

(مسألة 799) يجب في السجود الذكر على نحو ما تقدم في الركوع، وهنا يبدل
(العظيم) ب‍ (الأعلى) في التسبيحة التامة الكبرى.
(مسألة 800) وتجب فيه الطمأنينة بمقدار الذكر، كما في الركوع.
(مسألة 801) يجب أن تكون المساجد السبعة في محالها حال الذكر، ولا بأس
برفع غير الجبهة في غير حال الذكر عمدا فضلا عن السهو، من غير فرق بين كونه
لغرض كالحك ونحوه، أم لا.
(مسألة 802) يجب وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، من الأرض أو ما
ينبت منها غير المأكول والملبوس على ما مر.
(مسألة 803) يجب رفع الرأس من السجدة الأولى معتدلا مطمئنا.
(مسألة 804) يجب أن ينحني للسجود حتى يساوي موضع جبهته موقفه، فلو
ارتفع أحدهما على الآخر، لم تصح الصلاة، إلا أن يكون التفاوت بينهما قدر لبنة
موضوعة على سطحها الأكبر، أو أربع أصابع مضمومات فلا بأس به حينئذ، ولا
يعتبر التساوي في باقي المساجد لا في بعضها مع بعض ولا بالنسبة إلى الجبهة، ما لم
يخرج السجود بعدم تساوي المحل عن مسماه.
(مسألة 805) المراد بالموقف الذي يجب عدم التفاوت بينه وبين موضع الجبهة
أكثر من مقدار لبنة: ما وقع عليه اعتماد أسافل البدن في حال السجود وهو الركبتان،
بل إبهاما القدمين أيضا على الأحوط.
(مسألة 806) إذا وقعت جبهته سهوا على مكان مرتفع أكثر من الحد فإن كان
الارتفاع بمقدار لا يصدق معه السجود عرفا، جاز رفعها ووضعها ثانيا. والأحوط
وجوبا ترك جرها هنا وإن كان بمقدار يصدق معه السجدة عرفا، فالأحوط جرها إلى
الأسفل، ولو لم يمكن فالأحوط الرفع والوضع، ولا يبعد عدم وجوب الإعادة وإن
كان أحوط، وأحوط منه الاتيان بالذكر في الموضع المرتفع ثم الرفع والوضع وإتمام
الصلاة، ثم الإعادة. هذا كله في غير العمد، وأما فيه فالظاهر وجوب الاستيناف
عليه دون الاتمام.
136

(مسألة 807) إذا وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه عامدا، فالظاهر
بطلان صلاته بمجرد الوضع عليه إذا صدق على ذلك السجود، ويجب عليه استئنافها
من دون إتمامها. أما إذا وضعها غير عامد فيجرها عنه جرا إلى ما يجوز السجود عليه،
وليس له رفعها عنه لأنه يستلزم زيادة سجدة. وإذا لم يمكن إلا الرفع المستلزم لذلك
فالأحوط إتمام صلاته ثم استئنافها. نعم لو كان الالتفات إليه بعد الاتيان بالذكر
الواجب أو بعد رفع الرأس من السجود، كفاه الاتمام، على إشكال في الأول، فلا
يترك الاحتياط بإعادة الذكر، بل إعادة الصلاة أيضا.
(مسألة 808) من كان في جبهته علة كالدمل، فإن لم يستوعبها وأمكن وضع
الموضع السليم منها على الأرض ولو بحفر حفيرة وجعل الدمل فيها، وجب، وإن
استوعبها أو لم يمكن وضع الموضع السليم منها عليها ولو بحفر حفيرة، سجد على أحد
الجبينين، والأحوط تقديم الأيمن على الأيسر. وإن تعذر سجد على ذقنه. فإن تعذر
اقتصر على الانحناء الممكن، والأحوط ضم الايماء بالرأس إليه رجاء.
(مسألة 809) إذا ارتفعت الجبهة عن الأرض قهرا وعادت إليها قهرا، لم تتكرر
السجدة، فإن كان ارتفاعها قبل الاستقرار الذي به يتحقق مسمى السجود، يأتي
بالذكر وجوبا، والأحوط الأولى الاتمام ثم الإعادة. وإن كان بعد الاستقرار وقبل
الذكر، فالأحوط أن يأتي به بنية القربة المطلقة. هذا إذا كان عودها قهرا، بأن لم يقدر
على إمساكها بعد ارتفاعها، وأما مع القدرة عليه ففي الصورة الأولى حيث لم تتحقق
السجدة بوصول الجبهة، يجب أن يأتي بها إما بأن يعود من حيث ارتفع أو يجلس ثم
يسجد. وأما في الصورة الثانية فيحسب الوضع الأول سجدة، فيجلس ويأتي بالأخرى
إن كانت الأولى ويكتفي بها إن كانت الثانية.
(مسألة 810) إذا عجز عن السجود انحنى بقدر ما يتمكن، ورفع المسجد إلى
جبهته واضعا للجبهة عليه باعتماد، محافظا على الذكر الواجب والطمأنينة، ووضع باقي
المساجد في محالها. وإن لم يتمكن من الانحناء أصلا أوماء إليه برأسه، فإن لم يتمكن
فبعينيه، والأحوط له رفع المسجد مع ذلك إذا تمكن من وضع جبهته عليه، بل لا
يترك الاحتياط في وضع ما يتمكن منه من المساجد في محله. وإن لم يتمكن من جميع
ذلك ينوي بقلبه جالسا إن تمكن، وإلا فقائما، والأحوط الإشارة باليد إن أمكن:
137

(مسألة 811) يستحب التكبير حال القيام من الركوع للأخذ في السجود،
وللرفع من السجود. ويستحب السبق باليدين إلى الأرض عند الهوي إليه.
واستيعاب الجبهة على ما يصح السجود عليه. والارغام بمسمى الأنف على مسمى ما
يصح السجود عليه، والأحوط عدم تركه. ويستحب تسوية موضع الجبهة مع الموقف
بل جميع المساجد، وبسط الكفين مضمومتي الأصابع حتى الابهام حذاء الأذنين
مستقبلا بهما القبلة. والتجافي حال السجود بمعنى رفع البطن عن الأرض. والتجنيح
بأن يرفع مرفقيه عن الأرض مفرجا بين عضديه وجنبيه، مبعدا يديه عن بدنه،
جاعلا يديه كالجناحين. والدعاء بالمأثور قبل الشروع في الذكر وبعد رفع الرأس من
السجدة الأولى. واختيار التسبيحة الكبرى وتكرارها، وختم تسبيحاته بالوتر.
والدعاء في السجود الأخير بما يريد من حاجات الدنيا والآخرة خصوصا طلب الرزق
الحلال، بأن يقول (يا خير المسؤولين ويا خير المعطين ارزقني وارزق عيالي من
فضلك فإنك ذو الفضل العظيم) والتورك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما، بأن
يجلس على فخذه الأيسر جاعلا ظهر القدم اليمنى على بطن اليسرى. وأن يقول بين
السجدتين (أستغفر الله ربي وأتوب إليه) ووضع اليدين حال الجلوس على
الفخذين اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى. والجلوس مطمئنا بعد رفع الرأس من
السجدة الثانية قبل أن يقوم، وهو المسمى بجلسة الاستراحة، بل الأحوط لزوما عدم
تركها. وأن يقول إذا أراد النهوض إلى القيام (بحول الله وقوته أقوم وأقعد) أو
يقول (اللهم بحولك وقوتك أقوم وأقعد) وأن يعتمد على يديه عند النهوض من غير
عجن بهما، أي لا يقبضهما بل يبسطهما على الأرض.
سجدتا التلاوة والشكر
(مسألة 812) يجب السجود عند تلاوة آيات أربع، في السور الأربع: آخر
النجم، والعلق (ولا يستكبرون) في ألم تنزيل (وتعبدون) في سورة فصلت. وكذا
عند استماعها بل سماعها على الأحوط. والسبب مجموع الآية، فلا يجب بقراءة بعضها
ولو لفظ السجدة منها، وإن كان أحوط. ووجوبها فوري، ولو أخرها ولو عصيانا،
يجب الاتيان بها أيضا.
138

(مسألة 813) يتكرر السجود بتكرر السبب مع التعاقب وتخلل السجود قطعا،
بل لا يترك الاحتياط مع عدم التعاقب أو عدم تخلل السجود.
(مسألة 814) إذا قرأها أو استمعها في حال السجود، يجب رفع الرأس منه ثم
الوضع، ولا يكفي البقاء بقصده ولا الجر إلى مكان آخر، وكذا إذا كانت جبهته على
الأرض لا بقصد السجدة فاستمع أو قرأ آية السجدة.
(مسألة 815) الظاهر أنه يعتبر في وجوب السجدة على المستمع كون المسموع
صادرا بعنوان التلاوة ونية القرآنية، فلو تكلم شخص بالآية لا بقصد القرآنية، لا
يجب السجود بسماعه. أما لو سمعها من صبي غير مميز أو من نائم أو من جهاز تسجيل،
فلا يترك الاحتياط إذا صدقت على ذلك قراءة الآية.
(مسألة 816) يعتبر في السماع تمييز الحروف والكلمات، فلا يكفي سماع الهمهمة،
وإن كان أحوط.
(مسألة 817) يعتبر في هذا السجود بعد تحقق مسماه، النية، وإباحة المكان،
والسجود على الأعضاء السبعة والأحوط وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه، بل
اعتبار عدم كونه مأكولا وملبوسا لا يخلو من قوة. ولا يعتبر فيه الاستقبال، ولا
الطهارة من الحدث، ولا من الخبث، ولا طهارة موضع الجبهة، ولا ستر العورة،
فضلا عن صفات الساتر.
(مسألة 818) ليس في هذا السجود تشهد ولا تسليم، بل ولا تكبيرة افتتاح.
نعم يستحب التكبير للرفع منه، ولا يجب فيه الذكر وإن استحب، ويكفي فيه كل ما
قال، والأولى أن يقول (لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا، لا إله
إلا الله عبودية ورقا، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا، لا مستنكفا ولا مستكبرا، بل
أنا عبد ذليل خائف مستجير).
(مسألة 819) السجود الله عز وجل في نفسه من أعظم العبادات، بل ما عبد الله
تعالى بمثله، وما من عمل أشد على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجدا، لأنه أمر
بالسجود فعصى، وهذا أمر بالسجود فأطاع ونجى، وأقرب ما يكون العبد إلى ربه
وهو ساجد.
139

(مسألة 820) يستحب السجود أكيدا شكرا لله تعالى، عند تجدد كل نعمة، ودفع
كل نقمة، وعند تذكرهما، وللتوفيق لأداء كل فريضة أو نافلة، بل كل فعل خير حتى
الصلح بين اثنين. ويجوز الاقتصار على سجدة واحدة، والأفضل أن يأتي بسجدتين،
بمعنى الفصل بينهما بتعفير الخدين أو الجبينين. ويكفي في هذا السجود مجرد وضع الجبهة مع
النية، والأحوط فيه وضع المساجد السبعة، ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه،
بل اعتبار عدم كونه ملبوسا أو مأكولا لا يخلو من قوة كما تقدم في سجود التلاوة.
ويستحب فيه افتراش الذراعين، وإلصاق الجؤجؤ والصدر والبطن بالأرض. ولا يشترط
فيه الذكر وإن استحب أن يقول (شكرا لله) أو (شكرا شكرا) مأة مرة، ويكفي
ثلاث مرات بل مرة واحدة، وأحسن ما يقال فيه ما ورد عن مولانا الكاظم عليه السلام: قل
وأنت ساجد (اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك أنك
أنت الله ربي، والاسلام ديني، ومحمدا نبيي، وعليا والحسن والحسين (تعدهم إلى
آخرهم) أئمتي، بهم أتولى، ومن أعدائهم أتبرأ. اللهم إني أنشدك دم المظلوم (ثلاثا)
اللهم إني أنشدك بإيوائك (بوأيك) على نفسك لأعدائك لتهلكنهم بأيدينا وأيدي
المؤمنين. اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوك وعدوهم،
أن تصلي على محمد وعلى المستحفظين من آل محمد (ثلاثا) اللهم إني أسألك اليسر
بعد العسر (ثلاثا) ثم تضع خدك الأيمن على الأرض وتقول: يا كهفي حين تعييني
المذاهب، وتضيق علي الأرض بما رحبت، يا بارئ خلقي رحمة بي وقد كنت عن خلقي
غنيا، صل على محمد وعلى المستحفظين من آل محمد (ثم تضع خدك الأيسر وتقول)
يا مذل كل جبار، ويا معز كل ذليل، قد وعزتك بلغ مجهودي (ثلاثا، ثم تقول) يا
حنان يا منان، يا كاشف الكرب العظام (ثم تعود إلى السجود فتقول مأة مرة) شكرا
شكرا، ثم تسأل حاجتك تقضى إن شاء الله).
التشهد
(مسألة 821) يجب التشهد في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة،
وفي الثلاثية والرباعية مرتين: الأولى بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة
الثانية، والثانية بعد رفع الرأس منها في الركعة الأخيرة. وهو واجب
140

غير ركن، فلو تركه عمدا بطلت الصلاة دون السهو، وإن وجب عليه قضاؤه بعد الفراغ كما يأتي في
الخلل. والواجب فيه الشهادتان ثم الصلاة على محمد وآله، وعبارته (أشهد أن لا
(إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد
وآل محمد) ولا يكفي أقل منها على الأقوى.
(مسألة 822) يستحب الابتداء قبله بقول (الحمد لله) أو بقول (بسم الله
وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله) أو (الأسماء الحسنى كلها لله) وأن يقول بعد
الصلاة على النبي وآله في التشهد الأول (وتقبل شفاعته في أمته وارفع درجته).
(مسألة 823) يجب فيه اللفظ الصحيح الموافق لقواعد العربية، ومن عجز عنه
وجب عليه تعلمه.
(مسألة 824) يجب الجلوس مطمئنا حال التشهد بأي كيفية كان، إلا الاقعاء
فالأقوى كراهته، وهو أن يعتمد بصدر قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه.
ويستحب فيه التورك، كما يستحب ذلك بين السجدتين وبعدهما، كما مر.
التسليم
(مسألة 825) التسليم واجب في الصلاة وجزء منها بصيغتيه: الأولى (السلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين) والثانية (السلام عليكم) بإضافة (ورحمة الله
وبركاته) على الأحوط، والأحوط عدم ترك الثانية وإن أتى بالأولى. وأما (السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) فهي من توابع التشهد، لا يحصل بها تحليل من
الصلاة، ولا تبطل الصلاة بتركها عمدا فضلا عن السهو، لكن الأحوط المحافظة عليها.
(مسألة 826) يجب في التسليم العربية والاعراب، ويجب تعلمه كما مر في التشهد،
كما أنه يجب الجلوس حالته مطمئنا. ويستحب فيه التورك.
الترتيب
(مسألة 827) يجب الترتيب في أفعال الصلاة، فيجب تقديم تكبيرة الاحرام
على القراءة، والفاتحة على السورة، وهي على الركوع، وهو على السجود، وهكذا.
141

فمن صلى وقدم مؤخرا أو أخر مقدما عمدا، بطلت صلاته إذا كان ذلك في الأركان،
وكذا في السجدة الواحدة إذا قدمها. والأحوط في غيرهما إتمام الصلاة مرتبا ثم
إعادتها. وكذا تبطل لو قدم ركنا على ركن سهوا، أما لو قدم ركنا على ما ليس بركن
سهوا كما لو ركع قبل القراءة، فلا بأس ويمضي في صلاته. كما أنه لا بأس بتقديم غير
الأركان بعضها على بعض سهوا، أو غير الركن على الركن فيعود إلى ما يحصل به
الترتيب وتصح صلاته، كما إذا قدم التشهد على السجدتين سهوا، فيأتي به بعدهما
وتصح صلاته.
الموالاة
(مسألة 828) تجب الموالاة في أفعال الصلاة، بمعنى عدم الفصل بين أفعالها على
وجه تنمحي صورتها بحيث يصح سلب الاسم عنها، فلو ترك الموالاة بالمعنى المذكور
عمدا أو سهوا بطلت صلاته. والأحوط مراعاة الموالاة بمعنى المتابعة العرفية فلو تركها
عمدا تبطل الصلاة على الأحوط ولا تبطل بتركها سهوا.
(مسألة 829) كما تجب الموالاة في أفعال الصلاة تجب في القراءة والتكبير والذكر
والتسبيح الآيات والكلمات بل والحروف، فلو ترك الموالاة بين كلمات تكبيرة الاحرام
بحيث يوجب ذلك انمحاء اسم التكبير، بطلت صلاته، وفي غيرها فالأحوط الاتيان بها
ثانيا وإتمام الصلاة ثم الإعادة، ما لم يوجب التكرار محو اسم الصلاة، أو صورة الكلمة.
القنوت
(مسألة 830) يستحب القنوت في الفرائض اليومية، ويتأكد في الجهرية، بل
الأحوط عدم تركه فيها. ومحله قبل الركوع في الركعة الثانية بعد الفراغ من القراءة.
نعم لو نسيه أتى به بعد رفع الرأس من الركوع قبل الهوي إلى السجود، فإن لم يذكره
في هذا الحال وذكره بعد ذلك، فلا يأت به حتى يفرغ من صلاته فيأتي به حينئذ،
فإن لم يذكره إلا بعد انصرافه، فعله متى ذكره ولو طال الزمان. ولو تركه عمدا فلا
يأت به بعد محله.
142

(مسألة 831) يستحب القنوت في كل نافلة كما في الفريضة، بل هو في الوتر من
المؤكد. ومحله قبل الركوع بعد القراءة. وفي استحبابه في صلاة الشفع تأمل فالأحوط
الاتيان به رجاء.
(مسألة 832) لا يعتبر في القنوت قول مخصوص، بل يكفي فيه كل ما تيسر من
ذكر ودعاء وحمد وثناء، بل تجزي البسملة مرة واحدة، بل (سبحان الله) خمسا أو
ثلاث مرات، كما يجزي الاقتصار على الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله وسلم، ومثل قول (
اللهم اغفر لي) ونحو ذلك. نعم لا ريب في رجحان ما ورد عنهم عليهم السلام من الأدعية
فيه، بل والأدعية التي في القرآن وكلمات الفرج، ويجزي من المأثور (اللهم اغفر لنا
وارحمنا وعافنا واعف عنا إنك على كل شئ قدير) ويستحب فيه الجهر سواء كانت
الصلاة جهرية أو إخفاتية، إماما أو منفردا، بل أو مأموما إذا لم يسمع الإمام صوته.
(مسألة 833) لا يعتبر رفع اليدين في القنوت على إشكال، فالأحوط عدم تركه.
(مسألة 834) الأحوط ترك الدعاء بالملحون في القنوت وغيره إذا كان عمدا، إلا
مع عدم القدرة على الصحيح. أما الأذكار الواجبة، فلا يجوز فيها غير العربية الصحيحة.
التعقيب
(مسألة 835) يستحب التعقيب بعد الفراغ من الصلاة ولو نافلة، وإن كان في
الفريضة آكد، خصوصا في صلاة الغداة، وهو أبلغ في طلب الرزق من الضرب في
البلاد. والمراد به الاشتغال بالدعاء والذكر، بل كل قول حسن راجح شرعا بالذات،
من قرآن أو دعاء أو ثناء أو تنزيه، أو غير ذلك.
(مسألة 836) يعتبر في التعقيب أن يكون متصلا بالفراغ من الصلاة على وجه لا
يشاركه الاشتغال بشئ آخر، كالصنعة ونحوها مما تذهب به هيئته عند المتشرعة،
والأولى فيه الجلوس في مكانه الذي صلى فيه، والاستقبال والطهارة، ولا يعتبر فيه
قول مخصوص كما عرفت. نعم لا ريب في أن الأفضل والأرجح ما ورد عنهم عليهم السلام فيه
من الأدعية والأذكار مما تضمنته كتب الدعاء والأخبار خصوصا بحار الأنوار، وهي
بين مشتركات ومختصات، ونذكر نبذة يسيرة من المشتركات:
143

فمنها: التكبيرات الثلاث بعد التسليم رافعا بها يديه على هيئة غيرها من
التكبيرات. ومنها: تسبيح الزهراء عليها السلام الذي ما عبد الله بشئ من التحميد أفضل
منه، بل هو في كل يوم بعد كل صلاة أحب إلى الإمام الصادق عليه السلام من صلاة ألف ركعة
في كل يوم، ولم يلزمه عبد فشقي، وما قاله عبد قبل أن يثني رجليه من المكتوبة إلا
غفر الله له وأوجب له الجنة. وهو مستحب في نفسه وإن لم يكن في التعقيب، نعم هو
مؤكد فيه، وعند إرادة النوم لدفع الرؤيا السيئة. ولا يختص التعقيب به في الفرائض،
بل يستحب بعد كل صلاة. وكيفيته: أربع وثلاثون تكبيرة، ثم ثلاث وثلاثون تحميدة،
ثم ثلاث وثلاثون تسبيحة. ويستحب أن يكون تسبيح الزهراء عليها السلام بل كل تسبيح
بسبحة من طين القبر الشريف للحسين عليه السلام، ولو كانت مصنوعة ومطبوخة، بل
السبحة منه تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح، ويكتب له ذلك التسبيح وإن كان
غافلا، والأولى اتخاذها بعدد التكبير في خيط أزرق. ولو شك في عدد التكبير أو
التحميد أو التسبيح بنى على الأقل إن لم يتجاوز المحل، ولو سهى فزاد على عدد
التكبير أو غيره رفع اليد عن الزائد وبنى على الأربع وثلاثين أو الثلاث وثلاثين،
والأولى أن يبني على نقص واحدة ثم يكمل العدد.
ومنها: قول (لا إله إلا الله وحده وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وأعز
جنده، وغلب الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل
شئ قدير).
ومنها: (اللهم صل على محمد وآل محمد وأجرني من النار وارزقني الجنة وزوجني
من الحور العين).
ومنها: (اللهم اهدني من عندك، وأفض علي من فضلك، وانشر علي من
رحمتك، وأنزل علي من بركاتك).
ومنها: (أعوذ بوجهك الكريم وعزتك التي لا ترام، وقدرتك التي لا يمتنع منها
شئ، من شر الدنيا والآخرة، ومن شر الأوجاع كلها، ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم).
ومنها: (اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك، وأعوذ بك من كل شئ
أحاط به علمك، اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها، وأعوذ بك من خزي
الدنيا وعذاب الآخرة).
144

ومنها: قول (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) مأة مرة،
أو ثلاثين.
ومنها: قراءة آية الكرسي والفاتحة وآية (شهد الله أنه لا إله إلا هو) وآية (
قل اللهم مالك الملك).
ومنها: الاقرار بالنبي والأئمة عليهم السلام.
ومنها: سجود الشكر وقد مر.
(مسألة 837) تختص المرأة في الصلاة بآداب، منها: الزينة بالحلي، والخضاب،
والاخفات في قولها، والجمع بين قدميها في حال القيام، وضم ثدييها بيديها حاله،
ووضع يديها على فخذيها حال الركوع غير رادة ركبتيها إلى ورائها، والبدأة للسجود
بالقعود، وجمع نفسها حاله لاطئة بالأرض غير متجافية، والتربع في جلوسها مطلقا،
بخلاف الرجل في جميع ذلك كما مر.
مبطلات الصلاة
(مسألة 838) وهي أمور: الأول: الحدث الأصغر أو الأكبر، فإنه مبطل لها أينما
وقع فيها، ولو عند الميم من التسليم على الأقوى عمدا أو سهوا أو سبقا، عدا
المسلوس والمبطون والمستحاضة، كما مر.
(مسألة 839) الثاني: التكفير، وهو وضع إحدى اليدين على الأخرى نحو ما
يصنعه غيرنا، وهو مبطل على الأقوى مع العمد دون السهو، وإن كان الأحوط فيه
الاستئناف أيضا، ولا بأس به حال التقية.
(مسألة 840) الثالث: الالتفات بكل البدن إلى الخلف أو إلى اليمين أو الشمال،
بل وما بينهما على وجه يخرج به عن الاستقبال، فإن تعمد ذلك كله مبطل للصلاة،
بل الالتفات بكل البدن بما يخرج به عما بين المشرق والمغرب مبطل أيضا، حتى مع
السهو والقسر ولو بمرور شخص يزحمه ونحوه. نعم لا يبطلها الالتفات بالوجه يمينا
وشمالا مع بقاء البدن مستقبلا، إلا أنه مكروه والأحوط اجتنابه، بل في الالتفات
الفاحش إشكال، فلا يترك فيه الاحتياط.
145

(مسألة 841) الرابع: تعمد الكلام ولو بحرفين مهملين أو حرف مفهم مثل (ق)
أو (ل) فإنه مبطل للصلاة، ولا يبطلها ما وقع سهوا ولو لتخيل انتهاء الصلاة، كما أنه
لا بأس برد سلام التحية، بل هو واجب. نعم لا تبطل بترك الرد، وإنما عليه الإثم خاصة.
(مسألة 842) لا بأس بالذكر والدعاء وقراءة القرآن، غير ما يوجب السجود في
جميع أحوال الصلاة، والأحوط ترك الدعاء خطابا للغير، بأن يقول: غفر الله لك،
ومثله ما إذا قال للغير (صبحك الله بالخير) أو (مساك الله بالخير) إذا قصد
الدعاء، وأما إذا قصد مجرد التحية، فلا إشكال في عدم الجواز، كالابتداء بالسلام.
(مسألة 843) يجب أن يكون رد السلام في أثناء الصلاة بمثل ما سلم المسلم، أما
إذا قال المسلم (عليكم السلام) فالأحوط الرد بصيغة (سلام عليكم) وإن كان
الأقوى جواز الجواب بمثله أيضا. والأحوط المماثلة في التعريف والتنكير والافراد
والجمع. أما في غير الصلاة فيستحب الرد بالأحسن.
(مسألة 844) إذا سلم بالملحون وصدق على ذلك السلام، وجب الجواب
صحيحا.
(مسألة 845) لا يصدق رد التحية بقصد القرآن أو الدعاء، فمع تحقق السلام
حتى من المميز يجب الرد بقصد رد التحية، ومع الشك، فمقتضى القواعد عدم جوازه
في الصلاة.
(مسألة 846) إذا سلم على جماعة كان المصلي أحدهم فرد الجواب غيره، فلا
يجوز له الرد. وكذا إذا كان بين جماعة فسلم واحد عليهم وشك في أنه قصده أيضا أم
لا، فلا يجوز له رد الجواب.
(مسألة 847) يجب إسماع رد السلام في حال الصلاة وغيرها، بمعنى رفع الصوت
به على المتعارف، بحيث لو لم يكن مانع عن السماع لسمعه، وإذا كان المسلم بعيدا أو
أصم بحيث لا يسمع الصوت أصلا أو يحتاج إسماعه إلى المبالغة في رفعه فوجوب الرد
حينئذ غير معلوم، وكذا جوازه في الصلاة. نعم لو أمكن تنبيهه ولو بإشارة وجب ذلك.
(مسألة 848) تجب الفورية العرفية في الجواب، فلا يجوز تأخيرها على وجه لا
يصدق معه الجواب ورد التحية، فلو أخره عصيانا أو نسيانا إلى ذلك الحد سقط، فلا
146

يجوز في حال الصلاة ولا يجب في غيرها. ولو شك في بلوغ التأخير إلى ذلك الحد،
وجب في حال الصلاة، فضلا عن غيرها.
(مسألة 849) الابتداء بالسلام مستحب كفائي، كما أن رده واجب كفائي، فلو
دخل جماعة على جماعة يكفي في الاستحباب تسليم شخص واحد، وفي الجواب
جواب شخص واحد.
(مسألة 850) إذا سلم أحد على أحد شخصين ولم يعلما أيهما أراد، لا يجب الرد
على واحد منهما، ولا يجب عليهما الفحص والسؤال، وإن كان الأحوط الرد من كل
منهما، إذا كانا في غير الصلاة.
(مسألة 851) إذا سلم شخصان كل على الآخر يجب على كل منهما رد سلام
الآخر، حتى من وقع سلامه الأول عقيب سلام الآخر، حيث أنه لم يقصد به الرد.
ولو انعكس الأمر، بأن سلم كل منهما بعنوان الرد بتخيل أنه سلم عليه الآخر، فلا
ينبغي لهما ترك الرد لو تقارنا. وكذا لمن تقدم سلامه ولمن سلم عليه بتخيل أنه سلم،
وذلك لاحتمال أن يكون الرد غير المسبوق ب‍ (السلام عليك) عند العرف تحية تحتاج
إلى الجواب.
(مسألة 852) الخامس: من مبطلات الصلاة القهقهة ولو اضطرارا، نعم لا بأس
بها سهوا ما لم توجب محو اسم الصلاة، كما لا بأس بالتبسم عمدا. والقهقهة هي
الضحك المشتمل على الصوت والمد والترجيع، ويلحق بها المشتمل على الصوت فقط
على الأحوط.
(مسألة 853) إذا امتلأ جوفه ضحكا ومنع نفسه، فإن صار حاله بحيث خرج
عن صورة المصلي عند المتشرعة، بطلت صلاته.
(مسألة 854) السادس: تعمد البكاء بالصوت لفوات أمر دنيوي، دون ما كان
منه للسهو عن كونه في الصلاة، أو على أمر أخروي، أو طلب أمر دنيوي من الله
تعالى، خصوصا إذا كان المطلوب راجحا شرعا، فإنه غير مبطل، ما لم يوجب محو
اسم الصلاة وأما البكاء غير المشتمل على صوت ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط
بالاستئناف. كما أن الأحوط ذلك فيمن غلب عليه البكاء قهرا، بل لا يخلو من قوة.
147

(مسألة 855) السابع: كل فعل ماح للصلاة مذهب لصورتها على وجه يصح
سلب الاسم عنها، وإن كان قليلا كالوثبة والصفقة لعبا والعفطة هزوا ونحوها، فإنه
مبطل لها عمدا وسهوا. أما غير الماحي لها فإن كان مفوتا للموالاة فيها بمعنى المتابعة
العرفية فهو مبطل مع العمد على الأحوط دون السهو. وإن لم يكن مفوتا لها، فعمده
غير مبطل فضلا عن سهوه وإن كان كثيرا كحركة الأصابع ونحوها، والإشارة باليد أو
غيرها لنداء أحد، وقتل حية وعقرب، وحمل الطفل ووضعه وضمه وإرضاعه، وعد
الاستغفار في الوتر بالسبحة ونحوها، وعد الركعات بالحصى، ومناولة الشيخ العصا،
والجهر بالذكر والقرآن للاعلام، وغير ذلك مما هو غير مناف للموالاة وإن كان كثيرا
ولكنه غير ماح للصورة.
(مسألة 856) الثامن: الأكل والشرب وإن كانا قليلين. نعم لا بأس بابتلاع
بقايا الطعام في الفم، وأن يمسك في فيه قليلا من السكر الذي يذوب وينزل شيئا
فشيئا، ونحو ذلك مما هو غير ماح للصورة ولا مفوت للموالاة. ولا فرق في جميع ما
ذكر من المبطلات بين الفريضة والنافلة. نعم يستثنى من ذلك العطشان المتشاغل
بالدعاء في الوتر العازم على صوم ذلك اليوم إذا خشي مفاجأة الفجر وكان الماء أمامه
واحتاج إلى خطوتين أو ثلاثة، فإنه يجوز له التخطي والشرب حتى يروي وإن طال
زمانه إذا لم يفعل غير ذلك من منافيات الصلاة، حتى عند العود إلى مكانه رجع
القهقري لئلا يستدبر القبلة. والأقوى الاقتصار على خصوص شرب الماء دون الأكل
وإن قل زمانه، كما أن الأحوط الاقتصار على خصوص الوتر دون سائر النوافل. نعم
الظاهر عدم الاقتصار على حال الدعاء، فيلحق به غيره من أحوالها.
(مسألة 857) التاسع: تعمد قول (آمين) بعد تمام الفاتحة لغير تقية، أما
الساهي فلا بأس، كما لا بأس به مع التقية.
(مسألة 858) العاشر: الشك في عدد غير الرباعية من الفرائض والأوليين منها،
كما يأتي في محله إن شاء الله.
(مسألة 859) الحادي عشر: زيادة جزء فيها أو نقصانه عمدا في غير الأركان،
وعمدا أو سهوا في الأركان.
148

(مسألة 860) يكره في الصلاة مضافا إلى ما سمعته سابقا، نفخ موضع السجود
والتأوه والأنين ما لم يتولد منها حرفان، وإلا فتبطل الصلاة كما مر. وكذا يكره العبث،
وفرقعة الأصابع، والتمطي، والتثاؤب الاختياري، ومدافعة البول والغائط ما لم يصل
إلى حد الضرر، فيحرم حينئذ وإن كانت الصلاة صحيحة معه.
(مسألة 861) لا يجوز قطع الفريضة اختيارا، والأقوى جواز قطع النافلة.
ويجوز قطع الفريضة فضلا عن النافلة للخوف على نفسه، أو نفس محترمة، أو على
عرضه أو ماله المعتد به، ونحو ذلك. بل قد يجب قطعها في بعض هذه الأحوال، لكن
لو عصى فلم يقطعها حينئذ، أثم وصحت صلاته.
صلاة الآيات
(مسألة 862) سبب هذه الصلاة كسوف الشمس وخسوف القمر ولو بعضهما،
والزلزلة، وكل آية سماوية مخوفة عند غالب الناس كالريح السوداء أو الحمراء أو
الصفراء غير المعتادة والظلمة الشديدة والصيحة والهدة والنار التي تظهر في السماء
وغير ذلك، وأما الآيات الأرضية كالخسف ونحوه فلا يترك فيها الاحتياط.
(مسألة 863) الظاهر أن المدار في كسوف النيرين صدق اسمه وإن لم يستند إلى
سببه المتعارف من حيلولة الأرض أو القمر، فيكفي انكسافهما ببعض الكواكب الأخر
أو بسبب آخر. نعم لو كان قليلا جدا بحيث لا يظهر للحواس المتعارفة وإن أدركته
بعض الحواس الخارقة أو الآلات، فالظاهر عدم الاعتبار به، وإن كان مستندا إلى
أحد سببه المتعارف.
(مسألة 864) وقت أداء صلاة الكسوفين من حين شروع الكسوف أو الخسوف
إلى تمام الانجلاء، والأحوط المبادرة إليها قبل شروع الانجلاء. ولو أخرها عنه أتى بها
لا بنية الأداء والقضاء بل بنية القربة المطلقة. وأما في الزلزلة ونحوها مما لا يسع وقتها
الصلاة غالبا كالهدة والصيحة، فتجب حال الآية، فإن عصى فبعدها طول العمر،
والكل أداء.
(مسألة 865) يختص الوجوب بمن في بلد الآية، فلا تجب على غيرهم. نعم
يقوى إلحاق المتصل بذلك المكان مما يعد معه مكانا واحدا.
149

(مسألة 866) تثبت الآية وكذا وقتها ومقدار مكثها، بالعلم وشهادة العدلين، بل
وبالعدل الواحد وإخبار الرصدي إذا حصل الاطمئنان بصدقهما.
(مسألة 867) تجب هذه الصلاة على كل مكلف، إلا الحائض والنفساء فإن
الأقوى سقوطها عنهما كاليومية، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بعد الطهر بأداء غير
الكسوفين وبالقضاء فيهما. وأحوط منه عدم قصد الأداء والقضاء فيهما.
(مسألة 868) من لم يعلم بالكسوف حتى خرج الوقت الذي هو تمام الانجلاء،
ولم يحترق جميع القرص، لم يجب عليه القضاء. وإذا علم وأهمل ولو نسيانا أو احترق
جميع القرص، وجب القضاء. وأما سائر الآيات فمع العلم بها والتأخير متعمدا أو
نسيانا، يجب الاتيان بها، ما دام العمر، وإذا لم يعلم بها حتى مضى الزمان المتصل بها،
فالأظهر الوجوب بعد العلم.
(مسألة 869) إذا أخبر جماعة غير عدول بالكسوف ولم يحصل له العلم بصدقهم،
ولكن تبين صدقهم بعد مضي الوقت، فالظاهر إلحاقه بالجهل، فلا يجب القضاء مع
عدم احتراق القرص. ومثله ما لو أخبر شاهدان ولم يعلم عدالتهما ثم ثبتت عدالتهما
بعد الوقت، فلا يجب، وإن كان الأحوط القضاء في الصورتين خصوصا في الثانية.
(مسألة 870) صلاة الآيات ركعتان، في كل واحدة منهما خمس ركوعات
وتفصيل ذلك: بأن يحرم مقارنا للنية كما في الفريضة، ويقرأ الحمد والسورة، ويركع،
ثم يرفع رأسه، ويقرأ الحمد والسورة، ويركع، ثم يرفع رأسه، وهكذا حتى يتم خمسا
على هذا الترتيب، ثم يسجد سجدتين بعد رفع رأسه من الركوع الخامس. ثم يقوم
ويفعل ثانيا كما فعل أولا. ثم يتشهد ويسلم.
(مسألة 871) لا فرق في السورة بين كونها متحدة في الجميع، أو مختلفة.
(مسألة 872) يجوز تفريق سورة كاملة على الركوعات الخمسة من كل ركعة،
فيقرأ بعد تكبيرة الاحرام الفاتحة، ويقرأ بعدها آية من سورة أو أقل أو أكثر، ويركع،
ثم يرفع رأسه ويقرأ بعضا آخر من تلك السورة من بعد ما قرأه أولا، ثم يركع. ثم
يرفع رأسه ويقرأ بعضا آخر منها كذلك، وهكذا إلى الركوع الخامس حتى يتم سورة،
150

ثم يسجد. ثم يقوم إلى الثانية ويصنع كما صنع في الركعة الأولى، فيكون في كل ركعة
الفاتحة مرة مع سورة تامة موزعة.
(مسألة 873) لا يجوز الاقتصار على بعض سورة في مجموع الركعة، وإذا فرق
السورة على الركوعات فلا تشرع الفاتحة إلا مرة واحدة في القيام الأول بعد التكبيرة،
نعم إذا أكمل السورة في القيام الثاني أو الثالث مثلا، فإنه يجب عليه في القيام اللاحق
بعد الركوع قراءة الفاتحة، ثم سورة أو بعضها. وهكذا كلما ركع عن تمام سورة وجبت
الفاتحة في القيام بعده، بخلاف ما لو ركع عن بعضها، فإنه يقرأ من حيث قطع ولا
يعيد الحمد والأحوط إتمام السورة قبل الركوع الخامس.
(مسألة 874) يعتبر في الصلاة هنا ما يعتبر في الفريضة من الشرائط، الواجبة
منها والمندوبة، في القيام والقعود والركوع والسجود، وفي الشرائط وأحكام السهو
والشك في الزيادة والنقيصة، فلو شك في عدد ركعاتها بطلت كما في كل فريضة ثنائية،
ولو نقص ركوعا أو زاده عمدا أو سهوا بطلت، وكذا القيام المتصل به. ولو شك في
ركوعها يأتي به ما دام في المحل ويمضي إن خرج عنه. ولا تبطل صلاته بذلك إلا إذا
بان له بعد ذلك النقصان، أو رجع الشك في ذلك إلى الشك في الركعات، كما إذا لم
يعلم أنه الخامس فيكون آخر الركعة الأولى، أو السادس فيكون أول الركعة الثانية.
(مسألة 875) يستحب فيها الجهر بالقراءة ليلا أو نهارا حتى صلاة كسوف
الشمس، وأن يكبر عند كل هوي للركوع وكل رفع منه، إلا في الرفع من الخامس
والعاشر، فإنه يقول (سمع الله لمن حمده) ثم يسجد. ويستحب فيها التطويل
خصوصا في كسوف الشمس، وقراءة السور الطوال مثل (يس، والروم، والكهف)
ونحوها، وإكمال السورة في كل قيام، وأن يجلس في مصلاه مشتغلا بالدعاء والذكر إلى
تمام الانجلاء، أو يعيد الصلاة إذا فرغ منها قبل تمام الانجلاء. ويستحب في كل قيام
ثان بعد القراءة قنوت، فيكون في مجموع الركعتين خمسة قنوتات.
(مسألة 876) يستحب فيها الجماعة، ويتحمل فيها الإمام عن المأموم القراءة
خاصة كما في اليومية، دون غيرها من الأفعال والأقوال. والأحوط للمأموم الدخول
في الجماعة قبل الركوع الأول أو فيه من الركعة الأولى أو الثانية، حتى تنتظم صلاته.
151

الخلل في الصلاة
(مسألة 877) من أخل بالطهارة من الحدث، بطلت صلاته مع العمد والسهو
والعلم والجهل، بخلاف الطهارة من الخبث كما مر. ومن أخل بشئ من واجبات
صلاته عمدا بطلت صلاته، ولو بحركة من قراءتها وأذكارها الواجبة كما عرفت، وكذا
من زاد فيها جزءا متعمدا قولا أو فعلا، من غير فرق بين كونه ركنا أو غيره. هذا في
الموافق لأجزاء الصلاة، أما بطلان الصلاة بزيادة المخالف لأجزائها فهو محل تأمل فلا
يترك فيه الاحتياط. نعم قد يوجب البطلان من حيث التشريع.
(مسألة 878) يعتبر في تحقق الزيادة في غير الأركان الاتيان بالشئ بعنوان أنه
من الصلاة أو أجزائها، فليس منها الاتيان بالقراءة والذكر والدعاء في أثنائها إذا لم
يأت بها بعنوان أنها منها، فلا بأس بها ما لم يحصل بها المحو للصورة. كما لا بأس
بتخلل الأفعال المباحة الخارجية كحك الجسد ونحوه، إذا لم يكن مفوتا للموالاة أو
ماحيا للصورة.
(مسألة 879) إذا زاد سهوا ركعة، أو ركنا من ركوع، أو سجدتين من ركعة،
بطلت صلاته وكذا إذا زاد سهوا تكبيرة الاحرام بناء على الاحتياط فيحتاط بإتمام
الصلاة وإعادتها وأما زيادة القيام الركني فلا تتحقق إلا مع زيادة الركوع أو تكبيرة
الاحرام، وأما النية فبناءا على أنها الداعي لا يتصور زيادتها، وعلى القول بالإخطار
لا تضر زيادتها. وأما زيادة غير الأركان سهوا فلا تبطل الصلاة وإن أوجبت
سجدتي السهو على الأحوط، كما سيأتي.
(مسألة 880) من نقص شيئا من واجبات صلاته سهوا وذكره في محله، تداركه
وإن كان ركنا، وأعاد ما هو مترتب عليه بعده. وإذا لم يذكره إلا بعد تجاوز محله، فإن
كان ركنا بطلت صلاته، وإلا فصلاته صحيحة وعليه سجود السهو كما يأتي، وعليه
قضاء الجزء المنسي بعد الفراغ من صلاته إن كان المنسي التشهد أو إحدى السجدتين،
ولا يقضي من الأجزاء المنسية غيرهما.
(مسألة 881) المراد بتجاوز المحل الدخول في ركن آخر بعده أو كون محله في فعل
خاص وقد تجاوزه، كالذكر في الركوع والسجود إذا نسيه وتذكر بعد رفع الرأس منهما.
152

(مسألة 882) إذا نسي الركوع حتى دخل في السجدة الثانية أو نسي السجدتين
حتى دخل في الركوع من الركعة اللاحقة، بطلت صلاته، ولو نسي الركوع وذكر قبل
أن يدخل في السجدة الأولى أو نسي السجدتين وذكر قبل الركوع، رجع وأتى بالمنسي
وأعاد ما هو مترتب عليه، ولو نسي الركوع وتذكر بعد الاتيان بالسجدة الأولى،
فالأحوط أن يرجع إلى المنسي ويعيد الصلاة بعد إتمامها ويأتي بسجدتي السهو.
(مسألة 883) إذا نسي القراءة أو الذكر أو بعضهما أو الترتيب فيهما، وذكر قبل
أن يصل إلى حد الراكع، تدارك ما نسيه وأعاد ما فعله مما هو بعده.
(مسألة 884) إذا نسي القيام أو الطمأنينة في الذكر أو القراءة وذكر قبل الركوع،
فالأحوط إعادتهما بقصد القربة المطلقة لا الجزئية. نعم لو نسي الجهر والاخفات في
القراءة، فالظاهر عدم وجوب تلافيهما، وإن كان الأحوط فيهما التدارك أيضا بقصد
القربة المطلقة.
(مسألة 885) إذا نسي القيام التام من الركوع وذكر قبل أن يدخل في السجود،
انتصب مطمئنا ومضى في صلاته. وإذا كان المنسي الطمأنينة فيه، فالأحوط أن
ينتصب رجاء.
(مسألة 886) إذا نسي الذكر في السجود أو الطمأنينة فيه أو وضع أحد المساجد
حاله وذكر قبل أن يخرج عن مسمى السجود، أتى بالذكر. لكن إذا كان المنسي
الطمأنينة، أو وضع أحد المساجد حال الذكر غير الجبهة، أتى بالذكر بقصد القربة
المطلقة لا الجزئية. وأما لو ذكر بعد رفع الرأس من السجود، فقد جاز المحل فيمضي
في صلاته.
(مسألة 887) إذا نسي الانتصاب من السجود الأول أو الطمأنينة فيه وذكر قبل
الدخول في مسمى السجود الثاني انتصب مطمئنا ومضى في صلاته، بخلاف ما لو ذكر
بعد الدخول في السجود الثاني فإنه قد جاز المحل، فيمضي في صلاته.
(مسألة 888) إذا نسي السجدة الواحدة أو التشهد أو بعضه وذكر قبل الوصول
إلى حد الراكع، أو قبل التسليم إذا كان المنسي السجدة الأخيرة أو التشهد الأخير،
يتدارك المنسي ويعيد ما هو بعده. أما لو نسي سجدة واحدة أو التشهد من الركعة
153

الأخيرة وذكر بعد التسليم، فإن كان بعد فعل ما يبطل الصلاة عمدا وسهوا كالحدث
فقد جاز محل الرجوع والتدارك، فعليه قضاء المنسي وسجدتا السهو كما يأتي. وإن
كان قبل ذلك فالأحوط في صورة نسيان السجدة الاتيان بها من دون تعيين الأداء
والقضاء، ثم التشهد ثم التسليم احتياطا، ثم يسجد سجدتي السهو بقصد ما في الذمة
من السجدة أو التسليم بغير محله. وكذا في نسيان التشهد.
(مسألة 889) إذا نسي التسليم وذكره قبل حصول ما يبطل الصلاة عمدا وسهوا
تداركه، فإن لم يتداركه بطلت صلاته.
(مسألة 890) إذا تذكر المنسي في محله مهما كان وأمكنه تداركه ولم يفعل، بطلت
صلاته.
(مسألة 891) إذا نسي الركعة الأخيرة مثلا فذكرها بعد التشهد قبل التسليم،
قام وأتى بها. ولو ذكرها بعد التسليم قبل فعل ما يبطل عمدا وسهوا، قام وأتم، ولو
ذكرها بعده، استأنف الصلاة، من غير فرق بين الرباعية وغيرها. وكذا لو نسي أكثر
من ركعة. وكذا يستأنف لو زاد ركعة قبل التسليم، بعد التشهد أو قبله.
(مسألة 892) إذا علم إجمالا قبل أن يدخل في الركوع إما بفوات سجدتين من
الركعة السابقة أو القراءة من هذه الركعة، يكتفي بالاتيان بالقراءة على الأقوى. نعم لو
حصل له العلم الاجمالي المذكور بعد الاتيان بالقنوت، يجب عليه العود لتداركهما
وتصح صلاته على الأقوى، والاحتياط مع ذلك بإعادة الصلاة.
(مسألة 893) إذا علم بعد الفراغ أنه ترك سجدتين ولم يدر أنهما من ركعة أو
ركعتين، فالأحوط أن يأتي بقضاء سجدتين، ثم يأتي بسجدتي السهو مرتين، ثم يعيد
الصلاة، وكذا إذا كان في الأثناء وكان بعد الدخول في الركوع، فإن الأحوط إتمام
الصلاة ثم إعادتها بعد قضاء سجدتين والآتيان بسجدتي السهو مرتين.
(مسألة 894) إذا علم بعد القيام إلى الثالثة أنه ترك التشهد وشك في أنه ترك
السجدة أيضا أم لا، فالأقوى أنه يأتي بالسجدة ثم يتشهد ويتم الصلاة، والأحوط
إعادتها بعد ذلك.
154

أحكام الشك
الشك في أصل الصلاة
(مسألة 895) من شك في الصلاة فلم يدر أنه صلى أم لا، فإن كان بعد مضي
الوقت، لم يلتفت وبنى على الاتيان بها، وإن كان في أثنائه أتى بها. والظن بالاتيان
وعدمه هنا بحكم الشك.
(مسألة 896) إذا علم أنه صلى العصر ولم يدر أنه صلى الظهر أيضا أم لا،
فالأحوط بل الأقوى وجوب الاتيان بها، حتى إذا لم يبق من الوقت إلا الوقت المختص
بالعصر. نعم لو لم يبق إلا هذا المقدار وعلم بعدم الاتيان بالعصر أو شك فيه وكان شاكا
في الاتيان بالظهر، أتى بالعصر، وجرى عليه حكم الشك بعد الوقت في الظهر.
(مسألة 897) إذا شك في بقاء الوقت وعدمه، يبني على بقائه.
(مسألة 898) إذا شك أثناء صلاة العصر في أنه صلى الظهر أم لا، فإن كان في
الوقت المختص بالعصر، بنى على الاتيان بالظهر، وإن كان في الوقت المشترك، بنى
على عدم الاتيان بها، فيعدل إليها.
(مسألة 899) إذا علم أنه صلى إحدى الصلاتين الظهر أو العصر ولم يدر أيهما،
فإن كان في الوقت المختص بالعصر، يأتي بها ويبني على الاتيان بالظهر، وإن كان في
الوقت المشترك، يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمة. ولو علم أنه صلى إحدى
العشاءين، ففي الوقت المختص بالعشاء يبني على الاتيان بالمغرب ويأتي بالعشاء، وفي
الوقت المشترك يأتي بالصلاتين.
(مسألة 900) إنما لا يعتنى بالشك في الصلاة بعد الوقت ويبنى على الاتيان بها
فيما إذا كان حدوث الشك بعده، أما إذا شك فيها أثناء الوقت ونسي الاتيان بها حتى
خرج الوقت فيجب قضاؤها وإن كان شاكا فعلا في الاتيان بها في الوقت.
(مسألة 901) إذا شك فيها واعتقد أنه خارج الوقت، ثم تبين بعد الوقت أن شكه
كان أثناء الوقت يجب عليه قضاؤها، بخلاف العكس بأن اعتقد حال الشك أنه في الوقت
فترك الاتيان بها عمدا أو سهوا، ثم تبين أنه كان خارج الوقت، فليس عليه قضاء.
155

(مسألة 902) لا يبعد إجراء حكم كثير الشك عليه إذا شك في الاتيان بالصلاة، إلا
أنه لا يترك الاحتياط فيه إجراء حكم غيره عليه، فيجري فيه التفصيل بين كونه في
الوقت وخارجه. نعم الظاهر أن حكم الوسواسي البناء على الاتيان بها وإن كان في الوقت.
الشك في أفعال الصلاة
(مسألة 903) إذا شك في شئ من أفعال الصلاة، فإن كان قبل الدخول في غيره
مما هو مترتب عليه، وجب الاتيان به، كما إذا شك في تكبيرة الاحرام قبل أن يدخل
في القراءة، أو في الحمد ولم يدخل في السورة، أو فيها قبل الركوع، أو فيه قبل الهوي
إلى السجود، أو فيه ولم يدخل في القيام أو التشهد. وإن كان بعد الدخول في غيره مما
هو مترتب عليه وإن كان مندوبا، لم يلتفت وبنى على الاتيان به، من غير فرق بين
الأوليين والأخيرتين، فحينئذ لا يلتفت إلى الشك في الفاتحة وهو آخذ في السورة،
ولا إلى السورة وهو في القنوت، ولا إلى الركوع أو القيام وهو في الهوي للسجود، ولا
إلى السجود وهو قائم أو في التشهد، ولا إلى التشهد وهو قائم. نعم يجب الاتيان
بالسجدة إذا شك فيها وهو آخذ في القيام للنص على ذلك، وبالتشهد إذا شك فيه
كذلك على الأحوط رجاء.
(مسألة 904) الشك بعد الدخول في الجزء الآخر لا يعتنى به، سواء كان من
الأجزاء المستقلة كالأمثلة المتقدمة، أو كان جزءا من الجزء على الأقوى، كما إذا شك
في أول السورة وهو في آخرها، أو في الآية وهو في التي بعدها أو في أول الآية وهو
في آخرها.
(مسألة 905) إذا شك في صحة الواقع وفساده لا في أصل الوقوع، لم يلتفت وإن
كان في المحل، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في الصورة الثانية.
(مسألة 906) إذا شك في التسليم لم يلتفت إذا كان دخل فيما هو مترتب على
الفراغ من التعقيب ونحوه، أو في بعض المنافيات، أو نحو ذلك مما لا يفعله إلا بعد
الفراغ. كما أن المأموم لا يلتفت إذا شك في التكبير وكان في هيئة المصلي جماعة من
الاستماع أو الذكر أو الانصات، ونحو ذلك مما هو وظيفة المقتدي.
156

(مسألة 907) كل مشكوك فيه أتى به في المحل ثم ذكر أنه فعله، فإنه لا يبطل
الصلاة إلا أن يكون ركنا، كما أنه لا يبطل أيضا إذا لم يأت به لأنه كان تجاوز المحل فبان
عدم فعله، ما لم يكن ركنا ولا يمكن تداركه لدخوله في ركن آخر، وإلا تداركه مطلقا.
(مسألة 908) إذا شك، وهو في فعل في أنه هل شك سابقا في بعض الأفعال
المتقدمة عليه أم لا، لم يلتفت، وكذا لو شك أنه هل سهى كذلك أم لا، بل هو أولى.
نعم لو شك في السهو وعدمه وكان في محل يتلافى فيه المشكوك، أتى به.
الشك في عدد ركعات الفريضة
(مسألة 909) لا حكم للشك في عدد الركعات بمجرد حصوله إن زال بعد ذلك،
بل لا بد من استقراره، وحينئذ تبطل الصلاة إذا كان في الثنائية أو الثلاثية أو الأوليين
من الرباعية، ويصح في صور مخصوصة في الرباعية بعد إحراز تمام الأوليين منها
ويتحقق ذلك برفع الرأس من السجدة الأخيرة، بل بعد إكمال الذكر الواجب فيها ولو
لم يرفع رأسه على الأقوى.
(مسألة 910) الصورة الأولى: من صور الشك الصحيحة، الشك بين الاثنتين
والثلاث بعد إكمال السجدتين، فإنه يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ويتم صلاته، ثم
يحتاط بركعة من قيام على الأحوط.
الثانية: الشك بين الثلاث والأربع في أي موضع كان، فإنه يبني على الأربع ويأتي
بركعة من قيام أو ركعتين من جلوس.
الثالثة: الشك بين الاثنتين والأربع بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع ويتم
صلاته، ثم يحتاط بركعتين من قيام.
الرابعة: الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد إكمال السجدتين، فيبني على
الأربع ويتم صلاته، ثم يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس، والأحوط بل
الأقوى تأخير الركعتين من جلوس.
الخامسة: الشك بين الأربع والخمس، وله صورتان: إحداهما بعد إكمال الذكر من
السجدة الأخيرة، فيبني على الأربع ويتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتي السهو.
157

وثانيتهما حال القيام، فيهدم ويجلس ويتشهد ويسلم ثم يحتاط بركعة من قيام أو
ركعتين من جلوس، ويسجد سجدتي السهو على الأحوط للقيام في غير محله.
السادسة: الشك بين الثلاث والخمس حال القيام، فيهدم ويجلس ويتشهد ويسلم
ويعمل عمل الشاك بين اثنتين وأربع، ويسجد سجدتي السهو على الأحوط.
السابعة: الشك بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام، فيهدم القيام ويجلس
ويتشهد ويسلم، ثم يعمل عمل الشاك بين اثنتين وثلاث وأربع، ثم يسجد سجدتي
السهو على الأحوط.
الثامنة: الشك بين الخمس والست حال القيام، فيهدم القيام، ويتم ويسجد سجدتي
السهو مرتين. والأحوط الأولى في الصور الأربع الأخيرة استئناف الصلاة مع ذلك.
(مسألة 911) إذا شك بين الثلاث والأربع، أو بين الثلاث والخمس، أو بين الثلاث
والأربع والخمس في حال القيام، وعلم أنه ترك سجدة أو سجدتين من الركعة السابقة،
بطلت صلاته، لأنه في جميع الصور قبل الجلوس شاك في الاثنتين قبل الاكمال وهو مبطل
للصلاة، لا أنه يجب عليه الهدم فيرجع شكه إلى ما قبل إكمال الركعتين فتبطل صلاته،
فإن التعبير ب‍ (يرجع شكه) بعد هدم القيام في جميع الموارد مسامحة.
(مسألة 912) في الشكوك التي يعتبر فيها إكمال السجدتين: إذا شك في
الاكمال وعدمه، فإن كان حال الجلوس قبل القيام أو التشهد بطلت الصلاة، لأنه
يحكم بعدم الاتيان بالسجدتين أو إحداهما، فيكون قبل الاكمال. وإن كان بعد تجاوز
المحل لم تبطل، لأنه يحكم بالاتيان شرعا فيكون بعد إكمالها، وإن كان الأحوط الاتمام
ثم الإعادة.
(مسألة 913) الشك في الركعات ما عدا الصور المذكورة موجب للبطلان. نعم إذا
كان الطرف الأقل أربعا وكان بعد إكمال السجدتين، فالأحوط الجمع بين وظيفة الشك
بين الأربع والخمس ثم الإعادة.
(مسألة 914) إذا علم وهو في الصلاة أنه شك سابقا بين الاثنتين والثلاث ولا
يدري أنه كان قبل إكمال السجدتين أو بعده، فالأحوط البناء على أنه بعد الاكمال
والعمل بمقتضاه ثم الإعادة، وكذا إذا كان بعد الفراغ من الصلاة.
158

(مسألة 915) إذا شك بعد الفراغ أن شكه كان موجبا لركعة أو ركعتين، فالأحوط
الاتيان بهما ثم إعادة الصلاة. وكذا لو لم يدر أنه أي شك كان من الشكوك الصحيحة،
فإنه يعيد الصلاة بعد الاتيان بموجب الجميع، ويحصل ذلك بالاتيان بركعتين من قيام
وركعتين من جلوس، وركعة من قيام أيضا على الأحوط وسجود السهو. وإن لم تنحصر
المحتملات في الشكوك الصحيحة بل احتمل بعض الوجوه الباطلة استأنف الصلاة. بعد
الاتيان بوظيفة جميع الشكوك الصحيحة المحتملة على الأحوط.
(مسألة 916) إذا عرض له أحد الشكوك ولم يعلم تكليفه، فإن لم يسع الوقت،
أو لم يتمكن من التعلم في الوقت، تعين عليه العمل على الراجح من المحتملات إن
وجد، أو على أحدها إن لم يوجد، ويتم صلاته، فإذا تبين له بعد ذلك أن العمل
مخالف للواقع استأنف الصلاة ولو قضاء. أما إذا اتسع الوقت وتمكن من التعلم في
الوقت فيقطع الصلاة، وإن جاز له إتمام العمل على طبق بعض المحتملات ثم التعلم.
لكن الأحوط حينئذ الإعادة حتى مع الموافقة.
(مسألة 917) إذا انقلب شكه بعد الفراغ إلى شك آخر، كما إذا شك بين الاثنتين
والأربع وبعد الصلاة انقلب إلى الثلاث والأربع، أو شك بين الاثنتين والثلاث والأربع
فانقلب إلى الثلاث والأربع، صحت صلاته ولا شئ عليه، ولكن لا يترك الاحتياط
في الثاني بالاتيان بصلاة الاحتياط إما بركعة قائما أو بركعتين من جلوس. هذا إذا لم
ينقلب إلى ما يعلم معه بالنقيصة كالمثالين المذكورين، وأما إذا انقلب إلى ذلك، كما إذا
شك بين الاثنتين والأربع ثم انقلب بعد الصلاة إلى الاثنتين والثلاث، فيعمل عمل
الشك المنقلب إليه، لأنه ما زال في الصلاة والسلام وقع في غير محله، فيضيف إلى
عمل الشك الثاني سجدتي السهو للسلام في غير محله.
(مسألة 918) إذا شك بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث ثم شك بين الثلاث
التي بنى عليها والأربع، فالظاهر انقلاب شكه إلى الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع
فيعمل عمله.
(مسألة 919) إذا شك بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث، فلما أتى بالرابعة
تيقن أنه حين الشك لم يأت بالثلاث، لكن يشك في أنه في ذلك الحين أتى بركعة أو
ركعتين، يرجع شكه بالنسبة إلى حاله الفعلي بين الاثنتين والثلاث، فيعمل عمله.
159

(مسألة 920) من كان عاجزا عن القيام وعرض له أحد الشكوك الصحيحة،
فالظاهر أن صلاته الاحتياطية القيامية تصير جلوسية، سواء كان وظيفة من يصلي
قائما التخيير بين القيامية والجلوسية أو متعينا في القيامية وما كانت جلوسية بالتعيين
تبقى على حالها، نعم الأحوط لمن كان وظيفته التخيير إذا صلى قائما، الجمع بين
الركعة والركعتين ثم إعادة الصلاة.
(مسألة 921) لا يجوز في الشكوك الصحيحة قطع الصلاة واستئنافها، بل يجب
في كل منها العمل على وظيفته. نعم لو أبطل صلاته ثم استأنفها صحت صلاته
المستأنفة وإن كان آثما في الابطال.
(مسألة 922) في الشكوك الباطلة، إذا غفل عن شكه وأتم الصلاة ثم تبين له
الموافقة للواقع فيحكم بالبطلان على الأحوط في الثنائية والثلاثية والأوليين من
الرباعية، وأما في غيرها فلا يبعد الصحة مع الموافقة، لكن مع ذلك الأحوط الإعادة.
(مسألة 923) إذا كان المسافر في أحد مواطن التخيير فنوى بصلاته القصر،
وشك في الركعات وعدل إلى التمام ليعالج به صلاته من الفساد. فالأحوط له إتمام
الصلاة وصلاة الاحتياط ثم إعادة الصلاة. نعم لو عرض له الشك بعد العدول، صح.
(مسألة 924) إذا شك وهو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين والثلاث وعلم أنه
لم يتشهد في هذه الصلاة، فبالنسبة إلى الشك في الركعات يبني على الثلاث، وبالنسبة
إلى التشهد، الأحوط أن يأتي به في محله رجاء، والأقوى وجوب قضائه. ولو شك
وهو قائم بين الثلاث والأربع وعلم بعدم إتيانه بالتشهد في الثانية، يبني على الأربع
ويقضي التشهد بعد الصلاة والأحوط في هذه الصورة إعادة الصلاة وكذا في الصورة
الأولى إن لم يأت بالتشهد.
الشكوك التي لا يعتنى بها
(مسألة 925) منها: الشك بعد تجاوز المحل، ومنها الشك في الصلاة بعد الوقت،
وقد مرا.
160

(مسألة 926) ومنها: الشك بعد الفراغ من الصلاة، سواء تعلق بشروطها أو
أجزائها أو ركعاتها، بشرط أن يكون أحد طرفي الشك الصحة، فلو شك في الرباعية
أنه صلى ثلاثا أو أربعا أو خمسا، وفي الثلاثية أنه صلى ثلاثا أو أربعا، وفي الثنائية أنه
صلى اثنتين أو ثلاثا، بنى على الصحيح في الكل. بخلاف ما إذا شك في الرباعية أنه
صلى ثلاثا أو خمسا، وفي الثلاثية أنه صلى اثنتين أو أربعا، فتبطل للعلم الاجمالي
بالزيادة أو النقيصة.
(مسألة 927) ومنها: شك كثير الشك، سواء كان في الركعات أو الأفعال أو
الشرائط، فيبني على وقوع ما شك فيه وإن كان في محله، إلا إذا كان مفسدا، فيبني
على عدم وقوعه.
(مسألة 928) إذا كان كثير الشك في شئ خاص، أو في صلاة خاصة،
فيختص الحكم بذلك، فلو شك غيره يعمل عمل الشك.
(مسألة 929) المرجع في كثرة الشك العرف، بمعنى أنها حالة استثنائية عن
الوضع الطبيعي للناس، من غير فرق في سبب عروضها. ولا يبعد تحققها فيما إذا لم
تخل ثلاث صلوات متوالية من الشك.
(مسألة 930) إذا شك في أنه حصل له حالة كثرة الشك أم لا، بنى على عدمها
في الشبهة المصداقية، وأما في الشبهة المفهومية فيرجع إلى أحكام الشك، وفي الشك في
بقاء حالة الكثرة يبني على البقاء في الشبهة المصداقية ويرجع إلى أحكام الشك في
المفهومية.
(مسألة 931) لا يجوز لكثير الشك الاعتناء بشكه مطلقا، فلو شك مثلا في
الركوع في المحل، لا يجوز أن يركع، وإلا بطلت صلاته.
(مسألة 932) ومنها: شك كل من الإمام والمأموم في الركعات مع حفظ
الآخر، فإنه يرجع الشاك منهما إلى الآخر. وفي الشك في الأفعال يعمل بحكم الشك
ويحتاط بإعادة الصلاة. والظان منهما يعمل بظنه، وفي رجوع الشاك بالظان تردد
فلا يترك الاحتياط.
161

(مسألة 933) إذا كان الإمام شاكا والمأمومون مختلفين في الاعتقاد، لم يرجع
إليهم. نعم لو كان بعضهم شاكا وبعضهم متيقنا، رجع الإمام إلى المتيقن منهم، بل
يرجع الشاك منهم بعد ذلك إلى الإمام إذا حصل له اليقين، وإن لم يحصل له اليقين
وحصل له الظن فالأحوط العمل بالشك وإعادة الصلاة وإلا فالمتعين العمل بالشك.
(مسألة 934) إذا عرض الشك لكل من الإمام والمأموم، فإن اتحد شكهما عمل
كل منهما عمل ذلك الشك. ولو اختلف شكهما ولم يكن بين شكيهما رابطة، كما إذا
شك أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الأربع والخمس، فينفرد المأموم ويعمل
كل منهما عمل شكه. وأما إذا كان بينهما رابطة وقدر مشترك، كما إذا شك أحدهما بين
الاثنتين والثلاث والآخر بين الثلاث والأربع، فإن الأول حافظ لعدم الرابعة والثاني
حافظ لوجود الثالثة فيبنيان على الثلاث والاحتياط مع ذلك بإعادة الصلاة لا يترك.
نعم يكفي في تحقق الاحتياط للأول البناء على الثلاث والآتيان بصلاة الاحتياط. وكذا
في كل من كان رجوعه إلى آخر موافقا لوظيفة شكه، فيكفيه في الاحتياط العمل بها
بعد الرجوع والاتمام.
(مسألة 935) ومنها: الشك في ركعات النافلة، فيتخير بين البناء على الأقل أو
الأكثر، وإن كان الأول هو الأفضل، إلا أن يكون الأكثر مفسدا فيتعين البناء على
الأقل. أما صلاة الوتر فالاحتياط فيها الإعادة مع الشك.
(مسألة 936) الشك في أفعال النافلة كالشك في أفعال الفريضة، أتى به إذا كان
في المحل، ولا يلتفت إذا كان بعد تجاوز المحل.
(مسألة 937) لا يجب في النوافل قضاء السجدة المنسية ولا التشهد المنسي، ولا
يجب سجود السهو لموجباته.
(مسألة 938) النوافل التي لها كيفية خاصة أو سورة خاصة كصلاتي ليلة الدفن
والغفيلة، إذا نسي فيها تلك الكيفية، فإن أمكن الرجوع والتدارك رجع وتدارك،
وإن لم يمكن أعادها، لأن الصلاة وإن صحت إلا أنها لا تكون تلك الصلاة المخصوصة.
نعم لو نسي بعض التسبيحات في صلاة جعفر، أتى به في محل آخر منها، وإذا نسيه
أيضا، قضاه بعد الصلاة.
162

حكم الظن في أفعال الصلاة وركعاتها
(مسألة 939) الأقوى اعتبار الظن مطلقا في ركعات الصلاة، ثنائية كانت أو ثلاثية
أو رباعية، حتى الأوليين منها، وأما في أفعالها فالاحتياط العمل بمقتضاه ولو كان مسبوقا
بالشك، وإعادة الصلاة فيما إذا استلزم العمل بالظن احتمال ترك سجدة أو ركوع، كما إذا
شك في أنه سجد سجدة أو سجدتين وهو جالس، لم يدخل في التشهد وظن الاثنتين يبني
على الظن ويعيد الصلاة أو استلزم احتمال زيادة أحدهما كما إذا شك في المثال المذكور بعد
الدخول في التشهد وظن بأنها واحدة فيبني على الظن ويعيد الصلاة.
(مسألة 940) إذا تردد في أن الحاصل له ظن أو شك كما يتفق كثيرا لبعض
الناس فالأقوى إجراء حكم الظن عليه، لكفاية هذا التردد في إخراجه من حد
الاعتدال المأخوذ في موضوع أحكام الشكوك.
(مسألة 941) إذا علم بعد الفراغ من الصلاة أنه طرء له التردد بين
الثنتين والثلاث بعد الاكمال وبنى على الثلاث وشك في أنه هل حصل له الظن أو بنى
على الثلاث للشك فلا يبعد عدم وجوب صلاة الاحتياط عليه ولكن لا يترك
الاحتياط بإتيانها.
ركعات الاحتياط
(مسألة 942) ركعات الاحتياط واجبة، فلا يجوز تركها وإعادة الصلاة
من الأصل، ويجب المبادرة إليها بعد الفراغ من الصلاة، ولا يجوز الفصل بينها
وبين الصلاة بالمنافي، فإن فعل ذلك فالأحوط الاتيان بها وإعادة الصلاة. وإذا أتى
بالمنافي قبل صلاة الاحتياط ثم تبين له تمامية الصلاة، لا تجب إعادتها ولا الاتيان
بصلاة الاحتياط.
(مسألة 943) لا بد في صلاة الاحتياط من النية وتكبيرة الاحرام وقراءة الفاتحة
سرا حتى البسملة على الأحوط، والركوع والسجود والتشهد والتسليم. ولا قنوت
فيها وإن كانت ركعتين، كما أنه لا سورة فيها.
163

(مسألة 944) إذا نسي ركنا في ركعات الاحتياط أو زاده فيها، بطلت، فلا
يترك الاحتياط بصلاة الاحتياط ثانيا ثم استئناف الصلاة.
(مسألة 945) إذا بان الاستغناء عن صلاة الاحتياط قبل الشروع فيها، لا يجب
الاتيان بها، وإن كان بعد الفراغ منها وقعت نافلة، وإن كان في الأثناء أتمها كذلك،
والأحوط له إضافة ركعة ثانية إذا كانت ركعة من قيام.
(مسألة 946) إذا تبين نقص الصلاة بعد الفراغ من صلاة الاحتياط، فإن كان
النقص بمقدار ما فعله من الاحتياط، كما إذا شك بين الثلاث والأربع وبعد صلاة
الاحتياط تبين كونها ثلاثا، تمت صلاته، والأحوط الاستئناف. وإن كان النقص أكثر،
كما إذا شك بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع وصلى صلاة الاحتياط فتبين أن
الناقص ركعتين، فالظاهر عدم كفاية صلاة الاحتياط، بل يجب إعادة الصلاة بعد
تتميم ما نقص متصلا، إن كان التبين قبل فعل المنافي على الأحوط. وكذا لو تبين
زيادة صلاة الاحتياط عن النقص في الصلاة، كما إذا شك بين الاثنتين والأربع فبنى
على الأربع وأتى بركعتين من قيام ثم تبين كون صلاته ثلاث ركعات.
(مسألة 947) إذا تبين نقص صلاته أثناء صلاة الاحتياط، كأن يكون ما
بيده من صلاة الاحتياط موافقا لما نقص من الصلاة كما وكيفا، أو يكون مخالفا له
كذلك، أو يكون موافقا له في أحدهما، فالأقوى في الجميع إلغاء صلاة الاحتياط
والرجوع إلى حكم تذكر النقص، ثم إعادة الصلاة، لأن صلاة الاحتياط مختصة
بالشاك وقد صار متيقنا.
(مسألة 948) إذا تبين النقص قبل الدخول في الاحتياط، لزمه حكم من نقص
ركعة فيتدارك، فلا تكفي صلاة الاحتياط، بل اللازم حينئذ إتمام ما نقص، وسجدتا
السهو للسلام في غير محله.
(مسألة 949) إذا شك في الاتيان بصلاة الاحتياط، فإن كان بعد الوقت لا
يلتفت، إلا إذا كان محل الاتيان بصلاة الاحتياط بعد الوقت كمن أدرك ركعة من
الوقت وإن كان في الوقت، فإن لم يدخل في فعل آخر ولم يأت بالمنافي ولم يحصل
الفصل الطويل، يبني على عدم الاتيان. أما مع أحد هذه الأمور الثلاثة، فالأحوط
الاتيان بها ثم إعادة الصلاة.
164

