الكتاب: المدونة الكبرى
المؤلف: الإمام مالك
الجزء: ٤
الوفاة: ١٧٩
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٢٣
المطبعة: مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن إمام دار الهجرة وأوحد الأئمة الأعلام أبي عبد الله الإمام مالك بن أنس الأصبحي

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي
عن الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
الجزء التاسع
(أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل)
(حقوق الطبع محفوظة للملتزم)
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
(تنبيه)
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخا عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهول وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط كثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
من الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة اه‍
" طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 - لصاحبها محمد إسماعيل "
1

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب السلم الأول)
(في تسليف السلع بعضها في بعض)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم صف لي ما يجوز في قول مالك من الدواب أن يسلف
بعضها في بعض أو الغنم أو البقر أو الثياب أو ما أشبه هذه الأشياء (قال) الإبل تسلف
في البقر والبقر تسلف في الإبل والغنم تسلف في الإبل والبقر والبقر والإبل تسلف
في الغنم والحمير تسلف في الغنم والإبل والبقر والخيل ورأيت مالكا يكره أن تسلف
الحمير في البغال إلا أن تكون من الحمير الاعرابية التي يجوز أن يسلم فيها الحمار الفارة
النجيب فكذلك إذا أسلفت الحمير في البغال والبغال في الحمير فاختلفت كاختلاف الحمار
الفارة النجيب بالحمار الاعرابي فذلك جائز أن يسلم بعضها في بعض والخيل لا يسلم
بعضها في بعض إلا أن يكون كبارها بصغارها فلا بأس بذلك أو يكون الفرس والجواد
الفارة السابق الذي قد علم من جودته فلا بأس يسلم في غيره مما ليس مثله في
جودته وإن كان في سنه فلا بأس بذلك والإبل كذلك كبارها في صغارها ولا يسلم
كبارها في كبارها إلا أن تختلف النجابة أو يكون البعير الذي قد عرف من كرمه
وقوته على الحمولة فلا بأس بأن يسلف في الإبل في سنه إذا كانت من حواشي الإبل
التي لا تحمل حمولة هذا وان كانت في سنة. والبقر لا بأس أن يسلف كبارها في
2

صغارها (قال ابن القاسم) ولا أرى بأسا أن تسلف البقرة القوية على العمل الفارهة في
الحرث وما أشبهه في حواشي البقر وان كانت من أسنانها (قال مالك) والغنم لا يسلف
صغارها في كبارها ولا كبارها في صغارها ولا معزاها في ضأنها ولا ضأنها في معزاها
إلا أن تكون غنما غزيرة اللبن موصوفة بالكرم فلا بأس أن تسلم في حواشي الغنم
(قلت) ولم كره مالك صغار الغنم بكبارها إذا أسلف فيها (قال) لأنها ليس فيها منافع
الا للحم واللبن لا للحمولة (قال) وليس بين الصغير والكبير من الغنم تفاوت الا للحم
فلا أرى ذلك شيئا لان هذا عنده ليس بكبير منفعة (قلت) وإنما ينظر مالك في
الحيوان إذا أسلف بعضها في بعض إذا اختلفت المنافع فيها جوز أن يسلف بعضها في
بعض وان اختلفت أسنانها أو اتفقت قال نعم (ابن وهب) عن مالك أن صالح بن كيسان
حدثه عن حسين بن محمد بن علي بن أبي طالب أن علي بن أبي طالب باع جملا له يدعى
عصيفير بعشرين بعيرا إلى أجل (ابن وهب) عن مالك أن نافعا حدثه أن ابن عمر
اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه إلى أجل يوفيها صاحبها بالربذة (ابن وهب)
عن عثمان بن الحكم أن يحيى بن سعيد أخبره عن سعيد بن المسيب أنه قال لا بأس
بالحيوان الناقة الكريمة بالقلائص إلى أجل والعبد بالوصفاء إلى أجل والثوب بالثياب
إلى أجل (ابن وهب) عن ابن لهيعة والليث بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر بن
عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى عبدا بعبدين أسودين (قلت)
لابن القاسم ولا يلتفت في ذلك إلى الأسنان قال نعم (قلت) أرأيت أن أسلفت
جذوع خشب في جذوع مثلها أيصح ذلك في قول مالك (قال) لا يصلح أن يسلف
جذعا في جذعين من صنفه ولا على مثاله إلا أن تختلف الصفة اختلافا بينا فلا بأس
بذلك وذلك أن يسلف جذعا من نخل غلظه كذا وكذا وطوله كذا وكذا في
جذوع نخل صغار فإذا اختلفت هكذا فلا بأس به لان هذين نوعان مختلفان وإن كان
أصلهما جميعا من الخشب ألا ترى أن العبد البربري التاجر بالاشبانيين لا تجارة
لهما لا بأس به والصقلي التاجر بالنوبيين غير التاجرين لا بأس به وكلهم ولد آدم
3

وكذلك البربري الفصيح التاجر الكاتب بالنوبيين الأعجميين لا بأس بذلك وكذلك
الخيل لا بأس أن يسلف بعضها في بعض إذا اختلفت أصنافها ونجارها وإن كان
أصلها واحدا خيلا كلها وكذلك الجذوع والثياب وقد وصفت لك الثياب وجميع
السلع كلها (قال ابن القاسم) وان سلف جذعا في جذع مثله في صفته وغلظه وطوله
وأصل ما الجذعان منه واحد هما من النخل أو من غير ذلك من الشجر إذا كان
أصلهما واحدا وصفتهما واحدة فسلف الجذع منه في جذع مثله نظر في ذلك فإن كان إنما أراد به المنفعة في الذي أسلف ذلك لنفسه بطل ذلك ورد السلف وان كانت
المنفعة إنما هي للمتسلف على وجه السلف أمضى ذلك إلى أجله (قال) ولا يصلح أن
يسلف الجذع في الجذعين بمثله من نوعه إلى أجل ولا يصلح أن يسلف الجذع في
نصف جذع لأنه كأنه أعطاه جذعا على أن يضمن له نصف جذع وكذلك هذا
في جمع الأشياء لأنه إنما ترك النصف لموضع الضمان وكذلك قال مالك في
الرجل يسلف الثوب أو الرأس في ثوب دونه أو رأس دونه إلى أجل ان ذلك
لا خير فيه (قال ابن وهب) عن الليث قال كتب إلى يحيى بن سعيد يقول سألت
عن ثوب سطوى بثوبين سطويين من ضربه فقال أبى ذلك الناس حتى تختلف
الأشياء وحتى يكون الثوب الذي يأخذ الرجل مخالفا للذي يعطى وكذلك الإبل
والغنم والرقيق ان الناقة الكريمة تباع بالقلائص إلى أجل وان العبد الفارة بياع بالوصفاء
إلى أجل وان الشاة الكريمة ذات اللبن تباع بالعنق من الشياه والذي ليس في أنفس
الناس منه شئ في شأن الحيوان والبزوز والحيوان والدواب أنه من أعطى شيئا من
ذلك بشئ إلى أجل فإذا اختلفت الصفة فليس بها بأس (قال) يحيى بن سعيد من
ابتاع غلاما حاسبا كاتبا بوصفاء يسميهم فليقلل أو ليكثر من البربر أو من السودان
إلى أجل فليس بذلك بأس ومن باع غلاما معجلا بعشرة أفراس إلى أجل وعشرة
دنانير نقدا أخر الخيل وانتقد العشرة الدنانير فليس بذلك بأس (قال يحيى) وسألت
عن رجل سلف في غلام أمرد جسيم صبيح فلما جل الاجل لم يجد عنده أمرد فأعطاه
4

وصيفين بالغلام الأمرد (قال) فليس بذلك بأس ولو أنه حين لم يجد عنده الغلام
الأمرد أعطاه مكانه غنما أو بقرا أو إبلا أو رقيقا أو عرضا من العروض وبرئ
أحدهما من صاحبه في مقعد واحد لم يكن بذلك بأس وهذا الحيوان بعضه ببعض
(في التسليف في حائط بعينه)
(قلت) أرأيت أن سلفت في تمر حائط بعينه في إبانه واشترطت الاخذ في ابانه
(قال) قال مالك إذا أزهى ذلك الحائط الذي سلفت فيه فلا بأس بذلك ولا يصلح
أن يسلف في تمر حايط بعينه قبل أن يزهى (قلت) ولا بأس أن يسلف في حائط
بعينه بعدما أزهى ويشترط الاخذ بعدما يرطب ويضرب لذلك أجلا (قال) نعم لا بأس
بذلك في قول مالك (وقال) قلت لمالك أنه يكون بينه وبين أخذه العشرة الأيام
والخمسة عشر في الحائط بعينه فقال هذا قريب (قلت) فان سلف في هذا الحائط
وهو طلع أو بلح واشترط الاخذ في إبان رطبه أو في إبان بسره أو في إبان جداد
تمره (قال) قال مالك لا يجوز أن يسلف في حائط بعينه حتى يزهى ذلك الحائط
(قلت) فان سلف في حائط بعينه وقد أزهى واشترط الاخذ تمرا عند الجداد
(قال) قال مالك لا يصلح (قال) وإنما وسع مالك في هذا أن يسلف فيه إذا أزهى
فيشترط أن يأخذ في ذلك بسرا أو رطبا (قال) فان اشترط أن يأخذ ذلك تمرا فلا
يجوز (قلت) ولم لا يجوز أن يشترط أخذ ذلك تمرا (قال) لان الحائط ليس
بمأمون أن يصير تمرا ويخشى عليه العاهات والجوائح وإنما وسع مالك بعد أن أزهى
وصار بسرا أن يسلف فيه فيأخذ بسرا أو رطبا لقرب ذلك ولموضع قلة الخوف في
ذلك ولان أكثر الحيطان إذا أزهت فقد صارت بسرا فليس بين زهوها وبين
أن ترطب الا يسير فان اشترط أخذ ذلك تمرا تباعد ذلك ودخله خوف العاهات
والجوائح فصار شبه المخاطرة (قال) مالك ولا يدرى كيف يكون التمر (قلت)
أرأيت من سلف من تمر حائط بعينه بعد ما أزهى واشترط أخذ ذلك رطبا ما قول
مالك فيه أيصلح أن لا يقدم نقدا أو أن يضرب للنقد أجلا وهل هذا عند مالك
5

محمل السلف أو محمد البيوع (قال) لا بأس به قدم النقد أو لم يقدم وذلك أنه يشرع
في أخذه حين اشتراه وبعد ذلك بالأيام اليسيرة فلا بأس بذلك عند مالك وإنما
هذا محمل البيوع عنده ليس محمل السلف فإن كان قد أخذ بعض ما اشترى وبقي
بعض حتى انقطعت ثمرا ذلك الحائط رجع عليه بقدر ما بقي له من الثمن وكان عليه
قدر ما أخذ فان أراد أن يصرف ما بقي له في سلعة أخرى لم يكن له أن يصرف
ذلك في سلعا أخرى إلا أن لا يؤخرها ويقبض السلعة وليصرفها فيما شاء من
السلع ويتعجل (قلت) أرأيت الفاكهة التفاح والرمان والسفرجل والقثاء والبطيخ
وما أشبه هذه الأشياء من الفاكهة الرطبة التي تنقطع من أيدي الناس ان سلف رجل في
شئ منها في حائط بعينه أيجوز ذلك أم لا (قال) إذا طاب أول ذلك الذي سلف فيه فلا
بأس بذلك ويشترط الاخذ وهذا مثل الحائط بعينه إذا سلف فيه وقد وصفت لك
ذلك (قلت) فإن لم يقدم نقده أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) نعم يجوز ويشترط
ما يأخذ في كل يوم في هذا وفى الرطب أو يشترط أخذه جميعا في يوم واحد وإن كان
اشترط أخذه في يوم واحد فرضى صاحب الحائط أن يقدم ذلك له قبل محل الاجل
فلا بأس بذلك إذا رضى الذي له السلف وكانت صفته بعينها (قلت) فإن لم يسلف في
حائط بعينه في هذه الفاكهة الرطبة فلا بأس أن يسلف قبل إبانها ويشترط الاخذ في إبانها
في قول مالك قال نعم (قلت) ما قول مالك في رجل سلف في تمر حائط بعينه أو
في لبن أغنام بأعيانها أو في أصوافها ويشترط أخذ ذلك إلى أيام قلائل فهلك البائع أو
المشترى أو هلكا جميعا (قال) قال مالك يلزم البيع ورثتهما لان هذا بيع قد تم فلا
بد من إنفاذه وان مات البائع والمشترى لان ذلك البيع قد لزمهما في أموالهما (ابن
وهب) قال وأخبرني يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في
الرجل يبتاع الرطب أو العنب أو التين كيلا أو وزنا قال ربيعة لا يسلف رجل في شئ
من ذلك يأخذ كل يوم ما أراد حتى يكون ما يأخذ كل يوم شيئا معلوما فإذا انقضت
ثمرة الرجل التي سلفت فيها فليس لك الا ما بقي من رأس مالك بحصة ما بقي لك
6

تتبايعان بذلك فيما شئتما إلا أنك تأخذ ما بايعته به قبل أن تفارقه (ابن وهب) قال
وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن عباس ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن القاسم
ويزيد بن عبد الله وأبي الزناد مثله
(في السلف في نسل أغنام بأعيانها وأصوافها وألبانها)
(قلت) هل يجوز لي في قول مالك أن أسلف في نسل حيوان بأعيانها بصفة معلومة
(قال) قال مالك لا يجوز أن يسلف الرجل في نسل حيوان بأعينها وان كانت موصوفة
ولا في نسل غنم بأعيانها ولا في نسل بقر بأعيانها ولا في نسل إبل بأعيانها ولا في
نسل خيل بأعيانها (قال) وإنما يكون السف في الحيوان مضمونا لا في حيوان بأعيانها
ولا في نسلها (قلت) فهل يجوز أن يسلف في قول مالك في لبن غنم بأعيانها (قال)
قال مالك لا يسلف في لبن غنم بأعيانها الا في إبان لبنها ويشترط الاخذ في إبانه
(قلت) فان سلفت في لبنها قبل إبانه واشترطت الاخذ في إبانه (قال) لا يجوز هذا
وهذه الغنم بأعيانها ولبنها إذا سلف في لبن هذه الغنم بأعيانها أو ضرب لرأس المال أجلا
بعيدا هل يجوز هذا في قول مالك (قال) لا بأس بذلك في قول مالك إذا كان ذلك قريبا
يسرع في أخذ اللبن يومه ذلك أو إلى أيام يسيرة وإنما هذا عنده بمنزلة البيع ليس بمنزلة
السلف (قلت) فأصواف الغنم إذا سلفت في أصواف غنم بأعيانها فهو جائز في
قول مالك في إبان جزازها واشترطت أخذ ذلك قريبا إلى أيام يسيرا بمنزلة ثمرة
حائط بعينه أو لبن غنم بأعيانها قال نعم (قال ابن وهب) قال ربيعا وأبو الزناد لا بأس
باشتراء الصوف على ظهور الغنم (قال مالك) إن كان ذلك بحضرة جزازها فلا بأس به
إن شاء الله (قلت) أرأيت أن سلف رجل في لبن غنم بأعيانها أو أصوافها أو في تمر
حائط بعينه وليست الغنم ولا الحائط لهذا الرجل الذي أسلفته فيه (قال) قال مالك
في الرجل يبيع من الرجل السلعة ليست له ويوجب على نفسه أن عليه تخليصها من
صاحبها بما بلغ قال لا يحل هذا البيع وهو من الغرر (قال) فأرى ما سألت عنه من
7

ثمر الحائط بعينه وأصواف الغنم وألبانها إذا كانت بأعيانها مثل هذا ولا أراه جائزا
لأنه باع ما ليس عنده (قلت) ما قول مالك فيمن سلف في نسل غنم بأعيانها واشترط
من ذلك صفة معلومة وقد حملت تلك الغنم أيجوز في قول مالك أم لا (قال) لا يجوز
قال وإنما هذا مثل رجل سلف في تمر حائط بعينه بعد ما طلع طلعه واشترط أخذ
ذلك تمرا فلا يصلح هذا (قلت) هل يجوز السلف في سمون غنم بأعيانها أو أقطها
أو جبنها (قال) إن كان ذلك في إبان ألبانها وكان يسرع فيه ويأخذه كما يأخذ ألبانها في
كل يوم فلا بأس به وإن كان ذلك بعيدا فلا خير فيه وكذلك ألبانها وأشهب يكره
السمن والأقط
(في السلف في تمر قرية بعينها)
(قلت) أرأيت أن أسلفت في تمر قرية بعينها أو حنطة قرية بعينها (قال) قال مالك
من سلف في تمر القرى العظام مثل خيبر ووادي القرى وذي المروة وما أشبهها
من القرى قال فلا بأس أن يسلف قبل إبان التمر ويشترط أن يأخذ ذلك تمرا في
أي الا بان شاء ويشترط أن يأخذ ذلك رطبا في إبان الرطب أو يسرا في إبان البسر
(قال) وقال مالك وكذلك القرى المأمونة التي لا تنقطع ثمرتها من أيدي الناس أبدا
والقرى العظام التي لا ينقطع طعامها من أيدي الناس أبدا لا تخلوا القرية من أن يكون
فيها الطعام والثمرة لكثرة حيطانها وزرعها فهذه مأمونة لا بأس بأن يسلف فيها في
أي أبان شاء ويشترط أخذ ذلك تمرا أو حنطة أو شعيرا أو حبوبا في أي الا بان شاء
فان اشترط رطبا أو بسرا فليشترطه في ابانه (قال) وإنما هذه القرى العظام إذا سلف
في طعامها أو في تمرها بمنزلة ما لو سلف في طعام مصر أو في تمر المدينة فهذا مأمون
لا ينقطع من البلدة التي سلف فيها وكذلك هذه القرى العظام إذا كانت لا ينقطع
التمر منها لكثرة حيطانها والقرى العظام التي لا تخلو من الحنطة والشعير والقطاني
فإن كانت قرى صغارا أو قرى ينقطع طعامها منها في بعض السنة أو تمرها في بعض
السنة (قال) فلا يصلح أن يسلف في هذه إلا أن يسلف في تمرها إذا أزهى ويشترط
8

أخذ ذلك رطبا أو بسرا ولا يؤخر الشرط حتى يكون تمرا فيأخذه تمرا لأنه إذا
كان بهذا المنزلة في صغار الحيطان وقلبتها وصغار القرى وقلة الأرض فليس ذلك
بمأمون (قال ابن القاسم) سمعت مالك يقول بلغني أن عبد الله بن عباس كان
يقول لا بأس بالسلف المضمون إلى أجل معلوم (قلت) أرأيت أن أسلف رجل في
طعام قرية بعينها إذا كانت القرية لا ينقطع طعامها منها وليس له في تلك القرية أرض
ولا زرع ولا طعام أيجوز هذا أم لا في قول مالك (قال) نعم لا بأس بذلك (قلت)
أرأيت أن سلفت في تمر قرية لا ينقطع تمرها من أيدي الناس سلفت في ذلك إلى رجل
ليس له فيها نخل ولا له فيها تمرا أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) نعم يجوز ذلك عند
مالك ولا بأس به وهذا والأول سواء (ابن وهب) عن سفيان الثوري عن عبد الله
ابن أبي نجيح المكي عن عبد الله بن أبي كثير أن ابن عباس قال قدم رسول الله صلى
الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار إلى سنتين أو ثلاث فقال النبي صلى الله
عليه وسلم سلفوا في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم (قال مالك) وبلغني
أن ابن عباس سئل عن السلف في الطعام فقال لا بأس بذلك وتلا هذه الآية يا أيها
الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه قال مالك فهذا يجمع الدين
كله (مالك) عن نافع أن ابن عمر كان يقول لا بأس بأن يبتاع الرجل طعاما إلى
أجل مسمى بسعر معلوم كان لصاحبه طعام أو لم يكن ما لم يكن في زرع لم يبد صلاحه
أو ثمرة لم يبد صلاحها فان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار عن اشترائها
حتى يبدو صلاحها (ابن وهب) عن أشهل بن حاتم عن عبد الله بن أبي مجالد قال
سألت عبد الله بن أبي أوفى صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عن السلم في الطعام
فقال كنا نسلف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في القمح والشعير والتمر
والزبيب إلى أجل معلوم وكيل معدود وما هو عند صاحبه
(في السلف في زرع أرض بعينها أو حديد معدن بعينه)
(قلت) هل يجوز لي في قول مالك أن أسلف في زرع أرض بعينها قد بدا صلاحه
9

أو أفرك (قال) لا يجوز ذلك ولا يشبه هذا التمر لان التمر يشترط أخذه بسرا أو
رطبا فلا يصلح أن يشترط تمرا والحنطة والشعير الحب إنما يشترط أخذه حبا فلا
يصلح في زرع أرض بعينها ولا يصلح أن يكون السلم في الحنطة والحب كله الا
مضمونا يكون دينا على من سلف إليه فيه ولا يكون في زرع بعينه وكذلك التمر لا
يكون في حائط بعينه الا في مثل ما وصفت لك من الحائط إذا أزهى (قال) فقيل
لمالك فلو أن رجلا سلف في حائط بعد ما أرطب أو في زرع بعد ما أفرك واشترط
أخذ ذلك تمرا أو حنطة فأخذ ذلك وفات البيع أترى أن يرد فيفسخ (قال) لا وليس
هو عندي من الحرام البين الذي أفسخه إذا فات ولكني أكره أن يعمل به فإذا
عمل به وفات فلا أرى رد ذلك (قلت) ما قول مالك فيمن أسلم في الحنطة الحديثة
قبل الحصاد والتمر الحديث قبل الجداد (قال) قال مالك لا بأس أن يسلم في الحنطة
الحديثة قبل الحصاد والتمر الحديث قبل الجداد ما لم يكن في زرع بعينه أو حائط
بعينه (قال ابن القاسم) وقال مالك بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا تبيعوا الحب حتى يشتد في أكمامه (قال مالك) وبلغني عن ابن سيرين أنه قال
لا تبيعوا الحب في سنبله حتى يبيض (ابن وهب) عن إسماعيل بن عياش أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يشترى الحب حتى يبيض (ابن وهب) عن عبد
الجبار عن ربيعة قال لا سلف في الزرع حتى ينقطع عنه الماء ويبيس (قال ابن
وهب) وسمعت مالكا يقول لا يباع الحب حتى يبيس وينقطع عنه شربه الماء حتى
لا ينفعه الشرب (قلت) فهل يصلح أن يسلف الرجل في حديد معدن بعينه
ويشترط من ذلك وزنا معلوما (1) (قال) أرى سبيل المعدن في هذا سبيل ما وصفت

(1) وجد بالأصل هنا طيارة تتعلق بهذا الموضوع ولم يعلم لها في موضع مخصوص ونصها
دمز. ص أجاز ابن القاسم في الكتاب ان يسلم في سمن غنم بأعيانها أو أقطها ومنع من ذلك أشهب
في السمن والأقط قال سحنون قول أشهب هذا خير من قوله في الصناعات يريد مثل الذي يبيع
ثوبه على أن على البائع خياطته أو جلده على أن عليه أن يحذوه أو قمحه على أن على البائع طحنه
والوجه في هذه المسائل عند ابن القاسم وأشهب قرب الامر في هذه الصنائع وانه لا يكاد يخفى
10

لك من قول مالك في السلعة في قمح القرى المأمونة إن كان المعدن مأمونا لا ينقطع
حديده من أيدي الناس لكثرته في تلك المواضع فالسلف فيه جائز إذا وصفه وإلا فلا
(في السلف في الفاكهة)
(قلت) أرأيت ما ينقطع من أيدي الناس في بعض السنة ما قول مالك فيه أيجوز
لي أن أسلف فيه قبل إبانه وأشترط الاخذ في ابانه (قال) نعم هو كما وصفت لك من
السلف في الثمار الرطبة وأما ما لا ينقطع من أيدي الناس فسلف فيه متى شئت في
أي إبان شئت واشترط أخذ ذلك في أي إبان شئت في قول مالك (قلت) أرأيت
من أسلف في أبان الفاكهة واشترط الاخذ في ابانها فانقضى ابانها قبل أن يقبض
ما سلف فيه ما قول مالك في ذلك (2) (قال) كان مالك مرة يقول يتأخر الذي له السلف
إلى ابانها من السنة المقبلة ثم رجع عن ذلك فقال لا بأس أن يأخذ بقية رأس ماله إذا
لم يقبض ذلك في ابانه (قال ابن القاسم) وأنا أرى أنه ان شاء أن يؤخره على الذي
عليه السلف إلى أبان قابل فذلك له ومن طلب التأخير منهما فذلك له جائز إلا أن يجتمعا

وجهها فأما لو كان الشئ يخفى وجهه ولا تضبط صنعته ولا تكن اعادته بعد صنعته إلى ما كان
عليه فان ذلك لا يجوز عندهما جميعا ولو كان الشئ مما يكن أن يعاد لهيئته مثل أن يشترى منه التراب
على أن يجعله له لبا أو الرصاص أو النحاس أو الحديد على أن يجعل له منه أداة فان ذلك جائز
لأنه إن كان على خلاف شرطه أمكنه أن يعيده لهيئته التي كان عليها وعلى هذا الوجه أجاز ابن
القاسم السلم في سمن غنم بأعيانها أو أقطها لان وجهه معروف وهو في الغالب يضبطه صانعه لا يكاد
يخرج عن ارادته ولأنه ان فسد عليه ما شرع في صنعته أمكنه ان يأخذ من لبنها غيره وأشهب
يرى أنه مما لا يضبط فلذلك اختلفا وروى عن سحنون أنه قال إنما كره أشهب السمن من ناحية
قوله أشتري منك هذا الزيتون على أن عليك عصره قال أبو محمد بن أبي زيد إنما يصح هذا التعليل
لو أسلم إليه في كيل من اللبن علي أن يخرج له البائع منه سمنا أو أقطا غير معلوم المقدار فأما في هذه
المسألة فإذا أسلم في سمن أو أقط معلوم المقدار فلا يصح تعليلها ما ذكر سحنون والله أعلم اه‍ ز ص
(2) في كتاب ابن محرز قالوا ولو مات المسلف إليه قبل مجئ أبان الفاكهة فان تركته توقف حتى يأتي
الا بان والا سبيل إلى قسم ماله وإن كان عليه ديون أخر تحاصوا في تركته ويصرف لصاحب الفاكهة
بقيمته ثم لا تراجع بينهم ان زادت القيمة عند الا بان أو نقصت انتهى من هامش الأصل
11

على المحاسبة فلا بأس بذلك (قلت) ما قول مالك في السلف في القصب الحلو أو
في الموز والأترج وما أشبه هذا (قال) لا بأس بذلك إذا اشترط من ذلك شيئا
معروفا فإن كان ينقطع من أيدي الناس فسبيل السلف فيه كما وصفت لك وإن كان
لا ينقطع من أيدي الناس فسبيله سبيل مالا ينقطع من أيدي الناس وقد وصفت
لك ذلك (قلت) والتفاح والرمان والسفرجل (قال) لا بأس بالسلف في ذلك
كيلا أو عددا (قال) أما الرمان مالكا قال لا بأس بالسلف فيه عددا إذا كان
قد وصف مقدار الرمان الذي قد سلف فيه (قال) وأرى التفاح والسفرجل بمنزلة
الرمان في العدد إذا كان ذلك يحاط بمعرفته (قال ابن القاسم) وان سلف في
التفاح والسفرجل كيلا فلا بأس بذلك أيضا إذا كان ذلك أمرا معروفا (قال)
وكذلك الرمان لا بأس أن يسلف فيه كيلا ان أحبوا
(في السلف في الجوز والبيض)
(قلت) كيف يسلف في الجوز في قول مالك (قال) قال مالك يسلف فيه بصفة أن
يصف الجوز (قال) ومعنى ما رأيت من قوله أنه يراه عددا (قال ابن القاسم) وإن كان
الجوز مما يسلف الناس فيه كيلا فلا بأس به (قلت) ولا بأس بالسلف في
الجوز في قول مالك عددا أو كيلا (قال) سمعت مالكا يقول لا بأس بالسلف في
الجوز على عدد فإن كان الكيل أمرا معروفا فلا بأس بذلك (قال) وقال مالك
لا بأس بأن يباع الجوز جزافا (قال) وقال مالك لا يسلم في البيض الا بصفة
(قلت) ولا بأس بالسلف في البيض عددا (قال) نعم
(في السلف في الثمار بغير صفة)
(قلت) أرأيت أن أسلف في الثمر ولم يبين برنيا من صيحاني ولا جعرورا ولم يذكر
جنسا من الثمر بعينه (قال) السلف فاسد في قول مالك (قلت) فان سلف في ثمر برني
ولم يقل جيدا ولا رديئا (قال) يكون في قول مالك فاسدا حتى يصف (قلت)
12

وكذلك الحنطة (قال) أما عندنا بمصر فان الحنطة محمولة فان سلف بمصر في الحنطة
ولم يذكر أي جنس من الحنطة فذلك عندنا على محمولة ولا يكون الا على صفة فإن لم يصف فهو فاسد فان أسلم في الشام فذلك على سمرا ولا يكون الا على صفة
(قلت) فان كنت سلفت في الحجاز حيث مجتمع السمراء والمحمولة (قال) ما سمعت
من مالك فيه شيئا وأرى أن يكون بمنزلة التمر يسلف فيه ولا يذكر أي أنواع التمر
سلف فيه فأي أن يكون ذلك فاسدا إلا أن يسميها سمراء من محمولة ويصف جودتها
فلا بأس به (قلت) أرأيت أن سلف في زبيب ولم يذكر جيدا ولا رديئا (قال
ابن القاسم) أرى إن كان الزبيب تختلف صفته عند الناس فأراه فاسدا ويفسخ البيع
(قلت) أرأيت أن سلفت في تمر ولم أذكر برنيا ولا صيحانيا ولا غيرهما فأتاني بأرفع
لتمر كله (قال) السلف فاسد ولا يجوز وان أتاه بأرفع التمر كله لان الصفقة وقعت فاسدة
(في السلف في أصناف من الطعام كثيرة صفته واحدة)
(قلت) أرأيت أن سلفت مائة درهم في أرادب من حنطة وأرادب من شعير
وأرادب من سمسم ولم أسم رأس مال كل واحد منها أيجوز هذا أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك السلف جائز وإن لم يسم لكل واحد منها رأس مال فهو جائز
لأنها صفقة واحدة وقعت على جميع هذه الأشياء فلا بأس بذلك (قال) ولا بأس ان
جعل آجال هذه الأشياء مختلفة أو جعل آجالها جميعا إلى وقت واحد (قلت) وكذلك
الثياب والحيوان وجميع صنوف الأمتعة والطعام والشراب وجميع الأشياء (قال) نعم
إذا وصف صفتها ونعتها (قلت) أرأيت أن سلف دراهم في حنطة وشعير ولم يسم
ما رأس مال الشعير من رأس مال الحنطة أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) قال
مالك من سلف في صفقة واحدة في حنطة وشعير وقطنية وثياب ورقيق ودواب
ونحو هذا فلا بأس وإن لم يسم لكل صنف من ذلك رأس ماله من السلف إذا
سمى كيل كل صنف وصفته (قلت) أرأيت إذا سلفت في سلع مختلفة إلى آجال
مختلفة أو إلى أجل واحد أسلفت في ذلك دنانير أو دراهم أو عروضا أسلفتها في
13

تلك العروض أو طعاما مختلفا أسلفته في تلك العروض المختلفة ولم أسم رأس مال كل
واحد من تلك العروض (قال) لا بأس بذلك عند مالك وإن لم تسم لكل صنف
من العروض التي أسلفت فيها رأس مال على حدة من سلفك ولا بأس أن تجعل الذي
تسلف في هذه العروض المختلفة صفقة واحدة إذا كان يجوز ما تسلم في الذي أسلمت
فيه وسميت عدد ما أسلمت فيه من الأصناف بعدد أو وزن (قلت) أرأيت أن
أسلمت دراهم في غير نوع من السلع موصوفة إلى أجل ولم أسم رأس مال كل واحد
من الدراهم (قال) قال مالك لا بأس بذلك (قلت) وكذلك أن كان رأس مالي
سلعة من السلع (قال) نعم إذا كان تلك السلعة يجوز لك أن تسلمها في تلك الأشياء
فلا بأس وإن لم تسم رأس مال كل سلعة من قيمة سلعتك التي أسلمتها في هذه الأشياء
(في السلف في الخضر والبقول)
(قلت) ما قول مالك في السلف في القصيل (قال ابن القاسم) إذا اشترط من ذلك
جرزا أو حزما أو أحمالا معروفة فلا بأس بذلك إذا أسلف قبل الا بان واشترط الاخذ
في الإبان أو أسلف في إبانه واشترط الاخذ في إبانه (قال) ولا يصلح أن يسلف في
إبانه ويشترط الاخذ في غير ابانه (قلت) وكذلك القضب الأخضر والقرط
الأخضر (قال) نعم إلا أن يكون القضب الأخضر لا ينقطع من أيدي الناس فلا بأس
أن يسلف فيه في البلاد التي لا ينقطع منها ويشترط الاخذ في أي الا بان شاء
(قلت) فان سلف في البقول أيجوز في قول مالك (قال) نعم إذا اشترط حزما معروفة
(قلت) ولا يجوز أن يشترط فدادين معروفة طولها وعرضها كذا وكذا فيسلف
في كذا وكذا فدانا من نوع كذا وكذا من البقول أو القصيل أو القرط الأخضر
أو القصب (قال) لا يصلح أن يشترط هذا فدادين لان ذلك يختلف منه الجيد ومنه
الردئ (قلت) فان اشترى كذا وكذا فدانا جيدا أو وسطا أو رديئا (قال) لا يحاط
بصفة هذا لان الجيد مختلف أيضا يكون جيدا خفيفا وجيدا ملتفا فلا يكون السلف
على هذا الأعلى الأحمال والحزم ولأنه إذا كان فدادين لم يحط بمعرفة طوله وصفاقته
14

(قلت) ما قول مالك في السلف في الرؤس (قال) قال مالك من سلف في رؤس
فليشترط من ذلك صنفا معلوما صغارا أو كبارا وقدرا موصوفا (قلت) فان سلفت في
الأكارع (قال) قال مالك في الرؤس انه لا بأس بذلك إذا اشترط من ذلك صفة
معلومة فكذلك الا كارع إذا اشترط صفة واحدة (قلت) فهل يجوز في قول مالك
ان أسلف في اللحم والشحم (قال) قال مالك لا بأس بذلك إذا كان اشترط من ذلك
لحما معروفا كما ذكرت لك أو شحما معروفا اشترط لحم ضأن أو لحم معز أو لحم إبل
أو لحم بقر أو لحم جواميس والشحوم كذلك فإن لم يشترط لحما معروفا كما ذكرت
لك أو شحما معروفا فلا خير في ذلك (قلت) ولم ولحم الحيوان عند مالك كله نوع
واحد (قال) والتمر عند مالك كله نوع واحد فان أسلفت فيه ولم تشترط صيحانيا من
برني ولا جعرور ولا مصران الفأر أو نوعا من أجناس التمر لم يصلح ذلك فكذلك
هذا (قلت) فان أسلمت في لحم الحيوان كيف يكون السلف في ذلك أبوزن أم بغير
وزن (قال) قال مالك إذا اشترط وزنا معروفا فلا بأس وان اشترط تحريا (1) معروفا
فان ذلك جائز ألا ترى أن اللحم بياع بعضه بعض بالتحري والخبز أيضا يباع بعضه
ببعض بالتحري فلذلك جاز أن يسلف فيه بغير وزن إذا كان لذلك قدر قد عرفوه
(في السلف في الحيتان والطير)
(قلت) أرأيت السلف في الحيتان الطري أيجوز ان يسلف فيه أم لا في قول مالك
(قال) نعم يجوز إذا سمى جنسا من الحيتان واشترط من ذلك ضربا معلوما صفتها كذا
وكذا وطولها وناحيتها فلا بأس بذلك إذا سلف في ذلك قدرا أو وزنا (قلت) فان
أسلم في صنف من الحيتان الطري وهو ربما انقطع من أيدي الناس هذا الصنف الذي

(1) قال ابن لبابة والتحري أن يقول أسلم إليك في لحم يكون قدره عشرة أرطال أو ما سميا
هذا وجه التحري اه‍ من هامش الأصل
15

سلف فيه (قال) لا ينبغي أن يسلف فيه في قول مالك إذا كان هكذا الا في ابانه الذي
يكون فيه أو قبل ابانه ويشترط الاخذ في ابانه مثل ما وصفت لك في الثمار الرطبة التي
تنقطع من أيدي الناس (قلت) فان سلف في هذا النصف من الحيتان فلما حل الاجل
أراد أن يأخذ غيره من جنوس الحيتان أيجوز ذلك له أم لا (قال) نعم وهذا مثل ما وصفت
لك في الشحم واللحم وصنوف لحم الحيوان (قلت) ما قول مالك في السلف في الطير (قال)
قال مالك لا بأس بالسلف في الطير وفى لحومها بصفة معلومة وجنس معلوم (قلت)
وكذلك أن سلف في لحم الدجاج فحل الاجل كال له أن يأخذ لحم الطير كله إذا أخذ
مثله وهو مثل ما وصفت لي في السلف في لحم الحيوان أو لحم الحيتان قال نعم (قلت)
أرأيت أن سلفت في دجاج أو في إوز فلما حل الاجل أخذت منه مكان ذلك طيرا من
طير الماء (قال) لا يجوز (قلت) فان سلفت في دجاج فلما حل الاجل أخذت مكانها
إوزا أو حماما (قال) لا بأس بذلك (قلت) لم جوز لي مالك إذا سلفت في دجاج ان
آخذ مكانها إذا حل الاجل إوزا أو حماما ولم يجوز لي إذا سلفت في دجاج أن آخذ
مكانها إذا حل الاجل طيرا من طير الماء (قال) لان طير الماء إنما يراد به الأكل فإنما
هو لحم وإنما نهى عنه مالك من وجه أنه لا يباع الحيوان باللحم وقال أشهب ذلك جائز
(قلت) ولم جوز مالك لي إذا سلفت في دجاج إذا حل الاجل أو لم يحل أن آخذ به حماما
أو إوزا أو ما أشبه ذلك من الداجن المربوب عند الناس (قال) لأنك لو أسلفت الذي
كنت أسلفت في الدجاج في هذه الإوز والحمام لجاز ذلك فنحن إذا ألغينا الدجاج
وجعلنا سلفك في هذا الحمام والإوز كان جائزا فلذلك جاز ولأنك لو أخذت دجاجة
بدجاجتين يدا بيد جاز ذلك وليس هذا من اللحم بالحيوان وكذلك العروض كلها
ما خلا الطعام والشراب فان الطعام والشراب إذا سلفت فيهما لم يصلح لي أن أبيعهما
من صاحبهما ولا من غير صاحبهما الذي عليه الطعام حتى يستوفى الطعام إلا أن يأخذ
من صنفه أو من جنسه من الذي عليه الطعام إذا حل أجله (قلت) ولم كان هذا
عند مالك خلاف السلع (قال) للأثر الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يباع
16

الطعام حتى يستوفى (ابن وهب) عن الليث بن سعيد عن يحيى بن سعيد أنه قال
إذا سلفت في رايطة (1) فأعطاك قميصا أو قميصين أو قطيفة أو قطيفتين فلا بأس ان
وجد تلك الرايطة أو لم يجدها لأنك لو أسلفت الرايطة نفسها فيما أخذت منه لم يكن
بذلك بأس (ابن وهب) قال أخبرني إبراهيم بن نشيط أنه سأل بكير بن الأشج
عن السلف في الحيتان أعطيه الدينار على أرطال مسماة قال خذ منه إذا أعطاك بسعر
مسمى (وأخبرني) عن الليث بن سعد عن ربيعة أنه قال في رجل أسلف صيادا
دينارا على صنف من الطير كل يوم كذا وكذا طيرا فجاءه فلم يجد عنده من ذلك
الصنف شيئا ووجد عنده عصافير فأعطاه عشرة عصافير بطائر واحد مما اشترط
عليه (قال) ربيعة عشرة من الطير بواحد حلال وأنا أرى ذلك حلال كله السلف
للصياط وعشرة بواحد
(في السلف في المسك واللؤلؤ والجوهر)
(قلت) ما قول مالك في السلف في المسك والعنبر وجميع متاع العطارين (قال) قال
مالك لا بأس بذلك إذا اشترط من ذلك شيئا معلوما (قلت) فما قول مالك في السلف
في اللؤلؤ والجوهر وصنوف الفصوص والحجارة كلها (قال) لا بأس بذلك إذا اشترط
من ذلك صنفا معروفا وصفة معلومة
(في السلف في الزجاج والحجارة والزرنيخ)
(قلت) هل يجوز السلف في آنية الزجاج في قول مالك (قال) إذا كان بصفة معلومة
فلا بأس به (قلت) أيجوز السلف في قول مالك في الطوب والجص والنورة
والزرنيخ والحجارة وما أشبه هذه الأشياء (قال) لا بأس به في قول مالك إذا كان
موصوفا معروفا مضمونا

(1) الرايطة بكسر الياء التحتية كل ملاءة غير ذات لفقين كلها نسج واحد وقطعة واحدة أو
كل ثوب لين رقيق اه‍ قاموس
17

(قلت) ما قول مالك فيمن سلف في الحطب (قال ابن القاسم) لا بأس بذلك إذا
اشترط من ذلك قناطير معروفة أو وزنا أو قدرا أو صفة معلومة أو أحمالا معروفة
(قلت) فما قول مالك في السلف في الجذوع أيجوز لي أن أسلف فيها وفي خشب
البيوت وما أشبه ذلك من صنوف العيدان أو الخشب (قال) نعم إذا اشترط من ذلك
شيئا معلوما
(في السلف في الجلود والرقوق والقراطيس)
(قلت) أرأيت أن سلف في جلود البقر والغنم (قال) نعم لا بأس بذلك إذا اشترط
من ذلك شيئا معروفا (قلت) فان سلف في أصواف الغنم واشتراط من ذلك جزر (1)
فحول كباش أو نعاج وسط (قال) قال مالك لا يجوز أن يشترط ذلك ولا يجوز أن
يسلف في أصوافها الا وزنا (قال) ولا يسلف في أصوافها عددا جززا إلا أن يشترط
عند أبان جزازه ولا يكون لذلك تأخير وبر الغنم فلا بأس به (قلت) أرأيت أن
سلف في الرقوق والادم والقراطيس أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) نعم إذا
اشترط من ذلك أمرا معروفا
(في السلف في الصناعات)
(قلت) ما قول مالك في رجل استصنع طستا أو تورا أو قمقما أو قلنسوة أو خفين
أو لبدا أو استنحت سرجا أو قارورة أو قدحا أو شيئا مما يعمل الناس في أسواقهم
من آنيتهم أو أمتعتهم التي يستعملون في أسواقهم عند الصناع فاستعمل من ذلك
شيئا موصوفا وضرب لذلك أجلا بعيدا وجعل لرأس المال أجلا بعيدا أيكون هذا
سلفا أو تفسده لأنه ضرب لرأس المال أجلا بعيدا أم لا يكون سلفا ويكون بيعا من

(1) (جزز) بكسر الجيم جمع جزة وهي ما جز من الشعر أو هي صوف نعجة جز فلم
يخالطه غير أو صوف شاة في السنة اه‍ قاموس
18

البيوع في قول مالك ويجوز (قال) أرى في هذا أنه إذا ضرب للسلعة التي استعملها
أجلا بعيدا وجعل ذلك مضمونا على الذي يعملها بصفة معلومة وليس من شئ بعينه
يريه يعمله منه ولم يشترط أن يعمله رجل بعينه وقدم رأس المال أو دفع رأس المال
بعد يوم أو يومين ولم يضرب لرأس المال أجلا فهذا السلف جائز وهو لازم للذي
عليه يأتي به إذا حل الاجل على صفة ما وصفا (قلت) وان ضرب لرأس المال أجلا
بعيدا والمسألة على حالها فسد وصار دينا في دين في قول مالك قال نعم (قلت)
وإن لم يضرب لرأس المال أجلا واشترط أن يعمله هو نفسه أو اشترط عمل رجل
بعينه (قال) لا يكون هذا سلفا لان هذا رجل سلف في دين مضمون على هذا
الرجل وشرط عليه عمل نفسه وقدم نقده فهو لا يدرى أيسلم هذا الرجل إلى ذلك
الاجل فيعمله له أم لا فهذا من الغرر وهو ان سلم عمله له وان يسلم ومات قبل الاجل
بطل سلف هذا فيكون الذي أسلف إليه قد انتفع بذهبه باطلا (قلت) فإن كان
إنما أسلفه كما وصفت لك على أن يعمل له ما اشترط عليه من حديد قد أراه إياه أو
طواهر أو خشب أو نحاس قد أراه إياه (قال) لا يجوز ذلك (قلت) لم (قال) لأنه
لا يدري أيسلم ذلك الحديد أو الطواهر أو الخشب إلى ذلك الاجل أم لا ولا يكون
السلف في شئ بعينه فلذلك لا يجوز في قول مالك
(في السلف في تراب المعادن)
(قلت) هل يسلم في تراب المعادن في قول مالك (قال) لا يسلم في تراب المعادن
ولا بأس بأن يشترى يدا بيد (قلت) فان أسلم فيه عرضا أيصلح (قال) لا
(قلت) لم (قال) لان صفته غير معروفة (قلت) فإن كانت صفته معروفة أيكره
أن يسلم فيه الذهب والفضة لأنه يدخله الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلى أجل
(قال) نعم وهو قول مالك (قلت) أيسلم في تراب الصواغين في قول مالك (قال)
لا يجوز (قال) وقال مالك ولا يجوز البيع فيه يدا بيد (قلت) وما فرق ما بين
تراب الصواغين في البيع وتراب المعادن عند مالك (قال) لان تراب المعادن حجارة
19

معروفة يراها وينظر إليها وتراب الصواغين إنما هو رماد لا يدرى ما فيه فلذلك
كرهه
(في التسليف في نصول السيوف والسكاكين)
(قلت) أيجوز السلم في نصول السيوف والسكاكين في قول مالك (قال) نعم
وذلك أن مالكا قال لنا لا بأس بالسم في العروض كلها إذا كانت موصوفة والسيوف
والسكاكين من ذلك (في تسليف الفلوس في الطعام والنحاس والفضة)
(قلت) ما قول مالك فيمن أسلم فلوسا في طعام (قال) لا بأس بذلك (قلت)
ما قول مالك فيمن أسلم طعاما في فلوس (قال) قال مالك لا بأس بذلك (قلت)
فان أسلم دراهم في فلوس (قال) قال مالك لا يصلح ذلك (قلت) وكذلك
الدنانير إذا أسلمها في الفلوس (قال) نعم لا يصلح عند مالك (قلت) وكذلك لو
باع فلوسا بدراهم إلى أجل وبدنانير إلى أجل لم يصلح ذلك قال نعم (قلت) لم (قال
لان الفلوس عين ولان هذا صرف (قلت) فان أسلم فلوسا من نحاس في نحاس
(قال) قال مالك لا خير فيه ولا يدا بيد (قال) لأني أراه من المزابنة (قلت) أرأيت
ان أسلم فلوسا في نحاس والفلوس من الصفر (قال) لا خير في ذلك عند مالك
(قلت) لم (قال) لان الصفر والنحاس عند مالك نوع واحد (قلت) وكذلك
الرصاص والآنك عند مالك صنف واحد قال نعم (قلت) أيصلح السلم في القاموس
في قول مالك (قال) قال مالك لا يسلم في الفلوس
(تسليف الحديد في الحديد)
(قلت) فان أسلم فلوسا من نحاس في حديد إلى أجل (قال) لا بأس بذلك عند
مالك (قلت) أرأيت أن أسلم حديدا يخرج منه السيوف في سيوف أو سيوفا في
حديد يخرج منه السيوف (قال) لا يصلح لأنه نوع واحد (قال) ولو أجزت السيوف
20

في الحديد لأجزت حديد السيوف في الحديد الذي لا يخرج منه السيوف ولو أجزت
ذلك لأجزت الكتان الغليظ في الكتان الرقيق (قال) ومن ذلك أن الكتان
يختلف فمنه ما يكون يغزل منه الرقيق ومنه مالا يكون رقيقا أبدا والصوف كذلك
منه ما يخرج منه السيجان العراقية وما أشبهها من الاسوانية ومن الصوف مالا يكون
منه هذه السيجان أبدا لاختلافه وهو لا يجوز أن يسلم بعضه في بعض (قال) ولا خير
في أن يسلف كتانا في ثوب كتان لان الكتان يخرج منه الثياب ولا بأس بالثوب
الكتان في الكتان ولا بالثوب الصوف في صوف إلى أجل لان الثوب المعجل لا
يخرج منه كتان وهذا الذي سمعت ممن أثق به (قلت) أرأيت أن أسلم السيف
في السيفين إذا اختلفت صفاتهما (قال) لا يصلح ذلك في رأيي لان السيوف منافعها
واحدة وان اختلفت في الجودة إلا أن تختلف المنافع فيها اختلافا بينا فلا بأس
أن يسلم السيف القاطع في السيفين ليسا مثله في منافعه وقطعه وجودته لان
مالكا قال لا بأس أن يسلم الفرس الجواد القارح الذي قد عرفت جودته في قرح من
الخيل من صنفه إلى أجل (قال ابن القاسم) وهي كلها تجرى فكذلك السيوف
عندي (قال مالك) وكذلك البعير البازل الذي قد عرف كرمه وحمولته في بزل
إلى أجل لا يعرف من كرمها ولا من حمولتها مثله (قال ابن القاسم) وهي كلها تحمل
(قلت) أرأيت أن أسلفت سيفا في سيفين أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا
أدرى ما أقول لك فيها لأنك قد عرفت ما قال مالك في الثياب لا يسلم الا رقيق
الثياب في غليظ الثياب وفى العبيد لا يسلم الا العبد التاجر في العبد الذي ليس بتاجر
وإنما جعل مالك السلم في العبيد بعضها في بعض على اختلاف منافعهم للناس فإن كانت السيوف في اختلاف المنافع مثل الثياب والعبيد فلا بأس أن يسلم السيف
الذي منفعته غير منفعة السيوف التي أسلم فيها (قال) وإلا فلا خير في ذلك مثل
الفرس الجواد الذي قد عر بالجودة والسبق فلا بأس أن يسلم في حواشي الخيل
وان كانت كلها خيلا وكلها تجرى والسيوف كلها تقطع فإن كان هذا السيف في
21

قطعه وجوهره وارتفاعه وجودته يسلم فيما ليس مثله في قطعه ولا جزائه عند الناس
فأرجو أن لا يكون بذلك بأس (قال ابن وهب) قال الليث كتب إلى ربيعة
الصفر والحديد عرض من العروض يباع بعضه ببعض عاجلا كله حلال بينه فضل
وبيع الصفر بعضه ببعض لا يصلح أن يكون إلى أجل بينه فضل والحديد بعضه
ببعض إلى أجل بينه فضل لا يصلح والصفر والحديد بينه فضل عاجل وآجل لا بأس
به والصفر عرض ما لم يضرب فلوسا فإذا ضرب فلوسا فهو مع الذهب والفضة
يجرى مجراهما فيما يحل ويحرم (ابن وهب) عن يونس عن ربيعة أنه قال كل
تبر خلقه الله فهو بمنزلة عرض من العروض يحل منه لا يحل من العروض
ويحرم منه ما يحرم من العروض الا تبر الذهب والورق فإذا ضربت الفلوس دخلت
مع ذلك وإذا لم تضرب فإنما هي عرض من العروض (قال ربيعة) والشب والكحل
بمنزلة الحديد والرصاص والعروض تسلف فيه ويباع كما تباع العروض إلا أنه لا يباع
صنف واحد من ذلك بعضه ببعض بينه فضل عاجل بآجل (قال ابن وهب) وقال
يحيى بن سعيد في رطل نحاس برطلين مضروبين أو غير مضروبين والحديد والرصاص
لا بأس به يدا بيد وأنا أكرهه نظرة (قال ابن وهب) وقال يحيى بن سعيد في
ثوب منسوج بكتان مغزول أو غير مغزول بثوب حاضر بغائب (قال يحيى) لا أرى
بالثوب بأسا بغزل (قال ربيعة) في ثوب منسوج بكتان مغزول أو غير مغزول قال
ربيعة لا بأس بهذا وهذا بمنزلة الحنطة بالخبز والسويق بالدقيق قد اختلف هذان
الآن وإنما الغزل بالكتان بمنزلة الحنطة بالدقيق وهذا بين ما بينهما من الفضل
ولذلك كره الا مثله بمثل (قال يحيى بن سعيد) والكتان المغزول بالكتان الذي لم
يغزل (1) والكتان الذي قد مشط بالكتان الذي لم يمشط رطلين برطل حاضر بغائب

(1) بهامش الأصل هنا ما نصه * في الموازية الكتان جيده ورديئه كله صنف واحد حتى
ينسج فيصير الرقيق صنفا والغليظ صنفا وكذلك القطن وكذلك عنده ان غزل فيصير الرقيق
صنفا والغليظ صنفا وصنعة الغزل قد أحالته إحالة بينة فأوجبت فيه التفاضل إلى أجل قال في الواضحة
والحرير كله صنف قال ابن المواز والحديد جيده ورديئه صنف حتى يعمل منه السيوف والسكاكين
فيجوز سلم المرتفع منها في غير المرتفع (قلت) فما صنع من الحديد سيوفا أو سكاكين أو غير ذلك
(قال) هذا قد افترق واختلفت أصنافه باختلاف المنافع وكذلك النحاس وأصنافه كلها واحدة حتى
يعمل فيصير أصنافا وكذلك جميع الأشياء إذا عملت فاختلفت منافعها ا ه‍
22

(قال) أما الكتان بالغزل يدا بيد فلا أرى به بأس وأما عاجل بآجل فلا أحب أن
أنهى عنه ولا آمر به وأكره أن يعمل به أحد (قال الليث) وقال ربيعة لا أحب هذا
ولا آمر به إذا كان غائبا بحاضر وما كان من هذا يدا بيد فلا بأس به
(في تسليف الثياب في الثياب)
(قلت) وكذلك ثياب القطن لا يسلف بعضها في بعض في قول مالك (قال) نعم
الا الغلاظ منها الشقايق والملاحف اليمانية الغلاظ في المروى والهروي والقوهي
والعدني فهذا لا بأس به أن يسلم بعضه في بعض (قال مالك) وكذلك الكتان
رقيقه كله واحد الفرقبي والشطوي والتنيسي كله واحد ولا بأس به في الزيقة
والمريسية وذلك أنها غلاظ كلها (قلت) فكان مالك لا يجيز أن يسلم العدني في
المروى (قال) لا يجوز عندي (قلت) وكذلك لم يكن يجيز أن يسم الشطوى في
القصبي (قال) قال لي مالك نعم لا يجوز (قلت) فان أسلمت فسطاطية في مروية معجلة
ومروية مؤجلة (قال) لا بأس بذلك عند مالك (قلت) وكذلك لو أسلمت ثوبا
من غليظ الكتان مثل الزيقة وما أشبهه في ثوب قصبي إلى أجل وثوب فرقبى معجل
(قال) لا بأس بذلك (قلت) أرأيت الفسطاطي أهو من غليظ الكتان في قول
مالك الذي يجوز أن يسلم في رقيق ثياب الكتان أم لا (قال) إنما الفسطاطي الرقيق
المرتفع مثل المعافري وما أشبهه فان ذلك يضم إلى رقيق الكتان إلى الشطوى والقصبى
والفرقبي وعلى هذا ينظر في ثياب الكتان (قلت) أرأيت أن أسلمت فسطاطية في
فسطاطية معجلة ومروية مؤجلة (قال) لا بأس بذلك ولو كانت المروية معجلة
والفسطاطية مؤجلة لم يصلح لأنه سلف وزيادة فسطاطية بفسطاطية قرض وزيادة
23

مروية لما أقرضته فهذا لا يصلح (قلت) أرأيت أن أسلمت ثوبا فسطاطيا في ثوب
فسطاطي إلى أجل (قال) إنما ينظر في هذا في قول مالك إلى الذي أسلم فإن كان إنما
أراد بذلك المنفعة لنفسه فالسلم باطل وإن كان إنما أسلفه إياه سلفا لله ومنفعة لصاحبه
المستسلف كان ذلك جائزا على وجه القرض
(باب جامع القرض)
(قلت) والقرض جائز في قول مالك في جميع الأشياء والبطيخ والتفاح والرمان
والثياب والحيوان وجميع الأشياء والرقيق كلها جائز الا في الجواري وحدهن
(قال) نعم القرض جائز عند مالك في جميع الأشياء الا الجواري وحدهن (قال ابن وهب)
وأخبرني يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال الذي يحرم من ذلك
الثوب بالثوبين من ضربه كالرايطة من نسج الولايد بالرايطتين من نسج الولايد
وكالسابرية بالسابريتين وأشباه ذلك فهذا الذي يتبين فله على كل حال وتخشى دخلته
فيما أدخل اليمن الشبهة في المراضاة فذلك أدنى ما أدخل الناس فيه من الفسخ والحلال
منه كالرايطة السابرية بالرايطتين من نسج الولايد عاجل وآجل فهذا الذي تختلف
فيه الأسواق والحاجة إليه وعسى أن يبور مرة السابري وينفق نسج الولايد ويبور
نسج الولايد وينفق السابري فهذا لذي لا يعرف فضله الا بالرجاء ولا يثبت ثبات
الرماء فكان هذا الذي اقتاس الناس به ثم رأى فقهاء المسلمين وعلماؤهم أن نهوا عما
قارب ما ذكرت لك من هذا واقتاسوه به وشبه به (وأخبرني) ابن وهب عن
إبراهيم بن نشيط أنه سأل بكيرا عن الثوب بالثوبين فقال إذا اختلف الثياب فلا بأس
به وإن كان البيع نقدا أو كالئا وان كانت الثياب شيئا واحدا فلا يصلح بيعها الا بنقد
الثوب بالثوبين لا يؤخر من أثمانهما شئ (أشهب) عن ابن لهيعة أن بكيرا حدثه
أنه سمع القاسم بن محمد وابن شهاب يقولان لا يصلح بيع الثوب بالثوبين إلا أن
يختلفا (ابن وهب) قال وأخبرني عمرو بن الحارث والليث عن بكير عن سليمان
ابن يسار أنه قال لا يصلح ثوبان بثوب الا يدا بيد (مخرمة) عن أبيه قال سمعت
24

ابن شهاب يقول في ثوب بثوبين دينار (قال) لا يصلح إلا أن يختلف ذلك (قال
بكير) وقال ذلك عبد العزيز بن أبي سلمة (قال ابن وهب) وأخبرني يونس
عن ربيعة في السلعتين إحداهما بالأخرى عبد بعبد أو دابة بدابة أو نحو ذلك
يتعجلانه ويزيده فضل دراهم على الأخرى إلى أجل مسمى (قال ربيعة) إذا باعه
عرضا بعرض واشترط أحدهما على صاحبه زيادة دراهم أو دنانير كالئة فهو حلال
(قال ابن وهب) قال يونس وسألت ابن شهاب عن السلعتين إحداهما بالأخرى
عبد بعبد أو دابة بدابة يتعجلانها ولأحدهما فضل دراهم على الأخرى إلى أجل
مسمى (قال) لا أرى بذلك بأسا (ابن وهب) قال وقال لي مالك لا بأس بالجمل
بالجمل مثله وزيادة دراهم يدا بيد ولا بأسا بالجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الجمل بالجمل
يدا بيد والدراهم إلى أجل ولا خير في الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الدراهم نقدا
والجمل نسيئة وان أخرت الجمل والدراهم فلا خير في ذلك وذلك أن هذا يكون ربا لان
كل شئ أعطيته إلى أجل فرد إليك مثله وزيادة فهو ربا (قال ابن وهب) وأخبرني
حنظلة بن أبي سفيان عن طاوس بنحو ذلك (ابن وهب) قال وأخبرني عقبة بن
نافع عن خالد بن يزيد أن عطاء بن أبي رباح كان يقول بنحو ذلك أيضا
(تسليف الطعام في الطعام والعروض
(قلت) أرأيت أن أسلم حنطة في شعير وثوب موصوف أيبطل السلم كله أم
يجوز منه بحصة الثوب (قال) قال مالك يبطل ذلك كله (قلت) فما قول مالك
فيمن أسلم عدسا في ثوب إلى أجل وشعير معجل (قال) قال مالك لا يصلح
(قلت) ولم أبطله مالك (قال) لان الطعام بالطعام لا يصلح الآجال فيه فإذا بيع
الطعام بالطعام فكل شئ يضم مع أحد الصنفين أو مع الصنفين جميعا حتى يكون
في صفقة واحدة مع الطعام فلا يصلح أن يؤخر السلعة التي مع الطعام في الصفقة كما
لا يصلح أن يؤخر الطعام (قال مالك) وكذلك الدنانير والدراهم إذا صرف الرجل
الدنانير بالدراهم ومع الدراهم ثوب أو سلعة من السلع لم يصلح أن يؤخر السلعة وأن
25

يتعجل الدنانير والدراهم ولا بأس به أن تكون السلعة مع الذهب أو مع الفضة أو
مع كل واحد منهما سلعة إذا كان ذلك يدا بيد وكان تبعا وكما لا يصلح الذهب
بالفضة إلى أجل فكذلك لا يصلح الاجل في السلعة التي تكون معها في صفقة
واحدة (قلت) أرأيت أن أسلمت ثوبا في عشرة أرادب حنطة إلى شهر وعشرة
دراهم إلى شهر آخر فأسلمت الثوب في هذه الأشياء كلها وجعلت آجالها مختلفة كما
وصفت لك (قال) لا بأس بذلك مختلفة كانت آجالها أو مجتمعة (ابن وهب) وأخبرني
يونس أنه سأل ابن شهاب عن رجل باع بيعا بعضه حلال وبعض حرام ففطن له
فقال أنا أضع عنك الحرام وأمضى لك الحلال فقال ابن شهاب ان كانت الصفة فيهما
واحدة تجمعهما فانا نرى أن يرد ذلك البيع كله وان كانتا بيعتين شتى لكل واحدة
صفقة على حدتها فانا نرى أن يريد الحرام ويجاز الحلال
(في الرجل يسلف الطعام في الطعام)
(قلت) أرأيت أن أسلفت الحنطة في البقول أو شيئا من الطعام في البقول (قال)
لا يجوز لان هذا يؤكل (قلت) وكذلك لو أسلفت حنطة في قصيل أو قضب
أو قرط أو فيما يعلف الدواب هل يجوز في قول مالك (قال) إن كان يحصده ولا
يؤخره حتى يبلغ ويصير حبا فلا بأس بذلك في قول مالك لان هذا ليس بطعام
(قلت) أرأيت لو أن رجلا سلف حنطة في حنطة مثلها إلى أجل (قال) لا خير
فيه إلا أن يكون كان ذلك منه سلفا على وجه المعروف فالسلف جائز إلى أجله وليس
له أن يأخذه منه قبل محل الاجل وهو عندي قرض إلى أجل فأما أن يسلم رجل
حنطة في حنطة إلى أجل على وجه المبايعة وان كانت المنفعة فيه للقابض فلا خير فيه ألا
ترى إلى الحديث الذي جاء البر بالبر ربا الاهاء وهاء (قلت) أرأيت أن أسلفت
حنطة جيدة في حنطة رديئة إلى أجل سلفت سمراء في محمولة أو محمولة في سمراء إلى
أجل أو سلفت صيحانيا في جعرور أو جعرور في صيحاني إلى أجل (قال) قال مالك
ذلك حرام لا يحل (قلت) وكذلك أن سلفت حنطة في شعير أو شعيرا في حنطة
26

إلى أجل (قال) قال مالك كل ذلك حرام لا يحل ولا يجوز (قال) وقال مالك كل
من سلف طعاما في طعام إلى أجل فلا يجوز إلا أن يقرض رجل طعاما في طعام مثله
من نوعه قرضا لا يكون أجود منه ولا دونه ولا يكون إنما أراد بذلك المنفعة للذي
سلف فهذا يجوز إذا كان أقرضه إياه قرضا إلى أجله وما سوى ذلك من الطعام فلا
يصلح أن يسلف بعضه في بعض إذا كان مما يؤكل ويشرب أو كان مما يكال أو يوزن
أو يعد عددا فإنه سواء لا يصلح الاجل فيما بين ذلك (قلت) وكذلك أن سلف
حنطة في عسل أو في بطيخ أو قثاء أو في صير أو جزاد أو شئ من الأشياء مما
يؤكل لا يجوز في قول مالك (قال) نعم لا يجوز شئ من ذلك (قلت) أرأيت من
سلف حنطة في بقول أو شيأ من الطعام في بقول (قال) لا يجوز لان هذا طعام يؤكل
(قلت) أرأيت أن سلف البيض في البيض أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال)
هذا مثل ما وصفت لك من سلف الحنطة في الحنطة إن كان أسلفه إياه سلفا فلا
بأس به على المعروف (قلت) أرأيت أن سلفت بيضا في قرص خبز أو في التفاح
أو في الفاكهة الخضراء أو في البقول كلها أيجوز أم لا (قال) لا يجوز عند مالك
لان هذا طعام كله (قال) وقد أخبرتك بأصل قوله إن الطعام في الطعام لا يجوز
أن يسلف بعضه في بعض إلا أن يكون النوع في مثله بحال ما وصفت لك في
السلف في الحنظلة على الفرض بينهما إذا كان في مثله (قال ابن وهب) وأخبرني عن
الليث بن سعد وغيره عن سعيد بن عبد الرحمن أنه سأل ابن المسيب عن طعام بطعام
نظرة فقال الطعام كله بالطعام ربا الا يدا بيد (قلت) فاني آتى إلى السقاط وهو
البياع وآخذ منه الفاكهة بالحنطة حتى أقضيه (قال) لا تفعل ولكن خذ منه بدرهم
حتى توفيه إياه ثم خذ من درهمك ما بدا لك ثلثه نصفه ما أحببت منه
(في السلف في سلعة بعينها يقبضها إلى أجل)
(قلت) هل يجوز لي أن أسلف في سلعة قائمة بعينها وأضرب لاخذها أجلا قال لا
(قلت) لم كره مالك ان أسلف في سلعة قائمة بعينها وضرب لاخذها أجلا (قال)
27

لان ذلك عنده غرر لا يدرى أتبلغ تلك السلعة إلى ذلك أم لا هو يقدم نقده
فينتفع صاحب تلك السلعة بنقده فان هلكت السلعة قبل الاجل كان قد انتفع
بنقده من غير أن تصل السلعة إليه فهذا مخاطرة وغرر (قلت) فان هو لم يقدم
نقده (قال) إذا لا يصلح السلف وتصير مخاطرة كأنه زاده في ثمنها ان بلغت إلى الاجل
على أن يضمنها له وهو غرر ومخاطرة كأنه زاده في ثمنها ان بلغت إلى الاجل
على أن يضمنها له وهو غرر ومخاطرة فصار جميع هذه المسألة ووجوهها إلى فساد
(قال سحنون) وقال أشهب لا يجوز لأنه اشتراها وهو يقدر على أخذها بهذا
الثمن على أن البائع ضامن لها إلى أجل فصار للضمان ثمن من الثمن الذي بيعت به
السلعة ولا ينبغي أن يكون للضمان ثمن ألا ترى أنه لا يصلح أن يقول الرجل للرجل
اضمن لي هذه السلعة إلى أجل ولك كذا وكذا لأنه أعطاه ماله فيما لا يجوز لأجد
أن يبتاعه وانه غرر وقمار ولو علم الضامن أن السلعة تموت أو تفوت لم يرض أن
يضمنها بضعف ما أعطاه ولو علم المضمون له أنها سلم لم يرض أن يضمنها إياه بأقل مما
ضمنه إياها به أضعافا بل لم يرض بدرهم وان عطبت غرم له قيمتها من غير مال
ملكه ولا كان له أصله ولا جرته لا منفعته في حمال ولا معتمل (وقال أشهب)
عن مالك وان اشتريت سلعة بعينها قائمة واشترطت أن يقبضها إلى يوم أو نحو ذلك
قال فلا بأس به ان اشترطته على البائع أو اشترطه عليك البائع لان يومين قريب
ولا بأس به وإن كنتما في سفر وكان ذلك دابة فلك أن تركبها ذينك اليومين (وقد
أخبرني) مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من جابر بن عبد الله بعيرا
له في سفر من أسفاره قريبا من المدينة وشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره
إلى المدينة (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة بعينها قائمة فاشترطت ان أقبضها إلى
يوم أو يومين أو نحو ذلك (قال) سألت مالكا عن الرجل يشترى الطعام إلى يومين
يكتاله أو ثلاثة أيام وذلك الطعام بعينه (قال) لا بأس بذلك وكذلك السلع كلها
عندي والسلع أبين أن لا يكون بها بأس (قال ابن وهب) وأخبرني يونس بن يزيد
28

عن ربيعة أنه قال من اشترى من رجل طعاما فأعطاه الذهب ووعده غدا بكيله إياه
فليس هذا بأجل إنما هذا كبيع الناس يدا بيد بالسوق يعطيه ذهبه قبل أن يكتال
طعامه ولا يجوز له أن يبيع منه طعاما إلا أن يكون عنده وقد قال مالك وعبد العزيز
وما اشترى عن الحيوان بعينه غائبا واشترط عليه أن ينقده ثمنه قبل أن يستوفيه
فان ذلك يشبه الربا وهو من أبواب السلف إلا أن يكون غيبة قريبة جدا فان ذلك
شئ مأمون ولا يخشى منه ما يخشى من البعيد وإن كان الله تبارك وتعالى يقضى في
ذلك كله بما شاء ولكن حذر الناس وشفقتهم ليس في ذلك على أمر واحد.
وتفسير ما كره من ذلك أنه كأنه أسلفه الثمن على أنه ان كانت السلعة حية فهي له
بذلك الثمن وان كانت فاتت بموت أو غيره كان الثمن سلفا عنده حتى يؤديه إليه
ولا يجد أحدا يشترى حيوانا غائبا ويسلف ثمنه بمثل ما يشتريه به إذا لم ينقد ثمنه
لان الذي يتسلف منه الثمن يصيب مرفقا من أجله وضع لصاحبه من الثمن
(في السلف في السلع في غير إبانها تقبض في إبانها)
(قلت) أرأيت أن سلف رجل في بطيخ أو في الرطب أو في القثاء أو في التفاح
أو فيما أشبهه هذه الأشياء مما ينقطع من أيدي الناس سلف في ذلك في غير إبانه
واشترط الاخذ في إبانه (قال) قال مالك ذلك جائز (قلت) فان سلف في إبانه
واشترط الاخذ في غير إبانه (قال) لا يجوز (قلت) فان سلف في غير إبانه واشترط
الاخذ في غير إبانه (قال) لا يجوز إلا أن يسلف في ابانه ويشترط الاخذ في ابانه أو
يسلف فيه في غير إبانه ويشترط الاخذ في إبانه
(في الرجل يسلف في الطعام المضمون إلى الاجل القريب)
(قلت) أرأيت لو أنى بعت عبدا لي من رجل بطعام حال وليس عند الرجل الذي
اشترى منى العبد طعام ولكني قلت له بعتكه بمائة أردب حنطة جيدة أيجوز هذا
في قول مالك (قال) سألت مالكا عن رجل يبتاع الطعام من الرجل إلى يوم أو
29

يومين مضمون عليه يوفيه إياه فقال لا خير فيه الا إلى أجل أبعد من هذا (قال)
فقلت لمالك فالحيوان والثياب (قال) هو بمنزلة لا خير فيه الا إلى أجل (قال) ولم
يقل لي مالك بدنانير ولا بعبد ولا بثياب ولا بشئ وهذا كله عندي واحد بما ابتاعه
به من عبد أو دراهم أو ثياب فهو سواء ولا يجوز أن يبع ما ليس عنده إلا أن
يكون على وجه السلف مضمونا إلى أجل معلوم تختلف في ذلك الا سواق وترتفع
وتنخفض (قال) ولقد صمعت بعض أهل العلم وهو الليث بن سعد يذكر عن
سعيد بن المسيب أنه سئل عن رجل سلف رجلا في طعام مضمون إلى يوم أو يومين
أو ما أشبهه (قال سعيد) لا الا إلى أجل ترتفع فيه الأسواق وتنخفض (قلت)
ما هذا الذي ترتفع فيه الأسواق وتنخفض (قال) ما حد لنا فيه حدا وانى لأرى الخمسة
عشر والعشرين (قال) فإذا باع ما ليس عنده بدنانير أو بعرض فهو عندي سواء
(قلت) أرأيت أن اشتريت من رجل مائة أردب بمائة دينار فدفعت إليه الدنانير
ولم نر طعاما بعينه (قال) قال مالك كل من اشترى طعاما أو غير ذلك إذا لم يكن
بعينه فنقد رأس المال أو لم ينقد فلا خير فيه طعاما كان ذلك أو سلعة من السلع إذا لم
تكن بعينها إذا كان أجل ذلك قريبا يوما أو يومين أو ثلاثة أيام فلا خير فيه إذا كانت
عليه مضمونة لان هذا الاجل ليس من آجال السلم ورآه مالك من المخاطرة (قال)
وليس هذا من آجال البيوع إلا أن يكون ذلك إلى أجل تختلف فيه الأسواق وترتفع
فإن كان سلعة بعينها وكان موضعها قريبا اليوم واليومين ونحو ذلك طعاما كان أو غيره
فلا بأس بالنقد فيه وان تباعد ذلك فلا خير فيه في أن ينقده
(في السلم إليه يصيب برأس المال عيبا أو يتلف قبل أن يقبضه البائع)
(قلت) أرأيت أن أسلمت إلى رجل دراهم في حنطة فأصابها زيوفا أينتقض السلم
فيهما بيننا أم لا (قال) لا أرى أن ينتقض السلم ويبدلها (قلت) أرأيت أن أسلمت
إلى رجل ثوبا في عشرة أرادب حنطة إلى أجل فأحرق رجل الثوب في يدي قبل أن
يقبضه المسلم إليه (قال) إن كان إنما تركه وديعة في يديه بعد ما دفعه إليه فأرى له
30

قيمته على من أحرقه والسلم على حله وإن كان لم يدفعه إليه حتى أحرقه رجل وقامت
عليه بينة فللمسلم إليه أن يتبع الذي أحرق الثوب بقيمة الثوب ويكون السلم عليه كما
هو (قلت) فان أسلمت إلى رجل حيوان أو دوار في طعام موصوف فلم يقبض
الحيوان منى حتى قتله رجل فأراد المسلم إليه أن يتبع الذي قتل الحيوان ويجوز السلم
هل يكون له ذلك أم لا (قال) ذلك لازم للذي عليه السلام عند مالك ان شاء وان
أبى لان المصيبة في الحيوان منه فالسلم لازم جائز للبائع (قلت) وكذلك لو أسلم
دورا أو أرضين في طعام أو عروض إلى أجل فهدم الدور رجل أو حفر الأرضين
فأفسدها كان ضمانها من الذي عليه السلام في قول مالك والسلم جائز (قال) نعم
والعروض التي تغيب عليها الناس ليست بهذا المنزلة وهي من الذي أسلم حتى يقبضها
المسلم إليه فان هلكت قبل أن يقبضها المسلم إليه انتقض السلم إذا كان ذلك لا يعرف
الا بقوله وقد قال عبد الرحمن بن القاسم إذا لم يعرف ذلك الا بقوله فالسلم منتقض
(قلت) أرأيت أن أسلمت في حنطة فلما تفرقنا أصاب رأس المال نحاسا أو زيوفا
بعد شهر أو شهرين فجاء ليبدل أينتقض سلفي أم لا (قال) تبدلها ولا ينتقض سلفك
(قال أشهب) إلا أن يكونا عملا على ذلك ليجيزا بينهما الكالئ بالكالئ فيفسخ
ذلك (قلت) ولم وقد قال مالك إنما يجوز أن يؤخر رأس مال السلف ولا يقبضه
اليوم واليومين ونحو ذلك ولم يجز أكثر من ذلك وهذا قد مكث شهرين بعد أن
قبض هذه الدراهم وهي رصاص فهذا قد فارقة منذ شهرين قبل أن يقبض رأس
المال (قال) لا يشبه هذا الذي فارق صاحبه قبل أن يقبض رأس المال فأقام شهرا ثم
جاء يطلب رأس المال لان هذا له ان قبل هذه الدراهم الزيوف والرصاص فأجازها
ولم يرد أن يبدلها كان ذلك له وكان السلف عليه والذي ذكرت لم يقبض شيئا حتى
افترقا وحتى مكثا شهرا فهذا فرق ما بينهما (قلت) أرأيت أن أسلمت دراهم في
عروض أو طعام فأتاني البائع ببعض الدراهم بعد شهر أو أيام فقال أصبتها زيوفا فقلت
دعا فأنا أبدلها لك بعد يوم أو يومين (قال) لا بأس بذلك لان مالكا قال لي لو أن
31

رجلا أسلم في طعام أو عروض ولم ينقد يوما أو يومين لم أر بذلك بأسا (قلت)
فان قال له سأبدلها لك بعد شهر أو شهرين (قال) أرى ذلك غير جائز لان مالكا قال
لا يصلح أن يشترط في السلم أن يؤخر رأس المال شهرا أو شهرين وكذلك هذا
(قلت) أرأيت أن جاء يبدلها فقال الذي دفع الدراهم دفعتها إليك جيادا وأنكر
الذي عليه السلف ذلك وقال هي هذه وهي رصاص (قال) قال مالك القول قول
الذي سلف وعليه اليمين أنه ما أعطاه الا جيادا في علمه إلا أن يكون إنما أخذها الذي
عليه السلف على أن يريها فإن كان إنما أخذها على أن يريها فالقول قوله وعلى رب
السلف أن يبدلها له وعليه اليمين
(فيمن كان له دين على رجل فأمره أن يسلفه له في طعام أو غيره)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم من بيع أو من قرض فقلت له أسلمها
لي في طعام ففعل أيجوز هذا (قال) سألنا مالكا عن الرجل يكون له على الرجل
الذهب فيسأله أن يسلفها له في سلعة فقال مالك لا خير في ذلك حتى يقبضها (قلت)
لم قال لا خير فيه (قال) لأنه يخاف أن يكون إنما أخره على وجه الانتفاع فيصير
سلفا جر منفعة فيخاف فيه الدين بالدين أن يكون الذي عليه الدين يعطيه من عنده
(قلت) أرأيت أن قال له اشتر لي بها سلعة نقدا أيجوز أم لا (قال) إن كان
الآمر والمأمور حاضرين فلا بأس بذلك وان كانا غائبين فلا خير فيه (قلت)
وهذا قول مالك (قال) نعم إلا أن مالكا قال في الرجل يكتب إلى الرجل أن يبتاع له
سلعة فيما قبله فيفعل ويبعث بها إليه فإذا بعث بها إليه كتب الذي اشتراها إليه يسأله
أن يشتري له بتلك الذهب التي اشترى له بها بعض ما يحتاج إليه في موضعه (قال)
قال مالك لا بأس بهذا وهذا من المعروف (قلت) لمالك فلو أن رجلا له على رجل
دين فكتب إليه أن يشترى له بذلك الدين شيئا مما يحتاج إليه (قال) قال مالك لا خير
فيه إلا أن يوكل في ذلك وكيلا (قلت) فإن كانت لي على رجل مائة درهم فقلت
له أسلمها لي في طعام أو عرض (قال) قال لي مالك لا خير فيه ولا يعجبني حتى
32

يقبض منه دراهمه ويبرآه من التهمة ثم يدفعها إليه ان شاء فيسلمها له بعد ذلك (قلت)
ما كره مالك من ذلك (قال) خوف الدين بالدين (قال سحنون) أخبرني ابن
وهب وابن نافع عن ابن أبي سلمة أنه قال كل شئ كان لك على غريم كان نقدا لم
يقبضه أو إلى أجل فحل الاجل أو لم يحل فأخرته عنه وزادك عليه شيئا من الأشياء
قل أو كثر فهو ربا وكل شئ كان لك على غريم كان نقدا فلم تقبضه أو إلى أجل
فحل الاجل أو لم يحل فلا تبعه منه بشئ وتؤخره عنه فإنك إذا فعلت ذلك فقد
أربيت عليه وجعلت ربا ذلك في سعر بلغه لك لم يكن ليعطيكه الا بنظرتك إياه ولو
بعته بوضيعة من سعر الناس لم يصلح ذلك لأنه باب ربا إلا أن يشتريه منك فينقدك
يدا بيد مثل الصرف ولا يصلح تأخيره يوما ولا ساعة
(فيمن سلف في طعام إلى أجل فأخذ في مكانه مثل من صنفه)
(أو باع طعاما إلى أجل)
(قلت) أرأيت أن أسلمت إلى رجل في طعام محمولة فلما حل الاجل أخذت منه
سمراء مثل مكيلته (قال) لا بأس بذلك عند مالك (قلت) فان بعته طعاما محمولة
دفعتها إليه بمائة دينار إلى أجل أيجوز لي أن آخذ بالمائة دينار إذا حل الاجل سمراء
مثل مكيلة المحمولة التي بعث (قال) لا يجوز هذا لان هذا أخذ من ثمن الطعام طعاما
وليس هذا بإقالة (قلت) ويفترق في قول مالك إذا أسلمت إليه في محمولة فلما حل
الاجل أخذت سمراء بمكيلة المحمولة جوزه لي وإذا بعته طعام إلى أجل محمولة فلما
حل الاجل أخذت من دنانيري مثل مكيلة المحمولة سمراء كرهه مالك ولم يجوزه
(قال) نعم ذلك مفترق في قول مالك (قلت) لم (قال) لأنه في السلم إنما كان لك
عليه طعام سمراء فلما حل الاجل أخذت بها بيضاء فكأنك بادلته بها يدا بيد والذي
باع البيضاء بالدنانير إلى أجل فأخذ بثمنها سمراء وإن كان مثل مكيلتها فإنما الغي الثمن
فكأنه باعه بيضاء بسمراء إلى أجل وكذلك التمر العجوة والصيحاني والبرني والزبيب
أسوده و؟؟؟ كذلك إذا كان من بيع باعه الطعام بدنانير إلى أجل ولا ينبغي أن
33

يأخذ في قضائه شيئا من الأشياء كان من صنفه أو من غير صنفه إذا كأن لا يجوز
له أن يسلف الطعام الذي اشترى فيه وإن كان أدنى (قال) وإن كان من سلم فحل
الاجل وأخذ من محمولة سمراء مثل مكيلتها فإنما هذا رجل أبدل طعامه يدا بيد فلا
بأس بذلك (قلت) أرأيت إذا أسلفت في حنطة محمولة فلما حل الاجل أخذت
سمراء أيجوز ذلك أو أسلفت في سمراء فلما حل الاجل أخذت محمولة أو شعيرا
(قال) لا بأس بذلك (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فان كنت
أسلفت في شعير فلما حل الاجل أخذت سمراء أو محمولة (قال) لا بأس بذلك
وهو قول مالك (قلت) ولا ترى هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى (قال) لا إذا
حل الاجل فأخذت بعض هذا من بعض مثل الذي ذكرت لي وأخذت مثل كيله
فإنما هذا بدل وليس هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى (قال) ولا خير في هذا قبل
الاجل عند مالك (قلت) فالدقيق (قال) لا خير فيه من بيع ولا بأس به من قرض
إذا حل الاجل (وقال أشهب) مثل قول ابن القاسم في الدقيق يقتضى من السمراء أو
المحمولة (قلت) وكذلك لو أسلفت في ألوان التمر فلما حل الاجل أخذت غير
الألوان التي أسلفت فيها أهو مثل ما ذكرت لي من ألوان الطعم في قول مالك
قال نعم (قلت) أرأيت أن أسلم في لحم فلما حل الاجل أراد أن يأخذ شحما أو
أسلم في لحم المعز فلما حل الاجل أراد أن يأخذ لحم ضأن أو لحم إبل أو لحم بقر (قال)
لا بأس بذلك في قول مالك (قلت) لم جوز مالك ذلك أليس هذا بيع الطعام قبل
أن يستوفى (قال) ليس هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى لان هذا نوع واحد عند
مالك ألا ترى أنه لا يصلح أن يشترى لحم الحيوان بعضه ببعض الا مثله بمثل فهو
إذا أخذ مكان ما سلف فيه من لحم الضأن لحم معز مثله أو دونه أو سلف في شحم
فأخذ مكانه لحما فكأنه أخذ ما سلف فيه (قلت) وكذلك أن سلف في محمولة
فلما حل الاجل أخذ سمراء قال نعم (قلت) وكذلك أن سلف في حنطة فلما حل
الاجل أخذ شعيرا (قال) نعم لا بأس به وكل هذا إنما يجوز بعد محل الاجل أن يبيعه
34

من صاحبه الذي عليه السلف ولا يجوز أن يبيعه من غير صاحبه الذي عليه السلام
بنوعه ولا بشئ من الأشياء ولا بمثل كيله ولا صفته حتى يقبضه من الذي عليه
السلف لأنه ان باعه من غير الذي عليه ذلك بمثل كيله وصفته صار ذلك حوالة
والحوالة عند مالك بيع من البيوع فلذلك لا يجوز أن يحتال بمثل ذلك الطعام الذي
سلف فيه على غير الذي عليه السلف لأنه يصير دينا بدين وبيع الطعام قبل أن
يستوفى (قلت) ولم جوز مالك أن يبيع هذا اللحم الذي حل أجله بشحم من الذي
عليه السلف بعد ما حل الاجل (قال) لان ذلك عند مالك إذا كنت إنما تبيع
ذلك من الذي لك عليه السلف بعد ما حل الاجل فإنما ذلك بدل ولا بأس أن يبدل
الرجل اللحم بالشحم مثلا بمثل فكذلك هذا ولا يكون هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى
لأنه من نوعه عند مالك (قال) وقال مالك إذا أسلفت في طعام محمولة فحل
الاجل فخذ به ما شئت إن شئت سمراء وإن شئت شعيرا وإن شئت سلتا مثل مكيلتك
يدا بيد وكذلك أن كنت أقرضته محمولة فلما حل الاجل أخذت منه سمراء مثل
مكيلتك التي أقرضته يدا بيد فلا بأس بذلك وهذا إنما هو حين يحل الاجل ولا خير
فيه قبل الاجل في سلف ولا بيع وإن كنت إنما بعته طعاما بثمن إلى أجل فلا بأس
أن تأخذ منه بذلك الثمن طعاما مثله في صفته وكيله ان محمولة فمحمولة وان سمراء
فسمراء وإن كنت إنما بعته محمولة إلى أجل فلما حل الاجل أردت أن تأخذ بثمن
الطعام الذي لك عليه سمراء أو شعيرا أو سلتا مثل مكيلتك التي بعته فلا يجوز ذلك
وإن كان يدا بيد إذا حل الاجل لأنك قد أخذت بثمن الطعام طعاما غير الطعام الذي
بعته فكأنك بعته المحمولة على أن تأخذ منه سمراء إلى أجل أو شعيرا أو سلتا والثمن
ملغى فيما بينكما فلا يجوز ذلك. وكذلك أن كنت إنما بعته السمراء فلما حل الاجل
أخذت منه محمولة أو شعيرا أو سلتا بالثمن فلا يجوز ذلك وإن كان الذي تأخذ دون
الذي أعطيته لأنك كأنك أعطيته سمراء يضمنها إلى أجل على أن تأخذ منه محمولة إذا
حل الاجل وكذلك هذا في التمر الصيحاني وألوان التمر بمنزلة ما وصفت لك من
35

الحنطة وألوانها (قال) وقال لي مالك والزبيب الأسود والأحمر كذلك أيضا مثل
ما وصفت لك من التمر والقمح والشعير (قال سحنون) ولقد خاف عبد العزيز في
تسليف الدنانير في عرض أن قال ومما يشبه الربا أن يسلف الرجل ذهبا أو ورقا في
إبل أو غنم أو سلعة أو غير ذلك فإذا حلت سلعتك أخذت بها من بيعك ذهبا أو
ورقا أكثر مما كنت أسلفته (قال عبد العزيز) وأنا أخشى أيضا إذا أخذت أقل مما
أعطيته الذريعة والدخلة فأما أن تأخذ مثل ما أعطيت فإنما تلك إقالة. وتفسير ما كره
من ذلك أنك كأنك أسلفت ذهبا في ذهب أو ورقا في ورق وألغيت السلعة بين
ذلك (قال سحنون) وهي الأثمان وليست بمثمونة فكيف بما يشترى وهو مثمون
(قال سحنون) وقد ذكره مالك عن أبي الزناد عن ابن المسيب وسليمان بن يسار
انهما كانا ينهيان أن يبيع الرجل طعاما يذهب إلى أجل ثم يشترى بتلك الذهب تمرا
قبل أن يقبضها (قال مالك) وقال ابن شهاب مثله (قال ابن وهب) أخبرني مالك
والليث بن سعد عن كثير بن فرقد عن أبي بكر بن حزم مثله (قال ابن وهب)
وأخبرني رجال من أهل العلم أن عمر بن عبد العزيز في إمرته على المدينة أمر رجلا
في تقاضى دين لمتوفى من ثمن طعام أن لا يأخذ في ذلك الدين طعاما وقال ذلك يحيى
ابن سعيد وبكير بن الأشج وأبو الزناد (قال سحنون) وقال مالك وابن أبي سلمة
وغيرهما من أهل العلم مثله وقالوا ذلك بمنزلة الطعام بالتمر إلى أجل فمن هنالك كره
(ابن وهب) عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه قال لا تأخذ الا
مثل طعامك أو عرضا مكان الثمن (ابن وهب) عن عثمان بن الحكم عن يحيى
ابن سعيد مثله وقال إلا أن يأخذ من ذلك الطعام مكيلة بمكيلة
(تم كتاب السلم الأول من المدونة الكبرى والحمد لله كثيرا لا شريك له)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما)
(ويليه كتاب السلم الثاني)
36

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب السلم الثاني)
(في الرجل يسلم في الطعام سلما فاسدا فيريد أن يأخذ برأس ماله تمرا)
(أو طعاما أو يصالحه على أن يؤخره برأس ماله)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن أسلمت إلى رجل في حنطة سلما فاسدا
أيجوز لي أن آخذ برأس مالي منه تمرا أو طعاما غير الحنطة إذا قبضت ذلك ولم
أؤخره (قال) نعم لان السلم كان فاسدا ولان مالكا يقول في السلم إذا كان فاسدا إنما
له رأس ماله (قلت) أفيجوز أن يصالحه على أن يؤخره برأس ماله (قال) نعم
لا بأس به إذا كان البيع فاسدا (قال) ولقد سئل مالك عن رجل باع دارا له على أن
ينفق المشترى على البائع حياته فكره ذلك مالك وقال إن وقع الشراء على هذا
وقبضها المشترى فاستغلها سنين كانت الغلة للمشترى لأنه كان ضامنا لها ويرد الدار
إلى صاحبها ويغرم البائع للمشترى قيمة ما أنفق عليه المشترى إن كان أنفق عليه
شيئا (قال ابن القاسم) فان فاتت الدار بهدم أو بناء كان عليه قيمتها يوم قبضها (قلت)
أرأيت السلم الفاسد في الطعام أيجوز لي أن آخذ برأس مالي طعاما سوى ذلك
الصنف الذي أسلمت فيه أتعجله ولا أؤخره (قال) نعم لأنه إنما لك عليه رأس مالك
وهو قوله (قلت) أرأيت السلم إذا كان فاسدا فأخذت نصف رأس مالي وحططت
عنه ما بقي (قال) لا بأس بذلك
37

(في التسليف إلى غير أجل أو يقدم بعض رأس المال ويؤخر بعضه)
(قلت) أرأيت أن اشتريت دابة أو بعيرا بطعام موصوف ولم أضرب له أجلا أو
بثياب موصوفة ولم أضرب لها أجلا وليس شئ مما اشتريت به البعير أو الدابة عندي
أيجوز ويكون شراء البعير والدابة مضمونا إلى أجل أو يكون نقدا (قال) هذا بيع
حرام لا يجوز أن يكون مضمونا وليس له أجل (قلت) أرأيت أن أسلمت إلى
رجل في مائة أردب تمر مائة دينار خمسين أعطيتها إياه وخمسين أجلني بل (قال) قال
مالك لا يجوز هذا وينتقض جميع السلم (قلت) فان سلفت في طعام ولم أضرب
لرأس المال أجلا فافترقنا قبل أن أقبض رأس المال (قال) هذا حرام إلا أن يكون
على النقد (قال) وقال مالك لا بأس بذلك وان افترقا قبل أن يقبض رأس المال إذا
قبضه بعد يوم أو يومين أو نحو ذلك (قلت) أرأيت أن أسلمت عبدا لي في كذا
وكذا كرا من حنطة ولم أذكر الاجل (قال) لا خير فيه إذا كان الطعام مضمونا إذا
لم يضربا في ذلك الاجل (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فان أسلم
عبدا له في طعام بعينه إلى أجل وجعل الاجل بعيدا (قال) لا يجوز ذلك أيضا عند
مالك (قلت) لم لا تبطل الشرط ها هنا وتجيز البيع بينهما وتجعله كله هاهنا حالا لأنه
قد قدم العبد في طعام بعينه (قال) لأنهما قد اشترطا الاجل فلا يبطل البيع الشرط
ولكن الشرط يبطل البيع لان الشرط إنما وقع به البيع فلما لم يصلح البيع مع هذا
الشرط بطل البيع (قال) فقلت لمالك فإن كان الشرط بينهما إلى أجل يوم أو يومين
(قال) البيع جائز ولا بأس بذلك إذا كانت سلعة بعينها أو طعاما بعينه فإن كان ذلك مضمونا
فلا خير فيه إلا أن يتباعد الاجل (قلت) أرأيت أن أسلفت في طعام فقدمت بعض
رأس المال وضربت لبعض رأس المال أجلا أيجوز ذلك في قول مالك أم لا وهل
يجوز من ذلك حصة النقد أم لا (قال) قال مالك ذلك كله حرام مفسوخ لان عقدة
البيع وقعت واحدة (قلت) فما قول مالك في رجل سلف رجلا ألف درهم في مائة
أردب حنطة خمسمائة منها كانت دينا على المسلف إليه وخمسمائة نقدا نقده إياها أيصلح
38

حصة النقد أم قال (قال) قال مالك لا يحل هذا السلف لان بعضه دين في دين ألا
ترى أن الخمسمائة التي كانت عليه دينا فسلفه إياها في دين فصارت دينا في دين فلما بطل
بعض الصفقة بطلت كلها ولا يجوز من ذلك حصة النقد إذا بطل بعض الصفقة
بطلت كلها (قلت) أرأيت أن بعت عبدا لي بطعام إلى أجل سنة أو أسلمته في
طعام إلى أجل سنة ثم افترقنا قبل القبض فلم يقبض العبد منى الا بعد شهر (قال)
أرى أنه إن لم يكن شرط أنه يقبض العبد بعد شهر بالبيع جائز ولم يوقت لنا مالك
في الشهر إذا لم يقبض العبد إلى ذلك الاجل ولكن رأيي أنه جائز وان تأخر العبد
إلى ذلك الاجل إذا كان ذلك هربا من أحدهما أو تأخيرا من غير شرط أن ينفذ
البيع بينهما (قلت) أرأيت أن أسلفت ثوبا بعينه أو حنطة بعينها في عبد موصوف
إلى أجل فافترقنا قبل أن يقبض الحنطة أو يقبض الثوب ثم قبضه منى بعد يوم أو
يومين (قال) لا بأس بذلك عند مالك (قلت) فان قبضه منى بعد أيام كثيرة (قال)
كان مالك يكره ذلك ولا يعجبه (قلت) أتراه مفسوخا إذا تركه الأيام الكثيرة
ثم قبضه (قال) ان كانا شرطا ذلك فذلك مفسوخ عند مالك (قلت) فإن كانا
تركا ذلك الأيام الكثيرة من غير شرط (قال) حفظت عن مالك الكراهية فيه ولا
أحفظ عنه الفسخ (قال ابن القاسم) وأنا أرى إن كان ذلك من غير شرط أن ينفذ
البيع بينهما
(في التسليف الفاسد)
(قلت) ما قول مالك فيمن سلف في حنطة ولم يذكر جيدة ولا رديئة (قال) لا خير
فيه إذا سلف في حنطة وقد نقد الثمن وضرب الاجل ولم يذكر جيدة ولا رديئة فلا
خير فيه (قال ابن القاسم) يفسخ ولا خير فيه إلا أن يصفها بجودتها لان الطعام
يختلف في الصفة (قلت) أرأيت أن أسلف في طعام موصوف إلى أجل معلوم
وقد نقده واشترط الطعام الذي أسلف فيه بمكيال عنده أو عند رجل أو بقصعة
أو بقدح (قال) قال مالك لو أن رجلا اشترى طعاما بقدح أو بقصعة ليس بمكيال
39

الناس رأيت ذلك فاسدا ولم أره جائزا فالسلف فيه بتلك المنزلة أو أشد (قال) وقال
مالك وإنما يجوز هذا أن يتبايعوه فيما بينهم بالقدح والقصعة والمكيال إذا كان
المكيال
هكذا بعينه ليس بمكيال السوق والناس لمن يشترى من الاعراب حيث
ليس ثم مكيال معروف للناس ولا الأسواق ولا القرى مثل العف والتبن والخبط
(وقال أشهب) مثله في الكراهية إلا أنه يقول إن نزل لم أفسخه (وقال غيره) إنما
يجوز للناس أن يشترطوا في تسليف الطعام وفي الشراء بالمكيال الذي جعله الوالي
للناس في الأسواق وهو الجاري بينهم يوم سلف ويوم الشراء فأما الرجل يسلف أو
يشترى ويشترط مكيالا قد ترك وأقيم للناس غيره ولا يعرف قدره ولا معياره من
هذا المكيال الجاري بين الناس فان ذلك لا يجوز وهو مفسوخ (قلت) أرأيت رجلا
سلف تبرا جزافا في سلعة موصوفة إلى أجل أيجوز ذلك أم لا (قال) ذلك جائز عند مالك
(قلت) فان سلف دراهم جزافا وان عرفا عددها إذا لم يعرفا وزنها في سلعة موصوفة
إلى أجل (قال) لا يجوز ذلك عند مالك (قلت) فما فرق ما بين التبر والدراهم جزافا
(قال) لان التبر بمنزلة السلعة والدرهم ليست بتلك المنزلة إنما الدراهم عين وثمن
فلا يصلح أن تباع الدراهم جزافا وقد يباع التبر المكسور جزافا من الذهب والفضة
والآنية من الذهب والفضة جزافا والحلي من الذهب والفضة جزافا فإذا كان ذهبا
باعه بفضة وبجميع السلع وإذا كانت فضة باعها بذهب وبجميع السلع فهذا فرق
ما بينهما في قول مالك (قلت) ما قول مالك في الرجل إذا أسلم في طعام دراهم
لا يعلم ما وزنها (قال) لا يجوز في قول مالك (قال) وقال مالك وإذا كان الدراهم
لا يعلم ما وزنها إنما اعتزيابها (2) وجه القمار والمخاطرة فذلك لا يجوز (قلت) فان
أسلم نقار فضة وتبرأ مكسورا لا يعلم ما وزنه (قال) ذلك جائز وهو بمنزلة سلعة من
وزنها أسلم جميع ذلك في حنطة موصوفة (قال) قال مالك من أسلم دنانير في حنطة
لا يعرف وزنها لم يجز ذلك (قلت) فهل يجوز حصة الدراهم التي قد عرف وزنها
40

أم لا (قال) لا يجوز حصتها في قول مالك لأن هذه صفقة واحدة (قال) فإذا بطل
بعضه بطل كله (قلت) أرأيت هذا الذي لم يعرف وزنه إذا أنت فسخت ما بينهما
القول قول من في قول مالك (قال) القول قول البائع الذي يرد الدنانير لأنه يقول
لم يدفع إلى الا هذا والآخر مدع أنه قد دفع أكثر من هذه الدنانير فلا يصدق الا
ببينة وله اليمين على صاحبه فان أبى صاحبه أن يحلف ردت عليه اليمين فحلف وأخذ
ما ادعى (قلت) أرأيت أن أسلم رجل إلى رجل في حنطة على أن يوفيها إياه بمصر
أيكون هذا فاسدا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا بعينه ولكن
إذا لم يسم أي المواضع من مصر يدع إليه ذلك فهو فاسد لان مصر ما بين البحر
إلى أسوان
(القضاء في التسليف)
(قلت) أرأيت أن أسلمت إلى رجل في حنطة على أن يوفيني بالفسطاط فلما حل
الاجل قال أو فيك في ناحية من الفسطاط وقال الذي له السلم لا بل في ناحية أخرى
سماها له (قال) قول مالك أنه يوفيه ذلك في سوق الطعام (قال ابن القاسم)
وكذلك جميع السلع إن كان لها أسواق فاختلفا فإنما يوفيه ذلك في أسواقها (قلت)
فما ليس له سوق فاختلفا أين يوفيه (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأراه إذا
أعطاه بالفسطاط إذا لم يكن لتلك السلعة سوق فحيثما أعطاه فهو للمشترى لازم
(قلت) أرأيت لو أنى أسلمت إلى رجل في مائة أردب حنطة فلما حل الاجل قال
هذه مائة أردب قد كلتها فخذها فأردت أخذها ولا أكيل وأصدقه (قال) قال
مالك لا بأس بذلك (قال مالك) وكذلك لو اشترى مائة أردب من حنطة فكالها
البائع وأخبر المشترى أنه قد كالها فأراد أن يصدقه ويأخذها بكيل البائع (قال) لا بأس
بذلك (قلت) فان كالها المشترى بعد ذلك فأصابها تنقص من الكيل الذي أخبره
به البائع (قال) قال مالك ان كانت له بينة أنه حين قبض القمح من البائع كاله قبل أن
يغيب عليه رجع بالنقصان في الثمن على البائع إن كان من غير نقصان الكيل وان غاب
41

عليه لم يصدق إلا أن يقيم بينة أنه قبضه ناقصا وإن لم يكن له بينة حلف البائع أنه قد وفاه
جميع ما سمى له من الكيل إن كان كاله هو وإن كان إنما جاءه بالطعام رجل فأخبره بكيله
فباعه على ذلك الكيل أحلف على أنه قد باعه على ما قيل له في كيله حين جاءه أو
كتب به إليه وكان القول قوله فان أبى أن يحلف ردت اليمين على المبتاع فحل وأخذ
النقصان من الثمن فان أبى أن يحلف فلا حق له (قلت) أرأيت لو أن لي على رجل مديا
من حنطة من سلم فلما حل الاجل قلت له كله لي في غرائرك أو في ناحية بيتك أو
دفعت إليه غرائري فقلت له كله لي في هذه ففعل الرجل ذلك ثم ضاع الطعام قبل
أن يصل إلى (قال) قال مالك لا يعجبني ذلك (قال ابن القاسم) فأما أنا فأرى إذا
كان قد اكتاله بينة فضاع بعد ما اكتاله كما أمره فلا شئ له عليه (قال) وإن كان
كاله بغير بينة فهو ضامن للطعام كما هو ولا يصدق إلا أن تصدقه فان صدقته أنه قد كاله
وقال هو انه قد ضاع وكذبته أنت في الضياع فالقول في الضياع قوله ولا شئ عليه
لأنك لما صدقته أنه قد كاله كما أمرته فقد صرت قابضا لما قد كاله لك فان ضاع فلا
شئ لك عليه لأنه إنما ضاع بعد قبضك (قلت) أتحفظ هذا عن مالك (قال) لا
(في الرجل يسلف ببلد ويشترط أن يقضى ببلد آخر)
(قلت) أرأيت أن أسلمت إلى رجل في طعام وشرطت عليه أن يوفيني ذلك في بلد
من البلدان فلما حل الاجل قال لي خذ هذا الطعام منى في بلد أخرى وخذ منى الكراء
إلى البلد الذي شرطت لك أن أقضيكه فيه (قال) قال مالك لا يصلح ذلك لان
البلدان بمنزلة الآجال فهذا بمنزلة رجل قدم الطعام الذي عليه قبل محل الاجل إذا
كان من بيع وزاده دراهم أو عرضا فهذا لا يجوز لأنه من بيع الطعم قبل أن يستوفى
فالآجال والبلدان في هذا سواء عند مالك (قلت) أرأيت لو أنى أسلمت إلى رجل
في طعام يدفعه إلى بالفسطاط فقال خذه بالإسكندرية وخذ الكراء ففعلت
فاستهلكت الطعام والكراء كيف يصنع بما استهلكت (قال) ترد مثله في قول مالك
مثل الطعام بالإسكندرية وترد الكراء عليه ثم تأخذ طعامك الذي أسلمت فيه حديث
42

شرطته وقد فسرت لك لم كرهه مالك (قلت) أرأيت لو أن رجلا أسلم إلى رجل
في مائة أردب قمح يوفيها إياه بالفسطاط على أن على المسلم إليه حملانها إلى القلزم
(قال) قال مالك لا بأس بذلك (قال سحنون) وقد بينت لك أثر ابن عمر قبل
هذا حين اشترى على أن يوفيه بالربذة
(في الرجل يسلف في الطعام إلى أجل يقضى قبل محل الاجل)
(قلت) أرأيت أن أسلم إلى رجل في طعام فأتيته بالطعام قبل محل الاجل أيجبر
على أن يأخذه منى في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا (قلت) فإن كان ذلك
قرضا إلى أجل فأتيته به قبل محل الاجل أيقبضه ويجبر الذي له الطعام أن يأخذه قبل
محل الاجل قال نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم
(في الدعوى في التسليف)
(قلت) أرأيت لو أسلمت إلى رجل في طعام فاختلفنا (قال) قال مالك إذا
اتفقا في الطعام واتفقا أن السلم في حنطة مضمونة إلى أجل فقال البائع بعتك ثلاثة
أرادب بدينار وقال المشترى بل اشتريت منك أربعة أرادب بدينار وذلك عند
حلول الأجل (قال) القول قول البائع الذي عليه الحق إذا جاء بما يشبه من الحق
والقول إلا أن يدعى مالا يشبه مبايعة الناس والمشترى مدع وعليه البينة (قلت)
فان قال أسلفتك في قمح وقال البائع بل أسلفتني في شعير أو قال أسلفتك في حمار
وقال الآخر بل أسلفتني في بغل (قال) يتحالفان ويترادان الثمن (قال) ولم أره يجعله
مثل النوع إذا اتفقا عليه (قال ابن القاسم) وأنا أرى على ما قال مالك في الحنطة أن
كل ما تقارا عليه من دابة اتفقا عليها ان السلم كان فيها مثل بغل أو حمار أو رقيق
أو عرض من العروض اتفقا على التسمية واختلفا في الصفة ان القول قول البائع
إذا أتى بما يشبه ويحلف والمبتاع مدع وان اختلفا في السلعتين تحالفا وفسخ البيع
بينهما ويرد إلى المشترى رأس ماله (قال) ولقد سأل رجل مالكا وأنا قاعد عنده
43

في رجل باع من رجل حائطا له واشترط فيه نخلات يختارها فقال المشترى إنما
اشترط على نخلات أراني إياهن وقال البائع بل اشترطت عليه الخيار ولم أره نخلات
قال مالك أرى أن يتحالفا ويفسخ البيع بينهما (قال) فقلت لمالك غير مرة فالرجل
يبيع من الرجل السلعة على النقد فينقلب بها ولم ينقد ثمنها ويأمنه عليها صاحبها
وذلك في العروض كلها فيأتيه البائع فيقتضيه الثمن فيقول البائع بعتك إياها بكذا وكذا
ويقول المتابع بل ابتعتها منك بكذا وكذا وقد انقلب بها أئتمنه عليها (قال) قال مالك أرى
أن يحلفا جميعا ويفسخ الامر بينهما إلا أن تفوت في يدي المبتاع ببيع أن يموت أو نماء
أو نقصان أو اختلاف من الأسواق فان فاتت بنماء أو نقصان أو اختلاف من
الأسواق أو بيع أو موت فالقول قول المبتاع إذا أتى بما يشبه الثمن وإن لم تفت
وكانت على حالها فالقول قول البائع بعد أن يتحالفا ويفسخ ذلك بينهما إذا تحالفا إلا أن يرضى المبتاع قبل أن يحكم بينهما أن يأخذها بما قال البائع فذلك له ما لم يفسخ بحكم
(في المتبايعين يدعى أحدهما حلالا والآخر حراما)
(أو يأتي بما لا يشبه أحدهما)
(قلت) أرأيت ما اشتريت وانقلبت به من جميع السلع الطعام وغيره من كل
ما يتبايع الناس من دار أو أرض أو حيوان أو رقيق أو غير ذلك فبنت به وزعمت
أنى قد دفت الثمن وقال البائع لم تدفع إلى الثمن (قال) قال مالك أما ما كان من البيوع
مما يتبايعه الناس على وجه الانتقاد شبه الصرف مثل الحنطة والزيت واللحم والفواكه
والخضر كلها ومما يبتاع الناس في أسواقهم مما يشبه هذه الأشياء فان ذلك مثل
الصرف فالقول فيه قول المشترى وعليه اليمين وما كان مثل الدور والأرضين
والبزوز والرقيق والدواب والعروض فان القول في الثمن قول البائع وعليه اليمين
وان قبضه المبتاع فلا يخرجه من أداء الثمن قبضه وبينونته به إلا أن يقيم البينة على
دفع الثمن والا فالقول قول البائع وعليه اليمين (قلت) أرأيت أن أسلمت إلى
رجل في سلعة من السلع وادعيت أن الاجل قد حل وقال الذي عليه السلام لم
44

يحل الاجل (قال) قال مالك القول قول البائع الذي عليه السم إذا أتى بما يشبه
ولم يدع ما لا يشبه من أجل السلم (قلت) فان أتى المسلم إليه بما لا يشبه (قال)
قال مالك أرى أن القول إذا كان هكذا قول المبتاع الذي له السلم إذا أتى بما يشبه
(قال) وذلك أن مالكا سئل عن الرجل يبيع السلعة إلى أجل فيبين بها المشترى
فتفوت فيقول البائع بعتكها إلى أجل كذا وكذا ويقول المبتاع بل اشتريتها منك
إلى أجل كذا وكذا لا جل أبعد منه (قال) القول قول المبتاع (قال ابن القاسم)
وذلك عندي إذا أتى بما يشبه فإن لم يأتي بما يشبه فالقول قول البائع (قلت) أرأيت
ان أسلمت إلى رجل فقلت انى ضربت للسلم أجل شهرين وقال المسلم إليه لم تضرب
للسلم أجلا يريد فساده أو قال الذي دفع الدراهم لم يضرب للسلم أجلا وقال الذي
عليه السلام قد ضربنا للسلم أجلا (قال) القول قول من يدعى الصحة والحلال منهما
ولا يلتفت إلى قول من يدعى الفساد والحرام منهما إلا أن يكون له وعليه البينة فإن لم تكن له بينة أحلف الذي يدعى الصحة وكان القول قوله (قلت) أرأيت أن
تناقضا السلم واختلفا في رأس المال (قال) القول قول الذي عليه السلام (قلت)
أرأيت لو أنى أسلمت إلى رجل في مائة أردب من حنطة فلما حل الاجل قال الذي
عليه السلام لم أقبض رأس المال منك الا بعد شهر أو شهرين أو قال كنا شرطنا أن
رأس المال إنما تدفعه إلي بعد شهر أو شهرين وقال الذي له السلم بل نقدتك عند عقدة
البيع والشراء (قال) القول قول من يدعى الصحة منهما (قلت) أرأيت لو أن رجلا
قال لرجل أسلمت إليك هذا الثوب في مائة أردب من حنطة وقال الآخر بل
أسلمت إلى هذين الثوبين لثوبين غير الثوب الأول في مائة أردب من حنطة وأقاما
جميعا البينة على ذلك (قال) فتصير له الأثواب الثلاثة في مائتي أردب من حنطة لان
بينة هذا شهدت على سلم غير ما شهدت به بينة هذا وكذلك الآخر (قلت) فان
أقاما جميعا البينة أقام هذا على أني أسلمت إليه هذا العبد في مائة أردب حنطة وقال
الآخر بل أسلمت إلى هذا العبد وهذا الثوب في مائة أردب من حنطة (قال)
45

هذا يكون سلما واحدا ويكون عليه مائة أردب من حنطة بالثوب والعبد جميعا لان
بينة شهدت بالعبد والثوب جميعا شهدت بالأكثر فكان ذلك له لان مالكا قال لو
أن رجلا أقام شاهدا على خمسين وشاهدا على مائة (قال) يحلف مع شاهده الذي
شهد له بالمائة ويأخذ المائة كلها (قال) ولم أسمع من مالك المسألتين جميعا (قلت) فلو
على أنى أقمت البينة انى أسلمت هذا الثوب إلى هذا الرجل في مائة أردب من حنطة
وأقام هو البينة انى أسلمت إليه ذلك الثوب وعبدي في مائة أردب شعير (قال) أرى
أن يتحالفا ويتفاسخا ويترادا إذا تكافت البينتان وذلك أن البينة إذا تكافت في أمر
اختلف فيه المدعى والمدعى عليه فتكافت البينة كانا بمنزلة من لم تقم لهما بينة فيتحالفان
ويترادان (قلت) أرأيت أن اختلف المسلم إليه ورب السلم في الموضع الذي يقبض
فيه الطعام فقال المسلم إليه إنما قبضت منك دراهمك على أن أعطيك الطعام بالفسطاط
وقال الذي له السلم إنما دفعت إليك على أن أقبض منك بالإسكندرية وإنما كان دفع
دراهمه بالفسطاط (قال) ابن القاسم إذا اختلفا في البلدان هكذا نظر إلى الموضع الذي
أسلم إليه فيه فيكون عليه أن يدفع إليه الطعام في ذلك الموضع إن كان أسلم إليه
بالفسطاط فعليه أن يدفع إليه بالفسطاط وإن كان أسلم إليه بالإسكندرية فعليه ان
يدفع إليه بالإسكندرية (قال) وإذا اختلفا في البلدان فادعى الذي عليه السلام غير
الموضع الذي دفع إليه فيه الدراهم وادعى الذي له السلم غير الموضع الذي دفع
إليه فيه الدراهم أيضا وتصادقا أن السلم إنما دفعه إليه في موضع كذا وكذا وليس
يدعى واحد منهما أنه شرط عليه الدفع أو القبض في الموضع الذي كان فيه السلم
فالقول قول البائع لان المواضع بمنزلة الآجال وان تباعدت المواضع حتى لا يشبه
قول كل واحد منهما القبض فيه أو الدفع فيه تحالفا وفسخ ما بينهما
(الدعوى في التسليف)
(قلت) أرأيت أن أسلمت إلى رجل في طعام فلما حل الاجل اختلفت أنا والذي
أسلمت إليه فقلت له إنما أسلمت إليك عشرة دنانير في مائة أردب حنطة وقال بل
46

أسلمت إلى العشرة الدنانير في خمسين أردبا من حنطة (قال) قال مالك القول قول
البائع وأنا أقول من عندي ان كأن لا يشبه ما قال البائع من سلم الناس نظر إلى ما قال
المبتاع فإن كان ما قال يشبه سلم الناس كان القول قوله وإنما ينتقض إذا قال هذا
أسلمت إلى في خمسين أردب شعير وقال صاحبه بل أسلمت إليك في خمسين أردب
حنطة أو قطنية أو غير ذلك فإذا اختلفت الأنواع تحالفا ترادا الثمن فأما إذا كان
نوعا واحدا فاختلفا في الكيل والوزن نظرنا إلى قول البائع المسلم إليه فإن كان ما قال
يشبه أن يكون سلم الناس يوم أسلم إليه فالقول قول المبتاع إذا أتى بما يشبه وليس
اختلافهما في الكيل إذا تصادقا في النوع الذي أسلم إليه فيه كاختلافهما في الأنواع
وإنما اختلافهما في الكيل إذا تصادقا في النوع الذي أسلم إليه فيه بمنزلة رجلين باع
أحدهما جارية من صاحبه فماتت الجارية عند المشترى فاختلفا في ثمنها فقال المشترى
اشتريتها بخمسين دينارا وقال البائع بعتها بمائة دينار (قال مالك) القول قول
المشترى إلا أن يتبين كذبه ويأتي بما لا يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم اشتراها
فإذا أتى بما لا يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم اشتراها كان القول قول البائع إذا أتى
بما يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم باعها (قال) وقال مالك فإن لم يأت البائع بما
يشبه أن يكون ثمن الجارية يوم باعها كان على المبتاع قيمتها يوم اشتراها المشترى
فلما قال مالك إذا أتيا جميعا بما لا يشبه كانت عليه قيمتها يوم اشتراها وقال في الكيل
إذا تصادقا في النوع الذي أسلم إليه فيه فالقول قول البائع إلا أن يأتي بما لا يشبه
وإنما اختلافهما في السلم إذا اختلفا في الأنواع فقال البائع أسلمت إلى في حنطة
وقال المشترى بل أسلمت إليك في قطنية بمنزلة قول بائع الجارية بعتها منك بمائة
أردب حنطة وقال مشتريها اشتريتها منك بمائة أردب عدس فهذا إذا كانت قائمة
تحالفا وترادا وان فاتت كانت قيمة الجارية على المشترى لان مالكا قال لي في الدنانير
إذا دفعت سلما فقال هذا في حمص وقال هذا في عدس بعد حلول الأجل وقد أسلمه
47

إلى أجل من الآجال انهما يتحالفان ويترادان الثمن فلما رد مالك الثمن وفسخ البيع ولم
يكن فوات الزمان عنده تصديقا لقول البائع كانت الجارية كذلك لم يقبل قول واحد
منهما فجعلت القيمة كأنها ذهب لأنه لو باعها أو ماتت أو اعورت أو نقصت كان ضامنا
لها فله نماؤها وعليه نقصانها وعليه قيمتها يوم قبضها لأنه كان ضامنا لها (قلت) أرأيت
ان أسلمت ثوبا في حنطة فلما حل الاجل أو كان الاجل قريبا ولم تحل أسواق الثوب
ولم تتغير اختلفنا في الكيل فقلت أنا أسلمت إليك الثوب في ثلاثين أردب حنطة
وقال المسلم إليه بل أسلمت إلى في عشرين أردب حنطة والثوب قائم بعينه أيكون
القول قول المسلم إليه أم لا (قال) لا ولكن يتحالفان ويترادان إذا كان الثوب قائما
بعينه لم يفت بتغير أسواق ولا غير ذلك لان مالكا قال إذا لم يفت بتغير سوق ولا نماء
ولا نقصان ولم يخرج من يده فالقول قول البائع ويتحالفان ويترادان إذا كان الثوب
قائما بعينه فكل أجل قريب باعا إليه وتكارا فيه وان بعد الاجل وقبض السلعة ولم
تفت بنماء ولا نقصان ولا بتغير أسواق فهو بمنزلتها أن لو كانت قائمة (فان قال قائل)
إذا أتمنه عليها ورضى بالأجل وزار في الثمن فهو نادم إذا غاب عليه المشترى فان
مالكا قد قال لي غير مرة ولا عام يتحالفان ويترادان إذا قبضها المبتاع وغاب عليها
ما لم تفت بتغير كما وصفت لك ولم يجعل البيع إذا قبضها المبتاع وغاب عليها ندما من
البائع فلو كأن يكون إذا باعها إلى أجل فاختلفا في الثمن ندما من البائع ويجعل فيه
القول قول المشترى لكان بيع النقد إذا غاب عليها المشترى وقبضها ندما من البائع
ولم يقل لي مالك بدين ولا ينقد إلا أنه قال لي غير مرة إذا لم تفت بنماء ولا نقصان
ولا بعتاقة ولا بهبة ولا يتغير أسواق فالقول قول البائع ويترادان ولم يقل لي بنقد ولا
إلى أجل فهما في القياس واحد وأصل هذا أن ينظر إلى السلعة ما كانت قائمة بعينها
لم تتغير فإنهما يتحالفان ويترادان فإذا تغيرت السلعة في يد المبتاع فصارت دينا عليه
فالدين الذي صار عليه بمنزلة السلم على رجل يجوز للذي عليه السلام من القول ما يجوز
لهذا الذي فاتت الجارية عنده لان هذا قد صار دينا والسلم دين فمحملهما محمل واحد
48

إذا تصادقا في السلعة التي فاتت واختلفا في ثمنها أو اختلفا في الكيل في السلم إذا
تصادقا في النوع الذي أسلم فيه فمحملهما فيه محمل واحد
(ما جاء في الوكالة في السلم وغيره)
(قلت) أرأيت أن قلت لرجل خذ لي دراهم سلما في طعام إلى أجل ففعل الرجل
فأخذ لي دراهم في طعام إلى أجل وإنما أخذ ذلك لي أيلزمني السلم أم لا في قول مالك
(قال) ذلك لازم للآمر عند مالك (قال) وقال لي مالك وان اشترط المشترى
على المأمور أنه إن لم يرض فلان وقد سماه له الذي أمره فأنت لبيعي ضامن حتى
توفينيه إلى الاجل (قال) ذلك جائز ولا بأس به (قال) مالك وإنما مثل ذلك
مثل رجل يقول لرجل ابتع لي غلاما أو دابة بالسوق أو ثوبا فيأتي المأمور إلى من
يشترى منه فيقول له ان فلانا أرسلني أشتري له ثوبا فبيعوه فقد عرفتموه فيقولون
نحن نبيعه فان أقر لنا بالثمن فأنت برئ والا فالثمن عليك توفيناه نقدا أو إلى
أجل فهذا لا بأس به (قلت) أرأيت أن أمرت رجلا يشترى لي جارية أو أمرته
أن يشترى لي ثوبا ولم أسم له جنس الثوب ولم أسم له جنس الجارية فاشترى لي ثوبا
أو اشترى لي جارية أيلزم ذلك الآمر (قال) ان اشترى له جارية يعلم أن مثلها من
خدم الآمر أو مما يصلح أن يكون من جواري الآمر جاز ذلك على الآمر
(قال) وإنما ينظر في هذا إلى ناحية الآمر فان اشترى له ثوبا مما يعلم أن ذلك مما يجوز
على الآمر لزم ذلك الآمر وان اشترى له جارية يعلم أن مثلها من خدم الآمر أو مما
يصلح أن يكون من جواري الآمر جاز ذلك على الآمر وان اشترى له شيئا مما
ليس يشبه أن يكون من ثياب الآمر ولا من خدم الآمر لم يجز ذلك على الآمر
إلا أن يشاء ويلزم ذلك المأمور وهذا قول مالك فيما بلغني (قال) ولقد قلت لمالك
الرجل يبضع مع الرجل في خادم يشتريها له بأربعين دينارا فيشتريها بثلاثين أو
بأكثر من ذلك ويصف له صفة الخادم (قال) أما ان اشتراها بأدنى وكانت على
الصفة لزمه ذلك وان اشتراها بأكثر مما أمره به وكان ذلك زيادة الدينار والدينارين
49

أو ما يشبه أن يزاد على مثل ذلك الثمن لزم الآمر أيضا وغرمه وكانت السعة للآمر إذا
كانت على الصفة وان كانت زيادة كثيرة لا يشبه أن تكون تلك الزيادة على مثل
ذلك الثمن كان الآمر بالخيار ان أحب أن يعطيه ما زاد فعل وأخذ السلعة وان أبى
لزمت المأمور وغرم للامر ما أبضع معه (قال) فأرى ان كانت الزيادة كثيرة لا
تشبه الثمن ففاتت السلعة أو تلفت قبل أن يرضاها الآمر أن مصيبتها من المأمور
ويرجع عليه الامر بماله وان كانت الزيادة تشبه الثمن فمصيبتها من الآمر والزيادة
له لازمة يرجع عليه بها المأمور لان السلعة سلعته لا خيار له فيها (قلت) أرأيت
ان دفعت إلى رجل مالا ليسلمه لي في طعام فأسلم ذلك إلى نفسه أو إلى زوجته أو إلى
أبيه أو إلى ولده أو إلى ولد ولده أو إلى أمه أو جده أو إلى جدته أو إلى مكاتبه
أو إلى مدبره أو إلى مدبرته أو إلى أم ولده أو إلى عبده المأذون له في التجارة أو إلى
عبيد وله الصغار الذين هم في حجره أو إلى عبيد زوجته أو إلى عبيد أحد من هؤلاء
الذين سألتك عنهم (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ذلك جائزا كله ما خلا
نفسه أو ابنه الصغير أو أحدا ممن يليه في حجره من يتيم أو سفيه أو ما أشبه هؤلاء
وما سوى هؤلاء ممن سألت عنه فأرى السلم جائزا إذا لم تعرف في ذلك محاباة منه
وعرف وجه الشراء بالصحة منه (قلت) فان أسلم ذلك إلى شريك له مفاوض (قال)
أرى أن ذلك غير جائز لأنه إذا أسلم إلى شريكه المفاوض فإنما أسلمه إلى نفسه
(قلت) فان أسلم ذلك إلى شريك له شركة عنان ليست شركة مفاوضة (قال)
لا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن وكلت وكيلا يسلم لي في طعام فأسلم ذلك إلى
نصراني أو يهودي (قال) لا بأس بذلك
(في وكالة الذي والعبد)
(قلت) أرأيت أن وكلت ذميا في أن يسلم لي في طعام أو أدام أو رقيق أو حيوان
فدفعت إليه الدراهم (قال) قال مالك لا تدفع إلى النصراني شيئا يبيعه لك ولا يشترى لك
شيئا من الأشياء ولا تستأجره على أن يتقاضى لك شيئا ولا تبضع معه ولا يجوز شئ مما
50

يصنعه النصراني للمسلمين في بيع ولا شراء إلا أن يستأجره للخدمة فاما أن يستأجره
أن يتقاضى له أو يبيع له أو يشترى له فلا يجوز ذلك (قال) وكذلك عبدك النصراني
لا يجوز لك أن تأمره أن يشترى لك شيئا ولا يبيعه ولا يتقاضى لك (قال مالك)
ولا ينبغي للمسلم أن يمنع عبده النصراني أن يشرب الخمر أو يأكل الخنزير أو يبيعها
أو يبتاعها أو يأتي الكنيسة لان ذلك من دينهم (قال) فقلت لمالك هل يشارك المسلم
النصراني (قال) لا إلا أن لا يوكله يبيع شيئا ويلي المسلم البيع كله فلا بأس بذلك
(قال) فقلت لمالك أيساقي المسلم النصراني (قال) لا بأس بذلك أن كأن لا يعصره
خمرا (قال ابن القاسم) يريد مالك بقوله أن لا يوكله أن لا يغيب على بيع ولا شراء
الا بحضرة المسلم (قال) قال مالك ولا أحب للرجل المسلم أن يدفع إلى النصراني مالا
قراضا ولا يأخذ المسلم من النصراني مالا قراضا
(في وكلة العبد ووكالة الوكيل)
(قلت) أرأيت أن وكلت عبدا مأذونا له في التجارة أو محجورا عليه في أن يسلم
لي في طعام ففعل (قال) أرى ذلك جائزا (قلت) أرأيت أن وكلت رجلا في أن
يسلم لي في طعام فوكل الوكيل وكيلا غيره بذلك (قال) أراه غير جائز
(في تعدى الوكيل)
(قلت) أرأيت وكلت رجلا في أن يبيع لي طعاما أو سلعة فباعها بطعام أو
شعير أو يعرض من العروض نقدا وانتقد الثمن أيجوز ذلك على الآمر لي قول مالك
(قال ابن القاسم) أحب إلى أن يكون المأمور ضامنا إذا باع بغير العين ويباع ذلك
عليه فإن كان في قيمتها وفاء فيكون ذلك للآمر وإن كان نقصان فعلى المأمور بما تعدى إلا أن يجب الآمر أن يجيز البيع ويأخذ الثمن فذلك له وقال غيره إلا أن يشاء الآمر أن
يقبض ثمن ما بيع له إن كان عرضا أو طعاما (قلت) وكذلك أن أمره أن يشترى
له سلعة من السلع فاشتراها له بعرض من العروض أو بحنطة أو شعير أو بشئ مما
51

يوزن أو يكال سوى الدنانير والدراهم (قال) لا يجوز ذلك على الامر وهو بالخيار ان شاء
أن يدفع إليه كل ما اشترى له به ويأخذها فذلك له (قلت) فان باع ما أمره به أن يبيع
أو اشترى ما أمره به أن يشترى بالفلوس (قال) الفلوس في رأيي بمنزلة العروض إلا أن تكون سلعة خفيفة الثمن أنما اتباع بالفلوس وما أشبه ذلك فالفلوس فيها بمنزلة
الدنانير والدراهم لان الفلوس ها هنا عين (قلت) أرأيت أن دفعت إلى رجل دراهم
في أن يسلفها في ثوب هروى فأسلمها في بساط شعر أيكون لي أن أتبع الذي
أخذ الدراهم الذي أسلم إليه في بساط شعر في قول مالك (قال) لا لان الدراهم لما
تعدى عليها المأمور وجبت دينار للآمر على المأمور والبيع لازم للمأمور فليس للآمر
على البائع قليل ولا كثير وليس له أن يفسخ البيع الذي بيه المأمور والبائع (قلت)
أرأيت أن أراد الآمر أن يأخذ البساط الشعر ويقول أنا أجيز ما فعل المأمور وإن كان
قد تعدى أيكون ذلك له في قول مالك (قال) قال مالك ليس ذلك له لأنه لما تعدى أمر
صاحبه صار ضامنا للدراهم التي دفع إليه فلما صار ضامنا للدراهم صارت دينار عليه فلا يجوز
له أن يفسخ دينه الذي وجى له عليه المأمور في سلعة تكون دينار فيصير هذا الذين بالدين
(قلت) وكذلك أن أمرت رجلا أن يسلم لي في جارية ولم أسلم له جنس الجارية أو يسلم
لي في ثوب ولم أسم له جنس الثوب ولم أدفع إليه الدراهم فأسلم لي في جارية لا تشبه
أن تكون من خدمي أو أسلم لي في ثوب لا يشبه أن يكون من ثيابي فلما بلغني ذلك
رضيت بذلك أيجوز هذا في قول مالك (قال) أرى أنه جائزا نقد الثمن ولا يكون هذا
من الدين بالدين. ولا تشبه هذه المسألة الأولى لان هذا لم يدفع إلى المأمور شيئا يكون
على المأمور دينا بالتعدي فلما كان المأمور متعديا لم يكن على الآمر شئ من الثمن دينار
مما دفع المأمور في ثمنها أخبره بذلك كان الآخر مخيرا ان شاء دفع الثمن وأخذ
ما أسلف له فيه وان شاء تركه ولا يجوز في هذه المسألة أن يؤخره بثمنها وان رضى
بذلك المأمور والآمر جميعا لان المأمور لما تعدى لم يكن على الآمر شئ من الثمن فان
رضى الآمر والمأمور أن تكون السلعة للآمر ويؤخر الثمن كان دينار بدين وكان
52

بيعا مستأنفا ولا يجوز للآمر وان رضى إلا أن ينقد الثمن ألا ترى أن السلعة التي أسلم فيها
المأمور إنما وجبت له فصارت دينا للمأمور فان رضى الآمر أن يختارها بالثمن ويؤخره
صار دينار في دين فلا يجوز ذلك (قلت) أرأيت أن دفع الآمر إلى المأمور الثمن والمسألة
على حالها فزاد المأمور من عنده زيادة معلومة يعلم أن تلك الزيادة لا تكون على مثل
هذا الثمن أو أسلم له في غير ما أمره به فأراد الآمر أن يأخذ تلك السلعة التي أسلم له
فيها المأمور ويزيده ما زاد المأمور في ثمنها أله أن يأخذ تلك السلعة التي أسلم له فيها برأس
المال الذي تعدى المأمور فيه (قال) قال مالك أما السلعة التي أسلم له رأس ماله فيها وهي
غير ما أمره به فان ذلك لا يجوز وهو من وجه الدين بالدين لأنه حين تعدى وأسلم
له في غير سلعته كان قد ضمن له رأس ماله فإذا صرف رأس ماله في سلعة إلى أجل
كان ذلك دينا بدين (قال ابن القاسم) فأرى أنه إذا زاد حتى يكون ضامنا ويلزم
المأمور أداء الثمن كان بمنزلة السلعة التي تعدى ما أمره الامر فيها ولم يزد على رأس مال
الآمر شيئا لأنه قد ضمن له رأس ماله يدفعه إليه نقدا حين زاد ما لم يأمره به وكأن
الآمر يأخذ منه سلعته إلى أجل بذهب وجبت له على المأمور وذهب يزيده إياها
معها فهذا الدين بالدين (قلت) أرأيت لو أمرت رجلا أن يسلم لي عشرة دنانير في
قمح ويكون الثمن مكانه (قال) لا بأس بذلك وليس يشبه ما دفعت إليه ثمنه
فتعدى فيه لان ذلك أن أخرته كان دينار بدين ولأنه إذا أسلفك من عنده فتعدى
فأخذته ودفعت إليه الثمن كان لوليه لأنه لم يلزمه شئ تعدى لك فيه ولا صرف فيه
ذهبك (قال) وقال مالك ولو أن رجلا أبضع مع رجل في ثوبين فسلف الرجل
البضاعة في طعام لم يجز للامر أن يأخذ لك الطعام (قال) مالك لأنه عندي البضاعة في طعام لم يجز للامر ن يأخذ ذلك الطعام (قال) مالك لأنه عندي من وجه
الدين بالدين وبيع الطعام قبل أن يقبض (قال ابن القاسم) وهذا من بيع الطعام قبل
أن يستوفى لا شك فيه لأنه إنما وجب الطعام حين تعدى المأمور للمأمور فليس له
أن يبيعه حتى يقبضه (قلت) أرأيت أن دفعت إلى رجل ثوبا ليبيعه لي بدراهم فذهب
53

فأسلفه في طعام أو عرض إلى أجل (قال) قال مالك إن كان أسلمه في عرض بيع
ذلك العرض بنقد فإن كان فيه وفاء بما أمره به أو فضل عن ذلك كان لصاحب الثوب
وإن كان فيه نقصان كان على المأمور بما تعدى (قال) وقال مالك وإن كان طعاما
أخذ من المأمور ما أمره به صاحب الثوب من الثمن أن كان أمره أن يبيعه بعشرة
دراهم أخذ منه عشرة دراهم وإن كان لم يأمره بثمن معلوم أخذ منه قيمته فدفع إلى
صاحبه ثم استؤني بالطعام فإذا حل الاجل استوفى ثم يبيع فإن كان فيه فضل عما دفع
إلى الآمر صاحب السلعة من مال المأمور كان الفضل للآمر أيضا وإن كان كفافا
دفع إلى المأمور وإن كان نقصانا كان على المأمور بما تعدى (قلت) أرأيت أن كان
المأمور لم يسلم الثوب في شئ ولكن باعه بدنانير أو بدراهم إلى أجل (قال) قال
مالك تباع تلك الدنانير أو تلك الدراهم بعرض معجل ثم يباع العرض بعين فإن كان
فيه وفاء ما أمره به الآمر من الثمن الذي أمره ان يبيع به ثوبه فذلك للآمر بما تعدى
(قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فإن كان لم يأمره بثمن مسمى (قال) ينظر
إلى قيمة الثوب يوم تعدى فيه وباعه بالدين فيعمل في قيمته مثل ما وصفت لك في
ثمنه (قال) فقلنا لمالك فلو أن رجلا دفع إلى رجل سلعة وأمره ان يبيعها له إلى أجل
فباعها المأمور بنقد (قال) قال مالك ينظر إلى قيمة السلعة الساعة فإن كان ما باعها به
المأمور مثل قيمتها كان ذلك للآمر وإن كان فيما باعها به المأمور فضل عن قيمتها كان
ذلك أيضا للآمر وإن كان فيما باعها به المأمور نقصان عن قيمتها ضمن اتمام القيمة
للآمر بما تعدى لأنه أمره أن يبيع إلى أجل فباع بالنقد ولا ينظر إلى شئ من
الاجل (قلت) أرأيت أن كان أمره ان يبيعها بثمن قد سماه له إلى أجل فباعها بالنقد
(قال) هو في هذا ان سمى الثمن أو لم يسم الثمن فهو سواء وعليه القيمة بما تعدى إلا أن يكون ما باع به السلعة من الثمن أكثر من قيمتها نقدا فيكون ذلك لرب السلعة
54

(قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يعطي الرجل السلعة يبيعها له بثمن سماه له فبيعها
له بعشرة دنانير فيأتيه صاحب السلعة بعد باعها فيقول له لم آمرك الا باثني عشر
ويقول المشترى إنما أنت نادم وقد أقررت انك قد أمرته ببيعها فمن يعلم أنك قد أمرته
ببيعها باثني عشر ويقول المأمور ما أمرتني الا بعشرة دنانير أو فوضت إلى اجتهادي (قال)
سلعته ان كانت لم تفت فان فاتت حلف المأمور بالله الذي لا إله إلا هو ما أمره الا
بعشرة أو فوض إليه بالاجتهاد ولا يكون للآمر شئ إذا فاتت (قلت) أرأيت
ان دفعت مائة دينار إلى رجل يسلمها إلى في طعام فصرفها دراهم أيضمن أم لا (قال)
إن كان إنما صرفها نظرا للآمر وعرف ذلك منه فكانت الدراهم أرفق بالآمر لان
المواضع مختلفة ومن المواضع مواضع الدراهم فيها أفضل وربما كان السلم إنما يسلم إلى
رجل نصف دينار والى آخر ثلث دينار والى آخر ربع دينار حتى يجتمع من ذلك
الطعام الكثير أو يكون البلد إنما بيعهم بالدراهم والدراهم بها أنفق والناس عليها أحرص
فإذا كان هكذا رأيت أن لا ضمان عليه ولا أرى به بأسا وأرى الطعام للآمر وإن كان
إنما صرفها متعديا علي غير ما وصفت لك ثم أسلم الدراهم في الطعام رأيته ضامنا للدنانير
والطعام للمتعدي ولا يصلح لهما وان رضيا جميعا أن يجعلا الطعام للآمر إلا أن يكون
المأمور قد قبض ذلك الطعام فيكون للآمر بالخيار ان أحب ان يأخذه أخذه وان
أحب أن يضمنه ذهبه ضمنه إياها
(في الرجل يوكل الرجل يبتاع له طعاما فيفعل ثم يأتي الآمر)
(ليقبضه فيأبى البائع أن يدفع ذلك إليه)
(قلت) أرأيت أن وكلت رجلا يسلم لي في طعام ففعل فلما حل الاجل أتيت إلى
الذي عليه السلام لا قبض منه الطعام فمنعني وقال لم تسلم إلى أنت شيئا ولا أدفع الا
إلى الذي دفع إلى الثمن (قال) قال مالك إن كان الاشتراء قد ثبت للآمر ببينة تقوم
55

أن المأمور إنما اشترى هذا الطعام للآمر لزم البائع ان يدفع ذلك الطعام إلى الامر ولم
يكن له في ذلك حجة وإن لم يكن دفع ذلك ببينة كان المأمور أولى بقبضه من الآمر
(قلت) فإذا دفع الطعام إلى الآمر أيبرأ في قول مالك قال مالك قال نعم (قلت) ويدفع
الطعام إلى الآمر إذا قامت له بينة كما ذكرت في قول مالك (قال) نعم وإن كان لم
يحضره المأمور.
(الرهن في التسليف)
(قلت) أرأيت أن أسلمت في طعام إلى أجل واخذت رهنا بذلك الطعام فهلك الرهن
قبل الاجل أيبطل حقي في قول مالك (قال) إذا اخذا رهنا في سلم في قول مالك
فهلك عندك الرهن قبل محل الاجل فإذا كان الرهن حيوانا دواب أو رقيقا أو غير
ذلك فلا ضمان عليك ولك الطعام على صاحبك إلى اجله وإن كان الرهن مما يغاب عليه
ثيابا أو عروضا آنية أو غير ذلك من العروض أو دنانير أو دراهم فهلك الرهن فسلمك
عليه إلى اجله وأنت ضامن لقيمة رهنه فان كنت إنما أسلمت في ثياب أو عروض
أو حيوان فهلك الرهن الذي اخذته قبل محل الاجل فأردت أن تقاصه بما صار عليك
من قيمة الرهن بالذي لك عليه من سلمك فلا بأس لذلك إذا لم يكن الرهن ذهبا أو
ورقا فإن كان الرهن ذهبا أو ورقا فلا خير فيه إلا أن يكون رأس مال السلم غير
الذهب والورق وإن كنت إنما أسلمت الذهب والورق في طعام فأخذت رهنا فهلك
الرهن عندك والرهن ثياب أو عروض سوى الحيوان والدور والأرضين فأنت ضامن
لقيمة الرهن وسلمك عليه إلى اجله ولا يصلح لك ان تقاصه من سلمك بما صار له
عليك من قيمة الرهن لان هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى (قلت) وكذلك أن
حل الاجل لم يصلح ان تقاصه أيضا بما صار له عليك من قيمة الرهن بما لك عليه من
الطعام الذي لك عليه من السلم (قال) نعم لا يصلح لان هذا بيع الطعام قبل أن
يستوفى وليس هذا بإقالة ولا شرك ولا تولية إنما هذا بيع طعام لك عليه من سلم وإن كان
56

قد حل طعامك عليه بدين وجب له عليك من قيمة متاع له (قلت) أرأيت أن ارتهنت
تمرا في رؤس النخل في سلم أسلمته في طعام أو غير ذلك فهلكت الثمرة في رؤس
النخل (قال) لا شئ عليك في قول مالك وسلمك في الطعام على حاله هو لك إلى أجله
(قلت) وكذلك الزرع قبل أن يحصد في قول مالك قال نعم (قلت) فالحيوان
والدور والأرضون والثمار والزرع مثل هذا إذا ارتهنته في قول مالك فمات الحيوان
أو أصاب الثمر والزرع جوائح فهلك ما قبضة المرتهن فإنما هذا من الراهن (قال) نعم
لان هذا عند مالك ظاهر الهلاك معروف (قلت) فإن كان زرعا لم يبد صالحه أو
ثمرا لم يبد صالحه فلا بأس أن يرتهنه في سلم له على رجل في طعام أو غير طعام قال
نعم (قلت) وكذلك لو ارتهنه أيضا قبل أن يبدو صلاحه في دين أقرضته فلا بأس
بذلك في قول مالك قال نعم (قلت) وان هلك ما ارتهن به ما قبضه أو قبل أن
يقبضه فهو من الراهن في قول مالك قال نعم (قلت) وكذلك العروض كلها التي
يغيب عليها الرجل إذا ارتهنها ان قبضها وغاب عليها صاحب الحق فهلكت فهي في
ضمان المرتهن (قال) نعم إلا أن يكونا وضعاها علي يدي رجل ارتضياه فهلكت فهي
من الراهن إذا كان الرهن على يدي غير المرتهن (قلت) فان ارتهن هذا العروض
التي ان غاب عليها ضمنها ان هلكت فلم يغب عليها وفارق صاحب الرهن المرتهن
ولم تفارقه البينة حتى هلك الرهن (قال) قال مالك هو من الراهن لأنه لم يغب عليه
المرتهن إذا كانت له بينة أنه لم يغب عليه (قلت) أرأيت أن أسلمت في طعام إلى
أجل وأخذت به رهنا طعاما مثله (قال) قال مالك في الدنانير إذا تواضعاها فلا
بأس به أو ختماها عند المرتهن خوفا من أن ينتفع بها المرتهن فيرد مثلها فيدخله
بيع وسلف (قلت) وكذلك لو كان الطعام من غير الصنف الذي أسلم فيه (قال
نعم خوفا من أن ينتفع به المرتهن ويرد مثله فيصير سلفا وبيعا فهذا لا يصلح (قال)
وإنما قال مالك ذلك في الذهب والفضة وهذا مثله (قلت) أرأيت أن أسلمت إلى
رجل في طعام مضمون موصوف وأخذت به كفيلا أو رهنا أو أخذت كفيلا ورهنا
57

جميعا أيجوز ذلك في قول مالك (قال) ذلك جائز (قلت) أرأيت أن أسلمت إلى
رجل في طعام وأخذت رهنا فمات السلم إليه قبل أجل السلم (قال) إذا مات فقد
حل الاجل (قلت) وهو أولى برهنه من الغرماء حتى يستوفى حقله (قال) نعم
(قلت) فان مات الذي له السلم قبل محل السلم هل يحل أجله (قال) لا يحل أجله
ويكون ورثته مكانه ويكون الرهن في أيديهم إلى أجله فإذا حل الاجل دفع الطعام
إلى الورثة وأخذ رهنه
(الكفالة في التسليف عن الذي عليه الحق)
(قلت) أرأيت أن أسلفت مائة دينار في ثياب موصوفة إلى أجل وأخذت منه
كفيلا قبل محل الاجل على ثياب أو عرض من العروض أو طعام أو دراهم أو
دنانير (قال) إن كان باع الكفيل إياها بيعا والذي عليه الدين حاضر مقر حتى
لا يكون للكفيل على البائع الا ما عليه فلا بأس به إذا باعها بما يحل وإن كان صالحه
بأمر يكون البائع عليه فيه بالخيار ان شاء أجاز صلحه وان شاء أعطاه ماله عليه فلا
خير فيه (قلت) فإن كان صالحه الكفيل لنفسه على ثياب (قال) ان صالحه قبل محل
الاجل على ثياب مثل الثياب التي عليه في صفتها وعددها فلا بأس به وان كانت أقل
أو أكثر أو أجود رقاعا أو أشر فلا خير فيه (قلت) أرأيت رجلا أسلف رجلا
مائة دينار إلى أجل وأخذ منه كفيلا فصالح الكفيل الغريم قبل محل الاجل أو بعد
محل الاجل على طعام أو ثياب (قال) إن كان ما صالح عليه الكفيل أمرا يكون فيه
الذي عليه الحق مخيرا ان شاء دفع إليه ما صالحه عليه وان شاء دفع إليه ما كان عليه
فلا خير فيه وإن كان ما صالحه عليه يكون ذلك يرجع إلى القيمة لأنه لا يوجد مثله
من الثياب والرقيق والدواب فأراه جائزا لأنه كان قضاه دنانير لان ذلك يرجع إلى
قيمة الذي عليه إن كان الذي عليه دنانير فيدفع إليه الأقل وإن كان الذي عليه مرضا
أو حيوانا فلا خير فيه (قلت) لم لا يجوز أن يصالح الكفيل على ثياب من صنف
التي أسلم فيها أقل منها أو أكثر (قال) لان الثوب بالثوبين مثله إلى أجل ربا (قال)
58

ألا ترى أنه إذا صالح الكفيل على ثوبين من نوع ما أسلف فيه وإنما له على الذي
أسلم إليه ثوب واحد فقد باع ثوبا إلى أجل بثوبين من نوعه فلا يجوز وإن كان السلم
ثوبين فلا يصالح الكفيل على ثوب لأنه إذا فعل ذلك فقد باع الكفيل ثوبين إلى
أجل بثوب من نوعه نقدا وهذا الربا بعينه (قلت) فهذا قد علمته إذا كان السلم
ثوبين فأخذ من الكفيل ثوبا قبل محل الاجل انه ربا لم كرهه إذا كان السلم ثوبا
إلى أجل فأخذ من الكفيل ثوبين نقدا (قال) لأنه لا ينبغي للرجل أن يدفع ثوبين
إلى رجل نقدا في ثوب من نوعهما إلى أجل لأنه إنما زاده الثوب على أن يضمن له
الثوب الآخر إلى محر الاجل فهذا لا يصلح وكذلك الكفيل مثل هذا (قال)
وقال مالك وان أخذ من الكفيل ثوبا قبل محل الاجل هو أرفع من الثوب الذي على
الغريم إذا كان من صنفه لم يصلح لأنه إنما زاده على أن وضع عنه الضمان (قلت)
أرأيت أن أسلمت إليه رجل في حنطة إلى أجل وأخذت منه كفيلا بم يجوز لي
أن أصالح الكفيل في قول مالك قبل محل الاجل (قال) لا يجوز ذلك أن تصالح الكفيل
قبل محل الاجل بشئ من الأشياء إلا أن تأخذ منه مثل رأس مالك الذي أسلفت
إليه تولية توليه إياها أو إقالة برضا الذي عليه السلام أو مثل طعامك الذي أسلفت
فيه (قلت) ولا يجوز لي أن آخذ من الكفيل سمراء إذا كان السلم حنطة محمولة
قال لا (قلت) وكذلك لا يجوز لي أن آخذ منه إذا كان السلم حنطة سمراء فلا
يجوز لي أن آخذ منه محمولة أو شعيرا (قال) نعم لا يجوز ولا يجوز لك أن تأخذ من
الكفيل قبل محل الاجل ولا بعد ما حل الاجل الأمثل حنطتك التي شرطت
(قلت) والذي عليه السلام أي شئ يجوز لي أن آخذ منه قبل الاجل (قال)
لا يجوز لك أن تأخذ منه قبل محل الاجل الا حنطة مثل حنطتك التي أسلفت فيها
أو رأس مالك بعينه (قلت) فان أخذت من الذي عليه السلام سمراء وكانت محمولة
أو شعيرا أو سلتا أو أخذت محمولة أو شعيرا أو سلتا وكانت سمراء وذلك قبل محد
الاجل (قال) لا يجوز ذلك (قلت) والكفيل والذي عليه السلام قبل محل الاجل هما
59

سواء لا يجوز لي أن آخذ منهما الا دراهم مثل دراهم أو مثل الحنطة التي أسلفت
فيها بصفتها (قال) نعم لان الذي عليه السلام يجوز لك أن تقيله ولا يجوز لك أن تقيل
الكفيل الا برضا الذي عليه السلام (قلت) ولم جوزت لي قبل محل الاجل أن أولى
الكفيل (قال) لأنك لو وليت أجنبيا من الناس جاز لك ذلك فالكفيل أولى أن يجوز
ذلك له ولك أن تولى من شئت من الناس (قلت) فلم كرهت لي أن أقيل
الكفيل الا برضا الذي عليه السلام (قال) لأني إذا أجزت لك أن تقيل الكفيل بغير
رضا الذي عليه الحق كان الذي عليه السلام مخيرا في أن يقول لا أجيز الإقالة وأنا أعطى
الحنطة التي على فذلك له أن لا يعطى الا الحنطة التي عليه لا يلزمه غيرها فكان
الكفيل إنما استقال على أن البائع بالخيار ان أحب أن يعطى طعاما أعطاه وان أحب
أن يعطيه دنانير أعطاه فقبحت الإقالة ها هنا لما كان الذي عليه السلام مخيرا وصار
الكفيل ها هنا كأجنبي من الناس استقال الذي له الحق على أن جعل الخيار للذي
عليه السلام ان أحب أن يعطى دنانير أعطى وان أحب أن يعطى طعاما أعطاه فصار
بيع الطعام قبل أن يستوفى (قال) ولأنه إذا كان الخيار للبائع الذي عليه السلام لم يجز فيه
النقد وكان النقد فيه فاسدا فلما نقده الكفيل على أن الذي عليه السلام بالخيار فكأنه
أسلفه الذهب سلفا على أن البائع ان شاء رد ذهبا وان شاء أعطى طعاما فهذا بيع الطعام
قبل أن يستوفى لاشك فيه (قلت) فلم أجزت أن تقيله برضا الذي عليه السلام
(قال) لان الا قالة ها هنا إنما تقع للبائع فيصير الكفيل ها هنا كأنه أسلفه الدنانير
سلفا وهذا يجوز للأجنبي من الناس ان يعطيني ذهبا على أن أقيل الذي عليه السلام
برضاه فإذا رضى فإنما استقرض الذهب قرضا وأوفاني وإنما يتبع الذي عليه السلام
ها هنا بالذهب لا بغير ذلك والكفيل والأجنبي ها هنا سواء (قلت) لم أجزت
لي أن آخذ من الكفيل قبل محل الاجل طعاما مثل طعامي الذي أسلفت فيه وهذا
لا يجوز لي أن آخذه من أجنبي غير الكفيل (قال) لان الكفيل ها هنا إنما قضى
عن نفسه حنطة عليه إلى أجل قبل محل الاجل فلذلك جاز حل الاجل أو لم يحل
60

ولا يجوز للأجنبي من الناس أن يعطيني عن الذي عليه السلام مثل حنطتي التي لي عليه
وأحيله عليه إلى محل الاجل لان هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى فلا يجوز ذلك
حلا الاجل أو لم يحل إلا أن يستقرض الذي عليه السلام هذا الطعام من هذا
الأجنبي ليوفيني أو يأمر أجنبيا من الناس فيوفيني عنه مثل الطعام الذي لي
عليه من غير أن أسأل أنا الأجنبي أن يوفيني ذلك وأحيله على الذي عليه السلام
فإذا كان كذلك فهو جائز حل الاجل أو لم يحل ولا يجوز للأجنبي من الناس وان
حل الاجل أن يوفيني على أن أحيله على الذي عليه السلام ولا أن أسلف مثل
الطعام الذي لي على الذي عليه السلام وأحيله عليه بذلك فهذا لا يجوز (قلت)
ولا يجوز لي أن آخذ من الكفيل إذا كانت الحنطة التي أسلمت فيها سمراء محمولة
ولا شعيرا ولا سلتا ولا غير ذلك من الأطعمة قال نعم (قلت) حل الاجل أو لم
يحل قال نعم (قلت) ولم (قال) لأنه إذا فعل ذلك صار بيع الطعام قبل أن يستوفى
(قلت) فان حل الاجل أيصلح لي أن آخذ من الكفيل سمراء والسلم محمولة
أو شعيرا أو سلتا (قال) لا يجوز ذلك لان هذا أيضا بيع الطعام قبل أن يستوفى لأنه
يعطيني ويتبع بغير ما أعطاني (قلت) أرأيت الذي لي عليه السلام أيجوز لي أن
آخذ منه قبل محد الاجل مثل طعامي الذي لي عليه قال نعم (قلت) ويجوز لي
أن آخذ منه مثل دراهمي التي أسلمت إليه قال نعم (قلت) وهل يجوز لي أن آخذ
منه قبل محل الاجل شيئا غير دراهمي أو طعامي الذي لي عليه بعينه (قال) لا يجوز
لك أن تأخذ منه غير الذي لك (قلت) أفيجوز لي أن آخذ منه محمولة إذا كان السلم
سمراء قبل محل الاجل أو شعيرا أو سلتا قال لا (قلت) لم (قال) لان ذلك بيع
الطعام قبل أن يستوفى لأنك لم تأخذ طعامك بعينه وإنما أخذت طعاما منه غير
طعامك الذي كان لك عليه فصار بيع الطعام قبل أن يستوفى ويدخله ضع وتعجل
(قلت) فان حل الاجل فأخذت منه سمراء من محمولة أو محمولة من سمراء أو سلتا
أو شعيرا (قال) لا بأس بذلك (قلت) وما فرق ما بين الكفيل وبين الذي عليه السلام
61

إذا حل الاجل (قال) إذا حل الاجل فأخذت من الذي عليه السلام محمولة من سمراء
أو سمراء من محمولة فإنما هذا بدل ألا ترى أنك إذا أخذت منه سمراء من محمولة أو
محمولة من سمراء بطل الذي كان لك عليه وإذا أخذت من الكفيل محمولة من سمراء
أو سمراء من محمولة إذا حل الاجل لم يبطل عن الذي عليه السلام ما عليه بالذي أخذته
من الكفيل واتبع الكفيل الذي عليه السلام بالطعام الذي عليه فهذا بيع الطعام قبل أن
يستوفى (قلت) أرأيت لو أنى أسلمت في طعام إلى أجل وأخذت به كفيلا
فأعطاني الكفيل الطعام قبل محل الاجل أللكفيل أن يتبع الذي عليه الطعام (قال)
ليس ذلك للكفيل حتى يحل الاجل فإذا حل الاجل اتبع الكفيل الذي عليه الطعام
لأنه قد أداه (قلت) فان حل الاجل ولم يؤد الكفيل الطعام أللكفيل أن يتبع
الذي عليه الطعام فيأخذه منه على أن يؤديه إلى الذي له السلم (قال) ليس له أن يأخذه
منه ولكن له أن يتبعه حتى يؤديه إلى من لحمل له عنه ويبرأ من حمالته (قلت)
أرأيت أن أسلمت في طعام أو عروض فأخذت بذلك كفيلا فحل الاجل فأردت أن
آخذ الكفيل (قال) قال مالك ليس له أن يأخذ الكفيل إلا أن يكون الذي عليه
الحق كثير الدين فهو ان قام على حقه خاف أن يحاصه الغرماء أو يأتي غرماء آخرون
فيتبعونه فإن كان كذلك أو كان غائبا رأيت له أن يتبع الكفيل فإن لم يكن كذلك
لم أر أن يباع له مال الحميل حتى يستوفى حقه من الغريم فان عجز الذي عليه السلام عن
حقه أو لم يوجد له شئ اتبع الكفيل (قلت) أرأيت أن كان الذي عليه السلام مليا
بالحق أله أن يأخذ الكفيل فيقول للكفيل الزم الذي عليه الحق حتى يعطيني حقي
(قال) لا أرى ذلك له (قلت) أرأيت أن حل الاجل فجاءني الكفيل وقال لي إذ
إلى الطعام الذي تحملت به عنك فدفعته إليه ليؤديه عنى فتلف عنده (قال) هو ضامن
له إذا كان إنما أخذه منك على وجه الاقتضاء مما تحمل به عنك (قلت) كانت له
على ضياعه بينة أو لم تكن قال نعم (قلت) كان مما يغيب عليه أو مما لا يغيب عليه
قال نعم (قلت) اقتضاني ذلك أو كنت أنا الذي دفعته إليه قبل أن يقتضيني ذلك
62

(قال) نعم إذا كان أخذه على وجه الاقتضاء مما تحمل به عنك وسواء كان ذلك بقضاء
من سلطان أو غيره إلا أن يكون الذي عليه الحق دفعه إلى الكفيل من غير اقتضاء
منه للحق على وجه الرسالة له فلا يضمن (قلت) أرأيت أن أسلمت في طعام إلى
أجل وأخذت بذلك كفيلا فحل الاجل ثم إن الذي عليه السلام دفع الطعام إلى الكفيل
بعد محل الاجل فباعه الكفيل فأتى الذي له السلم فقال أنا أجيز بيع الكفيل الطعام
الذي قبض لي من الذي عليه السلام (قال) لا يجوز ذلك لأنه لم يوكله أن يقبض منه ماله
ويدخل هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى (قلت) أفيكون للذي له السلم أن يرجع
بطعامه على الذي له عليه السلام قال نعم (قلت) وان شاء أخذ الكفيل بمثل الطعام
الذي دفعه إليه الذي عليه السلام يؤديه عنه (قال) نعم إذا كان دفعه إليه على غير اقتضاء
ولا ضمان عليه فيه (قلت) فان أخذ الذي عليه السلام بطعامه الذي عليه أيرجع على
الكفيل الذي باع الطعام بثمن الطعام الذي باعه (قال) نعم إذا كان دفعه إليه على غير
اقتضاء ولا ضمان عليه فيه (قلت) وان أحب أن يأخذه بمثل الطعام الذي دفعه إليه
ليؤديه عنه أخذه قال نعم (قلت) فان أخذ الذي له السلم الكفيل بمثل الطعام الذي
قبضه من الذي عليه السلام وكفله أيسوغ له الثمن الذي باعه به قال نعم (قلت) ولا
يكون للذي كان عليه السلام أن يقول أنا آخذ منه الثمن الذي باع به وأرد عليه مثل
الطعام الذي أخذ منه رب السلم (قال) نعم لا يكون له ذلك إذا كان أخذه منه على وجه
الاقتضاء لأنه كان له ضامنا (قلت) أرأيت رجلا أسلم إلى رجل في طعام أخذ منه
كفيلا برأس ماله أيكون على الكفيل ثنى ان كانت حمالته في برأس ماله أن
يأخذ رأس ماله من الحميل إن لم يوفه الذي عليه الطعام حقه (قال) لا خير في هذا البيع
وهذا حرام (قلت) أرأيت لو أن لرجل على ألف درهم إلى أجل من الآجال فأخذ
متى بها كفيلا ثم إن الكفيل صالح الذي له الحق على من الألف التي له بمائة درهم
دفعها إليه قبل الاجل أيصلح هذا في قوله مالك (قال) قال مالك لا يصلح من صاحبه
فكيف من الكفيل ولا خير في ذلك لأنه لا يجوز فيما بين الكفيل وفيما بين الذي له
63

الحق الا ما يجوز بين الذي عليه أصل الحق وهذا من وجه عنى وتعجل فهذا
لا يجوز (قلت) فان حل الاجل وصالحه الكفيل على مائة درهم من حقه (قال) ذلك
جائز عند مالك (قلت) فبم يرجع الكفيل على الذي عليه أصل الحق (قال) بمائة درهم
لا يرجع عليه بأكثر من ذلك لأنه لم يؤد عنه الا مائة درهم (قلت) ولا ترى
هذا بيع ألف درهم بمائة درهم ألا ترى أنه باع ألف درهم له على الذي عليه أصل
الحق بمائة درهم أخذها من الكفيل (قال) ليس هذا بيع ألف درهم بمائة إنما هذا
رجل أخذ مائة درهم من الكفيل وترك تسعمائة كان سلمها الذي عليه الحق فإنما
جاز له أن يأخذ هذه من الكفيل ويهضم التسعمائة عن الذي عليه أصل الحق لأنه
لو جاءه رجل أجنبي فقال له أنا أدفع إليك مائة درهم على أن تهضم عن فلان
تسعمائة فعمل كان ذلك جائزا وإنما رددنا الكفيل عليه بالمائة التي أدى لأنه أداها عنه
لأنه كان كفيلا بها (قلت) فالذي تطوع فأدى مائة بغير أمه أيرجع بها على
الذي عليه الدين (قال) نعم يرجع بها عليه (قلت) فان قال له الكفيل أعطيك مائة
درهم على أن تكون الألف التي لك على الذي تكفلت عنه لي (قال) هذا حرام لا يحل
والمائة مردودة على الكفيل (قلت) فان قال الذي له الحق أنا أحتسبها من حقي
وأتبعك بتسعمائة التي بقيت لي عليك (قال) لا يكون ذلك له إلا أن يكون الذي عليه
الحق معدما أو غائبا فإن كان كذلك فله أن يحتسبها ثم يطلب الكفيل بما بقي له من
حقه إذا كان الذي عليه الأصل غائبا أو معدما فإن كان الذي عليه الأصل موسرا
وكان حاضرا رد المائة على الكفيل واتبع الذي عليه الأصل بالألف كلها (قلت)
فإن كان إنما صالحه الذي عليه أصل الحق بعد حلول الأجل على أن أخذ منه مائة
وهضم عنه تسعمائة (قال) هذا جائز في قول مالك (قلت) ولا يشبه صلحه الذي عليه
أصل الحق في هذه المائة إذا حل الاجل صالحه الكفيل (قال) نعم لا يشبه لان صلحه
الكفيل بيع ورق بأكثر منها وصلحه الذي عليه الأصل إنما هو شئ تركه له
(قلت) أرأيت أن صالح الكفيل الذي له الحق من هذه الألف على خمسين دينارا
64

(قال) لا أراه جائزا على حال من الحال لأنه إذا صالح الكفيل الذي له الحق على
دنانير كان الذي عليه الدين مخيرا ان شاء دفع الذهب التي أدى عنه الكفيل وان
شاء أدى الألف الدرهم التي كانت عليه فلما كان مخيرا في ذلك بطل هذا الصلح
(قلت) ولم أبطلته (قال) ألا ترى أن الذي عليه الألف درهم إذا اختار أن يعطى الكفيل
الألف الدرهم صارت ذهبا بورق إلى أجل لان الكفيل إذا أعطى الذي له الحق ذهبا
ويأخذ من الذي عليه الحق ورقا فلا يجوز (قلت) وكذلك أن قال الكفيل الذي
له الحق أشتري منك هذه الألف التي لك على فلان بهذه الخمسين الدينار (قال)
هذه لا يحل لان الكفيل يشترى ورقا بذهب ليس يدا بيد (قلت) وهذا قول
مالك (قال) نعم هو قوله (قلت) فان صالح الكفيل الذي له الحق من الألف على
عبد أو على سلعة من السلع (قال) الصلح جائز ويكون للكفيل على الذي عليه الحق
الألف الدرهم قيمة سلعته في الألف التي عليه فان بلغت قيمة السلعة التي صالح بها
الألف درهم كلها أخذها وان كانت أقل من الألف لم يكن للكفيل أكثر من قيمة
سلعة وإن كان قيمتها أكثر من الألف لم يكن له الا الألف لأنه إنما صالح عنه بها
(قلت) فان قال الكفيل للذي له الحق أشتري منك هذه الألف التي لك علينا
بهذه السلعة ففعل (قال) البيع جائز ويرجع الكفيل على الذي عليه الألف بجميع
الألف لأنه قد اشترى الألف بالسلعة اشتراء جائزا (قلت) والصلح لا يكون في
هذا بمنزلة الاشتراء (قال) لا لأنه حين صالح بالسلعة إنما قال للذي له الحق خذ
هذه السلعة منى عن فلان فلا يكون للكفيل الا قيمة ما دفع عنه فأما إذا اشترى
الألف بسلعة من السلع فإنما قال له الكفيل خذ منى هذه السلعة على أن تكون
الألف كلها لي فهذا جائز وتصير الألف له لأنه لو وهب الألف للكفيل لجاز ذلك
فكذلك إذا جعلها له سلعة أخذها منه جاز ذلك وكانت الألف كلها له
65

(في الرجل يسلف رجلا في ثوب إلى أجل ثم يأتيه قبل)
(الاجل أو بعده فيزيده عليه على أن يجعله أطول أو أجود)
(من صنفه أو من غير صنفه)
(قلت) أرأيت أن أسلمت إلى رجل في ثوب فلما حل الاجل زدته درهما على أن
يعطيني أطول من ثوبي الذي أسلمت إليه فيه من صنف ثوبي الذي أسلمت إليه فيه
أو من غير صنفه فلا بأس بذلك (قال) نعم كذلك قال مالك إذا تعجلت ذلك
وكذلك ذكر لنا مالك عن سعيد بن المسيب أنه قال لا بأس بأن يزيد المشتري
البائع ما شاء ويأخذ أرفع من ثيابه (قال مالك) ولا يصلح له ان يأخذ دون ثوبه على
أن يسترجع شيئا من الثمن الذي دفع فيه أن كان دفع فيه ذهبا أو ورقا لم يأخذ ذهبا
ولا ورقا ويأخذ دون ثوبه وإن كان رأس المال عرضا لم يجز أن يأخذ ثوبا دون ثوبه
ويسترجع من صنف العرض الذي هو رأس شيئا وان هو أخذ عرض من غير
صنف العرض الذي هو رأس المال فلا بأس بذلك (قلت) ولم كرهه مالك
إذا أخذ من العرض الذي هو من صنف رأس المال (قال) لان الرجل لو سلف حنطة
في ثياب موصوفة إلى أجل فلما حل الاجل أخذ دون ثيابه على أن يرد عليه الذي
عليه الثياب حنطة لم يصلح هذا وصارت حنطة بحنطة إلى أجل وثوب فيدخله بيع
وسلف (قلت) وأين وجه السلف (قال) ما ارتجع من حنطته فذلك السلف
(قلت) فأين يدخله البيع (قال) ما أمضى له من حنطته بالثوب فهذا البيع فصار
في هذه الصفقة بيع وسلف فلا يجوز هذا في قول مالك (قال) وكذلك لو كان رأس
المال ثيابا والذي سلف فيه عرض سوى الثياب حيوان وغير ذلك فلا يصلح ذلك
أيضا إذا استرجع شيئا من صنف رأس ماله على أن أخذ بعض سلمه لأنه يدخله
ما وصفت لك (قلت) فان استرجع بعض رأس ماله بعينه على أن أخذ سلمه
كله الذي كان أسلم فيه أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم لا بأس به إذا استرجع
بعض رأس ماله بعينه إذا كان رأس ماله بزا أو رقيقا أو حيوانا أو صوفا أو عرضا
66

لان هذا إنما رد إليه المسلم إليه بعض ما كان أخذ منه ويثبت حق رب السلم كما كان
عليه (قال) وإن كان رأس ماله الذي أسلم ذهبا أو ورقا أو طعاما وقد تفرقا فلا يصلح
أن يسترجع بعض رأس ماله ويأخذ ما أسلم فيه وإن كان الذي استرجع من ذلك أنما هو
من نوع رأس ماله بعينه فلا يجوز إذا افترقا لأنه لا يعرف أنه هو بعينه وإن لم يفترقا
فلا بأس به أن يقيله من بعض رأس ماله ويرد إليه بعض رأس ماله ويترك الحق على
الذي عليه الحق كما هو والطعام والدراهم والدنانير في هذا إذا كان رأس المال مخالفا
للعروض إذا كان رأس المال عروضا لان العروض تعرف بعينها وان افترقا والذهب
والدراهم والطعام لا تعرف أنها بعينها إذا افترقا (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم
(قلت) أرأيت له زدني في طول الثوب كذا وكذا ذراعا بمائة درهم أخرى ونقدته
أيجوز هذا قال نعم (قلت) ولم أجزته وقد صارت صفقة واحدة فيها دراهم نقدا
ودراهم إلى أجل بثوب إلى أجل (قال) ليس هذه صفقة واحدة ولكنها صفقتان ولو
كانتا صفقة واحدة ما جاز وهو قول مالك (قال) وقال لي مالك لا بأس به في النسج
إذا دفع الرجل الغزل إلى النساج على أن ينسج له ثوبا ستة في ثلاثة فزاده درهما وزاده
غزلا على أن يجعله سبعة في أربعة (قال) مالك لا بأس به (قلت) له مسألتي بيع وهذه
ما يفسد البيوع في التسليف والنقد ويجيزها ما يجيز البيوع في التسليف والنقد وكذلك
قال لي مالك في التسليف في الثوب وفي النسج (قلت) وهذا الذي قال لكم مالك
في الغزل أصفقتان هو عند مالك أم صفقة واحدة (قال) بل صفقتان
(في التسليف في الثياب)
(قلت) أرأيت أن أسلم رجل في ثياب موصوفة بذراع رجل بعينه إلى أجل أيجوز
ذلك أم لا (قال) سئل مالك عن رجل باع ويبة وحفنة بدراهم قال إذا أراه الحفنة
فلا بأس بذلك لان الحفنة تختلف فأرى الذراع بهذه المنزلة لا بأس بذلك لأنه قد
67

