الكتاب: المدونة الكبرى
المؤلف: الإمام مالك
الجزء: ٣
الوفاة: ١٧٩
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٢٣
المطبعة: مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن إمام دار الهجرة وأوحد الأئمة الأعلام أبي عبد الله الإمام مالك بن أنس الأصبحي

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي
عن الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
الجزء السادس
(أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل)
(حقوق الطبع محفوظة للملتزم)
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
تنبيه
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة اه‍
طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 هجرية
1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى على سيدنا محمد النبي الأمي
(وعلى آله وصحبه أجمعين)
[كتاب الايمان بالطلاق وطلاق المريض]
[الايمان بالطلاق]
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت ان طلق رجل امرأته فقال له رجل ما صنعت
فقال هي طالق هل ينوى ان قال إنما أردت أن أخبره أنها طالق بالتطليقة التي كنت
طلقتها (قال) نعم ينوى ويكون القول قوله (قلت) أرأيت ان قال رجل لامرأته
ان دخلت الدار فأنت طالق أو ان أكلت أو شربت أو لبست أو ركبت أو قمت
أو قعدت فأنت طالق ونحو هذه الأشياء أتكون هذه أيمانا كلها قال نعم (قلت)
أرأيت ان قال لها إذا حضت أو ان حضت فأنت طالق (قال) ليس هذا بيمين لان
هذا يلزم الطلاق الزوج مكانه حين تكلم بما تكلم به من ذلك كذلك قال مالك
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته أنت طالق إذا شئت (قال) قال مالك
ان المشيئة لها وان قامت من مجلسها ذلك حتى توقف فتقضى أو تترك فان هي
تركته فجامعها قبل أن توقف أو تقضى فلا شئ لها وقد بطل ما كان في يديها من
ذلك (قال ابن القاسم) وإنما قلت لك في الرجل الذي يقول لامرأته أنت طالق
إن شئت ان ذلك بيدها حتى توقف وان تفرقا من مجلسهما لان مالكا قد ترك قوله
الأول في التمليك ورجع إلى أن قال ذلك بيدها حتى توقف فهو أشكل من التمليك
لان مالكا قد كأن يقول مرة إذا قال الرجل لغلامه أنت حر إذا قدم أبى أو أنت حر
2

ان قدم أبى كأن يقول هما مفترقان قوله إذا قدم أبى أشد وأقوى عندي من قوله إن
قدم أبى ثم رجع فقال هما سواء إذا وان فعلى هذا رأيت قوله إذا شئت فأنت طالق
وإن شئت فأنت طالق على قوله إذا قدم أبى فأنت حر وان قدم أبى فأنت حر (قلت)
أرأيت ان قبلته أيكون هذا تركا لما كان جعل لها من ذلك (قال) نعم وهذا رأيي
ولم أسمعه من مالك (قلت) وكذلك أن قال أمرك بيدك فهو مثل هذا (قال)
نعم وإنما الذي سمعت من مالك في أمرك بيدك (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال
لامرأته إذا دخلت الدار فأنت طالق ثم قال لها بعد ذلك إذا دخلت الدار فأنت
طالق والدار التي حلف عليها هي دار واحدة فدخلت الدار كم يقع عليها (قال) يقع
عليها تطليقتان إلا أن يكون نوى بقوله في المرة الثانية إذا دخلت الدار فأنت طالق
يريد به الكلام الأول ولم يرد به تطليقة ثانية لان مالكا قال لو أن رجلا قال لامرأته
ان كلمت فلانا فأنت طالق ثم قال بعد ذلك أن كلمت فلانا فأنت طالق انه إن كان
أراد بالكلام الثاني اليمين الأولى فكلمه فإنما يلزمه تطليقة وإن كان لم يرد بالكلام
الثاني اليمين الأولى فكلمه فهما تطليقتان ولا يشبه هذا عند مالك الايمان بالله الذي
يقول والله لا أفعل كذا وكذا ثم يقول بعد ذلك والله لا أفعل كذا وكذا لذلك
الشئ بعينه انه إنما يجب عليه كفارة واحدة ولا يشبه هذا الطلاق في قول مالك
(قال ابن القاسم) وفرق ما بين ذلك لو أن رجلا قال والله والله والله لا أكلم
فلانا فكلمه انه إنما يجب عليه كفارة واحدة وإذا قال أنت طالق أنت طالق أنت
طالق ان كلمت فلانا انها طالق ثلاثا ان كلمه إلا أن يكون نوى بقوله أنت طالق أنت
طالق أنت طالق واحدة وإنما أراد بالبقية أن يسمعها فهذا فرق ما بينهما (قلت)
أرأيت ان قال رجل لامرأته أنت طالق ان كنت تحبيني أو قال أنت طالق ان كنت
تبغضيني (قال) قال مالك وسأله رجل عن امرأة وقع بينها وبين زوجها كلام فقالت
فارقني فقال الزوج ان كنت تحبى فراقي فأنت طالق ثلاثا فقالت المرأة فانى أحب
فراقك ثم قالت بعد ذلك ما كنت الا لاغية وما أحب فراقك (قال) قال مالك أرى
3

أن يفارقها ويعتزلها ولا يقيم عليها يصدقها مرة ويكذبها مرة هذا لا يكون ولا يقيم
عليها (قلت) ليس هذه مسألتي إنما مسألتي أنه قال إن كنت تبغضيني فأنت طالق
فقالت لا أبغضك وأنا أحبك (قال ابن القاسم) انه لا يجبر على فراقها ويؤمر فيما
بينه وبين الله أن يفارقها لأنه لا يدرى أصدقته أم لا فأحسن ذلك أن لا يقيم على
امرأة لا يدرى كيف هي تحته أحلال أم حرام وهو قول مالك (قلت) أرأيت
الرجلين يقول أحدهما لصاحبه امرأته طالق إن لم تكن قلت لي كذا وكذا ويقول
الآخر امرأتي طالق ان كنت قلت لك كذا وكذا (قال) قال مالك يدينان جميعا
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته أنت طالق إذا حاضت فلانة لامرأة له
أخرى أو أجنبية إذا كانت ممن تحيض (قال) أرى أنها طالق ساعة تكلم بذلك لان
هذا أجل من الآجال في قول مالك (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته إذا
حضت فأنت طالق فأوقعت عليه الطلاق في قول مالك مكانه فاعتدت المرأة فلم تر
حيضا في عدتها فاعتدت اثنى عشر شهرا ثم تزوجها بعد انقضاء عدتها زوجها الحالف
فحاضت عنده أيقع عليها بهذه الحيضة طلاق أم لا في قول مالك (قال) لا يقع عليها في
قول مالك بهذه الحيضة طلاق لان الطلاق الذي أوقعه مالك عليها حين حلف إنما هو
لهذه الحيضة وقد أحنثته في يمينه بهذه الحيضة ولا تحنثه بها مرة أخرى (قلت) أرأيت
ان قال لها أنت طالق إن لم أطلقك (قال) يقع الطلاق مكانه حين تكلم بذلك وقد قال
لا تطلق إلا أن ترفعه إلى السلطان وتوقفه (قلت) أرأيت ان قال لامرأته ان أكلت
هذا الرغيف فأنت طالق فطلقها واحدة وانقضت عدتها فتزوجت زوجا غيره فأكلت
نصف الرغيف في ملك الزوج الثاني ثم طلقها الزوج الثاني فانقضت عدتها فتزوجها
الزوج الأول الحالف فأكلت نصف الرغيف عنده أيقع عليها الطلاق في قول مالك
إذا أكلت من ذلك الرغيف الذي حلف عليه قليلا أو كثيرا (قال) نعم ما بقي من طلاق
ذلك الملك الذي حلف فيه شئ فإذا انقضى طلاق ذلك الملك الذي حلف فيه لم يقع
عليها ان أكلت الرغيف في ملك الحالف أو بعض الرغيف طلاق لأنه إنما كان حالفا
4

بطلاق ذلك الملك فإذا ذهب طلاقه فقد ذهب الذي كان به حالفا فصار بمنزلة من لا
يمين عليه (قال) وسئل مالك عن رجل كان بينه وبين رجل شر وكأن لاحد الرجلين أخ
فلقى أخوه الذي نازع أخاه فقال قد بلغني الذي كان بينك وبين أخي أمس وامرأته طالق
البتة إن لم يكن لو كنت حاضرا لفقأت عينيك (قال مالك) أراه حانثا لأنه حلف على
شئ لا يبر فيه ولا في مثله (قلت) أرأيت ان قال أنت طالق إذا قدم فلان أو ان
قدم فلان (قال) لا تطلق عليه حتى يقدم فلان فيما أخبرتك من قول مالك (قلت)
لم لا تطلقون عليه وأنتم لا تدرون لعل فلانا يقدم فيكون هذا قد طلق امرأته وقد
وطئها بعد الطلاق وأنتم تطلقون بالشك (قال) ليس هذا من الشك وليس هذا وقتا هو
آت على كل حال وإنما هو يطلق المرأة على الرجل الذي يشك في يمينه فلا يدرى أبر
فيها أم حنث وهذا لم يحنث بعد أنما يحنث بقدوم فلان وإنما مثل ذلك لو أن رجلا قال
امرأته طالق إن كان كلم فلان بن فلان ثم شك بعد ذلك فلا يدرى أكلمه أم لا فهذا
الذي تطلق عليه امرأته عند مالك لأنه لما شك في يمينه التي حلف بها فلا يدرى لعله
في يمينه حانث فلما وقع الشك طلقت عليه امرأته لان يمينه قد خرجت منه وهو
لا يتيقن أنه فيها بار فكل يمين لا يعلم صاحبها أنه فيها بار ويمينه بالطلاق فهو حانث
وهذا الآخر لا يشبه الذي قال أنت طالق ان قدم فلأن لأنه على بر وهو يتيقن أنه
لم يحنث بعد وإنما يكون حنثه بقدوم فلان ولم يطلق إلى أجل من الآجال (قلت)
أرأيت لو قال رجل لامرأته إذا حبلت فأنت طالق (قال) لا يمنع من وطئها فإذا
وطئها مرة واحدة فأرى أن الطلاق قد وقع عليها لأنها بعد وطئه أول مرة قد صارت
بمنزلة امرأة قال لها زوجها ان كنت حاملا فأنت طالق ولا يدرى أنها حامل أم لا
وقد قال مالك في مثل هذه انها طالق لأنه لا يدرى أحامل هي أم لا وكذلك قال مالك
في امرأة قال لها زوجها إن لم تكوني حاملا فأنت طالق ثلاثا انها تطلق مكانها لأنه
لا يدرى أحامل هي أم لا فأرى مسألتك على مثل هذا من قول مالك (قلت)
أرأيت ان قال لها أنت طالق بعد قدوم فلان بشهر (قال) إذا قدم فلان وقع الطلاق
5

عليها مكانه ولا ينتظر بها الاجل (قلت) أرأيت الرجل إذا قال لامرأته وهي غير حامل
إذا حملت فوضعت فأنت طالق (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأنا أرى إن كان وطئها
في ذلك الطهر أنها طالق مكانها ولا ينتظر بها أن تضع ولا ان تحمل (قال) وقال مالك
ولا تحبس ألف امرأة لامرأة واحدة يكون أمرها في الحمل غير أمرهن ولاني
سمعت مالكا يقول في الرجل يقول لامرأته إن لم يكن بك حمل فأنت طالق (قال)
قال مالك هي طالق حين تكلم ولا يستأنى بها النظر والذي يقول لامرأته إذا وضعت
فأنت طالق بمنزلتها ولا يستأنى بها لينظر أنها حامل أم لا لأنها لو هلكت قبل أن
يستبين أن بها حملا أوليس بها حمل لم ينبغ له أن يرثها وكذلك كانت حجة مالك في
الذي يقول لامرأته إن لم يكن بك حمل فأنت طالق فقال له ابن أبي حازم أو
غيره يا أبا عبد الله لم لا يستأنى بها حتى يعلم أحامل هي أم لا فقال له أرأيت لو استؤني
بها فماتت قبل أن يتبين أيرثها قالوا لا قال فكيف أوقف امرأة على زوج لو ماتت
لم يرثها فالذي سألت عنه عندي مثل هذا (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته
إذا مت فأنت طالق (قال مالك) لا تطلق عليه لأنه إنما طلقها بعد موته (قلت)
فان قال إذا مات فلان فأنت طالق (قال) قال مالك تطلق عليه حين تكلم بذلك
(قلت) أرأيت إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق كلما حضت حيضة (قال) قال مالك
في الذي يقول لامرأته إذا حضت حيضة فأنت طالق انها تطلق تلك الساعة فأرى
في مسألتك أنها طالق الساعة ثلاث تطليقات (قلت) أرأيت ان قال أنت طالق كلما
جاء يوم أو كلما جاء شهر أو كلما جاءت سنة (قال) أرى أنها طالق ثلاثا ساعة تكلم بذلك
لان مالكا قال من طلق امرأته إلى أجل هو آت فهي طالق حين تكلم به (قلت)
أرأيت ان طلقها عليه ثلاثا بهذا القول ثم تزوجها بعد زوج أيقع عليها من يمينه تلك
شئ أم لا (قال) لا شئ عليه من يمينه تلك عند مالك لان يمينه التي كانت بالطلاق
في ذلك الملك قد ذهب ذلك الملك فذهب طلاقه كله وإنما كان حالفا بطلاق ذلك
الملك الذي قد ذهب وذهب طلاقه (قلت) أرأيت ان قال لها أنت طالق قبل
6

موتك بشهر متى يقع الطلاق (قال) يقع الطلاق مكانه حين تكلم بذلك (قلت)
أرأيت رجلا قال لامرأته وهي حامل إذا وضعت فأنت طالق (قال) قال مالك أراها
طالقا حين تكلم به (قلت) أرأيت ان قال لامرأة أجنبية أنت طالق غدا ثم
تزوجها قبل غد أيقع عليها الطلاق أم لا (قال) لا يقع الطلاق عليها إلا أن يكون أراد بقوله
ذلك أن تزوجتها فهي طالق غدا فان أراد بقوله ذلك فتزوجها فهي طالق مكانها (وقال
ابن القاسم) قلت لمالك فرجل قال لامرأته ونزلت هذه المسألة بالمدينة وكان بين رجل
وامرأته منازعة فسألته الطلاق فقال إن لم يكن بك حمل فأنت طالق أفترى أن يستأنى
بها حتى يتبين انها حامل أم لا (قال) قال مالك بل أراها طالقا حين تكلم بذلك ولا
يستأنى بها (قال ابن القاسم) وأخبرني بعض جلساء مالك أنه قيل له لم طلقت عليه
حين تكلم قبل أن يعلم أنها حامل أم لا قال أرأيت لو استأنيت بها حتى أعلم انها
حامل فماتت أكان للزوج أن يرثها فقيل له لا فقال فكيف يترك رجل مع امرأة ان
ماتت لم يرثها (وأخبرني) محمد بن دينار أن مالكا سئل عن رجل قال لامرأته
وكانت تلد له الجواري فحملت فقال لها إن لم يكن في بطنك غلام فأنت طالق البتة
فإنك قد أكثرت من ولادة الجواري فقال أراها طالقا الساعة ولا ينتظر بها أن
تضع (قلت) لابن القاسم فان ولدت غلاما هل ترد إليه (قال) لا لان الطلاق
قد وقع وإنما ذلك عند مالك بمنزلة قوله إن لم تمطر السماء في شهر كذا وكذا في يوم
كذا وكذا فأنت طالق البتة (قال مالك) تطلق عليه الساعة ولا ينتظر به لان هذا
من الغيب فان مطر في ذلك اليوم الذي قال وسمى لم ترد إليه (قال مالك) ولا يضرب
له في ذلك أجل إلى ذلك اليوم لينظر أيكون فيه المطر أم لا (قال ابن القاسم)
وأخبرني بعض جلسائه أنه قيل لمالك ماذا تقول في الرجل يقول إن لم يقدم أبى إلى
يوم كذا وكذا فامرأتي طالق البتة (قال مالك) هذا لا يشبه المطر لان هذا يدعى أن
الخبر قد جاءه والكتاب بأن والده سيقدم وليس هذا كمن حلف على الغيب ولم
أسمعه من مالك ولكنه قد أخبرني به أوثق من أعرف من أصحابه الذين بالمدينة
7

(قلت) أرأيت ان قال لها أنت طالق لم أدخل هذه الدار وإن لم أعتق عبدي
فلانا أيقع الطلاق عليها ساعة تكلم بذلك (قال) لا يقع عليها في قول مالك الطلاق
حين تكلم بذلك ولكن يحال بينه وبين وطئها ويقال له افعل ما حلفت عليه فإن لم يفعل ورفعت أمرها إلى السلطان ضرب لها السلطان أجلا أربعة أشهر من يوم
يرفع ذلك إلى السلطان ولا ينظر إلى ما مضى من الشهور أو السنين من يوم حلف ما لم
ترفعه إلى السلطان وليس يضرب لها السلطان أجل الايلاء في قول مالك الا في
هذا الوجه وحده لان كل إيلاء وقع في غير هذا الوجه من غير أن يقول إن لم أفعل
كذا وكذا حلف بالله أن لا يطأها أو يمشي أو ينذر صياما أو عتاقة أو طلاق امرأة
له أخرى أو يعتق رقبة عبده أو حلف لغريم له أن لا يطأ امرأته حتى يقضيه (قال)
قال مالك فهذا كله وما أشبهه هو مول منها من يوم حلف وليس من يوم ترفعه إلى
السلطان ولا يحتاج في هذا إلى أن ترفعه إلى السلطان لان هذا إذا وطئ قبل أن
ترفعه إلى السلطان فلا إيلاء عليه وقد بر والوجه الأول هو وان وطئ فيه قبل أن
ترفعه إلى السلطان فان ذلك لا يسقط عنه اليمين التي عليه إذا كان لم يفعلها فهذا فرق
ما بينهما (قلت) وما حجتك حين قلت في الرجل الذي قال لامرأته إن لم أطلقك
فأنت طالق انها طالق ساعتئذ وقد قلت عن مالك في الذي يقول لامرأته إن لم
أدخل هذه الدار فأنت طالق انه يحال بينه وبينها ويضرب له أجل الايلاء من يوم
ترفعه إلى السلطان فلم لا تجعل الذي قال إن لم أطلقك فأنت طالق مثل هذا الذي قال
إن لم أدخل الدار فأنت طالق وما فرق ما بينهما (قال) لان الذي حلف على
دخول الدار ان دخل سقط عنه الطلاق ولان الذي حلف بالطلاق ليطلقن ليس
بره الا في أن يطلق في كل وجه يصرفه إليه فلا بد من أن يطلق عليه مكانه
حين تكلم بذلك (قلت) أرأيت ان قال إن كلمت فلانا فأنت طالق ثم قال إن
كلمت فلانا لآخر فأنت طالق فكلمهما جميعا كم يقع عليه من الطلاق أواحدة أم
اثنتان (قال) يقع عليها اثنتان ولا ينوى وإنما ينوى في قول مالك لو أنه قال إن كلمت
8

فلانا فأنت طالق ثم قال إن كلمت فلانا فأنت طالق لفلان ذلك بعينه ومسألتك
لا تشبه هذا (قلت) أرأيت جوابك هذا أهو قول مالك (قال) نعم هو قول مالك
(قلت) أرأيت لو أن رجلا نظر إلى امرأة فقال لها ان تزوجتك فأنت طالق ثم
قال كل امرأة أتزوجها من هذه القرية فهي طالق وتلك المرأة المحلوف عليها في
تلك القرية فتزوجها كم يقع عليها أواحدة أم اثنتان (قال) أرى أنها يقع عليها
تطليقتان ولا ينوى لأنه قال كل امرأة أتزوجها من هذه القرية فلم يقصد قصدها
بعينها فلذلك لا ينوى وإنما هي بمنزلة ان لو قال لامرأة ان تزوجتك فأنت طالق
ثم قال لها ولنساء معها ان تزوجتكن فأنتن طوالق فتزوجها بعد ذلك أنها تطلق عليه
تطليقتين (قلت) أرأيت ان قال الرجل إذا تزوجت فلانة فهي طالق طالق طالق
أو قال يا فلانة أنت طالق طالق طالق ان تزوجتك فهذا في قول مالك سواء ان قدم
قوله إن تزوجتك قبل الطلاق أو قدم الطلاق قبله (قال) نعم هذا سواء في قول
مالك والقول فيه ما قد وصفته لك من قوله أنت طالق أنت طالق أنت طالق أنه يدين
(قلت) أرأيت ان قال لها قبل أن يتزوجها أنت طالق أنت طالق أنت طالق يوم
أتزوجك فتزوجها (قال) انها طالق ثلاثا إلا أن يكون أراد بقوله أنت طالق المرتين
الأخيرتين التطليقة الأولى فتكون له نيته ولا تطلق عليه الا تطليقة واحدة فإن لم
تكن له نية فهي ثلاث (قلت) أرأيت ان قال لها أنت طالق وأنت طالق وأنت
طالق يوم أتزوجك فتزوجها (قال) سألت مالكا عن رجل قال لامرأته أنت
طالق وأنت طالق وأنت طالق فوقف عنها مالك وكأن الذي رأيته يريد بقوله أنه
لا ينويه في ذلك وانها ثلاث وهو رأيي (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعائشة وابن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن
أنهم قالوا إذا طلق الرجل البكر ثلاثا البتة قبل أن يدخل بها لم تحل له حتى تنكح
زوجا غيره وقاله أبو هريرة وابن عباس فقال الرجل فإنما كان طلاقي إياها واحدة
فقال ابن عباس انك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل ذكره مالك عن ابن
9

عباس (قال مالك) وقال أبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص طلاق البكر الواحدة
تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره (قال ربيعة) إذا قال لامرأته قبل أن
يدخل بها أنت طالق أنت طالق أنت طالق وكان كلاما نسقا متتابعا لم تحل له حتى
تنكح زوجا غيره (قلت) أرأيت ان قال لها أنت طالق وأنت طالق وأنت
طالق (قال) سألت مالكا عنها فقال فيها اشكال وأرى أنها طالق ثلاثا (قال)
فقلت لمالك فان قال لها أنت طالق ثم أنت طالق ثم أنت طالق (قال) هذه بينة
لا ينوى وهي ثلاث البتة وانا أرى أنه إذا قال أنت طالق وأنت طالق وأنت طالق
أنه لا ينوى ويكون ثلاث تطليقات (قلت) أرأيت ان قال لامرأته أنت طالق
ان كنت أحب طلاقك وهو يحب طلاقها بقلبه (قال) هي طالق (قلت) هذا
قول مالك (قال) هذا رأيي لان من حلف على شئ أنه لا يحبه وهو يحبه فإنما
ينظر إلى ما في قلبه (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته أنت طالق ثلاثا ان
دخلت هذه الدار فطلقها ثلاثا فتزوجت زوجا بعده ثم مات عنها فتزوجها زوجها
الأول ثم دخلت الدار وهي في ملكه وهو الحالف (قال) لا يحنث كذلك قال لي
مالك لأنه إنما كان حالفا بطلاق ذلك الملك الذي طلقها فيه ثلاثا وقد ذهب الطلاق
الذي كان حلف به كله فهي إذا دخلت الدار من ذي قبل وهي في ملكه فلا
طلاق عليها لان الملك الذي حلف به قد ذهب وهذا قول مالك (قلت) فإن كان
إنما حلف بالثلاث ان دخلت الدار فطلقها واحدة ثم تزوجها بعد زوج أو بعد
انقضاء عدتها وقد دخلت الدار وهي في ملك الزوج الثاني أو دخلت الدار حين انقضت عدتها قبل أن تتزوج فتزوجها زوجها الحالف بعد زوج أو بعد انقضاء عدتها
إلا أنها قد دخلت الدار وليست في ملكه ثم دخلت بعد ما تزوجها أيحنث أم لا في
قول مالك (قال) نعم يحنث عند مالك بالتطليقتين الباقيتين من طلاق الملك الذي
حلف به لأنه قد بقي من طلاق ذلك الملك تطليقتان ولا تحل له حتى تنكح زوجا
غيره لأنه حين تزوجها وإن كان تزويجه إياها بعد زوج فإنما رجعت إليه على
10

التطليقتين الباقيتين في قول مالك ولم ترجع إليه على الثلاث لأنه قد بقي من طلاق
ذلك الملك تطليقتان وكل ملك بقي من طلاقه شئ فتزوجها زوجها بعد زوج أو قبل
زوج فإنها ترجع إلى زوجها على بقية طلاق ذلك الملك وإنما ترجع عند مالك على
الطلاق ثلاثا ابتداء إذا ذهب طلاق ذلك الملك كله فتزوجها بعد زوج فهذه ترجع
على طلاق مبتدأ عند مالك (قلت) ولم جعلته يحنث إذا دخلت الدار وهي في
ملكه بعد نكاحه المرة الثانية وهي قد دخلت الدار إذ بانت منه (قال) لأنها لما
دخلت الدار إذ كانت بائنة منه لم يحنث بذلك الدخول عند مالك ألا ترى أن الزوج
لا يلزمه بذلك الدخول شئ فإذا رجعت إليه فدخلت الدار حنث الآن. وكذلك قال
مالك في العبد يشتريه الرجل فيحلف بحريته ان فعل كذا وكذا فباع العبد ثم فعل
ذلك الشئ الذي حلف عليه ثم اشتراه ثم فعل ذلك الشئ الذي حلف عليه والعبد
في ملكه انه حانث ولا تسقط عنه اليمين حين فعل والعبد في غير ملكه (قال مالك)
ولو أن رجلا حلف بعتق غلام له أن لا يكلم رجلا فباعه فكلم الرجل ثم اشتراه أو
وهب له أو تصدق به عليه فقبله انه ان كلم الرجل حنث لان اليمين لازمة له لم تسقط
عنه حين كلم الرجل والعبد في غير ملكه (قال مالك) ولو ورثه هذا الحالف ثم كلم
الرجل الذي حلف بعتق هذا العبد أن لا يكلمه لم أر عليه حنثا لأنه لم يدخله على
نفسه وإنما جره إليه الميراث (قال) فقلت لمالك فلو فلس هذا الحالف فباعه السلطان
عليه ثم كلم فلانا ثم أيسر يوما فاشتراه (قال مالك) ان كلمه حنث وأرى بيع السلطان
العبد في التفليس بمنزلة بيع السيد إياه طائعا (وسئل) مالك عن امرأة من آل الزبير
حلفت بعتق جارية لها أن لا تكلم فلانا فباعت جاريتها تلك وكلمت فلانا ثم إن الجارية
وقعت إلى أبيها ثم مات أبوها فورثتها الحالفة واخوة لها فباعوا الجارية فاشترتها في
حصتها أترى ان تكلم فلانا ولا تحنث (قال) أرى ان كانت الجارية هي قدر ميراثها
من أبيها أو الجارية أقل من ذلك فلا أرى عليها حنثا واشتراؤها إياها عندي في هذا
الموضع بمنزلة مقاسمتها اخوتها وان كانت الجارية أكبر من ميراثها فإنها ان كلمته
11

حنثت (قلت) أرأيت ان قال رجل لامرأته أنت طالق ان دخلت هذه الدار فطلقها
تطليقتين ثم تزوجت زوجا غيره ثم مات عنها فرجعت إلى زوجها الحالف فدخلت
الدار كم تطلق أواحدة أم ثلاثا في قول مالك (قال) قال مالك تطلق واحدة ولا تحل
له الا بعد زوج لأنها رجعت إليه على بقية طلاق ذلك الملك وإنما كان حالفا بالتطليقتين
اللتين كان طلق وبهذه التي بقيت له فيها يحنث ولا يحنث بغيرها وليس عليه شئ مما
يحنث به في يمينه الا هذه التطليقة الباقية (قلت) أرأيت إذا قال الرجل لامرأته
إذا حضت فأنت طالق (قال) هي طالق الساعة ويجبر على رجعتها وتعتد بطهرها الذي
هي فيه من عدتها وهذا قول مالك (قلت) فان قال لها وهي حائض إذا طهرت
فأنت طالق (قال) قال مالك هي طالق الساعة ويجبر على رجعتها (قال مالك) وإذا
قال لها وهي حامل إذا وضعت فأنت طالق فهي طالق الساعة (قلت) أرأيت ان
قال لامرأته أنت طالق يوم أدخل دار فلان فدخلها ليلا أيقع عليها الطلاق في قول
مالك (قال) أرى أن الطلاق واقع عليها ان دخلها ليلا أو نهارا إلا أن يكون أراد
بقوله يوم أدخل النهار دون الليل فإن كان أراد النهار دون الليل فالقول قوله وينوى
في ذلك لان النهار من الليل والليل من النهار في هذا النحو من قول مالك إذا لم يكن
له نية (قلت) وكذلك أن قال ليلة أدخل دار فلان فأنت طالق فدخلها نهارا (قال)
هذا مثل ما وصفت لك إلا أن يكون أراد الليل دون النهار (قال) وقد قال الله تبارك
وتعالى في كتابه والفجر وليال عشر فقد جعل الله الأيام مع الليالي (قلت) أرأيت
لو أن رجلا قال امرأته طالق ان دخل دار فلان ودار فلان فدخل احدى الدارين
أتطلق عليه امرأته أم لا في قول مالك (قال) تطلق عليه امرأته إذا دخل احدى
الدارين (قلت) فان دخل الدار الأخرى بعد ذلك أتطلق عليه في قول مالك
(قال) لا تطلق عليه في قول مالك لأنه قد حنث في يمينه التي حلف بها فلا يقع
عليه شئ بعد ذلك
12

[ما جاء في الشك في الطلاق]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا طلق امرأته فلم يدر كم طلقها أواحدة أم اثنتين أم ثلاثا
كم يكون هذا في قول مالك (قال) قال مالك لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره (قال
ابن القاسم) وأرى ان ذكر وهي في العدة أنه لم يطلق الا واحدة أو اثنتين أنه يكون
أملك لها فان انقضت عدتها قبل أن يذكر فلا سبيل له إليها وان ذكر بعد انقضاء
العدة أنه إنما كانت تطليقة أو تطليقتين فهذا خاطب من الخطاب وهو مصدق في ذلك
(قلت) أتحفظه عن مالك قال لا (قلت) أرأيت إن لم يذكر كم طلقها ففرقت
بينهما ثم تزوجها رجل بعد انقضاء عدتها ثم طلقها هذا الزوج الثاني أو مات عنها
أتحل للزوج الذي لم يدر كم طلقها (قال) تحل له بعد هذا الزوج لأنه إن كان
إنما طلقها واحدة رجعت عنده على اثنتين وإن كان إنما طلقها اثنتين رجعت إليه
على واحدة وإن كان إنما طلقها ثلاثا فقد أحلها هذا الزوج فان طلقها هذا الزوج أيضا
تطليقة واحدة فانقضت عدتها أو لم تنقض عدتها لم يحل له أن ينكحها الا بعد زوج
لأنه لا يدرى لعل طلاقه إياها إنما كان تطليقتين فقد طلق أخرى فهذا لا يدرى
لعل الثلاث إنما وقعت بهذه التطليقة التي طلق فان تزوجت بعد ذلك زوجا آخر فمات
أو طلقها فانقضت عدتها فتزوجها الزوج الأول فطلقها أيضا تطليقة انه لا يحل له أن
ينكحها الا بعد زوج أيضا لأنه لا يدرى لعل الطلاق الأول إنما كان تطليقة واحدة
والطلاق الثاني إنما كان تطليقة ثانية وان هذه الثالثة فهو لا يدرى لعل هذه التطليقة
الثالثة فلا يصلح له أن ينكحها حتى تنكح زوجا غيره (قلت) فان نكحت زوجا
غيره ثم طلقها أو مات عنها هذا الزوج الثالث ثم تزوجها هذا الزوج الأول أيضا (قال)
ترجع إليه على تطليقة أيضا بعد الثلاثة الأزواج إلا أن يبت طلاقها وهي تحته في أي
نكاح كان (قال) فان بت طلاقها فيه ثم تزوجت بعده زوجا ثم رجعت إليه رجعت
على طلاق مبتدأ (قلت) أرأيت إذا قال الرجل لامرأته ان دخلت الدار فأنت
طالق ثلاثا فقالت المرأة قد دخلت الدار وكذبها الزوج (قال) أما في القضاء فلا يقضى
13

عليه بطلاقها ويستحب للزوج أن لا يقيم عليها لأنه لا يدرى لعلها قد دخلت الدار
(قال) وكذلك قال لي مالك في رجل قال لامرأته وسألها عن شئ فقال إن لم تصدقيني
أو ان كتمتني فأنت طالق البتة فأخبرته (قال) مالك أرى أن يفارقها ولا يقيم عليها
(قال مالك) وما يدريه أصدقته أم لا (قال ابن القاسم) وسمعت الليث يقول مثل
قول مالك فيها (قلت) أرأيت ان قالت قد دخلت الدار فصدقها الزوج ثم قالت المرأة
بعد ذلك كنت كاذبة (قال) إذا صدقها الزوج فقد لزمه ذلك في رأيي (قلت) أرأيت
إن لم يصدقها وقالت قد دخلت ثم قالت بعد ذلك كنت كاذبة (قال) أرى أنه ينبغي له
أن يجتنبها ويخليها فيما بينه وبين الله تعالى ولا يقيم عليها وأما في القضاء فلا يلزمه ذلك
[ما جاء في الشك في الطلاق]
(قلت) أرأيت إذا شك الرجل في يمينه فلا يدرى بطلاق حلف أم بعتق أم بصدقة
أو بمشي (قال) كان يبلغنا عن مالك أنه قال في رجل حلف فحنث فلا يدرى بأي ذلك
كانت يمينه أبصدقة أم بطلاق أم بعتق أم بمشي إلى بيت الله (قال) قال مالك انه
يطلق امرأته ويعتق عبيده ويتصدق بثلث ماله ويمشى إلى بيت الله (قلت) ويجبر
على الطلاق والعتق والصدقة في قول مالك (قال) لا يجبر على شئ من هذا لا على
الطلاق ولا على العتق ولا على الصدقة ولا المشي ولا شئ من هذه الأشياء إنما يؤمر
به فيما بينه وبين الله تعالى في الفتيا (قلت) وكذلك لو حلف بطلاق امرأته فلا يدرى
أحنث أم لم يحنث أكان مالك يأمره أن يفارقها (قال) نعم كان يأمره ان يفارقها
(قلت) أرأيت إن كان هذا الرجل موسوسا في هذا الوجه (قال ابن القاسم)
لا أرى عليه شيئا (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته قد طلقتك قبل أن
أتزوجك أيقع عليه شئ من الطلاق أم لا (قال) أرى أنه لا شئ عليه (قلت)
وكذلك لو قال قد طلقتك وأنا مجنون أو وأنا صبي (قال) إن كان يعرف بالجنون فلا
شئ عليه وكذلك قوله قد طلقتك وأنا صبي انه لا يقع عليه به الطلاق (قلت)
أرأيت ان طلق بالعجمية وهو فصيح بالعربية أتطلق عليه امرأته أم لا في قول مالك
14

(قال) لم أسمع من مالك في الطلاق بالعجمية شيئا وأرى أن ذلك يلزمه إذا شهد عليه
العدول ممن يعرف العجمية أنه طلاق بالعجمية (قلت) أرأيت ان قال رجل
لامرأته يدك طالق أو رجلك طالق أو إصبعك طالق (قال) لم أسمع من مالك في
ذلك شيئا وأرى أنه إذا طلق يدا أو رجلا أو ما أشبه ذلك فهي طالق كلها وكذلك
الحرية (قلت) أرأيت ان قال لامرأته أنت طالق بعض تطليقة (قال) لم أسمعه من
مالك وأرى ان يجبر على تطليقة فتكون تطليقة كاملة فتكون قد لزمته (قلت)
أرأيت ان قال لأربع نسوة له بينكن تطليقة أو تطليقتان أو ثلاث أو أربع (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن أرى أنه إذا قال بينكن أربع تطليقات أو دون
الأربع انها تطليقة تطليقة على كل واحدة منهن وان قال بينكن خمس تطليقات إلى أن تبلغ ثماني فهي اثنتان اثنتان فان قال تسع تطليقات فقد لزم كل امرأة منهن
ثلاث تطليقات (قال) ولم أسمع هذا من مالك قال ابن القاسم وهو رأيي (ابن وهب)
عن يونس انه سأل ابن شهاب عن الرجل قال لامرأته أنت طالق سدس من تطليقة
(قال) نرى ان يوجع من قال ذلك جلدا وجيعا ويكون تطليقة تامة وهو أملك بها
(قال يونس) قال ربيعة من قال لامرأته أنت طالق بعض تطليقة فهي تطليقة تامة
وان سليمان بن حبيب المحاربي أخبر أن عمر بن عبد العزيز قال له لا تقل السفهاء سفههم
إذا قال السفيه لامرأته أنت طالق نصف تطليقة فاجعلها واحدة وان قال واحدة
ونصفا فاجعلها اثنتين وان قال اثنتين ونصفا فاجعلها البتة (قلت) أرأيت لو أن رجلا
قال احدى امرأتي طالق ثلاثا ولم ينو واحدة منهما بعينها أيكون له ان يوقع الطلاق
على أيتهما شاء (قال) قال مالك إذا لم ينو حين تكلم بالطلاق واحدة بعينها طلقتا عليه
جميعا وذلك أن مالكا قال في رجل له امرأتان أو أكثر من ذلك فقال امرأة من
نسائي طالق ثلاثا أن فعلت كذا وكذا ففعله (قال) إن كان نوى واحدة منهن بعينها
حين حلف طلقت تلك عليه والا طلقن جميعا بما حلف به وإن كان نوى واحدة منهن
بعينها فنسيها طلقن عليه جميعا (قلت) وما حجة مالك في هذا (قال) لان الطلاق
15

ليس يختار فيه في قول مالك (وقال ابن القاسم) حدثنا يحيى بن عبد الله بن سالم بن
عبد الله عمر بن الخطاب ان عمر بن عبد العزيز قضى به في رجل من أهل البادية كان
يسقى على ماء له فأقبلت ناقة له فنظر إليها من بعيد فقال امرأته طالق البتة وله امرأتان
إن لم تكن فلانة لناقة له فأقبلت ناقة غير تلك الناقة فقدم الاعرابي المدينة فدخل على أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وهو عامل لعمر بن عبد العزيز على المدينة وعمر
يومئذ خليفة فقص عليه قصته فأشكل عليه القضاء فيها فكتب إلى عمر في ذلك
فكتب إليه عمر إن كان نوى واحدة منهما حين حلف فهو ما نوى والا طلقتا جميعا
عليه (قلت) فان قال إحداكما طالق وقال قد نويت هذه بعينها وعليه بنية حين
حلف فيهما أيصدق في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت ان طلق احدى
امرأتيه ثلاثا فنسيها أيلزمه الطلاق فيهما جميعا أم لا في قول مالك (قال) قال مالك
يلزمه الطلاق فيهما جميعا (قلت) فهل يقال له طلق من ذي قبل التي لم تطلق أو
يقال له طلقهما جميعا من ذي قبل (قال) ما سألنا مالكا عن هذا ولكن مالكا قال
يطلقان عليه جميعا (قلت) أرأيت ان قال إحداهما طالق (قال) قال مالك يطلقان
عليه جميعا إذا لم ينو واحدة منهما
[ما جاء في الاستثناء في الطلاق]
(قلت) أرأيت الاستثناء في الطلاق في قول مالك (قال) ذلك باطل والطلاق لازم
(قلت) أرأيت ان قال فلانة طالق ان شاء فلان أيكون ذلك استثناء ويوقع
الطلاق عليها مكانه ولا يلتفت إلى مشيئة فلان في قول مالك أم لا (قال) ليس قوله
أنت طالق ان شاء فلان مثل قوله أنت طالق إن شاء الله وإنما الاستثناء في قول
مالك أنت طالق إن شاء الله فالطلاق فيه لازم وأما إذا قال إن شاء فلان فلا
تطلق حتى يعرف أيشاء فلان أم لا يشاء (قلت) فان قال أنت طالق ان شاء فلان
وفلان ميت أيقع الطلاق الساعة عليها في قول مالك (قال) لا أراها تطلق لأنا
نعرف أن الميت لا يشاء فقد انقطعت مشيئته ولا يشاء أبدا (قلت) فان قال
16

أنت طالق ان شاء فلان فمات فلان قبل أن يشاء وقد علم بذلك أو لم يعلم حتى هلك
أتطلق مكانها حين مات الذي جعلت إليه المشيئة في قول مالك أم لا (قال) هو
عندي بمنزلة من قال ذلك للميت الذي قد انقطعت مشيئته إذا لم يشأ حتى مات فلا
طلاق عليه (قلت) أرأيت ان قال لها أنت طالق إن شاء الله أتطلق مكانها في قول
مالك قال نعم (قال) وقال مالك لي لا ثنيا في الطلاق (قلت) أرأيت ان قال
لها أنت طالق ان شاء هذا الشئ لشئ لا يشاء شيئا مثل الحجر والحائط (قال) أرى
أنه لا شئ عليه لأنه جعل المشيئة لمن لا تعلم له مشيئة ولا يستطيع الناس علم مشيئته
فجعل المشيئة إليه فلا طلاق عليه (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامرأة كلما
تزوجتك فأنت طالق ثلاثا فتزوجها فطلقت ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج أتطلق ثلاثا
أيضا في قول مالك قال نعم (قال مالك) إذا قال كلما فاليمين له لازمة كلما تزوجها
بعد زوج (قلت) أرأيت إذا قال إذا تزوجتك ومتى ما تزوجتك وان تزوجتك
أهذه بمنزلة كلما في قول مالك (قال) قال لي مالك ان تزوجتك أبدا وإذا تزوجتك
فلا يكون الا على مرة واحدة ومتى ما تزوجتك فلا يكون الا على مرة واحدة إلا أن
يريد بذلك مثل قوله كلما تزوجتك فان أراد بقوله متى ما كلما فهو كما نوى وإن لم ينو
شيئا فهو على أول مرة ولا شئ عليه غيره وهذا كله قول مالك (قلت) أرأيت
ان قال لامرأة ليست له بامرأة أنت طالق يوم أكلمك أو يوم تدخلين الدار أو يوم
أطؤك أيقع الطلاق إذا تزوجها فكلمها أو وطئها أو دخلت الدار (قال) قال مالك
لا يقع عليه الطلاق إلا أن يكون أراد بقوله ذلك أن تزوجتها ففعلت هذا فهي طالق إذا
كان أراد بقوله ما وصفت لك (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال كل امرأة أتزوجها
فهي طالق (قال) قال مالك لا شئ عليه وليتزوج أربعا (قال مالك) وكذلك
لو كان هذا في يمين أيضا قال إن دخلت الدار فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فدخل
الدار فليتزوج ما شاء من النساء ولا يقع الطلاق عليه لأنه قد عم فقال كل امرأة
(قال مالك) وكذلك لو كان عنده ثلاث نسوة أو امرأتان كان له أن يتزوج
17

اثنتين تمام الأربع فان طلق منهن شيئا فله أن يتزوج ان شاء وهذا كمن لم يحلف (قال
مالك) وكذلك لو كانت تحته امرأتان فقال إن دخلت هذه الدار فكل امرأة
أتزوجها فهي طالق فدخل الدار كان له أن يتزوج ولا يكون عليه في المرأتين اللتين
يتزوج شئ وهو كمن لم يحلف (قال مالك) وكذلك لو قال كل امرأة أتزوجها فهي
طالق أو قال إن دخلت الدار فكل امرأة أتزوجها فهي طالق فدخل الدار انهما
سواء لا يكون عليه شئ وهو كمن لم يحلف (قال مالك) فان قال كل امرأة
أتزوجها ان دخلت هذه الدار فهي طالق فتزوج امرأة ثم دخل الدار انه لا شئ
عليه في امرأته التي تزوج وليتزوج فيما يستقبل ولا شئ عليه لأنه كمن لم يحلف
(قلت) أرأيت ان قال كل امرأة أتزوجها الا من أهل الفسطاط فهي طالق
(قال) يلزمه الطلاق في قول مالك ان تزوج من غير الفسطاط (قلت) أرأيت
ان قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق الا من قرية كذا وكذا وذكر قرية صغيرة
(قال) أرى ذلك لا يلزمه إذا كانت تلك القرية ليس فيها ما يتزوج (قلت) أرأيت
ان قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق الا فلانة وسمى امرأة بعينها ذات زوج أو لا
زوج لها (قال) بلغني عن مالك أنه قال لا أرى عليه شيئا قال وهو بمنزلة رجل قال إن
لم أتزوج فلانة فكل امرأة أتزوجها فهي طالق وهو رأيي (قلت) أرأيت ان قال
إن لم أتزوج من الفسطاط فكل امرأة أتزوجها فهي طالق (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا وأرى أنه لا يتزوج الا من الفسطاط والا لزمه الحنث (قلت) أرأيت
ان قال كل امرأة أتزوجها إلى أربعين سنة أو ثلاثين سنة فهي طالق (قال) سألت
مالكا عن غلام ابن عشرين سنة أو نحو ذلك حلف في سنة ستين ومائة أن كل امرأة
يتزوجها إلى سنة مائتين فهي طالق (قال مالك) ذلك عليه ان تزوج طلقت عليه (قال
ابن القاسم) وهذا قد حلف على أقل من أربعين سنة وأرى والذي بلغني عن مالك
أنه لا يتزوج إلا أن يخاف على نفسه العنت وذلك أن يكون لا يقدر على مال فيتسرر
منه فيخاف على نفسه العنت فيتزوج (قلت) أرأيت ان قال وهو شيخ كبير ان
18

تزوجت إلى خمسين سنة فكل امرأة أتزوجها فهي طالق وقد علم أنه لا يعيش إلى
ذلك الاجل (قال) ما سمعته من مالك ولكن سمعت من أثق به يحكى عن
مالك أنه قال إذا ضرب من الآجال أجلا يعلم أنه لا يعيش إلى ذلك الاجل فهو كمن
عم النساء فقال كل امرأة أتزوجها فهي طالق ولم يضرب أجلا فلا تكون يمينه هذه
بشئ ولا يلزمه من يمينه طلاق ولهذا أن يتزوج (وقال) في الذي يحلف فيقول
كل امرأة أتزوجها إلى مائتي سنة طالق فيمينه باطل وله أن يتزوج متى ما شاء
(قلت) أرأيت ان قال كل امرأة أتزوجها من الفسطاط أو قال كل امرأة أتزوجها
من همدان أو من مراد أو من بني زهرة أو من الموالي فهي طالق فتزوج امرأة من
الفسطاط أو من مراد أو من همدان (قال) تطلق عليه في قول مالك (قلت) أرأيت
ان تزوجها بعد ما طلقت عليه (قال) يرجع عليه اليمين ويقع الطلاق ان تزوجها ثانية
(قلت) فان تزوجها ثلاث مرات فبانت منه بثلاث تطليقات ثم تزوجها بعد زوج
أيقع الطلاق عليه أيضا في قول مالك (قال) نعم يقع الطلاق عليها كلما تزوجها وان
بعد ثلاث تطليقات وكذلك قال مالك (قال) ولقد سئل مالك عن رجل من العرب
كانت تحته امرأة من الموالي فعاتبه بنو عمه في تزويج الموالي فقال كل امرأة أتزوجها من
الموالي فهي طالق ثلاثا فقضى أنه طلق المرأة التي كانت تحته ثم أراد أن يتزوجها فسأل
عن ذلك مالكا فقال مالك لا تتزوجها وأراها قد دخلت في اليمين وان كانت تحته
يوم حلف لأنها من الموالي فلا يتزوجها (قلت) ولا شئ عليه ما لم يطلقها في قول
مالك (قال) نعم لا شئ عليه ما لم يطلقها (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال كل امرأة
أتزوجها ما عاشت فلانة فهي طالق وهذه التي حلف في حياتها هي امرأته (قال) قال
مالك ان كانت له نية أنه إنما أراد بها ما عاشت فلانة أي ما كانت عندي فكل امرأة
أتزوجها فهي طالق انه يدين في ذلك ويكون له نيته وليس له أن يتزوج ما كانت
تحته فإذا فارقها كان له أن يتزوج فإن لم يكن له نية فلا يتزوج حتى تموت امرأته
التي حلف أن لا يتزوج ما عاشت طلقها أو كانت تحته وهذا من وجه ما فسرت لك
19

أنه ليس له أن يتزوج إلا أن يخاف العنت فان خاف العنت تزوج (قلت) أرأيت
لو أن رجلا قال لامرأته كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق فطلق امرأته واحدة
أو ثلاثا ثم تزوج امرأة ثم تزوج امرأته التي حلف لها أن لا يتزوج عليها فتزوجها
بعد زوج أو قبل زوج إن كان الطلاق تطليقة أيقع على الأجنبية التي تزوج من
الطلاق شئ أم لا في قول مالك (قال) قال مالك إذا طلق امرأته التي حلف أن لا
يتزوج عليها ثلاثا ثم تزوج امرأة ثم تزوج امرأته التي حلف أن لا يتزوج عليها انه
لا شئ عليه في التي يتزوج ولا في امرأته التي حلف لها وإن كان طلاقه إياها واحدة
فانقضت عدتها ثم تزوج امرأة ثم تزوجها عليها (قال مالك) فإنها تطلق أيتهن كانت
فيها اليمين ما بقي من ملك ذلك الطلاق شئ (قلت) أرأيت ان قال لامرأته كل
امرأة أتزوجها عليك فهي طالق فطلقها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج ثم تزوج عليها (قال)
قال مالك لا يلزمه اليمين (قلت) لم (قال) لان طلاق الملك الذي كان حلف فيه
قد ذهب كله ألا ترى أنه قال كل امرأة أتزوجها عليك فهي طالق فلما ذهب ملك
المرأة التي تحته فلا يمين عليه وكذلك المسألة الأولى (قلت) فإذا هو طلقها تطليقة
ثم تزوجها ثم تزوج عليها (قال) تطلق التي تزوج عليها في قول مالك (قلت) فان
طلقها تطليقة ثم تزوج أجنبية ثم تزوج امرأته (قال) قال مالك تطلق عليه الأجنبية
(قلت) لم وإنما قال كل امرأة أتزوجها عليك فهو إنما تزوج أجنبية ثم تزوجها على
الأجنبية (قال) قال مالك يلزمه الطلاق تزوجها قبل الأجنبية أو تزوج الأجنبية
قبلها ما بقي من طلاق امرأته التي كانت في ملكه شئ (قلت) أرأيت ان كانت
نيته حين حلف أن لا يتزوج عليها كانت نيته أن لا يتزوج عليها ولكن أراد أن
يتزوجها هي على غيرها لئلا يكون عليه يمين (قال) لم أر مالكا ينويه في شئ من
هذا (قال) وقال لي مالك ما بقي من طلاق ذلك الملك شئ فهو سواء ان تزوجها
على الأجنبية أو تزوج الأجنبية عليها عند مالك ما بقي من طلاق تلك المرأة شئ فإنما
أراد أن لا يجمع بينهما (قلت) أرأيت ان قال كل امرأة أتزوجها عليك فأمرها
20

بيدك فطلقها واحدة ثم تزوجها بعد انقضاء عدتها ثم تروج عليها في هذا الملك
الثاني (قال) قال مالك إذا تزوج عليها في الملك الثاني فأمر التي تزوج عليها في يدها
ما بقي من طلاق ذلك الملك الذي حلف فيه شئ (قلت) وكذلك أن تزوج
أجنبية بعد ما طلق التي قال لها كل امرأة أتزوجها عليك فأمرها بيدك ثم تزوج
هذه التي جعل لها ما جعل أيكون أمر الأجنبية في يدها أم لا وإنما تزوجها على
الأجنبية ولم يتزوج الأجنبية عليها (قال) قال مالك ان هو تزوجها على الأجنبية أو
تزوج الأجنبية عليها فذلك سواء وذلك في يدها ما بقي من طلاق ذلك الملك الذي
قال لها فيه أمر كل امرأة أتزوجها عليك في يدك شئ (قلت) وسواء ان شرطوا
ذلك عليه في عقدة النكاح أو كان هو الذي تبرع بذلك فجعله لها بعد عقدة النكاح
أهو سواء في قول مالك (قال) نعم هو سواء في قول مالك (مالك بن أنس)
ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن ابن المسيب وحميد بن عبد الرحمن وعبيد الله بن
عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار أخبروه كلهم عن أبي هريرة أنه قال
استفتيت عمر بن الخطاب عن رجل طلق امرأته تطليقة واحدة أو تطليقتين ثم يتركها
حتى تحل ثم تنكح زوجا غيره فيموت عنها أو يطلقها فيخطبها زوجها الأول الذي
طلقها فينكحها على كم تكون عنده قال عمر تكون عنده على ما بقي من طلاقها (وقال
يونس) في الحديث فإذا طلقها ثلاث تطليقات لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ثم إن نكحها بعد استقبل الطلاق كاملا من أجل أنه لم يبق له من الطلاق شئ
(مسلمة بن علي) عن رجل عن عمرو بن شعيب أن أبي بن كعب ومعاذ بن جبل
وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص قالوا هي عنده على ما بقي من الطلاق
إذا طلقها واحدة أو اثنتين (قلت) أرأيت لو أن امرأة اشترطت على زوجها
أن لا يتزوج عليها فان فعل فأمر نفسها بيدها فتزوج عليها فطلقت امرأته نفسها
ثلاثا أيكون ذلك لها ان أنكر الزوج الثلاث (قال) قال مالك في هذه المسألة
بعينها ان ذلك لما ولا ينفع الزوج انكاره (قلت) وسواء إن كان قد دخل بها
21

أولم يدخل بها حتى تزوج عليها (قال) الذي حملنا عن مالك أن ذلك شرط لها دخل
بها أو لم يدخل بها لأنها حين شرطت إنما شرطت ثلاثا فلا يبالي دخل بها حين
تزوج عليها أو لم يدخل بها لها أن تطلق نفسها ثلاثا فان طلقت نفسها ثلاثا بانت
منه وان طلقت واحدة فإن كانت مدخولا بها كان الزوج أملك بها وان كانت
غير مدخول بها كانت بائنا بها (قلت) أرأيت ان طلقت نفسها واحدة
أيكون لها أن تطلق نفسها أخرى بعد ذلك (قال) إذا وقفت فطلقت نفسها واحدة
لم يكن لها أن تطلق نفسها أخرى بعد ذلك (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا
رأيي (قلت) فان طلقت نفسها واحدة ولم توقف أيكون لها أن تطلق نفسها
بعد الواحدة أخرى أو تمام الطلاق في قول مالك (قال) إذا طلقت نفسها واحدة
بعد ما تزوج عليها وإن لم توقف على حقها فليس لها أن تطلق بعد ذلك غيرها لأنها
قد تركت ما بعد الواحدة وقضت في الذي كان لها بالطلاق الذي طلقت به نفسها
وإنما توقف حتى تقضى أو ترد إذا لم تفعل شيئا فأما إذا فعلت وطلقت نفسها واحدة
فهي بمنزلة من وقفت فطلقت نفسها واحدة فليس لها بعد ذلك أن تطلق (قلت)
أرأيت ان تزوج عليها امرأة فلم تقض ثم تزوج عليها أخرى بعد ذلك أيكون
لها أن تطلق نفسها أم لا (قال) قال مالك لها أن تطلق نفسها ثلاثا ان أحبت أو
واحدة أو اثنتين وتحلف بالله ما كانت تركت الذي كان لها من ذلك حين تزوج
عليها وأنها إنما رضيت بنكاحه تلك الواحدة ولم ترض أن يتزوج عليها أخرى (قال
مالك) ويكون لها أن تقول إنما تركته أن يتزوج هذه الواحدة ولم أقض لعله يعتب
فيما بقي فلذلك لم أقض (قال) فيكون لها إذا حلفت على ذلك أن تقضى إذا تزوج
عليها ثانية (قلت) أرأيت ان تزوج عليها فلم تقض ثم طلق التي تزوج عليها ثم تزوجها
بعينها فقضت امرأته بالطلاق على نفسها أيكون ذلك لها والزوج يقول إنما تزوجت
عليك من قد رضيت بها مرة (قال) بلغني عن مالك أنه قال ذلك لها أن تطلق نفسها
لأنها وان كانت رضيت بها أول مرة فلم ترض بها بعد ذلك (قلت) أرأيت لو أن
22

رجلا قال لامرأته إن لم أتزوج عليك اليوم فأنت طالق ثلاثا فتزوج عليها نكاحا
فاسدا (قال) أرى أن تطلق عليه امرأته لان مالكا قال في جارية قال لها سيدها إن لم أبعك فأنت حرة لوجه الله فباعها فإذا هي حامل منه (قال مالك) تعتق لأنه لا بيع
له فيها حين كانت حاملا فهذا يشبه مسألتك في النكاح (قلت) فان تزوج عليها أمة
(قال) آخر ما فارقنا عليه مالكا أنه قال نكاح الأمة على الحرة جائز إلا أن للحرة
الخيار إذا تزوج عليها الأمة ان اختارت أن تقيم معه أقامت وان اختارت مفارقته فارقته
ونزلت هذه بالمدينة فقال فيها مالك مثل ما وصفت لك (قلت) وتكون الفرقة
تطليقة (قال) نعم قال وقال مالك وان رضيت أن تقيم فالمبيت بينهما بالسوية يساوي
بينهما بالقسم ولا يكون للحرة الثلثان وللأمة الثلث (قلت) أرأيت ان قال
كل امرأة أتزوجها من أهل الفسطاط فهي طالق ثلاثا فتزوج امرأة من أهل
الفسطاط فبنى بها أيكون عليه مهر ونصف أم مهر واحد (قال) عليه مهر واحد في
قول مالك (قلت) وما حجة مالك حين لم يجعل لها الا مهرا واحدا (قال) قال مالك
هي عندي بمنزلة رجل حنث في الطلاق فلم يعلم فوطئ أهله بعد حنثه ثم علم إنه لا شئ
عليه الا المهر الأول الذي سمى لها (قلت) أيكون عليها عدة الوفاة ان دخل بها ثم
مات عنها في قول مالك (قال) لا وإنما عليها ثلاث حيض (قلت) أرأيت لو أن رجلا
قال كل امرأة أتزوجها من أهل الفسطاط طالق فوكل رجلا يزوجه فزوجه امرأة
من أهل الفسطاط أتطلق عليه أم لا (قال) تطلق عليه (قلت) فان وكله أن يزوجه
بعد يمينه ولم يسم له موضعا فزوجه من الفسطاط فقال الزوج انى قد كنت حلفت في
كل امرأة أتزوجها من أهل الفسطاط بالطلاق وأنا إنما وكلتك أن تزوجتي من لا تطلق
على (قال) لا ينظر في ذلك إلى قول الزوج والنكاح له لازم إلا أن يكون قد نهاه عن
نساء أهل الفسطاط (قال) وقال مالك في الرجل يحلف أن لا يبيع سلعة كذا وكذا
فيوكل غيره يبيعها انه حانث (قال ابن القاسم) فهذا عندي مثله (قلت) أرأيت
رجلا قال لرجل أخبر امرأتي بطلاقها متى يقع الطلاق يوم يخبرها أو يوم قال له أخبرها
23

(قال) يقع الطلاق في قول مالك يوم قال له أخبرها (قلت) فإن لم يخبرها (قال)
فالطلاق واقع في قول مالك وإن لم يخبرها لان مالكا قال في رجل أرسل رسولا إلى
امرأته يخبرها أنه قد طلقها فكتمها الرسول ذلك (قال) لا ينفعه وقد وجب عليه
الطلاق (قال) وسمعت مالكا وسئل عن رجل يكتب إلى امرأته بطلاقها فيبدو له
فيحبس الكتاب بعد ما كتب (قال مالك) إن كان كتب حين كتب ليستشير وينظر
ويختار فذلك له والطلاق ساقط عنه وإن كان كتب حين كتب مجمعا على الطلاق فقد
وقع عليه الحنث وإن لم يبعث بالكتاب (قال) فكذلك الرسول حين بعثه بالطلاق
(قلت) أرأيت إن كان حين كتب الكتاب غير عازم على الطلاق فأخرج الكتاب
من يده أتجعله عازما على الطلاق بخروج الكتاب من يده أم لا في قول مالك (قال)
لا أحفظ من مالك في هذا شيئا وأراه حين أخرج الكتاب من يده أنها طالق إلا أن
يكون إنما أخرج الكتاب من يده إلى الرسول وهو غير عازم فذلك له أن يرده ان
أحب ما لم يبلغها الكتاب (قلت) أرأيت الأخرس هل يجوز طلاقه ونكاحه
وشراؤه وبيعه ونحده إذا قذف ويحد قاذفه ويقتص له في الجراحات ويقتص منه
(قال) نعم هذا جائز فيما سمعت وبلغني عن مالك إذا كان هذا كله يعرف من الأخرس
بالإشارة أو بالكتاب يستيقن منه فذلك لازم للأخرس (قلت) أرأيت الأخرس
إذا أعتق أو طلق أيجوز ذلك في قول مالك (قال) أرى ما وقف على ذلك وأشير به
إليه فعرفه أن ذلك لازم له يقضى به عليه (قلت) وكذلك أن كتب بيده الطلاق
والحرية (قال) قد أخبرتك أن ذلك يلزمه في الإشارة فكيف لا يلزمه في الكتاب
(قلت) أرأيت المبرسم أو المحموم الذي يهذى إذا طلق امرأته أيجوز طلاقه (قال)
سمعت مالكا وسئل عن مبرسم طلق امرأته بالمدينة فقال مالك إن لم يكن معه عقله
حين طلق فلا يلزمه من ذلك شئ (قلت) أيجوز طلاق السكران (قال) نعم قال مالك
طلاق السكران جائز (قلت) لابن القاسم ومخالعة السكران جائزة (قال) نعم ومخالعته
(قلت) أرأيت طلاق المكره ومخالعته (قال) قال مالك لا يجوز طلاق المكره
24

ومخالعته مثل ذلك عندي (قلت) وكذلك نكاح المكره وعتق المكره لا يجوز
في قول مالك (قال) نعم كذلك قال مالك (قلت) أرأيت المجنون هل يجوز طلاقه
(قال) إذا طلق في حين يخنق فيه فطلاقه غير جائز وإذا طلق إذا انكشف عنه
فطلاقه جائز وهذا قول مالك (قلت) أرأيت المعتوه هل يجوز طلاقه (قال) لا يجوز
طلاق المعتوه في قول مالك على حال (قال) لان المعتوه إنما هو مطبق عليه ذاهب
العقل (قلت) فالمجنون عند مالك الذي يخنق أحيانا ويفيق أحيانا ويخنق مرة
وينكشف عنه مرة قال نعم (قلت) والمعتوه المجنون المطبق عليه في قول مالك قال
نعم (قلت) والسفيه (قال) السفيه الضعيف العقل في مصلحة نفسه البطال في
دينه فهذا السفيه (قلت) فهل يجوز طلاق السفيه في قول مالك قال نعم (قلت)
أيجوز طلاق الصبي في قول مالك (قال) قال لي مالك لا يجوز طلاق الصبي حتى
يحتلم (قلت) أرأيت لو أن نصرانية تحت نصراني أسلمت المرأة فطلقها زوجها بعد
ما أسلمت وهي في عدتها وزوجها على النصرانية أيقع طلاقه عليها في قول مالك
(قال) لا يقع طلاقه عليها في قول مالك ولا يقع طلاق المشرك على امرأته في قول
مالك (قال مالك) وطلاق المشرك ليس بشئ (قلت) أرأيت طلاق المشركين هل
يكون طلاقا إذا أسلموا في قول مالك (قال) قال مالك ليس ذلك بطلاق (ابن وهب)
عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن رجل قال هذا فلان فقال رجل ليس به
فقال امرأته طالق ثلاثا إن لم يكن فلانا. أو قال إن كلم فلانا فامرأته طالق ثلاثا
فكلمه ناسيا (فقال) أرى أن يقع عليه الطلاق (ابن وهب) عن يونس أنه سأل ربيعة
عن رجل ابتاع سلعة فسأله رجل بكم أخذتها فأخبره فقال لم تصدقني فطلق امرأته البتة
إن لم يخبره فقال بكم أخذتها فقال بدينار ودرهمين ثم إنه ذكر فقال أخذتها بدينار وثلاثة
دراهم فقال ربيعة أرى أن خطأه بما نقص أو زاد سواء قد طلق امرأته البتة وحديث
عمر بن عبد العزيز في البدوي الذي حلف على ناقة له فأقبلت أخرى وله امرأتان ان
عمر قال له إن لم يكن نوى واحدة فهما طالقتان (وقال) جابر بن زيد في رجل قال إن
25

كان هذا الشئ كذا وكذا وهو علمه أنه كذلك فكان على غير ما قال قال جابر يلزمه
ذلك في الطلاق إن كان حلف بالطلاق (ابن وهب) عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن
شهاب عن رجل ائتمن امرأته على مال ثم سألها المال فجحدته فقال إن لم أكن دفعت
إليك المال فأنت طالق البتة (قال) نرى هذا حلف على سريرة لم يطلع عليها أحد من
الناس غيره وغيرها فقال أرى أن يوكلا إلى الله ويحملا ما يحملا (وقال) ربيعة ويحيى
ابن سعيد مثل ذلك (وأخبرني) محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عطاء أنه قال إذا قال
الرجل لامرأته أنت طالق إن شاء الله فذلك عليه (قال) وقال سعيد بن المسيب مثله
(وقال الليث) لا استثناء في طلاق (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عبد ربه بن
سعيد عن إياس بن معاوية المزني أنه قال في الرجل يقول لامرأته أنت طالق أو لعبده
أنت حر ان فعلت كذا وكذا فبدأ بالطلاق أو بالعتق (قال) هي يمين ان بر فيها بر
وإن لم يفعل فلا شئ عليه ولا نرى ذلك الا على ما أضمر (ابن وهب) عن السرى
ابن يحيى عن الحسن البصري بذلك (قال ابن وهب) عن يحيى بن أيوب أنه سأل
ربيعة عن رجل قال لجارية امرأته ان ضربتها فأنت طالق البتة ثم رماها بحجر فشجها
(قال ربيعة) أما أنا فأراها قد طلقت (وقال) يحيى بن سعيد مثله (وأخبرني) ابن
وهب عن يونس أنه سأل ربيعة عن الذي يقول إن لم أضرب فلانا فعلى كذا وكذا
وأنت طالق البتة قال ربيعة ينزل بمنزلة الايلاء إلا أن يكون حلف بطلاقها البتة
ليضربن رجلا مسلما وليس له على ذلك الرجل وتر (1) ولا أدب وان ضربه إياه لو ضربه
خديعة من ظلم فان حلف على ضرب رجل هو بهذه المنزلة فرق بينه وبين امرأته
لا ينتظر به ولا نعمة عين (قال ربيعة) ولو حلف بالبتة ليشربن خمرا أو بعض ما حرم
الله عليه ثم رفع ذلك إلى الامام رأيت أن يفرق بينهما (ابن وهب) عن يونس عن
ابن شهاب أنه قال في رجل قال إن لم أفعل كذا وكذا فامرأته طالق ثلاثا (قال ابن
شهاب) ان سمى أجلا أراده أو عقد عليه قلبه حمل ذلك في دينه وأمانته واستحلف

(1) (وتر) بالتحريك أي عداوة من هامش الأصل
26

ان اتهم وإن لم يجعل ليمينه أجلا ضرب له أجل فان أنفذ ما حلف عليه فبسبيل ذلك
وإن لم ينفذ ما حلف عليه فرق بينه وبين امرأته صاغرا قميئا (1) فإنه فتح ذلك على نفسه
في اليمين الخاطئة التي كانت من نزغ الشيطان (وأخبرني) ابن وهب عن الليث عن
ربيعة أنه قال في رجل قال لامرأته إن لم أخرج إلى إفريقية فأنت طالق ثلاثا (قال
ربيعة) يكف عن امرأته ولا يكون منها بسبيل فان مرت به أربعة أشهر نزل بمنزلة
المولى وعسى أن لا يزال موليا حتى يأتي إفريقية ويفئ في أربعة أشهر (ابن وهب)
وقال ربيعة في الذي يحلف بطلاق امرأته البتة ليتزوجن عليها انه يوقف عنها حتى
لا يطأها ويضرب له أجل المولى أربعة أشهر (وقال) الليث ونحن نرى ذلك أيضا
(ابن وهب) وأخبرني من أثق به عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل قال لامرأته
أنت طالق ثلاثا إن لم أنكح عليك (قال) إن لم ينكح عليها حتى يموت أو تموت
توارثا (قال) وأحب إلى أن يبر في يمينه قبل ذلك (ابن وهب) عن الليث عن يحيى
ابن سعيد أنه قال إن مات لم ينقطع عنها ميراثه (ابن وهب) عن يحيى بن عبد الله
ابن سالم عن عمر بن الخطاب قال من طلق امرأة ان هو نكحها أو سمى قبيلة أو فخذا
أو قرية أو امرأة بعينها فهي طالق إذا نكحها (ابن وهب) وأخبرني مالك بن
أنس قال بلغني عن عبد الله بن عمر أنه كان يرى أن الرجل إذا حلف بطلاق امرأة
قبل أن ينكحها ان ذلك عليه إذا نكحها (ابن وهب) قال مالك وبلغني أن عمر
ابن الخطاب وعبد الله بن عمر وابن مسعود وسليمان بن يسار وسالما والقاسم بن محمد
وابن شهاب كانوا يقولون إذا حلف الرجل بطلاق المرأة قبل أن ينكحها ثم أثم فان
ذلك لازم له (وأخبرني) ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن عمر بن عبد العزيز
وسليمان بن حبيب المحاربي وربيعة بن أبي عبد الرحمن ومكحول وزيد بن أسلم ويحيى
ابن سعيد وعطاء بن أبي رباح وأبى بكر بن حزم مثله وأن ابن حزم فرق بين رجل
وامرأة قال مثل ذلك (قال مالك) وبلغني أن عبد الله بن مسعود كأن يقول إذا نص

(1) (قميئا) أي ذليلا من قمأ كجمع قمأة وقماءة إذا ذل اه‍
27

القبيلة بعينها أو المرأة بعينها فذلك عليه وإذا عم فليس عليه شئ (ابن وهب)
وأخبرني عيسى بن أبي عيسى الحناط أنه سمع عامرا الشعبي يقول ليس بشئ هذه يمين
لا مخرج فيها إلا أن يسمى امرأة بعينها أو يضرب أجلا (ابن وهب) وأخبرني
يونس بن يزيد عن ربيعة بنحو ذلك في الطلاق والعتاقة (قال ربيعة) وان ناسا ليرون
ذلك بمنزلة التحريم إذا جمع تحريم النساء والأرقاء ولم يجعل إليه الطلاق الا رحمة ولا
العتاقة الا أجرا فكان في هذا هلكة لمن أخذ به (ابن وهب) وأخبرني رجال من
أهل العلم عن عروة بن الزبير وعبد الله بن خارجة بن زيد وربيعة أنه لا بأس أن ينكح
إذا قال كل امرأة أنكحها فهي طالق (قال ربيعة) إنما ذلك تحريم لما أحل الله (ابن
وهب) وأخبرني الليث بن سعد وغيره عن يحيى بن سعيد أن رجلا من آل عمر بن
الخطاب كانت عنده امرأة فتزوج عليها وشرط للمرأة التي تزوج على امرأته أن
امرأته طالق إلى أجل سماه لها وأنهم استفتوا سعيد بن المسيب فقال لهم هي طالق حين
تكلم به وتعتد من يومها ذلك ولا تنتظر الاجل الذي سمى طلاقها عنده (وأخبرني)
ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة بذلك
(قال ابن شهاب) وليس بينهما ميراث وليس لها نفقة إلا أن تكون حاملا ولا
تخرج من بيتها حتى تنقضي عدتها (وأخبرني) ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر
عن ابن شهاب وربيعة عن ابن المسيب بنحو ذلك (وحدثني) ابن وهب عن عطاء
ابن خالد المخزومي عن أبيه أنه سأل ابن المسيب عن ذلك فقال له هذا القول وقال
لو مس امرأته بعد أن تزوج ثم أتيت به وكان إلى من الامر شئ لرجمته بالحجارة
(وأخبرني) ابن وهب عن مسلمة بن علي عن زيد بن واقد عن مكحول أنه قال
في رجل قال لامرأته ان نكحت عليك امرأة فهي طالق (قال) فكلما تزوج عليها
امرأة فهي طالق قبل أن يدخل بها فان ماتت امرأته أو طلقها خطب من طلق منهن
مع الخطاب (وأخبرني) شبيب بن سعيد التميمي عن يحيى بن أبي أنيسة الجزري
يحدث عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن عبد الرحمن بن جابر عن
28

جابر بن عبد الله عن عمر بن الخطاب وجاءه رجل من بنى جشم بن معاوية فقال له
يا أمير المؤمنين انى طلقت امرأتي في الجاهلية اثنتين ثم طلقتها منذ أسلمت تطليقة
فماذا ترى قال عمر ما سمعت في ذلك شيئا وسيدخل عليك رجلان فسلهما فدخل
عليه عبد الرحمن بن عوف فقال عمر قص عليه قصتك فقص عليه فقال عبد الرحمن
هدم الاسلام ما كان قبله في الجاهلية هي عندك على تطليقتين ثم دخل علي بن أبي
طالب فقال له عمر قص عليه قصتك ففعل فقال علي بن أبي طالب هدم الاسلام
ما كان في الجاهلية وهي عندك على تطليقتين بقيتا
[ما جاء في طلاق النصرانية والمكره والسكران]
(قال) ابن وهب وبلغني عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه سئل عن نصراني طلق
امرأته وفى حكمهم أن الطلاق بتات ثم أسلما فأراد أن ينكحها (قال ربيعة) نعم ان
أراد أن ينكحها فذلك لهما ويرجع على طلاق ثلاث لان نكاح الاسلام مبتدأ (ابن
وهب) وقال لي مالك في طلاق المشركين نساءهم ثم يتناكحون بعد اسلامهم قال
لا يعد طلاقهم شيئا (وأخبرني) ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن عمر بن
الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن عبيد بن عمير
ومجاهد وطاوس وغيرهم من أهل العلم أنهم كانوا لا يرون طلاق المكره شيئا وقال
ذلك عبد الرحمن بن القاسم ويزيد بن قسيط (قال عطاء) قال الله تبارك وتعالى إلا أن
تتقوا منهم تقاة (وقال) ابن عبيد الله بن عمير الليثي انهم قوم فتانون (وأخبرني)
عن ابن وهب عن حياة بن شريح عن محمد بن العجلان أن عبد الله بن مسعود قال
ما من كلام كان يدرأ عنى سوطين من سلطان الا كنت متكلما به (وقال) عبد الله بن
عمر وعبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز في طلاق المكره انه لا يجوز (قال) ابن
وهب قال مالك وبلغني عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أنهما سئلا عن السكران
إذا طلق امرأته أو قتل فقالا إن قتل قتل وان طلق جاز طلاقه (ابن وهب) عن
مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت عبد الله بن مقسم يقول سمعت سليمان بن
29

يسار يقول طلق رجل من آل أبي البختري امرأته (قال) حسبت أنه قال عبد الرحمن
وقد قيل لي انه هو المطلب بن أبي البختري طلق امرأته وهو سكران فجلده عمر بن
الخطاب الحد وأجاز طلاقه (قال) وأخبرني ابن وهب عن رجال من أهل العلم
عن القاسم بن محمد وسالم وابن شهاب وعطاء بن أبي رباح ومكحول ونافع وغير واحد
من التابعين مثل ذلك يجيزون طلاق السكران قال بعضهم وعتقه (قال) وأخبرني ابن
وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال لا نرى طلاق الصبي يجوز قبل أن
يحتلم قال وان طلق امرأته قبل أن يدخل بها فإنه قد بلغنا أن في السنة أن لا تقام الحدود
الا على من احتلم وبلغ الحلم والطلاق حد من حدود الله تبارك وتعالى قال الله تعالى فلا
تعتدوها فلا نرى أمرا أوثق من الاعتصام بالسنن (ابن وهب) عن رجال من أهل
العلم عن عبد الله بن عباس وربيعة مثله وان عقبة بن عامر الجهني كأن يقول لا يجوز
طلاق الموسوس (وأخبرني) ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي
طالب وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن شهاب وربيعة ومكحول انه لا يجوز
طلاق المجنون ولا عتاقته (وقال ابن شهاب) إذا كأن لا يعقل فلا يجوز طلاق المجنون والمعتوه (قال ربيعة) المجنون الملتبس بعقله الذي لا يكون له إفاقة يعمل فيها برأي
(وقال) يحيى بن سعيد ما نعلم على مجنون طلاقا في جنونه ولا مريض مغمور لا يعقل
إلا أن المجنون إذ كان يصحو من ذلك ويرد إليه عقله فإنه إذا عقل وصح جاز عليه
أمره كله مثل ما يجوز على الصحيح وقال ذلك مكحول في المجنون
(بسم الله الرحمن الرحيم)
[ما جاء في خيار الأمة تعتق وهي تحت زوج حر أو عبد]
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أن أمة أعتقت وهي تحت مملوك أو حر (قال) قال مالك إذا أعتقت تحت حر
فلا خيار لها وإذا أعتقت تحت عبد فلها الخيار
(ابن وهب) عن ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن القاسم بن محمد أن عائشة
أخبرته أن بريرة كانت تحت عبد مملوك فلما عتقت قال لها رسول الله صلى الله عليه
30

وسلم أنت أملك بنفسك إن شئت أقمت مع زوجك وإن شئت فارقته ما لم يمسك
(ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الفضل بن الحسن
الضمري قال سمعت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أعتقت الأمة وهي تحت العبد فأمرها بيدها
فان هي قرت حتى يطأها فهي امرأته لا تستطيع فراقه (ابن وهب) وقال ربيعة
ويحيى بن سعيد وان مسها ولم تعلم بعتقها فلها الخيار حتى يبلغها (قلت) لابن القاسم فان
اختارت نفسها أيكون فسخا أو طلاقا (قال) قال مالك يكون طلاقا (وقال) ابن القاسم
وقال مالك ان طلقت نفسها واحدة فهي واحدة بائنة وان طلقت نفسها اثنتين فهي
اثنتان باثنتان وهي في التطليقتين تحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره لان ذلك جميع
طلاق العبد (قال) وذكر مالك عن ابن شهاب ان زنرا (1) طلقت نفسها ثلاثا (قلت)
ولم جعل مالك خيارها تطليقة بائنة وهو لا يعرف تطليقة بائنة (قال) لان كل فرقة
من قبل السلطان فهي تطليقة بائنة (2) عند مالك وإن لم يؤخذ عليها مال ألا ترى أن
الزوج إذا لم يستطع أن يمس امرأته فضرب له السلطان أجل سنة ففرق بينهما انها
تطليقة بائنة (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال إن خيرت فقالت
أنى قد فارقته أو طلقته فهي أملك بأمرها وقد بانت منه (ابن وهب) وأخبرني رجال
من أهل العلم عن ربيعة ويحيى بن سعيد وعطاء بن أبي رباح مثله (قال) يحيى وعطاء
وان عتق زوجها قبل أن يحل أجلها لم يكن له عليها رجعة إلا أن تشاء المرأة ويخطبها مع
الخطاب (قلت) أرأيت ان قالت هذه الأمة حين أعتقت قد اخترت نفسي أيجعل هذا الخيار واحدة أم اثنتين أم ثلاثا (قال) إذا لم يكن لها نية فهي واحدة بائنة لان
مالكا كان مرة يقول ليس لها أن تطلق نفسها أكثر من واحدة وكأن يقول
خيارها واحدة ثم رجع إلى القول الذي أخبرتك به فأرى إذا لم يكن لها نية أنها

(1) (قوله زنرا) كذا بالأصل في عدة مواضع وفى القاموس زنيرة كسكنية فليحرر اه‍ مصححة
(2) بهامش الأصل هنا ما نصه الا فرقة المولي والمعسر بالنفقة اه‍
31

واحدة بائنة إلا أن تنوى اثنتين أو ثلاثا فيكون ذلك لها (قال ابن القاسم) وقد
سألنا مالكا عن الأمة يطلقها العبد تطليقة ثم تعتق فتختار نفسها (قال) هما تطليقتان
ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره
[في الأمة تعتق فتختار نفسها عند غير السلطان]
(قلت) أرأيت الأمة إذا عتقت وهي تحت عبد فاختارت فراقه عند غير السلطان
أيجوز ذلك لها أم لا في قول مالك قال نعم (قلت) ويكون فراقها تطليقة (قال)
ذلك إلى الجارية ان فارقته بالبتات فذلك لها وان فارقته بتطليقة فذلك لها (قلت) لم
قال مالك لها أن تفارقه بالبتات (قال) لحديث زنرا حين أعتقت وهي تحت عبد فقالت
لها حفصة ان لك الخيار ففارقته ثلاثا
[في الأمة تعتق تحت العبد فلم تختر نفسها حتى عتق زوجها]
(قلت) أرأيت الأمة إذا أعتقت وهي تحت عبد فلم تختر حتى عتق زوجها أيكون
لها الخيار في قول مالك (قال) قال مالك لا خيار لها إذا عتق زوجها قبل أن تختار (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الأمة تكون تحت العبد فيعتقان
جميعا (قال) لا نرى لها شيئا من أمرها وقاله مجاهد في العبد والأمة مثله (وقال) عن
يونس عن ابن شهاب في المكاتب والمكاتبة يعتقان جميعا معا بكلمة قال ليس لها خيار
ان أعتقتهما كلمة واحدة (ابن وهب) قال أخبرني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال ما نعلم الأمة تخير وهي تحت الحر إنما تخير الأمة فيما علمنا إذا كانت تحت عبد
ما لم يمسها (وأخبرني) ابن وهب رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عمر وعبد الله
ابن عباس وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح والأزاعى وغيرهم
من أهل العلم مثله
32

[في الأمة تعتق وهي حائض أولا يبلغها الا بعد زمان]
[أيكون لها خيار نفسها]
(قلت) أرأيت الأمة إذا أعتقت وهي حائض فاختارت نفسها أيكره ذلك لها
أم لا (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك فيها وأكره لها ذلك إلا أن تختار نفسها
فيجوز ذلك (قلت) أرأيت الأمة تكون تحت العبد فأعتقت فلم تعلم بعتقها الا بعد
زمان وقد كان العبد يطؤها بعد العتق ولم يعلم بالعتق أيكون لها الخيار في قول مالك
(قال) نعم كذلك قال مالك (قلت) والخيار لها إنما هو في مجلسها الذي علمت فيه
بالعتق في قوله مالك (قال) نعم ذلك لها ولها الخيار ما لم يطأها من بعد ما علمت بالعتق
(قلت) وان مضى يوم أو يومان أو شهر أو شهران فلها الخيار في هذا كله إذا لم
يطأها بعد العلم في قول مالك (قال) نعم إذا وقفت في هذا الذي ذكرت لك وقوفا
لتختار فيه فمنعته نفسها وكذلك قال مالك (قال ابن القاسم) وإن كان وقوفها ذلك
وقوف رضا بالزوج كانت قد رضيت به فلا خيار لها بعد أن تقول قد رضيت بالزوج
(قلت) أرأيت ان وقفت سنة فلم تقل قد رضيت ولم تقل لم أرض ولم تقل إنما وقفت
للخيار ولم يطأها الزوج في هذا كله أيكون لها أن تختار نفسها (قال) تسئل عن وقوفها
لماذا وقفت فان قالت وقفت لا ختار كان القول قولها وان قالت وقفت وقوف رضا
بالزوج فلا خيار لها (قلت) وتحلف أنها لم تقف لرضاها بزوجها (1) (قال) لا لان مالكا
قال لي في النساء لا يحلفن في التمليك (قلت) أرأيت ان كانت أمة جاهلة لم تعلم أن
لها الخيار إذا أعتقت فأعتقت وهي تحت عبد فكان يطؤها وقد علمت بالعتق إلا أنها
تجهل أن لها الخيار إذا أعتقت أيكون لها أن تختار في قول مالك (قال) قال مالك لا خيار
لها إذا علمت فوطئها بعد علمها بالعتق جاهلة كانت أو عالمة (ابن وهب) وقال مالك

(1) بهامش الأصل هنا ما نصه. انظر قوله ههنا وتحلف انها لم تقف لرضاها بزوجها قال لا لم يجعل
عليها اليمين في هذه المسألة وجعله في المسألة التي قبلها في النصف الأول إذا أذنت له ان يتزوج ثم
تزوج أخرى فأنكرت قال لها ذلك وتحلف ألزمها اليمين في تلك وأسقطه عنها في هذه وكلتا
المسألتين تمليك وما ظهرت لي علة يفرق بها بينهما ولا نحمله الا اختلافا من قوله والله أعلم اه‍
33

في الأمة تحت العبد يعتق بعضها انه لا خيار لها (وقال أبو الزناد) في الأمة تكون
تحت العبد فيعتق بعضها انه لا خيار لها (ابن وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه
عن عبد الرحمن بن القاسم وابن قسيط أنهما قالا لو أن أمة أعتقت تحت عبد فلم
تشعر بعتقها حتى عتق العبد لم تستطع أن تفارقه (وأخبرني) ابن وهب عن يونس
أنه سأل ابن شهاب عن الأمة تعتق تحت العبد قبل قبل أن يدخل بها وقد فرض لها فتختار
نفسها (قال) لا نرى لها الصداق والله أعلم من أجل أنها تركته ولم يتركها وإنما قال
الله عز وجل وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فليس هو فارق ولكن هي فارقته
بحق لحق فاختارت نفسها عليه فليست عليها عدة ولا نرى لها شيئا من الصداق
ولا نرى لها متاعا وكان الامر إليها في السنة (وقال) ربيعة ويحيى بن سعيد مثله
[ما جاء في طلاق المريض]
(قلت) أرأيت ان طلق رجل امرأته وهو مريض قبل البناء بها (قال) قال مالك
لها نصف الصداق ولها الميراث ان مات من مرضه ذلك (قلت) فهل يكون على
هذه عدة الوفاة أو عدة الطلاق (قال) قال مالك لا عدة عليها لا عدة وفاة ولا عدة
طلاق (قال مالك) وان طلقها طلاقا بائنا وهو مريض وقد دخل بها كان عليها عدة
الطلاق ولها الميراث. وإن كان طلاقا يملك رجعتها فمات وهي في عدتها من الطلاق
انتقلت إلى عدة الوفاة وان انقضت عدتها من الطلاق قبل أن يهلك فهلك بعد ذلك
فلها الميراث ولا عدة عليها من الوفاة (قلت) فهل ترث المرأة أزواجا كلهم يطلقها
في مرضه ثم تتزوج زوجا والذين طلقوها كلهم أحياء ثم ماتوا من قبل أن يصحوا من
مرضهم ذلك وهي تحت زوج أتورثها من جميعهم أم لا في قول مالك (قال) لها الميراث
من جميعهم (قال مالك) وكذلك لو طلقها واحدة البتة وهو مريض وتزوجت أزواجا
بعد ذلك كلهم يطلقها ورثت الأول إذا مات من مرضه ذلك (قلت) أرأيت لو
أن رجلا طلق امرأته وهو مريض ثلاثا أو واحدة يملك فيها رجعتها ثم برأ وصح
من مرضه ذلك ثم مرض بعد ذلك فمات من هذا المرض الثاني (قال) قال مالك ان
34

كان طلقها واحدة ورثته ان مات وهي في عدتها وإن كان طلاقه إياها البتة لم ترثه
وان مات في عدتها إذا صح فيما بين ذلك صحة بينة معرفة (قال) وان طلقها واحدة
وهو مريض ثم صح ثم مرض ثم طلقها وهو مريض في مرضه الثاني تطليقة أخرى أو
البتة لم ترثه إلا أن يموت وهي في عدتها من الطلاق الأول (قال مالك) لأنه في الطلاق
الثاني ليس بفار (قال مالك) إلا أن يرتجعها ثم يطلقها وهو مريض فترثه وان انقضت
عدتها لأنه قد صار بالطلاق الآخر فارا من الميراث لأنه حين ارتجعها صارت بمنزلة
سائر أزواجه اللائي لم يطلق (قلت) أرأيت ان طلقها في مرضه ثلاثا ثم ماتت المرأة
والزوج مريض بحاله ثم مات الزوج بعد موت المرأة من مرضه ذلك أيكون للمرأة
شئ من الميراث أم لا في قول مالك (قال) لا شئ للمرأة من الميراث في قول مالك
لأنها هلكت قبله ولا ميراث للأموات من الاحياء ولا يرثها إن كان طلقها البتة أو
واحدة فانقضت عدتها (قلت) أرأيت ان قال لامرأته وهو صحيح أنت طالق إذا
قدم فلان فقدم فلان والزوج مريض فمات من مرضه ذلك أترثه أم لا (قال) ترثه
لأني سألت مالكا عن الرجل يحلف بطلاق امرأته ان دخلت بيتا فتدخله هي وهو
مريض فتطلق عليه ثم يموت من مرضه ذلك أترثه (قال) قال مالك نعم ترثه (قلت) انها
هي التي دخلت (قال) وان دخلت لان كل طلاق يقع والزوج مريض فيموت من
مرضه ذلك أنها ترثه (قلت) أرأيت ان مرض رجل فقال قد كنت طلقت امرأتي
في صحتي (قال) قال مالك انها ترثه وهو فار وعليها العدة عدة الطلاق من يوم أقر
بالطلاق إذا أقر بطلاق بائن وان أقر بطلاق يملك فيه الرجعة فمات قبل انقضاء العدة
انتفلت إلى عدة الوفاة وورثته وان انقضت عدتها من يوم أقر بما أقر به فلها الميراث
ولا عدة عليها (قلت) أرأيت إذا قرب لضرب الحدود أو لقطع يد أو رجل أو
لجلد الفرية أو لجلد في حد الزنا فطلق امرأته فضرب أو قطعت يده أو رجل فمات
من ذلك أترثه أم لا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن
مالكا قال في الرجل يحضر الزحف أو يحبس للقتل ان ما صنع في تلك الحالة في
35

ماله انه بمنزلة المريض (قال ابن القاسم) وأما ما سألت عنه من قطع اليد أو الرجل
أو ضرب الحدود فلم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى أنه ما كان من ذلك
يخاف منه الموت على الرجل كما خيف على الذي حضر القتال فأراه بمنزلة المريض
(قلت) أرأيت ان طلق رجل امرأته وهو في سفينة في لج البحر أو في النيل
أو في الفرات أو الدجلة أو بطائح البصرة (قال) سئل مالك عن أهل البحر إذا عدوا
فيصيبهم النوء أو الريح الشديدة فيخافون الغرق فيعتق أحدهم على تلك الحال امرأة
في الثلث (قال مالك) ما أرى هذا يشبه الخوف ولا أراه في الثلث وأراه من رأس
المال وكذلك قال مالك وغيره (قال سحنون) وقد روى عن مالك أن
أمر راكب البحر في الثلث (قلت) أرأيت ان طلقها وهو مقعد أو مفلوج أو أجذم
أو أبرص أو مسلول أو محموم حمى ربع أو به قروح أو جراحة (قال) سئل مالك
عن أهل البلايا مثل المفلوج أو المجذوم أو الأبرص أو ما أشبه هؤلاء في أموالهم إذا
أعطوها أو تصدقوا بها في حالاتهم (قال مالك) ما كان من ذلك أمرا يخاف على
صاحبه منه فلا يجوز له الا في ثلث ماله وما كان من ذلك لا يخاف على صاحبه منه
فرب مفلوج يعيش زمانا ويدخل ويخرج ويركب ويسافر ورب مجذوم يكون ذلك
منه جذاما يابسا يسافر ويقبل ويدبر فهؤلاء وما أشبههم يجوز قضاؤهم في أموالهم من
جميع المال ومنهم من يكون ذلك منه قد أضناه فيكون مرضا من الأمراض قد ألزمه
البيت والفراش يخاف عليه منه فهذا لا يجوز قضاؤه الا في ثلثه وفسر مالك هذا
التفسير شبيها بما فسرت فكل من لا يجوز قضاؤه في جميع ماله فطلق في حالته تلك
فلامرأته الميراث منه ان مات من مرضه ذلك (قلت) أرأيت لو أن رجلا طلق
امرأته في مرضه فتزوجت أزواجا وهو مريض فلما حضرته الوفاة أوصى لها بوصايا
أيكون لها الميراث والوصية جميعا (قال) أرى لها الميراث ولا وصية لها لأنه
لا وصية لوارث في قول مالك وهذه وارثة (قلت) أرأيت لو أن رجلا طلق
امرأته في مرضه فقتلته امرأته خطأ أو عمدا (قال) أرى ان قتلته خطأ ان لها الميراث
36

في ماله ولا ميراث لها من الدية والدية على عاقلتها وان قتلته عمدا فلا ميراث لها من
ماله وعليها القصاص إلا أن يعفو عنها الورثة فان عفا عنها الورثة على مال أخذوه
منها فلا ميراث لها أيضا منه (قلت) أرأيت لو أن رجلا نكح امرأة في مرضه
ثم مات من مرضه ذلك (قال) قال مالك لا يقر على نكاحه ولا ميراث لها وإن لم
يطلقها فلا صداق لها إلا أن يكون دخل بها فلها الصداق في ثلث ماله مبدأ على
الوصايا ولا ميراث لها (قلت) أرأيت إن كان سمى لها من الصداق أكثر من
صداق مثلها أيكون لها الذي سمى لها في قول مالك أم صداق مثلها (قال) يكون
لها صداق مثلها ويكون مهرها هذا مبدأ على الوصايا وعلى العتق (قال) ويبدأ صداقها
على المدبر في الصحة أيضا (1) (قلت) أفتضرب به مع الغرماء (قال) جعله مالك في
الثلث فكل شئ يكون في الثلث فالدين مبدأ عليه في قول مالك (قلت) أرأيت
لو أن مريضا ارتد في مرضه عن الاسلام فقتل في ردته أترثه امرأته وورثته أم لا
(قال ابن القاسم) لا يرثه ورثته المسلمون (قال مالك) ولا يتهم أحد عند الموت أنه
يفر بميراثه عن ورثته بالشرك بالله (قلت) أرأيت ان قذفها في مرضه فلا عن
السلطان بينهما فوقعت الفرقة فمات من مرضه ذلك أترثه في قول مالك (قال) لم أسمعه
من مالك وأرى ترثه
[ما جاء في طلاق المريض أيضا قبل البناء]
(قلت) أرأيت المريض إذا طلق امرأته في مرضه قبل البناء بها ثم تزوجها في مرضه
ذلك (قال) لا أرى له نكاحا إلا أن يدخل بها فيكون بمنزلة من نكح وهو

(1) (قوله ويبدأ صداقها على المدبر في الصحة أيضا) بهامش الأصل هنا ما نصه (يحيى) اختلف
قول ابن القاسم في مدبر الصحة فقال مرة يبدأ المدبر عليها وقاله أصبغ في الأصول وقال مرة
تبدأ هي عليه وقاله ابن الماجشون وقال ابن الماجشون لها المسمى في الثلث مبدأ على غيره (قلت) له
فإن كان له ميراث لم يعلم به أتعطى منه (قال) نعم لان أمره لم يحمل على العطية وإنما هو حق لزمه
وإنما يمنع ما لم يعلم به أهل وصاياه الذين لا يطلبونه بحق انتهى
37

مريض ودخل (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال حدثني طلحة
ابن عبد الله بن عوف أن عبد الرحمن بن عوف عاش حتى حلت تماضر وهو حي ثم
ورثها عثمان بن عفان من عبد الرحمن بعد ما حلت للأزواج (قال ابن شهاب) وحدثني
طلحة أنه قيل لعثمان لم ورثتها من عبد الرحمن بن عوف وقد عرفت أن عبد الرحمن لم
يطلقها ضرارا ولا فرارا من كتاب الله قال عثمان أردت أن يكون سنة تهاب الناس
الفرار من كتاب الله (قال ابن شهاب) وبلغنا أن عثمان بن عفان أمير المؤمنين كان
قد ورث أم حكيم ابنة قارط من عبد الله بن مكمل وطلقها في وجعه ثم توفى بعد
ما حلت (ابن وهب) عن مالك عن ابن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن
عوف وكان أعلمهم بذلك (وعن) أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن
طلق امرأته وهو مريض فورثها عثمان بعد انقضاء عدتها (مالك) عن ربيعة
ابن أبي عبد الرحمن أنها كانت آخر ما بقي له من الطلاق (عمرو بن الحرث) عن
يحيى بن سعيد بذلك (قال) فقيل لعثمان أتتهم أبا محمد قال لا ولكن أخاف أن يستن به
(رجال من أهل العلم) عن علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وربيعة وابن شهاب
بذلك (قال ربيعة) وان نكحت بعده عشرة أزواج ورثتهم جميعا وورثته أيضا (ابن
وهب) عن سفيان بن سعيد عن المغيرة بن مقسم عن إبراهيم بن يزيد أن عمر بن
الخطاب قال في الرجل يطلق امرأته وهو مريض قال ترثه ولا يرثها (وقال)
ربيعة مثله (وقال) الليث أيضا مثله (ابن وهب) عن يزيد بن عياض عن عبد الكريم
ابن أبي المخارق عن مجاهد بن جبير أنه كأن يقول إذا طلق الرجل امرأته وهو
مريض قبل أن يدخل بها فلها ميراثها منه وليس لها الا نصف الصداق (مخرمة بن
بكير) عن أبيه قال يقال إذا طلق الرجل امرأته ثلاث تطليقات قبل أن يمسها وقد
فرض لها فطلقها وهو وجع انها تأخذ نصف صداقها وترثه (قال يونس) قال ربيعة
إذا طلق وهو مريض ثم صح صحة يشك فيها قال إن صح حتى تملك ماله انقطع ميراثها
وان تماثل ونكس من مرضه ورثته امرأته (يونس بن يزيد) أنه سأل ابن شهاب
38