(مسألة 950) إذا شك في فعل من أفعالها أتى به في المحل، ولو تجاوز، بنى على
الاتيان. ولو شك في ركعاتها، فالأحوط البناء على الأكثر إن لم يكن مبطلا، وإلا،
فعلى الأقل، ثم إعادتها وإعادة أصل الصلاة.
(مسألة 951) إذا نسيها ودخل في صلاة أخرى من نافلة أو فريضة فالأحوط أن
يأتي بالاحتياط في أثنائها ثم يعيد الصلاتين، وكذا في المرتبتين.
الأجزاء المنسية
(مسألة 952) لا يقضى من الأجزاء المنسية في الصلاة غير السجود والتشهد،
وكذا أجزاؤه على الأحوط، خصوصا الصلاة على النبي وآله، فينوي أن ما يأتي به
عوض ذلك المنسي مع مراعاة ما كان واجبا حال الصلاة من شرائط وموانع. بل لا
يجوز الفصل بينه وبين الصلاة بالمنافي على الأحوط.
(مسألة 953) إذا تكرر نسيان السجدة أو التشهد يتكرر قضاؤهما بعدد المنسي،
ولا يشترط تعيين السبب ولا الترتيب. نعم لو نسي السجدة والتشهد معا فالأحوط
تقديم قضاء السابق في الفوت منهما، ولو لم يعلم السابق احتاط بتكرار ما قدمه
مؤخرا أيضا.
(مسألة 954) لا يجب التسليم في التشهد القضائي، كما لا يجب التشهد والتسليم
في السجدة القضائية. نعم لو كان المنسي التشهد الأخير، فالأحوط الاتيان به بقصد
القربة من غير نية الأداء والقضاء وبالسلام بعده. وكذا لو نسي سجدة الركعة الأخيرة،
لاحتمال وقوع التسليم في الأول والتشهد والتسليم في الثاني في غير محلها، فيكون
تشهده وسجدته جزءين من الصلاة. ويجب في الفرعين الاتيان بسجدتي السهو إما
لنسيان السجدة أو التشهد، وإما للتسليم في غير محله.
(مسألة 955) إذا اعتقد نسيان السجدة أو التشهد مع فوات محل تداركهما، ثم
بعد الفراغ من الصلاة انقلب اعتقاده شكا، فالأقوى عدم وجوب القضاء.
(مسألة 956) إذا شك في أن الفائت سجدة واحدة أو سجدتان من ركعتين، بنى
على الأقل.
165

(مسألة 957) إذا نسي قضاء السجدة أو التشهد وتذكر بعد الدخول في نافلة،
أتى به في أثنائها، لأن بطلان النافلة بإتيان المنسي في أثنائها غير معلوم، نعم إن ذكر
ذلك وقد دخل في الركوع يأتي بها في أثناء النافلة ويحتاط بإعادة أصل الصلاة. وأما
الفريضة فيتمها إذا كانت في الوقت المختص بها ثم يأتي بقضاء السجدة أو التشهد
ويحتاط بإعادة الصلاة التي نسي سجدتها أو تشهدها وإن كان الوقت موسعا
فالأحوط قطع الصلاة والآتيان بالجزء المنسي وإعادة الصلاة احتياطا، فالأحوط
إتمامها ثم الاتيان به.
(مسألة 958) إذا كان عليه قضاء أحدهما من صلاة الظهر وضاق وقت العصر
حتى كان لا يدرك منها إلا ركعة قدمها ثم قضى الجزء بعدها وقضاها احتياطا، وكذا
الحال لو كان عليه صلاة الاحتياط للظهر وضاق وقت العصر، لكن في هذه الصورة
يقدم العصر، ثم يقضي الظهر أيضا بعد أن يأتي باحتياطها.
سجود السهو
(مسألة 959) يجب سجود السهو للكلام ساهيا ولو لظن الخروج من الصلاة،
ولنسيان السجدة الواحدة، والتشهد إذا فات محل تداركهما، وللشك بين الأربع
والخمس. والأحوط الاتيان به لكل زيادة في الصلاة ونقيصة لم يذكرها في محلها،
وإن كان الأقوى عدم وجوبه لغير ما ذكر. نعم لا يترك الاحتياط في القيام في موضع
القعود وبالعكس.
(مسألة 960) للكلام وإن طال، سجدتا سهو إن كان كلاما واحدا، وإن تعدد
كما لو تذكر في الأثناء ثم نسي بعد ذلك فتكلم، فله سجودا سهو.
(مسألة 961) للتسليم الزائد مرة واحدة ولو بجميع صيغه سجدتا سهو.
والأحوط تعدده لكل تسليم، وكذا الحال في التسبيحات الأربع.
(مسألة 962) إذا كان عليه سجود سهو وأجزاء منسية وركعات احتياط، أخر
السجود عنهما، والأقوى تقديم ركعات الاحتياط على الأجزاء.
166

(مسألة 963) تجب المبادرة لسجود السهو بعد الصلاة، ويعصي بالتأخير لكن
تصح صلاته، ولا يسقط وجوب السجود عنه بذلك ولا فوريته، فيسجد مبادرا.
ولو نسيه سجد حين يذكره، فلو أخره عصى أيضا.
(مسألة 964) يجب في سجود السهو النية مقارنة لأوله ولو في حركة الهوي إليه،
ولا يجب فيه تعيين السبب ولو تعدد، ولا الترتيب حسب أسبابه على الأقوى، ولا
التكبير وإن كان أحوط. ويجب فيه جميع ما يجب في سجود الصلاة على الأحوط، ما
عدا ذكره.
(مسألة 965) يجب فيه الذكر المخصوص، فيقول في كل سجدة (بسم الله
وبالله وصلى الله على محمد وآل محمد) أو يقول (بسم الله وبالله، اللهم صل على
محمد وآل محمد) أو يقول (بسم الله وبالله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته)، والأحوط اختيار الأخير.
(مسألة 966) يجب بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة منه التشهد المتعارف،
أما التسليم فيقول (السلام عليكم).
(مسألة 967) إذا شك في تحقق موجبه بنى على عدمه، ولو شك في الاتيان به
بعد العلم بوجوبه، وجب الاتيان به، ولو علم بالموجب وتردد بين الأقل والأكثر بنى
على الأقل. ولو شك في فعل من أفعاله، فإن كان في المحل أتى به، وإن تجاوز،
فالأحوط تحصيل اليقين بالبراءة، نعم لا إشكال في الحكم بالصحة إذا شك فيها بعد
الفراغ منه. وإذا شك في أنه سجد سجدتين أو واحدة، بنى على الأقل، إلا إذا دخل
في التشهد، ولو علم أنه زاد سجدة أو نقصها، أعاد
صلاة القضاء
(مسألة 968) يجب قضاء الصلوات اليومية التي فاتت في أوقاتها عمدا أو سهوا
أو جهلا، أو لأجل النوم المستوعب للوقت، وغير ذلك، وكذا المأتي بها فاسدة لفقد
شرط أو جزء يوجب تركه البطلان.
167

(مسألة 969) لا يجب قضاء ما تركه الصبي في زمان صباه، والمجنون في حال
جنونه والمغمى عليه إذا لم يكن إغماؤه بفعله، والحائض والنفساء مع استيعاب
الوقت، والكافر الأصلي، دون المرتد فإنه يجب عليه قضاء ما فاته في حال ارتداده
بعد التوبة، وتصح منه وإن كان عن فطرة على الأصح.
(مسألة 970) يجب على المخالف بعد استبصاره قضاء ما فاته من الصلاة، أو
كان صلاها على وجه يخالف مذهبه. أما ما أتى به على وفق مذهبه فلا يجب عليه
قضاؤه وإن كان فاسدا بحسب مذهبنا. نعم إذا كان الوقت باقيا يجب عليه الأداء، فلو
تركه، يجب عليه القضاء.
(مسألة 971) إذا بلغ الصبي أو أفاق المجنون أو المغمى عليه في الوقت، وجب
عليهم الأداء، بل وإن لم يدركوا إلا مقدار ركعة على الأحوط. ومع الترك يجب عليهم
القضاء. وكذا الحائض والنفساء إذا زال عذرهما.
(مسألة 972) إذا طرأ الحيض أو النفاس بعد مضي مقدار صلاة المختار من أول
الوقت بحسب حالهما من السفر والحضر والوضوء والتيمم ولم تأتيا بالصلاة، وجب
عليهما القضاء، وكذا في آخر الوقت.
(مسألة 973) إذا طرأ على المكلف عذر غير الحيض والنفاس بعد أن مضى من
الوقت مقدار الصلاة للمختار بحسب حاله بل للمضطر أيضا، ولم يصل، وجب عليه
القضاء. وكذا الحكم في آخر الوقت.
(مسألة 974) فاقد الطهورين يجب عليه القضاء، ولا يترك الاحتياط بالأداء أيضا.
(مسألة 975) يجب قضاء غير اليومية سوى العيدين، حتى المنذورة في وقت
معين على الأحوط.
(مسألة 976) يجوز قضاء الفرائض في كل وقت من ليل أو نهار أو سفر أو
حضر، ويصلي في السفر تاما ما فات في الحضر، ويصلي في الحضر قصرا ما فات في
السفر. وإذا كان في أول الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا أو بالعكس، فالعبرة بحال
الفوت على الأصح، فيقضي قصرا في الأول وتماما في الثاني. وإذا فاته ما يجب فيه
الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام، فالقضاء كذلك.
168

(مسألة 977) إذا فاتت الصلاة في أماكن التخيير، فالأحوط قضاؤها قصرا
مطلقا، سواء قضاها في أماكن التخيير أو في غيرها.
(مسألة 978) يستحب قضاء النوافل والرواتب، ومن عجز عن قضائها استحب
له التصدق عن كل ركعتين بمد، وإن لم يتمكن فعن كل أربع ركعات بمد، وإن لم
يتمكن فمد لنافلة الليل ومد لنافلة النهار.
(مسألة 979) إذا تعددت الفوائت، فالأقوى عدم وجوب الترتيب في قضائها،
أي تقديم قضاء السابق في الفوات على اللاحق، إلا إذا كانت من يوم واحد وكان
الترتيب معتبرا في أدائها شرعا كالظهرين والعشائين. فإذا فات الظهر من يوم والعصر
من يوم آخر، أو الصبح من يوم والظهر من يوم آخر، يجوز له تقديم قضاء ما تأخر
فوته. وكذا إذا فاته الصبح والظهر معا، أو العصر والمغرب، أو العصر والعشاء من
يوم واحد. بخلاف ما إذا فات الظهران أو العشاءان من يوم واحد، فإنه لا يجوز تقديم
قضاء العصر على الظهر والعشاء على المغرب. ولكن الأحوط ملاحظة الترتيب مطلقا،
بل لا يترك إذا كان عالما به.
(مسألة 980) إذا علم أن عليه إحدى الصلوات الخمس من غير تعيين، يكفيه
صبح ومغرب وأربع ركعات بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر والعصر والعشاء،
مخيرا فيها بين الجهر والاخفات. وإن فاتته مسافرا يكفيه مغرب وركعتان مرددتان بين
الأربع، وإن لم يعلم أنه كان حاضرا أو مسافرا، يأتي بمغرب وركعتين مرددتين بين
الأربع، وأربع ركعات مرددة بين الثلاث.
(مسألة 981) إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس من يوم، يأتي بصبح ثم
بمغرب ثم يأتي بأربع مرددة بين الظهر والعصر والعشاء، ثم بأربع مرددة بين العصر
والعشاء. وإذا علم أنه كان في السفر، يأتي بمغرب، ثم يأتي بركعتين مرددتين بين
الصبح والظهر والعصر والعشاء، ثم يأتي بركعتين مرددتين بين الظهر والعصر والعشاء.
وإن لم يعلم أنه كان مسافرا أو حاضرا، أتى بركعتين مرددتين بين الصبح والظهر
والعصر، ثم ركعتين مرددتين بين الظهر والعصر والعشاء، ثم المغرب، ثم أربع ركعات
للظهر، ثم أربع ركعات مرددة بين العصر والعشاء.
169

(مسألة 982) إذا علم أن عليه ثلاثا من خمس من يوم وكان حاضرا أتى
بالخمس على الترتيب، وإن كان مسافرا أتى بركعتين مرددتين بين الصبح والظهر، ثم
بركعتين مرددتين بين الظهر والعصر، ثم بالمغرب ثم بالعشاء قصرا.
(مسألة 983) إذا علم بفوات أربع صلوات من خمس، أتى بالخمس، تماما إذا
كان في الحضر، وقصرا إذا كان في السفر.
(مسألة 984) إذا علم بفوت صلاة معينة كالصبح مثلا مرات، ولم يعلم عددها
يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى، ولكن الأحوط التكرار بمقدار يحصل منه
العلم بالفراغ، خصوصا مع سبق العلم بالمقدار وحصول النسيان بعده. بل الاحتياط
فيه لا يترك. وكذا الحال إذا فاتته صلوات أيام لا يعلم عددها.
(مسألة 985) لا يجب الفور في القضاء، بل هو موسع ما دام العمر، إذا لم ينجر
إلى المسامحة في أداء التكليف والتهاون به.
(مسألة 986) الأحوط لذوي الأعذار تأخير القضاء إلى زمان رفع العذر، إلا إذا
علم بقاءه إلى آخر العمر، أو خاف مفاجأة الموت.
(مسألة 987) لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة، فيجوز الاشتغال بالحاضرة
لمن عليه قضاء، وإن كان الأحوط تقديمها عليها خصوصا فائتة ذلك اليوم لكن إذا
كانت عليه فوائت أخرى يعلم ترتيبها فالأحوط إعادتها بعد قضاء تلك الفوائت، وإذا
شرع في الحاضرة قبلها استحب له العدول منها إليها، إذا لم يتجاوز محل العدول، وإذا
لم يكن عليه فائتة غيرها.
(مسألة 988) يجوز لمن عليه قضاء الاتيان بالنوافل على الأقوى، كما يجوز له
الاتيان بالقضاء أيضا بعد دخول الوقت قبل الاتيان بالفريضة.
(مسألة 989) يجوز القضاء جماعة، سواء كان الإمام قاضيا أو مؤديا، بل
يستحب ذلك، ولا يجب اتحاد صلاة الإمام والمأموم.
(مسألة 990) يجب على الولي، وهو الولد الأكبر، قضاء ما فات عن والده من
الصلاة لعذر من نوم أو مرض لا يقدر معه على الصلاة بأي مرتبة منها مع حفظ عقله
170

وشعوره. والأحوط إلحاق الوالدة بالوالد، وإلحاق ما تركه عمدا أيضا. بل لا يترك
الاحتياط في الثاني، ومنه ما أتى به فاسدا من جهة إخلاله عن تقصير بما اعتبر فيه.
ولا يجب قضاء ما وجب عليه بالإجارة، أو من جهة كونه وليا.
(مسألة 991) الأحوط أن يقضي عن الميت من كان موجودا عند موته، الأكبر
فالأكبر من الذكور، ثم الإناث، في كل طبقة من الورثة.
(مسألة 992) إذا مات الولد الأكبر بعد والده، لا يجب على من دونه في السن
من إخوته.
(مسألة 993) لا يعتبر في الولي أن يكون بالغا عاقلا عند الموت، فيجب على
الصبي إذا بلغ والمجنون إذا عقل.
(مسألة 994) لا يعتبر كونه وارثا، فيجب القضاء على الممنوع من الإرث
بسبب القتل أو الرق أو الكفر.
(مسألة 995) إذا تساوى ولدان في السن، يقسم القضاء عليهما، ويجب عليهما
الكسر من الأيام والصلوات كفاية.
(مسألة 996) لا يجب على الولي المباشرة بل يجوز له أن يستأجر، والأجير
يقصد النيابة عن الميت لا عن الولي.
(مسألة 997) إذا باشر الولي يراعي تكليف نفسه باجتهاد أو تقليد في أحكام
الشك والسهو، بل وفي أجزاء الصلاة وشرائطها دون تكليف الميت، كما يراعي
تكليف نفسه في أصل وجوب القضاء، إذا اختلف مقتضى تقليده أو اجتهاده مع
تكليف الميت.
صلاة الاستيجار
(مسألة 998) يجوز الاستيجار للنيابة عن الأموات في قضاء الصلاة كسائر
العبادات، يجوز النيابة عنهم تبرعا. ويقصد النائب بفعله أجيرا كان أو متبرعا
النيابة عن المنوب عنه، وتفرغ بذلك ذمة الميت ويثاب عليه، كما يثاب النائب أيضا.
171

(مسألة 999) يجب تعيين الميت المنوب عنه في النية ولو بالاجمال كصاحب المال
ونحوه، والواجب من النية قصد امتثال أمر المنوب عنه وتقربه ولو كان الداعي لهذا
القصد استيفاء الإجارة واستحقاق الجعل، وهذا معنى القرب المعتبر فيه.
(مسألة 1000) يجب على من عليه صلاة وصيام واجبان الايصاء بالاستيجار
عنه، ويجب على الوصي إخراج ذلك من الثلث. وهذا بخلاف الحج والواجبات المالية
كالزكاة والخمس والمظالم والكفارات، فإنها تخرج من أصل المال أوصى بها أو لم
يوص، إلا إذا أوصى بأن تخرج من الثلث فتخرج منه، فإن لم يف بها، يخرج الزائد
من الأصل.
(مسألة 1001) إذا أوصى بأن يقضى عنه الصلاة والصوم ولم يكن له تركة،
فالأحوط عدم مخالفة الولد ذكرا كان أو أنثى للوصية، ولو بتنفيذها من ماله، إلا
إذا كان حرجا عليه. وأما غير الولد ممن لم تجب عليه إطاعته، حتى الوصي، فلا
يجب عليه.
(مسألة 1002) إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج بمباشرته فإن تمكن من
الاتيان به ولم يأت به ومات قبل الاتيان به، فللمستأجر أن يأخذ أجرة مثل عمل
الأجير وله أن يفسخ الإجارة وإن مات قبل أن يقدر على إتيان العمل كلا أم بعضا
بطلت الإجارة في الكل أو في البعض الذي بقي عليه، وفي ذمته مال الإجارة إن كان
قبضه، فيخرج من تركته. وإن لم يشترطوا المباشرة، وجب الاستئجار من تركته إن
كان له تركة، وإلا فلا يجب على الورثة كما في سائر الديون. نعم يجوز تفريغ ذمته من
الزكاة ونحوها وتبرعا.
(مسألة 1003) يشترط في الأجير أن يكون عارفا بأجزاء الصلاة
وشرائطها ومنافياتها وأحكام الخلل وغيرها، عن اجتهاد أو تقليد صحيح. نعم لا
يبعد جواز استيجار تارك الاجتهاد والتقليد إذا كان عارفا بكيفية الاحتياط وكان
محتاطا في عمله.
(مسألة 1004) لا يشترط عدالة الأجير، بل يكفي كونه أمينا يطمأن بأدائه
على الوجه الصحيح وإن لم يكن عادلا. والأحوط عدم استيجار الصبي المميز.
172

(مسألة 1005) لا يعلم عدم جواز استيجار ذوي الأعذار كالعاجز عن القيام مع
وجود غيره على إطلاقه، ولكنه أحوط. ولو حدث العذر ولم يرتفع وضاق الوقت
عن الأداء انفسخت الإجارة في بعض الصور ولم تنفسخ في بعضها، والأحوط
التراضي بالفسخ في الموارد المشكوكة. نعم لا يبعد صحة استئجار ذي الجبيرة ومن
كان تكليفه التيمم، وإن كان الأحوط خلافه.
(مسألة 1006) إذا حصل للأجير سهو أو شك، يعمل بحكمه على طبق اجتهاده
أو تقليده وإن خالف الميت. كما أنه يجب على الأجير أن يأتي بالصلاة على مقتضى
تكليفه تقليدا أو اجتهادا، إذا استؤجر على الاتيان بالعمل الصحيح وإن كان مراعاة
الاحتياط بإتيانها موافقة لنظره ونظر المنوب عنه والمستأجر مما لا ينبغي تركه. نعم لو
عين له كيفية خاصة لا يجوز له التعدي عنها. ولكن لا يجوز له إجارة نفسه لما يعلم
بطلانه اجتهادا أو تقليدا، ولا يجوز له أخذ الأجرة. كما لا يجوز للمستأجر الاكتفاء
بصلاته إذا علم بطلانها اجتهادا أو تقليدا.
(مسألة 1007) يجوز استيجار كل من الرجل والمرأة للصلاة عن الآخر، وفي
الجهر والاخفات وكيفية التستر وشرائط اللباس يراعى حال المباشر النائب لا المنوب
عنه، فالرجل يجهر في الجهرية وإن كان نائبا عن المرأة، والمرأة مخيرة فيها وإن كانت
نائبة عن الرجل.
(مسألة 1008) لا يجب الترتيب في القضاء إذا لم يشترط المستأجر الترتيب
على الأجير، فإذا استؤجر جماعة للنيابة عن واحد في قضاء صلاته، لا يجب تعيين
الوقت لكل منهم حذرا من وقوع صلاة بعضهم مقارنة لصلاة البعض الآخر. ولو
قلنا بالترتيب فالمسلم عدم جواز تقديم اللاحق، لا وجوب تقديم السابق، فلا
تضر المقارنة.
(مسألة 1009) لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل بلا إذن من المستأجر،
نعم لو تقبل العمل من دون أن يؤاجر نفسه له، يجوز أن يستأجر غيره له،
لكن حينئذ لا يجوز أن يستأجره بأقل من الأجرة المجعولة، إلا إذا أتى ببعض العمل
وإن قل.
173

(مسألة 1010) إذا عين للأجير وقتا أو مدة ولم يأت بالعمل أو تمامه في تلك
المدة، فليس له أن يأتي به بعدها إلا بإذن المستأجر، ولو أتى به فهو كالمتبرع لا
يستحق أجرة. نعم لو كان الاتيان بالعمل في الوقت المعين بعنوان الاشتراط، يستحق
الأجرة المسماة، وإن كان للمستأجر خيار الفسخ من جهة تخلف الشرط، فإذا فسخ
يرجع على الأجير بالأجرة المسماة، ويستحق الأجير أجرة المثل.
(مسألة 1011) إذا تبين بعد العمل بطلان الإجارة، استحق الأجير أجرة المثل
بعمله، وكذا إذا انفسخت الإجارة من جهة الغبن أو غيره.
(مسألة 1012) إذا لم تعين كيفية العمل من حيث المستحبات، يجب الاتيان
بالمستحبات المتعارفة كالإقامة والقنوت وتكبيرة الركوع، ونحو ذلك.
صلاة الجمعة
(مسألة 1013) وهي فريضة من فرائض الدين، ووجوبها في الجملة من
الضروريات عند المسلمين، والمتيقن وجوبها إن أقامها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأوصيائه
المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين أو نائبهم الخاص، وأما في عصر عدم كون
الإمام مبسوط اليد وزمان الغيبة فوجوبها غير معلوم.
(مسألة 1014) ينبغي مراعاة الاحتياط بالاتيان بصلاة الجمعة في زمان الغيبة إذا
اجتمع ما سنذكر من الشرائط احتياطا ورجاء لوجوبها الواقعي، والأحوط لغير الفقيه
العادل الاستئذان منه، وإن كان الأقوى عدم لزومه.
(مسألة 1015) الأحوط عدم الاجتزاء بصلاة الجمعة عن الظهر ولو كانت
بإذن الفقيه.
(مسألة 1016) الأحوط ترك الاقتداء بعصر من لم يصل الظهر اكتفاءا بالجمعة
في عصر الغيبة، إلا إذا احتاط بالظهر فإنه يجوز الاقتداء بعصره حينئذ.
(مسألة 1017) الأحوط ترك الاقتداء بظهر من يعيدها احتياطا بعد صلاة
الجمعة، إلا لمن صلى الجمعة ويعيد الظهر احتياطا.
174

(مسألة 1018) الأولى والأحوط لمن لم يصل الجمعة تأخير الظهر حتى ينقضي
وقت الجمعة.
(مسألة 1019) يحرم البيع بالنداء على المكلف بالجمعة على القول بالتعيين. وأما
حرمة ساير المنافيات من المعاملات وغيرها من الأفعال غير المحرمة فغير معلومة.
(مسألة 1020) الأقوى عدم حرمة البيع قبل النداء إن لم يكن منافيا لصلاة
الجمعة، وأما مع المنافاة فحكمه حكم ساير المنافيات. وقد مر أن حرمتها غير معلومة.
(مسألة 1021) إذا أثم من حرم عليه البيع وباع، صح البيع على الأحوط.
(مسألة 1022) إذا حرم البيع على أحد المتبايعين، يشكل للآخر الاقدام عليه
حذرا من الوقوع في الإعانة على الإثم. نعم لا إشكال في جواز البيع للطرفين إذا لم
تجب عليهما الصلاة.
(مسألة 1023) يجب السعي إليها تعيينا أو تخييرا مع اجتماع الشرايط، بالحضور
وتحصيل الطهارة والستر، وغيرهما من الشرايط، ورفع الموانع.
(مسألة 1024) يجب قبلها خطبتان بنية القربة مثل ساير العبادات، ولا تصح صلاة
الجمعة بدونهما. ويجب في كل واحدة منهما التحميد، والأحوط كونه بلفظ الحمد لله،
والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الثانية، والأحوط وجوبها في الأولى أيضا. والوعظ في الأولى،
ولا يترك في الثانية أيضا. وقراءة سورة خفيفة في الأولى ولا يترك في الثانية أيضا.
والأحوط إضافة الصلوات على أئمة المسلمين عليه السلام والاستغفار للمؤمنين والمؤمنات في
الثانية. ويكفي في كل ما ذكر المسمى لكن بعبارة يصدق عليها بحسب المتعارف.
(مسألة 1025) الأحوط اعتبار العربية في الخطبتين، نعم لو كان العدد الذين
يجب عليهم استماعها غير عرب، فالأحوط تكرار الوعظ بلغتهم، بل لزوم ذلك لا
يخلو من قوة، لعدم صدق الواعظ والوصية بالتقوى على ما لا يفهم المستمع له معنى.
(مسألة 1026) إذا لم يتمكن من الخطبة بالعربية، يتعلم. ومع عدم التمكن من
التعلم فوجوبها بالعجمية وكفايتها مشكل، لكن الأحوط الاتيان بها كذلك، ثم
الاتيان بالظهر بعد الجمعة.
175

(مسألة 1027) الأظهر جواز تقديم الخطبة قبل الظهر، بحيث إذا فرغ زالت،
لكن الأحوط تأخيرها إلى الزوال.
(مسألة 1028) إذا بدأ بالصلاة لا تصح ولو نسيانا، وهل تعاد الخطبتان المأتي
بهما بعد الصلاة أم يكفي إعادة الصلاة، الظاهر الثاني، إن لم تفت الموالاة.
(مسألة 1029) الأحوط إن لم يكن أقوى أن يكون الإمام هو الخطيب، ولو كان
غيره ولو لعدم التمكن من إمام يخطب، فالاجتزاء بها محل تأمل، فالأحوط الاتيان
بالظهر أيضا.
(مسألة 1030) يجب أن يكون الخطيب قائما على الأظهر، ومع عدم التمكن يؤم
غيره من المتمكنين، وإلا فالاجتزاء بها محل تأمل، فالأحوط الاتيان بالظهر أيضا.
(مسألة 1031) لا يجب فيهما الطمأنينة على الظاهر.
(مسألة 1032) يجب الفصل بينهما بجلسة، والأحوط أن تكون خفيفة، ولا يجب
فيها الطمأنينة على الأقوى.
(مسألة 1033) ينبغي فيهما مراعاة الطهارة والاستقرار وعدم كلام الآدمي وترك
الضحك والبكاء وساير شرايط الصلاة، غير الاستقبال.
(مسألة 1034) الأحوط رفع الصوت بقدر المتعارف، بل يراعي إسماع الناس
جلهم أو كلهم مع الامكان.
(مسألة 1035) يجوز رفع اليد عن خطبة والشروع في خطبة أخرى، ولا يحرم
قطع الخطبة، بخلاف الصلاة.
(مسألة 1036) يجوز للخطيب أن يرفع اليد عنها ويدخل في جماعة أخرى، ما لم
يدخل في الصلاة.
مستحباتها غير ما مر
(مسألة 1037) ينبغي للخطيب أن يستقبل الناس حال الخطبة وينبغي أن
يكون الخطيب بليغا مواظبا على الصلوات في أوقاتها، وعلى الأخذ بما
176

أمر به حتى المستحبات، والترك لما نهي عنه حتى المكروهات، مجتنبا الشبهات، حافظا لسانه عن
الترهات، ليكون كلامه أوقع في نفوس المستمعين.
(مسألة 1038) يستحب التعمم شاتيا وصائفا، والتردي ببرد يمنية، بل بمطلق
الرداء، وأن يكون متكئا على قوس أو عصا، وأن يسلم أولا إذا استقبل الناس، وأن
يجلس قبل الخطبة ما دام المؤذن مشغولا بالأذان. ويكره للخطيب الكلام بغيرها أثنائها،
والأحوط تركه، وكذا ترك المستمعين الكلام أثنائها أيضا، بل الأحوط لهم الاصغاء.
(مسألة 1039) الكلام الماحي لصورة الخطبة أثناءها، مبطل لها. وكذا كل ماح
لصورتها من المشي والأكل المعتد بهما والفعل الكثير.
(مسألة 1040) صلاة الجمعة ركعتان كصلاة الصبح إلا فيما يأتي، والأحوط الجهر
بالقراءة في ركعتي الجمعة.
(مسألة 1041) يستحب في الركعة الأولى قراءة سورة الجمعة، وفي الثانية
سورة المنافقين.
(مسألة 1042) إذا شرع في الجمعة في الأولى وفي المنافقين في الثانية، فالأحوط
عدم العدول إلى غيرهما.
(مسألة 1043) إذا شرع في الأولى بغير الجمعة حتى الجحد والتوحيد، يجوز بل
يستحب له العدول إليها ما لم يتجاوز النصف، وكذا لو شرع في الثانية في غير المنافقين.
(مسألة 1044) يستحب فيها قنوتان، أحدهما في الركعة الأولى قبل الركوع،
والثاني في الثانية بعد الركوع، ويدعى فيهما بما ذكر في ساير الصلوات، والأفضل فيهما
بل في غيرهما كلمات الفرج، وفي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال (القنوت
يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة تقول في القنوت: لا إله إلا الله الحليم الكريم
لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع
وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين. اللهم صل على
محمد وآله كما هديتنا به، اللهم صل على محمد وآل محمد كما أكرمتنا به، اللهم اجعلنا
ممن اخترته لدينك وخلقته لجنتك، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من
لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ولا يبعد أن يستفاد من قوله (تقول في القنوت) رجحان ما ذكر في مطلق القنوت لا خصوص
177

يوم الجمعة وخصوص الركعة الأولى.
وخصوصية الجمعة إنما هي في كون قنوتها في الركعة الأولى بعد القراءة في قبال كونه في
الثانية بعد الركوع، أو في قبال سائر الصلوات حيث لا قنوت في الركعة الأولى منها أصلا.
(مسألة 1045) أول وقتها زوال الشمس، والظاهر أنه ينتهي بمضي مقدار ساعة
يتمكن المكلف من أدائها مع تحصيل شرايطها من الطهارة والاجتماع وغيرهما بحسب
عادة العامة، برفاهية من غير توان مخل ولا تعجيل موجب للاضطراب.
(مسألة 1046) إذا خرج الوقت وهو فيها، فإن أدرك ركعة منها في الوقت أتمها
جمعة، إماما أو مأموما أو منفردا، وإلا فالظاهر البطلان وتعين الظهر. لكن الأحوط
إتمامها رجاء أيضا.
(مسألة 1047) لا تقضى الجمعة بعد فوات وقتها، بل يأتي حينئذ بالظهر، أداء
في الوقت، وقضاء في خارجه.
(مسألة 1048) إذا وجبت الجمعة تعيينا وصلى المكلف الظهر في وقتها، بطلت
ووجب عليه السعي، فإن أدركها، وإلا أعاد الظهر ولم يجتز بالأول. وكذا من اعتقد أن
فرضه الجمعة ومع ذلك صلى الظهر ثم بان عدم تمكنه من الجمعة. نعم لو تحقق منه نية
القربة بأن صلى الظهر نسيانا أو غفلة أو بتخيل الصحة ولو جهلا، صحت الظهر حينئذ
ولا تعاد. وكذا لو أتى بالظهر رجاء مع الشك في التمكن من الجمعة فبان عدم التمكن.
(مسألة 1049) من كان فرضه الجمعة وتيقن اتساع الوقت لأقل الخطبتين
وركعتين خفيفتين، وجبت عليه الجمعة.
(مسألة 1050) إذا شك من فرضه الجمعة، في اتساع الوقت للشك في مقدار
الزمان، وجبت عليه وإن ظن أنه أقل، وكذا يجوز الاتيان بها والاجتزاء بها على
القول بالتخيير والاجتزاء. وأما لو علم أن الوقت مثلا نصف ساعة وشك في مقدار ما
يلزم للصلاة، فالأحوط وجوب الشروع بها حتى ينكشف الحال، ومع عدم انكشاف
كفاية الوقت للغفلة حين الاتمام مثلا، فالأقوى عدم الاجتزاء بها ووجوب الظهر.
(مسألة 1051) إذا انكشف قصر الوقت في جميع ما ذكر من الصور حتى لادراك
ركعة، بطلت الجمعة ووجب عليه الظهر.
178

(مسألة 1052) إذا تيقن أن الوقت لا يسع حتى مقدار ركعة منها، فقد فاتت
الجمعة ويصلي الظهر. أما لو اتسع لمقدار ركعة وأقل من ركعتين، فالأقوى أنه في
حكم اتساع جميع الوقت، لكن الأحوط عدم الاجتزاء بها.
(مسألة 1053) إذا أدرك المأموم ركعة من الوقت بإدراك ركوع الركعة الثانية بأن
ينتهي هويه إلى الركوع ويستقر قبل رفع رأس الإمام من ركوع الركعة الثانية، صحت
جمعته ويتم الثانية بنفسه. وأما إذا أدرك الإمام خارج وقت الجمعة، بأن دخل وقت
الجمعة بإدراك ركعة ثم أدركه المأموم في الثانية، فصحة جمعة المأموم حينئذ في غاية
الاشكال بل لا يخلو البطلان عن قوة، لكن الأحوط على القول بالتعيين الاتيان بها
رجاء ثم بالظهر.
شروط صلاة الجمعة
(مسألة 1054) الشرط الأول: الجماعة فلا تصح فرادى، ويكفي للمأموم أن
يدرك الإمام قبل أن يكبر للركعة الثانية فإن أدركه وهو في الركوع يأتم به ويتم
الصلاة جمعة ثم يأتي بالظهر احتياطا، وأما الإمام فلا تنعقد له الجمعة إلا باقتداء العدد
المعين الحاضرين للخطبة الواجدين للشرايط في الركعة الأولى، فلو دخل الإمام في
الجمعة ولم يدخل معه العدد إلا في الركعة الثانية، لا تنعقد الجمعة للإمام، وتختل
صلاة المأموم من هذه الجهة. بل الأحوط عدم التوالي في الاقتداء من أول الصلاة،
وعدم الاكتفاء بها على فرض التأخير.
(مسألة 1055) إذا شك المأموم قبل الذكر في إدراك الإمام راكعا، يحكم بعدم
الادراك، أما إذا شك فيه بعد الفراغ من الذكر أو بعد رفع الرأس من الركوع، فلا يلتفت.
(مسألة 1056) إذا مات الإمام في الأثناء، لم تبطل صلاة المأمومين، ويقدمون
من يتم لهم الصلاة. وكذا لو عرض له ما يبطل الصلاة من إغماء أو جنون أو حدث أو
غيرها، لكن بشرط أن يكون الثاني واجدا لشرايط الإمامة أيضا حتى الإذن إن
اعتبرناه. والأحوط عدم تقدم من لم يستمع الخطبة، أو المسبوق بالشروع في الجمعة
وإن استمعها، وإن لم يوجد غيرهما، فالأحوط إعادة الظهر أيضا.
179

(مسألة 1057) الظاهر أنه يجب تجديد نية الاقتداء عند تبدل الإمام.
(مسألة 1058) إذا لم يوجد من يؤتم به، يتمونها فرادى وتصح جمعة،
والأحوط مهما أمكن إتمامها جماعة، وأحوط منه الاتيان بالظهر أيضا إن لم يأت بها
جماعة واجدة لجميع الشرايط.
(مسألة 1059) الشرط الثاني: العدد وهو خمسة منهم الإمام فتنعقد بها مع
اجتماع سائر الشرائط ولا تنعقد بأقل منها، وتجب عينا إذا كانوا سبعة عند اجتماع
جميع الشرائط.
(مسألة 1060) إذا انفض بعض العدد قبل الصلاة ولو بعد الخطبة لا تنعقد،
وتسقط عن الباقين إن لم يعودوا ولم يكمل العدد بغيرهم.
(مسألة 1061) إذا عاد من انفض بين الخطبة قبل فوات الوقت، صلوا الجمعة،
ولا يجب تكرار ما سمع من الخطبة ما لم يخل بالموالاة العرفية، وإلا فالأحوط التكرار.
وكذا لو عاد من انفض بعد الخطبة قبل الصلاة.
(مسألة 1062) إذا كمل العدد بعد الانفضاض بغير من استمع الخطبة، فالظاهر
لزوم تكرارها، لأن الظاهر اشتراط العدد في استماعها، وإن جاز لغيرهم أيضا اللحوق
بهم في الصلاة كما سيأتي إن شاء الله.
(مسألة 1063) قيل إن على من دخل الجمعة ولو بالتكبير واجدا لجميع
الشرايط، أن يتمها جمعة وإن لم يبق إلا واحدا إماما كان أو مأموما، وهو مشكل إلا
في موت الإمام أو المأموم المسبوق كما مر، فالأحوط إتمام الجمعة رجاء ثم الاتيان
بالظهر مطلقا إماما أو مأموما، سواء دخل العدد بأجمعهم أو بعضهم، وأدرك ركعة أم
لا. وإن كان احتمال صحة الجمعة في ثاني كل من الاحتمالين ضعيفا. وهذه المسألة غير
ما مر من إتمام المأموم المسبوق أو من مات إمامه أو حدث له حدث، والفارق النص.
(مسألة 1064) لا دليل على جواز العدول من الجمعة إلى الظهر، سواء تمكن من
إتمامها جمعة، أو لا.
(مسألة 1065) الشرط الثالث: أن لا يكون بين الجمعتين دون ثلاثة أميال،
فإن كانت المسافة أقل منها، بطلتا.
180

(مسألة 1066) إذا سبقت إحداهما ولو بتكبيرة الاحرام، بطلت المتأخرة وصحت
السابقة، سواء علم السابقون بشروع جمعة أخرى بعد شروعهم أم لا، ولا يضر من
سبق إليها أنه كان يعلم بوجود جمعة أخرى فإنه يجوز له مع ذلك المسارعة إليها.
(مسألة 1067) لا فرق في بطلان اللاحقة بين علمهم بانعقاد الجمعة قبلا أو جهلهم.
(مسألة 1068) إذا شك في انعقاد الجمعة سابقا أو مقارنا، بنى على العدم على
الأظهر، ولا يجب الفحص. ويحكم بصحة الجمعة ما لم ينكشف، فإذا انكشف قبل
فوات وقت الجمعة يسعى إليها، وإلا فيجب عليه الظهر أداء أو قضاء.
(مسألة 1069) لا يجب على السابق إعلام اللاحق، ولا على غير السابقين ممن
اطلع على ذلك.
(مسألة 1070) إذا علموا بعد الفراغ بتحقق جمعة أخرى ولم يعلم السابقة منهما،
فالأحوط إعادة الظهر على كل من الجماعتين.
(مسألة 1071) المعتبر في السبق واللحوق تكبيرة الاحرام دون الخطبة، فلو
سبقت إحدى الصلاتين بالخطبة والثانية بالتكبيرة، صحت الثانية دون الأولى.
(مسألة 1072) يعتبر التباعد بين الصلاتين دون الخطبتين، فلو خطب اثنان في
أقل من فرسخ ثم تباعدت الجمعتان بمقداره حال الصلاة، صحتا.
(مسألة 1073) الشرط الرابع: ذكر: أنه يشترط في وجوب صلاة الجمعة أو في
صحتها، السلطان العادل أو المنصوب من قبله في خصوص صلاة الجمعة، قد مر أن
المتيقن وجوبها مع أمره أو أمر المنصوب من قبله، وأنه لم يعلم وجوب الجمعة في مثل
زماننا لا تعيينا ولا تخييرا، نعم ينبغي الاحتياط بالاتيان بها كما مر.
(مسألة 1074) يشترط فيمن تجب عليه الجمعة أمور:
منها البلوغ فلا تجب على غير البالغ.
ومنها العقل، فلا تجب على المجنون.
ومنها الذكورة، فلا تجب على الأنثى، والخنثى يحتاط بالجمع بين الجمعة والظهر، وإن
كان الأقوى جواز اجتزائه بالظهر، لكن الأحوط الأولى تأخير الظهر عن وقت الجمعة.
181

ومنها الحرية، فلا تجب على العبد حتى المكاتب والمدبر، والمبعض كالخنثى.
ومنها الحضر، فلا تجب على المسافر، والمدار على أصل السفر دون تقصير الصلاة،
فلا تجب في سفر المعصية على الظاهر، وكذا سفر اللهو، وفي مواطن التخيير. نعم
الظاهر وجوبها على المقيم عشرة أيام، والمتردد ثلاثين يوما، وكثير السفر، والمسافر
في أقل من ثمانية فراسخ، والمسافر بلا نية، حيث حكم الشرع بعدم السفر في أمثالها.
ومنها السلامة من العمى، لا تجب على الأعمى وإن لم يكن عليه مشقة على الظاهر.
ومنها السلامة من المرض، فلا تجب على المريض، ولكن لا يبعد فيه اعتبار
المشقة النوعية، فلو كان مريضا لا مشقة عليه في إقامة الجمعة أصلا حتى لنوع ذلك
المرض، فالظاهر أن الدليل لا يشمله وحكمه حكم الصحيح.
ومنها السلامة من العرج المستلزم للحرج، فلا تجب على الأعرج إذا كانت إقامتها
عليه حرجية ولو نوعا، وأما إذا لم تكن حرجية فالأحوط جريان حكم الأصحاء عليه.
ومنها السلامة من الهرم المستلزم للحرج النوعي، فلا تجب على الشيخ الكبير إذا
كانت الإقامة عليه حرجية ولو نوعا كما في ساير الواجبات. والظاهر سقوطها عند
المطر لاستلزام الحرج.
ومنها أن لا يكون بينه وبين الجمعة أكثر من بعد فرسخين، فلا يجب السعي إليها
على من كان بعيدا أكثر ولا يتمكن من إقامتها في أقل منه، والمدار في البعد مكان
المصلي والجامع دون منزله ووطنه، كما أن المدار على الذهاب فقط دون الإياب.
(مسألة 1075) من لا تجب عليه الجمعة لفقدان شئ مما ذكر من الشرايط، لو
تكلف الحضور أو اتفق له وصلى، صحت منه الجمعة، سوى المجنون وغير المميز، بل
وجبت عليهم عينا بعد الحضور على القول به، سوى من كان عليه حرج فعلا في
صلاتها دون الظهر، وأما الصغير المميز فهو وإن لم تجب عليه الجمعة ولا الظهر لعدم
التكليف لكن لا يبعد أن يكون المشروع له الجمعة لا الظهر مع اجتماع ساير الشرايط.
(مسألة 1076) إذا كان تمام العدد أو بعضهم فاقدا لشرايط الوجوب واجدا
لشرايط الصحة، تنعقد الجمعة بها، ولا يشترط في انعقادها العدد المستجمع لشرايط
الوجوب. نعم يشترط الذكورية في انعقاد هذه الصلاة، فلا تنعقد إلا إذا كان تمام
العدد ذكورا، وفي انعقادها بالمميز إشكال وتردد، وإن كان الإمام بالغا.
182

(مسألة 1077) يشترط في إمام الجمعة ما يشترط في إمام الجماعة من العدالة
وأن لا يكون من ذوي الأعذار وغيرهما من الشرايط بلا كلام، إنما الكلام في اشتراط
إذن من له الأمر كما مر.
(مسألة 1078) يجوز لمن سقطت عنه الجمعة، صلاة الظهر في أول وقتها، من
دون انتظار مضي وقت النافلة.
(مسألة 1079) إذا كان الإمام غير مرضي عند المأموم، يصلي المأموم الظهر في
المنزل ثم يحضر ويأتم به في الجمعة، أو يصلي معه ركعتين، ثم يتمها بعد الصلاة أربعا
في نفسه إذا لم يكن عليه خوف.
(مسألة 1080) من تمكن من الجمعة بعد صلاة الظهر، لا تجب عليه الجمعة، بل
لا تشرع له إلا إذا أتى بها رجاءا، ولو كان بتبدل الموضوع، كرفع العذر في ذوي
الأعذار وحضور المسافر. نعم لو بلغ الصبي بعد صلاة الظهر مع اجتماع ساير شرايط
الجمعة، يكون كمن لم يصل، فيصلي الجمعة مع بقاء وقتها، وإلا فيأتي بالظهر بناء
على التعيين. وأما إذا صلى الجمعة صحيحة قبل البلوغ، فيكون كمن صلى بعد البلوغ
ولا تعاد، ولو كان الوقت باقيا على الظاهر.
(مسألة 1081) يكره السفر بعد طلوع الفجر من يوم الجمعة، والأحوط تركه
بعد الزوال للمكلف بها تعيينا حتى يصلي، إلا إذا تمكن من إقامتها في الطريق. وأما
بعد الصلاة ولو الظهر، فلا كراهة مطلقا.
(مسألة 1082) ورد في بعض الأخبار وكلمات بعض الأصحاب أن الأذان الثالث
من يوم الجمعة محرم، وفي بعض آخر الثاني، والظاهر أن الزائد على الوارد إذا أتي به
بنية أنه مشرع فهو بدعة محرمة من غير فرق بين الجمعة وغيرها، ولعل ما في الأخبار
للتذكير بأن ما تداول من زمان بني أمية هو أحد مصاديق البدعة.
(مسألة 1083) إذا لم يتمكن المأموم من السجود مع الإمام في الركعة الأولى،
فإن أمكنه أن يسجد ويلحق به في الركوع الثاني فهو، وصحت جمعته. وكذا إن لم
يدرك الإمام في الركوع لكن سجد للأولى وأدرك الإمام بعد رفع رأسه من الركوع
الثاني، فإنه يركع للثانية ويلحقه في السجدتين ويتمها، لكن الأحوط حينئذ إعادة
183

الظهر أيضا، وإن لم يمكنه السجود حتى ركع الإمام للثانية، فلا يركع معه بل يصبر
حتى يرفع رأسه ويسجد معه بقصد الأولى، وتصح جمعته، ويأتي بالركعة الثانية بعد
فراغ الإمام. وأما إن سجد بقصد الثانية، فيحذفهما ويسجد سجدتين للأولى ثم يتمها
جمعة. لكن الأحوط حينئذ الاتيان بالظهر أيضا. وإن أتى بالسجدتين مهملا لا بنية
الأولى ولا الثانية، فالأقوى أيضا الصحة ويحسبهما للأولى ويتمها جمعة. لكن
الأحوط أيضا الاتيان بالظهر. وأما لو لم يتمكن من السجود للأولى حتى سجد الإمام
للثانية، فالأقوى فوات الجمعة ولزوم استيناف الظهر.
(مسألة 1084) الظاهر مساواة صلاة الجمعة لسائر الصلوات المفروضة في أحكام
الخلل من الشك والسهو وغيرهما، في الركعات والأجزاء الركنية وغيرها، والشرايط
والموانع، على ما فصل في محله.
آداب يوم الجمعة
(مسألة 1085) منها الغسل كما مر في كتاب الطهارة. ومنها التنفل بعشرين
ركعة، ففي الرواية عن الرضا عليه السلام (إنما زيد في صلاة السنة يوم الجمعة أربع ركعات
تعظيما لذلك اليوم وتفرقة بينه وبين ساير الأيام) بل لا يبعد استحباب ركعتين
أخريين بعد العصر زائدا على العشرين، كما في صحيحة سعد بن سعد الأشعري.
ويأتي بست منها عند انبساط الشمس، وست عند ارتفاعها، وست قبل الزوال،
وركعتين عند الزوال، ويجوز التأخير إلى ما بعد الزوال، الأفضل حينئذ تأخيرها
عن الفريضة. وإن أتى بست بعد طلوع الشمس وست عند تعاليها وركعتين عند
الزوال وست بين الفريضتين، جاز، بل قيل أفضل لاستفاضة النصوص به وسلامتها
عن المعارض. ومنها: التباكر إلى المسجد والسبق إليه، وليكن على سكينة ووقار.
ومنها قص الأظفار وأخذ الشوارب. ومنها التطيب. ومنها لبس أفضل الثياب.
وليدع عند التهيؤ للخروج بالمأثور فيقول، على ما روي عن أبي جعفر عليه السلام (اللهم
من تهيأ وأعد واستعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفده وطلب نائله وجوائزه وفواضله
ونوافله، فإليك يا سيدي وفادتي وتهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي، رجاء رفدك
وجوائزك ونوافلك، فلا تخيب اليوم رجائي، يا من لا يخيب عليه سائل ولا ينقصه
نائل، فإني لم آتك اليوم بعمل صالح قدمته، ولا شفاعة مخلوق رجوته،
184

ولكن أتيتك مقرا بالظلم والإسائة، لا حجة لي ولا عذر، فأسألك يا رب أن تعطيني مسألتي
وتقلبني برغبتي ولا تردني مجبوها وخائبا، يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم، أسألك يا
عظيم أن تغفر لي العظيم، لا إله إلا أنت. اللهم صل على محمد وآل محمد وارزقني خير
هذا اليوم الذي شرفته وعظمته، وتغسلني (واغسلني) فيه من جميع ذنوبي
وخطاياي، وزدني من فضلك إنك أنت الوهاب).
صلاة العيدين
(مسألة 1086) صلاة العيدين واجبة مع حضور الإمام عليه السلام وبسط يده،
مستحبة في زمان الغيبة، فرادى وجماعة وإن كان الأحوط إتيانها جماعة رجاء،
ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، ولا قضاء لها لو فاتت إلا إذا شهد شاهدان
عند الإمام برؤية الهلال بعد زوال الشمس فإنه يأمر الإمام بإفطار ذلك اليوم فيؤخر
الصلاة إلى الغد فيصلي بهم. وهي ركعتان، يقرأ في كل منهما الحمد وسورة، والأفضل
أن يقرأ في الأولى سورة الشمس، وفي الثانية سورة الغاشية، أو في الأولى سورة
الأعلى، وفي الثانية الشمس ويكبر بعد السورة في الأولى خمس تكبيرات وبعد كل
تكبيرة قنوت، وفي الثانية أربع تكبيرات وبعد كل تكبيرة قنوت. ويجزي في القنوت
كل ما جرى على اللسان من ذكر ودعاء كسائر الصلوات، والأفضل ما هو المأثور،
وهو أن يقول (اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت وأهل العفو
والرحمة وأهل التقوى والمغفرة، أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا،
ولمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ذخرا وشرفا وكرامة ومزيدا، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن
تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد، وأن تخرجني من كل سوء أخرجت
منه محمدا وآل محمد، صلواتك عليه وعليهم. اللهم إني أسألك خير ما سألك به
عبادك الصالحون، وأعوذ بك مما استعاذ منه عبادك المخلصون).
(مسألة 1087) يأتي بخطبتين بعد الصلاة، ويجوز تركهما في زمان الغيبة وإن
كانت الصلاة جماعة.
(مسألة 1088) يستحب فيها الجهر بالقراءة للإمام والمنفرد، ورفع اليدين حال
التكبيرات، والاصحار بها إلا في مكة، ويكره أن يصليها تحت سقف.
185

(مسألة 1089) لا يتحمل الإمام في هذه الصلاة غير القراءة، كسائر الصلوات.
(مسألة 1090) إذا شك في التكبيرات أو القنوتات، بنى على الأقل إن كان في
المحل، أما بعد المحل فلا يبعد جواز البناء على الاتيان بها.
(مسألة 1091) إذا أتى بموجب سجود السهو فيها، فالأحوط الاتيان به، وإن
كان عدم وجوبه في صورة استحبابها لا يخلو من قوة، وكذا الحال في قضاء التشهد
والسجدة المنسيين.
(مسألة 1092) ليس في هذه الصلاة أذان ولا إقامة، نعم يستحب أن يقول
المؤذن (الصلاة) ثلاثا.
بعض الصلوات المندوبة
(مسألة 1093) منها: صلاة جعفر بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليه، وهي
من المستحبات الأكيدة ومن المشهورات بين العامة والخاصة، ومما حباه النبي صلى الله عليه وآله
ابن عمه جعفرا رضوان الله عليه حين قدومه من هجرته حبا له وإكراما، فعن
الصادق عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لجعفر حين قدومه من الحبشة يوم فتح خيبر (ألا
أمنحك ألا أعطيك ألا أحبوك؟ فقال: بلى يا رسول الله، قال: فظن الناس أنه يعطيه
ذهبا أو فضة، فأشرف الناس لذلك، فقال له: إني أعطيك شيئا إن أنت صنعته في كل
يوم كان خيرا لك من الدنيا وما فيها، فإن صنعته بين يومين غفر الله لك ما بينهما،
أو كل جمعة، أو كل شهر، أو كل سنة غفر لك ما بينهما).
(مسألة 1094) أفضل أوقاتها يوم الجمعة حين ارتفاع الشمس، ويجوز
احتسابها من نوافل الليل أو النهار فتحسب له من نوافله وتحسب له من صلاة جعفر
كما في الخبر فينوي بصلاة جعفر نافلة المغرب مثلا. وهي أربع ركعات بتسليمتين
يقرأ في كل ركعة الحمد وسورة، ثم يقول (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر) خمس عشرة مرة، ويقولها في الركوع عشر مرات، وكذا بعد رفع الرأس
منه عشر مرات، وكذا في السجدة الأولى، وبعد رفع الرأس منها، وفي السجدة الثانية،
وبعد رفع الرأس منها، فيكون في كل ركعة خمس وسبعون مرة ومجموعها ثلاثمائة تسبيحة.
186

(مسألة 1095) الظاهر الاكتفاء بالتسبيحات عن ذكر الركوع والسجود،
والأحوط عدم الاكتفاء بها عنه.
(مسألة 1096) لا تتعين فيها سورة مخصوصة، لكن الأفضل أن يقرأ في
الركعة الأولى (الزلزلة) وفي الثانية (العاديات) وفي الثالثة (النصر) وفي
الرابعة (الاخلاص).
(مسألة 1097) يجوز تأخير التسبيحات إلى ما بعد الصلاة إذا كان مستعجلا،
كما يجوز إذا كانت له حاجة ضرورية أن يأتي بركعتين ويذهب لضرورته ثم يكملها.
(مسألة 1098) إذا سهى عن بعض التسبيحات في محلها، فإن تذكرها في
محل آخر منها قضاها فيه مضافا إلى تسبيحاته. وإن لم يتذكرها إلا بعد الصلاة،
قضاها بعدها.
(مسألة 1099) يستحب أن يقول في السجدة الثانية من الركعة الرابعة بعد
التسبيحات (يا من لبس العز والوقار، يا من تعطف بالمجد وتكرم به، يا من لا
ينبغي التسبيح إلا له، يا من أحصى كل شئ علمه، يا ذا النعمة والطول، يا ذا المن
والفضل، يا ذا القدرة والكرم، أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من
كتابك، وباسمك الأعظم الأعلى، وكلماتك التامات، أن تصلي على محمد وآل محمد وأن
تفعل بي كذا وكذا) ويذكر حاجاته. ويستحب أن يدعو بعد الفراغ من الصلاة ما
رواه الشيخ الطوسي والسيد ابن طاوس عن المفضل بن عمر قال: رأيت أبا
عبد الله عليه السلام يصلي صلاة جعفر ورفع يديه ودعا بهذا الدعاء (يا رب يا رب) حتى
انقطع النفس (يا رباه يا رباه) حتى انقطع النفس (رب رب) حتى انقطع النفس (
يا الله يا الله) حتى انقطع النفس (يا حي يا حي) حتى انقطع النفس (يا رحيم يا
رحيم) حتى انقطع النفس (يا رحمن يا رحمن) سبع مرات (يا أرحم الراحمين) سبع
مرات. ثم قال (اللهم إني أفتتح القول بحمدك، وأنطق بالثناء عليك، وأمجدك ولا
غاية لمدحك، وأثني عليك ومن يبلغ غاية ثنائك، وأمد مجدك؟ وأنى لخليقتك كنه
معرفة مجدك؟ وأي زمن لم تكن ممدوحا بفضلك؟ موصوفا بمجدك؟ عوادا على المذنبين
بحلمك تخلف سكان أرضك عن طاعتك، فكنت عليهم عطوفا بجودك، جوادا بفضلك، عواد بكرمك، يا لا إله إلا أنت المنان ذو الجلال
187

والاكرام). ثم قال لي: يا مفضل
إذا كانت لك حاجة مهمة فصل هذه الصلاة وادع بهذا الدعاء وسل حاجتك، يقضيها
الله إن شاء الله، وبه الثقة.
صلاة الغفيلة
(مسألة 1100) وهي ركعتان بين المغرب والعشاء، والظاهر أنها غير نافلة
المغرب، ولكن يجوز الاتيان بنافلة المغرب على هذه الكيفية، ولا يبعد اجزاؤها عنهما،
بل الأحوط ذلك، وإن كان الأقوى جواز الاتيان بها مستقلا، والأحوط الاتيان بها
رجاء. ويقرأ فيها في الأولى بعد الحمد (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر
عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجبنا له
ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين)، وفي الثانية بعد الحمد (وعنده مفاتح
الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا
حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) ثم يرفع يديه ويقول
(اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت، أن تصلي على محمد وآل محمد،
وأن تفعل بي كذا وكذا) ويذكر حاجاته ثم يقول (اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على
طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لما قضيتها لي)
ويسأل الله حاجته، يعطه الله ما سأل إن شاء الله تعالى.
صلاة أول الشهر
(مسألة 1101) يصلي ركعتين، يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة الاخلاص ثلاثين
مرة، وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر ثلاثين مرة، ويتصدق بما يتيسر، يشتري به
سلامة ذلك الشهر كله. ويستحب أن يقرأ بعد الصلاة (بسم الله الرحمن الرحيم، وما
من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين.
بسم الله الرحمن الرحيم، وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير
فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم، بسم الله الرحمن الرحيم، سيجعل الله بعد عسر يسرا، ما شاء الله لا قوة
188

إلا بالله. حسبنا الله ونعم
الوكيل. وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد. لا إله إلا أنت سبحانك إني
كنت من الظالمين. رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير. رب لا تذرني فردا وأنت خير
الوارثين). وليس لها وقت معين، ويجوز الاتيان بها في تمام أول يوم من كل شهر.
صلاة الحاجة
(مسألة 1102) وهي كثيرة فمنها: ما رواه في الكافي عن عبد الرحيم القصير،
قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت: جعلت فداك إني اخترعت دعاء. فقال:
(دعني من اختراعك، إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصل ركعتين
تهديهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قلت: كيف أصنع؟ قال: تغتسل وتصلي ركعتين
تستفتح بهما افتتاح الفريضة وتتشهد تشهد الفريضة، فإذا فرغت من التشهد وسلمت
قلت: اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يرجع السلام، اللهم صل على محمد
وآل محمد وبلغ روح محمد صلى الله عليه وآله وسلم مني السلام وأرواح الأئمة الصالحين سلامي، واردد
علي منهم السلام، والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته. اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني
إلى رسول الله فأثبني عليهما ما أملت ورجوت فيك وفي رسولك، يا ولي المؤمنين،
ثم تخر ساجدا فتقول أربعين مرة: يا حي يا قيوم، يا حيا لا يموت، يا حي لا إله إلا
أنت، يا ذا الجلال والاكرام، يا أرحم الراحمين. ثم ضع خدك الأيمن فتقولها أربعين
مرة، ثم ضع خدك الأيسر فتقولها أربعين مرة، ثم ترفع رأسك وتمد يدك فتقول ذلك
أربعين مرة، ثم ترد يدك إلى رقبتك وتلوذ بسبابتك وتقول ذلك أربعين مرة، ثم خذ
لحيتك بيدك اليسرى وابك أو تباك وقل: يا محمد يا رسول الله، أشكو إلى الله وإليك
حاجتي وإلى أهل بيتك الراشدين حاجتي، وبكم أتوجه إلى الله في حاجتي. ثم تسجد
وتقول يا الله يا الله (حتى ينقطع نفسك) صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا
وكذا (وتذكر حاجتك). قال أبو عبد الله عليه السلام (فأنا الضامن على الله عز وجل أن لا
يبرح حتى تقضى حاجته) وقيل إن ذلك جرب مرارا. ولا بأس بالاتيان بذلك رجاء.
ومنها: ما عن الأمالي بإسناده إلى الحذاء، قال قال أبو عبد الله عليه السلام: (من كانت
له إلى الله حاجة فليقصد إلى مسجد الكوفة وليسبغ وضوءه وليصل في المسجد ركعتين يقرأ في كل واحدة منهما فاتحة
189

الكتاب وسبع سور معها وهي: المعوذتان، وقل هو الله
أحد، وقل يا أيها الكافرون، وإذا جاء نصر الله والفتح، وسبح اسم ربك الأعلى،
وإنا أنزلناه في ليلة القدر، فإذا فرغ من الركعتين وتشهد وسلم سأل الله حاجته فإنها
تقضى بعون الله إن شاء الله).
(مسألة 1103) يجوز الاتيان بالصلوات المندوبة جالسا اختيارا وكذا ماشيا
وراكبا، كما تجوز صلاتها ركعة قائما وركعة جالسا، لكن صلاتها قائما أفضل.
ويستحب إذا أتى بها جالسا احتساب كل ركعتين بركعة، فيصلي في نافلة الصبح مثلا
أربع ركعات بتسليمتين جالسا بدل ركعتين قائما، وهكذا، وإذا وجبت النافلة بنذر
ونحوه، فالظاهر بقاء حكمها، فيجوز اختيار الجلوس فيها.
صلاة المسافر
(مسألة 1104) يجب على المسافر قصر الصلوات الرباعية مع اجتماع الشروط
الآتية، وأما الصبح والمغرب فلا قصر فيهما.
(مسألة 1105) الشرط الأول: المسافة، وهي ثمانية فراسخ امتدادية ذهابا أو
إيابا أو ملفقة، والأقوى في التلفيق اعتبار كون كل من الذهاب والإياب أربعة أو أكثر،
سواء اتصل إيابه بذهابه ولم يقطعه بمبيت ليلة فصاعدا في الأثناء، أو قطعه بذلك لا
على وجه تحصل به الإقامة القاطعة للسفر ولا غيرها من قواطعه، فيقصر ويفطر. إلا
أن الأحوط احتياطا شديدا في الصورة الأخيرة التمام مع ذلك، وقضاء الصوم.
(مسألة 1106) الفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي
طوله عرض أربع وعشرين إصبعا، وكل إصبع عرض سبع شعيرات، وكل شعيرة
عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرذون، فإن نقصت عن ذلك ولو يسيرا بقي
على التمام. وتبلغ الأربعة فراسخ اثنين وعشرين كيلو مترا ونصف كيلومتر تقريبا
على ما أخبر به أهل الخبرة.
(مسألة 1107) إذا كان الذهاب خمسة فراسخ والإياب ثلاثة، فلا يقصر فيه ولا
في عكسه وإن كان الأحوط الجمع بين التمام والقصر في الثاني، ولو تردد في أقل من
190

أربعة فراسخ ذاهبا وجائيا مرات حتى بلغ المجموع ثمانية، لم يقصر فلا بد في التلفيق
أن يكون كل من الذهاب والإياب أربعة أو أكثر كما مر.
(مسألة 1108) إذا كان للبلد طريقان وكان الأبعد منهما مسافة دون الأقرب،
فإن سلك الأبعد قصر، وإن سلك الأقرب أتم. وإذا ذهب من الأقرب ورجع من
الأبعد، وكان الأقرب أربعة فراسخ أو أكثر، قصر، دون ما إذا كان أقل.
(مسألة 1109) مبدأ حساب المسافة آخر بيوت البلد وإن كانت خارج من
سوره. ولا فرق في ذلك بين القرى والمدن الصغيرة والكبيرة المتصلة المحال. أما إذا
كانت محلاتها منفصلة بفاصلة أو فواصل غير معمورة، فلا يبعد أن يكون مبدأ حساب
المسافة من آخر المحلة المعمورة.
(مسألة 1110) إذا كان قاصدا الذهاب إلى بلد معين ولا يعرف أنه مسافة، أو
معتقدا عدمها، ثم بان أثناء السير أنه مسافة، يقصر وإن لم يكن الباقي مسافة.
(مسألة 1111) تثبت المسافة بالعلم وبالبينة، بل وخبر العدل الواحد في وجه لا
يخلو من إشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع. فلو شك في بلوغها أو ظن به بقي على
التمام. ولا يجب اختبار المسافة المستلزم للحرج إذا كان فيه حرج عليه. نعم يجب
على الأحوط السؤال ونحوه عنها. ولو شك العامي في مقدار المسافة شرعا من جهة
جهله به، وجب عليه الاحتياط بالجمع أو التقليد.
(مسألة 1112) إذا اعتقد أن مقصده مسافة فقصر ثم ظهر عدمها، وجبت
الإعادة، وكذا لو اعتقد عدم كونه مسافة فأتم، ثم ظهر كونه مسافة، فإنه يجب عليه
الإعادة في الوقت على الأحوط.
(مسألة 1113) الذهاب في المسافة المستديرة هو السير إلى المقصد مطلقا إذا أراد
طي الدائرة، ولو كان المقصد قبل النقطة المقابلة لمبدئه. نعم إن كان قبلها ويريد
الرجوع عن طريق ذهابه، فيشترط أن يكون أربعة أو أكثر.
(مسألة 1114) الشرط الثاني: نية قطع المسافة من حين الخروج، فلو نوى ما
دونها، وبعد الوصول إلى المقصد قصد مقدارا آخر دونها، وهكذا، يتم في الذهاب
وإن كان المجموع أكثر من مسافة التقصير بكثير. نعم لو شرع في العود يقصر إذا كان
مقصده مسافة أو أكثر.
191

(مسألة 1115) إذا طلب أحدا أو شيئا ولم يدر إلى أين مسيره، فلا يقصر في
ذهابه وإن قطع مسافات، نعم يقصر في العود إذا كان مسافة، كما أنه يقصر لو عين
في الأثناء مقصدا يبلغ المسافة ولو بالتلفيق.
(مسألة 1116) إذا خرج إلى ما دون الأربعة وكان ينتظر رفقاء إن تيسروا سافر
معهم وإلا فلا، أو كان سفره منوطا بحصول أمر، ولم يطمئن بتيسر الرفقة، أو بحصول
ذلك الأمر، فلا يقصر.
(مسألة 1117) لا يعتبر اتصال السفر، فلو نوى قطع المسافة في أيام مع عدم
تخلل أحد قواطع السفر كان مسافرا، ما لم يخرج بذلك عن صدق اسم السفر عرفا،
كما لو قطع في كل يوم مقدارا يسيرا جدا للتنزه ونحوه، لا من جهة صعوبة السير،
فإنه يتم حينئذ، والأحوط الجمع.
(مسألة 1118) لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلا، بل يكفي فيه التبعية،
سواء كان لوجوب الطاعة كالزوجة، أو قهرا كالأسير، أو اختيارا كالخادم، بشرط
العلم بأن قصد المتبوع مسافة، وإلا بقي على التمام. وفي وجوب الاستخبار تأمل، وإن
كان أحوط، ولا يجب على المتبوع الأخبار وإن أوجبنا على التابع الاستخبار.
(مسألة 1119) إذا لم يكن مقصد المتبوع معينا عند التابع، وكان قاطعا بعدم
كونه مسافة أو شاكا فيه، ثم علم أثناء الطريق أنه مسافة، فالظاهر أنه يجب عليه
التمام إن لم يكن الباقي مسافة. أما إذا كان مقصد المتبوع معينا عنده، فيقصر بعد
انكشاف كونه مسافة وإن لم يكن الباقي مسافة.
(مسألة 1120) الشرط الثالث: استمرار القصد، فلو عدل عنه قبل بلوغ أربعة
فراسخ أو تردد، أتم. أما ما صلاه قصرا فلا يحتاج إلى إعادته ولا قضائه، وإن كان
الأحوط ذلك، وإن كان العدول أو التردد بعد بلوغ الأربعة، بقي على التقصير وإن لم
يرجع ليومه، إذا كان عازما على العود قبل عشرة أيام.
(مسألة 1121) يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع وإن عدل عن هذا الفرد،
كما لو قصد السفر إلى مكان خاص فعدل في أثناء الطريق إلى آخر، وكان ما مضى مع
ما بقي إليه مسافة، فإنه يقصر حينئذ على الأصح. وكذا لو كان من أول الأمر قاصدا
192

النوع دون الفرد، بأن شرع في السفر قاصدا أحد الأمكنة التي كلها مسافة ولم يعين
أحدها، وترك التعيين إلى بلوغ الحد المشترك بينها.
(مسألة 1122) إذا تردد في الأثناء قبل بلوغ أربعة فراسخ ثم عاد إلى الجزم،
فإن لم يقطع شيئا من الطريق بعد التردد، بقي على القصر حتى إن كان ما بقي مسافة
ولو ملفقة. ولكن لا يترك الاحتياط بالجمع وإن قطع شيئا منه بعده، فإن كان ما بقي
مسافة بقي على القصر أيضا، وإن لم يكن مسافة وجب التمام إذا لم يكن ما بقي مع ما
قطع قبل تردده مسافة. وإذا كان المجموع بإسقاط ما قطعه مترددا مسافة، فلا يترك
الاحتياط أيضا بالجمع.
(مسألة 1123) الشرط الرابع: أن لا ينوي قطع المسافة بإقامة عشرة أيام
فصاعدا في أثنائها أو المرور بوطنه، كما لو عزم على قطع أربعة فراسخ وكان ناويا
الإقامة في أثنائها، أو على رأسها، أو كان له وطن وقصد المرور به، فإنه يتم حينئذ.
وكذا لو كان مترددا في نية الإقامة أو المرور بوطنه على وجه ينافي قصد قطع المسافة.
أما إذا نوى المسافة ولكن كان يحتمل احتمالا غير معتنى به عند العقلاء أن يعرض له
ما يوجب نية الإقامة أو المرور بوطنه في أثنائها، فإنه يقصر.
(مسألة 1124) إذا كان حين الفروع قاصدا الإقامة أو المرور بوطنه قبل بلوغ
الثمانية، أو كان مترددا، ثم عدل وبنى على عدم الأمرين، فإن كان ما بقي بعد عدوله
مسافة ولو ملفقة قصر، وإلا فلا.
(مسألة 1125) إذا سافر ولم يكن من نيته الإقامة فقطع مقدارا من المسافة ثم
بدا له نيتها قبل بلوغ الثمانية، ثم عدل عما بدا له ونوى عدم الإقامة، فإذا كان ما بقي
بعد عدوله مسافة، قصر، وإن لم يكن مسافة يحتاط بالجمع سواء قطع شيئا بين
العزمين أو لم يقطع.
(مسألة 1126) الشرط الخامس: أن يكون السفر حلالا، فلو كان معصية لم
يقصر، سواء كان نفسه معصية كإباق العبد أو الفرار من الزحف، أو كانت غايته
معصية كالسفر لقطع الطريق ونيل المظالم من السلطان ونحو ذلك. نعم ليس منه ما يقع
المحرم في أثنائه مثل الغيبة ونحوها مما ليس غاية للسفر، فيبقى على القصر. بل
193