أراه الذراع (قلت) أو لا تراه من التغرير ان هو مات قبل هذا الاجل لم يعرف
الذي أسلم كيف يأخذ سلمه (قال) ليس ذلك بتغرير وليأخذوا قياس ذراعه فليكن
ذلك عندهم فإذا حل الاجل أخذوه بذلك (قلت) أرأيت من أسلم في ثوب
حرير اشترط طوله وعرضه ولم يشترط وزنه أيجوز ذلك أم لا (قال) لا بأس
بذلك إذا وصفه ووصف صفاقته وخفته (قلت) وهو قول مالك (قال) لم أسمع
مالكا يقول في السلم في الثياب توزن في حرير ولا خز ولا غير ذلك وإنما كان قول
مالك بصفة معلومة وذراع معلوم طوله وعرضه وصفاقته وخفته ونحوه ولقد سئل
مالك عن السلم في الثياب إذا أراد الرجل أن يسلم فيها أعليه أن يأتيه بثوب فيقول
على صفة هذا أو يجتزى بالصفة ولا يريه ثوبا ويقول على صفة هذا (قال) ان أراه
فحسن وإن لم يره أجزت عنه الصفة (قلت) أيجوز في قول مالك ان أسلم في ثوب
فسطاطي صفيق رقيق طوله كذا وعرضه كذا جيدا (قال) ما أعرف جيدا في قول
مالك إنما السلم في الثياب على الصفة وكذلك الحيوان قال مالك إنما يسلم فيها على
الصفة (قال) ولا أعرف من قول مالك فارها (قال) فإذا أتى بهما على الصفة لم يكن
للمشترى أن يأبى ذلك
(في الرجل يسلف في الطعام إلى أجل ثم يزيد المسلم إليه)
(المسلف في طعامه إلى الاجل أو أبعد أو أدنى)
(قلت) أرأيت لو أني أسلمت إلى رجل مائة درهم في مائة أردب حنطة ثم لقيته
بعد ذلك فاستزدته فزادني مائة أردب إلى محل أجل الطعام أو قبل محل أجل الطعام
أو إلى أبعد من أجل الطعام أيجوز هذا (قال) لا بأس بذلك أن يزيد الرجل الرجل
في سلفه لأنه لو اشترطه في أصل السلف لم يكن به بأس إنما هذا رجل استغلى شراءه
فاستزاد بائعه فزاده (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم
68

(قلت) أرأيت أن صارفت رجلا دنانير بدراهم ثم لقيته بعد ذلك فقال أقلني من
الصرف فدفعت إليه دنانيره وافترقنا قبل أن أقبض دراهمي (قال) لا يجوز هذا عند
مالك (قلت) فان اشتريت سيفا محلى كثير الفضة الفصل للفضة تبع دنانير ثم إنا
التقينا بعد ذلك فتقايلنا فدفعت إليه السيف وافترقنا قبل أن أقبض الدنانير أيجوز هذا
أم لا (قال) لا يجوز هذا لان مالكا قال لا يباع هذا الا يدا بيد فالاقالة ها هنا بيع
مستقبل فلا يصلح له أن يقيله ويفترقا قبل أن يقبض دنانيره لان مالكا قال لي في
الإقالة في بيع من البيوع يحلها ما يحل البيوع ويحرمها ما يحرم البيوع
(الإقالة في الطعام)
(قلت) أرأيت لو أنى أسلمت في طعام أليس لا يجوز لي إلا أن آخذ رأس مالي أو
الطعام الذي أسلمت فيه ولا يجوز في قول مالك غير ذلك قال نعم (قلت) أرأيت
لو أنى أسلمت إلى رجل ثيابا في طعام إلى أجل فأقلته من نصف الطعام الذي لي عليه
قبل محل الاجل أو بعد ما حل الاجل على أن يرد على نصف الثياب التي دفتها إليه
بعينها أيجوز هذا وكيف إن كان قد حالت أسواق الثياب أو لم تحل افترقا
أو لم يفترقا (قال) لا بأس بذلك ولا تشبه الثياب الدراهم لان الدراهم ينتفع
بها والثياب لا منفعة فيها إذا ردت بأعيانها والدراهم لا تعرف بأعيانها لأنه لو
سلف دراهم في طعام إلى أجل فأقاله من نصف ذلك الطعام قبل أن يفترقا على أن رد إليه
نصف دراهمه لم يكن بذلك بأس فكذلك الثياب وقد قال مالك (وقال) لنا مالك
فيمن أسلم دابة أو غلاما في طعام فلم يتغير الغلام ولا الدابة في يديه بنماء ولا نقصان
فحل الاجل فأراد أن يقيله (قال) لا بأس أن يقيله ويأخذ دابته أو غلامه ويقيله من
سلمه (قلت) فان أقاله قبل محل الاجل (قال) لا بأس بذلك أيضا في قول مالك
(قلت) وان تغيرت أسواقه فلا بأس بذلك ما لم يتغير في بدنه (قال) إنما قال لنا
69

مالك في تغير البدن ولم يقل لنا في تغير الأسواق ولو كان تغير الأسواق عنده مثل
تغير البدن في مسألتك هذه لقاله لنا. ولقد قال لنا مالك لا بأس أن يقيله من سلمه
ويأخذ دابته بعد شهرين أو ثلاثة فهذا يدلك على أن أسواقها قد حالت فلم ير مالك
بذلك بأسا لان في شهرين أو ثلاثة ما تحول فيه أسواق الدواب (قلت) فإذا
أسلمت ثيابا في طعام أو حيوانا في طعام فأقلته من نصف ذلك بعد ما افترقنا على أن
آخذ منه نصف الثياب أو نصف الحيوان لم أجزته (قال) لأنه بعينه ولان المنفعة لم
تدخل فيه للبائع ولا للمشترى ولا يقع فيه بيع وسلف فكل بيع كان بذهب أو
بورق أو بعرض من العروض فسلف في طعام لم يدخله بيع وسلف ولا زيادة ولا
نقصان فلا بأس أن يقيله تفرقا أو لم يتفرقا (قلت) أرأيت أن أسلمت عبدا لي في مائة
أردب من حنطة ثم إنا تقايلنا وقد تغير سوق العبد ودخله نماء أو نقصان (قال) سألت
مالكا عند إذا كان العبد على حاله لم يدخله نماء ولا نقصان وان تغيرت أسواقه (قال)
لا أرى بأسا أن يقيله من الطعام الذي له عليه (قلت) فان دخله نقصان بين من عور
أو عيب من العيوب (قال) لا يعجبني ذلك ولا خير فيه (قال ابن القاسم) وأنا أرى
النماء بمنزلة الدابة العجفاء تسمن أو الصغير يكبر أو البيضاء العينين يذهب بياضهما
والصماء يذهب صممها ان ذلك لا ينبغي فيه الإقالة لأنه زيادة وأما لو كان السلم جارية
مهزولة فسمنت لم أربه بأسا ولم أر مالكا يجعل سمانة الرقيق وعجفهم مثل سمانة
الدواب وعجفها وقال إنما تشترى الدابة لشحمها والرقيق ليسوا كذلك (قلت)
أرأيت لو أنى بعت جارية بعبد فتقابضا ثم مات العبد فتقايلنا (قال) ما أحفظ من
مالك فيه شيئا ولا أرى الإقالة تكون إذا مات أحدهما وإنما تكون الإقالة إذا كانا
جميعا حين (قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا بعبد دفعته إليه وقبضت لآخر ثم
أصاب أحد العبدين عمى أو عور أو عيب ثم تقايلنا أتجوز المقايلة فيما بيننا (قال) لا
(قلت) وهذا قول مالك (قال) لا أحفظه الساعة (قلت) فلم لا تجوز المقايلة فيما
بينهما (قال) لأنه إنما أقال كل واحد منهما صاحبه على أن يأخذ ما دفع من الثمن فإذا
70

انتقص من الثمن شئ فليس على هذا إقالة (قلت) فان علم بأن العبد الذي دفع قد
انتقص بعور وأعمى أو عيب فتقايلا على هذا (قال) هذا جائز إذا علم لأنه رضى أن
يدع بعض حقه (قلت) أرأيت لو أن رجلين أسلما إلى رجل في طعام فأقاله
أحدهما أيجوز أم لا (قال) قال مالك لا بأس به وأنا أرى ذلك جائزا إلا أن يكونا متفاوضين
في شراء الطعام وبيعه أو متفاوضين في أموالهما فيكون ما أقاله هذا وما أبقى لشريكه
فيه نصيب فلا يجوز (قلت) أرأيت لو أن رجلين أسلما إلى رجل في حنطة معلومة
أو ثياب معلومة موصوفة فاستقاله أحدهما أو ولى حصته رجلا (قال) قال ملك
لا أرى بذلك بأسا (قلت) وإن لم يرض شريكه (قال) قال مالك نعم وإن لم يرض
شريكه فان ذلك جائز عليه (قال مالك) وليس للشريك على شريكه حجة فيما أقاله
(قال) وقال لي مالك إنما الحجة فيما بين الشريك وبين البائع وليست له حجة
على الذي اشترى معه أن يقيل صاحبه ويأخذ ذهبه ولم أريه يجعل له شركا فيما أخذ
من شريكه أن يرجع فيه معه (قلت) أرأيت أن أسلم رجلا إلى رجل في طعام
صفقة واحدة فأقاله أحدهما من رأس ماله أيجوز ذلك أم لا (قال) لا بأس بذلك
(قلت) ولم أجازه مالك وإنما هي صفقة واحدة (قال) لأنه لا يتهم أن يكون إنما
يبيع من أحدهما على أن يسلفه الآخر (قلت) فإن كان رأس المال ثوبا واحدا
أسلماه جميعا في طعام فاستقاله أحدهما (قال) لا أرى بذلك بأسا ويكون شريكا في
الثوب معه (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا إنما قال لي مالك في الرجلين
يسلمان سلما واحدا فيقيل أحدهما إنما قال لنا مالك ذلك في الذهب والورق وجميع
الأشياء إذا كان رأس المال لم يتغير في بدن بحال ما وصفت لك فذلك عندنا في
الإقالة من أحدهما بمنزلة الدراهم (قلت) أرأيت أن أسلم رجل إلى رجلين في طعام
أتجوز الإقالة في قول مالك أم لا (قال) إن كان لم يشترط عليهما عند اشترائه
منهما أن أحدهما حميل بصاحبه أيهما شاء أخذ بحقه لم أر بالإقالة بأسا لأنه ليس له
71

أن يتبع كل واحد منهما الا بما عليه وهذا في الإجارة أبين مما أجاز لي مالك في
الرجلين يشتريان من الرجل الواحد فيقيله أحدهما ويأبى الآخر ان ذلك جائز
(قلت) ولم كرهت في الرجلين إذا كان كل واحد منهما حميلا عن صاحبه لم
كرهت الإقامة (قال) لأنه كان جميع الحق على واحد فأقاله من بعض وأخذ بعضا
(قلت) أرأيت لو أنى أسلمت إلى رجل مائة درهم في مائة أردب فلما حل الاجل
أو قبل أن يحل الاجل رد على الدراهم وأعطاني الطعام أورد على الدراهم قبل محل
الاجل وأرجأ الطعام عليه إلى محل الاجل (قال) لا خير في هذا (قلت) فان رد على
نصف رأس مالي قبل محل الاجل وأرجأ الطعام إلى أجله (قال) لا خير في ذلك
(قلت) أرأيت لو أنى أسلمت إلى رجل مائة درهم في كر حنطة ثم إنا تقايلنا
ودراهمي في يد الذي أسلمت إليه بعينها فأراد أن يعطيني غيرها فقلت لا آخذ غيرها
(قال) له أن يعطيك غيرها إذا كانت مثل دراهمك (قلت) وكذلك أن كان لم
يفارقني ودراهمي معه قد نقدته حتى تقايلنا فأراد أن يعطيني غير دراهمي (قال) نعم
ذلك له (قلت) وكذلك لو كنت أسلمت طعاما في عروض ثم إنا تقايلنا والطعام
عند الذي أسلمت إليه فأراد أن يعطيني غير طعامي ويعطيني طعاما مثل صفة طعامي
فأبيت (قال) يكون ذلك لك (قلت) فإن كانت الدراهم قائمة بعينها عنده والطعام
بعينه عنده فأقلته على أن يدفع إلى دراهمي بعينها أو طعامي بعينه (قال) أرى الدراهم
وان اشترط ذلك فله أن يدفع غيرها وأما الطعام فله أن يأخذه إن كان قائما بعينه
اشترط أو لم تشترط (قلت) فما فرق بين الدراهم وبين ما يكال أو يوزن في هذا
قال لان الدراهم لا يشترى بأعيانها والطعام وما يوزن وما يكال مما يؤكل ويشرب
أو لا يؤكل ولا يشرب قد يشترى بعينه فهذا فرق ما بينهما (قلت) وكذلك كل
شئ ابتعته مما يؤكل ويشرب أو لا يؤكل ولا يشرب إذا كان يكال ويوزن فأتلفته
فاستقالني صاحبه بعد ما أتلفته فالاقالة فيه جائزة وعلى مثله (قال) نعم إذا علم بذلك
فأقاله بعد العلم فالاقالة جائزة (قال سحنون) وكان عنده المثل حاضرا (قلت)
72

وكذلك لو اغتصبته فأتلفته كان على مثله ولم تكن على قيمته وان حالت أسواقه
(قال) نعم كذلك قال مالك وليس عليه أن يدفعه إليه الا في الموضع الذي اغتصبه فيه
منه وفى الإقالة إنما يلزمه أن يرد إليه ذلك الشئ حيث دفعه إليه وان حالت الأسواق
(قلت) أرأيت أن أسلمت إليه ثوبا في طعام إلى أجل فهلك الثوب ثم استقالني
فأقلته أتجوز الإقالة أم لا في قول مالك ويكون عليه قيمة الثوب (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا ولا يعجبني لان الثوب قد ضاع ولا تكون الإقالة على القيمة ولا
على ثوب يشتريه وإنما الإقالة عليه بعينه ليس تجوز الإقالة الا عليه بعينه (قال) والإقالة
على القيمة لا تجوز (قلت) أرأيت لو أن رجلا اشتريت منه طعاما إلى أجل
بثوب فقبضت الطعام ثم إنه استقالني فأقلته فتلف الطعام عندي بعد ما أقلته قبل أن
أدفعه إليه (قال) قال مالك هلاك الطعام منك حتى ترده إلى صاحبه الذي أقلته منه
وتنفسخ الإقالة (قلت) أرأيت لو أنى أسلمت ثوبا في طعام ثم إنا تقايلنا (قال) تجوز
الإقالة إذا رد الثوب بحضرة الإقالة ولم يؤخر دفع ذلك الثوب (قلت) فإن كان
الثوب حين تقايلنا قائما عند صاحبه بعينه يعلمان ذلك فلما تقايلنا بعث ليؤتى بالثوب
فأصاب الثوب قد تلف (قال) فلا إقالة بينهما ويكونان على سلمهما لأنه لا يصلح أن يقيله
الا بنقد فلما لم ينتقد بطلت الإقالة وإنما كانت الإقالة على ثوبه بعينه فتلف فلما تلف
بطلت الإقالة (قلت) أرأيت أن أقالة والثوب قائم بعينه فأصاب الثوب قد تلف
فأعطاه مثله قبل أن يتفرقا أتجوز الإقالة أم لا (قال) لا تلزمه الإقالة ولا تجوز فإذا
كانت الإقالة على رأس المال ورأس المال ثوب قائم بعينه لم يضع ثم إنه تلف بعد ذلك
فليس له أن يعطى مكانه مثله لان الإقالة إنما وقعت على ذلك الثوب الذي تلف بعينه
(قال) وقال مالك ولو أن رجلا أعطى رجلا عبدا أو فرسا أو بغلا أو حمارا في طعام
إلى أجل وذلك الاجل إلى شهر فأعسر صاحب الطعام به وقد اختلف أسواق الرقيق
واتضعت والدواب مثل ذلك أيجوز له أن يقيله ويرده إليه (قال) نعم إذا كان على حاله
(قال ابن القاسم) إلا أن يدخله عور أو نقصان أو زيادة فان دخله هذا قالا قالة
73

منفسخة (قلت) فأصل قول مالك في هذا كله ان أنا أسلمت حيوانا أو دواب أو
رقيقا أو عروضا ثيابا أو غير ذلك مما هو من العروض مما يكال أو يوزن ومما لا يكال
ولا يوزن إذا كان ما لا يؤكل ولا يشرب أسلمت ذلك في طعام إلى أجل فتقايلنا
والسلع التي أسلمت إليه في هذا الطعام قائمة بعينها إلا أنها قد تغيرت بالأسواق لسعر
رخص أو غلا فلا بأس بالإقالة بيننا قال نعم (قلت) وهذا قول مالك
قال نعم (قلت) فان دخل هذه العروض وهذا الحيوان نقصان في أبدانها
تخرقت العروض أو أصابها حرق أو أصاب الحيوان عور أو عرج
أو عمى أو شلل أو نحو ذلك ثم تقايلنا لم تجز الإقالة فيما بيننا
(قال) نعم (قلت) وان تلفت العروض ومات الرقيق
والحيوان ثم تقايلنا بعد ما تلفت العروض ومات
الرقيق والحيوان فالاقالة فيما بيننا لا تجوز وعليه
مثل الرقيق والحيوان والعروض
يدفعها بحضرة ذلك قبل أن
يتفرقا (قال) لا تجوز
الإقالة بعد ما تلفت
(تم كتاب السلم الثاني بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وآله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب السلم الثالث)
74

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب السلم الثالث)
(في إقالة المريض)
(قلت) أرأيت أنى أسلمت إلى رجل مائة درهم في مائة أردب حنطة ثمنها مائتا
درهم ولا مال لي غيرها فأقلته في مرضى ثم مت أيجوز له من ذلك شئ أم لا (قال)
يخير الورثة فان أحبوا أن يقيلوه ويأخذوا رأس المال فذلك جائز وان أبوا قطعوا له
بثلث ما عليه من الطعم وأخذوا ثلثيه وإن كان الثلث يحمل جميعه جام ذلك له وتمت
وصيته (قلت) أرأيت إن لم يكن فيه محاباة إنما كان الطعام يسوى مائة درهم وإنما
كان رأس مال المريض مائة درهم فأقاله أيجوز أم لا قال نعم (قلت) تحفظ هذه
المسائل عن مالك (قال) لا إلا أن مالكا قال في بيع المريض وشرائه انه جائز إلا أن
يكون فيه محاباة فيكون ذلك في ثلثه
(ما جاء في الرجل يسلف الجارية في طعام فتلد أولادا ثم يستقيله فيقيله)
(قلت) أرأيت أن أسلمت جارية إلى رجل في طعام إلى أجل فولدت عنده فاستقلته
فأقالني (قال) لا يعجبني ذلك لان مالكا قال الإقالة فيها جائزة ما لم تتغير في بدنها بنماء أو
نقصان فالوعد عندي بمنزلة النماء في البدن لان الولد نماء (قلت) ولم لا يجيز الإقالة فيها
نفسها ويحبس الآخر ولدها (قال) ما سمعت فيه الا ما أخبرتك عن مالك في نماء البدن
75

ونقصانه (قال) ولا يجوز هذا الذي قلت ويدخله أيضا التفرقة (قلت) أرأيت أن
أسلمت إلى رجل في طعام غنما أو نخلا أو دورا فأكلت من لبنها أو من ثمرها أو
أخذت كراء الدور ثم استقالني فأقلته (قال) قد أخبرتك بقول مالك في العبد والدابة
لا بأس أن يقيله بعد شهرين أو ثلاثة إذا لم تتغير في بدنها بنماء أو نقصان والدابة إذا
أقامت شهرين أو ثلاثة وهي تركب والعبد لا شك أنه يعمل ويشتغل والدار تسكن
فعلى هذا فقس ما يرد عليك من هذا (قلت) أرأيت أن أسلمت عبدا في طعام
فأذن له المشترى في التجارة فلحق العبد دين ثم تقايلنا أتجوز الإقالة في قول مالك
(قال) قال مالك الدين عيب من العيوب إذا باعه وعليه دين فان له أن يرده (قلت)
فان علم هذا بالدين الذي على فأقاله بعد المعرفة (قال) لا يجوز لان الدين الذي
لحق العبد عند مالك عيب (قلت) أرأيت أن أسلمت إلى رجل ثوبا في طعام إلى
أجل فلقيته فاستقلته فأبى فزدته دراهم على أن أقالني (قال) لا يصلح هذا في قول
مالك ويدخل هذا بيع الطعام قبل استيفائه (قلت) ما قول مالك فيمن أسلم في طعام
إلى أجل فتقايلا فأخذ منه بالدراهم عرضا من العروض بعد ما تقايلا أيجوز ذلك
(قال) لا يجوز ذلك عند مالك حتى يأخذ رأس ماله لأنه يدخله بيع الطعام قبل أن
يستوفى لأنه إذا أقاله فلم يأخذ رأس ماله حتى أخذ سلعة من السلع فكأنه إنما باعه
سلعة الذي كان له عليه بهذا العرض وإنما الإقالة لغو فيما بينهما
(ما جاء في الرجل يبيع السلعة وينقد ثمنها ثم يستقيله فأقاله وأخذ الثمن)
(قلت) أرأيت أن باعه سلعة بعينها ونقده الثمن ثم استقاله فأقاله وافترقا قبل أن
يدفع إليه رأس المال أيجوز هذا أم لا في قول مالك (قال) لا بأس بذلك (قال مالك)
ولا بأس بذلك وان أقاله على أن جعل الثمن إلى سنة لأنه بيع حادث (قلت) فالاقالة
البيوع ويحرمها ما يحرم البيوع (قلت) أرأيت أن أسلمت في حنطة أو عروض
فاستقالني فأقلته أو طلب إلى رجل فوليته أو بعت ذلك السلم رجلا إن كان مما يجوز
76

بيعه أيجوز لي أن أؤخر وليت أو الذي أقلت أو الذي بعت يوما أو يومين
بشرط أو بغير شرط (قال) قال ملك لا يجوز أن يؤخره ساعة ولا يجوز أن يتفرقا
حتى تقبض ذلك من الذي وليت أو من صاحبك الذي أقلته أو من الذي بعث والا لم
يصلح ذلك وصار دينا في دين وكذلك الصرف ولا يصلح في الصرف أيضا أن يتفرقا
قبل القبض فكذلك هذا (قلت) أرأيت لو أنى أسلمت إلى رجل في طعام فلما حل
الاجل أقلته على أن يعطيني برأس المال حميلا أو رهنا أو يحيلني به أو يؤخر لي بذلك
يوما أو ساعة (قال) مالك لا يجوز هذا لان هذا يصير دينا في دين وبيع الطعام قبل
أن يستوفى ولو أن رجلا أقال رجلا في طعام ابتاعه منه فلم ينقده الذهب حتى طال
ذلك (قال) أرى الإقالة منفسخة وأراهما على بيعهما (قال) ولم أسمعه من مالك وهو
رأيي. ولو أن رجلا أسلم إلى رجل في طعام فأخر النقد حتى حل الاجل (قال) أكره
ذلك وأراه من الدين بالدين ولا يجوز وهو رأيي
(ما جاء في الرجل يسلف الثوب في الطعام إلى أجل)
(ثم استقاله قبل الاجل فأقاله)
(قلت) أرأيت أن أسلمت إلى رجل ثوبا في طعام فاستقلته قبل الاجل فأقالني أيجوز
أم لا في قول مالك (قال) إن كان الثوب لم يتغير بزيادة ولا نقصان وهو بحاله فلا
بأس به وان كانت أسواقه قد حالت لأني سألت مالكا عن الرجل يعطى العبد أو
الدابة في طعام إلى أجل فإذا حل الاجل قال له ما عندي طعام فأقلني وأحسن خذ
دابتك أو عبدك (قال) قال لي مالك إن كان ماله بحاله لم يتغير بنماء ولا نقصان فلا
أرى به بأسا وفي الشهرين تحول أسواقه فالثوب عندي أبين أنه لا بأس به (قلت) لم
قال إذا زادت السلعة التي أخذها في ثمن الحنطة في السلم أو نقصت في بدنها انه
لا تصلح الإقالة فيها رأسا (قال) لأنه يصير بيع الطعام قبل أن يستوفى لان رأس
مال هذه الحنطة إذا تغير بنماء أو نقصان فليس هو رأس ماله (قلت) ولا يلتفت
فيه إلى حوالة الأسواق ولا ترى بأسا وان حالت الأسواق أن يقيله في قول مالك
77

(قال) لما قال لي مالك انه لا بأس أن يقليه في الحيوان بعد شهرين إذا كان الحيوان
رأس مال الطعام علمت أن مالكا لم يلتفت إلى الأسواق لان الحيوان في شهرين
تحول أسواقه فلم يلتفت مالك إلى ذلك
(ما جاء الرجل يسلف في ثياب موصوفة إلى أجل فلما حل الاجل)
(استقاله فأقاله من النصف على أن يأخذ النصف الآخر)
(قلت) أرأيت لو أني أسلمت في ثياب موصوفة إلى أجل معلوم فلما حل
الاجل استقالني فأقلته من نصفها على أن آخذ النصف الآخر أيجوز هذا (قال)
لا يجوز هذا في قول مالك لان هذا يصير فضة نقدا بفضة وثياب إلى أجل فلا
يجوز وقد فسرته لك في المسألة التي في التسليف في الطعام وهو في الطعام وفى جميع
الأشياء إذا أقاله من بعض وأخذ بعضا لا يجوز (قلت) أرأيت أن أسلمت إليه
ثيابا في حيوان موصوفة فقطع الثياب بعد ما قبضها فبعته نصف تلك الحيوان بنصف
تلك الثياب قبل الاجل أو بعد الاجل (قال) لا بأس بذلك إذا قبض الثياب فقطعها
أو لم يقطعها لان مالكا قال في الثياب إذا كان بأعيانها فلا بأس به أن يقيله ويزيده
معها ما شاء فإن كان التقطيع زيادة فلا بأس به وإن كان نقصانا فلا بأس به ولا تهمة
في هذا وإنما التهمة في هذا أن لو كان أخذ غيرها من صنفها وزيادة معها لأنه يدخله
سلف بزيادة ازدادها
(في الرجل يسلف ثوبا في حيوان إلى أجل فإذا حل أو لم يحل أقاله)
(فأخذ الثوب بعينه وزيادة ثوب معه من صنفه أو من)
(غير صنفه على أن أقاله من الحيوان)
(قلت) أرأيت أن أسلم ثوبا في الحيوان إلى أجل فلما حل الاجل أو قبل أن يحل
أخذ الثوب من الرجل بعينه وزاده ثوبا من صنفه أو من غير صنفه على أن أقاله من الحيوان الذي أسلم إليه فيه (قال) لا بأس بهذا كذلك قال مالك حل الاجل أو لم
78

يحل (قلت) أرأيت الثوب إذا كان قد تغير في يد المسلم إليه بعيب دخله من خرق
أو عور فأخذ ثوبه ذلك الذي دخله العيب بعينه على أن زاده معه ثوبا من صنفه أو
من غير صنفه أو زاده معه دنانير أو دراهم أو حيوان على أن أقاله من سلفه أيجوز
هذا أم لا في قول مالك (قال) نعم إن كان قد حل الاجل أو لم يحل الاجل فلا بأس
به أيضا في قول مالك إلا أن يزيده شيئا من صنف السلم الذي كان عليه فان زاده
شيئا من صنفه لم يصلح قبل الاجل ولا بأس به إذا حل الاجل ولا بأس به أن
يأخذ سلعة التي أعطاه وأسلفها في هذا الشئ ببعض ما كان له عليه مما أسلفه فيه
ويترك بقيته إلى أجله ولا يقدمه قبل الاجل ولا يؤخر بمنزلة ما لو أن رجلا باع
عبدا أو دابة بمائة دينار إلى سنة ثم أخذ بعد ذلك الدابة بعينها أو العبد بعينه بخمسين
مما له عليه أو ترك الخمسين الباقية قبله إلى أجلها فهذا لا بأس به فقس جميع العروض
عليها إذا أسلمت فيها
(ما جاء في الرجل يبتاع العبدين صفقة واحدة كل واحد بعشرة)
(دراهم واستقال من أحدهما على أن يكون الآخر بأحد عشر درهما)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبدين صفقة واحدة كل واحد منهما بعشرة دراهم
فاستقلته من أحدهما على أن يكون الباقي على بأحد عشر درهما أيجوز ذلك أم لا في
قول مالك (قال) هذا جائز لأنه لا بأس أن يبيعه أحدهما بدرهم أو أقل أو أكثر
(قلت) وهذا قول مالك (قال) هو قوله (قلت) أرأيت أن أسلمت إلى رجل
في كر حنطة فتقايلنا قبل محل الاجل أو بعد ما حل الاجل فأحالني بالثمن على رجل
وتفرقنا قبل أن أقبض ما أحالني به (قال) قال مالك لا يجوز هذا وهذا دين بدين
(قلت) فان أعطاني الذي أحالني عليه الدراهم قبل أن أفارق الذي أقالني (قال)
لا بأس بذلك لأنك قبضت الدراهم من قبل أن تفارقه (قلت) فإن لم يحلني ولكن
أقالني فافترقنا قبل أن أقبض منه الثمن (قال) لا يصلح عند مالك وهذا دين بدين
(قلت) فان دفع إلى قبل أن أفارقه (قال) لا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن
79

تقايلنا وكلت وكيلا قبل أن تفترق يقبض الثمن منه وفارقته أو وكل هو وكيلا
بعد ما تقايلنا على أن يدع إلى الثمن وذهب أيجوز هذا في قول مالك (قال) أرى
إذا دفعه إلى الوكيل مكانه أو دفعه وكيل صاحبك مكانه إليك من قبل أن تفترقا
فلا بأس به وإن كان أمرا يستأخر فإنه لا يجوز لأنهما قد افترقا قبل أن يدفع إليه
الثمن الذين أقاله به فصار بيع الدين بالدين (قلت) والعروض كلها إذا كانت رأس
مال السلم فتقايلنا لم يجز لي أن أفارقه حتى أقبض رأس مالي وهو مثل الدراهم
والدنانير في ذلك عند مالك (قال) نعم
(ما جاء في الرجل يبتاع من الرجل السلعة أو الطعام فيشرك)
(فيها رجلا قبل أن ينقد أو بعد ما نقد)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة من السلع فأشركت فيها رجلا قبل أن أنقده
أو بعد ما نقدته أيصلح ذلك في قول مالك أم لا (قال) لا بأس بذلك عند مالك
(قال) ولقد سألت مالكا عن رجل اشترى من رجل طعاما بثمن إلى أجل فأتاه
رجل فقال أشركني في هذا الطعام وذلك قبل أن يكتال طعامه الذي اشترى (قال
مالك) لا بأس بذلك أن أشركه على أن لا ينتقد الا إلى الاجل الذي اشترى إليه
الطعام فان انتقد فلا خير في ذلك (قال مالك) وان اكتال الطعام ثم أتاه رجل فقال
أشركني في هذا الطعام على أن أنقدك لم يكن به بأس أن يشركه في ذلك الطعام
انتقد أو لم ينتقد لان ذلك يصير بيعا مستأنفا إذا اشترط النقد (قلت) أرأيت أن
اكتال طعامه المشترى وقد كان اشتراه إلى أجل ثم أتاه رجل فقال أشركني في
طعامك هذا فقال قد أشركتك ولم يشترط النقد (قال) يكون نصف الثمن على
المشترك إلى أجل الطعام الذي اشتراه إليه المشترى (قلن) وكذلك التولية في
قول مالك (قال) نعم سألت مالكا عن التولية في مسألتك هذه فقال مثل ما
وصفت لك في الشركة
80

(ما جاء في الرجل يبتاع السلعة أو الطعام كيلا بنقد فيشرك)
(رجلا قبل أن يكتال الطعام أو يقبض السلعة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة من رجل بنقد فلم أقبضها حتى أشركت فيها
رجلا أو وليتها رجلا أيجوز ذلك (قال) لا بأس بذلك عند مالك (قلت) وإن كان
طعاما اشتريته كيلا ونقدت الثمن فوليته رجلا أو أشركته فيه قبل أن أكتاله من
الذي اشتريته منه (قال) قال مالك لا بأس بذلك وذلك الحلال إذا انتقد مثل ما نقد
(قلت) لم جوزه مالك وقد جاء في الحديث الذي يذكره مالك أن النبي صلى الله
عليه وسلم نهى عن بيع الطعام قبل أن يستوفى (قال) قد جاء هذا وقد جاء عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام قبل أن يستوفى الا ما كان من شرك أو
إقالة أو تولية (قال سحنون) وأخبرني ابن القاسم عن سليمان بن بلال عن ربيعة
أبى أبى عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه الا ما كان من شرك أو إقالة أو تولية (قال) وقال
مالك اجتمع أهل العلم على أنه لا بأس بالشرك والإقالة والتولية في الطعام قبل أن
يستوفى إذا انتقد الثمن ممن يشركه أو يقيله أو يوليه
(ما جاء في الرجل يبتاع الطعام بنقد فيشرك فيه رجلا بثمن إلى أجل)
(قلت) أرأيت أن اشترى رجل طعاما بنقد فنقد الثمن ولم يكتله حتى ولاه رجلا أو
أشركه أو أقال البائع ولم ينتقد وشرط على الذي ولى أو أشرك أو أقال أن الثمن إلى أجل
(قال) قال مالك لا يصلح هذا لان هذا لما دخله الاجل صار بيعا مستقبلا فصار بيع
الطعام قبل أن يستوفى وإنما يصلح ذلك إذا انتقد منه لأنه إذا انتقد فقد صار المشرك
والمولى والمقال بمنزلة المشترى فإذا صنع ذلك المشرك والمولى والمقال في الطعام في النقد
مثل ما صنع المشترى فقد حل محل المشترى فلا بأس بذلك وإن لم يفعل في النقد مثل
ما شرط على المشترى فليس هذا بتولية وهذا بيع الطعام مستقبلا فيصير بيع الطعام
81

قبل أن يستوفى فلا يصلح ذلك وكذلك قال لي مالك (قال) وقال لي مالك وما
ابتعت من العروض والحيوان إلى أجل مضمونة على رقاب الرجال فبعتها بربح أو
نقصان وانتقدت ثمنها فأفلس الذي عليه المتاع أو الحيوان فليس على الذي باع منه
قليل ولا كثير والتباعة للذي اشترى على الذي عليه المتاع وليس على الذي باع السلعة
من التباعة قليل ولا كثير (قلت) ولم كان هكذا في قول مالك (قال) لأنه إنما
اشترى دينا على رقاب الرجال فله ذمتهم ولم يشتر سلعة قائمة بعينها
(ما جاء في الرجل يبتاع السلعة ويشترك فيها رجلا فتتلف قبل أن يقبضها)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة من السلع فأتاني رجل فقال أشركني في سلعتك
ففعلت فأشركته فهلكت السلعة قبل أن يقبضها مني المشرك أو قبل أن يقبض
منها شيئا (قال) هلاكها منهما جميعا عند مالك (قال) ولقد سألت مالكا عن
رجل اشترى طعاما فاكتاله في سفينته فأتاه رجل فقال أشركني في طعامك هذا
ففعل وأشركه ثم غرقت السفينة وذهب الطعام قبل أن يقاسمه ويقبض حصته
(قال) قال مالك هلاك الطعام منهما جميعا ويرجع على صاحبه بنصف الثمن الذي
نقده في الطعام
(ما جاء في الرجل يشترى السلعة ويشرك فيها رجلا ولا يسمى شركته)
(قلت) أرأيت لو أن عبدا اشتراه رجلا فلقيهما رجل فقال أشركاني فأشركاه كم
يكون له من العبد (قال) يكون لكل واحد منهم ثلث العبد لأنهما إنما أراد أن يكون
في العبد كأحدهما
(ما جاء في الرجل يشترى السلعة ويشرك فيها رجلا على أن ينقد عنه)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة من السلع فأشركت فيها رجلا على أن ينقد
عني وذلك بعد أن قبضت ما اشتريت أو قبل أن أقبض (قال) لا يجوز ذلك عند
82

مالك في الوجهين جميعا لان هذا عند مالك بيع وسلف فلا يجوز (قلت) وكذلك
هذا في العروض كلها والطعام سواء في قول مالك لا يصلح أن يشركه على أن ينقد
عنه (قال) نعم لا يصلح هذا عند مالك على حال من الحال
(ما جاء في التولية)
(قلت) أرأيت أن أسلمت إلى رجل في طعام فقال الذي أسلمت إليه بعد ذلك ولني
هذا الطعام الذي لك علي ففعلت هل يجوز ويكون تولية أم لا (قال) إنما التولية
عند مالك لغير الذي له عليه الطعام فالذي عليه الطعام إنما يقال وليس يولى فإذا قال
ولني الطعام الذي لك على ففعل ونقده كان جائزا ويكون إقالة وليس يكون تولية
(قلت) أرأيت أن اشتريت من رجل طعاما فلما أكلته أتاني رجل فقال ولني
فقلت وأوليك بكيلي (فقال) لا بأس بذلك عند مالك (قلت) فان قال هذا مدى
اشتريته فانا أوليكه فتولاه منى فأصابه ناقصا (قال) نقصانه للمولى وزيادته إذا كان
من نقصان الكيل وزيادة الكيل وليس على هذا الذي ولى من نقصان الكيل
شئ وليس له من زيادته شئ (قلت) أرأيت أن ولى هذا المد إلى الذي اشترى
فأصابه الذي قبضه ناقصا نقصانا بينا (قال) إن كان ذلك النقصان من نقصان الكيل
فهو للمولى وإن كان نقصانا أكثر من نقصان الكيل وضع عنه بحساب ما اشتري
ولم يكن على الذي ولى ضمان ما انتقص وان كانت زيادة يعلم أنها ليس من
زيادة الكيل فهو للذي ولى (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) وكذلك
الشركة في جميع هذا قال نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) وقال لي
مالك وإذا أشركه وإن لم يكتله فتلف كانت المصيبة بينهما (قلت) فان أسلمت في
حنطة فوليت بعضها قبل محل الاجل ربعها بربع الثمن أيجوز ذلك في قول مالك
(قال) نعم وكذلك جميع العروض (قلت) وعلى هذا يحمل ما كان من جميع هذه
الأشياء في قول مالك قال نعم (قلت) أليس كان مالك لا يرى بأسا بالشرك
والتولية والإقالة في السلم في جميع الأشياء الطعام وغيره إذا انتقد (قال) نعم لم
83

يكن يرى بذلك بأسا (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة عبدا أو غيره فلقيت رجلا
فقال ولني السلعة التي اشتريت بالثمن الذي اشتريت ولم أخبره بما اشتريت به السلعة
فقلت نعم قد وليتك ثم أخبرته بالثمن أترى البيع جائزا أو فاسدا في قول مالك (قال)
لا أحفظ عن مالك في هذا بعينه شيئا ولكني أرى المشترى بالخيار إذا أخبره البائع بما
اشتراها به ان شاء أخذ وان شاء ترك فإن كان إنما ولاه على أن السلعة واجبة له بما اشتراها
به هذا المشترى من قبل أن يخبره بالثمن فلا خير في ذلك وهذا من المخاطرة والقمار فإذا
ولاه ولم يوجبه عليه كان المبتاع فيه بالخيار (قلت) وإن كان إنما اشترى السلعة بحنطة
أو شعير أو شئ مما يكال أو يوزن فأخبره بالثمن بعد ما ولاه أترى البيع جائزا (قال) نعم
والمشترى بالخيار (قلت) وكذلك أن كان إنما اشترى السلعة بعبد أو دابة أو بحيوان
أو بثياب فلقيه رجل فقال ولني هذه السلعة فقال وقد وليتك وهذا قبل أن يخبره بما
اشتراها به ثم أخبره أنه إنما اشتراها بحيوان أو بعرض (قال) أرى المشتري بالخيار ان
شاء أخذ وان شاء ترك (قلت) فان رضى المشترى أن يأخذها (قال) يأخذ السلعة
بمثلها من العروض والحيوان الذي اشترى بعينه في صفته وجودته ونحوه (قلت)
وكذلك لو أن رجلا قال في مجلس اشتريت اليوم سلعة رخيصة فقال له رجل ولني
إياها فقال قد فعلت ولم يخبره بالثمن ولم يخبره بالسلعة فقال المولى هو عبد فقال المولى
قد رضيت (قال) ذلك له. فقال المولى أخذته بمائة دينار فقال المولى لا حاجة لي به (قال)
ذلك له (قلت) فان قال قد أخذته منك (فقال) إن كان حين ولاه إنما ولاه على غير
وجه الايجاب على المولى وإنما هو ان رضى أخذ وان سخط ترك بمنزلة المعروف يصنعه
به وإنما يجب البيع على الذي يولي ولا يجب البيع على المولى الا بعد النظر والمعرفة بالثمن
فان رضى أخذ وان سخط ترك (قال) فلا أرى بهذا البيع بأسا وان ولاه على أن السلعة
قد وجبت للمشترى قبل أن يسميها وقبل أن يعرفها المولى وقبل أن يعرف ما الثمن وإنما
سماها ولم يخبره بالثمن فهي عليه واجبة فلا خير في هذا لان هذا قمار ومخاطرة وإنما
يجوز من ذلك كله ما كان على وجه المعروف من البائع والمشترى في ذلك بالخيار
84

فلا أرى بهذا بأسا (قلت) أرأيت أن اشتريت عبد رجل ولم يخبرني بصفته إلا أنه
قال عبد في بيتي فقال له رجل قد أخذته منك بمائة دينار من غير أن يصف له العبد
ويكون المشترى قد رأى العبد قبل ذلك هل يكون المشترى بالخيار في قول مالك
(قال) قال مالك البيع ها هنا فاسد لا خير فيه (قلت) فما فرق ما بين هذا وبين
ما سألتك عنه من التولية قبل هذا ولم لا تجعل لهذا المشترى الخيار إذا نصر وتجعله
بمنزلة المولى السلعة (قال) لان هذا بيع على وجه المكايسة والايجاب والذي ولى
السلعة لو كان على وجه الايجاب والمكايسة فلا بأس بذلك مثل أن يقول عندي
غلام قد ابتعته بمائة دينار فانظر إليه فان رضيته فقد بعتكه بمائتي دينار فلا بأس
بذلك وان واجبه عليه ولم يجعله بالخيار إذا نظر فلا خير في هذا البيع وأما التولية
فإنما هو معروف صنعه البائع إلى المشترى فلذلك جعلنا الخيار للمشترى إذا نظر
فإن شاء أخذ وان شاء ترك والتولية إذا كانت تلزم البائع ولا تلزم المشترى الا بعد
معرفة الثمن والنظر إلى السلعة فإنما هو معروف صنعه بالذي ولاه السلعة
(ما جاء في بيع زريعة البقول قبل أن تستوفى)
(قال) وقال لي مالك في زريعة الفجل الأبيض الذي يؤكل وزريعة الجزر وزريعة
السلق والكراث الخرير (1) وما أشبهه إذا اشتراه رجل فلا بأس أن يبيعه قبل أن
يستوفيه لان هذا ليس بطعام ولا بأس بالواحد منه بالاثنين من صنف واحد (قال
مالك) وأما زريعة الفجل الذي يخرج منه الزيت فلا يصلح أن يبيعه قبل أن يستوفيه
لان هذا طعام ألا ترى ان الزيت فيه وأما ما وصفت لك من زريعة الجزر والسلق
والفجل الذي يؤكل ليس فيه من الطعام شئ (فان قال قائل) انه يزرع فينبت منه
ما يؤكل منه (قيل له) فان النوى قد يزرع فينبت النخل فيخرج من النخل ما يؤكل

(1) (1) هو البطيخ ا ه‍ من هامش الأصل
85

ما جاء في بيع التابل قبل أن يستوفى)
(قال) وقال مالك كل شئ من الطعام لا يباع إذا اشترى حتى يستوفى ولا الملح
ولا التابل كله إذا اشتريته كيلا أو وزنا الفلفل والكسبر والقرنباد والشونيز والتابل
كله لا يباع إذا اشتراه الرجل حتى يستوفيه ولا يصلح الا مثله بمثل ولا يصلح منه
اثنان بواحد من صنف واحد يدا بيد إلا أن تختلف الأنواع منه
(ما جاء في بيع الماء قبل أن يستوفى)
(قال) وقال مالك لا بأس ببيع الماء قبل أن يستوفى (قال) وقال مالك ولا بأس
بالماء واحد باثنين يدا بيد ولا بأس بالطعام بالماء إلى أجل
(ما جاء في الرجل يكاتب عبده بطعام إلى أجل فيريد أن يبيعه)
(منه أو من غيره قبل أن يستوفيه)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا باع عبده من نفسه إلى أجل من الآجال بطعام
موصوف أيجوز أن يبيع ذلك الطعام من عبده قبل محل الاجل بعرض لا يتعجله
أو بدنانير لا يتعجلها في قول مالك قال نعم (قلت) لم أجازه مالك فيما بين السيد
وعبده ولم يجزه فيما بينه وبين الأجنبي (قال) لان السيد لو دبر عبده جاز أن يبيع
خدمته من مدبره ولا يجوز أن يبيع خدمته من أجنبي فكذلك كتابة عبده يجوز
له أن يبيعها من نفسه بدين إلى أجل والكتابة إلى أجل لا يجوز أن يبيعها بدين إلى
أجل من أجنبي وان الكتابة فيما بين السيد وبين عبده ليس بدين لان الكتابة
ليست بدين ثابت ألا ترى أن السيد ان مات المكاتب وترك مالا وعليه دين للناس
أن السيد لا يضرب بكتابة مكاتبه مع الغرماء فهذا يدلك على أنه ليس بدين ثابت
وكذلك أن أفلس المكاتب (قال سحنون) وإنما يجوز إذا تعجل المكاتب عتق
نفسه (قلت) أرأيت المكاتب إذا كاتبه سيده بطعام إلى أجل أيجوز أن يبيع ذلك
86

الطعام قبل أن يستوفيه من أجنبي (قال) لا يجوز
(ما جاء في الرجل يكرى على الحمولة بطعام فيريد أن يبيعه قبل أن يستوفيه)
(قلت) أرأيت أن أكريت بعيرا لي بطعام بعينه أو بطعام إلى أجل أيصلح لي أن
أبيع ذلك الطعام قبل أن أستوفيه (قال) إذا كان الطعام الذي يعينه كيلا أو وزنا فلا يصلح
أن يبيعه حتى يقبضه فإن كان الذي يعينه مصبرا فلا بأس أن يبيعه قبل أن يقبضه وأما
الذي إلى أجل فلا يبيعه حتى يقبضه (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
(ما جاء في بيع الطعام قبل أن يستوفى)
(قلت) أرأيت أن أسلمت في طعام معلوم إلى أجل معلوم أيجوز لي أن أبيع ذلك
الطعام من الذي اشتريته منه أو من غير قبل أن أقبضه في قول مالك (قال) لا يجوز
ذلك في قول مالك (قلت) لم (قال) لأنك أسلفت في طعام بكيل فلا يجوز لك أن
تبيعه حتى تكتاله إلا أن يوليه أن يشرك فيه أو يقيل منه (قلت) وكذلك كل
ما يكال أو يوزن من الأطعمة والأشربة إذا أسلفت فيها لم يصلح لي أن أبيعها حتى
أكتالها وأزنها وأقبضها في قول مالك (قال) نعم الا الماء وحده (قلت) وما سوى
الطعام والشراب مما سلفت فيه كيلا أو وزنا فلا بأس أن أبيعه قبل ن أقبضه من الذي
باعني أو من غيره (قال) قال مالك لا بأس أن تبيع ما سلفت فيه إذا كان من غير ما
يؤكل ويشرب من غير الذي عليه ذلك السلف بأقل أو بأكثر أو بمثل ذلك إذا
انتقدت وأما الذي عليه السلف فلا تبيعه منه قبل الاجل بأكثر ولا تبيعه منه الا
بمثل الثمن أو بأقل ويقبض ذلك (قلت) أرأيت أن سلفت في حنطة أو في عرض
من العروض وحل الاجل فأردت أن آخذ بعض رأس مالي وآخذ بعض سلفي (قال)
قال مالك لا خير في أن يسلف في شئ من الأشياء عرضا ولا حيوانا ولا طعاما
ولا شيئا من الأشياء إلى أجل معلوم فتقبض بعض سلمك وتقيله من بعض لأنك
إذا فعلت ذلك كان بيعا وسلفا في العروض والطعام ويصير في الطعام مع بيع وسلف بيع
87

الطعام قبل أن يستوفى وما سلفت فيه من العروض إلى أجل من الآجال فأردت أن
تبيعه من صاحبه فلا بأس أن تبيعه منه بمثل الثمن الذي دفعته إليه أو أدنى منه قبل محل
الاجل لأنه لا يتهم في أن يدفع عشرة دنانير ويأخذ ثمانية حل الاجل فيه أولم
يحل ولا يصلح أن تبيعه من الذي عليه السلف بأكثر مما أعطاه فيه حل في ذلك
الاجل أو لم يحل وإن أردت أن تبيعه من غير صاحبه فلا بأس أن تبيعه منه بما شئت
بمثل الثمن أو أكثر أو أقل أو ذهب أو ورق أو عرض من العروض أو طعام إلا أن
يكون من صنفه بعينه فلا خير فيه ولا بأس أن تبيعه من صاحبه وإن لم يحل الاجل
بما يجوز لك أن تسلف الذي لك عليه فيه أن كان الذي لك عليه ثيابا فرقبية فلا بأس أن
تبيعها قبل محل الاجل بثياب قطن مروية أو هروية أو خيل أو غنم أو بغال أو حمير
أو بقر أو إبل أو لحم أو طعام تقبضه مكانك ولا تؤخره وإن أردت أن تأخذ منه ثيابا
فرقبية قبل محل الاجل فلا تأخذ منه أكثر من عددها وان كانت هذه التي تأخذ
أفضل من رقاعها أو كانت أشر من رقاعها واختلف العدد أو اتفق فلا خير في ولا خير
في أن تأخذ منها قبل محل الاجل الا بمثل صفتها في جودتها وان حل الاجل فخذ منها
أرفع من صفتها أو أكثر عددا أو أقل من عددها أو خيرا من صفتها أو أكثر
عددا أو أشر من صفتها فلا بأس به إذا حل الاجل على حال من الحالات
(ما جاء في بيع الطعام يشترى جزافا قبل أن يستوفى)
(قلت) لم وسع لك في أن أبيع ما اشتريت قبل أن أقبضه من جميع الأشياء كلها
الطعام والشراب إذا كان جزافا والعروض والحيوان وجميع الأشياء وأبى أن يجيز لي أن
أبيع ما اشتريت مما يؤكل ويشرب كيلا أو وزنا قليلا أو كثيرا حتى أقبضه (قال) لان
النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام أن قيل يستوفى وهو عندنا على الكيل والوزن
وكل شئ من خلا الطعام والشراب فهو جائز أن تبيعه قبل أن تستوفيه أن كنت
اشتريته كيلا أو وزنا أو جزافا فهو سواء لان الحديث إنما جاء في الطعام وحده
(قلت) ولم وسع مالك في أن أبيع ما اشتريت من الطعام جزافا قبل أن أقبضه من
88

صاحبه الذي ابتعته منه أو من غيره (قال) لأنه لما اشترى الطعام جزافا فكأنه إنما اشترى
سلعة بعينها فلا بأس ببيع ذلك قبل القبض إلا أن يكون ذلك البيع والشراء بين قوم
من أهل العينة فلا يجوز ذلك بأكثر مما ابتعت (قلت) أرأيت أن اشتريت
عطرا أو زنبقا أو بانا أو مسكا وزنا أو حديدا أو زجاجا وزنا أو حناء كيلا أو وزنا أو ما
أشبه هذه الأشياء مما يكال ويوزن مما لا يؤكل ولا يشرب أيجوز لي أن أبيع ذلك من
صاحبه الذي ابتعته منه قبل أن أقبضه في قول مالك (قال) نعم إذا اشتريت هذه الأشياء
وزنا أو جزافا فلا بأس أن تبيعها من صاحبها أو من غير صاحبها قبل أن تقبضها وكذلك
الطعام والشراب الجزاف فأما كل ما اشترى من الطعام والشراب وزنا أو كيلا فلا
تبعه في قول مالك حتى تقبضه وتزنه أو تكيله (قال) وإنما جوز مالك بيع هذه
الأشياء قبل أن تقبض من الناس الا أصحاب العينة فإنه كرهه لهم (قلت) صف
لي أصحاب العينة في قول مالك (قال) أصحاب العينة عند الناس قد عرفوهم يأتي
الرجل إلى أحدهم فيقول له أسلفني ما لا فيقول لا أفعل ولكن أشتري لك سلعة
من السوق فأبيعها منك بكذا وكذا ثم ابتاعها منك بكذا وكذا أو تشترى من
الرجل سلعة ثم تبيعها إياه بأكثر مما ابتعتها منه
(ما جاء في الرجل يصالح من دم عمد على طعام إلى أجل)
(فيريد أن يبيعه قبل أن يستوفيه)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا وجب له على رجل دم عمد فصالحه من ذلك على طعام
موصوف إلى أجل معلوم أيجوز أن يبيع له هذا الطعام قبل أن يقبضه (قال) لم أسمع
من مالك فيه شيئا ولكني أراه بمنزلة من سلف في طعام فلا يبيعه قبل أن يقبضه لان
هذا الطعام ليس بقرض وإنما هو شراء ألا ترى أنه باع الدم الذي كان له بهذا الطعام
(قلت) وكذلك لو خالع امرأته بطعام إلى أجل (قال) نعم كذلك أيضا لا يبيعه
حتى يستوفيه وهذا كله من وجه من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يستوفيه
89

(ما جاء في الرجل يبتاع الطعام بعينه أو بغير عينه)
(فيريد أن يبيعه قبل أن يقبضه)
(قلت) أرأيت الطعام يشتريه الرجل والطعام بعينه أو بغير عينه أيبيعه
قبل أن يقبضه في قول مالك (قال) لا يبيعه حتى يقبضه قال ولا يواعد فيه أحدا ولا
يبيع طعاما ينوى أن يقضيه من هذا الطعام الذي اشترى كان الطعام بعينه أو بغير
عينه (قلت) فالذي أجازه مالك أن يشتريه رجل من هذا الذي اشتراه بكيل واحد
ما هو (قال) هو الرجل يشترى الطعام فيكتاله لنفسه ورجل واقف لم يواعده على بيعه فإذا
اكتاله لنفسه ورضى هذا الرجل الواقف أن يشتريه منه بهذا الكيل وكذلك إن لم
يشهد كيله وكان غائبا عن كيله فاشتراه منه وصدقه بكيله فذلك جائز إذا كان ذلك
منهما على غير موعده كان بينهما ولا وأي قال وهذا قول مالك (قال) فقلت لمالك فان
صدقه بكيله وأخذه فوجد فيه زيادة أو نقصانا (قال) أما ما كان من زيادة الكيل
ونقصانه فهو للمشترى وما كان من نقصان يعرف أنه لا ينقص في الكيل فإنه يوضع
عن المشترى من الثمن بقدر النقصان ولا يعطى طعاما ولكن يرد عليه من الثمن بقدر
ما نقص إذا كان من غير نقصان الكيل (قال) فقلت لمالك فان قال البائع لا أصدقك
فيما تدعى من النقصان (قال) مالك إن كان المشترى لم يغب عليه وكاله بحضرة شهود
حين اشتراه فأرى أن يرجع المشترى على البائع بما نقص من الطعام بقدر ذلك من الثمن وإن كان
قد غاب عليه المبتاع ثم جاء بعد ذلك يدعى وكذبه البائع أحلف البائع بالله الذي
لا إله إلا هو لقد كان فيه كذا وكذا ولقد بعته على ما كان فيه من الكيل ويبرأ
ولا يلزمه للمشترى شئ مما يدعى (قلت) أرأيت أن اشترى ما سوى الطعام من
السلع كلها كانت بعينها أو بغير عينها أيجوز له أن يبيعها قبل أن يقبضها في قول
مالك (قال) قال مالك نعم يجوز ذلك أن اشتراها وزنا أو جزافا أن يبيعها ويحمل عليه
(قال) ولقد سألت مالك عن الرجل يشترى من الرجل جريدا بعينه أو تبنا أو
نوى أو ما أشبهه مما يوزن فيجب له فيأتيه رجل فيبيعه قبل أن يستوفيه ويحيله
90

عليه فيستوفى منه ذلك الوزن (قال) لا بأس بذلك
(في الرجل يبيع الطعام بعينه كيلا ثم يستهلكه)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا ابتاع طعاما بعينه كيلا فذهب البائع فباعه أو استهلكه
(قال) فان على البائع أن يأتي بمثل ذلك الطعام يوفيه المشترى (قال) فقلت المالك
أفلا يكون عليه المشترى بالخيار ان أحب أن يلزمه الطعام ألزمه وان أحب أن يأخذ
ذهبه أخذها (قال) لا وليس عليه الا طعام مثل ذلك وليس في هذا خيار إنما هذا
بمنزلة رجل استهلك لرجل طعاما بعينه فعليه أن يأتي بمثله (قلت) أرأيت لو أن لي
على رجل سلما فلما حل الاجل وكلت ابنه يقبض ذلك أو عبده أو زوجته أو مدبرته
أو أم ولده (قال) أكره هؤلاء إذا وكلهم لأنهم كأنهم الذي عليه الطعام ولا
يجوز لي أن أوكل الذي عليه الطعام يقبض طعاما عليه (قال) وولده إذا كانوا كبارا
قد بانوا بالحيازة عنه فلا أرى بذلك بأسا ويبيعه بعضهم ان شاء (قلت) أرأيت أن
أسلمت إلى رجل في كر حنطة إلى أجل من الآجال ثم أسلم إلى في كر حنطة مثله
إلى ذلك الاجل فأردنا أن نتقاص قبل محل الاجل يكون ماله على من الطعام بمالي
عليه من الطعام أيجوز هذا في قول مالك قال لا (قلت) وكذلك أن حل الاجل
قال نعم (قلت) ولم (قال) لأنه بيع الطعام قبل أن يستوفى (قلت) فإذا حل
الاجل على وعليه الطعامان صنفهما واحد لم جعله مالك بيع الطعام قبل أن يستوفى
(قال) ألا ترى أن الكر الحنطة الذي لك عليه لم تقبضه منه وإنما بعته ذلك بكر
له عليك فلا يجوز هذا وهذا بيع الطعام قبل أن يستوفى وهو بمنزلة أن لو كان على
رجلين (قلت) فلو أقرضت رجلا مائة أردب من حنطة إلى أجل ثم أسلم إلى
في مائة أردب من حنطة إلى أجل وأجلهما أحد فقلت له قبل محل الاجل أقاصك
بمالي عليك من الطعام القرض بالذي لك على من الطعام السلم (قال) لا يصلح هذا
وهذا بيع الطعام قبل أن يستوفى (قال) ألا ترى أنه باعك طعاما له عليك من سلم
إلى أجل بطعام لك عليه قرضا إلى أجل فهذا لا يصلح وهو بمنزلة أن لو كان على
91

رجلين (قلت) فان حل الاجل فقلت له خذ الطعام الذي لي عليك من القرض
بالطعام الذي لك على من السلم (قال) لا بأس بذلك عند مالك (قلت) لم أجازه
مالك حين حل الاجل وكرهه قبل محل الاجل (قال) لأنه لما حل الاجل إنما له
عليك أن توفيه سلمه الذي له عليك وكان لك عليه قرضا قد حل مثل السلم الذي
له عليك فقلت له خذ ذلك الطعام بسلمك فلا بأس بذلك لأنه لا يكره لك أن
تبيع قرضك قبل أن تستوفيه فكذلك لا يكره لك أن تقضيه من طعام عليك من
سلم وليس ها هنا بيع شئ من الطعام بشئ من الطعام وإنما هو هاهنا قضاء سلم كان
عليك قضيته (قلت) لم كرهته لي قبل محل الاجل أن أقاصه بذلك (قال)
لأنه يدخله الدين بالدين وبيع الطعام قبل أن يستوفى ألا ترى أنك بعته مائة أردب
لك عليه قرضا إلى أجل بمائة أردب له عليك من سلم إلى أجل فلا يصلح ذلك
(قلت) وما فرق ما بينه إذا كان الذي له على من سلم والذي لي عليه من سلم
وبينه إذا كان الذي لي عليه قرضا والذي له على سلم في قول مالك إذا حلت الآجال
(قال) إذا كان الذي عليكما جميعا سلما فلا يصلح لواحد منكما بيع ماله على صاحبه
من الطعام قبل أن يستوفيه فإذا كأن لأحدكما قرض وللاخر سلم فلا يصلح لصاحب
السلم أن يبيعه حتى يستوفيه ولا بأس أن يبيع صاحب القرض طعامه قبل أن
يستوفيه فلما كان يجوز لصاحب القرض بيع طعامه قبل أن يستوفيه جاز له أن يقبضه
من سلم عليه إذا حلت الآجال ولا يكون هذا من الذي له السلم بيع سلمه قبل أن
يستوفيه وليس للذي له السلم أن يمتنع من ذلك إذا قال له خذ هذا الطعام قضاء من
سلمك إذا كان مثل سلمه فكذلك القرض إنما هو قضاء وليس هو بيع الطعام قبل أن
يستوفى (قال) وسئل مالك عن رجل باع من رجل طعاما بثمن إلى أجل فاستقرض
الذي له الحق من رجل دنانير مثل الدنانير التي له على بائعه أو ابتاع سلعة من رجل
بمثل الدنانير التي له على بائعه من ثمن الطعام فلما حل الاجل أحال الذي أسلفه
الدنانير أو باعه السلعة بتلك الذهب التي على المشتري منه الطعام فأراد الذي أحاله
92

أن يأخذ منه طعاما أو دقيقا أو زبيبا أو تمرا (قال) مالك أما صنف الطعام الذي كان
ابتاعه هذا فليأخذ منه مثل مكيلته في صفته وأما غير ذلك من التمر والزبيب وما أشبهه
أو غير ذلك من الطعام كله فلا يجوز له أن يأخذ منه الا ما كان يجوز لبائعه أن يأخذه
منه (قال) ولقد سئل مالك في غير عام عن رجل ابتاع من رجل طعاما فأسلفه رجلا
قبل أن يقبضه فأراد الذي قبضه (2) الذي أسلفه أن يعطى صاحبه فيه ثمنا فقال مالك
لا يعجبني ذلك وأراه من بيع الطعام قبل أن يستوفى (قلت) فلو أن لرجل على كرا
من طعام من سلم فلما حل الاجل اشتريت كرا من طعام فقلت للذي له على السلم
اقبضه (قال) قال مالك لا يصلح حتى يستوفيه لان هذا بيع الطعام قبل أن يستوفى
(قلت) أرأيت لو أنى أسلمت إلى رجل في مائة أردب حنطة فلما حل أجلها أحالني
على رجل له عليه طعام من قرض مثل كيل طعامي الذي لي عليه من سلم أيجوز هذا أم
لا في قول مالك (قال) قال مالك ان حل أجل القرض وقد حل أجل السلم أيضا فلا بأس
به وإن لم يحل أجل السلم ولم يحل أجل القرض فلا خير في هذا حتى يحلا جميعا (قلت) ولا
يكون هذا دينا في دين إذا حل الاجل قال لا (قلت) لم (قال) لأنه فسخ ماله من سلمه
فصارت حنطة على هذا الرجل الذي احتال عليه ولم يبق له على الذي كان عليه السلام
شئ فلم يصر هذا دينار في دين (قلت) (3) أرأيت أن حل أجل الطعامين جميعا وأحالني
فأجزت الذي أحالني عليه أيجوز هذا أم لا (قال) لم أوقف مالكا على هذا ولكن
رأيي أنه لا بأس أن يؤخره (3) (قال ابن القاسم) وسمعت مالكا يقول في نصراني ابتاع
من نصراني طعاما فأراد أن يبيعه من مسلم قبل أن يستوفيه (قال ملك) لا أحب
للمسلم أن يبتاعه ولا يدخل فيه (قلت) أرأيت لو أنى أسلمت إلى رجل في كر
حنطة فلما حل الاجل اشترى هو من رجل كر حنطة فقال لي اقبضه منه (قال)
قال مالك لا يجوز (قلت) لم (قال) لأنه بيع الطعام قبل أن يستوفى (قلت)
فان كاله المشترى الذي عليه السلام ثم قال قد كلته وفيه وفاء حقك أيجوز لي أن
آخذه وأصدقه قال نعم (قلت) وكذلك أن كاله الذي عليه السلام لنفسه حتى
93

يستوفيه والذي له السلم قائم يرى ذلك فأخذه بكيله (قال ملك) لا بأس بذلك إلا أن يكون فيه موعده من الذي له السلم أن يقول له اشتر لي هذا الطعام وأنا آخذه
منك فيما لي عليك فلا خير في ذلك أيضا (قال ابن القاسم) ووجه ما كره مالك
من ذلك فيما رأيت من قوله أن الطعام إنما هي أن يباع قبل أن يستوفى فإذا كان
يبتاع لك طعاما ويشترط عليك أخذه قبل أن يشتريه وقبل أن يستوفيه ثم يشتريه
لك على ذلك وتقبضه فهذا كأنه قد وجب له عليك قبل أن يشتريه ويصير في
ملكه فكأنه باع طعاما ليس عنده بعينه والكيل فيما بين ذلك إذا كان قد أوجب
على الذي له السلم أخذه قبل أن يشتريه له الذي عليه السلام مما لا يحل ولا يحرم
(قلت) أرأيت لو أنى أسلمت إلى رجل دراهم في طعام فلما حل الاجل قال لي
خذ هذه الدراهم فاشتر بها من السوق طعاما ثم كله لي ثم استوف حقك منه
(قال) قال مالك لا يصلح هذا (قلت) وكذلك لو كان الذي أسلم إليه دراهم
فأعطاه حين حل الاجل دنانير أو عرضا م العروض فقال اشتر بها حنطة وكلها لي
ثم اقبض حقك منها (قال ابن القاسم) لا يصلح هذا أيضا (قال) وسواء إن كان دفع
إليه الذي عليه السلام دنانير أو دراهم أو عرضا حين حل الاجل فقال اشتر بها
طعاما فكله لي حين حل الاجل ثم استوف حقك منه فذلك كله سواء ولا يصلح
عند مالك وكذلك العروض عند مالك (قلت) ولم لا يصلح هذا في قول مالك
(قال) لأنه كأنه إنما استوفى من الطعام الذي كان له عليه دنانير أو دراهم أو عرضا
فاشترى بذلك طعاما لنفسه فلا يصلح هذا لأنه بيع الطعام قبل أن يستوفى
(في الرجال يبتاع الطعام جزافا فيتلف قبل أن يقبضه أو يستهلكه البائع)
(قلت) أرأيت أن اشتريت طعاما مصبرا اشتريت الصبرة كلها كل قفير بدرهم فهلك
الطعام قبل أن أكتاله ممن مصيبته (قال) مصيبته من البائع (قلت) وهذا في قول
مالك قال نعم (قلت) فإنه بايعته الصبرة جزافا فضاعت (قال) قال مالك ضياعها من
المشتري إذا اشتراها جزافا (وقال ابن القاسم) من ابتاع طعاما جزافا صبرة فان
94

تلفت قبل أن يقبضها فان مصيبتها من المشترى (قال) فإن كان الذي باعها هو الذي
استهلكها فعليه قيمتها من الذهب والفضة لان مالكا قال لي من استهلك صبرة طعام فعليه
قيمتها من الذهب والفضة (قال) وإن كان غيره استهلكها فعلى الذي استهلكها قيمتها
من الذهب والفضة وهذا قول مالك (قال ابن القاسم) وان اشترى صبرة
طعام كل قفيز بدرهم فأصابها أمر من السماء فتلفت رد البائع على المشترى الدراهم
وهذا قول مالك (قال) ولو كان البائع هو الذي أتلفها فعليه أن يأتي بطعام مثله حتى
يوفيه المشترى بما شرط له من الكيل وهذا قول مالك (قال ابن القاسم) ويتحرى
الصبرة فيأتي بطعام مثله فيكيله للمشترى (قال) وفرق مالك بين الصبرة جزافا وبينها
إذا بيعت كيلا (قلت) أرأيت هذه الصبرة التي باعها صاحبها كيلا ان تعدى
عليها رجل واستهلكها قبل أن يكيلها للمشترى (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا
وأرى للبائع القيمة على الذي استهلك الصبرة وأرى أن يشترى بتلك القيمة طعاما
للبائع ثم يكيله البائع للمشترى على شرطهما وذلك لأنه لو عرف كيلها لغرم كيلها
المتعدي وكان للمشتري أن يقبضه على ما اشترى فلما لم يعرف كيلها وأخذ مكان الطعام
القيمة اشترى له طعاما بتلك القيمة فأخذه المشتري على ما اشتري (قلت) ولا يخشى
أن يكون هاهنا بيع الطعام قبل أن يستوفى (قال) لا لان التعدي إنما وقع هاهنا
على البائع ألا ترى أنه لو عرف كيله لكان التعدي على المشتري
(ما جاء في بيع الطعام قبل أن يستوفى)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل طعاما من شراء فقلت له بعه لي وجئني بالثمن (قال)
قال مالك لا يجوز ذلك (قلت) لم كرهه مالك حين قلت للذي لي عليه الطعام به وجئني
بالثمن (قال) لأنه يدخله بيع الطعام قبل أن يستوفى فكأنه باعه من الذي عليه الطعام
بالدنانير التي يأتيه بها فلا يصلح له أن يبيع الطعام حتى يستوفيه لا من الذي عليه الطعام
ولا من غيره وقد يدخله أيضا أن يكون ذهب بذهب إلى أجل أكثر منها فإن كان
أصل شرائه الطعام بذهب أو بورق فيدخله الورق بالذهب إلى أجل (قال) وقال
95

مالك ولا أحب للرجل أن يبتاع من رجل طعاما ولا سلعة إلى أجل فإذا حل الاجل
قال الذي عليه الحق للذي له الحق خذ هذه الدنانير لدنانير هي أكثر منها فابتع بها
طعامك أو سلعتك (قلت) فإن كان الثمن أقل أو مثل الثمن الذي أخذ في الطعام
الذي عليه (قال) إذا كان مثل الثمن الذي دفع إليه فلا بأس به إذا كان مثله في عينه
ووزنه وجودته وإن كان أقل من الثمن فهو حرام لا يحل لأنه يصير غير إقالة (قال)
وإنما يجوز منه ما كان على وجه الإقالة في الطعام خاصة فأما إذا كان الذي على الذي
عليه الحق سلعة من السلع ليس بطعام فكان الذي يعطيه من الذهب على أن يشتري
لنفسه السلعة التي له عليه مثل الذهب التي أخذ أو أقل فلا بأس بذلك لان مالكا قال
إذا أعطاه في ثمن الطعام مثل ذهبه فأقاله فلا بأس به فإنما هو رجل أقاله وأخذ طعاما
أقل من حقه فلا بأس بالوضيعة في الطعام إذا أعطاه رأس ماله وإن كان رأس ماله
لا يسوى الطعام الذي عليه لأنه لو هضم عنه بعض الطعام واخذ بعضا كان جائزا
وان كانت الدنانير أقل من الثمن فأقاله عليه فهو بيع الطعام قبل أن يستوفى وأما في
السلعة التي ابتاع منه فإنه إن أعطاه أقل من الثمن الذي دفع إليه أو أقاله عليه فلا بأس
بذلك وكذلك قال لي مالك وهو في السلعة لا يتهم إذا كان أقل من الثمن أو مثله فان
زاد فلا خير فيه لأنه يتهم أن يكون أعطاه دنانير في أكثر منها (قال) وقال مالك
وإذا أعطاه الرجل الذي عليه السلام دنانير يشترى بها الذي له السلم سلعته فيقبضها لم
يصلح أن يعطيه دنانير أكثر من دنانيره التي دفعها إليه في السلم أول مرة وكذلك
لا يصلح أن يدلع أكثر من الدنانير التي أخذ في جميع الأشياء كلها
(ما جاء في رجل ابتاع سلعة على أن يعطى ثمنها ببلد آخر)
(قلت) أرأيت أن ابتعت سلعة بدنانير إلى أجل على أن أوفيه الدنانير بإفريقية فحل
الاجل وأنا وهو بمصر أيقضى له على بالدنانير وأنا بمصر (قال) قال مالك يأخذ
الدنانير بمصر إذا حل الاجل أو حيثما وجده (قال) وكذلك الدراهم (قال)
وقال مالك والدنانير والدراهم لا تسبه السلع لان الدنانير والدراهم عين والسلع ليست
96

لعين أو أثمانها مختلفة في البلدان فلا يكون له أن يأخذ منه الا في البلد الذي شرط أن
يوفيه فيه (قلت) فإن كان أسلم إليه في سلعة ليس لها حمل ولا مؤنة مثل اللؤلؤة
الموصوفة أو قليل المسك الموصوف أو العنبر الموصوف أو ما أشبه هذا مما ليس له
حمل ولا مؤنة (قال) لم أسمع من مالك في اللؤلؤ ولا في المسك ولا في العنبر هكذا
بعينه شيئا ولكني أرى أنه ليس له أن يأخذ الا في البلد الذي شرط لان سعر هذا
في البلدان مختلف
(ما جاء في الرجل يشترى الطعام بالفسطاط)
(على أن يوفيه إياه بالريف)
(قال ابن القاسم) سألت مالكا عن الرجل يبتاع الطعام الموصوف المضمون
بالفسطاط علي أن يوفيه الطعام بالريف مسيرة ثلاثة أيام أو نحوها (1) (قال) لا بأس
بذلك (قلت) لم أجاز مالك (قال) لأنه جعل موضع البلدان عندي بمنزلة الآجال
ولم يجعله مثل الرجل يشترى الطعام الموصوف إلى يوم أو يومين أو ثلاثة بموضعه الذي

(1) وجد بالأصل هنا طيارة تتعلق بهذا المبحث ونصها قال فضل هذا إذا ضرب لتقاضيه منه أجلا
وإن كان قريبا اليومين والثلاثة لأنه إنما أريد الاجل في السلم طوله حيث تختلف فيه الأسواق والا
كان من بيع ما ليس عندك فلما شرطا هنا أنه يوفيه في المضمون ببلد غير ذلك البلد على مسيرة اليومين
والثلاثة جاز إذا ضرب لذلك أجلا لان اختلاف الأسواق يكون في اختلاف البلدان وما لم يضرب
لذلك اجلا لتقاضيه فلا يجوز في مذهب ابن القاسم عن مالك الذي ذكره في الدنانير في كتاب
تضمين الصناع وكان يحيى بن عمر قد أجاب في ذلك فيما بلغني انه إذا لم يضرب الاجل ولكنه ذكر
في وقت التسليف وقت خروجهم إلى ذلك البلد جاز لان مسافة البلد قد عرفاه فكأنهما ضربا
أجلا لتقاضيه (قال) فضل وإنما هذا عندي فيما كان طريقهما فيه في البر وأما ما كان طريقهما على البحر
إلي ذلك البلد فلا يجوز وان وصفا وقت خروجهما إلي ذلك البلد لكان المسير على البحر لا أجل
له يعرف وقد ذكر ابن حبيب انه إذا سلف على أن يتقاضى ذلك في بلد غيره فذلك جائز وإن لم
يضرب لذلك أجلا وتسمية البلد كتسمية الاجل قال فضل وإنما مذهب ابن حبيب في هذا والله أعلم
على أنهما ذكر أن مبايعتهما حال فيكون من وقت المبايعة يجب عليهما الخروج فيكون كأنما
قد سميا أجلا وقد روى ابن القاسم عن مالك في سماعه أنه سئل عن ذلك فقال أحال فقيل له نعم
فقال لا بأس به ا ه‍
97

سلف فيه فهذا لا يجوز عند مالك والذي ذكرت من البلدان مسيرة ثلاثة أيام
أو أربعة جوزه (قلت) لم جوزه وكره هذا في البلد (قال) لم أسمع من مالك فيه
فرقا إلا أني أرى ذلك لاختلاف أسواق البلدان لان البلد الواحد لا تختلف أسواقه
عنده في يومين ولا ثلاثة ألا ترى أن السلم لا يجوز أن يكون أجله عند مالك الا
أجلا تختلف فيه الأسواق (قال ابن القاسم) قلت لمالك لو أن رجلا ابتاع من
رجل طعاما يوفيه إياه بقرية بينها وبين الموضع الذي اشترى منه فيه الطعام ثلاثة أيام
أو أربعة مضمون عليه أن يوفيه إياه في تلك القرية (قال) لا بأس بهذا ولم يره
مثل الذي يعطيه إياه على أن يوفيه إياه ببلدة بعد يوم أو يومين أو ثلاثة (قلت)
أرأيت أن اشتريت من رجل طعاما بالإسكندرية وشرطت عليه الحملان إلى الفسطاط
أو اشتريت من رجل طعاما بالإسكندرية وشرطت عليه أن يوفيني ذلك الطعام
بالفسطاط في منزلي (قال) قال مالك إذا اشتريته بالإسكندرية وهو طعام بعينه
وشرطت عليه أن يوفيك إياه بالفسطاط فهذا لا يصلح لان هذا اشترى سلعة بعينها
إلى الفسطاط وهو يستوفيه بالإسكندرية فلا بأس به عند مالك لان هذا اشترى
هذا الطعام وكرى حملانه من الإسكندرية إلى الفسطاط في صفقة واحدة ولا بأس
أن تجمع الصفقة الواحدة شراء سلعة وكراء وكذلك قال لي مالك (قلت) أرأيت
ان اشتريت سلعة بطعام على أن أوفيه إياه بإفريقية وضربت لذلك أجلا (قال) قال
مالك ذلك جائز ولا يكون له أن يأخذه بذلك الطعام الا بإفريقية إذا حل الاجل (قال)
وفرق مالك بين قرض الطعام على أن يقضى ببلد آخر وبين اشتراء الطعام على أن
يقضى ببلد آخر لان القرض إذا كان على أن يقضيه ببلد آخر ربح الحملان فلا يصلح
ذلك وأما اشتراء الطعام على أن يقضيه في بلد آخر ويضرب لذلك أجلا فلا بأس
بذلك لان الناس قد يسلمون في الطعام إلى أجل على أن يقتضوا الطعام في بلد كذا
وكذا وفى بلد كذا وكذا (قلت) فان أبى أن يخرج الذي عليه الطعام من سلم إذا
98

حل الاجل أو عند حلول الأجل (قال) يجبر على ذلك أو يوكل وكيلا يدفع إلى
الذي له الطعام الطعام في ذلك البلد (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم هذا قوله
إلا أن مسألتك يجبر على الخروج فانى أسلم أسمعه من مالك إلا أن ذلك رأيي ولان مالكا
قال وليس له أن يقضيه في غير ذلك البلد وان فات الاجل فمن ها هنا رأيت أن
يجبر على الخروج إلى ذلك البلد أو يوكل من يدع إلى الرجل طعامه ولان مالكا
قال لي في الرجل يكون على الدين فيريد السفر فيمنعه صاحب الحق قال إن كان
سفرا يعيدا يحل الاجل قبل أن يأتي منع من ذلك ولم يكن له أن يسافر وإن كان
سفرا قريبا يبلغه ويرجع قبل حلول الأجل فلا يمنع من ذلك فلما منعه مالك من
السفر البعيد كان عليه أن يخرج أو يوكل على ما أحب أو كره لقضاء حقه في ذلك
الموضع
(ما جاء في الاقتضاء من الطعام طعاما)
(قلت) أرأيت أن بعت من رجل مائة أردب دفعتها إليه سمراء بمائة دينار إلى
أجل فلما حل الاجل أخذت منه بالمائة دينار التي وجبت لي عليه خمسين أردبا سمراء
(فقال) قال مالك لا يصلح ذلك (قلت) ولم وإنما أخذت أقل من حقي وقد كان
يجوز لي أن آخذ من المائة دينار أردب سمراء فلما أخذت خمسين أردبا سمراء لم
يجوز لي (قال) لان مالكا قال إني أخاف أن تكون الخمسون ثمنا للمائة الأردب أو
تكون المائة أردب سمراء بخمسين أردبا سمراء إلى أجل فكذلك أن باع سمراء إلى
أجل فأخذ في ثمنها حين حل الاجل محمولة أو شعيرا لم يجز ذلك وكذلك لو لم يحل
الاجل وكذلك لو باعه برنيا بثمن إلى أجل فأخذ من البرنى عجوة أو صيحانيا لم يجوز ذلك
إلا أن يأخذ من الصنف الذي باعه به مثل مكيلة ما باعه به وجودته وصفته (قلت)
وكذلك لو باعه مائة أردب سمراء إلى أجل بمائة دينار فلما حل أجل الدنانير أتاه فقال
له أعطني خمسين أردبا من الحنطة التي بعتك وأقيلك من الخمسين على أن ترد على
خمسين دينارا (قال) قال مالك لا يصلح هذا وهذا بيع وسلف لأنه باعه الخمسين الأردب
99

بخمسين دينارا على أن أقرضه الخمسين الأردب التي ترجع إليه (قلت) أرأيت أن
بعت ثوبا بمائة درهم إلى شهر أيصلح لي أن أشتريه بخمسين درهما قبل الاجل في قول
مالك (قال) لا خير فيه (قلت) لم (قال) لان ثوبه رجع إليه فيصير كأنه أسلفه خمسين
درهما نقدا في مائة درهم إلى أجل (قلت) أرأيت أن اشتراه بثوب نقدا أو بعرض
نقدا أو بطعام نقدا وقد كان باعه بمائة درهم إلى أجل (قال) لا بأس بذلك إذا كان الذي
يشتريه به من العروض نقدا فإن كانت العروض التي يشتريه بها إلى أجل أدنى من
أجل المائة درهم أو إلى أجلها أو إلى أبعد من أجلها فلا خير في ذلك وهو من الكالئ
بالكالئ (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) وذلك جائزا إذا كان ثمن الثوب
الذي يشترى به الثوب الذي كان باعه بمائة أقل من المائة درهم أو أكثر قال نعم
(قلت) فلو كانت لي عليه مائة أردب سمراء إلى أجل فأخذت منه لما حل الاجل خمسين
أردبا محمولة وحططت عنه خمسين أيجوز ذلك في قول مالك (قال) إن كان إنما هو
صالح يصالحه عليه على وجه المبايعة فلا يجوز وإن كان إنما أخذ منه خمسين محمولة
اقتضاء من خمسين سمراء ثم حط عنه من غير شرط ولا صلح الخمسين الأخرى
لم يكن بهذا بأس (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) وان كانت لي عليه
مائة أردب محمولة فلما حل الاجل أخذت منه خمسين أردبا سمراء ثم حططت عنه
الخمسين الأخرى من غير شرط أيجوز هذا (قال) أرجو أن لا يكون به بأس
(قلت) أرأيت أن كانت لي عليه مائة أردب سمراء فلما حل الاجل صالحته على
مائة أردب محمولة إلى شهرين (قال) لا يجوز هذا في قول مالك لان هذا بيع الطعام
بالطعام ليس يدا بيد ألا ترى أنه قد باع سمراء له قد حلت بمحمولة إلى أجل فلا يجوز
هذا وإنما يجوز هذا إذا أقبضه قبل أن يتفرقا لان الطعام لا بأس به الحنطة بالحنطة
وان اختلف جنسه مثلا بمثل إذا كان يدا بيد ويدخل في مسألتك أيضا بيع الطعام
قبل أن يستوفى
100

(ما جاء في بيع الرطب والتمر في رؤس النخل)
(قلت) أرأيت أن اشتريت تمرا في رؤس النخل أو رطبا أو بسرا بحنطة نقدا أيجوز
ذلك (قال) ان جد ما في رؤس النخل مكانه وقبضه قبل أن يفترقا بحضرة ذلك فلا
بأس بذلك عند مالك وإن لم يجده بحضرتهما قبل أن يفترقا فلا يصلح ذلك لأنه بيع
الطعام بالطعام مستأخرا فلا يصلح ذلك الا يدا بيد وهو إذا لم يجده بحضرة ذلك قبل
أن يتفرقا عند مالك فليس ذلك يدا بيد (قلت) فلو أنى اشتريت ما في رؤس هذه
النخل من التمر أو الرطب أو البسر بدراهم أو بدنانير أو بعرض من العروض ما خلا
الطعام إلى أجل أيجوز ذلك وإن لم يجده قبل أن يتفرقا بحضرة ذلك (قال) فلا بأس
بذلك (قلت) ولا يرى هذا الدين بالدين لأنك زعمت أن ما في رؤس النخل ليس
بنقد إذا لم يجده بطعام حاضر إلا أن يجده (قال) لا لان الثمار قد حل بيعها إذا طابت
فإذا حل بيعها بيعت بنقد أو بدين وليس يمنع صاحبها منها وإنما كرهه مالك بالطعام
إذا لم يجده مكانه لان فيه الجوائح وأنه يراه إذا كان بيعه ما في رؤس النخل بالطعام
ولا يجده بحضرة ذلك ولم يقبضه انه من وجه بيع الطعام بالطعام إلى أجل (قال)
وسئل مالك عن الرجل يأتي إلى البياع بالحنطة يبتاع منه بها خلا أو زيتا أو سمنا
فيكتال الحنطة على باب حانوته ويدخل الحانوت ليخرج الخل من حانوته أو من رف
يكون ذلك فيه إلا أنه في الحانوت (قال مالك) لا يعجبني ولكن ليدع الحنطة
عند صاحبها وليخرج الخل أو السمن أو الزيت وما يريد أن يبيعه منه بذلك الطعام ثم
يبتاعه منه فيأخذ ويعطى (قال ابن القاسم) فيمن اشترى تمرا بحنطة ولم يجده
مكانه فهذا أشد وأبين أنه لا خير فيه وهو مما لا اختلاف فيه أنه لا يصلح ذلك
(ما جاء في بيع الطعام بالطعام غائبا بحاضر)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا باع تمرا بحنطة والتمر حاضر والحنطة غائبة في دار
صاحبها فقال ابعث إلى الحنطة فيأتي بها قبل أن يفترقا أيجوز هذا في قول مالك
101

(قال) لا يجوز هذا عند مالك إلا أن تكون الحنطة حاضرة وهما جميعا حاضران والا
لم يجز ذلك (قلت) أرأيت أن بعته حنطة بشعير كل ذلك بعينه فافترقنا قبل أن
أقبض أو قبض أحدنا وافترقنا قبل أن يقبض الآخر (قال) سألت مالكا عن
الرجل يأتي إلى الحانوت بالحنطة ليبتاع بها زيتا فيكتالها صاحب الحانوت ثم يدخل
الحانوت فيخرج الزيت (قال مالك) لا خير فيه ولكن يقر الحنطة ثم يدخل فيخرج
الزيت ثم يتقابضان وإنما الطعام إذا اختلفا بمنزلة الذهب الورق وكذلك مسألتك
(ما جاء في التمر بالرطب والبسر)
(قلت) ما قول مالك في الرطب بالتمر واحدا بواحد أو بينهما تفاضل (قال) قال
مالك لا يصلح الرطب بالتمر واحدا بواحد ولا بينهما تفاضل (قلت) وكذلك
البسر بالتمر لا يصلح على حال عند مالك قال نعم (قلت) فالبسر بالرطب (قال)
لا خير فيه أيضا على حال لا مثلا بمثل ولا متفاضلا (قلت) فالرطب بالرطب
(قال) قال مالك لا بأس به مثلا بمثل (قلت) فالبسر بالبسر (قال) لا بأس به مثلا بمثل
(قلت) أرأيت النوى بالتمر أيجوز هذا في قول مالك (قال) قد اختلف فيه قول
مالك ولا أرى به بأسا يدا بيد ولا إلى أجل لان النوى ليس بطعام فالنوى بالحنطة
أو غير ذلك لا بأس به عند مالك ولم يختلف فيه قوله (قلت) فالبلح بالتمر ما قول
مالك فيه (قال) أما البلح الصغار بالتمر والرطب فلا بأس به واحدا بواحد يدا بيد
واثنين بواحد يدا بيد (قلت) والبلح الصغار بالبسر (قال) كذلك لا بأس به واحدا
بواحد واثنين بواحد يدا بيد (قلت) فالبلح الكبار (قال) قال مالك لا خير في
البلح الكبار بالتمر ولا بالرطب واحدا بواحد ولا اثنين بواحد ولا يصلح البلح
الكبار واحدا باثنين من صنفه ولا بأس بصغاره بكباره اثنين بواحد يدا بيد (قلت)
فالبلح الكبار بالبسر (قال) لا خير فيه أيضا على كل حال
102

(ما جاء في اللحم بالحيوان)
(قلت) صف لي ما قول مالك في اللحم بالحيوان ما يجوز منه وما يكرهه مالك
(قال) قال لي مالك الإبل والبقر والغنم والوحوش كلها صنف واحد لا يجوز من
لحومها واحد باثنين والطير كلها صغيرها وكبيرها وحشيها وانسيها لا يصلح من
لحومها اثنان بواحد والحيتان كلها صنف واحد ولا يصلح لحم الإبل والبقر والغنم
والوحش كلها بشئ منها أحياء ولا لحوم الطير بشئ من الطير أحياء ولا بأس بلحوم
الطير بالانعام والوحوش كلها أحياء ولا بأس بلحوم الانعام والوحوش بالطير كلها
أحياء والحيتان كلها مثلا بمثل صغارها وكبارها ولا بأس بلحوم الحيتان بالطير أحياء
وما كان من الطير ومن الانعام ومن الوحوش مما لا يحيا وشأنه الذبح فلا خير فيه
بالحيتان الا يدا بيد ولا بشئ من اللحم الا يدا بيد وما كان من الانعام والطير
والوحوش مما يستحيا فلا بأس به بلحم الحيتان إلى أجل (قال) وقال مالك كل شئ
من اللحم يجوز واحد باثنين فلا بأس أن يشترى بذلك اللحم حيه بمذبوحه لأنه إذا
جاز فيه واحد باثنين جاز فيه الحي بالمذبوح (قال ابن القاسم) ولم أر تفسير حديث
النبي صلى الله عليه وسلم عنده في اللحم بالحيوان الا من صنف واحد لموضع الفضل
فيه والمزابنة فيما بينهما فإذا كان الفضل في لحومها جائزا لم يكن بأس بالفضل بين الحي
منه بالمذبوح (قال) فقلت لمالك في الرجل يريد ذبح العناق الكريمة أو الحمام الفارة
أو الدجاجة فيقول له رجل خذ هذا الكبش أو هذه الشاة فاذبحها مكان هذه العناق
وأعطني إياها أقتنيها وهو يعلم أنه إنما يريده للذبح (قال) لا بأس بهذا وليس هذا
عندي مثل المدقوقة العنق أو المدقوقة الصلب أو الشارف أو ما كان مثل ذلك مما
يصير إلى أن يذبح ولا منفقعة فيها الا اللحم فهؤلاء وان عاشوا أو بقوا فلا أحب
شيئا منها بشئ من اللحم يدا بيد ولا بطعام إلى أجل فأما ما وصفت لك من تلك
الأشياء الأخرى فلا بأس به وان ذبح مكانه لان هذا لم يرد به شأن اللحم وإنما كان
على وجه البدل (قال ابن القاسم) فهذان لو استبقيا جميعا كانت فيهما منفعة سوى اللحم
103

(قلت) فأي شئ محمل الجراد عندك أيجوز أن أشتري الجراد بالطير (قال) لا بأس
بذلك عندي ولم أسمعه من مالك إلا أن مالكا قال وليس هو بلحم (قلت) فهل يجوز
واحد من الجراد باثنين من الحيتان (قال) نعم يدا بيد
(ما جاء في بيع الشاة بالطعام إلى أجل)
(قلت) أرأيت أن اشتريت شاة أريد ذبحها بطعام موصوف إلى أجل أيجوز ذلك
أم لا في قول مالك (قال) ان كانت الشاة حية صحيحة مثلها يقتنى فلا بأس به وان
كانت شاة لحم فلا خير فيه إلى أجل وكذلك قال مالك
(ما جاء في اللحم بالدواب والسباع)
(قلت) ما قول مالك في الدواب الجمال والبغال والحمير باللحم (قال) قال مالك لا بأس
به يدا بيد والى أجل لان الدواب ليس مما يؤكل لحومها (قلت) ما قول مالك في
اللحم بالهر والثعلب والضبع وما أشبه هذه الأشياء (قال) سمعت مالكا يكره أكل
الهر والثعلب والضبع ويقول إن قتلها محرم ووداها وإنما كرهها على وجه الكراهية
من غير تحريم (قال) ولم أره جعل هذه الأشياء في الكراهية بمنزلة البغل والحمار
والبرذون لأنه قال تودي إذا قتلها المحرم (قال ابن القاسم) وأكره اللحم بالهر والضبع
والثعلب لما رأيت من قول مالك في كراهية هذه الأشياء لأنها ليست عنده كالحرام
البين ولما أجاز بعض أهل العلم من أكلها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأنا أكرهه ولا يعجبني
(في اللبن المضروب بالحليب)
(قلت) أرأيت اللبن المضروب باللبن الحليب (قال) قال مالك لا بأس بذلك مثلا
بمثل وكذلك اللقاح بلبن الغنم الحليب لا بأس به مثلا بمثل وفى لبن الغنم الزبد
ولبن اللقاح لا زبد فيه فكذلك المضروب والحليب وهذا قول مالك (قلت)
أرأيت لبن الإبل ولبن البقر ولبن الغنم هل يباع من هذا واحد باثنين يدا بيد (قال)
104

قال مالك لا يجوز من هذه الألبان واحد بواحد مثلا بمثل يدا بيد كلما لا يجوز لحومها
الا مثلا بمثل يدا بيد وكذلك ألبانها (قال) فقلت لمالك فلبن الحليب بلبن الماخض
وقد أخرج زبده واحدا باثنين (قال) لا خير فيه الا مثلا بمثل فقيل له أفتراه مثلا
بمثل لا بأس به (فلا) نعم لا بأس به (قال ابن القاسم) ولو كان ذلك عنده مكروها
لكان لبن الغنم الحليب بلبن الإبل لا خير فيه لان لبن الإبل لا زبد فيه ولكان
القمح بالدقيق لا خير فيه لان القمح بريعه يكون أكثر من الدقيق إذا طحن
فإنما يباع هذا على وجه ما يتبايع الناس مما يجوز وليس يراد بهذا المزابنة (قال)
فقلت لمالك واللبن بالسمن (قال) أما اللبن الذي قد أخرج زبده فلا أرى به بأسا
وأما اللبن الذي لم يخرج زبده فلا خير فيه
(فيه بيع السمن بالشاة اللبون والشاة غير اللبون)
(بالجبن وبالسمن إلى أجل واللبن والصوف)
(قال) وقال مالك لا بأس بالسمن بالشاة اللبون يدا بيد ولا يصلح ذلك بنسيئة ولا
بأس بالشاة التي ليس فيها لبن بالمن إلى أجل أو باللبن (قلت) أرأيت أن اشتريت
شاة لبونا بلبن (قال) قال مالك لا بأس بذلك إذا كان يدا بيد وإن كان فيه الاجل
لم يصلح (قال) وقال مالك لا تشترى شاة لبون باللبن إلى أجل وإن كانت الشاة
غير لبون فلا بأس بذلك (قال) وقال مالك ولا بأس بالشاة اللبون بالطعام إلى أجل
وفرق بين اللبن وبين الطعام وقال لان اللبن يخرج من الغنم والطعام لا يخرج منها
(قلت) فالجبن بالشاة اللبن إلى أجل (قال) لا يصلح عند مالك (قلت) وكذلك
الحالوم والزبد والسمن قال نعم (قلت) فإن كان سمن وجبن ودراهم أو عرض مع
السمن والجبن والحالوم بشاة لبون إلى أجل (قال) لا يصلح ذلك (قال) ولا يصلح
في قول مالك أن يشتري شاة لبون بشئ مما يخرج منها من سمن أو جبن أو لحوم
وان جعل السمن والحالوم والجبن دراهم أو عرضا لم يصلح أيضا إذا وقع في ذلك
الاجل (قال) ولقد سألته عن الشاة اللبون بالسمن إلى أجل (فقال) لا خير فيه
105

(قلت) أرأيت أن اشتريت شاة بجزة صوف وعلى الشاة جزة صوف كاملة (قال)
لا أرى بذلك بأسا ولم أسمعه من مالك
(في بيع القصيل والقرط والشعير والبرسيم)
(قلت) ما قول مالك فيمن اشترى فصيلا ليقصله على دوابه بشعير نقدا (قال)
لا بأس بذلك (قال) ولا بأس بالصوف بثوب الصوف نقدا والكتان بثوب الكتان
نقدا ولا بأس بالتور النحاس بالنحاس نقدا ولا خير في الفلوس بالنحاس (قال
سحنون) إلا أن يتباعد ما بينهما إذا كانت الفلوس عددا فإن كانت الفلوس جزافا
فلا خير في شرائها بعرض ولا بعين ولا بغيره بوجه من الوجوه لان ذلك مخاطرة وقمار
(قال ابن القاسم) وإنما القصيل عندي بمنزلة التبن الذي يخرج من الشعير فلو أن
رجلا اشترى تبنا بشعير نقلا لم يكن بذلك بأس ولم يكن فيه حجة أن يقول قائل
فان التبن يخرج من الشعير (قلت) أرأيت لو أن رجلا تشرى شعيرا بقصيل إلى
أجل قريب يعلم أن الشعير الذي أخذ لا يكون قصيلا إلى ذلك الاجل الذي ضرب
للقصيل (قال) لا أرى بذلك بأسا (قلت) فالقرط الأخضر واليابس بالبرسيم بدا
بيد (قال) أراه مثل ما ذكرت لك في الشعير والقصيل وأما أنا فلا أرى به بأسا
(قلت) وكذلك القصب بزريعته يدا بيد قال نعم (قلت) فان اشتريت القصيل
بالشعير إلى أجل (قال) لا أرى به بأسا (قلت فان اشترى الشعير بالقصيل إلى
أجل يكون منه قصيلا (قال) فلا خير فيه فإن كأن لا يكون قصيلا إلى ما باعه إليه
فلا بأس به وكان ذلك مما يجوز التسليف فيه إذا كان مضمونا (قال) وقال لي مالك لو
أن رجلا باع من رجل حب قضب إلى أجل فاقتضى في ثمنه قضبا (قال) لا خير في
ذلك ولا أحب أن يقتضى من ثمن حب اشتراه رجل شيئا مما ينبت من ذلك الحب
(قال ابن القاسم) وذلك عندي أنه إذا تأخر إلى أجل يكون في مثله نبات القضب
ولو كان شراؤه إياه بنقد أو يقبض ذلك القصيل إلى الخمسة عشر يوما أو نحوها ويكون
مضمونا عليه لم أر بذلك بأسا
106

(في الزيتون بالزيت والعصير بالعنب)
(قلت) هل يجوز في قول مالك زيت الزيتون بالزيتون قال لا (قلت) كان
الزيتون له زيت أولا زيت له قال نعم (قلت) وكذلك الجلجلان بزيت الجلجلان
(قال) نعم لا يجوز في قول مالك (قلت) وكذلك العصير بالعنب (قال) سألت
مالكا عن النبيذ بالتمر فقال لا يصلح بالعصير بالعنب مثله
(في رب التمر بالتمر ورب (1) السكر بالسكر)
(قلت) هل يباع رب القصب بالقصب الحلو (قال) لا يعجبني (قلت) لم
(قال) لا يصلح ذلك إلا أن يدخل ذلك كله أبزار أوما أشبهها فيكون كاللحم المطبوخ
إذا دخلته الابزار فصارت صنعة فلا بأس بذلك متفاضلا (قالت) فقلت فرب
التمر بالتمر (قال) لا خير فيه (قلت) وأي شئ صنعة رب التمر (قال) يطبخ
فيخرج ربه فهو إذا منعقد
(في الخل بالخل)
(قلت) هل يجوز حل التمر بخل العنب واحدا باثنين (قال) قال مالك لا يجوز
خل العنب بخل التمر الا واحدا بواحد (قال مالك) لان منفعتهما واحدة (قال)
وقال مالك وهو عندي مثل نبيذ الزبيب ونبيذ التمر لا يصلح الا مثلا بمثل لأنه
قد سار نبيذا كله وصارت منفعته واحدة (قال) ولم أر مالكا يجعل النبيذ والخل
مثل زيت الزيتون وزيت الفجل وزيت الجلجلان لأن هذه مختلفة ومنافعها شتى

(1) الرب بضم أوله هو سلاف خثارة كل ثمرة بعد اعتصادها قاموس والخثارة بضم
الخاء تطلق على الغليظ وعلى البقية ا ه‍ كتبه مصححه
107

(في خل التمر بالتمر)
(قلت) هل كان مالك يجيز خل التمر بالتمر (1) (قال) بلغني أن مالكا قال لا بأس
به (قلت) فخل العنب بالعنب (قال) لم يبلغني عن مالك فيه شئ وأراه مثل خل
التمر بالتمر (قال) واحتج مالك في الخل وقال إن زمان الخل يطول ولمنافع الناس فيه
(في الدقيق بالسويق والخبز بالحنطة)
(قلت) هل يجوز في قول مالك الدقيق بالسويق (قال) سألت مالكا عن الدقيق
بالسويق فقال لا بأس به متفاضلا وهو مثل القمح بالسويق لا بأس بذلك اثنين
بواحد (قال) فقلت لمالك فالخبز بالدقيق (قال) لا بأس به متفاضلا (قال) فقلت
لمالك فالعجين بالخبز (قال) لا بأس به متفاضلا وأراه مثل الدقيق (قلت) فهل يجيز
مالك الحنطة بالسويق اثنين بواحد قال نعم (قلت) فالسويق بالحنطة اثنين بواحد
هل يجيزه مالك (قال) نعم لا بأس به (قلت) أرأيت الدقيق بالسويق (قال) قال
مالك لا بأس به واحدا باثنين يدا بيد (قلت) فسويق السلت والشعير لا بأس
به بالحنطة واحدا باثنين في قول مالك قال نعم (قلت) فالعجين بالخبز في قول
مالك واحدا باثنين (قال) قال لي مالك لا بأس به يدا بيد (قلت) وكذلك الخبز
بالدقيق واحدا باثنين في قول مالك قال نعم (قلت) وكذلك العجين بالحنطة
وبالدقيق (قال) لا خير فيه في رأيي لأنه لم تغيره الصنعة والخبز قد غيرته الصنعة وأما
الدقيق والعجين فلم تغيره الصنعة (قلت) والدقيق دقيق الحنطة بالحنطة والسلت
(قال) قال مالك لا بأس بذلك مثلا بمثل (قلت) وكذلك دقيق الشعير بالسلت

(1) فضل روى أبو زيد عن ابن الماجشون أنه لا يجوز حل التمر بالتمر الا في اليسير ولا يجوز
في الكثير للمزابنة وكذلك الدقيق بالقمح وحكي عن أصبغ أنه جائز في القليل والكثير في
المقيس والمقيس عليه جميعا لان السويق لا بد من أن يجعل فيه عسل فهو مثل الابزار وقوله
القمح المقلو بالدقيق لا بأس به يريد به دقيق الحنطة غيره المقلوة والقمح المقلو بغير المقلو وكذلك
دقيق غير المقلو بالقمح المقلو ا ه‍ من هامش الأصل
108

والحنطة قال نعم (قال) والدقيق الحنطة بالشعير (قال) قال مالك لا يصلح
الا مثلا بمثل يدا بيد (قلت) وكذلك السلت قال نعم
(في الحنطة المبلولة بالمقلوة والمبلولة)
(قلت) فالحنطة المبلولة بالحنطة المقلوة (قال) لا أرى به بأسا وقد بلغني عن
مالك فيه بعض المغمز حتى يطحن وأنا لا أرى به بأسا (قلت) فهل يجيز مالك
الحنطة المبلولة بالسويق اثنين بواحد قال نعم (قلت) فهل يجوز مالك الحنطة اليابسة
بالحنطة المقلوة اثنين بواحد (قال) لا أرى به بأسا) قلت) وكذلك الحنطة المقلوة
بالدقيق واحدا باثنين لا بأس بذلك في قول مالك قال نعم (قلت) فالأرز المبلول
أو اليابس بالأرز المقلو اثنين بواحد (قال) لا أرى به بأسا مثلا بمثل أو متفاضلا
(قلت) ما قول مالك في فريك الحنطة الرطبة بالحنطة اليابسة (قال) قال مالك
لا يصلح ذلك لا مثلا بمثل ولا متفاضلا لان الفريك رطب لم يجف (قال) وقال
مالك لا يصلح السمن بالزبد مثلا مثلا ولا بينهما تفاضل (قلت) هل يجوز مالك
الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة مثلا بمثل أو بينهما تفاضل (قال) قال مالك لا يصلح
ذلك (قلت) وكذلك لا تصلح الحنطة المبلولة بالشعير ولا بالسلت مثلا بمثل ولا بينهما
تفاضل في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت الأرز المبلول أيجوز منه واحد باثنين
من جميع الحبوب والقطاني في قول مالك (قال) نعم إذا كان ذلك يدا بيد (قلت)
والأرز المبلول بالأرز المبلول أو اليابس لا يصلح (قال) نعم لا يصلح في قول مالك
(في الحنطة المبلولة بالقطاني)
(قلت) أتجوز الحنطة المبلولة في قول مالك بالقطنية كلها وبالدخن وبالسمسم
وبالأرز وبالذرة وبجميع هذه الأشياء من الحبوب والطعام ما خلا الحنطة والشعير
والسلت واحدا باثنين أو واحدا بواحد يدا بيد (قال) نعم ذلك جائز في رأيي واحدا باثنين
أو أكثر إذا كان يدا سد (قلت) لم كره مالك الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة (قال)
109

ألا ترى أن الفريك الرطب لا يصلح بالحنطة اليابسة فكذلك الحنطة المبلولة
باليابسة (قلت) والشعير والسلت لم كرهه مالك بالحنطة المبلولة (قال) لأنهما صنف
واحد مع الحنطة عند مالك ألا ترى أنهما يجمعان مع الحنطة في الزكاة فلذلك كرهه
(قلت) أرأيت العدس المبلول أيصلح بالفول واحد بواحد أو واحد باثنين في قول
مالك (قال) نعم إذا كان يدا بيد (قلت) ولم وأنت تجمعه في الزكاة وتراه في الزكاة نوعا
واحدا وأنت تجيز المبلول منه إذا كان عدسا باليابس من الفول (قال) لان هذين في
البيع عند مالك صنفان مختلفان ألا ترى أن العدس اليابس لا بأس به بالفول في قول
مالك واحدا باثنين فكذلك المبلول منه أولا ترى أن الحنطة اليابسة لا تصلح
بالشعير والسلت في قول مالك الا مثلا بمثل فلذلك كره مالك المبلول من الحنطة
بالشعير مثلا بمثل أو بينهما تفاضل (قال) ولقد رأيت مالكا غير سنة كره القطنية
بعضها ببعض بينهما تفاضل ففي قوله الذي رجع إليه آخرا أنه كره التفاضل بينهما
فالمبلول من القطنية لا يصلح بشئ من القطنية اليابسة لأنه نوع واحد وقوله الأول
أحب إلى وهو الذي كتبت أول مرة فأنا آخذ به (قلت) فالعدس المبلول بالعدس
اليابس في قول مالك (قال) لا يصلح ذلك عند مالك وإنما مثل هذا مثل الرطب بالتمر
أو الفريك بالحنطة أو الحنطة المبلولة بالحنطة اليابسة وقد وصفت لك ذلك
(قلت) فالعدس المبلول بالعدس المبلول هل يجوز في قول مالك (قال) لا يصلح
ذلك عند مالك لأنه ليس مثلا بمثل لان البلل يختلف يكون منه ما هو أشد
انتفاخا من صاحبه فلا يصلح على حال (قلت) وكذلك الحنطة المبلولة بالحنطة
المبلولة عند مالك (قال) نعم لا يصلح
(في اللحم باللحم)
(قلت) ما قول مالك في اللحم النيئ باللحم القديد واحدا باثنين أو مثلا بمثل (قال) قال
مالك لا خير فيه واحدا بواحد ولا بينهما تفاضل (قال) فقلت لمالك وان تحرى (قال
لا خير فيه وان تحرى (قلت) لم كرهه ملك (قال) رأيت مالكا لا يرى ذلك
110

مما يبلغ معرفته عند الناس أن يكون مثلا بمثل لان هذا جاف وهذا نئ وقد كان
مالك فيما ذكر عنه بعض الناس أنه أجازه في أول زمانه ثم رجع عنه وأقام على
الكراهية فيه غير مرة ولا عام (قلت) فهل يجوز اللحم الممقور (1) باللحم النيئ في
قول مالك مثلا بمثل أو متفاضلا (قال) قال مالك لا يصلح اللحم النيئ باللحم الممقور
متفاضلا ولا مثلا بمثل ولا يتحرى (قلت) وكذلك السمك الطري بالسمك
المالح لا يصلح مثلا بمثل ولا متفاضلا في قول مالك (قال) نعم ولا يتحرى (قلت)
وهكذا القديد باللحم النيئ (قال) نعم لا يصلح ذلك مثلا بمثل في قول مالك ولا
متفاضلا ولا يتحرى (قلت) فالنمكسوذ بالنيئ أيجوز في قول مالك (قال) قال
لي مالك لا يجوز المالح بالنيئ متفاضلا ولا مثلا بمثل والنمكسوذ عندي
إنما هو لحم مالح فلا يجوز على حال (قلت) فما قول مالك في اللحم المشوي
باللحم النيئ (قال) قال مالك لا يعجبني واحدا بواحد ولا بينهما تفاضل (قال)
وهذا أيضا مما رجع عنه وأقام على الكراهية فيه مثل القديد وهو أحب قوله إلى
(قال) وقال مالك ولا يتحرى (قلت) لم لا يجيز مالك اللحم النيئ بالمشوي واحدا
بواحد ولا بينهما تفاضل (قال) لان المشوي عنده بمنزلة القديد إنما جففته النار عنده
كما جففت الشمس القديد (قلت) فما قول مالك في القديد بالمطبوخ (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا والقديد أيضا إن كان إنما جففته الشمس بلا تابل ولا صنعة
صنعت فيه فلا بأس به واحدا باثنين من المطبوخ (قلت) فالقديد بالمشوي (قال)
لا خير فيه وان تحرى لان يابس الشوى هو رطب لا يكون كيابس القديد (قلت)
فما قول مالك في المشوي المطبوخ (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى
أن كل شواء لم يدخله صنعة مثل ما يعمل أهل مصر في مقاليهم التي يجعلون فيها
التابل والخل والزيت وما أشبه هذا حتى ربما كان لها المرقة ويكون شبيها بالمطبوخ

(1) (الممقور) قال في شرح القاموس وقال الأزهري الممقور من السمك الذي ينقع في الخل
والملح فيصير صباغا باردا يؤتدم به ا ه‍ ويقاس عليه مطلق اللحم كما في القاموس ا ه‍ كتبه مصححه
111

فهذا عندي طبيخ إذا كان كذلك فلا يعجبني ذلك بالمطبوخ ولا بأس به بالنيئ على
حال لأنه مطبوخ وإن كان إنما النار جففته وحده بلا تابل فأرجو أن لا يكون به بأس
واحدا باثنين بالمطبوخ ولا خير في بالنيئ على حال (قلت) فما قول مالك في اللحم
القلية بالعسل والقلية بالخل وباللبن واحدا باثنين (قال) لم أسمع من مالك في هذا
شيئا ولكن هذا عندي نوع واحد لأنه مطبوخ كله وان اختلفت صنعته واسمه فلا
يصلح منه واحد باثنين (قلت) فاللحم الطري بالمطبوخ ما قول مالك فيه (قال)
قال مالك لا بأس به واحد باثنين أو مثلا بمثل إذا غيرته الصنعة (قلت) هل يجيز
مالك الصبر بلحم الحيتان متفاضلا (قال) سألنا مالكا عن صغار الحيتان بكبارها
متفاضلا (قال) لا خير فيه وهو حيتان كله (قال) وكذلك الصير عندي لا خير فيه
(قلت) أرأيت الشاة المذبوحة بالشاة المذبوحة أيجوز ذلك في قول مالك (قال)
لا يجوز هذا في قول مالك لان اللحم بعضه ببعض لا يجوز في قول مالك الا مثلا
بمثل إذا كان نيئا وهاتان الشاتان لما ذبحتا فقد صارتا لحما فلا يجوز الا مثلا بمثل على
التحري (قلت) وهل يتحرى هذا وهما غير مسلوختين حتى يكونا مثلا بمثل (قال)
ان كانا يقدران على أن يتحريا حتى يكون مثلا بمثل فلا بأس به كما يتحرى اللحم وإلا فلا خير فيه وهذا مما لا يستطاع أن يتحرى (قلت) فالكرش والكبد والرئة
والقلب والطحال والكلوتان والحلقوم والشحم أهذا كله عندك بمنزلة اللحم لا يصلح
منه واحد باثنين باللحم (قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت)
وكذلك خصى الغنم (قال) لم أسمع من مالك في خصى الغنم شيئا وأراه لحما
لا يصلح منه واحد باثنين من اللحم ولا يصلح الخصي باللحم الا مثلا بمثل لأنه لحم
(قلت) وكذلك الرؤس والأكارع في قول مالك هو لحم لا يصلح ذلك باللحم
الا مثلا بمثل قال نعم (قلت) فما قول مالك في الطحال أيؤكل أم كان يكرهه
(قال) ما علمت أن مالكا كان يكرهه ولا بأس به (قلت) فهل يصلح الرأس
بالرأسين (قال) لا يصلح في قول مالك الا وزنا بوزن أو على التحري (قلت) فان
112

دخل رأس في وزن رأسين أو دخل ذلك في التحري لا بأس به (قال) نعم لا بأس
به عند مالك
(في البقول والفواكه كلها بعضها ببعض)
(قلت) ما قول مالك في البقول واحد باثنين وإن كان من نوعه أو من غير نوعه
يدا بيد مثل الفجل والسلق والكراث وما أشبه ذلك (قال) لا بأس بذلك عند مالك
كانا من نوع واحد أو من غيره (قلت) وكذلك التفاح والرمان والبطيخ وما
أشبه هذا من الفاكهة الخضراء أهو مثل ما قلت في البقول قال نعم
(في الطعام كله بعضه ببعض)
(قلت) أي شئ كره مالك واحد باثنين من صنفه يدا بيد من جميع الأشياء وأي
شئ وسع فيه واحدا باثنين من صنفه يدا بيد من جميع الأشياء (قال) قال مالك
كل شئ من الطعام يدخر أو يؤكل ويشرب فلا يصلح منه اثنان بواحد من صنفه
يدا بيد وأما ما لا يؤكل ولا يشرب فلا بأس به واحدا باثنين من صنفه يدا بيد من
جميع الأشياء قال مالك وكذلك كل طعام لا يدخر وهو يؤكل ويشرب فلا بأس
بواحد منه باثنين من صنفه يدا بيد وهو عندي مثل ما لا يؤكل ولا يشرب في
هذا الوجه (قال مالك) والذهب بالذهب مثلا بمثل لا زيادة فيه يدا بيد وكذلك
الفضة بالفضة والفلوس بالفلوس لا يصلح الا مثلا بمثل عددا ويدا بيد ولا يصلح
بعضها ببعض كيلا (قال) وقال مالك وما كان مما لا يدخر من الفاكهة مثل التفاح
والرمان والخوخ وما أشبه هذا فلا بأس به واحدا باثنين يدا بيد وان ادخر
(قال) فقلت لمالك فالسكر بالسكر (قال) لا خير فيه اثنين بواحد
(في الصبرة بالصبرة والأردب بالأردب)
(قلت) هل تجوز صبرة حنطة بصبرة شعير (قال) قال مالك لا يجوز الا كيلا
113

مثلا بمثل (قلت) أرأيت أن اشتريت أردب حنطة وأردب شعير بأردب حنطة
وأردب شعير أيجوز ذلك وتجعل الحنطة بالحنطة والشعير بالشعير في قول مالك (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا وما يعجبني هذا ولا أراه جائزا لأنه لا يصلح عند مالك
مد من حنطة ومد من دقيق بمد من حنطة ومد من دقيق كانت بيضاء كلها أو سمراء
كلها وكذلك أيضا ان كانت سمراء أو بيضاء لم يجز أيضا وهذا لو فرقته لجاز لان
الحنطة بالدقيق جائز والحنطة بالحنطة جائز فلما اجتمعا كرهه مالك وكذلك الشعير
والحنطة بالشعير والحنطة فهو مثله ولا يجوز إذا اجتمعا في صفقة واحدة (قال) وإنما
خشي مالك في هذا الذريعة لما يكون بين القمحين من الجودة أو الفضل ما بين
الشعيرين فيأخذ فضل شعيره في حنطة صاحبه ويأخذ صاحبه فضل حنطته في شعير
صاحبه (قال) وإنما مثله في قول مالك كمثل ما لو أن رجلا باع مائة دينار كيلا بمائة
دينار كيلا ومع كل واحدة من الدنانير مائة درهم كيلا مع هذه مائة درهم ومع هذه
مائة درهم فلا خير في ذلك وهذا لو فرقته لجاز الدراهم بالدراهم والدنانير بالدنانير
وهذا إنما كرهه مالك لأنه لا يصلح أن يكون الذهب بالذهب مع احدى الذهبين
شئ عرض ولا ورق وكذلك الورق بالورق مثل الذهب بالذهب وكذلك جميع
الطعام الذي يدخر ويؤكل ويشرب مما لا يصلح منه اثنان بواحد يدا بيد (قلت)
أرأيت من أعطى قفيزين من حنطة بقفيز من حنطة ودراهم هل يجوز في قول مالك
أو شئ منه أم لا (قال) لا يجوز عند مالك شئ منه (قلت) ولم لا يجيزه مالك
ويجعله قفيزا بقفيز والقفيز الآخر بالدراهم (قال) ألا ترى أن مالكا قال لا يجوز أن
يباع الذهب الذهب مع احدى الذهبين شئ أو مع الذهبي جميعا مع كل واحدة
منهما سلعة من السلع فكذلك الحنطة وجميع الأشياء من الطعام مما لا يجوز أن يؤخذ
منه واحد باثنين من نوعه يدا بيد إنما يحمل محمل الذهب والفضة في هذا
لا يجوز أن يباع بعضه ببعض مع أحد الصنفين سلعة أخرى أو مع كل صنف
سلعة أخرى لأنهما إذا تبايعا ما لا يجوز الا مثلا بمثل فجعلا مع أحد الصنفين سلعة
114

أو مع كل صنف سعلة لهذا ليس مثلا بمثل وهذا ترك للأثر الذي جاء فيه ألا ترى
أنك إذا بعت عشرة دنانير وسلعة مع العشرة بعشرين دينارا فلم تبع الذهب بالذهب
مثلا بمثل فهذا مما لا يجوز وهذا خلاف الأثر وهذا قول مالك كله في الطعام وقال لي
مالك يجرى مجرى الذهب بالذهب والورق بالورق
(في الفلوس بالفلوس)
(قال ابن القاسم) قال مالك لا يصلح الفلوس بالفلوس جزافا ولا وزنا مثلا بمثل
ولا كيلا مثلا بمثل يدا بيد ولا إلى أجل ولا بأس بها عددا فلسا بفلس ولا يصلح
فلسان بفلس يدا بيد ولا إلى أجل والفلوس ها هنا في العدد بمنزلة الدراهم والدنانير
في الورق (وقال مالك) أكره ذلك في الفلوس ولا أراه حراما كتحريم الدنانير
والدراهم (قلت) أرأيت أن اشتريت فلسا بفلسين أيجوز هذا عند مالك (قال)
لا يجوز فلسا بفلسين (قلت) فمراطلة الفلوس بالنحاس واحدا باثنين يدا بيد (قال)
لا خير في ذلك (قال) لان مالكا قال الفلس بالفلسين لا خير فيه لان الفلوس لا تباع
الا عددا فإذا باعها وزنا كان من وجه المخاطرة فلا يجوز بيع الفلوس جزافا فلذلك كره
مالك رطل فلوس برطلين من النحاس (قال) ولو اشترى رجل وطل فلوس بدرهم لم
يجر ذلك (قال) وقل مالك كل شئ يجوز واحد باثنين من صنفه إذا كايله أو راطله
أو عادة فلا يجوز الجزاف فيه بينهما لا منهما جميعا ولا من أحدهما لأنه من المزابنة إلا أن يكون الذي يعطى أحدهما متفاوتا يعلم أنه أكثر من الذي أخذ من ذلك الصنف
بشئ كثير فلا بأس بذلك ولا يجوز أن يكون أحدهما كيلا ولا وزنا ولا عددا
والآخر جزافا وإن كان مما يصلح اثنان بواحد إلا أن يتفاوت ما بينهما تفاوتا بعيدا
فلا بأس بذلك وهو إذا تقارب عند مالك ما بينهما كان من المزابنة وإن كان ترابا
(في الحديد بالحديد)
(قلت) أيصلح الحديد بالحديد واحد باثنين يدا بيد وما أشبه الحديد من النحاس
115

والرصاص (قال) قال مالك نعم لا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن اشتريت رطلا من
حديد عند رجل والحديد بعينه برطلين من حديد عندي بعنيه على أن يزن لي
وأزن له ثم افترقنا قبل أن نتقابض وقبل أن يزن (قال) لا بأس بذلك لأنه حديد بعينه
ليس هذا دينار بدين وهذا شئ بعينه (قلت) فإذا التقينا أجبرتني على أن أعطيه
وأزن له وأجبرته على أن يعطيني ويزن لي قال نعم (قلت) فان تلف الحديد ان أو
أحد الحديدين من قبل أن نجتمع (قال) فلا بيع بينكما ولا شئ لواحد منكما على صاحبه
(قلت) فلو أنى حين اشتريت حديده منه الذي ذكرت لك بحديدي الذي ذكرت
فوزنت له حديدي وافترقنا قبل أن يزن لي حديده وذلك الحديد الذي تبايعنا بعينه
ثم رجعت إليه لا قبض منه الحديد الذي اشتريته منه فأصبته قد تلف (قال) يرجع
فيأخذ حديدك الذي دفعت إليه (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم
(ثم كتاب السلم الثالث من المدونة الكبرى)
(والحمد لله حق حمده وصلى الله على محمد رسوله ونبيه
وعلى آله وصحبه وسلم
(ويليه كتاب الآجال والبيوع الفاسدة)
116

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين)
(وصلى الله على سينا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب الآجال)
(ما جاء في الآجال)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو بعت ثوبا بمائة درهم إلى أجل شهر ثم إني اشتريته بمائة درهم إلى الاجل أيصلح ذلك أم لا في قول مالك (قال) نعم لا بأس
بذلك (قلت) فان اشتريته إلى أبعد من الاجل بمائة درهم (قال) لا بأس بذلك
أيضا (قلت) فان اشتريته بأكثر من الثمن إلى أبعد من الاجل بعته بمائة إلى
شهر واشتريته بمائة وخمسين إلى شهرين (قال) لا يصلح ذلك إلا أن يكون مقاصة
إذا حل الاجل قاصه مائة بمائة وبقيت الخمسون عليه كما هي حتى يحل أجلها ثم
يأخذها فأما أن يأخذ المائة التي باعه بها الثوب أو لا عند أجلها ويكون عليه مائة
وخمسون إلى أجل البيع الثاني فهذا يدخله مائة درهم إلى شهر بخمسين ومائة إلى
شهرين فهذا لا يصلح (قلت) أرأيت أن بعت ثوبا بمائة درهم محمدية إلى شهر
فاشتريته بمائة درهم يزيدية إلى محل ذلك الاجل أيجوز ذلك أم لا في قول مالك
(قال) لا خير في هذا كأنه باعه محمدية بيزيدية إلى أجل (قلت) أرأيت أن بعتك
عبدين بمائة دينار إلى سنة فاشتريت منك أحدهما بدينار قبل الاجل (قال) لا بأس
بذلك أن كان الدينار مقاصة مما على الذي عليه الحق فإن كان الدينار غير مقاصة إنما
ينقده الدينار فلا يجوز ذلك وهذا كله قول مالك (قلت) فان اشتريت أحدهما
117

بتسعة وتسعين دينارا نقدا (قال) لا يجوز ذلك (قلت) فان اشتريته بمائة دينار
نقدا (قال) لا بأس بذلك (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) لم كرهته إذا
أخذته بأقل من الثمن نقدا ولم تجره إلا أن يأخذه بجميع الثمن (قال) لأنك إذا
أخذته بأقل من جميع الثمن دخله بيع وسلف (قلت) وأي موضع يدخله بيع
وسلف (قال) لأنك إذا أخذته بخمسين نقدا صار الباقي منهما بخمسين وصار يرد
إليك الخمسين التي أخذ منك الساعة نقدا إذا حل الاجل ويصير سلفا ومعه بيع فلا
يجوز ذلك (وأخبرني) ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة وأبى الزناد أنهما
قالا إذا بعت شيئا إلى أجل فلا تتبعه من صاحبه الذي بعته منه ولا من أحد تبيعه
له إلى ما دون ذلك الاجل الا بالثمن الذي بعته به منه أو بأكثر منه ولا ينبغي
أن تبتاع تلك السلعة إلى ما فوق ذلك الاجل الا بالثمن أو بأقل منه وإذا ابتاعه
إلى الاجل نفسه ابتاعه بالثمن أو بأكثر منه أو بأقل إذا كان ذلك إلى الاجل فان
ابتاعه الذي باعه إلى أجل بنقد بمثل الذي له في ذلك الاجل فهو حلال وإن كان
الذي ابتاعه إلى أجل هو يبيعه بنقصان فلا ينبغي له أن يعجل النقصان ولا يؤخره
إلى ما دون الاجل إلا أن يكون ذلك كله إلى الاجل الذي ابتاع منك تلك السلعة
إليه (وكيع) عن سفيان الثوري عن هشام عن ابن سيرين عن ابن عباس قال
إياك أن تبيع دراهم بدراهم بينهما جريرة (وكيع) عن سفيان الثوري عن سليمان
التيمي عن حبان بن عمير القيسي عن ابن عباس أنه قال في الرجل يبيع الحريرة إلى
أجل فكره ذلك أن يشتريها نقدا يعنى بدون ما باعها به (قال) وأخبرني ابن
وهب عن حريز بن حازم عن أبي إسحاق الهمداني عن أم يونس أن عائشة زوج
النبي صلى الله عليه وسلم قالت لها أم محبة أم ولد لزيد بن الأرقم الأنصاري يا أم
المؤمنين أتعرفين زيد بن الأرقم قالت نعم قالت فانى بعته عبدا إلى العطاء بثمانمائة
فاحتاج إلى ثمنه فاشتريته منه قبل الاجل بستمائة فقالت بئس ما شريت وبئس
ما اشتريت أبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم
118

يتب قالت فقلت أفرأيت أن تركت المائتين وأخذت الستمائة قالت فنعم من جاءه
موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف (قلت) أرأيت أن بعت ثوبا بعشرة دراهم
إلى شهر (1) فاشتريته قبل محل الاجل بخمسة دراهم نقدا وبثوب من نوعه أو
من غير نوعه نقدا (قال) لا خير في هذا لان هذا بيع وسلف لان ثوبه يرجع
إليه وكأنه إنما أسلفه خمسة دراهم إلى شهر على أن باعه ثوبه الثاني بخمسة دراهم إلى شهر
فصار إذا حل الاجل أخذ خمسة قضاء من خمسة التي دفع إليه قبل الاجل وخمسة من
ثمن الثوب الباقي فهذا بذلك على أنه بيع وسلف (قلت) أرأيت أن بعت ثوبين بعشرة
دراهم إلى شهرين فاشتريت أحدهما بثوب نقدا وبخمسة دراهم نقدا (قال) لا يصلح هذا

وجد بالأصل هنا طيارة تتعلق بهذا المبحث ونصها
(1) قال فضل لي رجل باع من رجل ثوبا بعشرة دنانير إلى شهر ثم اشتراه البائع بخمسة نقدا
وفاتت السلعة عند البائع الأول فإنك تنظر إلي قيمتها فإن كانت عشرة فصاعدا غرم البائع الأول
للمشترى الأول تمام قيمتها ويقاص نفسه المشترى الأول في القيمة بالخمسة الدنانير التي كان قبض أولا
ولا يتهم أحد ان يعطي عشرة أو أحد عشر نقدا في عشرة إلي أجل فإن كانت القيمة أقل من
العشرة التي باع بها أولا فإنك تفسخ البيع الأول ويرد المشترى الأول على البائع الأول الخمسة
الدنانير التي كان قبض لأنهما يتهمان هاهنا على أنهما عملا في اعطاء قليل في كثير إلى أجل ذكر
ذلك ابن عبدوس عن ابن القاسم قال فضل وحكي ابن عبدوس عن ابن القاسم فيمن باع سلعة
بمائة دينار إلى أجل ثم عدا البائع على السلعة فباعها من غيره من قبل أن يقبضها المبتاع بخمسين
دينارا نقدا وفاتت السلعة فان على البائع الأول الأكثر من قيمتها يوم تعدى عليها أو الثمن الذي
به باعها بالنقد فيدفعه إلى المشترى ينتفع به حتى إذا حل الاجل رد على البائع مثل ما قبض منه
إن كان الذي قبض أقل من المائة ولا يعطيه المائة كاملة لما يلحق البائع ها هنا من التهمة أن يكون
يعطي قليلا في كثير إلى أجل إلا أن يكون إنما قبض منه المشتري أولا أكثر من المائة التي عليه
إلي أجل فلا يرد على البائع الا المائة وتسقط التهمة ها هنا (قال فضل) وقد ذكر ابن عبدوس فيه قولا
غير هذا وذلك أنه لم يراع التهمة ها هنا حين تبين عداء البائع وأوجب للمشترى الأول على
البائع الآخر القيمة أو الثمن الذي باعها به ثم يرى عليه إذا حل الاجل مثل الذي كان عليه أولا
ولا يبالي كان الذي عليه أكثر من الذي قبض أو أقل لأنه قد تبين عداء البائع فسقطت التهمة
ها هنا عنهما أن يكونا عملا بذلك انتهى * وفى ذيل هذه الطيارة أيضا ما نصه
والذي يستعين به طالب العلم على فتح ما انغلق وكشف ما التبس اخلاص النية واغتنام الفوائد
والحرص على الزيادة والرغبة إلي الله في الهداية والتوفيق ا ه‍
119

(قلت) لم (قال) لأنه يدخله بيع وسلف ويدخله أيضا فضة وسلعة نقدا بفضة إلي أجل
فأما البيع والسلف فكأنه باعه ثوبين إلى أجل بخمسة دراهم وأقرضه خمسة دراهم
نقدا على أن يقبضها منه إذا حل الاجل وأما فضة وسلعة نقدا بفضة إلى أجل فكأنه
باعه ثوبين وخمسة دراهم نقدا بعشرة دراهم إلى أجل فلا يصلح ذلك وذلك أنا جعلنا
الثوب الذي باعه ثم رجع إليه لغوا (قلت) أفرأيت أن بعت ثوبا بعشرة دراهم إلى
شهر فاشتريته بخمسة دراهم إلى الاجل وبثوب نقدا (قال) لا بأس بذلك (قلت) لم
(قال) لأنه رجع إليه ثوبه وباعه ثوبا بخمسة دراهم إلى شهر وسقطت عنه خمسة بخمسة
فصارت مقاصة (قلت) أرأيت أن بعته ثوبا بعشرة دراهم محمدية إلى شهر فاشتريته
بثوب نقدا أو بخمسة دراهم يزيدية إلى شهر (قال) لا خير في هذا لأنه رجع إليه
ثوبه الأول فألغى وصار كأنه باعه ثوبه الثاني بخمسة دراهم محمدية على أن يبدل له إذا
حل الاجل خمسة يزيدية بخمسة محمدية (قلت) أرأيت أن بعته ثوبا إلى شهر بعشرة
دراهم فاشتريته بثوبين من صنفه إلى أجل أبعد من الاجل (قال) لا خير في ذلك
لأنه يصير دينا بدين (قلت) وكذلك لو ابتعته بثوب من صنفه إلى أبعد من
الاجل أيصير هذا دينا بدين (قال) نعم لا خير في هذا (قلت) فان بعت ثوبا إلى
شهر بعشرة دراهم فاشتريته بثوب من صنفه إلى خمسة عشر يوما أيجوز هذا (قال)
لا يجوز هذا (قلت) لم (قال) لان هذا دين بدين (قلت) وكيف كان هذا
دينا بدين (قال) لأنه رجع إليه ثوبه فصار لغوا وباع ثوبا إلى خمسة عشر يوما بعشرة
دراهم إلى شهر فصار الدين بالدين (قلت) أرأيت أن بعت ثوبا بثلاثين درهما إلى
شهر فاشتريته بدينار نقدا أيجوز هذا أم لا (قال) لا يجوز هذا (قلت) لم (قال)
لان ثوبه رجع إليه فصار لغوا وصار كأنه أعطاه دينارا نقدا بثلاثين درهما إلى شهر
(قلت) أرأيت أن بعته ثوبا بثلاثين درهما إلى شهر فاشتريته بعشرين دينارا نقدا
(قال) لا بأس بذلك (قلت) ولا يدخل هذا الذهب نقدا بالفضة إلى أجل (قال)
لا لأنهما قد سلما من التهمة لان الرجل لا يتهم على أن يعطى عشرين دينارا نقدا في
120

ثلاثين دهما إلى أجل (قلت) وإنما ينظر في هذا إلى التهمة فإذا وقعت التهمة
جعلته ذهبا نقدا في فضة إلى أجل وإن لم تقع التهمة أجزت البيع بينهما قال نعم
(قلت) فان باع ثوبه بأربعين درهما إلى شهرين فاشتراه بدينارين نقدا وصرف
الأربعين درهما بدينار أيصلح هذا أم لا في قول مالك (قال) لا يعجبني هذا حتى
ببين ذلك ويسلما من التهمة لان الأربعين من الدينارين قريب (قلت) فان اشتراه
بثلاثة دنانير نقدا (قال) هذا لا يتهم لان الثلاثة الدنانير عند الناس بينة أنها خير من
أربعين درهما وأكثر فلا يتهم هذا هاهنا (قلت) أرأيت أن بعته ثوبا بأربعين
درهما إلى شهر فاشتريته بدينار نقدا وبثوب نقدا أيجوز هذا أم لا (قال) لا خير في
هذا لأنه ذهب وعرض بفضة إلى أجل فلا خير في ذلك (قلت) أرأيت أن
بعت ثوبا بعشرة دراهم لي أجل فاشتريته بثوب نقدا وبفلوس نقدا أيصلح هذا
أم لا (قال) لا يعجبني هذا لأنه لا يصلح أن يشترى الدراهم إلى أجل بالفلوس نقدا
(قلت) أرأيت أن بعت حنطة محمولة مائة أردب بمائة دينار إلى سنة فاحتجت
إلى شراء حنطة محمولة فاشتريت من الرجل الذي بعته الحنطة إلى أجل اشتريت منه
مائتي أردب محمولة بمائة دينار نقدا أيصلح هذا البيع أم لا في قول مالك وذلك بعد
يوم أو يومين من مبايعتي إياه أو من بعد شهر أو شهرين أو ستة أشهر (قال) لا يصلح
هذا البيع الثاني لأنه رد إليه طعامه أو مثل طعامه وزاده عليه زيادة على أن أسلفه
مائة دينار سنة نقده إياها فهذا لا يصلح (قال) ولقد قال لي مالك ولو أن رجلا باع
من رجل طعاما إلى أجل ثم لقيه بعد ذلك يبيع طعاما (قال) لا أحب له أن يبتاع
منه طعاما من صنف طعامه الذي باعه إياه أقل من كيل طعامه الذي باعه إياه ولا
مثل كيله بأقل من الثمن الذي باعه به نقدا (قال) مالك ولا أرى بأسا أن يبتاعه منه
بمثل الثمن الذي باعه به أو أكثر إذا كان مثل كيله وكان الثمن نقدا فهذا الذي كره
مالك من هذا يشبه مسألتك التي سألتني عنها لان مالكا جعل الطعام إذا كان من
صنف طعامه الذي باعه إياه كأنه هو طعامه الذي باعه إياه وخاف فيما بينهما الدلسة
121

أن يقع السلف والزيادة فيما بينهما على مثل هذا ولم يجعل الثياب مثلها (قلت)
والطعام كله كذلك في قول مالك قال نعم (قلت) وكذلك كل ما يوزن ويكال مما
لا يؤكل ولا يشرب ومما يؤكل ويشرب فهو بهذه المنزلة قال نعم (قلت) فلو أنى
بعت من رجل ثوبا فسطاطيا أو قرقبيا بدينارين إلى شهر فأصبت معه ثوبا يبيعه من
صنف ثوبي مثله في صفته وذرعه قبل محل أجل ديني عليه من ثمن ثوبي فاشتريته منه
بدينار نقدا أيصلح هذا أم لا (قال) لا بأس بهذا وليس الثياب في هذا بمنزلة الطعام
(قلت) ما فرق بين الطعام من صنف طعامه فكأنه هو طعامه الذي باعه بعينه وان
الثياب من استهلكها كان عليه قيمتها فهو إذا لقيه ومعه ثوب من صنف ثوبه
إذا لم يكن ثوبه بعينه فليس هو ثوبه الذي باعه إياه فلا بأس أن يشتريه إن كان من
صنف ثوبه بأقل أو بأكثر نقدا أو إلى أجل (قال) ولو كرهت هذا لجعلت ذلك في
الحيوان مثل الثياب فهذا يتفاحش ولا يحسن قال وذلك أن مالكا قال لو أن رجلا باع
ثوبين بثمن إلى أجل فأقاله من أحدهما وأخذ منه ثمن الآخر لم يكن بذلك بأس ما لم
يتعجل الذي عليه قبل محل الاجل أو يؤخره عن أجله وإن كان قد غاب على الثوبين
ولو باع رجل من رجل أردبين من حنطة إلى أجل فغاب المشترى عليه فأقاله من
أردب قمح لم يكن فيه خير حل الاجل أو لم يجل فالطعام بمنزلة العين في البيوع
(قلت) فان أقاله بحضرة البيع من أردب (قال) لا بأس بذلك ما لم يغب المشترى
على الطعام وما لم يشترط إذا أقاله أن يعجل له ثمن الأردب الباقي قبل محل الاجل
أو على أن ينقده الساعة (قلت) فان غاب المشترى على الطعام ومعه ناس لم
يفارقوه فشهدوا أن هذا الطعام هو الطعام الذي بعته بعينه (قال) إذا كان هكذا
لم أر بأسا أن يقيله من بعضه ولا يتعجل ثمن ما بقي قبل محل الاجل (قلت)
لم كرهه مالك أن يقيله من بعضه على أن يعجل له ثمن ما بقي قبل محل الاجل (قال)
لأنه يدخله تسجيل الدين على أن يوضع منه قبل محله ألا ترى أن البائع قال للمشترى
122

عجل لي نصف حقي الذي لي عليك على أن أشتري منك نصف هذا الطعام بنصف الدين
الذي لي عليك فيدخله بيع الطعام على تعجيل حق (قال مالك) ويدخله أيضا عرض
وذهب بذهب إلى أجل ألا ترى أن البائع وجبت له مائة دينار من ثمن طعامه إلى
أجل فأخذ خمسين أردبا وترك الخمسين الأخرى فكأنه باعه الخمسين التي لم يقله
منها وخمسين دينارا حطها بخمسين دينارا يعجلها وبالخمسين الأردب التي ارتجعها
فيدخله سلعة وذهب نقدا بذهب إلى أجل (قلت) فما باله إذا أقاله من خمسين ولم
يشترط أن يعجل له ثمن الخمسين الباقية لم لا يدخله أيضا هذا. لم لا يكون كأنه رجل
باعه مائة دينار له عليه إلى أجن بخمسين أردبا وخمسين دينارا أرجأها. لم لا يفسده
بهذا الوجه (قال) لأنه لم يغب عليه فيتهم أنه سلف جر منفعة ولم يشترط عليه تعجيل
شئ يفسد به بيعها وهذا إنما هو رجل أخذ منه خمسين أردبا كأنه باعه إياها بخمسين
دينارا فأخذها منه بخمسين وأرجأ عليه الخمسين الدينار ثمنا للخمسين الأردب التي
دفعها إليه على حالها إلى أجلها فلا بأس بهذا وهو قول مالك
(في الرجل يسلف دابة في عشرة أثواب فيأخذ قبل الاجل خمسة أثواب)
(وبرذونا أو خمسة أثواب وسلعة غير البرذون ويضع عنه ما بقي)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أسلم برذونا إلى رجل في عشرة أثواب إلى أجل
وأخذ منه قبل الاجل خمسة أثواب والبرذون على أن هضم عنه الخمسة الأثواب التي
بقيت عليه أو أخذ منه خمسة أثواب قبل محل الاجل وسلعة سوى البرذون (قال)
قال مالك لا يصلح هذا لأنه يدخله ضع عنى وتعجل ويدخله أيضا بيع وسلف
(قلت) وأين يدخله بيع وسلف في قول مالك (قال) دخله سلف وبيع أنه لما أعطاه
البرذون في عشرة أثواب إلى أجل فأتاه بخمسة أثواب قبل محل الاجل فكان الذي
عليه الحق أسلف الطالب خمسة أثواب على أن يقبضها الذي عليه السلام من السلم الذي
عليه إذا حل أجل الثياب على أن باعه البرذون أو السلعة التي دفعها إلى الطالب بخمسة
أثواب مما عليه فهذا بيع وسلف (قلت) وأين يدخله ضع عنى وتعجل (قال) ألا
123

ترى لو أن الطالب أتاه فقال له عجل لي حقي قبل محل الاجل فقال له الذي عليه الحق
لا أعطيك ذلك إلا أن تضع عنى فقيل لهما ان ذلك لا يصلح فقال الطالب للمطلوب
أنا أقبل منك سلعة سوى أربعة أثواب وخمسة أثواب معها فأعطاه سلعة سوى أربعة
أثواب أو أعطاه البرذون الذي كان رأس مال السلم وقيمته أربعة أثواب وخمسة أثواب
فهذا ضع عنى وتعجل (قلت) أرأيت أن كانت السلعة التي أعطاه مع الخمسة أثواب
قيمتها عند الناس لا شك فيه مائة ثوب من صنف ثياب السلم (قال) لا خير فيه
أيضا ألا ترى لو أن رجلا أعطى رجلا خمسة أثواب وسلعة قيمتها أكثر من قيمة
الخمسة الأثواب التي معها بعشرة أثواب إلى أجل من صنف الخمسة الأثواب التي
أعطاه إياها لم يحل هذا فهذا كذلك لا ينبغي أن يأخذ خمسة قضاء من العشرة
ويأخذ بالخمسة سلعة أخرى وهو قول مالك (ابن وهب) قال وبلغني عن ربيعة
أنه قال كل شئ لا يجوز لك أن تسلف بعضه في بعض فلا يجوز لك أن تأخذه
قضاء منه مثل أن تبيع تمرا فلا تأخذ منه بثمنه قمحا لأنه لا يجوز لك أن تسلف الحنطة
في التمر ومثل الذي وصفت لك أنه لا يجوز لك أن تعطي سلعة وثيابا في ثياب مثلها
إلى أجل فهذا كله يدخل في قول ربيعة (قلت) أرأيت الذي سلف البرذون في
العشرة الأبواب إلى أجل فأخذ سلعة وخمسة أثواب قبل محل الاجل أيدخله خذ منى
حقك قبل محل الاجل وأزيدك (قال) نعم يدخله دخولا ضعيفا وأما وجه الكراهية
دنانير إلى سنة فاستقاله المبتاع فأقاله البائع بريح دينار عجله له وآخر باع حمارا بنقد
فاستقاله المبتاع فأقاله بزيادة دينار أخره عنه إلى أجل (قال) ربيعة ان الذي استقالاه
جميعا كان بيعا إنما الإقالة أن يتراد البائع والمبتاع ما كان بينهما من البيع على ما كان البيع
عليه فأما الذي ابتاع حمارا إلى أجل ثم رده بفضل تعجله فإنما ذلك بمنزلة من اقتضى
ذهبا يتعجلها من ذهب وأما الذي ابتاع الحمار بنقد ثم جاء فاستقال صاحبه فقال الذي باعه
لا أقيلك إلا أن تربحني دينارا إلى أجل فان هذا لا يصلح لأنه أخر عنه دينارا بالنقد
124

وأخذ الحمار ما بقي من الذهب فصار ذهبا بذهب لما أخر من نقده ولما ألقى له الذي
رد الحمار من عرضه ولو كان في التأخير أكثر من دينار أضحى ذلك قبحه وهاتان
البيعتان مكروهتان (مالك بن أنس) عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب وسليمان
ابن يسار أنهما كانا ينهيان أن يبيع الرجل طعاما إلى أجل ثم يشتري بتلك تمرا قبل أن يقبضها (وقال) ابن شهاب مثله (وقال) لي ابن وهب وقال عمر بن عبد العزيز مثله
(وقال) لي مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة وغيرهما من أهل العلم مثله (وقال مالك)
ذلك بمنزلة الطعام بالتمر إلى أجل فمن هنالك كره (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه قال لا تأخذ الا مثل طعامك أو عرضا مكان
الثمن (قلت) أرأيت أن بعت سلعة بعشرة دنانير إلى أجل شهرا فاشتراها عبد لي
مأذون له في التجارة بخمسة دنانير قبل الاجل (قال) إذا كان قد أذن السيد لعبده
في التجارة فكان إنما يتجر لنفسه العبد بمال عنده فلا أرى بذلك بأسا وإن كان
العبد إنما يتجر للسيد بمال دفعه إليه السيد فلا يعجبني ذلك (قلت) سمعت هذا
من مالك قال لا (قلت) فان بعتها بعشرة دنانير إلى شهر واشتريتها لابن لي صغير
بخمسة دنانير قبل الاجل أيجوز ذلك أم لا (قال) لا يعجبني ذلك (قلت) تحفظه
عن مالك قال لا (قلت) أرأيت أن باع عبدي سلعة بعشرة دنانير إلى أجل
فاشتريتها بخمسة دنانير قبل الاجل أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) ما سمعت
من مالك فيه شيئا وما يعجبني ذلك إذا كان العبد يتجر لسيده (قلت) أرأيت أن
بعت سلعة بعشرة دنانير إلى شهر فوكلني رجل أن أشتريها له قبل الاجل بخمسة
دنانير أيجوز ذلك أم لا (قال) لا يعجبني ذلك (قال) ولقد سألت مالك عن
الرجل يبيع السلعة بمائة دينار إلى أجل فإذا وجب البيع بينهما قال المبتاع للبائع بعها
لي من رجل بنقد فانى لا أبصر البيع (قال) لا خير فيه ونهى عنه (قلت) فان
سأل المشتري البائع أن يبيعها له بنقد فباعها له بنقد بأكثر مما اشتراها به المشترى
(قال) هذا جائز لأنه لو اشتراها هو نفسه بأكثر من عشرة دنانير جاز شراؤه
125

فكل شئ يجوز للبائع أن يشتريه لنفسه فهو جائز أن يشتريه لغيره إذا وكله
(في الرجل يبيع عبده من الرجل بعشرة دنانير)
(على أن يبيعه الآخر عبده بعشرة دنانير)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا من رجل بعشرة دنانير على أن أبيعه عبدي
بعشرة دنانير (قال) قال مالك ذلك جائز (قلت) ولا يكون هذا عبدا ودنانير
يعبد ودنانير وقد أخبرني أن مالكا لا يجوز الذهب بالذهب مع أحد الذهبين سلعة
أو مع الذهبين جميعا مع كل واحدة منهما سلعة وقد أخبرتني أيضا أن مالكا قال
لا يكون صرف وبيع في صفقة واحدة (قال ابن القاسم) قال مالك ليس هذا صرفا
وبيعا ولا ذهبا وسلعة بذهب وسلعة لان هذا عبد بعبد والعشرة الدنانير بالعشرة
الدنانير ملغاة لان هذا مقاصة (قلت) فإن لم يكن مقاصة بها ولكنه أعطاه عبدا
وعشرة دنانير من عنده وأخذ من صاحبه عبده وعشرة دنانير معه إذا اشترط أن
يخرج الدنانير كل واحد منهما من عنده (قال) هذا لا يحل لان هذا دنانير وعبد
بدنانير وعبد (قلت) وإنما ينظر مالك إلى فعلهما ولا ينظر إلى لفظهما (قال) نعم
إنما ينظر إلى فعلهما ولا ينظر إلى لفظهما فان تقاصا بالدنانير كان البيع جائزا وإن لم
يتقاصا بالدنانير وأخرج هذا الدنانير من عنده وهذا الدنانير من عنده فهذا الذي
لا يحل إذا كان مع الذهبين سلعة من السلع أو مع أحد الذهبين سلعة إذا كان
بذلك وجب بيعهما (قلت) أرأيت أن اشتريت من رجل عبده بعشرة دنانير
على أن أبيعه عبدي بعشرة دنانير وأضمرنا على أن يخرج كل واحد منا الدنانير
من عنده فيدفع إلى صاحبه وعبده وعشرة دنانير من عنده فأردنا بعد ذلك أن
نتقاص بالدنانير ولا تخرج الدنانير ويدفع عبده وأدفع عبدي أيجوز هذا البيع
في قول مالك أم لا (قال) إذا كان ذلك الضمير هو عندهم كالشرط فلا خير فيه
وان تقاصا فالبيع بينهما منتقض لان مالكا قال لو اشترطا أن يخرج كل واحد
منهما الدنانير من عنده كان البيع باطلا ولم يجز لهما أن يتقاصا بالدنانير لان العقدة
126

وقعت حراما فلا يجوز هذا البيع على حال من الحال (قلت) فلو بعته عبدي بعشرة
دنانير على أن يبيعني عبده بعشرين دينارا (قال) قال مالك لا بأس بذلك إنما هو عبد
بعبد وزيادة عشرة دنانير (قلت) فإن كانا اشترطا على أن يخرج كل واحد منهما
الدنانير من عنده (قال) أرى ذلك حراما لا يجوز (قلت) إذا وقع اللفظ من البائع
والمشترى فاسدا لم يصلح هذا البيع في قول مالك بشئ من الأشياء لان اللفظ وقعت
به العقدة فاسدة قال نعم (قلت) وكذلك أن كان اللفظ صحيحا ووقع القبض فاسدا
فسد البيع في قول مالك (قال) قال لي مالك إنما ينظر في البيوع إلى الفعل ولا ينظر
إلى القول فان قبح القول وحسن الفعل فلا بأس به وان قبح الفعل وحسن القول
لم يصلح (قلت) أرأيت أن باع سلعة بعشرة دنانير إلى أجل على أن يأخذ بها مائة
درهم أيكون هذا البيع فاسدا أم لا (قال) لا يكون فاسدا ولا بأس بهذا عند مالك
(قلت) لم (قال) لان اللفظ ها هنا لا ينظر إليه لان فعلهما يؤب إلى صالح وأمر جائز
(قلت) وكيف يؤب إلى صلاح وهو إنما شرط الثمن عشرة دنانير يأخذ بها مائة
درهم (قال) لأنه لا يأخذ دنانير أبدا إنما يأخذ دراهم فقوله عشرة دنانير لغو فلما كانت
العشرة الدنانير في قولهما لغوا علمنا أن ثمن السلعة إنما وقع بالمائة الدرهم وان لفظا بما
لفظا به (قلت) فالذي باع سلعة بعشرة دنانير على أن يشترى من صاحبها سلعة
أخرى بعشرة دنانير على أن يتناقدا الدنانير فلم يتناقدا الدنانير وتقابضا السلعتين لم أبطلت
البيع بينهما وإنما كان اللفظ لفظ سوء والفعل فعل صحيح (قال) لأنهما لما اشترطا
تناقد الدنانير نظر إلى فعلهما هل يؤب إلى فساد ان أراد أن يفعلا ذلك قدرا عليه فإن كان يؤب إلى فساد إذا فعلا ذلك ويقدران على أن يفعلا ذلك فالبيع باطل باللفظ
وإن لم يفعلا لأنهما إذا كان يقدران على أن يفعلا ذلك فيكون فاسدا فإنهما وإن لم
يفعلا فكأنهما قد فعلاه وقد وقعت العقدة عقدة البيع على أمر فاسد يقدران على
فعله (قلت) والأول الذي باع سلعته بعشرة دنانير على أن يأخذ بالدنانير مائة درهم
لم فرقت بينهما وبين هذين (قال) لان لفظ هذين كان غير جائز ولفظهما يؤب إلى
127

صلاح ولا يؤب إلى فساد لأنهما لا يقدران على أن يجعلا في ثمن السلعة في فعلهما
الا الدراهم لا يقدران على أن يجعلا في ثمن السلعة دنانير ثم دراهم لأنه شرط ثمن
السلعة دنانير على أن يأخذ بها دراهم فإنما يؤب فعلهما إلى صالح حين يصير الذي
يأخذ في ثمن السلعة دراهم لا يقدران على غير ذلك فلذلك جاز (قال ابن القاسم)
وكذلك لو قال أبيعك ثوبي هذا بعشرة دنانير على أن تعطيني حمارا إلى أجل صفته
كذا وكذا فلا بأس به إنما وقع الثوب بالحمار والدنانير لغوا فيما بينهما
(في الرجل يكون له الدين إلى أجل فإذا حل أخذ به سلعة)
(ببعض الدين على أن يؤخره ببقيته إلى أجل آخر)
(قلت) أرأيت أن كان لي على رجل دين إلى أجل فلما حل الاجل أخذت منه
سلعة ببعض الثمن على أن أؤخره ببقية الثمن إلى أجل أيصلح هذا (قال) قال مالك
هذا بيع وسلف لا يصلح هذا لأنه باعه السلعة ببعض الثمن على أن يترك بقية الثمن
عليه سلفا إلى أجل من الآجال (قال) قال مالك وان أخذ ببعض الثمن سلعة وأرجأ
عليه بقية الثمن حالا كما هو فلا بأس بذلك وقول ربيعة دليل على هذا أنه لا يجوز
(قلت) أرأيت أن أقرضته حنطة إلى أجل فلما حل الاجل بعته تلك الحنطة بدين
لي أجل (قال) قال مالك لا يحل هذا لأنه يفسخ دينا في دين
(في الرجل يكون له الدين الحال على رجل أو إلى أجل)
(فيكترى منه به داره سنة أو عبده)
(قلت) أرأيت لو أن لي دينار على رجل وهو حال أو إلى أجل أيصلح لي أن أكتري
به من الذي لي عليه الدين داره سنة أو عبده هذا الشهر (قال) قال لي مالك
لا يصلح هذا كان الدين الذي عليه حالا أو إلى أجل لأنه يصير دينار بدين فسخ
دنانيره التي له في شئ لم يقبض جميعه (قلت) فلو كان لي على رجل دين فاشتريت
به ثمرته هذه التي في رؤس النخل بعد ما حل بيعها (قال) مالك إذا كانت حين
128

أزهت أو أرطبت فلا ينبغي وان كانت الثمرة قد استجدت وليس لاستجدادها
استئخار وقد تستجد الثمرة ولاستجدادها استئخار وقد يبيس الحب وليس
لحصاده استئخار فإذا استجدت الثمرة واستحصد الحب وليس لشئ من ذلك تأخير
فلا أرى به بأسا وان كأن لاستجدادها تأخير ولحصاده تأخير فلا خير فيه (قال)
وإذا كان كما وصفت لك فلا بأس به (قال مالك) وانه ليعرف استبانتها عنها ولكن
إذا كان على ما وصفت لك ليس في واحد منهما استئخار لاستجداد ثمر ولا لحصاد
الحب فلا أرى به بأسا أن تأخذه من دين لك على صاحبك (قال) فقيل لمالك أفيبيع
الرجل دينار له على رجل من رجل آخر بثمرة له قد طابت وحل بيعها (قال) نعم
لا بأس بذلك ولم يره مثل الذي عليه الدين إذا باعه من الذي له الدين (قال) وتفسير
ما أجاز مالك من هذا فيما قال لي لان الرجل لو كان له على رجل دين فاشترى به منه
جارية فتواضعاها للحيضة لم يكن فيه خير حتى يناجز * ولو أن رجلا باع من رجل دينار
له على رجل آخر بجارية فتواضعاها للحيضة أو سلعة غائبة لم يكن بذلك بأس لان هذا
لا ينقد في مثله وهذا لم ينتقد شيئا * ولو أن رجلا كان له على رجل دين فأخذ منه
به سلعة غائبة قال مالك لا يجوز ذلك وهو يجوز أن يبيع الرجل سلعة له غائبة بدين
للمبتاع على رجل آخر وإنما فرق ما بين ذلك أن الدين إذا كان على صاحبه لم يبرأ منه
الا بأمر يناجزه والا كان كل تأخير فيه من سلعة كانت غائبة أو كانت جارية يتواضعانها
للحيضة يصير صاحب الدين يجتر بذلك فيما أنظر وأخر في ثمن سلعته منفعة وان
الذي باع السلعة الغائبة بدين على رجل آخر أو باع تمرا قد بدا صلاحه بدين على
رجل آخر لم يجر إلى نفسه منفعة الا بما فيه المناجزة ان أدركت السلعة قائمة كان البيع
له ثابتا ولم يكن يجوز له فيه النقد فيكون إنما أخر ذلك لمكانه والثمرة كذلك وقد
استنجزها منه وصار حق صاحب الثمرة في الدين الذي على الرجل الآخر (قال)
وهذا قول مالك في هذه المسألة فيما قلت لك وتفسير قوله (قال سحنون) ألا ترى أن
ابن أبي سلعة قال كل شئ كان لك على غريم نقدا فلم تقبضه أو إلى أجل فحل الاجل
129

أو لم يحل فلا تبعه منه بشئ وتؤخره عنه فإنك إذا فعلت ذلك فقد أربيت عليه وجعلت
ربا ذلك في سعر بلغه لك لم يكن ليعطيكه الا بنظر تك إياه ولو بعته بوضيعة من
سعر الناس لم يصلح ذلك لأنه باب رماء إلا أن يشتريه منك فينقدك ذلك يدا بيد
رجلا مائة أردب من حنطة إلى سنة فجئته قبل الاجل فقلت له أعطني خمسين وأضع
عنك الخمسين أيصلح هذا أم لا (قال) قال مالك لا يصلح هذا لأنه يدخله ضع عنى
وتعجل والقرض في هذا والبيع سواء (قال ابن القاسم) وابن وهب عن مالك بن
أنس عن أبي الزياد عن بشر بن سعيد عن أبي صالح عبيد مولى السفاح أنه أخبره
أنه باع بزا من أصحاب دار بحلة إلى أجل ثم أراد الخروج فسألوه أن ينقدوه ويضع
عنهم فسأل زيد بن ثابت عن ذلك فقال لا آمرك أن تأكل ذلك ولا توكله (قال
ابن وهب) وان ابن عمر وأبا سعيد الخدري وابن عباس والمقداد بن عمرو من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسليمان بن يسار وقبيصة بن ذؤيب كلهم
ينهى عنه (وقال) ابن عمر أتبيع ستمائة بخمسمائة (وقال) المقداد لرجلين صنعا ذلك كلاكما
قد أذن بحرب من الله ورسوله وان عمر بن الخطاب قد كره ذلك (وقال) سليمان بن
يسار إذا حل الاجل فليضع له ان شاء (ابن وهب) عن الليث بن سعد عن يحيى بن
سعيد في رجل كان له علي أخيه دين فقال له عجل لي بعضه وأؤخر عنك ما بقي
بعد الاجل قال يحيى كان ربيعة يكرهه (وقال ابن وهب) عن الليث بن سعد وكان عبيد
الله بن أبي جعفر يكره ذلك (قلت) أرأيت أن بعت عبدا لي بأرطال من الكتان
أو بثياب مضمونة أو إلى أجل فلما حل الاجل أخذت بذلك المضمون من الكتان أو
الثياب عبدين من صنف عبدي أيجوز هذا أم لا (قال) لا يجوز هذا قال ولا يجوز
أن تأخذ من ثمن عبدك الا ما كان يجوز لك ان تسلم عبدك فيه (قلت) وهذا قول
مالك قال نعم (قال سحنون) وحديث ابن المسيب وسليمان بن يسار وعمر بن عبد
العزيز وابن شهاب وجابر بن عبد الله أصل هذا الكتاب كله وما أشبهه وما قال ربيعة
130

أسفل دليل على هذا الأصل أيضا من جهة أخرى (ابن وهب) عن عبد الجبار
عن ربيعة أنه قال في العروض كلها لا بأس بواحد باثنين يدا بيد إذا كان من صنف
واحد وإن كان إلى أجل فلا يصل الا مثلا بمثل وإن كان من غير صنف واحد فلا
بأس به اثنين بواحد إلى أجل (ابن وهب) قال يونس عن ربيعة قال والذي
لا يجوز من ذلك إلى أجل الثوب بالثوبين من ضربه كالرائطة من نسبح الولايد
بالرائطتين من نسج الولايد وكالسابرية بالسابرتين وأشباه ذلك فهذا الذي يتبين فضله
على كل حال ويخشى دخلته فيما أدخل إليه من الشبهة في المراضاة فذلك أدنى ما أدخل
الناس فيه من القبح والحلال منه كالرائطة السابرية بالرايطتين من نسج الولائد عاجل
وآجل فهذا الذي تختلف فيه الأسواق والحاجة إليه وعسى أن يبور مرة السابري وينفق
نسج الولائد مرة ويبور نسج الولائد مرة وينفق السابري فهذا الذي لا يعرف فضله
الا بالرجاء ولا يلبث ثياب الرماء فكان هذا الذي اقتاس به ثم رأي فقهاء المسلمين
وعلماؤهم أن نهوا عما قارب ما ذكرت لك من هذا واقتاسوه به وشبه به (قال
سحنون) ألا ترى أن التسليف في المضمون الذي ليس عندك أصله لما بعد أجله
ورجى فيه الفضل وخيف عليه الوضيعة صار بيعا جائزا وخرج من العينة المكروهة
التي قد عرف فضلها واتضح رباها في بيع ما ليس عندك ان صاحب المكروه يوجب
على نفسه بيع ما ليس عنده ثم يبتاعه وقد عرف سعر السوق وتبين له ربحه فيشتري
بعشرة وبيع بخمسة عشر إلى أجل فكأنه إنما باعه عشرة بخمسة عشر إلى أجل فلهذا
كره هذا إنما ذلك من الدخلة والدلسة
(في الرجل يسلف الرجل الدنانير في طعام محمولة إلى أجل)
(فيلقاه قبل الاجل فيسأله أن يجعلها في سمراء إلى الاجل بعينه)
(قلت) أرأيت لو أنى أسلمت إلى رجل في محمولة إلى أجل فلقيته قبل الاجل
فقلت له هل لك أن تحسن تجعلها في سمراء إلى أجلها ففعل (قال) لا يجوز ذلك في
قول مالك لأنك تفسخ محمولة في سمراء إلى أجل فلا يجوز ألا ترى أنك فسخت
131

دينار في دين (قلت) فلو حل الاجل لم يكن بذلك بأس أن آخذه من سمراء محمولة
أو من المحمولة سمراء (قال) نعم لا بأس به في قول مالك إذا كان ذلك يدا بيد
لأنه يشبه البدل
(في البيع والسلف الرجل بيع السلعة بثمن على أن يسلف)
(المشترى البائع أو البائع المشترى أو متى ما جاء بالثمن فالسلعة له)
(قلت) أرأيت لو بعت عبدا من أجنبي بمائة دينار وقيمته مائتا دينار على أن أسلفني
المشترى خمسين دينارا (قال) البيع فاسد ويبلغ به قيمته إذا فات مائتي دينار (قلت)
لم (قال) لان العقدة وقعت فاسدة لان فيها بيعا وسلفا ولان البائع يقول أنا لم أرض
أن أبيع عبدي بمائة دينار وقيمته مائتا دينار الا بهذه الخمسين التي أخذتها سلفا فهذا
يبلغ بالعبد ها هنا قيمته ما بلغت إذا فات وإذا كان أبدا مثل مسألتك هذه فانظر
إلى القيمة فإن كانت القيمة فوق الثمن فإنه يبلغ للبائع قيمة العبد وإن كان الثمن أكثر
فله الثمن يبلغ العبد الأكثر من القيمة أو الثمن (قلت) فلو باع العبد بمائة دينار
وقيمته مائتا دينار على أن أسلف البائع المشترى خمسين دينارا (قال) هذا لا يزاد
على الثمن أن كانت القيمة أكثر ويرد السلف لان البائع قد رضى أن يبيع بمائة دينار
ويسلف خمسين دينارا أيضا فهذا ينظر أبدا إلى الأقل من الثمن ومن القيمة فيكون
للبائع الأقل من ذلك أبدا وفى مسألتك الأولى إنما ينظر إلى الأكثر من القيمة أو
الثمن فيكون للبائع الأكثر من ذلك أبدا وهذا إذا فات العبد فأما إذا كان العبد
قائما بعينه لم يفت بحوالة الأسواق أو غيرها من وجوه الفوت فان البيع يفسخ بينهما
إلا أن يرضى من اشتراط السلف أن يترك ما اشترط من السلف أو يثبت البيع فيما
بينهما فذلك له (قلت) لم كان هذا الذي اشترط السلف إذا ترك السلف ورضى
بذلك ثبت البيع بينهما (قال) كذلك قال لي مالك في هذه المسألة (قال) وقال مالك
في البيع والسلف إذا ترك الذي اشترط السلف ما اشترط صحت العقدة (قال) وهو
132

مخالف لبعض البيوع الفاسدة (قلت) وهذه المسائل التي سألتك عنها من البيع
والسلف أهو قول مالك (قال) نعم منه ما سمعته منه ومنه ما بلغني عنه (قلت) أرأيت
لو أن رجلا اشترى جارية على أن البائع متى ما جاء بالثمن فهو أحق بالجارية أيجوز
هذا في قول مالك قال لا (قلت) لم (قال) لان هذا يصير كأنه بيع وسلف
(في السلف الذي يجر منفعة)
(قلت) أرأيت أن أسلمت ثوبا في ثوب مثله إلى أجل أو أقرضت ثوبا في ثوب
مثله إلى أجل (قال) إن كان ذلك سلفا فذلك جائز وان كانا إنما اعتزيا منفعة البائع أو
المقرض أو طلب البائع أو المقرض منفعة ذلك لنفسه من غير أن يعلم بذلك صاحبه
فلا يجوز (قلت) وكذلك أن أقرضته دنانير أو دراهم طلب المقرض المنفعة بذلك
لنفسه ولم يعلم بذلك صاحبه إلا أنه كره أن يكون في بيته وأراد أن يحرزها في ضمان
غيره فأقرضها رجلا (قال) قال مالك لا يجوز هذا (قلت) وهذا في الدنانير
والدراهم والعروض وما يكال أو يوزن وكل شئ يقرض هو بهذه المنزلة عند مالك
قال نعم (قلت) أرأيت أن قال المقرض إنما أردت بذلك منفعة نفسي أيصدق في
قول مالك ويأخذ حقه قبل الاجل (قال) لا يصدق ولكنه قد خرج فيما بينه وبين
خالقه (قلت) وإن كان أمرا ظاهرا معروفا يعلم أنه إنما أراد المنفعة لنفسه أخذ
حقه حالا ويبطل الاجل في قول مالك (قال) نعم لأنه ليس بسلف والتمام إلى الاجل
حرام وهو تعجل له وإنما مثل ذلك الذي يبيع البيع الحرام إلى أجل فيفسخ الاجل
ويكون عليه قيمته نقدا إذا فاتت السلعة ولا يؤخر القيمة إلى الجل (قال) وسمعت
مالكا يحدث أن رجلا أتي عبد الله بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن أنى أسلفت رجلا
سلفا واشترطت عليه أفضل مما أسلفته فقال عبد الله ذلك الربا قال فكيف تأمرني
يا أبا عبد الرحمن قال السلف على ثلاثة وجوه سلف تريد به وجه الله فلك وجه الله
وسلف تريد بن وجه صاحبك فليس لك الأوجه صاحبك وسلف تسلفه لتأخذ به
خبيثا بطيب فذلك الربا قال فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن قال أرى أن تشق
133

الصحيفة فان أعطاك مثل الذي أسلفته قبلته وان أعطاك دون ما أسلفته فأخذته
أجرت وان هو أعطاك فوق ما أسلفته طيبة به نفسه فذلك شكر شكره لك ولك
أجر ما أنظرته (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي شعيب
مولى الأنصار أنه استسلف بإفريقية دينارا جرجيريا من رجل على أن يعطيه بمصر
منقوشا فسأل ابن عمر عن ذلك فقال لولا الشرط الذي فيه لم يكن به بأس وقال ابن
عمر إنما القرض متحد (وقال) القاسم وسالم انه لا بأس به ما لم يكن بينهما شرط (قال)
ابن عمر من أسلف سلفا فلا يشترط الا قضاءه (ابن وهب) عن رجال من أهل
العلم عن ابن شهاب وأبى الزناد وغير واحد من أهل العلم ان السلف معروف أجره
على الله فلا ينبغي لك أن تأخذ من صاحبك في سلف أسلفته شيئا ولا تشترط عليه
الا الأداء (وقال) عبد الله بن مسعود من أسلف سلفا واشترط أفضل منه وإن كان
قبضه من علف فإنه ربا ذكره عنه مالك بن أنس (قلت) أرأيت لو أني أقرضتك
حنطة بالفسطاط على أن توفينيها بالإسكندرية (قال) قال مالك ذلك حرام (قال)
وقال مالك نهى عنه عمر بن الخطاب وقال فأين الجمال (قال) وقال مالك كل ما أسلف
من العروض والطعام والحيوان ببلد على أن يوفيك إياه في بلد آخر فذلك حرام
لا خير فيه (قال) فقلنا له فالحاج يتسلف من الرجل السويق والكعك يحتاج إليه
فيقول أو فيك إياه في موضع كذا وكذا في مكان كذا وكذا لبلد آخر (قال) لا خير
في ذلك ولكنه يسلفه ولا يشترط (قال) ولقد سئل مالك عن الرجل يكون له
المزرعة عند أرض رجل وللآخر عند مسكن الآخر أرض يزرعها فيحصدان جميعا
فيقول أحدهما لصاحبه أعطني ها هنا طعاما بموضعي الذي أسكن فيه من زرعك وأنا
أعطيك في موضعك الذي تسكن فيه من زرعي (قال) فقال لا خير في
ذلك (قال) ولقد سئل مالك عن الرجل يأتي إلى الرجل قد استحصد زرعه ويبس
وزرع الآخر لم يستحصد ولم يبيس وهو يحتاج إلى الطعام فيقول له أسلفني من
زرعك هذا الذي قد يبيس فدانا أو فدانين أحصدهما وأدرسهما وأذريهما وأكيلهما
134