عن رجل يكون به مرض لا يعاد منه رمد أو جرب أو ريح أو لقوة أو فتق أيجوز
طلاقه (قال ابن شهاب) ان أبت الطلاق فيما ذكرت من الوجع فإنها لا ترثه (قال
يونس) وقال ربيعة إنما يتوارثان إذا كان مرض موت (يونس بن يزيد) عن
ربيعة أنه قال في رجل أمر امرأته أن تعتد وهو صحيح ثم مرض وهي في عدتها
ثم مات قبل أن يصح وقد أنقضت عدتها قبل أن يموت وكيف ان أحدث لها طلاقا
في مرضه أو لم يحدث أترثه وتعتد منه (قال) لا ميراث لها لا أن يكون راجعها ثم
طلقها فإن كان راجعها ثم طلقها في مرضه فلها الميراث وان انقضت عدتها إذا مات
من ذلك المرض فليس عليها الا عدة ما حلت منه من الطلاق (وقال عبد الرحمن
ابن القاسم) بلغني عن بعض أهل العلم في رجل تزوج امرأة فدخل بها ثم تزوج
أخرى فلم يدخل بها فطلق إحداهما تطليقة فشك الرجل فلم يدر أيتهما طلق ثم هلك
الرجل قبل أن تنقضي عدتها ولم يعلم أيتهما طلق المدخول بها أو التي لم يدخل بها
(قال) أما التي قد دخل بها فصداقها لها كاملا ولها ثلاثة أرباع الميراث وأما التي لم
يدخل بها فلها ثلاثة أربع الصداق وربع الميراث لأنه ان كانت التي لم يدخل بها هي
المطلقة فلها نصف الصداق ثم تقاسم الورثة نصف الصداق الآخر بالشك لأنها تقول
صاحبتي هي المطلقة وتقول الورثة بل أنت المطلقة فيتنازعان النصف الباقي فلا بد
من أن يقتسماه بينهما وأما الميراث فان التي قد دخل بها تقول لصاحبتها أرأيت لو كنت
أنا المطلقة حقا واحدة ألم يكن لي نصف الميراث فأسلميه إلى فتسلم إليها ثم يكون
النصف الباقي بينهما نصفين لأنه لا يدرى أيتهما طلق ولأنهما يتنازعانه بينهما فلا بد من
أن يقسم بينهما وإن كان طلقها البتة فإنه يكون للتي قد دخل بها الصداق كاملا ونصف
الميراث ويكون للأخرى التي لم يدخل بها ثلاثة أرباع الصداق ونصف الميراث لان
الميراث لما وقع بالطلاق البتة قالت كل واحدة منهن هو لي وأنت المطلقة ولم يكن
للورثة حجة عليهما لان الميراث أيتهما خلت به فهو لها كله وكانت أحق به من الورثة
فلا بد من أن يقسم بينهما وأما الصداق فأما التي قد دخل بها فقد استوجبت صداقها
39

كله وأما التي لم يدخل بها فلها النصف ان كانت هي المطلقة لا شك فيه وتقاسم
الورثة النصف الباقي بالشك فكل ما يرد عليك من هذا الوجه فقسه على هذا وهو
كله رأيي وان طلقها واحدة فانقضت عدة التي دخل بها قبل أن يموت ثم هلك بعد
ذلك فهو مثل ما وصفت لك في البتة (قلت) أرأيت أن تزوج الرجل امرأة وأمها
في عقد مفترقة ولا يعلم أيتهما أول وقد دخل بهما أو لم يدخل بهما حتى مات ولم يعلم
أيتهما الأولى (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إن كان قد دخل بهما فلا بد من
الصداق الذي سمى لكل واحدة منهما ولا ميراث لهما منه وإن كان لم يدخل بهما فلا
بد من صداق واحدة فيما بينهما يتوزعانه بينهما والميراث فيما بينهما وإن كان صداقهما
الذي سمى مختلفا صداق واحدة أكثر من صداق الأخرى لم تعط النساء أقل
الصداقين ولا أكثر الصداقين ولكن النصف من صداق كل واحدة الذي سمى لها
يكون لها لان المنازعة في الأقل من الصداقين أو الأكثر من الصداقين صارت بين
النساء وبين الورثة (قلت) فلو ادعت كل واحدة منهما أكثر من الصداقين انه لها
دون صاحبتها (قال) يكون لهما نصف الصداق يقتسمانه بينهما نصفين (قلت)
وكذلك أن مات وترك خمس نسوة ولا يعلم أيتهن الخامسة (قال)
نعم (1) [ما جاء في اختلاف الشهداء في الشهادات في الطلاق]
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلين شهدا على رجل أنه طلق احدى نسائه

(1) بهامش الأصل هنا ما نصه ولو أن رجلا مات وترك خمس نسوة لا يدرى أيتهن الخامسة
فإنه إن كان لم يدخل بهن يكون لهن الميراث يقسم بينهن يكون لكل واحدة خمس الثمن أو خمس
الربع ويكون لكل واحدة منهن أربعة أخماس صداقها إن كان صداقهن سواء كان لهن صدق
أربعة يقتسمنه بينهن وإن كان دخل بهن كلهن فلا بد في الميراث من أن يكون بينهن على ما حكينا
ويكون لكل واحدة منهن صداقها المسمى لها ثم ينظر في العدة فإن لم يدر أيتهن الخامسة كان
على كل واحدة منهن أقصى الأجلين وان كانت كل واحدة تعرف أنها هي الأولى والثانية والثالثة
والرابعة قيل لهن عليكن العدة أربعة أشهر وعشر وعلى الخامسة إذا عرفت ثلاث حيض ولو
أقرت أنها الخامسة ما كان لها سهم في الميراث اه‍
40

هؤلاء الأربع وقالا نسيناها (قال) أرى شهادتهم لا تجوز إذا كان منكرا يحلف
بالله ما طلق واحدة منهن (قلت) أرأيت ان قالوا نشهد أنه قال احدى نسائي
طالق (قال) يقال للزوج ان كنت نويت واحدة بعينها فذلك لك والا طلقن عليك
كلهن (قال) ولم أسمع هذا من مالك ولكنه رأيي (قلت) أرأيت ان شهد شاهد
على رجل بتطليقة وشهد آخر على ثلاث (قال) قال مالك يحلف على الثلاث البتات
فان حلف لزمته تطليقة وإن لم يحلف سجن حتى يحلف وكان مرة يقول إذا لم يحلف
طلقت عليه البتة وسمعته منه ثم رجع إلى أن قال يحبس حتى يحلف (قلت) أهي
واحدة لازمة في قول مالك ان حلف وأن لم يحلف قال نعم (قلت) أرأيت ان
شهد أحدهما على رجل أنه قال لامرأته أنت طالق ان دخلت الدار وأنه قد دخل
الدار وشهد الآخر أنه قال لامرأته أنت طالق ان كلمت فلانا وأنه قد كلمه أيطلق
عليه أم لا (قال مالك) لا تطلق عليه وفى قول مالك الآخر يلزم الزوج اليمين أنه لم
يطلق ويكون بحال ما وصفت لك ان أبى اليمين سجن وفى قوله الأول ان أبى اليمين
طلقت عليه (قال مالك) وكذلك هذا في الحرية مثل ما وصفت لك في الطلاق واباؤه
اليمين في الحرية وفى الطلاق سواء يحبس (قال مالك) وان شهد عليه واحد أنه
طلقها يوم الخميس بمصر في رمضان وشهد الآخر أنه طلقها يوم الجمعة بمكة في ذي
الحجة انها طالق واحدة وكذلك هذا في الحرية (قال) وإذا شهد أحدهما أنه قال في
رمضان ان دخلت دار عمرو بن العاص فامرأتي طالق وشهد الآخر أنه قال في ذي
الحجة ان دخلت دار عمرو بن العاص فامرأتي طالق وشهد عليه آخران أنه قد دخلها
من بعد ذي الحجة فهي طالق ولا تبطل شهادتهما لاختلاف المواضع التي شهدا فيها
على يمينه وتطلق عليه امرأته إذا شهدا عليه بالدخول أو شهد عليه غيرهما بالدخول إذا
كان دخوله بعد ذي الحجة لان اليمين إنما لزمته بشهادتهما جميعا (قلت) فان
شهدا عليه جميعا في مجلس واحد أنه قال إن دخلت دار عمرو بن العاص فامرأتي
طالق فشهد أحدهما أنه دخلها في رمضان وشهد الآخر أنه دخلها في ذي الحجة
41

(قال) لم أسمع في هذا شيئا من مالك وأرى أن يطلق عليه ولأنهما قد شهدا على
دخوله وإنما حنثته بدخوله فقد شهدا على الدخول فهو حانث وإنما مثل ذلك عندي
مثل ما لو أن رجلا حلف بطلاق امرأته أن لا يكلم انسانا فاستأدت عليه امرأته
فزعمت أنه كلم ذلك الرجل فأقامت عليه شاهدين فشهد أحدهما أنه رآه يكلمه في
السوق وشهد الآخر أنه رآه يكلمه في المسجد فشهادتهما جائزة عليه وكذلك هذا
في العتاقة وإنما الطلاق حق من الحقوق وليس هو حدا من الحدود (قلت) أرأيت
ان شهد عليه أحدهما أنه قال لامرأته أنت طالق البتة وشهد الآخر أنه قال لامرأته
أنت على حرام (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى شهادتهما جائزة وأراها
طالقا لأنهما جميعا شهدا على الزوج بكلام هو طلاق كله وإنما مثل ذلك مثل رجل
شهد فقال أشهد أنه قال امرأته طالق ثلاثا وقال الشاهد الآخر أشهد أنه قال
امرأته طالق البتة فذلك لازم للزوج وشهادتهما جائزة (قلت) أرأيت ان شهد
أحدهما عليه بخلية وشهد الآخر ببرية أو ببائن (قال) ذلك جائز على الزوج وتطلق عليه
(قال) وقال لي مالك وقد تختلف الشهادة في اللفظ ويكون المعنى واحدا فإذا كان
المعنى واحدا رأيتهما شهادة واحدة جائزة (قلت) أرأيت لو أن شاهدا شهد فقال
أشهد أنه طلقها ثلاثا البتة وقال الآخر أشهد أنه قال إن دخلت الدار فأنت طالق
وأنه قد دخلها وشهد معه على الدخول رجل آخر (فقال) لا تطلق هذه لان هذا شاهد
على فعل وهذا على اقرار (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه
سأل سليمان بن يسار عن رجل شهد عليه رجل أنه طلق امرأة بإفريقية ثلاثا وشهد
آخر أنه طلقها بمصر ثلاثا وشهد آخر أنه طلقها بالمدينة ثلاثا لا يشهد رجل منهم
على شهادة صاحبه هل يفعل بهم شئ قال لا (قلت) هل تنتزع منه امرأته
قال نعم (ابن وهب) عن يونس عن ربيعة أنه قال في نفر ثلاثة شهدوا علي
رجل بثلاث تطليقات شهد كل رجل منهم على واحدة ليس معه صاحبه فأمر الرجل
أن يحلف أو يفارق فأبى أن يحلف وقال إن كانت شهادة يقطع بها حق فأبعدها (قال)
42

أرى أن يفرق بينه وبين امرأته وأن تعتد عدتها من يوم يفرق بينهما وذلك لأني
لا أدرى أي شهادات النفر نكل فعدتها من اليوم الذي نكل فيه (ابن وهب) عن
يونس عن ابن شهاب عن أبي الزناد في رجل شهد عليه رجال مفترقون على طلاق
واحد بثلاث وآخر باثنتين وآخر بواحدة ذهبت منه بتطليقتين (قلت) لابن القاسم
أتجوز الشهادة على الشهادة في الطلاق في قول مالك قال نعم (قلت) وتجوز شهادة
الشاهد على الشاهد في قول مالك (قال) لا يجوز الا شاهدان على شاهد (قلت)
ولا يجوز أن يشهد شاهد على شهادة شاهد واحد ويحلف المدعى مع هذا الشاهد على
شهادة ذلك الشاهد الذي أشهده (قال) لا يحلف في قول مالك لأنها ليست بشهادة
رجل تامة وإنما هي بعض شهادة فلا يحلف معها المدعى (قلت) وتجوز الشهادة على
الشهادة في قول مالك في الحدود والفرية (قال) قال لي مالك الشهادة على الشهادة
جائزة في الحدود والطلاق والفرية وفى كل شئ من الأشياء الشهادة على الشهادة جائزة
في قول مالك وكذلك قال لي مالك (قلت) فهل تجوز شهادة الأعمى في الطلاق (قال)
قال مالك نعم إذا عرف الصوت (قال ابن القاسم) فقلت لمالك فالرجل يسمع جاره
من وراء حائط ولا يراه يسمعه يطلق امرأته فيشهد عليه وقد عرف صوته (قال)
قال مالك شهادته جائزة وقال ذلك علي بن أبي طالب والقاسم بن محمد وشريح الكندي
والشعبي وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد وربيعة وإبراهيم النخعي ومالك والليث
(قلت) أرأيت المحدود في القذف أتجوز شهادته إذا ظهرت توبته في الطلاق (قال)
قال مالك نعم تجوز شهادته إذا حسنت حالته (قال) وأخبرني بعض إخواننا أنه قيل لمالك
فالرجل الصالح الذي هو من أهل الخير يقذف فيجلد فيما يقذف أتجوز شهادته بعد
ذلك وعدالته وقد كان من أهل الخير قبل ذلك (قال) إذا ازداد درجة إلى درجته التي
كان فيها (قال) ولقد كان عمر بن عبد العزيز عندنا هاهنا رجلا صالحا عدلا فلما ولى
الخلافة ازداد وارتفع وزهد في الدنيا وارتفع إلى فوق ما كان فيه فكذلك هذا
(ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أجاز عمر بن الخطاب شهادة
43

من كان الذين جلدوا في المغيرة بن شعبة وأجازها عبد الله بن عبيد وعمر بن عبد
العزيز والشعبي وسليمان بن يسار وابن قسيط وابن شهاب وربيعة ويحيى بن سعيد
وسعيد بن المسيب وشريح وعطاء بن أبي رباح (قلت) أرأيت أهل الذمة هل تجوز
شهادة بعضهم على بعض في شئ من الأشياء في قول مالك قال لا (وقال) عبد الله بن
عمرو بن العاص وعطاء بن أبي رباح وعامر الشعبي لا تجوز شهادة ملة على ملة (وقال)
عبد الله بن عمر لا تجوز شهادة أهل المال بعضهم على بعض وتجوز شهادات المسلمين
عليهم (قلت) هل تجوز شهادة نساء أهل الذمة في الولادة في قول مالك قال لا
(قلت) أرأيت لو أن رجلين شهدا على رجل أنه أمرهما أن يزوجاه فلانة وانهما
قد زوجاه وهو يجحد (قال) قال مالك لا تجوز شهادتهما لأنهما خصمان (قلت)
وكذلك أن شهدا أنه أمرهما أن يبيعا له بيعا وأنهما قد فعلا والرجل ينكر ذلك (قال)
نعم لا تجوز شهادتهما عليه في قول مالك لأنهما خصمان (قلت) أرأيت ان قال قد
أمرتهما أن يبتاعا لي عبد فلان وانهما لم يفعلا وقالا قد فعلنا وقد ابتعناه لك (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا وأرى القول قولهما انهما قد ابتاعا له العبد لأنه قد أقر أنه
أمرهما بذلك فالقول قولهما (قلت) أرأيت ان شهد أحدهما أنه قالت له امرأته
طلقني على ألف درهم وأنه قد طلقها وشهد الآخر أنها قالت له طلقني على عبدي فلان
وأنه قد طلقها (قال) قد اختلفا فلا تجوز شهادتهما في قول مالك وعليه اليمين (قال)
سحنون إن كان منكرا للخلع والمرأة منكرة لذلك فالقول ما قال ابن القاسم وان
ادعى زوجها أنه خالعها على عبدها وأقام شاهدا على ذلك وقالت هي بل خالعني على داري
هذه وأقامت شاهدا فان الزوج يحلف مع شاهده ويأخذ العبد ويجوز الخلع (قلت)
هل تجوز شهادة النساء في الطلاق (قال) قال مالك لا تجوز شهادة النساء في شئ
من الأشياء الا في حقوق الناس الديون والأموال كلها حيث كانت وفى القسامة إذا
كانت خطأ لأنها مال وفى الوصايا إذا كن إنما يشهدن على وصية بمال (قال) ولا
يجوز في العتق ولا على شئ الا ما ذكرت لك مما هو مال وما يغيب عليه النساء من
44

الولادة والاستهلال والعيوب وآثار هذا مكتوبة في كتاب الشهادات (قلت)
أرأيت الاستهلال أتجوز فيه شهادة النساء أم لا في قول مالك (قال) قال مالك
شهادة امرأتين في الاستهلال جائزة (قلت) كم يقبل في الشهادة على الولادة من
النساء (قال) قال مالك شهادة امرأتين (قلت) ولا تقبل شهادة المرأة الواحدة
على الولادة (قال) قال مالك لا تقبل شهادة امرأة واحدة في شئ من الأشياء مما
يجوز فيه شهادة النساء وحدهن (قلت) أرأيت لو أن قوما شهدوا على رجل أنه
أعتق عبده هذا والعبد ينكر والسيد ينكر (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في
هذا وأرى حر لأنه ليس له أن يرق نفسه
[ما جاء في السيد يشهد على عبده بطلاق امرأته]
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت الرجل يشهد على عبده أنه طلق امرأته أتجوز
شهادة سيده والعبد ينكر (قال) لا تجوز شهادته لأنه يفرغ عبده ويزيد في ثمنه
فهو متهم (قلت) أسمعته من مالك قال لا (قلت) وسواء ان كانت الأمة للسيد
أو لغير السيد (قال) سواء (قال) وقال مالك في رجل شهد على عبده أنه طلق
امرأته هو ورجل آخر والعبد ينكر ان شهادته لا تجوز لأنه يزيد في ثمنه فهو متهم
فلا تجوز شهادته ولم أسمعه من مالك (قال) وسواء كانت الأمة له أو لغيره أو كانت
حرة (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته أنت طالق ان كنت دخلت دار
فلان ثم أقر بعد ذلك عند شهود أنه قد دخل دار فلان ثم قال كنت كاذبا فشهد
عند القاضي عليه الشهود بذلك (قال) يطلقها عليه بذلك السلطان (قلت) ولا ينفعه
انكاره بعد الاقرار (قال) نعم لا ينفعه انكاره بعد الاقرار (قال) وقال لي مالك
لو أن رجلا أقر بأنه قد فعل شيئا أو فعل به ثم حلف بعد ذلك بطلاق امرأته البتة
انه ما فعل ذلك ولا فعل به ثم قال كنت كاذبا وما أقررت بشئ فعلته صدق وأحلف
ولم يكن عليه شئ ولو أقر بعد ما شهد عليه الشهود أنه فعله لزمه الحنث (قلت)
أرأيت إن لم يشهد عليه الشهود وكفوا عن الشهادة عليه أيسعه فيما بينه وبين الله عز
45

وجل أن تقيم معه امرأته وقد كان كاذبا في مقالته قد دخلت دار فلان (قال) نعم
يسعه أن يقيم عليها فيما بينه وبين خالقه (قلت) وهذا كله قول مالك قال نعم
(قلت) أرأيت إن لم يسمع منه هذا الاقرار أحد الا امرأته ثم قال لها كنت كاذبا
أيسعها أن تقيم معه (قال) لا أرى أن تقيم معه إلا أن لا تجد بينة ولا سلطانا يفرق
بينهما وهي بمنزلة امرأة قال زوجها لها أنت طالق ثلاثا وليس لها عليه شاهد فجحدها
(قلت) أرأيت ان قال لها زوجها أنت طالق ثلاثا فجحدها (قال) قال مالك لا تتزين
له ولا يرى لها وجها ولا شعرا ولا صدرا ان قدرت على ذلك ولا يأتيها الا وهي كارهة
ولا تطاوعه (قلت) فهل ترفه إلى السلطان (قال) قال مالك إذا لم يكن لها بينة
ما ينفعها أن ترفعه إلى السلطان (قلت) لا ينفعها أن ترفعه إلى السلطان أفليس لها
ان تستحلفه (قال) قال مالك لا يستحلف الرجل إذا ادعت عليه امرأته الطلاق إلا أن تقيم عليه شاهدا واحدا فإذا أقامت شاهدا واحدا أحلف الزوج على دعواها
وكانت امرأته (ابن وهب) وقال مالك في الرجل يطلق امرأته في السفر فشهد عليه
بذلك رجال ثم يقدم قبل قدوم القوم فيدخل على امرأته ثم يصيبها ثم يقدم الشهود
فيسألون عنه فيخبرون بقدومه ودخوله على امرأته فيرفعون ذلك إلى السلطان
ويشهدون عليه فينكر ذلك وهم عدول ويقر بالوطئ بعد قدومه (قال مالك) يفرق
بينهما ولا شئ عليه (ابن وهب) عن الليث عن يحيى بن سعيد مثله قال يحيى ولا
يضرب (ابن وهب) عن جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم الأزدي عن شريح
الكندي مثله ولم يحدهما (يونس) عن ربيعة مثله (قلت) لابن القاسم ولم لم
يحلفه مالك إذا لم يكن لها شاهد (قال) لان ذلك لو جاز للنساء على أزواجهن لم تشأ
امرأة أن تتعلق بزوجها فتشهره في الناس الا فعلت ذلك (قلت) فإذا أقامت
شاهدا واحدا لم لا تحلف المرأة مع شاهدها وتكون طالقا في قول مالك
(قال) قال مالك لا تحلف المرأة مع شاهدها في الطلاق (قال مالك) لا يحلف من له
شاهد فيستحق بيمينه مع الشاهد في الطلاق ولا في الحدود ولا في النكاح ولا في
46

الحرية ولكن في حقوق الناس يحلف مع شاهده وكذلك في الجراحات كلها
خطئها وعمدها يحلف يمينا واحدة فيستحق ذلك أن كان عمدا اقتص وإن كان
خطأ أخذ الدية وفى النفس تكون القسامة مع شاهده خطأ كان القتل أو
عمدا ويستحق مع ذلك القتل أو الدية ولا يقسم في العمد الا اثنان فصاعدا من
الرجال (يونس) عن ابن شهاب أنه قال في رجل طلق امرأته البتة عند رجلين
وامرأته حاضرة ثم أقبلا فوجداه عندها فأتيا السلطان فأخبراه وهما عدلان فأنكر
الرجل وامرأته ما قالا (قال) ابن شهاب نرى أن يفرق بينهما بشهادة الرجلين ثم
تعتد حتى تحل ثم لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره (ابن وهب) عن عقبة عن نافع
قال سئل يحيى بن سعيد عن الرجل يطلق امرأته ويشهد على طلاقها ثم يكتم هو
والشهداء ذلك حتى تنقضي عدتها ثم يحضره الموت فيذكر الشهداء طلاقه إياها
(قال) يعاقبون ولا تجوز شهادتهم إذا كانوا حضورا ولامرأته الميراث (قلت)
أرأيت ان ادعى رجل قبل امرأة النكاح وأنكرت المرأة أيكون له عليها اليمين
وان أبت اليمين جعلته زوجها (قال) لا أرى اباءها اليمين مما يوجب له النكاح
عليها ولا يكون النكاح الا بينة لان مالكا قال في المرأة تدعى على زوجها أنه قد
طلقها قال لا أرى أن يحلف إلا أن تأتي بشاهد واحد (قلت) فان أتت بشاهد
واحد فأبى أن يحلف أتطلق عليه (قال) لا ولكن أرى أن يسجن حتى يحلف أو يطلق
(قال) فقلنا لمالك فان أبى أن يحلف قال أرى أن يسجن ابدا حتى يحلف أو يطلق
فرددناها عليه في أن يمضى عليه الطلاق فأبى (قال ابن القاسم) وقد بلغني عنه أنه
إذا طال ذلك من سجنه خلى بينه وبينها وهو رأيي وإن لم يحلف فلما أبى مالك أن
يحلف الزوج إذا ادعت المرأة قبله الطلاق إلا أن تأتي المرأة بشاهد واحد فكذلك
النكاح عندي إذا ادعى قبلها نكاحا لم أر له عليها اليمين (قلت) أرأيت ان أقام الزوج
على المرأة شاهدا واحدا أنها امرأته وأنكرت المرأة ذلك أيستحلفها له مالك ويحبسها
كما صنع بالزوج في الطلاق (قال) لا أحفظها عن مالك ولا أرى أن تحبس ولا أرى
47

اباءها اليمين وان أقام الزوج شاهدا واحدا أنه يوجب له النكاح عليها ولا يوجب
له النكاح عليها الا شاهدان (قلت) أرأيت ان ادعت المرأة على زوجها أنه طلقها
وقالت استحلفه لي (قال) قال مالك لا يحلفه لها إلا أن تقيم المرأة شاهدا واحدا
(قلت) أرأيت إن لم يكن لها شاهد أتخليها وإياه في قول مالك قال نعم (قلت)
أرأيت امرأة تدعى الطلاق على زوجها فتقيم عليه امرأتين أيحلف لها أم لا (قال) قال
مالك ان كانتا ممن تجوز شهادتهما عليه أي في الحقوق رأيت أن يحلف الزوج والا لم
يحلف (قلت) أرأيت ان أقامت شاهدا واحدا على الطلاق (قال) قال مالك يحال
بينه وبينها حتى يحلف (قلت) فالذي وجب عليه اليمين في الطلاق يحال بينه وبين
امرأته حتى في قول مالك أم لا (قال) نعم يحال بينه وبين امرأته في قول مالك
(تم كتاب الايمان بالطلاق والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد)
(النبي الأمي خاتم النبيين وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين)
(ويليه كتاب الظهار)
48

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي)
(وعلى آله وصحبه أجمعين)
[كتاب الظهار]
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت ان قال رجل لامرأته أنت على كظهر أمي
أيكون مظاهرا قال نعم (قلت) أرأيت ان قال لامرأته أنت على كظهر فلانة
لذات رحم محرم من نسب أو محرم من رضاع (قال) قال مالك من ظاهر بشئ من
ذوات المحارم من نسب أو رضاع فهو مظاهر (قال ابن القاسم) ومن ظاهر من صهر
فهو مظاهر (قلت) أرأيت ان قال أنت على كرأس أمي أو كقدم أمي أو كفخذ
أمي (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه مظاهرا لان مالكا قال في الذي يقول
أنت على مثل أمي انه مظاهر فكل ما قال به من شئ منها فهو مثله يكون مظاهرا
لان مالكا قال في رجل قال أنت على حرام مثل أمي قال مالك فهو مظاهر وقد
قال بعض كبار أصحاب مالك إذا وجدته قال في التحريم بالطلاق من ذلك شيئا
فكانت امرأته تطلق به وذلك أن يقول رجل لزوجته رأسك طالق إصبعك طالق
يدك حرام فرجك حرام بطنك حرام قدمك حرام فإذا وجب به على هذا النحو
الطلاق كان قائله لزوجته بذوات المحارم في الظهار مظاهرا أن يقول رأسك على
كظهر أمي وكذلك في العضو أو البطن والفرج والظهر وكذلك في ذوات المحارم يلزمه
بكل ذلك الظهار (قلت) لم قال مالك هو مظاهر ولم يجعله البتات ومالك يقول في
الحرام انه البتة (قال) لأنه قد جعل للحرام مخرجا حين قال مثل أمي ومن قال مثل
49

أمي فإنما هو مظاهر ولو أنه لم يذكر أمه كان البتات في قول مالك (وقد) قال غيره
من كبار أصحاب مالك لا تكون حراما ألا ترى أنه إنما يبنى على أن الذي أنزل الله
فيه الظهار لم يكن قبله أمر يقاس بقوله عليه ولم يكن كان من التظاهر شئ يكون
هو أراده ولا نواه وقد حرم بأمه فأنزل الله فيه التظاهر وقد كانت النية منه على ما
أخبرتك من أنه لم يكن يظاهر حين قال ما قال فأنزل الله في قوله التظاهر وقد أراد
التحريم فلم تكن حراما ان حرمها وجعلها كظهر أمه وقد روى ابن نافع عن مالك نحو
هذا أيضا (قلت) أرأيت ان قال أنت علي كظهر فلانة لجارة ليس بينه وبينها محرم
(قال) سئل مالك عنها فقال أراه مظاهرا (قال) وسأله الذي سأله عنها على وجه أنها
نزلت به وقد قال غيره في الأجنبية انها طالق ولا يكون مظاهر (قلت) وسواء
ان كانت ذات زوج أو فارغة من زوج (قال) سواء (قال ابن القاسم) وأخبرني من
أثق به أنه قال عليه الظهار من قبل أن أسمعه منه قاله مرة بعد مرة (قلت) أرأيت
ان قال لامرأته أنت على مثل ظهر فلانه لأجنبية ليس بينه وبينها محرم (قال) قال
مالك هو مظاهر من امرأته (قلت) فان قال لها أنت على كفلانة لأجنبية (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه حين قال أنت على كظهر فلانة علمنا أنه أراد
الظهار وإن لم يقل كظهر فهو عندي ولم أسمع من مالك فيه شيئا أنه طلاق البتات
لان الذي يقول الظهر فقد بين أنه أراد الظهار ومن لم يقل الظهر فقد أراد التحريم
إذا قال لامرأته أنت على كأجنبية من الناس وإذا قال ذلك في ذوات المحارم فقال
أنت على كفلانة فهذا قد علمنا أنه قد أراد الظهار لان الظهار هو لذوات المحارم
فالظهار في ذوات المحارم وقوله كفلانة وهي ذات محرم ظهار كله لان هذا وجه
الظهار وان قال أنت على كفلانة لذات محرم منه وهو يريد بذلك التحريم انها ثلاث
البتة ان أراد بذلك التحريم (قلت) أرأيت ان قال أنت على حرام كأمي ولا نية له
(قال) هو مظاهر كذلك قال لي مالك في قوله حرام على مثل أمي وقوله حرام كأمي
عندي مثله وهذا مما لا اختلاف فيه (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة
50

أنه قال في رجل قال لامرأته أنت على مثل كل شئ حرمه الكتاب (قال) أرى عليه
ظهارا لان الكتاب قد حرم عليه أمه وغيرها مما حرم الله (قال ابن وهب) قال
يونس وقال ابن شهاب في رجل قال لامرأته أنت على كبعض ما حرم على من
النساء (قال) نرى ذلك تظاهرا والله أعلم (قال يونس) وقال ربيعة مثله وقال من حرم
عليه من النساء بمنزلة أمه في التظاهر
[ظهار الرجل من أمته وأم ولده ومدبرته]
(قلت) أرأيت ان ظاهر من أمته أو من أم ولده أو من مدبرته أيكون مظاهرا
في قوله مالك (قال) نعم قال مالك يكون مظاهرا (قلت) فان ظاهر من معتقته
إلى أجل (قال) لا يكون مظاهرا لان وطأها لا يحل له (ابن وهب) عن ابن لهيعة
عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله أنهما
كانا يقولان ظهار الأمة انه مثل ظهار الحرة (ابن وهب) عن رجال من أهل
العلم عن علي بن ابن طالب وابن شهاب ويحيى بن سعيد وسليمان بن يسار و عبد الله ابن أبي سلمة ومكحول ومجاهد انهم قالوا يفتدى كما يفتدى في الحرة (قال ابن
شهاب) وقد جعل الله لذلك بيانا في كتابه فقال ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من
النساء الا ما قد سلف والسرية من النساء وهي أمة (ابن وهب) عن ابن لهيعة
عن خالد بن أبي عمران أنه سال القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله عن الرجل يتظاهر
من وليدته ولا يقدر على ما يعتق غيرها أيجوز له عتقها (قال) نعم وينكحها (ابن
وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال يجوز له عتقها بتظاهره منها
(قال) ولو كان له إماء يظاهر منهن جميعا فإنما كفارته كفارة واحدة (ابن وهب)
عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال من يظاهر من أم ولد له فهو مظاهر وقاله
ابن شهاب وعطاء بن أبي رباح
51

[فيمن لا يجب عليه الظهار]
(قلت) أرأيت ذميا يظاهر من امرأته ثم أسلم (قال) قال مالك كل يمين كانت
عليه من طلاق أو عتاق أو صدقة أو شئ من الأشياء فهو موضوع عنه إذا أسلم
والظهار من ناحية الطلاق ألا ترى أن طلاقه في الشرك عند مالك ليس بشئ فظهاره
مثل طلاقه لا يلزمه (قلت) أرأيت ان ظاهرت امرأة من زوجها أتكون
مظاهرة في قول مالك (قال) لا وقال مالك إنما قال الله والذين يظاهرون منكم من
نسائهم ولم يقل واللائي يظاهرن منكن من أزواجهن (قلت) أرأيت ان ظاهر
الصبي من امرأته أيكون مظاهرا في قول مالك (قال) قال مالك لا طلاق للصبي
فكذلك ظهاره عندي انه لا يلزمه (قلت) وكذلك المعتوه الذي لا يفيق قال
نعم (قلت) أرأيت ظهار المكره أيلزم في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا يلزم
المكره الطلاق فكذلك الظهار عندي لا يلزمه (قلت) أرأيت العتق هل يلزم
المكره في قول مالك قال لا (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران
انه سأل القاسم وسالما عن الرجل يخطب المرأة فتظاهر منه ثم أرادت بعد ذلك
نكاحه فقالا ليس عليها شئ (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن ربيعة وأبى
الزناد ويحيى بن سعيد وغيرهم من أهل العلم أنهم قالوا ليس على النساء تظاهر
[ظهار السكران]
(قلت) أرأيت ظهار السكران من امرأته أيلزمه الظهار في قول مالك (قال) قال
مالك يلزم السكران الطلاق فكذلك الظهار عندي هو لازم له لان الظهار إنما
يجر إلى الطلاق
[تمليك الرجل امرأته الظهار]
(قلت) أرأيت ان قال رجل لامرأته إن شئت الظهار فأنت على كظهر أمي (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكني أراه مظاهرا ان شاءت الظهار (قلت) حتى
52

متى يكون ذلك إليها ما دامت في مجلسها أم حتى توقف (قال) حتى توقف (وقال) غيره
وإنما هذا على جهة قول مالك في التمليك في الطلاق أنه قال حتى توقف مرة وقال أيضا
ما داما في المجلس وكذلك الظهار إنما الخيار لها ما دامت في المجلس
[الظهار إلى أجل]
(قلت) أرأيت ان قال أنت على كظهر أمي اليوم أو هذا الشهر أو قال أنت على
كظهر أمي هذه الساعة أيكون مظاهرا منها ان مضى ذلك اليوم أو ذلك الشهر أو
تلك الساعة (قال) قال مالك هو مظاهر منها وان مضى ذلك اليوم أو ذلك الشهر أو
تلك الساعة (قال) قال مالك وان قال لها أنت على كظهر أمي ان دخلت هذه الدار
اليوم أو كلمت فلانا اليوم أو قال أنت على كظهر أمي اليوم ان كلمت فلانا أو دخلت
الدار فهذا إذا مضى ذلك اليوم ولم يفعل فلا يكون مظاهرا لان هذا لم يجب عليه
الظهار بعد وإنما يجب عليه بالحنث والأول قد وجب عليه الظهار باللفظ ألا ترى أنه
لو قال لامرأته أنت طالق اليوم كانت طالقا أبدا فان قال لها ان دخلت هذه الدار
اليوم فأنت طالق أو قال أنت طالق ان دخلت الدار اليوم فمضى ذلك اليوم ثم دخلت
انه لا يلزمه من الطلاق شئ فكذلك الظهار وكذلك قال مالك في هذا كله في
الطلاق وفى الظهار (قلت) أرأيت ان قال أنت على كظهر أمي اليوم فمضى ذلك
اليوم أيكون له أن يطأها بغير كفارة (قال) قال مالك لا يكون له أن يطأها الا بكفارة
(قلت) أرأيت ان قال رجل لامرأته أنت على كظهر أمي إلى قدوم فلان (قال)
لا يكون مظاهرا الا إلى قدوم فلان فان قدم فلان كان مظاهرا وإن لم يقدم فلإن لم
يقع الظهار لان مالكا قال إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إلى قدوم فلان انها
لا تطلق حتى يقدم فلان فان قدم فلان طلقت عليه وإن لم يقدم لم تطلق عليه وكذلك
الظهار مثل هذا (قلت) أرأيت ان قال لها أنت طالق من الساعة إلى قدوم فلان
(قال) هي طالق الساعة (قلت) أرأيت ان قال أنت على كظهر أمي من الساعة
إلى قدوم فلان (قال) هو مظاهر منها الساعة لان من ظاهر من امرأته ساعة
53

واحدة لزمه الظهار تلك الساعة وهو مظاهر في المستقبل وليس له أن يطأ الا بكفارة
وكذلك من طلق امرأته ساعة فقد خرج الطلاق ومضى فهي طالق تلك الساعة
وبعد تلك الساعة وكذلك الظهار إذا خرج فظاهر منها ساعة واحدة فهو مظاهر
تلك الساعة وبعد تلك الساعة (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد
أنه قال إذا ظاهر الرجل من امرأته إلى شهر أو يوما إلى الليل ان ذلك قد وجب
عليه (ابن وهب) عن ابن أبي ذئب ويونس عن ابن شهاب أنه قال إذا قال الرجل
لامرأته أنت على كظهر أمي هذا اليوم إلى الليل فان عليه الكفارة بما لفظ من
المنكر والقول الزور (ابن وهب) عن مسلمة بن علي عن الأوزاعي مثله
[فيمن ظاهر من نسائه في كلمة واحدة أو مرة بعد أخرى]
[أو ظاهر من امرأته مرارا]
(قلت) أرأيت ان ظاهر من أربع نسوة له في كلمة واحدة (قال) قال مالك كفارة
واحدة تجزئه (قال) قال مالك وان تظاهر منهن في مجالس مختلفة ففي كل واحدة
كفارة وإن كان في مجلس واحد فقال لواحدة أنت على كظهر أمي ثم قال لأخرى
أيضا وأنت على كظهر أمي حتى أتى على الأربع كان عليه لكل واحدة كفارة كفارة
(قال مالك) وإنما مثل ذلك عندي مثل ما يقول الرجل والله لا آكل هذا الطعام
ولا ألبس هذا الثوب ولا أدخل هذه الدار فان حنث في شئ واحد أو فيهن كلهن
فليس عليه الا كفارة واحدة ولو قال والله لا آكل هذا الطعام ثم قال والله
لا ألبس هذا الثوب ثم قال والله لا أدخل هذه الدار كانت عليه لكل واحدة كفارة
كفارة فبهذا احتج مالك في الظهار (قلت) أرأيت ان قال لامرأته أنت على
كظهر أمي ثم قال لامرأة له أخرى أنت على مثلها (قال) لم أسمع من مالك في هذا
شيئا وهو مظاهر من التي قال لها أنت على مثلها وعليه كفارتان كفارة كفارة لكل
واحدة منهما (قلت) أرأيت ان قال لامرأته أنت على كظهر أمي أنت على كظهر
أمي قال لها ذلك مرارا (قال) قال مالك إن كان ذلك في شئ واحد أو في غير شئ
54

مثل ما يقول الرجل أنت على كظهر أمي مرارا (قال) قال مالك ليس عليه الا كفارة
ظهار واحد (قال مالك) وإن كان ذلك في أشياء مختلفة مثل ما يقول الرجل أنت على
كظهر أمي ان دخلت هذه الدار ثم يقول بعد ذلك أنت على كظهر أمي ان لبست
هذا الثوب ثم يقول بعد ذلك أنت على كظهر أمي ان أكلت هذا الطعام فعليه في
كل شئ يفعله من هذا كفارة كفارة لأن هذه أشياء مختلفة فصارت أيمانا بالظهار
مختلفة (قلت) أرأيت ان قال لامرأته أنت على كظهر أمي أنت على كظهر أمي أنت
على كظهر أمي ثلاث مرات ينوى بقوله هذا الظهار ثلاث مرات أيكون عليه ثلاث
كفارات أو كفارة واحدة في قول مالك (قال ابن القاسم) لا تكون عليه الا كفارة
واحدة إلا أن يكون ينوى ثلاث كفارات فيكون عليه ثلاث كفارات مثل ما يحلف
بالله ثلاث مرات وينوى بذلك ثلاث كفارات فتكون عليه ان حنث (ابن وهب)
عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل يظاهر من أربع نسوة له
بكلمة واحدة انه ليس عليه الا كفارة واحدة (ابن وهب) عن مالك ويونس وعبد
الجبار عن ربيعة مثله (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب
وسعيد بن المسيب وعبد الله بن هبيرة مثله (ابن وهب) عن ابن أبي ذئب وغيره
عن ابن شهاب أنه قال من يظاهر من امرأته ثلاث مرات في مجلس واحد فعليه
كفارة واحدة (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في
رجل يظاهر من امرأته ثلاث مرات في مجلس واحد في أمور مختلفة فحنث ان
عليه ثلاث كفارات (وقال) ربيعة مثله (وقال ابن وهب) وبلغني عن ربيعة أنه قال
وان تظاهر منها ثلاثا في مجلس واحد في أمر واحد فكفارة واحدة (قلت)
أرأيت كل كلام تكلم به ينوى به الظهار أو الايلاء أو تمليكا أو خيارا أيكون ذلك
كما نوى (قال) نعم إذا أراد أنك بما قلت لك مخيرة أو مظاهر منك أو مطلقة
[فيمن قال إن تزوجت فلانة أو كل امرأة أتزوجها]
(قلت) أرأيت ان قال لأربع نسوة ان تزوجتكن فأنتن على كظهر أمي فتزوج
55

واحدة (قال) قد لزمه الظهار ولا يقربها حتى يكفر فان كفر فتزوج البواقي فلا
ظهار عليه فيهن وان تزوج الأولى فلم يكفر حتى ماتت أو فارقها ثم تزوج البواقي
لم يكن له أن يطأ واحدة منهن حتى يكفر لأنه لم يحنث في يمينه بعد ولا يحنث
الا بالوطئ لان من تظاهر من امرأته ثم طلقها أو ماتت عنه قبل أن يطأها فلا
كفارة عليه وإنما يوجب عليه كفارة الظهار الوطئ فإذا وطئ فقد وجبت عليه
الكفارة ولا يطأ في المستقبل حتى يكفر فهذا إذا تزوجها ثم فارقها أو ماتت عنه
فقد سقطت عنه الكفارة فان تزوج واحدة من البواقي فلا يقربها حتى
يكفر وان كانت الأولى قد وطئها فماتت أو طلقها أو لم يطلقها ثم تزوج بعض البواقي
أو كلهن فلا يقرب واحدة منهن حتى يكفر لان الحنث قد وجب عليه فوطئ
الأولى كوطئ الأواخر أبدا حتى يكفر يمنع من كلهن حتى يكفر فإن لم يطأ الأولى لم
يجز له أيضا أن يطأ الأواخر حتى يكفر وإنما وجب الظهار بتزويجه من تزوج منهن
ولا يجب الحنث الا بالوطئ ولا يجوز له أن يطأ الا بعد الكفارة (ابن وهب)
عن مالك عن سعيد بن عمر بن سليم الدرقي أن القاسم بن محمد حدثه أن رجلا جعل
امرأة عليه كظهر أمه ان تزوجها فتزوجها فأمره عمر بن الخطاب ان تزوجها أن
لا يقربها حتى يكفر كفارة المتظاهر (ابن وهب) عن سعيد بن عبد الرحمن عن
هشام بن عروة قال كان أبى يقول إذا قال الرجل كل امرأة أتزوجها على كظهر
أمي ما عشت يقول عتق رقبة يجزئه من ذلك كله
[الحلف بالظهار]
(قلت) أرأيت ان قال لأربع نسوة له من دخلت منكن هذه الدار فهي على كظهر
أمي فدخلنها كلهن أيجزئه كفارة واحدة أو أربع كفارات (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا إلا أنى أرى أن عليه في كل واحدة تدخل كفارة كفارة لأنه عندي بمنزلة
من قال لأربع نسوة عنده أيتكن كلمتها فهي على كظهر أمي فكلم واحدة منهن
فوقع عليه الظهار فيها انه لا يقع عليه الظهار فيمن بقي منهن في الثلاث البواقي وان
56

وطئهن ولم يكلمهن. فهذا يدلك على أنه لابد لكل من دخلت الدار منهن أن يلزم
الزوج فيها الكفارة على حدة ولو كان ذلك ظهارا واحدا كان قد لزمه في الثلاث
البواقي وإن لم يكلمهن الظهار وإن لم يدخلن الدار إذا دخلت الدار واحدة كان ينبغي
أن يلزمه الظهار في اللاتي لم يدخلن فهذا ليس بشئ ولو كان ذلك حنثا لم يكن له
سبيل إلى وطئ واحدة منهن ممن لم تدخل الدار ولا من اللاتي لم يكلم لم يكن له
سبيل إلى وطئ من بقي منهن ولا هي وان متن أو طلقهن كانت عليه فيهن الكفارة
فليس هذا بشئ وإنما هذا فعل حلف به فأيتهن دخلت الدار وأيتهن كلم واحدة بعد
واحدة فعليه لكل واحدة الظهار (قلت) أرأيت التي كلمها فوجب عليه الظهار فيها
ثم كلم الأخرى بعد ذلك أيجب عليه الظهار فيها أيضا (قال) نعم وإنما ذلك بمنزلة ما لو
قال لأربع نسوة من تزوجت منكن فهي على كظهر أمي فتزوج واحدة كان منها
مظاهرا وان تزوج الأخرى كان مظاهرا ولا يبطل ظهاره منها ايجاب الظهار عليه من
الأولى وليس هذا بمنزلة من قال إن تزوجتكن فأنتن على كظهر أمي (قلت)
أرأيت ان قال أنت على كظهر أمي إن لم أضرب غلامي اليوم ففعل أيلزمه الظهار
أم لا قال لا (قلت) أرأيت ان قال إن تزوجت فلانة فهي على كظهر أمي (قال)
قال مالك ان تزوجها فعليه الظهار (قلت) أرأيت ان قال كل امرأة أتزوجها فهي
على كظهر أمي (قال) قال مالك ان تزوج فلا يطأ حتى يكفر كفارة الظهار (قال
مالك) وكفارة واحدة تجزئه من ذلك (قلت) أرأيت ان قال كل امرأة أتزوجها
فهي طالق (قال) قال مالك لا يكون هذا بشئ ولا يلزمه ان تزوج (قلت) فما فرق
ما بين هذا وبين الظهار في قول مالك (قال) لان الظهار يمين لازمة لا تحرم النكاح
عليه والطلاق يحرم فليس له أن يحرم على نفسه جميع النساء والظهار يمين يكفرها
فلا بد من أن يكفرها (قلت) والظهار عند مالك يمين قال نعم (قال سحنون)
وقد أخبرتك بقول عروة بن الزبير وما قال ذلك (قلت) أرأيت ان قال
لامرأته ان دخلت الدار فأنت على كظهر أمي فطلقها تطليقة فبانت منه أو البتة
57

فدخلت الدار وهي في غير ملكه ثم تزوجها بعد زوج فدخلت الدار وهي تحته أيلزمه
الظهار في قول مالك أم لا (قال) إن كان طلاقه إياها واحدة أو اثنتين ثم تزوجها
وقد بقي عليه من الطلاق شئ فاليمين بالظهار ترجع عليه وان طلقها البتة سقط عنه
الظهار ان تزوجها بعد زوج لأنه لم يقع عليه الظهار قبل أن يفارقها فقد سقط عنه
الظهار لسقوط الطلاق والنكاح الذي كان يملكه وإنما يقع عليه الظهار بعد زوج إذا
طلقها البتة إذا كان قد وجب عليه الظهار قبل أن يطلقها بحنث أو قول فيلزمه الظهار
في قول مالك (قلت) لم (قال) لأنه لم يحنث بدخولها وهي في غير ملكه وإنما
يحنث بدخولها وهي في ملكه (قلت) أرأيت ان ظاهر من امرأته ثم طلقها البتة
ثم تزوجها بعد زوج (قال) هو مظاهر منها وان طلقها البتة ثم تزوجها بعد زوج
فلا يقربها حتى يكفر عند مالك (ابن وهب) عن حياة بن شريح وابن لهيعة عن
خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن الرجل يتظاهر من امرأته إن لم يجلد
غلامه مائة جلدة قبل أن يطعم الطعام ففعل ذلك هل عليه كفارة فقالا لا قد
وفت يمينه (وقال) طاوس وربيعة بن أبي عبد الرحمن ويحيى بن سعيد وعطاء بن أبي
رباح والليث بن سعد مثله
[فيمن ظاهر من امرأته ثم اشتراها]
[وفى الكفارة من اليهودية والنصرانية]
(قلت) أرأيت ان ظاهر من امرأته وهي أمة ثم اشتراها أيكون مظاهرا منها أم
لا (قال) هو مظاهر منها وان اشتراها كذلك قال مالك (قلت) أرأيت لو أن
رجلا ظاهر من امرأته وهي أمة أو حرة أكفارته منهما سواء في قول مالك قال
نعم (قلت) وكذلك لو كانت يهودية أو نصرانية قال نعم (قلت) أرأيت العبد
إذا ظاهر من امرأته وهي حرة أو أمة أتكون الكفارة في الظهار منهما سواء (قال)
نعم قال مالك سألت ابن شهاب عن ظهار العبد فقال أراه نحو ظهار الحر يريد ابن
شهاب أن ذلك يقع عليه كما يقع على الحر (قال ابن وهب) وقاله يحيى بن سعيد
58

(وقال يحيى) ولا يخرجه من قوله الا ما يخرج المسلمين من مثل ذلك (ابن وهب)
عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن يزيد عن محمد بن سيرين
أنه قال إذا تظاهر العبد فليس عليه الا الصيام (قلت) أرأيت ان ظاهر منها قبل
البناء أو بعد البناء وهو رجل بالغ أهو في قول مالك سواء (قال) نعم لأنها زوجته
وقد قال الله تعالى الذين يظاهرون منكم من نسائهم الا ترى أنه لو ظاهر من أمة له
لم يطأها قط أنه مظاهر منها في قوله مالك فالزوجة أحرى وأشد في الظهار من
الكتابية والنصرانية والمجوسية (قلت) أرأيت المسلم أيلزمه الظهار في زوجته
النصرانية واليهودية كما يلزمه في الحرة المسلمة (قال) نعم ألا ترى أن الطلاق يلزمه
فيهن فكذلك الظهار وهن من الأزواج (قلت) أرأيت لو أن مجوسيا علي مجوسية
أسلم المجوسي ثم ظاهر منها قبل أن تسلم هي فعرض عليها الاسلام فأسلمت مكانها
بعد ما ظاهر منها أيكون مظاهرا منها أم لا وهي زوجته في قول مالك أم لا (قال)
لم أسمع من مالك فيها شيئا وان ظاهر منها ثم أسلمت قبل أن يتطاول أمرها فأسلمت
بقرب اسلام الرجل فردت إليه وصارت زوجته كان ظهاره ذلك لازما له وكذلك
لو أنه كان طلق ثم أسلمت بقرب ذلك لزمه الطلاق لأنها لم تكن خرجت من ملك
النكاح الذي طلق فيه ألا ترى أنها تكون عنده لو لم تطلق على النكاح الأول بلا
تجديد نكاح من ذي قبل (قلت) أرأيت ان ظاهر من امرأته وهي صبية أو
محرمة أو حائض أو رتقاء (قال) هذا مظاهر منهن كلهن لأنهن أزواج وقد
قال الله عز وجل الذين يظاهرون منكم من نسائهم
[فيمن قال إن تزوجتك فأنت على كظهر أمي وأنت طالق]
(قلت) أرأيت ان قال رجل لامرأة ان تزوجتك فأنت على كظهر أمي وأنت طالق
أو قال لها أنت على كظهر أمي وأنت طالق ان تزوجتك أيكون هذا سواء في قول
مالك وما يلزم الزوج من هذا الظهار وهذا الطلاق (قال) قال مالك في الرجل يقول
في المرأة ان تزوجتها فهي طالق وهي على كظهر أمي انه ان تزوجها وقع عليه الظهار
59

والطلاق جميعا فان تزوجها بعد ذلك لم يقربها حتى يكفر كفارة الظهار لان الظهار
والطلاق وقعا جميعا معا في الوجهين وإنما تكلم مالك في الذي يقول لامرأة ان
تزوجتك فأنت طالق وأنت على كظهر أمي انه ان تزوجها وقع عليه الطلاق
والظهار جميعا والذي قدم الظهار أبين عندي (قال) وقال مالك لو قال رجل لامرأة
تحته أنت طالق البتة وأنت على كظهر أمي قدم الطلاق طلقت عليه البتة فان
تزوجها بعد زوج لم يكن عليه كفارة في الظهار لان الظهار وقع عليه وليست له
بامرأة وهي مخالفة للتي يقول إن تزوجتك فأنت طالق وأنت على كظهر أمي لأن هذه
ليست في ملكه فوقعا جميعا مع النكاح كذلك فسر ملك فيهما جميعا
[الرجل يظاهر ويولى وفى ادخال الايلاء على الظهار]
[ومن أراد الوطئ قبل الكفارة]
(قلت) أرأيت إذا قال الرجل لامرأة ان تزوجتك فأنت على كظهر أمي
ووالله لا أقربك أيلزمه الظهار في قول مالك والايلاء جميعا أم لا (قال) قال مالك
يلزمه الايلاء والظهار جميعا (قلت) وقوله لامرأة لم يتزوجها ان تزوجتك فأنت على كظهر أمي ووالله لا أقربك فتزوجها مثل قوله لامرأة نفسه والله لا أقربك
وأنت علي كظهر أمي في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت ان قال لامرأة ان
تزوجتك فوالله لا أقربك وأنت على كظهر أمي فتزوجها أيلزمه الايلاء والظهار
جميعا في قول مالك (قال) نعم وهو بمنزلة رجل قال لامرأته والله لا أقربك وأنت
على كظهر أمي فهو مول مظاهر منها (قلت) أرأيت ان ظاهر من امرأته فأراد
أن يجامعها قبل الكفارة أتمنعه المرأة من ذلك أم لا وكيف ان خاصمته إلى القاضي
أيحول بينه وبين جماعها حتى يكفر في قول مالك أم لا قال نعم (قلت) وترى
أن يؤدبه السلطان على ذلك أن أراد أن يجامعها قبل الكفارة قال نعم (قلت)
أيباشرها قبل أن يكفر ويقبلها (قال) قال مالك لا يباشرها ولا يقبل ولا يلمس (قال
مالك) ولا ينظر إلى صدرها ولا إلى شعرها حتى يكفر لان ذلك لا يدعو إلى خير
60

(قلت) ويكون معها في البيت ويدخل عليها بلا إذن (قال) ما أرى بذلك بأسا
إذا كان تؤمن ناحيته (قال ابن وهب) قال يونس وقال ابن شهاب وليس له أن
يتلذذ بها ولا يقبلها قبل أن يكفر (قال يونس) وقال ربيعة ليس له أن يتلذذ منها
بشئ (قلت) هل يدخل الايلاء على الظهار في قول مالك (قال) قال مالك نعم
يدخل الايلاء على الظهار إذا كان مضارا. ومما يعلم به ضرره أن يكون يقدر على
الكفارة فلا يكفر فإنه إذا علم ذلك فمضت أربعة أشهر وقف مثل المولى فاما كفر
وإما طلقت عليه (قلت) أرأيت ان قال إن قربتك فأنت على كظهر أمي متى
يكون مظاهرا ساعة تكلم بذلك أو حتى يطأ (قال) هو مول في قول مالك حين
تكلم بذلك فان وطئ سقط الايلاء عنه ولزمه الظهار بالوطئ ولا يقربها بعد ذلك
حتى يكفر كفارة الظهار فان تركها ولم يكفر كفارة الظهار كان سبيله سبيل ما وصفت
لك في قول مالك في المظاهر المضار (قلت) لم قال مالك إذا ظاهر من امرأته فقال
لها أنت على كظهر أمي انه مول ان تركها ولم يكفر كفارة الظهار وعلم أنه مضار
وليس هذا بيمين لأنه لم يقل ان قربتك فأنت على كظهر أمي وإنما قال أنت على
كظهر أمي فهذا لا يكون يمينا فلم جعله مالك موليا وجعله يمينا (قال) قال مالك
لا يكون موليا حتى يعلم أنه مضار فإذا علم أنه مضار حمل محمل الايلاء لان مالكا
قال كل يمين منعت الجماع فهي إيلاء وهذا الظهار إن لم يكن يمينا عند مالك فهو إذا كف
عن الوطئ وهو يقدر على الكفارة علم أنه مضار فلا بد أن يحمل محمل المولى (وقال)
غيره والظهار ليس بحقيقة الايلاء ولكنه من شرج ما يقدر عليه الرجل فيما يحلف
فيه بالطلاق ليفعلنه ثم يقيم وهو قادر على فعله وتكون زوجته موقوفة عنه لا يصيبها
لأنه على حنث فيدخل عليه الايلاء إذا قالت له امرأته هذا ليس يحل له وطئ وهو
يقدر على أن يحل له بأن يفعل ما حلف عليه ليفعلنه فيحل له وطئ فكذلك التي
ظاهر منها تقول هذا لا يحل له وطئ وهو يقدر على أن يحل له بأن يكفر
فيجوز له وطئ فهو يبتدأ به أجل المولى بالحكم عندما يرى السلطان من اضراره إذا
61

رآه ثم يجرى بحساب المولى غير أن فيئته أن يفعل ما يقدر عليه من الكفارة ثم لا
يكون عليه ان يصيب إذا حل له الوطئ كما لم يكن على الذي حلف ليفعلن إذا فعله أن
يصيب (وقال) ربيعة وابن شهاب في الذي حلف بطلاق امرأته ليفعلن فعلا انه
لا يمس امرأته قالا ينزل بمنزلة الايلاء (قلت) لابن القاسم وإذا قال إنا أكفر ولم
يقل أنا أطأ أيكون له ذلك في قول مالك (قال) نعم لان فيئه الكفارة ليس الوطئ
لأنه إذا كفر عن ظهاره فقد سقط عنه الايلاء وكان له أن يطأ بلا كفارة فإذا
كفر عن ظهاره فلا يكون موليا وإذا لم يكن يعلم منه الضرر وكان يعمل في الكفارة
فلا يدخل عليه الايلاء (قلت) أرأيت إن كان ممن لا يقدر على العتق وهو يقدر
على الصوم في الأربعة الأشهر فلم يصم الشهرين عن ظهاره في الأربعة الأشهر حتى
مضت الأربعة الأشهر أيكون موليا فيها ويكون لها أن توقفه في قوله مالك (قال)
نعم. وقد روى غيره أن وقفه لا يكون الا من بعد ضرب السلطان أجله وكل لمالك
والوقف بعد ضرب الاجل أحسن (قلت) لابن القاسم فان وقفته فقال الزوج
دعوني أنا أصوم شهرين عن ظهاري (قال) ذلك له ولا يعجل عليه السلطان إذا
قال أنا أصوم عن ظهاري (قلت) أرأيت ان ترك فلم يصم حتى مضى شهر فرفعته
إلى السلطان فقالت هو مفطر قد ترك الصيام أو لما تركه السلطان ليصوم ترك الصوم
يوما أو يومين أو خمسة أيام فرفعته امرأته إلى السلطان أيكون هذا مضارا ويفرق
السلطان بينهما في قول مالك أم لا (قال) يختبر بذلك المرتين والثلاث ونحو ذلك
فان فعل والا فرق السلطان بينهما ولم ينظره لان مالكا قال في المولى إذا قال أنا أفئ
فانصرف فلم يفئ فرفعته أيضا إلى السلطان انه يأمره بذلك ويختبره المرة بعد المرة
فإن لم يفئ وعرف كذبه ولم يكن له عذر طلق عليه (قلت) أرأيت ان تركها أربعة
أشهر ولم يكفر كفارة الظهار فرفعته إلى السلطان فقال دعوني حتى أكفر كفارة
الظهار أصوم شهرين متتابعين وأجامعها وقالت المرأة لا أؤخرك (قال) قال مالك في
المولى إذا أتت الأربعة الأشهر وكان في سفر أو مريضا أو في سجن انه يكتب إلى
62

ذلك الموضع حتى يوقف في موضعه ذلك فاما فاء وإما طلق عليه السلطان. ومما يعرف
به فيئته أن يكون يقدر على الكفارة فيكفر عن يمينه التي كانت عليه في الايلاء فان قال
أنا أفئ في موضعه ذلك وكفر ترك وان أبى طلقت عليه (قلت) أرأيت ان أبى
أن يكفر وقال أنا أفئ (قال) لم أر قول مالك في هذا انه يجزئه قوله أنا أفئ دون
أن يكفر وإن لم يرد الفئ هاهنا دون الكفارة لأنه يعلم أنه لا يطأ وهو مريض أو
غائب أو في سجن لا يقدر عليه (قال) ولقد سألنا مالكا عن الرجل يولى من امرأته
فيكفر عن يمينه قبل أن يطأ أترى ذلك مجزئا عنه قال نعم (قال مالك) وأصوب
مما فعل عندي أن لو وطئ قبل أن يكفر ولكن من كفر قبل أن يطأ فهو مجزئ
عنه فهذا مما يوضح لك مسألتك ويوضح لك ما أخبرتك من قول مالك في الذي
يريد الفئ في السفر إذا كفر أو في السجن إذا كفر ان الايلاء يسقط عنه (قلت)
أرأيت إن كان هذا المظاهر لما وقفته بعد ما مضى الأربعة الأشهر إن كان ممن يقدر
على رقبة أو اطعام فقال أخروني حتى أطعم أو حتى أعتق عن ظهاري ثم أجامعها وقالت
المرأة لا أؤخره (قال) يتلوم له السلطان ولا يعجل عليه ويأمره أن يعتق أو يطعم
ثم يجامع فان عرف السلطان أنه مضار وإنما يريد اللدد والضرر طلق عليه ولم ينتظره
إذا كان قد تلوم له مرة بعد مرة (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا قول مالك
في الايلاء والظهار جميعا إلا أنه في الايلاء ان كفر سقط عنه بحال ما وصفت لك
وان كفر عن الظهار سقط عنه الظهار أيضا في قول مالك
[في المظاهر يطأ قبل الكفارة ثم تموت المرأة أو يطلقها]
(قلت) أرأيت من ظاهر فجامع قبل أن يكفر أتجب عليه الكفارة ان طلقها أو
ماتت تحته أو مات عنها (قال) قال مالك قد وجبت عليه الكفارة بجماعه إياها مات
عنها أو طلقها أو ماتت عنده (سحنون) عن ابن وهب عن مسلمة بن علي عن
الأوزاعي عن حسان بن عطية أن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته ثم أتاها قبل
أن يكفر فقال له رسول الله صلى عليه وسلم ساء ما صنعت وأعطاه آصعا من
63

شعير فقال له تصدق بها على ستين مسكينا حين لم يجد ما يعتق ولم يستطع الصوم
(وقال) سعيد بن المسيب وربيعة وأبو الزناد ويحيى بن سعيد وطاوس وعطاء بن أبي رباح انهم قالوا في المتظاهر يطأ قبل أن يكفر انه ليس عليه الا كفارة واحدة
الآثار لابن وهب
[فيمن ظاهر وهو معسر ثم أيسر أو دخل في الصيام والطعام ثم أيسر]
(قلت) أرأيت ان ظاهر رجل وهو معسر ثم أيسر (قال) قال مالك لا يجزئه
الصوم إذا أيسر (قلت) أرأيت ان أعسر بعد ما أيسر (قال) أرى أن الصوم يجزئه
لأنه إنما ينظر إلى حاله يوم يكفر ولا ينظر إلى حاله قبل ذلك (قال) فقلنا لمالك وان
دخل في الصيام أو الطعام فأيسر في العتق أترى أن العتق عليه (قال) إن كان إنما
صام اليوم أو اليومين وما أشبهه فانى أرى ذلك حسنا أن يرجع إلى العتق ولست
أرى ذلك بالواجب عليه ولكنه أحب ما فيه إلى وإن كان صام أياما لها عدد فلا
أرى ذلك عليه وأرى أن يمضى على صيامه (قال مالك) وكذلك الاطعام على
ما فسرت لك في الصيام (قلت) وإن كان يوم جامعها معدما إنما هو من أهل
الصيام لأنه لا يقدر على رقبة ثم أيسر بعد ذلك قبل أن يكفر (قال) قال مالك عليه
العتق لأنه إنما ينظر إلى حاله يوم يكفر ولا ينظر إلى حاله يوم جامع ولا يوم ظاهر
[في كفارة العبد في الظهار]
(قلت) أرأيت العبد إذا ظاهر أيجزئه العتق أم الاطعام إذا أذن له سيده أم لا
وهل يجزئه أن يصوم وقد أذن له سيده في الاطعام أو العتق (قال) قال مالك أما
العتق فلا يجزئه وان أذن له سيده قال مالك وأحب إلى أن يصوم (قلت) فإن كان قد أذن له سيده في الطعام فالصيام أحب إليك منه قال نعم (قال ابن القاسم)
والصيام عليه وهو الذي فرضه الله على من قوى عليه وليس يطعم أحد يستطيع
الصيام (قلت) هل يجزئ العبد أن يعتق باذن سيده في كفارة الايلاء أو في
64

كفارة شئ من الايمان في قول مالك (قال) قال مالك لا (قلت) أرأيت لو
أن عبدا حلف بالله أن لا يكلم فلانا فكلمه فأذن له سيده في الطعام أو الكسوة
أو الصوم أي ذلك أحب إلى مالك أيطعم أم يكسو أم يصوم وهل يجوز له أن
يصوم وهو يقدر على الكسوة والاطعام إذا كان في يد العبد مال فأذن له سيده في
أن يطعم أو يكسو عن يمينه (قال) قال لي مالك الصيام أبين عندي من الاطعام وان
أذن له سيده فأطعم أجزأ عنه وكأن يقول في قلبي منه شئ (وقال ابن القاسم) وهو
مجزئ عنه ان أذن له سيده لان سيده لو كفر عنه بالطعام أو رجلا كفر عن
صاحب له بالطعام باذنه أجزأ ذلك عنه فهذا مما يبين لك في العبد (ابن وهب) عن
ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن يزيد عن محمد بن سيرين أنه
قال إذا تظاهر العبد ليس عليه الا الصيام (ابن مهدي) عن سفيان عن ليث عن
مجاهد قال ليس على العبد الا الصوم
[فيمن ظاهر من امرأته ثم طلقها ثم كفر قبل أن يتزوجها]
(قلت) أرأيت ان ظاهر من امرأته ثم طلقها ثلاثا أو واحدة فبانت منه فلما بانت
منه أعتق رقبة عن ظهاره منها أو صام ان كأن لا يقدر على رقبة أو أطعم أن كان من
أهل الاطعام هل يجزئه هذا في الكفارات عن ظهاره منها ان هو تزوجها من ذي
قبل (قال) لا يجزئه ذلك (قلت) لم لا يجزئه والظهار لم يسقط عنه في قول مالك
(قال) إذا خرجت المرأة من ملكه فقد سقط عنه الظهار لأنه لا ظهار عليه لو ماتت
أو لم يتزوجها وإنما يرجع عليه الظهار إذا هو تزوجها من ذي قبل فإذا تزوجها من ذي
قبل فلزمه الظهار فلا تجزئه تلك الكفارة لان الكفارة لا تجزئ إلا أن يكون
الظهار لازما فأما في حال الظهار فيه غير لازم فلا تجزئه في تلك الحال الكفارة
(قلت) أرأيت ان قال رجل لامرأة أجنبية ان تزوجتك فأنت على كظهر أمي
فكفر عن ظهاره هذا قبل أن يتزوجها ثم تزوجها (قال) لا يجزئه ذلك (قال
سحنون) وقد قال الله تبارك وتعالى ثم يعودون لما قالوا (قال) فالعودة إذا أراد الوطئ
65

والاجماع عليه فإذا أراد كفر بما قال الله تعالى وإذا سقط موضع الإرادة للوطئ لما حرم
الله عليه من الفرج بالطلاق أو غيره لم يكن للكفارة موضع فان كفر كان بمنزلة من
كفر عن غير شئ وجب عليه فلا يجزئه
[فيمن أكل أو جامع في الصيام في الظهار ناسيا أو عامدا]
(قلت) أرأيت من صام عن ظهار فأكل في يوم من صيامه ذلك ناسيا (قال) قال
لي مالك يقضى هذا اليوم ويصله بالشهرين فإن لم يفعل استأنف الشهرين (قلت)
أرأيت ان صام عن ظهاره فغصبه قوم وصبوا في حلقه الماء أيجزئه ذلك الصوم عن
ظهاره (قال) أرى أن يقضى يوما مكانه ويصله بالشهرين فإن لم يفعل استأنف الشهرين
(قلت) أرأيت ان جامع امرأته وهو يصوم عن أخرى من ظهاره ناسيا (قال)
هذا يقضى يوما مكان هذا اليوم ويصله بالشهرين لان مالكا قال ذلك في الذي
يأكل ناسيا وهو يصوم عن ظهاره انه يقضى يوما مكانه ويصله بالشهرين فإن لم
يصله بالشهرين استأنف الشهرين (قلت) أرأيت ان صام عن ظهاره شهرا ثم
جامع امرأته ناسيا ليلا أو نهارا أيجزئه صومه ذلك في قول مالك (قال) يستأنف
(قلت) لم (قال) لان الله تبارك وتعالى قال في كتابه من قبل أن يتماسا (قال)
فلا يسعه هذا الأكل والشرب لان الأكل والشرب يحل له بالليل وهو يصوم
والجماع لا يحل له على حال (قال) وسمعت مالكا يقول في المظاهر ان وطئ ليلا
استأنف الصيام ولم يقل لي فيه عامدا ولا ناسيا وأرى ذلك واحدا (قلت)
وكذلك من جامع في الحج ناسيا فعليه أن يستأنف (قال) عليه أن يتم حجه ذلك
ويبدله من قابل ناسيا كان أو عامدا (قلت) أرأيت ان صام تسعة وخمسين يوما
ثم جامع ليلا أو نهارا أيستأنف الكفارة أم لا (قال) مالك يستأنف الكفارة ولا
تجزئه تلك الكفارة (قلت) وكذلك أن أطعم بعض المساكين ثم جامع (قال) قال
مالك يستأنف وإن كان بقي مسكين واحد (قلت) أرأيت الطعام إذا أطعم عن ظهاره
بعض المساكين ثم جامع امرأته لم قال مالك هذا يستأنف الطعام ولم يذكر الله
66

تبارك وتعالى في التنزيل في اطعام المساكين من قبل أن يتماسا وإنما قال ذلك في العتق
والصيام (قال) إنما محمل الطعام عند مالك محمل العتق والصيام لأنها كفارة الظهار كلها
فكل كفارة الظهار تحمل محملا واحدا تجعل كلها قبل الجماع (ابن وهب) عن محمد
ابن عمرو عن ابن جريج قال قلت لعطاء أرأيت اطعام ستين مسكينا من قبل أن يتماسا
فإنه لم يذكر في الطعام من قبل أن يتماسا قال نعم كل ذلك من قبل أن يتماسا (ابن
وهب) وقال مسلمة بن علي وكان الأوزاعي يقول فان أطعم ثلاثين مسكينا ثم وطئ
امرأته فإنه يستأنف الاطعام (ابن وهب) وقاله الليث
[فيمن أخذ في الصيام ثم مرض]
(قلت) أرأيت ان صام عن ظهاره شهرا ثم مرض أيكون له أن يطعم وهو ممن
لا يجد رقبة (قال) لا يكون ذلك له لأنه إذا صح صام (قلت) أرأيت ان تمادى
به مرضه أربعة أشهر أيكون موليا أم لا في قول (قال) إنما قال مالك في المظاهر انه
يوقف ويصنع به ما يصنع بالمولى إذا كان مضارا فأما إذا لم يكن مضارا فلا يوقف
ولا يدخل عليه شئ من هذا فهذا إذا تمادى به المرض فليس بمضار (قلت) أرأيت
إذا تمادى به المرض كيف يصنع (قال) إذا تمادى به المرض انتظر حتى إذا صح صام
إلا أن يصيبه مرض يعلم أن مثل ذلك المرض لا يقوى صاحبه على الصيام بعد ذلك
فان هذا قد خرج من أن يكون من أهل الصيام وصار من أهل الاطعام (وقال)
غيره إذا مرض فهو ممن لا يستطيع وعليه الاطعام
[فيمن ظاهر وليس له الا خادم أو عرض قيمته قيمة رقبة]
(قلت) أرأيت ان ظاهر من امرأته وليس له الا خادم واحد أيجزئه الصيام في
قول مالك (قال) قال مالك لا يجزئه الصيام لأنه يقدر على العتق قال مالك وان
تظاهر من أمته وهو لا يملك غيرها لم يجزه الصيام أيضا وهي تجزئه نفسها ان أعتقها
عن ظهاره فان تزوجها جاز له وأجزأه عتقها عن الظهار الذي كان تظاهر منها (قلت)
67

أرأيت إن كان يملك من العروض ما يشترى به رقبة أو له دار يسكن فيها ثمنها قيمة رقبة
أيجزئه الصوم في قول مالك (قال) قال مالك لا يجزئه الصوم لان هذا واجد لرقبة
[فيمن أطعم بعض المساكين وصام أو أعتق بعض رقبة وأطعم]
(قلت) أرأيت ان صام شهرا وأطعم ثلاثين مسكينا عن ظهاره أيجزئه في قول مالك
(قال) لا يجزئه ذلك عند مالك (قلت) أرأيت ان أعتق نصف عبد وأطعم ثلاثين
مسكينا أو صام شهرا أيجزئه (قال) لا يجزئه
[في الاطعام في الظهار]
(قلت) أرأيت ن أطعم عن ظهاره كم يطعم في قول مالك (قال) قال مالك يطعم مدا
بمد الهشامي لكل مسكين (قلت) حنطة أو شعيرا (قال) حنطة (قلت) والشعير
كم يطعم (قال) قال مالك في كفارة الايمان إن كان الشعير عيش أهل البلد أجزأ ذلك
عنه كما تجزئ الحنطة سواء ويطعمهم من الشعير وسطا من شبع الشعير والتمر مثل
الشعير إن كان التمر عيشهم ويطعم الوسط منه أيضا في كفارة الايمان وأرى أن يطعم
في الظهار من الشعير والتمر عدل شبع مد هشام من الحنطة ولا يطعمهم الوسط من الشبع
وإنما يكون الوسط من الشبع في كفارة الايمان (قلت) هل يجزئه أن يغدى ويعشي
ستين مسكينا في قول مالك في الظهار أو يغديهم ولا يعشيهم أو يعشيهم ولا يغديهم
أو يغديهم ويعشيهم (قال) بلغني أن مالكا يقول في كفارة الايمان ان غداهم وعشاهم
أجزأ عنه ولم أسمع في الظهار أحدا يحد فيه غداء أو عشاء الا ما جاء فيه عن النبي
صلى الله عليه وسلم (قلت) لم قال مالك مدا بالهشامي (قال) لان الهشامي هو بمد
النبي صلى الله عليه وسلم مدان الا ثلثا وهو الشبع الذي لا يعدله في الغداء والعشاء
فلذلك جوزه مالك (قال) ولا أظن من يغدى ويعشي يبلغ أن يطعم مدين الا ثلثا بمد
النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحب أن يغدى ويعشي في الظهار (قال ابن القاسم)
وكان مالك يقول في الكفارات كلها في كل شئ من الأشياء مدا مدا بمد النبي صلى
68

الله عليه وسلم في الافطار في رمضان وفى الايمان وفى كل شئ مدا مدا بمد النبي صلى
الله عليه وسلم الا في كفارة الظهار فإنه قال مالك مدا بالهشامي وهو مدان الا ثلثا بمد
النبي صلى الله عليه وسلم وقال في كفارة الأذى مدين مدين بمد النبي صلى الله عليه وسلم
لكل مسكين (قال) وقال مالك اطعام الكفارات في الايمان مدا مدا بمد النبي صلى
الله عليه وسلم لكل انسان وان اطعام الظهار لا يكون الا شبعا لان اطعام الايمان
فيه شرط ولا شرط في اطعام الظهار (قلت) أرأيت ما كان من كفارة في الافطار
في رمضان لم لا يحمله مالك محمل كفارة الظهار وإنما هو مثله عتق رقبة أو صيام
شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا (قال) قال مالك إنما يحمل ذلك محمل كفارة
الايمان ولا يحمل محمل كفارة الظهار ولم يكن يرى مالك أن يكفر فيمن أكل في
رمضان الا بالاطعام ويقول هو أحب إلى من العتق والصيام (قال مالك) وما للعتق
وما له يقول الله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين فالاطعام أحب إلى
(قلت) أرأيت ان أعطى المساكين في كفارة الظهار الدقيق أو السويق أيجزئه
كما يجزئ من الحنطة والشعير في قول مالك (قال) قال لي مالك لا يجزئه السويق ولا
الدقيق في صدقة الفطر ولا أرى أن يجزئ الدقيق والسويق في شئ من الكفارات
إلا أنى أرى ان أطعم في الكفارات كلها الطعام ما خلا كفارة الأذى وكفارة
الظهار ان ذلك يجزئه (قلت) أرأيت الكفارات كلها ان أعطى من الذي هو
عيشهم عندهم أيجزئ ذلك في قول مالك (قال) نعم يجزئهم ذلك (قلت) أرأيت
ان أطعم في كفارات الايمان فيما يجوز له أن يطعم الخبز وحده أيجزئ في قول مالك
(قال) نعم يجزئهم ذلك ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال يغدى ويعشي
ويكون معه الإدام فإذا أعطى من الخبز ما يكون عدل ما يخرج في الكفارات
من كيل الطعام أجزأ عنه (قلت) ولا يجوز في قول مالك أن يعطى في كل شئ من
الكفارات العروض وان كانت تلك العروض قيمة الطعام (قال) نعم لا يجزئ (قلت)
ولا يجزئ أن يعطى دراهم في قول مالك وان كانت الدراهم قيمة الطعام (قال) نعم
69

لا يجزئ عند مالك (قلت) أرأيت ان أطعم في كفارة الظهار نصف مد نصف مد
حتى أكمل ستين مدا بالهشامي فأعطى عشرين ومائة مسكين أيجزئه ذلك (قال) لا
يجزئه وعليه أن يعيد على ستين مسكينا منهم نصف مد بالهشامي حتى يستكمل ستين
مسكينا لكل مسكين مد بالهشامي (قلت) ولا يجزئه أن يعطى ثلاثين مسكينا
ستين مدا (قال) نعم لا يجزئ ذلك عنه حتى يعطى ستين مسكينا مدا مدا (قلت)
فإنما ينظر في هذا إلى عدد المساكين ولا يلفت إلى الامداد (قال) نعم إنما ينظر في
هذا إلى عدد المساكين إذا استكمل عدد المساكين فأكمل لهم ما يجب لكل مسكين
أجزأه ذلك وان استكمل عدد المساكين ونقصهم مما يجب لهم في الكفارة لم يجز
ذلك عنه وان أعطى ما نقصهم من الذي كان ينبغي له أن يعطيهم في الكفارة غيرهم
من المساكين لم يجزئه ذلك وكذلك هذا في جميع الكفارات كلها في فدية الأذى
لا يجزئه أن يعطى اثنى عشر مسكينا اثنى عشر مدا ولكن يعطى ستة مساكين
اثنى عشر مدا لكل مسكين مدين مدين بمد النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك
في كفارة الافطار في رمضان لا يجزئه أن يعطى عشرين ومائة مسكين نصف مد
نصف مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن يعطى ستين مسكينا مدا مدا بمد النبي
صلى الله عليه وسلم ولا يجزئه أن يعطى ثلاثين مسكينا مدين مدين وقد سئل الشعبي
في كفارة الظهار أيعطى أهل بيت فقراء وهم عشرة طعام ستين مسكينا فقال لا اطعام
ستين مسكينا كما أمركم الله الله أعلم بهم وأرحم. من حديث ابن مهدي (قلت)
أرأيت ان أطعم ثلاثين مسكينا في كفارة الظهار حنطة ثم ضاق السعر واشتد حال
الناس حتى صار عيشهم التمر أو الشعير أيجزئه أن يطعم ثلاثين مسكينا بعد الثلاثين
الذين ذكرت لك من هذا الذي صار عيش الناس قال نعم (قلت) وكذلك
لو أطعم ثلاثين مسكينا في بلاد عيشهم فيها الحنطة ثم خرج إلى بلاد عيشهم فيها التمر أو
الشعير فأطعم هناك مما هو عيش أهل تلك البلاد أيجزئ ذلك عن ظهاره قال نعم
(قلت) وكذلك هذا في جميع الكفارات قال نعم (قلت) أرأيت إن لم يجد الا ثلاثين
70

مسكينا أيجزئه أن يطعمهم اليوم نصف الكفارة وغدا نصف الكفارة في قول
مالك (قال) لا يجزئه ذلك (ابن مهدي) عن سفيان عن جابر قال سألت الشعبي
عن الرجل يردد على مسكينين أو ثلاثة فكرهه (وقال ابن القاسم) وإن لم يجد
عنده في بلاده فليبعث بها إلى بلاد أخرى وذلك أنى سمعت مالكا وسئل عن
رجل كانت عليه كفارتان فأطعم اليوم عن كفارة فلما كان من الغد أراد أن يطعمهم
كفارة اليمين الأخرى أو لم يجد غيرهم (قال) لا يعجبني ذلك (قلت) أكانت
هاتان الكفارتان من شئ واحد أو شيئين مختلفين (قال) إنما سألوا مالكا عن
كفارتين في اليمين بالله فقال ما أخبرتك (قلت) وان افترقت الكفارتان فكانتا
عن ظهار وعن افطار في رمضان (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وقد أخبرتك من
قوله في كفارة اليمين بالله أنه كرهه وهذا مثله عندي (ابن وهب) عن بشر بن
منصور قال سألت يونس بن عبيد عن الرجل يكون عليه يمينان فيدعو عشرة
مساكين فيطعمهم ثم يدعوهم من الغد فيطعمهم فكره ذلك وقال لا ولكن يدعوهم
اليوم فان حدثت يمين أخرى فليدعهم من الغد ان شاء (قلت) أرأيت ان أطعم في
كفارة الظهار أو في شئ من الكفارات أخا أو أختا أو والدا أو ولدا أو ذا رحم محرم
(قال) سألت مالكا عن ذلك فقال مالك لا يطعم في شئ من الكفارات أحدا من
قرابته وان كانت نفقتهم لا تلزمه ولا يطعمهم في شئ من الكفارات التي عليه
(قلت) أيجزئ في قول مالك أن يطعم مكاتبه (قال ابن القاسم) لا يطعم مكاتبه ولا
مكاتبي غيره ولا عبدا ولا أم ولد ولا أحدا من أهل الذمة (قال) وقال مالك ولا يجزئ
أن يطعم في الكفارات كلها الا حرا مسلما وقد قاله ربيعة ونافع مولى ابن عمر وغيرهما
قال نافع نصراني وقال ربيعة وغيره من أهل العلم نصراني ويهودي وعبد (قلت)
أفيجزئ أن يطعم الأغنياء (قال) قال الله تعالى في كتابه فإطعام ستين مسكينا فلا يجزئه
الأغنياء (قلت) أرأيت ان أطعم ذميا أو عبدا في شئ من الكفارات أيعيد (قال)
نعم انه يعيد وكذلك أن أطعم الأغنياء انه يعيد أيضا (قلت) أرأيت ان أطعم بعض
71

من قال مالك لا أحب أن يطعم أحدا من قرابته وان كانت نفقتهم لا تلزمه أيعيد أم لا
(قال) لا يعيد ان كانوا مساكين (قال ابن القاسم) قلت لمالك الصبي المرضع أيطعم
من الكفارات (قال) نعم إذا كان قد أكل الطعام (قلت) ويحسبه له مالك في
العدد ويجعله مسكينا (قال) نعم قال ابن القاسم وقال لي مالك إذا كان قد بلغ أن
يأكل الطعام أطعم في الكفارات وأنا أرى أنه إن كان في يمين بالله أعطى بمد النبي
صلى الله عليه وسلم وإن كان في كفارة الظهار أعطى بمد هشام وإن كان في فدية
الأذى أعطى مدين بمد النبي صلى الله عليه وسلم
[الكفارات بالعتق في الظهار]
(قلت) أرأيت ان أعتق عن ظهارة نصف عبد لا مال له غيره ثم اشترى بعد ذلك
النصف الباقي فأعتقه عن ظهاره أيجزئه أم لا (قال) لا أرى أن يجزئه وما سمعت من
مالك في هذا بعينه شيئا إلا أن مالكا قال في العبد يكون بين الرجلين فيعتق أحدهما
نصفه فيقوم عليه فلا يوجد له فيرق نصفه لصاحبه ثم يوسر الذي أعتق بعد ذلك
فيشترى النصف الباقي أو يرثه أو يوهب له أو يوصى به له فيقتله انه لا يعتق عليه
فلما كان إذا اشترى النصف الباقي لم يعتق عليه لم يجزه عن ظهاره وان أعتق النصف
في الذي اشترى عن ظهاره لم يجزه أيضا لأنه قد كان حين ملكه لا يعتق عليه
الا بعتق من ذي قبل والظهار لا يكون فيه تبعيض العتق ولو كان الشريك المعتق
لنصفه عن ظهاره موسرا لم يجزه النصف الباقي ان قوم عليه عن ظهاره ألا ترى أنه
لما أعتق نصفه لزمه أن يقوم عليه النصف الباقي لما أفسد فيه قبل أن يتم كفارته فصار
هذا النصف معتقا عليه بحكم ألا ترى أن الذي يشترى بشرط لا يجزئ ولا يجزئ
من جرى فيه عقد عتق من مدبر أو مكاتب أو معتق إلى أجل أو أم ولد أو
بعض من يعتق عليه إذا ملكه لأنه لا يستطيع أن يملكه ملكا تاما وكذلك النصف
الذي وجب عليه تقويمه لا يستطيع أن يملكه الا إلى عتق لما دخله من العتق وانه
يعتق عليه بحكم (قلت) أرأيت ان قال إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتراه عن
72

ظهاره (قال) لا يجزئه لان مالكا قال من اشترى أحدا ممن يعتق عليه فأعتقه
في ظهاره قال لا يجزئه ولا أرى أن يجزئه الا رقبة يملكها قبل أن تعتق عليه فكذلك
مسألتك هذه لأنه لا يملكها حتى تعتق عليه (قلت) أرأيت ان اشترى أبا نفسه
عن ظهاره هل يجزئه في قول مالك (قال) قال لي مالك غير مرة لا يجزئه (قلت)
وكذلك أن اشترى من ذوي المحارم ممن يعتق عليه فاشتراه عن ظهاره أيجزئه (قال)
لا يجزئه ذلك في قول مالك (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم كذلك قال مالك
(قلت) أرأيت ان وهب له أبوه فقبله ونوى به عن ظهاره أيجزئه (قال) لا يجزئه
(قلت) وكذلك أن أوصى له به فقبله عن ظهاره (قال) لا يجزئه (قلت) وكذلك أن ورثه فنوى به عن ظهاره (قال) كذلك أيضا لا يجزئ (قلت) هل يجزئ
المكاتب والمدبر وأم الولد في كفارة الظهار أو في شئ من الكفارات (قال) قال مالك
لا يجزئ ذلك (قلت) أرأيت المكاتب الذي لم يؤد شيئا من نجومه هل يجزئ في
قول مالك في شئ من الكفارات (قال) لا يجزئ في قول مالك (قلت) أرأيت
ما في بطن الجارية هل يجزئه ان أعتقه في شئ من الكفارات (قال) لا يجزئ
(قلت) ويكون حرا ولا يجزئ (قال) نعم ان ولدته فهو حر ولا يجزئ (قلت)
أرأيت ان أعتق عبدا عن ظهاره أو عن شئ من الكفارات على مال يجعله عليه دينا
يؤديه العبد إليه يوما ما (قال) لا يجزئه ذلك (قلت) أرأيت ان أعتق رجل عبدا
من عبيده عن رجل عن ظهاره على جعل جعله له أيكون الولاء للذي أعتق عنه
ويكون الجعل لازما للذي جعله له (قال) نعم ولا يجزئه عن ظهاره والجعل له لازم
والولاء له وهذا يشبه عندي أن يشتريها بشرط فيعتقها عن ظهاره فلا يجزئه ذلك
وهو حر والولاء له إذا أعتقه (قلت) أرأيت إذا أعتق عن ظهاره عبدا أقطع اليد
الواحدة (قال) قال مالك لا يجزئه (قلت) فإن كان مقطوع الإصبع أو الإصبعين
(قال ابن القاسم) لا يجزئه (قلت) أرأيت إن كان أجذم أو أبرص أو مجنونا أيجزئ
في قول مالك (قال) أما الأجذم فلا يجزئ في قول مالك وكذلك المجنون لا يجزئ
73

في قوله وأما الأبرص فسمعت مالكا يقول في الأصم انه لا يجزئ في الكفارات
فالأصم أيسر شأنا من الأبرص والأبرص لا يجزئ (وقال) غيره في الأبرص إن كان
خفيفا ولم يكن مرضا أجزأه (قلت) أرأيت الخصي والمجبوب أيجوز في
الكفارات في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى رأيت مالكا
يضعف شأن الخصي في غير وجه واحد سمعته يكره أن يكون الخصي إماما راتبا
في مساجد القبائل أو في مساجد الجماعات والخصي إنما ارتفع ثمنه لما صنع فيه من
الباطل حين أنثوه وقد انتقص بدنه فغير الخصي أحب إلى من الخصي في الكفارات
ولا يعجبني أنا ذلك (قلت) هل يجزئ الأخرس في شئ من الكفارات (قال)
قال مالك لا يجزئ (قلت) ولا الأعمى (قال) قال مالك ولا الأعمى لا يجزئ (قلت)
أرأيت المجنون الذي يجن ويفيق هل يجزئ في شئ من الكفارات (قال) قال مالك
لا يجزئ وقد قال مالك لا يجزئ الأصم (قلت) وهل يجزئ المفلوج اليابس الشق
(قال) لا يجزئ (قلت) أرأيت ان أعتق عن ظهاره أو في شئ من الكفارات
عبدا مقطوع الاذنين هل يجزئه ذلك في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
إلا أنه كره الأصم وقال لا يجزئ فالمقطوع الاذنين عندي بهذه المنزلة (قلت)
أرأيت ان أعتق عبدا مقطوع الابهام أو الإبهامين جميعا أيجزئه في الكفارة في ظهاره
أو في شئ من الكفارات في قول مالك (قال) لا يجزئه لان مالكا قد قال فيما هو
أخف من هذا انه لا يجزئه (قلت) أرأيت الأشل هل يجوز في شئ من الكفارات
في قول مالك (قال) لا وقد قال غيره في مقطوع الإصبع انه يجزئ (قلت) أرأيت
ان أعتق عبدا عن ظهاره من امرأتين ولا ينوى به عن واحدة منهما ثم نوى به عن
إحداهما بعد ذلك (قال) لا يجزئه ذلك (قلت) أرأيت ان أعتق عبدا عن ظهاره عن
امرأتين جميعا ثم أعتق بعد ذلك رقبة أخرى أيجزئه ذلك (قال) لا يجزئه ذلك وان
أعتق بعد ذلك رقبة أخرى لم يجز عنهما لان الأولى إنما أعتقت عنهما فصار ان
أعتق عن كل واحدة نصف رقبة فلا يجزئ ولا يجزئ أخرى بعدها وان جبرها
74

وإنما يجزئ أن لو أعتق رقبة عن واحدة منهما وإن لم ينوها ثم أعتق بعد ذلك رقبة
أخرى أجزأت عنه لأنا علمنا أنه إنما خص بالرقبة واحدة منهما ولم يشركهما فيها فلما
أعتق الأخرى لم تبال الأولى لأيتهما كانت للأولى أو للآخرة إلا أنه لا يطأ واحدة
منهما حتى يعتق الرقبة الأخرى وهذا أحب ما سمعته (قلت) أرأيت ما لم يذكر الله
في القرآن مؤمنة أتجوز فيه اليهودية والنصرانية (قال) قال مالك لا يجوز في شئ من
الكفارات في العتق الا مؤمنة وقال ولا يطعم في شئ من الكفارات الا مؤمن لا
يطعم منها غير المؤمنين (قلت) أرأيت ان أعتق عن ظهاره عبدا أعور أيجزئه ذلك في
قول مالك (قال) قال مالك نعم يجزئه (قلت) فهل يجيز مالك العتق في الكفارات
في الظهار وفى الايمان وفى غير ذلك من الكفارات العبد المعيب إذا لم يكن عيبه فاحشا
(قال) سألت مالكا عن الأعرج يعتق في الكفارات فقال لي إن كان شيئا خفيفا أجزأ
ذلك عنه وأحب ما فيه إلى أنه ان كانت هذه العيوب التي ذكرت شيئا خفيفا مثل
العرجة الخفيفة والجدع في الاذن وقطع الأنملة وطرف الإصبع وما أشبهه فأرجو أن
يجزئ في الكفارات كلها إذا كان مؤمنا وما كان من ذلك عيبا مضرا به حتى ينقصه
ذلك نقصانا فاحشا أو ينقصه فيما يحتاج إليه من غنائه وجزائه رأيت أن لا يجوز في
الكفارات (قلت) أرأيت العبد الصغير والأمة الصغيرة هل يجوز في كفارة الظهار
(قال) سألت مالكا عن ذلك فقال نعم يجوز وإن كان صغيرا إذا كان ذلك من قصر
النفقة (قال) مالك وأحب ذلك إلى أن يعتق من صلى وصام فمعنى قوله من صلى وصام
أي من قد عقل الاسلام والصلاة والصيام (قال) ثم سمعته بعد ذلك وابتدأنا بالقول
فقال إن رجلا يختلف إلى في ظهار عليه يريد أن يعتق صبيا فنهيته عن ذلك وهو يختلف
إلى لأرخص له فلم أر محمل قوله ذلك اليوم إلا أن الرجل كان غنيا فلذلك لم يأمره
مالك بذلك ولذلك نهاه (قال) ولقد سألت مالكا عن العجمي يشتريه فيعتقه عن
ظهاره (قال) نعم إن كان من ضيق النفقة فأرجو أن يجزئ (قال) قال مالك
ومن صلى وصام أحب إلى (قلت) أرأيت ان أعتق رجل عبدا من عبيده عن رجل
75

عن ظهاره أو عن شئ من الكفارات فبلغه فرضى بذلك أيجزئه ذلك من ظهاره
ومن الكفارات التي وجبت عليه في قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك
الساعة ولكن مالكا قال إذا مات الرجل وقد جامع امرأته بعد ما ظاهر منها فوجبت
عليه كفارة الظهار فأعتق عنه رجل رقبة عن ظهاره ذلك أن ذلك مجزئ عنه
وكذلك قال مالك في الكفارات إذا مات الرجل وعليه شئ من الكفارات فكفر
عنه رجل بعد موته انه مجزئ عنه فأرى أن ذلك مجزى عنه إذا كفر عنه وهو حي
فرضى بذلك لان مالكا قال أيضا في الذي يعتق عبدا من عبيده عن رجل من الناس
ان الولاء للذي أعتق عنه وليس الولاء للذي أعتق وقد قال غيره لا يجزئ عنه
(وقد قال ابن القاسم) غير هذا إذا كان يأمره وهو أحسن من قوله هذا ألا ترى
أن الذي أعتق عنه بغير أمره ان قال لا أجيز ان ذلك ليس بالذي يرد العتق وان قال
قد أجزأت فإنما أجاز شيئا قد فات فيه العتق أولا ترى أن الله تبارك وتعالى يقول
ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة فإذا كفر عنه قبل أن يريد العودة فقد جعلت الكفارة
في غير موضعها ألا ترى أنه لو أعتق رقبة قبل أن يريد العودة ثم أراد العودة لم يجزه
ذلك وقد كان كبراء أصحاب مالك يقولون إذا كفر المتظاهر بغير نية للجماع كما قال
الله ثم يعودون فمعنى يعودون يريدون ان ذلك لا يجزئه (قلت) أرأيت ان أعتق
عبدا عن ظهاره وفى يد العبد مال فقال له سيده أعتقك عن ظهاري أو عن شئ من
الكفارات على أن تعطيني هذا المال الذي عندك فقال إذا كان المال عند العبد قبل أن
يعتق ولم يجعل السيد المال عليه للعتق دينا فلا بأس بذلك لان هذا المال قد كان
للسيد أن ينزعه وإنما اشترط أخذه من العبد فلا بأس بذلك وقد سمعت مالكا
وسأله رجل عن رجل أوصى إليه بعتق رقبة فوجد رقبة تباع فأبى أهلها أن يبيعوها
إلا أن يدفع العبد إلى سيده مالا (قال) إن كان ينقده العبد فلا بأس بأن يبتاعه الوصي
ويعتقه عن الذي أوصى فردد عليه الرجل فقال إنه إنما يبيعه لمكان ما يأخذ منه وأنا لم
أدخل في ذلك بشئ والقائل أنا لم أدخل في ذلك بشئ هو المشترى (فقال) قال
76

