الكتاب: المدونة الكبرى
المؤلف: الإمام مالك
الجزء: ٢
الوفاة: ١٧٩
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٢٣
المطبعة: مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن إمام دار الهجرة وأوحد الأئمة الأعلام أبي عبد الله الإمام مالك بن أنس الأصبحي

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي
عن الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
الجزء الثالث
أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل
حقوق الطبع محفوظة للملتزم
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
التاجر بالفحامين بمصر
تنبيه
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
المحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة اه‍
طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 هجرية
1

بسم الله الرحمن الرحيم
{وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم}
{كتاب الجهاد من المدونة الكبرى}
[الدعوة قبل القتال]
[قال سحنون بن سعيد] قلت لعبد الرحمن بن القاسم أكان مالك يأمر بالدعوة
قبل القتال (قال) نعم كان يقول لا أرى أن يقاتل المشركون حتى يدعوا [قلت]
ولا يبيتون حتى يدعوا قال نعم [قلت] وسواء ان غزوناهم نحن أو أقبلوا هم الينا
غزاة فدخلوا بلادنا لا نقاتلهم في قول مالك حتى ندعوهم (قال) قد أخبرتك بقول
مالك ولم أسأله عن هذا وهذا كله عندي سواء [قلت] وكيف الدعوة في قول
مالك (قال) ما سمعت من مالك فيها شيئا ولكن ندعوهم إلى الله ورسوله أو يؤدوا
الجزية عن يد (وقال مالك) أيضا أما من قارب الدروب فالدعوة مطروحة لعلمهم بما
يدعون إليه وما هم عليه من البغض والعداوة للدين وأهله ومن طول معارضتهم
للجيوش ومحاربتهم لهم فلتطلب غرتهم (1) ولا تحدث لهم الدعوة الا تحذيرا وأخذ عدة
لمحاربة المسلمين ومنعا لما رجاه المسلمون من الظهور عليهم. وأما من بعد وخيف أن لا
تكون ناحيته ناحية من أعلمتك فان الدعوة أقطع للشك وابر للجهاد يبلغ ذلك بك
وبه ما بلغ وبه تنال علم ما هو عليه في الإجابة لك [ابن وهب] ولعله أن لا يكون
عالما وان ظننت أنه عالم [ابن وهب] عن الليث بن سعد وعميرة بن أبي ناجية ويحيى

(1) يريد أن الدعوة ممنوعة في هذا الموضع وقال الباجي يريد بالليل والنهار آه من هامش الأصل
2

ابن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال لا بأس بابتغاء عورة العدو بالليل والنهار لان
دعوة الاسلام قد بلغتهم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى خيبر فقتلوا
أميرهم ابن أبي الحقيق غيلة والى صاحب بنى لحيان من قتله غيلة وبعث نفرا فقتلوا
آخرين إلى جانب المدينة من اليهود منهم ابن الأشرف (قال) يحيى بن سعيد وكان عمر
ابن عبد العزيز يأمر أمرا الجيوش أن لا ينزلوا بأحد من العدو الا دعوهم (قال)
يحيى ولعمري انه لحقيق على المسلمين أن لا ينزلوا بأحد من العدو في الحصون ممن
يطمعون به ويرجون أن يستجيب لهم الا دعوه فأما من أن جلست بأرضك أتوك
وان سرت إليهم قاتلوك فان هؤلاء لا يدعون. ولو طمع بهم لكان ينبغي للناس أن
يدعوهم [وأخبرني] القاسم بن عبد الله عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن
جده عن علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه أنه لم يكن يقاتل أحدا من العدو حتى
يدعوهم ثلاث مرات [قلت] لابن القاسم وكان يفرق بين الروم في قتالهم وبين
القبط قال نعم (قال) ولا يقاتلون حتى يدعوا وقال أيضا ولا يبيتون [قلت] أكان
مالك يرى أن يدعوا قبل أن يقاتلوا ولا يرى أن الدعوة قد بلغتهم قال نعم [قال] وقال
مالك في قتال السلابة يدعوه إلى أن يتقي الله ويدع ذلك فان أبى فقاتله وان عاجلك
عن أن تدعوه فقاتله (قال) وكذلك أهل الحرب ان عاجلوك عن أن تدعوهم فقاتلهم
[قال ابن القاسم] وان طلبت السلابة الطعام أو الامر الخفيف فأرى أن يعطوا
ولا يقاتلوا وكذلك سمعت من مالك [قال ابن القاسم] وسأل مالكا رجل من
أهل المغرب فقال يا أبا عبد الله انا نكون في خصوصنا فيأتينا قوم يكابرونا يريدون
أنفسنا وأموالنا وحريمنا أو قال أموالنا وأهلينا. قال ناشدوهم الله في ذلك فان أبوا والا
السيف [قال] وسئل مالك عن قوم أتوا إلى قوم في ديارهم فأرادوا قتلهم وأخذ
أموالهم (قال مالك) ناشدوهم بالله ثم بالسيف [ابن وهب] عن عقبة بن نافع عن
ربيعة أنه قال إن كان عدو لم تبلغه الدعوة ولا أمر النبوة فإنهم يدعون ويعرض عليهم
الاسلام وتسير إليهم الأمثال وتضرب لهم العبر ويتلى عليهم القرآن حتى إذا بلغ العذر في
3

دعائهم وأبوا طلبت عورتهم والتمست غفلتهم وكان الدعاء فيمن أعذر إليهم في ذلك بعد
الاعذار تحذيرا لهم [مالك] عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم خرج إلى خيبر فأتاها ليلا وكان إذا جاء قوما ليلا لم يغر حتى يصبح فلما
أصبح خرجت عليه يهود خيبر بمساحيهم ومكاتلهم (1) فلما رأوه قالوا محمد والله محمد
والخميس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر الله أكبر خربت خيبر انا
إذا نزلنا بساحة فساء صباح المنذرين [ابن وهب] عن خالد بن حميد المهري
أن إسحاق بن أبي سليمان الأنصاري حدثهم أنه سأل ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن
رجل عرض له لص ليغصبه ماله فرماه فنزع عينه هل عليه ديته (قال) لا ولا نفسه
فقلت لربيعة عمن تذكر هذا قال كان سعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن بن عوف
يخبران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله فأفضل شهيد قتل في
الاسلام بعد أن يتعوذ بالله وبالإسلام ثلاث مرات فان قتل اللص فشر قتيل قتل في
الاسلام (قال) إسحاق وكان مسلم بن أبي مريم يرى هذا [ابن وهب] عن عمر
ابن محمد بن زيد عن عاصم بن عبد الله عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قاتل دون ماله حتى يقتل فهو شهيد [ابن وهب]
عن جرير بن حازم عن يحيى بن عتيق قال قلت للحسن يا أبا سعيد إنا نخرج تجارا
فيعرض لنا قوم يقطعون علينا السبيل من أهل الاسلام فقال أيها الرجل قاتل عن
نفسك ومالك [ابن وهب] عن أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون عن محمد بن
سيرين أنه قال ما علمت أحدا من الناس ترك قتال من يريد نفسه وماله وكانوا
يكرهون قتال الأمراء [ابن وهب] عن جرير بن حازم عن أيوب السختياني عن
محمد بن سيرين أنه قال ما علمت أحدا ترك قتال الحرورية واللصوص تحرجا إلا أن
يجبن الرجل فذلك المسكين لا يلام [ابن وهب] عن محمد بن عمرو عن ابن جريج

(1) (ومكاتلهم) جمع مكتل كمنبر وهو زنبيل يسع خمسة عشر صاعا والمراد هنا قففهم التي
يحملون فيها حبوب زروعهم آه
4

عن عمرو بن شعيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حمل علينا السلام فليس
منا ولا راصدا بطريق [ابن وهب] عن مالك وعبد الله بن عمر ويونس وأسامة
وغيرهم أن نافعا أخبرهم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من حمل علينا السلاح فليس منا
{في الجهاد مع هؤلاء الولاة}
[قال] وقال مالك لا أرى بأسا أن يجاهد الروم مع هؤلاء الولاة [قال ابن القاسم]
وكان فيما بلغني عنه لما كان زمان مرعش (1) وصنعت الروم ما صنعت فقال لا بأس بجهادهم
(قال ابن القاسم) وأما أنا فقد أدركته يقول لا بأس بجهادهم [قال ابن القاسم]
قلت لمالك يا أبا عبد الله انهم يفعلون ويفعلون. فقال لا بأس على الجيوش وما يفعل الناس
وقال ما أرى به بأسا ويقول لو ترك هذا أي لكان ضررا على أهل الاسلام
ويذكر مرعش وما فعل بهم وجرأة الروم على أهل الاسلام وغاراتهم على أهل
الاسلام ولو أنه ترك مثل هذا لكان ضررا على أهل الاسلام
{الغزو بالنساء}
[قال ابن القاسم} وسألت مالكا عن الرجل يغزو ومعه أهله إلى الرباط على بعض
السواحل فقال لا بأس بذلك [قلت] فهل كشفتموه عن الرجل يدرب في أرض
الحرب غازيا أيغزو بأهله معه أو يغزو النساء مع الرجل في دار الحرب (فقال) ما
كشفناه عن أكثر مما قلت لك في الرباط ولا أرى أن يخرج بالنساء إلى دار الحرب
[قلت] أرأيت النساء هل يدرب بهن في أرض العدو في الغزو (قال) ما سمعت من
مالك فيه شيئا ولكن سمعت مالكا يقول في السواحل لا بأس أن يخرج الرجل

(1) (مرعش) في القاموس مرعش كمقعد بلد بالشام قرب أنطاكية وذو مرعش ملك بلغ بيت
المقدس فكتب عليه باسمك اللهم اله حمير أنا ذو مرعش الملك بلغت هذا الموضع ولم يبلغه أحد
قبلي ولا يبلغه أحد بعدي اه‍
5

بامرأته في عسكر لا يخاف عليهم لقلتهم مثل الإسكندرية وما أشبهها [قال ابن القاسم]
وان غزا المسلمون في عسكر لا يخاف عليهم لقلتهم لم أر بأسا أن يخرج بالنساء في ذلك
[ابن وهب] عن أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه عن يزيد بن هرمز
أن نجدة كتب إلى ابن عباس رضي الله عنه يسأله عن خمس خلال فقال ابن عباس ان
الناس يقولون إن ابن عباس يكاتب الحرورية ولولا أني أخاف أن أكتم علما لم
أكتب إليه ولا نعمة عين (1) وقال ابن جريج في حديثه قال ابن عباس ولولا أن أرده
عن شين يقع فيه ما كتبت إليه ولا نعمة عين. فكتب إليه نجدة أما بعد فأخبرني
هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء وهل كان يضرب لهن في الخمس بسهم
وهل كان يقتل الصبيان ومتى ينقضى يتم اليتيم وعن الخمس لمن هو. فكتب إليه قد
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء فيداوين المرضى ويحدين من الغنيمة
ولم يسهم لهن وانه لم يكن يقتل الصبيان وكتبت تسألني متى ينقضى يتم اليتيم ولعمري
ان الرجل لتنبت لحيته وانه لضعيف الاخذ لنفسه ضعيف الاعطاء منها فإذا أخذ
لنفسه؟؟ من صالح ما يأخذ الناس فقد انقطع عنه اليتم
{في قتل النساء والصبيان في أرض الحرب}
[قلت] هل كان مالك يكره قتل النساء والصبيان والشيخ الكبير في أرض الحرب
قال نعم [قلت] فهل كان مالك يكره قتل الرهبان (قال) نعم كان يكره قتل الرهبان
المحبسين في الصوامع والديارات [قلت] أرأيت الراهب هل يقتل (قال) سمعت
مالكا يقول لا يقتل الراهب (قال مالك) وأرى أن يترك لهم من أموالهم ما يعيشون
به لا يأخذون منهم أموالهم كلها فلا يجدون ما يعيشون به فيموتوا [ابن وهب] عن
ابن لهيعة عن عبد ربه بن سعيد عن سلمة بن كهيل عن شقيق بن سلمة عن جرير بن
عبد الله البجلي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية قال بسم الله

(1) (لا ونعمة عين) يقال نعم عين ونعمة عين ونعام عين بفتح أوائلها أي أفعل ذلك
نعاما لعينك واكراما اه‍
6

وفى سبيل الله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان [مالك] عن
ابن شهاب أن ابنا لكعب بن مالك الأنصاري أخبره قال نهى رسول الله صلى الله
عليه وسلم النفر الذين قتلوا ابن أبي الحقيق عن قتل النساء والولدان [مالك]
وغيره عن نافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة
فأنكر ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان [ابن أبي الزناد] عن أبيه قال حدثني
المرقع بن صيفي (1) أن جده رباح بن ربيع أخا حنظلة الكاتب أخبره أنه خرج مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها كان على مقدمة فيها خالد بن الوليد
فمر رباح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة
فوقفوا عليها ينظرون إليها ويعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم على ناقة له فانفرجوا عن المرأة فوقف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم
قال هاه ما كانت هذه تقاتل قال ثم نظر في وجوه القوم فقال لأحدهم الحق بخالد
ابن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا [مالك] عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر بعث
جيشا إلى الشام فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وقال له انك ستجد قوما قد فحصوا
عن أوساط رؤسهم من الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف وستجد قوما زعموا
أنهم حبسوا أنفسهم لله فدعهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له انى موصيك بعشر
لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا تخربن عامرا
ولا تعقرن شاة ولا بعيرا الا لمأكلة ولا تحرقن نخلا ولا تغرقنه ولا تغلل ولا تجبن
(وذكر) عن عمر بن الخطاب أنه قال ولا تقتلوا هرما ولا امرأة ولا وليدا وتوفوا
قتلهم إذا التقى الزحفان وعند حمة النهضات (2) وفى شن الغارات [قلت] فهل كان
مالك يكره أن تحرق قراهم وحصونهم بالنار أو تغرق بالماء (قال) قال مالك لا بأس

(1) (المرقع بن صفي) هو بزنة معظم تابعي جليل اه‍ (2) (وعند حمة النهضات) الحمة
بالتخفيف أصلها في كلام العرب السم فاستعارها عمر رضي الله تعالى عنه لشدة النهضة وحدة دفع
الخيل (وشن الغارة) صبها من كل وجه اه‍
7

أن تحرق قراهم وحصونهم بالنيران وتغرقهم بالماء وتخرب [قال سحنون] وأصل
ما جاء عن أبي بكر رضي الله عنه في النهي عن قطع الشجر واخراب العامر أن ذلك
لم يكن من أبى بكر رحمه الله نظرا للشرك وأهله والحيطة لهم والذب عنهم ولكنه أراد
النظر للاسلام وأهله والتوهين للشرك ورجا أن يصير ذلك للمسلمين وان خرابه وهن
على المسلمين للذي رجا من كونه للمسلمين لان خرابه ضرر على الاسلام وأهله ولم
يرد به نظرا لأهل الشرك ومنع نواحيه وكل بلد لا رجاء فيه للمسلمين على الظهور
عليها والمقدرة فوهن ذلك وضرره على أهل الشرك [وذكر] ابن وهب عن
مخرمة بن بكير قال سألت عبد الرحمن بن القاسم ونافعا ابن عمر عن شجر العدو
هل يقطع وهل تهدم بيوتهم فقالا نعم [قلت] فقطع الشجر المثمر وغير المثمر
أكان مالك يرى به بأس (قال) قال مالك نعم يقطع الشجر في بلادهم المثمر وغير
المثمر فلا بأس بذلك [قلت] وكان يرى حرق قراهم وحصونهم وقطع شجرهم
وخراب بلادهم أفضل من ترك ذلك (قال) لا أدرى ولكني سمعته يقول لا بأس
بذلك وكان يتأول هذه الآية ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فباذن
الله وليخزي الفاسقين يتأول هذه الآية إذا ذكر قطع الشجر وخراب بلادهم وقد
ذكر مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بنى النضير [ابن وهب]
عن الليث عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرق نخل
بنى النضير وهي البويرة ولها يقول حسان بن ثابت رضى الله تعالى عنه
وهان على سراة بنى لؤي * حريق بالبويرة مستطير
فأنزل الله عز اسمه ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فباذن الله
وليخزي الفاسقين [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن عبد الجليل بن حميد أنه سمع
ابن شهاب يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسامة بن زيد حين بعثه
نحو الشام أن يسير حتى يأتي أبنى (1) فيحرق فيها ويهريق دما ففعل ذلك أسامة [ابن

(1) (أبني) ضبطه في السيرة الحلبية بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة ثم نون مفتوحة فألف
8

وهب] عن عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه قال سمعت سليمان بن يسار يقول أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد على جيش وأمره أن يحرق في أبنى
{في قتل الأسارى}
[قلت] أرأيت ان سبوا رجالا ونساء وذراري فلم يجدوا لهم حمولة ولم يقووا على
اخراجهم هل سمعت من مالك فيه شيئا (قال) سمعت مالكا سئل عن قتل الأسارى
فقال أما كل من خيف منه فأرى أن يقتل [قلت] أرأيت ان أخذ الامام أسارى
هل سمعت مالكا يقول إن ذلك إلى الامام ان شاء ضرب رقابهم وان شاء استحياهم
وجعلهم فيئا (قال) سمعته يقول أما من خيف منه فإنه يقتل. قال فرأيت مالكا فيما
وقفته يفر من الذين لا يخاف منهم أن يقتلوا مثل الكبير والصغير [قال سحنون]
ألا ترى إلى ما نال المسلمين من أبي لؤلؤة فإذا كان ممن أبغض الدين وعادى عليه
وأحب له (1) وخيف عليه أن لا تؤمن غيلته فهو الذي يقتل فأما غير ذلك فهم الحشوة
ولهم قوتل المشركون وهم كالأموال وفيهم الرغبة وبهم القوة على قتال الشرك (وقد
ذكر) عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال كتب عمر إلى أمراء الجيوش
يأمرهم بأن يقتلوا من الكفار كل من جرت عليه المواسى ولا يسبوا الينا من
من علوجهم أحدا وكان يقول لا تحملوا إلى المدينة من علوجهم أحدا فلما أصيب عمر
رحمه الله تعالى قال من أصابني قالوا غلام المغيرة فقال قد نهيتكم أن تحملوا الينا من هؤلاء
العلوج أحدا فعصيتموني (قال) ولقد سئل مالك عن الرجل من الروم يلقاه المسلمون
فيقول إنما جئت أطلب الأمان فيقال له كذبت ولكنا حين أخذناك اعتللت بهذا
(قال) قال مالك وما يدريهم هذه أمور مشكلة. قال مالك وأرى أن يرد إلى مأمنه

(1) مقصورة وقال إنه اسم موضع بين عسقلان والرملة وفى كلام السهيلي رحمه الله تعالى هو موضع عند مؤنة
التي قتل عندها زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه. ومؤنة بضم الميم وبالهمزة ساكنة موضع معروف
عند الكرك ا ه‍ كتبه مصححه (1) (وأحب له) أحب بالحاء المهملة أي أحب الضرر للدين ويروى
أخب بالخاء المعجمة أكثر مكرا أو خديعة لأهل الدين ا ه‍ من هامش الأصل
9

[قلت] أرأيت الرجل من أهل الحرب يدخل إلى بلاد الاسلام بغير أمان فيأخذه
رجل من أهل الاسلام أيكون له فيئا أم يكون فيئا لجميع المسلمين (قال) لم أسمع
من مالك في هذا شيئا إلا أن مالكا قال فيمن وجد على ساحل المسلمين من العدو
فزعموا أنهم تجار وما أشبه هذا ان ذلك لا يقبل منهم ولا يكونون لأهل قرية ان
سقطوا إليهم ولكن ذلك إلى والى المسلمين يرى فيهم رأيه وأنا أرى ذلك فيئا
للمسلمين ويجتهد فيه الوالي [قلت] أرأيت الرومي يحل بساحلنا تاجرا فينزل قبل
أن يعطى الأمان فيقول ظننت أنكم لا تعرضون لمن جاءكم بتجارة حتى يبيع تجارته
وينصرف عنكم أيعذر بهذا ولا يكون فيئا (قال) سمعت مالكا وسأله أهل المصيصة (1)
فقالوا انا نخرج في بلاد الروم فنلقى العلج منهم مقبلا الينا فإذا أخذناه قال إنما جئت
أطلب الأمان أفترى أن أصدقه (قال) قال مالك هذه أمور مشكة أرى أن يرد
إلى مأمنه. فأرى هؤلاء مثله في رأيي إما قبلت منهم ما قالوا وإما رددتهم إلى مأمنهم
[وروى] ابن وهب عن مالك في قوم من العدو يوجدون بغير إذن من
المسلمين على ضفة البحر (2) في أرض المسلمين فيزعمون أنهم تجار وأن البحر قد لفظهم
ثغبا (3) ولا يعرف المسلمون تصديق ذلك إلا أن مراكبهم قد انكسرت ومعهم
السلاح أو يشكون العطش الشديد فينزلون للماء بغير إذن من المسلمين (قال
مالك) ذلك إلى الامام يرى فيهم رأيه ولا أرى لمن أخذهم فيهم خمسا لا وال ولا
غيره (قال مالك) ولا يكون الخمس الا فيما أوجف عليه الخيل والركاب. خمس
رسول الله صلى الله عليه وسلم قريظة وقسم النضير بين المهاجرين وثلاثة من
الأنصار سهل بن حنيف وأبى دجانة والحارث [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن يحيى
ابن سعيد أنه قال ليس للعدو المحارب إذا أصابه المسلمون في نفسه أمر ولا قضاء

(1) (المصيصة) على وزن سفينة هي بلد بالشام ولا تشدد ا ه‍ (2) (ضفة البحر) بفتح الضاد
المعجمة والفاء مشددة هي ساحل البحر وشاطئه وما قارب الماء منه اه‍ (3) (ثغبا) في الجمهرة
الثغب والثغب الغدير وبالفتح أكثر من هامش الأصل أي طرحهم غديرا أي كالغدير اه‍
10

وهم يقضون في أمره ما أحبوا ليس للعدو أن ينزلوا بأرض المسلمين للتجارة ولا
يقبل بها إلا أن يكون رسولا بعث لامر ما مما بين المسلمين وعدوهم فأما من أخذه
المسلمون فزعم أنه جاء للتجارة أو مستأمنا بعد ما أخذ فلا أمان له [قال ابن لهيعة]
وقال ربيعة ان كانوا من أرض متجر قد أمنوا بالتجارة فيهم والاختلاف إليهم فهم
على منزلة أمان يشربون من الماء ويقضون حاجتهم وان كانوا من أرض عدو ولم يكن
بينهم وبينهم ذمة ولم تكن التجارة منهم ولا منكم فيما يليكم ويليهم لم يكن لهم عهد
بقولهم إنما جئنا تجارا لا تكون تجارة بين المسلمين وعدوهم الا بخبر قد ثبت وأمر
قد جرى ولو ترك أشباه هذا لم تزل عين من العدو مظلة (1) على المسلمين يحذرونهم
ويطمع بضعفهم [قال] ولقد سئل مالك عن الروم ينزلون بساحل المسلمين بأمان
معهم التجارات فيبيعون ويشترون ثم يركبون البحر راجعين إلى بلادهم فإذا
أمعنوا في البحر رمتهم الريح إلى بعض بلدان المسلمين غير البلاد التي كانوا أخذوا
فيها الأمان. قال مالك أرى لهم الأمان أبدا ما داموا في تجرهم حتى يرجعوا إلى
بلادهم ولا أرى أن يهاجوا [ابن وهب] عن ابن لهيعة وعمر بن مالك عن
عبيد الله بن أبي جعفر عن حنش (2) بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل
سبعين أسيرا بعد الاثخان (3) من اليهود وقتل عقبة بن أبي معيط أتي به أسيرا يوم بدر
فذبحه فقال من للصبية قال النار [ابن وهب] عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي
حبيب حدثه ان عمر بن عبد العزيز أتي بأسير من الخزر (4) فقال له عمر لأقتلنك فقال
له الأسير إذا لا ينقص ذلك من عدة الخزر شيئا فقتله عمر ولم يقتل أسيرا في خلافته
غيره (قال الليث) وكان أبو عبيدة وعياض بن عقبة بن نافع يقتلون الأسارى إذا أتى

(1) (مظلة على المسلمين) من أظله الشئ غشيه ودنا منه أي قريبة منهم متطلعة على عوراتهم
ومواضع الفرصة منهم ا ه‍ (2) (حنش بن عبد الله) اي الصنعاني تابعي دخل الأندلس قال ابن
وضاح اسمه حسين وحنش لقب ا ه‍ من هامش الأصل (3) (الاثخان) أي بعد أن غلبهم وأكثر
فيهم الجراح اه‍ (4) (الخزر) بفتح الخاء المعجمة والزاي اسم جبل خزر العيون أي تكسر
عيونهم أبصارها خلقة أو بعيونهم ضيق وصغر اه‍
11

بهم في أرض الروم [ابن وهب] عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن نافع مولى
ابن عمر قال قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيى بن أخطب صبرا بعد أن ربط
[ابن وهب] عن مخرمة عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم قال قتل رسول الله
صلى الله عليه وسلم الزبير صاحب بني قريظة صبرا
{في قسم الغنائم في بلاد الحرب}
[قلت] أرأيت إذا غنم المسلمون غنيمة هل يكره مالك لهم أن يقسموا ذلك في بلاد
الحرب (قال) الشأن عند مالك أن تقسم في بلاد الحرب وتباع ثم قال وكان يحتج فيه
مالك ويقول هم أولى برخصه [قال] وقال مالك تقسم الغنائم وتباع في دار الحرب
وقال مالك هو الشأن ألا ترى أن الصوائف (؟) والجيوش ليس سيرتهم سيرة السرايا
إنما سيرتهم على الاظهار وعلى غير الاختفاء وانهم في اجتماعهم وكثرتهم إذا نزلوا
بموضع فكأنهم غلبوا عليه وظهروا عليه وهم الذين يبعثون السرايا واليهم ترجع فليس
يخاف عليهم أمر ولا يتعقب فيهم خوف وهم أمراء يقيمون الحدود ويقسمون الفئ
[وذكر] ابن وهب عن مسلمة عن الأوزاعي أنه قال في قسمة الغنيمة في أرض
الفئ قبل خروجهم منها قال لم يقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة أصاب
فيها مغنما الا خمسة وقسمه قبل أن يقفل (قال) من ذلك غزوة بنى المصطلق وخيبر
وحنين ثم لم يزل المسلمون على ذلك بعده ووغلت (1) جيوشهم في أرض الشرك في
خلافة عمر بن الخطاب إلى خلافة عمر بن عبد العزيز ثم هلم جرا وفى أرض الشرك
حتى هاجت الفتنة [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن
الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص يوم افتتح العراق أما بعد فقد بلغني كتابك

(4) (الصوائف) جمع صائفة وهو العسكر الذي يخرج إلى العدو في الصيف خاصة اه‍ من
هامش الأصل وفى القاموس الصائفة غزوة الروم لأنهم كانوا يغزون صيفا لمكان البرد اه‍
(2) (ووغلت جيوشهم) في القاموس ووغل في الشئ يغل وغولا دخل وتوارى أو بعد وذهب
وأوغل في البلاد والعلم ذهب وبالغ وأبعد كتوغل اه‍
12

تذكر فيه أن الناس قد سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عليهم فإذا جاءك
كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس عليك إلى العسكر من كراع أو مال فاقسمه بين من
حضره من المسلمين واترك الأرض والأنهار بعمالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين
فإنك لو قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شئ
{في الرجل يعترف متاعه (1) وعبيده قبل أن يقعوا في المقاسم}
[قلت] أرأيت ما كان من أموال أهل الاسلام من عبيد أو غير ذلك وساداتهم
غيب أيقسمون ذلك أم لا في قول مالك (قال) قال مالك ما علموا أنه لأهل
الاسلام فلا يقسموه وإن كان ساداتهم غيبا وإن كان أهل الشرك أحرزوهم أو أبقوا
إليهم فذلك سواء لا يقسمون شيئا من ذلك إذا هم عرفوا أصحابه وإن لم يعرفوا اقتسموا
[قال] وقال مالك كل مال يعرف أنه لأهل الاسلام وان غاب صاحبه عنه فإنه
لا يباع في المقاسم إذا عرف صاحبه وإذا لم يعرف قسم [قلت] أرأيت ما أحرز
المشركون إلى بلادهم من عروض أهل الاسلام ثم غنمه المسلمون فصار في سهمان (2)
رجل أيكون هذا الرجل أولى به بالثمن أم لا في قول مالك. وكيف بما أحرزوا احرازا
من أهل الذمة فأسلموا على الدار وأهل الذمة في أيديهم أيكونون رقيقا لهم أم يردون
إلى ذمتهم ولا يكونون رقيقا لهم في قول مالك (قال) قال مالك في الذمي إذا سباه
أهل الحرب ثم غنمه المسلمون انه لا يكون فيئا فأراهم أسلموا على الدار وفي أيديهم
ناس من أهل الذمة أسارى أنهم يكونون رقيقا لهم ولا يردون إلى ذمتهم وإنما أهل
ذمتنا بمنزلة عبيدنا إذا هم أسلموا عليها (قال) وأما ما ذكرت لك من أموال أهل الذمة
انهم في ذلك وأهل الاسلام سواء ان أدركوا أموالهم قبل أن تقسم كانوا أولى بها بغير

(1) (يعترف متاعه) قال في القاموس واعترف به أقر وفلانا سأله عن خبر ليعرفه والشئ
عرفه اه‍ (1) (سهمان) بضم فسكون جمع سهم وهو الحظ والنصيب ويجمع أيضا على سهمة
بضم أوله وسكون ثانيه اه‍
13

شئ وان أدركوها بعد القسمة أخذوها بالثمن وان عرف أهل الاسلام انه أموال
أهل الذمة لم يقسموه في الغنيمة ويردونه إليهم إذا عرفوه (قال ابن القاسم) وهذا
قول مالك. وأما ما ذكرت من أموال أهل الاسلام فقد أخبرتك فيه بما قال مالك
أنه ان أدركه قبل القسمة أخذه بغير شئ وان أدركه بعد ما قسم كان أولى به بالثمن
وان عرف أنه مال لأهل الاسلام رده إلى أهله ولم يقتسموه ان عرفوا أهله وإن لم
يعرفوا أهله فليقتسموه فأموال أهل الذمة مثله [ابن هوب] عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول أنه قال في رجل من أهل الذمة أصابه العدو وماله
فأحرزوه ثم أصابه المسلمون بعد ذلك أنه يرد إلى ذمته وأهله وماله [ابن وهب]
عن مسلمة بن علي عمن حدثه عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة الطائي قال
أصاب المسلمون ناقة لرجل من المسلمين فاشتراها بعضهم فقال لصاحبها أنت أحق
بها بالثمن [ابن وهب] عن مسلمة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن عبد الله
ابن عباس قال وجد رجل من المسلمين بعيرا له في المغنم قد كان أصابه المشركون
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ان وجدته في المغنم فخذه وان وجدته قسم فأنت أحق به بالثمن أن أردته [قلت]
أرأيت ان عرفوا أنه مال للمسلمين ولم يعرفوا من أهله أيقتسمون في الغيبة أم يكون
لجماعة المسلمين وهل سمعت من مالك في هذا شيئا (قال ابن القاسم) بلغني عن مالك
أنه قال إن عرفوا أهله ردوه إلى أهله وإن لم يعرفوا من أهله قسم بينهم فأموال أهل
الذمة مثله [ابن وهب] عن عبد الله بن عمرو وغيره عن نافع أن فرسا وغلاما
لعبد الله بن عمر أخذهما العدو فأخذهما المسلمون فردوهما إلى عبد الله بن عمر
ولم يكونا قسما [قال ابن وهب] وأخبرني ابن لهيعة عن سليمان بن موسى أن رجاء
ابن حياة حدثه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبدة بن الجراح أو إلى معاوية
ابن أبي سفيان يقول ما أحرز العدو من أموال المسلمين ثم غنمها المسلمون من
العدو فما اعترفه المسلمون من أموالهم قبل أن يقسم فهو مردود إليهم [ابن وهب]
14

عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن زيد بن ثابت مثله [ابن وهب] عن
ابن لهيعة عن بكير بن الأشج وخالد بن أبي عمران عن سليمان بن يسار مثله [ابن
وهب] عن رجال من أهل العلم عن أبي بكر الصديق وعبادة بن الصامت ويحيى
ابن سعيد وربيعة انهم كانوا يقولون مثل ذلك [ابن وهب] عن إسماعيل بن عياش
عن الحسن عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس مثله قال وجد رجل
من المسلمين بعيرا له في المغانم قد كان أصابه المشركون فأتى النبي صلى الله عليه وسلم
فذكر ذلك له فقال إن وجدته في المغانم فخذه وان وجدته قد قسم فأنت أحق به
بالثمن أن أردته [قلت] أرأيت العبد إذا أبق إليهم أو أسروه أهو عند مالك سواء
(قال) قال مالك هو سواء [قلت] وان أدركهما أدرك هذا الذي أبق أو هذا
الذي أسره أهل الحرب بعد ما قسما في الغنيمة لم يأخذهما الا بالثمن قال نعم [قلت]
أرأيت لو أن رجلا أبق منه عبده أليس يؤمر من أخذه أن يرده على سيده في قول
مالك قال نعم [قلت] فما بال هذا الذي أبق إلى دار الحرب لم لا يؤمر من صار العبد في يديه أن يرده إلى سيده (قال) هذا حين أبق إلى أرض الشرك قد أحرزوه (قال
ابن القاسم) وبلغني عن مالك أنه قال ما أحرز أهل الشرك من أموال المسلمين فأتوا
به ليبيعوه قال مالك لا أحب لاحد أن يشتريه منهم [قلت] أرأيت ان أحرز أهل
الشرك جارية لرجل من المسلمين فغنمها المسلمون ثم صارت في سهمان رجل فأعتقها
أو اتخذها أم ولد (قال ابن القاسم) يمضى عتقها وتكون أم ولد لمن ولدت منه ولا
ترد على صاحبها الأول [قلت] أرأيت ان صارت في سهمان رجل من المسلمين
فعلم أنها لرجل من المسلمين أيحل له أن يطأها في قول مالك (قال) لا ولم أسمع من
مالك فيه شيئا ولكن سمعت مالكا يسئل عن الرجل يصيب الجارية أو الغلام في
المغنم ثم يعلم بعد ذلك أنه لرجل من المسلمين قال إن علم فليرده إليه يريد بقوله هذا
يعرضه عليه حتى يأخذه أو يتركه فهذا يدلك على أنه لا يطأ [قلت] أرأيت ان
15

اشتراها رجل من العدو الذين أحرزوها أيحل له أن يطأها (قال) ان علم أنها للمسلمين
فلا أحب له ان يطأها. في بلاد الحرب اشتراها أو في بلاد المسلمين
{في التاجر يدخل بلاد الحرب فيشترى عبيدا لأهل الاسلام}
[قلت] أرأيت لو أن عبيدا للمسلمين أحرزهم أهل الحرب فدخل رجل من
المسلمين بلادهم بأمان فاشترى أولئك العبيد منهم أيكون لساداتهم أن يأخذوهم
من هذا الذي اشتراهم بغير ثمن أم لا (قال) قال مالك لا يأخذونهم الا بالثمن الذي
ابتاعهم به. [قلت] وكذلك العبيد لو كانوا هم الذين أبقوا إلى بلاد الحرب
فاشتراهم هذا الرجل (قال) قال مالك في العبيد إذا وقعوا في المغانم ان الآبق وغير
الآبق سواء ليس لساداتهم أن يأخذوهم الا بالثمن [قلت] أرأيت لو أن أهل
الحرب أحرزوا عبيدا للمسلمين ثم دخل رجل أرض الحرب بأمان فوهبهم أهل
الحرب لهذا الرجل أو باعوهم منه ثم خرج بهم إلى بلاد المسلمين أيكون لساداتهم
أن يأخذوهم من هذا الرجل بغير شئ في قول مالك (قال) ان كانوا وهبوهم له ولم
يكافئ عليهم فذلك لهم وأما ما ابتاعه فليس لهم أن يأخذوهم إلا أن يدفع إليه الثمن
الذي ابتاع به المشترى وكذلك أن كافأ عليهم لم يكن لسيدهم أن يأخذهم الا بعد
غرم المكافأة التي كافأ بها وهو قول مالك [قلت] أرأيت إن كان قد باعه هذا الذي
اشتراه من أرض الحرب من رجل آخر أو باعه الذي وهب له (قال) ما سمعت من
مالك فيه شيئا وأرى أن ينفذ البيع ويرجع صاحبه بالثمن على الذي وهب له فيأخذه
منه [قال سحنون] وقال غيره (1) ينقض البيع ويرد إلى صاحبه بعد أن يدفع إليه
الثمن ويرجع به على الموهوب له فيأخذ منه ما أخذ [قال ابن القاسم] وأما الذي
ابتاعه فأرى له الثمن الذي بيع به لصاحب العبد المستحق بعد أن يدفع الثمن الذي
ابتاعه به المشترى [قلت] أرأيت ان اشتريت رجلا من المسلمين حرا اشتريته
من المشركين أسيرا في أيديهم بغير أمره أيكون لي أن أرجع عليه بالثمن الذي

(1) (وقال غيره) هو ابن نافع يريد بيع الموهوب له خاصة ا ه‍ من هامش الأصل
16

اشتريته به في قول قول مالك قال نعم على ما أحب أو كره [قلت] أرأيت ان
اشتريت أم ولد لرجل من المسلمين من أرض الحرب قد كانوا أسروها (قال) قال
مالك أرى أن يتبع سيدها بالثمن الذي اشتراها به على ما أحب أو كره (قال) لان
مالكا قال لي في أم ولد المسلم إذا سباها العدو ثم اشتراها رجل من المغنم بم يأخذها
سيدها أبقيمتها أم بالثمن الذي اشتراها به. قال مالك ويجبر السيد على أخذها (قال مالك) ولو لم
يكن عند سيدها الثمن رأيت أن تدفع إليه ولا تقر في يد هذا يطأ أم ولد رجل أو
ينظر إلى ما لا يحل له ويتبع بثمنها سيدها دينا عليه [قال] وقال مالك في أم ولد
رجل سباها العدو ثم بيعت في المقاسم فاشتراها رجل فاعترفها سيدها (قال) أرى
لمشتريها على سيدها الثمن الذي اشتراها به كان ذلك أكثر من قيمتها أو أقل وأرى
إن لم يجد عنده شيئا أن يقبضها سيدها به كان ذلك أكثر من قيمتها أو أقل وأرى
إن لم يجد عنده شيئا أن يقبضها سيدها ويكتب ذلك دينا عليه ولا ينبغي أن تترك
أم ولد رجل عند رجل لعله يخلو بها ويرى منها مالا ينبغي له [ابن وهب] عن
إسماعيل بن عياش عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في حرائر أصابهن العدو فابتاعهن
رجل فلا يصبهن ولا يسترقهن ولكن يعطيهن أنفسهن بالذي أخذهن به ولا يزاد
عليهن [ابن وهب] وقال ذلك عبد الكريم وان كانت من أهل الذمة فكذلك
[ابن وهب] عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح أنه
قال من ابتاع أسيرا من المسلمين حرا من العدو فهو حر وعليه ما اشتراه به [ابن
وهب] عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن رجل عرف أم ولده في أرض
الروم وقد خمست وأعطى أهل النفل نفلهم والقوم الذي لهم (قال) نرى ان قد أحرزها
العدو حتى عادت فيئا للمسلمين فنرى أن يأخذها بقيمة عدل من أجل ما فيها من
الرق ولو كانت عتقت رأيت أن لا تؤخذ فيها فدية ولا يسترق أحد أعتقه الله من
المسلمين حين يفيئه الله عليهم [ابن وهب] عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال في
امرأة من أهل الذمة يسبيها العدو ثم اشتراها منهم رجل من المسلمين فأراد أن
17

يطأها (قال) لا يطؤها ويكون له الثمن الذي أعطى فيها وهي على أمرها (1)
{في الذمية والمسلمة يأسرهما العدو ثم يغنمهما المسلمون وأولادهما}
[قلت] أرأيت المرأة من أهل الذمة يأسرها العدو فتلد عندهم أولادا ثم يغنمها
المسلمون أيكون أولادها فيئا أم لا يكونون فيئا (قال ابن القاسم) أرى أولادها
بمنزلتها لا يكونون فيئا وإنما هي بمنزلة الحرة المسلمة تسبى فتلد أولادا فان أولادها
بمزلتها [قلت] أرأيت المرأة المسلمة تسبى فتلد عند أهل الحرب فتغنم ومعها
أولاد صغار أو كبار والأمة تسبى فتلد عندهم فتغنم ومعها ولد صغار أو كبار (قال
ابن القاسم) أما الحرة المسلمة فما سبيت به من ولد صغير فهو بمنزلتها وما كان من ولد
كبير قد بلغ وقاتل واحتلم فأراهم فيئا وأما ما سبيت به الأمة من ولد صغير أو كبير
فهو لسيدها ولا يكون شئ من ولدها فيئا وهذا رأيي
{في الحربي يسلم وفى يديه عبيد لأهل الاسلام}
[قلت] أرأيت لو أن عبيدا للمسلمين أسرهم أهل الحرب ثم دخل الينا رجل من
أهل الحرب بأمان والعبيد معه أيعرض له ويؤخذ العبيد منه أم لا في قول مالك
مالك (قال) لا يؤخذون منه وهذا رأيي [قلت] أرأيت ان دخل بهم هذا الحربي
مستأمنا فأسلم عندنا (قال) هو حين أسلم فصار من المسلمين فليس لسيدهم أن يأخذهم
من قبل أنه كان ممتنعا من المسلمين حين أسلم وهو بمنزلة من أسلم أهل الحرب
على أموال في أيديهم للمسلمين قد أحرزوها عبيدا أو غير ذلك فليس لأهل الاسلام
أن يأخذوا من أيديهم شيئا من ذلك بالثمن ولا بالقيمة ان كانوا قد تبايعوا على ذلك
بينهم وبين من أسلم منهم على شئ اشتراه أو أحرزه هو نفسه من بلاد المسلمين
فهو أولى به [قلت] سمعت هذا من مالك (قال) لا الا ما أخبرتك في أم الولد
[قلت] أرأيت الحربي يدخل دار الاسلام بأمان ومعه عبيد أهل الاسلام قد

(1) (على أمرها) يعني على دينها قاله سحنون وقال غيره معناه على ذمتها اه‍ من هامش الأصل
18

كان أهل الحرب أحرزوهم أيأخذهم سيدهم بالقيمة أم لا (قال) لا أرى ذلك له
[قلت] فان باعهم من رجل من المسلمين أو من أهل الذمة أيأخذهم سيدهم
بالثمن (قال) لا أرى ذلك له لأنهم قد كانوا هؤلاء العبيد في يدي الحربي الذي نزل
بأمان وسيدهم لا يقدر على أخذهم منه ولا يكون لسيدهم أن يأخذهم بعد البيع
[قلت] تحفظ هذا عن مالك (قال) لا ولكنه رأيي ولا يشبه الذي اشترى من دار
الحرب لان الذي اشترى في دار الحرب لو وهبه لرجل من المسلمين في دار الحرب
ثم خرج به إلى بلاد الاسلام أخذه صاحبه بلا ثمن وان هذا الذي خرج به بأمان
هو عبده ولو وهبه لاحد لم يأخذه سيده على حال لان سيده لم يكن يستطيع
أن يأخذه من الذي كان في يديه فكذلك لا يأخذه من الذي وهب له [قلت]
أرأيت ما غنم أهل الشرك من أهل الاسلام ثم أسلموا عليه أيكون لهم ولا يرد ذلك
إلى ساداتهم في قول مالك (قال) نعم وهم أحق بما أسلموا عليه وهو عندنا بين ثابت
أن ما أسلموا عليه فهو لهم دون أربابه (ابن وهب} عن ابن لهيعة عن أبي الأسود
عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أسلم على شئ فهو له (1)
{في الحربي يسلم ثم يغنم المسلمون ماله}
[قلت] أرأيت إذا أسلم في بلاد الحرب رجل منهم ثم خرج الينا وترك ماله في دار
الحرب فغزا المسلمون بلادهم فغنموهم ومال هذا المسلم (قال ابن القاسم) ماله وأهله
وولده فئ للمسلمين {قال ابن القاسم} سألت مالكا عن الرجل من المشركين أسلم
ثم غزا المسلمون تلك الدار فأصابوا أهله وولده. قال مالك أهله وولده فئ للمسلمين
[قال ابن وهب] وقال ربيعة في رجل اشترى عبدا من الفئ فدل سيده على مال له
في أرض العدو أو لغيره عتق العبد أو لم يعتق أو كان كافرا لم يسلم (قال) ربيعة إن كان
حرا أو مسلما أو أقام على دينه أو كان عبدا فذلك المال مال حرب ليس للعبد
ولا للسيد ولا للجيش الذين كان فيهم إذا كانوا قفلوا قبل أن يدله وإنما دله في غزوة

(1) (قال سحنون) وكذلك لو أسلموا على ناس من أهل ذمتنا كانوا رقيقا لهم وأهل ذمتنا كرقيقنا اه‍
19

أخرى وإنما ذلك في الجيش الذي خرج فيهم فإن كان دله بعد أن اشترى وقفل
بقفول الجيش الذين كانوا سبوه فهو على ذلك الجيش الذي كان فيهم ومال العدو في
ذلك ومال غيره من الروم سواء هو على ذلك الجيش وإن كان إنما وجد المال ودل
عليه بعد أن سبى العبد فقد انقطع المال منه وأبين
{في التاجر يدخل بلاد الحرب فيشترى عبدا للمسلمين فيعتقه}
[قلت] أرأيت لو أن عبيدا لأهل الاسلام حازهم أهل الشرك فدخل رجل من
المسلمين أرض الشرك بأمان فاشتراهم فأعتقهم وأغار أهل الشرك على بلاد المسلمين
فحازوا رقيقا لأهل الاسلام ثم غنمهم المسلمون بعد ذلك فلم يعلموا بهؤلاء الرقيق انهم
كانوا لأهل الاسلام فانتسموهم وصاروا في سهمان الرجال فأعتقوهم ثم أتى ساداتهم
بعد ذلك أينقض العتق ويردوهم رقيقا إلى ساداتهم في الوجهين جميعا في قول مالك
أم لا (قال ابن القاسم) في الوجهين جميعا ان عتقهم جائز ولا يردون ولا يكون
ساداتهم أحق بهم بالثمن وإنما يكون ساداتهم أحق بهم بالثمن ما لم يدخلهم العتق وكذلك
الذي اشتراهم من أرض العدو ما لم يعتقهم المشترى فإنه يقال لسيد العبد ادفع إليه
الثمن الذي اشتراه به وخذ عبدك وإلا فلا شئ لك وليس للذي اشتراه من أرض
الحرب أن يأبى ذلك على سيد العبد ولو أوصى بذلك سيد العبد وإنما الخيار في ذلك
إلى سيد العبد ألا ترى أن مشتريه كان ضامنا لو مات في يديه وان سيده لم يلزمه
أخذه فلذلك ثبتت عتاقته ولم يرد وكذلك سمعت فيه عن بعض من مضى وهو الذي
آخذ به. وكذلك لو أن جارية وطئت فحملت كانت أم ولد للذي اشتراها من
أرض العدو ان وقعت في سهمانه وهو بمنزلة العتق إذا ثبت لا يرد. وكذلك سمعت
عن أهل العلم
{في الذمي ينقض العهد ويهرب إلى دار الحرب فيغنمه المسلمين}
[قلت] أرأيت لو أن قوما من أهل الذمة حاربوا أو قطعوا الطريق وأخافوا السبيل
20

وقتلوا فأخذهم الامام أيكونون فيئا أم يحكم عليهم بحكم أهل السلام إذا حاربوا
(قال) أما إذا خرجوا خرابا محاربين يتلصصون فإنه يحكم عليهم بحكم أهل الاسلام إذا
حاربوا وأما ان خرجوا ومنعوا الجزية ونقضوا العهد وامتنعوا من أهل الاسلام من
غير أن يظلموا فهؤلاء فئ وهذا إذا كان الامام يعدل فيهم [قلت] أرأيت الذمي
إذا هرب ونقض العهد ولحق بدار الحرب ثم ظفر به المسلمون بعد ذلك أيرد إلى
جزيته ولا يقع في المقاسم (قال) أراهم فيئا إذا حاربوا ونقضوا العهد من غير ظلم
يركبون به فأراهم فيئا [قال ابن القاسم] وإن كان ذلك من ظلم ركبوا به فأرى أن
يردوا إلى ذمتهم ولا يكونوا فيئا [قلت] تحفظه عن مالك (قال) أما ما ذكرت لك
في الحرابة من أهل الذمة فهو في قول مالك نحفظه عنه وأما الذين امتنعوا من الجزية
ونقضوا العهد والامام يعدل فيهم فقد مضت في هذا السنة من الماضين فيمن نقض
من أهل الذمة العهد أنهم سبوا. منها الإسكندرية قاتلهم عمرو بن العاص الثانية. وسلطيس
قوتلت ثانية وسبيت (وقال) غيره لا يعود الحر إلى الرق أبدا بل يردون إلى ذمتهم
ولا يكونون فيئا (وقد) ذكر الليث عن يزيد بن أبي حبيب في بلهيت وسلطيس أنهم
سبوا بعد أن نقضوا حتى دخل سبيهم المدينة سباهم عمرو في زمان عمر بن الخطاب
{في عبد أهل الحرب يخرج الينا تاجرا فيسلم ومعه مال لمولاه أيخمس}
[قلت] أرأيت لو أن عبدا لرجل من أهل الحرب دخل الينا بأمان فأسلم ومعه
مال لمولاه أيكون حرا ويكون المال له في قول مالك (قال) أراه للعبد ولا أرى فيه
خمسا وليس الخمس الا فيما أوجف عليه [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن عقيل عن
ابن شهاب أن المغيرة بن شعبة نزل وأصحاب له بأيلة فشربوا خمرا حتى سكروا
وناموا وهم كفار وقبل أن يسلم المغيرة فقام إليهم المغيرة فذبحهم جميعا ثم أخذ ما كان
لهم من شئ فسار به حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم المغيرة ودفع
المال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك المال في
21

يدي المغيرة بن شعبة [ابن وهب] عن عمرو بن الحارث والليث عن بكير بن الأشج
أن المغيرة بن شعبة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتل أصحابه وجاء بغنائمهم
فتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يقر بها وهو كافر وهم كفار [ابن
وهب] عن الليث عن ربيعة أنه قال في قبطي فر من أرض العدو بمال وعليه الجزية
(قال) المال مال الذي فر به وان جاء مسلما فالمال له وهو من المسلمين [ابن وهب]
عن عقبة بن نافع عن يحيى بن سعيد أنه قال من أسره العدو فأتمنوه على شئ من
أموالهم فليؤد أمانته إلى من ائتمنه وإن كان مرسلا يقدر على أن يتخلص منهم ويأخذ
من أموالهم ما قدر عليه مما لم يؤتمن عليه فليفعل
{في عبيد أهل الحرب يسلمون في دار الحرب أيسقط}
{عنهم ملك ساداتهم أم لا}
[قلت] أرأيت لو أن عبيدا لأهل الحرب أسلموا في دار الحرب أيسقط ملك
ساداتهم عنهم أم لا في قول مالك (قال) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا أرى أن
يسقط ملك ساداتهم عنهم إلا أن يخرجوا الينا إلى دار الاسلام فان خرجوا سقط
عنهم ملك ساداتهم ألا ترى أن بلالا أسلم قبل مولاه فاشتراه أبو بكر فأعتقه وكانت
الدار يومئذ دار حرب لان أحكام الجاهلية كانت ظاهرة يومئذ فلو كان اسلام بلال
يسقط ملك سيده عنه لم يكن ولاؤه لأبي بكر ولكان إذا ما صنع في اشترائه إياه إنما
هو فداء فليس هذا هكذا ولكنه مولاه. وأما الذين خرجوا إلى دار الاسلام بعد
ما أسلموا وتركوا ساداتهم في دار الشرك فهؤلاء قد أعتقهم النبي صلى الله عليه وسلم
بخروجهم إلى دار الاسلام وهم عبيد لأهل الطائف الذين نزلوا على النبي عليه السلام
بخروجهم إلى دار الاسلام وهم عبيد لأهل الطائف على الشرك فأعتقهم الاسلام وخروجهم إلى
دار الاسلام كذلك فعل النبي عليه السلام [قلت] أما بلال فإنما أعتقه أبو بكر قبل
الهجرة أن تظهر أحكام النبي عليه السلام فليس لك في هذا حجة وإنما كأن يكون
هذا حجة على من خالفه ولو كان هذا بعد هجرة النبي عليه السلام وظهور أحكامه (قال) هي
22

الحجة حتى يأتي ما ينقضها ولا نعرف أنه جاء ما ينقض ذلك {قال ابن القاسم} ولو
خرج العبيد مسلمين من دار الحرب وساداتهم مسلمون في دار الحرب ثم خرج
ساداتهم بعد ذلك ردوا إليهم وكانوا عبيدا لهم ولم يعتقوا. ولو دخل المسلمون دار
الحرب فأصابوا بها عبيدا مسلمين وساداتهم مشركون كانوا أحرارا ولا يردون إلى
ساداتهم ان أسلم ساداتهم بعد ذلك لأنهم حين دخل إليهم أهل الاسلام فكأنهم
خرجوا إليهم
{في عبد أهل الحرب يسلم في دار الحرب فيشتريه رجل}
{من المسلمين من سيده}
[قلت] أرأيت لو أن عبدا لرجل من المشركين في دار الحرب أسلم فدخل رجل
من المسلمين إليهم بأمان فاشتراه أيكون رقيقا أم لا في قول مالك (قال) لا أحفظ
قول مالك في هذه المسألة بعينها ولكن أراه رقيقا لأنه لو أسلم عبد حربي في دار
الحرب ولم يسلم سيده وهو في دار الحرب والعبد في يديه كان رقيقا ما لم يخرج الينا
فإذا باعه قبل خروجه الينا فهو رقيق مثل ما صنع مولى بلال وشراء أبي بكر بلالا (قال)
ولكن مالكا قال في عبد من عبيد المسلمين سباه أهل الشرك فاشتراه منهم رجل
من المسلمين انه رقيق كذلك العبد إذا أسلم في دار الحرب ومولاه حربي انه رقيق
ان اشتراه منه أحد من المسلمين فهو رقيق له ولو أسلم عليه سيده في دار الحرب
قبل أن يخرج الينا كان رقيقا له {قال سحنون} وقال أشهب إذا أسلم العبد في
دار الحرب سقط عنه ملك سيده أقام بدار الحرب أو خرج الينا وان اشترى في
دار الحرب فهو كرجل من المسلمين اشترى في دار الحرب يتبع بما اشترى به
{في عبيد أهل الحرب يسلمون في دار الحرب فيغنمهم المسلمون}
{قلت} فلو أن جيشا من المسلمين غزوهم فغنموا أولئك الذين أسلموا وهم في أرض
الحرب بعدوهم في يدي ساداتهم (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أنهم
23

أحرار لأنهم أسلموا وليس لاحد من المسلمين عليهم ملك يردون إليه فهؤلاء أحرار
حين غنمهم أهل الاسلام لان أهل الاسلام حين حازوهم إليهم فكأنهم خرجوا
الينا ألا ترى أنهم بخروجهم أحرار فكذلك إذا حازهم أهل الاسلام وغنموهم فهم
أحرار وكذلك قال الأوزاعي هو حر وهو أخوهم [قلت] أرأيت العرب إذا
سبوا هل عليهم الرق في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيهم شيئا ولا أقوم
عليه وهم في هذا بمنزلة الأعاجم
{في الحربي المستأمن يموت ويترك مالا ما حال ماله}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا من أهل الحرب دخل الينا بأمان فمات عندنا وترك
مالا ما حال ماله هذا أيكون فيئا أم يرد إلى ورثته وهو قول
مالك [قال] ولقد سئل مالك عن رجل من أهل الحرب دخل الينا بأمان فقتله
رجل من المسلمين (قال) مالك يدفع ديته إلى ورثته في بلاد لحرب فهذا يدلك على
مسألتك أن ماله لورثته ولا أعلم مالكا الا وقد قال يعتق أيضا القاتل رقبة ويدفع ماله
وديته إلى حكامهم وأهل النظر لهم حتى كأنهم تحت أيديهم ماتوا عندهم
{في محاصرة العدو وفيهم المسلمون}
[قلت] أرأيت لو أن رجالا من المشركين في حصن من حصونهم حصرهم أهل
الاسلام وفيهم المسلمون أسارى في أيديهم أيحرق هذا الحصن وفيه هؤلاء الأسارى
المسلمون أو يغرق هذا الحصن (قال) سمعت مالكا وسئل عن قوم من المشركين
في البحر في مراكبهم أخذوا أسارى من المسلمين فأدركهم أهل الاسلام فأرادوا
أن يحرقوهم ومراكبهم بالنار ومعهم الأسارى في مراكبهم (قال) قال ملك
لا أرى أن تلقى عليهم النار ونهى عن ذلك (قال مالك) يقول الله لأهل مكة لو تزيلوا
لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما أي إنما صرف النبي عليه السلام عن أهل مكة
لما كان فيهم من المسلمين ولو تزيل الكفار عن المسلمين لعذب الكفار أي هذا
24

تأويله والله أعلم [سحنون] عن الوليد عن الأوزاعي يقول في قوم من المسلمين
يلقون السفينة من سفن العدو وفيها سبي من المسلمين (قال) يكف عن تحريقها ما كان
فيها من أسارى المسلمين [قلت] أرأيت إن كان في الحصن الذي حصره
المسلمون ذراري المشركين ونساؤهم وليس فيه من أهل الاسلام أحد أترى أن
ترسل عليهم النار فيحرق الحصن ويغرقوا (قال) لا أقوم على حفظه وأكره هذا
ولا يعجبني [قلت] أليس قد أخبرتني أن مالكا قال لا بأس أن تحرق حصونه
ويغرقوا (قال) إنما ذلك إذا كانت خاوية ليس فيها ذرار وذلك جائز إذا كان فيها
الرجال مقاتلة فأحرقوهم فلا بأس بذلك [ابن وهب] عن أسامة بن زيد عن ابن
شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أن الصعب
ابن جثامة قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هم منهم أو هم مع الآباء {قال ابن وهب} وأخبرني
هشام بن سعد عن ابن شهاب مثله {ابن وهب} عن إسماعيل بن عياش قال
سمعت أشياخنا يقولون إن رسول الله عليه السلام رمى أهل الطائف بالمجانيق فقيل له
يا رسول الله ان فيها النساء والصبيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم من آبائهم
{في تحريق العدو مركب المسلمين}
[قلت] أرأيت السفينة إذا أحرقها العدو وفيها أهل الاسلام أكان مالك يكره
لهم أن يطرحوا بأنفسهم وهل يراهم قد أعانوا على أنفسهم (قال) بلغني أن مالكا
سئل عنه فقال لا أرى به بأسا إنما فروا من الموت إلى الموت [قال ابن وهب]
قال ربيعة أيما رجل يفر من النار إلى أمر يعرف أن فيه قتله فلا ينبغي له إذا كان إنما
يفر من موت إلى موت أيسر منه فقد جاء مالا يحل له وإن كان إنما تحامل في ذلك
رجاء النجاة وأن يقيم لعله يرى قرية أو يكون يرى الأسر أرجى عنده أن يخلوه إلى الاسلام
وأهله من الإقامة في النار فكل متحامل لامر يرجو النجاة فيه فلا جناح عليه وان
عطب فيه [قال] وبلغني عن ربيعة أنه قال إن صبر فهو أكرم إن شاء الله وان
25

اقتحم فقد عوفي ولا بأس به إن شاء الله [وسئل] ربيعة عن قوم كانوا في سفينة
فاحترقت أيثقل الرجل نفسه بسلاحه فيغرق أو يقوم يلتمس النجاة بالغا ما بلغ.
أرأيت إن كان بقرب عدوه فهو يخاف أن يؤسر ان عاش. قال ربيعة كليهما لا أحبهما
ولكن ليثبت في مركبه حتى يقضى الله
{في قسم الفئ}
[قلت] أرأيت الخمس كيف يقسم وهل سمعت من مالك فيه شيئا (قال) قال
مالك الفئ والخمس سواء يجعلان في بيت المال [قال] وبلغني عمن أثق به أن مالكا
قال ويعطى الامام أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يرى ويجتهد وأما جزية
الأرض فإنه لا علم لي بها ولا أدرى كيف كان يصنع فيها إلا أن عمر أقر الأرض فلم
يقسمها بين الناس الذين افتتحوها وكنت أرى أنه لو نزل هذا بأحد سأل أهل
ذلك البلد وأهل العلم والأمانة كيف كان الامر فيه فان وجد علما يشفيه والا اجتهد
في ذلك هو ومن حضره من المسلمين [قال] وأخبرني من أثق به عن مالك أنه
قال في المال الذي يقسم في وجوه مختلفة ينظر في البلد الذي به ذلك المال وفى غيره
من البلدان فإن كان غيره من البلدان مختلفة ينظر في البلد الذي فيه متكافئين في الحاجة بدأ بالذين
المال فيهم فأعطاهم بقدر ما يسعهم ويغنيهم فان فضل فضل أعطاه غيرهم أو يوقفه ان
رأى ذلك لنوائب أهل الاسلام فإن كان في غير البلدة من هو أشد منهم حاجة فقد
يأتي على بعض البلدان بعض الزمان وبهم حاجة شديدة من الجدوبة وهلاك المواشي
والحرث وقلة المال فإذا كان ذلك أعطى ذلك البلد الذي به المال من ذلك المال وينقل
أكثر ذلك المال إلى الذي به الجدوبة والحاجة وكذلك حق أهل الاسلام إنما هم
أهل الاسلام وان تفرقوا في البلدان والمنازل لا يقطع ذلك حقهم [قلت] أرأيت
الفئ الذي قال مالك يجعل الفئ والخمس في بيت المال أي فئ هذا (قال) ما أصيب
من العدو فخمس فهذا الخمس في بيت المال أي فئ هذا (قال) ما أصيب
من العدو فخمس فهذا الخمس وكل بلد فتحها أهل الاسلام بصلح فهذا فئ لان
المسلمين لم يكن لهم أن يقسموها وأهلها على ما صالحوا عليها فهذا فئ وكل أرض
26

افتتحوها عنوة فتركت لأهل الاسلام فهذه التي قال مالك يجتهد فيها الامام ومن
حضره من المسلمين (قال) وأما الجماجم في خراجهم فلم يبلغني عن مالك فيه شئ إلا أنى أرى الجماجم تبعا للأرض إذا كانوا عنوة أو بصلح [ابن وهب] عن ابن لهيعة
عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب كتب إلى سعد بن أبي وقاص يوم افتتح
العراق أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أن الناس قد سألوك أن تقسم بينهم مغانمهم
وما أفاء الله عليهم فإذا جاءك كتابي هذا فانظر ما أجلب الناس عليك إلى العسكر من
كراع أو مال فاقسمه بين من حضر من المسلمين واترك الأرض والأنهار بعمالها ليكون
ذلك في أعطيات المسلمين فإنك لو قسمتها بين من حضر لم يكن لمن بقي بعدهم شئ
[قلت] فما قول مالك في هذا الفئ أيساوى بين الناس فيه أم يفضل بعضهم على بعض
(قال) قال مالك نعم يفضل بعضهم على بعض ويبدأ بأهل الحاجة حتى يغنوا منه
[قلت] أرأيت جزية جماجم أهل الذمة وخراج الأرضين ما كان منها عنوة وما صالح
عليها أهلها ما يصنع بهذا الخراج (قال) قال مالك هذه من الجزية. والجزية عند مالك
فيما نعلم من قوله فئ كله وقد أعلمتك ما قال مالك في العنوة [قلت] فمن يعطى
هذا الفئ وفيمن يوضع (قال) قال مالك على أهل كل بلد افتتحوها عنوة أو صالحوا
عليها هم أحق به يقسم عليهم ويبدأ بفقرائهم حتى يغنوا ولا يخرج منها إلى غيرها إلا أن
ينزل بقوم حاجة فينقل منهم إليهم بعد أن يعطى أهلها يريد ما يغنيهم على وجه النظر
والاجتهاد [قال ابن القاسم] وبذلك كتب عمر بن الخطاب أن لا يخرج فئ قوم
عنهم إلى غيرهم (قال) ورأيت مالكا يأخذ بالحديث الذي كتب به عمر بن الخطاب
إلى عمار بن ياسر وصاحبيه إذا ولاهما العراق حين قسم لأحدهما نصف شاة وللآخرين
ربعا ربعا فكان في كتاب عمر إليهم إنما مثلي ومثلكم كمثل ما قال الله في ولى اليتيم ومن
كان فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل كل بالمعروف [قال] وقال مالك يبدأ
بالفقراء في هذا الفئ فان فضل شئ كان بين جميع الناس كلهم بالسواء إلا أن يري
الوالي ان يحبسه لنوائب تنزل به من نوائب أهل الاسلام فإن كان كذلك رأيت
27

ذلك له [قال ابن قاسم] والناس في ذلك سواء عربيهم ومولاهم وذلك أن مالكا
حدثني أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقال أيها الناس انى عملت عملا وان صاحبي
عمل عملا ولئن بقيت إلى قابل لألحقن أسفل الناس بأعلاهم [قال مالك] وبلغني
أن عمر بن الخطاب قال ما من أحد من المسلمين الا وله في هذا المال حق أعطيه أو منعه
حتى لو كان راع أو راعية بعدن (قال) ورأيت مالكا يعجبه هذا الحديث (قال) وكان
مالك يقول قد يعطى الوالي الرجل يجيزه لامر يراه فيه على وجه الدين أي على وجه
الدين من الوالي يجيزه لفضل دينه الجائزة أو لامر يراه قد استحق الجائزة فلا بأس على
الوالي بجائزة مثل هذا ولا بأس أن يأخذها هذا الرجل [قلت] ويعطى المنفوس
من هذا المال (فقال) نعم قد أخبرني مالك أن عمر بن الخطاب مر ليلة فسمع صبيا يبكي
فقال لأهله مالكم لا ترضعونه فقال أهله ان عمر لا يفرض للمنفوس حتى يفطم وانا
قد فطمناه قال فولى عمر وهو يقول كدت والذي نفسي بيده أن أقتله ففرض للمنفوس
من ذلك اليوم مائة درهم [قلت] فإن كان هذا المنفوس والده غنى أليس يبدأ بكل
منفوس والده فقير. قال نعم في رأيي [قلت] أفكان يعطي النساء من هذا المال فيما
سمعت من مالك (قال) سمعت مالكا يقول كان عمر بن الخطاب يقسم للنساء حتى أن
كان ليعطيهن المسك [قلت] ومجمل ما رأيت من مالك أنه يبدأ بالفقيرة منهن قبل
الغنية قال نعم [قلت] أرأيت قول مالك يسوى بين الناس في هذا الفئ أرأيت
الصغير والكبير والمرأة والرجل أهم فيه سواء (قال) تفسيره أن يعطى كل انسان
بقدر ما يغنيه الصغير بقدر ما يغنيه والكبير بقدر ما يغنيه والمرأة بقدر ما يغنيها هذا تفسير
قوله عندي يساوى بين الناس في هذا المال [قلت] فان فضل الآن بعد ما استغنى
أهل الاسلام من هذا المال فضل (فقال) ذلك على اجتهاد الامام ان رأى أن يحبس
ما بقي لنوائب أهل الاسلام حبسه وان رأى أن يفرقه على أغنيائهم فرقه كذلك قال
مالك [قلت] وهذا الفئ حلال للأغنياء قال نعم [قلت] وهو قول مالك (قال) نعم
ولقد حثني مالك أنه أتى بمال عظيم من بعض النواحي في زمان عمر قال فصب في المسجد
28

فبات عليه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم على وعثمان
وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص يحرسونه فلما أصبح كشف عنه أنطاع أو مسوح كانت عليه فلما أصابته الشمس ائتلقت وكانت فيها
تيجان فبكى عمر فقال له عبد الرحمن بن عوف يا أمير المؤمنين ليس هذا حين بكاء
إنما هذا حين شكر فقال إني أقول ما فتح هذا على أحد قط الا سفكوا عليه دماءهم
وقطعوا أرحامهم ثم قال لابن الأرقم اكتب لي الناس قال فكتبهم ثم جاءه بالكتاب
فقال له هل كتبت الناس قال نعم قال كتبت المهاجرين والأنصار والمهاجرين من
العرب والمحررين يعنى المعتقين قال نعم قال فقال له عمر ارجع فاكتب فلعلك قد
تركت رجلا لم تعرفه إرادة أن لا يترك أحدا. ففي هذا ما يدلك على أن عمر كان
يقسم لجميع الناس [قال] وسمعت مالكا وهو يذكر أن عمر بن الخطاب كتب إلى
عمرو بن العاص وهو بمصر في زمان الرمادة. قال فقلنا لمالك فزمان الرمادة كانت سنة
أو سنتين. قال بل ست سنين. قال فكتب إليه وا غوثاه وا غوثاه وا غوثاه قال فكتب
إليه عمرو بن العاص لبيك لبيك لبيك. قال فكان يبعث إليه بالبعير عليه الدقيق في العباء
قال فيقسمها عمر فيدفع الجمل كما هو إلى أهل البيت فيقول لهم كلوا دقيقه والتحفوا
العباء وانتحروا البعير فكلوا لحمه وائتدموا بشحمه
{في السلب}
[قلت] فالرجل يقتل القتيل هل يكون سلبه لمن قتله (قال) قال مالك لم يبلغني
أن ذلك كان الا في يوم حنين (قال مالك) وإنما هذا إلى الامام يجتهد فيه.
{في النفل}
[قلت] أرأيت النفل هل يصلح للامام أن ينفل بعد ما صارت الغنيمة في يديه
أو هل يصلح له أن ينفل من قبل أن يغنموا يقول من جاء بشئ فله ثلثه أو ربعه
أو خمسه أو نصفه أو ما أشبه هذا (قال) سئل مالك عن النفل أيكون في أول مغنم
29

فقال ذلك على وجه الاجتهاد من الامام ليس عندنا في ذلك أمر معروف الا اجتهاد
السلطان (قال) ولم يبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل في مغازيه كلها وقد
بلغني أنه قد نفل في بعضها وإنما ذلك على وجه الاجتهاد من الامام في أول مغنم
وفيما بعده [قلت] ففي قول مالك هذا عندك أنه لا بأس أن ينفل الامام من
الغنيمة بعد ما صارت غنيمة وصارت في يديه (قال) نعم على وجه الاجتهاد منه ولا
يكون الا في الخمس قال لي مالك لا نفل الا في الخمس [قلت] أرأيت هذا الذي
ينفله الامام للناس أهو من الخمس أو من جملة الغنيمة (قال ابن القاسم) سمعت مالكا
يقول النفل من الخمس مثل قول سعيد بن المسيب [قلت] قبل أن يغنموا أو بعد
أن يغنموا أهو من الخمس في قول مالك (قال) أما ما نفل الامام بعد الغنيمة من
الخمس فذلك جائز عند مالك وأما ما نفل قبل الغنيمة فذلك عنده لا يجوز [ابن
وهب] عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن صالح بن محمد بن زائدة الليثي أن
مكحولا حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل من نفل يوم حنين من الخمس (قال
مالك) وأخبرني أبو الزناد أنه سمع ابن المسيب يقول إنما كان الناس يعطون النفل
من الخمس وقال مالك وذلك أحسن ما سمعت [ابن وهب] عن سليمان بن بلال
وغيره عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول ذلك. وأخبرني مالك
ورجال من أهل العلم عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعث سرية فيها عبد الله بن عمر فغنموا إبلا كثيرة وكانت سهمانهم اثنى عشر بعيرا
أو أحد عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن سليمان بن
موسى أنه قال لا نفل في عين ولا فضة [ابن وهب] عن يونس بن يزيد عن ابن
شهاب قال بلغنا أن من الأنفال السلب والفرس وقد بلغنا أن رسول الله عليه الصلاة
والسلام كان ينفل بعض من يبعث من السرايا فيعطيهم النفل خاصة لأنفسهم سوى
قسم عام الجيش [مالك] عن ابن شهاب عن القاسم بن محمد أنه سمع رجلا (1) يسأل

(1) (رجلا) هو نافع بن الأزرق اه‍ من هامش الأصل
30

ابن عباس عن الأنفال قال ابن عباس الفرس من النفل والسلب من النفل ثم
أعاد المسألة قال ذلك أيضا الأنفال التي قال الله ما هي. قال القاسم فلم يزل يسأله
حتى كان أن يحرجه قال ابن عباس أتدرون ما مثل هذا مثل صبيغ الذي ضربه
عمر بن الخطاب
[في ندب الامام للقتال بجعل]
[قلت] أرأيت ان قال الامام من قاتل في موضع كذا فله كذا وكذا أو قال من
قتل من العدو رجلا وجاء برأسه فله كذا وكذا أو بعث سرية في وجه من الوجوه
قال ما غنمتم من شئ فلكم نصفه (قال) سمعت مالكا يكره هذا كراهية شديدة
أن يقال لهم قاتلوا ولكم كذا وكذا ويقول أكره أن يقاتل أحد على أن يجعل له جعل
وكره كراهية شديدة أن يسفك دم نفسه على مثل هذا (قال مالك) ما نفل رسول
الله صلى الله عليه وسلم الا من بعد ما برد القتال فقال من قتل قتيلا تقوم له عليه بينة
فله سلبه وفى رسول الله أسوة حسنة فكيف يقال بخلاف ما قال وسن رسول الله صلى
الله عليه وسلم ولم يبلغني أن النبي عليه السلام قال ذلك ولا عمل به بعد حنين ولو أن
رسول عليه السلام سن ذلك وأمر به فيما بعد حنين كان ذلك أمرا ثابتا ليس لأحد
فيه قول وقد كان أبو بكر بعد رسول الله عليه السلام يبعث الجيوش فلم
يبلغنا أنه فعل ذلك ولا عمل به ثم كان عمر بعده فلم يبلغنا عنه أيضا أنه فعل ذلك
[قلت] أرأيت لو أن قوما من المسلمين أسارى في بلاد الشرك أو تجارا
استعان بهم صاحب تلك البلاد على قوم من المشركين ناوؤوه من أهل مملكته
أو من غير أهل مملكته أترى أن يقاتلوا معه أم لا (قال) سمعت مالكا يقول في
الأسارى يكونون في بلاد المشركين يستعين بهم الملك على أن يقاتلوا عدوا له
ويخليهم إلى بلاد الاسلام (قال) قال مالك لا أرى أن يقاتلوا على هذا ولا يحل لهم
أن يسفكوا دماءهم على هذا (قال مالك) وإنما يقاتل الناس ليدخلوا في الاسلام
من الكفر فأما أن يقاتلوا الكفار ليدخلوهم من الكفر إلى الكفر ويسفكوا في
31

ذلك دماءهم فهذا مما لا ينبغي لمسلم أن يسفك دمه عليه هذا
{في السهمان}
[قلت] كم يضرب للفارس في الغنيمة (قال) بسهم وللفرس سهمان عند مالك
فذلك ثلاثة أسهم [قلت] فالبراذين (قال) قال مالك إذا أجازها الوالي فسهمانها كسهمان
الخيل لها سهمان وللفارس سهم [قلت] أرأيت البغال والحمار أراجل هو أم لا (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا وما أشك أنه راجل [قلت] أرأيت البعير (قال)
ما سمعت فيه شيئا وما أشك أنه راجل [قلت] أرأيت البعير (قال) ما سمعت فيه شيئا
ولكن قد غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإبل فلم أسمع أنه قسم الا للخيل
[قلت] أرأيت ان حملوا معهم الخيل في السفن فلقوا العدو فغنموا بكم يضرب للفارس
(قال) بثلاثة أسهم للفرس سهمان وللرجل سهم وهو قول مالك [قلت] أرأيت لو أن
قوما عسكروا في أرض العدو وفيهم أصحاب خيل ورجالة فسروا رجاله فغنموا غنائم
وهم رجالة أيكون للفارس أن يضرب بسهمي الفرس وهم رجالة (قال) نعم وذلك أن
مالكا قال في السرية إذا خرجت من العسكر فغنمت ان ذلك بين أهل العسكر وبين
أهل السرية بعد خروج الخمس ولم يذكر راجلا من فارس فهذا بينهم لا شك أن
للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم [قلت] فكم يضرب لمن معه فرسان في قول مالك
(قال) قال مالك يضرب له بسهم فرس واحد لا يزاد على ذلك (قال) مالك وذلك
أنه بلغني أن الزبير شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بفرسين يوم حنين فلم يسهم
له الا بسهم فرس واحد [قلت] أرأيت من دخل من المسلمين على فرس فنفق (1)
فرسه في أرض الحرب فلقي العدو راجلا أو دخل راجلا فاشترى في بلاد الحرب
فرسا كيف يضرب لهم وهل سمعت من مالك فيه شيئا أم لا (قال) ما سمعت من
مالك فيه شيئا ولكن سمعت مالك يقول إذا دخل الرجل أرض العدو غازيا فمات
قبل أن يلقى المسلمون عدوا وقبل أن يغنموا ثم غنم المسلمون بعد ذلك أنه

(1) (فنفق فرسه) هو من باب قعد أي مات فرسه
32

لا شئ لمن مات قبل الغنيمة (قال مالك) وان لقوا العدو وقاتل ثم مات قبل أن يغنموا
ثم غنموا بعد ما فرغوا من القتال وقد مات الرجل قبل أن يغنموا إلا أنه قد قاتل
معهم وكان حيا قال مالك أرى أن يضرب له بسهم فالفرس ان نفق بمنزلة ان
اشتراه فشهد به فإنما له من يوم اشتراه وان مات قبل أن يلقى العدو فلا شئ له [ابن
وهب] عن عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يسهم للخيل للفرس سهمين وللراجل سهما [ابن وهب] عن يحيى
ابن أيوب عن يحيى بن سعيد وصالح بن كيسان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم
لمائتي فرس في يوم خيبر سهمين سهمين وقسم يوم النضير لستة وثلاثين فرسا سهمين
سهمين [ابن وهب] عن أسامة بن زيد عن مكحول حدثه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أسهم للفرس سهمين ولفارسه سهما [ابن وهب] عن مخرمة بن بكير
عن أبيه عن عمر بن عبد العزيز أن سهمين فريضة فرضهما رسول الله صلى الله عليه
وسلم سهمين للفرس وسهما للراجل [قال ابن وهب] وأخبرني سفيان الثوري عن
عمرو بن ميمون عن عمر بن عبد العزيز أنه قال إذا بلغت البراذين ما يبلغ الخيل فألحقها
بالخيل [ابن وهب] عن سفيان الثوري عن هشام بن حسان عن الحسن أنه
قال الخيل والبراذين في السهمان سواء
{في سهمان النساء والتجارة والعبيد}
[قلت أرأيت الصبيان والعبيد والنساء هل يضرب لهم بسهم في الغنيمة إذا قاتلوا
في قول مالك قال لا [قلت] أفيرضخ لهم في قول مالك (قال) سألنا مالكا عن
النساء هل يرضخ لهن من الغنيمة قال ما سمعت أن أحدا أرضخ للنساء فالصبيان
عندي بمنزلة النساء وقد قال مالك ليس لهم شئ [قلت] أرأيت التجار إذا خرجوا
في عسكر المسلمين أيرضخ لهم أم لا (قال) سمعت مالكا يقول في الأجير انه إذا
شهد القتال أعطى سهمه وإن لم يقاتل فلا شئ له وكذلك التجار عندي إذا علم منهم
مثل ما علم من الأجير [قلت] فالعبد أيضرب له بسهمه (قال) لا يضرب له بسهم
33

وقيل ليس للعبد في الغنيمة شئ [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي
عمران عن عمر بن عبد العزيز انه كتب بعزل العبيد من أن يقسم لهم شئ (قال)
وبلغني عن يحيى بن سعيد أنه قال ما نعلم للعبيد قسما في الغنائم وان قاتلوا أو أعانوا
[ابن وهب] عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن
الصبي يغزي به أو يولد والجارية الحرة فقال لا نرى لهؤلاء من غنائم المسلمين شيئا
[ابن وهب] عن حرملة بن عمران التجيبي أن تميم بن فرع (1) المهري حدثه أنه
كان في الجيش الذين افتتحوا الإسكندرية في المرة الأخرى قال فلم يقسم لي عمرو
ابن العاص من الفئ شيئا قال وكنت غلاما لم أحتلم حتى كاد يكون بين قومي وبين
ناس من قريش في ذلك نائرة (2) قال بعض القوم فيكم ناس من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم فسلوهم فسألوا أبا بصرة الغفاري وعقبة بن عامر الجهني صاحب النبي
صلى الله عليه وسلم فقال انظروا فإن كان أنبت الشعر فأقسموا له فنظر إلى بعض القوم
فإذا أنا قد أنبت فقسم لي
{في سهمان المريض والذي يضل في أرض العدو}
[قلت] أرأيت الرجل يقتل يخرج غازيا فلا يزال مريضا حتى يشهد القتال وتحرز
الغنيمة أيكون له فيها سهم أم لا (قال) مالك نعم له سهمه [قال ابن القاسم]
وبلغني عن مالك أن الفرس إذا رهص أنه يضرب له بسهمه وهو بمنزلة الرجل المريض
[قال ابن القاسم] قال مالك في القوم يغزون في البحر يسيرون يوما فتضربهم الريح
ففرقهم ويرد الريح بعضهم إلى بلاد المسلمين ويمضى بعضهم إلى بلاد الروم فيلقون
العدو فيغنمون (قال مالك) إن كان إنما ردهم الريح وليسوا هم رجعوا فلهم سهمانهم في

(1) (فرع) بكسر الفاء وفتح الراء هكذا قال عبد الغني بن سعيد في المؤتلف والمختلف
وقال القاضي عياض ابن فرع بضم الفاء وسكون الراء وآخره عين مهملة كذا ضبطناه عن القاضي
أبي عبد الله وعند الشيخ أبي محمد فرع بفتح الفاء وسكون الراء وكذا وجدته في تاريخ البخاري بخط
القاضي أبي على اه‍ من هامش الأصل (1) (نائرة) أي فتنة وعداوة وشحناء اه‍
34

الغنيمة مع أصحابهم [قلت] أرأيت ان غزا المسلمون أرض العدو فضل منهم
رجل فلم يرجع إليهم حتى لقي العدو المسلمين فقاتلوا وغنموا ثم رجع الرجل إليهم
أيكون له في الغنيمة شئ أم لا (قال) قد أخبرتك بقول مالك في الذين يردهم الريح
وهم في بلاد المسلمين فجعل لهم سهمانهم في الغنيمة التي غنمها أصحابهم فهذا الذي ضل
في بلاد العدو أحرى أن يكون له في الغنيمة نصيب
{في الجيش يحتاجون إلى الطعام والعلف بعد أن يجمع في المغنم}
[قلت] أرأيت الطعام والعلف في بلاد المشركين إذا جمعت في الغنائم ثم يحتاج
رجل إليها أيأكل منها بغير إذن الإمام في قول مالك (قال) قال مالك سنة الطعام
والعلف في أرض العدو أنه يؤكل وتعلف الدواب ولا يستأمر الامام ولا غيره
(قال مالك) والطعام هو لمن أخذه يأكله وينتفع به وهو أحق به (قال مالك)
والبقر والغنم أيضا لمن أخذها يأكل منها وينتفع بها [ابن وهب] عن عمرو
ابن الحارث عن بكر بن سوادة الجذامي حدثه أن زياد بن نعيم حدثه أن رجلا من
بنى ليث حدثه أن عمه حدثه أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة
فكان النفر يصيبون الغنم العظيمة ولا يصيب الآخرون الا الشاة فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لو أنكم أطعمتم إخوانكم قال فرميناهم بشاة شاة حتى كان الذي
معهم أكثر من الذي معنا (قال) بكير وما رأيت أحدا يقسم الطعام كله ولا ينكر
أخذه ويستمتع آخذه به ولا يباع فأما غير الطعام من متاع العدو فإنه يقسم [ابن
وهب] عن الحارث بن نبهان عن محمد بن سعيد عن مكحول قال قال معاذ بن جبل
قد كان الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكلون ما أصابوا من البقر
والغنم ولا يبيعونها وان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين أصاب غنما فقسمها
وأخذ الخمس منها وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصابوا الغنم والبقر
يقسم للناس إذا كانوا لا يحتاجون إليها (وقال) محمد بن سعيد عن مكحول ان
شرحبيل بن حسنة باع غنما وبقرا فقسمه بين الناس فقال معاذ بن جبل لم يسئ
35

شرحبيل إذا لم يكن المسلمون محتاجين أن يذبحوها فترد على أصحابها فيبيعونها فيكون
ثمنها من الغنيمة في الخمس إذا كان المسلمون غير محتاجين إلى لحومها يأكلوها [ابن
وهب] عن إسماعيل بن عياش عن أسيد بن عبد الرحمن عن رجل حدثه عن هانئ
ابن كلثوم أن عمر بن الخطاب كتب إلى صاحب جيش يوم فتحت أن دع الناس
يأكلون ويعلفون فمن باع شيئا بذهب أو فضة فقد وجب فيه خمس الله وسهام
المسلمين [أنس بن عياض] عن الأوزاعي عن أسيد بن عبد الرحمن عن خالد بن
دريك (1) عن ابن محيريز قال سمعت فضالة بن عبيد يقول من باع طعاما أو علفا
بأرض الروم مما أصيب منها بذهب أو فضة فقد وجب فيه حق الله وفئ
المسلمين [قلت] أرأيت لو أصابوا بقرا كثيرا فأخذ الناس حاجتهم وفضل
فضلة من الغنم والبقر فجمعها الوالي فضمها إلى الغنائم ثم احتاج الناس إلى اللحم أن
يأخذوا من تلك البقر أو تلك الغنم بمنزلة الطعام بغير أمر الامام ويراه واسعا في قول
مالك ولا يكون البقر والغنم من الغنائم (قال) سمعت مالكا يقول في البقر والغنم انها
بمنزلة الطعام يذبحونها ويأكلونها بغير أمر الامام ولم أسمع فيه من مالك إذا حازها
الوالي شيئا (قال ابن القاسم) ولا أرى بذلك بأسا [قلت] هل وسع في شئ
من الغنيمة مالك ما خلا الطعام والشراب أن يؤخذ (قال) سئل مالك عن جلود الغنم
والبقر يذبحها المسلمون في الغنائم (قال) قال مالك لا أرى بأسا إذا احتاجوا إليها أن
يحتذوا منها نعالا ويجعلوا منها على أكفهم أو يجعلوا منها حزاما أو يصلحوا منها
أخفافهم أو يتخذوا منها أخفافا إذا احتاجوا إليها [قلت] أرأيت السلاح يكون
في الغنيمة فيحتاج رجل من المسلمين إلى سلاح يقاتل به أيأخذه فيقاتل به بغير إذن الإمام
أم لا (قال) سمعت مالكا يقول في البراذين تكون في الغنيمة فيحتاج رجل من
المسلمين إلى دابة يركبها يقاتل عليها ويقفل عليها (قال) قال مالك يركبها يقاتل

(1) (وخالد بن دريك) في القاموس وخالد بن دريك كزبير تابعي. وابن محيريز هو عبد الله
ابن محيريز تابعي أيضا اه‍
36

عليها ويركبها حتى يقفل إلى أهله يريد أرض الاسلام ان احتاج إلى ذلك ثم يردها
إلى الغنيمة [قلت] فإن كانت الغنيمة قد قسمت (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا
وأرى ان كانت قد قسمت أن يبيعها ويتصدق بثمنها فالسلاح إذا احتاج إليه أن يقاتل
به بهذه المنزلة [قلت] أرأيت ان احتاج رجل إلى شئ من ثياب الغنيمة أيلبسه
أم لا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى بأسا أن يلبسه حتى يقدم موضع
الاسلام فإذا قدم موضع الاسلام رده وبهذه المنزلة البراذين. وقد روى علي بن
زياد وابن وهب أن مالكا قال لا ينتفع بدابة ولا بسلاح ولا بثوب ولو جاز ذلك
لجاز أن يأخذ دنانير فيشترى بها. وقال بعض الرواة ما قال ابن القاسم واستحسنوه
ورأوه صوابا [قلت] أرأيت ان حاز الامام هذه الثياب وهذه الجلود فاحتيج إليها
بعد ما حازها الامام أيكون لهم أن ينتفعوا بها أيضا كما كان ذلك لهم قبل أن يحوزها
لهم الإمام قال نعم [ابن وهب] عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول
وسليمان بن موسى قالا لا يتقى الطعام بأرض العدو ولا يستأذن فيه الأمير ولا يتقيه
أن يأخذه من سبق إليه فان باع انسان شيئا من الطعام بذهب أو فضة فلا يحل له
فهو حينئذ من الغنائم وذكر أن هذا الخبر من الطعام السنة والحق [ابن وهب]
عن مسلمة عن سعيد عن رجل من قريش قال لما حاصر رسول الله صلى الله عليه
وسلم خيبر جاع بعض الناس فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم فلم
يجدوا عنده شيئا فافتتحوا بعض حصونها فأخذ رجل (1) من المسلمين جرابا مملوءا
شحما فبصر به صاحب المغانم وهو كعب بن عمرو بن زيد الأنصاري فأخذه فقال
الرجل لا والله لا أعطيكه حتى أذهب به إلى أصحابي فقال أعطنيه أقسمه بين الناس
فأبى وتنازعاه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خل بين الرجل وبين جرابه يذهب
به إلى أصحابه

(1) الرجل هو عبد الله بن مغفل اه‍ من هامش الأصل
37

[ابن وهب] عن ابن لهيعة وحياة بن شريح عن خالد بن أبي عمران عن القاسم بن
محمد وسالم أنهما سألا عن الرجل يجد في منازل الروم الطعام والودك الذي يغنم فيحمل
منه حتى يقدم به إلى أهله فيأكله في القرار فقالا لا بأس بذلك فقيل لهما أفيحمل له
بيعه فكرها بيعه [قلت] لابن القاسم أرأيت الرجل يأخذ العلف في دار الحرب
فيعلف دابته فتفضل منه فضلة بعد ما خرج من دار الحرب إلى دار الاسلام (قال)
سمعت مالكا يسئل عن الطعام يأخذه الرجل في دار الحرب فيأكل منه ويخرج ومعه
منه فضلة قال مالك لا أرى به بأسا إذا كان شيئا يسيرا [قلت] أرأيت إن كان شيئا
له بال (قال) إن كان شيئا له بال تصدق به [قلت] أرأيت الرجل يقرض الرجل
الطعام في دار الحرب أيكون هذا قرضا أم لا (قال) سألت مالكا عن الرجل يكون
في أرض العدو مع الجيش يصيب الطعام فيكون في الطعام فضل فيسأله بعض من
لم يصب طعاما أن يبيع منه (قال) قال مالك لا ينبغي له ذلك وقال إنما سنة العلف أن
يعلف فان استغنى عن شئ أعطاه أصحابه. فهذا يدلك على أن القرض ليس بقرض
ولا أرى القرض يحل فيه فان نزل وأقرض فلا يكون له على الذي أقرضه شئ
[ابن وهب] عن جرير بن حازم عن أشعث بن سوار عن أبي محمد قال سألت
عبد الله بن أبي أوفى وكان ممن بايع تحت الشجرة يوم الحديبية وهو ممن أسلم عن
الطعام هل كان يقسم في المغانم فقال لنا كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا نقسم طعاما إذا أصبناه في مغنم [ابن وهب] عن عطاف بن خالد القرشي عن
رجل حدثه عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن الطعام يأخذونه في أرض العدو مثل
العسل والدقيق وغير ذلك قال فلا بأس به [ابن وهب] عن عمرو بن الحارث عن
رجل من أهل الأردن حدثه عن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كنا نأكل الجزر في الغزو ولا نقسمه حتى أن كنا
لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملوءة [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن يحيى بن
38

سعيد أنه قال رأينا الناس في الغزو وما الطعام الا لمن أخذه فإذا كان ذلك كان الذي
عليه أمر الناس فمن أخذه أكله وأطعمه أهله إلا أن تكون بالجيش إليه حاجة بادية
فإنه يكره أن يذهب به إلى أهله وبالناس من الحاجة إليهم ما بهم فإن لم تكن بهم إليه
حاجة فليأكله وليطعم أهله ولا يبع منه شيئا [ابن وهب] عن مسلمة بن علي عن
زيد بن واقد قال قال القاسم بن مخيمرة أما كل شئ اصطنعته من عيدان أرض الروم
أو حجارتها فلا بأس أن تخرج به وأما شئ تجده مصنوعا فلا يخرج به وقال مكحول
في المصنوع مثله قالا إلا أن يشتريه من المغنم [قال ابن وهب] وقال زيد بن واقد
قال سليمان بن موسى لا بأس أن يحمل الرجل الطعام إلى أهله من أرض العدو وقد
كان الناس فيما أدركنا وما لم ندرك فيما بلغنا عنهم يحملون القديد حتى يقدموا به
إلى أهليهم فلا ينهون عن ذلك ولا يعاب عليهم إلا أن يباع فان بيع بعد ما يخرج به
وان وقع في أهله صار مغنما [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه
سأل القاسم بن محمد وسالما عن الرجل يصيد الطير في أرض العدو والحيتان أيبيعه
ويأكل ثمنه فقالا نعم وسألتهما عن الرجل ويأكل ثمنه فقالا نعم وسألتهما عن الرجل يكون له غلام يعمل الفخار في أرض العدو
فيبيعه أيحل له ثمن ما باع منها فقالا نعم. قلت وان كثر حتى بلغ مالا كثيرا قالا نعم وان
كثر. ولقد سألنا مالكا عن القوم يكونون في الغزو فيصيب بعضهم القمح وآخرون
العسل وآخرون اللحم فيقول الذين أصابوا اللحم للذين أصابوا العسل أو للذين أصابوا
القمح أعطونا مما معكم ونعطيكم مما معنا يتبادلونه ولو لم يعطهم هؤلاء لم يعطوهم شيئا
(قال) قال مالك ما أرى به بأسا في الطعام والعلف إنما هذا كله للأكل ولا أرى
بأسا به أن يبدل بعضهم لبعض بحال ما وصفت لك. قال مالك والعلف كذلك
[قلت] أرأيت ما اتخذ الرجل في بلاد الحرب من سرج نحته أو سهم براه أو
مشجب صنعه أو ما أشبه ذلك ما عليه في قول مالك (قال) هو له ولا شئ عليه
فيه ولا يخمس ولا يرفعه إلى المقسم وهذا قول مالك [ابن وهب] عن عمرو بن
الحارث عن بكر بن سوادة أنه قال رأيت الناس ينقلبون بالمشاجب والعيدان لا يباع
39

في مقسم لنا منه شئ [سحنون] معناه إذا كان يسيرا وقد قيل إنه يأخذ إجارة ما عمل
فيه والباقي يصير فيئا إذا كان له قدر
[في عرقبة البهائم والدواب وتحريق السلاح والطعام في أرض العدو]
[قلت] أرأيت البقر والغنم والدواب والطعام والسلاح والأمتعة من متاع الروم
ودوابهم وبقرهم وطعامهم وما ضعف عنه أهل الاسلام من أمتعات أنفسهم وما قام
عليهم من دوابهم كيف يصنعون بهذا كله في قول مالك (قال) قال مالك يعرقبون
الدواب أو يذبحونها وكذلك البقر والغنم (قال) وأما الأمتعات والسلاح فان مالكا
قال تحرق [قلت] والدواب والبقر والغنم هل تحرق بعد ما عرقبت (قال) ما سمعته
يقول تحرق (قال) ولقد قال مالك في الرجل تقف عليه دابته انه يعرقبها أو يقتلها
ولا يتركها للعدو ينتفعون بها
[في الاستعانة بالمشركين على قتال العدو]
[قلت] هل كان مالك يكره أن يستعين المسلمون بالمشركين في حروبهم (قال)
سمعت مالكا يقول بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لن أستعين
بمشرك. قال ولم أسمعه يقول في ذلك شيئا [قال ابن القاسم] ولا أرى أن يستعينوا
بهم يقاتلون معهم إلا أن يكونوا نواتية أو خدما فلا أرى بذلك بأسا [مالك]
عن الفضيل بن أبي عبد الله عن عبد الله بن نيار الأسلمي عن عروة بن الزبير عن عائشة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر
فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجده ففرح أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال يا رسول الله جئت لاتبعك
وأصيب معك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤمن بالله ورسوله قال لا قال
فارجع فلن أستعين بمشرك قالت ثم مضى حتى إذا كان بالشجرة أدركه الرجل فقال
له كما قال أول مرة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتؤمن بالله ورسوله فقال لا قال
40

فارجع فرجع ثم أدركه بالبيداء فقال له كما قال له أول مرة فقال أتؤمن بالله ورسوله
قال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق (وذكر) ابن وهب عن جرير بن
حازم أن ابن شهاب قال إن الأنصار قالت يوم أحد ألا نستعين بحلفائنا من يهود
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا فيهم
[في أمان المرأة والعبد والصبي]
[قلت] أرأيت أمان المرأة والعبد والصبي هل يجوز في قول مالك (قال) سمعت
مالكا يقول أمان المرأة جائز وما سمعته يقول في العبد والصبي شيئا أقوم لك على حفظه
وأنا أرى أن أمانها جائز لأنه جاء في الحديث أنه يجير على المسلمين أدناهم إذا كان
الصبي يعقل ما الأمان [قال سحنون] وقال غيره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إنما قال في أم هانئ وفى زينب قد أمنا من أمنت يا أم هانئ وفيما أجاز من جوار زينب
أنه إنما كان بعد ما نزل الأمان وقد يكون الذي كان من اجارته ذلك هو النظر والحيطة
للدين وأهله ولم يجعل ما قال يجير على المسلمين أدناهم أمرا يكون في يدي أدنى
المسلمين فيكون ما فعل يلزم الامام ليس له الخروج من فعله ولكن الامام المقدم
ينظر فيما فعل فيكون إليه الاجتهاد في النظر للمسلمين [ابن وهب] عن
إسماعيل بن عياش قال سمعت أشياخنا يقولون لا جوار للصبي ولا للمعاهد فان
أجارا فالامام مخيران أحب أمضى جوارهما وان أحب رده فان أمضاه فهو ماض
وإن لم يمضه فليبلغه إلى مأمنه [ابن وهب] عن الحارث بن نبهان عن محمد بن
سعيد عن عباد بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال كتب الينا عمر بن
الخطاب فقرئ علينا كتابه إلى سعيد بن عامر بن حذيم (1) ونحن محاصرو

(1) (سعيد بن عامر بن حذيم) أي الجمحي ضبطه القاضي عياض بكسر الحاء المهملة
وسكون الذال المعجمة وفتح الياء. استعمله عمر على بعض الشام فكان تصيبه غشية بين ظهراني القوم
فذكر ذلك لعمر وقيل له ان الرجل مصاب فسأله عمر في قدمة قدمها عليه فقال يا سعيد ما هذا
الذي يصيبك فقال والله يا أمير المؤمنين ما بي من بأس ولكنني كنت فيمن حضر خبيب بن عدي
41

قيسارية (1) ان من أمنه منكم حر أو عبد من عدوكم فهو آمن حتى يرد إلى مأمنه
أو يقيم فيكون على الحكم في الجزية وإذا أمنه بعض من تستعينون به على عدوكم من
أهل الكفر فهو آمن حتى تردوه إلى مأمنه أو يقيم فيكم وان نهيتم أن يؤمن أحدا أحدا
فجهل أحد منكم أو نسي أو لم يعلم أو عصى فأمن أحدا منهم فليس لكم عليه سبيل
حتى تردوه إلى مأمنه ولا تحملوا اساءتكم على الناس وإنما أنتم جند من جنود الله
وان أشار أحد منكم إلى أحد منهم أن هلم فانا قاتلوك فجاء على ذلك ولم يفهم ما قيل
له فليس لكم عليه سبيل حتى تردوه إلى مأمنه إلا أن يقيم فيكم وإذا أقبل إليكم رجل
منهم مطمئنا وأخذتموه فليس لكم عليه سبيل ان كنتم علمتم أنه جاءكم متعمدا فان
شككتم فيه فظننتم أنه جاءكم ولم تستيقنوا ذلك فلا تردوه إلى مأمنه واضربوا عليه
الجزية وان وجدتم في عسكركم أحدا لم يعلمكم بنفسه حتى قدرتم عليه فليس له أمان
ولا ذمة فاحكموا عليه بما ترون أنه أفضل للمسلمين [قال ابن وهب] وقال الليث
والأوزاعي في النصراني يكون مع المسلمين فيعطى لرجل من المشركين أمانا قالا
لا يجوز على المسلمين أمان مشرك ويرد إلى مأمنه
{في تكبير المرابطين على البحر}
[قلت] أرأيت التكبير الذي يكبر به هؤلاء الذين يرابطون على البحر أكان مالك يكرهه (قال) سمعت مالكا يقول لا بأس به [قال] وسئل عن القوم يكونون
في الحرس في الرباط فيكبرون في الليل ويطربون ويرفعون أصواتهم (فقال) أما
التطريب فانى لا أدرى وأنكره. قال وأما التكبير فاني لا أرى به بأسا
[في الديوان]
[قلت أرأيت الديوان ما قول مالك فيه (قال) أما مثل دواوين أهل مصر وأهل

حين قتل فسمعت دعوته فوالله ما خطرت على قلبي وأنا في مجلس الا غشى على فزاده ذلك عند عمر
خيرا من كتب الرقائق كتب اه‍ من هامش الأصل (1) قيسارية هي من آخر ما فتح من أرض
الشام اه‍ من هامش الأصل
42

الشام وأهل المدينة مثل دواوين العرب فلم ير مالك به بأسا وهو الذي سألناه عنه
[قلت] أرأيت الرجلين يتنازعان في اسم في العطاء مكتوب فأعطى أحدهما صاحبه مالا
على أن يبرأ من الاسم إلى صاحبه أيجوز ذلك (قال) قال مالك في رجل زيد في
عطائه فأراد أن يبيع الزيادة بعرض انه لا يجوز ذلك فكذلك ما اصطلحا عليه
انه غير جائز لأنه انه كان الذي أعطاه الدراهم أخذ غير اسمه فلا يجوز شراؤه وإن كان
الذي يعطى الدراهم هو صاحب الاسم فقد باع أحدهما الآخر بما لا يحل له
فإن كان الآخر هو صاحب الاسم فلا يجوز له لأنه لا يدرى ما باع أقليلا بكثير
أم كثيرا بقليل ولا يدرى ما تبلغ حياة صاحبه فهذا الغرر لا يجوز [قال سحنون]
قال لي الوليد بن مسلم سمعت أبا عمرو الأوزاعي يقول أوقف عمر بن الخطاب وأصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الفئ وخراج الأرض للمجاهدين ففرض منه
للمقاتلة والعيال والذرية فصار ذلك سنة لمن بعده فمن افترض فيه ونيته الجهاد فلا
بأس بذلك [قال سحنون] قال الوليد وحدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن
القاسم بن عبد الرحمن عن رجل قال عرضت على الفريضة فقلت لا أفترض حتى
ألقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت أبا ذر فسألته فقال لي افترض فإنه
اليوم معونة وقوة فإذا كان ثمنا عن دين أحدكم فاتركوه [قال سحنون] قال
الوليد بن مسلم وحدثني خليد عن قتادة عن الأحنف بن قيس عن أبي ذر مثله [قال
سحنون] قال الوليد بن مسلم الدمشقي وأخبرني ابن لهيعة عن بكر بن عمر والمعافري
عن عبد الله بن محيريز أن أصحاب العطاء أفضل من المتطوعة لما يروعون [قال
سحنون] قال الوليد وأخبرني يحيى بن مسيك أنه سمع مكحولا يقول روعات
البعوث تنفى روعات القيامة [قال سحنون] قال الوليد بن مسلم وأخبرني مسلمة
ابن علي عن خالد بن حميد مثله
{ما جاء في الجعائل وذكر أخذ الجزية من المجوس وغيرهم}
[قلت] أرأيت الجعائل هل سمعت من مالك فيها شيئا (قال) قال مالك لا بأس
43

بذلك (قال) وأخبرني مالك أن أهل المدينة كانوا يفعلون ذلك [قلت] أرأيت
الجعائل في البعوث أيجوز هذا أم لا في قول مالك (قال) سألنا مالكا عن ذلك
فقال لا بأس به لم يزل الناس يتجاعلون بالمدينة عندنا قال كانوا يتجاعلون بجعل
القاعد للخارج (قال) فقلنا ويخرج لهم العطاء قال مالك ربما خرج لهم وربما لم
يخرج لهم [قلت] فهذا الذي ذكر مالك أنه لا بأس به بالجعائل بينهم لأهل
الديوان بينهم قال نعم [قلت] فلو جعل رجل من أهل الديوان لرجل من غير
أهل الديوان شيئا على أن يغزو عنه (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يعجبني
[قال] ولقد سألنا مالكا عن الرجل يأتي عسقلان وما أشبهها غازيا ولا فرس
معه فيستأجر من رجل من أهلها فرسا يغزو عليه أو يرابط عليه فكره ذلك ولم
يعجبه أن يعمد رجل في سبيل الله معه فرس فيؤاجره [فقيل] لمالك فالقوم
يغزون فيقال لهم من يتقدم إلى الحصن وما أشبهه من الأمور التي يبعث فيها فله كذا
وكذا فأعظم ذلك وشدد فيه الكراهية من أن يقاتل أحد على مثل هذا أو يسفك
فيه دمه [قلت] أرأيت الذي قلت لي ان مالكا كره للرجل أن يكون بعسقلان
فيؤاجر فرسه ممن يحرس عليه لا يشبه الذي يجعل لغيره على الغزو (فقال) هذا أيسر
عندي في الفرس منه في الرجل ألا ترى ان مالكا كره للرجل أن يكون بعسقلان
يؤاجر فرسه في سبيل الله فهو إذا آجر نفسه أشد كراهية ألا ترى ان مالكا قد كره
للذي يعطيه الوالي على أن يتقدم إلى الحصن فيقاتل فكره له الجعل فهذا يدلك
[قلت] فلم جوز مالك لأهل العطاء أن يتجاعلوا بينهم (قال) ذلك وجه شأنهم
لأنها مباعث مختلفة وإنما أعطوا أعطياتهم على هذا وما أشبهه فأهل الديوان عندي
مخالفون لمن سواهم (قال) والذي يؤاجر نفسه في الغزوان ذلك لا يجوز في قول مالك
وهو رأيي أنه لا يجوز وأما أهل الديوان فيما بينهم فليست تلك إجارة إنما تلك جعائل
لان سد الثغور عليهم وبهذا مضى أمر الناس [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن بكر
ابن عمرو المعافري عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقول لا بأس بالطوى من مأجور
44

إلى ماحوز (1) إذا ضمنه الانسان [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن يحيى بن سعيد قال في
الطوى لو أن رجلا قال لرجل خذ بعثي وآخذ بعثك وأزيدك دينارا أو بعيرا أو شيئا
فلا بأس بذلك. وقال الليث مثله [ابن وهب] عن عبد الرحمن بن شريح قال يكره
من الطوى أن يعقد الرجلان الطوى قبل أن يكتتبا في البعثين اللذين يتطاويان فيهما وذلك
أن يقول الرجل للرجل قبل الطوى اكتتب في بعث كذا وكذا وأنا أكتتب في في بعث
كذا وكذا ثم يعتقدان الطوى على ذلك وأما الطوى بعد الكتبة فلم أسمع أحدا ينكر
ذلك الا الرجل الذي يقف يتنقل من ماحوز إلى ماحوز التماس الزيادة في
الجعل [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة أنه كان
لا يرى بأسا بالطوى من ماحوز إلى ماحوز [قال سحنون] قال الوليد وحدثنا أبو
عمرو بن جابر وسعيد بن عبد العزيز من مكحول أنه كأن لا يرى بالجعل في القبيلة بأسا
[قال ابن جابر] فسمعت مكحولا يقول إذا هويت المغزى فاكتتبت فيه ففرض
لك فيه جعل فخذه وإن كنت لا تغزو الا على جعل مسمى فهو مكروه (قال) ابن
جابر فكان مكحول إذا خرجت البعوث أوقع اسمه في المغزى بهواه فإن كان له فيه
جعل لم يأخذه وإن كان عليه أداه [سحنون] قال الوليد وحدثني ابن لهيعة عن
ابن هبيرة عن علي بن أبي طالب أنه قال في جعيلة الغازي إذا جعل الرجل في نفسه غزوا
فجعل له فيه جعل فلا بأس به وان أكن إنما يغزو من أجل الجعل فليس له أجر [ابن
وهب] عن ابن لهيعة وحياة بن شريح عن حسين بن شقى الأصبحي عن الصحابة
أنهم قالوا يا رسول الله أفتنا عن الجاعل والمجتعل في سبيل الله فقال للجاعل أجر
ما احتسب وللمجتعل أجر الجاعل والمجتعل ابن وهب] عن الليث بن سعد أن
يعمر بن خالد المدلجي يحدث عن عبد الرحمن بن وعلة الشيباني أنه قال قلت لعبد الله
ابن عمر انا نتجاعل في الغزو فكيف ترى فقال عبد الله بن عمر أما أحدكم إذا أجمع

(1) قال القاضي إسماعيل المواحيز في لغة أهل مصر الرباطات كأنهم يحوزونهم ويروى
ماخور أيضا اه‍ من هامش الأصل
45

على الغزو فعرضه الله رزقا فلا بأس بذلك وأما أحدكم ان أعطى درهما غزا وان منع
درهما فلا خير في ذلك [ابن وهب] عن حياة بن شريح عن زرعة بن
معشر عن تبيع (1) أن الامداد (2) قالوا له ألا تسمع ما تقول لنا الربطاء يقولون ليس
لكم أجر لاخذكم الجعائل فقال كذبوا والذي نفسي بيده اني لأجدكم في كتاب
الله كمثل أم موسى أخذت أجرها وآتاها الله ابنها [ابن وهب] عن حيى بن
عبد الله عن أبي عبد الرحمن الجبلي وعمرو بن نصر عن تبيع مثله [قال سحنون]
قال الوليد أخبرني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن عطية بن قيس الكلابي
قال خرج على الناس بعث في زمان عمر بن الخطاب غرم فيه القاعد مائة دينار
{باب الجزية}
[قلت] أرأيت الأمم كلها إذا رضوا بالجزية على أن يقروا على دينهم أيعطون ذلك
أم لا في قول مالك (قال) قال مالك في مجوس البربر ان الجزية أخذها منهم عثمان
ابن عفان (وقال مالك) في المجوس ما قد بلغك عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم سنوا بهم سنة أهل الكتاب. فالأمم كلها في هذا بمنزلة
المجوس عندي [قال] ولقد سئل مالك عن الفزازنة وهم جنس من الحبشة سئل
عنهم مالك فقال لا أرى أن يقاتلوا حتى يدعوا إلى الاسلام ففي قول مالك هذا إذا قال
لا أرى أن يقاتلوا حتى يدعوا فأراهم في قوله هذا أنهم يدعون إلى الاسلام فإن لم يجيبوا
دعوا إلى اعطاء الجزية وأن يقروا على دينهم فان أجابوا قبل ذلك منهم. فهذا يدلك
على قول مالك في الأمم كلها إذا قال في الفزازنة انهم يدعون فكذلك الصقالبة والأبر
والترك وغيرهم من الأعاجم ممن ليسوا من أهل الكتاب [ابن وهب] عن مسلمة
ابن علي عن رجل عن أبي صالح السمان عن ابن عباس قال كتب رسول الله صلى الله

(1) هو كعب الأحبار (2) (الامداد) جمع مدد وهم المندوبون والربطاء الذين في غير
ديوان وقال ابن وضاح؟؟ الربطاء المقيمون وهم أصحاب الديوان سموا الامداد لأنهم يمدون إخوانهم
الراكبين أي يزيدونهم قوة ومددا اه‍ من هامش الأصل
46

عليه وسلم إلى منذر بن ساوى أخي بنى عبد الله بن غطفان عظيم أهل هجر يدعوهم
إلى الله والى الاسلام فرضي بالاسلام وقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
على أهل هجر فمن بين راض وكاره فكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم اني قرأت
كتابك على أهل هجر فأما العرب فدخلوا في الاسلام وأما المجوس واليهود
فكرهوا الاسلام وعرضوا الجزية فانتظرت أمرك فيهم فكتب إليه رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى عباد الله الأسديين فإنكم إذا أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة
ونصحتم لله ولرسوله وآتيتم عشر المخل ونصف عشر الحب ولم تمجسوا أولادكم فان
لكم ما أسلمتم عليه غير أن بيت النار لله ورسوله فان أبيتم فعليكم الجزية فقرئ عليهم
فكره اليهود والمجوس الاسلام وأحبوا الجزية فقال منافقوا العرب زعم محمد أنه إنما
بعث لقتال الناس كافة حتى يسلموا ولا يقبل الجزية الا من أهل الكتاب ولا
نراه الا قد قبل من مشركي أهل هجر ما رد على مشركي العرب فأنزل الله تبارك
وتعالى يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم [ابن وهب]
عن يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال هذا كتاب أخذته
من موسى بن عقبة فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى منذر بن
ساوى سلم أنت فاني أحمد الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فان كتابك جاءني وسمعت
ما فيه فمن صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحنا فان ذلك المسلم الذي له ذمة الله
وذمة رسوله ومن يفعل ذلك منكم فهو آمن ومن أبى فعليه الجزية
{في الخوارج]
[قلت] أرأيت قتال الخوارج ما قول مالك فيهم (قال) قال مالك في الأباضية
والحرورية وأهل الأهواء كلهم أرى أن يستتابوا فان تابوا والا قتلوا [قال ابن
القاسم] وقال مالك في الحرورية وما أشبههم انهم يقتلون إذا لم يتوبوا إذا كان الامام
عدلا. فهذا يدلك على أنهم ان خرجوا على امام عدل وهم يريدون قتاله ويدعون إلى
ما هم عليه دعوا إلى الجماعة والسنة فان أبو قتلوا (قال) ولقد سألت مالكا عن أهل
47

العصبية الذي كانوا بالشام قال مالك أرى للامام ان يدعوهم إلى الرجوع والى
مناصفة الحق بينهم فان رجعوا والا قوتلوا (قلت] أرأيت الخوارج إذا خرجوا
فأصابوا الدماء والأموال ثم تابوا ورجعوا (قال) بلغني أن مالكا قال الدماء موضوعة عنهم
وأما الأموال فان وجدوا شيئا عندهم بعينه أخذوه والا لم يتبعوا بشئ من ذلك وان
كانت لهم الأموال لأنهم إنما استهلكوها التأويل وهذا الذي سمعت [قلت] فما
فرق ما بين المحاربين والخوارج في الدماء (قال) لان الخوارج خرجوا على التأويل
والمحاربين خرجوا فسقا وخلوعا على غير تأويل وإنما وضع الله عن المحاربين إذا تابوا
حد الحرابة حق الامام وانه لا يوضع عنهم حقوق الناس وإنما هؤلاء الخوارج قاتلوا
على دين يرون أنه صواب [قلت] أرأيت قتلى الخوارج أيصلى عليهم أم لا (قال)
لا قال لي مالك في القدرية والأباظية لا يصلى على موتاهم ولا تتبع جنائزهم ولا تعاد
مرضاهم فإذا قتلوا فذلك أحرى أن لا يصلى عليهم [ابن وهب] عن سفيان بن
عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال ذكرت الخوارج واجتهادهم عند ابن عباس وأنا
عنده قال فسمعته يقول ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود والنصارى ثم هم يضلون [ابن
وهب] عن محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عبد الكريم أن الحرورية خرجت
فنازعوا عليا وفارقوه وشهدوا عليه بالشرك [ابن وهب] عن يونس عن ابن شهاب
قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري قال بينا نحن عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما إذا أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بنى تميم فقال
يا رسول الله أعدل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلك من يعدل إذا لم أعدل قد
خبت وخسرت إن لم أعدل فقال عمر يا رسول الله أئذن لي فيه أضرب عنقه فقال دعه
فان له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤن القرآن لا يجاوز
تراقيهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه
شئ ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شئ ثم ينظر
إلى قذذه فلا يوجد فيه شئ قد سبق الفرث والدم آيتهم رجل أسود أحد عضديه مثل
48

ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على خير فرقة من الناس (قال) أبو سعيد
فأشهد أنى سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن على
ابن أبي طالب قاتلهم وأنا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فأتى به حتى نظرت
إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعته [ابن وهب] عن عمرو بن
الحارث عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عن عبيد الله بن أبي رافع مولى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي بن أبي طالب
فقالوا لا حكم الا لله فقال علي كلمة حق أريد بها باطل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
وصف ناسا انى لأعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم
وأشار إلى حلقه من أبغض خلق الله إليه منهم أسود احدى يديه كظبي شاة أو حلمة
ثدي فلما قتلهم علي بن أبي طالب قال انظروا انظروا فلم يجدوا شيئا فقال ارجعوا
فوالله ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلاثا ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه
بين يديه قال عبيد الله أنا حاضر ذلك من أمورهم وقول على فيهم (قال) بكير وحدثني
رجل عن بن جبير أنه قال رأيت ذلك الأسود [ابن وهب] عن عمرو بن الحارث
عن بكير بن الأشج عن ابن عباس أنه قال أرسلني على إلى الحرورية لا كلمهم فلما قالوا
لا حكم الا لله فقلت أجل صدقتم لا حكم الا لله ان الله قد حكم في رجل وامرأة
وحكم في قتل الصيد فالحكم في رجل وامرأة وصيد أفضل من الحكم في الأمة
ترجع به وتحقن دماءها ويلم شعثها قال ابن الكوى دعوهم فان الله قد أنبأكم انهم
قوم خصمون [ابن وهب] عن عمرو بن محمد بن زيد عبد الله بن عمر بن الخطاب
عن أبيه عن عبد الله بن عمر وذكرت الحرورية فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يمرقون من الاسلام مروق السهم من الرمية [ابن وهب] عن يونس بن يزيد عن
ابن شهاب قال هاجت الفتنة الأولى فأدركت رجالا ذوي عدد من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغنا أنهم كانوا يرون
أن يهدم أمر الفتنة فلا يقام فيه على رجل قاتل في تأويل القرآن قصاص فيمن فتل
49

ولا حد في سبى امرأة سبيت ولا نرى عليها حدا ولا يرى بينها وبين زوجها ملاعنة
ولا نرى أن يقذفها أحد الا جلد الحد ونرى أن ترى إلى زوجها الأول بعد أن تعتد
فتنقضي عدتها من زوجها الآخر ونرى أن ترث زوجها الأول (وذكر) عن
ابن شهاب قال ولا يضمن ما ذهب إلا أن يوجد شئ بعينه فيرد إلى أهله [مالك]
عن عمه أبى سهيل بن مالك قال سألني عمر بن عبد العزيز وأنا معه ماذا ترى في
هؤلاء القدرية قال قلت استتبهم فان تابوا والا فأعرضهم على السيف قال عمر وأنا
أرى ذلك (قال مالك) ورأيي على ذلك [ابن وهب] عن أسامة بن زيد عن أبي سهيل بن مالك أن عمر بن عبد العزيز قال له ما الحكم في هؤلاء القدرية قال قلت
يستتابون فان تابوا قبل ذلك منهم وإن لم يتوبوا قوتلوا على وجه البغي
قال عمر بن عبد العزيز ذلك الرأي فيهم قال ويحهم فأين
هم عن هذه الآية فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه
بفاتنين إلا من هو صال الجحيم
[تم كتاب الجهاد من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه وصلى الله]
[على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم]
[ويليه كتاب الصيد]
50

بسم الله الرحمن الرحيم
[وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وسلم]
{كتاب الصيد من المدونة الكبرى}
[قلت] لابن القاسم صف لي الباز المعلم والكلب المعلم في قول مالك (قال) قال
مالك هو الذي يفقه إذا زجر ازدجر وإذا أشلى أطاع [قلت] أرأيت إذا أرسل
كلبه ونسي التسمية (قال) قال مالك كله وسم الله [قلت] وكذلك في الباز والسهم
(قال) نعم كذلك هذا عند مالك [قيل] أرأيت ان ترك التسمية عمدا في شئ من هذا
(قال) ما سمعت فيه شيئا ولقد سألته عن تفسير حديث عبد الله بن عياش بن أبي
(قال) ما سمعت فيه شيئا ولقد سألته عن تفسير حديث عبد الله بن عياش بن أبي
ربيع حين قال لغلامه سم الله ويحك مرتين أو ثلاثا فيقول الغلام قد سميت ولا
يسمعه التسمية فقال مالك لا أرى ذلك علي الناس إذا أخبر الذابح أنه قد سمى الله
[قال ابن القاسم] من ترك التسمية عمدا على الذبيحة لم أر أن تؤكل الذبيحة وهو
قول مالك والصيد عندي مثله (قال مالك) وأما الرجل يذبح في خاصة نفسه فيأخذ
بحديث عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي فلا أرى به بأسا [قلت] أرأيت
المسلم والمجوسي إذا أرسلا الكلب جميعا فأخذ الصيد فقتله أيؤكل في قول مالك (قال)
ما سمعت منه فيه شيئا إلا أنى سمعت مالكا يقول في كلب المسلم إذا أرسله المجوسي
فأخذ فقتل انه لا يؤكل وأرى هذا أنه لا يؤكل [قلت] أرأيت ان أرسلت
كلبي على صيد فتواريا عنى جميعا فأخذه الكلب فقتله ثم وجدته أآكله أم لا (قال)
قال مالك إذا أصابه ميتا وفيه أثر كلبه أو أثر سهمه أو أثر بازه فليأكله ما لم يبت
(قال مالك) فان بات فلا يأكله وإن كان الذي به قد أنفذ مقاتله فلا يأكله لأنه
قد بات عنه وان أدركه من يومه ميتا وفيه أثر كلبه فليأكله [قلت] أرأيت ان
51

توارى الكلب أو الباز مع الصيد فرجع الرجل إلى بيته ثم طلبه بعد ذلك فأصابه من
يومه ذلك أيأكله أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن لا يأكله
لأنه قد تركه ورجع إلى بيته ألا ترى أنه لا يدرى لعله لو كان في الطلب ولم يفرط
انه كان يدرك ذكاته قبل أن يموت فهو لما رجع إلى بيته فقد فرط فلا يأكله لموضع
ما فرط في ذكاته ألا ترى أنه لو أدركه ولم ينفذ الكلب مقاتله فتركه حتى قتله
الكلب لم يأكله فهذا حين رجع إلى بيته بمنزلة هذا الذي أدرك كلبه ولم ينفذ مقاتل
الصيد فتركه حتى قتله الكلب فلا يأكله لأنه لعله لو كان في الطلب أدركه قبل أن
ينفذ الكلب مقاتله ولعله إنما أنفذ الكلب مقاتله بعد ما جرحه وبعد أن أخذه فلو كان
هذا في الطلب لعله كان يدركه قبل أن ينفذ مقاتله [قال] ولقد سئل مالك عن الرجل
يرسل كلبه أو بازه على الصيد فيدركه وبه من الحياة ما لو شاء أن يذكيه ذكاه ولم
ينفذ الكلب أو الباز مقاتله فيشتغل باخراج سكينه من خرجه أو لعلها أن تكون مع
رجل خلفه فينتظره حتى يأتيه أو مع غلامه فلا يخرج السكين من خرجه ولا يدركه
من كان معه سكين حتى يقتل الكلب الصيد أو الباز أو يموت وان عزل الكلب
والبازي عنه (قال مالك) لا يأكله لأنه قد أدركه حيا ولو شاء أن يذكيه ذكاه إلا أن يكون أدركه وقد أنفذ الكلب مقاتله فلا بأس أن يأكله لان ذكاته هاهنا ليست
بذكاة [قال] ولقد سألت مالكا عن الصيد يدركه الرجل وقد أنفذ الكلب مقاتله
أو الباز فيفرط في ذكاته ويتركه حتى يموت أيأكله (قال) نعم لا بأس بذلك وليأكله
[قلت] أرأيت الذي توارى عنى فأصبته من الغد وقد أنفذت مقاتله بسهمي أو
أنفذت مقاتله ببازي أو كلابي لم قال مالك لا يأكله إذا بات وقال كله ما لم يبت (قال)
لم أر لمالك هاهنا حجة أكثر من أنها السنة عنده [قلت] أرأيت السهم إذا أصبته
فيه قد أنفذ مقاتله إلا أنه بات عنى لم قال مالك لا يأكله (قال) في السهم بعينه سألنا
مالكا أيضا إذا بات وقد أنفذ السهم مقاتله فقال لا يأكله [قلت] أرأيت ان أرسل
كلبه فأخذ الصيد فأكله منه أكثره أو أقله فأصاب منه بقيته أيأكله في قول مالك
52

أم لا (قال) قال مالك يأكله ما لم يبت [قلت] أرأيت الكلب إذا كان كلما
أرسله على صيد أخذه فأكل منه أو جعل يأكل ما أخذ أهذا معلم في قول مالك قال
نعم [قلت] أرأيت ان أدركه وقد أنفذ الكلب مقاتله أو سهمه أو بازه فأدركه على
تلك الحال يضطرب أيدعه حتى يموت أو يذكيه (قال) يفرى أوداجه فذلك أحسن
يدرك الكلب أو الباز على صيده فيريد أن يذكيه فلا يستطيع فقال مالك ان هو
غلبه عليه ولم يأت التفريط منه حتى فات بنفسه فليأكله وان هو لو شاء أن يعزله
عزله عنه فذكاه فلم يعزله حتى مات فلا يأكله [قلت] أرأيت ان كنت
لا أقدر أن أخلص الصيد من كلبي أو من بازي وأنا أقدر على أن أذكيه تحته
أأتركه أم أذكيه (قال) قال مالك ذكه [قلت] أرأيت أن لم أذكه في مسألتي
أآكله أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا تأكله [قلت] أرأيت ان أدركته
قد فرى الكلب أوداجه أو فرآه سهمي أو بازي (قال) هذا قد فرغ من ذكاته
كلها [قلت] أرأيت ان أدرك الصيد والكلاب تنهشه وليس معه ما يذكيه به
فتركه حتى قتله الكلب أيأكله أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا يأكله
[قلت] أرأيت ان أدركه حيا فذهب يذبحه من غير أن يفرط ففات بنفسه أيأكله
أم لا في قول مالك قال نعم يأكله عند مالك [قلت] أرأيت الفهد وجميع السباع
إذا علمت أهي بمنزلة الكلاب في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكنها
عندي بمنزلة الكلاب [قلت] أرأيت جميع سباع الطير إذا علمت أهي بمنزلة البزاة
(قال) لا أردى ما مسألتك هذه ولكن البزاة والعقبان والزمامجة (1) والشذانقات (2)

(1) (الزمامجة) جمع زمج على وزن دمل طائر معروف يصيد به الملوك الطير وقال في سفر السعادة
هو من الجوارح التي تعلم وقال الجرمي هو ضرب من العقبان اه‍ (2) (والشذانقات) كذا
بالأصل ولم نقف له على معنى بعد البحث ولعله الشقراق على وزن قرطاس وفيه لغات آخر
وهو طائر معروف مرقط بخضرة وحمرة وبياض ويكون بأرض الحرم وقال الدميري هو طائر
53

والسفاه (1) والصقور وما أشبه هذه فلا بأس بها عند مالك [قلت] أرأيت الرجل يرسل
كلبه على الصيد فيأخذه غيره أيأكله أم لا (قال) قال مالك لا يأكله [قلت]
أرأيت ان نسي التسمية عند الارسال أيأكل (قال) قال مالك يسمي الله إذا أكله
[قلت] ان ترك التسمية عمدا (قال) هذا بمنزلة الذبيحة إذا نسي التسمية
فهو كمن نسي التسمية على الذبيحة وإذا ترك التسمية عامدا عند الارسال فهو كمن ترك
التسمية على الذبيحة فلا يأكله [قلت] أرأيت ان أرسل كلبه على جماعة صيد ولم
يرد واحدا منها دون آخر فأخذها كلها أو أخذ بعضها (قال) سألنا مالكا عن الذي
يرسل بازه على جماعة من الطير وهو ينوى ما أخذ منها فيأخذ أحدها أو يرى جماعة
من الطير ينويها فيصيب واحدا منها قال مالك يأكله فهذا يدلك على أنه ان صادها
كلها فلا بأس بأكلها كلها (قال) وقال مالك إذا أصاب في رميته اثنين منها أكلهما
(قال) ولقد سألناه عن الجماعتين من الطير تكونان في الهواء بعضهما فوق بعض
فيرمى وهو يريد الجماعتين جميعا يريد ما أصاب منهما أيأكله (قال) قال لي مالك
ما أصاب من الجماعتين جميعا أكله (قال) وقال مالك وان أرسل كلبه على جماعة
من الطير ونوى واحدا منها بعينه فأصاب الكلب غيره فلا يأكله [قلت] أرأيت
الكلاب غير السلالقة إذا علمت أهي بمنزلة السلالقة في قول مالك (قال) قال مالك
السلالقة وغيرها إذا علمت فهي سواء [قلت] أرأيت الكلب غير المعلم إذا أرسلته
فصاد آكله أم لا (قال) لا تأكله إلا أن يكون معلما أو تدرك ذكاته فتذكيه وهو
قول مالك [قلت] أرأيت ان أرسلت كلبي من يدي وكان معي أو كان يتبعني
فأثرت الصيد فأرسلت الكلب عليه وليس الكلب في يدي ولكنه بحال ما وصفت
لك فانشل الكلب فأخذ الصيد فقتله آكله أم لا (قال) كان مالك مرة يقول إذا

صغير يسمى الأخيل وهو أخضر مليح بقدر الحمامة وخضرته مشبعة وفى أجنحته سواد وقد يكون
مخططا بخضرة وحمرة وذكر الجاحظ انه نوع من الغربان اه‍ (1) (السفاه) كذا بالأصل ولم
نقف له أيضا على معنى بعد البحث والسؤال فليحرر اه‍ كتبه مصححه
54

كان الكلب معه وأثار الرجل الصيد فأشلى الكلب فخرج الكلب في طلب الصيد
باشلاء الرجل لم يكن الكلب هو الذي خرج في طلب الصيد ثم أشلاه سيده بعد ذلك
قال مالك فلا بأس به (قال) وأما إن كان الكلب هو الذي خرج في طلبه ثم أشلاه
سيده بعد ذلك قال مالك فلا يأكله. قال فكان هذا قوله الأول ثم رجع عن ذلك
وقال لا يأكله إلا أن يكون في يده ثم أرسله بعد أن أثار الصيد قال وقوله الأول أحب
إلى إذا كان الكلب إنما خرج في طلب الصيد باشلاء سيده إياه وإن كان في غير يده
لان الكلب هاهنا إذا خرج باشلاء سيده فكأن السيد هو الذي أرسله من يده
[قلت] أرأيت صيد الصبي إذا لم يحتلم أيؤكل إذا قتل الكلب صيده (قال) قال مالك
ذبيحة الصبي تؤكل إذا أطاق الذبح وعرفه فكذلك صيده عندي بمنزلة الذبح [قلت]
أرأيت ان أرسل كلبا معلما على صيد فأعانه عليه كلب غير معلم آكله أم لا (قال) قال
مالك إذا أعانه عليه غير معلم لم يؤكل [قلت] أرأيت ان أرسلت كلبي
على صيد ونويت ما صاد من الصيد سوى هذا الصيد ولست أرى شيئا من الصيد
غير هذا الواحد فأخذ الكلب صيدا وراء ذلك لم أره حين أرسلت الكلب فقتله
آكله أم لا (قال) قال مالك في الرجل يرسل كلبه على جماعة من الصيد ونوى إن كان
وراءها جماعة أخرى فما أخذ منها فقد أرسله عليه وذلك نيته ولا يعلم وراء
هذه الجماعة جماعة من الصيد فأصاب صيدا وراء ذلك من الجماعة التي لم يكن
يراها حين أرسل الكلب (قال) قال مالك يأكله وإن كان إنما أرسله على هذه
الجماعة ووراءها جماعة أخرى لم ينو الجماعة التي وراءها فلا يأكله ان أخذ من الجماعة
التي لم ينوها وان رآها أو لم يرها [قلت] أرأيت ان أفلت الكلب من يدي على
صيد فزجرته بعد ما انفلت من يدي (قال) قال لي مالك في الكلب يرى الصيد فيخرج
فيعدو في طلبه ثم يشليه صاحبه فينشلى انه لا يؤكل لأنه خرج بغير إرسال صاحبه
[قلت] أرأيت الكلب إذا أرسلته على الصيد فأدركه فقطع يده أو رجله فمات
55

من ذلك أو قتله الكلب بعد ذلك أيؤكل اليد والرج وجميع الصيد أم لا (قال) سئل
مالك عن الرجل يدرك الصيد فيضرب عنقه فيخزله أو يضرب وسطه فيخزله
نصفين (قال) قال مالك يؤكل هذا كله. فقلت لمالك فان قطع يدا أو رجلا (قال)
لا يأكل اليد ولا الرجل وليذك ما بقي منه وليأكله فان فات بنفسه قبل أن يذكيه
من غير تفريط فليأكله ولا يأكل اليد ولا الرجل فكذلك مسألتك في الكلاب
إذا قطعت وكذلك الباز إذا ضرب الصيد فأطار جناحه أو رجله لم يؤكل ما أبان من
الطير من جناح أو رجل بحال ما وصفت لك وان خزلهما أكلهما جميعا (قال) نعم على
قول مالك في الضرب الذي وصفت لك [قلت] أرأيت اليهودي والنصراني أيؤكل
صيدهما في قول مالك إذا قتلت الكلاب الصيد (قال) قال مالك تؤكل ذبيحتهما فأما
صيدهما فلا يؤكل وتلا هذه الآية تناله أيديكم ورماحكم فلم يذكر الله بهذا
النصارى ولا اليهود ولا يؤكل صيدهما [قال ابن القاسم] وهو رأيي أن لا يأكله
[قلت] أرأيت ما صاد المجوسي من البحر أيؤكل في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ما صاد في البر أيؤكل في قول مالك (قال) لا إلا أن يدرك ذكاة ما صاد إذا لم
ينفذ المجوسي مقاتله [قلت] أرأيت الدواب التي تخرج من البحر فتحيا اليوم
واليومين والثلاثة والأربعة أتؤكل بغير ذكاة (قال) بلغني ان مالكا سئل عن ترس
الماء أيذكى فقال مالك انى لا أعظم هذا من قول من يقول لا يؤكل الا بذكاة
[قلت] أرأيت النصراني إذا ذبح وسمى باسم المسيح أو أرسل كلبه أو بازه أو سهمه
وسمى باسم المسيح أيؤكل أم لا (قال) سمعت مالكا يكره كل ما ذبحوا لأعيادهم
وكنائسهم قال مالك أكره أكلها (قال) وبلغني عنه أنه تلا هذه الآية وما أهل به
لغير الله وكان يكرهها كراهية شديدة (قال) وما سمعت من مالك في مسألتك إذا
سموا المسيح شيئا (قال) وأراهم إذا سموا المسيح بمنزلة ذبحهم لكنائسهم فلا أرى
أن تؤكل [قلت] أرأيت كلب المجوس إذا علمه المجوسي فأخذه المسلم فأرسله
فأخذ أيأكل ما قتل قال نعم [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت
56

الغلام إذا كان أبواه من أهل الذمة أحدهما مجوسي والآخر نصراني أتؤكل
ذبيحته وصيده أم لا (قال) قال مالك الولد تبع للأب في الحرية فأرى الوالد إذا
كان نصرانيا أن تؤكل ذبيحته ولا يؤكل صيده إلا أن يكون قد تمجس وتركه على
ذلك فلا تؤكل ذبيحته [قلت] أرأيت ما قتلت الحبالات من الصيد أيؤكل أم لا
(قال) قال مالك لا يؤكل الا ما أدركت ذكاته من ذلك (قال) فقلت لمالك فإن كانت
في الحبالات حديدة فأنفذت الحديدة مقاتل الصيد (قال) قال مالك لا يؤكل منه
الا ما أدركت ذكاته [قلت] فهذا الذي قد أنفذت الحبالات مقاتله ان أدركه لم
يكن له ذكاة في قول مالك. قال نعم لا ذكاة له [قلت] أرأيت صيد المرتد أيؤكل
(قال) قال مالك ذبيحته لا تؤكل فكذلك صيده مثل قول مالك في الذبيحة انها
لا تؤكل [قلت] أرأيت صيد الشبك أيحتاج فيه إلى التسمية كما يحتاج في صيد البر
إلى التسمية عند الارسال (قال) لا ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن صيد البحر
مذكى كله عند مالك فإنما يحتاج إلى التسمية على ما يذكى ألا ترى أن المجوسي يصيده
فيكون حلالا [قلت] أرأيت ما طفا على الماء من حيتان البحر ودواب البحر أيؤكل
في قول مالك (قال) لا أدرى ما الدواب ولكني لم أسمع مالكا يكره شيئا من
دواب البحر ولم يكن يرى بالطافئ بأسا [قلت] أرأيت الرجل يأخذ الطير من
طير الماء فيذبحه فيجد في بطنه حوتا أيأكله (قال) قال مالك في الحوت يوجد في بطنه
الحوت انه لا بأس بأكله فكذلك ما في بطن الطير لا بأس به [قلت] أرأيت الجراد
إذا وجد ميتا يتوطؤه غيري أو أتوطؤه أنا فيموت أيؤكل أم لا في قول مالك (قال)
قال مالك لا يؤكل [قلت] فان صدت الجراد فجعلته في غرارة فيموت في الغرارة
أيؤكل أم لا (قال) قال مالك لا يؤكل الا ما قطعت رأسه فتركته حتى تطبخه أو
تقليه أو تسلقه وان أنت طرحته في النار أو سلقته أو قليته وهو حي من غير أن
تقطف رأسه فذلك حلال أيضا عند مالك ولا يؤكل الجراد الا بما ذكرت لك من
هذا [قلت] أرأيت ان أخذ الجراد فقطع أجنحته وأرجله فرفعها حتى يسلقها أو
57

يقليها فتموت أيأكلها أم لا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه إذا قطع أرجلها وأجنحتها فهو بمنزلة قطع رؤسها لأنها قد ماتت من فعل فعله من
قطع أرجلها وأجنحتها فهو بمنزلة قطع رؤسها [قلت] فحين أخذها وأدخلها غرارته
أليس إنما ماتت من فعله (قال) لم أر عند مالك القتلة الا بشئ يفعله بها بحال ما وصفت
لك (قال ابن القاسم) ولقد سألنا مالكا عن خنزير الماء فلم يكن يجيبنا فيه ويقول أنتم
تقولون خنزير [قال ابن القاسم] واني لأتقيه ولو أكله رجل لم أره حراما
[قلت] أرأيت الرجل يدرك كلابه وقد أخذت الصيد وهو يقدر على أن يخلصه
منها فيتركها تنهشه ويذكيه وهو في أفواهها فتنهشه وهو يذكيه حتى يموت (قال)
قال مالك لا يؤكل لأني أخاف أن يكون إنما مات من نهشها (قال ابن القاسم) إلا أن
يكون يستيقن أنه قد ذكاه وحياته فيه مجتمعة قبل أن تنفذ مقاتله الكلاب فلا بأس
بأكله لان مالكا قال في الذبح يذبح ذبيحته فتسقط في الماء بعد ما ذبحها أو تتردى
من جبل انه لا بأس بأكلها (قال) وقال لي مالك في الذي يذبح ذبيحته فيقطع منها
بضعة قبل أن تزهق نفس الذبيحة (قال) مالك بئس ما صنع وأكلها حلال [قلت]
أرأيت الرجل يرسل كلبه أو بازه علي الصيد فيطلبه ساعة ثم يرجع الكلب عن الطلب
ثم يعود في الطلب فيأخذ الصيد فيقتله أيؤكل أم لا وهل ترى رجوعه عن صيده
قطعا لارسالي أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن كان إنما ضل عنه صيده
فعطف الكلب أو الباز كما تصنع الجوارح إذا ضل عنها صيدها طلبته يمينا وشمالا
وعطف كل ذلك في الطلب فهي علي إرسالها ما دامت بهذه الحال فأما ان مر الكلب
بكلب مثله فوقف يشمه أو مر على جيفة فوقف يأكل منها أو ما أشبه هذا أو يكون
الطير عجز عن صيده فهذا تارك لما أرسل فيه وقد خرج من الارسال الأول فإن كان
لما عطف راجعا تاركا للطلب أبصر ذلك الصيد فطلبه أو لما رجع عاجزا عن صيده
تاركا للطلب نظر إليه بعد ذلك فطلبه فهذا ابتداء منه ليس بارسال وكذلك هذا في
الكلاب ولم أسمع هذا من مالك [قلت] أرأيت الصيد إذا رماه رجل فأثخنه حتى
58

صار لا يستطيع الفرار فرماه آخر بعد ذلك فقتله أيؤكل أم لا (قال) قال مالك
لا يؤكل فقد صار أسيره [قلت] فهل يضمنه هذا الذي رماه فقتله للأول (فقال)
ما سمعت فيه شيئا وأراه ضامنا [قلت] أرأيت الرجل يرمى الصيد وهو في الجو
فيصيبه فيقع إلى الأرض فيدركه ميتا فنظر فإذا سهمه لم ينفذ مقاتله أيأكله في قول
مالك (قال) قال مالك لا يأكله لأنه لا يدرى من أي ذلك مات أمن السقطة أو من
السهم [قال] وقال مالك وكذلك الصيد يكون في الجبل فيرميه الرجل فيتردى من
الجبل فيموت (قال) قال مالك لا يأكله إلا أن يكون قد أنفذ مقاتله بالرمية [قلت] له
أرأيت الرجل يطلب الصيد فيحرجه حتى يدخله دار القوم فيأخذه أهل الدار أو يأخذه
الذي طلبه في دار القوم لمن يكون. وكيف ان قال رب الدار دخل الصيد داري قبل
أن يقع في ملكك أيها الطالب فقد صار ما في داري لي وقال الطالب أخذته قبل أن
يقع في ملكك يا صاحب الدار لان ما دخل دارك ليس بملك لك وان كأن لا مالك له
ما القول في هذا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن الكلاب أو الرجل
هو الذي اضطره ورهقه لاخذه فأراه له وإن كان لم يضطره وذلك بعيد لا يدرى
أتأخذه الكلاب أو الطارد في مثل ذلك أم لا وهو من الصيد بعيد فأرى الصيد
لصاحب الدار ولا أرى لصاحب الكلاب ولا للطالب شيئا (قال) وقد سمعت
مالكا يقول في الحبالات التي تنصب ان ما وقع فيها فأخذه رجل أجنبي ان صاحب
الحبالات أحق به [قلت] أرأيت ان تعمدت صيدا فرميته وسميت فأصبت غيره
آكله أم لا وكيف ان أنفذت الذي سميت عليه وأصبت آخر وراءه ولم أتعمده
(قال) قال مالك لا تأكل الا الذي تعمدته وحده [قلت] أرأيت ان رميت صيدا
وتعمدته ونويته ونويت آخر إن كان وراءه فأصابه سهمي أنه مما أرمى ولست أرى
وراءه شيئا فأصبت هذا الذي رميت فأنفذته وأصاب السهم آخر وراءه أو أصاب
سهمي الذي وراءه وأخطأه آكله أم لا (قال) قد أخبرتك أن مالكا سئل عن الرجل
يرسل كلبه على الجماعة من الصيد فيطلبها فيكون خلفها جماعة أخرى فيأخذ من
59

تلك التي كانت وراء ولا يأخذ من الجماعة الأولى فيقتله قال مالك إن كان حين أرسله
ينوى إن كان خلفها جماعة أخرى فيأخذ من تلك التي كانت وراء ولا يأخذ من الجماعة
الأولى فيأكله وإلا فلا فمسألتك وهذه سواء [قلت] أرأيت ما أصاب بحجر أو
ببندقة فخرق أو بضع أو بلغ المقاتل أيؤكل أم لا في قول مالك (قال) نعم وهو بمنزلة
السهم إذا لم يصب به عرضا [قال] وقال مالك إذا خرق المعراض اكل ما قتل [قلت]
أرأيت ان رميت صيدا بعود أو بعصى فخرقته أيؤكل أم لا (فقال) هو مثل المعراض
أنه يؤكل [قلت] وكذلك أن رمى برمحه أو مطرده أو بحربته فخرق أيأكله
قال نعم هذا كله سواء [قلت] أرأيت ماند من الانسية من الإبل والبقر والغنم فلم
يستطع أن يؤخذ أيذكى بما يذكى به الصيد من الرمي وغيره في قول مالك (قال)
قال مالك لا يؤكل ماند منها إلا أن يؤخذ فيذكى كما تذكى الإبل والبقر والغنم
[قلت] أرأيت ما أخذ من الصيد فدجن في أيدي الناس ثم استوحش وند أيذكي
بما يذكى به الصيد من الرمي وغير ذلك (قال) نعم إذا ند ولحق بالوحش صار منها
(قال) مالك ويذكى بما يذكى به الصيد [قلت] فلم قال مالك في هذا انه يذكى
بما يذكى به الصيد وقال فيما ند من الأنسي انه لا يذكى الا بما يذكى به الأنسي أرأيت
هذا الصيد أليس قد كان إذا كان داجنا سبيله سبيل الانسي فلما استوحش جعلت
سبيله سبيل الوحش في الذكاة فلم لا يكون مثل ماند من الانسي واستوحش في
الذكاة مثل الوحشي (قال) قال مالك هذا الانسي إذا استوحش فإنما هو على أصله
واصله أن لا يؤكل الا بالذبح أو النحر والوحشي إذا استوحش هو على أصله واصل
الصيد أنه يذكى بالرمي والذبح وغير ذلك [قلت] أرأيت ان رميت صيدا بسكيني
أو بسيفي فأصبته فقتلته وقد بضع السيف أو السكين منه إلا أنه لم ينفذ مقاتله آكله

(1) المعراض السهم الذي لا ريش عليه اه‍ كتبه مصححه
60

أم لا في قول مالك (قال) نعم أما ان مات قبل أن يذكيه بغير تفريط فكله عند مالك
(قال) وقال مالك من رمى صيدا بسكين فقطع رأسه قال إن كان رماه حين رماه
ونيته اصطياده فلا أرى بأكله بأسا وإن كان رماه حين رماه وليس من نيته اصطياده
فلا يأكله [قلت] أرأيت ان رميت حجرا وأنا أظنه حجرا فإذا هو صيد فأصبته
وأنفذت مقاتله آكله أم لا (قال) لا ألا ترى أن مالكا قال في الذي يرمي الصيد
بسكين فيقطع رأسه وهو لا ينوى اصطياده انه لا يأكله فهذا الذي رمى حجرا لم
ينوى اصطياد هذا الذي أصاب فلا بأكله [قلت] وكذلك أن رمى صيدا وهو
يظنه سبعا أو خنزيرا فأصاب ظبيا انه لا يأكله (قال) نعم مثل ما أخبرتك لأنه حين
رمى لم يرد برميته الاصطياد فلا يأكله [قلت] لم كره مالك هذا الذي
رمى ضبيا وهو يظنه سبعا فقال لا يأكله لو أن رجلا أتى إلى شاة له فضربها
بالسكين وهو لا يريد قتلها ولا ذبحها فأصاب حلقها ففرى الحلق والأوداج أيأكلها
أم لا في قول مالك قال لا يأكلها لأنه لم يرد بها الذبح لان مالكا قال لا تؤكل
الانسية بشئ مما يؤكل به الوحشي من الضرب والرمي فهذا والذي سألت عنه من
إرساله على الصيد وهو يظن أنه سبع فهو سواء لا يؤكل واحد منهما لأنه إذا لم
يرسله على صيده ولم يرد الذكاة وكذلك إذا ضرب شاته بسيفه وهو لا يريد ذكاتها
ففرى أدرجها فلا يأكلها [قلت] أرأيت ان طلبت الكلاب الصيد أو البزاة فلم
تزل في الطلب حتى مات من غير أن تأخذه الكلاب أو البزاة مات قبل أن تأخذه
أيؤكل. قال لا يؤكل [قلت] أرأيت ان أخذته الكلاب فقتلته ولم تدمه حتى
مات أيؤكل أم لا في قول مالك وكيف ان صدمته الكلاب فقتلته ولم تدمه أيؤكل
أم لا. وكيف ان أدركت الصيد فجعلت أضربه بسيفي ولا يقطع السيف حتى مات
من ذلك أيؤكل أم لا. وهذا السيف في هذا إذا لم يقطع والكلاب إذا لم تنيب وتدم
بمنزلة واحدة لا يؤكل شئ من ذلك في قول مالك (قال) لا يؤكل شئ من ذلك كله
لان السيف إذا لم يقطع فهو عندي بمنزلة العصا لا تأكله وأما الكلاب إذا
61