فأعطيك ما فيهما من الكيل (قال) قال مالك إذا كان ذلك من المسلف على وجه
المرفق لصاحبه وطلب الآخر فلا بأس بذلك. ومن ذلك أنه يحصد الزرع القليل
من الزرع الكثير فيقرض منه الشئ اليسير فليس يخف بذلك عنه مؤنة ولا ذلك
طلب فلا أرى به بأسا وإن كان يدرسه له ويحصده له ويذريه له إذا كان ذلك من
المسلف على وجه الاجر والطلب المرفق بمن أسلف وإن كان إنما أسلفه لان يكفيه
مؤنته وحصاده وعمله فهذا لا يصلح (قال) فقلنا لمالك فالدنانير والدراهم يتسلفها
الرجل ببلد على أن يعطيه إياها ببلد آخر (فقال) إن كان ذلك من الرجل السلف على وجه
المعروف والرفق بصاحبه ولم يكن إنما أسلفها ليضمن له كما يفعل أهل العراق
بالسفتجات (قال) فلا أرى به بأسا إذا ضرب لذلك أجلا وليس في الدنانير جمال مثل
الطعام والعروض إذا كان على وجه المرفق (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن
ابن شهاب أنه قال إن أسلفت سلفا واشترطت أن يوفيك بأرض فلا يصلح وإن كان
على غير شرط فلا بأس به (قال ابن وهب) وكان ربيعه وابن هرمز ويحيى بن
سعيد وعطاء بن أبي رباح وعراك بن مالك الغفاري وابن أبي جعفر كلهم يكرهه
بشرط (ابن وهب) عن خالد بن حميد أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال في امرأة
أعطت صاحبتها صاعا من دقيق بمكة إلى أن تقدم أيلة (قال) ربيعة لا تعطيها الا بمكة
إلى أن تقدم أيلة قال ربيعة لا تعطيها الا بمكة (ابن وهب) عن يزيد بن عياض
عن ابن السباق عن زينب البقعية أنها سألت عمر بن الخطاب عن تمر تعطيه بخيبر
وتأخذ تمرا مكانه بالمدينة (قال) لا وأين الضمان بين ذلك أتعطى شيئا على أن تعطاه
بأرض أخرى
(في رجل استقرض أردبا من قمح ثم أقرضه رجلا بكيله)
(قلت) أرأيت لو أنى استقرضت أردبا من حنطة وكلته ثم أقرضته رجلا على
كيلي (قال) لا يصلح أن تقرضه إياه لأنه كأنه أخذ هذه الحنطة على أن عليه ما نقص
من كيل الأردب الذي كاله له صاحبه وله ما زاد على أن عليه أردبا من حنطة
135

والكيل يكون له نقصان وريع فهذا لا يصلح إلا أن يقرضه إياه قبل أن يكيله ثم
يستقرضه له من رجل فيأمره أن يكيله لنفسه فتكون هذه الحنطة بكيل واحد
دينا على الذي قبضها الذي استقرضها ودينا للذي أقرضها على الذي استقرضها وان
استقرض هذه الحنطة ثم كالها ورجل ينظر ثم أقرضها من هذا الذي قد رأى كيلها
بذلك الكيل لم يكن بذلك بأس (قلت) فان استقرضت أردبا من حنطة وكلته
ثم بعته بكيلي ذلك ولم يكله المشترى ولم ير كيلي حين استقرضته (قال) لا بأس بذلك
عند مالك إذا باعه بنقد وإن كان بدين فلا خير فيه (قلت) ولم جوزته إذا باعه أن
يدفعه بكيله الأول إذا رضى المشترى بذلك شهد هذا الكيل أو لم يشهده ولم يجزله
إذا أقرضه أن يدفعه بكيله إذا رضى المستقرض ذلك إلا أن يكون قد شهد كيله
الأول (قال) قال لي مالك في البيع ان ما كان فيه من زيادة أو نقصان فهو للبائع
وهو وجه له زيادة ونقصان قد عرف الناس ذلك فإذا جاء منه ما قد عرف الناس
من زيادة الكيل ونقصانه فذلك لازم للمشترى وليس له أن يرجع على البائع بشئ
وما كان من زيادة أو نقصان ويعلم أنها من غير الكيل فان البائع يرجع بالزيادة
فيأخذها والمشترى يرجع بالنقصان فيأخذه من رأس ماله وليس له أن يأخذ ذلك
النقصان حنطة (قال) والقرض عندي إنما يعطيه بكيل يضمنه له على أن يأخذه منه
كيلا قد عرف الناس أنه يدخله الزيادة والنقصان على أن يعطيه كيلا يضمنه له فلا
ينبغي إلا أن يكون المستقرض قد شهد كيله فأعطاه ذلك الطعام بحضرة ذلك قبل
أن يغيب عليه أو يكون الذي يقرض يقول الذي استقرضه كله فأنت مصدق على
ما فيه فان قال له ذلك فلا بأس به ويكون القول في ذلك القول المستقرض
(في رجل أقرض رجلا طعاما ثم باعه قبل أن يقبضه)
(قلت) أرأيت أن أقرضت رجلا طعاما إلى أجل أيجوز لي أن أبيعه منه قبل
الاجل وأقبض الثمن (قال) نعم لا بأس به أن تبيعه منه قبل محل الاجل بجميع السلع
عند مالك ما حاشا الطعام والشراب كله وإذا حل الاجل فلا بأس أن تبيعه طعامه
136

ذلك بما شاء من الطعام بأكثر من كيل طعامه إلا أن يكون من صنف طعامه الذي
أقرض فلا يجوز أن تبيعه بأكثر من كيله الذي أقرضه إياه (قلت) فان أقرضت
رجلا طعاما فلما حل الاجل قال لي خذ منى مكان طعامك صبرة تمر أو زبيب (قال)
لا بأس بذلك في قول مالك (قال) وقال لي مالك فإن كان الذي أقرضه حنطة
فأخذ دقيقا حين حل الاجل فلا يأخذ الا مثلا بمثل وكذلك أن أخذ شعيرا أو
سلتا فلا يأخذ شعيرا ولا سلتا الا مثلا بمثل وأما قبل محل الاجل فلا تأخذ الا مثل
حنطتك التي أقرضته ولا تأخذ شعيرا ولا سلتا ولا دقيقا ولا شيئا من الطعام قبل
محل الاجل لان ذلك يدخله بيع الطعام بالطعام إلى أجل ويدخله ضع وتعجل (قلت)
أرأيت أن أقرضت رجلا حنطة إلى أجل فلما حل الاجل بعته تلك الحنطة بدنانير أو
بدراهم نقدا وافترقنا قبل القبض أيفسد ذلك أم لا (قال) لا يصلح ذلك إلا أن تنتقد
منه أو تقول له اذهب بنا إلى السوق فأنقدك أو يقول لك اذهب بنا إلى البيت
فأجيئك بها فهذا لا بأس به فأما إذا افترقتما وذهب حتى تصير تطلبه بذلك فلا خير
فيه لأنه يصير دينا بدين (وأخبرني) ابن وهب عن ابن لهيعة وحياة بن شريح
عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن الرجل يسلف الرجل عشرة دنانير
سلفا فأراد أن يأخذ منه زيتا أو طعاما أو ورقا بصرف الناس (قال) لا بأس به (ابن
وهب) عن رجال من أهل العلم عن جابر بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز وربيعة
وابن المسيب أنه لا بأس باقتضاء الطعام والعروض في السلف (وقال مالك) لا بأس
بأن يقضيه دراهم من دنانير إذا حلت ولا بأس بأن يقضيه تمرا بالقمح الذي أسلفه
أو أفضل منه وإنما الذي نهى عنه الطعام الذي يبتاع ولم يعن بهذا السلف (قال) قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه
(في رجل أقرض رجلا دنانير ثم اشترى بها منه سلعة حاضرة أو غائبة)
(قلت) أرأيت لو أن لرجل على ألف درهم إلى أجل فلما حل الاجل بعته بالألف
سلعة بعينها حاضرة فرضيها ثم قام فدخل بيته قبل أن يقبضها منى (قال) أرى البيع جائزا
137

ويقبض سلعته إذا خرج لان مالكا قال لي إذا كان لك على رجل دين فلا تشتر
منه به سلعة بعينها إذا كانت السلعة غائبة ولا تشتر بذلك الدين جارية لتتواضعاها
للحيضة ولا تشتر به سلعة على أن أحد كما فيها بالخيار وهذه السلعة التي سألت عنها
ان كانت حاضرة يراها حين اشتراها لم يكن لبائعها أن يمنعه من قبضها فإنما هو رجل
ترك سلعته وقام عنها فإذا رجع أخذ سلعته (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يكون
له على الرجل دين فيبتاع به منه طعاما فيكثر كيله فيقول له بعد مواجبته البيع بالدين
الذي عليه أذهب فأتي بدوابي أحمله أو أكتري له منزلا أجعله فيه أو آتى بسفن
أتكاراها لهذا الطعام فيكون في ذلك تأخير اليوم واليومين (قال) قال مالك لا بأس
بذلك وهو خفيف (فقلت) لمالك فان كاله فغربت الشمس فبقي من كيله شئ فتأخر إلى
الغد حتى يستوفى (قال) مالك لا بأس بهذا ليس في هذا دين بدين وأراه خفيفا
ولكني أرى ما كان في الطعام تافها يسيرا لا خطب له في المؤنة والكيل مما يكال أو
يوزن أو يعد عدا مثل الفاكهة وما أشبهها أو قليل الطعام فان ذلك إذا أخذه بدينه
لم يصلح أن يؤخره الا ما كان يجوز له في مثله أن يأتي بحمل يحمله أو مكتل يجعله
فيه فعلى هذا فاحمل أمر الطعام في قول مالك (قال سحنون) وقول ابن أبي سلمة
دليل على هذا كل شئ كان لك على غريم نقدا فلم تقبضه أو إلى أجل فحل الاجل
أو لم يحل فلا تبعه منه بشئ وتؤخره عنه
(في قرض العروض والحيوان)
(قلت) هل يجوز القرض في الخشب والبقول والرياحين والقضب والقصب وما أشبه
ذلك في قول مالك (قال) لا بأس بذلك وذلك جائز في قول مالك وكل شئ يقرض فهو
جائزا إذا كان معروفا الا الجواري (مالك بن أنس) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن
يسار عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا
فقدمت عليه إبل من الصدقة فأمر أبا رافع أن يعطى الرجل بكره فرجع إليه
أبو رافع فقال لم آخذ فيها الا جملا خيارا رباعيا فقال أعطه إياه ان خيار الناس
138

أحسنهم قضاء (قلت) أيصلح أن أستقرض تراب الفضة في قول مالك (قال)
لا يصلح ذلك عندي
(في هدية المديان)
(قلت) ما يقول مالك في رجل له على رجل دين أيصلح له أن يقبل منه هديته
(قال) قال مالك لا يصلح أن يقبل هديته إلا أن يكون رجلا كان ذلك بينهما
معروفا وهو يعلم أن هديته إليه ليس لمكان دينه فلا بأس بذلك (ابن وهب)
عن محمد بن عمرو عن ابن جريج أن عطاء بن أبي رباح قال له رجل انى أسلفت
رجلا فأهدى إلي قال لا تأخذه قال فكان يهدى إلى قبل سلفي قال فخذ منه فقلت
قارضت رجلا مالا قال مثل السلف سواء (وقال عطاء) فيهما إلا أن يكون رجلا
من خاصة أهلك وخاصتك لا يهدى لك لما تظن فخذ منه (ابن وهب) عن يحيى
ابن سعيد أنه قال أما من كان يتهادى هو وصاحبه وإن كان عليه دين أو سلف فان
ذلك لا يتقابحه أحد (قال) وأما من لم يكن يجرى ذلك بينهما قبل الدين وسلف
هدية فان ذلك مما يتنزه عنه أهل التنزه (ابن وهب) عن الحرث بن نبهان عن
أيوب عن ابن سيرين أن أبي بن كعب استسلف من عمر بن الخطاب عشرة آلاف
درهم فأهدى له هدية فردها إليه عمر فقال إني قد علم أهل المدينة أنى من أطيبهم
ثمرة أفرأيت أنما أهديت إليك من أجل مالك على اقبلها فلا حاجة لنا فيما منعك
من طعامنا فقبل عمر الهدية
(في رجل استقرض رطلا من خبز الفرن)
(على أن يعطى من خبز التنور)
(قلت) أرأيت أن استقرضت رجلا رطلا من خبز الفرن برطل من خبز التنور
أو برطل من خبز الملة أيجوز هذا أم لا (قال) لم أسمعه من مالك ولا أراه جائزا
لأنه أسلفه وشرط أن يعطيه غير الذي أسلفه ألا ترى أنه لو أقرضه دينارا دمشقيا
139

على أن يعطيه دينارا كوفيا لم يجز وكذلك لو أقرضه محمولة على أن يعطيه سمراء
أو سمراء على أن يعطيه محمولة لم يجز ذلك في قول مالك وكذلك الخبز (قلت) فإن لم يكن بينهما شرط لم يكن به بأس أن يقبض خبز التنور من خبز الفرن إذا تحريا
الصواب في ذلك (قال) نعم لا بأس بذلك لان مالكا قال إذا حل الاجل فلا بأس
أن يأخذ المحمولة من السمراء من المحمولة إذا كان ذلك بغير شرط
إذا حل الاجل
(في رجل استسلف حنطة ثم اشترى حنطة)
(فقضاها قبل أن تستوفى)
(قلت) أرأيت أن أقرضت رجلا حنطة إلى أجل فلما حل الاجل اشترى حنطة
من السوق فقال لي اقبضها في حنطتك التي لك على (قال) قال مالك لا بأس بذلك
(قلت) وكذلك لو اشتريت من رجل حنطة مضمونة وله على رجل آخر حنطة
مثلها قد أقرضها إياه فقال لي اقبضها منه (قال) قال مالك بأس بذلك (قلت)
وكذلك لو كان لرجل على طعام من قرض فلما حل الاجل قلت له خذ هذه الدراهم
فاشتر بها طعامك واقبض حقك (قال) قال مالك لا بأس بذلك
(في رجل أقرض رجلا دينارا أو طعاما)
(على أن يوفيه ببلد آخر)
(قلت) أرأيت لو أنى أقرضت رجلا دنانير أو دراهم على أن يقضيني دنانير أو
دراهم في بلد آخر أيجوز هذا أم لا (قال) إذا ضربت للقرض أجلا فلا بأس أن
تشترط أن يقضيه في بلد آخر إذا لم يكن للذي يسلف في ذلك منفعة إذا كان الاجل
مقدار المسير إلى البلد الذي اشترط إليه القضاء (قلت) فان أبى المستقرض أن
يخرج إلى ذلك البلد (قال) إذا حل الاجل أخذه به حيثما وجده (قلت) فان
قال أقرضك هذه الدراهم على أن تقضيني بأفريقية ولم يضرب لذلك أجلا (قال) قال
140

مالك لا يعجبني ذلك (قلت) فان استقرض رجل من رجل قمحا وضرب لذلك
أجلا على أن يقضيه بإفريقية (قال) هذا فاسد في قول مالك وان ضرب لذلك أجلا
(قلت) وما فرق بين الدراهم والطعام في قول مالك (قال) لان الطعام له حمل
والدنانير لا حمل لها فلذلك جوزه مالك
(في قضاء من سلعتين حل أجلهما أو أحدهما أو لم يحل)
(قلت) أرأيت أن أقرضت رجلا كراما من حنطة إلى أجل وأقرضني كرا من
حنطة إلى أجل وأجلهما واحد وصفتهما واحدة فقلت له قبل محل الاجل خذ الطعام
الذي لي عليك بالطعام الذي لك على قضاء وذلك قبل محل أجل الطعام (قال)
لا بأس به في رأيي (قلت) لم (قال) لأنه إنما عجل كل واحد منهما دينا عليه من
قرض فلا بأس به أن يعجل الرجل دينا عليه من قرض قبل محل الاجل (قلت)
فان حل أجل الطعامين الذي لي على صاحبي والذي له على فتقاصصنا وذلك من قرض
أيجوز ذلك في قول مالك قال نعم (قلت) ولم جوزته إذا حل الاجل أو لم يحل
(قال) لأنه ليس ها هنا بيع الدين بالدين وإنما هو قضاء قضاه كل واحد منهما صاحبه
من دين عليه قد حل أو لم يحل (قلت) فان حل أجل أحد الطعامين ولم يحل
الآخر وهما جميعا من قرض أيصلح لنا أن نتقاص في قول مالك (قال) نعم لا بأس
بذلك وإنما هذا رجل عليه طعام إلى أجل فقدمه فقضى صاحبه فلا بأس بذلك
(قلت) وكل دين من قرض يكون على من ذهب أو فضة أو طعام أو شئ مما
يكال أو يوزن مما يؤكل أو يشرب ومما لا يؤكل ولا يشرب وكان لي على الذي له
على هذا الدين دين مثله إلى أجله أو أدنى من أجله فحلت الآجال أو لم تحل أو حل
أحدهما ولم يحل الآخر فلا بأس أن يتقاصا إذا كانت كلها من قرض وهي من نوع
واحد (قال) نعم والذهب والورق والعروض كلها إذا كانت من بيع أو قرض
والآجال مختلفة إلا أنها من نوع واحد فلا بأس أن يتقاصا حلت الآجال أو لم تحل
أو حل أحدهما ولم يحل الآخر وأما الطعام فليس يصلح لهما أن يتقاصا إذا كانا جميعا
141

من سلم حلت الآجال أو لم تحل حتى يتقابضا (قلت) وإن كان أحدهما من
قرض والآخر من سلم فحل أجل السلم ولم يحل أجل القرض أيصلح لنا أن نتقاص
(قال) لا لان أجل القرض لم يحل وهذا بيع الطعام قبل أن يستوفى وكذلك قال
لي مالك (قلت) فإن كان أحدهما من قرض والآخر من سلم والآجال مختلفة أو
سواء (قال) فلا يصلح لهما أن يتقاصا حتى يحل الأجلان فإذا حل الأجلان جاز
لهما أن يتقاصا (قلت) فإن كان قد حل أجل السلم ولم يحل أجل القرض أيصلح
لي أن أقاصه (قال) لا لان أجل القرض لم يحل وهذا بيع الطعام قبل أن يستوفى
وهذا لا يصلح عند مالك (قلت) فإن كان الطعام من قرض وكان الذي على محمولة
والذي على صاحبي سمراء والآجال مختلفة وهو كله من قرض أيصلح لنا أن نتقاص
(قال) لا يصلح لهما أن يتقاصا اختلفت الآجال أو اتفقت إلا أن يحل الأجلان
جميعا فيتقاصان فلا بأس به لأنه إنما هو بدل إذا حل الأجلان وإنما كرهه قبل
الأجلين وإن كان أحد الأجلين قد حل لأنه سمراء ببيضاء إلى أجل أو بيضاء
بسمراء إلى أجل فهو بيع السمراء بالمحمولة إلى أجل (قال) ومما بين لك ذلك أنك لو
أسلفت رجلا في محمولة إلى أجل أو شعيرا أو أقرضته ذلك ثم أردت أن يقضيك
سمراء من محمولة قبل محل الاجل أو محمولة من شعير قبل محل الاجل وكان ذلك
سلفا (قال) مالك لا ينبغي ولا يصلح فلذلك إذا كانت السمراء أو محمولة آجالهما مختلفة
فلا تكون المقاصة فيما بينهما جائزة (وقال مالك) وإذا كان لرجل عليك عرض ولك عليه
خلاف الذي له عليك من العرض فان حل أجلهما فلا بأس بأن تقاصه عرضك بعرضه
(قال) وإن كان أجل عرضك سواء ولم تحل آجالها فلا بأس بأن تقاصه عرضك
بعرضه وان اختلفت آجالهما ولم يحلا فلا خير في أن تقاصه به (قال ابن القاسم) وان
حل أجل أحدهما ولم يحل الآخر فلا بأس به (قال ملك) والدنانير والدراهم ان حلت
آجالهما فلا بأس به وإن لم تحل وكانت آجالهما واحدة فلا خير فيه لأنه بيع ورق
بذهب إلى أجل (قال) وان حل أحد الأجلين ولم يحل الآخر فلا خير فيه لأنه بيع
142

الذهب بالورق أيضا إلى أجل (قال ابن القاسم) ولا يجوز للرجل أن يبيع عرضا
إلى أجل بعرض مثله إلى أجل لان الذمم تلزمهما ويصير دينا بدين وإن كان ذلك الدين
عليهما إلى أجل ولكل واحد منهما على صاحبه مثل الذي له عليه في صفته فتتاركا
والأجلان مختلفان فتتاركا فلا بأس به لان ذمتهما تبرأ ولا يشبه هذا الأول لان ذمة
ذينك تنعقد ويصير دينا في دين وذمة هذين تبرأ فهذا فرق ما بينهما (قال) وهذا رأيي
(قال) وإنما قلت لك في الطعام والعروض إذا كان الذي على كل واحد منهما من ذلك
صفة واحدة أن يتتاركا فلا بأس به إذا كان ذلك قبل الاجل إذا كان ذلك في الطعام
من قرض وكانت العروض من بيع أو قرض (قال) لان مالكا قال لي لو أن رجلا
كان له على رجل ذهب إلى شهر وللآخر عليه ذهب إلى سنة وهي مثل وزنها فتقاصا
(قال) قال لي مالك لا بأس به فقست أنا العروض والطعام على هذا الذي لاشك فيه أن شاء الله ولو كأن يكون في الطعام إذا كانا من قرض جميعا إذا تقاصا إذا اختلفت
آجالهما ولم يحلا بيع الطعام بالطعام إلى أجل لكان في الذهب إذا لم يحلا بيع ذهب
بذهب إلى أجل فلا بأس به فيهما (قلت) والتمر والحبوب إذا اختلفت ألوانه فهو
مثل الحنطة في جميع ما وصفت لي من العروض والسلم فيه إذا أرادنا أن نتقاص
قال نعم (قلت) والزيت وما أشبهه على هذا القياس قال نعم (قلت) أرأيت
لو أنى أقرضت رجلا أردبا من حنطة إلى أجل وأخذت منه حميلا وأقرضني أردبا
من حنطة بغير حميل إلى أجل أبعد من أجل طعامي الذي لي عليه فأردنا أن
نتقاص (قال) لا بأس بذلك في قول مالك (قلت) أرأيت لو أن لرجل على مائة
أردب من حنطة سلما فلما حل الاجل قلت لرجل أقرضني مائة أردب من حنطة
ففعل فقلت للذي له على السلم اقبضه منه أيجوز هذا في قول مالك أن يكون بكيل
واحد قرضا على وأداء عنى من سلم على في قول مالك قال نعم (وأخبرني) عن
ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال إذا كان لرجل عليك قمح أو شعير
بيعا فجاءك يلتمس فابتعت قمحا بسلف وقلت لصاحبك اقبض منه فلا أرى ذلك
143

يصلح حتى تأخذه أنت منه فتقبضه ثم تعطيه (وعن) بكير بن الأشج وابن أبي
جعفر مثله (وقال ابن أبي جعفر ولا يكره إذا كان عليك سلف قمح غير بيع أن تقول
للبائع أوف هذا كذا وكذا (قال ابن وهب) قال الليث وقال يحيى مثله (قال
ابن وهب) وقال مالك في هذا ان أمر المشترى أن يذهب إلى رجل كان له قبله
طعام ابتاعه منه قبل أن يستوفيه فان ذلك لا يصلح وذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى
(قال مالك) وإن كان ذلك الطعام سلفا وكان حالا فلا بأس بأن يحيل الذين عليه
الطعام غريمه في طعام له على رجل آخر لان ذلك ليس بيع وإنما هو رجل ابتاع
طعاما فلم يبعه من أحد إنما قضى به دينا
(تم كتاب الآجال والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد)
(النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب البيوع الفاسدة)
144

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي)
(وعلى آله وصحبه أجمعين)
(كتاب البيوع الفاسدة)
(في البيوع الفاسدة)
(قلت) أرأيت من اشترى ثيابا بيعا فاسدا أو حيوانا أو رقيقا فطال مكثها عنده
ولم تتغير أسواقها أله أن يرد ذلك وقد طال مكثها عنده (قال) قال مالك أما الحيوان
فإنها لا تثبت على حالها انها تنمو أو تنقص فان طال مكثها عند المشترى كان ذلك
فوتا وأما الثياب والعروض كلها غير الحيوان والرقيق فان تغيرت أسواقها أو دخلها
العيب فقد فاتت (قلت) أرأيت أن تغيرت أسواق هذه العروض ثم رجعت إلى
أسواقها يوم اشتراها المشترى أله أن يردها وقد عادت إلى أسواقها يوم قبضها (قال)
ليس له أن يردها لأنها قد تغيرت بالأسواق فلما تغيرت لزمته القيمة فليس تسقط
تلك القيمة عنه وان عادت إلى أسواقها (قلت) أرأيت أن اشتريت ثيابا أو عروضا
بيعا فاسدا فبعتها ثم اشتريتها أوردت على بعيب ولم تتغير هذه العروض ولا هذه
الثياب بزيادة سوق ولا نقصان سوق أيكون لي أن أردها على الذي باعني أم ترى
بيعي قويا (قال) له أن يرد ذلك على البائع عند مالك إذا رجعت إليه السلعة باشتراء
أو بهبة أو بصدقة أو بميراث أوردت عليه بعيب إذا كانت عروضا لم تتغير بالأبدان
ولا بالأسواق وليس بيعه إياها إذا رجعت إليه على أسواقها فوتا وله أن يردها (وقال)
145

غيره ليس له أن يردها لأنه قد لزمته القيمة فيها (قلت) فإن كانت حين باعها
تغيرت عن أسواقها ثم رجعت إليه بهبة أو ميراث أو صدقة أو وصية أو شراء أوردت
بعيب فرجعت إليه يوم رجعت وهي على أسواقها يوم اشتراها أله أن يردها على
البائع (قال) لا لأنها لما تغيرت على أسواقها كان ذلك فوتا حين تغيرت عنده أو
عند غيره (قلت) أرأيت لو أنى اشتريت جارية بجاريتين غير موصوفتين (قال)
البيع باطل عند مالك (قلت) فان قبضت الجارية على هذا البيع فذهبت عينها
عندي ألصاحبها الذي باعها منى أن يأخذها منى ويأخذ ما نقصها (فقال) لا إلا أن
تشاء أنت أن تدفعها إليه وما نقصها (قلت) وما يكون على (قال) عليك قيمتها
يوم قبضتها لأنك قبضتها على بيع فاسد فلما حالت بتغير بدن لزمتك قيمتها عند مالك
(قلت) وكذلك أن كانت أسواقها قد تغيرت لزمتني القيمة فيها ولم يكن لي أن
أردها في قول مالك قال نعم (قلت) فان قال الذي باعها أنا آخذها عوراء أرضى
بذلك أو قال أنا آخذها وإن كان سوقها قد نقص وأبيت أنا أن أدفعها إليه قلت
أدفع إليك قيمتها أيكون لي ذلك أم يلزمني أن أدفعها إليه بنقصانها في قول مالك
(قال) ذلك إلى المشترى ان شاء دفعها ناقصة كما طلبها منه بائها وان أبى إلا أن
يعطيه القيمة فذلك له عند مالك (قلت) وكذلك أن كانت قد زادت في بدنها أو
زادت في سوقها فقال المشترى أنا أدفعها إليك أيها البائع بزيادتها وقال البائع لا أقبلها
ولكن آخذ قيمتها (قال) ذلك للبائع عند مالك ان شاء قبلها كما رضى المشتري
بزيادتها وان أبى لم يجبر على ذلك وكانت القيمة له على المشترى وتكون الجارية
للمشترى (قلت) وكذلك أن كانت هذه الجارية على حالها إلا أنها قد ولدت عند
مشتريها (قال) الولد فوت (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) وقال لي
مالك إذا ولدت الأمة فهو فوت في البيع الحرام. وليس الولد فوتا في العيوب وان وجد
بها مشتريها عيبا والبيع صحيح وقد ولدت عنده ردها وولدها وليس له إذا ردها ان
يحبس ولدها فان أبى أن يرد ولدها لم يكن له في العيب شئ إلا أن يردها بالولد
146

(قلت) فإن كان اشتراها بيعا فاسدا فولدت عنده ولدا ثم مات الولد أله أن يردها
ويأخذ الثمن في قول مالك (قال) لا لأنها حين ولدت عنده فقد فاتت وحالت
الأسواق فلا يرد البيع كانت من المرتفعات أو من الوخش (قلت) فبم فرق مالك
بيت البيع الفاسد إذا حالت عند المشترى بنقصان بدن أو بزيادة بدن أو زيادة سوق
أو نقصان سوق أو ولادة لم يكن له أن يردها ويرجع على بائها بالثمن إلا أن يرضى
البائع والمشترى بالرد وبين الذي اشترى بيعها صحيحا وقد نقصت بسوق تغير بزيادة أو
نقصان أو أصابها عيب غير مفسد كان له أن يرد في قول مالك ولا شئ على
المشترى في ذلك (قلت) فبم فرق مالك بين هذين (قال) لان البيع الحرام هو بيع وان
كانا قد أخطأ فيه وجه العمل فهو ضامن وقد باعه البائع ولم يدلس له عيبا وأخذ
للجارية ثمنا فلما كان ذلك البيع مردودا ان أصاب الجارية بحال ما أخذت منه ردت
على فأما ان تغيرت فليس له أن يرد لأنه لليس له أن يأخذ منه جارية صحيحة
ويردها معيبة أو يأخذها وقيمتها ثلاثون دينارا فتحول سوقها فيردها وقيمتها عشرة
دنانير فيذهب من مال البائع بعشرين دينارا أو تنمو في بدنها وقد كان لها ضامنا
فيأخذ البائع من المشترى زيادة قيمتها عشرين دينارا أو ثلاثين دينارا وإنما كانت
الزيادة في ضمان غيره وإنما أخطأ في العمل فلزمته قيمتها يوم قبضها وإنما العيب أمر
كان سببه من البائع ولم يكن سببه من قبل المبتاع فلذلك ردها وكان ما أصابها
من عيب يسير من حمى أو رمد أو ضرر جسم أو عيب يسير لا يكون مفسدا فليس
على المشترى فيه شئ إلا أن يكون كبيرا فاحشا أو عيبا مفسدا مثل العور والقطع
والصمم وما أشبهها فذلك حينئذ يكون المبتاع بالخيار ان شاء ردها وما نقص العيب
منها وان شاء أمسكها وأخذ قيمة العيب من الثمن إلا أن يقول البائع أنا آخذها ناقصة
وأدفع إليك الثمن كله فلا يكون للمبتاع ها هنا حجة في حبسها إلا أن يحبسها ولا
يرجع إلى البائع بشئ أو يردها ولا شئ له عليه (قلت) وكل هذا قول مالك قال نعم
(قلت) أرأيت اشترى سلعة إلى أجل مجهول فقال المشترى أنا أبطل الاجل
147

وأنقدك الثمن الذي شرطت إلى الاجل وقال البائع لا أقبل ولكني آخذ سلعتي لان
الصفقة وقعت فاسدة ما قول مالك في ذلك (قال) للبائع أن يأخذ سلعته عند مالك ولا
ينظر في ذلك إلى قول المشترى لان الصفقة وقعت فاسدة إلا أن تفوت بنماء أو
نقصان أو اختلاف أسواق فيكون عليه قيمتها (قلت) أرأيت أن اشترى ثمرة نخل
قبل أن يبدو صلاحها فجدها قبل أن يبدو صلاحها (قال) البيع جائز إذا لم يكن كان في
البيع شرط أنه يتركها حتى يبدو صالحها (قلت) فان اشتراها قبل أن يبدو صلاحها
فتركها حتى يبدو صلاحها ثم جدها ما عليه (قال) عليه قيمته يوم جده إن كان
رطبا (قلت) وكذلك أن تركه حتى صار تمرا فجده (قال) ان تركه حتى يصير تمرا ثم
جده فعليه مكيلة تمره الذي جده وهو قول مالك (ابن وهب) قال يونس وقال
ربيعة لا تجمع صفقة واحدة شيئين يكون أحدهما حلالا والآخر حراما. ومن
ذلك ما يدرك فينقص ومن ذلك ما يتفاوت فلا يدرك بعضه الا بظلم فيترك قال
الله تبارك وتعالى فان تبتم فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون فكل
بيع حرام لم يدرك حتى تفاوت فلا يستطاع رده الا بمظلمة فقد تفاوت رده وما كان
من أمر ينقصه بين أهله بغير ظلم فلم يفت ذلك فأنقضه (ابن وهب) قال
وسمعت مالكا يقول الحرام البيت من الربا وغيره يرد إلى أهله أبدا فات أو لم يفت وما
كان مما كرهه الناس فإنه ينقض ان أدرك بعينه فان فات ترك
(في اشتراء القصيل والقرط واشتراط خلفته)
(قلت) ما قول مالك في اشتراء القصيل أو القرط والقضب واشترط أن يؤخر
ذلك شهرا أو نحو ذلك حتى يقضب ويشتد ثم يقصله أو اشتراه واشترط خلفته خلفة
القصيل أو القرط أو القضب (قال) قال مالك ما اشتريت من القصيل أو القضب
أو القرط وقد بلغ أبانا يرعى فيه أو يحصد فيعلف ولم يكن في ذلك فساد فلا أرى
بذلك بأسا أن يشترى ويشترط خلفته إذا كانت الخلفة مأمونة إذا لم يشترط ذلك أن
يدعه حتى يصير حبا فان اشترط ذلك فان ذلك حرام لا يجوز والبيع فيه مفسوخ
148

فإن لم يشترط ذلك على حتى صار حبا فإنه ينظر إلى ما أكل منه والى ما خرج حبا
فيحسب كم قدر ذلك منه ثم يرد على صاحبه ويأخذ من الثمن من البائع بقدر ذلك
(قال) وتفسير ما قال لي مالك في ذلك أن الرجل إذا اشتراه واشترط خلفته فأكل
رأسه وغلبته الخلفة بالحب انه لا ينظر إلى الثمن ولكن ينظر كم قيمة الرأس الأول
في زمانه وتشاح الناس فيه وكم كان قيمة الخلفة مما يتشاح الناس فيه وقدر ثمنها فيحمل
على ذلك فإن كان الرأس الثلثين أو ثلاثة أرباع والخلفة الثلث أو الربع وإن كانت
الخلفة هي أغزر قرطا أو قضبا أو أكثر نباتا لم ينظر في ذلك وإنما ينظر إلى قيمة
ذلك فيقبض الثمن على ذلك وإن كان الأول هو الثلث أو الربع والخلفة هي الثلثان
أو ثلاثة أرباع فيقسم الثمن على قيمة الأول وقيمة الآخر ثم ينظر إلى قدر ذلك من
الثمن ممن فات بالحب فيرد بقدر ذلك وان خرج الحب في نصف الخلفة أو نصف
الرأس الأول فقيمته أيضا على ما فسرت لك في ذلك (قال) وهذا وجه ما فسر لي
مالك من كراء الدور والأرضين (قلت) فإذا خرج بعض هذا القصيل أو بعض
القضب أو بعض القرط فصار حبا لم يقوم الحب ولم يلتفت إلى قيمة الحب في قول
مالك (قال) نعم وإنما يقوم الأول والخلفة ولا يقوم حبا (قلت) أرأيت ما قول مالك
في بيع القصيل (قال) إذا بلغ القصيل ابانه ولم يكن على وجه الفساد (قلت) فأي
شئ معنى الفساد (قال) معنى قوله إنه إنما يريد إذا كان قبل أن يبلغ الزرع الرعي أو
أن يحصد (قلت) ما قول مالك في القصيل إذا خرج من الأرض ولم يبلغ أن يرعى
أو يحصد أيصلح بيعه ويشترط تركه حتى تبلغ أن يرعى أو يحصد (قال) لا يصلح
ذلك عند مالك (قلت) أرأيت أن اشتراه وقد بلغ أن يرعى أو يحصد فاشترط
تركه حتى يقضب أيشترط أن يتركه شهرا أو نحو ذلك ثم يحصده أو يرعاه (قال)
لا يعجبني ذلك إذا كان يتركه شهرا لأنه اما يعترى بتركه الزيادة في النبات فإذا
كان إنما يتركه لنبات يزداده فلا يعجبني ذلك إلا أن يبدأ بقصله مكانه يشرع في
ذلك فيكون على وجه ما يؤكل فيه يتأخر شهرا قبل أن يحصد جميعه لان كل شئ
149

اشتراه رجل من زرع يشترط فيه بيانا وزيادة حتى يصير إلى غير الحال التي يكون
الزرع فيها حين اشتراه لم يكن ذلك طيبا كطيب النخل والعنب إذا أزهت فاشترى
رجل ثمرتها فإنما الزيادة في الثمرة هاهنا طيب وحلاوة ونضاج وقد تناهى عظم
الثمرة والنبات. وأما في القصيل فهو نشوز وزيادة فالثمار في هذا مخالفة للزرع في
الشراء ومثل ذلك أن بعض القصيل والقرط يسقى فيشترط عليه حين يشتريه أن
يرعى فيه أن يسقيه له شهرا أو شهرين إلى أن يبلغ قصيله فلا يجوز له لأنه قد اشترط
زيادة في النبات فكأنه إنما اشترى منه الساعة على أن يدعه إلى بلوغه فهذا اشترى
شيئا بعينه إلى أجل فلا يصلح وان أصابته جائحة كانت من البائع فكأنه إنما ضمن
له القصيل إلى أن يبلغ ولو أخرت هذا لاخرته حين يكون بقلا ثم يسقيه إلى أن
يبلغ القصيل (قال) ولو اشترى بقل الزرع على أن يرعى فيه تلك الساعة (قال) لم
يكن به بأس ولو اشترط عليه سقيه إلى أن يبلغ القصيل لم يكن في ذلك خير وهو
قول مالك وإنما اعترى في مسألتك الأولى النبات وزيادته * ومما بين لك ذلك لو أن
رجلا اشترى من رجل صوفا على غنم وهي لو جزت لم يكن جزازها فسادا وفيها
ما لا يجز فاشتراه رجل على أن لا يجزه الا إلى أبان يتناهى فيه نبات الصوف ويتم لم
يكن في ذلك خير وهو مما نهى عنه مالك فالقصيل عندي إذا بلغ أن يرعى فيه
فاشتراه واشترط تركه إلى أجل لزيادة يطلبها فيه فهو بهذه المنزلة (قلت) أرأيت
ان اشتريت أول جزة من القصيل ثم أشتري بعد ذلك الخلفة أيجوز ذلك في قول
مالك (قال) نعم ذلك جائز في قول مالك (قلت) فهل يجوز لغير الذي اشترى
الأول أن يشترى الخلفة (قال) لا يجوز ذلك في قول مالك. ومما يبين لك المسألة
في القصيل لو أن رجلا اشترى طلع تخل على أن يجدها لم يكن بذلك بأس ولو اشترط
على صاحب النخل أن يسقيها حتى تكون بلحا يجدها فيقلعها عند مالك لم يكن فيه
خير فالقصيل والطلع بمنزلة واحدة
150

(في الرجل يشترى ما أطعمت المقثأة شهرا بشرطين)
(وفى البيع بالثمن المجهول)
(قلت) أرأيت أن اشتريت من مقثأة ما أطعم الله منها شهرا أيجوز هذا الشراء
أم لا في قول مالك (قال) لا يجوز هذا البيع في رأيي لان حمله في الشهور مختلف
إذا اشتد الحر كبر حمله وإذا اشتد البرد قل حمله فقد اشترى مالا يعرف فلا خير
فيه (قلت) أرأيت أن اشترى سلعة إلى أجلين مختلفين ان نقد إلى أجل كذا
وكذا فبكذا وكذا وان نقد إلى أجل كذا وكذا فبكذا وكذا (قال) قال مالك هذا
البيع مفسوخ لا يجوز (قلت) فان قال المشترى أنا أنقده الثمن حالا (قال) البيع
على كل حال مفسوخ (قلت) أرأيت أن قال له اشتر منى سلعة إن شئت بالنقد
فبدينار وإن شئت إلى شهرين فبدينارين وذلك في طعام أو عرض ما قول مالك في
ذلك (قال) قول مالك إن كان هذا القول منه وقد وجب البيع على أحدهما ليس له أن
يرجع في البيع فالبيع باطل وإن كان هذا القول منه والبيع غير لازم لأحدهما ان شاءا
أن يرجعا في ذلك رجعا لان البيع لم يلزم واحدا منهما فلا بأس بأن يأخذ بأي ذلك
شاء ان شاء بالنقد وان شاء بالنسيئة (قلت) أرأيت لو جئت إلى رجل وعنده
سلعة من السلع فقلت له بكم تبيعها قال بالنقد بخمسين وبالنسيئة بمائة فأردت أن آخذ
السلعة بمائة نسيئة أو بخمسين نقدا أيجوز هذا في قول مالك (قال) قال مالك إن كان البائع
ان شاء أن يبيع باع وان شاء أن يمسك أمسك وان شاء المشتري أن يأخذ أخذ وان
شاء أن يترك ترك فلا بأس بذلك وإن كان ان شاء أحدهما أن يترك ترك وانشاء
أن يأخذ أخذ والآخر قد وجب عليه فلا خير فيه وإن كان قد وجب عليهما جميعا فهو
أيضا مكروه ولا خير فيه (قلت) أرأيت أن بعت جارية بألف مثقال فضة وذهب
ولم أسم كم الذهب وكم الفضة (قال) لا يجوز هذا في قول مالك لأنه لا يدرى ماله
من الذهب وماله من الفضة
151

(في الرجل يبتاع العبد على أن يعتقه أو الجارية على أن يتخذها أم ولد)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا على أن أعتقه أيجوز هذا الشراء في قول مالك قال
نعم (قلت) لم أجزته وهذا البائع لم يستقص الثمن كله للشرط الذي في العبد (قال)
لان البائع وضع من الثمن للشرط الذي في العبد فلم يقع فيه الغرر وإنما كأن يكون
فيه الغرر لو باعه على أن يعتقه إلى سنتين أو يدبره فهذه المخاطرة والغرر ولا يجوز
ما وضع له هاهنا من الثمن فان فات هذا البيع ها هنا بعتق أو تدبير رد إلى القيمة في
رأى (قلت) وكيف كان الغرر ها هنا وقد فعل المشترى ما شرط البائع عليه (قال)
لان العتق إلى أجل والتدبير غرر وان فعل المشترى ذلك لان العبد ان مات قبل أن
يأتي الاجل مات عبدا ولان المدبر إذا مات قبل مولاه مات عبدا ولعل الدين يلحقه
بعد موت سيده فيرق ولعله لا يترك مالا ولا يعتق الا ثلثه فهذا يدلك على أنه غرر
وان بتات العتق ليس بغرر لأنه بتت عتقه (قلت) فما قول مالك ان اشتريت عبدا
على أن أعتقه (قال) لا بأس بذلك عند مالك (قلت) فان أبى المشترى أن يعتقه بعد
أن اشتراه (قال) قال مالك إن كان اشتراه على ايجاب العتق لزمه العتق وإن كان لم
يشتره على ايجاب العتق كان له أن لا يعتقه وأن يبدله بغيره (قال ابن القاسم) وأرى
للبائع أن يرجع إذا لم يعتقه فيأخذه وينتقض البيع إذا كان بحدثان ذلك ما لم يفت أو
يسلمه البائع ان شاء بلا شرط (قال) فان فات العبد وشح البائع على حقه كانت فيه
القيمة (وقال أشهب) يأخذه بذلك وهو شرط لازم أن يعتقه وهو بيع جائز لا بأس
به (قلت) أرأيت أن اشترت عبدا على أن لا أبيع ولا أهب ولا أتصدق (قال)
قال مالك هذا البيع لا يجوز فان فات فالقيمة (قلت) أرأيت أن اشتريت جارية
على أن أتخذها أم ولد (قال) قال مالك هذا البيع لا يصلح (قلت) فان اتخذها أم
ولد وفاتت يحمل (قال) قال مالك يكون عليه قيمتها يوم قبضها (قلت) وكذلك أن
أعتقها ولم يتخذها أم ولد أيكون عليه قيمتها يوم قبضها في قول مالك ويكون العتق
جائزا (قال) نعم إلا أن مالكا قال لي في الذي يبتاعها على أن يتخذها أم ولد فإذا فاتت
152

بحمل ردت إلى القيمة فإن كانت القيمة أقل من الثمن الذي ابتاعها به لم يكن له أن
يرجع إلى البائع بشئ وإنما الحجة ها هنا للبائع وليس للمبتاع حجة لأنه قد رضى أن
يأخذها بما قد أعطاه
(في الرجل يكون له على الرجل الدين حالا أو إلى أجل)
(فيبتاع به منه سلعة بعينها فيتفرقا قبل أن يقبضها)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل دينا حالا أو إلى أجل قرضا أو من ثمن بيع
فاشتريت منه سلعة بعينها قبل محل أجل الدين أو بعد ما حل أجل الدين فافترقنا قبل
أن أقبض منه السلعة والسلعة قائمة بعينها أيفسد البيع بيننا في قول مالك أم لا (قال)
قال مالك من كان له على رجل دين فلا يبتعه بشئ من الأشياء إلا أن يقبضه مكانه ولا
يؤخره (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيأخذ منه سلعة
هو فيها بالخيار أو جارية رائعة مما يتواضعانها للاشتراء (قال) قال مالك فلا خير فيه
فهذا يدلك على مسألتك أو هو مثله (قال) فقلت لمالك أفيشترى منه طعاما بعينه
يدا بيد فيبدأ في كيله فيكثر ذلك وتغيب عليه الشمس فيكتاله من الغد (قال
مالك) لا بأس بهذا (قلت) وإن كان الدين قد حل أو لم يحل من قرض كان أو
من بيع أهو عند مالك سواء (قال) قال مالك هو سواء (قلت) أرأيت لو أنى
اشتريت من رجل ثوبا بعينه بعشرة دراهم إلى أجل فافترقنا قبل أن أقبض الثوب منه
أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم البيع جائز وللمشتري أن يأخذ ثوبه ولا يفسد
البيع افتراقهما لأنه لم يمنع من أخذه منه لان الثمن إلى أجل وليس للبائع أن يحبس
الثوب ويقول لا أدفعه حتى آخذ الثمن (قلت) ما فرق بين هذا وبين الذي كان له
على رجل دين فابتاع به منه سلعة بعينها فافترقا قبل أن يقبض لم كره مالك هذا وجوز
هذه المسألة الأخرى (قال) لان الرجل قد يستكرى الدابة والدار بالدين إلى أجل
ولا يجوز له أن يأخذهما بدين له على رجل يركب الدابة أو يسكن الدار وكذلك
هذا في الخياطة وما أشبهها من الاعمال لان هذا دين بدين (قلت) كراء الدابة
153

وكراء الدار إنما هما عليه دين فلذلك كرهه (قال) لأنه دين بدين لان الكراء مضمون
وليس شيئا بعينه أرأيت العبد الذي هو بعينه لم كرهه مالك ولعله لا يكره العبد ولا
يشبه العبد الكراء (قال) الذي حفظنا عن مالك انه إذا كان له دين على رجل فلا
يشترى به سلعة الا سلعة يأخذها مكانه ولا يؤخرها فان أخرها فلا يجوز ذلك (قال)
ولقد سألت مالكا عن الرجل يشترى الدار الغائبة وينقد ثمنها وهي في غير بلده (قال)
مالك لا بأس به لان الدار مأمونة وليست عندي بمنزلة غيرها من السلع (قال)
فقلت المالك أفرأيت الرجل يكون له على الرجل الدين أيأخذ به دارا له غائبة (فقال)
لا خير فيه فهذا يدلك على مسألتك (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يكون له
على الرجل الدين فيأخذ منه به أرضا يزرعها بدينه ذلك وقد رؤيت (قال) لا خير فيه
فليس قبض آمن من الأرضين (1) وقد كرهه مالك (قال ابن القاسم) ومما يدلك أيضا
على مسألتك أن الرجل يسلف في الطعام إلى أجل فلا بأس أن ينقد بعد يوم أو
يومين يشترط ذلك ولو كان له عليه دين فاشترى منه سلعة وشرط عليه أنه لا يقبضها
الا بعد يوم أو يومين لم يجز ذلك عند مالك فهذا أيضا يدلك على مسألتك والذي
سمعنا من مالك أنه من كان له دين على رجل فاشترى به منه سلعة فليقبضها
ولا يؤخرها
(في الرجل يبتاع السلعة بعينها بدين إلى أجل فيتفرقان قبل أن يقبض السلعة)
(قلت) أرأيت لو اشتريت منه سلعة بعينها بدين إلى أجل فافترقنا قبل أن أقبض
أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) لا بأس بذلك في قوله وليقبض سلعته لان
مالكا كره أن يشترى الرجل الطعام كيلا بدين إلى أجل والطعام بعينه ثم يؤخر كيل
الطعام إلى الاجل البعيد (قال) فأنا أرى في السلع كلها أن لا يؤخرها الأمد البعيد
(في الرجل يبتاع السلعة بقيمتها أو بحكمهما أو بحكم غيرهما)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة بعينها بقيمتها أو بحكمي أو بحكم البائع أو برضاي
154

أو برضا البائع أو برضا غيرنا أو بحكم غير نا (قال) لا يجوز هذا عند مالك
(في اشتراء الآبق وضمانه)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا آبقا ممن ضمانه في إباقه (قال) ضمانه من البائع
عند مالك لان البيع فاسد (قلت) فان قدرت على العبد فقبضته أيجوز البيع أم لا
(قال) لا يجوز البيع لان أصل البيع كان فاسدا فان أدرك هذا البيع قبل أن تحول
الأسواق أو يتغير العبد بزيادة بدن أو نقصان بدن رد وان تغير كان على المشتري
قيمته يوم قبضه وكذلك قال مالك وكذلك الجنين في بطن أم يشتريه الرجل
فتلده أمه ثم يقبضه المشترى فهو بمنزلة ما وصفت لك من البعد الآبق (قال مالك)
وكذلك الجنين في بطن أمه والبعير الشارد (قلت) أيجوز أن يبيع عبده الآبق
في قول مالك كان قريب الغيبة أو بعيد الغيبة (قال) لا يجوز ذلك عند مالك (قلت)
وكذلك البعير الشارد أو الشاة الضالة أو البعير الضال لا يجوز بيع شئ من ذلك
في قول مالك (قال) نعم إلا أن يدعي مشتريه معرفته بموضع قد عرفه فيشتريه على
ذلك فلا بأس به ويتواضعان الثمن فان وجده على ما يعرف قبضه وجاز البيع وان
وجده قد تغير أو تلف كان من البائع ورد الثمن إلى المشترى وكذلك قال مالك
في الآبق إذا عرف المشترى موضعه فهو بمنزلة العبد الغائب يباع (قال) وقال
مالك لا يباع الجنين في بطن أمه (قلت) فان باع شيئا من ذلك جنينا أو ما
وصفت لك من الإباق والضوال والبعير الشارد ففات عند المشتري وقبضه وفات
بنماء أو نقصان أو موت أو اختلاف أسواق (قال) فهو من قبضه له نماؤه وعليه
نقصانه ويلزمه قيمته يوم قبض العبد الآبق والجنين والبعير الشارد (قال) وقال
مالك وما مات من ذلك قبل أن يقبضه المبتاع فهو من البائع والثمن مردود على
المبتاع (قال مالك) وكذلك الثمرة تباع قبل أن يبدو صلاحها ان مصبتها من
البائع ما دامت في رؤس النخل فان قبضها المشترى فباعها أو أكلها غرم مكيلتها
وان جدها ولم يأكلها ولم يبعها ردها بعينها
155

(قال) وسئل مالك عن بيع الغيران في المعادن فقال لا أرى ذلك جائزا ولا يحل لأنه
إذا مات قطع الغار لغيره فلا أرى ذلك يحل بيعه (3) (قلت) والمعادن لا يرثها ولاة
الميت في قول مالك (قال) قال مالك لا يرثها ولاة الميت (قال) ولقد سئل مالك
أيضا فيما بلغني عن المعادن التي ظهرت بأرض المغرب فقال ذلك إلى الوالي أن يقطع
بها للناس فيعملوا فيها ولم يرده لأهلها (قال ابن القاسم) ومما يبين لك أيضا أنها
ليست لأهلها أن المعادن قد ظهرت قديمة في أرض الاسلام في أرض العرب التي
أسلموا عليها فلم يزال الولاة تقطع بها للناس ولم يكن أهلها أحق بها من غيرهم فكذلك
ما ظهر في كل أرض أسلم عليها أهلها وهو قول مالك في معادن العرب التي قد ظهرت
في أرضهم فقال أرى ذلك للسلطان يليها ويقطع بها لمن يعمل فيها ويأخذ منها السلطان
الزكاة (قال) فقيل لمالك فتراب الذهب والورق أيباع (قال) لا بأس بذلك أن

(3) وجد بالأصل هنا طيارة تتعلق بهذا المبحث ونص ما فيها (فضل) قال سحنون في رواية
ابن القاسم عن مالك في الموات إذا لم تكن هذه سنة قد مضت فلا ينبغي أن يكون هذا كيف
يعطى رجل معدنا وينفق فيه ويعمل حتى يبلغ النيل فيموت فيذهب عمله باطلا وقد قالوا كلهم في
البئر يجعل له في حفرها جعل فيعمل بعضها ثم يترك العمل انه ان عمل فيها صاحب البئر حتى ينتفع
بها يذهب عمل المجتعل باطلا ويكون له قدر ما عمل وقد قالوا في المساقاة إذا مات العامل قيل لورثته
ان أحببتم ان تعملوا حتى تنقضي المدة فذلك لكم والا رجع الحائط إلى ربه وقال بعهم أيضا
يكون ذلك لازما لهم في مال الميت والمساقاة عندي من الإجارة والقراض يشبه الجعل وهو إذا مات العامل
فيه فلورثته أن يعملوا فيه أن كانوا أمناء وقال بعض أصحابنا في المعدن إذا مات صاحبه ان ورثة
الميت بمنزلة بئر الماشية يموت عنها صاحبها فيكون ورثته فيها أسوة يسقون ما يستقي على مواريثهم
فيها ولا يجوز لا بيع المعدن ولا لورثته من بعده وان كانوا اخوته من غيرهم لأنهم إذا تركوه قطع
لغيرهم بمنزلة بئر الماشية هو أحق بها حتى يستقى ولا يجوز له بيعها ولا لورثته من بعده ومن
أسلم مصابته من المعدن أو البئر من الورثة كانت مصابته للناس عامة ويقطع ذلك الامام لمن يرى
أن يقطعه وذكر غيره في المعدن يموت صاحبه ان الامام يرى في ذلك رأيه فإن كان الورثة
يقوون على العمل دفع ذلك إليهم كما دفعه إلى أبيهم وإن لم يكن لهم قوة دفع ذلك إلي
غيرهم ا ه‍
156

يباع تراب الذهب بالورق وتراب الورق بالذهب (فقيل) له انه غرر لا يعرف ما فيه
هو مختلط بالحجارة (فقال) قد عرفوا ناحيته وحرزه فلا أرى به بأسا (قال) وحدثني
مالك ان عمر بن عبد العزيز كتب يقطع المعادن (قال ابن القاسم) وذلك رأيي
وذلك عندي لأنه لا يجتمع إلى المعادن الأشرار الناس (قلت) أرأيت المعادن إذا
عمل فيها رجل فأدرك نيلا أيكون له أن يبيع ما أدرك من نيلها في قول مالك (قال)
لا وهو حرام لأنه يبيع مالا يدرى ما يدوم له أيدوم له يوما أو يومين أو شهرا أو
شهرين أو يجب (3) ما ظهر فهذا من بيع الغرر فلا يحل (قلت) أرأيت المعادن إذا عمل
الرجل فيها فأدرك نيلا أيكون له أن يمنع جميع ما أدرك من نيلها في قول مالك (قال)
نعم ولا يشبه هذا الماء لان هذا لم يجئ فيه مثل ما جاء في فضل الماء (قال ابن
القاسم) فمنعت من بيعها لان للناس فيها حقا (وأخبرني) ابن وهب عن عبد الجبار
ابن عمر عن ربيعة أنه لا يرى بأسا باشتراء تراب المعادن الذهب بالورق والورق
بالذهب * وعن يحيى بن سعيد مثله (ابن وهب) قال يونس وقال ربيعة لا يجوز
من بيع المعادن ضربته يوم ولا يومين وذلك بمنزلة المخاطرة (وقال) الليث ومالك مثل
قول ربيعة من رواية ابن وهب
(في ربيع الإبل والبقر العوادي)
(قلت) أرأيت ما سمعتك تذكر عن مالك أنه قال تباع الإبل العوادي في الزرع
والبقر كيف هذا (قال) قال مالك إذا كانت الإبل تعدو في زرع الناس أو بقر تعدو
في زرع الناس أو رمك قد ضربت بذلك قال مالك لنا قد استشرت في الإبل ها هنا
بالمدينة فأشرت أن تغرب وتباع فلا بلاد لا زرع فيها (قال) فسألنا مالكا عن البقر
بمصر والرمك ووصفناها له فقال أراها مثل الإبل (قلت) أفرأيت الغنم (قال)
ما سمعت من مالك في الغنم شيئا ولكن إذا قال في الإبل والبقر والرمك فأرى
الغنم والدواب بمنزلة الإبل والبقر في ذلك تباع إلا أن يحبسها أهلها عن الناس
157

(في البيع إلى الحصاد والدراس)
(قلت) ما قول مالك فيمن باع إلى الحصاد أو إلى الجداد أو إلى العصير أو إلى
العطاء أو إلى النيروز أو إلى المهرجان أو إلى فصح النصارى أو إلى صوم النصارى
أو إلى الميلاد (قال) قال مالك من باع إلى الحصاد أو إلى الجداد أو إلى العصير فذلك
جائز لان ذلك معروف (قال مالك) وإن كان العطاء له وقت معروف فالبيع إليه جائز
(قال ابن القاسم) ولم نسأل مالكا عن النيروز والمهرجان وفصح النصاري ولا صوم
النصارى ولا الميلاد ولكن إذا كان وقتا معلوما فذلك جائز لا بأس به (قلت)
أرأيت أن اشترى رجل إلى الحصاد ما أجل الحصاد والحصاد مختلف أو له في شهر
كذا وكذا وآخره بعد ذلك بشهر (قال) سألت مالكا عنها فقال ينظر إلى
حصاد البلد الذي تبايعا فيه فينظر إلى عظم ذلك وكثرته ولا ينظر إلى أوله ولا إلى
آخره فيكون حلوله عند ذلك (قلت) الحصاد في البلدان مختلف بعضها قبل بعض
(قال) لم يرد مالك اختلاف البلدان وإنما أراد حصاد البلد الذي فيه تبايعا (قلت)
فخروج الحاج عند ذلك أجل من الآجال إذا تبايعا إليه معروف (قال) أرى انه
أجل معروف وخروج الحاج عندي أبين من الحصاد (قال) ولقد سئل مالك وأنا
عنده قاعد عن رجل اشترى سلعة إلى رفع جرن بئر دريوق فقال مالك وما بين
بئر دريوق قال بئر يسمى بئر دريوق وعليها زرع وحصاد (قال مالك) لا بأس بذلك
وهذا أجل معروف (قلت) فان اشترى رجل إلى الحصاد فأخلف الحصاد في
ذلك البلد عامه ذلك (قال) أرى ما أراد مالك من ذلك أنه إذا حل أجل
الحصاد وعظمه وإن لم يكن لهم حصاد سنتهم تلك فقد بلغ الاجل محله (ابن وهب)
وأخبرني ابن جريج أن عمرو بن شعيب أخبره عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشا فقال عبد الله ليس عندنا ظهر
فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يبتاع ظهر إلى خروج المصدق فابتاع عبد الله
البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى خروج المصدق بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
158

(ابن وهب) عن رجال من أهل العلم أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن
قسيط وعبد الله بن أبي سلمة وابن شهاب وربيعة قالوا لا بأس بذلك (وأخبرني)
ابن وهب عن ابن لهيعة عن ابن أبي جعفر عن نافع أن ابن عمر كان يبتاع البيع
ويشترط على صاحبه أن يعطيه إذا خرجت غلته أو إلى عطائه (ابن وهب) عن
مسلمة بن علي قال كن أمهات المؤمنين يشترين إلى عطائهن (ابن وهب) عن
عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة عن ابن المسيب أنه كان يقول كل شئ مأمون
لا يكاد أن يخلف فلا بأس أن يشترى ويباع إليه مثل الرجل يبتاع إلى الطعام أو إلى
خروج الدرق وأشباه ذلك من الزمان (ابن وهب) عن سليمان بن بلال عن عمرو
ابن نافع عن ابن المسيب والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله أنهم كانوا لا يرون بالبيع
إلى العطاء بأسا
(في بيع الحيتان في الآجام والزيت قبل أن يعصر)
(قلت) ما قول مالك فيمن باع حيتانا محضرا عليها في الآجام أيجوز ذلك أم لا
(قال) سألت مالكا عن الرجل يبيع برك الحيتان فيبيع صيدها من الحيتان
فكره ذلك وقال لا خير فيه وقال وكيف تباع الحيتان في الماء (قال) ولا أرى
لأهلها أن يمنعوا أحد الصيد منها (قلت) أرأيت أن قلت لرجل اعصر زيتونك
فقد أخذت منك زيته كل رطل بدرهم ففعل أيلزمني البيع في قول مالك (قال)
إن كان ذلك لا يختلف وهو أمر معروف مثل القمح يشترى منه وهو في سنبله
قد يبيس واستحصد كل قفيز بدرهم (قال) لا بأس بذلك (قال) وإن كان الزيت
مختلفا إذا خرج من عصيره فلا خير في ذلك عندي إلا أن يشترط ان خرج جيدا
أخذته بكذا وكذا أو يشترط أنه بالخيار ولا ينقد ويكون عصره قريبا الأيام
اليسيرة العشرة وما أشبهها فلا أرى بذلك بأسا (قال) لأني سألت مالكا عن الرجل
يأتي عند الحصاد إلى الزراع وقد استحصد قمحه فيشترى منه وهو يحصده على أن
يدفع إليه ثمنه ينقده وهو يمكث في ذلك العشرة الأيام والخمسة عشر في حصاده
159

ودراسه وتذريته (قال مالك) هذا أمر قريب فأرجو أن لا يكون به بأس (قال)
وإن كان الزيت مأمونا في معرفة الناس في خروجه وعصره بأمر قريب يعرف حاله
كما يعرف حال القمح (قال) لا أرى بالنقد فيه بأسا إذا كان عصره قريبا مثل
حصاد القمح وإن كان يختلف لم أر النقد يجوز فيه إلا أن يبيعه إياه على أنه ان خرج
على ما يعرف أخذه أو على الخيار فلا بأس به لأنه أمر قريب وليس فيه دين بدين
ولا سلعة مضمونة بعينها (قال سحنون) وقال أشهب بيع الزيت على الكيل إذا
عرفه وجه الزيت ونحوه لا أرى به بأسا وأما بالرطل فإن كان القسط يعرف كم
فيه من رطل ولا يختلف فلا بأس به وإن كان يختلف فلا خير فيه لأنه لا يدرى
ما اشترى لان الكيل فيه معروف والوزن فيه مجهول
(في بيع الزبل والرجيع وجلود الميتة والعذرة)
(قلت) أرأيت الزبل هل يجز مالك بيعه (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا
ولا أرى ببيعه بأسا (قلت) فهل سمعت مالكا يقول في بيع رجيع بني آدم شيئا
مثل الذي يباع بالبصرة (قال) سمعت مالكا يكرهه (وقال أشهب) في الزبل المشترى
أعذر فيه من البائع يقول في شراه وأما بيع الرجيع فلا خير فيه (وقال ابن القاسم)
وسئل مالك عن رجل ماتت في داره ميتة فاستأجر من يطرحها بجلدها فكره ذلك
وقال لم يكن يرى به بأس أن يستأجر من يطرحها بالدنانير والدراهم ولكن إنما كره هذا
لأنه لم يكن يرى أن تباع جلود الميتة وان دبغت (قال) وسألت مالكا عن بيع
العذرة التي يزبلون بها الزرع (فقال) لا يعجبني ذلك وكرهه (قال) وإنما العذرة التي
كره رجيع الناس) قلت) فما قول مالك في زبل الدواب (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا إلا أنه عند مالك نجس وإنما كره العذرة لأنه نجس فكذلك الزبل
أيضا ولا أرى أنا به بأسا (قلت) فبعر الغنم والإبل وخثاء البقر (قال) لا بأس بهذا
عند مالك وقد رأيت مالكا يشترى له بعر الإبل ولقد سئل مالك عن عظا: الميتة أترى
أن يوقد بها تحت القدر فكره ذلك وقال لا خير فيه (قلت) فلغير الطعام (فقال) إنما
160

سألناه عن الطعام فقال لا يعجبني أن يسخن بها الماء للعجين ولا للوضوء ولو طبخ
بها الجير والطوب لم أر بذلك بأسا (قلت) أرأيت مالكا هل كره الانتفاع بعظام
الميتة (قال) مالك لا أرى أن تشترى عظام الميتة ولا تباع ولا أنياب الفيل ولا يتجر بها
ولا يمشط بأمشاطها ولا يدهن بمداهنها وقال مالك وكيف يجعل الدهن في الميتة ويمشط
لحيته بعظام الميتة وهي مبلولة وكره أن يطبخ بها
(في اشتراء الصبرة على كبل فوجدها تنقص)
(قلت) أرأيت لو أنى اشتريت من رجل صبرة طعام على أنها مائة أردب فدفعت
اليه الدراهم وقلت لربها كلها فكالها فوجدناها تنقص عن مائة أردب هل يلزم البيع
أم لا (قال) قال مالك إذا اشتراها على أن فيها مائة أردب فوجد فيها مائة أردب الا
شيئا يسيرا لزمه البيع فيما أصاب في الصبرة من عدد الأرادب بحصة ذلك من الثمن
(قال) وإن كان الذي نقص من الصبرة الشئ الكثير لم يلزمه البيع إلا أن يشاء لان
المشترى يقول ليس هذا حاجتي وإنما أردت طعاما كثيرا فهذا يعلم أنه إذا أصاب في
الصبرة شيئا قليلا انه لم يقصد قصدها وإنما قصد قصد الصبرة الكبيرة حين سمى
مائة أردب فهو حين أصابها تنقص شيئا قليلا لزمه البيع وان أصابها تنقص شيئا
كثيرا لم يلزمه (قلت) فان اشتريت منه هذه الصبرة على أن فيها مائة أردب
أكان مالك يجيز هذا ولا يرى هذا الشرط يفسد البيع (قال) نعم كان يجوزه ولا يرى
هذا الشرط يفسد البيع (قلت) لم (قال) قال مالك كأنه اشترى من هذه الصبر مائة
أردب فهو وان قال على أن فيها مائة أردب شبيه بهذا ولا يفسد البيع (قلت) أرأيت
ان اشترى الصبرة على أن فيها مائة أردب فأعطاه غرائره يكيل فيها أو أمره أن يكيلها
في غرائره ويرفعه في موضع من المواضع وغاب عنه المشترى فلما أتاه قال قد كلتها
وضاعت وكانت تسعين أردبا أو كانت تمام المائة وكذبه المشترى فقال لم تكل أو قال
قد كلت وكانت عشرة أرادب أو عشرين أردبا ذكر من ذلك شيئا قليلا (قال) أرى
في قول مالك أنه لا يلزم المبتاع ما قال البائع إلا أن تقوم البينة أنه قد كال مائة أردب
161

أو كالها فوجد فيها أقل من المائة بشئ يسير فهذا يلزم المشترى (قلت) ولم لا يلزم
المشترى إذا قامت بينة أنه قد كالها فلم يجد فيها الا شيئا يسيرا لم لا يلزم المشترى ذلك
اليسيرة (قال) لأنه لا يلزمه ذلك البيع إلا أنه يشاء إذا لم يكن في الصبرة من الطعام الا
شئ يسير (قلت) فهل يسئل المبتاع هل قبل ذلك الشئ اليسير فان قال قد قبلته
ألزمته بحصته من الثمن (قال) هو يدفع عن نفسه الضمان ولا أره يرضى أن يقبله الآن
بعد ما تلف (قلت) فان كالها والمشترى حاضر فأصاب فيها شيئا يسيرا أيكون الخيار
للمشترى في أن يأخذ ما وجد فيها بحصته من الثمن وان شاء ترك في قول مالك (قال)
نعم (قلت) ولا خيار في ذلك للبائع قال نعم (قلت) وإذا كان في الصبرة أكثر
من المائة الأردب الا شيئا يسيرا لزمهما جميعا ولم يكن لواحد منهما في ذلك خيار في
قول مالك (قال) نعم
(في الرجال يجمعان سلعتين لهما فيبيعانهما صفقة واحدة)
(قلت) أرأيت أن جمع رجلان ثوبين لهما فباعاهما صفقة واحدة من رجل أيجوز هذا
البيع في قول مالك (قال) لا أحفظه من قول مالك الساعة ولا يعجبني هذا البيع
لأني أراهما جميعا لا يعلم كل واحد منهما بما باع به سلعته فكل واحد منهما باع سلعته
بما لا يعلم ما هو والمبتاع أيضا لا يدرى لمن يتبع كل واحد منهما لو استحقت واحدة
منهما الا بعد القيمة (قلت) وكذلك لو استأجرت دارا سنة أسكنها وعبد فلان
يخدمني سنة صفقة واحدة بمائة درهم (قال) هذا مثل ما قبله من مسائلك وهو كما
وصفت لك (قلت) أرأيت أن باعوا هذه الأشياء التي سألتك عنها صفقة واحدة
على أن بعضهم حملاء عن بعض أيجوز أم لا (قال) لا أراه جائزا وان تحمل بعضهم
عن بعض لأني أرى المشترى كأنه إنما اشترى سلعة هذا على أن يتحمل بهذا وعلى أن يشترى سلعة هذا على أن يتحمل بهذا يتحمل مليؤهم بمعدمهم فكأنه إنما اشترى
من الملئ سلعته على أن يتحمل له بما اشترى من هذا المعدم فلا يصلح وكذلك قال
لي مالك في الذي يشترى من الرجل سلعة على أن يتحمل له بمال على رجل آخر
162

(قال مالك) هذا لا يصلح (قال سحنون) وقد كان أجاز أن يجمع الرجلان
السلعتين فيبيعانهما جميعا (وقال أشهب) هو جائز إذا جمع السلعتين وباعاهما بمائة
ديناران ذلك جائز وهو قول سحنون انه جائز
(في البيع علي الحميل بعينه والبيع على الرهن بعينه وبغير عينه)
(وما يخاف فيه الخلابة)
(قلت) أرأيت أن بعته بيعا أو أقرضته قرضا على أن يعطيني فلانا حميلا بعينه
أيجوز ذلك (قال) أرى ذلك جائزا ان رضى فلان فان أبى فلان فلا بيع بينهما ولا
قرض إلا أن يشاء البائع ان يمضى البيع فحميل غيره ان طاع بذلك أو بغير حميل
فيجوز ذلك (قال) وهذا إذا كان الحميل الذي اشترط في البيع قريب الغيبة أو
بحضرتهما ولم يتباعد ذلك (قلت) كيف النكاح في هذا (قال) لا أعرف النكاح
في هذا ولا أرى النكاح في هذا عندي جائزا لان النكاح لا خيار فيه والبيع فيه
الخيار (قلت) تحفظه عن مالك (قال) لا ولكن مالكا قال في الرجل يتزوج
المرأة على أنه إن لم يأت بالمهر إلى أجل يسميه فلا نكاح بينهما (قال مالك) ليس هذا
بنكاح ولا نكاح بينهما (قلت) لمالك فالرجل يبيع السلعة على أنه إن لم يأت بالثمن
إلى أجل كذا وكذا فلا بيع بينهما (قال) شرطهما باطل والبيع لهما لازم فهذا مما
يدلك على الغرر في مسألتك (قلت) كيف هذا في الخلع (قال) إن لم يرض فلان
بالكفالة فهي زوجته (قلت) والدم العمد كذلك يكون على حقه في القصاص إن لم يرض فلان بالكفالة (قال) نعم كذلك قال مالك في الدم العمد على أن يعطيه مالا
فان أعطاه مالا والا ضرب عنقه (قلت) أرأيت لو بعت سلعة على أن يعطيني حميلا
رجلا سماه له والرجل غائب (قال) ان كانت غيبته قريبة فالبيع جائز ان رضى فلان
أن يتحمل بالثمن (قال) وان كانت غيبته بعيدة فلا خير في ذلك (قلت) فان أبى
فلان أن يتحمل بالثمن (قال) فالبائع بالخيار ان شاء أمضى البيع ولا حميل له بحقه
وان شاء أبطل البيع وأخذ سلعته (قلت) أرأيت أن بعت عبدا لي من رجل على
163

أن يرهنني من حق عبدا له غائبا عنا (قال) البيع جائز وإنما هو بمنزلة ما لو اشترى
سلعة غائبة بسلعة حاضرة توقف الحاضرة فان وجدت الغائبة بحال ما كانت تعرف
جاز البيع بينهما وكذلك الرهن (قلت) فان قال المشترى حين تلف العبد الذي
سماه وهنا أنا أعطيك مكان العبد رهنا وثيقة من حقك ولا تنقض البيع أيكون له
ذلك (قال ابن القاسم) لا ينظر إلى قول المشترى ها هنا وإنما ذلك البائع ان شاء
قبل وان شاء نقض البيع لأنه لو أن رجلا باع رجلا سلعته على أن يرهنه عبدا بعينه
ففعل ذلك فلما رهنه إياه قال صاحب العبد أنا أحتاج إلى عبدي وأخاف عليه الفوت
وهذه دار أرهنك إياها ثقة من حقك والدار خير من العبد لم يكن ذلك له إلا أن
يرضى المرتهن كذلك قال لي مالك فكذلك مسألتك إنما باع على رهن بعينه
فليس له أن يصرفه إلى غيره (قلت) أرأيت لو اشتريت سلعة من رجل على أن
أرهنه عبدا لي ففعلت فدفعت إليه العبد الرهن وأخذت السلعة فمات العبد عنده
أيبطل هذا البيع أم لا (قال) لا يبطل البيع ويكون جائزا ولا يكون له أن يرجع
عليك برهن آخر ويكون حقه عليك إلى أجله إن كان لذلك أجل أو حالا إذا لم
تكونوا سميتم أجلا (قلت) فالذي اشترى على أن يرهنه عبده فهلك العبد قبل أن
يصل إليه لم أبطلت البيع بينهما ان أراد ذلك البائع ولم تجعل البيع جائزا بمنزلة الذي
قبض الرهن فمات عنده (قال) لان هذا إنما باعه على أن يوصل إليه الرهن فهو لما لم
يصل إليه لم يكن رهنا فهو مخير (قال) ومما يبين ذلك أنه لو فلس الرجل المشترى
صاحب العبد الذي سماه رهنا والعبد الغائب لم يقبضه المرتهن لم يكن البائع الذي
اشترطه رهنا أحق به وكان أسوة الغرماء لأنه رهن غير مقبوض وإنما باعه على أن
يوصله إليه ولأنه لم يقع في الرهن ولا في البيع موضع خطر فلذلك أجازه ولا يشبه
المسألة الأخرى لان الرهن في مسألتك الأخرى قد وصل إلى صاحبه وتم البيع ثم
هلك الرهن بعد تمام البيع فهذا فرق ما بينهما (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة
إلى أجل على أن أعطيه بالثمن رهنا ولم أسم له الرهن أيجوز هذا البيع أم لا (قال)
164

هذا البيع جائز وعليه أن يعطيه ثقة من حقه رهنا لأنه من اشترى على أن يعطى
رهنا فإنما الرهن في ذلك الثقة ولم يقع الثمن على شئ من الرهن فيفسد به البيع فالبيع
جائز (قلت) أرأيت لو أنى بعت من رجل سلعة على أن يرهنني عبده فلانا فلما بايعته
أبى أن يدفع إلى العبد (قال) يجبر على أن يدفع إليك العبد (قلت) ولا تراه من
الرهن الذي لم يقبض (قال) لا ويجبر على أن يدع إليك العبد (قلت) وهذا قول
مالك (قال) هذا رأيي (قلت) وكذلك هذا في الكفالة إذا تكفلت به على أن
يعطيني عبده رهنا قال نعم (قلت) فان أبى أن يعطيني عبده رهنا جبرته عليه قال
نعم (قلت) وكذلك أن كان شرط عليه أن يعطيه حميلا بحقه ولم يسمه فالبيع
جائز ويجبر على أن يعطيه حميلا ثقة قال نعم (قلت) ولا عذر له ولا يفسخ (قال) نعم
وهذا مثل الرهن (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال لا
بأس بالبيع بالنسيئة ويرتهن مع ذلك وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه
ضيف له فأتى يهوديا فرهنه درعه وقال حتى يأتينا شئ (ابن وهب) وأخبرني
حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
يتقاضاه فأغلظ فقال له رجل من القوم ألا أراك تقول لرسول الله ما تقول قال دعه
فإنه طالب حق ثم قال للرجل انطلق إلى فلان فليبعنا طعاما إلى أن يأتينا شئ فأتى
اليهودي فقال لا أبيعه الا بالرهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب إليه
بدرعي أما والله انى لأمين في السماء وأمين في الأرض
(الذريعة والخلابة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت ثيابا فرقمتها أكثر من شرائي ثم بعتها من الناس برقومها
ولم أقل قامت على بذلك أيجوز هذا البيع أم لا (قال) سألت مالكا عن هذا
غير مرة وسمعته سئل عنه غير مرة فكرهه كراهية شديدة وخاف في ذلك
الذريعة إلى الخلابة والى مالا يجوز
165

(ما جاء فيمن باع سلعة فإن لم يأت بالنقد فلا بيع بينهما)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا على أنى إن لم أنقده إلى ثلاثة أيام فلا بيع بيننا
(قال) مالك لا يعجبني أن يعقد البيع علي هذا (قلت) لم كرهه مالك (قال)
لموضع الغرر والمخاطرة في ذلك كأنه زاده في الثمن على أن نقده إلى ذلك الاجل فهي
له وإلا فلا شئ له وهذا من الغرر والمخاطرة (قلت) ويكون هذا من البيع الفاسد
ويكون سبيله سبيل البيع الفاسد في الفوت وغير الفوت (قال) مالك لا يكون
سبيله سبيل البيع الفاسد ولكن يبطل الشرط ويجوز البيع فيما بينهما ويغرم الثمن
الذي اشترى به (قال) فقلت لمالك فلو كان عبدا أو دابة فلم يقبضها المبتاع حتى
هلكت في يد البائع قبل أن يأتي الاجل الذي شرط (قال) أراها من البائع ولا
يشبه هذا الذي اشترى على وجه النقد على أن يذهب يأتيه بالثمن ويحبس البائع
السلعة حتى يأتيه المبتاع بالثمن. هلاك هذه السلعة إذا كان إنما حبسها البائع على أن
يأتيه المبتاع بالثمن أراها من المبتاع وهذه السلعة الأخرى التي اشتراها إلى أجل فإن لم
يأتيه بالثمن فلا بيع بينهما قال مالك أراها من البائع (قال) فقلت لمالك أتجيز هذا
البيع (قال) أكرهه ولكن ان نزل رأيت المصيبة من البائع حتى يقبضها المبتاع وأرى
الشرط باطلا والبيع لازما إذا وقع البيع (قلت) فأصل قول مالك في هذه المسألة
أن البيع إذا وقع بينهما على هذا إن لم ينقد إلى أجل كذا وكذا فلا بيع بينهما إذا وقع
البيع بطل الشرط وجاز البيع والمصيبة من البائع قبل أن يقبضها المبتاع (قال) نعم
(قلت) وفرق مالك بين هذا وبين البيع الصحيح (قال) نعم (قلت) وجعل
البيع الصحيح المصيبة بعد عقدة البيع من المشتري (قال) نعم (قلت) ما قول مالك
فيمن باع سلعة من رجل على أنه إن لم ينقده إلى يوم أو يومين أو إلى عشرة أيام فلا
بيع بينهما (قال) قال مالك أكره هذا البيع أن يعقداه على هذا الشرط فان عقد البيع
على هذا الشرط بطل الشرط وجاز البيع بينهما
166

(المريض يبيع من بعض ورثته في مرضه)
(قلت) أرأيت أن بعت عبدا لي في مرضى من ابني ولم أحابه أيجوز أم لا (قال)
نعم إذا كان لم يكن فيه محاباة (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي (قال)
وقال مالك في المريض يوصى بأن يعتق عنه غلم لابنه فيقول الآخر لا أبيعه بما
يسوى من الثمن أترى أن يزاد عليه كما يزاد في الأجنبي إلى ثلث ثمنه (قال) لا وليس
هو كالأجنبي فقد أجاز مالك أن يشترى منه بالثمن بعد الموت ففي المرض جائز
والاشتراء والبيع في ذلك سواء
(في بيع الأب على ابنته البكر)
(قلت) أرأيت الجارية إذا حاضت أيجوز صنيع أبيها في مالها بيعه وشراؤه (قال) نعم
هو جائز عند مالك لان مالكا قال حوز أبيها لها حوزه ولا يجز لها قضاء في مالها حتى
تدخل بيت زوجها وتعرف من حالها
(في اشتراء الأمة لها الولد الصغير حر ترضعه)
(واشتراط رضاعته أو على أنها حامل)
(قال) وقال مالك من باع أمة لها ولد حر واشترط أن عليهم رضاعه سنة ونفقته سنة
فذلك جائز إذا كان ان مات الصبي أرضعوا له آخر (قلت) أرأيت أن اشتريت شاة
على أنها حامل يجوز هذا البيع في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا خير في هذا
البيع (قال) لأنه كأنه أخذ لجنينها ثمنا حين باعها منه واشترط أنها حامل والله أعلم
(تم كتاب والبيوع الفاسدة من لمدونة الكبرى وبه يتم الجزء التاسع)
(ويليه كتاب بيع الخيار وهو أول الجزء التاسع)
167

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي
عن الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
الجزء العاشر
(أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل)
(حقوق الطبع محفوظة للملتزم)
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
(تنبيه)
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة ا ه‍
" طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 ه‍ - لصاحبها محمد إسماعيل "
169

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب بيع الخيار)
(بيع الخيار)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم صف لي بيع الخيار في قول مالك (قال) قال مالك
بيع الخيار أن يقول الرجل أبيع منك هذا الثوب أو هذه الدار أو هذه الجارية أو هذه
الدابة وأنا عليك فيها بالخيار هذا اليوم أو هذه الجمعة أو هذا الشهر (قال) قال مالك أما
الثوب فلا بأس به أن يكون فيه اليوم واليومين ما أشبه ذلك وما كان أكثر من
ذلك فلا خير فيه والجارية يكون الخيار فيها أبعد من ذلك قليلا الخمسة الأيام والجمعة
وما أشبه ذلك فلا بأس فيها بالخيار إلى ذلك ينظر إلى خبرها وهيئتها وعملها والدابة تركب
اليوم وما أشبهه (قال) فقلت لمالك وان اشترط أن يسير عليها البريد أو نحو ذلك
ينظر إلى سيرها (قال) لا بأس بذلك ما لم يتباعد. والدار أكثر من ذلك قليلا الشهر
وما أشبهه وللأشياء وجوه من هذه الوجوه تشترى إليها يعرفها الناس بوجه ما تختبر
فيه ويستشار فيها فما كان مما يشترى الناس حاجتهم في الاختيار بحال ما وصفت لك
فلا بأس بالخيار في ذلك وما بعد من أجل الخيار فلا خير فيه لأنه غرر لا يدرى
ما تصير إليه السلعة إلى ذلك الاجل ولا يدري صاحبها كيف ترجع إليه (قال) وقال
مالك والنقد في ذلك فيما بعد من الاجل وما قرب لا يحل بشرط وان كانت دارا
فلا بأس بالنقد فيها بينهما إذا كان بيع لخيار على غير النقد إن كان الخيار للبائع أو
170

للمشترى (قيل) لا شهب ولا ترى بأسا أن يشترط استخدام العبد وركوب الدابة
ولبس الثوب (قال) أما أن يشترط لبس الثوب فان ذلك لا يصلح وأما
ركوب الدابة واستخدام العبد فان ذلك لا بأس به ما لم يكن ركوبه الدابة سفرا
يخاف عليها في مثله تغير شئ من حالها فأما البريد والبريدان فلا بأس به وما أشبههما
وفرق ما بين العبد والثوب والدابة أنه لا يختبر الثوب باللبس ويختبر العبد بالاستخدام
فيعرف بذلك عمله ونفاذه ونشاطه من ضعفه وبلادته وكسله فلذلك اختلفا. وإنما
كرهت بيع الخيار إلى الاجل البعيد لما فيه من الغرر والمقامرة أنه يبلغ له من الثمن
ما لم يكن ليبلغه لولا الخيار الذي فيه على أن يكون ضامنا لذلك إلى الاجل الذي ضربا
فيه فزاده زيادة بضمان السلعة إلى ذلك الاجل ان سلمت إليه أخذ السلعة بأقل
من الثمن الذي يشترى به إلى ذلك الاجل بغير ضمان أو بأكثر لما اشترط عليه من
ضمانها إليه وهو في ذلك ينتفع بها إلى ذلك الاجل بغير اختبار وقد يختبر فيما دون ذلك
من الاجل (قال سحنون) وقد كره مالك أن يشترى السلعة بعينها إلى أجل بعيد
بغير اشتراط نقد (قال) قال مالك لما فيه من الخطر والقمار أنه زاده في ثمنها على أن
يضمنها إلى الاجل وضمانها خطر وقمار (قلت) لابن القاسم والخيار ان اشترطه
البائع فهو جائز مثل ما لو اشترطه المبتاع في قول مالك قال نعم (قلت) لابن القاسم
أرأيت لو أن رجلا اشترى بطيخا أو قثاء أو فاكهة رطبة تفاحا أو خوفا أو رمانا
على أنه بالخيار في ذلك يوما أو يومين أيكون له الخيار الذي شرط له في ذلك (قال)
لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن ينظر في هذا إلى ما يصنع الناس فإن كانوا
يستشيرون في ذلك ويرون هذه الأشياء غيرهم ويحتاجون فيه إلى رأى غيرهم رأيت
لهم من الخيار قدر حاجة الناس إلى ذلك على ما وصفت لك من الخيار في غيرها من
الأشياء مما لا يقع فيه تغيير ولا فساد ذلك أن لا يغيب المشترى على شئ
من ذلك لأنه لا يعرف بعينه إذا غبت عليه (قال أشهب) ومن الكراهية فيه إذا
غبت عليه أنه يصير مرة بيعا ان اختار ومرة يصير سلفا ان رده ولم يختر
171

إجازة البيع لأنه مما لا يعرف بعينه فيرد مثله وقد كان انتفع به وكذلك كل مالا
يعرف بعينه من القطن والكتان والحناء والعصفر والقمح والعسل والسمن لأنه
إنما باعه هذا وما أشبهه على أنه عليه بالثمن الذي باعه به ان شاء وان شاء كان عنده سلفا
فيصير سلفا جر منفعة وليس هذا مثل العروض ولا الحيوان ألا ترى أنك لو بعت
من رجل عبدين أو ثوبين بثمن إلى أجل فلما حل الاجل أخذت منه بذلك أحد
عبديك أو أحد ثوبيك وثمن الآخر لم يكن بذلك بأس ولم يكن فيه بيع وسلف لأنه
رد إليك أحد عبديك بعينه أو أحد ثوبيك ولم يكن سلفا انتفع به ورد مثله ولو أنه
اشترط عليه في ابتياعه منك الثوبين أو العبدين يوم ابتاعهما منك أنه يرد عليك
أحدهما على حاله التي يكون عليها يوم الرد من أخلاق الثوب ونقص العبد بنصف
الثمن ويعطيك نصف الثمن لم يكن بذلك بأس لأنك إنما بعت أحدهما وأخرت
الآخر إلى ذلك من الاجل وذلك لا بأس به لان كل ما يعرف بعينه وينتفع به منه
بغير اتلافه تجوز اجارته وانك لو بعت من رجل فاكهة بثمن إلى أجل ثم أردت أن
تأخذ قبل محل الاجل أو بعده بعض الثمن وبعض ما بعته مما وصفت لك لم يصلح
ذلك لأنه بيع وسلف وانك لا تعرف ما يرد إليك بعينه أنه لك وانه لو اشترط عليك
في ابتياعه ذلك منك أنه داخل الاجل أعطاك نصف الثمن ورد عليك نصف
ما اشترى منك لم يصلح ذلك وكان بيعا وسلفا لأنه مما لا تجوز فيه الإجارة. ولا تجوز
إجارة الأطعمة ولا الإدام ولا كل ما لا ينتفع به الا باتلافه اما بأكله واما بعلفه واما
بشبه وكل ما لا يعرف بعينه فذلك فيه لا يصلح وان كانت فيه منفعة لغير أكله
وشربه لأنه يعود بيعا وسلفا أعطاك ثم ما بعته ورد عليك مكان ما أسلفته غيره
فهذا وجه هذا وكل ما أشبهه (قلت) لابن القاسم أرأيت أن اشتريت سلعة على
أنى فيها بالخيار أو على أن البائع فيها بالخيار ثلاثا أليس من مات منا فورثته مكانه في
الخيار يقومون مقامه ويكون لهم ما كان للميت في قول مالك (قال) قال مالك
لورثته من الخيار ما كان للميت (قلت) أرأيت أن جن جنونا مطبقا وله الخيار في
172

هذا البيع أيقومون مقامه في هذا الخيار أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
ولكن ينظر السلطان في ذلك فإن كان خيرا له أمضاه والا رده إلا أن يكون في
ورثته من يرضى السلطان في ذلك فيستخلف منهم من ينظر له أيستخلف من غير
الورثة من ينظر له لان مالكا قال في المفقود لا يحرك ماله حتى يأتي عليه من الزمان
ما يعلم أنه لا يعيش إلى ذلك الاجل وإنما يورث بوم تنقطع فيه حياته عند الناس ولا
يرثه أحد ممن كان يرثه يوم فقد إذا لم يكن وارثه اليوم حيا حين انقطعت حياته ولا
بعد أربع سنين إلا أن يعلم أنه قد هلك في شئ من ذلك في الأربع سنين أو بعدها
فيرثه من ورثته من كان حيا ذلك اليوم ممن يرثه. وينفق على أهله في الأربع سنين
من ماله قدر ما يرى السلطان فصار السلطان ها هنا ناظرا للمفقود في ماله فكذلك
الذي يجن السلطان ينظر في ماله وينفق منه على عياله بقدر حاجتهم إلى النفقة
فكذلك هذا إذا جن وله الخيار فالسلطان يقوم مقامه في خياره الذي كان له فان
رأى خيرا أخذه وان رأى غير ذلك تركه إلا أن مالكا قال لي في المجنون يتلوم له
السلطان وينفق على امرأته في هذا التلوم فان برئ والا فرق بينهما (قال) وبلغني
عن مالك ممن أثق به أنه قال يضرب السلطان للمجنون أجل سنة ولم أسمعه منه
والذي سمعت أنا من مالك أن السلطان يتلوم له (قال) وقال مالك والمجذوم أيضا البين
جذامه يفرق بينه وبين امرأته قال مالك وهو الشأن (قال مالك) وقد استعدت فيه
امرأة فقضى به ببلدنا (قال) وبلغني عن مالك في الأبرص أنه لا يفرق بينه وبين
امرأته وقد ذكره علي بن زياد وابن وهب عن مالك في الأبرص مثل ما بلغ ابن
القاسم (قلت) أرأيت الخيار أيورث في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت
الخيار لم جعل مالك ورثته يقومون مقامه وجعل الخيار يورث وإنما الخيار مشيئة
كانت للميت ان شاء أمضى البيع وان شاء رد فإذا مات قال مالك فورثته مكانه
فورثهم مشيئة كانت للميت (قال) لأنه حق كان للميت فورثته بمنزلته في ذلك
(قال) ولقد سألنا مالكا عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيحلفه بالطلاق
173

ليقضينه حقه إلى أجل مسمى إلا أن يشاء صاحب الحق أن يؤخره فيموت صاحب
الحق قبل أن يحل الاجل أللورثة أن يؤخروه كما كان لصاحبهم أن يؤخره (قال) نعم
ثم ابتدأني مالك فقال أرى الوصي إذا كان الورثة في حجره صغارا أن يكون ذلك
للوصي وان كانوا كبارا يملكون أمورهم أو يكون على الميت دين قد اغترق ماله
فليس للوصي أن يؤخرها هنا مع الورثة الكبار ولا مع أهل الدين الذي قد اغترق
مال الميت لان المال ها هنا لغير الميت ولا يجوز أن يؤخر الوصي الا برضا أهل
الديون أو الكبار بذلك (قلت) فان قال أهل الدين نحن نؤخره والدين يغترق
مال الميت والدين الذي على الغريم أترى الغريم في فسحة من يمينه إذا أخره أصحاب
الدين (قال) نعم لان مالكا قال ليس للوصي إذا كان الدين الذي على الميت يغترق
جميع مال الميت فليس للورثة أن يؤخروه الا برضا من الغرماء فهذا يدلك على أن
مالكا قد جعل التأخير إلى من يستحق ما على هذا الغريم الحالف بوراثة أو بغير ذلك
(قال) فان أخره من يستحق ما عليه إذا أبرؤا الميت فهو في فسحة من يمينه فقد
جعل مالك الخيار يورث وجعل المشيئة إذا كانت في حق تورث أيضا ولا أرى
للوصي أن يقبل تأخير الغرماء إلا أن يرضوا بذلك من دينهم فتبرأ ذمة الميت والا
لم أر ذلك لهم (ولقد) كتب إلى مالك فجاءه الكتاب وأنا عنده يسألونه عن رجل
تزوج امرأة وشرطت عليه أمها ان تزوج عليها أو تسرى أو خرج بها من بلدها
فأمرها بيد أمها فماتت الأم أترى ما كان بيد الأم من ذلك قد انفسخ قال مالك
ان كانت أوصت بما كان لها من ذلك إلى أحد فذلك إلى من أوصت إليه بذلك
فقيل لمالك فإن لم توص أترى ذلك لابنتها فكأني رأيت مالكا رأى ذلك أو قال ذلك
لها ولم أتثبته منه (قلت) أرأيت أن أوصت إلى رجل ولم تذكره ما كأن لابنتها
أيكون للوصي ما كأن لامها (قال) لا أرى ذلك له ولا لابنتها أيضا (وقد روى)
علي بن زياد عن مالك أن ذلك لا يكون بيد أحد غير من كان جعله الزوج بيده لأنه
يقول لم أكن أرضى أن أجعل أمر امرأتي الا بيده للذي أعرف من نظره وحيطته
174

وقلة عجلته (قلت) لأشهب أفرأيت أن جعلت ورثته يقومون مقامه في الخيار ان
اختلفوا فقال بعضهم أجيز البيع وقال بعضهم بل أنقضه (فقال) لي إما أجازوا كلهم واما
نقضوا كلهم لان الميت الذي صار الامر إليهم بسببه لم يكن يجوز له أن يختار
إجازة بعض ويرد فكذلك هم واستحسن أن لمن أجاز منهم أن يأخذ مصابة من لم
يجز منهم ان شاء إلا أن يجوز له الباقي إذا أبى أخذ مصابة من لم يجز من البائع أو
من المشترى أن يأخذ مصابته فلا يكون له عليه الا ذلك. وأما النظر غير الاستحسان
فليس فيه إلا أن يأخذوا جميعا أو يردوا جميعا * وكذلك لو باع رجل من رجل سلعة
ثم مات المشتري وترك ورثة فظهروا من تلك السلعة على عيب ترد منه فليس
لهم إلا أن يردوا جميعا أو يمسكوا جميعا إلا أن يشاء الذي أراد الامساك أن يأخذ
جميع ذلك فيكون ذلك له فان أبى فأراد البائع أن يقبل مصابة الذين أرادوا أن يردوا
فيكون ذلك له (قال) أشهب وكذلك من باع سلعة من رجلين فوجدا بها عيبا ترد
منه فأراد أحدهما ردها وأبى الآخر فليس ذلك لهما على البائع ولكن يردان جميعا
أو يمسكان جميعا ولا بد للذي أراد أن يمسك من أن يرد مع صاحبه أو يأخذ السلعة
كلها بالثمن (أشهب) وقد قال لي مالك القول قول الآخر وكذلك الورثة في
الخيار يردون جميعا أو يمسكون جميعا ولا بد للذين أرادوا أن يتمسكوا من أن يردوا
مع أصحابهم أو يأخذوا السلعة كلها بالثمن (قلت) فإن كان الورثة كلهم صغارا (قال)
فالوصي ولى النظر لهم على الاجتهاد بلا محاباة في الرد والإجازة فإن لم يكن وصى
فالسلطان يلي النظر لهم أو يجعل ناظرا لهم على ما وصفت لك في الوصي ينظر
بالاجتهاد بلا محاباة (قلت) لأشهب فإن كان وصى ومعه من الورثة من لا وصية
للوصي عليه لأنه يلي نفسه (قال) فهما في ذلك بمنزلة ما وصفت لك في الورثة
إذا كانوا كبارا مالكين لأنفسهم (قلت) لأشهب أفرأيت الورثة ان كانوا صغارا
كلهم ولهم وصيان (فقال) ما اجتمعا عليه من رد أو إجازة بوجه الاجتهاد وبغير
محاباة فهو جائز وان اختلفا نظر في ذلك السلطان واستشار فمن صوب له رأيه منهما
175

كان القول قوله واتبع رأيه وليس الوصيان في هذا بمنزلة الورثة الذين يلون أنفسهم
لان الورثة يحكمون في أموالهم والوصيان يحكمان في مال غيرهما فلذلك اختلفا في
هذا وكان السلطان وهو المجوز لصواب المصيب فمنهما (قلت) فإن كان مع الوصيين
وارث كبير يلي نفسه (فقال) ان اجتمعوا على رد أو إجازة جاز ما اجتمعوا إذا
كان ذلك من الوصيين على الاجتهاد وان قال أحدهما أنا أرد وقال الآخر أنا آخذ
فإنه إن كان الذي قال أرد هو الوارث فذلك له ولا بد للوصيين من أن يردا معه
أو يأخذا مصابته إلا أن يشاء الباقي من البائع أو المشتري أن يدعهما وأخذ مصابة
الذين يلونهم من الورثة فيكون ذلك له (3) ولا يكون عليه أن يؤخذ منه مصابة
الذي اختار الرد عليه وكذلك إذا أراد الوارث الاخذ وأراد الوصيان الرد فلا بد
للوارث الذي يلي نفسه من أن يرد معهما أو يأخذ مصابة الذي اختار الرد عليه مصابة
الورثة المولى عليهم إلا أن يشاء الباقي من البائع أو المشترى أن يدعه وأخذ مصابته
فقط فيكون ذلك له ولا يكون عليه أن يؤخذ منه مصابة الورثة الذين اختار
أوصياؤهم لهم دون الرد (3) فإن كان الذي قال أنا أرد الوارث الذي يلي نفسه وأحد
الوصيين نظر السلطان في ذلك فان رأى الرد أفضل كلف الوصي الذي قال أجيز الرد
مع صاحبه وان رأى الإجازة أفضل كلف الوصي الذي قال أرد الإجازة ثم لم يكن لهما
بد من أن يردا كما رد الوارث أو يأخذا مصابة الوارث للورثة الذين يليانهم إلا أن
يشاء الباقي من البائع أو المشترى أن يدعهما ويأخذ مصابة الذين يليانهم من الورثة
فيكون ذلك له ولا يكون للوصيين عليه أن يأخذا منه مصابة الوارث الذي اختار
الرد عليه وكذلك أن كان الذي قال آخذ الوارث وأحد الوصيين نظر السلطان في
ذلك كما وصفت لك (قلت) لأشهب أرأيت أن كان على الميت دين يغترق جميع ماله
ألهم الخيار في الرد والإجازة على ما فسرت لي من الورثة الذين يلون أنفسهم (فقال)
لي لا ليسوا بمنزلتهم وللغرماء متكلم في أن كانت الإجازة أردأ عليهم وعلى الميت في
الأداء عن أمانته وبراءة ذمته وفيما يصل إليهم من حقوقهم بإجازة ذلك كان ذلك
176

لهم وإن لم يكن على ذلك فليس لهم ذلك وذلك إلى الورثة ان كانوا يلون أنفسهم فإن كان لرد أردأ على الميت وأفضل لهم في اقتضاء ديونهم فذلك لهم وللورثة أن يأخذوا
ذلك أن شاؤوا لأنفسهم من أموالهم ولا يأخذوا من مال الميت لان الغرماء أولى بمال
الميت منهم (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا اشترى سلعة على أنه بالخيار
ثلاثا فأغمى عليه في أيام الخيار كلها الذي جعل له فيها الخيار هل يكون ورثته أو
السلطان بمنزلته في قول مالك (قال) لا أحفظ فيه من مالك شيئا ولا يكون للورثة
ها هنا ولا للسلطان ها هنا شئ وترك حتى يفيق فإذا أفاق كان على خياره ان شاء
أخذ وان شاء رد ولا يقطع عنه خياره لموضع ما أغمي عليه في أيام الخيار (قلت)
أرأيت أن تطاول بهذا المعنى ما هو فيه (قال) ينظر السلطان في ذلك فان رأى أمرا
ضررا فسخ البيع بينهما وجاز فسخه (قلت) ولا يكون للسلطان أن يأخذ لهذا المغمى
عليه (قال) لا لأنه ليس بمجنون ولا صبي وإنما هو مريض
(في الرجل يبيع من الرجل السلعة ثم يلقاه بعد ذلك)
(فيجعل أحدهما للآخر الخيار)
(قلت) أرأيت لو أنى بعت من رجل سلعة فلقيته بعد يوم أو يومين فجعلت له الخيار
أو جعل لي الخيار أياما أيلزم هذا الخيار أم لا قال نعم (قلت) أرأيت أن اشتريت
سلعة من رجل ثم لقيته بعد يوم أو يومين فجعلت له الخيار أو جعل لي أيلزم هذا الخيار
أم لا (قال) نعم إذا كان يجوز في مثله الخيار وهو بمنزلة بيعك إياه بالثمن من غيره وله
الخيار عليك أو لك عليه وما أصاب السلعة في أيام الخيار فهو منك
(في المكاتب يبتاع السلعة على أنه بالخيار فيعجز أيام الخيار)
(قلت) أرأيت المكاتب إذا اشترى سلعة على أنه بالخيار أياما فيعجز في أيام الخيار
ما حال هذا البيع (قال) يصير خيار هذا المكاتب إلى السيد فإن شاء السيد أجاز
وان شاء ورد
177

(في الرجل يبيع السلعة على أن أخاه أو رجلا أجنبيا بالخيار)
(أو يشريها الرجل على أنه بالخيار)
(قلت) أرأيت أن بعت سلعة من رجل على أن أخي أو رجلا أجنبيا بالخيار أياما
أيجوز هذا البيع أم لا (قال) قال مالك في الرجل يبيع السلعة ويشترط البائع ان رضى
فلان البيع فالبيع جائز قال لا بأس به وان رضى البائع أو رضى فلان البيع فالبيع
جائز فهذا يدلك على مسألتك (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة من أن فلانا
بالخيار ثلاثا لرجل أجنبي أو ذي قرابة لي أو على أن رضى فلان أو على أن أستشير
فلانا فقال لي فلان قد رددتها وقال المشترى قد قبلتها (قال مالك) القول قول المشترى
ولا يلتفت في هذا لي رضا الذي جعلت له المشورة مع رضا الذي شرط ذلك له
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة واشترطت مشورة فلان وأنا بمصر وفلان
بإفريقية (قال) أرى البيع فاسدا وإنما يجوز من ذلك الامر القريب (قلت)
فان قال المشترى الذي اشترط الخيار لفلان الغائب أنا أقبل البيع ولا أريد مشورة
فلان (قال) لا يجوز البيع لان العقدة وقعت فاسدة (قلت) أرأيت أن اشتريت
سلعة لفلان اشتريتها له على أنه بالخيار ثلاثا (قال) ذلك جائز (قلت) فان
اختار المشترى على أن يجيز علي فلان المشترى له أيجوز هذا (قال) لا يجوز ذلك
178

حتى يخيرها هو على نفسه (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم
(في الرجل يبيع السلعة على أن البائع والمبتاع بالخيار)
(قلت) أرأيت أن بعت سلعة على أنى بالخيار أنا والمشتري جميعا (قال) قال مالك لا
يجوز البيع الا باجتماعهما جميعا على الإجارة (قلت) أرأيت أن بعت سلعة من رجل
على أنى بالخيار أياما أيجوز هذا البيع أم لا (قال) قال مالك في الرجل يبيع السلعة
ويشترط البائع ان رضى فلان البيع فالبيع جائزا (قال) قال مالك البيع لا بأس به وان
رضي فلان فالبيع جائزا فهذا يدلك على مسألتك إذا كان فلان حاضرا الذي اشترط
رضاه
(في الرجل يبيع السلعة من الرجلين على أنهما بالخيار)
(فيختار أحدهما الرد والآخر الإجازة)
(قلت) أرأيت أن بعت سلعة من رجلين على أنهما بالخيار جميعا فاختار أحدهما الاخذ
واختار الآخر الرد وقال البائع لا أقبل بعضها ولا أقبل الا جميعها (قال ابن القاسم)
ذلك لمن أبى ولمن أراد أن يتمسك بالبيع وليس صاحب السلعة في ذلك خيار وذلك
لو أنه أوجب البيع لهما فأفلسا أو أفلس أحدهما تبع كل واحد منهما بنصف الثمن
(في الرجل يبتاع الجارية علي أنه بالخيار ثلاثا فيختار الرد والبائع)
(غائب أو يطؤها أو يدبرها أو يرهنها أو ما أشبه ذلك)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية على أنى بالخيار ثلاثا فغاب البائع فاخترت الرد
وأشهدت على ذلك والبائع غائب أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم ذلك جائز عند
مالك (قلت) وكذلك أن كان البائع بالخيار فغاب المشتري واختار البائع الرد كان
ذلك له في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن كان الخيار للمشتري فرهنها أو
دبرها أو كاتبها أو أجرها أو أعتقها أو وهبها أو تصدق بها أو وطئها أو قبلها أو باشرها
(قال) هذا كله رضا بالخيار وإن كان الخيار البائع كان هذا كله ردا منه للجارية
179

(قلت) أسمعت هذا من مالك (قال) لا (قلت) أرأيت أن اشتريت دابة على
أنى بالخيار ثلاثا فأتيت بالدابة إلى البيطار فهلبتها أو ودجتها أو عربتها أو سافرت
عليها (قال) أرى هذا رضا بالدابة وأراها قد لزمته (قلت) أسمعت هذا من مالك
(قال) لا إلا أن مالكا قال لنا في الرجل يشترى الدابة فيجد بها عيبا فيتسوق بها
بعد ذلك أنها تلزمه ويكون ذلك رضا منه بالدابة (قال) فالذي سألت عنه مثل
التسوق في العيب إذا علم به أو أشد من التسوق (قلت) فان ركبها في حاجة ولم
يسافر عليها (قال) إن كان قريبا وكان شيئا خفيفا رأيته على خياره لأنه يقول ركبتها
لاختبرها وعلى هذا يأخذ الناس الدواب بالخيار ليختبروا (قلت) أرأيت أن
اشتريت جارية على أنى بالخيار ثلاثا فجردتها ونظرت إليها في أيام الخيار أيكون هذا
رضا بالجارية (قال) لا إلا أن يكون إنما جردها يتلذذ بها واعترف بذلك فهو رضا
بالجارية (قلت) أرأيت أن نظر إلى فرجها أتراه رضا بالجارية ولا تصدقه في شئ
من ذلك (قال) أراه رضا بالجارية (قلت) ولم لا تجعله إذا جردها ونظر إليها مختارا
لها وتجعل ذلك منه رضا بالجارية (قال) لا لأنه يقول إنما جردتها أنظر إليها والرقيق قد
يجرد في الشراء ولا يكون ذلك رضا والفرج ليس مما يجرد في الشراء ولا ينظر إليه
الا النساء أو من يحل له الفرج (قلت) أرأيت أن اشتريت جارية على أنى بالخيار
ثلاثا فوطئت الجارية في أيام الخيار أو رهنتها أو أجرتها أو كاتبتها أو زوجتها أو
أعتقتها أو دبرتها أو قطعت يدها أو فقأت عينها أو كان عبدا فزوجته أو ضربته أو
كانت دابة فأكريتها أو دارا فأجرتها أو أرضا فأكريتها أو حماما فأجرته أو غلاما
فدفعته إلى الحناطين أو الخبازين أو أسلمته إلى الكتاب أو نحوه من هذه الأشياء
أو ساومت به في أيام الخيار للبيع أيكون هذا رضا منى بالسلعة واختيارا مني لها في
قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذه المسائل إلا أن مالكا قال
لا يبيع الرجل السلعة إذا كان فيها خيار حتى يستوفيها لنفسه ثم يبيعها بعد ذلك
(قال ابن القاسم) وأرى كل ما سألت عنه وسميته يلزمه به البيع وهذا كله رضا
180

منه وقطع للخيار ولا حجة له الا ما كان من قطع يده أو فتئ عينه فإنه إذا كان
أصابه به خطأ فإنه يرده ان شاء وما نقصه وإن كان أصابه عمدا فهو عندي رضا
منه وليس له أن يرده والدابة مثله إذا أصابها خطأ ردها ان شاء وما نقص من
ثمنها وإن كان عيبا فاسدا فهو يضمن الثمن كله وإن كان أصابها عمدا فهو رضا
منه بالدابة ويغرم الثمن كله (قلت) أرأيت أن اشتريت ثيابا الخيار فاطلعت
على عيب كان بها عند البائع فلبستها بعد معرفتي بالعيب أيكون هذا قطعا لخياري
في قول مالك (قال) نعم وقال غيره لا تكون الإجارة ولا الرهن ولا السوم بها
ولا التزوج ولا الجنايات رضا منه ولا اسلامه إلى الصناعات ولا تزويجه بعد أن
يحلف في الرهن والإجارة وتزويج العبد ما كان ذلك رضا منه بالبيع (قال سحنون)
وقد روى علي بن زياد وغيره عن مالك في البيع أنه لا ينبغي له أن يبيع حتى يختار
فان باع فان بيعه ليس باحسان ورب السلعة بالخيار ان شاء جوز البيع وأخذ الثمن
وان شاء نقص البيع
(في الرجل يشترى العبد على أنه بالخيار فيموت في أيام الخيار) (قلت) أرأيت لو أنى بعت عبدا بعبد على أن أخذ بالخيار ثلاثا أو نحن جميعا
بالخيار ثلاثا فتقابضا فمات أحد العبدين في أيام الخيار أيلزم البيع بالموت أم لا (قال)
قال مالك ان مات أحد العبدين في أيام الخيار أيلزم البيع بالموت أم لا (قال)
قال مالك ان مات أحد العبدين في أيام الخيار فمصيبته من بائعه وان كانا قد تقابضا
(قال) فقلت لمالك فلو أن رجلا ابتاع من رجل دابة على أنه بالخيار على أن ينقد ثمنها
فنقده ثم ماتت الدابة في أيام الخيار (قال) المصيبة من البائع ويرد الثمن إلى المشترى
(قال) فقيل لمالك فلو أن رجلا بع من رجل سلعة على أن أحدهما بالخيار ثم مات
في أيام الخيار (قال) من مات منهما فورثته مكانه يكون لهم من الخيار ما كان
لصاحبهم (قلت) ما حجة مالك إذ جعل المصيبة في الخيار من البائع (قال) لان
البيع لم يتم ولا يتم بينهما إلا أن يقع الخيار فما لم يقع الخيار فالتلف من البائع
181

(في الرجل يبتاع الجارية على أنه بالخيار ثلاثا فيعتقها)
(البائع في أيام الخيار)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا باع جارية على أن المشترى بالخيار ثلاثا فأعتقها البائع
في أيام الخيار (قال) عتقه موقوف لان الجارية قد باعها من المشترى (قلت) وهذا
قول مالك (قال) لم أسمعه من مالك (قال سحنون) ولكنه ندم منه فيما أوجب على
نفسه بقوله وبالشرط على نفسه مما غيره فيه المقدم عليه وقد قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم الناس على شروطهم (قلت) لابن القاسم فان اختار المشترى الرد أيلزم
البائع العتق الذي أعتق في أيام الخيار (قال) نعم ذلك له لازم لان البيع لم يتم فيها إذ
ردها المشترى بالشرط الذي كان له فيها وان مصيبتها من البائع وان ما جنى عليها وما
جنت فعلى البائع وله (قلت) ولم أجزته وقد كان يوم تكلم بالعتق غير جائز (قال)
قال مالك في الذي يخدم جاريته سنة أو يؤاجرها سنة ثم يعتقها ان عتقها في ذلك
الحال غير جائز وانه موقوف فإذا رجعت إليه عتقت عليه بالعتق الذي كان أعتقها
يومئذ فكذلك لذي أعتق في أيام الخيار (سحنون) ألا ترى أن ملكه لم يزل عن
المخدمة والتي أجر. ورأيي أنه في عتقه مضار نادم فيما أوجب على نفسه من الشرط
الذي لزمه ولا يستطيع الرجوع فيه (ابن وهب) وان يونس بن زيد ذكر أنه
سأل ابن شهاب عن رجل أسكن رجلا درا حياته فتوفى رب الدار ولم يترك مالا
غيرها وعليه دين (قال) ابن شهاب لاتباع حياة الذي أسكنها وان عبد الله بن عمر
قال في رجل أسكن رجلا دارا عشر سنين أو آجره ثم مات رب الدار (قال) الدار
راجعة إلى الورثة والسكنى إلى حدها وان عبد الجبار ذكر عن ربيعة أنه قال فيمن
أسلف رجلا سلفا فليس له أن يعجله إن كان سمى له أجلا قال إلى أجله لان ذلك
معروف. لابن وهب
(في الرجل يبتاع السلعة على أنه بالخيار إذا نظر إليها)
(قلت) أرأيت أن اشتريت ثيابا على أنى بالخيار إذا نظرت إليه أو رقيقا فنظرت إليها
182

كلها وأنا ساكت حتى إذا نظرت إلى آخرها قلت لا أرضى أيكون ذلك لي أم لا
هل يجعل خياري إذا نظرت إلى آخرها أم لا (قال) أرى أن يكون خيارك
إذا نظرت إلى آخر تلك السلعة فإذا رأيت آخرها فإن شئت قبلتها جميعا وإن شئت
رددتها كلها (قلت) أرأيت لو أنى اشتريت حنطة على أنى بالخيار إذا نظرت إليها
فنظر إلى بعض الحنطة فرضيتها ثم نظرت إلى ما بقي فلم أرضه وهذا الذي لم أرض
على صفة الذي رضيت أيلزمني جميعا أم لا (قال) يلزمك الجميع لان الصفة واحدة
وقد رضيت أوله حين نظرت إليه فإذا كان كله على الصفة التي رضيتها أول ما
رضيت فذلك لازم لك (قلت) فان رأيت أول الحنطة فرضيتها ثم خرج آخر الحنطة
مخالفا لأولها فقلت لا أقبلها وأنا أرد جميع الحنطة قال البائع قد رضيت الذي رأيت
ولا أقيلك من الذي رأيت (قال) لا يلزم المشترى شئ من ذلك وله أن يرد جميعه
لأنه لم يتم له الجميع على ما أرى إذا كان الخلاف كثيرا (قلت) فان قال المشترى أنا
أقبل الذي رأيت ورضيت بحصته من الثمن وأرد هذا الذي خرج مخالفا للذي رأيت
أولا ولا أرضاه وقال البائع اما أن تأخذ الجميع أو تدع الجميع (قال) القول قول
البائع وليس للمشترى أن يأخذ بعضا ويدع بعضا إلا أن يرضى البائع وكذلك أن
قال البائع أنا ألزمك بعضا وأترك بعضا لم يكن ذلك له إذا أبى المشترى (قلت)
وهذا قول مالك في الحنطة (قال) نعم هو قوله في الحنطة (قلت) وجميع ما يوزن
ويكال مثل الحنطة في قول مالك (قال) نعم
(في الرجل يبيع الجارية على أنه بالخيار ثلاثا)
(فيصيبها عيب في أيام الخيار)
(قلت) ما قول مالك فيمن اشترى جارية على أنه بالخيار ثلاثا فأصابها صمم أو عور
أو بكم أو عيب أقل من ذلك وقد كان قبضها المشترى أو لم يقبضها (قال) قال مالك
في الموت انها من البائع وأرى في العيوب أن المشترى بالخيار ان شاء أخذ وان شاء
ترك (قلت) فان أراد أن يأخذها ويوضع عنه قيمة العيب الذي حدث (قال)
183

ليس له ذلك وإنما له أن يأخذ الجميع بجميع الثمن أو يدع (قلت) فان اشتراها على أنه
بالخيار فحدث بها عيب قبل أن يقبضها أو بعد ما قبضها في أيام الخيار ثم ظهر على
عيب كان بها عند البائع باعها به (قال) ان شاء ردها وان شاء أخذها بجميع الثمن
(قلت) ولا يكون للمشترى أن يأخذها ويوضع عنه قيمة العيب الذي باعها به
وهو بها قال لا (قلت) لم وقد حدث بها عيب بعد ما اشتراها في أيام الخيار
وهو لو لم يكن له فيها خيار فحدث بها عيب بعد الشراء في الاستبراء ثم ظهر على
عيب كان بها عند البائع كان له أن يأخذها ويرجع بقيمة العيب الذي باعها به من الثمن
أو يردها وما نقص (قال) لا لان العيب الذي أصابها في أيام الخيار أو في الاستبراء
إذا كانت مما لا يجوز بيعها على البراءة من الحمل إنما هو من البائع قبضها المشترى أو
لم يقبضها وليس ذلك من المشترى فكأنه إنما اشتراها بذلك العيب الذي حدث
في أيام الخيار وفي الاستبراء فليس للمبتاع ها هنا حجة إلا أن يأخذها بجميع الثمن
أو يدع (قلت) أرأيت أن أراد المشترى لما ظهر على العيب الذي دلس له البائع
وقد كان أصابها عيب في أيام الخيار وأصابها عنده بعد ما قبضها وخرجت من
الاستبراء عيب آخر مفسد فأراد أن يحبسها ويرجع بقيمة العيب الذي باعها به
البائع (قال) ينظر إلى العيب الذي حدث في أيام الخيار فإن كان عورا قيل ما قيمة
هذه الجارية وهي عوراء يوم وقعت الصفقة بغير العيب الذي دلسه البائع وقيمتها
بالعيب الذي دلسه البائع يومئذ أيضا فيقسم الثمن على ذلك فيطرح من الثمن حصة
العيب الذي دلسه البائع فان أراد أن يرد نظر إلى العيب الذي حدث عنده كم ينقص
منها يوم قبضها فيرد ذلك معها ولا ينظر إلى العيب الذي حدث في أيام الخيار في شئ
من ذلك (قال ابن القاسم) وإنما مثل العيب الذي يحدث في أيام الخيار فيقال
للمشترى ان أحببت أن تأخذ بالثمن كله والا فاردد ولا شئ لك إنما ذلك بمنزلة
العيب الذي يحدث في عهدة الثلاث فهو من البائع فان اطلع المشترى على عيب باعها
به البائع وقد حدث بها عيب آخر في عهدة الثلاث فالمشترى بالخيار ان شاء أن
184

يأخذها بالعيبين بجميع الثمن وان شاء أن يردها وليس له أن يقول أنا آخذها وأرجع
بالعيب الذي دلسه البائع لان ضمان العيب الذي حدث في عهدة الثلاث من البائع
(قلت) أرأيت أن اشتريت بئرا على أنى بالخيار عشرة أيام فانخسفت البئر في العشرة
الأيام (قال) قال مالك ما كان من مصيبة في أيام الخيار فهي من البائع (قال) قال مالك
وسواء إن كان الخيار للبائع أو للمشترى فالمصيبة من البائع
(في الرجل يبتاع الخادم على أنه بالخيار فتلد عنده أو تجرح)
(أو عبدا فيقتل العبد رجلا)
(قلت) أرأيت لو أنى اشتريت جارية على أنى بالخيار ثلاثا فولدت عندي أو قطعت
يدها عندي قطعها رجل أجنبي أيكون لي أن أردها ولا يكون على شئ (قال) نعم
تردها وترد ولدها ولا يكون عليك شئ ان نقصتها الولادة وفى الجناية عليها أيضا
تردها ولا شئ عليك ويتبع سيدها الجاني إن كان جنى عليها أحد فإن كان أصابها ذلك
من السماء فلا شئ عليك ولك أن تردها (قلت) فإن كان المشترى هو الذي جنى
عليها في أيام الخيار (قال) له أن يردها ويرد معها ما نقصها إن كان الذي أصابها به خطأ
وإن كان الذي أصابها به عمدا فذلك رضا منه بالخيار (قلت) أرأيت أن كان المشترى
بالخيار أو البائع إذا باع فاختار الشراء وقد ولدت الأمة في أيام الخيار (قال) لم أسمع
من مالك في ذلك شيئا وأرى الولد مع الأم ويقال للمشترى إن شئت فخذ الأم
والولد بجميع الثمن أودع (قال) وقال لي مالك في الرجل يبيع عبده على أنه بالخيار
أياما سماها فدخل العبد عيب أو مات ان ضمان ذلك من البائع (قال) مالك ونفقته
في أيام الخيار علي البائع (قال ابن القاسم) وكذلك إذا باع أمته على أنه بالخيار ثلاثا
فوهب لامته مال أو تصدق به عليها ان ذلك المال للبائع لان البائع كان ضامنا للأمة
وكان عليه نفقتها (قال) ولقد قال لي مالك في الرجل يبيع عبده وله مال رقيق أو
حيوان أو عروض أو غير ذلك فيشترط المشترى مال العبد فيقبض مشترى العبد
مال العبد رقيق العبد ودوابه وعروضه فتلف المال في أيام العهدة الثلاثة (قال) مالك
185

ليس للمشتري أن يرجع على البائع بشئ من ذلك ولا يرد العبد (قلت) فان هلك
العبد في أيام الخيار في يد المشتري أينتقض البيع فيما بينهما ولا يكون للمشتري
أن يحبس مال العبد ويقول أنا أختار البيع وأدفع الثمن (قال) نعم لان العبد إذا مات
في أيام العهدة انتقض البيع فيما بينهما وان أصاب العبد عور أو عمى أو شلل أو
دخله عيب فان المشترى بالخيار ان أحب أن يرد العبد ويرد ماله على البائع وينتقض
البيع فذلك له وان أراد أن يحبس العبد بعينه ويحبس ماله ولا يرجع على البائع بشئ
فذلك له (قلت) فان أراد أن يحبس العبد وماله ويرجع على البائع بقيمة العيب الذي
أصاب العبد في أيام العهدة (قال) ليس ذلك له لان ضمان العبد في عهدة الثلاثة من
العيوب والموت من البائع ويكون المشترى بالخيار ان أجب أن يقبل العبد مجنيا عليه
والعقل للبائع فذلك له وان أحب أن يرد العبد فذلك له فلما قال لي مالك في عقل
جناية العبد في أيام العهدة انها على البائع علمت أن الجناية على العبد أيضا في أيام الخيار
للبائع إذا أجاز البيع ويكون المشترى بالخيار ان شاء قبل العبد بعيبه ويكون العقل
للبائع وان شاء ترك فالولد إذا ولدته الأمة في أيام الخيار مخالف لهذا عندي أراه للمبتاع
ان رضي البيع (وقال أشهب) الولد هو للبائع فان أجاز المشترى البيع وقبض المشترى
الأم واجتمعا على أن يضم المشترى الولد أو يأخذ البائع الأم فيجمعان بينهما والا نقضا
البيع في الأم وردت إلى البائع (قلت) لابن القاسم أرأيت أن اشتريت عبدا على أنى
بالخيار أياما فقتل العبد رجلا أيكون لي أن أرده (قال) نعم)
(فيمن اشترى ثوبا فأعطاه ثوبين يختار أحدهما فضاعا أو أحدهما)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا اشترى ثوبين أو عبدين على أن يأخذ أحدهما بألف
درهم أيهما شاء أخذ وهو بالخيار ثلاثا فمات أحد العبدين أو ضاع أحد الثوبين (قال
مالك) إذا اشترى الثوبين على أن يأخذ أيهما شاء بثمن قد سماه فضاع أحد الثوبين ان
الضياع من المشترى في نصف ثمن الثوب (قال سحنون) ولا يضمن الا ذلك ولو
ضاعا جميعا لم يضمن الا ثمن واحد لأنه أخذ واحدا على الضمان والآخر على الأمانة
186

(وقال اشهب) ان مات أحد العبدين فمن مات منهما فهو من البائع وأنت بالخيار
في الباقي إن شئت أخذته بالثمن وإن شئت رددته (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن
رجلا اشترى عبدين أو ثوبين على أن يأخذ أحدهما بألف درهم أيهما شاء وهو بالخيار
ثلاثا فمات أحد العبدين أو ضاع أحد الثوبين (قال) قال مالك في الرجل يشترى
الثوبين على أن يأخذ أيهما شاء بثمن قد سماه فضاع أحد الثوبين (قال) يضمن المشترى
نصف ثمن الثوب التالف ويكون له أن يرد الثوب الباقي ان شاء ولقد سمعت مالكا
أيضا يقول في الرجل يأتي إلى الرجل يسأله سلف الدينار فيعطيه ثلاثا دنانير يختار
أحدها ويرد دينارين فيأتي فيذكر أنه قد تلف منها ديناران (فقال) مالك يكون
شريكا ومعناه أن تلف الدينارين لم يعلم الا بقوله (قلت) ويكون للمشترى أن يقول
أنا آخذ الباقي قال نعم (قلت) فان مضت أيام الخيار أينتقض البيع ولا يكون
للمشترى أن يأخذ واحدا منهما (قال) أما ما قرب من أيام الخيار فله أن يأخذ أيهما
شاء بالثمن الذي سميا وان مضت أيام الخيار وتباعد ذلك فليس له أن يأخذ وقد
انتقض البيع بينهما إلا أن يكون قد أشهد أنه قد أخذ قبل مضى أيام الخيار أو فيما
قرب من أيام الخيار (قال) وهذا قول مالك (قلت) أرأيت أن اشتريت ثوبين
صفقة واحدة على أنى بالخيار ثلاثا فضاع أحد الثوبين في أيام الخيار وجئت بالثوب
الباقي لأرده (قال) ذلك لك ترده ويفض الثمن على قيمة الثوبين فما أصاب الثوب
الذي رددت من الثمن رد عليك وما أصاب الثوب الذي هلك من الثمن كان البائع
(قلت) وكذلك لو أنى اشتريت ثوبين على أنى بالخيار ثلاثا ثم جئت لأردهما فضاعا
في أيام الخيار (قال) لا يجوز قولك ولا يصدق بقولك انهما ضاعا والثمن لازم لك
لان الثوبين مما يغيب عليهما ولا تكون عليك القيمة لأنا ان ذهبنا أن نردك إلى
القيمة وكانت القيمة أقل لم نرددك إلى أقل من الثمن لقولك ولم نصدقك خوفا من
أن تكون غيبتهما فإن كانت القيمة أكثر من ذلك الثمن لم يعطها البائع لأنه قد رضي
بالثمن الذي باعها به (قلت) أرأيت أن أخذت ثوبين على أن آخذ أيهما شئت بعشرة
187

دراهم قد وجب على أحدهما فذهبت بهما لأريهما فضاعا في يدي أو ضاع أحدهما
من يدي (قال) ان ضاعا جميعا رأيت عليك الثمن في أحدهما وأنت في الآخر مؤتمن
(في البيعين بالخيار ما لم يتفرقا)
(قلت) لابن القاسم هل يكون البيعان بالخيار ما لم يتفرقا في قول مالك (قال) قال
مالك لا خيار لهما وإن لم يتفرقا (قال) قال مالك البيع كلام فإذا أوجبا البيع بالكلام
وجب البيع ولم يكن لأحدهما أن يمتنع مما قد لزمه (وقال) مالك في حديث ابن عمر
البيعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا الا بيع الخيار (قال) مالك ليس
لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه (ابن وهب) وقد كان ابن
مسعود يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما بيعين تبايعا فالقول ما قال
البائع أو يترادان (قال ابن وهب) وقد ذكر إسماعيل بن عياش عن إسماعيل
ابن أمية عن عبد الملك بن عبيدة عن ابن لعبد الله بن مسعود حدثه عن أبيه قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف المتبايعان استحلف البائع ثم كان المبتاع
بالخيار ان شاء أخذ وان شاء ترك (وقال أشهب) الذي اجتمع عليه أهل العلم من
أهل الحجاز أن البيعين إذا أوجبا البيع بينهما فقد لزم ولا خيار لو أحد منهما إلا أن
يكون أحدهما اشترط الخيار فيكون ذلك لمشترط الخيار على صاحبه وليس العمل على
الحديث الذي جاء البيعان بالخيار ما لم يفترقا (قال أشهب) ونرى والله أعلم أن منسوخ
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون على شروطهم ولقوله صلى الله عليه وسلم
إذا اختلف البيعان استحلف البائع (وقال غيره) فلو كان الخير بينهما لما كلف البائع
اليمين ولقال وهب الامر كما قال المبتاع أليس لي أن لا أقبل أو أن أفسخ عنى البيع
فإذا صادفته على البيع كان لي أن لا يلزمني فإذا خالفته فذلك أبعد من أن يلزمني
(في اختلاف المتبايعين في الثمن)
(قال ابن وهب) وقد قال مالك الامر عندنا من الذي يشترى السلعة من الرجل
فيختلفان في الثمن فيقول له البائع بعتكها دنانير ويقول المشترى اشتريتها
188

بخمسة دنانير انه يقال للبائع إن شئت فأعط المشترى بما قال وإن شئت فاحلف بالله
ما بعت سلعتك الا بما قلت فان حلف قيل للمشترى اما أن تأخذ السلعة بما قال
البائع واما أن تحلف بالله ما اشتريتها الا بما قلت فان حلف برئ منها وذلك أن
كل واحد منهما مدع على صاحبه (وكيع) عن سفيان عن هشام عن ابن سيرين
عن شريح قال إذا اختلف البيعان وليست بينهما بينة (قال) ان حلفا ترادا وان نكلا
ترادا وان حلف أحدهما ونكل الآخر لزمه البيع
(الخيار في الصرف)
(قلت) لابن القاسم هل يجوز مالك الخيار في الصرف قال لا (قلت) فهل
يجيز مالك الخيار في التسليف (قال) إذا كان أجلا قريبا يوما أو يومين ولم يقدم رأس
المال فلا أرى به بأسا وهو قول مالك (قلت) فان أبطل الذي له الخيار خياره
قبل أن يتفرقا أو بعدما تفرقا وقد كان الخيار في السلم أجلا بعيدا (قال) لا يجوز وان
أبطل الذي له الخيار خياره من قبل أن الصفقة وقعت فاسدة فلا يصلح وان أبطل
خياره (قلت) وكذلك الخيار في الصرف إذا كان أحدهما بالخيار قبل أن يتفرقا
(قال) نعم لا يجوز ذلك إلا أن يستقبلا صرفا جديدا لان الصفقة وقعت فاسدة
(قلت) أرأيت أن صرفت دراهم بدنانير على أن أحدنا بالخيار (قال) قال مالك
لا يجوز هذا في الصرف وهذا باطل ولا يجوز الخيار في الصرف (قال مالك)
ولا حوالة ولا كفالة ولا شرط ولا رهن ولا يجوز في الصرف الا المناجزة حتى لا
يكون بين واحد وبين صاحبه عمل (قال سحنون) ألا ترى إلى حديث مخرمة الذي
ذكره عن أبيه قال سمعت عمرو بن شعيب يقول قال عبد الله بن عمرو بن العاس
قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لا تبيعوا الذهب بالذهب الا عينا
بعين ولا الورق بالورق الا عينا بعين انى أخشى عليكم الرماء ولا تبيعوا الذهب بالورق
الاهاء وهلم ولا الورق بالذهب الاهاء وهلم وان عمر بن الخطاب قال في الصرف
فان استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره. لابن وهب هذه الآثار
189

(في الرجل يشترى السلعتين على أنه بالخيار يختار أحدهما)
(وقد وجبت له)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جاريتين على أنى فيهما بالخيار آخذ إحداهما بألف
درهم وذلك لازم لي أترى هذا البيع لي لازما في قول مالك (قال) لا أرى به بأسا
لان مالكا قال في الثياب والكباش وما أشبهها من العروض يشترى الرجل السلعة
بكذا وكذا يختارها من سلع كثيرة أن لا بأس بذلك فكذلك الجواري والثمن في
مسألتك في السلع قد وجب عليك إحداهما وإنما قال له اختر أيهما شئت فهي لك
بألف ولم يقل له اختر إن شئت فهذه بألف وإن شوت فهذا بألفين على أن إحداهما لك
لازمة فهذا الذي كره مالك (قلت) أرأيت أن اشتريت جاريتين هذه بخمسمائة
وهذه بألف على أن أختار إحداهما (قال) قال مالك لا يصلح هذا البيع إذا كان
يأخذهما على أن إحداهما قد وجبت له إن شاء التي بخمسمائة وإن شاء التي بألف (قال)
مالك فإن كان أخذهما على أن ينظر إليهما ان أحب يأخذ أخذ وان أحب أن يترك
ترك البائع أيضا كذلك لم يلزمه شئ من البيع وان أحب أن يمضي أمضى وان
أحب أن يرد رد فلا بأس بهذا وان اخذهما على أن البيع في إحداهما لازم للمشترى
أو للبائع فلا خير في ذلك عند مالك (قلت) ولم كرهه مالك (قال) لأنه كأنه فسخ
هذه في هذه وهذه في هذه فلذلك كرهه مالك ومن قبل أن الخطار فيهما لأنه
لا بد من أن تكون احدى السلعتين أرخص من صاحبتها فهو ان أخطأ المشترى
فأخذ الغالية كان قد غينه البائع وان أخذ الرخيصة كان المشترى قد غبن البائع وهو
من بيعتين في بيعة وإنما مثلهما مثل سلعة واحدة باعها بثمنين مختلفين مما يجوز أن
يحول بعضه في بعض بدينار وثوب أو بثوب وشاة قد وجب عليه أن يأخذ أيهما شاء
(قال مالك) لا خير في هذا لأنه لا يدرى بما باع ولأنه من بيعتين في بيعة (قال)
ابن وهب وابن نافع وقد كان عبد العزيز بن سلمة يجيز مثل هذا إذا قال الرجل
للرجل هذا الثوب بسبعة وهذا الثوب بخمسة والوزن واحد فاختر فيهما وقد وجب
190

لك أحدهما فلا بأس بذلك. وتفسير حلال ذلك أنه كأنه أخذ الذي بسبعة ثم رده
وأخذ الذي بخمسة ووضع درهمين من السبعة عن نفسه فكأنه اشترى درهمين من
السبعة التي كانت عليه والثوب الذب بخمسة بالثوب الذي كان أخذه بسبعة ثم رده
وبقيت عليه خمسة وصار الثوب الذي بخمسة له فليس في هذا دراهم بدراهم (قال ابن أبي سلمة) وان كانت الدراهم مختلفة الوزن هذه نقص وهذه وازنة فلا يصلح في
رأيي. وتفسير ذلك أنه كان أخذ الثوب الذي بخمسة قائمة ثم رده وأخذ الثوب الذي
بسبعة نقص وجعل مكان الخمسة القائمة سبعة نقصا فلا يستطيع إلا أن يخرجهما جميعا
نقصا لأنه ليس موضع قصاص حين لم يكن مثلها (ابن وهب) قال مالك وعبد العزيز
في الذي يبيع السلعة بعشرة نقص أو بسبعة وازنه كلتاهما نقدا أو يوجب عليه أحد
الثمنين (قالا) لا يصلح. قال عبد العزيز وتفسير ذلك أنه ملكه وزنين مختلفين فهو
كأنه أخذ بالنقص وصارت عليه ثم فسخ ما ملك فسخه وأعطاه مكانها وازنة فلا يصلح
اشتراء أحد الثمين بصاحبه (قال ابن وهب) وقال يونس سألت ربيعة ما صفة
البيعتين تجيزهما الصفقة الواحدة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن
بيعتين في بيعة فقلت له ما صفة ذلك فقال ربيعة يملك الرجل السلعة بالثمنين عاجل
وآجل وقد وجب عليه أحدهما كالدينار نقدا والدينارين إلى أجل فكأنه إنما يبيع أحد
الثمنين بالآخر فهذا مما يفارق الربا (ابن وهب) قال مالك وعبد العزيز وتفسير
ما كره من ذلك أنه إذا ملك ثوبه بدينار نقدا أو بدينارين إلى أجل تأخذه بأيهما
شئت وقد وجب عليك أحدهما فهذا كأنه وجب عليك بدينار نقدا فاخرته وجعلته
بدينارين إلى أجل أو فكأنه وجب عليك بدينارين إلى أجل فجعلتهما بدينار نقدا
(قال عبد العزيز) فكل شئ كره لك أن تعطي قليل منه بكثير إلى أجل فلا يصلح
لك ان تملكهما فهذا فسخ أحدهما بصاحبه (قال عبد العزيز) ومن ذلك أن كل شئ
كان عليك فلم يصلح لك أن تفسخه في غيره وتؤخره فلا يصلح لك أن تملك ذلك
لمختار فيه (وذكر) وكيع عن إسرائيل عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن
191

عبد الله بن مسعود عن أبيه في الرجل يشترى من الرجل الثوب بالنقد بكذا وكذا
أو بالنسيئة بكذا وكذا فقال الصفقتان في الصفقة ربا (قال ابن وهب) قال يونس
وكان أبو الزناد يقول مثل قول ربيعة في البيعتين بالثمنين المختلفين (قال ابن وهب)
قال مالك ونهى عنه القاسم بن محمد أن يشترى بعشرة نقدا أو بخمسة عشر إلى شهر
(قال ابن وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه وكره ذلك سليمان بن يسار والقاسم
وعبد الرحمن بن القاسم ونافع (ابن وهب) عن الليث قال يحيى بن سعيد البيعتان
اللتان لا يختلف الناس فيهما
(في الرجل السلعة كلها على أردب أو ثوبا أو شاة)
(على أنه بالخيار ثلاثا)
(قلت) أرأيت أن اشتريت هذا الطعام من رجل كل أردب بدرهم أو هذه الثياب
كل ثوب بدهم أو هذه الغنم كل شاة بدرهم على أنى بالخيار ثلاثا أيام فاخترت أن
آخذ بعضا وأترك بعضا أيجوز هذا لي أم لا (قال) لا يجوز هذا إلا أن تأخذ جميعه
لأنها صفقة واحدة إلا أن يرضى البائع أن يجيز ذلك (قلت) وهذا قول مالك (قال)
نعم ألا ترى أن مالكا قال في الرجل يشترى القمح المصبر كل قفيز بدرهم انه جائز
وليس له أن يأخذ بعضه ويدع بعضه
(في الرجل يشترى من الرجل السلعة على أنه بالخيار)
(فتتلف منه قبل أن يختار)
(قلت) أرأيت من أخذ سلعة من رجل بمائة ديناران رضيها أو على أن يريها
فماتت قبل أن يرضى أو يريها أو تلفت أيكون ضمانها من البائع أو المشترى (قال)
قال لنا مالك في بيع الخيار ضمانها من البائع أبدا حتى يرضى ذلك المشترى إذا كان
ذلك حيوانا أو ما لا يغاب عليه فإن كان مما يغاب عليه ضمنه المشترى إلا أن تقوم له
بينة على تلفه (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة على أنى بالخيار ثلاثا أيام فتلفت
192

السلعة عندي قبل أن أختار ممن مصيبتها في قول مالك (قال) ان كانت حيوانا أو
أرضين أو دورا فمصيبتها من البائع وان كانت غير حيوان مما يغاب عليه فهلكت هلاكا
ظاهرا فمصيبتها من البائع وان غاب عليها المشترى ولم يعلم هلاكها الا بقوله لم
يصدق (قلت) فما يغرم (قال) الثمن (قلت) وهو قول مالك أنه يغرم الثمن
(قال) نعم (قلت) أرأيت من اشترى سلعة على أنه بالخيار ثلاثا فقبض السلعة
ونقد الثمن أو لم ينقد فماتت السلعة في يدي المشترى في أيام الخيار أتكون من البائع
أو المشترى في قول مالك وكيف إن كان الخيار للبائع أو المشتري أهو عند مالك سواء
أم لا (قال) قال لي مالك الموت في أيام الخيار من البائع وإن كان قد اشترط النقد
وانتقد وقبض المشترى السلعة فهي من البائع ويرد البائع الثمن على المشترى (قال)
قال مالك وسواء كان الخيار للبائع أو المشترى (قال) وقال مالك وإذا مات السلعة
في أيام الخيار فهي من البائع على كل حال لان البيع لم يتم ولا يتم حتى يقع الخيار
ويرضى من جعل له الخيار (ابن وهب) سمعت مالكا يقول في الرجل يبتاع
الجارية ويكون فيها بالخيار شهرا وينقد على ذلك فان البيع مردود فان نقد الثمن وجهل
ذلك وكان فيهما بالخيار ثم ماتت الجارية فإنها من البائع (قلت) أرأيت أن هلكت
السلعة في أيام الخيار ممن هي في قول مالك (قال) من البائع قبض المشترى أو لم يقبض
نقد أولم. ينقد (قال) وكذلك قال مالك (قال) وسألت مالكا عن الرجل يبيع السلعة
على أن البائع أو المبتاع فيها بالخيار فتصاب السلعة في ذلك (قال) هي من البائع حتى
ينفذ البيع وخيار البائع وخيار المبتاع في ذلك سواء (سحنون) وإنما كان السلعة
وضمانها من البائع في أيام الخيار وإن كان المشترى قد قبضها ونقد ثمنها أو لم ينقد من
قبل أن بيع لم يتم ولا يتم حتى تمضى أيام الخيار ألا ترى أن الجارية التي تباع
بالاستبراء فهي من البائع حتى تحيض والعبد في عهدة الثلاث هو من البائع أبدا حتى
يخرج منها وقد تم الامر فيهما لما مضى في ذلك من السنة ومن قول أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم والتابعين (وذكر أشهب) عن ابن لهيعة أن حبان بن واسع حدثه
193

عن محمد بن يزيد بن ركانة أنه قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لجنان بن
منقذ العهدة فيما اشترى ثلاثة أيام فلما استخلف عمر بن الخطاب قال إني نظر في
بيوعكم فلم أجد لكم شيئا مثل العهدة التي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لجنان
ابن منقذ فيما اشترى ثلاثة أيام ثم قضى به عبد الله بن الزبير (قال ابن وهب)
وأخبرني ابن بي الزناد عن أبيه قال قضى عمر بن عبد العزيز في رجل باع من أعرابي
عبدا فوعك العبد في عهدة الثلاث فمات فجعله عمر من الذي باعه (ابن وهب)
وأشهب عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري
أنه سمع أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل يذكران في خطبتهما عهدة الرقيق في
الأيام الثلاثة من حين يشترى العبد أو الأمة وعهدة السنة ويأمران بذلك وان عمر
ابن الخطاب قضى في جارية جعلت على يدي رجل حتى تحيض فماتت انها من البائع
ذكره ابن وهب عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن زيد بن إسحاق
الأنصاري (قال) يونس وقال ابن شهاب مثله (قال ابن وهب) وقال ابن شهاب
وان كانت حاضت فهي من المبتاع (سحنون) فكيف بالخيار الذي له شرطه
في الإجازة والرد
(النقد في بيع الخيار)
(قلت) أرأيت كل شئ اشتراه الرجل من حيوان أو دور أو أرضين أو نخل أو
عروض أو شئ مما يقع عليه بياعات الناس اشتراه رجل واشترط الخيار يوما أو يومين
أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر من ذلك أيصلح فيه النقد في قول مالك (قال) لا (قلت)
فان اشترط النقد (قال) فقد وقعت الصفقة في قول مالك فاسدة (قال) وقال مالك لا
يصلح النقد في بيع الخيار (قلت) فإن لم يشترط والنقد وقعت الصفقة صحيحة ويكون
بيعا جائزا (قال) نعم وقال أشهب ووجه فساد اشتراط النقد أنه بيع وسلف يقول البائع
للمبتاع أسلفني خمسين دينارا ثمنها وأنت على بالخيار ثلاثا فإن شئت أخذت بها منى
داري هذه أو عبدي هذا أو متاعي هذا أو دابتي هذه أو ما كان فيه البيع فهو لك فان ثم
194

أخذه وصار له سلفا تم فيه البيع وان رد البيع ولم يجزه رجع فأخذ سلفه من البائع فانتفع
البائع بالذهب باطلا من غير شئ (قلت) لابن القاسم فكل بيع اشتراه صاحبه وهو فيه
بالخيار على أن ينقد فأصاب السلعة عيب في أيام الخيار ثم انقضت أيام الخيار وقبضها
وعلم بالعيب في أيام الخيار ورضيه ثم حالت أسواق تلك السلعة أو تغيرت بنماء أو نقصان
بدنها ثم أصابها عنده عيب مفسد ثم ظهر على عيب دلسه البائع (قال) ان شاء حبسها
ووضع عنه قدر العيب الذي دلس له البائع من قيمتها يوم قبضها لأنه قبضها
على بيع فاسد فصارت قيمتها يوم قبضها هو ثمنها وبطل الثمن الأول كان أقل من
القيمة أو أكثر من قيمتها وصارت قيمتها لها ثمنا وان شاء ردها بالعيب الذي دلس
له ويرد ما أصابها عنده من العيب أو يحبسها ويرجع بالعيب الذي دلس له من قيمتها
(قال) وإن لم يحدث بها عنده عيب مفسد كان بالخيار ان شاء ردها بالعيب الذي دلس
له وان شاء حبسها وغرم قيمتها يوم قبضها (قلت) والخيار له بحال ما وصفت لي (قال)
نعم لأنه إنما نقصت أيام الخيار وقبضها المشترى وحدث بها في يديه عيب آخر أو حالت
في بدنها وجبت له بقيمتها يوم انقضت أيام خياره وقبضها ثم كان بالخيار في ردها وان
يرد معها من قيمتها التي وجبت له عليه ما نقصها الغيب (قلت) لابن القاسم أرأيت أن
أسلفت رجلا في طعام معلوم على أن أحدنا بالخيار يوما أو يومين أو شهرا أو شهرين
(قال) ان اشترط أجل يوم أو يومين أو نحو ذلك فلا بأس به ما لم يقدم النقد وان اشترط
أبعد من ذلك لم يجز قدما النقد أو لم يقدماه (قلت) فلم جوز له إذا لم يقدم النقد
وكرهته إذا قدم النقد على ماذا رأيته من قول مالك (قال) إنما أجزت الخيار فيه إذا لم
يقدم النقد وكان أجل الخيار قريبا لأني أجيز له أن يؤخر رأس مال السلف يوما أو
يومين أو ثلاثة أو نحو ذلك في قول مالك فلما اشترط الخيار إلى الموضع الذي يجوز له
أن يؤخر نقده إلى ذلك الاجل أجزت له الخيار إلى ذلك الاجل وكرهت له أن يقدم
نقده ويشترط الخيار لأحدهما لأنه يدخله بيع وسلف وسلف جر منفعة (قال ابن القاسم)
ألا ترى أنه إذا قدم النقد واشترط الخيار فكأنه أسلفه هذه الدنانير إلى أجل الخيار على
195

أن جعلا بعد أجل الخيار في سلعة إلى أجل موصوف فصارت الدنانير سلفا وصارت
السلعة الموصوفة تبعا بهذه الدنانير بعد انقضاء أجل الخيار فصارت سلفا جر منفعة
(قلت) ولم كرهته إذا كان أجل الخيار إلى شهر أو شهرين إذا لم يقدم رأس المال (قال)
لأنه يصير دينار بدين والخيار أيضا لا لكون في قول مالك إلى شهر وإنما جوز مالك
الخيار في البيوع على قد اختيار الناس السلع التي يشترون (قلت) فان قدم رأس
المال وشرط الخيار وضرب للسلف أجلا بعيدا (قال) لا يجوز في قول مالك أيضا
لان مالكا قال لا يجوز هذا الخيار إلى هذا الاجل في شئ من البيوع (قلت)
وكل من اشترى سلعة من السلع على أنه بالخيار وإن كان خياره يوما واحدا فلا يجوز
اشتراط النقد في ذلك (قال) نعم لا يجوز اشتراط النقد في ذلك عند مالك
(في الدعوى في الخيار)
(قلت) أرأيت لو أنى اشتريت سلعة على أنى بالخيار ثلاثا فجئت بها في أيام الخيار
لأردها فقال البائع ليست هذه سلعتي (قال) القول قول المشترى لان البائع قد ائتمنه
على السلعة (قلت) أتحفظ هذا من مالك (قال) لا (قلت) أرأيت أن اشتريت
جارية على أنى بالخيار ثلاثا فغبت بالجارية ثم أتيت بها في أيام الخيار لأردها فقال البائع
ليست هذه جاريتي القول قول من (قال) أرى أن يحلف المبتاع أنها جاريته التي اشتراها
منه على أن له الخيار ويردها (قلت) تحفظه عن مالك (قال) لا إلا أن مالكا قال
في الرجل يدفع إلى الرجل الذهب يقضيه إياها من دين كان له عليه فيقول له خذها
فانظر إليها وقلبها فيأخذها على ذلك ثم يأتي بها ليردها فنكره الدافع ويقول ليست
ذهبي قال القول قول المدفوع إليه مع يمينه (قلت) أرأيت أن كان إنما اشترى حيوانا
أو دورا أو رقيقا على أنه بالخيار ثلاثا فادعى المشترى أن الدواب انفلتت منه والرقيق
أبقوا أو ماتوا (قال) القول قول المشترى وهو مصدق في ذلك ولا يكون على شئ
لان هذا ليس مما يغيب عليه والموت إذا كان بموضع لا يجهل موته سئل عن ذلك
وكشف أهل تلك القرية ولا يقبل في ذلك الا قول عدول فان عرف في مسئلتهم
196

كذبه أغرمها وإن لم يعرف كذبه حمل من ذلك ما يحمل وحلف عليه وقبل قوله وقد
قاله مالك (قلت) فالإباق والسرقة والاتلاف إذا ادعاه وهو بموضع لا يجهل لم
تسئل البينة عن ذلك ويكون القول قوله (قال) نعم لا تسئل البينة والقول قوله إلا أن يأتي بأمر يستدل به على كذبه (قلت) وهو قول مالك (قال) نعم (قلت)
أرأيت كل سلعة اشتريتها على أنى بالخيار فيها من ثوب أو عرض سوى الحيوان
فغبت عليها ثم ادعيت أنه هلك في أيام الخيار أيكون القول قولي في قول مالك
(قال) قال مالك هو ضامن (قلت) فان أتى بالبينة على أن السلعة التي غاب عليها
قد هلكت هلاكا ظاهرا يعرف من غير تفريط من المشترى (قال) يكون
من البائع وقد قال مالك في الرهن في الضياع وفى العارية ما هلك من ذلك مما
يغيب عليه مما تثبته البينة العادلة أنه هلك بغير ضيعة من الذي كانت عنده فلا ضمان
عليه (قال مالك) ومن ذلك أن يرهن الرجل الرهو وهو في البحر في المركب فيغرق
وله بذلك البينة أنه غرق أو يحترق منزله أو يلقاه اللصوص ومعه رجال فيأخذ
اللصوص السلعة منه فشهد الشهود على رؤية ما وصفت لك أنهم رأوه حين احترق
وأنهم رأوه حين أخذه اللصوص فهو ضامن صاحبه والذي أعيره أو رهنه منه برئ
ولا تباعة عليه وكذلك الذي يشترى على أنه بالخيار فيغيب عليه هو مثل هذا (قلت)
أرأيت أن اشترى حيوانا على أنه بالخيار ثلاثا فقبض الحيوان أو غاب عليها ثم ادعى
المشترى الذي غاب على الحيوان أنها هلكت أو أبقت ان كانت رقيقا (قال) قال
مالك القول قوله إلا أنه في الموت إن كان مع أحد سئل عن تبيان ذلك فان الموت
إذا مات في قرية فيها أهلها لم يخف عليهم ذلك وان ادعى انفلاتا أو إباقا أو سرقة
فالقول قوله مع يمينه إلا أن يأتي بما يدل على كذبه (قلت) أرأيت أن سألوا في
القرية عن موت الحيوان الذي ادعى أنه مات في تلك القرية فلم يصيبوا تصديق
قوله (قال) فأراه في هذا كاذبا حين لم يوجد أحد يعلم هلاك ما ادعى وهو في قرية
فأراه غارما لها
197

(في الرجل يبيع العبد وبه عيب ولا يبينه ثم يأتيه فيعلمه أن بالسعة عيبا)
(وهو يقول إن شئت فخذ وإن شئت فدع)
(قلت) أرأيت أنبعت رجلا سلعة بها عيب ولم أبين له العيب ثم جئته بعد ما وجبت
الصفقة فقلت له ان بالسلعة عيبا فإن شئت فخذ وإن شئت فدع (فقال) سألنا مالكا عنها
فقال إن كان العيب ظاهرا يعرف أو قامت البينة بالعيب الذي ذكر إذا لم يكن ظاهرا
كان المشترى بالخيار ان شاء أخذ وان شاء ترك وإن كان إنما يخبر خبرا ليس بظاهر
وليس عليه بينة يأتي بها فالمشترى على شرائه ولا يضره ما قال له البائع وان وجد ذلك
العيب بعد ذلك على ما قال البائع كان بالخيار ان شاء أخذ وان شاء ترك
(في الرجل يبتاع السلعة على أنه بالخيار ثلاثا فلا يردها)
(حتى تنقضي أيام الخيار)
(قلت) فما قول مالك في رجل باع سلعة على أن المشترى بالخيار ثلاثة أيام فقبض
المشترى السلعة فلم يردها حتى مضت أيام الخيار ثم جاء بها يردها بعد ما مضت أيام
الخيار أيكون له أن يردها أم لا (قال) ان أتى بها بعد مغيب الشمس من آخر أيام
الخيار أو من الغد أو قرب ذلك بعد ما مضى الاجل رأيت أن يردها وان تباعد
ذلك لم أر أن يردها (قال ابن القاسم) إلا أني قلت لمالك الرجل يشترى الثوب
أو السلعة على أنه بالخيار اليوم اليومين والثلاثة فان غابت الشمس من آخر أيام الخيار ولم
يأت بالثوب إلى آخر الاجل لزم المبتاع البيع (قال) قال مالك لا خير في هذا البيع ونهى
عنه (قال) وقال مالك فيما يشبه هذا أرأيت أن مرض المشتري أو حبسه السلطان
أكان يلزمه البيع فكره هذا فهذا يدلك من قوله على أنه يرد وان مضى الاجل إذا
كان ذلك قريبا من مضى الاجل (قال) وقال مالك أيضا في المكاتب يكاتبه
سيده على أنه ان جاء بنجومه إلى أجل مسمى وإلا فلا كتابة له (قال) ليس محو
كتابة العبد بيد السيد بما شرط ويتلوم للمكاتب وان حل الاجل فان أعطاه كان على
198

كتابة (قال) مالك والقطاعة مثله يتلوم له أيضا وان مضى الاجل فان جاء به عتق
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة على أني بالخيار ثلاثا فلم أقبض السلعة من البائع ولم
أختر في أيام الخيار ردها حتى تطاول تركي إياها في يدي البائع ثم جئت بعد مضى أيام
الخيار بزمان فقلت أنا أختار إجازة البيع وقال البائع قد تركتها حتى مضيت أيام الخيار
فلا خيار لك ولا بيع بيني وبينك (قال) قال مالك إذا اختار بحضرة مضى أيام الخيار
بقرب ذلك جاز خياره وكان البيع جائزا وإن لم يختر حتى تطاول ذلك بعد مضى أيام
الخيار ويعرف أنه تارك لبعد ذلك فلا خيار له والسلعة للبائع (قلت) فإن كان قبض
السلعة المشترى وكان اشتراها على أنه بالخيار ثلاثا ولم يختر في أيام الخيار الرد ولا الإجازة
حتى مضت أيام الخيار وتطاول ذلك ثم جاء بعد ذلك يرد السلعة (قال) لا يقبل قوله
والسلعة لازمة للمشترى في قول مالك إلا أن يردها بحضرة مضى أيام الخيار أو قرب
ذلك فان تطاول ذلك فالسلعة لازمة للمشترى (قلت) وإنما ينظر في هذا إذا مضت
أيام الخيار وتطاول ذلك حتى لا يقبل قول من كان له الخيار في السلعة حيث هي
فإن كانت في يدي البائع كانت له ولا بيع بينهما وإن كان قد قبضها المشترى فالبيع
جائز والسلعة ولأمة له (قال) نعم إنما ينظر إلى السلعة حيث هي فإذا مضيت أيام الخيار
وتطاول ذلك فيجعلها للذي هي في يديه
(في الخيار إلى غير أجل)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة على أني بالخيار ولم يجعل للخيار وقتا أترى هذا
البيع فاسد أو جائزا (قال) أراه جائزا وأجعل له من الخيار مثل ما يكون له في مثل
تلك السلعة
(في الرجل يبيع ثمرة حائطه ويستثنى أن يختار أربع نخلات أو خمسا)
(قال) عبد الرحمن بن القاسم قال مالك في الرجل يبيع ثمرة حائطة على أن يختار
البائع ثمر أربع نخلات منها أو خمس (قال) ذلك جائز (قال ابن القاسم) قال مالك
199

هذا عندي بمنزلة رجل باع كباشه هذه على أن يختار البائع منها أربعة أو خمسة
فذلك جائز ولا بأس به (قلت) فان باع أصل حائطه على أن يختار البائع فيها أربع
نخلات أو خمسا (قال ذلك جائز في قول مالك (قلت) أرأيت أن باع ثمرة نخل له
واستثنى من مائة نخلة عشر نخلات ولم يسمها بأعيانها ولم يستثن البائع أن يختارها
(قال) أرى أن يعطى عشر مكيلة ثمر الحائط وهما شريكان في الثمرة البائع والمشترى
لهذا العشر ولهذا تسعة أعشار الثمر ولأنه كأنه باعة تسعة أعشار ثمرة حائطة فلذلك
جعلته شريكا معه
(في الرجل يشترى من الرجل من حائطه ثمر أربع نخلات)
(يختارها أو من ثيابه ثوبا أو من غنمه شاة يختارها)
(قلت) أرأيت أن اشتريت منه من ثمرة حائطه هذا ثمر أربع نخلات اختارهن
أيجوز أم لا (قال) لا خير في هذا عند مالك (قلت) فان اشترى أربع نخلات
بأصولهن على أن يختارهن من هذا الحائط (قال) لا بأس بهذا عند مالك ما لم يكن فيهن
ثمرة فإن كان فيهن ثمرة فلا خير فيه وليس هذا بمنزلة رجل باع حائطه كله على أن
بختار منه أربعا أو خمسا فذلك جائز ولا يعجبني ذلك في ثمرة النخل وان نزل لم
أفسخه ولا بأس به في الكباش (قلت) فالطعام كله إذا اشترى منه شيئا على أن
يختار منه (قال) لا يجوز ذلك عند مالك إذا كانت صبرا مختلفة (قلت) أرأيت أن
قال آخذ منك ثوبين من هذه الأثواب وهي عشرون ثوبا بعشرة الدراهم على أنى
بالخيار ثلاثا آخذ أحدهما بعشرة دراهم أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) ذلك جائز
(قلت) وسواء ان كانا ثوبين أو أثوابا كثيرة فاشترى منها ثوبا يختاره وضرب
لذلك أجلا أياما (قال) نعم هو سواء عند مالك (قلت) أرأيت أن اختار المشترى
أحد الثوبين بغير محضر من البائع أيكون ذلك له في قول مالك قال نعم (قلت)
فاه اختار المشترى أحد الثوبين بغير محضر من البائع وأشهد على ذلك ثم ضاع
الثوب الباقي (قال) هو فيه مؤتمن لأنه قد أخذ أحد الثوبين ببينة (قلت) فان أخذ
200

الثوبين على أن يختار أحدهما فذهب فقطع أحدهما قميصا أو رهنه أو أحرقه فأفسده
أو نحو ذلك أيلزمه هذا الذي أحدث فيه ما أحدث وتجعله منه وتجعله في الآخر
مؤتمنا (قال) نعم وقد بينا هذا قال والحيوان كله إذا أخذه على أن يختار منه واحدا بكذا
وكذا درهما كان ذلك له جائزا في قول مالك (قال) قال مالك في الغنم إذا اشترى
شاة من جماعة غنم يختارها فلا بأس بذلك أو عددا سماه نحو العشرة من جماعة كثيرة
فلا بأس بذلك (قلت) أرأيت لو أن رجلا اشترى من رجل خمسين ثوبا من عدل
فيه مائة ثوب على أن يختار الخمسين ثوبا من العدل (قال) إذا كانت الثياب في العدل
نوعا واحدا موصوفة طولهما وعرضها ورقتها وإن كان بعضها أفضل من بعض بعد
أن تكون هروية كلها أو مروية كلها أو فوهية أو فسطاطية فلا بأس بهذا (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فان اختلفت الثياب التي في العدل فكانت أصنافا
من الثياب اشتريت خمسين ثوبا اختارها (قال) لا خير فيه إلا أن يشترط - صنفا يختار
منه خمسين ثوبا أو يشترط فيقول أختار من صنف كذا كذا وكذا ثوبا ومن
صنف كذا كذا وكذا ثوبا حتى يفرد الخمسين الثوب ويذكر أصنافها كلها (قلت)
وكذلك أن كانت الثياب أكسية خز وحرير لم يجز حتى يسمى ما يختار من كل صنف
في قول مالك قال نعم (قلت) ولم جوز مالك هذا البيع إذا اشتريت على أن أختار
ألا ترى أنه لم يقع البيع على شئ يختاره بعينه (قال) إنما جوزه مالك لان رجلا لو
اشترى من مائة كبش خمسين كبشا يختارها لم يكن بذلك بأس (قال ابن القاسم)
وكذلك كل ما يباع إذا كان صنفا واحدا على أن يختار فلا بأس به وهذا مما لا بد
للناس في بيوعهم عنه غير الطعام فإن كان الطعام فلا خير في أن يشترى على أن يختار
في شنجر ولا في صبر ولا في نخل لان ذلك يدخله بيع الطعام بالطعام متفاضلا لأنه
كان وجب له من غير الصنف الذي أخذ من الطعام فتركه وأخذ به هذا الذي
أخذ وان اختلف ما يختار فيه حتى يكون إبلا وبقرا وغنما فلا يجوز إلا أن يشترط
ما يختار من كل صنف فكذلك الثياب إذا اختلفت عند مالك (قلت) أرأيت لو
201

أن رجلا اشترى مائة شاة على أن يرد منها شاة أيتهن شاء أيجوز هذا البيع في قول
مالك (قال) نعم لأنه إنما هو رجل اشترى تسعة وتسعين شاة من هذه المائة على أن
يختار فله أن يرد منها شاة أيتهن شاء والبيع جائز (قال) وقال مالك ولو أن رجلا
اشترى عشرين شاة من مائة شاة أو ثلاثين شاة أو أربعين شاة على أن يختارها فلا
بأس به فكذلك هذا أيضا (قلت) وكذلك لو باعه البائع هذه المائة كلها الا شاة
واحدة يختارها البائع ويكون للمشترى ما سوى ذلك فذلك له في قول مالك (قال) نعم
ولكن لو كان البائع يقول أختار من هذه المائة تسعة وتسعين وأبيعك واحدة من
شرارها فلا يجوز ذلك وكذلك قال مالك (قلت) أرأيت إن لم يشترط المشترى
الخيار ولا البائع والمسألة على حالها (قال) البيع جائز ويكون المشترى بالشاة التي استثناها
شريكا يكون له جزء من مائة جزء (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا مثل قول مالك
في الثياب (قلت) والثياب في هذا بمنزلة ما وصفت لي في الغنم قال نعم (قال)
وقال مالك في الثياب إذا اشترط أن يختار كان له أن يختار وإن لم يشترط الخيار كان
شريكا له (قلت) وكذلك الإبل والبقر والغنم والحمير والدواب إذا كانت صنفا
واحدا اشتراها صفقة واحدة واستثنى البائع منها واحدة أو عشرا أو عشرين كان
ذلك له وكان شريكا إذا لم يشترط الخيار (قال) نعم إلا أن يكون الذي اشترط
البائع جلها على الخيار فلا خير في ذلك فإن لم يكن جلها فلا بأس به لان مالكا قال لو أن
رجلا باع ثيابا بثمن فاشترط ن يختار منها (قال) إن كان اشترط رقما بعينه يختار منه
فذلك له وإن لم يشترط شيئا بعينه فهو شريك في جملة الثياب بقدر ما استثنى من ذلك
فهذا إذا لم يشترط - أن يختار كان البيع جائزا وإنما أبقى البائع جزأ له واحدا فلم يشترط
أن يختار البائع ولم يشترط المبتاع الخيار فهو شريك بذلك الجزء (قلت) فان اشترط
المشترى أن يختار من هذا الحائط عشر نخلات يختارها (قال) لا خير في ذلك عند مالك
لأنه يدخله التمر بالتمر متفاضلا (قال سحنون) ألا ترى ان قال الرجل للرجل
أبيعك السمراء تسعة آصعة بدينار والمحمولة عشرة بدينار أيهما شئت فخذ فقد وجب
202

لك أحدهما فلا تفر من ذلك. وتفسير ذلك أنه كأنه يفسخ السمراء بالمحمولة والمحمولة
بالسمراء وفيه أيضا بيع الطعام قبل استيفائه وإذا قال الرجل هذا التمر خمسة عشر بدينار
وهذه الحنطة عشرة بدينار وأيهما شئت فخذ فقد وجبت لك احدى السلعتين فلا تفر
منه فان ذلك بيع قبل استيفاء. وتفسير ذلك أنه ملكه بيعتين لا يصلح له فسخ إحداهما
بصاحبتها قبل أن يستوفى لأنه أوجب له الحنطة ثم فسخها فأخذ مكانها تمرا والتمر
بالحنطة بيع مثل الحنطة بالذهب ومثلها بالورق وليست بقضاء منها ولا يجوز بها مكانها
الا بيعا ببيع ويدا بيد فإذا خيره هكذا بين سمراء ومحمولة أيهما شاء أن يأخذ أخذ
وقد وجبت له إحداهما فهو أيضا من هذا الباب بيع قبل استيفاء ألا ترى أنه لما
ملك احدى البيعتين وفسخ إحداهما في صاحبتها أنه قد وجب له تسعة آصع من السمراء
فهو يدع التسعة التي وجبت له من السمراء بعشرة آصع من المحمولة أو يدع عشرة
الآصع التي وجبت له من المحمولة بتسعة آصع من السمراء وهو لا يصلح أن يشترى
تسعة بعشرة وهذا شبيه ما نهى عنه من بيعتين في بيعة وهو مما نهى عنه أن يباع
اثنان بواحد إذا كانا من صنف واحد (ابن وهب) قال مالك ومثله لا ينبغي للرجل
أن يبيع من نخله عشرة أعذق بيع ثمرها على أن المبتاع يختارها وذلك أن المبتاع
ينقل تلك العشرة إلى غيرها وقد وجبت عليه في حال فيأخذ أقل أو أكثر وقد
نهي عن بيع التمر بالتمر الا مثلا بمثل (قال سحنون) وكل هذا قاله مالك وعبد
العزيز بن أبي سلمة إلا أن يأخذها يريد المعين والنئ على صاحبه وصاحبه كذلك
(قال ابن القاسم) ولو اشترط البائع أن يختار قال مالك ذلك له جائز وما رأيت
أحدا من أهل العلم يعجبه قول مالك في ذلك ولا يعجبني أيضا الذي قال مالك من
ذلك في كتبه النخل يختارها البائع وما رأيته حين كلمته في ذلك عنده حجة ولقد
أوقفني فيها نحوا من أربعين ليلة ينظر فيها ثم قال لي وما أراها الا مثل الغنم يبيعها
الرجل على أن يختار منها عشرة شياه فلم يعجبني لان الغنم بعضها ببعض لا بأس به
متفاضلا والتمر بالتمر متفاضلا لا خير فيه فإذا وقع أجزته لما قال مالك من ذلك ولا
203

أحب لاحد أن يدخل فيه ابتداء ولا يعقد فيه بيعا وهو إذا لم يشترط
الخيار أجزت البيع وجعلت له من كل نخلة بقدر ما استثنى
ان كانت عشرة من مائة جعلت لعشر كل نخلة
على قدر طيبها ورداءتها حتى كأنه
شريك معه فهذا لا بأس به
(تم كتاب بيع الخيار والحمد لله وحده وصلى الله)
(على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب بيع الغرر)
204

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب بيع الغرر)
(في بيع الغرر والملامسة والمنابذة والعمل في ذلك واشتراء الغائب)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أن اشترى ثيابا مطوية ولم ينشرها ولم توصف له أيكون
هذا البيع فاسدا في قول مالك لأنه لم ينشر الثياب ولم تصف له (قال) نعم هو
فاسد في قول مالك (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة وقد كنت رأيتها قبل أن
أشتريها بشهر أو بشهرين أيجوز هذا البيع في قول مالك أم لا (قال) نعم إذا كانت
من السلع التي لا تتغير من الوقت الذي رآها فيه إلى يوم اشتراها (قلت) وان
نظرت إلى السلعة بعد ما اشتريتها فقلت قد تغيرت عن حالها وليست مثل يوم رأيتها
وقال البائع بل هي بحالها يوم رأيتها (قال) القول قول البائع والمشترى مدع (وقال)
أشهب بل البائع مدع (1) (قلت) لابن القاسم وهذا قول مالك (قال) قال لي مالك
في جارية تسوق بها رجل في السوق وكان بها ورم فانقلب بها فلقيه رجل بعد أيام
ورأي ما كان بها فاشتراها منه فلما أتاه بها ليدفعها إليه قال ليست على حالها وقد ازداد
ورمها (قال مالك) أرى المشترى مدعيا ومن يعلم ما يقول وعلى البائع اليمين (قلت)
فما الملامسة في قول مالك (قال) قال مالك الملامسة أن يلمس الرجل الثوب ولا

(1) بهامش الأصل هنا ما نصه ابن المواز قول مالك وابن القاسم في هذا أبين وأصوب. قال أبو
إسحاق وكأنه عند مالك لما أقر بان البيع وقع على عين هذه السلعة فقد انعقد البيع في الظاهر
فيها والمشترى يريد نقص الشراء يدعواه فلا يصدق كما لو وجد عيبا مشكوكا فيه ا ه‍
205

ينشره ولا يتبين ما فيه أو يبتاعه ليلا وهو لا يعلم ما فيه (قال) والمنابذة أن ينبذ الرجل
إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه على غير تأمل منهما ويقول كواحد منهما
لصاحبه هذا بهذا فهذا الذي نهى عنه من الملامسة والمنابذة (قال مالك) والساج
المدرج في جرابه والثوب القبطي المدرج في طيه انه لا يجوز بيعهما حتى ينشرا أو
ينظر إلى ما فيهما والى ما في أجوافهما وذلك أن بيعهما من الغرر وهو من الملامسة
(وقال ابن وهب) عن يونس عن ربيعة بهذا (قال) فكان هذا كله من أبواب القمار
فنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (ابن وهب) عن بان لهيعة عن الأعرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين عن الملامسة والمنابذة
فقال الملامسة أن يبتاع القوم السلعة لا ينظرون إليها ولا يخبرون عنها والمنابذة أن يتنابذ
القوم السلع لا ينظرون إليها ولا يخبرون عنها فهذا من أبواب القمار والتغيب في البيع
(ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبي سعيد
الخدري أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة وعن المنابذة في
البيع ثم فسر هذا التفسير (قال) وأخبرني عن مالك بن أنس وغيره عن أبي حازم
عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر (قال ابن
وهب) وقال لي مالك وتفسير ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيع
الغرر أن يعمد الرجل إلى الرجل قد ضلت راحته أو دابته أو غلامه وثمن هذه
الأشياء خمسون دينارا فيقول أنا آخذها منك بعشرين دينارا فان وجدها المبتاع ذهب
من البائع بثلاثين دينارا وإن لم يجدها ذهب البائع منه بعشرين دينارا وهما لا يدريان
كيف يكون حالهما في ذلك ولا يدريان أيضا إذا وجدت تلك الضالة كيف توجد
وما حدث فيهما من أمر الله مما يكون فيه نقصها أو زيادتها فهذا أعظم المخاطرة (قال)
ابن وهب وأنس بن عياض وابن نافع عن عبد العزيز بن أبي سلمة مثله (وقال) عبد العزيز
وما يشبه المخاطرة اشتراء الضالة والآبق (قال ابن وهب) وبلغني أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغيب كله من كل شئ يديره الناس بينهم (ابن
206