مالك أليس يدفع إليه ذلك نقدا قال بلى قال فاشتره فأعتقه عن صاحبك ولا شئ
عليك وهو يجزئ صاحبك. فمسألتك تشبه هذا وأخف لأنه إنما يأخذ ماله من
عبده وقد كان يجوز له أن يأخذه فلا بأس أن يشترط أخذه (قال ابن وهب)
وقد قال ابن عمر ومعقل بن يسار صاحبا النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من أهل
العلم لا تجزئ الرقبة تشترى بشرط في العتق الواجب (وقال) ابن وهب وربيعة
لا يجزئ الا مؤمنة (وقال عطاء) لا يجزئ الا مؤمنة صحيحة (وقال) يحيى بن سعيد
وإبراهيم النخعي في الأعمى لا يجزئ (وقال) ابن شهاب مثله (وقال ابن شهاب)
لا يجزئ مجنون ولا أعمى ولا أبرص (وقال يحيى) ولا أشل وقال عطاء ولا أعرج
ولا أشل (وقال) إبراهيم والحسن يجزئ الأعور وكان إبراهيم يكره المغلوب على
عقله (وقال) ربيعة لا تجزئ أم الولد ولا المكاتب (وقال) إبراهيم النخعي والشعبي
لا تجزئ أم الولد (وقال) ابن شهاب لا يجزئ المدبر لما عقد له من العتق وان أبا
هريرة وفضالة بن عبيد قالا يعتق ولد الزنا فيمن عليه عتق رقبة وقاله عبد الله بن عمر
وربيعة (قال) ابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة وعطاء وخالد بن أبي عمران
يجزئ الصبي الصغير المرضع في الكفارة وقاله الليث. والأجر على قدر ذلك بلغنا
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الرقاب أفضل فقال أغلاها ثمنا وأنفسها
عند أهلها
[فيمن صام شهرا قبل رمضان وشهر رمضان]
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا كان عليه صيام شهرين متتابعين من ظهار
فصام شهرا قبل رمضان ورمضان وينوى برمضان شهر ظهاره جاهلا يظن أن
رمضان يجزئه من ظهاره ويريد أن يقضى رمضان في أيام أخر (فقال) لا يجزئه من
رمضان ولا من ظهاره شهر رمضان (قال ابن القاسم) وسألت مالكا عن الرجل
يكون عليه صيام شهرين في تظاهر أو قتل نفس خطأ فيصوم ذا القعدة وذا الحجة
فقال لي لا أرى ذلك يجزئ عنه وليبتدئ الصيام شهرين متتابعين أحب إلى (قال)
77

فقلت له يا أبا عبد الله أنه دخل فيه بجهالة ورجا أن ذلك يجزئه فقال وما حمله على
ذلك فقلت الجهالة ويظن أن ذلك يجزئه فقال عسى أن يجزئه وما هو عندي بالبين
وقال وأجب ذلك إلى أن يبتدى (قال) فقال له بعض أصحابنا أفرأيت من سافر في
شهري صيام التظاهر فمرض فيهما فأفطر فقال إني أخاف أن يكون إنما هيج عليه
مرضه السفر حر أو برد أصابه ولو أستيقن أن ذلك من غير حر أو برد أصابه
لرأيت أن يبنى على صيامه ولكني أخاف
[في أكل المتظاهر ناسيا أو وطئه امرأته]
(قلت) أرأيت من أكل وهو يظن أن الشمس قد غابت وهو صائم في ظهار أو
نذر أو قتل نفس أو فيما كان من صيام أليس سبيله سبيل من تسحر في الفجر وهو
لا يعلم في قول مالك (قال) نعم هو سبيله عند مالك في جميع ذلك (ابن وهب)
عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار في الرجل يفطر في اليوم المغيم
يظن أن الليل قد دخل عليه في الشهرين المتتابعين (قالا) نرى أن يبدله ولا
يستأنف شهرين آخرين (ابن وهب) وقاله سليمان بن يسار وربيعة بن أبي عبد
الرحمن (قلت) أرأيت من صام شهرين متتابعين من ظهار فوطئ امرأته قبل
أن يتم الشهرين ليلا ناسيا أو نهارا (فقال) قال لي مالك من وطئ امرأته وقد ظاهر
منها وقد كان صام بعض الصيام من قبل أن يطأ أو تصدق بحل الصدقة قبل أن يطأ
ثم وطئ (قال) فقال مالك يبتدئ الصيام والطعام (قال ابن القاسم) ولم يقل لي مالك
ناسيا لا في ليل ولا في نهار ولكني أرى أن يكون ذلك عليه وإن كان ناسيا لأنه لو
طلقها البتة وقد وطئها ناسيا لم يضع عنه نسيانه الكفارة التي وجبت عليه ولو طلقها
قبل أن يمسها وقد عمل في الكفارة لم يكن عليه أن يتم ما بقي من الكفارة (قال) فأرى
الكفارة قد وجبت عليه بوطئه إياها ناسيا كان أو متعمدا ليلا كان أو نهارا (قال
سحنون) وقد قال بعض رواة مالك وهو ابن نافع إذا أخذ في الكفارة قبل الطلاق
ثم طلق فأتم ان ذلك يجزئه لأنه حين ابتدأ كان ذلك جائزا له ولأنه ممن كانت
78

العودة له جائزة قبل أن يطلق (قلت) لابن القاسم وكان مالك يقول إذا ظاهر منها
ثم وطئها قبل الكفارة ثم طلقها أو ماتت بعد أن وطئها ان عليه الكفارة وقد لزمته
على كل حال وان طلقها أو مات فلا بد من الكفارة لأنه وطئ بعد الظهار فبالوطئ
لزمته الكفارة وإن لم يطأ بعد أن ظاهر حتى طلق فلا كفارة عليه (قال) نعم هذا قول
مالك لي وقد ذكرت آثار هذا قبل هذا (قلت) أرأيت ان ظاهر منها ثم طلقها
البتة أو غير البتة قبل أن يطأها من بعد ما ظاهر منها ثم تزوجها بعد زوج أيرجع عليه
الظهار ولا يكون له أن يطأ حتى يكفر (قال) قال مالك نعم لا يطؤها إذا تزوجها بعد
أن طلقها حتى يكفر كان ذلك الطلاق ثلاثا أو واحدة (قلت) أرأيت من ظاهر من
امرأته أله أن يطأ جواريه ونساءه غيرها قبل أن يكفر وفى خلال الكفارة أيضا في
قول مالك (فقال) قال مالك نعم يطأ غيرها من نسائه وجواريه قبل أن يكفر وفى
خلال الكفارة ليلا
[في القى في صيام الظهار]
(قلت) أرأيت من تقيأ في صيام من ظهار أيستأنف أم يقضى يوما مكانه يصله بالشهرين
(فقال) يقضى يوما يصله بالشهرين (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
[في مرض المتظاهر من امرأته وهو صائم]
(قال ابن القاسم) وقال مالك من مرض في صيام الظهار فأفطر فإنه إذا صح وقوى
على الصيام صام وبنى على ما كان صام قبل ذلك وان هو صح وقوى على الصيام فأفطر
يوما من بعد قوته على الصيام استأنف الصوم ولم يبن (قال) ومن أفطر يوما من قضاء
رمضان متعمدا لم يكن عليه الا قضاء ذلك اليوم (قلت) أرأيت لو أن امرأة كان
عليها صيام شهرين متتابعين فحاضت في الشهرين ولم تصل أيام حيضتها بالشهرين
أتستأنف أم لا (قال) قال مالك تستأنف إن لم تصل أيام الحيض بالشهرين (قلت)
أرأيت رجلا ظاهر من امرأته وهو ممن لا يجد رقبة فمرض أيجوز له أن يطعم (فقال)
ما سمعت من مالك فيها شيئا إلا أن مالكا قال لي إذا ظاهر فصام ثم مرض فإنه إن
79

صح بنى على ما صام فان فرط حين صح استأنف الشهرين (قلت) أرأيت قول
الله تبارك وتعالى في كتابه فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا كيف هذا الذي
لا يستطيع ومن هو (فقال) ما حفظت من مالك فيه شيئا إلا أنه عندي الصحيح
الذي لا يقوى على الصيام من كبر أو ضعف فان من الناس من هو صحيح
لا يقوى على الصيام وانى لأرى أن كل من مرض مثل الأمراض التي يصح
من مثلها الناس أنه ان ظاهر وهو في ذلك المرض انه ينتظر حتى يصح من ذلك
المرض ثم يصوم إذا كأن لا يجد رقبة وكل مرض يطول بصاحبه فلا يدرى
أيبرأ منه أم لا يبرأ لطول ذلك المرض به ولعله أن يحتاج إلى أهله فأرى أن يطعم
ويلم بأهله وان صح بعد ذلك أجزأ عنه ذلك الطعام لان مرضه كان إياسا (وقال)
أشهب إلا أن يطول مرضه وإن كان ممن يرجى برؤه وقد احتاج إلى أهله فإنه يكفر
بالطعام (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال سمعت رجالا من
أهل العلم يقولون في المرأة التي تقطع صيامها الحيضة لها رخصة في صيام الشهرين
المتتابعين من قبل أن الحيضة تقطع عليها الصيام الذي فرض الله عليها
[في كفارة المتظاهر]
(قال) وقال مالك فيمن تظاهر من أربع نسوة له في غير مرة واحدة ان عليه
في كل واحدة منهن كفارة كفارة ولا يجزئه كفارة واحدة (قلت) أرأيت ان أعتق
أربع رقاب في مرة واحدة عنهن أيجزئه ذلك وإن لم يسم لكل واحدة رقبة بعينها
(فقال) نعم يجزئه ذلك لأنه لم يشرك بينهن في العتق وإنما صارت كل رقبة لامرأة
وذلك فيما بينه وبين الله تعالى ليس لهن من ولائهن شئ (قال) وان أعتق ثلاث
رقاب عن ثلاث أجزأه وإن لم يسم لكل واحدة منهن رقبة فان أعتق الثلاث
الرقاب عن النسوة الأربع لم تجزئه الرقاب في ذلك من ظهاره إذا نوى بهن عن
جميعهن لأنه إنما أعتق عن كل واحدة ثلاثة أرباع رقبة فليس له أن يعتق رقبة أخرى
فيجزئ عنه ذلك ولو أعتق ثلاثا عن ثلاث وحاشى واحدة من نسائه لم ينوها بعينها
80

لم يكن له أن يطأ حتى يعتق الرقبة الرابعة فيطؤهن ولو ماتت واحدة منهن أو طلقها
لم تجزه الثلاث حتى يعتق رقبة فيجوز له الوطئ حين أعتق ثلاثا عن ثلاث ولم
يعتقهن عن جميعهن لأنا لا ندري أيتهن الباقية فلما أعتق الرقبة الرابعة كان قد
استكمل عنهن الكفارات ولم يشرك بينهن في أصل العتق فلما ماتت واحدة أو
طلقها قلنا لا نشك أن اثنتين ممن بقي قد وقعت لهن الكفارة والأخرى التي ماتت
أو بقيت فلا يطأ واحدة منهن حتى يعتق رقبة احتياطا للتي بقيت فتستكمل الكفارة
وأما الذي لا يجزئ عنه أن يعتق رقبة إذا ماتت واحدة منهن أو طلقها إذا أعتق
ثلاثا عن أربع فحينئذ يكون قد جعل لكل واحدة منهن في العتق نصيبا فلا تجزئه
حتى يعتق أربع رقاب سواهن (قال) وان صام ثمانية أشهر متتابعات يريد بذلك
الكفارة عنهن أشركهن جميعا في صيام كل يوم كما أشركهن في العتق لم أر ذلك
يجزئ عنه إلا أن ينوى بالصيام كفارة كفارة وإن لم يوقع ذلك على واحدة من
نسائه بعينها كما وصفت لك في العتق فيجزئ ذلك عنه وأما الطعام فأرى أن ذلك
مجزئ عنه وذلك أنى رأيته مجزئا عنه لأنه لو ماتت واحدة منهن وقد أطعم عنهن
عشرين ومائة مسكين سقط من ذلك حظ الميتة وجبر بما كان أطعم عن الثلاث
اللاتي بقين عنده بقية الاطعام وذلك أنه لا بأس أن يفرق الاطعام ولو أطعم اليوم
عن هذه عشرين وعن هذه غدا ثلاثين وعن الأخرى بعد ذلك أربعين وعن
الأخرى مثل ذلك ثم جبر ما بقي بعد ذلك عنهن أجزأه فلذلك رأيته مجزئا عنه وإن لم ينو واحدة منهن فمن ماتت منهن فعل في أمرها كما فسرت لك يجبر ما بقي من
الكفارة ويسقط قدر حظها لأنه أطعم عنهن كلهن ولم ينو واحدة من واحدة فهذا
الذي أرى والله أعلم بالصواب إلا أن يطعم فيشركهن أيضا في الاطعام في كل مسكين
فلا يجزئ ذلك عنه إلا أن ينوى به مدا لكل مسكين في كفارته وإن لم ينو امرأة
بعينها فذلك يجزئه لأنه أطعم عنهن ولم ينو واحدة فهذا الذي أرى والله أعلم (قلت)
أرأيت رجلا ظاهر من أربع نسوة له في كلمة واحدة فصام شهرين متتابعين عن
81

واحدة منهن فجامع في شهري صيامه بالليل واحدة من نسائه ممن لم ينو الصوم عنها
أيفسد ذلك صومه عن هذه التي نوى بالصوم عنها فقال نعم (قلت) ولم وإنما نوى
بالصيام واحدة منهن (قال) لأنه لو حلف على ثلاثة أشياء بيمين واحدة كقوله والله
لا ألبس قميصا ولا آكل خبزا ولا أشرب ماء ثم فعل واحدة منهن حنث فوجبت
عليه الكفارة ولا شئ عليه فيما بقي مما كان حلف عليه ان فعله لو فعله (قال) ومما
يبين لك ذلك أيضا أنه لو كفر في قول من يقول لا بأس بأن يكفر قبل
الحنث وقد قال مالك أحب إلى أن يكفر بعد الحنث قال وان كفر قبل الحنث
رجوت أن يجزئه في هذه الأشياء الثلاثة قبل أن يفعل واحدة منهن وان نوى
بالكفارة عن شئ واحد من هذه الأشياء الثلاثة ان أراد أن يفعله ولم يخطر له
الاثنتان الباقيتان في كفارته وإنما أراد بكفارته عن ذلك الشئ الواحد ثم فعل
بعد الكفارة هذين اللذين لم يرد بالكفارة عنهما فإنه لا يجب عليه كفارة
أخرى في فعله وتجزئه الكفارة الأولى من الثلاثة الأشياء التي حلف عليها (قال)
وهذا رأيي ولقد سئل مالك عن رجل حلف بعتق رقبة أن لا يطأ امرأته فكان في
ذلك موليا فأخبر أن الايلاء عليه فأعتق رقبة في ذلك إرادة اسقاط الايلاء عنه أترى
ذلك مجزئا عنه ولا إيلاء عليه (فقال) نعم وإن كان أحب إلى أن لا يعتق الا بعد
ما يحنث ولكن ان فعل فهو مجزئ عنه فهذا يبين لك ما كان قبله (قال) ومما يبين
لك ذلك لو أن رجلا ظاهر من ثلاث نسوة له في كلمة واحدة فوطئ واحدة منهن
ثم كفر عنها ونسي الباقيتين أن يدخلهما في كفارته وإنما أراد بكفارته لمكان ما وطئ
من الأولى لكان ذلك مجزئا عنه في الثنتين الباقيتين ولم يكن عليه فيما بقي شئ (قال)
وقال مالك من ظاهر من امرأته فصام شهرا ثم جامعها في الليل (قال) يستأنف ولا
يبنى وكذلك الاطعام لو بقي من المساكين شئ
[جامع الظهار]
(قلت) أرأيت المرأة إذا ظاهر منها زوجها هل يجب عليها أن تمنعه نفسها (قال)
82

قال مالك نعم تمنعه نفسها (قال) ولا يصلح له أن ينظر إلى شعرها ولا إلى صدرها (قال)
فقلت لمالك أفينظر إلى وجهها (فقال) نعم وقد ينظر غيره أيضا إلى وجهها (قلت)
فان خشيت منه على نفسها أترفع ذلك إلى الإمام قال نعم (قلت) ويرى مالك
أيضا للامام أن يحول بينه وبينها (فقال) بلغني ذلك عن مالك (قال) وسمعت مالكا
وسئل عن امرأة طلقها زوجها تطليقة فارتجعها ولم يشهد على رجعتها فامتنعت منه
المرأة وقالت لا أمكنك حتى تشهد (قال مالك) قد أصابت ونعم ما صنعت (قلت)
أرأيت الرجل يصوم ثلاثة أيام في الحج ثم يجد ثمن الهدى في اليوم الثالث هل
ينتقض صومه (قال مالك) يمضى على صيامه (قلت) وإن كان أول يوم صام وجد
ثمن الهدى (فقال) قال مالك ان شاء أهدى وان شاء تمادى في صيامه (قلت) وكذلك
صيام الظهار إذا أخذ في الصيام ثم أيسر (فقال) قال مالك إذا صام يوما أو يومين في
الظهار ثم أيسر فليعتق أحب إلى وإن كان صام أكثر من ذلك تمادى في صيامه
(قال ابن القاسم) وقتل النفس عندي مثل الظهار (قلت) ما قول مالك فيمن أراد
الصيام في جزاء الصيد (فقال) يصوم مكان كل مد يوما في قول مالك (وقال مالك)
في الأذى من كان به أذى من رأسه فالصيام فيه ثلاثة أيام والطعام فيه ستة مساكين
لكل مسكين مدين مدين (قال) وقال مالك وكفارة اليمين اطعام عشرة مساكين
مدا مدا لكل مسكين وكل شئ من الكفارات أيضا سواء كفارة الظهار وكفارة
الأذى من قتل النفس والطعام في الجزاء فكل شئ من هذا مدا مدا لكل مسكين
(وقال مالك) في كفارة الظهار انه إن لم يجد الا ثلاثين مسكينا فأطعمهم ثم أراد أن يرد
عليهم الثلاثين مدا الباقية لم يجزه أن يرد عليهم ولا يجزئه إلا أن يطعم ستين مسكينا
(تم كتاب الظهار من المدونة الكبرى بحمد الله وتوفيقه وصلى الله)
(على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا)
(ويليه كتاب الايلاء واللعان)
83

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
[كتاب الايلاء واللعان]
[ما جاء في الايلاء]
(قال سحنون) قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت ان حلف أن لا يطأ امرأته أربعة
أشهر أيكون موليا في قول مالك (قال) قال مالك لا (قلت) فان زاد على الأربعة
الأشهر (قال) إذا زاد على الأربعة الأشهر بيمين عليه فهو مول (قلت) أرأيت ان
حلف أن لا يغتسل من امرأته من جنابة أيكون موليا (قال) نعم يكون موليا لان
هذا لا يقدر على الجماع الا بكفارة (قلت) أرأيت ان آلى منها بحج أو بعمرة أو
بصوم أو بعتق أو بطلاق أو بهدى أيكون موليا في قول مالك (قال) قال مالك نعم
(قلت) فان قال إن قربتك فعلى أن أصلى مائة ركعة أيكون موليا قال نعم
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال والله لا أقربك حتى يقدم فلان أيكون موليا في
قول مالك (قال) قال لي مالك في رجل قال لغريم له والله لا أطأ امرأتي حتى أوفيك
حقك انه مول فكذلك مسألتك عندي تشبه هذا (قلت) وكل من حلف أن
لا يطأ امرأته حتى يفعل كذا وكذا فهو مول في قول مالك قال نعم (قلت)
فإن كان ذلك الشئ مما يقدر على فعله أو مما لا يقدر على فعله فهو سواء وهو مول
(قال) نعم لان مالكا قال في الرجل يقول لامرأته ان وطئتك فأنت طالق البتة ففعله
وبره فيها لا يكون الا حانثا فرأى مالك أنه مول وكان من حجته أو حجة من
84

احتج عنه وأنا أشك في قوله أرأيت ان رضيت بالإقامة أكنت أطلقها فكذلك
عندي كل مالا يستطيع فعله والفئ فيه لم يعجل عليه بطلاق لعلها أن ترضى فلا يكون
فيه إيلاء. ومما يبين لك ذلك أن لو قال رجل ان وطئتك حتى أمس السماء فعلى كذا
وكذا فقالت لا أريد أن تطأني وأنا أقيم كان ذلك لها ولم تطلق عليه (قال سحنون)
إلا أن المرأة ان قامت في الامرين جميعا على زوجها قبل مضى الأربعة أشهر
أو بعد مضيها فان الذي حلف بطلاق البتة أن لا يطأ أبدا يطلقها عليه السلطان ولا
يمكنه من وطئها وليس هو ممن يوقف على فئ. وأما الأخرى فان قامت قبل مضى
الأربعة أشهر لم يعجل عليه بشئ لان فيه الوطئ وبه يحنث وان قامت بعد مضى
الأربعة وقف فاما فاء فأحنث نفسه والا طلق عليه السلطان (قلت) أرأيت ان قال إن قربتك فعلى كفارة أو قال على يمين أيكون موليا (قال) نعم (قلت) أرأيت
ان قال والله لا التقى أنا وأنت سنة أيكون هذا موليا في قول مالك أم لا (قال)
سمعت مالكا يقول كل يمين لا يقدر صاحبها على الجماع لمكانها فهو مول فإن كان هذا لا يقدر على الجماع لمكان يمينه هذه فهو مول (ابن وهب) عن الليث بن
سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال إن الايلاء في المسيس فلو أن رجلا حلف أن لا يكلم
امرأته سنة فان كلمها فهي طالق البتة ثم ترك كلامها ووطئها لم يكن عليه إيلاء ولو
أن رجلا حلف أن لا يطأ امرأته وهو يكلمها كان قد آلى منها ووقف حتى يراجع
أو يطلق وان مضت الأربعة الأشهر لم يكن ذلك طلاقا على ذلك أدركنا الناس فيما
مضى ولكنه يوقف حين يؤبه له حتى يفئ أو يطلق (ابن وهب) قال
يونس وقال ابن شهاب ان حلف أن لا يكلم امرأته وهو في ذلك يمسها فلا نرى ذلك
يكون من الايلاء (ابن وهب) وقال مالك ولا يكون الايلاء في هجره إلا أن
يحلف في المسيس
[فيمن قال لامرأته والله لا أطؤك إن شاء الله]
(قلت) أرأيت ان حلف بالله أن لا يقرب امرأته إن شاء الله أيكون موليا وقد
85

استثنى في يمينه (قال) سألت مالكا عنها فقال هو مول (قال سحنون) وقال غيره
انه لا يكون موليا (قلت) أرأيت هذا الذي استثنى في يمينه هل له أن يطأ بغير
كفارة في قول مالك قال نعم (قلت) فإذا كان له أن يطأ بغير كفارة فلم جعله
مالك موليا وهو يطأ بغير كفارة (قال) لأنه إذا تركها أربعة أشهر ولم يطأها فلها
أن توقفه لان اليمين التي حلف بها هي في رقبته إلا أن فيها استثناء فهو مول منها بيمين
فيها استثناء فلا بد من التوقيف إذا مضت الأربعة الأشهر إذا طلبت امرأته
ذلك وإن كان له أن يطأ بغير كفارة لان اليمين لازمه له ولم تسقط عنه وإنما تسقط
عنه بالجماع ألا ترى أنه حالف إلا أنه حالف بيمين فيها استثناء فهو حالف وإن كان في
يمينه استثناء
[فيمن قال على نذر أن لا أقربك]
(قلت) أرأيت ان قال على نذر أن لا أقربك (قال) إذا قال على نذر ففي قول
مالك هي يمين فإذا كانت يمينا فهو مول (قلت) أرأيت ان قال على عهد الله أو الميثاق
أو قال كفالة الله أيكون موليا (قال) هذه كلها عند مالك أيمان فإذا كانت أيمانا
فهو مول (قلت) فان قال على ذمه الله (قال مالك) أراها يمينا (قال ابن القاسم)
وأراه موليا (قلت) أرأيت ان قال وقدرة الله وعظمة الله وجلال الله (قال) هذه
كلها ايمان (قلت) أرأيت ان قال أشهد أن لا أقربك أيكون موليا (قال) قال
لي مالك في أشهد ولعمري ليستا بيمين (قلت) فان قال أقسم أن لا أطأك (قال)
قال لي مالك في أقسم انها ليست بيمين إلا أن يكون أراد بالله (قال ابن القاسم)
فإن كان أراد أقسم بالله فأراه موليا لأنها يمين وإن لم يقل بالله ولم يرد بالله فليس
بالمولى (قلت) أرأيت ان قال أنا يهودي أو أنا نصراني ان جامعتك (قال) لا تكون هذه
يمينا في قول مالك وإذا لم تكن يمينا لم يكن موليا (قلت) أرأيت ان قال أعزم ولم
يقل بالله أو قال أعزم على نفسي ولم يقل بالله ان قربتك (قال) قال لي مالك في
أقسم إذا لم يقل بالله ما قد أخبرتك فقوله عندي أعزم مثل قوله أقسم (قلت)
86

أرأيت ان قال أنا زان ان قربتك أيكون موليا أم لا (قال) لا يكون موليا لان مالكا
قال من قال أنا زان ان فعلت كذا وكذا فليس بحالف (قلت) أرأيت ان حلف
ليغيظنها أو ليسوءنها فتركها أربعة أشهر فوقفته أيكون موليا أم لا (قال) لا يكون
هذا موليا (قال ابن وهب) وأخبرني يونس أنه سأل ابن شهاب عن رجل قال إن قربت امرأتي سنة فهي طالق أو قال على هدى أو عتق فمضى أربعة أشهر قبل
أن يصيب امرأته (قال) أرى قوله بمنزلة الايلاء والله أعلم من أجل ما عقد على
نفسه لله وإن لم يكن حلف (ابن وهب) قال يونس وسألت ربيعة عن المولى هل
يجب عليه إيلاء بغير يمين حلفها ولو قال على مشى أو عتق أو هدى أو عهد أو قال
مالي في سبيل الله (قال) كل ما عقد على نفسه فهو بمنزلة اليمين (قلت) أرأيت ان
قال والله لا أطؤك فلما مضت الأربعة الأشهر وقفته فقال لم أرد بقولي الايلاء وإنما
أردت أن لا أطأها بقدمي (قال) لا يقبل قوله ويقال له جامعها حتى تعلم أنك لم ترد
الايلاء وأنت في الكفارة أعلم إن شئت فكفر إذا وطئت وإن شئت فلا تكفر
(قلت) وكذلك أن قال والله لا أجامعك في هذه الدار فمضت الأربعة الأشهر
فوقفته أتأمره أن يجامعها ولا يلتفت إلى قوله انى أردت أن لا أجامعها في هذه الدار
(قال) نعم كذلك يقال له أخرجها وجامعها ان كنت صادقا فان كنت صادقا فلا
كفارة عليك ولا تترك من غير أن تجامعها
[فيمن قال والله لا أطؤك في داري هذه سنة أو في هذا المصر]
(قلت) أرأيت ان قال لامرأته والله لا أطؤك في داري هذه سنة وهو فيها ساكن
مع امرأته فلما مضت أربعة أشهر وقفته فقالت قد آلى منى وقال الزوج لست موليا
إنما أنا رجل حلفت أن لا أجامعها في داري هذه فأنا لو شئت جامعتها في غير داري
بلا كفارة (قال) لا أراه موليا ولكني أرى أن يأمره السلطان أن يخرجها فيجامعها
لأني أخاف أن يكون مضارا إلا أن تتركه المرأة ولا تريد ذلك (قلت) وكذلك أن قال والله لا أطؤك في هذا المصر أو في هذه البلدة (قال) هو مول لأنه كأنه قال
87

والله لا أطؤك حتى أخرج منها فإذا كان خروجه يتكلف فيه المؤنة والكلفة فهو
مول (قال سحنون) ألا ترى أنه إذا قال والله لا أطأ امرأتي ولك على حق كأنه
قال والله لا أطأ حتى أقضيك حقك (قال سحنون) وقد قال مالك في الذي يقول
لا أطأ حتى أقضيك حقك انه مول
[فيمن قال إن وطئتك فكل مملوك أملكه فيما أستقبل حر]
[أو قال كل مملوك أشتريه من الفسطاط فهو حر]
(قلت) أرأيت ان قال لامرأته ان وطئتك فكل مملوك أملكه فيما استقبل فهو
حر (قال) لا شئ عليه وقد قال لي مالك إذا حلف الرجل فقال كل مملوك أشتريه
فهو حر انه لا يعتق عليه شئ مما سمى لان هذا مثل من قال كل امرأة أتزوجها فهي
طالق فإذا عم في العتق وفى الطلاق لم يلزمه (قلت) فان قال كل مملوك اشتريه من
الفسطاط فهو حر (قال) هذا يلزمه فيه الحرية (قلت) ويكون به موليا ان قال
ذلك لامرأته (قال) لا لأنه ليس عليه يمين ان وطئها حنث بها إلا أن يشترى عبدا
بالفسطاط فيقع عليه الايلاء من يوم يشتريه وكل يمين حلف بها صاحبها على ترك
وطئ امرأته كان لو وطئ لم يكن بذلك حانثا في شئ يقع عليه حنث فلا أراه موليا
حتى يفعل ذلك الشئ فيمنعه الوطئ مكانه فيكون به موليا (وقد) قال غيره يكون
موليا لان كل من يقع عليه الحنث بالفئ حتى يلزمه ذلك إذا صار إليه فهو مول ألا
ترى أنه لو وطئ امرأته قبل أن يشتريه ثم اشتراه عتق عليه وقد قال عبد الرحمن
أيضا مثله (قلت) أرأيت ان قال لامرأته ان وطئتك فكل مال أملكه من ذي
قبل في المساكين صدقة (فقال) لا شئ عليه لان مالكا قال لو حلف بهذا لم يكن
عليه أن يتصدق بثلث ما يفيد (قلت) فان قال كل مال أفيده بالفسطاط فهو صدقة
ان جامعتك أيكون موليا أم لا في قول مالك (قال) لا وهو مثل ما فسرت
لك في العتق (قلت) أرأيت ان قال إن جامعتك فعلى صوم هذا الشهر الذي هو
فيه بعينه أيكون موليا أم لا (قال) لا يكون هذا موليا (قلت) فإن لم يصم
88

ذلك الشهر حتى خرج ثم جامعها أيكون عليه قضاء ذلك الشهر أم لا (قال) لا يكون
عليه قضاء ذلك الشهر (قلت) لم (قال) لان الشهر قد مضى وإنما كأن يكون عليه
قضاؤه لو أنه جامع قبل أن ينسلخ الشهر أو جامع وقد بقي من الشهر شئ فهذا الذي
يكون عليه قضاء الأيام التي جامع فيها ولا يكون عليه الايلاء ألا ترى أنه لو حلف
بعتق عبده ان جامع امرأته ثم باع عبده ثم جامعها انه لا يكون موليا فكذلك الشهر
إذا مضى ثم جامع بعد ذلك بمنزلة العبد الذي باعه ثم جامع بعد ذلك (قلت)
أرأيت ان قال لامرأته والله لا أطؤك في هذه السنة الا يوما واحدا أيكون
موليا (قال) قد اختلف فيها أهل المدينة ولم أسمع من مالك فيها شيئا ولست
أرى عليه الايلاء إلا أن يطأ فان وطئ وقد بقي عليه من السنة أكثر من أربعة
أشهر فهو مول (قلت) أرأيت ان قال والله لا أقربك حتى تفطمي ولدك
(قال) قال مالك لا يكون هذا موليا (قال ابن القاسم) قال مالك لان هذا ليس على
وجه الضرر إنما أراد صلاح ولده (1) (قال) وقال مالك وبلغني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال (ابن وهب) عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن الرجل
يقول لامرأته والله لا أقربك حتى تفطمي ولدى (قال ابن شهاب) ما نعلم الايلاء
يكون الا بالحلف بالله فيما يريد المرء أن يضار به امرأته من اعتزالها وما نعلم الله فرض
فريضة الايلاء الا على أولئك فيما نرى لان الذي يحلف يريد الضرر والإساءة إلا أن (2) حلفه ينزل بمنزلة الايلاء ولا نرى هذا الذي أقسم الاعتزال لامرأته حتى تفطم
ولده أقسم الا على أمر يتحرى فيه الخير وليس متحرى الخير كالمضار فلا نراه
وجب على هذا ما وجب على المولى الذي يولى في الغضب

(1) وجد بهامش الأصل هنا ما نصه قال فضل ولو قال والله لا أطؤك هاتين السنتين حتى تفطمي
ولدك لم يكن عليه إيلاء لأنه لم يرد به الضرر إلا أنه ان مات الصبي قبل السنتين وكان فيما بقي من
السنتين أكثر من أربعة أشهر كان يومئذ موليا يوقف من بعد الأربعة الأشهر وهكذا قال ابن
الماجشون في ديوانه وقال أصبغ هو مول لأنه يفر من وطئ ينعقد به عليه إيلاء اه‍
(2) كذا بالأصل ولعل المناسب فان حلفه الخ كتبه مصححه
89

[فيمن قال والله لا أجامعك سنة ونوى الجماع]
(قلت) أرأيت ان قال والله لا أجامعك سنة ونوى الجماع فمضت سنة قبل أن
توقفه (قال) قال مالك إذا مضت السنة فلا إيلاء عليه (قال) ولقد سألت مالكا عن
رجل آلى أن لا يمس امرأته ثمانية أشهر فلما مضت الأربعة الأشهر وقف فأبى أن
يفئ فطلقت عليه ثم ارتجعها فانقضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضي عدتها ولم يمسها
أترى رجعته ثابتة عليها ان انقضت عدتها قبل أن يمسها بعد الأربعة الأشهر إن لم
يمسها (قال المالك) الرجعة له ثابتة إذا انقضى وقت اليمين وهي في عدتها فلا يمين عليه
ورجعته رجعة لأنه ليس هاهنا يمين تمنعه من الجماع (قلت) أرأيت ان قال لامرأته
والله لا أقربك ثم قال لها بعد ذلك بشهر على حجة ان قربتك فلما مضت أربعة أشهر
من يوم حلف باليمين الأولى وقفته المرأة عند السلطان فلم يفئ فطلق عليه السلطان
فارتجعها مكانه فمضى شهر آخر وحل أجل الايلاء الذي بالحج فأرادت أن توقفه أيضا
أيكون لها ذلك أم لا في قول مالك (قال) لا لان اليمين التي زاد إنما هي توكيد ألا
ترى أنه لو وقف فحنث نفسه ان الحنث يجب عليه باليمينين جميعا فكذلك إذا حلف
بالطلاق إذا أبى الفئ فذلك لليمينين وقد قال غيره هذا أيضا (وقال) في رجل حلف
ليجلدن غلامه جلدا يجوز له بطلاق امرأته فباع الغلام قبل أن يجلده (قال) أوقفه
عن امرأته وأضرب له أجل المولى فإذا مضت الأربعة الأشهر ولم يرجع إليه العبد
بشراء أو ميراث أو نحلة فيجلده طلقت عليه امرأته واحدة فان صار العبد إليه بشئ
من الملك الأول وهي في العدة فجلده رأيت له الرجعة ثابتة وإن لم يصر إليه العبد حتى
تنقضي عدتها بانت منه فان تزوجها رجع عليه الوقف إلا أن يملك العبد فيجلده
فيخرج من يمينه (وقال) كبير من أصحاب مالك وهو ابن دينار ساعة باع عبده
وخرج من ملكه وقع عليه الطلاق (وقال) ابن دينار في رجل حلف بعتق غلامه
ليضربنه فباعه ان البيع مردود فإذا رددته أعتقت العبد لأني لا أنقض شراء مسلم
قد ثبت إلى رق ولكني أنقضه إلى حرية
90

[فيمن قال لامرأته أنت طالق ثلاثا إن لم أفعل كذا ولم يوقت]
(قلت) أرأيت الرجل يقول لامرأته أنت طالق إن لم أفعل كذا وكذا ولم يوقت
(قال) قال مالك يحال بينه وبينها ويدخل عليه الايلاء من يوم يرفع ذلك وقال غيره
إذا تبين للسلطان ضرره بها (قال) وإن لم يمكنه فعل ما حلف عليه ليفعلنه فلا يحال
بينه وبين امرأته ولا يضرب له أجل فإذا أمكنه فعل ذلك قيل له أنت بسبيل
الحنث فلا تقربها فان رفعت امرأته أمرها ضرب له السلطان أجل المولى مثل الرجل
يقول امرأتي طالق إن لم أحج ولم يوقت سنة بعينها وهو في أول السنة أو قال
لأخرجن إلى بلدة فلم يجد سبيلا إلى الخروج من قبل انقطاع الطريق الا ترى ان
الحج لا يستطاع في أول السنة ولا يمكنه فعله فيفئ وفيئه فعل ما حلف عليه ليفعلنه
ولا يمكنه الخروج فيفئ لان فئ هذين ليس بالوطئ إنما فيئه فعل الشئ الذي
لا يمكنه فعله فمن هاهنا لا يكون بسبيل الحنث ولا يوقف عنها الا ترى ان المولى
نفس الايلاء إذا حل أجله وأوقفته امرأته وهو مريض أو مسجون انه يمد له في أجله
للعذر الذي به لأنه لا يقال له طء وهو مسجون ولا وهو مريض فإذا أمكنه قيل له
فئ والا طلق عليك فكذلك الحالف ليحجن أو ليخرجن فإذا أمكنه الخروج إلى
البلدة ووجد السبيل إلى الفئ فترك الخروج الذي له صار بسبيل الحنث وترك الحج
حتى جاء وقت أن خرج لم يدرك الحج فمن حينئذ يقال له لا تصب امرأتك لأنك
بسبيل حنث حين تركت ما قدرت عليه من فعلك ما حلفت لتفعلن فان رفعت
امرأته أمرها ضرب له السلطان أجل الايلاء فان فعل قبل أجل الايلاء ما هو بره
ومخرجه من الحج والخروج إلى البلدة بر في يمينه وسقط حلفه ولم يكن عليه إيلاء
وان جاء وقت الايلاء ولم يفعل ما أمكنه فعله طلق عليه السلطان بالايلاء فان
ارتجع وفعل الحج والخروج قبل أن تنقضي العدة كانت امرأته وكانت رجعته
ثابتة له لأنه قد بر في يمينه وقد فاء لان فيئه فعله كما أن فئ المولى نفس الايلاء الوطئ
ألا ترى ان المولى إذا طلق عليه بعد الأربعة الأشهر لترك الفئ ثم ارتجع فان
91

صدق رجعته بفيئه وهو الوطئ قبل انقضاء العدة ثبتت رجعته وسقطت عنه
اليمين (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة في الرجل يقول إن لم أضرب فلانا
فامرأته طالق (قال ربيعة) ينزل بمنزلة المولى إلا أن يكون حلف بطلاقها البتة ليضربن
رجلا مسلما وليس له على ذلك الرجل وتر ولا أدب وان ضربه إياه لو ضربه خديعة
من ظلم فان حلف على ضرب رجل هو بهذه المنزلة فرق بينه وبين امرأته ولا ينتظر
به ولا نعمة عين
[فيمن حلف على فعل غيره]
(قلت) فان قال يا فلان امرأتي طالق إن لم تهب لي دينارا (قال) يحال بينه وبينها ولا
يدخل عليه في هذاك الايلاء ولكن يتلوم له السلطان على قدر ما يرى مما حلف عليه
فان وهب له المحلوف عليه ما حلف عليه والا فرق السلطان بينهما مكانه (قلت) وهاتان
المسألتان جميعا قوله مالك قال نعم (قلت) أرأيت الرجل يقول لامرأته وهي
نصرانية أنت طالق إن لم تسلمي (قال) قال مالك ليس في هذا إيلاء ولكن
يوقف ويتلوم له السلطان فان أسلمت والا فرق بينهما مكانه وكذلك بلغني عن مالك
فيها (وقال ابن شهاب) ان حلف ليفعلن فعلا ان ضرب لذلك أجلا خلى بينه وبين
امرأته وحمل ذلك وإن لم يجعل ليمينه أجلا ضرب له أجل فان أنفذ ما حلف عليه فبسبيل
ذلك وإن لم ينفذ ما حلف عليه فرق بينه وبين امرأته صاغرا قميئا فإنه هو فتح ذلك
على نفسه في اليمين الخاطئة (وقال ربيعة) في الذي يحلف ليخرجن إلى أفريقية بطلاق
امرأته قال ربيعة يكف عن امرأته ولا يكون منها بسبيل فان مرت به أربعة أشهر
أنزل بمنزلة المولى وعسى أن لا يزال موليا حتى يأتي إفريقية ويفئ في أربعة أشهر
(ابن وهب) قال الليث قال ربيعة في الرجل يحلف بطلاق امرأته ليتزوجن عليها
انه يوقف عنها حتى لا يطأها ويضرب له أجل المولى (قال الليث) ونحن نرى ذلك
92

[في الذي يحلف بطلاق امرأته ليحجن أو يقول لامرأة]
[ليست له بزوجة والله لا أطؤك]
(وقال) ابن نافع قال مالك في الذي يحلف بطلاق امرأته ليحجن ولم يسم العام
الذي يحج فيه أن له أن يمس امرأته قبل أن يحج ما بينه وبين الحجة الأولى فان
جاء الا بان الذي يدرك فيه الحج من بدله فلا يمسها حتى يحج (قلت) أرأيت لو
أن رجلا قال لامرأة نظر إليها ليست له بزوجة والله لا أطؤك فتزوجها بعد ذلك
أيكون موليا ان تركها أربعة أشهر لم يطأها في قول مالك (قال) نعم هو مول عند
مالك (قلت) ولم وهو حين حلف أن لا يطأها لم تكن له بزوجة وإنما قال الله
تبارك وتعالى للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر (قال) ألا ترى أن الله
تبارك وتعالى قال الذين يظاهرون منكم من نسائهم وقد قال مالك إذا ظاهر
الرجل من أمته فهو مظاهر فهذا يدلك على أن الذي آلى من تلك المرأة وليست
له بزوجة ثم تزوجها بعد ذلك أنه مول منها في قول مالك وقد قال الله تعالى وأمهات
نسائكم فلا يجوز له أن يطأ أم جارية له قد وطئها بملك
[فيمن قال لامرأة ان تزوجتك فأنت طالق ووالله لا أقربك]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامرأة ان تزوجتك فأنت طالق ووالله لا أقربك
فتزوجها فوقع الطلاق في قول مالك أيقع الايلاء أم لا توقعه من قبل أن الطلاق
يقع قبل وقوع الايلاء في قول مالك (قال) نعم هذا يلزمه في اليمين لأنه لو حلف
فقال لامرأة أجنبية والله لا أقربك ثم تزوجها انه مول فكذلك مسألتك ألا
ترى أن مالكا قد قال في رجل قال لامرأة نظر إليها فقال إن تزوجتك فأنت طالق
وأنت على كظهر أمي انه ان تزوجها وقع عليه الطلاق وهو مظاهر منها ان تزوجها
بعد ذلك وجعل مالك وقوع الطلاق والظهار جعلهما يلزمانه جميعا الا ترى لو أن رجلا
نظر إلى امرأة فقال لها أنت على كظهر أمي ولم يقل ان تزوجتك ولم يرد بقوله
93

ذلك أن تزوجتك فان تزوجها بعد ذلك لم يكن مظاهرا منها إلا أن يكون حين
قال لها أنت على كظهر أمي أراد بذلك أي ان تزوجتك فأنت على كظهر أمي
فيكون مظاهرا بما نوى فهذا في الظهار إذا قال لها أنت على كظهر أمي ولم يقل ان
تزوجتك ولم ينو ما قلت لك لا يكون مظاهرا ان تزوجها وهو ان قال لها ان
تزوجتك فأنت طالق وأنت على كظهر أمي انه ان تزوجها فهي طالق وهو
مظاهر منها في قول مالك ان تزوجها بعد ذلك فهذا يدلك على أن الطلاق والظهار
وقعا جميعا معا في قول مالك فالايلاء ألزم من هذا فقد وقع الايلاء والطلاق جميعا
معا وإنما أخبرتك أن الايلاء الزم من الظهار لأنه لو نظر إلى امرأة في قول
مالك فقال والله لا أقربك فتزوجها بعد ذلك أنه مول ولو نظر إلى امرأة
فقال لها أنت على كظهر أمي فتزوجها لم يكن مظاهرا إذا لم يكن ينوى ان
تزوجتك فبهذا كان الايلاء ألزم من الظهار والايلاء لازم في مسألتك
[فيمن قال لامرأة ان تزوجتك فوطأتك فأنت طالق]
[أو آلى من امرأته وهي صغيرة]
(قلت) أرأيت ان قال إن تزوجتك فوطأتك فأنت طالق (قال) ان تزوجها
فهو مول إذا تزوجها فان وطئها كانت طالقا ويسقط الايلاء (قلت) أرأيت ان
آلى منها وهي صغيرة لا يجامع مثلها (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا
أرى هذا موليا ولا أرى أن يوقف حتى تبلغ الوطئ (قلت) أتوقفه يوم بغلت الوطئ
إن كان قد مضى أربعة أشهر قبل ذلك أم حتى تمضى أربعة أشهر من يوم بلغت
(قال) بل حتى تمضى أربعة أشهر من يوم بلغت (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال
لامرأته أن وطئتك فأنت طالق البتة أيطلقها مالك عليه مكانه أم يجعله موليا ولا
يطلقها عليه (قال) بلغني عن مالك أنه قال هو مول (قلت) لم لا يطلقها مالك
عليه حين قال إن وطئتك فأنت طالق البتة وقد علم أن هذا لا يستطيع أن يقيم
على امرأته إلا أن لا يطأها (قال) لان هذا لا يحنث الا بالفعل وليس هذا أجلا
94

طلق إليه وإنما هذا فعل طلق به فلا يطلق حتى يحنث بذلك الفعل وهي ان تركته
ولم ترفعه إلى السلطان لم يقع عليه طلاق أبدا إلا أن يجامعها فها هنا وجه لا يقع عليها
طلاقه أبدا لأنها ان تركته لم يقع الطلاق عليها وقد ذكر أكثر الرواة عن مالك أنه
لا يمكن من الفئ لان باقي وطئه لا يجوز له فلذلك لا يمكن منه (قال سحنون)
وقد روى أيضا عن مالك أن السلطان يحنثه ولا يضرب له أجل المولى لأنه لا يمكن
من الفئ إذا قامت به امرأته إذا كان حلفه على أن لا يطأها أبدا (سحنون) وهذا
أحسن من هذا الذي فوق (قلت) أرأيت ان طلقها تطليقة يملك الرجعة ثم آلى
منها أيكون موليا في قول مالك (قال) قال مالك أراه موليا ان مضت الأربعة
الأشهر قبل أن تنقضي العدة وقف فاما فاء واما طلق عليه (قلت) أرأيت لو أن
رجلا قال لامرأته عبدي ميمون حر ان وطئتك فباع ميمونا أيكون له أن يطأ
امرأته في قول مالك قال نعم (قلت) فان اشترى ميمونا بعد ذلك أيعتق عليه بما
وطئ مولاه قبل أن يشتريه (قال) لا يعتق عليه (قلت) فهل يكون موليا من
امرأته حين اشتراه (قال) نعم هو مول لأنه لو وطئ امرأته عند مالك بعد ما اشترى
العبد حنث وكذلك قال لي مالك فلما صار لا يطؤها الا بالحنث صار موليا
[في الرجل حلف أن لا يطأ امرأته بطلاق امرأة له أخرى]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا حلف بطلاق امرأته ثلاثا أن لا يطأ امرأة له أخرى
فطلق التي حلف بطلاقها تطليقة فتركها حتى انقضت عدتها أيكون له أن يطأ امرأته
التي كان موليا منها في قول مالك قال نعم (قلت) فان تزوج التي كان حلف
بطلاقها بعد زوج أو قبل زوج أيكون له أن يطأ امرأته التي كان منها موليا بطلاق
هذه التي نكح (قال) ان وطئها طلقت هذه عليه بقية طلاقها وهما تطليقتان وان
تركها لا يطؤها كان منها موليا لأنه لا يستطيع أن يطأ الا بحنث وهذا قول مالك
(قلت) أرأيت ان طلق التي كان حلف بطلاقها ثلاثا البتة ثم تزوجها بعد زوج
أيكون موليا من امرأته التي كان آلى منها بطلاق هذه (قال) لا يكون موليا لان
95

الطلاق الذي حلف فيه قد ذهب كله وهذا بمنزلة رجل حلف بعتق عبد له أن
لا يطأ امرأته فمات العبد فقد سقطت اليمين فكذلك طلاق تلك المرأة قد ذهب
كله (قلت) أرأيت ان طلق التي آلى منها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج (قال) هو
مول منها ما دامت هذه التي آلى بطلاقها من الأخرى تحته على شئ من طلاق
ذلك الملك الذي آلى فيه ألا ترى أن مالكا قال لو أن رجلا قال لامرأته والله
لا أطؤك فطلقها ثلاثا البتة ثم تزوجها بعد زوج انه مول منها فكذلك إذا آلى منها
بطلاق صاحبتها ثم طلق التي آلى منها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج والتي كان حلف
بطلاقها تحته على شئ من طلاق الملك الذي حلف به فإنه مول من امرأته هذه
(قلت) أرأيت ان قال لامرأته ان وطئتك ففلانة طالق لامرأة له أخرى فطلق
التي حلف بطلاقها تطليقة فوطئ هذه الأخرى وتلك في عدتها أتقع عليه تطليقة
أخرى في قول مالك قال نعم (قلت) وكذلك أن كانت عدتها قد انقضت فوطئ
هذه التي تحته ثم تزوج التي كان طلق ثم وطئ هذه التي تحته انه يحنث ويقع عليه
تطليقة في قول مالك (قال) نعم كذلك قال مالك (قلت) أرأيت ان حلف أن لا
يقربها حتى يموت فلان لرجل أجنبي أيكون موليا (قال) نعم ألا ترى أن مالكا كان
يقول لو قال إن وطئتك حتى يقدم أبى وأبوه باليمن فأنت طالق فقال هو مول
(قلت) أرأيت ان آلى من أربع نسوة له فماتت إحداهن أو طلقها البتة أيكون
موليا من البواقي وان وطئ شيئا منهن حنث في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت
ان حلف أن لا يطأ نساءه الأربع في كلمة واحدة فوطئ واحدة منهن أيقع عليه اليمين
في قول مالك قال نعم (قلت) فان وطئ الأواخر فإنما يطؤهن بغير يمين (قال) نعم
لأنه لما حنث في الأولى سقطت اليمين فوجبت عليه الكفارة بوطئ الأولى
(قلت) أرأيت ان قال والله لا أقرب واحدة منكن وليست له نية لواحدة دون
الأخرى أتجعله على جميعهن (قال) نعم كذلك قال مالك يكون على جميعهن (قلت)
أرأيت المولى إذا مضت له سنة ولم يوقف أتطلق عليه امرأته قال لا (مالك بن
96

أنس) عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب كأن لا يرى الايلاء شيئا
حتى يوقف (مالك) عن نافع عن ابن عمر أنه كأن يقول إذا آلى الرجل أن لا يمس
امرأته فمضت أربعة أشهر فاما أن يمسكها كما أمره الله وإما أن يطلقها ولا يوجب عليه
الذي صنع طلاقا ولا غيره (عبد الله بن عمر) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه
عن عائشة مثله (ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب
وعثمان بن عفان وبضعة عشر رجلا من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وسليمان بن يسار ويحيى بن سعيد وعمر
ابن عبد العزيز وسعيد بن المسيب وأبى الدرداء وأبى الزناد ومروان بن الحكم
ومجاهد وسعيد بن جبير أنهم كانوا يقولون ليس عليه شئ حتى يوقف وان مضت
الأربعة الأشهر فيفئ أو يطلق بعد ذلك (قال) سليمان بن يسار وان مضت به سنة
حتى يوقف فيفئ أو يطلق (ابن لهيعة) عن ابن الهاد أن عائشة زوج النبي صلى
الله عليه وسلم كانت تقول إذا آلى الرجل من امرأته فلا تحرم عليه وان مكثت تسع
سنين ولكن السلطان يدعوه فيفئ أو يطلق (قال ابن الهاد) وكان علي بن أبي
طالب يقول وان مكثت سنة (قلت) أرأيت ان قال لامرأته والله لا أطؤك الا
في بلد كذا وكذا وبينه وبين البلدة مسيرة أربعة أشهر أو أقل أو أكثر أيكون موليا
(قال) نعم والايلاء له لازم ألا ترى ان مالكا يقول في الذي يقول والله لا أطؤك
حتى أقضى فلانا حقه انه مول (قلت) فان وقفته فقال دعوني حتى أخرج إلى
تلك البلدة (قال) أرى إن كان ذلك البلد من قريته مثل ما يختبر بالفيئة فذلك له وإن كان
بعيدا رأيت أن يطلق عليه ولا يزاد في الايلاء أكثر مما فرض الله وإنما هو
عندي بمنزلة ما لو قال إن وطئتك حتى أكلم فلانا أو أقضى فلانا فأنت طالق فمضت
أربعة أشهر فوقفته فقال أنا أقضى وأنا أفئ والمحلوف عليه غائب (قال) ان كانت
غيبته قريبة مثل ما لو قال أنا أفئ فيترك إليه فذلك له وان كانت غيبته بعيدة لم يقبل
قوله وطلقت عليه امرأته وقيل له ارتجع ان أحببت ولقد قال مالك في الذي يقول
97

والله لا أطؤك حتى أقضي فلانا حقه أنه مول فهذا حين قال والله لا أطؤك حتى أقدم بلد
كذا وكذا فهو مثل ما يقول حتى اقضي فلانا (قلت) أرأيت ان جامعها بين فخذيها
بعدما وقفته أو قبل أن توقفه أيكون حانثا ويسقط عنه الايلاء وهل يكون هذا
فيئا أم لا في قول مالك (قال) قال مالك الفئ الجماع إذا لم يكن له عذر فلا أرى فيه
الا الجماع ولا يجزئه الجماع حيث ذكرت ولا القبلة ولا المباشرة ولا اللمس (قلت)
ويكون عليه الكفارة حين جامع بين فخذيها في قول مالك (قال) إن كان نوى
الفرج فلا كفارة عليه والا فعليه الكفارة لأني سمعت مالكا يقول في رجل قال
لجارية له أنت حرة ان وطئتك شهرا فعبث عليها فيما دون الفرج (قال) إن كان لم ينو
الفرج بعينه فأراه حانثا لأني لا أرى من حلف بمثل هذا إلا أنه أراد أن يعتزلها فإن لم يكن له نية في الفرج بعينه فقد حنث فإن كانت يمينه بعتق رقبة بعينها أو بطلاق
امرأة له أخرى فحنث بعتق الغلام أو بطلاق امرأته سقطت عنه اليمين ولا يكون
موليا وان هو كفر وكانت يمينه بالله حتى تسقط يمينه فلا إيلاء عليه (سحنون)
وقد قال غيره إذا كانت يمينه بالله فالايلاء عليه كما هي حتى يجامع وهو أعلم في
كفارته لأنه لعله أن يكفر في أشياء وجبت عليه غير هذا وحق المرأة في الوقف
ووجوب الايلاء قد كان عليه فلا يخرجه الا الفئ وهو الجماع أو يطلق عليه إلا أن تكون يمينه في شئ بعينه فيسقطه فتقع اليمين ولا يكون عليه إيلاء مثل أن
تكون يمينه بعتق رقبة بعينها أو بطلاق امرأة له أخرى وقد ذكر (1) عن مالك
في اليمين بالله مثل هذا
[فيمن آلى من امرأته ثم سافر عنها]
(قلت) أرأيت ان آلى من امرأته ثم سافر عنها فلما مضت أربعة أشهر أتت
امرأته إلى السلطان كيف يصنع هذا السلطان في أمرها (قال) قال مالك لا تطلق عليه

(1) (قوله وقد ذكر عن مالك الخ) كذا في نسخة وفى أخرى بدله وقد أخبرني به ابن نافع عن مالك
فليحرر اه‍ كتبه مصححه
98

ولكن يكتب إلى الموضع الذي هو فيه فيوقف فاما فاء واما طلق عليه. ومما يعرف
به فيئته أن يكفر إن كان يقدر على الكفارة والا طلق عليه (قال ابن وهب)
قال يونس سألت ربيعة هل يخرجه من الايلاء أن فاء أو كفر وهو مسافر أو
مريض (قال) نعم في رأيي (ابن وهب) وقال ابن أبي ذئب عن ابن شهاب مثل
ذلك (قلت) أرأيت إن كان بينه وبينها مسيرة شهر أو شهرين فرفعت المرأة
أمرها إلى السلطان بعد الأربعة الأشهر (قال) نعم لا يقع عليها الطلاق عند مالك حتى
يكتب إلى ذلك الموضع كما أخبرتك (قلت) أرأيت ان وقف في موضعه ذلك ففاء
بلسانه وهو يقدر على الكفارة (قال) قد أخبرتك أن مالكا قال إذا كان يقدر
على الكفارة لم تعرف فيئته الا بالكفارة (قلت) أرأيت ان وقف في موضعه
الذي هو فيه مع امرأته ففاء بلسانه وهو يقدر على الكفارة (قال) قد أخبرتك
أن مالكا قال يختبر المرة والمرتين فان فاء والا طلق عليه (قلت) أرأيت ان قال
أنا أفئ وهي حائض (قال) يمكنه السلطان منها ويمهله حتى تطهر في قول مالك
(قلت) أرأيت المسجون والمريض إذا رفعت امرأته أمرها بعد الأربعة الأشهر
إلى السلطان (قال) تعرف فيئته في قول مالك كما تعرف فيئة الغائب الذي وصفت
لك والمريض والمسجون في هذا بمنزلة الغائب فيئته مثل فيئة الغائب الذي وصفت
لك (وقال) ابن أبي حازم وابن دينار ان عرض له فحبس في سجن أو بمرض لا يقدر
فيه على الإصابة فلما حل أجله قيل له أتفئ أم تفارق فان قال أنا أفئ ولكني في
عذر كما ترون قيل له فان مما تعرف به فيئتك أن تعتق غلامك ان كنت
حلفت بعتق غلام بعينه فيسقط عنك اليمين وتكون قد بينت لنا صدقك وإنما
فيئتك التي تسألنا أن ننظرك إليها توجب عليك عتق غلامك ولو كانت يمينك بغير
العتق مما لا تستطيع أن تحنث فيه الا بالفعل قبلنا ذلك منك وجعلنا فيئتك فيئة
واما أن تجد سبيلا إلى طرح اليمين عنك فتقول أنا أحنث أو أفئ ولا أعتق
فليست تلك فيئة وهو قول مالك (قلت) أرأيت ان آلى من امرأته وهو صحيح ثم
99

جاء أجل الايلاء وهو مريض فوقفته فلم يفئ فطلق عليه فمات من مرضه ذلك
أترثه امرأته أم لا (قال) ابن القاسم أرى أن ترثه وأجعله فارا (قلت) أرأيت إن كان
آلى منها وهو مريض فحل أجل الايلاء وهو مريض فوقفته أيطلق عليه
السلطان أم لا (قال) يطلق عليه إن لم يفئ فان فاء وكأن لا يقدر على الوطئ فان له في
ذلك عذرا. ومما يعلم به فيئته ان كانت عليه يمين يكفرها مثل عتق رقبة بعينها أو
صدقة بعينها أو حلف بالله فان فيئته تعرف إذا سقطت عنه اليمين (قال مالك)
وكذلك لو كان في سجن أو في سفر كتب إلى ذلك الموضع حتى يوقف على مثل
هذا (قال ابن القاسم) فإن لم تكن يمينه التي حلف بها أن لا يجامع امرأته مما
يكفرها فان الفيئة له بالقول فان صح أو خرج من السجن أو قدم من السفر فوطئ
والا طلقت عليه (قلت) أرأيت الرجل إذا آلى من امرأته وهو مريض فلما حل
أجل الايلاء وقفته ففاء بلسانه وإنما كان حلف بالله أن لا يطأها ولم يكفر عن يمينه
(قال) ذلك له ويؤمر أن يكفر عن يمينه فإن لم يفعل ففيئته تلك تجزئه حتى يصح
فإذا صح فاما وطئ واما طلقت عليه (قال سحنون) وهذه الرواية عليها أكثر
الرواة وهي أصح من كل ما كان من هذا الصنف على غير هذا (قلت) أرأيت ان
كفر عن يمينه قبل أن يصح فلما صح أبى أن يجامع أتطلق عليه امرأته أم لا (قال)
لا تطلق عليه امرأته لأنه ليست عليه يمين لأنه حين فاء بلسانه وكان له عذر فهو
في سعة إلا أن يصح أو يكفر قبل ذلك (قلت) أيحنث إذا فاء بلسانه وهو مريض
في قول مالك (قال) لا يحنث وإنما يحنث إذا جامع (قلت) هل تجزئه الكفارة
في الايلاء قبل أن يحنث ويسقط عنه اليمين بالكفارة (قال) نعم قد جعل مالك
ذلك له إذا كان في المرض (قال) وقال مالك إذا كان صحيحا فكفر في الايلاء قبل
أن يحنث ان ذلك يجزئه (قال) وقال مالك إذا كان صحيحا فأحسن ذلك أن يحنث
ثم يكفر فان كفر قبل أن يحنث أجزأه ذلك (وقال ابن القاسم) سألنا مالكا عن
الرجل يكف عن امرأته من غير يمين فلا يطأ فترفع ذلك إلى السلطان قال لا يترك
100

وذلك إذا لم يكن له عذر حتى يطأ أو يفرق بينهما (قال) فقلنا له فحديث عمر بن عبد
العزيز الذي كتب فيه إلى رجال كانوا بخراسان قد خلفوا أهليهم فكتب إلى أمرائهم
اما أن حملوهن إليهم واما أن قدموا عليهن واما أن فارقوهن (قال مالك) وذلك رأيي
وأرى أن يقضى بذلك (قلت) أرأيت الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الجماع
وقد وطئها قبل ذلك (قال) قال مالك كل من تزوج امرأة بكرا كانت أو ثيبا فوطئها
وطأة ثم جاءه من أمر الله ما حبسه عنها فلم يقدر أن يطأها وعلم أن الذي ترك من
ذلك أنما هو لمكان ما أصابه ليس ليمين عليه ولا ترك ذلك وهو يقدر على ذلك فإنه
لا يفرق بينه وبينها أبدا (قلت) أرأيت الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الجماع
إذا آلى من امرأته أيوقف بعد الأربعة الأشهر أم لا في قول مالك (قال) ما سمعت
من مالك في هذا شيئا ولا يوقف إذا لم يستطع الجماع وإنما الايلاء على من يستطيع
الفيئة بالوطئ ومثل ذلك الخصي الذي لا يطأ يولى من امرأته أيوقف بعد الأربعة
الأشهر أو الرجل يولى من امرأته ثم يقطع ذكره فهذا كله واحد ولا يكون على
واحد منهم توقيف
[فيمن آلى من امرأته وهي مستحاضة]
(قلت) أرأيت ان آلى من امرأته وهي مستحاضة فوقفته بعد مضى الأربعة
الأشهر فطلق عليه السلطان فكانت في عدتها وعدتها سنة فارتجعها فمضت أربعة
أشهر من بعد ما راجعا قبل أن تنقضي عدتها أيوقف ثانية أم لا (قال) قال مالك
لا يوقف ولكن ينتظر به ما دامت المرأة في عدتها فان وطئها في العدة فهي رجعة
والا فليست برجعة (قلت) ولم لا توقفه لها وهي ان ماتت توارثا وهو زوج (قال)
ألا ترى أنها إن لم يرتجعها فماتت في العدة إذا كان الطلاق غير بائن أنه أنه يرثها وترثه
ولا يوقف لها ان مضت أربعة أشهر من بعد ما طلق عليه السلطان قبل أن تنقضي
عدتها فكذلك مسألتك بل هي هذه بعينها ولا يوقف الرجل في الايلاء مرتين عند
مالك في نكاح واحد لأنه إذا وقف مرة فطلق عليه السلطان فارتجع في العدة انه
101

ان وطئ حنث وكفر وسقط عنه الايلاء وإن لم يطأ حتى تنقضي العدة فليست
رجعته برجعة وتصير أحق بنفسها فهذا يدلك على أنه لا يوقف في الايلاء عند مالك
مرتين وإنما حبستها العدة (قلت) أرأيت لو أن رجلا آلى من امرأته ثم طلقها
طليقة فمضى أجل الايلاء قبل انقضاء عدتها أيكون لها أن توقفه أم لا (قال) قال
مالك نعم لها أن توقفه (قلت) أرأيت ان انقضت العدة قبل أجل الايلاء فمضى
أجل الايلاء وليست له بامرأة ثم تزوجها بعد ذلك فأرادت أن توقفه (قال) يرجع
الايلاء عليه مبتدأ من يوم تزوجها التزويج الثاني فإذا مضت أربعة أشهر من يوم
تزوجها التزويج الثاني وقفته ان أحبت (قلت) أرأيت ان آلى منها ثم طلقها فانقضت
عدة اطلاق بعد مضى ثلاثة أشهر من يوم آلى منها فبانت منه ثم خطبها مكانه
فتزوجها فلما مضى الشهر قالت له المرأة أنا أوقفك فاما أن تفئ واما أن تطلق (قال)
لا يكون لها أن توقفه الا بعد مضى أربعة أشهر من النكاح الثاني لان الملك الأول
قد سقط فقد سقط الاجل الذي مضى من الايلاء الذي كان والايلاء لازم للزوج
تبتدئ فيه المرأة أربعة أشهر من يوم نكحها النكاح الثاني (قال ابن القاسم) قال
مالك ان آلى منها فوقفته بعد الأربعة الأشهر فطلق ثم تزوجها فلما مضت أربعة أشهر
وقفته أيضا وطلق ثم تزوجها فلما مضت أربعة أشهر وقفته أيضا حتى بانت منه بالثلاث
ثم تزوجها بعد زوج (قال مالك) يرجع عليه اليمين وتوقفه امرأته فان فاء والا طلق
عليه السلطان (قال مالك) وكذلك في الظهار والايلاء لا يبطله الزوج إياها ثلاث
تطليقات طلقها بترك الفئ أو بطلاق غير ذلك ثم تزوجها بعد ذلك فإنه لا يسقط
عنه الايلاء ولا الظهار لأنه لا يقدر على أن يجامع الا بالكفارة فكل جماع لا يقدر
عليه صاحبه الا بالكفارة فان طلاقه إياها ثلاثا ثم تزويجه إياها بعد زوج لا يسقط
عنه الايلاء ولا الظهار ألا ترى أنه لا يقدر على أن يجامع الا بكفارة فهذا يدلك
على أن ذلك ثابت عليه (قال مالك) وإذا آلى منها إلى أجل من الآجال فوقفته بعد
الأربعة الأشهر فلم يفئ ففرق السلطان بينهما ثم تزوجها بعد ذلك وقد بقي من
102

الوقت الذي آلى إليه أربعة أشهر سواء أو أدنى من أربعة أشهر (قال مالك) فلا إيلاء عليه
إلا أن يكون بقي من الوقت أكثر من أربعة أشهر (قلت) فإذا آلى ثم طلق فمضت
الأربعة الأشهر من يوم آلى قبل مضى عدتها فوقفته فطلق عليه السلطان أتكون
تطليقة أخرى في قول مالك قال نعم (قلت) ويكون للزوج أن يرتجعها إذا طلق
عليه السلطان حين أبى الفئ (قال) قال مالك نعم له أن يرتجعها ما كانت في عدتها إذا
كان طلاق السلطان عليه من نكاح قد كان وطئها فيه (قلت) أرأيت إذا ارتجعها
في عدتها فلم يطأها حتى مضت العدة أتكون رجعته رجعة أم لا (قال) قال مالك
لا تكون رجعته رجعة إذا لم يطأها في عدتها (قلت) ويكون الزوج موسعا عليه
يخلى بينه وبينها ما كانت في عدتها إذا هو ارتجعها قال نعم (قلت) فإذا لم يطأها في
عدتها حتى دخلت في الدم من الحيضة الثالثة بانت وحلت للأزواج مكانها في قول
مالك (قال) نعم إلا أن يكون له عذر من مرض أو سجن أو سفر فان رجعته ثابتة
عليها (قال) فقلت لمالك فإذا صح أو أخرج من السجن أو قدم من السفر فأمكن
منها فأبى أن يطأ (قال) أرى أن يفرق بينهما إذا كانت العدة قد انقضت (قال)
فقلت لمالك فهل عليها الآن عدة (قال) لا وعدتها الأولى تكفيها (قال ابن
القاسم) ومحمل ذلك عندي إذا لم يخل بها في العدة فان خلا بها في العدة وأقر بأنه
لم يطأ فرقت بينهما وجعلت عليها العدة للأزواج من ذي قبل ولا يكون للزوج
عليها في هذه العدة رجعة (قلت) أرأيت ان قال الزوج قد وطئتها وقالت المرأة
لم يطأني (قال) فان القول قول الزوج يصدق ويحلف
[في الذي يولى من امرأته قبل أن يبنى بها]
(قلت) أرأيت الرجل يولى من امرأته ولم يبن بها ولم يطأها ثم توقفه بعد
الأربعة الأشهر فيطلق عليه السلطان أيكون له رجعة أم لا في قول مالك (قال)
قال مالك لا رجعة له عليها وكذلك إذا كان قد وطئها ثم طلق عليه السلطان
فانقضت عدتها ثم تزوجها بعد ذلك ولم يطأها فوقفته بعد الأربعة فلم يفئ فطلق
103

عليه السلطان أيضا انه لا رجعة له عليها لأنه لم يطأها في هذا الملك من بعد ما عقد
نكاحها الثانية وكذلك كل ملك لا يطؤها فيه فلا رجعة له عليها (قلت) أرأيت
لو أن رجلا حرا وتحته مملوكة آلى منها كم أجل إيلائه هذا من هذه الأمة في
قول مالك (قال) قال مالك كل حر آلى من أزواجه حرائر كن أو إماء مسلمات أو
مشركات من أهل الكتاب حرائر فأجل إيلائه أربعة أشهر ولا ينظر في ذلك إلى
النساء وكذلك كل عبد آلى من نسائه وتحته حرائر وإماء مسلمات أو مشركات
حرائر من أهل الكتاب فأجل إيلائه شهران وإنما ينظر في هذا إلى حال الرجال
لا إلى حال النساء (قال مالك) لان الطلاق على الرجال والعدة على النساء فكذلك
أجل الايلاء للرجال (قلت) أرأيت إذا آلى منها وهو عبد وهي أمة فوقفته بعد
الشهرين فلم يفئ فطلقها عليه السلطان ثم أعتقت وهي في عدتها أتنتقل إلى عدة الحرائر
ويملك الزوج الرجعة في ذلك أم لا (قال) قال مالك في الأمة إذا أعتقت وهي في عدتها
من طلاق يملك الزوج الرجعة أو لا يملك الزوج الرجعة انها تبنى على عدتها عدة الأمة
ولا تنتقل إلى عدة الحرائر لأن العدة قد لزمت الأمة حين طلقها ولا يلتفت في ذلك
إلى العتق فكذلك مسألتك (قلت) أرأيت لو أن عبدا على أمة أو على حرة آلى منها
فلما مضى شهر عتق العبد فمضى شهر آخر فأرادت امرأته أن توقفه بعد مضى الشهرين
من يوم آلى فقال الزوج أنا حر ولى أربعة أشهر (قال) قال مالك في عبد طلق امرأته
تطليقة وهي حرة أو أمة ثم أعتق بعد ذلك أنه إنما بقي من طلاقه تطليقة واحدة (قال
مالك) الايلاء للرجال لان الطلاق للرجال لان فأرى هذا قد لزمه الايلاء وهو عبد فأعتق
بعد ذلك فلا يلتفت إلى حاله التي تحول إليها بعد العتق لان الايلاء قد لزمه وهو عبد
فأجله في الايلاء أجل عبد ألا ترى أن مالكا قال إنما بقي من طلاقه تطليقة فهذا يدلك
على قول مالك أولا ترى أن مالكا قال في الأمة يطلقها زوجها فتعتد بعض عدتها ثم
تعتق انها لا تنتقل إلى عدة الحرائر لأن العدة قد لزمتها يوم طلقها زوجها وهي أمة
فكذلك مسألتك (قلت) أرأيت العبد إذا آلى بالعتق أو بالصدقة أيكون موليا في
104

قول مالك (قال) قال مالك في عبد حلف بعتق جارية ان اشتراها فأتى مالكا يستفتيه
فقال مالك لا أحب له أن يشتريها ونهاه عن ذلك (قال ابن القاسم) فقلت لمالك أسيده
أمره أن يحلف لها (قال) مالك لا ما قال لي ان سيده أمره أن يحلف (قال مالك) ولم أر له
أن يشتريها (قال ابن القاسم) فأراه موليا لأنه لو حنث ثم أعتق لزمته اليمين (قلت)
أرأيت إيلاء الذمي إذا حلف بعتق أو بطلاق أو بالله أو بصدقة ما يملك أو بغير ذلك
من الايمان أن لا يقرب امرأته فأسلم أيكون موليا أم لا (قال) قال مالك لا يكون
موليا إذا أسلم سقط عنه هذا كله ألا ترى أن طلاقه لا يلزمه فكذلك ايلاؤه لان
الايلاء يجر إلى الطلاق انتهى
(بسم الله الرحمن الرحيم)
[ما جاء في اللعان]
(قال سحنون) قلت لابن القاسم أرأيت الامام إذا لاعن بين الزوجين الحرين
المسلمين أو الكافرة تحت المسلم أو العبد تحته الأمة أو الأمة تحت الحر أو الحرة
تحت العبد كيف يلاعن بينهم وبمن يبدأ (قال) يبدأ بالرجل فيحلف أربع
شهادات يقول أشهد بالله لرأيتها تزني أشهد بالله لرأيتها تزني والخامسة يقول الزوج
لعنة الله على أن كنت من الكاذبين (قال) وكذلك سمعت مالكا يقول (قال)
وقال لي ويدرأ عنها العذاب أن تشهد فتقول أشهد بالله ما رآني أزني أشهد بالله ما رآني
أزنى قال تقول ذلك أربع مرأت والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين
(قلت) فان تبرأ من الحمل كيف يلتعن (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى
أن يقول أشهد بالله لزنت ولم أسمعه من مالك وتشهد المرأة أشهد بالله ما زنيت (ابن
وهب) عن مالك عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار انهما كانا يقولان يقع اللعان
بين كل زوجين (قال ابن وهب) وأخبرني مالك أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
وعبد الله بن يزيد بن هرمز وجميع من أدركت من العلماء كانوا يقولون يقع اللعان بين
كل زوجين (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن يحيى بن سعيد ونافع مولى ابن
105

عمر وعطاء بن أبي رباح وأبى الزناد وطريف قاضي هشام وبكير بن الأشج وعبد الرحمن
ابن القاسم وابن قسيط بذلك (وقال أبو الزناد) مضت السنة في المرأة من أهل
الكتاب تكون تحت الرجل المسلم أنهما يتلاعنان إذا قذفها (ابن وهب) وقال عبد العزيز
الحر يلاعن الأمة والعبد يلاعن الحرة وذلك أنهما زوجان وان للولد حرمة نكحت
أمه نكاح الاسلام فهي زوجة وليست له بأمة يصدق عليها بما قال إذا استبرأها
(قلت) لابن القاسم هل بين الكافرة والمسلم لعان إذا قذفها في قول مالك (قال)
إذا قذفها فلا يكون عليه لعان لأنها كافرة (قلت) أرأيت ان ادعى رؤية وتدعى
أنه لم يجامع بعد الرؤية وهي كافرة (قال) يلاعن في قول مالك الساعة لأنه يدفع عن
نفسه ما يكون له منها من الولد ان أحب أن يلاعن وإنما جعل مالك للزوج أن
يلاعن حين زعم أنه رآها من قبل أن يظهر الحمل لان الزوج يقول أخاف أن أموت
ويكون من هذه ولد فيلحقني فلذلك كان له أن يلاعن ويدفع عن نفسه الولد ان
جاءت به وإنما يلاعن المسلم النصرانية في دفع الحمل ولا يلاعنها فيما سوى ذلك
(قلت) وهل بين الحرة والعبد أو الأمة والحر لعان في قول مالك (قال) نعم قال
والحر مع الأمة على ما فسرت لك من الحر والنصرانية انه لا لعان بينهما الا في نفى
الحمل (ابن وهب) عن يحيى بن سعيد في حر تحته أمة فقذفها بالزنا (قال)
إن كان يبرأ من حملها فإنه يلاعنها لمكان ولدها وإن كان زناها ولم يتبرأ من حملها زجر
عنها وقال في المملوك تحته الأمة مثل ذلك (وقال) يحيى بن سعيد في النصرانية تحت
المسلم مثل ذلك (قلت) لابن القاسم أين تلاعن النصرانية في قول مالك (قال) في
كنيستها حيث تعظم (قال) قال مالك وتحلف بالله (قلت) لابن القاسم فالمسلم
أين يلتعن (قال) في المسجد وعند الامام (قال سحنون) وقد بينا في كتاب
الشهادات أين تحلف النصرانية
[ما جاء في الوقت الذي يلتعن فيه]
(قلت) أي الساعات يلتعن فيه في قول مالك (قال) سمعت مالكا يقول يلتعن في
106

دبر الصلوات (قلت) فهل تحضر النصرانية الموضع الذي يلتعن فيه زوجها أم لا في
قول مالك والزوج إنما يلتعن في المسجد (قال) لا أعرف من قوله أنها تحضر ولا
تحضر لأنها تمنع من المسجد (قلت) فهل يحضر الرجل موضعها حيث تلتعن في
كنيستها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال تلتعن النصرانية في كنيستها
ويلتعن المسلم في المسجد والنصرانية تمنع من دخول المسجد عند مالك فهذا يدلك
على أنه لا بأس أن يلتعن كل واحد منهما بغير محضر من صاحبه إلا أن يشاء الزوج
أن يحضرها (قلت) فهل يجمع الامام للعان المسلم ناسا من المسلمين (قال) قال مالك
يلتعن في دبر الصلوات بمحضر من الناس ولا بد للامام فيما سمعنا من مالك أن يلاعن
بينهما بمحضر من الناس (قلت) أرأيت اتمام اللعان بين الزوجين أهي الفرقة بينهما
أم حتى يفرق السلطان (قال) قال مالك اتمام اللعان هي الفرقة بين الزوجين
(ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمر الزوج والمرأة فحلفا بعد العصر عند المنبر (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب
عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب ان المتلاعنين يتلاعنان في دبر صلاة الظهر
أو العصر وما كان في دبر العصر أشدهما (قلت) لابن القاسم أرأيت الملاعن إذا
أكذب نفسه بعد ما تم اللعان أيحل له أن ينكحها في قول مالك (قال) قال مالك
لا تحل له أبدا ويضرب الحد ويلحق به الولد (ابن وهب) وقال مالك السنة في
المتلاعنين أنهما لا يتناكحان أبدا وان أكذب نفسه جلد الحد وألحق به الولد ولم
ترجع إليه امرأته (قال مالك) وتلك السنة عندنا لا شك فيها (قال ابن وهب) وقاله ابن
شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن بنحو ذلك (ابن وهب) وأخبرني
ابن لهيعة والليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشج أن التلاعن هي البتة
ولا يتوارثان ولا يتناكحان أبدا وعليها عدة المطلقة وإن كان لها عليه مهر وجب عليه
(قلت) لابن القاسم فان أكذب نفسه قبل أن يتم اللعان ولم يبق من اللعان الا
مرة واحدة من المرات (قال) أرى أنه ان أكذب نفسه وقد بقي من لعان المرأة
107

مرة واحدة أو اثنتان جلد الحد وكانت امرأته (ابن وهب) وحدثني يحيى بن
أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو
ابن العاص أنه كأن يقول في الملاعن انه ان أكذب نفسه بعد ما شهد أربع شهادات
من قبل الخامسة التي يلتعن فيها جلد الحد ولم يفرق بينهما (قلت) أرأيت ان ظهر
بامرأته حمل فانتفى منه ولاعن السلطان بينهما ثم أنفش ذلك الحمل أتردها إليه (قال)
لا وقد مضى اللعان (قلت) أفيتزوجها من ذي قبل قال لا (قلت) لم وقد
مضى اللعان (قال) ومن يدر أن ذلك أنفش ولعلها أسقطت فكتمته (ابن وهب)
عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال قذف رجل من الأنصار ثم من بنى
العجلان امرأته فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فرق بينهما بعد أن تلاعنا
(قال ابن وهب) وأخبرني عياض بن عبد الله الفهري وغيره عن ابن شهاب عن
سهل بن سعد الأنصاري بنحو ذلك (ابن وهب) قال سهل حضرت هذا عند
رسول الله صلى عليه وسلم فمضت سنة المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا
(ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب وبكير بن الأشج ويحيى
ابن سعيد وربيعة وأبى الزناد ان المتلاعنين لا يتناكحان أبدا (ابن وهب) عن
سفيان بن عيينة والفضيل بن عياض عن سليمان الأعمش عن إبراهيم النخعي
أن عمر بن الخطاب قال في المتلاعنين لا يجتمعان أبدا (قلت) لابن القاسم أرأيت
المحدود والمحدودة في القذف هل بينهما لعان في قول مالك (قال) قال مالك اللعان
بين كل زوجين إلا أن يكونا جميعا كافرين فلا يكون بينهما لعان وقد بينا هذا قبل
هذا وآثاره (قلت) أرأيت الصبي إذا قذف امرأته وهي امرأة كبيرة أيلاعن
أم لا في قول مالك (قال) لا لأنه ليس بقاذف ولا يلحقه الولد ان جاءت امرأته بولد
فلما كأن لا يلحقه الولد وكان ليس بقاذف علمنا أنه لا يلاعن وقد قال مالك فيه أنه
ان زنى لم يحد قال مالك وان قذف الصغير لم يحد فهذا يدلك على أنه لا يلاعن (قلت)
أرأيت المملوكين المسلمين هل بينهما لعان في قول مالك (قال) نعم بينهما اللعان
108

كذلك قال مالك إذا أراد أن ينفى الولد أو ادعى رؤية فقال أنا ألتعن خوفا من أن
يلحقني الولد إذا جاء (قلت) أرأيت الحر إذا قذف امرأته الحرة فقال رأيتها تزني
وأراد أن يلاعنها وهي ممن لا تحمل من كبر أو لا تحمل من صغر (قال) يلاعن إذا
كانت الصغيرة قد جومعت وإن كان مثلها لا يحمل فلا بد له من اللعان وان كانت
ممن لو نكلت لم يكن عليها حد ألا ترى أن النصرانية لو نكلت عن لعان المسلم
وصدقته لم يكن عليها حد وكذلك الصغيرة عندي توجب على الرجل اللعان فيما ادعى
لأنه صار لها قاذفا ولا يسقط عنه الحد إن لم يلاعن ولا تلاعن الصغيرة لأنها لو
أقرت بما رماها به الزوج لم تحد لذلك ولو زنت أيضا لم يكن عليها حد (قلت)
فإن كانت هذه الحرة مثلها لا يلد إلا أن زوجها قال رأيتها تزني وهو لا يدعى حذرا
من الحمل أيلتعن أم لا في قول مالك (قال) يلتعن لان هذا قاذف لهذه الحرة فلا
بد من اللعان وهو في الأمة والمشركة لا يكون قاذفا ولا يلتعن إذا قذفها إلا أن
يدعى رؤية أو ينفى حملا باستبراء يدعيه فيقول أنا ألتعن خوفا من أن أموت فيلحقني
الولد فهذا الذي يلتعن إذا كانت امرأته أمة أو مشركة أو من أهل الكتاب أو ينتفى
من حملها ان له أن يلتعن. وان أراد أن يلتعن ويحق قوله عليها لم أمنعه من ذلك لان
الله تبارك وتعالى قال فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله وإن لم يرد ذلك لم يكن عليه
شئ لأنه لا حد عليه في قذفه إياها (قلت) أرأيت لو أن رجلا نظر إلى امرأته
حاملا وهي أمة أو نصرانية أو مسلمة فسكت ولم ينتف من الحمل ولم يدعه حتى إذا
هي وضعت الحمل انتفى منه (قال) قال مالك إذا رأى الحمل ولم ينتف منه حتى تضعه
فليس له أن ينتفى منه بعد ذلك حرة كانت امرأته أو أمة أو كافرة فان انتفى منه
حين ولدته وقد رآها حاملا فلم ينتف منه فإنه يجلد الحد لأنها حرة مسلمة فصار
قاذفا وهذا قول مالك وأما الكافرة والأمة فإنه لا يجلد فيهما لأنه لا يجلد قاذفهما
(قلت) فان ظهر الحمل وعلم به ولم يدعه ولم ينتف منه شهرا ثم انتفى منه بعد ذلك
(قال) لا يقبل قوله ذلك ويضرب الحد ان كانت حرة مسلمة وان كانت كافرة أو
109

أمة لم يضرب الحد ولحقه ذلك الولد (قلت) ويجعل سكوته هاهنا اقرارا منه بالحمل
قال نعم (قلت) فان رآه يوما أو يومين فسكت ثم انتفى منه بعد ذلك (قال) إذا ثبتت
البينة أنه قد رآه فلم ينكره أو أقر ثم جاء بعد ذلك ينكر لم يكن له ذلك (قلت)
أرأيت الصبية التي يجامع مثلها إلا أنها لم تحض إذا قذفها زوجها أيلتعن في قول مالك
أم لا (قال) قال مالك من قذف صبية مثلها يجامع وإن لم تبلغ المحيض فان قاذفها يحد
فكذلك زوجها عندي إذا قذفها فإنه يلاعن ليدفع بذلك عن نفسه الحد (قلت)
وتلتعن وهي صغيرة إذا كان مثلها يجامع وإن لم تبلغ المحيض (قال) لا لأنها لو زنت لم
يكن عليها حد وإنما اللعان على من عليه الحد لأنها لو أقرت بما قال لم يكن عليها حد
وقد قال الله تبارك وتعالى ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله وهي ممن
لا عذاب عليها في اقرارها ولا زناها (قلت) أرأيت ان قذف رجل امرأته فقال
رأيتها تزني الساعة ولم أجامعها بعد ذلك إلا أنى قد كنت جامعتها قبل ذلك وقد
جامعتها اليوم قبل أن أراها تزني فأما منذ زنت اليوم فلم أجامعها أيلتعن أم لا في قول
مالك (قال) قال لي مالك في هذه المسألة بعينها انه يلتعن ولا يلزمه الولد ان جاءت
بولد (قال مالك) وان أقر أنه كان يطؤها حتى ساعة رآها تزني فلاعنها فان الولد
لا يلزمه إذا التعن باقراره أنه كان يطؤها حتى رآها تزني (قلت) فان جاءت بالولد
من بعد ما التعن بشهرين أو بثلاثة أو بخمسة أيلزم الأب الولد أم لا (قال) نعم لان
الابن إنما هو من وطئ هو به مقر وانه يزعم أنه رآها تزني منذ خمسة أشهر والحمل قد
كان من قبل أن يرها تزني (قلت) أفيلحق به الولد أم لا في قول مالك (قال) قد
اختلف فيه قول مالك فيما سمعنا منه وفيما بلغنا عنه مما لم نسمعه وأحب ما فيه إلى أنه إذا
رآها تزني وبها حمل ظاهر لا يشك فيه فإنه يلحق به الولد إذا التعن علي الرؤية (قلت)
أرأيت اختلاف قول مالك في هذه المسألة ما هو (قال) ألزمه مرة ومرة لم يلزمه
الولد ومرة يقول بنفيه وان كانت حاملا (وكان) المخزومي يقول في الذي يقول
لزوجته رأيتها تزني وهو مقر بالحمل انه يلاعنها بالرؤية فان ولدت ما في بطنها قبل
110

ستة أشهر من ادعائه فالولد منه وان ولدته لستة أشهر فصاعدا فالولد للعان واعترافه
به ليس بشئ فان اعترف به بعد هذا ضربته الحد وألحقت به الولد (قلت) لابن
القاسم أرأيت ان ولدت ولدين في بطن واحد فأقر بالأول ونفى الآخر أتلزمه
الولدين جميعا وتضربه الحد أم لا (قال) يضرب الحد ويلزمه الولدان جميعا (قال)
ولم أسمعه من مالك (قلت) أرأيت لو أن امرأة ولدت ولدا ثم ولدت ولدا آخر
بعد ذلك بخمسة أشهر أتجعله بطنا واحدا قال نعم (قلت) فان وضعت الثاني
لستة أشهر فصاعدا أتجعله بطنين أو بطنا واحدا (قال) بل بطنين (قلت) أرأيت
ان قال لم أجامعها بعد ما ولدت الولد الأول (قال) يلاعنها وينفى الثاني إذا كانا
بطنين (قلت) فان قال فانى لم أجامعها من بعد ما ولدت الولد الأول ولكن هذا
الثاني ابني (قال) يلزمه الولد الثاني لان هذا الولد للفراش (قلت) فهل يجلد الحد
حين قال لم أجامعها من بعد ما ولدت الولد الأول وهذا الثاني ولدى (قال) أرى أن
تسئل النساء فإن كان الحمل يتأخر عندهن هكذا لم أر أن يجلد وان قلن انه لا يتأخر
إلى مثل هذا جلدته الحد ولا أجلده إذا كان يتأخر عندهن وكان عندهن بطنا واحدا
وقد سمعت غير واحد يذكر أن الحمل يكون واحدا ويكون بين وضعهما الأشهر
ولا يشبه هذا أن يقول الرجل لامرأة تزوجها ولم يبن بها فجاءت بولد من بعد ما عقد
نكاحها لستة أشهر فقال هذا ابني ولم أطأها من حين عقدت نكاحها فهذا يكون ابنه
ويجلد الحد لأنه حين قال هو ابني ولم أطأها فكأنه إنما قال حملت به من غيري ثم
أكذب نفسه بقوله انه ابني فهذا يدلك على أن الحد قد وجب عليه
[ما جاء في الرجل يغيب ثم يقدم من سفره وقد ولدت امرأته ولدا]
[ويكون الرجل غائبا فيقدم من سفره]
(قلت) أرأيت إذا قدم رجل من سفره فولدت امرأته ولدا فلاعنها ثم ولدت بعد
ذلك بشهر أو أقل ولدا آخر أيلتعن له أيضا أم لا يلتعن (قال) يجزئه اللعان الأول ولم
أسمعه من مالك (قلت) لم (قال) لأنه حين التعن بالولد الأول فقد التعن وقطع عن
111

نفسه كل ولد يكون من هذا الحمل (قلت) فان ادعى الولد الثاني (قال) يلحق به
الولد الأول والآخر ويجلد الحد (قلت) أرأيت ان ولدت امرأته ولدا فمات ولم يعلم
الرجل بذلك أو كان غائبا فلما قدم انتفى منه أيلاعن والولد ميت أم لا (قال) يلاعن
لأنه قاذف (قلت) وكذلك لو ولدته ميتا فنفاه أيلتعن قال نعم (قلت) أرأيت
الرجل يقذف امرأته وقد كانت زنت وحدت فقال إني رأيتها تزني (فقال)
إذا قذفها برؤية ولم يقذفها بالزنا الذي حدت فيه لا عن (قلت) أرأيت ان أكذب
نفسه وقد قذفها برؤية ولم يقذفها بالزنا الذي حدت فيه أتضربه لها الحد أم لا في قول
مالك (قال) لا حد عليه وعليه العقوبة (قلت) فان قذفها زوجها برؤية وقد غصبت
نفسها أيلتعن أم لا (قال) نعم وكان غيره يقول إن كان قذفه إياها برؤية سوى الذي
اغتصبت فيه فإنه يلتعن ثم يقال لها أدرئي عن نفسك ما أحق عليك بالتعانه وخذي مخرجك
الذي جعله الله لك بأن تشهدي أربع شهادات بالله وتخمسي بالغضب. فإن لم يقذف
وإنما غصبت ثم استمرت حاملا فنفاه لم يسقط نسب الولد الا اللعان فان التعن دفع
الولد لأنه قد يمكن أن يكون من وطئ الفاسق ولم يكن عليها أن تلتعن للشبهة التي
دخلت عليها بالاغتصاب لأنها تقول أنا ممن قد تبين لكم أنه إن لم يكن منه فقد كان
من الغاصب (قلت) أرأيت من أبى اللعان من الزوجين أيحده مالك بابائه أم حتى
يكذب نفسه (قال) إذا أبى اللعان أحد الزوجين أقيم عليه الحد إن كان الرجل أقيم عليه
حد القذف وان كانت المرأة أقيم عليها حد الزنا (قلت) أرأيت إذا التعن الرجل فنكلت
المرأة عن اللعان أتحدها أم تحبسها حتى تلتعن أو تقر على نفسها بالزنا فتقيم عليها الحد
(قال) قال لي مالك إذا نكلت عن اللعان رجمت لقول الله تبارك وتعالى ويدرأ عنها
العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله (قال) فإذا تركت المخرج الذي جعله الله لها برد قوله
جلدت ان كانت بكرا ورجمت ان كانت ثيبا لأنه أحق عليها الزنا بالتعانه وصدق به
قوله حتى صار غير قاذف لها فان خرجت من صدقه عليها والا أقيم عليها الحد (قلت)
أرأيت إذا نكل الرجل عن اللعان أتحده في قول مالك مكانه (قال) نعم قال مالك إذا نكل عن
112

اللعان جلدته الحد (قلت) أرأيت ان ادعت المرأة أن الزوج قذفها والزوج ينكر
فأقامت البينة (قال) إذا أقامت البينة جلد الحد إلا أن يدعى رؤية فيلتعن (قلت)
ويقبل قوله إذا ادعى رؤية بعد جحوده القذف (قال) نعم لأنه يقول كنت أريد
أن أكتم فأما إذا قامت البينة فأنا ألتعن وقد قال بعض كبار أصحاب مالك انه يحد
ولا يلاعن لأنه لما جحد ثم أقر أو قامت عليه بينة أنه قال قد رأيتها تزني وهو يجحد
كان إذا جحد ترك المخرج الذي كان له لأنه لما ثبت أنه قاذف فكان مخرجه اللعان
كما قال الله فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله فكأنه قال حين جحد أن يكون قال
قد رأيتها تزني ثم قال لم أرها فكان مكذبا لنفسه وقع عليه الحد باكذابه نفسه ثم
قال أنا صادق فلا يقبل منه (قلت) أرأيت لو أن رجلا قذف امرأته ثم طلقها
فبانت منه وتزوجت الا زواج ثم رفعته إلى السلطان أيحده أم ماذا يصنع به (قال)
لم أسمع فيه شيئا إلا أنى أرى أن يلتعن لان القذف إنما كان في موضع اللعان فليس
تركها إياه بالذي يوجب عليه الحد ولكنه ان دعى إلى اللعان فلم يلتعن فقد أكذب
نفسه فإنما أمرته أن يلتعن لان اللعان كان حده يوم قذفها وإنما يدفع عنه العذاب
إذا لاعن (قلت) أرأيت المرأة هل يلزمها لعان الزوج وقد انقضت عدتها من
النكاح الذي قذفها فيه وتزوجت ثم قامت عليه بالقذف (قال) نعم تلاعن لأني
إذا رأيت عليه اللعان إذا لم تكن تحته فدرأت عنه العذاب لما التعن رجع عليها اللعان
فاما أبرت نفسها واما حدت (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامرأته هذا الولد
الذي ولدتيه ليس منى فقالت المرأة صدقت ليس هو منك (قال) قال مالك والليث
لا يلزمه الولد إذا تصادق الزوجان أن الصبي ليس ابنا له ولا ينسب إليه (قلت)
أفتحد الأم (قال) قال مالك نعم تحد (قلت) وينقطع نسب هذا الصبي بغير لعان
من الزوجين (قال) نعم كذلك قالا وقاله مالك غير مرة فيما بلغني (قلت) فإن كانت
تحته قبل أن تلد هذا الولد بعشرين سنة أو أدنى من ذلك مما يلحق به الحمل (قال)
فهو عندي واحد (قال ابن القاسم) وسمعت الليث بن سعد يقول مثله (قال
113

سحنون) وقد قال أكثر الرواة عن مالك انه لا ينفيه الا اللعان ولا يخرجه من
الفراش المعروف والعصبة والعشيرة الا اللعان. وقد روى ما قال ابن القاسم. وأكثر
الرواة يرون قول مالك انه لا ينفى الا باللعان (قال ابن القاسم) وقال مالك لا يكون
للرجل أن ينفى ولده إذا ولدته امرأته وهو مقيم معها ببلد يرى حملها إلا أن يكون
غائبا عن الحمل فيقدم وقد ولدته فله أن ينفيه فان أقام مقرا به فليس له أن ينفيه بعد
ذلك (قلت) أرأيت ان قال وجدت مع امرأتي رجلا في لحافها أو وجدتها وقد
تجردت لرجل أو وجدتها وهي مضاجعة رجل في لحافها عريانة مع عريان أيلتعن أم لا
في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه لا لعان بين الزوج وبين
امرأته إلا أن يرميها بالزنا برؤية أو ينفى حملها فان رماها بالزنا ولم يدع رؤية ولم يرد أن
ينفى حملا فعليه الحد لان هذا مفتر (قال سحنون) وقد قاله المخزومي وابن دينار
وقالا في الحمل ان نفاه ولم يدع استبراء جلد الحد (قال ابن القاسم) فأرى في مسألتك
إن لم يكن له بينة على ما ذكر من تجردها له ومضاجعتها إياه كما ذكرت رأيت عليه
الأدب ولا حد عليه (قال) وجل رواة مالك على أن اللعان لا يكون الا بأحد
وجهين إما برؤية لا مسيس بعدها أو بنفي حمل يدعى قبله استبراء وأما قاذف لا يدعى
هذا فإنه يحد وقاله ابن القاسم أيضا (سحنون) وقال ابن القاسم أيضا غير هذا
قال إذا قذف أو نفى حملا لم يكن به مقرا لاعن ولم يسئل عن شئ وقال معه ابن
نافع (ابن وهب) عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن
عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وامرأته وكانت حبلى وقال
زوجها والله ما قربتها منذ عفرنا النخل والعفر أن يسقى النخل بعد أن يترك من
السقي بعد الابار بشهرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بين قال فجاءت
بغلام أسود وكان الذي رميت به ابن السحماء (مالك بن أنس) عن نافع عن
ابن عمر أن رجلا لاعن امرأته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها
ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بأمه (قال ابن وهب)
114