صدمت فقتلت فهو عندي بمنزلة العصا ولا أرى أن يجوز من قتل الكلاب الا ما
يجوز من قتلك بيدك وما مات من الصيد من طلب الكلاب وما مات من عضها ولم
تنيبه فلا يؤكل وهذا قول مالك [قلت] أرأيت إذا ند صيد وكان قد دجن عندي
فهرب فصاده غيري لمن يكون (قال) قال مالك ان أخذه هذا الآخر بحدثان ما
هرب من الأول ولم يلحق بالوحش ولم يستوحش فهو للأول وإن كان قد استوحش
ولحق بالوحش ولم يأخذه الآخر بحدثان ما هرب من الأول فهو لمن أخذه [قلت]
وكذلك البزاة والصقور والظباء وكل شئ (قال) كذلك قال لي مالك في البزاة والصقور
والظباء وكل شئ [قلت] أرأيت ان ضربت فخذ الصيد أو رجله أو يده فتعلقت
فمات (قال) قال مالك إن كان أبانها أو كانت متعلقة بشئ من الجلد أو اللحم لا يجرى
فيه دم ولا روح ولا تعود لهيئتها أبدا فلا يؤكل ما تعلق منها على هذه الصفة وليذكه
وليأكله وليطرح ما تعلق منه إلا أن يكون مما لو ترك عاد لهيئته يوما ما فلا بأس
بأكله [قلت] أرأيت ان ضرب عنق الصيد فأبانه أيأكله أم لا (قال) يأكل
الرأس وجميع الجسد [قلت] فان ضرب خطمه فأبانه أيأكله أم لا (قال) هو مثل
اليد والرجل عندي لا يأكله ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يؤكل الخطم
[قلت] أرأيت لو أن رجلا ضرب عنق شاة بالسيف فأبانها وهو يريد الذكاة
أيأكلها أم لا (قال) قال مالك في رجل ذبح وهو يريد الذبح فأخطأ فذبح من العنق
أو من القفا انها لا تؤكل فكذلك هذا الذي ضرب عنقها وهو يريد الذبح فأخطأ
لا تؤكل [قلت] هل يكره مالك شيئا من الطير فقال لا [قلت] أرأيت
الأرنب والضب ما قول مالك فيهما (قال) قال مالك لا بأس بأكل الضب والأرنب
والوبر (1) والضرانيب والقنفذ [قلت] أرأيت الضبع والثعلب والذئب هل يحل

(1) (الوبر) كفلس دويبة نحو السنور غبراء اللون كحلاء لا ذنب لها اه‍ (والضرانيب) جمع ظربان
على صيغة المثنى والتخفيف يكسر الظاء وسكون الراء لغة دويبة يقال إنها تشبه الكلب الصيني القصير
أصلم الاذنين طويل الخرطوم اسود الذات أبيض البطن منتنة الريح اه‍ مصباح
62

مالك أكلها (قال) قال مالك لا أحب أكل الضبع ولا الذئب
ولا الثعلب ولا الهر الوحشي ولا الانسي ولا شئ من السباع
(وقال مالك) ما فرس وأكل اللحم فهو من السباع ولا
يصلح أكله لنهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن ذلك [قال سحنون] كان
ابن القاسم يكره صيد النصراني وأنا لا أرى بأكل صيد النصراني بأسا
{تم بحمد الله وعونه كتاب الصيد من المدونة الكبرى}
[وصلى الله عليه وسيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم]
[ويليه كتاب الذبائح]
63

بسم الله الرحمن الرحيم
{وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم}
{كتاب الذبائح من المدونة الكبرى}
[قلت] لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت اليربوع والخلد هل يحل أكله في قول مالك
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا إذا ذكى وهو عندي مثل
الوبر وقد قال مالك في الوبر انه لا بأس به [قلت] أرأيت هوام الأرض كلها
خشاشها وعقاربها ودودها وحياتها وما أشبه هذا من هوامها أيؤكل في قول مالك
(قال) سمعت مالكا يقول في الحيات إذا ذكيت في موضع ذكاتها انه لا بأس بأكلها
لمن احتاج إليها قال ولم أسمع من مالك في هوام الأرض شيئا إلا أنى سمعت مالكا
يقول في خشاش الأرض كله انه إذا مات في الماء انه لا يفسد الماء وما لم يفسد الماء
والطعام فليس بأكله بأس إذا أخذ حيا فصنع به ما يصنع بالجراد وأما الضفادع فلا
بأس بأكلها وان ماتت لأنها من صيد الماء كذلك قال مالك. ولقد سئل مالك عن
شئ يكون في المغرب يقال له الحلزون يكون في الصحارى يتعلق بالشجر أيؤكل
قال أراه مثل الجراد ما أخذ منه حيا فسلق أو شوي فلا أرى بأكله بأسا وما وجد
منه ميتا فلا يؤكل [قلت] أرأيت الحمار الوحشي أيؤكل إذا دجن وصار يحمل
عليه كما يحمل على الأهلي (قال) قال مالك إذا صار بهذه المنزلة فلا يؤكل (قال ابن
القاسم) وأنا لا أرى به بأسا [قلت] أرأيت الجلالة من الإبل والبقر والغنم هل
يكره مالك لحومها (قال) قال مالك لو كرهتها لكرهت الطير التي تأكل الجيف قال
مالك لا بأس بالجلالة [قلت] أرأيت الطير كله أليس لا يرى مالك بأكله بأسا
64

الرخم والعقبان والنسور والحدآن والغربان وما أشبهها قال نعم قال مالك لا
بأس بأكلها كلها ما أكل الجيف وما لم يأكل لا بأس بأكل الطير كله [قلت]
أرأيت الرجل يذبح بالعرشدة أو بالعود أو بالحجر أو بالعظم ومعه السكين أيجوز
ذلك (قال) قال مالك إذا احتاج الرجل إلى الحجر والعظم والعود وما سواه من
هذه الأشياء فذبح بها ان ذلك يجزئه (قال ابن القاسم) فإذا ذبح بها من غير أن
يحتاج إليها لان معه السكين فليأكله إذا فرى الأوداج [قلت] ويجيز مالك الذبح
بالعظم قال نعم [قلت] أرأيت ان ذبح فقطع الحلقوم ولم يقطع الأوداج أو فرى
الأوداج ولم يقطع الحلقوم أيأكله (قال) قال مالك لا يأكله الا باجتماع منهما
جميعا لا يأكله ان قطع الحلقوم ولم يفر الأوداج وان فرى الأوداج ولم يقطع الحلقوم
فلا يأكله أيضا ولا يأكله حتى يقطع جميع ذلك كله الحلقوم والأوداج جميعا
[قلت] أرأيت المرئ هل يعرفه مالك (قال) لم أسمع مالكا يذكر المرئ [قلت]
هل ينحر ما يذبح أو يذبح ما ينح في قول مالك (قال) قال مالك لا ينحر ما يذبح ولا
يذبح ما ينحر [قال ابن القاسم] فقلت لمالك فالبقر ان نحرت أترى أن تؤكل
(قال) نعم وهي خلاف الإبل إذا ذبحت. قال مالك والذبح فيها أحب إلى لان الله
تبارك وتعالى يقول في كتابه ان الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قال فالذبح أحب إلى فان
نحرت أكلت (قال) والبعير إذا ذبح لا يؤكل إذا كان من غير ضرورة لان سنته
النحر [قلت] وكذلك الغنم ان نحرت لم تؤكل في قول مالك (قال) نعم إذا كان
ذلك من غير ضرورة [قلت] وكذلك الطير كله ما نحر منه لم يؤكل في قوله
(قال) لم أسأله عن الطير وكذلك هو عندي لا يؤكل [قلت] أرأيت ان وقع في
البئر ثور أو بعير أو شاة ولا يستطيعون أن ينحروا البعير ولا يذبحوا البقرة ولا
الشاة (قال) قال مالك ما اضطروا إليه في مثل هذا فان ما بين اللبة والمذبح منحر ومذبح
فان ذبح فجائز وان نحر فجائز [قلت] ولا يجوز في غير هذا (قال ابن القاسم)
قلنا لمالك فالجنب والكتف والجوف قال قال مالك لا يؤكل إذا لم يكن في الموضع
65

الذي ذكرت لك ما بين اللبة والمذبح ويترك يموت [قلت] أرأيت مالكا
هل كان يأمر بأن توجه الذبيحة إلى القبة (قال) قال مالك نعم توجه إلى القبلة قال
مالك وبلغني أن الجزارين يجتمعون على الحفرة يدورون بها فيذكون الغنم حولها
قال فبعثت في ذلك لينهى عنه فأمرت أن يأمروهم بأن يوجهوها إلى القبلة
[قلت] هل كان مالك يكره أن يبدأ الجزار بسلخ الشاة قبل أن تزهق نفسها (قال) نعم
كان يكره ذلك ويقول لا تنخع ولا تقطع رأسها ولا شئ من لحمها حتى تزهق نفسها
[قلت] فان فعلوا ذلك بها (قال) قال مالك لا أحب لهم أن يفعلوا ذلك بها. قال فان
فعلوا ذلك بها أكلت وأكل ما قطع منها [قلت] أرأيت النخع عند مالك أهو قطع
المخ الذي في عظام العنق قال نعم [قلت] وكسر العنق من النخع (قال) نعم ان
انقطع النخاع في قول مالك [قلت] أرأيت ان سبقت يده في ذبيحته فقطع رأسها
أيأكلها أم لا في قول مالك (قال) قال مالك يأكلها إذا لم يتعمد ذلك [قلت] فان
تعمد ذلك لم يأكله في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى إن كان
أضجعها للذبح فذبحها وأجاز على الحلقوم والأوداج وسمى الله ثم تمادى فقطع العنق
فأرى أن تؤكل لأنها بمنزلة ذبيحة ذكيت ثم عجل فاحتز رأسها قبل أن تموت
فلا بأس بأكلها وكذلك قال لي مالك في التي تقطع رأسها قبل أن تموت [قال
سحنون] اختلف قول ابن القاسم فيها فمرة قال لا تؤكل إذا تعمد قطع رأسها ثم
رجع فقال لي تؤكل وان تعمد ذلك [قلت] أرأيت ان وجه ذبيحته لغير القبلة
أيأكل منها. قال نعم يأكل وبئس ما صنع [قلت] كيف التسمية عند مالك على الذبيحة
(قال) بسم الله والله أكبر [قلت] هل كان مالك يكره ان يذكر على الذبيحة
صلى الله على رسول الله بعد التسمية أو يقول محمد رسول الله بعد التسمية (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا وذلك موضع لا يذكر هنا الا اسم الله وحده [قلت]
أرأيت الضحايا هل يذكر عليها اسم الله ويقول بعد التسمية اللهم تقبل من فلان
(قال) قال مالك يقول على الضحايا بسم الله والله أكبر فان أحب قال اللهم تقبل منى
66

والا فان التسمية تكفيه (قال) فقلت لمالك فهذا الذي يقول الناس اللهم منك واليك
فأنكره وقال هذا بدعة [قلت] أرأيت المرأة تذبح من غير ضرورة أتؤكل ذبيحتها
في قول مالك. قال نعم تؤكل (قال) ولقد سألت مالكا عن المرأة تضطر إلى الذبيحة
وعندها الرجل النصراني أتأمره أن يذبح لها فقال لا ولكن تذبح هي [قلت]
أفتحل ذبائح نساء أهل الكتاب وصبيانهم (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن
إذا حل ذبائح رجالهم فلا بأس بذبائح نسائهم وصبيانهم إذا أطاقوا الذبح [قلت]
أرأيت ما ذبحوه لأعيادهم وكنائسهم أيؤكل (قال) قال مالك أكرهه وما أحرمه
وتأول مالك فيه أو فسقا أهل لغير الله به وكان يكرهه كراهية شديدة من غير أن
يحرمه [قلت] أرأيت مالكا هل كان يكره للمسلم أن يمكن أضحيته أو هدية من
أحد من النصارى أو اليهود أن يذبحها (قال) كان مالك يكره أن يمكن أضحيته
أو هدية من أحد من الناس أن يذبحها ولكن يليها هو نفسه [قال] وقال مالك
وان ذبح النصراني أضحية المسلم أعاد ضحيته. قال ابن القاسم واليهودي مثله
[قلت] فان ذبحها من يحل ذبحه من المسلمين أيجزئه في قول مالك (قال) قال مالك
يجزئه وبئس ما صنع والشأن أن يليها هو نفسه أعجب إلى مالك [قلت] أرأيت
ما ذبحت اليهود من الغنم فأصابوه فاسدا عندهم لا يستحلونه لأجل الرئة وما أشبهها
التي يحرمونها في دينهم أيحل أكله للمسلمين (قال) كان مالك يجيزه مرة فيما
بلغني ثم لم أزل أسمعه يكرهه بعد فقال لا يؤكل [قال ابن القاسم] رأيت مالكا
يستثقل ذبائح اليهود والنصارى ولا يحرمها (قال ابن القاسم) ورأيي أن ما ذبحت اليهود
مما لا يستحلونه أن لا يؤكل [قلت] هل كان يكره مالك ذبائح اليهود والنصارى
من أهل الحرب (قال) أهل الحرب والذين عندنا من النصارى واليهود عند مالك
سواء في ذبائحهم وهو يكره كلهم من غير أن يحرمها ويكره اشتراء اللحم من
مجازرهم ولا يراه حراما [قال مالك] وبلغني أن عمر بن الخطاب كتب إلى البلدان
ينهاهم أن يكون النصارى واليهود في أسواقهم صيارفة أو جزارين وأن يقاموا من
67

الأسواق كلها فان الله قد أغنانا بالمسلمين [قال] فقلت لمالك ما أراد بقوله يقامون
من الأسواق. قال لا يكونون جزارين ولا صيارفة ولا يبيعون في أسواق المسلمين
في شئ من أعمالهم قال مالك وأرى أن يكلم من عندهم من الولاة في ذلك أن
يقيموهم [قلت] أرأيت الرجل المسلم يرتد إلى اليهودية أو إلى النصرانية أتحل
ذبيحته في قول مالك قال لا [قلت] ذبيحة الأخرس أتوكل (قال) ما سمعت من
مالك فيه شيئا ولا أرى بها بأسا [قلت] أرأيت ان تردت من جبل أو غير ذلك
فاندق عنقها أو اندق منها ما يعلم أنها لا تعيش من ذلك أتؤكل أم لا في قول مالك
(قال) قال مالك ما لم يكن قد نخعها ذلك فلا بأس به [قال] وقال لي مالك في الشاة
التي تخرق بطنها فتشق أمعاؤها فتموت انها لا تؤكل لأنها ليست تذكية لان الذي
صنع السبع بها كان قتلا لها وإنما الذي فيها من الحياة خروج نفسها لأنها لا تحيا على
حال [قلت] أرأيت الأزلام هل سمعت من مالك فيها شيئا (قال مالك) الأزلام
قداح (1) كانت تكون في الجاهلية قال في واحد افعل وفى آخر لا تفعل والآخر
لا شئ فيه قال فكان أحدهم إذا أراد سفرا أو حاجة ضرب بها فان خرج الذي فيه
افعل فعل ذلك وخرج وان الذي فيه لا تفعل ترك ذلك ولم يخرج وان خرج
الذي لا شئ فيه أعاد الضرب
{تم كتاب الذبائح من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه}
وصلى الله عليه سيدنا محمد نبيه وآله وسلم
[ويليه كتاب الضحايا}

(1) (قداح) جمع قدح بكسر القاف وسكون الدال المهملة وهو السهلة قبل أن يراش اه‍
68

بسم الله الرحمن الرحيم
{وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم}
{كتاب الضحايا من المدونة الكبرى}
[قلت] لابن القاسم ما دون الثني من الإبل والبقر والمعز هل يجزئ في شئ من
الضحايا والهدايا في قول مالك أم لا (قال) لا الا الضأن وحدها فان جذعها يجزئ
[قلت] أرأيت الضحية هل تجزئ من ذبحها قبل أن يصلى الامام في قول مالك
قال لا [قلت] أهل البوادي وأهل الحضر والقرى في هذا سواء (قال) سمعت
مالكا يقول في أهل القرى الذين ليس لهم امام انهم يتحرون صلاة أقرب الأئمة
إليهم وذبحه (قال ابن القاسم) فان تحرى أهل البوادي النحر فأخطأوا فذبحوا قبل
الامام لم أرى عليهم إعادة إذا تحروا ذلك ورأيت ذلك مجزئا عنهم [قلت] أرأيت ان
ذبحوا بعد الصلاة قبل أن يذبح الامام أيجزئهم ذلك في قول مالك (قال) لا يجزئهم
ذلك ولا يذبحون الا بعد ذبح الامام عند مالك وهذا في أهل المدائن [قلت]
أرأيت مكسورة القرن هل تجزئ في الهدايا والضحايا في قول مالك (قال) قال مالك
نعم ان كانت لا تدمي [قلت] ما معنى قوله لا تدمى أرأيت ان كانت مكسورة
القرن قد برأ ذلك وانقطع الدم وجف أيصلح هذا أم لا في قول مالك (قال) نعم
إذا برأت إنما ذلك إذا كانت تدمي بحدثان ذلك [قلت] لم كرهه مالك إذا كانت
تدمي (قال) لأنه رآه مرضا من الأمراض [قلت] أرأيت الامام أينبغي له أن
يخرج أضحيته إلى المصلى فإذا صلى ذبحها مكانه كما يذبح الناس (قال) قال مالك هذا
69

وجه الشأن أن يخرج أضحيته إلى المصلى فيذبحها إلى المصلى فيذبحها في المصلى [قلت] أرأيت
الجرباء هل تجزئ (قال) إنما قال مالك المريضة البين مرضها انها لا تجزئ وقال
مالك في الحمرة انها لا تجزئ [قلت] لابن القاسم وما الحمرة (قال) البشمة قال
لان ذلك قد صار مرضا فالجرب إن كان مرضا من الأمراض لم يجز [قلت]
أرأيت الهدى التطوع أيجزئ أن أسوقه عن أهل بيتي في قول مالك (قال) قال مالك
لا يشترك في الهدى وإن كان تطوعا [قلت] أرأيت الرجل يشترى الأضحية فيريد
أن يبدلها أيكون له ذلك في قول مالك (قال) قال مالك لا يبدلها الا بخير منها
[قلت] فان باعها فاشترى دونها ما يصنع بها وما يصنع بفضل الثمن (قال) قال مالك
لا يجوز أن يستفضل من ثمنها شيئا وذكرت له الحديث الذي جاء في مثل هذا
فأنكره وقال ليشتر بجميع الثمن شاة واحدة [قلت] فإن لم يجد بالثمن شاة مثلها
كيف يصنع (قال) أرى أن يزيد من عنده حتى يشترى مثلها قال ولم أسمعه من مالك
[قلت] له هل سألت مالكا عن الرجل يتصدق بثمن أضحيته أحب إليه أم يشترى
أضحيته (قال) قال مالك لا أحب لمن كان يقدر على أن يضحى أن يترك ذلك (قال)
فقلت له أفتجزئ الشاة الواحدة عن أهل البيت قال نعم. قال مالك ولكن إن كان
يقدر فأحب إلي أن يذبح عن كل نفس شاة وان ذبح شاة واحدة عن جميعهم أجزأه
(قال) وسألته عن حديث أبي أيوب الأنصاري وحديث ابن عمر فقال حديث ابن
عمر أحب إلي لمن كان يقدر [قلت] أرأيت الأضحية إذا نتجت ما يصنع بولدها
في قول مالك (قال) كان مرة يقول إن ذبحه فحسن وان تركه لم أر ذلك عليه واجبا
لان عليه بدل أمه ان هلكت فلما عرضته على مالك قال امح واترك منها ان ذبحه معها
فحسن (قال ابن القاسم) ولا أرى ذلك عليه بواجب [قلت] أرأيت الأضحية
أيصلح له أن يجز صوفها قبل أن يذبحها (قال) قال مالك لا [قلت] أرأيت جلد
الأضحية أو صوفها أو شعرها هل يشترى به متاع البيت أو يبيعه في قول مالك (قال)
قال مالك لا يشترى به شيئا ولا يبيعه ولكن يتصدق به أو ينتفع به قال ولقد سألناه
70

عن الرجل يبدل جلد أضحيته بجلد آخر يكون أجود منه (قال) مالك لا خير فيه قال
ولو أجزت له هذا لأجزت له أن يبدله بقلنسية أو ما أشبهها [قلت] أرأيت لبن
الأضحية ما يصنع به (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قد كره لبن
الهدية وقد جاء في الحديث ما علمت أنه لا بأس أن يشرب منها بعد ري فصيلها (قال
ابن القاسم) فأرى ان كانت الأضحية ليس لها ولد أن لا يأكله إلا أن يكون ذلك مضرا بها فليحلبها ويتصدق به ولو أكله لم أر عليه بأسا وإنما رأيت أن يتصدق به لان
مالكا قال لا يجز صوفها وصوفها قد يجوز له أن ينتفع به بعد ذبحها فهو لا يجوز له
أن يجزه قبل أن يذبحها وينتفع به فكذلك لبنها عندي ما لم يذبحها لا ينبغي له أن ينتفع
به [قلت] أرأيت العين إذا كان فيها نقص هل تجوز في الضحايا والهدايا (قال)
قال مالك إذا كان البياض أو الشئ ليس على الناظر وإنما هو على غيره فلا بأس
بذلك [قلت] أرأيت الاذن إذا قطع منها (قال) قال مالك إذا كان إنما قطع منها
الشئ اليسير أو أثر ميسم أو شق في الاذن يكون يسيرا فلا بأس به (قال مالك)
وإن كان قد جدعها أو قطع جل أذنها فلا أرى ذلك [قلت] ولم يؤقت لكم في
الاذن نصفا من ثلث قال ما سمعته [قلت] أرأيت العرجاء التي لا تجوز صفها في
قول مالك (قال) العرجاء البين ظلعها هذا الذي سمعت من مالك وكذلك جاء
الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ففي هذا ما يدلك على ما يجوز منها (قال) قال
مالك إلا أن يكون الشئ الخفيف الذي لا ينقص مشيها ولا تعب عليها فيه وهي
تسير بسير الغنم من غير تعب فأرى ذلك خفيفا كذلك بلغني عن مالك [قلت]
أرأيت ان اشتريت أضحية وهي سمينة فعجفت عندي أو أصابها عمى أو عور
أيجزئ أن أضحى بها في قول مالك (قال) قال مالك لا يجزئك (وقال مالك) إذا
اشترى أضحية فأصابها عنده عيب أو اشتراها بذلك العيب لم يجزه فهي لا تجزئه إذا
أصابها ذلك بعد الشراء [قلت] لم قال مالك هذا في الضحايا وقال في الهدى يجزئه
إذا اشتراها صحيحة ثم عميت قبل أن ينحرها ولا شئ عليه في الهدى الواجب
71

والتطوع. قلت فما فرق ما بين الضحايا والهدي (قال) لان الأضحية لم تجب عليه
كما يجب الهدى ألا ترى أن الهدي إذا ضل منه ثم أبدله بغيره ثم وجده بعد ذلك
نحره ولم يكن ما أبدل مكانه يضع عنه نحره وأن الضحية لو ضلت عنه ثم أبدلها
بغيرها ثم أصابها بعد ذلك لم يكن عليه ذبحها وكانت مالا من ماله فهذا فرق ما بينهما
[قلت] أرأيت إن لم يبدل أضحيته هذه التي ضاعت حتى مضت أيام النحر ثم أصابها
بعد أيام النحر كيف يصنع بها في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكن
أرى أنه لا شئ عليه فيها لان مالكا قال إذا وجدها وقد ضحى ببدلها انه لا شئ عليه
فيها فلو كانت واجبة عليه لكان عليه أن يذبحها إذا أصابها وإن كان قد أبدلها وقد
مضت أيام النحر فليس على أحد أن يضحى بعد أيام النحر وهو بمنزلة رجل ترك
الأضحى [قلت] وكذلك لو اشتراها فلم يضح بها حتى مضت أيام النحر ولم تضل
منه (قال) هذا والأول سواء وهذا رجل قد أثم حين لم يضح بها [قلت] أرأيت
ان سرقت فعليه أن يشترى أضحيه أخرى [قلت] أرأيت ان أراد ذبح أضحيته
فاضطربت فانكسرت رجلها أو اضطربت فأصابت السكين عينها فذهبت عينها
أيجزئه أن يذبحها وإنما أصابها ذلك بحضرة الذبح (قال) لم أسمع من مالك في هذا الا
ما أخبرتك وأرى أن لا يجزئ عنه [قلت] أرأيت الشاة تخلق خلقا ناقصا (قال)
قال مالك لا تجزئ إلا أن تكون جلحاء أو سكاء والسكاء التي تكون لها أذنان
صغيران (قال ابن القاسم) ونحن نسميها الصمعاء فأما فأما ان خلقت بغير أذنين خلقا
ناقصا فلا خير في ذلك [قلت] أرأيت ان ذبح رجل أضحيتي عنى بغير أمرى
أيجزئني ذلك أم لا (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا إلا أنى أرى إن كان مثل
الولد في عيال أبيه الذين إنما ذبحوها له ليكفوه مؤنتها فأرى ذلك مجزئا عنه وإن كان
على غير ذلك لم يجز [قلت] أرأيت ان غلطنا فذبح صاحبي أضحيتي وذبحت
أنا أضحيته أيجزئ عنا في قول مالك أم لا (قال) بلغني أن مالكا قال لا يجزئ ويكون
72

كل واحد منهما ضامنا لأضحية صاحبه [قلت] أرأيت المسافر هل عليه أن
يضحى في قول مالك (قال) قال مالك المسافر والحاضر واحد في الضحايا [قلت]
أفعلى أهل منى أن يضحوا في قول مالك (قال) قال لي مالك ليس على الحاج أضحية
وإن كان من سكان منى بعد أن يكون حاجا [قلت] فالناس كلهم عليهم
الأضاحي في قول مالك الا الحاج قال نعم [قلت] فعلى العبيد أضاحي في قول
مالك (قال) سئل مالك عن الأضحية عن أمهات الأولاد فقال ليس ذلك عليهن
فالعبيد أحرى أن لا يكون ذلك عليهم والعبيد مما لا اختلاف فيه أنه ليس
عليهم أضحية [قلت] أرأيت ما في البطن هل يضحى عنه في قول مالك قال لا
[قلت] أرأيت النحر كم هو في قول مالك (قال) ثلاثة أيام يوم النحر ويومان
بعده وليس اليوم الرابع من أيام الذبح وإن كان الناس بمنى فإنه ليس من أيام
الذبح [قلت] فيضحى ليلا (قال) قال مالك لا يضحى ليلا ومن ضحى ليلا في
ليالي أيام النحر أعاد أضحيته [قلت] فان نحر الهدايا ليلا أيعيدها أم لا (قال) قال
مالك من نحر هديته ليلة النحر أعادها ولم يجزه [قلت] فان نحرها في ليالي أيام
النحر أيجزئه ذلك (قال) أرى عليه الإعادة وذلك أن مالكا قال لي واحتج بهذه
الآية ليذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإنما ذكر الله
تبارك وتعالى الأيام ولم يذكر الليالي (قال ابن القاسم) وإنما ذكر الله هذا في
كتابه في الهدايا في أيام منى [قلت] أرأيت كل من تجب عليهم الجمعة أعليهم ان
يجمعوا صلاة العيدين في قول مالك قال نعم [قلت] فأهل منى لا جمعة عليهم ولا
صلاة عند مالك (قال) نعم لا جمعة عليهم وليس عليهم صلاة العديد عند مالك [قلت]
أرأيت الأبرجة هل يصطاد حمامها أو ينصب لها أو ترمى (قال) سئل مالك عن حمام
الأبرجة إذا دخلت حمام هذا البرج في حمام هذا البرج أو حمام هذا البرج في حمام
هذا البرج (قال مالك) إن كان يستطاع أن ترد حمام كل واحد منهما إلى برجه
رد ذلك وان كأن لا يستطاع لم أر عليهم شيئا فأرى أن لا يصاد منها شئ ومن
73

صاده فعليه أن يرده أو يعرفه ولا يأكله [قلت] أرأيت الاجباح إذا نصبت في
الجبال فيدخلها النحل لمن يكون النحل (قال) مالك هي لمن وضع الاجباح [قلت]
أرأيت ان صاد طيرا في رجليه سباقان (1) بازا أو عصفورا أو غير ذلك أو صاد ظبيا
في أذنيه قرط أو في عنقه قلادة (قال) يعرفه وينظر فإن كان إنما كان هروبه من
صاحبه ليس بهروب انقطاع ولا توحش فعليه أن يرده إلى صاحبه وإن كان هروبه
هروبا قد ند وتوحش فليس لصاحبه الأول عليه سبيل وهو لمن أخذه وكذلك
قال مالك فيه غير مرة ولا مرتين [قلت] فان اختلفا فيه فقال الذي صاده
لا أدري متى ذهب منك وقال الذي هو له إنما ذهب منى منذ يوم أو يومين (قال)
القول قول الذي صاده وعلى الذي هو له البينة [قلت] أرأيت ان قتلت بازا معلما
ما على من الغرم لصاحبه أو في الكفارة فيما بيني وبين خالقي إذا كنت محرما (قال)
يكون عليك لصاحبه قيمته معلما ويكون عليك في الفدية قيمته غير معلم ولكن عدله
في كثرة لحمه كما يقوم غيره من الوحشية [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت]
أرأيت الكلاب هل يجيز مالك بيعها (قال) قال مالك لا يجوز بيعها (قال ابن القاسم)
ولا السلالقة قال نعم لا يجوز بيعها سلوقية ولا غيرها [قلت] أفيجيز مالك بيع الهر
قال نعم [قلت] أفيجيز مالك بيع السباع أحياء النمور والفهود والأسد والذئاب وما
أشبهها (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن ان كانت تشترى وتذكى لجلودها
فلا أرى بأسا لان مالكا قال إذا ذكيت السباع فلا أرى بالصلاة على جلودها ولا
بلبسها بأسا (قال ابن القاسم) وإذا ذكيت لجلودها لم يكن ببيع جلودها بأس
[قلت] أرأيت كلب الدار إذا قتله رجل أيكون عليه قيمته (قال) قال مالك كلاب
الدور تقتل ولا تترك فكيف يكون على هذا قيمة [قلت] فكلب الزرع وكلب
الماشية وكلب الصيد إذا قتلها أحد أيكون عليه قيمتها قال نعم [قال ابن القاسم]
سمعت مالكا يقول في نصراني باع خمرا بدينار انه كره للمسلم أن يتسلف ذلك

(1) (سباقان) تثنية سباق ككتاب وهو قيد البازي من سير أو غيره اه‍ كتبه مصححه
74

الدينار منه وكره أن يبيعه بذلك الدينار شيئا أو يعطيه فيه دراهم ويأخذ ذلك الدينار
منه (قال مالك) ولا يأكل من طعام اشتراه النصراني بذلك الدينار (قال مالك)
ولا بأس أن تقتضي ذلك الدينار منه من دين لك عليه [قلت] فما فرق بين الدين
إذا قضاني الدينار وإذا وهبه لي أو اشتريته منه لم يجز (قال) قال مالك لان الله تبارك
وتعالى قد أمر بأخذ الجزية منهم [قلت] أرأيت صيد الحرم حمامه وغير حمامه إذا
خرج من الحرم أيصاد أم لا (قال) سمعت أن مالكا كان يكره في حمام مكة أنه إذا
خرج من الحرم انه يكرهه ولا أرى أنابه بأسا أن يصيده الحلال في الحل [قلت]
أرأيت ان رمى صيدا في الحرم (قال) هذا لا شك فيه أنه يؤكل عند مالك وعليه
جزاؤه [قلت] فالأول الذي رمى من الحرم والصيد في الحل أيكون عليه الجزاء
في قول مالك أم لا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى عليه الجزاء [قلت]
أرأيت ما صيد في الحل فأدخل الحرم أيؤكل في قول مالك أم لا قال نعم [قلت]
أرأيت الشجرة يكون أصلها في الحرم وغصونها في الحل فيقع طير على غصنها الذي
في الحل فرماه رجل أيأكله أم لا (قال) سئل مالك عنها فأبى أن يجيب فيها (قال ابن
القاسم) ولا أرى أنابه بأسا أن يؤكل ذلك الصيد إذا كان ذلك الغصن الذي عليه
الطير واقع قد خرج من الحرم وصار في الحل (قال سحنون) وأرى أن لا يؤكل
{تم كتاب الضحايا من المدونة الكبرى}
[والحمد لله كثيرا وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وسلم تسليما]
[ويليه كتاب النذور الأول]
75

بسم الله الرحمن الرحيم
{وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم}
{كتاب النذور الأول}
[ما جاء في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله ثم يحنث]
[قال سحنون] قلت لبعد الرحمن بن القاسم أرأيت الرجل يقول على المشي إلى بيت
الله ان كلمت فلانا فكلمه ما عليه في قول مالك (قال) قال مالك إذا كلمه فقد وجب عليه أن
يمشي إلى بيت الله [قلت] ويجعلها في قول مالك ان شاء حجة وان شاء عمرة قال نعم
[قلت] فان جعلها عمرة فحتى متى يمشي (قال) حتى يسعى بين الصفا والمروة [قلت]
فان ركب قبل أن يحلق بعد ما سعى في عمرته هذه التي حلف فيها أيكون عليه شئ
في قول مالك (قال) لا وإنما عليه المشي حتى يفرغ من السعي بين الصفا والمروة عند
مالك [قلت] فان جعلها حجة فإلى أي موضع يمشي في قول مالك (قال) حتى
يطوف طواف الإفاضة كذلك قال مالك [قلت] فإذا قضى طواف الإفاضة أيركب
راجعا إلى منى في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان جعل المشي الذي وجب
عليه في حجة فمشى حتى لم يبق عليه الا طواف الإفاضة فأخر طواف الإفاضة حتى
رجع من منى أيركب في رحمي الجمار وفى حوائجه بمنى في قول مالك أم لا (قال) قال
مالك لا يركب في رمى الجمار. قال مالك ولا بأس أن يركب في حوائجه [قال ابن
القاسم] وأنا لا أرى به بأسا وإنما ذلك عندي بمنزلة ما لو مشى فيما قد وجب عليه
من حج أو عمرة فأتى المدينة فركب في حوائجه أو رجع من الطريق في حاجة له
76

ذكرها فيما قد مشى. قال فلا بأس أن يركب فيها وهذا قول مالك الذي أحب أن
آخذ به [قال ابن وهب] أخبرني عبد الله بن لهيعة عن عمارة بن غزية أنه سمع
رجلا يسأل سالم بن عبد الله عن رجل جعل على نفسه المشي إلى الكعبة مائة مرة
فقال سالم فليمش مائة مرة * وعن يحيى بن سعيد أنه قال في رجل نذر أن يمشي إلى
بيت الله عشر مرات من إفريقية. قال أرى أن يوفي بنذره وذلك الذي كان يقوله
الصالحون ويأمرون به ويحذرون في أنفسهم إذا قالوا غير ذلك لمن نذر نذرا
أوجبه على نفسه غير وفاء الذي جعل على نفسه [ابن وهب] وسئل مالك عن
الذي يحلف بنذور مسماة إلى بيت الله أن لا يكلم أباه أو أخاه بكذا وكذا نذرا لشئ
لا يقوى عليه ولو تكلف ذلك عاما بعام لعرف أنه لا يبلغ عمره ما جعل على نفسه من
ذلك فقيل له هل يجزئه من ذلك نذر واحد أو نذور مسماة (فقال) ما أعلمه يجزئه
من ذلك الا الوفاء بما جعل على نفسه فليمش ما قدر عليه من الزمان وليتقرب إلى الله
بما استطاع من الخير (وقال) الليث بن سعد مثل قول مالك [ابن وهب] قال مالك
سمعت أهل العلم يقولون في الرجل والمرأة يحلفان بالمشي إلى بيت الله الحرام انه من
مشى لم يزل يمشي حتى يسعى بين الصفا والمروة فإذا سعى فقد فرغ إذا كان معتمرا
وإن كان حاجا لم يزل يمشي حتى يفرغ من المناسك كلها ذلك عليه فإذا فرغ من الإفاضة
فقد فرغ وتم نذره. وقال الليث ما رأيت الناس الا على ذلك [قلت] ما قول مالك
فيه إذا هو خرج ماشيا في مشي وجب عليه أله أن يركب في المناهل في حوائجه
(قال) قال مالك نعم. قال وقال مالك لا بأس أن يركب في حوائجه (قال ابن القاسم)
ولا أرى بذلك بأسا وليس حوائجه في المناهل من مشيه [قلت] ما قول مالك إذا
ذكر حاجة نسيها أو سقط بعض متاعه أيرجع فيها راكبا قال لا بأس بذلك
[قلت] وهل يركب إذا قضى طواف الإفاضة في رمى الجمار بمنى (قال) نعم وفى
رجوعه من مكة إذا قضى طواف الإفاضة إلى منى [قلت] أرأيت ان هو ركب في
الإفاضة وحدها وقد مشى في حجه كله أيحب عليه لذلك في قول مالك دم أو يجب
77

عليه العودة ثانية حتى يمشي ما ركب (قال) أرى أن يجزئه ويكون عليه اهدى. قال لان
مالكا قال لنا لو أن رجلا مرض في مشيه فركب الأميال أو البريد أو اليوم ما رأيت
عليه الرجوع ثانية لركوبه ذلك ورأيت أن يهدى هديا ويجزئ عنه [قال مالك]
لو أن رجلا دخل مكة حاجا في مشى وجب عليه فلما فرغ من سعيه بين
الصفا والمروة خرج إلى عرفات راكبا وشهد المناسك وأفاض راكبا (قال مالك)
أرى أن يحج الثانية راكبا حتى إذا دخل مكة وطاف وسعى خرج ماشيا حتى يفيض
فيكون قد ركب ما مشى ومشى ما ركب ولم يره مثل الذي ركب في الطريق الأميال
من المرض [ابن وهب] قال أخبرني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري وحفص بن
ميسرة عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال إذا قال الانسان على المشي إلى
الكعبة فهذا نذر فليمش إلى الكعبة (قال) وقال الليث مثله [ابن وهب] قال
وأخبرني مالك عن عبد الله بن أبي حبيبة قال قلت لرجل وأنا يومئذ حديث السن
ليس على الرجل يقول على المشي إلى بيت الله ولا يسمى نذر شئ فقال لي رجل هل
لك أن أعطيك هذا الجرو لجرو قثاء هو في يده وتقول على المشي إلى بيت الله فقلته
فمكثت حينا حتى غفلت فقيل لي ان عليك مشيا فجئت سعيد بن المسيب فسألته عن
ذلك فقال عليك مشى فمشيت [ابن وهب] قال وأخبرني ابن لهيعة عن أبي الأسود
ان أهل المدينة يقولون ذلك [ابن وهب] قال وأخبرني يونس عن ربيعة مثله
(ابن مهدي] عن عبد الله بن المبارك عن إسماعيل بن أبي خالد عن إبراهيم مثله
(قال) وسألته عن رجل قال إن دخلت على أبي كذا وكذا شهرا فعلي المشي إلى
الكعبة فاحتمله أصحابه فأدخلوه على أبيه فقال احتملني أصحابي فأدخلوني قال ليمش إلى
الكعبة [قال سحنون] وإنما ذكرت لك هذا حجة على من زعم أن من حلف
بالمشي على شئ أن لا يفعله من طاعة الله أو معصيته ففعله أن لا شي عليه [سحنون]
وانى لأقول ان فعل المكره ليس بفعل وانه ليس بحانث [وقد] ذكر سفيان بن
عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد قال سئل إبراهيم عن رجل حلف بالمشي أن لا يدخل
78

على رجل فاحتمل فأدخل عليه قال عليه يعنى المشي
{ما جاء في الرجل يحلف بالمشي فيحنث من أين يحرم أو من}
[أين يمشي أو يقول إن كلمته فأنا محرم بحجة أو بعمرة]
[قال] وقال مالك في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله فيحنث قال مالك يمشي
من حيث حلف إلا أن تكون له نية فيمشي من حيث نوى [ابن وهب] عن
عبد الرحمن بن إسحاق قال سألت سالم بن عبد الله عن امرأة نذرت أن تمشى إلى
بيت الله ومنزلها بمران فتحولت إلى المدينة. قال ترجع فتمشى من حيث حلفت
[ابن وهب] عن الليث بن سعد أن يحيى بن سعيد كان يقول ما نرى الاحرام
علي من نذر أن يمشي من بلد إذا مشى من ذلك البلد يبلغ المنهل الذي وقت له
[قلت] أرأيت رجلا قال إن كلمت فلانا فأنا محرم بحجة أو بعمرة (قال) قال
مالك أما الحجة فان حنث قبل أشهر الحج لم تلزمه حتى تأتي أشهر الحج فيحرم بها
إذا دخلت أشهر الحج إلا أن يكون نوى في نفسه أنا محرم من حين أحنث فأرى
ذلك عليه حين يحنث وإن كان في غير أشهر الحج (قال) وأما العمرة فانى أرى
الاحرام يجب عليه فيها حين يحنث إلا أن لا يجد أنسا وصحابة في طريقه فإذا
وجدهم فعليه أن يحرم بعمرة [قلت] فمن أين يحرم أمن الميقات أم من موضعه
الذي حنث فيه في قول مالك (قال) من موضعه ولا يؤخر إلى الميقات عند مالك ولو
كان له أن يؤخر إلى الميقات في الحج لكان له أن يؤخر ذلك في العمرة. ولقد قال
لي مالك يحرم بالعمرة إذا حنث إلا أن لا يجد من يخرج معه ويستأنس به فإن لم يجد
أخر حتى يجد. فهذا يدلك في الحج أنه من حيث حنث إذا جعله مالك في العمرة غير
مرة من حيث حنث إلا أن يكون نوى من الميقات أو غير ذلك فهو على نيته
[قلت] أرأيت ان قال رجل حين أكلم فلانا فأنا محرم يوم أكلمه فكلمه (قال)
79

أري أن يكون محرما يوم يكلمه [قلت] أرأيت ان قال يوم أفعل كذا وكذا فأنا
أحرم بحجة أهو مثل الذي قال يوم أفعل كذا وكذا فأنا محرم بحجة (قال) نعم هو
سواء عند مالك [قلت] أرأيت ان قال إن فعلت كذا وكذا فأنا أحج إلى بيت الله
(قال) أرى قوله فأنا أحج إلى بيت الله أنه إذا حنث فقد وجب عليه الحج وهو بمنزلة
قوله فعلي حجة ان فعلت كذا وكذا وهذا مثل قوله إن فعلت كذا وكذا فأنا أمشى
إلى مكة أو فعلى المشي إلى مكة فهما سواء وكذلك قوله فأنا أحج أو فعلى الحج هو
مثل قوله فأنا أمشى أو فعلى المشي إلى مكة (قال) وقال مالك من قال على المشي إلى
بيت الله ان فعلت أو أنا أمشي إلى بيت الله ان فعلت فحنث (قال) فان عليه المشي وهما
سواء (قال) وكذلك قوله فأنا أحج أو فعلى الحج [قلت] أرأيت قوله على حجة
أو لله حجة أهما سواء وتلزمه حجة قال نعم [ابن مهدي] عن يزيد عن عطاء عن
مطرف عن فضيل عن إبراهيم قال إذا قال إن فعلت كذا وكذا فهو محرم فحنث فإذا
دخل شوال فهو محرم وإذا قال يوم أفعل كذا وكذا فهو محرم فيوم يفعله فهو محرم
[ابن مهدي] عن المغيرة عن إبراهيم قال إذا قال إن فعل كذا وكذا فهو محرم
بحجة فليحرم ان شاء من عامة وان شاء متى ما تيسر عليه وان قال يوم أفعل ففعل
ذلك فهو يومئذ محرم [ابن مهدي] عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي مثله
{في الرجل يحلف بالمشي فيعجز عن المشي}
[قلت] أرأيت ان مشى هذا الذي حلف بالمشي فحنث فعجز عن المشي كيف
يصنع في قول مالك (قال) يركب إذا عجز عن المشي فإذا استراح نزل فمشى فإذا عجز
عن المشي ركب أيضا حتى إذا استراح نزل ويحفظ المواضع التي مشى فيها والمواضع
التي ركب فيها فإذا كان قابلا خرج أيضا فمشى ما ركب وركب ما مشى وأهراق لما
ركب دما [قلت] وإن كان قد قضى ما ركب من الطريق ماشيا أيكون عليه الدم
في قول مالك (قال) قال مالك عليه الدم لأنه فرق مشيه [قلت] فان هو لم يتم
مشيه في المرة الثانية أعليه أن يعود في الثالثة في قول مالك (قال) ليس عليه أن يعود
80

بعد المرة الثانية وليهرق دما ولا شئ عليه [قلت] فإن كان حين مضى في مرته
الأولى إلى مكة فمشى وركب فعلم أنه ان عاد الثانية لا يقدر على أن يتم ما ركب ماشيا
(قال) إذا علم أنه لا يقدر على أن يمشي في المواضع التي ركب فيها في المرة الأولى فليس
عليه أن يعود ويجزئه الذهاب الأول وان كانت حجة فحجة وان كانت عمرة فعمرة
ويهريق لما ركب دما وليس عليه أن يعود [قلت] فإن كان حين حلف بالمشي فحنث
يعلم أنه لا يقدر على أن يمشي الطريق كله إلى مكة في ترداده إلى مكة مرتين أيركب
في أول مرة ويهدى قال نعم ولا يكون عليه شئ غير ذلك في قول مالك [قال]
وقال مالك يمشي ما أطاق ولو شيئا ثم يركب ويهدى ويكون بمنزلة الشيخ الكبير
والمرأة الضعيفة [قلت] أرأيت ان حلف بالمشي فحنث وهو شيخ كبير قد يئس من
المشي ما قول مالك فيه (قال) قال مالك يمشي ما أطال ولو نصف ميل ثم يركب
ويهدى ولا شئ عليه بعد ذلك [قلت] فإن كان هذا الذي حلف مريضا فحنث
كيف يصنع في قول مالك (قال) أرى إن كان مريضا قد يئس من البرء فسبيله سبيل
الشيخ الكبير وإن كان مرضه مرضا يطمع بالبرء منه وهو ممن لو صح كان يجب عليه
المشي ليس بشيخ كبير ولا بامرأة ضعيفة لينتظر حتى إذا صح وبرأ مشى إلا أن
يكون يعلم أنه ان برأ وصح لا يقدر على أن يمشي أصلا الطريق كله فليمش ما أطاق
ثم ليركب ويهدى ولا شئ عليه وهذا رأيي [قلت] أرأيت ان عجز عن المشي فركب
كيف يحصي ما ركب في قول مالك أعدد الأيام أم يحصى ذلك في ساعات النهار
والليل أم يحفظ المواضع التي يركب فيها من الأرض فإذا رجع ثانية مشى ما ركب
وركب ما مشى (قال) إنما يأمره مالك بأن يحفظ المواضع التي ركب فيها من الأرض
ولا يلتفت إلى الأيام والليالي فان عاد الثانية مشى تلك المواضع التي ركب فيها من
الأرض [قلت] ولا يجزئه عند مالك أن يركب يوما ويمشى يوما أو يمشي أياما
ويركب أياما فإذا عاد الثانية قضى عدد الأيام التي ركب فيها (قال) لا يجزئه عند مالك
لان هذا إذا كان هكذا يوشك أن يمشي في المكان الواحد المرتين جميعا ويركب في
81

المكان الواحد المرتين جميعا فلا يتم المشي إلى مكة فليس معنى قول مالك على عدد
الأيام وإنما هو على عدد المواضع من الأرض [قلت] والمشي في الرجال والنساء سواء
في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان هو مشى حين حنث فعجز عن المشي فركب
ثم رجع من قابل ليقضى ما ركب فيه ماشيا فقوى على مشي الطريق كله أيجب عليه
أن يمشي الطريق كله أم يمشي ما ركب ويركب ما مشى (قال) ليس عليه أن يمشي
الطريق كله ولكن عليه أن يمشي ما ركب ويركب ما مشى قال وهذا قول مالك
[قلت] أرأيت ان حنث فلزمه المشي فخرج فمشى فعجز ثم ركب وجعلها عمرة ثم خرج
قابلا ليمشى ما ركب ويركب ما مشى فأراد أن يجعلها قابلا حجة أله ذلك أم ليس له
أن يجعلها الا عمرة أيضا في قول مالك لأنه جعل المشي الأول في عمرة (قال) قال مالك
نعم يجعل المشي الثاني ان شاء حجة وان شاء عمرة ولا يبالي وان خالف المشي الأول
إلا أن يكون نذر المشي الأول في حج فليس له أن يجعل الثاني في عمره وإن كان نذره
الأول في عمرة فليس له أن يجعل المشي الثاني في حج وهذا الذي قال لي مالك
[قلت] وليس له أن يجعل المشي الثاني والأول في فريضة (قال) نعم ليس له ذلك
[مالك] عن عروة بن أذينة قال خرجت مع جدة لي كان عليها مشى حتى إذا كنا
ببعض الطريق عجزت فأرسلت مولى لها إلى ابن عمر يسأله وخرجت معه فسأل عن
ذلك ابن عمر فقال مرها فلتركب ثم لتمش من حيث عجزت (قال) مالك وقاله سعيد بن
المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن [ابن وهب] عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن
أبي خالد عن الشعبي عن ابن عباس مثل قول ابن عمر قال ابن عباس وتنحر بدنة [ابن
وهب] عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم مثل قول ابن عباس قال ولتهد (قال) سفيان
والليث ولتهد مكان ما ركبت [ابن مهدي] عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم
قال يمشي فإذا عجز ركب فإذا كان عاما قابلا حج فمشى ما ركب وركب ما مشى [ابن مهدي] عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن ابن عباس مثل ذلك. وذكر غير
إسماعيل عن ابن عباس قال هدى بدنة [ابن مهدي] عن المغيرة عن إبراهيم في
82

رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله فمشى ثم أعيا قال ليركب وليهد لذلك هديا حتى إذا
كان قابلا فليركب ما مشى وليمش ما ركب فان أعيا في عامه الثاني ركب (وقال)
سعيد بن جبير يركب ما مشى ويمشى ما ركب فبلغ الشعبي قول سعيد فأعجبه ذلك
(وقال) علي بن أبي طالب يمشي ما ركب فإذا عجز ركب وأهدى بدنة (وقال)
الحسن وعطاء مثل قول على * وإنما ذكرت لك قول على والحسن وعطاء حجة
لقول مالك لأنه لم ير ان عجز في الثانية أن يعود في الثالثة مع قول إبراهيم انه ان عجز
في الثانية ركب ولم يذكر أنه يعود في الثالثة وقد قال يعود في الثالثة لقول مالك الذي
ذكرت لك ولم يقولوا إن عجز في الثانية أن يمشي في الثالثة
{ما جاء في الرجل يحلف بالمشي حافيا فيحنث}
[قلت] أرأيت ان قال على المشي إلى بيت الله حافيا راجلا أعليه أن يمشي
وكيف ان انتعل (قال) قال مالك ينتعل وان أهدى فحسن وإن لم يهد فلا شئ
عليه وهو خفيف [ابن وهب] عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه أن امرأة من
أسلم نذرت أن تمشى وتحج حافية ناشرة شعر رأسها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه
وسلم استتر بيده منها وقال ما شأنها قالوا نذرت أن تحج حافية ناشرة شعرها فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم مروها فلتختمر ولتنتعل ولتمش. ونظر النبي صلى الله عليه وسلم
في حجة الوداع إلى رجلين نذر أن يمشيا في قرن فقال لهما حلا قرنكما وامشيا
إلى الكعبة وأوفيا نذركما [قال سحنون] ونظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل
يمشي إلى الكعبة القهقري فقال مروه فليمش لوجهه (وقال) ربيعة بن أبي عبد الرحمن
لو أن رجلا قال علي المشي إلى الكعبة حافيا لقيل له البس نعلين وامش فليس لله
حاجة بحفائك إذا مشيت منتعلا فقد وفيت نذرك وقاله يحيى بن سعيد
{ما جاء في الرجل يحلف بالمشي فيحنث في حج فيفوته الحج}
[قال] وقال مالك في رجل حلف بالمشي إلى بيت الله فحنث فمشى في الحج ففاته الحج
83

قال مالك يجزئه المشي الذي مشى ويجعلها عمرة ويمشي حتى يسعى بين الصفا والمروة
وعلى قضاء الحج عاما قابلا راكبا والهدى لفوات الحج ولا شئ عليه غير ذلك.
{في الرجل يحلف بالمشي فيحنث فميشى في حج ثم يريد أن يمشي}
{حجة الاسلام من مكة أو يجمعهما جميعا عند الاحرام}
[قلت] هل يجوز لهذا الذي حلف بالمشي فحنث فمشى وجعلها عمرة أن يحج حجة
الاسلام من مكة (قال) قال مالك نعم يحج من مكة ويجزئه عن حجة الاسلام
[قلت] ويكون متمتعا إن كان قد اعتمر في أشهر الحج قال نعم [قلت] أرأيت
ان قرن الحج والعمرة يريد بالعمرة عن المشي الذي وجب عليه وبالحج حجة الفريضة
أيجزئه ذلك عنهما جميعا (قال) لا يجزئه ذلك عن حجة الاسلام [قلت] ويكون
عليه دم القران قال نعم [قلت] ولم يجزئه من فريضته ولا من مشي أوجبه على نفسه
[قال] ولقد سئل مالك عن رجل كان عليه مشى فمشى في حجة وهو صرورة
يريد بذلك وفاء نذر يمينه وأداء الفريضة عنه (فقال) لنا مالك لا يجزئه من الفريضة
وهو للنذر الذي عليه من المشي وعليه حجة الفريضة قابلا وقالها غير مرة (قال)
المخزومي يجزئه عن الفريضة وعليه النذر
{في الرجل يحلف أنا أحج بفلان إلى بيت الله}
{ان فعلت كذا وكذا فحنث}
[قلت] ما قول مالك في الرجل يقول أنا أحج بفلان إلى بيت الله إن فعلت كذا
وكذا فحنث (قال) قال مالك إذا قال الرجل أنا أحمل فلانا إلى بيت الله فاني أرى أن
ينوى فإن كان أراد تعب نفسه وحمله على عنقه فأرى أن يحج ماشيا ويهدى ولا شئ
عليه في الرجل ولا يحجه وإن لم ينو ذلك فليحج راكبا وليحج بالرجل معه ولا هدى
عليه فان أبى الرجل أن يحج فلا شئ عليه في الرجل وليحج هو راكبا [قال
84

سحنون] ورواه علي بن زياد عن مالك إن كان نوى أن يحمله إلى مكة يحجه من
ماله فهو ما نوى ولا شئ عليه هو الا احجاج الرجل إلا أن يأبى (قال ابن القاسم)
وقوله أنا أحج بفلان إلى بيت الله عندي أوجب عليه من الذي يقول أنا أحمد فلانا
إلى بيت الله لا يريد بذلك على عنقه لان احجاجه الرجل إلى بيت الله من طاعة الله
فأرى ذلك عليه إلا أن يأبى الرجل فلا يكون عليه شئ في الرجل [قال] وقال لنا
مالك في الرجل يقول أنا أحمل هذا العمود إلى بيت الله أو هذه الطنفسة أو ما أشبه
هذا من الأشياء انه يحج ماشيا ويهدى لموضع ما جعل على نفسه من حملان تلك الأشياء وطلب مشقة نفسه فليضع المشقة عن نفسه ولا يحمل تلك الأشياء وليهد
[ابن وهب] عن سفيان والليث عن يحيى بن سعيد أنه قال في امرأة قالت في
امرأة ابنها ان وطئتها فأنا أحملها إلى بيت الله فوطئها ابنها. قال تحج وتحج بها معها وتذبح
ذبحا لأنها لا تستطيع حملها [سحنون] وأخبرني من أثق به عن ابن مهدي عن أبي
عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال إذا قال أنا أهدى فلانا على أشفار عيني قال يحجه
ويهدى بدنة
{في الاستثناء في المشي إلى بيت الله}
[قلت] أرأيت من قال على المشي إلى بيت الله إلا أن يبدو لي أو إلا أن أرى
خيرا من ذلك ما عليه (قال) عليه المشي وليس استثناؤه هذا بشئ لان مالكا قال لا
استثناء في المشي إلى بيت الله ان
شاء فلان (قال) هذا لا يكون عليه المشي إلا أن يشاء فلان وليس هذا باستثناء وإنما
مثل ذلك مثل الطلاق أن يقول الرجل امرأته طالق ان شاء فلان أو غلامي حر ان
شاء فلان فلا يكون عليه شئ حتى يشاء فلان ولا استثناء في طلاق ولا عتاق ولا
مشى ولا صدقة
85

{في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله ونوى مسجدا}
[قلت] أرأيت ان قال على المشي إلى بيت الله ونوى مسجدا من المساجد أتكون
له نيته في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان قال على المشي إلى بيت وليست
له نية ما عليه في قول مالك (قال) عليه المشي إلى مكة إذا لم تكن له نية [قلت]
أرأيت ان قال على المشي ولم يقل إلى بيت الله (قال) إن كان نوى مكة مشى وإن لم
يكن نوى ذلك فلا شئ عليه [قلت] أرأيت ان قال على المشي إلى بيت الله ونوى
مسجدا من المساجد كان ذلك له في قول مالك قال نعم [يونس] وقال ربيعة بن أبي
عبد الرحمن مثل قول مالك في الذي يحلف بالمشي إلى بيت الله وينوى مسجدا من
المساجد ان له نيته [وروى] ابن وهب عن مالك والليث مثل قول ربيعة
{في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت المقدس أو إلى المدينة أو عسقلان}
[قال] وقال مالك في الذي يحلف بالمشي إلى مسجد الرسول أو مسجد بيت
المقدس (قال) فليأتهما راكبا ولا شئ عليه ومن قال على المشي إلى بيت الله فهذا
الذي يمشي [قال] ومن قال على المشي إلى غير هذه الثلاثة المساجد فليس عليه أن
يأتيه مثل قوله على المشي إلى مسجد البصرة أو إلى مسجد الكوفة فأصلى فيهما
أربع ركعات قال فليس عليه أن يأتيهما وليصل في موضعه حيث هو أربع ركعات
[قال] وقال مالك فيمن قال على المشي إلى مسجد بيت المقدس فعليه أن يأتي مسجد
بيت المقدس راكبا فيصلى فيه [قال ابن القاسم] ومن قال على المشي إلى بيت
المقدس أو إلى المدينة فلا يأتيهما أصلا إلا أن يكون أراد الصلاة في مسجديهما
فليأتهما راكبا ومن قال من أهل المدينة أو من أهل مكة أو من أهل بيت المقدس لله
على أن أصوم بعسقلان أو بالإسكندرية شهرا فعليه أن يأتي عسقلان أو الإسكندرية
فيصوم بها كما نذر قال وكل موضع يتقرب فيه إلى الله بالصيام فليأته وإن كان من
أهل المدينة ومكة [قال ابن القاسم] ومن نذر أن يرابط فذلك عليه وإن كان من
86

أهل المدينة ومكة قال وهو قول مالك [قال] وقال مالك ومن قال لله على أن آتى
المدينة أو بيت المقدس أو المشي إلى المدينة أو المشي إلى بيت المقدس فلا شئ عليه
إلا أن يكون نوى بقوله ذلك أن يصلى في مسجد المدينة أو في مسجد بيت المقدس
فإن كانت تلك نيته وجب عليه الذهاب إلى المدينة أو إلى بيت المقدس راكبا ولا يجب
عليه المشي وإن كان حلف بالمشي ولا دم عليه [قال] وقال مالك وان قال على المشي
إلى مسجد المدينة أو إلى مسجد بيت المقدس فهذا مخالف لقوله على المشي إلى بيت
المقدس أو على المشي إلى المدينة هذا إذا قال على المشي إلى بيت المقدس ممن لا يجب عليه
الذهاب إلا أن ينوى الصلاة فيه. فإذا قال على المشي إلى مسجد المدينة أو مسجد
بيت المقدس وجب عليه الذهاب راكبا والصلاة فيهما وإن لم ينو الصلاة فيهما وهو إذا
قال على المشي إلى هذين المسجدين فكأنه قال لله على أن أصلى في هذين المسجدين
{في الرجل يحلف بالمشي إلى الصفا والمروة أو منى أو عرفة}
{أو الحرم أو بشئ من الحرم ثم يحنث}
[قلت] أرأيت ان قال على المشي إلى الصفا والمروة (قال) لا أحفظ عن مالك فيه
شيئا ولا يلزمه المشي [قلت] أرأيت ان قال على المشي إلى منى أو إلى عرفات أو
إلى ذي طوى (قال) ان قال على المشي إلى ذي طوى أو منى أو عرفات أو غير ذلك
من مواضع مكة لا يكون عليه شئ [قلت] أرأيت الرجل يحلف يقول على المشي
إلى بيت الله أو إلى الكعبة أو إلى الحرم أو إلى الصفا أو إلى المروة أو إلى الحطيم أو
إلى الحجر أو إلى قيقعان أو إلى بعض جبال الحرم أو إلى بعض مواضع مكة فحنث
أيجب عليه ذلك أم لا (قال) لا أدرى ما هذا كله إنما سمعت من مالك يقول من
قال على المشي إلى بيت الله أو على المشي إلى مكة أو على المشي إلى الكعبة ان هذا
يجب عليه وأنا أرى أن من حلف بالمشي إلى غير مكة أو الكعبة أو المسجد أو البيت
أن ذلك لا يلزمه مثل قوله على المشي إلى الصفا أو إلى المروة أو غير ذلك من جبال مكة
أو إلى الحرم أو نحو ذلك أو إلى منى أو إلى المزدلفة أو إلى عرفات فان ذلك لا يلزمه
87

[قلت] أرأيت ان قال على المشي إلى الحرم (قال) ما سمعت من مالك في هذا
شيئا ولا أرى عليه شيئا [قلت] أرأيت ان قال على المشي إلى المسجد الحرام (قاله
قال مالك عليه المشي إلى بيت الله (قال ابن القاسم) ولا يكون المشي الا على من
قال مكة أو بيت الله أو المسجد الحرام أو الكعبة فما عدا أن يقول الكعبة أو البيت
أو المسجد أو مكة أو الحجر أو الركن أو الحجر فذلك كله لا شئ عليه فان سمى بعض
ما سميت لك من هذا لزمه المشي
{ما جاء في الرجل يقول إن فعلت كذا وكذا فعلى أن أسير}
{أو أذهب أو أنطلق إلى مكة}
[قلت] أرأيت ان قال إن كلمت فلانا فعلى السير إلى مكة أو قال على الذهاب إلى
مكة أو قال على الانطلاق إلى مكة أو على أن آتى مكة أو على الركوب إلى مكة
(قال) أرى أن لا شئ عليه إلا أن يكون أراد بذلك أن يأتيها حاجا أو معتمرا فيأتيها
راكبا إلا أن يكون نوى أن يأتيها ماشيا وإلا فلا شئ عليه أصلا. وقد كان ابن شهاب
لا يرى بأسا أن يدخل مكة بغير حج ولا عمرة ويذكر أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم دخلها غير محرم [قلت] أرأيت ان قال على الركوب إلى مكة (قال)
أرى ذلك عليه [قال سحنون] وقد كان ابن القاسم يختلف في هذا القول وأشهب
يرى عليه في هذا كله اتيان مكة حاجا أو معتمرا
{في الرجل يحلف يقول للرجل أنا أهديك إلى بيت الله}
[قال] وقال مالك من قال لرجل أنا أهديك إلى بيت الله ان فعلت كذا وكذا
فحنث فعليه أن يهدي هديا [قال] وقال مالك ان قال لرجل أنا أهديك إلى بيت الله
ان فعلت كذا وكذا فحنث فإنه يهدي عنه هديا ولم يجعله مالك مثل يمينه إذا حلف
بالهدى في غير ماله [قال عبد الرحمن بن القاسم] وأخبرني بعض من أثق به عن
ابن شهاب أنه قال فيها مثل قول مالك [ابن وهب] عن سفيان الثوري عن منصور
88

عن الحكم بن عتيبة أن علي بن أبي طالب قال في رجل قال لرجل أنا أهديك إلى
بيت الله قال علي بن أبي طالب يهدى [ابن وهب] عن سفيان عن عبد الكريم
الجزوري عن عطاء قال يهدى شاة
{في الرجل يحلف بهدى مال غيره}
[قلت] أرأيت الرجل يحلف بمال غيره فيقول دار فلان هذه هدى أو عبد فلان
هدى أو يحلف بشئ من مال غيره من الأشياء كلها أنه هدى فيحنث (قال) قال
مالك لا شئ عليه [ابن وهب] عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال إذا قال
الرجل لعبده أو لامته أو داره أنت هدي ثم حنث انه يشترى بثمنه هديا ثم يهديه
ولا يراه فيما سوى ذلك فيما لا يملك بيعه ولا يصلح أنه يقول فيه ذلك القول [ابن مهدي] عن بشر بن منصور عن عبد الملك عن عطاء قال سرقت إبل للنبي صلى الله
عليه وسلم وطردت وفيها امرأة فنجت على ناقة منها حتى أتت النبي صلى الله عليه
وسلم فقالت يا رسول الله انى جعلت على نفسي نذرا أن الله أنجاني على ناقة منها حتى
آتيك أن أنحرها قال لبئس ما جزيتها لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم
[ابن مهدي] عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن
عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما
لا يملك ابن آدم
{في الرجل يحلف بالهدى أو يقول على بدنة}
[قلت] أرأيت ان قال على الهدى ان فعلت كذا وكذا فحنث (قال) قال مالك فعليه
الهدى [قلت] أمن الإبل أو من البقر أو من الغنم (قال) قال لي مالك ان نوى شيئا
فهو على ما نوى والا فبدنة فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد وقصرت نفقته فأرجو أن
تجزئه شاة [قلت] لم أوليس الشاة بهدى (قال) كان مالك يرجو بالشاة كرها قال
مالك والبقر أقرب شئ إلى الإبل [ابن مهدي] عن حماد عن قتادة عن خلاس
89

ابن عمرو عن ابن عباس قال بدنة أو بقرة أو كبش [ابن مهدي] عن حماد بن سلمة
عن قيس بن سعيد عن عطاء عن ابن عباس قال لا أقل من شاة (قال) سعيد بن
جبير البقر والغنم من الهدى [قلت] لابن القاسم أرأيت ان حلف فقال على بدنة
فحنث (قال) قال مالك البدن من الإبل فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فسبع من الغنم
[قال] وقال مالك من قال لله على أن أهدى بدنة فعليه أن يشترى بعيرا فينحره
في قول مالك فإن لم يجد بعيرا فبقرة فإن لم يجد بقرة فسبعا من الغنم [قلت] أرأيت
إن كان يجد الإبل فاشترى بقرة فنحرها وقد كانت وجبت عليه بدنة أتجزئه في قول
مالك (قال) قال لنا مالك إن لم يجد الإبل اشترى البقر (قال) لي مالك والبقر أقرب
شئ يكون إلى الإبل [قال ابن القاسم] وإنما ذلك عندي إن لم يجد بدنة أي إذا
قصرت النفقة فلم تبلغ نفقته بدنة وسع له أن يهدى من البقر فإن لم تبلغ نفقته البقر
اشترى الغنم (قال) ولا تجزئه عند مالك أن يشترى البقر إذا كانت عليه بدنة إلا أن
لا تبلغ نفقته بدنة لأنه قال فإن لم يجد فهو إذا بلغت نفقته فهو يجد (قال ابن القاسم)
وكذلك قال ابن المسيب وخارجة بن زيد وقطيع من العلماء منهم أيضا سالم بن عبد الله
قال وقالوا فإن لم يجد بدنة فبقرة [قلت] فإن لم يجد الغنم أيجزئه الصيام (قال)
لا أعرف الصيام فيما نذر على نفسه إلا أن يحب أن يصوم فان أيسر يوما ما كان
عليه ما نذر على نفسه وان أحب الصيام فعشرة أيام (قال) ولقد سألت مالكا عن
الرجل ينذر عتق رقبة ان فعل الله به كذا وكذا فأرا أن يصوم إن لم يجد رقبة. قال
قال لي مالك ما الصيام عندي بمجزئ إلا أن يشاء أن يصوم فان أيسر يوما ما أعتق
فهذا عندي مثله [ابن وهب] عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ليست
البدن الا من الإبل (وقال) طاوس والشعبي وعطاء ومالك بن أنس وخارجة بن زيد
ابن ثابت وسالم بن عبد الله وعبد الله بن محمد البدنة تعدل سبعا من الغنم
{ما جاء في الرجل يحلف بالهدى أو ينحر بدنة أو جزورا}
[قلت] أرأيت من قال الله على أن أنحر بدنة أين ينحرها. قال بمكة [قلت] وكذلك
90

ان قال لله علي هدى قال ينحره أيضا بمكة [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت]
فان قال لله علي أن أنحر جزورا أين ينحره أو قال لله على جزور أين ينحره (قال)
ينحره في موضعه الذي هو فيه [قال مالك] ولو نوى موضعا فلا يخرجها إليه
ولينحرها بموضعه الذي هي به (قال ابن القاسم) كانت الجزور بعينها أو بغير عينها
ذلك سواء [قال] فقلنا لمالك فان نذرها لمساكين بالبصرة أو مصر وكان من
غير أهل البصرة أو من غير أهل مصر (قال مالك) نعم وان نذرها لمساكين
أهل البصرة أو أهل مصر فلينحرها بموضعه وليتصدق بها على مساكين من عنده
إذا كانت بعينها أو بغير عينها أو نذر أن يشتريها من موضعه فيسوقها إلى مصر
(قال مالك) وسوق البدن إلى غير مكة من الضلال [ابن وهب] عن مالك عن
نافع عن ابن عمر قال من نذر بدنة فليقلدها وليشعرها ولا محل لها دون مكة [ابن
مهدي] عن قيس بن الربيع عن جابر عن عطاء عن ابن عباس في رجل جعل على
نفسه بدنة قال لا أعلم مهراق الدماء الا بمكة أو بمنى (وقال) الحسن والشعبي وعطاء
مكة (وقال) سعيد بن المسيب البدن من الإبل ومحلها البيت العتيق
{ما جاء في الرجل يحلف بهدي لشئ من ماله بعينه مما يهدى أو لا يهدى}
[قال] وقال مالك من حلف فقال داري هذه هدى أو بعيري هذا هدى أو دابتي هذه
هدى فإن كان ذلك الذي حلف عليه مما يهدى أهداه بعينه إذا كان يبلغ وإذا كان
مما لا يهدى باعه واشترى بثمنه هديا [قال] وقال مالك وان قال لا بل له هي هدى
ان فعلت كذا وكذا فحنث فهي كلها هدى وان كانت ماله كله [قال مالك] وان قال
لشئ مما يملك من عبد أو دابة أو فرس أو ثوب أو عرض من العروض هو يهديه
فإنه يبيعه ويشترى بثمنه هديا فيهديه. وان قال لما لا يملك من عبد غيره أو مال غيره
أو دار غيره فلا شئ عليه ولا هدى عليه فيه [قال ابن القاسم] وأخبرني من أثق
به عن ابن شهاب أنه كان يقول في مثل هذه الأشياء مثل قول مالك سواء [قلت]
أرأيت ان قال على أن أهدى هذا الثوب أي شئ عليه في قول مالك (قال) يبيعه
91

ويشترى بثمنه هديا ويهديه [قلت] له فما قول مالك في هذا الثوب إذا كأن لا يبلغ
أن يكون في ثمنه هدى (قال) بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال يبعث بثمنه
فيدفع إلى خزان مكة ينفقونه على الكعبة (قال ابن القاسم) وأحب إلى أن يتصدق
بثمنه ويتصدق به حيث شاء ألا ترى أن ابن عمر كان يكسو جلال بدنه الكعبة فلما
كسيت الكعبة هذه الكسوة تصدق بها [قلت] فإن لم يبيعوه وبعثوا بالثوب بعينه
(قال) لا يعجبني ذلك لهم ويباع هناك ويشترى بثمنه هدي (قال) ألا ترى أن مالكا
قال يباع الثوب والعبد والحمار والفرس وكل ما جعل من العروض هكذا [قال]
وقال مالك إذا قال ثوبي هذا هدي فباعه واشترى بثمنه هديا وبعثه ففضل من ثمنه
شئ بعث بالفضل إلى خزان مكة إذا لم يبلغ الفضل أن يكون فيه هدي (قال ابن
القاسم) وأحب إلى أن يتصدق به [قلت] أرأيت ما بعث به إلى البيت من الهدايا
من الثياب والدنانير والدراهم والعروض أيدفع إلى الحجبة في قول مالك (قال) بلغني عن
مالك فيمن قال لشئ من ماله هو هدي قال بيعه ويشترى بثمنه هديا فان فضل شئ
لا يكون في مثله هدي ولا شاة رأيت أن يدفع إلى خزان الكعبة يجلونه فيما تحتاج
إليه الكعبة [قال ابن القاسم] ولقد سمعت مالكا وذكروا له أنهم أرادوا أن
يشركوا مع الحجبة في الخزانة فأعظم ذلك وقال بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم هو
الذي دفع المفتاح إلى عثمان بن طلحة رجل من بنى عبد الدار فكأنه رأى هذه ولاية من
رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعظم ذلك أن يشرك معهم [قلت] أرأيت لو أن رجلا
قال إن فعلت كذا وكذا فعلى أن أهدي دوري أو رقيقي أو دوابي أو غنمي أو
أرضي أو بقرى أو ابلى أو دراهمي أو دنانيري أو عروضي لعروض عنده أو قمحي أو
شعيري فحنث كيف يصنع في قول مالك وهل هذا كله عند مالك سواء إذا حلف
أم لا (قال) هذا كله عند مالك سواء إذا حلف فحنث أخرج ثمن ذلك كله فبعث به
فاشتري له به هدى الا الدنانير والدراهم فإنها بمنزلة الثمن يبعث بذلك ويشترى بها
بدن كما وصفت لك والإبل والبقر والغنم إذا كانت بموضع تبلغ والا فهي عند تباع
92

[ابن مهدي] عن سلام بن مسكين قال سألت جابر بن زيد عن امرأة عمياء
كانت تعولها امرأة كانت تحسن إليها فآذتها بلسانها فجعلت على نفسها هديا ونذرا
أن لا تنفعها بخير ما عاشت فندمت المرأة. قال جابر مرها فلتهد مكان الهدى بقرة وان
كانت المرأة معسرة فلتهد شاة ومرها فلتصم مكان النذر [ابن مهدي] عن حماد بن
سلمة عن إبراهيم في رجل نذر أن يهدى داره قال يهدى بثمنها بدنا (وقال عطاء)
يشترى بها ذبائح فيذبحها بمكة فيتصدق بها (وقال) سعيد بن جبير يهدى بثمنها بدنا
من حديث عبد الله بن المبارك (وقال ابن عباس) في امرأة جعلت دارها هديا
تهدى ثمنها. من حديث عبد الله المبارك عن مسعر عن ابن هبيرة [قال ابن
وهب] وأخبرني يونس بن يزيد وغيره عن ابن شهاب أنه قال إذا قال الرجل
لعبده أو لامته أو داره أنت هدي ثم حنث انه يشترى بثمنه هديا ثم يهديه
ولا أراه فيما سوى ذلك فيما لا يملك بيعه ولا يصلح أن يقول فيه ذلك القول
[قلت] أرأيت قوله أنا أهدى هذه الشاة ان فعلت كذا وكذا فحنث أيكون
عليه أن يهديها في قول مالك (قال) نعم عليه أن يهديها عند مالك إذا حنث إلا أن
يكون بموضع بعيد فيبيعها ويشترى بثمنها شاة بمكة يخرجها إلى الحل ثم يسوفها إلى
الحرم عند مالك إذا حنث [قلت] أرأيت ان قال لله على أن أهدى بعيري هذا
وهو بإفريقية أيبيعه ويبعث بثمنه فيشترى به هديا من المدينة أو من مكة في قول
مالك (قال) قال مالك الإبل يبعث بها إذا جعلها الرجل هديا تقلدها ويشعرها ولم يقل
لنا من بلد من البلدان بعد ولا قرب ولكنه إذا قال بعيري أو إبلي هذه هدى
أشعرها وقلدها وبعث بها [قال ابن القاسم] وأنا أرى ذلك له لازما من كل
بلد الا من بلد يخاف بعده وطول سفره والتلف في ذلك فإذا كان هكذا رجوت أن
يجزئه أن يبيعها ويبعث بأثمانها فيشترى له بها هدى من المدينة أو من مكة أو من
حيث أحب [قلت] فإن لم يحلف على إبل بأعيانها ولكن قال لله على أن أهدى
بدنة ان فعلت كذا وكذا فحنث (قال) يجزئه عند مالك أن يبعث بالثمن فيشترى به
93

البدنة من المدينة أو من مكة فتوقف بعرفة ثم تنحر بمنى وإن لم توقف بعرفة
أخرجت إلى الحل ان كانت اشتريت بمكة ونحرت بمكة إذا ردت من الحل إلى
الحرم (قال) قال مالك وذلك دين عليه ان كأن لا يملك ثمنها [قلت] فلو قال لله
علي أن أهدى بقرى هذه فحنث وهو بمصر أو بإفريقية ما عليه في قول مالك
(قال) البقر لا تبلغ من هذا الموضع فعليه أن يبيع بقرة هذه ويبعث بالثمن فيشترى
بالثمن هدى من حيث يبلغ ويجزئه عند مالك أن يشترى له من المدينة أو من مكة
أو من حيث شاء من البلدان إذا كان الهدي الذي يشترى يبلغ من حيث يشترى
[قلت] أرأيت ان قال لله علي أن أهدى بقرى هذه وهو بإفريقية فباعها وبعث
بثمنها أيجزئه أن يشترى بثمنها بعيرا في قول مالك (قال) يجزئه أن يشترى بها إبلا
فيهديها أرى بأسا أن يشتري بالثمن بعيرا وان قصر عن البعير فلا بأس أن يشترى بقرة
قال ولا أحب له أن يشتري غنما إلا أن يقصر الثمن عن البعير والبقر [قلت] فلو
قال لله على أن أهدى غنمي هذه أو بقري هذه فحنث وذلك في موضع تبلغ البقر
والغنم منه وجب عليه أن يبعثها بأعيانها هديا ولا يبيعها ويشتري مكانها غيرها في
قول مالك قال نعم
{في الرجل يحلف بهدي جميع ماله أو شئ بعينه وهو جميع ماله}
[قلت] أرأيت ما قول مالك إذا قال الرجل ان فعلت كذا وكذا فلله على أن
أهدى مالي فحنث (قال) فعليه أن يهدى ثلث ماله ويجزئه ولا يهدي جميع ماله
[قلت] وكذلك لو قال على أن أهدي جميع مالي أجزأه من ذلك الثلث في قول
مالك قال نعم [قال] وقال مالك إذا قال الرجل ان فعلت كذا وكذا فلله على أن
أهدى بعيري وشاتي وعبدي وليس له مال سواهم فحنث وجب عليه أن يهديهم
ثلاثتهم بعيره وشاته وعبده فيبيعهم ويهدى ثمنهم وان كانوا جميع ماله فليهدهم [قلت]
فإن لم يكن له الا عبد واحد ولا مال له سواه فقال لله على أن أهدى عبدي هذا
94

ان فعلت كذا وكذا فحنث (قال) قال مالك عليه أن يهدي عبده يبيعه ويهدي ثمنه
وإن لم يكن له مال سواه [قلت] فإن لم يكن له مال سوى العبد فقال إن فعلت كذا
وكذا فلله على أن أهدى جميع مالي فحنث (قال) قال مالك يجزئه أن يهدى ثلثه
[قلت] وكذلك لو قال لله على أن أهدى جميع مالي (قال) قال مالك يجزئه من
ذلك الثلث [قلت] فإذا سماه فقال لله على أن أهدى شاتي وبعيري وبقرتي فعدد
ذلك حتى سمى جميع ماله فعليه إذا سمى أن يهدى جميع ما سمى وان أتى ذلك على
جميع ماله في قول مالك قال نعم [قلت] فإن لم يسم ولكنه قال لله على أن أهدى
جميع مالي فحنث فإنما عليه أن يهدى ثلث ماله في قول مالك قال نعم [قلت] فما
فرق بينهما عند مالك إذا سمى فأتى على جميع ماله وإن لم يسم وقال جميع مالي
أجزاه من ذلك ثلث (قال) قال مالك إنما ذلك عندي بمنزلة الرجل يقول كل
امرأة أنكحها فهي طالق فلا شئ عليه وإذا سمى قبيلة أو امرأة بعينها لم يصلح له
أن ينكحها فكذلك إذا سمى لزمه وكان آكد في التسمية [قلت] فلو قال إن
فعلت كذا وكذا فأنا أهدى عبدي هذا وأهدى جميع مالي فحنث ما عليه في قول
مالك (قال ابن القاسم) يهدي ثمن عبده الذي سمى وثلث ما بقي من ماله [قلت]
وكذلك هذا في الصدقة وفى سبيل الله قال نعم [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن
يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال من قال مالي صدقة
كله تصدق بثلث ماله [قال ابن شهاب] ولا أرى للرجل أن يتصدق بماله كله
فينخلع مما رزقه الله ولكن بحسب المرء أن يتصدق بثلث ماله
{في الرجل يحلف بصدقة ماله أو بشئ بعينه هو جميع ماله}
{في سبيل الله والمساكين}
[قال] وقال مالك إذا حلف الرجل بصدقة ماله فحنث أو قال مالي في سبيل الله
فحنث أجزأه من ذلك الثلث (قال) وإن كان سمى شيئا بعينه وإن كان ذلك الشئ
جميع ماله فقال إن فعلت كذا وكذا فلله على أن أتصدق على المساكين بعبدي هذا
95

وليس له ماله غيره أو قال فهو في سبيل الله وليس له مال غيره فعليه أن يتصدق به
إن كان حلف بالصدقة وإن كان قال فهو في سبيل الله فليجعله في سبيل الله [قلت]
ويبعث به في سبيل الله في قول مالك أم بيعه ويبعث ثمنه (قال) بل يبيعه ويدفع
ثمنه إلى من يغزو به في سبيل الله من موضعه ان وجده وإن لم يجد فليبعث بثمنه
[قلت] أرأيت ان حنث ويمينه بصدقته على المساكين أيبيعه في قول مالك
ويتصدق بثمنه على المساكين قال نعم [قلت] فإن كان سلاحا أو فرسا أو سرجا
أو أداة من أداة الحرب فقال إن فعلت كذا وكذا فهذه الأشياء في سبيل الله
يسميها بأعيانها أيبيعها أم يجعلها في سبيل الله في قول مالك (قال) بل يجعلها في سبيل
الله بأعيانها ان وجد من يقبلها ان كانت سلاحا أو دواب أو أداة من أداة الحرب
إلا أن يكون بموضع لا يبلغ ذلك الموضع الذي فيه الجهاد ولا يجد من يقبله منه
ولا من يبلغه له فلا بأس بأن يبيع ذلك كله ويبعث بثمنه فيجعل ذلك الثمن في سبيل
الله [قلت] فيجعل ثمنه في مثله أم يجعل دراهم في سبيل الله في قول مالك (قال)
لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى أن يجعلها في مثلها من الأداة والكراع [قلت]
ما فرق ما بين هذا وبين البقر إذا جعلها هديا جاز له أن يبيعها ويشترى بأثمانها إبلا إذا
لم تبلغ (قال) لان البقر والإبل إنما هي كلها للأكل وهذه إذا كانت كراعا أو سلاحا
فإنما هي قوة على أهل الحرب ليس للأكل فينبغي أن يجعل الثمن في مثله في رأيي
[قلت] فإن كان حلف بصدقة هذه الخيل وهذا السلاح وهذه الأداة باعه وتصدق
به في قول مالك قال نعم [قلت] وكذلك أن كانت يمينه أن يهديه باعه وأهدى
ثمنه في قول مالك قال نعم [قال] وقال مالك إذا حلف بالصدقة أو في سبيل الله أو
بالهدى فهذه الثلاثة الايمان سواء إن كان لم يسم شيئا من ماله بعينه صدقة أو هديا
أو في سبيل الله أجزأه من ذلك الثلث وإن كان سمى وأتى في التسمية على جميع
ماله وجب عليه أن يبعث بجميع ماله كان في سبيل الله أو في الهدى وإن كان في
صدقة تصدق بجميع ماله [قلت] أرأيت ان قال مالي في المساكين صدقة كم يجزئه
96

من ذلك في قول مالك (قال) قال مالك يجزئه الثلث [قلت] وإذا قال داري أو
ثوبي أو دوابي في سبيل الله صدقة وذلك الشئ ماله كله (قال) قال مالك يخرج ذلك
الشئ كله ولا يجزئه بعضه من بعض ولا يجزئه منه الثلث (قال) وقال مالك من
سمى شيأ بعينه وإن كان ذلك الشئ ماله كله فقال هذا صدقة أو في المساكين أو
في سبيل الله فليخرجه كله [قلت] أرأيت ان قال فرسي في سبيل الله وقال أيضا
مع ذلك ومالي في سبيل الله (قال) يخرج الفرس في سبيل الله وثلث ما بقي من ماله
بعد الفرس [قلت] ولم جعل مالك ما سمى بعينه جعله ينفذه كله وما لم يسم
بعينه جعل الثلث يجزئه (قال) كذلك قال مالك [قلت] أرأيت ان قال ثلث مالي
في المساكين صدقة (قال) يخرج ما قال يتصدق به كله [قلت] أرأيت ان قال
نصف مالي في المساكين صدقة (قال) يخرج نصف ماله في المساكين إذا قال نصف
مالي أو ثلاثة أو ثلاثة أرباع مالي أو أكثر من ذلك أخرجه ما لم يقل مالي كله وذلك
أن مالكا قال من قال لشئ من ماله بعينه هو صدقة إن فعلت كذا وكذا أو جزء
من ماله أخرج ذلك الجزء وما سمى من ماله بعينه [قلت] وإذا حلف الرجل
فقال إن فعلت كذا وكذا فمالى في سبيل الله فإنما سبيل الله عند مالك موضع الجهاد
والرباط (قال) قال مالك سبل الله كثيرة وهذا لا يكون الا في الجهاد قال مالك
فيعطى في السواحل والثغور (قال) فقلنا لمالك أيعطى في جدة قال لا ولم ير جدة مثل
سواحل الروم والشام ومصر (قال) فقيل لمالك انه قد كان في جدة أي خوف فقال إنما كان ذلك مرة ولم يكن يرى جدة من السواحل التي هي مرابط [ابن وهب]
عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمن أن رجلا تصدق
بكل شئ له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم قد قبلت صدقتك وأجاز الثلث [ابن وهب] عن مخرمة بن بكير عن أبيه
عن عمرو بن شعيب قال أعطى رجل ماله في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أأبقيت للوارث شيئا فليس لك ذلك ولا
97

يصلح لك أن تستوعب مالك
{في الرجل يقول مالي في رتاج الكعبة أو حطيم الكعبة}
{أو كسوتها أو طيبها أو أنا أضرب به الكعبة}
[قال] وسألت مالكا عن الرجل يقول مالي في رتاج الكعبة (قال) قال مالك
لا أرى عليه في هذا شيئا لا كفارة يمين ولا يخرج فيه شيئا من ماله (قال) وقال
مالك والرتاج عندي هو الباب (قال) فأنا أراه خفيفا ولا أرى عليه فيه شيئا وقاله
لنا غير عام [قلت] أرأيت من قال مالي في الكعبة أو في كسوة الكعبة أو في
طيب الكعبة أو في حطيم الكعبة أو أنا أضرب به حطيم الكعبة أو أنا أضرب به
الكعبة أو أنا أضرب به أستار الكعبة (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا وأراه
إذا قال مالي في كسوة الكعبة أو في طيب الكعبة أن يهدى ثلث ماله فيدفعه إلى
الحجبة وأما إذا قال مالي في حطيم الكعبة أو في الكعبة أو في رتاج الكعبة فلا
أرى عليه شيئا لان الكعبة لا تنقض فتبنى بمال هذا ولا ينقض الباب فيجعل
هذا فيه (قال) وسمعت مالكا يقول رتاج الكعبة هو الباب (قال) وقال مالك
وكذلك إذ قال مالي في حطيم الكعبة. لم يكن عليه شئ وذلك أن الحطيم لا يبني
فيجعل هذا نفقة في بنيانه [قال ابن القاسم] وبلغني ان الحطيم ما بين الباب إلى
المقام أخبرني بذلك بعض الحجبة [قال] ومن قال أنا أضرب بمالي حطيم الكعبة
فهذا يجب عليه الحج أو العمرة ولا يجب عليه في ماله شئ [قال] وكذلك لو أن رجلا
قال أنا أضرب بكذا وكذا الركن الأسود انه يحج أو يعتمر ولا شئ عليه إذا لم يرد حملان
ذلك الشئ على عنقه. قال ابن القاسم وكذلك هذه الأشياء [ابن وهب] عن ابن
لهيعة وعمرو بن الحرث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار أن رجلا
قال لأخيه في شئ كان بينهما على نذر ان كلمتك أبدا وكل شئ لي في رتاج الكعبة
فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال كلم أخاك لا وفاء لنذرك في معصية ولا في
قطيعة رحم ولا حاجة للكعبة في شئ من أموالكم [ابن مهدي] عن إسرائيل عن
98

إبراهيم بن مهاجر عن صفية بنت شيبة عن عائشة وسألها رجل فقال إني جعلت مالي
في رتاج الكعبة ان أنا كلمت عمى فقالت له لا تجعل مالك في رتاج الكعبة وكلم عمك {في الرجل يحلف أن ينحر ابنه مقام إبراهيم أو عند الصفا والمروة}
[قلت] أرأيت الرجل يحلف فيقول أنا أنحر ولدى ان فعلت كذا وكذا فحنث
(قال) سمعت مالكا يسئل عنها فقال إني أرى أن آخذ فيه بحديث ابن عباس ولا
أخالفه والحديث الذي جاء عن ابن عباس أنه يكفر عن يمينه مثل كفارة اليمين بالله
(ثم) سئل مالك بعد ذلك عن الرجل أو المرأة تقول أنا أنحر ولدى (قال مالك) أرى أن
أنويه فإن كان إنما أراد بذلك وجه الهدى أن يهدى ابنه لله رأيت عليه الهدى وإن كان
لم ينو ذلك ولم يرده فلا أرى عليه شيئا لا كفارة ولا غيرها وذلك أحب إلى من
الذي سمعت أنا منه [قلب] والذي سمعت أنت من مالك أنه قال إذا قال أنا أنحر
ولدى ولم يقل عند مقام إبراهيم انه يكفر عن يمينه وان قال أنا أنحر ولدى عند مقام
إبراهيم ان عليه هديا مكان ابنه قال نعم [قلت] وكذا فرق مالك بينهما عندك
في الذي سمعت أنت منه لأنه إذا قال عند مقام إبراهيم ان هذا قد أراد الهدى وإن لم يقل عند مقام إبراهيم يجعله مالك في الذي سمعت أنت منه يمينا لأنه لم يرد الهدى
وفي جوابه يشعر أنه نواه ودينه فإن لم تكن له نية لم يجعل عليه شيئا وان كانت له
نية في الهدى جعل عليه الهدى قال نعم [قلت] أرأيت ان قال أنا أنحر ولدى بين
الصفا والمروة (قال) مكة كلها منحر عندي وأرى عليه فيه الهدى ولم أسمع هذا من
مالك ولكن في هذا كله يراد به الهدى ألا ترى أن المنحر ليس هو عند مقام
إبراهيم لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عند المروة هذا المنحر وكل طرق
مكة منحر وفجاجها منحر فهذا إذا لزمه لقوله عند المقام الهدى فهو عند المنحر أحرى
أن يلزمه [قلت] أرأيت ان قال أنا أنحر ابني بمنى (قال) قد أخبرتك عن مالك
بالذي قال عند مقام إبراهيم أن عليه الهدى فمنى عندي منحر وعليه الهدى [قلت]
أرأيت ان قال أنا أنحر أبى أو أمي ان فعلت كذا وكذا (قال) هو عندي مثل قول مالك
99

في الابن سواء [ابن مهدي] عن حماد بن سلمة عن قتادة بن دعامة عن عكرمة
عن ابن عباس في رجل نذر أن ينحر ابنه عند مقام إبراهيم أنه سئل عنه فقال
رضى الله عن إبراهيم يذبح كبشا [قال ابن وهب] قال مالك قال ابن عباس في
الذي يجعل ابنه بدنة (قال) يهدى ديته مائة من الإبل (قال) ثم ندم بعد ذلك فقال ليتني
كنت أمرته أن يذبح كبشا كما قال الله تبارك وتعالى في كتابه وفديناه بذبح عظيم
{ما جاء في الرجل تجب عليه اليمين فيفتدى منها}
[قلت] أرأيت الرجل تجب عليه اليمين فيفتدى من يمينه بمال أيجوز هذا (قال)
قال لي مالك كل من لزمته يمين فافتدى منها بالمال فذلك جائز
{في الرجل يحلف بالله كاذبا}
[قلت] لابن القاسم أرأيت ان حلف فقال والله ما لقيت فلانا أمس ولا يقين له
في لقيه ليس في معرفته حين حلف بالله أنه لقيه بالأمس أو لم يلقه ثم فكر بعد
يمينه فعلم أنه لقيه بالأمس أتكون عليه كفارة اليمين في قول مالك (قال) قال مالك
ليس عليه كفارة اليمين في هذا [قلت] ولم وقد أيقن أنه لقيه وقد حلف أنه لم يلقه
ولم يحلف حين حلف على أمر ظنه إنما حلف بيمينه التي حلف بها على غير يقين كان في
نفسه (فقال) هذه اليمين التي تصف أعظم من أن تكون لها كفارة أو يكفرها كفارة
عند مالك لأن هذه اليمين لا يكون فيها لغو اليمين لأنه لم يحلف على أمر يظنه كذلك
فينكشف على غير ذلك فيكون ذلك لغو اليمين وإنما حلف هذا بهذه اليمين جرأة
وتقحما على اليمين على غير يقين منه لشئ فهو ان انكشف له يمينه أنه كما حلف
بها بر وان انكشفت يمينه أنه على غير ما حلف به فهو آثم ولم يكن لغو اليمين
فكان بمنزلة من حلف عامدا للكذب فليستغفر الله فان هذه اليمين أعظم من أن
تكون فيها كفارة أو يكفرها شئ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة [سحنون] وقال ابن عباس في
100

هذه الآية ان الذين يشترون بهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة
فهذه اليمين في الكذب واقتطاع الحقوق فهي أعظم من أن تكون فيها كفارة
[ابن مهدي] عن العوام بن حوشب عن إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفى أن
رجلا حلف على سلعة فقال والله لقد أعطى بها كذا وكذا ولم يعط فنزلت هذه
الآية إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا
{ما جاء في لغو اليمين واليمين التي تكون فيها الكفارة}
[قلت] أرأيت قول الرجل لا والله وبلى والله أكان مالك يرى ذلك من لغو
اليمين (قال) لا وإنما اللغو عند مالك أن يحلف على الشئ يظن أنه كذلك كقوله والله
لقد لقيت فلانا أمس وذلك يقينه وإنما لقيه قبل ذلك أو بعده فلا شئ عليه وهذا
اللغو [قال مالك] ولا يكون اللغو في طلاق ولا عتاق ولا صدقة ولا مشي ولا
يكون اللغو الا في اليمين بالله ولا يكون الاستثناء أيضا الا في اليمين بالله [قال
مالك] وكذلك الاستثناء لا يكون في طلاق ولا عتاق ولا مشى الا في اليمين
بالله وحدها أو نذر لا يسمى له مخرجا فمن حلف بطلاق أو عتاق أو مشي أو غير
ذلك من الايمان سوى اليمين بالله وذلك يقينه ثم استيقن أنه على غير ما حلف فإنه
حانث عند مالك ولا ينفعه الاستثناء وكذلك أن استثنى في شئ من هذا فحنث
لزمه ما حلف عليه [ابن وهب] عن الثقة أن ابن شهاب ذكر عن عروة بن
الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تتأول هذه الآية لا يؤاخذكم
الله باللغو في أيمانكم فتقول هو الشئ يحلف عليه أحدكم لم يرد فيه الا الصدق فيكون
على غير ما حلف عليه فليس فيه كفارة وقاله مع عائشة عطاء بن أبي رباح وعبيدة بن
عميرة [ابن وهب] وقال مثل قول عائشة ابن عباس ومحمد بن قيس ومجاهد وربيعة
وحيى بن سعيد ومكحول وقال إبراهيم النخعي من حديث المغيرة [سحنون]
وقاله الحسن البصري من حديث ابن مهدي عن الربيع بن صبيح [سحنون]
وقاله عطاء بن أبي رباح من حديث أيوب بن أبي ثابت (وقال ابن القاسم) قال
101

مالك إنما تكون الكفارة في اليمين في هاتين فقط في قول الرجل والله
لأفعلن كذا وكذا فيبدو له أن لا يفعل فيكفر ولا يفعل أو يقول والله لا أفعل
كذا وكذا فيبدو له أن يفعل فيكفر يمينه ويفعله وأما سوى هاتين اليمينين من
الايمان كلها فلا كفارة فيها عند مالك وإنما الايمان بالله عند مالك أربعة أيمان لغو
اليمين ويمين غموس وقوله والله لا أفعل ووالله لأفعلن وقد فسرت لك ذلك كله
وما يجب فيه شيئا شيئا [ابن مهدي] عن حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة
عن أبي موسى قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين
نستحمله فقال والله لا أحملكم والله ما عندي ما أحملكم عليه أتى بابل وأمر لنا بثلاث
ذود فلما انطلقنا قال قلت أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله فحلف أن
لا يحملنا ثم حملنا والله لا يبارك لنا ارجعوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيناه
فأخبرناه فقال ما أنا حملتكم بل الله حملكم اني والله لا أحلف على يمين فأرى خيرا منها
الا أتيت الذي هو خير وكفرت يميني أو كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير
وكان أبو بكر لا يحلف على يمين فيحنث فيها حتى نزلت رخصة الله فقال
لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها الا تحللتها وأتيت الذي هو خير * وقد قال
مثل قول مالك في أن الايمان أربعة يمينان تكفران ويمينان لا تكفران إبراهيم
النخعي من حديث سفيان الثوري عن أبي معشر * وذكره عبد العزيز بن مسلم عن أبي حصين عن مسلم عن أبي مالك [مالك] عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها
فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير [ابن وهب] عن عبد الله بن لهيعة والليث
ابن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سنان بن سعد الكندي عن أنس بن مالك أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليفعل
الذي هو خير وليكفر عن يمينه [قال مالك] والكفارة بعد الحنث أحب إلى
[ابن وهب] عن عبد الله بن عمر عن نافع قال كان عبد الله بن عمر عن نافع قال كان عبد الله بن عمر ربما حنث ثم
102

كفر وربما قدم الكفارة ثم يحنث
{ما جاء في الحلف بالله أو باسم من أسماء الله}
[قلت] أرأيت ان حلف الرجل باسم من أسماء الله أتكون أيمانا في قول مالك
مثل أن يقول والعزيز والسميع والعليم والخبير واللطيف هذه وأشباهها في قول مالك
كل واحدة منها يمين قال نعم [قلت] أرأيت ان قال والله لا أفعل كذا وكذا هذه
يمين (قال) نعم هي يمين عند مالك [قلت] أرأيت ان قال تالله لا أفعل كذا وكذا
أو لأفعلن كذا وكذا (قال) لم أسمع من مالك فيها شيئا وهي يمين كفرها [قلت]
أرأيت ان قال وعزة الله وكبرياء الله وقدرة الله وأماته الله (قال) هذه عندي أيمان كلها
وما أشبهها ولم أسمع من مالك فيها شيئا [قلت] أرأيت ان قال لعمر الله لأفعلن
كذا وكذا أتكون هذه يمينا في قول مالك (قال) نعم أراها يمينا ولم أسمع من مالك
فيها شيئا [ابن مهدي] عن حماد بن سلمة عن غير واحد عن الحسن قال تالله وبالله
يمين واحدة
{الرجل يحلف بعهد الله وميثاقه}
[قلت] أرأيت ان قال على عهد الله وذمته وكفالته وميثاقه (قال) قال مالك هذه
ايمان كلها الا الذمة فانى لا أحفظها من قوله (قال مالك) فان حلف بهذه فعليه في كل
واحدة يمين [قال] وقال مالك وان قال على عشر كفالات كان عليه عشرة ايمان
(قال مالك) وكذلك لو قال على عشرة مواثيق أو عشرة نذور أو أكثر من
ذلك أو أقل لزمه عند مالك عدد ما قال إن قال عشر فعشر كفارات وان قال
أكثر من ذلك فأكثر وان قال أقل من ذلك فأقل [قلت] أرأيت قوله
على عهد الله أو على ميثاق الله وقوله ميثاق الله وعهد الله أيكون هذا في الوجهين
جميعا في قول مالك أيمانا كلها قال نعم [قال ابن وهب] وأخبرني ابن أبي ذئب عن ابن
شهاب قال من عاهد الله على عهد فحنث فليتصدق بما فرض الله في اليمين وقاله ابن
103

عباس وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد وغيرهم من أهل العلم [ابن وهب] عن
سفيان الثوري عن فراس عن الشعبي قال إذا قال على عهد الله فهي يمين [ابن مهدي] عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن إبراهيم مثل ذلك
{في الرجل يحلف فيقول أقسم أو أحلف أو أشهد أو أعزم}
[قلت] أرأيت ان قال أشهد أن لا أكلم فلانا (قال) قال مالك لا شئ عليه وليكلمه
(قال ابن القاسم) إلا أن يكون أراد بقوله أشهد بالله يمينا مثل ما يقول أشهد بالله
فهي يمين [قلت] أرأيت ان قال أحلف أن لا أكلم فلانا أتكون هذه يمينا في
قول مالك (قال) سألت مالكا عن الرجل يقول أقسمت أن لا أفعل كذا وكذا قال
مالك إذا كان أراد بقوله أقسمت أي بالله فهي يمين لان المسلم لا يقسم الا بالله وإلا فلا يمين عليه فهذا الذي قال أحلف أن لا أكلم فلانا إن كان إنما أراد أنى أحلف
بالله فذلك عليه وهي يمين وإلا فلا شئ عليه لان مالكا قال في قوله أقسمت إن لم يرد
بالله فلا يمين عليه [قلت] أرأيت ان قال أشهد أن لا أفعل كذا وكذا أيكون هذا
يمينا في قول مالك (قال) لا إلا أن يكون أراد أشهد أي أشهد بالله فإن كان أراد بها
اليمين فهي يمين [قلت] أرأيت ان قال أعزم أن لا أفعل كذا وكذا أيكون هذا
يمينا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وليست بيمين [قلت] أرأيت
ان قال أعزم بالله أن لا أفعل كذا وكذا (قال) هذا لا شك فيه أنه يمين عندي [قلت]
أرأيت ان قال لرجل أعزم عليك بالله الا ما أكلت فأبى أن يأكل أيكون على العازم
أو المعزوم عليه كفارة في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى لا أرى
على واحد منهما شيئا لان هذا بمنزلة قوله أسألك بالله لتفعلن كذا وكذا فيأبى عليه
فلا شئ على واحد منهما [ابن مهدي] عن إسرائيل عن جابر الجعفي عن رجل
عن محمد بن الحنفية قال إذا أقسم رجل ولم يذكر الله فليس بشئ حتى يذكر الله
[ابن مهدي] عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن قال أقسمت وحلفت ليس
بيمين حتى يحلف بالله [ابن مهدي] عن إسرائيل عن إبراهيم بن المهاجر عن إبراهيم
104

النخعي قال إذا قال أقسمت عليك فليس بشئ وإذا قال الرجل أقسمت بالله فهي
يمين يكفرها [ابن وهب] عن عبد الله بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر كان
يرى القسم يمينا يكفرها إذا حنث [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي
حبيب عن القاسم بن محمد مثله [ابن وهب] عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي
نجيح عن مجاهد في قول الله وأقسموا بالله جهد أيمانهم قال هي يمين [ابن مهدي]
عن يزيد بن إبراهيم قال سمعت الحسن سئل عن رجل قال أشهد أن لا أفعل كذا
وكذا قال ليس بيمين [ابن مهدي] عن همام عن قتادة قال أرجو أن لا يكون يمينا
{الرجل يحلف يقول على نذر أو يمين}
[قلت] أرأيت ان قال على نذر (قال) هي يمين عند مالك [قلت] وسواء في قول
مالك ان قال على نذر أو قال لله على نذر سواء عند مالك قال نعم [قلت] أرأيت
ان قال على نذر ان فعلت كذا وكذا فحنث وهو ينوى بنذره ذلك صوما أو صلاة
أو حجا أو عمرة أو عتقا أو غير ذلك (قال) قال مالك ما نوى بنذره مما يتقرب به
إلى الله فذلك له لازم وله نيته [قال مالك] وإن لم تكن له نية فكفارته كفارة
يمين [قلت] أرأيت ان قال على نذر ولم يقل كفارة يمين أيجعلها كفارة يمين في
قول مالك (قال) نعم كذلك قال مالك [قلت] أرأيت ان قال على يمين ان فعلت
كذا وكذا ولم يرد به اليمين حين حلف ولا غير ذلك لم يكن له نية في شئ (قال) أرى
عليه اليمين وما سمعت من مالك فيه شيئا وإنما قوله على يمين كقوله على عهد أو على
نذر [قال ابن وهب] عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن إسماعيل بن رافع عن خالد
ابن سعيد أو خالد بن يزيد بن عقبة بن عامر الجهني أنه قال أشهد لسمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول من نذر نذرا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين (وقال) مالك
والليث ان كفارته كفارة يمين إذا لم يسم لنذره مخرجا من حج أو صوم أو صلاة
وقاله ابن عباس وجابر بن عبد الله ومحمد بن علي والقاسم بن محمد وعطاء والشعبي
ومجاهد وطاوس والحسن (وقال) ابن مسعود يعتق رقبة وقال أبو سعيد الخدري
105

وإبراهيم النخعي كفارة يمين
{ما جاء في الرجل يحلف بما لا يكون يمينا}
[قلت] أرأيت ان قال هو يهودي أو مجوسي أو نصراني أو كافر بالله أو برئ
من الاسلام ان فعل كذا وكذا أتكون هذه كلها أيمانا في قول مالك (قال) لا ليست
هذه أيمانا عند مالك ويستغفر الله مما قد قال [قلت] أرأيت ان قال الحل على الحرام
ان فعلت كذا وكذا أترى هذا يمينا (قال) لا يكون في الحرام يمين قال لي مالك
لا يكون في الحرام يمين في شئ من الأشياء لا في طعام ولا في شراب ولا في أم ولد
ان حرمها على نفسه ولا خادمه ولا عبده ولا فرسه ولا في شئ من الأشياء إلا أن
يحرم امرأته فيلزمه الطلاق وإنما ذلك في امرأته وحدها [قلت] أرأيت قوله
لعمري أيكون يمينا (قال) قال مالك لا يكون يمينا [قلت] أرأيت ان حلف الرجل
بحد من حدود الله كقوله هوزان هو سارق ان فعل كذا وكذا (قال) ليس عليه
شئ عند مالك [قلت] أرأيت ان حلف بشئ من شرائع الاسلام كقوله والصلاة
والصيام والزكاة والحج أن لا أفعل كذا وكذا فيفعله أتكون هذه أيمانا في قول
مالك (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أحدا يذكره عنه ولا أرى في هذا
شيئا [قلت] أرأيت ان قال الرجل أنا كافر بالله ان فعلت كذا وكذا أيكون هذا
يمينا في قول مالك (قال) قال مالك لا يكون هذا يمينا ولا يكون كافرا حتى يكون
قلبه مضمرا على الكفر وبئس ما صنع [قلت] أرأيت ان حلف فقال هو يأكل
لحم الخنزير أو لحم الميتة أو يشرب الدم أو الخمر ان فعل كذا وكذا أيكون شئ من
هذا يمينا في قول مالك أم لا (قال) لا يكون في شئ من هذا يمين عند مالك [قلت]
أرأيت ان قال إن فعلت كذا وكذا فأنا أترك الصلاة أيكون هذا يمينا (قال)
لا يكون هذا يمينا لان مالكا قال من قال أنا أكفر بالله فلا يكون ذلك يمينا
فكذلك هذا [ابن وهب] عن سفيان بن عيينة عن داود بن أبي هند عن الشعبي
عن مسروق قال آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرم فعوتب في التحريم وأمر
106

بالكفارة في اليمين [مالك بن أنس] عن زيد بن أسلم قال حرم رسول الله صلى
الله عليه وسلم أم إبراهيم فقال أنت على حرام ووالله لا أمسك فأنزل الله تعالى في
ذلك ما أنزل [ابن وهب] عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال إنما كفر
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه ولم يكفر لتحريمه [ابن وهب] عن عبد
ربه بن سعيد عن داود بن أبي هند عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حرم وحلف فأمره الله أن يكفر عن يمينه [ابن مهدي] عن عبد الواحد ان
أكل من لحم هذه البقرة قال أله امرأة قال قلت نعم قال لولا امرأته لأمرته أن
يأكل من لحمها [قلت] أرأيت لو أن رجلا قال لعنة الله عليه أو غضب الله عليه
ان فعلت كذا وكذا أيكون هذا يمينا في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا يكون
يمينا [قلت] أرأيت ان قال أحرمه الله الجنة وأدخله النار ان فعل كذا وكذا
أيكون هذا يمينا في قول مالك أم لا. قال لا [قلت] وكل دعاء دعا به على نفسه
لا يكون يمينا في قول مالك. قال نعم لا يكون يمينا [قلت] أرأيت الرجل يقول وأبى
وأبيك وحياتي وحياتك وعيشي وعيشك (قال مالك) هذا من كلام النساء وأهل
الضعف من الرجال فلا يعجبني هذا وكان مالك يكره الايمان كلها بغير الله [قلت]
هل كان مالك يكره للرجل أن يحلف بهذا القول والصلاة لا أفعل كذا وكذا أو
شيئا مما ذكرت لك (قال) كان مالك يكره ذلك لأنه كان يقول من حلف فليحلف
بالله وإلا فلا يحلف وكان يكره اليمين بغير الله ولقد سألنا مالكا عن الرجل يقول
رغم أنفي لله فقال لا يعجبني ذلك (قال مالك) ولقد بلغني أن عمر بن عبد العزيز قال
رغم أنفى لله الحمد لله الذي لم يمتني حتى قطع مدة الحجاج بن يوسف (قال مالك)
وما يعجبني أن يقول الرجل رغم أنفي لله (قال مالك) من كان حالفا فليحلف بالله
[ابن وهب] عن ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في
رجل قال عليه لعنة الله إن لم يفعل كذا وكذا قال لا أرى عليه عليه شيئا (قال) خالد وقال
107

عطاء في رجل قال أخزاه الله ان فعل كذا وكذا ثم فعله (قال) ليس عليه شئ (وقال)
الشعبي في رجل قال قطع الله يده أو رجله أو صلبه يحلف بالدعاء على نفسه فحنث
قال ليس عليه كفارة [ابن وهب] عن يزيد بن عطاء عن أبي إسحاق عن مصعب
ابن سعد عن أبيه قال حلفت باللات والعزى فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقلت اني حديث عهد بالجاهلية فحلفت باللات والعزى قال قل لا إله الا الله وحده
لا شريك له ثلاثا واستغفر الله ولا تعد [ابن مهدي] عن عبد الله بن المبارك عن
ابن أبي ذئب عمن سمع ابن المسيب وجاءه رجل فقال إني حلفت بيمين فقال وما هي
قال حلفت بيمين قال قلت الله لا إله إلا هو قال لا قال فقلت على نذر قال لا قال قلت
كفرت بالله قال نعم قال فقل آمنت بالله فإنها كفارة لما قلت [ابن مهدي] عن
عبيد الله بن جعفر الزهري عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة الزهري أن المسور
دخل وابنه جعفر يقول كفرت بالله أو أشركت بالله فقال المسور بن مخرمة سبحان
الله لا أكفر بالله ولا أشرك بالله شيئا وضربه فقال أستغفر الله وقال آمنت بالله
ثلاث مرات [ابن مهدي] عن أبي عوانة عن ليث عن عطاء وطاوس ومجاهد في
الرجل يقول علي غضب الله قال لم يكونوا يرون عليه كفارة يرون أنه أشد من ذلك
[ابن مهدي] عن رجال من أهل العلم أن نافعا حدثهم عن عبد الله بن عمر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع عمر يقول لا وأبى فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ان الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (وقال)
ابن عباس لرجل حلف بأبيه والله لان أحلف مائة مرة بالله ثم آثم أحب إلي من
أن أحلف بغيره واحدة ثم أبر [ابن وهب عن سفيان بن عيينة من مسعر بن
كدام عن وبرة أن عبد الله بن مسعود كان يقول لان أحلف بالله كاذبا أحب إلى من
أن أحلف بغيره صادقا
108

[قلت] أرأيت ان قال الرجل على نذر ان كلمت فلانا إن شاء الله (قال مالك) في
هذا لا شئ عليه. وهذا مثل الحالف بالله عند مالك (قال) ابن القاسم الاستثناء في
اليمين جائز وهذه يمين كفارتها كفارة اليمين بالله والاستثناء فيها جائز ولغو اليمين
أيضا يكون فيها وكذلك العهد والميثاق الذي لا شك فيه [قلت] أرأيت ان قال
والله لا أفعل كذا وكذا إن شاء الله ثم فعله (قال) قال مالك إن كان أراد بذلك
الاستثناء فلا كفارة عليه وإن كان أراد قول الله في كتابه ولا تقولن لشئ انى فاعل
ذلك غدا إلا أن يشاء الله ولم يرد الاستثناء فإنه يحنث [قلت] أرأيت ان حلف على
يمين ثم سكت ثم استثنى بعد السكوت (قال) لا ينفعه وكذلك قال لي مالك إلا أن
يكون الاستثناء نسقا متتابعا (فقلنا) لمالك فلو أنه لم يذكر الاستثناء حين ابتدأ اليمين
فلما فرغ من اليمين ذكرها فنسقها وتدارك اليمين بالاستثناء بعد انقضاء يمينه إلا أنه
بين ذلك صمات فلا ثنيا له ونزلت بالمدينة فأفتى بها مالك (وقال مالك) وان استثنى
في نفسه ولم يحرك به لسانه لم ينتفع بذلك [مالك بن أنس] عن نافع أن عبد الله
ابن عمر قال من قال والله ثم قال إن شاء الله ولم يفعل الذي حلف عليه لم يحنث (وأخبرني)
عن رجال من أهل العلم عن ابن مسعود وابن عباس وابن قسيط وعبد الرحمن بن
القاسم وزيد بن أسلم وابن شهاب وطاوس وعطاء بن أبي رباح ومجاهد مثله وقال
عطاء ما لم يقطع اليمين ويبرد [ابن المهدى] عن أبي عوانة عن الأعمش عن إبراهيم
قال إذا حلف الرجل فله أن يستثنى ما كان الكلام متصلا [ابن مهدي] عن
المغيرة في رجل حلف واستثنى في نفسه قال ليس عليه شئ [ابن مهدي] عن هشيم
عن محل قال سألت إبراهيم في رجل حلف واستثنى في نفسه فقال لا حتى يجهر
بالاستثناء كما يجهر باليمين
109

{في الذمي يحلف بالله ثم يحنث بعد اسلامه}
[قلت] أرأيت لو أن ذميا حلف بالله أن لا يفعل كذا وكذا فحنث
بها بعد اسلامه أيجب عليه الكفارة أم لا في قول مالك
(قال لا كفارة عليه عند مالك
{تم كتاب النذور الأول من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه}
{وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم}
{ويليه كتاب النذر الثاني}
110

بسم الله الرحمن الرحيم
{وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وسلم}
{كتاب النذور الثاني من المدونة الكبرى}
{في النذر في معصية أو طاعة}
[قال ابن القاسم] في النذور انه من نذر أن يطيع الله في صيام أو عتق أو صلاة أو
حج أو غزو أو رباط أو صدقة أو ما أشبه ذلك وكل عمل يتقرب به إلى الله فقال على
نذر أن أحج أو أن أصلى كذا وكذا أو أعتق كذا وكذا أو أتصدق بشئ يسميه
في ذلك كله فان ذلك عليه ولا يجزئه الا الوفاء به (حلف) فقال على نذر إن لم أعتق
رقبة أو إن لم أحج إلى بيت الله أو ما أشبه ذلك مما سميت لك حلف به فقال إن لم
أفعل كذا وكذا فعلي نذر فهو مخير ان شاء أن يفعل ما نذر من الطاعة فليفعل ولا
كفارة عليه وان أحب أن يترك ذلك ويكفر عن يمينه فليفعل. وإن كان لنذره ذلك أجل
مثل أن يقول على نذر إن لم أحج العام أو على نذر إن لم أغز العام أو إن لم أصم رجبا في
هذا العام أو إن لم أركع في هذا اليوم عشر ركعات فان فات ذلك الاجل في هذا كله
قبل أن يفعله فعليه الحنث ويكفر عن يمينه بكفارة اليمين إلا أن يكون جعل لنذره
مخرجا فعليه ذلك المخرج إذا حنث. وتفسير ذلك أن يقول على نذر صدقة دينار أو
عتق رقبة أو صيام شهر ان أنا لم أحج العام أو إن لم أغز العام أو ينوي ذلك أو مما أشبه
ذلك فإذا فات الاجل الذي وقت فيه ذلك الفعل فقد سقط عنه ذلك الفعل وقد
وجب عليه ما نذر له وما سمى وإن لم يجعل لنذره مخرجا فهو على ما فسرت لك يكفر
كفارة يمين * ومن نذر في شئ من المعاصي فقال على نذر إن لم أشرب الخمر أو إن لم
111

أقتل فلانا أو إن لم أزن بفلانة أو ما كان من معاصي الله فإنه يكفر نذره في ذلك إذا
قال إن لم أفعل فالكفارة كفارة اليمين إن كان لم يجعل لنذره مخرجا يسميه ولا
يركب معاصي الله. وإن كان جعل لنذره مخرجا شيئا مسمى من مشى إلى بيت الله
أو صيام أو ما أشبه ذلك فإنه يؤمر أن يفعل ما سمى من ذلك ولا يركب معاصي الله
فان اجترأ على الله وفعل ما قال من المعصية فان النذر يسقط عنه كان له مخرج أم لم
يكن له مخرج وقد ظلم نفسه ولله حسيبه (قال) وقوله لا نذر في معصية مثل أن يقول
على نذر أن أشرب الخمر أو قال على نذر شرب الخمر فهما بمنزلة واحدة لا يشربها ولا
كفارة عليه لأنه لا نذر في معصية الله وقد كذب ليس شرب الخمر مما ينذر لله ولا
يتقرب به لله وان قال علي نذر ان شربت الخمر فلا يشربها ولا كفارة عليه وهو علي
بر إلا أن يجترئ على الله فيشربها فيكفر يمينه بكفارة يمين إلا أن يكون جعل له
مخرجا سماه وأوجبه علي نفسه من عتق رقبة أو صيام أو صدقة أو ما أشبه ذلك
فيكون ذلك عليه مع ما سمى من ذلك إذا شربها * وان قال على نذر أن أفعل كذا وكذا
لشئ ليس لله بطاعة ولا معصية مثل أن يقول لله على أن أمشى إلى السوق أو إلى
بيت فلان أو ان أدخل الدار أو ما أشبه ذلك من الاعمال التي ليست لله بطاعة ولا لله
في فعلها معصية فإنه ان شاء فعل وان شاء ترك فان فعل فلا وفاء فيه وإن لم يفعل فلا
نذر فيه ولا شئ لان الذي ترك من ذلك ليس لله فيه طاعة فيكون ما ترك من ذلك
حقا لله تركه وهذا قول مالك [ابن وهب وعلى وابن القاسم] عن مالك عن طلحة
ابن عبد الملك عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من نذر أن
يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه [وأخبرني] عن رجال من أهل العلم
عن ابن عباس وابن عمرو بن العاص وطاوس وزيد بن أسلم ومصعب بن عبد الله
الكناني وعمر بن الوليد بن عبدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد يوم
الجمعة فخطب فحانت منه التفاتة فإذا هو بأبي إسرائيل رجل من بنى عامر بن لؤي قائما
في الشمس فقال ما شأن أبي إسرائيل فأخبروه فقال له استظل وتكلم واقعد
112

وصل وأتم صومك (وقال) طاوس في الحديث فنهاه عن البدع وأمره بالصلاة والصيام
[مالك] عن حميد بن قيس وثور بن زيد الديلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
رأى رجلا قائما في الشمس فقال ما بال هذا قالوا نذر أن لا يتكلم ولا يستظل ولا
يجلس وأن يصوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروه فليتكلم وليستظل وليجلس
وليتم صيامه (قال مالك) ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة وقد
أمره أن يتم ما كان لله فيه طاعة وأن يترك ما كان لله في معصية [قلت] أرأيت
الرجل يقول والله لأضربن فلانا أو لأقتلن فلانا (قال) يكفر يمينه ولا يفعل فان فعل
ما حلف عليه فلا كفارة عليه [قلت] أرأيت ان حلف فقال امرأته طالق أو عبده
حر أو عليه المشي إلى بيت الله إن لم أقتل فلانا أو إن لم أضرب فلانا (قال) أما المشي
فليمش ولا يضرب فلانا ولا يقتله وأما العتق والطلاق فإنه ينبغي للامام أن يعتق عليه
ويطلق عليه ولا ينتظر به فيئته وهذا قول مالك وان قتله أو ضربه في هذا كله قبل أن
يطلق عليه الامام أو يعتق عليه أو يحنث نفسه بالمشي إلى بيت الله فلا حنث عليه
[قلت] أرأيت الرجل يقول لامرأته والله لأطلقنك (قال) قال مالك ان طلق فقد
بر وإن لم يطلق فلا يحنث إلا أن يموت الرجل أو تموت المرأة. قال مالك فهو بالخيار
ان شاء طلق وان شاء كفر يمينه [قلت] ويجبر على الكفارة وإن لم يطلق في قول
مالك قال لا [قلت] ولا يحال بينه وبين امرأته في قول مالك قبل أن يكفر قال لا [قلت] أفيكون بهذا موليا في قول مالك قال لا [ابن مهدي] عن حماد بن زيد عن
ابن لعبد الله بن أبي قتادة قال سئل سعيد بن المسيب عن الرجل نذر أن لا يكلم أخاه
أو بعض أهله قال يكلمه ويكفر عن يمينه [ابن مهدي] عن عبد الله بن المبارك عن
معمر عن الزهري قال سمعت سعيد بن المسيب ورجالا من علمائنا يقولون إذا نذر
الرجل نذرا ليس فيه لله فليس له كفارة الا الوفاء به [ابن مهدي] عن
حماد بن سلمة عن أبي حمرة قال قالت امرأة لابن عباس انى نذرت أن لا أدخل على
أخي حتى أبكي على أبي فقال قال ابن عباس لا نذر في معصية الله كفري عن يمينك
113

وادخلي عليه قالت وما كفارته قال كفارة اليمين [ابن مهدي] عن حماد بن سلمة
عن أبي حمرة أن رجلا أتى ابن عباس وفى أنفه حلقه من فضة فقال إني نذرت أن
أجعلها في أنفي فقال ألقها ولم يذكر فيها كفارة [ابن مهدي] عن حماد بن سلمة
عن ثابت البناتي قال سألت ابن عمر قلت اني نذرت أن لا أدخل على أخي فقال لا نذر
في معصية الله كفر عن يمينك وادخل على أخيك [ابن مهدي] عن هشيم عن
المغيرة عن إبراهيم في رجل حلف أن لا يصل رحمه فقال يكفر عن يمينه ويصل
رحمه [ابن مهدي] عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال كل يمين في معصية
الله فعليه الكفارة
{في الرجل يحلف على أمر أن لا يفعله أو ليفعلنه}
[قلت] أرأيت ان قال والله لأضربن فلانا ولم يوقت لذلك أجلا أو وقت في ذلك
أجلا (قال) أما إذا لم يوقت في ذلك أجلا فليكفر عن يمينه ولا يضرب فلانا وان وقت
في ذلك أجلا فلا يكفر حتى يمضى الاجل لأني سألت مالكا عن الرجل يقول لامرأته
أنت طالق واحدة إن لم أتزوج عليك فأراد أن لا يتزوج عليها (قال مالك) يطلقها
تطلقة ويرتجعها ولا شئ عليه ولاني سمعت مالكا يقول في الذي يقول لامرأته
أنت طالق تطليقة إن لم أتزوج عليك إلى شهر قال مالك فهو على بر فليطأها فإذا
كان على بر فليس له أن يحنث نفسه قبل أن يحنث لأنه إنما يحنث حين يمضى الاجل
وان الذي لم يوقت الاجل إنما هو على حنث من يوم يحلف ولذلك قيل له كفر
[قلت] أرأيت ان قال والله لا أضرب فلانا (قال) هذا لا يحنث حتى يضرب فلانا
وأصل هذا كله في قول مالك أن من حلف على شئ ليفعلنه فهو على حنث حتى يفعله
لأنا لا ندري أيفعله أم لا ألا ترى أنه لو قال لامرأته أنت طالق إن لم أدخل دار
فلان أو إن لم أضرب فلانا فإنه يحال بينه وبين امرأته ويقال له افعل ما حلفت عليه والا
دخل عليك الايلاء فهذا يدلك على أنه على حنث حتى يبر لأنا لا ندري أيفعل ما حلف
عليه أم لا (قال) ومن حلف على شئ أن لا يفعله فهو على بر حتى يفعله ألا ترى أنه لو
114

حلف بالطلاق أن لا يدخل دار فلان انه لا يحال بينه وبين امرأته وكذلك قال مالك
فهذا يدلك على أنه على بر حتى يحنث وهذا كله قول مالك
{الرجل يحلف في الشئ الواحد يردد فيه الايمان}
[قلت] أرأيت لو قال لأربع نسوة له والله لا أجامعكن فجامع واحدة منهن
أيكون حانثا في قول مالك قال نعم [قلت] فله أن يجامع البواقي قبل أن يكفر (قال)
قد كان له أن يجامعهن كلهن قبل أن يكفر وإنما يجب عليه كفارة واحدة عند مالك
في جماعهن كلهن أو في جماع واحدة منهن [قلت] أرأيت ان قال والله لا أدخل
دار فلان والله لا أكلم فلانا والله لا أضرب فلانا ففعل ذلك كله ماذا يجب عليه في
قول مالك (فقال) يجب عليه ثلاثة أيمان في كل واحدة كفارة يمين [قلت] فان قال
والله لا أدخل دار فلان ولا أكلم فلانا ولا أضرب فلانا ففعل ذلك كله (قال) كفارة
واحدة تجزئه عند مالك [قلت] فان فعل واحدة من هذه الخصال الثلاث فقد
حنث وليس عليه فيما فعل منها بعد ذلك شئ [قلت] لم أحنثته في فعله في الشئ
الواحد من هذه الأشياء في قول مالك (قال) لأنه كأنه قال والله لا أقرب شيئا من هذه
كفارة يمين واحدة في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت الرجل يحلف أن لا يدخل
دار فلان ثم يحلف بعد ذلك في مجلس آخر أنه لا يدخل دار فلان لتلك الدار بعينها
التي حلف عليها أول مرة (قال) قال مالك إنما عليه كفارة واحدة [قلت] وان نوى
يمينين أو لم تكن له نية (قال) إذا لم يكن له نية فهي يمين واحدة وإن كان نوى يمينين
فكفارتان مثل ما ينذرهما لله عليه فأرى ذلك عليه ولم أسمع هذا من مالك هكذا
[قلت] أرأيت ان قال والله لا أفعل كذا وكذا ثم يحلف على ذلك الشئ بعينه أيضا
بحجة أو بعمرة أن لا يفعله ثم يفعله (قال) يحنث في ذلك ويلزمه ذلك كله [قلت] وهذا
قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان قال والله لا أكلم فلانا والله لا أكلم فلانا
والله لا أكلم فلانا وفلان هذا إنما هو في أيمانه كلها رجل واحد ثم قال إنما أردت ثلاثة
115

أيمان أيكون عليه كفارات ثلاث أم كفارة واحدة (قال ابن قاسم) إنما قال مالك
من حلف بالله مرارا فليس عليه الا كفارة واحدة (قال ابن القاسم) فان قال
أردت بأيماني هذه ثلاثة أيمان لله على كالنذور رأيت ذلك عليه لان مالكا قال من
قال لله على نذر ثلاثة أو أربعة فهذه ثلاثة أيمان أو أربعة أيمان فكذلك هذا إذا قال
أردت ثلاث أيمان لله على كالنذور فيكون ذلك عليه [قلت] أرأيت ان قال أردت
ثلاثة أيمان ولم يقل لله على أيكون ذلك عليه قال نعم [قلت] أرأيت ان نوى باليمين
الثانية غير اليمين الأولى أو باليمين الثالثة غير اليمين الأولى والثانية أيكون عليه ثلاثة
أيمان (قال) لا يكون ذلك أبدا إلا يمينا واحدة إلا أن يريد بها محمل النذور ثلاثة أيمان
تكون عليه فيكون كما وصفت لك [ابن مهدي] عن همام عن قتادة عن الحسن قال
إذا حلف على يمين واحدة في شئ واحد في مقاعد شتى فعليه كفارة واحدة [ابن مهدي] عن عبد الله بن المبارك عن عبد الملك عن عطاء في رجل حلف عشرة
أيمان ثم حنث قال إن كان في أمر واحد فكفارة واحدة [ابن مهدي] عن
عبد الله بن المبارك عن هشام بن عروة عن أبيه في رجل حلف في أمر واحد مرتين
أو ثلاثا قال عروة فعليه كفارة واحدة [ابن مهدي] عن عبد الواحد بن زياد
عن ابن جريج عن عطاء في الرجل يحلف على الشئ الواحد أيمانا ستة قال عليه لكل
يمين كفارة [ابن مهدي] عن عبد الله بن المبارك عن ابن جريج قال إذا حلف
الرجل على أمر واحد لقوم شتى وحلف عليه ايمانا فنوى بها يمينا واحدة بالله ففي ذلك
كفارة واحدة وان حلف على أمر واحد أيمانا شتى فكفارتين ان حنث
{ما جاء في الكفارات قبل الحنث}
[قلت] أرأيت ان حلف بالله فأراد أن يكفر قبل الحنث أيجزئ ذلك عنه أم لا
(قال) أما قولك يجزئ عنه فانا لم نوقف مالكا عليه إلا أنه كان يقول لا تجب عليه
الكفارة الا بعد الحنث قال مالك ولا أحب لاحد أن يكفر الا بعد الحنث قال مالك ولا أحب لاحد أن يكفر الا بعد الحنث واختلفنا
في الايلاء أيجزئ عنه إذا كفر قبل الحنث أم لا يجزئ عنه فسألنا مالكا عنه فقال
116

مالك أعجب إلى أن لا يكفر الا بعد الحنث فان فعل أجزأ ذلك عنه واليمين بالله أيسر
من الايلاء أراها مجزئة عنه ان هو كفر قبل الحنث [قلت] أرأيت من حلف
فصام وهو معسر قبل أن يحنث فحنث وهو موسر (قال) إنما سألنا مالكا فيمن كفر
قبل أن يحنث فرأى أن ذلك مجزئ عنه وكان أحب إليه أن يكفر بعد الحنث فالذي
سألت عنه مثله وهو مجزئ عنه وإنما وقفنا مالكا على الكفارة قبل الحنث في
الايلاء فقال بعد الحنث أحب إلى ورآه مجزئا عنه ان فعل. فأما الايمان بالله في غير
الايلاء فلم نوقف مالكا عليها وقد بلغني عنه أنه قال إن فعل رجوت أن يجزئ عنه
[مالك بن أنس] عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل
الذي هو خير [ابن وهب] عن عبد الله بن عمر عن نافع قال كان ابن عمر ربما
حنث ثم كفر وربما قدم الكفارة ثم حنث (قال) وسمعت مالكا يقول الحنث قبل
الكفارة أحب إلى وان كفر ثم حنث لم أر عليه شيئا
{الرجل يحلف أن لا يفعل الشئ حينا أو زمانا أو دهرا}
[قلت] أرأيت ان قال والله لأقضينك حقك إلى حين كم الحين عند مالك (قال) قال
مالك الحين سنة [قلت] وكم الزمان قال سنة أيضا [قلت] وكم الدهر (قال) بلغني
عنه ولم أسمعه منه أنه قال أيضا سنة (وقال) ربيعة الدهر سنة والزمان سنة [وذكر]
ابن وهب عن مالك أنه شك في الدهر أن يكون سنة وأما الحين والزمان فقال
سنة وقال لي ربيعة ومالك قال الله تبارك وتعالى تؤتي أكلها كل حين باذن ربها فهو
سنة [ابن مهدي] عن أبي الأحوص عن عطاء بن السائب عن رجل منهم
قال قلت لابن عباس انى حلفت أن لا أكلم رجلا حينا فقال ابن عباس تؤتى أكلها
كل حين باذن ربها الحين السنة
117

{ما جاء في كفارة العبد عن يمينه}
[قلت] أرأيت العبد إذا حنث في اليمين بالله أيجزئه أن يكسو السيد عنه أو يطعم
(قال) قال مالك الصيام أحب إلى وان اذن له السيد فأطعم أو كسا فما هو عندي
بالبين وفى قلبي منه شئ والصيام أحب إلى (قال) ابن القاسم وأرجو أن يجزئ
عنه ان فعل وما هو عند بالبين وأما العتق فإنه لا يجزئه [قلت] كم يصوم العبد
في كفارة اليمين قال مثل صياح الحر [قلت] والعبد في جميع الكفارات مثل الحر في
قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت من حنث في اليمين بالله وهو عبدا فأعتق فأيسر
فأراد أن يعتق عن يمينه أيجزئه أم لا (قال) هو مجزئ عنه ولم أسمع من مالك فيه
شيئا وإنما يمنع العبد أن يعتق وهو عبد لان الولاء يكون لغيره [ابن مهدي]
عن سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد قال ليس على العبد الا الصوم
والصلاة [ابن مهدي] عن حماد بن سلمة أنه بلغه عن إبراهيم النخعي في العبد
يظاهر من امرأته قال يصوم ولا يعتق
[ما جاء في تنقية كفارة اليمين}
[قال] وسئل مالك عن الحنطة في كفارة اليمين أتغربل (فقال) إذا كانت نقية
من التراب والتبن فأراها تجزئ وان كانت مغلوثة بالتبن والتراب فإنها لا تجزئ
حتى يخرج منها ما فيها من التراب والتبن
{في اطعام كفارة اليمين}
[قلت] كم اطعام المساكين في كفارة اليمين (قال) قال مالك مد مد لكل
مسكين (قال مالك) وأما عندنا هاهنا فليكفر بمد النبي صلى الله عليه وسلم في اليمين
بالله مدا مدا وأما أهل البلدان فان لهم عيشا غير عيشنا فأرى أن يكفروا بالمد
الأوسط من عيشهم لقول الله تعالى من أوسط ما تطعمون أهليكم [قلت] ولا ينظر
فيه في البلدان إلى مد النبي صلى الله عليه وسلم فيجعله مثل ما جعله في المدينة (قال)
118

هكذا فسر لنا مالك كما أخبرتك وأنا أرى ان كفر بالمد مد النبي صلى الله عليه وسلم
فإنه مجزئ عنه حيثما كفر به [قلت] وما يظن أن مالكا أراد بهذا في الكفارة
(قال) أراد به القمح [قلت] ولا يجزئ أن يعطى العروض مكان هذا الطعام وإن كان
مثل ثمنه (قال) نعم لا يجزئ عند مالك [قلت] أيجزئ أن يغديهم ويعشيهم
في كفارة اليمين بالله (قال) قال مالك عندي ان غدى وعشى أجزأه ذلك (قال) وسألنا
مالكا عن الكفارة أغداء وعشاء أم غداء بلا عشاء أو عشاء بلا غداء قال بل غداء
وعشاء [قلت] كيف يطعمهم الخبز قفارا أو يطعمهم الخبز والملح أو الخبز والإدام
(قال) بلغني عن مالك أنه قال الزيت والخبز (قلت] أرأيت ان غدى الفطيم من
الكفارة أيجزئ عنه (قال) سألنا مالكا هل يعطى الفطيم من الكفارة فقال نعم
[مالك] عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يكفر عن يمينه باطعام عشرة مساكين
لكل مسكين منهم مد من حنطة قال وانه كان يعتق المرار إذا أكد اليمين [قال
ابن وهب] وأخبرني رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن
عياش بن أبي ربيعة المخزومي وزيد بن ثابت ويحيى بن سعيد وغيرهم من أهل العلم
في اطعام المساكين مد من حنطة لكل انسان (قال) وقال ذلك أبو هريرة وابن
المسيب وابن شهاب (وقال مالك) سمعت أن اطعام الكفارات في الايمان مد بمد
النبي صلى الله عليه وسلم لكل انسان وان اطعام الظهار لا يكون الا شبعا لان اطعام
الايمان فيه شرط ولا شرط في اطعام الظهار [مالك بن أنس] عن يحيى بن سعيد
بالمد الأصغر رأوا أن ذلك مجزئ عنهم (وقال) القاسم وسالم مد مد [ابن مهدي]
عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي يزيد المدني عن ابن عباس قال مد من حنطة فان
في ريعه ما يأتدمه [ابن مهدي] عن زمعة بن صالح عن ابن طاوس عن أبيه قال
قدر ما يمسك بعض أهله غداؤه وعشاؤه [ابن مهدي] عن ابن المبارك عن عبد
الله بن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم بن محمد وسالما فقالا غداء وعشاء
119

[ابن مهدي] عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال إذا اجتمع عشرة مساكين
أطعمهم خبزا مأدوما بلحم أو بسمن أو بلبن. وقال الحسن وابن سيرين ان شاء أطعمهم
خبزا ولحما وخبزا ولبنا أو خبزا وزيتا [قلت]
أرأيت الرجل يحلف باليمين بالله في
أشياء شتى فحنث أيجزئه أن يطعم عشرة مساكين عن هذه الايمان كلها في قول مالك
(قال) سئل مالك عنها وأنا أسمع عن الرجل تكون عليه كفارة يمينين فيطعم عشرة
مساكين عن يمين واحدة ثم أراد من الغد أن يطعم عن الأخرى فلم يجد غيرهم
أيطعمهم عن اليمين الأخرى (قال) ما يعجبني ذلك وليلتمس غيرهم [قلت] فإن لم
يجد غيرهم حتى مضت أيام (قال) وان مضت لهم أيام فهو الذي سألنا مالكا عنه فلا
يفعل [ابن مهدي] عن سفيان الثوري عن جابر قال سألت الشعبي عن الرجل
يتردد على مسكينين أو ثلاثة فكرهه [ابن مهدي] عن محمد بن عبيد عن
يعقوب بن قيس عن الشعبي في رجل ظاهر من امرأته فسأله أيعطى أهل بيت
فقراء وهم عشرة اطعام ستين مسكينا فقال لا بل اطعام ستين مسكينا كما أمركم الله
الله أعلم بهم وأرحم
{ما جاء في اطعام الذمي والعبد وذوي القربى من الطعام}
[قلت] أرأيت أهل الذمة أنطعمهم في الكفارة (قال) لا يطعمهم منها شيئا ولا
من شئ من الكفارات ولا العبيد وان أطعمهم لم يجز عنه [قلت] أرأيت ان
كسا أو أطعم عبد رجل محتاج أيجزئ عنه في قول مالك أم لا (قال) لا يجزئ عنه
لان مالكا قال لا يجزئ أن يطعم عبدا [قلت] ويجزئ أن يطعم في الكفارات أم
ولد رجل فقير (فقال) لا يجزئ لأنها بمنزلة العبد [قلت] أرأيت ان أطعم غنيا وهو
في كتابه عشرة مساكين وهذا الغنى ليس بمسكين فقد تبين له أنه قد أعطى غير
أهله الذين فرض الله لهم الكفارة فهو لا يجزئه [قلت] أرأيت من له المسكن
والخادم أيعطى من كفارة اليمين أم لا (فقال) سألت مالكا عن الزكاة أيعطى منها
120

من له المسكن والخادم فقال أما من له المسكن الذي لا فضل في ثمنه والخادم التي يكف
بها عن الناس وجه أهل البيت التي لا فضل في ثمنها فأرى أن يعطى من الزكاة. فأرى
أنا كفارة اليمين بهذه المنزلة لان الله تبارك وتعالى في الاطعام في الكفارة عشرة
مساكين وقال في الزكاة إنما الصدقات للفقراء والمساكين فهم هاهنا مساكين
وهاهنا مساكين فالامر فيهما واحد في هذا [قلت] أرأيت ان أطعم ذا رحم محرم
أيجزئه في الكفارة في قول مالك (قال) سألنا مالكا عن الرجل يجب عليه الكفارة
أيعطيها ذا قرابة ممن لا تلزمه نفقتهم قال لا يعجبني ذلك [قلت] فان أعطاهم أيجزئه
ذلك أم لا (قال) أرى إن كان فقيرا أن يجزئه [قلت] وجميع الكفارات في هذا
سواء (قال) الذي سألت عنه مالكا إنما هو عن كفارة اليمين فأراها كلها والزكاة في
هذا سواء لأنه محمل واحد [ابن وهب] قال وأخبرني ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن نافع أنه لا يطعم نصراني في كفارة يمين (قال) وقال ربيعة وغيره من
أهل العلم انه لا يعطى منها يهودي ولا نصراني ولا عبد شيئا وقال الليث مثله [ابن مهدي] عن إسرائيل عن جابر عن الحكم قال لا يتصدق عليهم وقال الحكم لا يجزئ
الا مساكين مسلمون [ابن مهدي] عن حماد بن زيد قال سألت أيوب عن الأخ
أيعطيه من كفارة اليمين قال أمن عياله قلت لا قال نعم [قلت] فهل يعلم أحد من
القرابة لا يعطى قال الغنى [قلت] فالأب (قال) لا يعطى وقد كره ابن المسيب
ومالك اعطاء القريب من الزكاة
{في تخيير المكفر في كفارة اليمين}
[قلت] أرأيت من حلف في اليمين بالله أهون مخير في أن يكسو أو يطعم أو يعتق
في قول مالك قال نعم [قلت] فإن لم يقدر على شئ صام قال نعم [قلت] وهل
يجوز له أن يصوم وهو يقدر على أن يطعم أو يكسو أو يعتق (قال) لا يجزئه أن يصوم
وهو يقدر على شئ من ذلك [وأخبرني] ابن وهب عن عثمان بن الحكم الجذامي
عن يحيى بن سعيد أن قال في كفارة الايمان هو مخير ان شاء أطعم وان شاء كسا وان
121

شاء أعتق فإن لم يجد شيئا من هذه الثلاثة صام ثلاثة أيام وقال ابن شهاب مثله. وقال
ابن المسيب وغيره من أهل العلم مثله وقالوا كل شئ في القرآن أو أو فصاحبه مخير
أي ذلك شاء فعل [ابن مهدي] عن سفيان عن ليث عن ابن عباس قال كل شئ
في القرآن أو أو فهو مخير وما كان مما لم يجد يبدأ بالأول فالأول وقاله عطاء بن أبي
رباح (وقال) أبو هريرة إنما الصيام لمن لم يجد في كفارة اليمين
{في الصيام في كفارة اليمين}
[قلت] أرأيت الصيام أمتتابع أم لا في قول مالك (قال) ان تابع فحسن وإن لم يتابع
أجزأ عنه عند مالك [قلت] أرأيت ان أكل في صيام كفارة اليمين أو شرب ناسيا
(قال) قال مالك يقضى يوما مكانه [قلت] أرأيت ان صامت امرأة في كفارة
اليمين فحاضت. قال تبنى عند مالك [قلت] أرأيت ان صام في كفارة اليمين في أيام
التشريق (قال) لا يجزئ عنه إلا أن يصوم آخر يوم منها فعسى أن يجزئه وما يعجبني
أن يصومه فان صامه أجزأ عنه لأني سمعت مالكا يقول من نذر صيام آخر يوم من
أيام التشريق فليصمه ومن نذر صيام أيام النحر فلا يصمها (قال مالك) ولا أحب
لاحد أن يبتدئ صياما وإن كان واجبا عليه في آخر أيام التشريق [مالك بن
أنس] عن حميد عن مجاهد عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ فصيام ثلاثة أيام
متتابعات ذلك كفارة أيمانكم [ابن مهدي] عن سفيان عن ليث عن مجاهد قال
كل صيام في القرآن متتابع الا قضاء رمضان [ابن مهدي] عن أبي عوانة عن
المغيرة عن إبراهيم قال في قراءة عبد الله فصيام ثلاثة أيام متتابعات [ابن مهدي]
عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح قال سئل طاوس عن صيام كفارة اليمين هل
تفرق فقال مجاهد يا أبا عبد الرحمن في قراءة ابن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات
[ابن مهدي] عن الحجاج عن عطاء أنه كأن لا يرى بتفريقهن بأسا (وقال) إبراهيم
النخعي إذا كان على المرأة شهران فأفطرت من حيض فلا بد من الحيض
فإنها تقضى ما أفطرت وتصله
122

{في كفارة الموسر بالصيام}
[قلت] أرأيت من كان ماله غائبا عنه أيجزئه أن يكفر كفارة اليمين بالصيام (قال)
لا ولكن ليتسلف [قلت] أتحفظه عن مالك قال لا [قلت] أرأيت ان حنث
في يمينه فأراد أن يكفر وله مال وعليه دين مثله أيجزئه أن يصوم في قول مالك (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إذا كان عليه من الدين مثل جميع ما في يديه ولا
مال له غيره أجزأه الصوم [قلت] أرأيت ان كانت له دار يسكنها أو خادم يخدمه
أيجزئه الصوم في قول مالك في كفارة اليمين أم لا. قال لا يجزئه [قلت] أرأيت
من كان عليه ظهار وعنده دار أو خادم أيجزئه الصوم أم لا (قال) لا يجزئه وإنما جعل
الله الصوم لمن لم يجد كفارة اليمين كما جعل الصيام في الظهار لمن لم يجد عتق رقبة
[ابن مهدي] عن سفيان عن جابر بن الحكم في رجل عليه رقبة وله رقبة ليس له
غيرها قال يعتقها
{ما جاء في كفارة اليمين بالكسوة}
[قلت] أرأيت الرجال كم يكسوهم في قول مالك (قال) ثوبا ثوبا [فقلت] فهل
تجزئ العمامة وحدها (قال) لا يجزئ الا ما تحل فيه الصلاة لان مالكا قال في المرأة
لا يجزئ أن يكسوها في كفارة اليمين الا ما يحل لها الصلاة فيه الدرع والخمار
[ابن وهب] عن يونس عن ابن شهاب قال ثوبا لكل مسكين في كفارة اليمين
[ابن وهب] عن رجال من أهل العلم عن مجاهد وسعيد بن المسيب ويحيى بن
سعيد وغيرهم من أهل العلم مثله [ابن مهدي] عن سفيان الثوري وشعبة عن
المغيرة عن إبراهيم قال ثوب جامع [ابن مهدي] عن سفيان عن يونس عن الحسن
قال ثوبان [ابن مهدي] عن سفيان عن أبي داود بن هند عن سعيد بن المسيب قال
عمامة يلف بها رأسه وعباءة يلتحف بها [سحنون] وإنما ذكرت هذا لقول مالك
ثوبان للمرأة لأنه أدنى ما تصلى به
123