وليس منه ما كان ضدا لواجب قد تركه وسافر على الأقوى، كما إذا كان مديونا وسافر مع
مطالبة الديان وإمكان الأداء في الحضر دون السفر ونحو ذلك. نعم لا يترك الاحتياط
بالجمع فيما إذا كان السفر لأجل التوصل إلى ترك الواجب، وإن كان تعين الاتمام حينئذ
لا يخلو من قوة.
(مسألة 1127) إذا كان السفر مباحا لكن ركب دابة مغصوبة أو مشى على أرض
مغصوبة في سفره، فلا يترك الاحتياط بالجمع.
(مسألة 1128) التابع للجائر، يقصر إذا كان مجبورا في سفره، أو كان قصده
دفع مظلمة ونحوه من الأغراض الصحيحة، وأما إذا كان من قصده إعانة الجائر في
جوره، أو كان سفره ومتابعته له معاضدة له في ظلمه أو تقوية لشوكته وكان تقوية
شوكته حراما، فيجب عليه التمام.
(مسألة 1129) إذا كانت غاية السفر طاعة ومعصية معا، يقصر إذا كان داعي
المعصية تبعا بحيث ينسب السفر إلى الطاعة، ويتم في غيره. والأقوى التمام إذا
اشتركتا بحيث لولا اجتماعهما لم يسافر.
(مسألة 1130) إذا كان ابتداء سفره طاعة ثم قصد المعصية في الأثناء، انقطعت
الرخصة له بالقصر وإن كان قطع مسافات، ولا يجب إعادة ما صلاه قصرا. ولو عاد
إلى قصد الطاعة قبل أن يضرب في الأرض عاد حكمه فيجب عليه القصر، وكذا لو
عاد إلى قصد الطاعة بعد ضربه في الأرض وكان الباقي مسافة ولو ملفقة. أما إذا لم
يكن الباقي مسافة، فإن كان مجموع ما مضى مع ما بقي بعد طرح ما تخلل مع نية
المعصية مسافة، وجب القصر، والأحوط ضم التمام أيضا. وإن لم يكن المجموع
مسافة إلا بضم ما تخلل بنية المعصية، فلا يترك الاحتياط بالجمع.
(مسألة 1131) إذا كان ابتداء سفره معصية ثم عدل إلى الطاعة، يقصر إن كان
الباقي مسافة ولو ملفقة، وإلا يبقى على التمام، والأحوط الجمع.
(مسألة 1132) إذا كان ابتداء سفره معصية فنوى الصوم ثم عاد إلى الطاعة، فإن
كان قبل الزوال وكان الباقي مسافة وجب الافطار، وإن كان بعده فلا يترك الاحتياط
بالاتمام، ثم القضاء. ولو كان طاعة في الابتداء ثم عدل إلى المعصية في الأثناء،
194

فإن كان قبل الزوال ولم يتناول شيئا نوى الصوم لكن لا يترك قضاؤه أيضا. وإن كان بعد
تناول المفطر أو بعد الزوال، لم يجب عليه الصوم.
(مسألة 1133) الراجع من سفر المعصية إن كان بعد التوبة، يقصر إذا كان العود
مسافة، وكذا إذا عد سفره سفرا مستقلا عرفا، قصر ولو قبل توبته، وإن لم يعد سفرا
مستقلا عرفا ولم يتب، فيجب عليه التمام إذا كان سفره المسافة بمجموع الإياب والذهاب
وإذا كان إيابه أيضا مسافة فلا يبعد وجوب القصر عليه وإن كان الأحوط الجمع.
(مسألة 1134) يلحق بسفر المعصية السفر للصيد لهوا كما يستعمله أبناء الدنيا،
وأما إذا كان للقوت فيقصر، وكذا ما كان للتجارة بالنسبة إلى الافطار، وأما بالنسبة
إلى الصلاة ففيه إشكال، والقول بوجوب التقصير فيه قوي ولكن لا يترك الاحتياط
فيه بالجمع بين القصر والتمام.
(مسألة 1135) إذا كان السفر بقصد مجرد التنزه، فليس معصية ويوجب القصر.
(مسألة 1136) الشرط السادس: أن لا يكون كبعض أهل البوادي الذين
يدورون في البراري وينزلون في محل الماء والكلاء دون أن يتخذوا مقرا معينا، فيجب
على أمثال هؤلاء التمام في سيرهم ذلك، لأن بيوتهم معهم، فلا يصدق عليهم المسافر.
نعم لو سافروا لمقصد آخر من حي أو زيارة ونحوهما قصروا كغيرهم إن لم تكن
بيوتهم معهم، ولم يكن سفرهم إلى مكة كسائر أسفارهم. ولو سار أحدهم مسافة
لاختيار منزل مخصوص أو لطلب الماء أو العشب أو الكلأ فيجب عليه التمام.
(مسألة 1137) الشرط السابع: أن لا يتخذ السفر عملا له كالمكاري والملاح
وأصحاب السفن والساعي ونحوهم ممن عمله ذلك، فإن هؤلاء يتمون الصلاة في سفرهم
الذي هو عمل لهم ولو استعملوه لأنفسهم لا لغيرهم، كما لو حمل المكاري مثلا متاعه
وأهله من مكان إلى مكان آخر. أما في السفر الذي ليس عملا لهم، كما لو فارق الملاح
سفينته وسافر للزيارة أو غيرها فيقصرون. والمدار صدق اتخاذ السفر عملا وشغلا له،
ويتحقق ذلك بالعزم على ذلك مع الاشتغال بالسفر المعين مقدارا معتدا به من الزمان، ولو
كان سفرة واحدة طويلة وتكررت منه من غير بلده إلى بلد آخر، والظاهر أنه لا فرق في
هذا الحكم بين من يكون عمله نفس السفر أو يكون السفر مقدمة لعمله
195

وبعبارة أخرى بين من يكون السفر شغله ومن يكون شغله بالسفر كالمعلم الذي يسافر كل يوم من بلده
إلى بلد آخر للتعليم أو التلميذ الذي يسافر كذلك للتعلم.
(مسألة 1138) لا يعتبر تعدد السفر ثلاث مرات أو مرتين في تحقق أن عمله
السفر، نعم قد لا يتحقق إلا بذلك كما لو اشتغل به مدة قصيرة في أول الأمر فيحتاج
إلى تكرره، والظاهر كفاية سفرتين فيتم في الثانية، وإن كان الأحوط فيها الجمع، وأن
التمام يتعين في الثالثة.
(مسألة 1139) من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس، فالظاهر
أنه يجب عليه التمام، وإن كان الأحوط الجمع. وأما مثل مدراء قوافل الحج (الحملدارية)
الذين يشتغلون بالسفر في أشهر الحج فقط، فالظاهر وجوب القصر عليهم.
(مسألة 1140) يعتبر في استمرار من عمله السفر على التمام أن لا يقيم في وطنه
عشرة أيام ولو بدون نية، ولا يقيم في غيره عشرة منوية. وإلا انقطع حكمه وعاد
إلى القصر، لكن في السفرة الأولى خاصة دون غيرها. أما إذا أقام في غير وطنه
عشرة غير منوية، فلا يترك الاحتياط بالجمع في السفرة الأولى، وإن كان الاكتفاء
بالتمام لا يخلو من وجه.
(مسألة 1141) إذا لم يكن شغله السفر لكن عرض له عارض فسافر أسفارا
عديدة، كما لو كان له شغل في بلد واحتاج إلى التردد إليه مرات عديدة، فيقصر،
بل وكذا إذا كان من منزله مسافة إلى الحائر الحسيني مثلا ونذر أو بنى على أن يزوره
كل ليلة جمعة إلى مدة، فالظاهر أنه ليس ممن يجب عليه التمام. نعم الظاهر أن منه
السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا.
(مسألة 1142) ممن شغله السفر الراعي الذي ليس له مكان مخصوص، والتاجر
الذي يدور في تجارته، فيجب عليهما التمام.
(مسألة 1143) الشرط الثامن: أن يضرب في الأرض حتى يصل إلى محل
الترخص، فلا يقصر قبله. والمراد به المكان الذي يخفى عليه فيه الأذان أو
تتوارى عنه فيه صور الجدران وأشكالها لا أشباحها، ولكن لا يترك الاحتياط فيما بين
الخفائين بالجمع أو تأخير الصلاة.
196

(مسألة 1144) كما يعتبر في التقصير الوصول إلى محل الترخص إذا سافر من
بلده، كذلك يعتبر في السفر من محل الإقامة، بل ومن محل التردد ثلاثين يوما، وإن
كان الأولى فيهما مراعاة الاحتياط.
(مسألة 1145) عند العود إلى وطنه ينقطع حكم السفر بالوصول إلى حد
الترخص أيضا، فيجب عليه التمام، غير أنه يحتاط فيما بين الخفائين بل الأحوط
تأخير الصلاة إلى منزله، أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلى بعد الوصول إلى الحد،
والأقوى اعتبار حد الترخص في المحل الذي عزم على الإقامة فيه أيضا.
(مسألة 1146) المدار في عين الرائي وأذن السامع وصوت المؤذن والهواء، على
المتوسط المعتدل.
(مسألة 1147) لا يشترط في خفاء الأذان خفاء أصل الصوت، بل يكفي على
الأقوى في خفائه أن لا يتميز أنه أذان أو غيره، أما إذا سمع الصوت وميز أنه أذان
ولكن لم يميز فصوله، فالأحوط الجمع أو تأخير الصلاة.
(مسألة 1148) إذا لم يكن هناك بيوت ولا جدران، يعتبر تقدير وجودها. نعم
في بيوت الأعراب ونحوهم ممن لا جدران لبيوتهم، يكفي خفاؤها، ولا يحتاج إلى
تقدير الجدران.
(مسألة 1149) إذا شك في البلوغ إلى حد الترخص بنى على عدمه، فيبقى على
التمام في الذهاب وعلى القصر في الإياب. لكن إذا استصحب عدم بلوغ حد الترخص
في مكان في ذهابه فصلى تماما، ثم صلى في نفس ذلك المكان في رجوعه قصرا، فقد
حصل له العلم الاجمالي ببطلان إحدى صلاتيه، فيجب قضاء ما صلاه أولا قصرا،
وإعادة ما صلاه فعلا تماما، وقضاؤه إن لم يعد.
(مسألة 1150) إذا كان في السفينة ونحوها فشرع في الصلاة قبل حد الترخص
بنية التمام ثم وصل إليه في الأثناء، فالأحوط عدم الاكتفاء بتلك الصلاة سواء كان
الوصول قبل ركوع الثالثة أو بعده، وكذا لو شرع في الصلاة في رجوعه بنية القصر ثم
وصل إلى حد الترخص.
197

قواطع السفر
(مسألة 1151) وهي أمور، الأول: الوطن، فينقطع السفر بالمرور به، ويحتاج
في القصر بعده إلى نية مسافة جديدة. والوطن هو المكان الذي اتخذه مسكنا ومقرا له،
سواء كان مسكنا لأبويه ومسقط رأسه أو استجده هو. ولا يعتبر فيه وجود ملك له،
ولا إقامة ستة أشهر، نعم يعتبر في المستجد الإقامة فيه بمقدار يصدق عرفا أنه وطنه
ومسكنه. ولا يبعد عدم اعتبار قصد الدوام خصوصا في الأصلي، نعم يضر التوقيت
في المستجد.
(مسألة 1152) إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجد وتوطن في غيره، فإن
لم يكن له فيه ملك، أو كان له ملك ولم يكن قابلا للسكنى، أو كان قابلا للسكنى ولم
يسكن فيه ستة أشهر بقصد التوطن، يزول عنه حكم الوطن. وأما إذا كان له ملك
وقد سكن فيه بعد اتخاذه وطنا دائما ستة أشهر، فالمشهور أنه بحكم الوطن الفعلي،
ويسمونه الوطن الشرعي، فيوجبون عليه التمام بالمرور به ما دام ملكه باقيا فيه، بل
قال بعضهم بوجوب التمام إذا كان له فيه ملك غير قابل للسكنى أيضا ولو نخلة ونحوها،
بل إذا سكن ستة أشهر ولو لم تكن بقصد التوطن دائما بل بقصد التجارة مثلا.
والأقوى خلاف ذلك كله وعدم جريان حكم الوطن في جميع الصور، وأن حكم
الوطن يزول مطلقا بالاعراض عن الوطن الأصلي أو المتخذ. وإن كان الأحوط
الجمع بين إجراء حكم الوطن وغيره في جميع الصور، خصوصا الصورة الأولى.
(مسألة 1153) يمكن أن يكون للإنسان وطنان فعليان في زمان واحد، بأن
يجعل بلدين مسكنا له، فيقيم في كل منهما ستة أشهر مثلا في السنة بل يمكن أن يكون
له ثلاثة أوطان أو أكثر، بأن يكون كل منها مسكنا له يقيم فيه مقدارا من السنة،
فيجري على كل منها حكم الوطن ويكون قاطعا للسفر بمجرد المرور به، وغير ذلك
من الأحكام.
(مسألة 1154) الصغار المميزون تابعون للأبوين، فيعد وطنهما وطنا لهم،
والظاهر أن المميز المستقل الناوي للخلاف ليس بتابع عرفا، والبالغ المطيع المقهور غير
الناوي للخلاف تابع، فالمناط الصدق العرفي.
198

(مسألة 1155) إذا حصل له التردد في المهاجرة عن الوطن الأصلي، فالظاهر بقاؤه
على الوطنية ما لم يتحقق الخروج والاعراض عنه، كما أن الأقوى بقاء الوطنية في المستجد
أيضا بعد الصدق العرفي، ما لم يتحقق الاعراض عنه والخروج منه كالأصلي.
(مسألة 1156) الثاني: من قواطع السفر نية إقامة عشرة أيام متواليات، أو
العلم ببقائه مدتها وإن كان عن غير اختيار.
(مسألة 1157) الليالي المتوسطة داخلة دون الليلة الأولى والأخيرة، فيكفي
عشرة أيام وتسع ليال، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر على الأقوى، كما إذا
نوى الإقامة عند زوال اليوم الأول إلى زوال اليوم الحادي عشر. ومبدأ اليوم طلوع
الفجر الثاني على الأقوى، فلو دخل حين طلوع الشمس كان انتهاء العشرة طلوع
الشمس من الحادي عشر، لا غروب الشمس من العاشر.
(مسألة 1158) يشترط وحدة محل الإقامة، فلو نوى الإقامة في أمكنة متعددة
عشرة أيام، لم ينقطع حكم السفر، كما إذا نوى إقامة عشرة أيام في النجف والكوفة معا
أو في الكاظمين وبغداد مثلا. نعم لا يضر بوحدة المحل فصل مثل النهر الكبير بعد كون
المجموع بلدا واحدا، فلو نوى الإقامة في مجموع الجانبين يكفي في انقطاع حكم السفر.
(مسألة 1159) لا يعتبر في نية الإقامة قصد عدم الخروج عن سور البلد، بل لو
نوى عند نية الإقامة الخروج إلى بعض بساتينها ومزارعها، جرى عليه حكم المقيم.
أما إذا كان من نيته الخروج إلى حد الترخص أو إلى ما دون الأربعة فراسخ ولو كان
مكثه قليلا كساعتين أو ثلاث ساعات مثلا، فيشكل تحقق نية الإقامة منه، بل لا بد
من نية إقامة العشرة بتمامها في البلد وما بحكمه.
(مسألة 1160) لا يكفي النية الاجمالية في تحقق الإقامة، فالتابع للغير كالزوجة
والرفيق، لا بد أن يعرف أن متبوعه يقيم عشرة فينويها هو، وإلا بقي على القصر،
ولو تبين له بعد أيام أن متبوعه كان ناويا للعشرة.
(مسألة 1161) إذا نوى الإقامة إلى آخر الشهر أو إلى يوم العيد وكانت المدة في
الواقع عشرة أيام لكن لم يكن يعلم بها حين النية من جهة الجهل بكون الشهر ثلاثين
ثم تبين له كونه كذلك لا يكفي في الحكم بالاتمام، نعم لو نوى الإقامة مثلا إلى
199

النصف من شعبان وتخيل أن اليوم الثالث منه ثم تبين أنه كان يوم الخامس الظاهر يكفي في
الحكم بالاتمام.
(مسألة 1162) إذا نوى الإقامة ثم عدل عن نيته، فإن صلى مع نيتها رباعية
تامة بقي على التمام ما دام في ذلك المكان، ولو كان قصده الارتحال بعد ساعة أو
ساعتين، وإن لم يصلها أو صلى صلاة ليس فيها تقصير كالصبح، فيرجع بعد العدول
إلى القصر.
(مسألة 1163) إذا صلى رباعية تامة مع الغفلة عن عزمه على الإقامة، أو
صلاها تماما لشرف البقعة بعد الغفلة عن نية الإقامة ثم عدل عنها، فالأقوى فيهما
التمام، وإن كان الأحوط الجمع.
(مسألة 1164) إذا فاتته الصلاة وكان يجب عليه قضاؤها فقضاها تماما، ثم عدل
عن نية الإقامة ففي كفايتها للبقاء على الاتمام إشكال، فلا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين
القصر والتمام، وأما إذا عدل عن الإقامة قبل قضائها، فالظاهر العود إلى القصر.
(مسألة 1165) إذا نوى الإقامة فنوى الصوم، ثم عدل بعد الزوال قبل الصلاة
تماما، رجع إلى القصر في صلاته، ولا يترك الاحتياط بإتمام صومه، وقضائه.
(مسألة 1166) لا فرق في بقائه على التمام بعد أن يصلي رباعية تامة وفي
رجوعه إلى القصر إن لم يكن صلاها، بين أن يعدل عن نية إقامته أو يتردد فيها.
(مسألة 1167) إذا تمت العشرة، لا يحتاج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة،
بل يبقى على التمام حتى ينشئ سفرا جديدا.
(مسألة 1168) إذا نوى المسافر إقامة عشرة أيام في محي واستقر عليه حكم
التمام وصلى صلاة رباعية، ثم أراد أن يخرج إلى ما دون أربعة فراسخ، فإن لم يعرض
عن محل إقامته كأن أبقى رحله فيه وكان ناويا الرجوع إليه وإتمام عشرة أيام، وجب
عليه التمام في ذهابه ومقصده ورجوعه وبعد رجوعه. وإن لم ينو إتمام عشرة أيام بعد
رجوعه، وجب عليه أن يتم في ذهابه ومقصده، أما في إيابه فإن نوى ثمانية فراسخ
صلى قصرا وإلا صلى تماما. وعليه فأمثال المبلغين الذين ينوي الواحد منهم إقامة
عشرة أيام في مكان، وبعد أن يصلي صلاة رباعية كاملة يدعونه للتبليغ في مكان أقل
200

من أربعة فراسخ، فإذا أراد أن يمضي عشرة أيام أو شهرا مترددا بين هذين المحلين،
فيجب عليه التمام فيهما حتى ينشئ سفرا جديدا كأن يخرج من المحل الثاني في يوم
آخر بنية العود إلى الوطن، فإنه بعد الخروج من حد ترخص المحل الثاني يقصر
الصلاة، وإن مر بالمحل الأول أعني محل إقامته.
(مسألة 1169) إذا شرع المقيم في السفر ناويا مسافة ثم بدا له العود إلى محل
إقامته والبقاء عشرة أيام، فإن كان العدول بعد بلوغ أربعة فراسخ، قصر في الذهاب
والمقصد والعود، وإن كان قبله قصر في ذهابه بعد تجاوز حد الترخص إلى حين العزم
على العود، ويتم عند العزم عليه، ولا يجب عليه قضاء ما صلى قصرا. وأما إذا بدا
له العود بدون إقامة جديدة، فيبقى على القصر حتى في محل الإقامة إذا كان الذهاب
أربعة أو أكثر، وإلا فالحكم الاتمام في الذهاب والمقصد.
(مسألة 1170) إذا دخل في الصلاة بنية القصر ثم بدا له الإقامة في أثنائها، أتمها.
ولو نوى الإقامة ودخل في الصلاة بنية التمام ثم عدل عنها في الأثناء، فإن كان قبل
الدخول في ركوع الثالثة أتمها قصرا، وإن كان بعده قبل الفراغ من الصلاة، فالأقوى
بطلانها والرجوع إلى حكم القصر.
(مسألة 1171) الثالث: من القواطع، البقاء ثلاثين يوما في مكان مترددا،
ويلحق بالتردد ما إذا عزم على الخروج غدا أو بعد غد ثم لم يخرج، وهكذا إلى أن
مضى ثلاثون يوما. بل يلحق به أيضا إذا عزم على الإقامة تسعة أيام مثلا ثم بعدها
عزم على إقامة تسعة أخرى وهكذا، فيقصر إلى ثلاثين يوما، ثم يتم ولو لم يبق إلا
مقدار صلاة واحدة.
(مسألة 1172) إذا كان تردده من أول الشهر الهلالي الناقص إلى آخره، يشكل
إلحاقه بالمتردد ثلاثين يوما، فالأحوط في اليوم الثلاثين الجمع بين القصر والتمام.
(مسألة 1173) يشترط اتحاد مكان التردد مثل محل الإقامة، فمع تعدده لا ينقطع
حكم السفر بالثلاثين.
(مسألة 1174) حكم المتردد ثلاثين يوما بعد تمامها، حكم المقيم في الخروج عن
مكان تردده إلى ما دون المسافة ونية العود إلى مكان تردده.
201

(مسألة 1175) إذا تردد في مكان تسعة وعشرين يوما مثلا أو أقل، ثم سافر
إلى مكان آخر وبقي مترددا فيه كذلك، بقي على القصر ما دام كذلك. إلا إذا نوى
الإقامة في مكان، أو بقي مترددا ثلاثين يوما.
أحكام المسافر
(مسألة 1176) تسقط عن المسافر بعد تحقق الشرائط ركعتان من الظهرين ومن
العشاء، كما تسقط عنه نوافل الظهرين وتبقى بقية النوافل، نعم الأحوط أن يأتي بنافلة
العشاء رجاء.
(مسألة 1177) إذا صلى المسافر تماما، فإن كان عالما بالحكم والموضوع، بطلت
صلاته وأعاده في الوقت وقضى خارجه. وإن كان جاهلا بأصل الحكم، لم يجب عليه
الإعادة فضلا عن القضاء.
(مسألة 1178) إذا كان عالما بأصل الحكم وجاهلا ببعض الخصوصيات، مثل
جهله بأن السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر، أو أن كثير السفر
إذا أقام في بلد عشرة أيام يجب عليه القصر في السفر الأول، ونحو ذلك، فأتم،
وجب عليه الإعادة في الوقت. وأما القضاء فلا يبعد عدم وجوبه على غير العامد
مطلقا إن لم يلتفت في الوقت.
(مسألة 1179) إذا كان عالما بالحكم جاهلا بالموضوع، كما إذا تخيل عدم كون
مقصده مسافة فأتم مع كونه مسافة، وجب عليه الإعادة في الوقت والقضاء خارجه.
(مسألة 1180) إذا كان ناسيا لسفره فأتم، فإن تذكر في الوقت فعليه الإعادة،
وإن تذكر خارج الوقت فلا يجب القضاء.
(مسألة 1181) إذا صام المسافر عالما عامدا، بطل صومه، وإذا صام جاهلا،
فلا يبعد صحة صومه، سواء كان جاهلا بالحكم أو بالموضوع أو بالتفاصيل. نعم لا
يصح الصوم مع النسيان.
(مسألة 1182) إذا قصر من كانت وظيفته التمام، بطلت صلاته مطلقا، حتى في
المقيم المقصر للجهل بأن حكمه التمام.
202

(مسألة 1183) إذا تذكر ناسي سفره في أثناء الصلاة، فإن كان قبل الدخول في
ركوع الركعة الثالثة أتم الصلاة قصرا واجتزأ بها، وإن تذكر بعد ذلك، بطلت ووجبت
عليه الإعادة مع سعة الوقت، ولو بإدراك ركعة فيه.
(مسألة 1184) إذا دخل الوقت وهو حاضر متمكن من الصلاة ثم سافر قبل أن يصلي
حتى تجاوز حد الترخص والوقت باق، قصر، والأحوط الاتمام معه. كما أنه لو دخل
الوقت وهو مسافر فحضر قبل أن يصلي والوقت باق، فإنه يتم، والأحوط القصر معه.
(مسألة 1185) إذا فاتته الصلاة في الحضر، يجب عليه قضاؤها تماما حتى
لو قضاها في السفر، وإذا فاتته في السفر، يجب عليه قضاؤها قصرا حتى لو قضاها
في الحضر.
(مسألة 1186) إذا فاتته الصلاة وكان في أول الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا
أو بالعكس، فالأقوى في القضاء مراعاة حال الفوت وهو آخر الوقت.
(مسألة 1187) يتخير المسافر مع عدم قصد الإقامة بين القصر والتمام في
الأماكن الأربعة، وهي المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومسجد الكوفة والحائر
الحسيني على مشرفه السلام، والاتمام أفضل. وإلحاق بلدي مكة والمدينة بمسجديهما
لا يخلو من قوة، ولا يلحق بها سائر المشاهد. ولا فرق في المساجد بين السطوح
والصحن والمواضع المنخفضة كبيت الطشت في مسجد الكوفة، والأقوى دخول تمام
الروضة الشريفة في الحائر، فيمتد من طرف الرأس إلى الشباك المتصل بالرواق، ومن
طرف الرجل إلى الباب والشباك المتصلين بالرواق، ومن الخلف إلى حد المسجد.
(مسألة 1188) التخيير في هذه الأماكن استمراري، فيجوز لمن شرع في الصلاة
بنية القصر العدول إلى التمام وبالعكس ما لم يتجاوز محل العدول، بل لا بأس بأن
ينوي الصلاة من غير تعيين للقصر أو التمام.
(مسألة 1189) لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المذكور، فلا يصح له الصوم
في هذه الأماكن ما لم ينو الإقامة، أو بقي ثلاثين يوما مترددا.
(مسألة 1190) يستحب أن يقول المسافر عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة
(سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر).
203

صلاة الجماعة
(مسألة 1191) وهي من المستحبات الأكيدة في جميع الفرائض خصوصا اليومية، وتتأكد في الصبح والعشاءين، ولها ثواب عظيم يبهر العقول. وليست واجبة بالأصل
والشرع ولا شرطا إلا في الجمعة مع الشرائط المتقدمة في محلها، وإلا في العيدين مع
اجتماع شرائط الوجوب، ولا تشرع في شئ من النوافل الأصلية وإن وجبت بالعارض
بنذر ونحوه، عدا صلاة الاستسقاء. ولا بأس بها فيما صار نفلا بالعارض كصلاة
العيدين، مع عدم اجتماع شرائط الوجوب، وإن كان الأحوط الاتيان بها رجاءا.
(مسألة 1192) لا يشترط في صحة الجماعة اتحاد صلاة الإمام والمأموم نوعا أو
كيفية، فيأتم مصلي اليومية أي صلاة كانت بمصلي اليومية كذلك، وإن اختلفتا في
القصر والتمام أو الأداء والقضاء، وكذا مصلي الآية بمصليها وإن اختلفت الآيتان.
(مسألة 1193) لا يجوز اقتداء صاحب اليومية بالعيدين والآيات وصلاة
الأموات، بل وصلاة الاحتياط وصلاة الطواف وبالعكس. بل مشروعية ا لجماعة في
صلاة الطواف محل إشكال، وكذا في صلاة الاحتياط، لكن لا إشكال في الاتيان
بصلاة الطواف جماعة رجاء، لكن لا يكتفى بها، بل الأحوط الجمع بينها وبين
الفرادى لمن لا يحسن القراءة.
(مسألة 1194) أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين، اثنان
أحدهما الإمام، سواء كان المأموم رجلا أو امرأة، بل وصبيا مميزا على الأقوى.
(مسألة 1195) لا يعتبر للإمام نية الجماعة مطلقا. نعم لا بد له فيما يشترط فيه
الجماعة كالجمعة والعيدين من الوثوق بتحقق الشروط حين الشروع في الصلاة. أما
المأموم فلا بد له من نية الاقتداء، فلو لم ينوه لم تنعقد جماعته ولو تابع الإمام في
الأقوال والأفعال.
(مسألة 1196) يجب فيها وحدة الإمام، فلو نوى الاقتداء باثنين لم تتحقق
الجماعة ولو كانا متقارنين. وكذا يجب تعيين الإمام، وفي كفاية التعيين بالاسم
والوصف تأمل إذا لم تكن الإشارة إليه ذهنا ولا حسا، وكذا إذا نوى الاقتداء بمن يجهر إذا
204

كان مرددا. نعم يجوز الاقتداء بهذا الحاضر ولو لم يعرفه باسمه ووصفه، لكن
يعلم أنه عادل صالح للاقتداء.
(مسألة 1197) إذا شك في أنه نوى الائتمام أم لا، بنى على العدم، ولو علم
أنه أتى بنية الدخول في الجماعة. نعم لو اشتغل بوظيفة من وظائف المأموم، بنى
على الاقتداء.
(مسألة 1198) إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد العادل فبان أنه عمرو،
فإن كان عمرو عادلا فالأقوى صحة جماعته وصلاته. بل وكذا إن كان غير عادل
أيضا. وكذا إذا نوى الاقتداء بزيد العادل وتخيل أنه هو الحاضر فبان غيره، لأنه حين
الاقتداء كان عالما بعدالة إمامه، ويكفي ذلك في صحة الجماعة، ولا يحتاج إلى العدالة
في الواقع.
(مسألة 1199) لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء.
(مسألة 1200) الأحوط عدم العدول من الائتمام إلى الانفراد في جميع أحوال
الصلاة، سواء كان من نيته ذلك من أول الصلاة أو لم يكن. نعم مع العذر خصوصا في التشهد الأخير وفي السلام مطلقا، لا بأس به.
(مسألة 1201) إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الركوع، لا يجب عليه
القراءة، بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نية الانفراد قراءة ما بقي منها. وإن كان
الأحوط استئنافها بقصد القربة المطلقة، خصوصا إذا نوى الانفراد أثناءها.
(مسألة 1202) إذا نوى الانفراد في الأثناء، لا يجوز له العود إلى الائتمام.
(مسألة 1203) إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع قبل أن يشرع برفع رأسه منه
ولو بعد الذكر، أو أدركه قبله لكن لم يدخل في الصلاة إلى أن ركع، جاز له الدخول
معه وتحسب له ركعة، وهو منتهى ما يدرك به الركعة في ابتداء الجماعة. وأما في
الركعات الأخر فلا يضر عدم إدراك الركوع مع الإمام، فلو ركع بعد رفع الإمام رأسه
منه وكان تأخر لمانع وأدرك القيام، صحت جماعته. أما إذا لم يدرك القيام أو كان
تأخر عمدا، فالأحوط إتمام الصلاة جماعة أو فرادى ثم إعادتها.
205

(مسألة 1204) إذا دخل في الجماعة في أول الركعة أو أثناء القراءة وتأخر عن
الإمام في الركوع غير متعمد، صحت صلاته وجماعته. أما إذا تأخر عمدا، فقد تقدم
الاحتياط فيه في غير الركعة الأولى، فضلا عنها.
(مسألة 1205) إذا ركع بتخيل أن يدرك الإمام راكعا ولم يدركه، بطلت جماعته،
وأما صلاته منفردا فالأحوط إتمامها ثم إعادتها، وإن كان لا يبعد صحتها. وكذا في
صورة الشك قبل ذكر الركوع، وأما بعد ذكر الركوع فهو بحكم الشك بعد الركوع
فتصح جماعته لتجاوز المحل.
(مسألة 1206) لا يترك الاحتياط بعد الدخول في الجماعة بقصد الركوع مع
الإمام إلا مع الاطمئنان بإدراكه.
(مسألة 1207) إذا نوى الائتمام وكبر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع، لزمه على
الأحوط انتظار الإمام قائما إلى الركعة الأخرى، فيجعلها الأولى له، إلا إذا أوجب
انتظاره فوات صدق الاقتداء، فيجب عليه الانفراد.
(مسألة 1208) إذا حضر الجماعة ورأى الإمام في التشهد الأخير وأراد إدراك فضل
الجماعة، ينوي ويكبر ثم يجلس ويتشهد معه، فإذا سلم الإمام قام وصلى من غير حاجة
لإعادة النية والتكبير، فيحصل له بذلك فضل الجماعة وإن لم يصل معهم ركعة.
(مسألة 1209) إذا حضر الجماعة ورأى الإمام في السجدة الأولى أو الثانية من
الركعة الأخيرة وأراد إدراك فضل الجماعة، نوى وكبر بنية متابعة الإمام فيما بقي من
صلاته رجاء لادراك الفضيلة، ولا ينو افتتاح الصلاة، ثم يسجد معه السجدة أو
السجدتين ويتشهد، ثم يقوم بعد تسليم الإمام ويستأنف الصلاة، ولا يكتف بتلك
النية وذلك التكبير.
شروط الجماعة
(مسألة 1210) يشترط في صلاة الجماعة مضافا إلى ما مر أمور، الأول: أن لا
يكون بين المأموم والإمام أو بين بعض المأمومين مع البعض الآخر ممن يكون واسطة في
اتصاله بالإمام، حائل يمنع المشاهدة. وإنما يعتبر ذلك إذا كان المأموم
206

رجلا، أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام أو غيره من المأمومين من الرجال، وأما الحائل بين
المرأتين فالأحوط أنه كالحائل بين الرجلين، وإن كان الإمام رجلا.
(مسألة 1211) الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين
علوا معتدا به، ولا بأس باليسير غير المعتد به، كما لا بأس بعلو المأموم على الإمام
ولو كثيرا، بشرط صدق الجماعة.
(مسألة 1212) الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام أو عن الصف المتقدم
عليه بما يكون كثيرا في العادة، والأحوط أن لا يكون بين مسجد المأموم وموقف
الإمام، أو بين مسجد اللاحق وموقف السابق أكثر من مقدار الخطوة المتعارفة،
وأحوط منه أن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل.
(مسألة 1213) الرابع: أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، والأحوط
تأخره عنه ولو يسيرا، خصوصا في غير الواحد من الرجال. كما أن الأحوط مراعاة
التأخر في جميع الأحوال، خصوصا تأخير الركبتين حال الجلوس.
(مسألة 1214) ليس من الحائل الظلمة والغبار المانعان من المشاهدة، وكذا النهر
والطريق إذا لم يكن فيهما بعد ممنوع في الجماعة، بل الظاهر عدم كون المشبك أيضا من
الحائل، إلا مع ضيق الثقوب بحيث يصدق عليه الستر والجدار. نعم إذا كان الحائل
زجاجا، فالأحوط عدم جوازه ولو كان يحكي ما وراءه.
(مسألة 1215) لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع المشاهدة في أحوال الصلاة،
وإن كان مانعا منها حال السجود كمقدار شبر وأكثر. نعم إذا كان مانعا حال الجلوس،
فلا يترك فيه الاحتياط.
(مسألة 1216) لا تضر حيلولة المأمومين المتقدمين وإن لم يدخلوا في الصلاة،
إذا كانوا متهيئين للدخول، كما لا يضر عدم مشاهدة بعض الصف الأول أو أكثرهم
الإمام، إذا كان ذلك من جهة طول الصف، وكذا عدم مشاهدة بعض الصف الثاني
الصف الأول لكون الثاني أطول من الأول.
(مسألة 1217) إذا وصلت الصفوف إلى باب المسجد مثلا ووقف صف خارج
المسجد ووقف واحد منهم حيال الباب فالأحوط ترك الاقتداء لمن كان في جانبيه.
207

(مسألة 1218) إذا تجدد الحائل أو البعد في الأثناء، فالأقوى كونه كالابتداء،
فتبطل الجماعة ويصير من منع الحائل اتصاله بالجماعة منفردا.
(مسألة 1219) لا بأس بالحائل غير المستقر كمرور إنسان أو حيوان، إلا أن
تتصل المارة وإن كانوا متحركين غير مستقرين، لأن حدوث المانع بهم يكون مستقرا.
(مسألة 1220) إذا انتهت صلاة الصف المتقدم، فلا تصح جماعة الصف المتأخر
ولو عادوا إلى الجماعة بلا فصل، فاللازم عليهم إتمام الصلاة فرادى.
(مسألة 1221) إذا علم المتأخرون بطلان صلاة الصف المتقدم، تبطل جماعة
المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة. نعم مع الجهل بحالهم يحمل على الصحة إذا كان
احتمال البطلان مستندا إلى فعلهم، وأما إذا كان لاحتمال عروض مبطل قهري فلا بد
من إحراز عدمه ولو بالأصول المعتبرة غير أصالة الصحة. كما أن المدار في صحة
اقتداء الصف المتأخر صحة صلاة الصف المتقدم بحسب تقليد المتأخر.
(مسألة 1222) يجوز لأهل الصف المتأخر الاحرام بالصلاة قبل إحرام المتقدم،
إذا كانوا واقفين متهيئين للاحرام.
أحكام الجماعة
(مسألة 1223) الأقوى جواز القراءة للمأموم في الركعتين الأوليين من الاخفاتية
مع الكراهة، والأحوط ترك القراءة في الجهرية إذا سمع صوت الإمام ولو همهمة، أما
إذا لم يسمع حتى الهمهمة فيجوز بل يستحب له القراءة إخفاتا. وأما في الأخيرتين من
الجهرية أو الاخفاتية، فهو كالمنفرد يجب عليه القراءة أو التسبيح مخيرا بينهما، سواء
سمع قراءة الإمام أم لم يسمع.
(مسألة 1224) لا فرق بين كون عدم السماع للبعد، أو لكثرة الأصوات، أو
للصمم، أو لغير ذلك.
(مسألة 1225) إذا سمع بعض قراءة الإمام دون البعض، فالأحوط ترك
القراءة مطلقا.
208

(مسألة 1226) إذا شك في السماع وعدمه، أو في أن المسموع صوت الإمام أو
غيره، فالأحوط ترك القراءة.
(مسألة 1227) لا يجب على المأموم الطمأنينة حال قراءة الإمام، وإن
كان الأحوط ذلك. وتجب المتابعة في الركوع والسجود والأفعال، فلا يجوز
التأخر الفاحش.
(مسألة 1228) لا يتحمل الإمام عن المأموم شيئا غير القراءة في الأوليين
إذا ائتم به فيهما. وأما الأخيرتين فهو كالمنفرد ولو قرأ الإمام فيهما الحمد وسمع
المأموم قراءته.
(مسألة 1229) إذا لم يدرك الأوليين وجب عليه القراءة فيهما، وإن لم يمهله الإمام
لا تمامها، اقتصر على الحمد وترك السورة ولحق به في الركوع، وإن لم يمهله للحمد أيضا،
فالأحوط إتمام الحمد واللحوق به في السجدة، وأحوط منه إعادة الصلاة.
(مسألة 1230) إذا أدرك الإمام في الركعة الثانية، تحمل عنه القراءة فيها وتابع
الإمام في القنوت والتشهد، والأحوط التجافي فيه، ثم يقرأ في الثانية، سواء قرأ
الإمام فيها الحمد أو التسبيح.
(مسألة 1231) إذا قرأ المأموم خلف الإمام وجوبا، كما إذا كان مسبوقا بركعة أو
ركعتين، أو استحبابا كما في الأوليين إذا لم يسمع صوت الإمام في الجهرية، فيجب
عليه الاخفات في القراءة وإن كانت الصلاة جهرية.
(مسألة 1232) إذا أدرك الإمام في الأخيرتين فدخل في الصلاة معه قبل ركوعه،
وجب عليه القراءة. وإذا لم يمهله ترك السورة. وإذا علم أنه لو دخل معه لم يمهله
لاتمام الفاتحة، فالأحوط عدم الدخول إلا بعد ركوعه، فيحرم ويركع معه، وليس
عليه الفاتحة حينئذ.
(مسألة 1233) يجب متابعة المأموم للإمام في الأفعال، بمعنى أن لا يتقدم فيها
عليه ولا يتأخر عنه تأخرا فاحشا، وأما في الأقوال فالأقوى عدم وجوبها فيها عدا
تكبيرة الاحرام. ولا فرق بين المسموع من الأقوال وغيره، وإن كانت أحوط في
المسموع خصوصا التسليم.
209

(مسألة 1234) إذا ترك المتابعة فيما وجبت فيه عصى ولكن صحت صلاته، بل
جماعته أيضا، إلا إذا ركع عمدا قبل تمام قراءة الإمام فإنه تبطل صلاته، لكن لا
بسبب تقدمه في الركوع بل بسبب تركه القراءة وبدلها. نعم لو تقدم أو تأخر فاحشا
على وجه ذهبت هيئة الجماعة، بطلت جماعته.
(مسألة 1235) إذا أحرم قبل الإمام سهوا أو بتخيل أنه قد كبر، كان منفردا،
فإن أراد الجماعة عدل إلى النافلة وأتمها ركعتين.
(مسألة 1236) إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا، أو
بتخيل أن الإمام رفع رأسه، وجب عليه العودة والمتابعة، ولا يضر زيادة الركن
حينئذ، وإن لم يعد أثم وصحت صلاته، إلا إذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب نسيانا
فإنه لو لم يعد فلا ينبغي ترك الاحتياط بإعادة الصلاة بعد إتمامها.
(مسألة 1237) إذا رفع رأسه قبل الإمام عامدا قبل الذكر الواجب، تبطل
صلاته لترك الذكر عمدا، وإن رفعه بعد الذكر الواجب أثم ولم يجز له المتابعة، فإن
تابع عمدا بطلت صلاته للزيادة العمدية، وكذا لو تابع في هذه الحالة سهوا، إذا كان
ركنا كالركوع.
(مسألة 1238) إذا رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهوا ثم عاد إليه للمتابعة
فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حد الركوع، فلا يبعد بطلان صلاته، والأحوط
إتمامها ثم إعادتها.
(مسألة 1239) إذا رفع رأسه من السجود فرأى الإمام في السجدة فتخيل أنها
الأولى فعاد إليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية، فلا يترك الاحتياط بإعادة الصلاة
ويحسبها ثانية. وإن تخيل أنها الثانية فسجد أخرى بقصد الثانية فبان أنها الأولى، فلا
يترك الاحتياط بإعادة الصلاة ويحسبها سجدة متابعة.
(مسألة 1240) إذا ركع أو سجد قبل الإمام عمدا، لا يجوز له المتابعة، وإذا
ركع أو سجد سهوا، وجب عليه على الأحوط العود إلى القيام أو الجلوس، ثم الركوع
أو السجود معه، والأحوط مع ذلك الإعادة بعد الاتمام.
(مسألة 1241) إذا كان مشتغلا بالنافلة فأقيمت الجماعة وخاف عدم إدراكها،
210

جاز له قطعها، وإذا كان في الفريضة منفردا، استحب له العدول إلى النافلة وإتمامها
ركعتين، إذا لم يتجاوز محل العدول، كما إذا دخل في ركوع الركعة الثالثة.
شروط إمام الجماعة
(مسألة 1242) يشترط في إمام الجماعة أمور: الايمان، وطهارة المولد، والعقل،
والبلوغ إذا كان المأموم بالغا، والذكورة إذا كان المأموم ذكرا وإلا فيجوز إمامة المرأة
على كراهية، والعدالة فلا يجوز الصلاة خلف الفاسق ولا مجهول الحال.
(مسألة 1243) الظاهر أن العدالة نفس (الاجتناب عن الكبائر الناشئ عن حالة
نفسانية باعثة على ملازمة التقوى، مانعة عن ارتكاب الكبائر التي منها الاصرار على
الصغائر، ومانعة عن منافيات المروة وهي كل ما دل ارتكابه على مهانة النفس وقلة
الحياء وعدم المبالاة بالدين).
(مسألة 1244) الكبائر كل معصية ورد الوعيد عليها بالنار، أو ورد النص
بكونها كبيرة: كالاشراك بالله، وإنكار ما أنزله (وهما كفر أيضا، فينتفي بهما الشرط
الأول وهو الايمان) واليأس من روح الله تعالى، والأمن من مكره، والكذب عليه
أو على رسوله أو أوصيائه، ومحاربة أوليائه، وقتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق،
وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلما، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف،
وقطيعة الرحم، والسحر، والزنا، واللواط، والسرقة، واليمين الغموس، وكتمان
الشهادة، وشهادة الزور، ونقض العهد، والحيف في الوصية، وشرب الخمر، وأكل
الربا، وأكل السحت، والقمار، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به
من غير ضرورة، والبخس في المكيال والميزان، والتعرب بعد الهجرة، ومعونة
الظالمين والركون إليهم، وحبس الحقوق من غير عذر، والكذب، والكبر، والاسراف
والتبذير، والخيانة، والغيبة، والنميمة، والاشتغال بالملاهي، والاستخفاف بالحج،
وترك الصلاة، ومنع الزكاة.
(مسألة 1245) الاصرار على الصغيرة الذي هو من الكبائر هو المداومة
والملازمة على المعصية من دون تخلل التوبة، ولا يبعد أن يكون من الاصرار العزم على العود
211

إلى المعصية بعد ارتكابها وإن لم يعد إليها، خصوصا إذا كان عزمه على
العود حال ارتكاب المعصية الأولى، بل لا يبعد تحقق الاصرار إن لم يتب وإن لم يعزم
على العود بعد ما كانت التوبة واجبة في كل آن فورا ففورا.
(مسألة 1246) الأقوى جواز التصدي لإمامة الصلاة لمن يعرف نفسه بعدم
العدالة، مع اعتقاد المأمومين عدالته، وإن كان الأحوط الترك.
(مسألة 1247) تثبت عدالة الإمام بالبينة، أو الشياع الموجب للاطمئنان، بل
يكفي الوثوق والاطمئنان من أي وجه حصل، ولو من جهة اقتداء جماعة به من أهل
البصيرة والصلاح لا من الرعاع الجهال. والظاهر كفاية حسن الظاهر وإن لم يورث
الظن فعلا بوجود الملكة الباعثة على ملازمة التقوى.
(مسألة 1248) الظاهر عدم جواز الاقتداء بالمعذور إلا بالمتيمم وبذي الجبيرة
وبالقاعد إن كان المأموم غير قائم.
(مسألة 1249) لا تصح إمامة من لا يحسن القراءة لمن يحسنها، كأن لا يؤدي
الحروف من مخارجها أو يبدلها بغيرها، حتى اللحن في الاعراب، وإن كان لا يستطيع
غير ذلك. وكذا الأخرس للناطق وإن كان ممن لا يحسن القراءة.
(مسألة 1250) لا بأس بإمامة من لا يحسن القراءة في التلاوات التي لا يتحملها
الإمام عن المأموم بل يجب عليه أن يقرأها هو، وذلك مثل الركعتين الأخيرتين فيأتم
من يحسن أذكارها بمن لا يحسنها.
(مسألة 1251) إذا اختلف الإمام والمأموم في مسائل الصلاة اجتهادا أو تقليدا،
صح الاقتداء إذا اتفق العمل، كما إذا رأى أحدهما اجتهادا أو تقليدا وجوب السورة
والآخر عدمه، فيجوز الاقتداء بمن يقرؤها وإن لم يوجبها، وأما إذا لم يتفق العمل،
فالظاهر عدم جواز الاقتداء بمن تكون صلاته أو قراءته باطلة عند المأموم، سواء كان
منشأ البطلان متعلقا بالقراءة أو بغيرها.
(مسألة 1252) إذا علم تخالفهما في المسائل وشك في تخالفهما في العمل، فلا يجوز
الاقتداء إلا فيما لا يضر مخالفة الإمام بصحة صلاته ولو بأصالة الصحة. نعم يجوز
الاقتداء إذا لم يعلم اختلافهما في المسائل.
212

(مسألة 1253) إذا دخل الإمام في الصلاة معتقدا دخول الوقت وكان المأموم
معتقدا عدمه أو شاكا فيه، لا يجوز له الائتمام. نعم لو علم بدخول الوقت أثناء صلاة
الإمام، يجوز له أن يأتم به في أثناء صلاته، بعد دخول الوقت وإحراز صحة صلاة
الإمام ولو بأصالة الصحة.
(مسألة 1254) إذا تشاح الأئمة لا لغرض دنيوي يقدح في العدالة، يرجح من
قدمه المأمومون، ومع الاختلاف يقدم الفقيه الجامع للشرائط، فإن لم يكن أو تعدد،
يقدم الأجود قراءة، ثم الأفقه في أحكام الصلاة، ثم الأسن.
(مسألة 1255) الإمام الراتب في المسجد أولى بالإمامة من غيره، ولو كان
أفضل منه. نعم الأولى له تقديم الأفضل، وكذا صاحب المنزل أولى من غيره المأذون
له في الصلاة، والأولى له أيضا تقديم الأفضل. وكذا الهاشمي أولى من غيره المساوي
له في الصفات. والترجيحات المذكورة إنما هي من باب الأفضلية والاستحباب لا على
وجه اللزوم والايجاب حتى في أولوية الإمام الراتب، فلا يحرم مزاحمة الغير له وإن
كان مفضولا من جميع الجهات أيضا، ما لم تستلزم محرما آخر كهتك عرض المؤمن أو
وهن في الدين. أعاذنا الله من شرور أنفسنا.
(مسألة 1256) يكره إمامة الأجذم، والأبرص، والأغلف المعذور في ترك
الختان، والمحدود بعد توبته، ومن يكره المأمومون إمامته، والمتيمم للمتطهر، بل
الأولى عدم إمامة كل ناقص للكامل.
(مسألة 1257) إذا علم المأموم بطلان صلاة الإمام من جهة كونه محدثا مثلا أو
تاركا لركن ونحوه، لا يجوز له الاقتداء به، ولو اعتقد الإمام صحتها جهلا أو سهوا.
(مسألة 1258) إذا رأى المأموم في ثوب الإمام نجاسة غير معفي عنها، فإن علم
أنه قد نسيها، لم يجز له الاقتداء به، وإن علم أنه جاهل بها، جاز له الاقتداء به. وإذا
لم يدر أنه جاهل أو ناس، فلا يترك الاحتياط.
(مسألة 1259) إذا تبين بعد الصلاة أن الإمام فاسق أو محدث مثلا، فلا يبعد صحة
الجماعة واغتفار ما يغتفر فيها. نعم يشكل الصحة إذا زاد الإمام أو نقص ركنا سهوا.
213

كتاب الصوم
نية الصوم
(مسألة 1260) يشترط في الصوم النية بأن يقصد أداء فريضته ويمسك عن
المفطرات بقصد القربة. ولا يجب العلم بالمفطرات تفصيلا، فلو نوى الامساك عن كل
مفطر يضر بالصوم، ولم يعلم بمفطرية بعض الأشياء كالاحتقان أو القئ مثلا، أو تخيل
عدم مفطريته ولكن لم يرتكبه، صح صومه. بشرط لحاظه الامساك عنه ولو إجمالا
كأن نوى الامساك عن كل ما هو مفطر في الشريعة أو في الرسالة ولا يعتبر في النية
بعد القصد والقربة والاخلاص سوى تعيين الصوم الذي أراده وأنه صوم قضاء أو
كفارة أو نذر مطلق، بل حتى النذر المعين على الأقوى. ويكفي في صوم شهر رمضان
نية صوم غد من غير حاجة إلى تعيينه. بل لو نوى غيره فيه جاهلا به أو ناسيا له
صح ووقع عن رمضان، بخلاف ما لو كان عالما برمضان ونوى غيره فإنه لا يقع عن
واحد منهما.
(مسألة 1261) ويكفي التعيين الاجمالي، كما إذا كان في ذمته نوع واحد فقصد ما
في ذمته، فإنه يجزيه.
(مسألة 1262) الأظهر عدم اعتبار التعيين في المندوب المطلق، فلو نوى صوم
غد متقربا إلى الله تعالى، صح ووقع ندبا، إذا كان الزمان صالحا وكان الشخص ممن
يجوز له أن يتطوع بالصوم. بل وكذا المندوب المعين أيضا إذا كان تعينه بالزمان
الخاص، كالأيام البيض والجمعة والخميس. نعم يعتبر لاحراز ثواب الخصوصية
إحراز ذلك اليوم ونيته.
215

(مسألة 1263) يعتبر في القضاء عن الغير نية النيابة، ولو لم يكن في ذمته صوم
آخر لنفسه.
(مسألة 1264) لا يقع في شهر رمضان صوم غيره، واجبا كان أو ندبا، سواء
كان مكلفا بصومه أم لا كالمسافر ونحوه.
(مسألة 1265) محل النية في الواجب المعين سواء في رمضان أو غيره، للمتذكر
الملتفت: عند طلوع الفجر الصادق، أو قبله في أي جزء من ليلة اليوم الذي يريد
صومه، ولا يضره إن نام أو تناول المفطر بعد النية مع استمرارها إلى طلوع الفجر. أما
مع النسيان أو الغفلة أو الجهل بكونه رمضان، فيمتد وقتها إلى الزوال إذا تذكر قبله ولم
يكن تناول مفطرا. ولا يجوز له التأخير بعد التذكر.
(مسألة 1266) إذا فاتته النية لمرض فزال قبل الزوال ولم يتناول مفطرا، نوى
على الأحوط قبل الزوال وصام، وإن كان الأقوى عدم وجوب الصوم عليه، ووجوب
القضاء عليه وإن صام. كما أنه لو برأ بعد الزوال ولم يفطر لم يجب عليه النية
ولا الاتمام.
(مسألة 1267) إذا حضر قبل الزوال، ولم يكن تناول مفطرا، وجب عليه
الصوم ولا يصح منه إذا حضر كذلك بعد الزوال نعم يستحب له الامساك ظاهرا.
(مسألة 1268) يمتد محل النية اختيارا في غير المعين إلى الزوال دون ما بعده،
فلو أصبح ناويا للافطار ولم يكن تناول مفطرا فبدا له قبل الزوال أن يصوم قضاء من
شهر رمضان أو كفارة أو نذرا مطلقا، جاز وصح، دون ما بعده على الأحوط.
(مسألة 1269) محل النية في المندوب يمتد إلى أن يبقى من الغروب زمان يمكن
عقدها فيه.
(مسألة 1270) يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان، يبني على أنه من شعبان،
فلا يجب صومه، ولو صامه بنية أنه من شعبان ندبا أجزأه عن رمضان لو انكشف أنه
منه. وكذا لو صامه بنية قضاء رمضان، أو أنه نذر، أجزأه لو صادف أنه منه. ولو
صامه بنية أنه من رمضان لم يقع عن أحدهما. وإذا صامه على نحو الترديد في النية
وأنه إن كان من رمضان فهو واجب وإلا فهو مستحب، لم يصح. نعم إذا كان بنحو
216

الترديد في المنوي بأن يصومه بنية القربة المطلقة بقصد ما في الذمة، وكان في ذهنه أنه
إما من رمضان أو غيره، فالأقوى الصحة.
(مسألة 1271) إذا كان في يوم الشك بانيا على الافطار ثم ظهر أثناء النهار أنه
من شهر رمضان، فإن كان قبل الزوال ولم يتناول شيئا، ينوي الصوم ويجزيه، وإن
ظهر أنه منه بعد الزوال، فالأحوط النية والاتمام رجاء، ثم القضاء.
(مسألة 1272) إذا صام يوم الشك بنية أنه من شعبان ثم تناول المفطر نسيانا
وتبين بعد ذلك أنه من رمضان، أجزأ عنه. نعم لو أفسد صومه برياء ونحوه، لم يجزه
من رمضان حتى لو تبين أنه منه قبل الزوال وجدد النية.
(مسألة 1273) كما يجب النية في ابتداء الصوم يجب استمرارها في أثنائه، فلو
نوى القطع في الواجب المعين أو نوى ارتكاب ما يفسد الصوم، بطل على الأقوى حتى
لو عاد إلى نية الصوم قبل الزوال. نعم لو كان ذلك لتخيل اختلال في صومه ثم بان
عدمه، لم يبطل على الأقوى. وكذا ينافي الاستمرار المذكور التردد في النية أثناء
الصوم، نعم لو كان تردده في البطلان وعدمه لعروض عارض لم يدر أنه مبطل لصومه
أم لا ولم يتردد في رفع اليد عن الصوم فعلا من جهة الشك في البطلان، لم يكن فيه
بأس وإن استمر ذلك إلى أن يسأل عنه. وأما غير الواجب المعين فلو نوى القطع ثم
رجع قبل الزوال، صح صومه.
ما يجب الامساك عنه
(مسألة 1274) يجب على الصائم الامساك عن أمور: الأول والثاني: الأكل
والشرب المعتاد كالخبز والماء، وغيره كالحصاة وعصارة الأشجار، ولو كان قليلا
جدا كعشر حبة الحنطة أو عشر قطرة من الماء.
(مسألة 1275) المدار صدق الأكل والشرب ولو كان على النحو غير المتعارف،
فإذا أوصل الماء إلى الجوف من طريق أنفه، فالظاهر صدق الشرب عليه.
(مسألة 1276) الثالث: الجماع بحلاله وحرامه، للأنثى والذكر قبلا أو دبرا، حيا
أو ميتا، صغيرا أو كبيرا، واطئا كان الصائم أو موطوءا، ولا يترك الاحتياط في
217

وطي غير المرأة بإتمام الصوم والقضاء وأداء الكفارة وإن لم ينزل. نعم لا بطلان مع
النسيان أو القهر إذا كان بسلب الاختيار كليا، أما إذا كان بالالزام والإخافة والاكراه
مع بقاء الاختيار، فإنه مبطل وإن كان معذورا.
(مسألة 1277) إذا جامع نسيانا أو جبرا فتذكر وارتفع الجبر في الأثناء وجب
الاخراج فورا، فإن تراخى بطل صومه.
(مسألة 1278) إذا قصد التفخيذ مثلا فدخل بلا قصد، لم يبطل، ولو قصد
الادخال فلم يتحقق، كان مبطلا من جهة نية المفطر.
(مسألة 1279) يتحقق الجماع بغيبوبة الحشفة، وفي مقطوعها يتحقق بمقدارها.
ولكن لا يترك الاحتياط بإتمام الصوم والقضاء والكفارة إذا صدق عليه الجماع وإن
تحقق بأقل من مقدارها.
(مسألة 1280) الرابع: إنزال المني باستمناء أو ملامسة أو تقبيل أو تفخيذ أو
نحو ذلك من الأفعال التي يقصد بها حصوله، فإنه مبطل للصوم بجميع أفراده، بل
وكذا إذا لم يقصد حصوله ولم يكن من عادته، إذا كان سبق المني غير مأمون. نعم لو
سبقه المني من دون فعل شئ يقتضيه لم يكن عليه شئ، فإنه حينئذ كالمحتلم في
نهار الصوم والناسي.
(مسألة 1281) لا بأس بالاستبراء قبل الغسل، بالبول أو الخرطات لمن احتلم
في النهار، ولو علم بخروج بقايا المني في المجرى. وأما بعد الغسل فالأحوط عدم
جوازه مع العلم بذلك، إلا مع الاضرار أو الحرج. والأحوط تقديم الاستبراء إذا علم
أنه لو تركه خرجت البقايا بعد الغسل. كما أنه لا يجب عليه التحفظ من خروج المني
بعد الانزال إن استيقظ قبل الخروج، خصوصا مع الحرج أو الاضرار.
(مسألة 1282) الخامس: تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر الصادق في
شهر رمضان وقضائه عن عمد، دون غيرهما من الصيام الواجب والمندوب على
الأقوى، وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط بتركه، في الواجب موسعا كان أو مضيقا.
وأما الإصباح جنبا من غير تعمد، فلا يوجب البطلان إلا في قضاء شهر رمضان
على الأقوى.
218

(مسألة 1283) الأقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلا قبل
الفجر حتى يمضي عليه يوم أو أيام، والأحوط إلحاق نسيان غسل الحيض والنفاس به
أيضا، وإن كان الأقوى عدمه.
(مسألة 1284) من فعل سبب الجنابة في وقت لا يسع الغسل ولا التيمم، فهو
كمتعمد البقاء عليها. ولو وسعه التيمم خاصة، عصى والأحوط أن يتيمم ويصوم
ويقضي يوما مكانه.
(مسألة 1285) إذا ظن السعة وراعى الوقت وأجنب فبان الخلاف، لم يكن عليه
شئ، أما مع عدم المراعاة، فعليه القضاء على الأحوط مع إتمام الصوم.
(مسألة 1286) كما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمدا، كذا يبطل بالبقاء
على حدث الحيض والنفاس إلى طلوع الفجر. فإذا طهرت من أحدهما قبل الفجر،
وجب عليها الاغتسال أو التيمم، فلو تركته عمدا بطل صومها.
(مسألة 1287) يشترط على الأقوى في صحة صوم المستحاضة بالاستحاضة
الكثيرة بل المتوسطة على الأحوط الأغسال النهارية للصلاة دون غيرها، فلو
استحاضت قبل الاتيان بصلاة الصبح أو الظهرين بما يوجب الغسل كالمتوسطة
والكثيرة فتركت الغسل، بطل صومها في الاستحاضة الكثيرة وفي المتوسطة على
الأحوط، بخلاف ما لو استحاضت بعد الاتيان بصلاة الظهرين فتركت الغسل إلى
الغروب، فإنه لا يبطل صومها. والأقوى اعتبار غسل الليلة الماضية في صحة صومها
أيضا، بمعنى أنها لو تركت الغسل للعشائين حتى أصبحت، بطل صومها. نعم لو
اغتسلت قبل الفجر لأجل أي علة، صح صومها.
(مسألة 1288) فاقد الطهورين يسقط عنه شرط رفع الحدث لصحة صومه،
فيصح منه مع البقاء على الجنابة أو مع حدث الحيض أو النفاس. نعم الظاهر البطلان
فيما يفسده البقاء على الجنابة مطلقا ولو عن غير عمد كقضاء شهر رمضان.
(مسألة 1289) لا يشترط في صحة الصوم الغسل من مس الميت، كما لا يضر
مسه أثناء النهار.
(مسألة 1290) من لم يتمكن من الغسل لفقد الماء أو لغيره من أسباب التيمم ولو
219

لضيق الوقت، وجب عليه التيمم للصوم، فإن تركه حتى أصبح، كان كتارك
الغسل، والأقوى عدم وجوب بقائه متيمما مستيقظا حتى يصبح.
(مسألة 1291) إذا استيقظ بعد الفجر محتلما، فإن علم أن جنابته كانت ليلا،
صح صومه إن كان مضيقا، أما إذا كان المضيق قضاء شهر رمضان، فالأحوط إتمامه
والآتيان به ثانيا. وإن كان موسعا بطل إن كان قضاء شهر رمضان، وصح إن كان
غيره أو مندوبا، إلا أن الأحوط إلحاقهما به.
(مسألة 1292) إن لم يعلم وقت حدوث الجنابة أو علم أنها في النهار، فهو كمن
احتلم أو سبق منيه في النهار بغير اختيار، لا يبطل صومه. من غير فرق بين الموسع
وغيره والمندوب، ولا يجب عليه البدار إلى الغسل، كما لا يجب على كل من أجنب في
النهار بدون اختيار، وإن كان هو الأحوط.
(مسألة 1293) من كان جنبا في الليل من شهر رمضان لا يجوز له النوم قبل
الاغتسال إذا علم أنه لا يستيقظ قبل الفجر، فلو نام واستمر نومه إلى الفجر كان بحكم
متعمد البقاء على الجنابة، وعليه القضاء والكفارة. وكذا يجبان على الأحوط حتى في
النوم الأول إذا لم يطمئن بأنه يستيقظ أو لم يكن من عادته ذلك، وإن احتمله. وأما
إذا احتمل الاستيقاظ مع اعتياده أو الاطمئنان به، جاز له النوم بعد الانتباه الأول أو
الثاني بل أكثر، ولا يكون نومه حراما.
(مسألة 1294) إذا نام الجنب في ليل شهر رمضان حيث يجوز له النوم وكان بانيا
على الغسل ولم يستيقظ حتى طلع الفجر، فلا شئ عليه. أما لو استيقظ ثم نام ثانيا فطلع
عليه الفجر، بطل صومه، فيجب عليه القضاء والامساك تأدبا دون الكفارة. وكذا إذا
عاد إلى النوم ثالثا على الأقوى وإن كان الأحوط استحبابا الكفارة أيضا. أما إذا نام بانيا
على عدم الغسل أو كان مترددا فحكمه حكم الباقي على الجنابة عمدا، وعليه القضاء
والكفارة. وأما إن نام غافلا عن الغسل ولم يكن بانيا عليه أو على تركه، فالأقوى إلحاقه
بالباني على الغسل، بشرط اعتياد الاستيقاظ أو الاطمئنان به.
(مسألة 1295) السادس: تعمد الكذب على الله ورسوله والأئمة عليهم السلام، وكذا
باقي الأنبياء والأوصياء والصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين عليهم السلام على
220

الأحوط، من غير فرق بين كونه في الدنيا أو الدين، وبالقول أو بالكتابة أو الإشارة أو الكناية،
ونحوها مما يصدق عليه الكذب عليهم، فلو سأله سائل: هل قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم كذا؟
فأشار نعم أو لا كاذبا، بطل صومه. وكذا لو أخبر صادقا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: ما
أخبرت به عنه فهو كذب، أو أخبر كاذبا في الليل ثم قال في النهار: إن ما أخبرت به
في الليل صدق، فسد صومه على الأحوط فيهما. نعم لا يبطل صومه إذا لم يكن جادا
في الأخبار بأن لا يكون قاصدا للمعنى أصلا كأن كان هازلا ولاغيا.
(مسألة 1296) إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر. وكذا إذا قصد الكذب فبان
صدقا نعم مع العلم بمفطريته يدخل في نية فعل المفطر.
(مسألة 1297) لا فرق بين أن يكون الكذب مجعولا منه أو من غيره، كما إذا
كان مذكورا في بعض كتب التواريخ أو الأخبار إذا نقله على وجه الأخبار. نعم لا بأس
بنقله إذا كان على وجه الحكاية والنقل عن الشخص الفلاني أو كتابه.
(مسألة 1298) السابع: رمس الرأس في الماء على الأحوط ولو بقي البدن
خارجه، والأحوط إلحاق المضاف بالمطلق، ولا بأس بالصب على الرأس والإفاضة
ونحوها مما لا يسمى رمسا وإن كثر الماء، بل لا بأس برمس بعض الرأس وإن كان
القسم الذي فيه المنافذ، ولا برمسه كله على التعاقب بأن يرمس نصفه مثلا ثم يخرجه
ثم يرمس نصفه الآخر.
(مسألة 1299) إذا ألقى نفسه في الماء بتخيل عدم الرمس وكان عدم انغماس
الرأس بالماء مأمونا، فحصل الرمس، لم يبطل صومه.
(مسألة 1300) إذا ارتمس الصائم مغتسلا، فإن كان صومه تطوعا أو واجبا
موسعا، بطل صومه على الأحوط وصح غسله. وإن كان واجبا معينا، فإن قصد الغسل
بأول مسمى الارتماس، بطل صومه على الأحوط وغسله. وإن نواه بالمكث أو
الخروج، صح غسله دون صومه على الأحوط في غير شهر رمضان، وأما فيه فيبطلان
معا على الأحوط. نعم لا يبعد صحة غسله إذا نوى الغسل بالمكث بالماء أو الخروج.
(مسألة 1301) الثامن: إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق، بل وغير الغليظ أيضا
على الأحوط، سواء كان بإثارته بنفسه بكنس ونحوه، أو بإثارة غيره، أو بإثارة
221

الهواء مع السماح بوصوله لعدم التحفظ. بل الأقوى البطلان فيما يعسر التحرز عنه. نعم
مع كون التحفظ حرجيا لا كفارة عليه.
(مسألة 1302) لا بأس بوصول الغبار نسيانا أو غفلة أو قهرا أو لتخيل عدم
الوصول، إلا إذا خرج بهيئة الطين إلى فضاء الفم، ثم ابتلعه.
(مسألة 1303) يلحق بالغبار دخان التنباك ونحوه، على الأحوط.
(مسألة 1304) التاسع: الحقنة بالمائع ولو لمرض ونحوه، نعم لا بأس بالجامد،
مع أن الأحوط اجتنابه، كما لا بأس بوصول الدواء إلى جوفه من جرحه.
(مسألة 1305) العاشر: تعمد القئ وإن كان للضرورة، دون ما كان منه بغير
عمد، والمدار على صدق مسماه.
(مسألة 1306) إذا أكل في الليل ما يعلم أنه يوجب القئ نهارا بدون اختيار،
فالأحوط القضاء.
(مسألة 1307) إذا خرج بالتجشؤ شئ إلى فضاء الفم ثم نزل من غير اختيار،
لم يبطل صومه إذا كان التجشؤ بغير اختياره، أو كان عدم نزوله إلى الجوف مأمونا مع
تجشؤه. أما إذا بلعه اختيارا، فإنه يبطل صومه وعليه القضاء والكفارة.
(مسألة 1308) لا يجوز له التجشؤ اختيارا إذا علم بأنه يخرج معه شئ يصدق
عليه القئ، أو يعود إلى جوفه بعد الخروج بلا اختيار.
(مسألة 1309) لا يفسد الصوم بابتلاع اللعاب المجتمع في الفم وإن كان حدوثه
بتخيل ما يسببه، ولا بابتلاع النخامة التي لم تصل إلى فضاء الفم، من غير فرق بين
النازلة من الرأس والخارجة من الصدر على الأقوى، وأما الواصلة إلى فضاء الفم، فلا
يترك الاحتياط بترك ابتلاعها. نعم لو خرجت من الفم ثم ابتلعها بطل صومه قطعا،
وكذا اللعاب. بل لو كانت في فمه حصاة فأخرجها وعليها بلة من الريق، ثم أعادها
وابتلع الريق، أفطر، وكذا لو بل الخياط الخيط بريقه ثم رده إلى فمه وابتلع ما عليه من
الرطوبة بطل صومه، أو استاك وأخرج المسواك المبلل بالريق ثم رده وابتلع ما عليه
من الرطوبة. والأحوط مع العلم باشتماله على الرطوبة الاجتناب ولو مع الاستهلاك.
222

(مسألة 1310) لا يفسد الصوم ذوق المرق ومضغ الطعام وما تخلف من ماء المضمضة.
ولا يفسده العلك على الأصح وإن وجد منه طعما في ريقه ما لم يكن ذلك بتفتت أجزائه.
(مسألة 1311) كل ما يفسد الصوم ما عدا البقاء على الجنابة، إنما يفسده إذا
وقع عن عمد، أما عن نسيان أو عدم قصد فإنه لا يفسد الصوم بأقسامه، بخلاف
العمد فإنه يفسده بأقسامه، من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به المقصر في
التعلم. أما بطلان صوم الجاهل القاصر، فهو مشكل وإن كان أحوط.
(مسألة 1312) من العمد من أكل ناسيا فظن فساد صومه، فأفطر عامدا.
(مسألة 1313) المكره المصبوب في حلقه مثلا لا يبطل صومه، بخلاف المكره على
تناول المفطر بنفسه، فإنه يبطل صومه. نعم لو كان ذلك لتقية وكان ما ارتكبه تقية غير
مفطر بحسب فتواهم، فالظاهر صحة الصوم معه، وإن كان الأحوط الاتمام ثم القضاء.
ما يكره للصائم
(مسألة 1314) يكره للصائم أمور:
منها: مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة لمن تتحرك شهوته ولم يقصد الانزال
بذلك وكان سبق المني مأمونا، وإلا حرم في الصوم المعين، بل الأولى ترك ذلك حتى
لمن لم تتحرك شهوته بذلك مع احتماله.
ومنها: الاكتحال، خصوصا إذا كان بالذر أو شبهه، أو كان فيه مسك، أو يصل
إلى الحلق، أو يخاف وصوله، أو يجد طعمه في الحلق.
ومنها: إخراج الدم المضعف بحجامة أو غيرها، بل كل ما يورث الضعف أو
هيجان المرة (التهيج العصبي) من غير فرق بين شهر رمضان وغيره وإن اشتدت
الكراهة فيه، بل يحرم ذلك فيه وكذا في قضائه بعد الزوال. بل في مطلق الصوم المعين
إذا علم حصول الغثيان المبطل للصوم، ولم تكن ضرورة تدعو إليه.
ومنها: دخول الحمام إذا خشي منه الضعف.
ومنها: السعوط، خصوصا مع العلم بوصوله إلى الدماغ أو الجوف، بل يفسد
الصوم مع التعدي إلى الحلق.
223

ومنها: شم الرياحين خصوصا النرجس، والمراد بها كل نبت طيب الرائحة. نعم
لا بأس بالطيب فإنه تحفة الصائم، لكن الأولى ترك المسك منه، بل يكره التطيب به
للصائم، كما أن الأولى ترك شم الرائحة الغليظة حتى تصل إلى الحلق.
(مسألة 1315) لا بأس باستنقاع الرجل في الماء، ويكره للمرأة والأحوط تركه،
ويكره لهما بل الثوب ووضعه على الجسد.
(مسألة 1316) لا بأس بمضغ الطعام للصبي وزق الطائر، وذوق المرق وغيرها،
مما لا يتعدى إلى الحلق، أو يتعدى من غير قصد أو مع قصد لكن عن نسيان. ولا
فرق بين أن يكون أصل الوضع في الفم لغرض صحيح، أو لا.
(مسألة 1317) لا بأس بالسواك باليابس، بل هو مستحب، ولم تثبت كراهة
السواك، بالرطب. ويكره قلع الضرس، بل مطلق ما فيه إدماء.
ما يترتب على الافطار
(مسألة 1318) الاتيان بالمفطرات المذكورة كما يوجب القضاء يوجب الكفارة
حتى القئ على الأحوط والارتماس إذا قلنا إنه من المفطرات، لكن تقدم أنه
محل احتياط. هذا إذا كان فعل المفطر عن عمد واختيار من غير إكراه ولا إجبار. ولا
فرق بين العالم والجاهل إذا كان مقصرا، أما إذا كان قاصرا غير ملتفت إلى
السؤال، فالظاهر عدم وجوب الكفارة عليه وإن كان أحوط والأقوى عدم وجوب
الكفارة في النوم الثاني من الجنب بعدم الانتباه بل والثالث وإن كان لا ينبغي ترك
الاحتياط في الثالث.
(مسألة 1319) كفارة إفطار صوم شهر رمضان أحد أمور ثلاثة: عتق رقبة، أو
صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا. وإن كان الأحوط الترتيب مع
الامكان، ويجب الجمع بين الخصال إذا أفطر على محرم كأكل المغصوب وشرب الخمر
والجماع المحرم، ونحو ذلك.
(مسألة 1320) الأقوى عدم تكرر الكفارة بتكرر الموجب في يوم واحد، وإن
اختلف جنس الموجب، ما عدا الجماع، فالأحوط تكررها بتكرره.
224