وأخبرني عبد الله بن عمر أنه سأل عبد الرحمن بن القاسم ما يوجب اللعان بين المرأة
وزوجها فقال لا يجب اللعان الا من رؤية أو استبراء (ابن وهب) وأخبرني الليث بن
سعد عن يحيى بن سعيد أنه قال التلاعن بين الزوجين لا يكون الا بإنكار الولد فإنه
يقول إن شاء ما وطئتها منذ كذا وكذا أو يقول رأيت معها رجلا ففي ذلك التلاعن فان
قال هي زانية ولم أر معها رجلا جلد الحد (ابن وهب) وأخبرني يونس عن ربيعة
بذلك (ابن وهب) وأخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه بنحو ذلك (قلت)
أرأيت من لاعن امرأته فنفى ولدها عنه ثم قذفها رجل أيضرب لها الحد أم لا في
قول مالك (قال) قال مالك يضرب قاذفها الحد ومن قذف ابنها فقال له يا ابن الزانية
ضرب الحد أيضا كذلك قال مالك ومن قال لابنها ليس فلان أباك على وجه المشاتمة
ضرب الحد أيضا (مالك) عن نافع عن ابن عمر أنه قال من دعا ابن الملاعنة لزنية
ضرب الحد (قال ابن وهب) قال يونس وقال ابن شهاب من نفى ولدها جلد الحد
(ابن وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن سليمان بن يسار قال من دعاها زانية
جلد الحد (وقال) علي بن أبي طالب من قذف ابن ملاعنة جلد الحد (ابن وهب)
عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في الرجل يلاعن امرأته ثم يقذفها بعد ذلك
قال يجلد الحد (وقاله) نافع مولى ابن عمر والقاسم بن محمد ذكره ابن وهب عن
مخرمة بن بكير عن أبيه عنهما (قلت) لابن القاسم أرأيت ان شهدت الشهود على
هذا الذي لاعن أنه قد أقر بابنه بعد اللعان وهو ينكر ذلك (قال) يلحق به الولد
ويضرب الحد (قلت) أرأيت إذا لاعنها بولد فنفاه ثم زنت المرأة بعد ذلك فادعى
الملاعن ولده أتضربه الحد أم لا في قول مالك لأنها قد زنت (قال) لم أسمع من
مالك في هذه المسألة بعينها شيئا ولكنه لا حد عليه إذا ادعاه لأنها قد صارت
زانية (وعن) ربيعة في رجل يزعم أنه رأى على امرأته رجلا يسميه باسمه قال يلاعنها
ويجلد الحد في الرجل فأما التلاعن فيدفع عن نفسه شيئا لا يعرفه وأما الحد فيكون
عليه في تسمية رجل لو لم يسمه لم نضربه الحد وقاله مالك (قلت) رأيت المرأة إذا
115

ضرب رجل بطنها فألقت جنينها ميتا فانتفى منه الزوج والتعن لمن تكون الغرة
(قال) للأم ومن ورث الجنين مع الأم وهذا مثل ولد الملاعنة إذا مات عن مال
ورثته أمه وعصبته (قلت) أرأيت لو أن رجلا أنكر ولده فنفاه بلعان ثم مات
الولد عن مال فادعى الملاعن الولد بعد ما مات (قال) لا أدرى أسمعته من مالك
سماعا أو بلغني عن مالك أنه قال إن كان لولده ولد ضرب الحد ولحق به لان له نسبا
يلحق به (قال ابن القاسم) وإن لم يكن له ولد فلا يقبل قوله لأنه يتهم بوراثته ويجلد
الحد ولا يرثه (وقال مالك) من أنكر لون ولده فإنه لا يكون في ذلك لعان وإنما هو
عرق نزعه (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن
عبد الرحمن عن أبي هريرة أن اعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن
امرأتي ولدت غلاما أسود وانى أنكرته ثم ذكر الحديث. وفى الحديث أن رسول
الله صلى عليه وسلم قال له هل لك من إبل قال نعم قال ما ألوانها قال حمر قال هل
فيها من أورق قال إن فيها لورقا قال فأنى ترى ذلك جاءها فقال يا رسول الله عرق
نزعها قال فلعل هذا عرق نزعه ولم يرخص له في الانتفاء منه (قلت) لابن القاسم أرأيت أن لاعن السلطان بينهما فلما التعن الرجل ماتت المرأة (قال) قال مالك
يرثها (قلت) فان التعن الرجل والتعنت المرأة فلما بقي من لعانها مرة أو مرتان ماتت
المرأة (قال) أرى أن الزوج وارث ما لم يتم اللعان من المرأة (ابن وهب) عن ابن
لهيعة عن خالد بن يزيد عن ربيعة أنه قال يرثها ان ماتت وان مات هو لم ترثه
(قلت) أرأيت ان مات الزوج وبقيت المرأة وقد التعن الزوج ما يقال للمرأة في
قول مالك (قال) قال مالك يقال للمرأة التعني وادرئي العذاب عن نفسك ولا ميراث
لك وان أبيت اللعان وأكذبت نفسك أقيم عليك الحد وكان لك الميراث
[في لعان الأعمى]
(قلت) أرأيت الأعمى إذا قذف امرأته أيلتعن في قول مالك قال نعم (قلت)
لم وهو لا يجوز له أن يدعى رؤية أرأيت ان قلت إنه يدعى الاستبراء في الحمل فيجوز
116

له أن يلتعن في الحمل فهل يجوز له أن يلتعن إذا ادعى رؤية قال غيره ليس برؤية ولكن
بعلم يدله على المسيس وغيره من أسباب العلم وأما رؤية فلا وكذلك قال هو (قال
ابن القاسم) هو من الأزواج وقد قال الله تبارك وتعالى والذين يرمون أزواجهم
والأعمى عند مالك هو زوج فلا بد من اللعان وهو قول مالك (قال ابن وهب) قال
مالك يجعل ذلك إليه ويحمله في دينه
[في لعان الأخرس]
(قلت) أرأيت الأخرس هل يلتعن إذا قذف بالإشارة أو بالكتاب (قال) نعم ان
فقه ما يقال له وما يقول (وسألته) عن الذي يدعى الرؤية في امرأته فيلتعن فتأتي
بولد لأدنى من ستة أشهر من يوم ادعى الرؤية (قال) الولد ولده لا ينفى بوجه من
الوجوه إذا زعم أنه لم يكن استبرأ قبل أن يرى لان اللعان قد مضى ولأنا قد علمنا أنه
ابنه لأنه رآها يوم رآها وهي حامل منه (قلت) أرأيت ان ادعى الاستبراء حين
ولدته لأدنى من ستة أشهر (قال) فالولد لا يلحقه ويكون اللعان إذا قال ذلك الذي كان
نفيا للولد (قلت) فإن لم يدع الاستبراء إلا أنه قال لم أزل أطؤها وهذا الولد ليس
منى وإنما ألتعن بالرؤية وقد جاءت بالولد لأدنى من ستة أشهر فألحقته بأبيه ألا
يثبت أن يكون قاذفا ويجلد الحد قال لا (قلت) فان قال حين ولدت بعد الرؤية
بخمسة أشهر هذا ليس منى قد كنت استبرأت فنفيت الولد وتم اللعان أرأيت ان
قال الولد لي ولم أكن استبرأت يومئذ وأنا كاذب في الاستبراء أيلحق به الولد ولا
يكون عليه حد لان اللعان قد كان لرؤية (قال) أرى عليه الحد لأنه صار قاذفا لان
اللعان الذي كان لما ادعى الاستبراء إنما كان بعد ما وضعته فقد كان نفيا للولد فلما
استلحقه وأكذب نفسه في الاستبراء صار قاذفا (قلت) أرأيت المرأة يشهد عليها
أربعة بالزنا أحدهم زوجها (قال) يلاعن الزوج ويجلد الثلاثة (ابن وهب) عن يونس
عن أبي الزناد في المرأة يشهد عليها أربعة بالزنا أحدهم زوجها قال أبو الزناد القاذف
كان زوجا أو غيره يأتي بأربعة شهداء أو يلاعن الزوج هاهنا ويجلد الآخرون
117

(قال يونس) وقال ابن شهاب لا ترجم ولا نرى زوجها تجوز شهادته عليها من أجل
ان الله تبارك وتعالى رد شهادته عنها بالملاعنة ونرى أن يجلد الثلاثة إذا ردت شهادة
الزوج حد الفرية ثمانين جلدة ونرى أن يلاعنها زوجها فان نكص عن ملاعنتها
جلد الحد وأن لاعنها فرق بينها وبينه (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل
العلم عن ابن عباس وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد وابن قسيط بمثله (وقال) ابن عباس
يلاعن الزوج ويجلد الآخرون (وقال) إبراهيم النخعي مثله (وقال ابن شهاب) في
رجل قذف امرأته وجاء بثلاثة يلاعن الزوج ويجلد الثلاثة ثم إن جاء برجلين يشهدان
قال يجلدان
[في ترك رفع اللعان إلى السلطان]
(قلت) أرأيت ان قذف رجل امرأته فلم ترفعه إلى السلطان أيكون على الزوج
شئ أم لا (قال) لا شئ على الزوج (قال) وكذلك سمعت مالكا يقول فيها (قال) وقال مالك في رجل قذف رجلا فلم يرفعه المقذوف إلى السلطان فلا شئ على القاذف
[في لعان المرأة البكر لم يدخل بها جاءت بولد]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا تزوج امرأة فلم يبن بها ولم يجتلها حتى جاءت بولد
فأنكره الزوج أيلاعن أم لا في قول مالك (قال) قال مالك يلاعن إذا ادعت أنه
منه وانه كان يغشاها وكان ما قالت يمكن وجاءت بالولد لستة أشهر فأكثر من يوم
تزوجها ولها نصف الصداق ولا سكنى عليه ولا متعة (قلت) وكذلك أن طلقها
قبل البناء بها فجاءت بولد لمثل ما تلد له النساء أيلزم الزوج الولد أم لا وهل له ان يلاعن
(قال) قال مالك يلزمه الولد إلا أن يلاعن فأن لاعنها لم يلزمه الولد وهذا إذا كان
ما ادعت به من اتيانه إليها يمكن فيما قالت قبل أن يطلقها (ابن وهب) عن يونس
أنه سأل ابن شهاب عن رجل تزوج بكرا فلم يجمعها إليه حتى حملت فقالت هو من
زوجي وكان يغشاني في أهلي سرا فسئل زوجها فقال لم أغشها وانى من ولدها لبرئ
118

(قال) سنتها سنة المتلاعنين يتلاعنان ولا تنكح حتى تضع حملها ثم لا يجتمعان أبدا
وولدها يدعى إلى أمه ومن قذفها جلد الحد (قال ابن وهب) قال يونس وقال ربيعة
إذا تكلمت بذلك وعرف ذلك منها لاعنها وان مضت سنون وقاله يحيى بن سعيد
وابن قسيط انه يلاعنها ان تمت نكرته
[في نفقة الملاعنة وسكناها]
(قلت) أرأيت هذا الذي لاعن امرأته وانتفى من حملها فولدت ولدا ثم ادعاه
الزوج بعد ما ولدته فجلدته الحد وألحقت به الولد أيجعل لها على الزوج نفقة الحمل إذا
طلبت ذلك المرأة أم لا (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا وأرى أن ينظر إلى
حال الزوج يومئذ حين كانت المرأة حاملا فإن كان الزوج يومئذ موسرا ألزمته النفقة
لها وإن كان يومئذ معسرا فلا نفقة لها (قلت) فإن كان في بعض الحمل موسرا
وفى بعض الحمل معسرا (قال) يلزمه من النفقة بقدر ما كان فيه موسرا ويسقط عنه
من النفقة بقدر ما كان معسرا وإنما قلته على قول مالك في الرجل يطلق امرأته البتة
وهي حامل ان عليه النفقة إن كان موسرا وإن لم يكن موسرا فلا نفقة عليه (قلت)
أرأيت الملاعنة أيكون لها السكنى وهي بمنزلة المبتوتة (قال) قال مالك للملاعنة
السكنى قال مالك ولا متعة لها (قلت) أرأيت ان كانت هذه الملاعنة غير مدخول
بها ولم يسم لها صدقا فالتعن أيكون عليه المتعة والسكنى (قال) قال مالك لا يكون
للملاعنة مدخولا بها أو غير مدخول بها سمى لها صداقا أو لم يسم لها صداقا لا
يكون لها المتعة على حال من الحالات (قلت) أرأيت الملاعنة لم جعل مالك لها
السكنى وهو لا يلحقه منها الولد (قال) لأنها في عدة منه وهي مبتوتة منه فلا بد
من أن يكون لها السكنى ألا ترى أنه لا يحل لها أن تنكح حتى تنقضي عدتها
[في ملاعنة الحائض]
(قلت) أرأيت الرجل يقذف امرأته أو ينتفى من ولدها ويدعى الاستبراء وهي
119

في دم نفاسها أو حائض (قال) لا أحفظ قول مالك فيه ولا يلاعن السلطان بينهما
حتى تطهر إلا أنى سمعت منه في الذي لا يجد ما ينفق ويضرب له أجل فيأتي الاجل
وهي حائض أنه لا يطلق عليه حتى تطهر وفى الذي لا يقدر على مسيس امرأته
في قول مالك كذلك الا المولى وحده فانى سمعت ويضرب له أجل فيأتي الاجل
وهي حائض انه لا يطلق عليه حتى تطهر مالكا غير مرة وأخبرني عنه غير واحد من
أصحابنا قديما أنه قال إذا أوقفه السلطان وهي حائض فلم يفئ طلق عليه (وقد روى)
أشهب عن مالك أنه لا يطلق عليه في الحيض
[متعة الملاعنة]
(قلت) ولم قلتم في الملاعنة انه لا متاع لها وليست كالمختلعة لأنها لا تعطى الزوج
شيئا (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنه قال لي لا متاع للملاعنة (قال
ابن القاسم) إلا أن الذي يقع في قلبي لان الفراق جاء من قبلها حين أنكرت
ما قال الزوج فلما وقع اللعان بينهما والتعنت وقعت الفرقة ولم يكن لها متاع لان
الفراق لم يكن من قبل الزوج
(تم كتاب الايلاء واللعان من المدونة الكبرى والحمد لله حق حمده)
(وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما)
(ويليه كتاب الاستبراء)
120

بسم الله الرحمن الرحيم
[كتاب الاستبراء]
[في استبراء الأمة المستحاضة]
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت لو أن رجلا اشترى أمة مستحاضة يعلم بذلك
بكم يستبرئها في قول مالك (قال) يستبرئها بثلاثة أشهر إلا أن لا يبرئها ذلك ويشك
فيرفع بها إلى تسعة أشهر (قال) وقال مالك وهذه والتي رفعتها حيضتها بمنزلة واحدة
(قال ابن القاسم) لان استبراءها عنده إنما كان حيضة فلما رفعت هذه حيضتها
واستحيضت هذه كانتا عنده بمنزلة واحدة لا حيضة لهما إلا أن مالكا قال في العدة
من طلاق أو موت في المستحاضة إذا جاءها دم لا تشك ولا يشك النساء انه دم
حيضة للونه وتغيره بمعرفة النساء به رأيته قرءا وتكف عن الصلاة فهذه الأمة المشتراة
المستحاضة كذلك إذا جاء منها في دمها دم لا تشك ولا يشك النساء أنه دم حيضة
رأيت ذلك استبراء وتحل لسيدها مثل ما قال مالك في العدة (قال) وإنما جعل مالك
المستحاضة في الاستبراء بمنزلة التي ترفعها حيضتها إذا لم تعرف النساء ولا هي حيضتها
فإذا عرفت كانت كما وصفت لك (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه
قال في الأمة العذراء أو غيرها حاضت أو لم تحض أو قعدت قال ربيعة ينتظر بها ثلاثة
أشهر لا تعلم براءتها الا براءة الحرة هاهنا (قال) يحيى بن سعيد فالتي تباع منهن تعتد
بثلاثة أشهر إلا أن تحيض حيضة من الإماء اللائي لم يحضن
[في استبراء المغتصبة والمكاتبة]
(قلت) أرأيت إن كان غصبها منه رجل فردها عليه أعليه أن يستبرئها في قول
121

مالك قال نعم (قلت) فان كاتب أمته ثم عجرت أعليه أن يستبرئها (قال) لم أسمع
من مالك فيه شيئا وأحب إلى أن يستبرئها لأنها قدم حرم عليه فرجها وقد أطلقها تدور
ولو كانت في يديه لا تخرج لم يكن عليه استبراء (قلت) فلو أن رجلا غصب
جارية أجنبية فوطئها ثم اشتراها أيكون عليه الاستبراء بعد الشراء قال نعم (قلت)
فان غصبها رجل فردها على أيجب على أن أستبرئها في قول مالك (قال) إذا غاب
عليها الذي غصبها وجب عليك الاستبراء (قال) لان مالكا قال لي في الرجل يبتاع
الجارية الحرة فينقلب بها ويغلق عليها بابه فتستحق أنها حرة فتقوم على ذلك البينة
فيقر بأنه لم يسمها وتقر المرأة بأنه لم يمسها (قال) ما أرى أن تتزوج حتى يستبرئ
رحمها بثلاث حيض لأنه قد أغلق عليها بابه وخلا بها (قال) فقيل لمالك فإن كان
وطئها أترى عليه في وطئها شيئا حين خرجت حرة صداقا أو غيره (قال) لا لأنه
وطئها وهي عنده ملك له (قال مالك) وإن كان وطئها وهو يعلم أنها حرة رأيت أن يقام
عليه الحد (قلت) أفيجب عليه الصداق مع الحد في قول مالك قال نعم
[في استبراء الأمة يسبيها العدو]
(قلت) أرأيت ان سبى العدو جارية أو مدبرة أو أم ولد أو حرة فرجعن إلى
أيكون على الاستبراء في قول مالك أم لا (قال) نعم عليك الاستبراء (قلت) فبكم
أستبرئهن (قال) الحرة بثلاث حيض والأمة والمدبرة وأم الولد بحيضة حيضة
(قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فان قلن انا لم نوطأ (قال) لا يصدقهن
وعليهن الاستبراء لان أهل الحرب قبضوهن على وجه الملك لهن لا على وجه
الوديعة فالاستبراء لازم
[في استبراء المرهونة والموهوبة]
(قلت) أرأيت ان رهنت جارية فافتككتها أيكون على أن استبرئها في قول
مالك (قال) لم أسمع من مالك فيها شيئا ولا يكون على سيدها استبراء لأنها بمنزلة
122

ما لو استودعتها رجلا (قلت) أرأيت ان وهبت لرجل جارية فغاب عليها ثم ارتجعتها
أيكون على أن أستبرئها في قول مالك قال نعم (قلت) ولا يكون هذا مثل البيع
(قال) لا لان هذا حين غاب عليها غاب وهو حائز لها فعلى الذي وهب إذا ارتجع أن
يستبرئ لنفسه وفى البيع يتواضعانها فإذا رجعت إليه قبل أن تدخل في الحيضة
ويذهب عظم حيضتها فلا استبراء على البائع إذا رجعت إليه وإن كان في البيع قد
قبضها المشترى وحازها لنفسه ليس على المواضعة عنده ولكن على الحيازة لنفسه فعلى
البائع ان استقاله أن يستبرئها وإن كان ذلك بعد يوم إذا غاب عليها فكذلك الهبة
(قلت) أرأيت ان وهبت لابن لي صغير في عيالي جارية أو لابن لي كبير وهو في
عيالي فارتجعت هبتي اعتصرتها أعلى استبراء أم لا (قال) الصغير والكبير بمنزلة
واحدة ان كانتا في يدي الأب لم تكونا تخرجان فلا استبراء عليه وان كانتا تخرجان
أو قبضها الكبير وغاب عليها فالاستبراء عليها فان وطئها الابن فلا اعتصار للأب
فيها (قال) وكذلك قال مالك ليس له اعتصار (قال) وقال مالك لو أن رجلا استودع
رجلا جارية فحاضت عند المستودع ثم اشتراها المستودع أجزأتها تلك الحيضة من
الاستبراء (قلت) أرأيت ان اشتريت جارية أو وهبت لي أو تصدق بها على أو
صارت لي من مغنم أو من غيره أو أوصى لي بها أو ورثتها أو صارت لي بوجه من
الوجوه أيجب على أن أستبرئها في قول مالك قال نعم
[في استبراء الأمة تباع فتحيض عند البائع قبل أن يقبضها المبتاع]
(قلت) أرأيت ان اشتريت جارية فمنعني صاحبها من أن أقبضها حتى أدفع إليه الثمن
فحاضت عند البائع بعد اشترائي إياها قبل أن أقبضها ثم دفعت إليه الثمن وقبضت
الجارية أتجزئني تلك الحيضة من الاستبراء في قول مالك أم لا (قال) ان أخذها في
أول حيضتها أجزأه ذلك وان كانت في آخر حيضتها أو بعد أن طهرت لم يجزه ذلك
حتى تحيض حيضة مستقبلة وعلى البائع المواضعة (قلت) أرأيت إن لم يمنعه
القبض فلم يقبضها المشترى حتى حاضت عند البائع أتجزئ المشترى هذه الحيضة
123

من الاستبراء أم لا (قال) إن كان المشترى لم يسأله القبض والبائع لم يمنعه إلا أن
المشترى ذهب ليأتي بالثمن فأبطأ عن القبض حتى حاضت الجارية عند البائع ثم جاء
ليقبضها فإن كانت من وخش الرقيق فأرى أن يستبرئها بحيضة مستقبلة وان كانت من
علية الرقيق رأيت أن يتواضعاها وكذلك أن كان البائع منعها من المشترى حتى يقبض
الثمن فحاضت عند البائع فإن كانت من علية الرقيق تواضعاها وان كانت من وخش
الرقيق قبضها المشترى وكان عليه أن يستبرئها بحيضة مستقبلة إلا أن يكون أمكنه
منها وتركها عنده فان حيضتها استبراء للمشترى لان ضمانها كان منه ولان استيداعه
إياها بمنزلة أن لو وضعها عند غيره (قلت) أرأيت من اشترى جارية وهي حائض
أتجزئه تلك الحيضة في قول مالك من الاستبراء (قال) قال مالك ان كانت في أول
حيضتها أجزأه ذلك من الاستبراء وان كانت في آخر الحيضة لم يجزه مثل اليوم وما
أشبهه (1) وان كانت في أول حيضتها أجزأه ذلك من الاستبراء وان كانت قد أتت على
آخر حيضتها استقبلت حيضة أخرى (قلت) أرأيت ان كانت هذه الأمة المشتراة
قد حاضت عند بائعها فلما اشتريتها رأت الدم عندي يوما أو يومين بعد خمسة أيام من
حيضتها التي حاضتها عند البائع أيكون هذا استبراء أم لا (قال) لا يكون هذا
استبراء (قلت) وتدع الصلاة قال نعم (قلت) ولا تجعله استبراء (قال) لا يكون
الدم الذي تراه استبراء حتى يكون بين الدمين من الأيام ما يعلم أن الدم الثاني حيض
كانت به حائضا (قلت) فإن لم تر هذا الدم الثاني الذي يعلم أنه حيض مستقبل الا يوما
واحدا ثم انقطع عنها أتجعله حيضا وتجزئها من الاستبراء (قال) تسئل النساء عن
ذلك فان قلن ان الدم يوما أو بعض يوم يكون حيضا كان هذا استبراء وإلا فلا أراه
استبراء حتى تقيم في الدم ما تعرف وتستيقن انه استبراء لرحمها ولا يكون هذا الدم
استبراء إن لم أجعله حيضة تامة وإن كنت أمنعها من الصلاة (قلت) أرأيت ما بين

(1) قوله وان كانت في أول حيضتها الخ كذا بنسختي الأصل اللتين بأيدينا وانظر ما وجه تكراره
مع اتحاد المعنى اه‍ كتبه مصححه
124

الدمين من الطهر كيف يعرف عدد ما بين الدمين حتى يجعل الدم الثاني حيضا (قال)
قال لي مالك الثلاثة الأيام والأربعة والخمسة إذا طهرت فيهن ثم رأت الدم بعد ذلك أن ذلك من الحيضة الأولى (قال) وما قرب من الحيضة فهو كذلك (قال) وسألنا
مالكا عن امرأة طلقت فقالت قد حضت في الشهر ثلاث حيض (قال) يسئل النساء
عن ذلك فان كن يحضن كذلك ويطهرن صدقت وإلا فلا ويسئل النساء عن عدد
أيام الطهر فان قلن ان هذه الأيام تكون طهرا فيما بين الحيضتين وجاء هذه الأمة
بعد هذه الأيام من الدم ما يقول النساء انه دم حيضة ولا يشككن أنها حيضة
أجزأه ذلك من الاستبراء وإلا فلا
[في استبراء الجارية تباع ثم يستقيله البائع]
(قلت) أرأيت الجارية يشتريها الرجل فيقبضها ثم يستقيله البائع قبل أن يفترقا
أيجب على البائع أن يستبرئ في قول مالك أم لا (فقال) لا لأنهما لم يفترقا ولم يغب
على الجارية (قلت) أرأيت ان انقلبت بها ثم استقالني (قال) إن كان لم يكن في مثل
ما غاب عليها المشترى أن تحيض فيه لأنها لم تقم عنده قدر ما يكون في مثله الاستبراء
فليس على المشترى مواضعة لأنها لو هلكت في مثل ذلك كانت من البائع ولا
يطؤها البائع حتى يستبرئ لنفسه وان كانت من وخش الرقيق فهلاكها من
المشترى إذا كان البائع لم يضعها عند المشترى على وجه الاستبراء وإنما وضعها على
وجه الشراء وحازها لنفسه فالمشترى لم يستبرئ فتحل له فهي وإن لم تحل له حتى
ردها إلى البائع فلا يطؤها البائع أيضا حتى يستبرئها لنفسه احتياطا لأنه قد دفعها
للمشترى وغاب عليها إلا أن يكون دفعها إلى المشترى وائتمنه البائع على الاستبراء
فلا يكون على البائع استبراء لنفسه إذا ارتجعها قبل أن تحيض عظم حيضتها وإن كان
إنما دفعها البائع إلى المشترى قبضا لنفسه فقد وصفت لك ذلك ولو وضعاها على
يدي رجل أو امرأة للاستبراء أكان على البائع إذا استقاله ورجعت إليه فيها استبراء
وان طال مكثها في الموضع الذي تواضعاها فيه للاستبراء إذا لم تحض فإذا كانت قد
125

حاضت في الموضع الذي جعلاها فيه للاستبراء وخرجت من الحيضة فقد حلت
للمشترى فان استقاله البائع بعد هذا فعليه الاستبراء لأنها قد حلت للمشترى قبل
أن يستقيله وصارت عليه العهدة ووجبت عليه المواضعة وكان المشترى إنما هو تارك
لها في موضعها فلم يكن للمستقيل بد من الاستبراء إلا أن يستقيل البائع المشترى
والجارية في أول دمها أو في عظم دمها فإذا فعل لم يكن عليه استبراء إلا أن يستقيل
في آخر دمها فيكون عليه الاستبراء (قلت) أرأيت ان استقاله في آخر دمها
(قال) فعلى البائع المستقيل أن يستبرئ لنفسه وله المواضعة على المقيل (قلت) ولم وهي
لم تحل للمشترى حتى تخرج من دمها (قال) لأنها إذا دخلت في الدم من أول ما تدخل
في الدم فمصيبتها من المشترى وقد حل للمشترى أن يقبل وأن يصنع بها ما يصنع
الرجل بجاريته إذا حاضت وان أقال المشترى البائع في أول الدم أو في عظمه رأيته
بمنزلة رجل اشترى جارية في أول دمها أو في عظمه وان أقاله في آخر دمها كان بمنزلة
رجل اشترى جارية في آخر دمها فلا تجزئها تلك الحيضة (قلت) لم أمرت البائع
حين استقاله في آخر دمها أن يستبرئ والمشترى لم يحل له وطؤها (قال) لان
الجارية قد تحمل في آخر الدم إذا وطئت فيه فلا أدرى ما أحدثت الجارية وهي
لو اشتريت في هذه الحال لم تجزئ من استبرائها هذه الحيضة فإنما تحمل هذه محمل
الاستبراء الحادث (قال) وقال مالك في الذي يشترى الجارية في آخر دمها
انه لا يجزئه من الاستبراء وعليه أن يستبرئ استبراء آخر وله المواضعة وعهدته
قائمة (ابن وهب) عن عقبة بن نافع المعافري عن يحيى بن سعيد أنه قال في
الرجل يشترى الجارية وهي حائض هل تبرئها تلك الحيضة قال يحيى أدركنا الناس
وهو أمرهم إلى اليوم أن الوليدة إذا اشتريت فإنما يبرئها وتسلم للذي اشتراها إذا
حاضت حيضة واحدة (مخرمة بن بكير) عن أبيه بكير قال يقال أيما رجل ابتاع
وليدة تحيض فوضعت على يدي رجل حتى تحيض حيضة فماتت فهي من صاحبها
حتى تحيض وكل عهدة على ذلك (قال بكير) ويقال أيما رجل ابتاع وليدة فأراد
126

أن يخاصم فيها لم يصلح له أن يطأها وفى نفسه خصومة صاحبها فيها (ابن لهيعة)
عن ابن أبي جعفر عن زيد ابن إسحاق الأنصاري أن عمر بن الخطاب قضى في جارية
وضعت على يدي رجل حتى تحيض فماتت أنها من البائع (ابن وهب) قال
يونس قال ابن شهاب مثله (قال ابن شهاب) وان كانت قد حاضت فهي من المبتاع
(ابن وهب) عن يونس عن أبن شهاب أنه قال في رجل اشترى من آخر وليدة
فدعاه إلى ثمنها فقال سوف فماتت الوليدة عند البائع (قال) ان كانت الوليدة ماتت
في العهدة قبل أن تحيض فهي من البائع وان كانت حاضت فهي من المبتاع وان
وضعاها على يدي عدل فهي كذلك أيضا
[في استبراء الجارية يباع شقص منها]
(قلت) أرأيت ان بعت شقصا من جاريتي أيأمرنا مالك أن نتواضعها للاستبراء
ان كانت من علية الرقيق قال نعم (قلت) أرأيت ان بعت شقصا منها ثم استقلته
فأقالني بعد ما تواضعناها وحاضت أو كانت من وخش الرقيق فبعته شقصا منها
فاستقلته بعد ما أمكنته منها أيجب على الاستبراء (قال) نعم يجب عليك فيها
الاستبراء لأنها قد حرمت على البائع حين حاضت وله على المقيل المواضعة لأن الضمان
قد كان وجب عليه وبرئ منه البائع الأول فلما استقاله كان بمنزلة ما لو اشتراها
من المشترى أجنبي من الناس فله المواضعة فكذلك يكون للمستقيل على المقيل
وان كانت من وخش الرقيق فلا يطأها حتى يستبرئ لان المشترى قد غاب عليها
إذ كان قابضا لها وأخذها على القبض وهي لو أصيبت كانت من المشترى فكأن
المستقيل أجنبي من الناس اشتراها من المشترى الذي قبضها على الايجاب فلذلك
صار ضمانها منه وانها إذا كانت من وخش الرقيق يجوز بيعها بالبراءة من الحمل وانه
لا يبقى فيها من الخطر ما يبقى في التي تباع على المواضعة وللسنة فيها
127

[في استبراء أم الولد والمدبرة إذا بيعتا]
(قلت) أرأيت رجلا باع أم ولده أو مدبرته فقبضها المشترى أيكون على البائع
إذا ردت إليه الاستبراء في قول مالك (قال) نعم عليه الاستبراء إذا كان قد دفعها على
الحيازة ولم يتواضعاها للاستبراء
[في استبراء الجارية يشتريها الرجل]
(قلت) أرأيت ان اشترى رجل من عبد له تاجر جارية أيجب عليه الاستبراء
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى عليه الاستبراء (قلت) وكذلك أن
انتزعها السيد كان عليه الاستبراء (قال) نعم ويكون هذا مثل البيع
[في استبراء الأمة تباع بالخيار ثم ترد]
(قلت) أرأيت لو أنى بعت جارية لي على أنى بالخيار ثلاثا أو على أن المشترى بالخيار
ثلاثا فتواضعناها وهي من علية الرقيق أو كانت من وخش الرقيق فدفعتها إليه فاختار
الرد أو اخترت الرد أيكون على البائع إذا رجعت إليه استبراء أم لا (قال) لا لان
ملكه عليها ولان مصيبتها منه لان البيع لم يكن يتم فيها فان أحب أن يستبرئ إذا
غاب المشترى عليها وكان الخيار له فهو حسن لان المشترى قد كان لو وطئها وإن كان
لا يجوز له ذلك كان ذلك رضا منه واختيارا فقد خلا بها وقد كان له ما أعلمتك ألا
ترى أن المغصوبة أحب لسيدها أن لا يمس حتى يستبرئ لان الغاصب لا يؤمن إذا
غاب عليها
[في استبراء الجارية ترد بالعيب]
(قلت) أرأيت ان اشترى جارية فردها من عيب هل يكون على البائع استبراء
(قال) نعم عليه الاستبراء إذا كانت قد خرجت من الحيضة وضمانها من المشترى وإن لم
تكن خرجت من الحيضة فلا استبراء عليه (قال سحنون) يريد أن لا مواضعة
على الذي يرد بالعيب للبائع لأنها لو هلكت قبل أن تحيض كانت المصيبة فيها من
128

البائع (وقال أشهب) لا يكون على الذي رد بالعيب مواضعة خرجت من الحيضة
أو لم تخرج لان الرد بالعيب نقض بيع وليس هو بيعا مبتدأ
[ما ينقضى به الاستبراء]
(قلت) أرأيت ان اشتريت أمة حاملا فأسقطت سقطا لم يتم خلقه أينقضى به
الاستبراء (قال) قال مالك كل ما ألقته المرأة الحرة من دم أو مضغة أو شئ مما
يستيقن النساء أنه ولد. أو أم ولد ألقت ذلك فان الحرة تنقضي به عدتها وتكون
الأمة به أم ولد فكذلك الاستبراء عندي مثله (قلت) أرأيت ان قالت الأمة قد
أسقطت أيصدقها سيدها أم لا (قال) السقط لا يكاد يخفى دمه وينظر إليها النساء فإن كان بها من ذلك ما يعلم أنها قد أسقطت أجزأه ذلك إذا طهرت وإن لم يكن بها من
الدم ما يعلم النساء أنها قد أسقطت لم تصدق
[في مواضعة الحامل]
(قلت) أرأيت ان اشتريت أمة حاملا أنتواضعها حتى تلد في قول مالك أم لا
(قال) قال مالك إذا كانت حاملا فلا يتواضعانها وليقبضها ولينقد ثمنها ولا يطأها
المشترى حتى تضع ما في بطنها (قلت) أرأيت ان قالت الأمة قد أسقطت منذ
عشرة أيام وانقطع الدم عنى (قال) لا تصدق الأمة (قلت) وكيف يصنع بها سيدها
(قال) لا يطؤها حتى تحيض حيضة (قلت) فقد رجعت هذه الأمة إلى حال ما
لا يجوز النقد فيها ولا بد أن يتواضعاها إذا كان استبراؤها بالحيض (قال) إذا باعها
البائع والحمل بها ظاهر لم يستطع هذا المشترى ارتجاع الثمن ولا يتواضعانها لان البائع
يقول للمشترى أما أنا فقد بعتك حاملا فلا أدرى ما صار إليه الحمل وقد بعتك ما يجوز
فيه النقد وقد انتقدت ويقال للمشترى استبرئ لنفسك بحيضة مستقبلة (قال) وإن كان
حين باعها البائع لم يكن حملها بينا عند الناس رأيت البيع فاسدا ان كانت من
الجواري المرتفعات جواري الوطئ لأنه إن كان تبرأ من الحمل فلا يجوز أن يبيعها
129

ويتبرأ من الحمل وإن كان باعها على أنها حامل بأمر لا يستيقن ولا تعرفه النساء فإنما هو
رجل باعها على أنها ان كانت حاملا فأنا برئ من الحمل فهذا لا يجوز في المرتفعات فأرى
أن يفسخ البيع بينهما وهو قول مالك لا يجوز. وفى هذا البيع أيضا وجه آخر انه
اشترط النقد في الجواري المرتفعات وهن لا بد من المواضعة فيهن للاستبراء وان
كانت من وخش الرقيق جاز ذلك فيما بينهما ويقال للمشترى استبرئ لنفسك
بحيضة مستقبلة لان وخش الرقيق يجوز فيهن عند البيع البراءة من الحمل ويستبرئ
المشترى لنفسه ويجوز أن يشترط البائع فيها النقد فإن كانت حاملا لم يستطيع ردها
لان البائع قد تبرأ من الحمل (قال) وان كانت مرتفعة وكانت بينة الحمل جاز النقد
وجاز تبرى البائع من الحمل ولا تصدق الأمة على أنها أسقطت إلا أن يكون ذلك
معروفا عند النساء كما وصفت لك خوفا من أن يكون كان ريحا فانفش وليس على
البائع في بيعه عيب لأنه قد باع حملا ظاهرا تعرفه النساء وشهدن عليه ولم يرد وجه
براءة من حمل إن كان بها ولا مخاطرة ولا استبراء للمشترى على البائع وليستبرئ
المشترى لنفسه لان البائع باع على الحمل بيعا صحيحا (قلت) ما بال الحرائر يصدقن
على انقضاء العدة ويصدقن في الحيض وفى أنهن قد أسقطن ولا تصدق الأمة في
الحيض في الاستبراء ولا في السقط (قال) لان الحرائر لا ينظر إليهن وشأنهن أن
يصدقن على أنفسهن وتؤخذ أمانتهن في ذلك والأمة لا تصدق في نفسها إذا ادعت
الحيضة حتى ترى حيضتها ولمشتريها أن يريها النساء فينظرن إليها إذا زعمت أنها
حائض (سحنون) لأنها عهدة لا تسقط عن البائع والضمان لازم على البائع لا يسقط
بقول الجارية الا بالبينة التي تجوز في مثله أو تبرئة المشترى مما له أوقفت وليس لزوج
المرأة إذا طلقها فزعمت أنها قد حاضت أن يريها أحدا فهذا فرق ما بينهما (قال
سحنون) ولان الله تبارك وتعالى جعل ذلك إليهن فيما يذكر أهل العلم فقال تعالى
ولا يحل لهن أن يكتمن ما خالق الله في أرحامهن وهو الحيضة والحمل وقد بينا هذا
في غير هذا الموضع
130

[في مواضعة الأمة على يدي المشترى]
(قلت) أرأيت لو أنى اشتريت جارية من علية الرقيق فأتمنني البائع على استبرائها
ووضعها عندي أيجوز هذا في قول مالك (قال) كان مالك يكره ذلك ويرى المواضعة
على يدي النساء أحب إليه (قال ابن القاسم) فان فعلا هذا وجهلا أن يضعاها على
يدي النساء حتى تحيض رأيت ذلك مجزئا عنهما ورأيتها من البائع حتى تدخل في
أول دمها لان البائع ائتمنه على ذلك ورضى بقوله في ذلك (قلت) أكان مالك
يأمر بالجارية إذا أرادا أن يتواضعاها للاستبراء أن يضعاها على يدي امرأة ولا
يضعاها على يدي رجل (قال) قال مالك الشأن أن يضعاها على يدي امرأة فان
وضعاها على يدي رجل له أهل ينظرون إليها وتوضع على يديه لمكانهم أجزأه
ذلك ووجه ذلك ما وصفت لك في النساء (قال مالك) ولو أن جارية عند رجل
وديعة حاضت عنده حيضة ثم اشتراها أجزأته تلك الحيضة التي حاضت عنده من
الاستبراء إذا كانت لا تخرج (قلت) أرأيت ان اشتريت جارية فقال البائع أنا
أرضى أن تكون عندك أيها المشترى حتى تستبرئها (قال) غيره أحب إلى منه
وان فعلا أجزأهما
[في الأمة تموت أو تعطب في المواضعة]
(قلت) أرأيت ان اشتريت جارية من علية الرقيق فشرطت على البائع أو شرط
على أن أقبضها وأحوزها لنفسي كما أقبض وخش الرقيق فماتت عندي (قال) المواضعة
منهما فلا يفسخ شرطهما البيع إذا لم يكن إنما باعها على البراءة من الحمل ويسلك بهما
سبيل من لم يشترط استبراء في المواضعة وكذلك سمعت فان هلكت في أيام
الاستبراء قبل أن يمضى من الأيام ما يكون في مثله استبراء لها فمصيبتها من البائع
وان مضى من الأيام ما يكون في مثله استبراء للجارية وهلكت فهي من المشترى إلا أن يشترط في القبض تبرؤه من الحمل ويقول البائع ليس الحمل منى ان ظهر ولا وطئت
131

الجارية فدفعها على وجه ايجاب البيع والبراءة من الحمل فيكون ضمان الجارية من
المشترى من حين قبضها ويكون البيع فاسدا ويرد إلا أن يفوت فأما الذي قال
مالك في المشترى إذا هلكت في مثل ما يكون فيه استبراء لها فمصيبتها من المشترى
فان هلكت فيما لا يكون في عدد تلك الأيام استبراء لها فمصيبتها من البائع لم يكن
في المسألة التي سئل مالك عنها اشتراط براءة من الحمل إلا أنه قبضها المشترى من
البائع كما يقبض وخش الرقيق وجهلا وجه المواضعة فيها (قال ابن القاسم) فإذا
اشترط القبض على وجه البراءة للبائع من الحمل والجارية من علية الرقيق فالبيع
فاسد إذا كان البائع لم يطأها وهلكت الجارية في مثل مالا يكون فيه استبراء لها أو
في مثل ما يكون فيه استبراء لها ويكون على المشترى قيمتها يوم قبضها إلا أن يكون
البائع وطئ واشترط هذا الشرط فإن كان وطئ ثم هلكت الجارية في مثل مالا
يكون فيه استبراء فالمصيبة من البائع ولا ينفعه شرطه وبراءته لأنه لو ظهر حمل كان
منه وهو قول مالك إذا وطئ ما لم تخرج من الحيضة فمصيبتها من البائع وان هلكت
في مثل ما يكون فيه الاستبراء فالمصيبة من المشترى وعليه قيمتها في الوقت الذي
جعلناها تحيض في مثله لان من ذلك اليوم وجب عليه ضمانها ولأنه مدع ان ادعى
انها لم تحض وإنما مثل ذلك مثل رجل اشترى جارية مرتفعة بالبراءة من الحمل
ولم يطأها البائع وإنما تبرأ من حمل إن كان بها من غيره فهلكت عند المشترى
فالمصيبة من المشترى وان هلكت بعد ذلك بيوم أو يومين لأنه شراء فاسد والبائع
قد تبرأ من الحمل فلا يلحقه الولد وإنما تخاطرا على حمل إن كان من غيره فأراه بيعا
فاسدا إلا أن يدرك فيرد فإن لم يدرك كان على المشترى القيمة
[في الرجل يبتاع الأمة قد تزوجها قبل]
[أن يدخل بها ثم يبيعها قبل أن يطأها]
(قال) وقال ابن القاسم في الرجل يتزوج الأمة ثم يشتريها قبل أن يدخل بها ثم يبيعها
132

قبل أن يطأها (قال) يستبرئها بحيضة (قال) وكذلك إذا وطئها ثم باعها فإنها تستبرأ
بحيضة وإن كان دخل بها ثم اشتراها فباعها قبل أن يطأها بعد الاستبراء فان المشترى
الآخر يستبرئها بحيضتين لأنها عدة في هذا الوجه (قال) وسواء إذا كان دخل بها
ثم طلقها واحدة ثم اشتراها قبل أن تنقضي عدتها فإنه إن كان وطئها بعد الشراء ثم
باعها فان المشترى يستبرئها بحيضة وإن كان لم يطأها بعد الشراء فأرى أن تستبرأ
بحيضتين لأنه إذا باعها بعد ما اشتراها قبل أن يطأها فان الحيضتين هاهنا عدة لان
شراءه إياها فسخ لنكاحه وإن كان طلق واحدة وانقضت عدتها ثم اشتراها أو
طلقها ثلاثا فانقضت عدتها ثم اشتراها ثم باعها فإنها تستبرأ بحيضة لأنه اشتراها
وليست له بامرأة وهو قول مالك (قال مالك) ولو اشتراها وقد حاضت بعد طلاقه
حيضة ثم باعها فان المشترى يستبرئها بحيضة ثم تحل له
[في استبراء الأمة تتزوج بغير إذن سيدها فيفسخ السيد نكاحها]
(قلت) أرأيت ان تزوجت أمة بغير إذن سيدها فدخل بها ففرق السيد بينهما
(قال) على السيد الاستبراء ولا عدة عليها (قلت) كم الاستبراء (قال) حيضتان
لأنه نكاح يلحق به الولد ويدرأ عنهما الحد فيسلك بهما سبيل النكاح الصحيح وقد
قال بعض الناس هو نكاح
[في الأب يطأ جارية ابنه أعليه الاستبراء]
(قلت) أرأيت الرجل يتعدى فيطأ جارية ابنه هل يكون على هذا الأب إذا
قومت عليه هذه الجارية التي وطئها استبراء بعد التقويم (قال) نعم إذا لم يكن الأب
قد عزلها عنده واستبرأها (وقال) غيره يستبرئها لأنه لا ينبغي له أن يصب ماءه
على الماء الذي لزمته به القيمة لأنه ماء فاسد وإن كان الولد يلحق فيه وان كانت
مستبرأة عند الأب لان وطأه إياها كان تعديا فلزمه لذلك القيمة فلا ينبغي له أن
يصب ماءه الصحيح على ماء العداء (قلت) لابن القاسم لم جعلته يستبرئ والولد
133

يلحق الأب (قال) لان الوطئ فاسد ولك وطئ فاسد فلا يطأ فيه حتى يستبرئ
[في الرجل يطأ جاريته فأراد أن يزوجها متى يزوجها]
(قلت) أرأيت من كان يطأ جاريته فأراد أن يزوجها متى يزوجها (قال) حتى
تحيض حيضة ثم يزوجها (قلت) وهو قول مالك قال نعم (قال) فقلت لمالك
أفلا يزوجها ويكف عنها زوجها حتى تحيض حيضة (قال) لا ولا يعجبني أن يقع
النكاح الا في موضع يحل فيه المسيس (قلت) فان زوجها قبل أن تحيض حيضة
(قال) قال مالك إن كان السيد يطؤها فلا يصلح له أن يزوجها حتى تحيض حيضة
من يوم وطئها وإن كان لم يطأها فلا بأس أن يزوجها مكانه (قلت) فان زوجها وقد
وطئها قبل أن تحيض حيضة (قال) النكاح لا يترك على حال ويفسخ (قال) وقال
مالك لا يزوج الرجل أمته الا في موضع يجوز للزوج الوطئ فيه (قلت) أرأيت
ان اشتريت جارية وقد أقر سيدها البائع أنه قد كان وطئها وتواضعاها للاستبراء
أو لم يقر السيد البائع بالوطئ ولم يجحد أيجوز لي أن أزوجها في قول مالك (قال)
لا أحفظ عن مالك في هذا بعينه شيئا ولكن لا يجوز أن يزوجها حتى يستبرئها
لأنه لو ظهر حمل فادعاه سيدها البائع جاز دعواه (قلت) فإن كان البائع قد تبرأ
من حملها وقال ليس الحمل منى ولم أطأها وهي من وخش الرقيق (قال) فليزوجها
من قبل أنه لو ظهر بها حمل وقد قال البائع لم أطأ كان الحمل عيبا ان شاء المشترى
قبلها وان شاء ردها فهي إذا لم يظهر الحمل فزوجها فلا بأس بذلك وإن كان ذلك قبل
الاستبراء لان البائع قد قال لم أطأ ألا ترى أنها لو كانت عند البائع جاز له أن يزوجها
ولا يستبرئها فكذلك المشترى يجوز له أيضا أن يزوجها ولا يستبرئها وأصل هذا
ان ينظر إلى كل جارية كان للبائع ان يزوجها ولا يستبرئها فكذلك للمشترى أيضا
إذا رضى بها بعد الاشتراء أن يزوجها ولا يستبرئها وإذا لم يكن للبائع أن يزوجها
حتى يستبرئها فلا يجوز للمشترى أن يزوجها حتى يستبرئها (قلت) فإن كانت من
علية الرقيق فاشتراها وتواضعاها أيجوز للمشترى أن يزوجها (قال) إذا قال البائع لم
134

أطأ وباعها على أنه لم يطأ وانه إن كان حمل فليس منى ولم يتبرأ من الحمل إلى المشترى
ويقول إن كان حمل فهو منك فالبيع جائز وللمشتري أن يزوجها في أيام الاستبراء
إذا اختارها لان المشترى لو قال للبائع أنت قد قلت إنك لم تطأ فالجارية ان ظهر بها
حمل فهو من غيرك وهو عيب فيها فأنا أقبلها بعيبها ان ظهر الحمل فذلك له جائز فان
قبلها ثم زوجها قبل أن يستبرئها جاز النكاح وصلح للزوج أن يطأها قبل الاستبراء
لان البائع لو زوجها هو قبل أن يبيعها جاز النكاح (قال) ولان مالكا قال لو أن رجلا
باع جارية مثلها يتواضع للاستبراء من علية الرقيق فظهر بها حمل فأراد المشترى أن
يقبلها بذلك الحمل فأبى البائع ذلك وقال لا أسلمها إذا وجدتها حاملا وقال الحمل
ليس منى إلا أنى لا أسلمها وليس لك أن تختار على (قال مالك) ان شاء المشترى أن
يأخذها أخذها وليس للبائع هاهنا حجة لأنه عيب قبله إلا أن يدعى البائع أن الحمل
منه لأنه إذا باعها على أن الحمل ليس منه فتواضعاها للحيضة فإنما البراءة في ذلك
للمشترى من حمل إن كان بها فإذا كان له أن يقبلها إذا ظهر الحمل فذلك له قبل أن
يظهر الحمل على ما أحب البائع أو كره إذا لم يدع الحمل لنفسه فإذا قبلها جاز له
أن يزوجها وهو بمنزلة عيب حدث بها اعورت عينها أو قطعت يدها
[في الجارية تشترى ولها زوج لم يدخل بها فيطلقها]
(قلت) أرأيت ان اشتريت جارية لها زوج لم يبن بها زوجها فلما اشتريتها طلقها زوجها
مكانه وذلك قبل أن يبنى بها أيصلح لي أن أطأها (قال) لا يصلح للمشترى أن يطأها
حتى تحيض حيضة عند المشترى (قلت) فان اشتراها وهي في عدة من وفاة
زوجها فانقضت عدتها من بعد ما اشتراها بيوم أو يومين (قال) قال مالك لا يطؤها
حتى تحيض حيضة من بعد اشترائه إياها فان حاضت حيضة وبقي عليها بقية من
عدتها لم يطأها حتى تنقضي عدتها فإذا انقضت عدتها أجزأها من العدة ومن الاستبراء
جميعا ويطؤها (قلت) أرأيت أمة رجل زنت أله أن يطأها في قول مالك (قال) قال
مالك لا يطؤها حتى تحيض حيضة (قلت) أفيصلح أن يزوجها من بعد أن زنت قبل
135

أن تحيض حيضة (قال) لا يجوز ذلك لان مالكا قال لا يزوج الرجل أمته الا أمة
يصلح للزوج أن يطأها مكانه
[في الرجل يبيع جارية الرجل بغير أمره فيجيز السيد البيع]
(قلت) أرأيت لو أنى بعت جارية رجل بغير أمره فحاضت عند المشترى ثم أراد
سيد الأمة إجازة البيع أيكون على المشترى أن يستبرئ (قال) ليس عليه أن يستبرئ
لان مالكا قال في المستودع إذا حاضت عنده الجارية ثم اشتراها لم يكن عليه أن
يستبرئها وأجزتها تلك الحيضة
[في الرجل يخالع امرأته على الجارية أعليه استبراء]
(قلت) أرأيت ان خالع امرأته على جارية لها أيكون على الزوج الاستبراء (قال)
ان كانت الجارية محبوسه في بيته مع أهله لا تخرج لم أر عليه استبراء وان كانت تخرج
رأيت عليه الاستبراء (قلت) وكذلك لو وهبت امرأة لزوجها جارية (قال) هي بهذه
المنزلة وهذه المسألة التي قالها مالك أنه لا استبراء عليه إذا كانت لا تخرج
[في الأمة تشترى وهي في العدة]
(قلت) أرأيت ان اشترى جارية وهي في عدة من وفاة فمضى لها شهران وخمس
ليال ولم تحض حيضة أيصلح للمشترى أن يطأها في قول مالك (قال) لا يطؤها
حتى تحيض حيضة من بعد الشهرين والخمسة الأيام ان أحست من نفسها ريبة فإن لم تحض حتى مرت بها تسعة أشهر من يوم اشتراها ولم تحس شيئا فليطأها فإنها قد
خرجت من الريبة إلا أن تأتي التسعة الأشهر وهي مسترابة فلا يطؤها حتى تنسلخ
من الريبة وان انقطعت ريبتها قبل تمام التسعة الأشهر ومسها القوابل فلم يرين شيئا
فليطأها وقد روى عن مالك في التي تشترى وهي ممن تحيض فلما اشتريت ارتفعت
حيضتها أشهرا اختلاف (قال) قال مالك تستبرأ بتسعة أشهر رواه ابن وهب
وأشهب (قال سحنون) وان ابن غانم كتب بهذه المسألة إلى مالك فقال مالك
136

إذا مضت لها ثلاثة أشهر ودعى لها القوابل فقلن لا حمل بها فأرى أن استبراءها قد
انقضى وان لسيدها أن يطأها (قال أشهب) وقوله هذا أحبهما إلى وأحسنهما عندي
لان رحمها تبرأ بثلاثة أشهر كما تبرأ بتسعة أشهر لان الحمل يتبين في ثلاثة أشهر
وذلك الذي حمل كثيرا من أهل العلم على أن جعلوا استبراء الأمة إذا كانت
لا تحيض أو قد يئست من المحيض ثلاثة أشهر وفى قول الله عز وجل في عدة الحرائر
واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر (قلت) فان
اشتراها وهي في عدة من طلاق وهي ممن تحيض فارتفعت حيضتها فلم تدر لم
رفعتها (قال) أما في الطلاق فلا يطؤها حتى تنقضي السنة وهو انقضاء عدتها من
يوم طلق ويكون فيما استبرأها استبراء لرحمها فيما أقامت عنده وذلك ثلاثة أشهر
(قلت) أرأيت من اشترى امرأته بعد ما دخل بها أو قبل أن يدخل بها أعليه أن
يستبرئ في قول مالك قال لا (قال ابن وهب) قال مالك من ابتاع أمة وهي
في عدتها من وفاة أو طلاق فلا يجردها لينظر منها عند البيع ولا يتلذذ منها بشئ إذا
ابتاعها حتى تنقضي عدتها وهو قول ابن نافع أيضا (قال سحنون) لا مواضعة فيها
والمصيبة من المشترى
[في الرجل يطأ الجارية ثم يشترى أختها أو يتزوجها]
(قلت) أرأيت رجلا كان يطأ جاريته فاشترى أختها أله أن يطأ التي اشترى
ويكف عن التي كان يطأ في قول مالك (قال) قال مالك لا يطأ التي اشترى ولكن
يطأ التي كان يطأ فان حرم عليه فرج التي كان يطأ فلا بأس أن يطأ التي اشترى
ولا يطأ التي اشترى حتى يحرم عليه فرج التي كان يطأ (قلت) أرأيت ان
اشتريت جارية فوطئتها ثم اشتريت أختها فوطئتها أيصلح أن أطأ واحدة منهما في
قول مالك (قال) قال مالك لا يطأ واحدة منهما حتى يحرم عليه فرج واحدة منهما
فإذا حرم عليه فرج واحدة منهما وطئ الأخرى ان شاء كذلك بلغني عن مالك
(قال) لان مالكا قال لو أن رجلا اشترى جارية فوطئها ثم باعها ثم اشترى أختها
137

فكان يطؤها فأراد أن يشترى أختها التي كان يطأ ويقيم على وطئ هذه التي عنده
(قال مالك) لا بأس بذلك ولكن لا يرجع إلى التي اشترى حتى يحرم عليه فرج
هذه (قال) ثم قال مالك إذا وطئهما جميعا وكانتا عنده لم يصلح له أن يطأ واحدة
منهما حتى يحرم عليه فرج واحدة وقد بلغني ذلك عن مالك (قلت) أرأيت ان
اشتريت أختين صفقة واحدة إلى أن أطأ أيتهما شئت (قال) قال مالك نعم (قلت)
أرأيت ان كنت قد وطأتهما جميعا ثم بعتهما ثم اشتريتهما صفقة واحدة (قال مالك)
يطأ أيتهما شاء لان هذا ملك مبتدأ وقد كانتا قد حرمتا عليه حين باعهما (قلت)
فما حد التحريم للأخت الأولى من ملك اليمين في الوطئ إذا أراد أن يصيب
أختها (قال) التزويج والكتابة والعتق إلى أجل وكل ما يحرم الفرج وهي في ملكه
والبيع (قلت) فلو ظاهر منها (قال) لا يحرمها ألا ترى أنه يكفر من يومه
فيصيب والاحلال إليه (قلت) فلو حرمها بأن وهبها لابنه الكبير أو الصغير أو
لمملوكه أو ليتيمه وهو في حجره هل يكون ذلك محلا له أختها (قال) إذا كان إليه أن
يصيبها بشراء هو الحاكم في ذلك ليس له من يدفعه أو باعتصار فان هذا كله يرجع
إلى أنه يملك وطأها متى ما أراد وإن كان لعبده أن يطأها لان إلى سيده انتزاعها فتحل
له بلا مانع له وكذلك كل ما كان يفسخ في البيوع والنكاح مما ليس لهما أن يثبتا
عليه إذا شاء واحد منهما (قيل) له فلو كان البيع إنما يرد بالعيوب التي لو شاء صاحبها
أقام عليها ولم يرد (قال) إذا يمضى على وجه التحريم لان الراد لها كان لو شاء أقام
عليها وليس الرد بواجب لازم يغلبان عليه جميعا (قلت) لابن القاسم أرأيت ان
اشترى جارية فوطئها ثم اشترى أختها فوطئها ثم باع إحداهما وبقيت الأخرى عنده
فاشترى التي باع قبل أن يطأ التي بقيت عنده هل يكون له أن يطأ أيتهما شاء
(قال) لا يكون له أن يطأ الا التي بقيت عنده لأنه قد كان وطئها قبل أن يبيع
أختها وإنما منعناه من أن يطأ هذه التي اشترى لان أختها في ملكه وقد وطئها
أيضا فلما أخرج أختها من ملكه صارت له حلالا أن يطأها وقد كان وطئها قبل
138

ذلك وهي عنده قد وطئها فلما اشترى أختها لم يكن له أن يطأ المشتراة لان الباقية
في ملكه كانت له حلالا قبل أن يرتجع أختها وقد كان وطئها قبل أن يبيع أختها
فهي عنده على وطئه إياها (قلت) أرأيت ان كانت عندي أختان فوطئتهما جميعا ثم
زوجت إحداهما فلم أطأ الباقية التي لم أزوجها حتى طلق الزوج أختها قبل البناء (قال)
قال لي مالك يقيم على وطئ هذه التي لم يزوجها وإن كان زوج الأخرى قد طلقها قبل
البناء لان فرجها قد كان حرم عليه حين زوجها فبقيت أختها عنده حلالا وانظر
أبدا فإذا كانت عنده أختان أو جارية وعمتها أو جارية وخالتها فوطئ واحدة فان
الأخرى لا يطؤها حتى يحرم عليه فرج هذه فان وطئ الأخرى قبل أن يحرم فرج
الأولى فليمسك عنهما حتى يحرم واحدة منهما فان حرم الأولى فلا يطأ الأخرى
حتى يستبرئها بحيضة لان فرجها قد كان حراما عليه للتي كان يطأ قبلها فلما حرم
الأولى قيل له لا تصب ماءك الطيب على الماء الفاسد الذي كان الوطئ به غير جائز
فان حرم الآخرة التي وطئ آخرا فليطأ الأولى ولا يستبرئها لأنه فيها على وطئه
الأول ولان ماءه الأول كان صبه بما يجوز له وإنما منعناه منه لمكان ما دخل من
الوطئ الآخر لما نهى عنه من الجمع بين الأختين بكتاب الله تعالى وبين المرأة وعمتها
بسنة رسول الله صلى عليه وسلم فإذا حرم الآخرة جاز له أن يطأ الأولى مكانه لان
ماءه الأول كان جائزا له (قلت) لابن القاسم فإن كان وطئهما جميعا ثم باع إحداهما
بيعا فاسدا أو زوج إحداهما تزويجا فاسدا أيصلح له أن يطأ أختها (قال) أما في
التزويج إذا كان التزويج فاسدا لا يقيم عليه على حال فلا أرى أن يطأ الثانية التي
عنده وإن كان بيعا فاسدا فلا يطأ التي بقيت عنده حتى تفوت التي باع فإذا فاتت
ولم يكن للمشترى أن يردها فليطأ التي عنده (قلت) أرأيت ان أبقت إحداهما
وقد كنت وطئتهما جميعا أو أسرها أهل الحرب (قال) لم أسمع من مالك في هذا
شيئا فإن كان إباقها إباقا قد يئس منها فيه فليطأ أختها وأما التي أسرها العدو فأراها
قد فاتت فليطأ أختها (قلت) أرأيت ان اشترى جارية فوطئها ثم تزوج أختها (قال)
139

لم أسمع من مالك في هذأ شيئا ولا يعجبني هذا النكاح لان مالكا قال لا يجوز
للرجل أن ينكح الا في موضع يجوز له فيه الوطئ وقال أيضا أن تزوج كان تزويجه
جائزا وأوقفته عن الوطئ في النكاح وفى الملك فيختار فاما طلق واما حرم فرج
الأمة فأي ذلك فعل جاز له حبس الباقية. وقد اختلف فيها وقد قال أشهب إن كان
النكاح قبل وطئ الأخرى لم يضر النكاح وحرمت الأمة وثبت على النكاح
وإن كان وطئ الأمة ثم تزوج الأخت بعدها فعقد النكاح تحريم للملك فيكون
النكاح جائزا وهو تحريم للأمة. وقد قال بعض كبار أصحاب مالك منهم عبد الرحمن
وسئل عن الجمع بين الأختين من ملك اليمين أو جمعهما بنكاح وملك فقال إذا كان
يصيب المملوكة فليس له أن ينكح أختها إلا أن يحرمها قبل النكاح لان النكاح
لا يكون الا للوطئ (قيل) له فلو كان يصيبها ثم اشترى أختها (قال) له أن يشتريها
قبل أن يحرم التي كان يصيب لأن الشراء يكون لغير الوطئ ولان النكاح لا يكون
الا للوطئ فهو مثل ما لو أراد أن يصيب أمة قد كانت عنده عمتها يصيبها قبل أن
يحرمها فكما لا يصيب الأخرى من ملك اليمين حتى يحرم الأولى فكذلك لا
يتزوج الأخرى حتى يحرم الأولى لان النكاح لا يجوز على عمة قد كان يصيبها بملك
اليمين كما لا يجوز الوطئ لامة على عمتها قد كانت تصاب بملك اليمين فصار النكاح
في المنكوحة على أخت مثل الوطئ بملك اليمين على عمة قد وطئت (قيل) له فلو
تزوج على أمة قد كان يصيب أختها وهو يصيبها بملك اليمين هل يكون له ان هو
حرم أختها الأولى التي كان يصيب بملك اليمين أن يثبت على هذا النكاح الذي
نكح قبل التحريم (قال) لا لأنه إنما يفسخ بالتحريم تحريم نكاح الأخت على أختها
لان الجمع بين الأختين في ملك اليمين بالوطئ إنما يقاس على ما نهى الله عنه من
الأختين في جمع النكاح فكما لا ينعقد النكاح في أخت على أختها فكذلك لا ينعقد
النكاح في أخت على أخت توطأ بملك اليمين (وقد) قال علي بن أبي طالب في رجل له
جاريتان أختان وقد ولدت منه إحداهما ثم إنه رغب في الأخرى فأراد أن يطأها
140

فقال على يعتق التي كان يطؤها ثم يطأ الأخرى ان شاء (قال) ثم قال علي يحرم عليك
من الملك ما يحرم عليك في كتاب الله من النساء ويحرم عليك من الرضاعة ومن
الأحرار ومن ملك يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب. وقد كره الجمع
بين الأختين في الملك عثمان بن عفان والزبير بن العوام والنعمان بن بشير صاحب
النبي صلى الله عليه وسلم (وقال ابن شهاب) لا يلم بالأخرى حتى يعتقها أو يزوجها
أو يبيعها وقاله يحيى بن سعيد وابن قسيط (وقال) ابن أبي سلمة حتى يبيعها أو ينكحها
أو يهبها لمن لا يجوز له أن يعتصرها منه (وقال ابن عمر) لا يطأ حتى تخرج الأخرى
من ملكة
[في استبراء الأمة يبيعها سيدها وقد وطئها]
(قلت) أرأيت ان بعت جارية وقد كنت أطؤها أكان مالك يأمر بائعها أن يستبرئها
قبل أن يبيع (قال) لا يبيعها إلا أن يستبرئها أو يتواضعاها على يدي امرأة لتستبرأ
(قلت) فان وضعاها على يدي امرأة لتستبرأ أتجزئهما هذه الحيضة البائع والمشترى
جميعا (قال) قال مالك نعم تجزئهما هذه الحيضة (قال مالك) ولو أن رجلا اشترى جارية
فوضعاها على يدي رجل لتستبرأ له فحاضت فسألت الذي وضعت على يديه أن يوليه
إياها ولم تخرج من يديه كان ذلك له استبراء في شرائه ويطؤها ويجزئه الاستبراء
الذي استبرئت عنده (وقال مالك) ولو أن جارية كانت بين رجلين فكانت على يدي
أحدهما فحاضت عنده ثم اشتراها من شريكه أجزأه ذلك من الاستبراء ووطئها
[ما جاء في استبراء الأمة يبيعها سيدها وقد اشتراها]
(قلت) أرأيت ان اشترى رجل جارية وهو يريد بيعها فاستبرأها قبل أن يبيعها
عنده ثم باعها أيجزئ ذلك الاستبراء البائع (قال مالك) لا يجزئه ذلك الاستبراء ولا
بد لها من أن توضع للاستبراء للمشترى (قال مالك) وان كانت من الجواري المرتفعات
141

لم يبعها بالبراءة من الحمل وإن كان قد استبرأ لنفسه فلا تنفعه البراءة من الحمل وان
قال قد استبرأت لنفس وان كانت من وخش الرقيق فباعها وقد استبرأها أو لم
يستبرئها إذا لم يكن يطؤها فباعها بالبراءة من حمل إن كان بها ان ذلك جائز وهو
برئ من الحمل ان ظهر بها
[في استبراء الأمة تشترى من المرأة أو الصبي]
(قلت) أرأيت الجارية إذا كان مثلها يوطأ فكانت لرجل لم يطأها أو كانت لامرأة
أو صبي فباعوها أيتواضعانها للاستبراء أم لا (قال) قال مالك يتواضعانها للاستبراء
إذا كان مثلها يوطأ ولا يلتفت في ذلك إلى سيدها وطئ أم لا وإن كان صبيا أو كانت
امرأة فالاستبراء لازم للجارية على كل حال إذا كان مثلها يوطأ وتستبرأ (قلت)
أرأيت ان اشتريت جارية من امرأتي أو من ابن لي صغير في حجري أيكون على
الاستبراء في قول مالك (قال) قال مالك ان كانت جارية لا تخرج وهي في بيت
الرجل فلا أرى عليه الاستبراء وهي مثل المستودعة عنده (قلت) فإن كانت
تخرج في حوائجهم إلى السوق أيجب عليه استبراء إذا اشترى من ابنته أو من امرأته
(قال) عليه الاستبراء (قلت) فإن كانت الجارية التي عنده تخرج إلى السوق فان
اشتراها بعد ما حاضت عنده أيكون عليه الاستبراء (قال) نعم عليه الاستبراء لأنه سئل
الرجل يبضع مع رجل في جارية يشتريها له من بلد فبعث بها إليه فحاضت في الطريق
قبل أن تصل إليه (قال مالك) لا يطؤها حتى يستبرئ لنفسه وهو قول مالك
في الجارية المستودعة ان حيضتها عند الذي استودعها لا تجزئه إلا أن تكون جارية
لا تخرج وهي محبوسة في بيته
[النقد في الاستبراء]
(قلت) أرأيت إذا اشترى الرجل الجارية وهي ممن تستبرأ أيصلح له أن يشترط
142

النقد فيها أم لا (قال) قال مالك إذا اشترط النقد فيها فالبيع مفسوخ (قلت)
فان اشترطا أن يتواضعا النقد على يدي رجل أيجوز ذلك في قول مالك أم لا
(قال) نعم قال مالك ذلك جائز (قال) فقلت لمالك فان هلك الثمن قبل أن
تخرج الجارية من الاستبراء ممن يكون الثمن (قال) ان خرجت من الحيضة كان
الثمن من البائع وان ماتت أو ألفيت حاملا كان الثمن من المشترى لأنه إذا تم البيع
فالبائع قابض للثمن لان الثمن أنما وضع له وإذا لم يتم البيع فالثمن للمشترى لان
الجارية لم تجب له فالمال له (قلت) فهل يصلح في هذا إذا جعلاها على يدي المشترى
أن يشترط النقد (قال) لا يصلح وان اشترط النقد في هذا كان البيع مفسوخا
(قلت) فإن لم يشترط النقد ونقده المشترى الثمن في أيام الاستبراء أيجوز ذلك في
قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا بأس بذلك إذا كان بغير شرط
[في استبراء الصغيرة والكبيرة التي تحيض والتي]
[لا تحيض من صغر أو كبر]
(قلت) أرأيت ان كانت لا تحيض من صغر أو كبر ومثلها يوطأ فاشتراها رجل
(قال) قال مالك يستبرئها بثلاثة أشهر (قلت) فإن كانت ممن تحيض (قال) قال
مالك يستبرئها بحيضة (قلت) فإن كانت ممن تحيض فارتفعت حيضتها أشهرا
كيف يصنع في قول مالك (قال) قال مالك لا يطؤها المشترى حتى تمضى لها ثلاثة
أشهر إلا أن ترتاب فان ارتابت رفع بها إلى تسعة أشهر فإن لم تحض ولم يتبين بها حمل
وطئها مكانه وليس عليه بعد التسعة الأشهر شئ إلا أن ترتاب بحمل فان ارتابت
بحمل لم توطأ حتى تستبرأ من تلك الريبة فان انقطعت عنها الريبة بعد الثلاثة الأشهر
فمتى ما انقطعت أصابها سيدها ولم ينتظر بها تسعة أشهر (ابن وهب) عن عبد
الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كأن يقول فيمن اشترى أمة انه لا يقربها حتى
تستبرأ بحيضة (قال) وسمعت سفيان الثوري يحدث عن فراس بن يحيى عن
143

عامر الشعبي عن علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود أنه قال تستبرأ الأمة
إذا بيعت بحيضة (وقاله) القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وفضالة بن عبيد صاحب
النبي صلى الله عليه وسلم وابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن
وعطاء (وقال) ابن شهاب وهي السنة (وقال ربيعة) ان النكاح إنما استبراؤه بعد
الايطاء (1) والدخول على المنكوحة أمانة لأنه إنما أحل نكاحها لأنها محصنة فليس
مثلها يوقف على الريبة وان المملوكة التي تشترى حيضتها حيضة واستبراؤها سنة فلا
تتفق المنكوحة والتي تباع (وقال) لي مالك لا تستبرأ الأمة في النكاح (قال)
وقال مالك استبراء أرحام الإماء اللائي لم يبلغن المحيض واللائي يئسن من المحيض ثلاثة
أشهر أمر الناس على ذلك عندنا وهو مع ذلك أعجب ما سمعت إلى وان كانت تحيض
فحيضة (قال ابن وهب) وقاله عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وابن شهاب
ويحيى بن سعيد وربيعة وبكير بن الأشج وغيرهم من أهل العلم
[في استبراء المريضة]
(قلت) أرأيت ان اشتريت جارية فتواضعناها للاستبراء فأصابها في الاستبراء
مرض وارتفعت حيضتها من ذلك المرض فرضى المشترى أن يقبلها بذلك المرض
متى يطأ المشترى في قول مالك (قال) قول مالك لا يطؤها المشترى إذا رفعتها حيضتها
الا بعد ثلاثة أشهر فالمرض وغير المرض يدخل في قول مالك هذا (قلت) وكل
شئ أصابها في أيام الاستبراء من مرض أو عيب أو داء يكون ذلك عند الناس عيبا
أو نقصانا في الجارية فللمشتري أن يردها ولا يقبلها في قول مالك (قال) نعم إلا أن يحب أن يقبلها بذلك العيب فان رضى أن يقبلها بذلك العيب وقال البائع لا أدفعها
إليك إذا كان لك لو وجدت بها عيبا أن تردها على فليس لك أن تختار على (قال)
ذلك إلى المشتري ان أحب أن يأخذها أخذها وليس للبائع في هذا حجة وان

(1) (الايطاء) كذا بالأصل وكتب بهامشه يريد بعد أن أبيح وطؤها اه‍
144

أحب أن يترك ترك
[في وطئ الجارية في أيام الاستبراء]
(قلت) أرأيت الرجل يشترى الجارية أيصلح له أن يقبل أو يباشر في حال
الاستبراء (قال) قال مالك لا يتلذذ منها في حال الاستبراء بقبلة ولا بجس ولا بنظر
ولا بشئ إلا أن ينظر على غير وجه التلذذ فلا بأس بذلك (قلت) أرأيت من
اشترى جارية فوطئها في حال الاستبراء ثم حاضت فصارت له أترى أن ينكله
السلطان بما صنع من وطئه إياها في أيام الاستبراء (قال) نعم إلا أن يعذر بالجهالة
(قلت) أرأيت ان اشترى رجل جارية وهي بكر فوطئها في حال الاستبراء فأصابها
عيب في حال الاستبراء ذهاب عين أو ذهاب يد أو عمى أو داء فأراد المشترى أن
يردها (قال) له أن يردها ويرد معها ما نقصها الوطئ (قلت) ولا يكون عليه
العقر (1) في قول مالك (قال) لا لأنها سلعة من السلع فإنما عليه ما نقصها الوطئ فإن لم
ينقصها الوطئ فلا شئ عليه (قلت) وكذلك في قول مالك ان اغتصب رجل جارية
فوطئها كانت بكرا أو ثيبا فإنما عليه ما نقصها قال نعم (قلت) ولا يعرف مالك
الصداق قال لا (الليث) عن يحيى بن سعيد أنه حدثه قال من اشترى جارية قد
بلغت المحيض فلا ينبغي له أن يطأها حتى تحيض ولا يقبلها ولا يتلذذ بشئ من أمرها
فإذا اشتريت الجارية التي قد عركت (2) لم توطأ حتى تعرك فان ماتت قبل ذلك كانت
من البائع وليس للمشترى أن يقبلها ولا يغمزها ولا ينظر إليها تلذذا (ابن لهيعة)
عن خالد بن يزيد عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل اشترى جارية حبلى هل
يباشرها في ثوب واحد (قال) ما أحب أن يفعل (مسلمة بن علي) عن هشام بن
حسان عن محمد بن سيرين قال لا يضع يده عليها حتى تضع وقاله الأوزاعي (قال)

(1) (العقر) بضم العين المهملة وسكون القاف هو دية الفرج المغصوب وصداق المرأة كما في
القاموس اه‍ (2) (قد عركت) في القاموس عركت المرأة عركا وعراكا بفتحهما وعروكا حاضت
كأعركت اه‍
145

ابن وهب وابن نافع عن مالك من ابتاع أمة حبلى أو كانت له أمة حامل من غيره
فلا يحل له وطؤها كان حملها ذلك عنده أو عند غيره من زوج أو زنا ولا ينبغي له
أن يباشرها ولا يقبلها ولا يغمزها ولا يجسها ولا يجردها للذة حتى تضع حملها (قال)
وان بيعت الجارية بالبراءة حاملا أو غير حامل فلا يقبل ولا يباشر ولا يتلذذ
لا قبل أن يتبين حملها ولا بعد حتى تضع
[في وطئ الجارية في أيام الاستبراء ثم تأتي بولد]
(قلت) أرأيت ان وطئها في حال الاستبراء ثم جاءت بولد وقد كان البائع وطئها أيضا
كيف يصنع بهذا الولد (قال) قال مالك أرى أن القافة تدعى له إذا ولدته لأكثر من
ستة أشهر من يوم وطئها المشترى فإن كان ولدته لأقل من ستة أشهر من يوم
وطئها المشترى فالولد للبائع إذا أقر بالوطئ وينكل المشترى في ذلك كله حين
وطئ في حال الاستبراء وإن كان البائع أنكر الوطئ فالولد ولد الجارية لا أب له
إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من يوم وطئها المشترى ويكون للمشترى أن يردها
ولا يكون عليه للوطئ غرم وعليه العقوبة إلا أن يكون نقصها وطؤه (قلت) فإن كانت الجارية بكرا فافتضها المشترى في حال الاستبراء فجاءت بالولد لأقل من ستة
أشهر (قال) لا أب له وهي وولدها للأول إلا أن يقبلها المشترى فذلك له إلا أن
يكون البائع أقر أن الولد ولده فينقض البيع ويكون الولد ولده والجارية أم ولد له
(قلت) أرأيت ان قال البائع قد كنت أفخذتها ولكن لم أنزل الماء فيها وليس الولد
ولدى أيكون ذلك له أم لا (قال) ذلك له ولا يلزمه الولد (قلت) أرأيت هذه
التي وطئ المشترى في حال الاستبراء فجاءت الجارية بولد لأكثر من ستة أشهر
فألحقت القافة الولد بالمشترى أتصير أم ولد بهذا الولد في قول مالك قال نعم
(قلت) أرأيت ان باع رجل جارية وأقر بأنه كان يطؤها ولا ينزل فيها فجاءت
بولد لما يجئ به النساء من يوم وطئها سيدها (قال) قال لي مالك يلزمه الولد ولا
146

ينفعه أن يقول كنت أعزل عنها (وقال أشهب) قد نزل مثل ذلك على عهد
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل انى كنت أعزل عنها فقال له
صاحب (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أن الوطئ ينفلت وألحق به الولد
ذكره أشهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن صاحب رسول الله صلى الله
عليه وسلم بهذا
(تم كتاب الاستبراء بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويتلوه كتاب العتق الأول وبه يتم الجزء السادس)

(1) قال ابن وضاح هو عمرو بن العاص اه‍ من هامش الأصل
147

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي
عن الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
(الجزء السابع)
(أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل)
(حقوق الطبع محفوظة للملتزم)
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
(تنبيه)
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف اثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة اه‍
(طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 هجرية)
149

بسم الله الرحمن الرحيم
[كتاب العتق الأول من المدونة الكبرى]
[في العتق]
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت التدبير والعتق بيمين أمختلف هو (قال) نعم
لان العتق بيمين إذا حنث عتق عليه إلا أن يكون جعل حنثه بعد موت فلان أو
بعد خدمة العبد إلى أجل كذا وكذا فيكون ذلك كما قال (قلت) والعتق عند
مالك واجب لأنه شئ قد أنفذه وبتله والتدبير واجب لأنه ايجاب أوجبه على
نفسه واليمين في العتق لازمة والوصية بالعتق عدة ان شاء رجع فيها (قال) نعم هذا
كله عند مالك كذلك (قلت) أرأيت ان قال لله علي عتق رقيقي هؤلاء أيجبر
على عتقهم أم لا (قال) لا يجبر على عتقهم ان شاء أعتقهم وان شاء حبسهم (قلت)
وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي (قلت) وكان مالك يرى ذلك على سيدهم أن
يفي بما وعد من ذلك (قال) نعم كان يرى ذلك عليه (قلت) فإذا كان يرى ذلك
عليه واجبا لم لا يعتقهم عليه (قال) إنما هذه عدة جعلها لله من عمل البر فلا يجبر على
فعل ذلك ولكنه يؤمر بذلك وإنما الذي يعتقه عليه السلطان عند مالك أن لو كانت
يمينه بعتقهم فحنث فيها أو أبت عتقهم بغير يمين فأما إذا كان نذرا منه أو موعدا
فإنما يؤمر بأن يفي ولا يجبر على ذلك
[في الرجل يقول للعبد ان اشتريتك فأنت حر ثم يشترى]
[بعضه أو يشتريه شراء فاسدا]
(قلت) أرأيت ان قال لعبد ان اشتريتك فأنت حر فاشترى بعضه (قال) يعتق عليه
150

كله عند مالك ويقوم عليه نصيب شركائه لان مالكا قال من قال كل مملوك لي حر
وله أنصاف مماليك فإنه يعتق عليه ما بقي منهم (قلت) أرأيت ان قلت إن ملكت
فلانا فهو حر فملكت نصفه (قال) هو حر ويقوم عليك ما بقي (قلت) أرأيت ان
قلت إن اشتريت فلانا فهو حر فاشتريته بيعا فاسدا (قال) قال مالك من اشترى
عبدا بيعا فاسدا فأعتقه جاز عتقه فكذلك هذا يعتق عليه ويرد الثمن ويرجعان
إلى القيمة فيكون عليه قيمة العبد (وقال) مالك إذا اشترى رجل عبدا بثوب فأعتق
العبد واستحق الثوب فإنه يرجع على بائع الثوب بقيمة العبد (قلت) أرأيت ان
قال لامة ان اشتريتك فأنت حرة أتعتق عليه في قول مالك إذا اشتراها قال نعم
[الرجل يقول للعبد ان بعتك فأنت حر ثم يبيعه]
(قلت) أرأيت ان قال الرجل لعبده ان بعتك فأنت حر فباعه (قال) قال مالك
يعتق علي البائع ويرد الثمن (قلت) فان قال رجل لرجل ان اشتريت عبدك
فلانا فهو حر وقال سيده وان بعتكه فهو حر فباعه سيده من الحالف (قال) قال
مالك هو حر من الذي قال إن بعتك (قلت) لم (قال) لان الحنث قد وقع والبيع
معا وقد كان مرهونا باليمين قبل البيع بما عقد فيه قبل أن يبيعه (قال ابن القاسم)
وحدثني ابن أبي حازم ان ربيعة كأن يقول هو مرتهن بيمينه (ابن وهب) عن
سهل بن أبي حاتم عن قرة بن خالد قال سئل الحسن البصري عن رجل قال لمملوكه
ان بعتك فأنت حرا فباعه (قال) هو حر من مال البائع (أشهب) عن ابن
الدراوردي عن عثمان بن ربيعة عن ربيعة أنه قال يعتق لأنه كان مرتهنا باليمين
قبل البيع (ابن وهب) وقال إبراهيم النخعي وقتادة في الذي يقول إن بعت غلامي
فهو حر فباعه فهو حر (سحنون) عن ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن
ابن أبي ليلى وابن شبرمة قالا إذا قال الرجل يوم أشتري هذا الغلام أو أبيعه فهو
151

حر قالا إن اشتراه أو باعه فهو حر على ما قال (فقيل) لابن شبرمة لم يقل ذلك في
البيع (فقال) أليس يقول إذا مت فغلامي حر فهو مثله
[في الرجل يقول كل مملوك لي حر وله مكاتبون]
[ومدبرون وأنصاف مماليك]
(قلت) أرأيت ان قال كل مملوك لي حر لوجه الله وله مكاتبون ومدبرون وأمهات
أولاد أيعتقهم مالك عليه أم لا (قال) قال مالك هم أحرار كلهم (قلت) أرأيت ان
قال كل مملوك لي حر البتة وله نصف مملوك أيعتق عليه أم لا (قال) قال مالك يعتق
عليه (قلت) ويقوم عليه بقيته إذا كان موسرا في قول مالك (قال) قال لي مالك
نعم (قلت) أرأيت ان قال كل مملوك لي حر وله شقص في مملوك أيعتق عليه ذلك
الشقص في قول مالك (قال) نعم ويقوم عليه شقص صاحبه إن كان له مال (قلت)
أرأيت ان قال كل مملوك لي حر وله مماليك ولمماليكه مماليك (قال) قال مالك لا يعتق
عليه الا مماليكه ويترك مماليك مماليكه في يدي مماليكه الذين أعتقوا يبيعونهم رقيقا
لهم (قلت) وكذلك أن كان للمماليك أمهات أولاد لم يعتقوا وكانوا تبعا لهم في قول
مالك قال نعم (قلت) فإن كان للمماليك أولاد من أمهات أولادهم (فقال) يعتقون
عند مالك لان الأولاد ليسوا بملك لآبائهم إنما هم ملك للسيد ويعتقون كانوا
ولدوا قبل حلفه أو بعد حلفه (قلت) أرأيت ان قال إن كلمت فلانا فكل مملوك
لي حر وعنده مكاتبون وأمهات أولاد ومدبرون وأشقاص من عبيد فكلمه (قال)
قال لي مالك يحنث فيهم كلهم ويعتقون عليه ويقوم عليه بقية العبيد الذين له فيهم
الشقص إن كان موسرا
[في الرجل يقول لمملوك غيره أنت حر من مالي ولجارية غيره]
[أنت حرة ان وطئتك]
(قلت) أرأيت الرجل يقول لعبد لا يملكه أنت حر من مالي (قال) لا يعتق
152

عليه (قال) قال مالك وان قال سيده أنا أرضى أن أبيعه منك فإنه لا يعتق عليه
وإنما يعتق عليه عند مالك إذا قال إن اشتريتك أو ملكتك فأنت حر فهذا
الذي ان اشتراه أو ملكه فهو حر عند مالك (قلت) أرأيت ان قال لامة
لا يملكها ان وطئتك فأنت حرة فاشتراها فوطئها (قال) هذه لا تعتق عليه إلا أن يكون أراد بقوله ان وطئتك أي ان اشتريتك فوطئتك فأنت حرة فان أراد هذا
فهي حرة كما أراد وإن لم يرد هذا فلا تعتق عليه (قلت) وكذلك أن قال لها ان
ضربتك فأنت حرة وهي في ملك غيره (قال) هذا والأول سواء فيما فسرت لك
(ان وهب) عن ابن أبي الزناد عن أبيه أنه قال في رجل قال لعبد رجل أنت حر
في مالي ان ذلك باطل وليس ذلك بشئ
[في الرجل يقول كل مملوك أملكه فهو حر]
(قلت) أرأيت ان قال كل مملوك أملكه فيما أستقبل فهو حر (قال) لا شئ عليه
(قال) وقال مالك وان قال كل عبد أشتريه فهو حر فلا شئ عليه فيما اشترى
من العبيد (قال) وقال مالك ولو قال كل جارية أشتريها فهي حرة فلا شئ عليه فيما
اشترى من الجواري (قال) وقال مالك إلا أن يسمى جارية بعينها أو عبدا بعينه أو
جنسا من الأجناس (قال مالك) وهذا مثل الطلاق إذا قال كل جارية أو قال كل
عبد أو قال كل مملوك فهو بمنزلة من قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق (قلت)
وكذلك أن كان حلف بهذا وعنده رقيق فان له أن يشترى ولا يعتقون عليه في قول
مالك قال نعم (قلت) وهو بمنزلة يمينه في الطلاق إذا حلف بطلاق كل امرأة
يتزوجها وعنده أربع نسوة حرائر كان له أن يتزوج ان طلقهن أو طلق واحدة
منهن كان له أن يتزوج وكانت يمينه باطلا في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت
ان قال كل عبد أملكه فيما أستقبل فهو حر (قال) قال مالك لا تلزمه هذه اليمين
وليس بشئ (قال) وقال مالك وإذا قال كل عبد أملكه فهو حر أو قال كل جارية
أشتريها فهي حرة فلا شئ عليه لأنه قد عم الجواري وعم الغلمان فلا يلزم هذا هذه
153

اليمين. وذكر ذلك مالك عن ابن مسعود أنه كأن يقول من قال كل امرأة أتزوجها
فهي طالق أو كل جارية أبتاعها فهي حرة أو كل عبد أبتاعه فهو حر قال ابن مسعود
لا شئ عليه إلا أن يسمى امرأة بعينها أو قبيلة أو فخذا أو جنسا من الأجناس أو
رأسا بعينه (قلت) أرأيت ان قال إن دخلت هذه الدار أبدا فكل مملوك أملكه
فهو حر فدخل الدار (قال) لا يلزمه الحنث إذا حنث الا في كل مملوك كان عنده
يوم حلف وهذا قول مالك (قال) فقلت لمالك فلو أن رجلا قال كل مملوك
أملكه فهو حر لوجه الله ان تزوجت فلانة ولا رقيق له فأفاد رقيقا ثم تزوجها بعد
ذلك (قال) فلا شئ عليه فيما أفاده بعد يمينه قبل تزويجها ولا بعد تزويجها (وقال
أشهب) إذا قال إن دخلت هذه الدار فكل مملوك أملكه أبدا فهو حر فدخل
الدار (قال) لا يلزمه الحنث إذا حنث في كل مملوك عنده لأنه لما قال كل مملوك
أملكه أبدا علم أنه أراد الملك فيما يستقبل ألا ترى أنه لو قال كل مملوك أملكه
أبدا أو كل امرأة أتزوجها أبدا وله مماليك وله زوجة أنه لا شئ عليه فيما في يديه
فكذلك إذا حلف (قال سحنون) أخبرني ابن وهب عن عبد الجبار عن ربيعة
أنه قال إذا قال الرجل كل امرأة أنكحها فهي طالق ان ذلك لا شئ عليه إلا أن
يسمى امرأة بعينها أو قبيلتها أو قريتها فان فعل ذلك جاز عليه (ابن وهب) عن
يونس عن ربيعة بنحو ذلك في الطلاق والعتاق (قال ربيعة) وان ناسا يرون ذلك
بمنزلة التحريم إذا جمع تحريم النساء والأرقاء ولم يجعل الله الطلاق الا رحمة ولا العتاقة
الا أجرا فكان في هذا كله هلكة من أخذ به
[في الرجل يحلف بعتق كل مملوك يملكه من جنس من الأجناس]
[أو يسميه إلى أجل من الآجال]
(قلت) فلو قال كل مملوك أملكه من الصقالبة أو من الأتراك أو من البربر أو من
الفرس أو من مصرا أو من الشام فيما يستقبل فهو حر (قال) هذا يلزمه لأنه قد سمى
جنسا أو موضعا ولم يعم فيلزمه هذا عند مالك (قلت) أرأيت ان قال كل مملوك
154

أشتريه من مصر فهو حر فأمر غيره فاشتراه له أيعتق عليه في قول مالك (قال) نعم
يعتق عليه لأنه إذا اشترى بأمره فكأنه هو الذي اشتراه (قلت) أرأيت ان قال
كل مملوك أشتريه من الصقالبة فهو حر فوهب له عبد صقلبي على ثواب أيعتق عليه
أم لا في قول مالك (قال) قال مالك الهبة للثواب بيع من البيوع فإذا كان بيعا عتق
عليه (قلت) ومتى يكون حرا إذا قبله للثواب أو إذا دفع الثواب (قال) إذا قبله
للثواب فهو حر ساعتئذ قبل أن يدفع الثواب ويجبر على دفع الثواب إذا كانوا قد
سموا الثواب وان كانوا لم يسموا الثواب فهو حر ويكون عليه قيمة العبد إلا أن
يرضى بدون القيمة من الثواب لان الهبة للثواب عند مالك بيع من البيوع فإذا قبله
للثواب عتق عليه فإذا عتق عليه فقد استهلكه فعليه قيمته وهذا رأيي (قلت)
أرأيت ان قال كل مملوك أشتريه من الصقالبة فهو حر فوهب له عبد صقلبي لغير
الثواب أو تصدق به عليه أو أوصى له به أو ورثه أيعتق أم لا في قول مالك (قال) قال
مالك إن كان أراد الابتياع من الصقالبة إنما أراد بيمينه أن لا يشترى ولم يرد بيمينه الملك
فإنه لا يعتق عليه وإن كان أراد بيمينه الملك حين قال كل مملوك أشتريه من الصقالبة
أراد أن كل مملوك يملكه من الصقالبة فهو حر فورثه أو أوصى له به أو وهب له أو
تصدق به عليه فهو حر ولا يلتفت إلى قوله كل مملوك أشتريه إذا كان أراد بذلك
الملك (قلت) فإن لم تكن له نية في شئ وكانت يمينه مسجلة (1) (قال) فلا شئ
عليه وهو على الاشتراء أبدا كما حلف حتى يريد الملك ويكون ذلك هو الذي نوى
(قلت) أرأيت ان قال إن كلمت فلانا أبدا فكل مملوك أملكه من الصقالبة فهو
حر (قال) فذلك عليه عند مالك إذا كلم فلانا فكل مملوك يملكه بعد ذلك من
الصقالبة فهو حر (قلت) فان اشترى بعد يمينه وقبل أن يكلمه عبيدا من
الصقالبة ثم كلمه بعد الشراء (قال) فهم أحرار إلا أن يكون أراد بيمينه كل مملوك
أملكه بعد حنثي فهو حر فذلك على ما نوى إذا كان ذلك الذي نوى وأراد

(1) (مسجلة) أي مطلقة بدون تقييد من أسجل الامر إذا أطلقه اه‍ كتبه مصححه
155

(قلت) فان قال كل مملوك أملكه إلي ثلاثين سنة فهو حر (قال) هذا يلزمه عند
مالك لأنه قد وقت له
[في الرجل يحلف بعتق عبده ان كلم رجلا فيبيعه أو يكاتبه]
[ثم يكلمه ثم يشتريه بعد ذلك]
(قلت) أرأيت ان قال إن كلمت فلانا فعبدي حر فباعه ثم كلم فلانا ثم اشتراه ثم
كلم فلانا (قال) قال مالك يحنث هاهنا (قلت) لم (قال) لأنه لم يحنث بالكلام
الأول حين كلمه وهو في غير ملكه وإنما يحنث فيه إذا كلمه وهو في ملكه (قال)
فقلت لمالك فلو فلس فباعه عليه السلطان ثم أيسر يوما ما فاشتراه فكلمه (قال)
يحنث وليس بيع السلطان إياه مما يخرجه من يمينه قال مالك وبيعه وبيع السلطان
واحد (قال مالك) وان كلم فلانا المحلوف عليه بعد ما ورث العبد انه لا يحنث
(قلت) فلو حلفت بعتقه أن لا أكلم فلانا فبعته ثم كلمت فلانا ثم وهب لي العبد
أو تصدق به على فكلمته (قال) هو حانث (قلت) فما فرق ما بين الميراث في
هذا الوجه وبين الشراء والصدقة أو الهبة (قال) قال مالك لان الميراث لم يجره
هو نفسه ولكن الميراث جر العبد إليه وهذه الأشياء كلها هو جرها إلى نفسه ولو
شاء أن يتركها تركها (قلت) أرأيت ان قال لعبده ان كلمت فلانا فأنت حر
فكاتبه ثم كلم فلانا (قال) يعتق عليه لان مالكا قال لي من حلف بعتق رقيقه
فحنث دخل في ذلك المكاتب والمدبر وأمهات الأولاد والإماء والعبيد فكل
هؤلاء يعتق عليه (قلت) فان كاتبه وعبدا آخر معه كتابة واحدة ثم كلم السيد
فلانا أيعتق هذا الذي كان حلف بعتقه (قال) لا أرى العتق جائزا إلا أن يجيزه
صاحبه لأنه لو ابتدأ عتق أحدهما الساعة لم يجز إلا أن يجيز ذلك صاحبه فيجوز
فكذلك مسألتك لأنه إنما أعتق بكلام مولاه حين كلم المحلوف عليه فهو بمنزلة الابتداء
(قال) وقال مالك ولو أن رجلا حلف أن لا يكلم رجلا بعتق رقيقه فباعهم فوقع
منهم أحد عند والده أو عند أخ له فمات فبيع في ميراثه فاشترى منهم رأسا ثم كلم
156

صاحبه (قال) مالك إن كان الرأس الذي اشترى هو أكثر من قدر ميراثه عتق
عليه كله ان كلمه وإن كان أقل من ذلك رجع رقيقا وان فضل عن قيمة هذا الرأس
فلا حنث عليه (قال مالك) لأنه عندي بمنزلة المقاسمة (قال ابن القاسم) ولو أن رجلا
حلف بعتق رقيقه أن لا يكلم فلانا فباعهم ثم ورثهم ولم يكن كلم فلانا حتى ورثهم ثم
كلمه فلا حنث عليه وهو قول مالك (وقد) قال غيره من كبار أصحاب مالك في الذي
يحلف أن لا يكلم رجلا بعتق غلام له ثم يبيعه عليه السلطان في الدين ثم يشتريه انه بمنزلة
الميراث أن لو باعه ثم ورثه لأنه يرى أن بيع السلطان له في الدين ليس مثل بيعه للذي
يتهم عليه من بيعه هو من قبل نفسه ثم يعيده إليه ليخرج من يمينه
[في الرجل يحلف بحرية شقص له في عبد أن لا يدخل الدار]
[فيشترى الشقص الآخر فيدخل الدار أو يبيع ذلك الشقص]
[ويشترى الشقص الآخر ثم يدخل الدار]
(قلت) أرأيت ان حلفت بحرية شقص لي في عبد ان دخلت هذه الدار فاشتريت
الشقص الآخر ثم دخلت الدار (قال) يعتق جميع العبد عند مالك لأنه حين دخل
الدار حنث في الشقص الذي حلف به فإذا عتق ذلك الشقص عتق عليه ما بقي من
العبد إذا كان يملكه فان كأن لا يملكه فحنث في شقصه ذلك نظر فإن كان له مال
عتق عليه جميعه وهذا قول مالك فهذا يدلك على أنه إذا كان الجميع له أن يعتق عليه
جميعه (قلت) أرأيت ان باع شقصه من رجل غير شريكه واشترى بعد ذلك
الشقص الآخر من العبد من شريكه فدخل الدار التي حلف بحرية شقصه الذي
باعه أن لا يدخلها (قال) لا يعتق عليه لان مالكا قال من حلف بعتق عبد له ان
دخل هذه الدار فباع العبد واشترى عبدا غيره ثم دخل الدار لم يحنث فان عاد فاشترى
عبده الذي حلف بحريته ان دخل الدار ثم دخل الدار بعد دخلته الأولى والعبد في
ملكه فإنه يحنث عند مالك لأنه لم يحنث بدخوله الأول لأنه في دخوله الأول لم يكن
العبد في ملكه (قال) وإنما يحنث في هذا العبد إذا عاد إليه فدخل الدار بعد أن عاد
157