{في كفارة اليمين بالعتق}
[قلت] أرأيت المولود والرضيع هل يجزئان في عتق كفارة اليمين (قال) قال مالك
من صلى وصام أحب إلي وإن لم يجد غيره مكان ذلك من قصر النفقة رجوت أن
يجزئ عنه (وقال مالك) والأعجمي الذي قد أجاب عندي كذلك الذي قد أجاب إلى
الاسلام وغيره أحب إلي فإن لم يجد غيره أجزأ عنه [قلت] وما وصفت لي من
الرقاب في كفارة الظهار هل يجزئ في اليمين بالله (قال) سألت مالكا عن العتق في
الرقاب الواجبة وما أشبهها فمحملها كلها عنده سوى كفارة اليمين وكفارة الظهار
وغيرهما سواء يجزئ في هذا كله ما يجزئ في هذا [قلت] أرأيت أقطع اليد
والرجل أيجزئ عند مالك (قال) سئل مالك عن الأعرج فكرهه مرة وآخر قوله
أنه قال إذا كان عرجا خفيفا فإنه جائز وإن كان عرجا شديدا فلا يجزئ والا قطع
الذي لا شك فيه أنه لا يجزئ [قلت] أرأيت المدبر والمكاتب وأم الولد والمعتق
إلى سنين هل يجزئ في الكفارة (قال) لا يجزئ عند مالك في الكفارة شئ من
هؤلاء [قلت] فان اشترى أباه أو ولده أو ولد ولده أو أحدا من أجداده أيجزئ
أحد من هؤلاء في الكفارة (قال) سألنا مالكا عنه فقال لا يجزئ في الكفارة أحد
ممن يعتق عليه إذا ملكه من ذوي القرابة لأنه إذا اشتراه لا يقع له عليك ملك إنما
يعتق باشترائه إياه (قال مالك) ولا أحب له أن يعتق في عتق واجب الا ما كان
يملكه بعد ابتياعه ولا يعتق عليه [قلت] أرأيت الرجل يقول لرجل أعتق عنى
عبدك في كفارة اليمين أو كفر عنى فيعتق عنه أو يطعم أو يكسو (قال) ذلك يجزئه
عند مالك [قلت] فان هو كفر عنه من غير أن يأمره (قال) ما سمعت من مالك
فيه شيئا وأراه يجزئ ألا ترى أن الرجل يموت وعليه كفارة من ظهار أو غير ذلك
فكفر عنه أهله أو غيرهم فيجوز ذلك [قلت] وهذا قول مالك أنه يجزئه (قال) نعم في
الميت هو قوله [قلت] أرأيت ان اشترى الرجل امرأته وهي حامل منه أتجزئ
عنه في شئ من الكفارات إذا أعتقها قبل أن تضع في قول مالك (قال) لا تجزئ عنه
124

لان مالكا جعلها أم ولد بذلك الحمل حين اشتراها [ابن وهب] عن يونس عن
ابن شهاب أنه قال في المدبر لا يجزئ (وقال) عبد الجبار عن ربيعة لا يجزئ المكاتب
ولا أم ولد في شئ من الرقاب الواجبة وقاله الليث بن سعد (وقال) ابن شهاب
ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء في المرضع انه يجزئ في الكفارة
[مالك بن أنس] وسفيان بن عيينة ويونس بن شهاب عن عبيد الله بن عبد
الله بن عتبة بن مسعود أن رجلا من الأنصار أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بوليدة سوداء فقال يا رسول الله ان على رقبة مؤمنة فإن كانت تراها مؤمنة أعتقها
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدين أن لا إله إلا الله فقالت نعم قال
أتشهدين أن محمدا رسول الله قالت نعم قال أفتوقنين بالبعث بعد الموت قالت نعم قال
أعتقها [مالك بن أنس] عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم
أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن لي جارية كانت ترعى غنما لي ففقدت شاة من
الغنم فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت وكنت من بني آدم فلطمت وجهها
وعلى رقبة أفأعتقها فإنها مؤمنة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله فقالت
هو في السماء فقال من أ نا فقالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة [وقال
مالك] أحسن ما سمعت في الرقاب الواجبة أنه لا يشتريها الذي يعتقها بشرط على
أن يعتقها لان تلك ليست برقبة تامة وفيها شرط يوضع عنه من ثمنها. قال مالك ولا بأس
أنه يشترى المتطوع (قال مالك) وبلغني أن عبد الله بن عمر سئل عن الرقبة الواجبة هل
تشترى بشرط فقال لا (وقال) الحسن والشعبي لا يجزئ الأعمى وقاله النخعي أيضا
(وقال عطاء) لا يجوز عرج ولا أشل ولا صبي لم يولد في الاسلام من حديث ابن مهدي عن بشر بن منصور عن ابن جريج عن عطاء (وقال) سفيان عن المغيرة عن إبراهيم
وجابر عن الشعبي قال لا تجوز أم الولد في الواجب (ابن المبارك) عن الأوزاعي قال
سئل إبراهيم النخعي عن المرضع هل تجوز في كفارة الدم قال نعم [ابن وهب] عن
عبد الجبار عن ربيعة أنه قال لا يجزئ عنه الا مؤمنة (وقال) عطاء لا تجوز الا مؤمنة
125

صحيحة (وقال يحيى بن سعيد لا يجوز أشل ولا أعمى (وقال) ابن شهاب لا يجوز
أعمى ولا أبرص ولا مجنون
{ما جاء في تفرقة كفارة اليمين}
[قلت] أرأيت ان كسا أو أعتق أو أطعم عن ثلاثة أيمان ولم ينو الاطعام عن
واحدة من الايمان ولا الكسوة ولا العتق إلا أنه نوى بذلك الايمان كلها (قال) يجزئه
عند مالك لأن هذه الكفارات كلها إنما هي عن الايمان التي كانت بالله فهي تجزئه
[قلت] وكذلك إذا أعتق رقبة ولم ينو عن ايمانه كلها إلا أنه نوى بعتقها عن احدى
هذه الايمان وليست بعينها وقد كانت أيمانه تلك كلها بأشياء مخلفة إلا أنها كلها بالله
أيجزئه في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان أطعم خمسة مساكين وكسا خمسة
أيجزئه (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا يجزئه لان الله قال فإطعام عشرة
مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام
ثلاثة أيام فلا يجزئه أن يكون بعض هذا إلا أن يكون نوعا واحدا
{ما جاء في الرجل يعطى المساكين قيمة كفارة يمينه}
[قلت] أرأيت ان أعطى المساكين قيمة الثياب أيجزئه أم لا (قال) لا يجزئ عند
مالك [ابن مهدي] عن سفيان عن جابر قال سألت عامرا الشعبي عن رجل حلف
على يمين فحنث هل يجزئ عنه أن يعطى ثلاثة مساكين أربعة دراهم. فقال لا يجزئ
عنه إلا أن يطعم عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم
{ما جاء في بنيان المساجد وتكفين الميت من كفارة اليمين}
[قلت] أرأيت ان أعطى من كفارة يمينه في أكفان الموتى أو في بنيان المساجد
أو في قضاء دين الميت أو في عتق رقبة أيجزئه في قول مالك (قال) لا يجزئه عند مالك
ولا يجزئه الا ما قال الله تعالى فإطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم
أو كسوتهم أو تحرير رقبة فلا يجزئه الا ما قال الله ثم قال وما كان ربك نسيا
126

{في الرجل يشترى كفارة يمينه أو توهب له}
[قلت] أرأيت ان وهبت له كفارته أو تصدق بها عليه أو اشتراها أكان مالك
يكره له ذلك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن مالكا كان يكره للرجل
أن يشترى صدقة التطوع فهذا أشد كراهية وذلك رأيي [قلت] وكان مالك يكره
أن يقبل الرجل صدقة التطوع (قال) نعم وقد جاء هذا عن عمر بن الخطاب وغيره
وهذا مثبت في كتاب الزكاة
{الرجل يحلف أن لا يأكل طعاما فيأكل بعضه أو يشربه}
{أو يحوله عن حاله تلك إلى حال أخرى فيأكله}
[قلت] أرأيت ان قال والله لا آكل هذا الرغيف فأكل بعضه أيحنث في قول
مالك (قال) قال مالك نعم [قلت] أرأيت ان حلف ليأكلن هذه الرمانة فأكل نصفها
أيحنث أم لا يحنث [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان حلف
ليأكلن هذا الرغيف اليوم فأكل اليوم نصفه وغدا نصفه (قال) أراه حانثا ولم أسمع
من مالك في هذه الأشياء شيئا ولكنا نحمل الحنث على من قد وجدناه حانثا في حال
[قلت] أرأيت الرجل يحلف أن لا يأكل هذا الدقيق فأكل خبزا من خبز ذلك
الدقيق أيحنث أم لا في قول مالك أو حلف أن لا يأكل هذه الحنطة أو من هذه
الحنطة فأكل سويقا عمل من تلك الحنطة أو خبزا خبز من تلك الحنطة أو الحنطة
بعينها صحيحة أو أكل الدقيق بعينه أيحنث أم لا في هذا كله في قول مالك (قال ابن
القاسم) هذا حانث في هذا كله لان هذا هكذا يؤكل [قلت] أرأيت ان حلف أن
لا يأكل من هذا الطلع فأكل منه بسرا أو رطبا أو تمرا أيحنث في قول مالك (قال) ان كانت نيته أن لا يأكل من الطلع بعينه وليس نيته على غيره فلا شئ عليه وإن لم تكن له نية فلا يقربه [قلت] أتحفظه عن مالك قال لا [قلت] أرأيت ان حلف
أن لا يأكل من هذا اللبن فأكل من جبنه أو من زبده (قال) هذا مثل الأول ان
127

لم تكن له نية كما أخبرتك فهو حانث [قلت] أرأيت ان حلف فقال والله لا آكل
من هذه الحنطة فزرعت فأكل من حب خرج منها (قال) قال مالك في الذي يحلف
أن لا يأكل من هذا الطعام فبيع فاشترى من ثمنه طعام آخر (قال) قال مالك لا
يأكل منه إذا كان على وجه المن وإن كان لكراهية الطعام وخبثه ورداءته أو لسوء
صنعته قال مالك فلا أرى به بأسا فقس مسألتك في هذا الزرع على هذا إن كان على
وجه المن فلا يأكل مما يخرج منها وإن كان لرداءة الحب فلا بأس أن يأكل مما يخرج
منها [قلت] أرأيت ان حلف أن لا يشرب هذا السويق فأكله أيحنث (قال)
إن كان إنما كره شربه لأذى كان يصيبه منه مثل المغص يصيبه عليه أو النفخ أو لشئ
يؤذيه فلا أراه حانثا ان هو أكله وإن لم تكن له نية فأكله أو شربه حنث [قلت]
أرأيت ان قال والله لا آكل هذا اللبن فشربه أيحنث في قول مالك أم لا (قال) قد
أخبرتك في هذه الأشياء إن لم تكن له نية حنث وان كانت له نية فله نيته [قلت]
أرأيت ان حلف أن لا يأكل سمنا فأكل سويقا ملتوتا بسمن فوجد فيه طعم السمن
أو ريح السمن (قال) هذا مثل ما أخبرتك ان كانت له نية في ذلك السمن الخالص
وحده بعينه فله نيته ولا يحنث وإن لم تكن له نية فهو حانث وقد فسرت لك هذه
الوجوه [قلت] فإن لم يجد ريح السمن ولا طعمه في السويق (قال) لا يراد من هذا
ريح ولا طعم وهو على ما أخبرتك وفسرت تلك [قلت] أرأيت ان حلف أن لا يأكل
خلافا فأكل مرقا فيه خل (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى عليه حنثا
إلا أن يكون أراد أن لا يأكل طعاما داخل الخل [ابن مهدي] عن المغيرة عن
إبراهيم قال سئل عن رجل قال كل شئ يلبسه من غزل امرأته فهو يهديه أيبيع
غزلها ويشترى به ثوبا فيلبسه فقال إبراهيم لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها
128

{ما جاء في الرجل يحلف أن لا يهدم البئر فهدم منها حجرا}
{أو حلف أن لا يأكل طعامين فيأكل أحدهما}
[قلت] أرأيت الرجل يحلف أن لا يهدم هذه البئر فيهدم منها حجرا واحدا (قال
قال مالك هو حانث إلا أن تكون له نية في هدمها كلها [قلت] أرأيت ان قال
والله لا أكلت خبزا وزيتا وقال والله لا أكلت خبزا وجبنا فأكل أحدهما أيحنث
أم لا في قول مالك ولا نية له (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال من
حلف أن لا يأكل شيئين فأكل أحدهما أو قال لا أفعل فعلين ففعل أحدهما حنث فإن كان هذا الذي قال لا آكل خبزا وزيتا أو خبزا وجبنا لم تكن له نية فقد حنث وان
كانت له نية أن لا يأكل خبزا بزيت أو خبزا بجبن وإنما كره أن يجمعهما لم يحنث
{ما جاء في الرجل يحلف أن لا يأكل طعاما فذاقه أو أكل مما يخرج منه}
[قلت] أرأيت ان حلف أن لا يأكل طعاما فذاقه أو لا يشرب شرابا كذا وكذا
فذاقه أيحنث أم لا في قول مالك (قال ابن القاسم) إن لم يكن يصل إلى جوفه لم
يحنث [قلت] أرأيت ان قال والله لا أكلت من هذه النخل بسرا أو قال والله لا
أكلت بسر هذه النخل فأكل من بلحها أيحنث أم لا. قال لا يحنث [قلت] أرأيت
ان قال والله لا آكل لحما ولا نية له فأكل حيتانا (قال) بلغني عن مالك أنه قال هو
حانث لان الله تبارك وتعال قال في كتابه وهو الذي في قول البحر لتأكلوا منه
لحما طريا (قال مالك) إلا أن تكون له نية فله ما نوى [قلت] أرأيت ان حلف
أن لا يأكل رؤسا فأكل رؤس السمك أو حلف أن لا يأكل بيضا فأكل بيض
السمك أو بيض الطير سوى الدجاج أيحنث أم لا في قول مالك [قال ابن القاسم]
إنما ينظر إلى الذي جرت يمينه ما هو فيحمل عليه لان للايمان بساطا يحمل الناس
على ذلك فإن لم يكن ليمينه كلام يستدل به على ما أراد بيمينه ولم تكن له نية لزمه في
كل ما يقع عليه ذلك الاسم الحنث وقد أخبرتك في اللحم أنه إذا أكل الحيتان حنث
129

إن لم تكن له نية وإنما اللحم عند الناس ما قد علمت [قلت] أرأيت ان حلف أن
لا يأكل لحما فأكل شحما أيحنث أم لا في قول مالك (قال) بلغني عن مالك أنه قال من
حلف أن لا يأكل لحما فأكل شحما فإنه يحنث [قلت] فشحم الثروب وغيرها من
الشحوم سواء في هذا (قال) الشحم كله سواء عند مالك إلا أن تكون له نية أن يقول إنما أردت اللحم بعينه [قال مالك] ومن حلف أن لا يأكل شحما فأكل لحما فلا
شئ عليه ومن حلف أن لا يأكل اللحم فأكل الشحم حنث لان الشحم من اللحم
[ابن مهدي] عن أبي عوانة عن المغيرة عن إبراهيم قال من حلف أن لا يأكل
الشحم فليأكل اللحم ومن حلف أن لا يأكل اللحم فلا يأكل الشحم لان الشحم
من اللحم
{ما جاء في الرجل يحلف أن لا يكلم فلانا فسلم عليه في صلاة}
{أو غير صلاة وهو يعلم أو لا يعلم}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فصلى الحالف بقوم والمحلوف
عليه فيهم فسلم من صلاته عليهم أيحنث أم لا (قال) لا يحنث قال وقد بلغني ذلك عن
مالك [قلت] أرأيت لو صلى الحالف خلف المحلوف عليه وقد علم أنه امامهم فرد
عليه السلام حين سلم من صلاته (قال) قال مالك لا حنث عليه وليس مثل هذا
كلاما [قلت] أرأيت ان حلف أن لا يكلم فلانا فمر على قوم وهو فيهم فسلم عليهم
وقد علم أنه أو لم يعلم (قال) قال مالك هو حانث إلا أن يحاشيه [قلت] علم أو لم
يعلم قال نعم [قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فسلم على قوم وهو
فيهم (قال) قال مالك يحنث إلا أن يكون حاشاه [قال مالك] وان مر في جوف
الليل فسلم عليه وهو لا يعرفه حنث
{في الرجل يحلف أن لا يكلم فلانا فيرسل إليه رسولا أو يكتب إليه كتابا}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكلم فلانا فأرسل إليه رسولا أو كتب
130

إليه كتابا (قال) قال مالك ان كتب إليه كتابا حنث وان أرسل إليه رسولا حنث إلا أن تكون له نية على مشافهته [قلت] أرأيت ان كانت له في الكتاب نية على
المشافهة (قال) قال مالك في هذا مرة إن كان نوى فله نيته ثم رجع بعد ذلك فقال
لا أرى أن أنويه في الكتاب وأراه في الكتاب حانثا (قال مالك) وان كتب إليه
فأخذ الكتاب قبل أن يصل إلى المحلوف عليه فلا أرى عليه حنثا وهو آخر قوله
{في الرجل يحلف أن لا يساكن رجلا}
[قلت] أرأيت الرجل يحلف أن لا يساكن فلانا فسكنا في دار فيها مقاصير فسكن
هذا في مقصورة وهذا في مقصورة أخرى أيحنث أم لا (قال) ان كانا في دار
واحدة وكل واحد منهما في منزله والدار تجمعهما فأراه حانثا في مسألتك وكذلك
سمعت مالكا يقول. وان كانا في بيت واحد رفيقين فحلف أن لا يساكنه فانتقل عنه
إلى منزل في الدار يكون مدخله ومخرجه ومرافقه في حوائجه ومنافعه على حدة فلا
حنث عليه إلا أن يكون نوى الخروج من الدار لأني سمعت مالكا يقول وسأله
رجل عن امرأة له وأخت له كانتا ساكنتين في منزل واحد وحجرة واحدة فوقع
بينهما ما يقع بين النساء من الشر فحلف الرجل بطلاق امرأته أن لا تساكن إحداهما
صاحبتها فتكارى منزلا سفلا وعلوا وكل منزل منهما مرفقه على حدة مرحاضه
ومغسله ومطبخه ومدخله ومخرجه على حدة إلا أن سلم العلو في الدار يجمعهما
باب الدار يدخلان منه ويخرجان منه (قال) مالك لا أرى عليه حنثا إذا كانتا معتزلين
هكذا [قلت] أرأيت ان قال والله لا أساكنك فسكنا في قرية أيحنث أم لا (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أراه يحنث الا إن كان معه في دار [قلت] وكذلك
لو ساكنه في مدينة من المدائن (قال) نعم لا حنث عليه إلا أن يساكنه في دار
[قلت] أرأيت ان حلف أن لا يساكنه فزاره (قال) قال مالك ليست الزيارة
سكنى [قال مالك] وينظر في ذلك إلى ما كانت عليه أول يمينه فإن كان إنما ذلك
لما يدخل بين العيال والصبيان والنساء فذلك عندي أخف وإن كان إنما أرد التنحي
131

عنه فهو عندي أشد [قلت] أرأيت الرجل يحلف أن لا يساكن فلانا في دار قد
سماها أو لم يسمها فقسمت الدار فضربا بينهما حائطا وجعل مخرج كل نصيب على حدته
فسكن في أحد النصفين هذا الحالف أتراه حانثا أم لا (قال) سئل مالك وأنا أسمع
عن رجل حلف أن لا يساكن ابنا له أو أخا له وكانا في دار واحدة فأرادا أن يضربا
في وسط الدار حائطا ويقتسماها ويفتح هذا بابه إلى السكة وهذا بابه إلى السكة
الأخرى قال مالك ما يعجبني وكرهه (قال ابن القاسم) وأنا لا أرى به بأسا ولا أرى
عليه شيئا وكذلك مسألتك
{في الرجل يحلف أن لا يسكن دار رجل}
[قلت] أرأيت ان حلف أن لا يسكن هذه الدار وهو فيها ساكن متى يؤمر
بالخروج في قول مالك (قال) قال مالك يخرج ساعة يحلف [قلت] فإن كانت يمينه في
جوف الليل (قال) قال مالك فأرى أن يخرج تلك الساعة فراجعه ابن كنانة فيها فقال له
ألا ترى له أن يمكث حتى يصبح. قال مالك إن كان نوى ذلك والا انتقل تلك الساعة
فرأيته حين راجعه ابن كنانة وراجعه مرارا فيها فلم يزده على هذا ولم نسأله وان أقام
حتى يصبح فرأيته يراه ان أقام حتى يصبح إذا لم تكن له نية انه حانث وذلك رأيي
[فقلت] لمالك فإن كانت له نية حتى يصبح أيقيم يلتمس مسكنا بعد ما أصبح
(قال) قال مالك يعجل ما استطاع. قيل له انه لا يجد مسكنا قال هو يجده ولكنه لعله
أن لا يجده الا بالغلاء أو المواضع الذي لا يوافقه فلينتقل ولا يقم وإن كان إلى مثل
هذا الموضع فلينتقل إليه حتى يجد على مهل فإن لم ينتقل رأيته حانثا [قلت] أرأيت
ان ارتحل بعياله وولده وترك متاعه (قال) قال مالك لا يترك متاعه (قلت] فان ترك
متاعه أيحنث أم لا في قول مالك قال نعم [قلت] والرحلة عند مالك أن ينتقل
بكل شئ له قال نعم [قلت] أرأيت ان حلف أن لا يسكن في دار فلان هذه فباعها
فلان أيحنث ان سكن أم لا (قال) أرى أن لا يسكن هذه الدار إذا سماها بعينها وان
132

خرجت من ملك واحد بعد واحد إلا أن يكون أراد ما دامت في ملك فلان
المحلوف عليه فان سكن حنث فهذا حين حلف أن لا يسكن دار فلان هذه فإن كان
أراد أن لا يسكن هذه الدار فلا يسكنها أبدا فان سكنها حنث وإن كان إنما أراد
ما دامت لفلان فان خرجت من ملك فلان فلا بأس عليه في سكناها [قلت] فان
قال والله لا أسكن دار فلان فباعها فلان (قال) أرى أنه لا يحنث ان سكنها إلا أن
يكون نوى أن لا يسكنها وان خرجت من ملكه [قلت] أرأيت ان حلف أن لا
يسكن دار فلان فسكن دارا بين فلان ورجل آخر أيحنث أم لا (قال) نعم يحنث
لأني سمعت مالكا يقول في رجل لامرأته أنت طالق ان كسوتك هذين
الثوبين ونيته أن لا يكسوها إياهما جميعا فكساها أحدهما انها قد طلقت عليه
[قلت] أرأيت ان قال لامرأته ان سكنت هذه الدار وهي فيها ساكنة فأنت
طالق (قال) تخرج فان تمادت في سكناها يحنث. فكذلك اللباس والركوب إذا كانت
راكبة أو لابسة فان هي ثبتت على الدابة أو لم تنزع اللباس مكانها من فورها فهي طالق
{الرجل يحلف أن لا يدخل بيتا أو لا يسكن بيتا}
[قلت] أرأيت ان قال والله لا أسكن بيتا ولا نية له وهو من أهل القرى أو من
أهل الحاضرة فسكن بيتا من بيوت الشعر أتراه حانثا في قول مالك (قال) لم أسمع
من مالك فيه شيئا إلا أنه إن لم تكن له نية فهو حانث لان الله تبارك وتعالى يقول
بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم اقامتكم فقد سماها الله بيوتا [قال] ولقد سألت
مالكا عن الرجل يحلف بطلاق امرأته ماله مال ولا مال له يعلمه فيكون قد وقع له
ميراث بأرض قبل يمينه (قال) مالك إن كان لم ينو حين حلف أنه ماله مال يعلمه فأرى
أن قد حنث وإن كان حلف حين حلف أنه ماله مال ينوى مالا يعلمه لم يحنث
{الرجل يحلف أن لا يدخل على رجل بيتا}
[قلت] أرأيت رجلا حلف أن لا يدخل على رجل بيتا فدخل عليه في المسجد
133

أيحنث أم لا (قال) لا يحنث [قلت] وهذا قول مالك (قال) بلغني عن مالك أنه
قال لا حنث على هذا وليس على هذا حلف [قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف أن
لا يدخل على فلان بيتا فدخل الحالف على جار له بيته فإذا فلان المحلوف عليه في بيت
جاره ذلك أيحنث أم لا (قال) نعم يحنث [قلت] أرأيت ان حلف أن لا يدخل على
فلان بيتا فدخل بيتا فدخل عليه فلان ذلك البيت (قال) قال مالك في هذا بعينه
لا يعجبني (قال ابن القاسم) وأرى ان دخل عليه فلان ذلك البيت أن لا يكون حانثا
إلا أن يكون نوى أن لا يجامعه في بيت قال فإن كان نوى ذلك فقد حنث [قلت]
أرأيت قول مالك في هذه المسألة لا يعجبني أخاف مالك الحنث في ذلك قال نعم
خاف الحنث
{في رجل حلف أن لا يدخل دارا بعينها أو بغير عينها}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يدخل هذه الدار فتهدمت حتى صارت
طريقا أو خربة من الخرائب يذهب الناس فيها يخرقونها ذاهبين وجائين (قال) أرى
إذا تهدمت وخرجت حتى تصير طريقا فدخلها لم يحنث [قلت] فلو بنيت بعد ذلك
دارا (قال) لا يدخلها لأنها حين بنيت بعد فقد صارت دارا [قلت] أرأيت ان حلف
أن لا يدخل دار فلان فدخل بيت فلان المحلوف عليه وإنما فلان ساكن في ذلك
البيت بكراء أيحنث أم لا (قال) أرى أن المنزل منزل الرجل بكراء كان فيه أو بغير كراء
ويحنث هذا الحالف ان دخل [قلت] أرأيت ان حلف أن لا يدخل دار فلان فقام
على ظهر بيت منها أيحنث أم لا قال يحنث [قلت] أرأيت ان قال والله لا أدخل
من باب هذه الدر فحول بابها فدخل من بابها هذا المحدث أيحنث أم لا (قال) يحنث
[قلت] أتحفظه عن مالك (قال) لا وهو رأيي إلا أن يكون كره الدخول من ذلك
الباب لضيق أو لسوء ممر أو ممر على أحد ولم يكره دخول الدار بعينها فان هذا إذا
حول الباب ودخل لم يحنث [قلت] أرأيت ان قال والله لا أدخل من هذا الباب
فأغلق ذلك الباب وفتح له باب آخر فدخل من ذلك الباب الذي فتح أيحنث أم لا
134

(قال) يحنث إلا أن يكون نوى أن لا يدخل من هذا الباب وإنما أراد ذلك الباب
بعينه ولم يرد دخول الدار فإن لم تكن هذه نيته فهو حانث لان نيته هاهنا إنما وقعت
على أن لا يدخل هذه الدار [قلت] أرأيت ان حلف أن لا يدخل دار فلان فاحتمله
انسان فأدخله أيحنث أم لا (قال) قال مالك وغيره من أهل العلم انه لا يحنث [قلت]
أرأيت ان قال احتملوني فأدخلوني ففعلوا أيحنث أم لا (قال) هذا يحنث لا شك فيه
{في الرجل يحلف أن لا يأكل طعام رجل}
[قلت] أرأيت ان قال والله لا أكلت من طعام فلان فباع فلان طعامه ثم أكل
من ذلك الطعام (قال) فإنه لا يحنث إلا أن يحلف لا أكلت من هذا الطعام بعينه
فإنه لا يأكل منه وان خرج من ملك فلان ذلك الرجل فان أكل منه حنث وان
انتقل من ملك رجل إلى ملك رجل إلا أن يكون نوى ما دام في يده [قلت]
أرأيت ان قال والله لا آكل من طعام فلان ولا ألبس من ثياب فلان ولا أدخل
دار فلان فاشترى هذا الحالف هذه الأشياء من فلان فأكلها أو لبسها أو دخلها بعد
الاشتراء (قال) ليس عليه شئ إلا أن يكون نواه بعينه أن لا يأكله [قلت] فان
وهب هذا المحلوف عليه هذه الأشياء للحالف أو تصدق بها عليه فقبلها فأكلها أو لبس
أو دخل الدار أيحنث أم لا في قول مالك (قال) ما يعجبني هذا وما سمعت من مالك
فيه شيئا ولكني إنما كرهته لك لان هذا إنما يكره لوجه المن ألا ترى أنه إذا
وهب له الهبة من بها الواهب عليها وان اشتراها منه فلا منه للبائع عليه ولا يعجبني
ذلك وأراه حانثا إن كان إنما كره منه ان فعل [قال ابن القاسم] وبلغني عن مالك
أنه سئل عن رجل حلف أن لا يأكل لرجل طعاما فدخل ابن الحالف على المحلوف
عليه فأطعمه خبزا ثم خرج به الصبي إلى منزل أبيه فتناوله أبوه منه فأكل منه
وهو لا يعلم فسئل مالك عن ذلك فقال أراه حانثا [قلت] أرأيت ان حلف أن
لا يأكل من طعام يشتريه فلان فأكل من طعام اشتراه فلان وآخر معه أيحنث
أم لا في قول مالك (قال) أراه حانثا [قلت] أرأيت ان حلف أن لا يأكل هذا
135

الرغيف فأكره عليه فأكله (قال) لا يحنث في رأيي [قلت] فان أكره فحلف
أن لا يأكل كذا وكذا فأجبر على أكله فأكله أيحنث أم لا (قال) لا يحنث عند
مالك والمكره عند مالك على اليمين ليس يمينه بشئ
{الرجل يحلف أن لا تخرج امرأته الا باذنه أو لا يأذن لامرأته أن تخرج}
[قلت] أرأيت ان حلف رجل أن لا تخرج امرأته من الدار الا باذنه فأذن لها حيث
لا تسمع فخرجت بعد الاذن أيحنث أم لا (قال) بلغني عن مالك أنه سئل عن رجل
حلف أن لا تخرج امرأته الا باذنه فسافر فخاف أن تخرج بعده فقال اشهدوا أني قد
أذنت لها ان خرجت فهي على اذني فخرجت قبل أن يأتيها الخبر قال مالك ما أراه
الا قد حنث قال مالك وليس هذا الذي أراد. ولم أسمعه أنا من مالك ولكن بلغني
ذلك عنه وهو رأيي وكذلك مسألتك [قلت] أرأيت ان حلف رجل أن لا يأذن
لامرأته أن تخرج الا في عيادة مريض فأذن لها فخرجت في عيادة مريض ثم
عرضت لها حاجة غير العيادة وهي عند المريض فذهبت فيها أيحنث الزوج أم لا
قال لا يحنث [قلت] أرأيت ان حلف أن لا يأذن لامرأته أن تخرج الا في عيادة
مريض فخرجت من غير أن يأذن لها إلى الحمام أو إلى غير ذلك أيحنث أم لا (قال)
لا يحنث في رأيي لان الزوج لم يأذن لها إلى حيث خرجت إلا أن يعلم بذلك فيتركها
فان هو حين يعلم بذلك لم يتركها فإنه لا يحنث [قلت] فإن لم يعلم حتى فرغت من
ذلك ورجعت (قال) لا حنث عليه في رأيي [قال سحنون] وقد ذكر عن ربيعة
شئ مثل هذا انه حانث في غير العيادة إذا أقرها لأنه قد كان يقدر على ردها فلما تركها
فإنه أذن لها في خروجها
{الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه غدا أو ليأكلن طعاما غدا}
{فيقضيه أو يأكله قبل غد}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا قال لرجل والله لأقضينك حقك غدا فعجل له حقه
136

اليوم أيحنث أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا يحنث ان عجل له حقه قبل الاجل
وإنما يحنث إذا أخر حقه بعد الاجل [قلت] فان قال والله لآكلن هذا الطعام
غدا فأكله اليوم أيحنث أم لا (قال) نعم هذا يحنث [قلت] أتحفظه عن مالك قال لا
[قلت] لم أحنثته في هذا ولم تحنثه في الأول (قال) لان هذا حلف على الفعل في ذلك
اليوم والأول إنما أراد القضاء ولم يرد ذلك اليوم بعينه وإنما أراد أن لا يتأخر عن ذلك
اليوم وكذلك قال مالك فيه
{الرجل يحلف أن لا يشترى ثوبا فاشترى ثوب وشي}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يشترى ثوبا فاشترى ثوبا من الوشي أو غيره
(قال) ان كانت له نية فله نيته فيما بينه وبين الله وان كانت عليه بينة واشترى ثوبا حنث
إن كان حلف بالطلاق أو بالعتاق أو بشئ مما يقضى عليه القاضي به [قال ابن القاسم]
ول أن رجلا حلف أن لا يدخل دارا سماها فدخلها بعد ذلك وقال إنما نويت شهرا
قال إن كانت عليه بينة لم يقبل قوله وإن كان فيما بينه وبين الله وجاء مستفتيا فله نيته
فمسألتك مثل هذه
{في الرجل يحلف أن لا يلبس ثوبا}
[قلت] أرأيت ان حلف أن لا يلبس هذا الثوب وهو لابسه فيتركه عليه بعد
اليمين (قال) بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال في الرجل يحلف أن لا يركب هذه
الدابة وهو عليها قال قال مالك ان نزل عنها مكانه والا فهو حانث فمسألتك
مثل هذا [قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يلبس من غزل فلانة فلبس ثوبا
غزلته فلانة وأخرى معها (قال) أراه حانثا في رأيي [قلت] أرأيت ان حلف أن
لا يلبس هذا الثوب فقطعه قباء أو قميصا أو سراويل أوجبه (قال) هو حانث إلا أن
يكون إنما حلف لضيق به كره أن يلبسه على ذلك الحال أو لسوء عمله فكره لبسه
لذلك فحوله فهذا له نيته فإن لم تكن له نية حنث [قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف
137

أن لا يلبس هذا الثوب وهو قميص أو قباء أو ملحفة فاتزر به أو لف رأسه به أو طرحه
على منكبيه أيكون حانثا في قول مالك وهل يكون هذا لبسا عند مالك (قال) سأل
رجل مالكا عن رجل حلف بطلاق امرأته البتة أن لا يلبس لها ثوبا فأصابته من الليل
هراقة الماء فقام من الليل فتناول ثوبا عند رأسه فإذا هو ثوب امرأته وهو لا يعلم
فوضعه بيديه على مقدم فرجه فقال مالك لا أرى هذا لبسا (قال) فقيل لمالك فلو أداره
عليه فقال مالك لو أداره عليه لرأيته لبسا فأما مسألتك فأراه لبسا وأراه حانثا وما
سمعت من مالك فيها شيئا
{في الرجل يحلف أن لا يركب دابة رجل فركب دابة عبده}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يركب دابة رجل فركب دابة لعبده
أيحنث أم لا (قال) سمعت مالكا يقول في العبد يشترى رقيقا لو اشتراهم سيده عتقوا
عليه (قال مالك) يعتقون على السيد وإن كان العبد هو الذي اشتراهم لنفسه فإنهم
أحرار على السيد إذا كانوا ممن يعتقون على السيد فمسألتك مثل هذا عندي انه حانث
إلا أن تكون للحالف نية لان ما في يد العبد لسيده ألا ترى أن ما في يديه من الرقيق
الذين يعتقون على السيد أنهم أحرار قبل أن يأخذهم منه السيد (وقال أشهب) لا حنث
عليه في دابة عبده ألا ترى لو أنه ركب دابة لابنه كان يجوز له اعتصارها لم يحنث
فكذلك هذا
{ما جاء في الرجل يحلف ماله مال وله دين وعروض}
[قلت] أرأيت رجلا حلف ماله مال وله دين على الناس وعروض وغير ذلك ولا
شئ له غير ذلك الدين أيحنث أم لا في قول مالك (قال) يحنث عند مالك لأني سمعت
مالكا وسئل عن رجل استعاره رجل ثوبا فحلف بطلاق امرأته أنه ما يملك الا ثوبه
وله ثوبان مرهونان أترى عليه حنثا قال إن كان في ثوبيه المرهونين كفاف لدينه
فلا أرى عليه حنثا وكانت تلك نيته مثل أن يقول ما أملك ما أقدر عليه يريد بقوله
138

ما أملك أي ما أقدر على ثوبي هذين فإن لم تكن له نية هكذا أو كان في الثوبين
فضل رأيت أن يحنث في مسألتك مثل هذا (قال ابن القاسم) وإن لم تكن له نية
وليس في الثوبين وفاء فأرى أنه يحنث [قلت] أرأيت ان حلف بالله ماله مال
وليست له دنانير ولا دراهم ولا شئ من الأموال التي تجب فيها الصدقة وله شوار
بيته أو خادم أو فرس أيحنث أم لا في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا
وما أشك أنه حانث لأني لا أحصى ما سمعت مالكا يقول من قال مالي
مال وله عروض ولا فرض له انه يحنث فهذا يدلك على أنه قد جعل العروض كلها
أموالا إلا أن تكون للحالف نية فتكون له نيته ألا ترى أن في الحديث الذي
ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين ان فيه لم يغنم ذهبا ولا ورقا الا
الأموال المتاع والخرثي
{الرجل يحلف أن لا يكلم رجلا أياما فيكلمه فيحنث}
{ثم يكلمه أيضا قبل أن ينقضى الاجل}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف لرجل والله لا أكلمك عشرة أيام فكلمه في
هذه العشرة الأيام فأحنثته ثم كلمه بعد ذلك مرة أخرى (قال) لا حنث عليه عند
مالك بعد الحنث الأول وان كلمه في العشرة الأيام [قلت] وكذلك أن كان كلمه في
هذه العشرة الأيام قبل أن يكفر مرارا لم يكن عليه الا كفارة واحدة في قول
مالك قال نعم
{في الرجل يحلف للرجل إن علم أمرا ليخبرنه فعلماه جميعا}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف لرجل ان علم أمر كذا وكذا ليخبرنه ذلك أو
ليعلمنه ذلك فعلماه جميعا أترى الحالف إن لم يخبره المحلوف له أو يعلمه أنه حانث في قول
مالك أو يقول إذا علم المحلوف له فلا شئ على الحالف (قال) لم أسمع من مالك في هذا
شيئا بعينه وأنا أرى أن علمهما لا يخرجه من يمينه حتى يخبره أو يعلمه ولقد سئل
139

مالك عن رجل أسر إليه رجلا سرا فاستحلفه على ذلك ليكتمنه ولا يخبرنه أحدا
فأخبر المحلوف له رجلا بذلك السر فانطلق ذلك الرجل فأخبر الحالف فقال إن فلانا
أخبرني بكذا وكذا فقال الحالف ما كنت أظنه أخبر بهذا غيري ولقد أخبرني به
فظن الحالف أن يمينه لا شئ عليه فيها ان أخبر هذا لان هذا قد علم (قال) قال مالك أراه
حانثا [قلت] أرأيت ان حلف ان علم بكذا وكذا ليعلمن فلانا أو ليخبرنه فعلم بذلك
فكتب إليه بذلك أو أرسل إليه بذلك رسولا أيبر أم لا (قال) لم أسمع من مالك في
هذا شيئا وأراه بارا
{الرجل يحلف أن لا يتكفل بمال أو برجل}
[قلت] أرأيت ان حلف أن لا يتكفل بمال أحد أبدا فتكفل بنفس رجل أيحنث
أم لا (قال) الكفالة عند مالك بالنفس هي الكفالة بالمال إلا أن يكون قد اشترط
وجهه بلا مال فلا يحنث [قلت] أرأيت ان حلفت أن لا أتكفل لرجل بكفالة
أبدا فتكفلت لوكيل له بكفالة عن رجل ولم أعلم أنه وكيل للذي حلفت له (قال)
إذا لم تعلم بذلك ولم يكن هذا الذي تكفلت له من سبب الذي حلفت له مثل ما وصفت
لك قبل في صدر الكتاب فلا حنث عليه
{في الرجل يحلف ليضربن عبده مائة}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف ليضربن عبده مائة سوط فجمعها فضربه بها
واحدة (قال) قال مالك لا يجزئه ذلك ولا يخرجه من يمينه [قلت] أرأيت ان قال
والله ليضربن عبده مائة ضربة فضربه ضربا خفيفا (قال) ليس الضرب الا الضرب
الذي يؤلم [قلت] أرأيت هذا الذي حلف ليضربن عبده مائة جلدة ان أخذ
سوطا له رأسان أو أخذ سوطين فجعل يضربه بهما فضربه خمسين بهذا السوط الذي
له رأسان أو بهذين السوطين أيجزئه من يمينه (قال) سألت مالكا عن الرجل الذي
يجمع سوطين فيضرب بهما قال قال مالك لا يجزئه ذلك
140

{الرجل يحلف أن لا يشتري عبدا أو لا يضربه} {أو لا يبيع سلعة فأمره غيره بذلك}
[قلت] أرأيت ان حلف أن لا يشترى عبدا فأمر غيره فاشترى له عبدا أيحنث
أم لا في قول مالك (قال) نعم يحنث عند مالك [قلت] أرأيت ان حلف أن
لا يضرب عبده فأمر غيره فضربه أيحنث أم لا (قال) هذا حانث إلا أن تكون له
نية حين حلف أن لا يضربه هو نفسه [قلت] وهذا قول مالك قال هذا رأيي
[قلت] أرأيت ان حلف ليضربن عبده فأمر غيره فضربه (قال) هذا بار إلا أن
تكون نيته أن يضربه هو نفسه [قلت] وكذلك لو حلف أن لا يبيع سلعة فأمر
غيره فباعها له انه يحنث في قول مالك قال نعم [قلت] ولا تدينه في شئ من
هذا في قول مالك (قال) ما سمعت مالكا يدينه ولا أرى ذلك له
{في الرجل يحلف أن لا يبيع رجل فأعطاه إياها}
{غير الرجل فباعها له وهو لا يعلم}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يبيع لفلان سلعة وأن المحلوف عليه دفع إلى
رجل سلعة ليبيعها فدفعها هذا الرجل إلى الحالف ليبيعها له ولم يعلم الحالف أنها المحلوف
عليها فباعها أيحنث أم لا في قول مالك (قال) إن كان الذي دفع السلعة إلى الحالف
من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فانى أرى أنه قد حنث وإلا فلا حنث عليه لأني
سمعت مالكا يقول في الرجل يحلف أن لا يبيع سلعة من رجل فباعها من غيره فإذا
هذا المشترى إنما اشتراها للمحلوف عليه (قال) قال مالك إن كان المشترى من سبب
المحلوف عليه أو من ناحيته فأراه حانثا وإلا فلا حنث عليه (قال) فقيل لمالك انه قد
تقدم إليه وقال له الحالف ان على يمينا أن لا أبيع من فلان فقال المشترى اني إنما
اشتريت لنفسي فباعه على ذلك فلما وجب البيع قال المشترى ادفع السلعة إلى فلان
المحلوف عليه فاني إنما اشتريتها له (قاله) قال مالك قد لزمه البيع [قلت] فان قال الحالف
141

اني قد تقدمت إليه في ذلك (قال) لا ينفعه ذلك (قال) فقيل لمالك أترى عليه الحنث
(قال) مالك إن كان المشتري من سبب المحلوف عليه أو من ناحيته فقد حنث ولم ير
ما تقدم إليه ينفعه (قال) فقلت لابن القاسم ما يعنى بقوله من سبب المحلوف عليه أو من
ناحيته (قال) الصديق الملاطف أو من هو في عياله أو من هو من ناحيته ولم يفسره
لنا مالك هكذا ولكنا علمنا أنه هو هذا
{في الرجل يحلف لغريمه ليقضينه حقه فيقضيه نقصا}
[قلت] أرأيت الرجل يحلف ليدفعن إلى فلان حقه وهي دراهم فقضاه نقصا (قال)
قال مالك لو كان فيها درهم واحد ناقص لكان حانثا. قال فإن كان فيها بار لا
يجوز فإنه حانث [قلت] أرأيت ان حلف رجل لغريم له أن لا يفارقه حتى يستوفى منه حقه فأخذ منه حقه فلما افترقا أصاب بعضها نحاسا أو رصاصا أو ناقصا بينا نقصانها
أيحنث في قول مالك أم لا (قال) هو حانث لأني سألت مالكا عن الرجل يحلف
بطلاق امرأته ليقضينه حقه إلى أجل فيقضيه حقه ثم يذهب صاحب الحق
بالذهب فيجد فيها زائفا أو ناقصا بينا نقصانه فيأتي به بعد ذلك وقد ذهب الاجل
قال مالك أراه حانثا لأنه لم يقضه حقه حين وجد فيما اقتضى ناقصا أو زائفا [قلت]
وكذلك أن استحقها مستحق (قال) نعم يحنث في رأيي [قلت] أرأيت ان أخذ
بحقه عرضا من العروض (قال) قال مالك إن كان عرضه ذلك يساوى ما أعطاه به
وهو قيمته لو أراد أن يبيعه باعه لم أر عليه شيئا ثم استثقله بعد ذلك وقوله الأول
أعجب إلى إذا كان يساوى دراهمه
{الرجل يحلف أن لا يفارق غريمه حتى يقضيه فيفر منه}
[قلت] أرأيت ان حلفت أن لا أفارق غريمي حتى استوفى حقي ففر منى أو أفلت
أأحنث في قول مالك أم لا (قال) قال مالك إن كان إنما غلبه غريمه وإنما نوى أن لا
يفارقه مثل أن يقول لا أخلى سبيله ولا أتركه إلا أن يفر منى فلا شئ عليه (قال)
142

وسمعت مالكا يقول في رجل قال لامرأته أنت طالق ان قبلتك فقبلته من خلفه
وهو لا يدرى (قال) لا شئ عليه ان كانت غلبته ولم يكن منه في ذلك استرخاء. فكلم
مالك في ذلك فقال ومثل ذلك أن يقول الرجل لامرأته ان ضاجعتك فأنت طالق
فينام فتضاجعه وهو نائم انه لا شئ عليه (قال) ولو قال إن ضاجعتني أو قبلتني فهذا كله
خلاف للقول الأول وهو حانث والذي حلف لغريمه أن لا يفارقه فغصب نفسه
فربط فهذا يحنث إلا أن يقول نويت إلا أن أغلب عليه أو أغصب عليه [قلت]
أرأيت الذي حلف لغريمه أن لا يفارقه حتى يستوفى حقه منه فأحاله على غريم له
(قال) لا أراه يبر في ذلك
{الرجل يحلف لغريمه لقضينه حقه رأس الهلال}
[قلت] أرأيت ان حلف لأقضين فلانا ماله رأس الهلال أو عند رأس الهلال (قال)
قال مالك له ليلة ويوم من رأس الهلال (قال) فقلت لمالك والى رمضان (قال) إذا انسلخ
شعبان ولم يقضه حنث لأنه إنما جعل القضاء فيما بينه وبين رمضان (قال) وقال
مالك عند رأس الهلال أو إذا استهل الشهر بمنزلة واحدة له ليلة ويوم من أول الشهر
والى الشهر والى استهلال الشهر مثل قوله إلى رمضان إن لم يقضه حقه ما بينه وبين
استهلال الشهر حنث
{في الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه فيهبه له أو يتصدق به عليه}
[قلت] أرأيت ان حلف ليقضين فلانا حقه رأس الهلال فوهب له فلان دينه ذلك
أو تصدق به عليه أو اشترى صاحب الدين به من الحالف سلعة من السلع (قال)
قال مالك في هذه المسألة بعينها ان كانت تلك السلعة هي قيمة ذلك الدين لو
أخرجت إلى السوق أصاب بها ذلك الثمن فقد بر ولا شئ عليه ثم سمعته بعد
ذلك يكرهه ويقول لا ولكن ليقضينه دنانيره (وقال مالك) ان كانت السلعة
تساوى ذلك فلم لا يعطيه دنانيره (قال ابن القاسم) وقوله الأول أعجب إلى (قال) وإنما
143

رأيت مالكا كرهه من خوف الذريعة (قال) والهبة والصدقة لا تخرج الحالف ذلك
من يمينه ولا وضيعة الذي له الدين ان وضع ذلك عن الذي عليه الدين لم يخرجه
ذلك عن يمينه (قال) وان حلف ليقضينه دنانيره أو ليقضينه حقه فان ذلك سواء
ويخرجه من يمينه أن يدفع فيه عرضا إذا كان ذلك العرض يساوى تلك الدنانير إذا
كانت نيته على وجه القضاء ولم تكن على الدنانير بأعيانها فإذا كانت يمينه على الدنانير
بأعيانها فهو حانث إلا أن يدفع إليه الدنانير بأعيانها [قلت] أرأيت ان مات المحلوف
عليه كيف يصنع الحالف (قال) قال مالك يدفع ذلك إلى ورثته ويبر في يمينه أو إلى
وصيه أو إلى من يلي ذلك منه أو إلى السلطان ولا شئ عليه إذا أدى ذلك إلى أحد
من هؤلاء
{في الرجل يحلف أن لا يهب لرجل شيئا فيعيره أو يتصدق عليه}
[قلت] أرأيت ان حلف رجل أن لا يهب لفلان هبة فتصدق عليه بصدقة أيحنث
أم لا (قال) قال مالك في كل ما ينفع به الحالف المحلوف عليه ان يحنث كذلك
قال مالك وكل هبة كانت لغير الثواب فهي على وجه الصدقة [قلت] أرأيت ان
حلفت أن لا أهب لفلان هبة فأعرته دابة أأحنث في قول مالك أم لا (قال) نعم في
رأيي إلا أن يكون ذلك نيتك لان أصل يمينك هاهنا على المنفعة
{في الرجل يحلف أن لا يكسو امرأته أو رجلا فوهب لهما}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف أن لا يكسو فلانة امرأته فأعطاها دراهم فاشترت
بها ثوبا أيحنث أم لا (قال) نعم يحنث عند مالك وقد بلغني عن مالك أنه سئل عن
رجل حلف أن لا يكسو امرأته فافتك لها ثيابا كانت رهنا قال مالك أراه حانثا (قال
ابن القاسم) وقد عرضت هذه المسألة على مالك فأنكرها وقال امحها وأبى أن يجيب
فيها بشئ (قال ابن القاسم) ورأيي فيها أنه ينوى فإن كانت له نية أن لا يهب لها ثوبا
ولا يبتاعه لها فلا أرى عليه شيئا وإن لم تكن له نية رأيته حانثا وأصل هذا عند مالك
144

إنما هو على وجه المنافع والمن (قال) ولقد قال مالك في الرجل يحلف أن لا يهب لفلان
دينارا لرجل أجنبي فكساه ثوبا قال مالك أرى هذا حانثا لأنه حين كساه فقد وهب له الدينار
(فقيل) لمالك أرأيت ان كانت له نية (فقال) مالك لا أنويه في هذا ولا أقبل منه نيته
(فقيل) لمالك فلو حلف أن لا يهب لامرأته دنانير فكساها (قال) قال مالك كنت
أنويه فان قال إنما أردت الدنانير بأعيانها رأيت ذلك له وإن لم تكن له نية حنث (قال)
ورأيت محمل ذلك عنده حين كلم في ذلك لان الرجل قد يكره أن يهب لامرأته
الدنانير وهو يكسوها ولعله إنما كره أن يعطيها إياها من أجل الفساد أو الخدع فيها
فهذا يدلك على أن محمل هذه الأشياء عند مالك على وجه النفع والمن [قلت] وهذا
الذي يحلف أن لا يعطى فلانا دنانير ان أعطاه فرسا أو عرضا من العروض أهو
بمنزلة الكسوة عند مالك يحنثه في ذلك قال نعم [قلت] أرأيت محمل هذه الايمان
عند مالك على المن والنفع كيف تأويل المن (قال) لو أن رجلا وهب لرجل شاة
وقال له الواهب ألم أفعل بك كذا وكذا فقال إياي تريد امرأته طالق البتة أن أكلت
من لحمها أو شربت من لبنها (فقال) قال لي مالك ان باعها فاشترى بثمنها شاة أخرى
أو طعاما كائنا ما كان فأكله فإنه يحنث [قلت] فان اشترى بثمن تلك الشاة كسوة
أيحنث أيضا في قول مالك (قال) نعم يحنث لان هذا على وجه المن فلا ينبغي له أن
ينتفع من ثمن الشاة بقليل ولا كثير لان يمينه إنما وقعت جوابا لما قال صاحبه فصارت
على جميع الشاة ولم يرد اللبن وحده لان يمينه على أن لا ينتفع منها بشئ لان يمينه إنما
جرها من صاحبها عليه [قلت] فان أعطاه شاة أخرى أو عرضا من العروض من
غير ثمن تلك الشاة (قال) لا بأس به إذا لم يكن ثمنها يبدلها به فلا بأس بذلك إلا أن
يكون نوى أن لا ينتفع منه بشئ أبدا [قلت] أرأيت ان حلف أن لا يكسو فلانا
ثوبا فأعطاه دينارا أيحنث أم لا (قال) قد أخبرتك بقول مالك أنه إذا حلف أن
لا يعطى فلانا دينارا فكساه انه حانث فالذي حلف أن لا يكسو فلانا ثوبا فأعطاه
دينار أبين أنه حانث وأقرب في الحنث وقد بلغني ذلك عن مالك
145

{في الرجل يحلف أن لا يفعل أمرا حتى يأذن فلان فيموت المحلوف عليه}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف بالله أن لا يدخل دار فلان لرجل سماه إلا أن
يأذن له فلان لرجل سماه آخر أو حلف بالعتق أو بالطلاق فيموت فلان المحلوف عليه
بالاستثناء فيدخل الحالف دار فلان المحلوف عليه أيحنث أم لا قال يحنث [قلت]
أينتفع باذن الورثة ان أذنوا له (قال) لا لان هذا ليس بحق يورث [قلت] أرأيت
لو أن رجلا حلف أن لا يعطى فلانا حقه إلا أن يأذن له فلان فمات المحلوف عليه بالاذن
أيورث هذا الاذن أم لا (قال) لا يورث [قلت] أفتراه حانثا ان قضاه (قال) ان قضاه
فهو حانث [قلت] أتحفظه عن مالك (قال) لا إنما الذي سمعت من مالك انه يورث
ما كان حقا للميت وحلف له فهذا يورث لأنه كان حقا للميت
{الرجل يحلف للسلطان أن لا يرى أمرا الا رفعه إليه}
{فيعزل السلطان أو يموت}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا حلف لأمير من الأمراء أنه لا يرى كذا وكذا الا
رفعه إليه تطوع له باليمين فعزل ذلك الأمير أو مات كيف يصنع في يمينه (قال) سئل
مالك عن الوالي يأخذ على القوم أيمانا أن لا يخرجوا الا باذنه فيعزل (قال) أرى
لهم أن لا يخرجوا حتى يستأذنوا هذا الوالي الذي بعده فما كان من هذه الوجوه من
الوالي علي وجه النظر ولم يكن من الوالي على وجه الظلم فذلك عليهم ان يرفعوا ذلك
إلى من كان بعده إذا عزل
{الرجل يحلف ليقضين فلانا حقه إلى أجل فيموت}
{المحلوف له أو الحالف قبل الاجل أو يغيب}
[قلت] أرأيت ان حلف لأقضين فلانا حقه رأس الشهر فغاب فلان عنه (قال) قال
مالك يقضى وكيله أو السلطان فيكون ذلك مخرجا له من يمينه (قال) قال مالك وربما
أتى السلطان فلم يجده أو تحجب عنه أو يكون بقرية ليس فيها سلطان فان خرج إلى
146

السلطان سبقه ذلك الاجل (قال) مالك فإذا جاء مثل هذا فأرى إن كان امرا بينا
يعذر به فأتى بذهبه إلى رجال عدول فأشهدهم على ذلك والتمسه فعلموا ذلك واجتهد
في طلبه فلم يجده تغيب عنه أو غاب عنه أو سافر عنه وقد بعد عنه السلطان أو حجب
عنه فإذا شهد له الشهود على حقه أنه جاءه به بعينه على شرطه لم أر عليه شيئا [قلت]
أرأيت لو أن رجلا حلف ليوفين فلانا حقه إلى أجل كذا وكذا فحل الاجل وغاب
فلان ولفلان المحلوف عليه وكيل في ضيعته ولم يوكله المحلوف له بقبض دينه فقضاه
هذا الحالف أترى ذلك يخرجه من يمينه (قال) قال لي مالك ذلك يخرجه من يمينه
وإن لم يكن مستخلفا على قبض الدين إلا أنه وكيل المحلوف له فذلك يخرجه (قال
ابن القاسم) ولقد سألت مالكا عن الرجل يحلف للرجل بالطلاق أو بالعتاق في
حق عليه لقضينه إلى أجل يسميه له إلا أن يشاء أن يؤخره فيموت صاحب الحق
قبل أن يحل الاجل فيريد الورثة أن يؤخروه بذلك أترى ذلك له مخرجا قال نعم
ونزلت هذه بالمدينة فقال فيها مالك مثل ما قلت لك (قال مالك) ولو كان له ولد
صغار لم يبلغ أحد منهم فأوصى بهم إلى وصى وليس عليه دين فأخره الوصي (قال) ذلك
جائز (قال مالك) فإذا كان عليه دين أو كان له ولد كبار لم أر ذلك للوصي لأنه حينئذ
إنما يؤخره في مال ليس يجوز قضاؤه فيه [قلت] أيجوز أن يؤخره الغرماء ولا يحنث
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن ذلك جائز إذا كان دينهم لا يسعه مال
الميت وأبرأوا ذمة الميت [قلت] أرأيت ان حلف ليأكلن هذا الطعام غدا أو
ليلبسن هذه الثياب أو ليركبن هذه الدواب غدا فماتت الدواب وسرق الطعام
والثياب قبل غد (قال) لا يحنث لان مالكا قال لي لو أن رجلا حلف بطلاق امرأته
ليضربن غلامه إلى أجل سماه فمات الغلام قبل الاجل لم يكن عليه في امرأته طلاق
لأنه مات وهو على بر فكذلك مسألتك في الموت وأما السرقة فهو حانث إلا أن
يكون نوى إلا أن يسرق أو لا أجده [قلت] أرأيت ان حلف ليقضين فلانا حقه
غدا وقد مات فلان وهو لا يعرف أيحنث أم لا (قال) لا يحنث لان هذا إنما وقعت
147

يمينه على الوفاء (قال) وقال لي مالك بن أنس في الذي يحلف ليوفين فلانا حقه فيموت
انه يعطى ذلك ورثته [قلت] ولم لا يكون هذا على بر وان مضى الاجل ولم يوف
الورثة فلم لا يكون على بر كما قلت عن مالك في الذي يحلف بالطلاق ليضربن عبده
إلى أجل يسميه فيموت العبد قبل الاجل قلت هو على بر ولا شئ عليه من يمينه فلم
لا يكون هذا الذي حلف ليوفين فلانا حقه بهذه المنزلة (قال) لان هذا أصل يمينه
على الوفاء والورثة هاهنا في الوفاء مقام الميت ألا ترى أنه إذا كان وكل وكيلا بقبض
المال وغاب عنه الذي له الحق فدفع ذلك إلى السلطان ان ذلك مخرج له والذي
حلف ليضربن غلامه لا يجوز له أن يضرب غير عبده [قال ابن القاسم] وأخبرني
ابن دينار أن رجلا كان له يتيم وكان يلعب بالحمامات وان وليه حلف بالطلاق ليذبحن
حماماته وهو في المسجد أو في موضع من المواضع فقام مكانه حين حلف ومعه جماعة
إلى موضع الحمامات ليذبحها فوجدها ميتة كلها كان الغلام قد سجنها فماتت وظن
وليه حين حلف انها حية فأخبرني أنه لم يبق عالم بالمدينة الا رأى أنه لا حنث عليه
لأنه لم يفرط وإنما حلف على وجه ان أدركها حية ورأي أهل المدينة أن ذلك وجه
ما حلف عليه (قال) ابن القاسم وهو رأيي [قلت] أرأيت ان حلف ليضربن فلانا
بعتق رقيقه فحبست عليه الرقيق ومنعته من البيع ليبرأ أو يحنث فمات المحلوف عليه
والحالف صحيح (قال) إن لم يضرب لذلك أجلا فالرقيق أحرار في قول لذلك حين مات
المحلوف عليه من رأس المال إذا كان المحلوف عليه قد حيى قدر ما لو أراد أن يضربه
ضربه [قلت] فان مات المحلوف عليه وقد كان حيى قدر ما لو أراد أن يضربه ضربه
فمات المحلوف عليه والحالف مريض فمات الحالف من مرضه ذلك (قال) أرى انهم
يعتقون في الثلث لان الحنث وقع في الصحة عند مالك هو
من رأس المال (قال) وقال مالك إذا مات الحالف قبل الاجل فلا حنث عليه لأنه كان
على بر [قال] لي مالك وان حلف رجل بعتق رقيقه أو بطلاق نسبائه ليقضين
148

فلانا حقه إلى رمضان فمات في رجب أو في شعبان الحالف (قال) مالك فلا حنث عليه
في رقيقه ولا في نسائه لأنه مات على بر (قال) وقد أخبرني من أثق به وهو سعد
ابن عبد الله عن عبد العزيز بن أبي سلمة أنه قال مثله [قلت] فإن لم يقض ورثة
الميت ذلك الحق الا بعد الاجل أيكون حانثا في قول مالك (قال) لا يحنث وهو
حين مات حل أجل الدين (قال) وإنما اليمين هاهنا على التقاضي عجل ذلك أو أخره
فقد سقط الاجل وليس على الورثة يمين ولا حنث في يمين صاحبهم (قال) ولقد سألت
مالكا عن الرجل يقول لامرأته غلامي حر لوجه الله إن لم أضربك إلى سنة فتموت
امرأته قبل أن توفى السنة هل عليه في غلامه حنث أم لا (قال) لا لأنه على بر إذا
ماتت المرأة قبل أن توفى الاجل (قال) قلت ويبيع الغلام وان مضى الاجل وهو
عنده لم يعتق في قول مالك قال نعم
{تم كتاب النذور الثاني وبه يتم الجزء الثالث}
{من التقسيم الذي أجرينا الطبع على اعتباره}
(بحمد الله وعونه وصلى الله عليه سيدنا محمد عبده ورسوله وآله وسلم تسليما كثيرا)
{ويليه الجزء الرابع وأوله كتاب النكاح الأول}
{تنبيه}
تقدم في ديباجة كتابي النذور الأول والثاني الاقتصار على ذلك بدون زيادة
والايمان وهو ما في النسخة العتيقة المعتبرة التي بأيدينا الموشاة بخطوط العلماء الاثبات
ولكن قد وجدنا نسخة أخرى بعد تمام طبع هذين الكتابين فيها زيادة لفظ والايمان بعد قوله النذور هكذا (كتاب النذور والايمان) فلزم التنبيه اه‍
149

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي
عن الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
الجزء الرابع
أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل
حقوق الطبع محفوظة للملتزم
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
التاجر بالفحامين بمصر
تنبيه
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
المحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة اه‍
طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 هجرية
151

بسم الله الرحمن الرحيم
{وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم}
{كتاب النكاح الأول}
{ما جاء في نكاح الشغار}
[حدثنا] حسن بن إبراهيم قال حدثنا زيادة الله بن أحمد قال حدثنا يزيد بن أيوب
وسليمان بن سالم قالا قال سحنون بن سعيد قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت
ان قال زوجني مولاتك وأزوجك مولاتي ولا مهر بيننا أهذا من الشغار عند مالك
قال نعم [قلت] أرأيت ان قال زوجني ابنتك بمائة دينار على أن أزوجك ابنتي بمائة
دينار (قال ابن القاسم) سئل مالك عن رجل قال زوجني ابنتك بخمسين دينارا على
أن أزوجك ابنتي بمائة دينار فكرهه مالك ورآه من وجه الشغار [قلت] أرأيت
ان قال لرجل زوجني أمتك بلا مهر وأزوجك أمتي بلا مهر (قال) قال مالك الشغار
بين العبيد مثل الشغار بين الأحرار يفسخ وان دخل بها. فهذا يدلك على أن مسألتك
شغار (قال ابن القاسم) ألا ترى أنه لو قال زوجني أمتك بلا مهر علي أن أزوجك
أمتي بلا مهر أو قال زوج عبدي أمتك بلا مهر على أن أزوج عبدك أمتي بلا مهر ان
هذا كله سواء وهو شغار كله [قلت] أرأيت نكاح الشغار إذا وقع فدخلا
بالنساء فأقاما معهما حتى ولدتا أولادا أيكون ذلك جائزا أم يفسخ (قال) قال مالك
يفسخ على كل حال [قلت] وان رضى النساء بذلك فهو شغار عند مالك قال نعم
[قلت] أرأيت نكاح الشغار أيقع طلاقه عليها قبل أن يفرق بينهما أم يكون بينهما
الميراث أم يكون فسخ السلطان نكاحهما طلاقا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وقد
152

أخبرتك أن كل ما اختلف الناس فيه من النكاح حتى أجازه قوم وكرهه قوم فان
أحب ما فيه إلى أن يلحق فيه الطلاق ويكون فيه الميراث (وقد) روى القاسم وابن
وهب وعلي بن زياد عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الرجل
الآخر ابنته وليس بينهما صداق [ابن وهب] عن عبد الله بن عمر بن حفص عن
نافع بن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا شغار في الاسلام
[ابن وهب] عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال كان يكتب في عهود
السعاة أن ينهوا أهل عملهم عن الشغار والشغار أن ينكح الرجل الرجل امرأة
وينكحه الآخر امرأة الآخر امرأة بضع إحداهما ببضع الأخرى بغير صداق وما يشبه ذلك (قال
ابن وهب) وسمعت مالكا يقول في الرجل ينكح الرج المرأة على أن ينكحه
الآخر امرأة ولا مهر لواحدة منهما ثم يدخل بهما على ذلك قال مالك يفرق بينهما
(قال ابن وهب) وقال لي مالك وشغار العبدين مثل شغار الحرين لا ينبغي ولا يجوز
[قال سحنون] والذي عليه أكثر رواة مالك أن كل عقد كانا مغلوبين على فسخه
ليس لأحد اجازته فالفسخ فيه ليس بطلاق ولا ميراث فيه (قال سحنون) وقد ثبت
من نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشغار مالا يحتاج فيه إلى حجة [قلت]
أرأيت لو قال زوجني ابنتك بمائة دينار على أن أزوجك ابنتي بمائة دينار ان دخلا
أيفرق بينهما (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن لا يفرق بينهما إذا دخلا
وارى أن يفرض لكل واحدة منهما صداق مثلها لان هذين قد فرضا والشغار
الذي نهى عنه هو الذي لا صداق فيه [قلت] أرأيت إن كان صداق كل واحدة
منهما أقل مما سميا (قال) يكون لهما الصداق الذي سميا إن كان الصداق أقل مما سميا
[قلت] لابن القاسم ولم أجزته حين دخل كل واحد منهما بامرأته (قال) لان كل
واحد منهما تزوج امرأته بما سميا من الدنانير وببضع الأخرى والبضع لا يكون صداقا
فلما اجتمع في الصداق ما يكون مهرا وما لا يكون مهرا أبطلنا ذلك كله وجعلنا
153

لها صداق مثلها ألا ترى أنه لو تزوجها على مائة دينار وثمر لم يبد صلاحه ان أدركته
قبل أن يدخل بها فسخت هذا النكاح وان دخل بها قبل أن يفسخ كان لها مهر مثلها
ولم يلتفت إلى ما سميا من الدنانير والثمر الذي لم يبد صلاحه وجعل لها مهر مثلها إلا أن
يكون مهر مثلها أقل مما نقدها فلا ينقص منه شيئا [قال ابن القاسم] ألا ترى
لو أن رجلا تزوج امرأة بمائة دينار نقدا أو بمائة دينار إلى موت أو فراق ثم كان
صداقها أقل من المائة لم ينقص من المائة فهذا عندي مثله ألا ترى أن الرجل إذا خالع
امرأته على حلال وحرام أبطل الحرام وأجيز منه الحلال ولم يكن للزوج غير ذلك
فإن كان إنما خالعها على حرام كله مثل الخمر والخنزير والربا فالخلع جائز ولا يكون للزوج
منه شئ ولا يتبع المرأة منه بشئ وإن كان خالعها على ثمرة لم يبد صلاحها أو عبد لها
آبق أو جنين في بطن أمه أو البعير الشارد جاز ذلك وكان له أخذ الجنين إذا وضعته
أمه وأخذ الثمرة وأخذ العبد الآبق والبعير الشارد وكذلك بلغني عن مالك وهو رأيي
(قال) سحنون ورواه ابن نافع عن مالك [قلت] لابن القاسم أرأيت ان قال زوجني
ابنتك بمائة دينار على أن أزوجك ابنتي بلا مهر ففعلا ووقع النكاح على هذا ودخل
كل واحد منهما بامرأته (قال) أرى أن يجاز نكاح التي سمى المهر لها ويكون لها مهر
مثلها ويفسخ نكاح التي لم يسم لها صداق دخل بها أو لم يدخل بها [قال] وقال مالك
والشغار إذا دخل بها فسخ النكاح ولا يقام على ذلك النكاح على حال دخل بها أو لم
يدخل ويفرض لها صداق مثلها بالمسيس ويفرق بينهما (قال مالك) وشغار العبيد كشغار
الأحرار [قال] فقلنا لمالك فلو أن رجلا زوج ابنته رجلا بصداق مائة دينار على أن
زوجه الآخر ابنته بصداق خمسين دينارا (قال) قال مالك لا خير في هذا ورآه من
وجه الشغار [قال ابن القاسم] ويفسخ هذا ما لم يدخلا فان دخلا لم يفسخ وكان
للمرأتين صداق مثلهما [قلت] أرأيت هاتين المرأتين أتجعل لهما الصداق الذي
سميا أم تجعل لهما صداق مثلهما لكل واحد منهما صداق مثلها (قال) قال لي مالك
في الشغار يفرض لكل واحد منهما صداق مثلها إذا وطئها فأرى هذا أيضا من
154

الوجه الذي يفرض لهما صداق مثلهما ولا يلتفت إلى ما سميا (قال سحنون) إلا أن
يكون ما سميا أكثر فلا ينقصان من التسمية
{في انكاح الأب ابنته بغير رضاها}
[قلت] أرأيت ان ردت الرجال رجلا بعد رجل أتجبر على النكاح أم لا (قال)
لا تجبر عند مالك على النكاح ولا يجبر أحد أحدا عند مالك على النكاح الا الأب
في ابنته البكر وفى ابنه الصغير وفى أمته وفى عبده والولي في يتيمه [قال] ولقد
سأل رجل مالكا وأنا عنده فقال له ان لي ابنة أخ وهي بكر وهي سفيهة وقد أردت
أن أزوجها من يحصنها ويكفلها فأبت (قال مالك) لا تزوج الا برضاها (قال) انها
سفيهة في حالها (قال مالك) وان كانت سفيهة فليس له أن يزوجها الا برضاها
[في انكاح الأب ابنته البكر والثيب}
[قلت] أرأيت ان زوج الصغيرة أبوها بأقل من مهر مثلها أيجوز ذلك عليها في
قول مالك (قال) سمعت مالكا يقول يجوز عليها نكاح فأرى أنه ان زوجها
الأب بأقل من مهر مثلها أو بأكثر فان ذلك جائز إذا كان إنما زوجها على وجه النظر
لها [قال] ولقد سألت مالكا امرأة ولها ابنة في حجرها وقد طلق الأم زوجها
عن ابنة له منها فأراد الأب أن يزوجها من ابن أخ له فأتت الأم إلى مالك فقالت له
ان لي ابنة وهي موسرة مرغوب فيها وقد أصدقت صداقا كثيرا فأراد أبوها أن
يزوجها ابن أخ له معدما لا شئ له أفترى لي أن أتكلم قال نعم انى أرى لك في ذلك
متكلما [قال ابن القاسم] فأرى أن انكاح الأب إياها جائز عليها إلا أن يأتي من
ذلك ضرر فيمنع من ذلك [قلت] أرأيت لو أن رجلا زوج ابنته بكرا فطلقها
زوجها قبل أن يبتنى بها أو مات عنها أيكون للأب أن يزوجها كما يزوج البكر في
قول مالك قال نعم [قلت] فان بنى بها فطلقها أو مات عنها (قال) قال مالك إذا بنى
بها فهي أحق بنفسها [قال ابن القاسم] وتسكن حيث شاءت إلا أن يخاف عليها
155

الضيعة والمواضع السوء أو يخاف عليها من نفسها وهواها فيكون للأب أو للولي أن
يمنعها من ذلك [قلت] أرأيت ان زنت فحدت أو لم تحد أيكون للأب أن يزوجها
كما يزوج البكر في قول مالك قال نعم في رأيي [قلت] فان زوجها تزويجا حراما
فدخل بها زوجها فجامعها ثم طلقها أو مات عنها ولم يتباعد ذلك أيكون للأب أن
يزوجها كما يزوج البكر (قال) أرى أنه ليس له أن يزوجها كما يزوج البكر لأنه إنما
افتضها زوجها وإن كان نكاحه فاسدا ألا ترى أن نكاح يلحق فيه الولد ويدرأ به
الحد (قال مالك) وتعتد منه في بيت زوجها الذي كانت تسكن فيه وجعل العدة
فيه كالعدة في النكاح الحلال. فهذا يدلك على أنه خلاف الزنا في تزويج الأب إياها
[قلت] أرأيت الجارية يزوجها أبوها وهي بكر فيموت عنها زوجها أو يطلقها بعد
ما دخل بها فقالت الجارية ما جامعني وقد كان الزوج أقر بجماعها أيكون للأب هاهنا
أن يزوجها كما يزوج البكر ثانية أم لا في قول مالك (قال) سألت مالكا عن الرجل
يتزوج المرأة ويدخل بها فيقيم معها ثم يفارقها قبل أن يمسها فترجع إلى أبيها أهي في
حال البكر في تزويجه إياها ثانية أم لا يزوجها أبوها الا برضاها (فقال) مالك أما التي قد
طالت اقامتها مع زوجها وشهدت مشاهد النساء فان تلك لا يزوجها الا برضاها وإن لم يصبها زوجها وأما إذا كان الشئ القريب فانى أرى له أن يزوجها (قال) فقلت لمالك
فالسنة (قال) لا أرى له أن يزوجها وأرى أن السنة طول إقامة. فمسألتك هكذا
إذا أقرت بأنه لم يطأها وكان أمرا قريبا جاز نكاح الأب عليها لأنها تقول أنا بكر
وتقر بأن صنع الأب جائز عليها ولا يضرها ما قال الزوج من وطئها وان كانت قد
طالت اقامتها فلا يزوجها الا برضاها أقرت بالوطئ أو لم تقر [قلت] أرأيت المرأة
الثيب التي قد ملكت أمرها إذا خاف الأب عليها من نفسها الفضيحة أو الولي أيكون
له أن يضمها إليه وان أبت أن تنظم إليه (قال) نعم تجبر على ذلك وللولي أو للأب أن
يضماها إليهما وهذا رأيي
156

{باب في احتلام الغلام}
[قلت] أرأيت إذا احتلم الغلام أيكون للوالد أن يمنعه أن يذهب حيث شاء (قال)
مالك إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء وليس للوالد أن يمنعه (قال ابن القاسم)
إلا أن يخاف من ناحيته سفها فله أن يمنعه
{في الرضا البكر والثيب}
قلت أرأيت البكر ان قال لها وليها أنا أزوجك من فلان فسكتت فزوجها وليها
أيكون هذا رضا منها بما صنع الولي (قال) قال مالك نعم هذا من البكر رضا وكذلك
سمعته من مالك (وقال) غيره من رواة مالك وذلك إذا كانت تعلم أن سكوتها
رضا [قلت] فالثيب أيكون اذنها سكوتها (قال) لا إلا أن تتكلم وتستخلف الولي
على انكاحها [قلت] أتحفظ هذا عن مالك (قال) نعم هذا قول مالك [قلت]
أرأيت الثيب إذا قال لها والدها انى مزوجك من فلان فسكتت فذهب الأب
فزوجها من ذلك الرجل أم لا (قال) تأويل الحديث الأيم أحق بنفسها أن سكوتها لا تكون
رضا (قال) والبكر تستشار في نفسها واذنها صماتها وان السكوت إنما يكون جائزا في
البكر ان قال لها الولي انى مزوجك من فلان فكستت ثم ذهب فزوجها منه
فأنكرت ان التزويج لازم ولا ينفعها انكارها بعد سكوتها وكذلك قال لي مالك في
البكر على ما أخبرتك [ابن وهب] قال أخبرني السرى بن يحيى عن الحسن
البصري أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج عثمان بن عفان ابنتيه ولم
يستشرهما [قال ابن وهب] وأخبرني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال
لا يكره على النكاح الا الأب فإنه يزوج ابنته إذا كانت بكرا [قال ابن القاسم]
ولقد سمعت أن مالكا كان يقول في الرجل يزوج أخته الثيب أو البكر ولا يستأمرها
ثم تعلم بذلك فترضى فبلغني أن مالكا مرة كان يقول إن كانت المرأة بعيدة عن موضعه
157

فرضيت إذا بلغها لم أر أن يجوز وان أنت معه في البلدة فبلغها ذلك فرضيت جاز
ذلك فسألنا مالكا ونزلت بالمدينة في رجل زوج أخته فبلغها فقالت ما وكلت ولا
أرضى ثم كلمت في ذلك فرضيت (قال مالك) لا أراه نكاحا جائزا ولا يقام عليه حتى
يستأنف نكاحا جديدا ان أحبت (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يزوج ابنه
الكبير المنقطع عنه أو البنت الثيب وهي غائبة عنه أو هو غائب عنهما فيرضيان بما
فعل أبوهما (قال مالك) لا يقام على ذلك النكاح وان رضيا لأنهما لو ماتا لم يكن
بينهما ميراث [قلت] أرأيت الجارية البالغ التي قد حاضت وهي بكر لا أب لها
زوجها وليها بغير أمرها فبلغها فرضيت أو سكتت أيكون سكوتها رضا (قال)
لا يكون سكوتها رضا ولا يزوجها حتى يستشيرها فان فعل فزوجها بغير مشورتها
وكان حاضرا معها في البلد فأعلمها حين زوجها فرضيت رأيت ذلك جائزا وإن كان على
غير ذلك من تأخير اعلامها بما فعل من تزويجه إياها أو بعد الموضع عليه فلا يجوز ذلك
وان أجازته وهذا قول مالك [قال] ابن القاسم وابن وهب وعلي بن زياد عن مالك
ان عبد الله بن الفضل حدثه عن نافع عن جبير عن عبد الله بن عباس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها واذنها
صماتها (قال مالك) وذلك عندنا في البكر اليتيمة [وقالوا] عن مالك أنه بلغه أن القاسم
ابن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار كانوا يقولون في البكر يزوجها أبوها بغير إذنها ان ذلك لازم لها [وقالوا] عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالما كانا ينكحان بناتهما الابكار ولا يستأمر انهن (قال ابن وهب) قال مالك وذلك الامر عندنا من
الابكار [ابن نافع] عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن السبعة أنهم كانوا
يقولون الرجل أحق بانكاح ابنته البكر بغير إذنها وان كانت ثيبا فلا جواز لأبيها في
انكاحها الا باذنها وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن
ابن الحارث بن هشام وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد
الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه
158

وفضل [ابن وهب] عن شيب بن سعيد التميم عن محمد بن عمرو بن علقمة يحدث
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
اليتيمة تستأمر في نفسها سكتت فهو اذنها وان أبت فلا جواز عليها [قال ابن
وهب] وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن عبد العزيز وابن شهاب أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال كل يتيمة تستأمر في نفسها فما أنكرت لم يجز عليها
وما صمتت عنه وأقرت جاز عليها وذلك اذنها [قال] وقال مالك لا تزوج اليتيمة
التي يولى عليها حتى تبلغ ولا يقطع عنها ما جعل لها من الخيار وأمر نفسها انه لا جواز
عليها حتى تأذن للحديث الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك
[وكيع] عن الفزاري عن أشعث بن سوار عن ابن سيرين عن شريح قال تستأمر
اليتيمة في نفسها فان معضت (1) لم تنكح وان سكتت فهو اذنها. ويدل على أن يتيمة
إذا شوورت في نفسها أنها لا تكون الا بالغا لان التي لم تبلغ لا اذن لها فكيف
تستأذن من ليس لها اذن
{في وضع الأب بعض الصداق ودفع الصداق إلى الأب}
[قلت] أرأيت ان زوج ابنته وهي بكر ثم حط من الصداق أيجوز ذلك على الابنة
في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز للأب أن يضع من صداق ابنته البكر شيئا إذا لم
يطلقها زوجها (قال ابن القاسم) وأرى أن ينظر في ذلك فإن كان ما صنع الأب على
وجه النظر مثل أن يكون الزوج معسرا بالمهر فيخفف عنه وينظره فذلك جائز على
البنت لأنه لو طلقها ثم وضع الأب الذي وجب للابنة من الصداق ان ذلك
جائز على البنت فأما أن يضع من غير طلاق ولا على وجه النظر لها فلا أرى أن يجوز
ذلك له [ابن وهب] عن مالك ويونس وغيرهما عن ربيعة أنه كان يقول الذي بيده

(1) (قوله معضت) بالضاد المعجمة وقيل معصت بالمهملة بمعنى واحد أي تعبست اه‍ من
هامش الأصل بعض زيادة وفي القاموس وشرحه معض من الامر كفرح غضب وشق عليه وفى
حديث ابن ميمون تستأمر اليتيمة فان معضت لم تنكح أي شق عليها اه‍ كتبه مصححه
159

عقد النكاح هو السيد في أمته والأب في ابنته البكر [قال ابن وهب] وقال لي
مالك وسمعت زيد بن أسلم يقول ذلك [قال ابن وهب] وقال مالك ويونس قال ابن
شهاب الذي بيده عقدة النكاح فهي البكر التي يعفو وليا فيجوز ذلك ولا يجوز
عفوها هي (قال ابن شهاب) وقوله إلا أن يعفون فالعفو إليهم إذا كانت امرأة ثيبا
فهي أولى بذلك ولا يملك ذلك عليها ولى لأنها قد ملكت أمرها فان أرادت ان
تعفو له نصفه الذي وجب لها عليها من حقها جاز ذلك له وان أرادت أخذه
فهي أملك بذلك [ابن وهب] عن رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عباس ومحمد
ابن كعب القرظي مثل قول ابن شهاب في المرأة الثيب (وقال) ابن عباس مثل قول ابن
شهاب في البكر [ابن وهب] وقال مالك لا أراده جائزا لأبي البكر أن يجوز وضيعته
الا إذا وقع الطلاق وكان لها نصف الصداق ففي ذلك تكون الوضيعة فأما ما قبل
الطلاق فان ذلك لا يجوز لأبيها فيما يرى موقعه من القرآن [قلت] أرأيت
الثيب إذا زوجها أبوها برضاها فدفع الزوج الصداق إلى أبيها أيجوز ذلك أم لا (قال)
سئل مالك عن رجل زوج ابنته ثيبا فدفع الزوج الصداق إلى أبيها ولم يرض فزعم
الأب أن الصداق قد تلف من عنده قال مالك يضمن الأب الصداق [قلت]
أرأيت أن كانت بكرا لا أب لها زوجها أخوها أو جدها أو عمها أو وليها برضاها
فقبض الصداق أيجوز ذلك على الجارية أم لا (قال) لا يجوز ذلك على الجارية إلا أن
يكون وصيا فإن كان وصيا فإنه يجوز قبضه على الجارية لأنه الناظر لها ومالها في يديه
ألا ترى أنها لا تأخذ مالها من الوصي وإنما هو في يديه وان كانت قد طمثت وبلغت
فذلك في يدي الوصي عند مالك حتى تتزوج ويؤنس منها الرشد والاصلاح لنفسها
في مالها [قلت] وما سألتك عنه من أمر البكر أهو قول مالك قال نعم (قال ابن
القاسم) وإنما رأيت مالكا ضمن الأب الصداق الذي قبض في بنته الثيب لأنها لم
توكله بقبض الصداق وانه كان متعديا حين قبض الصداق ولم يدفعه إليها حين قبضه
فيبرأ منه بمنزلة مال كان لها على رجل فقبضه الأب بغير أمرها فلا يبرأ الغريم والأب
160

ضامن وللمرأة أن تتبع الغريم
{في انكاح الأولياء}
[قلت] أكان مالك يقول إذا اجتمع الأولياء في نكاح المرأة ان بعضهم أولى من
بعض (قال) قال مالك ان اختلف الأولياء وهم في القعدد سواء نظر السلطان
في ذلك فإن كان بعضهم أقعد من بعض فالأقعد أولى بانكاحها عند مالك [قلت]
فالأخ أولى أم الجد (قال) الأخ أولى من الجد عند مالك [قلت] فابن
الأخ أولى أم الجد في قول مالك (قال) ابن الأخ [قلت] فمن أولى بانكاحها الابن
أم الأب (قال) قال مالك الابن أولى بانكاحها وبالصلاة عليها [ابن وهب] عن
يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه سأله عن امرأة لها أخ وموال فخطبت فقال أخوها
أولى بها من مواليها تقلت] لابن القاسم فمن أولى بانكاحها والصلاة عليها ابن ابنها
أم الأب (قال) ابن الابن أولى [قلت] أرأيت ما يذكر من قول مالك في الأولياء
أن الأقعد أولى بانكاحها أليس هذا إذا فوضت إليهم فقالت زوجوني أو خطبت
فرضيت فاختلف الأولياء في انكاحها وتشاحوا على ذلك (قال) نعم إنما هذا إذا خطبت
ورضيت وتشاح الأولياء في انكاحها فان للأقرب فالأقرب أن ينكحها دونهم
[قلت] أرأيت المرأة يكون أولياؤها حضورا كلهم وبعضهم أقعد بها من بعض
منهم العم والأخ والجد وولد الولد والوالد نفسه فزوجها العم وأنكر ولدها وسائر
الأولياء تزويجها وقد رضيت المرأة (قال) ذلك جائز على الأولياء عند مالك [قال]
وقال مالك في لمرأة الثيب لها الأب والأخ فيزوجها الأخ برضاها وأنكر الأب
أذلك له (قال مالك) ليس للأب هاهنا قول إذا زوجها الأخ برضاها لأنها قد ملكت
أمرها [قال] وقال لي مالك أرأيت المرأة لو قال الأب لا أزوجها لا يكون ذلك له
[قلت] أرأيت البكر إذا لم يكن لها أب وكان لها من الأولياء من ذكرت لك من
الاخوة والأعمام والأجداد وبنى الاخوة فزوجها بعض الأولياء وأنكر التزويج
سائر الأولياء أيجوز هذا النكاح في قول مالك (قال) سألت مالكا عن قول عمر بن
161

الخطاب أو ذي الرأي من أهلها من ذو الرأي من أهلها (قال مالك) الرجل من
العشيرة أو ابن العم أو الموالي وان كانت المرأة من العرب فان انكاحه إياها جائز. قال
مالك وإن كان ثم من هو أقعد منه فانكاحه إياها جائز إذا كان له الصلاح والفضل
إذا أصاب وجه النكاح [سحنون] قال ابن نافع عن مالك ان ذا الرأي من أهلها
الرجل من العصبة (قال سحنون) وأكثر الرواة يقولون لا يزوجها ولى وثم أولى منه
حاضر فان فعل وزوج نظر السلطان في ذلك (وقال) آخرون للأقرب أن يرد أو
يجيز إلا أن يتطاول مكثها عند الزوج وتلد منه الأولاد لأنه لم يخرج العقد من أن
يكون وليه وليا وهذا في ذات المنصب والقدر والولاة (وقال) بعض الرواة ويدل
على ذلك من الكتاب ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى
يقول في كتابه وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن
إذا تراضوا بينهم بالمعروف والعضل من الولي وان النكاح يتم برضا الولي المزوج
ولا يتم الا به ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيم أحق بنفسها من وليها
والبكر تستأذن في نفسها واذنها صماتها. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم واليتيمة
تشاور في نفسها (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المحفوظ عنه أيما
امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فان اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى
له فيكون معناه من لا ولى له ويكون أيضا أن يكون لها ولى فيمنعها اعضالا لها فإذا
منعها فقد أخرج نفسه من الولاية بالعضل (وقد) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا ضرر ولا ضرار فإذا كان ضرر حكم السلطان أن ينفي الضرر وتزوج فكان وليا كما
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [قلت] أرأيت إن كان في أولياء هذه الجارية
وهي بكر أخ وجد وابن أخ أيجوز تزويج ذي الرأي من أهلها إياها (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا وأراه جائزا إذا أصاب وجه النكاح [قلت] أرأيت البكر أيجوز لذي
الرأي أن يزوجها إذا لم يكن الأب (قال) قال مالك في تأويل حديث عمر بن الخطاب
ما أخبرتك فتأويل حديث عمر يجمع له البكر والثيب ولم يذكر لنا مالك بكرا من
162

ثيب ولم نشك أن البكر والثيب إذا لم يكن للبكر والد ولا وصي سواء [قلت]
أرأيت الرجل يغيب عن ابنته البكر أيكون للأولياء أن يزوجها (قال) قال مالك إذا
غاب غيبة منقطعة مثل هؤلاء الذين يخرجون في المغازي فيقيمون في البلاد التي
خرجوا إليها مثل الأندلس أو إفريقية أو طنجة (قال) فأرى أن ترفع أمرها إلى
السلطان فينظر لها ويزوجها [سحنون] ورواه علي بن زياد عن مالك [قلت]
أفيكون للأولياء أن يزوجها بغير أمر السلطان (قال) هكذا سمعت مالكا يقول
يرفع أمرها إلى السلطان [قلت] أرأيت ان خرج تاجرا إلى إفريقية أو نحوها من
البلدان وخلف بنات أبكارا فأردن النكاح ورفعن ذلك إلى السلطان أينظر السلطان
في ذلك أم لا (قال) إنما سمعنا مالكا يقول في الذي يغيب غيبة منقطعة فأما من
خرج تاجرا وليس يريد المقام بتلك البلاد فلا يهجم السلطان على ابنته البكر فيزوجها
وليس لاحد من الأولياء أن يزوجها (قال) وهو رأيي لان مالكا لم يوسع في أن تزوج
ابنة الرجل البكر إلا أن يغيب غيبة منقطعة [قلت] أرأيت ان كانت ثيبا فخطب
الخاطب إليها نفسها فأبى والدها أو وليها أن يزوجها فرفعت ذلك إلى السلطان وهو دونها
في الحسب والشرف إلا أنه كف ء في الدين فرضيت به وأبى الولي (قال) يزوجها
السلطان ولا ينظر إلى قول الأب والولي إذا رضيت به وكان كفؤا في دينه قال
وهذا قول مالك [قلت] أرأيت إن كان كفؤا في الدين ولم يكن كفؤا لها في
المال فرضيت به وأبى الولي أن يرضى أيزوجها منه السلطان أم لا (قال) ما سمعت
من مالك في هذا شيئا إلا أنى سألت مالكا عن نكاح الموالي في العرب فقال لا
بأس بذلك ألا ترى إلى ما قال الله في كتابه يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم [قلت] أرأيت ان
رضيت بعبد وهي امرأة من العرب وأبى الأب أو الولي أن يزوجها وهي ثيب أيزوجها
منه السلطان أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا ما أخبرتك (قال) ولقد قيل
لمالك ان بعض هؤلاء القوم فرقوا بين عربية ومولاة فأعظم ذلك اعظاما شديدا وقال
163

أهل الاسلام كلهم بعضهم لبعض أكفاء لقول الله في التنزيل إنا خلقناكم من ذكر
وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم [سحنون]
وقال غيره ليس العبد ومثله إذا دعت إليه إذا كانت ذات المنصب والموضع والقدر مما
يكون الولي في مخالفتها عاضلا لان الناس مناكح قد عرفت لهم وعرفوا لها [قلت]
أرأيت البكر إذا خطبت إلى أبيها فتمنع الأب من أنكاحها من أول ما خطبت إليه
وقالت الجارية وهي بالغة زوجني فأنا أريد الرجال ورفعت أمرها إلى السلطان
أيكون رد الأب الخاطب الأول اعضالا لها وترى للسلطان أن يزوجها إذا أبى الأب
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أري ان عرف عضل الأب إياها وضرورة
إياها لذلك ولم يكن منعه ذلك نظرا لها رأيت السلطان ان قامت الجارية بذلك وطلبت
نكاحه أن يزوجها السلطان إذا علم أن الأب إنما هو مضاربها في رده وليس هو
بناظر لها لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار فإن لم يعرف من
الأب فيه ضرر لم يهجم السلطان على ابنته في انكاحها حتى يتبين له الضرر [قلت]
أرأيت البكر إذا رد الأب عنها خاطبا واحدا أو خاطبين وقالت الجارية في أول من
خطبها للأب زوجني فانى أريد الرجال فأبى الأب أيكون الأب في أول خاطب رد
عنها عاضلا لها (قال) أرى أنه ليس يكره الآباء على أنكاح بناتهم الابكار إلا أن
يكون مضارا أو عاضلا لها فان عرف ذلك منه وأرادت الجارية النكاح فان السلطان
يقول له اما أن تزوج واما أن أزوجها عليك [قلت] وليس لهذا عندك حد في
قول مالك في رد الأب عنها الخاطب الواحد والاثنين (قال) لا نعرف من قول مالك
في هذا حدا إلا أن يعرف ضرره واعضاله
{في نكاح من أسلمت على يد رجل أو أسلم أبوها أو جدها على يديه}
[قلت] أرأيت ولى النعمة أيجوز أن يزوج (قال) نعم في قول مالك [قال] وقال
مالك ويزوجها من نفسه ويلي عقدة نكاح نفسه إذا رضيت [قلت] فإن كان إنما
أسلم على يديه والدها أو جدها أو أسلمت هي على يديه أيجوز له أن يزوجها (قال) أما
164

التي أسلمت على يديه فإنها تدخل فيما فسرت لك من قول مالك في انكاح الدنيئة
فيجوز انكاحه إياها (قال) وأما إذا أسلم أبوها وتقادم ذلك حتى يكون لها من القدر
والغنى والاباء في الاسلام وتنافس الناس فيها فلا يزوجها وهو والأجنبي سواء
[قلت] أرأيت ولى النعمة يزوج مولاته ولها ذو رحم أعمام أو بنو اخوة أو اخوة
إلا أنه ليس لها أب فزوجها وهي بكر برضاها أو ثيب برضاها (قال) هذا عندي من
ذوي الرأي من أهلها أن يزوجها إذا كان له الصلاح لان مالكا قال المولى الذي له
الحال في العشيرة له أن يزوج العربية من قومه إذا كان له الموضع والرأي (قال مالك)
وأراه من ذوي الرأي من أهلها إذا لم يكن لها أب ولا وصى [قال سحنون]
وقد بينا قول الرواة قبل هذا في مثل هذا من قول مالك
{في أنه لا يحل نكاح بغير ولى وان ولاية الأجنبي}
{لا تجوز إلا أن تكون وضيعة}
[ابن وهب] قال أخبرني الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن عن عبد الجبار عن الحسن
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل نكاح الا بولي وصداق وشاهدي عدل
[ابن وهب] عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي بردة بن أبي
موسى الأشعري (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح لامرأة بغير إذن
ولى [ابن وهب] عن عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء في الولي [ابن وهب] عن ابن جريح

(1) (قوله عن أبي بردة بن أبي موسى) كذا في نسخة وفى نسخة أخرى عن أبي موسى قيل إن
هذا الحديث موقوف على أبي بردة قاله علي بن المدني قال لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال لا نكاح إلى بولي اه‍ وممن أجاز النكاح بغير ولى ابن سيرين والحسن والشعبي وروى ذلك
عن علي بن أبي طالب وقال بن أبو حنيفة اه‍ وقوله لا نكاح مثل هذا اللفظ إذا ورد في مثل
النكاح والمعاملات فلا يحمل بوجه الا على نفى الصحة وإذا ورد في العبادات كالوضوء والصلاة
فقد يقع على الاجزاء وعلى الكمال واختلف أهل الأصول على ما يحمل منهما إذا لم تكن فريضة اه‍
من هامش الأصل
165

عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عائشة زوج النبي صلى
الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تنكح امرأة بغير إذن وليها
فان نكحت فنكاحها باطل ثلاث مرات فان أصابها فلها مهرها بما أصاب منها فان
اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى له [ابن وهب] عن ابن جريج أن عبد الحميد
ابن جبير بن شيبة حدثه أن عكرمة بن خالد حدثه قال جمع الطريق ركبا فولت
امرأة أمرها غير ولى فأنكحها رجلا منهم ففرق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
بينهما وعاقب الناكح والمنكح [ابن وهب] عن عمرو بن الحارث أن يزيد بن أبي حبيب حدثه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أيوب بن شرحبيل أنما رجل نكح
امرأة بغير إذن وليها فانتزع منه المرأة وعاقب الذي انكحه [ابن وهب] عن
ابن لهيعة عن محمد بن زيد بن المهاجر التيمي أن رجلا من قريش أنكح امرأة من
قومه ووليها غائب فبنى بها زوجها ثم قدم وليها فخاصم في ذلك إلى عمر بن عبد العزيز
فرد النكاح ونزعها منه [ابن وهب] عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكير
ابن الأشج أنه سمع ابن المسيب يقول إن عمر بن الخطاب قال لا تنكح المرأة الا باذن
وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان [ابن وهب] عن مالك عمن حدثه عن
سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب مثله [قال ابن وهب] قال مالك في المرأة
يفرق بينها وبين زوجها بها أو لم يدخل بها إذا زوجها غير ولى إلا أن يجيز ذلك
الولي أو السلطان إن لم يكن لها ولى فان فرق بينهما فهي طلقة فأما المرأة الوضيعة
مثل المعتقة والسوداء أو المسالمة فإن كان نكاحا ظاهرا معروفا فذلك أخف عندي
من المرأة لها الموضع
{في تزويج الوصي ووصى الوصي}
[قلت] أرأيت الوصي أو وصى الوصي أيجوز أن يزوج البكر إذا بلغت والأولياء
ينكرون والجارية راضية (قال) قال مالك لا نكاح للأولياء مع الوصي والوصي
ووصى الوصي أولى من الأولياء [قلت] أرأيت ان رضيت الجارية ورضى الأولياء
166

والوصي ينكر (قال) قال مالك لا نكاح لها ولا لهم الا بالوصي فان اختلفوا في ذلك
نظر السلطان فيما بينهم [قلت] أرأيت المرأة الثيب ان زوجها الأولياء برضاها
والوصي ينكر (قال) ذلك جائز عند مالك ألا ترى أن مالكا قال لي في الأخ يزوج
أخته الثيب برضاها والأب ينكر ان ذلك جائز على الأب (قال مالك) وما للأب ومالها
وهي مالكة أمرها. والوصي أيضا في الثيب ان أنكح برضاها والأولياء ينكرون
جاز انكاحه إياها وليس الوصي أو وصى الوصي فيها بمنزلة الأجنبي (قال) لي مالك
ووصى الوصي أولى ببضع الابكار أن يزوجهن برضاهن إذا بلغن من الأولياء
[قلت] أرأيت إن كان وصى وصى وصى أيجوز فعله بمنزلة الوصي (قال) نعم في
رأيي وإنما سألنا مالكا عن وصى الوصي ولم نشك أن الثالث مثلهما والرابع وأكثر
من ذلك [قلت] فان زوجها ولى ولها وصى زوجها أخ أو عم برضاها وقد حاضت
ولها وصى أو وصى وصى (قال) انكاح الأخ والعم لا يجوز وليس للأولياء في انكاحها
مع الأوصياء قضاء فإن لم يكن لها وصي ولا والد فحاضت فاستخلفت وليها فزوجها
فذلك جائز وهذا كله قول مالك وما لم تبلغ الحيض فلا يجوز لاحد أن يزوجها الا
الأب وهذا قول مالك [ابن وهب] عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال لا ينبغي
للولي أن ينكح دون الوصي وان أنكحها الوصي أحدا ورضيت دون الولي جاز
ذلك فان أنكحها الولي دون الوصي ورضيت لم يجز دون الامام وليس إلى الولي
مع الوصي قضاء [ابن وهب] عن معاوية بن صالح أنه سمع يحيى بن سعيد يقول
الوصي أولى من الولي ويشاور الولي في ذلك قال والوصي العدل مثل الولد
[ابن وهب] عن أشهل بن حاتم عن شعبة بن الحجاج عن سماك بن حرب أن
شريحا أجاز نكاح وصى والأولياء ينكرون [قال ابن وهب] وقال الليث بن
سعد مثل الوصي أولى من الولي [قلت] أرأيت الصغار هل ينكحهم أحد من
الأولياء (قال) قال مالك أما الغلام فيزوجه الأب والوصي ولا يجوز أن يزوجه أحد
الا الأب أو الوصي ولا يجوز أن يزوجه أحد من الأولياء غير الوصي أو الأب
167

ووصى الوصي أيضا (قال) قال مالك انكاحه الغلام الصغير جائز وأما الجارية فلا
يزوجها أحد الا أبوها ولا يزوجها أحد من الأولياء ولا الأوصياء حتى تبلغ المحيض
فإذا بلغت المحيض فزوجها الوصي برضاها جاز ذلك وكذلك أن زوجها وصى
الوصي برضاها فذلك جائز وهو قول مالك (وقال مالك) لا يجوز للوصي ولا لاحد
أن يزوجه صغيرة لم تحض الا الأب فأما الغلام فللوصي أن يزوجه قبل أن يحتلم
[ابن وهب] عن مخرمة عن أبيه قال سمعت ابن قسيط واستفتى في غلام كان في
حجر رجل فأنكحه ابنته أيجوز انكاح وليه (قال) نعم وهما يتوارثان (وقال) ذلك نافع
مولى ابن عمر انه جائز وهما يتوارثان [ابن وهب] عن يونس بن يزيد عن ابن
شهاب قال أرى هذا النكاح جائزا وان كره الغلام إذا احتلم [قلت] أرأيت الولي
أو الوالد إذا استخلف من يزوج ابنته أيجوز هذا في قول مالك قال نعم [قلت]
هل يجوز للأم أن تستخلف من يزوج ابنتها وقد حاضت ابنتها ولا أب للبنت (قال)
قال مالك لا يجوز إلا أن تكون وصية فإن كانت وصية جاز لها أن تستخلف من يزوجها
ولا يجوز لها هي أن تعقد نكاحها [قلت] وكذلك لو أوصى إلى امرأة أجنبيه أكانت
بمنزلة الأم في انكاح هذه الجارية في قول مالك قال نعم [قلت] ولا يجوز للأم
وان كانت وصية أن تستخلف من يزوج ابنتها قبل أن تبلغ الابنة المحيض في قول مالك
(قال) نعم لا يجوز في قول مالك
{في المرأة توكل وليين فينكحانها من رجلين}
[قلت] أرأيت لو أن امرأة زوجها الأولياء برضاها فزوجها هذا الأخ من رجل
وزوجها هذا الأخ من رجل ولم يعلم أيهما الأول (قال) قال مالك ان كانت وكلتهما
فان علم أيهما كان أول فهو أحق بها وان دخل بها أحدهما فالذي دخل بها أحق بها
وإن كان آخرهما نكاحا وأما إذا لم يعلم أيهما أول ولم يدخل بها واحد منهما فلم أسمع
من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن يفسخ نكاحهما جميعا ثم تبتدئ نكاح من
أحبت منهما أو من غيرهما [قلت] أرأيت ان قالت المرأة هذا هو الأول ولم
168

يعلم ذلك الا بقولها (قال) لا أرى أن يثبت النكاح وأرى أن يفسخ [ابن وهب]
عن معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد أنه قال إن عمر بن الخطاب قضى في الوليين
ينكحان المرأة ولا يعلم أحدهما بصاحبه انها للذي دخل بها فإن لم يكن دخل بها
أحدهما فهي للأول [ابن وهب] عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن رجل أمر
أخاه أن ينكح ابنته وسافر فأتاه رجل فخطبها إليه فأنكحها الأب ثم إن عمها أنكحها
بعد ذلك فدخل بها الآخر منهما ثم إن الأب قدم والذي زوج معه (قال) ابن شهاب نرى
أنهما ناكحان لم يشعر أحدهما بالآخر فنرى أولاهما بها الذي أفضى إليها حتى استوجبت
مهرها تاما واستوجبت ما تستوجب المحصنة في نكاح الحلال ولو اختصما قبل أن
يدخل بها كان أحقهما فيما نرى النكاح الأول ولكنهما اختصما بعد ما استحل الفرج
بنكاح حلال لا يعلم قبله نكاح [ابن وهب] عن رجال من أهل العلم عن يحيى
ابن سعيد وربيعة وعطاء بن أبي رباح ومكحول بذلك (وقال) قال يحيى فإن لم يعلم
أيهما كان قبل فسخ النكاح إلا أن يدخل بها فان دخل بها لم يفرق [قلت]
أرأيت أمة أعتقها رجلان من وليها منهما في النكاح (قال) قال مالك كلاهما وليان
(قال) فقلت لمالك فان زوجها أحدهما بغير وكالة الآخر فرضى الآخر بعد أن
زوجها هذا (قال) قال مالك انكاحه جائز رضى الآخر أو لم يرض [قلت] أرأيت
الأخوين إذا زوج أحدهما أخته فرد الأخ الآخر نكاحها أيكون له أن يرد أم لا
(قال) لا يكون له ذلك عند مالك وقد أخبرتك من قول مالك أن الرجل من الفخذ
يزوج وإن كان ثم من هو أقرب منه فكيف بالأخ وهما في القعدد سواء (قال)
وسمعت مالكا يقول في الأمة يعتقها الرجلان فيزوجها أحدهما بغير أمر صاحبه ان
النكاح جائز [قلت] أرأيت إن لم يرض أحدهما (قال) ذلك جائز عليه على ما أحب
أو كره (وقال) علي بن زياد قال مالك في الأخ يزوج أخته لأبيه وثم أخوها لأبيها
وأمها ان انكاحه جائز إلا أن يكون أبوها أوصى بها إلى أخيها لأبيها وأمها فإن كان كذلك فلا نكاح لها الا برضاه وإنما الذي لا ينبغي لبعض الأولياء أن ينكح
169

وثم من هو أولى منه إذا لم يكونوا اخوة وكان أخا وعما أو عما وابن عم ونحو هذا إذا
كانوا حضورا
{من رضى بغير كف ء فطلق ثم أرادت المرأة ارجاعه فامتنع وليها}
[قلت] أرأيت الولي إذا رضي برجل ليس لها بكفء فصالح ذلك الرجل امرأته
فبانت منه ثم أرادت المرأة أن تنكحه بعد ذلك وأبى الولي وقال لست لها بكفء
(قال) قال مالك إذا رضى به مرة فليس له أن يمتنع منه إذا رضيت بذلك المرأة (قال
ابن القاسم) إلا أن يأتي منه حدث من فسق ظاهر أو لصوصية أو غير ذلك مما
يكون فيه حجة غير الأمر الأول فأرى ذلك للولي [قلت] وكذلك أن كان عبدا
(قال) نعم ولم أسمع العبد من مالك ولكنه رأيي
{في نكاح الدنية}
[قلت] أرأيت الثيب ان استخلفت على نفسها رجلا فزوجها (قال) قال مالك أما
المعتقة والمسالمة (1) والمرأة المسكينة تكون في القرية التي لا سلطان فيها فإنه رب قرى
ليس فيها سلطان فتفوض أمرها إلى رجل لا بأس بحاله أو تكون في الموضع الذي
يكون فيه السلطان فتكون دنية لا خطب لها كما وصفت لك قال مالك فلا أرى بأسا
أن تستخلف على نفسها من يزوجها ويجوز ذلك
{مسألة صبيان الاعراب}
[قال] فقلت لمالك فرجال من الموالي يأخذون صبيانا من صبيان الاعراب تصيبهم
السنة فيكفلون لهم صبيانهم ويربونهم حتى يكبروا فتكون فيهم الجارية فيريد أن
يزوجها (قال) أرى أن تزويجه عليها جائز. قال مالك ومن أنظر لها منه فأما كل امرأة
لها بال أو غنى وقدر فان تلك لا ينبغي أن يزوجها الا الأولياء أو السلطان

(1) (والمسالمة) كذا بالأصل وكتب بهامشه صوابه والمسلمانية ا ه‍ والمراد بها التي أسلمت
من أهل الذمة أو غيرهم وقد تقدم لفظ المسالمة غير مرة فليصوب بما هنا اه‍ كتبه مصححه
170

[قال] فقيل لمالك فلو أن امرأة لها قدر تزوجت بغير ولى فوضت أمرها إلى
رجل فرضى الولي بعد ذلك أترى أن يقيما على ذلك النكاح فوقف فيه (قال ابن
القاسم) وأنا أرى ذلك جائزا إذا كان ذلك قريبا [قلت] أرأيت إن كان قد دخل
بها (قال ابن القاسم) دخوله أو غير دخوله سواء إذا أجاز ذلك الولي جاز كما
أخبرتك وان أراد فسخه وكان بحدثان دخوله رأيت ذلك له ما لم تطل اقامته معها
وتلد منه أولادا فإن كان ذلك وكان صوابا جاز ذلك ولم يفسخ وكذلك قال مالك
[قال سحنون] وقد قال غير عبد الرحمن بن القاسم وان أجازه الولي لم يجز لأنه
عقده غير الولي. وقد قال واحد من الرواة منهم ابن نافع مثل ما قال عبد الرحمن
ابن القاسم ان أجازه الولي جاز
{ى المرأة لها وليان أحدهما أقعد من الآخر}
[قلت] أرأيت ان استخلفت امرأة على نفسها رجلا فزوجها ولها وليان أحدهما
أقعد بها من الآخر فلما علما أجاز النكاح أبعدهما وأبطله أقعدهما بها (قال) لا تجوز
إجازة الأبعد وإنما ينظر في هذا إلى الأقعد والى قوله لأنه هو الخصم دون الأبعد
[قلت] أسمعته من مالك قال لا [قلت] لم أبطلت هذا النكاح وقد أجازه الولي
الأبعد وأنت تذكر أن مالكا قال في عقدة النكاح ان عقدها الولي الأبعد وكره
ذلك الولي الأقعد ان العقدة جائزة (قال) لا يشبه هذا ذلك لان ذلك كان نكاحا
عقده الولي فكانت العقدة جائزة وهذا نكاح عقده غير ولى فإنما يكون فسخه
بيد أقعد الأولياء بها ولا ينظر في هذا إلى أبعد الأولياء وإنما ينظر السلطان في قول
أقعدهما ان أجازه أو فسخه وهو قول مالك [قلت] أرأيت ان تزوجت بغير ولى
استخلفت علي نفسها ولها ولى غائب وولى حاضر والولي الغائب أقعد بها من الحاضر
فقام بفسخ نكاحها هذا الحاضر وهو أبعد إليها من الغائب (قال) ينظر السلطان
171

في ذلك فإن كانت غيبة الأقعد قريبة انتظره ولم يعجل وبعث إليه وان كانت غيبته
بعيدة نظر فيما ادعى هذا فإن كان من الأمور التي يجيزها الولي أن لو كان ذلك
الولي الغائب حاضرا أجازه وإن كان من الأمور التي لو كان الغائب حاضرا لم يجزه
أبطله السلطان [قلت] وجعلت السلطان مكان ذلك الغائب وجعلته أولى من
هذا الولي الحاضر قال نعم [قلت] وهذه المسائل قول مالك (قال) منها قول مالك
{في انكاح الولي أو القاضي المرأة من نفسه}
[قلت] أرأيت لو أن وليا قالت له وليته زوجني فقد وكلتك أن تزوجني ممن أحببت فزوجها من نفسه أيجوز ذلك في قول مالك (قال) قال مالك لا يزوجها من
نفسه ولا من غيره حتى يسمى لها من يريد أن يزوجها وان زوجها أحدا قبل أن
يسميه لها فأنكرت ذلك كان ذلك لها وإن لم يكن بين لها أنه يزوجها من نفسه
ولا من غيره إلا أنها قالت له زوجني ممن أحببت ولم يذكر لها نفسه فزوجها من
نفسه أو من غيره فلا يجوز ذلك وهذا قول مالك إذا لم تجز ما صنع (قال سحنون)
وقد قال ابن القاسم انه إذا زوجها من غيره وإن لم يسمه لها فهو جائز [قلت] فان
زوجها من نفسه فبلغها فرضيت بذلك (قال) أرى ذلك جائزا لأنها قد وكلته
بتزويجها [قلت] أرأيت المرأة إذا لم يكن لها ولى فزوجها القاضي من نفسه
أو من ابنه برضاها أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم يجوز ذلك في رأيي لان
القاضي ولى من لا ولى له ويجوز أمره كما يجوز أمر الولي [قلت] أرأيت إذا كان
لها ولى فزوجها القاضي من نفسه ففسخ الولي نكاحه أيكون ذلك له أم لا (قال)
لا يكون ذلك للولي في رأيي لان الحديث جاء عن عمر بن الخطاب أنه قال لا
ينكح المرأة الا وليها أو ذو الرأي من أهلها أو السلطان فهذا سلطان فإذا كان
أصاب وجه النكاح ولم يكن ذلك منه جورا رأيته جائزا [قلت] أفليس
الحديث إنما يزوجها السلطان إذا لم يكن لها ولى (قال) لا ألا ترى في الحديث وليها
أو ذو الرأي من أهلها أو السلطان فقد جعل إليهم النكاح بينهم في هذا الحديث
172

[قال ابن القاسم] ولقد سألت مالكا عن المرأة الثيب يزوجها أخوها وثم أبوها
فأنكر أبوها (قال مالك) ما لأبيها وما لها إذا كانت ثيبا وأرى النكاح جائزا [ابن
وهب] عن ابن أبي ذئب قال أرسلت أم قارظ بنت شيبة إلى عبد الرحمن بن عوف
وقد خطبت فقال لها عبد الرحمن قد جعلت إلى أمرك فقالت نعم فتزوجها عبد الرحمن
مكانه وكانت ثيبا فجاز ذلك [ابن وهب] عن يونس عن ربيعة أنه قال وولى المرأة
إذا ولته بضعها فأنكح نفسه وأحضر الشهود إذا أذنت له في ذلك فلا بأس به قال
مالك وذلك جائز من عمل الناس
{في انكاح الرجل ابنه الكبير والصغير}
{وفى النكاح الرجل الحاضر الرجل الغائب}
[قلت] أرأيت ان زوج رجل ابنه ابنة الرجل والابن ساكت حتى فرغ الأب من
النكاح ثم أنكر الابن بعد ذلك النكاح وقال لم آمره أن يزوجني ولا أرضى ما صنع
وإنما صمت لأني علمت أن ذلك لا يلزمني (قال) أرى أن يحلف ويكون القول قوله
وقد قال مالك في الرجل الذي يزوج ابنه الذي قد بلغ فينكر إذا بلغه قال يسقط
عنه النكاح ولا يلزمه من الصداق شئ ولا يكون على الأب شئ من الصداق
فهذا عندي مثل هذا وإن كان حاضرا رأيته وأجنبيا من الناس في هذا سواء إذا
كان الابن قد ملك أمره [قلت] أرأيت الصبي الصغير إذا أعتقه الرجل فزوجه
وهو صغير أيجوز عليه ما عقد مولاه عليه من النكاح وهو صغير أم لا (قال) لا يجوز
ذلك عليه في رأيي [قلت] وكذلك أن أعتق صبية فزوجها (قال) نعم لا يجوز ذلك
عند مالك والجارية التي لا شك فيها لان الوصي لا يزوجها وان كانت صغير حتى تبلغ
وأما الغلام فان الوصي يزوجه وإن كان صغيرا قبل أن يبلغ فيجوز ذلك عليه عند
مالك على وجه النظر له لأنه يبيع له ويشترى له فيجوز ذلك عليه [قلت] فالصغيرة
قد يجوز بيع الوصي وشراؤه عليها فلم لا يجيز مالك انكاحه إياها (قال) لان النبي صلى
173

الله عليه وسلم قال الأيم أحق نفسها والبكر تستأمر في نفسها واذنها صماتها فإذا كانت
لها المشورة لم يجز للوصي أن يقطع عنها المشورة التي في نفسها قال وكذلك قال لي
مالك [قلت] أرأيت الوصي أيجوز له أن ينكح إماء الصبيان وعبيدهم (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا وأرى انكاحه إياهم جائزا على وجه النظر منه لليتامى
وطلب الفضل لهم [قلت] أرأيت الرجل هل يجوز له أن ينكح عبيد صبيانه
وإماءهم بعضهم من بعض أو من الأجنبيين في قول مالك (قال) قال مالك يجوز له أن
ينكحهم هم أنفسهم وهم صغار ويكون ذلك عليهم جائزا فأرى انكاحه جائزا على
عبيدهم وإمائهم إذا كان ذلك يجوز له في ساداتهم ففي عبيدهم وإمائهم أجوز إذا كان
ذلك على ما وصفت لك من طلب الفضل لهم [قلت] فهل يكره الرجل عبده على
النكاح (قال) قال مالك نعم يكره الرجل عبده على النكاح ويجوز ذلك على العبد
وكذلك الأمة [قلت] أرأيت لو أن رجلا أتى إلى امرأة فقال لها ان فلانا أرسلني
إليك يخطبك وأمرني أن أعقد نكاحك ان رضيت فقالت قد رضيت ورضى وليها
فأنكحه وضمن هذا الرسول الصداق ثم قدم فلان فقال ما أمرته (قال) قال مالك
لا يثبت النكاح ولا يكون على الرسول شئ من الصداق الذي ضمن (1)
{فيمن وكل رجلا على تزويجه}
[قلت] أرأيت ان أمر رجل رجلا أن يزوجه فلانة بألف درهم فذهب المأمور
فزوجها إياه بألفي درهم فعلم بذلك قبل أن يبتنى بها (قال) قال مالك يقال للزوج ان
رضيت بالألفين وإلا فلا نكاح بينكما إلا أن ترضى هي بالألف فيثبت النكاح
[قلت] فتكون فرقتهما تطليقة أم لا (قال) نعم تكون طلاقا [قلت] وهذا هو
مالك (قال) نعم هو قول مالك الا ما سألت عنه من الطلاق فإنه رأيي. وقال اشهب
تكون فرقتهما طلاقا قال سحنون وبه آخذ [قلت] فإن لم يعلم الزوج بما زاد المأمور
من المهر ولم تعلم المرأة أن الزوج لم يأمره الا بألف درهم وقد دخل بها (قال) بلغني

(1) وقال غيره يضمن الرسول وهو علي بن زياد اه‍ من هامش الأصل
174

أن مالكا قال لها الألف على الزوج ولا يلزم المأمور شئ لأنها صدقته والنكاح ثابت
فيما بينهما وإنما جحدها الزوج تلك الألف الزائدة [قلت] أرأيت ان قال رسول
لا والله ما أمرني الزوج الا بألف وأنا زدت الألف الأخرى (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا وأرى ذلك لازما للمأمور والنكاح ثابت فيما بينهما إذا كان قد دخل بها
[قلت] لم جعل الألف الزائدة على المأمور حين قال لم يأمرني الزوج بهذه الزائدة
(قال) لأنه أتلف بضعها بما لم يأمره به الزوج فما زاد على ما أمره به الزوج فهو ضامن
لما زاد [قلت] ولم لا يلزم الزوح الألف الأخرى التي زعم المأمور أنه قد أمره بها
وأنكرها الزوج (قال) لأن المرأة هي التي تركت أن تبين للزوج المهر قبل أن يدخل
بها ولو أنه جحد ذلك قبل أن يدخل بها لم يلزمه الا الألف إن رضيت أقامت على
آلاف وان سخطت فرق بينهما ولا شئ لها وكذلك قال مال [قلت] أرأيت
ان علم الزوج بأن المأمور قد زوجه على الفين فدخل على ذلك وقد علمت المرأة أن
الزوج إنما أمر المأمور على الألف فدخلت عليه وهي تعلم (قال) علم المرأة وغير علمها
سواء أرى أن يلزم الزوج في رأيي إذا علم فدخل بها الألفان جميعا ألا ترى لو أن
رجلا أمر رجلا يشتري له جارية فلان بألف درهم فاشتراها له بألفي درهم فعلم بذلك
فأخذها فوطئها وخلا بها ثم أراد أن لا ينقد فيها الا الألف لم يكن له ذلك وكانت
عليه الألفان جميعا وإن كان قد علم سيدها بما زاد المأمور أو لم يعلم فهو سواء وعلى
الآمر الألفان جميعا [قلت] أرأيت الرسول لم لم يلزمه مالك إذا دخل بها الألف
التي زعم الزوج قبل أن يدخل بها الرسول هاهنا لا يلزمه شئ وإنما هو شئ
تبينت من الزوج قبل أن يدخل بها والرسول هاهنا لا يلزمه شئ وإنما هو شئ
جحده الزوج المأمور ورضيت المرأة بأمانة المأمور وقوله في ذلك [قلت] وسواء
ان قال زوجني فلانة بألف درهم أو قال زوجني ولم يقل فلانة بألف (قال) هذا كله
سواء في رأيي [قلت] أرأيت ان قال الرسول أنا أعطى الألف التي زدت عليك أيها
الزوج وقال الزوج لا أرضى إنما أمرتك أن تزوجني بألف درهم (قال) لا يلزم
175

الزوج النكاح في رأيي لأنه يقول إنما أمرتك أن تزوجني بألف درهم فلا أرض أن
يكون نكاحي بألفين
{في العبد والنصراني والمرتد يعقدون نكاح بناتهم}
[قلت] أرأيت العبد والمكاتب هل يجوز لهما أن يزوجها بناتهما أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك لا يجوز لهما ذلك (قال مالك) ولا يجوز للعبد ولا للمكاتب أن
يعقدا نكاح بناتهما ولا أخواتهما ولا أمهاتهما ولا إمائهما [قال مالك] ولا يجوز أن يعقد
النصراني نكاح المسلمة [قال] وسألنا مالكا عن النصرانية يكون لها أخ مسلم
خطبها رجل من المسلمين أيعقد نكاحها هذا الأخ (قال مالك) أمن نساء أهل الجزية
هي قلنا نعم. قال مالك لا يجوز له أن يعقد نكاحها وماله ومالها قال الله مالكم من ولايتهم
من شئ [قلت] فمن يعقد نكاحها عليه أهل دينها أم غيرهم (قال ابن القاسم) أرى أن
يعقد النصراني نكاح وليته النصرانية لمسلم ان شاء (قال مالك) ولا تعقد المرأة
النكاح على أحد من الناس ولا تعقد النكاح لابنتها ولكن تستخلف رجلا فيزوجها
ويجوز أن تستخلف أجنبيا وإن كان أولياء الجارية حضورا إذا كانت وصية لها
[قلت] أرأيت العبد والنصراني والمكاتب والمدبر والمعتق بعضه إذا زوج أحد
من هؤلاء ابنته البكر برضاها وابنة النصراني مسلمة (قال) وان دخل فسخ
هذا النكاح على كل حال وكان لها المهر بالمسيس [قلت] أرأيت المرتد هل يعقد
النكاح علي بناته الابكار في قول مالك (قال) لا يعقد في رأيي ألا ترى أن ذبيحته
لا تؤكل وانه على غير الاسلام ولو كان أبوها ذميا وهي مسلمة لم يجز أن يعقد نكاحها
فالمرتد أيضا أن لا يجوز أحرى ألا ترى أن المرتد لا يرثه ورثته من المسلمين
ولا غيرهم عند مالك. فهذا يدلك على أن ولايته قد انقطعت حين قال لا يرثه
ورثته من المسلمين ولا يرثهم [قلت] أرأيت المكاتب أيجوز له أن يأمر من يعقد
نكاح إمائه في قول مالك (قال) قال مالك إن كان ذلك منه على ابتغاء الفضل جاز ذلك
176

والا لم يجز إذا رد ذلك السيد [قال] وقال مالك لا يتزوج المكاتب الا باذن سيده
[قال سحنون] وقد قال بعض الرواة عن مالك ألا ترى أن جميع من سميت لك
ليس بولي ولا يجوز عقد الا بولي ولأنه لما لم يكن عاقده الذي له العقد من الأولياء
هو ابتدأه لم يجز وإنما يجوز إذا كانت المرأة والعبد مستخلفين على أنكاح من يجوز
له الاستخلاف على من استخلف عليه مثل الولي يأمر المرأة والعبد بتزويج وليته
فيجوز لهما الاستخلاف على من يعقد ذلك بذلك مضى الامر وجاءت به الآثار
والسنة [وذكر] ابن وهب عن ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن القرشي أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى ميمونة يخطبها فجعلت ذلك إلى أم الفضل
فولت أم الفضل العباس بن عبد المطلب فأنكحها إياه العباس [ابن وهب] عن
يونس أنه سأل ابن شهاب عن المرأة هل تلى عقدة نكاح مولاتها أو أمتها (قال)
ليس للمرأة أن تلى عقدة النكاح إلا أن تأمر بذلك رجلا (قال ابن شهاب) يجوز
للمرأة ما ولت غيرا لأنه ليس من السنة أن تنكح المرأة المرأة ولكن تأمر رجلا
فينكحها فان أنكحت امرأة امرأة رد ذلك النكاح [ابن وهب] عن مسلمة
ابن علي هشام بن حسان حدثه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال لا تزوج
المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فان الزانية هي التي تزوج نفسها (قال مالك) في
العبد يزوج ابنته الحرة ثم يريد أولياؤها إجازة ذلك قال لا يجوز نكاح قد ولى عقده
عبد وأراه مفسوخا وهو خاطب وذلك أن المرأة أعظم حرمة من أن يلي عقدة نكاحها
غير ولى فان أنكحت فسخ النكاح ورد والعبد يستخلفه الحر على البضع فيستخلف
العبد من يعقد النكاح والمرأة إذا أمرت رجلا فزوج وليتها جاز
{في التزويج بغير ولى}
[قلت] أرأيت الرجل إذا تزوج المراة بغير أمر الولي بشهود أيضرب في قول
مالك الزوج والمرأة والشهود والذي زوجها أم لا (قال) سمعت مالكا يسئل عنها
فقال أدخل بها فقالوا لا وأنكر الشهود أن يكونوا حضروا فقالوا لم يدخل بها فقال
177

لا عقوبة عليهم إلا أني رأيت منه أن لو دخل بها لعوقبوا المرأة والزوج والذي
أنكح [قلت] والشهود (قال) ابن القاسم نعم والشهود ان علموا [قلت] أرأيت
لو أن رجلا تزوج امرأة بغير أمر الولي أيكره له مالك أن يطأها حتى يعلم الولي
بنكاحه فاما أن أجاز واما أن رد (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن مالكا
يكره له أن يقدم على هذا النكاح فكيف لا يكره له الوطئ [قلت] أرأيت ان
كانت امرأة من الموالي ذات شرف تزوجت رجلا من قريش ذا شرف ودين ومال
بغير ولى إلا أنها استخلفت على نفسها رجلا فزوجها إياه أيفسخ نكاحه أم لا (قال)
أرى ان نكاحه يفسخ ان شاء الولي ثم إن أرادته زوجها منه السلطان ان أبى وليها
أن يزوجها إياه إذا كان الذي دعت إليه صوابا [قلت] حديث عائشة حين زوجت
حفصة بنت عبد الرحمن من المنذر بن الزبير أليس قد عقدت عائشة النكاح (قال)
لا نعرف ما تفسيره إلا أنا نظن أنها وكلت من عقد نكاحها [قلت] أليس وان هي
وكلت ينبغي أن يكون النكاح في قول مالك فاسدا وان أجازه والد الجارية عليه
(قال) قد جاء هذا الحديث ولو صحبه عمل حتى يصل ذلك إلى من عنه أخذنا وأدركنا
وعمن أدركوا لكان الاخذ به حقا ولكنه كغيره من الأحاديث مما لم يصحبه عمل
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطيب في الاحرام وما جاء عنه عليه السلام
أنه قال لا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن ولا يسرق وهو مؤمن وقد أنزل الله
حده على الايمان وقطعه على الايمان وروى عن غيره من أصحابه أشياء ثم
لم تشتد ولم تقو وعمل بغيرها وأخذ عامة الناس والصحابة بغيرها فبقي الحديث غير
مكذب به ولا معمول به وعمل بغيره مما صحبته الاعمال وأخذ به تابعوا أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم من الصحابة وأخذ من التابعين على مثل ذلك عن غير تكذيب ولا رد
لما جاء وروى فيترك ما ترك العمل به ولا يكذب به ويعمل بما عمل به ويصدق به
والعمل الذي ثبت وصحبته الاعمال قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تتزوج المرأة
الا بولي وقول عمر لا تتزوج المرأة الا بولي وان عمر فرق بين رجل وامرأة زوجها
178

غير ولى [قلت] أرأيت إذا تزوجت المرأة بغير ولى ففرق السلطان بينهما وطلبت
المرأة إلى السلطان أن يزوجها منه مكانها أليس يزوجها منه مكانها في قول مالك
(قال) نعم إذا كان ذلك النكاح صوابا لا يكون سفيها أو من لا يرضى حاله
[سحنون] وهذا لم يكن دخل بها [قلت] فإن لم يكن مثلها في الغنى واليسر
(قال) يزوجها ولا ينظر في هذا وهذا قول مالك [قلت] وكذلك أن كان دونها في
الحسب (قال) يزوجها ولا ينظر في حاله إذا كان مرضيا في دينه وحاله وعقله وهذا
رأى [قلت] أرأيت ان تزوجت المرأة بغير أمر الولي فرفعت أمرها هي نفسها إلى
السلطان قبل أن يحضر الولي أيكون له ما يكون للولي من التفرقة أم لا وقد
كانت ولت أمرها رجلا فزوجها (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن
ينظر السلطان في ذلك فإن كان مما لو شاء الولي أن يفرق بينهما فرق وان شاء أن
يتركه تركه بعث إلى الولي إن كان قريبا فيفرق أو يترك وإن كان بعيدا نظر السلطان
في ذلك على قدر ما يرى مع اجتهاد أهل العلم فان رأى الترك خيرا لها تركها وان
رأى التفرقة خيرا لها فرق بينه وبينها [قال سحنون] وقد قيل إن كان الولي بعيدا
لا ينتظر بالمرأة في النكاح إذا أرادت النكاح قبل قدومه فالسلطان الولي وينبغي
للسلطان أن يفرق بينهما ويعقد نكاحها ان أرادت عقدا مبتدأ ولا ينبغي أن يثبت
على نكاح عقده غير ولى في ذات الحال والقدر [قلت] لابن القاسم أرأيت التي
تتزوج بغير أمر المولى فأتى الولي ففرق بينهما أتكون الفرقة بينهما عند غير
السلطان أم لا (قال) أرى أن الفرقة في مثل هذا لا تكون الا عند السلطان إلا أن
يرضى الزوج فزوجت نفسها بغير أمر الولي وهي ممن لا خطب لها أو هي ممن لها
الخطب (قال) قال مالك لا يقر هذا النكاح أبدا على حال وان تطاول وولدت منه
أولادا لأنها هي عقدت عقدة النكاح فلا يجوز ذلك على حال (قال ابن القاسم) ويدرأ
الحد [قلت] أرأيت لو أن امرأة زوجها وليها من رجل فطلقها ذلك الرجل ثم خطبها
179

بعد أن طلقها فتزوجته بغير أمر الولي استخلفت على نفسها رجلا فزوجها (قال)
لا يجوز الا بإذن الولي والنكاح الأول والآخر سواء [قلت] أرأيت أم الولد إذا
أعتقها سيدها ولها منه أولاد رجال فاستخلفت على نفسها مولاها فزوجها فأراد
أولادها منه أن يفرقوا بينها وبينه وقالوا لا نجيز النكاح (قال) ليس ذلك لهم في
رأيي لان المولى هاهنا ولى ولان مالكا قد أجاز نكاح الرجل يزوج المرأة هو من
فخذها من العرب وإن كان ثم من هو أقرب إليها وأقعد بها منه والمولى الذي له
الصلاح توليه أمرها وان كانت من العرب ولها أولياء من العرب (قال) مالك
وهؤلاء عندي تفسير قول عمر بن الخطاب أو ذو الرأي من أهلها وهم هؤلاء فالمولى
يزوجها وإن كان لها ولد فيجوز على الأولاد وان أنكروا فهو ان زوجها من نفسه
أو من غيره فذلك جائز فيما أخبرتك من قول مالك [قال سحنون] وقد بينا من
قوله وقول الرواة ما دل على أصل مذهب مالك [قلت] أرأيت الأمة إذا تزوجت
بغير إذن مولاها (قال) قال مالك لا يترك هذا النكاح على حال دخل بها أو لم يدخل
بها وان رضى السيد بذلك لم يجز أيضا إلا أن يبتدئ نكاحا من ذي قبل وإن كان
بعد انقضاء العدة وإن كان قد وطئها زوجها
[تم كتاب النكاح الأول من المدونة الكبرى}
{بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما}
[ويليه كتاب النكاح الثاني]
180

بسم الله الرحمن الرحيم
{صلى الله عليه سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم}
{كتاب النكاح الثاني}
{في النكاح الذي يفسخ بطلاق وغير طلاق}
[قلت] أرأيت كل نكاح يكون لواحد من الزوجين أو الولي أن يفرق بينهما
فان رضي ثبت النكاح ففرق بينهما الذي له الفرقة في ذلك أيكون فسخا أم طلاقا
في قول مالك (قال) يكون هذا طلاقا كذلك قال لي مالك إذا كان إلى أحد من
الناس أن يقر النكاح ان أحب فيثبت أو يفرق فتقع الفرقة انه ان فرق كانت تطليقة
بائنة [قلت] وكل نكاح لا يقر عليه أهله على حال يكون فسخا بغير طلاق في
قول مالك قال نعم [قال سحنون] وهو قول أكثر الرواة ان كل نكاح كانا
مغلوبين على فسخه مثل نكاح الشغار ونكاح المحرم ونكاح المريض وما كان صداقه
فاسدا فأدرك قبل الدخول والذي عقد بغير صداق فكانا مغلوبين على فسخه فالفسخ
فيه في جميع ما وصفنا بغير طلاق [قال سحنون] وهو قول عبد الرحمن غير مرة ثم
رأى غير ذلك لرواية بلغته عنه والذي كان يقول به عليه أكثر الرواة. وما كان
فسخه بغير طلاق فلا ميراث فيه وأما ما عقدته المرأة على نفسها أو على غيرها وما
عقد العبد على غيره فان هذا يفسخ دخل بها أو لم يدخل بغير طلاق ولا ميراث
فيه [قلت] أرأيت النكاح الذي لا يقر عليه صاحبه على حال لأنه فاسد فدخل بها
أيكون لها المهر الذي سمى لها أم يكون مهر مثلها (قال) يكون لها المهر الذي سمى إذا
كان مثل نكاح الأخت والأم من الرضاعة أو من النسب قال فإنما لها ما سمى من
181

الصداق ولا يلتفت إلى مهر مثلها [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت
الذي تزوجها بغير ولى أيقع طلاقه عليها قبل أن يجيز الولي النكاح دخل بها أو لم يدخل
بها (قال) نعم قال وبهذا يستدل على الميراث في هذا النكاح لان مالكا قال كل نكاح
إذا أراد الأولياء أو غيرهم أن يجيزوه جاز فالفسخ فيه تطليقة فإذا طلق هو جاز الطلاق
والميراث بينهما في ذلك [قلت] أرأيت هذه التي تزوجت بغير ولى ان هي اختلعت
منه قبل أن يجيز الولي النكاح على مال دفعته إلى الزوج أيجوز للزوج هذا المال الذي
أخذ منها ان أبى الولي فقال لا أجيز عقدته (قال) نعم أراه جائزا لان طلاقه وقع عليها
بما أعطته فالمال له جائز [قلت] أرأيت المرأة إذا تزوجت بغير ولى فطلقها بعد
الدخول أو قبل الدخول أيقع طلاقه عليها في قول مالك أم لا (قال ابن القاسم) أرى
أن يقع عليها الطلاق ما طلقها لان مالكا قال كل نكاح كان لو أجازه الأولياء أو
غيرهم جاز فان ذلك يكون إذا فسخ طلاقا ورأي مالك في هذا بعينه أنها تطليقة
فكذلك أرى أن يلزمه كل ما طلق قبل أن يفسخ [قلت] ولم جعل مالك الفسخ
هاهنا تطليقة وهو لا يدعهما على هذا النكاح ان أراد الولي رده إلا أن يتطاول
مكثها عنده وتلد منه أولادا (قال) لان فسخ هذا النكاح عند مالك لم يكن على
وجه تحريم النكاح ولم يكن عنده بالأمر البين (قال) ولقد سمعت مالكا يقول
ما فسخه بالبين ولكنه أحب إلى [قال] فقلت لمالك أفترى أن يفسخ وان أجازه
الولي فوقف عنه فلم يمض فيه فعرفت أنه عنده ضعيف (قال ابن القاسم) وأرى فيه أنه
جائز إذا أجازه الولي (قال) وأصل هذا وهو الذي سمعته من قول من أرضى من
أهل العلم أن كل نكاح اختلف الناس فيه ليس بحرام من الله ولا من رسوله
أجازه قوم وكرهه قوم ان ما طلق فيه يلزمه مثل المرأة تتزوج بغير ولى أو المرأة
تزوج نفسها أو الأمة تتزوج بغير إذن سيدها انه ان طلق في ذلك البتة لزمه الطلاق
ولم تحل له الا بعد زوج وكل نكاح كان حراما من الله ورسوله فان ما طلق فيه
ليس بطلاق وفسخه ليس فيه طلاق ألا ترى أن مما يبين لك ذلك لو أن امرأة
182

زوجت نفسها فرفع ذلك إلى قاض ممن يجيز ذلك وهو رأي بعض أهل المشرق (1)
فقضى به وأنقذه حين أجازه الولي ثم أتى قاض آخر ممن لا يجيزه أكان يفسخه
ولو فسخه لأخطأ في قضائه فكذلك يكون الطلاق يلزمه فيه وهو الذي سمعت
ممن أثق به من أهل العلم وهو رأيي [قال سحنون] وهذا الذي قاله لرواية بلغته
عن مالك (قال) فقلنا لمالك فالعبد يتزوج بغير إذن سيده ان أجاز سيده النكاح
أيجوز (قال) قال مالك نعم. فقلنا لمالك فان فسخه سيده بالبتات أيكون ذلك
لسيده أم تكون واحدة ولا تكون بتاتا (قال) مالك بل هي على ما طلقها السيد
على البتات ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره [قلت] ولم جعل مالك بيد السيد
جميع طلاق العبد إذا تزوج بغير إذن من السيد ولو شاء أن يفرق بينهما بتطليقة
وتكون بائنة في قول مالك (قال) لأنه لما نكح بغير إذن السيد صار الطلاق بيد
السيد فلذلك جاز للسيد أن يبينها منه بجميع الطلاق وكذلك الأمة إذا أعتقت وهي
تحت العبد قال مالك فلها أن تختار نفسها بالبتات [قلت] ولم جعل مالك لها أيضا
أن تختار نفسها بالبتات (قال) لأنه ذكر عن ابن شهاب في حديث زبراء (2) أنها قالت
ففارقته ثلاثا قال فبهذا الأثر أخذ مالك (قال) وكان مالك مرة يقول ليس لها أن تختار
نفسها إذا أعتقت وهي تحت العبد الا واحدة وتكون تلك الواحدة بائنة [قال
سحنون] وهو قول أكثر الرواة انه ليس لها أن تطلق نفسها الا واحدة والعبد
إذا تزوج بغير إذن سيده فرد النكاح مثل الأمة ليس يطلق عليه الا بواحدة لان
الواحدة تبينها وتفرغ له عبده [قلت] أرأيت في قوله هذا الآخر أيكون للأمة
أن تطلق نفسها واحدة ان شاءت وإن شاءت بالبتات قال نعم [قلت] فان طلقت
نفسها واحدة أتكون بائنة في قول مالك قال نعم [قال] وقال مالك وكل نكاح

(1) (قوله وهو رأي بعض أهل المشرق) قال ابن وضاح أعوذ بالله أن يكون هذا رأي أحد الا من
لا خلاق له وأنا أنكر أن يكون رأي أحد على تجويز هذا وروى عن أبي حنيفة وغيره تجويز ذلك
ذكر هذا ابن المندب في وثائقه اه‍ من هامش الأصل (2) زبراء هي مولاة علي كرم الله وجهه اه‍
183

يفسخ على كل حال لا يقر على حال فان فسخ فان ذلك لا يكون طلاقا [قلت]
فان طلق قبل أن يفسخ نكاحه أيقع عليها طلاقه وهو إنما هو نكاح لا يقر على
حال (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أنه لا يقع طلاقه عليها لان الفسخ
فيه لا يكون طلاقا (قال) وذلك إذا كن ذلك النكاح حراما ليس مما اختلف الناس
فيه فأما ما اختلف الناس فيه حتى يأخذ به قوم ويكرهه قوم فان المطلق يلزمه ما طلق
فيه [قال سحنون] وقد فسرت لك هذا قبل ذلك [قال ابن القاسم] ويكون
الفسخ فيه عندي تطليقة [قلت] أرأيت ان قذف امرأته هذا الذي تزوجها
تزويجا لا يقر على حال أيلتعن أم لا (قال) نعم يلتعن في رأيي لأنه يخاف الحمل
ولا النسب يثبت فيه (قلت] فان ظاهر منها (قال) لا يكون مظاهرا إلا أن
يريد بقوله اني ان تزوجتك من ذي قبل قال فهذا يكون مظاهرا ان تزوجها
تزويجا صحيحا وهذا رأيي [قلت] أرأيت ان آلى منها أيكون موليا (قال) هو لو
قال لأجنبية والله لا أجامعك ثم تزوجها كان موليا منها عند مالك لان مالكا قال
كل من لم يستطع أن يجامع الا بكفارة فهو مول وأما مسألتك فلا يكون فيها إيلاء
لأنه أمر بفسخ فلا يقر عليه ولكن ان تزوجها بعد هذا النكاح المفسوخ لزمته
اليمين بالايلاء وكان موليا منها لقول مالك كل يمين منعته من الجماع فهو بها مول
(قال) وإنما الظهار عندي بمنزلة الطلاق ولو أن رجلا قال لامرأة أجنبية أنت طالق
فلا يكون طلاقا إلا أن يريد بقوله انى ان تزوجتك فأنت طالق ينوى بذلك فهذا
إذا تزوجها فهي طالق وكذلك الظهار [قلت] أرأيت العبد الذي تزوج بغير إذن
مولاه أو الأمة التي أعتقت تحت العبد فطلقها قبل أن تختار أو طلق العبد امرأته
قبل أن يجيز السيد نكاحه أيقع الطلاق أم لا في قول مالك (قال) نعم يقع الطلاق
عليهما جميعا في رأيي واحدة طلق أو البتات [قلت] فان تزوجت أمة بغير إذن
سيدها فطلقها زوجها (قال) يكون هذا طلاقا في رأيي [قال ابن القاسم] وأنا أرى
أن الطلاق يلزمه لان كل ما اختلف الناس فيه من نكاح أجازه بعض العلماء وكرهه
184

بعضهم فان الطلاق يلزمه فيه مثل الأمة تتزوج بغير إذن سيدها أو المرأة تزوج نفسها
فهذا قد قاله خلق كثير انه ان أجازه الولي جاز فلذلك أرى أن يلزمه فيه الطلاق إذا
طلق قبل أن يفرق بينهما (قال) ومما يبين لك ذلك نكاح المحرم انه قد اختلف فيه
فأحب ما فيه إلى أن يكون الفسخ فيه تطليقة. وكذلك هو لا يكون الفسخ فيه
تطليقة وأما الذي لا يكون فسخه طلاقا ولا يلحق فيه الطلاق ان طلق قبل الفسخ
إنما ذلك النكاح الحرام الذي لا اختلاف فيه مثل المرأة تتزوج في عدتها أو المرأة
تتزوج على عمتها أو على خالتها أو على أمها قبل أن يدخل بها فهذا وما أشبهه لأنه نكاح
لا اختلاف في تحريمه ولا تحرم به المرأة إذا لم يكن فيه مسيس على ولد ولا على والد
ولا يتوارثان فيه إذا هلك أحدهما ولا يكونان به ان مسها فيه محصنين. فأما
ما اختلف الناس فيه فالفسخ في ذلك تطليقة وان طلق الزوج فيه فهو طلاق لازم على
ما طلق. ومما يبين لك ذلك أنه لو رفع إلى قاض فرأى اجازته فأخذ به وأجازه ثم رفع
بعد ذلك إلى قاض غيره لم يكن له أن يعرض فيه وأنفذه لان قاضيا قبله قد أجازه وحكم
به وهو مما اختلف فيه. ومما يبين ذلك أيضا أن لو تزوج رجل شيئا مما اختلف فيه ثم
فسخ قبل أن يدخل بها لم يحل لابنه ولا لأبيه أن يتزوجاها فهذا يدلك على أن الطلاق
يلزم فيه [قلت] أرأيت ان تزوج امرأة في عدتها ففرق بينهما قبل أن يبتنى بها
أيصلح لأبيه أو لابنه أن يتزوجها في قول مالك (قال) قال مالك نعم
{باب الحرمة}
[قلت] أرأيت العبد يتزوج الأمة بغير إذن سيده فيفرق السيد بينهما قبل أن يدخل
العبد بها أيحل له أن يتزوج أمها أو ابنتها (قال) كل نكاح لم يكن حراما في كتاب
الله ولا حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اختلف الناس فيه فهو عندي يحرم
كما يحرم النكاح الصحيح الذي لا اختلاف فيه والطلاق فيه جائز وما طلق فيه
يثبت عليه والميراث بينهما حتى يفسخ وهذا الذي سمعت عمن أرضى [سحنون]
وقد أعلمتك بقوله في مثل هذا قبل هذا وبقول غيره من الرواة (وقد) روى عن
185

مالك في الرجل يزوج ابنه البالغ المالك لأمره وهو غائب بغير أمره ثم يأتي الابن
فينكر ما صنع أبوه فقال لا ينبغي للأب أن يتزوج تلك المرأة [قال سحنون]
وقد قال بعض أصحاب مالك في الرجل يتزوج المرأة فلم يدخل بها حتى يتزوج ابنتها
فعلم بذلك ففسخ نكاح الابنة انه لا يجوز أن يتزوج الابنة المفسوخ نكاحها
لموضع شبهة عقدة النكاح لان أباه نكحها فهو يمنع لان الله نهى أن ينكح الابن
ما نكح أبوه من النساء الحلال فلما كانت الشبهة بالحلال منع من النكاح أن يبتدئه
ابنه لموضع ما أعلمتك من الشبهة ولما أعلمتك من قول مالك ولما قال مالك في الأب الذي زوج ابنه انه كره للأب أن يتزوجها ابتداء ولم يحله له وليس هو مثل أن يتزوج
المرأة ثم يتزوج ابنتها ولم يكن دخل بالأم ولا بالابنة فإنه يفسخ نكاح الابنة ولا تحرم
بذلك الأم لان نكاح الأم كان صحيحا فلا يفسده ما وقع بعده من نكاح شبه الحرام
إذا لم تصب الابنة فلا يفسخ العقد الحلال القوى المستقيم [قلت] أرأيت مالكا
هل كان يجيز نكاح أمهات الأولاد أم لا (قال) كان مالك يكره نكاح أمهات
الأولاد [قلت] فان نزل أكان يفسخه أم يجيزه (قال) كان يمرضه وقوله إنه كان
يكرهه [قلت] فهل كان يفسخه ان نزل (قال ابن القاسم) أرى ان نزل أن
لا يفسخ ولم أسمع من مالك يقول في الفسخ شيئا [قلت] أرأيت ان تزوج رجل
أمه رجل بغير أمره فأجاز مولاها النكاح (قال) قال مالك نكاحه باطل وان أجازه
المولى [قلت] أرأيت ان أعتقها المولى قبل أن يعلم بالنكاح (قال) فلا يصلح أن
يثبت على ذلك النكاح وان عتقت في رأيي حتى يستأنف نكاحا جديدا [قلت]
أرأيت ان فرقت بينهما فأراد أن ينكحها قبل أن تنقضي عدتها أيجوز له ذلك أم لا
في قول مالك (قال) إذا دخل بها ففرق بينهما لم يكن له أن ينكحها كذلك قال مالك
حتى تنقضي عدتها [قلت] ولم وهذا الماء الذي يخاف منه نسبه ثابت من هذا
الرجل (قال) قال مالك كل وطئ كان فاسدا يلحق فيه الولد ففرق بين الرجل وبين
المرأة فلا يتزوجها حتى تنقضي عدتها وإن كان يثبت نسبه منه فلا يطؤها في تلك العدة
186