(مسألة 1321) تجب الكفارة في إفطار صوم شهر رمضان وقضائه بعد
الزوال، وفي النذر المعين، ولا تجب فيما عدا ذلك من أقسام الصوم، واجبا كان أو
مندوبا، أفطر قبل الزوال أو بعده. أما كفارة صوم الاعتكاف إذا وجب فالظاهر
اختصاصها بالجماع، وأنها لأجل نفس الاعتكاف لا لأجل الصوم، ولذا لا فرق بين
وقوعه في الليل أو في النهار. نعم لو كان الاعتكاف في نهار شهر رمضان تجب
الكفارتان، وكذا الصوم الواجب غير رمضان إذا اتفق فيه الاعتكاف، ففيه كفارته
زائدا على كفارة الاعتكاف.
(مسألة 1322) إذا أفطر متعمدا ثم سافر، لم تسقط عنه الكفارة، سواء سافر
بعد الزوال أو سافر قبله للفرار من الكفارة على الأقوى. أما لو بدا له السفر لا بقصد
الفرار، فالأحوط فيه الكفارة أيضا.
(مسألة 1323) لا تسقط الكفارة أيضا لو سافر وأفطر قبل الوصول إلى حد
الترخص، بل لا يترك الاحتياط بعدم سقوطها لو أفطر متعمدا، ثم عرض له عارض
قهري من مرض أو عرض لها حيض أو نفاس، وغير ذلك.
(مسألة 1324) إذا أفطر يوم الشك في آخر الشهر ثم تبين أنه من شوال،
فالأقوى سقوط الكفارة كالقضاء.
(مسألة 1325) إذا جامع زوجته في شهر رمضان وهما صائمان وطاوعته، فعلى
كل منهما كفارته وتعزيره وهو خمسة وعشرون سوطا. وإذا أكرهها يتحمل عنها
كفارتها وتعزيرها. وإن أكرهها في الابتداء ثم طاوعته في الأثناء فلا يترك الاحتياط
بتحمله كفارتين وتحملها كفارة. ولا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة. وإذا
أكرهت الزوجة زوجها لا تتحمل عنه شيئا.
(مسألة 1326) إذا كان مفطرا لأنه مسافر أو مريض مثلا، وكانت زوجته صائمة،
لا يجوز إكراهها على الجماع، وإن فعل لا يتحمل عنها الكفارة ولا التعزير.
(مسألة 1327) تصرف كفارة الاطعام على الفقراء، إما باشباعهم، وإما
بالتسليم إليهم لكل واحد مد، والأحوط في الاعطاء الاقتصار على الحنطة والدقيق
والخبز والتمر، نعم في الاشباع يكفي طبيخ الأرز ونحوه. والأحوط مدان.
225

(مسألة 1328) لا يكفي في كفارة واحدة إشباع شخص واحد مرتين، أو مرات،
أو إعطائه مدين أو أمدادا مع التمكن من ستين، بل لا بد من ستين نفسا. نعم إذا كان
للفقير عيالات متعددة يجوز إعطاؤه بعدد الجميع كل واحد مدا، ليعطيهم أو يطعمهم،
ولو كانوا أطفالا صغارا.
(مسألة 1329) المد ربع الصاع، وهو ستمائة مثقال وأربعة عشر مثقالا وربع
مثقال، فالمد مائة وخمسون مثقالا وثلاثة مثاقيل ونصف مثقال وربع ربع مثقال، وهو
يعادل سبع مئة وخمسون غراما، كما أخبر به أهل الخبرة.
(مسألة 1330) يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره، وفي
جواز التبرع بها عن الحي إشكال، والأحوط العدم خصوصا في الصوم.
(مسألة 1331) يكفي في حصول التتابع في الشهرين صوم الشهر الأول ويوم من
الشهر الثاني، ويجوز له التفريق في البقية ولو اختيارا لغير عذر، وأما الشهر الأول مع
اليوم الأول من الشهر الثاني فإذا أفطر أثناءها لا لعذر، يجب استئنافها، وإذا أفطر
لعذر من الأعذار كالمرض والحيض والنفاس والسفر الاضطراري، لم يجب استئنافها،
بل يبني على ما مضى. ومن العذر ما إذا نسي النية حتى فات وقتها، وتذكر بعد
الزوال مثلا.
(مسألة 1332) من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة شهر رمضان فالأحوط
أن يتصدق بما يطيق، وأن يستغفر الله، ومع العجز يكفي الاستغفار. وإن تمكن بعد
ذلك منها، أتى بها.
(مسألة 1333) يجب القضاء دون الكفارة في موارد: الأول: إذا نام الجنب في
الليل ثانيا بعد انتباهه من النوم، واستمر نومه إلى أن طلع الفجر، بل الأقوى ذلك في
النوم الثالث الواقع بعد انتباهتين، وإن كان الأحوط وجوب الكفارة أيضا. ولا يعد
النوم الذي احتلم فيه نومة أولى حتى يكون النوم بعده ثانية.
(مسألة 1334) الثاني: إذا أبطل صومه بمجرد عدم النية، أو بالرياء، أو بنية
القطع، أو بنية فعل القاطع مع عدم فعل شئ من المفطرات.
(مسألة 1335) الثالث: إذا نسي غسل الجنابة ومضى عليه يوم أو أيام.
226

(مسألة 1336) الرابع: إذا أتى بالمفطر قبل مراعاة الفجر ثم ظهر سبق طلوعه،
سواء كان قادرا على المراعاة أو عاجزا عنها، وكذا على الأحوط مع المراعاة والشك
أو الظن ببقاء الليل، ثم ظهر سبق طلوعه. نعم لو راعى وتيقن البقاء فأكل ثم تبين
خلافه، صح صومه. هذا في صوم شهر رمضان، أما غيره من أقسام الصوم فالظاهر
بطلانه بوقوع الأكل بعد طلوع الفجر مطلقا حتى إذا راعى وتيقن بقاء الليل، ما عدا
الواجب المعين، فالأحوط فيه الاتمام ثم القضاء إن كان مما يجب فيه القضاء.
(مسألة 1337) الخامس: الأكل تعويلا على من أخبر ببقاء الليل وكان
الفجر طالعا.
(مسألة 1338) السادس: إذا أكل بعد إخبار مخبر بطلوع الفجر لتخيله
أنه يسخر.
(مسألة 1339) يجوز لمن لم يتيقن بطلوع الفجر تناول المفطر من دون فحص،
فلو أكل أو شرب ولم يتبين الطلوع ولا عدمه، لم يكن عليه شئ.
(مسألة 1340) لا يجوز الافطار لمن لم يتيقن بدخول الليل، فلو أفطر والحال
هذه يجب عليه القضاء والكفارة، حتى لو لم يتيقن ببقاء النهار.
(مسألة 1341) السابع: إذا أفطر تقليدا لمن أخبر بدخول الليل ثم انكشف عدم
دخوله. هذا إذا كان المخبر ممن يجوز التعويل على إخباره، كما إذا أخبره عدلان بل
عدل واحد، وإلا فالأقوى وجوب الكفارة أيضا.
(مسألة 1342) الثامن: الافطار بسبب ظلمة قطع معها بدخول الليل ولم يكن
في السماء علة، ثم انكشف أنه لم يدخل، أما إذا كان في السماء غيم وظن دخول الليل
فلا قضاء عليه، أما العلة غير الغيم مثل الغبار والدخان فالأحوط معها القضاء.
(مسألة 1343) التاسع: إذا وضع الماء في فمه للتبرد بالمضمضة أو غيرها فسبقه
ودخل حلقه، وكذا لو أدخله عبثا، أما لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه. وأما إذا
تمضمض للوضوء، فالأقوى عدم وجوب القضاء إذا كان الوضوء أو الغسل لمطلق
الطهارة لأي غاية من الغايات كانت، وإن كان الاحتياط بالاقتصار على وضوء
الفريضة حسنا.
227

شرائط صحة الصوم ووجوبه
(مسألة 1344) يشترط في صحة الصوم أمور: الإسلام والايمان، والبلوغ،
والحضر، وعدم المرض، والعقل، والخلو من الحيض والنفاس، كما يأتي تفصيلها.
(مسألة 1345) لا يصح الصوم من غير المسلم والمؤمن، ولو في جزء من النهار.
(مسألة 1346) لا يصح الصوم من المجنون، وإذا أفاق الأدواري قبل الزوال ولم
يأت بالمفطر، فالأحوط عليه الاتمام، وإن لم يتم فالقضاء.
(مسألة 1347) لا يصح الصوم من السكران، وإذا أفاق قبل الزوال، فالأحوط
أن ينوي أو يجدد النية إن سبقت منه النية ويتم، ثم يقضي، وكذا إن أفاق بعد الزوال
وسبقت منه النية.
(مسألة 1348) إذا سبقت نية الصوم للمغمى عليه وأفاق قبل الزوال، فالأحوط
تجديد النية، وهكذا يتمه إن أفاق بعد الزوال.
(مسألة 1349) يصح الصوم من النائم إذا سبقت منه النية في الليل، وإن
استوعب تمام النهار.
(مسألة 1350) لا يصح الصوم من الحائض والنفساء وإن فاجأهما الدم قبل
الغروب بلحظة، أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة.
(مسألة 1351) من شرائط صحة الصوم كما مر عدم المرض أو الرمد الذي يضره
الصوم لأنه يوجب شدته، أو طول برئه، أو شدة ألمه، سواء حصل اليقين بذلك أو
الظن أو الاحتمال العقلائي الموجب للخوف، ويلحق به الخوف العقلائي من حدوث
المرض والضرر بسببه، فإنه لا يصح معه الصوم، ويجوز بل يجب عليه الافطار.
(مسألة 1352) لا يكفي الضعف وإن كان مفرطا، نعم لو كان مما لا يتحمل عادة
جاز الافطار.
(مسألة 1353) إذا صام بتخيل عدم الضرر، فبان الخلاف بعد الصوم، فلا يترك
الاحتياط بالقضاء.
228

(مسألة 1354) المسافر سفرا يوجب قصر الصلاة، لا يصح منه الصوم حتى
المندوب على الأقوى. نعم استثني في الصوم الواجب ثلاثة مواضع: صوم ثلاثة أيام بدل
الهدي، وصوم بدل البدنة ممن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا، وصوم النذر
المشروط في خصوص السفر أو المصرح بأن يصومه سفرا وحضرا، دون النذر المطلق.
(مسألة 1355) يشترط في صحة الصوم المندوب مضافا إلى ما مر، أن لا يكون
عليه صوم واجب من قضاء، وكذا صوم كفارة أو غيرها على الأحوط.
(مسألة 1356) ما هو شرط للصحة، شرط للوجوب أيضا، غير الإسلام والايمان.
(مسألة 1357) لا يجب الصوم على الصبي إلا إذا بلغ قبل الفجر، أو نوى الصوم
تطوعا وبلغ أثناء النهار. وإذا بلغ قبل الزوال ولم يتناول شيئا، فالأحوط وجوب
الصوم عليه وتجديد النية.
(مسألة 1358) إذا كان حاضرا فسافر، فإن كان قبل الزوال وجب عليه
الافطار. والظاهر أن معنى وجوبه على المسافر أن لا ينوي الصوم، سواء أتى بالمفطر
أم لا. وإن كان بعد الزوال وجب عليه البقاء على صومه. وإذا نوى السفر من الليل،
فالأحوط استحبابا له القضاء، كما أن الأحوط في الصورة الأولى أيضا إن لم ينو
الصوم من الليل إتمام الصوم وقضائه.
(مسألة 1359) إذا كان مسافرا وحضر إلى بلده أو إلى بلد عزم على الإقامة فيه
عشرة أيام، فإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر، وجب عليه الصوم، وإن كان
بعده أو قبله ولكن تناول المفطر، لم يجب عليه.
(مسألة 1360) إذا صام المسافر الجاهل بالحكم صح صومه، لأن القصر
كالافطار والصيام كالتمام إلا في سفر الصيد للتجارة وقد مر أن الاحتياط فيه الجمع
بين القصر والاتمام في خصوص الصلاة، فمن كان يجب عليه التمام كالمكاري والعاصي
بسفره والمقيم والمتردد ثلاثين يوما وغير ذلك، يجب عليه الصيام. نعم يتعين عليه
الافطار في الأماكن الأربعة، وإن جاز له الاتمام، كما يتعين عليه البقاء على الصوم لو
خرج بعد الزوال وإن وجب عليه القصر. ويتعين عليه الافطار لو قدم بعد الزوال،
وإن وجب عليه التمام إذا لم يكن قد صلى.
229

(مسألة 1361) المدار في جواز الافطار، على وصول المسافر إلى حد الترخص
أيضا، فليس له الافطار قبل الوصول إليه. بل لو فعل كانت عليه مع القضاء الكفارة
على الأحوط.
(مسألة 1362) يجوز على الأصح السفر اختيارا في شهر رمضان، ولو كان للفرار
من الصوم لكن على كراهية قبل أن يمضي منه ثلاثة وعشرون يوما، إلا في حج أو عمرة
أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه. وأما غير شهر رمضان من الواجب المعين فالأحوط
ترك السفر فيه اختيارا، وكذا لو كان مسافرا فالأحوط نية الإقامة لصومه مع الامكان.
(مسألة 1363) يكره للمسافر في شهر رمضان بل لكل من يجوز له الافطار
التملي من الطعام والشراب، وكذا يكره له الجماع في النهار، بل الأحوط تركه، وإن
كان الأقوى جوازه.
(مسألة 1364) وردت الرخصة بالافطار في شهر رمضان لأشخاص يضربهم أو
يشق عليهم الصوم: الشيخ والشيخة إذا تعذر أو شق عليهما الصوم. ومن به داء
العطش، إذا لم يقدر على الصبر أو شق عليه. والحامل المقرب التي يضر بها أو
بولدها الصوم أو يشق عليها. والمرضعة القليلة اللبن إذا أضر بها أو بولدها الصوم.
لكن يجب على من به العطاش التكفير عن كل يوم بمد من طعام، والأحوط مدان.
والأحوط التكفير بذلك أيضا للشيخ والشيخة والحامل المقرب والمرضعة قليلة اللبن.
(مسألة 1365) لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها أو تكون متبرعة
بإرضاعه أو مستأجرة، والأحوط بل الأقوى الاقتصار على صورة عدم وجود من
يقوم مقامها بإرضاعه تبرعا، أو بأجرة، من أبيه أو منها أو من متبرع بها.
(مسألة 1366) يجب على الحامل والمرضعة القضاء بعد ذلك.
ثبوت الهلال
(مسألة 1367) يثبت الهلال برؤية المكلف نفسه، وبالتواتر أو الشياع المفيدين
للعلم، وبمضي ثلاثين يوما من الشهر السابق، وبالبينة الشرعية وهي شهادة عدلين،
وبحكم الحاكم الذي لم يعلم خطؤه ولا خطأ مستنده.
230

(مسألة 1368) لا اعتبار بقول المنجمين، ولا بغيبوبة الهلال بعد الشفق في ثبوت
كونه ابن الليلة السابقة، وإن أفاد الظن.
(مسألة 1369) لا بد في شهادة البينة أن تشهد بالرؤية، فلا تكفي الشهادة لعلم
الشاهد بذلك من غير طريق الرؤية.
(مسألة 1370) لا يعتبر في حجية البينة قيامها عند الحاكم الشرعي، بل هي
حجة لكل من قامت عنده، بل لو قامت عند الحاكم وردها من جهة عدم ثبوت
عدالة الشاهد عنده، يجب على من يعتقد عدالتهما ترتيب الأثر على شهادتهما من
الصوم أو الافطار.
(مسألة 1371) لا يعتبر اتحاد الشاهدين في زمان الرؤية بعد توافقهما على
الرؤية في الليل. نعم يعتبر توافقهما في الأوصاف، بمعنى أنه إن تصديا للوصف لم
يتخالفا، فلو أطلقا أو وصف أحدهما وأطلق الآخر كفى.
(مسألة 1372) يعتبر احتمال صدقهما احتمالا عقلائيا، فلو لم يكن في السماء علة
واستهل جماعة كثيرة فلم ير إلا واحد أو اثنان مع عدم الضعف في أبصار غيرهما، أو
كان في السماء علة بحيث لا يرى بحسب العادة، فليست حجة.
(مسألة 1373) لا اعتبار في ثبوت الهلال بشهادة أربع نساء، ولا برجل
وامرأتين، وبشاهد واحد مع اليمين.
(مسألة 1374) لا فرق بين أن تكون البينة من البلد أو خارجه إذا كان في
السماء علة، وكذا إذا لم يعلم أن بلد البينة كان جوه صحوا أو فيه علة، أما إذا كان
البلد صحوا ولم ير الهلال فيه إلا البينة ففي حجيتها تأمل وإشكال كما مر.
(مسألة 1375) لا تختص حجية حكم الحاكم بمقلديه، بل هو حجة حتى على
الحاكم الآخر، إذا لم يثبت عنده خلافه أو خطأ مستنده.
(مسألة 1376) إذا ثبتت الرؤية في بلد آخر ولم تثبت في بلده، فلا يبعد الكفاية
مطلقا للبلدان الأخرى. لكن ينبغي مراعاة الاحتياط في البلد المتقدم أفقا عن البلد
الذي رؤيت فيه.
231

(مسألة 1377) يجوز الاعتماد في الإخبار عن الرؤية على وسائل الاتصال الجديدة،
إذا علم بواسطتها تحقق ثبوتها في بلاد أخرى، إما بحكم الحاكم أو بالبينة الشرعية.
قضاء صوم شهر رمضان
(مسألة 1378) لا يجب على الصبي قضاء ما أفطره في زمان صباه، ولا
على المجنون والمغمى عليه قضاء ما أفطراه حال عذرهما، ولا على الكافر الأصلي
قضاء ما أفطره حال كفره. ويجب على غيرهم حتى المرتد قضاء صوم زمان ردته،
وكذا الحائض والنفساء وإن لم يجب عليهما قضاء الصلاة.
(مسألة 1379) الأحوط الصوم لمن بلغ في نهار رمضان قبل الزوال ولم يكن تناول
مفطرا. وكذا إذا كان نوى الصوم ندبا. وإن أفطرا ولم يتما الصوم، فالأحوط لهما القضاء.
(مسألة 1380) يجب القضاء على من فاته الصوم لسكر، سواء كان شرب
المسكر للتداوي، أو على وجه الحرام.
(مسألة 1381) لا قضاء على المخالف إذا استبصر فيما أتى به وفق مذهبه، أما ما
فاته في تلك الحال، فيجب عليه قضاؤه.
(مسألة 1382) لا يجب الفور في القضاء، نعم لا يجوز تأخيره إلى رمضان آخر
على الأحوط، وإذا أخره يكون موسعا بعد ذلك.
(مسألة 1383) لا يجب الترتيب في القضاء ولا تعيين الأيام إذا لم تختلف آثارها،
فلو كان عليه أيام فصام بعددها كفى، ولو لم يعين الأول والثاني وهكذا. أما إذا
اختلف في الآثار كأن يكون تأخير بعضها موجبا لثبوت الكفارة دون بعض، فلا بد
من التعيين.
(مسألة 1384) إذا كان عليه قضاء رمضانين أو أكثر، يتخير بين تقديم السابق
وتأخيره. نعم لو كان عليه قضاء رمضان هذه السنة وقضاء رمضان سابق ولا يسع
الوقت للاحق لو قدم السابق، فالأحوط قضاء اللاحق قبل السابق. ولو عكس
والحال هذه فالظاهر صحة ما قدمه، وإن عصى ولزمته كفارة التأخير.
232

(مسألة 1385) إذا فاته صوم رمضان لمرض أو حيض أو نفاس ومات في
رمضان تلك السنة قبل أن يقضيه، لم يجب القضاء عنه.
(مسألة 1386) إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر واستمر إلى رمضان آخر،
فإن كان العذر المرض، سقط قضاؤه وكفر عن كل يوم بمد، ولا يجزي القضاء عن
التكفير. وإن كان غير المرض كالسفر ونحوه، فالأقوى وجوب القضاء، وإن كان
الأحوط الجمع بينه وبين المد. وكذا إذا كان السبب المرض وكان العذر في التأخير
غيره، أو العكس.
(مسألة 1387) إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر بل عمدا ولم يقض
إلى رمضان آخر، وجب عليه - مضافا إلى كفارة الافطار العمدي - التكفير عن كل
يوم بمد، والقضاء فيما بعد.
(مسألة 1388) إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر ولم يستمر ذلك العذر ولم
يطرأ عذر آخر، وتهاون في القضاء حتى جاء رمضان آخر وجب عليه الجمع بين
القضاء والكفارة. وكذا يجب الجمع على الأحوط لو كان عازما على القضاء بعد ارتفاع
العذر فأخر فاتفق طرو عذر آخر.
(مسألة 1389) لا تتكرر كفارة التأخير بتكرر السنين، فإذا فاته ثلاثة أيام من
ثلاثة رمضانات متتالية ولم يقضها، وجب عليه كفارة واحدة للأول وكفارة واحدة
للثاني وقضاء الثالث، إذا لم يتأخر إلى رمضان الرابع.
(مسألة 1390) يجوز إعطاء كفارة أيام عديدة من رمضان واحد أو أكثر إلى
فقير واحد.
(مسألة 1391) يجوز الافطار قبل الزوال في قضاء شهر رمضان ما لم يتضيق،
أما بعد الزوال فيحرم، بل تجب فيه الكفارة وإن لم يجب الامساك بقية اليوم.
والكفارة هنا إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد، فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيام.
(مسألة 1392) يجب على الولي قضاء ما فات الميت لعذر، بل مطلقا على
الأحوط فيما يجب قضاؤه، ولا فرق بين أن يكون للميت ما يمكن التصدق به عنه
وعدمه. وإن كان الأحوط في الأول، مع رضاء الورثة، الجمع بين التصدق والقضاء.
233

أقسام الصوم
(مسألة 1393) وهي أربعة: واجب، ومندوب، ومكروه، ومحظور. فالواجب
من الصوم سبعة: صوم شهر رمضان، وصوم الكفارة، وصوم القضاء، وصوم دم
المتعة في الحج، وصوم النذر والعهد واليمين والملتزم بشرط أو إجارة، وصوم اليوم
الثالث من أيام الاعتكاف، والصوم الواجب قضاؤه عن الميت.
(مسألة 1394) صوم الكفارة على أقسام:
منها: ما يجب مع غيره، وهو كفارة قتل العمد، وكفارة من أفطر في شهر رمضان
على محرم، فإنه تجب فيهما الخصال الثلاث.
ومنها: ما يجب بعد العجز عن غيره، وهو كفارة الظهار وكفارة قتل الخطأ، فإن
الصوم فيهما بعد العجز عن العتق. وكفارة الافطار في قضاء شهر رمضان، فإن الصوم
فيه بعد العجز عن الاطعام. وكفارة اليمين، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين
أو كسوتهم، وإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام. وكفارة صيد النعامة فإنها بدنة ومع العجز
عن البدنة تقوم ويفض ثمنها على البر، لكل مسكين مد، ولا يجب ما زاد عن ستين
وإن كان الأحوط إن وفت إعطاء كل مسكين مدين ولا إتمام ما نقص، ومع العجز
يصوم لكل مي يوما، ومع العجز عنه يصوم ثمانية عشر يوما. وكفارة صيد البقر
الوحشي بقرة، ومع العجز عنها تقوم البقرة ويفض ثمنها على البر ويتصدق لكل
مسكين بمد، ولا يجب ما زاد عن ثلاثين وإن وفت فالأحوط إعطاء كل مسكين مدين
ولا إتمام ما نقص عنها، وإن عجز يصوم لكل مي يوما، وإن عجز يصوم تسعة أيام.
وكفارة صيد الغزال شاة، ومع العجز عنها تقوم ويفض ثمنها على البر، ويتصدق لكل
مسكين مدا، ولا يجب ما زاد عن العشرة وإن كان الأحوط فيه أيضا ما ذكر ولا إتمام
ما نقص عنها، وإن عجز يصوم لكل مي يوما، وإن عجز عنه يصوم ثلاثة أيام.
وكفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عامدا ثمانية عشر يوما بعد العجز عن بدنة،
وكفارة خدش المرأة وجهها في المصاب حتى تدميه، ونتفها رأسها فيه. وكفارة شق
الرجل ثوبه على زوجته أو ولده، فإنهما ككفارة اليمين.
ومنها: ما يجب فيه الصوم مخيرا بينه وبين غيره، وهو كفارة الافطار في شهر
رمضان، وكفارة الاعتكاف، وكفارة جز المرأة شعرها في المصاب، فكل هذه مخيرة بين
234

الخصال الثلاث، وكذا كفارة النذر والعهد على الأقوى. وكفارة حلق الرأس في
الاحرام وهي دم شاة أو صيام ثلاثة أيام أو التصدق على ستة مساكين لكل واحد
مدان ومنها ما يجب فيه الصوم مرتبا على غيره مخيرا بينه وبين غيره وهي كفارة
الواطي أمته المحرمة بإذنه فإنها بدنة أو بقرة أو شاة إن كان موسرا وإن كان معسرا
فعليه دم شاة أو صيام ثلاثة أيام.
(مسألة 1395) يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع أو كفارة التخيير،
ويكفي في حصوله صوم الشهر الأول ويوم من الشهر الثاني كما مر، وكذا يجب التتابع
على الأحوط في الثمانية عشر بدل الشهرين، بل هو الأقوى في صيام سائر الكفارات،
ولا يضر بالتتابع الافطار في الأثناء لعذر من الأعذار، فيبني على ما مضى كما تقدم.
(مسألة 1396) من الصوم المندوب المؤكد، صوم ثلاثة أيام من كل شهر.
وأفضل كيفيتها أول خميس وآخر خميس منه وأول أربعاء من العشر الثاني.
ومنه: أيام الليالي البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من
كل شهر.
ومنه: يوم الغدير، وهو الثامن عشر من ذي الحجة.
ومنه: يوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو السابع عشر من ربيع الأول.
ومنه: يوم مبعثه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو اليوم السابع والعشرون من رجب.
ومنه: يوم دحو الأرض، وهو اليوم الخامس والعشرون من ذي القعدة.
ومنه: يوم عرفة لمن لم يضعفه الصوم عما عزم عليه من الدعاء، مع التحقق من
الهلال بحيث لا يحتمل وقوعه في يوم العيد.
ومنه: يوم المباهلة، وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة.
ومنه: كل خميس وجمعة.
ومنه: أول ذي الحجة، بل كل يوم من أوله إلى التاسع منه.
ومنه: رجب وشعبان كلا أو بعضا ولو يوما من كل منهما.
ومنه: يوم النيروز.
ومنه: أول يوم من محرم وثالثه وسابعه.
ومنه: صوم ستة أيام بعد عيد الفطر، والأولى جعلها بعد ثلاثة أيام أحدها العيد.
ومنه: يوم النصف من جمادى الأولى.
235

(مسألة 1397) الصوم المكروه هو: صوم يوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن
الدعاء الذي هو أفضل من الصوم، وكذا صومه مع الشك في الهلال ولو لوجود غيم
ونحوه خوفا من أن يكون يوم العيد. وصوم الضيف نافلة مع نهي مضيفه أو من دون
إذنه، والأحوط تركه مع النهي، بل مع عدم الإذن أيضا. وصوم الولد من غير إذن
والده، ومع نهيه، ما لم يكن ذلك إيذاء له بسبب شفقته عليه. بل لا يترك الاحتياط
بترك الصوم مع عدم إذنه فضلا عن النهي، والأحوط عموم الحكم للولد وإن نزل
والوالد وإن علا، والأولى مراعاة إذن الوالدة أيضا.
(مسألة 1398) يستحب للصائم ندبا أو موسعا أن يفطر إذا دعاه أخوه المؤمن
إلى طعام، من غير فرق بين من هيأ له طعاما وغيره، وبين من يشق عليه عدم
الإجابة وغيره.
(مسألة 1399) الصوم المحظور هو: صوم يوم العيدين. وصوم أيام التشريق
لمن كان بمنى ناسكا. والأحوط ذلك لمن كان فيها غير ناسك أيضا. وصوم الثلاثين
من شعبان بنية أنه من رمضان. والصوم وفاء لنذر المعصية. وصوم السكوت أو
الصمت، أي نية ذلك ولو بعض اليوم، ولا بأس به إذا لم يكن السكوت منويا ولو
تمام اليوم. ويحرم أيضا صوم الوصال، والأقوى أنه أعم من نية صوم يوم وليلة إلى
السحر، أو صوم يومين مع ليلة، ولا بأس بتأخير الافطار إلى السحر وإلى الليلة
الثانية مع عدم النية، وإن كان الأحوط اجتنابه. والأحوط عدم صوم الزوجة
والمملوك تطوعا بدون إذن الزوج والسيد، بل لا يبعد عدم الجواز مع مزاحمة حق
السيد والزوج، ولا يترك الاحتياط مع النهي مطلقا.
الاعتكاف
(مسألة 1400) وهو اللبث في المسجد بنية التعبد فيه، والأحوط فيه ضم نية
عبادة أخرى غير الاعتكاف. وهو مستحب بأصل الشرع، وربما يجب بالعارض، من
نذر، أو عهد، أو يمين، أو إجارة، ونحوها.
(مسألة 1401) يصح الاعتكاف في كل وقت يصح فيه الصوم، وأفضل أوقاته
شهر رمضان، وأفضله العشر الآخر منه.
236

شروط الاعتكاف
(مسألة 1402) يشترط في صحته أمور:
الأول: العقل، فلا يصح من المجنون والسكران وغيره من فاقدي العقل.
الثاني: النية، ويعتبر فيها التعيين والاخلاص وقصد القربة، ولا يعتبر فيها قصد
الوجه من الوجوب أو الندب وإن كان أحوط. ووقت النية في ابتداء الاعتكاف أول
الفجر من اليوم الأول، بمعنى عدم جواز تأخيرها عنه. ويجوز أن يشرع فيه في أول
الليل أو في أثنائه، فينويه حين الشروع، بل الأحوط إدخال الليلة الأولى أيضا،
والنية من أولها.
الثالث: الصوم، فلا يصح بدونه، ولا يعتبر فيه كونه له، فيكفي صوم غيره
واجبا كان أو مستحبا، مؤديا عن نفسه أو متحملا عن غيره، من غير فرق بين
أقسام الاعتكاف وأنواع الصيام.
الرابع: أن لا يكون أقل من ثلاثة أيام بلياليها المتوسطة، ولا بأس بالأكثر، ولا
حد لأكثره وإن وجب الثالث لكل اثنين، فإذا اعتكف خمسة أيام وجب السادس،
وإذا صارت ثمانية وجب التاسع على الأحوط، وهكذا. واليوم من طلوع الفجر إلى
زوال الحمرة المشرقية عند الغروب، فلو اعتكف من طلوع الفجر إلى الغروب من
اليوم الثالث كفى. ولا يشترط إدخال الليلة الأولى ولا الرابعة، وإن جاز. وفي كفاية
الثلاثة التلفيقية، بأن يشرع من زوال يوم مثلا إلى زوال اليوم الرابع، تأمل وإشكال.
الخامس: أن يكون في مسجد جامع، فلا يكفي غيره كمسجد القبيلة أو السوق،
والأحوط مع الامكان كونه في أحد المساجد الأربعة: المسجد الحرام، ومسجد
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة.
السادس: إذن من يعتبر إذنه، مثل الوالدين بالنسبة إلى ولدهما إذا كان اعتكافه
يؤذيهما شفقة عليه، أما مع نهي أحدهما وتأذيه بالمخالفة فالأقوى بطلان الاعتكاف. أما
إذن الزوج فلا يعتبر في اعتكاف الزوجة إذا لم يكن منافيا لحقه. أما الخروج من البيت
والمكث في المسجد فهو مشروط بإذنه، فلو لم يأذن فالأقوى البطلان. وأما الأجير فإن
كان بحيث لا يملك عمل نفسه، فيشترط إذن المستأجر، وإلا فعصيانه في ترك الوفاء بما
استؤجر عليه لا يوجب بطلان اعتكافه، غايته أن يكون اعتكافه ضدا لما وجب عليه.
237

السابع: استدامة اللبث في المسجد، فلو خرج عمدا اختيارا لغير الأسباب
المبيحة، بطل ولو كان جاهلا بالحكم. نعم يشكل لو خرج ناسيا، فلا يترك
الاحتياط بالاتمام والإعادة إن وجبا. ولو خرج لضرورة عقلا أو شرعا أو عادة،
كقضاء الحاجة من بول أو غائط، أو للاغتسال من الجنابة ونحو ذلك، لم يبطل، ولا
يبعد إلحاق الاكراه بالضرورة.
(مسألة 1403) إذا أجنب في المسجد الحرام أو مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يجوز
الاغتسال فيهما بل يتيمم فورا ويخرج منهما. وفي غيرهما، يخرج بلا تيمم، ولو تمكن
من الغسل فيه بلا لبث ولا تلويث على الأصح.
(مسألة 1404) لا يشترط في صحة الاعتكاف البلوغ، فيصح من الصبي المميز
على الأقوى.
(مسألة 1405) لا يجوز العدول من اعتكاف إلى اعتكاف آخر، ولو اتحدا في
الوجوب والندب، ولا من نيابة شخص إلى نيابة شخص آخر، ولا من نيابة غيره
إلى نفسه، وبالعكس.
(مسألة 1406) يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأولين، وبعد تمامهما
يجب الثالث، ويجب السادس إذا اعتكف خمسة أيام على الأقوى، ويجب التاسع إذا
اعتكف ثمانية، وهكذا على الأحوط. وأما المنذور فإن كان معينا فلا يجوز قطعه
مطلقا، وإلا فكالمندوب.
(مسألة 1407) لا بد أن تكون الأيام الثلاثة متصلة، وفيها الليلتان المتوسطتان،
فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيام منفصلة أو من دون الليلتين، لم ينعقد إذا كان المنذور
الاعتكاف الشرعي. وكذا لو نذر اعتكاف يوم أو يومين مقيدا بعدم الزيادة. نعم لو لم
يقيده به، صح ووجب ضم يوم أو يومين.
(مسألة 1408) إذا نذر اعتكاف شهر، يجزيه ما بين الهلالين وإن كان ناقصا،
لكن يضم إليه حينئذ يوما، بناء على وجوب كل ثالث كما هو الأحوط.
(مسألة 1409) يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد، فلا يجوز أن يجعله
في مسجدين ولو كانا متصلين، نعم لو كان اتصالهما على نحو يعدان مسجدا واحدا، فلا
238

بأس به. ولو تعذر إتمام الاعتكاف في محل النية لخوف أو هدم ونحو ذلك، بطل،
ولا يجزيه إتمامه في جامع آخر.
(مسألة 1410) سطوح المساجد وسراديبها ومحاريبها من المساجد، فحكمها
حكمها ما لم يعلم خروجها عنها، بخلاف بيوتها التابعة لها ومضافاتها ونحوها، فإنها
ليست منها ما لم يعلم جعلها جزءا منها.
(مسألة 1411) إذا عين موضعا خاصا من المسجد محلا لاعتكافه، لم يتعين
ويكون ذلك التعيين لغوا، حتى لو عين السطح دون الأسفل، أو العكس.
(مسألة 1412) من الضرورات المبيحة للخروج إقامة الشهادة، أما جواز
الخروج لحضور الجماعة فمشكل إلا للجمعة، بل لا يصلي في خارج ما اعتكف فيه
ولو كان خروجه للحاجة التي يجوز لها الخروج، إلا في مكة فإنها رخصت للصلاة في
بيوتها لأنها كلها حرم الله. ومن الضرورات المبيحة أيضا عيادة المريض، وتشييع
الجنازة، وإن لم يجب عليه شئ من ذلك. والضابط كل ما يلزم الخروج إليه عقلا أو
شرعا أو عادة من الأمور الواجبة أو الراجحة، سواء كانت متعلقة بأمور الدنيا أو
الآخرة، وسواء حصل ضرر بترك الخروج إليها، أو لا. نعم الأحوط مراعاة أقرب
الطرق والاقتصار على مقدار الحاجة والضرورة. ويجب أن لا يجلس تحت الظلال
مع الامكان، بل ولا يمشي تحتها على الأحوط، كما أن الأحوط عدم الجلوس مطلقا
إلا للضرورة.
(مسألة 1413) إذا أجنب في المسجد، وجب عليه الخروج للاغتسال إلا إذا
تمكن من الغسل في مقدار من الزمان الذي يساوي زمان الخروج وإلا لو ترك الخروج
بطل اعتكافه من جهة حرمة لبثه.
(مسألة 1414) إذا دفع من سبق إلى مكان في المسجد، وجلس فيه، بطل اعتكافه
على الأحوط، وكذا لو جلس على فراش مغصوب فيحتاط في الصورتين بإتمام الاعتكاف
إذا كان ذلك بعد إكمال اليومين ومطلقا إذا كان واجبا معينا عليه بالنذر وشبهه. نعم لو
كان جاهلا بالغصب أو ناسيا له صح اعتكافه، ولو كان المسجد مفروشا بتراب أو آجر
مغصوب، فإن أمكن التحرز عنه فهو، وإلا فلا يترك الاحتياط.
239

(مسألة 1415) إذا طال الخروج في مورد الضرورة بحيث انمحت صورة
الاعتكاف، بطل.
(مسألة 1416) يجوز للمعتكف أن يشترط حين النية الرجوع عن اعتكافه
متى شاء حتى في اليوم الثالث، سواء شرطه بعروض عارض أم لا، فيكون
على حسب ما شرط. أما صحة اشتراطه في النذر كأن يقول: لله علي أن أعتكف،
بشرط أن يكون لي الرجوع عند عروض كذا، فلا يصح. نعم يصح نذر الاعتكاف
المشروط، وحينئذ فالظاهر أنه لا يكفي ذلك عن اشتراطه في النية، لأنه لا اعتبار
بالشرط المذكور قبل عقد نية الاعتكاف ولا بعدها. ولو شرط حين النية ثم أسقط
شرطه، فالظاهر عدم سقوطه.
(مسألة 1417) يحرم على المعتكف أمور:
منها: مباشرة النساء بالجماع، بل وباللمس والتقبيل بشهوة على الأحوط، بل
يبطل به الاعتكاف. ولا فرق بين الرجل والمرأة، فيحرم ذلك على المعتكفة أيضا.
(مسألة 1418) ومنها: الاستمناء على الأحوط.
(مسألة 1419) ومنها: شم الطيب والريحان متلذذا، ففاقد حاسة الشم لا يحرم عليه.
(مسألة 1420) ومنها: البيع والشراء، والأحوط أيضا ترك غيرهما من أنواع
التجارة كالصلح والإجارة وغيرهما. ولو أوقع المعاملة، صحت وترتب عليها الأثر
على الأقوى. ولا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من أصناف المعائش حتى الخياطة
والنساجة ونحوهما، وإن كان الأحوط الاجتناب. نعم لا بأس بها مع الاضطرار، بل
لا بأس بالبيع والشراء إذا مست الحاجة إليهما للأكل والشرب، مع تعذر التوكيل
والحصول على حاجته بغير البيع على الأقوى.
(مسألة 1421) ومنها: المجادلة على أمر دنيوي، أو ديني إذا كانت لأجل الغلبة
وإظهار الفضيلة، فإن كانت بقصد إظهار الحق ورد الخصم عن الخطأ، فلا بأس بها،
بل هي حينئذ من أفضل الطاعات. والأحوط للمعتكف اجتناب ما يجتنبه المحرم،
لكن الأقوى خلافه، خصوصا لبس المخيط وإزالة الشعر وأكل الصيد وعقد النكاح،
فإن جميع ذلك جائز له.
240

(مسألة 1422) لا فرق في حرمة ما يحرم على المعتكف بين الليل والنهار،
عدا الافطار.
(مسألة 1423) يفسد الاعتكاف كل ما يفسد الصوم من حيث اشتراطه به،
فبطلانه يوجب بطلانه، وكذا يفسده الجماع ولو وقع في الليل، وكذا اللمس والتقبيل
بشهوة على الأحوط، بل الأحوط بطلانه بسائر ما ذكر من المحرمات أيضا. وفي
اختصاص بطلانه بها ما عدا الجماع، بحال العمد والاختيار إشكال، فلا يترك
الاحتياط بالجمع بين الاتمام والاستئناف فيما يجب إتمامه، أو الاتمام والقضاء إذا
ارتكب المبطل بغير عمد، أما الجماع فيبطل به الاعتكاف حتى لو وقع سهوا.
(مسألة 1424) إذا فسد الاعتكاف بأحد المفسدات، فإن كان واجبا معينا
وجب قضاؤه ولا يجب الفور فيه وإن كان أحوط، وإن كان غير معين وجب استئنافه.
وكذا يجب قضاؤه إذا كان مندوبا وأفسده بعد اليومين، وقبلهما لا شئ عليه، بل في
مشروعية قضائه إشكال.
(مسألة 1425) إنما يجب القضاء أو الاستئناف في الاعتكاف الواجب، إذا لم
يشترط فيه الرجوع، وإلا فلا قضاء ولا استئناف.
(مسألة 1426) إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع ولو ليلا وجبت الكفارة،
ولا تجب في سائر المحرمات وإن كان أحوط. وكفارته مثل كفارة شهر رمضان، وإن
كان الأحوط كونها مرتبة مثل كفارة الظهار.
(مسألة 1427) إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع في نهار شهر رمضان فعليه
كفارتان، وكذا في قضاء شهر رمضان إذا كان بعد الزوال. وإذا أكره زوجته الصائمة في
شهر رمضان، فإن لم تكن معتكفة فعليه ثلاث كفارات إحداها عن نفسه لاعتكافه،
والثانية عن نفسه لصومه، والثالثة عن زوجته لصومها. وإن كانت معتكفة، فكذلك
على الأقوى، وإن كان الأحوط أربع كفارات بزيادة كفارة أخرى عن زوجته
لاعتكافها. ولو كانت الزوجة مطاوعة فعلى كل منهما كفارة واحدة إن كان في الليل،
وكفارتان إن كان في النهار.
241

كتاب الزكاة
(مسألة 1428) الزكاة في الجملة من ضروريات الدين، ومنكرها مندرج في
سبيل الكافرين، ومانع قيراط منها ليس من المؤمنين ولا من المسلمين، وليمت إن
شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا، وما من ذي مال أو نخل أو زرع أو كرم يمنع من زكاة
ماله إلا قلده الله تربة أرضه يطوق بها من سبع أرضين إلى يوم القيامة.
وأما فضلها فعظيم، ويكفيك ما ورد في فضل الصدقة الشاملة لها من أن الله تعالى
يربيها لصاحبها كما يربي الرجل فصيله فيأتي بها يوم القيامة مثل أحد، وأنها تدفع
ميتة السوء، وتفك من لحيي سبعمأة شيطان، وأنها تطفئ غضب الرب، وتمحو
الذنب العظيم، وتهون الحساب، وتنمي المال، وتزيد في العمر.
زكاة المال
(مسألة 1429) يشترط فيمن تجب عليه الزكاة أمور، الشرط الأول: البلوغ،
فلا تجب على غير البالغ. نعم إذا أتجر له الولي الشرعي، استحب له إخراج الزكاة من
ما الصغير، كما أنه يستحب له أيضا إخراجها من غلاته، وأما مواشيه فالأحوط
الترك بل الاحتياط بالترك لا ينبغي تركه في الغلات أيضا، والمتولي لاخراجها الولي
لا الطفل.
(مسألة 1430) المعتبر البلوغ أول الحول فيما اعتبر فيه الحول، وفي غيره البلوغ
وقت التعلق.
243

(مسألة 1431) الشرط الثاني: العقل، فلا تجب في مال المجنون، والمعتبر العقل
في تمام الحول فيما اعتبر فيه الحول، وحال التعلق فيما لم يعتبر فيه، فإذا عرض الجنون
فيما يعتبر فيه الحول ولو في زمان قصير انقطع الحول، بخلاف النوم بل والسكر
والاغماء على الأقوى.
(مسألة 1432) الشرط الثالث: الحرية، فلا زكاة على العبد وإن قلنا بملكه كما
هو الأقوى، فإذا ملكه السيد نصابا لا تجب الزكاة على واحد منهما.
(مسألة 1433) الشرط الرابع: الملك، فلا زكاة على الموهوب ولا على القرض إلا
بعد القبض، لكونه شرطا لتملك الموهوب له والمقترض، ولا على الموصى به إلا بعد الوفاة
والقبول، بناء على اعتبار القبول في حصول الملكية للموصى له، كما هو الأقوى.
(مسألة 1434) الشرط الخامس: التمكن من التصرف، فلا زكاة في الوقف وإن
كان خاصا، ولا في نماء الوقف العام قبل قبضه وإن انحصر في واحد، ولا في المرهون.
وإن أمكن فكه، ولا في المجحود وإن تمكن من انتزاعه ببينة أو بيمين، ولا في
المسروق، ولا في المدفون الذي نسي مكانه، ولا في الضال، ولا في الساقط في البحر،
ولا في الموروث عن غائب مثلا ولم يصل إليه أو إلى وكيله، ولا في الدين وإن تمكن
من استيفائه.
(مسألة 1435) إذا شك بعد البلوغ في بلوغه حين التعلق، لم يجب عليه الاخراج،
وكذا لو شك بعد البلوغ في تعلقه حين البلوغ، وكذا إذا صار عاقلا وشك في عقله
حال التعلق، ولم يكن مسبوقا بالعقل.
(مسألة 1436) يعتبر التمكن من التصرف فيما يعتبر فيه الحول في تمام الحول،
فإذا طرأ عدم التمكن أثناء الحول ثم ارتفع، انقطع الحول ويحتاج إلى حول جديد.
وأما ما لا يعتبر فيه الحول، فالأحوط الأولى عدم اعتبار التمكن حال تعلق الوجوب.
(مسألة 1437) في الخيار المشروط برد الثمن لا يبعد عدم جواز التصرف الناقل
في المبيع وعدم وجوب الزكاة فيه، حتى لو كان الخيار في بعض الحول.
(مسألة 1438) في وجوب الزكاة في المبيع إذا كان الخيار غير مشروط برد الثمن
إشكال والأحوط إخراج الزكاة.
244

(مسألة 1439) إذا قبض نماء الوقف العام من ينطبق عليه، فهو كسائر أمواله
تتعلق به الزكاة مع اجتماع شرائطها، فإذا كان نخيل بستان وقفا على الفقراء ودفع
المتولي ما على النخيل بعد ظهور الثمر وقبل بدو الصلاح إلى بعض الفقراء فبدا صلاحه
عنده، تتعلق به الزكاة مع اجتماع الشرائط. وكذا لو كانت أغنام وقفا على أن يكون
نتاجها للفقراء، فقبض الفقير منها مقدار النصاب وحال عليه الحول عنده.
(مسألة 1440) زكاة القرض على المقترض بعد القبض وتمام الحول عنده، وليس
على المقرض والدائن شئ قبل أن يستوفي طلبه، فما دام لم يستوفه ولو اختيارا بل ولو
فرارا من الزكاة، لم تجب عليه.
(مسألة 1441) إذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الوجوب أو بعد
مضي الحول متمكنا، فقد استقر وجوب الزكاة، فيجب عليه الأداء إذا تمكن.
(مسألة 1442) إذا مرت عليه سنون وهو غير متمكن ثم تمكن، جرى عليه
الحول من حينه، واستحب له زكاة سنة واحدة مما مضى، بل يقوى استحبابها بمضي
سنة واحدة أيضا.
(مسألة 1443) إذا كان المال الزكوي مشتركا بين اثنين أو أكثر، فكل من بلغت
حصته حد النصاب وجبت عليه الزكاة، دون من لم تبلغ حصته وحده النصاب.
(مسألة 1444) إذا استطاع الحج بالنصاب، فإن تم الحول قبل تنجز الوجوب
وفعليته، وجبت الزكاة، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب الحج، وإلا فلا.
وإن كان تمام الحول بعد تنجز الوجوب بحصول الزاد والراحلة وتخلية السرب وجب
عليه الحج، فإن صرفه فيه سقط وجوب الزكاة، وإن عصى ولم يحج، وجبت الزكاة
بعد تمام الحول.
(مسألة 1445) تجب الزكاة على الكافر وإن لم تصح منه لو أداها. نعم يأخذ منه
الحاكم الشرعي قهرا إن كان من أهل الذمة وكان أخذ الزكاة منهم مشروطا عليهم
وإلا فجواز أخذه لا يخلو من إشكال وإن كان حربيا فهو وإن جاز أخذ جميع أمواله
منه قهرا لكن أخذ شئ منه بهذا العنوان بحيث يترتب عليه أثره بأن يتعين صرفه إلى
مصرف الزكاة المعين محل. الاشكال وفي الصورة الأولى يؤخذ منه عوضها لو أتلفها.
245

(مسألة 1446) تجب الزكاة في الأنعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم والنقدين الذهب
والفضة، والغلات الأربع الحنطة والشعير والتمر والزبيب، ولا تجب فيما عدا هذه التسعة.
(مسألة 1447) تستحب الزكاة في كل ما أنبتته الأرض مما يكال أو يوزن من
الحبوب والثمار وغيرها حتى الأشنان، دون الخضر والبقول كالباذنجان والخيار
والبطيخ ونحو ذلك، وتستحب أيضا في مال التجارة على الأصح. وتستحب في الخيل
الإناث، دون الذكور منها ودون البغال والحمير.
زكاة الأنعام
(مسألة 1448) شرائط وجوبها مضافا إلى الشرائط العامة السابقة أربعة:
النصاب، والسوم، والحول، وأن لا تكون عوامل.
(مسألة 1449) في الإبل اثنا عشر نصابا: خمس، وفيها شاة. ثم عشرة وفيها
شاتان. ثم خمسة عشر، وفيها ثلاث شياه. ثم عشرون وفيها أربع شياه. ثم خمس
وعشرون وفيها خمس شياه. ثم ست وعشرون وفيها بنت مخاض. ثم ست وثلاثون
وفيها بنت لبون. ثم ست وأربعون وفيها حقة. ثم إحدى وستون وفيها جذعة. ثم
ست وسبعون وفيها بنتا لبون. ثم إحدى وتسعون وفيها حقتان. ثم مأة وإحدى
وعشرون، ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين بنت لبون، بمعنى وجوب مراعاة
المطابق منهما، ولو لم تحصل المطابقة إلا بهما لوحظا معا، ويتخير مع المطابقة بكل
منهما أو بهما.
نعم فيما اشتمل على النيف، وهو ما بين العقدين من الواحد إلى تسعة، لا يتصور
المطابقة، فتراعى على وجه يستوعب الجميع ما عدا النيف ويعفى عنه، ففي المائة
وإحدى وعشرين تحسب ثلاث أربعينات وتدفع ثلاث بنات لبون، وفي المأة
والثلاثين تحسب أربعينان وخمسون، فتدفع بنتا لبون وحقة، وفي المأة والأربعين
تحسب خمسينان وأربعون، فتدفع حقتان وبنت لبون، والمأة وخمسون تحسب ثلاث
خمسينات، فتدفع ثلاث حقق، والمأة وستون تحسب أربع أربعينات، وتدفع أربع
بنات لبون. إلى أن تبلغ مأتين، فيتخير بين أن يحسبها خمس أربعينات ويعطي خمس
بنات لبون، وأن يحسبها أربع خمسينات ويعطي أربع حقق.
246

(مسألة 1450) في البقر ومنه الجاموس نصابان، ثلاثون وأربعون، وفي كل
ثلاثين تبيع أو تبيعة والأحوط الاكتفاء بالأول، وفي كل أربعين مسنة. ويجب مراعاة
المطابقة هنا أيضا، ففي ثلاثين تبيع أو تبيعة، وفي أربعين مسنة، وما بينهما عفو، كما
أن ما بين أربعين إلى ستين عفو أيضا. فإذا بلغت ستين فلا يتصور عدم المطابقة.
(مسألة 1451) في الغنم خمسة نصب: أربعون وفيها شاة. ثم مأة وإحدى
وعشرون وفيها شاتان. ثم مأتان وواحدة وفيها ثلاث شياه. ثم ثلاثمأة وواحدة وفيها
أربع شياه. ثم أربعمأة فصاعدا، ففي كل مأة شاة، بالغا ما بلغ.
(مسألة 1452) تجب الزكاة في كل نصاب من نصب هذه الأجناس، ولا يجب
شئ فيما نقص عن النصاب، كما أنه لا يجب فيما بين النصابين شئ، لا بمعنى أنه لا
زكاة عليه حتى يجوز التصرف فيه قبل أداء الزكاة، بل بمعنى أن زكاة المجموع زكاة
النصاب السابق، فلا يجوز التصرف في المجموع إلا مع أداء زكاة النصاب السابق.
(مسألة 1453) بنت المخاض هي التي دخلت في السنة الثانية، وكذا التبيع
والتبيعة، وبنت اللبون هي التي دخلت في الثالثة، وكذا المسنة، والحقة هي التي
دخلت في الرابعة، والجذعة في الخامسة.
(مسألة 1454) من وجب عليه سن من الإبل كبنت المخاض مثلا، ولم تكن
عنده وكان عنده أعلى منها بسن كبنت اللبون، دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهما،
وإن كان ما عنده أخفض بسن، دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهما،
والأحوط عدم كفاية ابن اللبون عن بنت المخاض مع القدرة عليه ولو بالشراء.
(مسألة 1455) لا يضم مال إنسان إلى غيره في الزكاة وإن كان مشتركا أو
مختلطا متحد المسرح والمراح والمشرب والفحل والحالب والمحلب، بل يعتبر في مال
كل واحد منهما بلوغ النصاب ولو بتلفيق الكسور. كما لا يفرق بين مالي المالك الواحد
ولو تباعد مكانهما.
(مسألة 1456) يعتبر السوم تمام الحول، فلو علفت في أثنائه بما يخرجها عن اسم
السائمة في الحول عرفا فلا زكاة فيها. نعم لا عبرة بما لا يخرجها عن ذلك، وفي قدح
اليوم أو اليومين في الصدق العرفي إشكال، فلا يترك الاحتياط بإعطاء الزكاة.
247

(مسألة 1457) لا فرق في سقوط الزكاة في المعلوفة بين أن تعتلف بنفسها أو
يعلفها مالكها أو غيره، من مال المالك أو غيره، بإذنه أو غير إذنه. كما لا فرق بين
أن يكون ذلك بالاختيار أو لأجل الاضطرار، أو لوجود مانع عن السوم من ثلج
ونحوه، وكذا لا فرق بين أن يعلفها بالعلف المجزوز، أو يرسلها لترعى بنفسها في
الزرع المملوك، فإنها بذلك تخرج عن السوم أيضا.
(مسألة 1458) الظاهر عدم خروجها عن السوم باستئجار المرعى أو بشرائه إذا
لم يكن مزروعا، كما لا تخرج عنه بما يدفع إلى الظالم على الرعي في الأرض المباحة.
(مسألة 1459) يتحقق الحول وكذا يستقر الوجوب على الأقوى بتمام الأحد
عشر شهرا، فيبطل الحول باختلال شروط وجوبها أثناء الأحد عشر، كما لو نقصت
عن النصاب، أو لم يتمكن من التصرف فيها، أو عاوضها بغير جنسها وإن كان
زكويا، أو بجنسها كغنم سائمة ستة أشهر بغنم كذلك، أو بمثلها كالضأن بالضأن، أو
غير ذلك. بل الظاهر بطلان الحول بذلك وإن فعله فرارا من الزكاة. أما إذا اختل أحد
شروطها بعد الأحد عشر شهرا فالأقوى وجوب الزكاة عليه.
(مسألة 1460) الأقوى احتساب الشهر الثاني عشر من الحول الأول لا الثاني،
وإن لم يكن له أثر في استقرار وجوبها.
(مسألة 1461) إذا أخر إخراج الزكاة عن آخر الحول ولو بزمان يسير،
يتأخر مبدأ الحول اللاحق عن تمام الحول السابق بمقدار التأخير إلا إذا كان ما عنده
أكثر من النصاب فلو كان عنده واحد وأربعون أو أكثر يكون مبدأ الحول اللاحق تمام
الحول السابق.
(مسألة 1462) إذا كان مالكا حد النصاب لا أكثر فحال عليه أحوال، فإن
أخرج في كل سنة زكاته من غيره، تكررت لعدم نقصان النصاب. فلا يجري النصاب
في الحول الجديد إلا بعد إخراج زكاته من غيره، وإن أخرج زكاته منه أو لم يخرج
أصلا، فليس عليه إلا زكاة سنة واحدة، لعدم بقاء النصاب في غيرها.
(مسألة 1463) إذا كان مالكا أكثر من النصاب ومضى عليه أحوال ولم يؤد
زكاته، يجب عليه زكاة ما مضى من السنين بما زاد على تلك الزيادة بواحد، فلو كان عنده
248

عنده واحدة وأربعون من الغنم ومضى عليه أحوال ولم يؤد زكاتها، يجب عليه زكاة
سنتين. ولو كان عنده اثنتان وأربعون، يجب عليه زكاة ثلاث سنين، ولو كان ثلاث
وأربعون يجب عليه زكاة أربع سنين، وهكذا. ولا تجب فيما زاد لنقصانه عن النصاب.
(مسألة 1464) إذا حصل لمالك النصاب في أثناء الحول ملك جديد بالنتاج أو
الإرث أو الشراء ونحوها، فإن كان بمقدار العفو ولم يكن نصابا مستقلا ولا مكملا
لنصاب آخر، فلا شئ عليه، كما إذا كانت عنده أربعون من الغنم فولدت أربعين، أو
كان عنده خمس من الإبل فولدت أربعا. وأما لو كان نصابا مستقلا كخمس من الإبل
ولدت خمسا، أو مكملا لنصاب آخر، بأن كان بمقدار لو انضم إلى الأصل بعد إخراج
الفريضة خرج من ذلك النصاب ودخل في نصاب آخر، كما لو ولدت إحدى وثلاثون
من البقر عشرا، أو ثلاثون منه أحد عشر، ففي الأول يعتبر لكل من القديم والجديد
حول بانفراده، فإذا ولدت خمس من الإبل خمسا بعد ستة أشهر من حولها، يخرج
شاة بعد تمام حول الأصل وشاة أخرى بعد تمام حول الأولاد ويكون مبدأ حول
الأولاد مع التفرق في الولادة بعد نتاج الأخير الذي تكمل به الخمسة وفي الثاني
يستأنف حولا واحدا للمجموع بعد تمام حول الأصل، ويكون مبدأ حول المجموع
عند زمان انتهاء حول الأصل، وليس مبدأ حول الأولاد حين الاستغناء بالرعي عن
اللبن حتى فيما إذا كانت أمهاتها معلوفة على الأقوى. ويمكن القول باستئناف الحول
للجميع من يوم ملكه للنصاب الثاني، وعدم لزوم شئ لما مضى من النصاب الأول،
لكن لا يترك الاحتياط بمراعاة ما هو أقل عفوا بين القولين.
(مسألة 1465) يعتبر في الأنعام أن لا تكون عوامل، فلو كانت عاملة ولو في
بعض الحول، فلا زكاة فيها وإن كانت سائمة. والمرجع في صدق العامل العرف.
(مسألة 1466) لا تؤخذ المريضة من نصاب السليم، ولا الهرمة من نصاب
الشاب، ولا ذات العوار من نصاب السليم، وإن عدت منه. أما لو كان النصاب
جميعه مريضا بمرض متحد فتجزي المريضة منه ولا يجب عليه شراء الصحيحة. ولو
كان بعضه صحيحا وبعضه مريضا، فالأحوط إن لم يكن أقوى إخراج صحيحة من
أواسط الشياه، من غير ملاحظة التقسيط.
249

(مسألة 1467) لا تؤخذ الربى وهي الشاة الوالدة إلى خمسة عشر يوما، وأن
بذلها المالك، إلا إذا كان النصاب كله كذلك. ولا تؤخذ الأكولة وهي السمينة المعدة
للأكل، ولا فحل الضراب، بل لا يعد الجميع من النصاب على الأقوى، وإن كان
الأحوط عدها منه.
(مسألة 1468) أقل شروط الشاة المأخوذة في زكاة الغنم والإبل وفي الجبر، ما
كمل له سنة ودخل في الثانية على الأحوط إن كان من الضأن، وما دخل في الثالثة إن
كان من المعز. ويجزي الذكر عن الأنثى وبالعكس، وكذا يجزي المعز عن الضأن
وبالعكس، لأنهما جنس واحد في الزكاة كالبقر والجاموس والإبل العراب والبخاتي إذا
كانت من النصاب، وأما إذا أراد أن يعطي من غير النصاب فالأحوط إعطاؤها من
باب القيمة.
(مسألة 1469) إذا كان للمالك أموال متفرقة في أماكن مختلفة، كان له إخراج
الزكاة من أيها شاء، ولا يتعين عليه أن يدفع من النصاب ولا من جنس ما تعلقت به
الزكاة، بل له أن يخرج من غير جنس العين بالقيمة السوقية، ولا يتعين ذلك عليه
دراهم ودنانير، وإن كان الاخراج من العين أفضل.
(مسألة 1470) المدار في القيمة قيمة وقت الأداء، وكذا بلده، في المثلي. وأما في
القيمي فالظاهر وجوب دفع قيمة يوم التلف ومكانه. هذا إذا كانت العين تالفة، أما لو
كانت موجودة، فالظاهر أن المدار على قيمة البلد الذي هي فيه.
زكاة النقدين
(مسألة 1471) يعتبر فيهما مضافا إلى ما عرفت من الشرائط العامة أمور:
الشرط الأول: النصاب، وهو في الذهب عشرون دينارا، أو عشرون مثقالا شرعيا
وفيها نصف دينار أي واحد من أربعين، ويبلغ وزن النصاب اثنين وسبعين غراما
وزكاتها غرام واحد وثمانية أعشار غرام. لأن كل أربعة دنانير أو أربعة مثاقيل شرعية
تساوي ثلاثة مثاقيل صيرفية والمثقال الصيرفي أربع غرامات وثمانية أعشار غرام،
على ما أخبر به أهل الخبرة. ولا زكاة فيما نقص عن العشرين دينارا ولا فيما زاد عنها حتى يبلغ أربعة دنانير وفيها قيراطان، وهكذا بالغا ما بلغ
250

والأربعة دنانير أربعة عشر
غراما وأربعة أعشار غرام على ما أخبر به أهل الخبرة، والقاعدة الكلية في زكاة
النقدين أن يعطي بعد النصاب من كل أربعين واحدا، فيكون أدى ما عليه وأحيانا
يكون مع زيادة وإحسان.
(مسألة 1472) نصاب الفضة مأتا درهم وفيها خمسة دراهم وكل عشرة دراهم
سبعة مثاقيل شرعية فيكون مأة وأربعين مثقالا شرعيا أو دينارا تعادل مأة وخمسة
مثاقيل صيرفية، وتعادل خمس مأة غرام وأربعة غرامات على ما أخبر به أهل الخبرة،
وزكاتها اثنان ونصف بالمأة ولا زكاة فيما نقص عنها أو زاد حتى يبلغ أربعين درهما
وفيها درهم، وهكذا. أي في كل مأة غرام وثمانية أعشار غرام زكاة قدرها غرامان
وعشران من غرام، وهكذا بالغا ما بلغ.
(مسألة 1473) الشرط الثاني: لزكاة النقدين كونهما منقوشين بسكة المعاملة،
ولو ببعض الأزمنة والأمكنة من سلطان أو شبهه، بسكة إسلام أو كفر، بكتابة أو
غيرها، ولو صارا ممسوحين بالعارض، وأما الممسوحان بالأصل، فلا تجب فيهما إلا
إذا كانا رائجين، فتجب على الأحوط.
(مسألة 1474) إذا اتخذ المسكوك حلية للزينة مثلا، لم يتغير الحكم على
الأحوط سواء زاد الاتخاذ أو نقص من قيمته، ما دامت المعاملة به على وجهها ممكنة.
أما لو تغيرت بعملها زينة بحيث لم تبق المعاملة بها، فلا زكاة عليه.
(مسألة 1475) الشرط الثالث: الحول، ويعتبر أن يكون النصاب موجودا فيه
أجمع، فلو نقص عن النصاب في أثنائه أو تبدلت أعيان النصاب بجنسه أو بغير جنسه
أو بالسبك لا بقصد الفرار، بل ومعه، لم تجب فيه زكاة، وإن استحب إخراجها إذا
كان السبك بقصد الفرار، بل هو الأحوط. نعم لو سبك الدراهم والدنانير بعد وجوب
الزكاة بحول الحول، لم تسقط الزكاة.
(مسألة 1476) تضم الدراهم والدنانير بعضها إلى بعض في حساب النصاب وإن
اختلفت من حيث الاسم والسكة، بل ومن حيث القيمة واختلاف الرغبة، بل يضم
الرائج الفعلي إلى المهجور، فإن تطوع المالك بالاخراج من النوع المرغوب الأكمل فقد
أحسن وزاد خيرا، وإلا فلا يترك الاحتياط في الاخراج من كل بنسبته.
251

(مسألة 1477) الدراهم المغشوشة بما يخرجها عن اسم الفضة الخالصة ولو بالفضة
الردية، لا زكاة فيها إلا أن يبلغ خالصها النصاب فالأحوط زكاته. ولو شك في
الخليط ولم يكن طريق للتعرف على نسبته، فالأحوط اختبارها بالتذويب ونحوه.
(مسألة 1478) إذا أخرج المغشوشة زكاة عن الخالصة أو المغشوشة، فإن علم
بأن ما فيها من الفضة الخالصة بمقدار الفريضة فهو، وإلا فلا بد من تحصيل العلم بذلك
ولو بإعطاء مقدار يعلم بأن ما فيه من الفضة الخالصة لا ينقص عن الفريضة أو إخراج
المغشوشة بعنوان القيمة.
(مسألة 1479) إذا ملك النصاب ولم يعلم هل فيه غش أم لا، وجبت على
الأحوط زكاته أو اختباره.
(مسألة 1480) إذا اقترض النصاب وتركه بحاله عنده، حتى حال عليه الحول
فزكاته عليه لا على المقرض، بل لو شرط كونها عليه لم يلزم الشرط إذا كان المقصود
وجوبها عليه. ولو شرط عليه التبرع عنه بأداء ما وجب عليه ففيه إشكال، لأن
التبرع بأداء الزكاة عن الحي مطلقا محل إشكال.
زكاة الغلات
(مسألة 1481) لا تجب الزكاة إلا في أربعة أجناس: الحنطة والشعير
والتمر والزبيب، والأحوط إلحاق السلت بالشعير، وإلحاق العلس بالحنطة. ولا تجب
الزكاة في غيرها، وإن استحبت في كل ما تنبت الأرض مما يكال أو يوزن من
الحبوب، كالأرز والماش والذرة ونحو ذلك، لا الخضر والبقول كما مر. وحكم ما
يستحب فيه الزكاة حكم ما تجب فيه من اعتبار بلوغ النصاب وقدره ومقدار ما
يخرج منه، وغير ذلك.
(مسألة 1482) يعتبر في زكاة الغلات مضافا إلى ما مر من الشرائط العامة أمران،
الشرط الأول: بلوغ النصاب وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا، فهو ثلاثمأة
صاع، والصاع تسعة أرطال بالعراقي وستة بالمدني، لأنه أربعة أمداد والمد رطلان
وربع بالعراقي ورطل ونصف بالمدني، فيكون النصاب ألفين وسبعمأة رطل بالعراقي
252

وألف وثمانمائة رطل بالمدني، ويعادل كما أخبر أهل الخبرة (885) ثمانمائة وخمسة
وثمانين كيلو غراما تقريبا، لأن الصاع الشرعي ثلاث كيلوات تقريبا.
(مسألة 1483) المدار في بلوغ النصاب على حال اليبوسة والجفاف وإن كان
زمان التعلق قبل ذلك، فلو كان عنده خمسة أوسق رطب لكنها تنقص عنها عند
جفافها، فلا زكاة عليها، فمثل تمر البربن وشبهه مما يؤكل رطبا إنما تجب الزكاة فيه إذا
بلغ النصاب تمرا، ولو فرض عدم صدق التمر على يابسه، لم تجب الزكاة.
(مسألة 1484) إذا كان له نخيل أو كروم أو زروع في بلاد متباعدة يدرك بعضها
قبل بعض ولو بشهر أو شهرين أو أكثر، يضم بعضها إلى بعض ما دام الحاصل لعام
واحد، وحينئذ إن بلغ ما أدرك منه النصاب تعلق به الوجوب، وما لم يدرك إنما تجب
زكاته عند إدراكه، قل أو كثر. وإن لم يبلغ النصاب ما سبق إدراكه تربص في الزكاة
حتى يدرك ما يكمل النصاب.
(مسألة 1485) إذا كان له نخل أو كرم يثمر في العام مرتين، لا يبعد عدم الضم
إذا عد في العرف ثمرة عامين.
(مسألة 1486) الشرط الثاني: في زكاة الغلات: التملك قبل تعلق الزكاة،
بالزراعة إن كان مما يزرع، أو بانتقال الزرع أو الثمرة مع الشجرة أو منفردة إلى ملكه،
فتجب عليه الزكاة حينئذ، وإن لم يكن زارعا.
(مسألة 1487) المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الزرع وحين
بدو الصلاح، أي حين الاصفرار أو الاحمرار في ثمرة النخل، وحين انعقاد الحصرم في
ثمرة الكرم. وقيل إن المدار على التسمية حنطة أو شعيرا أو تمرا أو عنبا، ولكن لا
يترك الاحتياط مطلقا.
(مسألة 1488) وقت وجوب الاخراج حين تصفية الغلة، وعند صيرورة
الرطب تمرا والعنب زبيبا، وهذا هو الوقت الذي لو أخرها عنه ضمن، ويجوز
للساعي مطالبة المالك فيه، ويلزمه القبول. ولو طالبه قبله لم يجب عليه القبول، وإن
جاز له الاخراج بعد زمان التعلق ووجب على الساعي القبول، فوقت وجوب الأداء
غير وقت التعلق.
253

(مسألة 1489) إذا أراد المالك القطاف حصرما أو عنبا أو بسرا أو رطبا، جاز،
ووجب أداء الزكاة حينئذ، من العين أو القيمة إذا بلغ تمرها وزبيبها النصاب. والمراد
قيمة التمر والزبيب، فإذا كانت قيمة الحصرم والرطب أقل ففيها إشكال، وكذا في إلزام
الفقير بقطف الحصرم أو الرطب.
(مسألة 1490) يجوز للمالك دفع الزكاة والثمر على الشجر، قبل الجذاذ منه، أو
بقيمة التمر والزبيب كما مر.
(مسألة 1491) إذا ملك نخلا أو ثمرا أو زرعا قبل تعلق الزكاة، فالزكاة عليه بعد
زمان التعلق مع اجتماع الشرائط. بخلاف ما إذا ملك بعد زمان التعلق، فإن الزكاة على
من كان مالكا حال التعلق. لكن لو باعه مثلا قبل أداء ما عليه فالبيع بالنسبة إلى
مقدار الزكاة فضولي، فإن أجازه الحاكم الشرعي طالبه بثمن مقدار الزكاة، وإن دفعه
إلى البائع رجع عليه بعد الدفع إلى الحاكم، وإن لم يجزه كان له أخذ مقدار الزكاة من
المبيع، ويرجع المشتري على البائع فيأخذ ثمن هذا المقدار منه إن كان أداه إليه.
(مسألة 1492) إذا باع الزرع أو الثمر وشك في أن البيع كان بعد زمان التعلق
حتى تكون الزكاة عليه أو قبله حتى تكون على المشتري، لم يكن عليه شئ، إلا إذا
علم زمان التعلق وجهل زمان البيع، فيجب عليه حينئذ إخراجها على الأقوى. وإذا
شك المشتري في ذلك، فإن كان قاطعا بأن البائع لم يؤد زكاته على تقدير كون الشراء
بعد زمان التعلق، فيجب عليه إخراجها مطلقا، وإن لم يكن قاطعا بذلك بل كان
قاطعا بأدائها على ذلك التقدير أو احتمله، فليس عليه شئ مطلقا، حتى لو علم
زمان البيع وشك في تقدم التعلق وتأخره على الأقوى. وإن كان الأحوط في هذه
الصورة إخراجها.
(مسألة 1493) إذا مات المالك بعد تعلق الزكاة وقبل إخراجها، تخرج من عين
المال الزكوي مع بقائها، ويجوز للورثة أداء قيمتها. وإذا تلفت مضمونة أخرجت من
التركة. وإذا مات قبل التعلق وجب على من بلغ سهمه النصاب من الورثة مع اجتماع سائر الشرائط. فإذا لم يبلغ سهم واحد منهم النصاب فلا زكاة.
(مسألة 1494) إذا لم يعلم أن موت مورثه كان قبل زمان التعلق أو بعده فمن بلغ
سهمه النصاب يجب عليه إخراج زكاة حصته للعلم بكونها متعلقة بالحق الزكاتي على
254