وهب) وبلغني عن ابن عباس أنه كان يقول لا يصلح بيع الغيب أن يشتري ما غاب
عنه وإن كان وراء هذا الجدار وأشار بيده إلى جدارها وجاهه (قال ابن وهب) قال
يونس قال ابن شهاب في بيع الشاة والبعير الشارد قبل أن يتواريا والآبق وغيره
قال لا يصلح بيع الغرر وكان ربيعة يكره بيع العنب (قال ابن وهب) وقال يحيى بن
سعيد نحو قول ابن شهاب وقد أخبرتك بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
وسلم في الشئ الذي هو في أيديهما ولا ينظرون إليه ولا يتحرون عنه فكيف بما غاب
على أنه قد ند أو أبق وذلك لو كانت صفته معروفة ما جاز لعظم خطره وأنه من الغرر
(في الرجل يشترى السلعة الغائبة قد رآها أو بصفة)
(أيكون له الخيار إذا رآها)
(قلت) أرأيت أن نظر إلى دابة عند رجل فاشتراها بعد ذلك بعام أو عامين على غير
صفة الأعلى رؤيته أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) إن كان أمرا تكون فيه
السلعة على حالها فلا بأس بذلك إذا لم يتباعد ذلك تباعدا شديدا (1) (قال) وإنما قال مالك
إذا نظر إلى السلعة فاشترى السلعة بعد نظره إليها فذلك جائز وإنما قاله لنا مبهما ولم
يذكر لنا فيه الاجل البعيد ولا القريب فأرى إذا تباعد شراؤه من نظره إليها حتى
يتفاحش ذلك ويعلم أنها لا تبلغ إلى ذلك الوقت من يوم نظر إليها حتى تتغير بزيادة أو
نقصان وما أشبهه فلا أرى أن يشتريها الا على المواصفة أو على أن ينظر إليها فان

(1) في كتاب ابن الوز قال ولا يصلح أن يضرب لقبض السلعة الغائبة أجلا قريبا أو بعيدا
من ذلك ومن وجه الضمان بسلعة بعينها وذلك لا يحل فإنما يجوز بيع ذلك على أن يتوجه في
قبضها قرب ذلك أو بعد تعجل في ذلك أو تأخر لا يشترط في ذلك وقت وهذا في جميع الأشياء
خلا لأربع والدور والأرضين والأموال الحوائط وغيرها قال ابن القاسم ولو اشترى سلعة غائبة
علي أن يوافيه بها البائع في موضع آخر لم يجز (ابن المواز) وهو من وجه الضمان لسلعة بعينها
(أصبغ) وكذلك لو قال على أن توافيني بها هنا لم يجز (ابن المواز) وهذا إذا كان ضمان السلعة من
البائع وان كأن لا يضمن الا حمولتها فلا بأس به ا ه‍ من هامش الأصل
207

رضى بذلك والا ترك (قلت) أرأيت رجلا اشترى سلعة ولم يرها أله الخيار إذا رآها
(قال) قال مالك إذا وصفها وجلاها بنعتها وماهيتها فأتي بها أو خرج إليها فوجدها
على الصفة التي وصفت له لزمه البيع فإن لم يكن رآها فليس له أن يأبى ذلك عليه بعد أن يراها
إذا كانت على الصفة التي وصفت له أن يقول لا أرضها (قال) مالك وان كانت سلعة قد
رآها قبل أن يشتريها فاشتراها على ما كان يعرف منها وهي غائبة عنه فوجب البيع بينهما
فوجدها على حال ما كان يعرف فالبيع له لازم (سحنون) وقال بعض كبار أصحاب
مالك وجلهم لا ينقد بيع الا على أحد أمرين إما على صفة يوصف له أو على رؤية قد
عرفها أو شرط في عقدة البيع أنه بالخيار إذا رأى السلع بأعيانها فكل بيع ينعقد في سلع
بأعيانها على غير ما وصفنا فالبيع منتقض لا يجوز (قلت) لابن القاسم أرأيت الرجل يرى
العبد عند الرجل ثم يمكث عشرين سنة ثم يشتريه بغير صفة أترى الصفقة فاسدة لتقادم
الرؤية في قول مالك (قال) إنما قال مالك لنا ما أخبرتك أنه لا يصلح إلا أن يوصف أو
يكون قد رآه ولم أسمع منه في تقادمه شيئا إلا أنى أرى إن كان ذلك قد تقادم تقادما
يتغير فيه العبد لطول الزمان فالصفقة فاسدة إلا أن يصفه صفقة مستقبلة (قلت)
أرأيت إن رأيت سلعة من السلع منذ عشر سنين أيجوز لي أن أشتريها على رؤيتي تلك في
قول مالك (قال) السلع تختلف وتتغير في أبدانها الحيوان يتغير بالعجف والنقصان والنماء
والثياب تتغير لطول الزمان وتسوس فان باعها على أنها بحال ما رآها فلا بأس بذلك
ولا يصلح النقد فيها لأنه ليس بمأمون (قال) ولا يمكن هذا في الحيوان لان الحيوان
بعد طول المكث يحول في شبه ليس الحولى كالقارح (1) ولا كالرباع (2) ولا الجذع كالقارح
ولا يمكن أن تكون حالته واحدة وقد بينا في أول الكتاب ما أغنى عن هذا

(1) (القارح) هي الناقة أول ما تحمل وتجمع على قوارح وقرح بتشديد الراء (2) (كالرباع)
الرباع ككتاب جمع ربع بضم ففتح وهو الفصيل الذي ينتج في الربيع وهو أول النتاج سمى
ربعا لأنه إذا مشى ارتبع وربع أي وسع خطوه وعدا اه‍. كتبه مصححه
208

(في الرجل يشترى السلعة الغائبة قد رآها أو بصفة)
(ولا يشترط الصفقة فتموت بعد وجوب الصفقة)
(قلت) أرأيت سلعة اشتريتها غائبة عنى قد كنت رأيتها أو على الصفقة أيجوز هذا في
قول مالك قال نعم (قال ابن القاسم) قلت لمالك فان فاتت السلعتان الموصوفة
له والتي قد رأى ممن هما إذا كان فوتهما بعد وجوب الصفقة وقد فاتتا أو هما على حال
ما كانا يعرفان من صفة ما باعهما عليه أو رآهما (قال) فقال لي مالك في أول ما لقيته
أراهما من المشترى إذا وقعت الصفقة عليهما وهما بحال الصفة التي وصفهما له إلا أن
يشترط المبتاع علي البائع أنهما منك حتى أقبضهما ثم رجع فقال لي بعد أراهما من البائع
حتى يقبضهما المبتاع إلا أن يشترط البائع على المبتاع انهما منك حين وجبت الصفقة
وما كان فيهما من نماء أو نقصان فهو بسبيل ذلك على ما فسرت لك في قول الأول
والآخر فقال لي في قول الأول هو المبتاع وقال لي في قوله الآخر هو من البائع
(قال ابن القاسم) وأنا أرى أنه من البائع حتى يقبضه المبتاع الموت والنماء والنقصان
(قال ابن وهب) قال الليث بن سعد كان يحيى بن سعيد يقول من باع دابة غائبة
أو متاعا غائبة على صفة لم يصلح أن يقبض البائع الثمن حتى يأخذ الدابة أو المتاع الذي
اشترى ولكن يوقف الثمن فإن كانت الدابة أو المتاع على ما وصف تم بيعهما وأخذ
الثمن (قال ابن وهب) أخبرني عبد الجبار بن عمر أن ربيعة حدثه قال تبايع عثمان
ابن عفان وعبد الرحمن بن عوف فرسا غائبة وشرط ان كانت هذا اليوم حية فهي
منى (قال ابن وهب) وقال ابن جريج قال ابن شهاب كان عثمان وعبد الرحمن بن
عوف من أجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيع فكان الناس يقولون
ليتهما تبايعا حتى ننظر أيهما أجد فابتاع عبد الرحمن من عثمان فرسا باثني عشر ألفا
ان كانت هذا اليوم صحيحة فهي منى ولا إخال عبد الرحمن الا قد كان عرفها ثم إن عبد الرحمن قال لعثمان هل لك أن أزيدك أربعة آلاف وهي منك حتى يقبضها
رسولي قال نعم فزاده عبد الرحمن أربعة آلاف على ذلك فماتت وقدم رسول عبد
209

الرحمن فعلم الناس أن عبد الرحمن أجد من عثمان (قال ابن وهب) قال يونس عن
ابن شهاب نحو ذلك (قال) وانه وجد الفرس حين خلع رسنها قد هلكت فكانت
من البائع (قال ابن وهب) وقال يونس انه سأل ابن شهاب عن رجل باع
وليدة له بغلام والغلام غائب عنه فقبض المشترى الوليدة وانطلق ليأتي
بالغلام إلى بائعه فوجد الغلام قد مات فبينما هو كذلك إذا ماتت الجارية
قبل أن يبعث بها إلى صاحبها (قال ابن شهاب) كان المسلمون يتبايعون في الحيوان مما
أدركت الصفقة حيا مجموعا فإن كان هذا الرجلان تبايعا بالعبد والوليدة على شرط
المسلمين الذي كانوا يشترطون فكل واحد منهما ما أدركت الصفقة حيا يوم
تبايعا وان كانا تبايعا على أن يوفى كل واحد منهما صاحبه ما تبايعا به في هذين المملوكين
فالبيع على هذا (قال ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن
عمر عن أبيه قال ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فهو من المبتاع (قال الليث) قال
ابن أبي جعفر عن ربيعة لا بأس أن يشتري الرجل غائبا مضمونا بالصفقة (قال) يحيى
ابن أيوب قال يحيى بن سعيد في بيع الدالة الغائبة ان أدركتها الصفقة حية فليس
بذلك بأس وعلى ذلك بيع الناس
(الدعوى في بيع البرنامج)
(قلت) أرأيت من باع غزلا ببرنامجه أيجوز أن يقبضه المشترى ويغيب عليه قبل أن يفتحه
في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت الرجل بيع الرجل البز على البرنامج فيقبضه المشترى
ويفتحه وقد غاب عليه فيقول لم أجده على البرنامج ويقول البائع قد بعتكه على البرنامج
(قال) القول قول البائع لان المشترى قد صدقه حين قبض المبتاع على ما ذكر له من
البرنامج) قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) وكذلك لو صارفته دراهم
بدنانير ثم أتيته بعد ذلك وقد غبت على الدراهم فقلت الدراهم زائفة القول قول من
(قال) القول قول رب الدراهم وعليه اليمين على علمه أنه لم يعطه الا جيادا في علمه
(قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن اشتريت عدلا مرويا علي
210

برنامج أو على صفت ثم نقلته فأصبته زطيا فجئت به لأرده وقلت أصبته زطيا وقال
البائع بل بعتك مرويا (قال) قال مالك القول قول البائع المشترى قد رضى بأمانة
البائع وقبضه على قول إلا أن يكون مع المشترى رجال لم يفارقوه من حين قبض
العدل حتى فتحه فوجده بتلك الحالة فهذا يرده ويكون القول قوله (قال) وقال مالك
والطعام يشتريه الرجل بكيله ويصدقه أن فيه مائة أردب ثم يكيله فيجده تسعين
أردبا (قال) القول قول البائع إلا أن يكون معه قوم من حين اشتراه حتى كاله لم يغب عليه
فهو مثل البز الذي وصفت لك (قال) وقال مالك وكل من دفع ذهبا في قضاء كان عليه
كانت عليه مائة دينار فدفع إليه دنانير في صرة فقال هذه مائة دينار وصدقة المقتضى فوجدها
تنقص في عدتها أو في وزنها (قال) قال مالك القول قول الدافع وهذا مثل الطعام والثياب
(في البيع على البرنامج)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عدلا زطيا علي صفة برنامج وفى العدل خمسون ثوبا
بمائة دينار صفقة واحدة فأصاب فيه أحدا وخمسين ثوبا (قال) قال ملك يرد
ثوبا منها (قلت) كيف يرد الثوب منها أيعطى خيرها أم شرها (قال) لا ولكن
يعطى جزأ من واحد وخمسين جزأ من الثياب (قلت) فإن كان الجزء من واحد
وخمسين جزأ لا يعتدل أن يكون ثوبا كاملا يكون أكثر من ثوب أو أقل من ثوب
كيف يصنع (قال) قال لي مالك منذ حين أرى أن يرد جزأ من واحد وخمسين جزأ
ثم أعدته عليه فسألته عنه كيف يرده فقال يرد ثوبا كأنه عيب وجده فيه فيرده به (قال)
فقلت لمالك أفلا تقسمها على الاجزاء (قال) لا وانتهرني ثم قال إنما يرد ثوبا كأنه عيب وجده
في ثوب فرده به فلم أر فيما قال لي مالك أخيرا أنه يجعله معه شريكا (قال ابن القاسم)
وأنا أري قوله الأول أعجب إلى (قلت) أرأيت لو باع عدلا زطيا بصفة على أن فيه
خمسين ثوبا صفقة واحدة بمائة دينار فأصاب فيه تسعة وأربعين ثوبا (قال) قال مالك
يقسم الثمن على الخمسين ثوبا فيوضع عن المشترى جزء من ذلك (قلت) فان أصاب
فيه أربعين ثوبا أو نحو ذلك أو كان في العدل أكثر مما سمى من الثياب أيلزم ذلك
211

البيع المشترى أم لا (قال) أرى أنه يلزمه البيع بحساب ما وصفت لك إذا كان في العدل
أكثر مما سمى من الثياب فإن كان في العدل النقصان الكثير لم يلزم المشتري أخذها
ويرد البيع فيما بينهما وإنما قلت لك هذا للذي قال مالك من كيل الطعام وقد فسرت لك
ذلك (قلت) أرأيت أن اشتريت من رجل مائة ثوب من عدل على برنامج موصوف أو
على صفة موصوفة كل ثوب بعشرة دراهم على أن فيه من الخز كذا وكذا ومن الفسطاط
كذا وكذا من المروي كذا وكذا فأصبت في العدل تسعة وتسعين ثوبا وكان النقصان
من الخز (قال) أرى أنه تحسب قيمة الثياب كلها فينظر كم قيمة الخز منها فإن كانت
الربع أو الثلث من الثمن وعدة الخز عشرة وضع عنه عشر ربع الثمن أو عشر ثلث الثمن
كله لان القيمة تكون أكثر من الثمن أو أقل فإنما يقسم الثمن على الاجزاء كلها
ثم ينظر إلى ذلك الجزء الذي وجد فيه ذلك النقصان ثم ينظر إلى ذلك النقصان منه
فإن كان جزأ وضع عنه من الثمن قدر الذي أصابه من ذلك الجزء من الثمن (ابن
وهب) عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال يقدم البز من العراق فيأتي
صاحبه المدينة بتسمية متاعه وصفته فيبتاعه الناس منه ثم يبيعونه بعضهم من بعض
فان تم بيع الأول ووجد على ما قال فقد جازت بيوعهم كلها بينهم وان هلك البز
فضمانه على صاحبه وقد بينا قول من جوز البيع على الصفة في الشئ بعينه وحديث
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الملامسة حين فسر لا ينظرون إليه ولا
يخبرون عنه فهذا دليل على أن الخبر جائز وهو خارج مما كره رسول الله صلى الله
عليه وسلم وقول مالك في الرجل يقدم له أصناف من البز فيحضره السوام ويقرأ
عليهم برنامجه ويقول في عدل كذا وكذا ملحفة بصرية وكذا وكذا رائطة سابرية
وذرعها كذا وكذا ويسمى أصناف ذلك البزز بأجناسه وذرعه وصفته ثم يقول
اشتروا على هذا فيشترون ويخرجون الأعدال على ذلك فيفتحونها فيشتغلون
ويبرمون ان ذلك لازم لهم إذا كان ذلك موافقا للبرنامج الذي باعه عليه (قال مالك) فهذا
الذي لم يزل الناس يجيزونه بينهم إذا لم يكن المتاع مخالفا لصفة البرنامج فكفى بقول مالك
212

حجة فكيف وقد أخبر أنه فعل الناس مع ما ذكرنا من الآثار في ذلك
(في اشتراء الغائب)
(قلت) أرأيت لو أنى اشتريت من رجل عبدا وهو بموضع بعيد لا يجوز فيه النقد
فهلك العبد بعد الصفقة ممن مصيبته (قال) قد اختلف قول مالك فيه فيما سمعت منه
والذي أخذته لنفسي من قول مالك أن المصيبة من البائع إلا أن يشترط البائع الضمان
من المشترى (قلت) أرأيت لو أنى اشتريت من رجل دارا غائبة وقلت قد عرفتها
ولم نصفها في كتابنا أيجوز هذا الشراء (قال) نعم إذا كان البائع قد عرف ما باع
(قلت) ما قول مالك فيمن باع غنما له غائبة بعبد غائب ووصف كل واحد منهما
لصاحبه سلعته ثم تفرقا قبل القبض (قال) لا بأس بذلك عند مالك (قلت) فان
ضربا للسلعتين أجلا يقبضانهما إليه (قال) لا خير في هذا وهذا دين بدين (قلت)
فان ضربا لإحدى السلعتين أجلا ولم يضربا للأخرى ثم تفرقا قبل القبض (قال)
لا يصلح تفرقا أو لم يتفرقا إذا ضربا الاجل لان السلعة لا تباع إذا كانت بعينها إلى
أجل إلا أن يكون قال أجيئك بالسلعة غدا أو بعد غد فهذا لا بأس به فان قال إن لم
آنك بها غدا أو بعد غد فهذا لا بأس به فلا بيع بيني وبينك انه لا خير فيه لأنه
مخاطرة فان نزل ذلك فالبيع ماض والشط باطل (قلت) أرأيت أصل قول
مالك ان من باع عروضا أو حيوانا أو ثيابا بعينها وذلك الشئ في موضع غير
موضعهما أنه إذا كان ذلك قريبا لم يكن بذلك بأس ولا بأس بالنقد في ذلك وإن كان
ذلك بعيدا جاز البيع ولا يصلح النقد في ذلك إلا أن يكون دورا أو
أرضين أو عقارا فإنه لا بأس بالنقد في ذلك بشرط كان قريبا أو بعيدا (قال) نعم
هذا قول مالك (قال) وقال مالك وذلك أن الدور والأرضين أمر مأمون (قلت)
وكذلك أن اشتريت دابة في بعض المواضع وموضعها بعيد بثوب بعينه لم يصلح لي
أن أنقد الثوب مثل ما لا يجوز لي أن أنقد الدنانير إذا كان ثمن الدابة دنانير (قال)
نعم كذلك قال مالك (قلت) ولم كرهه مالك أن أنقد الثوب كما كره النقد في
213

الدنانير (قال) لان الثوب أيضا ينتفع به ويلبس فلا خير في ذلك (قال) فقلت لمالك
فلو أن رجلا مر بزرع رجل فرآه وهو منه على مسيرة اليوم واليومين فاشتراه على
إن أدركت الصفقة الزرع ولم تصبه آفة فهو من المبتاع أترى هذا البيع جائزا أو
يكون مثل الحيوان والعروض في الشرط والنقد (قال) أراه بيعا جائزا وأراه من
المبتاع إذا اشترط الصفقة ان أصيب بعد الصفقة (قلت) أرأيت ما اشتريته من
سلعة بعينها غائبة عنى بعيدة مما لا يصلح النقد فيما فمات بعد الصفقة ممن ضمانها في
قول مالك (قال) قد اختلف قول مالك فيها وآخر قول أن جعل مصيبة الحيوان
من البائع إلا أن يشترط الصفقة والدور والأرضين من المشترى وأحب
قوله إلى في الحيوان أن يكون من البائع وأما الدور والأرضون فهي من المشترى على
كل حال فيما أصابها بعد الصفقة من غرق أو هدم أو حرق أو سيل أو غير ذلك
وإنما رأيت ذلك لان الأرضين والدور قال لي مالك يجوز فيها النقد وان بعدت
لأنها مأمونة والحيوان لا يجوز فيه النقد فلذلك رأيت الدور والأرضين من المشترى
(قلت) أرأيت أن اشتريت منه عبدا أو دابة غائبة فأخذت منه بها كفيلا (قال)
لا يكون في هذا كفالة لأنه إنما اشترى منه غائبا بعينه ألا ترى أنه لو ماتت الدابة أو
العبد لم يضمن البائع شيئا ولا يصلح النقد فيها (قلت) فإن كانت قريبة مما يصلح
النقد فيها يصلح الكفيل فيها أيضا قال نعم (قلت) فإن كانت بموضع قريب
يصلح النقد فيها فماتت ما قول مالك في ذلك (قال) قال مالك في العبد الغائب انه
من البائع حتى يقبضه المشترى إلا أن يشترط البائع على المشترى أنها ان كانت اليوم
بحال ما وصفت لك فمصيبتها منك فيشترى على ذلك المشترى فتلفها من المشترى إذا كان
تلفها بعد الصفقة وكانت يوم تلفت على ما وصفت (قال) ولم يقل لي مالك في قرب السلعة
ولا بعدها شيئا وأرى أنا أن ذلك في القريب والبعيد سواء الا في الدور والأرضين
214

(في الرجل يشترى السلعة الغائبة قد رآها أو بصفة فيريد أن)
(ينقد فيها أو يبيعها من صاحبها قبل أن يستوفيها أو من غيره)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة أو حيوانا قد رأيت ذلك قبل أن أشتريه أو
اشتريت ذلك على صفة وهو في موضع بعيد مثل المدينة من مصر أو برقة من مصر
أو من إفريقية أيصلح فيه النقد في قول مالك قال لا (قلت) أفيجوز لي أن
أبيع تلك السلعة من الذي باعنيها بأقل أو بأكثر أو بمثل ذلك أو أنتقد أولا أنتقد
(قال) قال لي مالك في الرجل يبتاع السلعة الغائبة التي لا يصلح النقد فيها من رجل
قد وصفها أو قد رآها ثم يقيله منها انه لا يصلح (قال) مالك وأراه من الدين بالدين
لان الدين قد ثبت على المبتاع ان كانت السلعة سليمة يوم وقعت الصفقة فإذا أقاله منها
بدين قد وجب له عليه فكأنه باعه سلعة غائبة بدين عليه لا يقبضه مكانه فيصير
الكالئ بالكالئ وكذلك فسر لي مالك والسلعة الغائية التي سألتني عنها لا تصلح
بأقل ولا بأكثر من صاحبها ولا بمثل لأنه يصير دينا بدين كما وصفت لك (قال
سحنون) وهذا على الحديث الذي جاء في السلعة إذا أدركتها الصفقة قائمة مجتمعة
(قال ابن القاسم) فأما ان باعها من غير صاحبها الذي اشتراها منه ولم ينقد فلا
بأس به (قال) وكذلك قال لي مالك وذلك أنه يبيع سلعة له غائبة فلا تصلح للنقد
فيها (قال) وقال مالك لو أن رجلا كان له على رجل دين فأخذ منه بدينه جارية مما
يستبرأ ومثلها يتواضع للحيضة لأنها من علية الرقيق فيتواضعانها للحيضة (قال)
قال مالك لا خير في ذلك وهذا شبه الدين بالدين (قال) فقلت لمالك فان اشترى
رجل جارية فتواضعاها للحيضة واستقاله صاحبها بربح يربحه إياه (قال) مالك إن لم
ينتقد الربح فلا بأس بذلك لأنه لا يدرى أيحل له ذلك الربح أم لا لأنها ان كانت
حاملا لم يحل له الربح لأنه لم يجب له فيها بيع ولا شراء فأرى أنه لا يجوز للمشترى أن
يقبل من البائع ربحا ينتقده في الثمن لأنه لا يدرى أيتم له البيع أم لا كما لا يجوز للبائع
الأول أن يقبل من المشترى زيادة يقيله بها من الجارية وكذلك فسر لي مالك
215

(قال) وقال مالك لا أرى بأسا أن يقيله منها برأس ماله لا زيادة فيها ولا نقصان
قبل أن تخرج من الحيضة ولا أرى على صاحبها فيها استبراء (قلت) ويبيعها من
غير صاحبها بأقل أو بأكثر (قال) نعم لا بأس بذلك ما لم ينتقد الثمن ولم يأخذ ربحا
فإذا خرجت من الحيضة قبضها مشتريها وان دخلها نقصان عمل فيها كما يعمل في مشتريها
وهذا أحب قول مالك فيها إلى (قلت) وكذلك أن آجرت دارا إلى شهرين
بثوب موصوف في بيته ثم إني بعت ذلك الثوب منه قبل أن أقبضه منه بدراهم أو
دنانير أو ثوبين مثله من صنفه أو سكنى دار له (قال) لا أرى به بأسا إذا علم أن
الثوب قائم حين وقعت الصفقة الثانية (قلت) فان أكريت دار لي بدابة بعينها
موصوفة في موضع بعيد وقد رأيتها إلا أنها في موضع بعيد على أن يبدأ بالسكني
الساعة (قال) لا يصلح ذلك لان الدابة الغائبة لا يصلح فيها النقد وإن كان ثمنها
عرضا وكذلك قال لي مالك وغيره من أهل العلم فلما لم يصلح له فيها النقد لم يصلح
لك أن تنقد في ثمنها سكنى دار (قلت) أرأيت أن اشتريت دابة وهي
غائبة بسكنى داري هذه سنة على أن لا أدفع إليه الدار حتى أقبض الدابة
أيجوز هذا أم لا قال نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) ولا تراه من
الدين بالدين (قال) لا لان هذا بعينه وهو غائب وإنما الدين بالدين في قول مالك في
المضمونين جميعا ولو كان أحدهما بعينه إلا أنه غائب في موضع لا يصلح فيه
النقد والآخر مضمون إلى أجل لم يكن بذلك بأس ولا يصلح النقد فيها بشرط حتى
يقبض السلعة الغائبة التي بعينها إلا أن يتطوع المشترى بالنقد من غيره من غير شرط
كان بينهما لان مالكا قال لي لا بأس أن يبيع الرجل من الرجل السلعة الغائبة التي
لا يجوز في مثلها النقد أو الثمر الغائب في رؤس النخل الذي لا يجوز في مثله النقد بدين
إلى أجل ولم يقل لي مالك بذهب ولا ورق ولا بعرض والذهب والورق الذي لا شك
فيه أنه قوله والعروض والحيوان انه لا بأس به وهو أمر بين (قلت) والثمر الغائب
كيف هو عند مالك (قال) قال لي مالك كان المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن
216

هشام بيع ثمار حوائطه وهو بالمدينة فيبيع ثماره كيلا التي بالصفراء وبخيبر بثمن إلى
أجل كيلا فلم أر بذلك بأسا ولم يره أحد من الدين بالدين (قال) لي سحنون وهذه
حجة في بيع البرنامج وقد قال لي مالك لو كانت على مسيرة خمسة أيام أو ستة هذه
الحوائط جاز لصاحبها أن يبيعها (قال ابن القاسم) فإذا كانت الحوائط بعيدة منه مثل
أفريقية من المدينة فهذا لا يصلح لأنه لا يبلغ حتى تجد الثمرة فلا خير في هذا لأنه
لا يعرف هذا من بيوع الناس وهذا مما لم ندركه ولا نعرفه (قال) وقال لي مالك ولو
كان هذا في الحيوإن لم أر به بأسا إذا لم ينقد (قال) لي مالك وإن كان في الدور
والأرضين ورقاب النخل لم يكن بذلك بأس وان نقده (قال ابن القاسم) وإنما الثمار
تفسير منى وما ذكرت لك من بعد الثمار عن مشتريها إذا كانت بأفريقية وما أشبهها
فلم أسمعه من مالك إنما هو تفسير منى (سحنون) إلا أن يكون التمر يابسا
(الدعوى في اشتراء السلعة الغائبة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة قد كنت رأيتها أو سلعة موصوفة فماتت قبل أن
أقبضها فادعى البائع انها ماتت بعد الصفقة وادعى المشترى أنها ماتت قبل الصفقة (قال)
في قول مالك الأول هي من البائع إلا أن يأتي بالبينة انها ماتت بعد الصفقة وإن لم
يكن له بينة حلف المبتاع على علمه أنها لم تمت بعد وجوب البيع إذا ادعى البائع
أن المبتاع قد علم أنها ماتت بعد وجوب البيع فإن لم يدع البائع أن المبتاع قد علم
أن المبتاع قد علم أنه ماتت بعد وجوب البيع فإن لم يدع البائع أن المبتاع قد علم
أنها ماتت بعد وجوب البيع فلا يمين للبائع على المبتاع وهي من البائع (قلت)
فان اشتراها بصفة قد كان رآها ثم ماتت قبل أن يقبض فقال البائع لا أدرى متى
ماتت أقبل البيع أم بعد البيع وقال المبتاع ذلك أيضا (قال) قال مالك هي من البائع
في هذا الوجه في قول مالك الأول وأما قوله الآخر فهي على كل حال من البائع حتى
يقبضها المشترى (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة قد رأيتها وأعلمت البائع أنى
قد رأيتها فاشتريتها منه على غير صفة فلما رأيتها قلت ليست على الصفة التي رأيتها
217

وقال البائع هي على الصفة التي رأيتها من ترى القول قوله في ذلك (قال) القول قول
البائع وعليه اليمين إلا أن يأتي المبتاع بالبينة على أنها يوم رآها هي على خلاف يوم اشتراها
وذلك أنى سمعت من مالك ونزلت بالمدينة في رجل أوقف جارية بالسوق وبرجلها
ورم فتسوق بها وسام بها رجل ثم انصرف بها ولم يبعها فأقامت عنده أيام ثم لقيه رجل
فقال ما فعلت جاريتك قال هي عندي قال فهل لك أن تبيعني إياها قال نعم فباعه إياها
على الورم الذي كان قد عرفه منها فلما وجب البيع بينهما بعث للرجل إلى الجارية فأتى
بها ولم تكن حاضرة حيت اشتراها فقال المشتري ليست على حال ما كنت رأيتها
وقد ازداد ورمها (قال) مالك تلزم المشتري ومن يعلم ما يقول وهو مدع إلا أن تكون
له بينة على ما ادعى وعلى البائع اليمين فمسألتك مثل هذه (وقال) أشهب لا يؤخذ
المشترى بغير ما أقربة على نفسه والبائع المدعى لان المشترى جاحد والبائع يريد أن
يلزمه ما جحد
(في الرجل يشترى طريقا في دار رجل)
(قلت) أرأيت أن اشتريت طريقا في دار رجل أيجوز هذا في قول مالك قال نعم
(قلت) وكذلك لو باعه موضع جذوع له من حائطه يحمل عليها جذوعا له (قال) نعم
هو أيضا قوله إذا وصف الجذوع التي تحمل على الحائط (قلت) ويجوز هذا في
الصلح (قال) نعم
(في الرجل يشترى من الرجل عمودا له وعليه بنيانه)
(أو جفن سيفه بلا حلية)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عمود رخام من رجل قد بني على عموده ذلك غرفة في
داره أيجوز هذا الشراء وأنقض العمود ان أحببت (قال) نعم قال وهذا من الامر
الذي لا يختلف فيه أحد بالمدينة علمته ولا بمصر (قلت) أرأيت أن اشتريت من
رجل جفن سيفه وهو على نصله وحمائله ولم اشتر منه فضته أيجوز هذا الشراء في قول
218

مالك (قال) نعم لا بأس به في قول مالك (قلت) وينقض صاحب الحلية حليته إذا
أراد صاحب السيف ذلك وأراد صاحب الحلية قال نعم (قلت) وهذا قول مالك
(قال) نعم هو قوله (قلت) ولا ترى هذا من الضرر (قال) لا لأنهما قد رضيا
(في الرجل يبيع عشرة أدرع من هواء هوله)
(قلت) أرأيت أن باع عشرة أذرع من فوق عشرة أذرع من هواء هوله أيجوز
هذا في قول مالك (قال) لا يجوز هذا عندي ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن
يشترط له بناء يبنيه لان يبنى هذا فوقه فلا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن بعت ما فوق
سقفي عشرة أذرع فصاعدا وليس فوق سقفي بنيان أيجوز هذا (قال) هذا عندي جائز
(قلت) فتحفظه عن مالك (قال) لا إذا بين صفة ما بيني فوق جداره من عرض حائطه
(في الرجل يبيع سكنى دار أسكنها سنين)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا باع سكنى دار أسكنها سنين أتجعل هذا بيعا وفى قول
مالك وتفسده أو هو كراء وتجيزه (قال) بل هو جائز وهو كراء لان مالكا قال
لا أنظر إلى اللفظ وأنظر إلى الفعل فإذا استقام الفعل لا يضره القول وإن لم يستقم
الفعل فلا ينفعه القول (قلت) فيم يجوز لي أن أشتري سكناي وخدمة عبدي
الذي أخدمته (قال) بما شئت من الدنانير والدراهم والعروض والطعام وجميع الأشياء
(قلت) فهل يجوز أن يشترى سكناه الذي أسكنه بسكنى دار له أخري أو بخدمته
أو بخدمة عبد له آخر أيجوز ذلك أم لا (قال) لا أرى به بأسا (قلت) فبم يجوز
لي أن أشتري منحتي في قول مالك (قال) بالدنانير والدراهم والعروض كلها نقدا
أو إلى أجل وبالطعام نقد أو إلى أجل لان مالكا قال لا بأس باشتراء شاة لبون
بطعام إلى أجل
(في الرجل يشترى السلعة إلى الاجل البعيد)
(قلت) أرأيت أن اشترى الرجل السلعة إلى الاجل البعيد العشر سنين أو عشرين
219

سنة أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم ذلك جائز (قال) فقلت لمالك فالرجل
يؤاجر عبده عشر سنين (قال) لا أرى به بأسا (قال ابن القاسم) ولقد كنا نحن
مرة بخير ذلك في الدور ولا نجيزه في العبيد (قال) فسألت مالكا عنه في العبيد فقال
ذلك جائز وإجازة العبيد إلى عشر سنين عندي أخوف من بيع السلعة إلى عشر سنين
والى عشرين سنة
(في الرجل يبيع الدار ويشترط سكناها سنة)
(قلت) أرأيت الدار يشتريها الرجل على أن للبائع سكناها سنة أيجوز هذا في قول
مالك (قال) قال مالك ذلك جائز إذا اشترط البائع سكناها الأشهر والسنة ليست
ببعيد وكره ما تباعد من ذلك (قال) مالك وان اشترط سكناها حياته فلا خير فيه
(قال) وقال مالك في الرجل يهلك وعليه دين يغترق ماله وله دار فيها امرأته ساكنة
(قال) لا أرى بأسا أن تباع ويشترط الغرماء سكنى المرأة عدتها فهذا يدلك على مسألتك
(في الرجل يبع الدابة ويشترط ركوبها شهرا)
(قلت) أرأيت أن بعت دابتي هذه على أن لي ركوبها شهرا أيجوز هذا في قول
مالك (قال) قال مالك لا خير فيه وإنما يجوز من ذلك في قول مالك اليوم واليومين
وما أشبهه وما الشهر والامر المتباعد فلا خير فيه (قال) فقلت لمالك فان اشترط من
ذلك أمرا بعيدا فهلكت الدابة ممن هي (قال) هي من بائعها (قلت) أرأيت الذي
يشترى الدابة ويشترط عليه ركوبها شهرا فأصيبت الدابة قبل أن يقبضها المشترى لم
قلت مصيبتها من البائع في قول مالك (قال) لان الصفقة وقعت فاسدة (قال) فكل
صفقة وقعت فاسدة فالمصيبة فيها من البائع حتى يقبضها المشترى (قلت) فإذا قبضها
المشترى فهلكت عنده والصفقة فاسدة فأي شئ يضمن المشترى أقيمتها أم الثمن الذي
وقعت به الصفقة (قال) قال مالك يضمن قيمتهما يوم قبضها (ابن وهب) قال أخبرني
يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الرجل يبيع البعير أو الدابة ويستثنى أن له
220

ظهرها إلى المدينة (قال ربيعة) بيعه مردود ولا يجوز وكذلك في العبد إذا اشترط
خدمته إلى أجل كذا وكذا (قال) وأخبرني يونس عن ربيعة أنه قال ولو باعه بثمن
واشترط حملانه كان جائزا وعليه حملانه على ما أحب أو كره (وقال عبد العزيز بن أبي
سلمة) هومن المخاطرة بيع الرجل راحلته أو دابته بكذا وكذا وله ظهرها في
سفره ذلك. وتفسير ما كره من ذلك أنه باعه ناقته بعشرين دينار أو بظهرها حيث بلغت
من سفره ذلك (قال ابن وهب) قال مالك ان اشترط ركوبها إلى قريب فلا بأس به
فأما ان اشترط بائع الدابة أن يركبها إلى البعد الذي يخافه أن تدبر فيه دبرا يهلكها
ولا ترجع منه فذلك بيع الغرر ولا يحل (وقال) الليث مثله في القريب ولا بأس به
والبعيد لا أحبه
(في الرجل يكون له على الرجل الدين العرض إلى أجل)
(فيبيعه من رجل بدنانير أو دراهم فيصيب الدنانير)
(أو الدراهم نحاسا أو زيوفا أينتقض البيع)
(قلت) أرأيت أن كان لي على رجل دين وذلك الدين عرض من العروض فبعت
ذلك الدين من رجل بدنانير أو بدراهم فأصبت الدراهم والدنانير نحاسا أو رصاصا
أو زيوفا فرددتها أينتقض البيع بيننا أم لا في قول مالك (قال) أرى البيع لا ينتقض
فيما بينهما وليس هذا مثل الصرف ألا ترى أن السلم قد يجوز فيه تأخير اليوم
واليومين أو لا ترى أنه لو رضى بما في يديه من هذه الدراهم الرديئة كان البيع بينهما
جائزا فالبيع جائز ويبدل ما أصاب في الدراهم والدنانير مما لا يجوز بينهما
(في الرجل يبيع السلعة ببلد ويشترط أخذ الثمن ببلد آخر)
(قلت) أرأيت لو أنني بعت طعاما إلى أجل بدنانير أو بدراهم ونحن بالمدينة وشرطت
أو شرط على المبتاع أن يدفع الدراهم أو الدنانير إذا حل الاجل بالفسطاط (قال) قال
مالك إذا ضرب لذلك أجلا وسمى البلد فلا بأس به (قال) وان سمى البلد ولم يضرب
لذلك أجلا فلا خير فيه وان ضرب الاجل ولم يسم البلد فذلك جائز وحيثما لقيه
221

إذا حل الاجل أخذ منه الدراهم أو الدنانير بالبلد الذي تبايعا فيه أو غير ذلك (قلت)
أرأيت أن كان سمى الاجل وسمى البلد الذي يقبض فيه الدراهم أو الدنانير فلقيه
وقد حل الاجل في غير ذلك البلد الذي شرط فيه الوفاء (قال) قال مالك إذا حل
الاجل فحيثما لقيه أخذ منه وإن كان سمى بلدا فلقيه في غير ذلك البلد اقتضى منه
ولا ينظره حتى يرجع إلى ذلك البلد لأنه لو شاء أن لا يرجع إلى ذلك البلد أبدا
فيحبس هذا بحقه أبدا فهذا لا يستقيم (قلت) فإن كان إنما باعه سلعة بعرض من
العروض جوهرا أو لؤلؤا أو ثيابا أو طعاما أو متاعا أو رقيقا أو غير ذلك من العروض
وشرط أن يوفيه ذلك في بلد من البلدان إلى أجل من الآجال (قال ابن القاسم)
أما العروض والثياب والطعام والرقيق والحيوان كله فسمعت مالكا يقول فيه يوفيه
بالبلد الذي شرطا فيه إذا حل الاجل (قال) ولم أسمع منه في اللؤلؤ والجوهر وما
أشبهه شيأ ولكني أرى أنه لا يدفع إليه ذلك الا في البلد الذي شرطا فيه الدفع
لأن هذه سلع وليس هذا مثل الذهب والورق لان الذهب والورق عين في جميع
البلدان (قلت) فان حل الاجل فقال الذي عليه هذه الأشياء لا أخرج إلى ذلك البلد
(قال) قال مالك ليس له أن يوفيه الا في ذلك الموضع أو يوكل وكيلا أو يخرج هو
فيوفى صاحبه لا بدله من ذلك
(ما جاء فيمن أوقف سلعة وقال لم أرد البيع)
(قلت) أرأيت الرجل يقول للرجل بعني سلعتك هذه بعشرة دنانير فيقول رب
السلعة قد بعتكها فيقول الذي قال بعني سلعتك بعشرة لا أرضى (قال) سألت مالكا
عن الرجل يقف بالسلعة في السوق فيأتيه الرجل فيقول بكم سلعتك هذه فيقول
بمائة دينار فيقول قد أخذتها فيقول الرجل لا أبيعك وقد كان أوقفها للبيع أترى أن
هذا يلزمه (قال) قال مالك يحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما ساومه على الايجاب في
البيع ولا على الامكان وما ساومه الا على كذا وكذا لامر يذكره غير الايجاب
فإذا حلف على ذلك كان القول قوله وإن لم يحلف لزمه البيع فمسألتك تشبه هذه عندي
222

(قلت) أرأيت لو أني قلت لرجل يا فلان قد أخذت غنمك هذه كل شاة بعشرة
دراهم فقال ذلك لك أترى البيع قد لزمني في قول مالك (قال) نعم
(في بيع السمن والعسل كيلا أو وزنا في الظروف)
(ثم توزن الظروف بعد ذلك)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سمنا أو زيتا أو عسلا في ظروف كل رطل بكذا
وكذا على أن توزن الظروف بالعسل أو بالسمن أو بالزيت ثم توزن الظروف بعد
ذلك فيخرج وزن الظروف (قال) قال مالك لا بأس بذلك (قال) وسألت مالكا
عن الرجل يشترى السمن أو الزيت أو العسل في الظروف كيلا فيريدون أن يزنوا
ذلك السمن بظروفه أو العسل أو الزيت ثم يطرحون وزن الظروف من ذلك (قال)
قال مالك إن كان وزن القسط كيلا معروفا لا يختلف قد عرفوا وزن ذلك القسط كم
هو من رطل إذا وزنوه فلا بأس به أن يزنوا فيعرفوا كم من قسط فيه كيلا بالوزن ثم
يطرحون وزن الظروف مما كان فيها وذلك أن البيع إنما يقع على ما بعد وزن الظروف
فإذا كان الوزن والكيل لا يختلف فلا بأس به (قلت) أرأيت أن وزنوا السمن
وتركوا الظروف عند البائع (1) ثم إنهم رجعوا إليه فقال المشترى ليست هذه الظروف

(1) قال أبو إسحاق فإن كان في إعادة السمن تكلف يحتاج إلى إجارة فينبغي أن يكون
المشتري هو الذي يعيد كيله أو وزنه لان البائع إذا كانت عنده الظروف يقول القول قولي وأنا قد
وزنت لك السمن فليس على اعادته ثانية فاختبره أنت لحقق انها الظروف فان وجدت أنها هي الظروف
فالإجارة على المشتري وان وجدت الامر على خلاف ما قال البائع وانه أبدل الظروف كانت الإجارة
عليه انتهي * ومن باع شيئا يحتاج إلى الكيل أو الوزن فذلك على البائع لقوله تعالى فأوف لنا
الكيل إلا أن يكون هناك عادة فحملوا على عادتهم واختلف في المكيال إذا امتلأ فأهريق قبل
تفريغه في إناء المشترى وقد ذكرنا ذلك فيما مضى وقد اختلف في هذا لو كان المشترى هو الذي
يكيل فقيل إذا امتلأ المكيل كان منه وقيل بل من البائع حتى يصبه في إناء نفسه وروى عيسى فيمن
اشترى رواية ماء فتنشق أو قلالا فتكسر قبل أن تصل إلى ذلك من البائع وهو مما يشترى على البلاغ
في عرف الناس قال أبو إسحاق كان الأشبه أن يضمنه المشتري لأنه جزاف يضمن بالعقد وإنما
على البائع إيصاله إلى دار المشتري فأما الضمان في العرف فلا أرى إلا أن يقدر الايصال فيه كالكيل
وكالعدد فيما يعد انتهى من كتاب أبي إسحاق انتهي من هامش الأصل
223

التي كان فيها السمن وقال البائع هي الظروف التي كان فيها السمن (قال ابن القاسم)
ان تصادقا على السمن ولم يفت إذا اختلفا في الظروف وزن السمن فإن كان السمن
قد فات واختلفا في الظروف فالقول قول من كانت عنده الظروف مع يمينه لأنه مأمون
لان المشترى إن كان قبض السمن وذهب به وترك الظروف عند البائع حتى يوازنه
فقد ائتمنه عليها فالقول قوله مع يمينه وإن كان البائع قد أسلم إلى المشترى الظروف بما
فيها يزنها وصدقه على وزنها أو دفع الظروف إليه بعد ما وزنها فادعى أنه قد أبدلها فهو
مدع والقول فيها قول المشترى مع يمينه لأنه قد أئتمنه (قلت) أرأيت لو أنى اشترى جارية
من رجل بمائة دينار فأصبت بها عيبا فجئت أردها فأنكر البائع العيب فقال رجل أنا
آخذها منكما بخمسين على أن يكون على كل واحد منكما من الوضيعة خمسة وعشرون
دينارا فرضيا بذلك أتلزم ذلك البائع الأول أم لا (قال) ذلك جائز لازم لهما عندي ولم
أسمعه من مالك ألا ترى لو أن رجلا اشترى عبدا من رجل على أن يعينه فلان بألف
درهم فقال له فلان أنا أعينك فاشترى العبد ان ذلك لازم لفلان
(في الرجل يبيع الوديعة تكون عنده بغير إذا صاحبها ثم يموت صاحبها)
(فيرثها فيريد أن ينقض البيع)
(قلت) أرأيت لو كان متاع في يدي وديعة فبعته من غير أن يأمرني بذلك صاحبه
فلم يقبض المبتاع المتاع منى حتى مات رب المتاع الذي أودعني وكنت أنا وارثه فلما
ورثته قلت لا أجيز البيع لأني بعت ما لم يكن في ملكي وكان ذلك معروفا كما قلت
(قال) أرى البيع غير جائز ولك أن تنقضه
224

(في البيع العبد له مال عين وعرض وناص وآجل بماله بذهب إلى أجل)
(قلت) أرأيت العبد يشتريه الرجل وله المال وماله دنانير
ودراهم ودين وعروض ورقيق أيجوز للمشترى
أن يشتريه بدراهم إلى أجل ويستثنى ماله في
قول مالك (قال) نعم ذلك جائز
في قول مالك بن أنس
(تم كتاب الغرر من المدونة الكبرى)
(والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب بيع المرابحة)
225

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب بيع المرابحة)
(ما يحسب في المرابحة مما لا يحسب)
(قال ابن القاسم) قال مالك في البز يشترى في بلد فيحمل إلى بلد آخر (قال)
أرى أن لا يحمل عليه أجر السماسرة ولا النفقة ولا أجر الشد ولا أجر الطي ولا كراء
بيت فأما كراء الحمولة فإنه يحسب في أصل الثمن ولا يحسب لكراء الحمولة ربح إلا أن يعلم البائع من يساومه بذلك كله فان ربحوه بعد العلم بذلك فلا بأس بذلك وتحمل
القصارة وعلى الثمن والخياطة والصبغ ويحمل عليها الربح كما يحمل على الثمن فان باع البائع
ولم يبين شيئا مما ذكرت لك أنه لا يحسب له فيه ربح وفات المتاع فان الكراء يحسب
في الثمن ولا يحسب عليه ربح وإن لم يفت المتاع فالبيع بينهما مفسوخ إلا أن يتراضيا
على شئ مما يجوز بينهما (قلت) أرأيت الحيوان إذا اشتريتها أو الرقيق فأنفقت
عليهم ثم بعتهم مرابحة أأحسب نفقتهم أم لا (قال) نعم تحسب نفقتهم في رأس المال
ولا أرى له ربحا (قلت) أرأيت ما أنفق التاجر على نفسه في شراء السلع هل تحسب
نفقته في رأس مال تلك السلع في قول مالك (قال) لا يحسب ذلك في رأس مال السلع
وهو قول مالك (قال ابن القاسم) وان باع العامل متاعا مرابحة من مال القراض فلا
يحمل عليه من نفقة نفسه ذاهبا وراجعا شيئا
226

(في المرابحة)
(قلت) لابن القاسم المرابحة للعشرة أحد عشر وللعشرين اثنا عشر وما سمى
من هذا وللعشرة خمسة عشر وللعشرة تسعة عشر وللدرهم درهم وأكثر من ذلك
أو أقل جائز في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت من اشترى سلعة بعشرة
فباعها بوضيعة للعشرة أحد عشر أيجوز هذا البيع في قول مالك قال نعم (قلت)
وكيف يحسب الوضيعة ها هنا (قال) يقسم العشرة على أجد عشر جزأ فما أصاب
جزأ من أحد عشر جزأ من العشرة طرح ذلك من العشرة دراهم عن المبتاع
(ابن وهب) عن الخليل بن مرة عن يحيى بن أبي كثير أن ابن مسعود كأن لا يرى
بأسا ببيع عشرة اثنى عشر أو بيع عشرة أحد عشر (ابن وهب) عن عبد الجبار بن
عمر عن ربيعة أنه كأن لا يرى بأسا بالبيع للعشرة اثنا عشر وللعشرة أحد عشر (ابن
وهب) عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة أنه كان يقول في بيع عشرة أحد عشر
لا يرى به بأسا يقول إن الدراهم التي سميا عليها عشرة أحد عشر يقول إنما هي
اسم يعرفان بها العدة فإذا أثبت العدة فان أحبا أن يكتباها دنانير كتباها وان أحبا أن
يكتباها دراهم كتباها أيهما كتباها فهو الذي كان العقد عليه إنما أخذ ثيابا بدراهم أو
ثيابا بدنانير وكان ما سميا معرفة بينهما
(فيمن رقم سلعة ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت لو ورثت متاعا فرقمته فبعته مرابحة على رقمه أيجوز ذلك في قول
مالك (قال) لا لان مالكا قال لي في الذي يشترى المتاع ثم يرقم عليه فيبيعه مرابحة
على ما رقم ان ذلك لا يجوز فالذي ورث المتاع أشد من هذا عندي لأنه من وجه
الخديعة والغش
(فيمن ابتاع فأصابها عنده عيب ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية فذهب ضرسها فأردت أن أبيعها مرابحة (قال)
227

لا حتى تبين (قلت) وكذلك أن أصابها عيب بعد ما اشترى لم يبع حتى يبين
قال نعم (قال) وقال مالك ولا يبيعها على غير مرابحة حتى يبين ما أصابها عنده
(فيمن ابتاع سلعة فاستغلها ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت لو أنني اشتريت حوائط فاغتللتها أعواما أو اشتريت دواب
فأكريتها زمانا أو اشتريت رقيقا فأجرتهم زمانا أو اشتريت دورا فأكريتها فأردت أن
أبيع ما ذكرت لك مرابحة ولا أبين ما وصل لك من الغلة (قال) إذا لم تحل الأسواق
فلا بأس أن يبيع مرابحة ولا يلتفت في هذا إلى الغلة بالضمان إلا أن يتطاول ذلك
فلا يعجبني ذلك إلا أن يخبره في أي زمان اشتراها (قال) ولا يكاد يطول ذلك فيما
ذكرت الا والأسواق تختلف (قلت) أرأيت لو أنني اشتريت إبلا أو غنما فاحتلبتها أو
جززتها فأردت أن أبيعها مرابحة في قول مالك (قال) أما اللبن إن كان شيأ قريبا قبل
أن تحول أسواقها فلا بأس بأن يبيعها مرابحة ولا يبين فان تقادم ذلك فالأسواق
تتغير في الحيوان لأنها لا تثبت على حال وأما الصوف فهو لا يجز حتى تتغير أسواقها
إن كان اشتراها وليس عليها صوف وإن كان اشتراها وعليها صوف فجزه فهذا نقصان
من الغنم فلا يصلح له في الوجهين جميعا أو يبيع مرابحة حتى يبين
(فيمن اشترى سلعة فولدت عنده ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت غنما فتوالدت عندي فأردت أن أبيع ما ذكرت لك
مرابحة ولا أبين أيصلح لي ذلك في قول مالك أملا (قال) لا أرى أن يصلح له أن
يبيعها مرابحة ولا يبين لان تحويل الأسواق عند مالك فوت فهذا أشد من ذلك
(قلت) فان ضم إليها أولادها فباعها مرابحة ولم يبين أيجوز ذلك أم لا (قال) لا لان
تحويل الأسواق فوت فهذا أشد منه وهذا قد حالت أسواقه لا شك فيه (قلت)
أرأيت أن اشتريت جارية فولدت عندي أأبيعها مرابحة ولا أبين في قول مالك (قال)
لا يبيعها مرابحة ويحبس أولادها إلا أن يبين فان بين فلا بأس بذلك
228

(فيمن ابتاع سلعة فحالت أسواقها ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة فحالت الأسواق وأردت بيعها مرابحة أيجوز لي ذلك
أم لا (قال) قال مالك لا تبع ما اشتريت مرابحة إذا حالت الأسواق إلا أن يبين
(قلت) أرأيت أن حالت الأسواق بزيادة أيجوز لي أن أبيعه مرابحة ولا أبين في
قول مالك (قال) إنما قال لنا مالك إذا حالت الأسواق لم يبعه مرابحة حتى يبين ولم يذكر لنا
بزيادة ولا نقصان وأعجب إلى أن لا يبيع حتى يبين وان كانت الأسواق قد زادت لان
الطري عند التجار ليس كالذي تقادم عهده عندهم هم في الطري أرغب وعليه أحرص
إذا كان جديدا في أيديهم هو أحب إليهم من سلعة قد مكثت في أيديهم فالطرية
في أيديهم أنفق (قال) وقال مالك إذا تقادم مكث السلعة فلا أرى أن يبيعها مرابحة
حتى يبين في أي زمان اشتراها فأرى ما سألت عنه مثل هذا النحو (قلت) أرأيت
ان اشتريت جارية أو حيوانا فحالت الأسواق أو ثيابا أو عروضا فحالت الأسواق
أيجوز لي أن أبيع مرابحة ولا أبين (قال) قال مالك لا يجوز أن يبيع مرابحة إذا حالت
الأسواق حتى يبين
(فيمن اشترى سلعة ثم ظهر منها على عيب فرضيها ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية فظهرت على عيب بها بعد ما اشتريتها فرضيتها
أيصلح لي أن أبيعها مرابحة ولا أبين وأقول قامت على بكذا وكذا في قول مالك
(قال) لا يصلح له أن يبيعها مرابحة حتى يبين أنه اشتراها بكذا وكذا بغير عيب
ثم اطلع على هذا العيب فرضى الجارية بذلك لأنه لو شاء أن يردها ردها
(فيمن ابتاع سلعة بدين إلى أجل أيجوز له أن يبيعها مرابحة نقدا)
(قلت) أرأيت من اشترى سلعة بدين إلى أجل أيجوز له أن يبيعها مرابحة نقدا (قال)
قال مالك لا يصلح له أن يبيعها مرابحة إلا أن يبين (قال) وقال مالك وان باعها مرابحة
ولم يبين رأيت البيع مردودا وان فاتت رأيت له قيمة سلعته يوم قبضها المبتاع نقدا
229

(قال سحنون) ولا يضرب له الربح على القيمة (قلت) فإن كانت القيمة أكثر مما
باعها به (قال) فليس له الا ذلك ويعجل له ولا يؤخر وإنما قال مالك له قيمة سلعته
وهكذا يكون (قلت) أرأيت أن قال المشترى أنا أقبل السلعة إلى ذلك الاجل ولا
أدرها (قال) لا خير فيه ولا أحب ذلك
(فيمن ابتاع سلعة بنقد ثم أخر بالثمن باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة بعشرة دراهم نقدا ثم أخرني البائع بالدراهم سنة
فأردت أن أبيع مرابحة كيف أبيع في قول مالك (قال) لا تبع حتى تبين (1) لان مالكا
قال لا تبع إذا نقدت غير ما وجبت به الصفقة حتى تبين فكذلك الاجل الذي أجلك
بالدراهم لا تبع حتى تبين الاجل
(فيمن ابتاع سلعة بنقد فتجوز عنه في النقد ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة بعشرة دراهم فنقدت فيها عشرة دراهم فأصاب
البائع فيها درهما زائفا فتجوزه عنى كيف أبيع مرابحة في قول مالك (قال) بين ما نقدت
في ثمنها وما تجوز عنك ثم تتبع مرابحة
(فيمن ابتاع سلعة بعين فنقد فيها غير ذلك الثمن ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت لو أنني بعت سلعة بألف درهم فأخذت بالألف مائة دينار هل يجوز
ذلك في قول مالك (قال) نعم ذلك جائز (قلت) فان أراد أن يبيعها مرابحة أيجوز له
في قول مالك أم لا (قال) ذلك جائز له أن يبيع مرابحة إذا بين له بما اشتراها به وبما
نقد (قلت) فإذا بين ما اشتراها به فقال أخذتها بألف درهم ونقدت فيها مائة دينار
أيجوز لي أن أبيعها مرابحة على المائة الدينار أو على الألف درهم على أن ذلك شئت
(قال) نعم إذا رضى به (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فان كنت اشتريت

(1) قال ابن المواز قال أصبغ فإن لم يبين فللمبتاع ردها فان فاتت فالقيمة كالذي لم يبين بتأخير
الثمن ا ه‍ من هامش الأصل
230

سلعة بمائة دينار فأعطيت بالمائة الدينار عروضا أيجوز لي أن أبيع مرابحة في قول مالك
(قال) نعم إذا بينت (قلت) وكيف يبين (قال) يبين أنه اشتراها بمائة دينار وأنه قد
نقد فيها من العروض كذا وكذا فيقول فأبيعكها مرابحة على الدنانير التي اشتريتها بها
(قلت) فان باع على العروض التي نقد في ثمنها أيجوز ذلك في قول مالك
(قال) لم أسمع من مالك في الذي يشترى السلعة بالعروض فيبيعها مرابحة شيئا والذي
أرى أنه لا بأس به أن يبيع إذا اشترى بالعروض مرابحة إذا بين العروض ما هي وصفتها
فيقول أبيعك هذا بربح كذا وكذا ورأس ماله ثوب صفته كذا وكذا فهذا جائز ويكون
له الثياب التي وصفت وما سمى من الربح ولا يبيع على قيمتها فان باع على قيمتها فهو حرام
لا يحل (قال ابن القاسم) وإنما جاز ذلك لان مالكا أجاز لمن اشترى سلعة بطعام أن يبيعها
بطعام إذا وصف ذلك (وقال أشهب) لا يجوز لأنه يبيع ما ليس عنده فلا يجوز ذلك
ألا ترى أن البائع باع سلعته بطعام أو بعرض وليس الطعام ولا العرض عند المشترى
فصار البائع كأنه اشترى من المشترى بسلعته ما ليس عند المشترى فصار كأنه باع ما ليس
عنده ولا يجوز أن يشترى من رجل طعاما ولا عرضا ليس عنده الا إلى أجل على
وجه التسليف ألا ترى أن ابن المسيب قال لا يصلح لا مرئ أن يبيع طعاما ليس عنده
ثم يبتاعه بعد أن يوجب بيعه لصاحبه من الغد أو من بعد الغد أو الذي يليه وقد عرف
سعر السوق ويبين له ربحه إلا أن يبيع طعاما ليس عنده مضمونا مستأخرا إلى حين
ترتفع فيه الأسواق أو تتضع لا يدرى ما عليه في ذلك وما ذا له أو يبيعه طعاما ينقله
من بلد إلى بلد لا يعلم فيه بسعر الطعام (ابن وهب) وان جابر بن عبد الله وأبا سلمة
ابن عبد الرحمن وطاوسا وعطاء كرهوا ذلك وقال عطاء لا يصلح ذلك الا في النسيئة
المستأخرة التي لا يدرى كيف تكون الأسواق أتربح أم لا تربح (قلت) أرأيت أن
اشتريت سلعة بمائة دينار ونقدت في المائة الدينار ألف درهم فبعتها مرابحة ولم أبين
للمشترى ما اشتريت به السلعة وما نقدت في ثمنها (قال) قال مالك ان كانت السلعة قائمة
ردت إلا أن يرضى المشترى بما قال البائع (قال) مالك وان كانت قد فاتت ضرب
231

للمشترى الربح على ما نقد البائع في ثمن السلعة إلا أن يكون الذي باعه به هو خيرا
للمشترى فذلك له (قلت) ولم يكن يرى مالك الربح على ما وجبت عليه الصفقة في
هذا (قال) لا ولكن يرى الربح على ما نقد فيها المشترى الذي باع مرابحة إذا أحب
ذلك المشترى (قلت) فأي شئ فوات هذه السلعة ههنا في قول مالك (قال) تباع
وتذهب من يده أو يزيد في بدنها أو ينقص (قلت) وان تغيرت الأسواق (قال)
هو فوت أيضا (قلت) فان اشتريت سلعة بمائة دينار ونقدت فيها مائة أردب
حنطة ثم بعت مرابحة على المائة دينار ولم أبين (قال) ان كانت السلعة قائمة لم تفت
فالمبتاع بالخيار ان شاء أقرها في يديه بما قال البائع وان شاء ردها وان كانت قد فاتت
ضرب له الربح على ما نقد البائع إن كان باعها على العشرة أحد عشر ضرب له الربح
على قدر ذلك على المائة أردب عشرة أرادب إلا أن تكون هذه الأرادب أكثر من
المائة الدينار وعشرة دنانير فلا يكون للبائع أكثر منها لأنه قد رضى بيعها بذلك
واختاره على غيره ألا ترى أن المبتاع هو الطالب للبائع وقد كان قبل فوت السلعة له
الرضا بالمقام على ما اشتراها به فكذلك له الخيار بعد الفوت على الرضا بما اشتراها
به وأعطاه الربح على ما كان نقد البائع من المائة أردب مثل الذي اشترى بالدنانير
ونقد دراهم أو اشترى بدراهم وقد دنانير ثم باع على ما اشترى ولم يبين وكل من
اشترى سلعة بعين فنقد فيها شيئا من الكيل والوزن والعروض والطعام أو اشترى
بشئ من الكيل والوزن من العروض والطعام ونقد العين أو اشترى بشئ من الوزن
والكيل من العروض ونقد من العروض شيئا مما يكال ويوزن غير الذي به وقعت
صفقته فباع على ما اشترى ولم يبين ما نقد ثم استفيق لذلك والسلعة قائمة أو فائتة
فعلى ما وصفت لك من المسألة التي اشترى بمائة دينار ونقد مائة أردب قمح وباع على
الدنانير. فخذ هذا الباب على هذا ونحوه وقد أخبرتك قبل هذا بوجه بيع ما ليس
عندك في مثل بعض هذا ومن قاله والتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى
232

(فيمن ابتاع سلعة ثم وهب له الثمن أو وهب سلعته ثم ورثها ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة بمائة دينار ثم إنه وهبت إلى المائة دينار أيجوز لي
أن أبيعها مرابحة على المائة (قال) نعم إن كان قد قبض المائة وافترقا ثم وهبت له بعد
ذلك (قلت) أرأيت أن اشتريت جارية بمائة دينار فوهبتها لرجل ثم ورثتها من
الموهوبة له أيجوز لي أن أبيع مرابحة في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه
شيئا ولا يبيع مرابحة
(فيمن ابتاع نصف سلعة ثم ورث النصف الآخر ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن ورثت نصف سلعة ثم اشتريت نصفها الباقي فأردت أن أبيع
نصفها مرابحة (قال) لا أرى لك أن تبيع نصفها مرابحة إلا أن تبين (قلت) لم (قال)
لأنه إذا باع نصفها وقع البيع على ما ورث وعلى ما اشترى فلا يجوز أن يبيع ما ورث
مرابحة حتى يبين فإذا بين فإنما يقع البيع على ما ابتاع فذلك جائز (قلت) تحفظه
عن مالك (قال) لا
(فيمن ابتاع سلعة صفقة واحدة ثم باع بعضها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت حنطة أو شعيرا أو شيئا مما يكال أو يوزن صفقة
واحدة فأردت أن أبيع نصفه مرابحة على نصف الثمن أيجوز ذلك لي (قال) ذلك جائز
إذا كان الشئ الذي بيع مرابحة غير مختلف وكان الذي يحبس منه والذي بيع سواء وكان
صنفا واحدا (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن اشتريت ثيابا صفتها
واحدة أو أسلمت في ثياب صفتها واحدة (قال) أما ما اشتريت بعينه ولم تسلم فيه
فإنه لا يصلح أن تبيع بعضه مرابحة بما يصيبه من الثمن وذلك لو أنك اشتريت ثوبين
صفقة واحدة بعشرين درهما فكان الثوبان جنسا واحدا وصفة واحدة لم يجز لك
أن تبيع أحدهما مرابحة بعشرة دراهم لان الثمن أنما يقسم عليهما بحصة قيمة كل ثوب
منهما وأما ما من أسلم في ثوبين صفتهما واحدة جاز له أن يبيع أحدهما مرابحة بنصف
233

الثمن الذي أسلم فيهما إذا كان أخذ الصفة التي أسلم فيها ولم يتجاوز رب السلم عن
البائع في أخذ الثوبين في شئ من الصفة ألا ترى أن السلم لو استحق أحد الثوبين
من يد المشترى بعد ما قبضه رجع على البائع بمثله وإن كان اشترى ثوبين بأعيانهما
صفقة واحدة ثم استحق أحدهما لم يكن له أن يرجع بمثله
(فيمن ابتاع سلعة واحدة ثم باع بعضها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة فبعث نصفها أو ثلثها مرابحة أيجوز هذا في قول
مالك (قال) ذلك جائز عند مالك ولا بأس به ولو كانت جماعة رقيق فباع نصفهم أو ثلثهم
بنصف الثمن أو بثلثه لم يكن بذلك بأس ولو باع رأسا من الرقيق مرابحة بما يقع عليه من
حصة الثمن لم يكن في ذلك خير وان كانت عروضا تكال أو توزن فلا بأس يبيع
نصفها أو ثلثها مرابحة بنصف الثمن أو بثلثه (قال سحنون) ولا بأس يبيع تسميه
من كيله أو وزنه مرابحة مثل أن يقول أبيعك من هذه المائة رطل حناء عشرة
أرطال بما يقع عليها من الثمن والثمن مائة دينار ولان الثمن يقع لكل رطل بدينار
ولأنه يقسم الثمن عليه على القيم لان الوزن أعدل فيه من القيمة
(فيمن ابتاع سلعة هو وآخر ثم باع مصابته مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عدلا من بر بألف درهم أنا وصاحب لي ثم اقتسمناه
فأردت أن أبيع نصيبي مرابحة على خمسمائة أيجوز لي ذلك (قال) أرى أن تبين فإذا
بينت جاز ذلك والا لم يجز
(فيمن ابتاع سلعة مما يكال أو يوزن ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة من السلع بشئ مما يكال أو يوزن فأردت أن
أبيعها مرابحة للعشرة أحد عشرا أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) إذا بينت
صنف ذلك الشئ الذي اشتريت به هذه السلعة فلا بأس أن تبيع مرابحة عند مالك
وقد وصفنا لك مثل هذا قبل هذا
234

(فيمن ابتاع سلعة ثم باعها مرابحة ثم اشتراها ثانية بأقل)
(من الثمن أو أكثر ثم أراد بيعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة بعشرة دراهم فبعتها بخمسة عشر درهما مرابحة
ثم اشتريتها بعد ذلك بعشرة أو بعشرين ثم أردت أن أبيعها مرابحة (قال) ذلك
جائز ولا ينظر إلى البيع الأول لان هذا ملك حادث ولا بأس أن يبيع مرابحة
(في السلعة بين الرجلين يبيعانها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت نصف عبد بمائة درهم واشترى غيري نصفه الآخر
بمائتين فبعنا العبد مرابحة بربح مائة درهم (قال) أرى للذي رأس ماله مائة درهم
مائة درهم وللذي رأس ماله مائتا درهم مائتي درهم ثم يقسم الربح بينهما على قدر
رؤس أموالهما فيكون لصاحب المائة ثلث المائة مائة الربح ويكون لصاحب المائتين
ثلثا المائة مائة الربح فيصير لصاحب المائتين ثلثا الثمن ولصاحب المائة ثلث الثمن
(قال) وان باعاها مساومة فالثمن بينهما نصفين (قال) وقد بلغني هذا كله عن
بعض من أرضى من أهل العلم (قال ابن القاسم) وان باعها للعشرة أحد عشر فهذا
مثل ما وصفت لك من بيع الرابحة (قلت) أرأيت أن باعا العبد بوضيعة للعشرة
أحد عشر من رأس المال (قال) أرى على صاحب المائة الثلث وعلى صاحب المائتين
الثلثين من الوضيعة (قلت) فان باعا بوضيعة مائة درهم من رأس المال (قال)
أرى الوضيعة بينهما على قدر رؤس أموالهما لأنهما قالا وضيعة من رأس المال فالوضيعة
تقسم على رؤس أموالهما وقد اختلف فيها قول الشعبي
(فيمن ابتاع سلعة ثم أقال منها أو استقال ثم أراد بيعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية بعشرين دينارا ثم بعتها بثلاثين دينارا فاستقالني
صاحبي فأقلته أو استقلته فأقالني أيجوز لي أن أبيعها مرابحة على الثلاثين دينارا (قال)
لا يجوز لك أن تبيعها مرابحة الا على العشرين لأنه لم يتم البيع بينهما حين استقاله
235

(فيمن باع سلعة مرابحة ثم وضع عنه الثمن أولا أو اشتراط)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة بمائة درهم فبعتها مرابحة فحط عنى بائعي من
ثمنها عشرين درهما أيرجع على الذي بعته السلعة مرابحة (قال) نزلت بالمدينة فسئل
عنها مالك ونحن عنده فقال إن حط بائع السلعة مرابحة عن مشتريها منه مرابحة ما حط
عنه لزمت المشترى على ما أحب أو كره وان أبى أن يحط عن مشتريها منه مرابحة
ما حطوا عنه كان مشتري السلعة مرابحة بالخيار ان شاء أخذها بجميع الثمن الذي
اشتراها به وان شاء ردها (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة بمائة درهم فأشركت
فيها رجلا فجعلت له نصفها بنصف الثمن ثم إن البائع حط عنى فأبيت أن أحط ذلك
عن شريكي (قال) سئل مالك عنها فقال يحط عن شريكه نصف ما حط عنه على ما
أحب أو كره وفرق ما بين هذا وبين البيع مرابحة لان البيع مرابحة على المكايسة
وهذا إنما هو شريكه (قلت) فلو أنى اشتريت سلعة فأوليتها رجلا ثم حط عنى
بائعها من ثمنها شيئا من بعد ما وليتها رجلا (قال) لم أسمع من مالك فيها شيئا إلا أنى
أرى أن المولى بالخيار ان أحب أن يضع عمن ولى الذي وضع عنه لزم البيع المولى
وان أبى أن يضع عنه كان الذي ولى بالخيار ان أحب أن يأخذها بجميع ما أخذها به
فذلك له وان أبى أن يردها بمنزلة ما ذكرت لك في بيع المرابحة لان المولى يقول إنما
وضع لي حين لم أربح وربحني ولم يرد أن يضع لك ولم أستوضع لك ولكني حين لم
أربح شيئا سألته الوضيعة لنفسي بمنزلة الذي باع مرابحة فاستقل الربح فرجع إلى
بائعه فقال لم أربح الا دينارا فسأله أن يضع عنه من الثمن لقلة ما ربح فيضع عنه فأرى
المولى وهذا سواء وهذا قول مالك في بيع المرابحة (قلت) أرأيت أن باع رجل
سلعة مرابحة أو أشرك فيها رجلا أو ولاها ثم حط البائع عن هذا الذي أشرك أو
هذا الذي ولى أو هذا الذي باع مرابحة الثمن هذا كله ما قول مالك فيه (قال)
قال مالك في الذي يشترى السلعة فيشرك فيها رجلا فيحط البائع عن الرجل الثمن
كله أيحط للمشترك ما حط البائع عن الذي أشركه (قال مالك) إذا حط الثمن كله
236

فلا يحط عن الشريك قليل ولا كثير (قال) وإنما يحط عن الشريك إذا حط البائع عن
صاحبه ما يشبه أن يكون إنما أراد به وضيعة من الثمن فإذا جاء من ذلك مالا يشبه
أن يكون وضيعة من الثمن يحط عنه النصف وما أشبهه فإنما هذا هبة أو صدقة وليس
هذا وضيعة من رأس المال فلا يحط عنه قليلا ولا كثيرا (قال ابن القاسم) فأرى
البيع مرابحة والتولية أيضا مثل ذلك ولم أسمعه من مالك
(فيمن باع سلعة مرابحة فزاد في ثمنها أو نقص)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة مرابحة فأتلفتها أو لم أتلفها ثم اطلعت على البائع
أنه زاد على وكذبني (قال) قال مالك إن كان لم يتلفها المشترى كان بالخيار ان شاء
أخذها بجميع لثمن وان شاء تركبها وليس زيادته وظلمه بالذي يحمل عليه بأن يؤخذ
بما لم يبع به (قال مالك) وان فاتت السلعة قومت فإن كانت قيمتها أقل من رأس المال
ومن الربح عليه لم ينقص من ذلك وان كانت قيمتها أكثر مما ابتاعها به ابتاع
وربحه لم يزد على ذلك لأنه قد رضى بذلك أولا (قلت) أرأيت أن دخل هذه
السلعة التي باعها مرابحة وكذبني عيب كانت جارية فأصابها عند المشترى عور أو صمم
أو عيب ينقصها أو حالت الأسواق أيكون للمشترى أن يردها إذا اطلع على كذب
البائع وزيادته في رأس المال (قال) جعله مالك يشبه البيع الفاسد فأرى إذا حالت
الأسواق أو دخلها عيب ينقصها لم يكن للمشترى أن يردها وتلزمه بالقيمة على
ما وصفت لك (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة بمائة درهم فبعتها بربح خمسين
فقلت للمشترى أخذتها بخمسين ومائة وأبيعكها مرابحة بخمسين ومائة فزدت على
سلعتي خمسين درهما كذبت فيها فأخذها منى على أن رأس مالي خمسون ومائة
وربحني خمسين ثم تلفت السلعة ثم اطلع على الخمسين التي زدتها على الثمن الذي ابتعت
به السلعة (قال) يقسم الخمسون الربح على الخمسين ومائة فيصير حصة المائة من
الخمسين الربح ثلثي الخمسين فينظر ما جميع ذلك فيوجد مائة وثلاثة وثلاثين وثلثا
فينظر إلى قيمتها يوم قبضها المبتاع فإن كانت قيمتها أقل من مائة وثلاثة وثلاثين
237

وثلث قيل للمبتاع هي لم لازمة بمائة وثلاثة وثلاثين وثلث لأنك قد رضيت أن
يأخذها بما اشتراها به وذلك مائة والربح الذي ربحته وهو خمسون على الخمسين
ومائة فصارت حصة المائة من الخمسين ثلثي الخمسين فقد رضيت بان تأخذها بمائة
وثلاثة وثلاثين وثلث فلا يوضع عنك من ثمن السلعة بالصدق وبربحه قليل ولا كثير
ان كانت قيمتها أقل من هذا لأنك قد رضيت أن تأخذ بمائة وان كانت قيمتها أكثر
من هذا لزمك ما بينك وبين المائتين لان البيع كان أشبه شئ بالفاسد فان زادت
قيمتها على مائتين قلنا للبائع ليس لك أكثر من ذلك لأنك قد رضيت حين بعت
بالمائتين لأنك بعت بمائة وخمسين زعمت أنها رأس مالك وخمسين ربح ربحك الذي
أربحك المشترى فليس لك وان زادت قيمة سلعتك على أكثر من ذلك لأنك قد
رضيت بذلك (قلت) أرأيت أن كان هذا الذي اشتريت مرابحة طعاما أو شيئا
مما يكال أو يوزن فاطلعت على كذب البائع وزيادته في رأس المال بعد ما أتلفت
السلعة ما يكون على في قول مالك (قال) عليك مثل وزن ذلك الشئ ومثل مكيلته
وصفته إلا أن يرضى أخذها بكذب البائع أو يرضى البائع ان أبيت أخذها بما زاد
وكذب ان يسلمها لك بحقيقة الثمن الذي اشترى وبما وقع عليه من الربح لأنك قد
كنت رضيت أخذها بحقيقة الثمن والربح عليه لان كل ما يقدر على رد مثله وإن كان
فأتتا فهو كسلعة بيعت بكذب ثم اطلع المشترى على كذبه ولم تفت ان المشترى
بالخيار ان أحب ان يأخذها بكذب البائع وزيادة والا ردها إلا أن يشاء البائع ان
يسلمها له بحقيقة الثمن وربحه فيلزم ذلك المشتري (قلت) أرأيت أن اشتريت
سلعة مرابحة فاطلعت على البائع انه زاد في رأس المال وكذبني فرضيت بالسلعة ثم
أردت أن أبيعها مرابحة (قال) لا أرى ذلك حتى تبين ذلك (قال سحنون) وقد
روى علي بن زياد عن مالك أن مالكا قال فيمن باع جارية مرابحة للعشرة أحد
عشر وقال قامت على بمائة دينار فأخذ من المشتري مائة دينار وعشرة دنانير فجاء العلم
بأنها قامت على البائع بتسعين فطلب ذلك المشتري قبل البائع ان الجارية إن لم تفت
238

خير المشتري فإن شاء ثبت على بيعه وان شاء ردها إلا أن يرضى البائع أن يضرب
له الربح على التسعين رأس ماله فلا يكون للمشترى أن يأبى ذلك (قال) وان فاتت
عند المشترى بنماء أو نقصان خير البائع لما يطلب قبله من الزيادة التي كذب فيها فإن شاء ضرب له الربح على التسعين رأس ماله وان شاء أعطى قيمة سلعته إلا أن يرضى
المشترى أن يثبت على شرائه الأول فان أبى المشترى ذلك وقام على طلب البائع أعطي
البائع قيمة جاريته يوم باعها البائع إلا أن تكن القيمة أقل من ضرب الربح على رأس
ماله التسعين فلا يكون للمشترى أن ينقص البائع من ضرب الربح على رأس ماله على
التسعين لا ينقص البائع من تسعة وتسعين لأنه قد كان راضيا علي أخذها برأس المال على
الصدق والربح عليه أو تكون القيمة أكثر من الثمن الذي باعها به البائع ورضى وهو
مائة دينار وربحه عشرة فلا يكون للبائع على المشترى أكثر مما باع به ورضى وإنما جاء
المشترى يطلب الفضل قبله (وقال مالك) في رجل باع جارية من رجل للعشرة أحد عشر
وقال قامت علي بمائة فأخذها المشترى بمائة وعشرة فجاء العلم بأنها إنما قامت بعشرين
ومائة فطلب ذلك البائع قبل المشترى قال إن الجارية إن لم تفت خير المشترى فإن شاء رد
الجارية بعينها وان شاء ضرب له الربح على رأس ماله على عشرين ومائة وان فاتت عند
المشترى بنماء أو نقصان خير المشترى أيضا فإن شاء أعطى البائع قيمتها يوم تبايعا إلا أن
تكون القيمة أقل من الثمن الذي اشتراها به المشترى ورضى وهو عشرة ومائة فلا
يكون له أن ينقص البائع من الثمن الذي اشتراها به ورضى وإنما جاء البائع يطلب
الفضل قبله أو تكون القيمة أكثر من ضرب الربح على رأس مال البائع على عشرين
ومائة فلا يكون له على المشترى أكثر من ضرب الربح على العشرين ومائة
(في الرجل السلعة من عبده ثم يريد أن يبيعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت من عبدي أو من مكاتبي سلعة أو اشتراها منى أيجوز
لي أن أبيع مرابحة ولا أبين (قال) قال مالك في العبد المأذون له في التجارة ما داينه
به سيده فإنه دين للسيد يحاص به الغرماء إلا أن يكون في ذلك محاباة فما كان من
239

محاباة لم يجز ذلك فإذا كان بيعا صحيحا فقد جعله مالك بمنزلة الأجنبيين فلا بأس أن
يبيع مرابحة كما يبيع ما اشترى من أجنبي إذا صح ذلك ألا ترى أن العبد إذا جنى
أسلم بماله وإنما يطأ بملك يمينه وان عتق تبعه ماله إلا أن يستثني ماله
(في الرجل يبيع السلعة بعرض أو طعام فيبيعها مرابحة)
(قلت) أرأيت من اشترى سلعة بعرض من العروض أيبيع تلك السلعة مرابحة في
قول مالك (قال) قال مالك لا يبيعها مرابحة إلا أن يبين (قلت) فان يبين أيجوز
(قال) نعم ويكون على المشترى مثل تلك السلعة في صفتها ويكون عليه ما سميا من
الربح (قلت) وكذلك أن كان رأس مال تلك السلعة طعاما فباعها مرابحة (قال) نعم
والطعام أبين عند مالك ان ذلك جائز إذا كان بين الطعام الذي به اشترى تلك السلعة
وقد بينا هذا قبل هذا والاختلاف فيه
(فيمن ابتاع جارية فوطئها ثم باعها مرابحة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية فوطئتها وكانت بكرا فافتضضتها أو ثيبا فأردت
أن أبيعها مرابحة ولا أبين ذلك (قال) لم أسمع من مالك في الافتضاض شيئا إلا أنا
سألنا مالكا عن الرجل يشتري الثوب فيلبسه والدابة فيسافر عليها والجارية فيطؤها
أفيبيعهم مرابحة (قال) أما الثوب والدابة فلا حتى يبين وأما الجارية فلا بأس أن يبيعها
مرابحة (قلت) وان كانت بكرا فافتضها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن
مالكا قال إن اشتراها بكرا فافتضها ثم وجد بها عيبا ردها وما نقص الافتضاض
منها فلا أرى أن يبيعها حتى يبين ان كانت من الجواري اللاتي ينقصهن ذلك وان
كانت من الجواري اللاتي لا ينقصهن الافتضاض وليس هو فيها عيبا فلا أرى بأسا
بأن يبيعها مرابحة ولا يبين (قال) وقد سمعت بعض من يقول إن وخش الرقيق
إذا افتضت كان أرفع لثمنها فإن كان ذلك كذلك ليس لعذرتها قيمة عند التجار فلا
240

أرى بأسا أن يبيعها مرابحة ولا يبين وإن كان الافتضاض ينقصها فلا يبيعها حتى يبين
وفي المرتفعات من جواري الوطئ هو نقصان فلا يبيعها حتى يبين وقال غيره كل ما فعل
به من لبس أو ركوب فلم يكن فعله يغير شيئا عن حاله وكان أمرا خفيفا فلا بأس
أن يبيع مرابحة ولا يبين
(في الرجل يبتاع الجارية ثم يزوجها فيبيعها مرابحة)
(قلت) أريت ان اشتريت جارية فزوجتها أأبيعها مرابحة ولا أبين (قال) لم أسمع
من مالك فيه شيئا ولا أرى أن تبيع حتى تبينه لان التزويج لها عيب ولا تبيعها أيضا
غير مرابحة حتى تبين أن لها زوجا (قلت) فان فعل فعلم ذلك فقام المشترى يطلب
البائع (قال) ان كانت الجارية قائمة لم تفت أو فاتت بنماء أو نقصان أو اختلاف أسواق
وكان النقصان يسيرا خير المبتاع فإن شاء قبلها بما اشتراها به أولا وان شاء ردها وليس
للبائع أن يقول أنا أحط عنك العيب وما يصيبه وليس حوالة الأسواق والزيادة
والنقص اليسير في بيع العيب فوتا ألا ترى أنه يشتري بيعا صحيح ثم يجد عيبا وقد
حدث عنده وما وصفت لك من الحوالة والنقص اليسير أن له الرد فإذا كان في البيع
فساد لم يكن فوتها عند المشتري بالذي يمنعه من الرد بالعيب وقد وصفنا البيع الفاسد
إذا أصاب المشترى عيبا وقد فاتت في يديه كيف يكون الرد وعلى ما يرد وان كانت
قد فاتت بعتق أو تدبير أو كتابة خير البائع فان أحب أن يعطى حط عن المشتري ما يقع
على العيب من الثمن وما ينوبه من الربح والا أعطى قيمة سلعته معيبة إلا أن تكون
قيمة سلعة معيبة أقل مما يصير عليها من الثمن وربحه بعد إلغاء قيمة الغيب منها وما
يصير عليه من الربح فلا يكون للبائع على المشترى غير ذلك لان البائع يطلب الفضل
قبله وقد ألغينا عن المشترى قيمة الغيب وضرب الربح عليه أو تكون القيمة أكثر
مما ينوب الثمن وربحه بعد إلغاء قيمة العيب منه وما يصير عليه من الربح فلا يكون
241

للبائع على المشترى غير ذلك لأنه قد كان
رضى بذلك فخذ هذا الباب على
هذا إن شاء الله تعالى
(تم كتاب المرابحة بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد)
(النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الوكالات)
242

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي)
(الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما)
(كتاب الوكالات)
(في الرجل يأمر الرجل أن يشترى له سلعة ثم يموت الآمر فيبتاعها)
(المأمور وقد علم بموته أو لم يعلم وقد كان دفع إليه الثمن أو لم يدفع)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا أمر رجلا أن يشترى له سلعة من السلع
ولم يدفع إليه الثمن أو دفع إليه ثمنها فمات الآمر ثم اشتراها وهو لا يعلم بموت الآمر
أو اشتراها ثم مات الآمر (قال) ذلك لازم للورثة كلهم فان اشتراها وهو يعلم بموت
الآمر لم يلزم ذلك الورثة ويكون ضامنا للثمن لان مالكا سئل عن الرجل يوكل
الرجل يجهز له المتاع يبيع له ويشترى فيبيع ويشترى وقد مات صاحب المتاع (قال)
أما ما باع أو اشتري قبل أن يعلم بموت الآمر فذلك جائز على الورثة وأما ما اشترى
وباع بعد أن يعلم فلا يجوز ذلك فمسألتك مثل هذا لان وكالته قد انفسخت (قلت)
أرأيت أن وكلت رجلا يسلم في طعام إلى أجل ودفعت إليه الدراهم ففعل فأتى
البائع إلى المأمور بدراهم فقال هذه زيوف أبدلها لي فصدقه المأمور ثم أتى إلى الآمر
ليبدلها له (قال ابن القاسم) أرى إن كان المأمور يعرفها بعينها ردها البائع عليه
ولزمت الآمر فان أنكرها الآمر لم ينفعه ذلك لان المأمور أمين له (قال) فإن لم
يعرفها المأمور وقبلها لم يلزم الآمر لان المأمور لم يعرفها بعينها ولزمت المأمور وحلف
243

الآمر على علمه أنه لا يعرف أنها من دراهمه وما أعطى الا جيادا في علمه ولزمت
المأمور لقبوله إياها فإن لم يقبلها المأمور ولم يعرفها حلف له أيضا أنه ما أعطاه الا جيادا
في علمه ولمت البائع وللبائع أن يستحلف الآمر بالله ما يعرفها من دراهمه وما
أعطاه الا جيادا في علمه ثم تلزم البائع (قلت) أرأيت أن وكلت رجلا يبيع سلعة
لي أيجوز أن أيبيعها بنسيئة قال لا (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم لان
المقارض يدفع إليه المال قراضا فلا يجوز له أن يبيع بالنسيئة فكذلك الموكل لا يجوز له
ذلك إلا أن يكون قد أمره بذلك (قلت) أرأيت الرجل يأمل الرجل أن يبيع له سلعة
من السلع فيبيعها بعرض من العروض أيجوز ذلك (قال) لا يجوز ذلك عليه إذا كانت
تلك السلعة لا تباع الا بالدنانير والدراهم (قلت) أرأيت أن وكلني ببيع سلعة له
فبعتها من رجل فجحدني الثمن ولا بينة لي عليه بالبيع أضمن أملا (قال) نعم
أنت ضامن لأنك أتلفت الثمن حين لم تشهد على مشتري السلعة منك لان مالكا
قال في البضاعة تبعث مع الرجل فيزعم أنه قد دفعها وينكر المبعوث إليه أنه ضامن
إلا أن تقوم له بينة بدفعها (قلت) أرأيت أن ولكت رجلا يشترى لي جارية فاشتراها
لي عمياء أو عوراء أو عرجاء أيجوز هذا أم لا (قال) قال مالك من العيوب عيوب يجترأ على
مثلها في خفتها وشراؤها فرصة فإذا كان مثل ذلك رأيته جائزا وأما ما كان عيبا مفسدا
فلا يجوز عليه إلا أن يشاء فان أبى فله أن يضمنه ماله (قلت) أرأيت أن وكلت
رجلا يشترى لي أمة فاشتري لي ابنتي أو أختي أيجوز ذلك على (قال) إن كان علم فلا
يجوز ذلك عليك وإن كان لم يعلم فذلك جائز عليك
(الوكيل يبيع أو يشتري بما لا يتغابن به الناس)
(قلت) أرأيت لو أنى وكلت رجلا يشتري لي سلعة أو يبيع لي سلعة فاشتري لي
أو باع بما لا يتغابن الناس في مثله أيجوز على أملا (قال) لا يجوز ذلك عليك (قلت)
وهذا قول مالك (قال) نعم قال مالك لو أن رجلا أمر رجل أن يبيع له سلعة فباعها بما لا يعرف
من الثمن ضمن عند مالك مثل أن يعطيه الجارية يبيعها ولا يسمى له ثمنها فيبيعها
244

بخمسة دنانير أو أربعة وهي ذات ثمن كثير فهذا لا يجوز (قال ابن القاسم) فان
أدركت الجارية نقض البيع وردت وان تلفت ضمن البائع قيمتها (قلت) أرأيت
ان وكلت وكيلا أن يشتري لي سلعة بعينها فذهب فاشترى لي السلعة وهي
بثمانمائة درهم فاشتراها بألف درهم (قال) لا يلزم الآمر ويلزم المأمور في قول
مالك إلا أن يشاء ذلك الآمر فيكون ذلك له الا فيما يتغابن الناس في مثله فذلك
يلزم الآمر ولا يلزم ذلك المأمور وهذا قول مالك (قال) وسئل مالك عن الرجل
يأمر رجلا أن يبيع له سلعة فيبيعها (قال مالك) يلزم البيع الآمر إلا أن يبيع المأمور
بما لا يشبه فيكون ذلك البيع غير جائز وينتقض البيع إن كان لم يفت (قال) وإن كان
قد فات ضمن المأمور قيمة تلك السلعة للآمر (قال ابن القاسم) ومن ذلك
أن يقول الرجل للرجل بع غلامي هذا أو دابتي هذه فيأخذها فيبيعها بدينار أو
بدينارين أو ما أشبه ذلك ممالا يتغابن الناس في مثله فهو ضامن (قال) وهذا قول
مالك (قلت) أرأيت أن وكلت رجلا يشترى لي عبد فلان بثوبه هذا أو بطعامه
هذا (قال) أما في الطعام فهو جائز ويرجع المأمور على الآمر بطعام مثله وأما في
الثوب فهو جائز أيضا ولا أرى به بأسا لأني أراهما كأنه أسلفه الطعام والثوب جميعا
ويرد شرواهما (1) (قلت) أريت ان أمرت رجلا يشترى لي برذونا بعشرة دنانير
فاشتراه بخمسة دنانير (قال) قال مالك إن كان على الصفة فذلك جائز والبرذون
لازم للموكل (قلت) فان اشتراه بعشرين دينارا (قال) قال مالك الآمر مخيران
شاء أخذه بعشرين دينارا (قال) قال مالك وإن كان أمره أن يشتريه بعشرين
دينارا فزاده الزيادة اليسيرة التي تزاد في مثله لزم الآمر ذلك وغرم تلك الزيادة
وللزيادة عند مالك وجوه مثل الجارية يأمره أن يشتريها بمائة دينار فيزيد دينارين
أو ثلاثة فذلك جائز عليه (ولقد) سألته فقلت له الجارية يأمر الرجل الرجل أن يشتريها
له بأربعين دينارا فيزيد الدينار والدينارين (فقال) ذلك لازم له والزيادة عند مالك بقدر

(1) - (شرواهما] أي قدرهما ا ه‍
245

ما يرى أنها تكون زيادة في تلك السلعة وفي ذلك الثمن (قلت) أرأيت ما اشترى
مما لا يلزم الآمر أيلزم المأمور في قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك لو أن
رجلا أمره رجل أن يبيع له سلعة فباعها بما لا يعرف من الثمن ضمن يريد مالك مثل
أن يعطيه الجارية يبيعها له ولا يسمى له شيئا فيبيعها بخمسة دنانير أو بأربعة وهي
ذات ثمن كبير فهذا لا يجوز (قال) فان أدركت الجارية نقض البيع وردت الجارية
وان تلفت ضمن البائع قيمتها (قال) لي مالك وان أمره أن يبيعها فباعها بعشرة دنانير
وقال بذلك أمرتني وقال الآمر ما أمرتك الا بأحد عشر دينارا أو أكثر (قال) مالك
ان أدركت السلعة حلف الآمر بالله على ما قال وكان القول قوله (فقلت) لمالك فان
قال المشتري إنما أنت نادم وقد أقررت أنك قد أمرته (قال مالك) إذا أدركت السلعة بعينها
أحلف الآمر بالله وكان القول قوله وان فاتت حلف المأمور أنه أمره بذلك ولا شئ
عليه. يريد مالك بذلك إذا كان ما باع به المأمور غير مستنكر (قلت) لم قال مالك
هذا ها هنا وقد قال في الرجل يدفع إلى الرجل ألف درهم يشترى له بها حنطة
فاشترى له بها تمرا ان القول قول المأمور مع يمينه (قال) إنما قلت لك ذلك ولم أسمعه
من مالك لأنه قد أقر له بالوكالة على الاشتراء فلما اشترى الوكيل ما زعم أنه وكل عليه
والذهب مستهلك كان الآمر مدعى عليه يريد تضمينه فلا يقبل ذلك الا ببينة وان السلعة
التي اختلفا فيها قائمة فلذلك كان القول قول الآمر وإذا فاتت كان القول قول الوكيل
لان الآمر مدع يريد تضمينه ففوت السلعة مثل فوت الدنانير (قلت) أرأيت لو
أن رجلا دفع إلى رجل مالا وأمره أن يشترى له سلعة من السلع فاشترى له السلعة
فضاع المال بعد ما اشتراها له (قال) قال مالك في الرجل يأمر الرجل أن يشترى له
السلعة ولم يدفع إليه شيئا فاشتراها الرجل ثم دفع الآمر إلى المأمور المال ليقضيه
فضاع المال من المأمور قبل أن يدفعه إليه (قال مالك) أرى أن الغرم على الآمر ثانية
(قلت) فان ضاع ثانية (قال) يلزمه ذلك (قال) وأما مسألتك في الذي دفع المال
وأمره أن يشترى له به فإنما أمره أن يشترى له بذلك المال بعينه فإنما هو بمنزلة الذي
246

يدفع المال إلى الرجل قراضا فيشترى به سلعة فيأتي إلى المال فيجده قد ذهب فلا
يلزم صاحب المال أداؤه ويكون صاحب القراض بالخيار ان شاء دفع المال ثانية وكان
على قراضه وان شاء تبرأ منه ولا شئ عليه ويلزم العامل وكذلك الذي دفع المال إلى
المأمور وأمره أن يشترى له بذلك المال فإنه إن ضاع بعد ما اشترى كان بمنزلة
ما أخبرتك في القراض وهو قول مالك ومسألتك مثله سواء (قلت) أرأيت أن
أمرت رجلا أن يشترى لي جارية بربرية فبعث إلى بجارية بربرية فوطئتها فولدت
منى أو لم تحمل ثم قدم المأمور بجارية بربرية فقال إنما كنت بعثت إليك بتلك وديعة
وهذه جاريتك التي اشتريت لك (قال) إن كان لم يبين ذلك له حين بعث إليه بالجارية
أنها جاريته ولم تفت حلف وكان القول قوله وقبض جاريته ودفع إليه التي زعم أنه
أنه اشتراها له وان كانت قد فاتت بحمل أو عتق أو كتابة أو تدبير لم أر له عليها
سبيلا لأني لا أنقض عتقا قد وجب وشبهته قائمة بقوله إلا أن يقيم بينة فتكون له
جاريته وتلزم الآمر الجارية التي أتى بها المأمور لان مالكا سئل عن رجل أمر
رجلا أن يبتاع له جارية بمائة دينار فقدم فبعث إليه بجارية ثم لقيه بعد ذلك فقال له
ان الجارية تقوم بخمسين ومائة دينار بذلك اشتريتها (قال) قال مالك ان كانت لم تفت خير
الآمر ان أحب أن يأخذها بما قال أخذها والا ردها وان كانت قد حملت لم يكن
عليه غرم شئ الا المائة التي أمره بها بلغني ذلك عن مالك ممن أثق به فمسألتك مثله
(قلت) أرأيت العبد إذا وكل رجلا أن يشتريه بمال دفعه العبد إلى الرجل فاشتراه
(قال) يغرم ثمنه ثانية ويلزمه البيع ويكون العبد له كاملا كذلك قال مالك (وسألته)
عن العبد يدفع إلى الرجل مالا فيقول اشترني لنفسك (فقال) ما أخبرتك (قال ابن
القاسم) إلا أن يستثنى المشترى المال فيكون البيع جائزا ولا شئ عليه غير الثمن
الذي دفع إليه أولا (قلت) أرأيت أن أمرت رجلا أن يبيع لي سلعة فباعها
وبعتها أنا لمن تجعل السلعة (فقال) سألت مالكا عن هذا فقال الأول أولاهما بيعا
إلا أن يكون المشترى الآخر قد قبضها فهي له (قال ابن القاسم) وأخبرني
247

بعض أهل العلم عن ربيعة مثله ورأيت ربيعة ومالكا فيما بلغني عنهما يجعلانه مثل
النكاح ان النكاح للأول إذا أنكح الوليان وقد فوض كل واحد منهما إلى صاحبه
ان الأول أولى إلا أن يدخل بها الآخر (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن
ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في رجل بعث بسلعة مع رجل ووكله يبيعها ثم بدا
للرجل أن باع سلعته وبعث في أثر وكيله فوجد الوكيل قد باع وكان بيع سيد المال
قبل بيع الوكيل (قال ربيعة) ان الوكالة بيع وبيع السيد جائز وأبيهما كان الوكيل أو
السيد أكن هو الذي يدع السلعة ويضمن بيعه فبيعه أجوز وان أدركت السلعة لم يدفعها
واحد منها إلى صاحبه فأولهما بيعا أجوز بيعا فيهما (وقال الليث) قال ربيعة وإنما كان
شراء الذي قبضها أجوز وإن كان الآخر لأنه قد ضمن أن كانت وليدة استحلها
وان كانت مصيبة حملها
(في الدعوى في بيع الوكيل السلعة وقد باعها بطعام أو عرض)
(أو اشترى بما لا يشترى)
(قال) وقال مالك في الرجل يدفع إلى الرجل السلعة بيعها له فبيعها بطعام أو عرض
نقدا فينكر صاحب السلعة البيع ويقول لم آمرك أن تبيعها بطعام ولا بعرض (فقال)
مالك) إذا باعها بما لا يباع به فهو ضامن وقال غيره إن كان السلعة قائمة لم تفت خير
صاحبها فإن شاء أجاز فعله وأخذ العرض أو الطعام الذي بيعت به سلعته وإن لم يجز فعله
نقض البيع وأخذ سلعته ولم يكن له أن يضمن البائع لان السلعة لم تفت فان فاتت فهو بالخيار
ان شاء أخذ الطعام بثمن سلعته وان شاء ضمنه قيمتها وأسلم الطعام أو العروض إلى
البائع (وقال غيره) كل من أدخل في الوكالات من الادعاء في البيع والشراء ما ليس
عليه أصلها من الامر المستنكر الذي ليس بمعروف مثل أن يؤمر رجل ببيع سلعة
فيبيعها وتفوت بما لا يباع مثلها ويدعى أنه أمره بذلك وينكر رب السلعة أن يكون
أمره بذلك أو ادعى المأمور أنه أمره أن يبيعها بدينارين إلى أجل أو بخمسة دنانير
وهي ثمانمائة دينار أو بطعام أو بعرض وليس مثلها يباع به فان هذا ليس بجائز على
248

الآمر وإنما أمره الآمر بالبيع ولم يأمره بالشراء ألا ترى أنه لما أمره ببيع سلعته فإنما
البيع بالأثمان والأثمان الدنانير والدراهم وان بيعه السلعة بالطعام والعروض وهي مما
لا يباع به إنما هو اشتراء منه للعروض والطعام وهو لم يأمره بالشراء لان العروض
والطعام هو مثمون وليس هو بثمن ألا ترى أنه من سلف طعاما بعينه في عرض إلى
أجل فاستحق الطعام انفسخ السلم ولم يقل له ائت بطعام مثله ولو سلف دنانير أو
دراهم في عرض إلى أجل فاستحقت الدنانير والدراهم لم ينتقض السلم وقيل له أئت
بدراهم مثلها أو بدنانير مثلها لأنها ثمن وليست بالمثمونة والطعام والعروض مثمون
وليس بثمن وان الرجل يشترى السلع بدنانير أو دراهم وليس عنده فلا يكون
به بأس ولا يقال له فيه باع ما ليس عنده ولا يجوز له أن يشترى السلع التي لا
تكال ولا توزن بسلع تكال وتوزن من صنفها ولا من غير صنفها أو بطعام ليس
عنده لان ذلك وإن كان مشتريا لما اشترى من السلع التي لا تكال ولا توزن بسلع
تكال وتوزن وبطعام يكال ليس عند فهو بائع أيضا فصار بائعا لما ليس عنده وقد قامت
السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه وعن التابعين أنه لا يجوز بيع
ما ليس عنده الا ما قامت به السنة في التسليف المضمون إلى أجل وقد وصفنا قبل
هذا ما يجوز من التسليف وما لا يجوز وكذلك لو ادعى أنه أمره أن يشترى له سلعة
تسوى خمسة دنانير بمائة دينار وادعى أنه أمره أن يشترى له سلعة بسلعة وليست
تشترى السلعة التي ادعى أنه أمره بشرائها الا بالعين وأنكر الآمر دعواه وهو مقر
بالوكالة لم يقبل قول المأمور على الآمر وان ادعى المأمور ما يشبه الوكالات مثل أن
يقول أمرتني أن أبيع سلعتك بعشرة مما يتغابن الناس فيه وقد فاتت السلعة فيقول
رب السلعة إنما أمرتك بأحد عشر أو يقول أمرتني أن أشتري لك طعاما بعشرة
دنانير وقد فعلت فيقول الآمر أمرتك أن تشترى بها سلعة فالقول قول المأمور
فكل مستهلك ادعى المأمور فيه ما يمكن وادعى الآمر غيره فالقول قول المأمور
وكل قائم ادعى فيه المأمور ما يمكن ولم يفت وخالفه الآمر وادعى غيره أحلف الآمر
249

وكان القول قوله فخذ هذا الأصل على هذا إن شاء الله. ومن ذلك الرجل يدفع ثوبه
إلى الصباغ فيقول رب الثوب أمرتك بعصفر ويقول الصباغ أمرتني بزعفران أو
يدفع ثوبه إلى الخياط فيقول أمرتك بقباء ويقول الخياط أمرتني بقميص فليس على
كل واحد منهما إذا ادعى عليه غير العمل الذي عمل الا اليمين بالله ما عملت لك الا
ما أمرتني به إذا كان ذلك كله من عمله انه يصنع بالضربين ويحيط بالصنفين وهو
قول مالك بن أنس
(في الوكيل في السلم أو غيره يأخذ رهنا أو يأخذ حميلا)
(فيصنع عنده وقد علم به الآمر أو لم يعلم)
(قلت) أرأيت أن وكلت كيلا في أن يسلم لي في طعام ففعل وأخذ رهنا أو
حميلا من غير أن آمره أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم والرهن والحميل إنما
هو ثقة للآمر فهذا الوكيل لم يصنع الا خيرا ووثيقة للآمر (قلت) فان ضاع
الرهن عند الوكيل قبل أن يعلم بذلك الموكل (قال) الضياع من الوكيل لان الآمر لم
يأمره بأن يرتهن (قلت) فما كان من ضرر في الرهن فهو على الوكيل وما كان من
منفعة فهي للآمر قال نعم (قلت) فالحميل (قال) الحميل ليس يدخله ما يدخل
الرهن من التلف والحميل في كل وجه إنما هو منفعة للآمر (قلت) فإن كان الآمر
قد علم بالرهن فرضيه ثم تلف من بعد ذلك (قال) إذا رضى بالرهن لزمه وكان كأنه أمره
بأن يرتهنه له لأنه إنما ارتهن له (قلت) فان رده ولم يقبله رجع الرهن إلى ربه ولم
يكن للوكيل أن يحبسه في قول مالك (قال) نعم
(في دعوى الوكيل ومكاتب بعث بكتابته أو امرأة بعثت)
(إلى زوجها بمال اختلعت به منه فكذب في الدفع)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا بعث بكتابته مع رجل أو امرأة بعثت بمال اختلعت
به من زوجها مع رجل أو رجل بعث بصداق امرأته مع رجل وزعم الذي بعث
250

ذلك معه أنه قد دفع ذلك كله وكذبه المبعوث إليه بذلك (قال) قال مالك في الدين
ما أعلمتك فهذا كله محمل الدين وعليهم أن يقيموا البينة انهم قد دفعوا ذلك إلى
المبعوث إليه والا ضمنوا (قلت) أرأيت لو أنى دفعت إلى رجل مالا وديعة بغير
بينة فوكلت وكيلا يقبضها منه فقال قد دفعتها إلى الوكيل وقال الوكيل كذب ما دفع
إلى شيئا (فقال) إن لم يقيم بينة غرم وقال غيره ألا ترى أن الوصي أمين لو زعم أنه
تلف ما في يديه لم يضمن وإنما الوصي أمين مأمور بدفع ما في يديه مما أوصى إليه
إلى من يرثه عمن أوصى به إلى الوصي وقد قال الله تبارك وتعالى وابتلوا اليتامى حتى
إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم إلى قوله تعالى فإذا دفعتم
إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم فقد أمرهم الله بالاشهاد إذا أمروا بدفع ما في أيديهم
إلى غيرهم. فكذلك من عليه دين فأمر بدفع ما عليه إلى رجل أو كانت عنده وديعة
فأمره ربها بدفعها إلى أحد فعليه ما على ولى اليتيم من الاشهاد
(في إقالة الوكيل وتأجيره بغير أمر الموكل أو إقالة)
(الآمر دون الوكيل من سلم أو غيره)
(قلت) أرأيت لو وكلت رجلا أن يسلم لي في طعام ففعل ثم أقال الوكيل بغير
أمرى أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لا يجوز ذلك له عند مالك لان الطعام إنما
وجب للآمر (قلت) أرأيت أن وكلت رجلا أن يسلم لي في طعام ففعل ثم إن
الآمر أقال البائع أو ترك ذلك له أو وهبه له (قال) أرى أن الطعام إنما وجب
للآمر فكل شئ صنع في طعامه مما يجوز له فذلك جائز ولا ينظرها هنا إلى المأمور
في شئ من ذلك (قلت) أرأيت أن وكلت رجلا أن يسلم لي دنانير في عشرة أرادب
حنطة ففعل الوكيل ذلك ثم إن الوكيل أقاله بعد ذلك (قال ابن القاسم) إن كان ذلك
قد ثبت للذي ابتاع له بالبينة أو باعتراف من الوكيل قبل أن يقيله انه إنما ابتاع ذلك
للذي وكله فلا يجوز اقالته الا بأمر الآمر الذي وجب له الطعام (قلت) وهذا
قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن وكلت وكيلا أن يسلم لي في طعام أو يبتاع
251

لي سلعة بعينها ففعل ولم يذكر عند عقدة الشراء للبائع أنه إنما يبتاع لغيره وقد شهد
الشهود عليه أنه أقر بأنه إنما ابتاع لي أو شهد الشهود عليه حين أمرته بذلك لمن تكون
العهدة ها هنا أللوكيل على البائع أم للآمر (قال) لا ولكنها للآمر على البائع
(قلت) فان أصاب الوكيل عيبا بعد ما اشترى لم يكن له أن يرد لان العهدة إنما
وقعت لغيره (قال) إذا كان إنما أمره أن يشترى له سلعة بعينها منسوبة فقال له اشتر
لي عبد فلإن لم يكن له أن يرد وان كانت سلعة موصوفة ليست بعينها فللوكيل أن
يردها ان وجد فيها عيبا (قلت) لم (قال) لان الوكيل ها هنا ضامن لأنه لو اشترى
سلعة بها عيب تعمد ذلك ضمن فلذلك إذا وجد بها عيبا بعد مشتراها وهو يقدر على
أن يردها فلم يفعل فهو ضامن (قال) وإنما يعطى الناس أن تشترى لهم السلع على وجه
السلامة (وقال أشهب) السلعة بعينها أو غير عينها العهدة على البائع للآمر والآمر
المقدم في الإجازة والرد عن نفسه والآمر بالخيار فيما فعل المأمور من الرد ان شاء
أجاز رده وان شاء نقضه وارتجع السلعة إلى نفسه ان كانت قائمة وان كانت قد فاتت
فله أن يضمن المأمور لأنه المتعدى في الرد لسلعة قد وجبت للآمر (قلت) لابن
القاسم ولم يرد الوكيل هذه السلعة التي بغير عينها أمن قبل أن للوكيل على البائع
عهدة (قال) لا (قلت) فلأي شئ جعلته يرد إذا أصاب عيبا وليست له عهدة
(قال) لأنه ضامن إذا اشترى عيبا ظاهرا فلهذا الوجه جعلته يرد السلعة بغير
عينها (قلت) وكذلك لو وكل وكيلا يبيع له سلعة فباعها لم يكن له أن يقبل ولا
يضع من ثمنها شيئا (قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قال ابن القاسم)
وهذا في الوكيل على اشتراء شئ بعينه أو بيعه في الشئ القليل المفرد وأما الوكيل
المفوض إليه الذي يشتري ويبيع باجتهاده فهذا الذي يكون كل ما صنع على النظر من
إقالة أو رد بعيب أو ابتداء اشتراء عيب جائز على الآمر إذا لم يكن فيما فعل محاباة
(قلت) أرأيت أن وكلت رجلا يسلم لي في طعام ففعل فلما حل الاجل أخذ الوكيل
الذي عليه الطعام من غير أن يأمره بذلك الآمر (قال) لا يجوز ذلك عند مالك
252

وقد فسرنا ما يشبه هذا
(في الوكيل يوكل الرجل يبتاع له سلعة أو طعاما والثمن من)
(عند الوكيل ففعل وأمسك حتى يأخذ له ذلك)
(قلت) أرأيت أن وكلت رجلا يشترى لي طعاما من السوق أو سلعة من السلع
وأمرته ينقد من عنده ففعل ثم أتيته لا قبض ذلك منه فمنعني حتى أدفع إليه الثمن نقدا
(قال) أرى أن تأخذ السلعة وليس للمأمور أن يمنعه السلعة لأنه إنما أقرضه الدنانير التي
اشترى له بها السلعة ولم يرتهن شيئا فليس له أن يمنعه مما اشترى له من ذلك (قال
ابن القاسم) ولو أن رجلا أمر رجلا أن يشترى له سلعة من بلد من البلدان ولم يدفع
إليه الثمن وقال أسلفني ثمنها فابتاعها ثم قدم فقال الآمر ادفع إلى السلعة وقال المأمور
لا أدفع حتى تدفع إلى الثمن فأبى أن يدفع إليه السلعة كان ذلك للآمر لان الثمن كان
سلفا والسلعة عنده وديعة وليست برهن وليس له أن يرتهن ما لم يرهنه * وذلك أن مالكا
سئل عن رجل أمر رجلا يبتاع له لؤلؤا من مكة وينقد الثمن من عنده حتى قدم
فيدفع إليه الآمر ثمنها فقدم المأمور فزعم أنه قد ابتاع الذي أمره به وانه قد ضاع
منه بعد ما اشتراه (قال مالك) أرى أن يحلف بالله الذي لا إله إلا هو انه لقد ابتاع
له ما أمره به ونقد عنه ويأخذ منه الثمن لأنه قد أئتمنه حين قال له ابتع لي وانقد عنى
فلو كان رهنا يجوز له حبسه بحقه ما قال مالك ان له أن يرجع بثمنه حتى يقاصه بثمنه
إلا أن يكون له بينة على هلاكه فلما قال مالك انه يرجع بالثمن ويحلف عملنا أنه ليس
برهن وليس له عند مالك أن يجعله رهنا بعد ما اشتراه ووجب للآمر إلا أن يرضى
الآمر من ذي قبل أو يكون الآمر قال له ابتعه لي وانقد عنى من عندك واحبسه
حتى أدفع إليك الثمن فهذا يكون رهنا عنده (قال ابن القاسم) ومما يبين ذلك لك أن
لو اشتراها ببينة وكان ذلك مما يغيب عليه مثل الثياب والجوهر واللؤلؤ وما أشبه ذلك
ثم ادعى أنه هلك في يديه لم تسئل البينة ولم يقاص بشئ منها فيما دفع عن الآمر في ثمنها
وحلف ان اتهم واستوفى ثمنها فهذا يدلك على أنها ليست برهن ويدلك على أنه ليس
253

له أن يحبسها إذا اشتراها لغيره ووجب الثمن الذي دفع فيها قرضا منه له وإنما هي
عنده وديعة من الودائع مصدق فيها (قلت) أرأيت الرجل يبيع السلعة من الرجل
فيدعى البائع أنه باعه على أن الخيار للبائع ثلاثا وأنكر المشترى فقال اشتريتها وما
اشترطت على الخيار (قال) لا يصدق البائع والبيع له لازم (قال) وسألت مالكا عن الرجل
يبيع الرجل السلعة فيأتيه من الغد بالثمن وقد احتبس صاحب السلعة السلعة فيقول البائع
إنما بعتك أمس على أن جئتني بالثمن اليوم وإلا فلا بيع بيني وبينك وقال الآخر لم أشرط
لك شيئا من ذلك (قال مالك) البيع له لازم وهو مدع ومسألتك مثل هذا (قال)
وقال مالك ولو ثبت له هذا ما رأيت ذلك ينفعه ورأيت البيع لازما له ولم يره مثل
الخيار في هذا الوجه (قلت) أرأيت لو أنى اشتريت من رجل طعاما فأصبت بالطعام
عيبا فجئت أرده فقال البائع بعتك حملا من طعام بمائة درهم وقال المشترى بل اشتريت
منك نصف حمل بمائة درهم ان القول قول المشترى إذا كان يشبه أن يكون نصف
الحمل بمائة درهم لان البائع قد أقر له بالمائة * ألا ترى لو أن رجلا باع فرسا أو جارية أو
ثوبا فوجد المشترى عيبا فجاء ليرده فقال بعتكه وآخر معه بمائة دينار وقال المشترى
بل بعتنيه وحده بمائة دينار كان القول قول المشترى لان البائع قد أقر له بالثمن
والبائع مدع فيما زعم أنه باعه منه فإن لم يشبه ما قال المشترى وتفاحش ذلك كان
القول قول البائع مع يمينه ولا يرد من الثمن الا نصفه نصف ثمن القمح ولا غرم
على المشترى في النصف الحمل الباقي إذا حلف لان البائع فيه مدع (قلت) أرأيت
هي حالة القول قول من (قال) سئل مالك عن رجل باع من رجل سلعة فأتاه يقضيه
الثمن بعد ذلك فقال المبتاع بعتني إلى أجل كذا وكذا وقال البائع بل حال (قال)
إن كان الذي ادعى المبتاع أجلا قريبا لا يتهم في مثله فالقول قوله والا كان القول
قول البائع الذي قال حالة إلا أن يكون لأهل تلك السلعة أمر يتبايعون عليه قد عرفوه
فيكون القول قول من ادعى الامر المعروف عندهم ومن ادعى عليه قرض فادعى
254

الاجل وقال الآخر فالقول قول المقرض ولا يشبه هذا البيع (قلت) أرأيت
الرجل يدفع إلى الرجل السلعة فيقول الدافع أمرتك ان ترهنها ويقول المدفوع إليه
بل أمرتني أن أبيعها (قال) القول قول الدافع فاتت أو لم تفت (قلت) وهذا قول
مالك (قال) قال مالك في الرجل يدعى السلعة في يد الرجل فيقول المدفوع إليه
ارتهنتها ويقول صاحبها استودعتكها ان القول قول ربها (قلت) فان قال الدافع
أمرتك أن تبيعها بطعام وقال المأمور أمرتني أن أبيعها بالدنانير (قال) إن لم تفت
السلعة كان القول قول الدافع وان فاتت فالقول قول المأمور ويحلف لان مالكا قال
في الذي يدفع إلى الرجل السلعة يبيعها له فيقول المأمور أمرتني بعشرة ويقول الآمر
بل أمرتك باثني عشر (قال) القول قول صاحبها إن لم تفت ويحلف وان فاتت كان
القول قول المأمور ولا شئ عليه (قلت) أرأيت أن دفع إليه دنانير فقال رب
الدنانير أمرتك أن تشترى بها طعاما وقال المأمور بل أمرتني أن أشتري بها ثوبا
(قال) القول قول المأمور (قلت) فما الفرق بين الدنانير والدراهم والسلعة قلت
في الدنانير والدراهم القول قول المأمور وقلت في البيع إذا أمره أن يبيعها ان القول
قول الآمر (قال) لان السلع قائمة بأعيانها لم تفت وان كانت في يد المشتري فلذلك
كان القول قوله إذا هي لم تفت والدنانير والدراهم حين أذن له في أن يشترى بها سلعة
فالدنانير والدراهم فائتة مستهلكة فالقول فيها قول المأمور وكذلك أيضا في السلع إذا
كانت مستهلكة قد فاتت فالقول فيها قول المأمور أيضا (قلت) أرأيت هذه
الأقاويل كلها هي قول مالك (قال) أما في السلع إذا فاتت وإذا لم تفت فهو قول مالك
وأما في الدنانير والدراهم فلم أسمعه منه (قلت) أرأيت لو أنى دفعت إلى رجل
ثوبا ليرهنه ففعل فلما جئته أن أفتكه قال الرسول قد رهنته بعشرة دنانير وقد دفتها
إليك وقال الآمر ما أمرتك الا بخمسة وقبضتها منك أو قال لم أقبضها منك (قال)
إذا أقر بالرهن فالقول قول المرتهن إذا كان الرهن يساوى ما قال المرتهن فان قال لم
أقبض منك شيئا وقد أمرتك أن ترهنها وقال الرسول قد رهنتها وقد دفعت إليك
255

الذهب كان القول أيضا قول الرسول في الدفع والقول قول المرتهن فيما رهن به إذا
كانت قيمة الرهن مثل ما قال (قلت) ولم كان القول قول الرسول إذا قال الآمر
لم أقبض منك شيئا (قال) لأنه أتمنه عليه ومثل ما لو قال له بع لي هذه السلعة فباعها
وقال قد دفعت إليك الثمن وقال الآمر لم تدفع إلى كان القول قول البائع لان من
باع سلعة فله قبض المال فإن لم يكن قيل له بع واقبض وإنما قيل بع فسنة من باع أنه
يقبض فهو مصدق في القبض وهو بمنزلة رجل قبله وديعة لرجل فقال له المستودع
قد رددتها عليك فالقول قولا لان المستودع لم يأمره بالدفع إلى غيره فيكون على
المستودع ما على وليم اليتيم * وقال المخزومي ولو دفع رجل إلى رجل ثوبا ليرهنه لرب
الثوب فاختلفا كان كما وصفت لك في صدر الكتاب وإن كان إنما دفعه إليه ليرهنه
لنفسه يقر له رب الثوب بذلك أنه أعاره ليرهنه لنفسه ثم اختلفا فقال رب الثوب
أمرتك أن ترهنه بخمسة وقال الراهن لنفسه المستعير للثوب ليرهنه أذنت لي ان أرهنه
بعشرة والثوب يسوى عشرة القول قول رب الثوب أنه لم يأذن له الا بخمسة ولا
يكون رهنا الا بما أقر به المعير والمستعير مدع عليه
(في الرجل يوكل رجلا يبتاع له سلعة أو جارية بدين له عليه)
(قلت) أرأيت لو كان لي على رجل ألف درهم فقلت اشترى بها سلعة من
السلع جارية أو دابة أو أمرته أن يشترى لي بها سلعة بعينها (قال) قال مالك إذا كان
الآمر صاحب الدين حاضرا حيث يشتريها له الأمور الذي عليه الدين لم أر بذلك
بأسا (قال) مالك وإن كان الآمر ليس بحاضر لم يعجبني ذلك (قال) وذلك أن مالكا
قال لنا لو أن رجلا قدم من بلد من البلدان بمتاع فباع من أهل الأسواق فصارت ذهبه
عند أهل الأسواق فقال لهم بعد ذلك أنى مشغول ولا أبصر سلعة كذا وكذا
فاشتروها بمالي عندكم من تلك الذهب وهو حاضر (قال مالك) لا بأس بذلك (قال)
فقلت لمالك فلو أن رجلا كان له على رجل دين وهو غائب عنه فكتب إليه أن
يشترى له بذلك الدين سلعة من السلع (قال) لا يجبني ذلك إلا أن يكون كتب
256

في ذلك إلى رجل وكله يقبض ذلك منه فلا بأس به ولم يره مثله إذا لم يوكل (قال)
وقال لي مالك لو أن رجلا كتب إلى رجل أن يشترى له حاجة في بلد غيره بلده من
كسوة يحتاج إليها أو غير ذلك ففعل فبعثها إليه وأمره أن يشترى له بتلك الذهب
التي اشترى له بها شيئا مما يحتاج إليه في بلده (قال مالك) لا بأس بذلك وهذا من
المعروف الذي ينبغي للناس أن يفعلوه فيما بينهم ففرق لي مالك بين هذه الوجوه الثلاثة
على ما فسرت لك (قال ابن القاسم) وهي في القياس واحد
(تم كتاب الوكالات من المدونة الكبرى)
(والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب العرايا)
257

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب العرايا)
(ما جاء في العرايا)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم صف لي العرايا ما هي وفي أي الثمار ما هي ولمن يجوز له
بيعها إذا أعراها (قال) قال مالك العرايا في النخل وفى جميع الثمار كلها مما يبيس ويدخر
مثل العنب والتين والجوز واللوز وما أشبهه مما يبس ويدخر يهب ثمرتها صاحبها
لرجل ثم يبدو لصاحبها الذي أعراها أن يبتاعها من الذي أعراها والثمر في رؤس
النخل بعد ما طابت انها يحل لصاحبها الذي أعراها أن يشتريها بالدنانير والدراهم
وان كانت أكثر من خمسة أو سوق ويشتريها بالطعام الذي هو من غير صنفها نقدا
إذا جدها مكانه وبالعروض نقدا أو إلى أجل والدنانير كذلك نقدا أو إلى أجل
ويبتاعها بخرصها من صنفها إلى جدادها إذا كانت خمسة أو سق فأدنى وان كانت
أكثر من خمسة أوسق لم يصلح بيعها بتمر إلى الجداد ولا يصلح بتمر نقدا ولا ينبغي
له أن يبتاعها بشئ من الطعام مخالف لها إلى أجل ولا بأس أن يبتاعها في قول مالك
بطعام مخالف لها إذا أخذ الثمرة مكانه صاحبها الذي يبتاعها ويدفع إليه الطعام
المخالف للثمرة مكانه قبل أن يتفرقا وان تفرقا قبل أن يجدها وان دفع إليه الطعام فلا
خير فيه فهذا الذي سمعت من قول مالك في العرايا (قال) وقال مالك وإنما بيع
258

العرية بخرصها من التمر ان ذلك يتحرى ويخرص في رؤس النخل وليست له مكيلة وإنما
ذلك بمنزلة التولية والإقالة والشرك ولو كان ذلك بمنزلة غيره من البيوع ما أشرك
الرجل أحدا في طعام حتى يستوفيه ولا أقال منه حتى يقبضه ولا ولاه (قال) وبيع
العرايا إلى الجداد إنما ذلك مرفق من صاحب الحائط علي صاحب العرية يكفيه
عريته ويضمن له خرصها حتى يعطيه إياها تمرا ولولا ذلك ضاعت عريته أو يستأجر
فتذهب الإجارة ببعضها (قال) مالك وإنما فرق بين بيع العرايا بالتمر وبين المزابنة
لان المزابنة بيع على وجه المكايسة وان بيع العرايا بالتمر على وجه المعروف لا زيادة
فيه ولا مكايسة. ومثل ذلك الرجل يبدل للرجل الدراهم بأوزن من دراهمه فإذا كان
ذلك على وجه المعروف جاز وإن كان على وجه البيع لم يجز وإنما وضع ذلك على وجه
المرفق لصاحب التمر الذي ابتاعه وفيه العرية العذق والعذقان والثلاثة فينزله الرجل
بأهله فيشق عليه أن يطأه رب العرية كلما أقبل وأدبر ويريد رب الثمرة الذي ابتاعها
أو ورثها أن يسد بابه ولا يدخله أحد فيأتي رب العرية فيدخل فلا ينبغي أن يحال بينه
وبين ما يجعل له من عريته فرخص لرب الثمرة أن يبتاع من رب العرية عريته
بخرصها يضمنها له حتى يوفيه إياها تمرا لموضع مرفق ذلك به وأنه ليس
على وجه المكايسة والتجارة وان ذلك معروف منه كله ولا أحب أن يجاوز خمسة
أو سق. ويدل على ذلك أن ابن وهب حدث أن عمر بن محمد وعبد الله بن عمر ومالك
ابن أنس حدثوه عن نافع عن ابن عمر وعن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها تمرا. وذكر مالك عن داود
ابن الحصين أن أبا سفيان مولى ابن أبي أحمد أخبره عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا بخرصها ما دون خمسة أوسق أو في خمسة
أو سق يشك داود لا يدرى قال خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق ويدل على أنها
معروف وأنها لا تنزل على وجه البيع والمكايسة وأنها رخصة لما فيه من المرفق
لمن أريد ارفاقه وطرح المضرة عمن أرفق لما يدخل عليه من واطئة الرجل والأذى
259

في حائطه وما ذكر ابن لهيعة وان أكن مالك لا يأخذ ببعضه ولكنه يزع من أنكر
ذلك (قال ابن وهب) ذكر ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أنه سئل عن العرايا
فقال كان الرجل يطعم أخاه النخلة والنخلتين والثلاث في نخله فكان رسول الله صلى
اله عليه وسلم يرخص للذي أطعمهن أن يبيعهن قبل أن يبدو صلاحهن فقد جوز
في هذا الحديث بيعها قبل أن يبدو صلاحها لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم
من اتمام المعروف وطرح المضرة والضيق (ابن وهب) عن عمرو بن الحرث عن
عبد ربه بن سعيد الأنصاري أنه قال في العرية الرجل يعرى الرجل النخلة والرجل
يستثنى من ماله النخلة أو النخلتين يأكلها فيبيعها بتمر
(في عرية النخل ليس فيها تمر)
(قلت) فهل يجوز أن يعرى الرجل الرجل النخل أو الشجر قبل أن يكون فيها
الثمرة وقبل أن يطلع في الشجر شئ (قال) لا بأس به عند مالك (قال مالك) ولا
بأس أن يعرى الرجل الرجل النخلتين والثلاث يأكل ثمرتها السنتين والثلاث (وقال
ابن وهب) قال مالك أو ما عاش المعرى (قال مالك) وهذه العرايا لا يشتريها حتى
تطيب ثمرتها بحال ما فسرت لك لا يشتريها بعد أن تطلع حتى تزهي ويحل بيعها
(في بيع العرية من غير الذي أعراها)
(قال) وقال لي مالك لا أرى بأسا لصاحب العرية أن يبيعها ممن له ثمرة الحائط
وإن كان غير الذي أعراه بخرصه (قال) لي ما مالك انه يجوز أن يأخذ ذلك بخرصه
ممن اشترى ثمرة الحائط أو اشترى أصل النخل بثمرة لان الثمرة إذا طابت زايلت
النخل (قال) وفيما قال مالك لو أن رجلا باع حائطا وترك الثمرة لنفسه أو باع حائطه
من رجل والثمرة من رجل آخر وفيه نخل قد أعراه جاز لمن كانت له الثمرة إذا كان
صاحبها إنما أبقاها لنفسه أو باعها من غيره ان تلك العرية بما وصفت لك
260

(في العرية يبيعها صاحبها من رجل ثم يشتريها الذي أعراها)
(قلت) أرأيت لو أن الرجل الذي أعرى هذه النخل باعها من غيره بعد ما أزهت
وحل البيع بما يجوز له ثم أراد صاحب النخل الذي له الثمرة أن يأخذها بخرصها من
الذي اشتراها من الذي أعراها أيجوز ذلك في قول مالك (فقال) قال مالك انه جائز
لأنه لو أن رجلا أسكن رجلا منزلا في دار له حياته ثم وهب تلك السكنى لرجل غيره
حياته لجاز لصاحب الدار أن يبتاع من الموهوبة له تلك السكنى كما كان يجوز له أن
يشترى من الموهوبة له نفسه المسكن والذي أسكن حياته لا يبيع سكنى حياته ويجوز
له أن بهبه فهبة السكنى بمنزلة بيع الثمرة وهبتها لمن أراد أن يشتريها منه (قال) ولقد
سألت مالكا عن الرجل يكون له الحائط ولرجل فيه نخلة فيريد بعد أن تطيب
النخلة ويحل بيع الثمار أن يبتاعها منه بخرصها إلى الجداد (فقال) لي مالك إن كان على
وجه ما يكره من دخوله وخروجه فلا يعجبني ذلك وأراه من بيع التمر بالرطب
لان هذا له الأصل ولم يعر وإن كان على وجه الكفاية له والمؤنة لم أر بأسا إذا
كان على وجه المعروف والعرايا قد يجوز فيها على الوجهين جميعا على وجه الكفاية
وكراهية الدخول والخروج قد يشتريها منه على وجه الكفاية فلا يكون بذلك بأس
فلا تبالي إذا خرجت من يدي الذي أعراها إلى غيره بهبة أو بثمن أن يشتريها الذي
له الثمر لان الرخصة فيها إنما هي الذي أعراها على وجه ما يكره من دخوله
وخروجه أو على وجه كفاية المؤنة لصاحبه فلا بأس بهذا في الامرين جميعا في رأيي
على ما سمعت من مالك والله أعلم * ولو كان مكروها أن يشتريها من أعراها ممن
اشتراها لكان مكروها لم اشترى الثمرة أن يشترى ما أعرى بائعه فهذا يدلك
وهذا أشد لكراهيته ولكن لا بأس به (قال سحنون) وقد قال بعض كبار أصحاب
مالك ان العرية لا يجوز شراؤها لمن أعراها الا لما يدخل عليه من المضرة من الدخول
عليه في حائط فصار ما كان منه من المعروف مضرة تدخل عنه عليه فأرخص له في
نفى المضرة والقائها وبذلك يجوز له أن يشترى النخلة تكون في حائطه وإن كان أصل
261

ملكها ليس على عرية تشبه ذلك لما يخاف من ادخال المضرة على صاحب العرية
فلذلك جوز أمر صاحب النخلة وخفف وليس يحمله قياس ولكنه موضع تخفيف
(في العرية تباع بغير صنفها من التمر أو بالبسر أو بالرطب)
(قلت) أرأيت أن أعراني نخلا له صيحانيا فأراد شراءه بتمر برني إلى الجداد
أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لا يجوز له أن يأخذه الا بصنفه والا دخله بيع
الرطب بالتمر إلى أجل (قال سحنون) ودخلته المزابنة وخرج من حد المعروف
الذي سهل بيعه ألا ترى أن التولية في الطعام ان تأخر أو زاد أو نقص وحال عن
موضع رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم صار بيعا يحله ما يحل البيع ويحرمه
ما يحرم البيع (قلت) ولا يجوز أن تشترى العرايا بالرطب ولا بالبسر (قال) نعم
لا يجوز
(في المعرى يشترى بعض عريته)
(قلت) أرأيت أن اشترى بعض العرية وترك بعضها وهي خمسة أو سق وأكثر
أيجوز ذلك في قول مالك (قال) بلغني عن مالك أنه قال لا بأس أن يشترى منها
خمسة أوسق فأدنى (ابن القاسم) وأنا أرى ذلك حسنا لان مالكا قال لي لو أن
رجلا أسكن داره رجلا لم يكن بأس أن يشترى ممن أسكن بعض سكناه ويترك
بعضه فهذا عندي مثل العرية ولم أسمع العرية من مالك إلا أنى سمعت السكنى من
مالك والعرية على هذا واستحسنته على ما بلغني (قال سحنون) قال ابن وهب قال
مالك ولا أحب أن يجاوز خمسة أو سق من كل رجل أعرى إن كان منهم من فد
أعراه ما يكون خرس ثمرته خمسة أو سق فلا يعطاها كلها فاما أن يكون رجل قد
أعرى ناسا شتى فيأخذ من هذا خرص خمسة أو سق ومن هذا خرص وسقين
فيكون ذلك أكثر من خمسة أو سق إذا اجتمعوا فلا بأس به ولا أحب ذلك
لغير صاحب العرية ولا بأس أن يعطى الرجل كله (قلت) لابن القاسم أرأيت
262

ان أعرى خمسة أوسق فأدنى فأراد أن يأخذ بعضها بخرصها ويترك بعضها (قال)
قال مالك ذلك جائز (قلت) وكذلك أن مات الذي أعرى والذي أعري فورثتهما
مكانهما يجوز لهم ما كان يجوز للآباء قبلهم قال نعم (قال سحنون) وقال بعض
كبار أصحاب مالك إذا كانت العرية خمسة أوسق أو أدني فلا يجوز للمعرى أن يشترى
هو بعض عريته لان الرخصة في العرية وفى بيعها لما يدخل على المعرى في حائطه من
دخول المعرى وخروجه فإذا اشترى بعض ذلك فلم يقطع عن نفسه ماله سهل شراء
العرية صار هذا إنما يطل بالفضل والريح فدخله ما خيف من المزابنة
(في الرجل يعرى أكثر من خمسة أوسق ثم يريد شراءها)
(قلت) أرأيت أن أعراني حائطه كله أيجوز له أن يأخذه من بخرصه بعد ما أزهى
وحل بيعه في قول مالك (قال) بلغني عن مالك ولم أسمعه منه انه كان يقول إذا كان
الحائط خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق فأعراه كله جاز شراؤه للذي أعراه بخرصه
إلى الجداد بحال ما وصفت لك لان النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في خمسة أوسق
أو دون خمسة أوسق في العرايا أن تباع بخرصها (قال) فإن كان الحائط أكثر من خمسة
أوسق لم يجز له أن يشترى منه الا خمسة أوسق (قال) ولقد سألت مالكا عنها فقال
لا بأس به بالدنانير والدراهم فإن كان ذلك الحائط الذي أعراه أكثر من خمسة
أوسق قال فقلت لمالك فإلى الجداد بالتمر فأبى أن يجيبني فيه وقد بلغني عنه أنه قاله
وأجازه وهو عندي سواء. ومما يبين لك ذلك لو أن رجلا أسكن رجلا دارا له كلها
حياته فأراد أن يبتاع منه بعض سكناه بدنانير يدفعها إليه لم يكن بذلك بأس (قال) ولقد
سألت مالكا عنه فقال لي لا بأس به (قلت) وإن كان الدار كلها (قال) والدار كلها إذا
أسكنها ربها رجلا والبيت سواء (قال ابن القاسم) فان قال قائل ان الحائط إذا كان
كله خمسة أوسق فأدنى لا يدخل على ربه فيه أحد ولا يؤذيه لأنه قد أعرى ثمرته كلها
فلا يجوز له أن يشترى ذلك وإنما الرخصة على وجه ما يتأذى به من دخول من أعراه
وخروجه فليس هو كما قال والحجة على من قال هذا ان الدار إذا أسكنها رجل كلها
263

لم يدخل عليه أحد ولم يخرج منها ولا بأس لصاحب المسكن أن يشترى سكنى المسكن
أو بعضه وأصل هذا إذا كان قد أعرى الحائط وهي خمسة أوسق فأراد شراء ذلك
فلا بأس بذلك
(الرجل يعرى من حوائط له ثم يريد شراءها)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا له حوائط كثيرة متنائية في بلد واحد أو في بلدان شتى
أعرى من كل حائط منها خمسة أوسق فأدنى أو أكثر أيجوز له أن يتشرى من
كل حائط منها خمسة أو سق فأدنى (قال) نعم بلغني أن مالكا قال نعم يجوز له أن
يشترى من كل حائط خمسة أوسق فأدنى (قال) وكذلك لو أنه أعرى من حائط واحد
ناسا شتى واحدا أربعة أوسق وآخر خمسة أوسق وآخر ثلاثة أوسق جاز له أن يشترى
من كل واحد منهم ما أعرى وإن كان ذلك كله إذا جمع يكون أكثر من خمسة
أوسق فذلك جائز لا بأس به وقد بلغني عن غير واحد أن مالكا قاله
(الرجال يعرون رجلا واحدا)
(قلت) ما قول مالك في عشرة رجال اشتركوا في حائط أعروا رجلا خمسين وسقا
فأراد كل واحد منهم أن يأخذ خمسة أوسق بما يجوز أن تشترى به العرايا (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا ولم يبلغني عنه وأراه جائزا لان كل واحد منهم إنما أعرى
خمسة أو سق فلا بأس به وهو عندي أجوز وأوضح من الرجل يعرى عشرة أوسق
فيشترى خمسة ويترك خمسة وقد أجازها مالك فهذا أجوز. ومما يبين لك ذلك أن
لو اشتروها جميعا بخرصها لم يكن بذلك بأس فكذلك وان افترقوا إنما اشترى كل
واحد منهم ما أعرى
(في الرجل يعرى ناسا شتى)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أعري عشرة رجال حائطا له فأراد أن يأخذ من كل
واحد منهم خمسة أوسق يخرصها أو بما ذكرت مما يجوز بيعه في قول مالك (قال) قال
264

مالك لا بأس به
(في عرية الفاكهة الرطبة والبقول)
(قلت) هل تكون العرايا في الفاكهة الخضراء التفاح والرمان والخوخ وما أشبه
هذا والبطيخ والموز والقصب أو ما أشبه هذا من الأشياء من الفاكهة والبقول
(قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى العرايا في هذا جائزة أن
تشترى بخرصها لأنها تقطع خضراء فكيف يبيع ما يقطع مكانه ولا يؤخر لليبس
والادخار (قال) ولا بأس ان أعراه هذه الأشياء التي ذكرت من الخضر والفاكهة
الخضراء أن يبتاع ذلك منه إذا حل بيعه بالدنانير والدراهم والعروض. ومما يبين لك
ذلك أن العرايا فيما ذكرت لا تباع بخرصها لو أن رجلا أعري رجلا نخلا قد أزهت
وأرطبت فباعها من صاحبها على أن يعطيه بخرصها رطبا ما كان في ذلك خير لان هذا
لم يشتر بما أرخص فيه لمشتري العرايا بخرصها. ولو أن رجلا أعرى رجلا نخلا
لا نثمر وإنما تؤكل رطبا مثل نخر مصر لم يحل بيعها بخرصها من التمر وكذلك
العنب وما أشبهه مما لا يبس ولا يكون زبيبا لا يباع بشئ من خرصه لا يباع الا
الا بالذهب والورق والعروض نقدا أو إلى أجل ولا بأس به بالطعام المخالف له إذا
عجل الطعام وقبضه مكانه فإن كان في أحدهما تأخير فلا يحل (قال سحنون) قال
ابن وهب وقال مالك في الرجل يعري التين والزيتون وأشابه ذلك ثم يشتريها كما
يشتري التمر (قال) أرى بيع العرية جائزا إذا كانت مما يبيس كله ويدخر (قال)
وأخبرني ابن وهب عن مسلمة بن علي وبشر بن بكر عن الأوزاعي أنه قال العرايا
تكون في العنب والزيتون والثمار كلها
(في منحة الإبل والبقر والغنم)
(قلت) ما قول مالك في الإبل والبقر والغنم يمنحها صاحبها رجلا يحتلبها عاما أو عامين
أو أعواما هل يجوز هذا في قول مالك (قال) قال مالك لا بأس أن يمنح الرجل لبن
265

إبله وبقره وغنمه العام والعامين وأعواما (قلت) فهل له إذا أعرى أو منح أن يرجع
في ذلك بعد ما أعرى أو منح في قول مالك (قال) ليس له أن يرجع في ذلك (قال)
والسكنى عندي بهذه المنزلة والخدمة (قلت) أرأيت الذي يمنح اللبن العام أو الأعوام
ان أراد شراء ذلك أيجوز في قول مالك ويرتجع غنمه ولبنها (قال) له أن يشترى منحته
لان مالكا قال لنا لو أن رجلا أخدم رجلا عبدا حياته أو أسكن رجلا دارا حياته
جاز له أن يشترى خدمة الغلام وسكنى الدار وذلك يجوز فلما جاز ذلك للذي أخدم
وأسكن جاز للذي منح أن يشترى منحته أيضا (قلت) بم يجوز لي أن أشتري في
قول مالك (قال) بالدنانير والدراهم والعروض كلها نقدا أو إلى أجل والطعام نقدا أو
إلى أجل لان مالكا قال لا بأس بشراء الشاة اللبون بالطعام إلى أجل (قلت) فبم يجوز
أن أشتري سكناي وخدمة عبدي الذي أخدمت (قال) بما شئت من الدنانير
والدراهم والعروض والطعام وجميع الأشياء (قلت) فهل يجوز له أن يشترى سكناه
الذي أسكنه بسكنى دار له أخرى أو خدمته بخدمة عبد له آخر أيجوز أم لا (قال)
لا أرى به بأسا (قال سحنون) وإنما معناه أنه يجوز بخدمة عبد له آخر أو بسكنى
دار له أخرى أيعطيه الدار بأصلها أو بسكناها عشر سنين أو أقل من ذلك إذا كان
أمرا معروفا والعبد مثل الدار
(في المعرى يموت قبل أن يقبض المعرى عريته)
(قلت) أرأيت أن أعرى نخلا له فمات ربها قبل أن يطلع في النخل شئ وقيل أن يجوز
المعرى النخل أللورثة أن يبطلوا العرية (قال) نعم ذلك للورثة والعرية غير جائزة للذي
أعراها ان مات ربها قبل أن يطلع في النخل شئ وقبل أن يجوز النخل (قلت) وهذا
قول مالك (قال) نعم (قلت) فلو مات صاحب العرية الذي أعراها قبل أن يطيب
النخل وقبل أن يقبض صاحب المنحة الذي منح اللبن قبل أن يكون اللبن أو قبل أن
يقبض اللبن والسكنى والخدمة مات ربها قبل أن يقبض ذلك المسكن أو المخدم وقبل أن
يأتي إبان ذلك أن كان ضرب لذلك أجلا أو قال إذا خرجت الثمار أو جاء اللبن فاقبض
266

ذلك وأشهد له فمات رب هذه الأشياء قبل أن يقبض الغنم أو النخل أو العبد أو الدار
(قال) قال مالك في هذا لا خير فيه لمن أعرى ولا منح ولا سكن ولا أخدم في شئ
من ذلك إذا مات ربها الذي منحها (قال) ولا منحة للذي منح لأنه لم يقبض منحته
حتى مات الذي منحها (قال) وقال لي مالك لو أن رجلا قال فرسي هذا بعد سنة في
سبيل الله وأشهد على ذلك وبتله ثم مات صاحبه قبل السنة وقبل أن ينفذه فلا حق
لأهل سبيل الله فيه وهو موروث على فرائض الله بين من ورثه (قال مالك) ولو
أن رجلا تصدق على ابن له كبير غائب أو على رجل غائب بدار حاضرة فلم يقدم ابنه
ولا الرجل حتى مات ربها فلا شئ للمتصدق عليه (قال) وقد علم أن الذي منعه من
قبض صدقته غيبة المتصدقة عليه فان مات ربها قبل أن يقبض فكل شئ ذكرت
لك من هذه الأشياء مثل هذا فهو واحد (قال) لي مالك لو أن رجلا منح رجلا
بعيرا إلى الزراع فمات صاحبه قبل أن يأتي الزراع وهو في يد صاحبه لم يقبضه لم يكن
له شئ فهذا مثل الذي سألت عنه
(في زكاة العرية وسقيها)
(قلت) فزكاة العرية على من هي (فقال) قال لي مالك على الذي أعراها وهو رب
الحائط وليس على الذي أعراها شئ (قلت) أرأيت لو أن رجلا أعرى حائطا له
ولا ثمرة فيه على من علاج الحائط في قول مالك (قال) قال لي مالك السقي والزكاة
على رب الحائط (قال) وكذلك لو قسمه بين المساكين فأنت تعلم أنه لو تصدق
بثمرة حائطه على المساكين لكان سقيها على صاحبها ولم يؤخذ للمساكين ويستأجر
عليهم فيها منها وهو الذي سمعت ممن أثق به قديما. ومما يبين لك ذلك لو أن رجلا
وهب ثمرة حائطه أو نخلات قبل أن تطيب لكان سقيها وزكاتها على الذي وهبت
له ان كانت تبلغ الزكاة وان كانت لا تبلغ الزكاة لم يكن على واحد منهما زكاة والعرايا
ليس كذلك سقيها وزكاتها على الذي أعراها وليس على المعرى قليل ولا كثير
وإن لم تبلغ الزكاة ولو أن رجلا وهب ثمرة حائطه أو ثمرة نخلات من حائطه سنين
267

لم يجز لرب الحائط أن يشتري من الموهوب له قليلا ولا كثيرا بشئ من الخرص إلى
الجداد ولا يجوز له أن يشتريها الا بالدراهم والدنانير كما يجوز لغيره أن يشتريها أو
يشترى صدقته كلها (قلت) فان أعراه جزأ نصفا أو ثلثا (قال) الذي سمعت
من مالك وبلغني عنه أنه قال إن السقي على من أعراه ولو كأن يكون على الذي أعرى
إذا أعراه نصفا أو ثلثا لكان إذا أعراه نخلات بأعيانها أن يكون على الذي أعراها
سقيها ولكان عليه زكاتها فالعرايا والهبة تختلف فإذا كان إنما أصل ما أعطاه على
العرايا فعلى صاحبها الذي أعراها أن يسقيها وعليه زكاتها وليس على الذي أعرى
شئ وان كانت هبة أو تعمير سنين من نخلات بأعيانهن أو جزأ فعلى الذي أعمرها
أو وهبت له سقيها (قال ابن القاسم) وهذا وجه حسن وقد كان كبار من أدركت
من أصحابنا يحملون ذلك ويرون أن العرايا مثل الهبة وأبى ذلك مالك وفرق بينهما
في الزكاة والسقي
(في اشتراء العرية بخرصها قبل أن يحل بيعها)
(قلت) أرأيت العرايا قبل أن يحل بيعها أيجوز له أن يشتريها بخرصها (قال) لا يجوز
حتى يحل بيعها (قلت) فإذا حل بيعها أيجوز له أن يأخذها بخرصها من التمر نقدا
أو بشئ من الطعام (قال) أما بالتمر فلا يحل له إلا أن يشتريها بخرصها تمرا إلى الجداد
وأما أن يعجله فلا وأما بالطعام فلا يصلح أيضا إلا أن يجد ما في رؤسها مكانه ولا
يصلح أن يشتريها بطعام إلى أجل ولا بتمر نقدا وان جدها (قلت) فبالدنانير
والدراهم (قال) لا بأس أن يشتريها. من الذي أعراها بالدنانير والدراهم إذا حل بيعها
نقدا أو إلى أجل وكذلك بالعروض (قلت) فان اشتراها منه قبل أن يحل بيعها
بالدنانير والدراهم أو بشئ من العروض أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لا يجوز
ذلك عند مالك إلا أن يشتريه ليقطعه مكانه فأما أن يشتريه على أن يتركه فلا
يجوز له ذلك (قلت) وإنما وسع له في أن يأخذها بخرصها تمرا إنما ذلك إذا لم
يعجله وكان إنما يعطيه التمر من صنفها إلى الجداد قال نعم (قلت) وهذا قول مالك
268

(قال) نعم (قال سحنون) وأنا أراه جائزا
(في اشتراء العرية بخرصها ببرني أو بثمرة من حائط آخر)
(قلت) أرأيت من أعرى نخلا وهي عجوة أيجوز له أن يشتريها بخرصها إلى
الجداد ببرني في قول مالك (قال) لا يجوز ذلك في رأيي (قلت) أرأيت أن
اشترى عريته بخرصها تمرا من حائط له آخر (قال) لا أحب له هذا الشرط ولكن
يأخذها بخرصها مضمونا عليه ولا يسم ذلك في حائط بعينه لأنه إذا أخذ العرية
بخرصها كان له أن يبيع الحائط كله رطبا ويكون عليه ما ضمن للمعرى تمرا إذا جاء
الجداد ويعطيه من حيث شاء (قلت) تحفظه عن مالك أنه إذا باع حائطه رطبا ان
المعرى لا يكون له أن يأخذ ما ضمن له رب الحائط من خرص العرية الا الا الجداد
قال نعم (قال) وقال لنا مالك لا ينبغي لرب الحائط أن يشتريها لا بخرصها إلى
الجداد فلا أرى إذا باع حائطه رطبا أن يكون للمعرى أن يلزم رب الحائط شيئا مما
ضمن له الا إلى الجداد ولا أمنعه من بيع حائطه ان أراد
(تم كتاب العرايا بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد النبي)
(الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب التجارة بأرض العدو)
269

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي)
(وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب التجارة بأرض العدو)
(قلت) لابن القاسم هل كان مالك يكره أن يتجر الرجل إلى بلاد الحرب (قال)
نعم كان مالك يكرهه كراهية شديدة ويقول لا يخرج إلى بلادهم حيث تجري
أحكام الشرك عليه
(في بيع الكراع والسلاح والعروض لأهل الحرب)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أهل الحرب هل يباعون شيئا من الأشياء كراعا أو
عروضا أو سلاحا أو سروجا أو نحاسا أو غير ذلك في قول مالك (قال) قال مالك
(أما كل ما هو قوة على أهل الاسلام مما يتقوون به في حروبهم من كراه أو سلاح
أو خرثي (1) أو شئ مم أيعلم أنه قوة في الحرب من نحاس أو غيره فإنهم لا يباعون ذلك
(في الاشتراء من أهل الحرب وأهل الذمة بالدنانير والدراهم المنقوشة)
(قال) وسئل مالك عن القوم يغزون فينزلون قبرس فيشترون من أغنامهم وعسلهم
وسمنهم بالدنانير والدراهم فكره ذلك مالك ثم قال لنا ابتداء من عنده انى لأعظم أن
يعمد إلى دراهم فيها ذكر الله وكتابه فيعطاها نجس وأعظم ذلك اعظاما شديدا
وكرهه (قلت) فهؤلاء الذين ينزلون بساحلنا منهم وأهل ذمتنا أيصلح لنا أن
نشترى منهم بالدنانير والدراهم (فقال) مالك أكره ذلك (قال) فقيل له ان في
270

أسواقنا صيارفة منهم أفنصرف منهم (قال) مالك أكره ذلك
(في الربابين المسلم والحربي وبيع المجوسي من النصراني)
(قلت) هل سمعت مالكا يقول بين المسلم إذا دخل بلاد الحرب وبين الحربي ربا
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى للمسلم أن يعمد ذلك (قلت) أرأيت لو أن
عبيدا لي نصارى أردت أن أبيعهم من النصارى أيصلح لي ذلك (قال) لا بأس بهذا
عند وهو قول مالك (قال) ولقد وقفت مالكا غير مرة فقلت له يا أبا عبد الله ان
هؤلاء التجار الذين ينزلون بالرقيق من الصقالبة فيشتريهم أهل الاسلام فيبيعونهم
مكانهم عندما يشترونهم من أهل الذمة أيجوز ذلك (قال) قال مالك ما علمته حراما
وغيره أحسن منه (قال ابن القاسم) وأرى أن يمنعوا من شرائهم ويحال بينهم وبين ذلك
(قال) وقد قال مالك في الرجل يشترى الصقلبية من هؤلاء الروم فيصيب بها عيبا
انه لا بأس بأن يردها على الرومي إذا أصاب بها عيبا (قال) فقيل لمالك أفيردها عليه
وقد اشتراها وهو إنما اشتراها ليجعلها على دينه فلم ير مالك بذلك بأسا وقال يردها
(وقال ابن نافع) قال مالك المجوس إذا ملكوا أجبروا على الاسلام قيل له ويمنع النصراني
من شرائهم قال نعم (قيل) له فأهل الكتاب يمنع النصراني من شرائهم (قال) أما
الأطفال فنعم وأما الكبار فلا
(في اشتراء المسلم الخمر)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا مسلما دفع إلى نصراني دراهم يشترى له بها خمرا
ففعل النصراني فاشترى الخمر من نصراني (قال) قال مالك لو أن رجلا مسلما اشترى من
نصراني خمرا كسرتها على المسلم ولم أدعه يردها ولم أعط النصراني ثمنها إن كان لم
يقبض الثمن وتصدقت بثمنها حتى لا يعود هذا النصراني أن يبيع من المسلمين خمرا
(قال) فالذي سألت عنه إنما هو نصراني باع من نصراني فأرى الثمن للنصراني البائع
إذا كان لم يعلم أنه إنما اشتراها النصراني منه للمسلم فإن كان علم تصدق بالثمن أن
271

كان لم يقبضه وإن كان قبضه لم انتزعه منه وكسرت تلك الخمر التي اشتراها النصراني
لهذا المسلم على كل حال ولا تترك في يد هذا النصراني لأنه إنما اشتراها لمسلم
(في بيع الذي أرض الصلح)
(قلت) أرأيت الذي تكون له الأرض والدور وهي من أرض الصلح قد صالحوا
عليها أله أن يبيعها قال نعم (قلت) وكيف هذه الأرض التي صالحوا عليها صفها لنا
(فقال) تكون أرضهم في أيديهم ممنوعة قد منعوا أرضهم وأنفسهم حتى صالحوا عليها
ومنعوا أهل الاسلام من الدخول عليهم الا بعد الصلح فهذه أرض الصلح فما صالحوا
عليها فهي لهم بما صالحوا عليه من الجزية على جماجمهم والخراج على أرضهم فهذه إذا
أراد أن يبيعها لم يمنع من بيعها وان مات ورث ذلك ورثته إلا أن لا يكون له ورثة فتصير
لجماعة أهل الاسلام وان أسلم وهي في يديه سقطت عنه جزية جمجمته وجزية أرضه
وله أرضها بحالها بعد اسلامه بغير خراج (قلت) وهذا قول مالك (فقال) سمعت
مالكا يقول في الرجل الذمي المصالح إذا أسلم سقط عن أرضه وجمجمته الخراج
وصارت له لأنه لو لم يجز له أن يبيعها لم ينبغ أن تكون له إذا أسلم وهي في يديه (قال)
وبلغني أن مالكا كان يقول هل أن يبيع أرضه (قلت) أرأيت أن اشترى رجل مسلم
أرض هذا المصالح منه ما يكون على المسلم فيها (فقال) ليس على المسلم فيها شئ
وخراج الأرض على الذمي كما هو بحاله بعد البيع خراج الأرض التي صالح عليها
(قلت) وكذلك أن باعها من ذمي (فقال) نعم خراجها على الذي صالح والبيع جائز
(قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا لم أسمعه من مالك ولقد سأله عنه ناس من
المغربيين فأبى أن يجيبهم في هذا إلا أنه بلغني عنه ممن أثق به أنه قال لا بأس أن
يبيعوها إذا كانت أرض ملح (قلت) فلو أن قوما صالحوا على أرضهم فاشتري
أرضهم منهم رجل من أهل الاسلام والذين صالحوا على ذمتهم (قال) عليهم ما صالحوا
عليه من تلك الأرض التي باعوا ما كان عليها عندهم إذا اشتراها هذا المسلم إنما يؤخذ
بما عليها هذا الذي باعها الذي صالح عليها ما دام الذي صالح على ذمته فان أسلم الذي
272

صالح على هذه الأرض والأرض عند هذا المسلم الذي اشتراها سفط خراجها عن هذا
الذي صالح عليها لان هذا الذي صالح عليها لو كانت هذه الأرض بيده حتى أسلم لسقط
عنه خراجها فهي وان كانت في يد هذا المسلم سقط عنه الخراج باسلام بائعها (قال) وهذا
رأيي وان اشتراها المسلم على أن خراجها عليه والذمي منه برئ فهذا بيع مكروه لا يحل
لأنه قد اشترط عليه ما لا يدرى ما قدره ولا منتهاه ولا ما يبلغ (وذكر ابن نافع) عن
مالك أنه سئل عن أهل الذمة هل لهم أن يبيعوا أصل أرضهم (قال) ذلك يختلف أما
الذين أخذوهم وأرضهم عنوة ثم أقروا فيها وضربت عليهم فيها الجزية فليس لأحد
منهم أن يشترى منهم أصل الأرض لأنهم وأرضهم للمسلمين وأما الذين صالحوا
على الجزية فان أرضهم لهم ولهم أن يبيعوها ويصنعوا فيها ما أحبوا وهي مثل ما سواها
من أموالهم إذا لم تكن على الأرض جزية (وقال أشهب) إذا اشتراها فعلى
الأرض ما كان عليها عندهم ان اشتراها هذا المسلم يؤخذ بما عليها ما دام هذا الذي
باعها على دينه فان أسلم الذي صالح على هذه الأرض والأرض عند هذا المسلم الذي
اشتراها سقط خراجها عن هذا الذي اشتراها بمنزلة ما لو كانت في يدي هذا الذي
صالح عليها ثم أسلم يسقط عنه خراجها (وذكر) ابن مهدي عن سفيان الثوري عن
المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن قال اشترى عبد الله أرضا وشرط علي صاحبها
الخراج (ابن مهدي) عن حفص بن غياث عن مجالد عن الشعبي أن عبد الله بن
مسعود اشترى أرضا من أرض الخراج
(في بيع الذمي أرض العنوة)
(قلت) أرأيت ما افتتح من البلدان عنوة (فقال) ليس له أن يبيع من أرضه شيئا
(قلت) وتحفظه عن مالك قال نعم (قال ابن القاسم) فقيل لمالك فداره في هذه
الأرض التي افتتحت عنوة أيبيعها (فقال) داره عندي بمنزلة أرضه ليس له أن يبيعها
وليس لاحد أن يشتريها (قلت) فأرض مصر (قال) سمعت مالكا يقول لا يجوز
شراؤها ولا يجوز أن تقطع لاحد (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عمر بن عبيد الله
273

مولى عفرة أن الأشعث بن قيس اشترى من أهل سواد الكوفة أرضا لهم
واشترطوا عليه ان رضي عمر بن الخطاب فجاءه الأشعث بن قيس فقال يا أمير
المؤمنين اني اشتريت أرضا من أهل سواد الكوفة واشترطوا على أن أنت رضيت
فقال عمر ممن اشتريتها فقال من أهل الأرض فقال عمر كذبت وكذبوا ليست
لك ولا لهم
(في اشتراء أولاد أهل الصلح)
(قلت) أرأيت لو أن قوما من الحرب كانت بيننا وبينهم هدنة فأغار عليهم قوم
من أهل الحرب فسبوهم من المسلمين أيجوز للمسلمين أن يشتروهم (قال)
قال مالك لا يشتروهم وذلك أنا سألنا مالكا عن النوبة يغير عليهم غيرهم فيسبونهم
ويبيعونهم من المسلمين (قال مالك) لا أرى أن يشتروهم
(في اشتراء أولاد الحربي منه إذا نزل بأمان)
(قلت) أرأيت الفوم من أهل الحرب تجارا يدخلون بلادنا بأمان فيبيعوننا أولادهم
ونساءهم وأمهات أولادهم أنشتريهم منهم أ لا (قال) سئل مالك عن القوم من
أهل الحرب يقدمون يأتون بأبنائهم أفنبتاعهم منهم (فقال مالك) أبينكم وبينهم هدنة
قالوا لا قال لا بأس بذلك (قلت) وما معنى قول مالك ان الهدنة إذا كانت بيننا
وبينهم في بلادهم ثم قدم علينا بعضهم فأراد أن يبيعنا أولاده فهؤلاء الذين لا يجوز
لنا أن نشترى منهم قال نعم (قلت) وأما من لا هدنة بيننا وبينهم في الأصل إذا
قدم علينا ناجر فنزل بأمان أعطيناه انه لا بأس أن نشترى منه أولاده إذا كانوا
صغارا معه وأمهات أولاده (قال) نعم وهذا قول مالك الذي أخبرتك (قال) وسمعت
مالكا يقول لصغارهم من العهد ما لكبارهم (قلت) أرأيت الحربي يقدم بأم ولده أو بابنه
أو بابنته فيبيعهم أيصلح لنا أن نشتريهم منه (قال) سمعت مالكا وسئل عن أهل الحرب
هل نشترى منهم أبناءهم فقال مالك ألهم عهد أم ذمة فقالوا لا (قال) مالك فلا بأس أن
274

يشترى ذلك منهم (قلت) إنما سألتك عنهم إذا نزلوا بلادنا فأعطينا هم العهد على أن
يبيعوا تجارتهم وينصرفوا أيكون هذا عهدا يمنعنا من شراء أولادهم وأمهات أولادهم منهم
في قول مالك أم لا (قال) لم يكن محمل قول مالك عندي حين قال أبينكم وبينهم عهد إلا أنهم قدموا علينا تجارا وليس يلتقى أهل الحرب وأهل الاسلام الا بعهد ألا ترى أن
الداخل عليهم أيضا إن كان هذا المسلم هو الداخل عليهم بلادهم فإنه لا يدخل عليهم
الا بعهد فقد جاز لهذا أن يشترى منهم ممن ذكرنا عند مالك وقد دخل عليهم بعهد
فكذلك هم إذا خرجوا فكان لهم العهد فلا بأس أن يشترى منهم من ذكرت من
الأبناء والآباء وغيرهم (قلت) فالعهد الذي ذكره مالك وقال ألهم عهد قالوا لا ما هذا
العهد (قال) إذا كان العهد بيننا وبينهم وهم في بلادهم على أن لا نقاتلهم ولا نسبيهم
أعطونا على ذلك شيئا أو لم يعطونا فهذا العهد الذي ذكره مالك وليس العهد الذي
ينزلون به ليبيعوا تجارتهم يشبه هذا
(في اشتراء النصراني المسلم)
(قلت) أرأيت لو أن حربيا دخل فاشترى مسلما أينقض شراؤه أم يجبر على بيعه
(قال) أجبره على بيعه ولا أنقض شراءه مثل قول مالك في الذمي (قلت) أرأيت
النصراني يشتري الأمة المسلمة أو العبد المسلم أيجبره السلطان على البيع أم يفسخ
البيع بينهما (قال) قال مالك البيع بينهما جائز ويجبر السلطان النصراني على بيع الأمة أو
العبد (قلت) أرأيت نصرانيا اشترى عبدا مسلما أينقض البيع أم يكون البيع
جائزا أو يجبر السلطان النصراني على البيع (فقال) سألت مالكا عن ذلك فقال
البيع جائز ويجبر النصراني على بيع العهد (قلت) وكذلك لو اشترى مصحفا (قال)
لم أسمعه من مالك وأرى أن يجبر النصراني على بيع المصحف ولا يرد شراؤهم على
قول مالك في العبد المسلم
275

(في اشتراء أولاد أهل الصلح وأخذهم منهم في صلحهم)
(قلت) أرأيت أن صالحنا قوما من أهل الحرب على مائة رأس كل عام فأعطونا
أولادهم أيجوز لنا أن نأخذهم أو ترى أولادهم في الصلح معهم (قال) هؤلاء إنما
صالحوا صالحا ثابتا لهم ولأبنائهم فلا يجوز ذلك وهم مثلهم فإن كان إنما صالحوا لسنة
أو لسنتين ونحو ذلك فلا بأس أن يؤخذ منهم أولادهم ونساؤهم (وسألنا)
مالكا عن النوبة أيشترون ان سباهم قوم (فقال) ما يعجبني ذلك لأنهم قد عوهدوا
(قال) فأرى لأبنائهم من العهد ما كان لآبائهم (قلت) فمن عاهدوا (قال) بلغني
أن عمرو بن العاص أو عبد الله بن سعد أحدهما كان عاهدهم. ولقد سألنا مالكا عن
القوم من العدو يأتوننا بأبنائهم أنشتريهم منهم (فقال) أبينكم وبينهم هدنة أو قال
عهد قالوا لا (قال) فلا بأس بذلك
(في النصراني يبيع العبد على أنه بالخيار ثلاثا أيام)
(فيسلم العبد في أيام الخيار)
(قلت) أرأيت لو أن كافرا باع عبدا كافرا من كافر على أن أحدهما بالخيار ثلاثة
أيام فأسلم العبد في أيام الخيار (فقال) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولكن أرى أن
يقال لمن له الخيار اختر إن شئت رددت الخيار وإن شئت أخذت فان اختار الاخذ
بيع عليه العبد وان اختار الرد بيع على بائعه الأول ولا أرى أن يفسخ
البيع الذي كان بينهما قبل أن يسلم العبد إذا اختار من كان له الخيار لأنه كان حلالا
فيما بينهما (قلت) أرأيت أن اشتريت عبد نصرانيا من نصراني وأنا مسلم على
أنى بالخيار ثلاثا فأسلم العبد أترى الاسلام في قول مالك فوتا أم لا (قال) أم أسمع
من مالك فيه شيئا ولا أرى أسالمه في أيام الخيار فوتا وأرى للمسلم أن يكون
بالخيار ان أحب أن يختار ويمسك فعل وان شاء أن يرده رده على هذا النصراني ثم
يباع على النصراني
276

(ما جاء في عبد النصراني يسلم)
(قلت) أرأيت عبد النصراني أو أمته إذا أسلما أيباعان عليه في قول مالك (قال)
نعم (قلت) أرأيت لو أن نصرانيا له عبد صغير نصراني فأسلم هذا العبد الصغير
أيجيز هذا النصراني على بيعه في قول مالك (قال) أرى أنه يجبر على بيعه إذا كان
الغلام قد عقل الاسلام لان مالكا قال في الحر إذا عقل الاسلام فأسلم ثم بلغ فرجع
عن الاسلام انه يجبر على الاسلام كما جعل مالك اسلامه وهو صغير إذا كان يعقل
الاسلام اسلاما يجبر على بيعه (قلت) أرأيت لو أن عبدا نصرانيا لرجل من
المسلمين اشترى عبدا مسلما أيجبر على بيعه أم لا (قال) أرى أن يجبر على بيعه لان
هذا العبد النصراني ماله له حتى ينزعه منه سيده ويلحقه فيه الدين وأرى أن يباع
عليه (قلت) أرأيت المرأة النصرانية تكون تحت الرجل المسلم ولها رقيق فأسلموا
ولها أولاد صغار من زوجها هذا المسلم فتصدقت برقيقها على ولدها هؤلاء الصغار أو
باعتهم من زوجها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا لأنه إنما يحتاج في
هذا إلى أن يزول ملكها عمن أسلم من العبيد (قلت) أرأيت أن أسلم عبد النصراني
ومولاه غائب أيباع أم ينتظر النصراني حتى يقدم (قال) إن كان قريبا نظر السلطان
في ذلك وكتب فيه وإن كان بعيد بيع عليه ولم ينتظر لان مالكا قال في امرأة
النصراني تسلم وزوجها غائب قال إن كان الزوج قريبا نظر السلطان في ذلك خوفا أن
يكون قد أسلم قبلها (قال) مالك وإن كان بعيدا فكانت ممن لم يدخل بها فسخ
نكاحه السلطان بغير طلاق وتزوجت ولم تنتظره ولا عدة عليها وإن كان قد دخل بها قال
لها السلطان اذهبي فاعتدى فإذا اعتدت ثم قدم زوجها وقد انقضت عدتها ولم تزوج
وقد كان أسلم قبل اسلامها أو في عدتها كان أحق بها وان كانت قد تزوجت ودخل
بها زوجها فلا سبيل له إليها إلا أن يدركها قبل أن يدخل بها فيكون أحق بها إن كان
قد أسلم قبل انقضاء عدتها (قلت) فان أسلم بعد انقضاء عدتها فلا سبيل له
إليها في قول مالك (قال) نعم
277

(في عبد النصراني يسلم فيرهنه سيده أو يهبه)
(قلت) أرأيت أن أسلم عبد النصراني فأخذه فرهنه (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا إلا أني أبيعه فأقضى الغريم حقه إلا أن يأتي برهن ثقة مكان العبد فأدفع
الثمن إلى النصراني إذا أتى برهن ثقة (قلت) أرأيت أن أسلم عبد النصراني فوهبه
لمسلم للثواب فلم يثبه المسلم أله أن يرجع في هبته (قال) نعم ثم يباع العبد عليه
(في العهد يهبه المسلم للنصراني)
(قلت) أرأيت لو أنى وهبت عبدا لي مسلما لنصراني أو تصدقت به عليه
أتجوز الهبة أو الصدقة أم لا (قال) أرى أن الهبة والصدقة جائزة في هذا العبد لهذا
النصراني ويباع العبد على النصراني ويدفع إليه ثمنه لان مالكا أجازه في البيع فهو في
الهبة والصدقة مثل البيع انه جائز
(في التفرقة بين الأم وولدها في البيع)
(قلت) أرأيت ما حد ما يفرق بين الصبيان العبيد وبين أمهاتهم في البيع في
الجواري والغلمان (قال) قال لي مالك الاثغار إذا لم يعجل وضرب مالكا لذلك حججا فقال
الحقاق ليست سواء وبنات اللبون ليست سواء في القدر فإذا كان الاثغار الذي لم يعجل
فهو عندي الاستغناء عن الأمهات لأنه قد عرف ما يؤمر به وما ينهى عنه فلا
بأس أن يفرق بينهم جواري كن أو غلمانا (قلت) فكل ذي رحم محرم من أخوات
أو ولد ولد أو جدات أو عمات أو خالات أو غير ذلك أو غير ذلك من القرابات أيفرق بينهم في قول مالك
(قال) قال نعم متى ما شاء سيدهم صغارا كانوا أو كبارا (قال) وإنما منع من التفرقة
بينهم في الولد والأم خاصة في قول مالك وحدهم بحال ما وصفت لك فأما
ما سوى الأم والولد فلا بأس بالتفرقة بينهم (قلت) أرأيت أهل الشرك وأهل
الاسلام إذا بيعوا أهم في التفرقة سواء (قال) لا يفرق بين أهل الشرك وبين
الأمهات والأولاد كما لا يفرق بين الأمهات وبين الأولاد من المسلمين في قول
278