(قال ابن القاسم) وأرى في هذا الذي يتزوج الأمة بغير إذن سيدها أنه ان اشتراها
في عدتها فلا يطؤها حتى تنقضي عدتها لا يطؤها بملك ولا بنكاح حتى تستبرئ
رحمها وإن كان نسب ما في بطنها يثبت منه فلا يطؤها في رأيي على حال في تلك الحال
[قلت] أرأيت نكاح الأمة إذا تزوجت بغير إذن سيدها لم لا يجيزه إذا أجازه
السيد. أرأيت لو باع رجل أمتي بغير إذني فبلغني فأجزت ذلك (قال) يجوز [قلت]
فان قال المشترى لا أقبل البيع إذا كان الذي باعني متعديا (قال) ليس ذلك له ويجوز
البيع [قلت] فان باعت الأمة نفسها بغير إذن سيدها فأجاز سيدها (قال) هذا وما
قبله من مسألتك سواء في رأيي (قلت] فقد أجزته في البيع إذا باعت نفسها فأجاز
السيد فلم لا تجيزه في النكاح (قال) لا يشبه النكاح هاهنا البيع لان النكاح إنما
يجيزون العقدة التي وقعت فاسدة فلا يجوز على حال والشراء لم يكن في العقدة فساد
إنما كانت عقدة بيع بغير أمر أربابها فإذا رضى الأرباب جاز (قال) والنكاح إنما
يجيزون العقدة التي كانت فاسدة فلا يجوز حتى يفسخ [قلت] أرأيت الأمة بين
الرجلين أيجوز أن ينكحها أحدهما بغير إذن صاحبه في قول مالك قال لا [قلت]
فان أنكحها بغير إذن شريكه بمهر قد سماه ودخل بها زوجها فقدم شريكه فأجاز
النكاح (قال) لا يجوز في رأيي لان مالكا قال في الرجل لو أنكح أمة رجل بغير
أمره فأجاز ذلك السيد لم يجز ذلك النكاح وان أجازه وإنما يجوز نكاحها إذا
أنكحاها جميعا [قلت] أرأيت إن كان قد أنكحها أحدهما بغير إذن صاحبه بصداق
مسمى ودخل بها الزوج ثم قدم الغائب أيكون له نصف الصداق المسمى أم يكون
للغائب نصف صداق مثلها وللذي زوجها نصف الصداق المسمى (قال) أرى الصداق
المسمى بينهما إلا أن يكون نصف الصداق المسمى أقل من نصف صداق مثلها
فيكم للغائب نصف صداق مثلها [قلت] أرأيت لو أن أمة بين رجلين زوجها
أحدهما بغير أمر صاحبه أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا يجوز [قلت] فان أجازه
صاحبه حين بلغه (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يجوز [قلت]
187

أرأيت العبد إذا تزوج بغير إذن مولاه فأجاز ذلك المولى أيجوز أم لا (قال) ذلك
جائز قال مالك [قلت] فما فرق ما بين العبد والأمة في قول مالك (قال) لان
العبد يعقد نكاح نفسه وهو رجل والعاقد في امرأته ولى والأمة لا يجوز أن تعقد
نكاح نفسها فعقدها نكاح نفسها باطل لا يجوز وان أجازه السيد [قلت]
أرأيت ان طلق العبد امرأته قبل إجازة المولى أيجوز طلاقه (فقال) نعم في رأيي
[قلت] أرأيت ان فسخ السيد نكاحه أيكون طلاقا (قال) مالك ان طلق
السيد عليه واحدة أو اثنتين أو ثلاثا فذلك جائز [قلت] إنما طلاق العبد اثنتان فما
يصنع مالك بقوله ثلاثا (قال) كذلك قال مالك قال وإنما يلزم الاثنتان ألا ترى في
حديث زبراء قالت ففارقته ثلاثا وإنما طلاقه اثنتان [قلت] أرأيت ان تزوج عبده
بغير إذنه فقال السيد لا أجيز ثم قال قد أجزت أيجوز أم لا (قال) قال مالك إن كان
قوله ذلك لا أجيز مثل قوله لا أرضى أي لست أفعل ثم كلم في ذلك فأجاز فذلك
جائز إذا كان قريبا وإن كان أراد بذلك فسخ النكاح مثل ما يقول قد رددت
ذلك وفسخته فلا يجوز وان أجازه الا بنكاح مستقبل [قلت] أرأيت إذا تزوج
العبد بغير إذن مولاه فأعتقه المولى أيكون النكاح صحيحا (قال) نعم في رأيي ولا يكون
للسيد أن يرده بعد عتقه إياه [قلت] أرأيت العبد ينكح بغير إذن سيده فيبيعه
سيده قبل أن يعلم أيكون للمشترى من الإجازة والرد شئ أم لا (قال) قد سمعت
عن مالك شيئا ولست أحققه وأرى أن هذا السيد الذي اشتراه ليس له أن يفرق
فان كره المشترى العبد رد العبد وكان للبائع إذا رجع إليه العبد أن يجيز أو يفرق وهو
رأيي [قلت] أرأيت إن لم يبعه سيده ولم يعلم بنكاحه حتى مات السيد أيكون لمن
ورث العبد أن يرد النكاح أو يجيز (قال) نعم له أن يرده أو يجيزه في رأيي (قال) ومما
يبين لك أن سألت مالكا (1) عن الرجل يحلف للرجل بطلاق امرأته البتة ليقضين

(1) (قوله أنى سألت مالكا الخ) بهامش الأصل هنا ما نصه تكررت في كتاب الايمان
والنذور والكفالة والحوالة والعتق والوصايا وبه قول الغير اه‍
188

غريمه حقه إلى أجل إلا أن يشاء أن يؤخره فيموت الذي له الحق ويرثه ورثته فيريدون
أن يؤخروه أيكون ذلك للورثة بحال ما كان للميت الذي استخلفه. قال مالك نعم
هم بمنزلة لهم أن يؤخروه كما كان لصاحبهم أن يؤخره (قال ابن القاسم) ونزلت
بالمدينة فأفتى فيها مالك وقالها غير مرة [قلت] أرأيت لو أن رجلا زوج أخته
وهي بكر في حجر أبيها بغير أمر الأب فأجازه الأب أيجوز النكاح أم لا (قال)
بلغني أن مالكا قال لا يجوز ذلك إلا أن يكون ابنا قد فوض إليه أبوه أمره فهو
الناظر له والقائم بأمره في ماله ومصلحته وتدبير شأنه فمثل هذا إذا كان هكذا ورضى
الأب بانكاحه إذا بلغ الأب فذلك جائز وإن كان على غير ذلك لم يجز وان أجازه
الأب وكذلك هذا في الأمة أمة الأب [قلت] فالأخ (قال) لا أعرف من قول
مالك أن فعل الأخ في هذا كفعل الولد وأنا أرى إن كان الأخ من أخيه مثل ما
وصف مالك لماله القائم له في أمره [قلت] أرأيت إن كان الجد هو الناظر لابنه
فزوج ابنة ابنه على وجه النظر لها أيجوز هذا في قول مالك (قال) أراه مثل قول مالك
في الولد ان هذا جائز [قلت] أرأيت الصغير إذا تزوج بغير أمر الأب فأجاز الأب
نكاحه أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) لم أسمع ذلك من مالك وأرى ذلك
جائزا وهو عندي كبيعه وشرائه إذا أجاز له ذلك من يليه على وجه النظر له والرغبة
فيما يرى له في ذلك [قلت] أرأيت الصبي إذا تزوج بغير أمر الأب ومثله يقوى
على الجماع فدخل بها فجامعها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ان أجازه الأب
جاز وهو عندي بمنزلة العبد والعبد لا يعقد نكاحا على أحد وهو إذا عقد نكاح
نفسه فأجازه الولي على وجه النظر له والإصابة والرغبة جاز [قلت] فان جامعها
ففرق الولي بينهما أيكون عليه من الصداق شئ أم لا (قال) ليس عليه من الصداق
شئ (قال) ولقد سئل مالك عن رجل بعث يتيما له في طلب عبد له أبق إلى المدينة
فأخذه بالمدينة فباعه فقدم صاحب العبد فأصاب العبد وأصاب الغلام قد أتلف المال
189

(قال) مالك يأخذ العبد صاحبه ولا شئ على الغلام من المال الذي أتلف ولا يكون
ذلك عليه دينا فكذلك مسألتك (فقيل) لمالك ألا يكون هذا مثل ما أفسد أو كسر فقال
لا [قلت] أرأيت لو أن رجلا زوج رجلا بغير أمره فبلغ ذلك الرجل فأجاز (قال)
قال مالك لا يجوز هذا النكاح وان رضى (قال سحنون) إذا طال ذلك [قلت]
أفيتزوجها ابنه أو أبوه (قال) قال مالك لا يتزوجها ابنه ولا أبوه [قلت] أفيتزوج
هذا الذي كان زوجها وهو غائب ابنتها أو أمها (قال) أما ابنتها فلا بأس أن يتزوجها
إذا لم يكن دخل بالأم وأما الأم فلا يتزوجها لان مالكا كره لابنة ولأبيه أن يتزوجها
[قلت] وكذلك أجداده وولد ولده [قال] نعم الأجداد وولد الولد هم آباء وأبناء
فلا يصلح ذلك عند مالك
{في انكاح الرجل وليته من رجل وهو مريض}
[قلت] أرأيت ان قال رجل ان مت من مرضى هذا فقد زوجت ابنتي من فلان
(قال) سمعت مالكا يقول في الرجل يقول إن مت من مرضى فقد زوجت ابنتي
ابن أخي ان ذلك جائز [قلت] كبيرا كان ابن أخيه أو صغيرا (قال) ما سألنا مالكا
عن شئ من ذلك وأراه جائزا كبيرا كان أو صغيرا [قلت] أرأيت نكاح المحجور
عليه أيجوز في قول مالك قال لا [قلت] أفيجوز عتقه في قوله مالك (قال) لا الا في
أم ولده [قلت] أفيجوز طلاقه في قول مالك قال نعم [قال سحنون] وإنما يجوز
ذلك عندي إذا قبل النكاح ابن الأخ بقرب ذلك ولم يطل ذلك أو قبل ذلك أبو
الطفل بقرب ذلك ولم يتباعد ذلك
{في توكيل المرأة رجلا يزوجها}
[قلت] أرأيت لو أن امرأة وكلت وليا يزوجها من رجل فقال الوكيل قد
زوجتك وادعى الزوج أيضا أن الوكيل قد زوجه وأنكرت المرأة وقالت ما زوجني
وهي بالوكالة مقرة (قال) إذا أقرت بالوكالة لزمها النكاح [قلت] فان أمرت رجلا
190

أن يبيع عبدا لي فذهب فأتاني برجل فقال قد بعت عبدك الذي أمرتني ببيعه من
هذا الرجل فقال سيد العبد قد أمرتك ببيعه ولم يبعه وأنت في قولك قد بعته كاذب
(قال) القول قول الوكيل ويلزم الآمر البيع لأنه قد أقر بالوكالة [قلت] فلو أنه قال
لرجل قد وكلتك أن تقبض حقي الذي لي على فلان فأتى الوكيل فقال قد قبضته
وضاع منى (1) وقال الآمر قد أمرتك ووكلتك بقبض ذلك ولكنك لم تقبضه أيصدق
الوكيل أم لا (قال) قال مالك يقال للغريم أقم البينة أنك قد دفعت إلى الوكيل والا
فاغرم فان أقام البينة أنه قد دفع ذلك إلى الوكيل كان القول قول الوكيل على التلف
وإن لم يقم الغريم البينة غرم ولم يكن له على الوكيل غرم لأنه أقر أنه قد قبض ما أمره
به [قلت] ولم لا يصدق الوكيل في هذا الموضع وقد أقر له الآمر بالوكالة وقد
صدقه في المسائل الأولى (قال) لأنه هاهنا إنما وكله بقبض ماله ولا يصدق الوكيل
على قوله إنه قد قبض المال الا بينة لأنه إنما توكل بقبض ماله على التوثيق والبينة
إنما وكله بقبض المال على أن يشهد على قبض المال فإن لم يشهد فادعى أنه قد قبض لم
يصدق إلا أن يصدقه الآمر به (قال) وهذا مخالف للذي أمر رجلا أن يبيع عبده
لان هذا لم يتلف للآمر شيئا [قلت] فإن كانت المرأة قد وكلته على أن يزوجها
ويقبض صداقها فقال قد زوجتك وقبضت صداقك وقد ضاع الصداق منى (قال)
هذا مصدق على التزويج ولا يصدق على قبض الصداق ولا يشبه هذا البيع (2) ألا ترى
لو أن رجلا وكل رجلا ببيع سلعته له أن يقبض الثمن وإن لم يقل له اقبض الثمن

(1) (قوله قد قبضته وضاع منى) وإنما لم يصدق الوكيل إذا قال قد ضاع الصداق بخلاف
الوكيل على بيع السلعة لان الموكلة إنما وكلته على القبض ولم توكله على الاقرار عليها إذا الوكيل
لا يتناهى في الوكالة الا إلى شئ جعل له والبيع بخلاف ذلك اه‍ من هامش الأصل
(2) (قوله ولا يشبه هذا البيع) يعنى أن الوكيل على بيع السلعة بصدق في قبض الثمن ودفعه إلى
الآمر وفى دعوى ضياعه هذا انه وكيل في بيع سلعة بعينها ليس مفوضا إليه في غير ذلك
وقد قال ابن القاسم في العتبية انه لا يصدق الوكيل على القبض إلا أن يكون مفوضا إليه وهو خلاف
لظاهر الكتاب هنا وكتاب الوكالات اه‍ من هامش الأصل
191

وليس للمشتري أن يأبى ذلك عليه وان الذي وكل بالتزويج وكلته امرأته بانكاحها
أو رجل وكله في وليته أن يزوج فزوج ثم أراد قبض الصداق لم يكن ذلك له ولا
يلزم الزوج دفع ذلك إليه ولو دفع ذلك إليه لكان ضامنا فهذا فرق ما بين الوكالة
بقبض الصداق وبين البيع إنما الوكالة في قبض الصداق كالوكالة بقبض الديون فلا
أرى أن يخرجه إذا ادعى تلفا الا ببينة تقوم له على قبض الصداق [قلت] أرأيت
لو أن رجلا هلك وترك أولادا وأوصى إلى امرأته واستخلفها على بضع بناته أيجوز
هذا في قول مالك (قال) نعم يجوز وتكون أحق من الأولياء ولكن لا تعقد النكاح
وتستخلف هي من الرجال من يعقد النكاح بغير بينة
{في النكاح بغير بينة}
[قلت] أرأيت ان زوج رجل بغير بينة وأقر المزوج بذلك أنه زوجه بغير بينة
أيجوز أن يشهدا في المستقبل وتكون العقدة صحيحة في قول مالك (قال) نعم كذلك
قال مالك [قال] وقال مالك في رجل تزوج امرأة فلما أراد أبوها أن يقبض
الصداق قال زوجتني بغير شهود فالنكاح فاسد (قال مالك) إذا أقر أنه تزوج
فالنكاح له لازم ويشهدان فيما يستقبلان [قلت] وسواء ان أقرا جميعا أنه تزوج
بغير بينة أو أقر أحدهما (قال) نعم ذلك سواء عند مالك إذا تزوج بغير بينة فالنكاح جائز
ويشهدان فيما يستقبلان وإنما الذي أخبرتك مما سمعت من مالك أنهما تقارا ولا بينة
بينهما [قلت] أرأيت الرجل إذا زوج عبده أمته بغير شهود ولا مهر (قال) قال
مالك لا يزوج الرجل عبده أمته الا بشهود وصداق [قلت] فان زوجه بغير شهود
(قال) قد أخبرتك أن مالكا قال في رجل تزوج بغير شهود فقال الرجل بعد ذلك
فيما يستقبلان والنكاح جائز فالعبد بهذه المنزلة يشهدان فيما يستقبلان وهذا إذا
لم يكن دخل بها [قلت] فان زوجه بغير صداق (قال) ان زوجه على أنه لا صداق
عليه فهذا النكاح مفسوخ ما لم يدخل بها فان دخل بها كان لها صداق مثلها ويثبتان
192

على نكاحهما [قلت] فان زوجه ولم يذكر الصداق ولم يقل على أنه لا صداق
عليك (قال) هذا التفويض وهذا النكاح جائز ويفرض للأمة صداق مثلها وهذا
رأيي لان مالكا قال هذا في النساء والنساء يجتمع فيه الحرائر والإماء [قلت]
أرأيت الرجل ينكح ببينة ويأمرهم أن يكتموا ذلك أيجوز هذا النكاح في قول
مالك قال لا [قلت] فان تزوج بغير بينة على غير الاستسرار (قال) ذلك جائز عند
مالك وليشهدا فيما يستقبلان [قلت] لم أبطلت الأول (قال) لان أصل هذا
للاستسرار فهو وان كثرت البينة إذا أمر بكتمان ذلك أو كان ذلك على الكتمان
فالنكاح فاسد [قلت] أرأيت ان زوج رجل ابنته وهي ثيب فأنكرت الابنة ذلك
فشهد عليه الأب ورجل أجنبي أنها قد فوضت ذلك إلى أبيها فزوجها من هذا الرجل
(قال) لا يجوز نكاحه لأنه إنما شهد على فعل نفسه وهو خصم ولقد سمعت أن
مالكا سئل عن رجل وجد مع امرأة في بيت فشهد أبوها وأخوها أن الأب زوجها
إياه فقال لا يقبل قولهما ولا يجوز نكاحه وأرى أن يعاقبا [قلت] أرأيت أن تزوج
رجل مسلم نصرانية بشهادة نصارى أيجوز نكاحه أم لا (قال) لا أرى أن يجوز
نكاحه بشهادة النصارى فإن كان لم يدخل أشهد على النكاح ولزم الزوج النكاح
[ابن وهب] عن يزيد بن عياض عن إسماعيل بن إبراهيم عن عباد بن سنان عن
أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أنكحك أميمة بنت ربيعة
ابن الحارث قال بلى قال قد أنكحتكها ولم يشهد [ابن وهب] عن ابن أبي ذئب أن
حمزة بن عبد الله (1) خطب على ابنه إلى سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ابنته فلما
أراد أن يزوجه قال له حمزة أرسل إلى أهلك قال سالم لا فزوجه وليس معهما
غيرهما [ابن وهب] عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال تجوز شهادة الابداد (2)

(1) (قوله حمزة بن عبد الله الخ) جمع هنا بني ذكر ابني عبد الله بن عمر وهما حمزة وسالم ولم يقع ذلك
في غير هذا الكتاب وقد وقع ذكرهما في جامع الموطأ اه‍ (2) (قوله شهادة الابداد) قال في المختصر ويجوز شهادة الابداد في النكاح يشهد هذا من لقي وهذا من لقي ولا بأس به وإن لم يكونا أشهدا عند
العقد وحكي الترمذي عن أكثر أهل الكوفة أن هذا لا يجوز قاله القاضي عياض اه‍ من هامش الأصل
193

في النكاح والعتاقة
{نكاح السر}
[ابن وهب] عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن رجل نكح سرا وأشهد رجلين
قال إن مسها فرق بينهما واعتدت حتى تنقضي عدتها وعوقب الشاهدان بما كتما من
ذلك وللمرأة مهرها ان بدا له أن ينكحها حين تنقضي عدتها نكحها نكاح علانية
[قال يونس] وقال ابن وهب مثله [قال ابن وهب] قال يونس قال ابن شهاب
وإن لم يكن مسها فرق بينهما ولا صداق لها ونرى أن ينكلهما الامام بعقوبة والشاهدين
بعقوبة فإنه لا يصلح نكاح السر [قال ابن وهب] وسمعت يحيى بن عبد الله
ابن سالم يقول مثله [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن يعقوب بن إبراهيم المدني
عن الضحاك بن عثمان أن أبا بكر الصديق قال لا يجوز نكاح السر حتى يعلن به
ويشهد عليه [ابن وهب] عن شمر بن نمير الأموي عن حسين بن عبد الله عن
أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر هو
وأصحابه ببني زريق فسمعوا غناء ولعبا فقال ما هذا فقال نكح فلان يا رسول الله
فقال كمل دينه هذا النكاح لا السفاح ولا نكاح السر حتى يسمع دف أو يرى
دخان (قال حسين) وحدثني عمرو بن يحيى المازني عن جده أبى حسين أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كره نكاح السر حتى يضرب الدف بالدف (1) [ابن وهب] عن
ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أيوب بن
شرحبيل أن مر من قبلك فليظهروا عند النكاح الدفاف فإنها تفرق بين النكاح

(1) (قوله حتى يضرب بالدف) قال ابن رشد لا خلاف في إجازة الدف وهو الغربال واختلف في
الكبر والمزهر على ثلاثة أقوال. أحدها الجواز قاله ابن حبيب. والثاني المنع وهو قول أصبغ وعليه يأتي
ما قاله سحنون من جامع البيوع ان الكبر إذا بيع يفسخ بيعه ويؤدب أهله وإذا قاله في الكبر فأحرى
أن يقوله في المزهر. والثالث إجازة الكبر دون المزهر وهو قول أصبغ وعليه يأتي سماع سحنون في
كتاب السرقة ان السارق يقطع في قيمة الكبر صحيحا ولابن كنانة في المدينة إجازة البوق في
194

والسفاح وامنع الذين يضربون بالبرابط [قال سحنون] والبرابط الأعواد
{في النكاح الخيار}
[قلت] أرأيت ان تزوج رجل امرأة بإذن الولي وشرط الخيار للمرأة أو للزوج
أو للولي أو لهم كلهم يوما أو يومين أيجوز هذا النكاح عند مالك وهل يكون في
النكاح خيار (قال) أرى أنه لا خيار فيه وأنه إذا وقع في النكاح الخيار فسخ النكاح
ما لم يدخل بها لأنهما لو ماتا قبل الخيار لم يتوارثا [قلت] أرأيت ان بنى بها قبل
أن يفسخ هذا النكاح أيفسخ أم لا (قال) لا ويكون لها الصداق الذي سمي لها ولا
ترد إلى صداق مثلها [قلت] أرأيت الرجل يتزوج المرأة على أنه بالخيار يوما أو
يومين أو ثلاثة أو على أن المرأة بالخيار مثل ذلك أيجوز هذا النكاح أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك في الرجل يتزوج المرأة بصداق كذا وكذا على أنه إن لم
يأتها بصداقها إلى أجل كذا وكذا فلا نكاح بينهما (قال) قال مالك هذا نكاح
فاسد ويفرق بينهما [قلت] دخل بها أو لم يدخل بها (قال) لم يقل لي مالك دخل بها
أو لم يدخل وان دخل لم أفسخه وجاز النكاح وكذلك مسألتك في تزويج الخيار
[قلت] أرأيت ان قال أتزوجك على أحد عبدي هذين أيهما شئت أنت أو أيهما
شئت أنا (قال) أما إذا قال أيهما شاءت المرأة فذلك جائز وأما إذا قال أيهما شئت الزوج
فلا خير فيه ألا ترى أن لو باع أحدهما من رجل بعشرة دنانير يختار أيهما شاء لم
يكن بذلك بأس ولو قال أنا أعطيك أيهما شئت لم يكن في ذلك خير وهذا قول
مالك فالنكاح عندي مثله (قال ابن القاسم) وقال الليث قال ربيعة الصداق ما وقع
به النكاح وكذلك قال مالك

العرائس فقيل معنى ذلك في البوقات والزمارات التي لا تلهى كل الالهاء واختلف في جواز ما أجيز
من ذلك فقيل له من قبيل الجائز لذي يستوى فعله وتركه فلا حرج في فعله ولا ثواب في تركه
وهو مشهور المذهب وقيل إنه من قبيل الجائز الذي تركه أحسن من فعله فيكره فعله لما في تركه
من الثواب لا أن في فعله عقابا وهو قول مالك في الجعل والإجازة من المدونة والمشهور أن عمله
للرجال والنساء جائز وقال أصبغ ان ذلك أنما يجوز للنساء خاصة اه‍ من هامش الأصل
195

{في النكاح إلى أجل}
[قلت] أرأيت إذا تزوج امرأة بأمر الولي بصداق قد سماه تزوجها شهرا أو سنة
أو سنتين أيصلح هذا النكاح (قال) قال مالك هذا النكاح باطل إذا تزوجها إلى
أجل من الآجال فهذا النكاح باطل [قال] وقال مالك وان تزوجها بصداق قد
سماه وشرطوا على الزوج ان أتى بصداقها إلى أجل كذا وكذا من الآجال وإلا فلا
نكاح بينهما (قال مالك) هذا النكاح باطل [قلت] دخل بها أو لم يدخل بها (قال)
قال مالك هو مفسوخ على كل حال دخل بها أو لم يدخل بها (قال مالك) وإنما رأيت
فسخه لأني رأيته نكاحا لا يتوارث عليه أهله [قال سحنون] هذه المسألة قولة
كانت له تزويج الخيار انه يفسخ دخل بها أو لم يدخل بها وكان يقول لان فساده
جاء من قبل عقده ثم رجع فقال إذا دخل جاز ويفسخ قبل الدخول [قلت]
أرأيت ان قال أتزوجك شهرا يبطل النكاح أم يجعل النكاح صحيحا ويبطل الشرط
(قال) قال مالك النكاح باطل ويفسخ وهذه المتعة قد ثبت عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم تحريمها [قلت] أرأيت ان قال إذا مضى هذا الشهر فأنا أتزوجك ورضى
بذلك وليها ورضيت (قال) هذا النكاح باطل ولا يقام عليه [قلت] أرأيت لو أن
رجلا تزوج امرأة بثلاثين دينارا نقدا وبثلاثين نسيئة إلى سنة (قال) قال مالك
لا يعجبني هذا النكاح ولم يقل لنا فيه أكثر من هذا (قال) قال مالك ليس هذا
من نكاح من أدركت [قلت] فما يعجبك من هذا النكاح ان نزل (قال) أجيزه
وأجعل للزوج إذا أتى بالمعجل أن يدخل عليها وليس لها أن تمنعه نفسها ويكون
الثلاثون المؤخرة إلى أجلها [قلت] فان تطاول الاجل أو قال في الثلاثين المؤخرة
انها إلى موت أو فراق (قال) أما إذا كان إلى موت أو فراق فهو مفسوخ ما لم يدخل
بها وكذلك قال مالك وأما إذا كان إلى أجل بعيد فأراه جائزا ما لم يتفاحش بعد ذلك
196

{في شروط النكاح}
[قلت] أرأيت ان تزوج امرأة على أن لا يتزوج عليها ولا يتسرر أيفسخ هذا
النكاح وفيه هذا الشرط ان أدرك قبل البناء في قول مالك (قال) قال مالك النكاح
جائز والشرط باطل [قلت] لم أجاز هذا النكاح وفيه هذا الشرط (قال) قال مالك
قد أجازه سعيد بن المسيب وغير واحد من أهل العلم وليس هذا من الشروط التي
يفسد بها النكاح [ابن وهب] عن الليث بن سعد وعمرو بن الحارث عن كثير بن
فرقد عن سعيد بن عبيد بن السباق أن رجلا تزوج امرأة على عهد عمر بن الخطاب
فشرط لها أن لا يخرجها من أرضها فوضع عنه عمر الشرط وقال المرأة مع زوجها [ابن
وهب] عن رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وابن
شهاب وربيعة بن أبي الزناد عن أبيه قال قد نزل ذلك برجل في زمان عبد الملك بن
مروان مع شروط سوى ذلك فقضى بذلك فرأى الفقهاء يومئذ أن قد أصاب القضاء
في ذلك ما لم يكن قبله طلاق [قلت] فأي شئ الشروط التي يفسد بها النكاح في
قول مالك (قال) ليس لها أحد (قال ابن القاسم) قال مالك من تزوج امرأة على شرط
يلزمه ثم إنه صالحها أو طلقها تطليقة فانقضت عدتها ثم تزوجها بعد ذلك بنكاح جديد
(قال) قال مالك تلزمه تلك الشروط ما بقي من طلاق ذلك المالك شئ (قال) وان شرط
في نكاحه الثاني أنه إنما ينكح على أن لا يلزمه من تلك الشروط [قلت] أرأيت
ان قال أتزوجك بمائة دينار على أن أنقدك خمسين دينارا وخمسون على ظهري
(قال) إن كان هذا الذي على ظهره يحل بدخول الزوج عندهم فأراه جائزا وإن كان
لا يحل الا إلى موت أو فراق فأراه غير جائز فان أدرك النكاح فسخ وان دخل بها
ثبت النكاح وكان لها صداق مثلها [قلت] أرأيت هذا الذي تزوج على مهر معجل
ومنه مؤجل إلى موت أو طلاق فدخل بها أيفسخ هذا النكاح أم تقره إذا دخل
197

بها (قال) قال مالك إذا دخل بها أجزت النكاح وجعلت لها صداق مثلها ولم أنظر
إلى ما سميا من الصداق [قال سحنون] إلا أن يكون صداق مثلها أقل مما عجل
لها فلا ينقص منه شئ
{في جد النكاح وهزله}
[قلت] أرأيت ان خطب رجل امرأة ووليها حاضر فقال زوجينها بمائة دينار فقال
الولي قد فعلت وقد كانت فوضت إلى الولي في ذلك الرجل الخاطب وهي بكر
والمخطوب إليه والدها فقال الخاطب لا أرضى بعد قول الأب أو الولي قد زوجتك
(قال) أرى ذلك يلزمه ولا يشبه هذا البيع لان سعيد بن المسيب قال ثلاث ليس
فيهن لعب هزلهن جد النكاح والطلاق والعتاق فأرى ذلك يلزمه
{في شروط النكاح أيضا}
[قلت] أرأيت لو أن امرأة تزوجت رجلا وشرطت عليه شروطا وحطت من
مهرها لتلك الشروط أيكون لها ما حطت من ذلك أم لا (قال) ما حطت من ذلك
في عقدة النكاح فلا يكون لها فيه على الزوج من ذلك شئ وما شرطت على الزوج
فهو باطل إلا أن يكون فيه عتق أو طلاق وهذا قول مالك [قلت] أرأيت إن كان
إنما حطت عنه بعد عقدة النكاح على أن اشترطت عليه هذه الشروط (قال) يلزمه
ذلك ويكون له المال فان أتى شيئا مما شرطت عليه رجعت عليه في المال فأخذته مثل
ما تشترط أن لا تخرجني من مصري ولا تتسرر على ولا تتزوج على [قلت] فإن كانت أعطته المال على أن لا يتزوج عليها فان تزوج عليها فهي طالق ثلاثا (قال)
ان فعل وقع الطلاق ولم ترجع في المال لأنها اشترت طلاقها بما وضعت عنه
{في نكاح الخصي والعبد}
[قلت] أيجوز نكاح الخصي وطلاقه في قول مالك (قال) قال مالك نعم نكاحه
جائز وطلاقه جائز (قال) ولقد كان في زمان عمر بن الخطاب خصى وكان جارا لعمر
198

ابن الخطاب وكان عمر يسمع صوت امرأته وضغاءها من زوجها هذا الخصي [ابن
وهب] عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله بن سليمان بن يسار أن ابن سندر
تزوج امرأة وكان خصيا ولم يعلم فنزعها منه عمر بن الخطاب [قلت] فالمجبوب أيجوز نكاحه أيضا في قول مالك (قال) قال مالك نعم نكاحه جائز لأنه يحتاج إلى
أشياء من أمر النساء [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن عطاء بن أبي رباح أنه قال إذا
تقدمت عليه وهي تعلم أنه لا يأتي النساء فلا خصومة لها بعد [قلت] لابن القاسم
فالعبد كم يتزوج في قول مالك (قال) قال مالك أحسن ما سمعت أن العبد يتزوج أربعا
[قلت] كم ينكح العبد في قول مالك (قال) قال مالك أربعا [قلت] ان شاء
إماء وان شاء حرائر (قال) كذلك قال مالك [قلت] أرأيت العبد إذا تزوج بغير إذن مولاه فنقد مهرا أيكون للسيد أن يأخذ جميع ذلك منها في قول مالك (قال) نعم
ويترك لها قدر ما يستحل به [قلت] وان كانت قد استهلكت ذلك كان دينا عليها
تتبع به في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت العبد بين الرجلين أينكح باذن
أحدهما في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز إلا أن يأذن له جميعا [ابن وهب] عن
مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت يزيد بن عبد الله بن قسيط واستفتى في عبد
استطاع طولا أن ينكح حرة فلم ير بأسا أن ينكح أمة ولم ير عليه ما على الحر في
ذلك (قال بكير) وسمعت عمرو بن شعيب يقول ذلك [ابن وهب] عن يونس
وغيره من ابن شهاب أنه قال لو كان له رغائب الأموال ثم نكح الإماء وترك الحرائر
لجاز له ذلك وهو مع ذلك يصلح له نكاح الحرائر في السنة. قال فبذلك نرى أنه لا
يحرم على المملوك أن ينكح الأمة على الحرة [قال ابن وهب] قال يونس وقال ربيعة
يجوز له أن ينكح أمة على حرة [ابن وهب] عن رجال من أهل العلم عن القاسم
وسالم وابن شهاب وربيعة ويحيى بن سعيد ومجاهد وابن جبير وكثير من العلماء أنهم قالوا ينكح العبد أربعا [ابن وهب] عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه قال ينكح
العبد أربع نصرانيات [ابن وهب] عن جرير بن حازم أنه سمع يحيى بن سعيد
199

يقول القول عندنا بالمدينة في لعبد يتزوج بغير إذن سيده أن سيده بالخيار ان شاء
أمضاه وان شاء رده فان أمضاه فلا بأس به
{في حدود العبد وكفاراته}
[قلت] لابن القاسم أي شئ يكون العبد والحر فيه سواء في هذا الأشياء الكفارات
والحدود (قال) أما الكفارات كلها فان الحر والعبد فيها سواء وأما حد الفرية فان
على العبد فيه أربعين جلدة وأما الطلاق فهو ما قد علمت وأما في الظهار فكفارته في
الظهار مثل كفارة في الايلاء مثل كفارة الحر إلا أنه لا يقدر على أن يعتق (قال مالك)
والصيام في كفارة اليمين للعبد أحب إلى فان أطعم فأرجو أن يجزئه وكذلك الكسوة
ويضرب للعبد إذا قعد عن امرأته سنتان نصف أجل الحر وإذا اعترض عن امرأته
فلم يقدر على أن يطأها نصف أجل الحر ستة أشهر [قلت] أرأيت المكاتب يتزوج
ابنة مولاه أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك (قال ابن
القاسم) وأرى أنه جائز [قلت] وكذلك العبد يتزوج بنت مولاه برضا مولاه
ورضاها (قال) هو بمنزلة المكاتب أيضا وقد كان مالك يستثقله ولست أرى به بأسا
[قلت] أرأيت المكاتب يشترى امرأته هل يفسد النكاح في قول مالك (قال) نعم
وطؤها بملك اليمين [قلت] وكذلك العبد المأذون له في التجارة إذا اشترى امرأته
هل يطؤها بملك اليمين ويفسد النكاح في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت إذا زوج
الرجل عبده على من المهر (قال) على العبد إلا أن يشترطه السيد على نفسه [ابن
وهب] قال يونس عن ربيعة أنه قال في العبد ينكح قال أما الذي خطب عليه سيده
وأنكحه وسمى صداقا فالصداق على سيده وأما رجل أذن في نكاح عبده لقوم
خطب إليهم العبد مولاتهم أو جاريتهم فان الصداق على العبد بمنزلة الدين عليه ان
كانت وليدة فلا يجوز صداقها الا فيما بلغ ثلث ثمنها وان كانت حرة فما سمى لها لان
السيد فرط حين أذن له في النكاح فحرمتها أعظم فما عسى أن يصدق العبد [قلت]
200

أرأيت ان أذن السيد لعبده في النكاح المهر في ذمته أم في رقبته (قال) قال
مالك المهر في ذمته [قلت] أرأيت إذا تزوج العبد بغير إذن سيده أيكون المهر في
رقبة العبد أم لا (قال) لا يكون في رقبته ويأخذ السيد المهر الذي دفعه العبد إليها
وكذلك قال لي مالك إلا أن يترك لها قدر ربع دينار [قلت] أرأيت ان أعتق
هذا العبد يوما من الدهر تتبعه هذه المرأة بالمهر الذي سمى لها (قال) نعم في رأيي
إن كان دخل بها إلا أن يكون السلطان أبطله عنه [قال سحنون] وان أبطله السيد
أيضا فهو باطل [قلت] ولم قلت إذا أبطله السلطان عنه ثم عتق بعد ذلك أنه لا يلزمه
في رأيك وعلى ما قلته (قال) بلغني أن مالكا يقول في العبد إذا أدان بغير إذن سيده
ان ذلك دين عليه إلا أن يفسخه السلطان (قلت) فإن فسخه السلطان ثم عتق العبد
بهد ذلك أيبطل الدين عنه بفسخ السلطان ذلك الدين عنه (قال) كذلك بلغني عن
مالك [قلت] أرأيت كل ما لزم ذمة العبد أيكون للغرماء أن يأخذوا ذلك من
العبد بعد ما يأخذ السيد خراجه من العبد إن كان عليه خراج (قال) قال مالك ليس
لهم من خراج العبد شئ. قال ابن القاسم ولا من الذي يبقى في يد العبد بعد خراجه
قليل ولا كثير (قال مالك) وإنما يكون ذلك لهم في مال ان وهب للعبد أو تصدق به
عليه أو أوصي له به فقبله العبد فأما عمله فليس لهم فيه قليل ولا كثير وإنما يكون دينهم
الذي صار في ذمة العبد في مال العبد ان طرأ للعبد مال يوما بحال ما وصفت لك وان
أعتق العبد يوما ما كان ذلك دينا عليه يتبع به وهذا قول مالك وكل دين لحق العبد
وهو مأذون له في التجارة فهذا الدين يكون في المال الذي في يده أو كسبه من تجارة
بحال ما وصفت لك وليس لهم من عمل يده وخراجه قليل ولا كثير وإن كان للسيد
عليه دين ضرب بدينه مع الغرماء [قلت] أرأيت العبد إذا اشترته امرأته وقد بنى بها
كيف يمهرها وعلى من يكون مهرها (قال) على عبدها [قلت] ولا تبطل (قال) لا
وهذا رأيي لان مالكا قال في امرأة داينت عبدا أو رجل داين عبدا ثم اشتراه وعليه
دينه ذلك أن دينه لا يبطل فكذلك مهر المرأة إذا اشترت زوجها لم يبطل دينها وان
201

كان لم يدخل بها فلا مهر لها [قال سحنون] ألا ترى أنها وسيده اغتزيا فسخ نكاحه
فلا يجوز ذلك لان الطلاق بيد العبد فلا يجوز له اخراج ما في يديه ولا هو أملك به
من سيده بالاضرار [قلت] لابن القاسم أرأيت المرأة تكاتب عبدها أيجوز له أن
ينكحها في قول مالك (قال) لا يجوز لان المكاتب عبدها ألا ترى أنه ان عجز
رجع رقيقا أو لا ترى أنه ما دام في حال الأداء فلا بأس أن يرى شعرها إذا كان وغدا دنيئا
لا خطب له فإن كان له منظرة وخطب فلا يرى شعرها وكذلك عبدها (قال) فقلنا
لمالك أرأيت المرأة يكون لها في العبد شرك أيصلح له أن يرى شعرها (قال) لا يصلح
لها أن يرى شعرها وغدا كان أو غير وغد [قلت] وما الوغد (قال) الذي لا منظرة
له ولا خطب فذلك الوغد
{في نكاح الحر الأمة}
[قلت] أرأيت الحر كم يتزوج من الإماء في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك
فيه شيئا وأرى أن ان خشي العنت فله أن يتزوج ما بينه وبين أربع [قلت]
فالعبد يتزوج من الإماء فيما بينه وبين أربع في قول مالك وإن لم يخف العنت على
نفسه قال نعم [قلت] أفيجوز أن يتزوج الرجل أمة والده (قال) نعم في رأيي ان ذلك
جائز [قلت] فإن كان والده عبدا وهو حر فزوجه والده أمته (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك تقلت] أرأيت الرجل هل يجوز له أن ينكح أمة
ابنه (قال) لا يجوز له ذلك [قلت] ولم لا يجوز أن يتزوج الرجل أمة ابنه (قال)
لأنها كأنها له رقيق فمن هاهنا كره ذلك ولا حد عليه فيها [قلت] أرأيت الرجل
أيجوز له أن يتزوج أمة امرأته (قال) نعم في رأيي لان مالكا قال من زنى بأمة امرأته
رجم [قلت] ويجوز له أن يتزوج أمة أخيه قال نعم [قلت] وهذا قول مالك
(قال) هذا رأيي [قلت] أرأيت الرجل ان تزوج أمة والده فولدت منه ثم اشتراها
أتكون أم ولد بذلك الولد أم لا في قول مالك (قال) قال مالك كل من تزوج أمة
ثم اشتراها وقد كانت ولدت منه قبل أن يشتريها انها لا تكون أم ولد بذلك الولد الا
202

أن يشتريها وهي حامل به فتكون بذلك الولد أم ولد ألا ترى أن الولد الذي ولدته
قبل أن يشتريها أنه لسيدها الذي باعها وان اشتراها وهي حامل به فتكون له
فتصير بهذا أم ولد ولا تصير بالذي ولدت قبل الشراء أم ولد لأنه رقيق. وأما ما
سألت عنه من اشتراء الولد امرأته من أبيه وهي حامل فاني لا أراها أم ولد وان
اشتراها وهي حامل منه لان الولد قد عتق عليه وهو في بطنها وأما ما يثبت فيه الحرية
يعتق على من يملكه فاشتراها وهي حامل به فلا تكون به أم ولد ألا ترى أن سيدها
لو أراد أن يبيعها لم يكن ذلك له لأنه قد عتق عليه ما في بطنها (وقال) غيره لا يجوز له
اشتراؤها لان ما في بطنها في عتق على أبيه فهو والأجنبيون سواء وان الأخرى
التي لغير أبيه لو أراد بيعها وهي تحت زوجها باعها وكان ما في بطنها رقيقا فهذا فرق
ما بينهما
{في الرجل يتزوج مكاتبته}
[قلت] أرأيت الحر أيصلح له أن يتزوج مكاتبته (قال) لا يصلح له ذلك لان
مالكا قال لا يصلح أن يتزوج الرجل أمته فمكاتبته بمنزلة أمته
{في انكاح الرجل عبده أمته}
[قلت] أرأيت العبد المأذون له في التجارة أو المحجور عليه إذا كانت له أمة فزوجها
سيدها من عبده ذلك والعبد هو سيد الأمة أيجوز هذا التزويج في قول مالك (قال)
وجه الشأن أن ينتزعها منه ثم يزوجها إياه بصداق [قلت] فان زوجها إياه قبل أن
ينتزعها (قال) أراه انتزاعا وأرى التزويج جائزا ولكن أحب إلى أن ينتزعها منه ثم
يزوجها وكذلك أن أراد أن يطأ أمة عبده فإنه ينبغي له أن ينتزعها منه ثم يطأها فان
وطئها قبل أن ينتزعها منه فان هذا انتزاع ولكن ينتزعها قبل أن يطأها فان ذلك
أحب إلى (قلت) أتحفظ هذا عن مالك (قال) أما الوطئ إذا أراد أن يطأها فهو قوله
203

[ابن وهب] عن محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح أنه قال
لا يزوج الرجل عبده أمته بغير مهر (قال ابن وهب) وقال ذلك مالك
{في نكاح الأمة على الحرة ونكاح الحرة على الأمة}
[قلت] هل ينكح الأمة على الحرة في قول مالك (قال) قال مالك لا ينكح الأمة
على الحرة فان فعل جاز النكاح وكانت الحرة بالخيار ان أحبت أن تقيم معه أقامت وان
أحبت أن تختار نفسها اختارت (قال مالك) وان أقامت كان القسم من نفسه بينهما
بالسوية [قلت] فهل لها أن تختار فراقه بالثلاث (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا
أرى أن تختار الا تطليقة وتكون أملك بنفسها ولا أرى أن تشبه هذه الأمة تعتق
تحت العبد فتختار الطلاق كله لان الأمة إنما جاء فيها الأثر وهو قول ضعيف والناس
لم تعلم أن تحته أمة فلها أن تختار إذا تزوجها على أمة ولم تعلم كذلك قال لي مالك
[ابن وهب] عن ابن لهيعة والليث عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه قال لا
تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة [ابن وهب] عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب عن ابن المسيب أنه قال إذا تزوج الرجل الحرة على الأمة ولم تعلم
الحرة أن تحته أمة كانت الحرة بالخيار ان شاءت فارقته وإن شاءت قرت معها وكان
لها ان قرن الثلثان من ماله ونفسه [قال ابن وهب] قال يونس وقال ذلك ابن
شهاب [قلت] أرأيت ان كانت تحته أمتان علمت الحرة بواحدة ولم تعلم بالأخرى
أيكون لها الخيار أم لا في قول مالك (قال) نعم أرى لها الخيار ألا ترى لو أن حرة
تزوج عليها أمة فرضيت ثم تزوج عليها أخرى فأنكرت كان ذلك لها فكذلك
هذه إذا لم تعلم بالأمتين وعلمت بالواحدة [قلت] لم جعل مالك الخيار للحرة في هذه
المسائل (قال) قال مالك إنما جعلت لها الخيار لما قالت العلماء قبلي يريد سعيد بن المسيب
وغيره (قال) قال مالك ولولا ما قلوا لرأيته حلالا لأنه حلال في كتاب الله [ابن
وهب] عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال أخبرني سليمان بن يسار أن السنة
204

إذا تزوج الرجل الأمة وعنده حرة قبلها فان الحرة بالخيار ان شاءت فارقت زوجها وإن شاءت أقامت معه على ضر أمة فان أقرت على ضر أمة فلها يومان وللأمة يوم [قلت]
ولم جعلتم الخيار للحرة إذا تزوج الحر الأمة عليها أو تزوجها على الأمة والحرة لا تعلم
(قال) لان الحر ليس من نكاحه الإماء إلا أن يخشى العنت فان خشي العنت وتزوج
الأمة كانت الحرة بالخيار وللذي جاء فيه من الأحاديث [ابن وهب] قال مالك
يجوز للحر أن ينكح أربع مملوكات إذا كان على ما ذكر الله في كتابه قال الله ومن
لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم
المؤمنات قال والطول عندنا المال فمن لم يستطع طولا وخشي العنت فقد أرخص الله
تعالى له في نكاح الأمة المؤمنة (قال) ابن القاسم وابن وهب وعلي بن زياد قال مالك
لا ينبغي للرجل الحر أن يتزوج الأمة وهو يجد طولا لحرة ولا يتزوج أمة إذا لم يجد
طولا لحرة إلا أن يخشى العنت وكذلك قال الله تبارك وتعالى (وقال ابن نافع) عن
مالك لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة وهو لا ينكحها على حرة ولا
على أمة وليس عنده شئ ولا على حال إلا أن يكون ممن لا يجد طولا وخشي العنت
(قال مالك) والحرة تكون عنده ليست بطول يمنع به من نكاح أمة إذا خشي العنت
لأنها لا تتصرف بتصرف المال فينكح بها [ابن وهب] عن مالك قال بلغني عن
عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر سئلا عن رجل كانت تحته امرأة حرة فأراد أن
ينكح عليها أمة فكرها أن يجمع بينهما [ابن القاسم] عن مالك عن يحيى بن سعيد
عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة
فإن شاءت فلها الثالثان [قلت] أرأيت إذا لم يخش على نفسه العنت وتزوج أمة
(قال) كان مالك مرة يقول ليس له أن يتزوجها إذا لم يخش العنت وكان يقول إذا
كانت تحته حرة فليس له أن يتزوج أمة فان تزوجها فرق بينه وبين الأمة ثم
رجع فقال إن تزوجها خيرت الحرة (قال مالك) ولولا ما جاء فيه من الأحاديث
لرأيته حلالا [قلت] أرأيت العبد ان تزوج الحرة على الأمة وهي لا تعلم أيكون
205

لها الخيار إذا علمت (قال) قال مالك لا خيار لها وإذا تزوج الأمة على الحرة فلا خيار
للحرة وكذلك قال لي مالك في هذه لان الأمة من نسائه [ابن وهب] قال يونس
وقال ربيعة يجوز له أن ينكح أمة على حرة [قال ابن وهب] قال يونس وقال ذلك
ابن شهاب [قلت] أرأيت العبد كيف يقسم من نفسه بين الحرة وبين الأمة (قال)
يعدل بينهما بالسوية في القسم من نفسه قال وهو قول مالك
{في استسرار العبد والمكاتب في أموالهما ونكاحهما بغير إذن السيد}
[قلت] أرأيت المكاتب أيتسرر في ماله في قول مالك قال نعم [قلت] ولقد سألنا
مالكا عن العبد أيتسرر في ماله ولا يستأذن سيده (قال) نعم ذلك له [ابن وهب]
قال وسمعت عبد الله بن عمر يحدث عن نافع أن العبد من عبيد عبد الله بن عمر كان
يتسرر من ماله فلا يرى بذلك بأسا (قال ابن وهب] فسألت مالكا عن ذلك فقال
لا بأس به [قلت] أرأيت المكاتب والمكاتبة أيجوز لهما أن ينكحا بغير إذن السيد
في قول مالك قال لا [قلت] لم (قال) لان له فيهما الرق بعد ولا يجوز لمن عليه رق
لغيره أن ينكح الا باذن من له الرق فيه فان نكحا فللسيد أن يفسخ ذلك [قلت]
أرأيت إن تزوج المكاتب امرأة بغير إذن سيده رجاء الفضل أترى النكاح جائزا
(قال) لا يجوز لأنه ان عجز رجع إلى السيد معيبا لان تزويج العبد عيب [قال] وقال
لي مالك لا يتزوج المكاتب الا باذن سيده [ابن وهب] عن رجال من أهل العلم
عن ابن شهاب ويحيى بن سعيد وغير واحد من أهل العلم من التابعين أنه لا بأس بأن
يتسرر المملوك في ماله وإن لم يذكر ذلك لسيده
{في الأمة والحرة يغران من أنفسهما والعبد يغر من نفسه}
[قلت] أرأيت الرجل يتزوج المرأة وتخبره أنها حرة فإذا هي أمة قد كان سيدها
أذن لها في أن تستخلف على نفسها رجلا يزوجها أيكون له الخيار في قول مالك (قال)
إن لم يكن دخل بها كان له أن يفارقها ولا يكون عليه من الصداق شئ وان هو
206

دخل بها اخذ منها الصداق الذي دفعه إليها وكان لها صداق مثلها وان شاء ثبت على
نكاحه وكان لها الصداق الذي سمي [قلت] أرأيت لو أن امرأة غرت من نفسها
رجلا وزعمت أنها حرة فظهر أنها أمة (قال) قال مالك لا يؤاخذ منها المهر (قال ابن
القاسم) وأنا أرى إن كان ذلك أكثر من صداق مثلها ترك لها صداق مثلها وأخذ
منها الفضل [قلت] أرأيت الأولاد ان كانوا قد قتلوا وأخذ الأب ديتهم ثم
استحقت الأم (قال) قال مالك على الأب قيمتهم يوم قتلوا والدية للأب (قال ابن
القاسم) وإنما على الأب قيمتهم إذا كانت قيمة كل واحد منهم مثل الدية فأدنى فإن كانت قيمة كل واحد منهم أكثر من الدية لم يكن على الأب الا الدية التي أخذ ليس
على الأب أن يعطى أكثر مما أخذ [قلت] أرأيت ان استحق السيد هذه الأمة
وفى بطنها جنين (قال) الجنين حر وعلى الأب قيمته يوم تلده أمه [قلت] وهذا قول
مالك (قال) نعم لان مالكا قال عليه قيمة ولده يوم يستحقهم سيد الأمة ومن مات منهم
قبل ذلك فلا شئ على الأب من قيمتهم [قلت] فان ضرب رجل بطنها بعد
ما استحقها سيدها أو قبل أن يستحقها فألقت جنينا ميتا (قال) قال مالك يأخذ الأب
فيه غرة عبدا أو أمة من الضارب عند مالك ويكون على الأب لسيد الأمة عشر
قيمة أمة يوم ضربت إلا أن يكون ذلك أكثر من قيمة الغرة فلا يكون على الأب
الا قيمة الغرة التي أخذ لأنه لا يغرم أكثر مما أخذ ولا يجعل فيه على الضارب أكثر
من الغرة لأنه حر ولا يكون على ضاربه أكثر من الغرة وكذلك ولدها ما قتل منهم
فإنما فيه دية حر وان كانت قيمته أضعاف الدية ويقتل من قتله من الأحرار عمدا وتحمل
العاقلة الخطأ فيهم وعلى العاقلة ما جنوا وبينهم القصاص وبين الأحرار الذي جنوا
عليهم أو جنوا هم عليهم وهذا قول مالك [قلت] أرأيت ان غرت أمة من نفسها
رجلا فتزوجها فولدت له الأولاد فمات الرجل ولم يدع مالا ثم استحقها سيدها
وولدها أحياء أيكون للذي استحق الأمة على الأولاد شئ (قال) بلغني عن مالك أنه
قال إن كانوا أملياء والأب حي وهو عديم أتبعهم ولم أسمعه من مالك وكذلك الموت
207

عندي بهذه المنزلة وقد قيل إنه ليس على الولد شئ [قلت] فلو كان الولد عديما
أيكون ذلك دينا عليهم أم لا (قال) ان أيسروا رأيت ذلك عليهم كما كان يأخذ ذلك
منهم ان وجدهم أملياء [قلت] ولم جعل مالك لسيد الأمة أن يتبعهم إذا كانوا
أملياء (قال) لان الغرم إنما كان على أبيهم لمكان رقابهم فإن لم يوجد عند الأب
شئ كان ذلك عليهم ان كانوا أملياء والموت إن كان مات الأب ولم يدع مالا اتبعهم
إذا كانوا أملياء في رأيي [قلت] أرأيت إذا كان الذي استحق الجارية عم الصبيان
(قال) يأخذ قيمتهم منه [قلت] أرأيت إذا كان الذي استحق الجارية ابن أخيه
أو ابن أخته لم يعتق عليه قال مالك وإنما يعتق علي الرجل إذا ملك آباءه أو أمهاته أو
أجداده أو جداته أو ولده أو ولد ولده أو اخوته فإنما يعتق عليه الأجداد والجدات
والآباء والأمهات والأولاد وأولاد الأولاد والاخوة والأخوات دنية والإخوة للأب
والأم والإخوة للأب والاخوة للأم من ملك شيئا من هؤلاء عتق عليه وهم
أهل الفرائض ولا يعتق عليه بنو أخيه ولا أحد من ذوي المحارم والقرابات سوى
من ذكرت لك [قلت] أرأيت إن كان الذي استحق الجارية جد الصبيان (قال)
لا شئ له من قيمتهم [قلت] أفيكون له ولاؤهم (قال) لا شئ له من الولاء عند
مالك [قلت] ولم لا تجعل له الولاء وغيره لو استحق الجارية أخذ قيمتهم فهذا الجد
إذا لم يأخذ قيمتهم لأي شئ لا يكون له ولاؤهم (قال) لأنهم أحرار وإنما أخذت
القيمة بالسنة فلا يكون له ولاؤهم [قلت] وإذا غرت أمة الأب أو أمة الابن
من نفسها والده أو ولده فتزوجها ثم ولدت له أولادا فاستحقها الأب أو الولد
(قال) فلا شئ له من قيمتهم قال لان مالكا قال إذا ملك الرجل أخاه أو أباه أو
ولده أو ولد ولده فهو حر (وقال مالك) في أم ولد غرت من نفسها رجلا فتزوجها
وولدت له أولادا ثم أقام سيدها البينة أنها أم ولده فلم يقض له بقيمة الولد حتى مات
السيد (قال) قال مالك فلا شئ للورثة من قيمة أولاده لأنهم عتقوا بعتق أمهم قبل
أن يقضى على الأب بقيمة الولد فكذلك الذي استحق الجارية التي غرت أباه أو
208

ابنه انه لا شئ له من قيمة الأولاد لأنهم إذا ملكوا عتقوا عليه كما قال لي مالك في
أم الولد إذا مات عنها سيدها قبل أن يقضى على الذي غرته بقيمة الأولاد ان
الأولاد يعتقون بعتقها فكذلك هذا الذي ملك ابن ابنه أو أخاه في رأيي انه يعتق
بملكه لأنه إذا ملكه عتق عليه [قلت] أرأيت أم الولد إذا غرت من نفسها
فولدت أولادا فاستحقها سيدها انها أم ولده (قال) قال مالك رأى لسيد الأمة
قيمتهم على أبيهم (قال) فقلت لمالك كيف قيمتهم (قال) على قدر الرجاء فيهم والخوف
لأنهم يعتقون إلى موت سيد أمهم وليس قيمتهم على أنهم عبيد (قال) فقلت لمالك
فلو أن سيدهم استحقهم ورفع ذلك إلى السلطان فلم يقوموا حتى مات سيدهم (قال)
لا شئ لورثة السيد على أبيهم لأنهم قد عتقوا حين مات سيد أمهم بعتق أمهم قبل أن
يقضى بالقيمة (قال) فقلنا لمالك فلو أن رجلا منهم قتل (قال) ديته لأبيه دية حر ويكون
لسيد الأمة على أبيهم قيمته يوم قتل (قال ابن القاسم) وذلك ذا كانت القيمة أدنى
من الدية فإن كانت أكثر لم يضمن الأب أكثر مما أخذ من الدية [قلت]
أرأيت إذا كانت مدبرة غرت من نفسها رجلا فولدت له أولادا (قال) يقوم أولادها
على الرجاء والخوف على أنهم يرقون أو يعتقون ليس هم بمنزلة ولد أم الولد وهذا
رأيي [قلت] فإن كانت مكاتبة غرت من نفسها (قال) لا شئ لمولاها على أبي الولد
إلا أن يعجز فيرجع رقيقا فيكون على الوالد قيمة الولد لأنهم ان عتقت أمهم عتقوا
بعتقها لأنهم في كتابتها ألا ترى أن مالكا قال في ولد أم الولد التي غرت من نفسها
إذا مات سيدها قبل أن يقوموا فلا شئ على أبيهم من قيمتهم فكذلك ولد المكاتبة
إذا عتقت (قال) وأرى أن تؤخذ منه قيمتهم فتوضع على يدي رجل عدل فان عجزت
دفع إلى سيدها وان أدت كتابتها رد المال إلى أبيهم [قلت] أرأيت ان غرت من
نفسها عبدا فزعمت أنها حرة فاستحقت أيكون أولاده أحرار أم رقيقا (قال) الولد
رقيق [قلت] أسمعته من مالك قال لا [قلت] ولم جعلتم رقيقا وإنما أعتقت
أولاد الحر منها إذ غرته وهي أمة بظن الحر أنها حرة فلم لا تعتق الأولاد أيضا بظن
209

العبد أنها حرة (قال) لأني لابد لي من أن أجعل الأولاد تبعا لاحد الأبوين فأنا ان جعلتهم تبعا للأم فهم عبيد وان جعلتهم تبعا للأب فهم رقيق فجعلتهم تبعا للأم لان العبد لا يغرم
قيمتهم وهذا رأيي [قلت] أرأيت لو أن رجلا أخبرني أن فلانة حرة ثم خطبتها
فزوجنيها غيره فولدت لي أولادا ثم استحقت أمة أيكون لي على الذي أخبرني أنها
حرة شئ أم لا في قول مالك (قال) لا شئ لك عليه [قلت] فلو أنه قال لي هي حرة
وخطبتها إلى فزوجنيها فولدت لي أولادا ثم ظهر أنها أمة أيكون على الذي أخبرني
أنها حرة وزوجنيها شئ أم لا (قال) لا شئ لك عليه إلا أن يكون علم أنها أمة فقال
لك انها حرة فزوجكها فإذا علم أنها أمة فقال لك هي حرة فزوجكها فولدت لك
أولادا فاستحق رجل رقبتها فإنه يأخذ جاريته ويأخذ منك قيمة الأولاد ولا ترجع
أنت بقيمة الأولاد على الذي غرك وزوجك وأخبرك أنها حرة وهو يعلم أنها أمة
لأنه لم يغرك من الأولاد (قال) وأما الصداق فيكون على الزوج ويرجع به الزوج
على الرجل الذي غره [قلت] أفتحفظه عن مالك أنه لا يرجع عليه بقيمة الأولاد
(قال) لا أقوم على حفظه الساعة [قلت] والمهر الذي قلت يرجع به على الذي غره
أتحفظه عن مالك (قال) لا وهو رأيي [قلت] ولا يكون الرجل غارا منها الا بعد
ما يعلم أنها أمة وزوجها إياه هو نفسه فهذا الذي يكون قد غر منها وأما ان أخبره
أنها حرة وقد علم أنها أمة وزوجها غيره فان هذا لا يكون غارا ولا يكون عليه شئ
قال نعم [قلت] أرأيت ان زوجني وقال لي هي حرة وقد علم أنها أمة وأخبرني
أنه ليس بوليها أو غار (قال) إذا علم أنه ليس بوليها ثم وجدها على غير ما أخبره
فلا شئ عليه من غرم الصداق في رأيي [قلت] أرأيت الرجل يتزوج المرأة
ويخبرها أنه حر فيظهر أنه عبد ويجيز سيده نكاحه أيكون لها أن تختار فراقه في
قول مالك (قال) قال مالك نعم لها أن تختار فراقه ما لم تتركه يطؤها بعد معرفتها بأنه
عبد [ابن وهب] عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في عبد انطلق إلى حي من
المسلمين فحدثهم أنه حر فزوجوه امرأة حرة وهو عبد ولم تعلم المرأة بذلك (قال)
210

السنة في ذلك أن يفرق بينهما حين تعلم بذلك ثم تعتد عدة الحرة المسلمة ويجلد العبد
نكالا لما كذبها وخلبها وأحدث في الدين [قلت] لابن القاسم أيكون فراق
هذه عند غير السلطان (قال) ان رضى بذلك الزوج وهي فنعم والا فرق السلطان
بينهما ان أبى الزوج إذا اختارت فراقه [ابن وهب] عن يونس عن ابن شهاب
أنه قال قضى عمر بن الخطاب في فداء الرجل ولده من أمة قوم وذلك أن رجلا
من بنى عذرة نكح وليدة انتمت له إلى بعض العرب فجاء سيدها ليأخذها وقد
ولدت للعذري أولادا فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقضى له في ذلك بالغرم مكان
كل انسان من ولده جارية وغلام بغلام (قال مالك) بلغني ذلك عن عمر بن
الخطاب أو عن عثمان بن عفان
{عيوب النساء}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا زوج ابنته وبها داء قد علمه الأب مما ترد منه الحرائر
فدخل بها زوجها فرجع الزوج على الأب أيكون للأب أن يرجع على الابنة بشئ
مما يرجع به الزوج عليه إذا ردها الزوج وقد مسها (قال) لم أسمع من مالك ذلك
ولا أرى ذلك له
{في عيوب النساء والرجال}
[قلت] أرأيت ان تزوج رجل امرأة فأصابها معيبة من أي العيوب يردها في
قول مالك (قال) قال مالك يردها من الجنون والجذام والبرص والعيب الذي في الفرج
[قلت] أرأيت ان تزوجها وهو لا يعرفها فإذا هي عمياء أو عوراء أو قطعاء أو
شلاء أو مقعدة أو قد ولدت من الزنا (قال) قال مالك لا ترد ولا يرد من عيوب
النساء في النكاح الا من الذي أخبرتك به [قلت] أرأيت إن كان العيب الذي
بفرجها إنما هو قرن أو حرق نار أو عيب خفيف أو عفل يقدر معه على الجماع أيكون
هذا من عيوب الفرج التي ترد بها في النكاح في قول مالك أم إنما ذلك العيب عند
211

مالك إذا كانت قد خلطت أو نحو هذا من عيوب الفرج الذي لا يستطيع الزوج
معه الجماع مثل العفل الكبير ونحوه من العيوب التي تكون في الفرج (قال)
قال مالك قال عمر بن الخطاب ترد المرأة في النكاح من الجنون والجذام والبرص
(قال مالك) وأنا أرى داء الفرج بمنزلة ذلك فما كان مما هو عند أهل المعرفة من داء
الفرج ردت به في رأيي وقد يكون من داء الفرج ما يجامع معه الزوج ولكنها ترد
منه ألا ترى أن المجنون يقدر على جماعها وكذلك الجذماء والبرصاء ولكنها ترد منه
فكذلك عيوب الفرج [قلت] أرأيت الرجل يتزوج المرأة ويشترط أنها صحيحة
فيجدها عمياء أيكون له أن يردها بشرطه الذي شرط أو شلاء أو مقعدة (قال)
نعم إن كان اشترط ذلك على من أنكحه فله أن يرد ولا شئ عليه من صداقها إذا
لم يبن فان بنى بها فلها مهر مثلها بالمسيس ويتبع هو الولي الذي أنكحها إذا كان
قد اشترط ذلك عليه أنه ليس له عمياء ولا قطعاء ولا ما أشبه ذلك فزوجه على ذلك
الشرط لان مالكا سئل عن رجل تزوج امرأة فإذا هي لقية (قال) مالك ان كانوا
زوجوه على نسب فله أن يرد وان كانوا لم يزوجوه على نسب فالنكاح له لازم ورواه
ابن وهب أيضا عن مالك (قال) وقال مالك فيمن تزوج سوداء أو عوراء أو عمياء لم
يردها ولا يرد من النساء في النكاح الا من العيوب الأربعة الجنون والجذام
والبرص والعيب في الفرج وإنما كان على الزوج أن يستخبر لنفسه فان اطمأن إلى
رجل فكذبه فليس على الذي كذبه شئ إلا أن يكون ضمن ذلك له ان كانت الجارية
علي خلاف ما أنكحه عليه فأراه حينئذ مثل النسب الذي زوجه عليه وأراه ضامنا ان
كانت على خلاف ما ضمن إذا فارقها الزوج ولم يرضها [قلت] أرأيت ان تزوجت
امرأة رجلا في عدتها غرته ولم تعلمه أنها في عدتها (قال) بلغني أن مالكا قال في
رجل غر من وليته فزوجها في عدتها ودخل بها زوجها ثم علم بذلك الزوج (قال)
مالك أرى النكاح مفسوخا ويكون المهر على من غره فكذلك هذه إذا غرت من
نفسها إلا أنه يترك لها قدر ما استحلت به [قلت] أرأيت لو أن رجلا تزوج
212

امرأة فانتسب لهم إلى غير أبيه وتسمى بغير اسمه (قال) أخبرني من أثق به أن
مالكا سئل عن رجل تزوج امرأة فأصابها لزنية (قال) قال مالك ان كانوا زوجوها
منه على نسب فأرى له الخيار وان كانوا لم يزوجوها منه على نسب فلا خيار له (قال ابن القاسم) وأرى لها المهر عليه إن كان دخل بها ويكون ذلك له على من غره إلا أن
لا يكون غره منها أحد وهي التي غرت من نفسها فيكون ذلك عليها فكذلك التي
تزوجت على نسب فغرها فهي بالخيار [قلت] أرأيت إن كان الرجل لقية وتزوجها
على نسب ثم علمت بعد أنه لقية (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكني أرى في
المرأة أن لها أن ترده ولا تقبله إذا كان إنما تزوجها على نسب وكان لقية مثل ما قال
مالك في المرأة [قلت] أرأيت ان تزوجته وهو مجبوب أو خصى وهي لا تعلم بذلك
ثم علمت أيكون لها الخيار (قال) قال مالك إذا تزوجته وهو خصي ولم تعلم بذلك
كانت بالخيار إذا علمت أن شاءت أقامت معه وإن شاءت فارقته فالمجبوب أشد
[قلت] أرأيت المجبوب إذا تزوجها أو الخصي وهي لا تعلم فعلمت فاختارت الفراق
أتكون عليها العدة أم لا (قال) إن كان يطأ فعليها العدة وان كأن لا يطأ فلا عدة عليها [قلت] أرأيت ان اختارت ثلاثا (قال) ليس ذلك لها وإنما الخيار لها في واحدة
وتكون بائنا [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت إذا تزوجت
مجبوب الذكر قائم الخصي فاختارت فراقه وقد دخل بها أتجعل عليها العدة (قال)
إن كان مثله يولد له فعليها العدة (قال ابن القاسم) ويسئل عن ذلك فإن كان يحمل لمثله
رأيت الولد لازما له وإن كان يعلم أنه لا يولد لمثله لم أر أن يلزمه ولا يلحق به [قلت]
أرأيت ان تزوجت مجبوبا أو خصيا وهي تعلم بذلك (قال) فلا خيار لها كذلك قال
مالك (قال) قال مالك إذا تزوجت خصيا وهي لا تعلم فلها الخيار إذا علمت فقول
مالك انها إذا علمت فلا خيار لها (قال) ولم أسمع من مالك في العنين إذا تزوجها وهي
تعلم أنه عنين شيئا ولكن هذا رأيي ان كانت علمت أنه عنين لا يقدر على الجماع
رأسا وأخبرها بذلك فتزوجته على ذلك على علم أنه لا يطأ فلا خيار لها [قلت]
213

أرأيت امرأة العنين أو الخصي أو المجبوب إذا علمت به ثم تركته قلم ترفعه إلى
السلطان وأمكنته من نفسها ثم بدا لها فرفعته إلى السلطان (قال) أما امرأة الخصي
والمجبوب فلا خيار لها إذا أقامت معه ورضيت بذلك فلا خيار لها عند مالك. وأما
العنين فان لها أن تقول اضربوا له أجل سنة لان الرجل ربما تزوج المرأة فاعترض
له دونها تم يفرق بينهما ثم يتزوج أخرى فيصبها وتلد منه فتقول هذه تركته وأنا
أرجو لان الرجال بحال ما وصفت لك فذلك لها إلا أن يكون قد أخبرها أنه لا يجامع
وتقدمت على ذلك فلا قول لها بعد ذلك [قلت] ويكون فراقه تطليقة قال نعم [ابن
وهب] عن مالك والليث ورجال من أهل العلم أن يحيى بن سعيد حدثهم عن ابن
المسيب قال قال عمر بن الخطاب أيما رجل نكح امرأة وبها جنون أو جذام أو برص
فمسها فلها صداقها بما استحل من فرجها وكان ذلك لزوجها غرما على وليها [قال سحنون]
قال مالك وإنما يكون ذلك لزوجها غرما على وليها إذا كان وليها الذي أنكحها أباها
أو أخاها أو من يرى أنه يعلم ذلك منها فأما إذا كان وليها الذي أنكحها ابن عم
أو مولى أو من العشيرة أو السلطان ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه فيها غرم
وترد المرأة ما أخذت من صداقها ويترك لها قدر ما يستحل به فرجها (قال ابن وهب)
قال الليث قال يحيى وأشك في الجنون أو العفل غير أنه ذكر أحدهما [ابن وهب
عن عامر بن مرة اليحصبي عن ربيعة أنه قال أما ان هو علم بدائها ثم وطئها بعد ذلك
فقد وجبت له وأما ما ترد به المرأة عن الزوج فما قطع عن الزوج منها اللذة مما يكون
من داء النساء في أرحامهن من الوجع المعضل من الجنون والجذام والبرص وكل
ذلك جائز عليه إذا بلغته المسألة وبلغ عنه الخبر وكان ظاهر الا يرد من ذلك الا الشئ
الخفي الذي لا يعلمه الا المرأة وأولياؤها وترد على المغرور الذي تزوجها صداقه إلا
أن تعاض المرأة من ذلك بشئ [قال ابن وهب] وأخبرني الثقة عندي أن علي بن أبي طالب قال يرد النكاح من أربعة من الجنون والجذام والبرص والقرن [ابن
وهب] عن عمرو بن دينار عن عبد الله بن عباس مثله [ابن وهب] عن عبد العلاء
214

ابن سعيد الجيشاني أن محمد بن عكرمة المهري حدثه أنه تزوج امرأة فدخل عليها
يوما وعليها ملحفة فنزعها عنها فإذا هو يرى بباطن فخذها وضحا من بياض فقال
خذي عليك ملحفتك ثم كلم عبد الله بن يزيد بن جذام فكتب له إلى عمر بن عبد
العزيز فكتب عمر بن العزيز أن استحلفه بالله في المسجد أنه ما تلذذ منها بشئ
منذ رأى ذلك بها وأحلف اخوتها أنهم لم يعلموا بالذي كان بها قبل أن يزوجوها
فان حلفوا فأعط المرأة من صداقها ربعه [ابن وهب] عن مالك بن أنس قال
بلغني عن ابن المسيب أنه قال أيما رجل تزوج امرأة وبه جنون أو ضرر فإنها تخير
فإن شاءت قرت وإن شاءت فارقت [ابن وهب] عن مخرمة عن أبيه عن ابن
المسيب وابن شهاب مثله (قال ابن وهب) قال لي مالك فأرى الضرر الذي أراد ابن
المسيب هذه الأشياء التي ترد المرأة منها [ابن وهب] عن عميرة بن أبي ناجية
ويحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد مثل قول ابن المسيب وابن شهاب أنها تخير
{تم كتاب النكاح الثاني من المدونة الكبرى والحمد لله رب العالمين}
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
{ويليه كتاب النكاح الثالث}
215

بسم الله الرحمن الرحيم
{وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وآله وصحبه وسلم}
{كتاب النكاح الثالث}
{النكاح بصداق لا يحل}
[قال سحنون] قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة
وجعل مهرها عبدا له على أن زادته المرأة دارها أو زادته مائة درهم (قال) لا يجوز هذا
النكاح عند مالك وهو مفسوخ [قال ابن القاسم] وسمعت مالكا قال في رجل
تزوج امرأة على أن أعطته خادمها بكذا وكذا درهما (قال مالك) لا يجوز هذا النكاح
[قال] وقال مالك لا يجتمع في صفقة واحدة نكاح وبيع (وقال) بعض الرواة في هذه
المسألة إذا كان يبقى مما يعطى الزوج ربع دينار فصاعدا فالنكاح جائز [قلت] أرأيت
إن كان هذا الذي تزوج هذه المرأة في صفقة واحدة مع البيع إن كان قد دخل بها
أيبطل نكاحه أيضا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال
في الرجل يتزوج المرأة على الصداق المجهول على ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها أو
على بعير شارد أو على عبد آبق أو على ما في بطن أمته انه إن لم يدخل بها فرق بينهما
وان دخل بها لم يفسخ نكاحهما وثبت وكان لها صداق مثلها وكان الذي سمى لها
من الغرر لزوجها إلا أن تقبض الجنين بعد ما ولد أو العبد الآبق بعد ما رجع أو البعير
الشارد بعد ما أخذ ويحول في يديها باختلاف أسواق أو نماء أو نقصان فيكون لها
وتغرم قيمته يوم قبضته لزوجها وأما الثمرة فعليها مكيلة ما جدت من الثمرة أو
حصدت من الحب وما فات من هذا كله قبل أن تقبضه فهو من الزوج وما فات
216

من هذا بعد ما قبضته وإن لم يحل باختلاف أسواق ولا نماء ولا نقصان فهو من المرأة
أبدا حتى ترده لأنه في ضمانها يوم قبضته ألا ترى أن زيادته لها ونقصانه عليها
[سحنون] وهذا في غير الثمرة التي لم يبد صلاحها [قلت] أرأيت لو أن رجلا
من المسلمين تزوج امرأة على ثمرة فدخل بها أو لم يدخل بها أو تطاول زمانه معها حتى
ولدت له أولاد أيجيز النكاح ويجعل للمرأة صداق مثلها أم لا يجيزه (قال) إذا دخل
بها كان لها صداق مثلها وهو بمنزلة الجنين في بطن أمه أو البعير الشارد أو الثمر الذي
لم يبد صلاحه فإن لم يدخل بها فسخ نكاحهما ولم يثبتا [قلت] أرأيت ان تزوجها
على ما تلد غنمه هذه السنة (قال) قال مالك في المرأة تتزوج على الجنين انه ان دخل
بها كان له صداق مثلها وإن لم يدخل بها فسخ نكاحهما [قلت] أرأيت ان تزوج
رجل امرأة على عبد على أن زادته المرأة ألف درهم (قال) قال مالك لا يجوز هذا
النكاح [قلت] فما يقول مالك في رجل نكح امرأة على دراهم بأعيانها (فقال) قال
لي مالك من باع سلعة بدراهم بأعيانها غائبة لم يصلح ذلك إلا أن يشترط عليه أنها ان
تلفت فعليه بدلها وإن لم يشترط عليه ذلك فلا خبر في هذا البيع (قال) والنكاح مثل
هذا في رأيي إلا أن يقول أتزوجك بهذه الدنانير بأعيانها وهي في يديه ويدفعها إليها
فلا بأس بذلك وكذلك البيع [قلت] فان وجب النكاح والبيع بها ثم استحق رجل
تلك الدنانير من يدي المرأة أو البائع (قال) البيع والنكاح جائزان ويكون على
المشترى وعلى الزوج دنانير مثلها
{النكاح بصداق مجهول}
[قلت] أرأيت ان تزوجها على بيت وخادم أيجوز هذا في قول مالك قال نعم (قال
مالك) ولها خادم وسط قال والبيت الناس فيه مختلفون ان كانت من الاعراب فبيوت
قد عرفوها لهم شورة قد عرفوها وشورة الحضر لا تشبه شورة البادية [قلت]
أرأيت ان تزوجها على بيت من بيوت الحضر (قال) ذلك جائز إذا كان معروفا مثل
ما وصفت لك في البادية وكذلك قال مالك [قلت] فيجوز أن يتزوجها على شوار
217

بيت (قال) نعم إذا كان الشوار أمرا معروفا عند أهل البادية [قلت] تحفظه عن
مالك (قال) نعم ولكل قدره من الشورة [قلت] أرأيت ان تزوجها على عشرة من
الإبل أو مائة من الغنم أو مائة من البقر ولم يصفها أي الأسنان يجعل لها في قول مالك
(قال) وسط من ذلك لان مالكا قال ذلك في الرقيق [قلت] أرأيت ان تزوجها
على عبد ولم يصفه وليس بعينه فأراد أن يدفع الزوج إليها قيمة ذلك دنانير أو دراهم
(قال) قال مالك عليه عبد وسط فأرى على الزوج عبدا وسطا وليس له أن يدفع
دنانير ولا دراهم إلا أن تشاء المرأة ذلك [قلت] فان تزوجها على عرض من
العروض موصوف ليس بعينه ولم يضرب لذلك أجلا أيجوز في قول مالك هذا
النكاح أم لا (قال) نعم هو جائز ألا ترى أنه يتزوج على عبد ولا يصفه ولا يضرب له
أجلا وليس بعينه فيكون عليه عبد وسط حال فكذلك هذا إذا وصفه فذلك جائز
وهذا هاهنا لا يحمل محمل البيوع وهو على النقد ألا ترى أنه يتزوج المرأة بمائة
دينار ولا يسمى أجلا فتكون نقدا [قلت] أرأيت ان تزوج على عبد ولم يصفه
أيجوز هذا النكاح (قال) قال مالك نعم النكاح جائز ويكون عليه عبد وسط
[قلت] وكذلك لو اختلعت منه امرأته على عبد ولم تسمه ولم تصفه أيكون عليها
عبد وسط (قال) نعم
{في الصداق يوجد به عيب أو يوجد به رهن فهلك}
[قلت] أرأيت ان تزوجها على قلال من خل بأعيانها فأصابتها خمرا (قال) أراها
بمنزلة التي تزوجت على مهر فأصابت بمهرها عيبا أنها ترده وتأخذ مثله إن كان مما
يوجد مثله أو قيمته إن كان مما لا يوجد مثله [قلت] أرأيت ان تزوجت المرأة على
صداق مسمى وأخذت به رهنا وقيمة الرهن الذي أخذت مثل صداقها الذي سموا
سواء فهلك الرهن عندها (قال) قال مالك إن كان حيوانا فلا شئ عليها والمصيبة من
زوجها وإن كان مما تغيب عليه المرأة فهلك عندها فهو منها [قلت] أرأيت ان
تزوجها ولم يفرض لها صداقا فأخذت منه رهنا بصداق مثلها فهلك الرهن عندها
218

(قال) إذا أخذت منه رهنا مثل صداقها فضاع فهذا والذي سألت عنه سواء
[قلت] أرأيت ان تزوجها على غير مهر مسمى ففرض لها نصف دار له ورضيت
بذلك أيكون فيها الشفعة في قول مالك (قال) نعم
{في صداق السر}
[قلت] أرأيت ان سمى في السر مهرا وأعلن في العلانية مهرا (قال) قال مالك
يؤخذ بالسر ان كانوا قد أشهدوا على ذلك عدولا
{في صداق الغرر}
[قلت] أرأيت ان تزوج رجل امرأة بألف درهم فإن كانت له امرأة أخرى
فصداقها ألفان (قال) هذا من الغرر وهو مثل البعير الشارد فيما فسرت لك لان هذا
لا يجوز في البيوع عند مالك [قلت] أرأيت ان تزوجها على ألف درهم فان
أخرجها من الفسطاط فمهرها ألفان (قال) قال مالك في الرجل يتزوج المرأة بألفين
وتضع له ألف درهم على أن لا يخرج بها من بلدها ولا يتزوج عليها فيريد أن يخرج بها
أو يتزوج عليها (قال) ذلك له ولا شئ عليه ان خرج بها أو تزوج عليه وسمعته منه
غير عام [قال ابن القاسم] وأخبرني الليث أن ربيعة قال الصداق ما وقع به النكاح
ولم ير لها شيئا ومسألتك عندي مثله ولأنه إنما فرض لها صداقها ألف درهم ثم قال
لها ان خرجت بك من الفسطاط زدتك ألفا أخرى فله أن يخرجها ولا شئ عليه
ألا ترى لو أن رجلا قال لامرأته ان أخرجتك من هذه الدار فلك ألف درهم فله
أن يخرجها ولا شئ عليه (قال) لي مالك ولو فعل ذلك بعد وجوب العقدة ولها عليه
ألف درهم من صداقها فوضعت ذلك له على أن لا يخرج بها أولا يتزوج عليها أولا
يتسرر فقبل ذلك (قال مالك) له أن يتزوج وأن يخرجها وأن يتسرى عليها فان فعل
شيئا من ذلك فلها أن ترجع عليه بما وضعت عنه من ذلك (قال) لي مالك ولا يشبه هذا
الأول وإنما ذلك شئ زادوه في الصداق وليس بشئ وان وجب النكاح بما سمى
219

لها من الصداق [قال سحنون] وقال علي بن زياد إذا سمت صداق مثلها ثم حطت
منه في عقدة نكاحها على ما شرطت عليه فان ذلك إذا فعله الزوج لا يسقط
ما وضعت عنه وأما إذا زادت على صداق مثلها فوضعت الزيادة على ما شرطت عليه
فتلك الزيادة التي وضعت للشرط باطلة [قال سحنون] وكذلك أخبرنا به ابن نافع
عن مالك بمثل قول علي بن زياد
{الصداق بالعبد يوجد به عيب}
[قلت] أرأيت ان تزوج رجل امرأة على عبد بعينه فدفعه إليها ثم أصابت المرأة
بالعبد عيبا (قال) قال مالك ترده ولها قيمته وهذا مثل البيوع سواء فإن كان قد فات
العبد عندها بعتاقة أو بشئ يكون فوتا فلها على الزوج قيمة العيب وإن كان قد دخله
عيب مفسد فالمرأة بالخيار ان شاءت حبست العبد ورجعت بقيمة العيب وان أحبت
ردت العبد وما نقصه العيب عندها ورجعت بالقيمة. والخلع عندي به مثل التزويج سواء
للزوج أن يرجع بقيمة العيب إن كان قد دخله استهلاك عنده أو يرده إن كان بحاله
وإن كان قد دخله عيب مفسد كان بالخيار ان شاء رده ورد ما نقصه العيب وان شاء
حبسه ورجع بقيمة العيب [قلت] أرأيت ان تزوجها على أمة لها زوج ولم يخبرها
بذلك أيكون لها أن تردها وتأخذ قيمتها (قال) نعم لا مالكا قال في هذا يرد بالعيب
فالأمة إذا كان لها زوج فذلك عيب من العيوب فالنكاح والبيوع في هذا سواء
وكذلك الخلع في هذا سواء
{الرجل يزوج ابنته ويضمن صداقها}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا زوج ابنته وضمن الصداق لها أيكون للبنت أن تأخذ
الأب بذلك الصداق في قول مالك قال نعم [قلت] ويرجع به الأب على الزوج
(قال) لا يرجع الأب على الزوج لان ضمانه الصداق عنه في هذا الموضع صلة منه له
وإنما التزويج في هذا على وجه الصلة والصدقة فلا يرجع عليه بشئ مما ضمن عنه
220

[قلت] أرأيت ان مات الأب قبل أن تقبض البنت صداقها (قال) قال مالك
تستوفيه من مال أبيها إذا كانت عقدة النكاح إنما وقعت بالضمان وإنما مثل ذلك
مثل الرجل يقول للرجل بع فلانا فرسك أو دابتك والثمن لك على فباعه فهو ان
هلك الضامن ولم يقبض البائع الثمن فان ذلك الثمن مضمون في مال الضامن يستوفيه
منه إن كان له مال [قلت] فإن لم يكن له مال أيرجع على مشترى الدابة بشئ
أم لا (قال) لا يرجع عليه بشئ عند مالك [قال] وقال مالك وكذلك المرأة لو
دخل بها ثم مات الضامن للصداق وليس له مال ولم تقبض شيئا من صداقها انه
لا شئ لها على الزوج [قلت] فإن لم يكن دخل بالمرأة ولم يدع الميت مالا (قال)
فلا سبيل للزوج إلى الدخول حتى يعطيها مهرها [قال] ولقد سألت مالكا عن
الرجل يزوج ابنه الصغير في حجره ولا مال للابن فيموت الأب ولم تقبض المرأة
صداقها فتقول الورثة للابن لم تقبض عطيتك فنحن نقاصك بما تقبض المرأة بمورثك
مما ضمن أبوك عنك (قال مالك) تأخذ المرأة صداقها من مال الأب ويدفع إلى الابن
ميراثه كاملا مما بقي ولا تقاصه اخوته بشئ مما تقبض المرأة [قلت] وتحاص المرأة
الغرماء (قال) نعم تحاص الغرماء عند مالك [قال ابن القاسم] وليس هذه الوجوه
فيما حملنا عن مالك وسمعنا منه على وجه حمالة الدين مما يتحمل به ويرجع المتحمل على
الذي تحمل عنه (قال) وقال لي مالك وكذلك الرجل الذي له الشرف يزوج الرجل
ويضمن الصداق عنه فهذا لا يتبعه بشئ [قال] فقلنا لمالك فالرجل يزوج ابنه
ويضمن عنه الصداق والابن قد بلغ فيدفع الأب الصداق إلى المرأة فيطلقها الابن
قبل أن يدخل بها لمن ترى نصف الصداق (قال مالك للأب أن يأخذه وليس للابن
منه شئ (قال مالك) ولو لم ينقدها شيئا أخذت المرأة نصف الصداق من الأب ولم
يتبع الأب الابن بشئ مما أدى عنه الأب [قال ابن القاسم] وإنما مثل هذا الذي
يزوج ابنه ويضمن عنه أو زوج أجنبيا وضمن عنه مثل ما لو أن رجلا وهب لرجل
ذهبا ثم قال لرجل بعه فرسك بالذي وهبت له من الذهب وذلك قبل أن يقبض
221

الموهوب له هبته وهو ضامن لك على حتى أدفعه إليك فقبض الرجل الفرس وأشهد
على الواهب بالذهب فان هذا الوجه يثبت للبائع على الواهب وان هلك الواهب قبل
أن يقبض البائع الذهب ولم يجد له مالا فلا يرجع على الموهوب له بشئ من
ثمن الفرس وإنما وجب ثمن الفرس للبائع على الواهب. فكذلك الصداق على هذا
يبنى وهذا محمله [ابن وهب] عن يونس أنه سأل ربيعة عن صداق الولد إذا زوجه
أبوه قال إن كان ابنه غنيا فعلى ابنه فإن لم يكن له مال فعلى أبيه (قال ابن وهب
قال أبو الزناد حيث وضعه الأب فهو جائز ان جعله على ابنه لزمه فإنما هو وليه [ابن
وهب] عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال إذا أنكح الرجل ابنه لواحد منهما مال
فالصداق عليه في ماله إلا أن يكون الوالد شرط على نفسه الصداق في ماله [قال ابن
وهب] وقال مالك ان زوج ابنه صغيرا لا مال له فالصداق على الأب ثابتا في ماله
لا يكون على ابنه وان أيسر ولا يكون لابنه أن يأخذ من ماله شيئا بعد أن ينكحه
فإنما ذلك بمنزلة ما أنفقه عليه [قال ابن وهب] قال مالك وان زوجه بنقد وآجل
وهو صغير لا مال له فدفع النقد ثم يحدث لابنه مال فيريد أبوه أن يجعل بقية
الصداق الآجل على ابنه (قال) لا يكون ذلك له وهو عليه كله
{الرجل يزوج ابنه صغيرا في مرضه ويضمن عنه الصداق}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا زوج ابنه صغيرا في مرضه وضمن الصداق أيجوز هذا
أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز أن يضمن عن ابنه وهو مريض لان
ذلك وصية لوارث فلا تجوز [قلت] فيكون نكاح الابن جائزا أم لا في قول مالك
(قال) ذلك جائز عند مالك ويكون الصداق على الابن ان أحب أن يدفع الصداق
ويدخل بامرأته والا لم يلزمه الصداق ويفسخ النكاح [قلت] أرأيت إن كان صغيرا
لا يعرب عن نفسه فأبطلت ما ضمن الأب عنه فقامت المرأة تطلبه بحقها وقالت قد
أبطلت مهري للصبي الذي ضمن لي الأب فأين يجعل مهري (قال ابن القاسم) أرى
222

إن كان له ولى أو وصى نظر في ذلك للصبي بعد موت الأب إن كان للصبي مال
فان رأى أن يجيز له ذلك ورأي ذلك وجه غبطة ورأي أن يدفع من ماله دفع ويثبت
النكاح وان رأى غير ذلك فسخه [قلت] فان طلبت المرأة ما ذكرت لك في
مرض الأب قبل موته (قال) ليس لها في مال الأب شئ وقد قال مالك فيما ضمن
الأب عن ابنه في مرضه لا يعجبني هذا النكاح [قلت] أرأيت ان صح الأب
الذي زوج ابنه في مرضه وضمن عند الصداق أيجوز ما ضمن عنه إذا صح في قول
مالك (قال) إذا صح فذلك جائز وذلك ضامن عليه لازم له وان مرض بعد ما يصح
فان الضمان قد ثبت عليه
{النكاح بصداق أقل من ربع دينار}
[قلت] أرأيت ان تزوجها على عرض قيمته أقل من ثلاثة دراهم أو على درهمين
(قال) أرى النكاح جائزا ويبلغ بها ربع دينار ان رضى بذلك الزوج وان أبى فسخ
النكاح إذا لم يكن دخل بها وان دخل بها أكمل لها ربع دينار وليس هذا النكاح
عندي مثل نكاح التفويض [قلت] لم أجزته (قال) لاختلاف الناس في هذا
الصداق لان منهم من يقول ذلك الصداق جائز ومنهم من يقول لا يجوز [قال
سحنون] وقد قال بعض الرواة لا يجوز قبل الدخول بالدرهمين وان أتم الزوج ربع الدينار
فان فات بالدخول فلها صداق مثلها لان الصداق الأول لم يكن يصلح العقد به
والنكاح مفسوخ قبل الدخول وبعد الدخول لأنه كان تزوج بلا صداق [قلت]
أرأيت ان طلقها قبل البناء أيجعل لها نصف الدرهمين أم المتعة أم نصف ربع دينار
(قال) لها نصف الدرهمين [قلت] لم (قال) لأنه صداق قد اختلف فيه وان الزوج
لو لم يرض أن يبلغها ربع دينار لم أجبره على ذلك إلا أن يكون قد دخل بها فهو إذا
طلق فليس لها الا نصف الدرهمين لاختلاف الناس في أنه صداق (قال) ولا أرى
لاحد أن يتزوج بأقل من ربع دينار [قلت] أرأيت ان تزوجها على درهمين ولم يبن
بها أيفسخ هذا النكاح أم يقر ويدفع لها إلى الصداق مثلها أو يدفع لها إلى أدنى ما يستحل
223

به النساء في قول مالك. وكيف إن كان قد بنى بها ماذا يكون لها من الصداق وهل
يترك هذا النكاح بينهما لا يفسخ إذا كان قد بنى بها (قال) عن مالك أنه قال إن
أمهرها ثلاثة دراهم قبل أن يدخل بها أقر النكاح ولم يفسخ [قال ابن القاسم] وأرى
إن كان قد دخل بها أن يجبر على ثلاثة دراهم ولا يفرق بينهما [قلت] أرأيت ان
تزوجها ولم يفرض لها ولم يبن بها حتى طلقها ونصف مهر مثلها أقل من المتعة أيكون
لها نصف مهر مثلها أم المتعة (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن مالكا قال
كل مطلقة لم يفرض لها ولم يبن بها زوجها حتى طلقها فلها المتاع ولا شئ لها من
الصداق وكذلك السنة
{نصف الصداق}
[قلت] أرأيت الرجل إذا تزوج المرأة ولم يسم لها صداقا ثم سمى لها بعد ذلك
بزمان الصداق وذلك قبل البناء بها فرضيت بما سمى لها أو رضى به الولي فطلقها قبل
البناء وبعد ما سمى لها إلا أن التسمية لم تكن في أصل النكاح أيكون لها نصف
هذه التسمية أم يكون لها المتعة ولا يكون لها من هذه التسمية شئ لأنها لم تكن في
أصل النكاح (قال) قال مالك يكون لها نصف هذه التسمية إذا رضيت بذلك أو
رضى به الولي إذا كانت بكرا والولي ممن يجوز أمره عليها وهو الأب في ابنته البكر
[قلت] فإن كانت بكرا فقالت قد رضيت وقال الولي لا أرضى والفرض أقل من
صداق مثلها (قال) الرضا إلى الولي وليس إليها لان أمرها ليس يجوز في نفسها [قال
ابن القاسم] ولو كان الذي فرض الزوج لها هو صداق مثلها فقالت قد رضيت وقال
الولي لا أرضى كان القول قولها ولم يكن للولي هاهنا قول. ومما يدلك على ذلك أن
الرجل إذا نكح على تفويض ففرض للمرأة صداق مثلها لزم ذلك المرأة والولي ولم
يكن للمرأة ولا للولي أن يأبيا ذلك [قلت] فان قالت لا أرضى وقال الولي قد
رضيت (قال) القول قول الولي إذا كان ذلك صداق مثلها [قلت] فإن كانت أيما
(قال) الرضا رضاها ولا يلتفت إلى رضا الولي معها وان كانت بكرا وكان لها ولى
224

لا يجوز أمره عليها لم يجز ما فرض لها الزوج وان رضيت بذلك الجارية إلا أن يكون
أمرا سدادا يعلم أنه يكون مهر مثلها ولا يجوز ما وضعت له إذا طلقها من النصف
الذي وجب لها لان الوضيعة لا تجوز الا للأب ولا يجوز لها في نفسها ما وضعت وإنما
يجوز ذلك للأب وحده وقد قيل إنها إذا رضيت بأقل من صداق مثلها انه جائز ألا
ترى أن وليها لا يزوجها الا برضاها فإذا رضيت بصداق وإن كان أقل من صداق
مثلها فعلى الولي أن يزوجها وهي إذا طلقت فوضعت ما وجب لها جاز أيضا لأنها
لا يولى عليها وإنما التي لا يجوز أن ترضى بأقل من صداق مثلها التي يولى عليها الوصي
ولا تجوز وضيعتها إذا طلقت [قلت] أرأيت ان تزوج الرجل المرأة فوهبت له
صداقها قبل البناء بها ثم طلقها الزوج أيكون له عليها من الصداق شئ أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك لا شئ للزوج عليها من قبل أنها قد ردت عليه الذي كان له ولها
[قلت] فإن كانت إنما وهبت له نصف صداقها ثم طلقها قبل البناء بها وقد قبضت
النصف الآخر أو لم تقبضه (قال) قال مالك يكون له أن يرجع عليها ان كانت قبضت
منه النصف بنصف ذلك النصف وان كانت لم تقبض ذلك من الزوج رجعت على
الزوج بنصف ذلك النصف [قلت] أرأيت ان كانت قبضت منه المهر كله فوهبت
ذلك للزوج بعد ما قبضته أو وهبته قبل القبض ثم طلقها زوجها قبل البناء بها أيكون
للزوج عليها شئ أم لا (قال) قال مالك ذلك سواء ولا شئ للزوج عليها قبضته ثم
وهبته أو وهبته للزوج قبل أن تقبضه لان ذلك قد رجع إلى الزوج [قلت] أرأيت
إن كان مهرها مائة دينار فقبضت منه أربعين ووهبت له ستين دينارا قبل أن تقبض
الستين أو بعد ما قبضت الستين أو قبضت الستين ووهبت له أربعين بحال ما وصفت
لك ثم طلقها قبل البناء بها (قال) قال مالك يرجع عليها الزوج بنصف ما قبضت منه
فيأخذه منها ولا يكون له عليها في الذي وهبت له قليل ولا كثير قبضته أو لم تقبضه
[قلت] أرأيت رجلا تزوج امرأة على مائة دينار وهي ممن يجوز قضاؤها في مالها
فوهبت مهرها لرجل أجنبي قبل أن تقبضه من الزوج وقبل أن يبتنى بها الزوج أيجوز
225

ذلك أم لا في قول مالك (قال) قال مالك في هبة المرأة ذات الزوج انه يجوز ما صنعت
في ثلث مالها فإن كان ثلث مالها يحمل ذلك جازت هبتها هذه وإن كان ثلث مالها
لا يحمل ذلك لم يجز من ذلك قليل ولا كثير كذلك قال مالك في كل شئ صنعته
المرأة ذات الزوج في مالها [قلت] فإن كان ثلث مالها يحمل ذلك (قال) ذلك جائز
عند مالك إذا كانت ممن يجوز أمرها [قلت] فان طلقها قبل البناء بها ولم يكن دفع
الهبة زوجها إلى هذا الأجنبي أيكون للزوج أن يحبس نصف الصداق (قال) لم أسمعه
من مالك ولكن أرى للزوج أن يحبس نصف ذلك الصداق ان كانت المرأة معسرة
يوم طلقها فإن كانت موسرة يوم طلقها لم يكن للزوج أن يحبس من الصداق شيئا عن
الموهوب له ولكن يدفع جميع الصداق إلى الموهوب له ويرجع بنصف ذلك على المرأة
لأنها موسرة يوم طلقها وإنما كان أولى بنصف الصداق من الموهوب له إذا كانت المرأة
معسرة لأنه لم يخرج ذلك من يده [قلت] أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة فوهبت
المرأة مهرها لرجل أجنبي فدفعه الزوج إلى ذلك الأجنبي والمرأة ممن يجوز هبتها وثلثها
يحمل ذلك فطلقها الزوج قبل البناء بها أيرجع على الموهوب له بشئ أم لا في قول مالك
(قال) لا يرجع على الموهوب له في رأيي بشئ ولكن يرجع على المرأة لأنه قد دفع ذلك
إلى الأجنبي وكان ذلك جائزا للأجنبي يوم دفعه إليه لان الزوج في هذه الهبة حين
دفعها إلى الموهوب له على أحد أمرين إما أن تكون المرأة موسرة يوم وهبت هذا
الصداق فذلك جائز على الزوج على ما أحب أو كره أو تكون معسرة فأنفذ ذلك
الزوج حين دفعه إلى هذا الموهوب له ولو شاء لم يجزه فليس له على هذا الأجنبي قليل
ولا كثير وإنما اجازته هبتها مهرها إذا كانت معسرة بمنزلة ما لو تصدقت بمالها كله
فأجازه لها (وقال) بعض الرواة انها إذا تصدقت وهي موسرة ثبتت الصدقة على
الزوج وصارت صدقته مقبوضة لأنه لا قول للزوج فيها ثم إن طلقها قبل القبل وهي
معسرة أو موسرة فهو سواء والمال على الزوج ويتبعها الزوج بالنصف [قلت]
أرأيت الرجل يتزوج المرأة على الجارية فيدفع إليها الجارية أو لم يدفع إليها الجارية
226

حتى حالت أسواق الجارية أو نمت في بدنها أو نقصت أو ولدت أولادا (قال) قال
لي مالك ما أصدق الرجل المرأة من الحيوان بعينه تعرفه المرأة فقبضته أو لم تقبضه
فحال بأسواق أو مات أو نقص أو نما أو توالد فإنما المرأة والزوج في جميع ذلك شريكان
في النماء والنقصان والولادة وما وهبت المرأة من ذلك أو أعتقت أو تصدقت فإنما
يلزمها نصف قيمته للزوج يوم وهبته أو تصدقت أو أعتقت إذا هو طلقها قبل البناء
فان نمت هذه الأشياء في يدي الموهوبة له أو المتصدق عليه ثم طلقها قبل البناء
فان نمت هذه الأشياء في يدي الموهوبة له أو المتصدق عليه ثم طلقها بعد ما نمت
هذه الأشياء في يدي المتصدق عليه أو الموهوبة له لم يكن للزوج عليها الا نصف قيمة
هذه الأشياء يوم وهبتها ولا يلتفت إلى نمائها ولا إلى نقصانها في يدي الموهوبة له أو
المتصدق عليه لا يكون على المرأة من النماء شئ ولا يوضع عنها للنقصان شئ [قال
سحنون] وقد قال بعض الرواة إنما على المرأة قيمتها يوم قبضتها ليس يوم فاتت لان
العمل يوم القبض ولكنها أملك بما أخذت من زوجها ألا ترى أنها لو ماتت كان
للزوج أن يدخل بها ولا يكون عليه شئ لأنها ماتت وهي ملك لها ليس للزوج فيها
ملك يضمن به شيئا [قلت] أرأيت ان تزوجها علي حائط بعينه فأثمر الحائط عند
الزوج أو عند المرأة ثم طلقها الزوج والثمر قائم أو قد استهلكته المرأة أو الزوج (قال)
قال مالك ولم أسمعه منه ان للزوج نصف ذلك كله وللمرأة نصف ذلك كله (قال) وأنا
أرى أن ما استهلك أحدهما من الثمرة فذلك عليه هو ضامن لحصة صاحبه من ذلك وما سقى أحدهما في ذلك كان له بقدر علاجه وعمله ولم أسمع هذا من مالك [قال
سحنون] وقد قيل إن الغلة للمرأة كانت في يديها أو في يدي الزوج لان الملك
ملكها قد استوفته ولأنه لو تلف كان منها [قلت] أرأيت ان تزوجها على عبد بعينه
فلم يدفع العبد إليها حتى اغتله السيد أتكون الغلة بينهما ان هو طلقها قبل البناء بحال
ما وصفت لي من الثمرة في قول مالك (قال) نعم في رأيي [قلت] أرأيت ان تزوجها
على عبد بعينه أو حيوان بعينه فهلك ذلك العبد أو الحيوان في يدي الزوج قبل أن
يدفع ذلك إلى المرأة فأراد أن يدخل بها ممن مصيبة العبد والحيوان (قال) قال مالك
227

مصيبة العبد والحيوان من المرأة فإذا كانت المصيبة منها كان له أن يدخل عليها لأنها
قد استوفت مهرها لما كانت المصيبة منها [قلت] أرأيت ان تزوجها على عبد بعينه
فدفعه إليها فأعتقته ثم طلقها قبل البناء بها (قال) قال مالك عليها نصف قيمة العبد
يوم أعتقته [قلت] موسرة كانت أو معسرة فهو عند مالك في عتق هذا العبد
سواء (قال) لا أدرى ما قول مالك فيه الساعة ولكن هو عندي حر لا سبيل عليه
وللزوج عليها نصف قيمته يوم أعتقته لأنها ان كانت يوم أعتقته موسرة لم يكن للزوج
هاهنا كلام وان كانت معسرة يوم أعتقته وقد علم بعقتها فلم يغير ذلك فالعتق جائز
[قلت] فان علم الزوج فأنكر العتق وهي معسرة (قال) يكون للزوج أن ينكر
عتقها [قلت] أفيجوز من العبد ثلاثة أم لا (قال) لا يجوز من عتقها العبد قليل
ولا كثير لان مالكا قال أيما امرأة أعتقت عبدا وثلث مالها لا يحمله ان لزوجها أن
يرد ذلك ولا يعتق منه قليل ولا كثير [قال ابن القاسم] وأنا أرى ان رد الزوج
عتقها ثم طلقها قبل البناء بها فأخذت نصف العبد انه يعتق عليها النصف الذي صار
لها [قلت] وكذلك لو أن امرأة تزوجت ولها عبد وليس لها مال سواه فأعتقته
فرد الزوج عتقها ثم مات عنها أو طلقها أيعتق عليها في قول مالك حين مات الزوج
أو طلقها (قال) سمعت مالكا يقول في المفلس إذا رد الغرماء عتقه ثم أفاد مالا ان
العبد يعتق عليه فأرى هذا العبد الذي أعتقته هذه المرأة فرد الزوج عتقها ثم مات
عنها أو طلقها بمنزلة المفلس في عتق عبده الذي وصفت لك وقد بلغني ممن أثق به
أن مالكا كان يرى أن يعتق عليها إذا مات أو طلقها ولا أدرى أكان يرى أن يجبر
ولا يحبسه [قلت] أرأيت ان تزوجها على عبد بعينه فلم نقبضه المرأة حتى مات العبد
(قال) المصيبة من المرأة وكذلك قال لي مالك في البيوع ان المصيبة في الحيوان قبل
القبض من المشترى إذا كان حاضرا [قلت] فإن كانت تزوجته على عروض
بأعيانها فلم تقبضها من الزوج حتى ضاعت عند الزوج (قال) المصيبة من الزوج
228

[قلت] وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي لان مالكا قال ذلك في البيوع إلا أن
يعلم هلاك بين فيكون من المرأة تقلت] أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة على
خادم بعينها فولدت عند الزوج قبل أن تقبضها المرأة أولادا أو قبضتها المرأة فولدت
عندها أولادا أو وهب للخادم مال أو تصدق عليها بصدقات أو اكتسبت الخادم
مالا أو أغلت على المرأة غلة فاستهلكتها المرأة أو أغلت على الزوج قبل أن تقبضها
المرأة غلة فأتلفها الزوج ثم طلقها الزوج قبل البناء أيكون للزوج نصف جميع ذلك
أم لا (قال) نعم للزوج نصف جميع ذلك قال وما أتلفت المرأة من غلة الخادم فعليها
نصف ذلك وما أتلف الزوج من غلة الخادم أو ما أخذ من مال وهب لها أو تصدق
به عليها فكل من أخذ شيئا مما كان للخادم قبل البناء فكذلك تكون نصف الغلة له
وكذلك هو أيضا إذا أخذ من ذلك شيئا أداه إليها لان نصفها في ضمان المرأة أن لو
هلكت في يديها أو طلقها ولان مالكا قال لو هلكت الخادم قبل أن يطلقها ثم
طلقها لم يتبعها بشئ وما ولدت فله نصفه ولها نصفه إذا طلقها [قلت] وهذا قول
مالك (قال) نعم كله قول مالك الا ما فسرت لك من الغلة فإنه رأيي لان مالكا قال المصيبة
منهما فلما قال مالك المصيبة منهما جعلت الغلة لهما بضمانهما فلما جعلهما مالك شريكين
في الجارية في النماء والنقصان فكذلك هما في الغلة [قلت] أرأيت الإبل والبقر والغنم
وجميع الحيوان والنخل والشجر والكروم وجميع الأشجار إذا تزوجها عليها فاستهلكت
المرأة الغلة أو الزوج ثم طلقها قبل البناء بها أهو بمنزلة ما ذكرت لي في الخادم في قول
مالك (قال) نعم في رأيي إلا أنه يقضى لمن أنفق منهما بنفقته التي أنفقها فيه ثم يكون
له نصف ما بقي [قلت] أرأيت ان تزوجها على عبد فجنى العبد حناية أو جنى على العبد
ثم طلقها قبل البناء بها (قال) أما ما جنى على العبد فذلك بينهما نصفين وأما ما جنى
العبد فإن كان في يد المرأة فدفعته بالجناية ثم طلقها بعد ذلك فليس للزوج في العبد
229

شئ ولا له على المرأة شئ [قلت] فإن كانت قد حابت في الدفع (قال) لا أرى محاباتها
تجوز على الزوج في نصفه إلا أن يرضى وإنما يجوز إذا دفعته على وجه النظر فيه (قال)
وإذا جنى وهو عند الزوج فليس للزوج وإنما الدفع إلى المرأة وان طلقها قبل أن
يدفعه وهو في يديها أو في يدي الزوج فالزوج في نصفه بمنزلتها (قال) وان كانت المرأة
قد فدته ولم تدفعه قال فلا يكون للزوج على العبد سبيل إلا أن يدفع إليها نصف ما
دفعت المرأة في الجناية [قلت] وهذه المسائل كلها قول مالك (قال) الذي سمعت من
مالك فيه أن كل ما أصدق الرجل المرأة عن عرض أو حيوان أو دار أو غير ذلك فنمى
أو نقص ثم طلقها قبل البناء فله نصف نمائه وعليه نصف نقصانه فمسائلك في الغلات
والجنايات مثل هذا [قلت] أرأت ان تزوجها على خادم فطلقها قبل البناء أيكون
له نصف الخادم حين طلقها أم حين يردها عليه القاضي في قول مالك (قال) قال
مالك إنما له نصف ما أدرك منها [قال ابن القاسم] ولا ينظر في هذا إلى قضاء
قاض لأنه كان شريكا لها ألا ترى أنه كان ضامنا لنصفها [قلت] أرأيت ان تزوجها
بألف درهم فاشترت منه بألف درهم داره أو عبده ثم طلقها قبل البناء بها بم يرجع
عليها في قول مالك (قال) قال مالك يرجع عليها بنصف الدار أو العبد [قلت] فلو
أخذت منه الألف فاشترت بها دارا من غيره أو عبدا من غيره ثم طلقها قبل البناء
(قال) قال مالك يرجع عليها بنصف الألف [قلت] وشراؤها بألف من الزوج
عبدا أو درا مخالف لشرائها من غير الزوج إذا طلقها قبل البناء (قال) نعم كذلك قال
مالك أن لا يكون ما اشترت من غير الزوج شيئا مما يصلحها في جهازها خادما
أو عطرا أو ثيابا أو فرشا أو أسرة أو وسائد. فأما ما اشترت لغير جهازها فلها نماؤه
وعليها نقصانه ومنها مصيبته وهذا قول مالك وما أخذت به من زوجها من دار
أو عرض من غير ما يصلحه أو يصلحها في جهازها فلا مصيبة عليها في تلفه وهو بمنزلة
ما أصدقها إياه له نصف نمائه وعليه نصف نقصانه وكذلك قال مالك [قال ابن
وهب] وقال ربيعة في رجل تزوج امرأته بمائة دينار فتصدقت عليه بمائة دينار ثم
230

طلقها قبل أن يبنى بها قال لها نصف ما بقي [ابن وهب] عن يونس عن ابن
شهاب أنه قال في الرجل ينكح المرأة ويصدقها ثم يطلقها قبل أن يدخل بها. قال لها
نصف صداقها ويأخذ نصف ما أعطاها فما أدرك من متاع ابتاعوا لها بعينه فله نصفه
ولا غرم على المرأة فيه [ابن وهب] قال يونس وقال ابن موهب يأخذ منها نصف
ما دفع إليها إلا أن تكون صرفت ذلك في متاع وحلى فيأخذ نصفه وان لبسته
[ابن وهب] قال مالك في المرأة تريد أن تحبس الطيب والحلي قد صاغته
والخادم قد وافقتها إذا طلقها قبل أن يدخل بها وتعطيه عدة ما نقدها (قال مالك)
ليس ذلك لها لأنه كان ضامنا وإنما يصير من فعل ذلك به أن يباع عليه ماله وهو كاره
[قلت] أرأيت ان تزوجها على عبد بعينه أو على دار بعينها فاستحق نصف الدار أو
نصف العبد أيكون للمرأة أن ترد النصف الذي بقي في يديها وتأخذ من الزوج قيمة
الدار وقيمة العبد أم يكون لها النصف الذي بقي في يديها وقيمة النصف الذي استحق
من يديها (قال) قال مالك في البيوع إن كان إنما استحق من الدار البيت أو الشئ
التافه الذي لا ضرر فيه على مشتريه انه يرجع بقيمة ذلك على بائعه وان استحق أكثر
ذلك مما يكون ضررا مثل نصف الدار أو ثلثها كان المشترى بالخيار ان شاء أن يحبس
ما بقي في يديه ويرجع بثمن ما استحق منها فذلك له وان أحب أن يرد جميع ذلك
ويأخذ الثمن فذلك له وأما العبد فهو مخير إذا استحق منه قليل أو كثير أن يرد ما بقي
ويأخذ ثمنه فذلك له وان أحب أن يحبس ما بقي ويأخذ من الثمن قيمة ما استحق منه
فذلك له. فالمرأة عند بمنزلة ما وصفت لك من قولك في البيوع في الدار والعبد (قال
ابن القاسم) قال مالك في العبد والجارية ليسا بمنزلة الدار لأنه يحتاج إلى العبد أن يظعن به
في سفره ويرسله في حوائجه ويطأ الجارية. والدار والنخل والأرضون ليست كذلك
إذا استحق منها الشئ التافه الذي لا ضرر عليه فيه لزمه البيع ويرجع بما استحق
بقدر ذلك من الثمن (قال ابن القاسم) فالمرأة عندي بمنزلة الذي فسر لي مالك من
الدور والرقيق [قلت] وكذلك العروض كلها (قال) نعم وان كانت عروضا لها
231

عدد أو رقيقا لها عدد فاستحق منها شئ فمحمله البيوع لان مالكا قال أشبه شئ
بالبيوع النكاح [قلت] أرأيت ان تزوجها على صداق مسمى ثم زادها بعد ذلك
من قبل نفسه في صداقها ثم طلقها قبل البناء أو مات عنها (قال ابن القاسم) ان طلقها
فلها نصف ما زادها وهو بمنزلة ما لو وهبه لها تقوم به عليه وان مات عنها قبل أن
تقبضه فلا شئ لها منه لأنها عطية لم تقبض [قلت] أرأيت ان تزوج رجل امرأة
على أبيها أو على ذي رحم محرم منها أيعتق عليها ساعة وقع النكاح في قول مالك
(قال) قال مالك يعتق عليها [قلت] فان طلقها قبل البناء (قال) فللزوج عليها نصف
قيمته [قلت] فإن كانت المرأة معسرة (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن
لا يرجع الزوج على العبد بشئ ولا يرده في الرق من قبل أنه بمنزلة رجل كان له على
رجل دين ولا مال للغريم الا عبد عنده فأعتق الغريم عبده ذلك فعلم الرجل الذي
له الدين فسكت فأراد أن يرجع بعد ذلك في العبد يرده في الرق لمكان دينه فليس
ذلك له وهذا في الدين وهو قول مالك وهو حين أصدقها إياه قد علم بأنه يعتق عليها
فلذلك لم أرده على العبد بشئ وليس هذا بمنزلة رجل أعتق عبدا له وعليه دين ولم يعلم
بذلك الذي له الدين فرد عتق العبد فان هذا له أن يرد عتق العبد وكذلك قال مالك
(وقد) أخبرني بعض جلساء مالك أن مالكا استحسن أن لا يرجع الزوج على المرأة
بشئ وأحب قوله إلى قوله الأول انه يرجع عليها بنصف قيمته
{صداق اليهودية والنصرانية والمجوسية يسلمن وتأبى أزواجهن الاسلام}
[قال] وقال مالك في اليهودية والنصرانية والمجوسية تسلم ويأبى زوجها الاسلام وقد
أصدقها صداقا بعضه مقدم وبعضه مؤخر وقد دخل بها ان صداقها يدفع إليها جميعه
مقدمه ومؤخره وإن لم يكن دخل بها فلا صداق لها لا مقدمه ولا مؤخره وان
كانت أخذته منه ردته إليه لان الفرقة جاءت من قبلها (قال مالك) وهو فسخ بغير
طلاق (قال) وكذلك الأمة يعتق تحت العبد وقد أصدقها مقدما ومؤخرا فتختار
نفسها انها ان كانت قد دخل بها دفع إليها جميع الصداق مقدمه ومؤخره وان كانت
232

لم يدخل بها فلا شئ لها من الصداق وان كانت أخذت شيئا ردته إليه وفرقه
هذه تطليقة لها (قال) فقلت لمالك فلو أن رجلا تزوج أمة مملوكة ثم ابتاعها من
سيدها قبل أن يدخل بها لمن ترى الصداق (قال) لا أرى لسيدها الذي باعها من
صداقها الذي سمى لها قليلا ولا كثيرا إذا لم يكن دخل بها وهي في ملك البائع لان
البائع فسخ نكاحها ببيعه إياها فلا صداق للبائع على زوجها المبتاع لان البائع هو
الذي رضي بفسخ النكاح حين رضى بالبيع إلا أن يكون زوجها كان دخل بها في
ملك البائع فيكون ذلك الصداق لسيدها الذي باعها بمنزلة مالها إلا أن يكون
اشترطه المبتاع بمنزلة مالها [قال] فقلت لمالك فلو أن جارية نصفها حر ونصفا
مملوكة زوجها من له الرق فيها باذنها كيف ترى في صداقها (قال) يوقف يدها
وليس لسيدها أن يأخذه منها وهو بمنزلة مالها [ابن وهب] عن يونس بن يزيد
أنه سأل ابن شهاب عن الأمة تعتق تحت العبد قبل أن يدخل بها وقد فرض لها
فتختار نفسها (قال) لا نرى لها الصداق والله أعلم من أجل أنها تركته ولم يتركها
وإنما قال الله وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف
ما فرضتم فليس هو فارقها ولكن هي فارقته بحق لحق فاختارت نفسها عليها فلا
شئ لها من الصداق ولا نرى لها متاعا وكان الامر إليها في السنة [ابن وهب]
عن يونس عن ربيعة مثله [ابن وهب] عن الليث بن سعيد عن يحيى بن سعيد
مثله [ابن وهب] عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في النصرانية تسلم ولم يدخل
بها زوجها وقد فرض لها (قال) نرى والله أعلم أن الايمان برأها منه ولا نرى لها
الصداق ولها أشباه في سنن الدين لا يكون للمرأة في ذلك صداق منهن الرضاعة
ونكاح الرجل المرأة على المرأة لا يحل له أن يجمع بينهما [قال ابن وهب] وقال
يونس قال ربيعة لا صداق لهما في الأمة والنصرانية
{صداق الأمة والمرتدة والغارة}
[قلت] أرأيت العبد يتزوج الأمة باذن سيدها ثم يعتقها سيدها قبل أن يبنى بها
233

وقد كان فرض لها الزوج (قال) قال مالك إذا أعتقها بعد البناء بها فمهرها للأمة مثل مالها
إلا أن يشترطه السيد فيكون له وان أعتقها قبل البناء فهو كذلك أيضا إلا أن تختار
نفسها فلا يكون لها من الصداق شئ وإن كان السيد قد كان أخذ من مهرها شيئا
رده لان فسخ النكاح جاء من قبل السيد حين أعتقها فلا شئ للسيد مما قبض من
الصداق إذا اختارت هي الفرقة وعلى السيد أن يرده وهذا قول مالك [قال] وقال
مالك ولو تزوجها حر فباعها منه سيدها أن يدخل بها لم يكن للسيد الذي باعها
من الصداق شئ لأنه فسخ النكاح فأرى إن كان قد قبض من صداقها شيئا رده (قال
مالك) وإن كان باعها من غير زوجها فمهرها لسيدها بنى بها زوجها أو لم يبن بها بمنزلة
مالها إلا أن يشترطه المبتاع [ابن وهب] عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال في
العبد يتزوج الأمة فيسمي لها صداقها ثم يدخل عليها ويمسها ثم تعتق فتختار نفسها فلها
ما بقي من صداقها عليه [ابن وهب] عن يونس عن ابن شهاب أنه قال إن كان دخل
بها فليس لها المتاع ولها صداقها كاملا [قلت] أرأيت الأمة إذا زوجها سيدها
ولم يفرض لها زوجها مهرا فأعتقها سيدها أهي في مهرها والتي فرض لها قبل العتق
سواء في قول مالك (قال) لا لان التي فرض لها قبل العتق لو أن سيدها أخذ ذلك
قبل العتق كان له وان اشترطه كان له وإن لم يأخذه فهو مال من مالها يتبعها إذا
عتقت. وأما التي لم يفرض لها حتى عتقت فهذه كل شئ يفرض لها فإنما هو لها لا
سبيل للسيد على شئ منه لأنه لم يكن دينا للسيد يجب على الزوج لو هلك أو طلق
قبل البناء ولم يكن مالا للجارية على أحد لو طلقها أو مات عنها وإنما يجب بعد
الفريضة أو الدخول وإنما هو شئ تطوع به الزوج لم يكن يلزمه ألا ترى أنه لو طلق لم
يجب عليه شئ ولو مات كان كذلك أيضا فلما رضى بالدخول أو بالفريضة قبل الدخول
كان هذا شيئا تطوع به الزوج لم يكن وجب عليه في أصل النكاح [قلت] أرأيت
ان أعتق السيد أمته وهي تحت عبد وقد كان قبض السيد صداقها أو اشتراطه
فاختارت الأمة نفسها (قال) يرد السيد ما قبض من المهر وإن كان اشتراطه بطل
234

اشتراطه في رأيي لان الأمة إذا اختارت نفسها قبل البناء إذا هي عتقت وهي تحت
عبد فلا شئ لها من الصداق كذلك قال مالك لان فسخ هذا النكاح جاء من قبل
السيد حين أعتقها فأرى ان يرد السيد إلى زوجها ما قبض منه [ابن وهب] عن
مخرمة بن بكير عن أبيه أنه قال يقال لو أن رجلا أنكح وليدته ثم أصدقت صداقا
كان له صداقها الا بما يستحل به فرجها وان أحب أن يضع لزوجها بغير أمرها
من صداقها كان له ذلك جائزا [ابن وهب] عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن
سعيد قال ليس بذلك بأس [ابن وهب] عن موسى بن علي بن ابن شهاب أنه
قال نرى والله أعلم أنه مهرها وانها أحق به إلا أن يحتاج إليه ساداتها فمن احتاج
إلى مال مملوكه فلا نرى عليه حرجا في أخذه بالمعروف وفى غير ظلم وليس أحد
بقائل ان مال المملوك حرام على سيده بعد الذي بلغنا في ذلك من قضاء رسول الله
صلى الله عليه وسلم فإنه بلغنا في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من باع
عبدا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع [قلت] أرأيت السيد أله
أن يمنع الزوج أن يبنى بأمته حتى يقبض صداقها (قال) نعم وهذا قول مالك [قلت]
أرأيت المرتدة عن الاسلام إذا كان قد دخل بها زوجها قبل أن تستتاب أيكون
لها الصداق الذي سمى لها كاملا (قال) سمعت مالكا يقول في المجوسي إذا أسلم أحد الزوجين ففرق بينهما أو النصراني إذا أسلمت المرأة ولم يسلم الزوج وكان قد
دخل المجوسي أو النصراني بامرأته ان لها الصداق الذي سمى لها كاملا فكذلك
المرتدة (قال مالك) والمرأة تتزوج في عدتها والأمة تغر من نفسها فتتزوج والرجل
يزوج أمته ويشترط أن ما ولدت فهو حر (قال مالك) فهذا النكاح لا يقر على حال
وان دخل الزوج بالمرأة أن يكون لها صداق مثلها وترد ما فضل يؤخذ منها
(قال ابن القاسم) والحجة في الأمة التي تغر من نفسها أن لها صداق مثلها وذلك أن
المال لسيدها فليس الذي صنعت بالذي يبطل ما وجب على الزوج للسيد سيد
235

الأمة من حقه في وطئها وان الحرة التي تغر من نفسها إنما قلنا إن لها قدر ما استحل
به فرجها لأنها غرت من نفسها فليس لها أن تجر إلى نفسها هذا الصداق لما غرت
من نفسها وكذلك سمعت عن مالك
{في التفويض}
[قلت] أرأيت ان تزوج امرأة ولم يفرض لها دخل بها فأرى أن يفرض لها مهر
مثلها من مثلها من النساء أمهاتها أو أخواتها أو عامتها أو خالاتها أو جداتها (قال) ربما
كانت الأختان مختلفتي الصداق (قال) وقال مالك لا ينظر في هذا إلى نساء قومها
ولكن ينظر في هذا إلى نسائها في قدرها وجمالها وموضعها وغناها [قال ابن القاسم]
والأختان يفترقان هاهنا في الصداق قد تكون الأخت لها المال والجمال والشطاط (1)
والأخرى لا غنى لها ولا جمال لها فليس هما عند الناس في صداقهما وتشاح الناس
فيهما سواء (قال مالك) وقد ينظر في هذا إلى الرجل أيضا أليس الرجل يزوج لقرابته
ويعتقد قلة ذات يده والآخر أجنبي موسر يعلم أنه إنما رغب في ماله فلا يكون
صداقهما عند هذين سواء [قلت] أرأيت ان تزوج امرأة فلم يفرض لها فأرادت
المرأة أن يفرض لها قبل البناء وقال الزوج لا أفرض لك الا بعد البناء (قال) قال
مالك ليس له أن يبنى بها حتى يفرض لها صداق مثلها ألا أن ترضى منه بدون ذلك
فإن لم ترض منه الا بصداق مثلها كان ذلك عليه على ما أحب أو كره ان شاء طلق
وان شاء أمسك [قلت] أرأيت ان فرض لها بعد العقدة فريضة تراضيا عليها
فطلقها قبل البناء بها وتلك الفريضة أقل من صداق مثلها أو أكثر أيكون لها نصف
ذلك أو نصف صداق مثلها (قال) قال مالك إذا رضيت به فليس لها الا نصف ما سمى
إذا كانت قد رضيت وان مات كان الذي سمى لها من الصداق جميعه لها وان ماتت
كان ذلك عليه (قال) فقلنا لمالك فالرجل المفوض إليه يمرض فيفرض وهو مريض
(قال) لا فريضة لها ان مات من مرضه لأنه لا وصية لوارث إلا أن يصيبها في مرضه

(1) (الشطاط) كسحاب وكتاب هو الطول وحسن القوام أو اعتداله يقال جارية شطة وشاطة اه‍
236

فان أصابها في مرضه فلها صداقها الذي سمى من رأس ماله إلا أن يكون أكثر من
صداق مثلها فيرده إلى صداق مثلها [قلت] وأبى مالك أن يجيز فريضة الزوج في
المرض إذا كان قد تزوجها فريضة (قال) نعم أبى أن يجيزه إلا أن يدخل بها
[قلت] أرأيت الثيب التي يزوجها الولي ولم يفرض لها ان رضيت بأقل من صداق
مثلها أيجوز هذا والولي لا يرض (قال) قال مالك ذلك جائز وإن لم يرض الولي
[قلت] فالبكر إذا زوجها أبوها أو وليها فرضيت بأقل من صداق مثلها (قال) قال
مالك لا يكون ذلك لها إلا أن يرضي الأب بذلك فان رضى بذلك جاز عليها ولا ينظر
إلى رضاها مع الأب وإن كان زوجها غير الأب فرضيت بأقل من صداق مثلها فلا أرى
ذلك يجوز لها ولا للزوج لأنه لا قضاء لها في مالها حتى يدخل بيتها ويعرف من حالها
انها مصلحة في مالها ولا يجوز لاحد أن يعفو عن شئ من صداقها الا الأب وحده
لا وصى ولا غيره [قال ابن القاسم] إلا أن يكون ذلك منه على وجه النظر لها
ويكون ذلك خيرا لها فيجوز إذا رضيت مثل ما يعسر بالمهر ويسأل التخفيف ويخاف
الولي الفراق ويرى أن مثله رغبة لها فإذا كان ذلك جاز وأما ما كان على غير هذا
ولم يكن على وجه النظر لها فلا يجوز وان أجازه الولي [قلت] أرأيت إذا عقد
النكاح ولم يفرض لها هل وجب لها في قول مالك حين عقد النكاح صداق مثلها
أم لا (قال) قال مالك إنما يجب لها صداق مثلها إذا بني بها فأما ما قبل البناء فلم يجب
لها صداق مثلها لأنها لو مات زوجها قبل أن يفرض لها وقبل البناء بها لم يكن لها
عليه صداق وكذلك أن طلقها قبل البناء بها أو مات لم يكن لها عليه من الصداق قليل
ولا كثير فهذا يدلك أنه ليس لها صداق مثلها الا بعد المسيس إذا هو لم يفرض
لها [قلت] فان تراضيا قبل البناء بها أو بعد ما بنى بها على صداق مسمى (قال)
إذا كان الولي ممن يجوز أمره أو المرأة ممن يجوز أمرها بحال ما وصفت لك
فتراضيا على صداق بعد عقدة النكاح قبل المسيس أو بعد المسيس فذلك جائز عند
مالك ويكون صداقها هذا الذي تراضيا ولا يكون صداقها صداق مثلها وقال
237

غيره إلا أن يدخل بها فلا تنقص المولى عليها بأب أو وصى من صداق مثلها [قلت]
أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا (قال) النكاح جائز عند مالك
ويفرض لها صداق مثلها عند مالك ان دخل بها وان طلقها قبل أن يتراضيا على صداق
فلها المتعة وان مات قبل أن يتراضيا على صداق فلا متعة لها ولا صداق ولها الميراث
[قلت] ولم جوزت هذا ولم تجز الهبة إذا لم يكن سموا مع الهبة صداقا (قال) إنما
الهبة عندنا كأنه قال قد زوجتكها بلا صداق فهذا لا يصلح ولا يقر هذا النكاح
ما لم يدخل فان دخل بها فلها صداق مثلها ويثبت النكاح [قال سحنون] وقد كان
قال يفسخ وان دخل بها [ابن وهب] عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن
امرأة وهبت نفسها لرجل قال لا تحل هذه الهبة فان الله خص بها نبيه دون
المؤمنين فان أصابها فعليهم العقوبة وأراهما قد أصابا ما لا يحل لهما فنرى لها الصداق
من أجل ما نرى بها من الجهالة ويفرق بينهما [ابن وهب] قال يونس وقال ربيعة
يفرق ما بينهما وتقاص وهبت نفسها أو وهبها أهلها فمسها [قلت] فان قالوا قد
أنكحناك فلانة بلا صداق فدخل بها أو لم يدخل بها (قال) فرق بينهما فهذا رأيي والذي
استحسنت وقد بلغني ذلك أيضا عن مالك وقد قيل إنه مفسوخ قبل الدخول وبعد
الدخول [ابن وهب] عن عبد الله بن عمر ومالك بن أنس وغير واحد أن نافعا
حدثهم عن ابن عمر وزيد بن ثابت أنهما قالا في الذي يموت ولم يفرض لامرأته
أن لها الميراث من زوجها ولا صداق لها [قال ابن وهب] أخبرني رجال من أهل
العلم عن عبد الله بن عباس وعمر بن عبد العزيز والقاسم وسالم وابن شهاب وسليمان
ابن يسار ويزيد بن عبد الله بن قسيط وربيعة وعطاء بمثل ذلك غير أن بعضهم قال
عن زيد بن ثابت وابن شهاب وربيعة وغيرهم وعليها العدة أربعة أشهر وعشر [ابن
وهب] ذكر حديث القاسم وسالم ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران [ابن وهب]
عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سحت سليمان بن يسار واستفتى في رجل تزوج
امرأة ففوض إليه ولم يشترط عليه شئ فمات وقد دخل بها ومسها (قال) لها الصداق
238

مثل امرأة من نسائها [ابن وهب] عن يونس عن ربيعة قال إذا دخل بها ولم
يفرض لها فلها مثل صداق بعض نسائها وعليها العدة ولها الميراث [ابن وهب] عن
يونس عن ربيعة أنه قال إذا دخل بها فقد وجبت عليه الفريضة. قال فان طلقها وقد
بنى بها قال يجتهد عليه الامام بقدر منزلته وحاله فيما فوض إليه
{الدعوى في الصداق}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة فطلقها قبل البناء واختلفا في الصداق فقال
الزوج تزوجتك بألف درهم وقالت المرأة بل تزوجتني بعشرة آلاف (قال) فالقول
قول الزوج ويحلف فان نكل حلفت المرأة وكان القول قولها لان مالكا سئل عن
الرجل يتزوج المرأة فهلكت قبل أن يدخل بها فجاء أولياؤها يطلبون الزوج بالصداق
أو بتفويض (قال) يحلف الزوج ويكون القول قوله وله الميراث وعلى أهل المرأة البينة
على ما ادعوا من الصداق فأرى في مسألتك القول قول الزوج فيما ادعى ويحلف فان
نكل حلفت وكان القول قولها [قلت] أرأيت ان اختلفا ولم يطلقها وذلك قبل
البناء بها فقالت تزوجتني على ألفين وقال الزوج تزوجتك على ألف (قال) القول قول
المرأة والزوج بالخيار ان شاء يعطى ما قالت المرأة والا تحالفا وفسخ النكاح ولا شئ
على الزوج من الصداق وهذا قول مالك [قلت] فان اختلفا بعد ما دخل بها ولم
يطلقها فادعت ألفين وقال الزوج بل تزوجتك على ألف (قال) قال مالك القول قول
الزوج (قال ابن القاسم) لأنها قد أمكنته من نفسها [قلت] أرأيت إذا تزوج الرجل
المرأة فدخل بها فادعت أنها لم تقبض من المهر شيئا وقال الزوج قد دفعت إليك جميع
الصداق (قال) قال مالك القول قول الزوج (قال مالك) وليس يكتب الناس في
الصداق البراءات [قلت] أرأيت ان كانوا شرطوا على الزوج في الصداق بعضه معجل
وبعضه مؤجل فدخل بها الزوج فادعى أنه قد دفع إليها المعجل والمؤجل وقالت المرأة
قبضت المعجل ولم أقبل المؤجل (قال) سئل مالك عن رجل تزوج امرأة بنقد مائة
239

دينار وخادم إلى سنة فنقدها المائة فشغلت في جهازها وأبطأ الزوج عن دخولها
فدخل عليها من بعد السنة من يوم تزوجها ثم ادعت المرأة بعد ذلك أن الزوج لم يعطها
خادما وقال الزوج قد أعطيتها الخادم (قال مالك) إن كان دخل بها بعد مضى السنة فالقول
قول الزوج وإن كان دخل بها قبل السنة فالقول المرأة فكذلك مسألتك
في الصداق المعجل والمؤجل [قلت] أرأيت ان مات الزوج فادعت المرأة بعد
موته انها لم تقبض الصداق (قال) قال مالك لا شئ لها إذا كان قد دخل بها [قلت]
فإن لم يكن دخل بها (قال) فالصداق لها والقول قولها [قلت] وهذا قول مالك
قال نعم [قلت] أرأيت ان ماتا جميعا الزوج والمرأة ولم يدخل الزوج بالمرأة فادعى
ورثة الزوج أن الزوج قد دفع الصداق وقال ورثة المرأة لم تقبض منه شيئا (قال)
أرى القول قول ورثة المرأة إن لم يكن دخل بها وإن كان قد دخل بها فالقول قول
ورثة الزوج [قلت] فان قال ورثة الزوج قد دفع صداقها أو قالوا لا علم لنا وقد كان
الزوج دخل بالمرأة وقال ورثة المرأة لم تقبض صداقها (قال) لا شئ على ورثة
الزوج فان ادعى ورثة المرأة أن ورثة الزوج قد علموا أن الزوج لم يدفع الصداق
أحلفوا على أنهم لا يعلمون أن الزوج لم يدفع الصداق وليس عليهم اليمين الا في
هذا الوجه الذي أخبرتك ومن كان منهم غائبا أو أحدا يعلم أنه لم يعلم ذلك لم يكن
عليه يمين وهذا رأيي [قلت] أرأيت إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يبنى بها
فاختلفا في الصداق فقال الزوج فرضت لك ألف درهم وقالت المرأة بل فرضت لي
ألفي درهم (قال) القول قول الزوج وعليه اليمين لان مالكا قال إذا اختلف الزوج
والمرأة في الصداق قبل أن يدخل بها ونسي الشهود تسمية الصداق قبل أن يدخل
بها كان القول قول المرأة فان أحب الزوج أن يدفع إليها ما قالت والا حلف وسقط
عنه ما قالت وفسخ النكاح وإن كان قد بنى بها فاختلفا بعد البناء لم يكن لها الا ما أقر
به الزوج ويحلف الزوج على ما ادعت المرأة من ذلك (قال ابن القاسم) وأما قبل
البناء وبعد البناء إذا اختلفا في الصداق فالقول هو الذي فسرت لك وهو قول مالك
240

(قال سحنون) وأصل هذا كله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا اختلف
المتبايعان والسلعة قائمة فالقول قول البائع والمبتاع بالخيار أيضا إذا اختلف البائع
والمبتاع والسلعة قائمة فالقول البائع ويتحالفان. فكذلك المرأة وزوجها إذا اختلفا
قبل الدخول فالقول قول المرأة لأنها بائعة لنفسها والزوج المبتاع وان فات أمرها
بالدخول فالقول قول الزوج لأنه قد فات أمرها بقبضه لها فهي مدعية وهو مقر لها بدين فالقول قوله وان طلقها قبل الدخول فاختلفا فهي الطالبة له فعليها البينة وهو
المدعى عليه فالقول قوله فيما يقربه ويحلف
* (النكاح الذي لا يجوز وصداقه وطلاقه وميراثه) *
(قلت) أرأيت ان تزوجها على أن يشترى لها دار فلان أو تزوجها على دار فلان
(قال) لا يعجبني هذا النكاح ولا أراه جائزا وأراه يفسخ إن لم يكن دخل بها فإن كان دخل بها فرض لها صداق مثلها وجاز النكاح وذلك أني سمعت مالكا وسئل
عن المرأة تتزوج بالدار أو الأرض الغائبة أو العبد الغائب قال إن كان وصف لها ذلك
فالنكاح جائز وإن كان لم يوصف لها ذلك فسخ النكاح إن لم يكن دخل بها فإن كان
دخل بها أعطيت صداق مثلها ولم يفسخ النكاح فمسألتك عندي مثل هذا وأرى هذا
أيضا بمنزلة من تزوج ببعير شارد وكذلك قال مالك في البعير الشارد. والثمرة قبل أن
يبدو صلاحها ان تزوج عليها فإن لم يكن دخل بها فالنكاح مفسوخ وإن كان قد
دخل بها فالنكاح جائز ولها مهر مثلها فالدار التي سألتني عنها من الغرر لا يدرى ما
يبلغ ثمنها ولا يدرى تباع منه أم لا فقد وقعت العقدة على الغرر فيحمل محمل ما وصفت
لك من قول مالك وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ونهى
عن بيع ما ليس عندك (قلت) أرأيت ان وهب رجل ابنته لرجل وهي صغيرة
أتجعله نكاحا في قول مالك (قال) قال مالك الهبة لا تحل لاحد بعد النبي صلى الله
عليه وسلم فإن كانت هبته إياها ليس على نكاح وإنما وهبها له ليحضنها أو ليكفلها
فلا أرى بذلك بأسا (قال مالك) لا أرى لامها في ذلك قولا إذا كان إنما فعل
241

ذلك على وجه النظر مثل الرجل الفقير المحتاج (قلت) أرأيت ان وهب ابنته لرجل
بصداق كذا وكذا أيبطل هذا أم تجعله نكاحا في قول مالك (قال) ما سمعت من
مالك في هذا شيئا ولكنه إذا كان بصداق فهذا نكاح إذا كان إنما أراد بالهبة وجه
النكاح وسموا الصداق (ابن وهب) عن الليث أن عبد الله بن يزيد مولى الأسود
ابن سفيان حدثه أنه سأل ابن المسيب عن رجل بشر بجارية فكرهها فقال رجل من
القوم هبها لي فوهبها له (قال) سعيد لم تحل الهبة لا حد بعد رسول الله صلى الله عليه
وسلم فلو أصدقها حلت له (قال) وقد قال مالك في الذي يهب السلعة لرجل على أن
يعطيه كذا وكذا قال مالك فهذا نبيع فأرى الهبة بالصداق مثل البيع وإنما كره من ذلك
الهبة بلا صداق (قلت) أرأيت ان تزوجها على حكمه أو على حكمها أ على حكم فلان
(قال) أرى أن يثبت النكاح فان رضى بما حكمت أو رضيت بما حكم هو أو بما حكم
فلان جاز النكاح والا فرق بينهما ولم يكن لها عليه شئ بمنزلة التفويض إذا لم
يفرض لها صداق مثلها وأبت أن تقبله فرق بينهما ولم يكن لها عليه شئ (قال
ابن القاسم) وقد كنت أكرهه حتى سمعت من أثق به يذكره عن مالك
فأخذت به وتركت رأيي فيه (قلت) أي شئ التفويض وأي شئ الحكم (قال)
التفويض ما ذكر الله في كتابه لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو
تفرضوا لهن فريضة فهذا نكاح بغير صداق وهذا التفويض فيما قال لنا مالك
(قلت) وإذا زوجوها بغير صداق أيكون للزوج أن يفرض لها أدنى من صداق
مثلها قال لا (قلت) ولا ترى هذا تفويضا (قال) إنما التفويض عند مالك أن يقولوا
قد أنكحناك ولا يسموا الصداق فيكون لها صداق مثلها ان ابتنى بها إلا أن يتراضوا
على غير ذلك فيكون صداقها ما تراضوا عليه بحال ما وصفت لك وأما على حكمه
أو حكمها أو حكم فلان فقد أخبرتك فيه برأيي وما بلغني عن مالك ولست أرى به
بأسا (قال سحنون) وقال غيره ما قال عبد الرحمن أول قوله لا يجوز ويفسخ
ما لم يفت بدخول لأنهما خرجا من حد التفويض والرضا من المرأة بما فوضت إلى
242

الزوج وهو الذي جوزه القرآن لان الزوج هو الناكح والمفوض إليه فإذا زال عن
الوجه الذي به أجيز صار إلى أنه عقد النكاح بالصداق الغرر فيفسخ قبل الدخول
وان فاتت بالدخول أعطيت صداق مثلها (قلت) أرأيت ان تزوجها على حكمها
فدخل بها أتقرهما على نكاحهما ويجعل لها صداق مثلها في قول مالك (قال) نعم أقرهما
على نكاحهما ويكون لها صداق مثلها إذا كان بنى بها وإن لم يكن دخل بها فقد
أخبرتك فيه برأيي وما بلغني عن مالك (قلت) أرأيت ان تزوجها على حكم فلان أو
على حكمها أو بمن رضي حكمه أو على حكم أبيها (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى
هذا يجوز ويثبت النكاح وتوقف المرأة فيما حكمت أو بمن رضى حكمه فان رضي
بذلك الزوج جاز النكاح وإن لم يرض فرق بينهما ولم يلزمه شئ من الصداق وهو
بمنزلة المفوض إليه ألا ترى أن المفوض إليه إن لم يعط صداق مثلها لم يلزمها النكاح
فهي مرة يلزمها ان أعطاها صداق مثلها ومرة لا يلزمها ان قصر عنه وهذا مثله
عندي وقد سمعت بعض من أثق به باشر عن مالك أنه أجازه على ما فسرت لك (قال
سحنون) وهذا مما وصفت لك في أول الكتاب (قلت) أرأيت كل نكاح إذا
كان المهر فيه غررا لا يصلح ان أدرك قبل أن يبنى بها فرقت بينهما ولم يكن على الزوج
من الصداق الذي سمى ولا من المتعة شئ وان دخل بها جعلت النكاح ثابتا وجعلت
لها مهر مثلها (قال) نعم وهو رأيي إذا كان إنما جاء الفساد من قبل الصداق الذي سموا
(قلت) أرأيت ان تزوجها على ما لا يحل مثل البعير الشارد ونحوه فان طلقها قبل
البناء بها أيقع الطلاق عليها في قول مالك (قال) قال مالك ان أدرك قبل أن يدخل
بها فسخ النكاح (قال ابن القاسم) وأنا أرى أن يقع الطلاق عليها دخل بها أو لم
يدخل بها لأنه نكاح قد اختلف فيه الناس (قال سحنون) وهذا قد بينته في
الكتاب الأول أن كل نكاح يفسخ بغلبة فهو فسخ بغير طلاق ولا ميراث فيه
(قلت) فان طلقها قبل البناء بها أيكون عليه المتعة (قال) لا متعة عليه في رأيي لأنه
نكاح يفسخ (قلت) أرأيت من تزوج بغير إذن الولي فمات أحدهما قبل أن يعلم
243

الولي بذلك النكاح أيتوارثان في قول مالك (قال) لا أقوم على حفظه الساعة إلا أن
مالكا قد كان يستحب أن لا يقام عليه حتى يبتدئا النكاح جديدا ولم يكن يحقق
فساده فأرى الميراث بينهما (قلت) وكذلك الذي يتزوج بثمر لم يبد صلاحه ان
ما تا قبل أن يدخل بها أيتوارثان (قال) نعم كذلك قال مالك لأنه إذا دخل بها ثبت
نكاحهما بعقدة النكاح الذي تزوج بها لأنه نكاح حتى يفسخ وكذلك بلغني عمن
أثق به من أهل العلم. وكذلك أيضا لو طلقها ثلاثا قبل أن يفسخ نكاحه لم تحل
له حتى تنكح زوجا غيره (قال ابن القاسم) وأحسن ما سمعت من مالك وبلغني
عنه ممن أثق به أن أنظر كل نكاح إذا دخل بها فيه لم يفسخ فالميراث والطلاق
يكون بينهما وإن لم يدخل بها كل نكاح لا يقر وان دخل بها لتحريمه فأن لا طلاق
فيه ولا ميراث بينهما دخل بها أو لم يدخل بها وكذلك سمعت (قال) وقال مالك
في الرجل يتزوج بثمرة لم يبد صلاحها ان دخل أعطيت صداق مثلها ولم يفسخ النكاح
والتي تتزوج بغير ولى كان مالك يغمزه وان دخل بها ويجب أن يبتدئا فيه النكاح فإذا
قيل له أترى أن يفرق بينهما إذا رضى الولي فيقف عن ذلك ويتحيز عنه ولا يمضى في
فراقه فمن هناك رأيت لها الميراث ألا ترى أن التي لم يدخل بها ان أجازه الولي جاز
النكاح وأن التي تزوجت بثمر لم يبد صلاحه إنما رأيت لها الميراث من قبل أنه نكاح
ان دخل بها ثبت وهو أمر قد اختلف فيه أهل العلم في الفسخ والثبات فأراه نكاحا
أبدا يتوارثونه حتى يفسخ لما جاء فيه من الاختلاف وكل ما كان فيه اختلاف من
هذا الوجه ومما اختلف الناس فيه فأراه نكاحا يتوارثان به حتى يفسخه من رأى
فسخه ألا ترى لو أن قاضيا ممن يرى رأى أهل المشرق أجازه قبل أن يدخل بها
وفرض عليه صداق مثلها ثم جاء قاض ممن يرى فسخه ولم يكن دخل بها لم يفسخه
لما حكم فيه من يرى خلافه فلو كان حراما لجاز لمن جاء بعده فسخه فمن هناك رأيت
الميراث بينهما وكذلك بلغني عمن أثق به عن مالك (قلت) أرأيت ان تزوجت
بثمر لم يبد صلاحه فاختلعت منه قبل البناء على مال أيجوز للزوج ما أخذ منها أم يكون
244

مردودا (قال) أرى ذلك جائزا له ولا أرى أن يرد ما أخذ وقد أخبرتك أن كل نكاح
اختلف الناس فيه إذا كان الميراث بينهما فيه والطلاق يلزم فيه فأرى الخلع جائزا ولو
رأيت الخلع فيه غير جائز ما أجزت الطلاق فيه (قال سحنون) وقد كان قال لي كل
نكاح كانا مغلوبين عل فسخه فالخلع فيه مردود ويرد عليها ما أخذ منها لأنه لا يأخذ
مالها الا بما يجوز له إرساله من يديه وهو لم يرسل من يديه الا ما هي أملك به منه
* (صداق امرأة المكاتب والعبد يتزوج بغير إذن سيده)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا تزوج بغير إذن سيده فدخل بامرأته أيؤخذ المهر منها
(قال) قال ملك في العبد يترك لامرأته قدر ما تستحل به إذا تزوجها بغير إذن سيده
فكذلك المكاتب عندي (قلت) ويكون للسيد أن يفسخ نكاح المكاتب إذا تزوج
بغير إذن سيده في قول مالك قال نعم (قلت) فان أعتق المكاتب يوما ما أترجع المرأة
عليه بذلك المرة أم لا (قال) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى ن كان غرها أن تتبعه
إذا عتق وإن كان لم يغرها وأخبرها أنه عبد فلا أرى لها شيئا وقد قيل إذا أبطله السيد
عنه ثم عتق فلا تتبعه ب (قلت) فإن لم يعلم السيد بتزويجه حتى أدى كتابته (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكني أرى أنه ليس له أن يفسخ نكاحه بمنزلة صدقته
وهبته قال والعبد بهذه المنزلة في النكاح (قال) وبلغني عن مالك أنه سئل عن
المكاتب يزوج أمته فقال إذا كان ذلك منه على وجه ابتغاء الفضل رأيت ذلك وان
كره السيد فإنما يجوز للمكاتب في تزويج إمائه ما كان على وجه الفضل والنظر لنفسه
يمنع من ذلك إذا كان ضررا عليه ويكون عاقدا لنكاح غيره ويعقده رجل بأمره
* (تم كتاب النكاح الثالث من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه) *
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب النكاح الرابع)
245