أي حال ومن لم يبلغ نصيبه حد النصاب لا يجب عليه شئ إلا إذا علم زمان التعلق
وشك في زمان الموت فيجب عليه إخراجها على الأقوى.
(مسألة 1495) إذا مات الزارع ومالك النخل أو الكرم وكان عليه دين، فإن
كان موته بعد تعلق الوجوب، وجب إخراج الزكاة كما مر حتى لو كان الدين مستوعبا
التركة. ولا يتحاص الغرماء مع أرباب الزكاة إلا إذا صارت في ذمته في زمان حياته
بسبب إتلافه أو التلف مع تفريطه، فيقع التحاص بينهم كسائر الديون. وإن كان موته
قبل تعلق الوجوب فإن كان قبل ظهور الحب والثمر، وجبت الزكاة على من بلغ نصيبه
حد النصاب مع اجتماع الشرائط كما مر، ولا يمنع دين الميت عن تعلق الزكاة بالنماء
الحاصل في ملك الورثة على إشكال. وإن كان موته بعد ظهور الحب والثمر، فإن كان
الورثة قد أدوا الدين أو ضمنوا برضا الديان قبل تعلق الوجوب، وجبت الزكاة على
من بلغ سهمه النصاب، وإلا فالظاهر عدم وجوبها إذا كان الدين مستوعبا، وفيما قابل
الدين إذا كان غير مستوعب، لأن النماء تابع للأصل في تعلق حق الغرماء به.
(مسألة 1496) حيث أن حاصل المزارعة مشترك بين المالك والعامل، فيجب
على كل منهما الزكاة في حصته مع اجتماع الشرائط بالنسبة إليه. بخلاف الأرض
المستأجرة للزراعة، فإن الزكاة على المستأجر مع اجتماع الشرائط، وليس على المؤجر
شئ، وإن كانت الأجرة من جنس الحنطة والشعير.
(مسألة 1497) الزكاة في المزارعة الفاسدة على صاحب البذر، وأجرة الأرض
والعامل من المؤن، فتخرج قبل إخراجها، وفي المساقاة الفاسدة على صاحب الأصول،
وتحسب أجرة مثل عمل المساقي من المؤن.
(مسألة 1498) إذا كان عنده أنواع من التمر كالزاهدي والخستاوي والقنطار
وغير ذلك، يضم بعضها إلى بعض في حساب النصاب، والأحوط الأخذ من كل نوع
بحصته، وإن كان الأقوى جواز الاجتزاء بمطلق الجيد عن الكل وإن اشتمل على
الأجود. ولا يجوز دفع الردئ عن الجيد على الأحوط، وهكذا الحال في أنواع العنب.
(مسألة 1499) يجوز تخمين مقدار ثمر النخل والكرم وما يصفى منهما تمرا أو زبيبا،
بخرص أهل الخبرة، ويتبعه تعيين مقدار الزكاة.
255

(مسألة 1500) وقت التخمين بعد بدو الصلاح الذي هو زمن التعلق، وفائدته
جواز تصرف المالك في الثمر كيف شاء بدون احتياج إلى ضبط الحساب.
(مسألة 1501) يقوم بالخرص (التخمين) الساعي بنفسه أو بغيره، بل يقوى
جوازه للمالك بنفسه إذا كان عارفا، أو بعارف آخر إذا كان عدلا، مع احتمال جواز
الاكتفاء بأمانته ووثاقته، ولكن إذا كان المالك هو الخارص وانكشف الخلاف الاعتبار
على الواقع.
(مسألة 1502) لا يشترط في الخرص الصيغة، بل يكفي عمل الخرص.
(مسألة 1503) إذا زاد ما في يد المالك عما تعين بالخرص، فالأحوط مع العلم
بالزيادة فسخ الخارص، أو إخراج المالك زكاة الزيادة رجاء. وإن نقص عن الخرص
كان على المالك على الأصح. نعم لو تلفت الثمرة أو بعضها بآفة سماوية أو أرضية أو
ظلم ظالم، لم يضمن.
(مسألة 1504) إنما تجب الزكاة بعد إخراج ما يأخذه السلطان من عين الحاصل
بعنوان المقاسمة، بل وما يأخذه نقدا باسم الخراج أيضا على الأصح. وأما ما يأخذه
العمال زائدا على ما قرره السلطان ظلما، فإن كانوا يأخذونه من نفس الغلة قهرا
فالظلم وارد على الكل ولا يضمن المالك حصة الفقراء، ويكون بحكم الخراج في أن
اعتبار الزكاة بعد إخراجه. وإن كانوا يأخذونه من غيرها فالظلم وارد عليه دون
الفقراء، خصوصا إذا كان الظلم شخصيا، بل لا يخلو حينئذ من قوة.
(مسألة 1505) إنما يعتبر إخراج الخراج بالنسبة إلى الزكاة، فيخرج من الوسط
ثم يؤدي العشر أو نصف العشر مما بقي. وأما بالنسبة إلى النصاب، فإن كان ما ضرب
على الأرض بعنوان المقاسمة فلا إشكال في اعتباره من بعده، بمعنى أنه يلاحظ بلوغ
النصاب في حصته لا في المجموع منها ومن حصة السلطان، وأما إن كان بغير عنوان
المقاسمة ففيه إشكال، والأحوط إن لم يكن الأقوى اعتباره قبله.
(مسألة 1506) الظاهر عدم اختصاص حكم الخراج بما يأخذه السلطان المخالف
المدعي للخلافة والولاية على المسلمين بغير استحقاق، بل يعم سلاطين الشيعة الذين
لا يدعون ذلك، بل لا يبعد شموله لكل مسؤول عن جباية الخراج حتى إذا لم يكن
256

سلطانا، كبعض الحكومات المتشكلة في هذه الأعصار. وفي تعميم الحكم لغير
الأراضي الخراجية كالذي يأخذه الجائر من أراضي الصلح أو التي كانت مواتا فملكت
بالاحياء، وجه بل لا يخلو من قوة.
(مسألة 1507) الأقوى اعتبار خروج المؤن جميعها من غير فرق بين السابقة
على زمان التعلق واللاحقة، والأحوط إن لم يكن أقوى اعتبار النصاب قبل إخراجها،
فإذا بلغ الحاصل حد النصاب تعلق به الزكاة مع اجتماع سائر الشرائط. لكن تخرج
المؤن من الوسط ثم يخرج العشر أو نصف العشر من الباقي قل أو كثر، فيكون النصاب
من بعدها كما مر. نعم لو استوعبت المؤنة تمام الحاصل فلا زكاة.
(مسألة 1508) المراد بالمؤنة كل ما يصرفه المالك في نفقة هذه الثمرة، في تنميتها
أو حفظها، كالبذر وثمن الماء لسقيها، وأجرة الفلاح والحارس والساقي والحصاد
والجذاذ، وأجرة الوسائل المختلفة، وأجرة الأرض ولو كانت غصبا ولم ينو إعطاء
أجرتها لمالكها. وما يصرفه في تجفيف الثمرة وإصلاح النخل، وما يصرفه في تسطيح
الأرض وتنقية النهر، بل وفي إحداثه لو كان هذا الزرع أو النخل أو الكرم محتاجا إليه.
(مسألة 1509) الظاهر أنه ليس من المؤنة ما يصرفه مالك البستان مثلا في حفر
بئر أو نهر أو بناء دولاب أو ناعور أو حائط، ونحو ذلك، مما يعد من مؤنة تعمير
البستان لا من مؤنة ثمرته. نعم إذا صرف ذلك ضامن النخل والكرم ومشتري الثمرة
لأجل الثمر الذي اشتراه، يكون من مؤنته.
(مسألة 1510) لا تحسب من المؤنة أجرة المالك إذا كان هو العامل، ولا أجرة
ولده أو زوجته أو الأجنبي المتبرعين بالعمل، وكذا أجرة الأرض والعوامل إذا كانت
مملوكة له. بل الأحوط عدم احتساب ثمن العوامل والآلات والأدوات التي يشتريها
للزرع والسقي مما يبقى عينها بعد استيفاء الحاصل، والأقوى جواز احتساب ما يرد
عليها من نقص بسبب استعمالها في الزرع والسقي، وكذا ثمن الثمر والزرع، بشرط أن
يقسط بين الحنطة والتبن.
(مسألة 1511) إذا اشترى الزرع فثمنه من المؤونة، وكذا قيمة ضمان النخل
والشجر. بخلاف ما لو اشترى نفس الأرض والنخل والشجر.
257

(مسألة 1512) قيمة البذر إذا كان من ماله المزكى أو مال لا زكاة فيه، من
المؤنة. والمناط قيمة يوم تلفه وهو وقت الزرع.
(مسألة 1513) الأقوى أن الزكاة متعلقة بالعين وإن تردد كيفية تعلقها به بين
كونها على وجه الإشاعة أو الكلي في المعين وبين كونها حقا متعلقا بالعين كأحد أقسام
الحقوق المتعلقة بالأعيان مثل حق الجناية المتعلق برقبة العبد الجاني أو حق غرماء
الميت المتعلق بتركته أو متعلقا بمالية العين بنحو الشركة المالية. ومع ذلك لا بأس
بالتصرف في بعض النصاب إذا كان بانيا على أداء الزكاة من البقية، بل يجوز التصرف
في جميعها بالبيع ثم أدائها من مال آخر كما دلت عليه صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج
لكن الأحوط عدم التصرف إلا بعد الأداء أو العزل.
(مسألة 1514) إذا كان مع المال الزكوي غيره وزعت المؤنة عليهما، وكذا
الخراج الذي يأخذه السلطان، إذا كان مضروبا على الأرض وليس على خصوص
المال الزكوي. والأقوى توزيعها على التبن والحب، إلا إذا لم يكن للتبن قيمة معتنى
بها للزارع، فلا توزع عليه المؤونة.
(مسألة 1515) إذا كان للعمل دخل في ثمر سنين عديدة، يتعين احتسابه من
مؤنة السنة الأولى إذا احتاج الحاصل إليه فيها، ولو كان مؤثرا في السنوات التي بعدها
أيضا، وإن لم يحتج إليه فيها، تعين توزيعه على السنوات التي له تأثير فيها.
(مسألة 1516) إذا شك في كون شئ من المؤن أو لا، لم يحسب منها في
الشبهات المفهومية، وأما في الشبهات المصداقية مع العجز عن تحصيل العلم، فلا مانع
من أن يحسب.
(مسألة 1517) كل ما سقي سيحا ولو بحفر نهر ونحوه، أو بعلا وهو ما يشرب
بعروقه، أو عذبا وهو ما يسقى بالمطر، ففيه العشر، وما يسقى بالعلاج بالدلو والدوالي
والنواضح ونحوها من العلاجات ففيه نصف العشر. وإن سقي بهما، فالحكم للأكثر
الذي ينسب السقي إليه عرفا، وإن تساويا بحيث لم يتحقق إسناد السقي إلى واحد
بمفرده بل يصدق أنه سقي بهما، ففي نصفه العشر، وفي نصفه الآخر نصف العشر. ومع
الشك فالواجب الأقل، والأحوط الأكثر.
258

(مسألة 1518) الأمطار العادية في أيام السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن
حكمه، إلا إذا استغنى بها عن الدوالي أو صار مشتركا بينهما.
(مسألة 1519) إذا أخرج شخص الماء بالدوالي على أرض مباحة مثلا عبثا أو
لغرض، فزرعها آخر وشرب الزرع بعروقه، يجب العشر على الأحوط. وكذا إذا أخرجه
هو بنفسه لغرض آخر غير الزرع، ثم بدا له أن يزرع زرعا يشرب بعروقه. بل وكذا إذا
أخرجه لزرع فزاد وجرى على أرض أخرى، فبدا له أن يزرع فيها زرعا ويشرب بعروقه.
(مسألة 1520) تستحب الزكاة في أمور، الأول: مال التجارة على الأصح،
وهو المال الذي يتجر ويكتسب به. ويعاوض به بقصد الربح، سواء كان تملكه بعقد
المعاوضة أو بمثل الهبة والصلح المجاني أو الإرث على الأقوى. ويكفي في الدخول في
هذا العنوان إعداد المال للتجارة بأن يدخله في دكانه ويكتبه في رأس ماله، نعم لا
يكفي مجرد قصد الاتجار من دون اعداده، فلو ملك مالا بالمعاوضة أو غيرها قاصدا
به الاقتناء أو الصرف في مؤنته ثم بدا له أن يكتسب به ونوى الاتجار به. لم يكن من
مال التجارة ما لم يشتغل بالاكتساب به ببيعه أو جعله ثمنا لشئ. نعم لو كان موردا
للاتجار عند المنتقل عنه كما إذا ورث ابن التاجر أموال تجارة أبيه ونوى الاتجار بها ففي
الاكتفاء بذلك وجه قوي إذا كتبه من رأس ماله وأعده للتجارة. ويشترط فيه أمور،
أولا: بلوغه حد النصاب، وهو نصاب أحد النقدين، فلا زكاة فيما لم يبلغ حده. ثانيا:
مضي الحول من حين إعداده
للتجارة وإن لم يتجر به فعلا. ثالثا: لا يشترط بقاؤه
بعينه طول الحول، وكذا السلعة التي اشتريت به على الأقوى. وقدر الزكاة فيه ربع
العشر كما في النقدين. الثاني: تستحب الزكاة في كل ما يكال ويوزن غير الغلات
الأربع عدا الخضر كالبقل والفواكه والباذنجان والخيار والبطيخ. وحكمه حكم الغلات
الأربع، في قدر النصاب وقدر ما يخرج منها من العشر أو نصف العشر، وإخراج
الخراج والمؤن، وغير ذلك. الثالث: زكاة الخيل الإناث العتاق السائمة التي حال
عليها الحول، عن الفرس في كل سنة ديناران، وعن البرذون في كل سنة دينار،
والظاهر ثبوتها حتى مع الاشتراك، فلو اشترك جماعة في فرس تثبت الزكاة بينهم.
الرابع: حاصل العقارات المتخذة للنماء من الدكاكين والمساكن والحمامات والخانات
ونحوها، والظاهر اعتبار نصاب النقدين فيها، ومقدار زكاتها ربع العشر. الخامس:
الحلي، فإن زكاته إعارته.
259

مصارف الزكاة
(مسألة 1521) مصارف الزكاة ثمانية: الأول والثاني: الفقراء والمساكين، وهم
الذين لا يملكون مؤنة سنتهم اللائقة بحالهم لهم ولمن يقومون به، لا فعلا ولا قوة،
والمساكين أسواء حالا من الفقراء. فمن كان ذا اكتساب يمون به نفسه وعياله على وجه
يليق بحاله ليس من الفقراء والمساكين ولا يحل له الزكاة، وكذا صاحب الصنعة والضيعة
وغيرهما مما تحصل منه مؤنته، أما القادر على الاكتساب ولكن لم يفعل تكاسلا، فالأقوى
جواز أخذه من الزكاة بعد العجز لحال العجز. نعم الأحوط له ترك التكاسل.
(مسألة 1522) مبدأ السنة التي تدور صفتا الفقر والغنى مدار مالكية مؤنتها
وعدمها، هو زمان إعطاء الزكاة، فيلاحظ كفايته وعدمها في ذلك الزمان، فكلما كان
مالكا لمقدار كفاية سنته كان غنيا، فإذا نقص عن ذلك بعد صرف بعضه يصير فقيرا،
فيمكن أن تتبدل صفتا الفقر والغنى لشخص في يوم واحد مرات عديدة.
(مسألة 1523) إذا كان له رأس مال يكفي لمؤنة سنته لكن لم يكفه ربحه، أو
ضيعة تكفي قيمتها لمؤنة سنة أو سنوات ولكن لم تكفه عائداتها، لا يكون غنيا،
فيجوز له أن يبقيها ويأخذ من الزكاة بقية المؤنة.
(مسألة 1524) الأحوط عدم إعطاء الفقير أكثر من مقدار مؤنة سنته، كما أن
الأحوط الاقتصار على التتمة في المكتسب الذي لا يفي كسبه، وصاحب الضيعة التي
لا يفي حاصلها، والتاجر الذي لا يكفي ربحه.
(مسألة 1525) دار السكنى والخادم وفرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله
ولو لعزه وشرفه، والثياب والألبسة الصيفية والشتوية والسفرية والحضرية ولو كانت
للتجمل، والفروش والظروف وغير ذلك، لا تمنع من إعطائه الزكاة. نعم لو كان عنده
أكثر من مقدار حاجته المتعارفة بحسب حاله، بحيث لو صرفها تكفي لمؤنة سنته، فلا
يجوز له أخذ الزكاة.
(مسألة 1526) إذا كان قادرا على التكسب ولو بالاحتطاب والاحتشاش،
وكان ذلك ينافي شأنه، أو كان يشق عليه مشقة شديدة لكبر أو مرض ونحو ذلك، الزكاة.
260

وكذا إذا كان صاحب صنعة أو حرفة لا يمكنه الاشتغال بها لعدم
الطالب، أو لفقد أسبابها. لكن الأحوط أن يقتصر الأخير على أخذ الزكاة لتهيئة
وسائل صنعته وحرفته.
(مسألة 1527) إذا لم يكن له حرفة وصنعة لائقة بشأنه فعلا، ولكن يقدر على
تعلمها بغير مشقة شديدة، فالأقوى عدم وجوب التعلم عليه، وجواز أخذه من
الزكاة، وإن كان الأحوط التعلم.
(مسألة 1528) يجوز لطالب العلم ترك التكسب ولو كان قادرا عليه،
والاشتغال بطلب العلم الواجب أو المستحب بل المباح، ويجوز له أخذ نفقته ونفقة
عياله من الزكاة. أما جواز الأخذ بمجرد الاشتغال مع بقاء القدرة على الكسب، ففيه
إشكال، والأحوط الترك إلا بعد العجز. نعم الأخذ من سهم سبيل الله لا إشكال فيه
مع الاشتغال بتحصيل راجح.
(مسألة 1539) إذا شك أن ما في يده كاف لمؤنة سنته، لا يجوز له أخذ الزكاة،
إلا إذا كان مسبوقا بعدم وجود ما يكفي، ثم وجد ما يشك في كفايته.
(مسألة 1530) إذا كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاة ولو كان ميتا،
بشرط أن لا يكون له تركة تفي بدينه، وإلا لم يجز. نعم لو كانت له تركة لكن لا يمكن
استيفاء الدين منها، من جهة امتناع الورثة أو غيره، فالظاهر الجواز.
(مسألة 1531) إذا ادعى الفقر، فإن عرف صدقه أو كذبه عومل به، ولو جهل
حاله أعطي من غير يمين مع سبق فقره، وإلا فالأحوط اعتبار الوثوق بصدقه الناشئ
من ظهور حاله، خصوصا مع سبق غناه.
(مسألة 1532) لا يجب إعلام الفقير أن المدفوع إليه زكاة، بل يستحب إعطاؤه
إياها على وجه الصلة ظاهرا والزكاة واقعا، إذا كان ممن يترفع ويدخله الحياء منها.
(مسألة 1533) إذا دفع الزكاة إلى شخص على أنه فقير، فبان غنيا، استرجعها
منه مع بقاء العين، بل ومع تلفها أيضا مع علم القابض بكونها زكاة، وإن كان جاهلا
بحرمتها على الغني. بخلاف ما إذا كان جاهلا بكونها زكاة، فإنه لا ضمان عليه. ولا
فرق في ذلك بين الزكاة المعزولة وغيرها غير أن في المعزولة يجب استرجاعها منه
261

مع بقاء العين وإن كانت تالفة ليس على الدافع ضمانها إذا دفعها اعتمادا على حجة شرعية.
وكذا الحال لو دفعها إلى غني جاهلا بحرمتها عليه. ولو تعذر استرجاعها في الصورتين
أو تلفت بلا ضمان أو معه وتعذر أخذ عوضها، كان الدافع ضامنا وعليه الزكاة مرة
أخرى. نعم لو كان الدافع هو المجتهد أو وكيله فلا ضمان عليه، بل ولا على المالك
أيضا إذا كان دفعها إلى المجتهد بعنوان أنه ولي عام على الفقراء، وأما إذا كان بعنوان
الوكالة عن المالك، فالظاهر ضمان المالك، فيجب عليه أداء الزكاة ثانيا.
(مسألة 1534) الثالث: العاملون عليها، وهم الساعون في جبايتها، المنصوبون
من قبل الإمام عليه السلام أو نائبه لأخذها وضبطها وحسابها، فإن لهم من الزكاة سهما
لأجل عملهم وإن كانوا أغنياء. والإمام أو نائبه مخير بين أن يقدر لهم جعالة مقدرة،
أو أجرة عن مدة مقررة، وبين أن لا يجعل لهم جعلا فيعطيهم ما يراه. والأقوى عدم
سقوط هذا الصنف في زمان الغيبة مع بسط يد نائبها.
(مسألة 1535) الرابع: المؤلفة قلوبهم، وهم الكفار الذين يراد تأليفهم إلى
الجهاد أو الإسلام، والمسلمون الذين عقائدهم ضعيفة.
(مسألة 1536) الخامس: في الرقاب، وهم المكاتبون العاجزون عن أداء مال
الكتابة، والعبيد تحت الشدة، بل مطلق عتق العبد لكن مع عدم وجود المستحق
للزكاة، بخلاف الأول فإنه يشترى ويعتق وإن وجد المستحق.
(مسألة 1537) السادس: الغارمون، وهم الذين عليهم الديون في غير معصية
ولا إسراف، ولم يتمكنوا من وفائها، ولو ملكوا قوت سنتهم.
(مسألة 1538) المراد بالدين كل ما اشتغلت به الذمة ولو كان مهرا لزوجته أو
غرامة لما أتلفه، أو ما تلف عنده مضمونا. والأحوط اعتبار الحلول فيه.
(مسألة 1539) إذا كان المديون كسوبا يتمكن من قضاء دينه تدريجا، فإذا لم
يرض بذلك الدائن وطالب بالتعجيل، فلا إشكال في جواز إعطائه من هذا السهم،
وإن رضي بالتأخير، فالأحوط عدم إعطائه.
(مسألة 1540) إذا كان المديون ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة، جاز له
إعطاؤه لوفاء دينه، وإن لم يجز إعطاؤه لنفقته.
262

(مسألة 1541) كيفية صرف الزكاة في هذا المصرف إما بدفعها إلى المديون ليوفي
دينه، وإما بالدفع إلى الدائن وفاء عنه، ولو كان الغريم مديونا لمن عليه الزكاة، جاز له
احتساب ما في ذمته زكاة، أو يحتسب ما عنده من الزكاة وفاء لدينه على الغريم، فتبرأ
بذلك ذمته وإن لم يقبض الزكاة ولم يوكل المالك في قبضها، بل وإن لم يكن له اطلاع.
(مسألة 1542) إذا كان لمن عليه الزكاة دين على شخص وكان لذلك الشخص
دين على فقير، جاز له احتساب ما على ذلك الشخص زكاة ثم احتسابه وفاء عما له
على ذلك الفقير.
(مسألة 1543) قد عرفت شرط كون الدين في غير معصية، والمدار على صرفه
فيها لا على كون الاستدانة لأجلها، فلو استدان لغير المعصية فصرفه فيها، لم يعط من
هذا السهم، بخلاف العكس.
(مسألة 1544) السابع: في سبيل الله، وهو جميع سبل الخير، كبناء القناطر
والمدارس والخانات، وبناء المساجد، وإعانة الحاج والزائرين، وإكرام العلماء
والمشتغلين وتخليص الشيعة من يد الظالمين، ونحو ذلك. نعم الأحوط اعتبار الفقر في
الزائر والحاج ونحوهما، إلا أن الأقوى خلافه لكن مع عدم التمكن من الزيارة والحج
ونحوهما من مالهم. بل يجوز دفع هذا السهم في كل قربة وإن تمكن المدفوع إليه من
فعلها بغير الزكاة.
(مسألة 1545) الثامن: ابن السبيل، وهو المنقطع به في الغربة ولو كان غنيا في
بلده، ويشترط أن يكون سفره مباحا، وأن لا يكون نفسه في معصية أيضا على
الأحوط وإن كان السفر مباحا، فلو كان سفره معصية أو كان هو في معصية لم يعط،
وكذا لو تمكن من الاقتراض أو غيره.
(مسألة 1546) يدفع إليه من الزكاة مقدار ما يوصله إلى بلده على وجه يليق
بحاله وشأنه، أو إلى محل يمكنه تحصيل النفقة ولو بالاستدانة، ولو وصل إلى بلده
وفضل مما أخذ شئ ولو بسبب تقتيره على نفسه أعاده على الأحوط، حتى في مثل
الدابة والثياب ونحوها، فيدفعه إلى المالك أو وكيله، وإن لم يتمكن فإلى الحاكم
ويعلمه بأنه من الزكاة ليصرفه في مصرفها.
263

(مسألة 1547) إذا التزم بنذر أو شبهه أن يعطي زكاته فقيرا معينا، يتعين إذا كان
في إعطائه إياه جهة راجحة. ولو غفل وأعطى غير المنذور أجزأ ولا يجوز استرداده وإن
كانت العين باقية وأما لو كان ملتفتا وأعطى غيره متعمدا ففي إجزائه إشكال.
شروط المستحقين للزكاة
(مسألة 1548) وهي أمور: الأول: الايمان، فلا يعطى الكافر، ولا المخالف
للحق وإن كان من فرق الشيعة، بل ولا المستضعف من فرق المخالفين. نعم يعطى
المستضعف من زكاة الفطرة على ما يأتي مع عدم وجود المؤمنين في ذلك البلد. ولا
يعطى ابن الزنا من المؤمنين في حال صغره فضلا عمن كان من غيرهم. ويعطى أطفال
المؤمنين من غير فرق بين الذكر والأنثى والمميز وغيره، بل لو تولد بين المؤمن وغيره
أعطي منها أيضا، خصوصا إذا كان الأب مؤمنا. ولا تعطى بيد الطفل بل تدفع إلى
وليه أو يصرفها عليه بنفسه أو بواسطة أمين، والمجنون كالطفل. أما السفيه، فيجوز
الدفع إليه وإن تعلق الحجر به.
(مسألة 1549) الثاني: العدالة على الأحوط، فلا يعطى غير العدل سيما المتجاهر
بارتكاب الكبائر، وإن كان الأقوى الاكتفاء بالايمان وإن تفاوتت في الأفراد مراتب
الرجحان. نعم يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الإثم أو إغراء بالقبيح،
وكان في المنع ردع عن المنكر. والأحوط اعتبار العدالة في العامل، أما في الغارم وابن
السبيل والرقاب، فغير معتبرة، فضلا عن سهم المؤلفة قلوبهم، وسهم سبيل الله.
(مسألة 1550) الثالث: أن لا يكون ممن تجب نفقته على المالك، كالأبوين وإن
علوا والأولاد وإن نزلوا والزوجة الدائمة التي لم يسقط وجوب نفقتها بشرط أو غيره
من الأسباب الشرعية، والمملوك سواء كان آبقا أو مطيعا، فلا يجوز دفعها إليهم
للانفاق وإن سقط عنه وجوبه لعجزه، من غير فرق بين أن يكون تمام الانفاق من
الزكاة وبين أن يتمم ما يجب عليه بها، كما لو كان قادرا على إطعامهم وعجز عن
كسوتهم فأراد كسوتهم منها. والأحوط عدم دفعه إليهم للتوسعة عليهم وإن كان لا
يبعد جوازه إذا لم يكن عنده ما يوسع به عليهم، نعم يجوز دفعها لهم لأجل إنفاقهم على من تجب
264

نفقته عليهم دونه كزوجة الوالد أو الولد. كما يجوز دفع الغير لهم ولو
للانفاق. نعم لو كان من يجب عليه نفقتهم باذلا، فالأحوط عدم الدفع.
(مسألة 1551) إذا عال بأحد تبرعا، جاز له دفع زكاته له فضلا عن زكاة غيره
للانفاق فضلا عن التوسعة، من غير فرق بين كون المعال به المزبور قريبا أو أجنبيا.
(مسألة 1552) لا بأس بدفع الزوجة زكاتها للزوج وإن أنفقها عليها، وكذا
غيرها ممن تجب نفقته عليه بسبب من الأسباب.
(مسألة 1553) ما يحرم إعطاؤه لمن وجبت عليه النفقة هو إعطاؤه من سهم
الفقراء ولأجل الفقر وإلا فلا مانع منه من سائر السهام إذا كان مصداقا لها كسهم
العاملين أو الغارمين إذا كان منهم أو سبيل الله أو ابن السبيل، فيجوز للوالد إعطاء
الزكاة إلى ولده طالب العلم لشراء الكتب العلمية أو غيرها مما يحتاج إليه الطلبة، من
سهم سبيل الله تعالى.
(مسألة 1554) يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة الدائمة التي سقط وجوب نفقتها
بالشرط ونحوه. نعم إذا كان سقوط نفقتها لأجل النشوز يشكل جواز الدفع إليها
لتمكنها من النفقة بترك النشوز. وكذا يجوز دفعها إلى المتمتع بها حتى زكاة زوجها،
نعم لو وجبت على الزوج نفقتها من جهة الشرط أو نحوه، فلا يجوز له أن يدفع إليها،
بل لا يجوز لغيره أيضا مع يسار الزوج وكونه باذلا.
(مسألة 1555) الرابع: أن لا يكون هاشميا إذا كانت الزكاة من غيره، أما زكاة
الهاشمي فلا بأس بها له، كما لا بأس بزكاة غيره مع الاضطرار، ولكن الأحوط إن لم
يكن أقوى الاقتصار على قدر الضرورة يوما فيوما.
(مسألة 1556) الأحوط لبني هاشم اجتناب مطلق الصدقة الواجبة ولو
بالعارض، إلا إذا كانت منذورة له.
(مسألة 1557) لا بأس بدفع الصدقة المندوبة إلى بني هاشم ولو كانت زكاة
تجارة. والمشكوك كونه هاشميا بدون بينة أو شياع بحكم غيره، فيعطى من الزكاة.
نعم لو ادعى أنه هاشمي لا تدفع إليه الزكاة لاقراره بعدم الاستحقاق، لا لثبوت مدعاه
بمجرد دعواه، ولذا لا يعطى من الخمس أيضا، ما لم تثبت صحة دعواه من الخارج.
265

(مسألة 1558) لا يجب بسط الزكاة على الأصناف الثمانية، بل يجوز تخصيصها
ببعضها، نعم يستحب البسط مع سعتها ووجودهم. وكذا لا يجب في كل صنف البسط
على أفراده وإن تعددوا، فيجوز التخصيص ببعضهم.
(مسألة 1559) تجب النية في الزكاة، ولا يجب فيها أكثر من القربة وتعيين أنها
زكاة، دون نية الوجوب والندب، وإن كان هو الأحوط، فلو كان عليه زكاة وكفارة
مثلا، وجب تعيين أحدهما حين الدفع، بل الأحوط إن لم يكن أقوى ذلك بالنسبة إلى
زكاة المال والفطرة.
(مسألة 1560) لا يعتبر تعيين الجنس الذي تخرج منه الزكاة أنه من الأنعام أو
النقدين أو الغلات، فيكفي مجرد قصد كونه زكاة، من غير فرق بين أن يكون محل
الوجوب متحدا أو متعددا، إذا كان المعطى مصداقا لكلا الواجبين، مثل أن يكون
مالكا النصاب الأول من الإبل والغنم فأعطى شاتين بقصد زكاتهما، وأما إذا أعطى
شاة لأحد الجنسين أو الأجناس بنحو الابهام فمشكل. نعم إذا قصد في إعطاء الشاة
الواحدة الزكاة بلا قصد أحد الجنسين، فلا يبعد الصحة فتوزع عليهما. فاحتساب
الزكاة من جنسه لا يحتاج إلى أكثر من نية الزكاة، بخلاف احتسابها من غير الجنس،
فإنه لا بد فيه من قصد كونه قيمة لما هو واجب عليه.
(مسألة 1561) إذا وكل المالك أحدا في أداء زكاته يتولى الوكيل النية إذا كان
المال الذي يزكيه عند الوكيل وكان مخرجا للزكاة. أما إذا أخرج زكاته ودفع إلى
شخص ليوصله إلى محله، فينوي هو، والأحوط استمرار نيته حتى يدفعها الوكيل إلى
الفقير، ويتولى الحاكم النية عن الممتنع.
(مسألة 1562) إذا دفع المال إلى الفقير بلا نية، فله تجديد النية ولو بعد زمان
طويل مع بقاء العين. وأما مع تلفها فإن كان مضمونا واشتغلت ذمة الآخذ، فله أن
يحسبها زكاة كسائر الديون، وأما مع تلفها بلا ضمان، فلا محل لنيتها زكاة.
(مسألة 1563) إذا كان له مال غائب ودفع إلى الفقير مقدار زكاته، ونوى أنه
إن كان باقيا فهذا زكاته، وإن كان تالفا فهذا صدقة مستحبة أو رد مظالم مثلا،
صح وأجزأ.
266

(مسألة 1564) الأحوط إن لم يكن أقوى عدم تأخير إخراج الزكاة عن وقت
وجوبها ولو بعزلها مع الامكان، بل الأحوط عدم تأخير الدفع والايصال أيضا مع
وجود المستحق، وإن كان الأقوى الجواز إلى شهر أو شهرين، خصوصا مع انتظار
مستحق معين أو أفضل. ويضمنها لو تلفت بالتأخير لغير عذر.
(مسألة 1565) لا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب إلا على جهة القرض على
المستحق، فإذا جاء الوقت احتسبها عليه زكاة مع بقاء القابض مستحقا وبقاء وجوبها،
وله أن يستعيدها منه ويدفعها إلى غيره، إلا أن الأولى والأحوط حينئذ أن يحتسبها
عليه ولا يسترجعها.
(مسألة 1566) الأفضل بل الأحوط دفع الزكاة إلى الفقيه في زمن الغيبة، سيما
إذا طلب ذلك لأنه أعرف بمواقعها، وإن كان الأقوى عدم وجوبه إلا إذا طلبها بنحو
الحكم والايجاب لوجود مصلحة موجبة في نظره، سواء كان المالك مقلدا له أم لا.
(مسألة 1567) يستحب ترجيح الأقارب على الأجانب، وأهل الفضل والفقه
والعقل على غيرهم، ومن لا يسأل من الفقراء على من يسأل.
(مسألة 1568) يجوز عزل الزكاة حتى مع وجود المستحق وتعيينها في مال
مخصوص، وإن كان من غير جنسها وذلك بنية قيمتها، فتكون أمانة في يده لا
يضمنها إلا بالتعدي أو التفريط، وليس له تبديلها بعد عزلها.
(مسألة 1569) إذا أتلف الزكاة المعزولة متلف، مع عدم التأخير الموجب للضمان،
فالضمان على المتلف دون المالك، ومع التأخير المذكور يكون الضمان عليهما، وإن كان
قرار الضمان على المتلف.
(مسألة 1570) إذا أتجر بما عزله زكاة، تكون الخسارة عليه والربح للفقير إذا
أمضى الحاكم المعاملة. وكذا إذا أتجر بالنصاب قبل إخراج الزكاة، فيوزع الربح على
الفقير والمالك بالنسبة.
(مسألة 1571) يجوز نقل الزكاة من بلده، سواء وجد المستحق فيه أو لم يوجد،
ولو تلفت يضمن في الأول دون الثاني، كما أن مؤنة النقل عليه مطلقا.
267

(مسألة 1572) إذا قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية على الفقير، برئت ذمة
المالك ولو تلفت عنده بتفريط أو غيره، أو أعطاها لغير المستحق اشتباها. وإذا
قبضها بعنوان الوكالة عن المالك لم تبرأ ذمته إلا إذا أعطاها للمستحق.
(مسألة 1573) إذا احتاجت الزكاة إلى كيل أو وزن، كانت أجرة الكيال
والوزان على المالك لا على الزكاة.
(مسألة 1574) من كانت عليه زكاة وحضرته الوفاة، يجب عليه الايصاء
بإخراجها من تركته، وكذا سائر الحقوق الواجبة. ولو مات وكان الوارث أو
الوصي مستحقا، جاز احتسابها عليه، لكن يستحب دفع شئ منها إلى غيرهما.
(مسألة 1575) يكره لرب المال أن يطلب من الفقير تمليكه ما دفعه إليه صدقة
ولو مندوبة، سواء كان التملك مجانا أو بالعوض. نعم لو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند
من أراد، كان المالك أحق به من غيره من دون كراهة. وكذا لو كانت جزء حيوان لا
يتمكن الفقير من الانتفاع به ولا يشتريه غير المالك، أو كان يحصل للمالك ضرر
بشراء غيره، فيجوز شراؤه من دون كراهة.
زكاة الفطرة
(مسألة 1576) وهي المسماة بزكاة الأبدان أيضا، والتي يتخوف الموت على من لم
تدفع عنه، وهي من تمام الصوم كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تمام الصلاة.
(مسألة 1577) تجب زكاة الفطرة على المكلف الحر، الغني فعلا أو قوة، فلا تجب
على الصبي، ولا المجنون حتى الأدواري إذا أهل عليه شوال وهو مجنون. ولا يجب على
وليهما أن يؤدي عنهما من مالهما، بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى من يعولان أيضا.
ولا تجب على المملوك غير المكاتب وأما فيه فالأحوط الوجوب عليه كما أن الأحوط
الوجوب على من أهل شوال عليه وهو مغمى عليه، ولا على الفقير الذي لا يملك فعلا
ولا قوة مؤونة سنته له ولعياله، زائدا على ما يقابل الدين الحال في هذه السنة. نعم
الأحوط إخراجها لمن زاد ما عنده على مؤونة يومه وليلته صاع، بل يستحب للفقير
مطلقا إخراجها، ولو بأن يدير صاعا على عياله ثم يتصدق به على الأجنبي بعد أن ينتهي
الدور إليه. لكن إذا قبضها الولي للصغير فالأحوط أن لا يعطيها عنه، بل يصرفها عليه.
268

(مسألة 1578) المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد جامعا للشرائط.
فلا يكفي وجودها بعد الغروب ولا قبله إذا فقدت عنده. فلو اجتمعت الشرائط ولو
عند الغروب تجب الفطرة، كما لو بلغ الصبي، أو زال جنونه، أو ملك ما به صار غنيا،
بخلاف ما إذا فقدت عنده بعد ما كانت موجودة قبله، كما لو جن أو صار فقيرا قبل
الغروب ولو بلحظة أو مقارنا له، فإنه لا تجب عليهم.
(مسألة 1579) يجب على من استكمل الشرائط المذكورة إخراجها عن نفسه وعمن
يعول به من مسلم وكافر وحر وعبد وصغير وكبير، حتى المولود الذي يولد قبل هلال
شوال ولو بلحظة، وكذا كل من يدخل في عيلولته قبل الهلال، حتى الضيف على الأقوى
وإن لم يأكل عنده. بخلاف المولود بعد الهلال، ومن دخل في عياله بعده أيضا.
(مسألة 1580) الظاهر أن مدار وجوبها صدق أنه عاله، وهو يصدق مع الانفاق
الفعلي ولو لم يصدق أنه من عياله.
(مسألة 1581) كل من وجبت فطرته على غيره لضيافة أو عيلولة، سقطت عنه
ولو كان غنيا جامعا لشرائط الوجوب. نعم الأحوط وجوبها عليه إذا كان غنيا وكان
المضيف أو المعيل فقيرا.
(مسألة 1582) الغائب عن عياله يجب عليه أن يخرجها عنهم أيضا، إلا إذا
وكلهم في أن يخرجوا فطرتهم من ماله الذي تركه عندهم.
(مسألة 1583) الظاهر أن المدار في العيال على العيلولة الفعلية لا على وجوب
النفقة، وإن كان الأحوط مراعاة أحد الأمرين. ولو كانت له زوجة دائمة فإن كانت في
عيلولته وجبت فطرتها عليه، وإن لم تجب نفقتها عليه لنشوز أو غيره، وأما مع عدم
عيلولته بها فلا تجب فطرتها عليه وإن وجبت نفقتها عليه. وحينئذ إن عالها غير
الزوج يجب على ذلك الغير، وإن لم يعلها أحد وكانت غنية ففطرتها على نفسها، وإن
كانت فقيرة لم تجب فطرتها على أحد.
(مسألة 1584) إذا كان شخص في عيال اثنين، تجب فطرته عليهما مع يسارهما،
ومع يسار أحدهما تجب عليه حصته دون الآخر.
(مسألة 1585) تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي، والمدار على المعيل لا العيال.
269

(مسألة 1586) تجب فيها النية كغيرها من العبادات، ويجوز أن يتولى إخراجها
من وجبت عليه بنفسه أو بتوكيل غيره، والأقوى كفاية قصد القربة من الوكيل.
وإذا أراد الموكل أن ينوي فينوي القربة بدفع المال إلى الوكيل، مع استمرارها إلى
حين الدفع إلى الفقير. نعم لو كان الغير وكيلا في الايصال دون الاخراج يتولى
النية صاحبها.
(مسألة 1587) يجوز أن يوكل غيره في الدفع من ماله والرجوع إليه، فيكون
بمنزلة التوكيل في دفعه من مال الموكل. وأما التوكيل في دفعه من ماله بدون الرجوع
إليه فهو توكيل في التبرع عنه، وهو لا يخلو من إشكال كأصل التبرع بها.
(مسألة 1588) الضابط في جنسها القوت الغالب لغالب الناس كالحنطة والشعير
والتمر والزبيب والأرز واللبن، والأحوط الاقتصار عليها وإن أجزأ غيرها كالذرة
ونحوها. ويجوز إعطاؤها عينا أو قيمة، ولكن الأحوط في أداء القيمة أن يكون ثمنها
الفعلي نقدا، لا عينا أخرى مثلا.
(مسألة 1589) يعتبر في المدفوع فطرة أن يكون صحيحا، فلا يجزي المعيب،
كما لا يجزي الممزوج بما لا يتسامح فيه.
(مسألة 1590) الأفضل إخراج التمر ثم الزبيب ثم غالب قوت البلد، وقد
يترجح الأنفع بملاحظة المرجحات الخارجية. والأرجح لمن يكون قوته من البر
الأعلى أن يدفع إلى الفقير منه لا من البر الأدنى ولا من الشعير.
(مسألة 1591) قدر الفطرة صاع من جميع الأقوات حتى اللبن، والصاع أربعة
أمداد، وهي تسعة أرطال بالعراقي وستة بالمدني، وتعادل ثلاثة كيلو غرامات تقريبا
على ما أخبر به أهل الخبرة.
(مسألة 1592) وقت وجوب الفطرة دخول ليلة العيد على الأحوط ولكن يجوز
دفعها في ليلة العيد ويستمر إلى وقت الزوال ولكن الأحوط أن لا يقصد الوجوب إلا
يوم الفطر بعد الفجر قبل الصلاة. وإذا مضى وقتها وكان قد عزلها، دفعها لمستحقها،
وإن لم يكن قد عزلها، فالأحوط الأقوى عدم سقوطها، بل يؤديها ناويا بها القربة،
من غير تعرض لأداء أو قضاء.
270

(مسألة 1593) لا يبعد جواز تقديمها من أول شهر رمضان.
(مسألة 1594) يجوز عزل الفطرة وتعيينها في مال مخصوص من الأعيان،
وينوي حين العزل، وإن كان الأحوط تجديدها حين الدفع أيضا. ولو عزل أقل منها
اختص الحكم به وبقيت البقية غير معزولة، ولو عزلها في أكثر منها، ففي انعزالها بذلك
على نحو الاشتراك إشكال. نعم لو عينها في مال مشترك بينه وبين غيره مشاعا،
فالأظهر انعزالها بذلك إذا كانت حصته بقدرها أو أقل منها.
(مسألة 1595) إذا مضى وقتها وكان عزلها جاز تأخير دفعها إلى المستحق،
خصوصا مع ملاحظة بعض المرجحات، وإن كان يضمنها لو تلفت مع التمكن من
دفعها ووجود المستحق. بخلاف ما إذا لم يتمكن، أو لم يوجد المستحق، فلا يضمن
إلا مع التعدي والتفريط في حفظها كسائر الأمانات.
(مسألة 1596) الأحوط عدم نقل زكاة الفطرة بعد العزل إلى بلد آخر، مع
وجود المستحق.
(مسألة 1597) الأحوط الاقتصار في دفعها على الفقراء المؤمنين وأطفالهم بل
المساكين منهم وإن لم يكونوا عدولا، وإذا لم يوجد في بلده، فالأحوط أن ينقلها
من ماله إلى بلد يوجد فيه ثم يؤديها إلى الفقير بقصد الزكاة، لما مر من الاحتياط في
عدم نقلها.
(مسألة 1598) الأحوط أن لا يدفع للفقير أقل من صاع أو قيمته وإن اجتمع
جماعة لا تسعهم كذلك. ويجوز أن يعطى الواحد أصواعا بل ما يغنيه، ويستحب
اختصاص ذوي الأرحام والجيران وأهل الهجرة في الدين والعفة والعقل، وغيرهم
ممن يكون فيه أحد المرجحات.
(مسألة 1599) لا يشترط العدالة فيمن تدفع إليه. نعم الأحوط أن لا يدفع إلى
شارب الخمر والمتجاهر بالمعصية والهاتك لجلباب الحياء. كما أنه لا يجوز أن يدفع إلى
من يصرفها في المعصية.
271

كتاب الخمس
(مسألة 1600) وهو الذي جعله الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وذريته عوضا عن الزكاة،
ومن منع درهما منه كان من الظالمين لهم والغاصبين لحقهم، فعن الصادق عليه السلام (إن الله
لا إله إلا هو حيث حرم علينا الصدقة أبدلنا بها الخمس، فالصدقة علينا حرام والخمس
لنا فريضة، والكرامة لنا حلال) وعن الباقر عليه السلام في جواب السائل: ما أيسر ما
يدخل به العبد النار؟ قال عليه السلام (من أكل من مال اليتيم درهما، ونحن اليتيم).
ما يجب فيه الخمس
(مسألة 1601) يجب الخمس في سبعة أشياء، الأول: ما يغتنم قهرا من أهل
الحرب الذين تحل دماؤهم وأموالهم وسبي نسائهم وأطفالهم إذا كان غزوهم بإذن
الإمام عليه السلام، مما حواه العسكر وفيما لم يحوه كالأرض تأمل وإشكال. ولا يبعد دخول
ما يؤخذ منهم بغير الحرب في الفوائد المكتسبة، وما يؤخذ منهم بالحرب في زمان
الغيبة فالأحوط تخميسه من حيث الغنيمة. أما ما غنم بالغزو حال الحضور من غير
إذنه عليه السلام فهو من الأنفال له، كما سيأتي.
(مسألة 1602) لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين دينارا
على الأصح. نعم يعتبر أن لا تكون غصبا من مسلم أو ذمي أو معاهد ونحوهم من
محترمي المال، بخلاف ما كان في أيديهم من أهل الحرب وإن لم تكن الحرب في تلك
الغزوة. ويقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ما اغتنم منه وتعلق الخمس به،
بل الظاهر جواز أخذ ماله أينما وجد وبأي نحو كان ووجوب إخراج خمسه، لكن
الأحوط إخراج خمسه مطلقا.
273

(مسألة 1603) الثاني: المعدن، والمرجع فيه عقلاء العرف، ومنه الذهب والفضة
والرصاص والحديد والصفر والزيبق والياقوت والزبرجد والفيروزج والعقيق والقير
والنفط والكبريت والسبخ والكحل والزرنيخ والملح بل والجص والمغرة على الأحوط،
وهي الطين الأحمر. وطين الغسل والأرمني على الأحوط. وما شك في أنه من المعدن
لا خمس فيه من هذه الجهة.
(مسألة 1604) يعتبر في وجوب الخمس في المعدن النصاب وهو قيمة عشرين
دينارا والأحوط اعتبار ذلك قبل استثناء مؤونة الاخراج والتصفية، فإذا بلغ ذلك
يخرج الخمس من الباقي بعد استثناء المؤنة. وإن كان الأحوط إخراجه إذا بلغ دينارا
بل مطلقا. ولا يعتبر الاخراج دفعة على الأقوى، فلو خرج المعدن دفعات وكان
المجموع نصابا وجب خمس المجموع، حتى لو أخرج أقل من النصاب وأعرض ثم
عاد فأكمله، على الأحوط إن لم يكن أقوى.
(مسألة 1605) إذا اشترك جماعة في استخراج المعدن، فالأحوط بلوغ مجموع
الحصص النصاب.
(مسألة 1606) إذا اشتمل معدن واحد على جنسين أو أكثر، كفى بلوغ قيمة
المجموع نصابا على الأحوط إن لم يكن أقوى، أما لو كانت معادن متعددة متقاربة بحيث
يصدق عليها أنها معدن واحد، يضم بعضها إلى بعض على الأقوى وإن لم تكن كذلك أو
كانت أجناسا مختلفة، اعتبر في الخارج من كل منها النصاب دون المجموع على الأقوى.
(مسألة 1607) لا فرق في وجوب إخراج خمس المعدن بين كونه في أرض مباحة أو
مملوكة، والأول ملك من استنبطه، والثاني ملك لصاحب الأرض وإن أخرجه غيره.
وحينئذ فإن كان بأمر من مالكها يكون الخمس عليه بعد استثناء المؤنة ومنها أجرة المخرج
إذا لم يكن متبرعا. وإن لم يكن بأمر صاحبها، فهو له أيضا وعليه الخمس من دون
استثناء المؤنة، لأنه لم يصرف عليه مؤنة، وليس عليه ما صرفه المخرج لأنه لم يكن بأمره.
(مسألة 1608) إذا كان المعدن في الأرض المفتوحة عنوة، فإن كان في معمورها
التي هي للمسلمين أو كان في مواتها حال الفتح وأخرجه أحد المسلمين، ملكه وعليه
الخمس، وإن أخرجه غير المسلم ففي تملكه إشكال.
274

(مسألة 1609) إذا استنبط المعدن صبي أو مجنون، تعلق الخمس به على الأقوى
وإن وجب على الولي إخراج خمسه.
(مسألة 1610) لا فرق في تعلق الخمس بما خرج من المعادن بين كون المخرج
مسلما أو كافرا إذا كان في أرض مملوكة أو مباحة، فالمعادن التي بيد الكفار من
الذهب والفضة والحديد والنفط وغيرها حتى ما يستخرجون من الفحم الحجري
يتعلق بها الخمس، ومقتضى القاعدة عدم حل ما نشتري منهم قبل إخراج خمسها
ووجوب تخميسها علينا، إلا أنه قد أبيح لنا ذلك، فإن الأئمة عليهم السلام قد أباحوا لشيعتهم
خمس الأموال غير المخمسة المنتقلة إليهم ممن لا يعتقد وجوب الخمس، كافرا كان أو
غيره، سواء كان من ربح تجارة أو غيره.
(مسألة 1611) الثالث: الكنز - ويرجع في مسماه إلى العرف - إذا لم يعرف
صاحبه، سواء كان في بلاد الكفار، أو في الأرض الموات، أو الخربة من بلاد الإسلام،
وسواء كان عليه أثر الإسلام أم لا، فإنه يكون ملكا لواجده وعليه الخمس. نعم لو
وجده في أرض مملوكة له بابتياع ونحوه، عرفه المالك قبله مع احتمال كونه له، فإن
عرفه يعطى له، وإن لم يعرفه، عرفه السابق، إلى أن ينتهي إلى من يعرفه أو إلى مالك
غير معروف، فيكون للواجد وعليه الخمس. ولا يجب فيه الخمس حتى يبلغ
عشرين دينارا في الذهب، ومائتي درهم في الفضة، وأحدهما في غيرهما. وإن كان
إجراء حكم الكنز على غيرهما مبني على الاحتياط اللازم.
(مسألة 1612) ما يوجد في جوف الدابة المشتراة مثلا، بعد عدم معرفة البائع
يجري فيه حكم الفائدة والربح من حيث الخمس. وكذا ما يوجد في جوف السمكة، بل
لا تعريف فيه للبائع إلا في فرض نادر. بل الأحوط أيضا إلحاق غير السمكة والدابة من
الحيوان بهما، كما أن الأحوط إلحاق الجميع بالكنز من غير اعتبار بلوغ النصاب.
(مسألة 1613) الرابع: الغوص، فكل ما يخرج به من الجواهر مثل اللؤلؤ
والمرجان وغيرهما يجب فيه الخمس بشرط أن يبلغ قيمته دينارا فصاعدا، فلا خمس
فيما ينقص عن ذلك. ولا فرق بين اتحاد النوع وعدمه، وبين الاخراج دفعة أو دفعات
إذا توالت الغوصات عرفا، فيضم بعضها، إلى بعض، فلو بلغ قيمة المجموع دينارا
وجب الخمس. وإذا اشترك جماعة في الاخراج فهو كالاشتراك في استخراج المعدن.
275

(مسألة 1614) إذا أخرج الجواهر من البحر ببعض الآلات من دون غوص،
يكون بحكم الغوص على الأحوط. نعم لو خرج بنفسه على الساحل أو على وجه الماء
فأخذه من غير غوص لم يجب فيه الخمس من هذه الجهة، بل يدخل في أرباح
المكاسب فيعتبر فيه إخراج مؤنة السنة ولا يعتبر فيه النصاب.
(مسألة 1615) لا فرق بين ما يخرج من البحر بالغوص، وبين ما يخرج من
الأنهار الكبيرة كدجلة والنيل والفرات.
(مسألة 1616) إذا غرق شئ في البحر وأعرض عنه مالكه، فأخرجه الغواص
ملكه، فالأحوط إجراء حكم الغوص عليه، خصوصا إذا كان مثل اللؤلؤ والمرجان.
(مسألة 1617) إذا أخرج العنبر بالغوص جرى عليه حكمه، وإن أخذ من على
وجه الماء أو الساحل، فالأحوط ذلك أيضا، بل الأحوط عدم اعتبار النصاب فيه
ولا استثناء مؤونة السنة.
(مسألة 1618) إنما يجب الخمس في الغوص والمعدن والكنز، بعد إخراج ما
يغرمه على الحفر والسبك والغوص والآلات ونحو ذلك، ولكن الأحوط اعتبار
النصاب قبل الاخراج.
(مسألة 1619) الخامس: ما يفضل عن مؤونته له ولعياله من عمله في الصناعة
والزراعة وأرباح التجارة، بل وسائر التكسب ولو بحيازة مباح أو تنمية أو استنتاج أو
ارتفاع قيمة أو غير ذلك، مما يدخل تحت مسمى التكسب. بل تعلقه بكل فائدة وإن
لم يدخل تحت مسمى التكسب لا يخلو من قوة، مثل الهبات والهدايا والجوائز
والميراث الذي لم يحتسب. بل الأحوط تعلقه بمطلق الميراث والمهر وعوض الخلع،
وإن كان الأقوى عدم تعلقه بهذه الثلاثة. كما أنه لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة
وإن زاد عن مؤونة السنة. نعم يجب الخمس في نمائها إذا نمت في ملكه، وأما ما ملك
بالصدقة المندوبة، فالأحوط إعطاء خمسه إذا زادت عن مؤنة السنة.
(مسألة 1620) إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو
أدى خمسها وارتفعت قيمتها السوقية، لم يجب عليه خمس تلك الزيادة إذا لم تكن
العين من مال التجارة ورأس مالها، كما إذا كان المقصود من شرائها وإبقائها اقتنائها
276

والانتفاع بمنافعها ونمائها. وأما إذا كان المقصود الاتجار بها، فالظاهر وجوب خمس
ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إذا أمكن بيعها. وإذا لم يمكن بيعها إلا في السنة التالية،
تكون الزيادة من أرباح تلك السنة لا السنة الماضية على الأظهر.
(مسألة 1621) إذا كانت بعض الأموال التي يتجر بها وارتفعت قيمتها موجودة
عنده في آخر السنة وبعضها دينا على الناس، فإن باع الموجودة أو أمكن بيعها، يجب
عليه خمس ربحها وزيادة قيمتها. وأما التي على الناس فإن كان يطمئن باستحصالها
بحيث يكون ما في ذمتهم كالموجود عنده، فيخمس المقدار الزائد على رأس ماله، وأما
ما لا يطمئن باستحصاله فيصبر إلى زمان تحصيله، فإذا حصل في السنة التالية أو
بعدها، تكون الزيادة من أرباح تلك السنة.
(مسألة 1622) الخمس في هذا القسم، بعد إخراج المصارف التي تصرف في
تحصيل النماء والربح، وإنما يتعلق بالفاضل عن مؤنة السنة.
(مسألة 1623) أول السنة الشروع في التكسب، فيمن عمله التكسب واستفادة
الفوائد تدريجيا يوما فيوما أو في يوم دون يوم مثلا. وفي غيره من حين حصول الربح
والفائدة، فالزارع يجعل مبدأ سنته حين حصول فائدة الزرع في يده أي عند تصفية
الغلة، ومن كان عنده نخيل وأشجار مثمرة مبدأ سنته وقت قطاف الثمرة. نعم لو باع
الزرع أو الثمار قبل ذلك، يكون مبدأ استفادته وقت استلام ثمنه.
(مسألة 1624) المراد بالمؤنة، ما ينفقه على نفسه وعياله الواجبي النفقة وغيرهم
ومنها ما يصرفه في زياراته وصدقاته وجوائزه وهداياه وأضيافه، والحقوق اللازمة له
بنذر أو كفارة ونحو ذلك، وما يحتاج إليه من دابة أو دار أو فرش أو كتب، بل وما
يحتاج إليه لتزويج أولاده وختانهم، وما يحتاج إليه في المرض وفي موت أحد عياله
وغير ذلك.
(مسألة 1625) يعتبر في المؤنة الاقتصار على اللائق بحاله، دون ما يعد سفها
وسرفا، فلو زاد على ذلك لا يحسب منها. بل الأحوط مراعاة الوسط من المؤنة دون
المستوى العالي منها غير اللائق بحاله، وإن لم يعد سرفا، وإن كان الأقوى عدم
وجوب مراعاته.
277

(مسألة 1626) المدار في المؤنة على ما يصرف فعلا لا على مقدارها، فلو قتر
على نفسه أو تبرع بها متبرع لم يحسب له، بل لو وجب عليه في أثناء السنة صرف
المال في شئ كالسفر إلى الحج أو أداء دين أو كفارة ونحو ذلك ولم يصرفه عصيانا لم
يحسب مقداره من المؤونة على الأقوى.
(مسألة 1627) إذا كان له أنواع من الاستفادات من التجارة والزراعة وعمل
اليد وغير ذلك، يلاحظ في آخر السنة مجموع ما استفاده من الجميع، وسيأتي حكم
جبران الخسارة، فيخمس الفاضل عن مؤنة سنته، ولا يلزم أن يلاحظ لكل فائدة
سنة على حدة.
(مسألة 1628) الأحوط بل الأقوى عدم احتساب رأس المال من المؤنة مع الحاجة
إليه، فيجب عليه خمسه إذا كان من أرباح مكاسبه، فإذا لم يكن له مال فاستفاد بإجارة
أو غيرها مقدارا وأراد أن يجعله رأس مال للتجارة ويتجر به، يجب عليه إخراج خمسه،
وكذلك الحال في الملك الذي يشتريه من الأرباح ليستفيد من عائداته.
(مسألة 1629) إذا كان عنده أعيان من بستان أو حيوان مثلا لا خمس فيها
كالموروثة أو تعلق بها لكن أداه، فإن أبقاها للتكسب بعينها كالأشجار غير المثمرة
التي لا ينتفع إلا بخشبها وأغصانها، والغنم الذكور الذي يبقيه ليكبر ويسمن فيكتسب
بلحمه، فيتعلق الخمس بنمائها المتصل والمنفصل. وإن أبقاها للتكسب بنمائها المنفصل
كالأشجار المثمرة التي يكون المقصود الانتفاع بثمرها، وكالأغنام الإناث التي ينتفع
بنتاجها ولبنها وصوفها، فيتعلق الخمس بنمائها المتصل كالمنفصل على الأقوى. نعم لا
يتعلق الخمس بزيادة قيمتها السوقية إذا كان أصلها لا خمس فيه أو أدى خمسه كما
ذكرنا. وإن أبقاها للتعيش بنمائها بأن كان لأكل عياله وأضيافه، فيتعلق الخمس بما
زاد على المؤونة.
(مسألة 1630) إذا أتجر برأس ماله في السنة في نوع واحد من التجارة، فباع
واشترى مرارا، فخسر في بعضها وربح في بعض آخر، تجبر الخسارة بالربح، فإذا
تساويا فلا ربح، وإذا زاد الربح فقد ربح. وكذا لو أتجر به أنواعا من التجارة فربح في
بعضها وخسر في بعضها، فإن جبران الخسارة مع اتحاد رأس المال لا يخلو من قوة.
278

(مسألة 1631) إذا كان له تجارة وزراعة فربح في إحداهما وخسر في الأخرى،
فالأقوى عدم الجبران.
(مسألة 1632) إذا اشترى لمؤنة سنته من أرباحه ما تذهب عينه بالانتفاع به
كالدهن والأرز مثلا وزاد منها مقدار في آخر السنة، يجب إخراج خمسه قليلا كان أو
كثيرا. أما إذا اشترى ما ينتفع به مع بقاء عينه كالأثاث والسيارة مثلا، فالظاهر عدم
وجوب الخمس فيها.
(مسألة 1633) إذا احتاج إلى دار لسكناه مثلا وكان لا يمكن شراؤها إلا بإبقاء
ربح سنين متعددة، أو احتاج إلى جمع صوف غنمه من سنين متعددة لأجل فراشه أو
لباسه المحتاج إليه، فما يجمعه في سنين متعددة لهذه الحاجة لا خمس فيه.
(مسألة 1634) إذا مات في أثناء حول الربح، سقط اعتبار إخراج مؤنة بقية
السنة على فرض حياته.
(مسألة 1635) إذا كان عنده مال آخر لا خمس فيه، فالأقوى جواز إخراج
المؤنة من الربح، دون المخمس، ودون الاخراج منهما على التوزيع، وإن كان هو
الأحوط سيما الثاني.
(مسألة 1636) إذا استقرض من ابتداء سنته لمؤنته، أو اشترى لها بعض
الأشياء في الذمة، أو صرف بعض رأس المال فيها قبل حصول الربح، يجوز له أداء ما
استقرض أو ما في ذمته في سنة الربح. أما إذا لم يؤد فالأحوط عدم احتسابه. نعم لا
بأس بجبران رأس المال من ربح سنة الخسران.
(مسألة 1637) الدين الحاصل قهرا مثل قيم المتلفات، وأروش الجنايات،
والنذور والكفارات، يكون أداؤه في كل سنة من مؤنة تلك السنة، فينقص من
فوائدها وأرباحها كسائر المؤن. وأما الحاصل بالاستقراض والنسيئة وغير ذلك، فإن
كان لمؤنة سنة الربح يحسب منها أيضا إذا أداه، وإذا كان لمؤونة السنوات السابقة فأداه
في السنة اللاحقة، فالأقوى كونه من مؤونة سنة الأداء.
(مسألة 1638) إذا استطاع الحج في عام الربح، فإذا حج في تلك السنة تكون
مصارفه من المؤنة فلا يتعلق بها الخمس، وإذا أخر الحج لعذر أو عصيان، يجب
إخراج خمسه.
279

(مسألة 1639) إذا حصلت الاستطاعة للحج من أرباح متعددة، وجب الخمس
فيما سبق على عام الاستطاعة، أما المقدار المتمم لها في تلك السنة فلا يجب خمسه إذا
صرفه في الحج. وله أن يخرج جميع مصارف الحج من أرباح السنة الأخيرة. مثلا إذا
كانت مصارف الحج مئة وقد حصل عنده من السنين السابقة ثمانون واستفاد في السنة
الأخيرة مئة، يجوز له أن يصرف جميع ما استفاده في السنة الأخيرة في الحج، ولا
يخرج خمسها ولا يتعين عليه ضم العشرين إلى الثمانين الحاصلة له من السنين السابقة
وإخراج خمس الباقي.
(مسألة 1640) الخمس متعلق بالعين وإن تخير المالك بين دفعه من العين أو من
مال آخر والأحوط أن يكون من الأثمان، وليس له أن ينقل الخمس إلى ذمته ثم
يتصرف في المال الذي تعلق به الخمس. نعم يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم
الشرعي أو وكيله.
(مسألة 1641) لا يعتبر الحول في وجوب الخمس في الأرباح وغيرها وإن جاز
التأخير إليه في الأرباح. ولو أراد التعجيل جاز له، وليس له الرجوع بعد ذلك لو بان
له عدم الخمس مع تلف العين وعدم علم الأخذ.
(مسألة 1642) السادس: الأرض التي اشتراها الذمي من مسلم، فإنه يجب
على الذمي خمسها ويؤخذ منه قهرا إذا لم يدفعه باختياره. ولا فرق بين كونها أرض
زراعة أو أرض بستان أو أرض دار أو غيرها، ما دامت المعاملة على الأرض مستقلة.
وكذا إذا كانت مشتراة مثلا ضمن الدار، على الأقوى. نعم في الأراضي المفتوحة عنوة
لو قلنا بعدم دخول الأرض في المبيع وأن المبيع هو الآثار، فإذا اشترى الدار لا يثبت
الخمس على الأرض.
(مسألة 1643) القول بوجوب هذا الخمس إذا انتقلت إلى الذمي بغير الشراء من
سائر المعاوضات، بل بمطلق النواقل لا يخلو من قوة، والأولى اشتراط أداء الخمس
عليه في عقد المعاوضة.
(مسألة 1644) لا يصح اشتراط سقوط الخمس في مورد ثبوته، فلو اشترط
الذمي في ضمن عقد الشراء من مسلم عدم الخمس، لم يصح. وكذا لو اشترط كونه
على البائع. نعم لو اشترط عليه أن يعطي مقداره عنه، صح.
280

(مسألة 1645) لا يسقط هذا الخمس عنه لو باعها من ذمي آخر أو مسلم ولو
كان مالكها بالأصل، بل ولو ردها إلى البائع المسلم بإقالة أو خيار. بل لا يسقط عنه
لو أسلم بعد الشراء أيضا.
(مسألة 1646) مصرف هذا الخمس المأخوذ من الذمي مصرف غيره على
الأصح، نعم لا نصاب له ولا نية حتى على الحاكم، لا حين الأخذ ولا حين الدفع
على الأصح.
(مسألة 1647) إنما يتعلق الخمس برقبة الأرض، ويتخير الذمي بين دفع
الخمس من عينها أو قيمتها ولو كان فيها غرس أو عليها بناء فليس لولي الخمس قلعه
ولكن عليه أجرة المثل لأرض الخمس. ولو أراد دفع القيمة في الأرض المزروعة أو
المغروسة أو المبنية، تقوم بما فيها مع الأجرة فيؤخذ خمسها.
(مسألة 1648) إذا اشترى الذمي الأرض المفتوحة عنوة، وكان بيعها له
صحيحا، كما لو باعها ولي المسلمين لمصالحهم، أو باع أهل الخمس من سهمهم بناء
على تعلق الخمس بتلك الأراضي، فيجب عليه الخمس. وأما على القول الوجيه وهو
اختصاص الخمس بالمنقول من الغنائم فالأراضي ملك للمسلمين وكذا يجب الخمس إذا
بيعت تبعا لما عليها من آثار. أما إذا بيعت الآثار دون الأرض، فلا يجب الخمس كما
مر. والأقوى عدم وجوبه أيضا إذا انتقلت الأرض الزراعية إلى ذمي من مسلم تقبلها
من الحكومة، أي انتقل حق الاختصاص إليه.
(مسألة 1649) إذا اشترى الذمي من ولي الخمس خمس الأرض التي وجب
عليه خمسها، وجب عليه خمس ذلك الخمس الذي اشتراه، وهكذا. نعم إذا أدى
قيمة الخمس فلا خمس عليه لأنه مخير بين أداء القيمة والعين.
(مسألة 1650) السابع: الحلال المختلط بالحرام مع عدم تمييز صاحبه أصلا ولو
في عدد محصور، وعدم العلم بقدره كذلك أيضا، فإنه يخرج منه الخمس حينئذ.
(مسألة 1651) إذا علم قدر المال الحرام، فإن علم صاحبه دفعه إليه ولا خمس
فيه، بل لو علمه في عدد محصور فالأحوط تخليص ذمته منهم جميعا، فإن لم يمكن،
فالأقوى توزيع المال عليهم بالسوية إذا لم يقع تحت يده بسوء اختياره.
281

(مسألة 1652) إذا جهل صاحبه أو كان في عدد غير محصور، تصدق بالمال
بإذن الحاكم على الأحوط، ويجوز أن يتصدق به على من شاء، إلا إذا ظن أن أحدا
صاحبه فالأحوط التصدق به عليه إذا كان محلا لذلك. نعم لا يجدي ظنه بالخصوص
في العدد المحصور.
(مسألة 1653) إذا علم المالك وجهل المقدار، تصالح معه.
(مسألة 1654) مصرف هذا الخمس كمصرف غيره على الأصح، والأحوط
إعطاؤه لمستحقه بقصد ما في الذمة من الخمس أو الصدقة.
(مسألة 1655) إذا علم أن مقدار الحرام أكثر من الخمس وإن لم يعلم مقداره،
فالظاهر إجراء حكم مجهول المالك عليه ولكن لا يترك الاحتياط في مقدار خمسه
بتطبيقه على المصرفين أو إخراج مجموع ما علم من الحرام إلى الحاكم والأحوط له
أيضا التطبيق على المصرفين في مقدار الخمس منه.
(مسألة 1656) إذا كان حق الغير في ذمته لا في عين ماله، فليس من موارد
إخراج الخمس، فإذا علم مقداره ولم يعلم صاحبه حتى في عدد محصور، تصدق به
عن صاحبه بإذن الحاكم الشرعي، أو دفعه إليه. وإن علم صاحبه في عدد محصور
فقد مر أن حكمه التوزيع عليهم على الأقوى إن لم يكن اشتغال ذمته به بسوء اختياره
وإلا فيجب عليه إرضاء الجميع. وإذا لم يعلم مقدار ما في الذمة وتردد بين المتباينين
وكانا قيميين كالشاة والفرس يجب عليه أداء قيمة أقلهما قيمة لدوران الأمر بين الأقل
والأكثر، وإن كانا مثليين كالحنطة والشعير أو أحدهما مثليا والآخر قيميا، فالأقوى
وجوب تمكينه لهما وتسليمه إياهما ولكن لا يجوز لصاحب الحق تصرفهما معا وإلا
يصير حاله كحال صاحبه الذي كان عليه الحق، فعلى هذا لا بد من التراضي أو
الرجوع إلى القرعة لأنه لكل أمر مشكل. أما إذا تردد بين الأقل والأكثر، فيأخذ
بالأقل ويدفعه إلى مالكه لو كان معلوما بعينه. ولو تردد في محصورين، أو كان مجهولا،
أو معلوما في غير محصورين، تصدق به كما مر، والأحوط حينئذ المصالحة مع الحاكم
بمقدار متوسط بين الأقل والأكثر، فيكون المتوسط بحكم معلوم المقدار.
(مسألة 1657) إذا كان الحرام المختلط بالحلال خمسا أو زكاة أو وقفا خاصا أو
عاما، فهو كمعلوم المالك، فلا يجزيه إخراج الخمس.
282