مالك (قال) وقال لي ملك في سبي الروم إذا سبوا أو أهل حصن سبوا افتتح
الحصن (قال) قال مالك لا أرى أن يفرق بين الأمهات وبين أولادهن إذا زعمت المرأة
أن هؤلاء الصبيان ولدى لم يفرق بينها وبين ولدها ولا يتوارثون بذلك (قلت)
أرأيت لو أن قوما من الروم نزلوا بساحلنا تجارا ومعهم رقيق فأرادوا أن يفرقوا بين
الأمهات والأولاد أترى أن يعرض لهم في ذلك ويمنعهم السلطان من ذلك (قال) لم
أسمع من مالك في هذا شيئا ولكن أرى أنهم لا يعرض لهم في التفرقة لأنهم
مشركون (قلت) فيكره لهذا المسلم أن يشترى من هذا النصراني الذي يفرق
بين الأمهات والأولاد إذا فرق (قال) نعم ولم أسمعه من مالك ولا أري أن يشتريه
منهم أحد إذا فرق (قلت) فلو أن رجلا اشترى من هذا النصراني جارية وولدها
لم يصلح أن يفرق بينهم في قول مالك إذا كانوا صغارا (قال) نعم (قلت) ولا
أتوارثون فيما بينهم بقولهم انهم أمهات وأولاد قال نعم (قلت) فلو أن رجلا اشترى
جارية وولدها عنده صغير قد ورثه واشتراه قبل ذلك أو وهب له أتمنعه أن يفرق بينهما
في قول مالك ان أراد أن يبيع قال نعم (قلت) أرأيت لو أن أمة لي وابنا لها صغيرا
لابن لي صغير في عيالي ألي أن أفرق بين هذه الأمة وولدها في البيع (قال) قال
مالك لا يفرق بينهما في البيع في هذه المسألة بعينها (وذكر) ابن وهب عن جبير
ابن عبد الله الجبلي عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن أبي أيوب الأنصاري قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين
أحبته يوم القيامة
(في الجمع بين الأم وولدها في البيع)
(قلت) أرأيت لو أن أمة لرجل أجنبي من الناس وابن لها صغير لرجل أجنبي من
الناس أيضا أيجبر ان جميعا على أن يجمعا بينهما في قول مالك (قال) قال نعم يجبران جميعا
على أن يجمعا بينهما أو يبيعانهما جميعا ولا يفرق بينهما (قلت) أرأيت لو أن رجلا
هلك وترك ابنين وترك أمة وولدها صغارا فأراد الابنان أن يبيعا الأم وولدها أو أن
279

يدعا الأم وولدها على حالها بينهما (قال) لا بأس بذلك حتى إذا أراد القسمة أو البيع
أجبرا على أن يجمعا بينهما وقد فسرت لك هذا عن مالك (قلت) أرأيت لو أن
رجلين اشتريا أمة وولدها صغار صفقة واحدة أكنت تجبرهما على أن يبيعا أو يشترى
كل واحد منهما حصة صاحبه (قال) لا ولكنهما يقران ولدها بحال ما اشتريا (قلت)
فلو أن رجلا له أمة وولدها صغار فباع السيد الولد أيجوز البيع في قول مالك ويأمرهما
أن يجمعا بين الأم والولد أم ينتقض البيع (قال) قال مالك لا ينبغي له أن يبيع الولد دون
الأم (قلت) فان فعل (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يفسخ البيع إلا أن
يجمعا بينهما في ملك واحد (قال) وسئل مالك عن أخوين ورثا أمة وولدها صغيرا
فأراد أن يتقاوما الأم وولدها فيأخذ أحدهما الأم والآخر ولدها ولا يفرق بين الولد
والأم حتى يبلغ الولد ويشترطان ذلك (قال مالك) لا يجوز ذلك لهما إلا أن تقوم الأم
وولدها فيأخذها هذا بولدها أو يأخذها هذا بولدها أو يبيعان جميعا في سوق المسلمين
ولا يجوز أن يتقاوما هما فيأخذ هذا الولد ويأخذ هذا الأم وان اشترطا أن لا يفرق
بينهما فلا يجوز ذلك ولو كان الاخوان في بيت واحد ونزلت بالمدينة فسئل مالك عنها
فقال فيها مثل الذي قلت لك (قلت) فالهبة للثواب في هذا الصبي مثل البيع سواء
(قال) نعم (قال سحنون) وأخبرني أنس بن عياض الليثي عن جعفر بن محمد عن أبيه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم عليه السبي صفهم فقام ينظر إليهم فإذا
رأى امرأة تبكي قال ما يبكيك فنقول بيع ابني بيعت ابنتي فيأمر به فيرد إليها (وأخبرنا)
ابن وهب عن ابن أبي ذئب وأنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده
أن أبا أسيد الأنصاري قدم بسبي من البحرين فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
ينظر إليهم وقد صفهم فإذا امرأة تبكي فقال ما يبكيك فقالت بيع ابني في بني عبس
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أسيد لتركبن فلتجئني به كما بعته بالثمن
فركب أبو أسيد فجاء به (وأخبرنا) ابن وهب عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي
جعفر عن يونس بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي
280

طالب على سرية فأصابوا شيئا فأصابتهم حاجة ومخمصة فابتاع أعنزا بوصيفة لها أم فلما
قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره فقال أفرقت بينها وبين أمها يا علي
فاعتذر فلم يزل يردد عليه حتى قال أنا أرجع فأستردها بما عز وهان قبل أن يمس
رأسي ماء (ابن وهب) عن ابن أبي ذئب عن حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه
عن جده ضميرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأم ضميرة وهي تبكي فقال
ما يبكيك أجائعة أنت أعارية أنت فقالت يا رسول الله فرق بيني وبين ابني فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفرق بين الوالدة وولدها ثم أرسل إلى الذي عنده
ضميرة فدعاه فابتاعه منه بكر قال ابن أبي ذئب ثم أقرأني كتابا عنده (ابن أبي ذئب)
عمن سمع سالم بن عبد الله يذكر عن أبيه أنه قال لا يجوز أن يفرق بين الأم وولدها
قال سالم وإن لم يعتدل القسم وقال عبد الله وإن لم يعتد القسم (وأخبرني) عن الليث
ابن سعد قال أدركت الناس وهم يفرقون بين الأخوين في البيع وبين الوالد وولده ولا
يفرق بين الأم وولدها حتى يبلغ (قال) فقلت له وما حد ذلك قال حده أن ينتفع بنفسه
ويستغنى عن أمه فوق عشر سنين أو نحو ذلك (وسألت) مالكا عن الحديث الذي جاء
لا توله والدة على ولدها فقال لي مالك أما نحن فنقول لا يفرق بين الوالدة وولدها
حتى يبلغ (قال) فقلت لمالك فما حد ذلك (قال) إذا أثغر (قال) فقلت لمالك أفرأيت
الوالد وولده (قال) ليس من ذلك في شئ
(في الرجل يهب ولد أمته لرجل أجنبي)
(قلت) فلو أن رجلا له أمة ولأمته ولد صغير وهب ولدها لرجل أجنبي كيف يقبض
هذا الرجل الأجنبي الموهوب له الولد (قال) قال مالك لا يفرق بين الأم وولدها
إذا كانوا صغارا فهذا الذي وهب لا يستطيع أن يفرق ولا يستطيع الموهوب له أن
يفرق ولا يجوز أن يقبض الولد دون الأم فان دفع الواهب الأم مع الولد ليحوزها
الموهوب له الولد ويجوز قبضه فذلك جائز ويكون قبضه قبضا وحيازة (قلت) فان
قبض الولد دون الأم أتراه قد أساء ويكون قبضه قبضا ان هلك الواهب (قال) نعم
281

ان مات أو فلس والصبي في يديه (قلت) فان قبض الموهوب له الوالد أتجبره وسيد
الأمة أن يجمعا بين الأم وبين الولد في قول مالك قال نعم (قلت) تأمرهما اما أن
يرد صاحب الولد الولد إلى الأم واما أن يضم سيد الأمة الأمة إلى ولدها واما أن يبيعاهما
جميعا في سوق المسلمين قال نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم جله قول مالك
ومنه رأيي (قلت) أرأيت أن وهبت ولد أمتي صغيرا لرجل أتجوز الهبة في قول
مالك (قال) قال مالك تجوز هبته ولا يفرق بينه وبين أمه ويترك مع أمه فان أراد
سيد الأمة والذي وهب له الغلام أن يبيع أحدهما بيعا جميعا بحال ما وصفت لك فان
وهبه لولد له صغير في حجره كان بهذه المنزلة ان أراد أن يبيع أو رهن أحدهما دين
يضطر فيه إلى البيع باعا جميعا ولم يفرق بينهما جميعا
(في ولد الأمة الصغير يجنى جناية)
(قلت) أرأيت أن كانت عندي أمة وولدها صغير فجنى الولد جناية فأردت أن
أدفعه أيجوز ذلك في قول مالك أم لا (قال) نعم يجوز له إلا أنه في قول مالك يقال
للمجني عليه ولسيد الأمة بيعا الولد والأم جميعا ولا تفرقا بينهما ويكون للمجني عليه
قيمة الولد ولسيد الأمة قيمة الأمة ثم يقسم الثمن على قيمتهما (قلت) أرأيت أن كانت
لي جارية وولدها صغار فجني ولدها جناية أو جنت هي فأردت أن أدفع الذي جنى
بجناية (قال) ذلك لك ويجبران على أن يجمعا بينهما كما وصفت لك في البيع بينهما
جميعا ويقسمان الثمن على قدر قيمتهما (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
(في الرجل يبتاع الأمة وولدها فيجد بأحدهما عيبا)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية وولدها صغار فأصبت بالجارية أو بالوالد عيبا ألي
أن أرد الذي وجدت به العيب منهما فإن كان الولد دون الأم أو كانت الأم دون الولد
(قال) أرى أنه ليس لك أن ترد الا جميعا (قلت) لم لا يكون لي أن أرد بالعيب إن كان
العيب بالولد أو بالأم ويكون الذي لا عيب به لي (قال) لان مالكا كره أن
282

بياع الولد دون الأم فإذا وجد العيب ردهما جميعا أو حبسهما جميعا
(وفى الرجل يبتاع نصف الأمة ونصف ولدها)
(قلت) فلو أن رجلا أتى إلى رجل فاشترى منه نصف أمة له ونصف ولدها
صغيرا في حجرها أيجوز هذا قال نعم (قلت) ولا ترى هذا تفرقة (قال) لا
(قلت) لم (قال) إنما تكون التفرقة إذا اشترى الولد دون الأم أو الأم دون الولد
فأما إذا اشترى نصف الولد ونصف الأم فلا بأس بذلك وليس ها هنا تفرقة ألا
ترى أن أخوين لو ورثا أمة وولدها لم يكن بأس أن يقراهما حتى إذا أراد أن يقتسما
أو يبيعا أمرا أن يجمعا بينهما فهذان الاخوان لكل واحد منهما نصف الولد ونصف
الأم فكذلك مسألتك في الرجلين اللذين اشتريا الأمة وولدها وكذلك هذا الذي
اشترى نصف الولد ونصف الأم (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
(في الرجل تكون له الأمة وولدها فيعتق أحدهما)
(أو يدبره دون الآخر أو باع أحدهما دون الآخر)
(قلت) أرأيت أن أعتقت ابن أمتي وهو صغير فأردت بيع أمتي أيجوز لي ذلك في
قول مالك (قال) قال مالك يجوز بيعه ويشترط على المشترى أن لا يفرق بين الولد
وبين الأم وأن تكون مؤونته علي المشترى (قال) وكذلك قال لي مالك ويشترط
النفقة عليه (قلت) أرأيت أن أعتقت الأمة أيجوز لي أن أبيع الولد في قول مالك
(قال) نعم ويباع الولد ممن يشترط عليه أن لا يفرق بينه وبين أمه (قلت) فان
كاتبت الأمة أيجوز لي أن أبيع ولدها في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
ولكني أرى أن لا يباع الولد لان المكاتبة تعد في ملكه ألا ترى أنها ان عجزت
رجعت رقيقا له إلا أن يبيع الولد وكتابة الأم من رجل واحد فيجوز ذلك إذا جمع
بينهما (قلت) فان دبر الأم أيجوز أن يبيع الولد في قول مالك (قال) لا يجوز له أن
يبيع الولد في قول مالك (قلت) ولا يستطيع أن يبيع في قول مالك المدبر ولا
283

خدمته (قال) نعم لا يجوز ذلك (قلت) وأيهما بر الولد أم الأم لم يكن له أن يبيع
الآخر في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن بعت الأم أو الولد قسمة للعتق
أيجوز لي ذلك في قول مالك (قال) نعم لأنه إذا أعتق فلا فرقة بينهما
(في الرجل يبتاع الأمة ويبتاع عبده الولد)
(قلت) أرأيت لو أني اشتريت أمه واشترى غلام لي مأذون له في التجارة ولدها
وهو صغير أترى أن نجمع بينهما (قال ابن القاسم) أرى الذي باع الأمة من المولى
والولد من العبد أن لا يفعل لان هذا تفرقة لان العبد لو جرح جرحا كان الجرح
في ماله وفي رقبته ولو رهقه دين كان في ماله فالمال مال العبد حتى يأخذه سيده منه
(قلت) فان فعل (قال) أرى أن يؤمرا أن يجمعا هما ولا يقرا على ذلك حتى يجمعا
فيكونا للسيد جميعا أو للعبد جميعا أو يبيعاهما جميعا ممن يجمعهما فإن لم يجمعهما رد البيع
(في الرجل يوصى بأمته لرجل وولدها الآخر)
(قلت) أرأيت لو أن أمة لي ولها ولد صغار حضرتني الوفاة فأوصيت بالأولاد
لرجل وأوصيت بالأم لرجل (قال) الوصية جائزة لهما في قول مالك ويجبر الموصى
لهما على أن يجمعا بينهما بين الأم والولد بحال ما وصفت لك في الهبة والصدقة
(في الرجل يبتاع الأمة على أنه بالخيار ثلاثة ثم يبتاع ولدها في أيام الخيار)
(قلت) أرأيت أن بعت جارية لي على أنى بالخيار ثلاثا فاشتريت ولدها في أيام الخيار
صغيرا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكني أرى أن لا يمضى البيع لأنه ان
أمضى البيع كرهت له ذلك كما يكره له أن يبيع الأم دون الولد لان البيع إنما يتم
بإمضاء الخيار فان فعل وأمضى رددت البيع إذا كان الخيار للبائع إلا أن يجمعا بينهما
في قول مالك (قال) وإن كان الخيار للمبتاع رأيت أن اختار المبتاع الشراء أن يجبرا
على أن يجمعا بينهما على ما وصفت لك أو يبيعاهما جميعا
284

(في النصراني يسلم وله أولاد صغار)
(قلت) أرأيت لو أن عبدا لنصراني زوجه أمته فولدت الأمة من زوجها أولادا
فأسلم الأب أيكون أولاده مسلمين باسلام أبيهم وهم صغار (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا إلا أنى سمعت مالكا يقول يفرق الرجل بين عبده وبين ولده الصغار
إذا كانوا مسلمين وأراد بيعهم ولا يفرق بينهم وبين أمهم (قال مالك) وليست
التفرقة الا من قبل الأم فهذا فيما قال لي مالك انهم يقرون مع أمهم وهم على دين
أبيهم ويباعون مع أمهم من مسلم ويجبر النصراني على بيع ذلك وان أقامت الأم على
النصرانية بيع الأب وإنما يتبع الولد الوالد في دينه فأما في البيع فلا (قلت)
فان أسلمت الأم ولم يسلم الأب والأولاد بينهما صغار (قال) أرى أن الأولاد يباعون
مع أمهم ولا يفرق بينهم وبين أمهم إذا كانوا صغار وتقع التفرقة بينهما باسلامهما
إلا أن يسلم وهي في العدة فيكون أحق بها (قلت) أفيكون هؤلاء الصبيان
مسلمين باسلام أبيهم في قول مالك أم لا (قال) لا أقوم على حفظة من مالك لا
أنى أرى أن يكونوا على دين أبيهم لان مالكا قال في الذمية تسلم وهي حامل من
نصراني ولها ولد صغار انهم على دين أبيهم والولد عندي في الذمي وفى العبد
النصراني يزوجه أمته وفى العبد المسلم يتزوج الحرة النصرانية كل هؤلاء على دين
أبيهم كانوا مماليك أو أحرارا
(في النصراني يسلم وله أسلاف من ربا)
(قلت) أرأيت الربا بين أهل الذمة هل يجوز في قول مالك (قال) قال مالك
لا يعرض لهم (قلت) فان اشترى ذمي من ذمي درهما بدرهمين إلى أجل ثم أسلما قبل
القبض هل يفسخ بيعهما ويترادان (قال) قال مالك ان أسلما جميعا تراد الربا فيما بينهما
وان أسلم الذي له الحق رد إليه رأس ماله وان أسلم الذي عليه الحق (قال) قال مالك
لا أدرى ما حقيقته (قال مالك) ان أمرته أن يرد رأس ماله خفت أن أظلم الذمي
285

(قال ابن القاسم) وأنا أرى أيهما أسلم منهما رد إلى رأس ماله لأنه حكم بين مسلم
ونصراني فيحكم فيه بحكم الاسلام (قال) فقلت لمالك فلو أن نصرانيا أسلف
نصرانيا في خمر (قال) ان أسلما جميعا نقض الامر بينهما وان أسلم الذي عليه الحق
فلا أدرى ما حقيقته لأني ان أمرت النصراني أن يرد رأس المال ظلمته وان أعطيت
المسلم الخمر أعطيته ما لا يحل له وخالف بينه وبين الذي يعطى الدينار بالدينارين (قال
ابن القاسم) وأنا أرى أيضا إذا أسلم الذي له الحق رد إليه الآخر رأس ماله بحال
ما وصفت لك من الحكم بين المسلم والنصراني
(في بيع الشاة المصراة)
(قلت) أرأيت أن اشتريت شاة مصراة فحلبتها ثم حبستها حتى حلبتها الثانية ثم
جئت لأردها أيكون ذلك لي (قال) نعم لك أن تردها وإنما يختبر ذلك الناس
بالحلاب الثاني ولا يعرف بالأول (قلت) فان حلبتها ثلاث مرات (قال) إذا جاء
من ذلك ما يعرف أنه قد اختبرها قبل ذلك فما حلب بعد ذلك فهو رضا منه بالشاة
ولا يكون له أن يردها (قال) وهو رأيي (قلت) أرأيت أن اشترى شاة على أنها
تحلب قسطا (قال) البيع جائز في رأيي وتجرب الشاة فإن كانت تحلب فسطا والا
ردها (قال) وقد جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم رد من الغنم ما لم يشترط
فيها أنها تحلب كذا وكذا إذا اشتراها وهي مصراة فهذه أحرى أن يردها إذا
اشترط لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بخير النظرين بعد أن يحلبها ان
رضى بها أمسكها وان ردها ودمعها صاعا من تمر (قلت) أكان مالك يأخذ بهذا
الحديث (قال ابن القاسم) قلت لمالك تأخذ بهذا الحديث قال نعم (قال مالك) أولا أحد
في هذا الحديث رأى (قال ابن القاسم) وأنا آخذ به إلا أن مالكا قال لي وأرى لأهل
البلدان إذا نزل بهم هذا أن يعطوا الصاع من عيشهم و مصر الحنطة هي عيشهم
(قلت) أرأيت المصراة ما هي (قال) التي يترك اللبن في ضرعها ثم تباع وقد درت
بحلابها فلم يحلبوها فهذه المصراة لأنهم تركوها حتى عظم ضرعها وحسن درها
286

فأنفقوها بذلك فالمشترى إذا حلبها ان رضى حلابها والا ردها ورد معها مكان
حلابها صاعا وقد وصفت لك الصاع الذي يرد عند مالك (قال ابن القاسم) والإبل
والبقر بمنزلة الغنم في هذا (ابن وهب) عن حياة بن شريح أن زياد بن عبيد الله
حدثه أنه سمع عقبة بن عامر الجهني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر
لان يجمع الرجل حطبا مثل هذا الأمرخ يعنى جبل الفسطاط ثم يحرق بالنار حتى
إذا أكل بعضه بعضا طرح فيه حتى إذا احترق دق حتى يكون رميما ثم يذرى في
الريح خير له من أن يفعل احدى ثلاث يخطب على خطبة أخيه أو يسوم على سوم
أخيه أو يصر منحة (قلت) أرأيت أن حلبها فلم يرض حلابها فأراد ردها واللبن
قائم لم يأكله ولم يبعه ولم يشربه فقال له خذ شاتك وهذا لبنها الذي حلبت منها
أيكون ذلك له أم يرد الصاع معها ويكون له اللبن أولا يكون له أن يردها ويرد
معها اللبن للحديث الذي جاء (قال) يكون عليه صاع وليس له أن يرد اللبن ولو كان له
أن يرد اللبن وإنما أريد بالحديث الصاع مكان اللبن إذا فات اللبن لكان عليه أن يرد
لبنا مثله في مكيلته ولكنه حكم جاء من النبي صلى الله عليه وسلم فإذا زايلها اللبن كان
المشترى بالخيار ان شاء أن يمسكها أمسكها وان شاء أن يردها ردها وصاعا معها وليس
لن أن يردها بغير صاع وإن كان معها لبنها إلا أن يرضى البائع أن يقبلها بغير لبنها
(قلت) فان قال البائع أنا أقبلها بهذا اللبن الذي حلبت معها (قال) لا يعجبني ذلك
لأني أخاف أن يكون ذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى لان رسول الله صلى الله عليه وسلم
فرض عليه صاعا من تمران سخط المشترى الشاة فصار ثمنا قد وجب للبائع حين
سخط المشترى الشاة ضاع من تمر عليه ففسخه في صاع من لبن قبل أن يقبض
الصاع الذي وجب له فهذا لا يجوز في رأيي ولم أسمع من مالك فيه شيئا (قلت)
أرأيت أن اشترى شاة اللبن ولم يخبره البائع بما تحلب وليست بمصراة في إبان لبنها
أيكون للمشترى الخيار إذا حلبها ويكون فيها بمنزلة من اشترى مصراة (قال) أما
الغنم التي شأنها الحلاب وإنما تشترى لمكان درها في ابانه فاني أرى إن لم يبين ما حلابها
287

إذا باعها غير مصراة ولم يذكر حلابها وقد كان حلبها البائع وعرف حلابها رأيت
المشترى بالخيار في ذلك لان الغنم التي شأنها اللبن إنما تشترى لا لبانها ولا تشترى
للحومها ولا لشحومها وإذا عرف البائع حلابها ثم كتمه كان بمنزلة من باع طعاما
جزافا قد عرف كيله وكتمه فلا يجوز بيعه إلا أن يرضى المشترى أن يحبس الشاة
التي يرفع في ثمنها ويرغب فيها لمكان لبنها ولا يبلغ لحمها ولا شحمها ذلك الثمن وإنما
تبلغ ذلك الثمن لبنها فذلك عندي لموضع لبنها بمنزلة الطعام الذي قد عرف كيله
فكتمه فبيع جزافا فإذا باعها صاحبها وهو يعرف حلابها كان قد غره (قلت) فإن كأن لا يعرف حلابها وإنما اشتراها وباعها (قال) لا شئ عليه وهو بمنزلة الطعام الذي
لا يعرف كيفه (قلت) أرأيت لو اشترى شاة في غير أبان اللبن ثم جاء في أبان اللبن
فحلبها فلم يرض حلابها أيكون له أن يردها (قال) لا لان البائع لم يبع على اللبن
(قلت) وان كانت شاة لبن (قال) وان كانت شاة لبن (قلت) وإن كان البائع وقد
واحد (قلت) والبقر عند مالك بهذه المنزلة التي وصفت لك (قال) ان كانت البقر
يطلب منها اللبن مثل ما يطلب من الغنم من تنافس الناس في لبنها ورفعهم في أثمانها
للبنها فهي بمنزلة ما وصفت لك في الغنم (قال) والإبل أيضا ان كانت مما يطلب منها
اللبن فهي بمنزلة ما وصفت لك من الغنم والبقر (قلت) وتحفظ هذه الأشياء التي
سألتك عنها من أمر الغنم والبقر عن مالك (قال) ما أحفظه فيها عن مالك فقد
أخبرتك وما لم أخبرك به عن مالك فلم أسمعه منه وهو رأيي (ابن وهب) قال
أخبرني ابن لهيعة أن الأعرج أخبره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال لا تصروا الإبل والغنم فمن اشتراها بعد ذلك فإنه بخير النظرين بعد أن
يحلبها ان شاء أمسكها وان شاء ردها وصاعا من تمر (وأخبرني) ابن وهب عن
يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال بلغنا أنه قال يقضى في الشاة أو اللقحة المصراة
عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلبها فان رضى لبنها أخذها وان سخطها رجعها
288

إلى صاحبها ومدين من قمح أو صاعا من تمر (ابن وهب) عن يعقوب بن عبد الرحمن
الزهري أن سهيل بن أبي صالح أخبره عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال من ابتاع شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثا أيام ان شاء أمسكها وان
شاء ردها ورد معها صاعا من تمر (يزيد بن عياض) عن عبد الكريم بن أبي
المخارق عن إبراهيم النخعي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
(في بيع ماء الأنهار)
(قلت) أرأيت لو أن نهرا لي انخرق إلى أرض لي فجاء رجل فبنى عليه رحا ماء
بغير أمرى فأصاب في ذلك مالا (قال) أما ما بني في الأرض فالكراء له لازم
فيما بني وأما الماء فلا كراء لصاحب الماء على صاحب الرحا لأن الماء لا يؤخذ
له كراء (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) سمعت مالكا يقول في البركة تكون
للرجل والغدير يكون فيه الحيتان والبحيرات ويكون في ذلك كله السمك فيريد
أهله أن يبيعوه (قال) لا يعجبني بيعه ولا ينبغي لأهله أن يمنعوا منه أحدا يصيد فيه
ولا يمنعوا من شرب لشفة ولا سقى كبد (وقال مالك) ولا يمنع الماء لشفة ولا لسقى
كبد الا ما لا فضل فيه عن صاحبه فلا أرى لماء النهر كراء للذي قال مالك في
هذه الأشياء (قال) ولقد سألت مالك عن بئر الماشية أيستقى منها الناس بمواشيهم
على ما أحب أهلها أو كرهوا (قال) لا إلا عن فضل ألا ترى ان الحديث إنما هو
لا يمنع فضل ماء فهم أحق بمائهم حتى يقع الفضل فإذا كان الفضل فالناس في
الفضل سواء
(في بيع شرب يوم)
(قلت) أرأيت أن بعت شرب يوم أيجوز هذا أم لا (قال) قال مالك هو جائز
(قلت) فان بعت حظي بعت أصله من الشرب وإنما لي فيه يوم من اثنى عشر يوما
أيجوز في قول مالك قال نعم (قلت) فإن لم أربع أصله ولكن جعلت أبيع منه السقي
289

إذا جاء يومى بعت ما صار لي من الماء ممن يسقى به أيجوز هذا في قول مالك قال نعم
(في بيع ماء مواجل (1) ماء السماء وبئر الزرع وبئر الماشية)
(قلت) أكان مالك يكره بيع ماء مواجل ماء السماء (قال) سألت مالكا عن بيع
ماء المواجل التي على طريق انطابلس فكره ذلك (قلت) فهل كان مالك يكره
بيع فضل ماء الزرع من العيون والآبار (فقال) لا بأس ببيع ذلك (قلت) فهل كان
مالك يكره بيع رقاب آبار ماء الزرع (قال) قال مالك لا بأس بيعها (قلت)
وكذلك العيون لا بأس ببيع أصلها وبيع مائها ليسقي به الزرع (قال) نعم لا بأس بذلك
عند مالك (قلت) وإنما كره مالك بيع بئر الماشية أن يباع ماؤها أو يباع أصلها قال
نعم (قلت) وأهلها أحق بمائها حتى إذا فضل عنهم كان الناس فيه أسوقة قال نعم
(قلت) وهل كان مالك يكره بيع آبار الشفة (قال) قال مالك ان كانت البئر في
داره أو أرضه لم أر بأسا أن يبيعها ويبيع ماءها (قلت) وكان مالك يجعل صاحبها
أحق بمائها من الناس قال نعم (قلت) فالمواجل أكان مالك يجعل ربها أحق بمائها
(قال) أما كل من احتفر في أرضه أو داره يريده لنفسه مثل ما يحدث الناس في
دورهم فهم أحق به ويحل بيعه وأما ما عمل من ذلك في الصحارى وفيافي
الأرض مثل مواجل طريق المغرب فإنه كان يكره بيعها من غير أن يراه حرما وجل
ما كان يعتمد عليه الكراهية واستثقال بيع مائها فقد فسرت لك ما سمعت ووجه
ما سمعت منه وهي مثل الآبار التي يحتفرونها للماشية ان أهلها أحق بمائها حتى يرووا
ويكون للناس ما فضل الا من مر بها لسقيهم ودوابهم فان أولئك لا يمنعون كما لا يمنعون
من شربهما منه (قلت) أرأيت بئر الماشية أتباع في قول مالك (قال) لا (قلت)
فما كان منها مما حفر في الجاهلية والإسلام في قول مالك (قال) نعم (قلت) فلو
أن رجلا حفر في أرضه بئرا لماشية منع من بيعها وصارت مثل ما سواها من آبار

(1) (المواجل) جمع ما جل بكر الجيم بدون همز وهو الماء الكثير المجتمع قاله ابن الاعرابي
وقال الأزهري هو بالفتح والهمز اه‍ لسان
290

الماشية (قال) سمعت مالكا يقول لا يباع ماء بئر الماشية وان حفرت من قرب يريد
بقوله من قرب قرب المنازل فلا أرى أن تباع إذا كان إنما احتفرها للصدقة فأما ما
احتفر لغير الصدقة وإنما احتفر ها لمنفعته في أرضه لبيع مائها أو يسقى بها ماشية نفسه فلا
أرى بأسا ولو منعته بيع هذه لمنعته أن يبيع بئره التي احتفر في داره لنفسه ومنافعه
وأما التي لا يباع ماؤها من آبار الماشية التي تحتفر في البراري والمهامه فتلك التي لا تباع
والذين حفروها أحق بمائها حتى يرووا فهذا أحسن ما سمعت وبلغني (قلت)
أرأيت بئر الماشية ما كان في الجاهلية وفى الاسلام وقرب المنازل أليس أهلها أحق
بمائها حتى يرووا فما فضل كان الناس فيه سواء في قول مالك قال نعم (قال مالك)
ألا تسمع إلى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع فضل ماء فأهله في
الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أحق به وما فضل فالناس فيه سواء
لان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع فضل ماء فجل لهم أن يمنعوا ما لم يقع الفضل
فان وقع الفضل فليس لهم أن يمنعوا
(ما جاء في الحكرة)
(قال) وسمعت مالكا يقول الحكرة في كل شئ في السوق من الطعام والزيت
والكتان وجميع الأشياء والصوف وكل ما أضر بالسوق (قال) والعصفر والسمن والعسل
وكل شئ (قال مالك) يمنع من يحتكره كما يمنع من الحب (قال) فإن كان ذلك لا يضر
بالسوق (قال مالك) فلا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن اشترى الرجل في القرى
خرج إليها فاشترى فيها ليجلبها إلى السوق وكان ذلك مضرا بالقرى يغلى عليهم
أسعارهم (قال) سألت مالكا عن أهل الريف إذا احتاجوا إلى ما في الفسطاط من
الطعام فيأتون فيشترون من الفسطاط فأراد أهل الفسطاط أن يمنعوهم وقالوا هذا
يغلى علينا ما في أسواقنا أترى أن يمنعوا (قال مالك) لا أرى أن يمنعوا من ذلك إلا أن يكون ذلك مضرا بالفسطاط فإن كان ذلك مضرا بهم وعند أهل القرى ما يحملهم
منعوا من ذلك والا تركوا (قال) فأرى القرى التي فيها الأسواق بمنزلة الفسطاط
291

(في البيع بسعر فلان وسعر فلان)
(قلت) أرأيت أن قلت لرجل أشتري منك هذا العسل أو هذا السمن بمثل
ما أخذ منك فلان منه بذلك السعر (قال) قال مالك لا خير في ذلك (قلت)
وكذلك هذا في الخياطة إذا قال أخيط لك هذا الثوب بمثل ما خطت به لفلان من
الاجر والصناعة والصباغ ويصبغ لرجل ثوبا فهو بهذه المنزلة كل ذلك مكروه عند
مالك وكذلك هذا في الإجارة يقول أؤاجرك نفسي مثل ما آجر فلان نفسه (قال)
وهذا كله مكروه من قول مالك إذا لم يعلم ما كان أول ذلك
(فيمن اشترى جملة طعام أو اشترى دارا أو ثوبا)
(كل ذراع بكذا وكذا أو كل مد)
(قال) وسمعت مالكا وسئل عن رجل اشترى ثلاث جنيات من رجل من حائطه
ما استجنى منها فهو له من حساب أربعة آصع بدينار (قال) لا بأس بذلك وهو
أمر معروف وهو مثل ما يقول أشتري منك طعامك هذا كله أو حائطك هذا كله
أربعة آصع بدينار لان السعر قد عرف (فان قال قائل) فالذي يستجنى لا يدرى
ما هو (قال مالك) فكذلك الحائط والزرع والبيت فيه القمح يشترى كله ثلاثة
أرادب بدينار أو أربعة أرادب بدينار والسعر قد عرف فلا يدرى كم يخرج من هذا
الحائط فالثلاث جنيات مثل ذلك (وسئل) مالك عن الرجل يشتري بأربعين دينارا
من رطب حائط ما يجنى كل يوم يأخذ بحساب ثلاثة آصبع بدينار (قال) قال مالك
لا خير في هذا الا بأمر معروف يأخذ كل يوم (قال) وقد كان الناس يتبايعون
اللحم بسعر معلوم فيأخذ كل يوم وزنا معلوما والثمن إلى العطاء فلم ير الناس بذلك
بأسا واللحم وكل ما يباع في الأسواق مما يبتاع الناس فهو كذلك لا يكون الا بأمر
معلوم ويسمى ما يأخذ كل يوم وإن كان الثمن إلى أجل معلوم أو إلى العطاء إذا كان
العطاء معلوما مأمونا إذا كان يشرع في أخذ ما اشترى ولم يره مالك من الدين بالدين
292

(قال مالك) ولقد حدثني عبد الرحمن بن المجبر عن سالم بن عبد الله قال كنا
نبتاع اللحم كذا وكذا رطلا بدينار يأخذ كل يوم كذا وكذا والثمن إلى العطاء
فلم ير أحد ذلك دينار بدين ولم يروا بذلك بأسا (قلت) أرأيت أن
اشتريت هذه الدار كل ذراع بدرهم ولم أسم عدد الأذرع فقلت قيسوها فقد
أخذتها كل ذراع بدرهم أو قلت قد أخذت هذه الثياب كل ذراع بدرهم فقلت
أذرعوها ولم أسم الأذرع (قال ابن القاسم) أرى ان الدار جائزة والثياب جائزة
(قلت) أرأيت أن اشتريت هذه الأثواب كل ثوبين بعشرة دراهم أو هذه الغنم
كل شاتين بعشرة دراهم فأصبت فيها مائة ثوب وثوبا أو أصبت في الغنم مائة شاة
وشاة هل يلزمني الشاة الباقية أو الثوب الباقي الذي ليس معه آخر (قال) نعم يلزمك
نصف العشرة وإنما ذلك بمنزلة ما لو قلت أشتري منك هذه الغنم كل شاتين بدينار
أو كل ثوبين بدينار فيجد في ذلك ثوبا زائدا فيلزمه نصف الدينار فكذلك الدراهم
(في بيع الشاة والاستثناء منها)
(قلت) أرأيت الشاة إذا باعها رجل أو البعير أو البقرة فاستثنى منها ثلثا أو ربعا أو
نصفا أو استثنى جلدها أو رأسها أو فخذها أو كبدها أو صوفها أو شعرها أو كراعها
أو استثنى بطونها كلها أو استثنى أرطالا مسماة كثيرة أو قليلة أيجوز هذا البيع كله
في قول مالك أم لا (قال) أما إذا استثنى ربعها أو ثلثها أو نصفها فلا بأس بذلك عند
مالك وأما إذا استثنى جلدها أو رأسها فإنه إن كان مسافرا فلا بأس بذلك وإن كان
حاضرا فلا خير فيه (قلت) ولم أجازه في السفر وكرهه في الحضر (قال) السفر
إذا استثنى فيه البائع الرأس أو الجلد فليس ذلك عند المشترى ثمن (قال) مالك وأما
في الحضر فلا يعجبني ذلك لان المشترى إنما يطلب بشرائه اللحم (قلت) أرأيت
ان قال اشترى إذا اشترى في السفر واستثنى البائع رأسها وجلدها قال المشترى
لا أذبحها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قال في الذي يبيع البيعر الذي
قام عليه يبيعه من أهل المياه ويستثنى البائع جلده ويبيعهم إياه لينحروه فاستحيوه
293

(قال) مالك أرى لصاحب الجلد شروى جلده (قال) فقلت لمالك أو قيمة الجلد (قال)
مالك أو قيمة الجلد كل ذلك واسع (قلت) وما معنى شروى جلده عند مالك (قال)
جلد مثله (قال) فقلنا لمالك أرأيت أن قال صاحب الجلد أنا أحب أن أكون شريكا في
البعير بقدر الجلد (قال) مالك ليس ذلك له يبيعه على الموت ويريد أن يكون شريكا
في الحياة ليس ذلك له وليس له الا قيمة جلده أو شراؤه فمسألتك في المسافر مثل
هذا (قال) وأما إذا استثنى فخذها فلا خير في ذلك (قلت) وهذا قول مالك في
الفخذ (قال) نعم وأما كبدها فان مالكا قال لا خير في البطن والكبد من البطن (قال)
وأما استثناؤها صوفها أو شعرها فان هذا ليس فيه اختلاف انه جائز (قال) وأما الا رطال
إذا استثناها فان مالكا قال إن كان الشئ الخفيف الثلاثة أرطال والأربعة فهو جائز
(قلت) أرأيت أن استثنى أرطلا مما يجوز له فقال المشترى لا أذبح (فقال) أرى أن
يذبح على ما أحب وأكره (قال ابن وهب) قال لي مالك فمن باع شاة حية واستثنى
جلدها أو شيئا من لحمها قليلا كان أو كثيرا وزنا أو جزافا (فقال) أما إذا استثنى جلدهما
فلا أرى به بأسا وأما إذا استثنى من لحمها فلا أحب ذلك جزافا كان ذلك أو وزنا لأنه
حينئذ كأنه ابتاع لحما لا يدرى كيف هو أو باع لحما لا يدرى كيف هو (قال ابن
وهب) ثم رجع مالك فقال لا بأس به في الأرطال اليسيرة تبلغ الثلث أو دون ذلك
(ابن وهب) قال وقال لي مالك ان اشترى رجل من رجل شاة فقال بع لي
لحمها بكذا وكذا فذلك غرر لا يصلح وإذا اشتريتها وضمنتها وحزتها فلا بأس بذلك
وان شرطت للذي ابتعتها منه الرأس والإهاب لأنك إذا اشتريتها منه وضمنتها
وشرطت له رأسها واهابها فإنها ان ماتت فهي من الذي اشتراها وانه إذا باعك لحمها
فماتت قبل أن يذبحها فضمانها على بائها (ابن وهب) قال وأخبرني محمد بن عمرو
عن ابن جريج أن زيد بن ثابت قضى في جزور بيعت واشترط البائع مسكها فرغب
الرجل فيها فأمسكها فقال زيد بن ثابت له شروى مسكها (قال) وأخبرني إسماعيل
ابن عياش أن علي بن أبي طالب وشريحا الكندي قضيا في رجل باع بعيرا أو شاة
294

واشترط المسك والرأس والسواقط فبرأ البعير فلم ينحره صاحبه (قال) إذا لم ينحره
أعطاه قيمة ما استثنى وقال شريح أو شراؤه وقال مالك والليث شرواه أو قيمته (ابن
وهب) وأخبرني موسى بن شيبة الحضرمي عن يونس بن يزيد عن عمارة بن غزية
عن عروة بن الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج هو وأبو بكر من مكة
مهاجرين إلى المدنية مرا براعي غنم فاشتريا منه واشترط عليهما أن سلبها له (وأخبرني)
الليث بن سعد عن يونس بن يزيد عن عمارة بن غزية بهذا وقال الليث فذلك حلال
لمن اشترطه
(في الرجل يبيع من لحم شاته أرطالا قبل أن يذبحها أو يبيع شاة)
(ويستثنى من لحمها أرطالا مسماة)
(قلت) أرأيت أن بعت عشرة أرطال من لحم شاتي هذه أيجوز هذا في قول مالك
(قال) لا يجوز (قلت) فان بعته رطلا من لحم شاتي هذه أيجوز أيضا (قال) لا يجوز
عند مالك (قلت) فان بعت شاتي واستثنيت رطلا من لحمها أو عشرة أرطال أيجوز
في قول مالك (قال) قال مالك إذا اشترط الشئ الخفيف من ذلك الرطل أو الرطلين
وما أشبهه فذلك جائز (قلت) وان اشترط من لحمها ما هو أقل من الثلث أيجوز
هذا في قول مالك (قال) ما رأيت مالكا يبلغ الثلث إنما يجوز من ذلك الشئ الخفيف
(قلت) ولم جاز هذا عند مالك أن أبيع شاتي وأشترط من لحمها الرطلين والثلاثة والأربعة وما أشبهه ولا يجوز لي أن أبيع من شاتي رطلين أو ثلاثة قبل أن أذبحها
وأسلخها (قال) لأنه لا يجوز لك أن تبيع ثمرة حائطك قبل أن تكون ثمرا حين
يزهى ويحل بيعه وتشترط من ثمر الحائط آصعا معلومة تأخذها تمرا إذا طابت وكانت
التمر الثلث فأدنى ولا يجوز أن تبيع من ثمر حائطك حين يزهى ويحل بيعه تمرا آصعا
معلومة وان كانت دون الثلث يأخذها تمرا إذا كان إنما يعطيه ذلك التمر من تمر هذا
الحائط فلا يجوز هذا وإن كان الذي باعه من ذلك أقل من الثلث (قلت) ما قول
مالك في الشراء لحوم الإبل والبقر والغنم والطير كلها قبل أن تذبح فيقال له اذبح فقد
295

أخذنا منك كل رطل بكذا وكذا (قال مالك) لا يجوز ذلك لأنه مغيب لا يدرى
كيف يكون ما اشترى ولا يدرى كيف ينكشف
(في الرجل يدعى على الرجل فيصالحه من دعواه)
(على عشرة أرطال من لحم شاة بعينها)
(قلت) أرأيت لو ادعيت في دار رجل دعوى فصالحني من ذلك على عشرة
أرطال من لحم شاته أيجوز ذلك في قول مالك (قال) قال ملك لا يجوز هذا عندي
(في اشتراء اللبن في ضروع الغنم)
(قلت) أرأيت أن اشتريت لبن عشر شياه بأعيانها في أبان لبنها أيجوز ذلك في
قول مالك (قال) نعم ذلك جائز إذا سمى شهرا أو شهرين أو ثلاثة وكان قد عرف
وجه حلابها فلا بأس به وإن لم يعرف حلابها فلا خير فيه (قال) أرأيت أن
اشترى لبنها ثلاثا أشهر ثم حلبها شهرا ثم يموت منها خمس (قال) ينظر إلى الخمس
الهالكة كم كان حلابها كل يوم فإن كان حلابها كل يوم قسطين قسطين قيل فما حلاب هذه
الخمس الباقية كل يوم فإن كان حلابها قسطا قسطا قيل فكم كان الشهر الذي حلب فيه
العشر كلها من الثلاثة الأشهر التي اشترى حلابها فيها في قلة اللبن وكثرته في غلائه
ورخصه فان بين اللبن في أوله وآخره تفاوتا بعيدا في الثمن يكون شهرا في أوله يعدل
الشهرين الباقيين أن لو كانت الغنم الهالكة قياما في نفاق اللبن في الشهر الأول لغلائه
فيه ورخصه في الشهرين الباقيين (قيل) فقد قبضت أيها المشترى نصف حقك
لحلابك الغنم كلها الشهر الأول وبقي نصف حقك فلا حق لك في نصف اللبن الباقي
وقد استوجبه البائع بحلابك غنمه شهرا ويرد عليك البائع لما هلكت الخمس التي كانت
تحلب قسطين قسطين وبقيت التي تحلب قسطا قسطا ثلثي نصف الثمن لان لبن
الهالكة قسطان قسطان ولبن الباقية قسط قسط فعلمنا ان الهالكة ثلثا من نصف
296

الثمن الباقي والباقية الثلث من نصف الثمن الباقي وإنما هما في هذا النصف الباقي بمنزلة
رجل اشتري لبن عشر شياه في أبان الحلاب على ما وصفنا ثم مات منها خمس قبل أن
يحلب منها شيئا فإنه يصير أمرهما إلى ما وصفت لك في المسألة التي فوق وكذلك
أن لو كانت الهالكة تحلب الثلث أو النصف أو الثلاثة أرباع فعلى هذا الحساب
يكون جميع هذه الوجوه (قلت) فان كنت إنما سلفت في لبن هذه الغنم
فيموت منها شئ (قال) إذا سلفت فيها فيموت منها شئ كان سلفك كله فيما بقي
من لبن هذه الغنم (قلت) والسلف في لبن الغنم مفارق لشراء لبن الغنم في قول
مالك قال نعم (قال مالك) وإنما يجوز أن يشترى لبن الغنم إذا كانت كثيرة الشهر
والشهرين والثلاثة وأما ان كانت الشاة أو الشاتين فاشترى رجل حلابها على كذا
وكذا شهر بكذا وكذا درهما فلا يعجبني لان الشاتين غير مأمونتين (قال) ولو
سلف في لبن شاة أو شاتين كيلا معلوما كذا وكذا قسطا بكذا وكذا درهما في
أبان لبنها فلا بأس بذلك (قلت) وإنما السلف في لبن الغنم مكايلة في قول مالك
(قال) نعم لا يجوز الا مكايلة في أبان اللبن (قلت) أرأيت لو أنى بعت لبن غنمي
هذه في أبان لبنها حتى ينقطع أيجوز ذلك أم لا (قال) قال مالك إذا ضرب لذلك
أجلا شهرا أو شهرين فلا بأس بذلك إذا كان في إيان لبنها وعلم أن لبنها لا ينقطع
إلى ذلك الاجل إذا كانت قد عرف وجه حلابها (قلت) فلو أنى بعت لبنها في
غير أبان اللبن وشرطت ان أعطيه ذلك في أبان لبنها كيلا أو جزافا أجوز ذلك في
قول مالك (قال) لا خير فيه عند مالك (قلت) أرأيت أن بعت لبن شاتي هذه في
إبان لبنها شهرا أو شهرين (قال مالك) أكره أن يباع لبن الشاة الواحدة أو الشاتين
لان الشاة والشاتين أمرهما يسيروهما عندي من الخطر إلا أن يبيع لبنها كيلا
كل قسط بكذا وكذا (قلت) وينقد في ذلك إذا اشترى لبن الشاة أو الشاتين
(قال) نعم إذا شرع في أخذ اللبن أو كان يشرع في ذلك بعد اليوم واليومين أو الأيام
القلائل (قلت) فان اشتريت لبن هذه الغنم في أبان اللبن فلم يقبض اللبن حتى ذهب
297

إبان اللبن (قال) يرد الدراهم
(في الرجل يكترى البقرة يحرث عليها وهي حلوب ويشترط حلابها)
(قال) وسألت مالك أو سئل وسمعته عن الرجل يكترى البقرة تحرث له أو
يستقى عليها الأشهر وهي حلوب أو الناقة ويشترط حلابها في ذلك (قال) إن كان قد
عرف حلابها فلا أرى بذلك بأسا
(في الرجل يشتري الجلجلان على أن عليه عصره والقمح على أن عليه طحنه)
(قلت) أرأيت أن اشتريت من رجل جلجلانة هذا على أن عليه عصره أيجوز
هذا في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز هذا (قلت) لم (قال) لأنه كأنه باعه
ما يخرج منه فهو لا يدرى ما يخرج منه (قلت) وكذلك لو باعه زرعا قائما
ويشترط المشترى على البائع أن عليه حصاده ودراسه (قال) قال مالك لا يجوز هذا
أيضا (قلت) أرأيت أن باع حنطته هذه ويشترط عليه المشترى أن يطحنها
(قال) استثقله مالك وجوزه وأرى أن خفيف وهو جل قول مالك اجازته (قال)
وقال لي مالك ولو أن رجلا ابتاع من رجل ثوبا على أن يخيطه له لم أر بذلك بأسا
ولو اشترى نعلين على أن يحذوهما له لم أر بذلك بأسا ولو ابتاع قمحا على أن يطحنه له
(قال) لي مالك فيه مغمز وأرجو أن يكون خفيفا وأنا لا أرى به بأسا (قال)
فقلت له فالسمسم والفجل والزيتون يشتريه على أن على البائع عصره فكرهه مالك
وقال لا خير فيه أنما هذا اشترى ما يخرج من زيته والذي يخرج لا يعرفه فرددته
عليه عاما بعد عام فكل ذلك يكرهه ولم يقف فيه وقال لا خير فيه (قلت) والقمح
يشتريه على أن على بائعه حصاده ودراسه وذروه يشتريه زرعا قائما قد يبس (قال) لا خير
فيه ورأيته عنده من المكروه البين لأنه إنما يشترى ما يخرج من الزرع (قلت)
فما فرق من بين الطحين وبين هذه الأشياء التي كرهها مما يخرج منها والدقيق يخرج
من الحنطة (قال) كأني رأيته يرى أمر الطحين أمرا قريبا ويرى أن القمح قد
298

عرف وجه يخرج منه فلذلك خففه على وجه الاستثقال منه له
في القياس (قال) ولقد قال لي مالك مرة لا يعجبني ثم خففه
وجل قوله في القديم والحديث مما حملناه عنه
نحن وإخواننا على التخفيف على وجه
الاستحسان ليس على القياس
(تم كتاب العرايا والتجارة بأرض العدو وبيع أرض العنوة وأرض الصلح وبيع
الشاة المصراة والفرقة في القرابات وبيع ماء المواجل والآبار والأنهار)
(ويليه كتاب التدليس)
299

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب التدليس) (في العبد يشترى ويدلس فيه بعيب ويحدث فيه عيب آخر)
(حدثنا) زيادة الله بن أحمد قال حدثنا يزيد وسليمان قالا حدثنا سحنون قال قلت
لابن القاسم أرأيت لو أنى اشتريت عبدا بدنانير فأصابه عندي عيب ثم ظهرت
على عيب دلسه لي البائع أترى لي أن أرده في قول مالك بن أنس (قال) نعم إلا أن
يكون العيب الذي أصابه عندك مفسدا مثل القطع والعور والشلل والعمى وشبه
ذلك فإن كان العيب الذي أصابه عيبا مثل هذه العيوب كنت مخيرا في أن ترد
العبد وتغرم بقدر ما أصاب العبد عندك من العيب وإن شئت احتبست العبد
وأخذت من البائع ما بين الصحة والداء إلا أن يقول البائع أنا أقبله بالعيب الذي
أصابه عندك وأرد الثمن كله فيكون ذلك له (قلت) ولم كان هذا هكذا إذا أصابه
عند المشترى عيب مفسد لم يكن للبائع أن يأخذه ويرجع على المشترى بقدر ما أصابه
عنده من العيب (قال) لان العيب إذا كان مفسدا فأصابه ذلك عند المشترى فهو
فوات فليس للبائع أن يقول أنا آخذه وأرجع بقيمة العيب الذي أصابه عند المشترى
لأنه قد فات (قلت) ولم لا يكون على المشترى إذا رد العبد بعيب ظهر عليه وقد
أصابه عنده عيب غير مفسد قيمة هذا العيب الذي أصابه عنده وإن كان غير مفسد
(قال) لأنها ليست من العيوب التي هي تلف للعبد التي تنقصه نقصانا كثيرا وهذا
300

مثل الحمى والرمد وما أشبه ذلك ألا ترى أنه ان حم يوما أو أصابه رمد أو دماميل
ثم ظهر على عيب دلسه له البائع أن له أن يرده (قلت) فإن كان هذا العيب الذي
أصابه عند المشترى قد نقصه إلا أنه ليس من العيوب المفسدة أيكون للمشترى
أن يرده إذا ظهر على عيب قد دلسه له البائع ولا يكون عليه لما نقص العيب الذي
أصاب العبد عنده شئ (قال) قال مالك بن أسن له أن يرده ولا شئ عليه إذا كان
عيبا غير مفسد وإن كان قد نقصه (قلت) أرأيت أن قطعت إصبعه أو أصابه أمر
من الله فذهبت إصبعه ثم ظهر المشترى على عيب دلسه له البائع أله أن يرده (قال)
لا أحفظه عن مالك بن أنس إلا أنى أراه عيبا مفسدا لا يرده الا بما نقص (قلت)
فان ذهبت أنملته أو ظفره (قال) أما أنملته فهو عيب لا يرده الا بما نقص منه إلا أن يكون من وخش الرقيق الذي لا يكون ذلك مفسدا فيهم ولا ينقصه كثيرا فإن كان كذلك رده ولا شئ عليه وأما الظفر فان له أن يرده ولا شئ عليه ولا أراده
عيبا (قلت) فتحفظ عن مالك بن أنس أنه قال إن أصابه عنده حمى أو رمد أو
صداع أوكى وكل وجع ليس بمخوف أن له أن يرده إذا أصاب به عيبا قد دلس له
البائع ولا شئ عليه (قال نعم)
(في الرجل يشترى العبدين فيموت أحدهما ويجد بالآخر عيبا)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبدين في صفقة واحدة فمات أحدهما في يدي وأصبت
بالباقي عيبا أيكون لي أن أرده عند مالك (قال) نعم لك أن ترده عند مالك وتأخذ
من الثمن بحساب ما كان يصير لهذا العبد من الثمن يقوم هذا الميت والمعيب
فينظر ما يصيب قيمة هذا الذي أصبت به عيبا من الثمن فيرجع بذلك على البائع
(قلت) فان اختلفا في قيمة الميت فقال المبتاع قيمة الميت الثلث وقيمة هذا الثلثان وقال
البائع قيمة هذا الثلث وقيمة الميت الثلثان (قال) يقال لهما صفا الميت فإذا تصادقا في
صفته دعى لصفته أهل المعرفة به فيقومون تلك الصفة وان تناكرا في صفة فالقول في
صفته قول البائع مع يمينه إذا كان قد انتقد الثمن لا المبتاع مدع للفضل على ما يقول
301

البائع فالقول قول البائع وعلى المبتاع البينة على الصفة وا لم يأت بالبينة على الصفة
حلف البائع وكان القول قوله إذا كان قد انتقد وإن لم يكن انتقد فالقول قول المشترى
(قلت) أرأيت أن اشتريت شاتين مذبوحتين فأصبت إحداهما غير ذكية أتلزمني
الذكية بحصتها من الثمن في قول مالك بن أنس أم لا (قال) أرى ذلك مثل الرجل
يبتاع الطعام فيقال له ان فيه مائة أردب فيشترى على ذلك فلا يجد فيه الا خمسين أو
أربعين (قال) لا يلزمه أخذ ذلك الطعام إلا أن يكون الذي نقص من ذلك الأرادب
اليسيرة وهذه الشاة إذا وجدها ميتة وإنما كان شراء الرجل شاتين لحاجته إلى جملة
اللحم والرجل إذا جمع الشراء في الصفقة الواحدة كان أرخص فأرى الشاتين بمنزلة
ما وصفت لك من الطعام عند مالك ويرد الجميع إلا أن يشاء أن يحبس الذكية فالذي
يصيبها من حصة الثمن فذلك له (قلت) فان اشتريت عشر شياه مذبوحة
فأصبت إحداهن ميتة (قال) أرى أن تلزمك التسعة بحصتهن من الثمن (قلت)
وكذلك الرجل يشترى قلال خل فيصيب إحداهن خمرا أو اشترى قلتي خل فيصيب
إحداهما خمرا فهو على حال ما وصفت لك من قول مالك (قال) نعم (قال سحنون)
وقال غيره إذا اشترى شاتين أو قلتين أو عبدين متكافئين فان هذا لم يشتر أحدهما
لصاحبه فان أصاب بأحدهما عيبا أو استحق أحدهما رجع بما يصيب المستحق من
الثمن وإن كان عيبا رده وأخذ ما يصيبه من الثمن (قال سحنون) وكذلك يقول
ابن القاسم في العبدين المتكافئين وليس العبدان المتكافئان كعبدين أحدهما تبع
لصاحبه إنما اشترى لمكان صاحبه أو كجملة ثياب أو رقيق أو كيل أو وزن يكثر
فيستحق منه اليسير ويبقى الكثر فان هذا قد سلمت له جل صفقته فيلزمه ما صح
ويرجع بثمن ما استحق فإن كان ما استحق مضرا به في صفقته لكثرة ما استحق
من يديه ويعلم أن هذا إذا استحق منه دخل عليه فيه الضرر لتبعيض ذلك عليه وأن
مثله إنما رغب في جملة ما اشترى فان هذا مثله أن يرد الصفقة كلها ويأخذ الثمن
وان أراد أن يحبس ما سلم في يديه ويرجع ثمن ما استحق فإن كان ما اشترى على
302

الكيل والوزن فذلك له وإن كان ما استحق مما بيع على العدد فكان الاستحقاق
على الاجزاء نصف ما اشترى أو ثلثيه أو ثلاثة أرباعه أو ثلثه فذلك له لان ما رضى
به يصير له بثمن معروف إن كان الذي استحق نصفه أو ثلثيه فرضى بما بقي صار
له بنصف الثمن أو بثلثيه وكذلك ما استحق من الكيل والوزن الذي يبقى
ثمنه معروف لأنه مما لا يقسم الثمن عليه إن كان استحق منه جزء معروف أو
عدد على السلع وإن كان ما باع عددا واستحق من العدد ما يصير للمشترى
حجة في أن يرد فأراد أن يحبس ما بقي بما يصيبه من الثمن فان ذلك لا يجوز له لأنه
إذا وجب له رد جميع ما في يديه فليس له أن يقول أنا أحبس ما بقي ما يصير له من الثمن
لأنه يحبسه بثمن مجهول لأنه أو جبه على نفسه بما يصير له من الثمن وذلك غير معروف
حتى تقوم السلع ثم يقسم الثمن عليها فما صار للذي بقي أخذه بحصته من الثمن وذلك
مجهول وأما في العيب فإنه إذا أصاب العيب في كثير من العدد حتى يضر ذلك به في
صفقته أو في كثير من وزنه أو كيله فإنه مخير في أن يقبل الجميع بعينه أو يرده كله
وليس له خيار في أن يحبس ما صح في يديه بما يصيبه من الثمن وإن كان معروفا وهو
خلاف الاستحقاق في هذا الموضع لان صاحب العيب إنما باع على أن حمل بعضا
بعضا فما رضى منه بما رأى واما رده عليه (قلت) أريت ان اشتريت عبدا بثوبين
فهلك أحد الثوبين عند صاحبه وأصاب بالثوب الباقي عيبا فجاء ليرده كيف يكون هذا في
قول مالك (قال) ينظر إلى الثوب الذي وجدبه العيب فإن كان هو وجه ما اشترى وفيه
الفضل فيما يرى الناس رده ونظر إلى العبد فإن كان لم يفت رده ونظر إلى قيمة الثوب
التالف فرده قابضه مع الثوب الذي وجد به العيب وإن كان العبد قد فات بنماء أو نقصان
أو اختلاف أسواق أو شئ من وجو الفوت نظر إلى الثوب الباقي كم كان من الثوب
التالف فإن كان ثلثا أو ربعا نظر إلى قيمة العبد فغرم قابض العبد لصاحب الثوب من
قيمة العبد بقدر الذي يصيبه من صاحبه ان ثلثا أو ربعا يغرم له من قيمة العبد ثلثها
أو ربعها ولا يرجع في العبد بشئ وإن كان إنما أصاب صاحب العبد بالعبد عيبا وقد
303

نلف أحد الثوبين عند بائع العبد رد العبد وينظر إلى الثوب الباقي فإن كان هو وجه
الثوبين ومن أجله اشتراهما رد الثوب الباقي وغرم قيمة التالف إن كان الثوب الباقي
لم يفت بنماء أو نقصان ولا اختلاف أسواق وإن كان فات بشئ من ذلك أو كان
الباقي منهما سوى الذي ليس من أجله كان الاشتراء أسلما لمشتريهما وغرم قيمتهما
جميعا لصاحب العبد
(في الرجل يشترى السلعة فتموت عنده ويظهر منها على عيب)
(قلت) ما قول مالك بن أنس فيمن اشترى سلعة بيعا صحيحا فلم يقبضها صاحبها
الا بعد شهر أو شهرين وقد حالت الأسواق عند البائع وقبضها فماتت عند المشترى
ثم ظهر على عيب كان عند البائع أن القيمتين يحسب على المشترى ويجعلها قيمته الجارية
إذا أراد أن يرجع بالعيب أقيمتها يوم قبض الجارية أم قيمتها يوم وقعت الصفقة (قال)
بل قيمتها يوم وقعت الصفقة (قلت) فإن كان البيع حراما فاسدا فأي القيمتين
يحسب على المشترى (قال) قيمتها يوم قبضها ليس قيمتها يوم وقع البيع لان المشترى
في البيع الفاسد لا يضمن الا بعد ما يقبض لان له أن يترك ولا يقبض والبيع
الصحيح القبض له لازم وليس له أن يفسخ ذلك ومصيبتها منه فهذا فرق ما بينهما
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية بيعا صحيحا فلم أقبضها حتى ماتت عند البائع وقد
نقدته الثمن أو لم أنقده وقد فاتت الجارية أو حدث بالجارية عيب عند البائع قبل أن
أنقدها (قال) قال مالك الموت من المشترى وإن كان البائع احتبسها بالثمن (قال ابن
القاسم) فالعيب عندي بمنزلة الموت يكون ذلك كله من المشترى إذا كانت الجارية
ممن لا يتواضع مثلها وبيعت على القبض (قلت) فإن كان اشتراها على صفة فأصابها
بعد وجوب الصفقة على ما ذكرت لك (قال) قال مالك إذا كان اشتراها وهي على الصفة
التي وصفت له فيما أصابها من حدث بعد ذلك فهو من المشترى (قال ابن القاسم)
وقال لي مالك بعد ذلك في هذه المسألة فيمن اشترى على الصفة انها ان ماتت قبل
أن يقبضها المشترى فهي من البائع (قال ابن القاسم) ولم يذكر في العيوب في
304

هذه المسألة شيئا إلا أنه قال لي قبل ذلك في الموت والعيوب انها من المشترى جميعا
وأرى أن ذلك كله من البائع إلا أن يشترط البائع أن ما أصابها بعد الصفقة فهو من
المشترى فيكون ذلك على ما اشترط وهو قول مالك الآخر الذي ثبت عليه وقاله لي
غير عام وأرى العيوب التي تصيب السلعة قبل أن يقبضها المبتاع بمنزلة الموت ضمان
ذلك من البائع إلا أن يشترط كما وصفت لك (قلت) أرأيت أن اشتريت جارية
بها عيب لم أعلم به فلم أقبضها حتى ماتت عند البائع أو أصابها عيب مفسد مثل القطع
والشلل وما أشبهه وذلك كله عند البائع قبل أن اقبضها أتلزمني الجارية أم لا وهل
يكون ما أصابها من العيوب أو الموت الذي كان بعد الصفقة من المشترى أم من
البائع إذا اطلع على العيب الذي كان بالجارية عند البائع (قال) لم أسمع من مالك فيها شيئا
الا ما قال لي مالك في الموت إذا اشتراها فاحتبسها البائع للثمن فهي من المشتري إذا
كانت ممن لا يتواضع مثلها وبيعت على القبض فان هذه السلعة قد وجبت وإن كان له أن
يردها لأنه لو شاء أن يأخذها أخذها بيعها ولم يكن للبائع فيها حجة ألا ترى أن عتقه جائز
فيها وان عتق البائع فيها غير جائز ولا يشبه هذا البيع الفاسد لان المشترى في البيع
الفاسد لو أراد أن يأخذ لم يكن ذلك له وان البائع لو أعتق في البيع الفاسد لجاز ذلك
عليه ولم يكن للمشترى عتق معه إلا أن يكون المشترى أعتق قبل البائع فيكون قد
أتلفها وان هذا لا عتق للبائع مع عتق المشترى ولا عتق له وإن لم يعتق المشترى
لان المشترى كان على شرائه يأخذه ان أحب وإنما احتبسها بعد وجوب البيع بالثمن
(قال) وكذلك قال لي مالك أراها بمنزلة الرهن ان احتبسها بعد وجوب البيع بالثمن
فان ماتت فهي من المشترى فهي إذا باعها وبها العيب فاحتبسها بالثمن فهي رهن ولو لم
يحتبسها لقبضها المشتري وكان المشترى ضامنا لما أصابها فحبس البائع إياها بمنزلة
الرهن وقبض للمشترى بعد الوجوب فأرى أن كل ما أصابها من عيب أو موت
وإن كان بها يوم باعها البائع عيب كان عنده فهي من المشترى حتى يردها قبضها من
البائع أو لم يقبضها حتى يردها بقضاء من السلطان أو يبرئه منها البائع (وأخبرني)
305

سحنون عن ابن وهب عن ابن لهيعة أنه سمع يزيد بن أبي حبيب يقول اشترى
رجل عبدا من آخر فقال الذي باعه قد وجب لك غير أنى لا أدفع إليك العبد حتى
تنقدني ثمنه فانى لا آمنك فانطلق المشترى يأتي ثمنه فلم يأت بثمنه حتى مات العبد عند
الذي باعه (قال) يزيد قال سعيد بن المسيب هو من الذي مات في يده (وقال)
سليمان بن بشار بل هو من الذي اشتراه ووجب له (قال سحنون) وقد قال مالك
بقوليهما جميعا (ابن وهب) قال الليث كتب إلى يحيى بن سعيد يقول من باع دابة
غائبة أو متاعا غائبا على صفة لم يصلح أن يقبض البائع الثمن حتى يجد الدابة أو المتاع
الذي اشترى ولكن يوقف الثمن فإن كانت الدابة أو المتاع على ما وصف البائع تم
بيعهما وأخذ الثمن (وأخبرني) سحنون بن سعيد قال أخبرني ابن وهب
عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في بيع الدابة الغائبة ان أدركتها الصفقة
حية فليس بذلك بأس وعلى ذلك بيع الناس (وأخبرني) عن ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر عن
ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه حدثه قال تبايع عثمان بن عفان وعبد الرحمن ب عوف
فرسا غائبة وشرط ان كانت هذا اليوم حية فهي منى (وأخبرني) ابن وهب عن
ابن جريج عن ابن شهاب قال كان عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف من أجد
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيع فكان الناس يقولون ليتهما قد تبايعا
حتى ننظر أيهما أجد فابتاع عبد الرحمن بن عوف من عثمان بن عفان فرسا غائبة باثني
عشر ألفا ان كانت هذا اليوم صحيحة فهي منى ولا إخال عبد الرحمن الا وقد كان
عرفها ثم إن عبد الرحمن قال لعثمان هل لك أن أزيدك أربعة آلاف وهي منك حتى
يقبضها رسول قال نعم فزاده عبد الرحمن بن عوف أربعة آلاف على ذلك فماتت
فقدم رسول عبد الرحمن فعلم الناس أن عبد الرحمن أجد من عثمان (وأخبرني) ابن
وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال وانه وجد الفرس حين خلع رسنها
306

قد هلكت فكانت من البائع
(في الرجل يبتاع الجارية وبها العيب لم يعلم به حتى يبيعها ثم ترد عليه)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية وبها عيب لم أعلم به ثم بعتها فتداولها رجال
فتغيرت في بدنها أو أسواقها ثم اشتريتها فعلمت بالعيب الذي كان عند البائع الذي
باعني (قال سحنون) وقال غيره لك أن تردها على أن لم يكن دخلها عيب مفسد
مثل ما وصفت لك (وقال أشهب) لك أن تردها على الذي اشتريتها منه آخرا
لان عهدتك عليه (قلت) لابن القاسم فإن كان اشتراها بيعا صحيحا وبها عيب لم
يعلم به فباعها أو آجرها أو رهنا أو تصدق بها أو كاتبها أو اتخذها أم ولد أترى هذا
كله فوتا في قول مالك أم لا (قال) أما الرهن والإجارة والبيع فليس بفوت وقد
بلغني عن مالك بن أنس ممن أثق به أنه لم يره في البيع فوتا ورأيي الذي آخذ به أن
ليس البيع بفوت لأنه قد آخذ له ثمنا إنما هو على أحد وجهين إما أن يكون قد رأى
العيب فقد رضيه حين باعه ولو شاء لم يبعه حتى ثبتت من صاحبها فردها عليه بالعيب وإما
أن يكون لم يرده فهو إن كان نقص في بيعه العبد لم ينقص لموضع العيب (قال) وأما
التدبير والكتابة والموت واتخاذها أم ولد والصدقة فان مالكا قال لي في ذلك أنه
كله فوت (قلت) فما قول مالك بن أنس في الهبة إذا وهبها وقد اشتراها وبها
عيب (قال) قال مالك إن كان وهبا للثواب فهو بيع وإن كان وهبها لغير ثواب فهو من
وجه الصدقة وهو فوت ويرجع فيأخذ قيمة العيب والبيع والصحيح إذا أصاب
العيب بعد ما رهن أو آجر فلا أراه فوتا ومتى ما رجعت إليه بافتكاك أو انقضاء
أجل الإجارة فأرى له أن يردها ان كانت بحالها وان دخلها عيب مفسد ردها وما
نقصها العيب الذي حدث بها (وقال أشهب) ان افتكها حين علم بالعيب فله أن
يردها والا رجع بما بين الصحة والداء
307

(في الرجل يبتاع الأمة فتلد أولادا ثم يجد بها عيبا)
(قلت) أرأيت أن ابتاع أمة فولدت عند المشترى ولدا فمات ولدها فأصاب بها
عيبا أله أن يردها وقد مات الولد عنده (قال) نعم يردها إذا مات الولد ولا شئ عليه
ويرجع بالثمن كله ولا شئ عليه في الولد (قلت) فإن كانت الولادة قد نقصتها
وقد مات الولد ثم أصاب بها عيبا (قال) له أن يردها وما نقصت الولادة منها وكذلك
قال لي مالك بن أنس وكذلك لو لم تلد وأصابها عند المشترى عيب مفسد مثل
القطع والعور والشلل ونحو ذلك فنقصان الولادة مثل العيوب المفسدة (قلت)
أرأيت أن اشترى رجل جارية وبها عيب لم يعلم به ثم ولدت عنده أولادا فماتت الأم
أو قتلها رجل وبقي الأولاد عنده ثم علم بالعيب (قال) يرجع على بائعه فيأخذ منه
قيمة العيب كما فسرت لك (قلت) فتقوم الجارية ان كانت ميتة أو مقتولة وولدها
معها (قال) تقوم هي نفسها كما وصفت لك (قال سحنون) وقد قال بعض رواة
مالك إلا أن يكون ما وصل إليه من قيمة الأم مثل الثمن الذي يرجع به على البائع
فلا تكون له حجة ألا ترى أن البائع لو أن الأم لم تقتل ولكنها ماتت لو قال
للمشترى أنا أرد عليك جميع الثمن ورد على الولد ولا أعطيك ما بين القيمتين كان
ذلك له وقيل للمشترى إما ان رددت عليه الولد وأخذت الثمن واما أن تمسكت
بالولد ولا شئ لك فهو إذا كانت القيمة في يده وهي مثل الثمن والولد فضلا أيضا لم
تكن للمشترى حجة لان الذي يريد أن يرجع به في يديه مثله منها
(في الرجلين يبتاعان السلعة ثم يبيعها أحدهما)
(من صاحبه ثم يظهر على عيب)
(قلت) فلو أنى بعت من رجلين ثوبا فباع أحدهما من صاحبه حصته ثم ظهر على
عيب كان عنده (قال) أرى أن الذي باع حصته من صاحبه قد خرج ما كان في يديه
من السلعة فلا يرجع عليك بما بين الصحة والداء وأما الذي لم يبع فله أن يرد حصته
308

التي في يديه عليك بنصف الثمن فتكون نصف السلعة في يديك ونصفها في يدري
الذي اشتراها من صاحبه
(في الرجل يبتاع الجارية على جنس فيصيبها على جنس آخر)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية على أنها بربرية فأصبتها خراسانية (قال) لك
أن تردها (قلت) فان اشتريتها على أنها صقلبية أو آبرية أو اشابانية فأصبتها بربرية
أو خراسانية (قال) ليس لك أن تردها (قلت) لم (قال) لان البربرية والخراسانية
أفضل من الصقلبية والآبرية لان الناس إنما يذكرون الأجناس لفضل بعضها على
بعض فيزاد بذلك في أثمان الرقيق فإذا كانت أرفع جنسا مما شرط فليس له أن يرد
(قلت) وتحفظ هذا عن مالك (قال) لا إلا أن يكون في ذلك أمر يعرف به أن
المشترى قد أراده فيرد عنه مثل أن يكره شراء البربرية لما يخاف من أصولهن
وحريتهن وسرقتهن وما كان من هذا وما أشبهه فأرى أن يرد وما لم يكن على هذا
الوجه وليس فيه عيب يرده به ولا ثمن يوضع فلا أرى أن يرد (قال) ولقد سمعت
مالكا وسأله ابن كنانة ونزلت هذه المسألة بالمدينة في رجل اشترى جارية فأراد أن
يتخذها أم ولد فإذا نسبها من العرب فأراد ردها بذلك وقال إن ولدت مني وعتقت
يوما جر العرب ولاءها ولا يكون ولاؤها لولدي (قال مالك بن أنس) لا أرى هذا
عيبا ولا أرى له أن يردها
(في الرجل يبتاع العبد وبه عيب فيفوت عنده بموت أو عيب)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا وبه عيب دلسه لي البائع بمائة دينار وقيمته مائة
وخمسون دينارا فتغير عندي العبد بعيب فاسد أو مات فأردت أن أرجع على البائع
بالعيب (قال) ينظر إلى قيمته صحيحا يوم قبض عند مالك فزعمت أن قيمته خمسون
ومائة والى قيمته معيبا يوم قبضته فزعمت أن قيمته وبه العيب مائة فصار ما بين قيمة
العبد صحيحا وبين قيمته معيبا الثلث فيفض الثمن على ذلك فيكون لبائع العبد ثلثا المائة
309

ويرجع مشترى العبد حين فات العبد عنده بعيب مفسد أو بموت بثلث المائة من
ثمن العبد لان العيب نقص العبد الثلث فكأن البائع قد أخذ ثلث المائة بغير شئ
دفعه إلى المبتاع فلذلك يرجع به (قلت) وهذا قول مالك بن أنس كله (قال) نعم
(قال) وقال مالك من باع عبدا وبه عيب دلسه مثل الإباق والسرقة أو المرض
من الأمراض فأبق العبد أو سرق العبد فقطعت يده فمات من ذلك أو لم يمت أو
تمادى بالعبد المرض فمات منه أو أبق وذهب ولم يرجع فوجد المشترى البينة على
هذه العيوب انها كانت به حين باعه وعلم البائع بذلك فان المشترى يرجع بالثمن كله
فيأخذه ولا شئ عليه في إباق العبد ولا موته ولا قطع يده وإن كان باعه آبقا فسرق
فقطعت يده رد في القطع كما فسرت لك لان القطع عيب حدث عند المشترى من
غير العيب الذي باعه به أو حدث في مرضه عيب آخر أو اعورت عينه أو قطعت يده
من غير سبب المرض فهذا لا يرده الا ومعه ما نقصه كما فسرت لك في المسألة الأولى
أو يحبسه فيأخذ قيمة العيب كما فسرت لك في المسألة الأولى وما كان من سبب العيب
الذي وصفت لك أنه دلس به فمات منه أو أبق أو قطع فلا شئ عليه فيه وهو يأخذ
الثمن كله (وأخبرني) سحنون عن ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر أن عمر بن
عبد العزيز قضى في الرجل بيع العبد وبه عيب ثم يصيبه عند الذي ابتاعه عيب انه ان
قامت له البينة على أنه إن كان به ذلك العيب عند صاحبه الذي باعه وضع عن المشترى
ما بين الثمنين قدر العيب الذي كان عند البائع (وأخبرني) عن وكيع بن الجراح عن
سليمان الأعمش عن إبراهيم عن شريح في الرجل يشترى الجارية فيطؤها ثم يجد بها
عيبا (قال) ان كانت ثيبا ردها ورد نصف العشر وان كانت بكرا ردها ورد العشر
(وأخبرني) عن وكيع عن إسرائيل وشريك عن جابر بن عامر الشعبي عن عمر
قال ترد العشر ونصف العشر (قال سحنون) وإنما كتبت هذا في العشر ونصف
العشر وإن كان مالك لا يأخذ به وإنما يقول ما نقص من وطئه حجة ان له أن يردها
ولا يكون وطؤه إياها وان دخلها به نقص فوتا لا يرد مثل العتق والموت وما لا يقدر
310

على رده فهذا عمر وشريح قد رداها على البائع فلذلك كان للمشترى أن يرد العيب عن
نفسه وان دخلها عنده النقص ويغرم ما نقصها إذا أراد ردها وان أراد أن يحبسها
ويرجع بما بين الصحة والداء فذلك له ألا ترى أن عمر بن عبد العزيز قضى في الرجل
يبيع العبد وبه عيب ثم يصيبه عيب عند الذي ابتاعه انه يوضع على المشترى ما بين
الثمنين (وأخبرني) عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في
العبد يشتريه الرجل بيع المسلمين فيسرق وهو بيد الذي اشتراه وتقوم عليه البينة
فتقطع يده ثم يجد هذا الذي اشتراه البينة العادلة على أنه كان سارقا معلوما ذلك من
شأنه قبل أن يشتريه وان الذي باعه كتمه ودلسه (قال ابن شهاب) لم يبلغنا
في ذلك شئ ولا نرى إلا أنه يرده (فقيل) لان شهاب فان أبق من عند الذي اشتراه
ثم أقام البينة العادلة أنه كان آبقا معلوما ذلك من شأنه وأنه كتمه ودلسه به (قال
ابن شهاب) نرى أن يرد المال إلى من دلس له ويتبع المدلس العبد ويرد الثمن
فإنه غره بأمر أراد أن يتلف فيه ماله (قال ابن شهاب) وكذلك إذا دلس له
بالجنون فخنق حتى مات انه يرجع بالثمن كله (سحنون) عن ابن نافع عن عبد
الرحمن بن أبي الزناد عن أبي الزناد عن السبعة انهم كانوا يقولون كل عبد أو أمة
دلس فيها بعاهة فظهرت تلك العاهة وقد فات رد العبد أو الأمة بموت أو عتق أو
بأن تلك الأمة حملت من سيدها فإنه يوضع عن المبتاع ما بين قيمة ذلك الرأس وبه
تلك العاهة وبين قيمته بريئا منها فان مات ذلك الرأس من تلك العاهة التي دلس بها
فهو من البائع ويأخذ المبتاع الثمن كله منه. وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد
وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد بن
ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار معه مشيخة سواهم
من نظرائهم أهل فقه وفضل (قال) فقلت لمالك بن أنس فالعبد يبتاعه الرجل وهو
أعجمي أو الجارية فيدفع العبد إلى الصناعة فيعمل البنيان أو يكون صائغا أو صباغا أو
نجارا فيرتفع ثمنه فيجد به عيبا. بعد ذلك فيريد أن يرده أترى ذلك له أم تراه فوتا
311

قال لا (قال مالك) والجارية يشتريها القوم فتستحق عندهم فتنصب (قال) فقلت
لمالك ما النصب قال تطبخ وتعمل وتغزل وتغسل وتعالج الاعمال وتستحق ونتخرج
ويرتفع ثمنها بذلك أفهذا فوت (قال مالك بن أنس) لا أرى هذا فوتا ان أحب أن
يرد رد والا حبس ولا شئ له (قال) فقلت لمالك فالصغير يشترى فيكبر أتراه فوتا
(قال) نعم وأرى أن يأخذ قيمة العيب منه على ما أحب أو كره البائع (قال) وبلغني
عن مالك أنه قال الهرم فوت (قلت) لعبد الرحمن بن القاسم وتفسير العيب كيف
يرجع به ان رجع أو يردان رد (قال) ان أراد أن يرجع المبتاع نظر إلى قيمة
الجارية يوم باعها كم كانت قيمتها صحيحة ونظر كم قيمتها وبها العيب يوم باعها وقبضها
فإن كان العيب الذي بها سدسها أو خمسها نظر إلى الثمن الذي نقد فيها فرد منه
سدسه أو خمسه كان ذلك الثمن أكثر من القيمة أو أدنى فعلى هذا يحسب وان
أراد أن يردها نظر إلى قيمتها يوم اشتراها وبها العيب الذي اشتراها به ثم نظر إلى
ما أصابها عند المشتري من العيب كم كان قيمتها يوم قبضها أن لو كان بها. وتفسير ذلك
أن يكون باعها وبها العيب وقيمتها ثمانون دينارا فأعورت عنده ولو كانت ذلك اليوم
عوراء كانت قيمتها ستين فيرد ربع الثمن بعد ما طرحنا ما يصيب العيب الذي دلسه
البائع من الثمن وأما العين التي ذهبت فيلزمه قيمتها يوم قبضها كمثل رجل ابتاع عبدين
في صفقة واحدة بثمن واحد ثم مات أحدهما وبقي الآخر فيوجد به عيب فأراد أن يرده
فإنما ينظر كم كان قيمة الباقي من صاحبه الهالك يوم قبضهما فإن كان الثلث أو النصف أو
الربع رده ورجع فأخذ من الثمن أن كان الربع فالربع وإن كان النصف فالنصف وإن كان
الثلث فالثلث من الثمن فالعبد الباقي مع الذي مات بمنزلة اليد والعين من الجسد
بعد قيمة العيب الذي دلس له يقسم الثمن علي العيب الذي دلس له وعلى ما بقي من
العبد ثم يطرح قدر العيب الذي دلس له به ثم ينظر إلى ما بقي فيكون ذلك ثمنا لليد
ثم ينظر إلى اليد أو العين كم كانت من العبد ذلك اليوم فإن كانت الربع أو الثلث رد
ربع ما بقي من الثمن أو ثلثه بعد العيب الأول فهذا تفسير قول مالك في هذا (قال)
312

وسألت مالكا عن الرجل يبيع الأمة فيزوجها المشترى عبده ثم يجد بها عيبا فيريد
ردها أله أن يردها (قال) نعم (قال) فقلت لمالك بن أنس في النكاح أيفسخه البائع
(قال) لا وهو بمنزلة أن لو زوجها سيدها رجلا حرا فليس للبائع أن يفسخه ان
ردها عليه (قال) فقلت لمالك بن أنس أفيرد في ذلك قيمة ما نقص الجارية النكاح
(قال) ان كانت الجارية ممن ينقصها النكاح فعليه ما نقص من ثمنها (قال) وربما ردها
وقد نكحت وهي خير منها يوم باعها يردها ومعها الولد فيكون هو أكثر لثمنها فإن كان ذلك ينقصها فأرى أن يرد النقصان والا فليس للبائع شئ ويردها عليه والنكاح
ثابت (قلت) أرأيت أن كان في الولد ما يجبر به عيبها الذي دخل من قبل النكاح
أيكون له أن يجبر عيبها بالولد في قول مالك (قال) نعم ألا ترى أن مالكا قال ربما ردها
وولدها وقد زاد ذلك في ثمنها فهذا من قوله يدلك على أنه إنما أراد أن يجبر به (قال
سحنون) وقد قال غيره يردها وما نقصها النكاح واما زيادة ولد ها فيها. كمثل زيادة بدنها
وجسمها وصنعة تحدث فيها فيرتفع لذلك ثمنها حتى تكون يوم يردها أفضل منها أن
لو كان معها ولد وأكثر لثمنها وأشد جبرا لما نقص النكاح منها (وقد) قال مالك بن
أنس في بعض هذا النماء مما يردها به وهو فيها ويغرم ما نقص العيب ولا يحسب له
في جبر ما نقص العيب عنده شئ (قلت) لابن القاسم أرأيت أن اشتريت عبدا بعبد
فهلك العبد الذي دفعت وأصبت بالعبد الذي اشتريت عيبا فأردت أن أرده (قال)
قال مالك يرده وله قيمة الغلام الذي دفع إليه لأنه ثمن هذا العبد (قال) وان نقص هذا
الباقي الذي ظهر به العيب فلصاحبه أن يرده ولا شئ عليه في نقصانه إلا أن يكون
نقصانه ذلك عيبا مفسدا مثل العور والشلل والقطع والصمم وما أشبه ذلك وأما كل
عيب ليس بمفسد فإنه يرده بالعيب الذي ظهر عليه ولا شئ عليه في العيب الذي حدث
عنده إذا كان ليس عيبا مفسدا وإن كان لم يهلك العبد الآخر ودخله نماء أو نقصان
أو اختلاف من أسواق أو عتاقة أو كتابة أو دبره أو باعه أو كانت جارية فأحبلها ثم
ظهر هذا الآخر على عيب بالعبد الذي عنده فإنه يرده وليس له من العبد الذي فات
313

ودخله ما ذكرت لك من العتق وغيره قليل ولا كثير وإنما له قيمته يوم قبضه منه
وليس له من الثمن الذي باعه به هذا شئ وإن كان باعه ولم يعتقه باعه بأقل من قيمته
يوم قبضه أو بأكثر من قيمته فليس لهذا الذي يرد العبد بالعيب في هذا الثمن قليل
ولا كثير وإنما له قيمة هذا العبد الذي دخله الفوت بالعتق أو بالبيع ويرد الذي
أصاب به العيب ولا شئ له (قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا بطعام أو بشئ مما يكال
أو يوزن كان مما يؤكل ويشرب أو كان مما لا يؤكل ولا يشرب فأصبت بالعبد عيبا
وقد تلف الثمن الذي دفعت إليه فأردت رد العبد (قال) مالك) ترجع بمثل ما دفعت من
الكيل والوزن فإن كان قد تلف ذلك الذي دفعته فإنما لك مثله (قلت) فان كنت
ابتعت عبدا بعرض من العروض فأصبت به عيبا وقد تلف العرض عند الذي دفعته
إليه (قال) قال مالك يرجع عليه بقيمة ذلك العرض ولا يرجع عليه بعرض مثله (قال)
وما يوزن ويكال في هذا بمنزلة الدنانير والدراهم وأما العروض كلها فإنما له قيمتها ان
كانت قد تلفت وان كانت لم تتلف فإنه يرجع فيها إلا أن تكون قد فاتت بنماء أو
نقصان أو اختلاف من أسواق أو بيع فإنما له قيمتها (قلت) ما فرق ما بين العروض
في هذا وبين ما يوزن ويكال في قول مالك (قال) لان العروض لا يستطيع رد مثلها
وهو حين قبضها وجبت عليه قيمتها يوم قبضها ان حالت عن حالها فإذا تلفت العروض
عند الذي باع العبد فإنه يرجع عليه بقيمتها (قال) وأما ما يوزن ويكال فلم يجب عليه
فيه قيمة ان حال فهو ان تلف فإنما له مثل كيله أو وزنه فكأنه أخذ شيئه بعينه
(في الرجل يبتاع العبد بيعا فاسدا ثم يعتقه قبل أن يقبضه)
(قلت) أرأيت لو أنى اشتريت عبدا بيعا فاسدا فلم أقبضه من البائع حتى أعتقته
أيلزمني العتق أم لا (قال) العتق لازم للمشترى قبض أو لم يقبض إذا كان البيع
فاسد ويقوم عليه في ماله ونؤخذ من ماله قيمته إذا كان له مال فإن لم يكن له
مال فلا يجوز عتقه (قلت) لم أجزت عتقه قبل أن يقبضه والبيع فاسد وهو إنما
يضمنه يوم يقبضه والبيع الذي كان بينهما مفسوخ لا يقر فعقدتهما التي عقد باطل
314

فلم أجزت عتقه قبل أن يقبضه (قال) لان عتقه العبد قبل أن يقبضه قبض منه
للعبد فهو إذا أعتقه دخل في عتقه إياه قبضه للعبد بفوات العبد (قلت) وكذلك
لو كان العبد لم يتغير بنقصان بدن ولا بزيادة ولا بحوالة أسواق (قال) نعم قال عبد
الرحمن بن القاسم وإنما مثل ذلك مثل الرجل يشترى العبد الغائب ويشترط على البائع
أنه منه حتى يقبضه فتجب الصفقة بينهما ان البيع بينهما جائز وضمانه من البائع حتى
يقبضه المبتاع ولا يصلح النقد فيه بشرط إلا أن يتطوع بذلك المشترى بعد وجوب
الصفقة فان أعتقه المشترى وقد اشترط ان ضمانه من البائع جاز العتق عليه وكذلك
البيع الفاسد إذا أعتقه المشترى قبل أن يقبضه جاز عتقه على المشترى وإن كان العبد
في ضمان البائع وهذا مثل الأول (قلت) وما وصفت من بيع العبد الذي يكون في
بعض المواضع ويشترط سيده ان ضمانه منه ان البيع جائز هو قول مالك (قال) نعم
(قلت) والعبد إذا أعتقه المشترى قبل أن يقبضه ان جائز أهو قول مالك (قال)
لا أثبته عنه في العتق (قلت) أرأيت لو أنى اشتريت عبدا أيكون لسيده أن
يمنعني قبضه في قو لمالك حتى أدفع إليه حقه (قال) نعم (قلت) فلو أعتقه المشترى
بعد وجوب الصفقة وقبل أن يدفع إليه الثمن أيجوز عتقه وقد كان للبائع أن يمنعه
(قال) العتق جائز عند مالك إن كان للمشترى مال ويؤخذ منه الثمن وإن لم يكن له
مال لم يجز عتقه فان أيسر قبل أن يباع عليه وأدى الثمن وقبض العبد جاز ذلك العتق
عليه (قال) وقال مالك فان بيع عليه في ثمنه ثم اشتراه بعد ذلك لم أرده يعتق عليه لأنه
قد بيع عليه فبطل عتقه ذلك (قلت) ما قول مالك فيمن اشترى سلعة بسلعة عنده
في بيته موصوفة فقبض السلعة الحاضرة ثم أصاب السلعة الغائبة التي كانت في البيت
قد تلفت أو ماتت قبل وقوع الصفقة (قال) يأخذ سلعة بعينها ان كانت لم تتغير
(قلت) فإن كانت السلعة التي قبض جارية فأعتقها ثم أصاب السلعة الموصوفة التي
كانت في البيت قد تلفت قبل وجوب الصفقة (قال) أرى عتقه جائزا وعليه قيمتها
(قلت) وهذا قول مالك (قال) قال لي مالك في البيع المكروه انه من صاحبه
315

ضامن له إذا قبضه فهذا إذا كان السلعة غائبة غيبة بعيدة فالنقد فيها مكروه فإذا
اشترط النقد فيها صار بيعا مكروها وهو قول مالك وغيره ممن هو أكبر منه وهي
من المشترى إذا قبضها وعتقه فيها جائز ولو باعها نفذ البيع وكان عليه قيمتها يوم
قبضها وجاز البيع لمن باعه إذا كان الأول قد قبضها وكذلك لو كانت حاضرة أو
غائبة غيبة قريبة مما يجوز فيه النقد إذا اشترط أن ينقده فهو ضامن إذا قبض السلعة
حتى يدفع الثمن فان باع أو أعتق جاز ذلك له إلا أن يعتق ولا مال له فيكون عتقه
باطلا (قلت) أرأيت أن اشترى جارية بيعا فاسدا فأعتقها المشترى قبل أن يقبضها
أو كاتبها أو تصدق بها أيكون هذا فوتا وإن كان لم يقبضها (قال) نعم على ما فسرت
لك إن كان ذا مال (قلت) فإن كانت عند البائع فأصابها عيب من العيوب أو تغيرت
بسوق أو زيادة بدن أو نقصان أو ماتت وكل هذا قبل أن يقبضها المشترى من البائع
(قال) قال مالك ذلك كله من البائع لأنه لم يقبضها فيكون ضامنا لها لان البيع حرام
مفسوخ فلا يضمن ذلك المشترى حتى يقبض فأما العتق والصدقة والتدبير والكتابة
فهذا أمر أحدثه المشترى فضمن بما أحدث وصار فوتا إذا كان يقدر على ثمنها (قلت)
أرأيت أن اشتريت جارية بيعا فاسدا فكاتبتها وجعلت كتابتها نجوما كل شهر
فعجزت عن أول نجم ولم تتغير بزيادة سوق ولا نقصان ولا بزيادة بدن ولا بتغيير
بدن ثم رجعت إلى رقيقا فأردت ردها أيكون ذلك لي أم تراه فوتا في قول مالك
(قال) قال مالك الحيوان لا يثبت في الأيام اليسيرة على حال واحدة ورآه مالك فوتا
فالشهر أبين عند مالك أنه فوت في البدن وإن لم تتغير الأسواق فهذا لما مضى شهر
فقد فاتت الجارية وليس له أن يردها وعليه القيمة وإنما يكون له أن يردها لو كان
ذلك قريبا الأيام اليسيرة (قال) وكذلك قال لي مالك بن أنس في الأيام اليسيرة
(قال سحنون) وقال غيره إنما كان قبضه لها على قيمة فلما أحدث فيها الكتابة تم
وجوب القيمة وان عجزت من ساعتها (قلت) أرأيت لو أن مسلما اشترى من
نصراني جارية بخمر فأحبلها أو أعتقها أيكون ذلك فوتا (قال) لم أسمع هذا من مالك
316

ولكنه فوت وأرى لهذا النصراني على المسلم قيمة جاريته (قلت) أرأيت أن
اشتراها بيعا فاسدا فرهنها مكانه أيكون هذا فوتا أم لا (قال) إن كان يقدر على أن
يفتكها لسعة في يديه فانى لا أراه فوتا وإن كان ليس يقدر على أن يفتكها ولا سعة
له فأراه فوتا وأراه من وجوه البيع لأنه قد أعتق رقبتها وكذلك هو في الإجارة ان
قدر على فسخها والا فهو فوت (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة بيعا فاسدا وهي
جارية فاتخذها لم ولد أيكون هذا فوتا في قول مالك قال نعم (قلت) فان دبرها
أو أعتقها أو كاتبها أو باعها أو تصدق بها أو آجرها أو رهنها (قال) نعم هذا كله فوت
في البيع الفاسد في قول مالك الا الإجارة والرهن فانى لم أسمعه منه (وأخبرني)
ابن وهب عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن رجل باع بيعا بعضه حلال وبعضه
حرام ففطن له فقال أنا أضع عنك الحرام وأمضى لك الحلال (قال ابن شهاب) ان
كانت الصفة فيهما واحدة تجمعهما فانا نرى أن يرد ذلك البيع كله وان كانتا بيعتين
شتى لكل واحدة منهما صفقة على حدة فانا نرى أن يرد الحرام ويجاز الحلال
(قال ابن وهب) وقال يونس بن يزيد قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن لا تجمع صفقة
واحدة شيئين يكون أحدهما حلالا والآخر حراما. ومن ذلك ما يدرك فينقض.
ومن ذلك ما يتفاوت فلا يدرك بعضه الا بظلم فيترك قال الله تبارك وتعالى وان تبتم
فلكم رؤس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وكل بيع لا يدرك حتى يتفاوت فلا
يستطاع رده الا بمظلمة فقد تفاوت رده وما كان من أمر تنقضه بين أهله بغير
ظلم فلم يفت ذلك فانقضه
(في الرجل يبتاع العبد فيجد به عيبا فيريد رده وبائعه غائب)
(وسألت) ابن القاسم عن الرجل يبتاع العبد من الرجل فيجد به عيبا مثله لا يحدث
فيأتي به إلى السلطان وقد غاب بائعه (قال) قال مالك ان كانت غيبته بعيدة وأقام المشتري
البينة أنه اشتره بعهدة الاسلام وبيع الاسلام تلوم السلطان للبائع فان طمع بقدومه
والا باعه فقضى الرجل حقه فإن كان للبائع حبسه وله وإن كان فيه نقصان اتبع
317

المشترى البائع بذلك النقصان (قلت) ويدفع السلطان الثمن الذي بيع به العبد إلى
مشترى العبد الذي رده بالعيب في قول مالك قال نعم (قال مالك) يدفع إليه الثمن
الذي اشترى هو به العبد (قلت) فهل يكون على هذا الذي يرد العبد بالعيب عند
السلطان وبائع العبد غائب إذا باع السلطان العبد فقال ادفع إلى الثمن الذي اشتريت
به العبد هل يكلفه السلطان البينة أنه قد نقد الثمن البائع (قال) نعم يكلفه والا لم يدفع
إلى الثمن ولم أسمع هذا من مالك (قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا بيعا فاسدا
فغاب البائع كيف أصنع بالعبد والعبد لم يتغير بنماء ولا نقصان ولا تغيير أسواق (قال)
سألت مالك عن الرجل يشترى العبد وبه العيب فيغيب البائع عنه فيطلبه ولا يجده
فيرفع ذلك إلى السلطان (قال) أرى أن يسأله السلطان البينة على شرائه فان أتى بينة
انه اشتراه بيع السلام وعهدة الاسلام نظر السلطان بعد ذلك فتلوم له وطلب البائع
فإن كان قريبا لم يتعجل بيعه وإن كان بعيدا باعه السلطان إذا خاف على العبد الضيعة
أو النقصان أو الموت ثم قبض السلطان ثمنه فإن كان فيه وفاء دفعه إلى مشترى العبد
وإن كان فيه نقصان دفعه أيضا إلى المشترى العبد واتبع المشترى البائع بما بقي له من
إليه الثمن الذي اشتراه به وإن كان في ثمنه فضل حبسه السلطان علي بائع العبد حتى
يدفعه (قال) فأرى البيع الفاسد مثل هذا إذا ثبتت له البينة أنه كان بيعه حراما ولم يتغير
بنماء ولا نقصان ولا اختلاف أسواق رأيت أن يفعل به كما وصفت لك في العيب
وإن كان قد فات بشئ مما وصفت لك جعله القاضي على المشترى بقيمته يوم قبضه
ويترادان فيما بينهما ان كأن لأحدهما فضل على صاحبه إذا لقي بائعه يوما ما
(في الرجل يبتاع الجارية بيعا فاسدا فتفوت عند المشترى بعيب)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية بيعا فاسد فأصابها عندي عيب فضمنني مالك
قيمتها يوم قبضها، أرأيت أن كان الثمن الذي باعني به البائع الجارية أقل من قيمتها
يوم قبضها أو أكثر أيلزمني ذلك قال نعم (قال) وكل بيع حرام لا يقر على حال
318

القيمة أقل من الثمن الذي باع به أو أكثر الا البيع والسلف وما أشبهه من اشتراط
ما لا يجوز في البيع فإنه كانت القيمة أكثر من ذلك الثمن الذي رضى به على أن
باع وأسلف لم يزد عليه وإن كان أقل رد إلى ذلك (قلت) وهذا قول مالك (قال)
نعم (قال) وقال مالك بن أنس في الجارية يبيعها سيدها على أن تتخذ أم ولد فلا يعلم
بقبيح ذلك حتى تفوت فتكون قيمتها أقل مما نقد فيها فيطلب المبتاع أن يوضع له
(قال) لا أرى ذلك له إنما القول ها هنا للبائع وليس للمبتاع (قلت) أرأيت أن
اشتريت سلعة بيعا فاسدا فبعت نصفها أترى هذا فوتا في جميعا (قال) نعم (وأخبرني)
ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال كل شرط
احتجر به على رجل في جارية يبتاعها يمنه به هبتها وبيعها أو ما يجوز للرجل في ملكه
أو يشترط عليه أن يلتمس ولدها ولا يعزلها فلا يحل له أن يطأها على شئ من هذه
الشروط وان اشترط ذلك على فأهل الجارية أحق بجواز البيع ان تركوه من
الشروط وخلوا بينه وبين الجارية بغير شرط وان أبوا تناقضوا البيع وذلك أنه لا يحل
له من الجارية ما اشتراها له به من أن يمسها والحاجة له إليها والشرط الذي اشترط
عليه فيها فأهل الجارية بالخيار ان شاؤوا وصنعوا عنه الشرط وان شاؤوا نقضوا البيع إن لم
يطأها فان وطئها كان في ذلك رأى الحكم (وأخبرني) سحنون عن ابن القاسم عن
مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عتبة أن ابن مسعود استفتى عمر بن الخطاب
في مثل هذا فيما اشترطت عليه امرأته في الجارية التي اشتراها منها وكان شرطها ان
باعها فهي أحق بها بالثمن فقال عمر لا تقربها وفيها شرط لاحد (وأخبرني) عن
علي بن زياد عن مالك بن أنس فيمن ابتاع جارية على أن لا يبيعها ولا يهبها فباعها
المشترى انه ينقض البيع وترد إلى صاحبها إلا أن يرضى أن يسلمها إليه ولا شرط
فيها فإن كانت قد فاتت فلم توجد أعطي البائع فضل ما وضع له من الشرط (وقد)
قيل إنها ان فاتت ببيع أو تدبير أو موت أو كتابة أو اتخاذ أم ولدان عليه قيمتها
ويترادان الثمن
319

(في الرجل يبتاع الجارية وبها العيب لم يعلم به ثم تموت من ذلك العيب)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية حاملا دلس لي بها البائع فماتت من نفاسها ألي
أن أرجع بالثمن أم لا (قال) قال مالك بن أنس كل عيب دلس به البائع باعه وهو به
وهو يعلم فهلك العبد عند المشترى من ذلك العيب فالمصيبة من البائع والثمن رد على
المشترى والحمل عيب من العيوب فإن كانت الجارية ماتت قبل أن يعلم به المشترى
وقد دلسه فأراها من البائع وإن كان علم فلم يرد حتى ماتت من نفاسها فلا شئ له
(قال أشهب) إلا أن يكون فيما علم أمر له يمن في مثله فوت فقام في ردها فيكون
بمنزلة من لم يعلم ولعله أن يكون علم حين أضربها الطلق فخرج في ذلك فلم يصل إلى
السلطان ولا إلى الرد حتى ماتت فهي من البائع وإن كان أمرا في مثله ما ترد ولم يأت
من ذلك أمر من طول الزمان ما يرى أنه رضا منه يكون اليوم وما أشبهه أحلف
بالله الذي لا إله إلا هو ما رضى الا على القيام ثم يردها وإن كان لم يدلس له به وماتت
في يدي المشترى من ذلك العيب كانت المصيبة من المشترى ورد البائع على المشترى
ما بين القيمتين (قال سحنون) وقد بينا آثار هذا قبل هذا وهذا قول أشهب
(في الرجل يبيع الجارية من الرجل فتلد أولادا ثم تموت الأم)
(فيظهر المشترى على عيب كان بالجارية)
(قلت) أرأيت أن بعت من رجل جارية فولدت عند المشترى أولادا فمات وبقي
أولادها ثم ظهر على عيب كان بالجارية حين بعته إياها (قال) يرد البائع قيمة العيب
ولا يكون المشترى أن يرد الا ولاد وقيمة الأم إلا أن للبائع أن يقول أنا آخذ الا ولاد
وأرد الثمن لان التي كان البيع فيها قد ماتت (قال سحنون) فال قال لا أقبل ذلك قيل
للمشترى إما ان أخذت الثمن ورددت الأولاد واما ان تمسكت بالأولاد ولا شئ
لك ألا تري لو أن الأم قائمة ولدها ثم أراد ردها وبها العيب لم يكن له أن يردها
الا ومعها ولدها أو يمسكها وولدها أولا ترى لو أن الأم لم يكن معها ولد وأصاب بها
320

حدث بها عنده عيب آخر كان له أن يردها ويغرم ما نقصها العيب عنده أو يحبسها
ويرجع بقيمة العيب الذي دلس له إلا أن يقول البائع إذا أراد المشترى التمسك بها
وأن يرجع بالعيب أنا أرد الثمن وآخذها معيبة فلا تكون للمشترى حجة اما أن
يردها ويأخذ الثمن واما أن احتبس ولا شئ له وكذلك إذا رضى أن يعطي الثمن
ويأخذ الولد بلا أم يقال للمشترى إما أن أخذت الثمن وأعطيت الولد واما أن تمسكت
بالولد ولا شئ لك (قلت) لابن القاسم أرأيت أن اشتريت جارية فلم أقبضها حتى
ولدت عند البائع ولدا ثم قبضتها بعد ما ولدت بشهر أو بشهرين ثم أصبت بها عيبا
دلسه لي البائع وقد حدث بالجارية عندي عيب فأردت أن أرجع عليه بالعيب الذي
دلس لي هل يقسم الثمن على قيمة الأم والولد أم على قيمة الأم وحدها (قال) ينظر
إلى قيمة الأم يوم وقعت الصفقة بلا ولد ثم يرجع بقيمة العيب بحال ما وصفت لك
(في المكاتب يبتاع أو يبيع العبد فيعجز المكاتب ويجد السيد بالعبد عيبا)
(والمأذون له في التجارة يبتاع العبد ثم يحجر عليه ثم يجد السيد بالعبد عيبا)
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا اشترى عبدا فباعه من سيده ثم عجز المكاتب فرجع
رقيقا فأصاب السيد بالعبد عيبا كان عند بائعه من المكاتب فأراد رده على بائعه من
المكاتب (قال) ذلك للسيد (قلت) لم وإنما كانت العهدة للمكاتب على البائع ولم
تكن للسيد (قال) لان المكاتب حين عجز فقد صار محجورا عليه وصارت العهدة
له على البائع فليس للمحجور على ها هنا أن يقبل ولا يرد ألا ترى أن العبد ولو أراد
أن يرده فأبى السيد ورضى بالعيب كان ذلك للسيد ولا ينظر في هذا إلى قول العبد
فهذا يدلك على أن هذا قد صار إلى السيد أن يرد أو يقبل ألا ترى أن السيد لو أذن
لعبده في التجارة فاشترى رقيقا ثم منعه من التجارة وأشهد عليه أنه قد حجر عليه
ذلك الاذن ثم أصاب السيد بالعبيد عيبا أن للسيد أن يرد أولئك العبيد بعيبهم الذي
وجد بهم وليس للعبد أن يرد لان السيد قد حجر عليه إلا أن يكون العبد قبل أن
أحجر عليه قد رأى العيب ورضيه من غير أن يكون رضاه معروفا ولا محاباة ولكنه
321

رضيه رجاء الفضل فيه وكذلك المكاتب. ومما يدلك على ذلك أن لهذا السيد
أن يرد إذا لم يعلم المكاتب بالعيب حتى عجز أو كان عبدا محجورا عليه قبل أن
يعلم بالعيب أن العبد قد صار للسيد والمال قد صار في يد العبد فلا يجوز له في ماله
صنيع الا باذن سيده (قلت) أرأيت مكاتبا اشترى عبدا فمات قبل أن يؤدى
كتابته ولم يترك وفاء فأصاب السيد بالعبد عيبا بعد موت المكاتب أيكون له أن
يرده على البائع (قال) نعم إلا أن يكون للبائع بينة أن قد تبرأ من العيب إلى المشترى
المكاتب وذلك أن مالكا سئل عن الرجل يشترى العبد أو الدابة فيهلك المشترى
فيجد ورثة المشترى بالسلعة عيبا فيريدون ردفها فيقول البائع قد تبرأت من هذا
العيب إلى صاحبكم (قال مالك) ان كانت له بينة فذلك له والا حلف الورثة الذين يظن
بهم أنهم علموا بذلك وردوا العبد (قلت) وكيف يحلف الورثة أعلى البتات أم على
العلم (قال سحنون) أخبرني ابن نافع أنهم يحلفون على العلم (قلت) فإن لم يكن فيهم
من يظن به أنه قد علم بذلك (قال) فلا يمين عليهم عند مالك بن أنس (قلت) أرأيت
مكاتبا باع عبدا ثم عجز المكاتب ووجد المشترى بالعبد عيبا فأراد رده (قال مالك)
ذلك له فإن كان للعبد مال أخذ الثمن منه وإن لم يكن له مال بيع العبد المردود فقضى
الذي رده بالعيب الثمن الذي اشتراه به إن كان فيه وفاء لذلك فان فضل بعد ذلك
فضل كان للعبد الذي عجز وإن كان نقصانا كان عليه يتبعه به في ذمته (قال) فإن كان على العبد الذي عجز دين ورضى المشترى بالرد كان هو والغرماء فيه شرعا سواء
(في الرجل يبيع عبده من نفسه بسلعة يأخذها منه)
(قلت) أرأيت لو أنى بعت عبدا لي من نفسه بجارية عنده فقبضت الجارية ثم أصبت
بها عيبا فأردت ردها بما ذا أرجع على العبد أبقيمة نفسه أم بقيمة الجارية (قال) ليس لك
أن تردها إذا كانت للعبد يوم باعه نفسه لأنه كأنه انتزعها منه وأعتقه (قال) ولو
أنك بعته نفسه بها ولم تكن للعبد يومئذ ثم وجدت عيبا ترد منه رددتها ورجعت
عليه بقيمتها بمنزلة المكاتب يقاطعه سيده على جارية يأخذها منه ويعتقه ثم يجد بالجارية
322

عيبا أو تستحق فإنما يرجع عليه بقيمة الجارية ولا يرجع عليه بقيمة الكتابة لان ذلك
ليس بدين قاطع عليه فلذلك رد إلى قيمة العرض وهذا هو قول مالك في المكاتب
ولا يشبه هذا البيع وهو في البيوع ثمن وهذا ليس بثمن وهذا ونكاح المرأة واحد
وهما وبيع السلعة بالسلعة مختلف (قلت) أرأيت حين باعه نفسه بهذا الجارية
فأصاب بها عيبا فردها عليه أيكون تام الحرمة جائز الشهادة وتكون عليه قيمة
الجارية دينا (قال) نعم (قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا بشئ مما يكال أو يوزن
فأتلف بائع العبد ذلك الثمن وقبضت العبد فأصبت به عيبا (قال) ترد العبد وتأخذ
مكيلة طعامك ولا يكون لك قيمة طعامك (قلت) فان كنت إنما اشتريت العبد
بثياب فأتلف الثياب ثم أصبت بالعبد عيبا (قال) يرجع بقيمة الثياب (قلت) وهذا
كله قول مالك بن أنس (قال) نعم
(ما جاء فيمن اشترى دارا أو حيوانا فأصاب بها عيبا)
(قال عبد الرحمن بن القاسم) سئل مالك عن الرجل يشترى الدار وبها صدع (قال)
إن كان صدعا يخاف على الدار الهدم منه فأرى هذا عيبا ترد به وإن كان صدعا
لا يخاف على الدار منه فلا أرى أن ترد منه لأنه يكون في الحائط الصدع فيمكث
الحائط وبه ذلك الصدع زمانا كثيرا فلا أرى هذا عيبا ترد الدار منه (قلت)
أرأيت أن اشتريت جارية فأصبتها رسحاء (1) أيكون هذا عيبا في قول مالك (قال)
لا يكون عيبا (قال) وسئل مالك عن الجارية تشترى فتصاب زعراء العيانة لا تنبت
(قال) أراه عيبا وأرى أن ترد (قلت) أرأيت من باع عبدا وعليه دين أيكون
ذلك عيبا يرد منه في قول مالك (قال) نعم ذلك عيب يرد منه كذلك قال مالك
(أخبرني) سحنون عن ابن وهب عن عقبة بن نافع قال قال يحيى بن سعيد دين العبد
في ذمته يتبعه به صاحبه حيث كان وهو عيب منه وليس للمبتاع أن يحبس العبد

(1) (رسحاء) الرسحاء القبيحة من النساء من الرسح محركة وهو قلة لحم الأليتين والعجز
والفخذين وتجمع على رسح بضم فسكون ا ه‍ كتبه مصححه
323

ويتبرأ من الدين ولكنه ان أراد حبسه حبسه بدينه وان أراد رده كان ذلك له
(وأخبرني) عن ابن وهب عن عبد الجبار عن ربيعة أنه قال في رجل اشترى عبدا
وعليه دين وهو لا يعلم (قال) يخير إذا علم بالدين (قال ابن وهب) وبلغني عن أبي
الزناد مثله (وأخبرني) عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في
رجل باع عبدا وعليه دين فكتمه دين عبده حين باعه (قال) ان أحب الذي اشتراه
أن يرده فعل (قال ابن وهب) قال يونس وقال ابن موهب ان رضى أن
يمسك العبد فالدين على العبد (قال ابن وهب) قال مالك دين العبد عهدة وهو
عيب من العيوب ان شاء حبس وان شاء رد (قلت) لابن القاسم أرأيت أن اشتريت
جارية لها زوج أو عبدا له امرأة أو عبدا له ولد أو جارية لها ولد أيكون هذا عيبا
(قال) سمعت مالكا يقول في الجارية التي لها زوج والغلام الذي له امرأة أو ولد فهذا
كله عيب ترد به (قلت) والجارية التي لها ولد (قال) لم أسمعه من مالك وهو
عندي عيب ترد منه مثل الغلام (قلت) أرأيت أن اشترى جارية قد زنت عند
سيدها فلم يحدها سيدها وقد علمت بذلك أيجب على أن أحدها (قال) سئل مالك
عن ذلك فقال ما أرى ذلك على المشترى بالواجب (قلت) أفكان مالك يراه عيبا
إذا باعنيها زانية ولم يبين ذلك في وخش الرقيق وعليتها قال نعم (قلت) فان اشتريت
عبدا زانيا أكان مالك يراه في العبد عيبا أم لا (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك
فيه إلا أنى أراه عيبا يرد منه
(في الرجل يشترى العبد ثم يبيعه ثم يدعى بعد ما باعه أن به عيبا)
(قلت) أرأيت أن بعت عبدا من رجل فباعه المشترى ثم ادعى عيبا بالعبد أيكون
له أن يخاصم بائعه في العيب وقد باع العبد في قول مالك (قال) لا أرى أن يرجع
بالعيب فكيف يكون بينهما خصومة (قلت) فان رجع العبد إلى المشترى بوجه
من الوجوه بهبة أو بشراء أو بميراث فأراد أن يخاصم الذي باعه في العيب الذي ادعى
أنه كان به يوم باعه أتمكنه من الخصومة بعد ما رجع إليه في قول مالك قال نعم (قال
324

أشهب) وإن كان رجع إليه بشراء اشتراه فهو بالخيار ان أراد أن يرده على الآخر
الذي اشتراه منه رده عليه لان عهدته عليه ثم يكون الذي يرده عليه بالخيار في
إمساكه وفى رده عليك لان عهدته عليك فان رده عليك بالعيب رددته على بائعه
الأول إن شئت وإن لم يرده عليك ورضى بعيبه فقد اختلف الرواة. فقال بعضهم
لا يرجع على البائع الأول بشئ كان ما باعه به أقل مما اشتراه به أو أكثر. وقال
بعضهم ينظر فإن كان الذي باعه به من الذي رضى بعيبه واحتبسه مثل الثمن الذي
كان اشتراه به أو أكثر فلا تباعة له على البائع الأول لأنه قد صار في يده مثل الثمن
الذي كان يرجع به أو أكثر وإن كان إنما باعه بأقل من الثمن الذي كان اشتراه به
رجع على بائعه الأول بما نقص من ثمنه إلا أن تكون قيمة العيب أقل مما ينقص
فلا يرجع عليه الا بقيمة العيب من الثمن الذي اشتراه به (وقال أشهب) وان شاء
لم يرده على الذي باعه أخيرا ثم اشتراه منه ورده علي البائع الأول وأخذ منه الثمن
الذي كان اشتراه به ولا تباعة له في العيب على الذي اشتراه منه أخيرا لرجوعه
بالعهدة الأولى وللمشتري الآخر أن يتبعك بالعيب الذي اشترى العبد منك وهو
به إن كان باعكه بأقل مما اشتراه به منك فيأخذك بتمام الثمن لأنه قد كان له أن يرده
عليك ويأخذ هذا الثمن منك كله ولا حجة لك عليه لان العبد قد صار إليك وليس
هذا بمنزلة ما لو باعه من غيرك بأقل من الثمن ورضى مشتريه بالتمسك به لم يرجع
عليك الا بالأقل مما نقص من الثمن أو مما نقص العبد من قيمته. وإن كان إنما رجع
إليه بهبة أو بصدقة من الذي كان اشتراه منه فللواهب أو للمتصدق أن يرجع عليه
بما بين الصحة والداء في الثمن الذي كان اشتراه به وله أن يرده على بائعه الأول
ويأخذ منه جميع الثمن ولا يحاسب بشئ مما بقي في يديه من ثمن الواهب أو المتصدق
لأنه كأنه رد عليه العبد ووهبه أو تصدق عليه بقيمة الثمن بعد طرح قيمة العيب
وإن كان ورثه من الذي اشتراه رده على بائعه الأول وأخذ منه جميع الثمن لان مال
المشتري الميت وهو الثمن قد صار له ميراثا وكان العبد ردا عليه فهو يرجع بجميع الثمن
325

(في الرجلين يبتاعان العبد فيجدان به عيبا فيريد أحدهما أن يرد)
(ويأبى الآخر إلا أن يتمسك)
(قلت) أرأيت أن بعت عبدي من رجلين صفقة واحدة فأصابا بالعبد عيبا فرضى
أحدهما أن يحبس وقال الآخر أنا أرد (قال) قال مالك يرد من أراد أن يرد ويحبس
الذي أراد أن يحبس (قال) قال مالك وان البائع ها هنا لمقالا (قال) وسألنا عنه مالكا
بعد ذلك فقال لي مثل ما قلت له انه من أراد أن يمسك أمسك ومن أحب أن يرد
رد شاء ذلك البائع أو أبي وذلك أنه لو أفلس أحدهما لم يتبعه الا بنصف حقه وإنما باع
كل واحد منهما نصفه (قلت) أرأيت أن بعت جارية من رجلين صفقة واحدة
فأصابا بها عيبا فقال أحدهما قد رضيت بالعيب وقال الآخر أنا أردها (قال) سألنا مالكا
عنها فقال مالك له أن يرد من شاء ويحبس من شاء من المشتريين وما أحرى أن
يكون للبائع مقال (قال ابن القاسم) وقد سمعت من أثق به ينكر أن يكون من قول
مالك غير ذلك وهو أمر بين لأنه ان أفلس أحدهما لم يتبع البائع الآخر الا بالذي
يصيبه من الثمن وإنما باع كل واحد منهما نصفها
(جامع العيوب)
(قال سحنون) قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن اشتريت أمة مستحاضة
أتراه عيبا في قول مالك بن أنس أردها به (قال) قال مالك بن أنس ذلك عيب ترد
منه (قلت) أرأيت أن اشتراها وهي حديثه السن ممن تحيض فارتفعت حيضتها عند
المشترى في الاستبراء بشهرين أو ثلاثة أيكون هذا عيبا في قول مالك (قال) قال مالك
ذلك عيب ان أحب أن يردها ردها (قلت) أرأيت إذا مضى شهران من حين
اشتراها ولم تحصن أيكون له أن يردها مكانه ويكون هذا عيبا (قال) لم يحد لي مالك
في هذا حدا إلا أنى أرى ان جاء ليردها ويدعى ان ذلك عيب وذلك بعد مضى أيام
حيضتها بالأيام اليسيرة لم أر ذلك له لان الحيض قد يتقدم ويتأخر الأيام اليسيرة الا
326

أن يطول ذلك فلا يقدر المشترى على وطئها ولا الخروج بها فيكون هذا ضررا على
المشترى فإذا كان ضررا على المشترى صار عيبا يردها به على البائع (قلت) أرأيت
ان قال البائع انها إن لم تحض عندك هذا الشهر يوشك أن تحيض الشهر الداخل أترى
أن يؤمر المشترى بحبسها والصبر عليها لعلها تحيض في الشهر الثاني ولا يفسخ البيع
أم يفسخ البيع (قال) لا أحفظ عن مالك في هذا شيئا ولكن ينظر في ذلك السلطان
فان رآه ضررا فسخ البيع وان رأى أن ذلك ليس بضرر أخره ما لم يقع الضرر (قلت)
أرأيت أن قال البائع أنا أقيم البينة انها قد حاضت عندي قبل أن أبيعكها بيوم أو يومين
أو نحو ذلك وقال للمشترى إنما حدث بها هذا الداء عندك فلا يكون لك أن تردها
على (قال) قال مالك بن أنس إذا لم تحض فذلك عيب يردها به المشترى فقول البائع
ها هنا لا ينفعه لأنها في ضمان البائع حتى تخرج من الاستبراء فإنما حدث وهي في
ضمان البائع ألا ترى ان ما حدث من العيوب في الاستبراء إذا كانت ممن يتواضع
مثلها انه من البائع حتى تخرج من الحيضة إلا أن تكون من الجواري اللاتي يجوز
بيعهن على غير الاستبراء وتباع على ذلك فتكون من المشترى لأنه مما يحدث
وكذلك لو أصابها عيب كان من المشترى ألا ترى لو أنها ماتت بعد استبرائه
إياها كانت مصيبتها من المشترى فكذلك ما حدث من العيوب (قلت) أرأيت أن
اشتريت ثوبا فقطعته ثم اطلعت على عيب يرد به (قال) المشترى بالخيار ان أحب
أن يرده وما نقص التقطيع رده وان أحب أمسكه وأخذ قيمة العيب (قلت) فلو
ادعى المشتري الذي قطع الثوب ان البائع حين باعه علم بالعيب وأنكر البائع
ذلك (قال) قال مالك بن أنس له على البائع اليمين (قال) فقيل لمالك فلو كان البائع
قد رآه قبل أن يبيعه فأنسيه حين باعه حتى قطعه المبتاع ثم أتاه به فقال ما علمت به أو
قال بلى ولكني نسيت العيب أن أخبرك به حين بعتك أتراه مثل التدليس أو مثل
الذي لم يعلم (قال) قال مالك أرى أن يحلف بالله لقد أنسى العيب حين باعه ويكون
327

مثل الذي لم يدلس لا يرده الا وما نقص القطع منه (قلت) أرأيت أن باع جارية
ففطن المشترى بعيب فأراد أن يستحلف البائع أن العيب لم يكن بها يوم باعها ولم يعلم أن
بها العيب الذي يدعيه المشترى الا بقوله (قال) ليس له ان يستحلفه على أنه لم
يكن بها عيب يوم باعه إياها بتا ولا على علمه حتى يكون العيب الذي يدعيه بالجارية
عيبا معروفا يرى فيها فيلزمه ان كأن لا يحدث مثله عند المشترى (قال ابن القاسم) وقال مالك وإن كان من العيوب التي يحدث مثلها عند البائع والمشترى وكان من
العيوب الظاهرة حلف البائع على البتات وإن كان مما يخفى ويرى أنه لم يعلمه حلف
البائع على العلم (وكيع) عن سفيان عن رجل عن عامر الشعبي أنه كان يقول يحلف
في العيب إذا كان باطنا على العلم وإن كان ظاهرا فعلى البتات (قلت) أرأيت أن بعت
عبدا فأصاب به المشترى عيبا فادعى المشترى ان العيب كان به عندي وأنكرت أنا
العيب ومثله يحدث كيف يستحلف البائع أعلى علمه أم على البتات (قال) قال لي مالك
إن كان من العيوب الظاهرة التي لا يخفى مثلها أحلف على البتات وإن كان من العيوب
التي تخفى أحلف على علمه والبينة على المشترى أن العيب كان عند البائع (قلت) وكان
مالك يقول إن أحلفه على العيب فحلف البائع أن العيب لم يكن عنده ثم أصاب
المشترى بعد اليمين البينة أن العيب كان عند البائع أله أن يرده بعد اليمين (قال) كان
مالك بن أنس يرى أن استحلفه ولا علم له بالبينة ثم علم أن له بينة وجدهم رده ولم
يبطل حقه اليمين وإن كان يعلم ببينة فاستحلفه ورضى باليمين وترك البينة فلا حق
له وكذلك قول مالك في هذا وفى جميع الحقوق (قلت) فان طعن المشترى ان
البائع باعه العبد آبقا مجنونا أيحلف البائع على علمه أم على البتات (قال) لا يحلف
على العلم ولا على البتات لأنه لم يثبت أنه كان عنده آبقا أو مجنونا ولو ثبت ذلك لرده
عليه ولم ينفعه يمينه ولو أمكن هذا من الناس لدخل عليهم الضرر الشديد يأتي المشترى
إلى الرجل فيقول له احلف لي أن عبدك هذا ما زنى عندك ولا سرق عندك ولا علم
الناس بما يكون من رقيقهم وهذا يدخل على الناس منه إذا ضرر شديد ولو جاز هذا
328

لاستحلفه اليوم على الإباق ثم غدا على السرقة ثم أيضا على الزنا ثم أيضا على الجنون * ولقد
سئل مالك عن رجل اشتري من رجل عبدا فلم يقم عنده الا أياما حتى أبق فأتاه
فقال له انى أخاف أن لا يكون أبق عندي في قرب هذا الا وقد كان عندك آبقا
فاحلف لي (فقال) مالك ما أرى عليه يمينا (قال ابن القاسم) وإنما يبيع الناس على
الصحة فمن دلس رد عليه ما دلس وما جهل البائع من ذلك فهو على بيع الصحة إلا أن
تقوم البينة للمشتري أن ذلك العيب كان عند البائع فيرده عليه وإن لم يعلم البائع بذلك
العيب (قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا فأصابت به عيبا كان عند البائع دلسه لي
فأردت رده فقال البائع احلف بالله أنك لم ترض بالعبد بعد ما رأيت العيب ولا تسوقت
به أعلى يمين أم لا (قال ابن القاسم) لا يمين عليك له إذا لم يدع أنه بلغه أنه رضيه
بعد معرفته بالعيب أو يقول قد بينت لك العيب فرضيته أو ادعى أن مخبرا أخبره أن
المشترى تسوق به بعد معرفته أو رضيه لأني سمعت مالكا وسئل عن رجل باع دابة
أو جارية من رجل فوجد بها عيبا فأتى به المشترى إلى البائع ليردها فقال احلف لي
أنك ما رأيت العيب حين اشتريتها ولم يدع البائع أنه أراه إياه إلا أنه قال احلف أنك
لم تره (قال) قال مالك ما ذلك على المشترى أن يحلف أنه ما رآه ولو جاز لك للبائع
(لجاز في غير هذا ولكني ري أن يرد الجارية على البائع ولا يحلف المشترى إلا أن
تكون له بينة بأنه قد ره أو يدعى أنه قد أراه إياه فيحلف له (قلت) أرأيت أن
اشتريت عبدا فأصبته مخنثا أترى ذلك عيبا (قال) نعم (قلت) أتحفظه عن مالك
(قال) لا (قلت) فلامة المذكرة (قال) ان كانت توصف بذلك واشتهرت به
رأيته عيبا ترد له ولم أسمعه من مالك
(في الرجل يشترى العبد أو الجارية فيجدهما أولاد زنا)
(قلت) أرأيت أن اشتريت غلاما أو جارية فأصبتهما أولاد زنا أيكون هذا عيبا أردهما
به (قال) نعم سمعت مالكا يقول في الجارية توجد ولد زنا أنها ترد منه (وأخبرني)
عن ابن وهب عن مالك بن أنس في العبد يكون لغية أنه قال هو عيب يرد منه
329

(قلت) أرأيت الحبل في الجارية إذا باع ولم يبين أتراه عيبا أم لا في قول مالك في
وخش الرقيق وعليتهم (قال) نعم ولقد خالفني ابن كنانة في وخش الرقيق ان الحبل
ليس بعيب فيهن فسألنا مالكا عن ذلك فقال لنا وهب عيب نرى أن ترد منه
(قلت) أرأيت لو أن رجلا كانت له أمة رائعة كبيرة تبول في الفراش فانقطع
ذلك عنها ثم باعها ولم يبينه أتراه عيبا في قول مالك لا زما أبدا (قال) أرى أنه عيب
لازم أبدا لابد له من أن يبين لأنه لا تؤمن عودته مثل الجنون ولأنه إذا هو بين
وضع من ثمنها لما يخاف من عودة ذلك وكذلك الجنون (قال سحنون) أخبرني
أشهب في البول إن كان انقطاعه عنها انقطاعا طويلا وقد مضى له سنون كثيرة فانى
لا أرى عليه أن يبين وإن كان إنما انقطع عنها انقطاعا لا يؤمن أن يعرد إليها فانى
لأرى لك أن تردها إن شئت (قلت) أرأيت أن اشتريت جارية فأصبتها صهباء
الشعر ولم أكشف شعرها عند عقدة البيع أتراه عيبا (قال) لم أسمع من مالك في
الصهوبة في الشعر شيئا ولكن سمعت مالكا يقول في الرجل يشترى الجارية وقد
جعد شعرها أو سود فإنه عيب ترد به وقال مالك وإن كان بها شيب وكانت جارية
رائعة ردها بذلك الشيب (قال ابن وهب) قال مالك والبخر في الفم عيب ترد منه
(قلت) فإن كانت غير رائعة فظهر على الشيب أيردها أم لا (قال) لم أسمع مالكا
يقول في الشيب الا في الرائعة وليس هو في غير الرائعة عيبا (وقال ابن القاسم)
ولا أرى أن يردها إلا أن تكون رائعة أو يكون ذلك عيبا يوضع من ثمنها (قلت)
أرأيت الخيلان في الوجه والجسد أيكون عيبا أم لا في قول مالك (قال) أما
ما كان عيبا عند الناس فهو عيب ترد به إذا كان ذلك عيبا ينقص الثمن (قال)
وقال مالك وقد يكون العيب الخفيف بالعبد والجارية يشتريهما الرجل الكي الخفيف
لا ينقص ثمنه وما أشبه ذلك إذا لم يكن فاحشا فلا أرى له أن يرد بهذا العيب العبد
(قال) مالك وهذا النخاسين عيب فلا أرى أن يرد به وإن كان عيبا يرد به (قال)
وسمعت مالكا وسئل عن العبد يتهم بالسرقة فأخذه السلطان فحبسه ثم كشف أمره
330

فوجده بريئا أتراه عيبا إن لم يبينه (قال) لا قال مالك بن أنس وقد يتهم الرجل
الحر بالسرقة وبالتهمة فيلقى سليما من ذلك فلا تدفع شهادته بذلك
(في الرجل يبتاع السلعة وبها العيب لم يعلم به ولا يعلم به)
(حتى يذهب العيب ثم يريد ردها)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا عليه دين فعلمت بدينه فأردت رده فقال سيده
البائع أنا أؤدي عنه دينه أو قال الذي له الذين قد وهبت له ديني الذي عليه أترى
للسيد المشترى أن يرده أم لا (قال) لا يكون للسيد المشترى أن يرده وكذلك لو
كانت أمة في عدة من طلاق فاشتراها رجل فعلم بذلك المشتري فلم يردها حتى
انقضت عدتها لم يكن له أن يردها لان العيب قد ذهب فلا يكون له أن يردها بعيب
قد ذهب (قلت) وكذلك لو أنى اشتريت جارية فرأيت بعينها بياضا فأردت ردها
فذهب البياض قبل أن أردها لم يكن لي أن أردها (قال) نعم (قال ابن القاسم) بلغني
عن مالك أنه قال إذا ذهب العيب لم يكن له أن يردها (قلت) أرأيت أن أصابته
الحمى في الأيام الثلاثة أو ابيضت عيناه في الأيام الثلاثة ثم ذهبت الحمى وذهب البياض
من عينيه فجاء به المشترى في الأيام الثلاثة يرد رده (قال) أما إذا ذهب العيب
فليس له أن يرده (قال) لأنه بلغني أن مالكا قال لو أن رجلا ابتاع عبدا وبه عيب
فلم يعلم المبتاع بالعيب حتى برئ العبد من ذلك العيب لم يكن له أن يرده (قال)
وسمعت مالكا يقول في الرجل يشترى العبد وله ولد كبير أو صغير لم يعلم بولده فله
أن يرده ورآه عيبا (قال ابن القاسم) وان مات الولد قبل أن يعلم به السيد ذهب
العيب ولم يكن للسيد أن يرده بالعيب حين علم بن فتركه حتى برئ أو لم يعلم حتى
برئ بمنزلة هذا
331

(في الرجل يبيع السلعة بمائة دينار فيأخذ بالمائة سلعة)
(قلت) أرأيت أن بعت سلعة بمائة دينار فأخذت بالمائة سلعة أخرى فوجدت
بالسلعة الثانية عيبا (قال) يردها ويرجع بالمائة الدينار وهذا مما لا اختلاف فيه (قال)
ولقد سألنا مالكا عن رجل يبيع من الرجل الطعام بثمن ذهب أو ورق فيلقاه فيأخذ
في ثمنه طعاما آخر مخالفا له أينتقض البيع كله أم يرد البيع الآخر ويثبت البيع الأول
(قال) بل يرد البيع الآخر ويثبت البيع الأول بحال ما كان ويرجع عليه فيأخذ
ورقه وكذلك السلعة الآخرة إذا وجد فيها عيبا فإنما تنتقض الصفقة الثانية وهو مما
لا اختلاف فيه وتبقى الصفقة الأولى على حالها صحيحة وإنما اختلاف الناس في السلعة
الأولى وذلك أن أهل العراق قالوا فيها قولا فسألنا مالكا عنها فقال الذي أخبرتك
(في الرجل يبتاع السلع الكثيرة فيجد ببعضها عيبا)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعا كثيرة صفقة واحدة فأصبت بإحداها عيبا
وليس هو وجه تلك السلع وقد قبضت جميع تلك السلع أيكون لي أن أردها جميعا
في قول مالك (قال) لا يكون لك أن ترد في قول مالك الا تلك السلعة وحدها التي
أصبت بها العيب (قلت) فان كنت لم أقبض تلك السلع من البائع فأصبت بسلعة
منها عيبا قبل أن أقبضها من البائع وليس تلك السلعة وجه ذلك الشراء فأردت أن
أرد جميع تلك السلع (قال) قال مالك ليس لك أن ترد الا تلك السلعة وحدها
(قلت) وسواء ان كنت قد قبضت أم لم أقبض في قول مالك إنما لي أن أرد تلك
السلعة التي وجدت فيها العيب بحصتها من الثمن إذا لم تكن تلك السلعة التي وجدت
فيها العيب وجه تلك السلع (قال) نعم وهذا قول مالك (قلت) أرأيت أن
اشتريت عشرة أبواب كل ثوب منها بعشرة دراهم صفقة واحدة فأصبت بإحداها
عيبا أينظر مالك في هذا فإن كان الذي وجدت به العيب هو وجه تلك الثياب رد
332

جميعها أم لا ينظر لأنا قد سمينا لكل سلعة ثمنا (قال) قال مالك يقسم الثمن على قيمة
الثياب ولا يلتفت إلى ما سمى لكل ثوب من الثمن (قلت) ما قول مالك فيمن
اشترى من رجل حيوانا أو رقيقا وثيابا وعروضا كل ذلك صفقة واحدة فأصاب
ببعض ذلك عيبا (قال) قال مالك إن كان أصاب بأرفع تلك السلعة عيبا ويعلم أنه إنما
اشترى جميع تلك السلعة لمكان تلك السلعة وفيها كان يرجو الفضل ومن أجلها
اشترى تلك السلع رد ذلك البيع كله إلا أن يشاء المشترى أن يحبس ذلك كله
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبيدا وثيابا ودواب فأصبت بعبد منها عيبا وقيمة
العبيد كلهم كل عبد منهم ثلاثون دينارا وقيمة الثياب كذلك أيضا ثلاثون دينارا
كل ثوب وقيمة الدواب كذلك أيضا كل دابة ثلاثون دينارا وقيمة العبد الذي
أصبت به العيب قيمته وحده خمسون دينارا أو أربعون دينارا أترد جميع هذا البيع
وتجعله إنما اشترى هذا البيع من أجل هذا العبد في قول مالك (قال) لا لان العبد
الذي أصاب به العيب قيمته خمسون دينارا وها هنا عبيد وثياب ودواب قيمة كل
واحد من هذه الأشياء قريب من هذا الذي أصاب به هذا العيب فليس لهذا العبد
الذي أصاب به العيب اشتراء ولا هذا العبد وجه هذا البيع لان جميعهم قد بلغوا مائتين
من دنانير وإنما قيمة هذا العبد خمسون أو أربعون دينارا فهو وإن كان أكثر ثمنا
من كل واحد منهم إذا انفرد بثمنه فليس هو وجه جميع هذا البيع وإنما يكون وجه
جميع هذا البيع إذا كان العبد الذي يصاب به العيب أو السلعة التي يصاب بها العيب
هي أكثر تلك الأشياء ثمنا إذا جمعت تلك الأشياء يكون جميع الثمن ألف دينار وهي
سلع كثيرة فيكون ثمن هذا العبد سبعمائة دينار أو ثمانمائة دينار فهذا الذي هو وجه
تلك الأشياء ومن أجله اشتريت وان أصبت به عيبا رددت هذه السلع كلها
(في الرجل يبتاع النخل فيأكل ثمرتها ثم يجد بها عيبا)
(قلت) أرأيت الرجل يبيع الأرض والنخل فيأكل المشترى ثمرتها ثم يجد بالنخل
عيبا أله أن يردها في قول مالك ولا يغرم ما أكل (قال) قال مالك في الدور والعبيد
333

إذا أصاب بهم عيبا وقد اغتلهم ان له أن يردهم وله غلتهم فكذلك غلة النخل عندي
(قال سحنون) لان الغلة بالضمان وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلة بالضمان
(قلت) فإن كانت غنما جز أصوافها أو أكل ألبانها وجميع سمونها ثم أصاب بها عيبا
أيكون له أن يردها أم لا في قول مالك (قال) هو عندي أيضا بمنزلة الغلة (قلت)
أرأيت ما جز من أصوافها والصوف قائم بعينه أيرده معها (قال) لا أرى ذلك إلا أن
يكون حين اشتراها كان عليها صوف قد تم فجزه فان ردها رد ذلك معها وإن كان إنما
هو نبات فلا أرى ذلك (قال سحنون) وأخبرني أشهب بن عبد العزيز أنه قال النبات
وغيره سواء لان ذلك تبع ولغو مع ما ابتعت من الضأن وكذلك ثمر النخل المأبورة
لأنه غلة والغلة بالضمان (قلت) لابن القاسم ولم جعلت الصوف واللبن بمنزلة الغلة
(قال) لان مالكا قال في الغنم يشتريها الرجل للتجارة فيجزها (قال) أرى أن أصوافها
بمنزلة غلة الدور وليس فيها زكاة حتى يحول عليها الحول من يوم يقبض الثمن أن باع
الصوف (قلت) أرأيت أن كانت أمة فولدت أولادا ثم أصاب بها المشترى عيبا
(قال) يردها وولدها وإلا فلا شئ له في قول مالك (قلت) أرأيت البيع الفاسد في
هذا والصحيح سواء إذا أصاب عيبا وقد اغتل غلة من الدور والنخل والغنم أو ولدت
الغنم أو الجواري (قال) نعم هو سواء ما كان من غلة فهي له بالضمان وما كان له من
ولادة ردها مع الأمهات إلا أن تفوت في البيع الفاسد والولد فوت فتكون عليه
قيمتها يوم قبضها فان أراد أن يرد بالعيب فذلك له والعيوب ليس فيها فوت إلا أن
تموت أو يدخلها نقص فيردها وما نقص العيب منها (قلت) وهذا قول مالك بن
أنس (قال) نعم
(في الرجل يبيع السلعة ويدلس فيها العيب وقد علمه)
(قلت) أرأيت أن بعت ثوبا من رجل دلست له العيب وأنا أعلم أو كان به عيب لم
أعلم به (قال) قال مالك بن أنس إذا دلس الرجل بالعيب وهو يعلم ثم أحدث المشترى
في الثوب صبغا ينقص الثوب أو قطعه قميصا أو ما أشبه ذلك فان المشترى بالخيار ان
334

شاء حبس الثوب ويرجع على البائع بما بين الصحة والداء وان شاء رد الثوب ولا
شئ عليه وإن كان الصبغ قد زاد في الثوب فإن شاء حبس الثوب ويرجع على البائع
بما بين الصحة والداء وان شاء رد الثوب وكان شريكا للبائع بما زاد الصبغ في الثوب
(وقال) أبو الزناد إذا ابتاع الرجل ثوبا فقطعه قميصا ثم وجد فيها عيبا (قال) فإن كان
صاحبه دلس به رده عليه وإن كان لم يدلس طرح عن المبتاع قدر عيبه (قلت) لابن
القاسم فلم لا يجعل مالك بن أنس عليه ما نقصه القطع والصبغ عنده إذا كان البائع
دلس به (قال) لان البائع ها هنا كأنه أذن له في ذلك فلا شئ له على المشترى من
ذلك (قلت) فلو لبسه المشترى فانتقص الثوب للبسه (قال) هذا يضمن ما نقص
الثوب للبسه ان أراد رده (قال ابن القاسم) قال مالك وإذا لم يدلس بالعيب فقطع
المشترى منه قميصا أو صبغه صبغا ينقصه فان أدرك الثوب رده وما نقص العيب
عنده وان شاء حبسه ورجع ما بين الصحة والداء (قال) فان زاد الصبغ في الثوب
فان المشترى بالخيار ان شاء حبس الثوب ورجع بما بين الصحة والداء وان شاء
رده وكان شريكا بالزيادة وهذا في المصبوغ في الزيادة (قلت) فمن دلس بالعيب
ومن لم يدلس فإنما القول فيه واحد وإنما يختلف القول فيها في هذا الذي دلس
إذا قطع المشترى ثوبه أو صبغه صبغا ينقصه رده ولم يرد معه ما نقص والذي لم يدلس
ليس للمشترى إذا صبغ صبغا ينقصه أو قطع الثوب فنقص ليس له أن يرده إلا أن
يرد النقصان معه (قال) نعم إنما افترقا في هذا فقط (قلت) أرأيت ما سمعتك
تذكر عن مالك أن من باع فدلس أنه ان حدث عنده به عيب ان له أن يرده أهذا
في جميع السلع في قول مالك أم لا (قال) ليس هكذا قلت لك إنما قلت لك ان مالكا
قال من باع ثوبا فدلس بعيب علمه فقطعه المشترى ان له أن يرده ولا يكون عليه مما
نقصه القطع شئ وإن كان باعه ولم يعلم بالعيب ولم يدلس له بالعيب لم يكن له أن
يرده إلا أن يرد معه ما نقص التقطيع (قال) فقلنا لمالك فإن كان قد علم البائع بالعيب
ثم باعه فزعم أنه نسي العيب حين باعه ولم يعلم بتدليسه (قال) قال مالك يحلف بالله أنه
335

نسي العيب حين باعه وما ذكره ويكون سبيله سبيل من لم يدلس (قلت) فإن كان البائع قد دلس له بالعيب فحدث به عند المشترى عيب من غير التقطيع أو في الحيوان
حدث عيب (قال) إنما قال مالك في الرقيق والحيوان إذا حدث بها عيب مفسد مثل
العور وما أشبهه والقطع لم يكن له أن يرده إلا أن يرده معه ما نقص وليس يترك له
ما نقص دلس أو لم يدلس (قال) لان الرقيق والحيوان كله دلس أو لم يدلس ما حدث
بها من عيب عند المشترى مفسد لم يكن له أن يرده إلا أن يرد معه ما نقص وما كان
من عيب ليس بمفسد فله أن يرده ولا يرد معه ما نقص والتدليس في الحيوان
والرقيق وغير التدليس سواء (قال ابن القاسم) وأما في الثياب فإنه إذا دلس فحدث
في الثياب عيب عند المشترى مفسد من غير التقطيع أو فعل بما لا ينبغي له أن يفعل
في الثوب كان عندي بمنزلة الحيوان لا يرده إلا أن يرد معه ما نقص العيب وإنما أجاز
مالك في التقطيع وحده أن يرده ولا يرد معه ما نقص إذا دلس له (قال ابن القاسم)
والقصارة والصباغ مثله (قلت) أرأيت ما اشترى من الثياب فدلس فيه بعيب فصبغها
أو أحدث فيها ما هو زيادة فيها ثم اطلع على العيب فأراد المشترى أن يرد ويكون
معه شريكا بما زاد الصبغ في الثوب أيكون ذلك له في قول مالك (قال) نعم ذلك له في
قول مالك (قال) وقال لي مالك فان نقصها الصبغ فهو بمنزلة التقطيع ان أحب
أن يرده رده ولا شئ عليه وان أحب أن يمسكه أمسكه وأخذ قيمة العيب (قال)
مالك وإن كان لم يدلس له وقد صبغه المشترى صبغا ينقص رده ورد معه ما نقص
الصبغ منه وان أحب أن يمسكه ويأخذ ما نقص العيب من السلعة من البائع فذلك له
(قلت) أرأيت أن اشتريت ثيابا كان بها عيب عند البائع لم أعلم به ثم اطلعنا على
العيب وقد حدث بها عندي عيب غير مفسد أيكون لي أن أردها على البائع ولا
أرد معها شيئا (قال) إن كان الشئ الخفيف الذي لا خطب له رأيت أن يرده والعيوب
في الثياب ليست كالعيوب في الحيوان لان العيب في الثوب يكون الخرق في وسطه
وإن كان غير كبير فإنه يوضع من ثمنه والكية وما أشبهها يكون في الحيوان فلا يكاد
336

يوضع من ثمنها كبير شئ (قلت) أرأيت الحيوان إذا اشتراها وقد دلس فيها
صاحبها له (قال) التدليس وغير التدليس في الحيوان سواء في قول مالك لان الحيوإن لم يبعها على أن يقطعها والثياب إنما تشترى للقطع وما أشبهه (قلت) فالدار إذا
باعها وقد دلس فيها بعيب قد علم به البائع (قال) أراها بمنزلة الحيوان ولم أسمع من
ماله فيها شيئا (قلت) أرأيت أن اشتريت ثوبا به عيب دلسه لي البائع باعنيه وقد
علم بالعيب فقطعته قباء أو قميصا أو سراويل ثم علمت بالعيب الذي دلسه لي البائع
أيكون لي أن أريده في قول مالك (قال) نعم ولا يرد معه ما نقص التقطيع (قلت)
أرأيت أن اشتريت ثوبا فقطعته تبابين (1) ومثل هذا الثوب لا يقطع تبابين وهو وشى
وبه عيب دلسه لي البائع أيكون لي أن أرده أم لا (قال) هذا فوت إذا قطعه خرقا أو
ما لا يقطع من ذلك الثوب مثله فهو فوت وليس له أن يرده ولكن يرجع على البائع
بالعيب الذي دلسه له من الثمن (قلت) أرأيت أن اشتريت ثوبا به عيب دلسه
لي البائع فبعته (قال) لا ترجع علي البائع بشئ لأنك قد بعت الثوب وقد فسرت
لك قول مالك في هذا قبل هذا الموضع (قلت) أرأيت أن اشتريت ثوبا فصبغته
بعصفر أو بسواد أو بزعفران أو بورس أو بمشق أو بخضرة أو بغير ذلك من الصبغ
فزاد الثوب الصبغ خيرا أو نقص فأصبت به عيبا دلسه لي البائع باعني الثوب وبه
عيب قد علم به أو لم يعلم به (قال) قال مالك بن أنس إن كان قد دلس له وقد صبغه
صبغا ينقص الثوب رده ولا نقصان عليه فيما فعل بالثوب وإن كان قد زاد الصبغ
الثوب خيرا فالمشترى بالخيار ان أحب أن يمسكه قيمة العيب فذلك له وان
أبى أن يحبسه رده وأخذ الثمن وكان شريكا في الثوب بقدر ما زاد الصبغ في الثوب
يقوم الثوب وبه العيب غير مصبوغ فينظر ما قيمته ثم يقوم وبه العيب وهو مصبوغ
فينظر ما قيمته فالذي زاد الصبغ في الثوب يكون بذلك المشترى شريكا للبائع (قال)

(1) (تبابين) قال في المصباح والتبان فعال شبه السراويل جمعه تبابين والعرب تذكره
وتؤنثه قاله التهذيب ا ه‍ (وهو وشى) هو نوع من الثياب الموشية تسمية بالمصدر ا ه‍ مصباح
337

وقال مالك وإن كان لم يدلس البائع وقد صبغه المشترى صبغا ينقص الثوب كان بالخيار
ان شاء أن يمسكه أمسكه وأخذ قيمة العيب وان شاء أن يرده رده وما نقص الصبغ
منه فذلك له والمشترى في ذلك بالخيار وإن كان الصبغ قد زاده فالمشترى بالخيار ان
أحب أن يمسكه ويأخذ قيمة العيب فعل وان شاء رده وكان شريكا (قلت) أرأيت
ان اشتريت ثوبا فلبسته حتى غسلته غسلات ثم ظهرت على عيب قد كان دلسه لي
البائع وعلم به أو باعني وبه عيب لم يعلم البائع بالعيب (قال) إذا لبسه لبسا خفيفا لم ينقصه
رده ولا شئ عليه وإن كان قد لبسه لبسا كثيرا قد نقصه رده ورد معه ما نقصه
دلس به أو لم يدلس إلا أن يشاء أن يحبسه (قلت) أرأيت أن اشتريت حنطة قد
مسها الماء وجفت ولم يبين لي أو عسلا أو لبنا مغشوشا فأكلته ثم ظهرت على ما صنع
البائع (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يوضع عنه ما بين الصحة والداء
لان هذا وإن كان مما يوزن أو يكال لا يوجد مثله لأنه مغشوش فإن كان يعلم أنه
يوجد مثله في غشه يحاط بذلك معرفة رأينا أن يرد مثله ويرجع بالثمن (قلت)
أرأيت أن اشتريت جارية بكرا لها زوج ولم يدخل بها وقد علمت أن لها زوجا
فقبضتها ثم اقتضها زوجها عندي فنقصها ذلك فظهرت على عيب دلسه لي البائع
أيكون لي أن أردها ولا يكون على شئ من نقصان وطئ الزوج لها (قال) أرى لك
أن تردها ولا شئ عليك لأنه باعك جارية ذات زوج وقد دلس فيها بعيب فليس
عليك لوطئ الزوج إذا جاء من وطئ الزوج نقصان عليك قليل ولا كثير وكذلك
الرجل يبيع الثوب من الرجل وبه العيب قد دلسه له علم به البائع فقطعه المشترى ثم
ظهر على عيبه فان له أن يرد الثوب ولا يكون عليه للقطع شئ وكذلك قال مالك بن أنس
في الثياب وهذا أدنى من ذلك والجارية دلس أو لم يدلس فلا شئ عليه في اقتضاض
الزوج لان البائع هو الذي زوجها وإنما كأن يكون عليه أن لو كان المشترى هو
الذي زوجها (قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا من رجل وبه عيب لم أعلم به ثم
اشتراه منى بائعه بأكثر مما اشتريته به أو بأقل (قال) إن كان البائع دلس بالعيب ثم
338

اشتراه بأكثر فليس له أن يرده عليك لأنه اشتراه وهو يعلمه وإن كان اشتراه
بأقل رد عليك تمام الثمن الأول لأنك كان لك أن ترده عليه وها هو ذا في يديه
وإن كان لم يعلم بالعيب حين باعه منك حتى اشتراه منك بأكثر فله أن يرده عليك
ويأخذ الثمن ولك أن ترده عليه وإن كان اشتراه بمثل الثمن الأول فكأنه رده عليك
وإن كان اشتراه بأقل من الثمن رد عليك تمام الثمن الأول لأنك كان لك أن ترده
عليه وها هو ذا في يديه
(في الرجل يبيع السلعة وبها عيب لم يعلم به)
(قلت) أرأيت أن باع صاحب الثوب ثوبه وبه عيب لم يعلم به ولم يبرأ إلى المشترى
من شئ ثم قطعه المشترى فظهر المشترى على عيب وقد كان في الثوب عيب عند
البائع (قال) قال مالك بن أنس لا تكون البراءة في الثياب (قال مالك) فان باعه
البائع وهو لا يعلم فقطعه المبتاع ثم وجد المبتاع بعد ما قطعه به عيبا فالمشترى بالخيار
ان أحب ان يرده رده وما نقصه القطع وان أحب أن يمسكه ويأخذ قيمة العيب
فذلك له وفرق مالك بين من علم أن في ثوبه عيبا حين باعه وبين من لم يعلم أن بثوبه
عيبا (قلت) والعروض كلها عند مالك مثل الثياب (قال) لم أسمعه من مالك إلا أنى
أرى ما كان من العروض التي تشترى لان يعمل بها كما يصنع بالثياب من القطع مثل
الجلود تقطع أخفافا ومثل جلود البقر تقطع نعالا وما أشبهه هذه الوجوه رأيته مثل
الثياب وأما الخشب وما أشبهها مما يشتريها الرجل فيقطعها فيكون العيب في داخلها
ليس بظاهر للناس فان مالكا قال في الخشب إذا كان العيب في داخل الخشبة أنه
ليس بعيب (قال) ويلزم المشترى إذا قطعها فظهر على العيب (قال) ونزلت فحكم
فيها مالك بن أنس بذلك
(ما جاء في الخشب والبيض والرانج والقثاء يوجد به عيب)
(قال ابن القاسم) كل ما أشبه الخشب مما لا يبلغ علم الناس معرفة العيب فيه لأنه
339

باطن وإنما يعرف عيبه بعد أن يشق شفا ففعل ذلك المشترى ثم ظهر على العيب
الباطن بعد ما شقه فهو له لازم ولا شئ على البائع (فقلت) لمالك فالرانج وهو
الجوز الهندي والجوز والقثاء والبطيخ والبيض يشتريه الرجل فيجده فاسدا (قال)
أما الرانج والجوز فلا أرى أن يرد وهو من المشترى وأما البيض فهو من البائع ويرد
وأما القثاء فان أهل الأسواق يردونه إذا وجدوه مرا (قال مالك) ولا أدرى بما
ردوا ذلك استنكارا منه لما علموا به من ذلك في ردهم إياه فيما رأيته حين كلمني فيه
ولا أرى أن يرد (قلت) فلم رد مالك البيض من بين هذه الأشياء (قال) لان
معرفة فساد البيض كأنه أمر ظاهر يعرف ليس بباطن مثل غيره.
(في الإماء والعبيد والحيوان يجد بهم المشترى العيب دلسه البائع أو لم يدلسه)
(قال) عبد الرحمن بن القاسم العيب في الجواري والعبيد من دلس من لم يدلس
إذا حدث عند المشترى عيب مفسد لم يرده الا وما نقص العيب منه ليس هو مثل
الثياب في ذلك (قلت) فما فرق ما بين الثياب والرقيق في قول مالك (قال) قال
مالك لان الثوب حين دلسه قد باعه إياه ليقطعه المشترى وإنما تشترى الثياب للقطع
وان العبد ليس يشترى على أن تفقأ عينه ولا تقطع يده فهذا فرق ما بينهما (قلت)
والحيوان مثل الرقيق في قول مالك (قال) نعم
(في الرجل يبتاع الجارية فيقرها عنده وتشب ثم يجد بها عيبا)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية صغيرة فكبرت عندي فصارت جارية شابة فزادت
خيرا فأصبت بها عيبا كان عند البائع باعنيها وبها العيب (قال) قال مالك من باع
صغيرا فكبر عند صاحبه (قال) فأراه فوتا عليه ويرد قيمة العيب ولا يشبه عندي
الفراهية والزيادة من تعليم الصناعات وغيرها وذلك ليس بفوت ان أحب أن يردها
ردها والصغيرة إذا كبرت يرد البائع قيمة العيب على ما أحب أو كره ورآه مالك فوتا
(قال ابن القاسم) قال مالك والمشترى ليس له أن يرد إذا كان فوتا ويجبر البائع على أن
340

يرد على المبتاع قيمة العيب من الثمن لأنها قد فاتت وليس لواحد منهما خيار (قلت)
وكذلك أن اشتراها صبية فكبرت كبرا فانيا فأصاب بها مشتريها عيبا دلسه البائع له
(قال) هذا فوت أيضا عند مالك لان مالكا قال إذا كبرت فهو فوت إذا اشتراها صغيرة
ثم كبرت (قال ابن القاسم) ومما يبين ذلك أيضا أنه ليس لصاحب الصغير إذا كبر
أن يرد. ويبين لك أن الكبر فوت ويجبر البائع على أداء قيمة العيب أن البيع الفاسد
إذا فات وقد علم مكروهه وقد فات بنماء أو نقصان أو اختلاف أسواق يعلم
بذلك والسلعة قد نمت وهي خير منها يوم اشتراها فأراد أن يردها لم يكن ذلك له
وان كانت أرقع في القيمة يوم يريد ردها ولا حجة له في أن يردها
(في الرجل يبتاع الجارية ثم يبيعها من بائها أو غيره)
(ثم يعلم بعد ذلك بعيب كان دلسه به البائع)
(قلت) أرأيت أن اشتريت جارية بها عيب دلسه إلى البائع ثم اشتراها منى البائع
نفسه ثم ظهرت منها على العيب الذي دلسه لي البائع ألي أن أرجع عليه بشئ أم لا في
قول مالك (قال) نعم لك أن ترجع عليه بذلك أن كنت بعتها منه بأقل من الثمن الذي
اشتريتها به منه ولا حجة للبائع الذي دلس بالعيب أن يقول للمشترى ردها على وهي
في يديه فلذلك رأيت أن يرجع عليه بما نقص من الثمن الأول (قلت) فإن كان
المشترى باعها منه بأكثر مما اشتراها به (قال) إن كان البائع الأول قد علم بالعيب
ودلس له لم يرجع على المشترى بشئ إذا اشتراها منه بأكثر مما باعه به (قال ابن
القاسم) وأنا أرى أنه إذا باعها من أجنبي فلا أرى أن يرجع على البائع بشئ إنما هو
على أحد أمرين إن كان باع بنقصان وقد علم بالعيب فقد رضى به وإن كان لم يعلم
بالعيب فإنما نقص من غير العيب وهو الذي سمعت من قول مالك (قلت) فإن كان المشترى وهبها للبائع أو تصدق بها عليه ثم ظهر على العيب الذي دلس له البائع
(قال) يرجع عليه بالعيب (قلت) أرأيت أن اشتريت جارية وقد دلس لي بائعها فيها
بعيب فبعت نصفها ثم ظهرت على العيب الذي دلس لي به (قال) يقال للبائع اما أن
341

رددت نصف قيمة العيب على المشترى وإما قبلت النصف الباقي الذي في يديه بنصف
الثمن ولا شئ عليك غير ذلك وكذلك سمعت من مالك
(في الرجل يبتاع الخفين أو المصراعين فيجد بأحدهما عيبا)
(قلت) أرأيت أن اشتريت خفين أو نعلين أو مصراعين أو شيئا من الأشياء مما
يكون فيه زوج فأصبت بأحدهما عيبا بعد ما قبضته أو قبل أن أقبضه (قال) لا يكون
لك أن ترد الا جميعا أو تحبس جميعا (قلت) وكل شئ من هذا ليس بزوج ولا
بأخ لصحبه إنما اشتراهما أفراد اشترى نعالا أفرادا فأصاب بأحدها عيبا كان له أن
يرده (قال) نعم على ما وصفت لك في أول الكتاب في اشتراء الجملة وغيرها
(في الرجل يبتاع النخل أو الحيوان فيغتلهم ثم يصيب بهم العيب)
(قلت) أرأيت أن اشتريت شاة أو بقرة أو ناقة فاحتلبت لبنهن زمانا أو
اجتززت أصوافهن وأوبارهن ثم أصبت عيبا دلس لي في ذلك البائع أيكون لي أن
أرده في قول مالك ولا يكون على بذلك فيما احتلبت ولا فيما اجتززت شئ
وكيف إن كان اللبن أو الصوف أو الوبر قائما بعينه لم يتلف (قال) ولا شئ
عليك في ذلك كله كان قائما بعينه أو لم يكن لأنها غلة والغلة بالضمان ويرد الشاة والبقرة
أو الناقة ويرجع بالثمن كله (قال ابن القاسم) إلا أنه إن كان اشتراها وعليها صوف تام
فجزه انه يرده إن كان قائما وإن كان قد أتلفه رد مثله (قلت) فإن كان فيها لبن يوم اشتراها
فحلبها ثم أصاب بها عيبا بعد ذلك بزمان فأراد ردها أيرد معها مثل اللبن الذي كان في
ضروعها (قال) ليس اللبن مثل الصوف وهو خفيف وله أن يردها ولا يكون عليه
للبن شئ لأنه كان ضامنا وهذا بمنزلة غلة الدور هو تبع لما اشترى (قلت) فما قول
مالك في الرجل يشترى الدار فيغتلها زمانا ثم يظهر على عيب بالدار كان عند البائع (قال)
قال مالك يرد الدار ولا شئ عليه في الغلة (قلت) فإن كانت الدار قد أصابها عند
المشترى عيب آخر أيرد معها المشترى ما أصابها عنده من العيب (قال) نعم (قلت)
342

أرأيت أن اشتريت غنما أو بقرا فحلبت أو جززت وتوالدت أولادا عندي ثم أصبت
بالأمهات عيبا ألي أن أرد الأمهات وأحبس أصوافها وأولادها وألبانها (قال) قال مالك
أما الأولاد فيردون مع الأمهات ان أردا أن يرد بالعيب (قال) بان القاسم وأما أصوافها
وأوبارها وسمونها فان ذلك لا يرد مع الغنم لان هذا بمنزلة الغلة (قلت) أتحفظ عن
مالك في النخل شيئا إذا اشتراها رجل فاستغلها زمانا ثم أصاب عيبا (قال) قال مالك
إذا اشترى نخلا فاستغلها زمانا ثم أصاب بها عيبا أو استحقت انه يرجع على بائعه بالثمن
وتكون له الغلة بالضمان (قلت) أرأيت أن اشتريت نخلا فيها تمر قد أبر فمكثت
النخل عندي حتى جددت الثمرة ثم أصبت عيبا فأردت أن أرد النخل وأحتبس الثمرة
(قال) ليس ذلك لك وعليك أن ترد الثمرة مع النخل ان أردت الرد وإلا فلا شئ لك
(قلت) لم وإنما اشتريت النخل وفيها ثمرة لم تزه أو إنما اشتريت النخل وفيها تمر قد
أبر فبلغ عندي حتى صار ثمرا وجددته (قال) لان النبي صلى الله عليه وسلم قال من
باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع فلما كانت الثمرة للبائع إذا باع
النخل ولم يكن للمبتاع الا باشتراط منه رأيت أن يرد الثمرة مع الحائط هذا المشترى
حين اشترى نخلا وفيها تمر قد أبر ويعطى المشترى أجر مثله عمله فيما عمل لأني إذا
رددت الحائط وأردت أن ألزمه الثمرة بحصتها من الحائط لم تكن كغيرها من السلع
مثل الرأسين أو الثوبين لأني إذا رددت أحد الرأسين أو أحد الثوبين كان بيع الآخر
حلالا وإذا رددت الحائط وأردت أن أجعل للثمرة ثمنا بقدر ما كان يصيبه من ثمر
الحائط كنت قد بعت الثمرة قبل أن يبدو صلاحها فأرى أن يردها ويعطى المشترى أجر
عمله فيما عمل فان أصابها أمر من أمر الله ذهب بالثمرة رد الحائط ولم يكن عليه للثمرة
شئ من الثمن وإنما مثل ذلك مثل ما قال مالك في العبد يشتريه الرجل ويشترط ماله
فينتزعه منه ثم يجدبه عيبا فيريد رده انه لا يرده الا وما انتزع من ماله معه (قال) ولو
ذهب مال العبد من يد العبد بأمر يصيبه رده ولم يكن عليه في المال شئ فالثمرة إذا
اشترطت بعد الابار بمنزلة مال العبد إذا اشترط أمرهما واحد وأخذ فيما يجد من الثمرة
343

أو يصيبها يأمر من أمر الله (قال) وذلك أنى سمعت مالك أيضا يقول لو أن رجلا
اشترى حائطا لا ثمر فيه فأتاه رجل فأدرك فيه الشفعة وفيه يوم أدرك الشفعة
ثمرة قد أبرت فقال مشترى الحائط الثمرة لي قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من باع نخلا قد أبرت فثمرها للبائع فهذه قد أبرت وهي لي (قال) مالك أرى أن
يعطى أجر قيامه وسقيه فيما عالج ويأخذ صاحب الشفعة الثمرة فتكون له فهذا مثله
إذا ردت الثمرة على البائع أعطى المشترى أجر عمله فيما عالج (وأخبرني) ابن
وهب عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في رجل ابتاع دابة فغزا عليها فلما قفل
وجد بها داء فردها منه (قال) ابن شهاب لا نرى لصاحبها كراء من أجل ضمانها
وعلفها
(في الرجل يتبرأ من دبر أو عيب فرج أوكى)
(فيوجد أشنع مما يتبرأ منه)
(قلت) أرأيت إن باعه بعيرا وتبرأ إليه من دبر البعير وبالبعير دبرات كثيرة
(قال) إن كان دبره دبرا مفسدا منغلا لم أر ذلك يبرئه إن كان مثله لا يرى حتى
تتبين صفه الدبرة أو يخبره بها لان الرجل ربما أرى رأس الدبرة ولم يعلم ما في داخلها
ولعلها أن تكون قد أعنتنه أو أذهبت سنامه أو تكون نغلة فلا أرى أن يبرئه إلا أن يذكر الدبرة وما فيها. ومما يشبه ذلك أنى سمعت مالكا وسئل عن رجل باع عبدا
وقد كان أبق وتبرأ من الإباق فإذا إباقه إباق بعيد (قال) لا أرى ذلك يبرئه قد
يشترى الرجل العبد ويتبرأ صاحبه من الإباق وإنما يظن المشترى ان إباقه مثل العوالي
أو إباق ليلة وما أشبه ذلك فإذا إباقه إلى الشام أو إلى مصر (قال) لا أرى براءته
تنفعه حتى يبين (قال ابن القاسم) ومن ذلك أيضا أن يتبرأ من السرقة فيظن المشترى
انه إنما كان يسرق في البيت الرغيف وما أشبه ذلك وهو عاد ينقب بيوت الناس
فلا تنفعه البراءة حتى يبين (قلت) أرأيت أن اشتريت جارية وتبرأ إلى صاحبها من
الكي الذي بجسدها فأصبت بظهرها كيا كثيرا أو بفخذيها فقلت للبائع إنما ظننت
344

أن الكي ببطنها فأما إذا كان بظهرها أو بفخذيها فلا حاجة لي بها (قال) الجارية لازمة
للمشترى إلا أن يأتي من ذلك الكي أمر متفاحش مثل ما وصفت لك في الإباق
والدبر فذلك لا تبرئه البراءة إلا أن يخبره بشنع الكي أو يريه إياه (قلت) ولا
يلتفت في هذا إلى عدد الكي (قال) لا إلا أن يتفاحش الكي أيضا فيكون كيا يعلم أن
ذلك متفاحش كثير فيكون علي ما وصفت لك (قلت) أرأيت أن باع جارية
فتبرأ من عيون الفرج فأصاب المشترى بفرجها عيوبا كثيرة عفلا أو قرنا (قال)
إن كان ما بفرجها من العيوب يختلف حتى يصير بعضه فاحشا فلا تجزئه البراءة إلا أن يبين أن العيوب بفرجها فان بين والا لم تجزئه البراءة (قلت) أرأيت أن باعها
وتبرأ إليه من عيوب الفرج فأصابها رتقاء (قال) أرى أن في عيوب الفرج إذا تبرأ
من عيوب الفرج أن تجوز براءته في العيب اليسير الذي يغتفر من ذلك فإذا جاء
من ذلك عيب فاحش لم تجزه البراءة من ذلك إلا أن يسميه ويبينه (قلت) أرأيت
ان قال أبرأ إليك من رتقها ولم يقل رتقاء بعظم ولا بغير عظم فأصابها مشتريها رتقاء
بعظم لا يقدر على أن يبط ولا يعالج (قال) إن كان رتقا شديدا لا يقدر على علاجه
لان منه ما يقدر على علاجه فكان الذي بها من الرتق مالا يقدر على علاجه فلا تجزئه
البراءة إلا أن يبين ذلك (سحنون) عن ابن وهب قال سمعت مالكا
يقول فيمن باع عبدا أو دابة أو شيئا فتبرأ من العيوب وسماه في أشياء يسميها فيقول
برئت من كذا ومن كذا فان ذلك يرد على البائع حتى يوقف الذي اشتراه منه على
ذلك العيب بعينه الذي في الشئ الذي باع (وأخبرني) ابن وهب عن ابن سمعان
أن سليمان بن حبيب المحاربي أخبره أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامل من عماله
أن امنع التجار أن يسموا في السلعة عيوبا ليست فيها التماس التلفيق على المسلمين
والبراءة لأنفسهم فإنه لا يبرأ منهم الا من رأى العيب بعنيه فإنه ليس في دين الله
غش ولا خديعة والبائع والمبتاع على رأس أمرهما حتى يتفرقا ولا يجاز من الشروط
في البيع الا ما وافق الحق (وأخبرني) ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن
345

شهاب أنه قال في رجل باع سلعة وبها عيب فسمى عيوبا كثيرة وأدخل ذلك العيب
فيما (سمى (قال ابن شهاب) إن لم يكن وضع يده على ذلك العيب وحده أو أعلمه
إياه وحده (قال ابن شهاب) إن لم يكن وضع يده على ذلك العيب وحده أو أعلمه
إياه وحده فانا لا نرى أن تجوز الخلابة بين المسلمين حتى يتبرأ من العيب وحده
(وأخبرني) عن ابن وهب عن يونس عن ربيعة أنه قال من تبرأ من عهد فجمعها
منها ما كان ومنها ما لم يكن فإنه يرد على البائع كل ما تبرأ منه من شئ قد علمه أو
كان قد ضمه مع غيره ولم ينصصه وحده بعينه وذلك أنما وضعه ذلك الموضع ليلبس
به على من باعه وليخفيه لما ضمه إليه وجعله معه مما ليس بشئ (وأخبرني) سحنون
عن وكيع عن سفيان عن منصور عن بعض أصحابه عن شريح قال لا يبرأ حتى
يضع يده
(في الرجل يبيع السلعة ثم يأتي إلى مشتريها بعد)
(ذلك فيبرأ إليه من عيوبها)
(قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة فلما وجبت لي وقبضتها أتاني بائعها فقال لي ان
بها عيوبها وأنا أحب أن أتبرأ منها (قال) قال لي مالك ان كانت عيوبا ظاهرة ترى
فالمشترى بالخيار ان أحب أن يأخذ أخذ وان أحب أن يرد رد وان كانت عيوبا غير ظاهرة
لم يقبل قوله في ذلك وكان المشترى على بيعه فان اطلع بعد ذلك على معرفة عيوب
كانت بها عند البائع بأمر يثبت ذلك كان له ان شاء أن يمسك أمسك وان شاء أن يرد
رد لأنه إذا كان الامر غير الظاهر كان في ذلك مدعيا (قلت) أرأيت أن قال البائع
ان بها داء باطنا فأنا أريد أن أتبرأ منه وقال البائع أنا أقيم البينة أن هذا العيب الباطن
هو بها الساعة (قال) يمكن من ذلك فان أقام البينة برئ من ذلك العيب وكان له
أن يتبرأ وتجزئه البراءة (قلت) لم جعل للرجل إذا باع السلعة وبها عيب لم
يبرأ منه عند عقدة البيع فأراد أن يتبرأ منه بعد ذلك وهو ظاهر أو قامت بذلك بينة
346