بسم الله الرحمن الرحيم
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب النكاح الرابع)
(نكاح المريض والمريضة)
(قلت) أرأيت المرأة تزوج وهي مريضة أيجوز تزويجها أم لا (قال) لا يجوز تزويجها
عند مالك (قلت) فان تزوجها ودخل بها الزوج وهي مريضا (قال) ان ماتت كان لها
الصداق إن كان مسها ولا ميراث بينهما منها (قلت) فان صحت أيثبت النكاح (قال)
قد اختلف فيه وأحب قوله إلى أن يقيم على نكاحه (قال) ولقد كان مالك مرة يقول
يفسخ ثم عرضته عليه فقال امحه والذي أخذ به في نكاح المريض والمريضة أنهما
إذا صحا أقرا على نكاحهما (قلت) أرأيت ان تزوج في مرضه ودخل بها ففرقت
بينهما أيجعل صداقها في جميع ماله أم في ثلاثة في قول مالك (قال) قال مالك يكون
صداقها في ثلاثة مبدأ على الوصايا والعتق ولا ميراث لها وإن لم يدخل بها فلا صداق لها
ولا ميراث (قلت) فان صح قبل أن يدخل بها (قال) لا يفرق بينهما دخل أو لم
يدخل ويكون عليه الصادق الذي سمى لها وان كانت المرأة مريضة فتزوجت في
مرضها فإنه لا يجوز هذا النكاح قال وان صحت فهو جائز دخل بها أو لم يدخل بها
ولها الصداق الذي سمي لها (قال) وان ماتت من مرضها لم يرثها (ابن وهب)
عن ابن أبي ذئب وغيره عن ابن شهاب أنه قال في الرجل يتزوج المرأة قد يئس له
من الحياة صداقها في الثلث ولا ميراث لها (ابن وهب) عن يونس عن ابن
شهاب أنه قال لا نرى لنكاحه جوازا من أجل أنه أدخل الصداق في حق
246

الورثة وليس له الا الثلث يوصى وبه ولا يدخل ميراث المرأة التي تزوجها في ميراث
ورثته (ابن وهب) وقال ربيعة في صداقها إذا نكحها في مرضه انه في ثلثه
وليس لها ميراث لأنه قد وقف عن ماله فليس له من ماله الا ما أخذ من ثلثه ولا
يقع الميراث الا بعد وفاته (ابن وهب) عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال
نرى أن لا يجوز لمن تزوج في مرض صداق الا في ثلث المال
(الرجل يريد نكاح المرأة فيقول له أبوه قد وطئتها فلا تطأها)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا خطب امرأة فقال له والده قد كنت تزوجتها أو كانت
عند ابنه جارية اشتراها فقال له والده لا تطأها فانى قد وطئتها بشراء أو أراد الابن
شراءها فقال له الأب انى قد وطئتها بشراء فان اشتريتها فلا تطأها أو لم يرد الابن
شيئا من هذا إلا أنه قد سمع ذلك من أبيه وكذب الولد الوالد في جميع ذلك وقال لم
تفعل شيئا من هذا وإنما أردت بقولك أن تحرمها على فأراد تزويجها أو شراءها أو
وطأ ها أيحول بينه وبين النكاح بين أن يطأ الجارية في قول مالك إذا اشتراها
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال لي في الرضاع في شهادة المرأة
الواحدة ان ذلك لا يجوز ولا يقطع شيئا إلا أن يكون قد فشا وعرف (قال مالك)
وأحب إلى أن لا ينكح وأن يتورع. وشهادة المرأتين في الرضاع لا تجوز أيضا إلا أن يكون شيئا قد فشا عرف في الأهلين والمعارف والجيران فإذا كان كذلك
رأيتها جائزة فشهادة الوالد في مسائلك التي ذكرت بمنزلة شهادة المرأة في الرضاع
لا أراها جائزة على الولد إذا تزوج أو اشترى جارية إلا أن يكون شيئا قد فشا من
قوله قبل ذلك وعرف وسمع وأرى له أن يتورع عن ذلك ولو فعل لم أقض به عليه
(قلت) وكذلك أمي إذا لم يزل يسمعونها تقول قد أرضعت فلانة فلما كبرت أردت
تزويجها (قال) قال مالك لا تتزوجها
247

(الرجل ينكح المرأة فيدخل عيه غير امرأته)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة فأدخلت عليه غير امرأته فوطئها (قال)
بلغني عن مالك أنه قال في أختين تزوجها أخوان فأخطأ بهما فأدخل على هذا امرأة
هذا وعلى هذا امرأة هذا (قال) قال مالك ترد هذه المرأة إلى زوجها وهذه إلى
زوجها ولا يطأ واحدة منهما زوجها حتى ينقضى الاستبراء والاستبراء ثلاث حيض
ويكون لكل واحدة منهما صداقها على الذي وطئها فكذلك مسألتك (قلت)
أرأيت المرأة إذا تقاحمت وقد علمت أنه ليس بزوجها (قال) هذه يقام عليها الحد في
رأيي ولا صداق لها إذا علمت (قلت) أرأيت ان قالت لم أعلم وظننت أنكم قد
زوجتموني منه (قال) لها الصداق على الرجل الواطئ ويكون ذلك للذي وطئها على
الذي أدخلها عليه إن كان غره منها أحد
(الأمة ينكحها الرجل فيريد أن يبوئها سيدها معه)
(والرجل يزنى بالمرأة أو يقذفها ثم يتزوجها)
(قلت) أرأيت إذا تزوج الرجل الأمة فقال الزوج بوئها مع بيتا وخل بيني
وبينها وقال السيد لا أخليها معك ولا أبوئها معك بيتا أو جاء زوجها فقال أنا أريد
الساعة جماعها وقال سيدها هي مشغولة الساعة في عملها أيكون للزوج أن يمنعها من
عملها أو يخلى بينه وبين جماعها ساعته أو يحال بين الزوج وبين جماعها وتترك في عمل
سيدها (قال) لم أسمع مالكا يحد في هذا حدا إلا أن مالكا قال ليس لسيدها أن
يمنعها من زوجها إذا أراد أن يصيبها وليس للزوج أن يبوئها بيتا الا أن يرضى السيد
ولكن تكون الأمة عند أهلها في خدمتهم وما يحتاجون إليه وليس لهم أن يتصروا به
فيما يحتاج إليه من جماعها فأرى في هذا أنها تكون عند أهلها إذا احتاج إليها زوجها
خلوا بينه وبين حاجته إليها وإذا أراد الزوج الضرر بهم دفع عن الضرر بهم (قلت)
أرأيت ان باعها السيد في موضع لا يقدر الزوج على جماعها أيكون السيد الذي باعها
من المهر شئ أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى المهر للسيد على الزوج
248

إلا أن يطلق فيكون عليه المهر (قلت) أولا ترى السيد قد منعه بضعها
حين باعها في موضع لا يقدر الزوج على أخذ بضعها (قال) لا من قبل أن السيد لم
يكن يمنع من بيعها فإذا بعها قلنا للزوج اطلبها في موضعها فان منعوك فخاصم فيها ولم
أسمع من مالك فيه شيئا (ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في
الرجل يتزوج أمة قوم فأراد أن يضمها إلى بيته قالوا لا ندعها وهي خادمنا (قال)
هم أحق بأمتهم إلا أن يكون اشترط ذلك عليهم
(ما جاء في الخنثى)
(قلت) أرأيت الخنثى ما قول مالك فيها أتنكح أم تنكح أم تصلى حاسرة عن
رأسها أم تجهر بالتلبية أم ماذا حالها (قال) لم أسمع من مالك فيها شيئا واجترأنا على
شئ من هذا (قلت) فهل سمعته يقول في ميراثه شيئا (قال) لا ما سمعناه يقول في
ميراثه شيئا وأحب إلى أن ينظر إلى مباله فإن كان يبول من ذكره فهو غلام وإن كان
يبول من فرجه فهي جارية لان النسل إنما يكون من موضع البال وفيه الوطئ
فيكون ميراثه وشهادته وكل أمره على ذلك (قلت) أرأيت الرجل إذا زنى بالمرأة
أيصلح له أن يتزوجها (قال) قال مالك نعم يتزوجها ولا يتزوجها حتى يستبرئ
رحمها من مائه الفاسد (قلت) أرأيت ان قذف رجل امرأة فضربته حد الفرية
أو لم تضربه أيصلح له أن يتزوجها في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك هذا ولا
أرى بأسا أن يتزوجها (ابن وهب) عن ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس أنه
سمع رجلا يسأل ابن عباس فقال كنت أتبع امرأة فأصبت منها ما حرم الله على
ثم رزق الله التوبة منها فأردت أن أتزوجها فقال الناس ان الزاني لا ينكح الا زانية
فقال ابن عباس ليس هذا موضع هذه الآية انكحها فما كان فيها من اثم فعلى (قال
ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن معاذ بن جبل وجابر بن عبد الله
ابن المسيب ونافع وعبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز وحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب انهم قالوا لا بأس أن يتزوجها قال ابن عباس كان أوله سفاحا وآخره
249

نكاحا ومن تاب تاب الله عليه (وقال) جابر وابن المسيب كان أول أمرهما حراما
وآخره حلالا (وقال) ابن المسيب لا بأس به إذا هما تابا وأصلحها وكرها ما كانا عليه
قرأ ابن مسعود هو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون
وقال إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب
الله عليهم فلم نر به بأسا (وقال) ذلك يزيد بن عبد الله بن قسيط
(الدعوى في النكاح)
(قلت) أرأيت المرأة تدعي على الرجل النكاح أو الرجل يدعي على المرأة النكاح
هل يحلف كل واحد منهما لصاحبه إذا أنكر (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا
ولا أرى أن يحلفا على هذا أرأيت ان نكلت أو نكل أكنت ألزمهما النكاح من
نكل منهما ليبس ذلك كذلك (قلت) أرأيت ان أقمت البينة على امرأة أنها امرأتي
وأقام رجل البينة علي أنها امرأته ولا يعلم أيهما أول والمرأة مقرة بأحدهما أو مقرة
بهما جميعا أو منكرة لهما جميعا (قال) اقرارها وانكارها عندي واحد لم أسمع من
مالك فيه شيئا إلا أن الشهود ان كانوا عدولا كلهم فسخت النكاحين جميعا
ونكحت من أحبت من غيرهما أو منهما وكانت فرقتهما تطليقة وان كانت احدى
البينتين عادلة والأخرى غير عادلة جعلت النكاح لصاحب العادلة منهما (قلت)
وان كانت واحدة أعدل من الأخرى (قال) أفسخهما جميعا إذا كانوا عدولا كلهم
لأنهما كليتهما عادلتان ولا يشبه هذا عند البيوع (قلت) لم (قال) لان السلع لو
ادعى رجل أنه اشترى هذه السلعة من هذا الرجل وأقام البينة وادعى رجل آخر أنه
اشتراها من ربها وأقام البينة (قال) قال مالك ينظر إلى أعدل البينتين فيكون الشراء
شراءه (قلت) أرأيت ان صدق البائع احدى البينتين وأكذب البينة الأخرى
(قال) لا ينظر إلى قول البائع في هذا
250

(ملك الرجل امرأته وملك المرأة زوجها)
(قلت) أرأيت إذا ملكت المرأة من زوجها شقصا أو ملك الرجل ذلك من
امرأته يفسد النكاح فيما بينهما أم لا في قول مالك (قال) قال مالك يفسد النكاح فيما
بينهما إذا ملك أحدهما من صاحبه قليلا أو كثيرا وسواء ان ملك أحدهما صاحبه
بميراث أو شراء أو صدقة أو هبة أو وصية كل ذلك يفسد ما بينهما من النكاح
(قلت) ويكون هذا فسخا أو طلاقا (قال) ذلك فسخ في قول مالك ولا يكون
طلاقا (قلت) أرأيت العبد إذا اشترته وقد بنى بها كيف بمهرها وعلى من
يكون مهرها (قال) على عبدها (قلت) ولا يبطل (قال) لا يبطل قال وهو رأيي
لان مالكا قال لي في امرأة داينت عبدا أو رجل داين عبدا ثم اشتراه وعليه دينه
ذلك أن دينه لا يبطل فكذلك مهر تلك المرأة إذا اشترت زوجها لم يبطل دينها وإن كان
لم يدخل بها فلا مهر لها (ابن وهب) عن يزيد بن عياض عن عبد الكريم
عن علقمة بن قيس والأسود بن يزيد أن عبد الله بن مسعود قال إذا كانت الأمة
عند رجل بنكاح ثم اشتراها ان اشتراءه إياها يهدم نكاحه ويطؤها بملكه (قال
ابن وهب) قال يزيد وأخبرني أبو الزناد أنها السنة التي أدرك الناس عليها (ابن
وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن المسيب ويحيى بن سعيد مثله (ابن
وهب) عن ابن أبي ذئب أنه سأل ابن شهاب وعطاء بن أبي رباح عن الرجل
تكون الأمة تحته فيبتاعها فقالا يفسخ البيع النكاح (قال) فقلت العطاء أيبيعها قال
نعم (ابن وهب) وقال مخرمة عن أبيه وابن قسيط أنه قال يصلح له أن يبيعها أو
يهبها (وقال) ذلك عبد الله بن أبي سلمة وقال ينتظر بها حتى يعلم أنها حمل أم لا
(ابن وهب) عن عثمان بن الحكم ويحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في
الحر يتزوج الأمة ثم يشتري بعضها انه لا يطؤها ما دام فيها شرك (قال ابن وهب)
وقال أبو الزناد ولا تحل له بنكاح ولا بتسرر (ابن وهب) عن ابن أبي ذئب عن
عبد ربه بن سيعد أنه سأل طاوسا اليماني عن امرأة تملك زوجها (قال) حرمت
251

عليه ساعتئذ وإن لم تملك منه الا قدر ذباب (ابن وهب) عن شمر بن نمير عن
حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب بذلك (ابن وهب)
عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن ذلك فقال إذا ورثت في زوجها شقصا فرق بينه
وبينها فإنها لا تحل له من أجل ان المرأة لا يحل لها أن تنكح عبدها وتعتد منه عدة
الحرة ثلاثة قروء (ابن وهب) قال يونس وقال ربيعة إذا ورثت زوجها أو بعضه
فقد حرمت عليه وان أعتقته فأحب أن ينكحها نكحها ولا تستقر عنده بالنكاح
الأول وان أعتقه (ابن وهب) عن مخرمة عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم
ونافع أنهما قالا لا ينكح المرأة العبد ولها فيه شرك (قلت) أرأيت لو أن امرأة
اشترت زوجها أيفسد النكاح أم لا (قال) قال مالك يفسد النكاح (قلت)
ويكون مهرها دينا على العبد (قال) نعم إن كان دخل بها (قلت) أرأيت ان كانت
هذه الأمة غير مأذون لها في التجارة فاشترت زوجها بغير إذن سيدها فأبى سيدها أن
يجيز شراءها ورد العبد أيكونان على نكاحهما أم يبطل نكاحهما في قول مالك (قال)
لا أرى ذلك وأراها امرأته وذلك أن الجارية إنما اشترت طلاق زوجها فلما لم يطلقها
الزوج صار ذلك صلحا منها للسيد على فراق الزوج فلا يجوز للسيد أن يطلق على
عبده ولا للأمة أن تشتريه الا برضا سيدها (قال سحنون) قال ابن نافع وسئل
مالك عن الرجل يزوج عبده أمته يم يهبها له ليفسخ نكاحه (قال) لا يجوز ذلك له فان
تبين أنه صنع ذلك لينزعها منه وليحلها بذلك لنفسه ولغير زوجها أو ليحرمها بذلك على
زوجها فلا أرى ذلك له جائزا ولا أرى أن يحرمها ذلك على زوجها ولا تنتزع منه
(قلت) أرأيت ان ملك من امرأته شقصا ثم آلى منها أو ظاهر أيكون عليه لذلك
شئ أم لا (قال) لا شئ عليه من الظهار ولا يلزمه ذلك والايلاء له لازم ان نكحها
يوما ما (قلت) لم (قال) لأنها ليست بزوجته ولا هي له بملك يمين كلها فيقع عليه
الظهار ألا ترى أنه إنما ملك منها شقصا إلا أن يتزوجها يوما ما فيرجع عليه الايلاء
لا يرجع عليه الظهار (قلت) أرأيت العبد يتزوج المرأة باذن سيده على صداق
252

يضمنه سيده ثم يدفع سيد العبد العبد إلى المرأة فيما ضمن من الصداق برضاها قبل
أن يدخل بها (قال) النكاح مفسوخ ويرد العبد إلى سيده
(الذي لا يقدر على مهر امرأته)
(قلت) أرأيت النقد متى يجب للمرأة أن تأخذ الزوج به كله ويلزم الزوج أن
يدفع ذلك إليها (قال) سألت مالكا عنه فقال يتلوم للزوج ان كأن لا يقدر على
ذلك تلوما بعد تلوم على قدر ما يرى السلطان وليس الناس كلهم في ذلك سواء منهم
من يرجى له ما ل ومنهم من لا يرجى له مال فإذا استأصل التلوم له ولم يقدر على
نقدها فرق بينهما (قال) فقلنا لمالك وإن كان يقدر على النفقة (قال) نعم وإن كان
يقدر على النفقة ثم سألناه مرة بعد مرة فقال مثل قوله الذي أخبرتك (قلت)
قبل البناء وبعد البناء سواء في قول مالك (قال) نعم إلا أن مالكا قال هذا قبل البناء
وأما إذا دخل بها فلا يفرق بينهما وإنما يكون ذلك دينا على الزوج تتبعه به بعد البناء
كذلك قال مالك إذا أجرى النفقة وأما ذكر مالك إنما ذلك قبل البناء (قلت)
أرأيت المرأة أليس يكون لها أن تلزم الزوج بجميع المهر قبل البناء في قول مالك إذا
عقد نكاحها (قال) نعم إن كان مثل نكاح الناس على النقد فأما ما كان من مهر
مؤخر إلى موت أو فراق فهذا يفسخ عند مالك إن لم يدخل بها وان دخل بها كان النكاح
جائزا (وقال مالك) مرة يقوم المهر المؤخر بقيمة ما يسوى إذا بيع نقدا ويعطاه
(وقال) مرة ترد إلى مهر مثلها مما لا تأخير فيه هو أحب قوله إلى أن تعطى مهر
مثلها ويحسب عليها فيه ما أخذت من العاجل ويسقط عنه الآجل (قلت) أرأيت
لو أن رجلا تزوج امرأة ولم يقدر على نقدها أيفرق بينهما (قال) قال مالك يتلوم له
السلطان ويضرب له أجلا بعد أجل فان قدر على نقدها والا فرق بينهما (قال)
فقلت لمالك وإن كان يجرى لها نفقتها (قال ملك) وإن كان يجرى لها نفقتها فإنه
يفرق بينهما
253

(في نفقة الرجل على امرأته)
(قلت) أرأيت الرجل إذا تزوج متى يؤخذ بالنفقة على امرأته أحين يعقد النكاح
أم حتى يدخل (قال) قال مالك إذا دعوه إلى الدخول فلم يدخل لزمته النفقة (قلت)
أرأيت ان كانت صغيرة لا يجامع مثلها لصغرها فقالوا له ادخل على هلك أو أنفق
عليها (قال) قال مالك لا نفقة عليه ولا يلزمه أن يدفع الصداق حتى تبلغ حد الجماع
(قال مالك) وكذلك الصبي إذا تزوج المرأة البالغة فدعته إلى أن يدخل بها فلا نفقة
لها عليه وليس لها أن تقبض الصداق حتى يبلغ الغلام حد الجماع (قلت) أرأيت ان
كانت لا تستطيع جماعها تكون رتقاء وتزوجها رجل أيكون لها النفقة إذا دعته
إلى الدخول ويكون لها أن تقبض المهر أم لا (قال) لا وزوجها بالخيار ان شاء فرق
بينهما ولا مهر لها إلا أن تعالج نفسها بأمر يصل الزوج إلى وطئها ولا تخبر على ذلك
فان فعلت فهو زوجها ويلزمه الصداق والنفقة إذا دعته إلى الدخول فان أبت أن تعالج
نفسها لم تكره على ذلك وكان زوجها بالخيار ان شاء فرق بينهما ولا مهر لها وان شاء
أقام عليه (قال) وقال مالك في المريضة إذا دعوه إلى الدخول بها وكان مرضها
مرضا يقدر على الجماع فيه فان النفقة لازمة (قلت) أرأيت التي لم يدخل بها
أيكون لها النفقة على زوجها (قال) قال مالك ما منعته الدخول فلا نفقة لها وإذا دعى
إلى الدخول فكان المنع منه أنفق على ما أحب أو كره (قلت) أرأيت ان مرضت
مرضا لا يقدر الزوج فيه على جماعها فدعته إلى البناء بها وطلبت النفقة (قال) ذلك لها
قال ولم أسمعه من مالك إلا أنه بلغني ذلك عن مالك ممن أثق به أنه قال ذلك لها وان كانت مريضة فلا بد من أن يضمها وينفق عليها وهو رأيي [قلت] أرأيت ان
كانت صغيرة لا يجامع مثلها فدعته إلى الدخول بها (قال) قال مالك لا تلزمه النفقة
ولا يلزم أن يدفع الصداق حتى تبلغ حد الدخول بها وكذلك الصبي لا تلزمه النفقة
لامرأته إذا كانت كبيرة ولا يلزمه دفع النقد حتى يبلغ حد الجماع وهو الاحتلام
وكذلك قال مالك [قلت] أرأيت ان كانت صغيرة لا يجامع مثلها فأراد الزوج أن
254

يبنى بها وقال أولياء الصبية لا نمكنك منها لأنك لا تقدر على جماعها (قال) قال
مالك في رجل تزوج امرأة وشرطوا عليه أن لا يبنى بها سنة (قال) ان كانوا إنما
شرطوا ذلك له من صغر أو كان الزوج غريبا فهو يريد أن يظعن بها وهم يريدون أن
يستمتعوا منها فذلك لهم والشرط لازم والا فالشرط باطل. فهذا يدلك على مسألتك
أن ذلك لهم أن يمنعوه حتى تبلغ [ابن وهب] عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال
يقال أيما رجل تزوج جارية صغيرة فليس عليه من نفقتها شئ حتى تدرك وتطيق
الرجال فإذا أدركت فعليه نفقتها ان شاء أهلها حتى يبتنى بها [ابن وهب] عن
يونس عن ابن شهاب قال ليس للمرأة الناكح عند أبويها نفقة إلا أن يكون وليها
خاصم زوجها في الابتناء بها فأمره بذلك السلطان وفرض لها نفقة فتكون من حينئذ
ولا شئ قبل ذلك [قال ابن وهب] قال يونس وقال ابن موهب لا نفقة لها إلا أن يطلبوا ذلك [ابن وهب] عن ابن أبي الزناد عن أبيه أنه قال إذ تزوج الرجل
المرأة فتركها عشر سنين أو أكثر لم يدعه أهلها إلى البناء بها أو النفقة عليها فلا نفقة
لها حتى يدخل بها أو يدعى إلى النفقة عليها أو البناء بها [قلت] أرأيت ان تزوج
صبي امرأة بالغة زوجه أبوه فلما بلغ حد الجماع وذلك قبل أن يحتلم دعته المرأة إلى
الدخول بها والنفقة عليها (قال) لا شئ لها حتى يحتلم كذلك قال مالك (قال مالك)
حتى يبلغ الدخول وبلوغ الدخول عنده الاحتلام [قلت] أرأيت عروض الزوج
هل يباع ذلك في النفقة على المرأة في قول مالك (قال) قال مالك يلزم الزوج النفقة
فإذا كان ذلك يلزمه فلا بد من أن يباع فيها ماله [قلت] أرأيت العبد إذا لم
يقو على نفقة امرأته حرة كانت أو أمة (قال) قال لي مالك يلزمه نفقة امرأته حرة
كانت أو أمة (قال) فقلنا له وان كانت تبيت عند أهلها (قال) نعم هي من الأزواج
ولها الصداق وعليها العدة ولها النفقة (وقال) لنا مالك وكل من لم يقو على نفقة امرأته
فرق بينهما ولم يقل لنا مالك حرة ولا أمة [قال] وقال مالك في رجل تزوج وهو
صحيح ثم مرض بعد ذلك فقالت المرأة أعطني نفقتي وادخل على والزوج لا يقدر على
255

الجماع لمرضه (قال مالك) ذلك للمرأة أن تأخذ نفقتها أو يدخل عليها ولا يشبه هذا
الصبي ولا الصبية [قلت] وكذلك أن تزوجها وهي صحيحة ثم مرضت مرضا
لا تستطيع الجماع معه فقالت المرأة ادخل على أو أعطني نفقتي فقال الزوج لا أقدر
على الجماع (قال) ذلك لها ويلزم الزوج أن يعطيها نفقتها أو يدخل عليها في رأيي وإنما
ينظر في هذا إلى الصحة إذا وقع النكاح وهما جميعا يقدران على الوطء إذا وقع النكاح
فلست ألتفت إلى ما أصابها بعد ذلك إلا أن يكون ذلك مرضا قد وقعت المرأة منه
في السياق فهذا الذي لا يدخل عليها ثم إن دعته لان دخول هذا وغير دخوله سواء
[قلت] والصداق في هذا بمنزلة النفقة لها أن تأخذ صداقها من زوجها في هذه
المسائل التي سألتك عنها في قول مالك (قال) الصداق أوجب من النقة فلها أن
تأخذ الصداق في قول مالك (قال) والصداق قد يلزمه حين تزوجها دخل بها أولم
يدخل بها ولكن لها أن تمنعه نفسها لان تأخذ الصداق منه ومرضها هذا الذي
مرضته ليس يمنع بعد الصحة في رأيي ألا ترى أنها لو جذمت بعد تزويجه ثم
دعته إلى الدخول وجذامها لا يستطاع معه الجماع أنه يقال له ادفع الصداق وأنفق
وادخل أو طلق
{نفقة العبيد على نسائهم}
[قلت] أرأيت العبد الذي يكون نفقة امرأته عليه أتجعل نفقتها في ذمته في قول
مالك قال نعم [قلت] فيبدأ بنفقة المرأة أو بخراج سيده (قال) ليس للمرأة من نفقتها
في خراج السيد قليل ولا كثير وعمل العبد للسيد وإنما ينفق عليها العبد من ماله
إن كان له والا فرق بينهما إلا أن يرضى السيد أن ينفق عبده على امرأته من مال
السيد أو من كسبه الذي يكسبه للسيد أو من عمله الذي يعمله للسيد وهذا رأيي
[قلت] ولا يباع في نفقة امرأته ان وجب لها عليه نفقة في قول مالك قال لا
[قلت] أرأيت العبد والمكاتب والمدبر وأم الولد هل يجبرون على نفقة على نفقة أولادهم
الأحرار في قول مالك (قال) قال مالك لا يجبر العبد على نفقة ولد له حر ولا عبد
256

وأما أم الولد فلا تجبر على نفقة ولدها لان الحرة أيضا لا تجبر على نفقة ولدها [قلت]
أرأيت المكاتبة إذا كان زوجها عبدا هل تجبر على نفقة ولدها الصغار الذين ولدتهم في
الكتابة أم لا (قال) إذا حدثوا في كتابتها فنفقتهم على أمهم لأنهم كأنهم عبيد لها ألا
ترى أن الرجل يجبر على نفقة عبيده فإذا كانت هي لا تلزم سيدها نفقتها فهم عندي
بمنزلتها ولم أسمع فيه شيئا [قلت] ولا تشبه هذه الحرة قال لا [قلت] أرأيت
المكاتب إذا كانت كتابته على حدة وكتابة امرأته على حدة فحدث بينهما أولاد على
من نفقة الولد (قال) على الأم [قلت] فنفقة الأم على من (قال) على الزوج [قلت]
لم جعلت نفقة الأم على الزوج وجعلت نفقة الولد على الأم ولم لا تجعل نفقة الولد مثل
نفقة الأم (قال) لان الولد في كتابة الأم فليس على المكاتب أن ينفق على ولده العبيد
وهم لا يرقون برقه ولا يعتقون بعتقه وإنما عتقهم في عتق أمهم ورقهم في رقها فيعتقهم
عليها وأما أمهم فزوجته فلا بد للعبد والمكاتب من أن ينفق على زوجته والا فرق
بينهما [قلت] فتجعل نفقه هؤلاء الصغار على الأم قال نعم [قلت] أرأيت ان
كانت كتابة الأب والأم واحدة فحدث بينهما ولد على من نفقتهم (قال) على الأب
ما داموا في كتابهم [قلت] لم (قال) لأنهم تبع لأبيهم في الكتابة ونفقة أمهم عليه
وبرقه ورق أمهم يرقون وبعتقهما يعتقون وانه لا عتق لو أحد من الولد الا
بعتق الوالدين جميعا [قلت] أسمت هذه المسائل من مالك قال لا [قلت] أرأيت
ان عجز هذا المكاتب عن النفقة على ولده الصغار إذا لم يجد شيئا أيشبه عجزه
عن الكتابة والجناية قال لا [قلت] أرأيت المكاتب إذا كان له ولد صغار حدثوا
في الكتابة أو كاتب عليهم أيجبر المكاتب على نفقتهم (قال) نعم في قول مالك [قال
ابن وهب] قال الليث كتب إلى يحيى بن سعيد يقول إن الأمة إذا طلقت وهي
حامل انها وما في بطنها رقيق لسيدها وإنما تكون النفقة على الذي يكون له الولد
وهي من المطلقات ولها متاع بالمعروف على قدر هيئة زوجها [قال ابن وهب]
وقال ربيعة في الحرة تحت العبد والحر تحته الأمة فطلقها وهي حامل قال ليس لها
257

عليه نفقة [قال مالك] وليس على عبد أن ينفق من ماله على من لا يملك سيده
الا باذن سيده وذلك الامر عندنا
{في فرض السلطان النفقة للمرأة على زوجها}
[قلت] أرأيت المرأة إذا خاصمت زوجها في النفقة كم يفرض لها النفقة سنة أو
نفقة شهر بشهر (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكني أرى ذلك على اجتهاد الوالي
في عسر الرجل ويسره وليس الناس في ذلك سواء [قلت] أرأيت النفقة على الموسر
وعلى المعسر كيف هي في قول مالك (قال) أرى أن يفرض لها على الرجل على قدر
يساره وقدر شأن المرأة وعلى المعسر أيضا ينظر السلطان في ذلك على قدر حاله وعلى
قدر حالها [قلت] فإن كأن لا يقدر على نفقتها (قال) يتلوم له السلطان فان قدر على
نفقتها والا فرق بينهما (قال مالك) والناس في هذا مختلفون منهم من يطمع له بقوة
ومنهم من لا يطمع له بقوة [قلت] أرأيت ان فرق بينهما السلطان ثم أيسر في
العدة (قال) قال مالك هو أملك برجعتها ان أيسر في العدة وان هو لم يوسر في العدة
فلا رجعة له ورجعته باطلة إذا هو لم يوسر في العدة [قلت] هل يؤخذ من الرجل
كفيل بنفقة المرأة في قول مالك (قال) لا يؤخذ منه كفيل لان مالكا قال في رجل
طلق امرأته وأراد الخروج إلى سفر فقالت أنا أخاف الحمل فأقم لي حميلا بنفقتي ان
كنت حاملا (قال) مالك لا يكون على الرجل أن يعطيها حميلا وإنما لها إن كان الحمل
ظاهرا أن تأخذه بالنفقة وإن كان الحمل غير ظاهر فلا نفقة لها عليه فان خرج زوجها
وظهر حملها بعده فأنفقت على نفسها فلها أن تطلبه إذا قدم إن كان موسرا في حال
حملها وإنما ينظر إلى يساره في حال ما كانت تجب عليه النفقة وإن كان غير غائب
فأنفقت على نفسها ولم تطلبه بذلك حتى وضعت حملها فلها أن تتبعه بما أنفقت
[قلت] أرأيت إذا أراد الزوج سفرا فطلبته امرأته بالنفقة كم يفرض لها النفقة
شهر أو أكثر من ذلك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكني أرى أن ينظر إلى
سفره الذي يريد فيفرض لها على قدر ذلك [قلت] ويؤخذ منه في هذا حميل أم لا
258

(قال) يدفع النفقة إليها أو يأتيها بحميل يجريها لها [قلت] فإن كان الزوج حاضرا
ففرض عليه السلطان نفقتها شهرا بشهر فأرادت منه حميلا (قال) لا يكون لها أن
تأخذ منه حميلا [قلت] لم (قال) لأنه حاضر يقول ما وجب لك على فأنا أعطيكه
ولا أعطيك حميلا [قلت] وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي [قلت] أرأيت
امرأة رجل هو معها مقيم فأقامت معه سنين وقد بنى بها فادعت أنه لم ينفق عليها
وقال الزوج قد أنفقت عليها (قال) قال مالك القول قول الزوج ويحلف [قلت]
عديما كان الزوج أو موسرا (قال) نعم إذا كان مقيما معها وكان موسرا [قلت]
أرأيت إن كان غائبا فأقام سنين ثم قدم فقال قد كنت أبعث إليها بالنفقة وأجريها
عليها (قال) القول قول الزوج إلا أن تكون المرأة رفعت ذلك إلى السلطان واستعدت
في مغيبه فان ذلك يلزم الزوج من يوم رفعت ولا يبرئه إلا أن يأتي بمخرج من ذلك
وان قال قد بعثت إليك لم ينفعه ذلك وهذا قول مالك [قلت] أرأيت ان كانت
المرأة موسرة وكان الزوج موسرا أو معسرا فكانت تنفق من مالها على نفسها
وعلى زوجها ثم جاءت تطلب النفقة (قال) لا شئ لها في رأيي فيما أنفقت على نفسها
إذا كان الزوج في حال ما أنفقت معسرا وإن كان الزوج موسرا فذلك دين عليه
وأما ما أنفقت على زوجها فذلك دين عليه موسرا كان أو معسرا إلا أن يرى أنه كان
منها لزوجها على وجه الصلة [قلت] وكذلك لو أن أجنبيا أنفق على سنة ثم طلب
ما أنفق على أيكون ذلك له (قال) نعم في رأيي إلا أن يكون رجلا يعرف أنه إنما
أراد به ناحية الصلة والضيافة فلا يكون ذلك له [قلت] فإن كان إنما كان ينفق
الخرفان ولحم الدجاج والحمام آكله وأنا لو كنت أنفق من مالي لم أنفق هذا (قال)
لا ينظر في هذا إلى الاسراف ويرجع عليه بغير السرف إلا أن يكون الذي أنفق عليه
صغيرا لا مال له فجعل ينفق عليه فإنه لا يرجع عليه بشئ إلا أن يكون له مال يوم
كان ينفق عليه فإنه يرجع عليه في ماله ذلك [قلت] فان تلف المال أو كبر الصبي
فأفاد مالا (قال) لا يكون له أن يرجع عليه بشئ في رأيي لان مالكا سئل عن رجل
259

هلك وترك صبيا صغيرا وأوصى إلى رجل فأخذ ماله وأنفق عليه سنة أو سنتين
ثم أتى على الميت دين استغرق ماله كله أفترى على الوصي شيئا فيما أنفق على الصبي
وهو لا يعلم بالدين أو على الصبي ان كبر. قال مالك في الصبي انه لا شئ عليه وان
كبر وأفاد مالا فيما أنفق عليه لأنه لم يل ذلك وقال في الوصي كذلك لا ضمان
عليه. فهذا مثله عندي (وكان) المخزومي يقول ذلك دين على الصبي لان صاحب
الدين لم ينفقه على اليتيم فيرى أن ذلك منه حسبة [قلت] أرأيت ان أنفقت المرأة
وهو غائب وهو معسر في حال ما أنفقت أيكون ذلك دينا لها عليه أم لا (قال)
لا يكون ذلك دينا عليه كذلك قال مالك [قلت] لم (قال) لان الرجل إذا كان معسرا
لا يقدر على النفقة فليس لها عليه النفقة إنما لها أن تقيم معه أو يطلقها كذلك الحكم
فيها [قلت] أرأيت ان أنفقت وهو غائب موسر أتضرب بنفقتها مع الغرماء (قال)
نعم [قلت] أرأيت ان أنفقت على نفسها وعلى ولدها والزوج غائب ثم طلبت ذلك
(قال مالك) ذلك لها إن كان موسرا يوم أنفقت على نفسها وعلى ولدها إذا كانوا
صغارا أو جواري أبكارا حضر أو لم يحضر وهو رأيي [قلت] فهل تضرب بما
أنفقت على الولد مع الغرماء قال لا [قلت] أرأيت الرجل إذا قوى على نفقة امرأته
ولم يقو على نفقة ولدها منه الأصاغر أيكون هذا عاجزا عن نفقة امرأته ويفرق
بينه وبينها في قول مالك أم لا (قال) لا يكون عاجزا إذا قوى على نفقة امرأته وإن لم يقو على نفقة ولدها منه لان مالكا قال لي في الوالد انه إنما يلزم النفقة على الولد
إذا كان الأب يقدر على غنى أو سعة والا فهو من فقراء المسلمين لا يلزمه من ذلك
شئ وأما المرأة فليس كذلك إن لم يجد ما ينفق فرق بينهما وهو إذا وجد نفقتها
وإن لم يجد نفقة ولده لم يلزمه نفقتهم كانت المرأة أمهم أو لم تكن أمهم [قلت]
أرأيت إن كان لي على امرأتي دين وهي معسرة فخاصمتني في نفقتها فقضى على
بنفقتها فقلت احسبوا لها نفقتها في ديني الذي لي عليها (قال) ما سمعت في هذا
شيئا وأرى ان كانت عديمة أن ينفق عليها ويتبعها بدينه ولا يحسب نفقتها من الدين
260

لأنها لا تقدر على شئ [قلت] أرأيت ان كانت غنية (قال) ان كانت غنية قيل للزوج
خذ دينك وادفع إليها نفقتها وإن شئت فحاصصها بنفقتها [قلت] أرأيت ان اختلف
الزوج والمرأة في فريضة القاضي في نفقتها وقد مات القاضي أو عزل فقال الزوج
فرض لك كل شهر عشرة دراهم وقالت المرأة بل فرض لي كل شهر عشرين درهما
(قال) القول فيه قول الزوج إن كان يشبه نفقة مثلها والا كان القول فيها قولها إذا
كان يشبه نفقة مثلها فإن كأن لا يشبه نفقة مثلها لم يقبل قول واحد منهما وأعطيت
نفقة مثلها فيها يستقبل يفرض لها القاضي نفقة مثلها وما سمعت من مالك في هذا
شيئا [قلت] أرأيت ان دفع الزوج إلى المرأة ثوبا كساها إياه فقالت المرأة أهديته
إلى وقال الزوج بل هو مما فرض القاضي علي (قال) القول قول الزوج في رأيي
إلا أن يكون الثوب من الثياب التي لا يفرضها القاضي لمثلها فيكون القول قولها
[قلت] أرأيت ان فرض لها القاضي نفقة شهر بشهر فكانت تأخذ نفقة الشهر
فتتلفها قبل أشهر أيكون لها على الزوج شئ أم لا (قال) لا شئ لها على الزوج لان
مالكا قال لي كل من دفع إليه نفقة كانت لازمة له على غيره مثل الابن يدفع عنه
والده نفقته إلى أمه وقد كان طلقها أو المرأة يقيم لها نفقتها فيدفع إليها نفقة سنة فيهلك
الابن أو المرأة قبل ذلك (قال) قال مالك تحاسب الأم أو من أخذ تلك النفقة بما
أنفق من الأشهر وترد فضل ذلك وذلك ضامن على من قبضه. فهذا يدلك على
أنها ان أتلفته أو ضاع منها فلا شئ عليه لها [قلت] أرأيت ان كساها ثوبا فخرقته
قبل الوقت الذي فرضه السلطان (قال) لا شئ لها [قلت] وكذلك أن سرقت
كسوتها (قال) نعم في رأيي لا شئ لها لأنها ضامنة لها [قلت] أرأيت المرأة إذا
كان زوجها غائبا وله مال حاضر عرض أو فرض فطلبت المرأة نفقتها أتفرض لها
نفقتها في مال زوجها وهل تكسر عروضه في ذلك في قول مالك (قال) نعم [قلت]
فهل يأخذ السلطان من المرأة حميلا بما دفع إليها حذرا من أن يدعي الزوج عليه حجة
(قال) لا يؤخذ منها حميل لأنه كل من أثبت دينا على غائب ببينة وله مال حاضر
261

عدى على ماله الحاضر ولم يؤخذ منه بما دفع إليه من ذلك حميل هذا قول مالك
وكذلك المرأة إذا قدم الزوج وله حجة طلبها بحجته وكذلك الغريم [قلت]
يكون الزوج وهذا الغريم إذا قدما على حجتهما في قول مالك (قال) نعم في رأيي
[قلت] أرأيت ان كانت للزوج ودائع وديون على الناس أيفرض للمرأة في ذلك
نفقتها أم لا (قال) نعم يفرض لها نفقتها في ذلك ولم أسمعه من مالك ولكنه رأيي
[قلت] أرأيت ان جحد الذي عليه الدين فقالت المرأة أنا أقيم البينة أن لزوجي
عليه دينا أتمكنها من ذلك (قال) نعم تمكن من ذلك وكذلك لو أن رجلا كان له
على رجل دين فغاب المديان فقال الذي له الدين أنا أقيم البينة أن لغريمي هذا
الغائب على هذا الرجل دينا فاقضوني منه حقي انه يمكن من ذلك وهو رأيي
[قلت] أرأيت ان أتت والزوج غائب ولا مال له في موضعها الذي هي فيه
فقالت افرض لي نفقتي على زوجي حتى إذا قدم اتبعته بما فرضت لي (قال) لا يفرض
لها ويترك الزوج حتى يقدم فإن كان في مغيبه عنها عديما لم يكن لها عليه شئ من
نفقتها وإن كان موسرا فرض عليه نفقة مثله لمثلها وهذا رأيي [قلت] أرأيت
المجوسية إذا أسلم زوجها أيكون لها النفقة قبل أن يعرض عليها السلطان الاسلام
(قال) ليس لها عليه نفقة لأنها لا تترك إنما يعرض عليها الاسلام فان أسلمت
كانت امرأته والا فرق بينهما [ابن وهب] عن عبد الرحمن بن أبي الزناد وعبد
الجبار عن أبي الزناد أنه قال خاصمت امرأة زوجها إلى عمر بن عبد العزيز وأنا حاضر
في إمرته على المدينة فذكرت له أنه لا ينفق عليها فدعاه عمر فقال أنفق عليها والا
فرقت بينك وبينها وقال عمر اضربوا له أجل شهر أو شهرين فإن لم ينفق عليها إلى
ذلك ففرقوا بينه وبينها. قال أبو الزناد وقال لي عمر بن عبد العزيز سل لي سعيد بن
المسيب عن أمر هما فسألته عن أمرهما فقال يضرب له أجل فوقت له من الاجل
نحوا مما كان وقت له عمر وقال سعيد فإن لم ينفق عليها إلى ذلك الاجل فرق بينهما
قال فأحببت أن أرجع إلى عمر من ذلك بالثقة فقلت يا أبا محمد أسنة هذه فقال سعيد
262

وأقبل على بوجهه كالمغضب سنة سنة نعم سنة قال فأخبرت عمر بالذي قال فتوجع
عمر لزوج المرأة فأقام من ماله دينارا لكل شهر وأقرها عند زوجها وأحدهما يزيد
على صاحبه [ابن وهب] عن مالك وغيره عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول إذا
لم ينفق الرجل على امرأته انه يفرق بينهما (قال) وسمعت مالكا يقول كان من
أدركت يقولون إذا لم ينفق الرجل على امرأته فرق بينهما [ابن وهب] عن الليث
عن يحيى بن سعيد أنه قال إذا تزوج الرجل المرأة وهو غنى فاحتاج حتى لا يجد ما ينفق
فرق بينهما فان وجد ما يقيمها من الخبز والزيت وغليظ الثياب لم يفرق بينهما [قال
ابن هب] قال الليث وقال ربيعة أما العبا والشمال فعسى أن لا يؤمر بكسوتها وأما
غليظ الثياب من الخيفي والاتربي وأشباه ذلك فذلك جائز للمعسر ولا يلتمس منه
غيره وما سد مخمصتها ودفع الجوع عنها فليس لها غيره. وأما الخادم فإن لم يكن عنده
قوة على أن يخدمها فإنهما يتعاونان على الخدمة إنما حق المرأة على زوجها ما يكفيها
من الثياب والمطعم وأما الخدمة فتكف عنها عند اليسر وتعين بقوتها عند العسر
{في العنين}
[قلت] أرأيت العنين متى يضرب له الاجل من يوم تزوجها أو من يوم ترفعه
إلى السلطان (قال) من يوم ترفعه إلى السلطان وكذلك قال مالك [قلت] أرأيت
العنين إذا فرق السلطان بينهما أيكون أملك بها في العدة (قال) قال مالك لا يكون
أملك بها في العدة ولا رجعة له عليها [قلت] أرأيت ان قال الزوج العنين قد
جامعتها وقالت المرأة ما جامعني (قال) سألت مالكا عنها فقال قد نزلت هذه ببلادنا
وأرسل إلى فيها الأمير فما دريت ما أقول له ناس يقولون يجعل مها النساء وناس
يقولون يجعل في قبلها صفرة فما أدرى ما أقول (قال ابن القاسم) إلا أنني رأيت
وجه قوله أن يدين الزوج في ذلك ويحلف وسمعته من غير مرة وهو رأيي [قلت]
أرأيت العنين إذا لم يجامع امرأته في السنة وفرق بينهما بعد السنة أيكون لها
الصداق كاملا أم يكون لها نصف الصداق (قال) قال مالك لها الصداق كله كاملا
263

إذا أقام معها سنة لأنه قد تلوم له وقد خلا بها وطال زمانه معها وتغير صبغها وخلعت
ثيابها وتغير جهازهما عن حاله فلا أرى له عليها شيئا وإن كان فراقه إياها قريبا من
دخوله رأيت عليه نصف الصداق [قال مالك] وان ناسا ليقولون ليس لها الا
نصف الصداق (قال مالك) ولكن الذي أرى إن كان قد طال وتباعد وتلذذ
منها وخلا بها فان لها الصداق كاملا [ابن وهب] عن عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب قضى في الرجل يبنى بالمرأة فلا يستطيع
أن يمسها أنه يضرب له أجل سنة من يوم يأتيان السلطان فان استقرت فهي أولى
بنفسها (وقال) عطاء إذا ذكر أنه يصيبها وتدعى أنه لا يأتيها فليس عليه الا يمينه بالله
الذي لا إله إلا هو لقد وطئها ثم لا شئ عليه [ابن وهب] عن محمد بن عمرو بن
جريج قال أخبرني أبو أمية عبد الكريم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود
أنهما قالا ينتظر به من يوم تخاصمه سنة فإذا مضت سنة اعتدت عدة المطلقة وكانت
في العدة أملك بأمرها [قال ابن وهب] قال ابن؟؟ وسألت عطاء فقال لها
الصداق حين أغلق عليها وينتظر به من يوم تخاصمه فأما ما قبل ذلك فلا هو عفو
عنه ولكن تنتظر به من يوم تخاصمه سنة فإذا مضت السنة اعتدت وكانت تطليقة
وإن لم يطلقها وكانت في العدة أملك بأمرها [ابن وهب] عن عبد الجبار بن عمر
عن عمرو بن خلدة حدثه أنه سأل ابن المسيب عن ذلك فقال يضرب له السلطان
أجل سنة من يوم يرفع ذلك إلى السلطان فان استطاعها والا فرق بينهما (قال) عبد
الجبار وقد قال ذلك ربيعة [ابن القاسم] عن مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب
أنه قال إذا دخل الرجل بامرأته فاعترض عنها فإنه يضرب له أجل سنة فان استطاع
أن يمسها والا فرق بينهما (قال مالك) وبلغني عن سليمان بن يسار أنه قال أجل
المعترض عن أهله سنة [ابن وهب] قال موسى بن علي وقال ابن شهاب ان القضاة
يقضون في الذي لا يستطيع امرأته بتربص سنة يبتغى فيها لنفسه فان ألم في ذلك
بأهله فهي امرأته وان مضت سنة ولم يمسها فرق بينه وبينها ويقضى القضاة بذلك
264

من حين تناكره امرأته أو يناكره أهلها (قال ابن شهاب) وان كانت تحته امرأة
فولدت له ثم اعترض عنها فلم يستطع لها فلم أسمع أحدا فرق بين رجل وبين امرأته
بعد أن يمسها وهذا الامر عندنا [قلت] أرأيت العنين إذا نكل عن اليمين (فقال)
يقال للمرأة احلفي فان حلفت فرق بينهما وان أبت كانت امرأته وهذا رأيي [قلت]
أرأيت ان فرق السلطان بين العنين وبين امرأته بعد مضى السنة أيكون عليها العدة عدة
الطلاق في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان كانت عنده جوار وحرائر وهو يصل
إليهن ولا يصل إلى هذه التي تزوج أيضرب له أجل سنة في قول مالك (قال) نعم
يضرب له فيها أجل سنة وإن كان يولد له من غيرها كذلك قال مالك [قلت]
أرأيت ان وطئها مرة ثم أمسك عنها أيضرب له أجل سنة في قول مالك (قال) لا يضرب
له أجل إذا وطئها عند مالك ثم اعترض عنها [قلت] أرأيت العنين بعد سنة إذا
فرق بينهما أتكون تطليقة أو فسخا بغير طلاق (قال) قال مالك تكون تطليقة
[قلت] والخصي أيضا إذا اختارت فراقه يكون أيضا تطليقة في قول مالك قال نعم
[قلت] لم (قال) لأنها لو شاءت أن تقيم معه أقامت وكان النكاح صحيحا فلما اختارت
فراقه كانت تطليقة ألا ترى أنهما كانا يتوارثان قبل أن تختار فراقه عند مالك [قلت]
أرأيت امرأة العنين والخصي والمجبوب إذا علمت به ثم تركته فلم ترفعه إلى السلطان
وأمكنته من نفسها ثم بدا لها فرفعته إلى السلطان (قال) أما امرأة الخصي والمجبوب
فلا خيار لها إذا أقامت معه ورضيت بذلك فلا خيار لها عند مالك. وأما امرأة العنين
فان لها أن تقول اضربوا له أجل سنة لان الرجل ربما تزوج المرأة فيعرض له دونها
ثم يفرق بينهما ثم يتزوج أخرى فيصيبها وتلد منه فتقول هذه تركته وأنا أرجو لان
الرجل بحال ما وصفت لك فذلك لها إلا أن يكون قد أخبرها أنه لا يجامع وتقدمت
على ذلك فلا قول لها بعد ذلك [قلت] ويكون فراقه تطليقة قال نعم [قلت]
أرأيت العنين أيجوز له أن يؤجله صاحب الشرط أولا يكون ذلك الا عند قاض أو
أمير يولى القضاة (قال) قال مالك أرى أن يجاز قضاء أهل هذه المياه (قال ابن القاسم)
265

وإنما هم أمراء على تلك المياه وليسوا بقضاة فأرى أن صاحب الشرط ان ضرب
للعنين أجلا جاز وكان ذلك جائزا [قال] ولقد بلغني عن مالك في امرأة فقد زوجها
فضرب لها صاحب المياه الاجل فأخطأ في ضربه الاجل (قال ابن القاسم) أظنه
ضرب لها الاجل من يوم فقدته أربع سنين فقال مالك تستكمل ذلك من يوم يؤيس
من خبره أربع سنين ولم يطعن في أنه لا يجوز له ما صنع فهذا يدلك أيضا على
مسألتك [قلت] أرأيت ان تزوج امرأة فوصل إليها مرة ثم طلقها ثم تزوجها بعد
ذلك فلم يصل إليها أيضرب له أجل سنة في قول مالك (قال) نعم
{ضرب الاجل لامرأة المجنون والمجذوم}
[قلت] فالمجنون المطبق (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا (قال) وقال لي
مالك في المجنون إذا أصابه الجنون بعد تزويجه المرأة انها تعزل عنه ويضرب له أجل
في علاجه فان برأ والا فرق بينهما (قال ابن القاسم) وبلغني عن مالك أنه قال يضرب
له أجل سنة (قال) ولم أسمعه من مالك [قال] وقال لي مالك والمجذوم البين الجذام
يفرق بينه وبين امرأته إذا طلبت [قلت] فهل يضرب لهذا الأجذم أجل مثل
أجل المجنون للعلاج (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى إن كان ممن يرجى
برؤه في العلاج فأرى أن يضرب له الاجل ولم أسمع هذا من مالك [ابن وهب]
عن مسلمة عمن حدثه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كتب عمرو بن
العاص إلى عمر بن الخطاب في رجل مسلسل بقيود يخافونه على امرأته فقال أجلوه
سنة يتداوى فان برأ والا فرق بينهما [ابن وهب] عن يونس عن ربيعة أنه قال إن كانت امرأته يؤذيها ولا يعفيها من نفسه لم توقف عليه ولم تحبس عنده وإن كان
يعفيها من نفسه ولا يرهقها بسوء صحابة لم يجز طلاقه إياها
{في اختلاف الزوجين في متاع البيت}
[قلت] أرأيت ان تنازعا في متاع البيت الرجل والمرأة جميعا وقد طلقها أولم
266

يطلقها وماتت أو مات هو (قال) قال مالك ما كان يعرف أنه من متاع الرجال فهو للرجل
وما كان يعرف أنه من متاع النساء فهو للنساء وما كان يعرف أنه يكون للرجال
والنساء فهو للرجل لان البيت بيت الرجل وما كان من متاع النساء ولى شراءه
الرجل وله بذلك بينة فهو له ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنه ما اشتراه لها وما
اشتراه الا لنفسه ويكون أحق به إلا أن يكون لها بينة أو لورثتها أنه اشتراه لها
[قلت] أرأيت ما كان في البيت من متاع الرجال أقامت المرأة البينة أنها اشترته
(قال) قال هو لها [قلت] وورثتها في اليمين والبينة بمنزلتها (قال) نعم إلا أنهم إنما
يحلفون على علمهم أنهم لا يعلمون أن الزوج اشترى هذا المتاع الذي يدعى من
متاع النساء ولو كانت المرأة حلفت على البتات [قلت] وورثة الرجل بهذه المنزلة
قال نعم [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] صف لي متاع النساء من متاع
الرجال في قول مالك (قال) سألت مالكا عن شئ يدلك على ما بعده قلت
لمالك الطست والتور والمنارة. قال هو من متاع المرأة وأما القباب والحجال والأسرة
والفرش والوسائد والمرافق والبسط فإنه من متاع المرأة عند مالك [قلت]
أرأيت الحلي هل تعلم للرجل فيه شيئا (قال) لا الا المنطقة والسيف والخاتم
[قلت] أرأيت الخدم والغلمان (قال) في رأيي لا شئ للمرأة من الرقيق ذكورا
كانوا أو إناثا لان الذكور مما يكون للرجال ولان الإناث مما يكون للرجال والنساء
فالرجال أولى بالرقيق ولا شئ للمرأة فيهم لان البيت بيت الرجل [قلت] أرأيت
الحيوان الإبل والغنم والبقر والدواب (قال ابن القاسم) هذا مما لا يتكلم الناس فيه
لان هذا ليس في البيت وليس هو من متاع البيت لان هذا إنما هو لمن يحوزه
لان الناس إنما اختلفوا في متاع البيت وفيما يكون عندهم في بيوتهم ودورهم فأما
ما كان مما هو في الرعي فهذا لمن حازه [قلت] والدواب التي في المرابط البراذين
والبغال والحمير (قال) هذا أيضا لمن حازه لان هذا ليس من متاع البيت [قلت]
والعبد والخادم من متاع البيت (قال) أما الخادم فنعم لأنها تخدم في البيت والعبد للرجال
267

إلا أن يكون للمرأة فيه حيازة تعرف فيكون لها [قلت] أرأيت إن كان أحد الزوجين
عبدا والآخر حرا فاختلفا في متاع البيت أو كان أحدهما مكاتبا والآخر عبدا أو أحدهما
مكاتبا والآخر حرا (قال) هؤلاء كلهم والحران سواء إذا اختلفوا صنع فيما بينهم كما
يصنع فيما بين الزوجين الحرين [قلت] وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي [قلت]
وكذلك الزوجان إذا كان أحدهما مسلما والآخر كافرا فاختلفا في متاع البيت أنهما
والحرين سواء في قول مالك (قال) نعم في رأيي وما سألت مالكا عن حر ولا عبد
ولا حرة ولكني سمعته منه غير عام كما فسرت لك [قلت] أرأيت المختلعة والمبارأة
والملاعنة والتي تبين بالايلاء أهي والمطلقة في المتاع في اختلافهما والزوج سواء في قول
مالك (قال) نعم [قلت] أرأيت إن كان ملك رقبة الدار للمرأة فاختلفوا في المتاع لمن
يجعل مالك ما يكون للرجال والنساء من ذلك (قال) لا ينظر في هذا إلى ملك المرأة الدار
وإنما ينظر في هذا إلى الرجل لان البيت بيته وإن كان ملك البيت لغيره [قلت] أرأيت
ان اختلفا في الدار بعينها (قال) الدار دار الرجل لان على الرجل أن يسكن المرأة فالدار
داره [قلت] أرأيت إن كان الزوجان عبدين فاختلفا في المتاع (قال) محملهما عندي
محمل الحرين إذا اختلفا [قلت] أرأيت المرأة هل عليها من خدمة نفسها أو خدمة
بيتها شئ أم لا في قول مالك (قال) ليس عليها من خدمتها ولا من خدمة بيتها شئ
{القسم بين الزوجات}
[قلت] أرأيت المرأتين إذا كانت الرجل أيصلح له أن يقسم لهذه يومين
ولهذه يومين أو شهرا لهذه وشهرا لهذه (قال) لم أسمع مالكا يقول الا يوما لهذه ويوما
لهذه (قال ابن القاسم) ويكفيك ما مضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأصحابه في هذا ولم يبلغنا عن أحد منهم أنه قسم الا يوما هاهنا ويوما ها هنا
(قال ابن القاسم) وقد أخبرني مالك أن عمر بن عبد العزيز ربما غاضب بعض نسائه
فيأتيها في يومها فينام في حجرتها فلو كان ذلك يجوز أن يقسم يومين هاهنا ويومين
هاهنا أو أكثر لأقام عند التي هو عنها راض حتى إذا رضى عن الأخرى وفاها
268

أيامها فهذا يدلك على ما أخبرتك [قلت] أرأيت الرجل يتزوج البكر كم يكون لها
من الحق أن يقيم عندها ولا يحسبه عليها في القسم بين نسائه (قال) قال مالك سبعة
أيام [قلت] وذلك بيدها أو ذلك بيد الزوج ان شاء فعل وان شاء لم يفعل (قال)
ذلك لها حق لازم وليس ذلك بيد الزوج (قال) ولقد كان بعض أصحابنا ذكر عن
مالك أنه قال إنما ذلك بيد الزوج فكشفت عن ذلك فلم أجده الا حقا للمرأة. ومما
يدلك على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لام سلمة وقول أنس للبكر سبع
وللثيب ثلاث فأخبروك في حديث أنس به مالك ان هذا للنساء ليس للرجال ومما
صنع النبي صلى الله عليه وسلم حين خير أم سلمة فهذا يدلك أن الحق لها ولولا ذلك
ما خيرها [قلت] أرأيت الثيب كم يكون لها (قال) ثلاث [قلت] وهو لها مثل ما
وصفت في البكر في قول مالك قال نعم [سحنون] عن أنس بن عياض أن عبد
الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف حدثه عن عبد الملك بن الحارث بن هشام
قال لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة ابنة أبى أمية أقام عندها ثلاثا
ثم أراد أن يدور فأخذت بثوبه فقال ما شئت إن شئت زدتك ثم قاصصتك به بعد
اليوم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث للثيب وسبع للبكر [ابن القاسم]
عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك مثله [ابن وهب] عن رجل من
أهل العلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعطاء وزبان بن عبد العزيز مثله (وقال)
عطاء وزبان هي السنة [قلت] أرأيت ان سافر بإحداهن في ضيعته وحاجته أو حج
بإحداهن أو اعتمر بها أو غزا بها ثم قدم على الأخرى فطلبت منه أن يقيم عندها
عدد الأيام التي سافر مع صاحبتها (قال) قال مالك ليس ذلك لها ولكن يبتدئ
القسم بينهما ويلغي الأيام التي كان فيها مسافرا مع امرأته الا في الغزو فاني لم أسمع
مالكا يقول فيه شيئا إلا أنه قد ذكر مالك أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان يسهم بينهن فأما فيه في الغزو؟؟ أن يكون عليه أن يسهم بينهن وأما رأيي فذلك
كله عندي سواء الغزو وغيره يخرج بأيتهن شاء إلا أن يكون خروجه بإحداهن
269

على وجه الميل لها على من معها من نسائه ألا ترى أن الرجل قد يكون له المرأة ذات
الولد وذات الشرف وهي صاحبة ماله ومدبرة ضيعته فان خرج بها وأصابها السهم
ضاع ذلك من ماله وولده ودخل عليه في ذلك ضرر ولعل معها من ليس لها ذلك
القدر ولا تلك الثقلة وإنما يسافر بها لخفة مؤنتها ولقلة منفعتها فيما يخلفها له من ضيعته
وأمره ولحاجته إليها في قيامها عليه فما كان من ذلك على غير ضرر ولا ميل فلا أرى
بذلك بأسا [قلت] أرأيت ان سافرت هي إلى حج أو إلى عمرة أو ضيعة لها وأقام
زوجها مع صاحبتها ثم قدمت فابتغت أن يقيم لها عدد الأيام التي أقام مع صاحبتها
(قال) قال مالك لا شئ لها [قلت] أرأيت ان جار متعمدا فأقام عند إحداهما شهرا
فرفعته الأخرى إلى السلطان وطلبت منه أن يقيم عندها مقدار ما جار به عند
صاحبتها أيكون ذلك لها في قول مالك أم لا وهل يجبره السلطان على أن يقيم عندها
عدة الأيام التي جار فيها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى أن يزجر عن
ذلك ويستقبل العدل فيما بينهما فان عاد نكل [قال] ولقد سألت مالكا عن
العبد يكون نصفه حرا ونصفه مملوكا فيأبق عن سيده إلى بلاد فينقطع عنه عمله الذي
كان لسيده فيه ثم يقدم عليه فيريد سيده أن يحاسبه بالأيام التي غيب نفسه فيها
واستأثر بها لنفسه (قال مالك) ليس ذلك عليه وإنما يستقبل الخدمة بينه وبين سيده
من يوم يجده فهذا يبين لك أمر المرأتين وهذا كان أحرى أن يؤخذ منه تلك الأيام
متى غيب نفسه فيها لأنه حق للسيد [قلت] وما علة مالك ها هنا حين لم يحسب
ذلك على العبد (قال) قال مالك هو اذن عبد كله [قلت] أرأيت لو أن رجلا
كانت عنده امرأة فكرهها وأراد فراقها فقالت لا تفارقني واجعل أيامي كلها
لصاحبتي ولا تقسم لي شيئا أو قالت له تزوج على واجعل أيامى كلها للتي تتزوج على
(قال) قال مالك لا بأس بذلك ولا يقسم لها شيئا [قلت] أرأيت ان أعطته هذا
ثم شحت عليه بعد ذلك فقالت افرض لي (فقال) ذلك لها متى ما شحت عليه قسم لها
أو يفارقها إن لم يكن له بها حاجة وهذا رأيي [قال] فقلنا لمالك فالمرأة يتزوجها
270

الزجل وتشترط عليه أنه يؤثر من هي عنده عليها على هذا أتزوجك ولا شرط لك
على في مبيتك (قال) لا خير في هذا النكاح وإنما يكون هذا الشرط بعد وجوب
النكاح في أن يؤثر عليها فيخيرها في أن تقيم أو يفارقها فيجوز هذا فأما من اشترط
ذلك في عقدة النكاح فلا خير في ذلك [قلت] أرأيت ان وقع النكاح على هذا
(قال) أفسخه قبل البناء وان بنى بها أجزت النكاح وأبطلت الشرط وجعلت لها
ليلتها [قلت] أرأيت ان كانت عنده زوجتان فكان ينشط في يوم هذه للجماع ولا
ينشط في يوم هذه للجماع أيكون عليه في هذا شئ أم لا في قول مالك (قال)
أرى أن ما ترك من جماع إحداهن وجامع الأخرى على وجه الضرر والميل أن يكف
عن هذه لمكان ما يجد من لذته في الأخرى فهذا الذي لا ينبغي له ولا يحل فأما ما كان
من ذلك فيما لا ينشط الرجل ولا يتعمد به الميل إلى إحداهما ولا الضرر فلا بأس
بذلك [قلت] ففي قول مالك هذا أن الرجل لا يلزمه أن يعدل بينهما في الجماع
قال نعم [قلت] أرأيت القسم بين الحرائر المسلمات والإماء المسلمات وأهل الكتاب
سواء في قول مالك (قال) نعم [قلت] ويقسم العبد بين الأمة والحرة والذمية من
نفسه بالسوية في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت رجلا صام النهار وقام الليل سرمد
العبادة فخاصمته امرأته في ذلك أيكون لها عليه شئ أم لا في قول مالك (قال) أرى
أنه لا يحال بين الرجل وبين ما أراد من العبادة ويقال له ليس لك أن تدع امرأتك
بغير جماع فاما أن جامعت واما أن فرقنا بينك وبينها [قال ابن القاسم] إلا أنني
سألت مالكا عن الرجل يكف عن جماع امرأته من غير ضرورة ولا علة فقال مالك
لا يترك لذلك حتى يجامع أو يفارق على ما أحب أو كره لأنه مضار فهذا يدلك على
الذي سرمد العبادة إذا طلبت المرأة منه ذلك أن عبادته لا تقطع عنها حقها الذي
تزوجها عليه من حقها في الجماع [قلت] أرأيت الصغيرة التي قد جومعت والكبيرة
البالغة أيكون القسم بينهما سواء في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت من كانت
تحته وتقاء أو من بها داء لا يقدر على جماعها مع ذلك الداء وعندها أخرى صحيحة
271

أيكون القسم بينهما سواء في قول مالك (قال) قال مالك في الحائض والمريضة التي لا يقدر
على جماعها انه يقسم لها ولا يدع يومها وكذلك مسألتك [قلت] أرأيت إن كان
الرجل المريض أيقسم في مرضه بينهما بالسوية (قال) سألت مالكا عن المريض يمرض
وله امرأتان فقلت له أيبيت عند هذه ليلة وعند هذه ليلة (قال) مالك إن كان مرضه
مرضا يقوى عليه في أن يختلف فيما بينهما رأيت ذلك عليه وإن كان مرضه مرضا
شديدا قد غلبه أو شق عليه ذاك فلا أرى بأسا أن يقيم حيث شاء ما لم يكن ذلك منه
ميلا (قال) فقلنا لمالك فان صح أيعدل (قال) يعدل فيما بينهما القسم يبتدئه ولا يحسب
للتي لم يقم عندها ما أقام عند صاحبتها [قلت] أرأيت المجنونة والصحيحة في قول
مالك سواء في القسم بينهما بالسوية قال نعم [قال ابن القاسم] وقال مالك وليس
بين الحرائر وأمهات الأولاد من القسم شئ من الأشياء (قال) ولا بأس أن يقيم
الرجل عند أمن ولده اليومين والثلاثة ولا يقيم عند الحرة الا يوما من غير أن يكون
مضارا (قال مالك) ولقد كان هاهنا رجل ببلادنا وكان قاضيا وكان فقيها وكن له
أمهات أولاد وحرة فكان ربما أقام عند أمهات أولاده الأيام (قال مالك) ولقد
أصابه مرض فانتقل إلى أمهات أولاده وترك الحرة فلم ير أحد من أهل بلادنا بما
صنع بأسا [قلت] أرأيت المجبوب ومن لا يقدر على الجماع تحته امرأتان أيقسم من
نفسه بينهما بالسوية في قول مالك (قال) نعم في رأيي لان مالكا قال له أن يتزوج
فإذا كان أن يتزوج فعليه أن يقسم بالسوية
[تم كتاب النكاح الرابع من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه]
[وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما]
[ويليه كتاب النكاح الخامس]
272

بسم الله الرحمن الرحيم
[وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم]
{كتاب النكاح الخامس}
[في الرجل ينكح النسوة في عقدة واحدة]
[قلت لابن القاسم] أيجوز في قول مالك أن يتزوج الرجل امرأتين في عقدة
واحدة (قال) لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا ولا يعجبني ذلك إلا أن يكون سمى
لكل واحدة منهما صداقها على حدة [قلت] أرأيت ان طلق إحداهما أو مات
عنها قبل الدخول كم يكون صداقها أيقوم المهر الذي سمى أم يقسم بينهما على قدر
مهريهما (قال) لا أرى أن يجوز إلا أن يكون سمى لكل واحدة صداقها [قلت]
أرأيت ان تزوج أربع نسوة في عقدة واحدة وسمى مهر كل واحدة منهن أيكون
النكاح جائزا في قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك فيه الساعة وأراه
جائزا لان الذي أخبرتك به أنه بلغني من قول مالك أنه إنما كرهه لأنه لا يدرى
ما صداق هذه من صداق هذه [قلت] أرأيت ان تزوج حرة وأمة في عقدة
واحدة وسمى لكل واحدة صداقها (قال) كان مالك مرة يقول يفسخ نكاحه الأمة
ويثبت نكاح الحرة ثم رجع فقال إن كانت الحرة علمت بالأمة فالنكاح ثابت
نكاحها ونكاح الأمة ولا خيار لها وان كانت لا تعلم فلها الخيار ان شاءت أقامت
وإن شاءت فارقت [قال سحنون] وقد بينا هذا الأصل في الكتاب الأول
{في نكاح الأم وابنتها في عقدة واحدة}
[قلت] أرأيت الرجل يتزوج المرأة وابنتها في عقدة واحدة ويسمى لكل واحدة
273

صداقها ولم يدخل بواحدة منهما (قال) قال مالك ولم أسمعه أنا منه ولكن بلغني أنه
قال يفسخ هذا النكاح ولا يقر على واحدة منهما [قلت] فان قال أنا أفارق واحدة
وأمسك الأخرى (قال) ليس ذلك له لأنه لم يعقد نكاح واحدة منهما قبل صاحبتها
[قلت] فإذ فرقت بينهما أيكون له أن يتزوج الأم منهما قال نعم [قلت] تحفظه
عن مالك (قال] لم أسمعه من مالك ولكن هذا رأيي أن له يتزوج الأم [قلت]
ويتزوج البنت (قال) لا بأس بذلك [قال سحنون] وقد قيل إنه لا يتزوج الأم
للشبهة التي في البنت [قلت] أرأيت ان تزوج امرأة وابنتها في عقدة واحدة وللأم
زوج ولم يعلم بذلك ثم علم بذلك أيكون نكاح الابنة جائزا أم لا في قول مالك (قال)
ذلك لا يجوز لان من قول مالك كل صفقة وقعت بحلال وحرام فلا يجوز ذلك
عنده في البيوع. قال وقال مالك وأشبه شئ بالبيوع النكاح [ابن وهب] عن
يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه يرفع الحديث إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل
بها فلا يحل له نكاح أمها وأيما رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يجل له نكاح ابنتها وإن لم يدخل بها فلينكحها [رجال من أهل العلم] عن زيد بن ثابت وابن شهاب والقاسم
وسالم وربيعة مثله إلا أن زيدا قال الأم مبهمة ليس فيها شرط وإنما الشرط في الربائب
{الذي يتزوج المرأة ثم يتزوج ابنتها قبل أن يدخل بها}
[قلت] أرأيت ان تزوج رجل امرأة فلم يدخل بها ثم تزوج ابنتها بعد ذلك وهو
لا يعلم فدخل بالبنت (قال) تحرم عليه الأم والبنت جميعا [قال] وقال مالك ولا يكون
للأم صداق ويفرق بينهما ثم يخطب البنت ان أحب فأما الأم فقد حرمت عليه أبدا
لأنها قد صارت من أمهات نسائه وإن كان نكاح البنت حراما فإنه يحمل في الحرمة
محمل النكاح الصحيح ألا ترى أن النسب يثبت فيه وأن الصداق يجب فيه وأن
الحدود تدفع فيه فلا بد للحرمة من أن تقع فيه كما تقع في النكاح الصحيح [قلت]
أرأيت ان تزوج بنتا ثم تزوج أمها بعدها فبنى بالأم ولم بين بالابنة (قال) يفرق بينه
274

وبينهما كذلك قال مالك ولا تحل له واحدة منهما أبدا لان الأم قد دخل بها فصارت
الربيبة محرمة عليه أبدا والأم هي من أمهات نسائه فلا تحل له أبدا [ابن وهب]
عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها ثم تزوج أخرى
فإذا هي ابنتها (قال) أرى أن يفرق بينه وبين ابنتها فإنه نكحها على أمها فإن لم يكن
مس ابنتها أقرت عنده أمها فإن كان مسها فرق بينه وبين أمها بجمعه بينهما وقد نهى
الله عن ذلك ولها مهرها بما استحل منها (قال يونس) وقال ربيعة يمسك الأولى فان
دخل بابنتها فارقهما لان هاتين لا تصلح إحداهما مع الأخرى [قلت] ومحمل الجدات
وبنات البنات وبنات البنين هذا المحل في قول مالك قال نعم [قال] وقال مالك كل
امرأتين لا يحل لرجل أن يتزوج منهما واحدة بعد واحدة في النكاح الصحيح إذا
دخل بالا ولى فانظر إذا تزوج واحدة بعد واحدة فاجتمعا في ملكها فوطئ الأولى
منهما فرق بينه وبين الآخرة وان وطئ الآخرة منهما فرق بينه وبين الأولى
والآخرة جميعا ثم إن أراد أن يخطب إحداهما فانظر إلى ما وصفت لك من أمر الأم
والبنت فاحملهم على ذلك المحمل فإن كان وطئ الأم حرمت البنت أبدا وإن كان
وطئ البنت ولم يطأ الأم لم تحرم البنت فإن كان نكاح الابنة أو لا ثبت معها وفرق
بينه وبين الأم وإن كان نكاح البنت آخرا فرق بينه وبينهما جميعا ثم خطبها بعد
ثلاث حيض أو بعد أن تضع حملا إن كان بها حمل [قلت] أرأيت الرجل يتزوج
المرأة فينظر إلى شعرها أو إلى صدرها أو إلى شئ من محاسنها أو ينظر إليها تلذذا أو
قبل أو باشر ثم طلق أو ماتت إلا أنه لم يجامعها أتحل له ابنتها وقد قال الله تعالى
وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن
فلا جناح عليكم (قال) قال مالك إذا نظر إلى شئ منها تلذذا لم يصلح له أن يتزوج
ابنتها (قال مالك) وكذلك الخادم إذا نظر إلى ساقيها أو معصميها تلذذا لم تحل له بنت
الخادم أبدا ولا تحل الخادم لأبيه ولا لابنه أبدا [ابن وهب] عن يحيى بن أيوب
عن ابن جريج يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الذي يتزوج
275

المرأة فيغمزها ولا يزيد على ذلك قال لا يتزوج ابنتها (قال) وكان ابن مسعود يقول
إذا قبلها فلا تحل له الابنة أبدا (وكان) عطاء يقول إذا جلس بين فخذيها فلا يتزوج
ابنتها [مخرمة] عن أبيه عن عبد الله بن أبي سلمة ويزيد بن قسيط وابن شهاب في
رجل تزوج امرأة فوضع يده عليها وكشفها ولم يمسها انه لا يحل له ابنتها [قلت]
أرأيت ان تزوج الأم فدخل بها ثم تزوج البنت ودخل بها (قال) قال مالك تحرمان
عليه جميعا وكذلك الجدات وبنات بناتها وبنات بنيها هن بهذه المنزلة الأم والابنة
في الحرمة [قلت] فان تزوج الأم ودخل بها أولم يدخل بها ثم تزوج البنت بعد
ذلك ولم يدخل بالبنت (قال) قال مالك يفرق بينه وبين البنت ويثبت على الأم لان
نكاح الأم لا يفسد الا بوطئه الابنة إذا كان وطئ الابنة بنكاح فاسد وكذلك أن
كان إنما تزوج البنت أولا فوطئها أولم يطأها ثم تزوج الأم بعد ذلك لم يفسد نكاح
البنت إلا أن يطأ الأم [قلت] أرأيت ان تزوج امرأة في عدتها ولم يبن بها حتى
تزوج أختها أو أمها أيقران على النكاح الثاني في قول مالك (قال) يثبت النكاح
الثاني في رأيي لان العقدة الأولى كانت باطلة لأنها تحل لابنه ولأبيه أن ينكحها
[قلت] أرأيت ان تزوج امرأة في عدتها فلم يبن بها حتى تزوج أختها أو أمها
أيقران على النكاح الثاني في قول مالك (قال) يثبت على النكاح الثاني في رأيي لان
العقدة الأولى عقدة المرأة التي تزوجها في عدتها ليست بعقدة وليس ذلك بنكاح
ألا ترى أنه إذا لم يبن بها أو يتلذذ منها بشئ حتى يفرق بينهما أن مالكا قال لا بأس
أن يتزوجها والده أو ابنه فهذا يدلك على مسألتك [قلت] أرأيت ان تزوج الأم
وابنتها في عقدة واحدة فدخل بهما جميعا (قال) يفرق بينهما ولا ينكح واحدة منهما
أبدا وهذا قول مالك [قلت] فإن كان إنما دخل بالأم أو بالابنة أولم يدخل بهما جميعا
(قال) سمعت عن مالك أنه قال إن كانت عقدتهما واحدة فدخل بالبنت حرمت عليه
الأم ولا يتزوجها أبدا وفسخ نكاح البنت أيضا حتى يستبرئ رحمها ثم يتزوجها ان
أحب بعد ذلك نكاحا مستقبلا (قال) وإن كان دخل بالأم ولم يدخل بالبنت فرق
276

بينه وبينها ويستبرئ رحم الأم ثم ينكحها بعد ذلك ولا ينكح البنت أبدا وإن كان لم
يدخل بواحدة منهما وكانت عقدتهما واحدة فرق بينهما ويتزوج بعد ذلك أيتهما
شاء وهو رأيي لان عقدتهما كانت حراما فلا يحرمان بعد ذلك حين لم يصبهما
ألا ترى أنه لا يرث واحدة منهما لو ماتت ولو طلق واحدة منهما لم يكن ذلك طلاقا
[قال سحنون] وقد بينا هذا الأصل في أول الكتاب [قلت] أرأيت لو أن
رجلا تزوج امرأة فلم يبن بها حتى تزوج أمها وهو لا يعلم فبنى بالأم أيفرق بينه وبين
الابنة في قول مالك قال نعم [قامت] ويكون عليه للابنة نصف الصداق في قول
مالك (قال) لا يكون لها عليه من الصداق قليل ولا كثير [قلت] ولم وإنما
جاءت هذه الفرقة والتحريم من قبل الزوج (قال) لان هذا التحريم لم يتعمده
الزوج وصار نكاح البنت لا يقر على حال فلما فسخ قبل البناء صارت لا مهر لها
لا نصف ولا غيره [ابن وهب] عن مخرمة عن أبيه قال سمعت سعد بن عمار
يقول سألت ابن المسيب وعروة وأبان بن عثمان عن رجل كانت له وليدة يطؤها ثم إنه باعها من رجل فولدت له جارية فأراد سيد الجارية الأول أن ينكح ابنتها من
هذا الرجل (قال) فكلهم نهاه عن ذلك ورأوا أنه لا يصلح (وقال) مالك انه بلغه
ذلك إلا أنه قال فأراد الذي باعها أن يشترى ابنتها فيطأها قال فسأل عن ذلك أبان
وابن المسيب وسليمان بن يسار فنهوه عن ذلك (وقال) وأخبرني الليث عن
يحيى بن سعيد مثله
{في الرجل بزنى بأم امرأته أو يتزوجها عمدا}
[قلت] أرأيت ان زنى بأم امرأته أو بابنتها أتحرم عليه امرأته في قول مالك (قال)
قال لنا مالك يفارقها ولا يقيم عليها وهذا خلاف ما قال لنا مالك في موطئه وأصحابه
على ما في الموطأ ليس بينهم فيه اختلاف وهو الامر عندهم [ابن أبي ذئب] عن
الحارث بن عبد الرحمن أنه سأل ابن المسيب عن رجل كان يتبع امرأة حراما فأراد
أن ينكح ابنتها أو أمها قال فسألت ابن المسيب فقال لا يحرم الحرام الحلال (قال) ثم
277

سألت عروة بن الزبير فقال نعم ما قال ابن المسيب (قال) ابن أبي ذئب وقال ذلك ابن
شهاب (قال) وأخبرني رجال من أهل العلم عن معاذ بن جبل وربيعة قالا ليس لحرام
حرمة في الحلال [قلت] فان تزوج أم امرأته عمدا وهو يعلم أنها أمها أتحرم عليه
الابنة في قول مالك (قال) قد أخبرتك انه كره أن يقيم عليها بعد الزنا فكيف
بهذه التي تزوج والتزويج في هذا والزنا في أم امرأته التي تحته سواء إلا أن الذي
تزوج ان عذر بالجهالة فلا حد عليه وهو أحرم من الذي زنى لأنه نكاح ويدرأ عنه
فيه الحد ويلحق به النسب [قلت] أرأيت الصبي إذا تزوج المرأة ولم يجامعها أو
جامعها وهو صبي هل تحل لآبائه أو لأجداده أو لولده أولا ولاد أولاده في قول
مالك (قال) لا لان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه وحلائل أبنائكم الذين من
أصلابكم فلا تحل زوجة الابن علي حال من الحالات دخل بها الابن أو لم يدخل بها
وإنما تقع الحرمة عند عقد الابن نكاحها (قال) وكذلك امرأة الأب إذا عقد الأب
نكاحها حرمت على أولاده وإن لم يدخل بها بعقد النكاح تقع الحرمة ها هنا ليس
بالجماع إنما تلك الربيبة التي لا تقع الحرمة الا بجماع أمها ولا تقع الحرمة بعقد نكاح
أمها [قلت] أرأيت الرجل يفسق بالمرأة يزنى بها أتحل لأبيه أو لابنه (قال) سمعت
مالكا غير مرة وسئل عن الرجل يزنى بأم امرأته أو يتلذذ بها فيما دون الفرج فقال
أرى أن يفارق امرأته فكذلك الرجل عندي إذا زنى بامرأة لم ينبغ لابنه ولا لأبيه
أن يتزوجاها أبدا وهو رأيي الذي آخذ به [قلت] أفيتزوج الرجل المرأة التي قد
زنى بها هو نفسه في قول مالك (قال) نعم بعد الاستبراء من الماء الفاسد [قلت]
ويحل للذي فسق بهذه المرأة أن يتزوج أمهاتها أو بناتها (قال) سمعت مالكا يسئل
عن الذي يزني بختنته أو يعبث عليها فيما فوق فرجها فرأى أن يفارق امرأته فكيف
يتزوج من أليس تحته فالذي أمره مالك أن يفارق امرأته من أجلها أيسر من التي
قد زنى بها أن يتزوج أمها أو ابنتها وهو رأيي الذي آخذ به [قلت] أرأيت مالكا
هل كان يكره أن يتزوج الرجل المرأة قد قبلها أبوه لشهوة أو ابنه أولا مسها أو
278

أو باشرها حراما (قال) سمعت منه في الذي يعبث على ختنته فيما دون الفرج أن
مالكا أمره أن يفارق امرأته فهذا مثله وهو رأيي الذي آخذ به أن لا يتزوجها وان
ما تلذذ به الرجل من امرأة على وجه الحرام فلا أحب لأبيه ولا لابنه أن يتزوجها
ولا أحب له أن يتزوج أمها ولا ابنتها وقد أمره مالك أن يفارق من عنده لما أحدث
في أمها فكيف يجوز لمن ليست عنده أن يتزوجها [قلت] فان جامعها أكان مالك
يكره لأبيه أو لابنه أن ينكحها قال نعم [قلت] أرأيت ان زنى الرجل بامرأة أبيه
أو بامرأة ابنه أتحرم على أبيه أو على ابنه في قول مالك (قال) الذي آخذ به أنه لا ينبغي
لرجل ولا لأبيه أن يخبرا امرأة واحدة كما كره مالك أن يخبر الرجل الواحد المرأة
وابنتها (قال) وسمعته وسأله رجل عن رجل زنى بأم امرأته قال أرى أن يفارقها والذي
سأله عنها هو رجل نزلت به وأنا أرى إذا زنى الرجل بامرأة ابنه أن يفارقها الابن
ولا يقيم عليها [مخرمة بن بكير] عن أبيه قال سمعت سليمان بن يسار واستفتى في
رجل نكح امرأة ثم توفى ولم يمسها هل تصلح لابنه فقال لا تصلح لابنه (قال بكير)
وقال ذلك ابن قسيط [ابن لهيعة] عن جابر بن عبد الله بذلك [يونس] قال ابن
شهاب لا تحل لابنه وان طلقها (قال يونس) وقال ربيعة لا تحل امرأة ملك بضعها
رجل لوالد ولا لولد دخل بها أو لم يدخل بها
{في نكاح الأختين}
[قلت] أرأيت ان تزوج امرأة فلم بين بها حتى تزوج أختها فبنى بها أيتهن امرأته
في قول مالك (قال) الأولى ويفرق بينه وبين الثانية [قلت] ويكون للأخت
المدخول بها مهر مثلها أو المهر الذي سمى لها (قال) قال مالك المهر الذي سمى لها
(قال مالك) وكذلك أن تزوج أخته من الرضاعة ففرق بينهما بعد البناء فان لها المهر
الذي سمي [قلت] أرأيت لو أن رجلا تزوج في عقدة واحدة أختين لم يعلم
بذلك ولا هما علمتا بذلك فعلم قبل البناء بهما أو بعد البناء أيكون للزوج الخيار
في أن يحبس أيتهما شاء في قول مالك (قال) لا خيار للزوج في أن يحبس واحدة
279

منهما ولكن يفرق بينه وبينهما (قال) وكل امرأتين يجوز له أن ينكح إحداهما بعد
صاحبتها ولا يجوز له أن يجمعهما جميعا تحته فإنه إن كان تزوجهما في عقدة واحدة
فبنى بهما أو لم يبن بهما فسخ نكاحه منهما جميعا ولا خيار له في أن يحبس واحدة
منهما وينكح أيتهما شاء بعد ذلك بعد أن يستبرئ إن كان قد دخل بهما أو بواحدة
منهما وهذا قول مالك [ابن وهب] عن يونس أنه سأل ان شهاب عن رجل
تزوج امرأة ولم يدخل بها ثم تزوج أخرى بالشام فدخل بها فإذا هي أختها ثم قال لها
أنت طالق ثلاثا قال ابن شهاب لا نرى عليه بأسا أن يمسك الأولى منهما فان نكاحها
كان أول نكاح وللتي طلق مهرها كاملا وعليها العدة وان كانت حاملا فعليه نفقتها
حتى تضع حملها [قال يونس] وقال ربيعة إما هو تكون الأولى بيده فهي امرأته
وقد فارق الآخرة وإما هو طلق الأولى فالآخرة مفارقة على كل حال [قلت]
أرأيت ان تزوج أختين واحدة بعد واحدة وقد دخل بهما جميعا (قال) قال مالك
يفرق بينه وبين الآخرة ويثبت مع الأولى وكذلك العمة والخالة مما يحل للرجل أن
يتزوج واحدة بعد هلاك الأخرى أو طلاقها
{في الأختين من ملك اليمين}
[قلت] أرأيت الرجل يتزوج المرأة وعنده أختها بملك يمينه قد كان يطؤها أيصلح
له هذا النكاح (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال لا ينبغي للرجل أن
يتزوج امرأة الا امرأة يجوز له أن يطأها إذا نكحها فأرى هذه عندي لا يستطيع
إذا تزوجها أن يطأها ولا يقبلها ولا يباشرها حتى يحرم عليه فرج أختها ولا يعجبني
أن ينكح الرجل امرأة ينهى عن وطئها أو تقبيلها لتحريم أخرى على نفسه ولا يجوز
له أن ينكح الا في الموضع الذي يجوز له فيه الوطء ولو نكح لم أفرق بينه وبين
امرأته ووقفته عنها حتى يحرم أيتهما شاء ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي [قال
سحنون] وقد قال عبد الرحمن أن النكاح لا ينعقد وهو أحسن قوله وقد بينا هذا
الأصل في كتاب الاستبراء
280

[قلت] أرأيت لو أن رجلا كان يطأ أمة فباعها من رجل ثم تزوج أختها فلم يبن بها
حتى استبرأ أختها التي كان يطأ أيكون له أن يطأ امرأته وقد عادت إليه الأمة التي
كان يطأ أم لا يكون له أن يطأ امرأته حتى يحرم عليه فرج الأمة (قال) نعم له أن
يطأ امرأته وليس عليه أن يحرم فرج جاريته [قال ابن القاسم] وقد قال مالك في
الرجل يكون عنده الأختان من ملك اليمين فيطأ إحداهما قال مالك فلا يطأ
الأخرى حتى يحرم فرج التي وطئ فان هو باع التي وطئ ثم وطئ التي عنده ثم
اشترى التي باع (قال) قال مالك فلا بأس أن يقيم على التي وطئ لأنه حين باع التي
كان وطئها أولا حل له أن يطأ أختها فلما وطئ أختها بعد البيع ثم اشتراها والتي
عنده حلال له فلا يضره شراء أختها في وطه هذه التي عنده [قلت] لابن القاسم
ان هذا حين باع أختها وطئ هذه التي بقيت في ملكه وليس مسألتي هكذا إنما
مسألتي أنه عقد نكاح أختها بعد بيعها فلم يطأ أختها التي كان يطأ وقول مالك انه
وطئ التي بقيت في ملكه بعد بيع الأخرى قال الوطئ هاهنا والعقد سواء لان
التحريم قد وقع بالبيع [قلت] أوقع التحريم بالبيع في التي باع ووقع التحليل في
التي بقيت عنده في ملكه فلا يضره وطئها أو لم يطأها ان هو اشترى التي باع فله أن
يطأ التي بقيت في ملكه ويمسك عن التي اشترى (قال) نعم [قلت] وتجعلهما
كأنهما اشترينا بعد وطئهما جميعا قال نعم [قلت] وتجعلهما كأنهما اشتريتا بعد
ما وطئهما جميعا قال نعم [قلت] ولو أن رجلا كان يطأ جارية فباعها وعنده أختها لم
يكن وطئها ثم اشترى التي كان باع قبل أن يطأ التي كان مخيرا أن يطأ أيتهما شاء لان
التحليل وقع فيهما قبل أن يطأ التي عنده فله أن يطأ أيتهما شاء (قال) نعم هاتان قد
اجتمع له التحليل في أيتهما شاء فإذا وطئ واحدة أمسك عن الأخرى حتى يحرم
عليه فرج التي كان وطئ وهذا رأيي [قال] ولو أن رجلا كانت عنده أختان
فوطئ إحداهما ثم وثب على الأخرى فوطئها قبل أن يحرم عليه فرج التي وطئ أولا
وقف عنهما جميعا حتى يحرم عليه أيتهما شاء [قلت] أرأيت ان تزوج امرأة فلم
281

يطأها حتى اشترى أختها أيكون له أن يطأ امرأته قبل أن يحرم عليه فرج التي
اشترى (قال) نعم لا بأس بذلك ألا ترى لو أن رجلا اشترى أختا بعد أخت كان
له أن يطأ الأولى منهما وان شاء الآخرة إلا أن هذا في النكاح لا يجوز له أن يطأ
أختها التي اشترى إلا أن يفارق امرأته وهذا في هذه المسألة مخالف للشراء
فكذلك النكاح [قلت] أرأيت ان تزوج امرأة فاشترى أختها قبل أن يطأ
امرأته فوطئ أختها أتمنعه من امرأته حتى يحرم عليه فرج أمته أم لا (قال ابن
القاسم) يقال له كف عن امرأتك حتى تحرم عليك فرج أختها [قلت] ولا يفسد
هذا نكاحه قال لا [قلت] لم (قال) لان العقدة وقعت صحيحة فلا يفسده
ما وقع بعده من أمر أختها ألا ترى أنه لو تزوج امرأة ثم تزوج أختها فدخل بالثانية
فإنه يفرق بينه وبين الثانية عند مالك ويثبت على نكاح الأولى فكذلك مسألتك وان
تزوج أختين في عقدة واحدة وان سمى لكل واحدة مهرا كان نكاحه فاسدا عند
مالك فكذلك الذي كانت عنده أمة يطؤها فيتزوج أختها بعد ذلك فأرى أن يوقف
عنها حتى يحرم عليه فرج أختها التي وطئها ولا أرى أن يفسخ النكاح [قلت]
أرأيت الرجل يكون عنده أم ولد ثم تزوجها ثم يشترى أختها فيطؤها ثم ترجع إليه
أم ولده أيكف عن أختها التي وطئ أم يقيم على وطئها ويمسك عن أم ولده (قال)
بل يقيم على وطه هذه التي عنده ويمسك عن أم ولده [قلت] فان ولدت منه
الثانية فزوجها ثم رجعتا إليه جميعا أيكون له أن يطأ أيتهما شاء ويمسك عن الأخرى
(قال) نعم ما لم يطأ التي رجعت إليه أولا قبل أن ترجع إليه الأخرى
{في وطئ الأختين من الرضاعة بملك اليمين
[قلت] أرأيت الرجل يملك الأختين من الرضاعة أيصلح له أن يطأهما في قول
مالك (قال) قال مالك إذا وطئ إحداهما فليمسك عن الأخرى حتى يحرم عليه
فرج التي وطئ ثم إن شاء وطئ الأخرى وان شاء أمسك عنها [قلت] والرضاعة
في هذا والنسب في قول مالك سواء (قال) نعم.
282

{في نكاح الأخت على الأخت في عدتها}
[قلت] أيصلح للرجل أن يتزوج امرأة في عدة أختها منه من طلاق بائن في قول
مالك (قال) نعم [قلت] وكذلك لو كن تحته أربع نسوة فطلق إحداهن طلاقا بائنا فتزوج
أخرى في عدتها (قال) قال مالك نعم ذلك جائز [قلت] أرأيت ان طلق امرأته
تطليقة فقال الزوج قد أخبرتني أن عدتها قد انقضت وذلك في مثل ما تنقضي فيه
العدة أيصدق الرجل على ابطال السكنى إن كان أبت طلاقها وإن كان لم يبت
طلاقها أيصدق على قطع النفقة والسكنى عن نفسه وعلى تزويج أختها (قال) لا يصدق
لان مالكا قال في العدة القول قول المرأة [قلت] أرأيت إن كان قد تزوج أختها
فقالت المرأة لم تنقض عدتي وقال الزوج قد أخبرتني أن عدتك قد انقضت (قان) لم
أسمع من مالك في هذا شيئا وقد أخبرتك بقول مالك ان القول قول المرأة في
انقضاء العدة وأرى أن يفرق بينهما ولا يصدق إلا أن يشهد على قولها أو يأتي بأمر
يعرف به أن عدتها قد انقضت [مخرمة بن بكير] عن أبيه قال سمعت يزيد بن
عبد الله بن قسيط واستفتي في رجل طلق امرأته فبتها هل يصلح له أن ينكح أختها
وهذه في عدتها منه لم تنقض بعد (قال) نعم وقال ذلك عبد الله بن أبي سلمة وأخبرني غير
واحد عن ابن شهاب مثله وقال من أجل أنه لا رجعة له عليها وأنه لا ميراث بينهما
[قال] عبد العزيز بن أبي سلمة مثله [مالك] عن ربيعة عن القاسم بن محمد وعروة
ابن الزبير أنهما سئلا عن رجل تحته أربع نسوة فطلق واحدة البتة أينكح ان أراد
قبل أن تنقضي عدتها فقالا نعم فلينكح ان أحب [وأخبرني] رجال من أهل العلم
عن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت وسالم بن عبد الله وابن شهاب وربيعة وعطاه
ويحيى بن سعيد وسعيد بن المسيب بذلك وقال عثمان إذا طلقت ثلاثا فإنها لا ترثك ولا
ترثها انكح إن شئت (وقال) عطاء لينكح قبل أن تنقضي العدة وهو أبعد الناس منها
283

{في الجمع بين النساء}
[قال ابن القاسم] وقال مالك في كل من يحل من النساء أن ينكح واحدة بعد
واحدة فلا يحل له أن يجمع بينهن في ملك واحد مثل العمة وبنت الأخ وبنت
الأخت والأختين فهو إذا تزوج واحدة بعد واحدة وهو لا يعلم فدخل بالآخرة
منهما قبل أن يدخل بالا ولى أو دخل بهما جميعا فإنه في هذا كله يفرق بينه وبين
الآخرة ويثبت مع الأولى لان نكاحهما كان صحيحا فلا يفسد نكاحها ما دخل هاهنا
من نكاح عمتها ولا أختها وإن كان قد دخل بالآخرة فعليه صداقها الذي سمى لها
وإن لم يكن سمى صداقا فعليه صداق مثلها والفرقة بينهما بغير طلاق لأنه لا يقر معها
على حال وهذا كله قول مالك [قال ابن القاسم] العمة وبنات أخيها وبنات بناتها
وبنات بنيها وان سفلن بنات الذكور منهن وبنات الإناث فلا يصلح لرجل أن يجمع
بينهن بين ثنتين منهن لأنهن ذوا ت محارم وقد نهى أن يجمع بين ذوات المحارم
فكذلك هذا في الرضاع سواء يحمل هذا المحمل وكذلك هذا في الملك عند مالك
لان مالكا قال يحرم من الرضاعة في الملك ما يحرم من النسب [قلت] أرأيت
الخالة وبنت الأخت من الرضاعة أيجمع بينهما الرجل في نكاح أو في ملك اليمين
يطؤهما في قول مالك (قال) قال مالك الولادة والرضاعة والملك سواء التحريم فيها
سواء في النكاح وفى ملك اليمين سواء لا يصلح له أن يتزوج الخالة وبنت أختها من
الرضاعة ولا بأس أن يجمعها في الملك ولا يجمعهما في الوطئ ان وطئ واحدة لم يطأ
الأخرى حتى يحرم عليه فرج التي وطئ [ابن لهيعة] عن الأعرج عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جمع الرجل بين المرأة وعمتها وبين
المرأة وخالتها [ابن لهيعة] عن ابن هبيرة عن عبد الله بن زرير عن علي بن أبي
طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله [يونس] عن ابن شهاب قال نرى
خالة أبيها وعمة أمها بتلك المنزلة وإن كان ذلك من الرضاعة [يونس] عن ابن
شهاب قال لا يجمع بين امرأة وخالة أبيها ولا خالة أمها ولا عمة أبيها ولا عمة أمها
284

{في وطئ المرأة وابنتها من ملك اليمين والنكاح}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا وطئ جاريته أو جارية ابنه وعنده أمها امرأة له فولدت
الأمة أتحرم عليه امرأته وهل تكون الأمة أم ولد له في قول مالك (قال) أرى أن
يفارق امرأته وأرى أن يعتق الجارية لأنه لا ينبغي له وطؤها بوجه من الوجوه وليس
له أن يتعبها في الخدمة وإنما كان له فيها من المتاع بالوطئ لأني سمعت مالكا يقال من
زنى بأم امرأته انه يفارق امرأته فكيف بمن وطئ بملك وهو لاحد عليه فيها فمن
لاحد عليه فيها أشد في التحريم ممن عليه فيها الحد والحجة في أنها تعتق لان مالكا
سئل عن الذي يطأ أخته من الرضاعة وهو يملكها قال لاحد عليه وأرى أن تعتق
عليه ان حملت لأنه لا يصل إلى وطئها ولا منفعة له فيها من خدمة وكل من وطئ
من ذوات المحارم فحملت فإنه يعتق عليه ولا يؤخر فالذي وطئ ابنة امرأته مما يملكه
بمنزلة أخته من الرضاعة ممن يملك سواء ولو لم تحمل حرمت عليه امرأته لأنه ممن
لاحد عليه وهذا مما لا اختلاف فيه ولقد سمعت مالكا غير مرة يقول يفارق امرأته
إذا زنى بأمها أو بابنتها فكيف بهذا [الليث] عن يحيى بن سعيد أنه قال لا يصلح
للرجل أن ينكح ابنة ابن امرأته ولا ابنة ابنتها ولا شيئا من أولاد أولادهما وان
بعدن منة (قال) وبلغني عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى أبي بكر بن حزم يقول
تسألني عن الرجل يجمع بين المرأة وابنتها في ملك اليمين فلا يقرن ذلك لاحد فعله
فقد نزل في القرآن النهى يعنى عنه وإنما استحل ذلك من استحله لقول الله تعالى الا
ما ملكت أيمانكم وقد كان بلغنا أن رجلا من أسلم سأل عثمان بن عفان عن ذلك
فقال لا يحل لك ودخل عليه علي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف في رجال من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهوه عن ذلك وقالوا إنما أحل الله لك ما سمى
لك سواء هؤلاء مما ملكت أيمانكم
285

{احصان النكاح بغير ولى}
[قلت] لابن القاسم أرأيت ان تزوج رجل امرأة بغير ولى استخلفت على نفسها
رجلا فزوجها ودخل بها أيكون هذا نكاح احصان في قول مالك (قال)
لا يكون احصانا
{احصان الصغيرة}
[قلت] أرأيت الصبية الصغيرة التي لم تحصن ومثلها يجامع إذا تزوجها فدخل بها
وجامعها أيكون ذلك احصانا في قول مالك أم لا (قال) نعم تحصنه ولا يحصنها
[قلت] أرأيت المجنونة والمغلوبة على عقلها إذا تزوجها فدخل بها وجامعها هل تحصنه
في قول مالك (قال) نعم في رأيي ولا يحصنها هو (وقال) بعض الرواة يحصنها وهي من
الحرائر المسلمات ولا نكاحها حلال
{احصان الصبي والخصي}
[قلت] أرأيت الصبي إذا لم يحتلم يتزوج المرأة فيدخل بها فيجامعها ومثله يجامع
أيحصنها قال لا [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت هذا الصبي إذا
بنى بامرأته وجامعها هل يجب بجماعه إياها المهر لها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
ولا أرى ذلك لها ولا عدة عليها ان صالحها أبوه أو وصيه [قلت] أرأيت الخصي
القائم الذكر هل يحصن (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن قال مالك هو
نكاح وهو يغتسل منه ويقام فيه الحد فإذا تزوج وجامع فذلك احصان [قلت]
أرأيت المجنون والخصي هل يحصنان المرأة (قال) نعم في رأيي لأن المرأة إذا رضيت
بأن تتزوج مجنونا أو خصيا قائم الذكر فهو وطئ يجب فيه الصداق ويجب لوطئ
المجنون والخصي الحد فإذا كان هكذا فجماعه في النكاح احصان وهو نكاح صحيح
إلا أن لها أن تختار إن لم تعلم وان علمت فرضيت فوطئها بعد علمها فهو نكاح
286

[قلت] أرأيت المجبوب هل يحصنها (قال) لا يحصن الا الوطئ عند مالك والمجبوب
لا يطأ [قلت] أرأيت العبد هل يحصن الحرة قال نعم [قلت] أرأيت امرأة
تزوجها خصى وهي لا تعلم أنه خصى وكان يطؤها ثم علمت أنه خصى فاختارت
فراقه أيكون وطؤه ذلك احصانا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
ولا أراه إحصانا لها ولا له ولا يكون الاحصان عند مالك الا ما يقام عليه ولا خيار
فيه (قال ابن القاسم) فان أصابها بعد علمها بأنه خصى انقطع خيارها ووجب عليها
الاحصان بذلك الوطئ [يونس بن يزيد] عن ابن شهاب أنه سمع عبد الملك بن
مروان يسأل عبيد الله بن عبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هل تحصن الأمة
الحر فقال نعم فقال له عبد الملك عمن تروي هذا فقال أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقولون ذلك [يونس] عن ربيعة أنه قال يحصن الحر بالمملوكة
وتحصن الحرة بالعبد لان الله تبارك وتعالى جعل ذلك تزويجا تجري فيه العدة والردة
والصداق وعدة ما أحل الله من النساء [يونس] عن ابن شهاب قال إن الأمة تحصن
الحر لان الله تعالى قال وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم أن يكونوا
فقراء فبذلك كان يرى أهل العم أنه احصان [ابن لهيعة] عن بكير بن الأشج عن
سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار مثله [ابن لهيعة] عن محمد بن
عبد الرحمن عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعبد الرحمن بن الهدير وكان شيخا
قديما مرضيا وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وابن قسيط
أنهم كانوا يقولون الحر يحصنه نكاح الأمة والعبد يحصن بنكاحه الحرة [مخرمة]
عن أبيه عن القاسم وسالم وسليمان بن يسار مثله [ابن وهب] عن شمر بن نمير
عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب بذلك [مالك] قال
بلغني عن القاسم بن محمد أنه كان يقول إذا نكاح الحر الأمة فقد أحصنته (قال)
مالك وقال ذلك ابن شهاب [قال ابن وهب] قال مالك والامر عندنا أن الجرة
يحصنها العبد إذا مسها
287

{في احصان الأمة واليهودية والنصرانية}
[قلت] هل تحصن الأمة واليهودية والنصرانية الحر في قول مالك (قال)
نعم إذا كان نكاحهن صحيحا [قلت] فإن كان النكاح فاسدا أيكونان به محصنين
إذا كانا حرين مسلمين أو حرا مسلما على نصرانية أو أمة والنكاح فاسد (قال) لا يحصن
هذا النكاح وإنما يحصن من النكاح عند مالك ما كان منه يقام عليه [قلت] أرأيت
المسلم يتزوج النصرانية فيطؤها ثم يطلقها أو يموت عنها ثم تزني قبل أن تسلم أو تسلم
ثم تزني أتكون محصنة أم لا (قال) قال مالك لا تكون محصنة حتى تسلم وهي تحت
زوج فيجامعها من بعد الاسلام فان جامعها من بعد الاسلام أحصنها والا لم يحصنها
(قال مالك) وكذلك الأمة لا يحصنها زوجها بجماع كان منه وهي في رقها وإنما يحصنها
إذا جامعها بعد ما عتقت [يونس بن يزيد] عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال
لا تحصن النصرانية بمسلم أن جاز له نكاحها ولا يحصن من كان على غير الاسلام
بنكاحه وان كانوا من أهل الذمة بين ظهراني المسلمين حتى يخرجوا من دينهم إلى
الاسلام ثم يحصنون في الاسلام قد أقروا بالذمة على ما هو أعظم من نكاح الأمهات
والبنات على قول البهتان وعبادة غير الرحمن [يونس] عن ربيعة أنه قال لا يحصن
العبد ولا الأمة بنكاح كان في رق فإذا أعتقا فكأنهما لم يتزوجها قبل ذلك فإذا تزوجها
بعد العتاقة وابتنيا فقد أحصنا [يونس] عن ابن شهاب أنه قال في مملوك تحته أمة
فيعتقان ثم زنيا بعد ذلك قال يجلد كل واحد منهما مائة جلدة فإنهما عتقا وهما متناكحان
بنكاح الرق [يونس] عن ابن شهاب أنه قال لم نسمع أحدا من علمائنا يشك في
أنه قد أحصن وأنه قد وجب عليه الرجم إذا نكح المسلم الحر النصرانية [مخرمة]
عن أبيه قال سمعت عبد الله بن أبي سلمة يقول في رجل تزوج نصرانية ثم زنى هل
عليه من رجم قال نعم يرجم [يونس] عن ربيعة أنه قال إن جاز للحر المسلم أن
ينكح النصرانية أحصن بها
288

{في الدعوى في الاحصان]
[قلت] أرأيت الزجل يتزوج المرأة فيدخل بها ثم يطلقها فيقول ما جامعتها وتقول
المرأة قد جامعني (قال) القول قول المرأة في ذلك [قلت] فان طلقها واحدة (قال)
القول قول المرأة في الصداق وعليها العدة ولا يملك الرجعة وهذا قول مالك (قال)
وبلغني أن مالكا قيل له أفتنكح بهذا زوجا كان طلقها البتة إذا طلقها زوجها فقال
الزوج لم أطأها وقالت المرأة قد وطئني (قال مالك) لا أرى ذلك له الا باجتماع منهما
على الوطئ (قال ابن القاسم) وأرى أن تدين في ذلك ويخلى بينها وبين نكاحه
وأخاف أن يكون هذا من الذي طلقها ضرارا منه في نكاحها [قلت] فهل يكون
الرجل محصنا أم لا (قال) لا يكون محصنا ولا تصدق عليه المرأة في الاحصان
[سحنون] وقد قال بعض الرواة وان أخذ منه الصداق لأنه إنما أخذ منه الصداق
لما مضى من الحكم الظاهر ولم يقر بأنه أصابها [قلت] أرأيت المرأة أتكون محصنة
في قول مالك وقد أقرت بالجماع (قال) لا تكون محصنة وكذلك بلغني عن مالك
(وقال بعض الرواة) لها أن تسقط ما أقرت به من الاحصان قبل أن تؤخذ في زنا
أو بعد ما أخذت لادعائها الصداق وانها لو لم تدعه إذ لم يقر به الزوج لم يكن لها فلما
كان إقرارها بالوطئ الذي تزعم أنها إنما أقرت به للصداق كان لها ان تلغى الاحصان
الذي أقرت به [قلت] لابن القاسم أرأيت العنين أو الرجل الذي ليس بعنين
يدخل بامرأته فيدعى أنه قد جامعها وأنكرت هي الجماع وقالت ما جامعني ثم طلقها
البتة (قال) قد أقر لها بالصداق فيقال لها خذي إن شئت وإن شئت فدعى [قلت]
فان قالت المرأة بعد ذلك أتكون محصنة (قال) لا تكون محصنة الا بأمر يعرف به
المسيس بعد النكاح [قلت] أرأيت المرأة تقيم مع زوجها عشرين سنة ثم وجدوها
تزني فقال الزوج قد كنت أجامعها وقالت المرأة ما جامعني أتكون محصنة أم لا في
قول مالك (قال ابن القاسم) أراها محصنة [قال سحنون] وكذلك يقول غيره
انها محصنة وليس لها انكار لأنها إنما ترفع حدا وجب عليها لم تكن منها قبل ذلك
289

دعوى [قلت] أرأيت لو أن امرأة طلقها زوجها البتة قبل البناء بها فتزوجت غيره
فلم يدخل بها حتى مات عنها فادعت المرأة أنه قد جامعها ولم يبن بها قالت طرقني ليلا
فجامعني أتحلها لزوجها الأول أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن
تصدق في الجماع ان أرادت الرجوع لزوجها الا بدخول معروف [قلت] فان
زنت أتكون عندك محصنة بقولها ذلك أم لا (قال) لا تكون محصنة [قال
سحنون] وهذه مثل الأولى لها طرح ما ادعت
{في احصان المرتدة}
[قلت] أرأيت الرجل المسلم يتزوج المرأة ويدخل بها ثم ترتد عن الاسلام ثم
ترجع الا الاسلام فتزني قبل أن تتزوج من بعد الردة أترجم أم لا ترجم (قال)
لا أرى أن ترجم ولم أسمعه من مالك إلا أن مالكا سئل عنها إذا ارتدت وقد حجت
ثم رجعت إلى الاسلام أيجزئها ذلك الحج قال لا حتى تحج حجة مستأنفة فإذا كان
عليها حجة الاسلام حتى يكون اسلامها ذلك كأنه مبتدأ مثل من أسلم كان ما كان
من زنا قبله موضوعا وما كان لله وإنما تؤخذ في ذلك بما كان للناس من الفرية والسرقة
مما لو عملته وهي كافرة كان ذلك عليها وكل ما كان لله مما تركته قبل ارتدادها من
صلاة أو صيام أفطرته من رمضان أو زكاة تركتها أو زنا زنته فذلك كله عنها
موضوع وتستأنف بعد أن رجعت إلى الاسلام ما كان يستأنفه الكافر إذا أسلم
(قال ابن القاسم) وهو أحسن ما سمعت وهو رأيي [قال ابن القاسم] والمرتد
إذا ارتد وعليه أيمان بالعتق أو عليه ظهار أو عليه أيمان بالله قد حلف بها ان الردة
تسقط ذلك كله عنه [سحنون] وقال بعض الرواة ان ردته لا تطرح احصانه في
الاسلام ولا أيمانه بالطلاق ألا ترى أنه لو طلق امرأته ثلاثا في الاسلام ثم ارتد ثم
رجع أكان يكون له تزويجها بغير زوج ولو نكح امرأة قد طلقها زوجها ثلاثا ثم
ارتد ثم رجع إلى الاسلام أما كانت الزوجة تحل لزوجها الذي طلقها ثلاثا بنكاحه
قبل أن يرتد ووطئه إياها [قلت] أرأيت العبدين إذا أعتقا وهما زوجان فلم يجامعها
290

بعد العتق حتى زنيا أيكونان محصنين أم لا (قال) لا يكونان محصنين الا بجماع من
بعد العتق وكذلك قال ابن شهاب وربيعة
{في الاحلال}
[قلت] أرأيت ان تزوج امرأة بغير ولى استخلفت على نفسها رجلا فزوجها ودخل
بها أيكون هذا نكاح احصان في قول مالك أم (قال) لا يكون احصانا [قلت]
فهل يحلها وطئ هذا الزوج لزوج كان قبله طلقها ثلاثا في قول مالك (قال) لا إذا
فرق بينهما ولا يكون الاحصان الا في نكاح لا يفرق فيه الولي مع وطئ يحل إلا أن يجيزه الولي أو السلطان فيطأها بعد اجازته فيكون احصانا بمنزلة العبد إذا وطئ
قبل إجازة السيد فليس ذلك باحصان ولا تحل لزوج كان قبله إلا أن يجيز السيد
فيطأها بعد ذلك فيكون احصانا وتحل بذلك لزوج كان قبله فكذلك الذي ينكح
بغير ولى وهو مما لو أراد السلطان أن يفسخه فسخه والولي لم يكن احصانا ولم تحل
لزوج ان قبله بهذا النكاح وهذا الذي سمعت من قول مالك ممن أثق به [قلت]
فهل يحلها وطئ الصبي لزوج كان قبله إذا جامعها (قال) قال مالك لا يحلها لان وطئ
الصبي ليس بوطئ ولان مالكا قال لي أيضا لو أن كبيرة زنت بصبي لم يكن عليها
الحد ولا يكون وطؤه احصانا وإنما يحصن من الوطئ ما يجب فيه الحد [قلت]
أرأيت المجنون والخصي القائم الذكر هل تحل بجماعهما لزوج كان طلقها قبلهما
ثلاثا في قول مالك (قال) نعم في رأيي لان هذا وطئ كبير [قلت] أرأيت
المجبوب هل يحلها لزوج كان بتلها ثلاثا (قال) لا لأنه لا يجامع [قلت] أرأيت
الصبية إذا تزوجها رجل فطلقها ثلاثا ثم تزوجت آخر من بعده ومثلها توطأ وذلك
قبل أن تحيض فوطئها الثاني فطلقها أيضا أو مات عنها أتحل لزوجها الأول الذي
كان طلقها ثلاثا بوطئ هذا الثاني وإنما وطئها قبل أن تحيض (قال) نعم وهذا قول
مالك [قلت] أرأيت ما لا تجعلها به محصنة هل تحلها بذلك الوطئ وذلك النكاح
لزوج كان قد طلقها ثلاثا في قول مالك (قال) لا وكذلك بلغني عن مالك في الاحصان
291

[قال ابن القاسم] وقال مالك في نكاح العبد وكل نكاح كان حراما يفسخ ولا يترك
عليه أهله مثل المرأة تزوج نفسها والأمة تزوج نفسها والرجل يتزوج أخته من
الرضاعة أو من ذوات المحارم ولا يعلم أو يتزوج أخت امرأته وهو لا يعلم ويدخل
بها أو عمتها أو خالتها أو ما أشبه هذا فإنه لا يحلها بذلك الوطئ لزوج كان قد طلقها
قبله ثلاثا ولا يكون ذلك الوطئ ولا ذلك النكاح احصانا وهو رأيي [قلت]
أرأيت كل نكاح يكون إلى الأولياء ان شاؤوا أثبتوه وان شاؤوا ردوه أو إلى المرأة
ان شاءت رضيت وإن شاءت فسخت النكاح مثل المرأة تتزوج الرجل وهو عبد
لا تعلم به أو الرجل يتزوج المرأة وهي جذماء أو برصاء لا يعلم بذلك حتى وطئها
فاختارت المرأة فراق العبد أو اختار الرجل فراق هذه المرأة أيكون هذا
النكاح والوطئ مما يحلها لزوج كان قبله (قال) قال مالك في المرأة تنكح الرجل
وهو عبد لا تعلم به ثم علمت به بعد ما وطئها فاختارت فراقه ان ذلك الوطئ لا يحلها
لزوج كان قبله فكذلك مسائلك كلها [قلت] فهل تكون المرأة بهذا الوطئ
محصنة (قال) لا تكون به محصنة في رأيي وقد أخبرتك أن مالكا كان يقول لا تكون
محصنة الا بالنكاح الذي ليس إلى أحد فسخه فهذا يجزئك لان مالكا قال لو تزوج
رجل امرأة كان قد طلقها رجل ثلاثا فوطئها وهي حائض ثم فارقها لم تحل لزوجها
الأول (قال ابن القاسم) ولا تكون بمثل هذا محصنة وكذلك الذي يتزوج المرأة
في رمضان فيطؤها نهارا أو يتزوجها وهي محرمة وهو محرم فيطؤها فهذا كله لا يحلها
لزوج كان طلقها ولا يكونان به محصنين وكذلك كل وطئ نهى الله عنه مثل وطئ
المعتكفة وغير ذلك [قال سحنون] وقد قال بعض الرواة وهو المخزومي قال الله
تعالى فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره وقد نهى الله عن وطئ الحائض فلا
يكون ما نهى الله عنه يحل ما أمر به [يونس بن يزيد] عن ربيعة أنه قال ليس على
الرجل احصان حتى يتزوج ويدخل بامرأته ولا تحل المرأة حتى يدخل بها زوجها قال
ربيعة الاحصان الاسلام للحرة والأمة لان الاسلام أحصنهن الا بما أحلهن به
292

والاحصان من الحرة لها مهرها وبضعها لا تحل الا به والاحصان أن يملك بضعها
عليها زوجها وأن تأخذ مهر ذلك الذي استحل ذلك منها ان كانت عند زوج أو
تأيمت منه وذلك أن تنكح وتوطأ [يونس] عن ابن شهاب أنه قال ليس على الذي
يتسرر الأمة حين يأتي بفاحشة الرجم ولكن عليه جلد مائة وتغريب عام [يونس]
عن ابن شهاب أنه قال نرى الاحصان إذا تزوج الرجل المرأة ثم مسها أن عليه الرجم
ان زنى [قلت] لابن القاسم أرأيت لو أن نصرانية تحت مسلم طلقها البتة فتزوجها
نصراني ثم مات عنها أو طلقها النصراني البتة هل تحل لزوجها الأول أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك لا تحل لزوجها الأول بهذا النكاح [قلت] فإن كان هذا
النصراني الذي تزوجها بعد هذا المسلم أسلم أيثبت على نكاحه (قال) قال مالك نعم يثبت
على نكاحه [قلت] فهو إذا أسلم ثبت على نكاحه وان هو طلقها قبل أن يسلم لم يجعله
مالك نكاحها يحلها به لزوجها الأول (قال) نعم لأنه كان نكاحا في الشرك لا يحلها لزوجها
الأول المسلم الذي طلقها البتة وهو ان أسلم وهي نصرانية ثبت على نكاحه الذي كان
في الشرك وان أسلما جميعا ثبتا على نكاحهما الذي كان في الشرك وبهذا مضت السنة
[قلت] أرأيت ان أسلم وهي نصرانية فوطئها بعد ما أسلم وقد كان زوجها المسلم
طلقها البتة أيحلها هذا الوطئ بعد اسلامه ان هو مات عنها أو طلقها لزوجها الأول في
قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان تزوجها بعد ما طلقها زوجها البتة بغير أمر
سيده فوطئها ثم طلقها أيحلها وطئ هذا العبد لزوجها الأول (قال) قال مالك لا يحلها
ذلك لزوجها الأول إلا أن يجيز السيد نكاحه ثم يطأها بعد ما أجاز السيد نكاحه أو
يكون السيد كان أمره بالنكاح فنكح ثم وطئ فهذه يحلها نكاح العبد ووطؤه لزوج
كان قبله طلقها البتة (قال مالك) وأما إذا تزوج بغير إذن سيده فان وطأه هذا لا
يحلها لزوج كان قبله طلقها البتة [قلت] أرأيت العبد إذا تزوج بغير إذن سيده
فطلقها البتة قبل أن يجيز سيده نكاحه وقبل أن يعلم ذلك أيقع طلاقه عليها في قول
293

مالك قال نعم [قلت] فكيف يقع الطلاق عليها ولا يحلها لزوجها ان وطئها في
نكاحه هذا الذي وقع طلاقه عليها (قال) لان مالكا قال في الرجل إذا تزوج فكان
إلى أحد من الناس أن يجيز ذلك النكاح ان أحب وان أحب أن يفسخه فسخه فلم
يبلغ ذلك الذي كان ذلك في يده حتى طلق الزوج إلى طلق الزوج واقع لان الولي
لو فسخ ذلك النكاح كان طلاقا فكذلك الزوج إذا طلق وقع طلاقه ولا يحلها وطؤه
إياها لزوج كان طلقها قبله ثلاثا وكذلك العبد (وقال) غيره ولا يحلها الا النكاح التام
الذي لا وصم فيه ولا قول مع الوطئ الحلال [قلت] أرأيت ان تزوج بغير إذن
الولي فدخل بها وقد كانت تحت زوج قبله طلقها البتة ففرق الولي بينها وبين زوجها
هذا الآخر بعد ما كان وطئها أو مات عنها أو طلقها البتة أو طلقها واحدة فانقضت
عدتها أيحلها هذا النكاح للزوج الذي طلقها البتة في قول مالك (قال) قال مالك
لا يحلها هذا النكاح وان وطئ فيه لزوج كان قبله طلقها البتة إلا أن يطأها بعد إجازة
الأولياء فان وطئها بعد إجازة الأولياء فان ذلك يحلها لزوجها الذي كان قبله [قلت]
أرأيت كل نكاح فاسد لا يقر على حال وان دخل بها زوجها كان ذلك باذن الأولياء
أيحلها ذلك النكاح إذا دخل بها ففرق بينهما لزوج كان قبله طلقها البتة في قول مالك
(قال) لا يحلها ذلك لزوجها الذي كان قبله في قول مالك [قلت] أرأيت لو أن
صبيا تزوج امرأة باذن أبيه قد كان طلقها زوجها قبل ذلك البتة فدخل بها هذا الصبي
فجامعها ومثله يجامع إلا أنه لم يحتلم فمات عنها هذا الصبي أيحلها جماعه إياها لزوجها
الذي كان طلقها البتة في قول مالك (قال) قال مالك لا يحلها ذلك لزوجها لان وطئ
هذا الصبي ليس بوطئ وإنما الوطئ ما تجب فيه الحدود [قلت] فتقع بذلك الحرمة
فيما بين آبائه وأولاد هذا الصبي وبين هذه المرأة (قال) نعم بالعقدة تقع الحرمة في قول
مالك قبل الجماع [قال] وسمعت مالكا يقول في المسلم يطلق النصرانية ثم يتزوجها
النصراني ويدخل بها ان ذلك ليس يحلها لزوجها (قال مالك) لان نكاحهم ليس
294

بنكاح المسلمين [قلت] ولم وهم يثبتون على هذا النكاح إذا أسلموا (قال) قال مالك
هو نكاح ان أسلموا عليه [قال] ابن القاسم وابن وهب وعلي بن زياد عن مالك
عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير عن أبيه أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته
تميمة بنت وهب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا فنكحها عبد الرحمن بن
الزبير فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها فطلقها ولم يمسها فأراد رفاعة أن ينكحها وهو
زوجها الذي كان طلقها قال عبد الرحمن فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه
وسلم فنهاه عن تزويجها وقال لا حتى تذوق العسيلة [يونس] عن ابن شهاب أنه
قال فمن أجل ذلك لا يحل لمن بت طلاق امرأته أن يتزوجها حتى تتزوج زوجا غيره
ويدخل بها ويمسها فان مات قبل ذلك أو طلقها فلا تحل للأول حتى تتزوج زوجا
غيره ويدخل بها ويمسها فان مات قبل ذلك أو طلقها فلا تحل للأول حتى تنكح من
يمسها [يزيد بن عياض] أنه سمع نافعا يقول إن رجلا سأل ابن عمر بن التحليل
فقال ابن عمر عرفت عمر بن الخطاب لو رأى شيئا من هذا لرجم فيه [ابن وهب]
وأخبرني رجال من أهل العلم منهم ابن لهيعة والليث عن محمد بن عبد الرحمن المرادي
أنه سمع أبا مرزوق التجيبي يقول إن رجلا طلق امرأته ثلاثا ثم ندما وكان لهما جاز
فأراد أن يحلل بينهما بغير علمهما قال فلقيت عثمان بن عفان وهو راكب على فرسه
فقلت يا أمير المؤمنين ان لي إليك حاجة فقف على فقال إني على عجل فاركب ورائي
ففعل ثم قص عليه الامر فقال له عثمان لا الا بنكاح رغبه غير هذا السنة [يحيى
ابن أيوب] عن عبيد الله بن أبي جعفر عن شيخ من الأنصار قديما يقال له
أبو عامر عن عثمان بهذا (قال عبيد الله) فحسبت أنه قال ولا أستهزئ بكتاب
الله [وأخبرني] رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن
المسيب وطاوس وعبد الله بن يزيد بن هرمز والوليد بن عبد الملك وغيرهم من
التابعين مثله (قال) ابن المسيب ولو فعلت لكان عليك إثمهما ما بقيا (قال) الوليد
295

كنت أسمع يقال إن الزناة ثلاثة الرجل والمحلل والمرأة
(وقال) بعضهم اتق الله ولا تكن مسمار نار في
كتاب الله فقلت لمالك انه يحتسب في ذلك
فقال يحتسب في غير هذا (وقال)
الليث لا ينكح الا بنكاح رغبه
{تم كتاب النكاح الخامس من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه}
[وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلم تسليما]
{ويليه كتاب النكاح السادس}
296

بسم الله الرحمن الرحيم
{وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم}
{كتاب النكاح السادس}
{في مناكح المشركين وأهل الكتاب واسلام}
{أحد الزوجين والسبي والارتداد}
[قلت] لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت ان تزوج نصراني نصرانية على خمر أو
خنزير أو بغير مهر أو اشتراط أن لا مهر لها وهم يستحلون ذلك في دينهم فأسلما (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا وأحب إلى أن كان قد دخل بها أن يكون لها في جميع هذا
صداق مثلها إذا لم تكن قبضت قبل البناء بها شيئا فإن كان قد دخل بها وقبضت
قبل البناء بها ما كان أصدقها كان ذلك صداقها ولم يكن لها على الزوج شئ وهما على
نكاحهما فإن كان لم يدخل بها حتى أسلما وقد قبضت ما أصدقها أولم تقبض فأرى أنه
بالخيار ان أحب أن يعطيها صداق مثلها ويدخل فذلك له وان أبى فرق بينهما ولم
يكن لها عليه شئ وكانت تطليقة واحدة وقال بعض الرواة ان قبضت ما أصدقها ثم
أسلما ولم يدخل بها فلا شئ لها لأنها قد قبضته في حال هو فيها أملك [قلت] أرأيت
لو أن ذميا تزوج مسلمة بإذن الولي ودخل بها الذمي ما يصنع بهذا الذمي وبالمرأة
وبالولي أيقام على المرأة الحد والذمي ويوجع الولي عقوبة في قول مالك (قال) قال
مالك في ذمي اشترى مسلمة ووطئها قال أرى أن يتقدم إلى أهل الذمة في ذلك
بأشد التقدم ويعاقبوا على ذلك ويضربوا بعد التقدم [قال ابن القاسم] فأرى إن كان
ممن يعذر بالجهالة من أهل الذمة لم يضرب ولا أرى أن يقام في ذلك حد ان
297

تعمداه ولكني أرى العقوبة إن لم يجهلوا [ابن وهب] عن سفيان الثوري عن
يزيد بن أبي زياد قال سمعت زيد بن وهب الجهني يقول كتب عمر بن الخطاب يقول إن المسلم ينكح النصرانية ولا ينكح النصراني المسلمة (قال) يزيد بن عياض وبلغني عن
علي بن أبي طالب أنه قال لا ينكح اليهودي المسلمة ولا النصراني المسلمة [يونس]
عن ربيعة أنه قال لا يجوز للنصراني أن ينكح الحرة المسلمة [مخرمة بن بكير]
عن أبيه قال سمعت عبد الله بن أبي سلمة يسأل هل يصلح للمسلمة أن تنكح النصراني
قال لا [قال بكير] وقال ذلك ابن قسيط والقاسم بن محمد قال ولا اليهودي وسليمان
بن يسار وأبو سلمة بن عبد الرحمن قالوا فان فعلا ذلك فرق بينهما السلطان [يونس]
عن ربيعة أنه قال في نصراني أنكحه قوم وهو يخبر هم أنه مسلم فلما خشي أن يطلع
عليه أسلم وقد بنى بها قال ربيعة يفرق بينهما وان رضى أهل المرأة لان نكاحه
كأن لا يحل وكان لها الصداق ثم إن رجع إلى الكفر بعد اسلامه ضربت عنقه
[قلت] أرأيت لو أن مجوسين أسلم الزوج قبل المرأة أتنقطع العصمة فيما بينه وبين
امرأته أم لا تنقطع العصمة حتى توقف المرأة فاما أن تسلم وإما أن تألى فتنقطع العصمة
بابائها الاسلام في قول مالك أم كيف يصنع في أمرها (قال) قال مالك إذا أسلم
الزوج قبل المرأة وهما مجوسيان وقعت الفرقة بينهما وذلك إذا عرض عليها الاسلام فلم
تسلم (قال ابن القاسم) وأرى إذا طال ذلك فلا تكون امرأته وان أسلمت وتنقطع
العصمة فيما بينهما إذا تطاول ذلك [قلت] كم يجعل ذلك (قال) لا أدرى [قلت]
الشهرين (قال) لا أحد فيه حدا وأرى الشهر وأكثر من ذلك قليلا وليس بكثير
[قلت] أرأيت الزوجين المجوسيين إذا أسلمت المرأة أو النصرانيين أو اليهود بين إذا
أسلمت المرأة (قال) نعم كلهم سواء عند مالك (وقال) قال مالك والزوج أملك بالمرأة
إذا أسلم وهي في عدتها فان انقضت عدتها فلا سبيل له عليها وان أسلم بعد ذلك
[قلت] وهل يكون اسلام أحد الزوجين طلاقا إذا بانت منه في قول مالك (قال)
قال مالك لا يكون اسلام أحد الزوجين طلاقا إنما هو فسخ بلا طلاق [ابن وهب]
298

عن مالك وعبد الجبار ويونس عن ابن شهاب قال بلغنا أن نساء في عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم كن يسلمن بأرضهن غير مهاجرات وأزواجهن حين يسلمن كفار
منهن ابنة الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح بمكة
وهرب صفوان من الاسلام فركب البحر فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
ابن عمه وهب بن عمير بن خلف برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان
فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يقدم عليه فان أحب أن يسلم أسلم والا
سيره شهرين قال عبد الجبار في الحديث فأدركه وقد ركب البحر فصاح به أبا وهب
فقال ما عندك وما ذا تريد قال هذا رداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لك تأتي
فتقيم شهرين فان رضيت أمرا قبلته والا رجعت إلى مأمنك قالوا في الحديث فلما قدم
صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه وهو بالا بطح بمكة ناداه على رؤس الناس
وهو على فرسه راكب فسلم ثم قال يا محمد ان هذا وهب بن عمير أتاني بردائك فزعم
أنك تدعوني إلى القدوم عليك ان رضيت أمرا قبلته والا سيرتني شهرين فقال له
رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل أبا وهب فقال لا والله لا أنزل حتى تبين لي فقال
له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بل لك تسير أربعة أشهر فخرج رسول الله صلى
الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين وسار صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو كافر فشهد حنينا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة فلم يفرق رسول الله صلى
الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان فاستقرت امرأته عنده بذلك
النكاح (قال) قال مالك قال ابن شهاب كان بين اسلام امرأة صفوان وبين اسلام
صفوان نحو من شهر [قالوا] عن ابن شهاب وأسلمت أم حكيم بنت الحارث بن
هشام يوم الفتح بمكة وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الاسلام حتى قدم اليمن
فارتحلت أم حكيم وهي مسلمة حتى قدمت عليه اليمن فدعته إلى الاسلام فأسلم فقدمت
به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب إليه
فرحا وما عليه رداء حتى بايعه (قال) فلم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق
299

بينه وبينها واستقرت عنده بذلك النكاح [ابن لهيعة] عن يزيد بن أبي حبيب عن
عطاء بن أبي رباح ان زينت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تحت أبى العاص
ابن الربيع فأسلمت وهاجرت وكره زوجها الاسلام ثم إن أبا العاص خرج إلى الشام
تاجرا فأسره رجال من الأنصار فقدموا به المدينة فقالت زينت انه يجير على المسلمين
أدناهم قال وما ذاك فقالت أبو العاص قال قد أجرنا من أجارت زينب فأسلم وهي في
عدتها ثم كان على نكاحها [مالك] ويونس وقرة عن ابن شهاب أنه قال لم يبلغنا أن
امرأة هاجرت إلى الله والى رسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر الا فرقت هجرتها
بينها وبين زوجها الكافر إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي العدة وانه لم
يبلغنا أن أحدا فرق بينه وبين زوجته بعد أن يقدم عليها مهاجرا وهي في عدتها (قال
يونس) وقال ابن شهاب ولكن السنة قد مضت في المهاجرات اللائي قال الله يا أيها
الذين آمنوا إذا جاء كم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بايمانهن فان علمتموهن
مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن (قال) فكانت
السنة إذا هاجرت المرأة أن يبرأ من عصمتها الكافر وتعتد فإذا انقضت عدتها
نكحت من شاءت من المسلمين [قلت] أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة في دار
الحرب وهو من أهل الحرب ثم خرج الينا بأمان فأسلم أتنقطع العصمة فيما بينه وبين
امرأته أم لا (قال) أرى أنهما على نكاحهما ولا يكون افتراقهما في الدارين قطعا للنكاح
[قلت] أرأيت لو أن نصرانيين في دار الحرب زوجين أسلم الزوج ولم تسلم المرأة
(قال) هما على نكاحهما في رأيي إلا أنى قد أخبرتك أن مالكا كره نكاح نساء أهل
الحرب للولد وهذا كره له أن يطأها بعد الاسلام في دار الحرب خوفا من أن تلد له
ولد فيكون على دين الأم [قلت] أرأيت ان خرجا الينا بأمان الرجل وامرأته
فأسلم أحدهما عندنا (قال) سبيلهما في الفرقة والاجتماع كسبيل الذميين إذا أسلم أحد
الذميين [قلت] أرأيت الحربي يخرج الينا بأمان فيسلم وقد خلف زوجة له نصرانية
في دار الحرب فطلقها أيقع الطلاق عليها في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه
300

شيئا وأرى أن الطلاق واقع عليها لان افتراق الدارين ليس بشئ وهي زوجته فلما
كانت زوجته وقع الطلاق عليها [قلت] أرأيت النصراني يكون على النصرانية فيسلم الزوج
أتكون امرأته على حالها (قال) نعم قال مالك هو بمنزلة مسلم تزوج نصرانية أو يهودية
[قلت] أرأيت إذا كان النصراني تحته مجوسية أسلم الزوج أيعرض على المجوسية
الاسلام في قول مالك (قال) أرى أنه يعرض على المرأة الاسلام فهذا وإن كان نصرانيا
فهو مثل ذلك أيضا يعرض عليها قبل أن يتطاول ذلك [قلت] ولم يعرض عليها
الاسلام وأنت لا تجيز نكاح المجوسية على حال (قال) ألا ترى أن المسلمة لا يجوز
أن ينكحها النصراني أو اليهودي على حال وهي إذا كانت نصرانية تحت نصراني
فأسلمت ان الزوج أملك بها ما كانت في عدتها ولو أن نصرانيا ابتدأ نكاح مسلمة
كان النكاح باطلا فهذا يدلك على أن المجوسية يعرض عليها الاسلام أيضا إذا أسلم الزوج
ما لم يتطاول ذلك [قلت] وهذا أيضا لم قلتموه ان النصراني إذا أسلمت
امرأته انه أملك بها ما دامت في عدتها وهو لا يحل له نكاح مسلمة ابتداء وقد قال
الله تبارك وتعالى ولا تمسكوا بعصم الكوافر (قال) جاءت الآثار أنه أملك بها
ما دامت في عدتها ان هو أسلم وقامت به السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس
لما قامت به السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم قياس ولا نظر [قلت] أرأيت لو
أن نصرانيا تزوج صبية نصرانية زوجها أبوها فأسلم الزوج (قال) هما على النكاح في
رأيي [قلت] فان بلغت الصبية أيكون لها الخيار (قال) لا خيار لها في قول مالك
لان الأب هو زوجها [قلت] أرأيت الصبي الذمي يزوجه أبوه ذمية أو مجوسية
فيسلم الصبي أيكون اسلام الصبي اسلاما يقع فيه الفرقة بينه وبين امرأته في قول
مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى الفرقة تقع بينهما إلا أن يثبت على
اسلامه حتى يحتلم وهو مسلم فتقع الفرقة بينهما إلا أن تسلم عند ذلك لأنه لو ارتد عن
الاسلام قبل أن يحتلم لم أقتله بارتداده في ذلك [قلت] أرأيت المجوسين إذا
أسلم الزوج قبل البناء ففرقت بينهما أيكون نصف الصداق على الزوج أم لا (قال)
301

قال مالك لا يكون عليه شئ ألا ترى أن هذا فسخ وليس بطلاق [قلت] أرأيت
إذا وقعت الفرقة بين الزوجين باسلام أحدهما وذلك قبل البناء بامرأته انه لا شئ
لها من الصداق وإن كان قد سمى لها صداقا ولا متعة لها (قال) نعم لا صداق لها
ولا متعة وهذا قول مالك [قلت] أرأيت إن كان قد دخل بها وهما ذميان فأسلمت
المرأة ووقعت الفرقة وقد دخل بها أو كانا مجوسين فأسلم الزوج ووقعت الفرقة
فرفعتها حيضتها أيكون لها السكنى في قول مالك (قال) نعم لأن المرأة حين أسلمت
كان لزوجها عليها الرجعة ان أسلم في عدتها ولان المجوسي إذا أسلم اتبعه ولده منها
فأرى السكنى عليه لأنها ان كانت حاملا اتبعه ما في بطنها وإنما حبست من أجله فأرى
ذلك عليه لان مالكا قال في الذي يتزوج أخته من الرضاعة وهو لا يعلم فيفرق بينهما
ان لها السكنى إن كان قد دخل؟؟ لأنها تعتد منه وإن كان فسخا فكذلك أيضا الذي
سألت عنه لها السكني لأنها تعتد من زوجها والذي سألت عنه أقوى من هذا [قلت]
أرأيت لو أن امرأة من أهل الحرب خرجت الينا بأمان فأسلمت وزوجها في دار
الحرب أتنكح مكانها أم حتى تنقضي عدتها (قال) قال مالك ان عكرمة بن أبي جهل
وصفوان بن أمية أسلم نساؤهما قبلهما وهاجرن وهرب عكرمة إلى أرض الشرك ثم
أسلم فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على نكاحه الأول [قال] وقال مالك
قال ابن شهاب ولم يبلغني ان امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها مقيم في دار
الكفر ففرقت الهجرة بينهما إذا أسلم وهي في عدتها ولكنها امرأته إذا أسلم [قال
ابن القاسم] وأنا أرى لو أن امرأة أسلمت في دار الحرب وهاجرت إلى دار الاسلام
أو خرجت بأمان فأسلمت بعد ما خرجت وزوجها في دار الحرب ان اسلامها
لا يقطع ما كان لزوجها من عصمتها ان أسلم وهي في عدتها ان أثبت أنه زوجها لان
عكرمة وصفوان قد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن أولئك النساء كن أزواجهن
[قلت] أرأيت التي أسلمت وزوجها مقيم في دار الحرب لم جعلت عليها ثلاث حيض
في قول مالك (قال) لان استبراء الحرائر ثلاث حيض ولأن هذه لها زوج وهو
302

أملك بها ان أسلم في العدة وليست بمنزلة التي سبيت لان الأمة التي سبيت صارت
أمة فصار استبراؤها حيضة [قال] وقال مالك إذا أسلم الزوج في عدة امرأته لم
يفرق بينهما إذا أثبت أنها امرأته [قلت] أرأيت الزوجين في دار الحرب إذا
خرجت المرأة الينا فأسلمت أو أسلمت في دار الحرب وذلك كله قبل البناء بها
أيكون لزوجها عليها سبيل ان أسلم من يومه ذلك أو من الغد في قول مالك (قال)
لا سبيل له عليها في رأيي لان مالكا قال في الذميين النصرانيين إذا أسلمت المرأة
قبل أن يدخل بها زوجها ثم أسلم الزوج بعدها فلا سبيل له إليها فالذي سألت عنه
من أمر الزوجين في دار الحرب بهذه المنزلة لان مالكا قال قال ابن شهاب لم
يبلغني أن امرأة أسلمت فهاجرت لي الله والى رسوله وتركت زوجها مقيما في دار الكفر
ان أسلم في عدتها ان عصمتها تنقطع وانها كما هي. فهذا يدلك على أن مالكا لا يرى
افتراق الدارين شيئا إذا أسلم وهي في عدتها وان فرقتهما الداران دار الاسلام ودار
الحرب [قلت] أرأيت ان أسلمت المرأة وزوجها كافر وذلك قبل البناء بها أيكون
عليه من المهر شئ أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا شئ لها من المهر [قلت]
فإن كان قد بنى بها (قال) فلها المهر كاملا [قلت] أرأيت ان أسلمت المرأة وزوجها
كافر أيعرض على زوجها الاسلام في قول مالك أم لا (قال) لا يعرض عليه الاسلام
في رأيي ولكنه ان أسلم في عدتها فهو أحق بها وان انقضت عدتها فلا سبيل له عليها
[قال] وقال مالك في النصرانية تكون تحت النصراني فتسلم فيطلقها في عدتها
البتة وهو نصراني (قال) قال مالك لا يلزمها من طلاقه شئ وهو نصراني وان أسلم
وهي في عدتها بعد ما طلقها وهو نصراني كان زوجته وكان طلاقه ذلك باطلا إلا أن
يطلقها بعد أن يسلم وان انقضت عدتها فتزوجها بعد ذلك كان نكاحه جائزا وكان
الطلاق الذي طلقها وهو نصراني باطلا [قلت] أرأيت الزوجين إذا سبيا معا
أيكونان على نكاحهما أم لا (فقال) عبد الرحمن وأشهب السباء يفسخ النكاح (وقال)
أشهب سبيا جميعا معا أو مفترقين [مخرمة] عن أبيه قال سمعت ابن قسيط واستفتى
303

في رجل ابتاع عبدا من السبي وامرأته جميعا قبل أن يفرق بينهما السهمان أيصلح له
أن يفرق بينهما فيطأ الوليدة أو يصلح له ان فرق بينهما السهمان أن يطأها حتى يفارقها
فيطلقها العبد؟؟ فقال يفرق بينهما ان شاء ويطؤها (قال بكير) وقال ابن شهاب إذا
كانا سبيين كافرين فان الناس يفرقون بينهما ثم يتركها حتى تعتد عدة الأمة
[وأخبرني] إسماعيل بن عياش أن محمد بن علي قال السباء يهدم نكاح الزوجين وقال
الليث مثل ذلك (وقال مالك) في الذين يقدمون علينا من أهل الحرب بالرقيق فيبيعون
الرقيق منا فيبيعون العلج والعلجة فيزعم أنها زوجته وتزعم المرأة أنه زوجها قال إن
زعم ذلك الذين باعوهما أو علم تصديق قولهما ببينة رأيت أن يقرا على نكاحهما ولا
يفرق بينهما وإن لم يكن الا قول العلج والعلجة لم يصدقوا وفرق بينهما [قلت]
أرأيت ان سبى الزوج قبل ثم سبيت المرأة بعد ذلك قبل أن يقسم الزوج أو بعد
ما قسم أيكونان على نكاحهما أو تنقطع العصمة بينهما حين سبى أحدهما قبل صاحبه
وهي يجعل السباء إذا سبى أحدهما قبل صاحبه هدما للنكاح أم لا في قول مالك
(قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن الذي أرى أن السباء فسخ النكاح
[قال مالك] في الرجل يتزوج الأمة ثم يطلقها واحدة فيسافر عنها سيدها بعد
انقضاء عدتها ثم يقدم زوجها فيقيم البينة أنه كان ارتجعها في عدتها (قال) لا سبيل للزوج
إليها إذا وطئها سيدها بالملك وإنما وطؤها بالملك كوطئها بالنكاح [قلت] أرأيت لو
أن نصرانيين في دار الحرب زوجين أسلم الزوج ولم تسلم المرأة (قال) هما على نكاحهما
في رأيي إلا أني قد أخبرتك أن مالكا كره نساء أهل الكتاب للولد وهذا أكره له
أن يطأها بعد الاسلام في دار الحرب خوفا من أن تلد له ولدا فيكون على دين أمه
[قلت] أرأيت ان غزا أهل الاسلام تلك الدار فسبوا امرأته هذه أتكون رقيقا
(قال) نعم تكون رقيقا وكذلك قال مالك (قال) لي مالك ولو أن رجلا من أهل الحرب أتى
مسلما أو بأمان فأسلم وخلف أهله على النصرانية في دار الحرب فغزا أهل الاسلام تلك
الدار فغنموها وغنموا أهله وولده (قال مالك) هي وولده فئ لأهل الاسلام (قال)
304

وبلغني عن مالك أنه قال وماله أيضا فئ لأهل الاسلام فكذلك مسألتك [قال
سحنون] وقال بعض الرواة ان ولده تبع لأبيهم إذا كانوا صغارا وكذلك ماله
هو له لم يزل ملكه عنه فان أدركه قبل القسم أخذه وان قسم فهو أحق به بالثمن
[قلت] فهل تنقطع العصمة فيما بينهما إذا وقع السباء عليها أم لا في قول مالك (قال)
لا أقوم على حفظ قول مالك الساعة ولكن في رأيي أن النكاح لا ينقطع فيما بينهما
وهي زوجته ان أسلمت وان أبت الاسلام فرقت بينهما لأنها لا تكون عنده زوجة
لمسلم وهي أمة نصرانية على حالها لما جرى فيها من الرق بالسباء ولا تنقطع عصمتها
بالسبي. وإن كان في بطنها ولد لذلك المسلم قال ابن القاسم رأيته رقيقا لأنه لو كان
مع أمه فسبى هو وأمه لكان فيئا وكذلك قال مالك فكيف إذا كان في بطنها
[قلت] ويكون لها الصداق على زوجها الذي سمي لها وهي مملوكة لهذا الذي
صارت إليه في السباء (قال) أرى مهرها فيئا لأهل الاسلام ولا يكون المهر لها ولا
لسيدها (قال) لأنها إنما قسمت في السبي لسيدها ولا مهر لها وإنما مهرها فئ لأنها
حين سبيت صار مهرها ذلك فيئا ولم أسمع هذا من مالك وهو رأيي [قلت]
وتجعل المهر فيئا لذلك الجيش أم لجميع أهل الاسلام (قال) بل فئ لذلك الجيش
[قلت] أرأيت المرأة تسبى ولها زوج أعليها الاستبراء أم العدة (قال) لا أحفظ
من مالك فيه شيئا وأرى عليها الاستبراء ولا عدة عليها [ابن وهب] عن حياة
ابن شريح عن أبي صخر عن محمد بن كعب القرظي أنه قال والمحصنات من النساء الا
ما ملكت أيمانكم سبى أهل الكتاب السبية لها زوج بأرضها يسبيها المسلمون فتباع
في المغانم فتشتري ولها زوج قال فهي حلال [رجال من أهل العلم] عن ابن
مسعود ويحيى بن سعيد مثله [قال ابن وهب] وبلغني عن أبي سعيد الخدري أنه
قال أصبنا سبيا يوم أوطاس ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن فسألنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تعالى والمحصنات من النساء الا ما ملكت
أيمانكم فاستحللنا هن
305