(مسألة 1658) إذا كان الحلال المختلط مما تعلق به الخمس، وجب عليه بعد
خمس التحليل خمس آخر للمال الحلال.
(مسألة 1659) إذا تبين المالك بعد إخراج الخمس، لم يضمن على الأقوى، لأن
الحكم بالتصدق منصوص. ولو علم بعد إخراج الخمس أن الحرام أقل منه، فالأحوط
أن لا يسترد الزائد. وأما لو علم أنه أكثر منه، فالأحوط التصدق بالزائد إن علم
بمقداره وإلا فيجري عليه حكم المال المختلط احتياطا.
(مسألة 1660) إذا تصرف في المال المختلط بالحرام بالاتلاف قبل إخراج
الخمس، صار الحرام في ذمته. والظاهر سقوط الخمس، فيجري عليه حكم رد المظالم
وهو وجوب التصدق، والأحوط دفع مقدار الخمس إلى الهاشمي بقصد ما في الذمة
بإذن المجتهد.
(مسألة 1661) إذا تصرف فيه بمثل البيع يكون فضوليا بالنسبة إلى الحرام
المجهول المقدار، فإن أمضاه الحاكم، ففي العوض الخمس إن كان مقبوضا لأنه من
المختلط بالحرام، ويكون المعوض بتمامه ملكا للمشتري. وإن لم يمضه الحاكم يكون
العوض من المختلط بالحرام الذي جهل مقداره وعلم صاحبه، فيجري عليه حكمه.
وأما المعوض فهو باق على حكمه السابق فيجب تخميسه، ولولي الخمس حينئذ
الرجوع على البائع كما له الرجوع على المشتري.
مصرف الخمس
(مسألة 1662) يقسم الخمس ستة أسهم: سهم لله تعالى جل شأنه، وسهم
للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وسهم للإمام عليه السلام، وهذه الثلاثة الآن لصاحب الأمر أرواحنا له الفداء
وعجل الله تعالى فرجه الشريف. وثلاثة للأيتام والمساكين وأبناء السبيل ممن انتسب
بالأب إلى عبد المطلب، فلو انتسب إليه بالأم، لم يحل له الخمس، وحلت له الصدقة
على الأصح.
(مسألة 1663) يعتبر الايمان أو ما في حكمه في جميع مستحقي الخمس، ولا
تعتبر العدالة على الأصح، وإن كان الأولى ملاحظة الرجحان في الأفراد، سيما
283

المتجاهر بارتكاب الكبائر فإنه لا ينبغي الدفع إليه منه. بل يقوى عدم الجواز إذا كان
في الدفع إعانة على الإثم والعدوان وإغراء بالقبيح، وكان في المنع ردع عنه.
(مسألة 1664) الأقوى اعتبار الفقر في اليتامى، أما ابن السبيل فلا يعتبر فيه الفقر
في بلده، نعم يعتبر الحاجة في بلد التسليم ولو كان غنيا في بلده، كما مر في الزكاة.
(مسألة 1665) الأحوط إن ليكن أقوى عدم دفع من عليه الخمس لمن تجب
عليه نفقته، سيما لزوجته إذا كان للنفقة. أما دفعه إليهم لغير ذلك مما يحتاجون إليه ولم
يكن واجبا عليه كالدواء مثلا، أو نفقة من يعولون به، فلا بأس. كما لا بأس بدفع
خمس غيره إليهم ولو للانفاق، حتى للزوجة المعسر زوجها.
(مسألة 1666) لا يصدق مدعي السيادة إلا بالبينة والشياع المفيد للعلم ويكفي
في ثبوتها كونه معروفا ومشتهرا بها في بلده من دون نكير من أحد.
(مسألة 1667) الأحوط عدم الاعطاء إلى المستحق أكثر من مؤونة سنة ولو
دفعة، وإن جاز ذلك في الزكاة، كما أن الأحوط للمستحق عدم الأخذ لأكثر من سنة.
(مسألة 1668) النصف من الخمس الذي للأصناف الثلاثة، أمره بيد المالك،
فيجوز له دفعه إليهم بنفسه من دون مراجعة المجتهد، وإن كان الأحوط إيصاله إليه أو
الصرف بإذنه. وأما النصف الذي للإمام عليه السلام فأمره راجع إلى المجتهد الجامع للشرائط،
فلا بد من الايصال إليه حتى يصرفه فيما يكون مصرفه بحسب فتواه، أو يصرفه بإذنه
فيما يعينه له من مصرف، ويشكل دفعه إلى غير من يقلده إلا إذا انطبق ما هو كان
المصرف عنده على ما هو المصرف عند مجتهده، أو يراعى ما هو المصرف عند مجتهده
ومراعيا له.
(مسألة 1669) الأقوى جواز نقل الخمس إلى بلد آخر، بل ربما يترجح عند
وجود بعض المرجحات حتى مع وجود المستحق في البلد، ويضمنه حينئذ إذا تلف في
الطريق. بخلاف ما إذا لم يوجد المستحق في بلده فإنه لا ضمان عليه. وكذا لو كان
النقل بإذن المجتهد وأمره فإنه لا ضمان عليه، حتى مع وجود المستحق في البلد.
(مسألة 1670) قد يجب نقل الخمس من بلده، كما إذا لم يوجد مستحق فعلا ولا
يتوقع وجوده فيما بعد. وليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه إلى المستحق
284

عوضا عما عليه في بلده، أو كان له دين على من في بلد آخر فاحتسبه. بل وكذا لو
نقل قدر الخمس من ماله إلى بلد آخر فدفعه عوضا عنه.
(مسألة 1671) إذا كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده، يتعين نقل حصة
الإمام عليه السلام إليه أو الاستئذان منه في صرفها في بلده. بل الأقوى جواز ذلك لو وجد
مجتهد آخر في بلده أيضا. بل الأولى والأحوط النقل إذا كان من في بلد آخر أفضل،
أو كان هناك بعض المرجحات، ولكن إذا لم يكن المرجح ملزما ولم يكن نقله بإذن
المجتهد يضمنه إن تلف في الطريق.
(مسألة 1672) إذا كان المجتهد الذي يقلده في بلد آخر، وكان مصرف مجتهد
بلده مخالفا لفتوى مرجعه، وكان يعمل على رأيه، يتعين عليه النقل إلى مقلده، إلا
إذا أذن له في صرفه في بلده.
(مسألة 1673) يجوز للمالك أن يدفع ثمن ما تعلق به وإن أراد أن يدفعه من مال
آخر غير الأثمان فالأحوط أن يكون ذلك بإجازة الحاكم وبالقيمة الواقعية أو دفع العين
إلى السادة وشرائه منهم بالقيمة الواقعية، ولا يعتبر رضا المستحق أو المجتهد بالنسبة
إلى حق الإمام عليه السلام في دفع الثمن.
(مسألة 1674) في احتساب ما في ذمة المستحق خمسا من غير إذن المجتهد
إشكال ويرتفع الاشكال بأن يؤدي المستحق دينه به بعد دفعه إليه.
(مسألة 1675) لا يجوز للمستحق أن يأخذ الخمس ويرده على المالك إلا في
بعض الأحوال، كما إذا كان عليه مبلغ كثير ولم يقدر على أدائه بأن صار معسرا وأراد
تخليص ذمته، فلا مانع من أن يحتال بذلك لتخليص ذمته.
(مسألة 1676) إذا انتقل إلى شخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه
كالكفار والمخالفين، لم يجب عليه إخراجه ويحل له الجميع، فإن الأئمة صلوات الله
عليهم قد أباحوا لشيعتهم ذلك، سواء كان من ربح تجارة أو معدن أو غير ذلك،
وسواء كان من المناكح والمساكن والمتاجر أو غيرها. كما أنهم أباحوا للشيعة في أزمنة
عدم بسط أيديهم تقبل الأراضي الخراجية من يد الجائر ومقاسمته عليها، وتقبل
عطاياه، وأخذ الخراج منه، وغير ذلك مما يصل إليهم منه ومن أتباعه، وحكموا
285

بمعاملتهم معاملة الحاكم العادل وأمضوا أفعالهم فيما يكون محل ابتلاء شيعتهم، صونا لهم
عن الوقوع في الحرام والعسر والحرج.
الأنفال
(مسألة 1677) وهي ما يستحقه الإمام عليه السلام لمنصب إمامته، كما كان للنبي صلى الله عليه وآله
لمنصب نبوته ورياسته الإلهية، وهي أمور: منها: الأرض التي لم يوجف عليها بخيل
ولا ركاب، سواء انجلى عنها أهلها أو أسلموها للمسلمين طوعا، بل ظاهر بعض
الأخبار وكلمات بعض أن كل ما لم يوجف عليه بخيل وركاب فهو للإمام عليه السلام، ولا
اختصاص له بالأراضي. ومنها: الأرض الموات التي لا ينتفع بها إلا بتعميرها
وإصلاحها، لاستيجامها أو لانقطاع الماء عنها أو لاستيلائه عليها أو لغير ذلك، سواء
لم يجر عليها ملك أحد كالمفاوز، أو جرى ولكن باد ولم يعلم الآن. ويلحق بها القرى
التي قد جلا أهلها فخربت كبابل والكوفة ونحوهما، فهي من الأنفال بأرضها وآثارها
وآجرها وأحجارها، والموات الواقعة في الأرض المفتوحة عنوة كغيرها على الأقوى.
نعم ما علم أنها كانت معمورة حال الفتح فعرض لها الموتان بعد ذلك فهي باقية على
ملك المسلمين كالمعمورة فعلا. ومنها: سواحل البحار وشواطئ الأنهار، بل كل
أرض لا رب لها وإن لم تكن مواتا، بل كانت قابلة للانتفاع من غير كلفة، كالجزيرة
التي تخرج في النهر أو البحر. ومنها: رؤوس الجبال وما يكون فيها من النبات
والأشجار والأحجار ونحوها، وبطون الأودية، والآجام وهي الأراضي الملتفة
بالقصب أو المملوءة بسائر الأشجار، من غير فرق في هذه الثلاثة بين ما كان في أرض
الإمام عليه السلام، أو الأرض المفتوحة عنوة، وغيرهما. نعم ما كان ملكا لأحد ثم صار
أجمة مثلا فهو باق على ما كان. ومنها: ما كان للملوك من قطائع وصفايا. ومنها:
صفو الغنيمة كفرس جواد وثوب نفيس وجارية حسناء وسيف قاطع ودرع فاخر،
ونحو ذلك، إذا صدق عليها الصفوة عند العرف حقيقة لا مسامحة بملاحظة كونها صفوة
بالنسبة إلى ما دونها، بشرط أن يأخذها الإمام ويقبلها، وإلا دخلت في الغنيمة
ولحقها حكمها على ما يستفاد من ظاهر الأخبار. ومنها: الغنائم التي ليست بإذن الإمام، ومنها: إرث من لا وارث
286

له. ومنها: المعادن التي لم تكن لمالك خاص تبعا
لملكيته الأرض، أو إحيائه إياها.
(مسألة 1678) الظاهر إباحة جميع الأنفال للشيعة في زمن الغيبة على وجه يجري
عليها حكم الملك، من غير فرق بين الغني منهم والفقير. نعم الأحوط إن لم يكن
أقوى اعتبار الفقر في إرث من لا وارث له، بل الأحوط تقسيمه في فقراء بلده،
وأحوط من ذلك إن لم يكن أقوى، إيصاله إلى نائب الغيبة.
287

كتاب المكاسب والمتاجر
(مسألة 1679) يجب على كل من يباشر التجارة وسائر أنواع التكسب، تعلم
أحكامها ليعرف صحيحها من فاسدها ويسلم من الربا، فعن أمير المؤمنين عليه السلام (يا
معشر التجار الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، والله للربا في هذه
الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا. شوبوا أيمانكم بالصدق. التاجر فاجر والفاجر
في النار، إلا من أخذ الحق وأعطى الحق) وعن الصادق عليه السلام (من أراد التجارة
فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه، ومن لم يتفقه في دينه ثم أتجر
تورط في الشبهات).
(مسألة 1680) اللازم أن يكون عالما ولو عن تقليد بحكم المعاملة التي يجريها
حين إجرائها، بل بعد إجرائها، بأن يسأل عن حكمها فإذا تبين كونها صحيحة رتب
عليها الأثر وإلا فلا. وأما قبل السؤال فيجب عليه الاحتياط بترك التصرف في الثمن
والمثمن للعلم الاجمالي بحرمة التصرف في أحدهما. نعم فيما اشتبه حكمه من جهة
الحرمة والحلية لا من جهة مجرد الفساد والصحة كموارد الشك في كون المعاملة ربوية،
يجب على الجاهل الاجتناب حتى يسأل عن حكمه ويتعلمه.
(مسألة 1681) من المعاملات المحرمة الباطلة بيع وشراء عين النجس كالبول
والغائط على تفصيل يأتي، والمعاملة على ما تنحصر منفعته العادية بعمل حرام، مثل
آلات القمار وآلات اللهو، والمعاملة التي فيها ربا، وبيع الجنس المخلوط بجنس آخر
لا يعلمه المشتري ولم يخبره به البائع، مثل بيع السمن المخلوط. ويسمى ذلك
(الغش) فيجوز للمشتري في أي وقت علم أن يفسخ المعاملة. وفي بعض الصور تبطل
المعاملة من أصلها، كما لو أظهر الشئ على خلاف جنسه فباعه النحاس المطلي
289

بالذهب على أنه ذهب مثلا. فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (من غشنا فليس منا) قالها ثلاثا
و (من غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه، وسد عليه معيشته، ووكله إلى
نفسه) وغيرها.
(مسألة 1682) لا يجوز التكسب بالأعيان النجسة بجميع أنواعها بالبيع والشراء
وجعلها ثمنا وأجرة وجعالة، بل مطلق المعاوضة، كجعلها مهرا أو عوض خلع ونحوه.
بل يقوى عدم جواز هبتها والصلح عليها بلا عوض أيضا. هذا إذا لم تكن لها منفعة
معتد بها عند العقلاء أو لم تكن منافعها المعتد بها محللة. أما إذا كانت لها منافع محللة
غير مشروطة بالطهارة، فلا مانع من بيعها، لكن عدم الجواز أحوط هذا في غير الخمر
والخنزير والميتة وأما فيها فلا يجوز مطلقا وضعا ولا تكليفا سيما في الخمر.
(مسألة 1683) لا إشكال في جواز بيع ما لا تحله الحياة من أجزاء الميتة مما له
منفعة محللة مقصودة كشعرها وصوفها، بل ولبنها أيضا إذا قلنا بطهارته كما مر. ولا
يبعد جواز بيع الميتة الطاهرة كالسمك الطافي إذا كانت له منفعة ولو من زيته، بل لا
يخلو من قوة.
(مسألة 1684) لا إشكال في جواز بيع الأرواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة، كما
يجوز بيع بول الإبل، وأما غيره من الأبوال الطاهرة، فلا يبعد الجواز فيما له منفعة
محللة مقصودة.
(مسألة 1685) يجوز بيع المتنجس الذي يقبل التطهير، وكذا ما لا يقبله ولكن
يمكن الانتفاع به مع نجاسته في حال الاختيار، بأن لا تكون منفعته المحللة المقصودة
متوقفة على طهارته، كالزيت والنفط المتنجسين الذين يمكن الانتفاع بهما بالاسراج
وغيره، والصبغ والطين المتنجس، والصابون الذي لا يمكن تطهيره. وأما ما لا يقبل
التطهير ويكون الانتفاع به متوقفا على طهارته كالسكنجبين النجس مثلا ونحوه، فلا
يجوز بيعه والمعاوضة عليه.
(مسألة 1686) لا بأس ببيع الترياق المشتمل على لحوم الأفاعي مع استهلاكها
فيه، كما هو الغالب بل المتعارف، ويجوز استعماله في غير الأكل، أما فيه فالأحوط
الاقتصار على حال الضرورة.
290

(مسألة 1687) لا يجوز بيع ما يشتمل على الخمر لعدم قابليتها للتطهير وعدم
جواز الانتفاع بها مع نجاستها. نعم قد يجوز بيع الدواء المشتمل عليها وعلى النجس،
والملاك فيه أن تكون الحاجة والضرورة إلى استعماله وإلى شرائه كثيرة، فيجوز
استعماله وبيعه وشراؤه إذا كان مستهلكا في الدواء وإلا فالأحوط ترك بيعه وشرائه.
(مسألة 1688) يجوز بيع الهرة ويحل ثمنها بلا إشكال، وأما غيرها من أنواع
السباع فالظاهر جواز بيع ما كان منها ذا منفعة محللة مقصودة عند العقلاء. وكذا
الحشرات بل المسوخ أيضا إذا كانت كذلك. فهذا هو المدار في جميع الأنواع، فلا
إشكال في بيع العلق الذي يمص الدم الفاسد، ودود القز ونحل العسل وإن كانت من
الحشرات، وكذا الفيل الذي ينتفع بظهره وعظمه، وإن كان من المسوخ.
(مسألة 1689) يحرم بيع كل ما كان آلة للحرام بحيث كانت منفعته المقصودة
منحصرة فيه، مثل آلات اللهو من العيدان والمزامير والبرابط والصفحات الغنائية
لصندوق حبس الصوت والأشرطة المسجل عليها الغناء ونحوها، وآلات القمار من
النرد والشطرنج ونحوهما، وكما يحرم بيعها وشراؤها يحرم صناعتها والأجرة عليها، بل
يجب كسرها وتغيير هيئتها. نعم يجوز بيع مادتها من الخشب والنحاس مثلا بعد
الكسر، أما قبله فالأقوى عدم جوازه حتى مع الاشتراط إذا انحصرت منفعتها
المقصودة في الحرام. وأما أواني الذهب والفضة، فالأظهر جواز بيعها وشرائها وأخذ
الأجرة على صنعها ما دامت لغير الاستعمال المحرم، إذا كان المقصود منها ادخار
الذهب والفضة وحفظهما لا اتخاذ الآنية. وأما بيع مادتها، فالظاهر أنه لا إشكال فيه،
إذ لم يقصد منه الاستعمال المحرم.
(مسألة 1690) يحرم التعامل بالنقود المزورة المغشوشة المصنوعة لأجل غش
الناس، بجعلها عوضا أو معوضا في المعاملات، مع جهل من تدفع إليه، بل مع علمه
واطلاعه أيضا على الأحوط إن لم يكن أقوى. بل لا يبعد وجوب إتلافها ولو
بكسرها دفعا لمادة الفساد.
(مسألة 1691) يحرم بيع العنب أو التمر لأجل أن يعمل خمرا، والخشب مثلا
لأجل أن يعمل صنما أو آلة لهو أو قمار ونحو ذلك، وكذا تحرم إجارة المساكن لأجل أن
291

تباع فيها أو تحرز فيها الخمر، أو لأجل أن يعمل فيها بعض الأمور المحرمة،
وإجارة السفن أو الحمولة لحمل الخمر وشبهها، بحيث يكون قصده من المعاملة ذلك،
وفي هذه الصورة كما يحرم البيع والإجارة يفسدان أيضا، فلا يحل له الثمن. وأما إذا
كان بنحو الإخبار وكان بيعه إياه مبنيا على عدم مبالاته، فهو كالبيع لمن يعلم أنه يجعله
خمرا وليس بحرام، لأنه لم يبعه لأجله. وكذا إجارة المسكن لمن يعلم أنه يجعله محرزا
له مثلا من دون أن تكون الإجارة لأجله، فالظاهر جوازه، وإن كان الأحوط تركه.
(مسألة 1692) يحرم بيع السلاح لأعداء الدين وإعطائهم إياه في حالة حربهم
المسلمين، بل حال عدم حربهم إذا كان يخاف منهم عليهم ويكون ذلك تقوية لهم،
كما يحرم المعاملة معهم بكل ما يوجب ضعفا في المسلمين وقوة الكافرين.
(مسألة 1693) يلحق بالكفار من يعادي الفرقة الحقة ويخشى منه إذا بيع
السلاح له، ولا يبعد شموله قطاع الطرق وأشباههم.
(مسألة 1694) يحرم تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والحيوان إذا كانت
الصورة مجسمة، كالمعمولة من الشمع أو الخشب أو الفلزات أو غيرها، أما مع عدم
التجسيم فلا يبعد الجواز ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط فيه وأما تصوير غير ذوات
الأرواح كالأشجار والأوراد ونحوها، فلا بأس به ولو مع التجسيم.
(مسألة 1695) الظاهر أنه ليس من التصوير الحرام (التجسيم) التصوير
المتداول في زماننا، فلا بأس به إذا لم تترتب عليه مفسدة أخرى.
(مسألة 1696) كما يحرم عمل المجسمات من ذوات الأرواح يحرم التكسب بها
وأخذ الأجرة على صنعها، فإن الله تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه. وأما بيعها
واقتناؤها واستعمالها والنظر إليها، فالأقوى جواز ذلك كله خصوصا في غير المجسمة،
وليست هي كآلات اللهو وشبهها مما يحرم اقتناؤها وإبقاؤها ويجب كسرها وإتلافها.
نعم يكره اقتناؤها وإمساكها في البيت، ولا سيما المجسمة منها، فإن الكراهة بيعا
واقتناءا فيها أشد وآكد، بل الأحوط ترك بيعها واقتنائها.
(مسألة 1697) الغناء حرام فعله وسماعه والتكسب به، وليس هو مجرد تحسين
الصوت، بل هو مد الصوت وترجيعه بكيفية خاصة مطربة تناسب مجالس اللهو ومحافل
292

الطرب، وتتلاءم مع آلات اللهو واللعب. ولا فرق بين استعماله في كلام حق
أو غيره، فلو تغنى بقراءة القرآن والدعاء والمرثية بشكل يصدق معه أنها اتخذت
مزامير يترنم بها، فيحرم ذلك، بل يتضاعف عقابه.
(مسألة 1698) لا يبعد استثناء غناء المغنيات في الأعراس دون الرجل والغلام
بشرط أن لا تستعمل فيه آلات اللهو، ولا يكون المستمع رجلا، ولا يدخل عليهن
الرجال، ويكون في حال زفاف المرأة إلى بيت زوجها، هذا ولكن الأحوط تركه.
(مسألة 1699) معونة الظالمين في ظلمهم بل في كل محرم، محرم بلا إشكال، بل
ورد عن النبي صلى الله عليه وآله (من مشى إلى ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج عن
الإسلام) وعنه صلى الله عليه وآله (إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الظلمة، أين أعوان
الظلمة، أين أشباه الظلمة، حتى من برا لهم قلما، أو لاق لهم دواة، فيجتمعون في
تابوت من حديد ثم يرمى بهم في جهنم) وأما معونتهم في غير المحرمات، فالظاهر
جوازها ما لم يعد من أعوانهم وحواشيهم والمنسوبين إليهم ولم يكن اسمه مقيدا في
دفترهم وديوانهم، على نحو يكون ذلك موجبا لازدياد شوكتهم، وتعظيم مقامهم، أو
مؤثرا في إدارة رئاستهم. بل الظاهر أن إعانة الآثم في إثمه حرام ما دام آثما، ولا
تختص الحرمة بإعانة الظالم في خصوص الظلم أو المحرمات.
(مسألة 1700) يحرم حفظ كتب الضلال ونسخها وقراءتها والنظر فيها ودرسها
وتدريسها، والظاهر أن مناط الحرمة أن يكون هو في معرض ضلالة بها أو غيره،
فإذا كان الحفظ أو القراءة أو النظر فيها أو نسخها في معرض ذلك فهو حرام، سواء
كان له غرض صحيح أم لا. وإذا كان مأمونا من ذلك فلا يحرم ما ذكر ولو كان غرضه
مجرد الاطلاع. ويشمل هذا الحكم غير الكتب من وسائل التعليم أو الأخبار والاعلام
كالجرايد والمجلات والمسجلات، والكتب المهاجمة لشيعة أهل بيت العصمة عليهم السلام.
(مسألة 1701) عمل السحر وتعليمه وتعلمه والتكسب به حرام، حتى ورد في
الخبر (الساحر كالكافر) و (من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا فقد كفر،
وكان آخر عهده بربه، إلا أن يتوب) والمراد بالسحر ما يعمل من كتابة أو تكلم أو
دخنة أو تصوير أو نفث أو عقد، يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله، في إحضاره أو
293

إنامته أو إغمائه أو تحبيبه أو تبغيضه ونحو ذلك، وهو حرام حتى لدفع السحر على
الأحوط. نعم يجوز بل يجب في مورد يتوقف حفظ واجب أهم عليه، كحفظ النفس
المحترمة المسحورة أو دفع الشبهة عمن اشتبه عليه السحر بالمعجزة، أو لدفع منكر لا
يرضى الشارع بوقوعه ويكون دفعه أهم من ترك السحر، ويلحق بالسحر في الحكم
الكهانة وهي الاخبار عما يكون في المستقبل بزعم أنه يخبره عنها بعض الجان.
(مسألة 1702) لا يبعد صدق السحر على مطلق إيجاد شئ تترتب عليه آثار
غريبة بحسب العادة تشبه الكرامات، سواء كان له أثر في بدن المسحور أم لا، بل
سواء كان المسحور إنسانا أو حيوانا أو جمادا، مثل تحريك الشجر أو اضطراب السقف
والجدران أو توقف الماء أو غير ذلك، من دون استناد إلى الأمور المحسوسة، ولا إلى
الشرعيات كالآيات والدعوات المأثورات.
(مسألة 1703) يلحق بالسحر استخدام الملائكة، وإحضار الأرواح وتسخيرهم
وكذا إحضار المؤمنين من الجن وغيرهم فلا يترك الاحتياط.
(مسألة 1704) في إلحاق الشعبذة بالسحر تأمل وإشكال، وهي إراءة غير
الواقع واقعا بسبب الحركة السريعة، نظير ما يرى من إدارة النار بحركة سريعة دائرة
متصلة، مع أنها بحسب الواقع منفصلة فالاحتياط ترك الاشتغال بها.
(مسألة 1705) تحرم القيافة، وهي الاستناد إلى علامات خاصة في إلحاق بعض
الناس ببعض في النسب ونفي بعض عن بعض، على خلاف ما جعل في الشرع ميزانا
للالحاق وعدمه.
(مسألة 1706) يحرم التنجيم، والظاهر أنه عبارة عن استخراج ترتب الآثار
على الحركات الفلكية والاتصالات الكوكبية كالرخص والغلاء والسعد والنحس وغير
ذلك، بواسطة النظر والمحاسبة وسائر المقدمات من الزيجات وغيرها، معتقدا تأثيرها
في هذا العالم مستقلة، أو شريكة مع الخالق تعالى الله عما يقول المشركون. وأما
الاعتقاد بما أعطاه الله إياه من الآثار إذا حصل له عن دليل، فلا إشكال فيه وإن كان
خاطئا. وكما يحرم التنجيم يحرم الاخبار بما استخرج به على نحو الجزم. وليس منه
الاخبار عن الخسوف والكسوف والأهلة واقتران الكواكب وانفصالها، لأن أمثال
294

ذلك بسبب الحساب بعد ضبط الحركات ومقاديرها وتعيين مدارات الكواكب وأوضاعها
وله أصول وقواعد سديدة عندهم، والخطأ الواقع أحيانا منهم في ذلك ناشئ من
الخطأ في الحساب.
(مسألة 1707) يحرم الغش بما يخفى في المعاملة مثل خلط اللبن بالماء والدهن
بالشحم ونحو ذلك من دون إعلام الطرف، هذا إذا كان الخلط قليلا بحيث لا يخرج
المخلوط عن مسماه عرفا، أما إذا كان كثيرا بحيث يعدان جنسين فتفسد المعاملة من
أصلها. فعن النبي صلى الله عليه وآله (ليس منا من غش مسلما أو ضره أو ما كره) و (من
غش مسلما في بيع أو شراء فليس منا، ويحشر مع اليهود يوم القيامة، لأنه من
غش الناس فليس بمسلم). وقال الصادق عليه السلام لرجل يبيع الطحين (إياك والغش
فإن من غش غش في ماله، فإن لم يكن له مال غش في أهله).
(مسألة 1708) إذا كان الغش كثيرا كما مر أو كان بإظهار الشئ على خلاف
جنسه كبيع المموه بالذهب على أنه ذهب، ونحو ذلك، فسدت المعاملة من أصلها. أما
إذا كان غيرهما فهو حرام، لكنه لا يفسد أصل المعاملة، بل يوجب الخيار للطرف
عند اطلاعه على الغش.
(مسألة 1709) يحرم أخذ الأجرة على ما يجب على الإنسان فعله ولو كفائيا إذا
كان المعتبر شرعا حصوله مجانا مثل الصلاة والصوم والحج وتغسيل الميت وتكفينه
ودفنه. نعم لو كان الواجب توصليا كالدفن، فيحرم أخذ الأجرة على أصله، أما إذا
اختار الولي مكانا خاصا وقبرا مخصوصا وأعطى المال للحفار لحفر ذلك المكان،
فالظاهر أنه لا بأس به. كما لا بأس بأخذ الطبيب الأجرة للحضور عند المريض، بل
لأجل أصل المعالجة إذا لم يتوقف العلاج أو حفظ النفس على المعالجة مجانا،
فإن الواجب حينئذ بذل العمل، وأما المبذول فلا مانع من أخذ الشئ بإزائه كما
في المحتكر.
(مسألة 1710) إذا كان الواجب تعبديا لا يحصل إلا بوقوعه مجانا مثل تغسيل
الميت فلا يجوز أخذ الأجرة عليه كما مر ولكن لا بأس بأخذها على بعض الأمور
غير الواجبة، كما تقدم في غسل الميت.
295

(مسألة 1711) يجب على الإنسان تعليم مسائل الحلال والحرام فيما هو محل
الابتلاء، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه، أما تعليم القرآن للأطفال فضلا عن غيره من
الكتابة وقراءة الخط وغير ذلك، فلا بأس بأخذ الأجرة عليه.
(مسألة 1712) المراد بالواجب الذي يحرم أخذ الأجرة عليه ما وجب على نفس
المكلف. أما ما وجب على غيره ولم يعتبر فيه المباشرة فلا بأس بأخذ الأجرة عليه
حتى في العبادات التي يشرع فيها النيابة، كما مر في صلاة الاستئجار.
(مسألة 1713) المكاسب المكروهة التي ينبغي التنزه عنها، أمور،
منها: بيع الصرف، فإنه لا يسلم من الربا.
ومنها: بيع الأكفان، فإنه لا يسلم من أن يسره الوباء وكثرة الموتى.
ومنها: بيع الطعام، فإن بائعه لا يسلم من الاحتكار وحب الغلاء، وتنزع منه
الرحمة. وإنما تكره البيوع المذكورة فيما إذا جعلها حرفة على وجه يكون صيرفيا وبياع
أكفان وحناطا، لا بمجرد صدورها منه أحيانا.
ومنها: اتخاذ الذبح والنحر صنعة، فإن صاحبها يقسو قلبه وتسلب منه الرحمة.
ومنها: صنعة الحياكة.
ومنها: صنعة الحجامة وكسبها، خصوصا إذا كان يشترط الأجرة على العمل.
ومنها: التكسب بضراب الفحل، بأن يؤاجره لذلك، والظاهر أنه لا كراهة فيما
يعطى له بعنوان الاهداء عوضا عن ذلك.
(مسألة 1714) لا ريب أن التكسب وتحصيل المعيشة بالكد والتعب محبوب عند
الله تعالى، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (العبادة سبعون جزءا أفضلها طلب الحلال) وعن أمير
المؤمنين عليه السلام (إن الله عز وجل يحب المحترف الأمين) وعن الباقر عليه السلام (من طلب
الدنيا استعفافا عن الناس وسعيا على أهله وتعطفا على جاره، لقي الله عز وجل يوم
القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر).
(مسألة 1715) أفضل المكاسب الزرع والغرس، وأفضله النخيل، فعن الباقر عليه السلام
قال (كان أبي يقول خير الأعمال الحرث، تزرع فيأكل منه البر والفاجر - إلى أن قال -
ويأكل منه البهائم والطير) وعن الصادق عليه السلام (إزرعوا واغرسوا، فلا والله ما عمل الناس عملا أحل وأطيب منه) وعنه عليه السلام
296

(الزارعون كنوز الأنام، يزرعون طيبا
أخرجه الله عز وجل، وهم يوم القيامة أحسن الناس مقاما وأقربهم منزلة، يدعون
المباركين) وعنه عليه السلام (الكيمياء الأكبر الزراعة). وأربح المكاسب وأدرها للرزق
التجارة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام (اتجروا بارك الله لكم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول: الرزق عشرة أجزاء تسعة أجزاء في التجارة وواحد في غيرها) وفي خبر آخر
عنه صلى الله عليه وآله (تسعة أعشار الرزق في التجارة، والجزء الباقي في السابيا، يعني الغنم)
ثم اقتناء الأغنام للاستفادة، فإن فيها البركة، فعن الصادق عليه السلام (إذا اتخذ أهل بيت
شاة أتاهم الله برزقها، وزاد في أرزاقهم، وارتحل عنهم الفقر مرحلة، فإن اتخذوا
شاتين أتاهم الله بأرزاقهما، وزاد في أرزاقهم، وارتحل عنهم الفقر مرحلتين، وإن
اتخذوا ثلاثة أتاهم الله بأرزاقها وارتحل عنهم الفقر رأسا) وعنه عليه السلام (ما من أهل
بيت تروح عليهم ثلاثون شاة، إلا لم تزل الملائكة تحرسهم حتى يصبحوا) ثم اقتناء
البقر، فإنها تغدو بخير وتروح بخير. وأما الإبل فقد نهي عن إكثارها، فعن النبي صلى الله عليه وآله
(إن فيها الشقاء والجفاء والعناء)
(مسألة 1716) مستحبات التجارة كثيرة:
منها: الاجمال في الطلب والاقتصاد فيه فعن الباقر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله في
حجة الوداع (ألا إن الروح الأمين نفث في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل
رزقها، فاتقوا الله عز وجل وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء شئ من الرزق
أن تطلبوه بشئ من معصية الله عز وجل، فإن الله تبارك وتعالى قسم الأرزاق بين
خلقه حلالا ولم يقسمها حراما، فمن اتقى الله عز وجل وصبر آتاه الله برزقه من حله،
ومن هتك حجاب الستر وعجل فأخذه من غير حله قص به من رزقه الحلال
وحوسب عليه يوم القيامة). ومنها: إقالة النادم في البيع والشراء لو استقاله فأيما
عبد أقال مسلما في بيع أقاله الله تعالى عثرته يوم القيامة.
ومنها: التسوية بين المبتاعين في السعر، فلا يفرق بين المماكس وغيره بأن يقلل
الثمن للأول ويزيده في الثاني. نعم لو فرق بينهم بسبب الفضل والدين ونحو ذلك
فالظاهر أنه لا بأس به.
ومنها: أن يقبض لنفسه ناقصا ويعطي راجحا.
297

(مسألة 1717) مكروهات التجارة كثيرة.
منها: مدح البائع لما يبيعه.
ومنها: ذم المشتري لما يشتريه.
ومنها: اليمين صادقا على البيغ والشراء، ففي الحديث النبوي (أربع من كن
فيه طاب مكسبه: إذا اشترى لم يعب، وإذا باع لم يمدح، ولا يدلس، وفيما بين ذلك
لا يحلف).
ومنها: البيع في موضع يستر فيه العيب.
ومنها: الربح على المؤمن وعلى من وعده بالاحسان، إلا مع الضرورة، أو كون
الشراء للتجارة.
ومنها: السوم ما بين الطلوعين.
ومنها: الدخول إلى السوق أولا والخروج منه أخيرا، بل ينبغي أن يكون آخر
داخل وأول خارج، عكس المسجد.
ومنها: مبايعة الأدنين الذين لا يبالون بما قالوا وما قيل لهم، ولا يسرهم
الاحسان ولا تسوؤهم الإساءة، والذين يحاسبون على الشئ الدنئ.
ومنها: مبايعة ذوي العاهات والمحارف ومن لم ينشأ في الخير كمستحدثي النعمة.
ومنها: التعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم يحسنه. ومنها:
الاستحطاط من الثمن بعد العقد.
ومنها: الدخول في سوم المؤمن على الأظهر، وقيل بالحرمة، والمراد به الزيادة في
الثمن أو بذل مبيع غير ما بذله البائع الأول ليكون الشراء أو البيع له بعد تراضي
الأولين وعزمهما على إجراء العقد.
ومنها: أن يتوكل حاضر عارف بسعر البلد لباد غريب جاهل غافل، بأن يصير
وكيلا عنه في البيع والشراء، ففي الحديث النبوي (لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس
يرزق الله بعضهم من بعض) وفي حديث نبوي آخر (دعوا الناس على غفلاتها).
ومنها: تلقي الركبان والقوافل واستقبالهم، للبيع عليهم أو الشراء منهم قبل
وصولهم إلى البلد، وقيل يحرم ذلك وإن صح البيع والشراء، وهو الأحوط وإن كان
الأظهر الكراهة، وإنما يكره تلقي الركبان أو يحرم بشروط.
298

أحدها: أن يكون الخروج بقصد ذلك، فلو خرج لا لذلك فاتفق الركب لم يثبت
الحكم.
ثانيها: تحقق مسمى الخروج من البلد، فلو تلقى الركب في أول وصوله إلى البلد لم
يثبت الحكم.
ثالثها: أن يكون دون أربعة فراسخ، فلو تلقى في الأربعة فصاعدا لم يثبت الحكم،
بل يكون سفر تجارة. والأقوى أن هذا الحكم لا يشمل غير البيع والشراء مثل
الإجارة ونحوها.
(مسألة 1718) الاحتكار، وهو حبس الطعام وجمعه يتربص به الغلاء، حرام
مع اضطرار المسلمين وحاجتهم، وعدم وجود من يبذل لهم قدر كفايتهم، فعن
النبي صلى الله عليه وآله (طرق طائفة من بني إسرائيل ليلا عذاب وأصبحوا وقد فقدوا أربعة
أصناف: الطبالين، والمغنين، والمحتكرين للطعام، والصيارفة أكلة الربا منهم) نعم
مجرد حبس الطعام انتظارا لارتفاع السعر مع عدم إضرار الناس ووجود الباذل ليس
بحرام، وإن كان مكروها، ولو حبسه لصرفه في حاجته، فلا حرمة ولا كراهة.
(مسألة 1719) إنما يتحقق الاحتكار بحبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب
والدهن ويلحق بالطعام كل ما يوجب فقده وقلته الاختلال في معيشة الناس ونظام
حياتهم الاقتصادية.
(مسألة 1720) يجبر المحتكر على البيع، ولا يعين عليه سعر بل له أن يبيع بما
شاء، إلا إذا أجحف فيجبر على ترك الاجحاف من دون تسعير عليه. أما إذا امتنع
فيسعر الحاكم بسعر لا إجحاف فيه على المتبايعين.
(مسألة 1721) لا يجوز مع الاختيار الدخول في الولايات والمناصب والأعمال
من قبل الجائر، ولو كان نفس العمل بذاته مشروعا كجباية الخراج وجمع الزكاة
وتولى المناصب العسكرية والأمنية وحكومة البلاد ونحو ذلك، فضلا عما لو كان العمل
غير مشروع في ذاته حتى مع الاكراه والاجبار والاضطرار. فإن جواز إيذاء الناس
وظلمهم، وهتك أعراضهم، والتصرف في أموالهم بدون رضاهم حتى مع الاجبار على
ذلك، محل إشكال. لأن تجويز ذلك خلاف الامتنان على النوع، فلا تشمله أدلة الامتنان فلا يسوغ
299

شئ من ذلك إلا عند التزاحم مع ما هو أهم كحفظ النفس أو
العرض في بعض مراتبها، إلا في الدماء المحترمة، فإنه لا تقية فيها.
(مسألة 1722) إنما يجوز الدخول في الولاية في عمل مشروع في ذاته، إذا كان
غرضه القيام بمصالح المسلمين وإخوانه في الدين، فعن الصادق عليه السلام (كفارة عمل
السلطان قضاء حوائج الاخوان) وعن زياد بن أبي سلمة قال (دخلت على أبي
الحسن موسى عليه السلام فقال لي: يا زياد إنك لتعمل عمل السلطان؟ قال قلت أجل. قال
لي: ولم؟ قلت: أنا رجل لي مروة وعلي عيال وليس وراء ظهري شئ. فقال لي: يا
زياد لئن أسقط من حالق فأتقطع قطعة قطعة أحب إلي من أن أتولى لهم عملا أو أطأ
بساط رجل منهم إلا لماذا؟ قلت: لا أدري جعلت فداك. قال: إلا لتفريج كربة عن
مؤمن أو فك أسره أو قضاء دينه - إلى أن قال - يا زياد فإن وليت شيئا من أعمالهم
فأحسن إلى إخوانك، فواحدة بواحدة، والله من وراء ذلك). وعن الفضل بن
عبد الرحمن الهاشمي قال (كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أستأذنه في أعمال السلطان، فقال:
لا بأس به ما لم تغير حكما ولم تبطل حدا، وكفارته قضاء حوائج إخوانكم).
بل لو كان دخوله فيها بقصد الاحسان إلى المؤمنين ودفع الضرر عنهم، كان
راجحا، وقد ورد عن أئمتنا عليهم السلام الحث عليه والترغيب عليه، فقد روى الصدوق عن
الكاظم عليه السلام (إن لله تبارك وتعالى مع السلطان أولياء يدفع بهم عن أوليائه) قال
الصدوق: وفي خبر آخر (أولئك عتقاء الله من النار) وعن محمد بن إسماعيل بن
بزيع، قال أبو الحسن الرضا عليه السلام (إن لله تعالى بأبواب الظالمين من نور الله به
البرهان، ومكن له في البلاد، ليدفع بهم عن أوليائه، ويصلح الله بهم أمور المسلمين،
إليهم يلجأ المؤمن من الضر، وإليهم يفزع ذو الحاجة من شيعتنا، وبهم يؤمن الله
روعة المؤمن في دار الظلم، أولئك هم المؤمنون حقا، أولئك أمناء الله في أرضه - إلى
أن قال - خلقوا والله للجنة وخلقت لهم، فهنيئا لهم، ما على أحدكم أن لو شاء لنال
هذا كله. قال: قلت بماذا جعلني الله فداك؟ قال: يكون معهم فيسرنا بإدخال السرور
على المؤمنين من شيعتنا، فكن منهم يا محمد).
(مسألة 1723) ربما كان الدخول في بعض المناصب والأعمال، على بعض
الأشخاص أحيانا واجبا، كما إذا تمكن شخص بسببه من دفع مفسدة دينية أو منع
بعض المنكرات مثلا، ومع ذلك ففي هذا العمل أخطار كثيرة إلا لمن عصمه الله تعالى.
300

(مسألة 1724) ما تأخذه الحكومة من الضريبة على الأراضي جنسا أو نقدا،
وعلى النخيل والأشجار، يعامل معه معاملة ما يأخذه السلطان العادل، فتبرأ ذمة
الدافع مما كان عليه من الخراج الذي هو أجرة الأرض الخراجية، ويجوز لكل أحد
شراؤه وأخذه مجانا وبالعوض والتصرف فيه بأنواع التصرف، بل لو لم تأخذه
الحكومة وحولت شخصا على من عليه الخراج بمقدار فدفعه إلى المحول، يحل له وتبرأ
ذمة المحول عليه مما عليه. هذا في المخالف المدعي للخلافة ومن بحكمه. أما في
حكومات هذه الأزمنة فالأقوى في الأمور المتقدمة وجوب مراجعة الحاكم الشرعي.
وأما في الحاكم المؤالف فتجب مراجعة الحاكم الشرعي بلا اشكال.
(مسألة 1725) يجوز لكل أحد أن يتقبل الأراضي الخراجية ويضمنها من الحكومة
بشئ وينتفع بها بنفسه بزرع أو غرس وغيره، أو يضمنها لغيره ولو بزيادة. هذا إذا
كان الحاكم مخالفا، أما إذا كان مؤالفا فيجب الاستئذان من الحاكم الشرعي كما مر.
(مسألة 1726) إذا دفع إنسان مالا إلى أحد ليصرفه في طائفة وكان المدفوع إليه
من نوعهم، كما إذا دفع إلى فقير زكاة أو غيرها ليصرفه في الفقراء، أو دفع إلى
شخص هاشمي خمسا ليصرفه في السادة ولم يعين شخصا معينا ولو بالقرينة
والانصراف، جاز له أن يأخذ لنفسه مثل أحدهم من غير زيادة. وكذا له أن يصرفه
في عياله، خصوصا إذا أعطاه وقال: مصرفه الفقراء أو السادة مثلا، وإن كان
الأحوط عدم أخذه شيئا منه إلا بإذن صريح.
301

كتاب البيع
(مسألة 1727) عقد البيع يحتاج إلى إيجاب وقبول، والأقوى عدم اعتبار العربية،
بل يقع بكل لغة ولو مع إمكان العربية. كما أنه لا يعتبر فيه الصراحة، بل يقع بكل لفظ
دال على المقصود عند أهل المحاورة مثل (بعت) و (ملكت) بالتشديد ونحوهما في
الايجاب، و (قبلت) و (شتريت) و (ابتعت) ونحو ذلك في القبول.
(مسألة 1728) الأحوط اعتبار الفعل الماضي في عقد البيع وعدم إيقاعه
بالمضارع، والظاهر عدم ضرر اللحن فيه إذا أوقعه بالعربية، ما دام يدل على المقصود
عند أهل المحاورة ويعدونه إنشاء للمعاملة، كما إذا قال (بعت) بفتح الباء أو
(بعت) بكسر العين وسكون التاء، وكذلك اللهجات العامية المتداولة بطريق أولى،
لأنها أوضح دلالة.
(مسألة 1729) الظاهر جواز تقديم القبول على الايجاب إذا كان بمثل (اشتريت)
و (ابتعت) لا بمثل (قبلت) و (رضيت) وأما إذا كان بنحو الأمر والاستيجاب
كما إذا قال من يريد الشراء: بعني الشئ الفلاني بكذا، فقال البائع: بعتكه، فلا بد من
إعادة المشتري القبول.
(مسألة 1730) تعتبر الموالاة بين الايجاب والقبول، بمعنى لحوق القبول بالايجاب
قبل عدول الموجب عن إيجابه والأحوط عدم الفصل الطويل بينهما إذا كان الموجب
والقابل حاضرين أو بحكم الحاضر بل مطلقا.
(مسألة 1731) يعتبر في العقد التطابق بين الايجاب والقبول، فلو اختلفا بأن
أوجب البائع البيع على وجه خاص من حيث المشتري أو المبيع أو الثمن أو توابع
303

العقد من الشروط، وقبل المشتري على وجه آخر، لم ينعقد. فلو قال البائع (بعت هذا
من موكلك بكذا) فقال الوكيل (اشتريته لنفسي) لم ينعقد. نعم لو قال (بعت هذا
من موكلك) فقال الموكل الحاضر غير المخاطب (قبلت) لم يبعد الصحة. ولو قال
(بعتك هذا بكذا) فقال (اشتريت لموكلي) فإن كان الموجب قاصدا وقوع البيع
للمخاطب بنفسه لم ينعقد، وإن كان قاصدا الأعم من كونه أصيلا أو وكيلا، صح
وانعقد. ولو قال (بعتك هذا بألف) فقال (اشتريت نصفه بألف أو بخمسمائة) لم
ينعقد، بل لو قال (اشتريت كل نصف منه بخمسمائة) فلا يخلو من إشكال. ولو قال
لشخصين (بعتكما هذا بألف) فقال أحدهما (اشتريت نصفه بخمسمائة) لم ينعقد،
وأما لو قال كل منهما ذلك، فلا يبعد الصحة. ولو قال (بعتك هذا بهذا على أن يكون
لي الخيار ثلاثة أيام) فقال (اشتريت) فإن فهم ولو من ظاهر الحال أنه قصد
شراءه على الشرط الذي ذكره البائع صح وانعقد، وإن قصده مطلقا وبلا شرط لم
ينعقد. ولو انعكس، بأن أوجب البائع بلا شرط وقبل المشتري معه، فلا ينعقد
مشروطا قطعا، وفي انعقاده بلا شرط إشكال.
(مسألة 1732) تقوم الإشارة المفهمة مقام اللفظ مع التعذر لخرس ونحوه ولو مع
التمكن من التوكيل على الأقوى، كما تقوم مقامه الكتابة مع العجز عنه وعن الإشارة،
وأما مع القدرة عليها ففي تقديم الكتابة أو الإشارة وجهان ولا يبعد جواز الاكتفاء
بكل منهما.
(مسألة 1733) الأقوى وقوع البيع بالمعاطاة، سواء في الشئ الحقير أو الخطير،
وهي عبارة عن تسليم العين بقصد كونها ملكا للغير بالعوض، وتسليم الآخر عينا أخرى
بعنوان العوضية. والظاهر تحققها بمجرد تسليم المبيع بقصد التمليك بالعوض مع قصد
المشتري في أخذه التملك بالعوض، فيجوز جعل الثمن كليا في ذمة المشتري، ولا يبعد
تحققها أيضا بتسليم المشتري العوض فقط، إذا أخذ البائع الثمن بقصد التملك بالعوض.
(مسألة 1734) الأقوى أنه يعتبر في المعاطاة جميع ما يعتبر في البيع العقدي من
الشروط الآتية ما عدا الصيغة، سواء كان مما يعتبر في المتبايعين أو في العوضين. كما
أن الأقوى ثبوت الخيارات الآتية فيها، ولو بعد لزومها بأحد الملزمات على
304

ما سيأتي، إلا إذا كان وجود الملزم منافيا لثبوت الخيار وموجبا لسقوطه، كما إذا كان المأخوذ
بالمعاطاة معيبا ولم يكن باقيا بعينه.
(مسألة 1735) البيع العقدي لازم من الطرفين، إلا مع وجود أحد الخيارات
الآتية، نعم يجوز فسخه بالإقالة، وهي الفسخ من الطرفين. وأما المعاطاة فالأقوى
أنها مفيدة للملك، لكنها جائزة من الطرفين، ولا تلزم إلا بتلف أحد العوضين أو
التصرف المغير أو الناقل للعين، ولو مات أحدهما لم يكن لوارثه الرجوع، ولكن لو
جن فالظاهر قيام وليه مقامه في الرجوع هذا ولكن لا يترك الاحتياط بترتيب آثار
كل من اللزوم والجواز عليها في الموارد التي كان الاحتياط ترتيب آثار أحدهما عليهما
ويراعى هذا الاحتياط في المسألة اللاحقة.
(مسألة 1736) الظاهر أنه لا مانع من إيقاع المعاطاة مشروطة، غاية الأمر أنه
قبل تلف أحد العوضين لا يلزم العمل بالشرط، وبعده يلزم. من غير فرق في ذلك
بين الشروط الصحيحة.
(مسألة 1737) كما يقع البيع والشراء بمباشرة المالك يقع بالتوكيل أو الولاية من
طرف واحد أو طرفين، ويجوز لشخص واحد تولي طرفي العقد أصالة عن طرف
ووكالة أو ولاية عن آخر، أو وكالة من الطرفين، أو ولاية عليهما، أو وكالة عن
طرف وولاية على آخر.
(مسألة 1738) لا يجوز تعليق البيع على شئ غير حاصل حين العقد، سواء
علم حصوله فيما بعد أم لا. ولا على شئ مجهول الحصول حين العقد. ولا يبعد تعليقه
على معلوم الحصول حينه، كما إذا قال في يوم السبت: بعتك إن كان اليوم يوم السبت،
مع العلم به.
(مسألة 1739) إذا قبض المشتري ما ابتاعه بالعقد الفاسد، لم يملكه وكان
مضمونا عليه، بمعنى أنه يجب عليه أن يرده إلى مالكه. ولو تلف ولو بآفة سماوية،
يجب عليه رد عوضه من المثل أو القيمة. نعم لو كان كل من البائع والمشتري راضيا
بتصرف الآخر فيما قبضه ولو على تقدير فساده، يباح لكل منهما التصرف والانتفاع
بما قبضه ولو باتلافه، ولا ضمان عليه.
305

شروط المتعاقدين
(مسألة 1740) وهي أمور: الأول: البلوغ، فلا يصح بيع الصغير ولو كان مميزا
وأجازه الولي، إذا كان مستقلا في إيقاع المعاملة.
(مسألة 1741) إذا كان الصغير وسيلة لاعطاء المال إلى البائع وإيصال المبيع إلى
المشتري، أو إعطاء البضاعة إلى المشتري وأخذ الثمن للبائع، ففي هذه الحالة تصح
المعاملة لأنها معاملة وقعت بين بالغين. لكن لا بد من علم البائع والمشتري بأن الطفل
مأذون وأنه يوصل الثمن والسلعة.
(مسألة 1742) الثاني: العقل، فلا يصح بيع المجنون.
(مسألة 1743) الثالث: القصد، فلا يصح بيع غير القاصد كالهازل والغالط
والساهي.
(مسألة 1744) الرابع: الاختيار، فلا يقع البيع من المكره، والمراد به الخائف
على ترك البيع من جهة توعيد الغير عليه بإيقاع ضرر عليه. ولا يضر بصحة البيع
الاضطرار الموجب للالجاء وإن كان حاصلا من إلزام الغير بشئ، كما إذا ألزمه ظالم
بدفع مال، فالتجأ إلى البيع ليدفع ذلك المال.
(مسألة 1745) لا فرق في الضرر المتوعد به بين أن يكون على نفس المكره،
نفسا أو عرضا أو مالا، أو على من يتعلق به كولده وعياله ممن يكون إيقاع محذور
عليه بمنزلة إيقاعه عليه. ولو رضي المكره بالبيع بعد زوال الاكراه، صح ولزم.
(مسألة 1746) الظاهر أنه لا يعتبر في صدق الاكراه عدم إمكان التخلص
بالتورية، فلو ألزم بالبيع وأوعد على تركه بإيقاع ضرر عليه فباع قاصدا المعنى، مع
إمكان أن لا يقصده، أو مع إمكان أن يقصد معنى آخر غير البيع، يكون مكرها ولا
يصح بيعه. إلا إذا كان ملتفتا إلى إمكان التخلص فعلا بإيقاع البيع تورية، وكان
متمكنا بعد ذلك من دفع الضرر من دون التزام بالبيع، ومع ذلك باع قاصدا المعنى فلا
يكون مكرها. وكذا لو أمكنه التخلص من إيقاع البيع بغير التورية مثل أن يخلص
نفسه من المكره بأن يستعين بمن ليس في الاستعانة به ضرر وحرج، فإن كان ذلك
ممكنا وأوقع البيع، لم يكن مكرها.
306

(مسألة 1747) إذا أكرهه على أحد أمرين: إما بيع داره أو عمل آخر، فباع
داره، فإن كان في العمل الآخر محذور ديني أو دنيوي يتحرز منه، وقع البيع مكرها
عليه، وإلا وقع باختياره.
(مسألة 1748) إذا أكرهه على بيع أحد الشيئين على التخيير، فكل ما وقع منه
يقع مكرها عليه، أما لو أوقعهما معا فإن كان تدريجا، فالظاهر وقوع الأول مكرها
عليه دون الثاني، وإن أوقعهما دفعة فالأرجح صحة البيع بالنسبة إلى كليهما.
(مسألة 1749) إذا أكرهه على بيع معين فضم إليه غيره وباعهما دفعة، فالظاهر
البطلان فيما أكره عليه، والصحة في غيره.
(مسألة 1750) الخامس: كونهما مالكين للتصرف، فلا تقع المعاملة من غير
المالك إذا لم يكن وكيلا عنه، أو وليا عليه كالأب والجد للأب ووصيهما والحاكم، ولا
من المحجور عليه لسفه أو فلس، أو غير ذلك من أسباب الحجر.
(مسألة 1751) معنى عدم الوقوع من غير المالك المسمى بالفضولي، عدم النفوذ
لا كونه لغوا، فلو أجاز المالك عقد غيره أو الولي عقد السفيه، أو الغرماء عقد المفلس،
صح ولزم.
(مسألة 1752) لا فرق في صحة البيع الصادر من غير المالك مع إجازة المالك
بين ما إذا قصد وقوعه للمالك أو قصد وقوعه لنفسه، كما في بيع الغاصب ومن اعتقد
أنه مالك وهو ليس بمالك. كما أنه لا فرق في الأول بين ما إذا تقدم منع المالك عن
البيع قبل العقد أم لا. نعم يعتبر في تأثير الإجازة عدم مسبوقيتها برد المالك بعد العقد،
فلو باع فضولا ورده المالك ثم أجازه، لغت الإجازة، ولو رد بعد الإجازة، لغى الرد.
(مسألة 1753) كما تقع إجازة المالك باللفظ الدال على الرضا بالبيع بحسب
متفاهم العرف ولو بالكناية كقوله (أمضيت أو أجزت أو أنفذت أو رضيت) وشبه
ذلك، وكقوله للمشتري (بارك الله لك فيه) وشبه ذلك من الكنايات، كذلك تقع
بالفعل الكاشف عرفا عن الرضا بالعقد، كما إذا تصرف في الثمن، ومن ذلك ما إذا
أجاز البيع الواقع على الثمن لأنه مستلزم لإجازة البيع الواقع على المثمن، وكما إذا
مكنت الزوجة من نفسها إذا زوجت فضولا.
307

(مسألة 1554) الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد الصادر من الفضولي
من حين وقوعها، حيث يحصل بها النقل حقيقة، ولكن المستفاد من الأدلة كشفها
عن الصحة من حين العقد حكما، بمعنى وجوب ترتيب ما يمكن من آثار النقل من
حين العقد تعبدا، وإن كان النقل يحصل من حين وقوع الإجازة.
(مسألة 1755) إذا كان المالك راضيا بالبيع باطنا لكن لم يصدر منه إذن وتوكيل
للغير في البيع أو الشراء، فالظاهر أنه لا يكفي في الخروج عن الفضولية، فيحتاج في
نفوذه إلى الإجازة، سيما إذا لم يعرف بوقوع العقد، وإن كان بحيث لو عرف كان راضيا.
(مسألة 1756) لا يشترط في الفضولي قصد الفضولية، فلو تخيل كونه وليا أو
وكيلا فتبين خلافه، يكون تصرفه فضوليا ويصح بالإجازة. وأما العكس بأن تخيل
كونه غير جائز التصرف، فتبين كونه وكيلا أو وليا أو مالكا، فالظاهر صحته وعدم
احتياجه إلى الإجازة، لأنه باع مأذونا عن الموكل ولا يضره عدم علمه بوكالته
وكذلك الحكم في الولي. وأما المالك فالأقوى صحته إذا قصد وقوعه لنفسه ولا يحتاج
إلى الإجازة، وصحته إذا قصد وقوعه عن غيره لا تخلو من وجه.
(مسألة 1757) إذا باع شيئا فضولا ثم ملكه، إما باختياره كالشراء أو بغير
اختياره كالإرث، فالبطلان بحيث لا تجديه الإجازة لا يخلو من وجه.
(مسألة 1758) يعتبر وحدة المالك حين العقد والإجازة، فإذا كان المالك حين
الإجازة غير المالك حين العقد، كما لو مات من كان مالكا حين العقد قبل الإجازة،
فالبطلان لا يخلو من وجه ولو مع إجازة الورثة.
(مسألة 1759) إذا وقعت بيوع متعددة على مال الغير، فإما أن تقع على نفس
مال الغير أو على عوضه، وعلى الأول فإما أن تقع تلك البيوع من فضولي واحد،
كما إذا باع دار زيد مكررا على أشخاص متعددين، وإما أن تقع من أشخاص
متعددين، كما إذا باعها من شخص بثمن، ثم باعها المشتري من شخص آخر بثمن
آخر، ثم باعها المشتري الثاني من شخص آخر بثمن ثالث، وهكذا. وعلى الثاني فإما
أن تكون من شخص واحد على الأعواض والأثمان بالترامي، كما إذا باع دار زيد
بثوب ثم باع الثوب ببقرة ثم باع البقرة بفراش، وهكذا وإما أن تقع على ثمن شخصي مرارا،
308

كما إذا باع الثوب في المثال المذكور مرارا على أشخاص متعددين فهذه صور
أربع. وللمالك في جميع هذه الصور أن يتتبع البيوع ويجيز أي واحد شاء منها، ويصح
بإجازته العقد المجاز. وأما حكم غير المجاز فيطلب من الكتب المفصلة.
(مسألة 1760) رد البيع الفضولي من المالك قد يكون بالقول مثل (فسخت)
وشبهه مما هو ظاهر في الرد، وقد يكون بالفعل كما إذا تصرف في المبيع تصرفا يوجب
فوت الإجازة عقلا أو شرعا كالاتلاف. أما إجارة المالك المبيع فقيل بعدم منعها عن
الإجازة، وفيه تأمل.
(مسألة 1761) إذا لم تتحقق الإجازة من المالك، سواء تحقق منه الرد أم كان
مترددا، فله انتزاع عين ماله مع بقائه ممن وجده في يده. بل وله الرجوع بمنافعه
المستوفاة وغير المستوفاة في هذه المدة. وله مطالبة البائع الفضولي برد العين ومنافعها
إذا كانت في يده وقد سلمها إلى المشتري. بل لو احتاج ردها إلى مؤونة كانت على
الفضولي. هذا مع بقاء العين، وأما مع تلفها فيرجع ببدلها على من تلفت عنده.
(مسألة 1762) إذا علم المشتري بأن البائع فضولي فليس له الرجوع بشئ مما
يرجع به عليه المالك، لكن لو دفع له الثمن فله أن يرجع عليه ويسترده ولو كان تالفا،
وله أن يرجع بالخسارة أيضا.
(مسألة 1763) إذا لم يعلم المشتري بأن البائع فضولي، فله أن يرجع عليه بكل
ما غرم للمالك، حتى بدل المنافع والنماء الذي استوفاه. فإذا اشترى دارا مع جهله
بكون البائع غير مالك وسكنها مدة، ثم جاء المالك وأخذ داره وأخذ منه أجرة مثل
الدار في تلك المدة، فله أن يرجع بها على البائع. وكذا يرجع على الفضولي بكل
خسارة وردت عليه مثل مؤونة الدابة، وما صرفه في العمارة، وما تلف منه وضاع
من الغرس أو الزرع أو الحفر وغيرها، فإن البائع غير المالك ضامن لدرك جميع ذلك.
(مسألة 1764) إذا أحدث مشتري مال الغير فيما اشتراه بناء أو غرسا أو زرعا،
فللمالك إلزامه بإزالة ما أحدثه وتسوية الأرض، ومطالبته بأرش النقص دون أن
يضمن ما يرد عليه من الخسران. كما أن للمشتري إزالة ذلك، مع ضمان أرش النقص
الوارد على الأرض، وليس للمالك إلزامه بإبقائه ولو مجانا، كما أنه ليس للمشتري
الابقاء ولو بأجرة.
309

(مسألة 1765) إذا حفر بئرا أو كرى نهرا مثلا في أرض اشتراها، وجب عليه
طمها وردها إلى الحالة الأولى لو أراده المالك وأمكن. ويضمن أرش النقص، وليس له
مطالبة المالك بأجرة عمله أو ما صرفه فيه من ماله وإن زادت به القيمة. كما أنه ليس له
رده إلى الحالة الأولى بالطم ونحوه إذا لم يرض به المالك. نعم يرجع بأجرة عمله وكل ما
صرف من ماله وكل خسارة وردت عليه على البائع الغاصب مع جهله لا مع علمه كما مر.
وكذلك الحال إذا أحدث المشتري فيما اشتراه صفة من دون أن يكون لها عين في العين
المشتراة، كما إذا طحن الحنطة، أو غزل ونسج القطن، أو صاغ الفضة.
(مسألة 1766) إذا جمع البائع بين ملكه وملك غيره أو باع ما كان مشتركا بينه
وبين غيره، نفذ البيع في ملكه بما يقابله من الثمن، وتوقف نفوذه في ملك الغير على
إجازته، فإن أجاز فهو، وإلا فللمشتري خيار تبعض البيع إن كان جاهلا. نعم قيد
بعضهم صحة البيع فيما يملك مع رد الغير بما إذا لم يتولد من عدم الإجازة مانع شرعي،
كلزوم الربا أو بيع آبق من دون ضميمة، حكاه الشيخ في المكاسب، وصحة البيع في
أمثال هذه الموارد ولو مع إجازة، لا تخلو من إشكال.
(مسألة 1767) تعرف حصة كل منهما من الثمن فيما لا يؤثر الانضمام في قيمته أو
يؤثر بنحو التساوي، بتقويم كل منهما بقيمته الواقعية، ثم تلاحظ نسبة قيمة أحدهما
مع قيمة الآخر، فتكون حصة كل منهما من الثمن بتلك النسبة. أما ما يؤثر في قيمته
الانضمام، فيقوم كل منهما بقيمة حال الانضمام وبقيمة حال الانفراد وينسب قيمة كل
واحد منهما في حال الانفراد إلى مجموع القيمتين فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة مثلا إذا
باع مصراعي الباب بخمسة وكان قيمة أحدهما في حال الانفراد ستة وفي حال
الانضمام أربعة وقيمة الآخر بالعكس فمجموع القيمتين عشرة فإن كان ما قيمته في
حال الانفراد ستة لغير البايع رجع المشتري بخمسين وهما اثنان من الثمن وبقي للبايع
ثلاثة أخماس وإن كان ما قيمته في حال الانفراد أربعة لغير البايع يرجع المشتري
بثلاثة أخماس الثمن وهو ثلاثة وبقي للبايع اثنان.
(مسألة 1768) يجوز للأب والجد للأب وإن علا أن يتصرفا في مال الصغير
بالبيع والشراء والإجارة وغيرها، وكل منهما مستقل في الولاية سواء وجد الآخر معه أم لا،
310

والأقوى عدم اعتبار العدالة فيهما، ولا يشترط في نفوذ تصرفهما المصلحة، بل
يكفي عدم المفسدة، ولهما الولاية على نفس الصغير أيضا بالإجارة والتزويج وغيرهما،
إلا الطلاق فلا يملكانه بل ينتظر بلوغه. والأقوى أن لهما فسخ عقد النكاح عند موجبه،
وهبة المدة في المتعة.
(مسألة 1769) ليس بين الأقارب من له الولاية على الصغير غير الأب والجد
للأب، بل كلهم كالأجانب حتى الأم والأخ والجد للأم.
(مسألة 1770) للأب والجد نصب القيم على الصغير بعد وفاتهما، والأحوط إن لم
يكن أقوى اعتبار العدالة فيه، فينفذ منه ما كان ينفذ منهما، إلا في التزويج، فإن
الأحوط لغير الأب والجد من الأولياء عدم التزويج إلا مع الضرورة القوية.
(مسألة 1771) إذا فقد الأب والجد والوصي عنهما، يكون للحاكم الشرعي وهو
المجتهد العادل ولاية التصرف في أموال الصغار، مشروطا بالغبطة والصلاح. بل
الأحوط له الاقتصار على ما إذا كان في تركه الضرر والفساد، وحيث أن هذا تكليف
راجع إليه فيتبع رأيه ونظره. ومع فقد الحاكم، يرجع الأمر إلى عدول المؤمنين، فلهم
ولاية التصرف في مال الصغير بما يكون في تركه مفسدة وفي فعله صلاح وغبطة.
شروط العوضين
(مسألة 1772) الأول: يشترط في المبيع أن يكون عينا متمولا، سواء كان
موجودا في الخارج أو كليا في ذمة البائع أو في ذمة غيره، كأن يبيع ما كان له في ذمة
غيره بشئ. فلا يجوز أن يكون منفعة كمنفعة الدار أو الدابة، أو عملا كخياطة الثوب،
أو حقا. أما الثمن فيجوز أن يكون منفعة أو عملا متمولا، بل يجوز أن يكون حقا
قابلا للنقل والانتقال كحقي التحجير والاختصاص، والأقوى أنه لا يجوز أن يكون
حقا قابلا للاسقاط غير قابل للنقل والانتقال، كحقي الخيار والشفعة.
(مسألة 1773) الثاني: تعيين مقدار ما كان مقدرا بالكيل أو الوزن أو العد
بأحدها في العوضين، فلا يكفي المشاهدة، ولا تقدير الموزون بغير ما يكون به تقديره.
نعم لا يبعد جواز تقدير المكيل والمعدود بالوزن.
311

(مسألة 1774) لا مانع أن يوزن الموزون بواسطة الكيل، ولا يعد بذلك مكيلا،
كما لو كال صبرة من حنطة مثلا فبلغت ألف صاع، ثم وزن صاعا واحدا منها لمعرفة
وزن المجموع.
(مسألة 1775) يجوز الاعتماد على إخبار البائع بمقدار المبيع، فيشتريه مبنيا على
ما أخبره به، ولو تبين النقص فله الخيار، فإن فسخ يرد تمام الثمن، وإن أمضاه ينقص
من الثمن بحسابه.
(مسألة 1776) الظاهر أنه يكفي المشاهدة في بيع الحطب المحزوم قبل أن يحل
ويصير كومة، والتبن المعبأ في كيسه قبل أن يصير صبرة، وأن المائعات المحرزة في
أوان، ليست من الموزون قبل أن تفرغ منها، فيكفي في بيعها المشاهدة. بل الظاهر
كفاية المشاهدة أيضا في المذبوح من الغنم قبل أن يسلخ جلده. كل ذلك إذا كان
متعارفا، وهو يختلف حسب الأزمنة والأمكنة. ويشترط فيه أن لا يكون التفاوت في
تقديره كثيرا بحيث يعد بيعه كذلك غرريا كل ذلك إذا كان متعارفا، وهو يختلف
بحسب الأزمنة والأمكنة.
(مسألة 1777) الظاهر عدم كفاية المشاهدة في بيع الأراضي التي تقدر قيمتها
بالذراع ونحوه، بل لا بد من اختبار مساحتها، وكذلك الأثواب قبل أن تخاط أو
تفصل. نعم إذا تعارف مقدار خاص من الأذرع في الأثواب الكبيرة كأن يكون الثوب
ثلاثين ذراعا مثلا، جاز بيعها وشراؤها اعتمادا على ذلك التعارف، نظير الاعتماد على
إخبار البائع والبناء عليه.
(مسألة 1778) إذا اختلفت البلدان في شئ، بأن كان موزونا في بلد مثلا
ومعدودا في آخر، فالظاهر أن المدار على بلد المعاملة.
(مسألة 1779) الثالث: معرفة جنس العوضين وأوصافهما التي تتفاوت بها
القيمة وتختلف بها الرغبة، وذلك إما بالمشاهدة أو بالتوصيف الرافع للجهالة، ويجوز
الاكتفاء بالرؤية السابقة إذا لم يعلم تغير العين، ولم تجر العادة على تغيرها.
(مسألة 1780) الرابع: كون العوضين ملكا طلقا، فلا يجوز بيع ما ليس بملك
مثل الماء والعشب والكلاء قبل حيازتها، والأسماك والوحوش قبل اصطيادها،
والموات من الأراضي قبل إحيائها كما لا يجوز بيع ملك غير طلق.
312

(مسألة 1781) إذا استنبط بئرا في أرض مباحة، ملك ماءها بالتملك دون مجرد
الاستنباط، فلو أراد بيع الماء لزم أن يتملكه أولا ثم يبيعه. نعم لو حفر البئر بقصد
تملكه يملك الماء بمجرد خروجه. وكذا في حفر النهر في الأرض المباحة.
(مسألة 1782) لا يجوز بيع الرهن إلا بإذن المرتهن أو إجازته، أما إذا
باع الراهن العين المرهونة ثم انفكت من الرهن، فالظاهر الصحة من غير حاجة
إلى الإجازة.
(مسألة 1783) إذا لم يكن الوقف ملكا لأحد بل كان فك ملك كما في المدارس
والمساجد والرباطات بناء على عدم دخولها في ملك المسلمين كما هو الأقوى، فلا
يجوز بيعه في حال.
(مسألة 1784) يجوز بيع الوقف إذا كان ملكا للموقوف عليهم في مواضع:
منها: إذا خرب بحيث لم يمكن الانتفاع بعينه مع بقائه، كالجذع البالي والحصير
الخلق والدار الخربة التي لا يمكن الانتفاع حتى بأرضها. ويلحق بذلك ما إذا خرج
عن الانتفاع أصلا من جهة أخرى غير الخراب، وكذا ما إذا خرج عن الانتفاع المعتد
به بسبب الخراب أو غيره بحيث يقال في العرف لا منفعة له، كما إذا انهدمت الدار
وصارت أرضا يمكن إجارتها بمقدار جزئي وكانت بحيث لو بيعت وبدلت بمال آخر
يكون نفعه مثل الأول أو قريبا منه. وأما إذا قلت منفعتها لكن لا إلى حي تلحق
بالمعدوم، فالظاهر عدم جواز بيعها، ولو أمكن أن يشتري بثمنها ما له نفع كثير.
ومنها: إذا كان يؤدي بقاؤه إلى خرابه، سواء كان لخلاف بين أربابه أو لغير ذلك،
وسواء كان أداؤه إلى ذلك معلوما أو مظنونا بحيث يعد عدم تبديله تقصيرا في حفظه
عرفا، وسواء كان الخراب المعلوم أو المظنون يوجب سقوط الانتفاع به بالمرة أو
الانتفاع المعتد به. نعم لو فرض إمكان الانتفاع به بعد الخراب بوجه آخر مثل قبل
الخراب، لم يجز بيعه.
ومنها: إذا شرط الواقف بيعه عند حدوث أمر مثل قلة المنفعة، أو كثرة الخراج،
أو وقوع خلاف بين الموقوف عليهم، أو حصول ضرورة وحاجة شديدة لهم، فيجوز
بيعه أو تبديله والأحوط العدم.
313