إليه العبد إذا كان إنما عاد إليه باشتراء أو بهبة أو بصدقة أو بوصية أو بوجه من وجوه
الملك إلا أن يعود إليه بالميراث فإنه لا يحنث ان دخل الدار والعبد في ملكه إذا كان إنما
عاد إليه بميراث (قلت) له ما فرق ما بين الوراثة وبين ما سوى ذلك (قال) لأنه
لا يتهم في الوراثة أن يكون إنما باعه ليرثه والهبة والصدقة هو جره إلى نفسه ولو شاء
ان يتركه لتركه والوراثة ليس يقدر على دفعها عنه (قال سحنون) وقال أشهب مثل
جميع ما قال ابن القاسم هو جره إلى نفسه ولو شاء أن يتركه لتركه والوراثة ليس
يقدر على دفعها عنه
[في الرجل يحلف بحرية كل مملوك له أن لا يكلم فلانا]
[وله يوم حلف مماليك ثم أفاد مماليك بعد ذلك ثم كلمه]
(قلت) أرأيت ان قال كل مملوك لي حر يوم أكلم فلانا وله يوم حلف مماليك
ثم أفاد بعد ذلك مماليك ثم كلم فلانا وكيف إن كان يوم حلف لا مماليك له ثم أفاد
مماليك ثم كلم فلانا (قال) لا يعتق عليه الا ما كان في ملكه يوم ملكه يوم حلف (قال مالك)
وإذا قال الرجل ان كلمت فلانا فكل مملوك لي حر أو حلف على ذلك بالطلاق ثم
كلم فلانا فإنه يعتق عليه ما كان في ملكه يوم حلف وتطلق عليه كل امرأة كانت
عنده يوم حلف إذا كلم فلانا (قال) قال مالك وإن لم يكن عنده يوم حلف عبد ولم
تكن له امرأة يوم حلف فإنه لا شئ عليه فيما يتزوج بعد ذلك ولا فيما يشترى بعد
ذلك (قلت) أرأيت ان قال إن كلمت فلانا فكل مملوك لي حر فاشترى رقيقا
بعد اليمين فكلم فلانا أيحنث أم لا (قال) قال مالك لا يحنث الا فيما كان عنده ذلك
اليوم (قال مالك) وفى الطلاق كذلك لا يحنث الا في كل امرأة كانت في ملكه
ذلك اليوم (قال مالك) والصدقة كذلك
[في الرجل يحلف بحرية عبده إن لم يدخل الدار]
(قلت) لابن القاسم أرأيت الرجل يقول لامته إن لم أدخل الدار فأنت حرة (قال)
158

هذا يمنع من بيعها ولا يطؤها لأنه على حنث ألا ترى أنه إذا قال إن لم أدخل الدار
فأنت حرة إن مات قبل أن يدخل الدار عتقت الجارية في الثلث بالكلام الذي تكلم
به فهذا يدلك على أنه كان على حنث وإذا قال إن دخلت هذه الدار فأنت حرة فإنه
لا يمنع من بيعها ولا من وطئها لأنه على بر وقال لا تقع الحرية هاهنا الا بالفعل
(قال) ومن قال لامته إن لم تدخلي الدار فأنت حرة (قال) أرى إن كان أراد بقوله على
وجه أنه يريد بذلك يكرهها فذلك له يدخلها مكرهة ويكون القول قوله ويبر في
يمينه وإن كان إنما قال لها أنت حرة إن لم تدخلي الدار ليس على وجه ما ذكرت لك
من الاكراه وإنما فوض إليها رأيت أن توقف الجارية ويمنع من وطئها ثم يتلوم له
السلطان بقدر ما يعلم أنه أراد بيمينه إلى ذلك الاجل فان أبت الجارية الدخول وقالت
لا أدخل أعتقها عليه السلطان ولم ينتظر موته لان مالكا قال في الرجل يقول للرجل
إن لم تفعل كذا وكذا فأمتي حرة أو امرأتي طالق. قال مالك يتلوم له السلطان
بقدر ما يرى أنه أراد بيمينه ولا يضرب له في ذلك الاجل الا بقدر ما يرى السلطان
ويتلوم له ويحال بينه وبين وطئ أمته وبينه وبين وطئ امرأته إن كان حلف في هذا
بطلاق امرأته ثم يقول السلطان للمحلوف عليه افعل هذا الذي حلف عليه هذا
الرجل فان قال لا أفعله طلق عليه السلطان امرأته وأعتق عليه أمته ولا ينتظر في هذا
في يمينه بالحرية موته ولا يضرب له في يمينه هذا بالطلاق أجل المولى (قال مالك)
وإنما يتلوم له السلطان في هذا على قدر ما يرى أنه أراد بيمينه إلى ذلك من الاجل
(قال مالك) وإنما الذي يضرب له أجل الايلاء إذا قال لامرأته أنت طالق إن لم
أدخل هذه الدار وإن لم أفعل كذا وكذا فهذا الذي يضرب له أجل الايلاء بعد
أن ترفعه إلى السلطان (قال) وقال مالك وأما إذا قال لها أنت طالق إن لم تدخلي
هذه الدار أو قال لرجل آخر امرأتي طالق إن لم تفعل كذا وكذا فإنه لا يضرب له
في هذا في امرأته أجل الايلاء ولكن يتلوم له السلطان على ما وصفت لك فان
دخلت الدار أو دخل هذا الأجنبي الذي حلف عليه والا أوقفهما فان
159

قالا لا ندخل طلقها عليه السلطان وكذلك أن كانت يمينه على رجل أجنبي
بحرية رقيقه إن لم يدخل فلان هذه الدار فهو بحال ما وصفت لك يتلوم له السلطان
ولا يكون في هذا موليا إذا حلف بالطلاق ولكن يحال بينه وبينها وفى يمينه بالحرية
في هذا يوقف المحلوف عليه بعد التلوم للحالف فان قال لا أفعل ذلك أعتق
عليه السلطان وطلق عليه (قلت) أرأيت ان حلف بعتق عبده ليضربنه أيحال بين
السيد وبين ضربه في قول مالك (قال) لا إلا أن تكون يمينه وقعت على ضرر يحال
بين السيد وبين ذلك الضرر من عبده فيحنث مكانه ويعتق عليه عبده وهذا قول
مالك (قلت) فلو كان ضربا لا يحال بين السيد وبين ذلك الضرب لم يكن له أن
يبيعه حتى يضربه قال نعم (قلت) أرأيت من حلف بعتق عبده ليفعلن كذا وكذا
فحلت بينه وبين بيع العبد حتى تنظر أيبر أم يحنث أتحول بينه وبين عمل العبد في
قول مالك (قال) لا الا الوطئ فإنه لا يطأ فيه أن كانت أمة (ابن وهب) عن
يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في رجل قال إن لم أنكح فلانة فغلامي حر أو قال
أعتق ما أملك من عبد إن لم أخاصم فلانا أو قال إن لم أجلد فلانا غلامي مائة سوط
فغلامي حر (قال) ربيعة لا يترك أن يبيعه وينتظر به ويوقف العبد لذلك (قال ربيعة)
وإن لم يخاصمه حتى يموت الحالف فإنه يعتق في ثلثه وذلك أنه لم يجب الحنث الا بعد
موته (وقال) في الذي يحلف ليجلدنه مائة سوط يوقف العبد فلا يبيعه حتى ينظر أيجلده
أم لا (قال ابن وهب) وأخبرني الليث قال كتبت إلى يحيى بن سعيد في رجل
قال لغلامه إن لم أضربك ألف سوط فأنت حر أو قال لجارية له يطؤها مثل ذلك قال
يحيى عتقه أحب إلى من ضربه ومن خلا بغلامه أو بجاريته وحلف بذلك كان متعديا
ظالما وأدبه السلطان ورأيت لو ابتلى بذلك أن يحول بينه وبينه ويعتقه (ابن وهب)
قال الليث وقال ربيعة كنت معتقها ولا أنتظر بها أن يضربها ألف سوط وذلك
عند الله عظيم وظلم لا ينبغي أن يقر بذلك (وقال مالك) مثله وقال مالك وان
حلف على ما يجوز له من الضرب وقف عنها ولم يضرب له أجل ولم يجز له بيعها ولا
160

وطؤها فان باعها فسخ البيع وردت عليه وإن لم يضربها حتى يموت فهي في ثلثه
(وقد قال ابن عمر) لا يجوز للرجل أن يطأ جارية الا جارية يجوز له بيعها وهبتها
(وقال ابن دينار) يمنع من وطئها وتوقف فان باعها رددت البيع وأعتقتها على سيدها
لأني لا أنقض صفقة مسلم الا إلى عتق
[في الرجل يحلف بحرية عبده إن لم يفعل كذا وكذا إلى أجل سماه]
(قال) وقال مالك لو أن رجلا حلف بطلاق امرأته على رجل إن لم يقضه حقه إلى
أجل كذا وكذا فامرأته طالق البتة (قال) قال مالك فلا أرى أن يحال بينه وبين
امرأته إلى الاجل وهو مثل ما يحلف هو ليقضينه إلى ذلك الاجل (قال ابن القاسم)
والعتق عندي مثله إذا حلف إن لم يقض فلانا حقه وإن لم يفعل فلان كذا وكذا إلى
أجل سماه لم يحل بينه وبين رقيقه في وطئهن ولا بيعهن فان بر فلان إلى ذلك
الاجل في القضاء أو في الفعل إلى ذلك الاجل كانوا رقيقه وإن لم يبر عتقوا عليه بمنزلة
ما لو حلف أن لا يكون عليه دين لا وفاء له فيفعل فيه كما يفعل فيمن أعتق رقيقا له
وعليه دين (قلت) أرأيت ان قال رجل لامرأته أنت طالق إن لم أدخل هذه الدار
هذه السنة أو قال لامته أنت حرة إن لم أدخل هذه الدار هذه السنة (قال) قال مالك
يطؤهما وليس له إلى بيع الجارية سبيل حتى تمضي السنة فان دخل في السنة بر وإن لم
يدخل في السنة حتى تمضى حنث وإن كان قد باعها قبل مضى السنة رد البيع وكذلك
هذا في الطلاق وإن لم يدخل الدار حتى تمضى السنة فإنها تطلق فيه ولكن لا يحال بينه
وبين وطئها إلى السنة وان طلقها واحدة فانقضت عدتها قبل السنة أو صالحها فحلت
السنة وليست له بامرأة فحنث وليست تحته فإنه إن تزوجها بعد ذلك لم يكن عليه شئ
وهذا قول مالك لان مالكا قال في رجل قال لرجل إن لم أقضك حقك إلى سنة فامرأته
طالق ورقيقه أحرار انه يطأ امرأته وجواريه في السنة فان مضت السنة ولم يقضه
حنث وان طلق امرأته قبل أن تنقضي السنة تطليقة فانقضت عدتها قبل السنة أو
صالحها فمضت السنة ثم تزوجها بعد ذلك فلا شئ عليه (قلت) أرأيت ان قال إن لم
161

أقضك حقك إلى سنة فامرأته طالق ورقيقه أحرار لم قال مالك لا يمنع من الوطئ
ويمنع من البيع إلا أن كانت يمينه على بر فلا ينبغي أن يحال بينه وبين بيع أمته وان
كانت على حنث فإنه لا ينبغي أن يطأ جاريته ولا امرأته حتى يبر أو يحنث فلم قال
مالك ما قال (قال) لان الرجل الحالف على بر فلذلك وطئ الأمة في هذا وهي في
البيع مرتهنة بيمينه وهو حق لها فلا يقدر على بيعها للحق الذي لها في يمينه بقول
الجارية لا تبعني حتى تبر أو تحنث وهو على بر في الوطئ وهي بالبيع مرتهنة بيمينه فيها
(قلت) فان قالت الأمة بعني لا أريد أن أطالبك في يمينك بشئ (قال) لا ينظر
إلى قولها ولا تباع حتى يبر أو يحنث (قلت) أرأيت إن أعتق إلى أجل من
الآجال أله أن يستمتع ممن أعتقها بحال ما وصفت لك في قول مالك إلى ذلك
الاجل (قال) نعم الا الوطئ لا يطؤها (قال سحنون) وقال بعض الرواة عن مالك
ليس له وطؤها كما ليس له بيعها وقد قال ابن عمر لا يجوز للرجل أن يطأ جارية
الا جارية ان شاء باعها وان شاء وهبها وذكره ابن القاسم عن مالك أيضا
[في الرجل يحلف بحرية عبده إن لم يفعل كذا وكذا فيموت قبل أن يفعل]
(قلت) أرأيت ان قال لامرأته أنت طالق إن لم أدخل هذه الدار هذه السنة أو قال
لامته أنت حرة إن لم أدخل هذه الدار هذه السنة فمات في السنة (قال) فلا شئ
عليه عند مالك لأنه مات على بر (قلت) أرأيت ان قال لرجل أمتي حرة إن لم أفعل
كذا وكذا أو قال لرجل امرأته طالق إن لم تفعل كذا وكذا فتلوم له السلطان فمات
الرجل الحالف في أيام التلوم (قال) هو حانث في الجارية وتعتق في ثلث ماله وترثه
امرأته لان الحنث وقع عليه بعد موته لأنه كأن لا ينبغي له أن يطأ واحدة منهما في
تلومه ولو كان على بر لوطئ فإذا مات قبل أن يفعل فقد حنث وعتقت الجارية في الثلث
وترثه امرأته (وقال أشهب) لا تعتق إذا مات الرجل في التلوم (قلت) لابن
القاسم فإذا قال لامرأته أنت طالق إن لم أتزوج عليك أو أنت طالق إن لم أدخل هذه
الدار أهو على حنث حتى يفعل ما قال قال نعم (قلت) فان مات الحالف أو ماتت المرأة
162

التي حلف عليها هل يتوارثان في قول مالك (قال) نعم يتوارثان (قلت) فهل حنث
في يمينه حين مات أو ماتت (قال) قال لي مالك لا حنث بعد الموت (قلت) فكيف
كان هذا على حنث وحلت بينه وبين امرأته وضربت له أجل الايلاء لأنه عندك على
حنث وهو إذا مات أو ماتت امرأته قلت لا يحنث فلم كان هذا هكذا (قال) لأنه
لا حنث عندنا بعد الموت (قلت) أرأيت ان حلف في الصحة على شئ ليفعلنه بعتق
رقيقه فمات ولم يضرب لذلك أجلا قبل أن يفعله أيعتق رقيقه من الثلث أو من جميع
المال (قال) قال مالك يعتقون من الثلث (قال مالك) ولا يستطيع أن يبيعهم قبل موته
وان كانت فيهم جارية لم يقدر على أن يطأها حتى يبر أو يحنث فتخرج حرة (قلت)
فلم جعلهم مالك من الثلث وأصل يمينه كانت في الصحة (قال) لان الحنث نزل بعد
الموت وكل عتق بعد الموت فهو في الثلث لأنه لم يزل على الحنث حتى مات فلما ثبت
على الحنث حتى مات علمنا أنه إنما أراد أن يعتقهم بعد موته وقد علمت أن من أعتق
في المرض أنه من الثلث فالذي بعد الموت أحرى أن يكون من الثلث لان للرجل
أن يوصى بأن يعتق عنه بعد موته ولا يجوز أن يوصى رجلا بطلاق امرأته بعد موته
[في الرجل يحلف بحرية عبده أن لا يفعل كذا وكذا]
[فيبيع عبده ذلك ثم يشتريه]
(قلت) أرأيت ان قال لعبده أنت حر ان دخلت هذه الدار فباعه ثم اشتراه (قال) يرجع
عليه اليمين عند مالك
[في الرجل يحلف بحرية مماليكه فيحنث وعليه دين]
(قلت) أرأيت ان قال كل مملوك لي حر وعليه دين يغترق المماليك وليس له مال
سواهم وقال هذه المقالة في صحته (قال) قال مالك لا يجوز عتقه لان عليه دينا
يغترق قيمتهم (قلت) فإن كان الدين لا يغترق قيمتهم (قال) يباع منهم جميعا بقدر
الدين بالسوية ثم يعتق ما سوى ذلك (قلت) أبالقرعة أم بغير القرعة (قال) يعتق
163

منهم بالحصص بغير قرعة وليست القرعة عند مالك الا في الذي يعتق في وصية
(سحنون) وقال مالك الامر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه لا يجوز عتاقة
الرجل وعليه دين يحيط بماله ولا هبته ولا صدقته وان كانت الديون التي عليه إلى أجل
وإن كان بعيدا إلا أن يأذن له في ذلك غرماؤه وأما بيعه وابتياعه ورهنه فذلك جائز
وإنما الرهن مثل البيع (قال مالك) ولا ينبغي له أن يطأ شيئا من ولائده اللائي رد
الغرماء عتقهن عليه وان أجاز الغرماء عتقهن مضى عليه وان أيسر قبل أن يحدث
فيهن بيعا عتقن
[في الرجل يحلف بحرية أحد عبيده ثم يحنث]
(قلت) أرأيت رجلا حلف بطلاق احدى امرأتيه هاتين فحنث (قال) قال مالك
ان كانت له نية حين قال احدى امرأتي هاتين طالق طلقت تلك بعينها وهو مصدق
وإن لم تكن له نية طلقتا عليه جميعا (قال) ابن القاسم فإذا جحد وشهد عليه كان بمنزلة
من لم تكن له نية (قال) وقال مالك وإن كان نوى واحدة فأنسيها طلقتا عليه جميعا
(قلت) فان قال رأس من رقيقي حر ولم ينو شيئا ولا واحدا بعينه (قال) فهو مخير في
أن يعتق من شاء منهم وإنما هو بمنزلة من قال رأس من رقيقي صدقة على المساكين
أو في سبيل الله فهو مخير فيمن من شاء منهم (قلت) أرأيت ان قال رجل لعبدين له
أحدكما حر (قال) ان كانت له نية في أحدهما قبلت نيته وصدق ولا يمين عليه وإن لم تكن له نية أعتق أيهما شاء والطلاق مخالف لهذا إذا طلق احدى امرأتيه ان
نوى واحدة والا طلقتا عليه جميعا (قلت) فان قال ذلك في صحته ثم مرض فقال في
مرضه نويت هذا العبد أيكون مصدقا ويخرج من جميع المال (قال) نعم أراه من
جميع المال إلا أن يكون قيمة الذي زعم أنه نواه أكثر من قيمة الآخر فأجعل
الفضل الذي اتهمته فيه في الثلث (وقال) غيره يخرج فارعا (1) من رأس المال

(1) (فارعا) اي مرتفعا عاليا قال في اللسان وفى حديث شريح انه كان يجعل المدبر من الثلث
وكان مسروق يجعله الفارع من المال والفارع المرتفع العالي اه‍
164

[في العبد يحلف بحرية كل مملوك يملكه إلى أجل]
[ثم يعتق ويملك مماليك]
(قلت) أرأيت لو أن عبدا حلف فقال كل مملوك أملكه إلى ثلاثين سنة فهو حر
فأعتقه سيده فاشترى رقيقا في الثلاثين سنة أيعتقون عليه أم لا (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا إلا أنى كنت عند مالك فأتاه عبد فقال له أنى سمت اليوم لجارية
فعاسروني في ثمنها قال فقلت هي حرة ان اشتريتها ثم بدا لي أن أشتريها (قال) قال
مالك لا أرى أن تشتريها ونهاه عن ذلك وعظم الكراهية فيها (قال) فقلت له
أسيده أمره أن يحلف بذلك (قال) فقال لي مالك لا لم يخبرني أن سيده أمره بذلك
وقد نهيته عنها أن يشتريها فمسألتك أبين من هذا عندي انه يعتق عليه ما يملكه في
الثلاثين سنة إذا هو عتق واليمين له لازمة حين حلف بها ولكن ما ملك من العبيد
وهو عبد في مالك سيده إنما منعنا من أن يعتقهم عليه لان العبد ليس يجوز عتقه
عبدا له الا باذن سيده وهذا رأيي إلا أن يعتق وهم في ملكه فيعتقوا عليه بمنزلة
من أعتق ولم يرد السيد عتقه فكذلك هو فيما حنث إذا لم يرده السيد بمنزلة ما أعتق
يجوز ذلك عليه بعد عتقه إذا كانوا في يديه ولقد سمعت مالكا وأرسلت إليه أمة
مملوكة حلفت بصدقة مالها أن لا تكلم أختا لها فأرادت أن تكلمها فقال إن
كلمتها رأيت ذلك يجب عليها في ثلث مالها بعد عتقها (قال ابن القاسم) وذلك
عندي فيما قال مالك إذا لم يرد ذلك السيد حتى يعتق فالصدقة والعتق بمنزلة واحدة
يجب ذلك عليه إلا أن يرد ذلك السيد بعد حنثه وقبل عتقه فلا يلزمه فيهم ويلزمه
فيما أفاد بعد عتقه إلى الاجل الذي حلف إليه وهذا أحسن ما سمعت
[في الرجل يقول لامته أنت حرة ان دخلت]
[هاتين الدارين فتدخل إحداهما]
(قلت) أرأيت ان قال لامته ان دخلت هاتين الدارين فأنت حرة فدخلت احدى
165

الدارين (قال) هي حرة عند مالك (وقال) إذا قال الرجل لامرأتيه ان دخلتما الدار
فأنتما طالقتان أو لعبديه أنتما حران فدخلتهما واحدة أو واحد من العبدين (قال)
لا شئ عليه حتى يدخلا جميعا (قال سحنون) وقال أشهب يعتق الذي دخل ولا
يعتق الآخر وليس لمن قال لا يعتقان الا بدخولهما معا قول ولا لمن قال يعتقان جميعا
إذا دخل واحد قول
[في الرجل يقول لعبده أنت حر ان دخلت هذه الدار]
[فيقول العبد قد دخلتها]
(قلت) أرأيت الرجل يقول لعبده أنت حر ان دخلت هذه الدار أو يقول لامرأته
أنت طالق ان دخلت هذه الدار فقالت المرأة والعبد بعد ذلك قد دخلناها (قال) أما
فيما بينه وبين الله فيؤمر بفراق امرأته وبعتق عبده لأنه قد صار في حال الشك في
البر والحنث وأما في القضاء فلا يجبر على طلاقها ولا على عتقه. وكذلك لو قال لهما ان
كنتما دخلتما هذه الدار فأنت حر وأنت طالق فقالا إنا قد دخلنا انهما في قول مالك
سواء أقرا أو لم يقرا لا يعتق العبد ولا تطلق المرأة بقضاء لان الزوج والسيد لا
يعلمان تصديق ذلك الا بقولهما فإنه يؤمر بأن يطلق ويعتق فيما بينه وبين الله تعالى
ولا يجبر في القضاء على ذلك
[في الرجل يقول لامته أنت حرة ان كنت تبغضيني فتقول أنا أحبك]
(قلت) أرأيت ان قال لامته أنت حرة ان كنت تبغضيني فتقول أنا أحبك
ولست أبغضك أو قال لها أنت حرة ان كنت تحبيني فقالت أنا أبغضك أتعتق
عليه أم لا (قال) هذا عندي حانث لأنه لا يدري أصدقت في قولها أو كذبت
فهو على حنث ولا ينبغي له أن يحبسها بعد يمينه طرفه عين ولكن يعتقها ويخليها
(قلت) وكذلك أن قال إن كان فلان يبغضني فعلى المشي إلى بيت الله فقال فلان أنا
أحبك (قال) عليه أن يمشي لأنه لا يدري أصدق فلان في مقالته أو كذب (قال) وهذا
166

قول مالك لأني سألت مالكا والليث عن الرجل يسأل امرأته عن الخبر فيقول لها
أنت طالق ان كتمتني وإن لم تصدقيني فتخبره الخبر فلا يدري أكتمته ذلك أم
صدقته إلا أنها تقول للزوج قد صدقتك ولم أكتمك فقالا جميعا نرى أن يفارقها
لأنه لا يدري أصدقته أم كذبته فكذلك مسائلك هذه كلها وما كان مما يشبه
هذا الوجه فهو على مثل هذا (قلت) أيقضى عليه في هذا بالحنث في الحرية
وفي الطلاق أم لا (قال) لا يقضى عليه ولكن يؤمر بذلك ولا يجبر على ذلك
[في الرجل يجعل عتق عبده بيده في مجلسهما]
(قلت) أرأيت ان قال لعبده أعتق نفسك في مجلسك هذا ففوض ذلك إليه فقال
العبد قد اخترت نفسي ينوي العبد بذلك العتق أيكون حرا أم لا (قال) إذا نوى العبد
بذلك الحرية عتق لان قوله قد اخترت نفسي من حروف العتق (قلت) ويجعل
القول قوله أنه إنما أراد بذلك العتق قال نعم (قلت) فإن لم ينو العبد بذلك الحرية فلا
حرية له (قال) نعم لا حرية له إذا لم يرد بذلك الحرية (قلت) فان قال أنا أدخل الدار
ينوي بذلك العتق (قال) هذا لا يكون بقوله أنا أدخل الدار حرا لان هذا ليس
من حروف العتق (قلت) فلو أن السيد قال لعبده ادخل الدار وهو يريد بلفظه
ذلك حرية العبد (قال) هو حر عند مالك إذا أراد بذلك اللفظ عتق العبد (قلت)
فما فرق ما بين قول السيد لعبده ادخل الدار ينوي بذلك اللفظ عتق العبد وبين
قول العبد أنا أدخل الدار وهو ينوي بذلك اللفظ حرية نفسه في هذا الذي فوض
سيده إليه العتق (قال) لان العبد مدع في ذلك فلا يصدق لأنه لم يتكلم بالعتق ولا
بحروف العتق فالسيد هاهنا مصدق على نفسه والعبد لا يصدق في هذا سيده وإنما
مثل ذلك مثل رجل قال لامرأته أمرك بيدك فقالت أنا أدخل بيتي ثم جاءت بعد ذلك
تدعي أنها أرادت الطلاق لم يقبل قولها (قلت) أرأيت ان قالت المرأة أو قال العبد أما
إذا لم تجيزوا ما كان من قولنا في ذلك فنحن نطلق ونعتق الآن من ذي قبل (قال)
لا يكون ذلك إليهما (قلت) وإن كان ذلك في المجلس الذي فوض فيه الزوج والسيد
167

إليهما (قال) نعم لا يكون إليهما من ذلك شئ لأنهما قد تركا ذلك حين أجابا بغير
طلاق ولا عتاق (قلت) فان سكتا حتى تفرقا أليس ذلك في أيديهما في يد المرأة أو
في يد العبد (قال) لا الا في قول مالك الآخر وليس عليه جماعة الناس ولا أهل المدينة
وليس ذلك رأيي (قلت) فلم لا يكون في قول مالك هذا للعبد والمرأة أن يعتق وأن
تطلق في ذلك المجلس إذا أبطلت قولهما الأول (قال) لأنها بالقول الأول تاركة لما جعل
لها حين أجابت وأجاب العبد بجواب لم يلزم السيد وفي السكوت هما على أمرهما
فليس لهما بعد ذلك قضاء لا في قوله الأول ولا في الآخر وفي السكوت هما على أمرهما
عند مالك حتى يجئ من ذلك ما يعلم أنهما قد تركا ما كان جعل إليهما لان مالكا سئل
إذا كأن يقول ذلك لهما ما كانا في مجلسهما فان تفرقا فلا شئ لهما فقيل لمالك فان طال
المجلس بهما حتى يرى أنهما قد تركا ذلك أو يخرجان من الذي كانا فيه إلى كلام غيره
يستدل بذلك على أن هذا ترك لما كانا فيه بطل ما جعل في أيديهما من ذلك فهي
إذ أجابت بجواب مالا يلزم الزوج فهي بمنزلة من ترك ما كان لها من ذلك لأنها قد
قضت بقضاء لا يلزم الزوج فليس لها أن تقضى بعد ذلك ألا ترى أنها في قول مالك
الآخر ان ذلك لها وان قامت من مجلسها إلا أن توقف أو تتركه يطؤها أو يباشرها أو
نحو ذلك فيكون ذلك تركا لما كان في يديها من ذلك فكذلك إذا قضت بما لا يلزم
الزوج في الذي جعل إليها فليس لها بعد ذلك في الامر قليل ولا كثير (قال ابن
القاسم) ورأيي على قول مالك الأول وعليه جماعة الناس أنهما إذا تفرقا ولم تقض
بشئ فليس لها بعد ذلك قضاء (قال سحنون) وقد قال غيره إذا قال لعبده عتقك
في يدك فقال قد اخترت نفسي أو قال له أمرك في يديك في العتق فقال له قد
اخترت نفسي انه حر وان زعم أنه لم يرد بذلك العتق بمنزلة المرأة تقول قد اخترت
نفسي فهي طالق وان قالت لم أرد الطلاق وان قال العبد أنا أدخل أدخل الدار وأنا أذهب
أو أنا أخرج لا يكون هذا عتقا إلا أن يكون أراد بذلك العتق فإن كان أراد بذلك
العتق فقد عتق لان هذا من الكلام يشبه أن يكون يريد به العتق
168

[ما يلزم من القول في العتق]
(قلت) أرأيت لو أن السيد قال لعبده ادخل الدار وهو يريد بلفظه ذلك حرية
العبد (قال) هو حر عند مالك إذا أراد بذلك اللفظ عتق عبده فأما إن كان أراد أن
يقول أنت حر فيزل لسانه فيقول ادخل هذه الدار أو ما أحسنك أو أخزاك
الله فأن لا يكون حرا حتى يكون ينوى بأن العبد حر بما قال له من اللفظ بقوله
أخزاك الله وبقوله ادخل الدار. وكذلك الطلاق لو أن رجلا أراد أن يقول لامرأته
أنت طالق فزل لسانه فقال أخزاك الله أو عليك لعنة الله زل لسانه عن الطلاق فان
هذا لا تطلق عليه امرأته حتى يكون الزوج ينوي بالكلمة بعينها الطلاق قبل أن
يتكلم بها أي أنت بما أقول لك من قولي أخزاك الله وما أحسنك وما أشبه هذا من
الكلام أنت بما أقول من هذا اللفظ طالق فهي طالق وإن لم يكن ذلك الكلام من
حروف الطلاق وهو قول مالك (قلت) أرأيت ان قال رجل لرجل أعتق جاريتي
فقال لها ذلك الرجل اذهبي وقال أردت بذلك العتق (قال) تعتق لأنه من حروف
العتق (قلت) فان قال ذلك الرجل لم أرد بذلك العتق (قال) القول قوله (قلت)
أتحفظه عن مالك (قال) لا قال وبلغني عن مالك أنه قال في الرجل يقول لعبده يدك
حرة أو رجلك حرة أنه يعتق عليه جميعه (قلت) وان شهد عليه بذلك وهو
يجحده قال نعم (قلت) أرأيت من قال لجاريته أنت برية أو بائن أو بتة أو خلية أو
قال اعزبي أو استتري أو تقنعي أو كلي أو اشربي يريد بذلك اللفظ الحرية أتعتق عليه
(قال) نعم إذا أراد بذلك اللفظ الحرية (قال) وكذلك الطلاق وكل لفظ تلفظ به رجل
يريد بأن امرأته طالق بذلك اللفظ وإن لم يكن ذلك اللفظ من حروف الطلاق فهي
بذلك اللفظ طالق عند مالك وكذلك الحرية (وقال مالك) من قال لعبده أنت
حر اليوم انه حر بذلك أبدا (ابن وهب) عن يونس عن ربيعة في الرجل يقول
أشهدكم أن ما تلد هذه الوليدة فهو حر أو يقول أشهدكم أن رحمها حر قال ربيعة ان قال
رحمها حر فهي حرة وان قال كل ما ولدت فهو حر فما ولدت وهي له فعسى أن يعتق
169

وان مات أو باعها انقطع ذلك الشرط عنها واسترقت هي وولدها وذلك لان قوله
لها لم يحرم بيعها ولا أن تكون ميراثا يتداولها من يرثها ولأنه لم يعتق شيئا رقه يومئذ
بيده ولا بشئ تكون العتاقة في مثله ولا ملكا هو له يومئذ
[مالا يلزم من العتق بالقول]
(قلت) أرأيت ان قال الرجل لعبده أنت حر اليوم من هذا العمل (قال) إذا قال
سيده إنما أردت بهذا القول أني قد أعتقته من هذا العمل ولم أرد الحرية فالقول قوله
في رأيي ولا يكون حرا ويحلف على ذلك (قلت) أرأيت ان قال لعبده وعجب من
عمله أو من شئ رآه منه فقال له ما أنت الا حر أو قال له تعال يا حر ولم يرد بشئ من
هذا الحرية إنما أراد أي أنك تعصيني فأنت في معصيتك إياي مثل الحر (قال) قال
مالك ليس على سيده في هذا القول شئ فيما بينه وبين الله تعالى (قلت) وفي القضاء
أيضا (قال) نعم وإنما الذي سئل عنه مالك في القضاء (وسئل) مالك عن طباخ كان
لرجل وكان عنده رجال فطبخ طبخا فأجاد فقال سيده أنت حر قال مالك لا يلزمه
في هذا حرية وإنما معنى قوله أنه حر الفعال أو عمل عمل الأحرار (قلت) ولا يعتقه
عليه القاضي إذا كانت للعبد بينة (قال) لا يعتق عليه وان كانت للعبد عليه بينة (قلت)
أرأيت رجلا قال في أمته هي حرة لأنه مر على عاشر ونحو هذا من الأشياء وهو
لا يريد بذلك القول حرية الجارية أتعتق عليه الجارية فيما بينه وبين الله في قول مالك
قال لا (قلت) فان أقامت الجارية عليه البينة أتعتق عليه الجارية أم لا (قال) إذا
عرف من ذلك أنه دفع بذلك القول عن نفسه مظلمة لم تعتق عليه الجارية في
رأيي وان قامت بذلك البينة (قلت) أرأيت الذي يقول لامته أنت حرة وينوي
الكذب فيما بينه وبين الله تعالى أو قال لامرأته أنت طالق ونوى الكذب فيما بينه
وبين الله تعالى (قال) ذلك لازم له في الطلاق وفي الحرية ولا تنفعه نيته التي نوى ولا
ينوى في هذا إنما ينوي إذا كان لذلك وجه إنما قال لها ذلك لوجه كان فيه بمنزلة ما
وصفت لك من أمر العاشر ونحو ذلك (قال) وسمعت مالكا يقول في المرأة
170

تقول لجاريتها أو الرجل يقول لعبده يا حر إنما أنت حر على وجه أنك لا تطيعني
قال مالك ليس هذا بشئ (قال) ولقد سأله رجل عن عبد كان له طباخ وانه صنع
له صنيعا فطبخ له العبد فأحسن الطبخ فدعا إخوانا له فأعجبهم فقالوا لمولاه لقد
أجاد فلان طبخه قال إنه حر قال مالك ليس هذا بشئ إنما أراد به حر الفعال فلا
يعتق عليه بهذا (قلت) أرأيت الرجل يقول لعبده لا سبيل لي عليك أو لا ملك
لي عليك (قال) إن كان جر هذا الكلام كلام كان قبله يستدل بذلك الكلام الذي
جر هذا القول أنه لا يريد بهذا القول الحرية فالقول قول السيد وإن كان هذا الكلام
ابتداء من السيد أعتق عليه العبد ولم أسمعه من مالك (قلت) أرأيت ان قال الرجل
لامته هذه أختي أو لعبده هذا أخي (قال) إذا لم يرد به الحرية فلا عتق عليه (ابن
وهب) قال وقال الحسن في الرجل يقول لغلامه ما أنت الا حر وهو لا يريد الحرية
أنه قال ليس بشئ (وقال) عثمان بن عفان لا عتاقة الا لله
[في الرجل يقول لعبده قد وهبت لك عتقك أو نصفك]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لعبده قد وهبت لك عتقك أو قال قد تصدقت
عليك بعتقك أيكون حرا مكانه (قال) سمعت مالكا يقول في الرجل يقول لعبده
قد وهبت لك نفسك انه حر (قلت) قبل العبد أو لم يقبل (قال) نعم قبل العبد
أو لم يقبل في قول مالك هو حر فمسألتك مثل هذا (قال سحنون) وقال غيره إذا
وهبه نفسه فقد وجب العتق لأنه لا ينتظر منه قبول مثل الطلاق إذا وهبها فقد
وهب ما كان يملك منها جاءت بذلك الآثار لان الواهب في مثل هذا لم يهب لان
ينتظر قبول من وهب له كالأموال التي توهب فان قبل الموهوب له نفذ وان رده
رجع إلى الواهب (قال ابن القاسم) وسألت مالكا عن رجل وهب لعبده نصفه
قال أراه حرا كله (قال ابن القاسم) لأنه حين وهب له نصفه عتق عليه كله وولاؤه
كله للسيد وكذلك إذا أخذ منه دنانير على عتق نصفه أو على بيع نصفه من نفسه
فالعتق في جميع ذلك أنما هو من السيد نفسه فيكون مارق منه تبعا لما عتق
171

منه ويعتق جميعه (قال) ولقد سئل مالك عن عبد بين رجلين أعطى العبد أحدهما
دنانير على أن يعتقه ففعل (قال) ينظر في ذلك فإن كان أراد وجه العتاقة عتق عليه كله
(قال مالك) ويقوم عليه نصيب صاحبه (قال ابن القاسم) ويرد المال إلى العبد ولا
يكون له منه قليل ولا كثير لان من أعتق عبدا بينه وبين آخر واستثنى من ماله
شيئا عتق العبد عليه كله ويرد ما استثناه من المال إلى العبد فكذلك إذا أراد وجه
العتاقة بما أخذ منه وان علم أنه لم يرد وجه العتاقة وإنما أراد وجه الكتابة ولم يرد العتاقة
فسخ ما صنع وكان العبد بينهما وأخذ صاحبه منه نصف ما أخذ من العبد
[في الرجل يجعل عتق أمته في يدها ان هويت أو رضيت]
(قلت) أرأيت أن قال لها أنت حرة ان هويت أو رضيت أو شئت أو أردت
متى يكون ذلك للأمة (قال) ذلك لها وان قامت من مجلسهما مثل التمليك في المرأة
إلا أن تمكنه من الوطئ أو من مباشرة أو من قبلة أو ما يشبه هذا وتوقف الجارية فاما
أن تختار حريتها واما أن تترك وأما أنا فلا أرى لها بعد أن يفترقا من المجلس شيئا إلا أن يكون شيئا فوضه إليها
[الاستثناء في العتق]
(قلت) أرأيت ان قال لعبيد له أنتم أحرار الا فلانا (قال) ذلك له (قلت) أليس
قد قلت قال لي مالك لا استثناء في العتق أليس هذا استثناء (قال) ليس هذا عند
مالك الاستثناء الذي قال مالك فيه أنه لا استثناء في العتق إنما ذلك الاستثناء الذي
لا يجوز في العتق إذا قال إن شاء الله فذلك الذي يعتق عليه ولا يكون استثناؤه شيئا
(قلت) وكذلك أن قال لنسائه أنتن طوالق الا فلانة (قال) نعم هو كذلك عند
مالك وليس هذا عند مالك بمنزلة ما لو قال أنتن طوالق إن شاء الله (قال
سحنون) وقاله أشهب (قلت) أرأيت ان قال غلامي حر ان كلمت فلانا إلا أن
يبدو لي أو إلا أن أرى غير ذلك (قال) ذلك له عند مالك (قال) وسئل مالك وأنا
172

عنده عن رجل قال لامرأته أنت طالق البتة ان أكلت معي شهرا إلا أن أرى غير
ذلك فوضع له طعام بعد ذلك فأتت فقعدت معه فوضعت يدها لتأكل فنهاها ثم
قال لها كلي فماذا ترى فيه (قال) إن كان هذا الذي أردت وهو مخرج يمينك
ورأيت ذلك فلا أرى عليك شيئا (قلت) فما فرق بين هذا وبين قوله غلامي
حر ان كلمت فلانا إلا أن يشاء الله ذلك (قال) ذلك ليس في الحرية استثناء وليس
ما جعل من المشيئة إليه أو إلى أحد من العباد ممن يشاء أو ممن لا يشاء مثل مشيئة الله
عزو جل لان الرجل إذا قال أنت طالق إن شئت أو ان شاء فلإن لم تطلق عليه حتى
تشاء أو يشاء فلان وإذا قال أنت طالق إن شاء الله طلقت عليه مكانها وعلمنا أن الله
قد شاء طلاقها حين لزمه الطلاق لأنه حين تكلم بالطلاق لزمه الطلاق
وهذا رأيي
[فيمن أمر رجلين أن يعتقا عبده فأعتقه أحدهما]
(قلت) أرأيت ان قال لرجلين أعتقا عبدي هذا فأعتقه أحدهما أيجوز ذلك أم لا في
قول مالك (قال) قال مالك في رجلين فوض إليهما رجل أمر امرأته فقال قد جعلت أمر
امرأتي بأيديكما فطلقاها فطلقها أحدهما دون صاحبه (قال) قال مالك لا يلزمه ذلك
(قال) وأما إذا لم يفوض إليهما وكانا رسولين فالطلاق لازم له وإن لم يطلقاها عليه ولم
أسمع هذا من مالك وكذلك العتق عندي إذا كان على التفويض فهو كما وصفت
لك وان كانا رسولين عتق عليه وإن لم يعتقاه (قلت) أرأيت ان جعل عتق
جاريته بيدي رجلين فأعتقها أحدهما دون صاحبه أيجوز ذلك أم لا في قول مالك
(قال) إن كان ملكهما جميعا فأعتقها أحدهما فلا يجوز وان كانا رسولين جاز ذلك
عند مالك (قال سحنون) وكذلك قال أشهب وغيره من كبار أصحاب مالك في
تمليك العتق إذا ملكها أمرها في العتق ورجلا آخر معها أو يملك رجلين سواها في
العتق فأعتق أحدهما وأبى الآخر أن يعتق (فقال) لا عتق لهما حتى يجتمعا جميعا على
العتق لان إلى كل واحد منهما ما لصاحبه وكذلك إذا كانت هي منهما فان وطئها
173

وهي أحدهما فقد انتقض الامر الذي جعله لهما
[في الرجل يدعو عبدا له باسمه ليعتقه فيجيبه غيره]
[فيقول له أنت حر]
(قلت) أرأيت ان دعا عبدا له يقال له ناصح فأجابه مرزوق فقال له أنت حر
وهو يظن أنه ناصح وشهد عليه بذلك (قال) يعتقان عليه بذلك جميعا يعتق مرزوق
بما شهد له ويعتق ناصح بما أقر له مما نوى وأما فيما بينه وبين الله فإنه لا يعتق الا
ناصح (قال ابن القاسم) فإن لم تكن عليه بينه لم يعتق عليه الا الذي أراد ولا يعتق
عليه الذي واجهه بالعتق (قال سحنون) وقال أشهب في رجل دعا عبدا له يقال
له ناصح فأجابه مرزوق فقال له أنت حر فقال أراه حرا فيما بينه وبين الله وفيما بينه
وبين العباد ولا أرى لناصح عتقا إلا أن يحدث له العتق لأنه دعاه ليعتقه فلم يعتقه
وأعتق غيره وهو يظنه أنه هو قد رق هذا وحرم هذا
[في العبد بين رجلين يقول أحدهما إن لم يكن دخل المسجد أمس فهو حر]
[ويقول الآخر إن كان دخل المسجد أمس فهو حر ولا يوقنان أدخل أم لا]
(قلت) أرأيت لو أن عبدا بين رجلين فقال أحدهما إن لم يكن دخل المسجد
أمس فهو حر وهو لا يستيقن دخوله وقال الآخر إن كان دخل المسجد أمس فهو
حر وهو لا يستيقن أنه لم يدخله (قال) ان كانا يدعيان علم ما حلفا عليه دينا لذلك
وان كانا لا يدعيان علم ما حلفا عليه ويزعمان أنهما حلفا على الظن فان العبد
لا ينبغي أن يملكاه وينبغي أن يعتق عليهما لأنه لا ينبغي لهما أن يسترقاه بالشك (قال
ابن القاسم) ولا يجبران على العتق بالقضاء عليهما (قال سحنون) وقال غيره يجبران
على ذلك وقد قال عبد الله بن عمر يفرق بالشك ولا يجمع بالشك
[ما جاء في عتق السهام]
(قال) وقال مالك فيمن أعتق عشرة أعبد من عبيده في مرضه وله ستون مملوكا
174

قال مالك يعتق منهم سدسهم بالسهم (قلت) فان ماتوا كلهم الا عشرة أعبد (قال)
إذا ماتوا كلهم الا عشرة أعبد فان مالكا قال إن كان الثلث يحملهم عتقوا كلهم هؤلاء
العشرة جميعهم (قلت) فإن كانت قيمة هؤلاء العشرة أكثر من قيمة هؤلاء الخمسين
الذين ماتوا (قال) نعم وان كانوا أكثر قيمة (قلت) لم (قال) لأنه إنما ينظر إلى
عدد من بقي منهم فان بقي عشرة عتقوا جميعهم في الثلث ان حملهم الثلث وإن لم يحملهم
الثلث عتق منهم مبلغ الثلث بالقرعة ورق منهم ما بقي (قلت) فإن كان ما بقي من
الستين أحد عشر عبدا (قال) يعتق منهم عشرة أجزاء من أحد عشر جزأ ان حمل
ذلك الثلث بالقرعة (قلت) فان بقي منهم عشرون عبدا (قال) يعتق منهم النصف
بالقرعة ويرق ما بقي منهم ان حمل الثلث نصفهم (ابن القاسم) وأصل هذا القول
أن ينظر إلى عدة من بقي فإن كانوا عشرة عتقوا كلهم وإن كان الذين بقوا عشرين
عتق منهم نصفهم بالقرعة وان كانوا ثلاثين عتق ثلثهم بالقرعة ورق ما بقي منهم وإن لم يمت منهم أحد عتق منهم سدسهم (قال) وهذا كله قول مالك (قال) والقرعة بين
العبيد إنما هي على قيمتهم (قال) وقال مالك من أعتق رقيقا له بتلا عند موته
لا يحملهم الثلث فان هؤلاء يقرع بينهم (قلت) كيف يقرع بينهم في قول
مالك (قال) ان كانوا ان قسموا ينقسموا قسموا وأقرع بينهم على أي الا ثلاث تقع
وصية الميت فإذا أصاب ثلثا منها عتق وان كانوا لا ينقسمون فإنهم يقومون جميعا
ثم يسهم بينهم فمن خرج سهمه عتق وإن كان آخر من خرج منهم يكون أكثر
من الثلث عتق منهم تمام الثلث ورق ما بقي منهم وهذا قول مالك (قال) وقال
مالك من قال ثلث رقيقي أحرار أقرع بينهم فأخرج ثلث أولئك الرقيق وهو
بمنزلة من قال رقيقي كلهم أحرار وان قال نصفهم أو ثلثهم أحرار فكذلك العمل فيهم
بالقرعة إذا قال نصفهم أو ثلثهم أقرع بينهم (قال) وقال مالك من قال رأس من
رقيقي أو خمسة أو ستة أحرار ولم يسمهم بأعيانهم نظر إلى جملة الرقيق ثم يقومون ثم
ينظر إلى عدد ما سمى من رقيقه فإن كان قال خمسة وهم ثلاثون عبدا أعتق
175

سدسهم وان كانوا عشرين أعتق ربعهم ويقومون جميعا ثم يسهم بينهم فينظر
إلى الذي خرج سهمه فإن كان هو كفاف الجزء الذي سمى من رقيقه عتق وحده
ورقوا جميعا وإن كان أكثر عتق منه مبلغ ما سمى إن كان سمى سدسهم أو
ربعهم ورق منه ما زاد على ذلك ورق جميعهم وإن لم يكن فيه كفاف لما
سمى ضرب بالسهم ثانية فان استكملوا ما سمى من السدس أو الربع والا ضرب
بالسهم أيضا حتى يستكملوا ما سمى وان خرج في ذلك أكثر عدد مما سمى
من العدد بأضعاف إذا كان الذين يعتقون قيمتهم كفاف لما سمى من الجزء وإنما
يعتق منهم كفاف ما سمى من الجزء إن كان ربعا أو سدسا بالسهم كان واحدا أو
عشرين أو ثلاثين لا يلتفت إلى العدد في ذلك إذا كان فيما يبقى للورثة ثلاثة أرباعهم
أو خمسة أسداسهم بقية الأجزاء على ما سمى وذلك إذا لم يترك مالا غيرهم فان ترك
مالا غيرهم استكملوا عتق جميع ما سمى في ثلث جميع ماله حتى يؤتى على جميع وصيته
التي سمى على ما فسرت لك (قال) فقلت لمالك أرأيت ان أوصى رجل بالعتق
وله خمسون رأسا فقال عشرة من رقيقي أحرار فغفل الورثة عن بيع ماله فلم يقوموا
حتى هلك منهم عشرون وبقي منهم ثلاثون فقال مالك يعتق ثلث الثلاثين ولا
يكون لما مات قيمة يعتد بها على الورثة ولا تدخل على الرقيق وإنما يعتق من عددهم
يوم يحكم فيهم وليس لمن مات منهم قيمة وتصير التسمية كلها التي سمى فيما بقي من
الرقيق (ابن وهب) ان مالكا وغير واحد من أهل العلم حدثه عن الحسن بن أبي
الحسن وعن محمد بن سيرين أن رجلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق
عبيدا له ستة عند موته فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم وأعتق ثلث ذلك
الرقيق (قال مالك) وبلغني أنه لم يكن لذلك الرجل مال غيرهم (ابن وهب) وأخبرني
جرير بن حازم والحرث بن نبهان عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين وأبى
قلابة الجرمي عن عمران بن الحصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله (أشهب)
عن الليث بن سعد أن يحيى بن سعيد حدثه عن الحسن أن رجلا أعتق ستة أعبد على
176

عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن له مال غيرهم فأسهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم بينهم فأخرج ثلثهم (ابن وهب) عن مالك بن أنس أن ربيعة بن أبي عبد
الرحمن حدثه أن رجلا في زمن أبان بن عثمان أعتق رقيقا له جميعا فأمر أبان بن عثمان
بهؤلاء الرقيق فقسموا أثلاثا ثم أسهم بينهم على أيهم يخرج سهم الميت فيعتق فخرج
السهم على أحد الا ثلاث فعتقوا (قال مالك) وذلك أحسن ما سمعت (الليث بن
سعد) عن يحيى بن سعيد قال أدركت مولى لسعيد بن بكر يدعى دهورا أعتق
ثلث رقيق له هم قريب من العشرين فرفع أمرهم إلى أبان بن عثمان فقسمهم أثلاثا ثم
أقرع بينهم فأخرج ثلثهم فأعتقهم (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن
سعيد قال كان لرجل غلامان فأعتق أحدهما عند الموت فلم يدر أيهما هو فأسهم أبان
بينهما فطار السهم لأحدهما وغشى على الآخر
[في الرجل يعتق أثلاث رقيقه وأنصافهم]
(قلت) وقال مالك من قال عند موته أثلاث رقيقي أو أنصافهم أحرار أو ثلث كل
رأس أو نصف كل رأس عتق من كل واحد منهم ما ذكر ان حمل ذلك الثلث ولم
يبدأ بعضهم على بعض (قلت) فإن لم يحمل الثلث ذلك (قال) يعتق منهم عند
مالك ما حمل الثلث يقسم الثلث على قدر ما عتق منهم يتحاصون فيه ولا يقرع بينهم
ولكن يعتق من كل واحد منهم ما أصابه من ثلث مال الميت في المحاصة وقاله أشهب
[في الرجل يحلف بعتق رقيقه فيحنث في مرضه]
(قلت) أرأيت الرجل يحلف بعتق رقيقه أن لا يكلم فلانا فمرض فكلمه وهو
مريض (قال) هو بمنزلة من أعتق عبدا له وهو مريض ان مات ووسعهم الثلث عتقوا
والا أقرع بينهم فأخرج منهم سهم ما حمل الثلث ورق منهم ما بقي ولو حلف ليكلمن
فلانا بعتق رقيقه فمات قبل أن يكلمه عتق رقيقه في ثلثه ان وسعهم الثلث والا فما
حمل الثلث منهم جميعا ولا يقرع بينهم وهم بمنزلة المدبرين يعتق من كل واحد منهم
177

حصته من الثلث وإن كان قد ولد لرقيقه هؤلاء أولاد بعد يمينه هذه كان أولادهم
معهم في الوصية يقومون مع آبائهم في الثلث إذا كانت أمهاتهم إماء لآبائهم وهم بمنزلة
المدبرين وكذلك قال مالك أرى أولادهم يدخلون معهم بمنزلة المدبرين
[في الذي يحلف بعتق رقيقه ليفعلن شيئا فيولد لعبيده]
(قلت) أرأيت الرجل يحلف بعتق رقيقه ليفعلن شيئا فيولد لعبيده أولئك ولد
(قال) أراهم في اليمين مع آبائهم (قلت) أرأيت الرجل قال لعبده ان دخلت أنا هذه
الدار فأنت حر وقال هذه المقالة في الصحة ثم دخل الدار في المرض فمات من مرضه
(قال) يعتق العبد من الثلث (وسألت) مالكا عن الرجل يقول لامرأته ان دخلت دار
فلان فأنت طالق البتة وهو صحيح حين قال لها ذلك ثم دخلت الدار وهو مريض
ثم مات (قال مالك) أرى أن ترثه وان انقضت عدتها وهي بمنزلة من طلق في المرض
(قلت) ولم يورثها مالك وإنما وقع الفراق هاهنا من المرأة لا من الزوج (قال)
أرأيت المفتدية في المرض أليست ترثه في قول مالك فهذه بمنزلة المفتدية في الميراث
[فيمن أعتق عبده ثم أدان بعد عتقه]
(قلت) أرأيت ان أمرت عبدي أن يبيع لي سلعة من السلع فباع السلعة وأعتقت
أنا العبد ثم اعترفت السلعة التي باع العبد فأراد المشترى أن يتبع السيد ويرد عتق
العبد (قال) ليس ذلك له ولم أسمعه من مالك لان الدين إنما لحق السيد بعد
ما أعتق السيد العبد
[في المديان يعتق عبده وعنده من العروض كفاف دينه أو نصفه]
(قال) وقال مالك إذا كان على الرجل دين وكان عنده كفاف دينه سوى عبده
فأعتق عبده جاز عتقه (قلت) وكذلك لو دبره أو كاتبه (قال) نعم قال مالك
في العتق انه جائز فهو في التدبير والكتابة أولى أن يجوز (وقال مالك) من
أعتق عبدا له وله من المال والعروض ما لو قامت عليه الغرماء يوم أعتقه كان في ماله
178

سوى العبد وفاء بدينهم فلم يقوموا عليه حتى ضاع المال كله فان العتق ماض وليس
للغرماء أن يردوا عتقه وكذلك التدبير والكتابة أيضا في قوله ولو كان دينه يغترق
نصف العبد فلم يقم عليه الغرماء حتى ضاع المال كله لم يبع من العبد الا ما كان يباع لو
قام عليه الغرماء حين أعتق والمال غير تالف فينظر فيه يوم أعتق أو دبر إلى ما كان
في يدي السيد من المال يومئذ ولا ينظر إلى ما تلف من المال بعد ذلك ويعتق منه
ما بقي (قلت) فان دبر رجل عبده وله مال وعليه دين يغترق ماله أو يغترق نصف
عبده هذا الذي دبره (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنى أرى أن يباع من العبد
مبلغ الدين بعد مال سيده مثل ما وصفت لك في العتق فإذا بيع منه ما ذكرت لك
كان ما بقي مدبرا لان مالكا قال لو أن عبدا بين رجلين دبره أحدهما باذن صاحبه
لجاز ذلك وما كان به بأس لان الكلام في هذا المدبر للذي يدبر فإذا اشترى
المشترى على هذا يكون كأنه رضى بالتدبير ولا يتقاومانه ولقد سمعت مالكا وكانت
المقاومة عنده ضعيفة ولكنها شئ ء جرت في كتبه ولقد سمعته ونزلت فألزمه التدبير
الذي دبره كله ولم يجعل فيه تقويما فهذا يدلك على أن المدبر يباع منه بقدر الدين ويترك
ما بقي مدبرا وهذا بمنزلة العتق (قلت) فإن كان كاتبه وعليه من الدين مثل
ما وصفت لك مقدار نصف العبد (قال) فلا أرى أن يجوز منه قليل ولا كثير لأنه لو
كاتب نصف عبده وليس عليه دين لم يجز ذلك ولو كاتبه كله وعليه دين لم يجز
ذلك إلا أن يكون لو بيعت كتابته أو بعضها كان فيها ما يؤدى دين سيده فإن كان
كذلك رأيت أن تباع وتقر كتابته لأنه لا ضرر على الغرماء في شئ من دينهم إذا
كان فيما يباع من كتابته قضاء لدينهم وإنما الذي لا يجوز إذا لم يكن فيما يباع منه قضاء
للغرماء فحينئذ يرد عليه ويباع العبد في دينهم. ولو أن عبدا بين رجلين كاتب أحدهما
نصيبه بغير إذن شريكه أو باذنه فالكتابة باطلة ولا يقال لهما مثل ما قيل في التدبير
179

[في عتق المديان ورد الغرماء ذلك]
(قال) وقال مالك في الذي يعتق وعليه دين فرد الغرماء عتقه فلم يباعوا حتى أفاد
السيد مالا فإنهم أحرار (فقال) له بعض جلسائه ألم يكن ذلك ردا للعتق (فقال) ليس
ذلك ردا للعتق حتى يباعوا (قال) ولو باعهم السلطان ولم ينفذ ذلك وأفاد السيد مالا
(قال) قال مالك رأيتهم أحرارا (قلت) ما معنى قول مالك ولم ينفذ ذلك (قال) ان
السلطان عندهم بالمدينة يبيع ويشترط في ذلك أنه بالخيار ثلاثة أيام فان وجد من يزيد
وإلا أنفذ البيع للذي اشتراه (قلت) ويجوز هذا البيع في قول مالك قال نعم (قلت)
أرأيت الرجل يعتق عبده وعليه دين يغترق قيمة العبد وللعبد أولاد أحرار ولم يعلم
الغرماء بعتق السيد إياه فمات بعض ولد العبد أيرثه العبد وقد عتق قبل أن يموت ابنه
(قال) لا أرى أن يرثه لأنه عبد حتى يعلم الغرماء بالعتق فيجيزون ذلك أو يفيد السيد
مالا (قال) وكيف أورث من لو شاء الغرماء أن يردوه في الرق ردوه وان شاؤوا أن
يجيزوا عتقه أجازوه ولا أورث الا من قد بتل عتقه ولا يرجع في الرق على حال
من الحالات ولا يكون لاحد أن يرده في الرق (ولقد) قال مالك في الرجل يعتق
عبده عند موته وله أموال متفرقة وفيها ما يخرج العبد من الثلث إذا جمعت فلم تجمع
ولم يقض حتى هلك العبد (فقال) مالك لا يرثه ورثته الأحرار فهذا يدلك على مسألتك
وما أخبرتك فيها لان العتق إنما يتم بعد جمعهم المال وتقويمهم إياه لأنه لو ضاع المال
كله لم يعتق من العبد الا الثلث وكذلك أن بقي من المال مالا يخرج العبد في ثلث
الميت عتق منه ما حمل الثلث ولا يلتفت إلى ما ضاع من المال فهذا كله يدلك على مسألتك
[في الرجل يعتق رقيقا له في مرضه فيبتل عتقهم أو بعد موته وعليه دين]
(قلت) أريت ان أعتق عبيده في مرضه فبتل عتقهم أو أعتق بعد موته وعليه
دين يغترق العبيد (قال) لا يجوز عتقهم عند مالك (قلت) فإن كان الدين لا يغترق
قيمة العبيد (قال) يقرع بينهم للدين فمن خرج منهم سهمه بيع في الدين حتى يخرج
180

مقدار الدين ثم ينظر إلى ما بقي فيعتق منهم الثلث بالقرعة أيضا وهو قول مالك (ابن
القاسم) وقد وصفت لك كيف القرعة أن يقارعوا فإذا خرجت القرعة على أحدهم
وقيمته أكثر من الدين بيع منه مقدار الدين والذي يبقى منه بعد الدين يقرع عليه أيضا
في العتق مع من بقي فان خرج ما بقي من هذا العبد في العتق وكان فيه كفاف لثلث
الميت عتق وإن لم يكن فيه وفاء أقرع أيضا بين من بقي منهم فان خرجت القرعة
على بعض من بقي وقيمته أكثر مما بقي من الثلث عتق منه مبلغ الثلث ورق منه ما
بقي فإن كان حين أقرع بينهم في الدين انهم يباعون في الدين خرجت القرعة على
أحدهم وليس فيه وفاء بالدين فإنه يقرع بينهم أيضا ثانية حتى يستكمل الدين بالقرعة
وان خرجت القرعة بعد الأول على آخر فيه وفاء ببقية الدين وفضل بيع منه مبلغ
الدين وكان ما بقي منه بعد ذلك للميت ويضرب على ما بقي منه بالسهام مع جميع
الرقيق الذين بقوا بعد الدين فمن خرج سهمه عتق في ثلث الميت حتى يستكملوا ثلث
الميت وليست تكون القرعة عند مالك الا في الوصية وهذه وصية (قلت) فالذي
أعتق رقيقه في مرضه فبتلهم أو أعتقهم بعد الموت وعليه دين والعبيد أكثر من الدين
أهو سواء في قول مالك يقرع بينهم في الدين (قال) نعم هو سواء (قلت) ويقرع
بينهم فيما فضل بعد الدين في العتق في قول مالك قال نعم (قلت) فإن لم يكن عليه
دين أيقرع بينهم في العتق في قول مالك في الوجهين جميعا في الذين بتل عتقهم في
مرضه وفى الذين أوصى بعتقهم إنما العتق في أي الفريقين كان بالقرعة وإن كان
لا دين عليه قال نعم (قلت) فان أعتقهم في مرضه وعليه دين وعنده من المال
مقدار الدين فتلف المال ثم مات السيد والدين يغترق قيمة العبيد (قال) هؤلاء رقيق
كلهم يباعون في الدين لأن هذه وصية فلا يكون العتق في الوصية عتقا الا بعد
أداء الدين (قلت) وسواء إن كان بتل عتقهم في مرضه في مسألتي أو أعتقهم بعد
موته (قال) نعم هذا كله سواء لأنها وصية فهم رقيق حتى يستوفى الدين وإن كان في
قيمتهم فضل عن الدين أسهم بينهم فيمن يباع في الدين ثم أقرع بينهم في العتق في الثلث
181

[فيمن أعتق رقيقه وعليه دين فقام الغرماء]
[وزادوا في بيعهم دون السلطان]
(قلت) أرأيت من أعتق رقيقه ولا مال له غيرهم وعليه دين يغترقهم فقام عليه
الغرماء أيكون له أن يبيعهم دون السلطان أو يكون ذلك للغرماء (قال) قال مالك
لا يكون له أن يبيعهم ولا لهم دون السلطان (قلت) فان باعهم بغير أمر السلطان
ثم أفاد مالا ثم رفع أمرهم إلى السلطان (قال) يرد بيعهم وتمضى حريتهم وإنما ينظر
السلطان في ذلك يوم يرفع إليه فإن كان أعتق وهو موسر ثم أفلس لم يرد عتقه
وإن كان أعتق وهو مفلس ثم أيسر لم يرد عتقهم أيضا (قلت) فان باعهم السلطان
في دينه ثم اشتراهم سيدهم الذي كان أعتقهم بعد ذلك أيعتقون عليه في قول مالك
(قال) قال مالك لا يعتقون عليه وهم رقيق
[في الرجل يعتق رقيقه في الصحة وعليه دين]
[لا يحيط بهم أو يغترقهم ثم يفيد مالا ثم ذهب]
(قلت) أرأيت ان أعتق رقيقه في صحته وعليه دين لا يحيط بهم وفيهم فضلة عن
دينه وليس له مال سواهم (قال) هؤلاء يباع منهم جميعا مقدار الدين بالحصص ويعتق
جميع ما بقي منهم وما بيع في الدين منهم فذلك رقيق كذلك قال مالك (قلت)
أرأيت ان أعتق رقيقه وعليه دين يغترقهم ولا مال له سواهم فلم يقم الغرماء عليه حتى
أفاد مالا فيه وفاء من دينه هل يجوز عتقهم (قال) قال مالك نعم عتقهم جائز (قلت)
أرأيت ان ذهب المال الذي أفاد قبل أن يقوم الغرماء عليه ثم قام الغرماء بعد ذلك
(قال) الرقيق أحرار عند مالك وليس للغرماء عليهم سبيل لان مالكا قال في رجل
أعتق رقيقا له وعليه دين وعنده من المال سوى الرقيق كفاف الدين ان عتقه جائز فان
تلف المال من يديه بعد ذلك فقام الغرماء لم يكن لهم على العبيد الذين عتقوا سبيل
وكان عتقهم جائزا وإن لم يكن الغرماء علموا بعتقهم لأنه أعتقهم يوم أعتقهم وعنده
182

من المال مقدار الدين فكذلك مسألتك (قلت) فإن لم يكن في ماله هذا مقدار
الدين يوم أعتقهم ولكنه مقدار بعض الدين (قال) ينظر إلى ما بقي من الدين بعد ماله
الذي كان عنده فيرق من العبيد مقدار ذلك يرق منهم مقدار ما بقي من الدين
بالحصص من جميعهم وهذا كله إذا كان في الصحة وكذلك يقول أشهب
[في الرجل يشترى من يعتق عليه وعليه دين]
(قال) وقال مالك في الرجل يشترى أباه وعليه دين انه لا يعتق عليه (قال)
فقلت لمالك فان اشتراه وليس عنده ثمنه كله وعنده بعض الثمن أترى أن يعتق عليه
بقدر ما عنده منه ويباع منه ما بقي (قال) مالك لا ولكن أرى أن يرد البيع (قال
ابن القاسم) ولا يعجبني ما قال ولكني أرى أن يباع من الأب مقدار بقية الثمن للبائع
ويعتق منه ما بقي بعد ذلك (قال سحنون) وقد قال بعض كبار أصحاب مالك لا يجوز
له ملك أبيه الا إلى عتق فأما إذا كان عليه دين يرده فقد صار خلاف السنة والحق
أن يكون الرجل يملك أباه فيباع في دينه ويقضى عن ذمته نماؤه ويكون فيه الربح
والزيادة وذلك خلاف ما أعلمتك به من السنة من أن يملك أباه كما يملك السلع فتنمو
السلع فيربح فيها أو تتضع فيخسر فيها
[فيمن أعتق ما في بطن أمته ثم لحقه دين]
(قلت) أرأيت ان أعتق رجل ما في بطن أمته ثم لحقه الدين من بعد ما أعتق ما في
بطنها ثم ولدته قبل أن يقوم الغرماء على سيد الأمة أيكون لهم أن يردوا الولد في الرق
أم لا في قول مالك (قال) ليس لهم على الولد سبيل لأنه قد قابل الأم قبل أن يقوم
الغرماء على حقوقهم (قال) وهذا رأيي ولان عتقه إياه قد كان قبل دين الغرماء (قلت)
أرأيت رجلا أعتق ما في بطن أمته وهو صحيح ثم لحق السيد دين فقامت الغرماء
على الأمة (قال) قال مالك تباع بما في بطنها للغرماء ويفسخ عتق السيد في الولد (قلت)
فلم جعل مالك الدين يلحق ما في بطنها وجعل عتق هذا الولد إذا خرج من بطن أمه
183

والسيد مريض أو قد مات فارعا من رأس المال ولم يجعله في الثلث إذا كان عتقه إياه
في الصحة فينبغي أن يكون عتق هذا الجنين إذا لحقه الدين عتقه في الثلث والا فاجعله
فارعا من رأس المال ولا تجعل الدين يلحقه (قال) إنما قال مالك تباع أمه في الدين فإذا
بيعت أمه في الدين كان الولد تبعا لها لأنه لا يجوز أن تباع أمه ويستثنى ما في بطنها
فلذلك بطل عتق هذا الولد وإن لم يقم الغرماء على هذا السيد حتى يزايل الولد أمه أعتق
الولد من رأس المال إذا كان عتق السيد إياه كان في الصحة قبل الدين وبيعت الأم
وحدها في الدين وكذلك قال مالك (قال ابن القاسم) وهو قول عبد العزيز بن أبي
سلمة فيما بلغني
[فيمن اشترى عبدا في مرضه وحابى ثم يعتقه والثلث]
[لا يحمل الا العبد وحده]
(قلت) أرأيت الرجل يشترى عبدا في مرضه فحابى في الشراء ثم أعتق العبد
والثلث لا يحمل أكثر من العبد (قال) قال مالك من اشترى في مرضه فحابى في
شرائه أو باع فحابى في بيعه (قال) مالك ذلك في ثلثه وهي وصية فأرى في مسألتك
أنه إذا حابي سيد العبد فلا تجوز محاباته إذا كان أعتق وثلث مال الميت العبد
ولا يكون له أكثر من قيمة عبده لان قيمته ليست محاباة فهي دين وما زاد على
قيمته فهي محاباة وهي وصية في الثلث فلما دخل العتق في ثلث الميت كان أولى من
وصيته وكانت قيمة العبد أولى من العتق لان قيمة العبد من رأس المال (وقد) قال
أيضا المحاباة مبدأة لأن الشراء لا يجوز الا بها فكأنه أمر بتبدئة المحاباة من الثلث فما
بقي بعد المحاباة من الثلث فهو في العبد أتم ذلك عتقه أم نقص منه
[فيمن أعتق عبده في مرضه بتلا وليس له مال مأمون فهلك]
[العبد قبل مولاه وله بنت هل ترثه]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أعتق عبده في مرضه بتلا ولا مال له سواه وقيمة
184

العبد ثلاثمائة درهم وللعبد بنت حرة فهلك العبد قبل السيد وترك ألف درهم ثم مات
السيد ما حال العبد وحال الألف وهل ترث البنت من ذلك شيئا أم لا (قال) قال مالك
العبد رقيق لان السيد لم يكن له مال مأمون فيعتق العبد منه مثل الدور والأرضين وما
وصفت لك فلما لم يكن ذلك للسيد كان عتقه فيه باطلا لا يجوز (قال) وان كانت
له أموال مأمونة جاز عتق السيد إياه وكانت الألف بين السيد وبين البنت ميراثا (وقد
قال بعض الرواة) فعل المريض لا ينظر فيه الا بعد الموت كانت له أموال مأمونة
أو لم تكن لا يتعجل بالنظر في شئ من أموره الا بعد الموت وبعد التقويم كانت له
أموال مأمونة أو غير مأمونة (قلت) لابن القاسم فإن كانت له أموال مأمونة تبلغ
نصف قيمة العبد أيعتق منه النصف أم لا (قال) لا يعتق منه قليل ولا كثير إلا أن
تكون له أموال كثيرة مأمونة بحال ما وصفت لك تكون أضعاف قيمة العبد مرارا
[في العبد بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه]
(قلت) أرأيت عبدا بين رجلين يعتق أحدهما حصته وهو موسر فقال الذي لم
يعتق أنا أعتق حصتي إلى أجل ولا أضمن شريكي (قال) بلغني أن مالكا قال ليس
ذلك له إنما له أن يبت عتقه أو يضمن شريكه (قلت) فان أعتقه إلى أجل أيكون له
أن يضمن شريكه (قال) قال نعم يفسخ ما صنع ويضمن شريكه ويبطل ما صنع من
العتق إلى أجل ويضمن شريكه حصته في ماله فيعتق عليه (قلت) فان دبر حصته
أو كاتبه (قال) لا يجوز ذلك أنما له أن يعجل له العتق أو يضمن شريكه (قال سحنون)
ورواه أشهب عن مالك إن كان للمعتق مال (وقال) غيره وإن لم يكن للمعتق مال يحمل
أن يقوم عليه أو له مال لا يحمل جميع قيمة النصف قوم على المعتق بقدر ما في يديه وان
حمله قوم عليه وان حمل نصف النصف قوم عليه وعتق على المعتق ما بقي من نصيبه
وهو ربع العبد إلى أجل (وقد قال) بعض رواة مالك أرى إن كان للمعتق مال أن
الذي أعتق إلى أجل أراد ابطال سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرى إذا
أراد أن يتمسك من الرق بما ليس له وقد أعتق عتقا لازما وعقد عقدا قويا وأخر
185

عتقه إلى سنة وذلك تعد منه في التأخير والتعدي أولى بالطرح من العتق الذي عقده
قوى ويلزم العتق الذي ألزم نفسه معجلا (قلت) لابن القاسم أرأيت عبدا مسلما
بين النصراني ومسلم أعتق النصراني حصته في هذا العبد وهو موسر وتمسك المسلم
بالرق أيضمن النصراني حصة المسلم من ذلك (قال) نعم إذا كان العبد مسلما أجبر
النصراني على عتق جميع العبد لان كل حكم يكون بين نصراني ومسلم انه يحكم
فيه بحكم الاسلام (قلت) وإن كان العبد نصرانيا وكان بين مسلم ونصراني فأعتق
المسلم حصته (قال) يقوم على المسلم وان أعتق النصراني حصته لم يقوم عليه ما بقي من
حصة المسلم لان العبد لو كان جميعه للنصراني فأعتقه أو أعتق نصفه لم يحكم عليه بعتقه
فكذلك إذا كان بينه وبين مسلم فأعتق النصراني حصته منه وهذا قول مالك
(وقال أشهب) يقوم عليه لان الحكم إنما هو بين السيدين (قلت) لابن القاسم أرأيت ان
أعتق رجل شقصا له في عبد وهو موسر فضمن لصاحبه نصفه بأكثر من قيمته إلى أجل
(قال) لا يعجبني ولا يجوز هذا وهو حرام (قلت) أرأيت لو أن عبدا بين رجلين
أذن أحدهما لصاحبه في العتق فأعتق أيضمن لشريكه الذي أذن له في العتق أم لا لأنه
أذن له (قال) يضمن له عند مالك إذا كان موسرا (قلت) أرأيت إن لم يكن المعتق
موسرا بما بقي من ثمن العبد ولكنه موسر بنصف ما بقي من ثمن العبد (قال) قال مالك
يعتق عليه من العبد ما حمل منه ماله ويرق ما سوى ذلك (قلت) أرأيت لو أن عبدا
بيني وبين رجل أعتق أحدنا نصيبه منه ثم أعتق الآخر نصف نصيبه منه أيكون له
أن يضمن شريكه الذي أعتق أولا نصف نصيبه الباقي قال لا (قلت) لم (قال) لأنه
إذا أعتق شيئا من شقصه عتق عليه جميع ما كان له فيه (قلت) ولم يعتق عليه جميع
ما كان له فيه وإنما كان حقه مالا على صاحبه إذا كان المعتق الأول موسرا (قال) لأنه
لا يجب على المعتق الأول شئ الا إذا أقيم عليه والعبد غير تالف (قال ابن القاسم) ألا ترى
أن العبد لو مات قبل أن يقوم على المعتق الأول لم يضمن لشريكه شيئا من قيمته
وكذلك إذا أعتقه شريكه بعد عتق الأول لم يكن للثاني أن يضمن الأول لأنه قد
186

أتلف نصيبه فكذلك إذا أعتق بعض نصيبه فقد أتلفه ويعتق عليه ما بقي من نصيبه
(قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا الذي سمعت (قلت) أرأيت لو مات المعتق
الذي أعتق نصف نصيبه قبل أن يعتق عليه ما بقي أيقوم على الأول النصف الباقي من
نصيبه (قال) نعم يقوم عليه عند مالك (قال) وقال مالك لو أن عبدا بين ثلاثة نفر أعتق
أحدهم نصيبه ثم أعتق الآخر نصيبه فأراد المتمسك بالرق أن يضمن المعتق الثاني
والمعتقان جميعا موسران (قال) قال مالك ليس له أن يضمن المعتق الثاني وإنما له أن
يضمن المعتق الأول لأنه هو الذي ابتدأ الفساد (قال) قال مالك فإن كان المعتق
الأول معسرا والثاني موسرا فأراد المتمسك بالرق أن يضمن المعتق الثاني (قال)
مالك ليس ذلك له لأنه لم يبتدئ فسادا أولا وإنما ينظر إلى من ابتدأ الفساد أولا
(قال) وقال لي مالك ولو أعتق اثنان منهم مالهما من العبد جميعا وأحدهما
موسر والآخر معسر ضمن الموسر جميع قيمة نصيب المتمسك بالرق (قلت)
ولم (قال) لان مالكا قال إذا ضمن شيئا من قيمته ضمن جميع ذلك (قلت)
وتجعله كأنه ابتدأ فساد هذا العبد (قال) نعم هو وصاحبه ابتدءا فساده إلا أن صاحبه
لا يضمن لأنه معسر (أشهب) عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن
العبد قوم عليه قيمة العدل فأعطى شركاؤه حصصهم وأعتق عليه العبد والا فقد
أعتق عليه منه ما أعتق وقضى بذلك عمر بن عبد العزيز برأي عروة بن الزبير
في امرأة أعتقت مصابتها من عبد وكانت مصابتها ثمنه ولا قيمة عندها فجعل
له عمر بن العزيز من كل ثمانية أيام يوما وجعله في يوم الجمعة وللورثة
سبعة أيام وهو قول مالك (قلت) لابن القاسم أرأيت ان أعتق شقصا له
في عبد وهو معسر فلم يقم عليه شريكه حتى أيسر (قال) بلغني عن مالك أنه كأن يقول
قديما انه يقام عليه وأما منذ أدركناه فاني سألته عنه غير مرة ووقفته عليه فقال لي
إن كان يوم أعتق يعلم الناس والعبد وسيده الذي لم يعتق أنه لو قام عليه لم يقوم عليه
187

لعسره لم أر أن يعتق عليه وان أيسر بعد ذلك لأنه كان حين أعتقه لا مال له إذا علم
الناس أنه إنما تركه لعسره (قال) فقلت لمالك فإن كان العبد غائبا فلم يقدم حتى أيسر
الذي أعتق نصيبه (قال) قال مالك أرى أن يعتق عليه ولم يره مثله إذا كان حاضرا
معه وهو يعلم والناس يعلمون أنه إنما تركه لأنه لا مال له وانه ليس ممن يقوم عليه وان
العبد حين كان غائبا لا يشبه إذا كان حاضرا لان سيده الذي لم يعتق إنما منعه من
أن يقوم على شريكه الذي أعتق لحال غيبة العبد فهو يقوم عليه إذا قدم العبد وهو
موسر وإن كان يوم أعتقه معسرا (قلت) فان أعتقه وهو موسر ثم أعسر ثم أيسر
ثم قام عليه شريكه أيضمنه (قال) نعم يضمنه لأنه يوم أعتقه كان ممن يقوم عليه لو قام
شريكه فإذا لم يقم عليه شريكه حتى أعسر ثم أيسر ورجع إلى حالته الأولى التي لو قام
عليه فيها شريكه ضمن له فله أن يضمنه (قلت) فإن لم يقم عليه شريكه حتى أعسر
بعد أن كان موسرا يوم أعتق (قال) قال مالك هذا لا شك فيه أنه لا يقوم عليه
(قال) مالك فان أعتقه ثم قيل لشريكه أتعتقه أم تضمنه قال بل أضمنه ثم قال بعد
ذلك بل أنا أعتقه (قال) أرى أن ذلك ليس له بعد أن رد ذلك عليه (قال) مالك
ويقوم على الأول ويعتق جميعه على الأول (قلت) أرأيت لو أن أمة بيني وبين رجل
وهي حامل فأعتقت نصفها وأعتق صاحبي ما في بطنها (قال) القيمة لازمة
للذي أعتق نصفها وعتق هذا الذي أعتق ما في بطنها بعد ذلك ليس بشئ إلا أن
يعتقا جميعا (قلت) أرأيت أمة بين شريكين وهي حامل دبر أحدهما ما في بطنها
(قال) إذا خرج تقاوماه فيما بينهما (قلت) فان دبر أحدهما ما في بطنها وأعتقها
الآخر (قال) يفسخ تدبير الذي دبر ويقوم على الذي أعتق في قول مالك (أشهب)
عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من
أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل وأعطى
شركاؤه حصصهم وأعتق العبد والا فقد عتق منه ما عتق (قلت) لابن القاسم
أرأيت ان أعتق شقصا له في عبد وله شوار بيت يبلغ نصيب صاحبه أيلزمه
188

عتق جميع العبد (قال) نعم يلزمه ذلك عند مالك (قال) وإنما يترك له عند مالك ولا يباع
عليه مثل كسوة طهره التي لا يستغنى عنها وعيشة الأيام وأما فضول الثياب فإنها تباع
عليه (قال) وقال مالك وإن لم يكن له مال يبلغ نصيب صاحبه عتق عليه مبلغ ماله
ورق من العبد ما بقي (قال) وسألنا مالكا عن العبد بين الرجلين يعتق أحدهما حصته
وهو موسر ويبيع المتمسك بالرق حصته (قال) مالك يرد البيع ويقوم على شريكه
الذي أعتق (قلت) أرأيت ان أعتقه وهو معسر والعبد غائب فباع المتمسك
بالرق حصته من رجل وتواضعا الثمن فقبضه المشترى وقدم به والمعتق موسر أو لم
يقدم به إلا أن العبد علم بموضعه فخاصم في موضعه وسيده موسر (قال) ينتقض
البيع ويعتق على المعتق كله (قلت) أرأيت ان أعتقت شقصا لي في عبد وأنا صحيح
فلم يقوم على نصيب صاحبي حتى مرضت أيقوم علي وأنا مريض (قال) أرى أن
يقوم عليك هذا النصف في الثلث (قال ابن القاسم) والرجل يعتق نصف عبده وهو
صحيح فلا يعلم ذلك الا وهو مريض (قال) أرى أن يعتق عليه النصف الباقي في ثلثه
وإن لم يعلم به الا بعد موته لم يعتق منه الا ما كان أعتق وكذلك سمعت مالكا يقول
في الموت والتفليس انه لا يعتق عليه الا النصف الذي كان أعتق منه (قال) وقال
مالك فإذا أعتق الرجل شقصا له في عبد وهو معسر فرفع ذلك إلى السلطان فلم يقومه
عليه ثم أيسر بعد ذلك المعتق فاشترى نصيب صاحبه (قال) لا يعتق عليه (قلت)
فان رفعه إلى السلطان فلم يقوم عليه ولم ينظر في أمره حتى أيسر (قال) يعتق عليه
(قال) لان العتق إنما يقع عليه حين ينطر السلطان فيه وليس يوم يرفع إلى السلطان. ولا
يشبه هذا الذي وقف عن طلبه وهو يعلم والناس يعلمون أنه إنما تركه لأنه لو قام عليه
ولم يدرك شيئا ثم أيسر بعد ذلك فان هذا ان قام لم يعتق عليه (قال) وقال مالك في
العبد بين الشريكين يعتق أحدهما نصيبه وشريكه غائب أترى أن ينتظر قدوم
الشريك (قال) ان كانت غيبته قريبة ولا ضرر فيها على العبد رأيت أن يكتب إليه فان
أعتق والا قوم على الأول الذي كان أعتقه فإن كانت غيبته بعيدة أعتق على المعتق ان
189

كان موسرا ولم ينتظر إلى قدوم الآخر (قال سحنون) وقد قال بعض رواة مالك
في الذي يعتق شقصا له في عبد فلم يقوم عليه نصيب صاحبه حتى مرض أو أعتق
نصف عبد له ليس له فيه شريك فلم يقوم عليه العبد حتى مرض انه لا يقوم عليه في
الثلث نصيب صاحبه ولا ما بقي من العبد ولا يعتق عليه في ثلثه لان عتقه كان في
الصحة فلا يدخل حكم الصحة على حكم المرض. وكذلك إذا مات المعتق أو أفلس وقد
قال أبو بكر لعائشة لو كنت حزتيه لكان لك وإنما هو اليوم مال لوارث قاله وهو
مريض فالمرض من أسباب الموت وفيه الحجر (قال أشهب) وقد أخبرني عبد
الله بن نافع أن عمر بن قيس حدثه عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس
أنه قال لا يقوم ميت ولا يقوم على ميت
[في الرجل يعتق نصف عبده أو أم ولده]
(قلت) أرأيت أم ولد رجل أعتق نصفها سيدها أيعتق عليه جميعها في قول مالك
(قال) قال مالك ان أعتق نصف أمة له عتقت عليه كلها فكذلك أم الولد وكل من
أعتق شقصا له في عبد يملكه عتق عليه كله عند مالك (ابن وهب) عن يونس
عن ربيعة أنه قال في الرجل يعتق نصف عبده قال ربيعة يعتق عليه كله وذلك أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أنه من أعتق شركا له في عبد أقيم عليه ثم أعتق
كله عليه وذلك أنه لم يكن ليجتمع في يد رجل عتاقة ورق كان ذلك من قبله حتى
تتبع احدى الحرمتين صاحبتها والرق أحق أن يتبع العتاقة من العتاقة للرق (ابن
وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن القاسم
ونافع مولى ابن عمر بذلك وأن عمر بن الخطاب قال ليس لله شريك (ابن نافع) عن
سفيان الثوري عن سلمة بن خالد المخزومي أن عمر بن الخطاب جاءه رجل فقال له أنا
الذي أعتقت نصف عبدي فقال عمر عتق عليك كله ليس لله فيه شريك والرجل صحيح
190

[في الرجل يعتق نصف عبده ثم فقد المعتق]
(قلت) أرأيت ان أعتق رجل نصف عبده والعبد جميعه له ثم فقد المعتق فلم يدر
أين هو (قال) قال مالك مال المفقود موقوف حتى يبلغ من السنين مالا يحيا إلى تلك
المدة فإذا بلغ تلك المدة جعلنا ماله لورثته يومئذ (قال مالك) وان تبين أنه مات قبل
ذلك جعلنا ماله للذين كانوا يرثونه يوم مات فهذا المعتق أرى أن يوقف نصفه
لأنه لا يدرى لمن يكون هذا النصف الذي لم يعتق وإنما يكون هذا النصف الذي لم
يعتق من العبد لمن يرث المال (قلت) ولا يعتقه في ماله (قال) لا لأني لا أدرى
أحي هذا المفقود أم ميت فلا يعتق في ماله بالشك
[في الرجل يعتق شقصا من عبده بتلا في مرضه أو غير بتل]
[وله أموال مأمونة أو غير مأمونة]
(قال) وقال مالك في المريض إذا كان بينه وبين رجل عبد فأعتق نصفه بتلا في
مرضه ان عاش عتق عليه وان مات قوم عليه ما بقي في ثلثه (قال مالك) وإذا
أعتق الرجل عبدا في مرضه بتلا وله أموال مأمونة من أرضين ودور عجل عتقه وكان
حرا يرث ويورث وتمت حريته وجراحاته وحدوده وقبلت شهادته وإن لم يكن له
مال مأمون كما وصفت لك وكان يخرج من الثلث لم يعجل له عتقه وكانت حرمته
حرمة عبد وجراحاته جراحات عبد وشهادته شهادة عبد حتى يعتق في ثلثه بعد موته
فإذا اشترى المريض نصفه ثم أعتقه في مرضه بتلا ان عاش وان مات كان حرا كله
إذا كان له مال مأمون من دور وأرضين ويقوم عليه نصيب صاحبه ولا ينتظر موته
وإن لم يكن له مال مأمون لم يقوم ولا يقوم عليه نصيب صاحبه الا بعد موته فما أعتق
منه ونصيب صاحبه جميعا أيضا إنما يكون في ثلثه بعد موته فإن كان الذي اشترى منه
والذي كان يملك منه من الشقص إنما كان أعتقه المريض بعد الموت في وصيته لم يقوم
عليه نصيب صاحبه كانت له أموال مأمونة أو لم تكن ولم أر المأمونة عند مالك
191

في الأموال الا الدور والأرضين والنخل والعقار (ابن القاسم) وقد بلغني أنه كان
يقول قبل ذلك في الذي يعتق بتلا في مرضه انه في حرمته وحالاته كلها حرمة عبد
وحاله حال عبد حتى يخرج من الثلث بعد موته ثم رجع عن ذلك ووقفناه عليه غير
مرة فقال ما أخبرتك (قلت) أرأيت هذا الذي اشترى في مرضه شقصا من
عبده فأعتقه بتلا وليس له أموال مأمونة ألا يقوم عليه نصيب صاحبه في حال مرضه
(قال) لا يقوم عليه في مرضه ويوقف العبد في يدي المريض فإذا مات عتق عليه
العبد في ثلثه فان حمله الثلث عتق جميعه وإن لم يحمله الثلث جميعه أعتق منه ما حمل
الثلث ورق منه ما بقي وذلك أن مالكا قال في المريض إذا اشترى في مرضه عبدا
فشراؤه جائز فان أعتقه جاز ذلك على ورثته إذا حمله الثلث وإن لم يحمله عتق الثلث
منه ما حمل الثلث ورق منه ما بقي وجاز فيه الشراء إذا لم يكن في الشراء محاباة على
ما أحب الورثة أو كرهوا وذلك أن مالكا قال أيضا إذا أعتق الرجل في مرضه
نصف عبده بتلا عتق عليه كله في الثلث فإذا كان يعتق عليه العبد في ثلثه إذا كان
جميعه له فإنه إذا أعتق في مرضه شقصا له في عبد فبتله فإنه يقوم عليه نصيب صاحبه
منه كانت له أموال مأمونة أو لم تكن مأمونة (ابن وهب) عن الليث بن سعد
عن ربيعة أنه قال في الرجل يعتق شركا له في عبد عند الموت انه يعتق ما أعتق من
نصيبه ولا يكلف حق شريكه (قال ابن وهب) وأخبرني حياة بن شريح عن
محمد بن عجلان أن عمر بن عبد العزيز أجاز عتق ثلث عبد أعتقته امرأة عند موتها
[في الرجل يعتق نصف عبد له ثم يموت العبد قبل أن يقوم]
(قلت) أرأيت لو أن عبدا بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه وهو موسر فلم يقوم
عليه حتى مات العبد عن مال وللعبد ورثة أحرار (قال) قال مالك المال الذي مات
عنه العبد للمتمسك بالرق دون ورثته الأحرار ولا يكون للسيد الذي أعتق من ماله
شئ ولا لورثة العبد ولا يقوم على الذي أعتق لأنه قد مات (قلت) وكذلك لو لم
يترك العبد مالا لم يقوم على سيده الذي أعتق حصته وإن كان موسرا إذا مات العبد
192

في قول مالك قال نعم (قلت) وكذلك أن أعتق حصته وهو معسر فهلك العبد عن
مال وله ورثة أحرار (قال) قال مالك المال كله للسيد المتمسك بالرق وليس للمولى الذي
أعتق حصته ولا لورثته من ذلك شئ (قال) قال مالك ولا يورث من فيه الرق
حتى يخرج جميعه من حال الرق التي فيه إلى حال الحرية فتتم فيه الحرية فهذا الذي
يرثه ورثته الأحرار وهو ما لم يخرج إلى هذه الحال التي تتم فيها حريته فإنما ماله الذي
ترك لمن له فيه الرق (قلت) أرأيت إن كان الرق الذي في العبد لرجل الثلث
ولآخر السدس ونصف العبد حر كيف يقتسمون المال الذي هلك عنه العبد (قال)
على قدر مالهما فيه من الرق لصاحب السدس سهم ولصاحب الثلث سهمان (قال ابن
وهب) وأخبرني ابن لهيعة أن عمر بن عبد العزيز قضى فيمن أعتق نصيبا من مملوك
ان مات قبل أن ينظر في أمره كان ميراثا للذي لم يعتق (ابن وهب) عن يونس
ابن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في عبد بين ثلاثة نفر أعتق اثنان وبقي نصيب واحد
فمات العبد عن مال قبل أن يقضى بخلاصه السلطان (قال ابن شهاب) نراه للذي بقي
له فيه الرق لان الرق يغلب النسب والولاء (قال ابن وهب) وأخبرني عقبة بن نافع
عن ربيعة أنه قال في عبد كان بين شركاء ثلاثة فأعتق أحدهم نصيبه وكاتبه الثاني وتمسك
الثالث بالرق فمات العبد قال ربيعة ميراثه بين الذي كاتبه وبين الذي تمسك بالرق على
أن يرد المكاتب الذي كاتب ما كان أصاب من كتابته قبل موته وقاله مالك (ابن
وهب) عن يزيد بن عياض عن عمرو بن شعيب أنه قال إن عمر بن الخطاب قضى
في عبد كان بين رجلين من قريش وثقيف فأعتق أحدهما نصيبه وبقي الاخر لم يعتق
فابتاع العبد جارية فوطئها فولدت منه أولادا ثم أعتق الآخر نصيبه من العبد من
نفسه وماله وولده فقضى عمر بن الخطاب أن ميراث العبد وولده بين الرجلين
[في عبد بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه إلى رجل]
(قلت) أرأيت لو أن عبدا بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه منه إلى أجل من
الآجال فقتله رجل أتكون قيمته بين السيدين جميعا في قول مالك (قال) نعم لان عتق
193

النصف لم يتم حتى يمضى الاجل فكذلك الجنين لم يتم عتق الذي أعتق حصته منه
الا من بعد الولادة (قلت) أرأيت هذا الذي أعتق حصته من هذا العبد إلى
أجل من الآجال أيقوم عليه نصيب صاحبه الساعة أم حتى يمضى الاجل وكيف إن لم يقوم عليه الساعة كيف يصنع في نصيب صاحبه وقد عضل نصيبه عليه وأضر به
(قال) أحب ما فيه إلى أن يقوم عليه الساعة لان الناس قد اختلفوا في المدبر وقد
سمعت مالكا أفتى فيمن دبر حصته من عبد بينه وبين شريكه أنه قال يقوم عليه
حصة شريكه وقوله في المدبر غير هذا إلا أنه أفتى بهذا وأنا عنده فالذي أعتق حصته
إلى أجل أو كد وأحرى بأن يقوم عليه
[في الأمة بين الرجلين يعتق أحدهما ما في بطنها]
(قلت) أرأيت الأمة تكون بين الرجلين وهي حامل فيعتق أحدهما ما في بطنها
متى يقوم هذا الولد على هذا المعتق وهو موسر (قال) إذا وضعته فهو حر وقوم نصفه
عليه (قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك عقل الجنين إذا أعتق في بطن أمه
عقل جنين أمة فإذا لم يجعل عقله عقل جنين الحرة علمنا أن عتقه إنما هو في قول
مالك بعد خروجه فإذا خرج قوم على شريكه يوم يحكم فيه (قلت) أرأيت ان
ضرب رجل بطنها فألقت هذا الجنين وقد أعتقه أحد الشريكين (قال) أرى العقل
بينهما لان مالكا جعل حريته بعد خروجه (قلت) فلم قال مالك إذا أعتق الرجل
ما في بطن أمته وهو صحيح ثم مرض فولدته وهو مريض أو ولدته بعد موته فإنه
فارع من رأس المال ولا يكون في الثلث فأرى مالكا هاهنا قد جعل العتق قبل
خروج الولد (قال) إنما جعل مالك عتقه فارعا من رأس المال في مسألتك هذه
لان من أعتق عبدا له إلى أجل من الآجال والسيد صحيح ثم مرض فمات من
مرضه ذلك أن العبد يعتق من رأس المال فكذلك الجنين في بطن أمه فهو قبل
خروجه في حالاته كلها في الجنايات عليه وغير ذلك خلاف العبد وهو من رأس
المال وليس من الثلث (قلت) أرأيت إن كان لهذا الجنين الذي أعتقه سيده اخوة
194

أحرار فضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا أيكون عقله لسيده دون اخوته قال نعم
[في الرجل يشترى نصف ابنه أيقوم عليه ما بقي منه أم لا]
(قلت) أرأيت لو أنى اشتريت نصف ابني من سيده أيعتق على جميعه ويقوم
على النصف الباقي إذا كنت موسرا في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لو أن
جميع ابنه لرجل فاشترى الأب نصف ابنه أو تصدق سيده بنصفه على والد العبد
فقبل والد العبد الصدقة أو وهبه له فقبل الهبة والوالد حر موسر انه يقوم على أبيه
ما بقي ويعتق جميعه في قول مالك (قال مالك) وكذلك أن أوصى سيد الابن للأب
بنصف ابنه فقبله عتق عليه جميعه إذا كان حرا موسرا وكان عليه في جميع هذا نصف
قيمة ابنه وكذلك أن كان أقل من النصف أو أكثر إذا كان موسرا ضمن جميع ذلك
بقيمته في ماله كذلك قال مالك الا في الميراث وحده فان مالكا قال إن ورث منه
شقصا لم يعتق عليه ما بقي لان الميراث أدخل عليه ذلك الشقص ولم يدخله هو
على نفسه فلا يعتق عليه الا ما أدخل عليه الميراث منه موسرا كان أو معسرا (قلت)
أرأيت لو كان ابني عبدا بين رجلين فوهب لي أحدهما نصيبه أو اشتريته أو تصدق
به على برضا السيد الآخر وباذنه وبعلمه أيعتق على جميعه وأضمن حصة الشريك
الآخر إذا كنت موسرا في قول مالك قال نعم (قلت) فان كنت غير موسر
عتق على منه ما ملكت وما بقي منه كان رقيقا على حاله يخدم بقدر مارق منه ويعمل
لنفسه بقدر ما عتق منه في قول مالك قال نعم (قلت) ويكون ماله موقوفا في
يديه في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت ابني إذا كان عبدا بين رجلين فاشتريت
نصيب أحدهما فعتق على أيقوم على ما بقي منه وأنا موسر وإنما اشتريت بأمر
الشريك الذي لم يبع وكيف إن كان بغير أمره أيعتق على في جميع ذلك وأضمن
قيمة ما بقي في قول مالك قال نعم (قال ابن القاسم) وأصل ذلك أن كل من ملك
شقصا من ذوي قرابته الذين يعتقون عليه بأمر لو شاء أن يدفع ذلك عن نفسه
دفعه بشراء أو هبة أو وصية أو صدقة فان هذا يعتق عليه ما بقي الا في الميراث وحده
195