{في نكاح نساء أهل الكتاب وإمائهم}
[قلت] ما قول مالك في نكاح نساء أهل الحرب (قال) بلغني عن مالك انه كرهه
ثم قال يدع ولده في أرض الشرك ثم ينتصر أو ينصر لا يعجبني [قلت] فيفسخ
نكاحهما (قال) إنما بلغني عن مالك أنه كرهه ولا أدرى هل يفسخ أم لا وأرى أنا
أن يطلقها ولا يقيم عليها من غير قضاء [ابن وهب] عن يونس عن ابن شهاب
قال قد أحل الله نساء أهل الكتاب وطعامهم غير أنه لا يحل للمسلم أن يقدم على أهل
الحرب من المشركين لكي يتزوج فيهم أو يلبث بين أظهر هم [قلت] أفكان
مالك يكره نكاح نساء أهل الذمة (قال) قال مالك أكره نكاح نساء أهل الذمة
اليهودية والنصرانية (قال) وما أحرمه وذلك أنها تأكل الخنزير وتشرب الخمر
ويضاجعها ويقبلها وذلك في فيها وتلد منه أولادا فتغذى ولدها على دينها وتطعمه
الحرام وتسقيه الخمر [قلت] أكان مالك يحرم نكاح إماء أهل الكتاب نصرانية
أو يهودية وإن كان ملكها للمسلم أن يتزوجها حر أو عبد (قال) نعم كان مالك يقول إذا
كانت أمة يهودية أو نصرانية وملكها المسلم أو النصراني فلا يحل لمسلم أن يتزوجها
حرا كان هذا المسلم أو عبدا [قال] وقال مالك ولا يزوجها سيدها من غلام له
مسلم لان الذمية اليهودية والنصرانية لا يحل لمسلم أن يطأها الا بالملك حرا كان أو عبدا
[ابن وهب] عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه قال لا ينبغي لاحد من المسلمين أن
يتزوج أمة مملوكة من أهل الكتاب لان الله تبارك وتعالى قال من فتياتكم المؤمنات
وقال والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وليست الأمة بمحصنة [ابن
وهب] وقال مالك لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية لان الله يقول والمحصنات
من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وهي الحرة من أهل الكتاب وقال ومن لم
يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم من
فتياتكم المؤمنات فهن الإماء من المؤمنات فإنما أحل الله نكاح الإماء المؤمنات ولم
يحل نكاح الإماء من أهل الكتاب والأمة اليهودية تحل لسيدها بملك يمينه [قلت]
306

أرأيت الإماء من غير أهل الكتاب هل يحل وطؤهن في قول مالك أم لا (قال)
لا يحل وطؤهن في قول مالك بنكاح ولا بملك اليمين [قال] وقال مالك ليس للرجل
أن يمنع امرأته النصرانية من أكل الخنزير وشرب الخمر والذهاب إلى كنيستها إذا
كانت نصرانية [قلت] لابن القاسم أكان مالك يكره نكاح النصرانيات
واليهوديات (قال) نعم لهذا الذي ذكرت لك [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن
يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن عبد العزيز كتب أن لا يطأ الرجل مشركة ولا مجوسية
وان كانت أمة له ولكن ليطأ اليهودية والنصرانية [ابن وهب] عن رجال من
أهل العلم عن عبد الله بن مسعود وابن المسيب وسليمان بن يسار وابن شهاب وعطاء
الخراساني وغير واحد من أشياخ أهل مصر أنهم كانوا يقولون لا يصلح للرجل
المسلم أن يطأ المجوسية حتى تسلم [ابن وهب] عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب
مثله (وقال) ابن شهاب ولا يباشرها ولا يقبلها [قال ابن وهب] وقال مالك
لا يطأ الرجل الأمة المجوسية لأنه لا ينكح الحرة المجوسية قال الله تعالى ولا تنكحوا
المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة فما حرم بالنكاح حرم بالملك
[قال ابن وهب] وبلغني ممن أثق به أن عمار بن ياسر صاحب النبي صلى
الله عليه وسلم قال ما حرم الله من الحرائر شيئا الا حرم مثله من الإماء
[قلت] أرأيت لو أن مجوسيا تزوج نصرانية أكان ملك يكره هذا لمكان
الأولاد لان الله تبارك وتعالى أحل لنا نكاح نساء أهل الكتاب (قال ابن القاسم)
لا أرى به بأسا ولا أرى أن يمنع من ذلك [قلت] فان تزوج هذا المجوسي نصرانية
لمن يكون الولد للأب أم للأم ويكون عليه جزية النصارى أم جزية المجوس (قال)
يكون الولد للأب في رأيي لان مالكا قال ولد الأحرار من الحرة تبع للآباء [قلت]
أرأيت نصرانيا تحته نصرانية فأسلمت الأم ولهما أولاد صغار لمن تكون الأولاد
وعلى دين من هم (قال مالك) هم على دين الأب ويتركون مع الأم ما داموا صغارا
تحضنهم [قال] وقال مالك وكذلك المرأة إذا كانت حاملا فأسلمت ثم ولدت بعد
307

ما أسلمت ان الولد للأب وهم على دين الأب ويتركون في حضانة الأم [قلت]
أرأيت المرأة تسلم ولها أولاد صغار والزوج كافر فأبى الزوج أن يسلم أيكون الولد
مسلمين أم كفارا في قول مالك (قال) قال مالك الولد على دين الأب [ابن لهيعة]
عن أبي الزبير أنه سأل جابر بن عبد الله عن نكاح اليهودية والنصرانية فقال جابر
تزوجناهن زمان فتح الكوفة مع سعد بن أبي وقاص ونحن لا نكاد نجد المسلمات
كثيرا فلما رجعنا طلقناهن وقال جابر نساؤهم لنا حلال ونساؤنا عليهم حرام [ابن
لهيعة] عن رجال من أهل العلم أن طلحة بن عبد الله تزوج يهودية بالشام وان
عثمان بن عفان تزوج في خلافته نائلة بنت الفرافصة الكلبية وهي نصرانية قال وأقام
عليها حتى قتل عنها [يونس] عن ابن شهاب قال بلغنا أن حذيفة بن اليمان تزوج
في خلافة عمر بن الخطاب امرأة من أهل الكتاب فولدت له وتزوج ابن قارظ امرأة
من أهل الكتاب فولدت له خالد بن عبد الله بن قارظ [قال ابن شهاب] فنكاح
كل مشركة سوى أهل الكتاب حرام ونكاح المسلمات المشركون حرام [قلت]
أرأيت لو أن صبية بين أبويها نصرانيين زوجاها نصرانيا ثم أسلم الأبوان والصبية
صغيرة أيكون هذا فسخا لنكاح الصبية ويعجل اسلام أبويها اسلاما لها في قول
مالك (قال) نعم في رأيي [قلت] وكذلك لو أن صبيا صغيرا بين أبويه مجوسيين
زوجاه مجوسية فأسلم الأبوان والصبي صغير (قال) نعم هذا يعرض على امرأته الاسلام
فان أسلمت والا فرق بينهما ما لم يتطاول ذلك [قلت] فإن كان الغلام مراهقا والجارية
مراهقة ثم أسلم أبواهما والزوج نصراني (قال) إذا كانت مراهقة كما وصفت لم يعرض
لها وتركت حتى تحيض فان اختارت دينها كانت عليه وكان النكاح جائزا كذلك
قال مالك إذا أسلم أبواها وقدرا هقت لم تجبر على الاسلام إذا حاضت ان اختارت
دينها الذي كانت عليه [قلت] وكذلك الغلام (قال) نعم إذا كان مراهقا أو قد
عقل دينه ابن ثلاث عشرة حجة إذا أسلم أبوه فلا يعرض له فإذا احتلم كان على دينه
الذي كان عليه إلا أن يسلم [قال] ولقد سئل مالك عن رجل أسلم وله ولد قد ناهزوا
308

الحلم ولم يحتلموا بنو ثلاث عشرة سنة وما أشبههم ثم هلك كيف ترى في ولده (قال)
كتب إلى مالك بها عامل من أهل الأجناد فكتب إليه مالك أن أرجئ ماله فان
احتلم الأولاد فأسلموا فأعطهم الميراث وان أبوا أن يسلموا إذا احتلموا وثبتوا على
دينهم فلا يعرض لهم ودعهم على دينهم واجعل ميراث أبيهم للمسلمين (وكتب) إلى
مالك أيضا وأنا عنده قاعد من بلد آخر في رجل أسلم وله أولاد صغار فأقرهم حتى
بلغوا اثنتي عشرة سنة أو شبه ذلك فأبوا أن يسلموا أترى أن يجبروا على الاسلام
فكتب إليه مالك لا تجبرهم (وقد) قال بعض الرواة يجبرون وهم مسلمون وهو أكثر
مذاهب المرنيين [قلت] أرأيت هؤلاء الذين هلك أبوهم وقد عقلوا دينهم أو
راهقوا فقالوا حين مات أبوهم مسلما لا توقفوا علينا هذا المال إلى احتلامنا ولكنا
نسلم الساعة وادفعوا الينا أموالنا وورثونا (قال) إذا أسلموا وكان ذلك قبل أن يحتلموا
فلا يقبل قولهم حتى يحتلموا فان أسلموا وأجابوا كان لهم الميراث وان أبوا تركوا ألا
ترى أن مالكا قال في الذي مات وترك أولادا حزاورة (1) يوقف المال ولم يقل
يعرض الاسلام عليهم فلو كان يرى لهم الميراث بذلك الاسلام لعرضه عليهم ولعجل
الميراث لهم ولم يؤخر المال ويوقفه عليهم ولكنه لم ير ذلك اسلاما أولا ترى أنه قال
لو أنهم أسلموا ثم رجعوا إلى النصرانية فرأى أن يستكرهوا على الاسلام ولم ير أن
يقتلوا فلو كان ذلك اسلاما قتلهم [قلت] فان قالوا وقد عقلوا دينهم وراهقوا وقالوا
حين مات أبوهم مسلما لا نسلم ونحن على دين النصرانية أيكونون نصارى أو يكون
المال فيئا لأهل الاسلام (قال) لا ينظر في قولهم إن قالوا هذا قبل أن يحتلموا وان
قالوا هذا القول لان مالكا لو رأى أن قولهم قبل أن يحتلموا نحن نصارى مما يقطع
ميراثهم لم يوقف المال عليهم حتى يحتلموا ولقال يعرض عليهم الاسلام مكانهم قبل أن
يحتلموا [قال ابن القاسم] وكل ولد لهذا النصراني إذا أسلم وولده صغار بنو خمس

(1) (حزاورة) الحزاورة جمع حزور بكسر الحاء وفتح الزاي وتشديد الواو مفتوحة
هو الغلام إذا اشتد وقوي وخدم اه‍ كتبه مصححه
309

سنين أو ست سنين أو نحو ذلك ما لم يعقلوا دينهم النصرانية فهو مسلمون ولهم الميراث
وكذلك يقول أكثر الرواة انهم مسلمون باسلام أبيهم
{المجوسي يسلم وعنده عشر نسوة أو امرأة وابنتها}
[قلت] أرأيت الحربي يتزوج عشر نسوة في عقدة واحدة أو في عقد مفترقة فيسلم
وهن عنده (قال) قال مالك يحبس أربعا أي ذلك شاء منهن ويفارق سائرهن ولا
يبالي حبس الأواخر منهن أو الأول فنكاحهن هاهنا في عقدة واحدة أو في عقد مفترقة
سواء [قلت] أرأيت الحربي أو الذمي يسلم وقد تزوج الأم والبنت في عقدة واحدة
أو في عقد مفترقة ولم يبن بهما أله أن يحبس أيتهما شاء ويفارق الأخرى (قال) نعم
[قلت] وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي [قال] وقال مالك إلا أن يكون
مسهما جميعا فان مسهما فارقهما جميعا (قال ابن القاسم) وان مس واحدة ولم يمس
الأخرى لم يكن له أن يختار التي لم يمس وامرأته هاهنا التي قد مس (قال ابن
القاسم) وأخبرني من أثق به أن ابن شهاب قال في المجوسي يسلم وتحته الأم وابنتها
انه إن لم يكن أصاب واحدة منهما اختار أيتهما شاء وان وطئ إحداهما أقام على
التي وطئ وفارق الأخرى وان مسهما جميعا فارقهما جميعا ولا يحلان له أبدا وهو رأيي
[قلت] أرأيت النصراني إذا تزوج امرأة فماتت قبل أن يبتنى بها ثم تزوج أمها ثم
أسلما جميعا أتقرهما على هذا النكاح أم لا وكيف إن كان هذا رجلا من أهل الحرب
ثم أسلم (قال) سمعت مالكا يسئل عن المجوسي يسلم وعنده امرأتان أم وابنتها
وقد أسلمتا جميعا قال إن كان دخل بهما جميعا فارقهما ولم تحل له واحدة منهما أبدا
(قال) وإن كان دخل بإحداهما فإنه يقيم على التي دخل بها ويفارق التي لم يدخل بها
[قلت] فإن كان لم يدخل بواحدة منهما (قال ابن القاسم) يحبس أيتهما شاء
ويرسل الأخرى (قال ابن القاسم) وبلغني عن ابن شهاب أنه قال إن دخل بهما جميعا
فارقهما جميعا وان دخل بواحدة ولم يدخل بالأخرى فارق التي لم يدخل بها وإن لم يدخل
بواحدة منهما اختار أيتهما شاء منهما وذلك رأيي [قلت] فان حبس الأم وأرسل
310

الابنة فأراد ابن الزوج أن يتزوج الابنة التي أرسلها أبوه أيتزوجها أم لا (قال) لا
يعجبني ذلك [قال سحنون] وقد قال بعض الرواة إذا أسلم وعنده أم وابنتها ولم
يدخل بهما لم يجزله أن يحبس واحدة منهما [ابن وهب] عن يونس عن ابن
شهاب عن عثمان بن محمد بن سريد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعيلان بن
سلمة الثقفي حين أسلم وتحته عشر نسوة خذ منهن أربعا وفارق سائرهن [مالك]
أن ابن شهاب أخبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك لرجل من ثقيف
[أشهب] عن ابن لهيعة أن أبا وهب الجيشاني حدثه أنه سمع الضحاك بن فيروز
الديلمي يحدث عن أبيه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله
انى أسلمت وتحتي أختان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق أيتهما شئت
{نكاح أهل الشرك وأهل الذمة وطلاقهم}
[قلت] أرأيت نكاح أهل الشرك إذا أسلموا أيجيزونه فيما بينهم في قول مالك
(قال) كل نكاح يكون في الشرك جائزا فيما بينهم فهو جائز إذا أسلموا عليه وكان
قد دخل بها ولا يفرق بينهما لان نكاح أهل الشرك ليس كنكاح أهل الاسلام
[قلت] فإن كانا أسلما قبل أن يدخل بها أتحملهما على سنة المسلمين أم تحملهما على
مناكح أهل الشرك (قال) أحملهما على سنة المسلمين في الصداق فإن كان ذلك مما
لا يحل لها أخذه مثل الخنزير والخمر رأيت النكاح ثابتا وكان ذلك كالمسلمة تزوجت
بالتفويض وكأنهما في نصرانيتهما ولم يسم لها في أصل النكاح شيئا يقال للزوج أعطها
صداق مثلها ان أحببت والا فرق بينهما ولم يكن عليه أن يلزم ذلك. ومما كان في
شروطهم من أمر مكروه فإنه يثبت من ذلك ما كان يثبت في الاسلام ويفسخ من
ذلك ما كان يفسخ في الاسلام من شروط لها من طلاق ان تزوج عليها أو شرط
في عتق فان ذلك لا يلزمه كان ذلك الطلاق في غيرها أو فيها وما كان من شرط
فيها أيضا مثل ان خرج بها أو منعها من أهلها أو أخرجها إلى بلد فهي طالق فهذا
كله يسقط عنه ولا يثبت عليه ومثل ما لو اشترط أن لا نفقة عليه أو عليه من
311

قوتها كذا وكذا أو فساد في صداق فان هذا وما أشبهه يرد ان فيه إلى ما يثبت في
الاسلام وليست تشبه المسلمة إذا لم يبن بها لان المسلمة إذا لم يبن بها فرق بينهما
لشروطهم التي لا تحل لان العقدة وقعت بما لا يحل ونكاح الشرك إذا وقع بما لا
يحل من الشروط ثم أسلما لم يكن ذلك فسادا لنكاحهم [قلت] أرأيت لو أن ذميا
تزوج امرأة ذمي ولم يفارقها الزوج الأول عندهم فرفعها ورفعه زوجها الأول إلى حكم
المسلمين أترى أن ينظر فيما بينهما في قول مالك (قال) قال مالك إذا تظالم أهل
الذمة فيما بينهم فلهم من ذلك حكم المسلمين وهذا من التظالم فيما بينهم فأرى أن يحكم
بينهم ويرفع الظلم عمن ظلم منهم ذمي ظلمه أو غير ذمي [قلت] أرأيت الذميين
الصغيرين إذا تزوجا بغير أمر الآباء أو زوجهما غير الآباء فأسلما بعد ما كبرا أيفرق
بينهما أو نقرهما على هذا النكاح (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى نكاحهما
جائزا ولا ينبغي أن يعرض لأهل الذمة إذا أسلموا في نكاحهم لان نكاح أهل
الشرك أشر من هذا نكاحهم ليس كنكاح أهل الاسلام فإذا أسلموا لم يعرض لهم
في نكاحهم إلا أن يكون تزوج من لا تحل له فيفرق بينهما [قلت] أرأيت ان
طلق الذمي امرأته ثلاثا وأبى أن يفارقها وأمسكها فرفعت أمره إلى السلطان أترى
أن ينظر فيما بينهما أم لا (قال) قال مالك لا يعرض لهما في شئ من ذلك قال مالك
ولا يحكم بينهما إلا أن يرضيا جميعا فان رضيا جميعا قال مالك فالقاضي مخير ان شاء حكم
وان شاء ترك فان حكم حكم بحكم أهل الاسلام (قال مالك) وأحب إلى أن لا يحكم
بينهم (قال مالك) وطلاق أهل الشرك ليس بطلاق [وقال مالك] في النصراني يطلق
امرأته ثلاثا ثم يتزوجها ثم يسلمان انه يقيم عليها على نكاحهما قال مالك ليس طلاقه
بطلاق [قلت] أرأيت أهل الذمة إذا كانوا يستحلون في دينهم نكاح الأمهات
والأخوات وبنات الأخ أنخليهم وذلك (قال) أرى أنه لا يعرض لهم في دينهم وهم
على بما هو هدوا عليه فلا يمنعون من ذلك إذا كان ذلك مما يستحلون في دينهم [قلت]
ويمنعون من الزنا في قول مالك (قال) قال مالك يؤدبون عليه ان أعلنوه [يونس]
312

عن ربيعة أنه قال لا تحصن النصرانية بمسلم ان جاز له نكاحها ولا يحصن من كان
على غير الاسلام بنكاحه وان كانوا من أهل الذمة بين ظهر انى المسلمين حتى يخرجوا
من دينهم إلى الاسلام ثم يحصنون في الاسلام قد أقروا بالذمة على ما هو أعظم من
نكاح الأمهات والبنات على قول البهتان وعبادة غير الرحمن [قلت] أرأيت السباء
هل يهدم نكاح الزوجين في قول مالك (قال) سمعت مالكا يقول في هذه الآية
والمحصنات من النساء الا ما ملكت أيمانكم من السبايا اللائي لهن الأزواج بأرض
الشرك فقد أحلهن الله تبارك وتعالى لنا (قال ابن القاسم) فالسباء قد هدم النكاح
[قال سحنون] الا ترى أن السباء لو لم يهدم النكاح لم يحل لسيدها أن يطأها بعد
الاستبراء إذا لم تسلم وكانت من أهل الكتاب وكذلك قال أشهب أيضا ان السباء
يهدم النكاح [قلت] أرأيت لو قدم زوجها بأمان أو سبي وهي في استبرائها أتكون
زوجة الأول أم قد انقطعت العقدة بالسباء (قال) قد انقطعت العقدة بالسباء وليس
الاستبراء هاهنا بعدة إنما الاستبراء هاهنا من الماء الفاسد الذي في رحمها بمنزلة رجل
ابتاع جارية فهو يستبرئها بحيضة فلو كانت عدة لكانت ثلاث حيض فليس لزوجها
عليها سبيل [قلت] أسمعت هذا من مالك (قال) لا وهو رأيي [قلت] فلو
كانت أيضا خرجت الينا مسلمة ثم أسلم زوجها بعدها وهي في عدتها أكنت تردها
إليه على النكاح (قال) نعم هذا الذي بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في اللائي
ردهن على أزواجهن وهو قول مالك وذلك لأن هذه في عدة ولم تبن من زوجها
وإنما تبين منه بانقضاء العدة ولم تصر فيئا فيكون فرجها حلالا لسيدها وهذه حرة
وفرجها لم يحل لاحد وإنما تنقطع عصمة زوجها بانقضاء العدة [قلت] أرأيت
لو أن حربية خرجت الينا مسلمة أتنكح مكانها قال لا [قلت] فتصنع ماذا (قال)
تنتظر ثلاث حيض فان أسلم زوجها في الحيض الثلاث كان أملك بها والا فقد بانت
منه وكذلك جاءت الآثار والسنن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك. ذكر
مالك أن من أسلم منهم قبل أن تنقضي عدة امرأته وقد أسلمت وهاجرت فأسلم
313

زوجها في عدتها كان أحق بها
{في وطئ المسبية في دار الحرب}
[قلت] أرأيت إذا قسم المغنم في دار الحرب فصار لرجل في سهمانه جارية
فاستبرأها في دار الحرب بحيضة أيطؤها أم لا في قول مالك (قال) لا أقوم على
حفظ قوله ولا أرى به بأسا (قال) ومن الناس من يكرهه خوفا من أن تفر منه ولا
أرى به بأسا (قال ابن القاسم) في حديث أبي سعيد الخدري ما يدلك حين
استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في سبى العرب [قلت] أرأيت الرجل يكون
عنده ثلاث نسوة في دار الاسلام فخرج إلى دار الحرب تاجرا فتزوج امرأة فخرج
وتركها في دار الحرب فأراد أن يتزوج في دار الاسلام الخامسة (قال) لا يتزوج
الخامسة لأنه وان خرج وتركها لم تنقطع العصمة فيما بينهما
{في وطئ السبية والاستبراء}
[قلت] أرأيت السبي إذا كانوا من غير أهل الكتاب أيكون للرجل أن يطأ
الجارية منهن إذا استبرأها قبل أن تجيبه إلى الاسلام إذا صارت في سهمانه (قال)
قال مالك لا يطؤها الا بعد الاستبراء وبعد أن تجيب إلى الاسلام [قلت] أرأيت
ان حاضت ثم أجابت إلى الاسلام بعد الحيضة أتجزئ تلك الحيضة السيد من
الاستبراء في قول مالك (قال) لم أسمعه من مالك وذلك يجزئ لان مالكا قال لو أن
رجلا ابتاع جارية وهو فيها بالخيار أو اشتريت فوضعت على يديه فحاضت على يديه
حيضة قبل أن تختار أو حاضت عند هذا الذي وضعت على يديه فتولاها ممن
اشتراها أو اشتراها منه بغير تولية وهي في يديه وقد حاضت قبل ذلك أن تلك
الحيضة تجزئه من الاستبراء. فهذا يدلك على ما أخبرتك وتلك أثبت في الاستبراء
لأنها قد حاضت في ملكه إلا أن يمنعه من الوطئ دينها الذي هي عليه [قلت]
أرأيت ان اشترى صبية مثلها يجامع أولا يجامع مثلها وهي في هذا كله لم تحض وهي
314

من غير أهل الكتاب أو صارت في سهمانه أيطؤها قبل أن تجيب إلى الاسلام (قال)
أما من عرفت الاسلام منهن فانى لا أرى أن يطأها حتى يجبرها على الاسلام وتدخل
فيه إذا كانت قد عقلت ما يقال لها [قلت] وكيف اسلامها الذي إذا أجابت إليه حل
وطؤها والصلاة عليها (قال) قال مالك إذا شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا
عبده ورسوله أو صلت فقد أجابت أو أجابت بأمر يعرف به أيضا أنها قد أجابت
ودخلت في الاسلام
{في عبد المسلم وأمته النصرانيين يزوج أحدهما صاحبه}
[قلت] أرأيت العبد والأمة يكونان للرجل المسلم وهما نصرانيان أو يهوديان فزوج
السيد الأمة من العبد أيجوز هذا النكاح في قول مالك (قال) قال مالك يجوز
[قلت] فان أسلم العبد وامرأته نصرانية أو يهودية وهي أمة للسيد أو الغير السيد
(قال) تحرم على العبد في رأيي كانت يهودية أو نصرانية إلا أن تسلم مكانها مثل المجوسية
يسلم زوجها انها إذا أسلمت مكانه كانت على النكاح لأنه لا ينبغي للعبد المسلم أن
ينكح أمة يهودية وكذلك الحر المسلم انه لا ينبغي له أن ينكح أمة يهودية ولا
نصرانية [قلت] فان أسلمت الأمة وزوجها عبد كافر (قال) هو أحق بها
ان أسلم وهي في عدتها
{في الارتداد}
[قلت] أرأيت المرتد أتنقطع العصمة فيما بينهما إذا ارتد مكانه أم لا (قال) قال
مالك تنقطع العصمة فيما بينهما ساعة ارتد [قلت] أرأيت المرأة إذا ارتدت (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى إذا ارتدت المرأة أيضا أن تنقطع العصمة فيما
بينهما ساعة ارتدت [قلت] أرأيت إذا ارتد الزوج أيجعله مالك طلاقا أم لا
(قال) قال مالك إذا ارتد الزوج كانت تطليقة بائنة لا يكون للزوج عليها رجعة ان
أسلم في عدتها [قلت] لم قال مالك في هذا انها بائنة وهو لا يعرف البائنة (قال)
315

لأنه قد تركها حين ارتد ولم يكن يقدر في حال ارتداده على رجعتها [يونس] عن
ابن شهاب أنه قال في الأسير ان بلغهم أنه تنصر ولم تقم بينة على أنه أكره فنرى
أن تعتد امرأته ولا نرى له عليها رجعة ونرى أن يرجأ ماله وسريته ما لم يتبين فان
أسلم قبل أن يموت كان المال له وان مات قبل أن يسلم كان في ماله حكم الامام
المجتهد وان قامت بينة على أنه أكره فلا نرى أن يفرق بينه وبين امرأته ولا نرى
ان حدث به حدث وهو بتلك المنزلة إلا أن يورث وراثة الاسلام فان الله تبارك
وتعالى قال الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان وقال عز وجل إلا أن تتقوا منهم تقاة
[قال يونس] وقال ربيعة في رجل أسر فتنصر ان ماله موقوف على أهله إذا
بلغهم أنه تنصر ويفارق امرأته [قلت] أرأيت المرتد إذا تزوج يهودية أو نصرانية
وهو مرتد ثم رجع إلى الاسلام أيقيم على ذلك النكاح أم لا (قال) قال مالك إذا ارتد
فقد وقعت الفرقة بينه وبين أزواجه إذا كان مسلمات (قال ابن القاسم) وتقع الفرقة
بينه وبين أزواجه إذا كن من أهل الكتاب. فهذا يدلك على أن نكاحه إياهن في حال
ارتداده لا يجوز رجع إلى الاسلام أو لم يرجع ألا ترى أنه لا يقر على امرأته اليهودية
أو النصرانية حين ارتد وكذلك لا يجوز نكاحه إياهن في حال ارتداده [قلت]
أرأيت المسلم تكون تحته اليهودية فيرتد المسلم إلى اليهودية أيفسد نكاحه أم لا (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال في المرتد تحرم عليه امرأته فأنا أرى في هذا
أن تحرم عليه امرأته يهودية كانت أو نصرانية أو ما كانت
{في حدود المرتد والمرتدة وفرائضهما}
[قلت] أرأيت من ارتد عن الاسلام أيسقط عنه ما كان قد وجب عليه من
النذور وما ضيع من الفرائض الواجبة التي وجب عليه قضاؤها أو مرض في رمضان
فوجب عليه قضاؤه أو الحدود التي هي لله أو للناس إذا رجع إلى الاسلام أيسقط
عنه شئ من هذه الأشياء (قال) نعم يسقط عنه كل ما وجب لله عليه الا الحدود
والفرية والسرقة وحقوق الناس وما لو كان عمله كافر في حال كفره ثم أسلم لم يوضع
316

عنه. ومما يبين لك ذلك أنه يوضع عنه ما ضيع من الفرائض التي هي لله أنه لو حج
حجة الاسلام قبل ارتداده ثم ارتد ثم رجع إلى الاسلام أن عليه أن يحج بعد رجوعه
إلى الاسلام حجة أخرى حجة الاسلام قال مالك لان الله تبارك وتعالى يقول في
كتابه لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين فحجه من عمله وعليه حجة
أخرى فهذا يخبرك أن كل ما فعل من الفرائض قبل ارتداده لم ينفعه فكذلك ما ضيع
قبل ارتداده ولا يكون عليه شئ وهو ساقط عنه [قلت] فان ثبت على ارتداده أيأتي
القتل على جميع حدوده التي عليه الا الفرية فإنه يجلد على الفرية ثم يقتل (قال) نعم
[قلت] ويأتي القتل على القصاص الذي هو للناس قال لعم [قلت] وتحفظ هذا
عن مالك قال نعم [قلت] أرأيت المسلم يتزوج المرأة ويدخل بها ثم يرتد عن الاسلام
ثم يرجع إلى الاسلام فيزنى قبل أن يتزوج من بعد الردة أيرجم أم لا يرجم (قال)
لا أرى أن يرجم ولم أسمعه من مالك ولكن مالكا سئل عنه إذا ارتد وقد حج ثم
رجع إلى الاسلام أيجزئه ذلك الحج (قال) لا حتى يحج حجة مستأنفة فإذا كان عليه
حجة الاسلام حتى يكون اسلامه ذلك كأنه مبتدأ مثل من أسلم كان ما كان من زنا
قبله موضوعا عنه وما كان لله وإنما يؤخذ في ذلك بما كان للناس من القرية أو السرقة
مما لو عمله وهو كافر كان ذلك عليه وكل ما كان لله مما تركه قبل ارتداده من صلاة
تركها أو صيام أفطره من رمضان أو زكاة تركها أو زناه فذلك كله موضوع ويستأنف
بعد أن يرجع إلى الاسلام ما كان يستأنفه الكافر إذا أسلم (قال ابن القاسم) وهذا
أحسن ما سمعت وهو رأيي [قال ابن القاسم] والمرتد إذا ارتد وعليه أيمان بالعتق أو
عليه ظهار أو عليه أيمان بالله قد حلف بها ان الردة تسقط ذلك عنه [قلت] أرأيت
الرجل يوصى بوصايا ثم يرتد فيقتل على ردته أيكون لأهل الوصايا شئ أم لا (قال)
قال مالك لا يرثه ورثته فأرى أنه لا شئ لأهل الوصايا أيضا ولا تجوز وصية رجل
الا في ماله وهذا المال ليس هو للمرتد وقد صار لجماعة المسلمين ووصاياه قبل الردة
بمنزلة وصيته بعد الردة ألا ترى أنه لو أوصى بعد الردة بوصية لم تجز وصيته وماله
317

محجوب عنه إذا ارتد [قلت] أرأيت ان مرض فارتد فقتل على ردته فقامت
امرأته فقالت فر بميراثه منى (قال) بلغني عن مالك أنه قال لا يتهم ها هنا أحد أن
يرتد عن الاسلام في مرضه لئلا يرثه ورثته قال وميراثه للمسلمين [قلت]
أرأيت المرتد إذا مات له ابن علي الاسلام وهو على حال ارتداده أيكون له في ميراث
ابنه شئ أم لا (قال) سمعت مالكا يقول في النصراني أو العبد إذا أمات ابنهما حرا
مسلما انهما لا يرثانه ولا يحجبان فان أسلم النصراني بعد موت ابنه أو عتق العبد بعد
ما مات ابنه وإن كان ذلك قبل أن يقسم ميراث الابن فلا شئ لهما من الميراث وإنما
الميراث لمن وجب له يوم مات الميت وكذلك المرتد عندي
{تم الجزء الرابع من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه وصلى الله}
[على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم]
ويليه الجزء الخامس]
318

المدونة الكبرى
لامام دائر الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي
عن الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
{الجزء الخامسة}
[أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل]
[حقوق الطبع محفوظة للملتزم]
الحاج محمد أفندي؟ المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
{تنبيه}
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة اه‍
{طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 هجرية
319

بسم الله الرحمن الرحيم
{الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي}
[وعلى آله وصحبه وسلم]
{كتاب ارخاء الستور}
{في ارخاء الستور}
[قلت] لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت ان تزوج امرأة وخلا بها وأرخى الستر ثم
طلقها فقال لم أمسها وصدقته المرأة (قال) قال مالك لها نصف الصداق لأنها قد صدقته
على أنه لم يمسها وعليها العدة كاملة ولا يملك زوجها رجعتها لأنه قد أقر أنه لم يمسها
[قلت] فان قال جردتها وقبلها ولم أجامعها وصدقته المرأة (قال) قال مالك لا
يكون عليه الا نصف الصداق إلا أن يكون قد طال مكثه معها يتلذذ بها فيكون عليه
الصداق كاملا (قال مالك) وهذا رأيي ولقد خالفني فيه ناس فقالوا وان تطاول
فليس لها الا نصف الصداق (قال مالك) وكذلك الذي لا يقدر على أهله فيضرب
له أجل سنة أرى أن عليه الصداق كاملا إذا فرق بينهما [قلت] أرأيت ان قال قد
جامعتها بين فخذيها ولم أجامعها في الفرج وصدقته المرأة (قال) لا يكون لها الا نصف
الصداق إلا أن يطول مكثه معها كما قال مالك في الوطئ ألا ترى أن مالكا قال إلا أن تطول اقامته معها والذي لم تطل اقامته معها قد ضاجع وتلذذ منها وطلب ذلك
[قلت] أرأيت ان قال الزوج بعد ما دخل بها وأرخى الستر لم أجامعها وقالت المرأة
قد جامعني أيكون عليه المهر كاملا أو نصف المهر في قول مالك (قال) قال مالك عليه
المهر كاملا والقول والقول قولها [قلت] فإن كان اجتلاها في بيت أهلها وخلا بها فطلقها قبل
320

البناء فقال الزوج لم أمسها وقالت المرأة قد مسني (قال مالك) القول قول الزوج أنه
لم يمسها إلا أن يكون قد دخل عليها في بيت أهلها دخول اهتداء والاهتداء هو البناء
[قلت] فإن كان قد دخل عليها في بيت أهلها غير دخول البناء فطلقها وقال لم أمسها
وقالت المرأة قد مسني فجعلت القول قوله في قول مالك أتكون على المرأة العدة أم لا
(قال) عليها العدة إن كان قد خلا بها وليس معها أحد [قلت] أرأيت ان دخل بها
في بيت أهلها غير دخول البناء فقال الزوج قد جامعتها وقالت المرأة ما جامعني قال إن كان خلا بها وأمكن منها وإن لم تكن تلك الخلوة خلوة بناء رأيت عليها العدة
وعليه الصداق كاملا فإن شاءت المرأة أخذته كاملا وإن شاءت أخذت نصف
الصداق وأما إذا دخل عليها ومعها النساء فيقعد فيقبل ثم ينصرف فإنه لا عدة عليها
ولها نصف الصداق [قلت] أرأيت ان وجبت عليها العدة بهذه الخلوة وهي تكذب
الزوج في الجماع والزوج يدعى الجماع أيجعل له عليها الرجعة أم لا (قال) لا رجعة له
عليها عند مالك وان جعلت عليها العدة لأنه لم بين بها إنما خلا بها في بيت أهلها وهي
أيضا ان خلا بها في بيت أهلها هذه الخلوة التي وصفت لك إذا لم يكن معها أحد
فتناكرا الجماع الزوج والمرأة جعلت عليها العدة ولم أصدقها على ابطال العدة وكان
لها نصف الصداق إذا أمكن منها وخلا بها [قلت] أرأيت ان عقد نكاحها
فلم يخل بها ولم يجتلها حتى طلقها فقال الزوج قد وطئتها من بعد عقدة النكاح
وقالت المرأة ما وطئني أيكون عليها العدة أم لا (قال) لا عدة عليها [قلت] ويكون
لها عليه الصداق كاملا (قال) قد أقر لها بالصداق فإن شاءت أخذت وإن شاءت
تركت [قلت] أرأيت ان خلا بها ومعها نسوة فطلقها وقال قد جامعتها وقالت
المرأة كذب ما جامعني (قال) القول قولها ولا عدة عليها [قلت] وهذا قول
مالك قال نعم [قلت] ما قول مالك في الرجل يتزوج المرأة وهي صائمة في رمضان
أو صيام تطوع أو صيام نذر أوجبته على نفسها أو صيام كفارة فبنى بها زوجها نهارا
في صيامها هذا ثم طلقها من يومه أو خلا بها وهي محرمة أو حائض فطلقها قبل
321

أن تحل من احرامها أو قبل أن تغتسل من حيضتها فادعت المرأة في هذا كله
أنه قد مسها وأنكر الزوج ذلك وطلبت المرأة الصداق كله وقال الزوج إنما على نصف
الصداق (قال) سئل مالك عن الرجل يدخل بامرأته وهي حائض فتدعى المرأة أنه
قد مسها وينكر الزوج ذلك أن القول قولها ويغرم الزوج الصداق إذا أرخيت عليهما
الستور فكل من خلا بامرأة لا ينبغي له أن يجامعها في تلك الحال فادعت أنه قد مسها
فيه كان القول قولها إذا كانت خلوة بناء [قلت] ولم قال مالك القول قول المرأة
(قال) لأنه قد خلا بها وأمكن منها وخلى بينه وبينها فالقول في الجماع قولها (قال)
وكذلك قال مالك في الرجل يغتصب المرأة نفسها فيحملها فيدخلها بيتا والشهود
ينظرون إليه ثم خرجت المرأة فقالت قد غصبني نفسي وأنكر الرجل ذلك أن
الصداق لازم للرجل [قلت] ويكون عليه الحد (قال) لا يكون عليه الحد
[قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت الرجل يتزوج المرأة فيدخل
بها ثم يطلقها فيقول ما جامعتها وتقول المرأة قد جامعني (قال) القول قول المرأة في
ذلك [قلت] فان طلقها واحدة (قال) القول قول المرأة في الصداق وعليها
العدة ولا يملك الرجعة وهذا قول مالك (قال) وبلغني أن مالكا قيل له أفتنكح بهذا
زوجا كان طلقها البتة إذا طلقها زوجها فقال الزوج لم أطأها وقالت المرأة قد وطئني
(قال) قال مالك لا أرى ذلك الا باجتماع منهما جميعا على الوطئ (قال ابن القاسم)
وأرى أن يدين في ذلك ويخلى بينها وبين نكاحه وأخاف أن يكون هذا من الذي طلقها
ضررا منه في نكاحها [قلت] أرأيت الرجل يتزوج المرأة المطلقة ثلاثا فيدخل بها
فيلبث معها ثم يموت من الغد فتقول المرأة قد جامعني أيحل لزوجها الأول أن يتزوجها
ويصدقها في قول مالك أم لا (قال) أرى أن المرأة تدين في ذلك فان أحب أن يتزوجها
فهو أعلم ولا يحال بينه وبين ذلك واليوم في ذلك وما زاد على اليوم سواء إذا كان رجلا
يطأ فالقول قول المرأة إذا مات الزوج ولا يعلم منه انكار لوطئها ولقد استحسن
مالك الذي أخبرتك إذا قال لم أطأها وقالت قد وطئني ان ذلك لا يحلها لزوجها الا
322

باجتماع منهما على الوطئ وهذا لا يشبه مسألتك لان الزوج هاهنا قد أنكر الوطئ
وفى مسألتك لم ينكر الوطئ حتى مات والذي استحسن من ذلك مالك ليس يحمل
القياس ولولا أن مالكا قاله لكان غيره أعجب إلى منه ورأيي على ما أخبرتك قبل
هذا [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن شريحا الكندي
قضى في امرأة بنى بها زوجها ثم أصبح فطلقها وقالت ما مسني وقال ما مسستها فقضى
عليه شريح بنصف الصداق وقال هو حقك وأمرها أن تعتد منه [ابن وهب]
عن يونس بن يزيد عن ربيعة مثله (وقال) ربيعة والستر شاهد بينهما على ما يدعيان
وله عليها الرجعة ان قال قد وطئتها [ابن وهب] وذكر عن يونس عن ربيعة أنه
كان يقول إن دخل عليها عند أهلها فقال الزوج لم أمسها وقالت ذلك المرأة لم يكن لها
الا نصف الصداق ولم يكن له عليها الرجعة وان قال لم أدخل بها وقالت قد دخل بي
صدقت عليه وكان لها الصداق كاملا واعتدت عدة المطلقة [ابن وهب] عن محمد
ابن عمرو عن ابن جريج عن عمرو نبن دينار عن سليمان بن يسار أن امرأة في إمرة
مروان بن الحكم أو أمير قبله أغلق عليها زوجها قال لا أراه قال الا في بيت أهلها ثم
طلقها وقال لم أمسها وقالت المرأة بل قد أصابني ثلاث مرات ولم يصدق عليها [ابن
وهب] عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال أخبرني سليمان بن يسار أن الحارث بن
احكم تزوج امرأة اعرابية فدخل عليها فإذا هي حضرية فكرهها فلم يكشفها كما يقول
واستحيا أن يخرج مكانه فقال عندها مجلياتها ثم خرج فطلقها وقال لها نصف الصداق
لم أكشفها وهي ترد ذلك عليه فرفع ذلك إلى مروان بن الحكم فأرسل إلى زيد بن
ثابت فقال يا أبا سعيد رجل صالح كان من شأنه كذا وكذا وهو عدل هل عليه الا
نصف الصداق فقال له زيد بن ثابت أرأيت لو أن المرأة الآن حبلت فقالت هو منه
أكنت مقيما عليها الحد فقال مروان لا فقال زيد بل لها صداقها كاملا [ابن وهب
عن رجل من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأنس بن مالك
وسعيد بن المسيب وربيعة وابن شهاب ان لها الصداق عليه وعليها العدة ولا رجعة
323

له عليها [وقال مالك] كان سعيد بن المسيب يقول إذا دخل الرجل على
المرأة في بيتها صدق عليها وإذا دخلت عليه في بيته صدقت عليه قال مالك
وذلك في المسيس
{الرجعة}
[قلت] أرأيت ان طلق رجل امرأته تطليقة يملك بها الرجعة ثم قبلها في عدتها لشهوة
أو لمسها لشهوة أو جامعها في الفرج أو فيما دون الفرج أو جردها فجعل ينظر إليها
والى فرجها هل يكون ذلك رجعة في قول مالك أم لا [قال] قال مالك إذا وطئها
في العدة وهو يريد بذلك الرجعة وجهل أن يشهد فهي رجعة والا فليست برجعة وقاله
عبد العزيز بن أبي سلمة [قلت] أرأيت من قال لامرأته قد راجعتك ولم يشهد
إلا أنه قد تكلم بالرجعة (قال) فهي رجعة وليشهد وهذا قول مالك وقد قال مالك في
امرأة طلقها زوجها ثم راجعها ولم يشهد فأراد أن يدخل بها فقالت المرأة لا تدخل
بي حتى تشهد على رجعتي (قال) قال مالك قد أحسنت وأصابت حين منعته نفسها
حتى يشهد على رجعتها [قلت] أرأيت ان قال قد ارتجعتك ثم قال بعد ذلك لم أرد
رجعتك بذلك القول إنما كنت لا عبا بقولي قد راجعتك وعليه بذلك بينة على قوله
قد راجعتك أو لا بينة عليه والمرأة والزوج يتصادقان على قوله قد راجعتك وادعى
الزوج أنه لم يرد بقوله ذلك مراجعتها قال الرجعة عليه ثابتة إذا كان قبل انقضاء عدتها
وان انقضت العدة فلا يكون قولهما رجعة إلا أن تقوم على ذلك بينة [قلت]
أرأيت ان قال قد كنت راجعتك أمس وهي في العدة بعد أيصدق الزوح أم لا
(قال) نعم هو مصدق [قلت] فان قال كنت راجعتك أمس وقد انقضت عدتها
أيصدق أم لا (قال) لا يصدق [قلت] أرأيت ان قال قد كنت راجعتك في
عدتك وهذا بعد انقضاء العدة وأكذبته المرأة فقالت ما راجعتني أيكون له عليها
اليمين في قول مالك (فقال) قال مالك انه لا يصدق عليها الا ببينة (قال ابن القاسم)
ولو أبت اليمين أو أقرت لم تصدق ولم يكن للزج عليها رجعة إلا أن يكون كان
324

يبيت عندها ويدخل عليها في العدة فيصدق على قوله إنه قد راجعها وإن كان ذلك
بعد انقضاء العدة وان أكذبته فالقول قوله على كل حال إذا كان هو معها في البيت
فالقول قوله بعد مضى العدة أنه قد راجعها في العدة [وقال أشهب] إذا قال رجل
لامرأته وهي في عدة منه إذا كان غدا فقد راجعتك لم تكن هذه رجعة وقاله مالك
ولكن لو قال قد كنت راجعتك أمس كان مصدقا ان كانت في عدة منه وان أكذبته
المرأة لان ذلك يعد مراجعة الساعة [أشهب] وإذا قال الرجل لامرأته بعد
انقضاء العدة قد كنت راجعتك في العدة فليس ذلك له وان صدقته المرأة لأنها قد
بانت منه في الظاهر وادعى عليها ما لا يثبت له الا ببينة وتتهم في اقرارها له بالمراجعة
على تزويجه بلا صداق ولا ولى وذلك ما لا يجوز لها ولا له أن يتزوجها بلا ولى ولا
صداق [قلت] لا شهب فان أقام بينة على اقراره قبل انقضاء العدة أنه قد جامعها
قبل انقضاء العدة وكان مجيئه بالشهود بعد انقضاء العدة (قال) كانت هذه رجعة وكان
مثل قوله قد راجعتها إذا ادعى ان وطأه إياها أراد به الرجعة [قلت] لابن القاسم
أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته وهي أمة لقوم فقال الزوج قد كنت راجعتها في
العدة وصدقه السيد وأكذبته الأمة (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا يقبل
قول السيد في هذا ولا يقبل قوله في هذا قد راجعتك الا بشاهدين سوى السيد لان
مالكا قال لا يجوز شهادة السيد على نكاح أمته فكذلك رجعتها عندي [قلت]
أرأيت ان ارتجع ولم يشهد أتكون رجعته رجعة ويشهد فيما يستقبل في قول مالك
(قال) نعم قال مالك إذا كان إنما ارتجع في العدة وأشهد في العدة [قلت] أرأيت
ان ارتجع في العدة وأشهد بعد انقضاء العدة وصدقته المرأة (قال) لا يقبل قوله إلا أن يكون كان يخلو بها ويبيت معها [أشهب] عن القاسم بن عبد الله أن عبد الله
ابن دينار حدثه أن ابن عمر لما طلق صفية بنت أبي عبيد أشهد رجلين فلما أراد أن
يرتجعها أشهد رجلين قبل أن يدخل عليها [أشهب] وقال قال ربيعة من طلق امرأته
فليشهد على الطلاق وعلى الرجعة [أشهب] عن يحيى بن سليم ان هشام بن حسان
325

حدثه أن ابن سيرين أخبره عن عمران بن الحصين أنه سئل عن رجل طلق امرأته
ولم يشهد وارتجع ولم يشهد فقال طلق في غير عدة وارتجع في غير سنة بئس ما صنع
وليشهد على ما فعل [أشهب] عن القاسم بن عبد الله عن يحيى بن سعيد عن ابن
شهاب عن ابن المسيب أنه قال من طلق فليشهد على الطلاق وعلى الرجعة [قلت]
أرأيت الحامل إذا وضعت ولدا وبقي في بطنها آخر أيكون الزوج أحق برجعتها
(قال) قال مالك زوجها أحق برجعتها حتى تضع آخر ولد في بطنها وقاله ابن شهاب
وربيعة وعبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب وأبو الزناد وابن قسيط من حديث
ابن وهب [وقال أشهب] إذا طلق الرجل امرأته واحدة أو اثنتين فالرجعة له
عليها ما لم تحض الحيضة الثالثة وذلك أنها إذا رأت أول قطرة من الحيضة الثالثة فقد
مضت الثلاثة الأقراء التي قال الله لان الأقراء إنما هي الأطهار وليست بالحيض قال
الله تبارك وتعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولم يقل ثلاث حيض
فإذا طلقها وهي طاهرة فقد طلقها في قرء تعتد فيه فإذا حاضت حيضة فقد تم
قرؤها فإذا طهرت فهو قرء ثان فإذا حاضت الحيضة الثانية فقد تم قرؤها الثاني
فإذا طهرت فهو قرء ثالث ولزوجها عليها الرجعة حتى ترى أول قطرة من الحيضة
الثالثة وقد تم قرؤها الثالث وانقضى آخره وانقضت الرجعة عنها وحلت للأزواج
(قال أشهب) غير أنى استحسنت أن لا تعجل بالتزويج حتى يتبين أن الدم الذي
رأت في آخر الحيض دم حيضة يتمادى بها فيها لأنه ربما رأت المرأة الدم الساعة
والساعتين واليوم ثم ينقطع ذلك عنها فتعلم أن ذلك ليس بحيض فان رأت امرأة هذا
في الحيضة الثالثة فان لزوجها عليها الرجعة وعليها الرجوع إلى بيتها الذي طلقت فيه
حتى تعود إليها الحيضة صحيحة مستقيمة وقد ذكر ان أبي ذئب عن ابن شهاب قال
قضى زيد بن ثابت أن تنكح في دمها [قال ابن شهاب] وأخبرني بذلك عروة
ابن الزبير عن عائشة قال ربيعة وعدتهن من الأقراء الطهر فإذا مرت بها ثلاثة أقراء
فقد حلت وإنما الحيض علم للأطهار فإذا استكملت الأطهار فقد حلت [مالك
326

ابن أنس] وسليمان بن بلال أن زيد بن أسلم حدثهما عن سليمان بن يسار وأن الليث
ابن سعد ومالكا ذكرا عن نافع عن سليمان بن يسار أن ابن الأحوص هلك بالشام
حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة وقد كان طلقها طلقة أو تطليقتين
فكتب معاوية إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك فكتب إليه زيد انها إذا دخلت في
الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئ منها ولا ترثه ولا يرثها [مالك] عن
ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن عائشة انتقلت حفصة حين دخلت في الدم من
الحيضة الثالثة فقال ابن شهاب فذكرت ذلك لعمرة فقالت صدق عروة وقد جادلها
فيه ناس فقالوا ان الله يقول ثلاثة قروء فقالت صدقتم وتدرون ما الأقراء إنما
الأقراء الأطهار [قال ابن شهاب] وسمعت أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث
يقول ما أدركت أحدا من فقهائنا الا وهو يقول هذا يريد قول عائشة [قال مالك]
وحدثني الفضل بن أبي عبد الله مولى المهريين أنه سأل القاسم وسالما عن المرأة إذا
طلقت فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقالا قد بانت منه وحلت (قال مالك)
وقاله سليمان بن يسار وأبو بكر بن عبد الرحمن وقالوا كلهم ولا ميراث بينهما ولا
رجعة له عليها (قال مالك) وقاله ابن شهاب [ابن وهب] عن ابن لهيعة أن ابن
أبي جعفر حدثه عن نافع عن ابن عمر وزيد بن ثابت مثله [أشهب] عن ابن
الدراوردي أن ثور بن زيد الديلي حدثه عن ابن عباس أنه كان يقول إذا حاضت
المطلقة الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها [أشهب] عن القاسم بن عبد الله أن
عبد الله بن دينار حدثه عن عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت أنهم كانوا يقولون إذا طلق
الرجل امرأته وقد حاضت الحيضة الثالثة لم يكن له عليها رجعة ولا يتوارثان ولم يكن
بينهما شئ [قلت] لابن القاسم أرأيت ان قال الزوج لامرأته وقد كان طلقها قدر
راجعتك فقالت مجيبة له قد انقضت عدتي وأكذبها الزوج (قال) ينظر في ذلك فإن كان قد مضى لها من الزمان ما تنقضي في مثله العدة صدقت وكان القول قولها
[قلت] فان سكتت حتى أشهد على رجعتها ثم قالت بعد ذلك بيوم أو أقل من ذلك
327

انك أشهد على رجعتي وان عدتي قد كانت انقضت قبل أن تشهد على رجعتي (قال)
لا تصدق [قلت] ولم صدقتها في القول الأول (قال) لأنها في القول الأول مجيبة له
فردت عليه المراجعة وأخبرته أن مراجعته إياها ليست بشئ وفي مسألتك الآخرة
قد سكتت وأمكنته من رجعتها ثم أنكرت بعد ذلك فلا تصدق على الزوج لان
الرجعة قد ثبتت للزوج بسكوتها (قال) لان مالكا قال لي في المرأة تطلق فتزعم أنها
قد حاضت ثلاث حيض في شهر أو تزعم أنها قد أسقطت (قال) أما الحيض فيسئل
النساء فان كن يحضن لذلك صدقت وأما السقط فان الشأن فيه أنهن مؤتمنات على
ذلك ولا تكاد المرأة تسقط الا علم بذلك الجيران ولكن الشأن في ذلك أن تصدق
ويكون القول قولها وكذلك قال مالك
{دعوى المرأة انقضاء عدتها}
[قلت] أرأيت رجلا طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم قال لها وهي في العدة قد
راجعتك فقالت مجيبة له قد انقضت عدتي (فقال) هي مصدقة فيما قالت إذا كان
ذلك من كلامها سبقا بكلامه وكان قد مضى من عدد الأيام من يوم طلقها إلى اليوم
الذي قالت فيه قد انقضت عدتي ما تنقضي في مثله عدة بعض النساء إذا كان
ادعاؤها ذلك من حيض وأما إن كان من سقط فهو لها جائز وإن كان من بعد
طلاقه ايهاها بيوم أو أقل أو أكثر ودل على ذلك أن ذلك إليهن قول الله تبارك
وتعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله
في أرحامهن ففسر أهل العلم أن الذي خلق الله في أرحامهن لا يحل لهن أن يكتمنه
الحيضة والحبل فجعل العدة إليهن بما حرم الله عليهن من كتمانها [ابن وهب] عن
يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في قول الله تبارك وتعالى ولا يحل لهن أن
يكتم ما خلق الله في أرحامهن (قال) بلغنا أنه الحمل وبلغنا أنها الحيضة ولا يحل لهن
أن يكتمن ذلك لتنقضي العدة فلا يملك الزوج الرجعة إذا كانت له وقاله محمد
ابن كعب القرطي وعطاء ومجاهد [ابن وهب] عن قياس بن زرير اللخمي عن
328

علي بن رباح قال كانت تحت عمر بن الخطاب امرأة من قريش فطلقها تطليقة أو
تطليقتين وكانت حاملا فلما أحست بالولد أغلقت الأبواب حتى وضعت فأخبر بذلك
عمر بن الخطاب فأقبل مغضبا حتى دخل المسجد فإذا هو بشيخ فقال اقرأ على ما بعد
المائتين من سورة البقرة فذهب يقرأ فإذا في قراءته ضعف فقال يا أمير المؤمنين
ها هنا غلام حسن القراءة فإن شئت دعوته قال نعم فدعاه فقرأ والمطلقات يتربصن
بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن فقال عمران
فلانة من اللاتي يكتمن ما خلق الله في أرحامهن وان الأزواج عليها حرام ما بقيت
[أشهب] عن فضيل بن عياض أن ليث بن أبي سليم حدثه والأعمش عن مسلم
ابن صبيح عن مسروق عن أبي بن كعب أنه قال إن من الأمانة أن ائتمنت المرأة على
فرجها [أشهب] عن سفيان بن عيينة أن عمرو بن دينار حدثه أنه سمع عبيد بن
عمير يقول إن المرأة ائتمنت على فرجها [قال أشهب] وقال لي سفيان بن عيينة في
الحيضة والحبل ان قالت قد حضت أو قالت لم أحض أنا حامل صدقت ما لم تأت بأمر
يعرف فيه أنها كاذبة [قلت] لابن القاسم أرأيت ان طلق الرجل امرأته فادعت
أنها قد انقضت عدتها وذلك في أيام يسيرة الا تحيض النساء ثلاث حيض في مقدار
تلك الأيام (قال) لا تصدق [قلت] وهذا قول مالك (قال) قال لي مالك إذا ادعت
أن عدتها قد انقضت في مقدار ما تنقضي فيه العدة صدقت فهذا يدلك على أنه
لا يصدقها إذا ادعت ذلك في أيام يسيرة لا تنقضي العدة في عدد تلك الأيام [قلت]
أرأيت ان طلق الرجل امرأته ثم قالت في مقدار ما تحيض فيه ثلاث حيض قد
دخلت في الدم من الحيضة الثالثة والزوج يسمعها ثم قالت بعد ذلك مكانها أنا كاذبة
وما دخلت في الدم من الحيضة الثالثة أيكون للزوج أن يراجعها وقد نظر النساء إليها
فوجدنها غير حائض (فقال) لا ينظر إلى نظر النساء إليها وقد بانت منه حين قالت قد
دخلت في الدم من الحيضة الثالثة إذا كان في مقدار ما تحيض له النساء ولا أرى أن
يراجعها الا بنكاح جديد [أشهب] عن ابن لهيعة أن أبا الأسود حدثه أن حميد بن
329

نافع أخبره أن علي بن حسين طلق امرأة له من أهل العراق فتركها خمسا وأربعين
ليلة ثم أراد ارتجاعها فقالت إني قد حضت ثلاث حيض وأنا الآن حائض لم أطهر من
الثالثة بعد فاختصما إلى أبان بن عثمان فاستحلفها ولم يرجعها إليه [قال سحنون]
وقال أشهب وليس العمل على أن تستحلف إذا كان ما ادعت تحيض في مثله
[قلت] أرأيت ان طلق رجل امرأته فلما كان بعد يوم أو يومين أو شهر أو شهرين
قالت المرأة قد أسقطت وقد انقضت عدتها ما قول مالك في ذلك (قال) قال مالك
وجه ذلك أن تصدق النساء في ذلك (قال مالك) وقل من امرأة تسقط الا وجيرانها
يعلمون ذلك ولكن لا ينظر في ذلك إلى قول الجيران وهي مصدقة فيما قالت من
ذلك [قلت] أرأيت ان أكذبها الزوج أيكون عليها اليمين في أنها قد أسقطت أم
لا (قال) ليس في مثل ذلك للزوج عليها يمين وهي مصدقة فيما قالت من ذلك قال
لأنهن مؤتمنات على فروجهن ولو رجعت وصدقت الزوج بما قال لم تصدق ولم يكن
له عليها رجعة لأنه قد ظهر أنها قد باتت منه فهما يدعيان ما يردها عليه بلا صداق
ولا عقد جديد من ولى فيكون ذلك داعية إلى أن تزوج المرأة نفسها بغير صداق
ولا ولى [قلت] أرأيت ان أسقطت سقطا لم يتبين شئ من خلقه أسقطته علقة
أو مضغة أو عظما أو دما أتنقضي به العدة أم لا في قول مالك (قال) قال مالك ما
أثبته النساء من مضغة أو علقة أو شئ يستيقن أنه ولد فإنه تنقضي به العدة وتكون
الأمة به أم ولد [قلت] أرأيت إذا طلقها فقالت قد أسقطت وقال الزوج لم تسقطي
ولى عليك الرجعة (قال) قال مالك القول قول المرأة وهذا السقط لا يكاد يخفى على
النساء وجيرانها ولكن قد جعل في هذا القول قولها [قال] وسألت مالكا عن
المرأة يطلقها زوجها فتزعم أنها قد حاضت ثلاث حيض في شهر (قال) يسئل النساء
عن ذلك فان كن يحضن كذلك ويطهرن له كانت فيه مصدقة [قلت] لأشهب
أرأيت إذا طلق الرجل امرأته فقالت قد انقضت عدتي وحضت ثلاث حيض في
شهرين وقال الزوج قد أخبرتني أمس أنك لم تحيضي شيئا فصدقته المرأة هل
330

نقرها معه ونصدقها بالقول الثاني (قال أشهب) لا وهو مما وصفت لك أنه داعية
إلى أن تزوج المرأة نفسها بغير ولى ولا صداق للذي ظهر أنها بانت منه ولكن لو
أقام الزوج بينة على ما ادعى من أنها قالت بالأمس أو قبل ذلك من الأيام لمثل مالا
تحيض فيه ثلاث حيض إلى هذا اليوم لم تصدق المرأة بما ادعت من أن حيضها قد
انقضين عنها وكان لزوجها عليها الرجعة ما بينها وبين أن يمضى بها من الأيام من اليوم
الذي قالت انى لم أحض شيئا وقامت لزوجها عليها البينة بذلك فإن لم يرتجع إلى أن
يمضى من ذلك اليوم عدد أيام يحاض في مثلهن ثلاث حيض فلا رجعة له عليها
وان رجعت عن قولها انى قد حضت ثلاث حيض [قلت] لا شهب أرأيت إذا لم
يعلم أنه أغلق بابا ولا أرخى عليها سترا حتى فارقها ثم أراد ارتجاعها فأنكرت ذلك
وكذبته بما ادعى من اصابته إياها فأقام البينة على أنه قد كان يذكر قبل فراقه إياها
أنه قد أصابها (فقال) لا ينتفع بذلك ولا رجعة له عليها لأنه يتهم على التقدم بمثل هذا
القول إعدادا لما يخاف من أن يفوته بطلاقها قبل البناء بها ليملك بذلك رجعتها ولا
يقبل في ذلك قوله ولا رجعة له عليها وان صدقته لأنها تتهم في ذلك على مثل
ما اتهم عليه ولها عليه النفقة والكسوة وعليها العدة إذا صدقته ولو لم تصدقه لم يكن
لها نفقة ولا كسوة ولا عدة عليها [قلت] لا شهب فلو أقام البينة بعد طلاقه إياها
على أنه قد كان يقول وتقول هي انه قد خلا بها وأصابها (فقال) لا يصدقان بذلك ولا
يقبل قولهما في العدة ولا في الرجعة وعليها العدة ولا رجعة عليها له وعليه لها النفقة
والكسوة حتى تنقضي عدتها ولا يتوارثان [قال سحنون] ألا ترى أن ربيعة
قال ارخاء الستر شاهد عليهما فيما يدعيان فليس من أرخى الستر ثم ادعى كمن لم
يرخه ولا يعلم ذلك
{ما جاء في المتعة}
[قلت] أرأيت المطلقة إذا كان زوجها قد دخل بها وقد كان سمى لها مهرا في أصل
النكاح أيكون عليه لها المتعة في قول مالك (قال) نعم عليه المتعة [قلت] فهل يجبر على
331

المتعة أم لا (قال) لا يجبر على المتعة في قول مالك [قال] وقال لي مالك ليس للتي
طلقت ولم يدخل بها إذا كان قد سمى لها صداقا متعة ولا للمبارئة ولا للمفتدية ولا
للمصالحة ولا للملاعنة متعة كان قد دخل بهن أولا (قال مالك) وأرى على العبد
إذا طلق امرأته المتاع ولا نفقة عليه ولا يجبر على المتاع في قول مالك أحد [قلت]
أرأيت المطلقة المدخول بها وقد سمى لها صداقا لم جعل مالك لها المتاع (قال) لان الله
تبارك وتعالى قال في كتابه وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين فجعل المتاع
للمطلقات كلهن المدخول بهن وغير المدخول بهن في هذه الآية بما استثنى في
موضع آخر فقال تبارك وتعالى وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم
لهن فريضة فنصف ما فرضتم ولم يجعل لهن المتاع (وزعم) زيد بن أسلم أنها منسوخة
ورأي أهل العلم في المفتدية والمصالحة والمبارئة حين لم يطلقها الا على أن أعطته شيئا
أو أبرأته فكأنها اشترت منه الطلاق وخرجت منه بالذي أعطته فلا يكون عليه
لها المتاع لأنها هاهنا تعطيه وتغرم له فكيف ترجع فتأخذ منه (ولقد) سئل مالك عن
رجل تزوج امرأة وأصدقها صداقا فوقع بينهما اختلاف قبل البناء بها فتداعيا إلى
الصلح فافتدت منه بمال دفعته إليه على أن لا سبيل له عليها ففعل ثم قامت بعد ذلك
تطلبه بنصف صداقها (فقال) مالك لا شئ لها هي لم تخرج من حباله الا بأمر غرمته
له فكيف تطلبه بنصف الصداق وكأنه رأى وجه ما دعته إليه أن يتركها من النكاح
على أن تعطيه شيئا تفتدي به منه ثم إني قدمت من المدينة فسألت الليث بن سعد
فقال مثل قول مالك فيها كأن أحدهما يسمع صاحبه (قال ابن القاسم) وأنا أراه
حسنا [قلت] أرأيت المتعة في قول مالك أهي لكل مطلقة (قال) نعم الا التي
سمى لها صداق فطلقها قبل أن يدخل بها فلا متعة لها وكذلك قال لي مالك وهي
هذه التي استثنيت في القرآن كما ذكرت لك [قلت] أرأيت هذه التي طلقها
زوجها قبل أن يدخل بها ولم يفرض لها صداقا لم لا يجيزه مالك على المتعة وقد قال
الله تبارك وتعالى في كتابه في هذه الآية بعينها إذ جعل لها المتعة فقال ومتعوهن على
332

الموسع قدره وعلى المقتر قدره (قال) قال مالك إنما خفف عندي في المتعة ولم يجبر عليها
المطلق في القضاء في رأيي لأني أسمع الله يقول حقا على المتقين وحقا على المحسنين
فلذلك خففت ولم يقض بها [قال سحنون] وقال غيره لان الزوج إذا كان غير
متق ولا محسن فليس عليه شئ فلما قيل على المتقين وعلى المحسنين متاع بالمعروف ولم
يكن عاما على غير المحسن ولا على غير المتقى علم أنه مخفف [قال ابن وهب] وقد
قال ابن أبي سلمة المتاع أمر رغب الله فيه وأمر به ولم ينزله بمنزلة الفرض من النفقة
والكسوة وليس يعدى عليه الأئمة كما يعدى على الحقوق وهو على الموسع قدره
وعلى المقتر قدره [قال ابن القاسم] والتي سألت عنها انها في كتاب الله فلم لا
يقضى بها هي بمنزلة هذه الأخرى المدخول بها التي قد سمى لها ألا ترى أنهما
جميعا في كتاب الله فكما لا قضاء عليه للمدخول بها بالمتاع فكذلك لا يقضى عليه
للأخرى التي لم يدخل بها بالمتاع وكيف تكون إحداهما أوجب من الأخرى وإنما
اللفظ فيهما واحد قال الله حقا على المتقين وقال حقا على المحسنين [قلت] أرأيت
المرأة التي لم يسم لها زوجها صداقا في أصل النكاح فدخل بها ثم فارقها بعد البناء بها
(قال) قال مالك لها صداق مثلها ولها المتعة [قلت] أرأيت ان أغلق بابه وأرخى
سترة عليها وخلا بها وقد بنى بها وقد سمى لها صداقا في أصل النكاح فطلقها وقال لم
أمسها وقالت المرأة قد مسني (قال) فالقول قول المرأة في قول مالك لأنه قد دخل
بها وأما المتاع فالقول قوله لأنه يقول لم أدخل بها ولان المتاع لا يقضى عليه به فالقول
فيه قوله لأنه يقول أنا ممن طلق قبل أن يمس وقد فرضت فليس على الا نصف
الصداق ولا يصدق في الصداق ويصدق على المتاع [قلت] أرأيت الأمة إذا
أعتقت فاختارت نفسها وقد دخل بها أو لم يدخل بها وقد سمى لها صداقا أو لم يسم
لها صداقا فلم يدخل بها حتى أعتقت فاختارت نفسها أيكون لها المتاع في قول مالك
أم لا قال لا [قلت] أرأيت الصغيرة إذا طلقت واليهودية والنصرانية والأمة
والمدبرة والمكاتبة وأمهات الأولاد إذا طلقن أيكون لهن من المتاع مثل ما للحرة
333

المسلمة البالغة (قال) قال مالك سبيلهن في الطلاق والمتعة ان طلقت واحدة منهن
قبل أن يدخل بها وقد فرض لها كسبيل الحرة المسلمة وإن لم يفرض لها فكذلك
وان دخل بها فكذلك في أمرهن كلهن سبيلهن سبيل الحرة المسلمة البالغة في المتاع
والطلاق [قلت] أرأيت المختلعة أيكون لها المتعة إذا اختلعت قبل البناء بها وقد
فرض لها أو لم يفرض لها أو اختلعت بعد البناء بها أيكون لها المتعة في قول مالك
(قال) قال مالك لا متعة لمختلعة ولا لمبارئة (قال ابن القاسم) ولم يختلف هذا عندنا
دخل بها أولم يدخل بها سمى لها صداقا أو لم يسم لها صداقا [ابن وهب] عن
عبد الله بن عمر ومالك والليث وغيرهم أن نافعا حدثهم أن عبد الله بن عمر كان يقول
لكل مطلقة متعة التي تطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا إلا أن تكون امرأة طلقها
زوجها قبل أن يمسها وقد فرض لها فحسبها نصف ما فرض لها وإن لم يكن فرض لها
فليس لها الا المتعة وقاله ابن شهاب والقاسم بن محمد وعبد الله بن أبي سلمة [ابن
وهب] عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال إنما يؤمر بالمتاع لمن لا ردة عليه قال
ولا تحاص الغرماء ليست على من ليس له شئ [ابن وهب] عن أبي لهيعة عن
بكير بن الأشج أن عبد الله بن عمر قال ليس من النساء شئ الا ولها المتعة الا
الملاعنة والمختلعة والمبارئة والتي تطلق ولم يبن بها وقد فرض لها فحسبها نصف فريضتها
(قال) عمرو بن الحارث قال بكير أدركت الناس وهم لا يرون للمختلعة متعة (وقال) يحيى
ابن سعيد ما نعلم للمختلعة متعة [يونس بن يزيد] أنه سأل ابن شهاب عن الأمة
تحت العبد أن الحر فطلقها ألها متاع فقال كل مطلقة في الأرض لها متاع وقد قال
الله تبارك وتعالى وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المحسنين وقد قال ابن عباس
المتعة أعلاها خادم وأدناها كسوة (وقال) مثله ابن المسيب وابن يسار وعمر بن عبد
العزيز ويحيى بن سعيد. وقد متع ابن عمر امرأته خادما. وعبد الرحمن بن عوف متع
امرأته حين طلقها بجارية سوداء وفعل ذلك عروة بن الزبير (وكان) ان حجيرة
بقول على صاحب الديوان متعة ثلاثة دنانير (وقال مالك) ليس لها حد لا في قليل
334

ولا في كثير ولا أرى أن يقضى بها وهي من الحق عليه ولا يعدى فيها السلطان
وإنما هو شئ ان أطاع به أداه وان أبى لم يجبر على ذلك
{ما جاء الخلع}
[قلت] أرأيت إذا كان النشوز من قبل المرأة أيحل للزوج أن يأخذ منها ما أعطته
على الخلع (قال) نعم إذا رضيت بذلك ولم يكن في ذلك ضرر منه لها [قلت] ويكون
الخلع هاهنا تطليقة بائنة في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت إذا كان الخلع على
ما تخاف المرأة من نشوز الزوج (قال) لا يجوز للزوج أن يأخذ منها على طلاقها شيئا
وإنما يجوز له الاخذ على حبسها أو يعطيها هو صلحا من عنده من ماله ما ترضى به
وتقيم معه على تلك الأثرة في القسم من نفسه وماله وذلك الصلح الذي قال الله فلا
جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح [قال
سحنون] ألا ترى أن يونس بن يزيد ذكر عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب
وسليمان بن يسار أن السنة في الآية التي ذكر الله فيها نشوز المرء واعراضه عن
المرأة أن المرء إذا نشز عن امرأته أو أعرض عنها فان عليه من الحق أن يعرض عليها
أن يطلقها أو تستقر عنده على ما رأت من الأثرة في القسم من نفسه وماله فان
استقرت عنده على ذلك وكرهت أن يطلقها فلا جناح عليه فيما آثر عليها به من ذلك
وإن لم يعرض عليها الطلاق وصالحها على أن يعطيها من ماله ما ترضى به وتقر عنده
على تلك الأثرة في القسم من ماله ونفسه صلح ذلك وجاز صلحهما عليه وذلك الصلح
الذي قال الله فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت
الأنفس الشح (قال ابن شهاب) وذكر لي أن رافع بن خديج تزوج بنت محمد بن
مسلمة فكانت عنده حتى إذا كبرت تزوج عليها فتاة شابة فآثر الشابة عليها
فنا شدته الطلاق فطلقها واحدة ثم أمهلها حتى إذا كادت أن تحل راجعها ثم عاد
فآثر الشابة فنا شدته الطلاق فطلقها أخرى ثم راجعها ثم عاد فآثر الشابة عليها أيضا
فسألته الطلاق فقال ما شئت إنما بقيت لك تطليقة واحدة فإن شئت استقررت
335

على ما ترين من الأثرة وإن شئت فارقتك فقالت لا بل أستقر على الأثرة فأمسكها
على ذلك فكان ذلك صلحهما ولم ير رافع عليه إنما حين رضيت بأن تستقر عنده
على الأثرة فيما آثر به عليها [ابن وهب] عن عبد الجبار بن عمر عن ابن شهاب
أن رافع بن خديج تزوج جارية شابة وتحته بنت محمد بن مسلمة وكانت قد
جلت فآثر الشابة عليها فاستأذن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رافع
أعدل بينهما والا ففارقها فقال لها رافع في آخر ذلك أن أحببت أن تقري
على ما أنت عليه من الأثرة وان أحببت أن أفارقك فارقتك قال فنزل القرآن
وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا
والصلح خير قال فرضيت بذلك الصلح وأقرت مع [ابن وهب] عن يونس عن أبي الزناد قال بلغنا أن أم المؤمنين سودة بنت زمعة كانت امرأة قد أسنت وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستكثر منها فعرفت ذلك من رسول الله صلى الله
عليه وسلم وعلمت من حبه عائشة فتخوفت أن يفارقها ورضيت بمكانها عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أرأيت يومي الذي يصيبني منك فهو
لعائشة وأنت منى في حل فقبل ذلك [وأخبرني] يحيى بن عبد الله بن سالم عن هشام
ابن عروة عن عروة عن عائشة بذلك [ابن وهب] عن يونس أنه سأل ربيعة عن
التي تخاف من بعلها النشوز ما يحل له من صلحها وان رضيت بغير نفقة ولا كسوة
ولا قسم فقال ربيعة ما رضيت به من ذلك جاز عليها [قال ابن القاسم] وأخبرني
الليث بن سعد عن عبيد الله بن أي جعفر عن عثمان بن عفان أنه قال الخلع مع
الطلاق تطليقتان إلا أن يكون لم يطلق قبله شيئا فالخلع تطليقة [قلت] أرأيت إن كان
عندها عبد فسمته ولم تصفه للزوج ولم يره الزوج قبل ذلك فخالعته على ذلك
العبد أو تزوج رجل امرأة على مثل هذا أيجوز هذا في قول مالك (قال) سمعت
مالكا يقول في هذا النكاح ان النكاح مفسوخ إن لم يكن دخل بها فان دخل بها
فلها صداق مثلها ويقران على نكاحهما [قلت] فالخلع كيف هو في هذا (قال) الخلع
336

جائز ويأخذ ما خالعها عليه من العبد مثل الثمر الذي لم يبد صلاحه والعبد الآبق والبعير
الشارد إذا صالحها على ذلك كله ان ذلك له كلها ثم يثبت الخلع بينهما (قال) ابن نافع
وقد قاله لي مالك فيمن خالع بثمر له يبد صلاحه أو بعبد أو بيعر شارد [قال
سحنون] وقد قال غيره لأنه فسخ طلاق يخرج به من يده ليس يأخذ به شيئا
ولا يستحل به فرجها فهو يرسل من يديه بالغرر ولا يأخذ بالغرر وذلك أن
النكاح لا ينكح بما يخالع به [قلت] أرأيت ان قالت اخلعني على ما يثمر نخلي العام
أو على ما تلد غنمي العام ففعل (قال) أرى ذلك جائزا لان مالكا قال في الرجل يخالع
امرأته على ثمر لم يبد صلاحه ان ذلك جائز ويكون له الثمرة [قلت] أرأيت ان
اختلعت منه على ثوب هروي ولم تصفه أيجوز ذلك (قال) ذلك جائز ويكون له ثوب
وسط مثل ما قلت لك في العبد [قلت] أرأيت ان اختلعت امرأة من زوجها
بدنانير أو بدراهم أو عروض موصوفة إلى أجل من الآجال أيجوز ذلك في قول
مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان خالعها على مال إلى أجل مجهول أيكون ذلك
حالا في قول مالك (قال) أرى أن ذلك يكون حالا لان مالكا قال في البيوع من باع
إلى أجل مجهول فالقيمة فيه حالة ان كانت فاتت [قلت] أرأيت ان خالعها على أن
أعطته عبدا على أن زادها الزوج ألف درهم (قال) لم أسمع من مالك في هذا الخلع
شيئا ولكني أرى ذلك جائزا ولا يشبه الخلع في هذا النكاح لأنه إن كان في العبد
فضل عن قيمة الألف الدرهم فقد أعطته شيئا من مالها على أن أخذت منه بضعها
وإن كان كفافا فهي مبارأة لان مالكا قال لا بأس أن يتتاركا على أن لا يعطيها شيئا
ولا تعطيه شيئا (وقال مالك) هي تطليقة واحدة بائنة وان كانت الألف أكثر من
قيمة العبد فان مالكا سئل عن الرجل يصالح امرأته على أن يعطيها من ماله عشرة
دنانير فقال أراه صلحا ثابتا فقال له بعض أصحابنا فالعشرة التي دفع إليها أيرجع بها على
المرأة قال مالك لا يرجع بها وهي للمرأة والصلح ثابت [قلت] أرأيت ان اختلعت
منه على دراهم أرتها إياه فوجدها زيوفا أيكون له أن يردها عليها أمن لا (قال) له أن
337

يردها عليها في قول مالك وهذا مثل البيوع [قلت] أرأيت ان خالعها على عبد
أعطته إياه ثم استحق العبد (قال) قال مالك إذا تزوج الرجل المرأة على عبد فاستحق
العبد ان للمرأة على الزوج العبد فكذلك مسألتك في الخلع مثل هذا
{في نفقة المختلعة الحامل وغير الحامل والمبتوتة الحامل وغير الحامل}
[قلت] أرأيت المرأة تختلع من زوجها وهي حامل أو غير حامل علم بحملها أو لم
يعلم هل عليه لها نفقة (قال) ان كانت غير حامل فلا نفقة لها وان كانت حاملا فلم
يتبرأ من نفقة حملها فعليه نفقة الحمل [قلت] فإن كانت مبتوتة وهي حامل (قال)
عليه نفقتها قال ابن نافع قال مالك في قول الله تبارك وتعالى أسكنوهن من حيث
سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن يعنى المطلقات اللاتي قد بن من
أزواجهن فلا رجعة لهم عليهن وليست حاملا فلها المسكن ولا نفقة لها ولا كسوة
لأنها بائن منه ولا يتوارثان ولا رجعة له عليها (قال) وان كانت حاملا فلها النفقة
والكسوة والمسكن حتى تنقضي عدتها (قال مالك) فأما من لم تبن منهن فإنهن نساؤهم
يتوارثون ولا يخرجن ما كن في عدتهن ولم يؤمر وا بالسكنى لهن لان ذلك لازم
لأزواجهن مع نفقتهن وكسوتهن كن حوامل أو غير حوامل وإنما أمر الله تبارك
وتعالى بسكنى للآتي قد بن من أزواجهن قال الله تبارك وتعالى وان كن أولات حمل
فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فجعل الله عز وجل للحوامل اللاتي قد بن من
أزواجهن الكنى والنفقة أولا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمبتوتة
التي لا حمل بها لفاطمة بنت قيس لا نفقة لك (قال مالك) ليس عندنا في نفقة الحامل
المطلقة شئ معلوم على غنى ولا على مسكين في الآفاق ولا في القرى ولا في المدائن
لا في سفر ولا لرخصة إنما ذلك على قدر يسره وعسره (قال مالك) فإن كان زوجها
يتسع لخدمة أخدمها (وقال مالك) النفقة على كل من طلق امرأته أو اختلعت منه
وهي حامل ولم يتبرأ الرجل منه حتى تضع حملها فان مات زوجها قبل أن تضع انقطعت
النفقة عنها (وقد) قال سليمان بن يسار في المعتدة لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا
338

(وقد) قال جابر بن عبد الله وأبو أمامة بن سهل بن حنيف وسليمان بن يسار وابن
المسيب وعمرة بنت عبد الرحمن وعبد الله بن أبي سلمة وربيعة وغيرهم من أهل
العلم في المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها لا نفقة لها حسبها ميراثها (وقال) عبد
الرحمن بن القاسم سمعت مالكا وسئل عن رجل تزوج بمكة ثم خرج منها فوكل
وكيلا أن يصالح عنه امرأته فصالحها الوكيل ثم قدم الزوج (قال) قال مالك الصلح
جائز عليه [قلت] أرأيت ان وكل رجلين على أن يخلعا امرأته فخلعها أحدهما (فقال)
لا يجوز ذلك لأنه لو وكلهما جميعا يشتريان له سلعة من السلع أو يبيعان له سلعة من
السلع ففعل ذلك أحدهما دون صاحبه ان ذلك غير جائز
{ما جاء في خلع غير المدخول بها}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة على مهر مائة دينار فدفع إليها المائة فخالعته
قبل البناء بها على أن دفعت إليه غلامها هل يرجع عليها بنصف المائة أم لا (قال ابن
القاسم) أرى أن ترد المائة كلها وذلك أنى سمعت مالكا سئل عن رجل تزوج
امرأة بمهر مسمى فافتدت منه بعشرة دنانير تدفعها إليه قبل أن يدخل بها على أن يخلى
سبيلها ففعل ثم أرادت أن تتبعه بنصف المهر قال مالك ليس ذلك لها. قال مالك هو
لم يرض أن يخلى سبيلها حتى يأخذ منها فكيف تتبعه (قال) وسمعت الليث يقول
ذلك (قال ابن القاسم) ولم نسأل مالكا أكان نقدها أو لم ينقدها (قال ابن القاسم)
وسواء عندي نقد أولم ينقد، ومما يبين ذلك أنه لو كان نقدها ثم دعته إلى أن يتاركها
أو يبارئها لو جب عليها ان كانت أخذت الصداق أن ترده كله فهي حين زادته
أحرى أن لا تمسك من المهر شيئا ان كانت قبضته ولو كأن يكون لها أن تتبعه إذا
أعطته لكان لها أن تتبعه إذا لم تعطه وهما إذا اصطلحا قبل أن يدخل بها وتفرقا على
وجه المبارأة أحدهما لصاحبه فما لا شك فيه أنها لا تحبس شيئا مما كان نقدها ولم
تتبعه بشئ إن كان لم ينقدها فهو حين لم يرض أن يتاركها ويبارئها حتى أخذ منها
أحرى أن لا تتبعه في الوجهين جميعا ولكن لو أن رجلا تزوج امرأة وسمى لها
339

صداقا فسألته قبل أن يدخل بها أن يطلقها على أن تعطيه شيئا من صداقها كان له
ما أعطته من صداقها ورجعت عليه فيما بقي من صداقها بنصف ما بقي من صداقها إن كان
لم ينقدها وإن كان قد نقدها رجع عليها بنصف ما بقي في يديها بعد الذي أعطته
من صداقها وان كانت إنما قالت له طلقني طلقة ولك عشرة دنانير فإنه إن كان لم
يستثن ذلك من صداقها فإنها تتبعه بنصف المهر إن كان لم ينقدها إياه ويتبعها بنصف
المهر إن كان قد نقدها إياه سوى الذي أخذ منها وإنما اشترت منه طلاقها. ومما يبين
لك ذلك لو قالت له طلقني قبل أن يدخل بها ولم تأخذ منه شيئا اتبعته بنصف الصداق
إن كان لم ينقدها إياه ويتبعها بنصف الصداق إن كان نقده إياها وإنما اشترت منه
طلاقها بالذي أعطته فكما كان في الخلع وإن لم تعطه شيئا واصطلحا على أن يتفرقا
وأن يتاركا لم يكن لها شئ من صداقها أعطته إياه أو لم تعطه فكذلك إذا أعطته شيئا
سوى ذلك أحرى أن لا يكون لها شئ من صداقها لأنه لم يكن يرضى أن يخلعها
الا بالذي زادته من ذلك وكما كأن يكون لو طلقها كان لها نصف الصداق قبضته أو لم
تقبضه فكذلك يكون لها نصف الصداق عليه إذا اشترت منه طلاقها فهما وجهان
بينان والله [قلت] هل يحل للزوج أن يأخذ من امرأته أكثر مما أعطاها
في الخلع (قال) قال مالك نعم [قال ابن وهب] وقال مالك لم أزل أسمع من أهل
العلم وهو الامر المجتمع عليه عندنا أن الرجل إذا لم يضر بالمرأة ولم يسئ إليها ولم تؤت
المرأة من قبله وأحبت فراقه فإنه يحل له أن يقبل منها ما افتدت به وقد فعل ذلك النبي
صلى الله عليه وسلم بامرأة ثابت بن قيس بن شماس حين جاءت فقالت لا أنا ولا ثابت
لزوجها وقالت يا رسول كل ما أعطاني عندي وافر فقال النبي صلى الله عليه وسلم
خذ منها فأخذ منها وترك. وفى حديث آخر ذكره ابن وهب عن الحارث بن نبهان
عن الحسن بن عمارة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري أن أخته كانت تحت
رجل فكان بينهما درء وجفاء حين تحاكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
تردين إليه حديقته فقالت نعم وأزيده فأعاد ذلك ثلاث مرات فقال عند الرابعة ردى
340

عليه حديقته وزيدية [وذكر] ابن وهب عن أشهل بن حاتم عن عبد الله بن
عون عن محمد بن سيرين قال جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب تشتكي زوجها
فحبست في بيت فيه زبل فباتت فيه فلما أصبحت بعث إليها فقال كيف بت الليلة
فقالت ما بت ليلة كنت. فيها أقر عينا منى الليلة فسألها عن زوجها فأثنت عليه خيرا
وقالت إنه وانه ولكن لا أملك غير هذا فأذن لها عمر في الفداء [ابن وهب]
عنن سفيان الثوري والحارث عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن كثير مولى ابن
سمرة بنحو هذا الحديث وقد قال عمر لزوجها اخلعها ولو من قرطها [ابن وهب]
قال مالك ولم أر أحدا ممن يقتدى به يكره أن تفتدي المرأة بأكثر من صداقها وقد
قال الله تبارك وتعالى فلا جناح عليهما فيما افتدت به [قال ابن وهب] قال مالك
وان مولاة لصفية اختلعت من زوجها يكل شئ لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر
[ابن وهب] عن يونس وقال ربيعة وأبو الزناد لا جناح عليه أن يأخذ أكثر مما
أعطاها [قال ابن وهب] وقال مالك في التي تفتدي من زوجها انه إذا علم أن زوجها
أضربها أو ضيق عليها وأنه لها ظالم مضى عليه الطلاق ورد عليها مالها وهذا الذي
كنت أسمع والذي عليه الامر عندنا [ابن وهب] عن يونس عن ابن شهاب
أنه قال إن كانت الإساءة من قبلها فله شرطه وان كانت من قبله نقد فارقها ولا شرط
له [ابن وهب] عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن كان يقول إذا لم تؤت المرأة
من قبل زوجها حل له أن يقبل منها الفداء [ابن وهب] عن عمرو بن الحارث عن ابن
شهاب أنه نرى من الحدود التي ذكر الله فيما يكون في العشرة بين المرأة وزوجها
إذا استخفت المرأة بحق زوجها فنشزت عليه وأساءت عشرته وأحنثت قسمه أو خرجت
بغير إذنه أو أذنت في بيته لمن يكره وأظهرت له البغض فنرى أن ذلك مما يحل له به
الخلع ولا يصلح لزوجها خلعها حتى يؤتى من قبلها فإذا كانت هي تؤتى من قبله فلا نرى
خلعها؟؟ [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن بكير بن الأشج أنه قال لا بأس بما
صالحت عليه المرأة إذا كانت ناشزا (قال) بكير ولا أرى امرأة أبت أن تخرج مع
341

زوجها إلى بلد من البلد ان الا ناشزا [قلت] أرأيت ان قال لها أنت طالق على عبدي
هذا فقامت من مجلسها ذلك قبل أن تقبل ثم قالت بعد ذلك خذ العبد وأنا طالق
(قال) هذه في قول مالك لا شئ لها إلا أن تقول قد قبلت قبل أن يفترقا [قلت]
أرأيت إذا قال لها إذا أعطيتني ألف درهم فأنت طالق ثلاثا أيكون ذلك لها متى
أعطته ألف درهم فهي طالق ثلاثا (قال) قال مالك من قال لامرأته أمرك بيدك
متى ما شئت أو إلى سنة أو إلى شهر فأمرها بيدها إلى ذلك الاجل إلا أن توقف قبل
ذلك فتقضى أو ترد أو يطؤها قبل ذلك فيبطل الذي كان في يدها من ذلك بالوطئ
إذا أمكنته ولا يكون لها أن تقضى بعد ذلك [قلت] أرأيت لو أنها أعطته شيئا على أن
يطلق ويشترط رجعة (قال) إذا يمضى عليه الخلع ويكون شرطه الرجعة باطلا لان
شرطه لا يحيل سنة الخلع لان سنة الخلع أن كل من طالق بشئ ولم يشترط شيئا ولم
يسمه من الطلاق كان خلعا والخلع واحدة بائنة لا رجعة له فيها وهي تعتد عدة المطلقة
وان أراد وأرادت نكاحه إن لم يكن مضت منه قبل ذلك أن كان عبدا تطليقة أو حرا
تطليقتان وهي في عدة منه فعلا لأن الماء ماؤه بوجه الماء المستقيم بوطئ الحلال ليس بوطئ
الشبهة [قلت] أرأيت إن لم يسميا طلاقا وقد أخذ منها الفداء وانقلبت وقالا ذاك
بذاك (فقال) هو طلاق الخلع [قلت] فإذا سميا طلاقا (قال) إذا يمضى ما سميا من
الطلاق [قلت] فان اشترط أنها ان طلبت شيئا رجعت زوجا له (قال) لا مردود
لطلاقه إياها ولا ترجع الا بنكاح جديد كما ينبغي النكاح من الولي والصداق والامر
المبتدأ وقد قال مالك شرطه باطل والطلاق لازم (وقد) قال مالك أيضا فيما يشترط
عليها في الخلع ان خالعها واشترط رجعة تكون له ان الخلع ماض ولا رجعة له
[ابن وهب] وقال الليث قال يحيى بن سعيد كان عثمان بن عفان يقول كل فرقة
كانت بين رجل وامرأته بخلع فارقها ولم يسم لها طلاقا فان فرقتهما تطليقة واحدة
بائنة يخطبها ان شاء فان أخذ منها شيئا على أن يسمى فسمى فهو على ما سمى ان سمى
واحدة فواحدة وان سمى اثنتين فاثنتين وان سمى أكثر من ذلك فهو على ما سمى
342

(قال ابن شهاب) ولا ميراث بينهما وقد قال ذلك عثمان بن عفان وسليمان بن يسار
وربيعة وابن قسيط (قال ابن المسيب) ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثابت بن
قيس فذكر له شأن حبيبة وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم تردين إليه حديقته
فقال ثابت ويطيب ذلك لي فقال نعم قال قد فعلت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
اعتدى ثم التفت إليه فقال هي واحدة [قلت] أرأيت ان خالعها الزوج وهو ينوى
بالخلع ثلاثا (قال) يلزمه الثلاث في قول مالك [قلت] أرأيت ان قالت له أخالعك على
أن أكون طالقا تطليقتين ففعل أيلزمه التطليقتان في قول مالك قال نعم [قلت]
أرأيت لو لم يكن للمرأة على الزوج دين ولا مهر فقال الزوج أخالعك على أن أعطيك
مائة درهم فقبلت أيكون هذا خلعا وتكون تطليقة بائنة لا يملك رجعتها (قال) قال
مالك نعم تكون تطليقة بائنة لا يملك رجعتها (قال مالك) وكذلك لو لم يعطها الزوج
فخالعها فهي بذلك أيضا بائن [قال سحنون] وقال غيره فقيل له فالمطلق طلاق الخلع
أواحدة بائنة أو واحدة وله الرجعة أو البتة فقال لا بل البتة لأنه لا تكون واحدة
بائنة أبدا الا بخلع والا فقد طلقها طلاق البتة لأنه ليس له دون البتة طلاق يبين الا
بخلع وصار كمن قال لزوجته التي دخل بها أنت طالق طلاق الخلع ومن قال ذلك فقد
أدخل نفسه في الطلاق البائن ولا يقع في الطلاق بائن الا بخلع أو ما يبلغ به الغرض
الأقصى وهي البتة [قال سحنون] وقد روى ابن وهب عن مالك وابن القاسم في
رجل طلق امرأته وأعطاها وهو أبو ضمرة أنه قال طلقة تملك الرجعة وليس بخلع
(وروى) ابن وهب عننه أنه رجع فقال تبين منه بواحده. وأكثر الرواة على أنها غير
بائن لأنه إنما تختلع بما يأخذ منها فيلزمه بذلك سنة الخلع فأما ما لم يأخذ منها فليس
بخلع وإنما هو رجع طلق وأعطى فليس بخلع [قلت] أرأيت الخلع والمبارأة عند
السلطان أو عند غير السلطان في قول مالك أجائز أم لا (قال) لا يعرف ملك السلطان
(قال) فقلنا لمالك أيجوز الخلع عند غير السلطان قال نعم هو جائز [قلت] أرأيت
إذا اختلعت المرأة من زوجها على أن يكون الولد عند أبيهم أيكون ذلك للأب
343

أم لا يجوز هذا الشرط في قول مالك (قال) قال مالك للأب ذلك والشرط جائز إلا أن
يكون ذلك مضرا بالصبي مثل أن يكون يرضع وقد علق أمه فيخاف عليه ان نزع
منها أن يكون ذلك مضرا به فليس له ذلك (قال ابن القاسم) وأرى له أخذه إياه
منها بشرطه إذا خرج من حد الاضرار به والخوف عليه [قلت] أرأيت إذا
اختلعت من زوجها على أنه لا سكنى على الزوج (قال) إن كان إنما شرط أن عليها
كراء المسكن الذي تعتد فيه وهي في مسكن بكراء فذلك جائز وإن كان شرط
عليها ان كانت في مسكن الزوج أن عليها كراء المسكن وهو كذا وكذا درهما في
كل شهر فذلك جائز وإن كان إنما شرط عليها حين قال ذلك على أنه لا سكنى لك
على أن تخرج من منزلها الذي تعتد فيه وهو مسكنه فهذا لا يجوز ولا يصلح في قول
مالك وتسكن بغير شئ والخلع ماض [قلت] أرأيت ان وقع هذا الشرط فخالعها على
أن لا سكنى لها عليه على أن تخرج من منزله (قال) قال مالك كل خلع وقع بصفقة
حرام كان الخلع جائزا ورد منه الحرام [قلت] فهل يكون للزوج على المرأة شئ فيما
رد إليها من ذلك في قول مالك قال لا [قال ابن القاسم] قال مالك في الرجل
يكون له على امرأته دين إلى أجل أو يكون للمرأة على الزوج دين إلى أجل فيخالعها
على أن يعجل الذي عليه الدين للذي له الدين قبل محل أجل الدين (قال مالك) الخلع
جائز والدين إلى أجله ولا يعجل وقد قيل إن الدين إذا كان عليه فليس بخلع وإنما هو
رجل أعطى وطلق فالطلقة فيه. واحدة وهو يملك الرجعة وهذا إذا كان الدين؟؟
وهو مما للزوج أن يعجله قبل محله وأما إن كان الدين عرضا أو طعاما أو مما لا يجوز
للزوج أن يعجله الا برضا المرأة ولا تستطيع المرأة قبضه الا برضا الزوج فهذا الذي
يكون بتعجيله خلعا ويرد إلى أجله وإنما طلاقه إياها على أن يعجل ذلك لها كهو لو زادها
دراهم أو عرضا سواه على أن يعجل ذلك لها لم يجز وكان ذلك حراما ورد الدين إلى
أجله وأخذ منها ما أعطاها لأنه يقدر على رده وان الطلاق قد مضى فلا يقدر على
رده ويرد الدين إلى أجله لأنه إنما طلق على أن يحط عنه الضمان الذي كان عليه إلى
344

أجل فأعطاها الطلاق لاخذ ما لا يجوز له أخذه فألزم الطلاق ومنع الحرام ألا ترى
أنه لو طلقها على أن تسلفه سلفا ففعل ان الطلاق يلزمه ويرد السلف لان رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى عن سلف جر منفعة [قلت] أرأيت ان خالع رجل امرأته
على أن أعطته خمرا (قال) الخلع جائز ولا شئ له من الخمر عليها فإن كان قد أخذ
الخمر منها كسرت في يده ولا شئ له عليها (قال) وسمعت مالكا يقول في رجل
خالع امرأته على أن أسلفته مائة دينار سنة فقال مالك يرد السلف إليها وقد ثبت
الصلح ولا شئ له عليها [قلت] أرأيت ان اختلعت المرأة من زوجها على أن نفقة
الزوج عليها ونفقة الولد (قال) سمعت مالكا يقول إذا اختلعت المرأة من زوجها على
أن ترضع ولده سنتين وتنفق عليه إلى فطامه فذلك جائز وان ماتت كان الرضاع
والنفقة في مالها فان اشترط عليها نفقة الولد بعد الحولين وضرب لذلك أجلا أربع
سنين أو ثلاث سنين فذلك باطل وإنما النفقة على الأم والرضاع في الحمل وفى
الحولين فأما ما بعد الحمل والحولين فذلك موضوع عن المرأة وان اشترطه عليها
الزوج (قال) وأفتي مالك بذلك في المدينة وقضى به (وقد) قال غيره ان الرجل
يخالع بالغرر ويجوز له أخذه وان ما بعد الحولين غرر ونفقة الزوج غرر فالطلاق
يلزم والغرر له أن يأخذها به ألا ترى أنه يخالع على الآبق والجنين والثمرة التي
لم يبد صلاحها [قلت] لابن القاسم فهل يكون للزوج عليها لما شرط عليها من
نفقة ولده سنين بعد الرضاع شئ إذا أبطلت شرطه (قال) ما رأيت مالكا يجعل له
عليها لذلك شيئا (قال) فقلت لمالك فان مات الولد قبل الحولين أيكون للزوج
على المرأة شئ (قال) قال مالك ما رأيت أحدا طلب ذلك (قال) فرددناه عليه فقال
ما رأيت أحدا طلب ذلك (قال) ورأيت مالكا يذهب إلى أنها إنما أبرأته من مؤنة
ابنه في الرضاع حتى تفطمه فإذا هلك قبل ذلك فلا شئ للزوج عليها (قال) فمسألتك
التي سألت عنها حين خالعها على شرط أن تنفق على زوجها سنة أو سنتين أن لا شئ
له [قلت] ما الخلع وما المبارأة وما الفدية (قال) قال مالك المبارأة التي تبارئ
345

زوجها قبل أن يدخل بها فتقول خذ الذي لك وتاركني ففعل فهي طلقة وقد قال ربيعة
ينكحها إن لم يكن زاد على المبارأة ولم يسم طلاقا ولا البتة في مبارأته (قال) وقال
مالك والمختلعة التي تختلع من كل الذي لها والمفتدية التي تعطيه بعض الذي لها وتمسك
بعضه (قال مالك) وهذا كله سواء [قلت] أرأيت ان قالت المرأة للزوج اخلعني
على ألف درهم أو بارئني على ألف درهم أو طلقني على ألف درهم أو بألف درهم
(قال) أما قولك على ألف درهم أو بألف فهو عندنا سواء ولم أسأل مالكا عن ذلك
ولكنا سمعنا مالكا يقول في رجل خالع امرأته على أن تعطيه ألف درهم فأصابها
عديمة مفلسة (قال مالك) الخلع جائر والدراهم على المرأة يتبعها بها الزوج وإنما ذلك إذا
صالحها بكذا وكذا وثبت الصلح (قال ابن القاسم) والذي سمعت من قول مالك في
الذي يخالع امرأته انه إذا ثبت الخلع ورضى بالذي تعطيه يتبعها به فذلك الذي يلزمه
الخلع ويكون ذلك دينا له عليها فأما من قال لامرأته إنما أصالحك على أن أعطيتني
كذا وكذا تم الصلح بيني وبينك فلم تعطه فلا يلزمه الصلح [قلت] لابن القاسم
أرأيت لو أن رجلا قال لرجل طلق امرأتك ولك ألف درهم فطلقها أيجب له
الألف على الرجل في قول مالك أم لا (قال) قال مالك الألف واجبة للزوج على الرجل
[قلت] أرأيت ان قالت؟؟ طلاقي بألف درهم ففعل أيجوز ذلك في قول مال
قال نعم [قلت] أرأيت لو أن امرأة قالت لزوجها اخلعني ولك ألف درهم فقال قد
خلعتك أيكون له الألف عليها وإن لم تقل المرأة بعد قولها الأول شيئا قال نعم [قلت]
وهو قول مالك قال نعم (قال ابن القاسم) إذا أتبع الخلع طلاقا فقال لها مع فراغهما
من الصلح أنت طالق أنت طالق (قال) قال مالك إذا أتبع الخلع الطلاق ولم يكن بين
ذلك سكوت أو كلام يكون ذلك قطعا بين الصلح وبين الطلاق الذي تكلم به
فالطلاق لازم للزوج فإن كان بينهما سكوت أو كلام يكون قطعا لذلك فطلقها فلا
يقع طلاقه عليها وقد قال عثمان الخلع مع الطلاق اثنتان وقال ابن أبي سلمة إذا لم يكن
بينهما صمات ومن فعل ذلك فقد أخطأ السنة وإنما الخلع واحدة إذا لم يسم طلاقا
346

[وأخبرني] مخرمة عن أبيه قال سمعت عبد الرحمن بن القاسم بن محمد وابن قسيط
وأبا الزناد سئلوا عن رجل خالع امرأته ثم طلقها في مجلسه ذلك تطليقتين فقالوا
تطليقتاه باطلتان (قال ابن وهب) قال ابن قسيط طلق ما لا يملك (وقال) بكير وقاله
عبد الله بن أبي سلمة (وقال ابن وهب) وقال ابن عباس وعبد الله بن الزبير والقاسم
وسالم وربيعة ويحيى طلق ما لا يملك (وقال ابن وهب) وقال ربيعة طلاقه كطلاق امرأة
أخرى فليس له طلاق بعد الخلع ولا يعد عليه (قال ابن وهب) وقالى يحيى وليس
يرى الناس ذلك شيئا [قلت] أرأيت لو أن امرأة اختلعت من زوجها بألف درهم
دفعتها إليه ثم إن المرأة أقامت البينة أن زوجها قد كان طلقها قبل ذلك ثلاثا البتة
أترجع عليه فتأخذ منه الألف أم لا في قول مالك (قال) ترجع عليه فتأخذ منه
الألف الدرهم وذلك أن مالكا سئل فيما بلغني عن امرأة دعت زوجها إلى أن يصالحها
فخلف بطلاقها البتة ان صالحها فصالحها بعد ذلك (قال) قد بانت منه ويرد إليها ما أخذ
منها. وكذلك لو خالعها بمال أخذه منها ثم انكشف أنه تزوج وهو محرم أو أنها أخته
من الرضاعة أو مثل ذلك مما لا يثبت نكاحه (قال) هذا كله لا شئ له فيه لأنه لم
يرسل من يديه شيئا بما أخذ ألا ترى أنه لم يكن يقدر على أن يثبت معها على حال
[قلت] فلو أنكشف أن بها جنونا أو جذاما أو برصا (قال) هذا ان شاء أن
يقيم على النكاح أقام فإذا كان ان شاء أن يقيم على النكاح أقام كان خلعه ماضيا ألا
ترى أنه ترك به من المقام على أنها زوجه ما لو شاء أقام عليه ألا ترى أنه إذا تركها
بغير الخلع لما غرته كان فسخا بطلاق [قلت] فلو أنكشف أن بالزوج جنونا أو
جذاما أو برصا (قال) لا يكون له من الخلع شئ [قلت] من أين وهو فسخ بالطلاق
(قال) ألا ترى أنها أعطته شيئا على خروجها من يديه ولها أن تخرج من يده يغير شئ
أو لا ترى أنه لم يرسل من يديه شيئا بما أخذ الا وهي أملك منه بما في يديه [قلت]
أرأيت لو أو رجلا قالت له امرأته كنت طلقني أمس على ألف درهم وقد
كنت قبلت ذلك وقال الزوج قد كنت طلقتك أمس على ألف درهم ولم تقبلي
347

(قال) القول قول المرأة لان مالكا قال في رجل ملك امرأته مخليا في بيته وذلك
بالمدينة فخرج الرجل عنها ثم أتى ليدخل عليها فأغلقت الباب دونه وقالت قد ملكتني
وقد اخترت نفس وقال الزوج ملكتك ولم تختاري فاختلف فيها بالمدينة فسأل
الرجل مالكا عن ذلك فقال أرى القول قولها لأنك قد أقررت بالتمليك وأنت تزعم
أنها لم تقض فأرى القول قولها [قلت] إنما جعل مالك القول قولها لأنه كان يرى
أن لها أن تقضى وان تفرقا من مجلسهما (قال) لا ليس لهذا قال وقد أفتى مالك هذا
الرجل بما أخبرتك من فتياه قبل أن يقول في التمليك بقوله الآخر وإنما أفتاه مالك
وهو يقول في التمليك بقوله الأول إذا كان يقول إن لها أن تقضى ما دامت في مجلسها
(قال) وإنما رجع إلى هذا القول أن لها أن تقضى وان قامت من مجلسها في آخر عام
فارقناه وكان قوله قبل ذلك إذا تفرقا فلا قضاء لها إذا كان قد أمكنها القضاء في ذلك
قبل قيام زوجها [قلت] أرأيت إذا تصادقا في الخلع واختلفا في الجعل الذي كان به
الخلع فقالت المرأة خالعتني بهذه الجارية وقال الزوج بل خالعتك بهذه الدار وهذه
الجارية وهذا العبد (قال) في قول مالك الخلع جائز ولا يكون للزوج الا ما أقرت به
المرأة من ذلك ويحلف إلا أن يكون له بينة على ما ادعى من ذلك لان مالكا قال
في رجل صالحته امرأته فيما بينه وبينها ووجب ذلك بينهما على شئ أعطته ثم إنه خرج
ليأتي بالشهود ليشهد فيما بينهما فجحدت المرأة الصلح وأن تكون أعطته على ذلك
شيئا قال مالك تحلف المرأة ويثبت الخلع على الزوج ولا يكون له من المال الذي
ادعى شيئا ويفرق بينهما لأنه قد أقر بفراقها [قلت] فلو أن رجلا ادعى أنه خالع
امرأته على ألف درهم والمرأة تنكر الخلع وأقام الزوج شاهدا واحدا أنه خالعها على
ألف درهم أيحلف مع شاهده ويستحق هذه الألف (قال) قول مالك أن ذلك له
{خلع الأب على ابنه وابنته]
[قلت] ما حجة مالك حين قال يجوز خلع الأب والوصي على الصبي ويكون
ذلك تطليقة (قال) جوز مالك ذلك من وجه النظر للصبي ألا ترى أن انكاحهما إياه
348

عليه جائز فكذلك خلعهما عليه [قال سحنون] قال عبد الرحمن وغيره من مالك
وبعضهم يزيد على بعض في اللفظ والمعنى واحد وأنه ممن لو طلق لم يجز طلاقه فلما لم
يجز طلاقه كان النظر في ذلك بيد غيره وإنما أدخل جواز طلاق الأب والوصي
بالخلع على الصبي حتى صارا عليه مطلقين وهو لا يقع على الصبي؟؟ أنه يكون ممن يكره
لشئ ولا يحب له ما رأى له الأب أو الوصي من الحظ في أخذ المال له كما يعقدان
عليه وهو ممن لم يرغب ولم يكره لما يريان له فيه من الحظ من النكاح في المال من
المرأة الموسرة والذي له في نكاحها من الرغبة فينكحانه وهو كاره لما دخل ذلك من
سبب المال فكذلك يطلقان عليه بالمال وسببه [قلت] فان كبر اليتيم واحتلم وهو
سفيه أو كان عبدا بالغا زوجه سيده بغير أمره وذلك جائز عليه أو بلغ الابن المزوج
وهو صغير بلغ الحلم وهو سفيه أو زوج الوصي اليتيم وهو بالغ سفيه بأمره (قال)
إن كان بالغا كان عبدا أو يتيما أو ابنا يأبى الطلاق ويكره ويكون ممن لو طلق
ووليه أو سيده أو أبوه كاره يمضى طلاقه ويلزمه فعله فيه لم يكن للسيد في العبد
ولا للأب في الابن ولا للولي في اليتيم أن يخالع عنه لأن الخلع لا يكون الا بطلاق
وهو ليس إليه الطلاق [ابن وهب] وقد قال مالك في الرجل يزوج يتيمه وهو في
حجره فإنه يجوز له أن يبارئ عليه ما لم يبلغ الحلم ان رأى أن ذلك خبر له لان الوصي
ينظر ليتيمه ويجوز أمره عليه وإنما ذلك ضيعة لليتيم ونظر له [قال سحنون]
ألا ترى أن مالكا لما صار الطلاق بيد اليتيم لم يجز صلحه عنه كما أن الطلاق بيد العبد
ليس بيد السيد وإن كان قد كان للسيد جائزا أن يزوجه بلا مؤامرة فكل من ليس
بيده طلاق فنظر وليه له نظر ويجوز فعله عليه لما يرى له من الغبطة في المال [قلت]
فعبده الصغير من يزوجه (قال) ليس له اذن وله أن يزوجه فإذا زوجه لم يكن له أن
يطلق عليه الا بشئ يأخذه ألا ترى أن مالكا قال لا يجوز للأب أن يطلق على ابنه
الصغير وإنما يجوز له أن يصالح عنه ويكون تطليقة بائنة وإنما لم يجز طلاقه لأنه ليس
موضع نظر له في أخذ شئ وقد يزوج الابن بالتفويض فلا يكون عليه شئ وإنما
349

يدخل الطلاق بالمعنى الذي دخل منه النكاح للغبطة فيما يصير إليه ويصير له [قلت]
لابن القاسم أيجوز للأب أن يخالع علي ابنته الصغيرة في قول مالك (قال) قال مالك
ذلك جائز ولا يجوز لاحد أن يزوج صبيته صغيرة أو يخلعها من زوجها الا الأب
وحده فأما الوصي فلا يجوز له أن يخلعها من زوجها ولا يجوز له أن ينكحها إذا
كانت صغيرة فان بلغت فأنكحها الوصي من رجل فذلك جائز (قال مالك)
والوصي أولى بانكاحها إذا هي بلغت من الأولياء إذا رضيت وليس له أن يجبرها على
النكاح كما يجبرها الأب وليس لاحد من الأولياء أن يجبرها على النكاح الا الأب
وحده إذا كانت بكرا (قال مالك) وفرق ما بين مبارأة الوصي عن يتيمه ويتيمته أن
الوصي يزوج يتيمه ولا يستأمره ولا يزوج يتيمته الا باذنها فكذلك يبارئ عن يتيمه
ولا يبارئ عن يتيمته الا برضاها [قلت] أرأيت ان خالعها الأب وهي صبية
صغيرة على أن يتولى لزوجها مهرها كله أيكون ذلك جائزا على الصبية في قول مالك
قال نعم (وقال ابن القاسم) قالك مالك إذا زوج الرجل ابنته وهي ثيب من رجل فخلعها
الأب من زوجها على أن ضمن الصداق للزوج وذلك بعد البناء فلم ترض البنت أن
تتبع الأب (قال) مالك لها أن تتبع الزوج وتأخذ صداقها من الزوج ويكون ذلك
للزوج علي الأب دينا يأخذه من الأب (قال مالك) وكذلك الأخ في هذا هو
بمنزلة الأب [قلت] لابن القاسم وكذلك الأجنبي قال نعم [ابن وهب] عن
يونس أنه سأل ربيعة عن ابنة الرجل تكون عذراء أو ثيبا أيبارئ أبوها عنها وهي
كارهة (قال) أما أن تكون في حجر أبيها فنعم وأما هي تكون ثيبا فلا (قال
أبو الزناد) ان كانت بكرا في حجر أبيها فأمره فيها جائز يأخذ لها ويعطى عنها وقاله
يحيى بن سعيد وعطاء بن أبي رباح قال يحيى بن سعيد ولا يجوز أمر الأخ على أخته
البكر الا برضاها قال يحيى وتلك السنة [ابن وهب] عن مخرمة بن بكير عن أبيه
عن ابن قسيط وعبد الله بن أبي سلمة وعمرو بن شعيب بنحو ذلك
350

{في خلع الأمة وأم الولد والمكاتبة]
[قلت] أرأيت ان اختلعت الأمة من زوجها على مال (قال) قال مالك الخلع جائز
والمال مردود إذا لم يرض السيد [قلت] أرأيت ان أعتقت الأمة بعد ذلك هل
يلزمه ذلك المال (قال) لا يلزمها شئ من ذلك [قلت] أرأيت أم الولد إذا
اختلعت من زوجها بمال من غير اذن سيدها أيجوز ذلك في قول مالك (قال ابن
القاسم) لا يجوز ذلك وهي عندي بمنزلة الأمة التي قال مالك فيها انه لا يجوز خلعها
إذا رد ذلك سيدها لا يجوز ذلك (قال) وقال مالك وأكره أن ينكح الرجل أم ولده
(قال مالك) وسمعت ربيعة يقول ذلك [قلت] أرأيت ان أنكحها وهو جاهل
أيفسخ نكاحه (قال) لم أوقف مالكا على هذا الحد قال ابن القاسم ولا أرى
أن يفسخ نكاحهما إلا أن يكون من ذلك أمر بين ضرره بها فأرى أن يفسخ
[قلت] أرأيت المكاتبة إذا أذن لها سيدها أن تختلع من زوجها بمال تعطيه إياه
أيجوز هذا أو أذن لها أن تتصدق بشئ من مالها أيجوز هذا (قال) قول مالك أنه
جائز إذا أذن لها (وقال) ربيعة تختلع الحرة من العبد ولا تختلع الأمة من العبد الا
باذن أهلها [ابن وهب] عن معاوية بن صالح أنه سمع يحيى بن سعيد يقول إذا
افتدت الأمة من زوجها بغير إذن سيدها رد الفداء ومضى الصلح
{في خلع المريض}
[قلت] أرأيت ان اختلعت منه في مرضه فمات من مرضه ذلك أترثه أم لا في
قول مالك (قال) قال مالك نعم ترثه [قلت] وكذلك أن جعل أمرها بيدها أو
خيرها فطلقت نفسها وهو مريض أترثه في قول مالك (قال) قال مالك نعم ترثه
[قلت] ولم وهو لم يفر منها إنما جعل ذلك إليها ففرت بنفسها (قال) قال مالك
كل طلاق وقع في المرض فالميراث للمرأة إذا مات من ذلك المرض وبسببه كان
ذلك لها [قلت] أرأيت ان اختلعت المريضة من زوجها في مرضها بجميع مالها
351

أيجوز هذا في قول مالك أم الا (قال) قال مالك لا يجوز ذلك [قلت] فهل يرثها
(قال مالك) لا يرثها [قال ابن القاسم] وأنا أرى إن كان صالحها على أكثر من
ميراثه منها أن ذلك غير جائز وان صالحها على مثل ميراثه منها أو أقل من ميراثه منها
فذلك جائز [قلت] ولا يتوارثان قال لا [قلت] أرأيت ان اختلعت المرأة بمالها
من زوجها والزوج مريض أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) نعم ذلك جائز ولها
الميراث ان مات ولا ميراث لها منها ان ماتت هي [قلت] لم قال لان من طلق
امرأته في مرضه فهو فار فان ماتت المرأة لم يرثها الزوج وان مات الزوج ورثته المرأة
فلذلك كان هذا في الصلح وما اختلعت به منه فهو له وهو مال من ماله لا يرجع
بشئ [ابن وهب] عن يونس أنه سأل ربيعة عن المرأة هل يجوز لها أن تختلع من
زوجها وهي مريضة (قال) لا يجوز خلعها لو جاز ذلك لم تزل امرأة توصى لزوجها
حين تستيقن بالموت (قال ابن نافع) أرى أن الطلاق يمضى عليه ولو يجوز له من
ذلك الا قدر ميراثه مثل ما فسر ابن القاسم (قال ابن نافع) قال مالك ويكون المال موقوفا
حتى تصح أو تموت [قلت] أرأيت ان جعل أمرها بيدها في مرضه فاختارت
نفسها فماتت أيرثها في قول مالك (قال) قال مالك لا يرثها [قلت] فان مات هو
أترثه (قال) قال مالك ترثه (قال) مالك وكل طلاق كان في المرض بأي وجه ما كان
فان الزوج لا يرث في امرأته ان ماتت وهي ترثه ان مات قال مالك لان الطلاق
جاء من قبله [قلت] فإذا خالعها برضاها لم جعل لها مالك الميراث أو إذا جعل أمرها
بيدها فاختارت نفسها لم جعل لها مالك الميراث (قال) لان مالكا قال إذا كان السبب
من قبل الزوج فلها الميراث
{ما جاء في الصلح}
[قلت] أرأيت ان صالحها على أن أخرت الزوج بدين لها عليه إلى أجل من
الآجال (قال) قال مالك الخلع جائز ولها أن تأخذه بالمال حالا ولا تؤخره إلى الاجل
الذي أخرته إليه عند الصلح [قلت] أرأيت ان صالحها على ثمر لم يبد صلاحه
352

(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا ما أخبرتك من السلف والذي ذكرت لك
أن مالكا قال كل صفقة وقعت بصلح حرام فالخلع جائز ويرد الحرام فأرى إذا
أعطته ثمرا قبل أن يبدو صلاحه على أن خلعها فالخلع جائز والثمر للزوج (قال ابن
القاسم) وقد بلغني أن مالكا أجازه ان صالحها بثمر لم يبد صلاحه أو بعبد آبق أو بجنين
في بطن أمه فأجازه مالك وجعل له الجنين يأخذه بعد الوضع والآبق يبيعه والثمرة
يأخذها وأنا أراه جائزا (قال ابن القاسم) ولا يكون للزوج على المرأة إذا رد إليها
مالها الذي أخرته على الزوج حين صالحته أو أسلفته إلى أجل على أن صالحها فرد
ذلك عليها مكانه ولم يترك إلى أجله (قال ابن القاسم) ولا يكون للزوج عليها صداق
مثلها ولا غير ذلك (قال ابن القاسم) فكذلك عندي أنه لا يكون للزوج على المرأة
صداق مثلها في شئ من ذلك مما لا يجوز في الصلح مما يرد على المرأة ويمضى
عليها الخلع
{مصالحة الأب عن ابنته الصغيرة}
[قلت] أرأيت الصبي أيجوز عليه طلاق الأب (قال) قال مالك لا يجوز عليه
طلاق الأب ويجوز صلح الأب عنه ويكون تطليقة (قال مالك) وكذلك الوصي
إذا زوج يتيما عنده صغيرا جاز نكاحه ويجوز أن يصالح امرأته عليه ويكون هذا
الصلح من الأب والوصي تطليقة على الصبي وان طلق الوصي امرأة يتيمه لم يجز
[قلت] أيجوز أن ينكح الصبي أو يطلق عليه أحد من الأولياء سوى الأب
(قال) لم يقل لي مالك انه يجوز على الصبي في النكاح والصلح عنه الا الأب أو
الوصي (قال ابن القاسم) وأنا أرى إن كان هذا اليتيم لا وصى له فجعل له القاضي
خليفة يقوم عليه بأمره فزوجه أو صالح عنه أرى أن يجوز ذلك كما يجوز لوصي الأب
[قلت] فإن كان الأب هو الذي زوج الابن فمات وابنه صغير ثم صالح عنه الوصي
امرأة الصبي أيجوز هذا الصلح على الصبي ويكون تطليقة قال نعم [قلت] وقول
مالك ان الأب إذا صالح عن الصبي امرأة الصبي أو الوصي فذلك تطليقة ثابتة على
353

الصبي ان كبر بعد اليوم فتزوجها أو تزوجها وهو صغير ثم كبر فطلقها تطليقتين لم تحل
له حتى تنكح زوجا غيره قال نعم [قلت] أرأيت ان زوجها أبوها ولم تحض ومثلها
يجامع فجامعها الزوج ثم صالح الأب الزوج على أن يرد صداقها للزوج أيكون ذلك جائزا
على الجارية أم لا في قول مالك (قال) سمعت مالكا يقول في البنت الصغيرة التي لم تحض
وقد دخل بها أن لأبيها أن يزوجها كما يزوج ابنته البكر فمسألتك في الأب إذا صالح عنها
زوجها ولم تحض وهي بنت صغيرة بعد أن ذلك جائز عليها وان كانت قد جو معت لأنه
يجوز له أن ينكحها ويجوز اذنه عليها فكذلك مسألتك أرى أن يجوز صلحه عليها
{في اتباع الصلح بالطلاق}
[قلت] أرأيت إذا صالحها ثم طلقها في مجلسه من بعد الصلح أيقع الطلاق عليها
أم لا في قول مالك (قال) مالك إن كان الطلاق مع ايقاع الصلح فذلك لازم
للزوج وإن كان أتقطع الكلام الذي كان به الصلح ثم طلق بعد ذلك لم يلزمه
[قلت] وكذلك أن صالحها ثم ظاهر منها في عدتها أو آلى منها (قال) يلزمه ذلك
في الايلاء ولا يلزمه في الظهار إلا أن يقول إن تزوجتك فأنت على كظهر أمي فهذا
يلزمه عند مالك ان تزوجها الظهار وإن كان كلام قبل ذلك يستدل به على أنه أراد أن
تزوجها فهو مظاهر فإنه يكون مظاهرا ان تزوجها لان مالكا قال في رجل له امرأتان
صالح إحداهما فقالت له الثانية انك ستراجع فلانة قال هي طالق أبدا فردده
مالك مرارا وقال له ما نويت قال له الرجل لم يكن لي نية وإنما خرجت منى مسجلة
(قال) أرى ان تزوجتها أنها طالق منك مرة واحدة وتكون خاطبا من الخطاب لان
مالكا جعله حين كان جوابا لكلام امرأته على أنه ان تزوجها فهي طالق فكذلك
ما أخبرتك من الظهار إذا كان قبله كلام يدل على أنه أراد ذلك بمنزلة ما ذكرت لك
في مسألة الرجل [قلت] أرأيت الرجل إذا قال لامرأته إذا دخلت الدار فأنت
طالق فصالحها ثم دخلت الدار بعد الصلح مكانها أيقع الطلاق عليها أم لا (قال) إذا
وقع الصلح ثم دخلت بعد ذلك فلا يقع الطلاق بدخولها ذلك [قلت] أرأيت ان قال
354

إن لم أقض فلانا حقه إلى يوم كذا وكذا فامرأته طالق فلما جاء ذلك الوقت وخاف
أن يقع عليه الطلاق دعاها إلى أن تصالحه فرارا من أن يقع عليه الطلاق فصالحته
لذلك وهو يريد رجعته بعد مضى ذلك الوقت أيجوز له هذا الصلح ولا يكون حانثا
إن لم يقض فلانا حقه (قال) نعم لا يكون حانثا وبئس ما صنع كذلك قال مالك
[قلت] لم يكون بئس ما صنع من فر من الحنث (قال) سمعت مالكا يقول بئس
ما صنع قال مالك ولا يعجبني أن يفعل ذلك قال فان فعل لم أره حانثا لأنه مضى
الوقت وليست له بامرأة [قلت] أرأيت ان تزوجها بعد ما مضى الوقت ولم يقض
فلانا حقه أيقع عليه الطلاق ويحنث أم لا (قال) لا يكون عليه شئ ولا يقع
عليه الطلاق
{جامع الصلح]
[قلت] أرأيت ان صالحها على طعام أو دراهم أو عرض من العروض موصوف
إلى أجل من الآجال أيجوز ذلك في قول مالك قال نعم [قلت] ويجوز أن يأخذ
منها رهنا بذلك أو كفيلا قال نعم [قلت] ويجوز أن يبيع الطعام قبل أن يقبضه
(قال) أكره ذلك لأنه عندي محمل البيوع ولا يصلح ذلك حتى يقبض الطعام وإنما
هذا كله في هذه الأشياء محمل البيوع [قلت] أرأيت ان اصطلحا على دين فباعه
منها بعرض من العرض إلى أجل من الآجل أيجوز ذلك في قول مالك (قال)
لا يجوز ذلك لان هذا دين بدين فلا يجوز وهذا والبيع سواء ويرجع فيكون له الدين
[قلت] أرأيت إذا صالحها على أن أعطته عبدا بعينه فأعطته ذلك العبد إلى أجل
من الآجل أيجوز ذلك في قول مالك (قال) قال مالك إذا صالحها على دين له إلى
أجل على أن عجلت له ذلك الدين قبل محل الاجل قال مالك فالدين إلى أجله والخلع
جائز فكذلك العبد الذي صالحها عليه إلى أجل من الآجل على أن لا تدفع إليه
العبد الا إلى أجل من الآجال فهو حال والخلع جائز والأجل فيه باطن لان
مالكا قال في كل صفقة وقعت بالصلح فيها حلال وحرام ان الخلع جائز والحلال
355

منها يثبت والحرام باطل والشرط في مسألتك في تأخير العبد لا يصلح والصلح على
العبد جائز فطر حنا من هذا ما لا يصلح وجوزنا منه ما يصلح [قلت] أرأيت ان
صالحها على عرض موصوف إلى أجل من الآجال أيصلح له أن يبيعه منها بدين
إلى أجل (قال) لا يجوز ذلك في قول مالك لان هذا مثل البيوع وهذا يصير
دينا بدين
{في حضانة الأم}
[قلت] كم يترك الغلام في حضانة الأم في قول مالك (قال) قال مالك حتى يحتلم
ثم يذهب الغلام حيث شاء [قلت] فان احتاج الأب إلى الأدب أن يؤدب ابنه
(قال) قال مالك يؤدبه بالنهار ويبعثه إلى الكتاب وينقلب إلى أمه بالليل في حضانتها
ويؤدبه عند أمه ويتعاهده عند أمه ولا يفرق بينه وبينها إلا أن تتزوج (قال) فقلت
لمالك فان تزوجت وهو صغير يرضع أو فوق ذلك فأخذه أبوه أو أولياؤه ثم مات
عنها زوجها أو طلقها أيرد إلى أمه (قال) لا ثم قال لي مالك أرأيت ان تزوجت
ثانية أيؤخذ منها ثم إن طلقها زوجها أيرد إليها أيضا ثانية ليس هذا بشئ إذا أسلمته
مرة فلا حق لها فيه (قال) فقيل لمالك متى يؤخذ من أمه أحين عقد نكاحها أو حين
يدخل بها زوجها (قال) بل حين يدخل بها زوجها ولا يؤخذ الولد منها قبل ذلك
[قلت] والجارية حتى متى تكون الأم أولى بها إذا فارقها زوجها أو مات عنها
(قال) قال مالك حتى تبلغ مبلغ النكاح ويخاف عليها فإذا بلغت مبلغ النكاح وخيف
عليها نظر فإن كانت أمها في حرز ومنعة وتحصين كانت أحق بها أبدا حتى تنكح وان
بلغت ابنتها ثلاثين سنة أو أربعين سنة ما دامت بكرا فأمها أحق بها ما لم تنكح
الأم أو يخف موضعها فان خيف على البنت في موضع الأم ولم تكن الأم في
تحصين ولا منعة أو تكون الأم لعلها ليست بمرضية في حالها ضم الجارية أبوها إليه
أو أولياؤها إذا كان في الموضع الذي تضم إليه كفاية وحرز [قال] وقال مالك
رب رجل شرير سكير يترك ابنته ويذهب لشر ما ويدخل عليها الرجل فهذا
356

لا يضم إليه شئ أيضا (قال ابن القاسم) فأرى أن ينظر السلطان لهذه [قلت] حتى
متى تترك الجارية والغلام عند الجدة والخالة (قال) تترك الجارية والغلام عند الجدة
والخالة إلى حد ما يتركون عند الأم وقد وصفت لك ذلك إذا؟؟ كفاية
وحرز ولم يخف عليهما [قلت] فهل ذكر مالك الكفاية (قال) نعم قال إذا
كانوا ليسوا في ثقة ولا كفاية فلا تعطى الجدة الولد ولا الوالد إذا كانوا ليسوا
بمأمونين ولا يأخذ الولد الا من قبله الكفاية لهم فرب جدة لا تؤمن على الولد ورب
والد يكون سفيها سكيرا يخرج من بيته ويدع ولده [قلت] وإنما الكفاية التي قال
مالك إنما هو مثل ما وصفت لي (قال) نعم قال مالك ولا ينبغي أن يضر بالولد وينبغي
أن ينظر للولد في ذلك بالذي هو أكفأ وأحرز [قلت] أرأيت ان طلقها زوجها
فتزوجت المرأة وله منها أولاد صغار وجدتهم لأمهم في بعض البلدان وجدتهم
لأبيهم مع الصبيان في مصر واحد أو عمتهم أو خالتهم معهم في مصر واحد أيكون
لهؤلاء الحضور حق في الصبيان وجدتهم لأمهم التي هي أحق بالصبيان؟؟ هؤلاء
ساكنة في غير بلد الأب (قال) الذي سمعت من قول مالك وبلغني أن الجدة أم
الأم أو الخالة أولى من الجدة للأب والجدة للأب أولى من الأخت والأخت أولى
من العمة والعمة أولى من بعد هؤلاء من غيرها. فأما الجدة أم الأم فإذا كانت بغير
بلد الأب التي هو بها فالخالة أولاهما والأب أولى من الأخت والعمة والجدة والخالة
أولى من الأب والذي سألت عنه إذا كانت الجدة للأم في غير بلاد الأب وتزوجت
الأم والخالة بحضرة الصبيان فالحق للخالة في الصبيان لان الجدة إذا كانت غائبة
فلا حق لها في الصبيان لأنها ليست مع الأب في مصر واحد وإذا لم تكن الجدة مع
الأب في مصر واحد فهي بمنزلة الميتة فالحق للخالة لأنها بعد الجدة [قلت] أرأيت
ان طلقها فتزوجت وله منها أولاد صغار وقد مات الأب ولهم جدة لأبيهم أو عمة
أو خالة أو أخت من أولى بالصبيان أهؤلاء الذين ذكرت أم الأولياء الجد والعم
وابن العم والعصبة وما أشبههم في قول مالك (قال) الذي سمعت من قول مالك أن
357

الجدة والعمة والأخت إذا كن في كفاية كن أحق من الأولياء والجدة أولى من
الأخت والأخت أولى من العمة والعمة أولى من الأولياء إذا كانوا يأخذونهم إلى
كفاية والى حصانة [قلت] أرأيت ان طلقها والولد صغار فكانوا في حجر الأم
فأراد الأب أن يرتحل إلى بعض البلدان فأراد أن يأخذ أولاده ويخرجهم معه وإنما
كان تزوج المرأة في الموضع الذي طلقها فيه وهما جميعا من أهل تلك البلدة التي تزوجها
فيها وطلقها فيها (قال) قال مالك للأب أن يخرج ولده معه إذا ارتحل إلى أي بلد
ارتحل إليه إذا أراد السكنى (قال مالك) وكذلك الأولياء هم في أوليائهم بمنزلة الأب
لهم أن يرتحلوا بالصبيان حيثما ارتحلوا تزوجت الأم أو لم تتزوج إذا كانت رحلة الأب
والأولياء رحلة نقلة وكان الولد مع الأولياء أو مع الوالد في كفاية ويقال للأم إن شئت فابتغى ولدك وان أبيت فأنت أعلم (قال مالك) وإن كان إنما يسافر يذهب
ويجئ فليس لهذا أن يخرجهم معه عن أمهم لأنه لم ينتقل (قال مالك) وليس للأم
أن تنقلهم عن الموضع الذي فيه والدهم أو أولياؤهم إلا أن يكون ذلك إلى الموضع
القريب البريد ونحوه حيث يبلغ الأب والأولياء خبرهم [قلت] وتقيم في ذلك
الموضع الذي خرجت إليه إذا كان بينها وبين الأب البريد ونحوه قال نعم [قلت]
حتى متى تكون الأم أولى بولدها إذا فارقها زوجها (قال) أما الجواري في قول مالك
فحتى ينكحن ويدخل بهن أزواجهن وان حضن فالأم أحق. وأما الغلمان فهي أحق
بهم حتى يحتلموا قال مالك فإذا بلغوا الأدب أدبهم عند أمهم [قلت] أرأيت الأم
إذا طلقت ومعها صبيان صغار فتزوجت من أحق بولدها الجدة أم الأب (قال) قال
مالك الجدة أم الأم أولى من الأب [قلت] فإن لم تكن أم الأم وكانت أم أب
(قال) فهي أولى من الأب إن لم تكن خالة [قلت] وهذا قول مالك قال نعم
[قلت] فأم أم الأم جدة الأم أولى بالصبية من الأب إذا لم يكن فيما بينها وبين
الصبية أم أقعد بالصبية منها قال نعم [قلت] فمن أولى بهؤلاء الصبيان إذا تزوجت
الأم أو ماتت أبوهم أو أختهم لأبيهم وأمهم (قال) أبوهم [قلت] وهذا قول
358

مالك (قال) نعم هو قوله [قلت] فمن أولى بهؤلاء الصبيان الأب أم الخالة (قال)
قال مالك الخالة أولى بهم من الأب إذا كانوا عندها في كفاية [قلت] فما معنى
الكفاية (قال) أن يكونوا في حرز وكفاية [قلت] والنفقة على الأب (قال) نعم
النفقة على الأب عند مالك [قلت] فمن أولى الأب أم العمة في قول مالك (قال) الأب
قال وليس بعد الجدة للأم والخالة والجدة للأب أحد أحق من الأب [قلت]
فمن أولى العصبة أم الجدة للأب (قال) الذي سمعت من مالك أن الجدة أم الأب
أولى من العصبة وأرى أن الأخت والعمة وبنت الأخ أولى من العصبة [قلت]
ويجعل الجد والعم والأخ وابن الأخ مع هؤلاء النساء مع الأخت والعمة وابنة الأخ
بمنزلة العصبة أم لا (قال) نعم ينزلون مع من ذكرت من النساء بمنزلة العصبة [قلت]
تحفظه عن مالك (قال) لا أقوم على حفظه [قلت] أرأيت ان طلقها زوجها وهو
مسلم وهي نصرانية أو يهودية ومعها ولد صغار من أحق بولدها (قال) هي أحق
بولدها وهي كالمسلمة في ولدها إلا أن يخاف عليها ان بلغت منهم جارية إلا أن
يكونوا في حرز [قلت] هذه تسقيهم الخمر وتغذيهم بلحوم الخنازير فلم جعلتها
في ولدها بمنزلة المسلمة (قال) قد كانت عنده قبل أن يفارقها وهي تغذيهم ان أحبت
بلحوم الخنازير وبالخمور ولكن ان أرادت أن تفعل ذلك منعت من ذلك ولا ينزع الولد
منها وان خافوا أن تفعل ضمت إلى ناس من المسلمين لئلا تفعله [قلت] فإن كانت
مجوسية أسلم زوجها ومعها ولد صغار فأبت أن تسلم وفرقت بينهما من أحق بالولد
(قال) الأم أحق بالولد واليهودية والنصرانية والمجوسية في هذا سواء بمنزلة المسلمة
[قلت] أرأيت ان كانت أمهم أمة وقد أعتق الولد وزوجها حر فطلقها زوجها من أحق
بالولد (قال) الأم أحق به إلا أن تباع فتظعن إلى بلد غير بلد الأب فيكون الأب
أحق أو يريد أبوه الانتقال من بلده إلى بلد سواه فيكون أحق بولده وهذا قول
مالك. والعبد في ولده بمنزلة الحر لا يفرق بين الولد وبين أمه كانت أمة أو حرة لان
العبد ليس له مسكن ولا قرار وإنما يسافر به ويظعن ويباع وهذا الذي سمعت ممن
359

أثق به عن مالك أنه قاله [قلت] أرأيت العصبة إذا تزوجت أمهم أيكون لهم أن
يأخذوا منها الأولاد (قال) قال مالك إذا تزوجت الأم فالأولياء أولى بالصبيان منها
قال مالك وكذلك الوصي (قال) وقال مالك الأولياء هم العصبة (قال مالك) وهذا
كله الذي يكون فيه بعضهم أحق بذلك من بعض إذا كان ذلك إلى غير كفاية أولم
يكن مأمونا في حاله أو كان في موضع يخاف على الأولاد للعورة التي هو فيها مثل
البنت قد بلغت تكون عند الأم والجدة وتكون غير الثقة في نفسها أو تكون البنت
معها في غير حرز ولا تحصين فالأولياء أولى بذلك إذا كانوا يكونون في كفاية وحرز
وتحصين والوالد كذلك أن كان غير مأمون فرب والد سفيه يخرج النهار يكون في
سفهه يضيعها ويخاف عليها عنده ويدخل عليها الرجال يشربون فهذا لا يمكن منها
[قلت] أرأيت ان اجتمع النساء في هؤلاء الصبيان وقد تزوجت الأم ولا جدة
لهم من قبل الأم أو لهم جدة من قبل الأم لها زوج أجنبي من أحق بهؤلاء الصبيان
وقد اجتمعن الأخوات مختلفات والجدات مختلفات والعمات مختلفات وبنات الاخوة
مختلفات من أولى بهؤلاء الصبيان (قال ابن القاسم) أقعدهن بالأم إذا كانت محرما
من الصبيان فهي أولى بالصبيان بعد الجدة للأم لان الجدة للأم والدة وإنما ينظر في
هذا إلى الأقعد فالأقعد بالأم منهن إذا كانت محرما جعلتها أولى بالصبيان [قلت]
أرأيت مولى النعمة أيكون من الأولياء إذا تزوجت الأم (قال) هو من الأولياء لأنه
وارث والمولى عتاقة وان العم عند مالك من الأولياء [قلت] أرأيت من أسلم على
يديه إذا تزوجت الأم أيكون أولى بولد هذا الذي أسلم على يديه أم لا (قال) قال
مالك ليس هو مولاه ولا ينبغي أن ينتسب إليه [قلت] وان والاه (قال) نعم وان
والاه فلا يجوز ذلك [قلت] أرأيت إن كان ولده من هذه المطلقة لابد لهم
من الخدمة لضعفهم عن أنفسهم ومثله يقوى على الخدمة أيجبره على أن يخدمهم
(قال) نعم عند مالك والخدمة بمنزلة النفقة إذا قوى على ذلك الأب أخذ به
[قلت] وما حد ما يفرق بين الأمهات والأولاد في قول مالك في العبيد (قال)
360

قال مالك لا يفرق بينهم حتى يثغروا إلا أن يعجل ذلك بالصبي (قال) وذلك عندي
حتى يستغنى الصبي عن أمه بأكله وحده وشربه ولبسه وقيامه وقعوده ومنامه (قال)
قال مالك إذا أثغر فقد استغنى عنها (قال) ووجه الاستغناء عن أمه إذا أثغر ما لم يعجل
ذلك به [قلت] أرأيت الأب والولد هل ينهى مالك عن التفرقة فيما بينهم كما ينهى
عن التفرقة بين الأم وولدها (قال) قال مالك لا بأس أن يفرق بين الأب وبين ولده
وان كانوا صغارا وإنما ذلك في الأمهات [قلت] فالجدة أم الأم أو الجدة أم الأب
أيفرق بينها وبينهم وهم صغار لم يثغروا (قال) قال لي مالك ذلك غير مرة وغير عام
انه يفرق بين أم الأم وبينهم وان كانوا صغارا في التملك (قال مالك) وإنما ذلك في
الأم وحدها [ابن وهب] عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
جاءته امرأة فقالت إن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء
فزعم أبوه أنه ينتزعه منى فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت أحق به ما لم
تنكحي (قال عمرو بن شعيب) وقضى أبو بكر الصديق في عاصم على عمر بن
الخطاب ان أمه أحق به ما لم تنكح [ابن وهب] عن ابن لهيعة وغير واحد من
الأنصار وغيرهم من أهل المدينة أن عمر بن الخطاب طلق امرأته الأنصارية وله منها
ابن يقال له عاصم فتزوجت بعد عمر يزيد بن مجمع الأنصاري فولدت له عبد الرحمن
ابن يزيد وكانت لها أم فقبضت عاصما إليها وهي جدته أم أمه وكان صغيرا فخاصمها
عمر إلى أبي بكر الصديق فقضى لجدته أم أمه بحضانته لأنه كان صغيرا [ابن وهب]
عن ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن محمد بنحو ذلك وقالت الجدة
إلى حضنته وعندي خير له وأرفق به من امرأة غيري قال صدقت حضنك خير له
فقضى لها به فقال عمر بن الخطاب سمعت وأطعت [ابن وهب] عن مالك وعمرو
ابن الحارث عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد بنحو ذلك إلا أن مالكا قال كان
الغلام عند جدته بقباء (وأخبرني) من سمع عطاء الخراساني يذكر مثل ذلك
361

(وقال) أبو بكر ريحها وفراشها خير له منك حتى يكبر (ابن وهب) قال عمرو بن
الحارث في الحديث وكان وصيفا [الليث] أن يحيى بن سعيد حدثه قال إن المرأة إذا
طلقت أولى بالولد الذكر والأنثى ما لم تتزوج فان خرج الوالد إلى أرض سوى
أرضه ليسكنها كان أولى بالولد وان كانوا صغارا فان هو خرج غازيا أو تاجرا كانت
الأم أولى بولدها إلا أن يكون غزا غزاة انقطاع (قال يحيى) والولي بمنزلة الوالد
[قلت] أرأيت أم الولد إذا أعتقت ولها أولاد صغار أهي في ولدها بمنزلة المرأة
الحرة التي تطلق ولها أولاد صغار في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت إذا
تزوجت الأم فأخذتهم الجدة أو الخالة أتكون النفقة والكسوة والسكنى على
الأب في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت إن لم يكن عند الأب ما ينفق عليهم
(قال) فهم في قول مالك من فقراء المسلمين ولا يجبر أحد على نفقتهم الا الأب
وحده إذا كان يقدر على ذلك [قلت] أرأيت الأب إذا كان معسرا والأم
موسرة أتجبر الأم على نفقة ولدها وهم صغار في قول مالك (قال) لا تجبر على
نفقة ولدها [قلت] أرأيت ان طلقها وأولادها صغار أيكون على الأب أجر الرضاع
في قول مالك قال نعم
{نفقة الوالد على ولده المالك لأمره}
[قلت] أرأيت المرأة الثيب إذا طلقها زوجها أو مات عنها وهي لا تقدر على شئ
وهي عديمة أيجبر الأب على نفقتها في قول مالك قال [قلت] أرأيت الزمني
والمجانين من ولده الذكور المحتلمين قد بلغوا وصاروا رجالا هل يلزم الأب نفقتهم
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يلزم ذلك الأب لان الولد إنما أسقط عن
الأب فيه النفقة حين احتلم وبلغ الكسب وقوى على ذلك ألا ترى أنه قبل الاحتلام
إنما ألزم الأب نفقته لضعفه وضعف عقله وضعف عمله فهؤلاء الذين ذكرت عندي
أضعف من الصبيان ألا ترى أن من الصبيان من هو قبل الاحتلام قوي على
الكسب إلا أنه على كل حال على الأب نفقته ما لم يحتم إلا أن يكون للصبي كسب
362

يستغني به عن الأب أو يكون له مال فينفق عليه من ماله فكذلك الزمني والمجانين
بمنزلة الصبيان في ذلك كله أو لا ترى أن النساء قد تحيض المرأة وتكبر وهي في
بيت أبيها فنفقتها على الأب وهي في هذا الحال أقوى من هذا الزمن ومن هذا
المجنون وإنما ألزم الأب نفقتها لحال ضعفها في ذلك فمن كان أشد منها ضعفا فذلك
أحرى أن يلزم الأب نفقته إذا كانت زمانته تلك قد منعته من أن يقوى على نفسه
مثل المغلوب على عقله والأعمى والزمن والضعيف الذي لا حراك به [قلت]
أرأيت ان كانوا قد بلغوا أصحاء ثم أزمنوا أو جنوا بعد ذلك وقد كانوا قد خرجوا من
ولاية الأب (قال) لا شئ لها على الأب ولم أسمع من مالك فيه شيئا وإنما قلته
على البنت الثيب
{في نفقة الولد على والديه وعيالهما}
[قلت] أرأيت الصبي الصغير إذا كان له مال وأبواه معسران أينفق عليهما من؟؟
هذا الابن في قول مالك (قال) قال مالك نعم ينفق عليهما من مال الولد صغيرا كان
أو كبيرا إذا كان له مال وأبواه معسران ذكرا كان أو أنثى متزوجة كانت البنت
أو غير متزوجة [قلت] وكذلك إن لم تكن أمها تحت أبيها ولكنه تزوج غير أمها
أينفق على أبيها وعلى امرأة أبيها من مالها قال نعم [قلت] أرأيت إن كان الأنثى أبيها
حرائر أربع ليس فيهن أمها أتنفق على أبيها وعلى نسائه من مالها (قال) إنما سمعت
مالكا يقول ينفق على الأب من مال الولد ذكرا كان أو أنثى متزوجة كانت البنت
أو غير متزوجة وينفق على أهل الأب من مال الولد أيضا ولم أسأله عن أربع حرائر
(قال ابن القاسم) ولا أرى أن ينفق على أربع حرائر ولا ثلاث ولا على أكثر
من واحدة [قلت] أرأيت إن كان والدي معسرا وأنا موسر ولوالدي أولاد صغار
أأنفق عليه وعلى اخوتي الصغار الذين في حجره من مالي وعلى كل جارية من ولد أبى
في حجره بكر (قال) قال لي مالك ينفق على الأب من مال الولد وعلى امرأته (قال
ابن القاسم) ولا أرى أن تلزمه النفقة على اخوته إلا أن يشاء [قال] فقلت لمالك
363

فالمرأة يكون لها الزوج وهو معسر ولها ابن موسر أتلزم الابن النفقة على أمه وهو
يقول لا أنفق عليها لان لها زوجا (قال مالك) ينفق عليها ولا حجة له في أن يقول إنها تحت زوج ولا حجة له في أن قال فليفارقها هذا الزوج حتى أنفق أنا عليها ولها
أن تقيم مع زوجها ويلزم ولدها نفقتها [قلت] فهل تلزم الولد النفقة على أبيه
والنفقة على زوجة أبيه والنفقة على خادم امرأة أبيه في قول مالك (قال) تلزم
الولد النفقة على خادم يكون لأبيه إذا كان الأب معسرا والولد موسرا لذلك فأرى
خادم امرأته أيضا يلزم الولد نفقتها لان خادم امرأة أبيه تخدم الأب ولأنه لو لم يكن
لها خادم كانت الخدمة من النفقة التي تلزمه [قلت] وكل ما أنفق الوالدان من مال
الولد فأيسر الوالدان بعد ذلك لم يكن ما أنفق من مال الولد دينا عليهما في قول مالك
(قال) نعم لا يكون دينا عليهما [قلت] أرأيت الولد هل يجبر على نفقة الوالدين
إذا كان معسرا في قول مالك (قال) قال مالك لا يجبر والد على نفقة ولده ولا ولد
على نفقة والدين إذا كانا معسرين [قلت] أرأيت من كان له من الآباء خادم
ومسكن أتفرض نفقته على الولد أم لا في قول مالك (قال) قال لي مالك يفرض
على الولد نفقة أبيه وزوجته قال ابن القاسم وخادمه يدخل في نفقة أبيه فيكون
ذلك على الولد فأما الدار فلم أسمع من مالك فيها شيئا إلا أنى أرى ان كانت دارا
ليس فيها فضل في قيمتها عن مسكن يغنيه يكون في ثمن هذه الدار ما يبتاع به مسكنا
يسكنه وفضلة يعيش فيها رأيت أن يعطى نفقة ولا تباع لان مالكا قال لنا لو أن
رجلا كانت له دار ليس في ثمنها فضل عن اشتراء مسكن يغنيه أن لو باعها وابتاع
غيرها أعطى من الزكاة فصاحب الدار في الزكاة أبعد من الزكاة من الوالد من مال
الولد [قلت] أرأيت الوالدين إذا كانا معسرين والولد غائب وله مال حاضر عرض
أو فرض أنعديهما على ماله (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن يفرض لهما
نفقتهما في ذلك [قلت] فإن كانت الأم عديمة لا شئ لها وللولد أموال قد تصدق
بها عليهم أو وهبت لهم أيفرض للأم نفقتها في مال الولد قال نعم [ابن وهب] عن
364