(مسألة 1785) لا يجوز بيع الأرض المفتوحة عنوة، وهي المأخوذة من يد
الكفار قهرا المعمورة وقت الفتح، فإنها ملك للمسلمين كافة، بل تبقى على حالها بيد
من يعمرها ويؤخذ خراجها ويصرفه في مصالح المسلمين.
(مسألة 1786) إذا كانت الأرض مواتا حال الفتح ثم عرض لها الاحياء، فهي
ملك لمحييها، وبذلك يسهل الخطب في الدور والعقار وبعض الأقطاع من تلك
الأراضي التي تعامل معاملة الأملاك، حيث أنه من المحتمل أن المتصرف فيها ملكها
بوجه صحيح، فيحكم بملكية ما في يده ما لم يعلم خلافها. والمتيقن من المفتوح عنوة
أرض العراق وبعض الأقطار ببلاد العجم.
(مسألة 1787) الخامس: القدرة على التسليم، فلا يجوز بيع الطير المملوك إذا
طار في الهواء، ولا السمك المملوك إذا أرسل في الماء، ولا الدابة الشاردة، إلا إذا كان
ذلك مع الضميمة وكان يرجى رجوعه.
(مسألة 1788) إذا لم يقدر البائع على التسليم وكان المشتري قادرا على تسلمه،
فالظاهر صحة البيع.
الخيارات
(مسألة 1789) الأول: خيار المجلس، فإذا وقع البيع فللمتبايعين الخيار ما لم
يفترقا، فإذا افترقا ولو بخطوة وصدق الافتراق عليهما عرفا سقط الخيار للطرفين
ولزم البيع من الجانبين. ولو فارقا مجلس البيع مصطحبين، بقي الخيار.
(مسألة 1790) الثاني: خيار الحيوان، فمن اشترى حيوانا ثبت له الخيار إلى ثلاثة
أيام من حين العقد، وفي ثبوته للبائع أيضا إذا كان الثمن حيوانا، وجه لا يخلو من قوة.
(مسألة 1791) إذا تصرف المشتري في الحيوان تصرفا يدل على الرضا بالبيع،
سقط خياره.
(مسألة 1792) إذا تلف الحيوان في مدة الخيار، كان من مال البائع، فيبطل البيع
ويرجع عليه المشتري بالثمن إذا دفعه إليه.
314

(مسألة 1793) العيب الحادث في الثلاثة من غير تفريط من المشتري، لا يمنع
من الفسخ والرد.
(مسألة 1794) الثالث: خيار الشرط، أي الثابت بالاشتراط ضمن العقد،
ويجوز جعله لهما أو لأحدهما أو لثالث، ولا يتقدر بمدة معينة، بل هو بحسب ما
اشترطاه، قلت مدته أو كثرت. ولا بد من كونها مضبوطة بمقدارها وضبط اتصال
وقتها بالعقد وانفصاله. نعم إذا ذكرت مدة معينة كشهر مثلا وأطلقت، فالظاهر
اتصالها بالعقد.
(مسألة 1795) يجوز أن يشترطا لأحدهما أو لهما الخيار بعد الاستئمار
والاستشارة، بأن يشاور ثالثا في أمر العقد، فكل ما رأى من الصلاح إبقاء للعقد أو
فسخا يكون متبعا، ويعتبر فيه أيضا تعيين المدة، وليس للمشروط له الفسخ قبل أمر
ذلك الثالث ولو لم يجب على المستشير إطاعة أمره. فإذا اشترط البائع على
المشتري مثلا بأن له المهلة إلى ثلاثة أيام حتى يستشير صديقه أو الدلال الفلاني، فإن
رأى الصلاح في هذا البيع يلتزم به وإلا فلا، يكون مرجعه إلى جعل الخيار له على
تقدير أن لا يرى صديقه أو الدلال الصلاح في البيع لا مطلقا، فليس له الخيار إلا
على ذلك التقدير.
(مسألة 1796) لا يجري خيار الشرط المذكور في الايقاعات كالطلاق والعتق
والابراء وغيرها، ولا يجري في عقد النكاح، وفي جريانه في جميع العقود تفصيل
موكول إلى محله.
(مسألة 1797) يجوز اشتراط الخيار للبائع إذا رد الثمن بعينه أو مثله، إلى مدة
معينة، فإن مضت ولم يأت بالثمن كاملا لزم البيع. ومثل هذا البيع يسمى في العرف
الحاضر بيع الخيار، والظاهر صحة اشتراط أن يكون للبائع فسخ الكل برد بعض الثمن،
أو فسخ البعض برد البعض، ويكفي في رد الثمن أن يفعل البائع ما له دخل في القبض
وإن أبى المشتري قبضه، فلو أحضر الثمن وعرضه عليه ومكنه من قبضه فأبى وامتنع
أن يقبضه، تحقق الرد الذي هو شرط الفسخ، فللبائع أن يفسخ.
(مسألة 1798) نماء المبيع ومنافعه في هذه المدة للمشتري، كما أن تلفه عليه.
315

(مسألة 1799) لا يسقط الخيار مع تلف المبيع إن كان المشروط السلطة
على فسخ البيع، وحينئذ يرجع بعد الفسخ إلى المثل أو القيمة، ويسقط إن كان
المشروط إرجاع العين بالفسخ.
(مسألة 1800) لا يجوز للمشتري قبل انقضاء المدة إتلاف العين، ولا التصرف
الناقل لها، لأن الخيار وإن كان هو السلطنة على فسخ العقد من دون تعلق حق على
العين، إلا أن المتبادر من هذا الشرط عرفا اشتراط إبقاء المبيع عند المشتري حتى يرد
البائع الثمن ويفسخ العقد، نعم لا يترتب على هذا الشرط إلا الحكم بعدم جواز النقل
لا عدم النقل، فلو تخلف ونقل صح، ويرجع البائع بعد الفسخ إلى المثل أو القيمة كما
في صورة التلف.
(مسألة 1801) إذا كان الثمن المشروط رده، كليا في ذمة البائع، كما إذا كان في
ذمته ألف درهم لزيد فباع داره له بما في ذمته وجعل له الخيار مشروطا برد الثمن،
فيكون رده بأداء ما في ذمته له، وإن برئت ذمته مما كان عليه بجعله ثمنا.
(مسألة 1802) إذا لم يقبض البائع الثمن أصلا سواء كان كليا في ذمة المشتري أو
عينا موجودة عنده، فله خيار الفسخ قبل انقضاء المدة المضروبة، إلا إذا كان عنوان
رد الثمن دخيلا في الشرط.
(مسألة 1803) إذا قبض الثمن وكان كليا وأراد رده، فالظاهر أنه يتعين رده
بعينه لانصراف الكلي أيضا إلى الفرد المأخوذ، إلا إذا صرحا في الشرط برد ما يعم
غيره، أو كان لا ينتفع بالثمن إلا بصرفه كبعض الأعيان. أما إذا كان الثمن عينا
شخصية فلا يتحقق الرد إلا بردها، فلو لم يمكن لتلف ونحوه، لم يكن للبائع الخيار إلا
إذا صرحا في شرطهما برد ما يعم البدل مع عدم التمكن من العين. نعم إذا كان الثمن مما
ينحصر نفعه المتعارف بقيمته بعينه كالنقود، فيمكن أن يقال إن المنساق من الاطلاق
ما يعم بدله، ما لم يصرح بأن يكون المردود نفس العين.
(مسألة 1804) كما يتحقق رد الثمن برده إلى نفس المشتري، يتحقق أيضا
بإيصاله إلى وكيله في ذلك أو وكيله المطلق، أو وليه كالحاكم فيما إذا صار مجنونا أو
غائبا، بل وعدول المؤمنين أيضا في مورد ولايتهم. هذا إذا جعل الخيار للبائع
316

مشروطا برد الثمن أو رده إلى المشتري وأطلق، أما لو شرط الرد إلى المشتري بنفسه
بيده، فلا يتعدى منه إلى غيره.
(مسألة 1805) إذا اشترى الولي شيئا للمولى عليه ببيع الخيار، فارتفع حجره
قبل انقضاء المدة ورد الثمن يكون الفسخ مشروطا برد الثمن إلى المولى عليه وإن لم
يرتفع حجره قبل ذلك يرد الثمن إلى الولي وإذا اشترى أحد الوليين أو الحاكمين شيئا
له ولم يرتفع حجره قبل ذلك يكفي في صحة الفسخ رد الثمن إلى أحد الحاكمين أو
الوليين إن لم يشترط رد الثمن إلى نفس الولي المباشر للاشتراء أو الحاكم وإلا فلا يكفي
في صحة الفسخ إلا الرد إلى خصوص الحاكم أو الولي المباشر.
(مسألة 1806) إذا مات البائع، ينتقل هذا الخيار كسائر الخيارات إلى ورثته،
فيردون الثمن ويفسخون البيع، فيرجع إليهم المبيع على حسب قواعد الإرث، كما أن
الثمن المردود أيضا يوزع عليهم بالحصص.
(مسألة 1807) إذا مات المشتري، فالظاهر جواز فسخ البائع برد الثمن إلى ورثته.
نعم لو جعل الشرط رد الثمن إلى المشتري بخصوصه بنفسه، فالظاهر عدم قيام ورثته
مقامه، فيسقط هذا الخيار بموته.
(مسألة 1808) كما يجوز للبائع اشتراط الخيار لنفسه برد الثمن، يجوز للمشتري
أيضا اشتراط الفسخ لنفسه عند رد المثمن. والظاهر المنصرف إليه إطلاق الرد فيه رد
العين، فلا يتحقق برد بدلها ولو مع التلف، إلا أن يصرح برد ما يعم البدل عند تعذر
المبدل. ويجوز أيضا اشتراط الخيار لكل منهما برد ما انتقل إليه.
(مسألة 1809) الرابع: خيار الغبن، فيما إذا باع بأقل من ثمن المثل أو اشترى
بأكثر منه مع الجهل بالقيمة، فللمغبون خيار الفسخ. وتقدر الزيادة أو النقيصة
بملاحظة ما انضم إليه من الشرط، فلو باع ما يساوي مائة دينار بأقل منه بكثير مع
اشتراط الخيار للبائع، فلا غبن، لأن المبيع ببيع الخيار ينقص ثمنه عن المبيع بالبيع
اللازم، وهكذا غيره من الشروط. اللهم إلا أن يكون مغبونا حتى في هذا القسم من
البيع، فيثبت له خيار الغبن.
(مسألة 1810) يشترط أن يكون غبن التفاوت بما لا يتسامح الناس فيه، وهو
يختلف بحسب اختلاف المعاملات اليسيرة والخطيرة، فربما يتسامح في اليسيرة بالعشر ولا
317

يتسامح في الخطيرة بنصف العشر أو أقل، فالميزان تشخيص العرف وحكمهم بالغبن.
(مسألة 1811) ليس للمغبون مطالبة الغابن بتفاوت القيمة، بل له الخيار بين أن
يفسخ البيع من أصله أو يلتزم ويرضى به بالثمن المسمى، كما أنه لا يسقط خياره
ببذل الطرف التفاوت. نعم مع تراضي الطرفين لا بأس بإسقاط الخيار بإزاء ما أخذ.
(مسألة 1812) الخيار ثابت للمغبون من حين العقد، لا أنه يحدث من حين اطلاعه
على الغبن، فلو فسخ قبل ذلك وصادف الغبن واقعا صح الفسخ، لأنه وقع في موقعه.
(مسألة 1813) إذا اطلع على الغبن ولم يبادر إلى الفسخ، فإن كان لأجل جهله
بحكم الخيار، فلا إشكال في بقاء خياره، وإن كان عالما بالحكم وكان بانيا على الفسخ
غير راض بهذا البيع بهذا الثمن ولكنه أخر إنشاء الفسخ لغرض من الأغراض، فالظاهر
سقوط خياره. وأولى منه بالسقوط إذا لم يكن بانيا على الفسخ ولم يكن بصدد فسخه،
إلا أنه بدا له بعد ذلك أن يفسخ.
(مسألة 1814) المدار في الغبن على القيمة حال العقد، فلو زادت بعده ولو قبل
اطلاع المغبون على النقصان حين العقد، لم يوجب سقوط الخيار، كما أنه لو نقص بعده
أو زاد، لم يؤثر في ثبوته.
(مسألة 1815) يسقط خيار الغبن بأمور:
الأول: اشتراط سقوطه ضمن العقد، ويقتصر في سقوطه على الدرجة المقصودة
التي تشملها عبارة شرط إسقاطه، فلو كان المشروط سقوط مرتبة خاصة من الغبن
كالعشر فتبين كونه الخمس، لم يسقط الخيار. ولو اشترط سقوطه وإن كان فاحشا أو
أفحش، لا يسقط إلا ما كان كذلك بالنسبة إلى مثل هذه المعاملة.
الثاني: إسقاطه بعد العقد ولو قبل ظهور الغبن إذا أسقطه على تقدير ثبوته، وهذا
أيضا كسابقه يقتصر فيه على الدرجة المقصودة عند الاسقاط. وكما يجوز إسقاطه بعد
العقد مجانا، يجوز المصالحة عليه بالعوض، فمع العلم بمرتبة الغبن تكون المصالحة عليها،
ومع الجهل بها فالظاهر جواز المصالحة عن خيار الغبن الموجود في هذه المعاملة بأي
درجة كانت، أو بتعيين درجة منه، فلو عينها وصالح عليها فتبين كونه أكثر، فالظاهر
بطلان المصالحة.
318

الثالث: تصرف المغبون بعد العلم بالغبن فيما انتقل إليه، بما يكشف عن رضاه
بالبيع، فلو تصرف البائع المغبون في الثمن، أو المشتري المغبون في المثمن، فإنه يسقط
بذلك خياره، خصوصا الثاني، وخصوصا إذا كان تصرفه بالاتلاف، أو بما يمنع الرد،
أو بإخراجه عن ملكه، أو بنقل لازم كالبيع. وأما تصرفه قبل ظهور الغبن فلا يسقط
الخيار، كما لا يسقطه تصرف الغابن فيما انتقل إليه مطلقا.
(مسألة 1816) إذا اطلع البائع المغبون على الغبن وفسخ البيع. فإن كان المبيع
باقيا عند المشتري باقيا على حاله استرده منه. وإذا رآه تالفا أو متلفا رجع إليه بالمثل
أو القيمة، وإن حدث به عيب عنده سواء كان بفعله أو بآفة سماوية، أخذه مع
الأرش. وإذا أخرجه عن ملكه بالعتق أو الوقف، فالظاهر أنه بحكم التلف فيرجع إليه
بالمثل أو القيمة، وإن كان بنقل غير لازم كالبيع بخيار والهبة غير اللازمة، فالظاهر أن
له إلزام المشتري بالفسخ والرجوع وتسليم العين إذا أمكن. بل في النقل اللازم أيضا لو
رجعت العين إلى المشتري بإقالة أو عقد جديد قبل رجوع البائع إليه بالبدل، لا يبعد
أن يكون له إلزامه برد العين. بل يمكن أن يقال في العقد اللازم أيضا إن له إلزامه
بالإقالة أو الشراء منه بعقد جديد لو تمكن بلا ضرر ولا حرج، لأن إلزام المشتري برد
المثل أو القيمة ليس إلا لكون العين مضمونة عليه، فإذا فسخ العقد تكون العين ملكا
للبائع تالفا عند المشتري مضمونة عليه، ومقتضى العهدة رد العين مع التمكن ورد المثل
أو القيمة مع عدم التمكن.
(مسألة 1817) إذا نقل منفعة العين المباعة بالغبن إلى الغير بعقد لازم كالإجارة، لم
يمنع ذلك من الفسخ، لكن تبقى الإجارة على حالها بعد الفسخ وترجع العين إلى الفاسخ
مسلوبة منفعة الإجارة، وله سائر المنافع غير ما ملكه المستأجر. وفي جواز رجوعه إلى
المشتري بأجرة المثل بالنسبة إلى بقية المدة وجه قوي، كما يحتمل وجه آخر، وهو أن
يرجع إليه بالنقص الطارئ على العين من جهة كونها مسلوبة المنفعة في تلك المدة، فتقوم
بوصف كونها ذات منفعة في تلك المدة مرة، ومسلوبة المنفعة فيها أخرى، فيأخذ مع العين
التفاوت بين القيمتين، والظاهر أنه لا تفاوت غالبا بين الوجهين.
(مسألة 1818) إذا فسخ البائع المغبون وكان المبيع موجودا عند المشتري لكن
تصرف فيه تصرفا مغيرا له. فإما أن يكون بالنقيصة أو بالزيادة أو بالامتزاج، فلو
319

كان بالنقيصة أخذه ورجع إليه بالأرش كما مر، ولو كان بالزيادة فإما أن تكون صفة
محضة كطحن الحنطة وقصارة الثوب وصياغة الفضة، أو صفة مشوبة بالعين كالصبغ،
أو عينا أخرى كالغرس والزرع والبناء. أما الصفة المحضة فإن لم يكن لها مدخل في
زيادة القيمة، يرجع إلى العين ولا شئ عليه، كما أنه لا شئ على المشتري. وإن
كان لها مدخل في زيادة قيمة تتعلق بالعين، فالأقرب بنظر العرف والأوفق بالقواعد
أن تكون العين للبائع وللمشتري أجرة عمله. وكذا الصورة الثانية وهي إذا كانت
الصفة مشوبة بالعين. أما الصورة الثالثة وهو أن تكون الزيادة عينا أخرى، فيرجع
البائع إلى المبيع ويكون الغرس والزرع والبناء للمشتري، وللبائع إلزامه بالقلع والهدم
وطم الحفر وتدارك النقص الوارد على الأرض، والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين الزرع
وغيره. وأما إذا كان تغيير المبيع بالامتزاج. فإن كان بغير جنسه بحيث لا يتميز،
فالأقوى التفريق بين ما كان مستهلكا وعد تالفا كما إذا اختلط ماء الورد بالزيت،
فيرجع إلى البدل، وبين ما لم يكن كذلك كمزج الخل بالانجبين، فتثبت الشركة في
العين بنسبة القيمة إذا كان الخليطان موجودين عرفا، وأما إذا كان المخلوط شيئا ثالثا
لا يصدق عليه شئ منهما، فالظاهر أنه أيضا بحكم التالف إن لم يكن له قيمة، وإلا
فهو مشترك بينهما. وإن كان الامتزاج بالجنس، فالظاهر ثبوت الشركة بحسب الكمية
ولو كان بالأردأ أو الأجود، مع أخذ الأرش في الأول وإعطاء زيادة القيمة في الثاني،
لكن الأحوط التصالح خصوصا في الثاني.
(مسألة 1819) إذا باع أو اشترى شيئين صفقة واحدة وكان مغبونا في أحدهما دون
الآخر، فليس له التبعيض في الفسخ، بل عليه إما فسخ البيع في الجميع أو الرضا به كذلك.
(مسألة 1820) الخامس: خيار التأخير، وهو فيما إذا باع شيئا ولم يقبض تمام
الثمن ولم يسلمه إلى المشتري ولم يشترط تأخير أحد العوضين، فإن البيع يلزم إلى
ثلاثة أيام، فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق بالسلعة، وإلا فللبائع فسخ المعاملة،
ولو تلفت السلعة كانت من مال البائع. أما قبض بعض الثمن فمثل عدم القبض.
(مسألة 1821) لا إشكال في ثبوت هذا الخيار إذا كان المبيع عينا شخصية،
والأرجح عدم ثبوته إذا كان كليا والأحوط عدم الفسخ بعد الثلاثة إلا برضى الطرفين.
320

(مسألة 1822) الظاهر أن هذا الخيار ليس على الفور، فلو أخر الفسخ عن
الثلاثة، لم يسقط الخيار إلا بأحد المسقطات.
(مسألة 1823) يسقط هذا الخيار باشتراط سقوطه ضمن العقد، وبإسقاطه بعد
الثلاثة، والأقوى عدم سقوطه بإسقاطه قبلها، كما أن الأقوى عدم سقوطه ببذل المشتري
الثمن بعدها قبل فسخ البائع. ويسقط أيضا بأخذ الثمن بعد الثلاثة من المشتري بعنوان
الاستيفاء، لا بعنوان آخر كالعارية وغيرها. والظاهر عدم سقوطه بالمطالبة بالثمن.
(مسألة 1824) المراد بثلاثة أيام هو بياض اليوم، ولا يشمل الليالي عدا
الليلتين المتوسطتين، فلو أوقع البيع في أول النهار يكون آخر الثلاثة غروب النهار
الثالث. نعم لو وقع البيع في الليل تدخل الليلة الأولى أو بعضها أيضا في المدة،
والظاهر كفاية التلفيق، فلو وقع البيع في أول الزوال يكون مبدأ الخيار بعد زوال اليوم
الرابع، وهكذا.
(مسألة 1825) لا يجري هذا الخيار في غير البيع من سائر المعاملات.
(مسألة 1826) إذا تلف المبيع، كان من مال البائع في الثلاثة، وبعدها
على الأقوى.
(مسألة 1827) إذا باع ما يتسارع إليه الفساد بحيث يفسد لو صار بائتا كالبقول
وبعض الفواكه واللحم في بعض الأوقات ونحوها، وبقي عنده وتأخر المشتري عن
الاتيان بالثمن وأخذ المبيع، فللبائع الخيار قبل أن يطرأ عليه الفساد، فيفسخ البيع
ويتصرف في المبيع كيف شاء.
(مسألة 1828) السادس: خيار الرؤية، فيما اشترى شيئا موصوفا غير مشاهد
ثم وجده أنقص مما وصف، وكذا إذا وجده أنقص مما رآه سابقا، وكذا لو باعه بالرؤية
السابقة فوجده أحسن مما وصف أو مما رآه سابقا، فللبائع خيار الفسخ.
(مسألة 1829) الخيار هنا بين الرد والامساك مجانا، وليس لصاحب الخيار
الامساك بالأرش، كما أنه لا يسقط خياره بإعطائه الموافق لأوصافه، ولا بإبدال
العين بعين أخرى. نعم لو كان للوصف المفقود دخل في الصحة، توجه أخذ الأرش،
لكن لأجل العيب لا لأجل تخلف الوصف.
321

(مسألة 1830) مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة حين المبايعة،
ويشترط في صحته إما الرؤية السابقة مع عدم اليقين بزوال تلك الصفات، وإما
توصيفها بما يرفع الجهالة الموجبة للغرر، بذكر جنسها ونوعها وصفاتها التي تختلف
باختلافها الأثمان، وتتفاوت لأجلها رغبات الناس.
(مسألة 1831) هذا الخيار فوري عند الرؤية على المشهور.
(مسألة 1832) يشكل سقوط هذا الخيار باشتراط سقوطه ضمن العقد إلا إذا
كان الوصف موثوقا به من جهة الرؤية السابقة، أو بإخبار البائع مثلا، حتى لا يكون
البيع غرريا. نعم يسقط بإسقاطه بعد الرؤية، وبالتصرف في العين بعدها تصرفا
كاشفا عن الرضا بالبيع، وبعدم المبادرة إلى الفسخ، بناء على فوريته.
(مسألة 1833) السابع: خيار العيب، فإذا وجد المشتري في المبيع عيبا تخير
بين الفسخ والامساك بالأرش ما دام المبيع قائما بعينه ولا يترك الاحتياط بالاكتفاء
بالامضاء أو الرد دون الأرش إن أمكن الرد، فإذا تغير يسقط الرد وإن لم يتصرف فيه.
وكذا يسقط بالقول أو الفعل الدال على إسقاطه بحسب متفاهم العرف، ويسقط أيضا
إذا حدث في المبيع عيب بعد مضي زمان خياره كخيار الحيوان مثلا، لكن يثبت له
الأرش خاصة. وأما العيب الحادث فيه قبل ذلك فلا يمنع من الرد، وكذا سائر
الخيارات إذا اختص بالمشتري.
(مسألة 1834) كما يثبت هذا الخيار للمشتري إذا وجد العيب في المبيع، كذلك
يثبت للبائع إذا وجده في الثمن المعين.
(مسألة 1835) المراد بالعيب كل ما زاد أو نقص عن المجرى الطبيعي والخلقة
الأصلية، كالعمى أو العرج وغير ذلك.
(مسألة 1836) يثبت الخيار بمجرد وجود العيب واقعا حين العقد وإن لم يظهر
بعد، فظهوره كاشف عن ثبوته من أول الأمر لا أنه سبب لحدوثه عنده، فلو أسقط
الخيار قبل ظهوره لا إشكال في سقوطه، كما أنه يسقط بإسقاطه بعد ظهوره، وكذلك
باشتراط سقوطه ضمن العقد، وبالتبري من العيوب عنده، بأن يقول مثلا: بعته بكل
عيب. وكما يسقط الخيار بالتبري من العيوب، يسقط معه حق المطالبة بالأرش.
322

(مسألة 1837) كما يثبت الخيار بوجود العيب عند العقد، كذلك يثبت بحدوثه
بعده قبل القبض، وكذا في زمان خيار المشتري.
(مسألة 1838) إذا كان المبيع معيوبا عند العقد وزال العيب قبل ظهوره، ففي
الحكم بالخيار، وكذا الأرش إشكال، والأحوط التصالح.
(مسألة 1839) كيفية أخذ الأرش: أن يقوم الشئ صحيحا ثم يقوم معيبا
ويلاحظ النسبة بينهما، ثم ينقص من الثمن المسمى بتلك النسبة، فإذا قوم صحيحا
بتسعة ومعيبا بستة وكان الثمن ستة، ينتقص من الستة اثنان، وهكذا. والمرجع في
تعيين ذلك أهل الخبرة، ويعتبر فيهم ما يعتبر في الشهود من التعدد والعدالة. وفي
الاكتفاء بقول العدل الواحد، وجه.
(مسألة 1840) إذا تعارض المقومون في تقويم الصحيح أو المعيب أو كليهما،
فقوم الصحيح مثلا عدلان بمقدار ومعيبه بمقدار، وخالفهما عدلان آخران، يؤخذ
التفاوت بين الصحيح والمعيب من كل منهما ويجمع بينهما، ثم يؤخذ نصف المجموع.
فإذا قوم أحدهما صحيحه بعشرة ومعيبه بخمسة، والآخر صحيحه بتسعة ومعيبه بستة،
وكان الثمن اثني عشر، يرد من الثمن خمسة ويعطى البائع سبعة. لأن التفاوت بين
الصحيح والمعيب على الأول بالنصف فيكون الأرش ستة، وعلى الثاني بالثلث فيكون
أربعة، والمجموع عشرة ونصفها خمسة. وإذا فرض أنه قومه عدلان آخران أيضا
صحيحه بثمانية ومعيبه بستة فيكون التفاوت بالربع وهو ثلاثة من اثني عشر، فيضم
إلى العشرة والمجموع ثلاثة عشر فيؤخذ ثلثها وهو أربعة وثلث، وهو الأرش الذي
ينقص من الثمن، أعني اثني عشر، ويبقى للبائع سبعة وثلثان، وهكذا ولكن مع ذلك
كله لا يترك الاحتياط بالتراضي والتصالح على ذلك.
(مسألة 1841) إذا باع شيئين صفقة واحدة فظهر العيب في أحدهما، كان
للمشتري أخذ الأرش أو رد الجميع، وليس له التبعيض ورد المعيب وحده، وكذا لو
اشترك اثنان في شراء شئ فوجداه معيبا، فليس لأحدهما رد حصته خاصة إذا لم
يوافقه شريكه، على إشكال فيهما، خصوصا في ثانيهما. نعم لو رضي البائع فيجوز
ويصح التبعيض في المسألتين بلا إشكال.
323

خاتمة
(مسألة 1842) من الأحكام المشتركة أن كل خيار يسقط إذا اشترط في متن
العقد عدمه، وكذلك يسقط بإسقاطه بعد العقد. أما خيار التأخير فلا يسقط بإسقاطه
في الثلاثة، بل لا بد من إسقاطه بعد الثلاثة. وقد مر الاشكال في إسقاط خيار الرؤية
في بعض الموارد.
(مسألة 1843) ومن الأحكام المشتركة للخيارات أنه إذا مات من له الخيار
انتقل خياره إلى وارثه، من غير فرق بين أنواعه، وأن ما يمنع عن إرث الأموال
كالرقية، والقتل والكفر، مانع عن هذا الإرث أيضا، وما يحجب حجب حرمان،
وهو وجود الأقرب إلى الميت، يحجب هنا أيضا.
(مسألة 1844) إذا كان الخيار متعلقا بمال خاص يحرم منه بعض الورثة كالعقار
بالنسبة إلى الزوجة، والحبوة بالنسبة إلى غير الولد الأكبر فالأقوى أن الوارث المحروم
لا يحرم من الخيار المتعلق بذلك المال، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الموروث منتقلا
عن الميت أو منتقلا إليه.
(مسألة 1845) إذا تعدد الوارث، فالأقوى كون الخيار لجميعهم بحيث لا أثر
لفسخ بعضهم بدون ضم الباقين، لا في تمام المبيع ولا في حصته.
(مسألة 1846) إذا اجتمع الورثة على الفسخ فيما باعه مورثهم، فإن كان عين
الثمن موجودا دفعوه إلى المشتري، وإن لم يكن موجودا أخرج من مال الميت، وإن لم
يكن له مال فالأوجه أنه على الميت في ذمته، فيجب تفريغها بالمبيع المردود إليه، فإن
بقي شئ يكون للورثة، وإن لم يف بتفريغ ما عليه، يبقى الباقي في ذمته.
ما يدخل في المبيع عند الاطلاق
(مسألة 1847) من باع بستانا دخل فيه الأرض والشجر والنخل، وكذا الأبنية
من سورها وما يعد من توابعها ومرافقها كالناعورة والحظيرة ونحوها، وكذا البئر الذي
يتعارف دخوله فيها، دون ما لا يتعارف كالآبار العميقة المستحدثة فإنها مستقلة
بالمالية. نعم لو باع القرية بتمامها، تدخل فيها القنوات والآبار العميقة وغيرها.
324

(مسألة 1848) إذا باع أرضا، لا يدخل فيها النخل والشجر الموجودان فيها إلا
مع الشرط، وكذا لا يدخل الحمل في ابتياع الأم ما لم يشترط، إلا إذا كان المتعارف
دخوله بحيث يحتاج خروجه إلى النص الصريح.
(مسألة 1849) إذا باع نخلا فإن كان مؤبرا، فالثمرة للبائع ويجب على المشتري
إبقاؤها على الأصول، كما جرت العادة، ولو لم يؤبر كانت للمشتري. والظاهر
اختصاص ذلك بالبيع، وأما في غيره، فالثمرة للناقل إن لم يكن شرط، سواء كانت
مؤبرة أم لم تكن، كما أن هذا الحكم مختص بالنخل فلا يجري في غيرها من الأشجار،
بل تكون الثمرة للبائع على كل حال، إلا مع الشرط.
(مسألة 1850) إذا باع الأصول وبقيت الثمرة للبائع واحتاجت الثمرة إلى سقي،
يجوز لصاحبها أن يسقيها وليس لصاحب الأصول منعه، وكذا العكس. ولو تضرر
أحدهما بالسقي والآخر بتركه ففي تقديم حق البائع المالك للثمرة أو المشتري المالك
للأصول تأمل، والظاهر ترجيح ما هو المتعارف. نعم لو كان المتعارف مختلفا لا يبعد
ترجيح جانب المشتري، والأحوط التصالح والتراضي على تقديم أحدهما، ولو بأن
يتحمل أحدهما ضرر الآخر.
(مسألة 1851) إذا باع بستانا واستثنى نخلة مثلا فله الممر إليها والمخرج ومدى
جرائدها وعروقها من الأرض، وليس للمشتري منعه عن شئ من ذلك.
(مسألة 1852) إذا باع دارا، دخل فيها الأرض والأبنية الأعلى والأسفل، إلا
أن يكون الأعلى مستقلا من حيث المدخل والمخرج والمرافق وغير ذلك، مما يكون
أمارة على خروجه واستقلاله بحسب العادة، وكذا يدخل السرداب والبئر والأبواب
والأخشاب الداخلة في البناء والأوتاد المثبتة فيه، بل السلم المثبت على حذو الدرج،
ولا تدخل الرحى المنصوبة إلا مع الشرط، وكذا لو كان فيها نخل أو شجر إلا مع
الشرط أو تكون هنا قرينة أو يتعارف دخولهما في البيع. أما المفاتيح فلا يبعد دخولها.
(مسألة 1853) الأحجار الموجودة أصلا في الأرض، والمعادن المتكونة فيها،
تدخل في بيعها، بخلاف الأحجار المدفونة فيها كالكنوز المودعة ونحوها.
(مسألة 1854) يجب على المتبايعين تسليم العوضين بعد العقد إذا لم يشترطا
325

التأخير، فلا يجوز لأحدهما التأخير مع الامكان إلا برضا صاحبه فإن امتنعا، أجبرا،
ولو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه، أجبر الممتنع.
(مسألة 1855) إذا اشترط كل منهما تأخير التسليم إلى مدة معينة، جاز في
الأعيان الخارجية، أما إذا كان العوضان كليين واشترطا التأخير لكليهما فيكون من
بيع الكالي بالكالي وهو باطل. وليس لغير مشترط التأخير الامتناع عن التسليم
بسبب عدم تسليم صاحبه الذي اشترط التأخير.
(مسألة 1856) يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة أو
زرع الأرض ونحو ذلك، مدة معينة.
(مسألة 1857) القبض والتسليم فيما لا ينقل كالدار والعقار، هو التخلية برفع
يده عنه ورفع المنافيات والأذن في التصرف بحيث يصير تحت استيلاء الطرف. أما في
المنقول كالطعام والثياب ونحوه، فلا يبعد كفاية التخلية بحيث يتسلط المشتري على
المبيع، وبحيث يخرج عن ضمانه ولا يكون تلفه عليه. نعم قد لا يكفي ذلك في موارد
أخرى مبينة في الكتب المفصلة.
(مسألة 1858) إذا تلف المبيع قبل تسليمه إلى المشتري، فهو من مال البائع،
فينفسخ البيع ويعود الثمن إلى المشتري.
(مسألة 1859) إذا حصل للمبيع نماء قبل القبض كالنتاج والثمرة، كان ذلك
للمشتري، فإن تلف الأصل قبل قبضه فالثمر والنماء للمشتري.
(مسألة 1860) إذا عيب المبيع قبل القبض كان المشتري بالخيار بين الفسخ
والامضاء، ولا يترك الاحتياط بترك الرجوع إلى البايع بالأرش إن أمكن الرد.
(مسألة 1861) إذا باع جملة فتلف بعضها، انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف وأعاد
إلى المشتري ما يخصه من الثمن، وكان للمشتري فسخ العقد أو الرضا بالموجود بنسبته
من الثمن.
(مسألة 1862) يجب على البائع مضافا إلى تسليم المبيع، تفريغ ما فيه من أمتعة
وغيرها، حتى لو كان مشغولا بزرع آن وقت حصاده وجب إزالته، ولو كان له عروق
326

تضر بالانتفاع كالقطن والذرة، أو كان في الأرض حجارة مدفونة أكثر من
المتعارف، وجب عليه إزالتها وتسوية الأرض. ولو كان فيها شئ لا يخرج إلا بتغيير
شئ من الأبنية، وجب إخراجه وإصلاح ما يتهدم. ولو كان فيها زرع لم يحن وقت
حصاده، فله إبقاؤه إلى أوانه من غير أجرة على الظاهر، وإن لم يخل من إشكال،
والأحوط التصالح.
(مسألة 1863) من اشترى شيئا ولم يقبضه، فإن كان مما لا يكال أو لا يوزن
جاز بيعه قبل قبضه، وكذا إذا كان منهما وباعه تولية، أما لو باعه مرابحة فالأحوط
المنع. هذا إذا باعه على غير البائع، وأما إذا باعه عليه فالظاهر أنه لا إشكال في
جوازه مطلقا. ولو ملك شيئا بغير الشراء كالميراث والصداق والخلع وغيرها، فيجوز
بيعه قبل قبضه، بل الظاهر اختصاص المنع حرمة أو كراهة بالبيع، فلا منع في جعله
صداقا أو أجرة أو غير ذلك.
(مسألة 1864) من باع شيئا ولم يشترط فيه تأجيل الثمن يكون نقدا وحالا،
فللبائع بعد تسليم المبيع مطالبته في أي زمان، وليس له الامتناع عن أخذه متى أراد
المشتري دفعه إليه. وإذا اشترط تأجيله يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل
الأجل وإن طولب، كما أنه لا يجب على البائع أخذه إذا دفعه المشتري قبله إلا إذا كان
قرينة في البين تدل على كون التأجيل شرطا للبايع على المشتري أيضا.
(مسألة 1865) لا بد أن تكون مدة الأجل معينة مضبوطة لا يتطرق إليها احتمال
الزيادة والنقصان، فلو اشترط التأجيل ولم يعين أجلا أو عين أجلا مجهولا كرجوع
الحجاج، بطل البيع. والأقوى أنه لا يكفي تعينه في نفسه ولا يعرفه المتعاقدان، كما إذا
جعل التأجيل إلى النيروز أو إلى انتقال الشمس إلى برج الميزان.
(مسألة 1866) إذا باع شيئا بثمن حالا وبأكثر منه إلى أجل، بأن قال مثلا
بعتك نقدا بعشرة ونسيئة إلى سنة بخمسة عشر، وقال المشتري قبلت هكذا، فلا يبعد
أن يكون للبايع أقل الثمنين في أبعد الأجلين ولكن لا يترك الاحتياط من جانب
المشتري بالتصالح مع البايع. وكذا لو باعه بثمن إلى أجل، وبأكثر منه إلى آخر.
(مسألة 1867) إذا قال البائع هذا بخمسة نقدا وبعشرة نسيئة إلى سنة أو أقساطا
إلى سنة مثلا، فاختار المشتري أحدهما واشترى، صح البيع.
327

(مسألة 1868) لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأكثر منه، بأن يزيد
في ما استحقه البائع مقدارا ليؤجله إلى أجل كذا، وكذا لا يجوز أن يزيد في الثمن
المؤجل ليزيد في الأجل، سواء وقع ذلك على جهة البيع أو الصلح أو الجعالة أو غيرها.
ويجوز عكس ذلك، وهو تعجيل المؤجل بنقصان منه على جهة الصلح أو الابراء.
(مسألة 1869) إذا باع شيئا نسيئة يجوز شراؤه قبل حلول الأجل وبعده بجنس
الثمن أو بغيره، سواء كان مساويا للثمن الأول أو أكثر منه أو أقل، وسواء كان البيع
الثاني حالا أو مؤجلا. وإنما يجوز ذلك إذا لم يشترط في البيع الأول، فلو اشترط البائع
في بيعه على المشتري أن يبيعه بعد شرائه، أو شرط المشتري على البائع أن يشتريه
منه، لم يصح على قول مشهور، وسيما إذا كان الشرط على المشتري أن يبيعه منه بأقل
من الثمن الأول.
الربا
(مسألة 1870) حرمة الربا ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، بل لا يبعد
كونها من ضروريات الدين، وهو من الكبائر العظام، ففي الحديث النبوي (من أكل
الربا ملأ الله بطنه من نار جهنم بقدر ما أكل، وإن اكتسب منه مالا لم يقبل الله منه
شيئا من عمله، ولم يزل في لعنة الله والملائكة ما كان عنده منه قيراط واحد) وعن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم (شر المكاسب كسب الربا) وعن أمير المؤمنين عليه السلام (آكل الربا وموكله
وكاتبه وشاهداه في الوزر سواء) وقال عليه السلام (لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الربا وآكله
وبائعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه) بل ورد فيه أنه أشد عند الله من عشرين زنية بل
ثلاثين زنية كلها بذات محرم مثل عمة وخالة، بل في خبر صحيح عن الإمام الصادق
عليه السلام (درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية كلها بذات محرم في بيت الله
الحرام) وليس في المعاملات المحرمة في شرع الإسلام أعظم حرمة وأشد عقوبة منه،
وهو قسمان: معاملي وقرضي، وسيأتي حكم القرضي، أما المعاملي فهو بيع أحد المثلين
بالآخر مع زيادة عينية، كبيع من من الحنطة بمنين أو من من حنطة بمد منها مع درهم،
أو حكمية كمن من حنطة نقدا بمن من حنطة نسيئة.
328

(مسألة 1871) الأقوى والأشهر أن الربا لا يختص بالبيع، بل يثبت في سائر
المعاوضات أيضا كالصلح ونحوه.
(مسألة 1872) يتحقق الربا بأمرين: الأول: اتحاد الجنس، وضابطه الاتحاد في
الحقيقة النوعية، بمعنى دخولهما تحت لفظ خاص، فكل ما صدق عليه الحنطة فهو من
جنسه، وكذا الأرز والتمر والعنب، فلا يجوز بيع بعضها ببعض بالتفاضل وإن تخالفا في
الصفات والخواص، فلا تفاضل بين الحنطة الرديئة الحمراء والجيدة البيضاء، ولا بين
الجيد من الأرز والردئ، وردئ الزاهدي من التمر وجيد الخستاوي منه، وغير ذلك.
بخلاف ما إذا دخل كل منهما تحت لفظ مستقل كالحنطة مع الأرز أو العدس، فلو باع
منا من حنطة بمنين من أرز أو بمنين من عدس فلا ربا. الثاني: كون العوضين من
المكيل أو الموزون، فلا ربا فيما يباع بالعد أو المشاهدة.
(مسألة 1873) الشعير والحنطة في باب الربا بحكم جنس واحد، فلا يجوز
المعاوضة بينهما بالتفاضل وإن لم يكونا كذلك في باب الزكاة، فلا يكمل أحدهما بالآخر، أما
العلس فحيث أنه يشك أنه من جنس الحنطة والسلت المشكوك أيضا أنه من جنس الشعير،
فالأحوط أن لا يباع أحدهما بالآخر، ولا كل منهما بالحنطة والشعير، إلا مثلا بمثل.
(مسألة 1874) كل شئ مع أصله بحكم جنس واحد وإن اختلفا في الاسم
كالسمسم والشيرج واللبن مع الجبن والمخيض واللباء وغيرها، والتمر والعنب مع
خلهما ودبسهما، وكذا الفرعان من أصل واحد كالجبن مع الأقط والزبد وغيرهما.
(مسألة 1875) اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحيوان، فيجوز
التفاضل بين لحم الغنم ولحم البقر، وكذا بين لبنهما أو دهنهما.
(مسألة 1876) لا تجري تبعية الفرع للأصل في الكيل والوزن، فما كان أصله
مكيلا أو موزونا وخرج منه شئ لا يكال ولا يوزن، فلا بأس بالتفاضل بين أصله
وما خرج منه، وكذا بين ما خرج منه بعضه مع بعض وذلك كالقطن والكتان فأصلهما
وغزلهما يوزن، ومنسوجهما لا يوزن، فلا بأس بالتفاضل بين أصلهما أو غزلهما
ومنسوجهما، وكذا بين منسوجهما، بأن يباع ثوبان بثوب واحد.
(مسألة 1877) ربما يكون شئ مكيلا أو موزونا في حال دون حال، فالثمرة غير
329

موزونة على الشجرة، وإذا جنيت صارت من الموزون. وكذا الحيوان قبل أن يذبح ويصير
لحما ليس من الموزون، فإذا ذبح وسلخ صار منه، ولذا يجوز بيع شاة بشاتين بلا إشكال.
(مسألة 1878) الظاهر أنه لا يجوز على الأحوط بيع لحم حيوان بحيوان حي من
جنسه كلحم الغنم بالشاة، أو غير جنسه كالبقرة، وليس ذلك من جهة الربا.
(مسألة 1879) إذا كان لشئ حالة رطوبة وحالة جفاف كالتمر يكون رطبا ثم
يصير تمرا، والعنب يكون عنبا ثم يصير زبيبا، وكذا الخبز، بل اللحم أيضا يكون
نيئا ثم يصير قديدا، فلا إشكال في بيع جافه بجافه ورطبه برطبه مثلا بمثل، كما أنه لا
يجوز بالتفاضل. أما جافه برطبه كبيع التمر بالرطب، فالأقوى عدم الجواز مع التفاضل،
وأما مثلا بمثل فالأحوط الترك، وإن كانت الكراهية فيه لا تخلو من وجه.
(مسألة 1880) التفاوت بالجودة والرداءة لا يوجب جواز التفاضل في المقدار فلا
يجوز بيع مثقال من الذهب الجيد بمثقالين من الردئ، ولو تساويا في القيمة.
(مسألة 1881) يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلى كل من الطرفين كأن يبيع
منا من حنطة مع درهم بمنين من حنطة ودرهمين، أو بضم غير الجنس إلى الطرف
الناقص كأن يبيع منا من حنطة مع درهم بمنين منها.
(مسألة 1882) إذا كان شئ يباع جزافا في بلد، وموزونا في آخر، فلكل بلد
حكم نفسه.
(مسألة 1883) لا ربا بين الوالد وولده، ولا بين السيد وعبده، ولا بين الرجل
وزوجته، ولا بين المسلم والحربي، بمعنى أنه يجوز أخذ الفضل للمسلم. أما بين المسلم
والذمي فيثبت حكم الربا إذا عملوا بشرائط الذمة، وإذا خلعوا شرائط الذمة فيثبت
عليهم حكم الحربي، ويجوز أخذ الربا منهم.
بيع الصرف
(مسألة 1884) وهو بيع الذهب بالذهب أو بالفضة، والفضة بالفضة أو بالذهب،
ولا فرق بين المسكوك منهما وغيره، بل إذا باع ثوب القماش المصنوع من الإبريسم
وفيه خيوط ذهب أو فضة بأحدهما، يكون صرفا بالنسبة إلى ما فيه من
330

النقدين، لأن مقدارا من الثمن يكون مقابل الإبريسم ومقدارا منه مقابل خليطه من أحد
النقدين، فيكون بالنسبة إلى هذا المقدار من الخليط صرفا، بشرط أن يكون له مالية
ولا يكون قليلا لا يعبأ به عند العرف.
(مسألة 1885) يشترط في صحة بيع الصرف التقابض في المجلس، فلو تفرقا
ولم يتقابضا بطل البيع، ولو قبض البعض صح فيه خاصة وبطل بالنسبة إلى ما لم
يقبض. وكذا إذا بيع أحد النقدين مع غيرهما صفقة واحدة بأحدهما ولم يقبض الجملة
حتى تفرقا، بطل البيع بالنسبة إلى النقد، وصح بالنسبة إلى غيره.
(مسألة 1886) إذا فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل البيع، فإذا تقابضا قبل أن
يفترقا، صح.
(مسألة 1887) إنما يشترط التقابض في معاوضة النقدين إذا كانت بالبيع، دون
ما إذا كانت بغيره كالصلح والهبة المعوضة وغيرهما.
(مسألة 1888) لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية المتعارفة في زماننا
(الاسكناس) مما يعامل معه معاملة النقدين فيصح بيع بعضها ببعض وإن لم يتحقق
التقابض قبل الافتراق كما أنه لا زكاة في هذه الأوراق ولا ربا المعاملي فيها.
(مسألة 1889) الظاهر أنه يكفي في القبض كونه في الذمة، ولا يحتاج إلى قبض
آخر، فلو كان في ذمة زيد دراهم فضة لعمرو فباعها بدنانير ذهب وقبضها قبل
التفرق صح، بل لو وكل زيدا بأن يقبض عنه الدنانير التي صارت ثمن الدراهم، صح
أيضا إذا قبضها في حضور الموكل قبل تفرق المتبايعين.
(مسألة 1890) إذا اشترى منه دراهم فضة ببيع الصرف ثم اشترى بها منه
دنانير ذهب قبل قبض الدراهم، لم يصح الثاني. أما البيع الأول فإن حصل تقابض
مبيعه قبل التفرق صح، وإلا بطل أيضا.
(مسألة 1891) إذا قال للذي له عليه دراهم الفضة حولها دنانير ذهب، فرضي
بذلك وتقبل الدنانير في ذمته بدل الدراهم، صح ذلك ويتحول ما في ذمته من الدراهم
إلى الدنانير وإن لم يتقابضا. وكذلك لو كان له عليه دنانير ذهب فقال له:
331

حولها دراهم فضة، ولا يبعد أن يكون هذا عنوانا آخر غير البيع كأن يكون تعهده بالدنانير
في الذمة وفاء لما في ذمته من الدراهم، والمستند النص الصحيح المعمول به في الجملة.
(مسألة 1892) لا يجوز التعامل بالعملة المغشوشة من الاسكناس المتعارف على
الأحوط حتى إذا كانت رائجة بين عامة الناس وعلم الطرفان بأنها مغشوشة. بل لا
يبعد وجوب إتلافها إذا كان الغرض منها غش المسلمين والاضرار بهم.
(مسألة 1893) لا يجوز بيع كي من الذهب والفضة بجنسه مع التفاضل إلا
بضميمة، ويكفي فيها وجود الغش في الذهب أو الفضة إذا كان له مالية لو تخلص منهما،
فإذا بيعت فضة مغشوشة بمثلها جاز بالمثل والتفاضل، وإذا بيعت المغشوشة بالخالصة
لا بد أن تكون الخالصة زائدة على فضة المغشوشة حتى تقع تلك الزيادة في مقابل
الغش. فإذا لم يعلم مقدار الغش والفضة في المغشوشة، تباع بغير جنس الفضة أو
بمقدار منها يعلم إجمالا زيادته عن الفضة المغشوشة، وكذلك الأشياء المحلاة بالذهب
أو الفضة. فإذا بيعت بجنسها فلا بد أن يكون العوض زائدا على الحلية حتى تقع تلك
الزيادة في مقابل غيرها، وكذلك في مثل القماش الذي دخل في صناعته أحد النقدين.
(مسألة 1894) إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب مثلا، فوجدها من غير
جنس الفضة كالنحاس والرصاص، بطل البيع وليس له المطالبة بالبدل، كما أنه ليس
للبائع إلزامه به، بل إن تراضيا عليه يحتاج إلى معاملة جديدة. ولو وجد بعضها
كذلك، بطل فيه وصح في الباقي، وله رد الكل لتبعض الصفقة. وإذا اشترى فضة كلية
في الذمة بذهب أو فضة، وبعد ما قبضها وجد المدفوع أو بعضه من غير جنسها، فإن
كان قبل أن يفترقا، فللبائع الابدال بالجنس وللمشتري المطالبة بالبدل. وإن كان بعد
التفرق، بطل البيع في الكل أو البعض على حذو ما سبق.
(مسألة 1895) إذا كان المبيع فضة معينة في الخارج ولكن ظهر فيها عيب
كخشونة الجوهر، والغش الزائد على المتعارف، واضطراب السكة ونحوها، كان له
الخيار برد الجميع أو إمساكه إذا لم تكن الزيادة كثيرة بحيث يعد بعض المبيع من غير
الجنس ليبطل البيع بالنسبة إليه. وليس له رد المعيب وحده لو كان المعيب هو البعض
على إشكال. وليس له المطالبة بالأرش لو كان العوضان متجانسين كالفضة
332

بالفضة على الأحوط إن لم يكن أقوى للزوم الربا. ولو تخالفا كالفضة بالذهب، فله ذلك إن لم
يتمكن من الرد سواء كان قبل التفرق أو بعده.
(مسألة 1896) إذا كان المبيع كليا في الذمة وظهر عيب في المدفوع، فثبوت
خيار العيب في بيع الكلي بعيب الفرد المدفوع محل منع، فليس له إلا المطالبة بالبدل
الصحيح قبل التفرق، أو إمساك المعيب بالثمن بلا أرش. وإن علم بالعيب بعد التفرق،
فإن رضي بالمعيب بلا أرش فهو، وإلا بطل البيع، لأن المقبوض غير مرضي والمرضي
غير مقبوض قبل التفرق.
(مسألة 1897) لا يجوز أن يشتري من الصائغ خاتما أو قرطا مثلا من فضة أو
ذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرته، بل إما يشتريه بغير جنسه أو يشتري منه
مقدارا من الفضة أو الذهب بجنسه مثلا بمثل ويعين له أجرة معينة لصياغته. نعم لو
كان فص الخاتم مثلا من مال الصائغ وكان من غير جنس حلقته، جاز شراؤه منه
بجنسه مع الزيادة، لأن الفص من الضميمة وبها يتخلص من الربا كما مر.
(مسألة 1898) إذا كان له على زيد عملة مثل الدنانير المتعارفة في زماننا وأخذ
عوضها تدريجا ريالات أو عملة أخرى، فإن كان أخذه بنية استيفاء القرض، ينقص
من قرضه عليه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الوقت وإن كان أخذه بنية الاقتراض أو
الأمانة كان ما أخذه قرضا عليه وبقي له على زيد الدنانير، فلكل منهما حق المطالبة
بنوع ما أخذ من العملة، فإن أرادا المحاسبة تحسب قيمة كل نوع في وقت المحاسبة.
(مسألة 1899) إذا أقرض زيدا نقدا معينا أو باعه شيئا بنقد معين كالدينار
المتعارف وكان القرض محدودا إلى أجل معلوم، وزاد سعر ذلك النقد أو نقص عند
حلول الأجل عن سعره يوم الاقراض أو البيع، لا يستحق إلا عين ذلك النقد ولا
ينظر إلى زيادة سعره ونقصانه. نعم إذا نقص سعره نقصا فاحشا بحيث صار يعد في
نظر العرف تلفا، فالأحوط التصالح.
(مسألة 1900) يجوز أن يبيع مثقالا من فضة خالصة من الصائغ مثلا بمثقال من
فضة فيها غش بمقدار له مالية، ويشترط عليه أن يصوغ له خاتما مثلا. وكذا يجوز أن
يقول صغ لي خاتما وأنا أبيعك عشرين مثقالا من فضة جيدة بعشرين مثقالا من فضة
رديئة مثلا، ولا يكون ربا في الصورتين.
333

(مسألة 1901) لو باع عشرة دنانير متعارفة مثلا بليرة ذهبية واحدة إلا دينارا،
صح لكن بشرط أن يعلما نسبة الدينار بحسب سعر الوقت إلى الليرة، حتى يعلما أي
مقدار من الليرة قد استثني.
بيع السلف
(مسألة 1902) ويقال السلم أيضا، وهو ابتياع كلي مؤجل بثمن حال، عكس
النسيئة، ويقال للمشتري المسلم بكسر اللام، وللثمن المسلم بفتحها، وللبائع المسلم
إليه، وللمبيع المسلم فيه.
(مسألة 1903) يحتاج هذا البيع إلى إيجاب وقبول، ومن خواصه أن كل واحد
من البائع والمشتري صالح لأن يصدر منه الايجاب والقبول، فالايجاب من البائع بلفظ
البيع وأشباهه، بأن يقول مثلا: بعتك طنا من حنطة بصفة كذا إلى أجل كذا بثمن كذا،
ويقول المشتري قبلت أو اشتريت. وأما الايجاب من المشتري فهو بلفظي: أسلمت
وأسلفت، بأن يقول: أسلمت إليك أو أسلفتك مئة درهم مثلا في طن من حنطة بصفة
كذا إلى كذا، فيقول المسلم إليه وهو البائع: قبلت.
(مسألة 1904) لا يجوز إسلاف أحد النقدين في أحدهما مطلقا، ويجوز إسلاف
غير النقدين في غيرهما، بأن يكون كل من الثمن والمثمن من غيرهما، مع اختلاف
الجنس، أو عدم كونهما أو أحدهما من المكيل والموزون، وكذا إسلاف أحد النقدين في
غيرهما، وبالعكس.
(مسألة 1905) لا يصح أن يباع بالسلف ما لا يمكن ضبط أوصافه التي تختلف
القيمة والرغبة باختلافها، كالجواهر واللئالي والعقار والأرضين وأشباهها، مما لا ترتفع
الجهالة والغرر فيها إلا بالمشاهدة. بخلاف ما يمكن ضبط أوصافه المذكورة بالتوصيف
كالخضر والفواكه والحبوبات ونحو ذلك، بل البيض والجوز واللوز ونحوها، وكذا
الحيوان والملابس والأشربة والأدوية، بسيطها ومركبها.
(مسألة 1906) يشترط في السلف أمور:
الأول: ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة، كما عرفت.
334

الثاني: قبض الثمن قبل التفرق من مجلس العقد، ولو قبض البعض صح فيه وبطل
في الباقي، ولو كان للمشتري دين في ذمة البائع، فإن كان مؤجلا فلا يجوز جعله ثمنا
للمسلم فيه، أما إذا جعل الثمن كليا في ذمة المشتري ثم حاسبه به بماله في ذمة البائع،
أو كان حالا، فالظاهر جوازه وإن لم يخل عن إشكال، فالأحوط تركه.
الثالث: تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العقد بمقدره الذي يرفع الجهالة.
الرابع: تعيين أجل مضبوط للمسلم فيه، بالأيام أو الشهور أو السنين ونحو ذلك،
ولو جعل الأجل إلى أوان الحصاد ونحو ذلك، كان باطلا. ولا فرق في الأجل بعد
كونه مضبوطا بين أن يكون قليلا كيوم بل نصف يوم، أو كثيرا كعشرين سنة.
الخامس: إمكان وجود المسلم فيه عادة وقت حلوله بحيث لا يخاف من العجز
عن التسليم في وقته. وكذا وجوده في البلد الذي شرط أن يسلم فيه المسلم فيه، لو
شرط ذلك.
(مسألة 1907) الأحوط تعيين بلد التسليم، إلا إذا كان انصراف إلى بلد العقد،
أو بلد آخر.
(مسألة 1908) إذا جعل الأجل شهرا أو شهرين، فإن كان وقوع المعاملة في
أول الشهر، عد شهرا هلاليا أو شهرين هلاليين، ولا ينظر إلى نقصان الشهر وتمامه،
أما إذا أوقعا المعاملة في أثناء الشهر عد كل شهر ثلاثين يوما.
(مسألة 1909) إذا جعلا الأجل إلى جمادى أو ربيع حمل على أقربهما، وكذا لو
جعل إلى الخميس أو الجمعة، فيحل بأول جزء من ليلة الهلال في الأول، وبأول جزء
من نهار اليوم في الثاني.
(مسألة 1910) إذا اشترى شيئا سلفا لم يجز بيعه قبل حلول الأجل، لا على
البائع ولا على غيره، سواء باعه بجنس الثمن الأول أو بغيره، وسواء كان مساويا له
أو أكثر أو أقل. ويجوز بعد حلوله قبضه أو لم يقبضه، على البائع وعلى غيره، بجنس
الثمن ومخالفه، بالمساوي له أو بالأقل أو الأكثر، ما لم يستلزم الربا. نعم لو كان المسلم
فيه مما يكال أو يوزن، فيكره بيعه قبل قبضه، كما يكره بيعهما قبل قبضهما ولو في غير
السلف. وقد مر الاحتياط بترك بيعه بالمرابحة بغير البائع.
335

(مسألة 1911) إذا دفع المسلم إليه إلى المشتري بعد الحلول الجنس الذي أسلم
فيه وكان دونه من حيث الصفة أو المقدار، لم يجب قبوله. وإذا كان مثله فيهما، يجب
القبول كغيره من الديون. أما إذا كان فوقه من حيث الصفة فلا يجب القبول مطلقا،
لأنه قد تتعلق الأغراض بما ليس فيه ذلك التفوق كما إذا اشترى الخصي فأعطى غير
الخصي. نعم لا يجوز له رد الأكمل من مصاديق ما اشتراه وهو ليس فوق ما
اشتراه بل هو عين ما اشتراه. وأما إذا كان أكثر منه بحسب المقدار فلا يجب عليه
قبول الزيادة.
(مسألة 1912) إذا حل الأجل ولم يتمكن البائع من أداء المسلم فيه لعارض من
آفة أو عجز عن تحصيله، أو إعوازه في البلد وعدم إمكان جلبه من مكان آخر، إلى
غير ذلك من الأعذار، حتى انقضى الأجل كان المشتري بالخيار بين أن يفسخ المعاملة
ويرجع بثمنه ورأس ماله، أو يصبر إلى أن يوجد ويتمكن البائع من الأداء. وهل له
إلزامه بقيمة المسلم فيه إن لم يختر الخيار ولم يرد الصبر الأحوط له اختيار الفسخ فلا
يطالبه بغير عين الثمن إن كان موجودا، وبدله إن كان تالفا نعم بالتراضي لا مانع منه،
سواء زاد ما تراضيا عليه عن الثمن أو ساواه أو نقص عنه.
بيع المساومة والمرابحة والمواضعة والتولية
(مسألة 1913) ينقسم البيع إلى قسمين،
القسم الأول: بيع المساومة، وهو أن تجري المعاملة بين البائع والمشتري مقاولة
بدون ذكر رأس مال السلعة كما هو المتعارف في الأسواق، وهو أفضل أنواع البيع.
والقسم الثاني: تجري المعاملة فيه على أساس رأس المال وينقسم إلى ثلاثة أقسام
الأول: المرابحة، وهي البيع على رأس المال مع الزيادة.
الثاني: المواضعة، وهي البيع عليه مع النقيصة.
الثالث: التولية، وهي البيع عليه من دون زيادة ولا نقيصة.
(مسألة 1914) لا بد في تحقق هذه العناوين الثلاثة من إيقاع عقد البيع على نحو
يكون وافيا بإفادة أحد هذه المطالب الثلاثة، ويعتبر في المرابحة تعيين مقدار
336

الربح، وفي المواضعة تعيين مقدار النقصان، فعبارة عقد المرابحة بعد تعيين رأس المال أو تعينه
عندهما أن يقول البائع: بعتك هذا المتاع مثلا بما اشتريت مع ربح كذا، ويقول
المشتري: قبلت أو اشتريت هكذا. وعبارة المواضعة بعد تعيين رأس المال أو تعينه
عندهما أن يقول البايع: بعتك بما اشتريت مع نقصان مقدار كذا. وعبارة التولية أيضا
بعد تعيين رأس المال أو تعينه عندهما أن يقول: بعتك بما اشتريت.
(مسألة 1915) إذا قال البائع في المرابحة: بعتك هذا بمأة وربح درهم في كل
عشرة مثلا، وفي المواضعة، بعتك بمأة ووضيعة درهم في كل عشرة، فإن تبين
للمشتري مبلغ الثمن بعد ضم الربح أو تنقيص الوضيعة، صح البيع في الأقوى على
كراهة. وإن لم يتبين له مقدار الثمن فالظاهر بطلان البيع ولو تبين بعد البيع.
(مسألة 1916) إذا تعددت النقود واختلف سعرها وصرفها لا بد من ذكر النقد
والصرف، وأنه اشتراه بأي نقد، وأن صرفه كان أي مقدار، وكذا لا بد من ذكر
الشروط والأجل ونحو ذلك، مما يتفاوت لأجلها الثمن.
(مسألة 1917) إذا اشترى متاعا بثمن معين ولم يحدث فيه ما يوجب زيادة
قيمته، فرأس ماله ذلك الثمن، فيجوز عند إخباره عنه أن يقول اشتريته بكذا، أو
رأس ماله كذا، أو تقوم علي بكذا، أو هو علي بكذا. وإن أحدث فيه ما يوجب
زيادة قيمته فإن كان بعمل نفسه لم يجز أن يضم أجرة عمله إلى الثمن المسمى ويخبر
بأن رأس ماله كذا أو اشتريته بكذا، بل عبارته الصحيحة الصادقة أن يذكر كلا من
رأس ماله وعمله مستقلا، بأن يقول مثلا: اشتريته بكذا وعملت فيه كذا، وإن كان
باستئجار غيره، جاز أن يضم الأجرة إلى الثمن ويخبر بأنه تقوم علي أو هو علي بكذا،
ولا يجوز أن يقول: اشتريته بكذا أو رأس ماله كذا.
(مسألة 1918) إذا اشترى معيبا ورجع بالأرش على البائع، له أن يخبر بالواقع،
وله إسقاط مقدار الأرش من الثمن ويجعل رأس المال ما بقي، فيقول: رأس مالي كذا.
وليس له أن يخبر بالثمن المسمى من دون إسقاط قدر الأرش، بخلاف ما إذا حط البائع
بعض الثمن، فإنه يجوز للمشتري أن يخبر بالأصل من دون إسقاط الحطيطة، لأنها
تفضل من البائع عليه ولا دخل لها بالثمن.
337

(مسألة 1919) يجوز أن يبيع متاعا ثم يشتريه بزيادة أو نقيصة، إذا لم يشترط
على المشتري بيعه منه، ولو كان من قصدهما ذلك، وبذلك ربما يحتال من أراد أن
يجعل رأس ماله أكثر مما اشترى به المتاع، مثل أن يشتري متاعا بدرهمين ثم يبيعه
من ابنه بأربعة ثم يشتريه بأربعة، ثم يقول إن رأس مالي أربعة. وهذا وإن لم يكذب
في رأس المال إذا كان في معاملته مع ابنه قاصدا للبيع حقيقة، ويصح بيعه، إذ هو
ليس بأعظم من الكذب الصريح في الاخبار عن رأس المال، لكن الظاهر أنه غش
وخيانة، فلا يجوز له ذلك. نعم إن لم يكن ذلك بقصد الاحتيال، جاز ولا محذور فيه.
(مسألة 1920) إذا ظهر كذب البائع في إخباره برأس المال، كما إذا أخبر بأن
رأس المال مائة وباعه بربح عشرة، فظهر أنه كان تسعين، صح البيع وتخير المشتري
بين فسخ البيع وإمضائه بتمام الثمن، وهو مائة وعشرة. ولا فرق بين تعمد الكذب أو
صدوره غلطا أو اشتباها، وإذا ظهر الكذب بعد التلف، فلا يبعد عدم سقوط هذا
الخيار. وإذا كان التلف بعد ظهوره، فلا خيار لأنه فوري. نعم إذا كان تأخير الفسخ
من جهة جهله بالمسألة، فلا يبعد عدم السقوط أيضا.
(مسألة 1921) لو سلم التاجر متاعا إلى الدلال ليبيعه له فقومه عليه بثمن معين
وجعل ما زاد على ذلك له، بأن قال له: بعه عشرة رأس ماله فما زدت عليه فهو لك، لم
يجز له أن يبيعه مرابحة، بأن يجعل رأس المال ما قوم عليه التاجر ويزيد عليه مقدارا
بعنوان الربح، بل اللازم إما أن يبيعه مساومة، أو يبين ما هو الواقع من أن ما قوم علي
التاجر كذا، وأنا أريد النفع كذا، فإن باعه بزيادة كانت الزيادة له. وإن باعه بما قوم عليه
التاجر صح البيع، ويكون الثمن له ولا يستحق الدلال شيئا، وإن كان الأحوط إرضاؤه
بشئ. وإن باعه بالأقل يكون فضوليا يتوقف صحته على إجازة التاجر.
(مسألة 1922) إذا اشترى شخص متاعا أو دارا أو عقارا أو غيرها، جاز أن
يشرك فيه غيره، بالمناصفة بنصف الثمن، وبالمثالثة بثلث الثمن وهكذا، ويجوز إيقاعه
بلفظ التشريك، بأن يقول مثلا: شركتك في هذا المتاع، نصفه بنصف الثمن أو ثلثه
بثلث الثمن، فيقول: قبلت. ولو أطلق، لا يبعد انصرافه إلى المناصفة، وهل هو بيع
أو عنوان على حدة؟ كل محتمل، وعلى الأول فهو من بيع التولية.
338

بيع الثمار
(مسألة 1923) بيع الثمار وهي على الأشجار ويسمى في العرف الحاضر الضمان،
ويلحق بها الزرع والخضروات.
(مسألة 1924) لا يجوز بيع الثمار قبل بروزها وظهورها عاما واحدا بلا ضميمة،
بل ولا مع الضميمة إلا إذا كانت الضميمة مقصودة والثمار تابعة. والأحوط ضم
الضميمة في بيعها عامين أيضا. وأما بعد ظهورها فإن بدا صلاحها أو كان في عامين أو
مع الضميمة، فيجوز بيعها بلا إشكال، ومع انتفاء الثلاثة فالأقوى الجواز، وإن كان
الأحوط تركه.
(مسألة 1925) بدو الصلاح في التمر احمراره أو اصفراره، وفي غيره انعقاد حبه
بعد تناثر ورده واستبانته بحيث لا تخاف معه الآفة.
(مسألة 1926) يعتبر في الضميمة في مورد الاحتياج إليها كونها مما يجوز بيعها
منفردة، وكونها مملوكة للمالك، ومنها الأصول لو بيعت مع الثمرة. لكن الأحوط في
بيع الأصول مع الثمرة أن لا تكون تابعة للثمرة، وبهذا تختلف الأصول عن الضمائم
الأخرى التي يصح أن تكون تابعة للثمرة.
(مسألة 1927) إذا ظهرت بعض ثمرة البستان جاز له بيع ثمرته أجمع، الموجودة
والمتجددة في تلك السنة، سواء اتحدت الشجرة أو تنوعت واتحد الجنس أو اختلف.
ولو أدركت ثمرة بستان جاز بيعها مع ثمرة بستان آخر لم تدرك ثمرته، لكن لا يترك
الاحتياط فيه.
(مسألة 1928) إذا كانت الشجرة تثمر في سنة واحدة مرتين فالظاهر أن
المرتين بمنزلة العامين فالأحوط في بيع ثمرها في المرتين قبل الظهور كما مر أن يكون
مع الضميمة.
(مسألة 1929) إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر، ثم باع الأصول لشخص
آخر، لم يبطل بيع الثمرة، فتنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة منفعة تلك المدة. ولو
كان مشتري الأصول جاهلا كان له الخيار في فسخ البيع، كالعين المستأجرة.
339

(مسألة 1930) لا يبطل بيع الثمار بموت بائعها ولا بموت مشتريها، بل تنتقل
الثمرة في الثاني إلى ورثة المشتري، والأصول في الأول إلى ورثة البائع مسلوبة المنفعة.
(مسألة 1931) إذا باع الثمرة بعد ظهورها أو بدو صلاحها فأصيبت بآفة سماوية
أو أرضية قبل قبضها الذي هو استيلاء المشتري عليها، كان من مال بائعها. والظاهر
إلحاق النهب والسرقة ونحوهما بالآفة. نعم لو كان المتلف شخصا معينا، كان المشتري
بالخيار بين فسخ البيع وبين إمضائه ومطالبة المتلف بالبدل، ولو كان التلف بعد القبض،
كان من مال المشتري ولم يرجع على البائع بشئ.
(مسألة 1932) يجوز أن يستثني البائع لنفسه ثمرة أشجار معينة، أو حصة
مشاعة من الثمرة كالثلث والربع، أو مقدارا معينا كطن أو طنين، فإن فسدت الثمرة
سقط من المستثنى بحسابه في الحصة المشاعة. وأما المقدار المعين فهو كذلك إذا كان
استثناء الطن والطنين بنحو الإشاعة، وأما إذا كان بنحو الكلي في المعين كما هو الظاهر
منه، فلازمه عدم حساب الخسارة على البائع، لكن حيث ادعي الاجماع على
حسابها عليه، فلا يترك الاحتياط فيه بالمصالحة.
(مسألة 1933) يجوز بيع الثمرة على النخل والشجر بكل شئ يصح أن يجعل ثمنا
في أنواع البيوع من النقود والأمتعة والطعام والحيوان وغيرها، بل المنافع والأعمال
ونحوهما. نعم لا يجوز بيع التمر على النخل بالتمر، سواء كان مقدارا من تمرها أو تمرا
آخر على النخيل أو موضوعا على الأرض، وهذا يسمى بالمزابنة المنهي عنها.
والأحوط إلحاق ثمرة ما عدا النخيل من الفواكه بها، فلا تباع بجنسها، وأما بيعها
بمقدار منها، فالأقوى عدم جوازه.
(مسألة 1934) يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمرة بزيادة عما اشتراه أو نقصان،
قبل قبضه وبعده.
(مسألة 1935) لا يجوز بيع الزرع بذرا قبل ظهوره، وفي جواز الصلح عليه
وجه، كما لو باعه تبعا للأرض لو باعها وأدخله في المبيع بالشرط. وأما بعد ظهور
خضرته فيجوز بيعه بعنوان القصيل ويجذه المشتري قبل أن يسنبل، إن كان بلغ أوان
قصله بل لو لم يبلغ أيضا، إن كان عين مدة لابقائه، وإن لم يعين مدة لابقائه وأطلق،
فله إبقاؤه إلى أوان قصله، ويجب على المشتري جذه إذا بلغ أوانه، إلا إذا رضي
340