أو مولى عليه صغير يوصى له بشقص فيقبل ذلك وليه له فإنه لا يقوم عليه ولا
يعتق عليه الا ما قبله له وليه ولا يعتق عليه ما سوى ذلك (قلت) أرأيت ان
اشتريت أنا وأجنبي ابني في صفقة واحدة أيعتق علي نصيبي وأضمن له نصيبه في
قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك إذا كان الابن لرجل فاشتري نصفه عتق
عليه نصف وضمن قيمة نصفه لشريكه
[في الصغير يرث شقصا ممن يعتق عليه أو يوهب له فيقبله وليه]
(قلت) أرأيت الصبي الصغير إذا ورث شقصا من أبيه أيعتق عليه ما بقي من أبيه
في قول مالك (قال) الصغير والكبير في هذا عند مالك سواء لا يعتق على واحد
منهما إذا ورث شقصا ممن يعتق عليه الا ما ورث ولا يقوم عليه ما بقي وإنما
ذلك في الشراء والهبة والصدقة والوصية وقد وصفت لك ذلك في الصغير
والكبير (قلت) أرأيت لو أن رجلا وهب لابن لي صغير أخا له فقبلت ذلك
أيعتق على ابني (قال) نعم يعتق على ابنك عند مالك ويجوز قبولك الهبة لابنك
(قلت) أرأيت لو أن رجلا وهب لابني شقصا من أخيه فقبلت ذلك الشقص
أيعتق على ابني ما بقي من أخيه في ماله أم لا في قول مالك (قال) قال مالك من
وهب لصغير شقصا من عبد يعتق على الصغير وقبله وليه لم يعتق عليه الا ما وهب
له منه (قلت) ولا يعتق بقيته على وليه في قول مالك (قال) لا قال وما للولي ولهذا
(قلت) ومن الولي هاهنا الذي يجوز قبوله الهبة على الصغير (قال) وصيه وأبوه
إذا كان يليه كل من كان يجوز بيعه وشراؤه على الصغير فقبوله الهبة جائز (قال) وقال
مالك كل من ملك شقصا من ذوي قرابته الذين يعتقون عليه بأمر لو شاء أن يدفع
ذلك عن نفسه دفعه من شراء أو هبة أو صدقة أو وصية فان هذا يعتق عليه ما بقي الا
الميراث وحده أو مولى عليه صغير يوصى له بشقص فيقبل ذلك وليه له فإنه لا يقوم
عليه ولا يعتق عليه الا ما قبله له وصيه ولا يعتق عليه ما سوى ذلك وهذا كله قول
مالك وإن لم يقبل ذلك الوصي فهو حر على الصبي (قال سحنون) وهذا قول عبد
196

الرحمن وغيره من أصحابنا
[في العبد المأذون له في التجارة يملك ذا قرابة]
(قلت) أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا ملك أباه أو أمه أو ولده أينبغي له أن
يبيعهم (قال) قال مالك في أم ولد العبد لا يبيعها إلا أن يأذن له سيده فولده أحرى أن
لا يبيعهم إلا أن يأذن له سيده ألا ترى أنهم لو أعتق وهم ملكه عتقوا عليه وان أم
ولده لو أعتق وهي في ملكه كانت أمة له فقد كره له مالك أن يبيعها إلا أن يأذن له سيده
في ذلك فولده أحرى أن لا يبيعهم إلا أن يأذن له سيده لأنهم يعتقون عليه ان أعتق وإنما
الوالدان عندي بمنزلة الولد لا يبيعهم الا باذن السيد (قلت) أرأيت العبد المأذون له
في التجارة أيجوز له إذا اشترى ولده أو أباه أو ذا رحم محرم منه باذن السيد أو بغير
اذنه أن يبيعهم في قول مالك (قال) سئل مالك عن أم ولد العبد إذا أراد أن يبيعها أيجوز
له أن يبيعها (قال) إذا أذن له سيده جاز ذلك له فأرى ولده وولد ولده وأباه وأجداده
واخوته وأخواته إذا اشتراهم هذا العبد فأرى أن لا يبيعهم حتى يأذن له السيد
[في المأذون له في التجارة يشترى أقارب سيده الذين يعتقون عليه]
(قلت) أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا اشترى والد السيد أو ولد السيد أو والدة
السيد أيعتقون أم لا (قال) قال مالك إذا ملك العبد من قرابة السيد من لو ملكهم السيد
عتقوا على السيد فإنه إذا ملكهم العبد عتقوا ولم يذكر لنا مالك مأذونا ولا غير مأذون
فالمأذون إذا ملك من قرابة السيد من وصفت لك عتقوا (قال ابن القاسم) إلا أن
يكون عليه دين يحيط بقيمة رقابهم (قال ابن القاسم) وذلك إذا اشتراهم وهو لا يعلم
(تم كتاب العتق الأول من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب العتق الثاني)
197

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
[كتاب العتق الثاني]
[في الرجل يملك ذا قرابته الذين يعتقون عليه]
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت ذوي المحارم من يعتق علي منهم إذا ملكتهم
في قول مالك (قال) قال مالك يعتق عليك أبواك وأجدادك لأبيك وأمك وجداتك
لأبيك وأمك وولدك وولد ولدك واخوتك دنية واخوتك لأبيك واخوتك لامك
واخوتك لأبيك وأمك (قال مالك) وهم أهل الفرائض في كتاب الله فأما من سوى
هؤلاء فلا يعتقون عليك ولا يعتق عليك ابن أخ ولا ابن أخت ولا خالة ولا عمة ولا عمة ولا
عم ولا خال ولا يعتق عليك عند مالك الا من ذكرت لك (قلت) أرأيت عمة أمي
أمحرمة هي علي في قول مالك (قال) نعم هي محرمة ألا ترى أن عمة أمك إنما هي أخت
جدك لامك فجداتك لامك محرمات عليك فكذلك أخواتهن لان جداتك
أمهاتك فكذلك أخواتهن بمنزلة خالاتك وكذلك أجدادك لامك أن لو كانوا
نساء كانوا بمنزلة الجدات في التحريم فكذلك أخوات أجدادك لامك هن بمنزلة
أخوات جداتك لامك فهن خالاتك وإنما يقع التحليل في أولاد من ذكرنا فأما من
ذكرنا بأعيانهن فهن محرمات الجدات وأخواتهن لأنهن أمهات وخالات (قلت)
أرأيت من اشترى والده على أنه بالخيار ثلاثا أو ولده أيعتق عليه أم لا (قال) لم أسمعه
من مالك ولا أرى أن يعتق عليه لأنه لم يتم البيع بينهما في قول مالك الا بعد الخيار
لان مالكا قال فيمن اشترى سلعة على أنه بالخيار فماتت السلعة في أيام الخيار كانت
198

السلعة من البائع ولم تكن من المشترى (قال ابن القاسم) وإذا كان الخيار للبائع
كان أبين عندي وهو سواء (قلت) فسر لي من يعتق على من ذوي المحارم
إذا اشتريتهم (قال) سألت مالكا عن ذلك فقال لي يعتق عليه أبوه وأمه
وأجداده لأبيه وأمه وان تباعدوا وولده وولد ولده وان تباعدوا واخوته دنية
واخوته لأبيه وأمه واخوته لامه واخوته لأبيه ولا يعتق عليه أحد ممن اشتراهم
من ذوي محارمه سواهم لا بنو أخ ولا بنو أخت ولا عمة ولا عم ولا خالة ولا خال
ولا أمة تزوجها فولدت له أولادا فاشتراها بعد ما ولدت فإنها لا تعتق عليه في قول
مالك (قال مالك) وان اشتراها وهي حامل فولدت عند المشترى وإن كان أصل
الحمل كان عند البائع فهي أم ولد بذلك الحمل إذا وضعته عند المشتري وان وضعته
بعد الشراء بيوم أو أقل أو أكثر (قلت) ما قول مالك فيمن اشترى ذوي
محارمه من الرضاعة أمهاته وبناته وأخواته أو محارمه من قبل الصهر أمهات نسائه
أو جداتهن أو ولدهن أو ولد ولدهن أيعتق عليه شئ منهن (قال) قال مالك لا
يعتق عليه شئ منهن ويبيعهن ان شاء (ابن وهب) عن الليث عن يحيى بن سعيد
أنه كأن يقول أما الذي لا شك فيه فالوالد والولد والاخوة فمن ملكهم فهم أحرار
(ابن وهب) عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة أنه قال يعتق عليه مما ملكت يمينه
الولد والوالد (ابن وهب) وبلغني عن ربيعة أنه قال لا يملك في علمي الأب ولا
الابن ولا الأخ ولا الأخت (ابن وهب) عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أنه
قال مضت السنة أن لا يسترق الرجل أباه ولا ولده ولا أخاه (قال ابن شهاب) فان
عجلت منيته من قبل أن يعتقهم فقد عتقوا عليه يوم ابتاعهم من أجل أنه لا يملك رجل
أباه ولا ولده (ابن وهب) عن مخرمة عن أبيه عن ابن قسيط بذلك (ابن وهب)
عن رجال من أهل العلم عن عطاء ومجاهد ومكحول مثل ذلك (ابن وهب) عن
ابن أبي ذئب أنه سأل ابن شهاب هل يسترق الأب والأم من الرضاعة قال مضت السنة
باسترقاقهما إلا أن يرغب رجل في خير (قال ابن شهاب) ولا يعتق على أحد بسبب
199

رضاعة إلا أن يتطوع رجل وبلغني عن ربيعة أنه قال الرجل يملك من يحرم عليه من
النسب من الرضاعة الولد والوالد فيحل له ملك أولئك وهم عليه حرام (سحنون)
عن ابن نافع عن ابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن السبعة أنهم كانوا يقولون إذا ملك
الولد الوالد عتق الوالد وإذا ملك الوالد الولد عتق الولد وما سوى ذلك من
القرابات فاختلف فيه الناس وهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن
محمد وخارجة بن زيد بن ثابت وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبيد
الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار مع مشيخة من نظرائهم أهل
فقه وفضل
[في العبد المأذون له وغير المأذون يشتريان ابن سيدهما]
(قلت) أرأيت عبدي إذا أذنت له في التجارة فاشترى ابني أيعتق علي أم لا (قال)
سمعت مالكا يقول يعتق (قلت) أرأيت إن لم آذن لعبدي في التجارة وهو
محجور عليه فذهب فاشترى ابني أيعتق على أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
ولكنه لا يجوز شراؤه ولا بيعه وهذا عندي مخالف للذي أذن له في التجارة فلا
يجوز شراؤه إياه بغير إذن سيده
[في الأب يشترى على ولده من يعتق عليه]
(قلت) أرأيت الأب أيجوز له أن يشترى على ولده الصغير من يعتق عليه في قول
مالك (قال) لا يجوز للأب أن يشترى على ولده الصغير من يعتق عليه ولا يجوز
للوالد أن يتلف مال ولده (وقال أشهب) مثل قول ابن القاسم (قال سحنون) وكذلك
العبد لا يجوز له أن يشترى ما يعتق على سيده
[في الرجل يدفع إلى الرجل المال ليشترى به أباه يعينه به]
(وسئل) مالك عن رجل يعطى الرجل المال ليشترى به ابنه أو ابنته يعينه به فيفعل
الرجل (قال) لا يعتق على المشترى ولا على الذي أعانه وأراهما مملوكين للذي اشتراهما
200

[في الرجل يقول لعبده أنت حر أو مدبر إذا قدم فلان]
(قلت) أرأيت إذا قال الرجل لعبده أنت حر إذا قدم فلان أو أنت مدبر إذا قدم
فلان أهو في قول مالك مثل قول الرجل لامرأته أنت طالق إذا قدم فلان (قال)
لا لان قوله أنت طالق إذا قدم فلأن لا يقع به الطلاق في قول مالك حتى يقدم فلان
وقوله أنت حر إذا قدم فلان قال مالك لا أرى أن يبيعه ويوقف حتى ينظر هل يقدم
فلان أم لا (قال ابن القاسم) ولا أرى بأسا أن يبيعه (قلت) أرأيت ان قال لامته
أنت حرة إذا حضت (قال) قال مالك من قال لامته أنت حرة إلى شهر أو إلى سنة
أو إلى قدوم فلان فإنها لا تعتق الا إلى الاجل الذي جعل وفى القدوم لا تعتق
حتى يقدم فلان فهذا الذي قال لامته أنت حرة إلى سنة أو إلى شهر قال
مالك فليس له أن يطأها (قال مالك) وكل معتقة إلى أجل فليس لسيدها أن يطأها
فمسألتك في الذي قال أنت حرة إذا حضت أرى أن لا تعتق حتى تحيض لأنه أجل
أعتق إليه ولا يحل له وطؤها. وأما الذي قال لامته أنت حرة إلى قدوم فلان
فكان مالك يمرض فيها وأنا لا أرى ببيعها بأسا وله أن يطأها وإنما هي في هذا بمنزلة
الحرة أن لو قال لها أنت طالق إذا قدم فلان ان له أن يطأها ولا يطلقها حتى يقدم
فلان (قلت) أرأيت إذا قال رجل لعبده أنت حر إذا مات فلان أتمنعه من بيع
عبده هذا قال نعم (قلت) لم (قال) لان هذا قد أعتق عبده هذا إلى أجل هو آت
فلا يقدر على بيعه وله أن يستمتع به إلى مجئ ذلك الاجل فإذا جاء الاجل عتق
العبد فإن كانت أمة لم يطأها ولكن ينتفع بها إلى ذلك الاجل (قال) وموت فلان
أجل من الآجال (قلت) وهذا لا يلحقه الدين (قال) نعم لا يلحقه الدين عند
مالك وان مات سيده خدم ورثته إلى موت فلان وليس هذا بمنزلة المدبرة ألا ترى
أن المدبرة توطأ ويلحقها الدين وهذه لا توطأ ولا يلحقها الدين وعتقها من رأس
المال (قلت) أرأيت ان قال رجل لامته وهو يطؤها إذا حبلت فأنت حرة (قال)
له أن يطأها في كل طهر مرة (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب
201

وربيعة أنهما قالا في رجل قال لوليدته أنت حرة إلى شهر قالا لا يصلح له أن
يطأها (ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب
ويحيى بن سعيد وابن قسيط وأبى الزناد وسليمان بن يسار أنه لا يصلح وطئ أمة
أعتقت إلى أجل أو وهب خدمتها إلى أجل (قال ابن وهب) قال ربيعة وسعيد
ابن المسيب وأولادها بمنزلتها إذا أعتقت قال ربيعة وذلك لان رحمها كان موقوفا
لا يحل لرجل أن يصيبها الا زوج
[في الرجل يقول لعبده ان جئتني بكذا وكذا فأنت حر]
(قلت) أرأيت ان قال لعبده ان جئتني بألف درهم فأنت حر أو قال متى ما جئتني
بألف درهم فأنت حر متى يكون حرا في قول مالك (قال) إذا جاءه بألف درهم عتق
عليه وما لم يجئه بألف درهم فهو عبد (قلت) ويكون للسيد أن يبيعه قبل أن يجيئه
بألف درهم في قول مالك (قال) لا ليس له أن يبيعه حتى يوقفه ويرفعه إلى السلطان
(قلت) أرأيت ان قال لعبده أنت حر متى أديت إلى ألف درهم أيستطيع أن
يبيعه (قال) ينظر فيه السلطان ويتلوم له وليس للعبد أن يطول بالسيد ولا يدع
السلطان السيد أن يعجل ببيعه حتى يتلوم للعبد (قلت) أتحفظه عن مالك (قال)
لا أقوم على حفظه عن مالك (قلت) أرأيت ان قال لعبده متى ما أديت إلى ألف
درهم فأنت حر أيكون له أن يبيعه أم لا قي قول مالك (قال) ما سمعت من مالك
فيه شيئا ولا أرى أن يبيعه حتى يتلوم له السلطان (قلت) أرأيت ان قال إذا أديت
إلى ألف درهم فأنت حر أيكون له أن يبيعه (قال) هذا يتلوم له السلطان على قدر
ما يرى لان من قاطع عبده على مائة دينار يعطيها إياه إلى سنة ثم هو حر فمضت
السنة قبل أن يعطيه قال مالك يتلوم له السلطان فمسألتك مثل هذا
(قلت)
أرأيت ان قال لعبده ان أديت إلى ألف درهم فأنت حر فدفعها عن العبد رجل آخر
فأبى السيد أن يقبل وقال إنما قلت ذلك لعبدي (قال) يجبر السيد على أخذها ويقال
للعبد اذهب فأنت حر (قلت) أرأيت ان قال الرجل لعبده إذا أنت أديت إلى ألف
202

درهم فأنت حر وفى يدي العبد مال فأدى العبد الألف من المال الذي في يديه وقال
السيد المال مالي (قال) لا ينظر في هذا إلى هذا إلى قول السيد لان الرجل لو كاتب عبده
تبعه ماله في قول مالك فهو يحمل على وجه الكتابة (قلت) أرأيت ان قال لعبده
إذا أنت أديت إلى ألف درهم فأنت حر أيمنع السيد من كسب العبد (قال) كذلك
ينبغي مثل المكاتب (قلت) وقوله إن أديت أو إذا أديت فهو سواء في قول مالك
(قال) نعم في رأيي [في الرجل يقول لامته أول ولد تلدينه فهو حر فتلد]
[ولدين الأول منهما ميت]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامته أول ولد تلدينه فهو حر فولدت ولدين في
بطن واحد ولدت الأول ميتا ثم ولدت الآخر حيا بعد ذلك (قال) قال مالك
الولد الأول الميت هو الذي كان فيه العتق والولد الثاني رقيق (قلت) أرأيت لو أن
رجلا قال لامته أول ولد تلدينه فهو حر فولدته ميتا ثم ولدت آخر حيا (قال) قال
مالك إذا ولدت الأول ميتا ثم ولدت الآخر بعده حيا وان كانا في بطن واحد
فان الآخر رقيق لان العتق إنما كان في الأول الميت (ابن وهب) وقال ابن
شهاب الميت لا يقع عليه عتق والآخر حر وذكره الليث عن يزيد بن أبي حبيب
عن ابن شهاب (ابن وهب) عن الحرث بن نبهان قال كان النخعي يقول إذا قال
الرجل لامته ان ولدت غلاما فأنت حرة فولدت غلامين فهي حرة والغلام الآخر
حر وان ولدت جارية وغلاما فهما عبدان وهي حرة (وقال ابن شهاب) وان قال
أول ولد تضعينه فهو حر فولدت توأمين (قال) يعتقان جميعا
[في الرجل يقول لامته كل ولد تلدينه فهو حر]
(قلت) أرأيت إذا قال الرجل لامته كل ولد تلدينه فهو حر أيعتق في قول مالك
ما ولدت قال نعم (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لامته كل ولد تلدينه فهو حر
203

فأراد أن يبيعها (قال) بلغني عن مالك أنه سئل عن رجل زوج عبده أمته فقال لها
كل ولد تلدينه فهو حر فأراد أن يبيعها فاستثقل مالك بيعها وقال يفي لها بما وعدها
(قال ابن القاسم) وأنا أرى أن يبيعها (قلت) أرأيت ان قال لامته كل ولد تلدينه
فهو حر وهي حامل أو حملت بعد هذا القول أيمنع من بيعها في قول مالك (قال) نعم
في قول مالك إلا أن يرهقه دين فتباع في الدين (قلت) أرأيت الرجل يقول لامته
كل ولد تلدينه فهو حر فحملت في صحة السيد فولدته والسيد مريض أو ولدته بعد
موت السيد أو حملت به والسيد مريض فولدته والسيد مريض أو ولدته بعد موت
السيد (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا إلا أن مالكا قال في رجل قال
لامته ما في بطنك حر وهي حامل وقال هذا القول في صحته وأشهد على ذلك ثم ولدته
بعد موته (قال ابن القاسم) هو حر من رأس المال وما حملت الأمة في
الصحة في مسألتك فولدته في مرض السيد أو ولدته بعد موته فهو حر من رأس
المال (قلت) أرأيت ان أوصى بما في بطن أمته لرجل أو وهب ما في بطنها لرجل
أو تصدق به عليه ثم وهبها سيدها بعد ذلك لرجل آخر أو مات فورثها ورثته
فأعتقوها (قال) عتقهم جائز ويعتق بعتقها ما في بطنها وتسقط وصية الموصى له بما في
بطنها بمنزلة ما لو أن السيد وهب ما في بطنها ثم أعتقها السيد بعد ذلك كانت وما في
بطنها حرة وسقطت الهبة (قلت) أرأيت ان وهبت لرجل ما في بطن جاريتي ثم
أعتقتها قبل أن تضع ما في بطنها (قال) بلغني عن مالك أنه قال قال ربيعة هي حرة وما
في بطنها (قلت) ولم جعله حرا من رأس المال وهذا إنما قال إن ولدته فهو حر
ولم يقل إذا حملته فهو حر (قال) لأنه إذا قال إذا ولدته فهو حر فهذا معتق إلى أجل
فإنه حر من رأس المال لان مالكا قال من أعتق عبدا له إلى أجل فهو حر من
رأس المال فعلى هذا رأيت مسألتك (قلت) أرأيت هذا الذي حملت به في المرض
ووضعته في المرض أو بعد موت السيد (قال) هذا في الثلث لان المريض إذا أعتق
عبدا له إلى أجل فإنما هو حر من الثلث. ومما يدلك على مسألتك الأولى لو أن رجلا
204

قال لعبده وهو صحيح أنت حر إذا ولدت فلانة فمرض السيد فوضعت فلانة والسيد
مريض أو ولدت بعد موت السيد ان العبد حر من رأس المال (قال سحنون)
وقد بينا قول ربيعة في مثل بعض هذا
[في الرجل يعتق ما في بطن أمته ثم يريد أن يبيعها قبل أن تضع]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أعتق ما في بطن أمته وهو صحيح ثم مات السيد
فولدت بعد موته أو مرض السيد فولدت وهو مريض ثم مات السيد أيكون هذا
الولد في الثلث أم يكون من رأس المال (قال) بل هو من رأس المال وهو رأيي
(قلت) وتباع الأمة في الدين إذا لحق السيد دين وهو صحيح والأمة حامل به أو
بعد موت السيد في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت ان أعتق رجل ما في بطن
أمته أو دبره فجاءت بالولد لأربع سنين أيلزم العتق السيد أم التدبير (قال) إذا جاءت
بالولد لمثل ما تلد له النساء إذا كانت حاملا يوم أعتق أو دبر فذلك لازم للسيد
(قلت) أرأيت ان أعتق رجل ما في بطن أمته أيكون له أن يبيعها (قال) لا ألا
أن يرهقه دين فتباع الأمة بحملها في الدين فيبطل العتق في ولدها الذي في بطنها
إذا بيعت ويكون رقيقا (قلت) فان وضعت قبل أن يقوم عليه الغرماء فقام عليه
الغرماء بعد ذلك (قال) إذا كان الدين قبل العتق قال مالك فان العتق لا يجوز إذا
اغترق الدين الأم والولد (قلت) فإن كان الدين إنما رهقه بعد ما أعتق ما في
بطنها وقبل أن تضعه فقامت الغرماء عليه (قال) تباع الأمة وما في بطنها في الدين
فيصير رقيقا في قول مالك إذا قاموا عليه قبل أن تضعه فإن لم يقم عليه الغرماء حتى
وضعته فذلك الذي كنت أسمع أنه حر من رأس المال وتباع الأمة وإنما هو بمنزلة من
أعتق إلى أجل وإنما أرق مالك الولد إذا رهق سيدها دين وهي بيد المعتق حامل أن
قال كيف تباع الأمة ويستثنى ما في بطنها فلذلك أرقه وهي حجته التي كان يحتج بها
فأما إذا وضعته فإنه يحكم عليه فيه بمنزلة من أعتق إلى أجل فيما رهقه من الدين بعد
عتقه إياه وفيما بعد موته وهذا الذي سمعت وهو رأيي (قال) وقال مالك لو قال لامته
205

ما في بطنك حر فلحقه الدين بعد عتقه ما في بطنها انها تباع في الدين وما في بطنها
ويبطل عتقه (قلت) أرأيت ان قال لامته ما في بطنك حر فلحقه دين يغترق
ماله وقيمة الأم أكثر من ذلك ولم يقم عليه الغرماء حتى ولدت الولد أيباع الولد
وأمه في ذلك الدين أم تباع الأم وحدها في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه
شيئا ولكني أرى إذا لم يقم عليه الغرماء على دينهم حتى تضع الأم ولدها فإنه لا يباع
الولد وتباع الأم وحدها وإنما كان لهم أن يفسخوا عتقه أن لو قاموا قبل الولادة
إذا كان الدين قبل عقد العتق (قلت) أرأيت إذا قال رجل لامته ما في بطنك
حر فضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا أي شئ يكون عقله أعقل جنين أمة أم
عقل جنين حرة (قال) بل عقل جنين أمة بلغني ذلك عنه (قلت) أرأيت لو أن أم
ولد رجل حملت من سيدها فضرب رجل بطنها فألقت جنينا ميتا (قال) قال مالك
عقله عقل جنين الحرة (قلت) ما فرق ما بين جنين هذه التي قال لها ما في بطنك حر
وبين جنين أم الولد (قال) لان أم الولد حين حملت به فهو حر والتي قال لها ما في
بطنك حر لا يعتق الا إذا وضعته (قلت) ولم قال مالك فيه أنه إذا قال في الصحة
ما في بطنك حر فوضعته بعد موته انه حر من رأس المال فهذا قد جعله حرا قبل
الولادة (قال) إنما هذا معتق إلى أجل والمعتق إلى أجل الجناية عليه جناية عبد
فكذلك هذا الذي قال لامته ما في بطنك حر (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال
لامته ما في بطنك حر ولها زوج ولا يعلم أنها حامل يومئذ فجاءت بولد لأربع
سنين أيعتق أم لا (قال) لا يعتق من هذا الا ما كأن لأقل من ستة أشهر وهو بمنزلة
الوراثة لو مات رجل وأمة تحت رجل فأتت بولد لم يرث لأكثر من ستة أشهر
ويرث لأقل من ستة أشهر فالعتق عندي بمنزلته إذا لم يكن تبين حملها يوم أعتقه وإن كان
تبين حملها يوم أعتقه فهو حر وان ولدته لأربع سنين (وقال) غيره إن كان
زوجها مرسلا عليها فان وضعته لأقل من ستة أشهر فهو حر وان وضعته لا كثر
من ستة أشهر فلا حرية له وإن كان زوجها غير مرسل عليها وهو غائب عنها أو ميت
206

فالولد تأخذه الحرية وان وضعته لأكثر من ستة أشهر إلى ما تلد لمثله النساء (وقال
أشهب) لا ينبغي أن يسترق الولد بالشك لأنه لا يدرى لعلها كانت حاملا به يوم
أعتق ما في بطنها (وقال) ربيعة في رجل تصدق بما في بطن وليدته وهي حامل على
بعض ولده ثم أعتقها بعد ذلك أن ما في بطنها يعتق معها ولا تجوز صدقته وذلك
لأنه منها (قال ابن وهب) قال يونس وقال ربيعة في امرأة أعتقت خادما لها
وهي حبلى وهي مريضة ثم رجعت في ولدها فقالت لم أعتق ما في بطنها (قال) ربيعة
يعتق معها ما في بطنها ولا يجوز لها أن تستثنى ما في بطنها فيكون جنينها بمنزلة جنين
الأمة وهي حرة وان قتلت كانت فيها دية الحرة وان قتل الجنين كان فيه ما في جنين
الأمة وليس هذا كهيئة أن يعتق نصفها أو ثلثها عند الموت (قال ابن وهب) قال
يونس وقال ربيعة في الرجل يعتق وليدته وهي حامل ويستثني ولدها أن يكون عبدا
(قال) ليس ذلك له وولدها حر (ابن وهب) وذكر عن الحسن إذا أعتق الرجل
المملوكة واستثنى ما في بطنها فهما حران
[في الرجل يهب عبده لرجل ثم يعتقه قبل أن يقبضه]
[الموهوب له أو يتصدق به]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا وهب عبدا لرجل فأعتقه الواهب قبل أن يقبضه
الموهوب له أو تصدق به عليه فأعتقه المتصدق قبل أن يقبضه المتصدق عليه أيجوز
عتقه في قول مالك أم لا (قال) نعم يجوز العتق من أيهما كان وكذلك قال لي
مالك (قال) وأتى مالكا قوم وأنا عنده في رجل حبس رقيقا له على ذي قرابة له
حياته فأعتق رأسا منهم ولم يكن المحبس عليه قبضهم فأتوه وأنا عنده فقال مالك
أرى عتقه جائزا وما أرى هذا قبض شيئا فأرى عتقه جائزا والصدقة والهبة بهذه
المنزلة عندي (وقال أشهب) إذا أعتق المتصدق أو وهب أو تصدق بعد ما كان
تصدق أو وهب للأول ولم يكن قبض وحاز حتى وهب لآخر أو تصدق وقبض
الموهوب له أو المتصدق عليه الآخر قبل الأول بطلت صدقة الأول (قال
207

سحنون) وأباه عبد الرحمن في الصدقة والهبة ورأي أن هبة للآخر والصدقة عليه
وقبضه لا يبطل ما عقد للأول وله أن يقوم فيقبض صدقته أو هبته إلا أن يموت
المتصدق الأول قبل أن يقوم فيبطل حقه ويتم قبض الموهوب له الآخر أو المتصدق
عليه الآخر الا العتق فإنه جائز عندهما جميعا (قال ابن القاسم) فإذا أعتقه لم يرد العتق
لان الموهوب له لم يقبضه حتى فات فكل من تصدق بعبد أو وهبه ثم أعتقه الذي
تصدق به أو وهبه قبل أن يقبض المتصدق عليه أو الموهوب له فالعتق جائز ولا يرد
كان المتصدق عليه أو الموهوب له علم بالصدقة أو بالهبة أو لم يعلم بها فهو سواء
[في الرجل يهب عبده لرجل فيقتل العبد لمن قيمته]
(قلت) أرأيت لو وهبت عبدي لرجل فقتله رجل قبل أن يقبضه الموهوب له
لمن قيمة العبد (قال) للموهوب له (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي وإنما
أبطل مالك الصدقة والهبة والحبس إذا مات الذي تصدق بها أو الذي وهبها أو الذي
حبسها قبل أن يقبضها الذي جعلت له وان مات الذي وهبت له أو تصدق بها عليه
فورثته بمنزلته يقومون مقامة فموت الصدقة بعينها بمنزلة موت المتصدق عليه والهبة
والحبس كذلك فإن كانت إنما قتلت فعقلها للمتصدق عليه أو الموهوب له وإن كان
وهبها بما لها أو تصدق بها بمالها ففاتت الهبة أو الصدقة أو ماتت الأمة
فالمال للمتصدق عليه وإن كان إنما تصدق بها ولم يذكر المال فالمال للمتصدق
بمنزلة البيع إذا باع عبدا وله مال فكذلك الهبة والصدقة
[في الرجل يعتق أمته على أن تنكحه أو غيره]
(قلت) أرأيت لو أعتق رجل أمته على أن تنكح فلانا فأبت أن تنكحه أيكون
عليها شئ في قول مالك أم لا (قال) قال مالك في الرجل يعتق أمته على أن ينكحها
فأبت أن تنكحه ان العتق جائز ولا شئ عليها فكذلك مسألتك (قال) وقال مالك
في رجل قال لرجل لك ألف درهم على أن تعتق أمتك وتزوجنيها فأعتقها فأبت
208

الجارية أن تتزوجه (قال) قال مالك أرى تلك الألف لازمة للرجل لسيد الأمة والأمة
الا تنكحه فلا يلزم الأمة شئ والعتق ماض ولسيد الأمة الألف قال ونزلت بالمدينة
[في عتق الصبي والسكران والمعتوه]
(قلت) أرأيت الصبي والسكران والمعتوه أيجوز عتقهم وتدبيرهم في قول مالك
أم لا (قال) أما السكران فذلك جائز عليه عند مالك إذا كان غير مولى عليه وأما المعتوه
فلا يجوز عتقه إذا كان معتوها مطبقا لا يعقل وأما الصبي فلا يجوز عتقه وهذا كله
قول مالك (قلت) أرأيت الذي يحلف بعتق عبده أن لا يفعل كذا وكذا فجن
ثم فعله (قال) لا شئ عليه فان فعل المجنون ليس بفعل (قلت) أرأيت الصبي
إذا قال إذا احتلمت فكل مملوك لي حر (قال) إذا احتلم لم يلزمه ذلك عند مالك
(وقال أشهب) مثل ما قال ابن القاسم (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من
أهل العلم عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وابن شهاب وعطاء بن أبي رباح ومكحول
ونافع وغير واحد من التابعين أنهم كانوا يجيزون طلاق السكران (قال) بعضهم وعتقه
[ما جاء في عتق المكره]
(قلت) أرأيت المستكره أيجوز عتقه في قول مالك أم لا قال لا (قلت) ولا يجوز على
المستكره شئ من الأشياء في قول مالك لا عتق ولا بيع ولا شراء ولا نكاح ولا
وصية ولا غير ذلك (قال) قال مالك لا يجوز على المستكره شئ من الأشياء لا عتق
ولا طلاق ولا نكاح ولا بيع ولا شراء وأما الوصية فلم أسمعها من مالك وهي لا تجوز
وصية المستكره (قلت) أرأيت من أكره على الصلح أكرهه عليه غير سلطان
أيجوز عليه أم لا (قال) لا يجوز عليه عند مالك واكراه السلطان عند مالك وغير
السلطان سواء إذا كان مكرها (قلت) وكيف الاكراه عند مالك (قال) الضرب
والتهديد بالقتل والتهديد بالضرب والتخويف الذي لا شك فيه (قلت) فالسجن
اكراه عند مالك (قال) لم أسمعه من مالك وهو عندي اكراه (قلت) واكراه
209

الزوج امرأته اكراه عند مالك (قال) قال مالك إذا ضربها أو أضر بها فاختلعت
منه انه يرد إليها ما أخذ منها فذلك يدلك على أن اكراهه اكراه
[في العبد يوكل من يشتريه ويدس إليه مالا فيشتريه ويعتقه]
[بغير علم السيد ثم يعلم بذلك سيده]
(قلت) أرأيت العبد إذا وكل رجلا أن يشتريه بمال دفعه العبد إلى الرجل فاشتراه
(قال) يغرم ثمنه ثانية ويلزمه البيع ويكون العبد له كذلك قال لي مالك (وسألته) عن
العبد يدفع إلى الرجل مالا فيقول اشترني لنفسك (فقال) لي ما أخبرتك (قلت) فان
دفع إليه العبد مالا على أن يشتريه ويعتقه ففعل وأعتقه أيكون ضامنا للثمن في قول
مالك (قال) قال لي مالك يلزمه أداء الثمن ثانية والعتق له لازم (قلت) فإن لم يكن
للمشترى مال أيجوز عتقه في قول مالك (قال) بلغني عن مالك أنه قال يرد عتقه ويباع
العبد فإن كان في ثمنه وفاء أعطيه السيد وإن كان فيه فضل أعتق من العبد ذلك الفضل
وان قصر عن الذي اشتراه به كان دينا عليه يتبعه به السيد (قلت) أرأيت هذا
الذي أعتق أيرجع على العبد بشئ من الثمن الذي غرمه ثانية (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا ولا أرى على العبد شيئا
[في العبد يشترى نفسه من سيده شراء فاسدا أيكون رقيقا]
[أو الرجل يشترى العبد شراء فاسدا ثم يعتقه]
(قلت) أرأيت العبد إذا اشترى نفسه شراء فاسدا أتراه رقيقا أم يكون حرا وتكون
عليه قيمته لسيده (قال) أراه حرا ولا شئ عليه لسيده وليس شراء العبد نفسه بمنزلة شراء
غيره إياه وأرى أن يمضى ولا يرد إلا أن يكون الذي اشترط حراما مما لا يحل أن يعطيه
إياه مثل الخمر والخنزيز فتكون عليه قيمة رقبته لسيده (وقال) غيره يكون حرا ولا شئ
عليه مثل ما لو طلق امرأته على غرر أو مالا يحل فالطلاق جائز وله الغرر وليس له مالا يحل
(قلت) لابن القاسم أرأيت إن كان هذا في أجنبي بعت عبدا من أجنبي بمائة دينار
210

وقيمته مائتا دينار على أن يسلفني المشترى خمسين دينارا (قال) البيع فاسد ويبلغ بالعبد
قيمته إذا فات مائتي دينار (قلت) أرأيت لو أن مسلما باع عبدا له بخمر أو بخنزير
فأعتق المشترى العبد أتراه فوتا (قال) نعم ويكون للبائع على المشترى قيمة العبد يوم
قبضه (قال) وقال مالك في البيع الحرام انه إذا أعتقه المشترى فان العتق جائز
ويرجع البائع على المشترى بقيمة العبد يوم قبضه (قلت) أرأيت ان اشترى رجل
عبدا بخمر أو بخنزير أو بشئ لا يحل فأعتقه أيجوز عتقه وتكن عليه القيمة في قول
مالك (قال) العتق جائز وعليه القيمة في رأيي لان مالكا قال في البيع الحرام إذا فات
بعتق مضى وكان على المشترى القيمة
[في الرجل يعتق عبده على مال يرضى العبد به]
(قلت) أرأيت ان قلت لعبدي أنت حر الساعة بتلا وعليك ألف درهم تدفعها
إلي إلى أجل كذا وكذا (قال) قال مالك هو حر وذلك عليه على ما أحب العبد أو كره
(قال بن القاسم) ولا يعجبني هذا وأراه حرا الساعة ولا شئ عليه (قال ابن القاسم)
وكذلك بلغني عن سعيد بن المسيب (وقال) أشهب مثل قول مالك (قلت) أرأيت
ان قال لعبده أنت حر علي أن تدفع إلى كذا وكذا دينارا (قال) قال مالك لا يعتق حتى
يدفع إليه ما سمى من الدنانير لأنه قال له سيده أنت حر علي أن تدفع إلى كذا
وكذا دينارا وليس يشبه هذا عند مالك أن يقول أنت حر وعليك كذا وكذا لأنه إذا
قال أنت حر وعليك كذا وكذا فهو حر مكانه الساعة وإنما اختلف الناس في هذا في
المال منهم من قال يجب عليه المال ومنهم من قال لا يجب عليه المال (قلت) أرأيت
ان قال لعبده أنت حر على أنت تدفع إلى عشرة دنانير إلى سنة فقبل العبد ذلك أيكون
حرا الساعة أم لا يكون حرا حتى يدفع الدنانير (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
ولكن إذا لم يقل أنت حر الساعة ولم يرد أنه حر الساعة على أن يدفع إليه ما سمى
من المال إلى ذلك الاجل فلا يكون حرا حتى يدفع إليه المال لأنه لم يبتل عتقه الا بعد
أخذه المال (قلت) فان حل الاجل ولم يدفع إليه المال أيرده السيد في الرق أم لا (قال)
211

ينظر السلطان في ذلك ويتلوم له فإن لم ير له وجه أداء وعجز رده رقيقا (قال) وهذا
قول مالك (قال) وكذلك قال مالك في القطاعة (قلت) وما القطاعة (قال) الرجل
يقول لعبده ان جئتني بعشرة دنانير إلى أجل كذا وكذا فأنت حر يقاطعه على ذلك فان جاء بها
فهو حر وإن لم يجئ بها نظر في ذلك السلطان بحال ما وصفت لك (قلت) وكذلك
المكاتب وإنما محمل هذا ومحمل المكاتب عند مالك واحد قال نعم (قلت) أرأيت ان قال
لامته ان أديت إلي ألف درهم إلى سنة فأنت حرة أيكون له أن يبيعها قال لا
(قلت) وهذا قول مالك (قال) هو قوله (قلت) أرأيت ان قال لها ان أديت إلي
ألف درهم إلى عشر سنين فأنت حرة فولدت ولدا في هذه العشر سنين ثم أدت
الألف بعد مضى الاجل أيعتق ولدها معها أم لا في قول مالك (قال) نعم لان مالكا
قال كل شرط كان في أمة فما ولدت من ولد بعد الشرط أو كانت حاملا به يوم شرط
لها فولدها في ذلك الشرط بمنزلتها (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يحلف
بعتق أمة له إن لم يفعل كذا وكذا إلى أجل يسميه فتلد ولدا قبل أن ينقضى
الاجل ثم لم يفعل السيد فحنث هل ترى أن يعتق ولدها (قال) نعم ولدها يعتقون
بعتقها ولا يستطيع أن يبيعها ولا يبيع ولدها فهذا يدلك على مسألتك (قلت) وكذلك
إن لم يكن ضرب لها أجلا ولكن قال إن أديت إلي ألف درهم فأنت حرة فولدت
ولدا بعد ذلك ثم أدت الألف (قال) نعم ولدها أيضا هاهنا بمنزلتها (قلت) أرأيت ان
قال لها أنت حرة ان أديت إلى ألف درهم إلى سنة فمضت السنة ولم تؤد شيئا أيتلوم
لها السلطان بعد مضى السنة (قال) قال مالك نعم يتلوم لها السلطان (قلت) أرأيت ان
قال لها ان أديت ألي اليوم ألف درهم فأنت حرة فمضى اليوم ولم تؤد شيئا أيتلوم لها
السلطان (قال) نعم كذلك ينبغي (قلت) فان قال لعبده إذا أديت إلي ألف درهم
فأنت حر فوضع عنه خمسمائة وأدى العبد إليه خمسمائة أيعتق في قول مالك قال نعم
(قلت) وكذلك لو قال إذا أديت إلي ألف درهم فأنت حر فوضعها عنه (قال) هو
حر مكانه مثل المكاتب إذا وضع عنه سيده كتابته
212

[في الرجل يعتق عبده على مال ويأبى ذلك العبد]
(قلت) أرأيت ان قال لعبده أنت حر على أن تدفع إلي كذا وكذا فقال العبد لا أقبل
ذلك أيكون رقيقا بحاله في قول مالك (قال) نعم لأنه لم يقبل العتق بالمال الذي جعله
السيد به حرا فلا يكون حرا إن لم يقبل ذلك ويدفعه إليه (قلت) وسواء ان قال أنت
حر على أن تدفع إلي كذا وكذا دينارا إلى أجل كذا وكذا أو لم يسم الاجل لا يكون
حرا إذا لم يقبل ذلك العتق العبد في قول مالك (قال) نعم إلا أن مالكا لم يذكر لي
الاجل من غير الاجل والأجل وغير الاجل في هذا سواء لا يعتق إلا أن يرضى
(قلت) أرأيت ان قال لامة له لا مال له غيرها ان أديت ألف درهم إلى ورثتي
فأنت حرة أو قال إذا أديت إلى ورثتي ألف درهم فأنت حرة أو قال أدى إلى ورثتي
ألف درهم وأنت حرة فمات والثلث يحملها أولا يحملها ما حالها في قول مالك (قال) إذا
حملها الثلث فهي على ما قال لها إذا أدت الألف فهي حرة ويتلوم لها السلطان في ذلك
على قدر ما يرى يوزعه عليها لأني سمعت مالكا يقول في الرجل يوصى بأن يكاتب
عبده ولا يسمى ما يكاتب به (قال) مالك يكاتب على قدر ما يرى من قوته وأدائه
وقدر ما يرى أنه أراد به من رفقه من كتابة مثله ويوزع ذلك عليه فمسألتك تشبه
هذا (قلت) فان تلوم لها السلطان فلم تقدر على شئ أتبطل وصيتها أم هي على وصيتها
(قال) يتلوم لها السلطان على قدر ما يرى فإذا يئس منها كما يئس من المكاتب أبطل
وصيتها (قال) وإن لم يحملها الثلث خير الورثة في أن يمضوا ما قال الميت وفي أن يعتقوا
منها ما حمل الثلث الساعة (قال) وهذا إذا لم يحملها الثلث هو قول مالك
[في الرجل يعتق عبده ثم يجحده فيستخدمه ويستغله]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أعتق عبدا له فجحده العتق فاستخدمه أو استغله
أو كانت جارية فوطئها ثم أقر بذلك بعد زمان أو قامت عليه البينة بذلك ما القول في
هذا في قول مالك (قال) أما الذي قامت عليه البينة وهو جاحد فليس عليه شئ وهذا
213

قول مالك في الذي يجحد (وقال مالك) في رجل اشترى جارية وهو يعلم أنها حرة
فوطئها انه ان أقر بذلك على نفسه أنه وطئها وهو يعلم بحريتها فعليه الحد فمسألتك
مثل هذا إذا أقر وأقام على قوله ذلك ولم ينزع عنه فان الحد يقام عليه والغلة مردودة
على العبد وله عليه قيمة خدمته (قال) وسئل مالك عن رجل حلف بعتق عبد له في
سفر من الاسفار ومعه قوم عدول على شئ أن لا يفعله فقدم المدينة بعبده ذلك
وتخلف القوم الذين كانوا معه فحنث في عبده ثم هلك وقد استغل عبده بعد الحنث
فكاتبه ورثته بعد موته وهم لا يعلمون بحنث صاحبهم فأدى نجوما من كتابته ثم
قدم الشهود بعد ذلك فأخبروا بالذي كان من فعل الرجل من اليمين وانه حنث
فرفعوا ذلك إلى القاضي فسئل مالك عن ذلك عن عتق العبد وعما استغله سيده وعما
أدى إلى ورثته من كتابته فقال مالك أما عتقه فأمضيه وأما ما استغله سيده فلا شئ
على السيد من ذلك وأما الكتابة فلا شئ له من ذلك أيضا على ورثة سيده مما أخذوا
منه أيضا وإنما يثبت عتقه اليوم (قال ابن القاسم) وهذا مما يبين لك ما قلت لك في
مسألتك في الذي يطأ جاريته أو يقذف عبده أو يجرحه ثم تقوم على السيد البينة أنه
أعتقه قبل ذلك وهو جاحد انه لا شئ على السيد إذا كان السيد هو الجارح أو
القاذف ولا شئ عليه في الوطئ لاحد ولا غير ذلك (قال سحنون) والرواة يخالفونه
ويرون الغلة على من أخذها وأنه حر في أحكامه وأنه يجلد من قذفه ويقاد ممن جرحه
سيده كان أو غيره ويقتص منه في الجراحات للأحرار ويجلد حد الحر في الفرية
[في الرجل يعتق العبد من الغنيمة قبل أن تقسم الغنائم]
(قلت) أرأيت الرجل من أهل العسكر ممن له في الغنيمة نصيب يعتق جارية من
الغنيمة أيجوز عتقه فيها (قال) ما سمعت من مالك فيها شيئا ولا أرى عتقه فيها جائزا
وذلك أنه بلغني أو سمعته من مالك أنه قال إذا زنى رجل من أهل الجيش بجارية من
الغنيمة أو سرق من الغنيمة جارية بعد أن تحرر أقيم عليه الحد حد الزنا وقطعت يده فهذا
يدلك على أن عتقه غير جائز (وقال أشهب) لا يحد ان وطئ جارية ويقطع ان
214

سرق ما فوق حقه بثلاثة دراهم لان حقه في الغنيمة واجب يرثه ورثته ان مات
وليس هو كحقه في بيت المال لأنه إنما يجب له إذا أخذه وان مات لم يورث عنه
[في النصراني والحربي يعتق عبده المسلم ثم يريد أن يسترقه]
(قلت) أرأيت ان أعتق النصراني عبده بعد أن أسلم العبد أيلزمه العتق أم لا في
قول مالك (قال) يلزمه العتق ويحكم عليه به لان للاسلام حرمة دخلت للعبد باسلامه
فلا بد من أن يحكم على هذا النصراني بالعتق لان كل حكم وقع بين نصراني ومسلم
حكم بينهما بحكم الاسلام ولان مالكا قال في نصراني دبر عبده ثم أسلم العبد قال مالك
يؤاجر العبد ولا يباع فالعتق أوكد من التدبير وهذا المدبر الذي يؤاجر إذا مات
سيده نصرانيا فإنه يعتق في ثلثه ان حمله الثلث والا فمبلغ الثلث ويرق منه ما بقي
فإن كان ورثته نصارى أجبروا على بيع ما صار لهم من هذا العبد وان كأن لا ورثة له
كان ما رق منه لجميع المسلمين وهذا قول مالك (قلت) أرأيت لو أن حربيا
دخل الينا بأمان فكاتب عبيدا له أو أعتقهم أو دبرهم ثم أراد أن يبيعهم أيمكن من
ذلك (قال) أرى ذلك له وقد قال مالك في النصراني يعتق عبدا له نصرانيا ثم يأبى
إنفاذ عتقه ويرده إلى الرق انه لا يعرض له فيه (قلت) فما تقول في النصراني
إذا أعتق عبده النصراني أيحكم عليه بالعتق أم لا في قول مالك (قال) قال مالك في
النصرانيين يكون بينهما العبد النصراني فيعتق أحدهما حصته قال مالك لا أرى أن
يقوم عليه وأما إذا كان جميعه لسيده فقد بلغني أن مالكا قال لا أعتقه عليه أيضا
(قال ابن القاسم) وهو إذا كان لواحد أو كان بين نصرانيين سواء لان مالكا قد
جعل تدبير النصراني وكتابته لازمة إذا أسلم العبد ولو أراد أن يفسخ كتابته وتدبيره
لم أعرض له إذا كان تدبيره ذلك قبل أن يسلم العبد
[في النصراني يحلف بحرية عبده ثم يحنث بعد اسلامه]
(قلت) أرأيت لو أن نصرانيا أعتق عبده أو دبره أو حلف بذلك في نصرانيته فحنث
215

بعد اسلامه ثم أراد بيع المدبر أو استرقاق الذي أعتق أيمنع من ذلك وهل يلزمه العتق
والتدبير وهو نصراني (قال) سئل مالك عن النصراني يحلف في حال نصرانيته بعتق
عبده أن لا يفعل كذا وكذا ثم يسلم ثم يفعله أيحنث أم لا (قال) قال مالك لا حنث
عليه بما حلف به في الشرك (قال) مالك وكذلك لو حلف بالصدقة أو بالطلاق في
حال شركه فلم يحنث الا بعد اسلامه انه لا شئ عليه في يمينه لان يمينه كانت في حال
الشرك باطلا (قال ابن القاسم) فأرى أنه ان حنث به في حال نصرانيته ثم أسلم انه
لا يعرض له مثل الذي أخبرتك وما أعتق النصراني أو دبر فأبى أن ينفذه وتمسك
به فأراد بيعه فذلك له ولا يحال بينه وبين ذلك ولا يعتق عليه وبيعه جائز كذلك قال
مالك (قال ابن القاسم) إلا أن يرضى السيد بأن يحكم عليه بحكم المسلمين فان رضى
بذلك حكم عليه بحريته
[فيمن أخدم عبده سنين وجعل عتقه بعد الخدمة فلم يحزه]
[المخدم حتى استدان المخدم دينا]
(قلت) أرأيت أن أخدم عبده رجلا سنين ثم أعتقه وجعل عتقه بعد الخدمة ثم
استدان دينا بعد ما أخدمه إلا أن العبد بيد السيد لم يسلمه إلى من جعل له الخدمة ولم
يسلمها له (قال) قال مالك يكون الغرماء أولى بالخدمة يؤاجر لهم وليس لهم إلى العتق
سبيل (قلت) فإن كان قد بتل الخدمة للذي جعلها له فلا سبيل للغرماء على الخدمة
في قول مالك قال نعم (قلت) وكذلك لو تصدق بصدقة أو وهب هبة أو أعطى
عطية ثم لم يبتلها إلى الذي جعلها له حتى لحقه دين (قال) قال مالك الغرماء أولى بذلك
ما لم يبتله الا في العتق خاصة فإنه إذا أعتق بعد الخدمة وهو صحيح فبتل الخدمة أو لم
يبتلها فأن لا شئ للغرماء في العتق عندما مالك ولهم الخدمة إن لم يكن بتلها أو حازها
الذي جعلت له
216

[في العبد يعتق وله على سيده دين]
(قلت) أرأيت إذا أعتق الرجل عبده وله دين على سيده أيكون للعبد أن يرجع
بذلك على سيده في قول مالك (قال) نعم يرجع به على سيده لان مالكا قال يتبع العبد
ماله إذا أعتقه سيده فالدين الذي على السيد للعبد يكون للعبد إذا أعتقه السيد لان
السيد لم ينتزع ذلك من العبد (قلت) فان قال السيد اشهدوا أنى قد انتزعت الدين
الذي للعبد على أو قال اشهدوا أنى أعتقه على أن ماله لي أيكون المال للسيد ويكون
هذا انتزاعا لما في يد العبد قال نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم هذا قوله
(ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشج عن نافع
عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق عبدا وله مال فمال
العبد له إلا أن يستثنيه السيد (مالك) عن ابن شهاب أنه حدثهم قال مضت السنة أنه
إذا أعتق العبد تبعه ماله (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن عائشة
والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبى
الزناد ومحمد بن عبد القارى ومكحول بذلك (قال يحيى) وعلى ذلك أدركنا الناس قال
ربيعة وأبو الزناد علم سيده بماله أو جهله (قال أبو الزناد) وان كانت للعبد سرية قد ولدت
منه علم السيد بذلك أو لم يعلم فان سرية العبد للعبد وان ولده أرقاء لسيده (وكيع)
وقال الحسن وإبراهيم النخعي وعائشة في المملوك يعتق ان ماله للعبد (وقالت) عائشة
والحسن إلا أن يشترطه السيد
[في العبد بين الرجلين أو المعتق بعضه يكون ماله موقوفا في يديه]
(قلت) أرأيت عبدا نصفه رقيق ونصفه حر باع السيد المتمسك بالرق نصيبه منه
أيكون له أن يأخذ من ماله شيئا أم لا في قول مالك (قال) قال لي مالك أيما عبد كان
نصفه حرا ونصفه مملوكا فأراد سيده الذي له فيه الرق أن يبيع نصيبه منه فإنه يبيعه
على حاله ويكون المال موقوفا في يدي العبد ويكون الذي ابتاع العبد في مال العبد
217

بمنزلة سيده الذي باعه وليس للذي باعه ولا للذي اشتراه أن يأخذ من ماله شيئا فان
عتق يوما ما كان جميع ماله له أو يموت فيكون جميع المال للذي له فيه الرق ولا
يكون للذي أعتق في ماله الذي مات عنه العبد قليل ولا كثير لأنه لا يورث بالحرية
حتى تتم فيه الحرية عند مالك (قلت) ولم جعل مالك المال موقوفا في يدي العبد ولم
يجعل للمتمسك بالرق أن يأخذ من ماله شيئا (قال) لشركة العبد في نفسه وللعتق
الذي دخله فماله موقوف ان عتق تبعه ماله وان مات قبل أن تتم حريته كان سبيله
ما وصفت لك عند مالك
[في عتق العبد الذي يمثل به سيده]
(قلت) أرأيت من مثل بعبده أيعتق عليه في قول مالك قال نعم (قلت) فان قطع
أنملة من إصبعه أهي مثلة في قول مالك (قال) نعم إذا تعمد ذلك (قلت) أرأيت ان
أحرقه بالنار عمدا فأحرق شيئا من جسده أتكون هذه مثلة في قول مالك (قال) نعم
إذا كان على وجه العذاب له وإذا كواه بالنار لمرض يكون بالعبد أو يكون أراد بذلك
علاج العبد فلا شئ عليه ولا يعتق العبد بهذا (قال) ولقد سمعت مالكا وقال لنا أرسل
إلى السلطان يسألني عن امرأة كوت فرج جاريتها بالنار فقلت لمالك فما الذي رأيت
فقال إن كان ذلك منها على وجه العذاب لها فانتشر وساءت منظرته رأيت أن
تعتق عليها (قلت) أرأيت إن لم ينتشر ولم تقبح منظرته (قال) فلا أرى أن تعتق
عليها (قلت) أرأيت إن لم يكن متفاحشا (قال) فلا عتق فيه كذلك قال مالك
(قلت) أرأيت ان مثل بأم ولده أتعتق عليه في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا ولكن أم ولده ملك له عتقه فيها جائز إذا مثل بها فإنها تعتق عليه
(قلت) أرأيت ان مثل بمكاتبه (قال) إذا مثل بمكاتبه فإنه يعتق عليه (قلت) فان
مثل به فقطع يده عمدا أو جرحه (قال) ينظر إلى جرحه أن لو جرحه أجنبي فيكون
ذلك على السيد فإن كان قيمة الجرح والكتابة سواء عتق العبد وإن كان قيمة الجرح
أكثر من الكتابة كان على السيد الفضل وان كانت أقل من الكتابة عتق العبد ولم
218

يكن للسيد عليه سبيل لأنه لو فعل ذلك بعبد له غير مكاتب عتق عليه (قلت) أرأيت
ان مثل بعبد عبده أيعتق عليه في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى
أن يعتق عليه (قلت) فعبيد أم الولد إذا مثل بهم (قال) أرى أن يعتقوا
عليه ولم أسمعه من مالك (قلت) فعبيد مكاتبه إذا مثل بهم (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا وأرى أن يكون عليه ما نقصهم ولا يعتقون عليه لان عبيد مكاتبه
لا يقدر على أخذهم إلا أن تكون مثلة فاسدة فيضمنهم ويعتقون عليه (قلت)
أرأيت ان مثل بعبيد لابن له صغير أيعتقون عليه في قول مالك (قال) قال مالك
إذا أعتق الرجل عبيد أولاده الصغار وهو ملئ جاز العتق فيهم وضمن القيمة لولده
فأراه إذا مثل بهم عتقوا عليه وكانت عليه القيمة لولده مثل ما قال مالك إن كان مليا
(قلت) أرأيت ان جز رؤس عبيده ولحاهم أتراه مثلة يعتقون عليه بها في قول
مالك (قال) لا أرى ذلك مثلة يعتقون بها (قلت) أرأيت ان قلع أسنان عبيده
أتراه مثلة (قال) أخبرنا مالك أن زياد بن عبيد الله إذ كان عاملا على المدينة أرسل
إليهم يستشيرهم في امرأة سحلت أسنان جارية لها بالمبرد حتى أذهبت أسنانها قال
مالك فما اختلف عليه أحد منا يومئذ أنها تعتق عليها فأعتقها. يريد مالك نفسه وغيره
من أهل العلم قال ومعنى سحلت أسنانها بردتها فمسألتك مثل هذا أرى أن يعتقوا
إذا كان على وجه العذاب (قلت) أرأيت ما يصيب به المرء عبده يضربه على
وجه الأدب فيفقأ عينه أو يكسر يده أو ما أشبه هذا من القطع أو الشلل (قال)
قال مالك لا أرى أن يعتق بهذا ولا يعتق الا بما فعله به عمدا (قلت) أرأيت ان
أخصاه أيعتق عليه في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت ان مثل بعبيد امرأته أو
بخدمها (قال) يعاقب ويضمن ما نقصهم ولا يعتقون عليه إلا أن تكون مثلة فاسدة
فيضمنهم ويعتقون عليه (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال كان لزنباع غلام
يسمى سندرا أو ابن سندر فوجده يقبل جارية له فأخذه فجبه وجدع أذنيه وأنفه
219

فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى زنباع فقال لا تحملوهم مالا يطيقون
وأطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون وما كرهتم فبيعوا وما رضيتم
فأمسكوا ولا تعذبوا خلق الله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مثل به أو
احرق بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال لرسول الله صلى عليه وسلم أوص بي فقال أوصى بك كل مسلم (ابن وهب) قال ابن
لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب ان زنباعا كان يومئذ كافرا (مالك بن أنس) قال
بلغني أن عمر بن الخطاب أتته وليدة قد ضربها سيدها بنار فأصابها فأعتقها قال
مالك والولاء لمن أعتق عليه (ابن وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن سليمان
ابن يسار مثل ذلك (قال) وضرب عمر سيدها (قال) وأخبرني غير واحد عن ابن أبي مليكة وأبى الزبير أن سيدها أحمى لها رضفا (1) فأقعدها عليه فاحترق فرجها
فقال له عمر ويحك أما وجدت عقوبة إلا أن تعذبها بعذاب الله قال فأعتقها وجلده
(ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة أن
العبد يعتق في المثلة المشهورة (قال ابن شهاب) والمثل كثيرة وقال ربيعة يقطع حاجبه
أو ينزع أسنانه هذا وما أشبهه (قال يحيى) كل ما كان مثلا في الاسلام عظيم يعاقب
من فعل ذلك ويعتق عليه العبد (قال سحنون) ابن القاسم يقول في الكافر يمثل
بعبده انه لا يعتق عليه وأما أشهب فيعتقه بالمثلة كافرا كان السيد أو مسلما
[في الرجل يؤاجر عبده سنة ثم يعتقه قبل السنة]
(قال) وسمعت مالكا يقول في الرجل يؤاجر عبده سنة ثم يعتقه (قال مالك)
لا عتق له حتى تتم السنة وان مات السيد قبل السنة فهو حر من رأس المال إذا مضت
السنة (قال مالك) ولا تنقض الإجارة لموت السيد (قال سحنون) وكذلك
المخدم إلى سنة أو أكثر يعتقه سيده مثل ما وصفنا من أمر المستأجر إلا أن يترك

(1) (رضفا) قال في لمصباح الرضف الحجارة المحماة الواحدة رضفة مثل تمر وتمرة اه‍ فيراد
من الرضف هنا الحجارة ويجرد عن بعض المعنى اه‍
220

المخدم أو المستأجر ماله فيه فيعتق كذلك قال مالك
[فيمن ادعى صبيا صغيرا في يديه أنه عبده وأنكر الصبي وادعي الصبي أنه حر]
(قلت) أرأيت لو أن صبيا صغيرا في يدي رجل قال هذا عبدي فلما بلغ الصغير
قال أنا حر وما أنا لك بعبد (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأره عبدا ولا يقبل قوله إذا
كانت خدمته له معروفة وحيازته إياه (قلت) أرأيت الصبي إذا كان يعرب عن نفسه
فقال له سيده أنت عبدي وقال الصبي بل أنا حر (فقال) هو مثل ما وصفت لك إن كان
قبل ذلك في يديه يختدمه وهو في حيازته لم ينفع الصبي قوله أنا حر وهو عبد
له وهذا رأيي وإن كان إنما هو متعلق به لا يعلم منه قبل ذلك خدمته له ولا حوزه إياه
فالقول قول الصبي (قلت) أرأيت ان قال رجل لعبد في يديه أنت عبد لي وقال
العبد بل أنا عبد لفلان (قال) هو لمن هو في يديه ولا يصدق العبد في أن يصير نفسه
لغير الذي هو في يديه (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) سمعت مالكا يسئل عن
جارية كان معها ثوب فقال سيدها هذا الثوب هو لي وقال رجل من الناس بل
الثوب ثوبي وأنا دفعته إليها تبيعه وأقرت الجارية أن الثوب للأجنبي دفعه إليها تبيعه
(فقال) قال مالك الثوب ثوب السيد لان الجارية جاريته إلا أن يكون للأجنبي بينة على
ما ادعى ولا تصدق الجارية في اقرارها هذا فكذلك مسألتك إذا لم يجز لها اقرارها
في مالها الذي في يديها إذا أقرت به للأجنبي فكذلك رقبتها لا يجوز اقرارها برقبتها
لغير سيدها إذا كانت في يديه
[في الرجل يدعى العبد في يدي غيره أنه عبده]
(قلت) أرأيت ان ادعيت أن هذا الرجل عبدي وأردت أن أستحلفه أيكون
ذلك لي (قال) ليس ذلك لك (قلت) فان أقمت شاهدا واحدا أأحلف مع شاهدي
ويكون عبدي في قول مالك (قال) نعم ولم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن مالكا قد قال
في كتابه في الرجل يعتق العبد فيأتي الرجل بشاهد على حق له على الرجل الذي
221

أعتق ان صاحب الحق يحلف ويثبت حقه ويرد عتق العبد فإذا كان هذا عند مالك
هكذا رأيت أن يسترقه باليمين مع شاهده (قلت) أرأيت لو أنى ادعيت عبدا في
يدي رجل وأقمت عليه البينة أنه عبدي أيحلفني القاضي بالله الذي لا إله إلا هو
أني ما بعت ولا وهبت ولا خرج من يدي بوجه من الوجوه مما يخرج به العبد
من ملك السيد (قال) نعم كذلك قال مالك (قلت) أرأيت العبد يكون في يد رجل
فيسافر العبد أو يغيب فيدعيه رجل والعبد غائب فيقيم البينة على ذلك العبد أنه عبده
أيقبل القاضي بينته على العبد وهو غائب وكيف هذا في المتاع والحيوان إذا كان
يعينه أيقبل القاضي البينة على ذلك أم لا (قال) نعم يقبل البينة إذا وصفوه وعرفوه
ويقضى له بذلك (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا ولكن هذا رأيي إذا وصفوه
بنعته وجلوه (قلت) أرأيت لو أقمت البينة على عبد في يد رجل وقد مات في يديه
أنه عبدي أيقضى لي عليه بشئ ء في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا شئ على
الذي مات العبد في يديه إلا أن يقيم المدعى البينة أنه غصبه لأنه يقول اشتريت من
سوق المسلمين فمات في يدي فلا شئ على
[اللقيط يقر بالعبودية لرجل أو يدعيه رجل عبدا له]
(قلت) أرأيت اللقيط إذا بلغ رجلا فأقر بالعبودية لرجل أتجعله عبدا له (قال)
لا يكون عبدا له لان مالكا قال اللقيط حر (قلت) أرأيت ان التقطت لقيطا
فادعيت أنه عبدي (قال) لا يقبل قولك لان مالكا قال اللقيط حر فإذا علم أنه التقطه
فادعى أنه عبدا له لم يصدق الا بالبينة وهو حر (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن
يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن عبد العزيز كأن يقول في الذي يلتقط من الصبيان انه
كتب فيه أنه حر وأن ينفق عليه من بيت المال (أشهب) عن القاسم بن عبد
الله عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنه قال المنبوذ حر
222

[في العبد يدعي أن سيده أعتقه]
(قلت) أرأيت ان ادعى العبد أن مولاه أعتقه أتحلفه له (قال) قال مالك لا إلا أن يأتي العبد بشاهد (قال) ولو جاز هذا للعبيد والنساء لم يشأ عبد ولا امرأة الا
أوقفت زوجها وأوقف العبد سيده كل يوم فأحلفه (قال) فقلنا لمالك فان شهدت
امرأتان في الطلاق أترى أن يحلف الزوج (قال) ان كانتا ممن تجوز شهادتهما عليه
رأيت أن يحلف يريد بذلك أن لا تكونا أمهاتها أو بناتها أو أخواتها أو جداتها
ممن هو منها بظنة (قلت) وكذلك هذا في العتق (قال) نعم مثل ما قال لي مالك
في الطلاق
[في اقرار بعض الورثة أن الميت أعتق هذا العبد وينكر بقية الورثة]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ورثة نساء ورجالا فشهد واحد من الورثة
أو أقر بأن أباه أعتق هذا العبد وجحد ذلك بقية الورثة (قال) قال مالك لا تجوز
شهادته ولا اقراره (قلت) ويكون حظه من العبد رقيقا له في قول مالك قال نعم
(قلت) فان أقر هو وآخر من الورثة بأن الميت قد أعتق هذا العبد (قال) قال
مالك ينظر إلى العبد الذي شهدوا له فإن كان العبد ممن لا يرغب في ولائه وليس
لولائه خطب جازت شهادتهما على جميع الورثة رجالا كانوا أو نساء ورجالا وإن كان
لولائه خطب قال مالك لم تجز شهادتهم إن كان في الورثة نساء لأنهم
يتهمون على جر الولاء فإن لم يكن في الورثة نساء وكانوا كلهم رجالا ممن يثبت لهم
ولاء هذا العبد جازت شهادتهما على عتقه على جميع الورثة إذا كانوا بحال ما وصفت
لك (قلت) أرأيت لو أن أخوين ورثا عن أبيهما عبدا ومالا فأقر أحدهما أن أباه
أعتق هذا العبيد في صحته أو في مرضه والثلث يحمل العبد (قال) قال مالك العبد رقيق
كله يباع ولا يعتق على واحد منهما فإذا باعاه جعل هذا الذي أقر بأن والده أعتقه
نصيبه من ثمن العبد في رقاب (قلت) فان قال الذي أقر بما أقر به أما إذا لم يلزمني
هذا الذي أقررت به فانى لا أبيع نصيبي منه وقال الآخر الذي لم يقر بشئ ء لا أبيع
223

نصيبي منه (قال) قال مالك يستحب للذي أقر أن يبيع نصيبه من العبد فيجعل
ذلك في رقاب ان بلغ ما يكون رقبة أو رقابا فيعتقهم عن أبيه الميت ويكون
ولاؤهم لأبيه ولا يكون ولاؤهم له (قال ابن القاسم) وليس يقضى بذلك عليه
(قلت) فإن لم يبلغ رقبة (قال) قال مالك يشارك به في رقبة ولا يأكله يشتريها
هو وآخر (قلت) فإن لم يجد أيجعله في المكاتبين في قول مالك (قال) قال مالك
يعين به في رقاب فيتم به عتاقتهم (قلت) وكذلك هذا في جميع الورثة زوجة
كانت المقرة بالعتق أو أختا أو والدة فإنه لا يجوز اقرارها بالعتق وحالها في اقرارها
كحال الأخ الذي وصفت لي في قول مالك في نعم (قلت) أرأيت ان هلك رجل
وترك عبيدا وترك ابنين فأقر أحدهما أن أباه أعتق هذا العبد لبعض أولئك
العبيد وقال الابن الآخر بل أعتق أبى هذا العبد آخر والثلث يحملهما أولا
يحملهما (قال) يقسم الرقيق بينهما فأيهما صار العبد الذي أقر بعتقه في حظه عتق عليه
ما حمل الثلث منه وإن لم يصر العبد الذي أقر بعتقه في حظه وصار في حظ صاحبه
فإنه يخرج مقدار نصف ذلك العبد إذا كان ثلث الميت يحمله فيجعله في رقبة أو في
نصف رقبة (قال) فإن لم يجد أعان به في آخر كتابة مكاتب بحال ما وصفت لك
(قلت) أليس قد قلت يباع إذا أقر أحدهما بعتقه في قول مالك فكيف ذكرت
القسمة هاهنا (قال) إنما يباع إذا كأن لا ينقسم فأما إذا كان مما ينقسم فإنه يقسم بحال
ما وصفت لك والذي قال لي مالك إنما هو في العبد الواحد لأنه لا ينقسم (قلت)
أرأيت العبد إذا شهد له بالعتق واحد من الورثة أيعتق أم لا وهل يعتق نصيب
الوارث منه في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا يحلف هذا العبد مع هذا الوارث
ولا يعتق منه نصيب هذا الوارث ولا نصيب غيره ولكن يؤمر الوارث أن يصرف
ما صار له من مورثه من ثمن رقبة العبد في رقبة ان بلغت وإن لم تبلغ جعلها في نصف
رقبة أو ثلث رقبة فإن لم يجد نصفا ولا ثلثا من رقبة فما صار إليه من حقه في رقبة العبد
أعان بنصيبه منه في رقبة مكاتب في آخر الكتابة الذي به يعتق المكاتب
224

(قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت إن لم يبيعوا العبيد وقالت الورثة لا نبيع
ولكنا نقسم والعبيد كثير يحملون القسمة (قال) ذلك لهم عند مالك (قلت) فان
اقتسموا العبيد واستهموا فخرج العبد الذي أقر الوارث أن أباه أعتقه في سهمه أيعتق
جميعه في سهمه أم يعتق منه مقدار حصته منه قبل القسمة (قال) قال مالك يعتق
جميعه (قلت) بقضاء (قال) نعم قال ومما يدلك على هذا ألا ترى لو أن رجلا شهد على
عبد رجل أنه حر وأن سيده أعتقه فردت شهادته فاشتراه من سيده أنه يعتق عليه
إذا اشتراه أو ورثه (ابن وهب) عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة أنه قال في الرجل
يشهد أن أباه أعتق فلانا رأسا من رقيقه (قال) إن كان معه رجل آخر يشهد على ذلك
جاز ذلك على الورثة وإن لم يكن معه غيره سقطت شهادته عنه وعن أهل الميراث
وأعطي حقه منه وهو قول كبار أصحاب مالك (قال سحنون) وهو قول مالك
إلا أنه أحيانا يقول إن كان ممن يرغب في ولائه أو لا يرغب
[فيمن أقر أنه أعتق عبده على مال ويدعى العبد أنه أعتقه على غير مال]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال قد أعتقت عبدي أمس فبتت عتقه على مائة دينار
جعلتها عليه وقال العبد بل بتت عتقي على غير مال (قال) القول قول العبد عندي
ولم أسمعه من مالك (قلت) أفيحلف العبد للسيد (قال) نعم ألا ترى أنها تحلف
الزوجة للزوج (وقال أشهب) القول قول السيد ويحلف ألا ترى أنه يقول لعبده
أنت حر وعليك مائة دينار فيعتق وتكون المائة عليه وليس هو مثل الزوجة يقول
لها أنت طالق وعليك مائة دينار فهي طالق ولا شئ عليها
[فيمن أقر في مرضه بعتق عبده]
(قلت) أرأيت ان أقر في مرضه فقال قد كنت أعتقت عبدي في مرضى هذا
أيجوز هذا في ثلثه (قال) كل ما أقر به أنه فعله في مرضه فهو وصية وما أقر به في
الصحة فهو خلاف ما أقر به أنه فعله في المرض (قال) فان قام الذي أقر له وهو صحيح
225

أخذ ذلك منه وإن لم يقم حتى يمرض أو يموت فلا شئ له وان كانت له بينة
الا العتق والكفالة فإنه إن أقر به في الصحة فقامت على ذلك بينة عتق في رأس
ماله وان كانت الشهادة إنما هي بعد الموت أخذت الكفالة من ماله وارثا كان
أو غير وارث لأنه دين قد ثبت في ماله في صحته
[العبد بين الرجلين يشهد أحدهما أن صاحبه أعتق نصيبه]
(قلت) أرأيت العبد يكون بين الرجلين فيشهد أحدهما على صاحبه أنه أعتق
نصيبه منه وصاحبه ينكر ذلك (قال) إن كان الذي شهد عليه موسرا لم أر أن يسترق
نصيبه ورأيت أن يعتقه لأنه جحده قيمة نصيبه منه وقد قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقوم عليه وإن كان الذي شهد عليه معسرا لم أر أن يعتق عليه من نصيبه
شئ لأنه لا قيمة عليه فلذلك تمسك بنصيبه وكان رقيقا وانظر إذا كان الشاهد موسرا
أو معسرا فشهد على موسر فنصيبه حر وإذا كان المشهود عليه معسرا والشاهد
موسرا أو معسرا لم يعتق على الشاهد من نصيبه شئ (قال) وهذا أحسن ما سمعت
(قال سحنون) وقد قال هو وغيره لا تجوز الشهادة كان المشهود عليه موسرا أو
معسرا وهو أجود قوله وعليه جميع الرواة
[في الرجلين يشهدان على الرجل بعتق عبده ثم يرجعان عن شهادتهما]
(قلت) أرأيت الشاهدين إذا شهدا على رجل بعتق عبده فأعتقه السلطان عليه ثم
رجعا عن شهادتهما (قال) قال مالك العتق ماض ولا يرد العبد إلى الرق لرجوعهما
عن شهادتهما ولم أسمع من مالك في قيمة العبد هل يضمنها هذان الشاهدان وأما أنا
فأرى أن يضمنا للسيد قيمة العبد وكذلك يقول غيره من الرواة
[في الرجلين يشهدان على الرجل بعتق عبده فترد شهادتهما]
[ثم يشتريه أحدهما]
(قال) وقال مالك إذا شهد رجلان على رجل أنه أعتق عبده فرد القاضي شهادتهما
226

عنه ثم اشتراه أحدهما بعد ذلك أنه يعتق عليه حين اشتراه (وقال) أشهب ان أقام
على الاقرار بعد الاشتراء لان قوله يومئذ لم يكن يلزمه منه شئ وان جحد وقال
كنت قلت باطلا وأردت اخراجه من يديه لم يكن عليه شئ
[في الرجل الواحد يشهد لعبد أن سيده أعتقه]
(قال) وقال مالك إذا شهد الرجل لعبد أن سيده أعتقه أو لامرأة أن زوجها طلقها
أحلف الزوج والسيد ان شاءا وان أبيا فإن لم يحلفا سجنا حتى يحلفا وقد كان مالك
يقول في أول قوله إن أبيا أن يحلفا طلق عليه وأعتق عليه ثم رجع فقال يسجن حتى
يحلف وقوله الآخر أحب إلي وأنا أرى ان طال سجنه أن يخلى سبيله ويدين ولا
يعتق عليه ولا يطلق عليه (قلت) أرأيت عبدا ادعى أن مولاه أعتقه وأنكر
المولى ذلك أيكون للعبد على مولاه يمين أم لا في قول مالك (قال) لا يمين عليه
(قلت) فان أقام شاهدا واحدا أو أقام امرأتين فشهدتا على العتق أيحلف العبد مع
الرجل أو مع المرأتين في قول مالك (قال) قال مالك لا يحلف العبد ولكن يحلف
السيد (قلت) فان أبى أن يحلف السيد (قال) كان مالك مرة يقول إن أبى أن يحلف
أعتق عليه العبد ثم رجع عن ذلك فقال يسجن السيد حتى يحلف (قلت) وتوقفه
عن عبده وعن أمته إذا أقام شاهدا واحدا أو امرأتين وتحبسه حتى يحلف في قول
مالك (قال) نعم وإنما قال لي مالك هذ في الطلاق والعتق مثله (وقال) مالك وإنما تجوز
شهادة النساء في هذا إذا كانت المرأتان ممن تجوز شهادتهما للمرأة على الزوج (فقلت)
له وما معنى قول مالك هذا (قال) لا تكون أم المرأة وابنتها ونحوهما ممن لا تجوز
شهادتهما لها وكذلك هذا في العتق (قلت) أرأيت ان شهدت أختها وأجنبية (قال)
لا أرى أن تجوز (قلت) وكذلك العمة والخالة (قال) نعم لا تجوز لان هذا ليس
بمنزلة الحقوق هذا طلاق (قلت) وهذا قول مالك (قال) إنما قال لنا مالك جملة مثل
ما أخبرتك (قلت) أرأيت لو أن رجلا هلك فادعى عبده أن مولاه أعتقه وأقام
شاهدا واحدا أيحلف مع شاهده أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا يحلف مع
227

شاهده ويكون رقيقا ويحلف الورثة ان كانوا كبارا أنهم لا يعلمون أنه أعتقه
[في الأمة يشهد لها زوجها ورجل أجنبي بالعتق]
(قلت) أرأيت لو أن أن أمة شهد لها زوجها بالعتق ورجل أجنبي (قال) قال مالك لا تجوز
شهادة الزوج لامرأته ولا المرأة لزوجها (قال) ولو شهد زوج لامرأته ورجل أن
سيدها أعتقها كان أحرى أن لا تقبل شهادته
[في اختلاف الشهادة على العتق]
(قلت) أرأيت ان شهد شاهدان على عبد ورثته عن أبي شهدا أحدهما أن أبى كان
دبره وشهد الآخر أن أبى كان أعتقه في صحته بتلا أتجوز شهادتهما في قول مالك (قال)
أراهما قد اختلفا فلا تجوز في رأيي (وقال) غيره لان أحدهما شهد أنه من رأس المال
وقال الآخر من الثلث ولا يكون في الثلث الا ما أريد به الثلث. وان شهد شاهد على
رجل أنه أعتق عبده بتلا وشهد آخر أنه أعتق ذلك العبد عن دبر فهما لم يجتمعا في
الثلث ولا غيره حلف مع كل واحد منهما وأبطل شهادتهما فان أبى أن يحلف سجن وان
قال أحدهما إلى سنة وقال الآخر بتل عتقه فقد اجتمعا على العتق واختلفا في الاجل
حلف على شهادة المبتل فان حلف كان حرا إلى سنة وأن أقر عجل العتق وان أبى أن
يحلف سجن فخذ هذا على مثل هذا (قلت) أرأيت ان شهد شهود على مرزوق أنه
عبد لهذا الرجل وأن هذا الرجل أعتقه وشهد غيرهم أنه عبد فلان لرجل آخر ولم
يشهدوا على عتق (قال) إذا تكافأت البينتان في العدالة فهو حر لان الحرية قبض
وحوز ولا ترد حريته إلا أن يأتي الذي أقام البينة على العبودية بأمر هو أثبت من
بينة الذين شهدوا على الحرية (وقال) غيره وذلك إذا كان العبد ليس في يد واحد منهما
(قلت) أرأيت ان شهد رجل لرجل أن فلانا هذا الميت عبده وأنه كاتبه وشهد له شاهد
آخر أنه عبده وأنه أعتقه (قال) أرى شهادتهما جائزة علي اثبات الرق لأنهما اجتمعا عليه
وما اختلفا فيه من الكتابة والعتق فذلك لا تجوز شهادتهما فيه (قلت) أرأيت ان
228

شهد رجلان على أمة في يدي أنها أمة فلان وفلان هذا يدعيها وشهدا أنه أعتقها أو
دبرها أو كاتبها أو أعتقها إلى أجل من الآجال وأقمت أنا البينة أنها أمتي وتكافأت
البينتان في العدالة لمن يقضى بها (قال) أما الشهادة على ثبات العتق فانى أجعلها حره
ولا أجعلها للذي هي في يديه لأنهم قد شهدوا على هذه الجارية التي في يدي هذا
الرجل أنها حرة وأما في الكتابة والتدبير فانى لا أقبل شهادتهما وأجعلها للذي هي
في يديه لان مالكا قال إذا تكافأت البينتان فهي للذي هي في يديه (قال
سحنون) وقال غيره من الرواة هي للذي هي في يديه ولا ينظر إلى قول من قال إن البينة على من ادعى ممن ليس هي في حوزه وليست البينة على من في يديه فان ذلك
ليس بمعتدل لأنه لابد لمن جاء ببينة ينتزع بها ما بيدي من أن أكون له مانعا لما عندي
وأن لا يضرني حوزي وأن لا تكون حجة لغيري على ولا منع ولا دفع يكون
بأقوى من بينة مع حوز وقال إنما ادعى الذي أعتق أو كاتب ما هو له ملك وإنما
يكون العتق بعد ثبات الملك فالملك لم يثبت له فكيف يحقق له العتق ملك لم يثبت
له أرأيت لو قال أحدهما وهو المدعى ولدت عندي وأقام بينة وأقام المدعى عليه بينة
أنها ولدت عنده واعتدلت البينة أما كانت تكون للذي هي في يديه وتسقط
بينة المدعى لان بينته لم تثبت له ملكا والعتق لا يكون الا لمالك فلو قالت بينة المدعى
ولدت عنده وأعتق أكان العتق يوجب له ما لم يملك أرأيت لو شهدوا أنها للذي
هي في يديه يملكها منذ سنة وشهدت بينة المدعى أنها له يملكها منذ عشرة أشهر
وانه أعتقها أكان العتق يخرجها ولم يتم له ملكها
(تم كتاب العتق الثاني من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب المكاتب)
229

بسم الله الرحمن الرحيم
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
[كتاب المكاتب من المدونة الكبرى]
[في المكاتب وفى قول الله تعالى وآتوهم من مال الله الذي آتاكم]
(قال سحنون) قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت قول الله تبارك وتعالى وآتوهم
من مال الله الذي آتاكم (قال) سمعت مالكا يقول سمعت من غير واحد من أهل
العلم يقول إنه يوضع عنه من آخر كتابته (وقد ذكر) ابن القاسم وابن وهب
وعلي بن زياد وأشهب عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول في قول الله تبارك
وتعالى في كتابه وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ان ذلك أن يكاتب الرجل عبده ثم
يضع عنه من آخر كتابته تلك شيئا مسمى قال وذلك أحسن ما سمعت وعليه أهل
العلم وعمل الناس عندنا (قال مالك) وقد بلغني أن عبد الله بن عمر كاتب غلاما له
بخمسة وثلاثين ألف درهم ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم (قال
ابن وهب) وأخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه عن نافع أنه قال كاتب عبد الله بن عمر
غلاما يقال له شرف على خمسة وثلاثين ألف درهم فوضع عنه من آخر كتابته خمسة
آلاف درهم ولم يذكر نافع انه أعطاه شيئا غير الذي وضع عنه (سحنون) عن ابن
وهب عن الحرث بن نبهان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي
ابن أبي طالب أنه قال ربع الكتابة (قال ابن وهب) وبلغني عن إبراهيم النخعي قال
هو شئ حث الناس عليه المولى وغيره
230

[في الكتابة بما لا يجوز التبايع به من الغرر وغيره]
(قلت) أرأيت ان كاتبت عبدي على شئ من الغرر وما لا يجوز في البيوع أتجوز
الكتابة أم لا (قال) سألت مالكا أو سئل وأنا عنده عن الرجل يكاتب عبده على
وصفاء حمران أو سودان ولا يصفهم (قال مالك) يعطى وسطا من وصفاء الحمران
ووسطا من وصفاء السودان مثل النكاح فعلى هذا فقس جميع ما سألت عنه (قلت)
أرأيت ان كاتب عبده على قيمته أيجوز أم لا (قال) قال مالك في المكاتب يكاتب
على وصيف أو وصفين ولم يصفهم انه جائز ويكون عليه وسط من ذلك (وقال مالك)
وإذا أوصى بأن يكاتب ولم يسم ما يكاتب به فإنه يكاتب على قدر ما يعلم الناس من
قوته على الأداء فكذلك مسألتك على هذا إذا كاتبه على قيمته كان ذلك جائزا وكانت
عليه قيمة وسط من ذلك (قلت) أرأيت ان قال أكاتبك على عبد فلان أو
قال أتزوجك على عبد فلان (قال) أما المكاتب فإنه جائز عندي ولا يشبه النكاح لان
عبده يجوز له فيما بينه وبينه من الغرر غير شئ واحد مما لا يجوز فيما بينه وبين غيره
ولا يشبه البيوع (قلت) أرأيت ان كاتب عبده على لؤلؤ ليس بموصوف (قال) لا يجوز
ذلك لان اللؤلؤ لا يحاط بصفته (1) (قلت) أرأيت ان كاتب عبده على وصيف موصوف
فقبضه منه فعتق المكاتب ثم أصاب السيد بالوصيف عيبا (قال) يرده ويأخذ وصيفا
مثل صفته التي كانت عليه ان قدر على ذلك والا كان دينا يتبعه به ولا يرد العتق
لان مالكا قال في الرجل يتزوج المرأة على وصيف موصوف فقبضته فأصابت به عيبا
ان لها أن ترده وتأخذ وصيفا غيره على الصفة التي كانت لها فكذلك الكتابة
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يكاتب عبده على طعام ثم يصالحه السيد على دراهم
يتعجلها منه قبل محل أجل الكتابة فقال لا بأس به بين العبد وسيده وشككت في
أن يكون قال لي ولا خير فيه من غير العبد (قال) وهو رأيي انه لا خير فيه من غير

(1) بهامش الأصل هنا ما نصه انظر في كتاب السلم الأول إجازة السلم في اللؤلؤ قال ج وهو
خلاف هذا اه‍
231

العبد (قال) ومما يبين ذلك أن مالكا قال ما كان لك على مكاتبك من كتابة من
ذهب أو ورق أو عرض من العروض فلا بأس بأن تبيعه من المكاتب بعرض مخالف
للذي لك عليه أو من صنف الذي لك عليه يعجل ذلك أو يؤخره ولم ير ذلك من
الدين بالدين (قال ابن القاسم) وان باعه من أجنبي لم يحل إلا أن يتعجله ويدخله
ها هنا الدين بالدين فإذا كان هاهنا للأجنبي بيع الدين بالدين فهو في الطعام أيضا
إذا باعه من أجنبي في مسألتك بيع الطعام قبل أن يستوفى (1) (جرير بن حازم)
عن أيوب السختاني يحدث عن نافع أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كاتبت
عبدا لها على رقيق قال نافع فأدركت أنا ثلاثة من الذين أدوا في كتابتهم (ابن وهب)
عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب قال أدركنا ناسا من صلحاء
قريش يكاتبون العبد بالعبدين (قال) يزيد بن أبي حبيب هذه سنة (ابن وهب)
عن مسلمة بن علي عن الأوزاعي حدثهم عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال
في رجل كاتب عبده على ثلاثة وصفاء انه لا بأس بذلك (قال) الأوزاعي وقال ابن
شهاب مثله (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم
وسالما عن رجل كاتب عبدا له بخمسة وصفاء فقضى له بعضهم وبقي عليه بعضهم
فتوفى وله ولد (قالا) ان ترك مالا قضوا عنه وهم أحرار
[في الكتابة إلى غير أجل]
(قلت) أرأيت ان كاتب رجل عبده على ألف درهم ولم يضرب لذلك أجلا (قال)
قال مالك في الرجل يقول في وصيته كاتبوا عبدي بألف درهم ولم يضرب لذلك أجلا
(قال) مالك ينجم على المكاتب على قدر ما يرى من كتابة مثله وقدر قوته (قال ابن
القاسم) والكتابة عند الناس منجمة فأرى انها تنجم على العبد ولا تكون حالة وان
أبى ذلك السيد فإنها تنجم على العبد وتكون الكتابة جائزة

(1) بهامش الأصل هنا ما نصه انظر تمامها بعد هذا في باب المكاتب يقاطع سيده
232

[في المكاتب يشترط عليه الخدمة]
(قلت) أرأيت ان كاتبه على خدمة شهر أيجوز ذلك (قال) ان عجل له العتق على خدمة
شهر بعد العتق فالخدمة باطلة وهو حر وان أعتقه بعد الخدمة فالخدمة لازمة للعبد
(وقال أشهب) إذا كاتبه على خدمة شهر فالكتابة جائزة ولا يعتق حتى يخدم
الشهر (قال) وقال مالك كل خدمة اشترطها السيد على مكاتبه بعد العتق فهي
ساقطة (قال) مالك وكل خدمة اشترطها في الكتابة انه إذا أدى الكتابة قبل أن
يخدم سقطت عنه الخدمة
[في المكاتب يشترط عليه سيده أنك ان عجزت]
[عن نجم من نجومك فأنت رقيق]
(قال) وقال مالك في الرجل يشترط على مكاتبه ان عجزت عن نجم من نجومك
فأنت رقيق (قال) قال مالك فان عجز عنه فلا يكون عاجزا الا عند السلطان والشرط
في ذلك باطل (قال) وقال مالك أيضا في المكاتب يكاتبه سيده على أنه ان جاء بنجومه
إلى أجل سماه وإلا فلا كتابة له (قال) ليس محو كتابة العبد بيد السيد بما شرط
ويتلوم للمكاتب وان حل الاجل فان أعطاه كان على كتابته (قال مالك) والقطاعة
مثله يتلوم له أيضا وان مضى الاجل فان جاء به عتق (قلت) ما معنى قوله يتلوم
له أليس ذلك يجعل قريبا من الاجل (قال) ذلك على قدر اجتهاد السلطان فمن العبيد
من يرجى له إذا تلوم له ومنهم من لا يرجى له فهذا كله يقوى بعضه بعضا (ابن
وهب) عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الأشج
أن عمار بن عيسى الدؤلي حدثه أنه حضر عمر بن عبد العزيز وأتاه رجل بمكاتب
له قد أخنى (1) ببعض شروطه التي اشترطت عليه فقال خذه فهو عبدك لعمري
ما يشترط الناس الا لتنفعهم شروطهم (ابن وهب) عن يونس بن يزيد

(1) (أخنى) معناه أخلف وفسر بغير ذلك اه‍
233

عن ابن شهاب أنه قال سيد المكاتب أحق بشروطه فيما عليه (1) فيما اشترط عليه من
رد كتابته وما أخذ منه فهو له طيب ان المكاتب لم يوف له بشروطه وخالف إلى شئ
مما نهى عنه وعقد عليه (قال) والمكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شئ (ابن وهب)
عن ابن جريج عن عطاء الخراساني أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال يا رسول الله
انى أسمع منك أحاديث أفتأذن لي فاكتبها قال نعم فكان أول ما كتب به النبي
صلى الله عليه وسلم كتب كتابا إلى أهل مكة لا يجوز شرطان في بيع واحد ولا بيع
وسلف جميعا (2) ولا بيع ما لم يضمن ومن كاتب مكاتبا على مائة درهم فقضاها كلها الا
عشرة دراهم فهو عبد أو على مائة أوقية فقضاها كلها الا أوقية واحدة فهو عبد (مالك)
وعبد الله بن عمر وأسامة بن زيد الليثي أن نافعا أخبرهم أن عبد الله بن عمر كان
يقول المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شئ إلا أن عبد الله بن عمر قال في الحديث
ما بقي عليه درهم (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم منهم مالك عن زيد بن ثابت
مثله (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن بكير بن الأشج عن ابن المسيب وسليمان بن
يسار مثله (سليمان بن بلال) عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت
وسعيد بن المسيب مثله (ابن وهب) عن جرير بن حازم أن عمر بن عبد العزيز كتب
بذلك وقال لمولاه شرطه (ابن وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عروة وسليمان
مثله (ابن وهب) عن عمر بن قيس عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال إن
كان أمهات المؤمنين ليكون لبعضهن المكاتب فتكشف له الحجاب ما بقي عليه درهم
فإذا قضاه أرخينه دونه (3) (ابن وهب) عن غير واحد عن عمر بن الخطاب وعثمان

(1) (أحق بشروطه إلى آخره) كذا بالأصل اه‍ مصححه (2) وبهامش الأصل هنا ما نصه
شرطان في بيع هو بيعتان في بيعة. وبيع ما لم يضمن هو بيع الطعام قبل أن يستوفى اه‍
(3) قال بكر بن العلاء هذا خصوص لأمهات المؤمنين كن لا يجوز كلامهن الا من وراء حجاب
ولا يجوز أن يرونهن منتقبات ولا منتشرات وكانت عائشة إذا طافت سترت من الناس فلا تشارك في
الطواف وكذلك طاف أزواج النبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع بسترة بينهن وبين
الناس اه‍ من هامش الأصل
234

ابن عفان وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وجابر بن عبد الله أنهم كانوا
يقولون المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته درهم (ابن وهب) عن يونس بن
يزيد عن ابن شهاب أنه قال المكاتب بمنزلة العبد ان أصاب حدا من حدود الله
وشهادته شهادة العبد ولا يرث المكاتب ولد حر ولا غيره من ذوي رحمه وسيده
أولى بميراثه ولا يجوز للمكاتب وصية في ثلثه (ابن وهب) عن يونس عن ابن
شهاب أنه قال في المكاتب يعجز وقد بقي عليه من كتابته شئ يسير قال ابن
شهاب نرى أن يترفق به وييسر عليه حتى يعذر في شأنه فان بلح (1) فلا يؤدى
شيئا ولا نراه الا عبدا إذا لم يؤد الذي عليه من كتابته فان المؤمنين عند شروطهم
(قال يونس) وقال ربيعة من كاتب عبده على كتابة فلا يعتق الا بأدائها وذلك
لأنه عبده واشترط عليه أنه ان أدى إليه كذا وكذا فهو حر وان عجز فهو على منزلته
من الرق التي كان بها وذلك لان الذي قبض منه سيده كان لسيده مالا إذا عجز وان
ما بقي مال له إذا لم يعتق العبد بما اشترط من أداء المال كله (ابن وهب) عن ابن
لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن المكاتب يعجز أيرد عبدا فقال لسيده
الشرط الذي اشترط عليه (ابن وهب) عن سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة
قال شهدت شريحا رد مكاتبا في الرق عجز (ابن وهب) عن الحرث بن نبهاب
عن محمد بن عبيد الله بن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن رجلا كاتب غلاما
له صانعا على عشرين ألف درهم وغلام يعمل مثل عمله فأدى العشرين الألف ولم يجد
غلاما يعمل مثل عمله فخاصمه إلى عمر بن الخطاب فقال الغلام لا أجد من يعمل مثل
عملي فقضى عمر على الغلام فأعتقه صاحبه بعد ما قضى عليه عمر
[في المكاتب يشترط عليه أنه إذا أدى عتق وعليه مائتا دينار دينا]
(قلت) أرأيت ان كاتبه على ألف دينار على أنه ان أدى كتابته وعتق فعليه مائتا
دينار (قال) ذلك جائز لان مالكا قال لو أن رجلا أعتق عبده على أن للسيد على العبد

(1) (بلح) في القاموس بلح الرجل بلوحا أعيا كبلح اه‍ والمراد هنا ضعف وعجز له اه‍ مصححه
235