إن كان باطنا ان ذلك له ويمكنه من ذلك (قال) إن كان البائع يقول أنا أتبرأ الساعة
من عيب هذه الجارية فان أحب أن يأخذها والا ردها ولا يكون للمشترى
أن يقول لا أصدقك أن بها العيب وهو عيب ظاهر أو يقيم عليه بينة ثم يطؤها فيظهر
على العيب بعد ذلك فيرجع يردها وقد حبسها يستمتع بها أو تموت عنده فيرجع
بقدر العيب وقد تبرأ صاحب السلعة إليه من العيب (قال) فإذا لم يكن العيب ظاهرا
ولم يقم البينة على الباطن اتهم البائع أن يكون رغب فيها وندم في بيعه فلا يقبل قوله
لأنه مدع إلا أن تقوم له بينة على العيب انه كان باطنا أو يكون ظاهرا يرى
(ما جاء في عهدة الثلاثة)
(قلت) أرأيت قول مالك بن أنس من باع بغير البراءة فما أصاب العبد في الأيام
الثلاثة فهو من البائع الموت وغيره (قال) نعم هو قوله (قلت) أرأيت أن باع بالبراءة
فمات في الثلاثة الأيام أو أصابه مرض أو عيب في الثلاثة الأيام أيلزم ذلك المشترى أو
البائع في قول مالك (قال) إذا باع بالبراءة فما أصابه فإنما يلزم ذلك المشترى ولا شئ
على البائع (قلت) أريت ان باع بغير البراءة فأصاب العبد في الأيام الثلاثة حمى
أيرد في قول مالك قال نعم (قلت) فان أصابه عور أو عمش أو عمى (قال) في قول
مالك كل شئ يكون عند أهل المعرفة بالرقيق عيبا إذا أصابه ذلك في الأيام الثلاثة
فهو من البائع (قلت) فان أصابه وجع صداع رأس أو نحو ذلك (قال) ما سمعت من
مالك في صداع الرأس شيئا ولان مالكا قال في كل شئ يكون عند أهل المعرفة
بالداء ان الذي أصاب بهذا العبد هو داء أو مرض في الأيام الثلاثة فهو من البائع (قلت)
فان مات فهو من البائع في قول مالك قال نعم (قلت) فان غرق في الأيام الثلاثة أو ان
سقط من فوق بيت فمات أو احترق أيكون من البائع قال نعم (قلت) فان
خنق نفسه أيكون من البائع قال نعم (قلت) فان قتله رجل أيكون من البائع (قال)
نعم في قول مالك وذلك أن مالكا قال في عبد خرج في أيام العهدة الثلاثة فقطعت
يده أو فقئت عينه (قال) قال مالك دية الجرح للبائع لأن الضمان منه وان أحب
347

المبتاع أن يأخذ بالثمن كله ولا يوضع عنه للجنابة التي جنيت على العبد شئ أخذه
وان أحب أن يرده رده والقتل مثل هذا (قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا فأبق
العبد عند البائع قبل أن أقبضه (قال) إن كان أبق العهدة فهو من البائع الآن أن
يكون باع بالبراءة فان أبق العبد بعد العهدة فهو من المشترى (قال) ابن نافع وسئل مالك
عن العبد يباع بيع الاسلام وعهدة الاسلام وبالبراءة من الإباق فيأبق في عهدة
الثلاثة (فقال) أراه من البائع لأني لا أدرى لعله عطب في الثلاثة لأنه أبدا من البائع
حتى يخرج من الثلاثة سالما فهو من البائع حتى يعلم أنه قد خرج من الثلاثة سالما فأما إباقه
في الثلاثة فليس له على المبتاع في ذلك حجة فأراه من البائع حتى يعلم أنه قد خرج من
الثلاثة سالما فإذا علم بذلك كان المبتاع ومن ذلك أن يوجد بعد الثلاثة بيوم أو يومين
أو بعد شهر أو شهرين وليس عليه أن يضرب له في ذلك عهدة ثلاثة أخر من يوم
يوجد ولكن إذا أصيب بعد الثلاثة بما قلت لك رجع إلى المبتاع ولا يكون له في
الإباق على البائع شئ لأنه قد تبرأ منه (قلت) أرأيت إذا أبق في عهدة الثلاثة
فرأيته من البائع لأنك لا ندري لعله قد تلف في الثلاثة أيرجع عليه بالثمن من ساعته
أم يضرب فيه أجلا حتى يعلم أنه خرج العبد من الثلاثة سالما أم عطب فيها (قال)
بل أرى أن يضرب في ذلك أجلا حتى تبين ما أمر العبد فان علم أنه خرج من
الثلاثة سالما كان من المبتاع وإن لم يعلم ذلك كان من البائع لأنه لا يدرى لعله عطب
في الثلاثة هو أبدا في الثلاثة من البائع حتى يعلم أنه خرج منها (وأخبرني)
عن ابن وهب عن مسلمة بن علي عمن حدثه عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدة الرقيق أربعة أيام أو ثلاثة (ابن وهب) عن
ابن سمعان قال سمعت رجلا من علمائنا منهم يحيى بن سعيد وغيره يقولون لم يزل
الولاة بالمدينة في الزمان الأول يقضون في الرقيق بعهدة السنة من الجنون والجذام
والبرص ان ظهر بالمملوك شئ من ذلك قبل أن يحول الحول عليه فهو رد إلى البائع
ويقضون في عهدة الرقيق بثلاث ليال فان حدث في الرأس في تلك الثلاثة الأيام
348

حدث من موت أو سقم فهو من الأول وإنما كانت عهدة الثلاثة من الربع لان
الحمى الربع لا تستبين الا في ثلاث ليال (وأخبرني) عن ابن وهب عن ابن أبي
الزناد عن أبيه قال قضى عمر بن عبد العزيز في رجل باع من أعرابي عبدا فوعك
العبد في عهدة الثلاث فمات فجعله عمر من الذي باعه (قال ابن وهب) قال لي مالك
ابن أنس لا عهدة عندنا الا في الرقيق
(في بيع البراءة)
(قلت) أرأيت من باع بالبراءة عبدا أو دابة أو ثوبا أو سلعة من السلع من أي
العيوب يتبرأ (قال) كان مالك مرة يقول من باع بالبراءة فان البراءة لا تنفعه في شئ
مما يتبايع الناس به كانوا أهل ميراث أو غيرهم الا في بيع الرقيق وحدهم فإنه كان
يرى البراءة فيه مما لم يعلم فان علم عيبا ولم يسمه بعينه وقد باع بالبراءة لم تنفعه البراءة في
ذلك العيب (قال) فقلت له فلو أن أهل ميراث باعوا دواب واشترطوا البراءة أو
باعها الوصي فاشترط الوصي البراءة وقال لا علم لي بما في هذا من العيوب وإنما هو
بيع ميراث وإنما كان هذا المال لغيري (قال) لا ينفعه ذلك في الدواب وليست
البراءة الا في الرقيق ثم رجع فقال لا أرى البراءة تنفع في الرقيق لا أهل الميراث
ولا الوصي ولا غيرهم (قال) فجاءه قوم وأنا عنده قاعد فقالوا يا أبا عبد الله انا بعنا
جارية في ميراث بيع البراءة لا نعلم بها عيبا فاشتراها رجل فانقلب بها فوجد في
فرجها عيبا (قال) أرى أن يردها ولا تنفعه البراءة شيئا فلما خرجوا كلمته فقلت له
يا أبا عبد الله البراءة في الميراث من الرقيق قال لا أرى أن تنفع وإنما كانت البراءة
لأهل الديون يفلسون فيبيع عليهم السلطان (قال مالك) فلا أرى البراءة تنفع أهل
الميراث ولا غيرهم إلا أن يكون عيبا خفيفا قال فعسى (قال مالك) ومن ذلك
الرجل يأتيه الرقيق قد جلبت من البلدان إليه وهو بالمدينة أو ببلد من البلدان أو يكون
قد جلبها فيقول أبيعكم بالبراءة ولا علم لي فقد صدق ولا علم له ولم يكشف لهم
ثوبا فهو يريد أن يذهب بأموال الناس بهذا الوجه (قال) فما أرى البراءة تنفعه
349

(قلت) أرأيت ما باع السلطان على الناس في ديونهم أينفع السلطان أو صاحب
السلعة الذي بيعت عليه البراءة (قال) ما وقفت مالكا على هذا في أحد الا ما
أخبرتك من قوله القديم (قال ابن القاسم) وأنا أرى في البراءة في الرقيق
على قول مالك الأول وعلى ما قضى به عثمان بن عفان على عبد الله بن عمر فذلك جائز
وهو رأيي وان بيع المفلس والميراث بيع براءة وإن لم يبرؤوا فكذلك بيع السلطان
كله الغنائم وغيرها
(في تفسير بيع البراءة)
(قلت) وكيف البراءة التي تبرأ بها في هذا إذ باع بالبراءة في قول مالك (قال) إذا
قال أبيعك بالبراءة فقد برئ مما يصيب العبد في الأيام الثلاثة (قلت) وإن لم يقل
أبرأ إليك من كل ما يصيبه في الأيام الثلاثة (قال) إذا قال أبيعك بالبراءة وإن لم يذكر
الأيام الثلاثة فقد برئ من عهده الأيام الثلاثة ومن عهدة السنة (قلت) أرأيت
في قول مالك الأول إذا كان يجيز بيع البراءة في الرقيق لو أن رجلا باع ميراثا ولم
يقل أبيع بالبراءة ثم باع وأخبر أنه ميراث (قال) فقد برئ وإن لم يقل قد برئت وكذلك
بيع السلطان مالا قد فلس صاحبه (قلت) أرأيت إن لم يخبرهم أنه ميراث
فباعهم ولم يذكر البراءة أيبرأ في قول مالك الأول (قال) لا لأنه لم يخبرهم أنه ميراث
(قلت) فلو لم يخبرهم أنه ميراث وباع بالبراءة (قال) فذلك له ويبرأ مما لم يعلم في قوله
الأول ولا يبرأ مما علم (قلت) أرأيت لو باع أهل الميراث رقيقا وبالرقيق عيوب
قد علموا بها وكتموها فباعوها وأخبروا أنها ميراث (قال) قال مالك لا يبرؤون إذا
علموا حتى يسموا (قلت) ولم تكن البراءة عند مالك إذا كان يجيز البراءة الا في
الرقيق وحدهم في المواريث وما يبيع السلطان على الغرماء (قال) نعم (قلت) أرأيت
من باع رقيقا فقال إن فيها عيوبا وأنا منها برئ أيبرأ مما فيها من العيوب التي علمها
في قول مالك (قال) لا يبرأ إلا أن يسمى تلك العيوب بعينها (قلت) أرأيت أن باع
رجل جارية فتبرأ من الحمل وكانت حاملا أو غير حامل أيجوز البيع ويكون بريئا من
350

الحمل في قول مالك أم لا (قال) قال مالك ان كانت الجارية من جواري الوطئ من
المرتفعات لم أر البراءة تحل فيها ورأيته بيعا مردودا وان كانت من وخش الرقيق
والدم من السند والزنج وأشباههم رأيت ذلك جائزا ورأيتها براءة (قلت) لمالك بن
أنس ما حد المرتفعات أترى ثمن الخمسين والستين من المرتفعات (قال) نعم هؤلاء من
جواري الوطئ (قال) ولان مالكا قال إن المرتفعة إذا بيعت ببراءة من الحمل يكون ثمن
الجارية أربعمائة دينار أو خمسمائة دينار أو ثلاثمائة دينار إن لم تكن حاملا وان كانت حاملا
لم يكن ثمنها مائة وأقل لم تشتر وهو عيب شديد فهذا خطر شديد وقمار (قال)
وأرى الوخش من الرقيق لا يكون ذلك فيهن خطرا لأنه ان وضع الحمل من ثمنها فإنه
يضع قليلا وربما كان الحمل أكثر لثمنها (قلت) أريت العهدة في بيع الرقيق وفي بيع
السلطان على الغرماء لم يكن يرى عليهم العهدة في الثلاثة ولا في السنة في قول مالك
الأول قال بغم (قلت) وما يباع في الميراث وما باعه السلطان في دين من فلس
من ثياب أو دواب أو آنية أو عروض فأصاب المشترى بذلك عيبا رده في قول مالك
(قال) نعم (قلت) وكان قوله القديم يقول في الرقيق في بيع الميراث وبيع السلطان
على من قد فلس ان أصيب بالرقيق عيب أو ماتوا في الأيام الثلاثة أو أصابهم جنون
أو جذام أو برص في السنة لم يلزم من باعهم شئ ولزم من اشتراهم (قال) نعم
(قلت) وليس الرقيق في الميراث وبيع السلطان على من قد فلس كبيع غيرهم في
عهدة السنة والثلاث (قال) نعم (قال ابن وهب) وأخبرني مالك والليث عن يحيى
ابن سعيد عن سالم بن عبد الله أن أباه باع غلاما له بثمانمائة درهم وباعه بالبراءة
فقال الذي ابتاع العبد لعبد الله بن عمر بالعبد داء لم يسمه في فاختصما إلى عثمان بن
عفان فقال الرجل باعني عبدا وبه داء لم يسمه لي وقال عبد الله بن عمر بعته بالبراءة فقضى
عثمان بن عفان علي عبد الله بن عمر أن يحلف بالله لقد باعه العبد وما به داء يعلمه فأبى
عبد الله أن يحلف وارتجع العبد (ابن وهب) عن ابن سمعان قال سمعت رجلا
من علمائنا منهم يحيى بن سعيد يقولون قضى عمر بن الخطاب أن من باع سلعة فيها
351

عيب قد علم به ولم يسمه وان باعها بالبراءة فهي ردان شاء المبتاع (قال) ابن سمعان
فالناس على قضاء عمر بن الخطاب
(في عهدة بيع مال المفلس)
(قلت) أرأيت من اشتري عبدا من مال رجل قد فلسه السلطان فأصاب به عيبا
على من يرده أعلى السلطان أم على الذي فلس أم على الغرماء الذين فلسوه (قال)
بلغني ممن أثق به أن مالكا قال يرد على الغرماء ولم أسمعه منه (قال) مالك لأنه إنما
بيع لهم وهم أخذوا المال (قال ابن القاسم) ولكني قلت لمالك أرأيت إذا فلس
فجمعوا متاعه وباع السلطان لهم ماله فتلف قبل أن يقسموه (قال) قال لي مالك قد
برئ الغريم منه ومصيبته من أهل الدين (قال) وقال لي مالك لو أن رجلا أعتق
رقيقا له ولا مال له فرد الغرماء عتقه ثم أفاد مالا قبل أن يباعوا عليه وينفذ البيع عليه
رأيت أن يعتقوا ويكون دين الغرماء فيما أفاد (قال) فقلت له فلو باعهم السلطان ولم
ينفذ السلطان بيع الرقيق بعد حتى أفاد الرجل مالا (قال) أرى أن يعتقوا ويعطى
الغرماء المال مما أفاد (قال) وبلغني عن مالك أنه قال وإن كان في رقيق المعتق جارية
حين أعتق فرد الغرماء عتقه وتركوها في يديه موقوفة له لم ينبغ أن يطأ الجارية حتى
تباع في دينه أو تعتق ان أفاد مالا (قلت) أرأيت أن اشتراها من بعد ما باعها
عليه السلطان وقد كان أعتقها أيطؤها في قول مالك (قال) نعم وقال ما مات من
الرقيق أو سرق من المتاع أو هلك من الحيوان قبل أن يباع على الغرماء بعد ما جمعه
السلطان فهو من الذي عليه الدين مصيبته منه فإذا باعه السلطان وصار ثمنا فمصيبته من
الذين لهم الدين (قال) فقلنا لمالك فلو أن رجلا فلس وبيده جارية فوقف عليها صاحبها
الذي باعها ليأخذها وأبى الغرماء أن يدفعوها إليه وقالوا نحن نعطيك ثمنها فدفعوه
إليه أو ضمنوه له ثم أخذوا الجارية ليبيعوها فماتت الجارية قبل أن يبيعوها ممن ترى
مصيبتها على الغريم أم على الذين لهم الدين (قال) مالك أرى المصيبة من الذي عليه
الدين (قال) فقلنا لمالك لم ولو أخذها صاحبها الذي باعها برئ هذا الذي عليه الدين
352

من الدين الذين كان عليه ولم يكن عليه من مصيبتها شئ لو أخذها صاحبها الذي باعها وإنما
أخذها الغرماء منه لفضل يرجونه فيها وهو الدين الذي كان عليه (قال) هو ضامن ومما
يبين ذلك أن لو كان في الجارية فضل قضى به على الغريم وليس الذي عليه الدين أن
يأبى ذلك على أهل دينه ويقول اما أبرأتموني مما يأخذ صاحب الجارية وإما
دفعتموها إليه (قال) لا قول له في ذلك والغرماء عليه بالخيار في ذلك أن أحبوا
أن يأخذوا أخذوا والنماء له إن كان في ذلك فضل وإن كان فيها نقصان من الثمن أو
موت اتبع به ولا حجة في أن يقول هذا يأخذها بالثمن
(في عهدة المأمور ببيع السلعة والقاضي والوصي)
(قال سحنون) قال عبد الرحمن بن القاسم لو أن رجلا أمر رجلا أن يبيع له سلعة
فقال حين باعها ان فلانا أمرني أن أبيع له هذه السلعة فأدرك السلعة تباعة (قال)
إن كان حين باعها قال إنما أبيع لفلان فلا أرى على المأمور شيئا والعهدة على
الآمر (قال) ومثل ذلك هؤلاء الذين يبيعون في المزيدة أو الرجل يعرف أنه إنما
يبيع للناس بجعل أو رجل يبيع على ذلك (قال) وبلغني عن مالك أنه قال لو أن
رجلا أمر رجلا أن يبيع له سلعة فباعها فوجد بها المبتاع عيبا فأراد أن يردها على من
يردها ومن يستحلف (قال) إن كان الوكيل قد أعلمه أنها لفلان فلا يمين عليه ويردها
على صاحبها الآمر واليمين على الآمر وإن كان لم يعلمه حلف الوكيل والا رد السلعة
عليه واليمين عليه (قال) فقيل لمالك أفرأيت ما يستأجر الناس من النخاسين الذين يبيعون
لهم الرقيق ويجعلون لهم الجعل على ما يبيعون من ذلك والذين يبيعون المواريث ومثل
هؤلاء الذين يبيعون المتاع للناس يجعل لهم في ذلك الجعل فيبيعون والذي يبيع فيمن
يزيد في غير ميراث يستأجر على الصياح فيوجد من ذلك شئ مسروق أو حرق أو
عيب (قال) ليس على واحد من هؤلاء ضمان وإنما هم أجراء أجروا أنفسهم وأبدانهم
وإنما وقعت العهدة على أرباب السلعة فليتبعوهم فان وجدوا أربابها والا لم يكن على
هؤلاء الذين وصفت لك تباعة فيما باعوا (قال) وسمعت مالكا وقيل له فلو أن رجلا
353

استؤجر على مثل هذا فباع فأخذ جعله ثم رد البيع بعيب وجد بالسلعة فأراد رب
السلعة أن يرجع على الذي باع بالجعل وأبي البائع أن يدفع إليه ذلك وقال قد بعت لك
متاعك (قال مالك) أرى أن يرد الجعل ولا جعل له إذا لم ينفذ البيع (قال مالك)
ابن أنس ولو باعها الثانية فردت أكان ينبغي له أن يأخذ جعلها أيضا استنكارا لذلك
(في الرجل يشترى السلعة لرجل أمره باشترائها)
(فيعلم البائع أنه يشتريها لفلان)
(قلت) أرأيت لو أنى اشتريت سلعة من رجل لفلان فأخبرته أنى إنما اشتريتها
لفلان ولست اشتريتها لنفسي فاشتريتها بالنقد أو بالنسيئة أيكون للبائع أن يتبع هذا
المشترى بالثمن أم يتبع الذي اشترى له أو من يتبع بالثمن (قال) إن لم يكن هذا
المشترى قال للبائع انى إنما أشتري منك للذي أمرني ولا أنقدك إنما الثمن لك على
فلان فأرى الثمن على هذا المشترى لأنه وان اشترى لغيره فالنقد عليه فان قال له
النقد على الذي اشترى له وليس لك على شئ فهذا لا يتبعه البائع بالنقد ويكون النقد
للبائع على الذي أمر هذا بالشراء (قلت) أتحفظه عن مالك بن أنس (قال) هو
قوله (قلت) أرأيت القاضي إذا باع أموال اليتامى أو باع مال رجل مفلس في دين
أو باع مال ميت وورثته غيب على من العهدة (قال) قال مالك في الوصي انه لا عهدة
عليه فكذلك القاضي لا عهدة عليه (قلت) فعلى من عهدة المشترى إذا باع الوصي
تركة الميت (قال) في مال اليتامى (قلت) فان ضاع الثمن وضاع مال اليتامى ولا
مال لليتامى غير ذلك فاستحقت السلع التي باع (قال) بلغني عن مالك أنه قال لا شئ
عليه (قال ابن القاسم) وأخبرني بذلك من أثق به عن مالك (قلت) أرأيت أن باع
السلطان على المفلس رقيقه ثم أصاب بهم المشترى عيبا أو هلكوا في أيام العهدة (قال)
قال مالك بيع السلطان بيع براءة وأشد من بيع البراءة (قال) قال مالك في بيع البراءة
ان مات في العهدة أو حدث فيه عيب فهو من المشترى وبيع السلطان لا عهدة فيه
أيضا مثل بيع البراءة (قلت) فان أصاب بهم عيبا قديما كيف يصنع (قال) قال مالك
354

انه لا يردهم وانه بمنزلة من باع بالبراءة وهو لا يعلم بالعيب وقد سمعته وذكر بيع
البراءة فقال إنما كأن يكون ذلك في بيع السلطان أن يفلس الرجل أو يموت فيقضى
به دينه ويقتسمه غرماؤه وإنما كانت البراءة على هذا فهذا قوة لما كان يقول من
ذلك (قلت) أرأيت أن باع السلطان على هذا المفلس عبده وقد كان أعتقه واقتسم
الغرماء ثمنه ثم أصاب المشترى بالعبد عيبا قديما فقال رب العبد قد كان هذا العيب به
قديما وكذبه الغرماء وقد عرف أن ذلك العيب قديم ليس مما يحدث (قال) سمعت
مالكا يقول في بيع السلطان انه بيع براءة وبيع البراءة لا يرد الا مما علم البائع بالعبد
فلم يخبره به فأرى هذا في مسألتك إن كان العيب قديما قد علم البائع به وعلم أن البائع
قد علمه رده المبتاع على البائع وأخذ الثمن من الغرماء وبيع العبد للغرماء ثانية في
دينهم بعيبه بعد ذلك فإن كان فيه نقصان عن دين الغرماء اتبعوه بما بقي لهم من
دينهم وإن كان للمفلس مال يوم يرد العبد عليه بعيبه أخذ الثمن من ماله ولم يتبع
الغرماء بشئ وكان حرا لان البيع لم يتم حين وجد به عيبا ورد فإن كان قد حدث
به عند مشتريه عيب مفسد ولسيده مال كان بالخيار ان شاء رده وما نقصه العيب
وان شاء حبسه وأخذ قيمة العيب فان احتبسه وأخذ قيمة العيب الذي وجد به فان
ذلك له وان رده كان حرا إذا كان للسيد مال يوم يرده وإن كان سيده لا مال له فهو
بالخيار ان شاء أن يحبسه ويرجع على الغرماء بقيمة العيب وان شاء أن يرده وما نقص
فذلك ولا يعتق ويباع ثانية للغرماء (قال) وكان مالك بن أنس يقول بيع الميراث
مثل بيع البراءة يبرؤون له مما لم يعلموا (وأخبرت) أنه قال بيع السلطان أشد من بيع
البراءة ومن بيع الميراث ثم سمعت أن رجوعه عن بيع البراءة وبيع الميراث وان تبرؤا
مما لم يعلموا فإنه يرد عليهم إذا كان عيبا قديما لا يحدث مثله إلا أن يكون الشئ التافه
وقوله الأول في بيع البراءة انهم يبرؤون مما لم يعلموا أحب إلى وبه آخذ وكذلك
الميراث هو أشد من بيع البراءة وإنما هذا كله في الرقيق وإنما البراءة فيهم وليس
في الحيوان وثبت مالك بن أنس على بيع السلطان أنه بيع براءة فقال وإنما كانت
355

فيه البراءة (قال) مالك وليس في شئ من العروض ولا الدواب بيع براءة في
ميراث ولا غيره ولا في بيع السلطان وليس البراءة الا في الرقيق وحدهم (قال ابن
وهب) بلغني عن ربيعة في بيع المواريث أهلها برآء مما كان فيها لتفريق ذلك ولتشتيته
وكيف يغرم ولى وقد تفرق ما ولى أم كيف يغرم وارث وقد انطلق بالذي لهم فهم
برآء وإن لم يشترطوا البراءة (وأخبرني) عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة
ابن أبي عبد الرحمن أنه قال في الرجل يلي للغائب ولا يريد أن تكون عليه عهدة في
شئ ثم يبيع الشئ فالتفرقة بين الغرماء. ومن ذلك ما ولى من وجوه الصدقة فلا يرد
لتفاوت ثمن ذلك في تلك المواضع فيكون عليه التباعة فلذلك كان ما كان من بيع
الميراث والبراءة منه لما يكون في ذلك من الوصايا وتفريق المواريث فمن باع على
ذلك متبرئا لا يعلم شيئا فلا تباعة في عهدة قديما كان أو حديثا (قال) وسمعت
ابن وهب قال سمعت مالكا يقول في بيع الميراث انه لا تباعة على أهل الميراث ولا عهدة
إلا أن يقيم المشترى بينة على أهل الميراث انهم قد باعوا وعلموا بذلك (قال ابن وهب)
قال مالك بن أنس ولا أعلم على أهل الميراث عهدة السنة في الرقيق ولا عهدة الثلاث
وإنما بيعهم بيع البراءة
(في عهدة السنة)
(قلت) أرأيت عهدة السنة إنما هو من الجنون والحذام والبرص في قول مالك بن
أنس فقط هذه الثلاثة لا غيرها (قال) نعم (قلت) أرأيت الوسوسة (قال) إذا
ذهب عقله فأطبق عليه فهو بمنزلة الجنون (قلت) أرأيت أن كان إنما أصابه من
الجنون في هذه السنة انه يخنق رأس كل هلال (قال) يرده (قلت) فان أصابه
وسوسة رأس كل هلال (قال) يرده (قلت) فان أصابه الجنون رأس شهر واحد
في السنة ومضي ذلك الشهر وصح أله أن يرده في قول مالك (قال) نعم لان الجنون
عيب لازم وأمر يعتري المرة بعد المرة ليس برؤه أمرا يعرفه الناس ظاهرا ألا ترى
لو أن رجلا جن عبد له ثم برئ فباعه ولم يخبر أنه قد كان أصابه الجنون انه
356

عيب يرد منه فكذلك هذا لان الجنون لا يؤمن أنه يعود إليه (قلت) فان أصابه
الجذام أو البرص في السنة ثم برئ وصح قبل أن يرده المشترى ويعلم به المشترى أله
أن يرده على البائع (قال) لا إلا أن يكون ذلك عيبا عند أهل المعرفة بالرقيق لان
ما يخاف عودته ويخاف منه كما وصفت لك في الجنون (قال) والبرص بهذه المنزلة
(قلت) فان أصابه بهق أو حمرة أو جرب حتى تسلخ منه وتورم في السنة لا يكون
هذا بمنزلة الجذام والبرص في قول مالك (قال) نعم لا يكون هذا بمنزلة البرص والجذام
في السنة (قلت) أرأيت أن جنى على العبد رجل فضرب رأسه بحجر فذهب عقله
السيدة أن يرده في السنة في قول مالك بن أنس (قال) لا أدري ما قول مالك فيه
وليس هذا بمنزلة الجنون وأراه من المشترى (قلت) فان خرس في السنة فأصابه
صمم أيكون هذا بمنزلة الجنون في السنة (قال) لم أسمع من مالك بن أنس في هذا
شيئا ولكن إن كان عقله معه وان خرس وأصابه فهو من المشتري إلا أن يعلم
أن عقله قد ذهب مع ذلك فيكون من البائع (وأخبرني) سحنون بن سعيد عن
عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو
ابن حزم أنه سمع أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل يقولان في خطبتهما العهدة ثابتة
عهدة الثلاثة وعهدة السنة (وأخبرني) ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن
شهاب قال سمعت سعيد بن المسيب يقول في العهدة في كل داء عضال نحو الجنون
والجذام والبرص سنة (قال) ابن شهاب والقضاء منذ أدركنا يقضون في الجنون
والجذام والبرص سنة (وأخبرني) ابن وهب عن ابن سمعان قال سمعت رجلا
من علمائنا منهم يحيى بن سعيد الأنصاري وغيره أنهم كانوا يقولون لم تزل الولاة
بالمدينة في الزمان الأول يقضون في الرقيق بعهدة السنة من الجنون والجذام والبرص
ان ظهر بالمملوك شئ من ذلك قبل أن يحول الحول عليه فهو رد إلى البائع ويقضون
في عهدة الرقيق بثلاث ليال فان حدث بالرأس شئ في تلك الثلاث ليال حدث من
357

سقم أو موت أو غيره فهو من الأول (ابن وهب) وسمعت
مالك بن أنس يقول في العهدة في الرقيق ثلاثة أيام من
كل شئ يصيب العبد من موت أو غيره لا ينقد في
تلك الثلاثة الأيام والجنون والجذام والبرص سنة
والنقد فيها جائز (وسمعت) مالكا يقول
في الرقيق ثلاث ليال فان حدث في
الرأس شئ في تلك الثلاث
ليال من سقم أو موت
فهو من الأول
(تم كتاب تدليس العيوب من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(وبه يتم الجزء العاشر * ويليه كتاب الصلح وهو أول الجزء الحادي عشر)
358

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي
عن الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
(الجزء الحادي عشر)
(أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل)
(حقوق الطبع محفوظة للملتزم)
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
(تنبيه)
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهول وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة ا ه‍
" طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 ه‍ - لصاحبها محمد إسماعيل "
359

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب الصلح)
(ما جاء في الرجل يشترى العبد أو غيره فيصيب به العيب)
(فيصالح البائع من عيبه)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا بمائة دينار فأصبت بالعبد عيبا والعبد لم يفت
فصالحني البائع من العيب على أن دفع إلى مائة درهم إلى سنين أيجوز هذا (قال)
لا يجوز لان هذا ذهب بفضة ليس يدا بيد إنما هو ذهب هو على بائع العبد
للمشترى ان رضيا بإمضاء الشراء فلما فسخا قيمة العيب من الذهب في دراهم إلى
أجل كان ذلك ذهبا بفضة إلى أجل (قلت) فان صالحة البائع من العيب على عشرة
دنانير نقدا وق دكان شراؤه بمائة دينار (قال) هذا جائز (قلت) لم (قال) لأنه كأنه
استرجع عشرة دنانير من دنانيره وأمضى العبد بتسعين دينارا وان رد إليه دنانيره
إلى أجل فلا خير فيه وان تأخرت الدنانير على غير شرط في الرجل فلا بأس به وإنما
كرده أن يرد إليه دنانيره إلى أجل على شرط لأنه يدخله بيع وسلف (قلت) فان
صالحه على دراهم في قيمة العيب قبل أن يتفرقا فهل ذلك جائز (قال) نعم إن كان
أقل من صرف دينار (قال سحنون) وقال أشهب لا بأس به وإن كان أكثر من
صرف دينار (قلت) لابن القاسم وإذا كان العبد قد فات وبه عيب فصالحه البائع
360

على أن يرد قيمة العيب دنانير أو دراهم أو عرضا وكل ذلك نقدا فهل ذلك جائز (قال)
لا بأس به بعد معرفتهما بقيمة العيب وان صالحه بدنانير إلى أجل فانظر فإن كان مثل
قيمة العيب أو أدني فلا بأس به وإن كان أكثر من قيمته فلا خير فيه وإن كان
عروضا أو دراهم إلى أجل فلا خير فيه ووجد ما كره من الدنانير إذا كانت إلى أجل
وهي أكثر من قيمة العيب أن قيمة العيب قد كان وجب له ردها وصار ذلك دينار
له على البائع فأخره بالدين ويزيد عليه فلا يحل وان كانت دراهم إلى أجل صار صرفا
ليس يدا بيد ففسخ ما كان له من الذهب في فضة إلى أجل وإن كان ما صالحه عليه
عرضا إلى أجل صار دينار بدين لأنه يفسخ ما كان له من الذهب التي صارت له على
البائع لمكان العيب الذي دلس فأخر ذهبه بغير شئ أوصله إليه ففسخ ذلك المشترى
في عرض إلى أجل فصار الدين بالدين وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الكالئ بالكالئ
(في الرجل يبيع الطوق فيجد المشترى به عيبا فصالحه المشترى)
(على أن زاده البائع دنانير أو دراهم أو عروضا)
(قلت) أرأيت أن بعت طوقا من ذهب فيه مائة دينار بألف درهم فأصاب المشترى
بالطوق عيبا فصالحه من ذلك العيب على دينار دفعه إليه (قال) لا بأس بذلك (قلت)
لم (قال) لان هذا إنما باع طوقا فيه مائة دينار ودينار مع الطوق بألف درهم نقدا
فلا بأس بذلك وإن كان له أن يرده بالعيب فإنما اشترى منه العيب دينار (قلت)
فان صالحته من العيب على مائة درهم دفعتها إليه (قال) ان كانت هذه المائة لدرهم
التي دفعتها إليه مثل الدراهم التي انتقد في ثمن الطوق فلا بأس بذلك إذا كانت من
سكتها وان كانت من غير سكتها لم يصلح لأنه باع الطوق بألف درهم محمدية فصالحه
من العيب على مائة يزيدية فلا يصلح ذلك ولا يجوز له لأنه يصير بيع طوق من ذهب
ومائة درهم يزيدية بألف درهم محمدية فلا يجوز ذلك لان مالكا قال لا يجوز الذهب
والفضة بالذهب وكذلك لو صالحه على تبر فضلة لم يجر وإذا صالحه على مائة محمدية
361

فإنما هذا رجل رد إليه من الألف المحمدية التي أخذ مائة محمدية فإنما صار ثمن
الطوق تسعمائة درهم فلا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن صالحته من العيب على مائة
محمدية مثل الدراهم التي انتقد في الطوق إلى أجل أيصلح ذلك أم لا (قال) لا يصلح
ذلك عند مالك (قلت) لم (قال) لأنه يصير بيعا وسلفا إذا أخره بالمائة لأنه كأنه
رجل باع الطوق بتسعمائة على أن أسلفه المشترى مائة إلى أجل
(مصالحة المرأة من مورثها من زوجها الورثة)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا هلك وترك مالا دنانير أو دراهم وعروضا وأرضا
وترك من الورثة امرأة وولدا فصالح الورثة المرأة من حقها على مائة درهم عجلوها
لها (قال) ان كانت الدراهم التي يعطون للمرأة من الدراهم التي ترك الميت وهي
قدر ميراثها من الدراهم أو أقل فلا بأس بذلك وان كانت أكثر فلا خير في ذلك
لأنها باعت عروضا حاضرة وغائبة وذهبا بدراهم تعجلتها فلا خير فيه وهو حرام
(قلت) فإن كانوا صالحوها على أن يعطوها المائة من أموالهم على أن تسلم لهم جميع
ما ترك الميت وقد ترك الميت دنانير ودراهم وعروضا وأرضا (قال) لا يصلح ذلك
لا بالدنانير ولا بالدراهم وان اشتروا ذلك منها بعروض فلا بأس بذلك بعد أن صرف
ما ترك الميت من دابة أو دار أو عروض أو قرض أو دين حاضر فان اشتروا حقها
منها بعرض من العروض فلا بأس بذلك بعد أن يسموا ما ترك الميت فيقال ترك
الميت من العبيد كذا وكذا ومن الدور كذا وكذا ومن البقر كذا وكذا ومن الدين
على فلان كذا وكذا وجميع ذلك حاضر ولفلانة من جميع ذلك الثمن فقد اشترينا
ثمنها من هذه العدة التي سمينا بهذا العرض فيجوز ذلك إذا كان كل ما سموا من
الدين والعروض أو العبيد حاضرا (قلت) ولا يجوز ذلك حتى يصفوا جميع ما ترك
الميت عند شرائهم ثمنها ولا يجوز أن يقولوا اشترينا منها ثمنها من جميع ما ترك فلان
(قال) نعم لا يجوز حتى يسموا ما ترك فلان أو يكونوا قد عرفوا ذلك وعرفته (قلت)
فان اشتروه بدنانير عجلوها لها من أموالهم وفي ميراثها من تركة الميت دراهم يصير
362

حظها من الدراهم صرفا (قال) لا يجوز ذلك وإن كان حظها من الدراهم تافها يسيرا
لا يكون صرفا مثل الخمسة دراهم والعشرة فالبيع جائز إذا لم يكن من ذلك شئ غائب
وإن كان في حظها دنانير فاشتروا ذلك منها بدنانير عجلوها لها فقد وصفت لك أنه
لا يصلح لأنه يصير ذهبا بذهب مع أحد الذهبين سلعة وإن كان للميت فيما ترك
على الناس دنانير ودراهم فاشتروا حظها بدراهم أو دنانير عجلوها من أموالهم لم تجز
ذلك لأنهم اشتروا منها دنانير ودراهم بدراهم أو دنانير عجلوها من أموالهم لم يجز
ذلك وإن كان الدين الذين على الناس طعاما قرضا أقرضه الميت الناس أو عرضا أو
حيوانا فاشتروا ذلك منها وسموه بحال ما وصفت لك بدنانير عجلوها لها أو بدراهم
فلا بأس بذلك إذا كان الذين عليهم الذين حضورا مقرين (قلت) أرأيت أن
كان الطعام الذي للميت على الناس إنما هو اشتراء كان اشتراه منهم (قال)
لا يجوز أن يصالحوها من ميراثها على شئ من الأشياء على أن يكون لهم ذلك
الطعام لأنه يدخله بيع الطعام قبل الاستيفاء وهو قول مالك (قلت) أرأيت أن
صالحوها من حقها على دنانير عجلوها لها من الميراث وقد ترك الميت دنانير أو
دراهم وعروضا ولم يترك دينار (قال) لا بأس بذلك إذا كانت الدراهم قليل وإن كان
ذلك يقبض مكانه يدا بيد (قلت) فان ترك دينار دنانير أو دراهم فصالحوها
على دنانير أعطوها من تركه الميت على أن يكون لهم ذلك الدين (قال) لا يجوز
ذلك (قلت) لم لا يجوز (قال) لان الدنانير والدراهم التي اشتروها من المرأة
من مورثها من ذلك الدين بدنانير عجلوها لها من حقها من الميراث فلا يجوز ذلك
لأنه يدخله الذهب بالذهب إلى أجل إلا أن يكون ما أخذت من الدنانير مقدار
مورثها من هذه الدنانير الحاضرة فلا يكون بذلك بأس لأنها إنما تركت لهم حقها
من الدين وأخذت حقها من هذه الحاضرة وذلك أن لو كان ما ترك الميت من
الدنانير ثمانين دينارا حاضرة وعروضا وديونا على الناس دراهم ودنانير أو طعاما
اشتراه ولم يقبضه فصالحوا المرأة من ثمنها على عشرة دنانير من الثمانين الدينار التي
363

ترك الميت فلا بأس بذلك لأنها إنما أخذت حقها من الثمانين ووهبت لهم ما بقي من
ذلك فلا بأس بذلك ولو كانوا إنما يعطوها الدنانير العشرة التي صالحوها عليها من
أموالهم ليس مما ترك الميت من الدنانير لم يجز ذلك ودخله بيع الذهب إلى أجل لأنهم
اشتروا بدنانيرهم صرة دينار بدين دنانير وباعت المرأة بهذه الدنانير طعاما قبل أن
يستوفى فلا يصلح ذلك (ولقد) سئل مالك عن شريكين كانا يعملان في حانوت فافترقا
على أن أعطى أحدهما صاحبه كذا وكذا دينارا وفي الحانوت شركة متاع لهما ودنانير
ودراهم وفلوس كانت من الحانوت بينهما (قال مالك) لا خير في ذلك ونهى عنه
(في الصلح على الاقرار والانكار)
(قلت) أرأيت أن ادعيت على رجل مائة درهم فصالحته من ذلك على خمسين
درهما إلى شهر (قال) لا بأس بذلك إذا كان الذي عليه الحق مقرا (قلت) أرأيت
ان صالحه على ثوب أو على دنانير إلى سنة أيجوز هذا أم لا (قال) قال مالك لا يجوز
ذلك إذا كان الذي عليه الحق مقرا بما عليه (قلت) لم (قال) لأنه فسخ دين في دين
فأما إذا صالحه من مائة درهم على خمسين درهما إلى أجل فهذا رجل حط خمسين
درهما من حقه وأخره بخمسين (قلت) أرأيت أن كان المدعى قبله ينكر والمسألة
بحالها (قال) لم أسمع من مالك في الانكار شيئا إلا أنه مثل الاقرار لان الذي يدعي
إن كان يعلم أنه يدعى الحق فلا بأس أن يأخذ من مائة درهم خمسين درهما إلى أجل
وان أخذ من المائة درهم عروضا إلى أجل أو دنانير إلى أجل وهو يعلم أن الذي يدعى
حق فلا يصلح ذلك لأنه لا يصلح أن يفسخ درهم في عروض إلى أجل أو دنانير إلى
أجر وإن كان الذي يدعى باطلا فلا يصلح أن يأخذ منه قليلا ولا كثيرا (ابن
وهب) وأخبرني يزيد بن عياض عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الصلح جائز بين المسلمين (ابن وهب) قال أخبرني عبد الله بن عمر أن عرم
ابن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري أن الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا
أحل حراما أو حرم حلالا (ابن وهب) وأخبرني سليمان بن بلال عن كثير بن
364

يزيد عن وليد بن رباح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
الصلح جائز بين المسلمين (قال) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون على
شروطهم (ابن وهب) قال وأخبرني سعيد بن عبد الرحمن ومالك بن أنس عن
هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله
عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما أنا بشر وانكم تختصمون إلى
ولعل بعضكم أن يكون ألحن بالحجة من بعض فأقضى له بنحو ما أسمع منه فمن
قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار (ابن
وهب) عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي قال كتب عمر بن الخطاب
إلى أبي موسى الأشعري أن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر والصلح جائز
بين المسلمين الا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا
(مصالحة بعض الورثة عن مال الميت)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا هلك وقد كانت بينه وبين رجل خلطة فادعى أولاد
الهالك أن لأبيهم على هذا الرجل الذي كانت بينه وبين أبيهم معاملة وخلطة مالا
فأقر أو أنكر فصالحه أحدهما على حقه فدفع إليه دراهم أو دنانير أو دفع إليه من
دعواه عرضا من العروض على انكار من الذي يدعي قبله أو على اقرار أيكون
لاخوته أن يدخلوا معه في الذي أخذ من هذا الرجل (قال) قال لي مالك كل ذكر
حق كان لقوم بكتاب واحد فاقتضى بعضهم دون بعض فان شركاءهم يدخلون معهم
فيما اقتسموا وإن كان لكل انسان منهم ذكر حق على حدة وكانت صفقة واحدة
فان من اقتضى شيئا من حقه لا يدخل معه الآخرون في شئ (قال ابن القاسم) وإذا
كان لرجلين ذكر حق بكتاب واحد أو بغير كتاب من بيع باعاه منهم بعين أو بشئ
مما يوزن أو يكال غير الطعام والإدام أو من شئ أقرضاه من الدنانير والدراهم والطعام
أو شئ مما يكال أو يوزن أو ورث هذان الرجلان هذا الذكر لحق فقبض أحدهما
من ذلك شيئا فإن كان الذي عليه الدين غائبا فسأل أحد الشريكين في الدين صاحبه
365

في الخروج معه لاقتضاء الدين وأخذه من الغريم فأبى ذلك وكره الخروج فان خروج
الشريك بعد الاعذار فيما بينه وبين صاحبه فاقتضى حقه أو أدنى من ذلك فان ذلك
له لا يدخل معه شريكه فيه لان تركه الخروج والاقتضاء والتوكيل بالاقضاء اضرار
منه بصاحبه وحول بينه وبين الاقتضاء وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر
ولا ضرار لما يتجشم صاحبه من الخروج والنفقة والمؤنة فيريد المقيم أن لا يأخذ الخارج
شيئا الا دخل عليه فيه وهو لم يبرح ولم يتجشم خروجا ولا مؤنه وقد أعذر إليه صاحبه
ولم يعتقله في الخروج لاغتنام الاقتضاء دونه فهو إذا أعذر إليه وأعلمه بالخروج فترك
الخروج معه فهو رضا منه بما يقتضى دونه أولا ترى أنه رفعه إلى السلطان لأمره
السلطان بالخروج أو التوكيل فان فعل والا خلى السلطان بين الشريك وبين اقتضاء
حقه ثم لا يدخل عليه شريكه فيما اقتضى وان خرج أحد الشريكين لاقتضاء حقه
دون مؤامرة من صاحبه والاعذار إليه أو كان الغريم حاضرا فاقتضى منه جميع مصابته
أو بعضها كان شريكه بالخيار ان شاء شاركه فيما اقتضى وان شاء سلم له ما اقتضى واتبع
الغريم فان اختار اتباع الغريم ثم بدا له بعد أن يتبع شريكه لم يكن له ذلك بعد ما سلم
نوى ما على الغريم أو لم ينو لان ذلك مقاسمة للدين على الغريم ألا ترى لو أن رجلين
ورثا دينا على رجل فاقتسما ما عليه جاز ذلك وصار ذلك كالدين يكون لهما على رجل
لكل واحد فمن اقتضى من هذين شيئا دون صاحبه لم يشركه صاحبه فيما اقتضى
لأنه لا شركة بينهما فكذلك إذا اقتسما
(في مصالحة أحد الشريكين على أخذ بعض حقه)
(ووضع بعضه عنه)
(قال) ابن القاسم ولو أم أحد الرجلين اللذين لهما ذكر حق بكتاب واحد أو غير
كتاب وهما شريكان في الدين الذي على الغريم صالح الغريم وهو حاضر ليس بغائب
أو كان الغريم غائبا ولم يعذر إلى صاحبه ولم يعلمه بالخروج على تقاضى حقه مثل أن
يكون دينهما مائة دينار فصالحه أحدهما من نصيبه على عشرة دنانير وأبرأه مما بقي
366

فهو جائز ففيها قولان أحدهما أن شريكه بالخيار ان شاء سلم الشريكة ما اقتضى واتبع
الغريم بالخمسين دينارا حقه وان شاء رجع على شريكه فأخذ منه نصف ما في يديه
وهو خمسة ورجعا جميعا على الغريم فاتبعه الذي لم يصالحه بخمسة وأربعين دينارا وابتعه
الذي صالح بخمسة دنانير وهي التي أخذ منه شريكا وهو قول ابن القاسم ان
شريكه بالخيار والقول الآخر وان شاء اتبع الغريم بجميع حقه وان شاء اتبع شريكه
المصالح فان اختار اتباع شريكه قسمت العشرة التي صالح بها الشريك على ستة أجزاء
جزء من ذلك للذي صالح وخمسة أجزاء للذي لم يصالح لان المصالح لما أبرأ الغريم من
الأربعين فالذي أخر كأنه لم يكن له غير العشرة دنانير التي أخذ ولصاحبه خمسون
دينارا ثم يرجعان على الغريم فيتبعه المصالح بالعشرة بما أخذ منه وذلك خمسة أسداس
العشرة ويتبعه صاحب الخمسين بما بقي له وهو أحد وأربعون دينارا وثلثا دينار
وكذلك لو أنه قبض العشرة على غير صلح وحط الأربعين عن الغريم ثم قال شريكه
فان اختار مقاسمة شريكه اقتسما على ستة أجزاء على ما وصفت لك ورجعا بما وصفت
لك فلو أن أحد الشريكين قبض العشرة على الاقتضاء من حقه ثم قاسم شريكه
العشرة التي اقتضى من حقه فإنما يقاسمه إياها شطرين لان حق كل واحد منهما سواء
فان حط الشريك المقتضى للعشرة الأربعين لم يكن لشريكه أن يرجع عليه في المقاسمة
فيقول له قاسمني على أن حقك إنما كان عشرة لان القاسم كان والحق كامل ولكنهما
يرجعان على الغريم فيرجع المقتضى للعشرة بما أخذ منه صاحبه وهو خمسة ويرجع
شريكه بخمسة وأربعين فخذ هذا الباب على قول ابن القاسم الأول فإنه أشبه بأصول
أصحابنا. ولو أن أحد الرجلين اللذين لهما حق على هذا بكتاب واحد أو بغير كتاب
وهما شريكا في الدين الذين على الغريم ثم صالح الغريم أحدهما وهو حاضر أو كان
الغريم غائبا ولم يعذر إلى صاحبه ويعلمه بالخروج صالح من حقه ودينهما مائة دينار
على عشرة أقفزة قمح وقبضها قبل أن يتفرقا ثم أتى الشريك الآخر فإنما له الخيار في
تسليم ما صنع صاحبه واتباع الغريم بحقه بالخمسين الدينار أو الرجوع على شريكه
367

المصالح أو المشترى للقمح بنصف ما أخذ لان الشريك إنما تعدى وهو على عين
وهو دين والدين حكمه الحكم العرض والدين ليس مثل العين الذي هو أشبه شئ بالعروض
فلذلك يكون له نصف ما أخذ الشريك إذا اختار أخذه ولم يكن عليه شئ من العين
(قال سحنون) ثم يرجعان جميعا على الغريم فيكون ما عليه بينهما نصفين وإنما يخالف
الصلح في هذا الموضع الشراء لان الصلح أشبه شئ بالشراء في غير وجه وهو في هذا
الوجه مثله ألا ترى أن الرجل لو كان له على رجل مائة دينار فصالحه من المائة على
سلعة أو اشترى منه سلعة بالمائة لم يجز له أن يبيع مرابحة حتى يبينه فكذلك جميع
الدين أيا كان عينا فصالح من بعضها على بعض سوى نوع الدين أو اشترى ذلك
فهو على ما وصفت لك ولو كان الدين سوى العين وهو مما يكال أو يوزن من غير
الطعام والإدام أو العروض التي لا تكال ولا توزن مثل ما يكون لهما مائة رطل
حناء أو مائة ثوب شطوي موصوفة معروفة فصالح أحدهما من نصيبه على دنانير
وصالحه من الخمسين الثوب الشطوى أو من الخمسين الرطل الحناء على عشرة دنانير
وقبضها منه قبل أن يتفرقا ثم حضر شريكه فهو بالخيار ان شاء اتبع الغريم بجميع حقه
وسلم لصاحبه إذا أخر ثم لا يكون الرجوع على شريكه وان نوى ما على الغريم وان
شاء اتبع شريكه فأخذ منه نصف ما في يديه من ثمن سلعة هي بينهما ومن تعدى
على سلعة رجل فباعها فللمتعدى عليه أن يأخذ ثمن سلعة ثم يرجعان على الغريم
فيتبعانه بما بقي لهما عليه من حقوقهما وهي الخمسون الرطل الحناء أو الخمسون الثوب
الشطوى وكذلك الجواب فيها ولو باع نصيبه بعشرة دنانير لان الصلح والبيع في
هذا سواء لما أعلمتك من أن الرجل لو كان له على رجل مائة دينار دينا فصالحه من
المائة على سلعة أو اشترى منه سلعة بالمائة لم يجز له أن يبيع مرابحة حتى يبين ومن
ذلك لو أن لرجل على رجل مائة دينار فرهنه بها شيئا مما يغاب عليه ضمن المرتهن
وقيمته مثل الدين أو أكثر أو أقل ثم إن الراهن صالح المرتهن على ألف درهم أو
اشترى الراهن من الثوبين المائة دينار التي له عليه بالألف درهم ونقده قبل أن
368

يتفرقا ثم تلف الرهن فادعى المرتهن أن تلفه بعد المصالحة أو الشراء أو قبل ذلك فالصلح
بينهما والبيع جائز ليس بمنقوض ويرجع على المرتهن بقيمة الرهن وإن كان تلف الرهن
بعد المصالحة أو الشراء أو قبل ذلك بأمر معرف تقوم عليه بينة تم ما كان بينهما من
صلح أو بيع ولم يكن على المرتهن شئ
(الدعوى في صلح على دم عمد وأنكر صاحبه)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل دم عمد أو جراحات فيها قصاص فادعيت أنى
صالحته منها على مال وأنكر ذلك وقال ما صالحتك على شئ (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا إلا أن الذي أرى على ما قال مالك في الطلاق أنه لا يقتض منه وله
عليه اليمين
(الصلح على دية الخطأ تجب على العاقلة)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قتل رجلا خطأ فصالح أولياء المقتول على شئ دفعه
إليهم أيجوز هذا الصلح أم لا والمال إنما لزم العاقلة (قال) سمعت مالكا وسئل عن
رجل قتل خطأ فصالح أولياء المقتول على شئ دفعه إليهم ونجموا ذلك عليه فدفع إليهم
نجما من ذلك ثم اتبعوه بالنجم الآخر فقال إنما صالحتهم وأنا أظن أن الدية تلزمني
(قال) قال مالك ذلك موضوع عنه ويتبع أولياء المقتول العاقلة (قلت) ويرد عليه
أولياء المقتول ما أخذوا منه (قال) نعم ذلك له إذا كان جاهلا يظن أن ذلك يلزمه
(قلت) فلو أقر رجل بقتل رجل خطأ فصالح أولياء المقتول على مال دفعه إليهم
قبل أن يقسم أولياء المقتول أو قبل أن يجب المال على العاقلة وهو يظن أن ذلك يلزمه
أيجوز هذا الصلح أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكني أرى ذلك جائزا
(قال سحنون) وهذا أمر اختلف الناس فيه عن مالك فقال بعضهم هو على العاقلة
وقال بعضهم هو على المقر في ماله وقاله ابن القاسم (قال) يحيى وابن الماجشون يقول
هو على المقر في ماله لان العاقلة لا تحمل الاعتراف قال وهو قال المغيرة (قال)
369

مالك وأشهب على العاقلة بالقسامة وهي رواية أشهب عن مالك
(في صلح العمد على أقل من الدية أو أكثر)
(قلت) أرأيت أن قتل رجل وليا لي عمدا أو قطع يدي عمدا فصالحته على أكثر
من دية ذلك أيجوز لي هذا الفضل في قول مالك (قال) قال لي مالك القود في العمد
الا ما اصطلحوا عليه فإن كان أكثر من الدية فذلك جائز وإن كان ديتين (قلت)
أرأيت لو أن لي على رجل جراحات عمدا فصالحته في مرضى على أقل من أرش
تلك الجراحة أو أقل من الدية ثم مت في مرضى أيجوز ذلك في قول مالك (قال)
قال مالك في الرجل يعفو عن دمه إذا كان القتل عمدا ان ذلك جائز كان له مال أو لم
يكن فهذا يدلك على أن الذي عفا على أقل من الدية ان ذلك جائز
(في أحد الولدين يصالح أحدهما على دم عمد بغير أمر صاحبه)
(قلت) أرأيت لو أن قتيلا قتل عمدا وله وليان فعفا أحدهما على مال أخذه عرض
أو قرض فأراد الولي الذي لم يصالح أن يدخل مع الذي صالح فيما أخذ أيكون ذلك
له أم لا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى له أن يدخل فيما أخذ
أخوه من القاتل ولا سبيل لهم إلى القتل وقد ذكر غيره أنه إذا صالح في دم أبيه
عن حقه بأكثر من الدية ان الذين بقوا إنما لهم بحساب دية واحدة ومثله لو صالحهم
من دم أبيه في حقه على نخل فأخذها أو جارية أو ما أشبه ذلك كان الصلح قد وقع
ولم يكن له الا ما صالح عليه في حقه قل أو أكثر ولم يكن لم بقي الا على حساب الدية
ولأنه لو عفا جاز عفوه عليهم فلم يجعل لمن بقي شركا فيما أخذ المصالح من قال هذا
القول لان الدم ليس هو مالا وإنما شركتهما فيه كشركتهما في عبد هو بينهما
جميعا فان باع أحدهما مصابته بما يشاء لم يدخل معه صاحبه لشرك (وقال أشهب)
ان عفا أحد الابنين على الدية ولهما أخت فقال إن كان عفا على الدم صلحا صالح به
عن الدن فهو بينهم جميعا أخماسا لأخته من ذلك الخمس وأربعة أخماس بينهما عن
370

شطرين وكذلك لو صالحه على الديم كله بأكثر من الدية أو ديات فان جميع ما صالح
عليه بنيهما على ما فسر لي مالك أخماسا وإن كان إنما صالح عليه من دية أو ديتين أو
ديات ليس على الدم كله ولكن على مصابته منه فان للأخ والأخت الذين لم يصالحوا
ثلاثا أخماس الدين على القاتل في ماله يضم إليه ما صالح عنه الذي عفا عما صالح
من الدين أو أكثر منها ثم يقسمون جميع ذلك أخماسا على ما فسرت لك وكذلك
ان صالح لنفسه على خمسي الدية فأكثر فان ذلك يضم إلى ثلاثة أخماس الدين ثم
يؤخذ بذلك كله القاتل ثم يقسم على ما فسرت لك فان صالح على أقل من خمسي
الدية لنفسه خاصة وان درهما واحدا فليس له الا ما صالح عليه من ذلك ويرجع
الأخ والأخت اللذان لم يصالحا على القاتل في ماله بثلاثة أخماس الدية يقسمان ذلك
للأخ خمسا ذلك وللأخت خمسه فان صالح من الدم كله بأقل من الدية فليس له
مما صالح عليه الا خمساه وثلاثة أخماس من صالح عليه ساقط عن القاتل وللأخ
والأخت اللذين لم يصالحا ثلاثة أخماس الدية كاملة في مال القاتل وكذلك لو صالح
من الدم كله على درهم واحد لم يكن له الا خمسا الدرهم وكان للأخ والأخت ثلاثة
أخماس الدية يقتسمان ذلك على الثلث والثلثين وقد أعلمتك أنه إذا صالح من الدية
لنفسه خاصة إذا جاوز خمسي الدية فأكثر ان ذلك يضم إلى ثلاثة أخماس الدية
فيؤخذ بذلك القاتل كله ثم يقسمونه بينهم أخماسا على ما فسرت تلك (قلت)
فإن كان للمقتول زوجة وأم أيدخلان على هؤلاء فيما صار لهم من الدية (فقال)
نعم كل دم عمد أو خطأ وان صالحوا منها على ديات فان ذلك موروث على كتاب
الله وفرائضه (ابن وهب) وأشهب قال ذلك سليمان بن يسار وأبو الزناد ومالك
وعبد العزيز فأما سليمان بن يسار فان ابن لهيعة ذكر أن خالد بن أبي عمران حدثه
أنه سأل ابن يسار عمن قتل رجلا عمدا فقبلت العصبة الدية أهي للعصبة خاصة أم
هي ميراث بين الورثة فقال سليمان بل هي بين الورثة ميراثا
371

(في جماعة جرحوا رجلا هل له أن يعفو عن بعض ويقتص من بعض)
(قلت) أرأيت الجراح إذا اجتمعت على رجال شتى أيكون له أن يصالح من
شاء ويقتص ممن شاء ويعفو عمن شاء (قال) نعم مثل قول مالك في القتل
(قلت) أرأيت أن اجتمع على قطع يدي رجال قطعوها عمدا أيكون لي أن أصالح
من شئت منهم في قول مالك وأقطع من شئت وأعفو عمن شئت (قال) قال
مالك في القتل للأولياء أن يصالحوا من شاؤوا ويعفوا عمن شاؤوا ويقتلوا من شاؤوا
وكذلك الجراحات عندي مثل القتل
(في رجل قطع يد رجل عمدا فصالحه المجروح ثم مات)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قطع يد رجل عمدا فصالحه المقطوعة يده على مال
دفعه إليه القاطع ثم مات من القطع بعد ذلك (قال) سألت مالك عمن أصاب
رجلا موضحة خطأ فصالحه عنها ثم إنه نزى فيها بعد ذلك فمات منها (قال) لنا
مالك أرى فيها القاسمة ويستحقون العقل على عاقلته ويرجع الجاني على المال الذي
دفع إليه فيأخذه ويبطل الصلح ويكون في العقل كرجل من قومه (قال) ابن القاسم
العمد مثل ذلك فكذلك مسألتك ان أحبوا أن يقسموا أقسموا وقتلوا وبطل الصلح
(قال أرأيت أن أبوا أن يقسموا وقال الجاني قد عادت الجناية نفسا فردوا على المال
واقتلوني ان أحببتم فأما مالي فليس لكل (قال) ابن القاسم لم أسمع من مالك فيه شيئا
الا ما أخبرتك وليس له ذلك لأنهم لو لم يقسموا لم تبطل جنايته في اليد ألا ترى لو
أن رجلا قطع يد رجل عمدا فنزى في جرحه فمات أو الورثة ان أحبوا أن يقسموا
ويقتلوا فعلوا وان أبوا كان لهم أن يقطعوا يده (قال ابن القاسم) وهذا قول مالك
وكذلك هذا الذي صالح على جرحه ثم نزى المقطوعة يده في الجراح فمات فقال ورثته
لانقسم ان جناية الجاني في قطع اليد لا تبطل ولهذا المال الذي أخذوا إن لم يقسموا
وان أرادوا أن يقسموا ردوا المال وقتلوا
372

(في الصلح من جناية عمد على ثمر لم يبد صلاحه)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا جنى جناية عمدا فصالح من جنايته على ثمر لم يبد صلاحه
أيجوز هذا في قول مالك (قال) قال (قلت) ولم وهذا إنما أعطاه ثمرته ولم يأخذ
شيئا إنما أعطاه ثمرة على أن هضم عنه القصاص (قال) لو أجزت هذا لا جزت النكاح
بثمرة لم يبد صلاحها ألا ترى أن مالكا قال في النكاح انه غير جائز فإذا نكح فان
أدرك قبل البناء فسخ وان أدرك بعد البناء كان لها مهر مثلها فكذلك القصاص مثل
النكاح (قلت) فإذا عفا علي ثمرة لم يبد صلاحها أيكون هذا عفوا لا يستطيع
الرجوع في القصاص ويرده إلى الدية عليه مثل ما صار في النكاح إذا دخل بها لم يرد
النكاح وكان لها صداق مثلها وثبت النكاح (قال) نعم ذلك أحب ما فيه إلى لان العفو
قد ترك فلا أرى أن يرد إلى القصاص وقد قال غيره ليس الصلح في القصاص بالغرر
مثل النكاح إنما القصاص مثل الخلع ألا ترى أن الخلع يجوز بالغرر ولا يجوز له
بالنكاح لأن الخلع يجوز له أن يرسل من يديه بالغرر ما كان جائزا له أن يرسله بغير
شئ يأخذه فكذلك القصاص
(في الصلح من دم عمد على عرض أو عبد فيوجد بذلك عيب)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا وجب له على رجل دم عمد فصالحه من الدم العمد على
عبد أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت كل من صالح من دم عمد
فصالح على عبد أو عرض أو خالع امرأته على ذلك أو نكح امرأة على ذلك فأصاب
الذي قبض العبد أو العرض بذلك عيبا أله أن يردها ويرجع بقيمته (قال) إذا كان
عيبا يرد من مثله في البيوع فله في مسألتك هذه أن يرجع بقيمته (قلت) وهذا
قول مالك (قال) أما في النكاح فهو قوله ألا ترى أن دم العمد والطلاق ليس هما
بمال فإذا استحق ما أخذ فيهما رجع بقيمتهما بقيمة ما أخذ لا بقيمة الدم ولا بقيمة
الطلاق إنما فيهما ما صالحوا به فيهما ألا ترى أن دم العمد ليس له قيمة الا ما صالحوا
373

فيه عن الرضا منهما ألا ترى أن المقتول يعفو عن دمه فلا يكون للورثة حجة في أن
يقولوا فعله في ثلثه ولا لأصحاب الدين إن كان عليه دين محيط فعفا عن دمه أن يقول
الغريم فر عنى بما له ولو أنه صالح من دم أو من جراحة عمدا أصيب بها على مال
وهو يخاف عليه الموت أو عليه دين محيط فثبت الصلح ثم حط ما صالح عنه لكان
ذلك في ثلثه إذا كأن لا دين عليه فإن كان عليه دين فالدين أو لي من المعروف الذي
صنع ولو أن رجلا جنى جناية عمدا وعليه دين محيط بماله فأراد أن يصالحه ويسقط
عن نفسه القصاص بمال يعطيه من عنده لكان للغرماء أن يردوا ذلك عليه لان في
ذلك تلف أموالهم
(في رجل صالح رجلا على انكار ثم أصاب المدعى بينة أو)
(أقر له المنكر بعد الصلح)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا ادعى دارا في يدي رجل وأنكر الذي الدار في يديه
فصالحه المدعى على مال أخذه ثم أقر الذي الدار في يديه أن دعوى المدعى حق وأنه
جحده (قال ابن القاسم) سألت مالك عن الرجل يدعى قبل الرجل دينا فيجحده
ثم يصالحه ثم يجد بعد ذلك بينة على (قال) قال مالك إن كان صالحه وهو لا يعرف
أن له بينة وإنما كانت مصالحته إياه أنه جحده فله أن يرجع عليه ببقية حقه إذا وجد
بينة (قال) فقلت لمالك فلو كانت له بينة غائبة فقال له ان لي عليك بينة وهم غيب
وهم فلان وفلان فجحده فلما رأى ذلك الرجل خاف أن تموت شهوده أو يعدم هذا
المدعى عليه أو يطعن فصالحه فلما قدم شهوده قام عليه (قال) لا أرى له شيئا ولو
شاء لم يعجل ولم يره مثل الأول وهذا يدلك على مسألتك
(ما يجوز من الصلع على انكار ومالا يجوز)
(قلت) أرأيت أن اصطلحا علي الانكار أيجيزه مالك (قال) نعم (قلت) مثل ما يدعي
على المدعى قبله مائة دينار فينكرها فيصالحه على شئ يدفعه إليه وهو ينكر أيجيزه
374

مالك ويجعله قطعا لدعواه ذلك وصلحا من تلك المائة كما لو أقر بما صالحه عليه (قال)
نعم (قلت) أرأيت لو ادعيت دينا لي على رجل فصالحته من ذلك على ثياب موصوفة
إلى أجل وهو منكر للدين أيجوز هذا (قال) قال مالك الصلح بيع من البيوع ولا
يجوز هذا الذي سألت عنه في البيوع وكذلك في الصلح لا يجوز لأنه دين بدين
(في الصلح باللحم)
(قلت) أرأيت لو أنى ادعيت في دار رجل دعوى فصالحني على عشرة أرطال
من لحم شاته هذه أيجوز هذا الصلح في قول مالك (قال) لا يجوز عندي (قال)
أشهب أكرهه ان نزل وان شرع في ذبح الشاة مكانه لم أفسخه إذا كان قد حبسها
وعرف نحوها
(فيمن استهلك لرجل متاعا فصالحه من ذلك على دنانير إلى أجل)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا استهلك لرجل متاعا فصالحه من ذلك على حنطة إلى
أجل أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لا يجوز ذلك عندي (قلت) لم (قال)
لأنه فسخ دين في دين (قلت) أرأيت لو أن رجلا استهلك لي متاعا فصالحته من
ذلك على دنانير إلى أجل (قال) إن كان صالحه على مثل القيمة جاز ذلك وإن كان
صالحه على أكثر من القيمة لم يجز ذلك وإنما يجوز له أن يصالحه على ما هو ثمن
السلعة ببلدهم إن كان ما يتبايعون به دنانير فدنانير وإن كان دراهم فدراهم ولا يجوز
لن أن يصالحه الا على ما يتبايع به أهل بلادهم مثل القيمة أو أدنى لأنه لو صالح على
غير ذلك كان رجلا قد باع القيمة التي وجبت له بالذي صالحه به إلى أجل فصار دينار
بدين فصار ذهبا بورق إلى أجل إن كان الذي يتبايعون به ذهبا فصالحه على ورق إلى
أجل فهذا الحرام بعينه (قلت) فان أخذ ما صالحه به من السلع عاجلا أو الورق
(قال) فلا بأس بذلك إذا كان عقد الصلح على الانتقاد بعد معرفته قيمة
ما استهلك له
375

(فيمن أوصى لرجل بغلة جنان أو سكنى دار أو بخدمة)
(عبد أو بما في بطن أمته فصالح الورثة)
(قلت) أرأيت أن أوصى لي بما في بطن أمته فصالحني الورثة على دراهم وخرجت
لهم من الوصية (قال) لا يجوز هذا لان ما في بطن الأمة ليس له مرجع إلى الورثة
والعبد والدار إذا أوصى بخدمة العبد أو سكنى الدار فان مرجع ذلك إلى الورثة فلا
بأس أن يصالحوا وأما ما ليس له مرجع إلى الورثة فلا يصلح ذلك ألا ترى أن ما في
البطن ليس مرجعه إلى الورثة (قلت) والنخل إذا أوصى بغلتها لرجل أيصلح أن
يصالح الورثة على شئ ويخرجوه من الوصية في قول مالك (قال) لا بأس بذلك
لان مرجع النخل إلى الورثة وهو بمنزلة السكنى (قلت) فما فرق ما بين هذا وبين
الولادة (قال) لان الولادة ليس بغلة وان ثمرة النخل واستخدام الغلام وكراء الدار
وصوف الغنم ولبنها وزبدها غلة وقد أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب
العرية أن يشتريها بخرصها إلى الجداد وقد جواز أهل العلم ارتهان غلة الدور وغلة الغلام
وثمرة النخل الذي لم يبد صلاحها ولم يجوزوا ارتهان ما في بطون الإناث ولان الرجل
لو اشترى دارا أو جنانا أو غنما أو جارية فاستغلها زمانا كانت الغلة قائمة في يديه ثم
استحق ذلك من يديه مستحق فأخذ ما وجد من داره أو جنانه أو غنمه أو جاريته لم
يكن له فيما استغل المشترى شئ لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخراج
بالضمان وقاله غير واحد من أهل العلم وان الغنم لو ولدت أو الجارية لو ولدت ثم
استحقها رجل وأصاب الولد لم يمت لاخذ الغنم وما ولدت والجارية وولدها ولم يكن
له حبس ذلك لان الولد ليس بغلة
(في رجل ادعى على رجل أنه استهلك له عبدا أو متاعا) (فصالحه على دنانير أو دراهم أو عروض إلى أجل)
(قلت) أرأيت لو أنى ادعيت قبل رجل أنه استهلك لي عبدا أو متاعا أو غير ذلك
376

من العروض فصالحته من ذلك على دنانير أو دراهم أو عروض إلى أجل (قال) أما
العروض فلا يجوز وأما الدنانير والدراهم فذلك جائز ما لم يكن ذلك أكثر من قيمة
ما استهلك له (قلت) فإن كان الذي ادعى قبله قائما بعينه غير مستهلك فصالحته منها
على عرض موصوف إلى أجل أو عين إلى أجل أيجوز هذا (قال) نعم لان مالكا
قال الصلح بيع من البيوع (قلت) وهو مفترق إذا كان ما يدعى قائما بعينه ولم يتغير
أو مستهلكا (قال) نعم هو مفترق بحال ما وصفت لك
(في رجل غصب رجلا عبدا فأبق العبد فصالحه على عين أو عرض)
(قلت) أرأيت العبد إذا غصبه رجل فأبق منه أيصلح أن أصالحه منه على دنانير
إلى أجل أو عرض (قال) أما العروض فلا يصلح إلى أجل وأما الدنانير فلا بأس
به إذا كان ما صالحه مثل القيمة التي وجبت له أو أدنى (قلت) لم أجزت هذا وبيع
العبد الآبق لا يصلح عند مالك (قال) لان مالكا قال في الرجل يكرى الدابة
فيتعدى عليها إلى غير الموضع الذي تكاراها إليه فتضل منه في ذلك أن له أن يلزمه
قيمتها وكذلك عبد لما غصبه وأبق منه فهو ضامن لقيمته إلا أن يرده
(ما جاء في الصلح من موضحة خطأ وموضحة عمدا)
(بشقص في دار هل فيها شفعة)
(قلت) أرأيت لو أنى ادعيت شقصا من دار في يد رجل وله شركاء وهو منكر
فصالحني من دعواي الذي ادعيت في يديه على مائة درهم فدفعها إلى فقام عليه شركاؤه
فقالوا نحن شفعاء وهذا شراء منك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى لهم
فيه شفعة ولكن إن كان الصلح على الاقرار منه فلهم الشفعة عند مالك (قلت)
أرأيت الرجل يصيب الرجل بموضحة خطأ وموضحة عمدا فصالحه الجارح على شقص
في دار هل فيه شفعة وهل هو جائز (قال) نعم (قلت) فبكم يأخذ الشفيع (قال)
بخمسين دينارا قيمة موضحة الخطأ وبنصف قيمة الشقص الذي كان لموضحة العمد
377

لأنا قسمنا الشقص على الموضحين وصار لكل موضحة نصف الشقص فموضحة
الخطأ ديتها معروفة وهي خمسون دينارا وموضحة العمد لا دية لها الا ما اصطلحوا
عليه فصا لها من الصلح نصف الشقص فلذلك أخذها الشفيع بخمسين دينارا
قيمة الخطار وبقيمة نصف الشقص وهو قيمة موضحة العمد وقال غيره وهو المخزومي
وغير المخزومي الصلح جائز وقال المخزومي وللشفيع الشفعة فان أخذ بالشفعة فإنما يأخذ
بأن تجمع قيمة الشقص لأنها كأنها عقل الموضحة العمد والخمسين جميعا فتنظر كم
الخمسون من ذلك فإن كانت الخمسون ثلث القيمة والخمسون إذا اجتمعنا جميعا
استشفعها بالخمسين الدينار وبثلثي قيمة ذلك الشقص من الدار أو ربع أو خمس أو سدس
أو نصف فعلى حساب ذلك لان الذي به يستشفع القيمة الا ما حطت الخمسون من
القيمة والذي حطت الخمسون من القيمة ما يكون به الخمسون من الخمسين والقيمة إذا
اجتمعنا جميعا ان ثلث فثلث وان ربع فربع وان سدس فسدس وان نصف فنصف فعلى
هذا فخذ هذا الباب إن شاء الله
(في العبد يوجد به عيب فينكر البائع ثم يصطلحان على مال)
(قلت) أرأيت الرجل يبيع العبد فيطعن المشترى بعيب فيه وينكر البائع يصطلحان
على مال أيجوز ذلك في قول مالك (قال) ذلك جائز في قول مالك (قلت) أرأيت
لو أنى اشتريت عبدا من رجل بدراهم نقدا أو إلى أجل فأصبت به عيبا فجئت لأرده
فيجحد وقال لم يكن العيب عندي فصالحته قبل محل الاجل على أن رددته عليه
وأعطيته عبدا آخر (قال) لا بأس بذلك في قول مالك لان مالكا قال لا بأس بأن
يشترى الرجل العبد بذهب إلى أجل ثم يستقيل قبل محل الاجل على أن يرد العبد ويرد
معه عرضا من العروض نقدا وإنما تقع الكراهية إذا رد ذهبا أو فضة معجلة قبل
أن يحل الاجل فان حل الاجل فلا بأس به أن يرده ويرد معه دنانير أو دراهم نقدا
ولا خير فيه إذا أخره بعد ذلك (قلت) وهو قول مالك (قال) نعم وان كانت الزيادة
عرضا أو ذهبا أو ورقا قد حل الاجل فلا يؤخر من الزيادة شيئا لأنه يدخله الدين
378

بالدين ويدخله بيع وسلف (وقال غيره) وان صالح البائع المشترى في العيب الذي طعن
فيه المشترى والعبد لم يفت على أن زاده البائع عبدا آخر نقدا فلا بأس به لأنه كأن
المشترى اشترى منه هذين العبدين والعبد الأول أو العرض الذي زيد ألا ترى لو
أن المشترى استغلى العبد المشترى فسأله الزيادة فزاده عبدا آخر أو سلعة لم يكن
بذلك بأس وإن كان اشتراهما جميعا بدراهم إلى أجل فلا خير في أن يصالحه البائع على
دراهم نقدا إذا كان البيع بدراهم إلى أجل أو بدنانير إلى أجل لأنه بمنزلة من اشترى
عبدا ودراهم نقدا بدراهم أو بدنانير إلى أجل إذا كان العبد قائما لم يفت وإن كان
العبد قد فات بعتق أو تدبير أو موت لم يصلح أن يصالحه بدراهم نقدا لأنه كأنه
تسلف منه دراهم نقدا يعطيه إياها إذا حل أجل ما عليه وإنما كان ينبغي له أن يحط عنه
مما عليه إلى أجل قدر العيب الذي دلس له به
(الرجل يصالح من كل عيب بعبده بعد البيع)
(على دراهم يدفعها إلى المشتري)
(قلت) أرأيت أن بعت عبدا لي من رجل فأتيته فصالحته من كل عيب بالعبد على
دراهم دفعتها إليه أيجوز ذلك في قول مالك (قال) قال مالك في الرجل يبيع الدابة فيقول
له البائع أنا أبيع منك كل عيب بها بكذا وكذا (قال) مالك لا ينفعه ذلك فان وجد
المشترى عيبا رده (قلت) أرأيت أن قال له أشتري منك كل مشش بيديها ورجليها
بكذا وكذا أيجوز هذا في قول مالك (قال) إن كان عيبا قائما معروفا فان تبرأ منه جاز
ذلك والا لم يجز
(في رجل صالح رجلا من دين له على رجل)
(ولم يقل له أنا ضامن لك أيلزمه)
(قلت) أرأيت الرجل يصالح عن رجل عليه دين فقال للطالب هلم أصالحك من
حقك الذي لك على فلان بكذا وكذا ولم يقل أنا ضامن (قال) قال مالك بن أنس في
379

رجل أتى إلى رجل فصالحه عن امرأته بشئ سمى فألزمه مالك الصلح وألزم الرجل
الذي صالح عن امرأته ما سمى للزوج ولم يذكر فيه أنا لك ضامن فكذلك مسألتك
لا تبالي قال أنا لك ضامن أو لم يقل من قبل أنه إذا صالح فإنما قضى حين صالح عن
الذي عليه الحق مما يحق عليه
(الرجل يكون عليه ألف درهم فيصالح منها)
(على مائة ثم يتفرقان قبل القبض)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم نقدا فصالحته على مائة درهم يعطيني
إياها فافترقنا قبل أن أقبضها أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم إنما هذا حط وهو جائز
(في الرجل يكون له على الرجل الدين من سلم فيصالحه)
(على رأس ماله ثم يفترقان قبل القبض)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل دينا من سلم فصالحته على رأس مالي فافترقنا
قبل القبض (قال) لا يجوز ذلك (قلت) لم (قال) لان هذا من الدين بالدين (قلت)
أرأيت أن أسلمت إلى رجل في طعام فصالحته على رأس مالي فافترقنا قبل أن أقبض
أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) لا يجوز هذا في قول مالك
(في الرجل يكون له على الرجل ألف درهم جيادا)
(فيصالح فيأخذ مكانها زيوفا)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم جياد أيجوز لي أن آخذ منها زيوفا
أو مبهرجة (قال) قال مالك لا ينفق الرجل الزيوف هذه التي فيها النحاس المجهول
عليها (قال) وان أنفقها أيضا فلا أحب له أن يشترى بها ولا يبيع (قال ابن القاسم)
ولا أعلم الذي كره من شرائها ومن بيعها الا من الصيارفة ولا أدرى أكره بيعها من
جميع الناس أم لا والذي سألته من الصيارفة (قال) مالك وأرى أن يقطعها (قال
ابن القاسم) وأرى هذا الصلح جائزا إذا كأن لا يقربها أحد أو كان يأخذها فيقطعها
380

(في الرجل يكون له على الرجل الدين فيجحده فيأخذه)
(منه عبدا فيريد بيعه مرابحة)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل مالا فجحدني فصالحته على عبد أخذته منه أيجوز
أن أبيعه مرابحة في قول مالك (قال) قال مالك في عبد اشتراه سيده بدنانير فنقد في ثمن
العبد عرضا لم يجز له أن يبيعه مرابحة حتى يبين له ما نقد وأنا لا أرى بالبيع في مسألتك
مرابحة بأسا إذا بين ولا يجوز له إن لم يبينه وان باع ولم يبينه رد البيع إلا أن يفوت
البيع فتكون له قيمته (قال) مالك ولو اشتراه بدين له على رجل لم يصلح له أن يبيعه مرابحة
حتى يبين ذلك فمسألتك مثل هذا (قلت) أرأيت لو اشتريت ثوبين بدينار صفقة
واحدة أو أسلمت فيهما صفقة واحدة ثم قبضتهما أو لم أقبضهما أيجوز لي أن أبيع
أحدهما مراحة على نصف الثمن إذا كانت صفة الثوبين سواء (قال) أما اللذان اشتريتهما
بأعيانهما فلا يجوز ذلك أن تبيع أحدهما مرابحة وان كانت قيمتهما سواء وصفتهما سواء
لأنه لو استحق أحدهما لم يرجع بمثله على صاحبه وإنما يرجع عليه بالذي يصيبه من
الثمن وقد تختلف الأسواق والقيم وان كانت صفتهما واحدة وأما اللذان سلفت فيهما
بصفة معلومة فلا بأس أن تبيع أحدهما مرابحة إذا أخذته على الصفة التي اشتريتها
عليه ولم تتجوز عنه في الصفة وذلك أنه لو استحق فإنما ترجع عليه بمثله على كل حال
مضمونا فلا بأس أن تبيعه مرابحة (قلت) وكل شئ اشتريته من العرض إذا
اشتريت شيئين صفقة واحدة وصفتهما واحدة اشتريت برذونين قيمتهما سواء
وصفتهما سواء أو شاتين أو بعيرين اشتريتهما بأعيانهما ولم أسلف فيهما فلا يجوز
لي أن أبيع أحدهما مرابحة ولا على التولية ولا على حصة قيمته من الثمن أن كانت
قيمتهما مختلفة إذا كانت سلعا بأعيانها (قال) نعم (قلت) وما أسلمت فيه من ذلك
فهو على ما قلت يجوز لي أن أبيع أحدهما مرابحة قبل أن أقبض وبعد أن أقبض
أيجوز في الصفقة إذا كانت صفقتهما سواء واحدة (قال) نعم (قلت) فان أسلمت
في حنطة وقبضتها أو اشتريت حنطة وقبضتها أو شيئا مما يكال أو يوزن مما يؤكل
381

ويشرب أو مما يؤكل ولا يشرب أيجوز لي بيع نصفه مرابحة على نصف الثمن أو
ربعه مرابحة على ربع الثمن في قول مالك (قال) نعم
(في الرجل يكون له على الرجل الطعام من قرض فيبيعه)
(منه بمائة درهم فيقبض خمسين ويتفرقان قبل أن)
(يقبض الخمسين الأخرى)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل مائة أردب من حنطة من قرض فصالحته من
ذلك على مائة درهم فدفع خمسين درهما وافترقنا قبل أن أقبض الخمسين الأخرى
أتجوز حصة ما انتقدت في قول مالك (قال) لا تجوز حصفة ما قبضت ولا حصة
ما لم تقبض ولا يجوز من ذلك شئ ويرد الدراهم ويكون الطعام على حاله عليه إلا أن
يكون إنما افترقا الشئ القريب ثم أتاه فنقده مثل أن يكون ذهب إلى البيت فأتاه
ببقية الثمن فدفعه إليه فلا بأس بذلك لأني سألت مالكا عن الرجل يكون له على
الرجل الدين الذهب والورق فيعطيه بها طعاما بعينه في حانوته ويؤخره إلى الغد
بكيله ويأتيه بدواب (قال) قال مالك لا بأس به فكذلك هذا إن كان يذهب به إلى
البيت فينقده أو إلى السوق أو ما أشبه ذلك فلا بأس به
(في الرجل يكون له على الرجل أردب حنطة وعشرة)
(دراهم فيصالحه على أحد عشر درهما)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل أردبا من حنطة وعشرة دراهم فصالحته من ذلك
على أحد عشر درهما أيجوز هذا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا
أرى به بأسا إذا كان الطعام قرضا فإن كان الطعام من بيع فلا يحل
(في الرجل يكون له على الرجل مائة درهم مائة دينار)
(فيصالحه من ذلك على مائة دينار ودرهم)
(قلت) أرأيت لو أن على رجل مائة دينار ومائة درهم حالة فصالحته من ذلك على
382

مائة دينار ودرهم أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم (قلت) ولم أجازه وهو لا يجيز
مائة دينار ومائة درهم (قال) لان الذي له المائة دينار والمائة درهم إذا قال للذي عليه
الدين أعطني مائة دينار ودرهما فذلك جائز لأنه أخذ مائة دينار كانت عليه وأخذ
درهما من المائة درهم التي كانت له عليه ويترك التسعة وتسعين درهما فمسألتك في الدين
إنما هو قضاء وهضيمة ومسألتك فيه إذا كانت مبايعة الرقة كلها حاضر (3) فإنما هو
صرف وإنما هو بيع فلا يصلح أن يبيعه الذهب بالذهب الا مثلا بمثل وقد وصفت لك
ذلك في قول مالك إذا اجتمع الصرف في الصفقة الواحدة ذهب وفضة بذهب وفضة
فلا يجوز ذلك (قلت) فلا يجوز في الصرف في صفقة واحدة أن يكون ذهب وفضة
من عند أحدهما ومن عند الآخر ذهب وفضة أيضا الذهبان سواء والفضتان سواء
(قال) نعم لا يجوز هذا في قول مالك لان النبي صلى الله عليه وسلم قال الذهب
بالذهب مثلا بمثل فهذا إذا كان ذهبا وفضة بذهب وفضة فليس هذا ذهبا بذهب لان
معه ها هنا فضة فللذهب حصة من الفضة والذهب وللفضة حصة من الذهب والفضة
فلا يجوز هذا وفي الدين في مسألتك إنما هو قضاء وحظ فلا بأس بذلك (قلت) وسواء
ان كانت هذه المائة دينار والمائة درهم بالمائة دينار والمائة درهم مصارفة يعنى مراطلة
أو عددا فلا يجوز ذلك (قال) نعم
(في الرجل يدعى قبل الرجل الدنانير فيصالحه على مائة درهم فينقد)
(خمسين درهما ثم يفترقان قبل أن يقبض الخمسين الأخرى)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا ادعى قبل رجل عشرة دنانير فصالحه على مائة درهم
فنقده خمسين درهما ثم افترقا قبل أن ينقده الخمسين الأخرى أو صرف رجل من
رجل عشرة دنانير بمائة درهم فنقده الخمسين وقبض العشرة دنانير ولم ينقده الخمسين
الدرهم ثم افترقا أتفسد الصفقة كلها أم تجيز حصة النقد وتبطل حصة ما تأخر من
النقد في قول مالك (قال) سألت مالكا عن رجل ابتاع من رجل طعاما بمائة دينار
إلى أجل فنقده خمسين دينارا وأخر الخمسين دينارا إلى محل أجل الطعام يقبضه إياها
383

ويستوفي الطعام (قال) مالك الصفقة كلها منتقضة ولا بيع بينهما والصرف أيضا إذا
وجبت الصفقة فهي منتقضة ولا يشبه الذي يصارفه ثم يصيب بعضها زيوفا لأنه إذا
أصاب بعضها زيوفا إنما يرد من الصفقة حصة ما وجد من الزيوف وإن كان درهما
واحدا انتقض صرف دينار واحد وإن كان درهمين انتقض من صرف دينار واحد
حتى يتم صرف دينار فما زاد على ذلك تبنى وهذا كله قول مالك وكذلك الصلح
حرام لا يحل
(في الرجل يصالح غريمه من دين له عليه لا يدرى كم هو)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل دراهم نسينا جميعا وزنها فلا ندري كم هي كيف
نصنع في قول مالك (قال) يصطلحان على ما أحبا من ذهب أو ورق أو عرض ويتحالان
لان مغمزة في الذهب والورق والعروض سواء لأنه في الدراهم يخاف أن يعطيه أقل
من حقه أو أكثر وكذلك الذهب والعروض ولا ينبغي له أن يؤخره بشئ مما
صالحه عليه من الأشياء كلها من ذهب أو ورق أو عرض من العروض فان أخره
دخله الخطر والدين بالدين
(في الرجل يدعى قبل رجل حقا فيصالحه على ثوب على أن يصبغه أو على)
(عبد على أنه بالخيار ثلاثة أيام أو أربعة)
(قلت) أرأيت لو أنى ادعيت على رجل فصالحني بثوب على أن يدفعه إلى
وشرطت عليه صبغه (قال) هذا يدخله الدين بالدين لان الصبغ الذي اشترط ليس
بعاجل (قلت) فتفسخ الصفقة كلها في قول مالك (قال) نعم وهو قول مالك في البيوع
لان مالكا قال من كان له على رجل دين فلا يفسخه الا في شئ يقبضه ولا يؤخره
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل حقا فصالحته على عبد على أنى بالخيار ثلاثة أيام
أو أربعة (قال) قال مالك من كان له على رجل دين فأخذ منه به عبدا على أنه بالخيار
لم يصلح ذلك ولا يصلح أن يفسخ دينه الا في شئ يتعجله فلا يكون فيه تأخير فهذا
384

يدلك على الصلح
(في الرجل يكون له على الرجل ألف درهم فيقول إن أعطاني مائة)
(إلى محل الاجل فالتسعمائة له والا فالألف له لازمة)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل ألف درهم قد حلت فقلت اشهدوا ان أعطاني
مائة درهم عند رأس الشهر فالتسعمائة درهم له وإن لم يعطني فالألف كلها عليه (قال)
قال مالك لا بأس بهذا وان أعطاه رأس الهلال فهو كما قال وتوضع عنه التسعمائة فإن لم يعطه رأس الهلال فالمال كله عليه
(في الرجل يكون له على الرجل مائة دينار ومائة درهم حالة فصالحه من)
(ذلك على مائة درهم وعشرة دراهم فعجل المائة وأخر العشرة)
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل مائة دينار ومائة درهم حالة فصالحته من ذلك
على مائة دينار ودرهم نقدا (قال) لا بأس ذلك (قلت) أرأيت لو أن لي على
رجل مائة دينار ومائة درهم حالة فصالحته من ذلك على مائة درهم وعشرة دراهم على
أن يعجل لي العشرة دراهم وأؤخر عنه المائة درهم إلى أجل أيجوز هذا في قول مالك
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وهذا لا يجوز (قلت) لم لا يجوز هذا وتكون
المائة دينار بالعشرة دراهم وتكون المائة درهم كأنه أخرها عنه وقد جوزت لي هذه
المسألة الأولى (قال) لا تشبه هذه المسألة الأولى (قلت) لم (قال) لان المسألة
الأولى إنما أخذ حقه وذلك مائة دينار وأخذ من المائة درهم درهما وترك تسعة
وتسعين فهذا إنما صالح بما أخذ وبما أخر عن جميع ما كان له فجرى مأخذ وما أخر في
جميع ما كان له عليه فصار للعشرة الدراهم حصة من الدنانير ومن الدراهم وصار لما
أخذ من المائة درهم حصة من الدراهم ومن الدنانير التي ترك فلا يجوز هذا ويدخله
385

بيع وسلف (قلت) ولم لا يكون هذا قد جرى في
المسألة الأولى كما جرى في هذه المسألة
(قال) لم يجر في مسألتك تلك
(وجرى في هذه
(تم كتاب الصلح والحمد لله رب العالمين وصلى الله)
(على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب تضمين الصناع)
386

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب تضمين الصناع)
(القضاء في تضمين الحائك)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أن دفعت إلى حائك غزلا ينسجه لي سبعا في ثمان
فنسجه لي ستا في سبع فأردت أن آخذه أيكون ذلك لي قول مالك (قال) نعم
(قلت) ويكون للحائك أجره كله (قال) نعم يكون للحائك أجره كله (قال
سحنون) وقال لي غيره يكون له من الاجر بحساب ما عمل (قلت) فان أردت أن لا
آخذه منه وأضمن الحائك (قال) ذلك لك (قلت) أفأضمنه قيمة الغزل أو غزلا مثله
(قال عليه قيمة الغزل (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا أحفظه عن مالك الساعة
(قلت) أرأيت أن استهلكت لرجل غزلا أيكون على قيمته أو مثله في قول مالك (قال)
قال مالك من استهلك لرجل ثوبا فعليه فأرى في الغزل عليه قيمه ولا يكون
عليه مثله (وقد قال غيره) الغزل أصله الوزن ومن تعدى على وزن فعليه مثله
(ما جاء في تضمين الصناع)
(قلت) أرأيت أن دفعت إلى قصار ثوبا ليغسله لي فغسله أو دفعت إلى خياط
ثوبا ليخيطه لي ففعل ثم ضاع بعدما فرغ من العمل فأردت أن أضمنه في قول مالك
كيف أضمنه أقيمته يوم قبضه منى أدم أدفع إليه أجره وأضمنه قيمته بعد ما فرغ منه
387

(قال) سألت مالكا أو سمعت مالكا يسئل عن الرجل يدفع إلى القصار الثوب
فخرج من عمله وقد أحرقه أو أفسده ماذا عليه (قال) قيمته يوم دفعه إلى ولا ينظر
إلى ما ابتاعه صاحبه به غاليا كان أو رخيصا (قلت) أرأيت أن قلت أنا أضمنه
قيمته مقصورا وأودى إليه الكراء (قال) ليس لك أن تضمنه الا قيمته بوم دفعته إليه
أبيض (قال) وسألنا مالكا عن الخياطين إذا أفسدوا ما دفع إليهم (قال) عليهم
قيمة الثياب يوم قبضوها (قلت) أريت ان فرغ الخياط أو الصانع من عمل ما في
يديه ثم دعا صاحب المتاع فقال خذ متاعك فلم يأت صاحب المتاع حتى ضاع المتاع
عند الصانع (قال) هو ضامن على حاله (قلت) أرأيت أن دفعت إلى قصار ثوبا
ليقصره فقصره فضاع بعد القصارة فأردت أن أضمنه قيمة ثوبي كيف أضمنه
في قول مالك (قال) قال مالك تضمنه قيمته يوم دفعته إليه (قلت) ولا يكون
له أن يضمنه قيمته مقصورا أو يغرم له كراء قصارته في قول مالك (قال) لا
(قلت) أرأيت أن استأجرت خياطا يقطع لي قميصا ويخيطه فأفسده (قال) قال
مالك إذا كان الفساد يسيرا فعليه قيمة ما أفسد وإن كان الفساد كثيرا ضمن قيمة
الثياب وكانت الثياب للخياط (قال ابن وهب) وقال لي مالك إنما ضمن الصناع
ما دفع إليهم مما يستعملون على وجه الحاجة إلى أعمالهم وليس ذلك على وجه الاختيار
لهم والأمانة ولو كان ذلك إلى أمانتهم لهلكت أموال الناس وضاعت قبلهم واجترؤا
على أخذها وان تركوها لم يجدوا مستعتبا ولم يجدوا غيرهم ولا أحدا يعمل لهم
تلك الأعمال غيرهم فضمنوا ذلك لمصلحة الناس. ومما يشبه ذلك من منفعة العامة
ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبع حاضر لباد ولا تلقوا السلع حتى يهبط
بها إلى الأسواق فلما رأى أن ذلك يصلح العامة أمر فيه بذلك (ابن وهب) عن
طلحة بن أبي سعيد أن بكير بن الأشج حدثه أن عمر بن الخطاب كان يضمن الصناع
الذين في الأسواق وانتصبوا للناس ما دفع إليهم (قال) وأخبرني رجال من أهل
العلم عن عطاء بن يسار ويحيى بن سعيد وربيعة وابن شهاب وشريح مثله وقال يحيى
388

ما زال الخلفاء يضمنون الصناع (ابن وهب) وأخبرني الحارث بن نبهان عن محمد بن
عبد الله بن علي بن الأقمر أن شريحا ضمن صانعا احترق بيته ثوبا دفع إليه (قال الحرث)
(ابن نبهان وأخبرني عطاء بن السائب قال كان شريح يضمن القصار والخياط
(في تضمين الصناع ما أفسد أجراؤهم)
(قلت) أرأيت القصار إذا أفسد أجيره شيئا أيكون على الأجير شئ أم لا (قال)
لا شئ على الأجير فيما أوتى على يديه إلا أن يكون ضيع أو فرط أو تعدى (قلت)
ويكون ضمان ذلك الفساد على القصار لرب الثوب (قال) (قلت) وهذا قول
مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وهو رأيي
(في تضمين الخباز إذا احترق الخبز)
(قلت) أرأيت الخباز الذي يخبز بالأجر للناس في الفرن أو التنور فاحترق الخبز
أيضمن أم لا (قال) سألنا مالكا عن الخبازين في الأفران أيضمنون أم لا (قال) قال
مالك لا ضمان عليهم إلا أن يكونوا غروا من أنفسهم إذا لم يحسنوا الخبز فاحترق
فيضمنوا أو فرط فلم يخرج الخبز حتى احترق فهذا يضمن وأما إذا لم يغر ولم يخر من
نفسه فلا ضمان عليه (قال مالك) لان النار تغلب وليست النار كغيرها
(الصباغ يخطئ فيصبغ الثوب غير ما أمر به)
(قلت) أرأيت الرجل يدفع إلى الصباغ الثوب فيخطئ به فيصبغه غير الصبغ
الذي أمر به (قال) صاحب الثوب مخير فان أحب أعطاه قيمة الصبغ وان أحب
ضمنه إياه قيمته يوم دفعه إليه
(القصار يخطئ بثوب رجل فيدفعه إلى آخر فيقطعه)
(المدفوع إليه ويخيطه ولا يعلم فيريد صاحبه أن يأخذه)
(قلت) أرأيت أن دفعت إلى قصار ثوبا ليقصره فأخطأ فدفعه إلى غيري بعد ما
389

قصره فقطعه الذي أخذه قميصا فخاطه ثم علمنا بذلك وقد كان دفع إلي ثوبا غيره
فأردت أن أرد إليه الثوب وآخذ ثوبي (قال) ذلك لك (قلت) فإن كان قد خاطه
الذي قطعه قميصا (قال) نعم وإن كان قد خاطه (قلت) فان أراد أن لا يأخذ ثوبه
وأن يضمنه القصار (قال) ذلك له عند مالك (قلت) فان أراد أن يضمن الذي
قطعه قميصا أيكون ذلك له (قال) لا ولا يأخذه أيضا من الذي قطعه ان أراد أخذه
حتى يدفع إلى الذي قطعه أجر خياطته (قال) وقال مالك في رجل اشترى ثوبا
فأخطأ فأعطاه ثوبا غيره فقطعه وخاطه (قال) ان أحب أن يأخذ ثوبه لم يكن له ذلك
حتى يدفع إلى هذا خياطته (قلت) لم لا تجعل على القصار ها هنا شيئا إذا رضى
رب الثوب أن يأخذ ثوبه ويدفع الخياطة (قال) لان رب الثوب إذا أخذ ثوبه لم
يكن له على القصار شئ (قلت) ولم جعلت للذي قطعه ثمن خياطته وقد قلت في
الذي يغصب الثوب من الرجل فيقطعه فيخيطه قميصا ان المغصوب ان أحب أخذ
قميصه ولا يكون للغاصب من الخياطة قليل ولا كثير (قال) لان الغاصب متعد
ولان هذا إنما دفع إليه الثوب ولم يتعد (قلت) أرأيت أن كان القطع والخياطة
قد نقصا الثوب فقال رب الثوب أنا آخذ الثوب وما نقصه القطع والخياطة أيكون
ذلك له أم لا (قال) لا يكون ذلك له وليس له أن يأخذه إذا كان مخيطا إلا أن
يدفع أجر الخياطة إلى الذي قطع الثوب وخاطه
(الرجل يشترى الثوب فيخطئ البائع فيعطيه غير ثوبه)
(فيقطعه ويخيطه وهو لا يعلم)
(قلت) أرأيت أن اشتريت من رجل ثوبا فأخطأ فأعطاني غير الثوب فقطعته
قميصا فلم أخطه فأراد رب الثوب أن يأخذه مقطوعا (قال) ذلك له وليس القطع
بزيادة من الذي قطعه ولا نقصان (قلت) فان خاطه (قال) إذا خاطه لم يكن لرب
الثوب أن يأخذه إلا أن يدفع قيمة الخياطة لان هذا الذي قطعة لم يأخذه متعديا
390

(الخياط والصراف يغران من أنفسهما)
(قلت) أرأيت أن جئت بزاز لاشتري منه ثوبا فدعوت خياطا فقلت له انظر
هذا الثوب إن كان يقطع قميصا اشتريته فقال لي الخياط هو يقطع قميصا فاشتريته ثم
نظرنا فإذا هو لا يقطع قميصا أيكون لي على الخياط شئ أم لا (قال) قال مالك لا شئ
على الخياط ولا شئ للمشترى على البائع ويلزم الثوب المشترى ولا يرجع على البائع
ولا على الخياط بقليل ولا كثير (قال ابن القاسم) وكذلك الصيرفي يأتيه الرجل
فيريه الدراهم فيقول هي جياد ولا بصر له بها فتوجه على غير ذلك فلا ضمان عليه
ويعاقب إذا غر من نفسه وكذلك الخياط أيضا إن كان غر من نفسه عوقب
(ترك تضمين الصناع ما يتلف في أيديهم إذا أقاموا عليه البينة)
(قلت) أرأيت الصناع في السوق الخياطين والقصارين والصواغين إذا ضاع
ما أخذوا للناس يعملونه بالأجر وأقاموا البينة على ضياعه أيكون عليهم ضمان أم لا
(قال) قال مالك إذا قامت لهم البينة بذلك فلا ضمان عليهم وهو بمنزلة الرهن (قلت)
أرأيت القصار إذا قرض الفار الثوب عنده أيضمن أم لا (قال) قال مالك يضمن
القصار إلا أن يأتي أمر من أمر الله تقوم له عليه بينة فالقصار لا يضمن إذا جاء أمر من
أمر الله تقوم له عليه بينة والفار من يعلم أنه قرضه فهو على القصار إلا أن تقوم للقصار بينة
أن الفار قرضه بمعرفة تعرف أنه قرض الفار من غير أن يكون صنيع الثياب حتى
قرضه الفار (قال) فان قامت له البينة بحال ما وصفت لك فلا يكون عليه ضمان
(قلت) أرأيت أن جفف القصار ثوبا علي جبل له مثل هذه الحبال التي يربطون
على الطريق فمر رجل بحمل له فخرق الثوب أيضمن أم لا (قال) قال مالك يضمن ما خرق
(قلت) فإن لم يوجد عند الذي خرق الثوب شئ أيضمن القصار أم لا (قال)
لا ضمان على القصار لان هذا قد علم أنه من غير فعل القصار (قلت) ولم ضمنت
الذي خرقه وإنما مر بحمله في طريق المسلمين والقصار هو الذي نشر ثوبه في طريق
391

المسلمين (قال) هو وإن كان نشره في طريق المسلمين لم يكن لهذا المار أن يخرقه
فلما خرقه ولم يكن له أن يخرقه ضمنته (قال) وهو رأيي مثل ما وصفت لك من
الأحمال إذا اصطدمت في طريق المسلمين فالقصار له أن ينشر الثياب (قلت)
وكذلك لو وضع رجل في طريق المسلمين قلالا فمر الناس فعثروا فيها فانكسرت
أيضمنونها (قال) نعم وكذلك لو أن رجلا أوقف دابته عليها حمل في طريق المسلمين
فأتى رجل فصامها فكسر ما عليها أو قتلها كان عليه ضمان ذلك (قلت) أرأيت
الصناع ما أصاب المتاع عندهم من أمر الله مثل التلف والحريق والسرقة وما
أشبهه فأقاموا على ذلك البينة (قال مالك) لا ضمان عليهم إذا قامت لهم على ذلك بينة ولم
يفرطوا (قلت) أرأيت أن استأجرت خياطا يخيط لي قميصا فلم أدفعه إليه في حانوته
وأمرته أن يخيطه عندي في بيتي فضاع (قال) قال مالك لا ضمان على الخياط إذا لم
يسلم الثوب إلى الخياط (قال مالك) وكذلك الصناع كلهم إذا استعملتهم في بيتك
فضاع فلا ضمان عليهم إلا أن يكونوا تعدوا (قلت) وكذلك لو اكتريت على
حنطة لي فكنت مع الحنطة فضاعت (قال) قال مالك لا ضمان على الحمال لان رب
الطعام لم يسلمه إلي الحمال إذا كان معه
(القضاء في دعوى الصناع)
(قلت) أرأيت أن دفعت إلي صباغ ثوبا ليصبغه لي فقلت إنما أمرتك أن تصبغه أخضر
وقال الصباغ إنما أمرتني بأسود أو بأحمر وقد صبغته كذلك (قال) قال مالك القول
قول الصباغ إلا أن يأتي من ذلك بأمر لا يشبه (قلت) وأي شئ معنى قوله لا
يشبه (قال) يصبغ الثوب بما لا يشبه أن يكون صبغ ذلك الثوب (قلت) أرأيت أن
دفعت إلى صائغ فضة لي ليصوغها فصاغها لي سوارين فقلت إنما أمرتك بخلخالين
(قال) قال مالك القول قول الصائغ (قلت) أرأيت الصباغين والخياطين والحدادين
والعمال كلهم في الأسواق إذا أخذوا السلع يعلمونها للناس بالأجر أو بغير الاجر إذا قالوا
لا رباب السلع قد رددناها عليكم أيصدقون في ذلك أم لا وكيف إن كان أرباب السلع
392

دفعوا ذلك ببينة أو بغير بينة (قال) قال مالك عليهم أن يقيموا البينة أنهم ردوا السلع
إلي أربابها والا غرموا ما دفع إليهم ببينة أو بغير بينة إذا أقروا بها وعملوا بالأجر أو
بغير الاجل وهو واحد عندنا لان مالكا قال من استعمل من العمال كلهم من الخياطين
والصواغين وغيرهم على شئ فعملوه بغير أجر فزعم أنه قد هلك غرمه وضمنه ولم
ينفعه أنه عمله بغير أجر ولا يبرئه ذلك وكان بمنزلة من استؤجر عليه (قلت)
وسواء ان كانوا قبضوا ذلك ببينة أو بغير بينة (قال) نعم وما سألنا مالكا عنه بغير بينة
(دعوى المتبايعين)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا اشترى سلعة فاختلف البائع والمبتاع في الثمن والسلعة
قائمة بعينها قد قبضها المشترى وغاب عليها أو لم يقبضها (قال) قال مالك إن كان لم يقبضها
حلف البائع ما باع الا بكذا وكذا ثم كان المشترى بالخيار ان شاء أن يأخذها بما قال
البائع أخذها والا حلف ثم تراد البيع وإن كان قد قبضها وغاب عليها رأيت أن
كانت السلعة لم تبع ولم تعتق ولم تفت ولم توهب ولم يتصدق بها ولم يدخلها ماء ولا
نقصان ولا اختلاف من الأسواق تحالفا وكانت بمنزلة من لم يقبضها وإن كان دخلها
شئ مما وصفت لك نماء أو نقصان أو اختلاف من الأسواق أو كتابة أو بيع أو شئ
مما وصفت لك كان القول قول المبتاع عليه اليمين إلا أن يأتي بما لا ينسبه من الثمن
(قال) ورددتها على مالك مرة بعد مرة فقال هذا القول وثبت عليه ولم يختلف فيه
قوله (قلت) أرأيت أن مات البائع أو المبتاع أيكون ورثتهما مكانهما إذا كانت السلعة
قائمة بعينها (قال) ان كانت السلعة لم تفت بحال ما وصفت لك من وجه الفوت واختلفا
في الثمن وادعى كل واحد منهما أن الثمن كذا وكذا تحالفا وتراد السلعة وان فاتت
بما وصفت لك فالقول قول ورثة المبتاع إذا ادعوا معرفة ما اشتراها به صاحبهم وان
تجاهل ورثة البائع وورثة المبتاع وتصادقوا في البيع وقالوا لا نعرف بما باعها البائع ولا
بما اشتراها المشترى وقال ذلك ورثة البائع أحلف ورثة المبتاع أنهم لا يعلمون بما
اشتراها به أبوهم ثم ردت فان فاتت بما ذكرت لك من وجه الفوت لزمت ورثة المشترى
393

في مال المشترى بقيمتها قال فان جهل ورثد البائع الثمن وادعى ورثة المشترى معرفة الثمن
أو جهل ورثة المشترى الثمن وادعى ورثة البائع معرفة الثمن أحلف من ادعى المعرفة
منهم إذا جاء بأمر سداد يشبه أن يكون ثمن السلعة فيكون القول قوله مع يمينه وهو
رأيي (قلت) أرأيت أن اشتريت ثوبا فقطعته قميصا فلم يخطه الخياط حتى اختلفت
أنا والبائع في الثمن القول قول من في قول مالك (قال) قال مالك إذا كانت تلك السلعة
على حالها لم تفت بنماء ولا نقصان فالقول قول البائع فان فاتت بنماء أو نقصان فالقول
قول المبتاع والقطع نقصان بين والقول إذا قطعه عند مالك قول المشترى ولم يقل لي
مالك ذلك في ثوب ولا حمال ولكنه جمعه لي فقال إذا كانت سلعة دخلها نماء أو
نقصان فاختلفا فالقول قول المشترى (قلت) أرأيت أن اشتريت سلعة من رجل
إلى أجل فاختلفنا في الاجل وتصادقنا في الثمن فقال البائع بعتك إلى شهر وقال المشترى
اشتريت منك إلى شهرين (قال) ان كانت السلعة قائمة لم تفت تحالفا وترادا وان كانت
قد فاتت فالقول قول المبتاع مع يمينه وهذا قول مالك (قلت) وكذلك أن قال
البائع بعتك هذه السلعة حالة وقال المشترى بل اشتريتها منك إلى شهرين (قال) ان
كانت السلعة بيد صاحبها ولم تفت من يد المشترى بشئ مما وصفت لك تحالفا وردت
وإن كان قد دفعها البائع إلى المشترى وفاتت في يديه فالمشترى مدع لان البائع لم يقر له
بالأجل وإنما اختلفت هذه والتي قبلها لان البائع قد أقر بالأجل في التي قبلها وهذه
لم يقر فيها بأجل فالمشترى مدع والبائع كان أولا مدعيا لأجل قد حل (قال) وبلغني
عن مالك أنه قال اختلاف الاجل إذا فاتت السلع بمنزلة اختلافهم في الثمن. وقد
رواه ابن وهب وغيره من الرواة عن مالك أنهما إذا اختلفا في الاجل فقال هو إلى
أجل شهر وقال المشترى إلى أجل شهرين أو قال البائع حال وقال المشترى إلى أجل
ان ذلك سواء إن لم يقبضها المبتاع فالقول قول البائع ويحلف والمبتاع بالخيار فإن كان قد قبضها المبتاع فالقول قول المبتاع مع يمينه إذا ادعى ما يشبه (قلت) أرأيت
ان تصادق المشترى والبائع أنه إنما اشترى السلعة منه إلى سنة فقال البائع قد مضت السنة
394

وقال المشترى لم تمض السنة بعد وقد بقي منها شهران أو أربعة أو بقي نصف السنة
(قال) فالقول قول المبتاع مع يمينه وذلك أنى سألت مالكا عن الرجل يؤاجر نفسه
من الرجل سنة فيقول الأجير بعد أن يعمل ما شاء الله قد أوفيتك السنة ويقول
المستأجر قد بقي لي نصف السنة (قال) إن لم تقم للأجير بينة أنه قد أتم السنة عمل بقية
السنة وكان على المستأجر اليمين انه ما أوفاه السنة (قلت) لمالك فالرجل يستأجر
الدار سنة فيسكنها أشهرا فيقول المتكارى لم أسكنها سنة ويقول المكرى قد سكنت
سنة (قال) فالقول قول المتكارى مع يمينه إلا أن يكون للمكري بينة انه قد سكن
سنة فمسألتك إذا أقر البائع بالأجل وادعى البائع أنه قد حل فهو مدع على المشتري
فالقول قول المشترى وعليه اليمين (قلت) أرأيت لو أن القاضي دفع مالا إلى رجل
وأمره أن يدفعه إلى فلان فقال المبعوث معه المال قد دفعت المال إلى الذي أمرني به
القاضي وأنكر الذي أمر القاضي أن يدفع إليه أن يكون قد قبض المال (قال) أرى
أنه ضامن إلا أن يقيم البينة (قال سحنون) وقد قال الله تبارك وتعالى في والى اليتيم
فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم فإذا ترك المأمور أن يتوثق فقد لزمه الضمان كما
لزم والى اليتيم
(في الرجل يريد أن يفتح في جداره كوة أو بابا)
(قلت) أرأيت الرجل يريد أن يفتح في جداره كوة أو باب يشرف منهما على جاره
فيضر ذلك بجاره والذي فتح إنما فتحه في حائط نفسه أيمنع من ذلك في قول مالك
(قال) بلغني عن مالك أنه قال ليس له أن يحدث على جاره ما يضره وإن كان الذي
يحدث في ملكه (قلت) أرأيت أن كان له على جاريه كوة قديمة أو باب قديم
ليس له فيه منفعة وفيه مضرة على جارة أيجيره على أن يغلق ذلك عن جاره (قال)
لا يجبره على ذلك لأنه أمر لم يحدثه عليه (قلت) فإن كان ليس له في منفعة
وفى ذلك ضرر على جاره وذلك شئ قديم (قال) فلا أعرض له ولم أسمعه من مالك
ولكنه رأيي
395

(النفقة على اليتيم والملقوط)
(قلت) أرأيت أن كفل يتيما فجعل ينفق عليه ولليتيم مال أله أن يرجع فيما أنفق
على اليتيم في مال اليتيم (قال) نعم (قلت) أشهد أو لم يشهد (قال) نعم إذا قال إنما
كنت أنفق على اليتيم على أن أرجع عليه به في ماله (قلت) وهذا قول مالك (قال)
نعم (قلت) أرأيت أن التقط رجل لقيطا فرفعه إلى السلطان فأمره السلطان أن
ينفق عليه (قال) قال مالك اللقيط إنما ينفق عليه على وجه الحسبة وإنما ينفق
عليه من احتسب عليه (قلت) فإن لم يجد السلطان من يحتسب عليه (قال)
أرى نفقته من بيت مال المسلمين لان عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه قال نفقته
علينا واللقيط لا يتبع بشئ مما أنفق عليه (قال مالك) وكذلك اليتامى الذين لا مال
لهم * وان قال الذين يلون اليتامى في حجورهم نحن نسلفهم حتى يبلغوا فان أفادوا
مالا أخذناه منهم والا فهم في حل (قال مالك) قولهم ذلك باطل لا يتبع اليتامى
بشئ من ذلك إلا أن تكون لهم أموال عروض فيسلفونهم على تلك العروض حتى
يبيعوا تلك العروض فذلك لهم وان قصر ذلك المال عما أسلفوا اليتامى فلس لهم أن
يتبعوهم بشئ واللقيط بهذه المنزلة أيضا (قلت) أرأيت أن التقطت لقيطا فأنفقت
عليه فأنى رجل فأقام البينة أنه ابنه أيكون لي أن أتبعه بما أنفقت عليه (قال) نعم
إذا كان الأب موسرا يوم أنفق هذا الرجل على اللقيط لان نفقته كانت لازمة لا بيه
إن كان أبوه الذي طرحه متعمدا وإن لم يكن هو طرحه فلا شئ عليه (قلت)
أرأيت لو كان ضالا فوقع عند رجل فأنفق عليه (قال) سئل مالك عن رجل ضل
منه ابنه وهو صغير ممن تلزمه نفقته فأخذه رجل فأنفق عليه ثم إن أباه قدر عليه
فأراد الذي كان عنده أن يتبعه بما أنفق عليه (قال مالك) لا أرى ذلك ولا يتبع بشئ
مما أنفق عليه فاللقيط عندي بمنزلته لان المنفق إنما أنفق عليه على وجه الحسبة فلذلك
لم أر له شيئا (قلت) وكذلك لو أن رجلا غاب عن أولاد له صغار فأنفق عليهم
رجل من غير أن يأمره والدهم بالنفقة عليهم والوالد يوم أنفق هذا الرجل على ولده
396

كان موسرا فقدم الوالد أيكون لهذا الرجل أن يتبعه بما أنفق على ولده (قال) نعم
لان مالكا قال في الرجل يغيب على امرأته فتنفق ثم يقدم زوجها فتريد أن تتبعه بما
أنفقت قال مالك إن كان موسرا يوم أنفقت في غيبته كان لها أن تتبعه والا لم يكن
لها أن تتبعه (قال) ولان مالكا قال تلزمه نفقة ولده إن كان موسرا والا فهم من فقراء
المسلمين ولا يكلف بشئ لا يقدر عليه من نفقتهم وعلى هذا رأيت ذلك في الولد
(قال) وقال مالك في الصبي إذا أنفق عليه رجل فأراد أن يتبع الصبي بذلك لم أر له
ذلك إلا أن يكون للصبي مال يوم أنفق عليه فيكون له أن يتبع مال الصبي بما أنفق على
الصبي (قلت) ومن هؤلاء الصبيان الذين جعل مالك النفقة عليهم على وجه الحسبة
إذا لم يكن لهم مال (قال) اليتامى (قلت) أرأيت أن أنفق على صبي له والد بغير أمره
أيلزم الوالد ما أنفق عليه أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا ما أخبرتك
(قال ابن القاسم) إلا أنى أرى إن كان أمرا يلزمه السلطان إياه فانى أرى أن ذلك
يلزمه مثل الرجل يغيب وهو موسر فيضيع ولده فيأمر السلطان رجلا بالنفقة على
ولده أو ينفق هو عليهم بغير أمر السلطان على وجه السلف له وكان الولد صغارا يلزم
الوالد النفقة عليهم فأرى ذلك عليه إذا كان منه على وجه السلف وحلف على ذلك
وكانت له البينة في نفقته عليهم وإن كان الأب معسرا لم يلزمه من ذلك شئ وان
أيسر فمات بعد ذلك لم يتبع بما أنفق على ولده إذا كان الأب يوم أنفق عليهم معسرا
(قال) لان مالكا قال إذا كان الوالد معسرا لم تلزمه نفقة ولده وإن كان موسرا لزمته
نفقة ولده فأرى هذا الذي أنفق على هذا الصبي الذي له والد أنه إن كان الوالد
موسرا لزم الوالد ما أنفق هذا على ولده إذا كان إنما أنفق عليهم على نحو ما وصفت
لك وإن لم يكن الوالد موسرا فلا أرى ذلك يلزمه لان الوالد في هذا الموضع إذا كان
موسرا إنما هو بمنزلة مال الصبي فالذي يلزم الصبي يلزم الوالد إذا كان موسرا
(القضاء في الملقوط)
(قلت) أرأيت لو أنى التقطت لقيطا فكابرني عليه رجل فنزعه منى فرفعته إلى
397

القاضي أيرده على (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن ينظر في ذلك
الامام فإن كان الذي التقطه قويا علي مؤنته وكفالته رده إليه وإن كان الذي نزعه منه
مأمونا وهو أقوى على أمر الصبي نصر السلطان للصبي على قدر ما يرى (قلت)
أرأيت أن التقطت لقيطا في مدينة من مدائن المسلمين أو في قرية من قرى أهل
الشرك في أرض أو كنيسة أو في بيعة أو التقطوه وعليه زي الاسلام أو عليه زي
النصارى أو اليهودي أي شئ تجعله أنصرانيا أو يهوديا أو مسلما في قول مالك أو كيف
إن كان قد التقطه الذي التقطه في بعض هذه المواضع التي ذكرت لك مسلم أو
مشرك ما حاله في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأنا أرى إن كان
في قرى الاسلام ومدائنهم وحيث هم فأراه مسلما وإن كان في مدائن أهل الشرك
وأهل الذمة ومواضعهم فأراه مشركا ولا يعرض له وإن كان وجده في قرية فيها
مسلمون ونصارى نظر فإن كان إنما مع النصارى الاثنان والثلاثة من المسلمين وما
أشبه ذلك من المسلمين فهو للنصارى ولا يعرض له إلا أن يلتقطه مسلم فيجعله
على دينه
(في الرجل يهب للرجل لحم شاته ولآخر جلدها فغفل عنها حتى تنتج)
(قلت) أرأيت أن وهب رجل لرجل لحم شاته ولآخر جلدها فغفل عنها حتى
نتجت (قال) أرى أن لا يكون له الا قيمة جلد الأم أو شرواه ان أدركها قائمة وان
فاتت لم يكن له في الولد قليل ولا كثير
(في الرجل يهب لحم شاته لرجل ولآخر جلدها فيريد صاحب لحمها أن)
(يستحييها ويقول أدفع إليك قيمة الجلد ويأبى الآخر الا الذبح)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا وهب لرجل لحم شاته ووهب لآخر جلدها والشاة
حية فدفعها إليهما فقال صاحب الجلد أذبح الشاة وآخذ جلدها وقال صاحب اللحم
لا أذبحها ولكني أستحييها وأدفع إليك قيمة الجلد أو جلدا مثله (قال) سمعت
398

مالكا وسئل عن رجل باع بعيرا واستثنى جلده ثم استحياه الذي اشتراه قال
مالك يكون لصاحبه الذي باعه شروى جلده (قال) فقلت لمالك أو قيمته (قال)
أو قيمته كل ذلك حسن (قلت) أرأيت هذا الذي اشترى البعير ان امتنع من
نحره وللبائع فيه ثنيا الجلد أيكون ذلك له أو إنما هو إذا غفل عن البعير وكان
مريضا فبرأ من مرضه (قال) لم نوقف مالكا الا على ما أخبرتك جملة ولم يقل لنا
غفل أو لم يغفل فمسألتك التي سألت عنها مثل ذلك (قلت) فإن كانت ناقة فغفل
عنها حتى نتجت (قال) أرى له قيمة جلدها ولا شئ له من قيمة جلودها أولادها ولا
من شروى جلودهم ولا حق له فيهم
(الرجل يخلط له دينار في مائة دينار لرجل)
(قلت) أرأيت أن اختلط دينار لي بمائة دينار لك فضاع منها دينار (قال) سمعت
أن مالكا قال يكون شريكا له ان ضاع منها شئ فهما شريكان هذا يجزء وصاحب
المائة بمائة جزء من مائة جزء وجزء وكذلك بلغني عن مالك وأنا أرى لصاحب المائة
تسعة وتسعين دينارا ويقتسم صاحب المائة وصاحب الدينار الدينار الباقي نصفين لأنه
لا يشك أحد أن تسعة وتسعين منها لصاحب المائة فكيف يدخل صاحب الدينار فيما
يستيقن أنه لا شئ له فيه وكذلك بلغني عن عبد العزيز بن أبي سلمة
(في البازي ينفلت والنحل تخرج من جبح إلى جبح (1))
(قلت) أرأيت لو أن بازا لرجل انفلت منه فلم يقدر على أخذه بحضرة ذلك حتى
فات بنفسه ولحق بالوحش أكان مالك يقول هو لمن أخذه (قال) نعم (قلت)
فهل تحفظ عن مالك في النحل شيئا ان هي هربت من رجل فغابت من فورها ذلك
ولحقت بالجبال أتكون لمن أخذها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن ان

(1) (من جبح إلى جبح) ضبطه في اللسان تثليث الجيم وسكون الياء وهو المكان الذي
تعسل فيه النحل إذا كان غير مصنوع والجمع أجبح وأجباح وقيل هي مواضع النحل في الجبل وفيها
تعسل ا ه‍ ملخصا وقوله تعسل النحل مضارع عسل مضعف السين والنحل فاعله ا ه‍ كتبه مصححه
399

كان أصل النحل عند أهل المعرفة وحشية فهي بمنزلة ما وصفت لك من الوحش
في رأيي (قال) وقال مالك في النحل يخرج من جبح هذا إلى جبح هذا ومن جبح
هذا إلى جبح هذا (قال) ان علم ذلك واستطاعوا أن يردوها إلى صاحبها ردوها والا
فهي لمن ثبتت في اجباحه (قال مالك) وكذلك حمام الا برجة
(في الحكم بين أهل الذمة وتظالمهم في البيع والشراء)
(قلت) أرأيت أهل الذمة إذا اشتروا وباعوا فيما بينهم أيحكم عليهم بحكم المسلمين
فيما باعوا واشتروا ويلزمهم ذلك في قول مالك (قال) نعم لان البيع والشراء إذا امتنع
أحدهم من أن ينفذ ذلك فهذا من الظلم فيما بينهم والحكم أن يحكم فيما بينهم بهذا الا
ما كان من الربا وما أشبهه فإنه لا يحكم به فيما بينهم (قلت) أرأيت المسلم فيما بين
النصارى واليهودي أيحملون من ذلك على ما يحمل عليه أهل الاسلام من الجائز
والفاسد في قول مالك (قال) قال مالك لا أرى للحاكم أن يحكم بينهم فيه ولا يعرض
لهم فان ترافعوا إليه كان مخيرا ان شاء حكم وان حكم ترك (قال) وقال مالك وترك
ذلك أحب إلى وان حكم فليحكم بينهم بحكم الاسلام وذلك أن النبي صلى الله عليه
وسلم إنما حكم في الذين حكم فيهم بالرجم لأنهم لم يكن لهم ذمة يوم حكم بينهم (قال)
فلذلك رأيت ذلك لأنهم أهل ذمة
(في الرجل يقع له زيت في زق زنبق (1) لرجل)
(قلت) أرأيت لو أن رطلا لي من زيت وقع في زق زنبق لرجل (قال) يكون
لك عليه رطل من زيت فان أبى أخذت رطلك من الزيت الذي وقع في الزنبق من
الزنبق (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا
(اعتراف الدابة والعرض والعبد في يد الرجل)
(قلت) أرأيت ما ذكرت لي من قول مالك في الذي يشترى الدابة فتعترف في

(1) الزنبق بفتح الزاي مشددة وسكون النون دهن الياسمين ا ه‍ لسان
400

يديه فأراد أن يطلب حقها (قال) تخرج قيمتها فتوضع قيمتها على يدي عدل ثم يدفع
إليه الدابة فيطلب حقه (قلت) أرأيت أن ردت الدابة وقد حالت أسواقها أو تغيرت
بزيادة أو نقصان بين أيكون له أن يردها ويأخذ القيمة التي وضعها على يدي عدل
(قال) قال مالك ان أصابها نقصان فهو لها ضامن يريد بذلك مثل العور أو الكسر أو
العجف (قال) وأما حوالة الأسواق فله أن يردها عند مالك (قلت) أرأيت هذا
في الإماء والعبيد مثله في الدابة (قال) قال مالك نعم إلا أني سمعت مالكا يقول في
الأمة إن كان الرجل أمينا دفعت إليه الجارية والا فعليه أن يستأجر لها رجلا أمينا
يخرج بها (قال) قال مالك ويطبع في أعناقهم (قال) فقلنا لمالك ولم قلت يطبع في
أعناقهم (قال) لم يزل ذلك من أمر الناس (قلت) أرأيت أن كانت ثيابا أو عروضا
أيمكنه منها ويأخذ القيمة (قال) نعم في رأيي
(تم كتاب تضمين الصناع بحمد الله وعونه وصلى الله)
(على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الجعل والإجارة)
401

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب الجعل والإجارة)
(في البيع والإجارة معا)
(قال سحنون) (1) قال عبد الرحمن بن القاسم وقال مالك فيمن باع سلعة بثمن على

(1) وجد بالأصل هنا طيارة ونص ما فيها ممن باع سلعة بمائة على أن يتجر له المشترى في ثمنها سنة تقديره
أنه باع السلعة بمائة وبإجارته في المائة سنة فالذي ينبغي أن تحضر المائة اما بحضرة البائع أو بينة لتبرأ
ذمته ولا يصدق هو على اخراجها في أحد التأويلين قياسا على من له سلم فقال كله في غرائرك
وروى فيمن قلت له اشتر لي بالمال الذي عندك سلعة فقال اشتريت وضاعت ان القول قوله مع
يمينه واختلف فيمن قال اعمال لي بالدين الذي لي عليك قراضا فجاء بربح فقال ابن القاسم لا يجوز
لرب المال أخذه وخففه أشهب وينبغي أن يسمى النوع الذي يتجر فيه وليس عليه أن يبيع مما
اشتراه الا بقدر المائة ولا يجب عليه أن يسمى عدد ما يتجر فيه من المتاع لان التجر معروف ولا
يتجر في الربح ولو شرط التجر في الريح فسد البيع بخلاف رعي ولد الغنم لان ذلك معروف والأرباح
تختلف وإذا عمل ستة أشهر ثم مات والشهور متساوية نظر إلى قيمة اجارته سنة فان قيل خمسة
وعشرون كانت السلعة كأنها مبيعة بمائة وعرض يسوى خمسة وعشرين وفى المشتري نصفه وبقي
عليه نصفه فيبطل البيع في ذلك القدر من السلعة ولم يكن بذلك الجزء شريكا عند ابن القاسم
لضرر الشركة فوجب أن يرجع بقيمة ذلك الجزء من السلعة قائمة كانت أو فائتة وذلك عشر قيمة
السلعة وقيل يكون شريكا بذلك الجزء من السلعة ولو كانت قيمة تجره مائتين فمات قبل أن يعمل
لرد المائة وأخذ سلعته ان كانت لم تفت لان جل ما اشترى وهو التجر قد ذهب والمائة قائمة فوجب
ردها وأن يأخذ سلعة ولو عمل ههنا من التجر شيئا لغرم أيضا قيمة ذلك ورد المائة لان الجل
قد ذهب له من المبيع وسلعته قائمة فعليه رد قيمة الأقل الذي فات كمن اشترى عبدا بثوبين
ففات الأدنى عنده ووجد بالأرفع عيبا انه يرد الا رفع وقيمة الأدنى بالغا ما بلغ ويأخذ عبده إذا
لم يفت ولو باع ثوبين بمائة على أن يتجر له في ثمنها فاستحق أحد الثوبين وهما متكافئان أو كان
المستحق الأدنى لم ينقض البيع ووجب على المشترى أن يتجر في ثمن الباقي سنة ويقال للمشتري
لا ضرر عليك لان بقية منافعك تبقى لك تعمل فيها ما أردت وقد سلم لك جل صفقتك وكذلك
الجواب إذا وجد بأحدهما عيبا وفى كتاب محمد فيما استؤجر على حمله أو رعيه ان ذلك كالصفة
لما يحمل أو يرعى فجمع بين ما يحمل ويرعي وهو الصواب وهو مذهب سحنون وإنما يقع التعيين
فيما يستأجر لا فيما يستأجر عليه كالدابة والأجير فهذا تقع الإجارة على عينه ولا يجوز اشتراط
خلفه ان مات ا ه‍
402

أن يتجر له بثمنها سنة (قال) مالك إن كان اشتراط ان تلف المال أخلفه له البائع حتى يتم
عمله بها سنة وإلا فلا خير فيه وهذا يشبه الذي يستأجر الرجل ليرعى له غنمه هذه
بأعيانها سنة فهو إن لم يشترط أن ما مات منها فعلى رب الغنم أن يخلفها فلا خير في
هذه الإجارة فكذلك الدنانير التي باع بها سلعته واشترط على المشترى أن يعمل بها
سنة فكذلك هو لا يصلح إلا أن يشترط ان ضاعت الدنانير فعلى البائع أن يخلفها
حتى يتم السنة (قلت) أرأيت أن اشترط ان ضاعت الدنانير فعل البائع أن يخلفها
فضاعت الدنانير فقال البائع لا أريد أن أخلفها ولا أريد عملك (قال) يقال له اذهب
بسلام (قلت) وكذلك راعى الغنم بأعيانها إذا استأجره سنة يرعاها بأعانها وشرط
عليه ان ما ضاع منها أخلفه فهلك شئ ئ منها فقال رب الغنم لا أريد أن أخلفه (قال)
يقال له أوف الإجارة وأنت أعلم إن شئت فأخلفها وإن شئت لا تخلفها فلا يصلح له في
أصل الإجارة إلا أن يشترط عليه أن ما مات أخلفه وهذا قول مالك (قلت) ولم
أجاز هذا البيع مالك أن يبيعه بمائة دينار ويشترط أن يعمل بها سنة فان تلفت أخلفها
البائع فيعمل بها (قال) لان مالكا يجيز البيع والإجارة أن يجتمعا في سفقة واحدة
فإنما هذا بيع وإجارة باعه السلعة بمائة دينار ويعمل الرجل فيها سنة ألا ترى أنك لو
استأجرت رجلا يعمل لك بهذه المائة الدينار سنة أن ذلك جائز إذا اشترط عليه ان
ضاعت أخلفها فيعمل بها فان ضاعت فإن شئت فأخلفها وإن شئت فلا تخلفها والإجارة
قد لزمتك له تامة ولا تصلح الإجارة إلا أن يكون في أصل الإجارة شرط ان ضاعت
403

الدنانير أخلفها فيعمل بها المستأجر (قال) وقال مالك في الثوب يكون للرجل
فيبيع نصفه من رجل على أن يبيع له النصف الباقي ان ذلك جائز إذا ضرب لذلك
أجلا (قلت) فان قال أبيعك نصف هذا الثوب وهو بالفسطاط على أن تبيع لي
النصف الباقي ببلد من البلدان (قال) قال مالك لا يعجبني ذلك (قلت) وكذلك
لو قال أبيعك نصف هذا الحمال على أن تبيع لي النصف الباقي في موضع كذا وكذا
لبلد آخر أو قال أبيعك نصف هذا الطعام وهو بالفسطاط على أن تخرج به كله إلى بلد
آخر فتبيعه (قال) قال مالك لا يجوز هذا (قلت) فان قال أبيعك نصف هذه
الأشياء التي سألتك عنها على أن تبيع لي نصفها في موضع حيث بعته السلعة (قال)
قال مالك لا بأس بذلك ما خلا الطعام فإنه لا يجوز فأما غير الطعام فإنه ضرب لذلك
أجلا فقال على أن تبيع لي نصفها إلى شهر فلا بأس به (قال) فإن لم يضرب لذلك
أجلا فلا خير في ذلك (قال ابن وهب) وقاله عبد العزيز بن أبي سلمة في الثوب
(قلت) أرأيت أن ضرب لذلك أجلا فباعها قبل الاجل (قال) له من الاجر
بحساب ذلك الاجل إن كان باعها في نصف الاجل فله من الاجر نصف الاجر وهذا
قول مالك (قلت) فان مضى الاجل ولم يقدر على أن يبيع السلعة (قال) له الاجر
كاملا وكذلك قال مالك (قلت) ولم لم يجزه مالك إلا أن يضرب لذلك أجلا
(قال) لان مالكا كره أن يجتمع الجعل والبيع في صفقة واحدة وكره أيضا أن يجتمع
الجعل والإجارة في صفقة واحدة وجوز مالك الجعل في الشئ القليل إذا كان حاضرا
مثل الثوب أو الثوبين أو الطعام اليسير فأما إذا كثر ذلك فلا يصلح فيه الا الإجارة
وكذلك قال لي مالك فهذا الذي قال في مسألتك أبيعك نصف هذه الثياب أو
نصف هذه الدابة على أن تبيع لي النصف الباقي ولم يضرب لذلك أجلا فإن كان
الثوب أو الثوبين فهذا مما يجوز فيه الجعل فإذا وقع من هذا الجعل بيع في صفقة
واحدة لم يصلح هذا عند مالك وان كانت الثياب كثيرة أو الدواب كثير لم يصلح
فيها الجعل عند مالك وصلحت فيها الإجارة وإن كان ذلك كثيرا فقد اجتمع في هذه
404

الصفقة في مسألتك بيع وإجارة فإن لم يضرب للإجارة أجلا لم يجز ذلك لأنه
لا تكون إجارة جائزة إلا أن يضرب لذلك أجلا فإن لم يضرب للإجارة
أجلا كانت إجارة فاسدة فإذا فسدت الإجارة في الصفقة ومعها بيع فسد
البيع أيضا لان البيع والإجارة إذا اجتمعا في صفقة واحدة فكان أحدهما فاسدا
الإجارة أو البيع فسدا جميعا. ومما بين لك ذلك أنه إذا باعه نصف ثوبه على
أن يبيع له النصف الباقي ان ذلك إجارة ليس بجعل لان الجعل إنما هو متى
ما شاء أن يرد الثوب على صاحبه رده فذلك له وهذا الذي اشترى نصف ثوب
بكذا وكذا درهما على أن يبيع له النصف الآخر لا يقدر على أن يرد الثوب ولا
يبيع النصف إذا أراد فهذا يدلك على أن هذه إجارة فإذا كان إجارة لم يصلح إلا أن يضرب لذلك أجلا فإن لم يضرب لذلك أجلا فسد البيع (قال) وهذا قول
مالك (قال) وقال مالك وكذلك الرجل يستأجر الرجل يبيع له الأعكام من البز
أو الطعام الكثير أو الدواب الكثير أو السلع الكثيرة ولا يضرب لذلك أجلا (قال)
مالك لا خير في ذلك إلا أن يضرب لذلك أجلا فلان ضرب لذلك أجلا فهو جائز بمنزلة
الأجير فان باع إلى ذلك الاجل فله أجره وان باع قبل الاجل أعطى من الاجر
بحساب ذلك فإن كان باع في نصف الاجل فله نصف الاجر وإن كان باع في ثلثي
الاجل فله ثلثا الإجارة وقد ذكر بعض الرواة عن مالك في هذا الأصل أنه إذا باعه
نصف ثوبه على أن يبيع له النصف الآخر فلا خير فيه (قيل) لمالك فان ضرب للبيع
أجلا (قال) فذلك أحرم له (قلت) أرأيت أن قال أبيع لك هذه السلع وهي كثيرة
إلى أجل كذا وكذا بكذا وكذا درهما على أنى متى شئت تركت ذلك أيجوز هذا
وتجعلها إجارة له فيها الخيار (قال) إذا لم ينقده اجارته فلا بأس بذلك عند مالك وان
نقده فلا خير في ذلك لان الخيار لا يصلح فيه النقد في قول مالك وهذا الذي سألت
عنه كثيرا لا يصلح فيه الجعل ولم تقع الجارية على الجعل وإنما وقعت إجارة لازمة له
فيها الخيار فلا يصلح فيها النقد وهذا قول مالك (قلت) أرأيت إن لم يشترط في
405

مسألتي هذه في اجارته أنه متى ما شاء أن يذهب ذهب ولكنه آجره نفسه بمائة
درهم يبيع له هذه السلعة إلى شهر أيجوز في هذا النقد أم لا (قال) لا يجوز في هذا
النقد لأنه ان باع قبل مضى الشهر رد من الاجر بقدر ما بقي من الشهر فلا يجوز
هذا (قال ابن القاسم) ويدخله بيع وسلف (قلت) أرأيت أن مضى يوم يومان
والسلعة على حالها إلا أنه لم ينقده وكانت الإجارة جائزة في قول مالك لأنه لم ينقده
فلما مضى يوم أو يومان قال الأجير للذي استأجره على بيع تلك السلعة أعطني
إجارة هذين اليومين أو هذا اليوم بحساب الإجارة من الشهر (قال) ذلك له عند
مالك (قلت) أرأيت أن استأجرته شهرا على أن يبيع لي ثوبا وله درهم (قال) ذلك
جائز إذا كان ان باع قبل ذلك أخذ بحساب الشهر (قلت) والقليل من السلع
والكثير تصلح فيه الإجارة في قول مالك (قال) نعم ولم أسمع من مالك في القليل
شيئا ولكنه لما جوز مالك في القليل الجعل كانت الإجارة عندي فيه أجوز
(في السلف والإجارة)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن دفعت إلى حائك غزلا ينسجه لي وقلت
له رد عليه رطلا من غزل من عندك على أن أقضيكه وأجرك عشرة دراهم في نسجه
(قال) لا يصلح هذا لان هذا سلف وإجارة فلا يصلح كل سلف جر منفعة
(سحنون) وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف جر منفعة
(ما جاء في الرجل يستأجر الرجل على أن يطحن له أردبا من قمح بدرهم)
(وبقفيز دقيق مما يخرج منها ويسلخ له الشاة بدرهم وبرطل من لحمها)
(قلت) أرأيت أن استأجرت رجلا يطحن لي أردبا من حنطة بدرهم وبقفيز
دقيق مما يخرج من دقيق هذه الحنطة (قال) ذلك جائز (قلت) أرأيت أن
استأجرته يطحن لي هذا الأرباب الحنطة بدرهم وبقسط من زيت هذا الزيتون
406

وذلك قبل أن أعصر الزيتون (قال) إن كان معروفا ذلك الزيت فذلك جائز (قال)
فقلت فان قال رجل لرجل أبيعك دقيق هذه الحنطة كل قفيز بدرهم وذلك قبل أن
يطحنها (قال) لا بأس بذلك لان الدقيق لا يختلف (قال سحنون) وكل شئ جاز
بيعه فلا بأس أن يستأجر به كذلك قال مالك (قلت) لم والذي اشترى دقيق
هذه الحنطة كل قفيز بدرهم فتلفت هذه الحنطة لم يضمن ذلك المشترى وكان ضمان
ذلك من البائع (قال) وقال لي مالك لو أن رجلا باع حنطة في سنبلها على أن يدرسها
ويذروها كل قفيز بدرهم ان ذلك جائز (قال) فقلت لمالك انه يقيم في دراسة
العشرة الأيام والخمسة عشر يوما (قال) لا بأس بذلك وهذا كله قريب (قال) فقلت
لم أجازه مالك وهذا في سنبله (قال) لأنه معروف وقد رآه (قلت) أرأيت أن
استأجرت رجلا جزارا يسلخ لي هذه الشاة بدرهم وبرطل من لحمها (قال) لا يجوز
هذا (قلت) وكذلك لو بعت من لحم هذه الشاة كل رطل منها بدرهم من قبل أن
يسلخها بعد ما ذبحتها (قال) لا يجوز ذلك عند مالك (قال) لأني قلت لمالك انا
نقدم المناهل فتؤتى بأغنام ونقول لهم اذبحوها حتى تشترى منكم فيقولون لنا
لا نفعل انا نخاف أن تتركوا لحمها علينا ولكن قاطعونا على سعر ثم نذبح. والجزور
يشترى كذلك قد انكسرت فيسوم بها القوم ويقولون اذبحوها فيقول ربها لا أذبحها
حتى تقاطعون على سعر فيقاطعونه على سعر قبل أن يذبح ثم يذبح (قال) قال مالك
لا خير فيه وان قاطعوه على سعر قبل أن يسلخ ورآه من اللحم المعيب ولأنه يشترى
ما لم ير (قال ابن القاسم) فإن كان أمر الزيت والدقيق أمر مختلفا خروجه إذا عصر
أو طحن فلا خير فيه أيضا ولا يجوز بيعه حتى يطحنه أو يعصره (ولقد) سألته عن
الرجل يبيع القمح على أن عليه طحنه مرارا فرأيته يخففه فهذا يدلك على أن الدقيق
في مسألتك عند مالك في البيع خفيف ولو كان الدقيق عند مالك مجهولا مختلفا لما
جوز أن يشترى الرجل الحنطة ويشترط على بائعها أن يطحنها لأنه قد اشترى
حنطة واشترط على بائعها أن يطحنها فكأنه إنما يشترى دقيقا لا يدرى كيف يخرج
407

فقد جوزه مالك
(في الرجل يقول للخياط ان خطت لي ثوبي اليوم فأجرك فيه درهم)
(وان خطته غدا فأجرك فيه نصف درهم)
(قلت) أرأيت أن دفعت إلى خياط ثوبا ليخيطه لي فقلت له ان خطته اليوم
فبدرهم وان خطته غدا فبنصف درهم أتجوز هذه الإجارة في قول مالك أم لا (قال)
لا تجوز هذه الإجارة عند مالك (قلت) لم (قال) لأنه يخطيه على أجر لا يعرفه فهذا
لا يعرف أجره فان خاطه فله أجر مثله (وقال غيره) إلا أن يكون أجر مثله أقل
من نصف درهم ولا ينقص شيئا من نصف درهم أو يكون أكثر من درهم فلا
يزاد على درهم (قلت) لابن القاسم فإن كان أجر مثله أكثر من درهم أو أقل
من نصف درهم (قال) لا ينظر فيه إذا خاطه عند مالك إلى درهم ولا إلى نصف
درهم وله أجر مثله بالغا ما بلغ (قال عبد الرحمن بن القاسم) وهذا من باب بيعتين في
بيعة (قال سحنون) وقول عبد الرحمن حسن (قلت) وكذلك بعض البيوع
الفاسدة إذا قبضها المشترى ففاتت في يديه فعليه قيمتها يوم قبضها بالغا ما بلغ ولا
يلتفت في ذلك إلى ما سميا من الثمن في قول مالك (قال) نعم (قلت) والخياط
والصباغ في هذا إذا كانت الإجارة فاسدة مثل البيوع الفاسدة (قال) نعم (قلت)
وكذلك أن دفعت إليه ثوبا ان خاطه خياطة رومية فبدرهم وان خاطه خياطة عربية
فبنصف درهم (قال) وهذا مثل ما وصفت لك في الإجارة الفاسدة في رأيي
(قال ابن وهب) وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال ينهى أن يقول الرجل
للعمال اعمل لي متاعي هذا فان قضيتنيه غدا فاجارتك كذا وكذا وان قضيتنيه بعد
غد فاجارتك كذا وكذا (قال) هذا من بيعتين في بيعة
408

(في الرجل يدفع الجلود والغزل والدالة والسفينة)
(إلى الرجل على النصف)
(قلت) أرأيت أن دفع رجل إلى رجل جلودا يدبغها على النصف أو يعملها على
النصف (قال) قال مالك لا خير في ذلك (قلت) أرأيت أن دفعت إلى حائك
غزلا على أن ينسجه على النصف يكون الثوب بيننا أيجوز هذا أم لا في قول مالك
(قال) قال مالك لا خير في هذا (قلت) أرأيت أن دفعت إلى حائك غزلا
ينسجه إلى بالثلث أو بالربع أيجوز هذا في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز هذا
(قلت) لم (قال) لان الحائك آجر نفسه بشئ لا يدرى ما هو ولا يدرى كيف
يخرج الثوب فلا خير في هذا (قال سحنون) وقد قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم من استأجر أجيرا فليعلمه أجره وقال من استأجر أجيرا فليؤاجره بأجر معلوم
إلى أجل معلوم (قال سحنون) وقال مالك كل ما جاز لك أن تبيعه فلا بأس أن تستأجر
به ومالا يجوز لك أن تبيعه فلا يجوز لك أن تستأجر به (قلت) فان قال له انسج
لي غزلي هذا بهذا الغزل الآخر (قال) قال مالك هذا جائز (قلت) أرأيت أن
دفعت سفينتي إلى رجل فقلت له أكرها فما كان من كراء فهو بيني وبينك أيجوز
هذا في قول مالك (قال) لا يجوز هذا عند مالك ولا أن يعطيه الدار ولا الحمام
فيقول أكرها فما كان من كراء فهو بيني وبينك لان الرجل قد آجر نفسه بشئ
لا يدرى ما هو (قلت) ولمن يكون جميع الكراء (قال) مالك لرب السفينة والحمام
(قلت) أرأيت أن قال رجل لرجل اعمل لي على دابتي فما عملت من شئ قلى نصفه
ولك نصفه (قال) قل مالك لا خير في هذا وما عمل من شئ على الدابة فهو للعامل
ولرب الدابة على العامل أجر دابته بالغا ما بلغ (قلت) وكذلك السفن مثل الدواب
عند مالك (قال) نعم كذلك قال مالك هي مثل الدواب (قلت) فان أعطاه
دابته فقال أكرها فم أكريتها من شئ فهو بيني وبينك (قال) إن كان إنما قال
لك أكرها فقط ولم يقل له اعمل عليها فأرى الكراء لرب الدابة وللذي أكراها
409

أجر مثله (قال) وهذا رأيي (قلت) وعلى م قلته (قال) قلته على الرجل يعطى
الرجل الدابة فيقول بعها بمائة دينار فما زاد على المائة فهو بيني وبينك أو يقول بعها
فما بعتها به من شئ فهو بيني وبينك فهذا عند مالك له أجر مثله وجميع الثمن لرب الدابة
(قال) وقال مالك لو أن رجلا دلع إلى رجل دابة فقال اعمل عليها ولك نصف
ما تكسب كان الكسف للعامل وكان على العامل إجارة الدابة فيما تسوى وكذلك
السفينة ان دفعها إلى قوم يعملون فيها كان ما يكسبون لهم وكان عليهم كراء مثلها ولا
يشبه هذا أن يقول في السفينة والحمام آجرهما ولك نصف ما يخرج أو اعمل فيهما
ولك نصف ما تكسب فما كان يعمل فيه فله ما كسب وعليه اجارته وما كان إنما
يؤاجره ولا عمل له فيه فالإجارة لصاحبها وللقائم فيها إجارة مثله فهذا وجه ما سمعت
من مالك (قال ابن وهب) وأخبرني إبراهيم بن نشيط عن ربيعة أنه قال في الرجل
يعمل لرجل في سفينة في البحر بنصيبه من الريح يقول لا أعمل لك فيها حتى تقدم إلى
دينارين أو ثلاثة سلفا حتى يقاصه به من ربحه (فقال) لا ولا يصلح أن يستأجره في
سفينة على صف ما يربح كل ذلك لا يراه حسنا (قلت) أرأيت أن قال رجل
لرجل احمل لي هذا الطعام إلى موضع كذا وكذا على أن لك نصفه (قال) قال
مالك لا يجوز هذا إلا أن يعطيه النصف مكانه نقدا فان أخره إلى الموضع الذي
شرط عليه أن يحمله إليه فلا يجوز ذلك لأنه استأجره بطعام بعينه لا يدفعه إليه الا
إلى أجل فلا يصلح ذلك (قلت) أرأيت أن أخذت دابة أعمل عليها على النصف
(قال) قال مالك لا يصلح هذا (قلت) فان عمل لمن يكون العمل (قال) يكون
للعامل ويكون لصاحب الدابة أجر مثلها (قلت) وكذلك لو أكريتها إلى مكة
وكانت إبلا وكنت أخذتها على أن أعمل عليها على النصف (قال) نعم يكون جميع
ذلك للمتكارى ولرب الإبل مثل كراء إبله (قال ابن القاسم) وان قال أكرها
ولك نصف ما يخرج من كرائها كان الكراء لصاحب الإبل وكان للمكري أجر
مثله فيما عمل (قال) وقال مالك في الرجل يقول للرجل بع لي سلعتي هذه ولك
410

نصف ثمنها (قال) لا خير فيه هذا (قال) فان باعها أعطى أجر عمله وكان جميع الثمن
لرب السلعة فكذلك الكراء عند إذا كان يكريها وله نصف الكراء كان عندي
بهذه المنزلة التي وصفت لك في بيع السلعة فإذا قال اعمل عليها ولك نصف ما يكون
من عملها فهذا مخالف لما ذكرت لك والذي يقول اعمل عليها إنما هو على أحد أمرين
اما أن يكون أكرى دابته بنصف ما يكسب الأجير أو يكون آجر نفسه بنصف
ما تكسب الدابة فأولاهما بما يكون من الكسف العامل ويكون لصاحب الدابة أجر
مثلها وهذا قول مالك
(في الطعام والغنم والغزل يكون بين الرجلين فيستأجر أحدهما صاحبه)
(على حمله وينسج الغزل على النصف)
(قلت) أرأيت طعامه بيني وبين رجل استأجرته على حمله إلى موضع كذا وكذا
لنفاق بلغنا في تلك البلدة على أن يكون على كراء نصف ذلك الطعام أو قلت له اطحنه
بكذا وكذا على أن على نصف كراء الطحين (قال) إن كان شرط عليه المتكارى أن
يحمل حصته مع حصة المكرى إلى ذلك الموضع فيبيعهما جميعا ولا يكون للمكري أن
يقاسمه حتى يبيعهما أو حتى يبلغا تلك البلدة فلا خير في هذا وإن كان إنما اكتراه على
أن يحمل له حصته والحنطة مجموعة مختلطة فيما بينهما لم يقتسماها إلا أنه متى ما بدا
للمكري أخذ حصته من الحنطة فباعها أو وهبها ان شاء في الطريق وان شاء قبل ن
تحمل وان شاء ما شاء وحمل حصة المكترى لازم له ذلك فلا بأس بذلك إذا ضرب
لما يبيعها إليه أجلا وفي الطحين إن كان ان شاء طحن معه وان شاء لم يطحن معه
فلا بأس بذلك (قال) وإن كان المتكارى على حصته اشترط عليه أن يطحنهما
جميعا حصته وحصة صاحبه فلا خير في ذلك (قلت) فان فعل ذلك بهذا الشرط
الذي ذكرت أنه فاسد (قال) يكون للذي طحنه أو حمله على صاحبه أجر مثل
حصة صاحبه في الطحين أو في الكراء (قلت) أرأيت لو أن غنما بيني وبين رجل
استأجرته على أن يرعاها لي على أن له نصف أجرها (قال) لا بأس بذلك في رأيي
411

إذا كان للراعي أن يقاسمه حصته متى ما بدا له أو يبيع حصته متى ما بدا له لا يمنع
من ذلك (قلت) وتكون الإجارة لازمة للراعي في حصة صاحبه (قال) نعم (قلت)
وهذا قول مالك (قال) نعم إذا كان ان ماتت الغنم أو نقصت أخلف له مثل حصته
(وقال غيره) إذا اعتدلت في القسم (قلت) أرأيت لو أن غزلا بيني وبين رجل
استأجرته على أن ينسجه لي بدراهم مسماة أيجوز ذلك أم لا (قال) لا يجوز هذا لان
الحائك لا يقدر على أن يبيع نصيبه من الغزل لان النسج قد لزمه لصاحبه
(في الرجل يستأجر الرجل شهرا على أن يبيع له ثوبا وله درهم)
(قلت) أرأيت أن استأجرته شهرا على أن يبيع له ثوبا وله درهم (قال) ذلك جائز
إذا كان ان باع قبل ذلك أخذ بحساب الشهر (قلت) والقليل والكثير من السلع
تصلح فيه الإجارة في قول مالك (قال) نعم ولم أسمع من مالك في القليل شيئا
ولكنه لما جوز مالك في القليل الجعل كانت الإجارة عندي فيه أجوز (قلت)
وكل ما يجوز فيه الجعل عندك تجوز فيه الإجارة (قال) نعم إذا ضرب للإجارة أجلا
(قلت) والكثير من السلع لا يصلح فيه الجعل في قول مالك (قال) نعم لا يصلح
فيه الجعل وتصلح فيه الإجارة عند مالك (قلت) والقليل من السلع يصلح فيه
الجعل والإجارة جميعا في قول مالك (قال) نعم (قلت) ولم كره مالك في السلع
الكثيرة أن يبيعها الرجل للرجل بالجعل (قال) لان السلع الكثيرة تشغل بائعها عن
أن يشترى أو يبيع أو يعمل في غيرها فإذا كثرت السلع هكذا حتى يشتغل الرجل بها
لم تصلح الا بإجارة معلومة (قال) لي مالك والثوب والثوبان وما أشبههما من الأشياء
التي لا يشتغل صاحبها عن أن يعمل في غيرها فلا بأس بالجعل فيها وهو متى ما شاء أن
يترك ترك والإجارة ليس له أن يتركها متى ما شاء (قلت) أرأيت بيع الدابة والغلام
والجارية أهذا عند مالك من العمل الذي يجوز فيه الجعل (قال) نعم وكذلك قال مالك
فإذا كثرت الدواب أو الرقيق فلا يصلح فيه الجعل (ابن وهب) عن الليث بن سعد
عن ربيعة في الرجل يدفع إلى رجل متاعا نبيعه وله أجر معلوم على بيعه ان باعه وليس
412

لبيعه أمد ينتهى إليه (قال) ليس ذلك بحسن إذا استأجره على هذا فان باعها استوجب
أجرا عسى أن يكون أكثر من أجر ما عمل فيها وان أخطأه بيعها كان قد كفاه منها
أمرا قد كان يحب أن يكفاه فهذا بمنزلة القمار
(في الرجل يستأجر البناء علي بنيان داره وعلى البناء الآجر والجص)
(قلت) أرأيت أن استأجرت رجلا على أن يبنى لي داري على أن الجص والآجر
من عند الأجير (قال) لا بأس بذلك (قلت) وهو قول مالك (قال) نعم (قلت)
لم جوزه مالك (قال) لأنها إجارة وشراء جص وآجر صفقة واحدة (قلت) وهذا
الآجر لم يسلف فيه ولا هذا الجص ولم يشتر شيئا من الآجر بعينه ولا من الجص
بعينه فلم جوزه مالك (قال) لا به معروف عند الناس ما يدخل في هذه الدار من الجص
والآجر فلذلك جوزه مالك (قلت) هنا قد جعلت الجص والآجر معروفا لأنه كما
زعمت عند الناس معروف ما يدخل في هذه الدار أرأيت السلم هل يجوز فيه إلا أن
يضرب له أجلا وهذا لم يضرب للآجر والجص أجلا (قال) لما قال له ابن لي هذه
الدار فكأنه وقت لان وقت بنائها عند الناس معروف وإنما جوزه لان ما يدخل
في هذه الدار من الجص والآجر معروف عند الناس ووقت ما تبنى هذه الدار إليه
معروف كأنه أسلم إليه في جص وآجر معروف إلى وقت معروف واجارته في عمل
هذه الدار فذلك جائز وقد قال غيره إذا كان على وجه العمالة ولم يشترط عمل يده
فلا بأس به إذا قدم نقده
(في الرجل يستأجر حافتي نهر يبنى عليه وطريق رجل)
(في داره ومسيل مصب مر خاص)
(قلت) أرأيت أن استأجرت من رجل حافتي نهر له أبني فيه بنيانا أو أنصب على
نهره رخاما أتجوز هذه الإجارة في قول مالك أم لا (قال) هي جائزة (قلت) أرأيت
ان استأجرت طريقا في دار رجل أيجوز ذلك (قال) ذلك جائز ولا أحفظه عن
413

مالك (قلت) أرأيت أن استأجرت من دار رجل مسيل مصب مر خاص أيجوز
هذا أم لا (قال) هذا جائز ولا أحفظه عن مالك
(في الإجارات الكثيرة في صفقة واحدة لا يسمى)
(لكل واحدة إجارة بعينها ومسيل مساريب دار رجل)
(قلت) أرأيت أن اكتريت بيت الرحا من رجل والرحا من رجل آخر ودابة
الرحا من رجل آخر صفقة واحدة كل شهر بمائة درهم جميع ذلك أيجوز هذا الكراء
في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا لا أنى أرى أن لا يجوز هذا
لان كل واحد منهم لا يدرى بما أكرى شيئه حتى يقوم فقد أكرى بما لا يعلم
ما هو الا بعد ما يقوم وان استحقت سلعة من هذه السلع التي اكترى أو دخل
أمر يفسخ اجارته لم يعلم بما يبيع صاحبه الا بعد القيمة وهو ان أصاب أحدهم بعد
الاستحقاق غريما لم يدر بما يتبعه وقد قال غيره ان ذلك جائز (قلت) أرأيت أن
استأجرت مسيل مساريب من دار رجل أيجوز ذلك (قال) لا يعجبني لأنه لا يدرى
أيكون المطر أم لا أو ما يدرى ما يكون من المطر (قلت) تحفظه عن مالك (قال) لا
(في إجارة رحا الماء)
(قلت) هل يجوز لي أن أستأجرت رحا الماء في قول مالك (قال) سأل مالكا عن هذه
المسألة أهل الأندلس فقال لا بأس بذلك (فقيل) لمالك أتستأجر بالقمح (فقال) لا بأس
بذلك (قلت) وان انقطع الماء عنها أيكون هذا عذرا تفسخ به الإجارة (قال)
لم أسمع من مالك في انقطاع الماء عنها شيئا وأراه عذرا (قلت) أرأيت أن عاد
الماء في بقية من وقت الإجارة (قال) قال مالك في العبد يؤاجر فيمرض انه ان صح
لزم المستأجر الإجارة فيما بقي من الوقت فكذلك رحا الماء أيضا (وقد قال غيره) إلا أن يتفاسخا قبل أن يصح العبد (قلت) أرأيت أن اختلفا في انقطاع الماء فقال
رب الرحا انقطع الماء عشرة أيام في مدة هذه الإجارة وقال المتكارى بل انقطع الماء
414

شهرا (قال) ان كانا تصادقا في أول السنة وآخرها واختلفا في انقطاع الماء وهدم
الدار كم كان مدة ذلك كان القول قول صاحب الدار وصاحب الرحا المكرى لأنهما
قد تصادق على تمام السنة وقد وجب الكراء على المتكارى فهو يريد أن يحط عن
نفسه بقوله فلا يصدق على ذلك (قال) وإنما ذلك بمنزلة ما لو أن السنة انقضت فادعى
المتكارى أن الدار كانت مهدومة السنة كلها وادعى متكارى الرحا أن الماء كان
انقطع السنة كلها وأنكر ذلك رب الدار ورب الرحا فالكراء له لازم إلا أن يقيم
المتكارى البينة على ما قال فهما إذا اختلفا في بعض السنة كان بمنزلة اختلافهما في
السنة كلها وان اختلفا في انقضاء مدة الإجارة فقال رب الدار ورب الرحا أكريتك
سنة وقد انقضت السنة وقال المتكارى بل أكريتني سنة وما سكنت وما طحنت
الا منذ شهرين فانهدمت الدار الآن كان القول قول المتكارى لان المكارى ينكر
أن يكون سكن أكثر من شهرين (قال ابن القاسم) وكذلك قال لي مالك في
المدة ان القول قول الساكن (قلت) أرأيت أن استأجرت رحا ماء شهرا على
أنه ان انقطع الماء قبل الشهر فالإجارة لي لازمة (قال) لا خير في ذلك
(في إجارة الثياب والحلي)
(قلت) أرأيت أن استأجرت فسطاطا أو بساطا أو غرائر أو جرابا أو قدورا أو
آنية أو وسائد إلى مكة ذاهبا وراجعا أيجوز أن يؤاجر هذه الأشياء في قول مالك
(قال) نعم لا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن استأجرت هذه الأشياء فلما رجعت
قلت قد ضاعت في البدأة (قال) قال مالك القول قول المستأجر في الضياع (قلت)
كم يلزم المكترى من ذلك (قال) يلزمه الكراء كله إلا أن تقوم للمتكارى بينة على
يوم ضاعت منه (قلت) أرأيت أن كان معه قوم في سفر فشهدوا على أنه أعلمهم
بضياع ذلك فشهدوا على ذلك الشئ من تفقده وطلبه (قال) أرى أن يحلف ويكون القول
قوله ويكون له على صاحبه من الإجارة بقدر الذي شهدوا به من ذلك (وقد قال غيره)
القول قوله في الضياع ولا يكون عليه من الإجارة الا ما قال إنه انتفع به (وقال
415

أشهب) عن مالك في رجل أكتري جفنة فقال إنها ضاعت فقال قال مالك هو
ضامن إلا أن تقوم له بينة على الضياع (قلت) أرأيت أن استأجرت ثوبا أو فسطاطا
شهرا فحبسته هذا الشهر ولم ألبسه أيكون على الاجر أم لا (قال) قال مالك عليك
الاجر (قلت) فان حبسته بعد انقضاء الإجارة فلم ألبسه (قال) قال مالك أرى
عليه من الإجارة بقدر حبسه هذه الأثواب بغير لبس ولا يكون عليه مثل أجر من
لبس لأنه لم يلبس (وقال) ابن نافع مثله (وقال غيره) يكون عليه على حساب الإجارة
الأولى إذا كان معه وكان صاحبه يقدر على أخذه ويقدر المستأجر علي رده (قلت)
أرأيت ما استأجرت من متاع البيت مثل الآنية والقدور والصحاف والقباب والحجال
أو متاع الجسد أليس ذلك جائز في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن
استأجرت ثوبا ألبسه يوما إلى الليل فضاع منى أيكون على ضمان أم لا (قال) لا ضمان
عليك في قول مالك (قلت) أرأيت أن استأجرت ثوبا ألبسه يومين فلبسته يوما
ثم ضاع منى في اليوم الثاني فأصبته بعد ذلك فرددته على صاحبه أيكون على أجر
اليوم الذي ضاع فيه الثوب أم لا (قال) لا أجر عليه في اليوم الذي ضاع فيه الثوب
منه وإنما يكون عليه من الاجر عدد الأيام التي لم يضع الثوب فيها (قال) وهذا بمنزلة
الدابة يتكاراها الرجل أياما فتضيع في بعض تلك الا بأم فإنما عليه من الاجر بقدر
الأيام التي لم تضع الدابة فيها (قال) وهذا قول مالك (قلت) أرأيت أن استأجرته
امرأة لتلبسه فسرق منها أتضمن أم لا (قال) لا ضمان عليها وهذا من الضياع الذي
فسرت لك (قلت) وكذلك أن قالت قد غصب منى (قال) نعم لا يضمن المستأجر
إلا أن يتعدى أو يفرط (قلت) أرأيت أن استأجرت ثوبا ألبسه يوما إلى الليل أيجوز لي
أن أعطيه غيري فيلبسه في قول مالك (قال) لا ينبغي لك أن تعطيه غيرك لأنه إنما رضى
بأمانتك واللبس مختلف وأنت لو تلف منك فلا ضمان عليك فان دفعته إلى غيرك
كنت ضامنا للثوب ان تلف (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا أحفظه من قول
مالك وقد كره مالك أن يتسأجر الرجل الدابة فيؤاجرها من غيره لان الرجل قد يكريه
416

رب الدابة لأمانته وحفظه فليس له أن يكريها من غيره ولكن ان مات المتكارى
أكريت الدابة في مثل كرائها وكرهه مالك في حال الحياة فأرى الثياب بهذه المنزلة
في الحياة الموت بمنزلة ما وصفت لك من كراء الدابة (قال) وقال مالك ولو بدا
للمتكارى في الإقامة كان له أن يكريها (قال) وإنما كره مالك أن يكريها لموضع الأمانة
ولو أكراها فتلفت لم يضمن إذا كان أكراها في مثل ما اكتراها فيه من مثله وفى
حاله وأمانته وخفته وهذا قول مالك كله (قلت) أرأيت أن استأجرت حلى
ذهب بذهب أو فضة أيجوز هذا أم لا (قال) لا بأس بذلك في قول مالك وقد
أجازه مالك مرة واستثقله مرة أخرى وقال لست أراه بالحرام البين وليس كراء
الحلي من أخلاق الناس وأنا لا أرى به بأسا (قلت) أرأيت أن تكاريت فسطاطا
إلى مكة فأكريته من غيري أيجوز هذا في قول مالك (قال) إذا أكريته من مثلك
في حالك وأمانتك ويكون صنيعه في الخباء كصنيعك وحاجته إليه كحاجتك فأرى
الكراء جائزا في رأيي (ابن وهب) عن مالك بن أنس ويونس بن يزيد وابن أبي
ذئب عن ابن شهاب أنه سئل عن الرجل يستأجر الدار ثم يؤاجرها بأفضل مما
استأجرها به فقال ابن شهاب لا بأس بذلك (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من
أهل العلم عن أبي الزناد ونافع مولى ابن عمر وعطاء بن أبي رباح مثل ذلك وقال بعضهم
مثل ذلك في الدابة والسفينة (قال) وأخبرني ابن وهب عن الليث عن يحيى بن
سعيد قال أدركنا جماعة من أهل المدينة لا يرون بفضل إجارة العبيد والسفن
والمساكن بأسا (قال الليث) وسئل يحيى على رجل تكارى أرضا ثم أكراها بربح قال
يحيى هي من ذلك (ابن وهب) عن يونس عن أبي الزناد أنه قال في الرجل يتكارى
ظهرا أو دار ثم يبيع ذلك بربح قال أبو الزناد لا أعلم بذلك بأسا (ابن وهب) عن
مخرمة عن أبيه قال سمعت يزيد بن عبد الله بن قسيط استفتى في عبد استأجره
رجل هل يصلح للرجل أن يؤاجره من آخر (قال) نعم وقال ذلك عبد الله بن أبي
سلمة (ابن وهب) عن بكير وسمعت عبد الرحمن بن القاسم بن محمد وسئل عن
417

رجل استأجر أجيرا ثم أجره أترى بذلك بأسا (قال) لا (وقال) ذلك نافع مولى
ابن عمر (قال ابن وهب) وأخبرني يونس أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يستكرى
ثم يقول لصاحبه دعني ولك كذا وكذا من المال (قال) لا بأس بذلك (ابن وهب)
قال يونس وقال ذلك أبو الزناد. لابن وهب هذه الآثار
(في إجارة المكيال والميزان)
(قلت) هل كان مالك يجيز إجارة القفيز والميزان والدلو والفأس والحبل وما أشبه
هذه الأشياء (قال) قد سأل مالكا عن إجارة المكيال والميزان قال لا بأس بذلك
فأرى هذه الأشياء مثل هذا وأرى الإجارة فيها جائزة
(في إجارة المصحف)
(قلت) أرأيت المصحف هل يصلح أن يستأجره الرجل يقرأ فيه (قال) لا بأس
بذلك (قلت) لم جوزته (قال) لان مالكا قال لا بأس ببيع المصحف فلما جوز مالك
بيعه جازت فيه الإجارة (ابن وهب) عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عمارة بن
غزية عن ربيعة أنه قال لا بأس ببيع المصحف إنما يبيع الحبر والورق والعمل (قال
ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن يحيى بن سعيد ومكحول وغير واحد
من التابعين أنهم لم يكونوا يرون ببيع المصاحف بأسا (قال ابن وهب) وأخبرني
عبد الجبار بن عمر أن ابن مصبح كان يكتب المصاحف في ذلك الزمان الأول قال أحسبه
في زمان عثمان بن عفان ويبيعها ولا ينكر عليه أحد (قال) وما رأينا أحدا بالمدينة
في زمان عثمان بن عفان ويبيعها ولا ينكر عليه أحد (قال) وما رأينا أحدا بالمدينة
ينكر ذلك (قال) وكلهم لا يرون به بأسا (سحنون) عن أنس بن عياض عن بكير
ابن مسمار عن زياد مولى لسعد أنه سأل عبد الله بن عباس ومروان بن الحكم عن بيع
المصاحف والتجارة فيها فقالا لا نرى أن يجعله متجرا ولكن ما عملت بذلك فلا بأس
به (وقال مالك) في بيع المصاحف وشرائها لا بأس به. هذه الآثار لابن وهب
418