البائع بإبقائه. ولو لم يرض به ولم يجذه المشتري فللبائع جذه، والأحوط أن يكون بعد
الاستئذان من الحاكم مع الامكان. وله تركه والمطالبة بأجرة أرضه مدة بقائه، ولو
أبقاه إلى أن طلعت سنبلته فالأحوط التصالح عليها.
(مسألة 1936) يجوز بيع الزرع من أصله لا بعنوان كونه قصيلا، بل بعنوان كونه
ملكا للمشتري إن شاء قصله وإن شاء تركه إلى أن يسنبل.
(مسألة 1937) لا يجوز بيع السنبل قبل ظهوره وانعقاد حبه، ويجوز بعد انعقاد
حبه، سواء كان حبه بارزا كالشعير أو مستترا كالحنطة، منفردا ومع أصوله، قائما
وحصيدا. ولا يجوز بيعه بحب من جنسه، بأن تباع سنابل الحنطة بالحنطة وسنابل
الشعير بالشعير، وهذا يسمى بالمحاقلة المنهي عنها، ولا يبعد شمولها لبيع سنبل
الحنطة بالشعير وبيع سنبل الشعير بالحنطة أيضا، وفي جريان هذا الحكم في غيرهما
كالأرز والذرة ونحوهما إشكال، وإن كان الأحوط عدم البيع. نعم لا يجوز بيع السنبل
منها بمقدار حب من حاصله.
(مسألة 1938) لا يجوز بيع الخضار كالخيار والباذنجان وكذا البطيخ ونحوها قبل
ظهورها، ويجوز بعد انعقادها وتناثر وردها، لقطة واحدة أو لقطات معلومة،
والمرجع في اللقطة إلى عرف الزراع وشغلهم وعادتهم. والظاهر أن ما يلتقط منها من
الباكورة لا يعد لقطة.
(مسألة 1939) يجوز بيع الخيار والبطيخ وغيرهما من الخضار مع مشاهدة ما
يمكن مشاهدته من خلال الأوراق، ولا يضر عدم مشاهدة المستور منها، كما لا يضر
عدم تناهي كبرها كلا أو بعضا، وعدم تمام تناثر وردها، وكذا لا يضر عدم وجود
غير اللقطة الأولى ما دامت تباع مع غيرها.
(مسألة 1940) إذا كان المقصود من الخضار مستورا في الأرض كالجزر والشلغم
والثوم، يشكل جواز بيعها قبل قلعها. نعم في مثل البصل مما كان الظاهر منه أيضا
مقصودا، فالوجه جواز بيعه منفردا ومع أصوله.
(مسألة 1941) يجوز بيع ما يجز ثم ينمو كالنعناع جزة وجزات معينة، وذلك
بعد ظهوره، وكذا ما يخرط كورق التوت والحناء، خرطة وخرطات، والمرجع في الجزة
341

والخرطة العرف والعادة كما مر في اللقطة. ولا يضر عدم وجود بعض الأوراق
بعد وجود مقدار يكفي للخرط، وإن لم يبلغ أوان خرطه، فيضم الموجود إلى المعدوم
كانضمام الثمرة المتجددة في السنة أو في سنة أخرى إلى الموجودة.
(مسألة 1942) إذا كان نخل أو شجر أو زرع بين اثنين مثلا بالمناصفة يجوز أن
يتقبل أحد الشريكين حصة صاحبه بخرص معلوم، بأن يخرص المجموع بمقدار فيتقبل
أن يكون المجموع له ويدفع لصاحبه من الثمرة نصف المجموع بحسب خرصه، زاد أو
نقص مع رضا صاحبه والظاهر أن هذه معاملة خاصة برأسها، وأنه ليس لها صيغة
خاصة، فيكفي كل لفظ يكون ظاهرا في المقصود بحسب متفاهم العرف.
(مسألة 1943) يجوز لمن مر بثمرة نخل أو شجر أو زرع مجتازا، لا قاصدا إليها
لأجل الأكل، أن يأكل منها بمقدار شبعه وحاجته، من دون أن يحمل منها شيئا، ومن
دون إفساد الأغصان أو إتلاف الثمار، والظاهر عدم الفرق بين ما كان على الشجر أو
متساقطا عنه، والأحوط الاقتصار على ما إذا لم يعلم كراهة المالك.
(مسألة 1944) يختص حق المرور المذكور بما لا سور له من الأشجار والزروع،
وأما المسور منها فلا يجوز لمار الأكل منه، حتى من الأغصان الممتدة على الطريق مثلا.
بيع الحيوان
(مسألة 1945) كل حيوان مملوك كما يجوز بيع جميعه يجوز بيع بعضه المشاع
كالنصف والربع. أما جزؤه المعين كرأسه وجلده أو يده ورجله أو نصفه الذي فيه
رأسه مثلا، فإن كان مما لا يؤكل لحمه أو لا يقصد منه اللحم بل الركوب مثلا، لم يجز
قطعا، نعم فيما يذكى ولا يؤكل يجوز بيع جلده إذا كان مما ينتفع به، وكذا فيما يؤكل
ولا يقصد لحمه إذا لم يقصد منه إلا الانتفاع بجلده. لكن المتيقن من جواز بيع تلك
الأجزاء كذلك هو عند إرادة الذبح عندما يكون الحيوان مشرفا على الذبح بحيث
يعامله العرف معاملة المذبوح. وأما إذا كان المقصود منه الذبح مثل ما يشتري
القصابون فالظاهر أنه يصح بيعه، فإن ذبحه يكون للمشتري ما اشتراه، وإن
342

باعه ولم يذبحه، يكون المشتري شريكا في الثمن بنسبة ماله، بأن تنسب قيمة الرأس والجلد
مثلا على تقدير الذبح إلى قيمة البقية، فله من الثمن بتلك النسبة. وكذا الحال إذا باع
حيوانا بقصد اللحم واستثنى الرأس والجلد، أو اشترك اثنان أو جماعة وشرط أحدهم
لنفسه الرأس والجلد، أو الرأس والقوائم مثلا، فيصح في الجميع فيما يراد ذبحه، فإذا
ذبح يستحق عين ما شرط أو اشترى، وإلا كان شريكا بالنسبة.
(مسألة 1946) إذا قال شخص لآخر: إشتر حيوانا مثلا بشركتي، كان ذلك منه
توكيلا له في الشراء، فلو اشتراه حسب طلب الأمر كان المبيع بينهما نصفين، وعلى
كل منهما دفع نصف الثمن، إلا إذا صرح بكون الشركة على نحو آخر. ولو دفع المأمور
عن الآمر ما عليه من الثمن فليس له الرجوع إليه، ما لم يكن قرينة تقتضي أن
المقصود الشراء له والدفع عنه ما عليه من الثمن، فحينئذ يرجع على الآمر بما دفع عنه.
الإقالة
(مسألة 1947) حقيقة الإقالة فسخ العقد من الطرفين، وهي جارية في تمام
العقود سوى النكاح، وفي قيام الوارث مقام المتعاقدين في الإقالة كما يقوم مقامهما في
الفسخ، إذا ورث الخيار إشكال.
(مسألة 1948) تقع الإقالة بكل لفظ أفاد المعنى المقصود عند أهل المحاورة،
كأن يقول المتعاقدان (تقايلنا) أو (تفاسخنا) أو يقول أحدهما للآخر (أقلتك)
فيقبل الآخر، بل الظاهر كفاية التماس الطرفين فيقولان تفاسخنا أو تقايلنا، أو طرف
واحد مع إقالة الآخر، ثم قبول الملتمس منه بقوله قبلت أو مثله. ولا يعتبر فيها
العربية بل تقع بكل لغة والأحوط عدم الاكتفاء بالمعاطاة فيها، وإن كان الاكتفاء بها
لا يخلو من قوة.
(مسألة 1949) لا يجوز الإقالة بزيادة عن الثمن ولا نقصان، فلو أقال المشتري
بزيادة عن الثمن الذي اشترى به أو البائع بوضيعة، بطلت الإقالة، وبقي العوضان على
ملك صاحبيهما.
343

(مسألة 1950) لا يجري في الإقالة الفسخ والإقالة.
(مسألة 1951) تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد، وفي بعضه، ويتقسط
الثمن حينئذ بالنسبة، بل إذا تعدد البائع أو المشتري، فتصح إقالة أحدهما مع الطرف
الآخر بالنسبة إلى حصته، وإن لم يوافقه صاحبه.
(مسألة 1952) التلف غير مانع من صحة الإقالة كالفسخ، فلو تقايلا رجع كل
عوض إلى مالكه، فإن كان موجودا أخذه، وإن كان تالفا رجع إلى المثل إن كان مثليا
والقيمة إن كان قيميا.
344

كتاب الشفعة
(مسألة 1953) إذا باع أحد الشريكين حصته لشخص أجنبي، فللشريك الآخر
مع اجتماع الشروط الآتية أن يتملكها وينتزعها من المشتري بما بذله من الثمن،
ويسمى هذا الحق بالشفعة وصاحبه بالشفيع.
(مسألة 1954) تثبت الشفعة في كل ما لا ينقل وكان قابلا للقسمة كالأراضي
والبساتين والدور ونحوها دون غيره. لكن لا يترك الاحتياط للشريك بعدم الأخذ
بها إلا برضى المشتري وللآخر بإجابته إذا أخذ بها فيما ينقل كالثياب والمتاع والسفينة
والحيوان، وفيما لا يقبل القسمة كالأنهار والطرق الضيقة والآبار وغالب الأرحية
والحمامات والشجر والنخيل والأبنية والثمار على الأشجار. نعم تثبت في الشجر
والأبنية إذا بيعت تبعا للأرض.
(مسألة 1955) إنما تثبت الشفعة في بيع حصة مشاعة من العين المشتركة، فلا
شفعة بالجوار، فلو باع أحد داره أو عقاره فليس لجاره الأخذ بالشفعة، وكذا لا
شفعة في العين المقسومة إذا باع أحد الشريكين حصته المفرزة، إلا إذا كانت دارا قد
قسمت بعد اشتراكها، أو كانت من أول الأمر مفرزة ولها طريق مشترك فباع أحد
الشريكين حصته المفرزة من الدار، فإنه تثبت الشفعة لشريكه لكن إذا بيعت مع
طريقها، بخلاف ما إذا أفرزت الحصة بالبيع وبقي الطريق على ما كان من الاشتراك بين
المالكين، فإنه لا شفعة حينئذ في بيع الحصة. نعم لو بيعت حصته من الطريق المشترك
وبقيت الدار، وكانت الطريق ضيقة غير قابلة للقسمة، فالأحوط لهما العمل بما تقدم
في بيع ما لا ينقل. وفي إلحاق الاشتراك في الشرب كالبئر والنهر والساقية بالاشتراك
في الطريق إشكال، فلا يترك الاحتياط. نعم لا يبعد إلحاق البستان والأراضي مع
اشتراك الطريق بالدار.
345

(مسألة 1956) إذا باع حصة من دار أو باع حصة مفرزة من دار مثلا مع حصة
مشاعة من دار أخرى صفقة واحدة، كان للشريك الشفعة في تلك الحصة المشاعة بحصتها
من الثمن على الأقوى، والأحوط له إرضاء المشتري، وللمشتري إجابة أخذه بالشفعة.
(مسألة 1957) إثبات الشفعة لغير البائع في أكثر من شريكين وإن كان موافقا
للنص الوارد في الاشتراك في الطريق، لكن المتيقن ثبوتها فيما إذا كان في الطريق
شريكان فقط لا أكثر، فالأحوط الاقتصار عليه.
(مسألة 1958) يشترط في ثبوت الشفعة انتقال الحصة إلى الأجنبي بالبيع، فلو
انتقلت إليه بجعله صداقا أو فدية للخلع، أو بالصلح أو بالهبة فلا شفعة.
(مسألة 1959) لا شفعة فيما إذا كانت العين بين ثلاثة وما فوق، من غير فرق
على الظاهر بين أن يكون البائع اثنين من ثلاثة مثلا، ويكون الشفيع واحدا، أو
بالعكس. نعم لو باع أحد الشريكين حصته من اثنين مثلا أو باعها تدريجا فصارت
العين بين الثلاثة بعد البيع، فلا مانع من الشفعة للشريك الآخر، وحينئذ فالأقوى أن
له التبعيض، بأن يأخذ بالشفعة بالنسبة إلى أحد المشتريين ويترك الآخر.
(مسألة 1960) إذا كانت الدار مشتركة بين الملك الطلق والوقف وبيع الطلق، لم
يكن للموقوف عليه ولو كان واحدا ولا لولي الوقف الشفعة. نعم لو بيع الوقف في
صورة صحة بيعه فالظاهر ثبوتها لذي الطلق، إلا إذا كان الوقف على أشخاص
بأعيانهم وكانوا متعددين، فالأقوى عدم ثبوتها فيه.
(مسألة 1961) يعتبر في ثبوت الشفعة كون الشفيع قادرا على أداء الثمن، فلو كان
عاجزا عن أدائه فلا شفعة له، ولو بذل الضامن أو الرهن، إلا أن يرضى المشتري بالصبر.
(مسألة 1962) يعتبر في ثبوت الشفعة إحضار الثمن عند الأخذ بها، ولو اعتذر
بأنه في مكان آخر فذهب ليحضر الثمن فإن كان في البلد أمهل ثلاثة أيام، وإن كان في
بلد آخر ينتظر بمقدار يمكن بحسب العادة نقل المال من ذلك البلد بزيادة ثلاثة أيام، ما
لم يتضرر المشتري، فإن لم يحضر الثمن في تلك المدة فلا شفعة له.
(مسألة 1963) يشترط في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلما، فلا شفعة
للكافر على المسلم وإن اشتراه من كافر، وتثبت للكافر على مثله، وللمسلم على الكافر.
346

(مسألة 1964) تثبت الشفعة للغائب، فله الأخذ بها بعد اطلاعه على البيع ولو
بعد زمان طويل، بل لو كان له وكيل مطلق أو وكيل خاص للأخذ بالشفعة واطلع هو
على البيع دون موكله، له أن يأخذ بالشفعة له.
(مسألة 1965) تثبت الشفعة للسفيه وإن لم ينفذ أخذه بها إلا بإذن الولي أو
إجازته، وكذا تثبت للصبي والمجنون وإن كان المتولي للأخذ بها عنهما وليهما. نعم لو
كان الولي هو الوصي فليس له ذلك إلا مع الغبطة والمصلحة، بخلاف الأب والجد فإنه
يكفي فيهما عدم المفسدة كما هو الحال في سائر التصرفات. ولو ترك الولي المطالبة
بالشفعة عنهما إلى أن كملا، فلهما أن يأخذا بها.
(مسألة 1966) إذا كان الولي شريكا مع المولى عليه فباع حصته من أجنبي،
جاز له أن يأخذ بالشفعة فيما باعه، وكذا الوكيل في البيع لو كان شريكا مع موكله
فباع حصة موكله من أجنبي، فإن له أن ينتزع الحصة التي باعها من المشتري لنفسه
لأجل الشفعة.
(مسألة 1967) الأخذ بالشفعة إما بالقول كأن يقول: أخذت بالشفعة أو تملكت
الحصة، ونحو ذلك مما يفيد إنشاء تملكه وانتزاع الحصة بالشفعة. وأما بالفعل بأن يدفع
الثمن ويأخذ الحصة المبيعة، وبأن يرفع المشتري يده عنها ويخلي بين الشفيع وبينها.
(مسألة 1968) يعتبر دفع الثمن عند الأخذ بالشفعة قولا أو فعلا، إلا إذا رضي
المشتري بالصبر. نعم لو كان الثمن مؤجلا فالظاهر أنه يجوز له أن يأخذ بها ويتملك
الحصة عاجلا، ويكون الثمن عليه إلى وقته.
(مسألة 1969) ليس للشفيع تبعيض حقه، بل إما أن يأخذ الجميع أو يدع.
(مسألة 1970) يلزم الشفيع عند أخذه بالشفعة مثل الثمن الذي وقع عليه العقد،
سواء كانت قيمة الحصة المباعة أقل أو أكثر، ولا يلزمه دفع ما غرمه المشتري من
المؤن كأجرة الدلال ونحوها، ولا دفع ما زاد المشتري على الثمن وتبرع به للبائع بعد
العقد، ولو حط البائع بعد العقد شيئا من الثمن، ليس له تنقيص ذاك المقدار أيضا.
(مسألة 1971) إذا كان الثمن مثليا كالذهب والفضة ونحوهما يلزم على الشفيع
دفع مثله، ولو كان قيميا كالحيوان والجواهر والثياب ونحوها، فالأحوط للشريك
347

ترك الأخذ بغير رضا المشتري، والأحوط للمشتري عدم الامتناع مع أخذ الشفيع،
أو يتصالحان.
(مسألة 1972) إذا اطلع الشفيع على البيع، فله المطالبة في الحال، وتبطل شفعته
بالمماطلة والتأخير بلا داع عقلائي وعذر عقلي أو شرعي أو عادي، بخلاف ما إذا كان
عدم الأخذ بها لعذر. ومن الأعذار عدم اطلاعه على البيع وإن أخبروه به إذا لم يكن
المخبر ممن يوثق به، وكذا جهله باستحقاق الشفعة أو عدم جواز تأخير المطالبة
بالمماطلة، بل ومن الأعذار لو ترك الأخذ بها لتوهمه كثرة الثمن فبان قليلا، أو كونه
نقدا يصعب عليه تحصيله كالذهب فبان خلافه، وغير ذلك.
(مسألة 1973) تسقط الشفعة بإسقاط الشفيع بعد البيع لا قبله لأنه إسقاط لما لم
يجب، وكذا تسقط بإقالة المتبايعين، أو رد المشتري إلى البائع بعيب أو غيره.
(مسألة 1974) لا تسقط الشفعة لو رضي بالبيع للأجنبي قبل إيقاعه، لأن المسقط
رضاه بعد البيع لا قبله، وكذا لا تسقط الشفعة لو عرض عليه شراء الحصة فأبى.
(مسألة 1975) إذا باع المشتري ما اشتراه، كان للشفيع الأخذ من المشتري
الأول بما اشتراه من الثمن، فيبطل الشراء الثاني، وله الأخذ من الثاني كذلك فيصح
الأول. وكذا لو زادت البيوع على اثنين، فإن أخذ من المشتري الأول بطلت البيوع
اللاحقة، وإن أخذ من الآخر صحت البيوع المتقدمة، وإن أخذ من الوسط صح ما
تقدم وبطل ما تأخر.
(مسألة 1976) لو تصرف المشتري في المبيع بغير البيع كالوقف وغيره،
فللشريك الأخذ بالشفعة وإبطال ما وقع من المشتري وإزالته. بل الظاهر أن صحة
الوقف مشروط بعدم الأخذ بالشفعة، وإلا فهي باطلة من أصلها.
(مسألة 1977) لو تلفت الحصة المشتراة بالمرة بحيث لم يبق منها شئ أصلا،
سقطت الشفعة. نعم إذا كان ذلك بعد الأخذ بالشفعة وكان التلف بفعل المشتري أو في
يده المضمونة، ضمنه. وإن بقي منها شئ كالدار إذا انهدمت وبقيت أرضها وأنقاضها
أو عابت، فلا تسقط الشفعة، وللشفيع الترك أو الأخذ بها وانتزاع ما بقي منها بتمام
الثمن من دون ضمان على المشتري. نعم لو كان ذلك بعد الأخذ بالشفعة وكان بفعل
المشتري أو في يده المضمونة، ضمن قيمة التالف أو ضمن أرش العيب.
348

(مسألة 1978) يشترط في الأخذ بالشفعة علم الشفيع بالثمن حين أخذه بالشفعة
على الأحوط إن لم يكن أقوى، وكذا علمه بالمثمن على الأحوط. فلو قال بعد اطلاعه
على البيع أخذت بالشفعة بالثمن بالغا ما بلغ لم يصح، ولو علم بعد ذلك.
(مسألة 1979) الشفعة موروثة على إشكال، وكيفية إرثها أنه عند أخذ الورثة
بها يقسم المشفوع بينهم على ما فرض الله في المواريث، فلو خلف زوجة وابنا يكون
الثمن لها والباقي له، ولو خلف ابنا وبنتا فللذكر مثل حظ الأنثيين، وليس لبعض
الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون. نعم لو عفى بعضهم وأسقط حقه كانت الشفعة
لمن لم يعف، ويكون العافي كأن لم يكن.
(مسألة 1980) إذا باع الشفيع نصيبه قبل أن يأخذ بالشفعة، فالظاهر سقوطها،
خصوصا إذا كان بعد علمه بالشفعة.
(مسألة 1981) يصح أن يصالح الشفيع المشتري عن شفعته بعوض وبدونه،
ويكون أثره سقوطها فلا يحتاج إلى إنشاء مسقط. ولو صالحه على إسقاطه أو على
ترك الأخذ بها، صح أيضا ولزم الوفاء به، لكن لو لم يسقطها وأخذ بها، فالأوجه أنه
يترتب عليه أثره وإن أثم بعدم الوفاء بما التزم به.
(مسألة 1982) إذا كانت دارا مثلا بين حاضر وغائب وكانت حصة الغائب بيد آخر فباعها بدعوى الوكالة عنه، فيجوز الشراء منه ويتصرف المشتري فيما اشتراه ما
لم يعلم كذبه في دعواه، والظاهر أنه يجوز للشريك الآخر الأخذ بالشفعة بعد اطلاعه
على البيع.
349

كتاب الصلح
(مسألة 1983) الصلح هو التراضي والتسالم على أمر من تمليك عين أو منفعة أو
إسقاط دين أو حق وغير ذلك. ولا يشترط كونه مسبوقا بالنزاع وإن كان حكمة
تشريعه في شرع الإسلام قطع التجاذب ورفع التنازع، ويجوز إيقاعه على كل أمر وفي
كل مقام، إلا إذا كان محرما لحلال أو محللا لحرام.
(مسألة 1984) الصلح عقد مستقل بنفسه، ولا يرجع إلى سائر العقود وإن أفاد
فائدتها فيفيد فائدة البيع إذا كان صلحا على عين بعوض، وفائدة الهبة إذا كان بلا
عوض، وفائدة الإجارة إذا كان على منفعة بعوض، وهكذا، ولا تلحقه أحكام سائر
العقود ولا تجري فيه شروطها وإن أفاد فائدتها، فما أفاد فائدة البيع لا يلحقه أحكام
البيع وشروطه، ولا يجري فيه الخيارات المختصة بالبيع، ولا يشترط فيه قبض
العوضين إذا تعلق بمعاوضة النقدين. وما يفيد منه فائدة الهبة من تمليك عين بلا
عوض، لا يعتبر فيه قبض العين كما يعتبر في الهبة، وهكذا.
(مسألة 1985) الصلح عقد يحتاج إلى إيجاب وقبول مطلقا حتى فيما أفاد فائدة
الابراء وإسقاط الحق على الأقوى، فإبراء المديون وإسقاط الحق وإن لم يتوقفا على
قبول من عليه الدين أو الحق، لكن إذا وقعا بعنوان الصلح توقفا عليه.
(مسألة 1986) لا يعتبر في الصلح صيغة خاصة، بل يقع بكل لفظ أفاد في
متفاهم العرف التسالم والتراضي على أمر، من نقل عين أو منفعة أو قرار مشروع بين
المتصالحين، كأن يقول: صالحتك عن الدار أو منفعتها بكذا، فيقول المتصالح: قبلت
المصالحة أو اصطلحتها بكذا.
351

(مسألة 1987) عقد الصلح لازم من الطرفين، لا يفسخ إلا بإقالة المتصالحين أو
الخيار، حتى فيما أفاد فائدة الهبة الجائزة. والظاهر جريان جميع الخيارات فيه إلا أربعة،
خيار المجلس والحيوان والتأخير وخيار أحداث السنة، فإنها مختصة بالبيع. ولا يثبت
فيه الأرش على الأقوى لو ظهر عيب في العين المصالح عليها أو في عوضها.
(مسألة 1988) متعلق الصلح إما عين أو منفعة أو دين أو حق، وفي جميعها إما
أن يكون مع عوض أو بدونه، وإما أن يكون العوض عينا أو منفعة أو دينا أو حقا،
فهذه عشرون صورة كلها صحيحة، فيصح الصلح عن عين بعين أو منفعة أو دين أو
حق أو بلا عوض، وعن منفعة بمنفعة أو عين أو دين أو حق أو بلا عوض، وهكذا.
(مسألة 1989) إذا تعلق الصلح بعين أو منفعة، أفاد انتقالهما إلى المتصالح، سواء
كان بعوض أو بدونه، وكذا إذا تعلق بدين على غير المصالح أو حق قابل للانتقال
كحقي التحجير والاختصاص، وإذا تعلق بدين على المتصالح أفاد سقوطه. وكذا إذا
تعلق بحق قابل للاسقاط غير قابل للنقل والانتقال.
(مسألة 1990) يصح الصلح على مجرد الانتفاع بعين أو فضاء، كأن يصالحه على
أن يسكن داره أو يلبس ثوبا له مدة، أو على أن تكون جذوع سقفه على حائطه، أو
يجري ماءه على سطح داره، أو يكون ميزابه على ساحة داره، أو يكون له الممر
والمخرج من داره أو بستانه، أو على أن يخرج جناحا في فضاء ملكه، أو على أن
يكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه، وغير ذلك، فإن أنواع الصلح هذه كلها
صحيحة، سواء كانت بعوض أو بغير عوض.
(مسألة 1991) إنما يصح الصلح عن الحقوق التي تسقط بالاسقاط، والتي تكون
قابلة للنقل والانتقال، ومنها حق الأولوية لمن بيده أرض خراجية. وأما غير هذين
النوعين فلا يصح الصلح عليه.
(مسألة 1992) يشترط في المتصالحين ما يشترط في المتبايعين، من البلوغ،
والعقل، والقصد، والاختيار.
(مسألة 1993) الظاهر أنه يجري الفضولية في الصلح كما تجري في البيع، حتى لو
تعلق بإسقاط دين أو حي وأفاد فائدة الابراء والاسقاط الذين لا تجري فيهما الفضولية.
352

(مسألة 1994) يجوز الصلح على الثمار والخضار وغيرها قبل وجودها، ولو في
عام واحد، وبلا ضميمة، وإن لم يجز بيعها.
(مسألة 1995) تغتفر الجهالة في الصلح إذا تعذر للمتصالحين معرفة المصالح عنه
مطلقا، كما إذا اختلط مالاهما ولم يعلما مقدار مال كي منهما فاصطلحا على أن يشتركا
فيه بالتساوي أو بغيره، أو صالح أحدهما على ماله عند الآخر بمال معين. وكذا إذا
تعذر عليهما معرفته في الحال لتعذر الميزان والمكيال على الأظهر، بل وكذا مع إمكان
معرفتهما بمقداره في الحال على الأقوى، ما لم يعد صلحا سفهيا.
(مسألة 1996) إذا كان لغيره عليه دين أو عين وكان هو يعلم مقداره ولا يعلمه
الدائن، فأوقعا الصلح بينهما بأقل من الحق الواقعي وكان الدائن يعلم إجمالا بأنه أقل،
حل له الزائد، وكذا لو لم يعلم إجمالا لكنه رضي بالصلح عن حقه الواقعي على كل حال،
بحيث لو تبين له الحال لصالح عنه بذلك المقدار بطيب نفسه، فيحل له الزائد أيضا.
(مسألة 1997) إذا صولح عن الربوي بجنسه بالتفاضل فجريان حكم الربا فيه لا
يخلو من قوة. نعم لا إشكال فيه إن جهل المقدار وإن احتمل التفاضل، كما إذا كان
لكل من شخصين طعام عند صاحبه لا يدري كل واحد منهما كم له، فأوقعا الصلح
على أن يكون لكل منهما ما عنده مع احتمال تفاضلهما، لكن الأحوط فيه الترك.
(مسألة 1998) يصح الصلح عن دين بدين حالين أو مؤجلين أو مختلفين،
متجانسين أو مختلفين، سواء كانا على شخصين أو على شخص واحد، كما إذا كان له
في ذمة زيد طن حنطة ولعمرو عليه طن شعير، فصالح عمرا على ماله في ذمة زيد بما
لعمرو في ذمته، والظاهر صحة الجميع إلا في المتجانسين مما يكال أو يوزن مع
التفاضل، لأن جريان حكم الربا فيه لا يخلو من قوة. نعم لو صالح عن الدين ببعضه،
كما إذا كان له عليه دراهم إلى أجل فصالح عنها بنصفها حالا، فلا بأس به إذا كان
المقصود إسقاط الزيادة والابراء منها والاكتفاء بالناقص، كما هو المتعارف في نحو هذه
المصالحة، لا المعاوضة بين الزائد والناقص.
(مسألة 1999) يجوز أن يتصالح الشريكان على أن يكون لأحدهما رأس المال،
والربح الآخر والخسران عليه، وذلك عند إرادة فسخ الشركة أو بعد فسخها، وأما في
ابتداء الشركة أو مع بقاء الشركة، فلا يترك الاحتياط بتركه.
353

(مسألة 2000) يجوز للمتداعيين في دين أو عين أو منفعة أن يتصالحا بشئ من
المدعى به أو بشئ آخر، حتى مع إنكار المدعى عليه، ويسقط بهذا الصلح حق
الدعوى، وكذا حق اليمين الذي كان للمدعي على المنكر، وليس للمدعي بعد ذلك
تجديد المرافعة. لكن هذا الصلح فصل ظاهري تنقطع به الدعوى في ظاهر الشرع،
ولا يحل به ما أخذه من كان غير محي منهما، فإذا ادعى شخص على شخص بدين
فأنكره، ثم تصالحا على النصف فهذا الصلح موجب لسقوط الدعوى في ظاهر الشرع،
وأما في الواقع فإن كان المدعي محقا بحسب الواقع فقد وصل إليه نصف حقه وبقي الباقي
في ذمة المنكر حتى لو كان إنكاره حقا حسب اعتقاده، ويطالب في الآخرة إذا لم يكن
إنكاره بحي. إلا إذا فرض رضا المدعي باطنا بالصلح عن جميع ما له في الواقع. وإن
كان المدعي مبطلا واقعا يحرم عليه ما أخذه من المنكر إلا مع فرض طيب نفسه واقعا
بما صالح به المدعي، لا أنه رضي به تخلصا من دعواه الكاذبة.
(مسألة 2001) إذا قال المدعى عليه للمدعي: صالحني، لم يكن هذا إقرارا
بالحق، لما عرفت من أن الصلح يصح مع الانكار كما يصح مع الاقرار، وأما لو قال:
بعني أو ملكني، كان إقرارا.
(مسألة 2002) إذا كان لشخص ثوب بعشرين درهما مثلا ولآخر ثوب بثلاثين،
واشتبها ولم يميز كل منهما ماله عن مال صاحبه، فإن خير أحدهما صاحبه فقد أنصفه،
فكل ما اختاره يحل له ويحل الآخر لصاحبه، وإلا بيعا وقسم الثمن بينهما بنسبة مالهما.
(مسألة 2003) إذا كان لشخص دراهم ولآخر دراهم أيضا عند ودعي أو غيره،
فتلف مقدار لا يدرى أنه من أي منهما، فإن تساوى مقدار المودع من كل منهما،
يحسب التالف عليهما ويقسم الباقي بينهما نصفين، وإن تفاوتا، فإما أن يكون التالف
بمقدار ما لأحدهما وأقل مما للآخر، أو يكون أقل من وديعة كل منهما، فعلى الأول
يعطى للآخر ما زاد على التالف ويقسم الباقي بينهما نصفين، كما إذا كان لأحدهما
درهمان وللآخر درهم وكان التالف درهما، فيعطي صاحب الدرهمين درهما ويقسم
الدرهم الباقي بينهما نصفين، أو كان لأحدهما خمسة دراهم وللآخر درهمان وكان
التالف درهمين فيعطي لصاحب الخمسة ثلاثة ويقسم الباقي، وهو درهمان، بينهما
نصفين. وعلى الثاني يعطي لكل منهما ما زاد على التالف، ويقسم الباقي بينهما
354

نصفين فإذا كان لأحدهما خمسة وللآخر أربعة وكان التالف ثلاثة يعطى لصاحب الخمسة اثنان
ولصاحب الأربعة واحدا ويقسم الباقي وهو الثلاثة بينهما نصفين فلصاحب الخمسة
ثلاثة ونصف ولصاحب الأربعة اثنان ونصف ولكن مع ذلك كله لا يترك الاحتياط
بالتصالح في الصورة الثانية والثالثة. هذا كله إذا كان المالان مثليين كالدراهم والدنانير
ولم يمتزجا بحيث أوجب امتزاجهما الشركة الحقيقية كامتزاج المائعين المتجانسين، أو
الحكمية كامتزاج بعض الحبوب، وأما فيهما فالتلف عليهما بنسبة المالين. وأما إذا كانا
قيميين كالثياب والحيوان فلا بد من المصالحة، أو تعيين التالف بالقرعة.
(مسألة 2004) يجوز إحداث الرواشن، المسماة في العرف الحاضر بالشرفات،
على الطرق النافذة والشوارع العامة إذا كانت عالية بحيث لا تضر بالمارة، وليس
لأحد منعه حتى صاحب الدار المقابل وإن استوعبت عرض الطريق، بحيث كانت
مانعة عن إحداث روشن في مقابله، ما لم يضع منه شيئا على جداره. نعم الأحوط
تركه إذا استلزم الإشراف على دار الجار وإن جوزنا مثل ذلك في تعلية البناء في ملكه.
(مسألة 2005) إذا بنى شرفة على الطريق ثم انهدمت أو هدمت، فإن لم يكن من
نيته تجديدها جاز للطرف الآخر أن يبني ما يشغل ذلك الفضاء ولم يحتج إلى الاستئذان
منه. وإن كان من نيته تجديدها ففي جواز السبق من دون استئذانه تأمل وإشكال.
(مسألة 2006) لو أحدث شخص شرفة على الجادة، فالأقوى أنه لا يجوز
للطرف المقابل إحداث شرفة أخرى فوقها أو تحتها بدون إذنه. نعم لو كان الثاني أعلى
بكثير بحيث لا يشغل الفضاء الذي يحتاج إليه صاحب الأولى بحسب العادة من جهة
الشمس ونحو ذلك، فلا بأس به.
(مسألة 2007) كما يجوز إحداث الشرفات على الجادة يجوز فتح الأبواب
المستجدة فيها، سواء كان له باب آخر أم لا. وكذا فتح النوافذ عليها ونصب الميزاب
فيها، وكذا بناء ساباط عليها إذا لم يكن معتمدا على حائط غيره مع عدم إذنه، ولم
يكن مضرا بالمارة ولو من جهة الظلمة. ولو كان يضرهم من جهة وينفعهم من
جهات أخرى كالوقاية من الحر والبرد وغير ذلك، فالأحوط عدم التصرف المضر
مطلقا. ولا أثر لنظر الحاكم الشرعي في المقام.
355

(مسألة 2008) يجوز إحداث بالوعة الأمطار في الجادة مع التحفظ من إضرارها
بالمارة، وكذا يجوز حفر سرداب تحت الجادة مع إحكام أساسه وبنيانه وسقفه بحيث
يؤمن من الخسف والانهدام. والأحوط أن يكون مثل هذا التصرف وكذا إحداث
الرواشن بإذن الحاكم الشرعي وتحت ضوابط تؤمن بها عن ضرر المارة ولكن لا يجوز
للحاكم أن يجعل على ذلك الضريبة أو يشترطه بشرط غير مرتبط بمصلحة المارة.
(مسألة 2009) لا يجوز لأحد إحداث شرفة أو جناح أو بناء ساباط أو نصب
ميزاب أو فتح باب أو حفر سرداب وغير ذلك، على الطرق غير النافذة المسماة
بالمرفوعة والرافعة، إلا بإذن أربابها، سواء كان مضرا أو لم يكن. وكذلك لا يجوز
لبعض أربابها إلا بإذن شركائه فيها، ولو صالحهم غيرهم أو صالح بعضهم بعضا على
إحداث شئ من ذلك صح ولزم، سواء كان بعوض أو بلا عوض.
(مسألة 2010) لا يجوز لأحد أن يبني بناء على حائط جاره أو يضع جذوع
سقفه عليه، إلا بإذنه ورضاه، وإذا التمس ذلك من الجار لم يجب عليه إجابته، وإن
استحب له استحبابا مؤكدا من جهة ما ورد من التأكيد والحث الأكيد على قضاء
حوائج الاخوان ولا سيما الجيران. ولو بنى شيئا أو وضع الجذوع بإذنه ورضاه فإن
كان ذلك بعنوان ملزم كالشرط في ضمن عقد لازم أو بالإجارة أو بالصلح عليه، لم
يجز له الرجوع. وأما إذا كان مجرد إذن ورخصة، جاز له الرجوع قبل البناء والوضع
قطعا وأما بعد ذلك فلا يترك الاحتياط بالتصالح والتراضي بينهما ولو بالابقاء مع
الأجرة أو الهدم مع الأرش.
(مسألة 2011) لا يجوز للشريك في الحائط التصرف فيه ببناء ولا تسقيف ولا
دق وتد ولا غير ذلك، إلا بإذن شريكه أو إحراز رضاه بشاهد الحال كما هو الحال،
في التصرفات اليسيرة، كالاستناد إليه أو وضع يده أو طرح ثوب عليه أو غير ذلك،
بل الظاهر أن مثل هذه الأمور اليسيرة لا تحتاج إلى إحراز الإذن والرضا كما جرت به
السيرة. نعم إذا صرح بالمنع وأظهر الكراهة، لم يجز إلا فيما لا يعد تصرفا عند العرف
كالاستظلال بظله.
(مسألة 2012) إذا انهدم الجدار المشترك وأراد أحد الشريكين تعميره لم يجبر
شريكه على المشاركة في عمارته، ويجوز له تعميره من ماله مجانا بدون إذن شريكه
356

إذا كان الأساس ملكا مختصا به، وكذا وسائل البناء، ولا يجوز له تعميره إذا كان الأساس
مختصا بشريكه. وأما إذا كان الأساس مشتركا فإن كان قابلا للقسمة فليس له التعمير
بدون إذنه، نعم له المطالبة بالقسمة فيبني على حصته المفرزة، وإن لم يكن قابلا للقسمة
ولم يوافقه الشريك في شئ يرفع أمره إلى الحاكم، ليخيره بين عدة أمور من البيع أو
الإجارة أو المشاركة معه في العمارة أو الإجازة في تعميره وبنائه من ماله مجانا.
(مسألة 2013) إذا كانت الشركة في بئر أو نهر أو قناة أو ناعور ونحو ذلك، فلا
يجبر الشريك على المشاركة، ولو أراد الشريك تعميرها وتنقيتها يرفع أمره إلى الحاكم
يخيره بين أمور مرت في الجدار كما أنه لو أنفق في تعميرها فنبع الماء أو زاد، فليس له
أن يمنع شريكه الذي لم ينفق، من نصيبه من الماء، لأنه من فوائد ملكهما المشترك.
(مسألة 2014) لو كانت جذوع دار أحد أو جسور الحديد موضوعة على حائط
جاره ولم يعلم على أي وجه وضعت، حكم في الظاهر بكونه عن حق واستحقاق
حتى يثبت خلافه، فليس للجار أن يطالبه برفعها عنه، ولا يمنعه من تجديد البناء إذا
انهدم السقف. وكذا الحكم لو وجد بناء أو مجرى ماء أو ميزابا منصوبا في ملك غيره
ولم يعلم سببه، فإنه يحكم في أمثال ذلك بكونه عن حي واستحقاق، إلا أن يثبت كونه
عن عدوان، أو بعنوان العارية التي يجوز فيها الرجوع.
(مسألة 2015) إذا خرجت أغصان شجرة إلى فضاء ملك الجار من غير
استحقاق لمالكها، فله أن يطالب مالكها بعطف أغصانها أو قطعها من حد ملكه، وإن
امتنع صاحبها يجوز له عطفها أو قطعها، ومع إمكان الأول، لا يجوز الثاني.
357

كتاب الإجارة
(مسألة 2016) الإجارة تمليك عمل أو منفعة بعوض فتستعمل أبدا إما متعلقة
بأعيان مملوكة من متاع أو ثياب أو دار أو عقار وغيرها، فيقال، آجرتك الدار فتفيد
تمليك منفعتها للمستأجر بعوض، وإما متعلقة بالنفس كإجارة الحر نفسه لعمل معلوم،
ويقال آجرت نفسي لكذا وتفيد غالبا تمليك عمله للغير بأجرة مقررة. وقد تفيد
تمليك منفعته دون عمله كإجارة المرضعة نفسها للرضاع لا للارضاع.
(مسألة 2017) يصح عقد الإجارة بكل لفظ دال على الاعتبار المذكور في
تعريفها، والصريح منه: آجرتك أو أكريتك الدار مثلا، فيقول المستأجر قبلت أو
استأجرت أو استكريت.
(مسألة 2018) لا يعتبر في عقد الإجارة العربية، بل يكفي كل لفظ أفاد المعنى
المقصود بأي لغة كان، ويقوم مقام اللفظ الإشارة المفهمة من الأخرس ونحوه كعقد البيع.
(مسألة 2019) الظاهر جريان المعاطاة في الإجارة سواء تعلقت بالعين أو بالنفس،
وتتحقق في العين بالتسليط على العين لاستيفاء المنفعة وتسلمها، وتتحقق في النفس
بتسليم الأجير نفسه للعمل بقصد الإجارة وتسليم المستأجر الأجرة بذلك القصد.
(مسألة 2020) يعتبر في المتعاقدين ما يعتبر في المتبايعين، من البلوغ والعقل،
والقصد، والاختيار، وعدم الحجر لفلس أو سفه أو رقية.
(مسألة 2021) يعتبر في العين المستأجرة أمور:
منها: التعيين، فلو آجر إحدى الدارين أو إحدى الدابتين لم يصح إذا لم تكونا
متساويتين في الأوصاف وإلا فصحتها لا تخلو من وجه.
359

ومنها: أن تكون معلومة إما بالمشاهدة، وإما بذكر الأوصاف التي تختلف الرغبات
بسببها في إجارتها.
ومنها: أن يكون مقدورا على تسليمها، فلا تصح إجارة الدابة الشاردة ونحوها.
ومنها: أن تكون مما يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصح إجارة ما لا يمكن
الانتفاع بها، كما إذا آجر أرضا للزراعة مع أنه لا يمكن إيصال الماء إليها، ولا ينفعها
أو لا يكفيها ماء المطر. وكذا لا تصح إجارة ما لا يمكن الانتفاع بها إلا بإذهاب عينه
كالخبز للأكل، والشمع أو الحطب للاشعال.
(مسألة 2022) يعتبر في المنفعة أمور:
منها: أن تكون مباحة، فلا تصح إجارة الدكان لاحراز المسكرات أو بيعها، ولا
الدابة والسيارة والسفينة لحملها، والجارية المغنية للغناء وكذا الحائض لكنس المسجد،
ونحو ذلك.
ومنها: كونها متمولة يبذل بإزائها المال عند العقلاء.
ومنها: تعيين نوعها إذا كانت للعين منافع متعددة، فإذا استؤجرت الدابة يعين
أنها للحمل أو الركوب أو لإدارة الرحى وغيرها. نعم تصح إجارتها لجميع منافعها،
فيملك المستأجر جميعها.
ومنها: كونها مملوكة، فلا تصح إجارة ما لا يملك منفعته.
ومنها: أن تكون معلومة، إما بتقديرها بالزمان المعلوم مثل سكنى الدار شهرا، أو
الخياطة أو التعمير والبناء يوما، وإما بتقدير العمل كخياطة الثوب المعين خياطة من
نوع كذا، من دون تعرض للزمان إذا لم تختلف أغراض العقلاء بتفاوت الزمان الواقع
فيه العمل، وأما إذا اختلفت الأغراض والرغبات، فلا بد من تعيين الزمان الذي
يكون فيه العمل أيضا.
(مسألة 2023) يعتبر في الأجرة أن تكون معلومة، وأن يعين مقدارها بالكيل أو
الوزن أو العد في المكيل والموزون والمعدود، وبالمشاهدة أو الوصف في غيرها، ويجوز
أن تكون عينا خارجية، أو كليا في الذمة، أو عملا أو منفعة، أو حقا قابلا للنقل
والانتقال كحقي التحجير والاختصاص.
360

(مسألة 2024) إذا استأجر دابة للحمل، وكانت تختلف الأغراض باختلاف
الحمل لا بد من تعيين نوعه وكذا مقداره ولو بالمشاهدة والتخمين. وإذا استأجرها
للسفر لا بد من تعيين الطريق وزمان السير من ليل أو نهار ونحو ذلك، بل لا بد من
مشاهدة الراكب أو توصيفه بما يرفع الغرر والجهالة.
(مسألة 2025) إذا كانت المنفعة تقدر بحسب الزمان فلا بد من تعيينها يوما أو
شهرا أو سنة ونحو ذلك، ولا يصح تقديرها بمجئ الحاج مثلا.
(مسألة 2026) إذا قال كلما سكنت هذه الدار فكل شهر بدينار مثلا، بطل إن
كان المقصود الإجارة، للجهالة، وصح إن كان المقصود الإباحة بالعوض. وكذا الحال
فيما إذا قال إن خطت هذا الثوب بنحو كذا فلك درهم، وإن خطته بنحو كذا فلك
درهمان، بطل إن كان بعنوان الإجارة، وصح إن كان بعنوان الجعالة.
(مسألة 2027) إذا استأجر دابة أو سيارة مثلا وشرط على صاحبها أن يوصله
أو يوصل متاعه إلى مكان في وقت معين فلم يوصله، فإن كان ذلك لعدم سعة الوقت
أو لعدم إمكان الايصال من جهة أخرى غير صاحب الوسيلة، فالإجارة باطلة. وإن
كان الايصال ممكنا ولكنه لم يوصله بسبب تقصيره أو مع عدم تقصيره، فالإجارة
صحيحة ولا يستحق شيئا من الأجرة. هذا إذا كان الشرط على نحو القيدية، أما إذا
كان على نحو الشرطية المطلقة كأن استأجره على أن يوصله إلى مكان ثم اشترط عليه
الوقت المعين بعد ذلك، ولم يوصله، فالإجارة صحيحة والشرط لغو، لكن للمستأجر
خيار الفسخ لتخلف الشرط. فإذا فسخ يسترجع الأجرة المسماة، ويعطيه أجرة المثل.
(مسألة 2028) إذا استأجر سيارة لادراك زيارة عرفة مثلا فلم يدركه صحت
الإجارة ويستحق صاحب السيارة تمام الأجرة إذا لم يشترط عليه في عقد الإجارة
إيصاله يوم عرفة، ولو بانصراف المعاملة إلى ذلك ولم يكن إدراكه الزيارة قيدا
للإجارة، وإلا بطلت.
(مسألة 2029) لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد، فلو آجر داره في شهر
مستقبل معين، صح، سواء كانت مستأجرة في سابقه أم لا. نعم مع الاطلاق تنصرف
إلى الاتصال، فلو قال: آجرتك داري شهرا اقتضى الاطلاق اتصاله بزمان العقد، ولو
361

آجرها شهرا وفهم الاطلاق، أعني الشهر الكلي الصادق على المتصل والمنفصل،
فالإجارة باطلة.
(مسألة 2030) عقد الإجارة لازم من الطرفين، لا ينفسخ إلا بالتقايل أو
بالفسخ مع وجود خيار فيه. أما الإجارة المعاطاتية فهي كالبيع المعاطاتي لا تلزم إلا
بالتلف أو تغير العين بحيث لا يبقى موضوع للتراد من غير فرق في ذلك بين أن يكون
بالتصرف أو بغيره، لكن لا يترك الاحتياط بترتيب آثار كل من اللزوم والجواز في
الموارد التي كان الاحتياط ترتيب آثار أحدهما عليه.
(مسألة 2031) الظاهر أنه يجري في عقد الإجارة جميع الخيارات إلا خيار
المجلس وخيار الحيوان وخيار التأخير، فإنها مختصة بالبيع، فيجري في عقد
الإجارة خيار الشرط، وخيار تخلف الشرط، وخيار العيب، وخيار الغبن، وخيار
الرؤية، وغيرها.
(مسألة 2032) لا تبطل الإجارة ببيع العين المستأجرة لغير المستأجر، ولا
تنفسخ به بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة في تلك المدة. نعم للمشتري مع
جهله بالإجارة خيار فسخ البيع، بل له الخيار لو علم بها وتخيل أن مدتها قصيرة
فتبين أنها طويلة، ولو فسخ المستأجر الإجارة أو انفسخت، رجعت المنفعة في بقية
المدة إلى المؤجر لا المشتري.
(مسألة 2033) إذا اشترى العين المستأجرة مستأجرها، كأن استأجر دارا إلى
سنة وبعد شهر مثلا اشتراها، ففي انفساخ الإجارة وجهان أقواهما العدم فيتفرع عليه
أمور: منها اجتماع الثمن والأجرة عليه، ومنها بقاء تلك الإجارة على حالها لو فسخ
البيع بأحد أسبابه، بخلاف ما لو قيل بانفساخ الإجارة وغير ذلك.
(مسألة 2034) الظاهر أنه لا تبطل إجارة الأعيان بموت المؤجر ولا بموت
المستأجر، إلا إذا كانت ملكية المؤجر للمنفعة محدودة بزمان حياته، فتبطل الإجارة
بموته، كما إذا كانت منفعة دار موصى بها لشخص مدة حياته، فآجرها سنتين ومات
بعد سنة، فتبطل الإجارة بالنسبة إلى ما بقي من المدة. إلا أن يجيز ورثة الموصي
المالك الإجارة في بقية المدة، فتقع لهم الإجارة، ويكون لهم الأجرة.
362

(مسألة 2035) إذا آجر البطن السابق العين الموقوفة ومات قبل انقضاء مدة
الإجارة، فتبطل حتى لو أجاز البطن اللاحق على الأقوى. نعم لو آجرها المتولي
لمصلحة الوقف والبطون اللاحقة مدة تزيد على مدة بقاء بعض البطون فتكون نافذة
على البطون اللاحقة، ولا تبطل بموت البطن الموجود حال الإجارة، ولا بموت المؤجر.
(مسألة 2036) تبطل إجارة النفس لبعض الأعمال بموت الأجير بلا إشكال، نعم لو
تقبل عملا وجعله في ذمته، لم تبطل الإجارة بموته، بل يكون العمل دينا عليه يستوفى
من تركته. هذا إذا كانت الإجارة بدون قيد المباشرة بنحو القيدية والعنوانية، وأما معه
فتبطل الإجارة. ولو كانت المباشرة دخيلا بنحو الشرط، يثبت للمستأجر خيار الفسخ.
(مسألة 2037) إذا آجر الولي الصبي المولى عليه أو آجر ما يملكه الصبي مدة مع
مراعاة المصلحة والغبطة وبلغ الرشد قبل انقضاء المدة، فالظاهر أنه ليس له نقضها
وفسخها بالنسبة إلى ما بقي من المدة، في إجارة أملاكه، لأن البلوغ غاية للولاية، لا
لما فيه الولاية، وأما في إجارة نفسه فالمسألة محل الاشكال إلا إذا كانت المصلحة
واجبة الاستيفاء كحفظ حياة المولى عليه.
(مسألة 2038) إذا استأجر عينا شخصية ووجد فيها عيبا سابقا على العقد أو
القبض كان له فسخ الإجارة إذا كان ذلك العيب موجبا لنقص المنفعة كالعرج في الدابة،
أو التنقيص من الأجرة كما إذا كانت مقطوعة الأذن أو الذنب.
(مسألة 2039) إذا كان متعلق الإجارة كليا وكان الفرد المقبوض معيبا، فليس
له فسخ العقد، بل له المطالبة بالبدل، إلا إذا تعذر، فله الخيار في أصل العقد.
(مسألة 2040) إذا كانت الأجرة عينا شخصية ووجد المؤجر بها عيبا، كان له
الفسخ، ويشكل الأرش. وإذا كانت كلية، فله المطالبة بالبدل، وليس له فسخ
الإجارة، إلا إذا تعذر البدل.
(مسألة 2041) إذا ظهر الغبن للمؤجر أو المستأجر، فله خيار الغبن، إلا إذا
شرطا سقوطه.
(مسألة 2042) يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان، والعمل في إجارة
النفس على الأعمال، وكذا المؤجر والأجير الأجرة بمجرد العقد، لكن ليس لكل منهما
363

المطالبة بما ملكه إلا بتسليم ما عليه، فليس للمستأجر المطالبة بالمنفعة والعمل إلا بعد
تسليم الأجرة، كما أنه ليس للأجير المطالبة بالأجرة إلا بعد تسليم المنفعة. فالتسليم
وإن وجب على كل من الطرفين لكن له الامتناع عنه إذا رأى من الآخر الامتناع.
(مسألة 2043) إذا تعلقت الإجارة بالعين، فتسليم منفعتها بتسليم تلك العين.
وإذا تعلقت بالنفس، فتسليم العمل بإتمامه إذا كان مثل الصلاة والصوم والحج وحفر
بئر في دار المستأجر وأمثال ذلك مما لم يكن متعلقا بمال من المستأجر بيد المؤجر،
فقبل إتمام العمل لا يستحق الأجير المطالبة بالأجرة، وبعده لا يجوز للمستأجر
المماطلة. نعم إذا شرطا تأدية الأجرة كلا أو بعضا قبل العمل صريحا أو ضمنيا، كما
إذا كانت العادة تقتضي التزام المستأجر بذلك، كان هو المتبع. وأما إذا كان متعلقا
بمال من المستأجر في يد المؤجر كالثوب يخيطه والخاتم يصوغه والكتاب يطبعه وأمثال
ذلك، فالأقوى أن تسليمه بإتمام العمل أيضا.
(مسألة 2044) إذا بذل المستأجر الأجرة، أو كان له حق أن يؤخرها بموجب
شرطهما وامتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة يجبر عليه وإن لم يمكن إجباره
فللمستأجر فسخ الإجارة والرجوع إلى الأجرة، وله إبقاء الإجارة ومطالبة المؤجر
بعوض المنفعة الفائتة. وكذا إن أخذها منه بعد التسليم بلا فصل، أما إذا أخذها في
أثناء المدة، فالأقوى ثبوت الخيار له في فسخ الكل أو البعض.
(مسألة 2045) إذا آجر دابة من زيد فشردت من غير تقصير المستأجر بطلت
الإجارة، سواء كان قبل التسليم أو بعده في أثناء المدة. نعم إن شردت في أثنائها
تبطل الإجارة بالنسبة إلى ما بقي منها وله خيار تبعض الصفقة.
(مسألة 2046) إذا تسلم المستأجر العين المستأجرة ولم يستوف المنفعة حتى
انقضت مدة الإجارة، كما إذا استأجر دارا مدة وتسلمها ولم يسكنها أو سيارة
للركوب ولم يركبها حتى مضت المدة، فإن كان ذلك باختيار منه استقرت عليه
الأجرة. وفي حكمه ما لو بذل المؤجر العين المستأجرة فامتنع المستأجر عن تسلمها
واستيفاء المنفعة منها حتى انقضت المدة. وهكذا الحال في الإجارة على الأعمال، إذا
سلم الأجير نفسه وبذلها للعمل وامتنع المستأجر من تسلمه، كما إذا استأجر أحدا
364

يخيط له ثوبا معينا في وقت معين وامتنع من دفع الثوب إليه حتى مضى ذلك الوقت،
فقد استحق عليه الأجرة، سواء اشتغل الأجير في ذلك الوقت بشغل آخر لنفسه أو
لغيره، أم لا. وإن كان ذلك لعذر بطلت الإجارة ولم يستحق المؤجر شيئا من الأجرة
إذا كان عدم استيفائه المنفعة حتى مضت المدة بسبب عذر عام لم تكن فيه العين قابلة
لاستيفائها، كما إذا استأجر سيارة للركوب إلى مكان فنزل ثلج مانع، أو انقطع
الطريق بسبب آخر، أو دارا للسكنى فصارت معركة أو مسبعة ونحو ذلك. ولو
عرضت مثل هذه العوارض في أثناء المدة بعد استيفاء المستأجر مقدارا من المنفعة،
بطلت الإجارة بالنسبة. وإن كان عذرا يختص بالمستأجر، كما إذا مرض ولم يتمكن
من ركوب السيارة المستأجرة، فالأقوى عدم البطلان.
(مسألة 2047) إذا غصب العين المستأجرة غاصب ومنع المستأجر من استيفاء
المنفعة، فإن كان قبل القبض، تخير بين الفسخ والرجوع بأجرة المسمى على المؤجر،
وبين الرجوع إلى الغاصب بأجرة المثل، وإن كان بعد القبض تعين الثاني.
(مسألة 2048) إذا تلفت العين المستأجرة قبل بدء زمان الإجارة، بطلت
الإجارة، وكذا بعد بدئه ولكن بدون فصل معتد به.
(مسألة 2049) إذا تلفت العين المستأجرة في أثناء المدة سواء استوفى بعض
المنفعة أم لا، بطلت الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة، ويرجع إليه من الأجرة بما قابلها
نصفا أو ثلثا وهكذا، هذا مع تساوي الأجرة بحسب الأوقات، ومع التفاوت تلاحظ
النسبة. وهكذا الحال في كل مورد حصل فيه الفسخ أو الانفساخ أثناء المدة. أما
بالنسبة إلى ما مضى من الإجارة فلا يبعد ثبوت الخيار للمستأجر لتبعض الإجارة،
فيرجع إلى أجرة المسمى ويضمن أجرة المثل، وهكذا في كل مورد حصل فيه الفسخ أو
الانفساخ أثناء المدة.
(مسألة 2050) إذا تلف بعض العين المستأجرة أثناء المدة، فتبطل الإجارة
بنسبته وللمستأجر خيار التبعض، كما مر.
(مسألة 2051) إذا آجر دارا فانهدمت، بطلت الإجارة إن خرجت عن الانتفاع
المقصود في الإجارة، فإن كان قبل القبض أو بعده بلا فصل قبل أن يسكن فيها،
365

رجعت الأجرة بتمامها، وإلا فبالنسبة، وللمستأجر خيار التبعض كما مر. وإن أمكن
الانتفاع بها ببعض ما وقع عليه العقد، كان للمستأجر الخيار بين الابقاء والفسخ، وإذا
فسخ كان حكم الأجرة بالنسبة.
(مسألة 2052) إذا استأجر دارا وانهدم بعض غرفها، فإن بادر المؤجر إلى
تعميرها بحيث لم يفت الانتفاع أصلا، لم يكن فسخ ولا انفساخ على الأقوى، وإلا
بطلت الإجارة بالنسبة إلى ما انهدم وبقيت بالنسبة إلى البقية بما يقابلها من الأجرة،
وكان للمستأجر خيار تبعض الصفقة.
(مسألة 2053) كل موضع تفسد فيه الإجارة، يثبت للمؤجر أجرة المثل بمقدار
ما استوفاه المستأجر من المنفعة، وأجرة ما تلف في يده مضمونا عليه. وكذلك في
إجارة النفس للعمل، فإن العامل يستحق أجرة مثل عمله إذا استوفاه المستأجر أو
كان بأمره، من غير فرق بين كونهما عالمين بالفساد أو جاهلين أو مختلفين.
(مسألة 2054) يجوز إجارة المشاع، سواء كان للمؤجر جزء مشاع من عين
فآجره، أو كان مالكا للكل وآجر جزء مشاعا منه كنصفه أو ثلثه، لكن في الصورة
الأولى لا يجوز للمؤجر تسليم العين للمستأجر إلا بإذن شريكه، ولو عصى وسلم إليه،
تترتب عليه آثار القبض الصحيح.
(مسألة 2055) يجوز أن يستأجر اثنان مثلا دارا على نحو الاشتراك ويسكناها
معا بالتراضي، أو يقتسماها بحسب المساكن بالتعديل والقرعة كتقسيم الشريكين الدار
المشتركة، أو يقتسما منفعتها بالمهاياة بأن يسكنها أحدهما ستة أشهر ثم الآخر، كما إذا
استأجرا معا سيارة للركوب فإن تقسيم منفعتها إذا لم يستعملاها معا لا يكون إلا
بالمهاياة، بأن يستعملها أحدهما يوما والآخر يوما مثلا، أو بالتناوب بحسب المسافة،،
بأن يركبها أحدهما فرسخا ثم الآخر، مثلا.
(مسألة 2056) إذا استأجر عينا ولم يشترط عليه استيفاء منفعتها بالمباشرة،
يجوز أن يؤجرها بأقل مما استأجر وبالمساوي وبالأكثر. هذا في غير الأجير والبيت
والدار والدكان، فإنه لا يجوز إجارتها بأكثر مما استأجر، إلا إذا أحدث فيها حدثا من
تعمير أو تبييض ونحو ذلك، والأحوط إلحاق الرحى والسفينة والأرض بها.
366

(مسألة 2057) إذا استأجر دارا مثلا بعشرة دراهم فسكن نصفها وآجر الباقي
بعشرة من دون إحداث شئ فيها، جاز ولم يكن من الإجارة بأكثر مما استأجر.
وكذا لو سكنها نصف المدة، وآجرها في باقي المدة بعشرة. نعم لو آجرها في باقي المدة
أو آجر نصفها بأكثر من عشرة، يكون من الإجارة بالأكثر المنهي عنها.
(مسألة 2058) إذا تقبل عملا من غير اشتراط المباشرة ولا مع الانصراف إليها،
يجوز أن يستأجر غيره لذلك العمل بتلك الأجرة وبأكثر وأما بأقل فلا يجوز إلا إذا
أحدث حدثا أو أتى ببعض العمل ولو قليلا، كما إذا تقبل خياطة ثوب بدرهم ففصله
أو خاط منه شيئا ولو قليلا، فلا بأس باستئجار غيره على خياطته بأقل ولو بعشر
درهم أو ثمنه.
(مسألة 2059) إذا آجر نفسه على وجه يكون جميع منافعه للمستأجر في مدة
معينة، فلا يجوز له في تلك المدة العمل لنفسه أو لغيره لا تبرعا ولا بالجعالة ولا
إجارة. نعم لا بأس ببعض الأعمال التي انصرفت عنها الإجارة ولم تشملها، ولم تكن
منافية لما شملته. فإذا عمل في مدة الإجارة عملا لنفسه، تخير المستأجر بين فسخ
الإجارة واسترجاع تمام الأجرة وإذا عمل الأجير له شيئا، عليه عوض ما عمل له
وبين أن يبقيها ويطالبه بأجرة مثل العمل الذي عمله لنفسه. وكذا إذا عمل للغير
تبرعا. وأما إذا عمل للغير جعالة أو إجارة، فله مضافا إلى ذلك إمضاء الإجارة أو
الجعالة وأخذ الأجرة المسماة فيها، فهو مخير بين أمور ثلاثة.
(مسألة 2060) إذا كان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار، فلا مانع
من الاشتغال ببعض الأعمال في الليل له أو لغيره حتى بإجارة، إلا أن يكون الليل
داخلا في الإجارة، أو يكون عمله ذلك موجبا لضعفه في النهار.
(مسألة 2061) إذا آجر نفسه لعمل مخصوص بالمباشرة في وقت معين، فلا مانع أن
يعمل لنفسه أو لغيره في ذلك الوقت ما لا ينافيه، كما إذا آجر نفسه يوما معينا للخياطة أو
للكتابة، ثم آجر نفسه في ذلك اليوم للصوم عن الغير. نعم إذا كان العمل الثاني يوجب
نقص العمل الأول عن المتعارف فلا يجوز. وكذا كل عمل من نوع ذلك العمل أو من غيره،
عمله لنفسه أو لغيره، ما دام ينافي العمل المستأجر عليه، أو يضر به.
367

(مسألة 2062) إذا آجر نفسه لعمل مخصوص في وقت معين بشرط المباشرة
بحيث ملك المستأجر تمام منفعته في ذلك الوقت، كأن استأجره في يوم السبت والأحد
ليخيط له، أو في شهر شعبان ليبني له بناء، فلا يجوز له أن يعمل عملا لغير المستأجر
في ذلك الوقت. فلو عمل فيه بدون أجرة لنفسه أو لغيره تخير المستأجر بين فسخ
الإجارة واسترجاع الأجرة وبين مطالبته بأجرة المثل لما عمله. وإن عمل بأجرة تخير
المستأجر بين فسخ الإجارة وبين إبقائها وأخذ أجرة المثل لما عمله وإمضاء ما عمل به
إجارة أو جعالة وأخذ أجرة مسماه. هذا إذا كان ما عمله في وقته المملوك للمستأجر
من نوع العمل المستأجر عليه أما إذا كان من غير نوعه فالمستأجر مخير بين فسخ
الإجارة والمطالبة بعوض المنفعة الفائتة.
(مسألة 2063) إذا آجر نفسه لعمل بدون شرط المباشرة نصا ولا بانصراف
العقد إليها، أو بشرط المباشرة ولكن من غير تعيين الوقت حتى بإطلاق العقد الذي
يقتضي التعجيل، جاز له أن يؤجر نفسه لشخص آخر على نوع ذلك العمل أو ما
يضاده قبل الاتيان بالعمل الأول، لعدم التنافي بين الإجارتين.
(مسألة 2064) إذا استأجر سيارة للحمل إلى بلد في وقت معين، فركبها عوض
الحمل أو بالعكس، عمدا أو اشتباها، لزمته الأجرة المسماة، حيث أنها استقرت عليه
بتسليمها وإن لم يستوف المنفعة، والأقوى أنه لا يلزمه إلا التفاوت بين أجرة المنفعة
التي استوفاها وأجرة المنفعة المستأجر لها لو كان. فإذا استأجرها للحمل بخمسة فركبها
وكانت أجرة الركوب عشرة، لزمته العشرة، ولو لم يكن تفاوت بينهما لم تلزمه عليه
إلا الأجرة المسماة.
(مسألة 2065) إذا آجر نفسه لعمل في وقت معين، فعمل للمستأجر غير ذلك
العمل بغير أمر منه، كما إذا استؤجر للخياطة فكتب له، سواء كان متعمدا أو وقع منه
ذلك اشتباها، كان للمستأجر الفسخ، فإن فسخ لم يستحق الأجير شيئا، وله أن لا
يفسخ ويطالب عوض الفائت، فيستحق الأجير الأجرة المسماة. وكذا لو استأجره
لحمل متاعه إلى مكان فحمل متاع آخر.
(مسألة 2066) يجوز استيجار المرأة للارضاع، ولا يعتبر في صحتها إذن الزوج
ورضاه، بل ليس له منعها عنه إذا لم يكن مانعا عن حق استمتاعه بها، وإلا لم يجز إلا
368

بإذنه. وكذا يجوز استيجار الشاة الحلوب للانتفاع بلبنها، والبئر للاستقاء منها،
والأشجار للانتفاع بثمرها، ولا يضر بصحة إجارتها كون الانتفاع فيها بإتلاف العين
من اللبن والماء والثمر، لأن الذي ينافي حقيقة الإجارة أن يكون الانتفاع المقصود
بإتلاف العين المستأجرة كإجارة الخبز للأكل وإجارة الحطب للاشعال كما مر، وهنا لم
تتعلق الإجارة باللبن والماء، بل تعلقت بالشاة والبئر والشجر، وهي باقية.
(مسألة 2067) إذا استؤجر لعمل بناء أو خياطة ثوب معين أو غير ذلك لا بقيد
المباشرة، فعمله شخص آخر تبرعا عنه ومساعدة له، كان ذلك بمنزلة عمله،
فيستحق الأجرة المسماة، وإن عمله تبرعا عن المالك لم يستحق الأجير شيئا، بل
تبطل الإجارة لفوات محلها ولا يستحق العامل على المالك أجرة، لأنه لم يعمل بأمره.
(مسألة 2068) لا يجوز للإنسان أن يؤجر نفسه للاتيان بما وجب عليه عينا
كالصلاة اليومية، ولا ما وجب عليه كفائيا إذا كان وجوبه كذلك بعنوانه الخاص،
كتغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم. وأما ما وجب من جهة حفظ النظام وحاجة
الأنام كالصناعات المحتاج إليها والطبابة ونحوها، فلا بأس بإجارة النفس له وأخذ
الأجرة عليه.
(مسألة 2069) يجوز إجارة النفس للنيابة عن الغير حيا وميتا فيما وجب عليه،
إذا كانت النيابة فيه مشروعة.
(مسألة 2070) يجوز الإجارة لحفظ المتاع عن الضياع وحراسة الدور والبساتين
عن السرقة مدة معينة، ويجوز اشتراط الضمان عليه لو حصل الضياع أو السرقة ولو
من غير تقصير منه، بأن يلتزم ضمن عقد الإجارة بأنه لو ضاع المتاع أو سرق من
البستان أو الدار شئ، خسره من ماله وأعطى عوضه.
(مسألة 2071) إذا طلب من أحد أن يعمل له عملا فعمل، استحق عليه أجرة
مثل عمله، إذا كان مما له أجرة ولم يقصد العامل التبرع بعمله، وإذا قصد التبرع لم
يستحق أجرة، وإن كان من قصد الآمر إعطاءه أجرة.
(مسألة 2072) إذا استأجر أحدا في مدة معينة لحيازة المباحات، كما إذا
استأجره شهرا للاحتطاب أو الاحتشاش أو الاستقاء، فالأقوى أنه لا يصير ملكا
369

للمستأجر حتى لو نوى تملكه إلا مع قصد الأجير الملك له، كما أن الأقوى أنه مع
قصد الأجير ملكية نفسه يصير ملكا له، وحينئذ فللمستأجر أن يطالب بالعوض،
وله أن يفسخ الإجارة ويرجع على الأجير بالأجرة المسماة.
(مسألة 2073) لا يجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعير أو غيرهما من
المزروعات بمقدار معين من حاصلها، بل وكذا بمقدار منه في الذمة مع اشتراط أدائه
من حاصلها، وفي إجارتها بالحنطة والشعير مثلا من دون تقييد ولا اشتراط بكونهما
منها إشكال.
(مسألة 2074) العين المستأجرة أمانة في يد المستأجر في مدة الإجارة، فلا
يضمن تلفها ولا عيبها إلا بالتعدي أو التفريط، وكذا العين التي للمستأجر بيد الأجير
للعمل فيها كالثوب للغسل أو الخياطة، والفضة أو الذهب للصياغة، فإنه لا يضمن
تلفها ونقصها بدون التعدي والتفريط. نعم إذا أفسد العين بالغسل أو القصارة أو
الخياطة، بالخطأ في تفصيل الثوب ونحو ذلك، ضمن وإن كان بغير قصده، بل وإن
كان أستاذا ماهرا وأعمل كمال دقته واحتاط في شغله، وكذا كل من آجر نفسه لعمل
في مال المستأجر، إذا أفسده ضمنه. ومن ذلك ما إذا استؤجر القصاب لذبح الحيوان
فذبحه على غير الوجه الشرعي بحيث صار حراما، فإنه يضمن قيمته، بل الظاهر أنه
يضمن لو ذبحه له تبرعا.
(مسألة 2075) الختان ضامن إذا تجاوز الحد وإن كان حاذقا. وأما إذا لم
يتجاوز الحد وسبب عمله ضررا كما لو مات الصبي من الختان مثلا، فتارة يكون
عمله مجرد الختان ولا يكون رأيه في إضرار العمل وعدم إضراره مؤثرا في الاقدام
على الختان، فالأظهر عدم ضمانه، وتارة يكون رأيه في الاضرار وعدمه مؤثرا في
الاقدام ويعتمد عليه العقلاء، مثل الجراحين في عصرنا، فالأقوى ثبوت الضمان عليه،
إلا أن يشترط هو البراءة من الضمان على المريض أو وليه.
(مسألة 2076) الطبيب ضامن إذا باشر بنفسه العلاج، وكذا إذا لم يباشر ولكن
كان عدم مباشرته أقوى من المباشرة، كما هو الغالب في الأطباء والمرضى، نعم إذا قام
الطبيب بوصف الدواء فقط وقام المريض بنفسه باستعماله، فلا ضمان على الطبيب، كما
أنه إذا تبرء من الضمان وقبل المريض أو وليه ولم يقصر في ما عليه لا ضمان عليه.
370

(مسألة 2077) إذا عثر الحمال فانكسر ما كان يحمله، ضمن إذا كان عن تقصير
منه، وإلا فالأقوى عدم الضمان.
(مسألة 2078) الدابة المستأجرة للحمل والسيارة إذا عثرت أو اصطدمت فتلف
أو تعيب ما حملته، فلا ضمان على صاحبها، إلا إذا كان هو السبب من جهة ضربها أو
سوقها في مزلق ونحو ذلك.
(مسألة 2079) إذا استأجر دابة للحمل أو سيارة لم يجز أن يحملها أكثر مما
اشترط، أو من المقدار المتعارف إذا أطلق، فلو حملها أكثر من ذلك ضمن تلفها
وعوارها، وكذلك إذا سار بها زائدا عما اشترط.
(مسألة 2080) إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن، إلا مع التقصير أو
اشترط عليه تدارك الضرر من ماله مجانا على نحو شرط الفعل.
(مسألة 2081) صاحب الحمام لا يضمن الثياب وغيرها إذا سرقت، إلا إذا
أودعت عنده وفرط أو تعدى.
(مسألة 2082) إذا استأجر أرضا للزراعة فحصلت آفة أفسدت الحاصل لم
تبطل الإجارة، ولم يوجب ذلك نقصا في الأجرة. نعم لو شرط على المؤجر إبراءه من
الأجرة بمقدار ما ينقص أو نصفه أو ثلثه مثلا، صح ولزم الوفاء به.
(مسألة 2083) يجوز إجارة الأرض للانتفاع بها بالزرع وغيره مدة معلومة،
وأن تجعل الأجرة تعميرها من كري الأنهار وتنقية الآبار وغرس الأشجار وتسوية
الأرض وإزالة الأحجار ونحو ذلك، بشرط أن تعين تلك الأعمال على نحو يرتفع الغرر
والجهالة، أو يكون في ذلك عرف يغني عن تعيين العمل.
والحمد لله رب العالمين أولا وآخرا وصلى الله على سيدنا أبي القاسم محمد وآله
الطاهرين سيما بقية الله في الأرضين.
تم المجلد الأول من هداية العباد
ويليه المجلد الثاني إن شاء الله تعالى.
371