يونس بن يزيد أنه سأل ربيعة عن الولد هل يمون أبويه في عسره ويسره إذا اضطر
إلى ذلك (قال) ليس عليه ضمان وهو رأى رآه المسلمون أن ينفق عليهما من ماله
[ابن وهب] عن ابن لهيعة أن أبا بشر المدني قال كان يحيى بن سعيد إذ كان قاضيا
فرض على رجل نفقة أبيه ان شاء وأراد [ابن وهب] عن يونس بن يزيد عن ابن
شهاب أنه قال في غلام ورث من أمه مالا أو من أبيه قال ابن شهاب لا يصلح
لأبيه ولا لأمه أن يأكلا من ماله ما استغنيا عنه إلا أن يحتاج الأب أو الأم فتضع
يدها مع يده (قال ابن وهب) وقاله عطاء بن أبي رباح [ابن وهب] عن ابن
لهيعة عن أبي الزبير عن جابر عن عبد الله أنه قال لا يأخذ الابن ولا الابنة من مال
أبويهما الا باذنهما (وقال) عطاء بن أبي رباح مثله
{في نفقة المسلم على ولده الكافر}
[قلت] أرأيت ان أسلم الأبوان وفى حجر هما جوار وأولاد لهما قد حضن واخترن
الكفر على الاسلام أيجبر الأب على نفقتهن أم لا قال نعم [قلت] ويجبر
الكافر على نفقة المسلم والمسلم على نفقة الكافر (قال) إذا كانوا أبا وأولادا فانا نجبرهم
[قلت] أتحفظه عن مالك (قال) بلغني عن مالك ولم أسمعه أنه سئل عن الأب
الكافر يكون محتاجا أو الأم ولها بنون مسلمون هل يلزم الولد نفقة الأبوين وهما
كافران قال مالك نعم
{نفقة الوالد على ولده الأصاغر وليست الأم عنده}
[قلت] أرأيت نفقة الأب على ولده الأصاغر أيجبر الأب على أن يدفع ذلك إلى
أمهم (قال) لم أسمع مالكا يحد في هذا حدا إلا أن المرأة إذا كان معها ولدها أعطيت
نفقة ولدها إذا كانت مطلقة مصلحة فولدها عندها وتأخذ نفقتهم [قلت] أرأيت
ان دعاها إلى أن تتحول معه من بلد إلى بلد وهي عنده غير مطلقة ومن موضع إلى
موضع فأبت أتكون لها عليه النفقة في قول مالك (قال) نعم هو قوله وتخرج معه
365

[قلت] فإن كان لها عليه مهر فقالت لا أتبعك حتى تعطيني مهري (قال مالك)
إن كان دخل بها خرج بها على ما أحبت أو كرهت وتتبعه بمهرها دينا وليس لها أن
تمتنع منه من الخروج من أجل دينها
{ما جاء فيمن تلزم النفقة}
[قلت] من تلزمني نفقته في قول مالك (قال) الولد ولد الصلب دنية تلزمه نفقتهم
في الذكور حتى يحتملوا فإذا احتلموا لم تلزمه نفقتهم والنساء حتى يتزوجن ويدخل
بهن أزواجهن فإذا دخل بالبنت وزوجها فلا نفقة لها عليه فان طلقها بعد البناء بها أو
مات عنها فلا نفقة لها علي أبيها [قلت] فان طلقها قبل البناء (فقال) هي على نفقتها
ألا ترى أن النفقة واجبة على الأب حتى يدخل بها لان نكاحها في يد الأب ما لم
يدخل بها زوجها [ابن وهب] عن يونس بن يزيد أنه سأل ربيعة عن الوالد هل
يضمن مؤنة ولده والى متى يضمنهم (قال) يضمن ابنه حتى يحتلم وابنته حتى تنكح
[قلت] فولد الولد (فقال) لا نفقة لهم على جدهم وكذلك لا تلزمهم النفقة على
جدهم ولا يلزم المرأة النفقة على ولدها وتلزم النفقة على أبويها وان كانت ذات زوج
وان كره ذلك زوجها كذلك قال مالك (قال) والزوج تلزمه نفقة امرأته وخادم
واحدة لامرأته ولا يلزمه من نفقة خدمها أكثر من خادم واحدة ولا يلزمه نفقة
أخ ولا أخت ولا ذي قرابه ولا ذي رحم محرم منه (قال) قال مالك وعلى الوارث
مثل ذلك أن لا يضار [قلت] أرأيت الجارية التي لابد لها من خادم للخدمة
وعندها خادم قد ورثتها من أمها أتلزم الأب نفقة خادمها وهي بكر في حجر
أبيها (قال) لا أرى أن يلزم الأب نفقة خادمها وتلزمه نفقته هي نفسها [قلت]
وهذا قول مالك (قال) نعم وهو رأيي ويقال للأب اما أنفقت على الخادم واما بعتها
ولم تترك بغير نفقة (قال ربيعة) في امرأة توفى عنها زوجها ولها ولد صغير فأرادت
أن تتزوج وترمى به على عمه أو وصى أبيه وليس للغلام مال (فقال) ربيعة يكون
ذلك لها وولدها من أيتام المسلمين يحمله ما يحملهم ويسعه ما يسعهم وولى الرحم
366

أولى من الأم بالولد إلا أن تحب الأم الحضانة فيقضى لها بحضانة ولدها لان حجرها
خير له من حجر غيرها ولا يضمن أحد نفقة اليتيم إلا أن يتطول متطول فيتفضل
بما بدا له الا ما قسم الله لأيتام المسلمين من الحق في الصدقة والفئ [قال] وقال
ربيعة في قول الله تبارك وتعالى وعلى الوارث مثل ذلك (قال) الوارث الولي لليتيم
ولماله مثل ذلك من المعروف يقول في صحبة أمه أمره بالمعروف فيما ولى من اليتيم
وماله وان تعاسرا فتراضيا على أن يترك ذلك يسترضعه حيث أراه الله ليس على
الولي في ماله شئ مفروض الا من احتسب [ابن وهب] عن الليث عن خالد بن
يريد عن زيد بن أسلم أنه قال في قول الله تبارك وتعالى والوالدات يرضعن أولادهن
حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة انها هي المرأة تطلق أو يموت عنها زوجها
(فقال) وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تضار والدة بولدها ولا مولود
له بولده وعلى الوارث مثل ذلك (يقول) ليس لها أن تلقى ولدها عليه ولا يجد من
يرضعه وليس له أن يضارها فينتزع منها ولدها وهي تحب أن ترضعه وعلى الوارث
مثل ذلك فهو ولى اليتيم
{ما جاء في الحكمين}
[قلت] أرأيت الحكمين إذا حكما من هما وهل يجوز أن يكون في الحكمين
الصبي والمرأة والعبد والرجل المحدود ومن هو على غير الاسلام (قال مالك) ليست
المرأة من الحكام والصبي والعبد ومن هو على غير دين الاسلام أحق أن لا يجوز
تحكيمهم لا برضا من الزوج والمرأة ولا بالبعثة من السلطان [قلت] فالحكمان هل
يكونان من غير أهل المرأة وأهل الرجل وكيف إن لم يكن لهما أهل وكيف إن كان
لهما أهل وكانوا لا موضع فيهم لأنهم ليسوا من أهل النظر والعدل (قال) قال مالك
الامر الذي يكون فيه الحكمان إنما ذلك إذا فتح ما بين الرجل وامرأته حتى لا تثبته
بينهما بينة ولا يستطاع إلى أن يتخلص إلى أمرهما فإذا بلغا ذلك بعث الوالي رجلا
من أهلها ورجلا من أهله عدلين فنظرا في أمرهما واجتهدا فان استطاعا الصلح
367

أصلحا بينهما والا فرقا بينهما ثم يجوز فراقهما دون الامام وان رأيا أن يأخذا من مالها
حتى يكون خلعا فعلا (قال) فإذا كان في الأهل موضع كانوا هم أولى لعلمهم بالأمر
وتعنيهم به وانهم لم تزدهم قرابتهم منهما إذا كان فيهم من الحال التي وصفت لك من
النظر والعدالة الا قوة على ذلك وعلما به وأما إذا لم يكن في الأهل أحد يوصف بما
يستحق به التحكيم أو كانا ممن لا أهل لهما فإنما معنى ذاك الذي هو عدل من
المسلمين [قلت] فالأهلون إذا اجتمعوا على رجل يحكم وهل يكون الأهلون في
ولاة العصبة أو ولاة المال أو والى اليتيم إذا كان من غير عصبته أو والى اليتيمة إذا
كان كذلك وهل يكون إلى غير من يلي نفسه من الأزواج والزوجات أو هل
يكون لاحد مع الذي يلي نفسه من الأزواج شريك (قال) لا شرك للذين أمرهما
إليهما من أحد في أمر هما الا شرك المشورة التي المرء فيها مخير في قبولها وردها وأما
شرك يمنع به صاحبه شيئا أو يعطيه فلا (قال) وكذلك الامر إلى من يلي اليتامى من
الرجل والمرأة وهو لا يكون إليهم من ذلك الا ما إليهم من الطلاق والمخالعة [قلت]
فإن كان ممن يلي نفسه من الرجل والمرأة أو من الولاة الذين يجوز أمرهم على من
يلون جعلوا ذلك إلى من لا يجوز أن يكون حكما (قال) لا يجوز [قلت] ولم وإنما
جعل ذلك إليهما ولاة الأمر أو الزوج والزوجة المالكان لامر هما (قال) لان ذلك
يجرى إذا حكم غير أهل الحكومة والرأي ممن وصفت لك وغيرهم ممن يخالف
الاسلام كان على غير وجه الاصطلاح (قال) وإنما أراد الله بالحكمين وأراده ولاة
العلم للاصلاح لما فسد من الزوج لزوجته ومن الزوجة لزوجها فان ذلك يأتي تخاطرا
منهما بما لا ينبغي أن يكون فيه الغرر [قلت] فإذا كان ذلك منهم إلى رجل واحد
اجتمعا عليه هل يكون بمنزلة الحكمين لهما جميعا (قال) نعم إنما هي أمور هما التي لو
أخذاها دون من يحكم فيها كان ذلك لهما وكذلك هي إلى من جعلاها إليه إذا كان
يستأهل أن يكون ممن يجعل ذلك إليه ليس بنصراني ولا عبد ولا صبي ولا امرأة
ولا سفيه فهؤلاء لا يجوز منهم اثنان فكيف واحد [قلت] فلو أن بعض من
368

لا يكون ذلك إليه جعل عن ملا منهما ورضا ففرق بينهما هل يمضى ذلك أو يكون تمالؤ
مردودا (قال) إذا لا يمضى ولا يكون طلاقا لأنهم ليسوا من أهل الحكم واجتهاد
الرأي ولان ذلك لم يكن على وجه التمليك تمليك الطلاق يدلك على ذلك دخول
الزوجة فيه بتحكيمها ولا مدخل للزوجة في تمليك الطلاق [قلت] فلو قضى
الحكمان بغرم على الزوج أو على المرأة كيف يكون ذلك وهل يكون ذلك بغير
التخليص من المرأة والزوج في تحكيمهما حين يحكمان (قال) إذا حكم الزوج والمرأة
الحكمين في الفرقة والامساك فقد حكما هما فيما يصلح ذلك بوجه السداد منهما
والاجتهاد (قال) وقال مالك ان رأيا أن يأخذا من المرأة ويغرماها مما هو مصلح
لها ومخرجها من ملك من أضربها فجائز ولا ينبغي أن يأخذا من الزوج شيئا ويطلقا
عليه [قلت] فهل يكون لهما أن يحكما من الفراق بأكثر مما يخرجانها من يده
وهل يكون إذا أخرجاها بواحدة يكون له فيها رجعة (قال) قال مالك لا يكون لهما
أن يخرجاها من يديه بغير طلاق السنة وهي واحدة لا رجعة له فيها حكما عليها فيه
بمال أو لم يحكما به لان ما فوق ذلك خطأ وليس بصواب وليس بمصلح لهما أمرا
والحكمان إنما يدخلان من أمر الزوج وزوجته فيما يصلح لهما وله جعلا [قلت]
فلو أنهما اختلفا فطلق أحدهما ولم يطلق الآخر (قال) إذا لا يكون هناك فراق
لان إلى كل واحد منهما ما إلى صاحبه باجتماعهما عليه [قلت] فان أخرجها
أحدهما بغرم تغرمه المرأة وأخرجها الآخر بغير غرم (قال) إذا لا يكون ذلك منهما
اجتماعا لأنه ليس عليها أن تخرج شيئا بغير اجتماعهما ولأنه ليس عليه أن يفارق
عليه بغير الذي لم يجتمعا عليه من المال فإن شاءت أن تمضى له من المال طوعا منها
لا بحكمهما ما سعى عليها أحد الحكمين فقد اجتمعا إذا أمضت المال للزوج على
الطلاق لاجتماعهما على الفرقة إذا أبت اعطاء المال إنما هو تبع في رد ذلك على
الزوج بأن يقول لم يجتمعا لي على المال فيلزمها لي ولم يصل إلى ما حكم به منه أحد كما
فتنقطع مقالتي فإذا أمضت هي دلك فليس مما يشك أحد أن مما اجتمعا عليه الفراق
369

وقد سقط مقال الزوج إذا قبض الذي حكم به أحد الحكمين بطوعها [قلت]
فلو حكم واحد بواحدة وحكم الآخر باثنتين (قال) إذا يكونان مجتمعين من ذلك
على الواحدة [قلت] فلو طلق واحد اثنتين والآخر ثلاثا (قال) قد اجتمعا على
الواحدة وما زادا فهو خطأ ولأنهما لم يدخلا بما زاد على الواحدة أمرا يدخلان به
صلاحا للمرأة وزوجها الا والواحدة تجزئ من ذلك وكذلك لو حكم واحد بواحدة
والآخر بالبتة لأنهما مجتمعان على الواحدة وانظر كل ما حكم به أحدهما مما هو
أكثر مما حكم به صاحبه علي أنهما قد اجتمعا منه على ما اصطحبا مما هو صلاح
للمرأة وزوجها فما فوق ذلك من الطلاق باطل [قلت] وكذلك لو حكما جميعا
فاجتمعا على اثنتين أو على ثلاث (قال) هو كما وصفت لك من أنهما لا يدخلان
بما زاد على الواحدة لهما صلاحا بل قد أدخلا مضرة وقد اجتمعا على الواحدة فلا
يلزم الزوج الا واحدة [قلت] فلو كانت المرأة ممن لم يدخل بها هل يجرى أمرها
مع الحكمين مجرى المدخول بها وكيف يكون أمرهما في الصداق إن كان قد
وصل إليها أولم يصل ان رأى الحكمان أن يبطلا ماله من نصف الصداق إذا
طلقاها وقد كان أوصل الصداق إليها أو حكما عليها برد الصداق كله إليه أو بزيادة
(قال) يجرى مجرى المدخول بها ليس لهما أن يبطلا ما يرجع إليه من نصف الصداق
ألا ترى أن مالكا لا يرى أن يؤخذ منه للمدخول بها ويطلقاها عليه وان حكما
عليها برد الصداق كله فهو جائز ألا ترى أن مالكا يقول في المدخول بها ان رأيا أن
يأخذ منها ويكون خلعا فعلا [قلت] فان قال أحدهما حين حكما برئت منك وقال
الآخر هي خلية (قال) أما المدخول بها فكأنهما قالا البتة أو ثلاثا لان هذين الاسمين
وان اختلفا ثلاث وهما إذا اجتمعا بثلاث كانت واحدة لما أعلمتك من أنه ليس للزوج
ولا للزوجة صلاح في أن يكون الطلاق أكثر مما يخرجانها من يده ولقول مالك
ما زاد فهو خطأ وانهما أدخلا مضرة بما زاد على الواحدة والواحدة بينهما (قال مالك)
وأما التي لم يدخل بها فهي واحدة لان الواحدة تخليها وتبين بها وان هما نويا بذلك البتة
370

فهي أيضا واحدة أو لا ترى أن مالكا يقول في الأمة تعتق تحت العبد وهي مدخول
بها فتختار نفسها أكثر من واحدة ان ذلك ليس لها لان الواحدة تبين بها فليس لها
أن تدخل مضرة إذا كانت الواحدة تملك بها نفسها دونه وانه جل قوله الذي كان
يعتمد عليه وهو في موطأ كتبه [قال ابن وهب] وقد قال ربيعة بن أبي عبد
الرحمن ذكره يونس في المرأة والرجل يتبارءان وكل واحد مؤد لحق صاحبه
قال هو جائز ما لم تكن المبارأة بينهما على إضرار من الرجل بها وقد كان لو
أعطته مالها طيبة به نفسها كان له سائغا فإذا أخذت بذلك نفسها فذلك أجوز بما كان
وإنما كان ما قيل ليقيما حدود الله في حكم الحكمين إذا بعثا إلى الرجل والمرأة فان
رأيا مظلمة جاءت من قبله فرقا بينهما ولم تقر عنده على الظلم وعلى صحبتها بالمنكر
وان رأيا الميل من قبل المرأة والعداء في صحبتها أمرا زوجها فشد يده بها وأجازا قوله
عليها وأتمناه على غيبها وان وجداها كليهما منكرا لحق صاحبه يسئ الدعة فيما
أمره الله من صحبته فرقا بينهما على ناحية من بعض ما كان أصدقها يعطيانه إياه وان
كرهت ولكنه يقال لهما لا يؤتمن أحدكما على صاحبه وليس تعطى أيها الزوج الصداق
وقبلك ناحية من الظلم وقد استمتعت بها وليس لك يا مرأة أن يفرق بينك وبينه
فتذهبين بنفسك وماله وعندك من الظلم مثل الذي عنده فيعمل الحكمان في الفداء
برأيهما ومشاورتهما قال الله تبارك وتعالى فان خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح
عليهما فيما افتدت به. فان خفتم أن لا يقيما حدود الله فذلك إذا اجتمعا في المظلمة وحكم
بذلك الحكمان (قال ربيعة) فأما إذا كان الزوج غير ظالم فكل ما أخذ من امرأته
فهو حلال ان كانت محسنة أو مسيئة (قال ربيعة) وليس للحكمين أن يبعثا الا بالسلطان
وما قضى به الحكمان فهو جائز في فراق أو بضع أو مال (قال ربيعة) ولا يحرم
نكاحها وان فرق بينهما الحكمان [قال سحنون] وقد قال ربيعة لا يبعث الحكمين
الا السلطان فكيف يجاز تحكيم المرأة والعبد والصبي والنصراني والمسخوط [قال
ابن وهب] عن يونس عن ابن شهاب قال إن أرادا بعد أن يبعثا الحكمين
371

الخلع فتقاضيا عليه دون الحكمين فإنه يجوز إذا أتى ذلك من قبل المرأة [قال ابن
وهب] وقد بعث عثمان بن عفان عبد الله بن عباس ومعاوية بن أبي سفيان رضى
الله تعالى يحكمان بين عقيل بن أبي طالب وبين امرأته فاطمة بنت عتبة بن
ربيعة بن عبد شمس وكانا قد تفاقم الذي بينهما فلما اقتربا من مسكن عقيل بن أبي
طالب إذا رائحة طيب وهدو من الصوت فقال معاوية ارجع فانى أرجو أن يكونا
قد اصطلحا قال ابن عباس أولا نمضي فننظر في أمرهما فقال معاوية فتفعل ماذا فقال
ابن عباس أقسم بالله لئن دخلت عليهما فرأيت الذي أخاف عليهما منهما لأحكمن
عليهما بالخلع ثم لأفرقن بينهما (قال مالك) وبلغني أن علي بن أبي طالب قال في
الحكمين اللذين قال الله تبارك وتعالى حكما من أهله وحكما من أهلها أنه قال إليهما
أن يفرقا بينهما وان يجمعا (قال مالك) وأحسن ما سمعت من أهل العلم أنه يجوز
أمر الحكمين عليهما
{تم كتاب ارخاء الستور من المدونة الكبرى}
[والحمد لله حمدا كثيرا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم]
{ويليه كتاب التخيير والتمليك}
372

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
{كتاب التخيير والتمليك}
[ما جاء في التخيير]
[قلت] لابن القاسم أرأيت إذا قال الرجل لامرأته وهي مدخول بها اختاري نفسك
فقالت قد اخترت نفسي فناكرها الزوج (قال) قال مالك لا تنفعه المناكرة وهي
ثلاث تطليقات [قلت] أرأيت ان قال لها اختاري نفسك فقالت قد قبلت أمرى
(قال) تسئل عما أرادت فان قالت قد قبلت أمرى أرادت بذلك أنني قد قبلت
ما جعل لي من الخيار ولم أطلق قيل لها فطلقي ان أردت أو ردى فان طلقت ثلاثا
لم يكن للزوج أن يناكرها وان طلقت نفسها واحدة أو اثنتين لم يكن ذلك لها ولم
يلزم الزوج من ذلك شئ وإنما يلزم الزوج إذا طلقت نفسها ثلاثا لان الزوج إنما
خيرها فإذا خيرها إنما لها أن تطلق نفسها ثلاثا أو ترد ذلك وليس لها أن تطلق
واحدة ولا اثنتين وهذا قول مالك [قلت] فان قال لها اختاري فقالت قد قبلت
أمرى وقالت أردت بذلك الطلاق (قال) تسئل عما أرادت من الطلاق فإن كانت إنما
أرادت تطليقة واحدة فليس ذلك الطلاق بلازم للزوج وان كانت أرادت اثنتين
فليس ذلك أيضا بلازم للزوج وان كانت أرادت بذلك ثلاثا ألزم الزوج ذلك ولم
يكن للزوج أن يناكرها وإنما ينظر في الخيار وفى التمليك إلى ما قال الزوج فان قال
اختاري فهذا خيار وان قال أمرك بيدك فهذا تمليك وتسئل المرأة عما وصفت لك
373

في التمليك وفى التخيير كما وصفت لك أيضا ولا يكون في الخيار للزوج أن يناكرها
ويكون له في التمليك أن يناكرها [قلت] ما فرق ما بين التمليك والخيار في قول
مالك (قال) لان الخيار قد جعل لها أن تقيم عنده أو تبين منه وهي لا تبين منه
بالواحدة فلما كانت الواحدة لا تبينها علمنا أنه إذا خيرها فأراد أن تبين منه فإنما جعل
ذلك إليها في الثلاث وأما التمليك فهذا لم يجعل لها الخيار في أن تبين منه أو تقيم عنده
إنما جعل لها أن تطلق نفسها واحدة أو اثنتين أو ثلاثا إلا أن يناكرها فيعلم أنه لم
يجعل لها الا ما قال مع يمينه ويكون أملك بها ألا ترى أنه لو ملكها فطلقت نفسها
واحدة وقال الزوج كذلك أردت واحدة كان أملك بها فهو في التمليك جعل لها أن
تطلق نفسها طلاقا يملك الزوج فيه الرجعة وفى الخيار لم يجعل لها أن تطلق نفسها
طلاقا يملك الزوج فيه الرجعة ألا ترى أنه إذا ناكرها في الخيار لم يكن ذلك له
[قلت] أرأيت ان قال الرجل لامرأته اختاري في أن تطلقي نفسك تطليقة واحدة
وفى أن تقيمي فقالت قد اخترت نفسي أيكون ذلك ثلاثا أم لا (قال) نزلت بالمدينة
وسئل مالك عنها فقال مالك الله ما أردت بقولك ذلك حين قلت اختاري في واحدة
الا واحدة قال الزوج نعم والله ما أردت الا واحدة قال مالك أرى ذلك لك وهي
واحدة وأنت أملك بها [قلت] وكيف كانت المسألة التي سألوا مالكا عنها (قال)
سألوا مالكا عن رجل قال لامرأته اختاري في واحدة فأجابهم بما أخبرتك
[قلت] أرأيت ان قال لها اختاري تطليقة فقالت قد اخترتها أتكون ثلاثا أم
واحدة في وقل مالك أو قالت قد اخترت نفسي (قال) سمعت مالكا يقول إذا قال
لها اختاري في تطليقه انه ليس لها أكثر من تطليقة واحدة [قلت] ويملك رجعتها
أم تكون بائنا (قال) بل يملك رجعتها [قلت] وكذلك لو ملكها أمرها فطلقت نفسها
واحدة انه يملك رجعتها (قال) قال مالك نعم يملك رجعتها [قلت] أرأيت الذي
يقول لامرأته اختاري فقالت قد اخترت تطليقتين (قال) قال مالك لا شئ لها إلا أن تطلق نفسها ثلاثا لان الخيار عند مالك ثلاث فإذا اختارت غير ما جعل لها الزوج
374

فلا يقع ذلك عليها [قلت] وكذلك إذا قال لها اختاري في تطليقتين فاختارت
واحدة (قال) لا يقع عليها شئ [قلت] أرأيت ان قال لها طلقي نفسك ثلاثا
فقالت قد طلقت نفسي واحدة (قال) لا يقع عليها شئ في رأيي [قلت]
أرأيت ان قال لها اختاري فقالت قد خليت سبيلك وهي مدخول بها وأرادت
بقولها قد خليت سبيلك واحدة (قال) لا يقع عليها من الطلاق شئ لان مالكا قال
في الذي يخير امرأته وهي مدخول بها فتقضى واحدة انه لا يقع عليها شئ لأنه
إنما خيرها في الثلاث ولم يخيرها في الواحدة ولا في الاثنتين [قلت] أرأيت
ان قال لها اختاري اليوم كله فمضى ذلك اليوم ولم تختر (قال) أرى أنه ليس لها
أن تختار إذا مضى ذلك اليوم كله لان مالكا قال في قوله الأول ان خيرها فلم تختر
حتى يفترقا من مجلسهما فلا خيار لها فكذلك مسألتك إذا مضى الوقت الذي جعل
لها الخيار إليه فلا خيار لها. وأما قوله الآخر فلها أن تختار وان مضى ذلك الوقت لان
مالكا قال لي في الرجل يخير امرأته فيفتر قان قبل أن تقضى ان لها أن تقضى حتى
توقف أو حتى يجامعها وقوله الأول أعجب إلى وأنا آخذ به وهو الذي عليه جماعة الناس
[قلت] أرأيت إذا قال لها إذا جاء غد فقد جعلت لك الخيار (قال) توقف الساعة
كذلك قال مالك فتقضى أو ترد فان وطئها قبل غد فلا شئ بيدها [قلت] أرأيت
ان قال لها يوم أتزوجك فاختاري فتزوجها أيكون لها الخيار (قال) نعم يكون لها أن
تختار [قلت] أرأيت ان قال كلما تزوجتك فلك الخيار أيكون لها أن تختار كلما
تزوجها (قال) نعم لان مالكا قال في رجل قال لامرأته أنت طالق كلما تزوجتك قال
مالك كلما تزوجها وقع الطلاق [قلت] ويقع على هذه الطلاق بعد ثلاث تطليقات
(قال) نعم لأنه قال كلما تزوجتك [قلت] أرأيت ان قال لامرأته إذا قدم فلان فاختاري
(قال) قال مالك وبلغني ولم أسمعه أنه قال في رجل قال لامرأته إذا قدم فلان فأنت
طالق انها لا تطلق عليه حتى يقدم فلان فان قدم وقع الطلاق فإن لم يقدم فلإن لم يقع
الطلاق فمسألتك في الخيار مثل هذا [قلت] ولا؟؟ بينه وبين وطئها في قول مالك
375

(قال) نعم لا يحال بينه وبينها [قلت] أرأيت ان قدم فلان ولم تعلم المرأة بقدومه الا
بعد زمان وقد كان زوجها يطؤها بعد قدوم فلان (قال) لها الخيار إذا لم تعلم بقدوم
فلان حين قدم فلان ولا يكون جماع زوجها إياها قطعا لما كان لها من الخيار إذا لم تعلم
بقدوم فلان [قلت] أرأيت لو أن رجلا خير امرأته فلما خيرها خاف أن تختار
نفسها فقال لها خذ؟؟ مني ألف درهم على أن تختاريني فقالت قد فعلت فاختارت
زوجها على تلك الألف أيلزم الزوج تلك الألف الدرهم أم لا (قال) يلزم الزوج الألف
الدرهم لان من تزوج امرأة وشرط لها أن لا يتسرر عليها ولا يتزوج عليها فان فعل
فأمرها بيدها ففعل فأرادت أن تطلق نفسها فقال لها زوجها لا تفعلي ولك ألف
درهم فرضيت بذلك أن ذلك لازم للزوج لأنها تركت له شرطها بهذه الألف فكذلك
مسألتك [قلت] أرأيت ان قال لها اختاري فقالت قد اخترت نفسي ان دخلت
على ضرتي أيكون هذا قطعا لخيارها أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكن
توقف فتختار أو تترك [قلت] أرأيت ان قال لها وهي مدخول بها اختاري فقالت
قد خليت سبيلك ولا نية لها (قال) هي ثلاث البتة وذلك أنى جعلتها هاهنا بمنزلة الزوج
أن لو قال لها ابتداء منه قد خليت سبيلك ولا نية له (قال) هي البتة وذلك أنى جعلتها
ها هنا بمنزلة الزوج وهذا قول مالك [قلت] أرأيت المرأة التي لم يدخل بها زوجها
إذا خيرها زوجها فقال لها اختاري فقالت قد اخترت نفسي فقال الزوج لم أرد الا
واحدة وقالت الجارية قد اخترت نفسي فأنا طالق ثلاثا (قال) قال مالك في هذه انها
واحدة والقول فيها في الخيار قول الزوج لان الزوج لم يبن بها والواحدة تبينها فلما
كانت الواحدة تبينها كان الخيار أو التمليك في هذه التي لم يدخل بها سواء اذنا كرها
في الخيار ونوى حين خيرها واحدة وإن لم ينو شيئا حين ناكرها فهي ثلاث البتة
في التمليك وفى التخيير وكذلك قال مالك في الذي يملك امرأته أمرها ولا نية له في
واحدة ولا في اثنتين ولا في ثلاث فطلقت نفسها ثلاثا فنا كرها انها طالق ثلاثا ولا
تنفعه منا كرته إياها لأنه لم يكن له نية في واحدة ولا في اثنتين حين ملكها
376

[قلت] والمدخول بها وغير المدخول بها إذا ملكها أمرها ولا نية له فطلقت
نفسها ثلاثا لم يكن له أن يناكرها (قال) سمعت مالكا يقول ذلك إذا ملكها أمرها
ولا نية له فالقضاء ما قضت وليس له أن يناكرها ولم أسأله عن التي دخل بها والتي
لم يدخل بها وهما عندي سواء وليس له أن يناكرها دخل بها أو لم يدخل بها [قلت]
أرأيت ان خيرها قبل البناء بها ولا نية له في واحدة ولا في اثنتين ولا في ثلاث
فاختارت نفسها وطلقت نفسها ثلاثا لم يكن له أن يناكرها (قال) قال مالك إذا خير
الرجل امرأته ولا نية له حين خيرها وذلك قبل البناء بها انها ان طلقت ثلاثا أو اختارت
نفسها فليس للزوج أن يناكرها فكذلك التمليك عندي أنا في التي لم يدخل بها
[قال] وقال مالك ألا ترى إلى حديث ابن عمر أنه قال القضاء ما قضت إلا أن
ينوى أن يناكرها فيحلف على ما نوى ألا ترى أنه إذا كانت له نية كان ذلك له ويحلف
على ذلك في التمليك فإن لم تكن له نية كان التمليك والخيار سواء وليس له أن يناكرها
إذا قضت والتي لم يدخل بها له أن يناكرها في الخيار إذا خيرها إذا كانت نيته حين
خيرها في واحدة أو اثنتين [قلت] أرأيت ان قال لها اختاري وهي غير مدخول
بها فقالت قد خليت سبيلك (قال) تسئل عن نيتها ما أرادت بقولها قد خليت سبيلك
فان أرادت الثلاث فهي الثلاث إلا أن يناكرها لأنها غير مدخول بها لان مالكا قال
في الذي يخير امرأته قبل الدخول بها فتقضي بالبتات انه له أن يناكرها وان خيرها
ولا نية له فقالت قد خليت سبيلك وهي غير مدخول بها (قال) هي ثلاث لان
الزوج قد جعل إليها ما كان في يديه من ذلك حين خيرها ولا نية له فلما قالت قد
خليت سبيلك كانت بمنزلة أن لو ابتدأ ذلك زوجها من غير أن يملكها فقال لها وهي
غير مدخول بها قد خليت سبيلك ولا نية له انها ثلاث. فهذا يدلك على مسألتك
[قلت] أرأيت ان قال لها أنت طالق إن شئت أو اختاري أو أمرك بيدك أيكون
ذلك لها ان قامت ان مجلسها في قول مالك أم لا (قال) كان مالك مرة يقول ذلك
لها ما دامت في مجلسها فان تفرقا فلا شئ لها فقيل لما لك فلو أن رجلا قال لامرأته
377

أمرك بيدك ثم وثب فارا يريد أن يقطع بذلك عنها ما كان جعل لها من التمليك (قال)
لا يقطع ذلك عنها الذي جعل لها من التمليك. فقيل لمالك فما حده عندك فقال إذا قعد
معها قدر ما يرى الناس أنها تختار في مثله وان فراقه إياها لم يرد بذلك فرارا إلا أنه قام
على وجه ما يقام له فلا خيار للمرأة بعد ذلك فكان هذا قوله قديما ثم رجع فقال أرى
ذلك بيدها حتى توقف (قال) فقيل لمالك كأنك رأيته مثل التي تقول قد قبلت وتفرقا
ولم تقض شيئا (قال) نعم ذلك في يديها ان قالت في مجلسها ذلك قد قبلت أو لم تقل قد
قبلت فذلك في يديها حتى توقف أو توطأ قبل أن تقضى فلا شئ لها بعد ذلك وقوله
اختاري ان ذلك لها في قول مالك مثل ما يكون لها في قوله لها أمرك بيدك. وكذلك
قال مالك في الخيار وأمرك بيده لأنه سواء في الذي يجعل منه إلى المرأة وقوله الأول
أعجب إلى إذا تفرقا فلا شئ لها وهو الذي عليه جماعة الناس [قال ابن القاسم] وإذا
قال الرجل لا مرأته أنت طالق إن شئت ان ذلك في يديها وان قامت من مجلسها ولم
أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن تمكنه من نفسها قبل أن تقضى وأرى أن توقف فاما
أن تقضى واما أن يبطل ما كان في يديها من ذلك وإنما قلت ذلك لأنه حين قال لها أنت
طالق إن شئت كأنه تفويض فوضه إليها [قلت] أرأيت إذا خير الرجل امرأته حتى
متى يكون لها أن تقضى في قولك مالك (قال) يكون لها أن تقضى إلى مثل ما أخبرتك
في التمليك إلى أن يفترقا فان تفرقا فلا شئ لها بعد ذلك [قلت] أرأيت ان قال لها
اختاري فقالت قد اخترت نفسي فقال لها انى لم أرد الطلاق وإنما أردت أن تختاري أي
ثوب أشتريه لك من السوق (قال) هل كان كلام قبل ذلك يدل على قول الزوج
قال لا (قال) فهي طالق ثلاثا لان مالكا قال في رجل يقول لا مرأته أنت منى بريئة
ولا يكون قبل ذلك كلام كان هذا القول من الزوج جوابا لذلك الكلام انها طالق
ثلاثا ولا يدين الزوج في ذلك فكذلك مسألتك [قلت] أرأيت ان خير رجل
امرأته فقالت قد طلقت نفسي أيكون واحدة أو ثلاثا في قول مالك (قال) تسئل
المرأة عما طلقت نفسها أواحدة أو ثلاثا [قلت] فان قالت إنما طلقت نفسي واحدة
378

أتكون واحدة أم لا تكون شيئا (قال) لا تكون شيئا في قول مالك [قلت
وكذلك أن قالت إنما طلقت نفسي اثنتين لا يكون ذلك طلاقا في قول مالك (قال)
نعم لا يكون طلاقا في قول مالك [قلت] فان قالت أردت بقولي طلقت نفسي
ثلاثا أيكون القول قولها ولا يجوز منا كرة الزوج إياها في قول مالك قال نعم
[قلت] أرأيت ان قال لها اختاري ولم يقل نفسك أو قال لها اختاري نفسك
فقضت في الوجهين جميعا أهما سواء في قول مالك أم لا (قال) أما في قوله لها
اختاري فقد أخبرتك بقول مالك إن كان كلام قبل ذلك يكون قول الزوج اختاري
جوابا لذلك فالقول قول الزوج والا فالقضاء ما قضت المرأة [قلت] فان قال
لها اختاري نفسك وقد كان قبل ذلك كلام يعلم منه أن قول الزوج اختاري
نفسك كان جوابا لذلك الكلام أيدين الزوج في ذلك أم لا (قال) ابن القاسم نعم
[قلت] أرأيت ان قال لها اختاري نفسك فقالت قد قبلت أمرى أو قالت قد
قبلت أو قالت قد رضيت أو قالت قد شئت (قال) قال مالك في الذي يقول لامرأته
اختاري فقالت قد قبلت أمرى أو قالت قد قبلت ولم تقل أمرى انها تسئل عن
ذلك فيكون القول قولها انها طلقت نفسها ثلاثا أو واحدة أو اثنتين فإن كانت
واحدة أو اثنتين فلا يقع عليه شئ وان كانت أرادت بذلك ثلاثا فهي ثلاث وسألت
مالكا عن هذا غير مرة فقال مثل ما أخبرتك في قولها قد قبلت ولم تقل أمرى أو
قد قبلت أمرى (قال) وكذلك قال لي مالك في الذي يقول لامرأته اختاري فتقول
قد اخترت ولا تقول أمرى أو اخترت أمرى انها تسئل عن ذلك ما أرادت فان
قالت لم أرد به الطلاق كان القول قولها وان قالت أردت واحدة أو اثنتين لم يكن ذلك
بشئ وان قالت أردت ثلاثا فالقول قولها وليس للزوج أن يناكرها (قال ابن القاسم)
فكل شئ يكون من قبل المرأة لا يستدل به على البتات الا بقولها لان له وجوها
في تصاريف الكلام فتلك التي تسئل عما أرادت بذلك القول (قال) لي مالك والتمليك
بهذه المنزلة إلا أن له أن يناكرها فيه إذا قضت بالبتات ويحلف على نيته ان كانت
379

له وإن لم تكن له نية حين ملكها وأراد أن يناكرها حين قضت بالثلاث فليس له
أن يناكرها لأني سألت مالكا عن الرجل يقول لامرأته أمرك بيدك فتقول قد
طلقت نفسي البتة ويناكرها فيقال له أنويت شيئا فيقول لا ولكن أريد أن أناكرها
الآن (قال) ليس ذلك له إلا أن يكون نوى حين ملكها في كلامه الذي ملكها فيه
ألا ترى أن ابن عمر قال القضاء ما قضت إلا أن يناكرها فيحلف على ما نوى فهذا في
قول ابن عمر له نية [قلت] فبم تكون به المرأة بائنة من زوجها إذا خيرها فقضت
بأي كلام تكون بائنة ولا تسئل عما أرادته (قال) قال مالك إذا قالت قد اخترت
نفسي أو قد قبلت نفسي أوقد طلقت نفسي ثلاثا أو قد بتتت منك أو حرمت عليك أو
قد برئت منك أو قد بنت منك فهذا كله في الخيار والتمليك قال مالك لا تسئل
المرأة عن نيتها وهو البتات إلا أن يناكرها في التمليك بحال ما وصفت لك [قلت]
أرأيت في هذا كله إذا خيرها فقالت لزوجها قد طلقتك ثلاثا أو قالت قد بنت منى
أو قالت حرمت على أو قالت قد برئت منى أو نحو هذا (قال) هذا كله في قول
مالك ثلاث ثلاث [قلت] أرأيت ان قال لها اختاري نفسك فقالت قد فعلت
أتسألها عن نيتها في قول مالك ما أرادت بقولها قد فعلت والزوج قد قال لها اختاري
نفسك (قال) نعم في قول مالك انها تسئل عن نيتها وسواء ان قال لها هاهنا اختاري
أو اختاري نفسك فقالت قد فعلت انها تسئل عما أرادت بقولها قد فعلت [قلت]
أرأيت إذا قال الرجل لامرأته اختاري أباك أو أمك (قال) سئل مالك عن رجل
كانت امرأته تكثر عليه مما تستأذنه إلى الحمام والخروج إلى الحمام وأخرى كانت
في منزل لزوجها فكانت تخرج منه إلى غرفة في الدار لجيران لها تغزل فيها فقال
أحد الزوجين لامرأته اما أن تختاريني واما أن تختاري الحمام وقال الآخر اما أن
تختاريني واما أن تختاري الغرفة فإنك قد أكثرت على (قال) قال مالك إن لم يكن
أراد بذلك طلاقا فلا أرى عليه طلاقا فالذي سألت عنه في الذي يقول اختاري أباك
أو أمك ان أراد به الطلاق فهو الطلاق وإن لم يرد به الطلاق فلا شئ عليه (قال
380

ابن القاسم) ومعنى قوله إن أراد به الطلاق انه الطلاق إنما يكون طلاقا إذا
اختارت الشئ الذي خيرها فيه بمنزلة ما لو خيرها نفسها فإن لم تختر فلا شئ لها
(قال) وسئل مالك عن رجل قال لامرأته قد أكثرت مما تذهبين إلى الحمام
فاختاري الحمام أو اختاريني فقالت قد اخترت الحمام (قال مالك) أرى أن يسئل
الزوج عن نيته فان أراد طلاقا فهو طلاق وإن لم يرد الطلاق فلا شئ عليه [قلت]
أرأيت ان قال رجل لرجل خير امرأتي وامرأته تسمع فقالت المرأة قد اخترت
نفسي قبل أن يقول لها الرجل اختاري (قال) القضاء ما قضت إلا أن يكون الزوج
إنما أراد أن يجعل ذلك إلى ذلك الرجل يقول خيرها إن شئت أو يكون قبل
ذلك كلام يستدل به على أن الزوج إنما أراد بهذا أن يجعل ذلك إلى ذلك الرجل
ان أحب أن يخيرها خيرها وإلا فلا خيار للمرأة فإن كان كلام يستدل به على هذا
فلا خيار للمرأة إلا أن يخيرها الرجل وإن كان إنما أرسله رسولا فإنما هو بمنزلة
رجل قال لرجل أعلم امرأتي أنى قد خيرتها فعلمت المرأة بذلك فاختارت فالقضاء
ما قضت [قال سحنون] قال ابن وهب وأخبرني موسى بن علي ويونس بن يزيد
عن ابن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عائشة زوج
النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير
أزواجه بدأ بي فقال إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تسأمري
أبويك قالت وقد علم أن أبوى لم يكونا ليأمراني بفراقه قالت ثم تلا هذه الآية
يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن
وأسرحكن سراحا جميلا قالت فقلت ففي أي هذا أستأمر أبوي فاني أريد الله
ورسوله والدار الآخرة قالت عائشة ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل
ما فعلت ولم يكن ذلك حين قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم واخترنه طلاقا
من أجل أنهن اخترنه (قال مالك) قال ابن شهاب قد خير رسول الله صلى الله
وسلم نساءه حين أمره الله بذلك فاخترنه فلم يكن تخيير هن طلاقا [ذكر] ابن
381

وهب عن زيد بن ثابت وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وسليمان بن يسار وابن
مسعود وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وابن شهاب وربيعة وعمر بن عبد العزيز
وعطاء بن أبي رباح كلهم يقول اختارت زوجها فليس بشئ (قال) وأخبرني ابن
وهب عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال قد خير رسول الله
صلى إليه عليه وسلم نساءه فقر رن نحته واخترن الله ورسوله فلم يكن ذلك طلاقا
واختارت واحدة منهن نفسها فذهبت قال ربيعة فكانت البتة [قلت] أرأيت ان
قال رجل في المسجد بشهادة رجال اشهدوا أنى قد خيرت امرأتي ثم مضى إلى البيت
فوطئها قبل أن تعلم أيكون لها أن تقضي إذا علمت وقد وطئها (قال) نعم يكون لها
أن تقضى إذا علمت ويعاقب فيما فعل من وطئه إياها قبل أن يعلمها لان مالكا قال
في الرجل يتزوج المرأة ويشترط لها ان تزوج عليها أو تسرر فأمرها بيدها فتزوج
أو تسرر وهي لا تعلم قال مالك لا ينبغي له أن يطأها حتى يعلمها فتقضى أو تترك
(قال ابن القاسم) وأرى إذا وطئ قبل أن تعلم فان ذلك بيدها إذا علمت تقضى أو
تترك (قال) وقال مالك وكذلك الأمة إذا عتقت تحت العبد فيطؤها قبل أن تعلم
فان لها الخيار إذا علمت ولا يقطع وطؤه خيارها إلا أن يطأها بعد علمها [قلت]
ويحول مالك بين وطئ العبد الأمة إذا عتقت وهي تحته حتى تختار أو تترك (قال)
نعم قال مالك لها أن تمنعه حتى تختار وتستشير فان أمكنته بعد العلم فلا خيار لها
(قال عبد الجبار) وحدثني ابن شهاب أن امرأة منهن اختارت نفسها فذهبت
وكانت بدوية (قال) وسمعت يحيى بن عبد الله بن سالم يحدث عن ربيعة وغيره أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خير أزواجه فاختارت امرأة منهن نفسها فكانت
البتة (قال) وحدثني ابن لهيعة عن خالد بن يزيد وابن أبي حبيب وسعيد بن أبي هلال
عن عمرو بن شعيب بنحو ذلك فقالوا اختارت الرجعة إلى أهلها وهي بنت الضحاك
العامري [ابن وهب] قال وأخبرني رجال من أهل العلم عن زيد بن ثابت وابن أبي
عبد الرحمن أن اختارت نفسها فهي البتة (قال ربيعة) لم يبلغنا أثبت من أنها لا تقضى
382

الا في البتة أو الإقامة على غير تطليقة وليس بين أن يفارق أو يقيم بغير طلاق شئ
[ابن وهب] قال يونس عن ابن شهاب أنه قال إن قال اختاري ثم قال قد رجعت
في أمرى وذلك قبل أن تبت طلاقها وقبل أن يفترقا وقبل أن تتكلم بشئ فقال ليس
ذلك إليه ولا له حتى تتبين هي (قال) فان ملك ذلك غيرها فهي بتلك المنزلة (وقال
الليث) مثل قول ربيعة ومالك في الخيار
{في التمليك}
[قلت] أرأيت إذا قال أمرك بيدك فطلقت نفسها واحدة أيملك الزوج الرجعة
في قول مالك (قال) نعم إلا أن يكون معه فداء فإن كان معه فداء فالطلاق بائن
[قلت] أرأيت إذا قال الرجل لامرأته أمرك بيدك فقالت قد اخترت نفسي
(قال) هي ثلاث تطليقات إلا أن يرد عليها مكانه فيحلف أنه لم يرد الا ما قال واحدة
أو اثنتين [قلت] فأي شئ تجعل هذا تمليكا أو خيارا (قال) هذا تمليك [قلت]
وهذا قول مالك قال نعم [قلت] وكيف تجعله تمليكا وأنت تجعلها حين قالت قد
اخترت نفسي طلاقا ثلاثا وهي إذا ملكها الزوج فطلقت نفسها واحدة كانت
واحدة (قال) ألا ترى أنه إذا ملكها أمرها فطلقت نفسها وقالت قد قبلت أمرى
أو قالت قد قبلت ولم تقل أمرى قيل لها ما أردت بقولك قد قبلت أو قد طلقت
نفسي أواحدة أو اثنتين أو ثلاثا فان قالت أردت واحدة أو اثنتين أو ثلاثا كان
القول قولها إلا أن يناكرها الزوج [قلت] فان جهلوا أن يسألوها في مجلسهم ذلك
عن نيتها ثم سألوها بعد ذلك بيوم أو أكثر من ذلك عن نيتها فقالت نويت ثلاثا
أيكون للزوج أن يناكرها عند قولها ذلك ويقول ما ملكتك الا واحدة (قال) نعم
[قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان ملكها أمرها فقالت قد قبلت
نفسي (قال) قال مالك هي ثلاث البتة إلا أن يناكرها الزوج [قلت] فما فرق
ما بين قد قبلت نفسي وقد قبلت أمرى (قال) لان قولها قد قبلت أمرى انها قبلت
ما جعل لها من الطلاق فتسئل عن ذلك كم طلقت نفسها وللزوج أن يناكرها في
383

أكثر من تطليقة ان كانت أرادت بقولها قد قبلت أمرى الطلاق وإذا قالت قد
قبلت نفسي فقد بينت أنها قد قبلت جميع الطلاق حين قبلت نفسها فهي ثلاث إلا أن يناكرها الزوج ولا يحتاج هاهنا إلى أن تسئل المرأة كم أرادت من الطلاق لأنها
قد بينت في قولها قد قبلت نفسي (قال مالك) ولو قالت بعد أن تقول قد قبلت
نفسي أو اخترت نفسي إنما أردت بذلك واحدة لم يقبل قولها [قلت] أرأيت
إذا ملكها فقالت قد قبلت أمرى ثم قالت بعد ذلك لم أرد بذلك الطلاق أيكون
القول قولها ولا يلزم الزوج من الطلاق شئ قال نعم [قلت] أرأيت إذا ملكها
الزوج فقالت المرأة قد قبلت أمرى ثم قالت بعد ذلك لم أرد بقولي قد قبلت
أمرى الطلاق فصدقها في قول مالك أيكون لها أن تطلق نفسها وقد قامت من
مجلسها الذي ملكها الزوج فيه أمرها (قال) نعم ذلك لها في قول مالك [قلت]
وان بعد شهر أو شهرين قال نعم (قال) وقال مالك ولا يخرج ذلك من يديها الا
السلطان أو تترك هي ذلك لأنها قد كانت قبلت ذلك [قلت] وكيف يخرجه
السلطان من يديها (قال) يوقفها السلطان فاما تقضى وإما ترد ما جعل لها من ذلك
[قلت] ويكون للزوج أن يطأها قبل أن يوقفها السلطان (قال) ان أمكنته من
ذلك فقد بطل الذي في يديها من ذلك وقد ردته حين أمكنته من الوطئ [قلت]
وهذا قول مالك قال نعم [قلت] وان غصبها نفسها فهي علي أمرها حتى يوقفها
السلطان (قال) نعم ولم أسمعه من مالك [قلت] أرأيت ان قال لها أمرك بيدك
فطلقت نفسها واحدة فقال الزوج لم أرد أن تطلق نفسها واحدة وإنما ملكتها
في ثلاث تطليقات اما أن تطلق نفسها جميع الثلاث واما أن تقيم عندي بغير طلاق
(قال) قال مالك ليس له في هذا قول والقول قولها في هذه التطليقة وقد لزمت
التطليقة الزوج وإنما يكون للزوج أن يناكرها إذا زادت على الواحدة أو على
الثنتين [قلت] أرأيت إذا قال الرجل لامرأته قد ملكتك الثلاث تطليقات
فقالت أنا طالق ثلاثا (قال) ذلك لها في قول مالك [قلت] أرأيت ان قال لها
384

أمرك بيدك إذا جاء غد أتجعله وقتا أم تجعله بمنزلة قوله أمرك بيدك إذا قدم فلان
(قال) قوله أمرك بيدك إذا جاء غد عند مالك وقت وليس ذلك بمنزلة قوله أمرك
بيدك إذا جاء فلان [قلت] أرأيت ان قال لها أمرك بيدك أمرك بيدك أمرك
بيدك فطلقت نفسها ثلاثا (قال) يسئل الزوج عما أراد فإن كان إنما أراد واحدة فهي
واحدة وحلف وتكون واحدة وإن كان أراد الثلاث فهي ثلاث وإن لم يكن له نية
فالقضاء ما قضت المرأة وليس له أن يرد عليها ما قضت فان قضت واحدة فذلك لها
وان قضت ثلاثا فذلك لها [قلت] أرأيت ان قال لها أمرك بيدك وأراد الزوج
ثلاث تطليقات فطلقت نفسها واحدة أيكون ذلك لها (قال) نعم قال مالك وتقع
تطليقة واحدة ويكون الزوج أملك بها [قلت] أرأيت ان قال لها أمرك بيدك في
أن تطلقي نفسك ثلاثا فطلقت نفسها تطليقة واحدة (قال) لا يجوز لها ذلك لان
مالكا قال إذا قال لها طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة ان ذلك غير جائز [قلت]
وما فرق ما بين هذا وبين قوله أمرك بيدك ونوى الزوج ثلاثا فطلقت نفسها واحدة
ان ذلك لازم للزوج (قال) لان الذي ملك امرأته إنما ملكها في الواحدة والثنتين
والثلاث فلها أن تقضى في واحدة وفى ثنتين وفى ثلاث إلا أن يناكرها إذا كانت
له نية حين ملكها فيحلف وليس الذي قال لها طلقي نفسك ثلاثا بهذه المنزلة لان
الذي قال لامرأته طلقي نفسك ثلاثا فطلقت واحدة لم يملكها في الواحدة وإنما ملكها
في الثلاث فلا يكون لها أن تقضى في الواحدة لأنها لم تملك في الواحدة وإنما
ملكت في الثلاث [قلت] أرأيت ان ملكها أمرها في التطليقتين فقضت بتطليقة
(قال) يلزمه تطليقة إلا أن يكون قال لها قد ملكتك في تطليقتين يريد بذلك أن
طلقي نفسك تطليقتين أو كفى ولم يملكها في الواحدة [قلت] أرأيت ان قال لها
أمرك بيدك يريد تطليقة ثم قال أمرك بيدك يريد تطليقة ثم قال أمرك بيدك يريد
تطليقة أخرى فقالت المرأة قد طلقت نفسي واحدة (قال) هي واحدة لان مالكا
قال في الرجل يملك امرأته وينوى الثلاث تطليقات أولا يكون له نية حين ملكها
385

فقضت تطليقة انها تطليقة ولا تكون ثلاثا و؟؟ الزوج أملك بها وكذلك مسألتك
[قلت] أرأيت ان ملكها الزوج ولا نية له فقالت قد حرمت نفسي عليك أو
قد بتتت نفسي (قال) قال مالك هي ثلاث [قلت] أرأيت ان قال لامرأته
أمرك بيدك ثم قال لها أيضا أمرك بيدك قبل أن تقضى شيئا على ألف درهم
فقالت المرأة قد ملكتني أمرى بغير شئ فأنا أقضى فيما ملكتني أولا ولا يكون على أن قضيت من الألف شي ش (قال) القول قولها وقول الزوج قد ملكتك على ألف
درهم بعد قوله قد ملكتك باطل لان هذا نذم منه لان مالكا قال في رجل قال
لامرأته ان أذنت لك إلى أمك فأنت طالق البتة ثم قال بعد ذلك أترين أنى أحنث
ان أذنت لك أن تذهبي إلى أمك إلا أن يقضى به على السلطان فأنت طالق ثلاثا
(قال مالك) قد لزمته اليمين الأولى وقوله إلا أن يقضى به على السلطان في اليمين
الثانية ندم منه واليمين الأولى لازمة فكذلك مسألتك في التمليك [قلت] أرأيت
لو ملكها فطلقت نفسها ثلاثا فناكرها أتكون طالقا تطليقة (قال) نعم كذلك قال
مالك [قال] وقال لي مالك في رجل قال لامرأته قد ملكتك أمرك فقالت
قد اخترت نفسي فناكرها أيكون قولها قد اخترت نفسي واحدة في قول مالك
(قال) نعم كذلك قال لي مالك [قلت] أرأيت إذا ملك الرجل امرأته قبل أن
يدخل بها ولا نية له فطلقت نفسها واحدة ثم طلقت نفسها أخرى أيكون ذلك
لها أم تبين بالأولى ولا يقع عليها من الثنتين شئ في قول مالك (قال) إذا كان ذلك
لها أم تبين بالا ولى ولا يقع عليها من الثنتين شئ في قول مالك (قال) إذا كان ذلك
نسقا متتابعا ان ذلك يلزم الزوج لان مالكا قال إذا طلق الرجل امرأته قبل البناء بها
فقال لها أنت طالق أنت طالق أنت طالق وكان نسقا واحدا متتابعا ان ذلك يلزمه
ثلاث تطليقات إلا أن يقول إنما نويت واحدة فكذلك هي إلا أن تقول إنما أردت
واحدة [قلت] أرأيت ان قال رجل لامرأته قد ملكتك أمرك وهي غير
مدخول بها فقالت قد خليت سبيلك (قال) أرى أن تسئل عن نيتها فان نوت واحدة
بقولها قد خليت سبيلك فهي واحدة فان أرادت بقولها قد خليت سبيلك اثنتين أو
386

ثلاثا فالقول قولها إلا أن يناكرها إذا كانت له نية فيحلف لان مالكا قال في
الذي يقول لامرأته قد خليت سبيلك انه يسئل عما نوى بقوله قد خليت سبيلك
فإن لم يكن له نية فهي ثلاث فهي حين قالت إذا ملكها قد خليت سبيلك يصير
قولها في ذلك بمنزلة قول الرجل إذا قال قد خليت سبيلك ابتداء منه [قلت]
أرأيت ان كانت مدخولا بها قال لها زوجها قد ملكتك أمرك فقالت قد خليت
سبيلك (قال) قال لي مالك في الرجل يقول لامرأته قد خليت سبيلك انه ينوى
ما أراد فيكون القول قوله (قال) فقلت لمالك فإن لم تكن له نية (قال) هي البتة
لان المدخول بها لا تبين بواحدة وكذلك هي إذا ملكها أمرها فقالت قد خليت
سبيلك انها توقف فان قالت أردت واحدة أو اثنتين فذلك إليها وان قالت أردت
البتات فناكرها على نية ادعاها كان ذلك له وكان أحق بها وان قالت لم أنو بقولي
قد خليت سبيلك شيئا كان البتات إذا لم يكن للزوج نية حين ملكها وان كانت
له نية كان قولها قد خليت سبيلك على ما نوى الزوج من الطلاق إذا حلف على
نيته [قلت] أرأيت ان ملك الزوج رجلين أمر امرأته فطلق أحدهما ولم يطلق
الآخر (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكني أرى إن كان إنما ملكهما فقضى
أحدهما فلا يجوز على الزوج قضاء أحدهما وان كانا رسولين فطلق أحدهما فذلك
جائز على الزوج (قال) وإنما مثل ذلك إذا جعل أمرها بيدي رجلين مثل ما لو أن
رجلا أمر رجلين يشتريان له سلعة أو يبيعانها له فباع أحدهما أو اشترى له أحدهما
ان ذلك غير لازم للموكل في قول مالك فكذلك أن ملكهما أمر امرأته
[قلت] أرأيت ان قال رجل لرجلين أمر امرأتي في أيديكما فطلقها أحدهما ولم
يطلق الآخر (قال) أرى الطلاق لا يقع إلا أن يطلقاها جميعا [قال ابن وهب]
قال مالك في الرجل يجعل أمر امرأته بيد رجلين فطلق أحدهما انه لا طلاق عليه
حتى يطلقاها جميعا (قال ابن وهب وقال مثل قول مالك عطاء بن أبي رباح [قلت]
أرأيت لو أن رجلا حرا على أمة ملكها أمرها ولا نية له أو هو ينوى الثلاث فقضت
387

بالثلاث (قال) تطلق ثلاثا لان طلاق الحر الأمة ثلاث ولو كان عبدا ألزمته
تطليقتين لان ذلك جميع طلاقه [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت
لو قال لامرأته حياك الله وهو يريد بذلك التمليك أيكون ذلك تمليكا أو قال لها
لا مرحبا يريد بذلك الايلاء أيكون بذلك موليا أم لا أو أراد به الظهار أيكون به
مظاهرا أم لا وهل تحفظ هذا عن مالك (قال) قال مالك في الطلاق كل كلام
نوى به الطلاق انها طالق [قلت] أيكون هذا والطلاق سواء قال نعم [قال
ابن وهب] وأخبرني الحرث بن نبهان عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي
أنه قال ما عنى به الطلاق من الكلام أو سماه فهو طلاق [ابن وهب] عن
سفيان بن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه قال كل شئ أريد به الطلاق فهو طلاق
[قلت] أرأيت ان قال الزوج لامرأته طلقي نفسك فطلقت نفسها ثلاثا فقال الزوج
إنما أردت واحدة (قال) سمعت مالكا يقول في المرأة يقول لها زوجها طلاقك
في يديك فطلقت نفسها ثلاثا فقال الزوج إنما أردت واحدة (قال) قال مالك ذلك
بمنزلة التمليك القول قول الرجل إذا رد عليها وعليه اليمين [قلت] أرأيت ان قال لها
طلقي نفسك فقالت قد اخترت نفسي أيكون هذا البتات أم لا (قال) إذا لم
يناكرها في قول مالك فهو البتات (قال) وكذلك لو قال لها طلقي نفسك فقالت
قد حرمت نفسي أو بتتت نفسي أو برئت منك أو أنا بائنة منك انها ثلاث إن لم
يناكرها الزوج في مجلسه وذلك أن مالكا قال في الرجل يقول لامرأته طلاقك
بيدك فتقضى بالبتات فيناكرها (قال مالك) هذا عندي مثل التمليك له أن يناكرها
والا فالقضاء ما قضت ويحلف على نيته مثل التمليك [مالك] عن نافع عن ابن عمر أنه
كان يقول إذا ملك الرجل امرأته أمرها فالقضاء ما قضت إلا أن ينكر عليها فيقول
لم أرد الا تطليقة واحدة فيحلف على ذلك ويكون أملك بها في عدتها [ابن وهب]
عن مالك والليث عن عبد الرحمن القاسم عن أبيه أن رجلا من ثقيف ملك
امرأته نفسها فقالت قد فارقتك فسكت ثم قالت قد فارقتك فقال بفيك الحجر
388

ثم قالت قد فارقتك فقال بفيك الحجر فاختصما إلى مروان فاستحلفه ما ملكها الا
واحدة وردها إليه (قال مالك) قال عبد الرحمن فكان القاسم بن محمد يعجبه هذا
القضاء ويراه أحسن ما سمع في ذلك (وقال) مثل ذلك عبد الله بن عمرو بن العاص
والليث بن سعد
{في التمليك إذا شاءت المرأة أو كلما شاءت}
[قلت] أرأيت ان قال رجل لامرأته أنت طالق ثلاثا إن شئت فقالت قد شئت
واحدة (قال) لا نقع عليه شئ من الطلاق في قول مالك لان مالكا قال في امرأة
خيرها زوجها فقالت قد اخترت تطليقة ان ذلك ليس بشئ ولا يقع عليها تطليقة
[قلت] أرأيت ان قال لها أنت طالق واحدة إن شئت فقالت قد شئت ثلاثا
(قال) أرى أنها واحدة لان مالكا قال في رجل ملك امرأته أمرها فقضت بالثلاث
فقال إنما أردت واحدة انها واحدة فكذلك مسألتك [قلت] أرأيت ان قال لها
أنت طالق كلما شئت (قال) قول مالك ان لها أن تقضى مرة بعد مرة ما لم يجامعها
أو توقف فان جامعها أو وقفت فلا قضاء لها بعد ذلك وإنما يكون لها أن تقضى قبل أن
يجامعها [قلت] أرأيت ان قال لها الزوج أنت طالق كلما شئت فردت ذلك أيكون
لها أن تقضى بعد ما ردت (قال) إذا تركت ذلك فليس لها أن تقضى بعد ذلك في
قول مالك لان مالكا قال في امرأة قال لها زوجها أمرك بيدك إلى سنة فتركت
ذلك أنه لا قضاء لها بعد ذلك [قلت] وتركها ذلك عند السلطان أو عند غير
السلطان سواء قال نعم [قلت] أرأيت ان قال لها أنت طالق غدا إن شئت فقالت
أنا طالق الساعة أتكون طالقا الساعة أم لا في قول مالك (قال) هي طالق الساعة
وقال مالك من ملك امرأته إلى أجل فلها أن تقضي مكانها [قلت] وان قال لها أنت
طالق إن شئت الساعة فقالت له أنا طالق غدا (قال) هي طالق الساعة لان مالكا
قال من ملك امرأته فقضت بالطلاق إلى أجل فهي طالق مكانها [قلت] أرأيت ان
قال لها ان دخلت الدار فأنت طالق فردت ذلك أيكون ردها ردا (قال) لا وهذه
389

يمين في قول مالك فمتى ما دخلت وقع الطلاق [قلت] وقوله أنت طالق كلما شئت
ليس هذا يمينا في قول مالك (قال) نعم ليس هذا بيمين إنما هذا من وجه التمليك
وليس هذا بيمين في قول مالك
{جامع التمليك}
[قال ابن القاسم] أرأيت المرأة يقول لها زوجها أمرك بيدك فتقول قد قبلت نفسي
ثم تقول بعد ذلك أنما أردت واحدة أو اثنتين (قال) لا يقبل قولها إذا قالت قد قبلت
نفسي فهي البتات إذا لم يناكرها الزوج في ذلك المجلس وتكون به بائنة [قلت]
أرأيت إذا قال لها أمرك بيدك ثم قال أنت طالق فقضت هي بتطليقة أخرى أتلزمه
التطليقتان أم واحدة (قال) يلزمه تطليقتان وان قضت بالبتات فله أن يناكرها ان
كانت له نية أنه ما ملكها الا واحدة وتكون ثنتين [قلت] أرأيت ان ملكها أو
خيرها ثم طلقها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج أيكون لها أن تقضى في قول مالك (قال)
لا لان طلاق ذلك الملك الذي ملكها وخيرها فيه قد ذهب كله [قلت] أرأيت
ان ملكها أو خيرها فلم تقض شيئا حتى طلقها الزوج تطليقة فانقضت عدتها ثم
تزوجها بعد ذلك (قال) لا يكون لها أن تقضى لان الملك الذي ملكها فيه قد انقضى
وهذا ملك مستأنف [قلت] ولم وقد بقي من طلاق الملك الذي ملكها فيه وخيرها
قد بقي من ملك ذلك الطلاق تطليقتان (قال) لا يكون لها أن تقضي لان هذا ملك
مستأنف [قلت] أرأيت ان خيرها فتطاول المجلس بها يوما أو أكثر من ذلك
أيكون لها أن تقضى في قول مالك الأول أم لا (قال) قال مالك وسئل عن ذلك عن
طول المجلس في هذا إذا ملك امرأته أو خيرها ما حد ذلك إذا قلت ما داما في
مجلسهما فربما قال الرجل لامرأته مثل هذا ثم ينقطع ذلك عنهما ويسكتان ويرضيان
ويخرجان في الحديث إلى غير ذلك ويطول ذلك حتى يكون ذلك جل النهار وهما في
مجلسها لم يفترقا (قال) قال مالك أما ما كان هكذا من طول المجلس وذهاب عامة
النهار فيه ويعلم أنهما قد تركا ذلك وقد خرجا مما كانا فيه إلى غيره ثم تريد أن تقضى
390

فلا أرى لها قضاء [قال ابن القاسم] هذا الذي آخذ به وهو قول مالكا الأول
[قلت] أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته أمرك في يدك ثم قال قد بدا لي أيكون
ذلك له أم لا في قول مالك (قال) ليس ذلك له عند مالك [قلت] أرأيت ان قال
لرجل أجنبي أمر امرأتي بيدك ثم قال بعد ذلك قد بدا لي أيكون له ذلك أم لا في
قول مالك (قال) ليس ذلك له في قول مالك [قلت] أرأيت ان قلما من مجلسهما
ذلك قبل أن تقضى المرأة شيئا أو يقضى هذا الا جنبي الذي جعل الزوج ذلك إليه
أيكون له أن يطلق أو يكون لها أن تطلق بعد القيام من مجلسهما (قال) كان قول
مالك الذي كان يفتى به أنها إذا قامت من مجلسها أو قام الذي جعل الزوج ذلك في
يديه من مجلسه فلا شئ له بعد ذلك ثم رجع مالك عن ذلك فقال أرى له ذلك
ما لم يوقفه السلطان أو توطأ (قال ابن القاسم) وقوله الأول أعجب إلى وبه آخذ
وعليه جل أهل العلم [قلت] أرأيت ان جعل أمر امرأته بيد أجنبي فلم يقض شيئا
حتى قام من مجلسه أيحال بين الزوج وبين الوطئ في قول مالك الآخر حتى
يوقف هذا الرجل فيقضى (قال) إن كان هذا الرجل الذي جعل الزوج أمرها في
يديه قد خلى بينه وبينها وخلا بها فإذا كان هكذا كان قطعا لما كان في يدي هذا
الأجنبي من أمرها لأنه أمكنه منها [قلت] أرأيت الرجل يجعل أمر امرأته بيد
رجل إذا شاء أن يطلقها طلقها (قال) إذا لم يطلقها حتى يطأها الزوج فليس له أن يطلق
بعد ذلك [قلت] أرأى ت إن لم يطأها الزوج حتى مرض فطلقها الوكيل بعد ما مرض
الزوج أيلزم الزوج الطلاق أم لا قال نعم [قلت] فهل ترثه (قال) نعم لان مالكا
قال في الرجل يقول لامرأته وهو صحيح ان دخلت دار فلان فأنت طالق البتة
فتدخلها وهو مريض (قال) قال مالك ترثه (قال) فقلت لمالك إنما هي التي فعلت (قال)
إذا وقع الطلاق وهو مريض فهي ترثه ألا ترى أن التي تفتدي من زوجها في مرضه
أن لها الميراث فكذلك هذا وهذا قول مالك [قلت] أرأيت إذا قال لها أمرك
بيدك ان تزوجت عليك ولم يشترطوا عليه إنما تبرع به من عند نفسه لم يكن ذلك
391

في أصل النكاح فتزوج عليها فطلقت نفسها البتة فقال الزوج إنما أردت واحدة ولم
أرد ثلاثا (قال) قال مالك ذلك له ويحلف (قال) ولا يشبه هذا الذي شرطوا عليه
في أصل النكاح [قلت] وما فرق ما بينهما في قول مالك (قال) لان هذا تبرع به
والاخر شرطوا عليه فلا ينفعها إذا ما شرط لها لأنها إن لم تقدر على أن تطلق نفسها
الا واحدة كان له أن يرتجعها والذي تبرع به من غير شرط القول فيه قوله [قلت]
أرأيت ان قال لها امرك بيدك إلى سنة هل توقف حين قال لها أمرك بيدك إلى سنة
مكانها أم لا يكون لها (قال) قال مالك نعم توقف متى ما عليم بذلك ولا تترك تحت
رجل وأمرها بيدها حتى توقف فاما أن تقضى واما أن تترك فكذلك مسألتك التي
ذكرت حين قال لها إذا أعطيتني ألف درهم فأنت طالق انها توقف فاما أن تقضى
وإما أن ترد إلا أن يكون قد وطئها فلا توقف ووطؤه إياها ذلك رد لما كان في
يديها من ذلك وأصل هذا إنما بنى على أنه من طلق إلى أجل فهي طالق الساعة
فكذلك إذا جعل أمرها بيدها إلى أجل انها توقف الساعة فتقضى أو ترد إلا أن
تمكنه من الوطئ فيكون ذلك ردا لما كان جعل إليها من ذلك لأنه لا ينبغي لرجل
تكون تحته امرأة أمرها بيدها وان ماتا توارثا [الليث وابن لهيعة] عن عبيد الله
ابن أبي جعفر عن رجل من أهل حمص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
ملك امرأته أمرها فلم تقبل نفسها فليس هو شيئا (وقاله) عبد الله بن عمر وعلي بن أبي
طالب وأبو هريرة وعمر بن عبد العزيز وابن المسيب وعطاء بن أبي رباح [ابن
وهب] عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب وعروة بن
الزبير وسعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال أيما رجل ملك امرأته أو خيرها
فتفرقا من قبل أن تحدث فيه شيئا فأمرها إلى زوجها [وقال المثنى] عن عمرو بن
شعيب وان عثمان بن عفان قضى بذلك في أم عبد الله بن مطيع (وقال) مثل ذلك عمر
ابن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وعبد الله بن مسعود وربيعة وعطاء بن أبي رباح (قال
يحيى) ان أمر الناس عندنا الذي لا نرى أحدا يختلف فيه على هذا
392

{باب الحرام}
[قلت] أرأيت الرجل إذا قال لامرأته أنت على حرام هل تسأله عن بيته أو عن
شئ من الأشياء (قال) لا يسئل عن شئ عند مالك وهي ثلاث البتة إن كان دخل
بها [قلت] أرأيت ان قال لامرأته أنت على حرام وقال لم أرد به الطلاق إنما
أردت بهذا القول الظهار (قال) سمعت مالكا يقول في الذي يقول لامرأته أنت
طالق البتة ثم زعم أنه إنما أراد بذلك واحدة ان ذلك لا يقبل منه. قال مالك إنما
يؤخذ الناس بما لفظت به ألسنتهم من أمر الطلاق (قال ابن القاسم) والحرام عند مالك
طلاق ولا يدين في الحرام كما لا يدين في الطلاق (قال) وقد سمعت مالكا يقول
في الذي يقول لامرأته برئت منى ويقول لم أرد بذلك طلاقا فقال إن لم يكن كان
بسبب أمر كلمته فيه فقال لها ذلك فأراها قد بانت منه إذا ابتدأها بهذا الكلام لمن
غير سبب كلام كان قبله يدل على أنه لم يرد بذلك الطلاق والا فهي طالق. فهذا
بدلك على مسألتك في الحرام أنه لا نية له ولو قال لامرأته برئت منى ثم قال أردت
بذلك الظهار لم ينفعه قوله أو بنت منى أو أنت خلية ثم قال أردت بهذا الظهار لم ينفعه
ذلك وكان طلاقا إلا أن يكون كلام قبله بحال ما وصفت لك في البرية [قلت]
أرأيت ان قال لها أنت على حرام ينوى بذلك تطليقة أو تطليقتين أيكون ذلك له
في قول مالك (قال) قال مالك إن كان قد دخل بها فهي البتة وليس نيته بشئ فإن لم
يدخل بها فذلك له لان الواحدة والثنتين تحرم التي لم يدخل بها والمدخول بها لا يحرمها
الا الثلاث [قلت] أرأيت ان قال كل حل على حرام (قال) قال مالك تدخل
امرأته في ذلك إلا أن يحاشيها بقلبه فيكون له ذلك وينوى فان قال لم أنوها ولم أردها
في التحريم إلا أنى تكلمت بالتحريم غير ذاكر لامرأتي ولا لشئ قال مالك أراها
قد بانت منه [قلت] أرأيت ان قال كل حل على حرام ينوى بذلك أهله وماله
وأمهات أولاده وجواريه (قال) قال مالك لا يكون عليه شئ في أمهات أولاده
وجواريه ولا في ماله قليل ولا كثير ولا كفارة يمين أيضا ولا تحريم في أمهات
393

أولاده ولا جواريه ولا في لبس ثوب ولا طعام ولا غير ذلك من الأشياء الا في
امرأته وحدها وهي حرام عليه إلا أن يحاشيها بقلبه أو بلسانه [قلت] أرأيت إذا
قال لامرأته قد حرمتك على أو قد حرمت نفسي عليك أهو سواء في قول مالك
(قال) نعم لان مالكا قال إذا قال قد طلقتك أو أنا طالق منك ان هذا سواء وهي
طالق [قلت] أرأيت ان قال قبل الدخول بها أنت على حرام (قال) هي ثلاث
في قول مالك إلا أن يكون نوى واحدة أو اثنتين فيكون ذلك كما نوى (قال مالك)
وكذلك الخلية والبرية والبائنة في التي لم يدخل بها هي ثلاث إلا أن يكون نوى
واحدة أو اثنتين الا البتة فان البتة التي دخل بها والتي لم يدخل بها ثلاث ثلاث سواء
لا ينوى في واحدة منهما (قال مالك) من قال البتة فقد رمى بالثلاث وإن لم يدخل بها
[قلت] أرأيت ان قال لامرأته أنت على حرام ثم قال لم أرد بذلك الطلاق إنما
أردت بذلك الكذب أردت أخبرها أنها حرام وليست بحرام (قل) سئل مالك
عما يشبه هذا فلم يجعل له نية ولم أسمعه من مالك إلا أنه أخبرني بعض من أثق به
أن مالكا سئل عن رجل لاعب امرأته وانها أخذت بفرجه على وجه التلذذ فقال
لها تخلى فقالت لا فقال هو عليك حرام وقال الرجل إنما أردت بذلك مثل ما يقول
الرجل أحرم عليك أن تمسيه وقال لم أرد بذلك تحريم امرأتي فوقف مالك فيها
وتخوف أن يكون قد حنث فيما قال لي من أخبرني بهذا عنه وقال هذا أخف من
الذي سألت عنه فالذي سألت عنه عندي أشد وأبين أن لا ينوى لأنه ابتدأ التحريم
من قبل نفسه وهذا الذي سئل مالك عنه قد كان له سبب ينوى به فقد وقف مالك
فيه وقد رأى غير مالك من أهل المدينة أن التحريم يلزمه بهذا القول ولم أقل لك في
صاحب الفرج ان ذلك يلزمه في رأيي ولكن في مسألتك في التحريم أرى أن
يلزمه التحريم ولا ينوى كما قال لي مالك في برئت مني إن لم يكن لذلك سبب كان
هذا التحريم جوابا لذلك الكلام [قلت] أرأيت ان قال كل حل على حرام نوى
بذلك اليمين (قال ابن القاسم) ليس فيه يمين وان أكل ولبس وشرب لم تكن عليه
394

كفارة يمين (قال ابن القاسم) أخبرني مالك عن زيد بن أسلم في تفسير هذه الآية
يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد
فرض الله لكم تحلة أيمانكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أم إبراهيم جاريته والله
لا أطؤك ثم قال بعد ذلك هي على حرام فأنزل الله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل
الله لك تبتغى مرضات أزواجك أي أن التي حرمت ليست بحرام قال قد فرض الله
لكم تحلة أيمانكم في قوله والله لا أطؤها أن كفر وطأ جاريتك وليس في التحريم
كانت الكفارة (قال) وهذا تفسير هذه الآية [ابن وهب] عن أنس بن عياض
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول في الحرام ثلاث
تطليقات [ابن وهب] عن عبد الجبار عن ربيعة عن علي بن أبي طالب مثله (وقال)
أبو هريرة وربيعة مثله [ابن وهب] قال وقال عمر بن الخطاب انه أتى بامرأة قد
فارقها زوجها اثنتين ثم قال أنت على حرام فقال عمر لا أردها إليك (وقال ربيعة) في
رجل قال الحلال على حرام قال هي يمين إذا حلف أنه لم يرد امرأته ولو أفردها
كانت طالقا البتة (وقال ابن شهاب) مثل قول ربيعة إلا أنه لم يجعل فيها يمينا وقال
ينكل على أيمان اللبس
{في البائنة والبتة والخلية والبرية والميتة}
[ولحم الخنزير والموهوبة والمردودة}
[قلت] أرأيت ان قال لامرأته أنت على كالميتة أو كالدم أو كلحم الخنزير ولم ينو
به الطلاق (قال) قال مالك هي البتة وإن لم ينو به الطلاق [قلت] أرأيت ان قال
حبلك على غاربك (قال) قال مالك قد قال عمر ما قد بلغك أنه نواه قال مالك ولا
أرى أن ينوى أحد في حبلك على غاربك لان هذا لم يقله أحد وقد أبقى من الطلاق
شيئا [قلت] كانت له نية أولم تكن له نية هو عند مالك ثلاث البتة قال نعم [قلت]
أرأيت ان قال قد وهبتك لأهلك (قال) قلل مالك هي ثلاث البتة إن كان قد دخل
مها [قلت] قبلها أهلها أولم يقبلوها (قال) نعم قبلوها أولم يقبلوها فهي ثلاث كذلك
395

قال مالك (قال) وقال مالك فيمن يقول لامرأته قد رددتك إلى أهلك فهي ثلاث إن كان
قد دخل بها [قلت] أرأيت ان أراد بقوله ادخلي واخرجي والحقي واستتري
واحدة بائنة وقد دخل بها أتكون بائنة (قال) هي ثلاث لان مالكا قال فيمن يقول
لامرأته أنت طالق واحدة بائنة انها ثلاث البتة [قلت] أرأيت ان قال لها أنا منك
خلى أو برى أو بائن أو بات أيكون هذا طلاقا في قول مالك أم لا وكم يكون ذلك
في قول مالك أواحدة أم ثلاثا (قال) هي ثلاث في التي قد دخل بها وينوى في التي لم
يدخل بها فان أراد واحدة فواحدة وان أراد اثنتين فاثنتين وان أراد ثلاثا فثلاثا
وإن لم يرد شيئا فثلاث ولا ينوى في التي قال لها أنا منك بات دخل بها أولم يدخل
بها وهي ثلاث [قلت] أرأيت ان قالت لزوجها قد والله ضقت من صحبتك فلوددت
أن الله قد فرج منك فقال لها أنت بائن أو خلية أو برية أو باتة أو قال أنا منك خلى
أو برى أو بائن أو بات ثم قال لم أرد به الطلاق وأردت أنها بائن بيني وبينها فرجة
ليس أنا بلاصق بها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا أقوم على حفظه وأراها طالقا
في هذا كله ولا ينوى لأنها لما تكلمت كانت في كلامها كمن طلبت الطلاق فقال لها
الزوج أنت بائن فلا ينوى ألا ترى لو أنها قالت له طلقني قال أنت بائن فقال الزوج
بعد ذلك لم أرد الطلاق بقولي أنت بائن لم يصدق فكذلك مسألتك وهذه الحروف
عند مالك أنت بائن وبرية وباتة وخلية وأنا منك برى وبات كلها عند مالك سواء ان قال
أنت برية أو قال أنا منك برى كل هذا عند مالك في المدخول بها ثلاث ثلاث وفى التي
لم يدخل بها ينوى الا البتات فإنها لا ينوى فيها دخل أو لم يدخل بحال ما وصفت لك
[قلت] أرأيت رجلا قال لامرأته أنت طالق تطليقة بائنة أتكون بائنة أم يملك
الرجعة (قال) قال لي مالك هي ثلاث البتة بقوله بائنة [قلت] أرأيت إذا قال
الرجل لامرأته أنت خلية ولم يقل منى أو قال برية ولم يقل منى أو قال بائن ولم يقل
منى وليس هذا جوابا لكلام كان قبله إلا أنه مبتدأ من الزوج أيكون طلاقا وإن لم يقل منى في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان قال أنا خلى أو أنا برى أو أنا
396

بائن أو أنا بات ولم يقل منك أتطلق عليه امرأته أم تجعل له نية (قال) لم أسمع من
مالك في هذا شيئا إلا أنى أرى أن يكون بمنزلة قوله لامرأته أنت خلية أو برية ولم
يقل منى ولو دينته في قول مالك في أنا برى أو أنا خلى لدينته فيما إذا قال أنت خلية
أو برية إلا أن يكون قبل ذلك كلام يستدل به أنه أراده ويخرج إليه فلا شئ عليه
ويدين [قلت] أرأيت إن لم يدخل بها فقال قد وهبتك لأهلك أو قد رددتك إلى
أهلك (قال) سألت مالكا عن قوله قد رددتك إلى أهلك وذلك قبل البناء قال ينوى
ويكون ما أراد من الطلاق (قال ابن القاسم) فإن لم تكن له نية فهي ثلاث البتة لان
ما كان عند مالك في هذا فيما يدينه قبل أن يدخل بها مثل الخلية والبرية والحرام
والبائن واختاري فهذا كله ثلاث إذا لم تكن له نية وكذلك قوله قد رددتك إلى أهلك
ولو كانت تكون واحدة إلا أن ينوى شيئا قال مالك يسئل عما نوى ويقال هي واحدة
إلا أن ينوى أكثر من ذلك مثل الذي يقول لامرأته أنت طالق فلا ينوى شيئا
[قلت] أرأيت ان قال لها قد خليت سبيلك (قال) قال لي مالك إذا كان قد دخل
بها ينوى فان نوى واحدة أو اثنتين فالقول قوله والا فهي ثلاث ولم أسمع من
مالك في التي لم يدخل بها شيئا وأنا أرى إن لم ينو شيئا أنها ثلاث دخل بها أو لم يدخل
[قلت] أرأيت ان قال لامرأته اعتدى اعتدى ولم تكن له نية إلا أنه قال
اعتدى اعتدى اعتدى (قال) هي ثلاث عند مالك (قال مالك) وهذا مثل قوله لامرأته
أنت طالق أنت طالق أنت طالق أنه ينوى في هذا فان قال أردت أن أسمعها ولم أرد
الثلاث كان القول قوله فإن لم تكن له نية فهي ثلاث لا تحل له الا بعد زوج [قلت]
فإن لم تكن امرأته مدخولا بها فهي ثلاث أيضا (قال) قال مالك إن كان قوله أنت
طالق أنت طالق أنت طالق نسقا واحدا ولم يدخل بها ولم تكن له نية فهي ثلاث
لا تحل الا بعد زوج [قال ابن القاسم] وقوله اعتدى اعتدى اعتدى مثلها [قلت]
أرأيت ان قال رجل لامرأته اعتدى أتسأله أنوى به الطلاق أم تطلق عليه ولا
تسأله عن نيته في قول مالك (قال) الطلاق لازم له إلا أنه يسئل عن نيته كم نوى
397

أواحدة أو اثنتين أم ثلاثا فإن لم تكن له نية؟؟ واحدة [قلت] أرأيت ان قال
لها اعتدى اعتدي اعتدى ثم قال لم أرد الا واحدة وإنما أردت أن أسمعها (قال) الذي
أرى أن القول قوله إنها واحدة [قلت] أرأيت ان قال لها أنت طالق اعتدى (قال)
لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى إن لم تكن له نية؟؟ ثنتان وان كانت له نية
في قوله اعتدي أراد أن يعلمها أن عليها العدة أمرها بالعدة فالقول قوله لا يقع عليه
الطلاق [قلت] فان قال لامرأته ألحقي بأهلك (قال) قال مالك ينوى فإن لم يكن
أراد به الطلاق فلا تكون طالقا وان أراد الطلاق فهو ما نوى من الطلاق واحدة
أو اثنتين أو ثلاثا [قلت] أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته يا فلانة يريد بقوله يا فلانة
الطلاق أتكون بقوله هذا يا فلانة طالقا (قال) قال مالك ولم أسمعه منه إذا أراد
بقوله يا فلانة الطلاق؟؟ طالق وإن كان إنما أراد أن يقول أنت طالق فأخطأ فقال
يا فلانة ونيته الطلاق إلا أنه لم يرد بقوله يا فلانة الطلاق فليست طالقا وإنما تكون
طالقا إذا أراد بلفظة أنت بما أقول من فلانة طالق فهو طلاق وإن كان أراد الطلاق
فأخطأ فلفظ بحرف ليس من حروف الطلاق فلا تكون به طالقا وإنما تكون به طالقا
إذا نوى بما يخرج من فيه من الكلام طلاقا فهي طالق وإن كان ذلك الحرف ليس من
حروف الطلاق وإن كان أراد الطلاق فقال يا فلانة ما أحسنك وتعالى وأخزاك
الله وما أشبه هذا ولم يرد هذا اللفظ أنك به طالق فلا طلاق عليه وكذلك سمعت
من يفسره من أصحاب مالك ولم أسمعه منه وهو رأيي [قلت] أرأيت ان قال
لامرأته أخرجي أو تقنعي أو استتري يريد بذلك الطلاق (قال) قال مالك ان أراد
به الطلاق فهو طلاق وإن لم يرد به الطلاق لم يكن طلاقا [قلت] أرأيت ان
قال لها أنت حرة فقال أردت الطلاق فأخطأت فقلت أنت حرة أيكون طلاقا
أم لا في قول مالك (قال) هذا مثل الكلام الأول الذي أخبرتك به انه ان أراد
بلفظة أنت حرة طالق فهي طالق وان أراد الطلاق فأخطأ فقال أنت حرة لم
يكن طلاقا [قلت] أرأيت ان قال لامرأته أخرجي ينوى ثلاثا أو قال اقعدي
398

ينوى بذلك ثلاث تطليقات (قال) في قول مالك أنها ثلاث تطليقات [قلت]
أرأيت ان قال لها كلى أو اشربي ينوى به الطلاق ثلاثا أو اثنتين أو واحدة؟؟
ذلك في قول مالك (قال) نعم لان مالكا قال كل كلام نوى بلفظه الطلاق فهو كما
نوى (قال ابن القاسم) وذلك إذا أراد أنت بما قلت طالق والذي سمعت واستحسنت
أنه لو أراد أن يقول لها أنت طالق البتة فقال أخزاك الله أو لعنك الله لم يكن عليه
شئ لان الطلاق قد زال من لسانه وعفى عنه بما خرج إليه حتى تكون نيته أنت بما
أقول لك من أخزاك الله أو شبهه مما أقول لك فأنت به طالق فهذا الذي سمعت أنها
تطلق به فأما من أراد أن يقول لامرأته أنت طالق فزل لسانه إلى غير الطلاق ولم
يرد أنت بما أقول طالق فلا شئ عليه [قلت] أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته يا أمه
أو يا أخت أو يا عمة أو يا خالة (قال) قال مالك هذا من كلام السفه ولم يره يحرم عليه
شيئا (قال ابن القاسم) وسمعت مالكا وسئل عن رجل خطب إليه رجل فقال
المخطوب للخاطب هي أختك من الرضاعة ثم قال بعد ذلك والله ما كنت الا كاذبا
(قال) قال مالك لا أرى أن يتزوجها [قلت] أرأيت لو أن رجلا قال حكمة طالق
وامرأته تسمى حكمة وله جارية يقال لها حكمة قال لم أرد امرأتي وإنما أردت جاريتي
حكمة (قال) سمعت مالكا وسألناه عن الرجل يحلف للسلطان بطلاق امرأته طائعا
فيقول امرأتي طالق إن كان كذا وكذا لامر يكذب فيه ثم يأتي مستفتيا ويزعم
أنه إنما أراد بذلك امرأة كانت له قبل ذلك وأنه إنما ألغز على السلطان في ذلك (قال
مالك) لا أرى ذلك ينفعه وأرى امرأته طالقا وان جاء مستفتيا فأما مسألتك إن كان
على قوله بينة لم ينفعه قوله إنه أراد جاريته وإن لم تكن عليه بينة وإنما أتى مستفتيا لم
أرها مثل مسألة مالك ولم عليه في امرأته طلاقا ولان هذا سمى حكمة وإنما أراد
جاريته وليست عليه بينة ولم يقل امرأتي [قلت] أرأيت ان قال أنا منك بائن أو أنا
منك خلى أو أنا منك برى أو أنا منك بات وقد كان قبل هذا كلام كان هذا من
الرجل جوابا لذلك الكلام فقال الرجل لم أرد الطلاق (قال) إذا كان قبل ذلك كلام
399

يعلم منه أن هذا القول جواب للكلام الذي كان أراد كان ذلك الكلام من غير
الطلاق فالقول قول الزوج ولا يكون ذلك طلاقا [قلت] أرأيت إن كان قبل قوله
لها اعتدى كلام من غير طلبه الطلاق يعلم أنه إنما قال لها اعتدي جوابا لكلامها ذلك
كأن أعطاها فلوسا أو دراهم فقالت ما في هذه عشرون فلسا فقال الزوج اعتدى وما
شبه هذا من الكلام أتنويه في قول مالك (قال) نعم ولا يكون هذا طلاقا إذا لم ينوبه
الزوج الطلاق لان اعتدى هاهنا جواب لكلامها هذا الذي ذكرت [قلت]
أرأيت ان قال لها أنت طالق وليس عليه بينة ولم يرد الطلاق بقوله أنت طالق وإنما
أراد بقوله أنت طالق من وثاق (قال) لم أسمع من مالك في هذا بعينه شيئا ولكن
سمعت مالكا يقول في رجل قال لامرأته أنت برية في كلام مبتدأ ولم ينو به
الطلاق انها طالق ولا ينفعه ما أراد من ذلك بقلبه وقد قال مالك في رجل قال لامرأته
أنت طالق البتة فقال والله ما أردت بقولي البتة طلاقا وإنما أردت الواحدة إلا أن
لساني زل فقلت البتة (قال مالك) هي ثلاث (قال مالك) واجتمع رأيي فيها ورأي
غيري من فقهاء أهل المدينة أنها ثلاث البتة [قلت] لابن القاسم ليس هذا مما يشبه
مسألتي لان هذا لم تكن له نية في البتة والذي سألتك عنه الذي قال لها أنت طالق
له نية أنها طالق من وثاق (قال) نعم ولكن مسألتك تشبه البرية التي أخبرتك بها
(قال) وهذا أيضا الذي قال البتة في فتيا مالك قد كان عليه الشهود فلذلك لم ينوه مالك
والذي سألت عنه من أمر الطلاق ليس على الرجل شاهد وإنما جاء مستفتيا لم تكن
عليه بينة (قال) وسمعت مالكا يقول يؤخذ الناس في الطلاق بألفاظهم ولا تنفعهم
نياتهم في ذلك إلا أن يكون جوابا لكلام كان قبله فيكون كما وصفت لك ومسألتك
في الطلاق هو هذا بعينه والذي أخبرتك أن مالكا قال يؤخذ الناس في الطلاق
بألفاظهم ولا تنفعهم نياتهم وأراها طالقا (قال) وسمعت مالكا يسئل عن رجل قال
لامرأته أنت طالق تطليقة ينوى لا رجعة لي عليك فيها (قال مالك) إن لم يكن
أراد بقوله لا رجعة لي عليك البتات يعنى الثلاث فهي واحدة ويملك رجعتها وقوله
400

لا رجعة لي عليك ونيته باطل [قلت] أرأيت رجلا قال لامرأته أنت
طالق ينوى ثلاثا أيكون واحدة أم ثلاثا في قول مالك (قال) هي ثلاث كذلك
قال لي مالك هي ثلاث إذا نوى بقوله أنت طالق ثلاثا [قلت] أرأيت ان أراد
أن يطلقها ثلاثا فلما قال لها أنت طالق سكت عن الثلاث وبدا له في ترك
الثلاث أتجعلها ثلاثا أم واحدة (قال) هي واحدة لان مالكا قال في الرجل يحلف
بالطلاق على أمر أن لا يفعله فأراد أن يحلف بالطلاق البتة فقال أنت طالق ثلاثا البتة
وترك اليمين لم يحلف بها لأنه بدا له أن لا يحلف (قال مالك) لا يكون طالقا ولا يكون
عليه من يمينه شئ لأنه لم يرد بقوله الطلاق ثلاثا وإنما أراد به اليمين فقطع اليمين
عن نفسه فلا تكون طالقا ولا يكون عليه يمين وكذلك لو قال أنت طالق وكان أراد
أن يحلف بالطلاق ثلاثا فقال أنت طالق ان كلمت فلانا وترك الثلاث فلم يتكلم بها
ان يمينه لا يكون الا تطليقة ولا يكون ثلاثا وإنما يكون يمينه بالثلاث إذا أراد بقوله
أنت طالق بلفظة طالق ان أراد به ثلاثا فيكون اليمين بالثلاث وكذلك مسألتك في
أول هذا مثل هذا [قلت] أرأيت ان قال لها أنت طالق ينوى اثنتين أيكون ثنتين
في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت ان قال لها أنت طالق الطلاق كله (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أنها قد بانت بالثلاث [قلت] أرأيت ان قال لها
أنا منك طالق أتكون المرأة طالقا في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت الرجل
يقول لامرأته لست لي بامرأة أو ما أنت لي بامرأة أيكون هذا طلاقا في قول مالك
أم لا (قال) قال مالك لا يكون هذا طلاقا إلا أن يكون نوى به الطلاق [قلت]
أرأيت ان قال له رجل ألك امرأة فقال لا ليس لي امرأة ينوى بذلك الطلاق أولا
ينوى (قال) قال مالك ان نوى بذلك الطلاق فهي طالق وإن لم ينو بذلك الطلاق
فليست بطالق [قلت] وكذلك لو قال لامرأته لم أتزوجك (قال) لا شئ عليه
إن لم يرد بقوله ذلك طلاقا [قلت] أرأيت ان قال لامرأته لا نكاح بيني وبينك
أولا ملك على عليك أو لا سبيل لي عليك (قال) لا شئ عليه إذا كان الكلام عتابا
401

إلا أن يكون نوى بقوله هذا الطلاق [يونس بن يزيد] أنه سأل ابن شهاب عن
رجل قال لامرأته أنت سائبة أو منى عتيقة أو قال ليس بيني وبينك حلال ولا حرام
(قال) أما قوله سائبة أو عتيقة فأنا أرى أن يحلف على ذلك ما أراد به طلاقا فان
حلف وكل إلى الله ودين في ذلك فان أبى أن يحلف وزعم أنه أراد بذلك الطلاق وقف
الطلاق عندما أراد واستحلف على ما أراد من ذلك وأما قوله ليس بيني وبينك
حلال ولا حرام فنرى فيه نحو ذلك والله أعلم ونرى أن ينكل من قال مثل هذا
بعقوبة موجعة لأنه لبس على نفسه وعلى حكام المسلمين [ابن وهب] عن خالد
عن نافع عن ابن عمر أنه قال في الخلية والبرية هي البتة وقال علي بن أبي طالب وربيعة
ويحيى بن سعيد وأبو الزناد وعمر بن عبد العزيز بذلك وقضى عمر بن عبد العزيز
بذلك في الخلية (قال ابن شهاب) مثل ذلك في البرية انها بمنزلة البتة ثلاث تطليقات
(وقال ربيعة) في البرية انها البتة إن كان دخل بها وإن كان لم يدخل بها فهي واحدة
قال والخلية والبائنة بمنزلة البرية [قال] وحدثني عبد الله بن عمر عمن حدثه عن الحسن
البصري أنه قال قضى علي بن أبي طالب في البائنة أنها ثلاث [عياض بن عبد الله
الفهري] عن أبي الزناد أنه قال في الموهوبة هو البتات [الليث] عن يحيى بن
سعيد مثله [عبد الجبار بن عمر] عن ربيعة أنه قال إذا وهبت المرأة لأهلها فهي
ثلاث قبلوها أوردوها إلى زوجها [ابن وهب] وقد قال مالك قد وهبتك لأهلك
أو قد رددتك إلى أهلك هو سواء ثلاث البتة للتي دخل بها (وقال) عبد العزيز
ابن أبي سلمة إذا قال قد وهبتك لأهلك فقد بتها ووهب ما كان يملك منها
ووهبتك لأهلك ورددتك إلى أهلك وأبيك فهذا كله شئ واحد فتصير إلى البتة
[ابن وهب] عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن عبدا كانت
تحته امرأة فكلمه أهلها فيها فقال شأنكم بها فقال القاسم فرأى الناس ذلك طلاقا
(وقال) مالك في الذي يقول لامرأته قد خليت سبيلك هو مثل الذي يقول لامرأته
402

قد فارقتك [يونس] أنه سأل ربيعة عن قول الرجل لامرأته لا تحلين لي قال ربيعة
يدين لأنه ان شاء قال أردت التظاهر أو اليمين [يحيى بن أيوب] عن ابن جريج
عن عطاء أنه قال إذا قال الرجل لامرأته اعتدى فهي واحدة [رجال من أهل العلم]
عن طاوس عن ابن شهاب وغيرهما مثله (وقال) ابن شهاب هي واحدة وما نوى
[الليث] عن يزيد بن أبي حبيب أن رجلا سأل سعيد بن المسيب فقال إني قلت
لامرأتي أنت طالق ولم أدر ما أردت فقال ابن المسيب لكني أدرى ما أردت فهي
واحدة وقال يحيى بن سعيد [الليث] عن ابن أبي جعفر عن بكير بن الأشج عن
ابن المسيب أنه قال إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق ولم يسم كم الطلاق فهي
واحدة إلا أن يكون نوى أكثر من ذلك فهو على ما نوى [قال يونس] وسألت
ربيعة عن قول الرجل لامرأته لا سبيل لي إليك قال يدين ذلك (وقال عطاء بن أبي رباح) في رجل قيل له ألك امرأة فقال والله مالي امرأة فقال هي كذبة (وقاله)
عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وابن شهاب وغيرهم من أهل العلم [وأخبرني]
الحرث بن نبهان عن منصور عن إبراهيم أنه قال ما عنى به الطلاق من الكلام
وسماه فهو طلاق [سفيان بن عيينة] عن ابن طاوس عن أبيه أنه قال كل شئ أريد
به الطلاق فهو طلاق [يونس] أنه سأل ابن شهاب عن قول الرجل لامرأته أنت
السراح فهي تطليقة إلا أن يكون أراد بذلك بت الطلاق [مسلمة بن علي] عن محمد
ابن الوليد الزبيدي عن ابن شهاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من بت
امرأته فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره [قال الزبيدي] وقال ابن عمرو الخلفاء
مثل ذلك [ابن لهيعة والليث] عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك
أن عمر بن الخطاب فرق بين رجل وامرأة قال لها زوجها أنت طالق البتة
[أبو يحيى بن سليمان الخزاعي] عن عبد الرحمن بن زيد أن عمر بن الخطاب قال
لشريح يا شريح إذا قال البتة فقد رمى الغرض الأقصى [مالك وغيره] عن يحيى
ابن سعيد عن أبي بكر بن حزم أن عمر بن عبد العزيز قال له لو كان الطلاق ألفا ما
403

أبقت البتة منه شيئا من قال البتة فقد رمى الغاية القصوى [رجال من أهل العلم] عن
عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس والقاسم بن محمد وابن شهاب وربيعة ومكحول
أنهم كانوا يقولون من قال لامرأته أنت طالق البتة فقد بانت منه وهي بمنزلة الثلاث
(قال ربيعة) وقد خالف السنة وذهبت منه امرأته [حرملة بن عمران] أن كعب بن
علقمة حدثه أن علي بن أبي طالب كان يعاقب الذي يطلق امرأته البتة
{تم كتاب التخيير والتمليك من المدونة الكبرى}
{والحمد لله حمدا كثيرا كما هو أهله وصلى الله على نبيه محمد}
[وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا]
{ويليه كتاب الرضاع}
404

بسم الله الرحمن الرحيم
[وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم}
{كتاب الرضاع}
{ما جاء في حرمة الرضاعة}
[قلت] لعبد الرحمن بن القاسم أتحرم المصة والمصتان في قول مالك (قال) نعم
[قلت] أرأيت الوجور والسعوط من اللبن أيحرم في قول مالك (قال) نعم أما
الوجور فإنه يحرم وأما السعوط فرأيي إن كان وصل إلى جوف الصبي فهو يحرم
[قلت] أرأيت الرضاع في الشرك والإسلام أهو سواء في قول مالك تقع به الحرمة
قال نعم [قلت] ولبن المشركات والمسلمات يقع به التحريم سواء في قول مالك
قال نعم [قلت] أرأيت الصبي إذا حقن بلبن امرأة هل تقع به الحرمة بينهما
بهذا اللبن الذي حقن به الصبي في قول مالك (قال) قال مالك في الصائم يحتقن ان
عليه القضاء إذا وصل ذلك إلى جوفه ولم أسمع من مالك في الصبي شيئا وأرى إن كان
له غذاء رأيت أن يحرم وإلا فلا يحرم وإلا أن يكون له غذاء في اللبن [ابن
وهب] عن مسلمة بن علي عن رجال عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن أم الفضل
بنت الحارث قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحرم من الرضاعة قال المصة
والمصتان [وأخبرني] رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد
الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وطاوس
وقبيصة بن ذؤيب وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وربيعة وابن شهاب وعطاء بن
أبي رباح ومكحول أن قليل الرضاعة وكثيرها يحرم في المهد (وقال ابن شهاب)
405

انتهى أمر المسلمين إلى ذلك [ابن وهب] عن مالك بن أنس عن ثور بن زيد
الدؤلي عن عبد الله بن عباس أنه سئل كم يحرم من الرضاعة فقال إذا كان في الحولين
مصة واحدة تحرم وما كان بعد الحولين من الرضاعة لا يحرم [مالك] عن إبراهيم
أخي موسى بن عقبة عن سعيد بن المسيب أنه قال ما كان في الحولين وان كانت
مصة واحدة فهي تحرم وما كان بعد الحولين فإنما هو طعام يأكله (قال إبراهيم)
سألت عروة بن الزبير فقال كما قال سعيد بن المسيب [ابن وهب] عن إسماعيل بن
عياش عن عطاء الخراساني أنه سئل عن سعوط اللبن للصغير وكحله من اللبن أيحرم
(قال) لا يحرم شيئا [قال ابن وهب] وكان ربيعة يقول في وقت الرضاعة في السن
وخروج المرضع من الرضاعة كل صبي كان في المهد حتى يخرج منه أو في رضاعة حتى
يستغنى عنها بغير هما فما أدخل في بطنه من اللبن فهو يحرم حتى يلفظه الحجر ويقبضه
الولاة وأما إذا كان كبيرا قد أغناه وربى معاه غير اللبن من الطعام والشراب فلا نرى
إلا أن حرمة الرضاعة قد انقطعت وان حياة اللبن عنه قد رفعت فلا نرى لكبير
رضاعة (قال) وقال لي مالك على هذا جماعة الناس قبلنا
{في رضاعة الفحل}
[قلت] أرأيت لو أن امرأة رجل ولدت منه فأرضعت ابنه عامين ثم فطمنه ثم
أرضعت بلبنها بعد الفصال صبيا أيكون هذا الصبي ابن الزوج وحتى متى يكون
اللبن للفحل من بعد الفصال (قال) أرى لبنها للفحل الذي درت لولده [قلت]
أتحفظه عن مالك (قال) قد بلغني ذلك عن مالك [قلت] أرأيت ان كانت ترضع
ولدها من زوجها فطلقها فانقضت عدتها فتزوجت غيره ثم حملت من الثاني فأرضعت
صبيا لمن اللبن أللزوج الأول أم للزوج الثاني الذي حملت منه (قال) ما سمعت من
مالك فيه شيئا وأرى اللبن لهما جميعا إن كان اللبن لم ينقطع من الأول وقاله ابن نافع
عن مالك [قلت] أرأيت لو أن امرأة تزوجها رجل فحملت منه فأرضعت صبيا
وهي حامل أيكون اللبن للفحل قال نعم [قلت] وتجعل اللبن للفحل قبل أن
406

تلد قال نعم [قلت] من يوم حملت قال نعم [قلت] أرأيت الرجل يتزوج
المرأة فترضع صبيا قبل أن تحمل درت له فأرضعته ولم تلد قط وهي تحت زوجها
أيكون اللبن للزوج أم لا في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى
انه للفحل وكذلك سمعت عن مالك وإنما يغيل اللبن ويكون فيه غذاء وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن أنهى عن الغيلة والغيلة أن يطأ الرجل امرأته
وهي ترضع لأن الماء يغيل اللبن وكذلك بلغني عن مالك وهو رأيي وقد بلغني عن
مالك أن الوطئ يدر اللبن ويكون منه استنزال اللبن فهو يحرم [قال] وقال لي
مالك في الغيلة وذلك أنه قل له وما الغيلة قال أن يطأ الرجل امرأته وهي ترضع
وليست بحامل لان الناس قالوا إنما الغلية أن يغال الصبي بلبن قد حملت أمه عليه
فتكون إذا أرضعته بذلك اللبن قد اغتالته (قال مالك) ليس هذا هو إنما تفسير
حديث النبي صلى الله عليه وسلم أن ترضعه وزوجها يطؤها ولا حبل بها لان الوطئ
يغيل اللبن [قلت] أفيكرهه مالك (قال) لا ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت الروم وفارسا فلم ينه عنها النبي صلى
الله عليه وسلم
{في رضاع الكبير}
[قلت] هل كان مالك يرى رضاع الكبير شيئا أما لا (قال) لا يرى مالك رضاع
الكبير شيئا [قلت] أرأيت الصبي إذا فصل فأرضعته امرأة بلبنها بعد ما فصل
أيكون هذا رضاعا أم لا في قول مالك (قال) قال مالك الرضاع حولان وشهر أو
شهران بعد ذلك [قلت] فإن لم تفصله أمه فأرضعته ثلاث سنين ثم أرضعته امرأة
بعد ثلاث سنين والأم ترضعه لم تفصله (قال) قال مالك لا يكون هذا رضاعا ولا يلتفت
في هذا إلى رضاع أمه إنما ينظر في هذا إلى حولين وشهر أو شهرين من بعد الحولين
[قال ابن القاسم] ولو أن أمه أرضعته أربع سنين أكان يكون ما كان من رضاع
غيرها هذا الصبي بعد ثلاث سنين أو أربع سنين رضاعا ليس هذا بشئ (قال)
407

ولكن لو أرضعته امرأة في الحولين والشهر والشهرين يحرم بذلك كما لو أرضعته أمه
[قلت] أرأيت ان فصلته قبل الحولين أرضعته سنة ثم فصلته فأرضعته امرأة
أجنبية قبل تمام الحولين وهو فطيم أيكون ذلك رضاعا أم لا (قال) لا يكون ذلك
رضاعا إذا فصلته قبل الحولين وانقطع رضاعه واستغني عن الرضاع فلا يكون ما أرضع
بعد ذلك رضاعا [قلت] أرأيت ان فصلته بعد تمام الحولين فأرضعته امرأة بعد
الفصال بيوم أو يومين أيكون ذلك رضاعا أم لا في قول مالك (قال ابن القاسم)
ما كان من رضاع بعد الحولين باليوم واليومين وما أشبهه ما لم يستغن فيه بالطعام عن
الرضاع حتى جاءت امرأة فأرضعته فأراه رضاعا لان مالكا قد رأى الشهر والشهرين
بعد الحولين رضاعا إلا أن يكون قد أقام بعد الحولين أياما كثيرة مفطوما واستغنى
عن اللبن وعاش بالطعام والشراب فأخذته امرأة فأرضعته فلا يكون هذا رضاعا لان
مالكا قد رأى ما بعد الشهر والشهرين بعد الحولين رضاعا فلا يكون هذا رضاعا
لان عيشه قد تحول عن اللبن فصار عيشه في الطعام [قلت] أليس قد قال مالك
ما كان بعد الحولين بشهر أو شهرين فهو رضاع (قال) إنما قال ذلك مالك في الصبي إذا
وصل رضاعه بالشهرين بعد الحولين بالحولين ولم يفصل (قال ابن القاسم) وإذا فصل
اليوم أو اليومين ثم أعيد إلى اللبن فهو رضاع [قلت] فإن لم يعد إلى اللبن ولكن
امرأة أتت فأرضعته مصة أو مصتين وهو عند أمه على فصاله لم تعده إلى اللبن
(قال مالك) المصة والمصتان تحرم لان الصبي لم ينتقل عن عيش اللبن بعد وأنت تعلم
أنه لو أعيد إلى اللبن كان ذلك له قوة في غذائه وعيشا له فكل صبي كان بهذه المنزلة
إذا شرب اللبن كان ذلك له عيشا في الحولين وقرب الحولين فهو رضاع وإنما الذي قال
مالك الشهر والشهرين ذلك إذا لم ينقطع الرضاع عنه [ابن وهب] عن عبد الرحمن
ابن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا رضاع بعد فطام
[وأخبرني] رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن
مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبي هريرة وأم سلمة زوج النبي صلى
408

الله عليه وسلم وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وربيعة مثله [ابن وهب]
وأخبرني مالك وغيره أن رجلا أتى أبا موسى الأشعري فقال إني مصصت من
امرأتي من ثديها فذهب في بطني فقال أبو موسى لا أراها الا وقد حرمت عليك
فقال له عبد الله بن مسعود انظر ما تفتي به الرجل فقال أبو موسى ما تقول أنت فقال
ابن مسعود لارضاع الا ما كان في الحولين فقال أبو موسى لا تسألوني عن شئ
ما دام هذا الحبر بين أظهركم (وقال) غير مالك ان عبد الله بن مسعود قال له إنما
أنت رجل مداوى لا يحرم من الرضاعة الا ما كان في الحولين ما أنبت العظم [ابن
وهب] عن مالك عن عبد الله بن دينار قال جاء رجل إلى عبد الله بن عمر وأنا معه
عند دار القضاء يسأل عن رضاعة الكبير فقال ابن عمر جاء رجل إلى عمر بن الخطاب
فقال إني كانت لي جارية وكنت أطؤها فعمدت امرأتي فأرضعتها قال فدخلت
عليها فقالت امرأتي دونك فقد أرضعتها قال فقال عمر أوجعها وأت جاريتك فإنما
الرضاعة رضاعة الصغير
{تحريم الرضاعة}
[قلت] أرأيت المرأة وخالتها من الرضاعة أتجمع بينهما في قول مالك قال لا [قلت]
وهل الملك والرضاعة والتزويج سواء الحرمة فيها واحدة قال نعم [قلت]
والأحرار والعبيد في حرمة الرضاع سواء في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت
امرأة ابنه من الرضاعة أو امرأة والده من الرضاعة أهما في التحريم بمنزلة امرأة الأب
من النسب وامرأة الابن من النسب في قول مالك قال نعم [ابن وهب]
عن مالك بن أنس عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عروة بن الزبير
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة [ابن وهب] عن مالك عن عبد
الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
عندها وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة زوج النبي صلى الله عليه
409

وسلم فقالت عائشة فقلت يا رسول الله هذا رجل يستأذن في بيتك قال أراه فلانا
لعم حفصة من الرضاعة قالت عائشة يا رسول الله لو كان فلان لعم لها من الرضاعة حيا
دخل على قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم ان الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة
[ابن وهب] عن الليث وابن؟؟ عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك
عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن عمها من
الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها فحجبته فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لها لا تحتجبي منه فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب [ابن وهب]
عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله في حرمة الرضاعة
{في حرمة لبن البكر والمرأة المسنة}
[قلت] أرأيت لبن البكر التي لم تنكح قط ان أرضعت به صبيا أتقع به الحرمة
أم لا في قول مالك (قال) نعم تقع به الحرمة [قال] وقال مالك في المرأة التي قد
كبرت وأسنت انها ان درت وأرضعت فهي أم وكذلك البكر (قال) وبلغني أن
مالكا سئل عن رجل أرضع صبية ودر عليه (قال مالك) ويكون ذلك قالوا نعم
قد كان قال لا أراه يحرم إنما أسمع الله تبارك وتعالى يقول وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم
فلا أرى هذا أما [قلت] أرأيت لبن الجارية البكر التي لا زوج لها أيكون رضاعها
رضاعا إذا أرضعت صبيا في قول مالك (قال) قال مالك ان ذلك رضاع وتقع به
الحرمة لان لبن النساء يحرم على كل حال [قلت] أرأيت المرأة تحلب من ثديها
لبنا فتموت فيوجر بذلك اللبن صبي أتقع به الحرمة أم لا (قال) نعم تقع به الحرمة
ولم أسمعه من مالك لأنه لبن ولبنها في حياتها وموتها سواء تقع به الحرمة [قلت]
وكذلك لو ماتت امرأة فحلب من لبنها وهي ميتة فأوجر به صبي أتقع به الحرمة
(قال) نعم ولم أسمعه من مالك ولبنها في حياتها وموتها سواء تقع به الحرمة واللبن
لا يموت [قلت] وكذلك أن دب الصبي إلى امرأة وهي ميتة فرضعها وقعت به الحرمة
410

(قال) نعم إذا علم أن في ثديها لبنا وأنه قد رضعها [قلت] أرأيت اللبن في
ضروع الميتة أيحل أم لا في قول مالك (قال) لا يحل [قلت] فكيف أوقعت الحرمة
بلبن هذه المرأة الميتة ولبنها لا يحل ألا ترى أنه لو حلب من ثديها وهي ميتة لم يصلح
لكبير أن يشربه ولا يجعله في دواء فيكف تقع الحرمة بالحرام (قال) اللبن يحرم
على كل حال ألا ترى لو أن رجلا حلف أن لا يأكل لبنا فأكل لبنا قد وقعت فيه فأرة
فماتت انه حانت أو شرب لبن شاة ميتة انه حانث عندي إلا أن يكون نوى اللبن
الحلال أرأيت رجلا وطئ امرأة ميتة أيحد أم لا ونكاح الأموات لا يحل والحد
على من فعل ذلك فكذلك اللبن
{في الشهادة على الرضاعة}
[قلت] أرأيت امرأة شهدت أنها أرضعت رجلا وامرأته أيفرق بينهما في قول
مالك أم لا (قال) قال مالك يقال للزوج تنزه عنها ان كنت تثق بناحيتها فلا أرى
أن يقيم عليها ولا يفرق بينهما بشهادتها وان كانت عدلة [قلت] أرأيت لم
أن امرأتين شهدتا على رضاع رجل وامرأته أيفرق بين الرجل وامرأته في قول
مالك (قال) قال مالك نعم يفرق بينهما إذا كان قد فشا وعرف من قولهما قبل هذا
الموضع [قلت] أرأيت إن كان لم يفش ذلك من قولهما (قال) قال مالك لا أرى
أن يقبل قولهما إذا لم يفش ذلك من قولهما قبل نكاحهما عنده الأهلين والجيران
[قلت] أرأيت ان كانت المرأتان اللتان شهدتا على الرضاع أم الزوج وأم المرأة
(قال) لا يقبل قولهما إلا أن يكون ذلك قد عرف من قولهما وفشا قبل النكاح
[قلت] فهؤلاء والأجنبيات سواء في قول مالك (قال) نعم في رأيي [قلت]
أرأيت ان شهدت امرأة واحدة أنها أرضعتهما جميعا الزوج والمرأة وقد عرف ذلك
من قولها قبل النكاح (قال) لا يفرق القاضي بينهما في رأيي وإنما يفرق في المرأتين
لأنهما حين كانتا امرأتين تمت الشهادة فأما المرأة الواحدة فلا يفرق بشهادتها
ولكن يقال للزوج تنزه عنها فيما بينك وبين خالقك [قلت] أرأيت لو أن رجلا
411

خطب امرأة فقالت امرأة قد أرضعتكما أينهى عنها في قول مالك وان تزوجها
فرق بينهما (قال) قال مالك ينهى عنها على وجه الاتقاء لا على وجه التحريم فان
تزوجها لم يفرق القاضي بينهما [قلت] أرأيت لو أن رجلا قال في امرأة هذى
أختي من الرضاعة وغير ذلك من النساء اللاتي يحر من عليه ثم قال بعد ذلك أو همت
أو كنت كاذبا أو لاعبا فأراد أن يتزوجها (قال) سئل مالك عما يشبهه من الرضاعة
إذا أقربه الرجل أو الأب في ابنه الصغير أو في ابنته ثم قال بعد ذلك أنما أردت أن
أمنعه أو قال إنما كنت كاذبا (قال) قال مالك لا أرى أن يتزوجها ولا أرى للوالد
أن يزوجهم (قال ابن القاسم) قال مالك ذلك في الأب في ولده وحده [قلت] فان
تزوجها أيفرق السلطان بينهما (قال) نعم أرى أن يفرق السلطان بينهما ويؤخذ
باقراره الأول [قلت] أرأيت ان أقرت امرأة أن هذا الرجل أخي من الرضاعة
وشهد عليها بذلك الشهود ثم أنكرت ذلك فتزوجته والزوج لا يعلم أنها كانت أقرت
به (قال) لا أرى أن يقر هذا النكاح بينهما وما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أن
مالكا سأله رجل من أصحابنا عن امرأة كان لها بنت وكان لها ابن عم فطلب ابنة عمه
أن يتزوجها فقالت أمها قد أرضعته ثم إنها قالت بعد ذلك والله ما كنت الا كاذبة
وما أرضعته ولكني طلبت بابنتي الفرار منه (قال) قال مالك لا أرى أن يقبل قولها
هذا الآخر ولا أحب له أن يتزوجا وليس قول المرأة هذا أخي أو قول الرجل هذه
أختي كقول الأجنبي فيها لان اقرارهما على أنفسهما بمنزلة البينة القاطعة والمرأة
الواحدة ليس يقطع بشهادتها شئ [ابن وهب] عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
عن أتيه أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب بامرأة فقال يا أمير المؤمنين ان هذه تزعم
أنها أرضعتني وأرضعت امرأتي فأما رضاعها امرأتي فمعلوم وأما رضاعها إياي فلا يعرف
ذلك فقال عمر كيف أرضعته فقالت مررت به وهو ملقى يبكى وأمه تعالج خبزا لها
فأخذته إلى فأرضعته وسكنته فأمر بها عمر فضربت أسواطا وأمره أن يرجع إلى
امرأته [ابن وهب] عن مسلمة بن علي عمن حدثه عن عكرمة بن خالد أن عمر
412

ابن الخطاب كان إذا ادعت امرأة مثل هذا سألها البينة [يونس بن يزيد] عن
ربيعة أنه سأله عن شهادة المرأة في الرضاعة أتراها جائزة (قال) لا لان الرضاعة
لا تكون فيما يعلم الا باجتماع رأى أهل الصبي والمرضعة إنما هي حرمة من الحرم
ينبغي لها أن يكون لها أصل كأصل المحارم
{في الرجل يتزوج الصبية فترضعها امرأة له أخرى}
[أو أجنبية أو أمه أو أخته]
[قلت] أرأيت لو أن رجلا تزوج صبيتين فأرضعت امرأة أجنبية واحدة بعد
واحدة أتقع الفرقة فيما بينه وبينهما جميعا أم لا (فقال) يقال للزوج اختر أيتها شئت
فاحبسها وخل الأخرى وهذا رأيي [قلت] ولم جعلت له أن يختار أيتهما شاء وقد
وقعت الحرم بينهما جميعا ألا ترى لو أنه تزوج الأختين في عقدة واحدة فرقت بينه
وبينهما فهاتان حين أرضعتهما المرأة واحدة بعد واحدة كانتا حين أرضعت الأولى من
الصبيتين على النكاح لم يفسد على الزوج من نكاحهما شئ فلما أرضعت الثانية صارت
أختها فصارتا كأنهما نكحتا في عقدة واحدة ألا ترى أنه لو فارق الأولى بعد
ما أرضعتها المرأة قبل أن ترضع الثانية ثم أرضعت الثانية كان نكاح الثانية صحيحا
أولا ترى أن الحرمة إنما تقع بالرضاع إذا كانتا جميعا في ملكه بارضاعها
الأخرى بعد الأولى فتصيران في الرضاع إذا وقعت الحرمة كأنه تزوجهما في
عقدة واحدة فلا يجوز ذلك (قال) ليس كما قلت ولكنا نظرنا إلى عقدتهما فوجدنا
العقدتين وقعتا صحيحتين في الصبيتين جميعا ثم دخل الفساد في عقدة كانت صحيحة
لا يستطيع أن يثبت على العقدتين جميعا فنظرنا إلى الذي لا يصلح له أن يثبت عليه فحلنا
بينه وبين ذلك ونظرنا إلى الذي يجوز له أن يثبت عليه فحللناه له وقد يجوز له أن
يثبت على واحدة ولا يجوز له أن يثبت عليهما جميعا فحلنا بينه وبين واحدة وأمرناه
أن يحبس واحدة [قلت] فان كن صبيات ثلاثا أو أربعا تزوجهن مراضع
واحدة بعد واحدة فأرضعتهن امرأة واحدة بعد واحدة (قال) إذا أرضعت واحدة
413

فهن على نكاحهن فان أرضعت أخرى بعد ذلك قيل له اختر أيتهما شئت وفارق
الأخرى فان فارق الأخرى ثم أرضعت الثالثة قلنا له أيضا اختر أيتهما شئت وفارق
الأخرى فان فارق الأخرى ثم أرضعت الرابعة قلنا له اختر أيتهما شئت وفارق الأخرى
فيكون الخيار في أن يحبس الثالثة أو الرابعة وهذا إذا كان الخيار والفرقة قد وقعت
فيما مضى قبلهما. وان أرضعت المرأة واحدة بعد واحدة حتى أتت على جميعهن ولم
يختر فراق واحدة منهن (قال) هذا له أن يختار في أن يحبس واحدة منهن أيتهن
شاء ان شاء أولاهن وان شاء أخراهن وان شاء وسطهن يحبس واحدة منهن
أي ذلك أحب [قلت] وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي [قلت] أرأيت
ان تزوج امرأة وصبيتين واحدة بعد واحدة أو في عقدة واحدة وسمى لكل
واحدة صداقها وأرضعت المرأة صبية منهما قبل أن يدخل بالكبيرة منهن (قال)
تحرم الكبيرة ولا تحرم الصغيرة المرضعة إذا لم يكن دخل بأمها التي أرضعتها لأنها
من ربائبه اللاتي لم يدخل بأمهاتهن. ومما يبين لك ذلك أنه لو تزوج امرأة كبيرة
فطلقها ثم تزوج صبية مرضعة فأرضعتها امرأته تلك المطلقة لم تكن تحرم عليه هذه
الصبية لأنها من الربائب اللاتي لم يدخل بأمهاتهن [قلت] أرأيت لو أنى تزوجت
امرأة كبيرة ودخلت بها ثم تزوجت صبية صغيرة ترضع فأرضعتها امرأتي التي دخلت
بها بلبني أو بلبنها فحرمت على نفسها وحرمت على الصبية أيكون لها من المهر شئ
أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى لها مهرها لأنه قد دخل بها ولا أرى
للصبية مهرا تعمدت امرأته الفساد أو لم تتعمده [قلت] أرأيت لو أن رجلا تزوج
صبية فأرضعتها أمه أو أخته أو جدته أو ابنته أو ابنة ابنته أو امرأة أخيه أو بنت أخيه
أتقع الفرقة فيما بينه وبين الصبية (قال) نعم في قول مالك [قلت] ويكون للصبية
نصف الصداق على الزوج في قول مالك (قال) لا ليس على الزوج من الصداق شئ
[قلت] لم لا يكون على الزوج نصف الصداق (قال) لا لأنه لم يطلق ألا ترى أن
414

الحرمة قد وقعت بينهما من قبل أن يبنى بها فقد صارت أخته أو ابنة ابنته أو ذات محرم منه
[قلت] فلا يكون للصبية على التي أرضعتها نصف الصداق تعمدت التي أرضعتها
الفساد أو لم تتعمده (قال) نعم لا شئ عليها من الصداق في رأيي [قلت] فيؤدبها
السلطان ان علم أنها تعمدت فسادها على زوجها في قول مالك (قال) نعم في رأيي
[قلت] أرأيت الرجل يتزوج أخته من الرضاعة أو أمه من الرضاعة وسمى لها
صداقها وبنى بها أيكون لها الصداق الذي سمى أم صداق مثلها في قول مالك (قال)
قال مالك لها الصداق الذي سمى ولا يلتفت إلى صداق مثلها
{ما لا يحرم من الرضاعة}
[قلت] أرأيت لو أن صبيين غذيا بلبن بهيمة من البهائم أيكونان أخوين في قول
مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكني أرى أن لا تكون الحرمة في
الرضاع الا في لبن بنات آدم ألا ترى أنه بلغني عن مالك أنه قال في رجل أرضع
صبيا ودر عليه ان الحرمة لا تقع به وان لبن الرجل ليس مما يحرم (قال) قال مالك
وإنما قال الله في كتابه وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وإنما تحرم ألبان بنات آدم لا ما سواها
[قلت] أرأيت لو أن لبنا صنع فيه طعام حتى غاب اللبن في الطعام واللبن لبن
امرأة أو صنعت فيه طعام فكان الطعام الغالب عليه ثم طبخ على النار حتى عصد وغاب
اللبن أو صب في اللبن ماء حتى غاب اللبن وصار الماء الغالب أو جعل اللبن في دواء
حتى غاب اللبن في ذلك الدواء فأطعم الصبي ذلك كله أو أسقيه أتقع به الحرمة أم لا
(قال) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى أن لا يحرم هذا لان اللبن قد ذهب وليس
في الذي أكل أو شرب لبن يكون فيه عيش الصبي ولا أراه يحرم شيئا
{في رضاع النصرانية}
[قال] وسألت مالكا عن المراضع النصرانيات (فقال) لا يعجبني اتخاذهن
وذلك لأنهن يشربن الخمر ويأكلن الخنزير وأخاف أن يطعمن ولده ما يأكلن
415

من ذلك (قال) وهذا من عيب نكاحهن مما يدخلن على ولده وما يأكلن من الخنزير
ويشربن من الخمر (قال) ولا أرى نكاحهن حراما ولكني أكرهه [قلت] هل
كان مالك يكره الظؤرة من اليهوديات والنصرانيات والمجوسيات (قال) نعم كان
يكرههن من غير أن يرى ذلك حراما ويقول إنما غذاء اللبن مما يأكلن وهن
يأكلن الخنزير ويشربن الخمر ولا آمنها تذهب به إلى بيتها فتطعمه ذلك [قلت]
هل كان مالك يكره أن يسترضع بلبن الفاجرة (قال) بلغني أن مالكا كان يتقيه
من غير أن يراه حراما
{في رضاع المرأة ذات الزوج ولدها}
[قال] وسألت مالكا عن المرأة ذات الزوج أيلزمها رضاع ابنها (قال) نعم يلزمها
رضاع ابنها على ما أحبت أو كرهت إلا أن تكون ممن لا تكلف ذلك (قال)
فقلت لمالك ومن التي لا تكلف ذلك (قال) المرأة ذات الشرف واليسار الكثير
التي ليس مثلها ترضع وتعالج الصبيان في قدر الصبيان فأرى ذلك على أبيه وإن كان لها لبن (قال) فقلنا له فإن كانت الأم لا تقدر على اللبن وهي ممن ترضع لو كان
لها لبن لأنها ليست في الموضع الذي ذكرت لك في الشرف على من ترى رضاع
الصبي (قال) على الأب وكل ما أصابها من مرض يشغلها عن صبيها أو ينقطع به
درها فالرضاع على الأب يغرم أجر الرضاع ولا تغرم هي قليلا ولا كثيرا وإن كان
لها لبن وهي من غير ذات الشرف كان عليها رضاع ابنها [قلت] أرأيت هذه
التي ليست من أهل الشرف إذا أرضعت ولدها أتأخذ أجر رضاعها من زوجها (قال)
لا ذلك عليها ترضعه على ما أحبت أو كرهت [قلت] فان مات الأب وهي ترضعه
أيسقط عنها ما كان يلزمها للصبي من الرضاع (قال) إن كان له مال والا أرضعته
[قلت] ولها أن تطرحه إن لم يكن له مال (قال) لا وذلك في الرضاع وحده
والنفقة مخالفة للرضاع في هذا [قلت] فإن كان ابنها رضيعا ولا مال له أيلزمها
رضاع ابنها (قال) نعم يلزمها رضاع ولدها على ما أحبت أو كرهت ولا يلزمها النفقة
416

وإنما الذي يلزمها الرضاع كذلك قال لي مالك (قال مالك) ولا أحب لها أن تترك
النفقة على ولدها إذا لم يكن له مال ولم يجعل النفقة مثل الرضاع رضاع ابنها وكذلك
قال مالك إنما يلزمها رضاعه إذا لم يكن له مال [قلت] فإن كان للصبي مال
فلما مات الأب قالت لا أرضعه (قال) ذلك جائز لها ويستأجر للصبي يمن ترضعه
من ماله إلا أن يخاف على الصبي أن لا يقبل غيرها فتجبر على رضاعه وتعطى
أجر رضاعها [قلت] وهذا كله قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت المرأة تأبى
على زوجها رضاع ولدها منه (قال) قال مالك عليها رضاع ولدها منه على ما أحبت
أو كرهت إلا أن تكون امرأة ذات شرف وغنى مثلها لا تكلف مؤنة الصبيان
ولا رضاع ولدها ولا القيام على الصبيان في غناها وقدرها فلا أرى أن تكلف ذلك
وأرى ارضاعه على أبيه (فقلنا) لمالك فعلى أبيه أن يغرم أجر الرضاع (قال) نعم
إذا كانت كما وصفت لك. وان مرضت المرأة وانقطع درها فلم تقو على الرضاع
وهي ممن ترضعه كان على أبيه ذلك أن يغرم أجر رضاعه [قال] وقال مالك فإن كانت ممن يرضع مثلها فأصابتها العلة وضع ذلك عنها وكان رضاعه على أبيه
[قلت] أرأيت إن كان طلقها تطليقة يملك الرجعة على من رضاع الصبي في قول
مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى ما دامت نفقة المرأة على الزوج
فان الرضاع عليها ان كانت ممن ترضع فإذا انقطع نفقة الزوج عنها كان رضاعه على
أبيه [قلت] أرأيت ان طلقها البتة أيكون أجر الرضاع على الأب في قول مالك
(قال) نعم هو قول مالك [قلت] فان طلقها تطليقة فإذا انقضت عدتها كان
رضاع الصبي على الأب في قول مالك نعم [قلت] أرأيت ان قالت بعد ما
طلقها البتة لا أرضع لك ابنا الا بمائة درهم كل شهر والزوج يصيب من يرضع ابنه
بخمسين درهما كل شهر (قال) قال مالك الأم أحق به بما ترضع به غيرها فان
أبت أن ترضع بذلك فلا حق لها وان أرادت الأم أن ترضعه بما ترضعه الأجنبية
فذلك للأم وليس للأب أن يفرق بينها وبينه إذا رضيت أن ترضعه بما ترضعه
417

الأجنبية (1) فذلك للأم وليس للأب أن يفرق بينها وبينه إذا رضيت أن ترضعه
بما ترضعه غيرها من النساء (قال) قال مالك وإن كان ذلك ضررا على الصبي يكون
قد علق أمه لا صبر له عنها أو كان الصبي لا يقبل المراضع أو خيف عليه فأمه أحق به
بأجر رضاع مثلها وتجبر الأم إذا خيف على الصبي إذا لم يقبل المراضع أو علق أمه
حتى يخاف عليه الموت إذا فرق بينهما على رضاع صبيها بأجر مثلها (قال) فقلنا لمالك
فلو كان رجل معدما لا شئ له وقد طلق امرأته البتة فوجد من ذوي قرابته أمه أو
أخته أو ابنته أو عمته أو خالته ممن ترضع بغير أجر فقال لأمه إما أن ترضعيه بلا
أجر فإنه لا شئ عندي واما أن تسليمه إلى هؤلاء اللاتي يرضعنه لي باطلا (قال)
قال مالك إذا عرف أنه عرف أنه لا شئ عنده ولا يقوى على أجر الرضاع كان ذلك له عليها
اما أن ترضعه له باطلا واما أن تسلمه إلى من ذكرت. ولو كان قليلا ذات يد لا يقوى
من الرضاع الا على الشئ اليسير الذي لا يشبه أن يكون رضاع مثلها ووجد امرأة
ترضع له بدون ذلك كان كذلك اما أن ترضعه بما وجد واما أن أسلمته إلى من وجد.
وإن كان موسرا فوجد من ترضعه له باطلا بغير حق لم يكن له أن يأخذه منها لما
وجد من يرضعه باطلا وعليه إذا أرضعته الأم بما ترضعه غيرها أن يجبر الأب على
ذلك وقد بينا آثار هذا في كتاب الطلاق والله الموفق للصواب
{تم كتاب الرضاع من المدونة الكبرى}
[بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم]
{ويليه كتاب العدة وطلاق السنة}

(1) (قوله فذلك للأم وليس للأب الخ) كذا في الأصل بلفظ ما قبله مع تغاير يسير ولم يعلم
عليه علامة شطب فليحرر اه‍ كتبه مصححه
418

بسم الله الرحمن الرحيم
[الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وصحبه وسلم]
{كتاب العدة وطلاق السنة}
{ما جاء في طلاق السنة}
[قلت] لعبد الرحمن بن القاسم هل كل مالك يكره أن يطلق الرجل امرأته ثلاث
تطليقات في مجلس واحد (قال) نعم كان يكره أشد الكراهية ويقول طلاق
السنة أن يطلق الرجل امرأته تطليقة واحدة طاهرا من غير جماع ثم يتركها حتى
يمضى لها ثلاثة قروء ولا يتبعها في ذلك طلاقا فإذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة
فقد حلت للأزواج وبانت من زوجها الذي طلقها [قلت] فان أراد أن يطلقها ثلاث
تطليقات عند كل طهر طلقة (قال) قال مالك ما أدركت أحدا من أهل بلدنا ممن
يرى ذلك ولا يفتى به ولا أرى أن يطلقها ثلاث تطليقات عند كل طهر ولكن
تطليقة واحدة ويمهل حتى تنقضي العدة كما وصفت لك [قلت] فان هو طلقها ثلاثا
أو عند كل طهر واحدة حتى طلق ثلاث تطليقات أيلزمه ذلك في قول مالك قال
نعم [قلت] هل كان مالك يكره أن يطلق الرجل امرأته في طهر قد جامعها فيه
أم لا (قال) نعم كان يكرهه ويقول إن طلقها فيه لزمه [قلت] وتعتد بذلك
الطهر الذي طلقها فيه قال نعم [قلت] وإن لم يبق منه الا يوم واحد (قال) نعم
إذا بقي من ذلك الطهر شئ ثم طلقها فيه وقد جامعها فيه اعتدت به في أقرائها في العدة
(قال مالك) تعتد به ولا يؤمر برجعتها إنما يؤمر الذي يطلق امرأته وهي حائض
(وقال) ربيعة ويحيى بن سعيد في امرأة طلقت ثم حاضت قالا تعتد بذلك الطهر
419

وإن لم تمكث فيه الا ساعة واحدة أو يوما حتى تحيض (وقال) ابن شهاب مثله
[أشهب] عن بعض أهل العلم عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن أبي
الأحوص عن عبد الله بن مسعود أنه قال من ارتاد أن يطلق للسنة فليطلق امرأته
طاهرا في غير جماع تطليقة ثم ليدعها فان أراد أن يراجعها راجعها وان حاضت ثلاث
حيض كانت بائنا وكان خاطبا من الخطاب فان الله تبارك وتعالى يقول لا تدري لعل
الله يحدث بعد ذلك أمرا (قال ابن مسعود) وان أراد أن يطلقها ثلاثا فليطلقها طاهرا
تطليقة في غير جماع ثم يدعها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ثم بدعها حتى إذا
حاضت وطهرت طلقها تطليقة أخرى فهذه ثلاث تطليقات وحيضتان وتحيض
أخرى فتنقضي عدتها [أشهب] عن القاسم بن عبد الله أن يحيى بن سعيد حدثه عن
ابن شهاب أنه قال إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته للعدة كما أمره الله فليطلقها إذا هي
طهرت من حيضتها تطليقة واحدة قبل أن يجامعها ثم لتعتد حتى تنقضي عدتها فتحيض
ثلاث حيض فإذا هو فعل ذلك طلق كما أمره الله فإنه لا يدرى لعل الله يحدث بعد
ذلك أمرا وهو يملك الرجعة ما لم تحض ثلاث حيض [مالك بن أنس] أن عبد الله بن
دينار حدثه أنه سمع عبد الله بن عمر قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن
{في طلاق الحامل}
[قلت] أرأيت الحامل إذا أراد زوجها أن يطلقها ثلاثا كيف يطلقها (قال) قال
مالك لا يطلقها ثلاثا ولكن يطلقها واحدة متى ما شاء ويمهلها حتى تضع جميع ما في
بطنها من الأولاد ثم قد حلت للأزواج وللزوج المطلق عليها الرجعة ما لم تضع
جميع ما في بطنها (قال مالك) وان وضعت واحدا وبقي من بطنها آخر فللزوج عليها
الرجعة حتى تضع آخر ما في بطنها من الأولاد (وقد قال مالك) في طلاق الحامل للسنة
انها تطليقة واحدة ثم يدعها حتى تضع حملها (قال) أشهب وقال ذلك عبد الله به مسعود
وجابر بن عبد الله وغيرهما وقاله ابن المسيب وربيعة والزهري [قلت] أرأيت ان
طلقها ثلاثا وهي حامل في مجلس واحد أو مجالس شتى أيلزمه ذلك أم لا (قال)
420

قال مالك يلزمه ذلك وكرهه له مالك أن يطلقها هذا الطلاق [أشهب] عن القاسم
ابن عبد الله أن يحيى بن سعيد حدثه أن ابن شهاب حدثه أن ابن المسيب حدثه أن
رجلا من أسلم طلق امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث تطليقات
جميعا فقال له بعض أصحابه ان لك عليها رجعة فانطلقت امرأته حتى دخلت على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالت إن زوجي طلقني ثلاث تطليقات في كلمة واحدة فقال لها
رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بنت منه ولا ميراث بينكما [أشهب] عن ابن
لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدثه عن ابن عمر أنه سئل عن رجل طلق امرأته ثلاث
تطليقات في مجلس واحد فقال ابن عمر عصى ربه وخالف السنة وذهبت منه امرأته
[أشهب] عن ابن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب حدثه عن سليمان بن مالك بن
الحارث السلمي أن رجلا أتى ابن عباس فقال له يا ابن عباس ان عمي طلق امرأته ثلاثا
فقال له ان عمك عصى الله فأندمه الله وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجا فقال له
أترى أن يحلها له رجل فقال ابن عباس من يخادع الله يخدعه الله [قلت] أرأيت
التي لم تبلغ المحيض متى يطلقها زوجها (قال) قال مالك يطلقها متى شاء للأهلة أو لغير
الأهلة ثم عدتها ثلاثة أشهر وكذلك التي يئست من المحيض (قال مالك) والمستحاضة
يطلقها زوجها متى شاء وعدتها سنة (قال ابن القاسم) كان في ذلك يطؤها أو
لا يطؤها وله عليها الرجعة حتى تنقضي السنة فإذا مضت السنة فقد حلت للأزواج
إلا أن يكون بها ريبة فينتظر حتى تذهب الريبة فإذا ذهبت الريبة وقد مضت السنة
فليس عليها من العدة قليل ولا كثير وقد حلت للأزواج (قال مالك) وهي مثل
الحامل يطلقها متى ما شاء إلا أن يعرف لها قرء فيتحرى ذلك فيطلقها عنده [ابن
وهب] عن يونس وابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه قال يطلق المستحاضة زوجها
إذا طهرت للصلاة [ابن وهب] عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في المرأة
تطلق وقد أدبر عنها المحيض أو تشك فيه قال إن تبين أنها قد يئست من المحيض
فعدتها ثلاثة أشهر كما قضى الله وقد كان يقول يستقبل بطلاقها الأهلة فهو أسد لمن
421

أراد أن يطلق من قد يئس من المحيض فان طلق بعد الأهلة أو قبلها اعتدت من
حين طلقها ثلاثة أشهر ثلاثين يوما كل شهر وان مضت ثلاثة أشهر قبل أن تحيض
فقد حلت للأزواج (قال يونس) وقال ربيعة تعتد ثلاثين ثلاثين من الأيام
{ما جاء في طلاق الحائض والنفساء}
[قلت] أرأيت ان قال لامرأته وهي حائض أنت طالق للسنة أيقع عليها الطلاق
وهي حائض أم حتى تطهر (قال) إذا قال الرجل لامرأته وهي حائض أنت طالق
إذا طهرت انها طالق مكانها ويجبر الزوج على رجعتها فكذلك مسألتك [قلت]
وكذلك لو قال لامرأته أنت طالق ثلاثا للسنة (قال) قال مالك انهن يقعن مكانه عليها
حين تكلم بذلك كلهن فإن كانت طاهرا أو حائضا فلا سبيل له إليها حتى تنكح
زوجا غيره [ابن وهب] عن مالك وابن أبي ذئب أن نافعا أخبرهما عن عبد الله بن
عمر أنه طلق امرأته وهي حائض وسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال مرة فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد
ذلك وان شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله بها أن يطلق لها النساء (قال
ابن أبي ذئب) في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي واحدة [أشهب]
عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا سئل عن طلاق المرء امرأته
حائضا قال لأحدهم أما أنت فطلقت امرأتك مرة أو مرتين فان رسول الله صلى الله
عليه وسلم أمرني أن أراجعها ثم أمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن أردت
أن أطلقها طلقتها حين تطهر من قبل أن أجامعها فان كنت طلقتها ثلاثا فقد حرمت
عليك حتى تنكح زوجا غيرك وعصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك [قلت]
أرأيت الرجل يطلق امرأته وهي حائض أو نفساء أيجبره مالك على أن يراجعها (قال)
نعم قال مالك من طلق امرأته وهي نفساء أو حائض جبر على رجعتها إلا أن تكون
غير مدخول بها فلا بأس بطلاقها وان كانت حائضا أو نفساء [ابن وهب وأشهب]
عن ابن لهيعة عن بكير عن سليمان بن يسار أنه قال إذا طلقت المرأة وهي نفساء لم
422

تعتد بدم نفاسها واستقبلت ثلاثة قروء (وقاله) ابن شهاب والقاسم بن محمد وابن قسيط
وأبو بكر بن عمرو بن حزم ونافع مولى ابن عمر [قلت] فكيف يطلقها ان أراد أن
يطلقها بعد ما أجبرته على رجعتها (قال) يمهلها حتى تنقضي حيضتها التي طلقها فيها ثم
تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلقها ان أراد فكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم
[قلت] فالنفساء (قال) يجبر على رجعتها فان أراد أن يطلقها فإذا طهرت من دم
نفاسها أمهلها حتى تحيض أيضا ثم تطهر ثم يطلقها ان أراد ويحسب عليها من طلقها في
دم النفاس أو في دم الحيض [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] فان
طلقها في دم النفاس أو في دم الحيض فلم يرتجعها حتى أنقضت العدة (قال) فلا سبيل
له عليها وقد حلت للأزواج [قلت] أرأيت ان طلقها في طهر قد جامعها فيه هل
يأمره مالك بمراجعتها كما يأمره بمراجعتها في الحيض (قال مالك) لا يؤمر بمراجعتها
وهو قرء واحد وإنما كان الصواب أن يطلق في طهر لم يجامعها فيه (قال) ولو أن
رجلا طلق امرأته في دم حيضتها فجبر على رجعتها فارتجعها فلم طهرت جعل فطلقها
الثانية في طهرها بعد ما طهرت قبل أن تحيض الثانية لم يجبر على رجعتها ولو طلقها
وهي حائض فلم يعم بها حتى حاضت حيضتين وطهرت جبر على رجعتها على ما أحب
أو كره كما كان يجبر أن لو كانت في دم حيضتها يجبر على ذلك ما لم تنقض عدتها وهذا
قول مالك [قلت] أرأيت المرأة إذا هي طهرت من حيضتها ولم تغتسل بعد
ألزوجها أن يطلقها قبل أن تغتسل أم حتى تغتسل في قول مالك (قال) لا يطلقها حتى
تغتسل وان رأت القصة البيضاء (قال) وسألته عن تفسير قول ابن عمر فطلقوهن
لقبل عدتهن (قال) يطلقها في طهر لم يمسها فيه (قال ابن القاسم) ولا يعجبني أن
يطلقها الا وهو بقدر على جماعها فهي وان رأت القصة البيضاء ولم تغتسل فهو لا يقدر
على جماعها بعد ولو طلقها بعد ما رأت القصة البيضاء قبل أن تغتسل لم يجبر على رجعتها
[قلت] أرأيت لو كانت مسافرة فرأت القصة ولم تجد الماء فتيممت ألزوجها أن
يطلقها الآن في قول مالك قال نعم [قلت] ولم وهو لا يقدر على جماعها (قال) لان
423