(في إجارة المعلم)
(قلت) أرأيت أن استأجرت رجلا يعلم لي ولدى القرآن بحذقهم القرآن بكذا
وكذا درهما (قال) لا بأس بذلك (قلت) وكذلك أن استأجره على أن يعلم ولده
القرآن كل شهر بدرهم أو كل سنة بدرهم (قال) قال مالك لا بأس بذلك (قلت)
وكذلك أن استأجره على أن يعلم ولده القرآن كله بكذا وكذا (قال) لا بأس بذلك
(قال) لا وبأس بالسدس أيضا مثل قول مالك في الجميع (قلت) فان استأجرته على
أن يعلم ولدى الكتابة كل شهر بدرهم (قال) لا بأس بذلك (قلت) وهذا قول مالك
(قال) قال مالك في إجارة المعلمين سنة سنة لا بأس بذلك فالذي يستأجره يعلم ولده
الكتابة وحدها لا بأس بذلك مثل قول مالك في إجارة المعلمين سنة سنة (قلت)
أرأيت أن استأجرت رجلا يعلم ولدى الفقه والفرائض أتجوز هذا الإجارة أم لا (قال)
ما سمعت منه فيه شيئا إلا أنه كره بيع كتب الفقه فأنا أرى الإجارة على تعليم ذلك
لا تعجبني والإجارة على تعليمهما أشر (قلت) أرأيت أن قال رجل لرجل علم غلامي
هذا الكتاب سنة أو القرآن سنة على أن يكون الغلام بيني وبينك (قال) لا يعجبني
هذا هذا لأنه لا يقدر أحدهما على بيع ماله فيه قبل السنة فهذا فاسد ولو مات العبد قبل
السنة أيضا ذهب عمله باطلا (ابن وهب) عن ابن جريح قال قلت لعطاء أجر
المعلم على تعليم الكتاب أعلمت أحدا كرهه (قال) قال (ابن وهب) وأخبرني حفص
ابن عمر عن ابن يزيد عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص قدم برجل من العراق
يعلم أبناء هم الكتاب بالمدينة ويعطونه على ذلك الاجر (ابن وهب) عن يحيى بن
أيوب عن المثنى بن المصباح قال سألت الحسن البصري عن معلم الكتاب الغلمان
ويشترط عليهم (قال) لا بأس بذلك (ابن وهب) عن عبد الجبار بن عمر قال كل
من سألت من أهل المدينة لا يرى بتعليم الغلمان بالأجر بأسا (ابن وهب) عن ابن
لهيعة عن صفوان بن سليم أنه كان يعلم الكتاب بالمدينة ويعطونه على ذلك أجرا
(قال ابن وهب) وسمعت مالكا يقول لا بأس بأخذ الاجر على تعليم الغلمان
419

الكتاب والقرآن (قال) فقلت لمالك أرأيت أن اشترط مع ماله في ذلك من الاجر
شيئا معلوما كل قطر واضحا (قال) لا بأس بذلك. لابن وهب هذه الآثار
(في إجارة معلمي الصناعات)
(قلت) أرأيت أن دفعت غلامي إلى الخياط أو إلى قصار أو إلى خباز ليعلموه ذلك
العمل بأجر معلوم دفعته إليهم (قال) قال مالك لا بأس بذلك (قلت) وكذلك
ان دفعته إليهم ليعلموه ذلك العمل ليعمل الغلام سنة (قال) قال مالك ذلك جائز (وقال
غيره) بأجر معلوم أجوز
(في إجارة تعليم الشعر وكتابته)
(قلت) أرأيت أن استأجره على أن يعلم ولده الشعر (قال) قال مالك لا يعجبني هذا
(قلت) أرأيت أن استأجرت كاتبا يكتب لي شعرا أو نوحا أو مصحفا (قال) قال
مالك أما كتابة المصحف فلا بأس بذلك وأما النوح والشعر فلم أسمعه من مالك ولا
يعجبني لأنه كره أن تباع كتب الفقه فكتب الشعر أحرى أن يكرهه
(في إجارة قيام رمضان والمؤذنين)
(قلت) أرأيت أن استأجرت رجلا يؤم في رمضان (قال) قال لي مالك لا خير
في ذلك (قلت) لم كرهه مالك (قال) مالك يكره الإجارة في الحج فكيف
لا يكره الإجارة في الصلاة (قلت) أرأيت أن استأجره على أن يصلى بهم المكتوبة
(قال) كرهه مالك في النافلة فهو في المكتوبة عندي أشد كراهية (قلت) أرأيت
ان استأجروا رجلا على أن يؤذن لهم ويقيم (قال) قال مالك ان استأجروه على أن يوذن
لهم ويقيم ويصلى بهم صلاتهم فلا بأس به (قال) وإنما جوز مالك هذه الإجارة لأنه
إنما أوقع الإجارة في هذا على الأذان والإقامة وقيامه على المسجد ولم يقع من الإجارة
على الصلاة بهم قليل ولا كثير (ابن وهب) عن حفص بن عمر عن يونس بن
يزيد عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه أجرى على سعد القرظ
420

المؤذن رزقا فكان يجرى عليه وعلى مؤذني أهل بيته
(في إجارة دفاتر الشعر والغناء)
(قلت) أريت ان استأجرت دفاتر فيها شعر ونوح وغناء يقرأ فيها (قال) لا يصلح
هذا (قلت) لم (قال) لان مالكا قال لا تباع دفاتر فيها الفقه وكره بيعها وما أشك
أن مالكا إذ كره بيع كتب الفقه انه لبيع كتب النوح والشعر والغناء أكره فلما
كره مالك بيع هذه الكتب كانت الإجارة فيها على أن يقرأ فيها غيره جائزة لان
مالا يجوز بيعه عند مالك لا تجوز الإجارة فيه (قلت) أكان مالك يكره الغناء (قال)
كره مالك قراءة القرآن بالألحان فكيف لا يكره الغناء وكره مالك أن يبيع الرجل
الجارية ويشترط أنها مغنية فهذا مما يدلك على أنه كان يكره الغناء (قلت) فما قول
مالك ان باعوا هذه الجارية وشرطوا أنها مغنية ووقع البيع على هذا (قال)
لا أحفظ من مالك فيه شيئا إلا أنه كرهه (قال) عبد الرحمن بن القاسم وأرى أن
يفسخ هذا البيع
(في إجارة الدفاف في الأعراس)
(قلت) أرأيت هل كان مالك يكره الدفاف في العرس أم يجيزه وهل كان يجيز
الإجارة فيه (قال) كان مالك يكره الدفاف والمعازف كلها في العرس وذلك أنى سألته
عنه فضعفه ولم يعجبه ذلك
(في الإجارة في القتل والأدب)
(قلت) أرأيت أن استأجرت رجلا يقتل لي رجلا عمدا ظلما فقتله أيكون له من
الاجر شئ أم لا (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى له من الاجر شيئا
(قلت) فإن كان قد وجب لي على رجل القصاص فقلت لرجل اضرب عنقه بدرهم
ففعل (قال) الإجارة جائزة (قال) وقال مالك في أجر الطبيب انه جائز والطبيب
421

يقطع ويبط فأرى مسألتك في القتل في القصاص مثل قول مالك في أجر الطبيب
انه جائز (سحنون) عن ابن نافع عن ابن أبي الزناد عن أبي الزناد أن السبعة مع
مشيخة سواهم من نظراتهم أهل فقه وفضل منهم سعيد بن المسيب وعروة بن
الزبير والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وخارجة بن زيد بن
ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار كانوا يقولون في
الجرح فيما دون الموضحة إذا برأ وعاد لهيئته فإنما فيه أجر المداوى (قلت) أرأيت
ان استأجرت رجلا يضرب ابنا لي كذا وكذا درة بدرهم أو عبدا لي كذا وكذا
سوطا أدبا لهما بكذا وكذا درهما أتجوز هذه الإجارة أم لا (قال) أرى الإجارة
جائزة إذا كان لك من وجه الأدب وإن كان في غير وجه الأدب فلا يعجبني ذلك
ولا أحفظه (قال ابن القاسم) ولو استأجر رجل أجيرا على ما لا يجوز للمسلمين
ونحو ذلك مما لا تنبغي فيه الإجارة عوقب المستأجر وكان على الأجير القصاص
(في إجارة الأطباء)
(قلت) أرأيت أن استأجرت كحالا يكحل عبني من وجع بهما كل شهر بدرهم
(قال) قال مالك في الأطباء إذا استؤجروا على العلاج فإنما هو على البرء فان برأ فله حقه
وإلا فلا شئ له (قال) وقال مالك إلا أن يكونا شرطا شرطا حلالا فينفذ بينهما
(قال ابن القاسم) وأنا أرى ان اشترط أن يكحله كل يوم أو كل شهر بدرهم فان
ذلك جائز إذا لم ينقد فان برأ قبل ذلك كان للطيب من الاجر بحساب ذلك (قال)
الآن أن يكون صحيح العينين اشترط عليه أن يكحله كل شهر بدرهم يكحله كل يوم
بهذا لا بأس به لان هذا قد لزم كل واحد منهما ما اشترط لان هذا ليس يتوقع
برأ وإنما هذا رجل شرط على الكاحل أن يكحله شهرا بدرهم وهو صحيح العينين
بالأثمد أو بغيره فالإجارة فيه جائزة (قال سحنون) ويجوز فيه النقد
422

(في إجارة القسام)
(قلت) أتجوز إجارة قسام الدور وحسابهم (قال) سألت مالكا عن ذلك غير مرة
فكرهه (قال مالك) وقد كان خارجة بن زيد بن ثابت ومجاهد يقسمان مع القضاة
ويحسبان ولا يأخذان لذلك جعلا
(في إجارة المسجد)
(قلت) أرأيت أن بنى رجل مسجدا فأكراه ممن يصلى فيه (قال) لا يصلح هذا
في رأيي لان المساجد لا تبنى للكراء (قال) ولقد سئل مالك عن الرجل يبني
المسجد تم بيني فوقه بيتا (قال) لا يعجبني ذلك وذكر مالك أن عمر بن عبد العزيز
كان يثبت على ظهر المسجد بالمدينة في الصيف فكأن لا يقربه فيه امرأة (قال مالك)
وهذا الذي يبنى فوق المسجد يريد أن يجعله مسكنا يسكن فيه بأهله يريد بذلك مالك
أنه إذا كان بيتا وسكنه كان معه أهل وصار يطؤها على ظهر المسجد وكرهه مالك
كراهية شديدة (قلت) أرأيت من آجر بيته من قوم يصلون فيه في رمضان (قال)
لا يعجبني ذلك لان من أكرى بيته كمن أكرى المسجد فالإجارة فيه غير جائزة لان
الإجارة في المساجد غير جائزة ولم أسمع من مالك في هذا شيئا ولكن مالكا كره
أن يعطى الرجل أجرا على أن يصلى بهم في رمضان (وقد قال غيره) لا بأس بذلك في
كراء البيت (قلت) أرأيت أن أكربت دارا لي على أن يتخذوها مسجدا عشر
سنين (قال) ذلك جائز (قلت) فان مضت العشر سنين (قال) إذا انقضت
الإجارة رجعت الدار إلى ربها (قلت) تحفظه عن مالك (قال) لا (قلت) فإذا
رجعت الدار إلى بها لمن يكون نقض المسجد (قال) لأهل النقض الذين اشتروه
وبنوا المسجد فالنقض لهم
(في إجارة الكنيسة)
(قلت) أرأيت أن آجرت داري ممن يتخذها كنيسة أو بيت ناروا أنا في مصر من
423

الأمصار أو في قرية من قرى أهل الذمة (قال) قال مالك لا يعجبني أن يبيع الرجل
داره ممن يتخذها كنيسة ولا يؤاجر داره ممن يتخذها كنيسة (قال) ولا يبيع شاته
من المشركين إذا علم أنهم إنما اشتروها ليذبحوها لأعيادهم (قال) مالك ولا يكرى دابته
منهم إذا علم أنهم يكرونها ليركبوها إلى أعيادهم (قلت) هل كان مالك يقول ليس
للنصارى أن يحدثوا الكنائس في بلاد الاسلام (قال) نعم كان مالك يكره ذلك
(قلت) هل كان مالك يكره أن يتخذوا الكنائس ويحدثوها في قراهم التي صالحوا
عليها (قال) سألت مالكا هل لأهل الذمة أن يتخذوا الكنائس في بلاد الاسلام
قال لا إلا أن يكون لهم أمر أعطوه (قال ابن القاسم) لا أرى أن يمنعوا من
ذلك في قراهم التي صالحوا عليها لان البلاد بلادهم يبيعون أرضهم ودورهم ولا يكون
للمسلمين منها شئ إلا أن تكون بلادهم غلبهم عليها المسلمون وافتتحوها عنوة
فليس لهم أن يتخذوا فيها شيئا لان البلاد بلاد المسلمين ليس لهم أن يبيعوا ولان أن يورثوها
وهي في للمسلمين فان أسلموا لم يكن لهم فيها شئ فلذلك لا يتركون فأما ما سكن
المسلمون عند افتتاحهم وكانت مدائنهم التي اختطوها مثل الفسطاط والبصرة والكوفة
وأفريقية وما أشبه ذلك من مدائن الشام فليس ذلك لهم إلا أن يكون لهم شئ أعطوه
فيوفى لهم به لان تلك المدائن قد صارت لأهل الاسلام مالا لهم يرثون ويبيعون
وليس لأهل الصلح فيها حق فقد صارت مدائن لأهل الاسلام وأموالا لهم (قال)
وقال مالك أرى أن يمنعوا من أن يتخذوا في بلاد الاسلام كنيسة إلا أن يكون لهم
عهد فيحملوا على عهدهم (وقال غيره) كل بلاد افتتحت عنوة وأقروا فيها ووقفت
الأرض لأعطيات المسلمين ونوائبهم فلا يمنعون من كنائسهم التي في قراهم التي أقروا
فيها ولا من أن يتخذوا فيها كنائس لأنهم أقروا فيها على ذمتهم وعلى ما يجوز لأهل
الذمة فعله ولا يكون عليهم خراج في قراهم التي أقروا وإنما الخراج على الأرض
(ما جاء في إجارة الخمر)
(قلت) أرأيت مسلما آجر نفسه من نصراني يحمل له خمرا على دابته أو على نفسه
424

أيكون له من الاجر شئ أم تكون له إجارة مثله (قال) قال مالك لا تصلح
هذه الإجارة ولا أرى أنا له من الإجارة التي سمى ولا من إجارة مثله قليلا ولا
كثيرا لان مالكا قال لي في الرجل المسلم يبيع خمرا قال مالك لا أرى أن يعطى من
ثمنها قليلا ولا كثيرا والكراء عندي بهذه المنزلة لا أرى أن يعطى من الإجارة
قليلا ولا كثيرا (قلت) له وكذلك أن آجر حانوته من نصراني يبيع فيه خمرا
(قال) قال مالك لا خير في ذلك وأرى الإجارة باطلا (قال ابن القاسم) وأرى
كل مسلم آجر نفسه أو غلامه أو دابته أو داره أو بيته أو شيئا مما يملكه في شئ
من الخمر فلا أرى له من الإجارة قليلا ولا كثيرا ولكن يفعل فيه أن كان قبض
أولم يقبض ما وصفت لك في ثمن الخمر (ابن وهب) عن سعيد بن أبي أيوب عن
عطاء بن دينار الهذلي عن مالك بن كلثوم المرادي قال سمعت سعيد بن المسيب
يقول لا يغلق عليك وعلى الخمر باب دار (ابن وهب) عن ابن لهيعة وعن يحيى بن
أيوب عن عطاء بن دينار الهذلي عن مالك بن كلثوم أنه سأل سعيد بن المسيب
عن غلمان له يعملون في السوق على دواب له فربما حملت خمرا قال فنهاني سعيد عن
ذلك أشهد النهى وقال إن استطعت أن لا تدخل البيت الذي فيه الخمر فلا تدخله
(عبد الله بن وهب) عن ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن عياض بن عبد الله
السلامي أنه قال لعبد الله بن عمر ان لي إبلا تعمل في السوق ريعها صدقة تحمل الطعام
فإذا لم تجد فربما حملت خمرا فقال لا يحل ثمنها ولا كراؤها ولا شئ منه كان منها فيه
سبب (قال ابن وهب) وسمعت مالكا وسئل هل يكرى الرجل دابته ممن يحمل
عليها خمرا قال لا ولا يؤاخر الرجل عبده في شئ من عمل الخمر ولا من حفظها
ما أحل الله أوسع وأطيب من أن يؤاجر عبده في مثل هذا (وقال) الأوزاعي والليث
مثله (ابن وهب) عن خالد بن حميد عن عياش بن عباس عن عميرة المعافري قال
خرجت حاجا أنا وصاحب لي حتى قدمنا المدينة فأكرى صاحبي راحلته من صاحب
خمر فأخبرني فذهبنا إلى عبد الله بن عمر نسأله عن ذلك فنهاه عن ذلك وقال لا خير
425

فيه (ابن وهب) عن خالد بن حميد عن محمد بن مخلد الحضرمي عن ضمضم بن عقبة
الحضرمي وجاءه غلام له يوما بفلوس فاستكثرها وقال كنت أعمل في عصير الخمر قال
فأخذها منه ضمضم ثم نبذها في عرض بحر البرلس وكانوا بالبرلس مرابطين
(في إجارة الخنازير)
(قلت) أرأيت لو أن مسلما آجر نفسه من نصراني يرعى له الخنازير فرعاها
فأراد اجارته (قال) قال مالك في النصراني يبيع من المسلم خمرا ان النصراني
يضرب على بيعه الخمر من المسلم إذا كان النصراني يعرف أنه مسلم فباعه وهو يعرف
أنه مسلم أدبا للنصراني (قال) وأرى أن يؤخذ الثمن من النصراني فيتصدق به على
المساكين أدبا للنصراني ويكسر الخمر في يد المسلم (قال ابن القاسم) وأنا أرى أن
تؤخذ الإجارة من هذا النصراني ويتصدق بها على المساكين ولا يعطاها هذا المسلم
أدبا لهذا المسلم ولان الإجارة أيضا لا تحل لهذا المسلم إذا كانت اجارته من رعيه
الخنازير وأرى أن يضرب هذا المسلم أدبا له فيما صنع من رعيه الخنازير ورضاه بالأجر
من رعيه الخنازير إلا أن يكون ممن يعذر بالجهالة فكيف عنه في الضرب ولا يعطى
من الإجارة شيئا ويتصدق بالأجرة على المساكين ولا تترك الأجرة للنصراني مثل
قول مالك في الخمر
(في الإجارة على طرح الميتة)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أن استأجرت رجلا يطرح لي هذه الميتة أو هذا الدم
أو هذه العذرة من داري أتجوز هذه الإجارة أم لا (قال) لا بأس بذلك عند مالك
(قال) وسئل مالك عن رجل ماتت في داره شاة فقال لرجل احملها عنى ولك جلدها (قال)
مالك لا خير في هذه الإجارة لأنه استأجره بجلد ميتة وجلود الميتة لا يصلح بيعها فهذا
قد استأجره بما لا يصلح بيعه (قلت) فهل يجوز بيع جلود الميتة إذا دبغت (قال)
قال مالك لا تباع جلود الميتة دبغت أولم تدبغ ولا تباع على حال (قال) مالك
426

ولا يصلى على جلود الميتة ولا تلبس (قال مالك) والاستقاء في جلود الميتة إذا دبغت
في نفسي منه شئ ولست أشدده على غيري ولكن أتقيه في نفسي خاصة ولا أحرمه
على الناس ولا بأس بالجلوس عليها ويغربل عليها فهذا وجه الانتفاع بهذا الذي جاء
فيه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا انتفعتم بجلدها (قال أشهب)
وقد قال جابر بن عبد الله صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ما حرم أكله حرم ثمنه
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا
أثمانها. لا شهب هذه الآثار
(في إجارة نزو الفحل)
(قلت) أرأيت أن استأجرت فحلا للانزاء فرسا أو حمارا أو تيسا أو بعيرا أيجوز
هذا في قول مالك أملا (قال) قال مالك إذا استأجرت ينزيه أعواما معروفة بكذا
وكذا فهذا جائز وان استأجره ينزيه شهرا بكذا وكذا فذلك جائز وان استأجره
ينزيه حتى تعلق منه الرمكة فذلك فاسد لا يجوز (قلت) من أي وجه جوز مالك إجارة
الفحل وقد بلغك أن بعض العلماء كرهوه وذكروه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا
من الغرر في القياس (قال) إنما جوزه مالك لأنه ذكر أنه العمل عندهم وأدرك الناس
يجيزونه بينهم فلذلك جوزه مالك (ابن وهب) عن عبد الجبار بن عمر عمن حدثه
أن عقيل بن أبي طالب كأن لا يرى بأسا في الرجل يكون عنده تيس يطرقه الغنم
ويأخذ عليه الجعل (قال ابن وهب) وأخبرني يونس عن ربيعة أنه قال في بيع
ضريبة الجمل وغيره من الفحول لا أرى بذلك بأسا إذا كان له أجل ينتهى إليه ضرابه
إذا لم يضمن له اللقاح ولم يشترط على أصحابها (ابن وهب) عن ابن لهيعة وعقبة
ابن نافع عن خالد بن يزيد عن عطاء بن أبي رباح أنه سئل عن طروقة جمل تحمل
قال لا بأس بذلك (قال ابن وهب) وسألت عبد العزيز بن أبي سلمة عن ذلك
فقال ليس بذلك بأس وقد كانت عندنا دور فيها تيوس تكرى لذلك وأبناء أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحياء فلم يكونوا ينهون عن ذلك
427

(في إجارة البئر)
(قلت) أرأيت أن استأجرت من رجل بئرا وهي في دار له أو في فنائه وليست
هي من آبار الماشية استأجرتها منه أسقى منها غنمي كل شهر بدينار أتجوز هذه
الإجارة في قول مالك أم لا (قال) أماما كان في داره فله أن يبيعها ويمنعها الناس
وكذلك سمعت مالكا يقول وأما فناؤه فاني لا أعرف ما الفناء إن كان إنما احتفرها
للناس يستقون منها أو لماشيتهم فلا ينبغي له أن يبيعها وإن كان إنما احتفرها ليحوزها
لنفسه كما يجوز ما في داره يسقى بها ويشرب بها وهي في أرضه ولم يحتفرها على وجه
الصدقة للناس فلا أرى بها بأسا أن يبيعها أو يكريها (قلت) أكان مالك يكره
بيع المواجل مواجل ماء السماء (قال) سألت مالك عن بيع ماء المواجل التي على
طريق انطابلس فكره ذلك (قلت) هل كان مالك يكره بيع فضل ماء الزرع من
العيون أو الآبار (قال) لا بأس بذلك (قلت) وهل كان مالك يكره بيع رقاب آبار ماء الزرع
(قال) قال مالك لا بأس يبيعها (قلت) وكذلك العيون لا بأس ببيع أصلها وبيع مائها
ليسقى به الزرع (قال) نعم لا بأس بذلك عند مالك (قلت) وإنما كره مالك بيع بئر
الماشية أن يباع ماؤها أو يباع أصلها (قال) نعم (قلت) وأهلها أحق بمائها حتى إذا
فضل عنهم كان الناس فيه أسوة (قال) نعم (قلت) وهل كان مالك يكره بيع
آبار الشفة (قال) مالك ان كانت البئر في أرضه أو في داره لم أر بأسا أن يبيعها
ويبيع ماءها (قلت) وكان مالك يجعل ربها أحق بمائها من الناس (قال) نعم
(قلت) فالمواجل أكان مالك يجعل ربها أولى بمائها من الناس (قال) أما كل
ما احتفر في أرضه أو في داره يريده لنفسه مثل ما يتخذ الناس في دورهم فهو أحق
المغرب فإنه كان يكره بيعها من غير أن يراه حراما وجل ما كان يعتمد عليه الكراهية
واستثقال بيع مائها وقد فسرت لك ما سمعت ووجه ما سمعت منه وهي مثل
الآبار التي يحتفرونها للماشية ان أهلها أولى بمائها حتى يرووا ويكون للناس ما فضل الا
428

من مر بها لشفتهم ودوابهم فان أولئك لا يمنعون كما لا يمنعون من شربهم منها
(في إجارة الوصي أو الوالد نفسه من يتيمه أو من ابنه)
(أو الابن نفسه من أبيه)
(قلت) أرأيت لو أن وصيا آجر نفسه من يتيم له في حجره يعمل له في بستانه أو في
داره (قال) كره مالك أن يشترى الوصي من مال اليتيم لنفسه (قال) مالك فإذا فعل
ذلك نظر السلطان في ذلك فإن كان خيرا لليتيم أمضاه على الوصي فأرى الإجارة مثل
البيع ينظر فيها السلطان كما ينظر في البيع (قلت) وكذلك الوالد في ابنه الصغير
(قال) نعم الوالد والوصي في هذا سواء ولا أحفظ الوالد من مالك (قلت) أرأيت
لو أن رجلا استأجر ابنه ليخدمه ففعل أتكون للابن الإجارة في قول مالك أم لا (قال)
إن كان ابنه هذا قد احتلم فان الإجارة للابن إذا كان قد آجره نفسه لان مالكا قال
لا تلزم الأب نفقة الابن إذا احتلم
(في العبد والصغير يؤاجر ان أنفسهما بغير إذن الأولياء)
(قلت) أرأيت لو أن صبيا آجر نفسه وهو صغير بغير إذن وليه أتجوز هذه الإجارة
أم لا (قال) لا تجوز الإجارة (قلت) له وان عمل قال له الإجارة التي سمى له إلا أن
تكون إجارة مثله أكثر فتكون له إجارة مثله (قلت) وكذلك العبد المحجور
عليه قال نعم (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا ولكنه مثل قول مالك في الدابة
إذا تعدى عليها أو غصبها (قلت) فان عطب الصبي أو الغلام ماذا على المستأجر
(قال) إذا استعملهما عملا يعطبان فيه فهو ضامن لقيمة العبد يوم استعمله أو الكراء
وسيد العبد مخير في ذلك أن شاء أخذ الكراء ولا شئ له من قيمة العبد وان شاء
أخذ قيمة العبد بالغة ما بلغت ولا شئ له من الكراء وأما في الصبي الحر فعلى
المتكارى أجر ما عمل له الصبي الاجر الذي سميا إلا أن يكون أجر مثله أكثر مما
سميا وتكون على عاقلته الدية لان الحر في هذا ليس بمنزلة العبد لان الحر لا يخير
429

ورثته كما يخير سيد العبد لان العبد سلعة من السلع والحر ليس بسلعة من السلع لان
الدية لازمة في الحر على كل حال وهي السنة أن الدية لازمة (قال سحنون) وقال
مالك بن أنس في العبيد يستأجرون ليس على من استأجرهم ضمان ما أصابهم وان قال
سادات العبيد لم نأمرهم أن يؤاجروا أنفسهم إلا أن يستأجر عبد في عمل مخوف
على وجه الغرر يزيده في اجارته أضعافا. من ذلك البئر تكون فيه الحمأة والهدم من
تحت الجدارات وما أشبهه فالذي استأجره على هذا ضامن للعبد إذا كان يغير اذن
سيده وهو الامر عندنا (ابن وهب) قال وقال مالك ومن استعمل عبدا عملا
شديدا فيه غرر بغير إذن أهله فعمله فعليه فيه الضمان ان أصيب العبد وإن كان العبد
قد أرسل في الإجارة وذلك لأنه إنما اذن له من الإجارة فيما تجرى فيه الاعمال وتؤمن
فيه البلايا ولم يؤذن له في الاغترار كالبئر التي قتلت أهلها حمأة وأشباه ذلك وان خرج
به سفرا بغير إذن أهله فهو ضامن له (قال ابن وهب) قال يونس بن يزيد وقال
ربيعة بن أبي عبد الرحمن ويضمن العبد فيما أستعين عليه من أمر ينبغي في مثله الإجارة
وكل من استأجر عبدا في غرر الإجارة فيما يخشى من التلف فعليه الضمان وإن كان
العبد قد أرسل في الإجارة وذلك أنه إنما أذن له من الإجارة فيما تجرى فيه الاعمال
وتؤمن فيه البلايا ولم يؤذن له في الاغترار كالبئر التي قتلت أهلها حمأة وأشباه ذلك.
وأما كبير حر فلا نعلم فيه شيئا إلا أن يستغفل أو يستجهل أو يقرب له فيما لا يعلم
منه لا يعلم الذي قرب له فيه (قال) ومن استأجر عبد قوم فإن كان غلاما يؤاجر نفسه
فخرج به سفرا بغير إذن أهله فهو ضامن (قال) وكل استعان غلاما ما لم يبلغ الحلم
فيما ينبغي في مثله الإجارة فهو لما أصابه ضامن وما كان من صبي أو عبد استعين فيما
لا ينبغي فيه الإجارة كالرجل يقول له ناولني نعلي أو ناولني قدحا وكأشباه هذا فليس
في هذا عقل. هذه الآثار لابن وهب
430

(في إجارة العبد باذن السيد على أن يخدمه شهرا)
(بعينه فان مرض فيه قضاه في شهر غيره)
(قلت) أرأيت أن استأجرت عبدا يخدمني شهرا بعينه على أنه ان مرض هذا
الشهر قضاني ذلك في غيره (قال) لا يعجبني ذلك لان الأيام تختلف ليس أيام الصيف
كأيام الشتاء فهذا الشهر إن كان في الصيف لا يأمن أن يتمادى به المرض إلى أيام
الشتاء وإن كان في أيام الشتاء لا يأمن أن يتمادى به المرض إلى أيام الصيف فلا خير
في هذه الإجارة
(في الرجل يستأجر الحائط ليحمل عليه خشبه)
(قلت) أرأيت أن استأجرت من رجل حائطا لابني عليه سترا أو لأحمل
عليه خشبا أو لأضرب فيه وتدا أو لأعلق عليه سترا كل شهر بدرهم أتجوز هذه
الإجارة أم لا (قال) لا أرى بذلك بأسا وأرى الإجارة فيه جائزة (قلت) فهل
كان مالك يأخذ بهذا الحديث لا يمنع أحدكم جاره أن يضع خشبه على جداره (قال)
قال مالك لا أرى أن يقضى بهذا الحديث لان إنما كان من النبي صلى الله عليه وسلم
على وجه المعروف بين الناس
(ما جاء في الرجل يستأجر الأجير يجيئه بالغلة)
(قلت) أرأيت أن استأجرت عبدا أيصلح لي أن أجعله يجئ بالغلة في قول مالك
(قال) نعم إذا لم يشترط عليه حين استأجره خراجا معلوما (قلت) لا ولكنه
وضع عليه بعد ذلك خراجا أيصلح أم لا (قال) إن كان إنما وضع عليه خراجا معلوما
فإن لم يأت له بم يضمنه له فلا بأس بذلك (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم
(قلت) أرأيت الذي يستأجر الغلمان الحجامين على أن يجيئون بالغلة أيصلح هذا في
قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا بأس بذلك إذا لم يستأجرهم على أن يضمنهم
خراجا معلوما ولم يقل لي مالك حجاما من غير حجام (قال ابن وهب) وأخبرني
431

الليث بن سعد وعمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج أنه قال لا نرى بأسا باستئجار
الرجل الأجير على أن يعمل بيديه أو على دابته فيعطيه ما كسب إذا بين له ذلك حين
استأجره (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب أنه
قال لا يصلح له أن يضرب عليه خراجا مسمى وليستعمله بأمانته وان أعطاه دابة
يعمل عليها (ابن وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم أنه
قال لا يشترى عليه أنى استأجرك بكذا وكذا دينارا على أن تخرج لي كذا وكذا
فان ذلك لا يصلح (قال ابن وهب) وقال مالك في الرجل يستأجر الأجير سنة
يعمل في السوق بكذا وكذا دينارا على أن يأتيه كل يوم بثلث درهم (قال مالك)
لا يصلح له ذلك لأنه سلفه دينارا في فضة إلى أجل إن كان الذي يعطيه الأجير فضة
وإن كان الذي يعطيه حنطة فإنه سلفه في حنطة بغير سعر معلوم ولان الثلث يختلف
فيكثر ويقل ان رخص السعر كثر وان غلا السعر قل فهذا غرر وقد نهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر (ابن وهب) عن عامر بن مرة عن عمرو بن
الحارث عن ربيعة أنه قال في رجل استأجر أجيرا واشترى حمارا فأمر أجيره أن
يعمل له عليه فضرب على ذلك الأجير خراجا درهما كل يوم (قال ربيعة) لو أن رجلا
استأجر أجيرا ثم دفع إليه حمارا يعمل عليه أو سفينة يختلف فيها أو شبه ذلك وضرب
عليه في ذلك ضريبة كان ذلك حلالا إذا استقل بذلك الأجير ولكن لا يصلح له
أن يضمنه ان نقص
(ما جاء في الرجل يستأجر المرأة الحرة تخدمه أو الأمة)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا استأجر امرأة حرة أو أمة تخدمه وهو غرب أيجوز
هذا أم لا (قال) سمعت مالكا وسئل عن امرأة تعادل الرجل في المحمل وليس
بينهما محرم فكره ذلك فالذي يستأجر المرأة تخدمه وليس بينهما محرم وليس له أهل
وهو يخلو معها أشد عندي كراهية من الذي تعادله المرأة في المحمل
432

(في الرجل يؤاجر عبده أو داره السنين الكثيرة)
(قلت) أرأيت مالكا هل كان يكره أن يكرى الرجل غلامه أو داره السنين
الكثيرة ويراه من المخاطرة (قال) قد سألت مالكا عن الرجل يكرى غلامه السنين
الكثيرة الخمس عشرة سنة ونحو ذلك (قال) لا بأس به وفى الدور أبين وآمن (قلت)
أرأيت لو أنى اكتريت من رجل عبدا عشر سنين أيجوز هذا في قول مالك (قال)
سألت مالكا عنه فقال ما رأيت أحدا يفعله وما أرى به بأسا (قلت) فلو أوصى
لرجل بخدمة عبده عشر سنين فأكراه الموصى له بالخدمة عشر سنين أيجوز هذا في
قول مالك (قال) نعم (وقد قال غيره) لا تجوز إجارة العبيد السنين الكثيرة لأنه
غرر لما في الحيوان من الحوالة والنقص وهو في الدواب أبين غررا والدواب
لا يجوز كراؤها الأمد البعيد لاختلاف حالها وهو دون الرقيق وشئ آمن من شئ
(في الرجل يؤاجر نفسه من النصراني)
(قلت) أرأيت لو أن نصرانيا آجر مسلما ليخدمه أتجوز هذه الإجارة في قول مالك
أم لا (قال) سئل مالك عن المسلم يأخذ من النصراني مالا قراضا فكره ذلك له وغيره
من أهل العلم قد كره ذلك ولا أرى مالكا كره ذلك الا من وجه الإجارة وقد بلغني
أن مالكا كره أن يؤاجر المسلم نفسه من النصراني (قلت) أرأيت أن آجره هذا
المسلم نفسه على أن يحرس له زيتونه أو يحرث له أو يبنى له بنيانا (قال) أكره أن يؤاجر
نفسه في خدمة هذا النصراني
(في الأجير يفسخ اجارته في غيرها)
(قلت) أرأيت أن آجرت عبدا لي أو آجرت نفسي في الخياطة شهرا فأردت أن أحول
اجارتي تلك في عمل الطين أو في الصباغة أو في القصارة أيجوز هذا أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك لا يصلح إلا أن يكون الشئ اليسير يكون إنما آجره نفسه في
الخياطة اليوم ونحوه فلا بأس أن تحول تلك الإجارة في غيرها من الاعمال لان اليوم
433

ونحوه لا يكون دينا في دين وان كثرت الإجارة حتى تصير الشهر وما أشبهه فحولها
في غير ذلك العمل كان ذلك الدين بالدين فلا يصلح في قول مالك وكل من كان له حق
على رجل من عمل أو مال فلا يجوز له أن يحوله في غير ذلك العمل والمال فان حوله
كان ذلك كالئا بكالئ وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ
(في الرجل يستأجر الأجير فيؤاجره من غيره)
(أو يستعمله غير ما استأجره له)
(قلت) أرأيت أن استأجرت عبدا يخدمني فآجرته من غيري أيجوز هذا في قول
مالك (قال) إذا آجرته في مثل عملك الذي كان يعمل لك فلا بأس بذلك (قلت)
أرأيت أن استأجرت عبدا للخياطة فأردت أن أستعمله غير الخياطة (قال) سألت
مالكا عن ذلك فقال إن كان اليوم وما أشبه ذلك إذا كان الشئ القريب فلا بأس بذلك
فان كثر فلا خير فيه لأنه كان شئ حوله في شئ فلا خير في ذلك (قلت) أرأيت
ان استأجرت عبدا للخياطة كل شهر بكذا وكذا أيكون لي أن أستعمله غير
الخياطة في قول مالك (قال) لا يكون لك أن تستعمله الا الخياطة (قلت) فان
استعملته غير الخياطة فعطب أأضمن أم لا (قال) إذا كان عملا يعطب في مثله
ضمنت في قول مالك
(ما جاء في الأجير يستعمل الليل والنهار)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أجيرا للخدمة ألي أن أستخدمه الليل والنهار (قال)
تستخدمه كما يستخدم الناس الاجراء لليل خدمة وللنهار خدمة وخدمة الليل ما قد عرفها
الناس من سقيه الماء للمؤاجر ومن قيامه بالليل يناوله لحافا أو ما أشبه هذا فأما أن
يستخدمه خدمة تمنعه النوم فلس له ذلك إلا أن تعرض له الحاجة هي من خدمة
العبد المرة بعد المرة فلا بأس أن يستعمله فيها في بعض ليله وإنما هذا على ما يعرف
الناس ولا أحفظه (وسمعت) مالكا يسئل عن العبيد يستعملون النهار فإذا كان الليل
434

استطحنوهم أترى ذلك ينبغي (قال) ان من الاعمال أعمالا يجهد العبيد فيها فلا ينبغي
أن يفدحوا بعمل الليل أيضا (قال) ومن العبيد عبيد إنما أعمالهم خفيفة فلا بأس أن
يستطحنوا بالليل من غير أن يفدحوا بذلك يطحن العبد على قدر طاقته (قال) والخدم
ها هنا عندنا يعملون العمل الخفيف يستبقون بالنهار وربما طحنوا بالليل فقيل له هؤلاء
العبيد الذين يعملون على الدرانيق يطلعون وينزلون (قال) لا يعجبني هذا العمل وهو
شديد وجهد وإنما كان الناس فيما مضى يجرون على رقابهم وعلى الإبل وهذا الدرنوق
عمل يعمل وربما هلك في ذلك أيضا بعضهم
(الأجير يسافر به)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أجيرا يخدمني سنة أيكون لي أن أسافر به (قال)
لا لان مالكا قال إذا استأجر الرجل الأجير على أن يخدمه في منزلة أو يبعثه في سفر
ان احتاج إليه أو يرحل به ان احتاج إلى ذلك أو يحرث له أو يحصد له ان احتاج
إلى ذلك (قال) أما كل عمل كان يشبه بعضه بعضا أو بعضه قريب من بعض مثل
كنس البيت أو الخبز أو العجن أو ما أشبه هذه الوجوه فلا بأس بذلك وأما أن
يشترط عليه ان احتاج إلى أن يبعثه إلى سفر أو يحرث له أرضا أو يعمل له في البيت
فاه ذلك لا خير فيه إذا تباعد ما بين هذه الاعمال هكذا فلا خير فيه لان كراء هذا
ليس مثل كراء هذا ويدخله المخاطرة ولو قصد به قصدا ثقل تلك الأعمال لم يرض
سيد العبد أن يؤاجره في ذلك العمل بعينه بمثل ما آجره في غيره فهذا من المخاطرة والغرر
(في الرجل يؤاجر عبده ثم يبيعه أو يأبق)
(فيرجع في بقية من الإجارة)
(قلت) أرأيت أن آجرت عبدا لي ثم بعته (قال مالك) الإجارة أولى (قلت)
أرأيت إذا انقضت الإجارة أيكون للمشترى أن يأخذ العبد بذلك الثمن (قال) ان
كانت اجارته قريبة اليوم أو اليومين وما أشبهه رأيت البيع جائزا وإن كان أجلا
435

بعيدا رأيت أن يفسخ البيع بينهما ولا يكون له أن يأخذه بعد الإجارة لان مالكا
قال لي في البعد يباع على أن يقبض إلى شهر أو نحو ذلك أن ذلك لا يجوز (قلت)
أرأيت أن استأجرت عبدا فأبق ثم رجع في بقية المدة أتكون الإجارة لازمة في
بقية المدة التي رجع فيها (قال) نعم مثل ما قال مالك في المريض إذا برأ في بقية المدة
(وقال غيره) إلا أن يكون فسخ ذلك (قلت) أرأيت أن استأجرت عبدا فأبق
أتفسخ الإجارة في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان رجع في بقية من وقت
الإجارة أو قدر عليه (قال) يرجع في الإجارة بحال ما وصفت لك (قلت) أرأيت
ان استأجرت من رجل عبدا يخدمني سنة فهرب العبد من يدي إلى دار الحرب
(قال) تنفسخ الإجارة فيما بينهما إلا أن يرجع العبد في بقية من وقت الإجارة كما
وصفت لك (قلت) أرأيت أن هرب السيد (قال) الإجارة بحالها لا تنتقض
(في إجارة أم الولد في الخدمة)
(قلت) هل تكرى أم الولد في الخدمة في قول مالك (قال) لا
(في العبد يؤاجر ثم يوجد سارقا)
(قلت) أرأيت أن استأجرت عبدا للخدمة فإذا هو سارق هل تراه عيبا يرده
على سيده وتفسخ الإجارة (قال) نعم كذلك هذا في البيوع عندي والإجارة مثله سواء
(في الأجير يستأجره الرجل يرعى غنمه بأعيانها)
(فيرعى معها غيرها)
(قلت) أرأيت أن استأجرته يرعى غنمي هذه بأعيانها أيكون له أن يأخذ معها غنما
من الناس يرعاها (قال) لهذا وجوه إن كان إنما استأجره في غنم كثيرة بعلم أن مثله
إنما يستأجر على كفايتها وأنه لا يقوى على أكثر منها فليس له أن يأخذ معها غيرها
إلا أن يدخل معه من يرعى معه فيقوى على أكثر منها فيكون له ذلك فأما الذي
436

استؤجر على الشئ اليسير من الغنم فان له أن يضم معها غيرها إلا أن يكونوا اشترطوا
عليه أن لا يرعى معها غيرها (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل
مالا قراضا فيريد أن يأخذ من غيره أله ذلك (قال) نعم إلا أن يكون مالا كثيرا يخاف
إذا أدخل معه غيره لم يقو على ذلك وخيف على ما أخذ الضيعة فليس له ذلك (قال)
مالك وانى لأكره للرجل أن يدفع إلى الرجل مالا قراضا الذي مثله لا يشتغل به
الرجل عن غيره فيشترط عليه أن لا يأخذ من أحد غيره مثل المال القليل (قلت)
ولم أجزت في الغنم أن يشترطوا عليه أن لا يرعى معها غيرها (قال) لأنهم استأجروه
عليها فذلك إجارة والقراض ليس بإجارة فقد دخله اشتراط ما لا ينبغي (قال مالك)
ومن ذلك أنه يجوز للرجل أن يتكارى الأجير إلى وقت معلوم بأمر معروف
يذهب له ببز إلى إفريقية وما أشبهها يبيعه ولو قال له تأخذ هذا المال قراضا تشترى به
متاعا من أفريقية أو تخرج به إلى إفريقية لم يكن فيه خير (قال) لي مالك يعطيه ذهبه ثم
يقوده كما يقاد البعير لا خير في ذلك ألا ترى أنه لو وجد تجارة دون إفريقية لم يستطع
أن يشتريها ولو اشتراها لضمن وليس هكذا القراض ولا خير فيه وله أن ينهاه أن
لا يخرج بماله الذي قارضه به إلى بلد ولا ينبغي له أن يشترط عليه أن يخرج به إلى
بلد (قلت) أرأيت هذا الأجير الذي استأجرته يرعى غنمي هذه بأعيانها أيكون
له أن يرعى معها غيرها (قال) قال مالك إن كان استأجره على أن يرعى غنمه هذه
بأعيانها ولم يشترط عليه أنها ان ماتت أخلف له غيرها فلا خير في هذه الإجارة إلا أن يشترط عليه أنها ان ماتت أخلف له غيرها فتكون الإجارة جائزة (قلت)
أرأيت أن استأجرته على أن يرعى لي مائة شاة واشترطت عليه أن لا يرعى معها غيرها
فآجر نفسه يرعى غيرها لمن الإجارة التي آجر نفسه بها (قال) لرب الغنم الذي شرط
عليه أن لا يرعى معها غيرها وكذلك الأجير الذي يستأجره الرجل على أن يخدمه
شهرا فيؤاجر نفسه الأجير يوما أو أكثر أو أقل فان أجرته تكون للذي استأجره
لان خدمته كانت للذي استأجره قال وهذا قول مالك في الأجير (وقال غيره) في
437

صاحب المائة الشاة ان آجر نفسه يرعي غيرها فليس لرب الغنم من اجارته شئ إذا لم
يدخل على صاحب المائة مضرة في الرعي وانه لم يشتغل عنها (قلت) فان قال
المستأجر الأول لا أريد اجارته ولكن حطوا عنى إجارة هذا اليوم (قال) أرى
ذلك له ان أحب أن يأخذ اجارته تلك التي آجر بها نفسه فذلك له وان أحب أن يحط
عنه إجارة ذلك اليوم ولا يكون له من الذي أخذ الأجير شئ فذلك له
(في الأجير يستأجره الرجل يرعى غنما بغير أعيانها أو بأعيانها)
(قلت) أرأيت أن استأجرته على أن يرعى لي مائة شاة بكذا وكذا ولم أقل مائة
بأعيانها ولم أشترط عليه ان رعاها فتماوتت أن أخلف له مائة أخرى يرعاها (قال)
لا بأس بذلك (قلت) لم (قال) لأنها ليست بأعيانها فهي إذا تماوتت كان لك أن
تأتي بمائة مكانها يرعاها لك لان الإجارة لم تقع على غنم بأعيانها (قلت) فإذا كانت
مائة بأعيانها (قال) قد أخبرتك أن مالكا قال لا تجوز الإجارة في هذا إلا أن يشترط
أنها ان تماوتت أو باعها أتى بمائة مكانها يرعاها له
(ما جاء في الرجل يستأجر الأجير ليرعي له غنمه)
(فيأتي الراعي بعبد يرعى مكانه)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أجيرا يرعي لي غنمي هذه فأتى بعبد يرعى مكانه
(قال) لا يجوز ذلك له وإنما رضى بأمانته رب الغنم وجزائه وكفايته وإنما استأجره
ببدنه (قال سحنون) ولو رضى رب الغنم بذلك
(في الأجير الراعي يسقى الرجل من لبن الغنم)
(قلت) هل يكون للراعي أن يسقى من لبن الغنم التي يرعى للناس أو الإبل أو البقر
(قال) سألت مالكا عن الرجل يمر بالراعي فيستسقيه من لبن الغنم أو الإبل أو البقر
(في الأجير يرعى غنما بأعيانها فتتوالد أو يزاد فيها)
(قلت) أرأيت أن استأجرته على أن يرعى غنمي هذه بأعيانها واشترطت ان مات
438

منها شئ جئت ببدله فتوالدت الغنم أيكون على الراعي أن يرعى أولادها معها (قال)
أرى أن ينظر في كراء الناس في ذلك البلد فإن كانت لهم سنة يحملون عليها قد عرفوا
ذلك أنها إذا ولدت فأولادها معها رأيت ذلك يلزمه وإن لم يكن لهم سنة يحملون عليها لم
أر ذلك يلزمه لان عليه في ذلك تعبا وزيادة يزدادها عليه في رعيتها (قلت) أرأيت
ان استأجرت راعيا يرعى لي هذه الغنم بأعيانها وشرطت عليه أن ما مات منها أبدلته
أيكون لي أن أزيد فيها (قال) لا يكون لك أن تزيد فيها في قول مالك
(ما جاء في تضمين الراعي)
(قلت) هل كان مالك يرى على الراعي ضمان راعى الإبل أو راعى الغنم أو راعى البقر
أو راعى الدواب (قال) قال مالك لا ضمان عليهم الا فيما تعدوا أو فرطوا (قلت)
وسواء عند مالك إن كان هذا الراعي إنما أخذ من هذا عشرين شاة ومن هذا مائة
شاة فجمع أغنام الناس فكان يرعاها أو رجل استأجرته على أن يرعى غنمي هذه أهما
سواء في قول مالك (قال) قال مالك نعم هما سواء لا ضمان عليهما الا فيما تعديا أو
فرطا (قلت) أرأيت إذا سرقت الغنم هل يكون على الراعي ضمان في قول مالك
(قال) لا إلا أن يكون ضيع أو تعدى (قلت) والإبل والبقر والدواب فيما سألتك
عنه من أمر الراعي سواء مثل الغنم في قول مالك (قال) نعم (ابن وهب) عن
الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال ليس على الأجير الراعي ضمان شئ من
رعيته إنما هو مأمون فيما هلك أو ضل يؤخذ يمينه على ذلك القضاء عندنا (ابن
وهب) عن يونس بن يزيد عن أبي الزناد أنه قال ليس على أحد ضمان في سائمة
دفعت إليه يرعاها الا يمينه إلا أن يكون باع أو انتحر فإن كان عبدا فدفع إليه شئ من
ذلك بغير إذن سيده فليس على سيده فيه غرم ولا في شئ من رقبة العبد (ابن
وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح
وشريح الكندي وبكير مثله (وقال) بعضهم إلا أن تقوم بينة بإهلاكه متعمدا (قال
ابن وهب) وسألت مالكا عن الأجير الراعي في المال من الإبل والغنم مما تقل اجارته
439

وتعظم غرامته (قال) ما رأيت أحدا يضمن الأجير الحيوان وليس على الراعي ضمان
إنما الضمان على الصناع (قال) وليس على العبد الراعي ضمان ما دفع إليه من ذلك إلا أن يكون انتحر شيئا مما دفع إليه. هذه الآثار لابن وهب
(في الأجير الراعي يشترط عليه الضمان)
(قلت) أرأيت أن اشترطوا على الأجير الراعي ضمان ما هلك من الغنم (قال) قال
مالك الإجارة فاسدة ويكون له كراء مثله ممن لا ضمان عليه ولا ضمان عليه فيما تلف
(قلت) فإن كان كراء مثله أكثر مما اكترى به على الضمان (قال) ذلك له وإن كان
أكثر مما سموا له وان هلكت الغنم فلا ضمان عليه في ذلك وقد قيل إن إجارة
مثله ان كانت أكثر مما استؤجر به على أنه ضامن أنه لا يزاد على ما رضى به ومع
هذا انه لا يمكن أن تكون إجارة مثله إذا لم يكن عليه ضمان أكثر من إجارة
مثله على أنه ضامن (قلت) أرأيت الرعي يشترط عليه أرباب الغنم أن ما مات منها
أتى الراعي بسمته والا فهو ضامن (قال) قال مالك إذا اشترطوا على الراعي أن ما مات
منها فهو ضامن قال مالك فالإجارة فاسدة ولا ضمان عليه فهذا يشبه مسألتك ولا
ضمان على الراعي فإن لم يأت بسمتها فله أجر مثله
(ما جاء في الراعي يذبح الغنم إذا خاف عليها الموت)
(قلت) أرأيت الراعي إذا خاف على الغنم الموت فذبحها أيضمن أم لا في قول مالك
(قال) لا يضمن (قلت) ويصدق في أنها كادت أن تموت فتداركها بالذبح (قال)
نعم إذا أتى بها مذبوحة (وقال) غيره هو ضامن لما انتحر
(في دعوى الراعي)
(قلت) هل يكون الراعي مصدقا فيما هلك من الغنم في قول مالك (قال) نعم
(قلت) أرأيت أن قال ذبحتها فسرقت مني مذبوحة أيصدق أم لا (قال) نعم
440

يصدق لأنه لو قال سرقت منى وهي صحيحة صدقته فكذلك إذا قال ذبحتها فسرقت
منى وهذا قول مالك في الراعي يقول سرقت الغنم منى انه مصدق ولا ضمان عليه
(وقال غيره هو ضامن بالذبح
(في الراعي يتعدى)
(قلت) أرأيت الراعي ينزى على الرمك أو على الإبل أو على البقر والغنم بغير
أمر أربابها فتعطب أيضمن أم لا (قال) أراه ضامنا (وقال غيره) لا ضمان عليه (قلت)
أرأيت أن اشترطت على الراعي أن لا يرعى غنمي الا في موضع كذا وكذا فرعاها
في سوى ذلك الموضع أيضمن أم لا (قال) أراه ضامنا (قلت) أتحفظه عن
مالك (قال) لا (قلت) أرأيت إذا خالف الراعي فضمن أي القيمتين تضمنه أقيمتها
يوم أخذها أو قيمتها يوم خالف بها (قال) قال مالك في الرجل يتكارى الدابة فيتعدى
عليها (قال) مالك تقوم في الموضع الذي تعدى فيه ولا تقوم عليه يوم أخذها فكذلك
الغنم إنما يكون عليه ضمانها يوم تعدى فيها ويكون له من الاجر بقدر ما رعاها إلى يوم
تعدى فيها
(في استئجار الظئر)
(قلت) أرأيت أن استأجرت ظئرا ترضع لي صبيا سنتين بكذا وكذا درهما
(قال) ذلك جائز عند مالك (قلت) وكذلك أن اشترطت عليهم طعامها (قال)
نعم (قلت) وكذلك أن اشترطت عليهم كسوتها (قال) هذا جائز كله عند مالك
(قلت) فهل يكون لزوجها أن يطأها (قال) قال مالك إذا آجرت نفسها ظئرا باذن
زوجها لم يكن لزوجها أن يطأها (قلت) فان آجرت ظئر نفسها بغير إذن زوجها
أيكون لزوجها أن يفسخ اجارتها في قول مالك (قال) نعم (قلت) فأين ترضعه
الظئر في قول مالك (قال) حيث اشترطوا (قلت) فإن لم يشترطوا موضعا (قال)
العمل عند الناس أنها ترضع الصبي عند أبويه إلا أن تكون امرأة مثلها الا يرضع في بيوت
441

الناس ومن الناس من هو دنئ الشأن فان طلب مثل هذا أن ترضع صبيه عنده لم يكن
ذلك له لأنه لا خطب له وإنما ينظر في هذا إلى فعل الناس (قلت) أتحفظه عن
مالك (قال) لا (قلت) أرأيت الظؤرة عليهم عمل الصبيان غسل خرقهم ودق
ريحانهم ودهنهم وحميمهم وتطييب الصبي (قال) إنما يحمل من هذا على ما يعمل الناس
بينهم (قلت) أسمعته من مالك (قال) لا ولكن مالكا قال في الاجراء يحملون
على عمل الناس بينهم فنرى هذا أيضا يحمل على ما يعرف من أمر الظؤرة عندهم
(قلت) أرأيت أن حملت هذه الموضع فخافوا على الصبي أيكون لهم أن يفسخوا
الإجارة (قال) نعم (قلت) تحفظه عن مالك (قال) لا ولكنه رأيي (قلت)
لم يكون لهم أن يفسخوا الإجارة ولم يكن لهم أن يلزموها أن تأتي بمن ترضع هذا
الصبي (قال) لأنهم إنما اكتروها بعينها على أن ترضع لهم (قلت) أرأيت أن
أرادوا سفرا فأرادوا أن يأخذوا صبيهم أيجوز ذلك لهم وتفسخ الإجارة (قال) لا يكون
لهم أن يفسخوا الإجارة وان أرادوا أخذ صبيهم لم يكن لهم ذلك إلا أن يوفوها الإجارة
(قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي (قلت) فلو مات الصبي (قال) قال
مالك إذا مات الصبي انقطعت الإجارة فيما بينهما وكان لها من الإجارة بحساب ما
أرضعت (قلت) ولا يكون لوالد الصبي أن يؤاجرها ترضع غير ابنه أو يأتي بصبي
سوى ابنه ترضعه ويكمل لها الأجرة التي شرط لها (قال) لا يكون ذلك له ولا لها
ان طلبته لان مالكا قال لو أن رجلا آجر دابته من رجل فركبها إلى سفر من الاسفار
فأراد أن يكريها من غيره (قال) ليس ذلك له (قال) قلت لمالك انه يكريها ممن
يشبهه في خفته وثقله وأمانته (قال) ليس ذلك له لان الرجل يكري الرجل دابته
لما يعلم من ناحية رفقه وحسن قيامه وقد يجد الرجل لعله مثله في الأمانة والحال
لا يكون له من الرفق ما لصاحبه (قال) فلم أره يجعله مثل كراء الحمولة ولا الدور ولا
كراء السفينة (قال) في هذا كله يكريه في حمولة مثل حمولته إلى الموضع الذي
اكترى إليه. والدار له أن يكريها ممن يثق به فيسكن والموضع عندي مثل من اكترى
442

ليركب هو نفسه (قلت) أرأيت أن كان هذا الذي اكترى هذه الدابة ليركبها
هو نفسه وخرج صاحب الدابة مع دابته فأراد المكترى أن يحمل على الدابة من هو
أصغر منه وأخف (قال) إنما سمعت من مالك ما أخبرتك به انه لا يجيزه (قال)
وقال لي مالك قد كان ها هنا رجل بالمدينة يكريني راحلته زمانا لا يعدوني إلى غيري
فيها فليس الناس كالحمولة (قال ابن القاسم) وهو رأيي فان أكراها لم أفسخه (قلت)
أرأيت امرأة آجرت نفسها ترضع صبيا لقوم وليس مثلها يرضع لشرفها وغناها أيكون
لها أن تفسخ الإجارة في قول مالك أم لا (قال) ليس لها أن تفسخ هذه الإجارة
لان الإجارة قد لزمتها (قلت) لم لا يكون لها أن تفسخ هذه الإجارة وهي ممن
لا ترضع ولدها إلا أن تشاء وكيف لا يكون لها أن تفسخ هذه الإجارة وهي ممن
لا ترضع تقول اني أستحي وليس مثلي يرضع وإن كنت آجرت نفسي (قال) إذا
آجرت نفسها فذلك لها لازم ولا ينظر إلى شرفها في الإجارة ألا ترى أنها إذا كانت
ذات شرف قيل لها ليس مثلك ترضع إلا أن تشائي فإن شئت ذلك لم تمنعي فهي إذا
شاءت أن ترضع ولدها كان ذلك لها فكذلك إذا أجرت نفسها فقد شاءت الإجارة
فلا تفسخ هذه الإجارة والإجارة لها لازمة (قلت) تحفظه عن مالك (قال) لا وهو
رأيي (قلت) أرأيت أن مرضت هذه الظئر أيكون لها أن تفسخ الإجارة (قال)
نعم إذا كان مرضا لا تستطيع معه الرضاع (قال) فان صحت في بقية من وقت الإجارة
خيرت على أن ترضع ما بقي ويكون لها من الاجر بقدر ما أرضعت ويحط من
اجارتها بقدر ما لم ترضع (قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك في الأجير إذا
استؤجر سنة انه إذا مرض بعض السنة ثم صح في بقية من السنة انه يخدم تلك
البقية وليس عليه أن يخدم ما مرض ولكن يحط عنه من الإجارة بقدر ما مرض
وكذلك هذه الظئر عندي فان مرضت حتى تمضي السنون كلها التي كانوا وقتوا لها
فلا تعود إلى الرضاعة لان وقت الإجارة قد مضى (وقال غيره) إلا أن يكون فسخ
الكراء بينهما فلا تعود إليه (قلت) أرأيت أن استأجرت ظئرا ترضع لي صبيين
443

فأرضعتهما إلى سنة ثم مات أحدهما (قال) يوضع عن الأبوين من الإجارة بقدر ما أرضعت
هذا الميت وذلك ربع الإجارة لان النصف قد أوفتهما في السنة التي أرضعت لهم وبقي
نصف الإجارة فمات أحد الصبيين فبطل نصف النصف من الإجارة وهو ربع الجميع
وهذا رأيي إلا أن يكون ذلك يختلف فيحمل على رخص الاجر وغلائه في أبان تلك
السنين لعله يكون للشتاء كراء وللصيف كراء وأسواقه مختلفة وللصغير كراء وللصبي
إذا تحرك كراء آخر فيحملون على ذلك كما وصفت لك من الكراء والإجارة (قلت)
أرأيت إذا حططت عن هذه المرضعة قدر ما أصاب هذا الصبي الذي مات أيكون
لها أن تأخذ مع صبيهم الباقي صبيا غيره ترضعه بأجرة أم لا (قال) ما سمعت من
مالك فيه شيئا وأرى أن ذلك لها (قلت) أرأيت أن آجرت امرأة ترضع لي صبيا
فأرادت أن تؤاجر نفسها ترضع صبيا آخر مع صبي أيجوز هذا في قول مالك أم لا
(قال) لم أسمعه من مالك ولا أراه جائزا (قلت) أرأيت أن استأجرت ظئرين
ترضعان لي صبيا فماتت إحداهما فقالت الظئر الباقية لا أرضع وحدي أيكون ذلك
لها أم لا (قال) ذلك لها أن لا ترضع وحدها (قلت) ولم وقد كان جميع لبنها لهم
أرأيت هذه الباقية أيكون لها أن تأخذ صبيا سوى صبيهم ترضعه مع صبيهم قبل
موت التي كانت معها أو بعد ذلك (قال) لا ليس لها أن تأخذ مع صبيهم صبيا غيره
فترضعه (قلت) فإذا لم يكن لها أن تأخذ مع صبيهم صبيا غيره فقد صار جميع اللبن
لهم فلم لا يجبرها على أن ترضع هذا الصبي وحدها بجميع لبنها (قال) لا يكون ذلك
عليها لأنها تقول إنما كنت أنا وصاحبتي فكأن لا ينهكني وهو الآن ينهكني وكنا
نتعاون في عمله فصار العمر كله الآن على فلا أرضى (قال) وكذلك الأجيران
يستأجرهما الرجل يرعيان له غنمه أو يرعيان له إبله سنة فيموت أحدهما فيقول
الآخر لا أرعاها وحدي ان ذلك له وكذلك الظئر ان إذا استأجرهما فماتت إحداهما
مثل الأجيرين (قلت) أرأيت أن استأجرت ظئرا ترضع لي صبيا فلما كان بعد ما
استأجرتها استأجرت معها غيرها فأردت أن استغرر لولدي اللبن فماتت الثانية (قال)
444

على الأولى أن ترضعه لأنه إنما تطوع برضاع الثانية على ابنه فلما ماتت الثانية ثبت
الرضاع كما كان على الأولى (قلت) (1) فان ماتت الأولى (قال) فعليه أن يأتي مع الثانية
بمن ترضع معها (قلت) أرأيت أن استأجر أبو الصبي ظئرا للصبي فمات الأب وبقيت
الظئر ليس لها من يعطيها أجر رضاعها (قال) الرضاعة في مال الصبي لان مالكا قال
لي لو أن رجلا استأجر ظئرا لابنه فقدم إليها أجر رضاعها ثم هلك الأب قبل أن
يستكمل الصبي رضاعه (قال) أرى ما بقي من الرضاع يكون بين الورثة وكذلك أن
كان الأب تحمل لها بأجر الرضاع فمات الأب فإنما أجر ما بقي من رضاعها في حظ
الصبي. ومما يبين قول مالك في الرضاع إذا مات الأب قبل أن يستكمل الصبي رضاعه
ان ما بقي مما كان قدم إليها أبوه انه بين الورثة لان الصبي لو مات في حياة أبيه كان
ما دفع الأب إلى المرضع مالا له يرجع إلى الأب ولم ترث منه أمه شيئا فلو كان أمرا
يثبت للصبي وعطية أعطاها إياها لورثت الأم في ذلك كله ولكنه نفقة للصبي قدمها لم

(1) وجد بالأصل هنا طيارة ونص ما فيها وإذا مات الصبي كان ما بقي من إجارة الظئر للأب
ولو مات الأب لكان موروثا عنه ولم يكن الصبي أحق به عند ابن القاسم وقال أشهب هو أحق
به فإذا قدر أن الأب إنما دفع ما هو واجب عليه من رضاع الصبي لم نكن هذه منة للابن إذا الرضاع
عليه واجب إلا أن عقد الإجارة في الظئر لازم للأب وان مات إذ هو العاقد وسواء نقد أو لم ينقد فعلى
هذا إنما أعطى لابنه اللبن الذي يظن أنه يلزمه فلما مات سقط عنه قصار الرضاع هو الموروث عن
الأب ولا يمكن كل وارث أن يأتي بصبي ترضعه فوجب فسخ الكراء وكان حينئذ الكراء هو
الموروث وتفريق أشهب بين نقد الكراء وبين من لم ينقد ليس ببين لان الكراء قد انعقد في
حياة الأب فهو المطلوب بثمنه سواء نقده أم لا والرضاع هو العطية وأشهب يقول إن مات الابن لم
يكن موروثا عنه وان مات الأب كان للابن وشبهه بالمخدم حياته ان مات المخدم رجع إلى المخدم فان
مات المخدم بقي في يد المخدم حياته وإنما ينبغي أن يكون هبة للابن ما لا يلزم الأب فعله مثل أن
يستأجر له معلما فيما لا يلزمه أن يعلمه إياه فيموت الأب فيكون ذلك للابن بخلاف ما إذا استأجر
له معلما على ما يلزم الأب تعليمه والذي يلزم الأب من تعليمه من القرآن ما يقيم به فرضه
لأنه مأمور أن يأمره بالصلاة قبل البلوغ فيلزمه أن يسيره على حال من تصح الصلاة منه بأكثر
ما يقدر عليه انتهى
445

تكن تلزم الأب ما دام الصبي حيا فلما مات انقطع عنه ما كان يلزمه من أجر الرضاع
وكان ما بقي مما لم ترضعه الظئر بين ورثة الميت بمنزلة ما لو لم يقدم لها شيئا كأن يكون
أجر رضاعها في حظ الصبي وليس تقديم اجارتها مما يستوجه الصبي أو لا ترى لو أن
رجلا استأجر أجيرا وضمن له غيره اجارته دينا عليه فقال له اعمل فلان وحقك على
أو بع فلانا سلعتك وحقك على ففعلا جميعا ثم مات الذي ضمن كان ذلك في ماله ولم
يكن على قبض السلعة ولا على الذي عمل له قليل ولا كثير. وكذلك قال مالك
في السلعة فهذا يدلك على الراضع ولو كان الراضع عطية وجبت للابن لكان ذلك
للابن ولو لم ينقد عنه بمنزلة السلعة والأجير عند مالك وقد فسرت لك ذلك (قلت)
أرأيت أن مات أبواه ولم يتركا مالا ولم تأخذ الظئر منه من اجارتها شيئا أيكون
لها أن تنقض الإجارة (قال) نعم (قلت) فان تطوع رجل فقال لها على أجر رضاعك
(قال) فلا يكون لها أن تنقض الإجارة (قلت) أرأيت ما أرضعت الصبي قبل أن
يموت أبوه ولم تكن أخذت اجارتها ولم يترك الأب مالا أيلزم ذلك الصبي أم لا (قال)
لا يلزمه عند مالك لان نفقة الصبي قبل موت الأب إنما كانت على الأب فهي ان
أرضعته أيضا بعد موت الأب ولا مال للصبي فهي متطوعة ولا شئ لها على الصبي ان
كبر وأفاد مالا (قلت) أرأيت أن مات الأب وترك مالا فأرضعته أتكون أجرتها
في حظ الصبي (قال) نعم (قلت) فلو أن الظئر قالت إذا لم يترك أبوه مالا فأنا أرضعه
وأتبع الصبي بأجر الرضاع دينار عليه يوما ما (قال) لا يكون ذلك لها وهي ان أرضعته
متطوعة في هذا إذا لم يترك الأب مالا (قلت) فما فرق ما بينهما إذا ترك الأب مالا
وإذا لم يترك مالا (قال) لان مالكا قال لو أن رجلا أخذ يتيما صغيرا لا مال له فأنفق
عليه وأشهد أنه ان أيسر يوما ما اتبعه بذلك كان متطوعا في النفقة ولم تنفعه الشهادة
ولا يكون له على الصبي شئ وان أفاد مالا وإنما النفقة على اليتامى على وجه الحسنة
ولا ينفعه ما أشهد (قلت) أرأيت أن استأجرت امرأتي ترضع لي صبيا من غيرها
(قال) ذلك جائز ولم أسمعه من مالك لان ذلك لم يكن يلزمها فلما لم يكن يلزمها جازت
446

اجارتها في ذلك (قلت) وكذلك إجارة خادمها في ذلك (قال) نعم (قلت) وكذلك
لو أن رجلا استأجر أمه أو أخته أو عمته أو خالته أو ابنته أو ذات رحم محرم منه لترضع
له صبيا (قال) ذلك جائز (قلت) أرأيت من التقط لقيطا على من أجر رضاعه (قال)
على بيت المال عند مالك (قلت) أرأيت اليتامى الذين لا أحد لهم أهم بهذه المنزلة في
أجر الرضاع في قول مالك (قال) نعم
(في تضمين الأجير ما أفسد أو كسر)
(قلت) أرأيت أن استأجرت حمالا يحمل لي دهنا أو طعاما في مكتل فحمله لي فعثر
فسقط فأهراق الدهن أو أهراق الطعام من المكتل أيضمن أم لا (قال) قال مالك
لا ضمان عليه (قلت) لم (قال) لأنه أجيرك عند مالك ولا يضمن أجيرك لك شيئا
إلا أن يتعدى (قلت) أرأيت أن قلت له انك لم تعثر ولم تسقط ولم يذهب دهني
ولا طعامي ولكنك غيبته أيكون القول قولي في قول مالك أم لا (قال) القول
قولك في الطعام والإدام وعلى الأجير البينة أنه عثر وأهراق الإدام والطعام وأما
في البز والعروض إذا حملها فالقول قوله إلا أن يأتي بما يستدل به على كذبه (قلت)
فما قول مالك فيمن يجلس لحفظ ثياب من يدخل الحمام فضاع منه شئ أيضمن أم لا
(قال) قال مالك لا ضمان عليه (قلت) ولم لا يضمنه مالك (قال) لأنه أنزله بمنزلة
الأجير (قلت) أرأيت أن استأجرت أجيرا يخدمني شهرا في بيتي فكسر آنية من
آنية البيت أو قدورا أيضمن أم لا في قول مالك (قال) لا يضمن إلا أن يتعدى
فإن لم يتعد فلا يضمن (قلت) ولا يشبه هذا القصار والحداد وما أشبه ذلك من
الاعمال (قال) لا لان هذا لم يؤتمن على شئ وإنما هذا أجير لهم في بيتهم وحكم الأجير
غير حكم الصناع (قلت) له وكذلك لو أمرته أن يخيط لي ثوبا فأفسده لم يضمن إلا أن يكون تعدى (قال) نعم لا نك لم تسلم إليه شيئا يغيب عليه وإنما هو أجيرك في بيتك
والشئ في يديك فلا يضمن إذا تلف الثوب ويضمن إذا فسد بالعداء (قلت) أرأيت
أجير الخدمة ما أفسد من طحينهم أو أهراق من لبنهم أو من مائهم أو من نبيذهم
447

أو ما وطئ عليه من قصاعهم أو ما كسر من قلالهم أو وطئ عليه من ثيابهم فتخرق أو
خبز لهم خبزا فاخترق أيضمن ذلك أم لا (قال) لا ضمان عليه الا فيما تعدى وقد
أخبرتك به (سحنون) وقال غيره ما عثر عليه أو وطئ عليه فهو جناية وما سقط
من يده أو عثر به فلا يضمن (ابن وهب) وأخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب
أنه قال في رجل استأجر أجيرا يحمل له شيئا فحمل له اناء أو وعاء فخر منه الاناء أو
انفلت منه الوعاء فذهب ما فيه (قال) فلا أرى عليه غرما إلا أن يكون تعمد ذلك
(قال ابن وهب) وقال لي مالك في رجل حمل على دابته شيئا بكراء فانقطع حبل
من أحبله فسقط ذلك الشئ فانكسر أو ربطت الدابة فانكسر أو زاحمت شيئا (قال)
يضمن أن كان يعرف أنه غرر في رباطه أو حرف بالدابة حتى زاحمت أو كان يعرف
أن دابته ربوض وإن لم يعرف من ذلك شيئا لم يضمن (ابن وهب) قال وأخبرني
عقبة بن نافع قال قال يحيى بن سعيد الحمال عليه ضمان ما ضيع
(القضاء في الإجارة)
(قلت) أرأيت الخياطين والقصارين والجزارين والصواغين وأهل الصناعات كلها
إذا عملوا للناس بالأجرة ألهم أن يحبسوا ما عملوا حتى يعطوا أجرتهم (قال) قال مالك
نعم لهم أن يحبسوا ما عملوا حتى يعطوا أجورهم (قال) وكذلك في التفليس هم أحق
بما في أيديهم وكذلك في الموت هم أحق بما في أيديهم إذا مات الذي استعمل عندهم
وعليه دين (قلت) أرأيت أن استأجرت حمالا يحمل لي طعاما أو متاعا أو عروضا
إلى موضع من المواضع بأجر معلوم على نفسه أو على دابته أو على إبله أو على سفينته
فحمل ذلك حتى إذا بلغ الموضع الذي اشترطت عليه منعني متاعي أو طعامي حتى يقبض
حقه (قال) قال مالك ذلك له وان فلس رب المتاع كان هذا الحمال أو المكرى أحق
بما في يديه من الغرماء حتى يستوفى حقه (قلت) أرأيت أن استأجرت رجلا يبنى
لي دارا أو بيتا على من الماء الذي يعجن به الطين أو على من الدلاء أو على من القفاف
والفوس والمجارف (قال) يحملون على سنة الناس عندهم فإن لم يكن لهم سنة كان ذلك
448

على رب الدار ولا أحفظه (قلت) أرأيت أن استأجرت رحا أطحن عليها على من
نقر الرحا إذا عجزت (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن يحملوا على
ما يتعامل الناس عليه عندهم في نقر أرحيتهم إذا أكروها فيحملان على ذلك فإن لم
يكن لهم سنة يحملون عليها فأرى ذلك على رب الرحا وإنما النقش عندي بمنزلة متاع
الرحا فإذا فسد فعلى رب الرحا اصلاحه إذا لم يكن لهم سنة يتعاملون بها فيما بينهم (قلت)
أرأيت أن استأجرت دارا أو حماما أو رحا ماء فانهدم من ذلك ما أضر بالمستأجر
ومنعه من العمل أو السكنى وقال المستأجر أنا أفسخ الإجارة وقال رب هذه الأشياء
أنا أبنيها أو أصلحها ولا أفسخ الإجارة القول قول من في قول مالك (قال) القول
قول المستأجر ولا يلتفت إلى قول رب الدار والحمام والرحا (قلت) أرأيت أن
استأجرت رجلا يبنى لي حائطا ووصفته له فلما بنى نصف الحائط انهدم أيكون على
الباني أن يبنيه لي ثانية (قال) ليس عليه أن يبنيه لك ثانية وله من الاجر بقدر ما عمل
(قلت) وكذلك أن كان الآجر والطين وجميع ما يبنى به الحائط من عند البناء (قال)
وان كأن لأنه إذا بنى منه شيئا فقد صار لرب الدار ما بنى (وقال غيره) لا يكون هذا
في عمل رجل بعينه ولا يكون الا مضمونا وإذا كان مضمونا كان عليه تمام العمل
(قلت) وكذلك لو استأجرته يحفر لي بئرا صفتها كذا وكذا فحفر نصفها فانهدمت
(قال) كذلك أيضا يكون له من الاجر بقدر ما عمل (قلت) فان حفرها في
ملك ربها أو في غير ملك ربها فهو سواء إذا انهدمت (قال) نعم إذا كانت إجارة
فسواء حيثما حفر له بأمره فانهدمت البئر بعد ما حفرها فله أجره وان انهدم نصفها
فله نصف أجره إلا أن يكون من وجه الجعل لمن يحفر له بئرا صفتها
كذا وكذا كذا وكذا درهما أو جعل لرجل عشرين درهما ان حفر له بئرا صفتها
كذا وكذا فهذا إذا حفرها فانهدمت قبل أن يسلمها إلى ربها فلا شئ له (قلت)
ومتى يكون هذا قد أسلمها إلى ربها (قال) إذا فرغ من حفرها كما شرط رب البئر
فقد أسلمها إليه (قلت) أتحفظ هذه الأشياء عن مالك (قال) هذا رأيي وذلك أن
449

مالكا سئل عن حفار استأجره رجل يحفر له قبرا فانهدم (قال مالك) ان انهدم بعد
فراغه فالإجارة للمستأجر لازمة وان انهدم قبل فراغه فلا إجارة له (قال ابن القاسم)
وهذه الإجارة فيما لا يملك من الأرضين قلت (أرأيت أن استأجرت رجلا يحفر
لي قبرا في موضع من المواضع أو بئرا عمقها في الأرض عشر قامات ووجه الأرض
تراب لين بمائة درهم فلما حفر قامة وقع على حجر شديد أو وقع على تربة شديدة
(قال) إن كان استأجره على أرض قد عرفوها واختبروها فلا بأس بالإجارة فيها وان
كانوا لم يختبروها فلا خير في هذه الإجارة وهكذا سمعت من مالك (قال) وسمعت
مالكا وسئل عن حفر (1) فقر النخل يستأجر عليها الرجل يحفرها إلى أن تبلغ الماء
(قال) ان كانت قد عرفت الأرض فلا أرى بذلك بأسا وان كانوا لم يعرفوها فلا أحب
له ذلك (قال ابن وهب) قال الليث وكتبت إلى ربيعة وأبى الزناد أسألهما عن الرجل
يستأجر من يحفر له بئرا فقال أبو الزناد كل من أدركنا يقول حتى يخرج الماء وقال
ربيعة ان كانت الأرض متقاربة ليس بعضها يخرج الماء منها قبل بعض فلا بأس به
وإن كان الماء يخرج من بعضها قبل بعض فمذارعة أحب إلى (قلت) أرأيت أن
استأجرت حفارا يحفر لي قبرا على من يكون حثيان التراب في القبر (قال) إنما ذلك
على ما يتعامل الناس بينهم في مواضع تلك يحملون على ذلك (قال) وهذا رأيي
(قلت) أرأيت أن أمرته أن يحفر لي قبر فحفره فشق فيه فقلت له إنما أردت اللحد
ولا أريد الشق (قال) ينظر أيضا على عمل الناس عندهم كيف هو فيحملون على ذلك
(قلت) أرأيت أن استأجرت أجيرين يحفران لي قبرا بكذا وكذا فمرض أحدهما
وحفره الآخر (قال) يكون الاجر لهما جميعا للذي مرض ولصاحبه ويقال للمريض
أرضه من حقك فان أرضاه من حقه والا لم يكن له شئ ويكون الحافر متطوعا

(1) فقر بضمتين جميع فقرة وفقير وهي الحفرة التي تحفر للنخلة لتغرس فيها وتطلق على غير
ذلك كما يؤخذ من عبارة اللسان وغيره ا ه‍ مصححه
450

(القضاء في تقديم الإجارة وتأخيرها)
(قلت) أرأيت الخياطين والعمال بأيديهم في الأسواق إذا دفع إلى أحدهم العمل
ليعمله بأجر ولم يشترطا بينهما نقدا ولا غير النقد وقال العامل عجل لي إجارة عملي
وقال الذي له العمل لا أدفع إليك حتى تفرغ من عملي (قال) يحملان على أمر الناس
فإن كان ذلك عندهم غير معروف لم يجبر رب العمل على أن يدفع إليه حتى يفرغ من
عمله (قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك لأهل الاعمال سنتهم يحملون عليها
(قلت) فان خاط الخياط نصف القميص ثم جاء يطلب نصف اجارته أيكون
ذلك له (قال) لا يكون له ذلك حتى يفرغ من عمله (قلت) لم (قال) لأنه لم يأخذ
الثوب على أن يخيط نصفه ويترك نصفه
(في الدعوى في الإجارة)
(قلت) أرأيت لو أن خرازا أو حدادا أو صائغا أو صيقلا عمل لي عملا فقلت له
إنما عملته لي باطلا وقال إنما عملته لك بكذا وكذا درهما (قال) القول قول العامل إذا
أتى بما يشبه أن يكون إجارة ذلك العمل الذي عمل عند الناس والا رد إلى أجرة مثله
(وقال غيره) لان رب الثوب قد أقر له بالعمل وادعى عليه أنه وهبه عمله فهو مدع
وعليه البينة فإن لم يكن له بينة فعلى العامل اليمين وله إجارة مثل عمل ذلك الشئ إلا أن يكون ذلك أكثر مما ادعى العامل فلا يكون له الا ما ادعى (قلت) أرأيت
لو أن رجلا دبغ جلدا لرجل أو خاط ثوبا لرجل أو صبغ ثوبا لرجل أو صاغ حليا
لرجل أو عمل قلنسوة لرجل أو عمل بعض ما يعمل أهل الأسواق لرجل فأتى
أرباب الثوب والجلد والفضة والذهب وهذه الأشياء التي قد وصفت لك فقالوا
للعامل إنما استودعناك هذه الأشياء أو لم نستعملك القول قول من (قال) القول قول
العامل ولا يلتفت إلى قول رب السلعة انه استودعها (وقال) غيره العامل مدع
(قلت) ولم جعل مالك القول قول الصناع (قال) لأنهم يأخذون ولا يشهدون
451

وهذا أمرهم فيما بينهم وبين الناس فلو جاز هذا القول لرجل لذهب بما يعملون له
باطلا فلا يكون القول قول رب المتاع (قال) ولقد سألت مالكا عما يدفع إلى
الصناع ليعملوه فيقرون انهم قد قبضوه وعملوه ودفعوه إلى ربه بعد الفراغ منه
والقبض له (قال) إذا أقر الصانع أنه قد قبض المتاع فهو ضامن إلا أن يقيم البينة
أنه رده (قال) ولو جاز هذا للصناع لذهبوا بمتاع الناس (فقلت) له فان ادعى على
أحدهم فأنكر (فقال) لا يؤاخذون الا بينة ان المتاع قد دفع إليهم والا
أحلفوا (قلت) أرأيت أن قال رب المتاع سرق متاعي هذا وقال الصانع بل
أمرتني أن أعمله لك ولم يسرق منك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أني
أرى أن يتحالفا ثم يقال لصاحب المتاع أن أحببت فادفع إليك أجر عمله وخذ متاعك
فان أبي قيل للعامل ادفع إليه قيمة متاعه غير معمول فان أبى كانا شريكين في المتاع هذا
بقيمة عمله وهذا بقيمة متاعه غير معمول لان كل واحد منهما مدع على صاحبه (وقال)
غيره لا يكونان شريكين والعامل مدع (قلت) وكذلك لو قال رب المتاع للعامل
سرقته منى وقال العامل بل استعملتني (قال) هذا مثل ما وصفت لك في قول رب
المتاع سرق منى فأرى إن كان الصانع من أهل العدالة والفضل وممن لا يشار إليه
بالسرقة رأيت أن يعاقب ذلك الذي ادعى ذلك عليه ورماه بالسرقة وإن كان ممن هو
على غير ذلك لم أر عليه عقوبة (قلت) وكذلك أن ادعيت عليه في قمص عنده أنها
كانت ملاحف لي فأقمت البينة أيكون لي أن آخذها مخيطة (قال) لا إلا أن ترد
عليه أجر الخياطة والا كان القول بينهما مثل ما وصفت لك في السرقة (قلت)
أتحفظه عن مالك (قال) لا ولكني أحفظ عن مالك في يتيم مولى عليه باع ملحفة
من رجل فباعها الرجل من آخر ثم باعها الآخر من آخر وترابحوا فيها كلهم ثم إن
المبتاع الآخر صبغها لابن له يختنه فيها (قال) مالك يترادون الريح فيما بينهم ولا
يكون على اليتيم شئ من الثمن الذي آخذ إذا كان قد أتلف الثمن الذي أخذه
وتقوم الملحفة بيضاء بغير صبغ ويقوم الصبغ ثم يكون اليتيم والذي صبغها شريكين
452

في الملحفة هذا بقيمة الصبغ واليتيم بقيمة الملحفة بيضاء ويبطل الثمن الذي أخذه
اليتيم إلا أن يكون قائما بعينه فيرده وهذا يدلك على قول مالك في مسألتك التي
سألت عنها قبل هذا لان هذا مثل ذلك (قال ابن القاسم) وبيع اليتيم عندي
بمنزلة ما لم يبع فلذلك ردت الملحفة (قلت) أرأيت لو قال رجل لرجل اقلع لي
ضرسي هذا ولك عشرة دراهم فلما قلعه قال له المقلوع ضرسه إنما أمرتك بالضرس
الذي يليها وقد قلعت ضرسا لم آمرك بها أيكون على القالع شئ أم لا (قال)
لا شئ على القالع لأنه قلعه والمقلوعة ضرسه يعلم ما يقع منه (قلت) فهل يكون
للقالع أجره الذي سمى له (قال) نعم لان صاحب الضرس مدع إلا أن يصدقه
الحجام فلا يكون عليه شئ (قلت) تحفظه عن مالك (قال) لا (وقال غيره) الحجام
مدع (قلت) أرأيت لو أن رجلا لت سويقا لي بسمن فقال لي أمرتني أن ألته
بعشرة الدراهم وقلت له لم آمرك أن تلته بشئ (قال) يقال لصاحب السويق إن شئت فاغرم له ما قال وخذ السويق ملتوتا فان أتى قيل للذي لته أغرم له سويقا مثل
سويقه غير ملتوت وخذ هذا الملتوت فان أبى لم يكن له شئ ويسلم السويق بلتاته إلى
ربه (وقال غيره) ان أبى أن يعطيه رب السويق ما لته به كان على اللتات أن يغرم له
مثل سويقه غير ملتوت (قلت) لابن القاسم ولم لا تجعلهما شريكين إذا أتيا ما
دعوتهما إليه (قال) لا يكونان شريكين لان الطعام لا شركة فيه لأنه يوجد مثله
(قلت) وهذا قول مالك (قال) لم أسمعه من مالك وهو رأيي (قلت) أرأيت أن دفعت سويقا إلى اللتات ليلته لي بخمسة الدراهم فلته فقال صاحب السمن أمرتني
أن ألته بعشرة الدراهم وقد لتته بعشرة الدراهم وقال صاحب السويق إنما أمرتك بخمسة
الدراهم ولم تلته الا بخمسة الدراهم (قال) ينظر في ذلك السويق فإن كان يشبه أن يكون
القول قول صاحب السمن يعلم ذلك أهل المعرفة أن لتات السويق يدخله من
السمن بعشرة الدراهم فالقول قول صاحب السمن اللتات لأنه قد أتمنه عليه وأقر أنه
أمره بالعمل فهو مدعى عليه يريد أن يضمنه فعليه البينة وعلى اللتات اليمين
453

(قلت) ولم جعلت القول قول صاحب السمن في العشرة كلها ورب السويق يقول
إنما أمرته بخمسة الدراهم وقد تعدى على في الخمسة الأخرى (قال) قال مالك في
الصباغ إذا صبغ الثوب بعشرة الدراهم عصفرا فقال رب الثوب لم آمرك أن تجعل فيه
الا بخمسة الدراهم عصفرا وقال الصباغ أمرتني أن أجعل فيه بعشرة الدراهم عصفرا ان
القول قول الصباغ إذا كان ما في الثوب من العصفر يشبه أن يكون بعشرة
الدراهم مع يمين الصباغ ان رب الثوب أمره أن يجعل فيه عشرة الدراهم عصفرا
ويجبر رب الثوب على أن يغرم العشرة الدراهم كلها الصباغ لأنه لما دفع إليه الثوب
على أن يصبغ بالإجارة فقد أتمنه على الصبغ بالإجارة فالقول قول الصباغ في الصبغ
والإجارة إلا أن يأتي من ذلك على أمر يستدل به على كذبه فيكون القول قول رب
الثوب بحال ما وصفت لك فان أتيا جميعا بما لا يشبه حملا على إجارة مثله فكذلك
مسألتك في اللتات إذا أقر أنه أمره أن يلته بدراهم فالقول قول صاحب السمن
بمنزلة ما وصفت لك في الصباغ لان صاحب السويق قد أتمنه على اللتات بالدراهم
فالقول قول اللتات فيما أدخل في السويق من السمن والقول قول اللتات أنه أمره
بكذا وكذا درهما لأنه قد أتمنه على ذلك إلا أن يأتي بأمر يستدل به على كذبه
(قال) وهذا إذا دفع إليه السويق وغاب عليه اللتات فأما إذا لم يدفع إليه السويق
حتى يغيب عليه فالقول قول صاحب السويق لان صاحب السويق لم يأتمنه على شئ
وإنما هو مشتر منه يقول لم اشتر منك الا بخمسة الدراهم فلا يكون لصاحب
السمن عليه أكثر مما يقر له به وصاحب السمن ها هنا مدع فالقول قول صاحب
السويق (قلت) فان نظر أهل المعرفة إلى السويق فقالوا هذا السمن الذي لت به
هذا السويق لا يكون بأقل من عشرة الدراهم أيكون القول قول صاحب السمن
(قال) ان أقر صاحب السويق أن جميع ما في هذا السويق من اللتات هو من السمن
الذي اشترى من هذا اللتات فالقول قول اللتات لان صاحب السويق قد تبين
كذبه فان قال صاحب السويق قد كان لي فيه لتات قبل أن يلته هذا السمان فالقول
454

قول صاحب السويق لأنه لم يغب عليه اللتات (قلت) أرأيت أن دفع إليه السويق
وغاب عليه فقال رب السويق لم آمرك أن تلته الا بخمسة الدراهم ولم تجعل فيه الا
بخمسة الدراهم سمنا وقال اللتات أمرتني بعشرة وقد جعلت فيه بعشرة الدراهم سمنا
فنظر أهل المعرفة فقالوا فيه بعشرة دراهم سمنا فقال رب السويق قد كان لي فيه
لتات قبل أن يلته صاحب السمن أيكون القول قوله (قال) لا يكون القول قوله
والقول قول صاحب السمن وكذلك الصباغ إذا صبغ الثوب فاختلفا مثل ما وصفت
لك فكان يشبه ما في الثوب من الصبغ ما قال الصباغ فقال رب الثوب انه قد كان
لي فيه صبغ قبل أن يصبغه الصباغ ان القول قول الصباغ ولا يلتفت إلى قول رب
الثوب انه كان له فيه صبغ قيل أن يدفعه إلى الصباغ مع يمين الصباغ لان الصباغ
واللتات جميعا مؤتمنان وإنما أقر بأنهما قبضا السويق والثوب ولم يقرا بأنهما قبضا
صبغا ولا لتانا والسمن والصباغ واللتات في أيديهما يزعمان أنه لهما فالقول قولهما في
الإجارة في الصبغ والسمن إذا كان يشبه ما قالا لأنهما مؤتمنان (قلت) وهذا قول
مالك (قال) لم أسمعه من مالك وهو رأيي
(في اليتيم يؤاجر نفسه ثم يحتلم قبل ذلك)
(قلت) أرأيت لو أن يتيما في حجري آجرته ثلاث سنين وأنا أظنه لا يحتلم إلى ثلاث
سنين فاحتلم بعد سنة أو سنتين فأراد أن ينقض الإجارة حين احتلم أيكون ذلك
له أم لا (قال) لا أرى أن تلزمه الإجارة بعد احتلامه إلا أن يكون الشئ الخفيف
نحو الأيام والشهر وما أشبهه ولا يؤاجر الوصي اليتامى بعد احتلامهم ألا ترى أن
الأب إنما تلزمه نفقة ابنه حتى يحتلم فإذا احتلم لم تلزمه النفقة ولم يجز له أن يؤاجره ولا
يكون الوصي في هذا أحسن حالا من الأب (قلت) أرأيت أن أكربت أرض
يتيم في حجري ثلاث سنين أو أربعا أو أكريت غلاما له أو دابته أو إبله سنتين
أو ثلاثا أو أربعا ثم احتلم الصبي بعد سنة أو سنتين (قال) إن كان الوصي اكراه هذه
السنين وهو يظن أن الصبي لا يحتلم في مثل ذلك السنين وذلك الظن الناس أنه لا يحتلم
455

في مثل تلك السنين فعجل به الاحتلام وأنس منه الرشد لم يكن له أن يرد ما صنع
الوصي وجاز ذلك عليه لان الوصي إنما صنع من ذلك ما يجوز له في تلك الحال ولم
يتعمد مالا يجوز له فذلك جائز على اليتيم وان بلغ (وقال غيره) لا يلزم ذلك اليتيم الا
فيما قل (قلت) فان اكراه هذه الأشياء وهو يعلم أن الصبي يحتلم قبل ذلك (قال) لا
يجوز ذلك عليه (قال) وكذلك المولى عليه يؤاجر عليه السلطان أو وصيه أو ولى جعله له
السلطان أرضه أو دوره أو رقيقه السنة والسنتين والثلاث ثم يعتق ويؤنس منه الرشد
والخير ان الإجارة جائزة لازمة له لان الوصي إنما فعل في هذه الأشياء ما يجوز له أن
يفعله يوم فعله فذلك لازم له (وقال غيره) لا يصلح لوصي المولى عليه أن يكرى عليه
هذه الأشياء السنين الكثيرة وإنما يجوز له من ذلك السنة وما أشبهها لان هذا ترجى
منه الإفاقة كل يوم وكراء السنة وما أشبهه مما يتكارى به الناس فيما بينهم والسنين
إنما هو أمر خاص ليس هو مما يتكاره الناس فيما بينهم فهذا لا ينبغي أن يكرى عليه شئ
من أرضه ودوره ورقيقه وابله الا على مثل ما يتكارى جل الناس فيما بينهم لان هذا
ترجى إفاقته كل يوم فالوصي ان أكرى عليه السنين الكثيرة فأفاق هذا بعد ذلك
كان قد حجر عليه ماله بعد إفاقته فلا ينبغي ذلك له وله أن يرد ذلك (قلت)
والوالد في هذا بمنزلة الوصي عندك في ولده الصغير الذي في حجره لا ينبغي له أن
يكرى على ابنه أرضه وماله السنين الكثيرة يعلم أن الصبي يحتلم قبل انقضائها
(قال) نعم
(في جعل السمسار)
(قلت) هل يجوز أجر السمسار في قول مالك (قال) نعم سألت مالكا عن البزاز
يدفع إليه الرجل المال يشترى له به بزا ويجعل له في كل مائة يشترى له بها بزا ثلاثة
دنانير (قال) لا بأس بذلك (قلت) أمن الجعل هذا أم من الإجارة (قال) هذا من
الجعل (قال) وقال مالك ومتى ما شاء أن يترك المال ولا يشترى به فذلك له يرده متى
ما شاء (قال) وان ضاع المال فلا شئ عليه (قلت) فان قال له اشتر لي مائة ثوب بمائة
456

دينار ولم يبين له من أي الثياب هي أكان يكون الجعل فاسدا (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا (قال) ابن القاسم إن كان فوض ذلك إليه فاشترى له ما يشبهه في تجارته أو في
كسوته رأيت ذلك لازما له (ابن وهب) قال الليث بن سعد وكتبت إلى ربيعة
كيف ترى في رجل دفع إلى صاحب له دنانير يشترى به بها بزا ويعطيه على كل مائة
أربعة الدنانير ان هو اشترى وإن لم يشتر فليس له شئ (قال) ربيعة لا بأس به إذا كان
هذا شيئا مأمونا من طلبه وحده (قال ابن وهب) وبلغني عن يحيى بن سعيد في
رجل يجعل للرجل على كل مائة ثوب يشتريها دينارا (قال) لا أرى على من أعطى دينارا
أو دينارين على شئ يبتاعه له قرب أو بعد بأسا (قال ابن وهب) وقال لي مالك
لا بأس بذلك
(في الجعل في البيع)
(قلت) أرأيت أن قلت لرجل بع لي هذا الثوب ولك درهم (قال) لا بأس به عند
مالك (قلت) فان قال له بع لي هذا الثوب اليوم ولك درهم (قال) لا خير فيه إلا أن يشترط أنه متى ما شاء أن يتركه تركه (قلت) لم (قال) لأنه إن لم يبعه اليوم ذهب
عناؤه باطلا ولو باعه في بعض اليوم سقط عنه عمل بقية ذلك اليوم ولا يجوز الجعل
إلا أن يكون متى ما شاء رده ولا يلزمه ذلك في ثوب يبيعه بعينه ولا يوقت في الجعل
يوما ولا يومين إلا أن يكون متى ما شاء رده (وقد قال ابن القاسم) في مثل
هذا انه جائز وهو جل قوله الذي كان يعتمد عليه (قلت) وكل ما يجوز فيه الجعل
عندك تجوز فيه الإجارة (قال) نعم إذا ضرب للإجارة أجلا (قلت) والكثير من
السلع لا يصلح فيه الجعل عند مالك (قال) نعم لا يصلح فيه الجعل وتصلح فيه الإجارة
عند مالك (قلت) والقليل من السلع تصلح فيه الإجارة والجعل جميعا في قول مالك
(قال) نعم (قلت) لم كره مالك في السلع الكثيرة أن يبيعها الرجل للرجل بالجعل
(قال) لان السلع الكثيرة تشغل بائعها عن أن يشترى أو يبيع أو يعمل في غيرها
فإذا كثرت السلع هكذا حتى تشغل الرجل لم تصلح الا بإجارة معلومة (قال)
457

قال لي مالك والثوب والثوبان وما أشبههما من الأشياء لا تشغل صاحبها عن أن
يعمل في غيرها فلا بأس بالجعل فيها وهو متى ما شاء أن يترك والإجارة ليس
له أن يتركها متى ما شاء (قلت) أرأيت بيع الغلام والدابة والجارية أهذا عندك
من العمل الذي يجوز فيه الجعل (قال) نعم وكذلك قال مالك فإذا كثرت الدواب
والرقيق فلا يصلح فيها الجعل (قلت) أرأيت أن قلت لرجل بع لي هذا الثوب
بدينار ولك درهم أيجوز هذا في قول مالك وقد وقت له في الثوب ثمنا (قال) قال
مالك ذلك جائز وقت الثمن أو لم يوقت فذلك سواء (قلت) أرأيت أن قلت
لرجل بع لي هذه العشرة الأثواب ولك درهم أيجوز هذا أم لا في قول مالك (قال)
قال مالك إذا كثرت الثياب لم يعجبني ذلك ولا أرى أن يعامله في بيعها على الجعل
ولكن أرى أن يعامله على الإجارة وإنما جوز من ذلك الثوب والثوبين والشئ واليسير
أن يباع بالجعل فإذا كثر ذلك فعلى الإجارة (قال ابن وهب) وكذلك قال ربيعة
إذا لم يضرب لبيعها أمدا فلا خير فيه
(في جعل الآبق)
(قلت) أرأيت أن قلت لرجل ان جئتني بعبدي الآبق وهو في موضع كذا
وكذا فلك عشرة الدنانير (قال) هذا جائز عند مالك فان جاء به فله عشرة الدنانير
(قلت) وكذلك من قال من جاءني بعبدي الآبق ولم يقل هو في موضع كذا
وكذا وسيده لا يعرف موضعه فانتدب رجلا فجاءه به (قال) ذلك جائز عند مالك
فان جاء به فله ما جعل له السيد (قلت) وقوله إن جئتني به يا فلان أو من جاءني
به فهو سواء في قول مالك (قال) نعم (قلت) أرأيت أن قال رجل من جاءني
بعبدي الآبق فله نصفه (قال) لا يجوز ذلك عند مالك (قال) وقال مالك لا خير
فيه (قلت) لم (قال) لأنه لا يدرى كيف يجده عبده أعور أو أقطع ولا يدرى
ما جعله (قلت) وكل شئ لا يجوز لي أن أبيعه في قول مالك فلا يجوز لي أن
أستأجر ولا أجعله لرجل في شئ من الجعل (قال) نعم ولو قال رجل لرجل ان
458

جئتني بعبدي الآبق فلك نصفه فعمل على ذلك ثم علم بمكروه ذلك فان جاء به كان
له إجارة مثله وإن لم يأت به فلا جعل له ولا إجارة وهذا الذي سمعت من قول مالك
(وقال) عبد الرحمن بن القاسم في الذي يجعل لرجل على عبدين أيقال له ان هو أتى
بهما فله عشرة الدنانير فأتى الذي جعل ذلك له بواحد ولم يأت بالآخر (قال) الجعل
فاسد وينظر إلى عمل مثله على قدر عنائه وطلبه فيكون ذلك له في الذي أتى به ولا
يكون له نصف العشرة (وقال ابن نافع) له نصف العشرة (وقال) عبد الرحمن بن
القاسم في الرجل يجعل لرجلين في عبده وقد أبق له جعلين مختلفين لو أحد ان أتى به
عشرة وللآخر ان أتى به خمسة فأتيا به جميعا (قال) تكون العشرة بينهما لصاحب
العشرة سهمان ولصاحب الخمسة سهم وكذلك بلغني عن مالك (وقال) غيره ابن نافع
وغيره يكون لصاحب العشرة نصفها لأنه جاء بنصف العبد ويكون لصاحب الخمسة
نصفها لأنه جاء بنصف العبد
(في الرجل يقول لرجل احصد زرعي هذا)
(ولك نصفه أو جد نخلي ولك نصفه)
(قلت) أرأيت أن قلت لرجل احصد زرعي هذا ولك نصفه (قال) ذلك جائز عند
مالك (قلت) فان قال له جد نخلى هذه ولك نصفها (قال) ذلك جائز عند مالك
(قلت) فان قال له القط زيتوني هذا فما لقطت منه من شئ فلك نصفه أيجوز هذا
أم لا (قال) هذا جائز عند مالك وقال غيره ان ذلك ليس بجائز في اللقط (قلت)
أرأيت أن قال احصد زرعي هذا أو التقط زيتوني هذا فما لقطت أو حصدت منه من
شئ فلك نصفه ففعل ذلك أيكون له أن يترك ذلك فلا يعمله في قول مالك (قال)
نعم (قلت) فان قال له احصد زرعي هذا كله ولك نصفه فقال نعم أو قال التقط
زيتوني هذا كله ولك نصفه فقال نعم ثم بدا له بعد أن يترك أيكون ذلك له أم لا
(قال) لا يكون له أن يتركه وذلك لازم له وكذلك قال لنا مالك (قلت) لم ألزمه
مالك إذا قال احصد زرعي كله ولك نصفه (قال) لأنه يصير أجيرا بنصف هذا
459

الزرع لأنه لو باع نصف هذا الزرع كان جائزا فلما جعل له نصف جميع الزرع على أن
يحصده جاز وصارت إجارة وأما إذا قال له ما حصدت من شئ فلك نصفه فهذا جعل
وهو متى ما شاء خرج لأنه لم يجب له شئ يعرفه (قال) فقلت لمالك فلو قال له
احصد اليوم أو التقط لي اليوم فما حصدت أو التقطت اليوم فلك نصفه (قال) قال
مالك لا خير فيه (قال) فقلت لم (قال) من أجل أن الرجل لو قال لرجل أبيعك
ما القط اليوم بكذا وكذا لم يكن في ذلك خير فلما لم يجز بيعه لم يجز أن يستأجر به
ولا يجعله له جعلا في عمل يعمله له في يوم ولا يجوز في الجعل وقت مؤقت إلا أن
يقول متى ما شئت تركته فيكون ذلك جائزا
(في الذي يقول لرجل انفض زيتوني أو اعصره ولك نصفه)
(قلت) أرأيت أن قال رجل لرجل انفض زيتوني هذا فما نفضت منه من شئ فلك نصفه
(قال) لا يعجبني هذا وقد بلغني أن مالكا كرهه (قلت) أرأيت مالكا لم كره النفض
في الزيتون أن يقول الرجل لرجل انفض زيتوني هذا فما نفضت منه من شئ فلك
نصفه (قال) لأنه لو قال رجل لرجل حرك شجرتي هذه فما سقط من ثمرتها من
شئ فلك نصفه فهذا لا يجوز لأنه لا يدري أيسقط منها شئ أم لا إذا نفضها وإنما
النفض تحريك وهي إجارة فكأنه قد عمل بما لا يدرى ما هو واللقط غير هذا وهو
كلما لقط شيئا وجب له نصف ما لقط (قلت) وكذلك لو قال له اعصر زيتوني
هذا فما عصرت منه من شئ فلك نصفه أو قال اعصر جلجلاني هذا فمات عصرت منه
من شئ فلك نصفه (قال) لا خير في هذا عند مالك لأنه لا يعرف ما يخرج ولان
العصر فيه إذا بدأ في شئ من عمله لم يقدر على تركه حتى يخرج زيته ولأنه لو طحنه
لم يستطع تركه فلا خير في هذا فأما الحصاد فهو حين حصده وجب له نصفه. وكذلك
إذا قال له انفضه كله فهو جائز وصار بقية العمل بينهما والزيتون إذا لقطه صار له
نصفه ولرب الزيتون نصفه والذي أخذ الزيتون والجلجلان على أن يعصره على نصف
ما يخرج منه قد يكون فيه عمل قبل أن يجب لصاحب الجعل فيه حق فإذا وقع عمله
460

لم يستطع أن يتركه فان عمل كان يعمل بأجر لا يدرى ما هو لأنه لا يدرى ما يخرج
من ذلك الزيتون والزرع والنمر وما أشبه ذلك في اللقط والحصاد فهو كلما عمل
وجب له من جعله بقدر ما عمل وهو إذا شاء ترك ذلك ألا ترى أنه إذا جمع منه
شيئا قليلا ثم بدا له أن يترك ما بقي تركه وأخذ حقه فيما عمل ولم يلزمه ما ترك
وذلك أن طحن ولم يعصر ثم أراد أن يترك بطل عمله (قلت) فان قال له احصد
زرعي هذا وادرسه على أن لك نصف ما يخرج منه (قال) لا خير في ذلك لأنه
لا يجب له شئ الا بعد الدراس وهو لا يدرى كيف تخرج هذه الحنطة ولا كم تخرج
(قلت) فلو قال له رجل بعني هذه الحنطة كل قفيز بدرهم وهو زرع قائم (قال) لا
بأس بذلك عند مالك (قلت) فما فرق ما بين هذا وبين الجعل وأنت قد أجزت
هذا في البيع عند مالك (قال) لان مالكا قال لو أن رجلا قال لرجل بعني قمح زرعك
هذا كذا وكذا أردبا بدينار أو قفيزا وذلك بعد ما استحصد وهو سنبل قائم لم يكن
به بأس ولو قال له أبيعك زرعي هذا كله قد وجب لك على أن على البائع حصاده
ودرسه وذرية لم يكن في ذلك خير لأنه إنما باعه قمح ما يخرج من زرعه فلا خير في
ذلك (قلت) فما فرق ما بين الذي باعه وهو قائم على أن على ربه حصاده ودراسه
جميعا جزافا وبين الذي اشترى منه أردبين بدينار على أن يحصده صاحبه ويدرسه
وهذا في الوجهين جميعا العمل على رب الزرع (قال) لان هذا اشترى بكيل
يعلم ما اشترى وهذا اشترى جزافا فلا يعلم ما اشترى فكل شئ اشتراه رجل جزافا
لم يصلح له أن يشتريه حتى يعاينه وهذا إنما يعاينه بعد درسه وكل من اشترى كيلا
فرأى سنبله فلا بأس بذلك لأنه إنما اشترى منه من حنطته هذه التي في سنبله هذا
كيلا فلا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن قال أبيعك حنطتي التي في بيتي كل أربين
بدينار (قال) لا يجوز ذلك عند مالك حتى يصفه أو يريه منها (قلت) فما فرق
ما بين هذا والذي في سنبله (قال) لان الذي في سنبله قد عاينه فهذا فرق ما بينهما
461

(في جعل الوكيل بالخصومة)
(قلت) أكان مالك يكره أن يوكل الرجل بالوكالة على أن يخاصم فان أدرك فله
جعله وإلا فلا شئ له عليه (قال) نعم كان يكره هذا ولا يراه من الجعل جائزا
(قلت) فان عمل على هذا أيكون له على صاحبه أجر مثله (قال) نعم (قال سحنون)
وقد روى أنه جائز
(تم كتاب الجعل والإجارة بحمد الله وعونه وصلى الله على)
(سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب كراء الرواحل والدواب)
462

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب كراء الرواحل والدواب)
(في الشراء وكراء الراحلة بعينها معا)
(قلت) أرأيت أن اشتريت عبدا واشترطت على بائعه ركوب راحلة بعينها إلى
مكة أخذت العبد وكراء الراحلة جميعا صفقة واحدة بمائة دينار أيجوز هذا الشراء
والكراء وإن لم أشترط ان ماتت الراحلة أبدلها لي (قال) الشراء جائز إذا لم يشترط
ان ماتت الراحلة أبدلها وان اشترط ان ماتت الراحلة أبدلها فالشراء فاسد عندي
إلا أن يكون كراء مضمونا في أصل الصفقة ولا يكون في راحلة بعينها ألا ترى لو
أن رجلا اكترى راحلة بعينها إلى مكة وشرط على ربها ان ماتت فعليه خلفها ان
هذا مكروه اما أن يكون كراء مضمونا واما أن يكون في الراحلة بعينها فان ماتت
الراحلة انفسخ الكراء بينهما. ومما يدلك على هذا لو أن رجلا اكترى راعيا يرعى له
مائة شاة بأعيانها سنة فإنه إن لم يشترط أن ما ماتت من الغنم فعليه أن يأتي ببدلها يرعاها
له الراعي فالكراء فاسد لأنه لا يدري أتسلم الغنم إلى رأس السنة أم لا فان اشترط
ان مات الراعي فعليه في ماله خلف من الراعي فذلك فاسد (قال) وأصل هذا أن
ينظر إلى الذي استؤجر أبدا فإذا مات انفسخت الإجارة بموته وإذا استؤجر لشئ
يفعله مثل غنم يرعاها أو دواب يقوم عليها فماتت الغنم والدواب فان الإجارة لا تنتقض
463

ولا تنتقض الإجارة بموت الذي استؤجر له وهي الدواب والغنم إنما تنتقض الإجارة
بموت الذي استؤجر نفسه وهو الراعي فعلى هذا فقس كل ما ورد عليك
(في بيع الدابة واستثناء ركوبها)
(قلت) أرأيت أن اشتريت دابة من رجل واستثنى ركوبها يوما أو يومين (قال)
البيع جائز عند مالك (قلت) فان تلفت في اليومين (قال) قال مالك المصيبة من
المشترى (قال مالك) وكذلك لو اشترط أن يسافر عليها اليوم ثم تلفت منه كانت
مصيبتها من المشترى (قلت) أرأيت أن اشترطت أن أسافر عليها أكثر من اليوم
(قال) لم يكن مالك يحدد فيه حدا إلا أنه كان يقول لا أحب ما تباعد من ذلك لان
الدابة تتغير فيه لا يدرى مشتريها كيف ترجع إليه فلا يعجبني (قال مالك) ولا أرى
بأسا في اليوم واليومين والموضع القريب (قال مالك) وما تلفت الدابة فيه مما يجوز له
أن يشترطه فهو من المشترى وما تلفت فيه مما لا يجوز له أن يشترطه فهو من البائع
وما تلفت فيه وهو مما يجوز لهما اشتراطه مثل الموضع القريب فهو من المشترى
(النقد في الكراء)
(قلت) أرأيت أن اكتريت راحلة بعينها إلى مكة أيصلح لي النقد في ذلك أم لا
(قال) إذا كان الركوب إلى اليوم واليومين أو الامر القريب فلا بأس بذلك أن
يعجل الكراء على أن يركبه إلى اليوم واليومين أو إلى أمر قريب (قال) فان تباعد ذلك
فلا خير فيه لأنه يصير سلما في كراء راحلة بعينها فلا يجوز ذلك وهذا قول مالك
(قلت) أرأيت أن اكتريت راحلة بعينها على أن أركبها بعد يوم أو يومين أيصلح
ذلك على أن أنقده (قال) قال مالك إذا كان ذلك إلى يوم أو يومين فلا بأس بذلك
وان نقده (قلت) فهل يجوز أن أكتري راحلة بعينها وأشترط ركوبها بعد شهر
أو شهرين في قول مالك (قال) لا بأس بذلك ما لم ينقده
464

(الخيار في الكراء بعينه)
(قلت) أرأيت أن تكاريت راحلة بعينها إلى مكة ونقدته على أنى بالخيار يوما أو
يومين (قال) لا يصلح ذلك في قول مالك أن ينقد إذا كنت بالخيار في كراء أو بيع
إلا أن تشترط الخيار ما دمتما في مجلسكما ذلك قبل أن تتفرقا
(في الرجل يكترى الدابة ثم يبيعها صاحبها)
(قلت) أرأيت أن تكاريت من رجل دابة بعينها إلى موضع بكذا وكذا فباعها
ربها أو وهبها أو تصدق بها قبل أن أركبها أتجوز هبته أو صدقته أو بيعه (قال)
لا يجوز من ذلك قليل ولا كثير من الهبة ولا من الصدقة ولا من البيع والكراء
أولى من هبته وصدقته وبيعه وهو قول مالك لأنه من تكارى دابة أو عبدا أو دارا
أو ابتاع طعاما بعينه فلم يكتله حتى فلس صاحبه الذي أكراه أو مات فان من تكارى أو
استأجر أو ابتاع طعاما هو أحق به من الغرماء حتى يستوفوا حقوقهم (قلت)
أرأيت أن تكاريت من رجل دواب بأعيانها إلى موضع من المواضع فباعها فذهب
بها المشتري فلم أقدر عليها وقدرت على المكارى أكرى أيكون لي أن أرجع
على بشئ أم لا (قال) لا يكون لك عليه شئ الا الكراء الذي أديته إليه ان كنت
أعطيته الكراء وإلا فلا شئ عليه (قلت) وهذا قول مالك (قال) سمعت مالكا
يقول في الراحلة بعينها تكرى فتموت انه يفسخ الكراء بينهما فأرى مسألتك إذا
فاتت الراحلة بهذه المنزلة (قلت) أرأيت أن قدرت على الدابة عند المشترى وقد
غاب الذي أكرى أيكون بيني وبين الذي اشتراها خصومة أم لا (قال) ان
كانت لك بينة فأنت أولى بالدابة من المشترى لان الكراء كان قبل الشراء (قال) وهذا
قول مالك (قلت) أرأيت أن اكتريت دابتي ثم بعتها (قال) الكراء في قول
مالك أولى (قلت) أرأيت أن قال المشترى أنا أترك المستكرى فيها حتى تنقضي
اجارته ثم آخذها ولا ينتقض البيع بيننا أيكون ذلك له (قال) نعم ذلك له في قول مالك
465

إذا كان أمرا قريبا يعنى إذا كان الضمان من المشترى
(الشرط في كراء الراحلة بعينها ان ماتت أخلف مكانها)
(قلت) ما قول مالك في الرجل يكترى الراحلة بعينها ولا يشترط أنها ان ماتت
أخلف له غيرها (قال) قال مالك في الراحلة بعينها إذا اكتراها واشترط أنها ان
ماتت أخلف له غيرها لم يجز ذلك وإن لم يشترط أنها إذا ماتت أخلف له غيرها جاز ذلك
(قلت) فما فرق بين الغنم وبين الراحلة في قول مالك (قال) فرق بينهما في قول
مالك ان الراحلة وقع عليها الكراء بعينها وهي التي اكتريت وأما الغنم فلا تكرى
وإنما وقعت الإجارة على الرجل فهذا فرق ما بينهما وهو ان اشترط ان مات هذا
الأجير ففي ماله أن يؤتى بغيره فهذا لا يجوز فالرجل موضع الراحلة في هذه المسألة
والغنم ليست بمنزلة الراحلة
(في الكراء بالثوب أو بالطعام بعينه)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أجير يعمل لي شهرا أو اكتريت إلى مكة أو إلى
بعض المواضع على حمولة أو على أن يحملني أنا نفسي بثوب بعينه فلما وقع الكراء على
هذا أتاني ليقبض الثوب فقلت لا أدفع إليك الثوب حتى استوفى حمولتي أو تعمل لي
في اجارتك (قال) إن كان كراء الناس عندهم بالنقد أجير على النقد وإن كان كراء الناس
ليس عندهم بالنقد لم يصلح هذا الكراء ولا هذه الإجارة إلا أن يكون الثوب نقدا
وإن لم يكن الثوب نقدا فالكراء باطل لان مالكا قال من اشترى ثوبا بعينه على أنه
إنما يعطيه الثوب بعد شهر ولم يجز ذلك وكان البيع مفسوخا (قلت) وكذلك لو كانت
شاة بعينها أو حيوانا (قال) نعم (قلت) فان استأجرته بطعام بعينه أو اكتريت بطعام
بعينه ليحمل لي حمولتي إلى مكة (قال) إن كان الكراء عندهم نقدا أجير على النقد وإن لم يكن كذلك فلا يجوز فيه النقد إلا أن يكون الكراء وقع بالنقد فلا بأس بذلك لان
مالكا قال في الرجل يبيع الطعام في الموضع الغائب عنهما وقد رآه المبتاع قبل ذلك
466

فيشترط ان أدرك الطعام كان للمشترى وان ضاع قبل أن يدركاه كان على البائع مثله
(قال) مالك لا خير في هذا البيع لأنه لا يدرى على أي الطعامين وقع بيعه فالكراء
مثل البيع (قلت) والعروض والطعام عندك في هذا سواء (قال) نعم إلا أن تكون
الصفقة على النقد فلا بأس بالكراء (قلت) فلو أنه أكرى منه إلى مكة على حمولة أو
على نفسه أو اكترى منه إلى مكة أو استأجر منه داره سنة بهذه الدراهم بعينها أو
بهذه الدنانير بعينها فوقع الكراء على هذا فأبى أن ينقده تلك الدنانير أو الدراهم حتى
يستوفى الذي له من كرائه أو من عمل الأجير أو من سكنى الدار (قال) إن كان الكراء
عندهم بالنقد دفع الدنانير على ما أحب أو كره وإن كان الكراء عندهم على غير النقد
فلا خير في هذا إلا أن يعجلها لأني سمعت مالكا وسئل عن الرجل يبتاع من الرجل
السلعة يقبضها بدنانير له بالمدينة أو ببلد من البلدان عند قاض أو غيره فقال مالك إن كان
اشترط في بيعه ان تلفت تلك الدنانير كان عليه أن يعطيه دنانير أخرى مثلها
فلا بأس بذلك وإلا فلا خير في هذا البيع ولا يجوز فأرى الكراء إن كان ليس ينقد
في مثله فلا أرى الكراء جائزا إلا أن يشترط عليه ان تلفت الدنانير فعليه مثلها فان
اشترط هذا لم أر بذلك بأسا والطعام والعروض لا يصلح هذا الشرط فيهما ولا يحل
أن يشترط ان تلفت كان عليه أن يعطي مثلها لان الطعام والعروض سلع في أيدي
الناس ولان مالكا قد كره أن يبيع الطعام الغائب على أنه ان تلف أعطاه مثله والدابة
والرأس مثل ذلك (قال مالك) في ذلك كله لا خير فيه إذا بيع بشرط ان تلف أعطاه
مثله مكانه والدنانير إنما هي عين عند الناس ليست بسلع وهي في أيدي الناس أثمان
للسلع فان اشترط أنها ان هلكت كان عليه بدلها لم يكن بذلك بأس فإن لم يشترط
فلا خير في ذلك لأنه لا يدرى أتسلم الدنانير إلى ذلك الاجل أم لا تسلم (قال غيره)
في الدنانير هو جائز وان تلف فعليه الضمان
467

(فيمن اكترى إلى مكة بطعام بعينه أو بعروض بعينها أو بدنانير بعينها)
(أو الكراء ليس بالنقد عند الناس)
(قلت) أرأيت أن تكاريت منه إلى مكة بهذا الطعام بعينه أو بهذه العروض بعينها
أو بهذه الدنانير بعينها والكراء في موضعه ليس بالنقد عند الناس فقال الجمال وقع
كراؤنا فاسدا فإنه وقع على شئ بعينه ولم يشترط فيه النقد وكراء الناس ليس عندنا
بالنقد وقال المتكارى أنا أعجل السلعة أو الدنانير أو الطعام ولا أفسد الكراء (قال)
الكراء ينفسخ بينهما وان رضى المتكارى أن يعجل السلعة أو الدنانير أو الطعام
لان صفقته وقعت فاسدة في رأيي (وقال غيره) الا في الدنانير فإنه جائز (قلت)
أرأيت أن اكتريت بهذا الطعام بعينه أو بهذا العبد بعينه أو بهذه الدابة بعينها أو بهذه
الثياب بعينها أو بهذه الدنانير بعينها واشترط عليه أن لا أنقده الا بعد يوم أو
يومين أو ثلاثة (قال) لا يعجبني ذلك إلا أن يكون لذلك وجه مثل الدابة يكون
يركبها الرجل اليوم أو اليومين وما أشبهه (قال) فلا بأس بذلك وقد قال مالك
لا بأس به والجارية تخدمه اليوم واليومين ونحو ذلك فلا بأس به وإن كان من
ذلك شئ لا يحبس لركوب ولا لخدمة ولا للبس وإنما يحبسه لغير منفعة له فيه فما كان
من ذلك أنما يحبسه على وجه الوثيقة حتى يشهد على الكراء أو يكتب عليه كتابا
فلا أرى بذلك بأسا وإن لم يكن في حبسه منفعة الا هذا فلذلك جائز لان الرجل
قد يحبس سلعته حتى يستوثق (قلت) فإن كأن لا يحبسه ليشهد لأنه قد أشهد
ولا يحبسه للبس ولا لركوب ولا لخدمة (قال) فلا يعجبني أن يشترط حبسه ولا
أفسد به البيع لأني سألت مالكا عن الرجل يشترى من الرجل بالدنانير الطعام من
صبرة بعينها على أن يستوفيه إلى يومين فقال لا بأس بذلك (قال) لان مالكا قال لي
لو أن رجلا باع جارية أو سلعة إلى أيام على أنه إن لم يأت بالثمن فلا بيع بينهما فقال لي
شرطهما باطل والبيع جائز لازم لهما أتى بالثمن أو لم يأتي به ويلزم البائع دفعها وللمشتري
أخذها ويجبر على النقد فهذا يشبه الكراء إذا اشترط حبسه في اليومين والثلاثة
468

لأنه قد يكون منافع لكل واحد منهما في حبس اليوم واليومين والثلاثة لان
المكرى قد يحب أن يكفي مؤونتها اليوم واليومين وقد يحب المستكرى أن ينتفع
بها اليوم واليومين يؤخر سلعته في يديه ليركب أو يحضر حمولته فتكون وثيقة فإذا
قرب هذا وما أشبهه فلا أرى أن يفسخ الكراء ولا أحب أن يعقد الكراء على
هذا وكذلك قال مالك قال لا أحب أن يعقد البيع على أن لم يأت بالثمن إلى أيام فلا
بيع بيني وبينك وان وقع البيع جاز البيع بينهما وفسخ الشرط وأرى الثياب ان كانت
مما تلبس إذا أراد صاحبها أن يحبسها حتى يستوثق لنفسه وهو مما يلبس فلا بأس
بذلك وهو مثل ما فسرت لك في الدواب والجارية فأما الدنانير فلا يعجبني إلا أن
يخرجها من يده فيضعها رهنا أو يكون ضامنا لها ان تلفت كان عليه بدلها والا لم
يصلح الكراء على هذا (وقال غيره) لا يضره وإن لم يخرجها ويضعها رهنا ألا ترى لو
اشترى سلعة بهذه الدنانير بأعيانها فاستحقت الدنانير ان البيع تام وعليه مثل الدنانير
لان الدنانير والدراهم عين وما سوى الدنانير والدراهم عروض وان تلفت الثياب قبل
أن يدفعها المتكارى كان ضمانها منه وفسخ الكراء بينهما لأنه من ابتاع ثوبا فحبسه
البائع للثمن فهلك كان من بائعه ولأنه من ابتاع حيوانا فاحتبسه البائع للثمن فهلك كان
من المشترى فالمتكارى إذا اشترط حبسه للوثيقة أو للمنفعة فهلك فهو من المتكارى
لأنه أمر يعرف هلاكه وليس مغيبه عليه مغيبا ولان الدنانير عين لا يصلح أن
يشترط تأخيرها إلا أن يضمنها ان ضاعت ولا يجوز أن يشترط ضمان ما ضاع مما
يبيع الا يوم أو يومين أو يتكارى به الا في العين وحده وإنما فسخت الكراء في
الثياب إذا حبسها للوثيقة فهلكت لان الرجل إذا ابتاع الثوب بعينه فهلك قبل أن
يدفع البائع إلى المشترى كان ضمانه من البائع إن لم تقم بينة على تلفه ولم يقل له ائت
بثوب مثله وخذ ثمنه ولان من سلف حيوانا أو ثيابا في سلعة إلى أجل مما يجوز أن
يسلف فيه فاعترف الحيوان أو الثياب بطل السلم ولم يكن له عليه شئ قيمة ولا غيرها
لان مالكا قال في الحيوان غير مرة ورددته عليه فيمن باعه فاحتبسه بثمنه حتى يدفع
469

إليه الثمن فضاع فهو من المشترى ولقد قال لي ابن أبي حازم وهو القضاء عندنا ببلدنا
لا نعرف غيره والحيوان والثياب وما كان شراؤه على غير كيل أو وزن فاشترط
البائع على المشترى أنه يدفعه بعد يوم أو يومين أو نحو ذلك لركوب دابة أو لباس
ثوب أو غير ذلك فلا بأس بنقد الثمن في مثل هذه القرية وانه ان تلف فهو من
المشترى لأنه كأنه قد قبضه وحازه وكان تلفه في يديه فكذلك إذا باع هذه الأشياء
بكراء دابة أو دار وشرط حبسه كما وصفت لك
(في الكراء بثوب غير موصوف)
(قلت) أرأيت أن اكتريت من رجل دابة بثوب مروى إلى موضع كذا ولم
أسم رقعته ولا طوله ولا جنسه ولا عرضه أيجوز هذا الكراء أم لا (قال) لا يجوز
هذا الكراء لان مالكا قال لا يجوز هذا في البيع ولا يجوز في ثمن الكراء الا ما
يجوز في البيع
(في الكراء على أن على المتكارى الرحلة والعلف)
(قلت) أرأيت أن اكتريت إلى مكة على أن على المتكارى رحلتها (قال) لا بأس
بذلك (قلت) أرأيت أن استأجرت دابة إلى موضع من المواضع ذاهبا وراجعا
بعلفها أيجوز هذا الكراء في قول مالك (قال) نعم ذلك جائز لان مالكا قال في
الأجير بطعامه انه لا بأس به (قلت) أرأيت أن استأجرت إبلا من جمال إلى
مكة بكذا وكذا على أن على طعام الجمال وعلف الإبل (قال) قال مالك لا بأس بذلك
(في الكراء على أن على الجمال طعام المتكارى)
(قلت) أرأيت أن اكتريت من جمال إلى مكة على أن على الجمال طعامي (قال)
سمعت مالكا وسئل عن الرجل يتكارى من الرجل ذاهبا وراجعا إلى الحج أو إلى
بلد من البلدان على أن على الجمال طعامه (قال مالك) لا أرى بذلك بأسا قيل له
أفنصف النفقة في طعامه (قال) لا (قلت) أرأيت المرأة إذا تزوجت الرجل أيحد
470

لها النفقة (قال مالك) ولا يكون بهذا كله بأس (قلت) وكذلك العبد يستأجر السنة
على أن على الذي استأجره نفقته (قال) وكذلك لو كان حرا (قال) فقلنا لمالك
فان اشترط الكسوة (قال) لا بأس بذلك (قال) فقلنا لمالك فلو أنه استأجره
بكسوة وصفها أو بطعام فقط وليس من الإجارة غير ذلك (قال مالك) لا بأس بذلك
وكذلك أن كان مع الكسوة أو الطعام دنانير أو دراهم أو عروض بعينها (قال)
لا بأس بذلك إذا كانت العروض معجلة لا تكون إلى أجل لان العروض إذا كانت
بعينها لا تباع إلى أجل فكذلك لا يتكاراها على أنه لا يدفعها صاحبها الا إلى أجل
فإن كانت عروضا بغير عينها لم يكن بذلك بأس أن يكون ذلك مؤخرا إذا سمى له
أجلا. يريد كأجل السلم
(الرجل يكترى الدابة يركبها شهرا أو يطحن عليها)
(قلت) أرأيت أن تكاريت دابة شهرا على أن أركبها في حوائجي متى ما شئت
من ليل أو نهار (قال) ان تكاراها شهرا يركبها في حوائجه كما تركب الدواب فلا
بأس بذلك (قلت) وهذا قول مالك (قال) سألنا مالكا عن الرجل يتكارى الدابة
شهرا (قال) لا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن استأجرت دابة أطحن عليها شهرا
بعينه قمحا ولم أسم ما أطحن عليها كل يوم من القمح (قال) ذلك جائز وهذا يشبه
كراء الرجل الدابة شهرا يركبها لان وجه الطحين معروف وهو قول مالك
(في الرجل يكتري دواب كثيرة صفقة واحدة)
(قلت) أرأيت أن استأجرت دواب كثيرة صفقة واحدة لأحمل عليها مائة أردب
ولم أسم ما أحمل على كل دابة (قال) ذلك جائز ويحمل على كل دابة بقدر ما تقوى
إذا كانت لرجل واحد (قلت) فإن كانت الدواب لرجال شتى والدواب يختلف
حملها (قال) لا يعجبني ذلك لان كل واحد منهم أكرى دابته بما لا يعلم وقد فسرت
لك هذه المسألة في موضع آخر في البيوع والإجارات (قلت) وتحفظ عن مالك
471

في الرجل يتكارى الدواب صفقة واحدة أن ذلك جائز إذا كان رب الدواب واحدا
(قال) نعم قال مالك ذلك جائز (قلت) تحفظ عن مالك إذا كانت الدواب لأناس
شتى أن ذلك غير جائز (قال) لا
(باب في الكراء الفاسد)
(قلت) أرأيت أن تكاريت دابة أشيع عليها رجلا ولم أسم موضعا من المواضع
(قال) الكراء فاسد إلا أن تسمى موضعا معروفا (وقال غيره) إذا كان ذلك التشييع
أمرا قد عرف بالبلد كيف هو فلا بأس به (قلت) أرأيت أن تكاريت دابتين
بأعيانهما واحدة إلى برقة وأخرى إلى إفريقية ولم أسم التي إلى برقة ولا التي إلى
إفريقية (قال) لا يجوز هذا الكراء حتى تسمى التي إلى برقة والتي إلى إفريقية
(قلت) أرأيت أن اكتريت من رجل على أن أدخلني مكة في عشرة أيام فله
ثلاثون دينارا وان أدخلني في أكثر من عشرة أيام فله عشرة دنانير (قال) قال مالك
هذا الكراء فاسد ان أدرك قبل أن يركب فسخ هذا الكراء بينهما فان ركب يريد
سفره كله أعطاه كراء مثله على سرعة السير وابطائه ولا يلتفت إلى الكراء الأول
(قلت) أرأيت أن اكترى كراء فاسدا فاستوفي الركوب ما يكون عليه في قول
مالك (قال) عليه قيمة الركوب (قلت) أرأيت أن تكاريت دابة إلى موضع من
المواضع ولم أسم ما أحمل عليها أيكون الكراء فاسدا أم يكون جائزا وأحمل عليها مثل
ما يحمل على مثلها (قال) الكراء فاسد إلا أن يكونوا قوما قد عرفوا ما يحملون فإذا
كانوا قد عرفوا الحمولة فيما بينهم فان الكراء لهم لازم على ما قد عرفوا من الحمولة قبل
ذلك (وقال غيره) إن كان قد سمى طعاما أو بزا أو عطرا فذلك جائز وله أن يحمل مثل
ما تحمل تلك الدابة وان قال أحمل عليها قد حمل مثلها مما شئت مما تحمل فلا خير
في ذلك لان من الحمولة ما هو أضر بالدواب وأعطب لظهورها ومنها مالا يضر فإذا
اختلفت لم يكن في ذلك خير وكذلك لو اكترى دابة يركبها شهرا إلى أي بلد شاء
والبلدان منها الوعرة الشديدة ومنها السهلة وكذلك في الحوانيت والدور فكل ما اختلف
472

حتى يتباعد تباعدا بينا فلا خير فيه لان من ذلك ما هو أضر بالجدر ومنها لا يضر
فإذا اختلف هكذا لم يكن فيه خير ألا ترى أن من الحمولة ما لو سمى لنقبه لظهر
الدابة لم يرض رب الدابة فيه بدينار واحد وآخر لخفة مؤونته على ظهر الدابة يكون
كراؤه أقل من ذلك بما يتفاحش ألا ترى أن الرجل يكرى دابته تركب يوما في
الحضر فيكون غير كرائها تركب يوما في السفر وتكون الأرض الوعرة القليلة الكلأ
والأخرى سهلة كثيرة الكلأ فيكون الكراء في ذلك مختلفا وان رب الدابة
والحانوت والمسكن باعوا من منافع الدابة ومنافع المساكن ما لا يدرون ما باعوا
لاختلاف ذلك وان ذلك خارج من أكرية الناس ألا ترى أنه يكترى ليحمل
حنطة فيحمل في مكانها شعيرا مثله أو سمسما فلا يكون مخالفا ولا يضمن إذا عطبت
الدابة وكذلك لو اكتراه على أن يحمل له شطويا فحمل عليه بغداديا أو بصريا أو ما
أشبهه في نحوه وخفته وثقله لم يضمن ولو حمل رصاصا أو حجارة بثقل ذلك فعطبت
ضمن لاختلاف ما بين ذلك فخذ هذا وما أشبهه على هذا الأصل (قلت) أرأيت
ان تكاريت من رجل إلى مكة بمثل ما يتكارى الناس أيجوز ذلك في قول مالك أم لا
(قال) قال مالك لا يجوز ذلك (قلت) أرأيت أن اكتريت إبلا إلى مكة بطعام
مضمون ولم أذكر الموضع الذي أنقده فيه الطعام ولم أضرب لذلك أجلا وليس للناس
في الكراء عندهم سنة يحملون عليها (قال) الكراء فاسدا إذا كان بحال ما وصفت لك
وكذلك لو أكراه بغلام مضمون أو بثوب مضمون وليس لهم سنة يحملون عليها
فالكراء فاسد إلا أن يتراضيا فيما بينهما من ذي قبل على أمر حلال فينفذ فيما بينهما
(قلت) أرأيت أن اكترى قوم مشاة إبلا إلى مكة ليحملوا عليها أزوادهم وشرطوا
أن من مرض منهم حمله على الإبل (قال) هذا الكراء فاسد (قلت) أتحفظه عن
مالك (قال) لا ولكنه رأيي (قلت) أرأيت إن تكاريت دابة من رجل على أن
تبلغني موضع كذا وكذا إلى يوم كذا وكذا وإلا فلا كراء له (قال) لا خير في هذا
عند مالك لأنه شرط شرطا لا يدرى ما يكون له فيه من الكراء لان هذا غرر
473

لا يدري أيتم له الكراء أم يذهب رأسا فلا يكون له من الكراء شئ
(في إلزام الكراء)
(قلت) أرأيت دابة تكاروها ليزفوا عليها عروسا لهم بعشرة دراهم فلم يزفوها
ليلتهم تلك أيضمنون الكراء أم لا (قال) عليهم الكراء (قلت) أرأيت أن تكاريت
دابة أشيع عليها رجلا إلى موضع معلوم فلما قبضت الدابة أو لم أقبضها بدا لفلان في
الخروج أيلزمني الكراء أم لا (قال) قال مالك من اكترى دابة إلى موضع من
المواضع ثم بدا له أن لا يخرج إلى ذلك الموضع فان الكراء له لازم ويكرى الدابة إلى
ذلك الموضع ان أحب في مثل ما اكتراها فيه فكذلك مسألتك التي سألتني عنها
يكون الكراء عليه ويفعل في الدابة مثل ما وصفت لك (قلت) أرأيت لو أنى اكتريت
من رجل دابة يوما إلى الليل بدرهم فقال رب الدابة هذه الدابة فاقبضها واركبها
فلم أقبضها ولم أركبها حتى مضى ذلك اليوم (قال) إذا أمكنه منها فلم يركبها فقد لزمه
الكراء وهذا قول مالك (قلت) أرأيت لو أن رجلا اكترى إلى مكة ليحج فسقط
فاندقت عنقه أو انكسر صلبه أو كان اكترى إلى بيت المقدس أو إلى مسجد الرسول
صلى الله عليه وسلم فأصابه ما ذكرته لك أيكون هذا عذرا ويفسخ الكراء فيما
بينهما في قول مالك (قال) لا يفسخ الكراء فيما بينهما في قول مالك (قال) ولا يفسخ
الكراء فيما بينهما وان مات أيضا لم يفسخ الكراء بينهما ويقال له أو لورثته أكروا
هذا الكراء الذي وجب لكم واغرموا الكراء الذي عليكم (قلت) وكذلك أن
اكتريت دابة إلى مكة فلما كنت في بعض المناهل عرض لي غريم لي فحبسني
(قال) الكراء لك لازم ويقال لك اكر الدابة من مثلك إلى مكة (قلت) فإن كان
على الدابة حمولة اكتريتها لا حمل عليها إلى مكة فعرض لي غريم في بعض المناهل
فأراد أخذ المتاع (قال) قال مالك المكرى أولى بالمتاع الذي معه على حمولته حتى
يقبض حقه وللغرماء أن يكروه في مثل ما حمل إلى الموضع الذي أكرى إليه (ابن
وهب) عن يونس عن ابن شهاب في الرجل يستكري من الرجل داره عشر سنين
474

ثم يموت الذي أكرى ويبقى المستكرى (قال) ان توفي سيد المسكن فأراد أهله
اخراج من استأجره منه أو بيعه فلا أرى أن يخرجوهم الا برضا منهم ولكن ان
شاؤوا باعوا مسكنهم ومن استأجره فيه على حقه وشرطه في اجارته (قال ابن شهاب)
وان توفى المستأجر سكن ذلك المسكن أو لم يسكنه فانا نرى أن تكون أجرة ذلك
المسكن فيما يترك من المال يؤديه الورثة بحصصهم (قال ابن وهب) وأخبرني مسلمة
ابن علي أن عبد الله بن عمر قال في رجل أسكن رجلا عشر سنين أو آجره ثم مات
رب الدار (قال) الدار راجعة إلى الورثة والسكنى
(في فسخ الكراء)
(قلت) أرأيت أن استأجرت ثورا يطحن لي كل يوم أردبين بدرهم فوجدته
لا يطحن الا أردبا واحدا (قال) لك أن ترده (قلت) نصف درهم لأنه إنما استأجره على
طحين أردبين بدرهم (قلت) أرأيت أن استأجرت دابة بعينها أو بعيرا بعينه
فإذا هو عضوض أو جموح أو لا يبصر بالليل أو دبر تحتي دبرة فاحشة يؤذيني ريحها
أيكون هذا مما يفسخ به الكراء فيما بيننا أم لا (قال) أما ما ذكرت من العضوض
والجموح والذي لا يبصر بالليل إن كان ذلك مضرا بالراكب يؤذيه فله أن يقاسمه
الكراء ان أحب (قلت) وهذا قول مالك (قال) هو مما يفسخ به الكراء عندنا
لأنها عيوب لا يستقيم أن يلزمها الناس في كرائهم الا ان تراضوا بذلك (قلت)
أرأيت أن استأجرت عبدا للخدمة فمرض أو دابة أركبها إلى موضع كذا وكذا
فاعتلت الدابة أيكون هذا عذرا وأنا فضه الكراء (قال) نعم إلا أن العبد ان صح في بقية
من وقت الإجارة عمل لك ما صح فيه من ذلك وكان عليك كراء من عمل لك
ويسقط عنك كراء ما مرض فيه (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم قال مالك
والدابة عندي ليست بهذه المنزلة لان الدابة إذا اعتلت وقد تكاراها إلى إفريقية لم
يتخلف عليها فهي وان صحت قبل أن يبلغ صاحبها الذي تكاراها إلى إفريقية لم يلزمه
475

الكراء لان الذي اكترى لا يقدر على القيام عليها وهي وان صحت بعده لم تلحقه
وهي أيضا لو لحقته لعله أن يكون قد اكترى غيرها فان لزمه هذا أيضا فقد دخل
عليه في ذلك ضرر وذلك مخالف للخدمة (قلت) أرأيت أن قال المتكارى أنا أقيم على
الدابة حتى تفيق من علتها ثم أركبها وقال ربها لا أقيم عليها وأنا أريد بيعها إذا صارت
لا تحمل ولا أقدر على المقام عليها والنفقة (قال) ينظر إلى ذلك فان الأمراض مختلفة
إن كان مرضا يرجى برؤه بعد يوم أو يومين والامر القريب لا يكون فيه ضرر على
المكرى فهذا يحبس رب الدابة على دابته حتى ينظر إلى ما يصير إليه أمرها وإن كان مرضا
لا يرجى برؤه الا بعد زمان ويتطاول أمرها ويكون في ذلك ضرر على صاحبها في
اقامته عليها في بلاد لعل السفر فيها يجحف بالمكرى ويقطعه عن عياله فلا يصلح الضرر
بينهما وإنما ينظر في هذا إلى ما لا ضرر فيه عليهما (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن
ابن أبي جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قضى
أيما رجل تكارى من رجل بعيرا بعينه فهلك البعير فليس للمستكرى على المكارى أن
يقيم له مكانه غيره وليس عليه في الكراء ضمان (ابن وهب) عن شمر بن نمير عن
حسين بن عبيد الله الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أنه قال من
تكارى وشرط البلاغ ثم قصرت الدابة استكرى عليه بما قام وإن لم يشترط البلاغ
فمن حيث قصرت الدابة حسب لصاحبها بقدره
(في المكارى يريد أن يردف خلف المكرى أو يجعل متاعا)
(قلت) أرأيت أن تكاريت دابة إلى موضع من المواضع فأراد ربها أن يحمل تحتي
متاعا أو يحمل معي رديفا أيكون ذلك له أم لا (قال) ليس ذلك له لان الرجل يركب
الدابة يتكاراها فتصير الدابة كلها له لأنه قد تكاراها كلها بعينها فقد اشترى ركوبها
وكذلك السفينة يتكاراها الرجل فليس لصاحبها أن يحمل فيها شيئا لان ذلك قد
صار للمكترى (قلت) أرأيت أن تكاريت دابة بعينها إلى موضع كذا وكذا فحمل
صاحبها في متاعي متاعا له بكراء أو بغير كراء أيكون لي كراء ما حمل في متاعي
476

(قال) إن كان إنما اكراك الدابة فحمل عليها متاعا في متاعك فلك كراء المتاع الذي
حمل في متاعك وإن كان إنما اكراك ليحمل عليها أرطالا مسماة فحمل لك تلك الأرطال
المسماة ثم زاد عليها لم يكن لك كراء تلك الزيادة (وقال غيره) إن كان اكراه ليحمله
ببدنه أو ليحمله ويحمل متاعا معه ثم حمله هو أو حمله وحمل متاعه ثم أدخل المكرى متاعا
مع متاعه بكراء أو بغير كراء فهو لرب الدابة لان رب الدابة قد وفاه شرطه وقد كان
للمتكارى إذا تكارى الدابة ليركبها ببدنه أن يمنع رب الدابة من الزيادة عليها
(في المكرى يكرى غيره)
(قلت) أرأيت أن اكتريت دابة فحملت عليها يغرى أأضمن أم لا (قال) لا ضمان
عليه إذا حمل عليها من هو مثله في الخفة والأمانة إلا أن يحمل عليها من هو أثقل منه
أو غير مأمون فأراه ضامنا وهذا قول مالك (وقال ابن القاسم) إذا عطبت الدابة فادعى
غير المأمون تلفها ولا يعلم ذلك الا بقوله فالذي اكتراها ضامن للمكري الأول وليس
على المكرى الثاني ضمان إلا أن يأتي من سببه أو يتبين كذبه (وقال) في الرجل يكترى
من الرجل على حمولة إلى بلد فيريد أن يصرفها إلى بلد غير الذي اكتراها إليه وهو
مثل البلد الذي اكترى إليه في المؤنة والشدة والصعوبة (قال) لا يكون ذلك للمكترى
إلا أن يشاء ذلك المكرى (وقال غيره) وان شاء ذلك المكرى فليس بجائز وهذا فسخ
الدين في الدين إلا أن يقيله من الكراء الأول إقالة صحيحة ثم يكرى ان شاء إلى
الموضع الذي أراد (قلت) أرأيت أن اكتريت راحلة لأركبها أنا نفسي فأتيت بمن
هو مثلي فأردت أن أحمله مكاني أيكون لي ذلك أم لا (قال) قال لي مالك لا يعجبني ذلك
إذا اكترى دابة ليركبها أن يركب غيره وقد يكرى الرجل لحاله ولحسن ركوبه فأنت
تجد آخر لعله أخف منه وهو أخرق في الركوب منه (قال ابن القاسم) ولكن ان فعل
فحمل غيره فعطبت الدابة نظر في ذلك فإن كان مثله في الثقل والحال والركوب لم
يضمن (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي (قلت) أرأيت أن مات هذا الذي
أكتري الدابة أيكون الكراء لازما ويأتون بمثله فيحملونه ويكون ذلك لورثته
477

(قال) نعم (قلت) أراك قد أجزت أن يحمل غيره في الموت (قال) كذلك قال لي
مالك ولا بأس بذلك في الدور والحمولة تكرى تلك الإبل من غيره (سحنون)
وقد قال مالك وفى الحياة أيضا له أن يكريها من غيره وهو قوله الذي يعرف وأما
الذي قال لا يعجبني لم يكن يقف عليه وقوله المعروف ان له أن يكريها من مثله في
حاله وخفته وأمانته وقد كتبنا في الكتاب الأول قبل هذا ما يجوز من الريح في
الأكرية أكرية الدواب والدور والأرضين وغير ذلك ومن اجازه ومن قاله
(في المكترى يردف خلفه)
(قلت) أرأيت أن اكتريت دابة لأركبها فحملت معي عليها رديفا فعطبت الدابة
(قال) قال مالك في الرجل يكتري البعير ليحمل عليه كذا وكذا رطلا فزاد عليه
أكثر من ذلك (قال مالك) ينظر إلى تلك الزيادة فإن كانت تلك الزيادة مما يعطب
بها إذا زادها خير رب البعير فان أحب فله كراؤه الأول وكراء ما زاد عليها وان
أحب فله قيمة البعير يوم تعدى عليه ولا كراء له وان كانت الدابة لا تعطب في مثل
ما حمل عليها فله الكراء الأول وكراء ما تعدى فيه ولا ضمان عليه فالذي سألت عنه
من الرديف بهذه المنزلة إن كان رديفا تعطب الدابة في مثله إذا أردف فهو بهذه المنزلة
وان كأن لا تعطب بمثله فهو على ما فسرت لك (قال) وسألت مالكا عن كراء الحاج
يتكارى على خمسمائة رطل فيكون في زاملته أكثر مما يعطب في مثله (قال مالك)
ليس الحاج كغيرهم لم يزل الحاج يكون لهم الزيادات من السفر والأطعمة لا ينظر في
ذلك ولا يعرف المتكارى ما حمل فلا يكون عليهم في ذلك ضمان (قال) وقال مالك
وذلك إذا كان المكرى هو الذي حمله ورآه ورددتها عليه فثبت قوله على هذا (قلت)
أرأيت أن تكاريت دابة من موضع من مصر إلى موضع آخر إلى رجل ألقاه أسلم
عليه فأردفت خلفي من يمسك على الدابة إذا دخلت أسلم عليه فعطبت الدابة أو لم
تعطب أيكون على كراء هذا الرديف في قول مالك (قال) قال مالك في الرجل
يكترى الدابة من موضع إلى موضع فيعدل عن طريقه الميل ونحوه (قال) قال مالك
478

أراه ضامنا بحال ما وصفت لك فكذلك هذا الذي أردف وإن كان ذلك إلى موضع
قريب فأراه مثل ما وصفت لك في الضمان يكون رب الدابة مخيرا في الكراء أو
الضمان بحال ما وصفت لك من الميل الذي عدل فيه عن طريقه إذا كان الردف يعطب
في مثله إذا علم أن الدابة إنما عطبت من الرديف
(باب في الرجل يتكارى الدابة فيتعدى فيحبسها)
(قال) وقال مالك في الرجل يتكارى الدابة من الرجل فيحبسها عنه انه ان شاء
ضمنه قيمتها يوم تعدى عليها وان شاء أخذ دابته وكراء ما تعدى إليه إلا أن يكون
إنما تعدى شيئا يسيرا لم يحبسها فليس له الاكراء دابته إذا لم تتغير وأتى بها على حالها
(قلت) فقيمتها يوم تعدى عليها أو قيمتها يوم ركبها (قال) بل قيمتها يوم تعدى
كذلك قال مالك (قلت) أرأيت لو أن رجلا اكترى دابة يوما فحسبها شهرا ماذا
عليه (قال) عليه كراء يوم ورب الدابة مخير في التسعة وعشرين يوما ان شاء أخذ
كراءها فيما حبسها فيه على قدر ما استعملها أو حبسه إياها بغير عمل وان شاء أخذ قيمتها من
بعد اليوم الذي كان عليه بالكراء (وقال غيره) إن كان معه بالمصر فهي عليه بالكراء
الأول على حساب ما أكراه لان رب الدابة حين انقضت وجيبته فلم يردها إليه وهو
معه وهو يقدر على أخذها كأنه راض بالكراء الأول وإن كان ذلك في غير مصره
فأتى بالدابة على حالها فربها مخير ان شاء أخذ الدابة وكراءها لليوم أو الأكثر من كراء
مثلها فيما حبسها إن كان كراء مثلها فيما حبسها أكثر من حساب كراء اليوم كان ذلك
لرب الدابة وإن كان كراء ما حسبها على حساب كراء اليوم الذي أكراها أقل كان
لرب الدابة على حسابه بالكراء الأول عمل عليها أم لم يعمل عليها وان شاء ضمنه
قيمتها يوم حبسها ولا شئ له من كرائها الاكراء اليوم الذي أكراها (قلت) لابن
القاسم وإن لم تتغير الدابة (قال) وان كانت لم تتغير فهو مخير وهذا كله قول مالك (قال
ابن القاسم) إلا أن يكون حبسها اليوم ونحوه ثم يردها بحالها لم تتغير في بدنها فيكون
عليه كراؤها ولا يضمن وذلك أن مالكا قال في الرجل يتكارى الدابة فيتعدى عليها
479

الأميال انه يردها ولا يضمنها ويكون عليه كراء تلك الأميال إذا ردها على حالها
(التعدي في الكراء)
(قلت) أرأيت أن تكاريت بعيرا لاحمل عليه محملا فحملت عليه زاملة (قال)
ينظر في ذلك فإن كانت الزاملة أثقل من المحمل وأكثر كراء فهو ضامن أن عطب
البعير ويكون عليه كراء ما زاد ورب البعير مخير في ذلك فإن كانت الزاملة دون
المحمل فلا شئ عليه (قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك في رجل تكارى
بعيرا على أن يحمل عليه حمل كتان فحمل عليه حمل صوف فعطب قال (ينظر فإن كان الذي
حمل عليه هو أخف وأتعب وربما كان الشيئان وربهما واحد وأحدهما أتعب لجفائه أو
لشدة ضمه على جنبي البعير مثل الرصاص والنحاس فإن كان الذي حمل عليه ليست فيه
مضرة ولا تعب على الذي اشترط فلا ضمان عليه وإن كان هو أتعب وأضر فهو ضامن
(قال ابن القاسم) إلا أنه يخير في الضمان فان أحب كان له كراء فضل ذلك الحمل على
تعبه بما يسوى وان أحب فله قيمة بعيره يوم حمله ولا كراء (قلت) وكذلك أن تكاريت
بعيرا لأركبه أنا نفسي فحملت عليه غيري (قال) نعم إذا كان هو يكريه في مثل ما اكتراه
(قلت) أرأيت أن استأجرت رحا على أن لا أطحن فيها الا الحنطة فجعلت أطحن فيها
الشعير والعدس والفول والقطنية والذرة والدخن فانكسرت الرحا (قال) إن كان
طحين الشعير والفول والعدس وما ذكرت ليس بأضر من الحنطة فلا أرى عليه ضمانا
وإن كان ذلك أضر فهو ضامن (قلت) وهذا قول مالك (قال) هو رأيي مثل ما قال
مالك في الذي يكترى البعير على أن يحمل عليه خمسمائة رطل من بز فحمل عليه خمسمائة
رطل من دهن انه إن لم يكن الدهن أضر بالبعير من البز فلا ضمان على المتكارى ان
عطب البعير (قلت) أرأيت أن استأجرت دابة لاحمل عليها حنطة فحملت عليها
شعيرا أو ثيابا أو دهنا (قال) إذا حمل عليها ما يكون مثل وزن الذي اكتراها عليه
فذلك جائز ولا يضمن لان مالكا قال له أن يكريها ممن يحمل عليها مثل ذلك وله
480

أن يحمل عليها خلاف الذي سمى ان تكاراها يحمل عليها كتانا فلا بأس
بذلك أن يحمل عليها من البز بوزن ذلك أو من القطن بوزن ذلك إلا أن يكون
من ذلك شئ أضر على الدابة من الذي تكاراها له وإن كان بوزن ذلك لأنه قد يكون
شئ أخف على الإبل والدواب وأضغط لظهورها وإن كان الوزن واحدا مثل
الرصاص والحديد ألا ترى أن الزوامل أثقل من المحامل في الوزن والزوامل أرفق
بالإبل وإذا لم يكن في ذلك اختلاف ولا مضرة فلا بأس أن يحمل عليها خلاف
ما سمى (قلت) أرأيت أن اكتريت دابة لاحمل عليها عشرة أقفزة من حنطة
فحملت عليها أحد عشر قفيزا فعطبت الدابة أأضمن أم لا في قول مالك (قال)
لا ضمان عليك في قول مالك إذا كان القفيز إنما فيه الشئ اليسير الذي لا يفدح
الدابة يعلم أن مثله لا تعطب فيه الدابة (قلت) أفيكون لرب الدابة أخذ كراء
هذا القفيز الزائد (قال) نعم في قول مالك (قلت) فكيف يكون أجره أتجعل
أجره مثل قفيز من الأقفزة أو أجر مثله بالغا ما بلغ (قال) ينبغي في قول مالك أن
يكون له أجر مثل القفيز الزائد ولا يكون مثل أجر قفيز من العشرة لان مالكا قال
إذا تكارى إلى موضع فتعدى عليه إلى أبعد منه كان عليه قيمة كراء ما تعدى وليس
على قدر ما تكارى عليه أولا فالقفيز الزائد والتعدي سواء (قال سحنون) وقد بينا
قول مالك وغيره في مثل هذا في أول الكتاب (قلت) أرأيت أن تكاريت دابة إلى
برقة ذاهبا وراجعا فلما بلغت برقة تعديت عليها إلى إفريقية ثم رددتها إلى مصر ما يكون
لرب الدابة في قول مالك (قال) رب الدابة مخير بين أن يكون له كراء من مصر
إلى برقة ذاهبا وراجعا ومثل كراء دابته من برقة إلى إفريقية ذاهبا وراجعا إلى برقة
فيكون له من مصر إلى برقة ذاهبا وراجعا الكراء الذي سميا بينهما ويكون له من برقة
إلى أفريقية ذاهبا وراجعا قيمة كرائها وان أحب رب الدابة أن يأخذ نصف كراء دابته
إلى برقة ذاهبا ويضمنه قيمتها ببرقة يوم تعدى عليها إلى أفريقية ولا يكون له من الكراء
في ذهابه بدابته إلى أفريقية ذاهبا وراجعا إلى مصر قليل ولا كثير فذلك له (قلت)
481

ولا يكون له الكراء فيما بين برقة إلى مصر في رجعته (قال) نعم إذا رضى أن يضمنه
قيمة دابته يوم تعدى لم يكن له من الكراء فيما بين برقة إلى مصر في رجعته قليل
ولا كثير (قلت) أرأيت أن رد الدابة يوم تعدى عليها على حالها وردها وهي أسمن
وأحسن حالا (قال) قال مالك رب الدابة بالخيار ان شاء ضمنه وان شاء أخذ دابته وأخذ
الكراء الذي ذكرت لك (قال مالك) لان الأسواق قد تغيرت فسوق هذه الدابة
قد تغير وقد حبسها المتكارى عن أسواقها وعن منافع فيها (قلت) أرأيت أن تكاريت
دابة لاحمل عليها خمسمائة رطل من دهن فحملت عليها خمسمائة رطل من رصاص فعطبت
الدابة أأضمن أم لا (قال) ينظر في ذلك فإن كان الرصاص هو أتعب عليها وأضر بها فهو
ضامن وإلا فلا ضمان عليه وهذا قول مالك (قال) وقال مالك له أن يكريها في مثل
ما اكتراها فيه ويحمل عليها غير ما اكتراها عليه إذا كان الذي يحمله عليها ليس فيه
مضرة على الذي تكاراها عليه فإذا كان الرصاص في الوزن مثل وزن الدهن وليس هو
أكثر من مضرة الدهن فلا شئ عليه (قلت) أرأيت أن استأجرت ثورا أطحن
عليه كل يوم أردبا فطحنت عليه أردبين فعطب الثور (قال) رب الثور بالخيار ان شاء أخذ
كراء أردب وضمن الطحان قيمة ثوره حين ربطه في طحين الأردب الثاني وان شاء
أخذ كراء الأردبين جميعا ولا شئ له على الطحان من قيمة الثور (وقال) عبد الرحمن
وابن وهب قال مالك إذا تكارى دابته إلى مكان مسمى ذاهبا وراجعا ثم تعدى حين
بلغ البلد الذي تكارى إليه فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول فتعدى المتعدى
بالدابة ولم يجب عليه الا نصف الكراء ولو أن الدابة هلكت حين بلغ البلد الذي
تكارى إليه لم يكن على المستكرى ضمان ولم يكن للمكري الا نصف الكراء فان تعدى
المتكارى المكان الذي تكارى إليه فرب الدابة بالخيار ان أحب أن يضمن دابته
المتكارى يوم تعدى بها ضمنه إياها بقيمتها يوم تعدى بها وله الكراء إلى المكان الذي
تعدى منه وان أحب صاحب الدابة أن يأخذ كراء ما تعدى إليه المستكرى ويأخذ
دابته فلذلك له وكذلك الامر عندنا في أهل التعدي والخلاف لما أخذوا عليه الدابة
482

(قال ابن وهب) وأخبرني يونس عن ابن شهاب أنه سأله عن رجل استكرى
دابة فجاز بها الشرط أيضمن (قال) نعم (قال ابن وهب) وأخبرني رجل من أهل
العلم عن علي بن أبي طالب ويحيى بن سعيد وربيعة وأبى الزناد وعطاء بن أبي رباح
مثله ثم فسروا بنحو من تفسير مالك في الكراء الأول وكراء التعدي وضمان الدابة
(ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عطاء قال له رجل زدت على
المكان الذي استكريت إليه قليلا ميلا أو أقل فماتت (قال) تغرم (قلت) لعطاء
زدت على الحمل الذي اشترطت قليلا فماتت (قال) تغرم (قلت) فأكريته من غيري
بغير أمر سيد الظهر فحمل عليه مثل شرطي ولم يتعد (قال) لا يغرم وقال ذلك عمرو
ابن دينار (سحنون) عن ابن نافع عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن سعيد بن
المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن
هشام وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان
ابن يسار مع مشيخة سواهم من نظرائهم أهل فقه وفضل وربما اختلفوا في الشئ
فأخذ يقول أكثرهم وأفضلهم رأيا انهم كانوا يقولون من استكرى دابة إلى بلد ثم
جاوز ذلك البلد إلى بلد سواه فان الدابة ان سلمت في ذلك كله أدى كراءها وكراء
ما تعدى بها وان تلفت في تعديه بها ضمنها وأدى كراءها الذي استكراها به
(في الدعوى في الكراء)
(قلت) أرأيت أن تكاريت دابة إلى أفريقية فاختلفنا قبل الركوب أنا وصاحب الدابة
فقال إنما أكريتك الدابة إلى برقة بمائة وقلت أنا إنما اكتريت منك إلى أفريقية
بمائة (قال) قال مالك يتحالفان ويتفاسخان نقد الكراء أو لم ينقد إذا كان قبل الركوب
أو ركوب دور لا يكون فيه ضرر في رجوعهما (وقال غيره) إذا انتقد وكان يشبه
ما قال فالقول قوله مثل ما لو بلغا برقة فاختلفا فيها لان النقد المقبوض فوت وصار
القابض مقرا بما عليه والمكترى مدع للأكثر ألا ترى لو قال بعتك بهذه المائة التي
قبضت منك مائة أردب إلى سنة وقال المشترى بل اشتريت منك مائتي أردب إلى
483

سنة وكان ما قال البائع يشبه ان القول قوله لأنه مقر والمشترى مدع (قلت)
لابن القاسم أرأيت أن بلغت برقة فقال رب الدابة أكريتك إلى برقة بمائة درهم وقلت
إنما أكريتني إلى أفريقية بمائة درهم (قال) قال مالك إن كان قد نقد المتكاري الكراء
كان القول قول المكري إذا كان يشبه قوله أن يكون كراء الناس إلى برقة بمائة درهم
مع يمينه (قلت) فإن كأن لا يشبه أن يكون الكراء إلى برقة بمائة درهم ويشبه أن
يكون إلى أفريقية بمائة درهم (قال) يتحالفان ويتفاسخان ويعطى رب الدابة قدر كرائه
إلى برقة ولا يكون للمتكارى أن يلزمه الكراء إلى أفريقية بعد يمين رب الدابة (قلت)
أرأيت أن كان المتكارى لم ينقد وكان يشبه الكراء ما قال المكرى والمتكاري لان
ذلك مما يتغابن الناس فيه (قال) يتحالفان ويقسم الكراء على قدر الطريق من مصر
إلى إفريقية فيكون لرب الدابة ما يصيب الطريق إلى برقة ولا يلزم رب الدابة الكراء
إلى إفريقية بعد أيمانهما وأيهما نكل عن اليمين كان القول قول من حلف (قلت)
وهذا قول مالك (قال) نعم هو قوله (قلت) أرأيت أن اختلفنا قبل الركوب بمصر
فأقمنا البينة جميعا أنا ورب الدابة أو لما بلغنا برقة اختلفنا فأقمنا البينة أنا ورب الدابة
(قال) البينة لأعدلهما إلا أن تتكافأ البينة في العدالة فان تكافأت البينة في العدالة قبل
الركوب تحالفا وتفاسخا لان مالكا قال إذا اختلفا في الكراء قبل الركوب ولا بينة
بينهما تحالفا وانفسخ الكراء بينهما (وقال غيره) ان أقاما بينة فالبينة بينة مدعى الفضل
وليس هذا من التهاتر وكذلك قال عبد الرحمن في رجل باع من رجل سلعة فاختلفا
قبل القبض فقال البائع بعتك بمائة وقال المشترى اشتريت منك بخمسين انهما يتحالفان
ويتفاسخان إلا أن تقوم لها بينة فان قامت بينة قضى ببينة البائع لأنه مدع للفضل
ولأنها زادت على بينة المشترى فمسألة الكراء تشبه قوله هذا (قلت) أرأيت أن
تكاريت دابة من مصر إلى مكة بمائة درهم فنقدته المائة أولم أنقده ثم ركبت حتى
إذا أتيت المدينة قال رب الدابة إنما أكريتك إلى المدينة بمائتي درهم وقلت له أنا إنما
تكاريتها إلى مكة بمائة درهم (قال) إن كان المتكارى قد نقده المائة درهم فالقول قول
484

رب الدابة في المائة الدرهم إلى المدينة إذا كان يشبه ما قال لأنه أئتمنه عليها حين دفعها
إليه (قال ابن القاسم) وعلى المتكارى اليمين بالله في المائة الأخرى التي ادعاها رب
الدابة ولم أسمع من مالك في هذه المائة الزائدة التي ادعاها رب الدابة في الكراء شيئا
ولكن ذلك عندي مثل البيوع (قال مالك) وعلى رب الدابة اليمين بالله أنه لم يكرها
منه إلى مكة بمائة درهم (قلت) فان أقامه جميعا البينة على ما ادعيا من ذلك فتكافأت
البينتان فهما كمن لا بينة لهما وإن لم يتكافأ البينات فالقول قول أعدلهما بينة (قال) نعم مثل
قول مالك في البيوع (قلت) فإن كان لم ينقده الكراء حتى بلغا المدينة فاختلفا كما
وصفت لك (قال) القول قول رب الدابة عند مالك انه لم يكره الا إلى المدينة والقول
قول المتكارى في غرم الكراء فتقسم المائة الدرهم على ما بين مصر إلى مكة فما أصاب
ما بين مصر إلى المدينة كان لرب الدابة وما أصاب ما بين المدينة ومكة حط ذلك
عن المتكارى مع ايمانهما جميعا وان قامت لهما البينة جميعا فبحال ما وصفت لك (وقال
غيره) وهو مثل قوله وذلك إذا كان ما قالا جميعا يشبه أو ما قال المتكارى وإن كان
ما قال المكرى أشبه ولا يشبه ما قال المكترى فالقول قول المكرى مع يمينه على
دعوى المكترى (وقال غيره) إذا أقاما جميعا بينة أخذت بينة كل واحد منهما
إذا كانت عدلة لان كل واحد منهما مدع لفضلة أقام عليها بينة فأقضى للمكري بالمائتي
درهم وأقضى للمكترى بالركوب لي مكة وليس هذا من التهاتر وسواء انتقد أو لم
ينتقد إذا قامت البينة وهذا أصل قولنا فخذ هذا الباب ونحوه على مثل هذا (قلت)
أرأيت أن حمل لي المكارى حمولة حتى بلغها الموضع الذي شرطت عليه فاختلفنا فقال
رب المتاع قد أديت إليك الكراء وقال الجمال لم آخذ منك شيئا (قال) قال مالك
القول قول الجمال ما دام المتاع في يديه وان بلغ به الموضع فأسلمه إلى صاحبه ثم قام
بعد ذلك بيوم أو بيومين أو أمر قريب (قال مالك) رأيت القول قوله أيضا وعلى
صاحب المتاع البينة أنه قد وفاه والا حلف الجمال انه لم يقبض كراءه وغرم له رب
المتاع الكراء (قال) لي مالك وكذلك الحاج حاج مصر إذا بلغوا أهليهم فقام الجمال
485

بعد قدومهم بلادهم بالأمر القريب الذي لا يستنكر فقال لم أنتقد كان القول
قول الجمال وعليه اليمين (قال مالك) وما تطاول من ذلك كله ولم يقم الجمال بحدثان
قدومه ولم يطلبه حتى تطاول ذلك فأرى القول قول صاحب المتاع والحاج وعليهم
اليمين بالله أنهم قد دفعوا إلا أن يكون للجمال بينة (قال) فقلت لمالك فالخياط والصباغ
والصائغ يدفعون ذلك إلى من استعملهم ثم يأتون يطلبون حقوقهم (فقال) هم كذلك
إذا ماتوا بحدثان ما دفعوا المتاع إلى أهله وان قبضه أهله وتطاول ذلك فأرى القول
قول أرباب المتاع وعليهم اليمين (قلت) ما قول مالك في رجل اكترى من رجل إبلا
من مصر إلى مكة فلما بلغا أيلة اختلفا في الكراء (قال) قال مالك القول قول المتكارى
إذا أتى بما يشبه (قلت) وسواء إن كان كراء هذا الرجل إلى مكة في راحلة بعينها أو
مضمونا على الجمال لان المضمون ليس في كراء راحلة بعينها فيكون قابضا للراحلة التي
اكترى مثل ما قبض متكاري الدار التي اكترى والمضمون لم يضمن راحلة بعينها
وجب له ركوبها بعينها (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا بعينه وأراهما عندي
سواء كان في راحلة بعينها أو مضمونا في غير راحلة بعينها لان الجمال إذا حمله على
بعير من إبله (قال مالك) فليس للجمال أن ينزع ذلك البعير من تحته إلا أن يشاء
المتكاري ذلك (قال مالك) ولو أفلس الجمال كان كل واحد من هؤلاء أولى بما في
يديه من الغرماء ومن أصحابه حتى يستوفى حقه وإن كان الكراء مضمونا لأنه لما قدم
له بعيرا فركبه فكأن كراءه وقع في هذا البعير بعينه فليس للجمال أن ينزعه الا برضا
المتكارى فهذا يدلك على أن الكراء المضمون والذي في الدابة بعينها إذا اختلف
المتكارى ورب الإبل في الكراء كان القول فيهما سواء بحال ما وصفت لك (وقال)
غيره ليس الراحلة بعينها مثل المضمون (قلت) لابن القاسم أرأيت أن دفعت إلى
رجل كتابا من مصر يبلغه إلى إفريقية بكذا وكذا درهما فلقيني بعد ذلك فقال
ادفع إلى الكراء فقد بلغت لك الكتاب فقلت له كذبت لم تبلغه أيكون له الكراء
أم لا (قال مالك) قد أئتمنه على أداء الكتاب فإذا قال قد أديته في مثل ما يعلم أنه
486

قد يذهب إلى ذلك الموضع ويرجع فله كراؤه (قلت) وكذلك الحمولة والطعام والبز
وغير ذلك (قال) نعم غيره على المكرى البينة أنه قد وفاه حمولته وبلغه إلى منتهاه
(في نقد الكراء)
(قلت) أرأيت أن اكتريت إبلا إلى مكة أو إلى موضع من المواضع فطلب منى
المكرى الكراء قبل أن يحمل لي شيئا أو طلب الكراء بعد ما سار يوما أو يومين
فقلت لا أدفع إليك حتى أبلغ الموضع الذي أكريت إليه (قال) قال مالك إذا كان
للناس كراء معروف وسنة في كرائهم ونقد يتناقدونه بينهم حملوا على عمل الناس وإن كان
كراء الناس عندهم إنما نقدهم فيه بعد ما يستوفي المتكارى كراءه حملوا على ذلك
وإن كان الناس عندهم إنما يعجلون جميعه إذا اكتروا عجل المتكارى كراءه (قلت)
فإن لم يكن عندهم أمر معروف من عمل الناس كيف يصنعون (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا إلا أنه قال لي في كراء الدور إن لم يكن بينهما شرط ولا سنة لم يعطه
الا بقدر ما سكن فإن كان هذا ليس عندهم كراء للناس معروف رأيته بمنزلة الدور
(القضاء في نقد الكراء)
(قلت) أرأيت أن اكتريت من رجل إلى إفريقية فلما اكتريت منه عجلت له
الكراء من غير شرط ثم أردت أن أرجع فيما عجلت له من الكراء (قال) ليس لك
أن ترجع فيما عجلت له من الكراء (قلت) ما قول مالك في رجل اكترى من
رجل دابة من مصر إلى الرملة فلما بلغا الرملة تصادقا انه لم ينقد الكراء فقال المكرى
لي نقد الرملة وقال المكترى إنما لك على نقد مصر (قال) قال مالك إنما عليه نقد
مصر حيث وقع الكراء بينهما
487