مائة دينار جاز ذلك على العبد
[في المكاتبة يشترط عليها سيدها أنه يطؤها ما دامت في الكتابة]
(قلت) أرأيت ان كاتب أمته على ألف درهم نجمها عليها على أن يطأها ما دامت في
الكتابة (قال) الشرط باطل والكتابة جائزة ولا أحفظه عن مالك (قلت) ولم لا يبطل
الشرط الكتابة وإنما باعها نفسها بما سمى من المال وعلى أن يطأها فلم لا يكون هذا
بمنزلة رجل باع من رجل جارية على أن يطأها البائع إلى أجل كذا وكذا (قال) لا تشبه
الكتابة البيع لان البيع لا يجوز فيه الغرر وأما الكتابة فقد أخبرتك أن الرجل إذا
كاتب عبده على وصفاء أنه جائز فكذلك هذا الشرط هاهنا أبطله وأجيز الكتابة.
ومما يدلني على أن الشرط الذي اشترط في الوطئ لا يجوز وانه باطل والكتابة جائزة
أن الرجل لو أعتق أمته إلى أجل على أن يطأها كان الشرط باطلا وكانت حرة إذا
مضى الاجل فكذلك الكتابة (سحنون) والكتابة عقدها قوى وما قوى عقده ابتغى
أن يرد ما أمره أضعف منه وقد قال مالك في المكاتب يشترط عليه أنك ما ولدت
في كتابتك فإنه عبد لنا قال لا تكون الكتابة الا على سنة الكتابة التي مضت وليس
هذا في سنة الكتابة والسنة والامر في المكاتب والمكاتبة أن أولادهما على ما هما
عليه يعتقون بعتقهما ويرقون برقهما في كل ولد حدث بعد الكتابة
[في الرجل يكاتب أمته ويشترط جنينها]
(قلت) أرأيت الرجل يكاتب الأمة ويستثنى ما في بطنها (قال) من قول مالك في
الرجل يعتق الأمة ويستثنى ما في بطنها ان ذلك غير جائز فكذلك المكاتبة أيضا تثبت
الكتابة ويسقط الشرط في ولدها
[في المكاتب يقاطع سيده على أن يؤخر عنه ويزيده]
(قلت) أرأيت المكاتب في قول مالك أيصلح أن يقاطع سيده ويؤخر عنه على
236

أن يزيده في قول مالك (قال) لا بأس بذلك في قول مالك لأنه قال لا بأس بأن يضع عنه
على أن يعجل له (وقال مالك) لا بأس بأن يجعل العين التي له على مكاتبه في عرض
على أن يؤخر العرض فهذا يدلك على مسألتك أنه لا بأس بها (قلت) وسواء حل
الاجل أو لم يحل في قول مالك (قال) نعم لأنه ليس دينا بدين (قلت) وكذلك لو
كانت الكتابة دراهم ففسخها في دنانير إلى أجل لم يكن بذلك بأس (قال) قال مالك
في العروض ما أخبرتك ولم يره من الدين بالدين فكذلك في الدنانير لا بأس به (قال
سحنون) إذا عجل للمكاتب العتق (1) (ابن وهب) عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة
زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقاطع مكاتبيها بالذهب والورق (ابن وهب)
عن عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس أنه كأن لا يرى
بأسا بمقاطعة المكاتب بالذهب والورق (ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب
قال لم يكن يتقى المقاطعة على الذهب والورق أحد الا ابن عمر قال له أن يعطى عرضا
(ابن وهب) قال ابن شهاب وقد كان من سواه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقاطع (ابن وهب) قال أسامة وسألت يزيد بن عبد الله بن هرمز وغير واحد
من علمائنا فلم يروا بذلك بأسا (ابن وهب) عن يونس عن ربيعة أنه قال ما زال
أمر المسلمين على أن يجيزوا مقاطعة المكاتب بما قاطع به من عرض أو فرض ذهب
أو ورق وذلك أنهم يرون أن ذلك لهم مال أصل رقبته ورأس ماله كله وكل ما جد
كسبه وعمله وان الكتابة كانت رضا منهم بما رضوا به منها من أصل ما كان لهم رقبة
العبد وماله وما أحدث من العمل الذي اكتسب فرأوا أن المقاطعة معروف
يفعلونه مع معروف الكتابة قد أتوه من أصل مال هو لهم كله (ابن وهب) عن
الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد في مقاطعة المكاتب بالذهب والورق قد كان الناس
يقاطعون (قال مالك) الامر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب والورق

(1) قول سحنون هذا وقع في بعض الروايات وهو خلاف لقول ابن القاسم وانظر في السلم
وكتاب الحوالة اه‍ من هامش الأصل
237

فيضع عنه مما عليه من الكتابة على أن يعجله ما قاطعه عليه انه لا بأس بذلك وإنما كره
ذلك من كرهه لأنه أنزله بمنزلة أن يكون للرجل على الرجل دين فيضع عنه وينفذه
وليس هو مثل الدين إنما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالا في أن يعجل
العتق له فيجب له الميراث والشهادة والحدود وتثبت له حرمة العتاقة ولم يشتر دراهم
بدراهم ولا دنانير بدنانير ولا ذهبا بذهب وإنما هذا مثل رجل قال لغلامه ائتني
بكذا وكذا دينارا وأنت حر فوضع عنه من ذلك وقال إن جئتني بأقل من ذلك فأنت
حر فليس هذا دينا ثابتا إذ لو كان دينا ثابتا لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات
أو أفلس فدخل معهم في مال مكاتبه
[في المكاتب بين الرجلين يقاطعه أحدهما]
(قال) وقال مالك الامر المجتمع عليه عندنا في المكاتب يكون بين الرجلين
الشريكين أنه لا يجوز لأحدهما أن يقاطعه على حصته الا باذن شريكه وذلك أن
العبد وماله بينهما فلا يجوز لأحدهما أن يأخذ من ماله شيئا دون شريكه الا باذنه
ومن قاطع مكاتبا باذن شريكه ثم عجز المكاتب فان أحب الذي قاطعه أن يرد الذي
أخذ منه من القطاعة ويكون على نصيبه في رقبة العبد فان ذلك له فان مات المكاتب
وترك مالا استوفى الذين بقيت لهم الكتابة حقوقهم من ماله ثم كان ما بقي من ماله
بين الذي قاطعه وبين شركائه على قدر حصصهم في المكاتب وان أحدهما قاطعه وتمسك
صاحبه بالكتابة ثم عجز المكاتب قيل للذي قاطعه إن شئت أن ترد على صاحبك نصف
الذي أخذت ويكون العبد بينكما شطرين وان أبيت فجميع العبد للذي تمسك
بالرق خالصا
[في قطاعة المكاتب بالعرض]
(قال) وقال مالك لا بأس أن يقاطع الرجل مكاتبه بعرض مخالف لكتابته ويؤخره
بذلك أن أحب وان أحب أن يتعجله تعجله ولا يشبه هذا عنده البيوع ولا أن يبيع
238

من غيره كتابته بدين (قال) فقلنا لمالك أيستأجر السيد المكاتب بما عليه من
كتابته بعمل يعمله لسيده (قال) فقال مالك لا بأس بذلك (قال) وقال مالك إذا قاطعه
على أن يحفر له بئرا طولها كذا وكذا أو يبنى له بناء طوله كذا وكذا ان ذلك جائز
(قلت) ما معنى القطاعة (قال) العبد بين الرجلين يكاتبانه جميعا علي مائة دينار فيأذن
أحدهما لصاحبه أن يقاطعه من حقه فيأخذ عشرين دينارا من الخمسين
التي كانت له يتعجلها فهذا ان عجز المكاتب قيل للذي قاطع ادفع إلى صاحبك نصف
ما تفضلته به ويكون العبد بينكما والا فجميعه رقيق لصاحبك والذي أخذ جميع حقه
بعد محله باذن صاحبه إنما هو بمنزلة دين كان لهما على المكاتب فشح أحدهما في أن
يقتضى حقه وأنظره الآخر بنصيبه فليس له أن يرجع عليه بشئ ان عجز العبد لأنه
هو أنظر العبد بحقه وأخذ شريكه حقه الذي وجب له ويكون العبد بينهما على حاله
رقيقا وكذلك هذا في الدين يكون للرجلين على الرجل (قلت) فإن لم تحل نجومه
وطلب إلى صاحبه في أن يأذن له في أخذ جميع نصيبه يعجله له المكاتب ففعل به
صاحبه ذلك ثم عجز عن نصيب صاحبه (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن هذا
عندي يشبه القطاعة لان القطاعة يعجلها قبل محلها فكذلك هذا قد تعجله قبل محله
(قال) ولقد سألت مالكا عن الرجلين يكون لهما الدين على الرجل فينجم على الذي عليه
الدين فيحل نجم منها فيقول أحدهما لصاحبه بدئني بهذا النجم واستوف أنت النجم
الآخر ففعل ثم يفلس الذي كان عليه الدين (قال) قال مالك أرى أن يرجع عليه
بنصف ما أخذ لأنه حين قال له أعطني هذا النجم وخذ أنت النجم الآخر فكأنه
سلف منه له ولو اقتضى أحدهما حقه وأنظر الآخر بنصيبه ثم فلس قال مالك فليس
له أن يرجع عليه بشئ فكذلك المكاتب إذا أخذ حقه بعد محله وأنظره الآخر
بنصيبه لم يكن منه سلفا إلى صاحبه وإذا أخذ حقه قبل محله بشئ بدأه به صاحبه لم
يكن له أن يأخذه الا برضا صاحبه أو بقطاعة أذن له فيها قبل محلها فهذا كله
عندي بمنزلة واحدة وهو مثل قول مالك فيما أخبرتك من الدين والقطاعة. وقد
239

قيل إذا ما أخذ أحد الرجلين كل حقه قبل محله بشئ بدأه به صاحبه انه ليس على جهة
القطاعة إنما هو سلف من المكاتب لاحد السيدين إذا عجز المكاتب قبل أن يحل
شئ من نجومه أو حل شئ منها وإنما القطاعة التي يأذن فيها أحد الشريكين لصاحبه
على جهة البيع انه عامل المكاتب بالتخفيف عنه لما عجل له رجاء أن يكون ما خفف
عنه وتعجل منفعته تخف بذلك المؤنة عن المكاتب ويفرغه لصاحبه حتى يتم لك عتقه
ويتم له ما أراد من الولاء ويكون صاحبه أيضا رأى أنه إن لم يتم للمكاتب العتق وعجز
أن يكون ما تعجل من حقه بترك ما ترك أفضل من رق العبد إذا عجز (ابن وهب)
عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال من قاطع مكاتبا بينه وبين شركاء له فإنه ليس كمنزلة
العتاقة التي يضمن صاحبها أن يعتق ما بقي من المملوك إذا عتق بعضه ولكن ذلك
كمنزلة اشتراء المملوك نفسه
[في المكاتب بين الرجلين يبدئ أحدهما صاحبه بالنجم]
(قلت) أرأيت ان حل نجم من نجوم المكاتب فقال أحدهما لصاحبه دعني أتقاضى
هذا النجم من المكاتب وخذ أنت النجم المستقبل ففعل وأذن له ثم عجز المكاتب عن
النجم الثاني (فقال) هذا عندي بمنزلة ما قال مالك في الدين يكون بين الرجلين المنجم
عليه إذا استأذن أحدهما صاحبه أن يأخذ هذا النجم على أن يأخذ صاحبه النجم
الثاني ثم يفلس في النجم الآخر ان صاحبه يرجع عليه لأنه سلف منه له فكذلك
هذا في الكتابة لا بد له من أن يرد على صاحبه نصف ما أخذ منه ويكون العبد
بينهما نصفين بمنزلة ما وصفت لك في الدين ولا خيار له ها هنا في أن يرد أو يسلم
ماله في العبد وليس هذا عندي بمنزلة القطاعة لان هذا سلف أسلفه إياه
[في الجماعة يكاتبون كتابة واحدة]
(قلت) أرأيت كتابة القوم إذا كانت واحدة أيكون للسيد أن يأخذ بعضهم على
بعض (قال) يأخذ السيد جميعهم فإن لم يجد عند جميعهم أخذ ممن وجد من أصحابه
240

جميع الكتابة ولا يعتقون الا بذلك (قال مالك) والحمالة في هذا ليست بمنزلة الكفالة
(قال مالك) ولو أن ثلاثة رجال تحملوا لرجل بما له على فلان ولم يقولوا كل واحد منا
حميل بجميع ما على صاحبه انه ليس على كل واحد منهم الا ثلث المال الذي تحملوا
به يفض المال عليهم أثلاثا لأنه لم يتحمل كل واحد منهم بجميع المال وليس
للمتحمل له أن يأخذ من كل واحد منهم الا ثلث المال إلا أن يكون شرط عليهم أن
كل واحد منهم حميل بجميع المال ويشترط أيهم شاء أن يأخذ أخذ فيكون له أن يأخذ
أيهم شاء بالجميع لان بعضهم حميل عن بعض (قال) مالك ولا يوضع عن المكاتبين
في كتابة واحدة إذا مات أحدهم بموت صاحبه قليل ولا كثير ويؤدون جميع
الكتابة لا يعتقون الا بذلك (قال ابن القاسم) قلت لمالك فالقوم جميعا يكاتبون
كتابة واحدة كيف تقسم الكتابة عليهم (قال) على قدر قوتهم عليها وأدائهم فيها
(قلت) أتفض الكتابة على قدر قيمة كل واحد منهم (قال) لا ولكن تفض الكتابة
على قدر قوتهم فيها وجزائهم (ابن وهب) وقال ربيعة في رجل وامرأة كاتبا جميعا
على أنفسهما بمائة دينار فمات أحدهما قال ربيعة يؤخذ الباقي بالمال كله وذلك لأنهما دخلا
في كتابة واحدة فيحملان العون بالمال وبالأنفس فلكل واحد منهما عون صاحبه
ما بقيا وعون تركة الميت للباقي حتى يقضى الكتابة كلها
[في الرجل يكاتب عبدين له فيؤدى أحدهما الكتابة حالة]
(قلت) أرأيت الرجل يكاتب عبدين له كتابة واحدة ويجعل نجومهما واحدة ان أديا
عتقا وان عجزا ردا في الرق فأدى أحدهما الكتابة حالة أله أن يرجع على صاحبه بحصته
حالة (قال) يرجع على صاحبه على النجوم ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن هذا رأيي
(قلت) فان أبى السيد أخذها وقال آخذها على النجوم كما شرطت (قال) قال مالك
الامر عندنا ان المكاتب إذا أدى جميع ما عليه من نجومه قبل محلها جاز ذلك له ولم
يكن لسيده أن يأبى ذلك عليه وذلك أنه يضع عن المكاتب كل شرط عليه وخدمة
وسفر وعمل لأنه لا تتم عتاقة رجل وعليه بقية من رق ولا ينبغي لسيده أن يشترط
241

عليه في كتابته خدمة بعد عتقه ولا تتم حرمته ولا تجوز شهادته ولا ميراثه ولا أشباه
ذلك من أمره وعليه بقية من رق وهذا الامر عندنا (ابن وهب) عن يونس عن
ربيعة قال إذا جاء بنجومه جميعا قبلت منه وذلك لان الاجل إنما كان مرفقة للمكاتب
ولم يكن لسيده من ذلك شئ فإذا جاء بكتابته جميعا فقد برئ (ابن وهب) عن
موسى بن محمد المدني قال حدثني الثقة عن سعيد المقبري عن أبيه قال جئت عمر بن
الخطاب فقلت له انى جئت مولاي بكتابتي هذه فأبى أن يقبلها منى فقال خذها يا يرفا
فضعها في بيت المال واذهب فأنت حر فلما رأى ذلك مولاي قبضها (ابن وهب)
عن الحرث بن نبهان عن عبد الله بن يامين عن سعيد بن المسيب ان مكاتبا جاء هو
ومولاه إلى عمر بن الخطاب ومعه كتابته فأبى أن يقبلها مولاه إرادة أن يرقه فأخذها
عمر وجعلها في بيت المال وأعتق المكاتب وقال لمولاه إن شئت فخذها نجوما وإن شئت فخذها كلها (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن
شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام أن الحرث بن هشام كاتب
عبدا له في كل حل بشئ مسمى فلما فرغ من كتابته أتاه العبد بماله كله فأبى
الحرث ان يأخذه وقال لي شرطي ثم إنه رفع ذلك إلى عثمان بن عفان فقال عثمان هلم
المال فأجعله في بيت المال فنعطيه منه في كل حل ما يحل وأعتق العبد
[في المكاتبين في كتابة واحدة تصيب أحدهما زمانة ويؤدى الآخر]
(قلت) أرأيت ان كاتبت أجنبيين كتابة واحدة كاتبتهما وهما قويان على السعاية
ثم أصابت أحدهما زمانة وأدى الصحيح جميع الكتابة (قال) تفض الكتابة على قدر
قوتيهما يوم عقدت الكتابة ويرجع بما كان على الزمن منهما يومئذ (قلت) فلو أعتق
الزمن قبل الأداء (قال) يجوز عتقه وتكون الكتابة كلها على الذي هو قوى على
السعي ولا يوضع عنه بعتق هذا قليل ولا كثير لأنه لا منفعة له فيه أن يرد ورد
عتقه على وجه الضرر فما كان يجوز عليه عتقه وان أبى لأنه لا منفعة له فيه فهو لا
يوضع عنه من كتابته لمكاتبه شئ فلا تبعة ان أدى وعتق بشئ من الكتابة مما
242

أدى عنه لأنه عتق بغير الأداء وإنما يرجع عليه إذا عجز أو زمن ولم يعتق فأدى الآخر
الكتابة فإنه يرجع حينئذ على الزمن أن أفاد مالا وهذا رأيي (قال سحنون) لأنه
إنما عتق بالأداء (وقاله) أشهب وأكثر الرواة
[في القوم يكاتبون كتابة واحدة فيعتق السيد أحدهم أو يدبره]
(قلت) أرأيت القوم إذا كانوا في كتابة واحدة فأعتق السيد أحدهم ودبر الآخر
(قال) لا يجوز عتقه عند مالك إلا أن يكون زمنا بحال ما وصفت لك فأما التدبير فإنهم
ان أدوا خرجوا أحرارا ولا يلتفت إلى تدبيره عند مالك فان عجزوا فرجعوا رقيقا
فالتدبير لازم للسيد لأنها وصية وأما العتق فأرى أن يعتق عليه أيضا إذا عجزوا وإنما
لم أجز عتق السيد من قبل الذين معه في الكتابة لئلا يعجزهم فأما إذا عجزوا فأرى أن
يعتق عليه (قال ابن القاسم) إذا كان مكاتبان في كتابة واحدة فأعتق السيد أحدهما
وهما صحيحان قويان على السعي فأجاز الباقي عتق السيد جاز ووضع عن الباقي حصة
المعتق من الكتابة وسعى وحده فيما بقي عليه وليس له أن يسعى معه المعتق فان
قال أنا أجيز العتق ولكن يوضع عنى ما يصيب هذا المعتق من الكتابة وأسعى أنا
وهو فيما بقي لم يكن ذلك له وكانا يسعيان جميعا في جميع الكتابة ولا يوضع عنه منها
شئ ويبقى رقيقا على حاله في الكتابة ولا تجوز عتاقته (قلت) فان دبر أحدهما بعد
الكتابة ثم مات السيد وكان الثلث يحمل هذا المدبر (قال) إن كان هذا المدبر قويا علي
الأداء حين مات السيد قال فلا يعتق بموت السيد إلا أن يرضى أصحابه الذين معه
في الكتابة بذلك فان رضى أصحابه بذلك كان بحال ما وصفت لك في أول المسألة في
العتق وإن كان يوم يموت السيد المدبر زمنا وقد كان صحيحا فإنه يعتق ولا يكون
للذين معه في الكتابة هاهنا قول ولا يوضع عنهم حصة هذا المدبر من الكتابة لان
مالكا قال في الزمن يكون مع القوم في الكتابة فيعتقه سيده انه لا يوضع عنهم
لذلك شئ وكل من أعتق ممن لا قوة له من صغير أو زمن فإنه عتيق ان شاؤوا وان
أبوا ولا يوضع عنهم من الكتابة قليل ولا كثير وكل من أعتق ممن له قوة فلا عتق
243

له الا برضاهم فذلك الذي يوضع عنهم قدر ما يصيبه من الكتابة ويسعون فيما بقي
منها (قلت) أرأيت المكاتبين كتابة واحدة إذا أعتق السيد أحدهم ثم عجزوا أترى
أن يعتق على السيد الذي كان أعتق (قال) نعم أرى أن يعتق إذا عجزوا ورجعوا إلى
السيد لان مالكا قال في رجل أعتق عبده وعليه دين فأبى الغرماء أن يجيزوا العتق
فأن لا يجوز فان أفاد مالا فأدى إلى الغرماء عتق عليه عبده ذلك بالعتق الذي كان
أعتق فكذلك المكاتب إذا عجز عتق على سيده بالعتق الذي كان أعتق لان عتق
السيد إنما كان بطل خوفا أن يعجز صاحبه فلما عجز ذهب الذي كنا لمكانه لا نجيز
العتق فلما ذهب ذلك أجزنا العتق (قال سحنون) وكذلك الرجل يعتق عبده
وهو في الإجارة أو في الخدمة لم يتمها فلا يجيز المؤاجر ولا المخدم فيكون موقوفا فإذا
تمت الخدمة أو الإجارة عتق بالعتق الذي كان أعتق (ابن وهب) عن يونس عن
ربيعة أنه قال إذا اجتمع القوم في الكتابة فليس لبعضهم أن يقاطع دون بعض وان
أذنوا وليس لقوم اجتمعوا في الكتابة أن يقولوا قاطع بعضنا دون بعض وقوتهم
وأموالهم معونة لهم في عتاقة جميعهم وليس بعضهم أحق بذلك من بعض وان كانت
القوة والغنى عند بعضهم دون بعض يرقون جميعا ويعتقون جميعا ويكون ما كان منهم
من قوة أو غنى لهم جميعا فان قاطع بعضهم فهو رد ولو أن سيدهم أعتق واحدا منهم لم
يكن ذلك له وذلك أن من بقي له معونته وتقويته
[في رجل كاتب عبدين له وأحدهما غائب بغير رضاه]
(قلت) أرأيت ان كاتب رجل عبده على نفسه وعلى عبد للسيد غائب فأبى الغائب
أن يرضى كتابته وقال هذا الذي كاتبه أنا أؤدي الكتابة ولا أعجز (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا ولكن يمضى على كتابته فإذا أداها عتق الغائب معه ولا يلتفت إلي
اباء الغائب ويكون الغائب مكاتبا مع صاحبه على ما أحب أو كره مثل ما قال مالك في
الرجل يعتق عبده على أن له عليه كذا وكذا دينارا فيأبى العبد ويقول لا أؤديها ان
ذلك جائز والدنانير لازمة للعبد ففي مسألتك إن كان المكاتب أجنبيا ليس ذا قرابة
244

ولم يرض بالكتابة ان أداها هذا الذي كاتب كان له أن يرجع على الغائب بحصته من
الكتابة لأنه أدخله معه في الكتابة ان شاء الغائب وان أبي وقاله أشهب
[في الرجلين يكون لكل واحد منهما عبد فيكاتبانهما كتابة واحدة]
(قلت) أرأيت الرجلين يكون لكل واحد منهما عبد على حدة فيكاتبانهما كتابة
واحدة وكل واحد منهما حميل بما على صاحبه (قال) لا تصلح هذه الكتابة لان هذا
غرر لان عبد هذا لو هلك أخذ هذا الذي هلك عبده من عبد صاحبه مالا بغير
شئ وان هلك عبد هذا الآخر ولم يهلك عبد صاحبه كان بهذه المنزلة فهذا من الغرر
لا يجوز لان مالكا سئل عن دار بين رجلين حبساها على أنفسهما على أن أيهما مات
فنصيبه للآخر منهما حبسا عليه قال مالك لا خير في هذا لان هذا غرر تخاطرا فيه أن مات هذا أخذ هذا نصيب هذا وان مات هذا أخذ هذا نصيب هذا فالذي
سألت عنه هو مثل هذا لان السيدين إنما تعاقدا علي غرر ان مات عبد هذا أخذ
مال هذا بغير شئ وان مات عبد هذا أخذ مال هذا بغير شئ (قال مالك) الامر
المجتمع عليه عندنا أن العبد إذا كاتبه سيده لم ينبغ لسيده أن يتحمل له أحد بكتابة
عبده ان مات العبد أو عجز وليس هذا من سنة المسلمين وذلك أنه ان تحمل رجل
لسيد المكاتب بما عليه من الكتابة ثم اتبع ذلك سيد المكاتب قبل الذي تحمل له
أخذ ماله باطلا لا هو ابتاع المكاتب فيكون ما أخذ منه من ثمن شئ هو له ولا المكاتب
عتق فيكون في ثمن حرمة ثبتت له فان عجز المكاتب رجع إلى سيده وكان عبدا
مملوكا له وذلك لان الكتابة ليست بدين ثابت فيتحمل لسيد المكاتب بها إنما هو شئ
ان أداه المكاتب عتق فان مات المكاتب وعليه دين لم يحاص سيده غرماءه بكتابته
وكان غرماؤه أولى بماله من سيده. فان عجز المكاتب وعليه دين للناس كان عبدا
مملوكا لسيده وكان ديون الناس في ذمة المكاتب لا يدخلون مع سيده في شئ من
ثمن رقبته (وقال غيره) من الرواة ألا ترى أن الكتابة ليست في ذمة ثابتة وانها على
الحميل في ذمة ثابتة إذا أخرجه الحميل لم يرجع به كما أخرجه في ذمة وأنه ان وجد
245

عند المكاتب شيئا أخذه والا أجل حقه ولم يكن في ذمة ثابتة وإنما يكون في رقبته
ان عجزه رجع رقيقا لسيده وذهب مال الحميل باطلا وليس هذا من شروط المسلمين
ولا تنعقد عليه بيوعهم
[في العبدين يكاتبان كتابة واحدة فيغيب أحدهما ويعجز الآخر]
(قلت) أرأيت ان كاتبت عبدين لي كتابة واحدة فغاب أحدهما وحضر الآخر
فعجز عن أداء النجم أيكون للسيد أن يعجزه وصاحبه غائب (قال) يرفع أمره إلى
السلطان فيتلوم له ولا يكون تعجيزه الحاضر عجزا وصاحبه غائب ويتلوم له السلطان
في ذلك فان رأى أن يعجزهما جميعا عجزهما وكذلك قال مالك في الغائب يرفعه إلى
السلطان فان رأى أن يعجزه عجزه فهذا مثله (قلت) أرأيت ان كاتب رجل عبدين
له فهرب أحدهما وعجز الحاضر (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى أن
يعجز دون السلطان لان صاحبه غائب فإذا حلت نجومه رفعه إلى السلطان فيكون
السلطان هو يعجزه بما يرى وقاله أشهب
[في المكاتب تحل نجومه وهو غائب]
(قال) وسمعت مالكا يقول إذا كان المكاتب غائبا وقد حل نجم أو نجوم لم يكن
للسيد أن يعجزه الا عند السلطان يرفع أمره إلى السلطان (قال ابن القاسم) ولو قال
السيد أشهدكم أنى قد عجزته ثم قدم المكاتب بنجومه التي حلت عليه لم يقبل قول
السيد وكان على كتابته فإن لم يأت به صنع فيه كما يصنع بالمكاتب إذا حل عليه نجم فلم
يؤده والى السلطان أن يعجزه وإن كان غائبا إذا رأى ذلك
[في المكاتب يعجز نفسه وله ماله ظاهر]
(قال) وقال مالك غير مرة إذا كان المكاتب ذا مال ظاهر معروف فليس له أن
يعجز نفسه وان كأن لا مال له يعرف فذلك له (قلت) فإن كان يرى أنه لا مال له
فعجز نفسه ثم أظهر أموالا عظاما فيها وفاء بالكتابة أيرد في كتابته أم هو رقيق
246

(قال) بل هو رقيق ما لم يكن يعلم بها (قلت) ويكون عجز المكاتب دون السلطان
إذا رضى المكاتب (قال) نعم عند مالك إذا لم يكن للمكاتب مال يعرف وكان ماله صامتا
وكذلك قال لي مالك وإنما الذي لا يكون عجزه الا عند السلطان إذا حلت نجومه
وقال أنا أؤدي ولا يعجز نفسه ومطل سيده فأراد سيده أن يعجزه حين تحل
نجومه (قال مالك) فان هذا يتلوم له السلطان فان رأى وجه أداء تركه على نجومه وإن
لم ير له وجه أداء عجزه ولا يكون تأخيره عن نجومه فسخا لكتابته ولا تعجيز سيده
له عجزا حتى يعجزه السلطان إذا كان العبد متمسكا بالكتابة وأما الذي عجز نفسه
ورضى بذلك وله مال لا يعرف قد كتمه ثم ظهرت له أموال بعد ذلك فهو رقيق
ولا يرجع عما كان رضى به (وقال) إذا أراد المكاتب أن يعجز نفسه قبل حلول
نجمه بشهر فان ذلك له إلا أن يكون له مال ظاهر فلا يكون ذلك له (ابن وهب)
عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن أباه حدثه أن عبد الله بن
عمر كاتب غلاما له يقال له شرفي بأربعين ألف درهم فخرج إلى الكوفة فكان يعمل على
حمر له حتى أدى خمسة عشر ألف درهم فجاءه انسان فقال له أمجنون أنت أنت هاهنا
تعذب نفسك وعبد الله بن عمر يشترى الرقيق يمينا وشمالا ويعتقهم ارجع إليه فقل
له قد عجزت فجاء إليه بصحيفته فقال يا أبا عبد الرحمن قد عجزت وهذه صحيفتي امحها
فقال لا والله ولكن امحها أنت إن شئت فمحاها ففاضت عينا عبد الله بن عمر ثم
قال اذهب فأنت حر فقال أصلحك الله أحسن إلى ابني فقال هما حران ثم قال أصلحك
الله أحسن إلى أمي ولدى قال هما حرتان فأعتقهم خمستهم جميعا في مقعده
[في المكاتب تحل نجومه وسيده غائب]
(قلت) أرأيت المكاتب غاب سيده ولم يوكل أحدا يقبض الكتابة فأراد المكاتب
أن يخرج حرا بأداء الكتابة إلى من يؤدى الكتابة (قال) يدفعها إلى السلطان ويخرج
حرا حل الاجل أو لم يحل وهذا قول مالك وقد مضت آثار في مثل هذا
247

[في المكاتب تحل نجومه وله على سيده دين]
(قلت) أرأيت المكاتب إذا كان له على سيده مال فحل نجم من نجومه والمال الذي على
السيد مثل النجم الذي حل للسيد على المكاتب أيكون قصاصا (قال) نعم يكون قصاصا
إلا أن يكون على سيده دين فإن كان على سيده دين حاص الغرماء بماله على سيده إلا أن
يكون السيد قاص المكاتب بذلك قبل أن يقوم عليه الغرماء فيكون ذلك قضاء للمكاتب
[في المكاتب يؤدى كتابته وعليه دين]
(قلت) أرأيت المكاتب إذا أدى كتابته إلى سيده وعلى المكاتب دين فقامت
الغرماء فأرادوا أن يأخذوا من السيد ما اقتضى من مكاتبه (قال) سئل مالك عنها فقال إن كان الذي اقتضى السيد من مكاتبه يعلم أنه من أموال هؤلاء الغرماء أخذوه من
السيد وإن لم يعلم أنه من أموالهم لم يرجعوا على السيد بشئ من ذلك (قال ابن
القاسم) وأرى إذا كان للغرماء أن ينزعوا من السيد ما عتق به المكاتب رأيته
مردودا في الرق (1) (ابن نافع وأشهب) عن مالك في مكاتب قاطع سيده فيما بقي عليه
من كتابته بعبد دفعه إليه فاعترف في يده بسرقة فأخذ منه (قال) يرجع على المكاتب
بقيمة ما أخذ منه (قال ابن نافع) وهذا إذا كان له مال فإن لم يكن له مال رد مكاتبا
كما كان قبل القطاعة وهذا رأيي والذي كنت أسمع (وقال أشهب) لا يرد ويتبع
المكاتب لأنه كان عتق بالقطاعة فتمت حرمته وجازت شهادته ووارث الأحرار فلا
يرد عتقه (وقال) ابن نافع وأشهب عن مالك في المكاتب يقاطع سيده على شئ
استرفقه أو ثياب استودعها ثم يعترف ذلك بيد السيد فيؤخذ منه انه لا يعتق المكاتب
هكذا لا يؤخذ الحق بالباطل (وقال) بعض رواة المدنيين إذا كان الشئ ء لم يكن له في
ملكه شبهة وإنما اغتر به مولاه فهذا الذي لا يجوز له وأما ما كان الشئ بيده يملكه
وله فيه شبهة الملك بما طال من ملكه له ثم استحق فان هذا يتم له عتقه ويرجع عليه

(1) (في الرق) يريد في الكتابة انتهى من هامش الأصل
248

بقيمته إن كان له مال وإن لم يكن له مال اتبع به (وقاله) عبد الرحمن أيضا (ابن
وهب) وقال مالك ليس للمكاتب أن يقاطع سيده إذا كان عليه دين للناس فيعتق
ويصير لا شئ له لان أهل الديون أحق بماله من سيده فليس ذلك بجائز له وذلك
لأنه لو كان مكاتب قاطع بأموال الناس وهي دين عليه ودفع ذلك إلى سيده فأعتقه
فليس ذلك بجائز وليس لسيد العبد ان مات مكاتبه أن يحاص بقطاعته الناس في
أموالهم كما لا يكون له أن يحاص بكتابته أهل الدين وكما إذا عجز مكاتبه وعليه دين
للناس كان له عبدا فكانت ديون الناس في ذمة عبد ولم يدخلوا معه في شئ
من عبده (ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عبد الكريم قال
قال زيد بن ثابت المكاتب لا يحاص سيده الغرماء يبدأ بالذي لهم قبل كتابة السيد
(قال ابن جريج) وقيل لسعيد بن المسيب كان شريح يقول يحاصهم بنجمه الذي حل
فقال ابن المسيب أخطأ شريح قال زيد بن ثابت يبدأ بالذي للديان (قال ابن وهب)
وقال ابن شهاب في العبد يكاتبه سيده وعليه دين للناس قد كتمه قال يبدأ بدين الناس
فيقضى قبل أن يؤخذ من نجومه شئ إن كان دينه يسيرا بدئ بقضائه وأقر على
كتابته وإن كان دينه كثيرا يخنس (1) نجومه وما شرط عليه من تعجيل منفعته
فسيده بالخيار ان شاء أقره على كتابته حتى يقضى دينه ثم يستقبل نجومه وان شاء
محا كتابته (قال يونس) عن ربيعة أنه قال أما دين المكاتب فيكسر كتابته وينزل
في دينه بمنزلة العبد المأذون له في التجارة
[في المكاتب يسافر بغير إذن سيده]
(قلت) أرأيت المكاتب أيكون له أن يخرج من بلد إلى بلد في قول مالك (قال)
قال مالك ليس له أن يسافر الا باذن سيده (قال ابن القاسم) وأرى إن كان
خروجه خروجا قريبا ليس فيه على سيده كبير مؤنة مما لا يغيب على سيده إذا
حلت نجومه ولا يكون على سيده في مغيب العبد كبير مؤنة فذلك للعبد المكاتب

(1) قال ابن وضاح يخنس أي بالخاء المعجمة والنون ومعناه يكسر ولإبراهيم بن محمد يحبس
أي بالحاء المهملة والباء الموحدة اه‍
249

(وقال) مالك في الرجل يشترط على مكاتبه أنك لا تسافر ولا تنكح ولا تخرج من
أرضى الا باذني فان فعلت من ذلك شيئا بغير إذني فمحو كتابتك بيدي (قال) مالك ليس محو
كتابته بيده ان فعل المكاتب شيئا من ذلك وليرفع ذلك إلى السلطان وليس للمكاتب
أن ينكح ولا يسافر ولا يخرج من أرض سيده الا باذنه اشترط ذلك عليه أو لم
يشترطه وذلك أن الرجل يكاتب عبده بمائة دينار وله ألف دينار أو أكثر من
ذلك فينطلق المكاتب فيتزوج المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله ويكون فيه
عجزه فيرجع إلى سيده عبدا لا مال له أو يسافر بماله وتحل نجومه فليس ذلك له ولا
على ذلك كاتبه وذلك بيد سيده ان شاء أذن له وان شاء منعه في ذلك كله (ابن
وهب) عن يونس عن ربيعة أنه قال إن المكاتب إنما كان الذي يؤتى إليه من
الكتابة طاعة لله ومعروفا إلى من كوتب وفضلا من سيده عليه ثم كانت شروطه
يمنع بها أن ينزل بمنزلة الحر في الاسفار والنكاح والجلاء وأشياء من الشروط يتوثق
بها فيأخذ أهلها بها إذا خشوا الفساد والهلاك ولا يتخذ طفرا عندما يكون من الزلل
والخطأ والتأخير لشئ عن أجله ولا يخشى فساده ولا يبعده عن أهله وهو في يسر
وانتظار إذا تأخر انتظر به القضاء وإذا تزوج فرق بينه وبين امرأته وانتزع ما أعطاها
وان خرج سفرا قريبا ثم قدم فقضى وان أظهر فسادا في ماله أو أحدث سفرا
لا يستطاع الا بالكلفة والنفقة العظيمة محيت كتابته وكل ذلك يصير إلى الامام لان
الكتابة طاعة أوتيت وحق للمسلم في شرط استثناه فينظر الامام إلى اللمم من ذلك
فيجيزه والشطط فيكسره (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه
قال أمرهما على تلك الشروط فإن لم يشترط أن لا يسافر الا باذنه فان عجز فهو عبد
(ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال لا ينبغي لأهل المكاتب
أن يمنعوه أن يتسرر وقد أحل الله ذلك له حتى يؤدى نجومه
[في مال المكاتب لمن يكون إذا كاتبه سيده]
(قال) وقال مالك إذا كاتب الرجل عبده فان جميع مال العبد للعبد دينا كان أو غير ذلك
250

عرضا كان أو فرضا (1) إلا أن يشترطه السيد حين يكاتبه فيكون ذلك للسيد وإن لم
يشترطه فليس للسيد أن يأخذه بعد عقد الكتابة (قال) وقال مالك إذا كاتب الرجل
عبده يتبعه ماله بمنزلة العتق (ابن وهب) وقال مالك إذا كوتب المكاتب فقد أحرز
ماله وإن كان كتمه عن سيده وتلك السنة وذلك لان الكتابة تثبت الولاء وهي عتاقة
(قال) والمكاتب مثل العبد إذا عتق تبعه ماله وأحرزه من سيده (ابن وهب)
قال مالك في كتمان المكاتب ولده من أمته عن سيده حتى يعتق قال ليس مال العبد
والمكاتب بمنزلة أولادهما لان أولادهما ليسوا بأموال لهما إذا عتق العبد تبعه ماله
في السنة وليس يتبعه أولاده فيكونوا أحرارا مثله وإذا أفلس بأموال الناس أخذ
جميع ماله ولم يؤخذ ولده فإذا بيع واشترط ماله لم يدخل في ذلك ولده وإنما أولادهما
بمنزلة رقابهما ولو كانت له وليدة حامل منه ولم يكاتب على ما في بطنها ثم وقعت
الكتابة انتظر بالوليدة حتى تضع ثم كان الولد للسيد والوليدة للمكاتب لأنها من ماله
[في المكاتب يعان في كتابته فيعتق وقد بقي]
[في يديه منها فضلة]
(قال) وسمعت مالكا يقول في المكاتب إذا أعين في كتابته ففضلت فضلة بعد
أداء كتابته (قال) إذا كان العون منهم على وجه الفكاك لرقبته وليس ذلك بصدقة
منهم عليه فأرى أن يستحلهم من ذلك أو يرده عليهم وقد فعله زياد مولى ابن عياش رد عليهم الفضلة بالحصص
[في المكاتب يعجز وقد أدى إلى سيده من مال تصدق به عليه]
(قلت) أرأيت ان عجز المكاتب وقد أدى إلى سيده نجما من نجومه من مال تصدق
به عليه أيطيب ذلك للسيد أم لا (قال) سألنا مالكا عن المكاتب يكاتب ولا حرفة له
الا ما يتصدق به عليه قال لا بأس بهذا وهذا يدلك على أن الذي أخذ السيد من ذلك

(1) (وفرضا) الفرض هو المال العين اه‍ من هامش الأصل
251

عند مالك يطيب له (قال) وقال مالك في القوم إذا أعانوا المكاتب في كتابته ليفكوا
جميعه من الرق فلم يكن فيما أعانوا به المكاتب وفاء للكتابة (قال) ذلك الذي أعين به
المكاتب مردود على الذين أعانوه إلا أن يجعلوا المكاتب من ذلك في حل فيكون
ذلك له (قال عبد الرحمن بن القاسم) وان كانوا إنما تصدقوا به عليه وأعانوه به في كتابته
ليس على وجه أن يفكوه به من رقه فان ذلك أن عجز المكاتب لسيده
[في كتابة الصغير ومن لا حرفة له]
(قلت) أرأيت الصغير أيجوز أن يكاتبه سيده (قال) سألنا مالكا عن العبد يكاتبه
سيده ولا حرفة له فقال لا بأس به (فقيل) لمالك انه يسأل ويتصدق عليه (فقال)
مالك لا بأس بذلك فمسألتك مثل هذا (وقد) قال أشهب لا يكاتب الصغير لان
عثمان بن عفان (1) قد قال ولا تكلفوا الصغير الكسب فإنكم متى كلفتموه سرق
إلا أن تفوت كتابته بالأداء أو يكون بيده ما يؤدى عنه فيؤخذ منه ولا يترك بيده
فيتلفه لسفهه ويرجع رقيقا (وسئل) مالك أيكاتب الرجل الأمة التي ليس بيدها
صنعة ولا لها عمل معروف (فقال) كان عثمان بن عفان يكره أن تخارج الجارية التي
ليس بيدها صنعة ولا لها عمل معروف فما أشبه الكتابة بذلك
[في الرجل يعتق نصف مكاتبه]
(قلت) أرأيت ان كاتب عبده ثم أعتق منه بعد ما كاتبه شقصا منه أيعتق المكاتب
أم لا (قال) قال مالك لا يعتق عليه لان هذا هاهنا إنما عتقه وضع مال إلا أن يكون
أعتق ذلك الشقص منه في وصية فان ذلك عتق للمكاتب ان عجز ان حمل ذلك الثلث
(قلت) ولم جعل مالك عتقه ذلك في الوصية عتقا ولم يجعله في غير الوصية عتقا أرأيت إذا
هو عجز وقد كان عتقه في غير وصية أليس قد رجع في ملك سيده معتق شقصه
(قال) لا ولو كان هذا الذي يعتق شقصا من مكاتبه في غير وصية يكون عتقا للمكاتب

(1) (قوله لان عثمان بن عفان) كذا في نسخة وفي أخرى لان عمر قد قال الخ اه‍
252

إذا عجز لكان لو كان المكاتب بين الرجلين فأعتق أحدهما نصيبه ثم عجز في نصيب
صاحبه لقوم على الذي أعتقه فهذا ان عجز ورجع رقيقا كان بينهما ولا يقوم على الذي
أعتقه وليس عتقه ذلك عتقا لأنه إنما أعتقه يوم أعتقه والذي كان يملك منه إنما كان
يملك مالا كان عليه فإنما عتقه وضع مال ولان سعيد بن المسيب سئل عن مكاتب
بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه ثم مات المكاتب قبل أن يؤدى كتابته وله مال قال
سعيد بن المسيب يأخذ الذي تمسك بالكتابة بقية كتابته ثم يقتسمان ما بقي بينهما فلو
كان ذلك عتقا لكان ميراثه كله للذي تمسك بالرق فهذا يدلك في قول سعيد بن
المسيب أنها ليست بعتاقة من الذي أعتقه في الصحة وإنما هو وضع مال وكذلك
قال مالك (قال) وقال مالك ولو أن مكاتبا هلك سيده فورثه ورثته فأعتق أحدهم نصيبه
ثم عجز المكاتب كان رقيقا كله لان مالكا قال عتق هذا هاهنا إنما هو وضع مال
(قال) والذي أعتق شقصا من مكاتبه في مرضه ان عجز المكاتب عتق منه ما عتق في
وصيته إذا حمل ذلك الثلث لان ذلك قد أدخل في ثلث مال الميت وهي وصية
للعبد فكل ما أدخل في ثلث مال الميت فهي حرية لا ترد (قال) وهذا قول مالك
(قلت) أرأيت مكاتبا كان لي جميعه فأعتقت نصفه أيكون هذا وضعا أو عتقا
(قال) هذا وضع وكذلك قال مالك ولا يكون عتقا الساعة ولا ان عجز عما بقي
ولكنه وضع يوضع عنه من كل نجم نصفه (قال) وقال مالك في الذي يعتق
نصف مكاتبه ثم يعجز المكاتب عما بقي انه رقيق كله (قلت) فما فرق ما بين هذا
وبين الذي أعتقه السيد وهو مع غيره في كتابة واحدة (قال) إنما رد مالك عتق
الذي أعتق السيد كله ومعه غيره في الكتابة على وجه الضرر (وقال مالك) فيه لا يجوز
عتق السيد إياه دون مؤامرة أصحابه فان رضى أصحابه بعتق السيد إياه عتق فقول مالك
إن كان أصحابه يقوون على السعي ليسوا بضعفاء ولا زمنى وليس فيهم من لا يسعى
عنهم فرضوا بذلك جاز عتق السيد هذا الذي أعتق على ما وصفت لك وان هذا
الذي أعتق السيد نصفه ليس فيه مؤامرة أحد وليس يجوز عتق السيد نصفه إلا أن
253

يعتق النصف الباقي أو يؤدى المكاتب بقية الكتابة فيعتق وهذا الذي أعتق السيد
نصفه لا يجوز عتق السيد فيه على حال الا بعد الأداء لأنها وضيعة ولو كان عتقا
لعتق على السيد ما بقي منه حين أعتقه. والذي مع غيره في كتابة واحدة قد يجوز
عتق السيد فيه إذا رضى أصحابه بذلك أو لا ترى أنه لو كان زمنا جاز عتق السيد فيه
وكذلك أن لو كان صغيرا لا يسعى مثله فان عتقه فيه جائز أو لا ترى أنه لو كان مكاتبا
وحده فأزمن فأعتق السيد نصفه انه لا يعتق النصف الباقي على السيد الا بأداء ما بقي
من الكتابة فهذا فرق ما بين المسألتين اللتين سألت عنهما (قلت) أرأيت ان أعتق
الرجل نصف مكاتبته وهو صحيح (قال) لا يعتق منها شئ وإنما العتق هاهنا وضع مال
عند مالك فينظر إلى ما عتق منها فيوضع عنها من الكتابة بقدر ذلك ثم تسعى فيما
بقي فان أدت عتقت وان عجزت رقت كلها (ابن وهب) وأشهب وقال مالك
في المكاتب بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه ثم يموت المكاتب
ويترك مالا فقال يعطى صاحب الكتابة الذي لم يترك له شيئا ما بقي من الكتابة
ثم يقتسمان المال كهيئته لو مات عبدا لان الذي صنع ليس بعتاقة إنما ترك ما كان عليه
ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتبا وترك بنين رجالا ونساء ثم أعتق
أحد البنين نصيبه من المكاتب ان ذلك لا يثبت له من الولاء شيئا ولو كانت عتاقة
لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم. ومما يبين ذلك أيضا أنهم إذا أعتق
أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب
فلو كانت عتاقة لقوم عليه حتى يعتق في ماله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أعتق شركا له في عبد عتق عليه ما بقي منه فإن لم يكن له مال فقد عتق منه
ما عتق. ومما يبين ذلك أيضا أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن الولاء لمن
عقد الكتابة وانه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب شئ
وان أعتقن نصيبهن كلهن إنما ولاؤه لذكور ولد سيد المكاتب أو عصبته من الرجال
(وقال) سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن في رجل كاتب مملوكه ثم يموت
254

ويترك بنين رجالا ونساء فيؤدى المكاتب إليهم كتابته (قال) الولاء للرجال دون
النساء وقد قال ذلك ابن شهاب (ابن وهب) قال ابن جريج وقال عطاء وعمرو بن
دينار إذا عتق المكاتب لا ترث الابنة منه شيئا إنما هو لعصبة أبيها (ابن وهب)
وأشهب عن الليث أنه سمع يحيى بن سعيد يقول إذا كان المكاتب بين اشراك
فأعتق أحدهم حصته فإنما ترك له حظه من المال ولم يفكك له رقا فان عجز المكاتب
فان الناس قد اختلفوا في حظ المعتق منه فقال ناس يكون للمعتق حظه في العبد إذا
عجز لأنه لم يعتق له رقا ولكنه ترك له مالا كان له عليه (قال الليث) وهذا القول أعجب
إلى يحيى بن سعيد بمنزلة رجل لو ترك لمكاتبه ثلث كتابته ثم عجز عما بقي لم يحتج
عليه بما ترك له من المال (ابن وهب) عن مخرمة عن أبيه قال يقال أيما رجلين كان
بينهما مكاتب فأعتق أحدهما نصيبه فلا غرم عليه ليس هو بمنزلة من أعتق نصف
عبد بينه وبين آخر
[في الرجل يطأ مكاتبته]
(قلت) أرأيت من وطئ مكاتبته أيكون لها عليه الصداق أم يكون عليه ما نقصها
في قول مالك (قال) لا صداق لها عليه ولا ما نقصها إذا هي طاوعته عند مالك ويدرأ
الحد عنه وعنها عند مالك وإن كان اغتصبها السيد نفسها درئ الحد عنه أيضا
وعنها (قلت) أفيكون عليه ما نقصها (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وعليه
ما نقصها إذا اغتصبها نفسها (قال) وقال مالك ليس على سيد المكاتبة إذا وطئها شئ
في وطئه إياها ويؤدب إن كان عالما وإن كان يعذر بالجهالة فلا شئ عليه من وطئه
إياها إذا طاوعته (قال) وقال مالك إذا وطئ الرجل مكاتبته فلا شئ عليه في وطئه
إياها (قلت) ولا يكون عليه ما نقصها (قال) لا إذا طاعته (قلت) فما فرق بين
الأجنبي وبين السيد إذا نقصها وطئ السيد والأجنبي (قال) لأنها أمته وهي ان عجزت
رجعت ناقصة والأجنبي إذا وطئها فنقصها ان هي عجزت رجعت إلى سيدها ناقصة
فهذا يكون عليه ما نقصها فان وطئها سيدها فحملت فضرب رجل بطنها فألقت جنينا
255

(قال) أرى في جنينها ما في جنين الحرة لان مالكا قال في جنين أم الولد من سيدها
ما في جنين الحرة فهذه بحال جنبين أم الولد ويورث جنين المكاتبة على فرائض الله
كذلك قال مالك في جنين أم الولد من سيدها (ابن وهب) عن يزيد بن عياض
عن خالد بن الياس العدوي عن القاسم بن عمرو بن المؤمل أنه قال سألت سعيد ابن المسيب عن
رجل وطئ مكاتبته فحملت قال تبطل كتابتها وهي جاريته (ابن وهب) عن جرير بن
حازم قال كان إبراهيم النخعي يقول في الرجل يقع على مكاتبته انها على كتابتها فان
عجزت ردت في الرق فإن كانت قد حملت كانت من أمهات الأولاد (ابن وهب)
قال قال عبد العزيز وقال ربيعة ان طاوعته فولدت منه فهي أم ولد ولا كتابة
عليها فان أكرهها فهي حرة وولدها لاحق به (قال) الليث بن سعد وقال يحيى بن
سعيد أما الولد فلا أشك فيه أنه سيلاط به لان الولد ولده (وقال) مالك ان أصابها
طائعة أو كارهة مضت على كتابتها فان حملت خيرت بين أن تكون أم ولد أو تمضى
على كتابتها فإن لم تحمل فهي على كتابتها (قال) ويعاقب في استكراهه إياها إن كان
لا يعذر بالجهالة
[في المكاتبة تلد بنتا وتلد ابنتها بنتا فيعتق السيد البنت العليا]
[أو يطؤها فتحمل]
(قلت) أرأيت ان كاتبت أمة لي فولدت بنتا ثم ولدت بنتها بنتا أخرى فزمنت البنت
العليا فأعتقها سيدها (قال) عتقه جائز عند مالك وتكون البنت السفلي والمكاتبة
نفسها بحال ما كانوا يعتقان إذا أدتا ويعجزان إذا لم تؤديا (قلت) أرأيت ان وطئ
السيد البنت السفلي فولدت منه ولدا (قال) فإنها بحالها تكون معهم في السعاية
ويكون ولدها حرا إلا أن يرضوا أن يسلموها إلى السيد وترضى هي بذلك ويوضع
عنهم من الكتابة مقدار حصتها من الكتابة وتكون أم ولد فذلك لازم للسيد
وان أبوا وأبت لم تكن أم ولد وكانت في الكتابة على حالها ويكون من معها ممن
يجوز رضاه فإن كانت في قوتها وأدائها ممن يرجي نجاتهم بها ويخاف عليهم إذا رضوا
256

فأجازوها لم يجز ذلك لأنهم ليس لهم أن يرقوا أنفسهم (وقد قال) بعض الرواة لا يجوز
وان رضوا ورضيت وإن كان قبلهم مثل ما قبلها من السعاية والقوة والكفاية لأنا
لا ندري ما يصير إليه حالهم من الضعف فتبقى على السعي معهم لأنهم ترجى لهم النجاة بها
فان صاروا إلى العتق عتقت وان صاروا إلى العجز صارت أم ولد (قلت) لابن القاسم
كيف ترد أم ولد إذا رضيت ورضوا وهي ان أدوا الكتابة عتقت فيكف يطأ السيد
جارية تعتق بأداء الكتابة (قال) إذا رضوا بأن يخرجوها من الكتابة ورضيت هي أن
تخرج ووضع عن الذين معها في الكتابة حصتها من الكتابة فقد خرجت من الكتابة
ولا تعتق بأداء الكتابة لان الذين معها في الكتابة لم يؤدوا جميع الكتابة ألا ترى أنا قد
وضعنا عنهم مقدار حصتها من الكتابة (قال) ولا أحفظ هذا عن مالك إلا أن مالكا قال
في السيد يعتق بعض من في الكتابة وهو صحيح يقدر على السعاية ويقدرون على السعاية
ان ذلك لا يجوز على الذين في الكتابة الا برضاهم وهي ان بقيت في الكتابة فإنها لا توطأ
[في بيع المكاتب وعتقه]
(قلت) أرأيت المكاتب إذا بيع فأعتقه المشترى (قال) أرى أن يمضى عتقه ولا
يرد وقد سمعت الليث يقول ذلك (قال ابن القاسم) أخبرني الليث بن سعد عن
يحيى بن سعيد أنه باع مكاتبا له لمن أعتقه وأن عمرو بن الحرث دخل في ذلك حتى
اشتراه (قلت) أرأيت المكاتب إذا باعه سيده (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
وأرى إن كان الذي اشتراه أعتقه فان ذلك جائز والولاء لمن اشتراه وأعتقه وقد
سمعته من بعض أهل العلم (قلت) أرأيت لو أن مكاتبا باعه سيده جهل ذلك فباع
رقبته ولم يعجز المكاتب فأعتقه المشترى أو كاتبه المشترى فأدى كتابته فعتق أيجوز
ذلك البيع في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا تباع رقبة المكاتب وان رضى المكاتب
بذلك لان الولاء قد ثبت للذي عقد الكتابة فلا تباع رقبة المكاتب فأرى هذا
البيع غير جائز وإذا فات ذلك حتى يعتق العبد لم أرده ورأيته حرا وولاؤه للذي
اشتراه وأعتقه وقد سمعت من أثق به يذكر ذلك أنه جائز ولا يرد ذلك لان
257

ذلك عندي رضا من العبد بفسخ الكتابة وقد دخله العتق وفات (وقال غيره) إذا
كان العبد راضيا ببيع رقبته فكأنه رضا منه بالعجز (قلت) فلو دبر عبده فباعه
وجهل ذلك فأعتقه المشترى (قال) كان مالك مرة يقول يرد ثم قال بعد ذلك
أراه جائزا وأنا أرى في المكاتب أن ينفذ عتقه ولا يرد أرأيت ان عجز عند الذي
أرده إليه أيفرق بينهما وقد بلغني عمن من أثق به من أهل العلم أنه أمضى عتقه ولم
يرده (قلت) أرأيت المكاتب إذا باعه سيده (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى
أن يرد إلا أن يفوت بالعتق فلا أرى أن يرد (وقد قال) بعض الرواة عقد الكتابة
عقد قوى فلا يجوز بيع رقبته فان باعه نقض البيع وان أعتق رد وقد قاله أشهب
(وقال) أشهب إن كان المكاتب لم يعلم بالبيع
[بيع كتابة المكاتب]
(وقال) عبد الرحمن بن القاسم بلغني أن ربيعة وعبد العزيز كانا يريان بيع مكاتبة المكاتب
غررا لا يجوز (قلت) أرأيت لو أن مكاتبا كاتب عبده فباع السيد كتابة مكاتبه الا على
لمن تكون كتابة الأسفل (قال) للمكاتب الأعلى (قلت) فان عجز المكاتب الأسفل
(قال) يكون رقيقا للمكاتب الأعلى فان عجز المكاتب الأعلى كانا جميعا لمشتري الكتابة
لان الأسفل مال للمكاتب الأعلى وسيد المكاتب الأعلى حين باع كتابة مكاتبه لم
يكن يقدر على أخذ مال المكاتب لان المكاتب أملك لماله فيتبع المكاتب ماله حين
باع السيد كتابته (قلت) فان عجز المكاتب الأعلى لمن يؤدى هذا المكاتب الأسفل
(قال) للمشترى لا يرجع إلى المكاتب بعد أن يعجز فان أدى العبد المكاتب الأسفل
فعتق كان ولاؤه للسيد الأول الذي باع كتابة مكاتبه لأنه قد ثبت له قبل أن يبيع
فلا يزول ذلك الولاء عنه حين عجز المكاتب الأعلى (ابن وهب) عن محمد بن
عمرو عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل باع كتابة عبده من رجل
فعجز المكاتب فقال هو عبد للذي ابتاعه وقاله عمرو بن دينار (ابن وهب) عن
ابن جريج عن محمد بن عبد الله بن طلحة أن أباه ابتاع مكاتبا لرجل من بنى سليم
258

فخاصم أخو المكاتب إلى عمر بن عبد العزيز فقضى عمر للمكاتب بنفسه بما أخذه به
ابن طلحة (ابن وهب) قال ابن جريج وكان عطاء يقول ذلك ويقول الذي عليه
الدين أولى به بالثمن (ابن وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت عبد
الرحمن بن القاسم وابن قسيط واستفتيا في رجل كان له مكاتب فقال له رجل أبتاع
منك ما على مكاتبك هذا بعرض مائتي دينار فقالا لا يصلح هذا إذا ذكر فيه ذهبا
أو ورقا ولكن يأخذه بعرض ولا يسمى فليس بذلك بأس ان هو فعل ولم يسم (ابن
نافع) عن ابن أبي ذئب عن أبي الزناد عن ابن المسيب أنه كأن يقول إذا بيعت
كتابة المكاتب فهو أحق بها بالثمن الذي بيعت به (ابن وهب) وقال مالك أحسن
ما سمعت في الرجل يشترى كتابة مكاتب الرجل أنه لا يبيعه إذا كاتبه بدنانير أو
بدراهم الا بعرض من العروض يعجله إياه ولا يؤخره لأنه إذا أخره كان دينا بدين
وقد نهى عن الكالئ بالكالئ (قال) فإن كان كاتب المكاتب سيده بعرض من
العروض من الإبل أو البقر أو الغنم أو الرقيق أو ما أشبه ذلك فإنه يصلح للمشترى
أن يشتريه بذهب أو فضة أو عرض مخالف للعرض الذي كاتبه عليه سيده يعجل له
ذلك ولا يؤخره
[في العبد المأذون له في التجارة يكاتب عبده]
(قلت) أرأيت العبد المأذون له في التجارة أيجوز له أن يكاتب عبده (قال) قال
مالك لا يجوز له عتقه والكتابة عندي عتق فلا يجوز ذلك
[المأذون يركبه الدين فيأذن له سيده أن يكاتب عبده]
(قلت) أرأيت رجلا أذن لعبده في التجارة فركبه الدين فأذن له سيده في أن
يكاتب عبدا له أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال) لا يجوز ذلك لأنه ان أعتق
عبدا له باذن سيده لم يجز ذلك في قول مالك لان المال الذي في يد العبد إنما هو
للغرماء إذا كان الدين يستغرق ما في يد العبد (قلت) والكتابة عندك على وجه
259

العتق أم على وجه البيع (قال) على وجه العتق ألا ترى لو أن رجلا كاتب عبده وعليه
دين يستغرق ماله كانت كتابته باطلة إلا أن يجيز الغرماء ذلك إلا أن يكون في ثمن
كتابته ما لو بيعت كأن يكون مثل ثمن رقبته أو دينه لو رد فإن كان كذلك بيعت
كتابته وتعجلت وقسمت بين الغرماء فان أدى عتق وان عجز كان عبدا لمن اشتراه
فأرى عبد العبد بهذه المنزلة ان أذن له سيده إن كان في ثمن كتابته ما يكون ثمنا
لرقبته لو فسخت كتابته بيعت وترك على حاله ولم تفسخ كتابته لأنه لا منفعة
للغرماء في ذلك ولا ضرر عليهم فيه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر
ولا ضرار فليس يفسخون بما ليس الضرر عليهم فيه ولا يمضى ما فيه الضرر عليهم
[كتابة الوصي عبد يتيمه]
(قلت) أيجوز للوصي أن يكاتب عبدا لليتيم (قال) ذلك جائزا (قلت) أتحفظه عن
مالك (قال) لا أقوم على حفظه الساعة (قلت) فان أعتقه الوصي على مال (قال)
لا أرى ذلك جائزا إذا كان إنما يأخذ المال من العبد فان أعطاه رجل مالا على أن
يعتقه ففعل الوصي ذلك نظرا لليتيم فذلك جائز (قلت) أرأيت الوصي أيجوز له
أن يكاتب عبد اليتيم في قول مالك (قال) نعم إذا كان على وجه النظر لهم لان
بيعه عليهم جائز فكذلك الكتابة إذا كانت على وجه النظر لهم (قلت) وكذلك
الوالد في قول مالك يجوز له أن يكاتب عبد ابنه الصغير (قال) نعم لان مالكا قال
يجوز بيعه على ابنه إذا كان على وجه النظر لابنه (قال سحنون) ألا ترى أنه
يجوز من فعل الوالد والوصي ما هو أعظم من الكتابة وهو النكاح
[في كتابة الأب عبد ابنه الصغير]
(قلت) أيجوز للأب أن يكاتب عبدا لابنه الصغير (قال) نعم ذلك جائز في رأيي لان
مالكا قال يبيع له ويشترى له وينظر له (قلت) فان أعتقه (قال) قال مالك لا يجوز
عتقه إلا أن يكون له مال (وقال غيره) وان أعتق ولا مال له فلم يرفع إلى الحاكم ينظر
260

فيه حتى أفاد مالا تم عتقه للعبد وكان كعبد بين شريكين أعتق أحدهما حصته
ولا مال له فلم يرفع إلى حاكم ينظر فيه حتى أفاد مالا (قال) فإنه يقوم عليه ويتم عتق
العبد كله
[في العبد بين الرجلين يكاتبه أحدهما بغير إذن شريكه أو باذنه]
(قال) وقال مالك في العبد بين الرجلين انه لا يجوز لأحدهما أن يكاتبه دون شريكه
اذن له أو لم يأذن له فان فعل فسخت الكتابة وكان ما أخذ هذا منه بينه وبين شريكه
نصفين (قلت) فان كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه ثم كاتب شريكه بعد
ذلك بغير إذن شريكه أيضا لم يعلم أحدهما بكتابة صاحبه (قال) أراه غير جائز إذا لم
يكاتباه جميعا كتابة واحدة لان كل واحد منهما كتابته بخلاف كتابة الآخر وصار
أن يأخذ حقه إذا حل دون صاحبه فليس هذا وجه الكتابة ولو كان هذا جائزا لاخذ
أحدهما ماله دون صاحبه بغير إذن شريكه ألا ترى أنهما في أصل الكتابة لم يشتركا
في الكتابة ولو كان هذا جائزا لجاز إذا كاتباه جميعا كتابة واحدة أن يأخذ أحدهما ماله
دون صاحبه بغير إذن شريكه فأرى الكتابة مفسوخة هاهنا كان ما كاتباه عليه شيئا
واحدا أو مختلفا ويبتدئان الكتابة جميعا ان أحبا (قال سحنون) وقال غيره من
الرواة ان وافق كتابة الثاني كتابة الأول في النجوم والمال فهو جائز وكأنهما كاتباه
جميعا وان كانت الكتابة مختلفة فقد قال بعض الرواة ما قال عبد الرحمن (قلت) فان
دبره أحدهما بغير علم من شريكه ثم دبره الآخر بغير إذن من شريكه أو أعتق
أحدهما نصيبه بغير علم من شريكه ثم أعتق الآخر نصيبه بغير علم من شريكه (قال)
أرى ذلك كله جائزا لان مالكا قال لو أن رجلا دبر نصف عبد بينه وبين رجل
فرضى الذي لم يدبر أن يلزم الذي دبر العبد كله ويأخذ منه نصف قيمته (قال) ذلك له
ويكون مدبرا كله على الذي دبره وإذا دبراه جميعا جاز فكذلك مسألتك في التدبير
إذا دبره هذا ثم دبره هذا جاز ذلك عليهما لان عتق كل واحد منهما في هذا التدبير
في ثلثه لا يقوم نصيب أحدهما على صاحبه وأما العتاقة فهو أمر لا اختلاف فيه عندنا
261

ولا يعرف من قول مالك خلافه انه إذا أعتق أحدهما وهو موسر ثم أعتق الآخر ان
ذلك جائز عليه ولا قيمة فيه علم أو لم يعلم (ابن وهب) وقال مالك الامر المجتمع عليه
عندنا في العبد يكون بين الرجلين أن أحدهما لا يكاتب نصيبه أذن في ذلك صاحبه
أو لم يأذن إلا أن يكاتباه جميعا لان ذلك يعقد له عتقا ويصير إذا أدى العبد ما كوتب
عليه إلى أن يعتق نصفه ولا يكون على الذي كاتب أن يستتم عتقه فذلك خلاف لما
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق شركا له في عبد قوم عليه قيمة العدل. فان
جهل ذلك حتى يؤدى المكاتب أو قبل أن يؤدى رد الذي كاتبه ما قبض من
المكاتب فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما وبطلت كتابته وكان عبدا لهما على
حاله الأولى (ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب في عبد كان بين رجلين
فكاتبه أحدهما وأبى الآخر قال ابن شهاب لا نرى أن يجوز نصيب الذي كاتبه ولا
يجوز على شريكه في نصيبه (قلت) أرأيت العبد بين الرجلين يكاتبه أحدهما باذن
شريكه (قال) لا يجوز ذلك عند مالك (قال) وقال مالك في العبد بين الرجلين
يكاتبه أحدهما باذن شريكه ان الكتابة باطل
[فيمن كاتب نصف عبده أو عبدا بينه وبين رجل]
(قلت) أرأيت ان كاتبت نصف عبدي أتجوز الكتابة أم لا (قال) لا تجوز هذه
الكتابة ولا يكون شئ منه مكاتبا (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي وقد قال
مالك في العبد يكون بين الرجلين فيكاتبه أحدهما بغير إذن شريكه ان تلك الكتابة
ليست بكتابة (قال مالك) فان غفل عنه حتى يؤدى الكتابة إلى الذي كاتبه فهو رقيق
كله ولا يكون شئ منه عتيقا ويرجع السيد الذي لم يكاتب على السيد الذي كاتب
فيأخذ منه نصف ما أخذ من العبد من ماله ويكون العبد بينهما رقيقا على حاله الأولى
فهذا يدلك على مسألتك أنه لا يكون مكاتبا إذا كاتب نصفه ولا يعتق ان أدى
(قلت) أرأيت ان كاتبه أحدهما بغير إذن شريكه أتجوز الكتابة في قول مالك (قال)
لا وان أدى فإنه لا يكون مكاتبا ويكون رقيقا (قلت) فما حال ما أخذ السيد منه
262

(قال) يكون بينهما (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم كذلك قال لنا مالك ونزلت
وكتب إليه بها في الرجل يأذن لشريكه بكتابة عبد بينهما انه يفسخ ذلك وان اقتضى
الكتابة كلها (قلت) فإن كان قد اقتضى مالا أيكون ذلك بينهما (قال) نعم وقال غيره
من الرواة ان اجتمعا على أخذه أخذاه ومن أراد رده على العبد رده لأنه لا يجوز
لهما اقتسام مال العبد الا بالرضا منهما وقد ذكر هذا عن مالك ألا ترى أن من عيب
كتابة أحد الرجلين نصيبه باذن شريكه وإن كان الشريك قد أذن لشريكه أن
يأخذ من مال بينهما لم يكن يجوز لأحدهما أن يأخذ منه شيئا دون صاحبه
لاختلاف الحرية بلا قيمة لان الكتابة عقد قوى ثابت وليس هي من حقائق
الحرية فيقوم على المعتق إذا أعتق المكاتب بأدائها وإنما عتق المكاتب بالعقد الأول ولم
يحدث له السيد عتقا إنما صار عتقه على أصل عقده وأدائه الذي يفتح له عتقه ولم يكن
على المكاتب قيمة لأنه منع القيمة أن تكون لأنه قد يعجز فيكون قد أقيم على
المستمسك عبده إلى رق لا إلى حرية وذلك خلاف لما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم فيمن أعتق شركا له في عبد وانهما أيضا يتحاصان في ماله بحالتين مختلفتين يأخذ
هذا بنجوم ويأخذ هذا بخراج فأحدهما لا يدرى يوم أذن له في شرطه لمن أذن له من
النجوم لأنه لم يحدد عليه في شرطه ما يأخذ المستمسك بالرق من الخراج وانه إذا
كاتب نصف عبد هو له فان أصل الكتابة لا تكون الا على المراضاة لأنها بيع الا
ترى أن العبد لو أراد أولا قبل أن يكاتب منه شئ أن يكاتبه سيده بغير رضاه ما لزم
سيده مكاتبته بكتابة مثله ولا بقليل ولا بكثير فلذلك لا يلزم السيد أن يكاتب ما بقي
بعد ما كاتب الا بالرضا كما كان يدين بالكتابة وانه لو أدى المكاتب ما كوتب
عليه في نصفه لم يكن عتقا لان السيد لم يستحدث له عتقا إنما عقد كتابة ثم كان الأداء
يصيره إلى العتق فهو لم يعتق لو لم يكن أدى شيئا فلذلك إذا أدى كأن لا يعتق الا
بهذا العقد لان عقده كان ضعيفا ليس بعقد
263

[في المكاتب يكاتب عبده أو يعتقه على مال]
(قلت) أرأيت ان كاتب رجل عبدا له فكاتب المكاتب عبدا له على وجه النظر
لنفسه والأداء فعجز المكاتب الأعلى (قال) يؤدى المكاتب الأسفل إلى السيد الأعلى
فان أعتق السيد المكاتب الأعلى بعد ما عجز لم يرجع عليه بشئ مما أدى هذا المكاتب
الأسفل لأنه حين عجز صار رقيقا وصار ماله للسيد فما كان له على مكاتبه فهو مال
للسيد ولان مالكا قال إذا عجز المكاتب الأعلى فولاء المكاتب الأسفل إذا أدى
وعتق للسيد الأعلى ولا يرجع إلى المكاتب الأول على حال أبدا (قلت) أرأيت
مكاتبا قال لعبد له إذا جئتني بألف درهم فأنت حر (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا
وأرى أن يصنع في هذا ما يصنع في الكتابة ويجوز في هذا ما يجوز في الكتابة إن كان
ذلك منه على وجه ابتغاء الفضل وطلب المال لزيادة المال جاز ذلك وإن لم يكن كذلك
لم يجز وينظر ويتلوم للعبد كما كان يتلوم في الحر لو قال ذلك لعبده ولا تنجم كما تنجم
الكتابة إذا كان قول المكاتب لعبده ان جئتني بألف درهم على وجه النظر لنفسه
[في المديان يكاتب عبده]
(قال ابن القاسم) لو أن عبدا كاتبه سيده وعلى السيد دين وقد جنى العبد جناية
قبل الكتابة ثم قاموا عليه بعد الكتابة فقال المكاتب أنا أؤدي الدين الذي من أجله
تردونني به من دين سيدي أو من عقل جنايتي وأكون على كتابتي كما أنا كان ذلك
له (قلت) فان كاتب رجل أمته وعليه دين يغترق قيمة الأمة فولدت في كتابتها ولدا
ثم قام الغرماء فان الكتابة تفسخ وتكون الأمة رقيقا وولدها إلا أن يكون في قيمة
الكتابة إذا بيعت بالنقد وفاء للدين فلا تغير الكتابة وتباع الكتابة في الدين (قال) وقال
مالك إذا أفلس سيد العبد بدين رهقه بعد الكتابة بيعت الكتابة للغرماء فتقاضوا
حقوقهم إذا أحبوا
264

[في النصراني يكاتب عبده ثم يريد أن يسترقه]
(قلت) أرأيت النصراني إذا كاتب عبده أتجوز كتابته (قال) قال مالك إذا أسلم
مكاتب النصراني بيعت كتابته فهذا يدلك على أنه يجوز عند مالك إلا أنه ان أراد بيعه
وهما في حال نصرانيتهما لم يمنع من ذلك ولم نعرض له (قلت) أرأيت الذمي إذا
كاتب عبده فأراد أن يفسخ كتابة عبده وأبى العبد وقال أنا أمضى على كتابتي
(قال) ليس هذا من حقوقهم التي يتظالمون بها فيما بينهم فلا أمنعه من ذلك ولا
أعرض له في ذلك والعتق أعظم حرمة ولو أعتقه ثم رده في الرق لم أعرض له فيه
ولم أمنعه من ذلك فكذلك الكتابة والعتق إذا أراد تغيير ذلك كان له إلا أن يسلم
العبد (وقال بعض الرواة) ليس له نقض الكتابة لان هذا من التظالم الذي لا ينبغي
للحاكم أن يتركهم وذلك
[مكاتب النصراني يسلم]
(قلت) أرأيت النصراني يكاتب عبده النصراني ثم يسلم المكاتب (قال) بلغني عن
مالك أنه قال تباع كتابته (قلت) فان اشترى عبدا مسلما فكاتبه (قال) تباع كتابته
لان مالكا قال أيضا في النصراني يبتاع المسلم انه يباع عليه ولا يفسخ شراؤه فهو
إذا اشتراه ثم كاتبه قبل أن يبيعه بيعت كتابته فبيع كتابته كأنها بيع له لأنه ان رق
فهو لمن اشتراه وان عتق كان حرا وكان ولاؤه لجميع المسلمين فان أسلم مولاه بعد
ذلك لم يرجع إليه ولاؤه (قال) وقال مالك في الذي يكاتب عبده وهو نصراني
والعبد نصراني ثم أسلم المكاتب فبيعت كتابته فأدى الكتابة لمن ولاؤه (قال) ولاؤه
لجميع المسلمين فان أسلم مولاه الذي كاتبه رجع إليه ولاؤه لأنه عقد كتابته وهما
نصرانيان جميعا والأول إنما عقد كتابة عبده والعبد مسلم فلا يكون له الولاء أبدا
وان أسلم السيد ولا يشبه هذا الذي عقد كتابة عبده وهما نصرانيان (قال) وسألنا
مالكا عن النصراني يشترى المسلم (قال مالك) لا يرد بيعه ولكن يجبر هذا
265

النصراني على بيعه (قال) فإن كان كاتبه هذا النصراني قبل أن يباع عليه أجبر النصراني
على بيع كتابته (قلت) أرأيت لو أن نصرانيا كاتب عبدا له فأسلم العبد (قال)
قال مالك تباع كتابة العبد من رجل من المسلمين فان أدى كتابته عتق وكان ولاؤه
للنصراني ان أسلم يوما ما وإن لم يؤد كان رقيقا لمن اشتراه
[أم ولد النصراني تسلم أو يسلم عبده فيكاتبه]
(قلت) فما قول مالك إذا أسلمت أم ولد النصراني (قال) تعتق عليه ولا شئ
عليها من سعاية ولا غير ذلك لأنه لا رق له عليها إنما كان له الوطئ فلما أسلمت لم
يكن له أن يطأها فقد انقطع الذي كان له فيها (قال مالك) فأمثل شأنها أن تعتق عليه
(قال ابن القاسم) ورددت هذه المسألة على مالك منذ لقيته فما اختلف فيها قوله (1)
وأكثر الرواة يقولون تكون موقوفه إلا أن يسلم فيطؤها (قلت) أرأيت ان
أسلم عبد النصراني فكاتبه النصراني بعد ما أسلم العبد (قال) لم أسمع من مالك في هذا
شيئا ولكن أرى أن تباع كتابته لأنا ان نقضنا كتابته رددناه رقيقا للنصراني فبعناه
له فنحن نجيز كتابته ونبيع كتابته لان فيها منفعة للعبد لأنه إذا أدى عتق وان عجز
كان رقيقا لمن اشتراه إلا أن ولاء هذا المكاتب إذا أدى مخالف للمكاتب الأول
الذي كاتبه مولاه قبل أن يسلم العبد لان هذا الذي كاتبه مولاه قبل أن يسلم العبد
ولاؤه لجميع المسلمين فان أسلم النصراني يوما ما رجع ولاؤه إليه فإن كان له أولاد
مسلمون ثم عتق العبد كان ولاؤه لهم لان الولاء قد ثبت لأبيهم. وأما هذا الذي
كاتبه بعد اسلامه فان أدى وعتق لم يكن للنصراني من ولائه قليل ولا كثير
وولاؤه لجميع المسلمين ولا يكون أيضا لولده من ولائه قليل ولا كثير وان كانوا
مسلمين لان الولاء لم يثبت لأبيهم فان أسلم النصراني يوما ما لم يرجع إليه أيضا من ولائه
قليل ولا كثير لأنه كاتبه والعبد مسلم فلا يكون ولاؤه لهذا النصراني وكذلك أن
أعتقه بعد ما أسلم لم يكن للنصراني من ولائه قليل ولا كثير ولا لولده المسلمين

(1) بهامش الأصل هنا ما نصه انظر اختلاف قوله فيها في كتاب أمهات الأولاد اه‍
266

والنصارى وولاؤه لجميع المسلمين (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم هو قوله في
الولاء بحال ما وصفت لك (قلت) وكذلك أن أسلمت أمة هذا النصراني فوطئها
بعد اسلامها فولدت منه ولدا أعتقتها عليه وجعلت ولاءها لجميع المسلمين. وأما التي
كانت أم ولد لهذا النصراني فأسلمت عتقت عليه وكان ولاؤها للمسلمين إلا أن
يسلم النصراني يوما ما فيرجع إليه ولاؤها (قال) نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال)
هذا رأيي في التي وطئ بعد ما أسلمت وأما أم الولد النصرانية فهو قول مالك
[في النصراني يكاتب عبدين له نصرانيين فيسلم أحدهما]
(قلت) أرأيت النصراني إذا كاتب عبدين له نصرانيين كتابة واحدة فأسلم أحدهما
(قال) أحسن ذلك عندي أن تباع كتابتهما جميعا (قلت) ولم لا تباع كتابة المسلم
وحده وتفض الكتابة عليهما فيباع ما صار من الكتابة على هذا المسلم (قال) لا
أستطيع أن أفرق بين كتابتهما لان كل واحد منهما حميل بما على صاحبه فهذا الذي ثبت
على النصرانية يقول لا تفرقوا بيني وبينه في الكتابة لأنه حميل عنى بكتابتي ويقول
المسلم ذلك أيضا فهذا ما لا يجوز أن يفرق بينهما رضى المكاتبان بذلك أو سخطا
(قلت) أرأيت لو أن نصرانيا كاتب عبدا له نصرانيا فولد للمكاتب ولد في كتابته
من أمته ثم أسلم بعض ولده والمكاتب على النصرانية (قال) هو مثل المكاتبين يسلم
أحدهما فإنه تباع كتابتهما جميعا فهذا وولده بمنزلة هذين تباع كتابتهما جميعا المسلم
منهم والنصراني
[في مكاتب الذمي يهرب إلى دار الحرب فيغنمه المسلمون]
(قلت) أرأيت مكاتب الذمي إذا أغار أهل الشرك فهربوا به أو هرب المكاتب
إليهم ثم ظفر به المسلمون هل يكون فيئا (قال) قال مالك كل مال لأهل الاسلام
أو لأهل الذمة ان ظفر به المسلمون وقد كان أهل الشرك أحرزوه (قال) قال مالك
يرد إلى الذمي كما يرد إلى المسلم ولا يكون فيئا كان سيده غائبا أو حاضرا بعد أن
267

يعلموا أنه مال المسلم أو الذمي وعرف صاحبه (وقال ابن القاسم) ان عرفوا أنه
مكاتب ثم عرفوا سيده رد إليه وان عرفوا أنه مكاتب ولم يعرفوا سيده أقر على كتابته
وكانت كتابته فيئا للمسلمين ويدخل ذلك في مقاسمهم فان أدى إلى من صار له كان
حرا وكان ولاؤه للمسلمين وان عجز كان رقيقا لمن صار له
[الدعوى في الكتابة]
(قلت) أرأيت المكاتب إذا قال سيده قد حل النجم فأده وقال المكاتب لم يحل بعد
(قال) القول قول المكاتب لان مالكا قال في المتكارى يتكارى من الرجل الدار فيقول
رب الدار أكريتك سنة وقد مضت السنة ويقول المتكارى لم تمض السنة قال مالك
القول قول المتكارى (قلت) لا يشبه هذا المكاتب لان المكاتب قد قبض
ما اشترى إنما اشترى رقبته فقد قبضها وادعى أن الثمن عليه إلى أجل كذا وكذا
وقال سيده بل كان الاجل إلى كذا وكذا وقد حل (قال) المكاتب يشبه الرجل
يشترى من الرجل السلعة بمائة دينار إلى أجل سنة فيتصادقان أن الاجل قد كان
سنة وقال البائع قد مضت السنة وقال المشترى لم تمض السنة (قال) هذا عند مالك
القول قول المشترى ولا يصدق البائع على أن الاجل قد مضى فكذلك سيد
المكاتب لا يصدق على أن الاجل قد مضى والقول قول المكاتب (قلت) أرأيت
ان قال العبد نجمته على كل شهر مائة وقال السيد بل نجمت على كل شهر مائتين (قال)
لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى أن القول قول العبد لان الكتابة قد انعقدت
فادعى السيد ان أجل المائة الزائدة التي ادعى قد حلت وقال العبد لم تحل فالقول
قول المكاتب فيما أخبرتك (قلت) أرأيت ان تصادقا على أصل الكتابة السيد
والعبد أنها ألف درهم وقال السيد نجمتها عليك خمسة أنجم كل شهر مائتين وقال
المكاتب بل نجمتها على عشرة أنجم كل شهر مائة وأقاما جميعا البينة (قال) ينظر إلى
أعدل البينتين فيكون القول قول من كانت بينته أعدل (قلت) أرأيت ان تكافأت
البينتان في العدالة (قال) هما كمن لا بينة لهما ويكون القول قول المكاتب (وقال
268

أشهب) مثل قول عبد الرحمن (وقد قال غيره) ليس هذا من التكافؤ والبينة بينة السيد
ألا ترى ان بينة السيد قد زادت فالقول قولها ألا ترى ان لو قال السيد بألف درهم
وقال المكاتب بتسعمائة درهم ان القول قول المكاتب فان أقاما جميعا البينة فالبينة بينة السيد
لأنها شهدت بالأكثر (قلت) أرأيت ان قال المكاتب كاتبني بألف درهم وقال السيد
بل كاتبتك بألف دينار (قال) القول قول المكاتب إذا كان يشبه ما قال لان الكتابة
فوت لان مالكا قال فيمن اشترى عبدا فكاتبه أو دبره أو أعتقه ثم اختلفا في الثمن
ان القول قول المشترى لأنه فوت. قال وقد كان مالك مرة يقول من اشترى سلعة
من السلع فقبضها وبان بها ان القول قول المشترى وان كانت قائمة بعينها ثم رجع
عن ذلك فقال أرى ان يتحالفا ويترادا إذا لم تفت بعتاقة أو تدبير أو بيع أو موت
أو باختلاف أسواق أو نماء أو نقصان فهذا يدلك على مسألتك في الكتابة لان
الكتابة فوت لأنها عتق (قلت) أرأيت لو أن مكاتبا بعث بكتابته مع رجل أو
امرأة اختلعت من زوجها بمال بعثت به أيضا فدفع ذلك كله وكذبه المبعوث إليه
بذلك (قال) قال مالك في الدين ما أخبرتك وهذا كله محمل الدين وعليهم أن يقيموا
البينة والا ضمنوا
[الخيار في الكتابة]
(قلت) أرأيت الرجل يكاتب عبده على أن السيد بالخيار يوما أو شهرا أو على أن
العبد بالخيار يوما أو شهرا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى به بأسا وأرى
الخيار في الكتابة جائزا (قلت) أرأيت لو أن رجلا كاتب أمته على أنه بالخيار ثلاثا
فولدت في أيام الخيار فاختار السيد الكتابة ما حال هذا الولد أيكون مكاتبا أم يكون
رقيقا (قال) قال لي مالك في الرجل يبيع عبده على أنه بالخيار أياما سماها فدخل العبد
عيب أو مات ان ضمان ذلك من البائع (قال مالك) ونفقة العبد في أيام الخيار على
البائع فأرى هذا الرجل إذا باع أمته على أنه بالخيار ثلاثا فوهب لامته مال أو
تصدق به عليها ان ذلك المال للبائع لان البائع كان ضامنا للأمة وكان عليه نفقتها
269

(قلت) وسواء إن كان المشترى بالخيار أو البائع إذا باع فاختار الشراء وقد
ولدت الأمة في أيام الخيار (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى الولد مع الأم ويقال
للمشترى إن شئت فخذ الأم والولد بجميع الثمن أو دع (قال) وقال مالك في الرجل
يبيع العبد فتقطع يده عند المشترى أو يجرح عند المشترى في الأيام الثلاثة ان عقل
ذلك الجرح للبائع (قال) ولقد قال مالك في الرجل يبيع عبده وله مال ورقيق
وحيوان وعروض وغير ذلك فيشترط المشترى مال العبد فيقبض مشترى العبد
رقيق العبد ودوابه فيتلف المال في أيام العهدة الثلاثة (قال مالك) ليس للمشترى أن
يرجع على البائع بشئ من ذلك ولا يرد العبد (قلت) فان هلك العبد في يد
المشترى أينتقض البيع فيما بينهما ولا يكون للمشترى ان يحبس مال العبد ويقول أنا
أختار البيع وأدفع الثمن (قال) نعم لان العبد إذا مات في أيام العهدة انتقض البيع
فيما بينهما وان أصاب العبد عور أو عمى أو شلل أو دخله عيب فان المشترى بالخيار ان
أحب أن يرد العبد وماله على البائع وينتقض البيع فذلك له وان أراد أن يحبس العبد
بعينه ويحبس ماله ولا يرجع على البائع بشئ فذلك له (قلت) فان أراد أن يحبس العبد
وماله ويرجع على البائع بقيمة العيب الذي أصاب العبد في أيام العهدة (قال) ليس ذلك
له لان ضمان العبد في أيام العهدة الثلاثة من العيوب والموت من البائع ويكون
المشترى بالخيار ان أحب أن يقبل العبد مجنيا عليه والعقل للبائع فذلك له وان أحب
أن يرد العبد فذلك له فلما قال لي مالك في عقل جناية العبد في أيام العهدة انها للبائع
علمت أن الجناية على العبد أيضا في أيام الخيار للبائع إذا أجاز البيع ويكون المشترى
بالخيار ان شاء قبل العبد بعيبه ويكون العقل للبائع وان شاء ترك * فالولد إذا ولدته
الأمة في أيام الخيار مخالف لهذا عندي أراه للمبتاع ان رضى البيع وكذلك المكاتب
والمكاتبة عندي أبين ان ولدها إذا ولدته قبل الإجازة انه يدخل في الكتابة معها
وتكون هي على الكتابة وولدها ان أحبت بجميع ذلك في كتابتها وان كرهت
رجعت رقيقا إذا كان الخيار لها (قال) فإن كان الخيار للسيد كان له أن يجيز الكتابة
270

لها ويدخل ولدها معها على ما أحبت أو كرهت بالكتابة الأولى فان أراد أن يردها
هي وولدها في الرق فذلك له (وقال غيره) من رواة مالك ان الولد ليس مع الأم في
الكتابة لان الولد زايلها قبل تمام الكتابة وإنما تمت الكتابة بعد زواله وكذلك
كل ما أصابت من جناية أو أصيبت به أو وهب لها فهو للذي كان يملكها قبل
وجوب الكتابة والبيع الا ان في البيع ان ولدت فالولد للبائع ولا ينبغي للمشتري
أن يختار الشراء للتفرقة
[في الرهن في الكتابة]
(قلت) أرأيت ارتهان السيد من مكاتبه رهنا بكتابته عندما كاتبه وقيمة الرهن
والكتابة سواء وهو مما يغيب عليه السيد فضاع عند السيد أيكون السيد ضامنا
لذلك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن يعتق ويكون قصاصا بالكتابة
(قلت) فان رهق السيد دين فأفلس أيحاص العبد المكاتب غرماء سيده (قال) إن كان
ارتهن منه الرهن في أصل الكتابة لم يحاص لان ذلك كأنه انتزاع من السيد
بمنزلة ما لو أنه كاتبه على أن يسلفه العبد دنانير أو باعه سلعة بثمن إلى أجل فان ذلك كله
إذا أفلس السيد لم يدخل المكاتب على غرماء سيده ولو أن المكاتب حل نجم من
نجومه فسأل سيده أن يؤخره على أن يرهنه رهنا ففعل فارتهنه ثم فلس السيد فان
المكاتب ان وجد رهنه بعينه كان أحق به وإن لم يجده ووجده قد تلف فإنه يحاص
غرماء سيده بقيمة رهنه فيكون من ذلك قضاء ما حل عليه وما بقي من قيمة الرهن إن لم يوجد للسيد مال كان ذلك على سيده يقاص به المكاتب في أداء ما يحل من نجومه
(قلت) أرأيت لو وجد رهنه بعينه في المسألة الأولى وقد فلس سيده (قال) فلا يكون
له فيه قليل ولا كثير ولا محاصة له في ذلك ولا شئ لغرماء المكاتب من هذا الرهن
وان مات سيده فكذلك أيضا لا يكون له منه شئ من الأشياء كان الرهن قد تلف
أو لم يتلف (وقال) غيره من الرواة كان الرهن في أصل عقد الكتابة أو بعدها
ليس هو انتزاعا والسيد ضامن له ان تلف ولا يعلم ذلك الا بقوله فإن كان قيمته دنانير
271

والذي على المكاتب دنانير كانت قصاصا بما على المكاتب لان وقفها ضرر عليهما
جميعا ليس لواحد منهما في وقفها منفعة إلا أن يتهم السيد بالعداء عليها ليتعجل الكتابة
قبل وقتها فيغرم ذلك ويجعل على يدي عدل وان كانت الكتابة عروضا أو طعاما
فالقيمة موقوفة لما يرجو من رخص ما عليه فيشتريه باليسير من العين وهو يحاص
بالقيمة الغرماء في الموت والتفليس ولا يجوز أن يكاتبه ويرتهن الثمن من غير مكاتبه
فيكون مثل الحمالة بالكتابة وذلك مالا يجوز
[باب الحمالة في الكتابة]
(قال) وسمعت مالكا وسئل عن رجل كاتب جاريته فأتى رجل فقال له أنا أضمن
لك كتابة جاريتك وزوجنيها واحتل على بما كان لك عليها من الكتابة ففعل وزوجه
إياها واحتال عليه به ثم إن الجارية ولدت من الرجل بنتا ثم هلك الرجل بعد ذلك (قال)
قال مالك تلك الحمالة باطل والأمة مكاتبة على حالها وابنته أمة لا ترث أباها وميراثه
لأقرب الناس منه
[في الأخ يرث شقصا من أخيه مكاتبا]
(قلت) أرأيت لو أنى وأخا لي من أبى ورثنا مكاتبا من أبينا وهو أخي لأمي أيعتق
على أم لا (قال) أما نصيبك منه فهو موضوع عن المكاتب من سعايته ويسعى
لأخيك في نصيبه ويخرج حرا لان مالكا قال من ورث شقصا من ذوي رحم
من المحارم الذين يعتقون عليه إذا ملكهم لم يعتق عليه الا ما ورث من ذلك
ولم يعتق عليه نصيب صاحبه لأنه لم يبتدئ فسادا ولو أوصى له بنصف هذا المكاتب
فقبله أو وهب له أو تصدق به عليه فقبله وهو أخوه كان المكاتب بالخيار ان شاء
مضى على كتابته وسقط عنه حصة أخيه وان شاء عجز نفسه فيقوم على أخيه وعتق
كله إن كان له مال وإن لم يكن له مال عتق منه نصيب أخيه وكان ما بقي رقيقا ولا
يشبه هذا المكاتب يكون بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه ثم يعجز في نصيب
272

صاحبه لان عتق الأول منهما ليس بعتق وإنما هو وضع دراهم ولان هذا الذي
أوصى له ببعض المكاتب وهو ممن يعتق عليه أو وهب له أو تصدق به عليه ان عجز
كان نصيب من قبله يعتق عليه فكما كان يعتق عليه إذا عجز فكذلك يقوم عليه
نصيب صاحبه إذا عجز نفسه وكما كان الأول لا يقوم عليه إذا أعتق ولا عتق فيه أن
عجز فكذلك لا يقوم عليه نصيب صاحبه وهو رأيي. وان ثبت على كتابته فليس
لأخيه من الولاء قليل ولا كثير وولاؤه لسيده الذي عقد كتابته. وإن كان للمكاتب
مال ظاهر من حيوان أو دور فأراد أن يعجز نفسه لم يكن ذلك له فإن كان له مال
ليس بظاهر ولا يعرف له مال وأراد أن يعجز نفسه فذلك له ويقوم على أخيه إذا
قتله حين عجز نفسه (وقد قال المخزومي) مثل ما قال في الميراث والشراء انه إذا عجز
المكاتب عتق عليه إن كان له مال إذا اشتراه ولا يعتق عليه في الميراث الا ما ورث
ولا قيمة عليه
[في المكاتب يولد له ولد في كتابته أو يشترى ولده باذن سيده]
[أو بغير إذنه فيتجرون ويتقاسمون باذن المكاتب أو بغير إذنه]
(قلت) أرأيت أولاد المكاتب إذا أحدثوا في الكتابة فبلغوا رجالا فتاجروا وباعوا
وقاسموا أيجوز ذلك وإن كان بغير إذن الأب (قال) نعم ذلك جائز عند مالك إذا كانوا
مأمونين (قلت) أرأيت إذا اشترى المكاتب ابنه أو أباه أيدخلان معه في الكتابة
أم لا (قال) قال مالك إذا اشترى ابنه دخل معه في الكتابة والأب عندي مثله. وأنا
أرى أن كل ذي محرم يعتق عليه إذا اشتراه الحر فهو إذا اشتراه المكاتب باذن السيد
دخل معه في الكتابة وما اشترى من ذوي محارمه ممن لا يعتق عليه أن لو اشتراه
وهو حر فلا أرى أن يدخل في كتابته وان اشتراه باذن سيده (قال) وإذا اشتراهما
باذن السيد دخلا معه في الكتابة (قلت) فان اشتراهما بغير إذن السيد أيدخلان
معه في الكتابة أم لا (قال) أرى أن لا يدخلا معه في الكتابة (قلت) أفيبيعهما ان
أحب (قال) أرى أن لا يبيعهما إلا أن يعجز عن الأداء فيبيعهما بمنزلة أم الولد (قلت)
273

أرأيت ان اشتراهما بغير إذن السيد فتاجرا وقاسما بغير إذن المكاتب أيجوز شراؤهما
وبيعهما ومقاسمتهما بغير إذن المكاتب أم لا (قال) لا أحفظ هذا عن مالك
ولكن أرى أنه لا يجوز لهما أن يتجرا الا بأمر المكاتب ألا ترى ان أم الولد ليس
له أن يبيعها وليس لها أن تتجر الا بأمره فعلى أم الولد رأيت هذين (قلت) أرأيت
ان اشترى أباه أو ابنه باذن سيده ثم تاجرا وقاسما شركاءهما بغير إذن المكاتب أيجوز
هذا (قال) نعم هذا جائز وإن لم يأذن له في ذلك المكاتب لأنه قد دخل في كتابته
حين اشتراه وهذا رأيي (قلت) أرأيت ان احتاج أو عجز وقد اشترى أباه أو ابنه
باذن السيد أيكون له أن يبيعهم أم لا (قال) ليس له أن يبيعهم وإذا عجز وعجزوا كانوا
كلهم رقيقا لسيده (قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك إذا اشترى المكاتب ابنه
أو أباه باذن سيده دخل في الكتابة (قال ابن القاسم) وأنا أرى ان اشتراهم بغير إذن
سيده أن له أن يبيعهم ان خاف العجز (قلت) أرأيت ان اشترى أمه (قال) لم أسمع
من مالك فيه شيئا وأرى الأم بمنزلة الأب (قلت) وكل من اشتراه إذا دخل معه
في كتابته جاز شراؤه وبيعه ومقاسمته شركاءه ومن لم يدخل مع المكاتب في الكتابة
إذا اشتراه لم يجز شراؤه ولا بيعه ولا مقاسمته الا باذن المكاتب (قال) نعم
[في اشتراء المكاتب ابنه أو أبويه]
(قلت) أرأيت المكاتب يشترى ابنه (قال) لا يجوز له ذلك إلا أن يأذن له
السيد فان أذن له السيد جاز ذلك وكان هو والمكاتب في الكتابة إلا أن يكون عليه
دين فلا يدخل في كتابة الأب وان أذن له سيده وكذلك بلغني عن بعض من
أرضاه (قلت) أرأيت المكاتب يشترى أبويه أيدخلان معه في الكتابة (قال) ما
سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنى أراهما بمنزلة الولد (قلت) أرأيت المكاتب ان
اشترى ولد ولده باذن سيده أيدخلون معه في كتابته (قال) نعم أرى ذلك وإنما الذي
بلغني في ولده (قلت) فان اشترى ابنه بغير إذن سيده (قال) لم يبلغني عن مالك فيه
شئ ولكن لا أرى أن يدخل في كتابته ولا أرى أن يفسخ البيع إذا كان بغير إذن السيد
274