الصلاة قد حلت لها وهي قبل أن تغتسل بعد ما رأت القصة البيضاء لم تحل لها الصلاة
فهي إذا حلت لها الصلاة جاز لزوجها أن يطلقها
{ما جاء في المطلقة واحدة تتزين وتتشوف لزوجها}
[قلت] أرأيت ان طلق امرأته تطليقة يملك الرجعة هل تتزين له وتتشوف له (قال)
كان قوله الأول أنه لا بأس أن يدخل عليها ويأكل معها إذا كان معها من يتحفظ بها
ثم رجع عن ذلك فقال لا يدخل عليها ولا يرى شعرها ولا يأكل معها حتى يراجعها
[قلت] هل يسعه أن ينظر إليها أو إلى شئ من محاسنها تلذذا وهو يريد رجعتها
في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وليس له أن يتلذذ بشئ منها وإن كان
يريد رجعتها حتى يراجعها وهذا على الذي أخبرتك أنه كره له أن يخلو معها ولا
يرى شعرها أو يدخل عليها حتى يراجعها [ابن وهب] عن عبد الله بن عمر ومالك
ابن أنس عن نافع أن ابن عمر طلق امرأته في مسكن حفصة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم وكان طريقه في حجرتها فكان يسلك الطريق الأخرى من أدبار البيوت إلى
المسجد كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها (قال مالك) وإن كان معها فلينتقل عنها
(قال مالك) وقد انتقل عبد الله بن عمر وعروة بن الزبير (قال ابن وهب) وقال
عبد العزيز ان الرجل إذا طلق امرأته واحدة فقد حرم عليه فرجها ورأسها أن
يراها حاسرة أو يتلذذ بشئ منها حتى يراجعها
{ما جاء في عدة النصرانية}
[قلت] أرأيت المرأة من أهل الكتاب إذا كانت تحت رجل مسلم فطلقها بعد
ما بنى بها كم عدتها عند مالك وكيف يطلقها (قال) عدتها عند مالك مثل عدة الحرة
المسلمة وطلاقها كطلاق الحرة المسلمة وتجبر على العدة في قول مالك [قلت]
أرأيت لو أن نصرانية تحت نصراني أسلمت المرأة ثم مات الزوج قبل أن يسلم وهي
في عدته أتنتقل إلى عدة الوفاة أم لا في قول مالك (قال) لا تنتقل إلى عدة الوفاة في
424

قول مالك وهي على عدتها التي كانت عليها ثلاث حيض
{ما جاء في عدة الأمة المطلقة}
[قلت] كم عدة الأمة المطلقة إذا كانت ممن لا تحيض من صغر أو كبر ومثلها
يوطأ وقد دخل بها في قول مالك (قال) ثلاثة أشهر [أشهب] عن سفيان بن
عيينة أن صدقة بن يسار حدثه أن عمر بن عبد العزيز سأل في امرأته على المدينة في
كم يتبين الولد في البطن فاجتمع له على أنه لا يتبين حتى يأتي عليه ثلاثة أشهر فقال
عمر لايبرئ الأمة إذا لم تحض أو كانت قد يئست من المحيض الا ثلاثة أشهر
[ابن وهب] عن الليث بن سعد أن أيوب بن موسى حدثه عن ربيعة أنه قال
تستبرئ الأمة إذا طلقت وقد قعدت من المحيض بثلاثة أشهر والتي تطلق ولم تحض
تستبرئ بثلاثة أشهر والأمة التي تباع ولم تحض أو قد يئست بثلاثة أشهر إذا خشي منها
الحمل وكان مثلها يحمل [ابن وهب] وقال الليث حدثني يحيى بن سعيد أن التي لم
تحض من الإماء إذا طلقت تعتد بثلاثة أشهر إلا أن تعرك عركتين يعلم الناس أن قد
استبرأت رحمها قبل ذلك فان انقضت الثلاثة الأشهر الاستبراء ثم حاضت حيضة
اعتدت بحيضة أخرى والتي تباع منهن تعتد بثلاثة أشهر إلا أن تحيض حيضة قبل ذلك
والمتوفى عنها زوجها من الإماء اللاتي لم يحضن تعتد أربعة أشهر وعشرا إلا أن تحيض
حيضة قبل شهرين وخمسة أيام فذلك يكفيها [أشهب] عمن يثق به أن الأوزاعي حدثه
عن ابن شهاب أنه قال عدة الأمة البكر التي لم تحض ثلاثة أشهر [أشهب] قال قال
سليمان بن بلال سمعت ربيعة ويحيى بن سعيد يقولان عدة الحرة والأمة اللتين لم
يبلغا المحيض واللتين قد يئستا من المحيض ثلاثة أشهر إذا طلقها زوجها أو باعها رجل
كان يصيبها [قال ابن وهب] وقد قال عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وابن
شهاب وبكير بن الأشج في عدة الأمة التي قد يئست من المحيض والتي لم تبلغ المحيض
ثلاثة أشهر (وقال) مالك مثله [قلت] أرأيت المرأة إذا بلغت ثلاثين سنة ولم تحض
قط أو أربعين سنة ولم تحض قط أو عشرين سنة ولم تحض قط فطلقها زوجها أتعتد
425

الشهور أم لا وكم عدتها في قول مالك (قال) سألت مالكا عنها فقال تعتد بالشهور
وهي ممن دخل في كتاب الله في هذه الآية واللائي لم يحضن. فعدتهن ثلاثة أشهر
وان بلغت ثلاثين سنة إذا كانت لم تحض قط [قلت] أرأيت ان بلغت عشرين
سنة ولم تحض أتعتد بالشهور (قال) نعم قال وكل من لم تحض قط فطلقها زوجها
وهي بنت عشرين أو أقل من ذلك أو أكثر فإنما تعتد بالشهور وهي في هذه الآية لم
تخرج منها بعد قول الله تبارك وتعالى واللائي لم يحضن وهي إذا كانت لم تحض قط
فهي في هذه الآية حتى إذا حاضت فقد خرجت من هذه الآية فان ارتفع عنها الدم
وقد حاضت مرة أو أكثر من ذلك وهي في سن من تحيض فعليها أن تعتد سنة كما
وصفت لك وهذا قول مالك
{ما جاء في عدة المرتابة والمستحاضة}
[قلت] أرأيت ان كانت صغيرة لم تحض فطلقها زوجها فاعتدت شهرين ثم حاضت
كيف تصنع في قول مالك (قال) ترجع إلى الحيض وتلغي الشهرين [قلت] أرأيت
ان كانت يئست من الحيض فطلقها زوجها فاعتدت بالشهور فلما اعتدت شهرين
حاضت (قال) قال مالك يسئل عنها النساء وينظرن فإن كان مثلها يحيض رجعت إلى
الحيض وإن كان مثلها لا يحيض لأنها قد دخلت في سن من لا تحيض من النساء فرأت
الدم (قال مالك) ليس هذا بحيض ولتمض على الشهور ألا ترى ان بنت سبعين
سنة وبنت ثمانين وبنت تسعين إذا رأت الدم لم يكن ذلك حيضا [قلت] أرأيت
الرجل إذا طلق امرأته ولم تحض قط وهي بنت ثلاثين سنة فكانت عدتها عند
مالك بالشهور كما وصفت لي أرأيت ان حاضت بعد ما اعتدت بشهرين (قال) تنتقل
إلى عدة الحيض [قلت] فان ارتفع الحيض عنها (قال) تنتقل إلى عدة السنة كما
وصفت لك تسعة أشهر من يوم انقطع الدم عنها ثم ثلاثة أشهر وعدتها من الطلاق
إنما هي الأشهر الثلاثة التي بعد التسعة والتسعة إنما هي استبراء [قلت] وهذا
قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت إذا طلق الرجل امرأته ومثلها تحيض فارتفعت
426

حيضتها (قال) قال مالك تجلس سنة من يوم طلقها زوجها فإذا مضت سنة فقد حلت
[قلت] فان جلست سنة فلما قعدت عشرة أشهر رأت الدم (قال) ترجع إلى الحيض
قال فان انقطع عنها الحيض فإنها ترجع أيضا إذا انقطع الدم عنها فتقعد أيضا سنة من
يوم انقطع الدم عنها من الحيضة التي قطعت عليها عدة السنة [قلت] فان اعتدت
أيضا بالسنة ثم رأت الدم (قال) تنتقل إلى الدم [قلت] فان انقطع الدم عنها (قال)
تنتقل إلى السنة [قلت] فان رأت الدم (قال) إذا رأيت الدم المرة الثالثة فقد
انقضت عدتها لأنها قد حاضت ثلاث حيض وإن لم ترد الحيضة الثالثة وقد تمت
السنة فقد انقضت عدتها بالسنة وهذا قول مالك [قلت] لم قال مالك عدة المرأة
التي طلقها زوجها وهي ممن تحيض فرفعتها حيضتها لم قال تعتد سنة (قال) قال
مالك تسعة أشهر للريبة والثلاثة أشهر هي العدة التي بعد التسعة التي كانت للريبة
(قال مالك) وكل عدة في طلاق فإنما العدة بعد الريبة وكل عدة في وفاة فهي قبل
الريبة والريبة بعد العدة وذلك أن المرأة إذا هلك عنها زوجها فاعتدت أربعة أشهر
وعشرا فاسترابت نفسها انها تنتظر حتى تذهب الريبة عنها فإذا ذهبت الريبة فقد
حلت للأزواج والعدة هي الشهور الأربعة الأول وعشرة أيام [ابن وهب وأشهب]
عن مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد ويزيد بن قسيط حدثاه عن ابن المسيب أنه
قال قال عمر بن الخطاب أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها
حيضتها فإنها تنتظر تسعة أشهر فان بان حمل فذاك والا اعتدت بعد التسعة بثلاثة
أشهر ثم قد حلت [ابن وهب] عن عمرو بن الحارث يأن يحيى بن سعيد حدثه أنه
سمع سعيد بن المسيب يقول قضى عمر بن الخطاب بذلك (قال عمرو) فقلت ليحيى
ابن سعيد أتحسب في تلك السنة ما خلا من حيضتها (قال) لا ولكنها تأتنف السنة
حتى توفى السنة [أشهب] عن ابن لهيعة أن ابن هبيرة حدثه عن أبي تميم الجيشاني
أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة تطلق فتحيض حيضة أو حيضتين ثم ترتفع حيضتها أن
تتربص تسعة أشهر استبراء للرحم وثلاثة أشهر كما قال الله عز وجل [قلت] أرأيت لو
427

أن رجلا اشترى جارية وهي ممن تحيض فرفعتها حيضتها (قال) تعتد ثلاثة أشهر
من يوم اشتراها [قلت] فان استرابت (قال) ينتظر بها تسعة أشهر فان حاضت
فبها والا فقد حلت [قلت] ولا يكون على سيدها أن يستبرئها بثلاثة أشهر بعد
التسعة الأشهر التي جعلها استبراء من الريبة (قال) ليس عليه أن يستبرئها بثلاثة أشهر
بعد التسعة الأشهر الريبة لان الثلاثة الأشهر قد دخلت في هذه التسعة فلا تشبه هذه
الحرة لأن هذه لا عدة عليها وإنما عليها الاستبراء فإذا مضت التسعة فقد استبرأت
ألا ترى أنه إنما على سيدها إذا كانت ممن تحيض حيضة واحدة فهذا إنما هو استبراء
ليعلم به ما في رحمها ليس هذه عدة فالتسعة الأشهر إذا مضت فقد استبرئ رحمها فلا
شئ عليه بعد ذلك [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت المرأة إذا طلقها
زوجها فرأت الدم يوما أو يومين أو ثلاثة ورأت الطهر يوما أو يومين أو ثلاثة أو خمسة
ثم رأت الدم بعد ذلك يوما أو يومين فصار الدم والطهر يختلطان (قال) قال مالك إذا
اختلط عليها الدم بحال ما وصفت كانت هذه مستحاضة إلا أن يقع بين الدمين من
الطهر ما في مثله يكون طهرا فإذا وقع بين الدمين ما يكون طهرا اعتدت قروءا وان
اختلط عليها الدم بحال ما وصفت ولم يقع بين الدمين ما يكون طهرا فإنها تعتد عدة
المستحاضة سنة كاملة ثم قد حلت للأزواج [قلت] وما عدة الأيام التي لا تكون
بين الدمين طهرا (فقال) سألت مالكا فقال الأربعة الأيام والخمسة وما قرب فلا أرى
ذلك طهرا وان الدم بعضه من بعض إذا لم يكن بينهما من الطهر الا أيام يسيرة الخمسة
ونحوها [أشهب] عن ابن؟؟ عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن الخطاب قال
عدة المستحاضة سنة [قال أشهب] قال لي ابن لهيعة قال لي يزيد بن أبي حبيب
عدة المستحاضة سنة [مالك بن أنس] عن ابن شهاب عن ابن المسيب أنه قال عدة
المستحاضة سنة (وقال) ذلك مالك قال والحرة والأمة في ذلك سواء
{ما جاء في المطلقة ثلاثا أو واحدة يموت زوجها وهي في العدة}
[قلت] أرأيت ان طلق امرأته ثلاثا في مرضه ثم مات وهي في العدة أتعتد عدة
428

الوفاة تستكمل في ذلك ثلاث حيض أم لا (قال) قال مالك ليس عليها أن تعتد عدة
الوفاة وإنما عليها أن تعتد عدة الطلاق ولها الميراث [قلت] فإن كان طلقها واحدة
أو اثنتين وهو صحيح أو مريض ثم مات وهي في العدة أنتقل إلى عدة الوفاة (قال)
نعم ولها الميراث [ابن وهب] عن الليث بن سعد أن بكير بن عبد الله حدثه عنن
سليمان بن يسار أنه قال يقال إنما آخر الأجلين أن يطلق الرجل المرأة تطليقة أو
تطليقتين ثم يموت قبل أن تنقضي عدتها من طلاقه فتعتد من وفاته فأما الرجل يطلق
امرأته البتة ثم يموت وهي في عدتها فإنما هي على عدة الطلاق [ابن وهب] عن عمرو
ابن الحارث عن يحيى بن سعيد بذلك (قال عمرو) وقال يحيى على ذلك أمر الناس في هذه
المطلقة واحدة أو اثنتين [ابن وهب] عن يزيد بن عياض عن عمر بن عبد العزيز
مثله وقال ترثه ما لم تحرم عليه بثلاث تطليقات أو فدية فإن كانت حرمت عليه فلا
ميراث لها وهذا في طلاق الصحيح (قال عمرو) لا عدة عليها الا عدة الطلاق أو عدة
الفدية (قال بكير) وقال مثل قول سليمان بن يسار في آخر الأجلين عبد الله بن
عباس وابن شهاب
{ما جاء في عدة المتوفى عنها زوجها}
[قلت] أرأيت المرأة إذا بلغها وفاة زوجها من أين تعتد أمن يوم بلغها أو من يوم
مات الزوج (قال) قال مالك من يوم مات الزوج [قلت] فإن لم يبلغها حتى أنقضت
عدتها أيكون عليها من الاحداد شئ أم لا (قال مالك) لا احداد عليها إذا لم يبلغها
الا بعد ما تنقضي عدتها (وقال مالك) فيمن طلق امرأته وهو غائب فلم يبلغها
طلاقها حتى أنقضت عدتها انه ان ثبت على طلاقه إياها بينة كانت عدتها من يوم
طلق وإن لم يكن الا قوله لم يصدق واستقبلت عدتها ولا رجعة له عليها وما أنفقت
من ماله بعد ما طلقها قبل أن تعلم فلا غرم عليها لأنه فرط [ابن وهب] عن عبد
الله بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر قال تعتد المطلقة والمتوفى عنها زوجها من يوم
طلق ومن يوم توفى عنها [ابن وهب] عن رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب
429

وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب وابن قسيط وأبى الزناد وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد مثله قال يحيى وعلى ذلك عظم أمر الناس [ابن لهيعة] عن
عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار أنه قال إذا قال الرجل
لامرأته قد طلقتك منذ كذا وكذا لم يقبل قوله واعتدت من يوم يعلمها الطلاق إلا أن
يقيم على ذلك بينة فان أقام بينة كان من يؤمن طلقها وقاله ابن شهاب
{ما جاء في الاحداد}
[قلت] هل على المطلقة احداد (قال) قال مالك لا احداد على المطلقة مبتوتة
كانت أو غير مبتوتة وإنما الاحداد على المتوفى عنها زوجها وليس على المطلقات شئ
من الاحداد [ابن وهب] عن يونس بن يزيد أنه سأل ربيعة عن المطلقة المبتوتة
ما تجتنبه من الحلي والطيب فقال لا يجتنب شئ من ذلك [رجال من أهل العلم]
عن عبد الله بن عمر وأبى الزناد وعطاء بن أبي رباح مثله (وقال) عبد الله بن عمر
تكتحل وتتطيب وتتزين وتغايظ بذلك زوجها [قلت] فهل على النصرانية احداد
في الوفاة إذا كانت تحت مسلم في قول مالك (قال) نعم عليها الاحداد وكذلك قال
لي مالك (وقال ابن نافع) عن مالك لا احداد عليها [قلت] ولم جعل مالك عليها
الاحداد وهي مشركة (قال) قال مالك إنما رأيت عليها الاحداد لأنها من أزواج
المسلمين فقد وجبت عليها العدة [قلت] وكذلك أمة قوم مات عنها زوجها أيكون
عليها الاحداد في قول مالك (قال) نعم عليها الاحداد وتعتد حيث كانت تسكن ان
كانت تبيت عند زوجها وتكون النهار عند أهلها اعتدت في ذلك المسكن الذي كانت
تبيت فيه مع زوجها وان كانت في غير مسكن مع زوجها ولا تبيت معه إنما كانت
في بيت مواليها فيه تبيت إلا أن زوجها يغشاها حيث أحب ولم تكن معه في مسكن
فعليها أن تعتد في بيت مواليها حيث كانت تبيت وتكون وليس لمواليها أن يمنعوها
من الاحداد ولا من المبيت في الموضع الذي تعتد فيه وان باعوها فلا يبيعوها الا لمن
لا يخرجها من الموضع الذي تعتد فيه (قال) وهذا قول مالك [ابن وهب] قال
430

يونس وقال ابن شهاب تعتد في بيتها الذي طلقت فيه [قلت] فهل يكون لهم أن
يخرجوها إلى السوق للبيع في العدة بالنهار قال نعم [قلت] سمعته من مالك
(قال ابن القاسم) قال مالك هي تخرج في حوائج أهلها بالنهار فكيف لا تخرج للبيع
[قلت] فان أرادوا أن يزينوها للبيع (قال ابن القاسم) قال مالك لا يلبسوها من
الثياب المصبغة ولا من الحلي شيئا ولا يطيبوها بشئ من الطيب وأما الزيت فلا بأس
به ولا يصنعوا بها مالا يجوز للحاد أن تفعله بنفسها (قال) ولا بأس أن يلبسوها من
الثياب البياض ما أحبوا رقيقه وغليظه (فقلنا) لمالك في الحاد فهل تلبس الثياب المصبغة
من هذه الدكن والصفر والمصبغات بغير الورس والزعفران والعصفر (قال) لا تلبس
شيئا منه لا صوفا ولا قطنا ولا كتانا صبغ بشئ من هذا إلا أن تضطر إلى ذلك من
برد أولا تجد غيره (وقال) ربيعة بن أبي عبد الرحمن تتقى الأمة المتوفى عنها زوجها
من الطيب ما تتقى الحرة [الليث بن سعد وأسامة بن زيد] عن نافع أن عبد الله بن
عمر قال إذا توفى عن المرأة زوجها لم تكتحل ولم تتطيب ولم تختضب ولم تلبس المعصفر
ولم تلبس ثوبا مصبوغا الا بردا ولا تتزين بحلي ولا تلبس شيئا تريد به الزينة حتى تحل
ولا تكتحل بكحل تريد به الزينة إلا أن تشتكي عينيها ولا تبيت عن بيتها حتى تحل
وبعضهم يزيد على بعض [ابن وهب] عن رجال من أهل العلم عن ابن المسيب
وعروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن وابن شهاب وربيعة وعطاء بن أبي رباح
ويحيى بن سعيد أن المتوفى عنها زوجها لا تلبس حليا ولا تلبس ثوبا مصبوغا بشئ من
الصباغ (وقال عروة) إلا أن تصبغه بسواد (وقال عطاء) لا تمس بيدها طيبا مسيسا
(وقال ربيعة) تتقى الطيب كله وتتقى من الملبوس ما كان فيه طيب وتتقى شهرة الثياب
ولا تحنط بالطيب ميتا (قال ربيعة) ولا أعلم إلا أن على الصبية المتوفى عنها زوجها أن
تجتنب ذلك كله [قلت] فهل كان مالك يرى عصب اليمن بمنزلة هذا المصبوغ بالدكنة
والحمرة والخضرة والصفرة أم يجعل عصب اليمن مخالفا لهذا (قال) رقيق عصب اليمن
بمنزلة هذه الثياب المصبغة وأما غليظ عصب اليمن فان مالكا وسع فيه ولم يره بمنزلة
431

المصبوغ [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن محمد
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لا يحل لمؤمنة تحد على ميت فوق
ثلاثة أيام الا على زوج فإنها تعتد أربعة أشهر وعشرا لا تلبس معصفرا ولا تقرب طيبا
ولا تكتحل ولا تلبس حليا وتلبس ان شاءت ثياب العصب [قلت] أرأيت الصبية
الصغيرة هل عليها احداد في قول مالك قال نعم [قلت] والأمة والمكاتبة وأم الولد
والمدبرة إذا مات عنهن أزواجهن في الاحداد في العدة والحرة سواء (قال) نعم
في قول مالك أن أمد عدة الحرة ما قد علمت وأمد عدة الأمة ما قد علمت على
النصف من أمد عدة الحرائر وأم الولد والمكاتبة بمنزلة الأمة في أمد عدتها في قول
مالك [قلت] أرأيت الحاد هل تلبس الحلي في قول مالك (قال) قال مالك
لا ولا خاتما ولا خلخالا ولا سوارا ولا قرطا (قال مالك) ولا تلبس خزا
ولا حريرا مصبوغا ولا ثوبا مصبوغا بزعفران ولا عصفر ولا خضرة ولا غير
ذلك [قال] فقلنا لمالك فهذه الجباب التي تلبسها الناس للشتاء التي تصبغ بالدكن
والخضر والصفر والحمر وغير ذلك (قال) ما يعجبني أن تلبس الحاد شيئا من هذا
إلا أن لا تجد غير ذلك فتضطر إليه [قال] فقلنا لمالك فالجباب الصوف الخضر
والصفر والحمر وغير ذلك هل تلبسه الحاد (قال) لا يعجبني إلا أن لا تجد غير
ذلك وتضطر إليه (قال مالك) ولا خير في العصب الا الغليظ منه فلا بأس بذلك (قال
مالك) ولا بأس أن تلبس من الحرير الا بيض [قلت] فهل تدهن الحاد رأسها بالزئبق
أو بالخبر (1) أو بالبنفسج (قال) قال مالك لا تدهن الحاد الا بالحل يريد الشيرج أو
بالزيت ولا تدهن بشئ من الادهان المربية (2) (قال مالك) ولا تمشط بشئ من الحناء
ولا الكتم (3) ولا بشئ مما يختمر في رأسها [مالك] ان أم سلمة زوج النبي صلى الله

(1) (بالخبر) وزان كتف هو السدر (2) (المرببة) بباءين مفتوحين مع تشديد
أولاها أي المصلحة بالطيب اه‍ (3) (والكتم) بفتح الكاف والتاء المثناة صبغة
تحمر الشعر اه‍
432

عليه وسلم كانت تقول تجمع الحاد رأسها بالسدر (قال) وسئلت أم سلمة أتمشط الحاد
بالحناء فقالت لا ونهت عن ذلك (قال مالك) ولا بأس أن تمشط بالسدر وما أشبهه
مما لا يختمر في رأسها (قال) فقلت لمالك هل تلبس الحاد البياض الجيد الرقيق منه قال
نعم [قال] فقلنا لمالك فهل تلبس الحاد الشطوى والقصبى والقرقى الرقيق من الثياب
فلم ير بذلك بأسا ووسع في البياض كله للحاد رقيقه وغليظه [قلت] أرأيت الحاد
أتكتحل في قول مالك لغير زنية (قال) قال مالك لا تكتحل الحاد إلا أن تضطر
إلى ذلك فان اضطرت فلا بأس بذلك وإن كان فيه طيب ودين الله يسر [قلت]
أرأيت الحاد إذا لم تجد الا ثوبا مصبوغا أتلبسه ولا تنوي به الزينة أم لا تلبسه (قال)
إذا كانت في موضع تقدر على بيعه والاستبدال به لم أر لها أن تلبسه وان كانت في
موضع لا تجد البدل فلا بأس أن تلبسه إذا اضطرت إليه لعرية تصيبها وهذا رأيي
لان مالكا قال في المصبوغ كله الجباب من الكتان والصوف الأخضر والأحمر انها
لا تلبسه إلا أن تضطر إليه فمعنى الضرورة إلى ذلك إذا لم تجد البدل فإن كانت في
موضع تجد البدل فليست بمضطرة إليه [ابن وهب] عن عبد الله بن عمر ومالك بن
أنس والليث أن نافعا حدثهم عن صفية بنت أبي عبيد حدثته عن عائشة أو عن
حفصة أو عن كلتيهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يحل لامرأة
تؤمن بالله وبرسوله أو تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاثة أيام
الا على زوجها [مالك] عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن حميد بن نافع أن زينب
بنت أبي سلمة أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة أخبرته أنها دخلت على أم حبيبة زوج
النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى أبوها أبو سفيان فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة
خلوق أو غيره فدهنت جارية منه ثم مست بعارضيها ثم قالت والله مالي بالطيب من
حاجة غير أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لامرأة تؤمن بالله
واليوم الآخر أن تحد على أحد فوق ثلاث ليال الا على زوج أربعة أشهر وعشرا قال حميد
قالت زينب ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفى أخوها فدعت بطيب فمست
433

منه ثم قالت أما والله مالي بالطيب من حاجة غير أنى سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول على المنبر لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت
فوق ثلاث ليال الا على زوج أربعة أشهر وعشرا قال حميد قالت زينب سمعت أمي
أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم
امرأة فقالت يا رسول الله ان ابنتي توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينيها أفتكحلها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قالت يا رسول الله انها قد اشتكت عينيها أفتكحلها
قال لا قالت يا رسول الله انها قد اشتكت عينيها أفتكحلها قال لا مرتين أو ثلاثا كل
ذلك يقول لا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد
كانت أحدا كن في الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول قال حميد فقلت لزينب وما
قوله ترمى بالبعرة على رأس الحول فقالت كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها
دخلت حفشا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى يمر بها سنة ثم يؤتى بدابة
حمار أو شاة أو طير فتفتض به فقلما تفتض بشئ الا مات ثم تخرج فتعطى بعرة
فترمى بها من وراء ظهرها ثم تراجع بعد ما شاءت من الطيب وغيره
{ما جاء في الاحداد في عدة النصرانية والإماء من الوفاة}
[قلت] أرأيت النصرانية تكون تحت المسلم فيموت عنها أيكون عليها الاحداد كما
يكون على الحرة المسلمة (قال) سألنا مالكا عنها فقال نعم عليها الاحداد لان عليها العدة
(قال مالك) وهي من الأزواج وهي تجبر على العدة [قلت] وكذلك المدبرة والأمة
وأم الولد والصبية الصغيرة إذا مات عنهن أزواجهن هل عليهن الاحداد مثل ما على
الحرة الكبيرة المسلمة (قال) قال مالك نعم عليهن الاحداد مثل ما على الحرة المسلمة
البالغة [قلت] أرأيت امرأة الذمي إذا مات عنها زوجها وقد دخل بها زوجها أولم
يدخل بها أعليها العدة أم لا (قال) قال لي مالك ان أراد المسلم أن يتزوجها فإن لم
يكن دخل بها الذمي فلا عدة عليها وليتزوجها ان أحب مكانه (قال) ولم ير مالك
لها عدة في الوفاة ولا في الطلاق وإن كان قد دخل بها زوجها إلا أن عليها الاستبراء
434

بثلاث حيض [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن أنه سمع القاسم
ابن محمد يخبر عن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أمها أم سلمة زوج النبي صلى الله
عليه وسلم أخبرتها أن بنت نعيم بن عبد الله العدوي أتت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقالت إن ابنتي توفى عنها زوجها وكانت تحت المغيرة المخزومي وهي محد
وهي تشتكي عينيها أفتكتحل قال لا ثم صمتت ساعة ثم قالت ذلك أيضا وقالت إنها
تشتكي عينيها فوق ما تظن أفتكتحل قال لا ثم قال لا يحل لمسلمة تحد فوق ثلاثة
أيام الا على زوج ثم قال أوليس كنتن في الجاهلية تحد المرأة سنة ثم تجعل في بيت
وحدها على ذنبها ليس معها أحد الا تطعم وتسقى حتى إذا كان رأس السنة
أخرجت ثم أتيت بكلب أو دابة فإذا أمسكتها ماتت الدابة فخفف الله ذلك عنكن
فجعل أربعة أشهر وعشرا. فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلمة فالأمة
من المسلمات وهي ذات زوج. لابن وهب
{ما جاء في عدة الأمة}
[قلت] أرأيت الأمة تكون تحت الرجل المسلم فيطلقها تطليقة يملك الرجعة أو
طلاقا بائنا فاعتدت حيضة واحدة ثم أعتقت أو اعتدت شهرا واحدا ثم أعتقت
أتنتقل إلى عدة الحرائر في قول مالك أم تبنى على عدتها (قال) قال مالك تبنى على
عدتها ولا تنتقل إلى عدة الحرائر [قلت] وسواء كان الطلاق يملك فيه الرجعة
أم لا (قال) نعم ذلك سواء في قول مالك تبنى ولا تنتقل إلى عدة الحرائر [قلت]
أرأيت الأمة إذا مات عنها زوجها فلما اعتدت شهرا أو شهرين أعتقها سيدها أتنتقل
إلى عدة الحرائر أم تبنى على عدة الإماء وكيف هذا في قول مالك (قال) قال مالك
تبنى على عدتها ولا ترجع إلى عدة الحرائر
{ما جاء في عدة أم الولد}
[قلت] ما قول مالك في عدة أم الولد إذا مات عنها زوجها أو طلقها (قال) قال مالك
435

عدتها إذا مات عنها زوجها أو طلقها بمنزلة عدة الإماء [قلت] أرأيت ان كانت أم
ولد لرجل زوجها سيدها من رجل فهلك الزوج والسيد ولا يعلم أيهما هلك أولا (قال)
لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن تعتد بأكثر العدتين أربعة أشهر وعشرا
مع حيضة في ذلك لا بد منها [قال سحنون] وهذا إذا كان بين الموتين أكثر
من شهرين وخمس ليال وإن كان بين الموتين أقل من شهرين وخمس ليال اعتدت
أربعة أشهر وعشرا [قالت] أرأيت ان جهل ذلك فلم يعلم أيهما مات أولا الزوج
أو السيد أنورثها من زوجها أم لا (قال) قال مالك لا ميراث لها من زوجها حتى
يعلم أن سيدها مات قبل زوجها [ابن لهيعة] عن عبيد الله بن أبي جعفر عن ابن
شهاب أن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت قالوا طلاق العبد تطليقتان
ان كانت امرأته حرة أو أمة وعدة الأمة حيضتان إن كان زوجها حرا أو عبدا
وقاله ابن شهاب [ابن المسيب] وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد عدة الأمة
حيضتان (وقال) سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح وابن قسيط
والحسن البصري عدة الأمة إذا توفي عنها زوجها شهران وخمس ليال [قلت]
أرأيت عدة أم الولد والمكاتبة والمدبرة إذا طلقهن أزواجهن أو ماتوا عنهن كم ذلك
في قول مالك (قال) بمنزلة عدة الأمة في جميع ذلك
{ما جاء في عدة أم الولد يموت عنها سيدها أو يعتقها}
[قلت] أرأيت أم الولد إذا مات عنها سيدها كم عدتها (قال) قال مالك عدتها
حيضة [قال] فقلت لمالك فان هلك وهي في دم حيضتها (قال) لا يجزئها ذلك الا
بحيضة أخرى [قال] فقلت لمالك فلو كان غاب عنها زمانا ثم حاضت حيضا كثيرة
ثم هلك في غيبته (قال) لا يجزئها حتى تحيض حيضة بعد وفاته ولو كان ذلك يجزئ
أم الولد لأجزأ الحرة إذا حاضت حيضا كثيرة وزوجها غائب فطلقها وإنما جاء
الحديث عدة أم الولد حيضة إذا هلك عنها سيدها فإنما تكون هذه الحيضة بعد الوفاة
كان غائبا عنها أو اعتزلها وهي عنده أو مات وهي حائض فذلك كله لا يجزئها إلا أن
436

تحيض حيضة بعد موته [قلت] ما فرق ما بين أم الولد في الاستبراء وبين الأمة
وقد قال مالك في الأمة إذا اشتراها الرجل في أول الدم أجزأتها تلك الحيضة
فما بال استبراء أمهات الأولاد إذا مات عنهن ساداتهن لا يجزئهن مثل ما يجزئ هذه
الأمة التي اشتريت (قال) لان أم الولد قد اختلفوا فيها فقال بعض العلماء عليها أربعة
أشهر وعشر وقال بعضهم ثلاث حيض وليست الأمة بهذه المنزلة لان أم الولد هاهنا
عليها العدة وعدتها هذه الحيضة بمنزلة ما تكون عدة الحرائر ثلاث حيض فكذلك
هذا عندي أيضا [قلت] أرأيت أم الولد إذا كانت لا تحيض فأعتقها سيدها أو
مات عنها (قال) قال مالك عدتها ثلاثة أشهر [قلت] أرأيت أم الولد إذا زوجها
سيدها فمات عنها سيدها أيكون على زوجها أن يستبرئ أو يصنع بها شيئا في قول
مالك. قال لا (قلت) ويكون للسيد أن يزوج أم ولده أو جارية كان يطؤها قبل أن
يستبرئها (قال) قال مالك لا يجوز له أن يزوجها حتى يستبرئها (قال مالك) ولا يجوز النكاح
الا نكاحا يجوز فيه الوطئ الا في الحيض وما أشبهه فان الحيض يجوز النكاح فيه
وليس له أن يطأ وكذلك دم النفاس [قلت] أرأيت ان زوج أم ولده ثم مات
الزوج عنها (قال) قال مالك تعتد عدة الوفاة من زوجها شهرين وخمس ليال
ولا شئ عليها عند مالك [قلت] فان انقضت عدتها من زوجها فلم يطأها سيدها
حتى مات السيد هل عليها حيضة أم لا وهل هي بمنزلة أمهات الأولاد إذا هلك
عنهن ساداتهن أم لا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنى
أرى عليها العدة بحيضة وإن كان سيدها ببلد غائبا يعلم أنه لم يقدم البلد الذي هي فيه فأرى
العدة عليها بحيضة. ومما يبين ذلك عندي أن لو أن زوجها هلك عنها ثم انقضت عدتها
ثم أتت بعد ذلك بولد ثم زعمت أنه من سيدها رأيت أن يلحق به إلا أن يدعى السيد
أنه لم يطأها بعد الزوج فتبرأ فذلك بمنزلة ما لو كانت عنده فجاءت بولد فانتفى منه
وادعى الاستبراء ولو أن أم ولد رجل هلك عنها زوجها فاعتدت فانقضت عدتها
وانتقلت إلى سيدها ثم مات سيدها عنها فجاءت بولد بعد ذلك بسنة أيكون الحمل
437

من سيدها فادعت أنه منه لحق به لأنها أم ولده وقد أغلق عليها بابه وخلا بها إلا أن يقول السيد لم أمسها بعد موت زوجها فلا يلحق به الولد [قلت] أرأيت أم
الولد إذا مات عنها سيدها ماذا عليها (قال) قال مالك حيضة [قال] فقلت لمالك فهل
عليها احداد في وفاة سيدها (قال مالك) ليس عليها احداد (قال مالك) ولا
أحب لها أن تواعد أحدا ينكحها حتى تحيض حيضتها [قلت] فهل تبيت عن بيتها
(قال) بلغني عن مالك أنه قال لا تبيت الا في بيتها [قلت] أرأيت أم الولد إذا مات
عنها سيدها فجاءت بولد بعد موته لمثل ما تلد له النساء أيلزم ذلك الولد سيدها أم لا
(فقال) قال مالك يلزم ذلك الولد سيدها [قلت] وكل ولد جاءت به أم ولد رجل
أو أمة رجل أقر بوطئها وهو حي لم يمت فالولد لازم له وليس له أن ينتفى منه إلا أن
يدعى الاستبراء فينتفى منه ولا يكون عليه اللعان في قول مالك (قال) نعم كذلك
قال مالك [قلت] وكذلك لو أقر بوطئ أمته ثم مات فجاءت بولد لمثل ما تلد له
النساء جعلته ابن الميت وجعلتها به أم ولد (قال) نعم وهو قول مالك [قلت]
وكذلك أن أعتق جارية قد كان وطئها أو أعتق أم ولده فجاءت بولد لمثل ما تلد له
النساء من يوم أعتقها أيلزمه الولد أم لا في قول مالك (قال) يلزمه الولد عند مالك
إذا ولدته لمثل ما تلد له النساء إلا أن يدعى أنه استبرأ قبل أن يعتق فلا يلزمه الولد
ولا يكون بينهما لعان وهو قول مالك [قلت] ولم رفع مالك اللعان فيما بين هذه
وبين والد الصبي وهذه حرة (قال) لان هذا الحبل ليس من نكاح إنما هو من
حبل ملك يمين وليس في حبل ملك اليمين لعان في قول مالك إنما يلزمه أن ينتفى منه
بلا لعان وذلك إذا ادعى الاستبراء [ابن القاسم] عن مالك عن نافع حدثه أن عبد الله
ابن عمر قال عدة أم الولد إذا هلك عنها سيدها حيضة (قال يحيى بن سعيد) وقال
القاسم بن محمد عدتها حيضة إذا توفى عنها سيدها [أشهب] عن يحيى بن سليم أن
هشام بن حسان حدثه أنه سمع الحسن البصري يقول عدة السرية حيضة إذا مات
عنها سيدها وأن زيد بن ثابت قال لتستبرئ الأمة رحمها إذا مات عنها سيدها بحيضة
438

واحدة ولدت منه أو لم تلد [الليث بن سعد] عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال
في عدة أمهات الأولاد من وفاة ساداتهن ما كنا نعلم أن لهن عدة غير الاستبراء
وقد بلغنا ما بلغك ولا يعلم الجماعة الا على الاستبراء (وقال نافع) وقد أعتق ابن عمر
أم ولد له فلما حاضت حيضة زوجنيها (وقال سليمان بن يسار) عدة أم الولد من
سيدها إذا مات عنها حيضة إلا أن تكون حاملا فحين تضع وان أعتقها فحيضة
{ما جاء في الرجل يواعد المرأة في عدتها}
[قال] وسمعت مالكا يقول أكره أن يواعد الرجل الرجل في وليته أو في أمته
أن يزوجهما إياه وهما في عدة من طلاق أو وفاة [ابن وهب] عن يونس عن ابن
شهاب قال لا يواعدها أن تنكحه ولا تعطيه ميثاقا ولا يعطيها حتى يبلغ الكتاب أجله
فهو انقضاء عدتها. والقول المعروف التعريض والتعريض انك لنافقة وانك لآل خير
واني بك لمعجب وانى لك لمحب وان يقدر أمر يكن (قال) هذا التعريض انه لا بأس
به قال ابن شهاب وابن قسيط وعطاء ومجاهد وغيرهم (وقال بعضهم) لا بأس أن
يهدى لها [ابن وهب] عن محمد بن عمرو عن ابن؟؟ قال قلت لعطاء أيواعد وليها
بغير علمها فإنها مالكة لأمرها قال أكرهه [قال ابن حريج] قال عبد الله بن
عباس في المرأة المتوفى عنها زوجها التي يواعدها الرجل في عدتها ثم تتم له قال خير له
أن يفارقها [وقال مالك] في الرجل يخطب المرأة في عدتها جاهلا بذلك ويسمى
الصداق ويواعدها قال فراقها أحب إلى دخل بها أم لم يدخل ويكون تطليقة واحدة
من غير أن يستثنى فيما بينهما ثم يدعها حتى تحل ثم يخطبها مع الخطاب [وقال
أشهب] عن مالك في الذي يواعد في العدة ثم يتزوج بعد العدة انه يفرق بينهما دخل
بها أو لم يدخل
{ما جاء في عدة المطلقة تتزوج في عدتها}
[قلت] أرأيت المرأة يطلقها زوجها طلاقا بائنا بخلع فتزوجت في عدتها فعلم بذلك
439

وفرق بينهما (قال) كان مالك يقول الثلاث حيض تجزئ من الزوجين جميعا من
يوم دخل بها الآخر ويقول قد جاء عن عمر ما قد جاء. يريد أن عمر قال تعتد بقية عدتها
من الأول ثم تعتد عدتها من الآخر (قال) وأما في الحمل فان مالكا قال إذا كانت حاملا
أجزأ عنها الحمل من عدة الزوجين جميعا [قلت] هل يكون للزوج الأول أن
يتزوجها في عدتها من الآخر في قول مالك ان كانت قد انقضت عدتها من الأول
قال لا [قلت] أرأيت المرأة يطلقها زوجها طلاقا يملك الرجعة فتتزوج في عدتها
فيراجعها زوجها الأول في العدة من قبل أن يفرق بينها وبين الآخر أو بعد ما فرق
بينها وبين الآخر (قال) قال مالك رجعة الزوج رجعة إذا راجعها وهي في العدة
وتزويج الآخر باطل ليس بشئ إذا كانت لم تنقض عدتها منه إلا أن الزوج إذا
راجعها لم يكن له أن يطأها حتى يستبرئها من الماء الفاسد بثلاث حيض إن كان قد
دخل بها الآخر [قال سحنون] قلت لغيره فهل يكون هذا متزوجا في عدة
(قال) نعم ألا ترى أنه يصيب في عدة وإن كان لزوجها عليها الرجعة إن لم يستحدث
زوجها لها ارتجاعا يهدم به العدة بانت وكانت يوم تبين قد حلت لغيره من الرجال كما
تحل المبتوتة سواء بغير طلاق استحدثه بعد ما بانت يستحدث به عدة فهي مطلقة وهي
زوجة وهي تجرى في العدة فمن أصابها في العدة أو تزوجها كان متزوجا في عدة غير
وتحل للرجال وذلك الذي يعلم من المتزوج في عدة [قلت] لابن القاسم أرأيت
إذا تزوجت المرأة في عدتها من وفاة زوجها ففرق بينها وبين زوجها (قال) أرى أن
تعتد أربعة أشهر وعشرا من يوم توفى زوجها تستكمل فيها ثلاث حيض إذا كان الذي
تزوجها قد دخل بها فإن لم تستكمل الثلاث حيض انتظرت حتى تستكمل الثلاث
حيض [قلت] فإن كانت مستحاضة أو مرتابة (قال) تعتد أربعة أشهر وعشرا
من يوم مات الزوج الأول وتعتد سنة من يوم فسخ النكاح بينها وبين الزوج الآخر
[قلت] لغيره أرأيت من تزوج في العدة وأصاب في غير العدة (قال) قال مالك
وعبد العزيز هو بمنزلة من تزوج في العدة ومس في العدة ألا ترى أن الواطئ بعد
440

العدة إنما حبسه له النكاح الذي نكحها إياه حيث نهى عنه وقد كان المخزومي
وغيره يقولون لا يكون أبدا ممنوعا الا بالوطئ في العدة [قلت] لابن القاسم
فإن كان زوجها قد غاب عنها سنين ثم نعى لها فتزوجت فقدم زوجها الأول وقد
دخل بها زوجها الآخر (قال) قال مالك ترد إلى زوجها الأول ولا يقربها
زوجها الأول حتى تنقضي عدتها من زوجها الآخر [قلت] فإن كانت حاملا
من زوجها الآخر (قال) فلا يقربها زوجها الأول حتى تضع مات في بطنها [قلت
فان مات زوجها الأول قبل أن تضع ما في بطنها (قال) ان وضعت ما في بطنها بعد
مضى الأربعة الأشهر وعشر من يوم مات زوجها الأول فقد حلت للأزواج
وانقضت عدتها وان وضعته قبل أن تستكمل الأربعة الأشهر وعشرا من يوم مات
زوجها الأول استكملت أربعة أشهر وعشرا من يوم مات زوجها الأول ولا تنقضي
عدتها من زوجها الأول إذا وضعت ما في بطنها من زوجها الآخر إلا أن تكون
قد استكملت أربعة أشهر وعشرا من يوم مات زوجها الأول (قال) وكذلك قال لي
مالك في هذه المسائل كلها وكذلك قضى عمر بن عبد العزيز [ابن وهب] أخبرناه
الليث بن سعد في التي ردت إلى زوجها وهلك زوجها الأول وهي حامل من
زوجها الآخر (قال ابن القاسم) وهو قول مالك في أمر هذا الزوج الغائب وأمر
الزوج الذي تزوجها في العدة وفى الوفاة عنها وفي حملها على ما وصفت لك [قلت]
لغيره فرجل توفي عن أم ولده ورجل أعتق أم ولده ورجل أعتق جارية كان
يصيبها فتزوجن قبل أن تمضى الحيضة فأصبن بذلك النكاح (قال) يسلك بهن مسلك
المتزوج في عدة إذا أصاب وإذا لم يصب [قلت] فلو أن رجلا زوج عبده أمته أو
غيره ثم طلقها الزوج وقد كان دخل بها فأصابها سيدها في عدتها هل يكون كالناكح
في عدة (قال) نعم وقد قاله مالك وقال من وطئ وطئ شبهة في عدة من نكاح
بنكاح أو ملك كان كالمصيب بنكاح في عدة من نكاح ألا ترى أن الملك يدخل
في النكاح حتى يمنع من وطئ الملك ما يمنع به من وطئ النكاح [قلت] أين ذلك
441

(قال) رجل طلق أمة البتة ثم اشتراها قال مالك لا تحل له بالملك حتى تنكح زوجا
غيره كما حرم على الناكح من ذلك (وقال مالك) في الرجل يتوفى عن أم ولده
فتكون حرة وعدتها حيضة فتزوجها رجل في حيضتها انه متزوج في عدة وقد روى
عن مالك أنه ليس مثل المتزوج في عدة. وانظر في هذا فمتى ما وجدت ملكا خالطه
نكاح بعده في البراءة أو ملكا دخل على نكاح بعده في البراءة فذلك كله يجرى
مجرى المصيب في العدة [قال ابن وهب] وقال مالك في التي تتزوج في عدتها ثم
يصيبها زوجها في العدة ثم يشتريها زوجها انه لا يطؤها ملك يمينه وقد فرق عمر بن
الخطاب بينهما وقال لا يجتمعان أبدا [قال مالك] وكل امرأة لا تحل أن تنكح
ولا تمس بنكاح فإنه لا يصلح أن تمس بملك اليمين ما حرم في النكاح حرم بملك
اليمين والعمل عندنا على قول عمر بن الخطاب [قلت] أرأيت ان طلق الرجل
امرأته وعدتها بالشهور فتزوجت في عدتها ففرق بينه وبينها أيجزئها أن تعتد منهما
جميعا بثلاثة أشهر مستقبلة قال نعم [ابن وهب] عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال
حدثني سليمان بن يسار أن رجلا نكح امرأة في عدتها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب
فجلدهما وفرق بينهما وقال لا يتناكحان أبدا وأعطى المرأة ما أمهرها الرجل بما استحل
من فرجها [ابن وهب] عن عبد الرحمن بن سلمان الحجري عن عقيل بن خالد
عن مكحول أن علي بن أبي طالب قضى بمثل ذلك سواء [وقال مالك] وقد قال
عمر بن الخطاب أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل
بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم كان خاطبا من الخطاب فإن كان
دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم اعتدت من الآخر ثم
لا ينكحها أبدا (وقال) ابن المسيب و؟؟ مهرها بما استحل منها
{ما جاء في المطلقة تنقضي عدتها ثم تأتي بولد بعد العدة}
[وتقول هومن زوجي ما بينها وبين خمس سنين]
[قلت] أرأيت ان طلق الرجل امرأته ثلاثا أو طلاقا يملك الرجعة فجاءت بولد
442

لأكثر من سنتين أيلزم الزوج الولد أم لا (قال) يلزمه الولد في قول مالك إذا جاءت
بالولد في ثلاث سنين أو أربع سنين أو خمس سنين (قال ابن القاسم) وهو رأيي في
الخمس (قال) وكان مالك يقول ما يشبه أن تلد له النساء إذا جاءت به لزم الزوج
[قلت] أرأيت ان طلقها فحاضت ثلاث حيض وقالت قد انقضت عدتي فجاءت
بولد بعد ذلك لتمام أربع من يوم طلقها فقالت المرأة طلقني فحضت ثلاث حيض
وأنا حامل ولا علم لي بالحمل وقد تهراق المرأة الدم على الحمل فقد أصابني ذلك وقال
الزوج قد انقضت عدتك وإنما هذا حمل حادث ليس منى أيلزم الولد الأب أم لا
(قال) يلزمه الولد إلا أن ينفيه بلعان [قلت] أرأيت ان جاءت به بعد الطلاق
لأكثر من أربع سنين جاءت بالولد لست سنين وإنما كان طلاقها طلاقا يملك
الرجعة أيلزم الولد الأب أم لا (قال) لا يلزم الولد الأب هاهنا على حال لأنا نعلم أن
عدتها قد انقضت وإنما هذا حمل حادث [قلت] ولم جعلته حملا حادثا أرأيت ان
كانت مسترابة كم عدتها (قال) قال مالك عدتها تسعة أشهر ثم تعتد ثلاثة أشهر ثم
قد حلت إلا أن تستراب بعد ذلك فتنتظر حتى تذهب؟؟ [قلت] أرأيت
ان استرابت بعد السنة فانتظرت ولم تذهب ريبتها (قال) تنتظر إلى ما يقال إن
النساء لا تلدن لا بد من ذلك إلا أن تنقطع؟؟ قبل ذلك [قلت] فان قعدت
إلى أقصى ما تلد له النساء ثم جاءت بالولد بعد ذلك لستة أشهر فصاعدا فقالت المرأة
هو ولد الزوج وقال الزوج ليس هذا بابني (قال) القول قول الزوج وليس هو له
بابن لأنا قد علمنا أن عدتها قد انقضت وان هذا الولد إنما هو حمل حادث [قلت]
ويقام على المرأة الحد قال نعم [قلت] تحفظ هذا كله عن مالك قال لا [قلت]
أرأيت ان جاءت بالولد بعد انقطاع هذه الريبة لأقل من ستة أشهر أيلزم الولد
الأب أم لا (قال) لا يلزمه [قلت ب فان جاءت به بعد الريبة التي ذكرت لك
بثلاثة أشهر أو أربعة أشهر (طال) لا يلزمه ذلك [قلت] وهذا قول مالك (قال)
قال لنا مالك إذا جاءت بالولد لأكثر مما تلد له النساء لم يحلق الأب [قلت]
443

أرأيت إذا هلك الرجل عن امرأته فاعتدت أربعة أشهر وعشرا ثم جاءت بالولد
لأكثر من ستة أشهر فيما بينها وبين ما تلد لمثله النساء من يوم هلك زوجها (قال)
الولد للزوج يلزمه [قلت] ولم وقد أقرت بانقضاء العدة (قال) هذا والطلاق سواء
يلزم الولد الأب وان أقرت بانقضاء العدة إلا أن للأب في الطلاق أن يلاعن إذا
ادعى الاستبراء قبل الطلاق [قلت] وهذا قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت
ان طلق امرأته تطليقة يملك الرجعة فجاءت بولد لا كثر مما تلد لمثله النساء ولم تكن
أقرت بانقضاء العدة أيلزم الزوج هذا الولد أم لا (قال) لا يلزمه الولد (قال) وهو
قول مالك (قال ابن القاسم) والمطلقة الواحدة التي يملك فيها الرجعة هاهنا والثلاث
في قول مالك سواء في هذا الولد إذا جاءت به لا كثر مما تلد له النساء [ابن
وهب] عن الليث بن سعد عن ابن عجلان أن امرأة له وضعت له ولدا في أربع
سنين وأنها وضعت مرة أخرى في سبع سنين لابن وهب
{ما جاء في امرأة الصبي الذي لا يولد لمثله تأنى بولد}
[قلت] أرأيت امرأة الصبي إذا كان مثله يجامع ومثله لا يولد له فظهر بامرأته
حمل أيلزمه أم لا (قال) لا يلزمه إذا كأن لا يحمل لمثله وعرف ذلك [قلت] فان
مات هذا الصبي عنها فولدت بعد موته بيوم أو بشهر هل تنقضي عدتها بهذا الولد
(قال) لا تنقضي عدتها الا بعد أربعة أشهر وعشر من يوم مات زوجها ولا ينظر في
هذا إلى الولادة لان الولد ليس ولد الزوج [قلت] وتقيم عليها الحد (قال) نعم إذا
كأن لا يولد لمثل الزوج (قال) وإنما الحمل الذي تنقضي به العدة الحمل الذي يثبت نسبه
من أبيه إلا أن حمل الملاعنة ينقضى به عدة الملاعنة وان مات زوجها في العدة ولا
تنتقل إلى عدة الوفاة وكذلك كل حامل طلقها زوجها فمات في العدة فإنها لا تنتقل
إلى عدة الوفاة إذا كان طلاقا بائنا (وقال) في الصبي الذي لا يحمل من مثله ومثله
يقوى على الجماع فيدخل بامرأته ثم يصالح عنه أبوه أو وصيه انه لا عدة على المرأة
ولا يكون لها من الصداق شئ ولا يكون عليها في وطئه غسل إلا أن تلتذ يعنى تنزل
444

{ما جاء في امرأة الخصي والمجبوب تأتي بول}
[قلت] هل يلزم الخصي أو المجبوب الولد إذا جاءت به امرأته (قال) سئل مالك عن
الخصي هل يلزمه الولد (قال) قال مالك أرى أن يسئل أهل المعرفة بذلك فإن كان
يولد لمثله لزمه الولد والا لم يلزمه
{ما جاء في المرأة تتزوج في عدتها ثم تأتي بولد}
[قلت] أرأيت امرأة طلقها زوجها طلاقا بائنا أو طلاقا يملك الرجعة فلم تقر بانقضاء
العدة حتى مضى لها ما تلد لمثله النساء الا خمسة أشهر فتزوجت ولم تقر بانقضاء العدة
أيجوز النكاح لها أم لا (قال) ان قالت إنما تزوجت بعد انقضاء عدتي فالقول قولها
ولكنها ان كانت مسترابة فلا تنكح حتى تذهب الريبة أو يمضى لها من الاجل
أقصى ما تلد لمثله النساء [قلت] فان مضى لها من الاجل ما تلد النساء الا أربعة
أشهر فتزوجت فجاءت بولد بعد ما تزوجت الزوج الثاني لخمسة أشهر أيلزم الأول
أم الآخر (قال) أرى أن لا يلزم الولد واحدا من الزوجين من قبل أنها وضعته
لا كثر ما تلد لمثله النساء من يوم طلقها زوجها الأول ووضعته لخمسة أشهر من يوم
تزوجها الآخر فلا يلزم الولد واحدا من الزوجين ويفرق بينها وبين الزوج الآخر
لأنه؟؟ حاملا ويقام عليها الحد [قلت] أرأيت لو أن رجلين وطئا أمة
بملك اليمين في طهر واحد أو تزوج رجلان امرأة في ظهر واحد ووطئها أحدهما بعد
صاحبه ثم تزوجها الثاني وهو يجهل أن لها زوجا فجاءت بولد (قال) أما إذا كان ذلك
في ملك اليمين فان مالكا قال يدعى لولدها القافة (قال) وأما في النكاح فإذا اجتمعا
عليها في طهر واحد فالولد للأول لأنه بلغني عن مالك أنه سئل عن امرأة طلقها
زوجها فتزوجت في عدتها قبل أن تحيض فدخل بها زوجها الثاني ووطئها واستمر بها
الحمل فوضعت (قال مالك) الولد للأول ولم أسمعه من مالك ولكني قد أخذته
عنه ممن أثق به (قال مالك) وإن كان تزوجها بعد حيضة أو حيضتين من عدتها
445

فالولد للآخر ان كانت ولدته لتمام ستة أشهر من يوم دخل بها الآخر وان كانت
ولدته لأقل من ستة أشهر فهو للأول وكذلك قال مالك
{ما جاء في اقرار الرجل بالطلاق بعد أشهر}
[قال عبد الرحمن بن القاسم] قال مالك في الرجل يكون في السفر فيقدم فيزعم أنه
طلق امرأته واحدة أو اثنتين منذ سنة (قال مالك) لا يقبل قوله في العدة إلا أن
يكون على أصل ذلك عدول فإن لم يكن الا قوله لم يقبل منه واستأنفت العدة من
يوم أقر وان مات ورثته وان ماتت لم يرثها إذا كانت قد حاضت في ذلك ثلاث
حيض من يوم أقر على نفسه ولا رجعة له عليها وان أقر بالبتة لم يصدق في العدة ولم
يتوارثا وقد بينا قول سليمان بن يسار في مثل هذا
{ما جاء في امرأة الذمي تسلم ثم يموت الذمي هل تنتقل}
[إلى عدة الوفاة وفى تزويجها في العدة]
[قلت] أرأيت لو أن ذمية أسلمت تحت ذمي فمات الذمي وهي في عدتها أتنتقل
إلى عدة الوفاة في قول مالك (قال) قال مالك لو طلقها البتة لم يلزمها من ذلك شئ
فهذا يدلك على أنها لا تنتقل إلى عدة الوفاة [قلت] ولا يكون لها من المهر شئ
إن لم يكن دخل بها مات في عدتها أو لم يمت (قال) نعم لا شئ لها من المهر وهو
قول مالك وقد قال الله تبارك وتعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا فإنما أراد
بهذا المسلمين ولم يرد بهذا من على غير الاسلام [قلت] أرأيت ان توفي عنها
زوجها وكانت في عدة الوفاة فتزوجت زوجا في عدتها وظهر بها حمل (قال) قال مالك
إن كان دخل بها قبل أن تحيض فالولد للأول وإن كان بعد حيضة أو حيضتين فالولد
للآخر إذا ولدته لتمام ستة أشهر من يوم دخل بها (قال ابن القاسم) وأرى أنه
إن كان قد دخل بها قبل أن تحيض فالعدة وضع الحمل كان أقل من أربعة أشهر
وعشر أو أكثر لان الولد للأول وإن كان بعد حيضة أو حيضتين وقد ولدته لستة
446

أشهر من يوم دخل بها الآخر فالعدة وضع الحمل وهو آخر الأجلين والولد ولد
الآخر [قال ابن القاسم] قال مالك في امرأة تزوجت في عدتها قال إن كان دخل
بها قبل أن تحيض حيضة أو حيضتين فالولد للأول وإن كان بعد ما حاضت حيضة
أو حيضتين فالولد للآخر إذا أتت به لتمام ستة أشهر من يوم دخل بها (قال ابن
القاسم) وان جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم دخل بها الآخر كان للأول (وقال
غيره) ان من تزوجها في العدة إذا فرق بينهما وقد دخل بها لم يتناكحا أبدا ألا
ترى أنه لو أسلم وهي في العدة كانت زوجة له وإذا لم يسلم حتى تنقضي عدتها بانت
منه ولم يكن له إليها سبيل مثل الذي يطلق وله الرجعة فتتزوج امرأته قبل أن يرتجع
فهو متزوج في عدة
{ما جاء في عدة المرأة ينعى لها زوجها فتتزوج ثم يقدم}
[قلت] أرأيت لو أن امرأة نعي لها زوجها فتزوجت ودخل بها زوجها الآخر ثم
قدم زوجها الأول (قال) قال مالك ترد إلى زوجها الأول ولا يكون للزوج الآخر
خيار ولا غير ذلك ولا تترك مع زوجها الآخر (قال مالك) ولا يقربها زوجها
الأول حتى تحيض ثلاث حيض إلا أن تكون حاملا فحتى تضع حملها وان كانت
قد يئست من المحيض فثلاثة أشهر (قال مالك) وليست هذه بمنزلة امرأة المفقود
وذلك أنها كذبت وعجلت ولم يكن اعذار من تربص ولا تفريق من امام [قلت]
فهل يكون على هذه في البيتوتة عن بيتها مثل ما يكون على المطلقة (قال) سألت
مالكا عن الرجل ينكح أخته من الرضاعة أو أمه أو ذات محرم من الرضاعة أو
النسب جهل ذلك ولم يعلمه ثم علم بذلك بعد ما دخل بها ففسخ ذلك النكاح أبن تعتد
(قال) قال لي مالك تعتد في بيتها الذي كانت تسكن فيه كما تعتد المطلقة لان أصله
كان نكاحا يدرأ عنهما به الحد ويلحق فيه الولد (قال مالك) فأرى أن يسلك به
سبيل النكاح الحلال قال مالك وهو أحب ما فيه إلى (قال ابن القاسم) فما سألت
عنه من هذه التي تزوجت وقدم زوجها انها تعتد في بيتها الذي كانت تسكن فيه مع
447

زوجها الآخر ويحال بينها وبين زوجها الآخر وبين الدخول عليها حتى تنقضي عدتها
فترد إلى زوجها الأول فان قال قائل هذه لها زوج ترد إليه وتلك لا زوج لها وإنما
فسخ نكاحها فسخا بغير طلاق فهي لا تعتد من طلاق زوج وإنما تعتد من مسيس
يلحق فيه الولد وكذلك هذه أيضا إنما تعتد من مسيس يلحق فيه الولد وان كانت
ذات زوج ولا يلحق فيه الطلاق
{ما جاء في عدة الأمة تتزوج بغير إذن سيدها والنكاح الفاسد}
[قلت] كم عدة الأمة إذا تزوجت بغير إذن مولاها إذا فرق بينهما (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال كل نكاح فاسد لا يترك أهله عليه على
حال فإنه إذا فرق بينهما اعتدت عدة المطلقة فأرى هذه بهذه المنزلة تعتد عدة المطلقة
ولما جاء فيها مما قد أجازه بعض الناس إذا أجازه السيد [قلت] أرأيت النكاح
الفاسد إذا دخل بها زوجها إلا أنه لم يطأها وتصادقا على ذلك ثم فسرقت بينهما كم
تعتد المرأة (قال) كما تعتد المطلقة من النكاح الصحيح ولا تصدق على العدة للخلوة
لأنه لو كان ولد يثبت نسبه إلا أن ينفيه بلعان وأرى أن لا صداق لها لأنها لم تطلبه
ولم تدعه وكذلك قال مالك وتعاض من تلذذه بها إن كان تلذذ بها بشئ ولا يكون
في هذا صداق ولا نصف صداق [قال سحنون] وقد قيل إنها لا تعاض
{ما جاء في المفقود تتزوج امرأته ثم يقدم والتي تطلق}
[فتعلم الطلاق ثم ترتجع ولا تعلم]
[قلت] أرأيت المرأة ينعى لها زوجها فتعتد منه ثم تتزوج والمرأة يطلقها زوجها
فتعلم بالطلاق ثم يراجعها في العدة وقد غاب زوجها ولم تعلم بالرجعة حتى تنقضي العدة
فتتزوج وامرأة المفقود تعتد أربع سنين بأمر السلطان ثم أربعة أشهر وعشرا
فتنكح أهؤلاء عند مالك محملهن محمل واحد (قال) لا أما التي ينعى لها زوجها
فهذه يفرق بينها وبين زوجها الثاني وترد إلى زوجها الأول بعد الاستبراء وان ولدت
448

منه أولادا وأما امرأة المفقود والتي طلقت ولم تعلم بالرجعة فإنه قد كان مالك يقول
مرة إذا تزوجتا ولم يدخل بهما أزواجهما فلا سبيل لأزواجهما إليهما ثم إن مالكا وقف
قبل موته بعام أو نحوه في امرأة المطلق إذا أتى زوجها الأول ولم يدخل بها زوجها
الآخر فقال مالك زوجها الأول أحق بها (قال) وسمعت أنا منه في المفقود أنه قال
هو أحق بها ما لم يدخل بها زوجها الثاني وأنا أرى فيهما جميعا أن أزواجهما إذا
أدركوهما قبل أن يدخل بهما أزواجهما هؤلاء الآخرون فالأولون أحق وان دخلوا
فالآخرون أحق (وقال أشهب) مثل قوله واختار ما اختاره (وقال) المغيرة وغيره
بقول مالك الأول وقالوا لا توارث امرأة زوجين توارث امرأة زوجين توارث زوجا ثم ترجع إلى زوج
غيره (وقال مالك) وليس استحلال الفرج بعد الاعذار من السلطان بمنزلة عقد
النكاح وقد جاء زوجها ولم يطلق ولم يمت [قلت] أرأيت ان قدم زوجها بعد
الأربع سنين وبعد الأربعة الأشهر وعشر أتردها إليه في قول مالك ويكون أحق بها
قال نعم [قلت] أفتكون عنده على تطليقتين (قال) لا ولكنها عنده على ثلاث
تطليقات عند مالك وإنما تكون على تطليقتين إذا هي رجعت إليه بعد زوج [قلت]
أرأيت المفقود إذا ضرب السلطان لامرأته أربع سنين ثم اعتدت أربعة أشهر وعشرا
أيكون هذا الفراق تطليقة أم لا (قال) ان تزوجت ودخل بها فهي تطليقة [قلت]
فان جاء أن زوجها حي قبل أن تنكح بعد الأربعة الأشهر وعشر أتمنعها من النكاح
أم لا (قال) نعم وهي امرأته على حالها وبعد ما نكحت قبل أن يدخل بها يفرق بينها
وبين زوجها الثاني وتقيم على زوجها الأول [قلت] فان تزوجت بعد الأربعة أشهر
وعشر ثم جاء موته أنه مات بعد الأربعة أشهر وعشر أترثه أم لا (قال) ان انكشف
أن موته بعد نكاحها وقبل دخوله بها ورثت زوجها الأول لأنه مات وهو أحق بها
فهو كمجيئه أن لو جاء أو علم أنه حي وفرق بينها وبين الآخر واعتدت من الأول
من يوم مات لان عصمة الأول لم تسقط وإنما تسقط بدخول الآخر بها وكذلك
لو مات الزوج الآخر قبل دخوله بها فورثته ثم انكشف أن الزوج الأول مات
449

بعده أو قبله وبعد نكاحه أو جاء أن الزوج الأول حي بطل ميراثها من هذا
الزوج الآخر وردت إلى الأول إن كان حيا وأخذت ميراثه إن كان ميتا فان
انكشف أن موته بعد ما دخل بها الآخر فهي زوجة الآخر ولا يفرق بينهما
لأنه استحل الفرج بعد الاعذار من السلطان وضرب المدد والمفقود حي فقد
انقطعت عصمة المفقود وإنما موته في تلك الحال كمجيئه لو جاء ولا ميراث لها من
الأول وان انكشف أنها تزوجت بعد ضرب الآجال وبعد الأربعة أشهر وعشر
بعد موت المفقود في عدة وفاته ودخل بها الآخر في تلك العدة فرق بينها وبين
الآخر ولم يتناكحا أبدا وورثت الأول وإن لم يكن كان دخل بها فرق بينهما وورثت
الأول وكان خاطبا من الخطاب ان كانت عدتها من الأول قد انقضت لان عمر بن
الخطاب فرق بين المتزوجين في العدة في العمد والجهل وقال لا يتناكحان أبدا
وهذا المسلك يأخذ بالذي طلق وارتجع فلم تعلم بالرجعة حتى أنقضت العدة وتزوجت
زوجا بعد موتهما وفي ميراثهما وفى فسخ النكاح وان انكشف أن موت المفقود
وانقضاء عدة موته قبل تزويج الآخر ورثت المفقود وهي زوجة الآخر كما هي
[قال] وقال مالك في امرأة المفقود إذا ضرب لها أجل أربع سنين ثم تزوجت
بعد أربعة أشهر وعشر ودخل بها ثم مات زوجها هذا الذي تزوجها ودخل بها ثم
قدم المفقود فأراد أن يتزوجها بعد ذلك أنها عنده على تطليقتين إلا أن يكون
طلقها قبل ذلك
{ما جاء في ضرب أجل امرأة المفقود}
[قلت] أرأيت امرأة المفقود أتعتد الأربع سنين في قول مالك بغير أمر السلطان
(قال) قال مالك لا قال مالك وان أقامت عشرين سنة ثم رفعت أمرها إلى السلطان
نظر فيها وكتب إلى موضعه الذي خرج إليه فان يئس منه ضرب لها من تلك الساعة
أربع سنين [فقيل] لمالك هل تعتد بعد الأربع سنين عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا
من غير أن يأمرها السلطان بذلك (قال) نعم مالها وما للسلطان في الأربعة الأشهر
450

وعشر التي هي عدة [مالك] عن يحيى بن سعيد بن المسيب أن عمر بن
الخطاب قال أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد
أربعه أشهر وعشرا ثم تحل [وقال ابن وهب] عن عبد الجبار عن ابن شهاب
ان عمر بن الخطاب ضرب للمفقود من يوم جاءته امرأته أربع سنين ثم أمرها أن
تعتد عدة المتوفى عنها زوجها ثم تصنع في نفسها ما شاءت إذا انقضت عدتها [وقال
ربيعة بن أبي عبد الرحمن] المفقود الذي لا يبلغه سلطان ولا كتاب سلطان فيه
قد أضل أهله وامامه في الأرض لا يدرى أين هو وقد تلوه والطلبة والمسألة عنه
فلم يوجد فذلك المفقود الذي يضرب له الامام فيما بلغنا لامرأته ثم تعتد بعدها عدة
المتوفى عنها يقولون إن جاء زوجها في عدتها أو بعد العدة ما لم تنكح فهو أحق بها
وان نكحت بعد العدة ودخل بها فلا سبيل له عليها [مالك] أنه بلغه أن عمر بن
الخطاب قال في المرأة يطلقها زوجها وهو غائب ثم يراجعها فلا تبلغها رجعته إياها وقد
بلغها طلاقها فتتزوج انه ان دخل بها زوجها الآخر قبل أن يدركها زوجها الأول
فلا سبيل لزوجها الأول الذي طلقها إليها (قال مالك) وعلى هذا الامر عندنا في هذا
وفي المفقود (قال مالك) وقد بلغني أن عمر بن الخطاب قال فان تزوجت ولم يدخل
بها الآخر فلا سبيل لزوجها الأول إليها (قال مالك) وهذا أحب ما سمعت إلى
هذا وفى المفقود فاختلف قول مالك في هذا فرأى ابن القاسم وأشهب أن أقوى
القولين إذا كان زوجها الآخر قد دخل بها لقول مالك وعلى هذا الامر عندنا في
التطليق وفي المفقود في التي قد دخل بها ولقوله في التي لم يدخل بها وهذا أحب
ما سمعت إلى في هذا وفي المفقود ومع أن جل الآثار عن عمر بن الخطاب إنما
فوت التي طلقت في الدخول بها
[ما جاء في النفقة على امرأة المفقود في ماله]
[قلت] أرأيت المفقود أينفق على امرأته من ماله في الأربع سنين (قال) قال مالك
ينفق على امرأة المفقود من ماله في الأربع سنين [قلت] ففي الأربعة أشهر وعشر
451

بعد الأربع سنين (قال) لا لأنها معتدة [قلت] أينفق على ولده الصغار وبناته في
الأربع سنين في قول مالك (قال) قال مالك نعم [قلت] أينفق على ولده الصغار
وبناته في الأربعة أشهر وعشر التي جعلتها عدة لامرأته قال نعم [قلت] أرأيت
المفقود إذا كان له ولد صغار ولهم؟؟ أينفق عليهم من مال أبيهم (قال) لا ينفق عليهم
من مال أبيهم لان مالكا قال إذا كان للصغير مال لم يجبر الأب على نفقته [قلت]
أرأيت ان أنفقت على ولد المفقود وعلى امرأته من مال المفقود أنأخذ منهم كفيلا
بذلك في قول مالك قال لا [قلت] فان علم أنه قد مات قبل ذلك وقد أنفق على
ولده وعلى أهله في السنين الأربع (قال) قال مالك في امرأة المفقود إذا أنفقت من
ماله في الأربع سنين التي ضربها السلطان أجلاها ثم أتى العلم بأنه قد مات قبل ذلك
غرمت ما أنفقت من يوم مات لأنها قد صارت وارثة ولم يكن منه تفريط ونفقتها
من مالها [قلت] وان مات قبل السنين التي ضربها السلطان أجلا للمفقود أترد
ما أنفقت من يوم مات (قال) نعم وكذلك المتوفى عنها زوجها ترد ما أنفقت بعد
الوفاة [قلت] أرأيت ما أنفق على ولد المفقود ثم جاء علمه أنه قد مات قبل
ذلك (قال) مثل ما قال لنا مالك في المرأة انهم يردون ما أنفقوا بعد مرته
{ما جاء في ميراث المفقود}
(قال) وقال مالك لا يقسم ميراث المفقود حتى يأتي موته أو يبلغ من الزمان ما لا يحيا
إلى مثله فيقسم ميراثه من يوم يموت وذلك اليوم يقسم ميراثه [قلت] أرأيت ان
جاء موته بعد الأربعة الأشهر وعشر من قبل أن تنكح أتورثها منه في قول مالك
أم لا (قال) نعم ترثه عند مالك [قلت] فان تزوجت بعد الأربعة أشهر وعشر
ثم جاء موته أنه قد مات بعد الأربعة أشهر وعشر (قال) ان جاء موته بعد نكاح
الآخر وقبل أن يدخل بها هذا الثاني ورثته وفرق بينهما واستقبلت عدتها من يوم
مات وان جاء أن موته بعد ما دخل بها زوجها الثاني لم يفرق بينهما ولا ميراث لها
منه إلا أن يكون يعلم أنها تزوجت بعد موته في عدة منه فإنها ترثه ويفرق بينهما
452

وإن كان قد دخل بها لم تحل له أبدا وان تزوجت بعد انقضاء عدتها من موته لم يفرق
بينها وبين زوجها الثاني وورثت زوجها المفقود وهذا كله الذي سمعت من مالك
[قلت] أرأيت المفقود إذا مات ابن له في السنين التي هو فيها مفقود أتورث
المفقود من ابنه هذا في قول مالك (قال) لا يرثه في قول مالك [قلت] فإذا
بلغ هذا المفقود من السنين مالا يعاش في مثلها فجعلته ميتا أتورث ابنه الذي مات في
تلك السنين من هذا المفقود في قول مالك (قال) لا يرثه عند مالك وإنما يرث
المفقود ورثته الاحياء يوم جعلته ميتا (قال) وهذا قول مالك [قلت] أرأيت إذا
مات ابن المفقود أيقسم ماله بين ورثته ساعتئذ ولا يورث المفقود منه أم يوقف
ما للأب منه خوفا من أن يكون المفقود حيا وما قول مالك في هذا (قال) يوقف
نصيب المفقود فان أتى كان أحق به وان بلغ من السنين ما لا يحيا إلى مثلها رد إلى
الذين ورثوا ابنه الميت يوم مات فيقسم بينهم على مواريثهم (وقال) مالك لا يرث
أحد أحدا بالشك
{ما جاء في العبد يفقد}
[قلت] أرأيت لو أن عبدا لي فقد وله أولاد أحرار فأعتقته بعد ما فقد العبد
أيجر ولاء ولده الأحرار من امرأة حرة أم لا (قال) لا يجر الولاء لأنا لا ندري
أكان يوم أعتقته حيا أم لا ألا ترى أن مالكا قال في المفقود إذا مات بعض ولده انه
لا يرث المفقود من مال ولده هذا الميت شيئا إذا لم تعلم حياة المفقود يوم يموت ولده
هذا لأنه لا يدرى لعل المفقود يوم يموت ولده هذا كان ميتا ولكن يوقف قدر
ميراثه فكذلك الولاء على ما قال لي مالك في الميراث ان سيد العبد لا يجر الولاء
حتى يعلم أن العبد يوم أعتقه السيد حي [قلت] أرأيت العبد الذي فقد فأعتقه سيده
إذا مات ابن له حر من امرأة حرة أيوقف ميراثه أم لا في قول مالك (قال) أحسن
ما جاء فيه وما سمعت من أنه يؤخذ من الورثة حميل بالمال ان جاء أبوهم دفعوا
حظه من هذا المال بعد ما يتلوم للأب ويطلب [قلت] فإذا فقد الرجل الحر فمات
453

بعض ولده أيعطى ورثة الميت بالمال حميلا بنصيب المفقود ونصبائهم (قال) لا ولكن
يوقف نصيب المفقود [قلت] ما فرق ما بينهما (قال) لان مالكا قال لا يورث أحد
بالشك والحر إذا فقد فهو وارث هذا الابن إلا أن يعلم أن الأب المفقود قد مات
قبل هذا الابن وأما العبد الذي أعتق فإنما ورثة هذا الابن الحر من الحرة اخوته وأمه
دون الأب لأنه عبد حتى يعلم أن العبد قد مسه العتق قبل موت الابن والعبد لما فقد
لا يدرى أمسه العتق أم لا لأنا لا ندري لعله كان ميتا يوم أعتقه سيده فلذلك
رأيت أن يدفع المال إلى ورثة ابن العبد ويؤخذ منهم بذلك حميل ورأيت في ولد الحر
أن يوقف نصيب المفقود ولا يعطى ورثة ابن الميت نصيب المفقود بجماله فهذا فرق ما بينهما
وهذا قول مالك انه لا يورث أحد بالشك ألا ترى في مسألتك في ابن العبد ان ورثته
الأحرار كانوا ورثته إذا كان أبوهم في الرق فهم الورثة على حالتهم حتى يعلم أن الأب
قد مسه العتق [قلت] أرأيت قول مالك لا يورث أحد بالشك أليس ينبغي أن يكون معناه أنه من جاء يأخذ المال بوراثة يدعيها فان شككت في وراثته وخفت
أن يكون غيره وارثا دونه لم أعطه المال حتى لا أشك أنه ليس للميت من يدفع هذا
عن الميراث الذي يريد أخذه (قال) إنما معنى قول مالك لا يورث أحد بالشك إنما
هو في الرجلين يهلكان جميعا ولا يدرى أيهما مات أولا وكل واحد منهما وارث
صاحبه انه لا يرث واحد منهما صاحبه وإنما يرث كل واحد منهما ورثته من الاحياء
[قلت] فأنت تورث ورثة كل واحد منهما بالشك لأنك لا تدري لعل الميت هو
الوارث دون هذا الحي (قال) الميتان في هذا كأنهما ليسا بوارثين وهما اللذان لا يورث
مالك بالشك وأما هؤلاء الاحياء فإنما ورثنا هم حين طرحنا الميتين فلم نورث بعضهم من
بعض فلم يكن بد من أن يرث كل واحد منهما ورثته من الاحياء فالعبد عندي إذا
لم يدر أمسه العتق أم لا فهو بمنزلة الميتين لا أورثه حتى أستيقن أن العتق قد مسه
{ما جاء في القضاء في مال المفقود ووصيته}
[قلت] أرأيت ديون المفقود إلى من يدفعونها (قال) يدفعونها إلى السلطان
454

[قلت] ولا يجزئهم أن يدفعوها إلى ورثته (قال) لا لان الورثة لم يرثوه بعد
[قلت] أرأيت المفقود إذا فقد وماله في أيدي ورثته أينزعه السلطان ويوقفه (قال)
قال مالك يوقف مال المفقود والسلطان ينظر في ذلك ويوقف ماله ولا يدع أحدا
يفسده ولا يبذره [قلت] أرأيت المفقود إذا كان ماله في يدي رجل قد كان المفقود
داينه أو استودعه إياه أو قارضه أو أعاره متاعا أو أسكنه في داره أو أجره إياها أو
ما أشبه هذا أتنزع هذه الأشياء من يد من هي في يديه أم لا يعرض لهم السلطان حتى
تتم الإجارة (قال) أما ما كان من إجارة فلا يعرض لهم حتى تتم الإجارة وأما ما كان
من عارية فإن كان لها أجل فلا يعرض للعارية حتى يتم الاجل وما كان من دور
أسكنها فلا يعرض لمن هي في يديه حتى يتم سكناه وما استودعه أو داينه أو
قارضه فان السلطان ينظر في ذلك كله و؟؟ من مال المفقود ويجمعه له ويجعله
حيث يرى لأنه ناظر لكل غائب ويوقفه وكذلك الإجارات والسكنى وغيرها
إذا مضت آجالها صنع فيها السلطان مثل ما وصفت لك ويوقفها ويحرزها على الغائب
[قلت] فإن كان قد قارض رجلا إلى أجل من الآجال ثم فقد قال القراض
لا يصلح فيه الاجل عند مالك وهو قراض فاسد لا يحل فالسلطان يفسخ هذا القراض
ولا يقره ويصنع في ماله كله ما وصفت لك ويوكل رجلا بالقيام في ذلك أو يكون في
أهل المفقود رجل يرضاه فيوكله ينظر في ذلك وينظر القاضي للغائب [قلت]
ولم قلت في العارية إذا كان لها أجل ان السلطان يدعها إلى أجلها في يد المستعير (قال)
لان المفقود نفسه لو كان حاضرا فأراد أن يأخذ عاريته قبل محل الاجل لم يكن له
ذلك عند مالك لأنه أمر أوجبه على نفسه فليس له أن يرجع فيه فلذلك لا يعرض فيها
السلطان لان المفقود نفسه لم يكن يستطيع رده ولأنه لو مات لم يكن لورثته أن
يأخذوها [قلت] أرأيت لو أن رجلا باع جارية لم ثم فقد فاعترفت الجارية في يد
المشترى وللمفقود عروض أيعدى على العروض فيأخذ الثمن الذي دفعه إلى المفقود من
هذه العروض عند مالك (قال) نعم لان مالكا رأى القضاء على الغائب [قلت]
455

أرأيت المفقود إذا اعترف متاعه رجل فأراد أن يقيم البينة أيجعل القاضي للمفقود
وكيلا أم لا (قال) لا أعرف هذا من قول مالك إنما يقال لهذا الذي اعترف هذه
الأشياء أقم البينة عند القاضي فان استحققت أخذت والا ذهبت [قلت] أرأيت
لو أن رجلا أقام البينة أن المفقود أوصى له بوصية أتقبل بينته (قال) نعم عند مالك
فان جاء موت المفقود وهذا حي أجزت الوصية إذا حملها الثلث وان بلغ المفقود من
السنين مالا يحيا إلى مثلها وهذا حي أجزت له الوصية [قلت] وكذلك لو أقام
رجل البينة أن المفقود أوصى إليه قبل أن يفقد (قال) أقبل بينته وإذا جعلت المفقود
ميتا جعلت هذا وصيا [قلت] وكيف تقبل بينتهما وهذا لم يجب له شئ بعد وإنما
يجب لهما ذلك بعد الموت (قال) يقبلها القاضي لان هذا الرجل يقول أخاف أن
تموت بينتي [قلت] فان قبل بينته ثم جاء موت المفقود بعد ذلك أتأمر هما بأن يعيدا
البينة أو قد أجزت تلك البينة (قال) قد أجزت لهما تلك البينة [قلت] أرأيت
ان ادعت امرأة أن هذا المفقود كان زوجها أتقبل بينتها أم لا (قال) نعم تقبل
منها البينة لان مالكا يرى القضاء على الغائب
{ما جاء في الأسير يفقد}
[قلت] أرأيت الأسير في أرض العدو أهو بمنزلة المفقود في قول مالك (قال) لا
والأسير لا تتزوج امرأته إلا أن يتنصر أو يموت [قال] فقيل لمالك فإن لم يعرفوا
موضعه ولا موقعه بعد ما أسر (قال) ليس هو بمنزلة المفقود ولا تتزوج امرأته حتى
يعلم موته أو يتنصر [قلت] ولم قال مالك في الأسير إذا لم يعرفوا أين هو انه ليس
بمنزلة المفقود (قال) لأنه في أرض العدو وقد عرف أنه قد أسر ولا يستطيع الوالي
أن يستخبر عنه في أرض العدو فليس هو بمنزلة من فقد في أرض الاسلام [قلت]
أرأيت الأسير يكرهه بعض ملوك أهل الحرب أو يكرهه أهل الحرب على النصرانية
أتبين منه امرأته أم لا (قال) قال لي مالك إذا تنصر الأسير فان علم أنه تنصر طائعا
فرق بينه وبين امرأته وان أكره لم يفرق بينه وبين امرأته وإن لم يعلم أنه تنصر
456

مكرها أو طائعا فرق بينه وبين امرأته وماله في ذلك كله موقوف حتى يموت فيكون
في بيت مال المسلمين أو يرجع إلى الاسلام وقال ربيعة وابن شهاب انه ان تنصر ولا
يعلم أمكره أو غيره فرق بينه وبين امرأته وأوقف ماله وان أكره على النصرانية لم
يفرق بينه وبين امرأته وأوقف ماله وينفق على امرأته من ماله
{الرجل يتزوج المرأة في العدة هل تحل لأبيه أو لابنه}
[قلت] أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة في عدتها فلم يجامعها ولكنه قبل وباشر
وحبس ثم فرق بينهما أيحل له أن ينكحها بعد ذلك (قال) لم أسمع من مالك فيه
شيئا إلا أنى أرى أن النكاح في الأشياء كلها مما يحرم بالوطئ كان نكاحا حلالا أو على
وجه شبهة فإنه إذا قبل فيه أو تلذذ تحل لابنه ولا لأبيه والتلذذ ها هنا في التي تنكح
في عدتها بمنزلة الوطئ لأنه هو نفسه لو وطئها وقد تزوجها في عدتها لم تحل له أبدا فهو
في تحريم الوطئ هاهنا بمنزلة الذي يتزوج امرأة حراما بوجه شبهة فالوطئ فيه
والحبس والقبلة تحرم على آبائه وعلى أبنائه وكذلك هذا لان وطأه يحرم على نفسه فالقبلة
والجس والمباشرة تحمل محمل التحريم أيضا لأنه حين كان يطؤها فيحرم عليه وطؤها
في المستقبل أبدا فكذلك إذا قبلها فيما نهاه الله عنه من نكاحها في العدة يحرم عليه
تقبيلها فيما يستقبل فأمرها واحد وإنما نهى الله عز وجل حين حرم نكاحها في العدة
لئلا توطأ ولا تقبل ولا يتلذذ منها بشئ حتى تنقضي عدتها فمن ركب شيئا من ذلك
فقد واقع التحريم (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها فلا
يمسها في العدة ولا يقربها في العدة ولكنه دخل بها بعد العدة (قال) قال مالك
يفسخ هذا النكاح وما هو بالتحريم البين وقد بينا آثار هذا وما أشبهه
{فيمن لا عدة عليها من الطلاق وعليها العدة من الوفاة}
[قلت] هل تعتد امرأة الخصي أو المجبوب إذا طلقها زوجها (قال) أما امرأة
الخصي فأرى عليها العدة في قول مالك (قال أشهب) لأنه يصيب ببقية ما بقي من
457

ذكره وأراه يحصن امرأته ويحصن هو بذلك الوطئ (قال ابن القاسم) وأما المجبوب
فلا أحفظ الساعة من مالك في عدة الطلاق فيه شيئا إلا أنه إن كان ممن لا يمس
امرأته فلا عدة عليها في الطلاق وأما في الوفاة فعليها أربعة أشهر وعشر على كل حال
[قلت] أرأيت الصغيرة إذا كان مثلها لا يوطأ فدخل بها زوجها فطلقها هل عليها
عدة من الطلاق (قال) قال مالك لا عدة عليها (قال مالك) وعليها في الوفاة العدة
لأنها من الأزواج وقد قال الله تبارك وتعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا
{ما جاء في عدة المرأة تنكح نكاحا فاسدا}
[قلت] أرأيت المرأة يموت عنها زوجها ثم يعلم أن نكاحه كان فاسدا (قال) قال
مالك لا احداد عليها ولا عدة وفاة وعليها ثلاث حيض استبراء لرحمها ولا ميراث
لها ويلحق ولدها بأبيه ولها الصداق كاملا الذي سمى لها الزوج ما قدم إليها وما كان
منه مؤخرا فجميعه لها
{في عدة المطلقة والمتوفى عنهن أزواجهن في بيوتهن}
[والانتقال من بيوتهن إذا خفن على أنفسهن]
[قلت] أرأيت المطلقة والمتوفى عنها زوجها إذا خافت على نفسها أيكون لها أن
تتحول وهي في عدتها في قول مالك (قال) قال مالك إذا خافت سقوط البيت فلها أن
تتحول وان كانت في قرية ليس فيها مسلمون وهي يخاف عليها اللصوص وأشباه ذلك
ممالا يؤمن عليها في نفسها فلها أن تتحول أيضا وأما غير ذلك فليس لها أن تتحول
[قلت] أرأيت ان كانت في مصر من الأمصار فخافت من جارها وهو جار سوء
أيكون لها أن تتحول أم لا في قول مالك (قال) الذي قال لنا مالك ان المبتوتة
والمتوفى عنها لا تنتقل الا من أمر لا تستطيع القرار عليه [قلت] فالمدينة والقرية
عند مالك مفترقتان (قال) المدنية ترفع ذلك إلى السلطان وإنما سمعت من مالك
ما أخبرتك (قال) وقال لي مالك لا تنتقل المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة الا من أمر
458

لا تستطيع القرار عليه [قلت] أيكون عليها أن تعتد في الموضع الذي تحولت إليه
من الخوف في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت امرأة طلقها زوجها فكانت تعتد
في منزله الذي طلقها فيه فانهدم ذلك المسكن فقالت المرأة أنا أنتقل إلى موضع كذا
وكذا أعتد فيه وقال الزوج لا بل أنقلك إلى موضع كذا وكذا فتعتدي فيه القول قول
من (قال) ينظر في ذلك فإن كان الذي قالت المراة لا ضرر على الزوج فيه في كثرة
كراء ولا سكنى كان القول قولها وإن كان على غير ذلك كان القول قول الزوج
[مالك] وسعيد بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الله بن سالم أن سعد بن إسحاق
ابن كعب بن عجرة حدثهم عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك
ابن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها أنها أتت رسول الله صلى الله عليه
وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بنى خدرة فان زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا
حتى إذا كانوا بطرف القدوم أدركهم فقتلوه قالت فسألته أن يأذن لي أن أرجع إلى أهلي
في بنى خدرة فان زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة قالت يا رسول الله
ائذن لي أن أنتقل إلى أهلي قالت فقال نعم قالت فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة
أو في المسجد دعاني أو أمرني فدعيت له قال كيف قلت قالت فرددت عليه القصة
التي ذكرت من شأن زوجي فقال امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت
الفريعة فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا قالت فلما كان عثمان أرسل إلى فسألني
فأخبرته فاتبع ذلك وقضى به [قلت] أرأيت ان انهدم المسكن فقال الزوج أنا
أسكنك في موضع كذا وكذا وذلك ليس بضرر وقالت المرأة أنا أسكن في موضع
آخر ولا أريد منك الكراء (قال) ذلك لها [قلت] وتحفظه عن مالك (قال)
لا وهو مثل الأول [قلت] أرأيت ان انهدم المنزل الذي كانت تعتد فيه فانتقلت
منه إلى منزل آخر أيكون لها أن تخرج من المنزل الثاني قبل أن تستكمل بقية
عدتها (قال ابن القاسم) ليس لها أن تخرج من المنزل الثاني حتى تستكمل
عدتها الا من علة [قلت] أرأيت امرأة طلقها زوجها البتة فغلبت زوجها وخرجت
459

فسكنت موضعا غير بيتها الذي طلقها وهي فيه ثم طلبت من زوجها كراء بيتها الذي
سكنته هي في حال عدتها (قال) لا كراء لها على الزوج لأنها لم تعتد في بيتها الذي
كانت تكون فيه [قلت] وهذا قول مالك (قال) لم أسمعه منه [قلت] أرأيت
ان أخرجها أهل الدار في عدتها أيكون ذلك لأهل الدار أم لا في قول مالك (قال) نعم
ذلك لأهل الدار إذا انقضى أجل الكراء [قلت] فإذا أخرجها أهل الدار أيكون
على الزوج أن يتكارى لها في موضع آخر في قول مالك (قال) نعم على الزوج أن يتكارى
لها موضعا تسكن فيه حتى تنقضي عدتها (قال) وقال مالك وليس لها أن تبيت الا في هذا
الموضع الذي تكاراه لها زوجها [قلت] فان قالت المرأة حين أخرجت أنا أذهب أسكن
حيث أريد ولا أسكن حيث يكترى لي زوجي أيكون ذلك لها أم لا (قال ابن القاسم)
نعم ذلك لها وإنما كانت تلزم السكنى في منزلها الذي كانت تسكن فيه فإذا أخرجت
منه فإنما هو حق لها على زوجها فإذا تركت ذلك فليس لزوجها حجة أن ينقلها إلى
منزل لم يكن لها سكنى وإنما عدتها في المنزل الذي تريد والذي يريد أن يسكنها فيه
زوجها في السنة سواء [مالك] عن نافع أن ابنة لسعيد بن زيد كانت تحت عبد الله
ابن عمرو بن عثمان فطلقها البتة فانتقلت فأنكر ذلك عليها عبد الله بن عمر بن الخطاب
[ابن وهب] عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن
عتبة أن مروان سمع بذلك في إمرته فأرسل إليها فردها إلى بيتها وقال سنأخذ
بالقضية التي وجدنا الناس عليها [قال يونس] قال ابن شهاب كان ابن عمر وعائشة
يشددان فيها وينهيان أن تخرج أو تبيت في غير بيتها (وقال ابن شهاب) وكان ابن
المسيب يشدد فيها [مالك] قال قال عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وسليمان
ابن يسار لا تبيت المبتوتة الا في بيتها [قلت] أرأيت كل من خرجت من بيتها
في عدتها الذي تعتد فيه وغلبت زوجها أيجبرها السلطان على الرجوع إلى بيتها حتى
نتم عدتها فيه في قول مالك قال نعم [قلت] أرأيت الأمير إذا هلك عن امرأته أو
طلقها وهي في دار الامارة أتخرج أم لا (قال) ما دار الامارة في هذا وغير دار
460

الامارة الا سواء وينبغي للأمير القادم أن يخرجها من موضعها حتى تنقضي عدتها
[قلت] أتحفظ هذا عن مالك (قال) قال لي مالك في رجل حبس دارا له على
رجل ما عاش فإذا انقرض فهي حبس على غيره فمات في الدار هذا المحبس عليه
أولا والمرأة في الدار فأراد الذي صارت الدار إليه المحبس عليه من بعد الهالك أن
يخرج المرأة من الدار (قال) قال مالك لا أرى أن يخرجها حتى تنقضي عدتها (قال)
فالذي سألت عنه من دار الامارة أيسر من هذا [عبد الرحمن بن أبي الزناد] عن
أبيه عن هشام بن عروة عن أبيه قال دخلت على مروان فقلت ان امرأة من أهلك
طلقت فمررت عليها آنفا وهي تنتقل فعبت ذلك عليهم فقالت أمرتنا فاطمة بنت
قيس بذلك وأخبرتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تنتقل حين طلقها
زوجها إلى ابن أم مكتوم فقال مروان أجل هي أمرتهم بذلك فقال عروة قلت
أما والله لقد عابت ذلك عليك عائشة أشد العيب وقالت إن فاطمة كانت في مكان
وحش فحيف على ناحيتها فلذلك أرخص لها رسول الله صلى الله عليه وسلم [ابن
لهيعة] عن محمد بن عبد الرحمن أنه سمع القاسم بن محمد يقول خرجت عائشة زوج
النبي صلى الله عليه وسلم بأم كلثوم من المدينة إلى مكة في عدتها وقتل زوجها بالعراق
فقيل لعائشة في ذلك فقالت إني خفت عليها أهل الفتنة وذلك ليالي فتنة المدينة بعد
ما قتل عثمان رحمه الله قال محمد وكانت عائشة تنكر خروج المطلقة في عدتها حتى
تحل [ابن وهب] عن يونس عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن القاسم أن عائشة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم انتقلت بأم كلثوم حين قتل طلحة وكانت تحته من
المدينة إلى مكة قال وذلك أنها كانت فتنة
{ما جاء في عدة الصبية الصغيرة من الطلاق والوفاة في بيتها}
[قلت] أرأيت الصبية الصغيرة إذا كان مثلها يجامع فبنى بها زوجها فجامعها ثم طلقها
البتة فأراد أبواها أن ينتقلا بها لتعتد عندهما وقال الزوج لا بل تعتد في بيتها (قال)
عليها أن تعتد في بيتها في قول مالك ولا ينظر إلى قول الأبوين ولا إلى قول الزوج
461

وقد لزمتها العدة في بيتها حيث كان تكون يوم طلقها زوجها [قلت] فإن كانت
صبية صغيرة؟؟ عنها زوجها فأراد أبواها الحج والنقلة والنقلة إلى غير تلك البلاد ألهم أن
يخرجوها (قال) ليس لهم أن يخرجوها لان مالكا قال لا تنتقل المتوفى عنها ولتعتد
في بيتها الا البدوية فان مالكا قال فيها وحدها انها تنتوى (1) (تنتوى) أي تتحول
مع أهلها حيث انتووا [مالك بن أنس] وسعيد بن عبد الرحمن والليث عن
هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول في المرأة البدوية يتوفى عنها زوجها انها تنتوى
حيث انتوى أهلها [عبد الجبار بن عمر] عن ربيعة مثله (وقال ربيعة) وإذا كانت
في موضع خوف انها لا تقيم فيه (قال مالك) إذا كانت في قرار فانتوى أهلها لم تنتو
معهم وان كانوا في بادية فانتوى أهلها انتوت معهم قبل أن تنقضي عدتها وان تبدى
زوجها فتوفي فإنها ترجع ولا تقيم تعتد في البادية [وقال مالك] في البدوي
يموت ان امرأته تنتوى مع أهلها وليس تنتوى مع أهل زوجها [قلت] أرأيت
المرأة التي لم يدخل بها زوجها مات عنها وهي بكر بين أبويها أو ثيب ملكت
أمرها أين تعتد (قال) حيث كانت تكون يوم مات زوجها [قلت] وهذا
قول مالك (قال) نعم
{ما جاء في عدة الأمة والنصرانية في بيوتهما}
[قلت] أرأيت الأمة التي مات عنها زوجها التي ذكرت أن مالكا قال تعتد حيث
كانت تبيت ان أراد أهلها الخروج من تلك البلاد والنقلة منها إلى غيرها ألهم أن
ينقلوها أو يخرجوها (قال ابن القاسم) نعم ذلك لهم فتستكمل بقية عدتها في الموضع
الذي ينقلونها إليه وهي بمنزلة البدوية إذا انتجع أهلها (قال) وهو قول مالك (قال
يونس) قال ابن شهاب في أمة طلقت قال تعتد في بيتها الذي طلقت فيه (وقال
أبو الزناد) ان تحمل أهلها تحملت معهم [قلت] أرأيت المشركة اليهودية أو
النصرانية إذا كان زوجها مسلما فمات عنها فأرادت أن تنتقل في عدتها أيكون ذلك

(1) (تنتوى) أي تتحول اه‍
462

لها في قول مالك أم لا (قال) قال لنا مالك تجبر على العدة ان أرادت أن تنكح قبل
انقضاء العدة منعت من ذلك وجبرت على العدة (قال مالك) وعليها الاحداد أيضا
فأرى أن تجبر على أن لا تنتقل حتى تنقضي عدتها لأنه قد جبرها على العدة وعلى
الاحداد (قال ابن القاسم) وسبيلها في كل شئ من أمرها في العدة مثل الحرة
المسلمة تجبر على ذلك [يونس بن يزيد] عن ابن شهاب أنه قال في رجل طلق
امرأته فأراد أن يعزلها في بيت من داره أو طلقها عند أهلها (قال) ترجع إلى بيتها
فتعتد فيه [يحيى بن أيوب] عن يحيى بن سعيد قال ترجع إلى بيتها فتعتد فيه
وتلك السنة (وقال) عثمان بن عفان مثله
{ما جاء في خروج المطلقة بالنهار والمتوفى عنها زوجها وسفرهما}
[قلت] هل كان مالك يوقت لكم في المتوفى عنها زوجها إلى أي حين من الليل لا يسعها
أن تقيم خارجا من حجرتا أو بيتها أبعد ما تغيب الشمس أم ذلك لها واسع في
قول مالك حتى تريد النوم أن تتحدث عند جيرانها أو تكون في حوائجها وهل
ذكر لكم مالك متى تخرج في حاجاتها أيسعها أن تدلج في حاجاتها أو تخرج في
السحر أو في نصف الليل إلى حاجاتها (قال) قول مالك والذي بلغني عنه أنها
تخرج بسحر قرب الفجر وتأتي بعد المغرب ما بينها وبين العشاء [مالك] عن
يحيى بن سعيد قال بلغني أن السائب بن يزيد بن خباب توفي وان امرأته أم مسلم
أتت ابن عمر فذكرت له حرثا لها بقناة وذكرت وفاة زوجها أيصلح لها أن تبيت
فيه فنهاها فكانت تخرج من بيتها سحرا فتصبح في حرثها وتظل فيه يومها ثم ترجع
إذا أمست [ابن وهب] عن أسامة بن زيد والليث بن سعد عن نافع أن ابنة عبد الله
ابن عياش حين توفي عنها واقد بن عبد الله بن عمر كانت تخرج بالليل فتزور أباها
وتمر على عبد الله بن عمر وهي معه في الدار فلا ينكر ذلك عليها ولا تبيت الا في
بيتها [قلت] أرأيت المطلقة تطليقة يملك فيها زوجها الرجعة أو مبتوتة أيكون لها
أن تخرج بالنهار (قال) قال مالك نعم تخرج بالنهار وتذهب وتجئ ولا تبيت الا في
463

بيتها الذي كانت تسكن فيه حين طلقت [قلت] والمطلقات المبتوتات وغير المبتوتات
والمتوفي عنهن أزواجهن في الخروج بالنهار والمبيت بالليل عند مالك سواء قال نعم
[ابن وهب] عن الليث بن سعد وأسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول
إذا طلقت المرأة البتة فإنها تأتي المسجد والحق ينوبها (1) ولا تبيت الا في بيتها حتى
تنقضي عدتها [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله
أن خالته أخبرته أنها طلقت فأرادت أن تجد نخلها فزجرها رجال فأتت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تتصدقي وتفعلي معروفا
(وقالت عائشة) رضي الله عنها تخرج ولا تبيت الا في بيتها (وقال القاسم) تخرج
إلى المسجد [قلت] أرأيت الرجل يطلق امرأته تطليقة يملك الرجعة فيها أيكون
له أن يسافر بها (قال) قال لي مالك لا إذن له في خروجها حتى يراجعها فإذا لم
يكن له اذن في خروجها فلا يكون له أن يسافر بها الا من بعد أن يراجعها [قلت]
أرأيت المتوفى عنها وهي صرورة أو المطلقة وهي صرورة فأرادت أن تحج في عدتها
مع ذي محرم (قال) قال مالك ليس لها أن تحج الفريضة في عدتها من طلاق أو وفاة
[عمرو بن الحارث] أن بكير بن الأشج حدثه أن ابنة هبار بن الأسود توفى عنها
زوجها فأرادت أن تحج وهي في عدتها فسألت سعيد بن المسيب فنهاها ثم أمرها غيره
بالحج فخرجت فلما كانت على البيداء صرعت فانكسرت
{ما جاء في مبيت المطلقة والمتوفى عنها زوجها في بيتها}
[قلت] أرأيت إذا طلقت المرأة تطليقة يملك الزوج فيها الرجعة هل تبيت عن بيتها
(قال) قال مالك لا تبيت عن بيتها [قال] فقلت لمالك فإذا استأذنت زوجها في ذلك
(قال) لا اذن لزوجها في ذلك حتى يراجعها ولا تبيت الا في بيتها [ابن وهب]
عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن المطلقة واحدة أو اثنتين أتعود
مريضا أو تبيت في زيارة فكرها لها المبيت وقالا لا نرى عليها بأسا أن تعود كما
كانت تصنع قبل تطليقه إياها [قلت] أرأيت المطلقة واحدة يملك الزوج الرجعة
464

أو المبتوتة هل تبيت واحدة منهما في عدتها من طلاق أو وفاة في الدار في الصيف
من الحر (قال) قول مالك والذي يعرف من قوله أن لها أن تبيت في بيتها وفي
اسطوانها وفى حجرتها وما كان في حوزها الذي تغلق عليه باب حجرتها [قلت]
فإن كان في حجرتها بيوت وإنما كانت تسكن منها بيتا ومتاعها في بيت من تلك
البيوت وفيه كانت تسكن أيكون لها أن تبيت في غير ذلك البيت الذي كانت تسكن
(قال) لا تبيت الا في بيتها وأسطوانها وحجرتها الذي كانت تصيف في صيفها وتبيت
فيه في شتائها ولا يعنى بهذا القول تبيت في بيتها المتوفى عنها والمطلقة أنها لا تبيت
الا في بيتها الذي فيه متاعها إنما وجه قول مالك أن جميع المسكن الذي هي فيه من
حجرتها وأسطوانها وبيتها الذي تكون فيه لها أن تبيت حيث شاءت من ذلك [قلت]
فلو كانت مقصورة هي فيها في الدار وفى الدار مقاصير لقوم آخرين والدار تجمعهم
كلهم أيكون لها أن تبيت في حجر هؤلاء وتترك حجرتها والدار تجمع جميعهم في
قول مالك (قال) ليس لها ذلك ولا تبيت الا في حجرتها وفى الذي في يديها من الذي
وصفت لك وليس لها أن تبيت في حجر هؤلاء لأنها لم تكن ساكنة في هذه
الحجرة يوم طلقها زوجها وهذه الحجرة في يدي غيرها ليس في يديها [محمد بن
عمرو] عن ابن؟؟ عن إسماعيل بن كثير عن مجاهد قال استشهد رجال يوم
أحد فقام نساؤهم وهن متجاورات في دار فجئن رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقلن انا نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا تبادرنا إلى بيوتنا فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثن عند أحدا كن ما بدا لكن حتى إذا أردتن النوم
فلتؤب كل امرأة إلى بيته (1) [قلت] أرأيت المطلقة ثلاثا أو واحدة بائنة أو
واحدة تملك الرجعة وليس لها ولزوجها الا بيت واحد البيت الذي كانا يكونان فيه

(بهامش الأصل هنا ما نصه) قيل لابن المواز أفيجوز أن يتحدثن في غير بيوتهن إلى نصف
الليل أو أكثر منه ما لم ينمن قال لا إنما معنى الحديث وقت النوم وقد أخبرني عبد الله بن
عبد الحكم والحارث بن مسكين أن ابن وهب أخبرهما عنن مالك قال تقيم المتوفى عنها أو المطلقة
في الزيارة إلى قدر ما يهدأ الناس بعد العشاء ثم تنقلب وتخرج من السحر ان شاءت اه‍
465

(قال) قال مالك يخرج عنها ولا يكون معها في حجرة تغلق الحجرة عليه وعليها
والمبتوتة والتي تملك الرجعة في هذا سواء (قال) وقال مالك وإذا كانت دارا جامعة
فلا بأس أن يكون معها في الدار تكون هي في بيت وهو في بيت آخر (قال مالك)
وقد انتقل عبد الله بن عمر وعروة بن الزبير [ابن وهب] عن ابن لعيعة أن يزيد بن
أي حبيب حدثه أن عمر بن الخطاب كان يبعث إلى المرأة بطلاقها ثم لا يدخل عليها
حتى يراجعها [وقال ربيعة] يخرج عنها ويقرها في بيتها لا ينبغي أن يأخذ هما غلق
ولا يدخل عليها الا باذن في حاجة ان كانت له فالمكث عليها له في العدة واستبرأ به
إياها فهو أحق بالخروج عنها
{ما جاء في رجوع المطلقة والمتوفى عنهن أزواجهن}
[إلى بيوتهن يعتددن فيها]
[قلت] ما قول مالك في المرأة يخرج بها زوجها زائرة إلى مسيرة يوم أو يومين أو
ثلاثة فيهلك هنالك أترجع إلى منزلتها فتعتد فيه أم تعتد في موضعها الذي مات فيه
زوجها (قال) قال مالك ترجع إلى موضعها فتعتد فيه [قلت] فإن كان سافر بها إلى
مسيرة أكثر من ذلك (قال) سألت مالكا غير مرة عن المرأة يخرج بها
زوجها إلى السواحل من الفسطاط يرابط بها ومن نيته أن يقيم بها خمسة أشهر أو
ستة أو سنة ثم يريد أن يرجع أو يخرج إلى الريف أيام الحصاد وهو يريد الرجوع إذا
فرغ ولم يكن خروجه إلى الموضع الذي خرج إليه انقطاعا للسكنى أو يكون مسكنه
الريف فيدخل الفسطاط بأهله في حاجة يقيم بها أشهرا ثم يريد أن يرجع إلى
مسكنه بالريف (قال) قال مالك ان مات رجعت إلى مسكنها حيث كانت تسكن في
هذا كله ولا تقيم حيث توفى [فقيل] لمالك فلو أن رجلا انتقل إلى بلد فخرج بأهله
ثم هلك (قال) مالك هذه تنتقل إلى الموضع الذي انتقلت إليه فتعتد فيه وإن شاءت
رجعت [فقيل] له فالرجل يخرج إلى الحج بأهله فيموت في الطريق (قال) إن كان
موته قريبا من بلده ليس عليها في الرجوع كبير مؤنة رجعت وان كانت قد نفذت
466

وتباعدت فلتنفذ فإذا رجعت إلى منزلها اعتدت بقية عدتها فيه [قلت] أرأيت ان
خرج بها إلى موضع من المواضع انتقل بها إليه فهلك زوجها في بعض الطريق وهي
إلى الموضع الذي خرجت إليه أقرب أو إلى الموضع الذي خرجت منه أقرب فمات
زوجها أتكون مخيرة في أن ترجع إلى الموضع الذي انتقلت منه أوفى أن تمضى إلى
الموضع الذي انتقلت إليه أم لا في قول مالك (قال) نعم أرى أن تكون بالخيار ان
أحبت أن تمضى مضت وان أحبت أن ترجع رجعت وسكنت كذلك بلغني عن مالك
[قلت] أرأيت ان خرج بها إلى منزل له في بعض القرى والقرى منزله فهلك هنالك
(قال) إن كان خرج بها على ما وصفت لك من جداد يجده أو حصاد يحصده أو لحاجة
فإنها ترجع إلى بيتها الذي خرج بها الزوج منه فتعتد فيه ولا نمكث في هذا الموضع
وإن كان منزلا لزوجها ولا تقيم فيه إلا أن يكون خرج بها حين خرج بها يريد سكناه
والمقام فيه فتعتد فيه ولا ترجع (وقال ربيعة) إذا كانت بمنزلة السفر أو بمنزلة الظعن
فالرجوع إلى مسكنها أمثل [ابن وهب] عن حياة بن شريح أن أبا أمية حسان حدثه
أن سهل بن عبد العزيز توفى وهو عند عمر بن عبد العزيز بالشام ومعه امرأته فأمر
عمر بن عبد العزيز بامرأة سهل أن ترتحل إلى مصر قبل أن يحل أجلها فتعتد في داره
بمصر [ابن وهب] عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج قال سألت سالم بن
عبد الله عن المرأة يخرج بها زوجها إلى بلد فيتوفى عنها أترجع إلى بيته أو إلى بيت
أهلها فقال سالم بن عبد الله تعتد حيث توفى زوجها أو ترجع إلى بيت زوجها حتى
تنقضي عدتها [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن يزيد بن
محمد عن القاسم بن محمد بهذا (قال يونس) وقال ربيعة ترجع إلى منزلها إلا أن
يكون المنزل الذي توفى فيه زوجها منزل نقلة أو منزلا به ضيعة لا تصلح ضيعتها الا
بمكانها [قلت] فان سافر بها فطلقها واحدة أو اثنتين أو ثلاثا وقد سافر بها أو انتقل
بها إلى موضع سوى موضعه فطلقها في الطريق (قال) الطلاق لا أقوم على أنى
سمعته من مالك ولكنه مثل قوله في الموت وكذلك أقول لان الطلاق فيه العدة مثل
467

ما في الموت [قلت] والثلاث والواحدة في ذلك سواء قال نعم [قلت]
أرأيت ان سافر بها فطلقها تطليقة تملك الرجعة أو صالحها أو طلقها ثلاثا أو كان انتقل
بها من موضع إلى موضع وقد بلغت الموضع الذي أراد الا مسيرة يوم أو يومين أو
أقل من ذلك فأرادت المرأة أن ترجع إلى الموضع الذي خرجت منه وبينها وبين
الموضع الذي خرجت منه شهر وليس معها ولى ولا ذو محرم أيكون ذلك لها في
قول مالك أم لا (قال) إن كان الموضع الذي خرجت إليه موضعا لا يريد سكناه مثل
الحج والمواحيز وما وصفت لك من خروجه إلى منزله مثل الريف ان كانت قريبة من
موضعها الذي خرجت منه رجعت إلى موضعها وان كانت قد تباعدت لم ترجع الا
مع ثقة وإن كان إنما انتقل بها فكان الموضع الذي خرجت إليه على وجه السكنى
والإقامة فان أحبت أن تنفذ إلى الموضع الذي خرجت إليه فذلك لها وان أحبت
أن ترجع فذلك لها إذا أصابت ثقة ترجع معه لان الموضع الذي انتقل إليه مات قبل
أن يتخذه مسكنا [قلت] فإن كان مات قبل أن يتخذه مسكنا فلم جعلت المرأة
بالخيار في أن تمضى إليه وتعتد فيه وأنت تجعله حين مات الميت قبل أن يسكنه غير
مسكن فلم لا تأمرها أن ترجع إلى موضعها الذي خرجت منه وتجعلها بمنزلة المسافرة
(قال) لا تكون بمنزلة الذي خرج بها مسافرا لأنه لما خرج بها منتقلا فقد رفض
سكناه في الموضع الذي خرج منه وصار موضعه الذي منه خرج ليس بمسكن له
ولم يبلغ الموضع الذي خرج إليه فيكون مسكنا له فصارت المرأة ليس وراءها لها
مسكن ولم تبلغ أمامها المسكن الذي أرادت فهذه امرأة مات زوجها وليس في
مسكن فلها أن ترجع ان أرادت إذا أصابت ثقة أو تمضى إلى الموضع الذي أرادت
إن كان قريبا وإن كان بعيدا فلا تمضى الا مع ثقة [قلت] أرأيت ان قالت المرأة لا
أتقدم ولا أرجع ولكني أعتد في موضعي هذا الذي أنا فيه أو أنصرف إلى بعض
المدائن أو القرى فأعتد فيها أيكون ذلك لها أم لا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا
ويكون ذلك لها لأنها امرأة ليس لها منزل فهي بمنزلة امرأة مات زوجها أو طلقها
468

ولا مال له وهي في منزل قوم فأخرجوها فلها أن تعتد حيث أحبت أو بمنزلة رجل
خرج من منزل كان فيه فنقل المرأة إلى أهلها فتكارى منزلا يسكنه فلم يسكنه
حتى مات فلها أن تعتد حيث شاءت لأنها لا منزل لها إلا أن تريد أن تنتجع من
ذلك انتجاعا بعيدا فلا أرى ذلك لها [قلت] أرأيت المرأة تخرج مع زوجها
حاجة من مصر فلما بلغت المدينة طلقها زوجها أو مات عنها أتنفذ لوجهها أم ترجع
إلى مصر وهذا كله قبل أن تحرم وبعد ما أحرمت (قال) سئل مالك عن المرأة
تخرج من الأندلس تريد الحج فلما بلغت أفريقية توفى زوجها (قال) قال مالك
إذا كان مثل هذا فأرى أن تنفذ لحجتها لأنها قد تباعدت من بلادها فالذي سألت
عنه هو مثل هذا [قلت] له فالطلاق والموت في هذا سواء (قال) نعم عندي
[ابن وهب] عن ابن لهيعة عن عمران بن سليم قال حجت معنا امرأة توفى عنها
زوجها قبل أن توفى عدتها فلما قدمت المدينة انطلقت إلى عبد الله بن عمر فقالت
لي انى حججت قبل أن أقضى عدتي فقال لها لولا أنك بلغت هذا المكان لأمرتك
أن ترجعي [قلت] أرأيت إن لم تكن مضت في المسير في حجها الا مسيرة يوم
أو يومين أو ثلاثة فهلك زوجها أو طلقها أترى أن ترجع عن حجها وتعتد في بيتها
أم لا (قال) قال مالك إذا كان أمرا قريبا وهي تجد ثقة ترجع معه رأيت أن ترجع
إلى منزلها فتعتد فيه فان تباعد ذلك وسارت مضت على حجها [ابن وهب] عن
يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في امرأة طلقت وهي حاجة قال تعتد
وهي في سفرها (قال ابن القاسم) في تفسير قول مالك في اللائي ردهم (1) عمر بن
الخطاب من البيداء إنما هم من أهل المدينة وما قرب منها (قال) فقلت لمالك
فكيف ترى في ردهم (فقال مالك) ما لم يحر من فأرى أن يرددن فإذا أحر من
فأرى أن يمضين لوجههن وبئس ما صنعن وأما التي تخرج من مصر فيهلك زوجها

(1) (قوله في اللائي ردهم) قال أبو الحسن الصحيح ردهن ويأتي جواب مالك فيهن بالصواب
اه‍ هامش الأصل
469

بالمدينة ولم تحرم (قال) قال مالك هذه تنفذ لحجها وان كانت لم تحرم [قلت]
أرأيت ان سافر بامرأته والحاجة لامرأته إلى الموضع الذي تريد إليه المرأة والزوج
لخصومة لها في تلك البلدة أو دعوى قبل رجل أو مورث لها أرادت قبضه
فلما كان بينها وبين الموضع الذي تريد إليه مسيرة يوم أو يومين أو ثلاثة هلك
زوجها عنه ومعها ثقة ترجع معه إلى بلادها أتمضي لوجهها للحاجة التي خرجت
إليها أم ترجع إلى بلادها وتترك حاجتها (قال) قال مالك ان هي وجدت ثقة رجعت
إلى بيتها وإن لم تجد ثقة نفذت إلى موضعها حتى تجد ثقة فترجع معه إلى موضعها
فتعتد فيه بقية عدتها إن كان موضعها الذي تخرج منه تدركه قبل انقضاء عدتها
[قلت] فان خرج بامرأته من موضع إلى موضع بعيد فسافر بها مسيرة
الأربعة الأشهر أو الخمسة الأشهر ثم إنه هلك وبينها وبين بلادها الأربعة الأشهر
أو الخمسة الأشهر (قال) أرى أنه إذا كان بينها وبين بلادها التي خرجت منها ما ان
هي رجعت انقضت عدتها قبل أن تبلغ بلادها فإنها تعتد حيث هي أو حيثما أحبت
ولا ترجع إلى بلادها [قلت] أرأيت المرأة من أهل المدينة إذا اكترت إلى مكة
تريد الحج مع زوجها فلما كانت بذي الحليفة أو بملل (1) أو بالروحاء ولم تحرم بعد
هلك زوجها أو طلقها ثلاثا فأرادت الرجوع كيف يصنع الكرى بكرائها أيلزم المرأة
جميع الكراء أو يكون لها أن تكري الإبل في مثل ما اكترتها أم يكون لها أن
تفاسخ الجمال ويلزمها من الكراء قدر ما ركبت في قول مالك أم ما ذا يكون عليها
(قال) قال مالك أرى أن الكراء قد لزمها فإن كانت قد أحرمت نفذت وان
كانت لم تحرم وكانت قريبة رجعت وأكرت ما اكترت في مثل ما اكترتها
وترجع [قلت] أرأيت ان هلك زوجها بذي الحليفة وقد أحرمتن وهي من أهل
المدينة أترجع أم لا (قال) قال مالك إذا أحرمت لم ترجع
{ما جاء في نفقه المطلقة وسكناها}

(1) (بملل) هو اسم موضع اه‍ صحاح
470

[قلت] أرأيت المطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا هل تلزمه النفقة والسكنى في قول
مالك أم لا (قال) قال مالك السكنى تلزمه لهن كلهن وأما النفقة فلا تلزم الزوج في
المبتوتة ثلاثا كان طلاقه إياها أو صلحا إلا أن تكون حاملا فتلزمه النفقة والنفقة
لازمة للزوج في كل طلاق يملك فيه الزوج الرجعة حاملا كانت امرأته أو غير
حامل لأنها تعد امرأته على حالها حتى تنقضي عدتها وكذلك قال مالك (قال) وقال
مالك وكل نكاح كان حراما نكح بوجه شبهة مثل أخته من الرضاعة أو غيرها ممن
حرم الله عز وجل عليه إذا كان على وجه الشبهة ثم فرق بينهما فان عليه نفقتها إذا
كانت حاملا وإن لم تكن حاملا فلا نفقة عليه وتعتد حيث كانت تسكن [قلت]
فهل يكون لها على الزوج السكنى وان أبى الزوج ذلك (قال) قال لي مالك تعتد حيث
كانت تسكن. ففي قول مالك هذا أن لها على الزوج السكنى لان مالكا قال تعتد
هذه حيث كانت تسكن لأنه نكاح يحلق فيه الولد فسبيلها في العدة سبيل النكاح
الصحيح وهذا قول مالك [قلت] ولم جعلتم السكنى للمبتوتة وأبطلتم النفقة في العدة
(قال) كذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا بذلك مالك عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال المبتوتة لا نفقة لها [مالك] عن عبد الله بن يزيد مولى
الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو
ابن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله
مالك علينا من شئ فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال
لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لك عليه نفقة [قلت] أرأيت النصرانية
تحت المسلم هل لها على زوجها السكنى إذا طلقها مثل ما يكون عليه في المسلمة
الجرة (قال) نعم وهذا قول مالك [قلت] أرأيت الصبية التي قد دخل بها
زوجها ومثلها يجامع فجامعها أو لم يجامعها حتى طلقها فأبت طلاقها أتلزمه السكنى لها
في قول مالك أم لا (قال) إذا ألزمت الجارية العدة لمكان الخلوة بها فعلى الزوج
السكنى في قول مالك (قلت) أرأيت ان خلا بها في بيت أهلها ولم يبن بها إلا أنهم
471

أخلوه وإياها ثم طلقها قبل البناء بها وقال لم أجامعها وقالت الجارية ما جامعني أتجعل عليها
العدة أم لا (قال) عليها العدة لهذه الخلوة [قلت] فهل يكون على الزوج السكنى
قال لا [قلت] وهذا قول مالك (قال) نعم لا سكنى عليه لان الجارية قد أقرت
بأنه لا سكنى لها على الزوج [قلت] أرأيت ان خلا بها هذه الخلوة في بيت أهلها
فادعت الجارية أنه قد جامعها وأنكر الزوج ذلك (قال) القول قول الزوج ولا سكنى
عليه وإنما عليه نصف الصداق فلذلك لا يكون عليه السكنى وإنما تكون عليه السكنى
إذا وجب عليه الصداق كاملا حيثما وجب الصداق كاملا وجب السكنى [قلت]
وهذا قول مالك قال نعم [قلت] فان أقر الزوج بوطئها وجحدت الجارية ولم يخل
بها أو خلا بها (قال) قد أقر الزوج بالوطئ فعليه الصداق كاملا ان أحبت أن تأخذه
أخذته وان أحبت أن تدع النصف فهي أعلم (قال) وان كال لم يخل بها وادعى أنه
غشيها وأنكرت ذلك ولم يعرف دخوله لم يكن عليها عدة (قال ابن القاسم) وإنما
طرحت عنها العدة لأنه اتهم حين لم يعرف له دخول وطلقها أن يكون مضارا يريد
حبسها فلا عدة عليها ولا تكون العدة الا بخلوة تعرف أو اهتداء في البناء بها قال
وهذا قول مالك [قلت] أرأيت الصبية التي لا يجامع مثلها وهي صغيرة دخل بها
زوجها فطلقها البتة أيكون لها السكنى في قول مالك (قال) قال مالك لا عدة عليها
فكذلك لا سكنى لها [قلت] فان مات عنها وقد دخل بها وهي صبية صغيرة (قال)
لها السكنى لأنه قد دخل بها وإن لم يكن مثلها يجامع لان عليها العدة فلا بد من
أن تعتد في موضعها حيث مات عنها زوجها فإن لم يكن دخل بها وهي في بيت أهلها
ومات عنها فلا سكنى لها على زوجها إلا أن يكون الزوج قد اكترى لها منزلا
تكون فيه وأدى الكراء فمات وهي في ذلك الموضع فهي أحق بتلك السكنى
وكذلك الكبيرة إذا مات عنها قبل أن يبنى بها ولم يسكنها الزوج مسكنا له ولم يكتر
لها مسكنا تسكن فيه فأدى الكراء ثم مات عنها فلا سكنى لها على الزوج
وتعتد في موضعها عدة الوفاة وإن كان قد فعل ما وصفت لك فهي أحق بذلك
472

المسكن (1) حتى تنقضي عدتها وان كانت في مسكنها حين مات عنها ولم يكن
دخل بل فعليها أن تعتد في موضعها عدة الوفاة ولا سكنى لها على الزوج وكذلك
الصغيرة عليها أن تعتد في موضعها ولا سكنى لها على الزوج إذا لم يكن الزوج قد
فعل ما وصفت لك قال وهذا قول مالك [قلت] أرأيت الصبية الصغيرة التي
لا يجامع مثلها إذا دخل بها زوجها ثم طلقها أيكون لها السكنى على الزوج أم لا
في قول مالك (قال) قال مالك لا عدة عليها فإذا قال مالك لا عدة عليها فلا سكنى
لها (قال) وقال مالك وليس لها الا نصف الصداق [قلت] أرأيت الأمة إذا
طلقها زوجها فأبت طلاقها أيكون لها السكنى على زوجها أم لا (قال) قال مالك
تعتد في بيت زوجها ان كانت تبيت عنده فإن كانت تبيت عنده قبل ذلك فعليه
السكنى [قلت] أرأيت ان كانت تبيت عند أهلها قبل أن يطلقها زوجها فطلقها
الزوج البتة أتكون لها عليه السكنى (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا إلا أنه قال تعتد عند أهلها حيث كانت تبيت ولم أسمعه يذكر في السكنى أن على
الزوج في هذه بعينها شيئا ولا أرى أنا على الزوج هذه السكنى لأنها إذا كانت تحت
زوجها لم يسكنوها معه ولم يبوؤها معه بيتا فتكون فيه مع الزوج فلا سكنى لها
على الزوج في هذا لأنه إذا كانت تحته ثم أرادوا أن يغرموه السكنى لم يكن ذلك لهم
إلا أن يبوؤها مسكنا ويخلوها معه وإنما حالها اليوم بعد ما طلقها كحالها قبل أن
يطلقها في ذلك ولم أسمع هذا من مالك [قال ابن القاسم] وسئل مالك عن العبد
يطلق زوجته وهي حرة أو أمة وهي حامل أعليه لها نفقة أم لا (قال) مالك لا نفقة
عليه إلا أن يعتق وهي حامل فينفق على الحرة ولا ينفق على الأمة إلا أن تعتق
الأمة بعد ما عتق وهي حامل فينفق عليها في حملها لان الولد ولده (وقال ربيعة) في

(1) بهامش الأصل هنا ما نصه. قال فضل قال ابن عبدوس قال سحنون هو إنما تطوع
بالسكنى ولم تجب عليه السكنى فكيف تكون أولى به قال فضل وهذا المذهب الذي ذهب إليه
سحنون هو مذهب عبد الملك بن الماجشون في ديوانه اه‍
473

الحر تحته الأمة أو الحرة تحت العبد فيطلقها وهي حامل قال ليس لها عليه نفقة
[وقال يحيى بن سعيد] ان الأمة إذا طلقت وهي حامل انها وما في بطنها لسيدها
وإنما تكون النفقة على الذي يكون له الولد وهي من المطلقات ولها متاع بالمعروف
[مالك] عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن المرأة يطلقها زوجها
وهي في بيت بكراء على من الكراء قال سعيد على زوجها قالوا فإن لم يكن عنده
قال فعليها قالوا فإن لم يكن عندها قال فعلى الأمير
{ما جاء في نفقة المختلعة والمبارئة وسكنا هما}
[قلت] أرأيت الملاعن أو المولى إذا طلق السلطان على المولى أو لاعن بينه وبين
امرأته فوقع الطلاق بينهما أيكون على الزوج السكنى والنفقة ان كانت المرأة حاملا
في قول مالك أم لا (قال) قال مالك عليه السكنى فيهما جميعا وقال في النفقة ان
كانت هذه التي آلى منها ففرق السلطان بينهما حاملا أو غير حامل كانت لها النفقة
على الزوج ما دامت حاملا أو حتى تنقضي عدتها إن لم تكن حاملا لان فرقة الامام
فيهما غير بائن وهما يتوارثان ما لم تنقض العدة وأما الملاعنة فلا نفقة لها على الزوج ان
كانت حاملا لان ما في بطنها ليس يحلق الزوج ولهما جميعا السكنى [قلت] أرأيت
المختلعة والمبارئة أيكون لهما السكنى أم لا في قول مالك (قال) نعم لهما السكنى في قول
مالك ولا نفقة لهما إلا أن تكونا حاملتين [ابن وهب] عن ابن لهيعة عن بكير عن
سليمان بن يسار أنه قال إن المفتدية من زوجها لا تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها
ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا [قال مالك] الامر عندنا أنها مثل المبتوتة لا نفقة
لها [ابن وهب] عن موسى بن علي أنه سأل ابن شهاب عن المختلعة والمخيرة
والموهوبة لأهلها أين يعتددن قال يعتددن في بيوتهن حتى يحللن (قال ابن وهب)
قال خالد بن عمر ان وقاله القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار [قلت]
أرأيت المختلة والمبارئة أيكون لهما النفقة والسكنى في قول مالك (قال) ان كانتا
حاملتين فلهما النفقة والسكنى في قول مالك وان كانتا غير حاملتين فلهما السكني ولا
474

نفقة لهما [ابن وهب] عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال المبارئة مثل المطلقة
في المكث لها مالها وعليها ما عليها
{ما جاء في نفقة المتوفى عنها زوجها وسكناها}
[قلت] أرأيت المتوفى عنها زوجها أيكون لها النفقة والسكنى في العدة في قول
مالك في مال الميت أم لا (قال) قال مالك لا نفقة لها في مال الميت ولها السكنى ان
كانت الدار للميت وإن كان عليه دين والدار دار الميت كانت أحق بالسكنى من
الغرماء وتباع للغرماء ويشترط السكنى على المشترى وهذا قول مالك وان كانت الدار
بكراء فنقد الزوج الكراء فهي أحق بالسكنى وإن كان لم ينقد الكراء وإن كان موسرا
فلا سكنى لها في مال الميت ولكن تتكارى من مالها (قال) ولا سكنى للمرأة
المتوفى عنها زوجها في مال الميت إذا كانت في دار بكراء على حال إلا أن يكون الزوج
قد نقد الكراء [قلت] أرأيت إن كان الزوج قد نقد الكراء فمات الزوج وعليه
دين من أولى بالسكنى المرأة أم الغرماء (قال) إذا نقد الكراء فالمرأة أولى بالسكنى
من الغرماء (قال) وهذا قول مالك [قلت] أرأيت هذه المتوفى عنها زوجها إذا لم
يجعل لها السكنى على الزوج إذا كان موسرا وكان في دار بكراء ولم يكن نقد الكراء
أيكون للمرأة أن تخرج حيث أحبت أم تعتد في ذلك البيت وتؤدى كراءه (قال) لا
يكون لها أن تخرج منه إذا رضى أهل الدار بالكراء إلا أن يكروها كراء لا يشبه كراء
ذلك المسكن فلها أن تخرج إذا أخرجها أهل ذلك المسكن (قال) قال مالك فإذا
أخرجت فلتكتر مسكنا ولا تبيت الا في هذا المسكن الذي اكترته حتى تنقضي
عدتها ألا ترى أن سعيد بن المسيب قال فإن لم تكن عند الزوج في الطلاق فعليها
[قلت] فان أخرجت من المسكن الثاني فاكترت مسكنا ثالثا أيكون عليها أيضا
أن لا تبيت عنه وأن تعتد فيه (قال) لم أسمع هذا من مالك وأرى أن يكون ذلك عليها
[قلت] أرأيت ان طلقها تطليقة بائنة أو ثلاث تطليقات فكانت في سكنى الزوج
ثم توفى الزوج (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن حالها عندي مخالف لحال
475

المتوفى عنها لأنه حق قد وجب لها على الزوج في حياته وليس موته بالذي يضع عنه
حقا قد كان وجب لها عليه وان المتوفى عنها إنما وجب لها الحق في مال زوجها بعد
وفاته وهي وارث والمطلقة البتة ليست بوارث (قال ابن القاسم) وهذا الذي بلغني
ممن أثق به عن مالك أنه قاله (وقد روى) ابن نافع عن مالك أنهما سواء إذا طلق
ثم مات أو مات ولم يطلق وهذا أعدل [قال ابن القاسم] والمتوفى عنها زوجها لم
يجب لها علي الميت سكنى الا بعد موته فوجب السكنى لها ووجب الميراث معا فبطل
سكناها وهذه التي طلقها زوجها ثم توفي عنها وهي في عدتها قد لزم الزوج سكناها في
حال حياته فصار ذلك دينا في ماله (قال) ألا ترى أن المتوفى عنها زوجها إذا كانت في
منزل الميت أو كانت في دار بكراء قد نقد الميت كراء تلك الدار كانت أولى بذلك من
ورثة الميت ومن الغرماء في قول مالك فهذا يدلك أن مالكا لم يبطل سكناها للذي
وجب من الميراث مع سكناها معا ويدك على أنه ليس بدين على الميت ولا مال تركه
الميت ولو كان مالا تركه الميت لكان لورثته أن يدخلوا معها في السكنى ولكان أهل
الدين يحاصونها به (قال ابن القاسم) ومما يدلك علي ذلك لو أن رجلا طلق امرأته
البتة وهي في بيت بكراء فأفلس قبل أن تنقضي عدتها كان أهل الدار أحق بمسكنهم
وأخرجت المرأة منه ولم تكن سكناها حوزا على أهل الدار فليس السكنى مالا
[ابن وهب] عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه سأله عن
المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها هل لها من نفقة قال جابر لا حسبها ميراثها [ابن
وهب] عن رجال من أهل العلم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف وسليمان بن يسار
وابن المسيب وعمرة بنت عبد الرحمن وعبد الله بن أبي سلمة وربيعة مثله قال ابن
المسيب إلا أن تكون مرضعا فان أرضعت أنفق عليها بذلك مضت السنة (وقال)
ربيعة تكون في حصتها من مالها (وقال ابن شهاب) مثله نفقتها على نفسها في ميراثها
كانت حاملا أو غير حامل [قلت] أرأيت المطلقة والمتوفى عنها حتى متى تنقطع
السكنى عنهما إذا قلت لم تنقض عدتي (قال) حتى تنقضي الريبة وتنقضي العدة
476

وهذا قول مالك [ابن المسيب] أنه كان يقول في المرأة الحامل يطلقها زوجها
واحدة أو اثنتين ثم تمكث أربعة أشهر أو خمسة أو أدنى أو أكثر ما لم تضع ثم
يموت زوجها فكان يقول قد انقطعت عنها النفقة حين مات وهي وارثة معتدة
{ما جاء في سكنى الأمة وأم الولد}
[قلت] أرأيت الأمة إذا أعتقت تحت العبد فاختارت فراقه أيكون لها السكنى
على زوجها أم لا في قول مالك (قال) ان كانت قد بوئت مع زوجها موضعه فالسكنى
للزوج لازم ما دامت في العدة وان كانت غير مبوأة معه وكانت في بيت ساداتها
اعتدت هناك ولا شئ لها على الزوج من السكنى [قلت] أرأيت ان أخرجها
ساداتها فسكنت موضعا آخر ألها السكنى على زوجها أم لا (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا إلا أن مالكا قال لي تعتد حيث كانت تسكن إذا طلقت فهذا طلاق ولا يلزم
العبد شئ في قول مالك إذا لم تن تبيت عنده وان أخرجها أهلها بعد ذلك نهوا عن
ذلك وأمروا بأن يقروها حتى تنقضي عدتها [قلت] فهل يجبرون على أن لا يخرجوها
قال نعم [قلت] فان انهدم المسكن فتحولت فسكنت في موضع آخر بكراء
أيكون على زوجها من السكنى شئ أم لا (قال) قال مالك إذا كانت لا تبيت عند
زوجها فإنها تعتد حيث كانت تبيت ولا شئ عليه من سكناها وإنما يلزم الزوج
ما كان يلزمه حين طلقها فما حدث بعد ذلك لم يلزم الزوج منه شئ [قلت] وان
أعتق الزوج وهي في العدة (قال) إذا أعتق وهي العدة لم أر السكنى عليه (قال)
قال لي مالك في العبد تكون تحته الحرة فيطلقها وهي حامل قال لا نفقة عليه
[قلت] فان أعتق قبل أن تضع حملها (قال) عليه نفقتها لأنه ولده [قال مالك]
ولو أن عبدا طلق امرأته وهي حامل وقد كانت تسكن معه كان لها السكنى ولا
نفقة لها للحمل الذي بها وهذا في الطلاق البائن [قلت] لابن القاسم أرأيت
ان كانت في مسكن بكراء هي اكترته فطلقها زوجها فلم تطلب الزوج بالكنى حتى
انقضت عدتها ثم طلبته بالكراء بعد انقضاء العدة (قال) ذلك لها [قلت] وكذلك
477

ان كانت تحت زوجها لم يفارقها فطلبت منه كراء المسكن الذي اكترته بعد انقضاء
الكراء والسكنى (قال) نعم ذلك لها تتبعه بذلك أن كان؟؟ أيام سكنت وإن كان
في تلك الأيام عديما فلا شئ لها عليه [قلت ب أرأيت ان طلقها وقد كان عديما
أيكون لها أن تلزمه بكراء السكنى (قال) لا يكون لها ذلك لان مالكا سئل عن
المرأة يطلقها زوجها وهي حامل وهو معسر أعليه نفقتها (قال) لا إلا أن يوسر
في حملها فتأخذه بما بقي وان وضعت قبل أن يوسر فلا نفقة لها في شئ من محملها [قلت]
أرأيت السكنى ان أيسر في بقية من السكنى (قال) هو مثل الحمل ان أيسر في بقية
منه أخذ بكراء السكنى فيما يستقبل [قلت] أرأيت أم الولد إذا أعتقها سيدها أو
مات عنها (قال) عدتها حيضة [قلت] وهل يكون لها في هذه الحيضة السكنى
قال نعم [قلت] وهو قول مالك (قال) قال لي مالك إذا أعتق الرجل أم ولده
وهي حامل منه فعليه نفقتها فكل شئ كانت فيه تحبس له فعليه سكناها إذا كان من
العدد والاستبراء والريبة وليس تشبه السكنى النفقة لان المبتوتة والمصالحة لهما
السكنى ولا نفقة لهما فكذلك أم الولد لها السكنى ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا
[قلت] أرأيت أم الولد إذا أعتقها سيدها وهي حامل أيكون لها النفقة في قول
مالك (قال) قال لي مالك نعم قال لي مالك وكذلك الحر تكون تحته الأمة فيطلقها البتة
وهي حامل فلا تكون عليه نفقتها ثم تعتق قبل أن تضع فعليه أن ينفق عليها بعد
ما عتقت حتى تضع حملها لأنه إنما ينفق على ولده منها
{ما جاء في سكنى المرتدة}
[قلت] أرأيت المرتدة أيكون لها النفقة والسكنى إذا كانت حاملا ما دامت
حاملا (قال) نعم لان الولد يلحق بأبيه فمن هناك لزمته النفقة وإن كان عير
حامل يعرف ذلك لم تؤخر واستتيبت فان تابت والا ضربت عنقها ولا أرى لها عليه
نفقة في هذه الاستتابة لأنها قد بانت منه وان رجعت إلى الاسلام كانت تطليقة
بائنة ولها السكنى
478

{ما جاء في سكنى امرأة المعنين}
[قلت] أرأيت الذي لم يستطع أن يطأ امرأته ففرق السلطان بينهما أيكون لها على
زوجها السكنى ما دامت في عدتها قال نعم [قلت] أرأيت من تزوج أخته من
الرضاعة ففرقت بينهما أتجعل لها السكنى أم لا (قال) قال مالك نعم تعتد حيث كانت
تسكن فلما قال لي مالك ذلك علمت أن لها السكنى على زوجها ولها السكنى لأنها
محبوسة عليه لأجل مائه وإن كان ولد لحق به [قلت] أرأيت المستحاضة إذا طلقها
زوجها ثلاثة أو خالعها أيكون لها السكنى في قول مالك في التسعة الأشهر الاستبراء
وإنما عدتها ثلاثة أشهر بعد التسعة (قال) قال مالك لها السكني في الاستبراء وفى
العدة وهذا أيضا مما يدلك على تقوية ما أخبرتك به أن على الزوجين إذا أسلم أحدهما
ثم فرق بينهما أن لها السكني (وقال غيره) إنما عدة المستحاضة سنة وليست مثل
المرتابة لان عدة المستحاضة سنة سنة
{ما جاء في الاستبراء}
[قلت] أرأيت أمة كان يطؤها سيدها فلم تلد منه فمات عنها أو أعتقها هل عليها
في قول مالك شئ أم لا (قال) قال مالك نعم عليها حيضة إلا أن يكون أعتقها وقد
استبرأها فلا يكون عليها في ذلك حيضة وتنكح مكانها ان أحبت وهذا قول مالك
لأنها لو كانت أمة كان لسيدها أن يزوجها بعد أن يستبرئها وهي أمة له ويجوز للزوج
أن يطأها مكانه ويجوز للزوج أن يطأها باستبراء السيد وهذا قول مالك [قال ابن
القاسم] والعتق عند مالك بمنزلة هذا والبيع ليس كذلك أن باعها وقد استبرأها
فلا بد للمشترى من الاستبراء لأنها خرجت من ملك إلى ملك وكذلك لو مات عنها
وهي أمة وقد استبرأها قبل أن يموت لم تجزها تلك الحيضة لأنها تخرج من ملك
إلى ملك وقال لي مالك وأم الولد لو استبرأها سيدها ثم أعتقها لم يجز لها أن تنكح
حتى تحيض حيضة وليست كالأمة يكون السيد يطؤها ثم يستبرئها ثم يعتقها بعد
479

الاستبراء انه يجوز لها أن تتزوج بغير حيضة والعتق إنما يخرج من ملك إلى حرية
فلا يكون عليها الاستبراء لأنها قد استبرئت بمنزل السيد حين استبرأ فزوجها بعد
ما استبرأ فإنما جاز للزوج أن يطأها بلا استبراء وأجزأه استبراء السيد لأنها لم تصر
للزوج ملكا فهي إذا أعتقت بعد الاستبراء جاز لها أن تتزوج وان كانت حرة كما
يجوز للسيد أن يزوجها وهي أمة قبل أن يعتقها ألا ترى أنها حين استبرأها السيد
كان له أن يزوجها فإذا أعتقها لم يمنعها العتق من التزويج أيضا ويجزئها ذلك الاستبراء
[قلت] أرأيت مكاتبا اشترى امرأته وقد كانت ولدت منه أو لم تلد فعجز فرجع
رقيقا أو مات عنها ماذا عليه من العدة أو من الاستبراء (قال) إن كان لم يطأها بعد
اشترائه إياها فان مالكا قال لي مرة بعد مرة عدتها حيضة ثم رجع فقال أحب
إلى أن تكون حيضتين وتفسير ما قال لي مالك في ذلك أن كل فسخ يكون في
النكاح فعلى المرأة عدتها التي تكون في الطلاق إلا أن يطأها بعد الاستبراء استبراء
الإماء لأنها وطئت بملك اليمين (قال ابن القاسم) وقوله الآخر أحب ما فيه إلى أنها
تعتد حيضتين إذا لم يطأها حتى أعتقها أو توفى عنها فان وطئها فعليها الاستبراء بحيضة
[قلت] من أي موضع يكون عليها حيضتان إذا هو لم يطأه من يوم اشتراها
[قلت] من أي موضع يكون عليها حيضتان إذا هو لم يطأها من يوم اشتراها
أو من يوم مات أو أعتق (قال) لا بل من يوم اشتراها [قلت] وتعتد وهي في ملكه
(قال) نعم ألا ترى أن هذه العدة إنما جعلت مثل العدة في الطلاق وقد تعتد الأمة من
زوجها وهي في ملك سيدها [قلت] أرأيت ان مات عنها هذا المكاتب أو عجز بعد
ما اشتراها وقد حاضت عنده حيضتين فصارت الأمة لسيد المكاتب أيكون عليه أن
يستبرئ هذه الأمة وقد قال المكاتب انه لم يطأها من بعد الشراء (قال) نعم على
سيده أن يستبرئها بحيضة وان هي خرجت حرة ولم يطأها المكاتب بعد الشراء
فلا استبراء عليها ولا بأس أن تنكح مكانها لأنها خرجت من ملك إلى حرية ولم تخرج
من ملك إلى ملك [وقال مالك] في رجل تزوج أمة فلم يدخل بها حتى استبرأها
480

انه يطؤها بملك يمينه ولا استبراء عليه
{ما جاء في العبد المأذون له في التجارة يعتق وله أم ولد قد ولدت]
[منه قبل أن يعتق أو أعتق وفى بطنها منه ولد]
[قلت] أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا اشترى جارية فوطئها بملك اليمين باذن
السيد أو بغير إذن السيد فولدت ثم أعتق العبد بعد ذلك فتبعته كما يتبعه ماله أتكون
بذلك الولد أم ولد أم لا (قال) قال مالك لا تكون به أم ولد وله أن يبيعها وكل ولد
ولدته قبل أن يعتقه سيده أو أعتقه سيده وأمته حامل منه لم تضعه فان ما ولدت قبل
أن يعتقه سيده وما في بطن أمته رقيق كلهم للسيد ولا تكون بشئ منهم أم ولد
لأنهم عبيد وإنما أمهم بمنزلة ماله لأنه إذا أعتقه سيده تبعه ماله (قال ابن القاسم) إلا أن يملك العبد ذلك الحمل الذي في بطن جاريته منه قبل أن تضعه فتكون به أم ولد له
[قال] فقلت لمالك فلو أن العبد حين أعتقه سيده أعتق جاريته وهي حامل منه
(قال) قال لي مالك لا عتق له في جاريته وحدودها وحرمتها وخراجها خراج أمة
حتى تضع ما في بطنها فيأخذه سيده ويعتق الأمة إذا وضعت ما في بطنها بالعتق الذي
أعتقها به العبد المعتق ولا تحتاج الجارية هاهنا إلى أن يجدد لها عتق (قال مالك) ونزل
هذا ببلدنا وحكم به [قال ابن القاسم] وسأله بعض أصحابه ان كنانة بعد ما قال لي
هذا القول بأعوام أرأيت المدبر إذا اشترى جارية فوطئها فحملت منه ثم عجل سيده
عتقه وقد علم أن ماله يتبعه أترى ولده يتبع المدبر (قال) لا ولكنها إذا وضعته كان
مدبرا على حال ما كان عليه الأب قبل أن يعتقه السيد والجارية تبع للعبد لأنها ماله
[قلت ب وتصير ملكا له ولا تكون بهذا الولد أم ولد (قال) قد اختلف قول مالك
في هذه بمنزلة ما اختلف في المكاتب وجعله في هذه الجارية بمنزلة المكاتب في جاريته
(قال ابن القاسم) والذي سمعت من مالك قال تكون أم ولد إذا ولدته في التدبير أو
في الكتابة فقلت لمالك وإن لم يكن لها يوم يعتق ولد حي (قال) وإن لم يكن لها يوم
يعتق ولد حي [قلت] ما حجة مالك في التي في بطنها ولد من هذا العبد الذي
481

أعتقه سيده فقال المعتق هي حرة لم جعلها في خراجها وحدودها بمنزلة الأمة وإنما
في بطنها ولد للسيد وهي إذا وضعت ما في بطنها كانت حرة باللفظ الذي أعتقها به العبد
المعتق (قال) لان ما في بطنها ملك للسيد ولا يصلح أن تكون حرة وما في بطنها
رقيق فلما لم يجز هذا وقفت ولم ينفذ لها حريتها حتى تضع ما في بطنها ومما يبين ذلك
أن العبد إذا كاتبه سيده وله أمة حامل منه أن ما في بطنها رقيق ولا يدخل في
كتابة المكاتب إلا أن يشترطه المكاتب
{تم كتاب العدة من المدونة الكبرى والحمد لله حمدا كثيرا}
[وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي]
(وعلى آله وصحبه وسلم)
{وبه تم الجزء الخامس من التقسيم الذي أجرينا الطبع على اعتباره}
[ويليه الجزء السادس وأوله كتاب الايمان بالطلاق]
482