(في الرجل يكترى بدنانير فينقد دراهم)
(أو بطعام فيبيعه قبل أن يقبضه)
(قلت) أرأيت أن اكتريت من رجل إلى مكة ذاهبا وجائيا بألف درهم فنقدته
بالألف الدرهم مائة دينار مكاني حين اكتريت أو خمسين دينارا مكاني أو بعد ذلك
بيون أو يومين أو بعد ما ركبت بيوم أو يومين (قال) قال مالك في الرجل يتكارى إلى
مكة بدنانير وأراد أن يقضى في تلك الدنانير ورقا (قال) إن كان سنة الكراء النقد
فلا بأس بذلك وإلا فلا خير فيه لأنه يدخله الدراهم بالدنانير إلى أجل (قلت)
أرأيت أن اكتريت راحلة بمائة درهم إلى مكة على أن أدفع إليه الدراهم بمكة فعجلت
له بدلها دنانير الساعة أيجوز هذا أم لا (قال) لا يجوز هذا في قول مالك لأنها
ذهب بورق إلى أجل (قلت) أرأيت أن اكتريت راحلة بعينها إلى مكة بدنانير
نقدا فنقدته بها دراهم (قال) ذلك جائز عند مالك (قلت) فان عطبت الراحلة في
بعض الطريق بم أرجع عليه (قال) قال مالك بالدراهم (قلت) فان كنت إنما أعطيته
بتلك الراحلة وبتلك الدنانير عرضا من العروض بم أرجع عليه إذا ماتت الراحلة في
الطريق (قال) بالدنانير (قلت) وهذا قول مالك (قال) كذلك قال مالك في البيوع
ورأيت أنا الكراء مثل البيوع (قلت) أرأيت أن اكتريت راحلة بعينها بدنانير
فأردت أن أعطيه في الدنانير دراهم (قال) هذا مثل ما وصفت لك من قول مالك في
الكراء المضمون وهذا وذلك سواء (قلت) وكذلك لو كان له على رجل دنانير
إلى أجل فعجل له منها دراهم نقدا (قال) لا يصلح ذلك عند مالك (قال) ولا يعجل
من ذهب إلى أصل فضة نقدا عند مالك ولا من فضة إلى أجل ذهبا نقدا عند مالك
لأنه يصير ذهبا بفضة ليس يدا بيد (قلت) أرأيت أن اكتريت بعيرا بطعام
بعينه أو بطعام إلى أجل أيصلح أن أبيعه قبل أن أستوفيه (قال) إذا كان الطعام
الذي بعينه كيلا فلا يصلح أن تبيعه حتى تقبضه وإن كان الذي بعينه مصبرا فلا بأس
أن تبيعه قبل أن تقبضه وأما الذي إلى أجل فلا تبيعه حتى تقبضه (قلت) وهذا
488

قول مالك (قال) نعم
(القضاء في الكراء)
(قلت) أرأيت أن اكتريت إبلا إلى مكة فقلت للجمال اخرج بي اليوم وقال الجمال
لا أخرج بك اليوم لان في الزمان بقية (قال) إذا كان في الزمان بقية فللجمال أن
يتأخر إلى خروج الناس فإذا كان خروج الناس أجبر الجمال على الخروج (قلت)
تحفظه عن مالك (قال) لا (قلت) أرأيت أن أكريت زاملة إلى مكة أحمل عليها
خمسمائة رطل فانتقصت الزاملة في بعض الطريق فأراد المتكارى أن يتمها وأبى المكرى
ذلك أو قال نفدت الزاملة فأراد المتكارى أن يتمها وأبى المكرى ذلك أو قال المكترى
لا آكل منها ولا أحركها حتى أبلغ مكة (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى
أن يحملوا على ما يعرفون من أمر الناس وحال الناس في ذلك فعليه يحملون ولا ينظر
إلى قول واحد منهما (وقال غيره) إن لم يكن للناس سنة يحملون عليها فله حملان
خمسمائة رطل إلى منتهى كرائه (قلت) أرأيت أن اكتريت دابة أو بعيرا من موضع
من المواضع إلى الفسطاط فلما بلغني المكرى أولها قال لي انزل فقلت له لا أنزل
الا في منزلي ومنزلي أقصى الفسطاط (قال) له أن يبلغه إلى منزله ولا ينزله في أول
الفسطاط إلا أن يريد ذلك وهذا وجه ما يعرف من الذي يتكارى عليه الناس
(في تضمين الأكرياء)
(قلت) أرأيت أن استأجرت جمالا يحمل لي على إبله أو بغالا يحمل لي على بغاله
أو حمارا لي على حميره فاستأجرته على أن يحمل لي دهني هذا إلى موضع
كذا وكذا فعثرت الدابة فسقطت فانكسرت القوارير فذهب الدهن أو كان طعاما
فذهب أو انقطعت الحبال فسقط المتاع ففسد (قال) قال مالك لا يكون على رب
الدابة للكرى ولا على رب البعير المكرى قليل ولا كثير إلا أن يكون غره من عثارها
أو غره من الحبال التي ربط بها متاعه فهذا بضمن إذا كان هكذا (قلت) ولم لا يضمنه
489

إذا عثرت دابته وإن لم تكن عثورة (قال) لأنه لم يغره من شئ ولان كل ما يجئ
من قبل الدواب فهو هدر لا شئ فيه لان العجماء جبار إلا أن يكون قد ذعرها
رجل أو فعل بها رجل شيئا فأسقطت ما عليها بفعل ذلك الرجل بها فيكون ضمائها على
الذي فعل ذلك بها (قلت) أرأيت أن أكذبه رب المتاع والطعام فقال لم يضع
متاعي ولم تعثر الدابة ولكنك غيبته أيكون القول قوله في قول مالك أم لا وقد قال
المكارى قد قطع على الطريق فذهب البز وعثرت الدابة فانكسرت القوارير وسرق منى
الطعام (قال) قال مالك القول قول الجمال في البز والعروض إذا قال سرق منى أو قطع
على الطريق أو ادعى تلف المتاع والعروض صدق وأما في الطعام والإدام فالقول قول
رب الطعام والإدام (قال ابن وهب) وأخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه
قال في رجل استأجر أجيرا يحمل له شيئا فحمل له اناء ووعاء فخر منه الاناء وانفلت
منه الوعاء فذهب ما فيه (قال) لا أرى عليه غرما إلا أن يكون تعمد ذلك (ابن
وهب) عن عقبة بن نافع قال قال يحيى بن سعيد الجمال عليه ضمان ما ضيع (ابن
وهب) قال وأخبرني يونس عن ابن شهاب عن ربيعة أنه قال قد كان في رأى
المسلمين أن يضمنوا الأكرياء ما حملوا من الطعام وكانوا يرون أن يضمنوا الطعام بمنزلة
الصناعات فلم يسعهم إلا أن يضمنوا الطعام من حمله فالطعام فيما بلغنا يضمنه من حمله
ولا يضمن شيئا غيره (وقال ربيعة) ذلك رأيي (وقال ربيعة) ليس المال والبز وأشباه
ذلك بمنزلة الطعام ولا يحل أن يضمن المال ولا يجوز ذلك فيه ولا ينبغي لاحد أن
يأخذ لضمانه شيئا (ابن وهب) عن يونس عن أبي الزناد أنه قال لا يصلح الكراء
بالضمان (ابن وهب) قال وأخبرني مخرمة عن أبيه عن ابن شهاب وعبد الرحمن بن
القاسم بن محمد ونافع مولى ابن عمر مثل ذلك (قلت) لابن القاسم ولم كان هذا
هكذا في الطعام ولم يكن في البز والعروض وما فرق ما بينهما وقد غاب الجمال على
جميعه (قال) لان الطعام أمر ضمنه أهل العلم ولم يجدوا من ذلك بدا وأما البز
والعروض فهو أمر ائتمنه عليه (قلت) أتجعله أمينه وقد أعطاه رب البز والعروض
490

على ذلك أجرا (قال) نعم هو أمينه (قال) وكل شئ دفعته إلى أحد من الناس
وأعطيته على ذلك أجرا فهو عند مالك مؤتمن الا الصناع الذين يعملون في الأسواق
بأيديهم فإنهم لم يؤمنوا على ما دفع إليهم وفى الطعام والإدام إذا تكاراه على أن يحمله
على نفسه أو على سفينته أو على دابته فهو ضامن للطعام والإدام إلا أن يأتي ببينة يشهدون
على تلف الطعام والإدام انه تلف من غير فعل هذا الذي حمله فلا يكون عليه ضمان وان
تكاراه على أن يحمل له البز والعروض على إبله أو على سفينته أو على دابته فقال الحمال
على نفسه أو على دوابه أو على سفينته ان ذلك المتاع والعروض قد ضاع منى ان يتصدق
وهو في المتاع والعروض مؤتمن إلا أن يأتي بأمر يستدل به على كذبه وأما الطعام
والإدام فهو ضامن لذلك إلا أن يأتي ببينة على هلاكه (سحنون) عن ابن نافع
عن أبي الزناد عن أبيه عن السبعة أنهم كانوا يقولون لا يكون كراء بضمان إلا أنه من
اشترط على كرى أنه لا ينزل بمتاعه بطن واد ولا يسرى بليل ولا ينزل أرض بني
فلان وأشباه ذلك من الشروط قالوا فمن تعدى ما اشترط عليه فتلف شئ مما حمل
في ذلك التعدي فهو ضامن له وكانوا يقولون إن الغسال والخياط والصواغ
والصباغ وأصحاب الصناعات كلهم ضامنون لكل ما دفع إليهم. وهم سعيد بن المسيب
والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وخارجة بن زيد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث
ابن هشام وعبيد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة سواهم من
نظرائهم أهل فقه وفضل (ابن وهب) قال وأخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب
في الاستكراء بالضمان قال ابن شهاب قال سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر
انه كان يقول لا يجوز ذلك (ابن وهب) وأخبرني ابن أبي الزناد عن أبيه في رجل
استكرى ظهرا أو سفنا تحمل له على أن على الذي حمل له ضمان متاعه ذلك أن أصيب
شئ منه قال لا يصلح له ذلك ولا تباعة على من حمل ذلك من الشروط ان أصيب شئ
مما يحمل إلا أن يكون اشترط على المكرى شرطا مخالفه فان على المكرى إذا تعدى
الضمان مثل أن يشترط عليه أن لا ينزل به بطن واد ولا يسرى به بليل أو نحو هذا
491

من الشروط فان تعدى فأصيب المتاع فإنه يغرم (قلت) أرأيت أن استأجرت ثورا
أو دابة أطحن عليها فلما ربطته في المطحنة كسر المطحنة وأفسد متاع الرحا أيضمن
صاحب الثور والدابة شيئا أم لا (قال) لا يضمن شيئا إلا أن يكون قد علم من الثور
ذلك فكتمه فيكون عليه ذلك (قال) لان مالكا قال في الذي يكرى الرجل دابته
ليحمل عليها وهي ربوض قد علم ذلك فلم يعلمه ذلك أو عثور فلم يعلمه بذلك فحمل
عليها فربضت أو عثرت فانكسر ما عليها انه ضامن وكذلك الثور والدابة في الرحا
(قلت) أرأيت أن دفعت إلى رجل دهنا يحمله لي فحمله على دابة عثور فعثرت
فسقط الدهن فانكسر فأراد أن يضمنه قيمته أين تضمنه قيمته وقد حمل الدهن من
مصر إلى العريش وكان كراؤه إلى فلسطين فانكسر الدهن بالعريش وقيمته هناك
بالعريش ضعف قيمته بمصر كيف أضمنه (قال) قيمته بالعريض (قال سحنون)
وقد قال غيره بل قيمته بالفسطاط ان أراد لأنه لما حمله على ما غره به صار متعديا من
حين حمله (قلت) أرأيت أن أكريت دابتي أو نفسي لا حمل عليها دهنا أو طعاما
فزحمني الناس فانكسرت الآنية التي فيها الدهن أو الطعام ففسد ذلك على من
الضمان (قال) على الذي زحمك (قال) لان مالكا قال في الرجلين يحملان جرتين أو غير
ذلك على كل واحد منهما جرة أو غير ذلك فاصطدما في الطريق (قال) ان كانت انكسرت
إحداهما وسلمت الأخرى ضمن الذي سلم الذي لم يسلم وان انكسر تا جميعا ضمن
كل واحد منهما لصاحبه (قال مالك) وكذلك الفرسان يصطدمان وعليهما راكبان
فيموتان جميعا ويموت الفرسان (قال) ضمان الفرسين كل واحد منهما في مال صاحبه
ودية الرجلين دية كل واحد منهما على عاقلة صاحبه وان مات واحد وسلم الآخر كان
الفرس في مال السالم ودية الميت على عاقلة السالم منهما (قال) فقلنا لمالك فالسفينتان
تحمل إحداهما على صاحبتها فتصدمها فتكسرها فيذهب ما فيها وتغرقها (قال مالك)
لا يشبهان عندي الفرسين وذلك أن الريح هي التي عملت ذلك فالريح تغلب أهل السفينة
أن يصرفوها أو يعدلوها فلا أرى عليه شيئا إلا أن يكون يعلم أن النوتي لو شاء أن
492

يصرفها صرفها فإن لم يصرفها وهو يقدر على ذلك ضمن (قلت) فإن كان الفرس في
رأسه اعتزام فحمل فارسه فصدم أيكون على فارسه شئ أم لا (قال) نعم يكون عليه
ضمان ما صدمه (قال ابن القاسم) وذلك أني رأيت من قول مالك أن الفارس إذا جمح
به فرس إنما ذلك من شئ فعله به فارسه إما ذعرها أو خافت منه فجمحت به فسبب
جماحها من قبل فارسها وهو ضامن لما أصابت إلا أن يكون الفرس إنما هو من شئ
مر به في الطريق لم يكن ذلك من سبب فارسه فلا أرى عليه ثمانا وإن كان غيره فعل
ذلك بالدابة فجمحت فان الذي فعل ذلك بالدابة ضامن لما أصابت الدابة. والسفينة
لا يذعرها من عليها ولا يذعرها شئ ولكن الريح تغلب عليها فهذا الذي فرق به مالك
بين السفينة والدواب (قلت) أرأيت أن تكاريت سفينة من رجل لا حمل عليها
طعاما أو متاعا إلى موضع من المواضع فغرقت السفينة وغرق ما فيها بعد ما بلغ بالطعام
أو بالمتاع لثلثي الطريق أو كان تكارى منها إبلا أو دواب أو اكراه نفسه يحمل له
ذلك فحمله حتى إذا بلغ ثلثي الطريق جاء أمر من السماء فذهب بالمتاع أو بالطعام أيكون
على رب الطعام والمتاع من الكراء شئ أم لا (قال) قال مالك أما السفينة فإنه لا كراء
لصاحبها ولا ضمان عليه في شئ من ذلك (وقال غيره) وهو ابن نافع له بحساب
ما بلغت السفينة (قلت) أليس قد قلت لي يضمن في الطعام والإدام في قول
مالك (قال) إنما يضمن في الطعام والإدام في قول مالك إذا لم يجئ أمر من
السماء فإذا جاء أمر من السماء فذهب به لم يضمن والفرق أمر من السماء (قلت)
فلم قال مالك في السفينة انه لا يكون له شئ من الكراء (قال) قاله مالك وأبى
أن يرجع عنه وثبت عليه (قال) كأني أرى إذا تكاري السفينة إنما تكاراها على
البلاغ (قال) وأما الدواب والإبل فإنه عند مالك إذا تلف الطعام أو المتاع بأمر
من أمر الله تعالى كان على رب الطعام أن يأتي بطعام مثله أو بمتاع مثله أو يؤاجر له
إبله في مثل ذلك ولا يفسخ الكراء بينهما ويكون الكراء للأجير كاملا (قلت)
أرأيت إن لم يكن مع المكرى صاحب المتاع ولا خليفة له (قال) يرفع ذلك
493

المتكاري إلى عامل الموضع فيكرى له الإبل ان وجد له كراء والا فأمامه فيما يتقدم
يطلب ذلك فان وجد شيئا والا فالكراء للمتكاري لازم على رب المتاع وان انطلق
بإبله فرعا إذا لم يجد ما يحمل عليها لان مالكا قال في الرجل يتكارى إلى الحج أو
المرأة فتهلك أو يهلك في الطريق انه يكرى للميت شقه ويطلب ذلك في الطريق
فان وجد من يكترى أكرى له والا كان على الميت الكراء كله كاملا (قلت)
أرأيت لو كان رب الطعام مع المكارى فأصاب الطعام تلف من السماء أو من غير السماء
(قال) لا يكون على المكارى شئ عند مالك لان رب الطعام لم يحله مع الطعام لأنه مع
طعامه وطعامه في يديه إذا خرج مع المكارى فما أصاب الطعام فليس على المكارى شئ
وهذا قول مالك وكذلك إذا كان في السفينة مع طعامه فنقص (قال مالك) فلا شئ
على صاحب السفينة (قلت) أرأيت أن تكاريت على طعام بعينه أو متاع بعينه فتلف
المتاع أو أصاب الطعام أمر من السماء ذهب به وإنما كنت تكاريته على ذلك الطعام
أو المتاع بعينه فأصيب أينقطع الكراء فيما بينهما أو يكون على رب الطعام أو المتاع
أن يأتي بطعام مثله أو بمتاع مثله فيحمله له المكاري إلى الموضع الذي شرط له وإنما
تكاراه على ذلك الذي تلف بعينه (قال) قال مالك يقال لرب الطعام أو المتاع هلم
متاعا مثل متاعك أو طعاما مثل طعامك فان أنى به قيل للحمال احمل وذلك للحمال
لازم (قال) وان أبى رب الطعام أو المتاع أن يأتي بمثل طعامه أو متاعه كان الكراء
لازما له ولرب المتاع أن يكري الإبل فيحمل عليها مثل حمولته التي كانت وإلا فلا
شئ له على الجمال (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (قلت) فان كنت
تكاريت منه على نفسي فلما كنت ببعض الطريق مت (قال) قال مالك يكرى
للميت شق المحمل كما وصفت لك (قلت) والطعام والمتاع والناس عند مالك سواء
(قال) نعم (قلت) أرأيت أن غرقت السفينة من مد النواتية أو من حرفهم فيها
أو من عتقهم عليها أيضمنون أم لا (قال) إذا لم يتعدوا فيما صنعوا وإنما صنعوا ما
يجوز لهم من المد والعمل فيها لم يضمنوا وان صنعوا من ذلك ما يعلم أنهم قد تعدوا
494

في مد أو علاج في السفينة حرفوا فيه ليس كما ينبغي أن يعمل في تلك السفينة
فغرقت فهم ضامنون لما ذهب في السفينة (قلت) ويضمنون من في السفينة من
الناس وما فيها من المتاع (قال) نعم إذا ضمنوا ما في السفينة من السلع ضمنوا من في
السفينة من الناس (قال) وقال مالك كل أجير أو راع أو صانع يعمل لك عملا في
منزلك أو بيطار أو طبيب أو غير ذلك ممن يعمل هذه الأشياء أ وحمال فكل هؤلاء
ضامنون لما تعدوا فيه فالسفينة عندي بهذه المنزلة (قلت) أرأيت أن اكتريت
إبلا من الشام إلى مكة تحمل لي طعاما بعثت ذلك إلى غلامي أو إلى أجيري فلما بلغ
إلى مكة أصاب الطعام قد زاد أو نقص (قال) أما كل زيادة أو نقصان يكون من
نقصان الكيل وزيادة الكيل فلا يكون على المكرى شئ من ذلك ولا شئ له من
الزيادة وهو قول مالك ولا كراء له في الزيادة ولا يحط عنه للنقصان من الكراء شئ
فإن كانت الزيادة لا تكون من زيادة الكيل وقال الجمال ليس لي من هذه الزيادة شئ
ولكنكم غلطتم على في الكيل وزدتم على قال فإنه يخير رب الطعام في أن يأخذ الزيادة
ويغرم كراء تلك الزيادة وان أبى وقال لم أغلط لم يصدق الجمال عليه ولم تلزمه الزيادة
إذا كانت لا تشبه زيادة الكيل لان الكراء ربما اغترق الطعام وزيادة على ثمن الطعام
فيكون حمل الجمل من الطعام بعشرة دراهم وكراؤه إلى ذلك الموضع بثلاثين درهما
فلا يصدق الجمال على رب الطعام في الغلط إلا أن يشاء رب الطعام أن يقبل ذلك
ويغرم الكراء (قلت) وهذا قول مالك (قال) لم أسمعه من مالك ولكنه رأيي
(قلت) أرأيت أن زاد الطعام زيادة يعلم أن تلك الزيادة ليست من زيادة الكيل
وقال رب الطعام أنا آخذ طعامي وزيادة الكيل أيكون ذلك له (قال) ليس له إلا أن
يأخذ كيل طعامه ولا يأخذ زيادة الكيل إلا أن تكون زيادة الكيل أمرا معروفا
عند الناس كلهم (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) أحفظ عن مالك أنه قال كل
زيادة تكون في زيادة الكيل يوجد ذلك في الطعام ان ذلك لرب الطعام (قلت)
أرأيت الحدادين والقصارين والخياطين وأهل الصناعات والحمالين والبغالين وأصحاب
495

السفن ألهؤلاء أن يمنعوا ما عملوا بأجر وما حملوا بكراء يمنعون ما في أيديهم من ذلك
حتى يستوفوا كراءهم وأجر عملهم (قال) قال مالك نعم لهم أن يمنعوا ما في أيديهم من
ذلك حتى يستوفوا كراءهم وأجر عملهم (قلت) أرأيت أن حبس هذه الأشياء
التي سألتك عنها هؤلاء العمال وهؤلاء الحمالون وهؤلاء البالغون وأصحاب السفن
فضاع ذلك منهم بعد ما حبسوه (قال) أما ما ضاع عند أهل الاعمال مثل الصباغين
والخياطين ومن ذكرت منهم فلا أجر لهم وعليهم الضمان لازم لهم لان أصل ما أخذوا
عليه هذه الأمتعة على الضمان إلا أن تقوم لهم بينة على الضياع فيبرؤون من الضمان
ولا أجر لهم لأنهم لم يسلموا ما علموا إلى أرباب المتاع وأما الأمتعة التي حملوها من البز
وجميع الأشياء ما خلا ما يؤكل ويشرب فلا ضمان عليهم فيه أن ضاع إلا أن يغيبوا
به ويجوزوه عن أصحابه فيكون بمنزلة الرهن ويكونون ضامنين لما في أيديهم وأما ما لم
يغيبوا عليه ويجوزوه فلا ضمان عليهم فيه ويكون لهم الاجر كاملا إن كان الأكرياء
قد بلغوه غايته فضاع في الوجهين جميعا وأما الطعام ان ضاع فالأكرياء له ضامنون
إلا أن يكون له بينة على التلف من غير فعلهم أو يكون أرباب الطعام مع الطعام فلا
ضمان عليهم ويكون لهم الاجر كاملا ان كانوا قد بلغوه غايته وإن لم يكونوا بلغوه
غايته فادعى الأكرياء أنه ضاع بغير بينة لم يصدقوا وقيل لهم عليكم أن تأتوا بطعام مثله
إذا لم يكن أرباب الطعام معهم وان كانت لهم بينة قيل لأرباب الطعام هلموا طعاما
مثله يحمله لكم الجمال إلى منتهى الغاية وعليكم الكراء كاملا وهذا له قول مالك الا
ما كان من السفن على البلاغ فان مالكا قال إذا غرقت السفينة فليس لها كراء وجعل
كراء السفن على البلاغ (قال مالك) وما استحمل في السوق مما يحمل الرجل على
عنقه والبغال التي تحمل فتعثر الدابة أو يعثر الرجل فيسقط فينكسر ما عليه أو يحمله
إلى بلد من البلدان فيعثر البعير أو يأتي من سبب الدابة أمر يكون ذهاب ما عليها من
سببها فسبيله سبيل السفن لا كراء لهم لأنهم كانوا إنما حملوه على البلاغ فلا كراء لهم
وكذلك قال مالك سبيلهم في الضمان فيما حملوا سبيل ما حمل الحمالون والبالغون من
496

بلد إلى بلد (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم (وقال غيره) ليس هذا مثل
السفن لا ضمان عليهم فيما كان من سبب العثار من الدابة وغيرها ولهم على أرباب
المتاع أن يحملوهم حتى يبلغوا الغاية فيعطوا الكراء وما عثرت به الدابة أو غيرها
بمنزلة ما يصيبه من حريق أو سيل أو عداء اللصوص فعلى أرباب المتاع أن يحملوهم
مثل ذلك والا أعطوهم الكراء تاما وذلك إذا لم يغر الأكرياء من العثار فإنهم إذا غروا
ضمنوا (وقال سحنون) وكان ابن نافع يقول في السفن لها حساب ما بلغت (قال)
وقال مالك في الرجل يكترى على رواية من زيت تحمل له من بلد إلى بلد فيعثر البعير
فتنشق الرواية فيذهب ما فيها أله الكراء فيما حمل (قال مالك) لا كراء له فيما حمل
ولا ضمان عليه إلا أن يكون غر من دابته فيضمن (قال ابن القاسم) فأرى ما سرق
من ذلك ببينة أو غصبه اللصوص فإنه لا يشبه ما عثرت به الدابة لان سببه لم يأت
من قبل ما تكارى عليه وعليه أن يأتي بمثله يحمله له ويكون له أجره كاملا فإن كان
الذي كان من سبب الدابة إنما كانت مصيبة من سبب ما استحمله عليه فليس على
المكرى غرم وليس على المتكارى أن يأتي بمثله لان المكرى ليس هو الذي أتلفه
ووضع عنه ضمانه لأنه لم يتعمد تلفه ولم يغر من شئ إلا أن يكون غر من بعض ما حمل
فيضمن (قلت) والطعام والسمن والدهن والقوارير وهذه الأشياء ان انكسرت
من سبب البعير أهي بهذه المنزلة (قال) نعم في رأيي (قال) وما يحمل في السفن أو
على الإبل أو على الدواب أو على أعناق الرجال من بلد إلى بلد أو في المصر فما تلف
شئ من ذلك من قبل من عليه حمل هذه الأشياء فلا كراء له ولا ضمان عليه
(قلت) أرأيت أن استأجرته يحمل لي صبيا صغيرا مملوكا إلى موضع من
المواضع وأسلمته إليه فساق الدابة فعثرت من سوقه فسقط الصبي فمات (قال)
لا شئ عليه إلا أن يكون ساقها سوقا عنيفا لا يكون مثل سوق الناس لان مالكا
قال في البيطار يطرح الدابة فتعطب انه لا شئ عليه إذا فعل بها ما يفعل البياطرة
وطرحها كما تطرح البياطرة الدواب فان فعل غير ذلك ضمن
497

(في تضمين المتكارى)
(قلت) أرأيت أن أكريت دابة من موضع إلى موضع فضربتها وأعبتها من
ضربي أو كحتها فكسرت لحييها (قال) قال مالك في الرائض يروض الدواب
فيضرب الدابة فيفقأ عينها أو يكسر رجلا انه ضامن لذلك فكذلك المتكارى عندي
إذا ضربها فأعابها فهذا متعد إلا أن يكون إذا ضرب ضرب كما يضرب الناس الدواب
فلا شئ عليه (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا الا ما أخبرتك في الرائض (وقال
مالك) أيضا في الراعي يضرب الكبش أو يرميه فيفقأ عينه أو يعيبه وكل شئ صنعه
الراعي ضمن إذا أخذه من غير الوجوه التي لا يجوز أن يفعله فأصاب الغنم من صنعه
عيب فهو ضامن وان صنع ما يجوز له أن يفعله فعيبت الغنم فلا ضمان عليه (قلت) أرأيت
ان استأجرت دابة فكحتها أو ضربتها فعطبت أضمن أم لا (قال) لا ضمان عليك
إذا فعلت من هذا ما يجوز لك أن تفعله (ابن وهب) عن الليث بن سعد عن يحيى
ابن سعيد أنه قال ليس على الأجير الراعي ضمان شئ من رعايته إنما هو مأمون فيما
هلك أو ضل يؤخذ يمينه على ذلك القضاء عندنا (ابن وهب) عن يونس عن أبي
الزناد قال ليس على أحد ضمان في سائمة دفعت إليه يرعاها الا يمينه إلا أن يكون
باع أو سرق إن كان عبدا فدفع إليه شئ من ذلك بغير أمر سيده فليس على سيده
فيه غرم ولا في شئ من رقبة العبد (ابن وهب) قال وأخبرني رجال من أهل العلم
عن ابن المسيب وعطاء بن أبي رياح وشريح الكندي وبكير مثله (وقال) بعضهم
إلا أن يقيم بينة باهلا كه متعديا. هذه الآثار لابن وهب
(في الكراء من مصر إلى الشام والى الرملة)
(ومن مكة إلى مصر أو من إفريقية إلى مصر)
(قلت) أرأيت أن اكتريت دابة من مصر إلى الشام ولم أسم كورة من كور الشام
ولا مدينة من مدائن الشام أيكون الكراء فاسدا أم لا (قال) يكون الكراء فاسدا
498

(قلت) أرأيت أن اكتريت من إفريقية إلى مصر أو من مكرة إلى مصر ولم أسم
الفسطاط ولا غير ذلك من مدائن مصر (قال) هذا على كراء الناس لان كراء الناس
من إفريقية إلى مصر إنما هو إلى الفسطاط وليس مصر الشام لان الشام أجناد
وكور ومصر إنما يقع كراء الناس على الفسطاط وكراء الناس من مكة إلى مصر إنما
هو إلى الفسطاط قد علموا ذلك (قلت) أرأيت أن اكترى من مصر إلى فلسطين ولم
يسم إلى أي مدائن فلسطين أيكون الكراء جائزا أم لا (قال) إنما يحمل الناس من
ذلك على ما يكون من كراء الناس فيما يعرفون إن كان كراؤهم إذا اكتروا إلى
فلسطين من مصر إنما يقع كراؤهم على أنه إلى الرملة فذلك جائز وهو إلى الرملة
(قلت) وكذلك أن اكتريت من مكة إلى خراسان ولم أسم كورة من كور
خراسان ولا مدينة (قال) هو كما وصفت لك من كور الشام لان خراسان كور
كثيرة مختلفة
(في الكراء إلى مكة)
(قلت) أرأيت أن استأجرت محملا لاحمل فيه امرأتين أو رجلين أو جاريتين ولم
أر الرجال ولا النساء ولا الجواري أيجوز هذا الكراء أم لا (قال) ذلك جائز إلا أن
يأتي برجلين فادحين أو امرأتين فادحتين فإذا كان ذلك لم يلزمه كراؤهما لان هذا
أمر خاص وما كان من العام فذلك الكراء لازم (قلت) أتحفظه من مالك (قال) لا
أقوم على حفظه الآن (قلت) أرأيت أن اكترى محملا إلى مكة ولم يره وطأ
المحمل (قال) الكراء على هذا جائز وله أن يحمل مثل ما وطأ الناس (قلت) أتحفظه
عن مالك (قال) لا أقوم على حفظه الآن (قلت) وكذلك الزاملة إذا لم يخبره
ما يحمل فيها (قال) نعم إنما يحملان على ما يحمل الناس في الزوامل والكراء جائز
(قلت) فإن لم يسم لما يحمل على الزوامل من الأرطال (قال) وإن لم يسم فذلك
جائز لان الزوامل قد عرفت عند الحاج والتجار والناس فإنما يحملان على ما يعرف
الناس بينهم (قلت) وعليه أن يحمل له المعاليق (قال) نعم وكل شئ قد عرفه الناس
499

بينهم في الكراء فذلك لازم للمكري (قلت) أرأيت أن اشترط على الجمال أن يحمل له
من هدايا مكة ولم يذكر له ما يحمل أيجوز هذا الكراء أم لا (قال) لم أسمع من
مالك في هذا شيئا بعينه وأرى إن كان ذلك أمرا قد عرف وجهه فأرى أن لا بأس
به وإن كان ذلك أمرا لا يعرف وجهه فلا خير في هذا الكراء (قال) وسمعت
مالكا وسألناه عن الرجل يستحمله الرجل الثوب أو الثوبين فيحمله له في غيبته ولا
يخبر بذلك الجمال (قال) قال مالك لا بأس بهذا لان هذا من شأن الناس (سحنون)
قال وهذا أمر قد مضى وجاز في الناس ولو بين هذه الأشياء وسماها وقدرها
ووزن كان منها يوزن لكان أحسن (قلت) أرأيت أن اكترت امرأة شف محمل
فولدت في الطريق أيجوز الجمال على حمل ولدها معها أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه
شيئا وأرى أن يكون على الجمال حمل الصبي مع أمه لأن النساء يلدن في الاسفار وهن
في الكراء فما سمعنا ان امرأة ولدت في الطريق فحال المال بينها وبين ولدها أو حمل ولدها
المولود على بعير وأمه على غيره (قال) وهذا أمر بين الجمالين معروف أن المرأة إذا
ولدت في الطريق فولدها معها يحمل في محمل وإن لم يشترطوا ذلك في أصل الكراء
وإنما ينظر في هذه الأشياء إلى ما قد استجازه الناس فيما بينهم فيحمل الخاص من أمر
الناس على ما استجاز جميع الناس بينهم (قلت) أرأيت أن تكاريت شق محمل إلى
مكة ذاهبا وراجعا وعقبة الأجير أيجوز هذا الكراء في قول مالك (قال) ذلك جائز
(في المكرى يهرب)
(قلت) أرأيت أن أكراني إبله ثم هرب عنى وتركها في دى فأنفقت عليها
أيكون لي على المكرى النفقة التي أنفقت عليها (قال) قال مالك نعم يكون له عليه
ما أنفق عليها (قال) مالك ويكون له أن يتكارى عليها من يرحلها ويرجع بذلك على
المكري (قلت) أرأيت أن اكتريت ولم آخذ منه حميلا ثم هرب المكارى فأتيت
السلطان أيتكارى لي عليه السلطان (قال) نعم (قلت) وأرجع عليه بما تكاريت به
عليه (قال) نعم (قلت) أرأيت أن اكتريت دابة بعينها إلى مكة أو كراء مضمونا إلى
500

مكة أو غيرها من البلدان على أن أركب من يومى أو من الغد ففر المكارى فلم أجده
الا بعد ذلك فلما وجدته الزمني بالركوب وطلب كراءه (قال) قال مالك كل كراء
مضمون فإنه يلزم صاحبه الكراء وان فر عنه المكارى وليس له على المكرى الا
حمولته وعليه الكراء لازم له الاكراء الحاج وحده فإنه يفسخ عنه ويرد كراؤه إن كان
قبضه لان الحج إذا ذهب إبانه فات (قال ابن القاسم) وأما كراء الدابة بعينها
فانى لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه بلغني عن مالك في الرجل يتكارى الدابة يركبها
من الغد إلى موضع كذا وكذا فيغيب عنه المكرى ثم يأتيه بعد يومين أو ثلاثة (قال)
ليس له الا ركوبه (وقال غيره) وان رفع أمره إلى السلطان نظر السلطان في ذلك لما
لا يدخل فيه من الضرر على واحد منهما فان رأى فسخ ذلك الكراء فسخه بمنزلة
الدابة تعتل أيضا في الطريق ولا يستطيع المكترى الوقوف عليها لما يدخل عليه من
فوت أصحاب أو لما يدخل على رب الدابة في طول مقامه عليها ولعلها لا تصح من علتها
فيكون عذرا يفسخ الكراء به بينهما (قال ابن القاسم) فأنا أستحسن أنه إذا كان
تكارا إلى بلد وان اشترط عليه أن يركبها من الغد فليس له الا ركوبها وان أخلفه
أصحابه إلى البلد الذي تكاراها إليه فله أن يركبها ممن أحب في مثل ذلك وان تكاراها
أياما بعينها أو شهرا بعينه انتقض الكراء فيما بينهما فيما غاب عنه المكرى (قال) لان
مالكا قال في العبد يستأجره الرجل يخدمه أو يعمل له شهرا فيمرض أو يأبق ذلك
الشهر فليس له على رب العبد أن يدفع إليه العبد يعمل له شهرا آخر والأجير
كذلك (قال ابن القاسم) وكذلك الراحلة بعينها إذا اكتراها ليركبها شهرا
بعينه إنما تكارى ركوبها ذلك الشهر أو طحينها فإذا مضت تلك الأيام لم يلزمه الكراء
الذي بعد تلك الأيام لان أصل الإجارة لم تكن دينا مضمونا والمضمون في هذا
والذي في الدابة بعينها مختلف (قلت) أرأيت أن رفعت إلى السلطان أمرى حين
هرب المكارى أيكترى لي عليه أم لا (قال) نعم يكتري لك عليه (قلت) في كراء
مكة وغير كراء مكة (قال) نعم (قلت) وكذلك لو ذهب المتكارى فرفع الجمال
501

ذلك إلى السلطان أيكرى الإبل على المتكاري كان الكراء إلى مكة أو غير مكة (قال)
نعم (قال) وأما ما ذكرت من الرفع إلى السلطان في الهرب وكراء السلطان عليهما
فهو قول مالك
(في المتكاري يهرب)
(قلت) أرأيت أن أكرى رجل إبله إلى مكة فهرب المتكاري ماذا يصنع الجمال
(قال) قال مالك يرفع الجمال أمره إلى السلطان فيكرى السلطان الإبل من المتكارى
(قلت) فيقضى السلطان للجمال من كرائه هذا كراءها الذي وجب له على الهارب
منه (قال) نعم (قلت) فإن لم يحد السلطان كراء (قال) قال لنا مالك لو أن رجلا
اكترى إبلا فبعث بها مع الجمال علي أن يحمل له متاع كذا وكذا من بلد كذا
وكذا إلى بلد كذا وكذا وكتب إلى وكيله مع الجمال أن يدفع إلى الجمال ذلك المتاع
الذي أكراه على حمولته فقدم الجمال ذلك البلد فلم يجد الوكيل (قال) قال مالك
إذا لم يجد الوكيل تلوم له السلطان قدر ما يرى مما لا يكون فيه ضرب على الجمال فان
جاء الوكيل فدفع إليه المتاع فحمله والا أكرى عليه السلطان الإبل إلى الموضع الذي
اشترط على الجمال أن يحمل إليه المتاع ويكون الكراء للمتكارى فإن لم يجد السلطان
كراء إلى ذلك الموضع خلى عن الجمال وجعل له الكراء كاملا (قلت) فإن لم يقدر
على وكيل المتكارى ولم يرفع ذلك إلى السلطان حتى رجع (قال) إن كان في تلك
البلدة سلطان فلم يرفع ذلك إليه فلا يبطل كراؤه ويكون له عليه حمولته ويرجع الثانية
فيحمل له حمولته (قلت) فإن كان ببلد ليس فيه سلطان (قال مالك) إذا كان ببلد
ليس فيه سلطان تلوم وطلب الكراء وانتظر وأشهد فإذا فعل هذا ولم يأت الوكيل
ولم يجد كراء رجع وكان الكراء له على المتكارى كاملا (وقال ابن وهب) قال مالك
في الرجل يتكارى من الرجل الظهر ويواعده يلقاه بها في مكان كذا وكذا فيأتي
صاحب الظهر بظهره فلا يجد المتكارى (قال) أرى أن يدخل على امام البلد إلا أن
يجد كراء فان انصرف ولم يكر ولم يدخل على امام البلد لم أر له شيئا إذا كان موضعا
502

فيه الكراء موجود إلى البلد الذي أكرى إليها فإن لم يكن الكراء موجودا وجهل
أن يدخل على الامام لم أر أن يبطل عمله ويكون له الكراء
(ما جاء في الإقالة في الكراء)
(قال) قال مالك من تكارى ظهرا على حمولة إلى بلد من البلدان أو إلى الحج فنقده
الكراء أو لم ينقده حتى يبدو للمكري أو للمتكارى فسأل أحدهما صاحبه أن يقيله
برأس المال أو بزيادة (قال) أما ما لم يبرحا ولم يرتحلا فإن كان لم ينقده فلا بأس بالزيادة
ممن كانت من المكرى أو من المكترى ويفسخ الامر بينهما وأما إن كان نقده
وتفرقا فلا بأس بالزيادة من المكترى ولا خير فيها من المكرى إذا انتقد لأنه يصير
كأنه أسلفه مائة في عشرين ومائة وكان القول بينهما في الكراء محللا وان سار من
الطريق ما يتهم في قربه ما يخاف أن يكونا إنما جعلاه لقلته تحليلا بينهما وذريعة إلى الربا
فلا خير في أن يزيده المكرى فالتهمة بينهما بحالها وان سارا من الطريق ما يعلم أنهما
لم يعتزيا (3) ذلك بعد ما سارا فلا بأس بأن تكون الزيادة من قبل المكرى وإن كان قد
انتقد لأنه لا تهمة فيه وان زاده أكثر مما أعطاه بكثير ولا يؤخره فان دخله تأخير كان من
الدين بالدين (قال) وان زاده المتكارى فلا بأس بذلك قبل الركوب وبعد الركوب
وإن كان إنما سار الشئ القليل فزاده المكرى فالتهمة بينهما بحالها (قال) وهذا الذي
وصفت لك من الإقالة في أمر الكراء هو مخالف للبيوع (قال) وهذا كله قول مالك
(قال) وإذا أقاله وقد كان نقده مائة دينار كراءه كله فأقاله على أن يزيده المتكاري
عشرة دنانير على أن يرد المكرى إلى المتكارى المائة التي أخذها (قال) فلا يصلح أن
يعطيه المتكارى العشرة الدنانير التي يزده إلا أن يعطيه إياها من المائة دينار التي
يأخذها مقاصة لأنه يدخله دنانير وعروض بدنانير ألا ترى أنه اشترى من المتكاري
ركوبة وعشرة دنانير بمائة دينار فلا يجوز هذا فإذا رد إليه من المائة عشرة دنانير فهذا
لا يدخله البيع إنما هذا رجل أقاله من الكراء الذي كان له على أن وضع المتكاري
عن المكري عشرة دنانير فلا بأس بهذا (قال ابن القاسم) وهذا الذي ذكرته
503

من أمر الكراء والمتكاري كله عن مالك الا تفسير إذا زاد المتكارى المكرى عشرة
دنانير من غير الذهب التي يأخذها فان هذا رأيي (وقال غيره) لا يزيد المكري
المتكارى إذا غاب على النقد قبل الركوب ولا بعد الركوب القليل منه ولا الكثير
فإنه لا خير فيه لأنه سلف جر منفعة
(في تفليس المتكارى)
(قلت) أرأيت أن أكريتها لاحمل عليها إلى مكة فعرض لي غريم لي في بعض المناهل
فأراد أخذ المتاع (قال) قال مالك المكرى أولى بالمتاع الذي معه على دابته حتى يقبض
حقه وللغرماء أن يكروه في مثل ما حمل إلى الموضع الذي اكراه إليه (قلت) أرأيت
ان قال الغرماء اضرب في هذا المتاع بقدر كرائك إلى هذا الموضع الذي حملته إليه وقال
المكرى لا ولكن أضرب بجميع الكراء إلى مكة (قال) ليس ذلك للغرماء والمكري
أولى بجميع ما حمل حتى يستوفى جميع كرائه إلى مكة وإن لم يكن حمله الا منهلا واحدا
وان قبض المتاع ولم يحمله فهو سواء وهو أولى بها من الغرماء وكذلك الخياطون
والحدادون والصاغة وأهل الاعمال بأيديهم إذا قبضوا المتاع ففلس رب ذلك المتاع
ولم يعطوا فيه شيئا فهم أولى بما في أيديهم حتى يقبضوا منه جميع حقوقهم ويكون
العمل عليهم
(تم كتاب كراء الرواحل والدواب والحمد لله رب العالمين)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب كراء الدور والأرضين)
504

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب كراء الدور والأرضين)
(ما جاء في الرجل يكترى الدار وفيها النخل فيشترط النخل)
(قال سحنون) قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت أن اكتريت دارا وفيها
شجرات نخل أو غير ذلك لم تطب ثمرتها أو لا ثمر فيها فاشترطت ثمر الشجر (قال)
قال مالك إذا كانت شجرات يسيرة فلا بأس بذلك (قلت) فهل حد مالك فيها
إذا كانت قيمة ثمر الشجر الثلث من قيمة الكراء فأدنى أنه جائز (قال) سمعت من
يذكر ذلك عن مالك (قال) وأما أنا فقد وفقت مالكا عليه فأبى أن يبلغ إلى الثلث
وقد قال لي غيري أيضا انه أبى أن يبلغ به الثلث (قلت) أرأيت أن اكتريت
دارا وفيها نخل كثيرة وليس النخل تبعا للدار فاكتريت الدار واشترطت ما في
رؤس النخل من الثمرة (قال) إن كان ما في رؤس النخل قد حل بيعه فذلك جائز وإن كان
ما في رؤس النخل لم يحل بيعه فلا يجوز ذلك والكراء باطل (قلت) وإن كان
ما في رؤس النخل قد حل بيعه فاكتريت الدار واشترطت ما في رؤس النخل
(قال) ذلك جائز (قلت) فان اكتريت دارا وفيها نخلة أو نخلتان أو نخلات فاستثنيت
ثمرة هذه النخل أيجوز هذا في قول مالك (قال) قال مالك إذا كان النخل تبعا للدار
وهو يسير جاز ذلك (قلت) فهل كان مالك يرى إذا كان قيمة ثمر النخل الثلث
وكراء الدار الثلثين جعله تبعا أم لا (قال) بلغني أنه كان يرى ذلك ولقد وقفته على
505

ذلك فأبى أن يحد لي فيه الثلث (وأخبرني) من أثق به أنه أبى أن يحد له فيه الثلث
(قلت) وكيف يعرف أن هذه الثمرة التي تكون في رؤس هذه النخل الثلث
والكراء الثلثين وليس في النخل يوم اكترى ثمرة (قال) يقال ما قدر ثمن ثمرة هذه
النخل مما قد عرف منها في كل عام بعد عملها ومؤنتها إن كان فيها عمل وما كراء هذه
الدار بغير اشتراط ثمرة هذه النخل فإن كان كراء الدار هو الأكثر وثمن ثمرة النخل
بعد مؤنتها أقل من الثلث جاز ذلك وتفسير ذلك أنه مثل المساقاة إذا كان معها البياض
إذا كان البياض الثلث جازت المساقاة فيه أنه ينظر إلى ثمن ثمرة النخل فيما قد عرف
من بيعه فيما قد مضى من أعوامه ثم ينظر إلى ما ينفق فيه فيطرح من ثمن الثمرة ثم
ينظر إلى ما بقي من ثمن الثمرة بعد ما أخرجت قيمة المؤنة ثم ينظر إلى كراء الأرض
كم يسوى اليوم لو أكريت فإذا كانت قيمة كراء الأرض الثلث من ثمن الثمرة بعد التي
أخرجت من نفقة السقي في النخل والمؤنة جاز ذلك ولا ينظر إلى ثمن الثمرة إذا
بيعت من غير أن يحسب فيه قيمة مؤنتها لان النخل قد تباع ثمرتها بثلاثمائة وتكون
مؤنتها في عملها وسقيها مائة ويكون كراء الأرض خمسين ومائة فلو لم تحسب مؤنة
النخل ومؤنة سقيها جازت فيها المساقاة وإنما ينظر الداخل إلى ما يبقى بعد النفقة وهذا
الذي سمعت (قلت) أرأيت أن اكتريت دارا وفيها نخل يسيرة فاشترطت نصف
ثمرة هذه النخل والنصف لرب الدار (قال) قال مالك لا خير في هذا (قال سحنون)
وقال ابن القاسم وإنما يجوز من هذا أن تكون الثمرة تبعا للدار أو تلغى فاما إذا اشترط
المتكارى نصف الثمرة فهذا كأنه اشترى نصف الثمرة قبل أن يبدو صلاحها واكترى
الدار بكذا وكذا (قال) وكذلك قال لي مالك (قال مالك) هو بيع الثمرة قبل أن
يبدو صلاحها (قال) وكذلك السيف المحلى يبيعه الرجل بالفضة وفيه من الفضة
الثلث فأدنى فباعه السيف واشترط البائع نصف فضة السيف (قال) لا يجوز ذلك
لأنه إنما ألقى الفضة وكان تبعا للنصل فإذا لم بلغ جميعه فقد صار بيع الفضة بالفضة
وكذلك الخاتم وكل شئ فيه الحلي مما يجوز للناس اتخاذه فهو بهذه المنزلة والنخل إذا
506

أخذها مساقاة وفيها بياض انه لا بأس أن يجعلا ما خرج من البياض بينهما إذا كان
العمل كله من عند الداخل في الحائط والنخلات تكون في الدار إذا اكتراها الرجل
واشترط نصف تلك النخلات فصار صاحب الدار قد وضع عن المتكارى من كراء
الدار لمكان ما اشترط من نصف الثمرة فكأنه بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه
وكذلك قال مالك (قلت) فما فرق ما بينهما (قال) لان المتكارى أيضا كأنه حين
اشترط ان له نصف الثمرة فقد زادت الدار في الكراء لمكان ما اشترط من نصف
الثمرة التي اشترط وإذا اشترطها كلها فهي ملغاة (قلت) والنخل والبياض هي
السنة من نصف فضة السيف ونصف فضة الخاتم فان ذلك عندي لا يجوز (قلت)
أرأيت أن اكتريت البياض وفيه سواد هو الثلث فأدنى فاشترطت نصف السواد
(قال) لا يجوز هذا عند مالك (قال ابن وهب) وأخبرني من أثق به عن عثمان
ابن محمد بن سويد الثقفي عن عمر بن عبد العزيز انه كتب إليه في خلافته وعثمان على
أهل الطائف في بيع الثمر وكراء الأرض أن تباع كل أرض ذات أصل بشطر
ما يخرج منها أو ثلثه أو بربعه أو الجزء مما يخرج منها على ما يتراضونه ولا تباع بشئ سوى
ما يخرج منها وأن يباع البياض الذي لا شئ فيه من الأصول بالذهب والورق (قال
سحنون) قال ابن وهب وقال لي من أثق به كان رجال من أهل العلم يقولون في
الأرض يكون فيها الأصل والبياض أيهما كان ردفا الغي وأكريت بكراء أكثرهما
إن كان البياض أفضلهما أكريت بالذهب والفضة وإن كان الأصل أفضلهما أكريت
بالجزء مما يخرج من ثمرها وقد قامت بهذا في السود سنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم في خيبر قالوا أيهما كان ردفا ألغى وحمل كراؤه على كراء صاحبه (قال ابن
وهب) قال مالك وذلك أن من أمر الناس أنهم يساقون الأصل وفيه البياض
تبعا ويكرون الأرض البيضاء وفيها الشئ من الأصل فأخبر مالك أنه قد مضى من
عمل الناس وأنه الذي مضى من أمرهم والعمل أقوى من الاخبار
507

(في الرجل يكتري الدار والحمام ويشترط كنس)
(التراب والمراحيض والقنوات)
(قلت) أرأيت أن اكتريت دارا فاشترطت على رب الدار كناسة المرحاض
وكناسة التراب أيجوز هذا أم لا (قال) لا أرى بهذا بأسا (قلت) أرأيت أن
اكتريت منك دارا أو حماما واشترطت عليك كنس مراحيض دارك أو غسالة
حمامك (قال) أرى ذلك جائزا وغسالة الحمام عندي وكنس المراحيض سواء فأرى
ذلك جائزا إذا اشترطته على رب الدار لان ذلك وجه قد عرف (قلت) تحفظ
ذلك عن مالك (قال) لا
(في الرجل يكري داره سنة على أنها ان احتاجت)
(إلى مرمة رمها المتكاري من الكراء)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أكرى داره بعشرين دينارا سنة على أنها ان احتاجت الدار
إلى مرمة رمها المتكاري من العشرين الدينار (قال) سألت مالكا عنها فقال لا بأس
بذلك (قلت) فان أكراه على احتاجت الدار إلى مرمة رمها من العشرين الدينار
وان احتاجت إلى أكثر من ذلك زاد من عنده (قال) قال مالك لا يعجبني هذا
الكراء ولا خير فيه (قلت) وان أكرى على أن ما احتاجت الدار إليه من مرمة
أنفق عليها المتكاري من الكراء الذي اكترى الدار به فلا بأس بذلك في قول مالك
قل أو كثر (قال) نعم لا بأس بذلك إذا كان ذلك من الكراء بعينه ولم يشترطه
من غير الكراء
(في الرجل يكترى الدار والحمام ويشترط مرمة)
(ما فيها ويشترط دخول الحمام والطلاء)
(قلت) أرأيت أن استأجرت دارا أو حماما على أن على مرمته أيجوز هذا في قول
508

مالك (قال) قال مالك لا يجوز إلا أن يشترط المرمة من كراء الدار (قلت) أرأيت
ان استأجرت دارا على من مرمة الدار وكنس الكنيف واصلاح ما بها من الجدران
والبيوت (قال) على رب الدار (قلت) وهذا قول مالك (قال) سألنا مالكا عن الرجل
يكترى الدار ويشترط عليه انه ان انكسرت خشبة أو احتاجت الدار إلى مرمة
يسيرة كان ذلك على المتكارى (قال مالك) لا خير في ذلك إلا أن يشترطه من كرائها
فهذا يدلك على أن المرمة كلها في قول مالك على رب الدار (قلت) أرأيت قدر
الحمام إذا اختلف فيه رب الحمام ومتكاري الحمام (قال) هو لرب الحمام وذلك أنه عندي
بمنزلة البنيان (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا أحفظه (قلت) أرأيت أن استأجرت
حماما كل شهر بكذا وكذا دينارا على أن على لرب الحمام ما احتاج إليه أهله من الطلاء
بالنورة ومن دخول الحمام (قال) لا خير في هذه الإجارة إلا أن يشترط من الطلاء
والدخول أمرا معروفا (قلت) أرأيت أن استأجرت دارا على أن على تطيين البيوت
(قال) هذا جائز إذا سميتم تطيينها في كل سنة مرة أو مرتين أو في كل سنتين مرة
فهذا جائز فإن كان إنما قال له إذا احتاجت طينتها فهذا مجهول ولا يجوز (قلت)
وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
(في اكتراء الحمامات والحوانيت)
(قلت) أكان مالك يكره إجارة الحمام أم لا (قال) قال مالك لا بأس بكراء
الحمامات (قلت) أرأيت أن استأجرت حمامين أو حانوتين فانهدم أحدهما أيكون
لي أن أرد الآخر أم يلزمني بحصته من ثمن الكراء (قال) إن كان الذي انهدم هو
وجه ما اكتريت ومن أجله اكتريت هذا الباقي فالكراء مردود وإن كان ما انهدم
ليس من أجله اكتريت هذا الباقي فهو يلزمه بحصته من ثمن الكراء
(في الرجل يكترى نصف دار أو ربعها مشاعا)
(قلت) أيجوز لي أن أستأجر من رجل نصف دار غير مقسوم أو أستأجر منه
509

نصف عبده أو نصف دابته (قال) نعم (قلت) وكيف تكون الدابة أو العبد إذا
وقعت الإجارة على نصفها (قال) يكون للمستأجر يوما وللذي له النصف الآخر يوما
وكذلك الدابة (قلت) والدار (قال) يكون للمستأجر نصف سكناها وللآخر الذي
له النصف نصف سكناها (قلت) وهذا قول مالك (قال لم أسمعه من مالك إلا أنى سألت مالكا عن الرجلين يتكاريان الدار فيريد أحدهما أن يكرى نصيبه ألصاحبه
فيه الشفعة فقال لا وقد أجاز مالك في هذه المسألة كراء نصف الدار غير مقسوم
وأرى في الدابة والعبد أن الكراء جائز في النصف من قبل أن البيع في نصف العبد
ونصف الدابة عند مالك جائز فإذا جاز البيع في نصف الدابة ونصف العبد عند مالك
جاز الكراء في نصف العبد ونصف الدابة لان ما جاز فيه البيع جاز فيه الكراء (قال)
ولقد قال لي مالك في الرجل يستأجر من يجد له الثمرة بنصفها (فقال) لا بأس بذلك
(وقال مالك) ما يجوز لك أن تبيع من ثمرتك فلا بأس أن تستأجر به فهذا يدلك على
أن مالكا قد جعل كل ما يجوز فيه البيع يجوز أن يكترى به فإذا جاز أن يكترى به
جاز أن يكرى (قال سحنون) من غير الطعام وكل ما يوزن ويكال فان ما يوزن
ويكال أو يعد مما لا يعرف بعينه يجوز أن يكترى به ولا يجوز أن يكرى (قال)
وسمعت مالكا وسئل عن رجل تكارى نصف دار مشاعا غير مقسوم (فقال)
لا بأس بذلك (قلت) هل يجوز أن يكرى نصف دار أو سدس دار مشاعا غير
مقسوم (قال) هو جائز (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجلين يكتريان دارا فيريد
أحدهما أن يكرى نصيبه منها من رجل من غير شريكه أترى لشريكه فيها شفعة
(فقال) مالك لا شفعة له ولا يشبه هذا عندي البيع فهذا من قول مالك يدلك
على أن الكراء في نصف الدار وإن كان غير مقسوم أنه جائز وكذلك بلغني عن مالك
(في الرجل يكرى داره ويستثنى ربعها)
(بربع الكراء أو بغير كراء)
(قلت) أرأيت أن اكتريت منك مساكن لك واستثنيت ربع المساكن بربع
510

الكراء أو استثنيت ربع المساكن بغير كراء أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا أرى
بذلك بأسا وكذلك الرجل يبيع الدار ويستثنى ثلثيها أو ثلاثة أرباعها انه جائز لأنه
إنما باع ربعها وهذا قول مالك وقد أخبرتك بأصل قول مالك أنه إذا صح العمل
بينهما لم ينظر إلى لفظهما
(في الرجل يكترى الدار بسكنى دار له أخرى)
(قلت) أرأيت أن استأجرت منك سكنى دارك هذه السنة بسكنى داري هذه
سنة أيجوز هذا في قول مالك (قال) هو جائز عندي ولا بأس به
(ما جاء في الرجل يكترى الدار بثوب موصوف أو غير)
(موصوف ولم يضربا لذلك أجلا أو يكتريها بعبد موصوف)
(قلت) أرأيت أن استأجرت دارا سنة بعبد موصوف أو بثوب موصوف ولم
أضرب لذلك أجلا أيجوز ذلك (قال) لا خير في هذا إلا أن يضرب له أجلا وهذا
والبيع سواء (قلت) أرأيت أن اكتريت هذا البيت شهرا بثوب مروى ولم أصفه
أيجوز هذا الكراء في قول مالك (قال) لا (قلت) فان سكن (قال) ان سكن
فعليه قيمة كراء الدار
(في الرجل يكترى الدار بثوب بعينه فيتلف)
(قبل أن يقبضه المكرى أو يوجد به عيب)
(قلت) أرأيت أن استأجرت دارا شهرا بثوب بعينه وشرطت النقد في الثوب
والثوب في بيتي ووصفته فضاع الثوب بعد ما سكنت أياما قبل أن يقبضه رب الدار
(قال) أرى أن يرجع بمثل كراء الدار في الأيام التي سكن لان الثوب قد تلف
وكذلك لو كان المكارى قد قبض الثوب فاستحق من يده بعد ما سكن المتكارى
كان لرب الدار أن يرجع على المتكاري بقيمة كراء الدار لا بقيمة الثوب ولا
بثوب مثله وهذا في الاستحقاق وهو قول مالك (قلت) أرأيت من آجر داره
511

سنة بثوب بعينه فلما سكن المتكاري نصف السنة أصاب رب الدار بالثوب
عيبا كيف يصنع (قال) أرى أن يرده وينتقض الكراء فيما بقي ويرجع عليه بقيمة
كراء الدار الستة الأشهر التي سكنها (قلت) فان قال رب الدار أنا أقبل الثوب
وأرجع عليه بقيمة العيب في كراء الدار (قال) ليس ذلك له وإنما له أن يأخذ
الثوب معيبا أو يرده ويكون كما وصفت لك (قال) وأرى إن كان العيب الذي
أصاب بالثوب خفيفا ليس مما ينقص ثمن الثوب وإن كان ذلك عند البزازين عيبا فليس
له أن يرده لان مالكا قال في الرقيق من اشترى عبدا فأصاب به عيبا إذا كان ذلك
خفيفا فليس له أن يرده وإن كان ذلك عيبا عند النخاسين إذا لم ينقصه ذلك من
ثمنه قال مالك مثل الكية والأثر وأشباه ذلك يريد مما لا ينقص ثمن السلعة
(قلت) أرأيت أن استأجرت داري بثوب ففات الثوب ثم علمت بعيب كان في
الثوب أو بعت الثوب ثم علمت بالعيب (قال) قول مالك في البيوع أنه ان باع
فليس له أن يرجع عليه بقليل ولا كثير وإن كان إنما تصدق به أو وهبه قال مالك
يرجع عليه بقيمة العيب في الثمن الذي دفع فأنا أرى اللبس مثل الهبة في البيوع
فمسألتك في الكراء أنه يرجع على صاحبه إذا تصدق أو وهب بقيمة العيب من قدر
الكراء وينتقص من كراء الدار بقدر قيمة العيب وأنا أرى اللبس مثل الهبة والصدقة
وكذلك قال مالك فيمن اشترى ثوبا أو دابة عبدا فتصدق به أو وهبه فإنه يرجع
بقيمة العيب في الثمن الذي نقد إذا كان الثمن دنانير أو دراهم أو غيرهما فهو فوت مثل
الموت والعتق (قلت) أرأيت أن أكريت داري سنة بعبد بعينه واشترطت النقد
فمات العبد قل أن أقبضه (قال) موت العبد بعد وجوب الصفقة من المكرى للدار
والمتكاري برئ من مصيبته وهذا والبيع سواء
(في كراء الدور مشاهرة)
(قلت) أرأيت أن استأجرت بيتا شهرا بعشرة دراهم على أنى ان سكنت يوما من
الشهر فكراء الشهر لي لازم (قال) أن كنت شرطت ان الكراء لك لازم فلك أن
512

تكرى البيت بقية الشهر إذا خرجت أو تسكنه فهذا جائز لان هذا لازم لكما وإن لم تشترطاه وان اشترطوا عليك أنك ان سكنت يوما ثم خرجت فليس لك أن تكرى
البيت والكراء لك لازم فلا خير في هذه الإجارة (قلت) وهذا قول مالك (قال)
نعم (قلت) أرأيت أن قلت أتكارى منك هذه الدار كل شهر بدرهم أيكون لك
أن تأخذ منى كلما سكنت يوما بحساب ما يصيب هذا اليوم من الكراء في قول مالك
(قال) نعم إلا أن يكونا اشترطا في الكراء شيئا فيحملان على شرطهما (قلت) فما قول
مالك في الرجل يؤاجر داره رأس الهلال كل شهر بدينار فكان الشهر تسعا وعشرين يوما
(فقال) قول مالك أن الإجارة تتم له إذا هل الهلال إن كان الشهر تسعة وعشرين أو
ثلاثين فالإجارة تتم له باستهلال الهلال (قلت) أرأيت أن اكترى رجل حانوتا
كل شهر بدرهم أو كل سنة بدرهم أو في كل شهر بدرهم أو في كل سنة بدرهم (قال) قال
مالك يخرج المتكارى متى ما شاء ويخرجه رب الدار متى ما شاء (قال مالك) إلا أن
يتكارى شهرا بعينه يقول أتكارى منك هذا الشهر بعينه أو يتكارى سنة بعينها
يقول أتكارى منك هذه السنة فذلك يلزمهما (قلت) أرأيت أن قال أتكارى منك
حانوتك كل شهر بدرهم فسكن يوما لم لا يلزمه كراء هذا الشهر (قال) قول مالك
في كل شهر وكل شهر إنما يقع على غير شئ بعينه من الشهور والأيام والسنين ولا
أمد له ينتهى إليه الكراء فهذا يدلك على أنه لم يقع الكراء على أيام بأعيانها ولا على
شهور ولا على سنين بأعيانها فإذا لم يقع الكراء على شئ بعينه من الأيام أو الشهور
أو السنين كان للمتكارى أن يخرج متى ما أحب ويلزمه من الكراء بقدر ما سكن
وكذلك يكون لرب الدار أن يخرجه متى ما أحب وإذا وقع الكراء على شهر بعينه
فليس لواحد منهما أن يفسخ الكراء إلا أن يتراضيا جميعا بفسخه لان هذا قد
وقع على شهر معلوم فإذا وقع الكراء على شهر معلوم أو سنة معلومة فقد اشترى
منه سكنى هذا الشهر أو هذه السنة بعينها فهذا فرق ما بينهما عند مالك (قال ابن
وهب) وأخبرني يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يستكرى من
513

الرجل داره عشر سنين ثم يموت الذي أكرى ويبقى المستكرى (قال) ان توفى
سيد المسكن فأراد أهله اخراج من استأجره منه أو بيعه فلا أرى أن يخرجوه
الا برضا منهم ولكن ان شاؤوا باعوا مسكنهم ومن استأجره فيه على حقه وشرطه
في اجارته (قال ابن شهاب) وان توفى المستأجر سكن ذلك المسكن أو لم يسكنه
فانا نرى أن يكون أجر ذلك المسكن فيما ترك من المال يؤديه الورثة بحصصهم
(في اكتراء الدار سنة أو سنين)
(قلت) أرأيت أن استأجرت دارا سنة أو سنين ولم أسم متى أسكنها وسميت الاجر
أتجوز هذه الإجارة (قال) ذلك جائز وله أن يسكن الدار ويسكن من شاء ما لم يجئ من
ذلك ضرر بين على رب الدار (قلت) أرأيت أن أجرت دارا سنة بعد ما مضى عشرة
أيام من هذا الشهر كيف تكون الإجارة وكيف تحسب الشهور أبالأهلة أم على عدد
الشهور (قال) تحسب هذه الأيام بقية هذا الشهر الذي قد ذهب بعضه ثم تحسب
أحد عشر شهرا بعده بالأهلة ثم تكمل مع الأيام التي كانت بقيت من الشهر الأول
الذي استأجرت الدار فيه ثلاثين يوما فيكون شهرا واحدا من إجارة هذه الدار على
الأيام وأحد عشر شهرا على الشهور (قال) وهذا مثل ما قال مالك على عدد النساء
في الموت والطلاق وفى الايمان إذا حلف أن لا يكلمه ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر وهو
في بعض الشهر حين حلف (قال مالك) في هذا مثل ما وصفت لك في مسألتك في
الكراء (قلت) أرأيت أن أكريت دارا لي ثلاث سنين فمنعتها من المكتري سنة
ثم خاصمني بعد السنة فقضى له بالكراء بكم يقضى له (قال) سنتين ويسقط سنة
(قلت) لم (قال) لان الثلاث سنين قد مضت منها سنة وبقيت منها سنتان ويكون
لرب الدار أجر سنتين (قلت) تحفظه عن مالك (قال) أحفظ عن مالك في الرجل
يستأجر الأجير فيمرض أو يأبق انه لا يكون عليه ما بطل الأجير في حال مرضه
أو في حال إباقته فكذلك الذي سألت عنه من كراء الدار إذا منعها ربها (قلت)
فان أكريت دارا ثلاث سنين ثم أبيت أن أسكنها سنة وقد أمكنني منها ربها فأبيت
514

أن آخذها (قال) إن لم يكن رب الدار ساكنا في الدار أو كان غيره ساكنا فيها ممن
أسكنه رب الدار وخلى رب الدار بينه وبين الدار فعليه كراء السنين كلها (قلت)
وهذا قول مالك (قال) أحفظه من قول مالك في الإبل والدواب إذا أكراه إبله أو
دوابه فأتاه بالإبل أو بالدواب ليركب فأبى ان الكراء على المكترى كاملا وكذلك
مسألتك في الدور أيضا
(في الرجل يكرى داره ثم يسكن طائفة منها)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا اكترى منزلا من رجل ورب الدار في الدار فسكن
المتكارى منزلا منها ورب الدار في الدار لم يخرج حتى انقضت السنة فطلب رب
الدار كراء الدار كلها فقال المتكارى أعطيك حصة هذا الموضع الذي أنا فيه وأحسب
عليك حصة ما أنت فيه (قال) ذلك له (قلت) وكذلك لو أن رجلا سكن طائفة
من داري بغير أمرى وأنا في الطائفة الأخرى قد علمت به فلم أخرجه ولم أكره
فلما مضى شهر أو سنة طلبت منه الكراء (قال) ذلك لك (قلت) وإن كان قد علم
به (قال) وإن كان قد علم به
(في الرجل يكترى الدار ثم يكريها من غيره)
(قلت) أرأيت أن استأجرت دارا أيكون لي أن أؤاجرها في قول مالك بأكثر
مما استأجرتها به ويطيب لي ذلك وأسكنها غيري (قال) نعم (قلت) أرأيت قصارا
اكترى حانوتا للقصارة فأكراه من حداد أو طحان أيجوز له ذلك (قال) إذا كان
ذلك ليس بضرر على البنيان أو تكون المضرة في البنيان مثل مضرة القصار في دقه
وعمله فكراؤه جائز وإن كان ضررا أكثر من ضرر القصارة فلا يجوز ذلك (ابن
وهب) عن مالك ويونس بن يزيد وابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه سئل عن الرجل
يستأجر الدار ثم يؤاجرها بأفضل مما استأجر ها به (فقال) ابن شهاب لا بأس به
(ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن أبي الزناد ونافع وعطاء بن أبي رباح
515

مثل ذلك (وقال بعضهم) مثل ذلك في الداية والسفينة (ابن وهب) عن الليث عن
يحيى بن سعيد قال أدركنا جماعة من أهل المدينة لا يرون بفضل إجارة العبيد
والسفن والمساكن بأسا (قال ابن وهب) قال الليث وسئل يحيى بن سعيد عن
رجل تكارى أرضا ثم أكراها بربح (قال يحيى) هي من ذلك. لابن وهب هذه الآثار
(ما جاء في التعدي في كراء الدور)
(قلت) أرأيت أن أكريت داري واشترطت عليهم أن لا يواقدوا في داري نارا
فأوقدوا فيها نارا لخبزهم وطبخهم فاحترقت الدار (قال) أراهم ضامنين ان احترقت
الدار ولم أسمعه من مالك (قلت) أرأيت أن أكريت دارا لي من رجل فأكراها
الذي اكتراها منى من غيره فهدمها المكترى الثاني أيكون لرب الدار على المكترى
الأول ضمان ما هدم هذا الثاني في قول مالك (قال) قد جوز مالك لهذا المكترى الأول
أن يكرى من غيره ولم يرده إذا أكرى من غيره متعديا فإذا جاز له أن يكرى من
غيره ولا يكون متعديا فلا أرى لرب الدار عليه شيئا وأرى الضمان على الهادم المتكارى
الآخر لأنه هو المتعدى (قلت) أرأيت أن اكتريت دارا فربطت دابتي في الدار
فرمحت فكسرت حائط الدار أو رمحت فقتلت ابن صاحب الدار وهو معي في الدار
ساكن أيكون على شئ أم لا (قال) لا شئ عليك في قول مالك (قال) ولقد
قال لي مالك في الرجل يأتي الحانوت ليشترى السلعة فينزل عن دابته ويوقفها في
الطريق ليشترى حاجته من الحانوت فتصيب انسانا انه لا ضمان عليه لأنه إنما فعل
ما يجوز له فلما فعل ما يجوز له كان ما أصابت العجماء جبارا وكذلك الذي ربط دابته
في الدار حيث يجوز له (قال مالك) وكذلك عند باب الأمير وباب المسجد
(قلت) أرأيت أن اكترى رجل دارا فاتخذ في الدار تنورا فاحترق من ذلك
التنور الدار وبيوت الجيران أيكون على المتكارى ضمان شئ من ذلك أم لا في قول
مالك (قال) إذا فعل من ذلك ما يجوز له أن يفعله فلا شئ عليه
516

(في الرجل يكترى الدار فيريد أن يدخل فيها ما أحب)
(قلت) أرأيت أن استأجرت دارا أيكون لي أن أضع فيها ما شئت من الامنعات
وأدخل فيها ما شئت من الدواب والحيوان وهل يجوز لي أن أنصب فيها الأرحية
والحدادين والقصارين (قال) نعم ما لم يكن ضررا بالدار أو تكون دارا لا ينصب
ذلك في مثلها لحسنها ولارتفاع بنيانها وشأنها عند الناس تكون مبلطة مجصصة فليس
لك أن تدخل في ذلك الا ما يعلم الناس أن تلك الدار إذا اكتريت يدخل فيها الذي
دخله هذا المتكارى فأمر الدور على ما يعرف الناس فما كان منه ضررا على الدار منع
المتكارى منه وما لم يكن فيه ضرر كان ذلك جائزا للمتكاري (قلت) وهذا قول مالك
(قال) هو رأيي (قلت) أرأيت أن أكريت بيتي من رجل وشرطت عليه أن
لا يسكن معه أحدا فتزوج واشترى رقيقا أيكون له أن يسكنهم معه إذا أبى عليه
رب البيت ذلك (قال) ينظر في ذلك فإن كان لا ضرر على رب البيت في سكنى
هؤلاء معه فلا يكون له أن يمنعه وان كأن يكون في ذلك ضرر على رب البيت فليس
له أن يدخلهم عليه وقد يكون الرجل يكرى الرجل الغرقة وحده ويشترط عليه أن
لا يسكنها معه أحدا لضعف خشبه التي تحت الغرفة فان أدخل عليه غيره خشي رب
الغرفة أن تنهدم الغرفة فهذا وما أشبهه ينظر في ذلك
(في الرجل يكرى داره من اليهودي والنصراني)
(قلت) أرأيت أن أكريت داري من رجل من اليهود أو من النصارى أو من المجوس
أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم ما لم يكن يكريها على أن يبيع فيها الخمر والخنازير (قلت)
فإن لم يقع الكراء على أن يبيع الخمور والخنازير فجعل النصراني يبيع فيها الخمور والخنازير
(قال) الكراء جائز ولكنه يمنعه رب الدار من ذلك (قلت) وهذا قول مالك في القرى
والمدائن سواء في كراء الدور من النصارى (قال) نعم هو قول مالك (قال) قال لنا
مالك أكره للرجل أن يكرى حانوته ممن يبيع فيها الخمر أو دابته ممن يحمل عليها
517

الخمر أو ممن يعرف أنه يحمل عليها الخمر فالدور في القرى مثل هذا يكره للمسلم
أن يكريها ممن يبيع فيها الخمور والخنازير أو ممن يعلم أنه يبيع فيها الخمور والخنازير
(قلت) فان أكراها ممن يعلم أنه يبيع فيها الخمور والخنازير أيجوز الكراء ويكون
له أن يمنعه من بيع ذلك في داره أو حمل ذلك على دابته (قال) لا يجوز الكراء في
هذا بعينه لان الصفقة وقعت فاسدة (قلت) فإن كان أكراها من نصراني وهو
لا يعلم أنه يبيع فيها فيها الخمور والخنازير أكراه داره أو دابته فأراد النصراني أن يبيع
الخمور والخنازير على دابته أو في داره أله أن يمنعه من ذلك (قال) نعم ولا يفسخ
الكراء بينهما (قلت) أرأيت أن أكريت داري من رجل من النصارى فاتخذ
فيها كنيسة يصلى فيها هو وأصحابه (قال) لك أن تمنعه عند مالك (قلت) وكذلك
ان أراد أن يضرب في داري بالنواقيس (قال) ليس له ذلك
(في امرأة اكترت دارا فسكنتها ثم تزوجت فيها)
(على من يكون الكراء)
(قلت) أرأيت أن تزوجت امرأة وهي في دار بكراء فبنيت بها في تلك الدار
فانقضت السنة فطلب الكراء أرباب الدار أيكون للمرأة أو لأرباب الدار على شئ
أم لا (قال) لا إلا أن تكون المرأة بينت لزوجها فقالت انى بكراء فإن شئت فأد
وإن شئت فأخرج (قال) وهذا عندي بمنزلة أن لو تزوجها وهي في دارها ثم طلبت
الكراء من الزوج ولا كراء عليه لها (وقال غيره) عليه كراء مثلها إلا أن تكون
ما اكترت به المرأة أقل (
في اكتراء الدار الغائبة)
(قلت) أيجوز لي أن أتكارى دارا بإفريقية وأنا بمصر (قال) قال مالك لا بأس
أن تشترى دارا بإفريقية وأنت بمصر فكذلك الكراء عندي ولا بأس بالنقد في ذلك
في قول مالك لان الدار مأمونة (قلت) أرأيت لو أن رجلا من أهل المدينة اكترى
518

دارا بمصر فلما قدم مصر نظر إليها هذه حاشية وهذه بعيدة من المسجد فلا
أرضاها (قال) الكراء لا يصلح إلا أن يكون قد رأى الدار وعرف موضعها
أو على صفة الدار وموضعها والا فالكراء باطل
(في اكتراء الدار تسكن إلى أجل والنقد في ذلك)
(قلت) هل يجوز أن أكتري دارا على أن أبتدئ سكناها إلى شهر أو شهرين
(قال) لا بأس بذلك وان نقدت (قلت) والدور والأرضون المأمونة مخالفة
للحيوان والرقيق في الكراء في قول مالك (قال) نعم
(في الرجل يكترى الدار ولا يسمى النقد والنقد مختلف)
(قلت) أرأيت أن استأجرت دارا بدراهم أو بدنانير ولم أسم أي دنانير هي
ولا أرى دراهم هي ونقد الناس في البلد مختلف (قال) ينظر إلى النقد في الكراء
عندهم فيحملون على ذلك (قلت) فإن كان النقد في تلك البلدة في الكراء مختلفا
(قال) أراه كراء فاسدا وأرى أن يعطى كراء مثلها فيما سكن ويفسخ الكراء
بينهما فيما بقي
(في الرجل يكتري الدار عشر سنين ويشترط النقد)
(قلت) فان اكتريت دارا عشر سنين وشرطوا على أن أعجل لهم كراء العشر
سنين كلها أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) قال مالك نعم وفى الغلام أيضا يجوز ذلك
وذلك أني سألت مالكا عن الدار تكترى العشر سنين والجارية والحرة أو الأمة أو
العبد يكترون عشر سنين على أن يقدم الكراء في هذا كله (قال) قال مالك لا بأس
بذلك (وقال غيره) في العبيد لا يؤاجرون الإجارة الطويلة لان ذلك فيهم خطر
وهو قول أكثر الرواة
519

(في الرجل يكترى الدار سنة متى يجب عليه الكراء)
(قلت) أرأيت من اكترى دار سنة متى تجب الأجرة على المتكارى (قال)
سألت مالكا عن ذلك فقال لي إذا لم يكن بينهما شرط دفع إليه بحساب ما سكن مما
سكن (قلت) فإن كان كراء الدور عندهم على النقد (قال) لم أسمع من مالك في
كراء الدور في هذا شيئا إلا أنه قال لي في الإبل تحمل على كراء الناس عندهم إن كان
على النقد فعلى النقد فأرى في الدور أيضا إن كان أهل تلك البلدة كراؤهم الدور
عندهم على لنقد خير هذا المتكاري على النقد
(في الزم المتكارى الكراء)
(قلت) أرأيت الكراء في الدور والكراء المضمون في الدواب والإبل هل ينتقض
بموت أحدهما في قول مالك (قال) لا (قال ابن وهب) وقال يونس وقال ابن
شهاب مثله (قلت) أرأيت أن أكريت داري من رجل فظهرت منه دعارة
وفسق وشرب الخمور أيكون لي أن أخرجه من داري وأنقض الإجارة (قال)
الإجارة بحالها لا تنتقض ولكن السلطان بمنعه من ذلك ويكف أذاه عن الجيران
وعن رب الدار فان رأى السلطان أن يخرجه عنهم أخرجه عنهم وأكرى له فأما
كراء رب الدار فهو عليه لا ينتقض على حال (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا
رأيي (قلت) والقصارون إذا اتخذوا في دورهم ما لا ينبغي من شربهم الخمور واتخاذهم
فيها الخنازير منعهم السلطان ولم تنتقض الإجارة (قال) نعم (قلت) أرأيت لو أن قصارا أو
حداد اكتريا حانوتا فيما بينهما ولم يقع كراؤهما على أن لهذا مقدم الحانوت من مؤخره
وصاحبه كذلك لم يقع له موضع من الحانوت في عقدة الكراء واشتجر فيما بينهما
فقال هذا أنا أكون في مقدم الحانوت وقال هذا بل أنا (قال) الكراء لهما لازم
ويقتسمان الحانوت فيما بنيهما فإن كأن لا يحتمل القسمة فأرى أن يكرى عليهما لان النبي
صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار وهذا من الضرر وقد لزمهما الحانوت
520

(قلت) وكذلك الرجلان يكتريان البيت يسكنان فيه فيما بينهما (قال) نعم
(في فسخ الكراء)
(قلت) أرأيت أن تكاريت بيتا من رجل فهطل على البيت في الشتاء أيكون لي أن
أخرج أم يجبر رب الدار على أن يطين البيت (قال) ان طينه رب الدار فالكراء لك
لازم وان أبى أن يطينه كان لك أن تخرج إذا كان هطله ضررا بينا ولا يجبر رب البيت
على أن يطينه إلا أن يشاء (وقال غيره) التطيين وكنس المراحيض مما يلزم رب الدار
(قلت) لابن القاسم ويكون للمتكاري أن يطينه من كرائه ويسكن في قول مالك
(قال) لا ليس له ذلك (قلت) أرأيت أن استأجرت دارا فسقط منها حائط أو بيت أو
سقطت الدار كلها فقال رب الدار أنا أبني ما سقط منها أولا أبنيها والذي سقط منها من
الحائط قد كشف عن الدار أيكون على رب الدار أن بينها في قول مالك أم لا (قال)
ليس على رب الدار أن يبنيها إلا أن يشاء فان انكشف من الدار ما يكون ضررا على
المتكارى قيل للمتكاري إن شئت فأسكن وإن شئت فأخرج ولم يجبر رب الدار على
أن يبنى إلا أن يشاء ذلك فان بناها رب الدار في بقية من وقت الكراء وقد خرج
المتكارى منها لم يكن عليه الرجوع لاستتمام ما بقي وإن كان ما انهدم منها مالا يضر بسكنى
المتكارى فيها ولم بين ذلك رب الدار لزم المتكارى أن يسكن ولم يكن له أن ينقض
الإجارة ولا يخرج منها ولا يوضع عنه من الإجارة لذلك شئ إلا أن يكون كان له في
ذلك سكنى ومرفق فيوضع عنه من الكراء بقدر ذلك (قلت) فإن كان قد اكترى
الدار عشر سنين فلما سكن شهرا واحدا انهدمت الدار أيكون له أن يبنيها من كراء
هذه التسع سنين والأحد عشر شهرا التي بقيت فأسكن وإن شئت فأخرج إلا أن يشاء
رب الدار أن يأذن له بذلك ولقد سئل مالك عن الرجل يكترى الأرض ثلاث سنين
وقد زرع فيها فتغور عينها ويأبى رب الدار أن ينفق عليها (قال) للمتكارى أن يعمل
في العين بكراء سنته تلك وليس له أن يعمل فيها بأكثر من كراء سنة واحدة فما
521

عمل في العين بكراء سنة واحدة فذلك لرب الأرض الذي أكراها لازم وان زاد
على كراء سنة فهو متطوع في ذلك وليس كذلك الدور (قال) فال لي مالك وكذلك
المعاملة في الشجر إذا ساقاه سنين مسماة فاستغار ماؤها لم يكن للمساقي أن ينفق فيها
الا قدر ما يصيب صاحب الأرض من الثمرة سنته تلك (قال) وقال مالك في الرجل
يكترى الأرض فيغور ماؤها أو ينهدم بئرها فيأبى رب الأرض أن ينفق عليها ان
للمتكارى أن ينفق عليها من كراء سنته هذه على ما أحب رب الأرض أو كره
(قلت) أرأيت لو انهدم من الدار التي اكتريت بيتا أكان للمتكارى أن ينبيه
من كراء السنة كما وصفت لي (قال) لا (قلت) فان انهدم منها شرافات الدار (قال)
شرفات الدار ليس مما يضر بسكنى المتكارى فلا أرى أن ينفق المتكارى على ذلك
شيئا فان فعل كان متطوعا ولا شئ له (قلت) أرأيت أن سقطت الدار أو حائط
منها فانكشفت الدار فقال رب الدار لا أبنيها وقال المتكارى وأنا أيضا لا أبنيها أيكون
له أن يناقضه الإجارة في قول مالك (قال) نعم (قال ابن القاسم) وإنما فرق ما بين
كراء الأرض والنخل يغور ماؤها وبئر الدار تنهدم أن الأرض فيها زرع الداخل وفي
نفقتها احياء لزرعه ومنفعة لصاحب الأرض وكذلك الثمرة في المساقاة لأنه قد أنفق
فيها ماله فلذلك كانت له لثمرة وأمر بالنفقة وأن الدار ليس للمتكارى فيها نفقة وليس
يرد الساكن به منفعة على صاحب الدار الا ضررا عليه في نفقته وحبس داره عن
أسواقها فهذا فرق ما بين الدور والأرضين التي فيها الزرع (قال ابن القاسم) ولو
انهدمت العين أو البئر قبل أن يزرع ثم أراد أن ينفق فيها كراء سنته لم يكن ذلك له
وكان بمنزلة الدار وإنما الذي أمر مالك فيه بالنفقة إذا زرع وسقى المساقي فهذا وجه
ما سمعت من مالك وبلغني عنه كما فصلت لك (قال سحنون) جميع الرواة على
هذا الأصل لا أعلم بينهم فيه اختلافا (قلت) أرأيت ان سقطت الدار والذي
أكراها غائب فكيف يصنع الذي اكتراها (قال) يشهد على ذلك ولا شئ عليه
(قلت) أرأيت أن ان اكتريت دارا هل ينقض الكراء فيما بيننا شئ من عذر (قال)
522

لا إلا أن تنهدم الدار أو ينهدم منها ما يضر بالساكن فيكون للمستأجر ان أحب
أن يتركها فان بناها صاحبها في بقية من وقت الإجارة لم يلزم المتكارى كراء ما بقي
من وقت الإجارة وكذلك سمعت (قلت) أرأيت دارا استأجرتها خفت أن
تسقط على أيكون لي أن أنا فضه الكراء (قال) إذا كان البنيان مخوفا فلك أن تناقضه
(قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم هذا قول مالك
(في الرجل يكترى الحانوت من الرجل ولم يسم له ما يعمل فيها)
(قلت) أرأيت أن اكتريت حانوتا ولم أسم ما أعمل فيها أيجوز هذا الكراء أم لا
(قال) ذلك جائز (قلت) أفيعمل فيها وهو حداد أو قصار أو طحان (قال) إذا
كان ذلك ضررا على البنيان أو فسادا للحانوت فليس له أن يعمله وإن لم يكن ضررا
على البنيان فله أن يعمل ذلك في الحانوت وإن كان قد اشترط المتكارى على رب
الحانوت أنه يعمل في الحانوت قصارا أو حدادا أو طحانا وإن كان ذلك ضررا على
البنيان فله أن يعمل ذلك في الحانوت وليس لرب الحانوت حجة من قبل أنه أكراها
منه وقد سمى له المتكارى ما يعمل فيه وقد رضى بذلك (قلت) أرأيت أن
أكرى حانوتا من رجل فإذا هو حداد أو قصار فنظرنا فإذا هو لا يضر بالبنيان إلا
أنه يقذر الحانوت فقال رب الحانوت لا أرضى أن يقذر على حانوتي (قال) يمنعه إذا
كان عمل المتكارى مما يقذر عليه جدارات حانوته فان هذا يقع فيه على رب الحانوت
ضرر في الحانوت (وقال غيره) إذا كانت الاعمال في الحانوت بعضها أضر من بعض
وأكثر كراء فلا يجوز الكراء الا على شئ معروف يعمل فيه وان كأن لا يختلف
فلا بأس به
(الدعوى في الكراء)
(قلت) أرأيت أن استأجرت دارا سنة فاختلفت أنا ورب الدار فقلت أنا
استأجرتها بمائة أردب من حنطة وقال رب الدار بل آجر تك بمائة دينار فاختلفنا
523

قبل أن أسكن الدار أنا ورب الدار (قال) القول هو قول رب الدار ويتحالفان وهذا مثل
البيوع (قلت) فإن كان قد سكن المتكارى يوما أو يومين أو شهرا أو شهرين ثم
اختلفنا كما ذكرت لك (قال) أما اليوم واليومان فهو عندي قريب وهو عندي بمنزلة
ما لم يتفرقا وبمنزلة من لم يقبض ما اشترى أو من قبض ما اشترى وتفرقا فاختلفا
بعد يوم أو يومين والسلعة قائمة بعينها لم تفت فالقول قول رب الدار مع أيمانهما
(قلت) فإن كان قد سكن شهرا أو شهرين أو أكثر السنة (قال) يتحالفان
ويدفع إليه الساكن على حساب ما سكن من قيمة سكنى مثل الدار ويتفاسخان فيما
بقي (قلت) فان قال المتكارى تكاريتها بكذا وكذا لشئ لان يشبه أن يكون كراء
الدار سنة وقال رب الدار أكربت بكذا وكذا لشئ لا يشبه أن يكون كراء الدار
سنة أيفسخ الكراء بينهما أم يرد إلى كراء مثل تلك الدار وهذا يقر بما قد سكن
شهرا أو شهرين (قال) يرد إلى كراء مثلها فيما سكن ويفسخ الكراء بينهما فيما بقي
من السنة وهذا كله مثل البيوع (قلت) أرأيت أن رجلا أسكنته داري فلما
مضى شهر قلت له أعطني الكراء فقال إنما أسكنتني يغير كراء (قال يغرم الكراء
ولا يصدق أنه بغير كراء ويكون القول في الكراء قول رب الدار إذا أتى بما يشبه أن
يكون كراء الدار مع يمينه أنه أسكنه بكراء (وقال غيره) يكون على الساكن قيمة
ما سكن إلا أن يكون أكثر مما ادعى المكرى بعد أيمانهما (قلت) لابن القاسم
أرأيت أن اكتريت من رجل دارا له فلم أسكن حتى اختلفنا في الكراء فقلت أنا
اكتريتها منك بمائة أردب حنطة هذه السنة وقال رب الدار بل أكريتك بمائة
دينار (قال) يتحالفان ويتفاسخان الكراء وكذلك البيع إذا اختلفا فهذا مثل ذلك
(قلت) أرأيت أن كان قد سكن يوما أو يومين أو شهرا أو شهرين ثم اختلفا
بحال ما وصفت لك (قال) أرى أن يتحالفا ويفسخ الكراء فيما بينهما ويكون عليه من
الكراء بقدر ما سكن من قيمة السكنى وهو بمنزلة ما لو قال اكتريت منك سنة
بدينار وقال الآخر بل آجرتك بعشرة دراهم وقالا جميعا مالا يشبه تحالفا وتفاسخا
524

وكان عليه من الكراء بقدر ما سكن من قيمة السكنى فاختلاف العدد في الكراء إذا
ادعى كل واحد منهما مالا يشبه في الكراء كاختلافهما في السلعتين
(دعوى المتكارى في الدار مرمة)
(قلت) أرأيت أن أجرت داري فلما انقضت الإجارة ادعى المتكارى أن فرش
الدار له أو خشبة في السقف فقال أنا أدخلتها أو جدارا ستره ادعى أنه بناه وأنكر
رب الدار ذلك (قال) القول قول رب الدار في كل شئ هو في بنيان الدار أو فرش الدار
أو ما هو من البناء (قال) فكل شئ كان في الدار ليس في البنيان من حجر ملقى أو
سارية أو خشبة أو باب ملقى فاختلف في ذلك رب الدار والمتكاري (قال) أرى القول
قول المتكاري (قلت) تحفظه عن مالك (قال) هو رأيي (قلت) أرأيت أن
اكتريت دارا سنة فقال لي رب الدار أنفق في مرمة الدار من كراء الدار فلما
انقضى الاجل قال المتكارى قد أنفقت من كراء الدار في مرمة الدار كذا وكذا
وقال رب الدار لم تفعل القول قول من (قال) القول قول المتكارى إذا كان في الدار
بنيان جديد أو أثر يعرف ويصدق قوله إلا أن يأتي بأمر يستدل به على كذبه
وللنفقات وجوه لا تجهل فإذا علم أنه كاذب فيما يقول غرم لرب الدار الكراء (قلت)
ولم جعلت القول في النفقة قول المتكارى (قال) لأنه ائتمنه على ذلك (قلت) أرأيت
ان قال رب الدار قد أمرتك أن ننفق وتبنى من كراء الدار فلم تنفق ولم تبن وقال
المتكارى قد بنيت هذا البيت (قال) ينظر في ذلك البيت فإن كان يعلم أنه جديد وأنه
مما يشبه أن يكون من بنيان المتكاري كان القول قول المتكارى وان استدل على كذبه
كان القول قول رب الدار (وقد قال غيره) على الساكن البينة لان الكراء دين عليه
فلا يخرجه من الدين الا البينة وعلى رب الدار اليمين
(في نقض المتكارى ما عمر إذا انقضى أجل السكنى)
(قلت) أرأيت أن انقضى أجل الكراء وقد أحدث المتكارى في الدار بنيانا أو
525

غير ذلك مما كان ينتفع به كان أحدث ذلك بأمر رب الدار أو بغير أمره فلما انقضت
الإجارة قال المكارى أعطني قيمة بنياني هذا (قال) قال مالك ينظر فيما أحدث
المتكارى فإن كان له قيمة ان قلعه قيل لرب الدار أعطه قيمته منقوضا وما كان في ذلك
من البنيان من جص أو طين إذا هو قلعه لم يكن للمتكارى فيه منفعة فلا يقوم ذلك
إلا أن يكون له فيه منفعة فيقوم فان رضى رب الدار أن يأخذه بقيمته منقوضا كان
ذلك له ولم يكن للمتكارى أن ينقضه إذا أعطاه رب الدار قيمته منقوضا لان النبي صلى
الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار فان أبى رب الدار أن يعطيه قيمته منقوضا كان للمتكارى
أن يقلع بنيانه (قلت) وهو سواء عند مالك إن كان أذن له رب الدار أن يحدث ذلك
وإن كان لم يأذن له (قال) نعم ذلك سواء لان رب الدار يقول لم آذن لك حين أذنت
لك وأنا أريد أن أغرم لك شيئا إنما أذنت لك لترتفق فيكون القول كما فسرت لك
ورددته علي مالك غير عام فقال كما أخبرتك (قلت) أرأيت لو أنى أكريت داري
من رجل فبنى في الدار وعمر من غير أن آمره (قال) قال مالك ليس على رب الدار
شئ ويقال له اقلع بنيانك إن كان لك فيه منفعة إلا أن يشاء رب الدار أن يعطيك
قيمة مالك فيه منفعة من بنيانك هذا مقلوعا والخيار في ذلك إلى رب الدار
(في الرجل يوكل الرجل يكرى داره فيتعدى)
(قلت) أرأيت أن وكلت رجلا يكرى لي منزلا فأكراه بغير الذهب والفضة
أو حابى في ذلك (قال) هذا عندي بمنزلة البيع وقد أخبرتك في البيع أنه إذا باع بغير
ما يتبايع به الناس أو حابى في ذلك فلا يجوز (قال) ومعنى قول مالك بغير ما يتبايع
به الناس أنه على غير الذهب والفضة (قلت) أرأيت أن أمرت رجلا أن يكرى
داري فأعارها أو وهبها أو تصدق بها أو أسكنها أو حابى فيها ثم جئت أطلب الكراء
(قال) إن كان الذي أمرته أن يكريها فتصدق أو وهب أو أعار أو أسكن
أو حابى مليا أخذ منه كراء الدار ولم يكن له أن يرجع على ساكنها بما أخذ منه وإن لم يكن مليا أخذ رب الدار الكراء من الساكن في الدار وليس للساكن أن يرجع
526

على الذي وهبها له أو تصدق بها عليه أو أسكنها إياه أو أعارها له وقد أخبرتك به في
غير هذا الموضع أيضا
(في متكارى الدار يفلس)
(قلت) أرأيت رجلا اكترى منزلا سنة فسكن ستة أشهر ثم فلس (قال) يكون
رب الدار أولى من الغرماء في قول مالك بما بقي من السكنى في نصف الكراء إلا أن
يشاء الغرماء أن يدفعوا إلى رب الدار ما يصيب ما بقي من الشهور وذلك نصف
الكراء أو أقل أو أكثر على قدر قيمة ذلك ويكون ما بقي من هذا من السكنى
للغرماء يكرونه في دينهم (قال سحنون) وان أبو أن يعطوا ذلك كان المكرى
بالخيار ان أحب أن يسلم ما بقي من سكنى الدر ويحاص الغرماء بجميع دينه فعل
ان أحب أن يأخذ ما بقي من السكنى بما يصيبه من الكراء ويضرب بما بقي له مع
الغرماء في جميع ما المفلس كان ذلك له وكذلك ذكر ابن القاسم وغيره
(في الرجل يكتري الأرض سنين ليزرعها)
فيغور بئرها أو تنقطع عينها)
(قلت) أرأيت أن اكتريت أرضا من رجل ثلاث سنين أيجوز هذا الكراء في
قول مالك (قال) نعم (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يتكارى الأرض ثلاث
سنين فيزرعها سنة أو سنتين فيغور بئرها أو تنقطع عينها كيف يحاسب صاحبها
أيقسم الكراء على السنين سواء إن كان تكاراها ثلاث سنين بثلاثين دينارا أو يجعل
لكل سنة عشرة عشرة (قال) قال مالك لا ولكن يحسب على قد نفاقها وتشاح الناس
فيها ثم قال لي وليس كراء الشتاء وكراء الصيف واحدا (قال) ورأيته حين فسره لي
ان الأرض بمنزلة الدار تتكارى السنة ولها أشهر قد عرف نفاقها في السنة فالمتكارى
يعطى الكراء للسنة كلها وإنما جعل ما يعطى من الكراء لتلك الأشهر قد عرف
ذلك المكرى والمتكاري والناس مثل دور مكة في نفاقها أيام الموسم ومثل فنادق
527

تكون بالمدينة وبمصر ينزلها الناس أيام الحج وأيام الأسواق بالفسطاط فهذا الذي
قال لي مالك في الأرضين كلها حين قلت له أيقسم الكراء على السنين كلها بالسوية
فقال لي لا ولكن على تشاح الناس فيها ونفاقها عند الناس (قال) لي مالك وليس
ما ينقد فيه الناس كما يستأخر نقده (قال) وقال لي مالك في كراء الأرض ليس كراؤها
في الشتاء والصيف واحدا إذا أصيبت بانقطاع الماء
(في الرجل يكترى الأرض ليزرعها فيغرق بعضها قبل الزراعة)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أرضا لأزرعها فغرق بعضها قبل الزراعة أيكون لي
أن أرد ما بقي في قول مالك (قال) قال مالك في الأرض إذا تكاراها الرجل فيعطش
بعضها (قال مالك) إن كان الذي عطش منها هو أكثر الأرض وإنما بقي منها التافه
اليسير ردها كلها وإن كان الذي عطش منها التافه اليسير ليس هو جل الأرض وضع
عنه من الكراء بقدر الذي عطش ولزمه ما بقي من الأرض بحسابه من الكراء
فكذلك ما سألت عنه من الأرض إذا غرقت لان العطش والغرق سواء عند مالك
(قلت) وكيف يوضع عنه بقدر ذلك في قول مالك أينظر إلى قياسه من الأرض أم
ينظر إلي كرمها ورغبة الناس فيها وجودتها عند الناس فيما غرق منها وما بقي فيفض
الكراء على كرمها وعلى ردتها (قال) نعم إنما ينظر في ذلك إلى كرمها وغير الكرم
فيفض الكراء على ذلك عند مالك إذا كانت مختلفة (قلت) وكذلك أن استحق
بعضها وبقي بعضها فهو مثل ما وصفت لي في الغرق إذا استحق القليل منها أو الكثير
(قال) نعم وهو رأيي
(في اكتراء أرض المطر سنين والنقد فيها)
(قلت) أرأيت أن اكتريت أرضا من أرض المطر عشر سنين أيجوز هذا في
قول مالك (قال) نعم إذا لم ينقد (قلت) فإن كانت قد أمكنت للحرث عامها هذا
(قال) فلا بأس بالنقد في س هذا العام الواحد الذي قد أمكنت فيه للحرث (قلت)
528

فكم ينقده (قال) كراء سنة واحدة (قلت) أرأيت أن اكتريت أرضا من
أرض المطر التي لا يصلح النقد فيها وشرط على صاحبها النقد أيبطل هذا الكراء أم لا
في قول مالك (قال) نعم الكراء باطل عند مالك (قلت) أرأيت أن تكاريت منه
أرضه هذه السنة وهي من أرض المطر قرب الحرث ونحن نتوقع المطر أيصلح أن
أنقد لقرب ما يرجو من المطر (قال) قال مالك لا يصلح النقد فيها الا بعد ما تروى
ويمكن من الحرث (قال سحنون) وقد قال غيره من الرواة لا تكرى الأرض
التي تشرب بالمطر التي تروى مرة وتعطش أخرى الا قرب الحرث ووقوع المطر
أجازه الرواة ولم يروا فيه تهمة إذا لم ينقد ولا يجوز كراؤها بنقد حتى تروى ريا
متواليا يجزي ويكون مبلغا له كله أو لأكثره مع رجائه لوقوع غيره من المطر ولا
يجوز كراؤها الا سنة واحدة ألا ترى أنهم لم يجيزوا كراءها بغير نقد الا قرب
الحرث ووقوع المطر فكيف تجوز السنة بعد السنة إلا أن تكون أرضا مأمونة
كأمن النيل في سقيه فلا بأس بكرائها وتعجيل النقد وبغير التعجيل قرب أبان
شربها وريها (ابن وهب) عن الليث وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب وابن أبي
جعفر أن عمر بن عبد العزيز كتب أن لا تكرى أرض مصر حتى يجرى عليها الماء
وتروى (قال الليث) لا أرى أن تكري الأرض التي تشرب بالمطر حتى تروى
ولا كل أرض تروى مرة وتعطش مرة حتى تروى إلا أن تكون أرضا مأمونة لا
يخطئها أن تشرب في كل عام.
(في الرجل يكترى أرض المطر وقد أمكنت من الحرث)
(ثم تقحط السماء ولا يقدر على الحرث)
(قلت) أرأيت أن أمكنتني الأرض من الحرث فتكاريتها ثم قحطت السماء عنها
فلم أقدر على الحرث (قال) قال مالك إن لم يأته من المطر ما يتم به زرعه فلا كراء
لرب الأرض وكذلك العين والبئر إذا انهارت قبل أن يتم زرع المتكارى فهلك الزرع
لذهاب الماء فلا كراء له فإن كان أخذه الكراء لا من البئر والعين وكثرة مائها رده
529

وإن كان لم يأخذه فذلك عنه موضوع (قال مالك) ولو جاءها ماء فأقام عليها فلم يستطع
أن يزرعها كان بمنزلة القحط الكراء عنه موضوع ولكن ان زرع فجاءه برد فأذهب
زرعه كان الكراء عليه ضامنا (قال مالك) وهذا بمنزلة الجراد والجليد يصيبه وإنما منع
صاحب الأرض الكراء إذا لم يأت من الماء ما يتم به زرع هذا المتكاري ماء السماء
كان أو غيره من العيون والآبار (قال) فقيل لمالك فان جاءه ما كفي بعضه وهلك
بعضه (قال مالك) إن كان الذي حصد شيئا له قدر ومنفعة أعطى من الكراء
بحساب ذلك وإن لم يكن له قدر ولم تكن له فيه منفعة لم يكن لرب الأرض من
الكراء شئ (قال سحنون) عن ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال
في الأرض يؤاجرها صاحبها أو يكريها (قال) حلال إلا أن ينقطع ماؤها أو بعضه أو
تكون بعلا فيقحط عنه المطر فلا أرى عليه إذا أتقطع الماء الذي عليه اكترى شيئا
(في أرض المطر تستغدر وفيها الزرع)
(قلت) أرأيت أن زرعها فأصابها مطر شديد فاستغدرت الأرض وفيها الزرع
فأقام الماء فيها العشرة الأيام أو العشرين أو الشهر ونحو فقتل الماء الزرع أيلزم
المتكارى الكراء كله ويجعله مالك بمنزلة البرد والجراد والجليد أم يجعل هذا بمنزلة
القحط (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن ذلك أن كان بعد مضى أيام الحرث
فهو عندي بمنزلة البرد والجليد وان كانت الأرض إنما استغدرت في أيام الحرث
فقتلت زرعه الذي كان زرع فيها فالماء ان انكشف عنها قدر على أن يزرعها ثانية فلم
ينكشف الماء عنها حتى مضت أيام الحرث قال فأرى هذا مثل الرجل يتكارى
الأرض فتغرق في أيام الحرث فلا كراء عليه وكذلك قال لي مالك ان الأرض إذا
اكتراها الرجل فجاءه من الماء ما منعه الزرع انه لا كراء عليه فهذا الذي سألت عنه
وإن كان قد زرعها ثم جاءه الماء فغرق زرعه في أيام الحرث وهو لو أن الماء انكشف
عن الأرض كان يقدر على الحرث لان إبان الحرث لم يذهب فمنعه الماء من أن يعيد
زرعه فلا كراء عليه وإن كان أصابها في زمان الحرث فهلك زرعه ثم انكشف الماء في
530

أبان يدرك فيه الحرث فاكراء له لازم لأنه قد يدرك أن يزرع وليس هذا بمنزله ما
أصابها بعد ذهاب أيام الحرث وذلك بمنزلة الجراد والجليد والبرد
(في اكتراء أرض النيل وأرض المطر قبل)
(أن تطيب للحرث والنقد في ذلك)
(قلت) أرأيت الأرض أيجوز أن أتكاراها قبل أن تطيب للحرث في قول مالك
(قال) قال مالك نعم ذلك جائز فإن كانت الأرض مثل أرض مصر مأمونة في أنها تروى
فالنقد في ذلك جائز (قال) فقيل لمالك فأرض المطر أيجوز النقد فيها (قال) قال مالك
ليس أرض المطر عندي بينا كبيان النيل (فقيل) لمالك انا قد اختبرنا ها فلا تكاد ان
تخلف وهي أرض لم تخلف منذ زمان (قال) قال مالك النيل عندي أبين شأنا (قال)
فإن كانت هذه الأرض أرض المطر بحال ما وصفتم فأرجو أن لا يكون به بأس
والنيل أبين (قال مالك) وان كانت الأرض تخلف فلا يصلح النقد فيها حتى تروى
وتمكن للحرث كانت من أرض النيل أو من غيرها فهي في هذا الباب سواء إلا أن
يتكاراها ولا ينقد (قال) ولقد سأل رجل مالكا وأنا عنده قاعد عن الرجل
يتكارى الأرض ولها بئر قد قل ماؤها وهو يخاف أن لا تكفى زرعه (قال مالك)
لا أحب لاحد أن يتكارى أرضا لها ماء ليس في مثله ما يكفي زرعه (قال ابن
القاسم) وإنما كرهه من وجه الغرر كأنه يقول هو ما ترى فان سلمت كانت لك وإن لم يسلم زرعك فلا شئ لك على كأنهما تخاطرا (قلت) وكيف يكون هاهنا الخطار
وأنا أقول لصاحب الأرض إن لم يسلم زرع هذا الرجل رددت إليه الكراء في قول
مالك (قال) لان الزرع إذا ذهب من قبل الماء رد الكراء على المتكاري (قال)
فذلك يدلك على أنهما تخاطرا لو علم رب الأرض أن في بئره ما يكفي الزرع ما أكراها
بضعف ذلك الكراء فهذا يدلك على المخاطرة فيما بينهما وان الذي اكترى الأرض
وفيها الماء المأمون لم يتخاطرا على شئ فان انقطع ماؤها بعد ذلك أو قل فإنما هي
مصيبة نزلت من السماء ومما يبين لك ذلك أن صاحب الكراء الصحيح على الماء
531

الكثير ان انقطع ماؤها بعد ما زرع بتهور بئر أو بانهدام عين كان له أن يصلحها
بكراء تلك السنة التي تكارها على ما أحب صاحب الأرض أو كره وان هذا الآخر
ليس له أن يقول أنا أعملها حتى يزداد الماء فأروى به زرعي إذا أبى ذلك ربها (وقال
غيره) وهو من أصل قول مالك لعبد الرحمن وغيره ولم يتهم هذين اللذين تقدما على
الماء الكثير المأمون في تعجيل النقد بمثل ما اتهما عليه في تعجيل النقد في الماء الذي
ليس بمأمون لما انتفع به من تعجيل نقده في تخفيف الكراء عنه وقد ينال بتعجيل
نقده ما طلب ان تم له الماء وإن لم يتم له الماء رد عليه نقده فصار مرة سلفا إن لم يتم
ومرة بيعا ان تم فصارا مخاطرين بما حط رب الأرض من كراء أرضه بما انتفع به من
تعجيل النقد ولما ازداد الناقد من تعجيل نقده فيما حط عنه من الكراء ان تم له الماء
غبن صاحبه وأدخل عليه تعجيل نقده منفعة وإن لم يتم له غبن ورجع إليه ماله سلفا ولم
يدخل عليه ما له منفعة ولعل ذلك تجر المعاملة فيما بينهما للرفق الذي يأمله فيه آخذه
ويتضع به ناقده وهذا الباب كله في كراهية النقد في بيع الخيار وبيع العهدة وبيع
المواضعة وبيع السلعة الحاضرة تؤخذ إلى أجل بنقد وفى شراء العبد الغائب البعيد الغيبة
وفى إجارة العبد بعينه والراحلة بعينها تؤخذ إلى أجل بعيد والأرض غير المأمونة قبل
أن تروى أو بعد ما تروى إذا كان ريا غير مبلغ فخذ هذا الأصل على هذا ونحوه أنه
يكون مرة بيعا ومرة سلفا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف جر
منفعة ونهى عن الخطر فكل هذا قد اجتمع في هذا الصل وما كان من الماء المأمون
من اكتراء الأرض المأمونة أو شرائها أو الدور وان تأخر قبض ما اشترى أو اكترى
أو كان ما اشترى أو اكترى في قرب أو بعد وانتقد فيه لأنه مأمون لم يعمله صاحباه
وان وقع في شئ من ذلك حدث على شئ من الحدث والمخاطرة حتى يزداد به ما ازداد
في سلفه ويأخذ به الناقد المشتري في شرائه وصنعه ولا حريز من قدر ولكن شفقة
الناس في ذلك ليس بسواء فخذ هذا الأصل على هذا إن شاء الله تعالى
532

(في الرجل يكتري أرض الخراج أو أرض الصلح فتعطش أو تغرق)
(قلت) أرأيت أرض الخراج مثل أرض مصر إذا زرعها رجل فغرقت أو عطشت
أيكون للسلطان أن يأخذ منه الخراج أم لا في قول مالك (قال) سألت مالكا عن
الرجل يتكارى الأرض فتعطش فلا يتم زرعها أو تغرى فيمنعه الماء من العمل (قال)
فلا كراء لصاحبها وكذلك أرض مصر عندي إنما هو كراء من السلطان فان جاء
غرق أو عطش لم أر على من زرع كراء (قال سحنون) إذا لم يتم الزرع من العطش
(قلت) فأرض الصلح التي صالحوا عليها إذا زرعوها فعطش زرعهم أترى عليهم
خراج أرضهم (قال) نعم (وقال غيره) إذا كان الصلح وظيفة عليهم وأما إذا كان
الصلح على أن على الأرض خراجا معروفا فلا شئ عليهم
(في الرجل يكترى الأرض سنين فيريد أن يغرس فيها)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أرضا عشر سنين أيكون لي أن أغرس فيها الشجر
(قال) لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكن ان كانت الأرض التي تكاراها إنما هي
أرض زرع فأراد أن يغرسها شجرا فإن كان الشجر أضر بالأرض منع من ذلك وإن لم يكن الشجر أضر بالأرض لم يمنع من ذلك لان مالكا قال في الرجل يتكارى
البعير ليحمل عليه الحمل من الصوف أو البز أو الكتان فيريد أن يحمل عليه غير ذلك
من الحمولة (قال مالك) إن كان حمل عليه ما ليس هو أضر من الذي اكترى البعير
له لم يمنع من ذلك فان حمل عليه ما هو أضربه وإن كان في مثل وزنه لم يكن ذلك
له وكذلك الأرض عندي
(في الذي يكترى الأرض سنين فيغرسها فتنقضي السنون وفيها غرسه)
(أو يكريها من غيره فيغرسها فتنقضي السنون وفيها غرسه فيكريها كراء مستقبلا)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أرضا سنين مسماة فغرست فيها شجرا فانقضت
السنون وفيها شجري فاكتريتها كراء مستقبلا سنين أيضا أيجوز هذا في قول مالك
533

(قال) قال مالك نعم لا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن استأجرت أرضا سنين
فأكريتها من غيري فغرس فيها شجرا فانقضت السنون وفيها غرسه فاكتريتها أنا
من ربها سنين مستقبلة أيجوز هذا (قال) نعم (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا
(قلت) فكيف أصنع فيما بيني وبين هذا الآخر الذي فيها غرسه (قال) يقال
لرب الغرس أرض هذا الذي اكترى الأرض أو اقلع غرسك وهذا رأيي (وقال
غيره) ليس بمستقيم حتى يتعامل رب الأرض ورب الغرس ما يجوز بينهما ثم تكرى
أرضه إلا أن يكريه الأرض على أن يقلع عنه الشجر (قال سحنون) به نقول
(في الرجل يكترى الأرض سنين فتنقضي السنون)
(وفيها غرسه أخضر أو زرعه أخضر فيريد ربها أن يكريها)
(قلت) أرأيت أن كان موضع الغرس زرع أخضر (قال) لا يشبه الزرع الشجر
لان الزرع إذا انقضت الإجارة لم يكن لرب الأرض أن يقلع الزرع وإنما يكون له
كراء أرضه وفى الشجر لرب الأرض أن يقلع الشجر فإذا كان فيها زرع بحال ما
وصفت فانقضت الإجارة لم يكن لرب الأرض أن يكريها ما دام زرع هذا فيها لان
الأرض قد لزمت هذا الذي زرعه فيها بكرائها إلا أن يكريها إلى تمام الزرع فلا بأس
بذلك (قال سحنون) إذا كانت الأرض مأمونة
(في الرجل يكرى أرضه سنين فتنقضي السنون وفيها زرع)
(لم يبد صلاحه فيريد صاحب الأرض أن يشتريه)
(قلت) أرأيت أن انقضت السنون وفي الأرض زرع لم يبد صلاحه للذي اكترى
الأرض فأراد رب الأرض أن يشترى الزرع (قال) لا يحل هذا (قلت) فما فرق
بين هذا وبين الذي اشترى الأرض وفيها زرع لم يبد صلاحه اشترى الأرض
والزرع جميعا لم جوزت هذا (قال) هذا سنته ولان الملك في هذا مالك واحد (قلت)
فالأرض إذا بيعت بأصلها وفيها زرع لم يبد صلاحه فبيعت بزرعها (قال) فهي بمنزلة
534

النخل إذا بيعت وفيها ثمر لم يبد صلاحه (قلت) فالذي يبيع الأرض وفيها الزرع لم
يبد صلاحه لمن الزرع (قال) للزارع إلا أن يشترطه مشترى الأرض (قلت)
وهذا يفارق النخل إذا لم تؤبر (قال) نعم لان النخل إذا لم تؤبر فثمرتها للمشترى
وإن لم يشترطه وهذه السنة عندنا (وقال غيره) وهو مذهب عبد الرحمن وكذلك
الأرض المزروعة إذا لم ينبت زرعها كانت مثل النخل التي لم تؤبر وإذا نبت الزرع
كانت مثل النخل المأبورة سبيلهما واحد وسنتهما واحدة
(في الرجل يكرى أرضه سنين فتنقضي السنون وفيها غرس المكتري)
(فيكتريها من المكتري بنصف غرسها)
(قلت) أرأيت أن انقضت السنون وفيها غرس هذا المكتري فقال رب الأرض
أنا أصالحك على أن تترك شجرك في أرضي عشر سنين أخرى على أن يكون لي نصف
الشجر ولك نصف الشجر (قال) لا يجوز هذا (قلت) لم (قال) لأنه أكراه هذه
الأرض بنصف هذه الشجر على أن يقبض ذلك بعد مضى عشر سنين فإنه لا خير في هذا
لأنه لا يدرى أيسلم الشجر إلى ذلك الاجل أم لا (قلت) وهذا قول مالك (قال)
هذا رأيي (قلت) أرأيت أن أعطاه نصف الشجر الساعة على أن يقر النصف
الآخر للمتكارى (قال) لا بأس بهذا (وقال غيره) لا خير فيه لأنه فسخ دين في دين
(في الرجل يكرى أرضه سنين على أن يغرسها المتكارى)
(فإذا انقضت السنون فالغرس للمكري)
(قلت) أرأيت أن اكتريت أرضا من رجل عشر سنين على أن يغرسها المتكارى
شجرا وسمينا الشجر على أن الثمرة للغارس هذه العشر سنين فإذا انقضت كانت
الشجر لرب الأرض أيجوز هذا في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز هذا عند
مالك لأنه إنما أكراها بالشجر ولا يدرى أيسلم الشجر إلى ذلك الاجل أم لا ولا
يدرى لم أكرى أرضه ولا ما يسلم منها مما لا يسلم (وقال غيره) يدخله بيع الثمر
535

قبل أن يبدو صلاحه ويدخله أيضا كراء الأرض بالثمر
(في الرجل يكترى الأرض كل سنة بمائة دينار ولا يسمى سنين بأعيانها)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أرضا لأزرعها كل سنة بمائة دينار أيجوز هذا
الكراء في قول مالك (قال) نعم (قلت) أفيكون لكل واحد منهما أن يخرج متى
ما شاء ويترك الأرض (قال) نعم ما لم يزرع فان زرع فليس لواحد منهما أن يترك
وكراء تلك السنة له لازم ويترك ما بعد ذلك أن شاء (قلت) وهذا قول مالك
(قال) نعم (قلت) فان زرع المتكارى الأرض فقال له رب الأرض اخرج عنى
وذلك حين زرع زرعه (قال) أما إذا زرع فليس له أن يخرجه حتى يرفع زرعه وإن لم يكن زرع فان أراد رب الأرض أن يخرجه فله ذلك (قلت) فان أراد المتكارى
أن يخرج وقد زرع الأرض وقد مضت أيام الحرث فقال أنا أقلع زرعي وأخرج وخذ
من الكراء بحساب ما شغلت أرضك عنك (قال) ليس ذلك له وقد لزمه كراء تلك
السنة لأنه حين زرع فقد رضى بأخذ الأرض سنته (قلت) فإن كان ذلك في إبان
الحرث فقال الزارع أنا أقلع زرعي وأخلى لك أرضك وأنت تقدر على زراعتها
(قال) نعم لا يكون له ذلك وقد لزمه كراء السنة. ومما يبين لك ذلك أنه إذا زرع
فأراد رب الأرض أن يخرجه فليس لرب الأرض ذلك لأنه إذا لم يكن لأحدهما
أن يخرج صاحبه فليس للآخر أن يخرج
(في الرجل يكترى الأرض وفيها زرع ربها فيقبضها)
(إلى أجل والنقد في ذلك)
(قلت) أرأيت أن تكاريت منك أرضك هذه السنة المستقبلة ولك فيها زرع
أيجوز هذا الكراء أم لا في قول مالك (قال) ذلك جائز (سحنون) إذا كانت
الرض مأمونة مثل أرض مصر فذلك جائز والنقد فيها جائز وذلك لأنها مأمونة
وليست بمنزلة الحيوان التي يخاف موتها وان كانت غير مأمونة فالكراء جائز ولا
536

يصلح اشتراط النقد فيها (وقال غيره) لا يجوز في غير المأمونة كراء الأقرب الحرث
وإن كان بغير نقد لان ذلك يدخل على رب الأرض فيما أوجب من الكراء أن
لا ينتفع بماله فيما يريد من بيعه وتصريفه بما لا يجوز لذي الملك في ملكه في غير
مدخل يكون للمكترى ينتفع به فهذا موضع الضرر ولا خير في الضرر وكذلك
هذا الأصل في كل ما يكترى وإن لم ينقد فيه الكراء إذا كأن لا يقبض الا بعد
طول مما يخاف عليه مثل العبد بعينه والدابة بعينها وكل ما هو مخوف (قلت)
وكذلك لو كنت قد اكتريتها من رجل فزرع فيها زرعه أو لم يزرع ثم اكتريتها
السنة المستقبلة من رجل غيره (قال) ذلك جائز بحال ما وصفت لك إلا أن تكون
من الأرضين التي إنما حياتها بالآبار أو بالعيون المخوفة غير المأمونة فلا خير في النقد
في هذا لأنه لا يدرى أتسلم العيون إلى ذلك الاجل والآبار لأنها مثل الحيوان فإن كانت الآبار والعيون مأمونة فلا بأس بالنقد فيها (وقال مالك) لا بأس بكراء الدور
تقبض إلى سنة والنقد فيها لأنها مأمونة فان بعد الاجل لم يكن بالكراء بأس ولا
أحب النقد فيها (قال سحنون) وقد وصفنا ما كره من طول مثل هذا وشبهه وإن لم ينقد الكراء (قال ابن القاسم) فالبئر والعيون بمنزلة هذا إذا لم تكن مأمونة أو كانت
مأمونة إلى ذلك الاجل لبعده ولا خير فيه في غير ذلك من العروض والحيوان أن
يشتريه الرجل إلى أجل ويشترط أخذه مع النقد لان هذا بيع العروض بأعيانها
إلى أجل وهي غير مأمونة فهذا إنما اشترى هذه السلعة بذلك الثمن على أن يضمن له
البائع هذه السلعة إلى ذلك الاجل فلا خير في ذلك فكراء الدار ان انهدمت الدار
لم يضمنها مكتريها (قلت) والسلعة أيضا ان هلكت لم يضمنها أيضا مشتريها (قال)
إنما أجيز هذا في الدور لأنها مأمونة ولا تشبه من العروض
(في الرجل يكترى الأرض سنة بعينها فيزرعها ثم)
(يحصد زرعه منها قبل مضى السنة أو بعد مضى السنة)
(قلت) أرأيت الرجل يتكارى الأرض سنته هذه ثم يحصد زرعها منها قبل مضى
537

السنة لمن تكون الأرض بقية السنة (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن هذا
عندي مختلف الأرض إذا كانت علي السقي التي تكترى على الشهور والسنين التي
يعمل فيها الشتاء والصيف فهي للمتكارى حتى تتم السنة وإذا كانت أرض المطر
أو ما أشبهها مما هي للزرع خاصة إنما محمل ذلك عند الناس إنما منتهى سنته رفع زرعه
منها فعلى هذا يحمل ويعمل فيه (قلت) أرأيت هذا الذي تكارى الأرض من
أرض السقي سنة فمضت السنة وفيها زرعه أخضر لم يبد صلاحه فقال له رب الأرض
اقلع زرعك عنى أو كان فيها بقل فقال له رب الأرض اقلع بقلك عنى (قال) قال مالك لا
يقلع ولكن يترك زرعه وبقله حتى يتم ويكون لرب الأرض مثل كراء أرضه (قلت)
على حساب ما أكراه أم كراء مثلها في المستقبل (قال) قال مالك له كراء مثلها لا علي
حساب ما كان أكراها منه (وقال غيره) لم يكن للمتكارى إذا لم يبق له من شهوره
ما يتم له زرعه أن يزرع فإذا زرع فقد تعدى فيما بقي من زرعه بعد تمام أجله فعليه كراء
مثل الأرض فيما زاد إلا أن يكون ذلك أقل مما يكون عليه علي حساب ما كان
أكراها منه فيكون عليه الأكثر لأنه رضى إذ علمها على حساب ما كان اكتراها
وليس في يديه ذلك من ربها فيبلغ لربها الأكثر من ذلك
(في التعدي في الأرض إذا اكتراها ليزرعها)
(شعيرا فزرعها حنطة)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أرضا لأزرعها شعيرا فزرعتها حنطة (قال) ما سمعت
من مالك فيه شيئا ولكن ان كانت الحنطة أضر بالأرض فليس له ذلك لان صاحبها
يريد أن يحميها (قلت) فان أردت أن أزرعها غير الشعير وإنما تكاريتها للشعير
والذي أريد أن أزرعها مضرته ومضرة الشعير سواء هل يجوز ذلك (قال) نعم ذلك
جائز إذا كان الذي يزرعه فيها مضرته بالأرض مثل مضرة الشعير أو أقل فليس
لرب الأرض أن يمنعه من ذلك
538

(الدعوى في كراء الأرض)
(قلت) أرأيت أن اكتريت من رجل أرضا فاختلفنا في مدة الكراء وفي
كراء الأرض فقال رب الأرض أكريتك خمس سنين بمائة دينار وقلت أنا بل
أكريتها عشر سنين بخمسين دينارا (قال) الذي سمعت أنه إن كان ذلك بحضرة
ما تكاراها تحالفا وفسخ الكراء بينهما وإن كان قد زرعها سنة أو سنين ولم ينقد الكراء
أعطى رب الأرض كراء السنين التي زرعها المتكارى على حساب ما أقر له به من كراء
الأرض على عشر سنين بخمسين دينارا ويحلف إذا كان ذلك يشبه ما يتكارى به
الناس فإن لم يكن ذلك يشبه كراء الناس فيما يتغابنون به وكان الذي قال صاحب
الأرض يشبه فالقول قول رب الأرض مع يمينه وإن لم يكن ذلك يشبه أيضا حملا
في تلك السنين التي عمل فيها المتكارى على كراء مثلها ويفسخ عنه ما بقي من السنين
وإنما فسخ عنه كراء ما بقي من السنين التي أقربها رب الأرض لان المتكارى ادعاها
بأقل مما أقربه رب الأرض وإنما صدق رب الأرض حين قال لم أكرك الا خمس
سنين لان الرجل لو اكترى دابة إلى بلد فقال صاحبها إنما أكريتها إلى المدينة
وقال المتكارى بل إلى مكة كان القول قول صاحب الدابة في الغاية وكذلك قال لي
مالك فهذه السنون القول فيها قول رب الأرض مثل ما جعل مالك القول في غاية
المسير في الكراء قول رب الدبة لان الرجل لو أكرى منزله من رجل فقال صاحب
الدار إنما أكريتها سنة وقال المتكارى بل سنتين كان القول في السنة صاحب
الدار مع يمينه وقد بلغني هذا القول في الدور عن مالك في اختلاف الغاية والكراء
وهذا إذا لم يكن نقد (وقال غيره) وإذا كان نقد فالقول قول المكرى مع يمينه إذا كان
يشبه ما قال فإن لم يشبه ما قال وأشبه ذلك ما قال المكترى كان القول قول المكترى
فيما سكن على حساب ما أقربه ويرجع ببقية المال على المكرى بعد يمينه على ما ادعى
عليه ويمين المكرى فيما ادعى عليه من طول المدة وإن لم يشبه ما قال واحد منهما حلفا
جميعا وكان على المكترى قيمة ما سكن وان أشبه ما قالا جميعا فالقول قول رب الدار
539

المنتقد بعد يمينه على ما ادعى عليه ولم يكن للمكترى أن يسكن الا ما أقربه المكرى
(وقد ذكر) ابن وهب أكثر هذا إذا انتقد عن مالك وهذا أصل فرد إليه ما خالفه
في الأكرية أكرية الرواحل والدور والأرضين والعبيد وغير ذلك (قلت)
أرأيت أن زرعت أرضا فقال رب الأرض لم آذن لك أن تزرع أرضى ولم أكركها
وادعيت أنا أنه أكراني (قال) القول قول رب الأرض مع يمينه إلا أن يكون رب
الأرض قد علم به حين زرع أرضه فلم يغير عليه وهذا رأيي (قلت) فإن لم يعلم به
رب الأرض وقد مضت أيام الزراعة (قال) يكون له أجر مثل أرضه ولا يقلع زرعه
لان أيام الزراعة قد مضت فإن كان قد علم رب الأرض بأن الزرع قد زرع في أرضه
تقوم عليه بذلك البينة أو يأبى اليمين إذا لم يكن عليه بينة ويدعى صاحبه عليه الكراء
فيحلف صاحبه فإنه يكون لرب الأرض في هذا الوجه الكراء الذي أقر به المتكارى
إلا أن يأتي المتكارى بأمر لا يشبه ولا يكون له في هذا الوجه إذا علم مثل كراء أرضه
إنما له ما أقربه المتكارى إذا أتى بأمر يشبه فيكون القول فيه كما وصفت لك (وقال
غيره) له مثل كراء أرضه علم به لو لم يعلم به بعد يمينه على ما ادعى المكترى إلا أن يكون
ما أقربه المكترى أكثر فإن شاء رب الأرض أخذه (قلت) أرأيت إذا كان
ذلك في إبان الزراعة ولم يعلم رب الأرض بذلك ولم تقم للزراع بينة أن رب الأرض
علم بذلك أو أكراه الأرض وحلف رب الأرض أنه لم يكره ولم يعلم بما صنع هذا
الزارع في أرضه (قال) رب الأرض بالخيار ان أخذ منه الكراء الذي أقر له به
وقال غيره أو كراء مثل أرضه (قال ابن القاسم) فان أبى كان له أن يأمر الزارع
أن يقلع زرعه إلا أن يتراضيا علي أمر حلال فينفذ بينهما (قلت) أرأيت أن قال
هذا الذي قضيت عليه بقلع زرعه الا أقلع الزرع وأنا أتركه لرب الأرض أيجوز ذلك
في قول مالك أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا إذا رضى به رب
الأرض (قال ابن القاسم) وإذا لم يكن للزارع في قلعه منفعة لم يكن للزارع أن
يقلعه ويترك لرب الأرض إلا أن يأبى رب الأرض أن يقبه فيأمر الزارع بقلعه
540

(في تقديم الكراء)
(قلت) أرأيت أن أكريت أرضا من رجل فقبضها منى أيجب لي الكراء حين
قبضها أم إذا زرعها أم حين يرفع زرعه منها (قال) ان كأن لأهل البلد سنة في كراء
الأرض حملوا غلى ذلك والا نظر فإن كانت الأرض مما يزرع مرة واحدة وقد رويت
مثل أرض مصر التي إنما ربيها من النيل وليس تحتاج إلى المطر فإذا قبض الأرض
وقد رويت لزمه نقد الكراء وان كانت مثل الأرضين التي تحتاج إلى السقي ولا يتم
الزرع الا بالسقي بعد ما يزرع أو من أرض المطر التي لا يتم زرعها الا بالمطر فيما يستقبل
بعد ما زرع لم ينقده الكراء الا بعد تمام ذلك (وقال غيره) إذا كانت من أرض السقي
وكان السقي مأمونا وجب له كراؤه نقدا (قال ابن القاسم) فإن كانت أرضا تزرع
بطونا مثل القصب والبقول وما أشبهه أعطاه كلما سلم بطن منها بقدر ذلك (وقال غيره)
يعطيه ما ينوب البطن الأول نقدا (قال ابن القاسم) وإنما خالف كراء الأرض التي
تسقى من ماء العيون والآبار والمطر كراء الدور والإبل لان الدور والإبل إذا تشاحوا
في النقد ولم يشترطوا ولم يكن لهم سنة يحملون عليها فإنما يعطيه من الكراء بقدر
ما سكن في الدار أو سار من الطريق على الإبل لأنه لو انهدمت الدار أو ماتت الإبل
كان المتكارى قد أخذ بعض كرائه فان الأرض التي تسقي ان انقطع ماؤها واحتبست
عنها السماء فهلك زرع المتكارى لم يكن قابضا لشئ مما اكترى من الأرض ولم يكن
عليه شئ من الكراء فمن ها هنا ليس لرب الأرض أن يأخذ من المتكارى كراء حتى
يتم بطن فيأخذ منه من الكراء بحال ما وصفت لك وهذا في غير العيون المأمونة
لأنه لو نقده الكراء ثم فحطت أرضه من الماء اتبعه بما دفعه إليه ولعله لا يجد عنده
شيئا فكذلك الإبل والدور إنما منع من النقد رب الإبل والدور ما لم يسكن المتكارى
أو يركب لأنه لم يقبض ذلك كله وإنما يكون قابضا لما سكن أو سار لأنه لو نقده ثم
مات البعير أو انهدمت الدار صار يطلبه به دينا
541

(في الرجل يكترى الأرض الغرقة والنقد في ذلك)
(قلت) أرأيت أن أكريته أرضى هذه وهي غرقة على أنه ان نضب الماء عنها
فهي له سمينا من الكراء وان ثبت الماء فيها فلا كراء بيننا (قال) هذا جائز إن لم
ينقد الكراء فان نقد الكراء لم يصلح لان هذا غير مأمون لأنها بحال ما وصفت
لك غرقة يخاف عليها أن لا ينكشف الماء عنها إلا أن تكون أرضا لا شك في
انكشاف الماء عنها فلا بأس به (وقال غيره) إذا خيف أن لا ينكشف الماء عنها
لم يجز أيضا بغير نقد لما أعلمتك مما يمنع به الرجل ملكه
(في إلزام مكترى الأرض الكراء)
(قلت) أرأيت أن أكريت أرضا أو دارا كراء فاسدا فلم أزرع الأرض ولم
أسكن الدار حتى مضت السنة إلا أنى قد قبضت ذلك من صاحبه أيكون على
الكراء لصاحبه أم لا في قول مالك (قال) يلزمك كراء مثل الدار وكراء مثل الأرض
عند مالك لأنك حين قبضت ذلك فقد لزمك الكراء وإن لم تزرع وإن لم تسكن
وكذلك الدابة إذا اكتريتها كراء فاسدا فاحتبستها (قلت) فإن لم أقبض الأرض
ولا الدار ولا الدابة من صاحبها لم يكن على شئ (قال) نعم لا شئ عليك (قلت)
أرأيت أن استأجر الرجل أرضا ليزرعها فلم يجد البذر أيكون هذا عذرا له في قول
مالك (قال) لا يعذر عند مالك بهذا والكراء عند مالك في هذا وغيره لازم وإنما
هو عند مالك بيع من البيوع لا ينتقض بما ذكرت ولا بغيره ولا بموت أحدهما
ولا بموتها جميعا ولا ينقض الكراء شئ من الأشياء (قلت) وكذلك لو أخذه
السلطان فحبسه في السجن عن زراعتها أيكون عليه الكراء في قول مالك (قال) نعم
في رأيي ولكن ليكريها إن لم يقدر على أن يزرعها هو
(في اكتراء الأرض كراء فاسدا)
(قلت) أرأيت أن اكتريت أرضا إجارة فاسدة ما على (قال) عليك كراء مثلها
542

عند مالك (قلت) وإن كان كراء مثلها أكثر أو أقل مما استأجرتها به (قال) نعم
هذا قول مالك
(في اكتراء الأرض بالطعام والعلف)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أرضا بشئ من الطعام مما لا تنبته الأرض مثل السمن
والعسل والجبن واللبن أيجوز هذا في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز ذلك
(قلت) لم كرهه مالك وليس في هذا محاقلة (قال) إذا خيف هذا في الكراء أن
يكون القمح بالقمح خيف أيضا أن يكون القمح بالعسل والسمن إلى أجل فلا خير
في ذلك (قال) وكذلك فيما بلغني فسره مالك (قلت) أرأيت أن تكاريت أرضا
بالملح أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لا يجوز ذلك عند مالك (قلت) ولا بأس
بالأشربة كلها عند مالك النبيذ وغيره من الأشربة (قال) قال مالك لا يجوز بالعسل
ولا بالسمن ولا بالتمر ولا بالملح ولا بالصير فالأنبذة عندي بهذه المنزلة (قلت)
أرأيت أن تكاريت أرضا بزيت الجلجلان أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا يجوز
ذلك عند مالك لان هذا طعام (قلت) أفيجوز بزيت زريعة الكتان (قال) قال لي
مالك لا يجوز أن يتكارى الأرض بالكتان فرأيت ذلك بزيت زريعته أشد (قلت)
أفتكره أيضا أن تكرى الأرض بالقطن (قال) أكرهه لان القطن عندي بمنزلة
الكتان (قلت) أفيكره أن تكرى الأرض بالأصطبة (1) (قال) إنما سألنا مالكا عنه
مجملا ولم نسأله عن الأصطبة فالأصطبة وغير الأصطبة سواء (قلت) لم كره مالك
أن تكرى الأرض بالكتان هذا الطعام كله قد علمنا كم كرهه مالك لأنه يدخله الطعام
بالطعام فالكتان لم كرهه مالك والكتان لا بأس أن يشتريه الرجل بالطعام إلى أجل
(قال) قال لي مالك أكره أن تكرى الأرض بشئ مما يخرج منها وان كأن لا يؤكل

(1) (بالأصطبة) بضم الهمزة وسكون الضاد المهملة وضم الماء المهملة وفتح الباء الموحدة مشددة
هي مشاقة الكتان وفي الحديث رأيت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه عليه إزار فيه علق قد خيطه
بالأصطبة حكاه الهروي في الغريب انتهى لسان
543

قال ابن القاسم فوجه كراهية مالك ذلك أنه يخاف عليه أن يستأجرها بشئ
مما تنبت الأرض فيزرع ذلك فيها فيكون فيه المحاقلة يستأجرها بكتان فيزرع فيها
كتانا (قلت) أرأيت أن اكترى الأرض بالتين أو بالقضب أو بالقرط أو ما
أشبهه من العلوفة أيجوز هذا في قول مالك (قال) قال لي مالك في الكتان انه لا يجوز
فالقرط والقضب والتبن عندي بهذه المنزلة (قلت) وكذلك أن اكراها باللبن
وبالجبن (قال) نعم لا يجوز ذلك عند مالك (قلت) أرأيت أن أكراها بالشاة التي
هي للحم أو بالسمك أو بطير الماء الذي هو للسكين أيجوز هذا في قول مالك (قال)
لا يعجبني هذا ولا يجوز هذا لان مالكا قال لا تكرى الأرض بشئ من الطعام
فأرى هذا من الطعام عندي (قال) وقال مالك ولا تكرى الأرض بشئ من
الطعام وإن كان مما لا يخرج منها لان هذا عندي من الطعام الذي لا يخرج منها
(قلت) أرأيت الفلفل أهو عندك من الطعام فلا يجوز أن تكرى به الأرض (قال)
قال لي مالك في الفلفل انه لا يجوز اثنين بواحد لأنه طعام ولا يباع حتى يستوفى لأنه
طعام ويجوز أن تكرى به الأرض (قلت) فان أكراها بلبن في ضروع الغنم
أيجوز (قال) قال لي مالك لا تكرى الأرض بشئ من الطعام ولا يجوز هذا (سحنون)
عن ابن وهب عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة اشتراء التمر في رؤس النخل بالتمر
والمحاقلة اشتراء الزرع بالحنطة واستكراء الأرض بالحنطة (قال مالك) عن ابن
شهاب وسألته عن كرائها بالذهب والورق فقال لا بأس به (ابن وهب) قال وأخبرني
أبو خزيمة عبد الله بن طريف عن عبد الكريم بن الحارث عن ابن شهاب أن رافع
ابن خديج أنى قومه بنى حارثة فقال قد دخلت عليكم اليوم مصيبة قالوا وما ذلك قال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض (ابن وهب) قال ابن شهاب
وسئل رافع بن خديج بعد ذلك كيف كانوا يكرون الأرض فقال بشئ من الطعام
544

مسمى ويشترطون أن لنا ما تنبت بماذيانات (1) الأرض واقبال الجداول (ابن وهب)
عن مسلمة بن علي أنه سمع الأوزاعي يقول سمعت مولى لرافع بن خديج يقول
سمعت رافع بن خديج يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر كان بنا
رافقا فقال قال لنا ما تصنعون بمحاقلكم قلنا نؤاجرها على الربع والأوسق من التمر
والشعير فنهى عن ذلك (ابن وهب) وأخبرني جرير بن حازم عن يعلي بن حكيم
عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج بنحو هذا وقال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكرها بالثلث ولا بالربع ولا
بطعام مسمى (ابن وهب) عن هشام بن سعد أن أبا الزبير حدثه قال سمعت
جابر بن عبد الله يقول كنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ الأرض
بالثلث أو الربع وبالماذيانات فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك
(ابن وهب) عن الليث عن ربيعة وإسحاق بن عبد الله بن حنظلة بن قيس أنه
سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
كراء الأرض ببعض ما يخرج منها فسألته عن كرائها بالذهب والورق فقال لا بأس
بكرائها بالذهب والورق
(في اكتراء الأرض بالطيب والحطب والخشب)
(قلت) أرأيت الأرض أيجوز أن أتكاراها بجميع الطيب (قال) أما بالزعفران
فلا يجوز لأنه مما تنبت الأرض فما كان من الطيب مما يشبه الزعفران فلا يجوز ولا
يجوز بالعصفر (قلت) فالعود والصندل وما أشبههما أيجوز وهو مما تنبت الأرض
أن أتكاري به الأرض (قال) لا أرى بأسا بالعود والصندل وما أشبههما (قلت)
وكذلك أن أكريت الأرض بالحطب وبالجذوع بالخشب (قال) لا أرى بهذا بأسا

(1) (بماذيانات الأرض) بكسر الذال المعجمة وفتح الياء المثناة بعدها نون جمع ماذيان قال في النهاية
في حديث رافع بن خديج كنا نكرى الأرض بما على الماذيانات والسواقي قال هي جمع ما ذيان
وهو النهر الكبير قال وليست بعربية وهي سوادية وتكرر في الحديث مفردا وجمعا ا ه‍
545

(قلت) أتحفظ هذا الذي سألتك عنه من الطيب والخشب عن مالك (قال) أما
الخشب فهو قول مالك انه لا بأس به وأما ما سوى هذا فلم أسمعه من مالك ولكن
قد قال مالك ما قد أخبرتك أنه لا تكرى الأرض بشئ مما تنبت الأرض وان
كأن لا يؤكل (ابن وهب) عن مالك بن أنس والليث بن سعد وعبد الله بن
طريف أبي خزيمة أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثهم عن حنظلة بن قيس الدرقي
انه سأل رافع بن خديج عن كراء المزرع بالذهب والورق فقال لا بأس بكرائها
بالذهب والورق (ابن وهب) عن عبد الله بن عمر عن نافع ان ابن عمر كان يكرى
أرضه بالدنانير والدراهم (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن ابن المسيب وسالم
ابن عبد الله والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عمر وسائر
ولده وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب وربيعة أنهم كانوا لا يرون بكراء الأرض البيضاء
بالدنانير والدراهم بأسا (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن
الزبير أن الزبير بن العوام كان يكرى بياض أرضه (ابن وهب) عن مالك بن أس
قال بلغني أن عبد الرحمن بن عوف تكارى أرضا فلم تزل في يده حتى مات قال ابنه
فما كنت أرى إلا أنها لنا من طول ما مكثت في يديه حتى ذكرها لنا عند موته
(ابن وهب) عن أنس بن عياض وابن أبي الزناد عن هشام بن عروة أن عروة
كان يكرى أرضا له أربع سنين بثمانين دينارا إلا أن ابن أبي الزناد قال بذهب (ابن
وهب) وأخبرني عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن محمد بن كعب القرظي أن
عبد الرحمن بن عوف أعطى سعد بن أبي وقاص أرضا له زارعه إياها على النصف
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحب أن تأكل الربا ونهاه عنه (ابن وهب)
عن ابن لهيعة عن خالد بن زيد عن عطاء أنه قال في الرجل يعطى صاحبه الأرض البيضاء
على الربع أو النصف فقال لا تصلح. لابن وهب هذه الآثار كلها
546

(في اكتراء الأرض بالشجر)
(قلت) أرأيت أن تكاريت منك أرضا بشجر لي على أن لك الشجر بأصولها أيجوز
ذلك في قول مالك (قال) لا بأس بهذا عندي إذا لم يكن في الشجر يوم تكارى الأرض
ثمرة فإن كان فيها ثمرة لم يجز لان مالكا كره اشتراء الشجر وفيها ثمر بالطعام وإن كان
نقدا أو إلى أجل (قال) ولان مالكا كره استكراء الأرض بشئ من الطعام (قال
ابن القاسم) ولو اشترى أصل الأرض التي تكاراها بتلك الشجر وفيها ثمر لم يكن
به بأس كذلك قال لي مالك لأنه لو ابتاع أرضا بحنطة لم يكن بذلك بأس إذا تعجل
الحنطة (قال) وان أخر الحنطة إلى أجل فلا بأس به أيضا ولا بأس أن يشتري الرجل
من الرجل نخلا بثمر إلى أجل يستأخر فيه الاجل حتى يثمر فيه النخل وهو مثل شراء
الشاة التي لا لبن فيها باللبن إلى أجل لان اللبن لا يكون فيها بعد ذلك (قال) ولو أن
رجلا باع كتانا بثوب كتان إلى أجل يمكن أن يكون من الكتان ثوب لما كان فيه
خير (قال مالك) وهو من المزابنة ولو باع ثوب كتان بكتان إلى أجل لم يكن به بأس
لان الثوب كتان لا يكون منه الكتان والكتان يكون منه الثوب ولو باع كتانا بثوب
إلى أجل لا يمكن أن يكون من ذلك الكتان ثوب إلى ذلك الاجل لقربه فلا بأس
به ومن ذلك الشعير بالقصيل إلى أجل فلا خير فيه لأنه يخرج القصيل من الشعير إلا أن
يكون إلى أجل لا يبلغ إليه القصيل فلا بأس به (قال) والقصيل بالشعير إلى أجل
لا بأس به بعد الاجل أو قرب
(في اكتراء الأرض بالأرض)
(قلت) أرأيت أن تكاريت أرضا بأرض أخرى أعطيته أرضى وأعطاني أرضه
(قال) لا بأس بذلك (قلت) تحفظه عن مالك (قال) لا أقوم على حفظه الساعة
ولا أرى بأسا وقد سألت مالكا عن الرجل يكرى داره بدار فقال لا بأس بذلك
(قلت) وكذلك أن أكراني أرضه لأزرعها العام بأرض لي يزرعها هو العام (قال)
547

لا أرى بذلك بأسا ولم أسمعه من مالك ولكنه رأيي (قلت) أرأيت أن استأجرت
أرضك هذه أزرعها العام لنفسي بزراعتك أرضى هذه الأخرى لنفسك قابلا أيجوز
ذلك في قول مالك أم لا (قال) ذلك جائز إذا كانت الأرضون مأمونة لان النقد
لا يصلح الا في الأرضين المأمونة ولا قبض الأرض نقدا بمنزلة الذهب وكذلك
الذي يبيع الغائبة بسلعة حاضرة ولا يجوز أن ينقد الحاضرة وان كانت عرضا
بمنزلة الذهب والورق وكذلك يقول غير واحد من العلماء
(في اكتراء الأرض بدراهم إلى أجل)
(قلت) أرأيت أن تكاريت أرضك هذه السنة أزرعها بألف درهم أدفعها إليك
إلى عشر سنين على أن أقبض الأرض منك قابلا فأزرعها قابلا أيجوز هذا في قول
مالك (قال) نعم وقد بينا هذا ومثله من الكراء (قال) وقال مالك وكذلك العروض
والحيوان وغيرهما والثمان تكون ببلد فيشتريها من صاحبها على أن يأخذها بذلك البلد
والثمن إلى أجل معلوم أبعد من ذلك (قال مالك) فلا بأس بذلك وليس هذا من وجه
الدين بالدين
(في الرجل يكرى أرضه بالدراهم إلى أجل)
(فإذا حل الاجل أخذ مكانها دنانير)
(قلت) أرأيت أن أكريت أرضا بدراهم إلى أجل فلما حل الاجل أخذت منه
مكان الدراهم دنانير يدا بيد (قال) لا بأس بذلك عند مالك
(في الرجل يكرى أرضه بدراهم إلى أجل فإذا حل الاجل)
(أخذ مكانها طعاما أو أداما)
(قلت) أرأيت أن أكريت أرضى بدراهم أو دنانير إلى أجل فلما حل الاجل
أخذت مكانها طعاما أو أداما أيجوز ذلك في قول مالك (قال) لا يجوز ذلك عند
مالك وكل شئ كأن لا يجوز لك أن تكرى به أرضك فلا يجوز لك أن تصرف فيه
548

كراء أرضك وما كان يجوز ذلك أن تكرى به أرضك فلا بأس أن تصرف فيه كراء أرضك
(في الرجل يكرى أرضه بدراهم ثم يشترط)
(مكانها دنانير إلى أجل)
(قلت) أرأيت أن آجرت أرضى بدراهم على أن آخذ بها دنانير إلى أجل بكل
عشرين درهما دينارا أيجوز هذا الكراء في قول مالك (قال) نعم هذا جائز عند مالك إذا
سمى عدة الدراهم والدنانير فوقعت الصفقة بها (قلت) فان وقعت الصفقة بالدراهم
ثم اشترط الدنانير بعد وقوع الصفقة (قال) الكراء جائز بالدراهم واشتراطه الدنانير
بالدراهم باطل إلا أن يأخذ بالدراهم دنانير يدا بيد إذا حل الاجل (قلت) ولو
كانت الدراهم التي وقع بها الكراء إلى أجل فأخذ بها دنانير معجلة وإنما وقعت
صفقة الكراء بالدراهم أيجوز هذا (قال) لا يجوز هذا (قلت) وهذا كله قول مالك
(قال) نعم (قلت) أرأيت أن وقعت الصفقة بدراهم إلى أجل على أن يعجل له بكل
عشرين درهما دينارا أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم (قلت) وكل صفقة
وقعت في قول مالك وكان في لفظهما ما يفسد الصفقة وفعلهما حلال فإنك تجيز الصفقة
ولا تلتفت إلى لفظهما (قال) نعم كذلك قال لي مالك
(في الرجل يكرى أرضه بدراهم وخمر صفقة واحدة)
(قلت) أرأيت أن أكريت أرضى بدراهم وخمر صفقة واحدة أتجوز حصة
الدراهم أم لا (قال) إذا بطل بعض الصفقة ها هنا بطلت كلها (قلت) وهذا قول
مالك (قال) هو قوله (قلت) وكل صفقة وقعت بحلال وحرام بطلت الصفقة
كلها في قول مالك (قال) أما في مسألتك التي سألت عنها فان الصفقة كلها تبطل
عند مالك وأما لو أن رجلا باع عبدا بمائة دينار على أن يقرضه المشترى مائة دينار
أخرى فان هذه الصفقة تبطل جميعها إلا أن يرضى بائع العبد أن يدع السلف ولا
يأخذه فان أبطل سلفه ورضي أن يأخذ المائة في ثمن عبده ويترك القرض الذي
549

اشترط جاز البيع (قلت) فان قال الذي أكري أرضه بخمر ودراهم أنا أترك
الخمر وآخذ الدراهم (قال) لا يجوز هذا (قال سحنون) ألا ترى أنه لو اكترى
الأرض بخمر أن ذلك لا يجوز فكذلك إذا اكترى بخمر ودراهم صارت الخمر
مشاعة في جميع الصفقة
(في اكتراء الأرض بصوف على ظهور الغنم)
(قلت) أرأيت أن آجرت أرضى بصوف على ظهور الغنم أيجوز هذا في قول مالك
(قال) هو جائز عند مالك إذا كان يأخذ في جزازها (قلت) فإن كان اشتراط أن
يأخذ في جزازها إلى خمسة أيام أو عشرة أيام (قال) هذا جائز لان هذا قريب
(قلت) وهذا قول مالك (قال) قال لي مالك شراء الصوف على ظهور الغنم إلى
خمسة أيام أو إلى عشرة هذا أجل قريب فلا أرى به بأسا
(في الرجل يكري أرضه بدراهم إلى أجل فإذا)
(حل الاجل فسخها في عرض بعينه إلى أجل)
(قلت) أرأيت أن أكريت أرضى هذه بدراهم إلى أجل فلما حل الاجل أخذت
منه ثيابا بعينها أقبضها إلى ثلاثة أيام أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا يجوز هذا عند
مالك إلا أن يقبض الثياب قبل أن يفترقا لان هذا من وجه الدين بالدين (قلت)
فلم وإنما هذا شئ بعينه وإنما الدين بالدين ما كان في ذمة الرجل (قال) هو وإن لم يكن
في ذمته فهو يحمل محمل الدين بالدين (قال سحنون) وكأن البائع وضع له من ثمن
الثياب على أن يؤخره بما حل عليه من الدين فصار كأنه سلف جر منفعة فصار ما أخر
عنه يأخذ به سلعة بعينها إلى أجل
(في الرجل يكرى أرضه بثياب موصوفة إلى غير أجل)
(قلت) أرأيت أن أكريته أرضى بثياب. موصوفة ولم أضرب للثياب أجلا
أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) الكراء عند مالك بيع من البيوع فلا يجوز
550

هذا الذي ذكرت حتى يضرب للثياب أجلا لان الثياب إذا اشتراها الرجل
موصوفة ليست بأعيانها لم يصلح إلا أن يضرب لها أجلا عند مالك
(في الرحل يكترى الأرض أو الرجل يشتري السلعة ويشترط الخيار)
(قلت) أرأيت كل بيع أو كراء كان المشترى فيه بالخيار أو البائع أو كان الخيار لهما جميعا
ولم يضربا للخيار أجلا أتكون هذه صفقة فاسدة (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
وأرى البيع جائزا والكراء جائزا ولكن يرفع هذا إلى السلطان فيوقف الذي كان له
الخيار فاما أن يأخذ واما أن يترك إذا كان قد مضى للبيع قدر ما يختبر السلعة التي اشتراها
إليه وإن كان لم يختبر ضرب له السلطان أجلا بقدر ما يرى (قلت) أرأيت أن
اكتريت أرضا أو اشتريت سلعة على أنى بالخيار والبائع أيضا معي بالخيار نحن جميعا
بالخيار أيجوز هذا الشراء أو الكراء في قول مالك (قال) نعم (قلت) فان قال أحدهما
أنا أيجيز وقال الآخر أنا أرد (فقال) القول قول من رد (قال) وهذا قول مالك
(في الرجل يكترى الأرض ان زرعها حنطة فكراؤها مائة درهم)
(وان زرعها شعيرا فكراؤها خمسون درهما)
(قلت) أرأيت أن استأجرت من رجل أرضه هذه السنة ان زرعتها حنطة فكراؤها
مائة درهم وان زرعتها شعيرا فكراؤها خمسون درهما (قال) لا خير في هذه الإجارة
لان الإجارة وقعت بما لا يعلم ما هي واحد منهما لا المتكارى ولا رب الأرض (قال
سحنون) وهذا من وجه بيعتين في بيعة
(في الرجل يكترى الأرض بالشيئين المختلفين أيهما شاء المكرى)
(أخذ وأيهما شاء المتكارى أعطى)
(قلت) أرأيت أن استأجرت دارك هذه السنة بعشرة أرادب حنطة أو بعشرين
أردب شعير على أن تأخذ أيهما شئت أو على أن أعطيك أيهما شئت أنا إن شئت
551

الحنطة وإن شئت الشعير (قال) لا يجوز هذا (قلت) وان كانت الحنطة أو الشعير
حاضرة بعينها أو لم تكن بعينها فذلك سواء ولا يجوز (قال) نعم ذلك سواء لا يجوز
(قلت) أرأيت أن استأجرت أرضا بهذا الثوب أو بهذه الشاة بخيار أحدهما أيجوز
هذا في قول مالك (قال) لا يجوز هذا عند مالك من وجهين ن وجه أنه غرر ومن
وجه أنه بيعتان في بيعة (قال) ولقد سألت مالكا عن الشاة يشتريها الرجل بهذه
السلعة أو بهذه الأخرى يختار أيتهما شاء والسلعتان مما يجوز أن تسلف واحدة منهما
في الأخرى (قال مالك) لا يجوز هذا إذا كان ذلك يلزم المشترى أن يأخذ بأحد الثمنين
أو يلزم البائع أن يبيع بأحد الثمنين فأما إن كان ان شاء البائع باع وان شاء ترك وان شاء
المشترى أخذ وان شاء ترك فلا بأس بذلك
(في الرجل يكرى أرضه من رجل يزرعها فما أخرج الله عز وجل)
(منها فبينهما نصفين)
(قلت) أرأيت أن أكريت أرضا لي من رجل يزرعها قصيلا أو قضبا أو قمحا أو
شعيرا أو بقلا أو قطنية فما أخرج الله تعالى منها من شئ فذلك بيني وبينة نصفين
أيجوز هذا أم لا (قال) قال مالك ان ذلك لا يجوز (قلت) فان قال فما أخرج الله
تعالى منها من شئ فهو بيني وبينك نصفين وعلى أن الأرض بيني وبينك نصفين (قال)
قال مالك ذلك غير جائز (قلت) فان قال له اغرسها نخلا أو شجرا فإذا بلغت النخل
كذا وكذا سعفه أو الشجر كذا وكذا فالأرض والشجر بيني وبينك نصفين (قال)
قال مالك ذلك جائز (قلت) فان قال الشجر بيني وبينك نصفين ولم يقل الأرض
بيني وبينك نصفين أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) إن كان شرط أن له موضعها
من الأرض فذلك جائز وإن لم يشترط أن له موضع أصلها من الأرض وشرط له ترك
النخل في أرضه حتى يبلى فلا أرى ذلك جائزا ولم أسمعه من مالك
552

(في الرجل يكرى أرضه من رجل على أن يزرعها بحنطة من عنده)
(على أن له طائفة أخرى من أرضه)
(قلت) أرأيت أن دفعت إلى رجل أرضا إلى يزرعها إلى بحنطة من عنده على أن له هذه
الطائفة الأخرى من أرضى هذه يزرعها أيجوز هذا في قول مالك (قال) قال مالك
لا خير في هذا لان هذا أكرى أرضه بما تنبت الأرض فلا خير في ذلك (قلت) فان
قال له اغرس لي أرضى هذه نخلا أو شجرا بهذه الطائفة الأخرى من أرضى أيجوز
هذا في قول مالك (قال) هذا جائز عند مالك (قلت) لم أجاز مالك هذا النخل والشجر
مما تنبت الأرض (قال) ليس هذا طعاما وإنما كره مالك أن تكرى الأرض بشئ
مما ينبت من الطعام أو بشئ مما ينبت من غير الطعام أو بشئ مما لا تنبته من الطعام
والأصول عندي بمنزلة الخشب ولا أرى به بأسا بأن يكرى بها (قلت) أرأيت أن
دفعت إلى رجل أرضى بزرعها بحب من عندي على أن طائفة أخرى من أرضى
ليس مما يزرع لي (قال) قال مالك هذا جائز
(في اكتراء ثلث الأرض أو ربعها أو اكتراء الأرض بالأذرع)
(قلت) أرأيت أن استأجرت ثلث أرض أزرعها أو ربعها أو نصفها أيجوز هذا (قال)
نعم (قلت) سمعته من مالك (قال) لا ولكن الكراء بيع من البيوع فلا بأس بأن
يكرى ربعها أو خمسها (قال) ولقد بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال في رجل
أكرى ربع دار أو خمس انه لا بأس بذلك (قلت) أيجوز لي أن أستأجر
الأرض بالأذرع (قال) ان كانت الأرض مستوية فلا بأس بذلك. فان قال له أكريك
مائة ذراع من أرضى من موضع كذا وكذا فلا بأس بذلك وان كانت الأرض مختلفة
ولم يسم له موضعا معلوما فلا خير في ذلك (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
(وقال غيره) وان كانت الأرض مستوية فلا يجوز حتى يسمى له الموضع
553

(في الرجل يكترى الأرض البيضاء للزرع وفيها نخل أو شجر)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أرضا بيضاء للزرع وفيها نبذ من نخل أو شجر لمن تكون
ثمرة تلك الشجر الرب الأرض أم للمستأجر في قول مالك (قال) الثمرة لرب الشجر
إلا أن يكون الشجر الثلث فأدنى فيشترطه المتكاري فيكون ذلك له فإن كان أكثر
من الثلث فاشترطه لم يجز ذلك وكان الكراء فاسدا (قلت) فإن كانت الثمرة أكثر من
الثلث فاشترطها وزرع على هذا (قال) الثمرة عند مالك لصاحبها ويقوم على المتكارى
كراء الأرض بغير ثمرة ويعطى المتكارى أجر ما سقى به الثمرة إن كان له عمل أو
سقى (قلت) أليس إنما عليه قيمة كراء الأرض التي زرع (قال) نعم (قلت)
أرأيت أن اكتريت أرضا وفيها زرع لم يبد صلاحه أو بقل لم يبد صلاحه وذلك
شئ قليل فاشترطته لنفسي حين أكريت الأرض أيجوز هذا في قول مالك (قال)
إن كان الشئ التافه اليسير جاز ذلك ولست أبلغ به الثلث لان مالكا قال لي في الرجل
يتكارى الأرض أو الدار وفيها النخلات أو السدرة أو الدالية وفيها ثمر لم يبد صلاحه
ويشترطه لنفسه أو لا ثمر فيها فاشترط ما يخرج من ثمرها لنفسه (قال) قال مالك إن كان
الشئ اليسير لم أر به بأسا (قال) وقال مالك لا يجوز في هذه المسألة أن يشترط
صاحب الأرض ولا صاحب الكراء نصف ما في شجره أو نصف ما يخرج كما يجوز
للمساقي في النخل أن يشترط نصف ما يزرع في البياض إذا كان البياض تبعا ولا يجوز
في هذا أن يشترط نصف الثمرة أو نصف ما يخرج منها (قال مالك) لان ذلك عندي
من بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه
(ما جاء في الرجل يكرى أرضه ويشترط على المكتري)
(تكريبها وتزبيلها ويشترط عليه حرثها)
(قلت) أرأيت أن أكريتك أرضى هذه السنة بعشرين دينارا وشرطت عليك
554

أن لا تزرعها حتى تكربها (1) ثلاث مرات فتزرعها في الكراب الرابع وفي هذا منفعة
لرب الأرض لان أرضه تصلح على هذا (قال) نعم هذا جائز (قلت) أرأيت أن
أكريته أرضى وشرطت عليه أن يزبلها (2) (قال) إذا كان الذي يزبلها به شيئا معروفا
فلا بأس بذلك لان مالكا قال لا بأس بالكراء والبيع أن يجمعا في صفقة واحدة
(قلت) أرأيت أن استأجرت منك أرضا بكذا وكذا على أن على رب الأرض
حرثها أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم يجوز
(في اكتراء الأرض الغائبة والنقد في ذلك)
(قلت) أرأيت أن اكتريت منك دارا ولم أرها أو اكتريت منك أرضا ولم أرها
أيجوز هذا الكراء في قول مالك أم لا (قال) إذا وصفاها فذلك جائز لان مالكا قال
الكراء بيع من البيوع وقال في البيوع لا يجوز بيع السلعة الغائبة إلا أن يكون المشترى
قد رآها أو اشتراها على صفة فكذلك الأرض والدور في الكراء إنما يجوز الكراء إذا
رآها أو وصفت له (قال) وهذا قول مالك في الدور والأرضين (قلت) أرأيت
ان رأيت دارا أو أرضا منذ عشر سنين فاكتريتها على تلك الرؤية أيجوز ذلك أم لا
في قول مالك (قال) ذلك جائز عند مالك إذا كان بين اكترائه ونظره إليها الامر
القريب (قال) وقال لي مالك بن أنس ولو اشترى رجل دارا في بلد غائبة عنه إذا
وصفت له فذلك جائز والنقد في الدور والأرضين لا بأس به لأنه مأمون عند مالك
(في الرجل يكري مراعى أرضه)
(قلت) أرأيت الرجل يكري مراعى أرضه (قال) قال مالك لا بأس أن يبيع الرجل
مراعى أرضه سنة واحدة ولا يبيعها سنتين ولا ثلاثا ولا يبيع مراعى أرضه حتى
تطيب مراعيها ويبلغ الخصب أن يرعي ولا يبيعه قبل أن ينبت خصبها (أشهب)

(1) (تكربها) يقال كرب الأرض من باب قتل يكربها كربا وكرابا قليها للحرث وآثارها للزرع ا ه‍
(2) (يزبلها) قال في المصباح زبل الرجل الأرض زبولا من باب قعد وزبلا أيضا أصلحها
بالزبل ونحو حتى تجود للزراعة ا ه‍
555

نخالفه في هذا الأصل
(في الرجل يكرى أرض امرأته والوصي يكري أرض يتيمه)
(قلت) أرأيت الرجل يؤاجر أرض امرأته ودورها بغير أمرها أيجوز ذلك أم لا
(قال) لا يجوز (قلت) سمعته من مالك (قال) لا ولكنه رأيي (قلت) أرأيت
لو أن يتيما في حجري تكاريت أرضا له لنفسي لأزرعها أيجوز هذا في قول مالك
(قال) قال مالك لا أحب للوصي أن يشتري من مال اليتيم شيئا لنفسه فهذا مثل
ذلك (قلت) أرأيت أن نزل مثل هذا واكترى الوصي في مسألتي (قال) قال
مالك إذا اشترى الوصي من مال اليتيم شيئا (قال) فأرى أن يعاد في السوق فان
زادوه باعه لنفسه والا لزم الوصي بالذي اشتري فكذلك الكراء عندي إلا أن
يكون قد فاتت أيام الكراء فتسئل أهل المعرفة فإن كان فيها فضل غرمه الوصي
وإن لم يكن فيها فضل كان عليه الكراء الذي اكتري به
(في الرجل يكترى الأرض فيزرعها ويحصد زرعه)
(فينتثر من زرعه في أرض رجل فتنبت قابلا)
(قلت) أرأيت أن زرعت أرض رجل شعيرا فحصدت منها شعيرا فانتثر منه حب
كثير فنبت قابلا في أرضه لمن يكون ذلك (قال) أراه لصاحب الأرض لا يكون
للزارع شئ لأني سمعت مالكا وسئل عن رجل زرع أرضا فحمل السيل زرعه إلى
أرض رجل آخر فنبت في أرضه قال مالك لا شئ للزارع وأرى الزرع للذي جره
السيل إليه
(في الرجل يشترى الزرع لم يبد صلاحه على أن يحصده)
(ثم يكترى الأرض بعد ذلك فيريد أن يتركه)
(قلت) أرأيت أن اشتريت زرعا قبل أن يبدو صلاحه فاستأذنت رب الأرض
556

في أن يترك الزرع في أرضه فأذن لي بذلك أو اكتريت الأرض منه أيصلح لي أن
أقر الزرع فيها حتى يبلغ في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز (قلت) أرأيت
لو أنى اشتريت زرعا لم يبد صلاحه على أن أحصده ثم اشتريت الأرض أيجوز لي
أن أدع الزرع حتى يبلغ (قال) ذلك جائز عندي ولم أسمعه من مالك
(في الرجل يكترى الأرض بالعبد أو بالثوب أو بالعرض)
(بعينه فيزرع الأرض ثم يستحق العرض أو العبد أو الثوب)
(قلت) أرأيت أن اكتريت أرضا بعبد أو بثوب فزرعت الأرض واستحق العبد
أو الثوب ما يكون على في قول مالك (قال) عليك قيمة كراء الأرض (قلت)
أرأيت أن اكتريتها بحديد بعينه أو برصاص بعينه أو بنحاس بعيه فاستحق ذلك الحديد
أو النحاس أو الرصاص وقد عرفنا قدره ووزنه أيكون على مثل وزنه أم يكون على
مثل كراء الأرض (قال) إن كان استحقاقه قبل أن يزرع الأرض أو يحرثها أو يكون
له فيها عمل انفسخ الكراء وإن كان بعد ما أحدث فيها عملا أو زرعا كان عليه كراء مثلها
(في اكتراء الأرض من الذمي)
(قلت) أرأيت النصراني أيجوز لي أن أكتري منه أرضه (قال) قال مالك أكره
كراء أرض الجزية (قال) وأما إذا أكرى المسلم أرضه من ذمي فلا بأس بذلك إذا
لم يكن الذمي يغرس فيها شجرا يعصر منها خمرا
(في الرجل يكري أرضه من رجل سنة ثم يكريها)
(من رجل آخر سنة أخرى بعد السنة الأولى)
(قلت) أرأيت أن أكريت من رجل أرضى هذه السنة ثم أكريتها من رجل آخر
سنة أخرى بعد الأولى (قال) ذلك جائز في قول مالك وقد وصفنا مثل هذا
557

(في الرجل يكترى أرضا من أرض الخراج من رجل)
(فيجور عليه السلطان)
(قلت) أرأيت الأرض إذا اكتريتها من رجل فأتاني السلطان فأخذ مني الخراج
وجار على أيكون لي أن أرجع بذلك على الذي أكراني الأرض في قول مالك (قال)
إذا كان رب الأرض لم يؤد الخراج إلى السلطان ولم يأخذ منه السلطان شيئا فأدرى
أن يرجع عليه بخراج الأرض ولا يرجع عليه بما جار عليه السلطان وإن كان السلطان
قد أخذ منه فلا أرى أن يرجع عليه بشئ وإنما يرجع عليه بالحق من ذلك ولا يتلفت
إلى ما زاد السلطان على أصل الخراج من ذلك
(في متكارى الأرض يفلس)
(قلت) أرأيت أن أكريت رجلا أرضا فزرعها ولم أنتقد الكراء ففلس المتكارى
من أولى بالزرع (قال) قال مالك رب الأرض أولى بالزرع من الغرماء حتى يستوفى
كراءه فان بقي شئ كان للغرماء (قلت) ولم قال مالك ذلك (قال) لان الزرع في
أرضه وهو أولى به (قال) وكذلك الرجل يكري داره سنة فيفلس المكترى ان
الذي أكرى أولى بسكنى الدار وإن كان لم يسكن فهو أولى بجميع السكنى وكذلك
قال مالك في الإبل يتكاراها الرجل يحمل عليها بزه إلى بلد من البلدان فيفلس البزاز
أو الجمال أيهما فلس ان فلس الجمال فالبزاز أولى بالإبل حتى يستوفى ركوبه إلا أن
يضمن الغرماء له حملانه ويكتروا له من أملياء ثم يأخذوا الإبل فيبيعوها في دينهم
وان أفلس البزاز فالجمال أولى بالبز إذا كان في يديه حتى يستوفى كراءه (قال
سحنون) معناه إذا كان مضمونا وقد قال غيره لا يجوز أن يضمن الغرماء حملانه
(قلت) أرأيت أن كان أكراه إلى مكة ففلس البزاز ببعض المناهل كيف يصنع
الجمال (قال) الجمال أحق بالبز حتى يستوفى كراءه إلى مكة ويباع البز ويقال للغرماء
أكروا الإبل إلى مكة ان أحببتم في مثل ما كان لصاحبكم وهذا قول مالك (وقال
558

مالك) ولو تكارى من رجل أرضه ثم مات الزارع كان صاحب الأرض أسوة
الغرماء وان أفلس الزارع فصاحب الأرض أولى بالزرع وان تكارى إبلا فحمل عليها
متاعا أو دفع إلى صائغ متاعا يصبغه أو يخطيه أو يغسله كان المكرى أو الصباغ أولى
بما في أيديهم في الفلس والموت من الغرماء
(في الإقالة في كراء الأرض بزيادة دراهم)
(قلت) أرأيت لو أنى اكتريت أرضا من رجل فندمت وطلبت إليه أن يقيلني
فأبي فزدته دارهم أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم لا بأس بذلك عند مالك
والله سبحانه وتعالى أعلم
(تم كتاب كراء الدور والأرضين من المدونة والحمد لله وحده)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(وبه يتم الجزء الحادي عشر ويليه كتاب المساقاة)
(وهو أول الجزء الثاني عشر)
559