لأنه ليس للمكاتب أن يدخل في كتابته أحدا الا برضا سيده ولا يشبه هذا ما ولد له
في كتابته لان سيده لا يقدر على أن يمنعه من وطئ جاريته وما حدث من ولده في
كتابته فإنما هم شئ منه بعد الكتابة فهم بمنزلته ألا ترى أن العبد المعتق إلى سنين
أو المدبر إنما ولده من أمته الذين ولدوا له بعد ما عقد له من ذلك بمنزلته وأما
ما اشترى من ولده الذين ولدوا قبل ذلك فليسوا بمنزلته إلا أن السيد إذا مات
ولم ينتزع ماله أو مضت سنو المعتق ولم ينتزع سيده ماله تبعه ما اشترى من ولده
وكانوا أحرارا عليهم إذا أعتقوا وكذلك ولد المكاتب إذا اشتراه بغير إذن سيده فإنه
حر إذا أدى جميع كتابته وليس للمكاتب أن يبيع ما اشترى من ولده إلا أن يخاف
العجز فان خاف العجز جاز له بيعهم بمنزلة أم ولده ولا يمكن من بيعها إلا أن يخاف
العجز وأما المدبر والمعتق إلى سنين فلهم أن يبيعوا ما اشتروا من أولادهم إذا أذن
لهم في ذلك ساداتهم (قال ابن القاسم) وولد المعتق والمدبر من أمتيهما بمنزلتهما
وما اشتريا من أولادهما مما لم يولد في ملكهما فقد أعلمتك أن السيد إذا أذن في
ذلك جاز بيعهم إياهم إلا أن يكون اذن السيد عند تقارب عتق المعتق إلى سنين أو
يأذن في مرضه للمدبر في بيع ما اشترى من ولده في مرضه فلا يجوز ذلك وإنما يجوز
ذلك لهم باذن ساداتهم في الموضع الذي لو شاء ساداتهم أن ينتزعوهم انتزعوهم
(قلت) فان اشترى المكاتب أبويه باذن سيده أيدخلان معه في كتابته (قال) نعم
وكل من اشترى ممن يعتق على الرجل إذا ملكه فان المكاتب إذا اشتراه باذن سيده
دخل معه في كتابته ويصير إذا اشتراه باذن سيده كأنه كاتب عليه وكأن السيد
كاتبهم جميعا كتابة واحدة وهو رأيي وقد سمعته عن غيري واستحسنته له (قلت)
أرأيت المكاتب إذا اشترى ابنه صغيرا أو كبيرا أيجوز شراؤه له وبيعه إياه في قول
مالك أم لا (قال) بلغني أن مالكا قال لا يشترى ولده الا باذن سيده فان اشتراه باذن
سيده دخل معه في كتابته وذلك إذا لم يكن على المكاتب دين فإن كان عليه دين لم
يجز شراؤه الا باذن أهل الدين (قال ابن القاسم) وأنا أرى أن كل من يعتق على
275

الرجل فان المكاتب إذا اشترى أحدا منهم باذن سيده دخل معه في كتابته (قلت)
أرأيت ان اشترى ولده بغير إذن سيده (قال) لا يباعون ولا يدخلون معه في الكتابة
وان احتاج إلى بيعهم وخشي العجز باعهم في كتابته (قلت) أرأيت ولد الولد إذا
اشتراهم المكاتب باذن السيد أيكونون في كتابته (قال) نعم بمنزلة الولد يكونون في
كتابته إذا اشتراهم باذن السيد ولا يكون له أن يبيعهم (قلت) فان اشترى ولد
ولده بغير إذن سيده (قال) لا أرى له أن يبيعهم ولا يدخلون معه في كتابته ويوقفون
فان احتاج إلى بيعهم في الأداء عن نفسه كان ذلك له (قال ابن القاسم) وأصل هذا
أن ينظر إلى كل من إذا اشتراه الرجل الحر من قرابته عتق عليه فإذا اشتراهم المكاتب
باذن السيد دخلوا معه في كتابته وان اشتراهم بغير إذن السيد لم يجز له أن يبيعهم
ويحبسهم عليه فان عتق عتقوا بعتقه إلا أن يكون يحتاج إلى بيعهم في الأداء عن
نفسه إذا خاف العجز فلا بأس أن يبيعهم
[المكاتب يشترى عمته أو خالته]
(قال) وقال مالك في العمات والخالات إذا اشتراهن الرجل الحر باعهن
وكذلك الأعمام فكذلك المكاتب (وقال أشهب) عن مالك يدخل الولد والوالد
إذا اشتراهم باذن السيد ولا يدخل الأخ (وقال) ابن نافع وغيره لا يدخل في الكتابة
الا الولد فقط إذا اشتراهم باذن السيد لان للمكاتب أن يستحدث الولد في كتابته
فإذا اشتراه باذن سيده فكأنه استحدثه ولا يدخل والده ولا غيره في كتابته وان
اشتراهم باذن سيده
[سعاية من دخل مع المكاتب إذا أدى المكاتب]
(قلت) أرأيت من دخل في كتابة المكاتب إلا أنه لم يعقد الكتابة عليه فمات
الذي عقد الكتابة أيكون لهؤلاء الذين دخلوا في الكتابة أن يسعوا على النجوم
بحال ما كانت أيؤدون الكتابة حالة في قول مالك (قال) يسعون في الكتابة على نجومها
276

[في ولد المكاتب يسعون معه في كتابته]
(قلت) أرأيت ان كاتبت أمة لي فولدت في كتابتها ولدا ألي سبيل على ولدها
في السعاية (قال) أما ما دامت الأم على نجومها فلا سبيل لك على ولدها وللأم أن
تسعيهم معها فان أبوا وآجرتهم فإن كان في اجارتهم مثل جميع الكتابة والأم قوية على
السعي لم يكن لها أن تأخذ من عمل الأولاد ولا مما في أيديهم الا ما تقوى به على أداء
نجومها وتستعين بهم على نجومها فان ولد لها ولدان في كتابتها ثم ماتت سعى الولدان
فان زمن أحد الولدين فان الآخر الصحيح يسعى في جميع الكتابة ولا يوضع عنه
لموت أمه ولا لزمانة أخيه شئ عند مالك
[باب في سعاية أم الولد]
(قلت) أرأيت مكاتبا ولد له ولدان في كتابته ثم كبرا فاتخذ كل واحد منهما أم
ولد إلا أن أولاد الولدين هلكوا جميعا ثم مات الأب ما حال أم ولد الأب (قال)
مالك تسعى مع الولدين فإذا أدوا عتقت معهم (قلت) فان مات أحد الولدين قبل
الأداء فترك أم ولده فقط ولم يترك ولدا وقد هلك والده قبل ذلك (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا وأراها أمة تعتق في ثمنها هذا الآخر الباقي ولا يرجع عليه السيد بشئ
(قال سحنون) لان حرمتها لسيدها ولولده منها أو من غيرها فإذا ذهب الذي به
ثبتت حرمتها قبل أن تتم له حرمة صارت أمة يستعان بها في الكتابة
[في المكاتب يولد له ولد من أمته فيعتقه سيده هو نفسه]
(قلت) أرأيت المكاتب إذا ولد له ولد من أمته بعد الكتابة ثم أعتق السيد الأب
(قال) قال مالك لا يجوز عتقه إن كان قويا علي السعي وان كأن لا يقوى على السعي
جاز عتقه فإن كان للأب مال يؤدى عنهم أخذ من ماله وعتقوا (وقال غيره) إذا رضى
العبد بالعتق إذا كان له مال يعتق فيه الولد فليس ذلك له لان السيد يتهم أن يكون
277

إنما أراد تعجيل النجوم قبل وقتها (قال ابن القاسم) وإن لم يكن له من المال ما يعتقون
به وفيه ما يؤدى عنهم إلى أن يبلغوا السعي أخذ ذلك وأدى عنهم إلى أن يبلغوا السعي
فيسعوا فان أدوا عتقوا وان عجزوا رقوا وإن لم يكن لهم من المال ما يؤدى عنهم إلى
أن يبلغوا السعي فيسعوا جاز عتق أبيهم ورجعوا رقيقا لسيدهم (قلت) فإن كان
عنده من المال ما يؤدى عنهم إلى أن يبلغوا السعي أيؤدون حالا أم على النجوم (قال)
بل على نجومهم لأنهم لو ماتوا قبل أن يبلغوا السعي كان المال لأبيهم (قلت)
فإن كانوا أقوياء على السعي يوم أعتق أبوهم وله مال (قال) قال مالك في المكاتب يولد
له ولدان في كتابته فيعتق السيد أحدهما انه إن كان الابن الذي أعتق السيد ممن
يقوى به الآخر على سعايته كان عتق السيد إياه باطلا وكانا جميعا على السعاية ولا
يهضم عنهما من الكتابة شئ (قال) وإن كان الذي أعتق منهما صغيرا لا سعاية عنده
أو كبيرا فانيا أو به ضرر لا يقوى على السعاية جاز عتقه فيه ولا يوضع عنه من
الكتابة شئ عند مالك لان الذي أعتق السيد لا سعاية عنده (قال) ولا يرجع هذا
الذي أدى جميع الكتابة على هذا الزمن الذي أعتقه السيد بشئ (وقال غيره) إذا
كان الأب له مال وإن كان زمنا وأولاده أقوياء على السعي لم يجز ذلك لان أبدانهم
وأموالهم معونة من بعضهم لبعض
[في الرجل يكاتب عبده وهو مريض]
(قلت) أرأيت ان كاتب عبده وهو مريض وقيمة العبد أكثر من الثلث (قال)
يقال لهم أمضوا الكتابة فان أبوا أعتقوا من العبد مبلغ ثلث مال الميت بتلا وذلك إذا لم
يبلغ الثلث قيمة العبد (قال) وقال لي مالك ما باع المريض أو اشترى فهو جائز إلا أن يكون حابى فإن كان حابى كان ذلك في ثلثه (قلت) فان كاتب عبده وهو مريض
ولم يحابه فأدى كتابته قبل موت السيد أيعتق ولا يكون عليه شئ بمنزلة بيع المريض
واشترائه في مرضه في قول مالك أم ماذا يكون على المكاتب (قال) ما أراه الا مثل
البيع انه حر ولا سبيل للورثة عليه ولا كلام لهم فيه (وقال غيره) الكتابة في المرض
278

بمحاباة أو بغير محاباة من ناحية العتق وليس من وجه البيع وكذلك قال عبد الرحمن
في الذي عليه الدين انه لا يكاتب لان كتابته على وجه العتق ليس على وجه البيع
(وقال غيره) والمكاتب في المرض يكون موقوفا بنجومه فان مات السيد والثلث يحمله
جازت كتابته وإن لم يحمله الثلث خير الورثة في أن يجيزوا له الكتابة أو أن يعتقوا
منه ما حمل الثلث بما في يديه من الكتابة وهذا قول أكثر الرواة (قلت) فان
كاتب عبده وهو صحيح ثم مرض السيد فأقر في مرضه أنه قد قبض جميع الكتابة
(قال) إن كان للسيد أولاد فلا يتهم السيد أن يكون مال بالكتابة عن ولده إلى مكاتبه
بقوله قد قبضت جميع كتابته فذلك جائز وهو في جميع ذلك مصدق وهو حر وإن لم يكن
له ولد وكان الثلث يحمله قبل قوله ولايتهم لأنه لو أعتقه جاز عتقه. وإن كان يورث
كلالة وإن لم يحمله الثلث لم يقبل قوله الا ببينة (وقال غيره) إذا اتهم بالميل معه
والمحاباة له حمله الثلث أو لم يحمله لم يجز اقراره له لأنه في اقراره لم يرد به الوصية
فيكون في الثلث وإنما أراد أن يسقطه من رأس المال فلما لم يسقط من رأس المال لم
يكن في الثلث ولا يكون في الثلث الا ما أراد به الثلث وقد قاله عبد الرحمن أيضا
غير مرة (قلت) فإن كان إنما كاتبه في مرضه وأقر أنه قد قبض منه جميع الكتابة
(قال) أرى إن كان ثلث الميت يحمله عتق كان له ولد أو لم يكن له ولد وكان بمنزلة من
ابتدأ العتق في مرضه وإن لم يحمله الثلث خير الورثة فان أحبوا ان يمضوا كتابته
فذلك لهم لأنه لو أعتقه فلم يجيزوا عتق في ثلثه وان أبوا عتق ثلثه وكان ثلثاه رقيقا
لهم (وقد قال غيره) ان الكتابة في المرض من الثلث لأنها عتاقة والعتاقة موقوفة
فالمكاتب موقوف بالنجوم (قال سحنون) وقد أنبأتك أنها ليست من ناحية البيع
لان ما يؤدى المكاتب إنما هو جنس من الغلة
[في الرجل يكاتب عبده في مرضه ويوصى بكتابته لرجل]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا كاتب عبدا له في مرضه بألف درهم وقيمة العبد مائة
درهم فأوصى بكتابته لرجل والثلث لا يحمل الكتابة وهو يحمل الرقبة (قال) أرى أن
279

الرقبة تقوم فان خرجت من الثلث جازت كتابته لان الميت إنما كاتبه في مرضه
وجازت وصية الموصى له بمنزلة الذي يوصى بعتق عبده إلى عشر سنين وبخدمته لآخر
فان حمله الثلث جازت وصية المعتق والخدمة لان الوصيتين واحدة دخلت وصية الخدمة
في الرقبة (قلت) فإن كانت رقبة العبد أكثر من ثلث مال الميت والمسألة بحال
ما وصفت لك فأبت الورثة أن يجيزوا الكتابة (فقال) يقال للورثة أعتقوا من العبد
مبلغ ثلث مال الميت حيثما ما كان (قلت) فان أعتقوا من العبد مبلغ الثلث من مال
الميت حيثما ما كان أتسقط وصية الموصى له بالكتابة (قال) نعم لان العتق مبدأ على
الوصايا وقد كان في وصية هذا عتق ووصية بمال فلما صارت عتقا بطلت الوصية بالمال
(قلت) أرأيت لو أن رجلا كاتب عبده في مرضه وقيمة العبد أكثر من ثلثه وورثة
السيد كبار كلهم فأجازوا في مرض الميت قبل موته ما صنع من كتابة عبده ذلك فلما
مات الميت قالت الورثة لا نجيز (قال) ليس ذلك لهم عند مالك وكتابته جائزة عليهم
[في الوصية للرجل بالمكاتب]
(قال) وقال مالك لو أن رجلا أوصى للرجل بمكاتبه (1) وقيمة نفسه مائة درهم
وعليه من الكتابة ألف درهم وترك من المال مائتي درهم (قال) ان حمله الثلث كانت
الكتابة للموصى له بحال ما وصفت لك (قال) وقد حمل الثلث الوصية ألا ترى أنه
إذا أوصى بعتق مكاتبه أو بوضع كتابته فإنما ينظر إلى الأقل من قيمة الرقبة أو قيمة
الكتابة (قال) عبد الرحمن وابن نافع قيمة الكتابة (وقال أكثر الرواة) ليس قيمة
الكتابة ولكن الكتابة قالوا كلهم فأي ذلك حمل الثلث جازت الوصية بالعتق
فكذلك إذا أوصى لرجل برقبة المكاتب أو بما عليه فكما وصفت لك (وقال مالك)
وإذا أوصى رجل لرجل بثلث ماله كان الموصى له شريكا للورثة في كل ما ترك الميت
من دار أو أرض أو عرض أو شئ من الأشياء فهو كأحد الورثة بوصيته التي أوصى

(1) بهامش الأصل هنا ما نصه هكذا في كتاب أحمد بن خالد وفي كتاب ابن وضاح بكتابة
مكاتبه فتأمله اه‍
280

له بها فالمكاتب بمنزلة ما سواه من مال الميت يكون الموصى له شريكا فيما على المكاتب
[في الرجل يوصى بأن يكاتب عبده]
(قال) وقال مالك إذا أوصى رجل أن يكاتب عبده والثلث يحمله فذلك جائز
ويكاتب كتابة مثله في قوته وأدائه وليس كل العبيد سواء ان منهم من عنده الصنعة
والرفق في العمل والحرفة ومنهم من ليس ذلك عنده وإنما يكاتب على قدر قوته (قال
مالك) وإن لم يحمل الثلث رقبته خير الورثة بين أن يمضوا ما قال في المكاتب
أو يعتقوا ما حمل الثلث منه بتلا (قال) وإنما يقوم في الثلث رقبته لأنه ليس بمكاتب
للميت إنما أوصى فقال كاتبوه
[في الوصية للمكاتب]
(قلت) أرأيت ان وهب له سيده نجما من نجومه من أول نجومه أو من آخرها أو
من وسطها أو تصدق به عليه أوصى له به وذلك كله في مرضه ثم مات السيد (قال)
قال مالك يقوم ذلك النجم فينظر كم قيمته من جميع الكتابة ثم يعتق من العبد بقدر
ذلك النجم ويسقط ذلك النجم بعينه ان وسعه الثلث وإن لم يحمله الثلث خير الورثة
فان أحبوا أن يضعوا ذلك النجم بعينه عن المكاتب ويعتقوا قدره من المكاتب
والا عتق من المكاتب ما حمل ثلث مال الميت ووضع عنه من الكتابة كلها ما حمل
الثلث ويوضع عنه من كل نجم قدر ذلك ولا يكون ما وضع عنه في ذلك النجم بعينه
إن لم يسعه الثلث إذا لم يجيزوا لان الورثة لما لم يجيزوا الوصية بطلت الوصية في
ذلك النجم بعينه وعادت الوصية إلى الثلث فلما عادت إلى الثلث عتق من رقبة العبد
مبلغ ثلث مال الميت وقسم ما عتق من المكاتب على جميع النجوم فإن كان الذي عتق
من المكاتب في ثلث مال الميت الثلثين وضع عنه من كل نجم ثلثاه وإن كان أقل من
ذلك أو أكثر فعلى هذا يحسب (قلت) فكيف يقوم هذا النجم (قال) قال مالك
يقال ما يسوى نجم كذا وكذا من كتابة هذا المكاتب يسمى المكاتب وهو كذا
281

وكذا ومحله إلى أجل كذا وكذا بالنقد وما يسوى جميع النجوم بالنقد ومحل كل نجم
إلى كذا وكذا وهي كذا وكذا بالنقد فينظر ما ذلك النجم من هذه النجوم كلها فان
حمله الثلث عتق من المكاتب بقدره من العبد ووضع ذلك النجم بعينه عن المكاتب
ويسعى فيما بقي (قلت) أرأيت المكاتب إذا أوصى له سيده بعتقه كيف يقوم (قال)
ينظر إلى الأقل من قيمة كتابته أو قيمة رقبته فإن كانت قيمة كتابته أقل قومت
كتابته فجعلت تلك القيمة في الثلث وان كانت رقبته أقل قوم على حاله عبدا مكاتبا
وقوته على الأداء كذا وكذا يقوم على حال قوته على الأداء وجزائه فيها كما لو أن
رجلا قتله قومت رقبته بحال قوته على كتابته
[في المكاتب يوصى بدفع كتابته]
(قال) وقال مالك ان أدى المكاتب كتابته في مرضه جازت وصيته في ثلث ما
بقي من ماله وان مات قبل أن يدفع كتابته لم يجز (قال ابن القاسم) وان أوصى
فقال ادفعوا الكتابة إلى سيدي الساعة فلم تصل إلى السيد حتى مات وأوصى بوصايا
فان وصيته باطل إذا لم يؤد كتابته قبل أن يموت
[في بيع المكاتب أم ولده]
(قلت) أرأيت المكاتب إذا ولدت منه أمته بعد الكتابة أو قبلها وكانت حين
كاتب عنده أم ولد له أيضا أخرى أيكون له أن يبيع واحدة منهما (قال) أما التي
ولدت قبل الكتابة فليست بأم ولد له لأنها ولدت قبل الكتابة فليست بأم ولد له وله
أن يبيعها ألا ترى أن ولدها لغير المكاتب وهي بمنزلة أم ولد العبد يعتقه سيده فلا
تكون بذلك الولد أم ولد والعتق أوكد من الكتابة وأحرى أن تكون أم ولد
فليس ذلك لها في العتق فكيف في الكتابة. وأما التي ولدت منه بعد الكتابة فان
مالكا قال إذا ولدت بعد الكتابة فهي أم ولد ولا يستطيع بيعها إلا أن يخاف العجز
وهذا رأيي. وما يستدل به على القوة في هذا القول أنه قد أعتقها مالك بعد موت
282

المكاتب إذا ترك المكاتب مالا فيه وفاء بالكتابة وترك ولدا تعتق بعتقهم وان هو لم
يترك مالا سعت أم الولد على ولد المكاتب منها ومن غيرها إذا كانت تقوى على
السعي مأمونة عليه وهم لا يقوون فإنها تسعى في الوجهين جميعا معهم وعليهم وهذا
قول مالك (قال) مالك فان هلك المكاتب ولم يترك ولدا معه في الكتابة وترك مالا
فيه وفاء بكتابته وترك أم ولده كانت رقيقا لسيد المكاتب وكان جميع المال لسيد
المكاتب ولا عتق لام الولد لان المكاتب لم يترك ولدا يعتق بعد موته فتعتق أم
الولد بعتق ولده (قلت) أرأيت المكاتب إذا اشترى أمة فولدت منه أو اشترى
أمة قد كان تزوجها فاشترها وهي حامل منه فوضعت في ملكه أيجوز له أن يبيعها في
قول مالك أم لا (قال) قال مالك المكاتب لا يبيع أم ولده إلا أن يخاف العجز فان
خاف العجز جاز له أن يبيعها (قلت) فان أراد أن يشترى المكاتب أمة قد كان
تزوجها وهي حامل منه أللسيد أن يمنعه من شرائها لان السيد يقول لا أدعك أن
تشترى جارية لا تقدر على أن تبيعها (قال) ليس للسيد أن يمنعه من ذلك لأنها لا تكون
أم ولد ولان الولد لا يدخل في كتابته إذا لم يأذن له سيده فليس للسيد أن يمنعه
من شرائها ولو اشتراها باذن سيده فولدت ذلك الولد في كتابته كانت به أم ولد
لأنه دخل في كتابته (يونس بن يزيد) عن ربيعة في مكاتب قد قضى أكثر
الذي عليه أو بعضه أو دون ذلك استسرى وليدة فولدت له كيف يفعل بها وبولدها
ان مات المكاتب ولعله أن يكون قد ترك دينا عليه للناس وترك مالا أو لم يترك (قال)
ربيعة ان ترك المكاتب مالا يعتق ولده منه ويكون فيه وفاء من الذي عليه عتق
ولده وعتقت أمهم لأنه لا ينبغي لولدها أن يملكوها إذا دخلت عليه فضلا في ماله
وان توفى أبوهم معدما كان ولده أرقاء لسيده وكانت أم ولده في دينه وذلك لان
أم ولده من ماله وان ولده ليس بمال له
283

[في المكاتب يموت ويترك ولدا وأم ولد فخشي الولد العجز]
[أيبيع أم ولد أبيه كانت أمه أو غير أمه]
(قلت) أرأيت المكاتب إذا مات وترك ابنا حدث في الكتابة وأم الولد حية وهي
أم ولد المكاتب فخشى الابن العجز أيكون له أن يبيع أمه في قول مالك قال نعم
(قلت) فإن كانت مع أمهات أولاد للمكاتب فأراد الابن أن يبيع بعضهم إذا
خشي العجز أيكون له أن يبيع أيتهن شاء أمه كانت أو غيرها وهل له أن يبيع جميعهن
وفى ثمنهن فضل عن الكتابة (قال) قال مالك إذا خيف عليهم العجز بيعت أمهم
أو غير أمهم إنما ينظر إلى الذي فيه نجاتهم فتباع كانت أمهم أو غيرها وأرى
أن لا يبيع أمه إذا كان في سواها من أمهات أولاد أبيه كفاف (ابن وهب) عن
يونس عن أبي الزناد أنه قال تباع أم ولد المكاتب في دينه فأما ولده فإنما هم لسيد
المكاتب لان أم ولده من ماله وليس ولده من ماله (ابن وهب) عن يونس عن
ربيعة أنه قال في مكاتب اشترى أمة بعد كتابته فولدت له أولادا فأعدم بدين عليه
أو عجز عن كتابته أو كانت له يوم كاتب فهي بمنزلة ماله تصير إلى ما يصير إليه ماله
من غريم أو سيد ان باعها وان كانت قد ولدت له وإنما تكون عتاقة أم الولد لمن
ثبتت حرمته وكان حرا يجوز له ما يجوز للحر في ماله وان كاتب على نفسه وولده
وأم ولده ثم توفى وكان فيمن كاتب قوة على الاستسعاء سعوا وسعى الكبير على
الصغير وذلك لأنهم دخلوا معه في الكتابة فليس لهم أن يعجزوا حتى لا يوجد عندهم
شئ (قال) وإن كان أبوهم ترك مالا فقد كانت لهم معونة ماله وليس لهم أصله ان
أفلسوا أو أجرموا جريمة فالمال يدفع إلى سيده فيقاصون به من آخر كتابتهم فان
أدوا كل ما عليه بعده فلا يدفع إليهم لأنه ليس لهم أصله وهو لا يؤمن عليه التلف
إذا كان بأيديهم فإن كانوا صغارا لا يقوون فهم أرقاء ولسيدهم ذلك المال وإن كان
فيهم من يقوى استسعى بقوته وبذات يده على نفسه وعلى من دخل في الكتابة معه
وكانت معونة ما ترك أبوهم قصاصا لهم من آخر كتابته (قال) وان ترك مالا وسرية
284

قد ولدت ولدا فماتوا فهي والمال لسيده وذلك لان سيدها توفي وهم على حال من
الحرمة لا يجوز لهم عتاقة فلذلك لا تعتق لان حرمة ولدها الهالك وسيدها لم تبلغ
أن يعتق بمنزلتهم أحد لا ولد ولا أم ولد
[في المكاتب يموت ويترك أولادا حدثوا في الكتابة]
[ومالا وفاء بالكتابة وفضلا]
(قال) وقال مالك إذا كاتب الرجل عبده فحدث له أولاد في الكتابة من أمة له
فهم معه في الكتابة لا يعتق منهم أحد الا بأداء جميع الكتابة فإذا أدوا جميع الكتابة
عتقوا كلهم وان عجزوا عن الكتابة فذلك لهم كلهم رق فان مات الأب عن مال
فيه وفاء بالكتابة وفضل أدى إلى السيد الكتابة وكان ما بقي للولد الذين حدثوا في
الكتابة على فرائض الله لا يرث في ذلك ولد المكاتب الأحرار ولا زوجته ولا
لسيده في تلك الفضلة شئ ء إذا كان الولد الذي حدث في الكتابة ذكرا لأنه يحوز
جميع الميراث بعد أداء الكتابة فإن كان الولد ذكورا وإناثا فان للذكر مثل حظ
الأنثيين وان كن إناثا كلهن أخذن مواريثهن وكان ما بقي للسيد بالولاء وأصل
قولهم حين منعوا السيد فضلة المال بعد أداء الكتابة لأنهم قالوا لم يمت المكاتب عاجزا
فلا يكون للسيد بعد أداء الكتابة من مال العبد شئ إلا أن يعود إلى السيد عاجزا
فهو لما مات وترك من يقوم بالأداء لم يمت عاجزا فلا يكون للسيد في هذا المال قليل
ولا كثير الا كتابته فما بقي فهو لمن قام بأداء الكتابة إذا كان وارثا ولا يكون
للأحرار من ورثته الذين لم يكونوا معه في هذه الكتابة من هذا الميراث شئ لان
المكاتب مات قبل أن تتم حريته ولم يمت عاجزا فلم يجعل للورثة الأحرار من الميراث
الذي ترك بعد أداء الكتابة شئ ولا يكون للسيد من الذي ترك بعد أداء الكتابة
شئ لأنه لم يمت عاجزا فصار بقية مال الميت بعد أداء الكتابة لولده الذين كانوا في
الكتابة معه أو لولد إن كان عقد الكتابة معه أو لوارث إن كان عقد الكتابة معه
دون ورثته الأحرار ودون السيد الذي عقد له الكتابة لان لهم ماله من عقد الحرية
285

مثل ما كان في المكاتب وفيهم من الرق مثل ما كان في المكاتب وقد مات المكاتب
وعقد الحرية التي عقد السيد هي فيه لم يبطل ذلك العقد ولا يبطله الا العجز والمكاتب
مات غير عاجز ألا ترى أنه إذا عجز رجع رقيقا وهو لما مات وترك من يقوم بأداء
الكتابة لم يمت عاجزا لأن العقد لم ينحل ولا يرثه ورثته الأحرار لان في
المكاتب الميت بقية من الرق لم تتم حرمته قبل موته ولا يرث الأحرار من مات
وفيه من الرق شئ فقد بينت لك من أين مبلغ ملك ورثته للرق الذي بقي فيه ومن
أين منع السيد من بقية المال بعد أداء الكتابة لأنه لم يمت عاجزا ولم ينحل العقد
الذي جعل فيه السيد من الحرية فورثة ورثته الذين هم بمنزلته فيهم من الرق مثل
الذي في الميت وفيهم من عقد الحرية مثل الذي في الميت وإن كان المكاتب الميت
لم يترك الا بنتا واحدة كانت في الكتابة وترك مالا فيه وفاء بالكتابة وفضل فإنه
يؤدى إلى رب الكتابة كتابته ويكون للبنت نصف ما بقي وللسيد ما بقي وإن كان له
ولد أحرار ليسوا في الكتابة لم يرثوا ما بقي من المال بعد الذي أخذت الابنة ألا ترى
لو أن البنت لم تكن فمات المكاتب وله ولد أحرار كان جميع المال للسيد دون ولده
الأحرار فالسيد يحجب ولده الأحرار ولم يحجب البنت عن نصف جميع ما ترك
المكاتب فنحن ان جعلنا لولده الأحرار ما بقي من المال بعد الذي أخذ السيد من
كتابته وأخذت البنت من ميراثها رجع السيد عليهم فقال أنا أولى بهذا المال منكم
لأني لو انفردت أنا وأنتم بمال هذا المكاتب بعد موته كنت أنا أولى بهذا المال منكم
فلي أنا فضلة المال بعد ميراث الابنة لأنه مات ولى فيه بقية من الرق (قال مالك)
وان مات المكاتب عن مال فيه وفاء وفضل ولم يترك معه في الكتابة من ورثته أحدا
وله ورثة أحرار فالمال للسيد دون ورثته الأحرار لان المكاتب مات ولم يفض
إلى الحرية ولم يترك من يقوم بأداء الكتابة فمات عاجزا فلذلك جعلنا المال للسيد
لأنه قد عجز حين لم يترك في كتابته من يقوم بدفع الكتابة ولا ترثه ورثته الأحرار
للرق الذي كان فيه فان مات هذا المكاتب عن وفاء وفضل ومعه في الكتابة أجنبيون
286

ليسوا له بورثة فإنه يؤدى إلى السيد الكتابة كلها من مال الميت ويعتق جميعهم
وتكون فضلة المال بعد أداء الكتابة للسيد لأنهم لا رحم بينهم يتوارثون بها ولا يكون
لورثة الميت الأحرار من المال الذي بقي بعد أداء الكتابة شئ لان الذين معه في
الكتابة ان كانوا قد قاموا بأداء الكتابة فلم يمت عاجزا بعد ومات وفيه من الرق
بقية ورثه من له فيه بقية ذلك الرق ويرجع السيد على الذين كانوا معه في الكتابة
بقدر حصصهم التي أدوا من مال الميت (ابن وهب) عن الليث بن سعد انه سمع
يحيى بن سعيد يقول إذا توفى المكاتب وقد بقي عليه من كتابته شئ وله ولد من
أمة له كان ولده بمنزلته يسعون في كتابته حتى يوفوها على ذلك أدركنا أمر الناس
(ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال إذا كان له ولد ولدوا
بعد كتابته استسعوا في الذي على أبيهم فان قضوا فقد عتقوا وهم بمنزلة أبيهم لهم ماله
وعليهم كتابته وان كانوا ولدوا وهو مملوك ثم كاتب عليهم فقد دخلوا في كتابته
وهم بتلك المنزلة وإن لم يكن كاتب عليهم ولم يدخلوا في كتابته فهم عبيد لسيدهم
(ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد مثله (ابن وهب) عن
محمد بن عمرو عن ابن جريج قال قلت لعطاء المكاتب لا يشترط ان من ولد له من
ولد فإنه في كتابته ثم يولد له ولد (قال) هم في كتابته وقاله عمرو بن دينار (قال ابن
جريج) وأخبرني ابن أبي مليكة ان أمه كوتبت ثم ولدت ولدين ثم ماتت فسأل عنها
عبد الله بن الزبير فقال إن قاما بكتابة أمهما فذلك لهما فان قضياها عتقا وقاله عمرو بن
دينار (قال ابن وهب) وبلغني عن عبد الله بن المغيرة عن أبي بردة أن مكاتبا هلك
وترك مالا وولدا أحرارا وعليه بقية من كتابته فجاء ولده إلي عمر بن الخطاب فذكروا
أن أباهم هلك وترك مالا وعليه بقية من كتابته أفنؤدى دينه ونأخذ ما بقي فقال لهم
عمر أرأيتهم لو مات أبوكم ولم يترك وفاء أكنتم تسعون في أدائه قالوا لا قال عمر
فلا إذا (ابن وهب) عن موسى بن علي عن ابن شهاب قال إذا توفى المكاتب
وعليه شئ من كتابته وله أولاد من امرأة حرة وترك مالا يكون فيه وفاء وفضل
287

فكل ما ترك من المال لسيده الذي كاتبه لا يحمل ولده الأحرار شيئا من غرمه
ولا يكون لهم فضل ماله وان توفى وله ولد من أمهات أولاد وترك من المال ما فيه
وفاء لكتابته وفضل فالفضل عن الكتابة لولده الذين من أمهات أولاده وإن لم يترك
وفاء بكتابته سعى الولد في الذي كان على أبيهم (ابن وهب) عن عبد الجبار عن
ربيعة أنه قال في المكاتبة تقضى بعض كتابتها ثم تهلك وتترك أولادا فقال إن تركت شيئا فهو لولدها ويسعون في بقية كتابتها (ابن وهب) عن يحيى بن
أيوب عن يحيى بن سعيد في رجل حر تزوج أمة وقد كاتبها أهلها فأدت بعض
كتابتها وبقي بعض فتوفيت عن مال هو أكثر مما عليها ولها أولاد أحرار قال
يحيى إن كان لها أولاد أحرار كان ما تركت من قليل أو كثير لأهلها الذين كاتبوها
ولا يرث الحر العبد وان كانوا مملوكين قد دخلوا في كتابتها أخذ أهلها بقية كتابتها
وكان ما بقي لولدها من كان مملوكا منهم وذلك أنهم يعتقون بعتقها ويرقون برقها (قال)
وقال مالك إذا مات المكاتب وترك وفاء لجميع الكتابة فقد حلت كتابته كلها فان
قال ابن المكاتب الذي ولد بعد الكتابة أنا آخذ المال وأقوم بالكتابة لم يكن ذلك
له (قال مالك) فإن لم يكن في ذلك المال وفاء وكان الابن مأمونا دفع إليه ما ترك المكاتب
وقيل له اسع وأد النجوم على محلها (قال) ولا تحل الكتابة إذا كان المال الذي ترك
المكاتب ليس فيه وفاء بجميع الكتابة ويسعى فيما بقي من الكتابة على مال الميت (قال
ابن القاسم) وإذا ترك وفاء من الكتابة لم يترك المال في يديه ويكون على نجومه لان
ذلك تغرير إذا دفع إلى الابن لأنا لا ندري ما يحدث في المال في يد الابن فإذا أخذه
السيد عتق الابن مكانه وسلموا من التغرير لان هذا عتق معجل (يونس) عن ابن أبي الزناد قال يكون ولد المكاتب من سريته وسريته جميعا بمنزلة المكاتب يقبضون
ماله ويؤدون عنه وعنهم نجومه سنة بسنة قد مضت بهذا السنة في بلدنا قديما وإن لم
يترك مالا كان ولده من سريته وأم ولده بمنزلته وعلى كتابته يرقهم ما أرقه ويعتقهم
ما أعتقه ويؤدون نجومه
288

[في المكاتب يموت ويترك مالا ومعه أجنبي في الكتابة]
(قلت) أرأيت ان مات المكاتب وترك مالا ومعه في الكتابة أجنبي (قال) فان
ما ترك المكاتب يأخذه السيد من قليل أو كثير فإن كان فيه وفاء للكتابة خرج هذا
الباقي من الكتابة حرا وتبعه سيده بجميع ما عتق به فيما ينو به من الكتابة مما أخذ من
مال هذا الميت لأنه كان ضامنا وإن كان المال الذي ترك ليس فيه وفاء من كتابته
أدى عنه ولم يعطه ثم سعى الباقي فيما بقي حتى يؤديه ثم يخرج حرا ثم يتبعه السيد بالذي
صار عليه من مال المكاتب الميت بقدر ما ينو به فيما حوسب به السيد فان أفلس الباقي
بعد حاص السيد الغرماء بذلك ولا يشبه هذا المعتق بذهب يكون عليه بعد
العتق. فإن كان للمكاتب الميت ولد تبعوا المكاتب الباقي بنصف ما أدوا عنه من مال
أبيهم إذا كانت الكتابة بينهم سواء إن كان السيد أخذ جميع الكتابة من مال الميت
(قال) وقال مالك لا ترث امرأة المكاتب من زوجها المكاتب شيئا إذا ترك
المكاتب مالا كثيرا فأدوا نجومهم وان كانت كتابتهم واحدة ولا يرجع ولد المكاتب
من غيرها عليها بما يصير عليها من الكتابة ولا السيد وإنما يرجع ولد المكاتب والسيد
بما كان يرجع به المكاتب أن لو أدى عنهم فالمكاتب لو كان حيا وأدى عنهم لم يكن
يرجع على امرأته بشئ وإنما يرجع ولد المكاتب وسيده على من كان يرجع عليه المكاتب
فإن كانا أخوين فهلك أحدهما وترك مالا فيه وفاء فان السيد يأخذ جميع ما عليهما
من الكتابة ويكون ما بقي للأخ دون السيد ولا يتبع السيد الأخ بشئ مما أخذ من
مال المكاتب الميت لان الأخ لو كان حيا فأدى عن أخيه لم يتبعه بشئ
[مكاتب يهلك وله أخ معه أو أحد من قرابته وولد أحرار وترك مالا]
(قال) وقال مالك إذا هلك المكاتب وله أخ معه في الكتابة وولد أحرار وترك مالا
فيه فضل عن كتابته كان ما فضل بعد الكتابة للأخ الذي معه دون ولده الأحرار
(قلت) وكذلك لو كان معه في الكتابة جده أو عمه أو ابن عمه وله ولد أحرار (قال)
289

الذي سمعت من مالك إنما هم الولد والاخوه فأرى الوالدين والجد بمنزلة الولد وولد
الولد والاخوة فأما غير هؤلاء فلا وهو الذي حفظت من قول مالك ولا يرث بنو العم
ولا غيرهم من المتباعدين (قال) لي مالك ولا زوجته (قال ابن القاسم) وأصل هذا الذي
سمعت من مالك وسمعت عنه في القرابة إذا كانوا في كتابة واحدة فعجز بعضهم أن
كل من كان يتبعه إذا أدى عنه فذلك الذي لا يرثه إذا مات وكل من كأن لا يتبعه إذا
أدى عنه فذلك الذي يرثه الا الزوجة
[مكاتب مات وترك ابنتيه وابن ابن معه في الكتابة وترك مالا]
(قلت) فان هلك مكاتب وترك ابنتيه وابن ابن معه في الكتابة وترك فضلا عن كتابته
(قال) فلابنتيه ثلثا ما فضل بعد الكتابة ولابن الابن ما بقي من مال الميت على فرائض
الله يقسم بينهم (قال) وقال مالك إذا هلك المكاتب وترك بنتا في كتابته وولدا
أحرارا وترك فضلا عن كتابته فنصف الفضل للبنت ولمولاه ما بقي ولا يرثه ولده
الأحرار (وقال) لو أن أخوين في كتابة واحدة حدث لأحدهما ولد ثم هلك الذي ولد
له وترك مالا فأدى ولده جميع الكتابة منه لم يرجعوا على عمهم بشئ لان أباهم لم
يكن يرجع على أخيه بشئ (قال) ولو كاتب رجلا هو وخالته وعمته أو بنت أخيه أو
ما أشبه هذا أو رجلا وخاله فأدى بعضهم فعتق فإنه يرجع الذي أدى على صاحبه
بحصته من الكتابة ويرجع بعضهم على بعض عند مالك
[في رجل كاتب عبده فهلك السيد ثم هلك المكاتب]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا كاتب عبدا له فهلك السيد ثم هلك المكاتب بعده عن
مال كثير فيه فضل عن كتابته وليس معه أحد في كتابته ولا ولد له (قال) قال
مالك ما ترك هذا المكاتب من مال فهو موروث بين ورثة سيده على فرائض الله
من الرجال والنساء وتدخل زوجة سيده في ذلك فتأخذ ميراثها (قلت) فإن كانت
المسألة على حالها وترك بنتا (قال) قال للبنت النصف بعد أداء الكتابة والنصف الباقي
290

بين ورثة سيده عند مالك ذكورهم وإناثهم وزوجته وأمه جميع ورثته لأنهم إنما ورثوا
النصف الذي كان لسيده فلذلك قسم بين الورثة وبين كل من كان يرثه على فرائض الله
(ابن وهب) عن ابن لهيعة عن بكير بن الأشج أنه سمع سليمان بن يسار يقول إذا
كاتب الرجل عبده على نفسه وبنيه فمات وعليه كتابة فان أنس منهم رشد دفع إلى
بنيه ماله واستسعوا فيما بقي وإن لم يؤنس منم رشد لم يدفع إليهم مال أبيهم (ابن
وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت عروة بن الزبير واستفتى في
مكاتب توفي وعليه فضل من كتابته وترك بنين له أيأخذون مال أبيهم ان شاؤوا
ويتمون كتابته ويكونون على نجومه (قال) نعم ان استقلوا بذلك فان لهم ذلك أن شاؤوا
(وقال) بذلك سليمان بن يسار وقال سليمان ان كانوا أناسا صالحين دفع إليهم وان كانوا أناس
سوء لم يدفع إليهم (ابن لهيعة) عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن مثل
ذلك فقالا إن ترك مالا قضوا عنه وهم أحرار وإن لم يترك مالا وقد أنس منهم الرشد
سعوا في كتابة أبيهم بلغوا من ذلك ما بلغوا وان كانوا صغارا لم يستأن بالدين للرجل
كبرهم يخشى أن يموتوا قبل ذلك فهم له عبيد (ابن وهب) عن يونس عن أبي
الزناد قال إن كان ولده كلهم صغارا لا قوة لهم بالكتابة ولم يترك أبوهم مالا فإنهم
يرقون وان ترك أبوهم مالا أدوا نجومهم عاما بعام (ابن وهب) عن محمد بن
عمرو عن ابن جريج عن عطاء وسئل عن ذلك فقال لا ينتظر كبر ولده بالمال فقيل
له يحمل عنهم بالمال فقال عطاء لا فأين نجوم سيده (يونس) عن ابن شهاب قال
أرى أن يقضى دين الناس قبل أن يقضى أهله فان بقي له مال فأهله أحق به وإن لم
يبق له مال فبنوه ووليدته لأهله
[في المكاتب يموت ويترك أم ولد ولا يترك معها ولدا]
(قلت) أرأيت لو أن عبدا كاتب على نفسه وعلى أخ له صغير لا يعقل وقد بلغ ثم إن الذي لم يكاتب وإنما كاتب عليه أخوه هلك عن أم ولد له لا ولد معها أو هلك
الذي كاتب وترك أم ولد له لا ولد معها (قال) أراهم بمنزلة إماء وما سمعت من مالك فيه
291

شيئا وليس أحد من أمهات أولاد المكاتبين يترك يسعى الا أم ولد هلك عنها سيدها
ومعها ولد منها أو من غيرها في كتابة كانت عليهم أو حدثوا في كتابته وهم صغار
أو كبار أو كاتب هو وهم جميعا كتابة واحدة فأم الولد هاهنا لا ترد في الرق الا
بعجز الأولاد أو بموتهم قبل الأداء (قال) ولو أن مكاتبا كاتب معه أم ولد له في
كتابته فاتخذ ولده أمهات أولاد ثم هلك ولده ولا ولد لهم وتركوا أمهات أولادهم
(قال) أراهم رقيقا لأبيهم يبيعهم حين لم يترك الأولاد أولادا وكانوا معه في الكتابة
أو كاتب عليهم أو حدثوا بعد الكتابة فأمهات الأولاد رقيق وان ترك الأولاد مالا
كثيرا إلا أن يتركوا أولادا معهن فيعتقن بعتق السيد ويسعين بسعي الولد إن لم
يكن في المال وفاء. ولو أن رجلا كاتب عبدا له كتابة على حدة وكاتب امرأته كتابة على
حدة ثم ولد للمكاتب من امرأته هذه المكاتبة ولدان الولد يدخل مع أمه في كتابتها
ولا يدخل مع الأب فان عتق الأب ولم تعتق الأم المكاتبة فولدها بحالها يعتق بعتقها
ويرق برقها وقد مضى من قول ربيعة وغيره ما دل على هذا كله أو بعضه
(تم كتاب المكاتب بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(وبه يتم الجزء السابع من المدونة الكبرى)
(ويليه كتاب المدبر وهو أول الجزء الثامن منها)
292

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي
عن الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
(الجزء الثامن)
(أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل)
(حقوق الطبع محفوظة للملتزم)
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
(تنبيه)
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب له
فيها أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف اثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة اه‍
(طبعت بمطبعة السعادة بجواز محافظة مصر 1323 هجرية)
293

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد المرسلين
وعلى آله وصحبه أجمعين
[كتاب التدبير]
[في التدبير]
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم التدبير أي شئ هو في قول مالك أيمين هو أم لا
(قال) هو ايجاب يوجبه على نفسه والايجاب لازم عند مالك (قلت) والتدبير والعتق
بيمين أمختلف (قال) نعم لان العتق بيمين إذا حنث عتق عليه إلا أن يكون جعل عتقه
بعد موت فلان أو بعد خدمة العبد إلى أجل كذا وكذا فيكون ذلك كما قال (وأخبرني)
ابن وهب عن سفيان بن سعيد الثوري وغيره عن أشعث عن الشعبي عن علي بن أبي
طالب أنه كان يجعل المدبر من الثلث (وأخبرني) ابن وهب عن رجال من أهل العلم
عن شريح الكندي وعمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وبكير بن الأشج وغيرهم
من أهل العلم مثله (وأخبرني) ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال
في رجل دبر عبدا له ثم مات السيد وليس له مال قال لا يرد في الرق ولكن يعتق
ثلثه (قال ابن وهب) قال يونس وقال أبو الزناد وابن شهاب يعتق ثلثه
[في اليمين بالتدبير]
(قلت) أرأيت ان قال في مملوك ان اشتريته فهو مدبر فاشترى بعضه (قال) يكون
مدبرا ويتقاومانه هو وشريكه مثل ما أخبرتك في التدبير (قال سحنون) فان
294

أحب الشريك أن يضمنه ولا يقاومه كان ذلك له للفساد الذي أدخل فيه وان أحب
أن يتمسك فعل لأنه يقول لا أخرج عبدي من يدي إلى غير عتق تام ناجز وإنما
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق شركا له في عبد فكان له مال قوم عليه
فذلك صريح العتق بخروج العبد من الرق إلى حرية تتم بها حرمته وتجوز شهادته
ويوارث الأحرار والتدبير ليس بصريح العتق فأقوم عليه من يثبت له الوطئ بالملك
ومن يرده الدين عن العتق فأنا أولى بالرق منه لأنه أراد بما فعل أن يخرج ما في
يدي إلى غير عتق ناجز فيملك مالي ويقضى به دينه ويستمتع ان كانت جارية وليس
كذلك قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم (ابن وهب) عن يونس بن يزيد أنه
سأل ربيعة عن عبد بين الرجلين أعتق أحدهما نصيبه عن دبر منه قال ربيعة عتاقته رد
[في الرجل يقول لعبده وهو صحيح أنت حر يوم أموت]
[أو بعد موتى أو بعد موت فلان]
(قلت) أرأيت ان قال رجل لعبده أنت حر يوم أموت وهو صحيح (قال) سئل
مالك عن رجل قال لعبده أنت حر بعد موتى وهو صحيح فأراد بيعه بعد ذلك قال
مالك يسئل فإن كان إنما أراد به وجه الوصية فالقول قوله وإن كان إنما أراد به التدبير
منع من بيعه والقول قوله في الوجهين جميعا (قال ابن القاسم) وهي وصية أبدا
حتى يكون إنما أراد به التدبير (وكان) أشهب يقول إذا قال مثل هذا في غير احداث
وصية لسفر أو لما جاء من أنه لا ينبغي لاحد أن يبيت ليلتين الا ووصيته عنده مكتوبة
فهو تدبير إذا قال ذلك في صحته (قلت) أرأيت ان قال لعبده أنت حر بعد موتى
وموت فلان (قال) هذا يكون من الثلث وكذلك بلغني عن مالك قال لان هذا ان
مات فلان قبل موت السيد فهو من الثلث لأنه لا يعتق الا بعد موت سيده وان
مات السيد قبل موت فلان فهو من الثلث أيضا لأنه إنما قال إن مت فأنت حر بعد
موت فلان وان مات فلان فأنت حر بعد موتى (قال سحنون) وكذلك يقول أشهب
(قلت) أرأيت ان قال لعبده أنت حر بعد موتى ان كلمت فلانا فكلمه أيكون حرا
295

بعد موته (قال) نعم في ثلثه ولم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنى أراه مثل من
حلف بعتق عبده ان فعل كذا وكذا أو حلف ان فعل فلان كذا وكذا فعبده حر
فهذا يلزمه عند مالك فأرى العتق بعد الموت لازما له لأنه قد حلف بذلك فحنث
فصار حنثه بعتق العبد بعد الموت شبيها بالتدبير (قلت) أرأيت ان قال لعبده أنت
حر بعد موتى بيوم أو يومين أو شهر أو شهرين أيكون هذا مدبرا أم لا في قول
مالك أم يكون معتقا إلى أجل من جميع المال (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه
من الثلث لأنه إذا قال أنت حر بعد موتى فإنما يكون من الثلث فكذلك إذا قال
بعد موتى بشهر أو بيوم أو أكثر من ذلك (قال) ومما يدلك على ذلك أن الدين
يلحقه وأن الآخر الذي أعتقه بعد موت فلأن لا يلحقه دين وهو من رأس المال إذا
كان ذلك في الصحة (قال سحنون) وقد بينا آثار العتق إلى أجل
[في عتق المدبر الأول فالأول]
(قلت) أرأيت إذا دبر في مرضه ثم صح ثم دبر في صحته ثم مرض فدبر في
مرضه أيضا ثم مات من مرضه ذلك (قال) قال مالك في التدبير الأول فالأول أبدا
إلا أن يكون التدبير كله في مرض واحد (1) (قال) وقال لي مالك من دبر في
الصحة فإنه يبدأ بمن دبر أولا ثم الذي بعده وكذلك هذا في المرض يبدأ بمن دبر
أولا ثم الذي بعده ثم الذي بعده أبدا يبدأ بالأول فالأول حتى يأتوا على جميع الثلث
فإذا لم يبق من الثلث شئ رق ما بقي منهم ولم يكن لهم من الوصية شئ (قال) وقال
مالك وإذا دبرهم جميعا في كلمة واحدة فإنهم يعتقون جميعهم في الثلث (2) (قال ابن
القاسم) ان حملهم الثلث عتقوا جميعهم وإن لم يحملهم الثلث جميعهم عتق منهم مبلغ الثلث

(1) (قوله في مرض واحد) كذا في نسخه وفي أخري في كلمة واحدة فحرره اه‍ مصححه
(2) وجد هنا زيادة في نسخة غير معول عليها فلذا لم نثبتها في الصلب ونصها (قال سحنون) كل تدبير يكون
في الصحة وإن كان شيئا بعد شئ فهو في منزلة ما لو دبرهم في كلمة واحدة إذا كان قريبا ولم يتباعد
ما بينهم لان له أن يعتق بعد تدبيره ويهب ويتصدق ولا يبيع ولا يقال له أدخلت الضرر على المدبر
فكذلك إذا دبر بعد تدبيره الأول لا يقال له أدخلت الضرر على الأول انتهى
296

فأن أتى الثلث على نصفهم أو على ثلاثة أرباعهم أعتق منهم مقدار ذلك وإنما يفض
ثلث الميت على قيمتهم فيعتق مبلغ الثلث منهم جميعا بالسوية فإن كان الميت لم يدع مالا
غير هؤلاء المدبرين عتق من كل واحد منهم ثلثه ورق ثلثاه وذلك أنا إذا فضضنا ثلث
الميت على قيمتهم ولم يدع مالا غيرهم فإنه يعتق من كل واحد ثلثه (قال مالك) ولا يسهم
بينهم ولا يكونون بمنزلة من أعتق رقيقا له بتلا عند موته لا يحملهم الثلث فان هؤلاء
يقرع بينهم (سحنون) وقال مالك في الذي يدبر عبده في الصحة ثم يمرض فيعتق
آخر بتلا قال يبدأ بالمدبر في الصحة على الذي بتل في المرض (قال سحنون) وقد حدثني
ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال إذا قصر الثلث
فأولاهما بالعتاقة الذي دبر في حياته (وأخبرني) ابن وهب عن الليث بن سعد عن
يحيى بن سعيد مثله
[في المديان يموت ويترك مدبرا]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا مات ولم يترك الا مدبرا وعليه من الدين مثل قيمة نصف
المدبر (قال) قال مالك يباع من المدبر نصفه ويعتق منه ثلث النصف الباقي ويرق منه
ثلثا النصف الذي بقي في يدي الورثة (قلت) فان أحاط الدين برقبته بيع في الدين
في قول مالك قال نعم (قلت) فان باعه السلطان في الدين ثم طرأ للميت مال (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن ينقض البيع ويعتق إذا كان ثلث ما طرأ يحمله
[في المدبر يموت سيده ويتلف المال قبل أن يقوم]
(قلت) أرأيت لو رجلا هلك وترك مالا ومدبرا فلم يقوم المدبر عليه حتى تلف المال
فلم يبق الا المدبر وحده (قال) قال مالك يعتق ثلث المدبر ويرق ثلثاه وما تلف من
المال قبل القيمة فكأنه لم يكن وكأن الميت الآن لم يترك الا هذا المدبر وحده لان
المال قد تلف ولم يبق غير هذا المدبر وحده
297

[في المدبر يموت سيده متى تكون قيمته أيوم مات سيده]
[أم يوم ينظر في قيمته]
(قال ابن القاسم) وبلغني عن مالك أنه قال حدوده وحرمته ومواريثه على مثل
العبيد أبدا حتى يخرج حرا بالقيمة (قلت) ومتى يقوم هذا المدبر في قول مالك أيوم
مات سيده أم اليوم وقد حالت قيمته بعد موت سيده (قال) قال مالك يقوم اليوم ولا
ينظر إلى قيمته يوم مات سيده (قلت) وإن كان هذا المدبر أمة حاملا فولدت بعد
موت سيدها قبل أن يقوموها (قال) قال مالك يقوم ولدها معها
[فيما ولدت المدبرة بعد التدبير وقبله أيكون بمنزلتها]
(قلت) أرأيت المدبرة إذا دبرت وفي بطنها ولد وولدت بعد التدبير أهم بمنزلتها
يعتقون بعتقها في قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك كل أمة مدبرة أو أم ولد
أو معتقة إلى أجل أو مخدمة إلى سنين وليس فيها عتق فولدها بمنزلتها (قلت)
والعبد المدبر أو المعتق إلى سنين إذا اشترى جارية فوطئها فولدت منه أيكون ولده
بمنزلته في قول مالك (قال) قال مالك لي نعم ولده بمنزلته في هذا الموضع (قال) وقال
مالك كل ولد ولدته بعد التدبير قبل موت السيد أو بعد موت السيد فإنه يقوم معها
فيعتق منها ومن جميع ولدها ما حمل الثلث ولا يقرع بينهم (قال) وقال مالك وان
كانت أمة غير مدبرة أو أوصى بعتقها فما ولدت قبل موت سيدها فهم رقيق
لا يدخلون معها وما ولدت بعد موته فهم بمنزلتها يقومون معها في الثلث فيعتق من
جميعهم ما حمل الثلث. وما ولد للعبد المدبر بعد تدبيره قبل موت سيده أو بعده من
أمته فهم بمنزلته يقومون معه في الثلث وما ولد للعبد الموصى بعتقه من أمته قبل
موت سيده فهم رقيق وما ولد له بعد موت سيده فهم يقومون معه وهذا قول
مالك كله وهو رأيي (قال سحنون) وحدثنا عبد الله بن وهب عن عبد الله بن
عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كأن يقول ولد المدبرة بمنزلتها يرقون
298

برقها ويعتقون بعتقها (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب
وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد
العزيز وسليمان بن يسار وابن شهاب وطاوس وعطاء بن أبي رباح مثل قول ابن عمر
(قال ابن وهب) قال مالك وقد بلغني أن عبد الله بن عمر كأن يقول ولد المدبر من
أمته بمنزلته يعتقون بعتقه ويرقون برقه (ابن وهب) عن عبد الله بن عمر عن نافع
عن عبد الله بن عمر أنه كأن يقول ولد المدبر من أمته بمنزلته يرقون برقه ويعتقون
بعتقه (ابن وهب) وقال مالك في عبد دبره سيده ثم توفى ولم يترك شيئا غيره
فأعتق ثلثه ثم وقع العبد على جارية له فولدت أولادا ثم توفى العبد وترك مالا كثيرا
أو لم يترك شيئا غيره (قال) أرى ولده على مثل منزلته يعتق منهم ما عتق منه وما بقي
فهم رقيق له يستخدمهم الأيام التي له ويرسلهم الأيام التي لهم أو ضريبة (1) على نحو
ذلك (قال سحنون) وحدثني ابن وهب عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب وأبى
الزناد مثل ذلك (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن ابن المسيب ويحيى بن
سعيد وابن قسيط وأبى الزناد وسليمان بن يسار أنه لا يصلح وطئ أمة معتقة أعتقت
إلى أجل أو وهبت خدمتها إلى أجل (وقال) سعيد بن المسيب وربيعة وأولادها
بمنزلتها (قال ربيعة) وذلك لان رحمها كان موقوفا لا يحل لرجل أن يصيبها الا زوج

(1) (قوله أو ضريبة على نحو ذلك) يخرج منه أنه يجوز أن يستخدمهم لنفسه الشهرين ويخدمون
أنفسهم شهرا أو ما زاد على ذلك على نحو هذا إذا لم يفرق بين بعد الضريبة وقربها اه‍ وهذا أيضا
يجوز على التراضي وكذلك في (ع) بن (ق) سئل عن العبد يكون نصفه حرا ونصفه رقيقا كيف
يعملان في خدمته قال يصطلحان علي أيام مثل أن يؤاجره شهرا ويعمل العبد لنفسه شهرا وأما إن لم يصطلحا ففي الواضحة لمطرف وابن الماجشون وأصبغ فرق بين أن يكون عبدا للخدمة أو للخراج
فإن كان للخدمة فيوم بيوم أو جمعة بجمعة أو شهر بشهر إلا أن يكون عبدا نبيلا تاجرا فاقتسام
خدمة هذا يوما بيوم ضرر ولكن جمعة بجمعة أو شهر بشهر وكذلك الأمة التي للخدمة يفرق فيها
بين الدنية والمتصرفة في رفيع الاعمال على ما تقدم وأما إن كان غلام خراج فيقتسمان خراج يوم
بيوم ولا يجوز جمعة بجمعة ولا شهر بشهر لأنه خطر فان عملا بذلك كان ما آجره به كل واحد منهما
بينهما اه‍ وكذلك العبد المشترك بين رجلين حكم المعتق بعضه في القسمة اه‍ من هامش الأصل
299

[في مال المدبرة يقوم معها]
(قلت) أرأيت المدبرة لمن غلتها وعقلها ولمن مهرها ان زوجها سيدها في قول مالك
(قال) قال مالك أما غلتها وعقلها فلسيدها وأما مالها ففي يديها إلا أن ينتزعه السيد منها
في الصحة منه فيجوز له ذلك ومهرها بمنزلة مالها ان أخذه السيد جاز ذلك له وإن لم
يأخذه منها حتى مرض كان بمنزلة سائر مالها وكذلك قال مالك (قال) وقال مالك في
مهرها انه بمنزلة سائر مالها (قلت) أرأيت إن لم ينتزع السيد شيئا من هذا حتى مات
أتقوم الجارية ومالها في ثلث مال الميت في قول مالك قال نعم (قلت) وكيف
تقوم في الثلث (قال) يقال ما تسوى هذه الجارية ولها من المال كذا وكذا ومن
العروض كذا وكذا (قلت) فإن لم يحمل الثلث شيئا منها الا نصفها (قال) يعتق نصفها
ويقر المال كله في يديها وهذا كله قول مالك (قلت) وكل ما كان في يد الأمة قبل
التدبير لم ينتزعه السيد من يد الأمة حتى مات أيكون بمنزلة ما اكتسبت الأمة بعد
التدبير في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت الرجل أيكون له أن يأخذ أم
ولد مدبره فيبيعها (قال) قال مالك ينتزعها فيبيعها لنفسه ويأخذ ماله أيضا ما لم يمرض
السيد فإذا مرض السيد لم يكن له أن يأخذ مال مدبره ولا مال أم ولده لأنه إنما
يأخذه لغيره (قال) وقال مالك والمعتق إلى أجل يأخذ ماله ما لم يتقارب ذلك فإذا
تقارب ذلك لم يكن له أن يأخذ لغيره
[في الأمة بين الرجلين يدبرها أحدهما بغير رضا الآخر]
(قلت) أرأيت أمة بين رجلين دبرها أحدهما كيف يصنع فيها (قال) قال مالك
يتقاومانها فان صارت للمدبر كانت مدبرة كلها وان صارت للذي لم يدبرها كانت
رقيقا كلها (قال) مالك إلا أن يشاء الذي لم يدبر أن يسلمها إلى الذي دبرها ويتبعه
بنصف قيمتها فذلك له (قلت) أرأيت عبدا بين ثلاثة نفر دبره أحدهم وأعتقه الآخر
وتمسك الآخر بالرق والمعتق معسر (قال) أرى أن للمدبر والمتمسك بالرق أن
300

يتقاوماه بينهما إذا كان التدبير قبل العتق فإن كان العتق قبل التدبير والمعتق معسر
لم يتقاوماه هذا المدبر والمتمسك بالرق لان المدبر لو بتل عتقه لم يضمن لصاحبه
المتمسك بالرق شيئا لان الأول هو الذي ابتدأ الفساد والعتق وأصل هذا أن من كان
يلزمه عتق نصيب صاحبه إذا أعتق نصيبه لزمته المقاومة في التدبير ومن لا يلزمه
عتق نصيب صاحبه إذا أعتق لأنه معسر لم تلزمه المقاومة ان دبر لان تدبيره
ليس بفساد لما بقي منه لأنه لم يزده الا خيرا
[في الأمة بين الرجلين يدبرها أحدهما برضا الآخر]
(قلت) أرأيت ان دبر صاحبي عبدا بيني وبينه فرضيت أنا أن أتمسك بنصيبي منه
رقيقا وأجزت تدبير صاحبي (قال) أخبرني سعد بن عبد الله أنه كتب إلى مالك في
العبد بين الرجلين يدبر أحدهما نصيبه باذن صاحبه (قال) قال مالك لا بأس بذلك
ويكون نصف العبد مدبرا ونصفه رقيقا وإنما الحجة في ذلك للذي لم يدبر فإذا رضى
بذلك فذلك جائز وهو رأيي (قلت) أرأيت لو أن عبدا بين رجلين دبره أحدهما
فرضى صاحبه بذلك أيكون نصفه مدبرا على حاله ونصفه رقيقا قال نعم (قلت)
وهذا قول مالك (قال) كذلك بلغني أن مالكا قال إنما الكلام فيه للذي لم يدبر فإذا
رضى فذلك جائز (قلت) أرأيت ان دبر صاحبي نصيبه ورضيت أنا وتمسكت
بنصيبي ولم أدبر نصيبي أيكون لي أن أبيع نصيبي في قول مالك (قال) نعم ذلك لك
في قوله قال ولكن لا تبيع حتى يعلم المشترى أن نصف العبد مدبر (قلت) أرأيت
لو أن المشترى قال للمدبر هلم حتى أقاومك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا الا
ما أخبرتك أنه بلغني عن مالك ولا أرى أن يقاومه
[في الأمة بين الرجلين يدبرانها جميعا]
(قلت) أرأيت أمة بين رجلين دبراها جميعا (قال) سألت مالكا عنها فقال هي مدبرة
بينهما والتدبير جائز لأنهما قد دبرا جميعا (قلت) وكذلك لو دبرها أحدهما ثم
301

دبرها الآخر بعده (قال) هذا لا شك فيه أنه جائز
[في الأمة بين الرجلين يدبرانها جميعا ثم يموت أحدهما]
[ولا يدع مالا غيرها]
(قلت) أرأيت أمة بيني وبين رجل دبرناها جميعا فمات أحدنا ولم يترك مالا
سواها فعتق ثلث النصف الذي كان له وبقي ثلثا النصف رقيقا في يدي الورثة فقال
الورثة هذا الذي في أيدينا غير مدبر فنحن نريد أن نقاومك أيها المدبر أيكون ذلك
لهم أم لا في قول مالك (قال) لا يكون ذلك لهم لان المقاومة إنما كانت تكون أولا
فيما بين السيدين الأولين (قال) فأما فيما بين هؤلاء فلا مقاومة بينهم (قال سحنون)
لان العتق قد وقع في العبد فما كان من تدبير فإنما هو خير للعبد (قلت) أرأيت
أمة بين رجلين دبراها جميعا أتكون مدبرة عليهما جميعا في قول مالك (قال) سألنا
مالكا عنها فقال نعم هي مدبرة عليهما جميعا (قلت) فان مات أحدهما (قال)
قال مالك تعتق عليه حصته في ثلثه (قلت) ولا يقوم عليه نصيب صاحبه في ثلثه
في قول مالك قال لا (قلت) ولم (قال) لأنه لم يبتدئ فسادا ولان ماله قد صار
لغيره ولأنه لم يبتل عتق نصيبه منها في حياته (قلت) فإن كان ثلث ماله لا يحمل
حصته منها (قال) يعتق من نصيبه في قول مالك ما حمل الثلث ويرق منها ما بقي
من نصيبه (قلت) فإذا مات السيد الباقي (قال) سبيله سبيل السيد الأول يصنع
في نصيبه مثل ما وصفت لك في نصيب صاحبه
[في العبد بين الرجلين يدبره أحدهما أو يدبرانه جميعا ويعتقه الآخر بعده]
(قلت) أرأيت لو أن عبدا بين رجلين دبره أحدهما وأعتقه الآخر بعد ما دبره
شريكه (قال) قال مالك في المدبر بين الرجلين يعتقه أحدهما انه يقوم على الذي
أعتق حصة شريكه فمسألتك مثل هذا أرى أن يقوم على المعتق نصيب الذي دبره
(قال سحنون) وكذلك يقول جميع الرواة لأنه صار إلى أفضل مما كان فيه
302

لان الذي دبره وأعتقه من الثلث وربما لم يكن لسيده ثلث (قلت) وكيف يقوم
هذا النصف على هذا الذي أعتق المدبر الذي دبراه جميعا أيقوم عليه مدبرا أو مملوكا
غير مدبر (قال) إنما يقوم عليه عبدا (قلت) ولم قومه مالك عبدا وإنما هو في يد
هذا الذي لم يبت عتقه مدبرا (قال) لان ذلك التدبير قد انفسخ ولان مالكا قال في
المدبر إذا جرح أو قتل أو أصابه ما يكون له عقل فإنه يقوم قيمة عبد ولا يقوم
قيمة مدبر. وكذلك قال مالك في أم الولد. وكذلك قال مالك في المعتقة إلى سنين
(قلت) أرأيت ان دبرا عبدا بينهما ثم أعتق أحدهما نصيبه (قال) قال لي مالك يقوم.
على الذي أعتق (قلت) وكيف يقوم أمدبرا أو غير مدبر (قال) يقوم قيمة عبد
غير مدبر لان التدبير عند مالك قد انفسخ (قلت) ولم كان هذا هكذا (قال) لأنه
إنما ينظر إلى أوكد الأشياء في الحرية فيلزم ذلك سيده الذي أعتقه ألا ترى أن أم
الولد أوكد من التدبير والعتق كذلك أوكد من التدبير
[في المدبرة يرهنها سيدها]
(قلت) أرأيت المدبرة هل يجوز أن يرهنها سيدها في قول مالك قال نعم (قلت)
ولم أجاز مالك أن يرهنها سيدها ولها في الحرية عقد (قال) لان ذلك لا ينقصها من
عتقها شيئا ان مات سيدها (قلت) وكيف أجاز مالك رهن المدبرة وهو ليس بمال
في يدي المرتهن (قال) بل هو مال عند مالك ألا ترى أن السيد ان مات ولا مال له
غير هذا المدبر بيع للمرتهن في دينه ولو لم يكن رهنا في يد المرتهن بيع للغرماء جميعهم
وإنما يباع لهذا دون الغرماء لأنه قد حازه دونهم
[في بيع المدبرة]
(قلت) أرأيت المدبرة أيجوز أن أمهرها امرأتي (قال) لا يجوز ذلك لان المدبرة
لا تباع فكذلك لا تمهر لان التزويج بها بيع لها (قلت) أرأيت لو أنى بعث مدبرة
فأصابها عند المشترى عيب ثم علم بقبيح هذا الفعل فرد البيع أيكون للبائع على
303

المشترى قيمة ما أصابها عنده من العيب والنقصان في البدن (قال) ما سمعت من
مالك فيه شيئا إلا أنى سمعت مالكا يقول في المدبرة إذا باعها سيدها ثم ماتت عند
المشترى ان المصيبة من المشترى وينظر البائع في ثمنها فيحبس منه قدر قيمتها لو كان
يحل بيعها على رجاء العتق لها وخوف الرق عليها ثم يشترى بما بقي بعد ذلك رقبة
فيدبرها أو يعين به في رقية إن لم يبلغ ثمن رقبة فأما مسألتك فلم أسمع من مالك فيها
شيئا وأنا أرى أن يرجع بما أصابها عند المشترى من العيوب المفسدة (قال) وقال
مالك لا بأس أن يعطى سيد المدبر مالا على أن يعتقه هو نفسه ويكون الولاء لسيده
الذي دبره (قال) وقال مالك ولا يجوز أن يبيع مدبره ممن يعتقه إنما يجوز في هذا أن
يأخذ مالا على أن يعتقه (سحنون) عن أبن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن
ابن شهاب أنه قال لا يباع المدبر الا من نفسه (ابن وهب) عن مخرمة بن بكير عن
أبيه عن عمرو بن شعيب مثله (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن بكير بن الأشج أن
رجلا سأل سعيد بن المسيب عن رجل أعتق عبده عن دبره فاستباع سيده فقال ابن
المسيب كاتبه فخذ منه ما دمت حيا فان مت فله ما بقي عليه وهو حر (وحدثني)
ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد بذلك (ابن وهب) عن يونس
ابن يزيد عن ابن شهاب أنه سئل عن مدبر أو مدبرة سأل سيده أن يبيعه أو يكاتبه
قال ابن شهاب ان عجل له العتق بالشئ يعطيه فلا بأس بذلك وأما أن يبيعه من أحد
غير نفسه فلا (قال ابن وهب) قال يونس وقال أبو الزناد ليس بان يقاطعه بأس
(ابن وهب) عن يونس عن ربيعة مثل قول ابن المسيب (ابن وهب) قال ربيعة
وان أعتق قبل موت سيده فذلك له بما أعطاه وليعجل
[في المدبر يباع فيموت عند المشترى أو يعتقه المشترى]
(قلت) أرأيت المدبر إذا باعه سيده فمات عند المشترى (قال) أما المدبر (1) فقال

(1) بها الأصل هنا ما نصه وأما المكاتب يباع على أنه عبد ثم يموت عند المشترى فقيمته كله للبائع
ولم يقولوا يحبس البائع من ذلك قيمته على الرجاء والخوف ويجعل الباقي في رقبة كما قيل في
304

مالك فيه أنه إذا مات عند المشترى فإنه ينظر إلى قيمته التي لو كان يحل بيعه بها مدبرا
على حاله من الغرر بمنزلة من يستهلك الزرع فيقوم عليه على الرجاء والخوف فينظر
البائع إلى ما فضل بعد ذلك فيجعله في عبد يشتريه فيدبره (قلت) فإن لم يبلغ الفضل
ما يشترى به عبدا (قال) هذا الذي سمعت من مالك ولم أسمع منه غير هذا فأرى
إن لم يبلغ أن يشارك به في رقبة (1) (قلت) فلو أن مشترى المدبر أعتقه (قال) قال
مالك إذا أعتقه المشترى فالثمن كله للبائع وليس عليه في ثمنه شئ (قلت) وموت
المدبر عند المشترى وعتقه مختلف (قال) نعم إنما العتاقة عند المشترى بمنزلة أن لو قتله
رجل فلسيده أن يأخذ جميع قيمته عبدا لا تدبير فيه ويصنع به ما شاء (قال) فقلت
لمالك أفلا يكون على قاتله قيمته مدبرا (قال) لا ولكن على قاتله قيمة عبد (قلت)
أرأيت ان باع مدبرة فأعتقها المشترى (قال) العتق جائز وينتقض التدبير والولاء
للمعتق (قلت) ولا يرجع هذا المشترى بشئ على البائع قال لا (قلت) أفيكون
على البائع أن يخرج الفضل من قيمتها كما وصفت لي في الموت عن مالك قال لا
(قلت) فان اشتراها فوطئها فحملت منه (قال) ينتقض التدبير أيضا وتكون أم ولد
للمشترى وهو بمنزلة العتق قال وهو قول مالك (قلت) ولا يوضع عن المشترى من
الثمن ما بين قيمتها مدبرة وقيمتها غير مدبرة (قال) لا ألا ترى أن مالكا قال لو
أن المدبر قتله رجل غرم قيمته عبدا ليس فيه تدبير (ابن وهب) قال وأخبرني
يونس عن ابن شهاب وربيعة وأبى الزناد أنهم قالوا يكره بيع المدبر فان سبق فيه
بيع ثم أعتقه الذي ابتاعه فالولاء للذي عجل له العتق (قال ابن وهب) وأخبرني
الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد بذلك (قال يحيى) ولا يباع المدبر وسيده أولى بماله
ما كان حيا فإذا توفى سيده فمال المدبر له وولده من أمته لورثة سيده لان الولد

المدبر إذا مات اه‍ (1) بهامش الأصل هنا ما نصه أنظر ما معني قوله يشارك به في رقبة هل معناه
في رقبة تكون مدبرة أو تكون عتيقة وقد سئل أبو عمران في ذلك فقال تكون مدبرة وانظر
في كتاب ابن شعبان ان الموت والعتق سواء يجعل فيهما ما بين القيمتين في رقبة اه‍ وفي بعض
الحواشي ابن وهب يجعل الثمن كله في رقبة وبه يأخذ ابن القرطبي وانظر في تعاليق أبى عمران اه‍
305

ليس من ماله
[في المدبر يكاتبه سيده ثم يموت السيد]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا دبر عبده ثم كاتبه ثم مات السيد وله مال يخرج منه
العبد في ثلث ماله أتنتقض الكتابة وتعتقه بالتدبير في قول مالك (قال) نعم إذا حمله
الثلث (قلت) فإن لم يحمله الثلث (قال) يعتق منه ما حمل الثلث ويوضع عنه من
الكتابة بقدر ذلك ويسعى فيما بقي منها. وتفسير ما يوضع عنه أنه ان أعتق
نصفه وضع عنه من كل نجم نصفه وان أعتق ثلثه وضع عنه من كل نجم ثلثه وهو
قول مالك (قلت) أرأيت إن كان المدبر الذي كاتبه سيده موسرا له مال أيؤخذ ماله
في الكتابة (قال) لا ولكن يقوم بماله في ثلث مال الميت فان خرج عتق وسقطت
عنه الكتابة كلها لان الذي صنع به الميت من الكتابة حين كاتبه لم يكن ذلك فسخا
للتدبير إنما هو تعجيل عتق بمال (قلت) أرأيت مدبرا كاتبه سيده أتجوز كتابته
في قول مالك قال نعم (قلت) فان مات السيد أيعتق في ثلثه أم يمضى على الكتابة
(قال) يعتق في ثلثه ان حمله الثلث وإن لم يحمله الثلث ينظر إلى ما يحمل الثلث من
المدبر فيعتق منه بقدر ذلك ويوضع عنه من الكتابة بقدر الذي يعتق منه ان أعتق
نصفه أو ثلثه أو ثلثاه وضع عنه من كل نجم بقي عليه بقدر ما أعتق منه ويسعى فيما بقي
فان أداه خرج جميعه حرا (قلت) فإن لم يترك الميت مالا غيره وهو مدبر مكاتب
(قال) يعتق ثلثه ويوضع عنه من كل نجم بقي عليه ثلثه (قلت) أرأيت إن كان قد أدى
جميع كتابته الا نجما واحدا ثم مات السيد (قال) يعتق ثلثه بالتدبير ويوضع عنه ثلث
النجم الباقي ويسعى في بقيته فان أدى خرج حرا (قال سحنون) حدثني ابن
وهب عن ابن لهيعة عن بكير بن الأشج أن رجلا سأل سعيد بن المسيب عن رجل
أعتق عبده عن دبر فاستباع سيده قال ابن المسيب كاتبه فخذ منه ما دمت حيا فان
مت فلك ما بقي عليه وهو حر (قال ابن وهب) وأخبرني يونس عن ربيعة مثل قول
ابن المسيب (قال ربيعة) وان أعتق قبل موت سيده فذلك له بما أعطاه ويعجل
306

(قلت) لابن القاسم ولا يلتفت إلى ما قبض السيد منه قبل ذلك (قال) نعم لا يلتفت
إلى ذلك وهذا كله قول مالك (قلت) فان مات السيد وعليه دين يغترق قيمة العبد
ما حال العبد في قول مالك (قال) هو مكاتب كما هو وتباع كتابته للغرماء فان أدى
إلى المشترى أعتق وولاؤه لسيده الذي عقد كتابته وان عجز كان رقيقا للمشترى
(قلت) فان مات السيد وعليه دين لا يغترق قيمة العبد (قال) قال مالك في المدبر
إذا مات سيده وعليه دين ودينه أقل من قيمة العبد بيع منه بقدر الدين ثم عتق منه
ثلث ما بقي بالتدبير وكان ما بقي رقيقا للورثة فمسألتك عندي على مثل هذا القول
يباع من كتابة هذا المدبر إذا كان مكاتبا بقدر الدين ثم يعتق منه بالتدبير ثلث ما بقي
بعد الدين ويوضع من كل نجم بقي عليه بعد الذي يباع من كتابته في الدين ثلث كل
نجم لأنه قد عتق منه ثلث ما بقي بعد الذي بيع من كتابته في الدين فلذلك وضع
عنه ثلث كل نجم بقي عليه بعد الذي بيع من كتابته فان أدى جميع ما عليه خرج
حرا وكان الولاء للذي عقد الكتابة وان عجز رد رقيقا وكان الذي عتق منه بعد
الذي بيع من كتابته في الدين حرا لا سبيل لاحد على ما أعتق منه وكان ما بقي رقيقا
للذي اشترى من الكتابة ما اشترى يكون له بقدر ذلك من رقه ويكون للورثة
بقدر ما كان لهم من الكتابة بعد الذي اشترى من الكتابة وبعد الذي عتق منه
ويكون العبد رقيقا لهم بحال ما وصفت لك وتكون الحرية بحال ما وصفت لك
[في مدبر وعبد كوتبا كتابة واحدة ثم مات السيد]
(قلت) أرأيت مدبرا لي وعبدا كاتبتهما كتابة واحدة ثم مت (قال) بعض الكتابة
يوم كاتبتهما على ما وصفت لك من قوتهما على الأداء فيكون على المدبر حصته من
ذلك ثم ينظر إلى ثلث الميت فان حمله الثلث عتق ويسعى المكاتب الآخر في حصته
من الكتابة (قال سحنون) وقال غيره لا تجوز كتابتهما لأنها تؤل إلى خطر
ألا ترى أن الكتابة إذا كانت منعقدة عليهما لم يجز له أن يعتق أحدهما لأنه إذا أعتق
أحدهما كان في ذلك رق لصاحبه لان بعضهم حملاء عن بعض وان رضى بذلك صاحبه
307

لم يجز لأنه لا يجوز له أن يرق نفسه (قلت) أرأيت إن لم يحمل الثلث المدبر (قال)
يعتق منه مبلغ الثلث ويوضع عنه من الكتابة بقدر ذلك ويسعيان جميعا فيما بقي من
الكتابة (قلت) ويسعى هذا المدبر مع هذا الذي لم يدبر في جميع ما بقي من الكتابة
(قال) نعم ولا تعتق بقيته التي يسعى فيها الا بصاحبه ولا صاحبه الا به عند مالك
(قلت) ويرجع عليه هذا المدبر بما يؤدى عنه (قال) نعم إلا أن يكون بينهما رحم
يعتق بها بعضهم على بعض إذا ملكه (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي
(قلت) أرأيت إذا كاتب الرجل عبده ومدبره كتابة واحدة (قال) ذلك جائز فان
هلك السيد وكان له مال يخرج المدبر من الثلث عتيقا عتق ويوضع عن صاحبه حصة
المدبر من الكتابة ويسعى العبد المكاتب فيما بقي من الكتابة (قلت) ولا يلزم هذا
المدبر أن يسعى مع هذا الآخر فيما بقي قال لا (قلت) لم وأنت تقول لو أن السيد
كاتب عبدين له كتابة واحدة فأعتق السيد أحدهما وهو قوي على السعاية ان عتقه
غير جائز إلا أن يسلم صاحبه العتق ويرضى بذلك (قال) لان المدبر لم يعتقه السيد
بأمر يبتدئه بعد الكتابة إنما أعتق على السيد لامر لزم السيد قبل الكتابة فلا بد من
أن يعتق على السيد على ما أحب صاحبه أو كره وتوضع عن صاحبه حصة المدبر من
الكتابة وتسقط عنه حصة المدبر من الكتابة (قلت) فلم لا يسعى المدبر مع صاحبه
وان خرج حرا أليس هو ضامنا لما على صاحبه من حصة صاحبه من الكتابة
وصاحبه أيضا كان ضامنا لما على المدبر من حصته من الكتابة فلم لا يلزمه السعاية
بالضمان (قال) لان صاحبه قد علم حين دخل معه في الكتابة أنه معتق بموت
السيد فلا يجوز أن يضمن حر كتابة مكاتب لسيده لان السيد لم يعتقه بأمر يبتدئه
بعد الكتابة إنما أعتق على السيد بأمر لزمه على ما أحب صاحبه أو كره ولا ينبغي أن
يضمن حر كتابة المكاتب. وإن لم يخرج المدبر من الثلث عتق منه ما حمل الثلث
وسقط عنه من الكتابة بقدر ذلك وسعى هو وصاحبه في بقية الكتابة لأنه لا عتق
لواحد منهما الا بصاحبه فأيهما أدى منهما رجع على صاحبه بما يصيبه مما أدى عنه
308

وإنما يسعى من المدبر ما بقي من الرق (قال سحنون) وقال أشهب لا يجوز أن
يعقد كتابة عبدين له أحدهما مدبر والآخر غير مدبر (قلت) لابن القاسم فلو أن
مكاتبين في كتابة واحدة دبر السيد أحدهما بعد الكتابة ثم مات السيد وثلثه يحمل
العبد المدبر (قال) إن كان هذا المدبر قويا علي الأداء يوم مات السيد فلا يعتق
بموت السيد إلا أن يرضى أصحابه الذين معه في الكتابة بذلك فان رضى أصحابه
كانوا بحال ما وصفت لك في العتق وإن كان يوم مات السيد المدبر زمنا وقد كان
صحيحا فإنه يعتق ولا يكون للذين معه في الكتابة هاهنا قول ولا يوضع عنهم حصة
هذا المدبر من الكتابة لان مالكا قال في الزمن يكون مع القوم في الكتابة فيعتقه
سيده انه لا يوضع عنهم بذلك شئ ء وكل من أعتق من صغير أو كبير زمن فإنه
عتيق ان شاؤوا وان أبوا لا يوضع عنهم من الكتابة شئ وكل من عتق ممن له قوة فلا
عتق لهم الا برضاهم فذلك الذي يوضع عنهم قدر ما يصيبه من الكتابة ويسعون
فيما بقي
[في وطئ المدبرة بين الرجلين]
(قلت) أرأيت مدبرة بين رجلين وطئها أحدهما فحملت منه (قال) قال مالك
تقوم على الذي حملت منه وينفسخ التدبير (قال) وإنما ينظر في هذا إلى ما هو أوكد
فيلزم ذلك سيدها وأم الولد أوكد من التدبير وكذلك قال لي مالك (قال سحنون)
وكذلك يقول جميع الرواة مثل قول مالك (وقال غيره) وإن كان الواطي ء
معسرا فالشريك بالخيار ان شاء ضمنه نصف قيمتها وكانت أم ولد للواطئ وان أبى
وتمسك بنصيبه كان ذلك له واتبع الواطئ بنصف قيمة الولد يوم تلده أمه (قال
سحنون) فان أفاد الواطي مالا لم يلزمه ضمان نصيب صاحبه لأنه قد سقط عنه
التقويم إذا كأن لا مال له ولا يلزم الشريك قيمة نصيبه وتمسك بنصيبه ويتبع الواطئ
بنصف قيمة الولد وان مات الواطئ ولا شئ عنده بقي نصيب المتمسك بالرق مدبرا
كما هو وكان نصيب الميت حرا من رأس المال لأنه بمنزلة أم الولد وان مات الذي لم
309

يطأ وقد كان يتشبث بنصيبه وترك أن يضمنها شريكه وليس له مال وعليه دين يرد
التدبير فبيعت في الدين فان اشتراها الشريك الذي كان وطئ ليسر حدث له حل له
وطؤها فان مات فنصفها حر بمنزلة أم الولد والنصف الذي اشتري رقيق للورثة ألا
ترى أن الرجل يعتق مصابته من عبده ولا شئ عنده فلا يقوم عليه لعسره ويبقى
نصيب صاحبه رقيقا ثم يحدث للمعتق المعسر مال فيشترى النصف الرقيق انه رقيق
كما هو ولا يعتق عليه فكذلك المسألة الأولى
[في الأمة يدبر سيدها ما في بطنها أله أن يبيعها أو يرهنها]
(قلت) أرأيت الأمة ان دبر رجل ما في بطن أمته أله أن يبيعها في قول مالك
أو يرهنها (قال) هو كقوله ما في بطنك حر (قلت) أفيكون له أن يرهنها في قول
مالك (قال) نعم لان المدبرة ترهن عند مالك
[في ارتداد المدبر]
(قلت) أرأيت العبد إذا دبره سيده ثم ارتد العبد ولحق بدار الحرب فظفر
المسلمون به ما يصنع به في قول مالك (قال) يستتاب فان تاب والا قتل (قلت)
فان تاب أيباع في المقاسم (قال) لا ويرد إلى سيده عند مالك ولا يباع في المقاسم
إذا عرفوا سيده أو علموه أنه لاحد من المسلمين بعينه (قلت) فإن لم يعلموا حتى
اقتسموا كيف يصنع به في قول مالك وقد جاء سيده بعد ما قسم (قال) يخير سيده
فان افتكه كان على تدبيره وان أبى أن يفتكه خدم العبد في الثمن الذي اشتري به في
المقاسم فإذا استوفى ثمنه المشترى وسيده حي رجع إلى سيده على تدبيره وان هلك
السيد قبل ذلك فكان الثلث يحمله خرج حرا واتبع بما بقي من الثمن وإن لم يحمله
الثلث أعتق منه بقدر ما يحمل الثلث وكان ما بقي منه رقيقا لمن اشتراه لان السيد كان قد
أسلمه إليه وليس للورثة فيه شئ (وقال غيره) ان حمله الثلث عتق ولا يتبع بشئ وإن لم يحمله الثلث فما حمل منه الثلث يعتق ولم يتبع العتيق منه بشئ وكان ما بقي رقيقا لمن
310

اشتراه لأنه قد كان اشترى عظم رقبته وان لحق السيد دين أبطل الثلث حتى يرد
عتقه كان مملوكا لمن اشتراه وليس ما اشتريت به رقبته كجنايته التي هو فعلها فما أعتق
منه اتبع بما يقع عليه من الجناية لأنه فعل نفسه وجنايته
[في مدبر الذمي يسلم]
(قلت) أرأيت لو أن نصرانيا اشترى مسلما فدبره ما يصنع به (قال) أما الذي
سمعت من مالك في النصراني يدبر العبد النصراني ثم يسلم العبد فإنه يؤاجر فأنا
أرى هذا يشبهه وهو مثله عندي ومما يدلك على ذلك أن لو قال له أنت حر إلى سنة
مضى ذلك عليه وأوجر له ولم يكن إلى رد العتق سبيل (قلت) أرأيت ان أسلم
مدبر النصراني (قال) يؤاجر فيعطى اجارته حتى يموت النصراني فان مات النصراني
وله مال يخرج المدبر من ثلثه عتق المدبر وكان ولاؤه لجميع المسلمين وإن لم يترك
النصراني وفاء عتق منه ما عتق وبيع منه ما بقي من المسلمين (قلت) وهذا قول مالك
قال نعم (قال ابن القاسم) فان أسلم النصراني قبل أن يموت رجع إليه عبده وكان له
ولاؤه فان أسلم بعض ولد النصراني أو أخ له ممن يجر ولاء مواليه ويرثه كان ولاء المدبر
له يرثه دون جماعة المسلمين (قلت) أرأيت إذا أسلم العبد ثم دبره مولاه النصراني
(قال) أرى أن يعمل فيه مثل ما يعمل بالذي دبر وهو نصراني يؤاجر لأنا ان بعناه كان
الذي يعجل النصراني من هذا العبد منفعة له ومضرة على العبد ولان العبد ان أخطأه
العتق يوما كان أمره إلى البيع فلا يعجل له البيع لعله يعتق يوما ما وليس للنصراني
فيه أمر يملكه إذا آجرناه من غيره الا الغلة التي يأخذها إلا أن ولاء هذا أيضا ان
عتق للمسلمين لا يرجع إلى النصراني وان أسلم ولا إلى أولاد له مسلمين وقد
ثبت ولاؤه للمسلمين (قال سحنون) وقال بعض الرواة ولا يجوز اشتراء
النصراني مسلما لأني لو أجزت شراءه ما بعته عليه ولكن لما لم يجز له ملكه ابتداء لم
يجز له شراؤه (وقد قال) بعض الرواة وإذا أسلم عبده ثم دبره فإنه يكون حرا لأنه
إذا أسلم العبد بيع على سيده فلما منع نفسه بالتدبير الذي هو له من البيع والمدبر
311

لا يباع عتق عليه
[في مدبر المرتد]
(قلت) أرأيت الرجل يدبر عبده ثم يرتد السيد ويلحق بدار الحرب أيعتق
مدبره أم لا (قال) سمعت مالكا يقول في الأسير يتنصران ماله موقوف إلى أن يموت
فكذلك مسألتك مدبر المرتد موقوف ولا يعتق الا بعد موته (قلت) أرأيت المرتد
إذا ارتد وله عبيد قد دبرهم ولحق بدار الحرب (قال) قال مالك ماله موقوف فرقيقه
بمنزلة ماله عندي
[في الدعوى في التدبير]
(قلت) أرأيت ان ادعى العبد على سيده انه دبره أو كاتبه وأنكر المولى ذلك
أتستحلفه للعبد في قول مالك (قال) لا يستحلف وهذا من وجه العتق فإذا أقام شاهدا
واحدا أحلف له السيد فان نكل عن اليمين حبس حتى يحلف
[في المعتق إلى أجل أيكون من رأس المال]
(قلت) أرأيت ان قال لعبده أنت حر بعد موت فلان أيكون هذا مدبرا أم لا في
قول مالك (قال) ليس هذا تدبيرا عند مالك ولكن هذا معتق إلى أجل وهذا أحرى
إذا مات فلان أن يعتق من جميع المال ولا يكون من الثلث (قلت) وسواء ان مات
السيد قبل فلان فالعبد حر إذا مات فلان من جميع المال يخدم الورثة بقية حياة فلان
ثم هو حر (قال) نعم إذا كان هذا القول أصله في صحة سيده فإن كان هذا القول من
سيده في مرضه كان العبد في ثلثه فان حمله الثلث خدم الورثة بقية حياة فلان ثم هو
حر بعد موت فلان فإن لم يحمله الثلث قيل للورثة اما أمضيتم ما قال الميت واما أعتقتم
ما حمل الثلث الساعة (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك كل من
حال في وصيته على ثلثه فأبت الورثة أن يجيزوا وصيته فإنه يقال لهم أسلموا ثلث مال
الميت إلى أهل الوصايا أو أنفذوا ما قال الميت (قلت) أرأيت ان قال أنت حر بعد
312

موت فلان بشهر أيعتق من جميع المال أم من الثلث (قال) هذا أجل من الآجال قد
أعتق عبده إلى ذلك الاجل فهو حر إلى ذلك الاجل من جميع المال بحال ما وصفت
لك (قلت) أرأيت ان قال لعبده أنت حر إذا خدمتني سنة فخدم العبد بعض
السنة ثم مات السيد (قال) يخدم الورثة بقية السنة في قول مالك (قلت) فإن لم يمت
السيد ولكنه وضع عنه الخدمة (قال) فهو حر مكانه مثل المكاتب إذا وضع عنه
سيده كتابته (قلت) أرأيت ان قال لعبده أخدم ابني هذا سنة ثم أنت حر أو قال
أخدم فلانا سنة ثم أنت حر فمات فلان أو مات ابنه قبل تمام السنة (قال) قال مالك
إذا قال الرجل لعبده أخدم فلانا سنة ثم أنت حر فمات الذي جعل له خدمة العبد قال
مالك يخدم ورثة الذي جعل له الخدمة بقية السنة ثم هو حر. وأما الابن فان مالكا
قال لي ينظر في ذلك فإن كان إنما أراد به وجه الحضانة لولده والكفالة له فان العبد حر
حين يموت ابنه وإن كان إنما أراد به وجه الخدمة خدم ورثة الابن إلى الاجل الذي
جعل له ثم هو حر ولم يقل لي مالك في الأجنبيين مثل ما قال لي في الابن والبنت
وكذلك لو قال أخدم أخي هذا سنة ثم أنت حر أو ابن فلان سنة ثم أنت حر أو
ابنة فلان سنة ثم أنت حر (قال) هذا كله ينظر فيه فإن كان إنما أراد به وجه الحضانة
والكفالة فإنه حر حين يموت المخدم وإن كان أراد به وجه الخدمة فان العبد يخدم
ورثة المخدم بقية السنة ثم هو حر (قلت) أرأيت ان قال لعبده أنت حر على أن
تخدمني سنة (قال) ينظر في ذلك في قول مالك فإن كان إنما عجل عتقه وشرط عليه
الخدمة فالخدمة ساقطة عن العبد وهو حر وإن كان إنما أراد أن يجعل عتقه بعد
الخدمة فهو كما جعل ولا يكون حرا حتى يخدم (قال) ولقد سألت مالكا عن
الرجل يقول لعبده أنت حر بعد سنة فيأبق فيها أتراه حرا (قال) نعم وإنما هو عندي
بمنزلة ما لو قال له أخدمني سنة ثم أنت حر فمرض فيها ثم صح عند انقضاء السنة فإنه
حر ولا خدمة عليه (قلت) وسواء ان قال أخدمني سنة وأنت حر فمرض سنة
من أول ما قال أو قال له أخدمني هذه السنة لسنة سماها أهو سواء عند مالك (قال)
313

نعم وإنما سألت مالكا عن سنة ليست بعينها (قال) ومما يبين لك ذلك أن
الرجل إذا أكرى دابته أو داره أو غلامه فقال أكريكها
سنة انه من أول ما يقع الكراء تلك السنة من أول
يوم يقع الكراء ولو قال هذه السنة
بعينها كان كذلك أيضا
(تم كتاب التدبير من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويتلوه كتاب أمهات الأولاد)
314

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
[كتاب أمهات الأولاد]
[في الرجل يقر بوطئ أمته فتأتي بولد أيلزمه أم لا]
(أخبرنا) سحنون بن سعيد قال قلت لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت ان أقر رجل
بوطئ أمته فجاءت بولد أيلزمه ذلك الولد أم لا في قول مالك (قال) قال مالك نعم يلزمه
الولد إلا أن يدعى استبراء يقول قد حاضت حيضة فكففت عنها فلم أطأها بعد تلك
الحيضة حتى ظهر هذا الحمل فليس هو منى فله ذلك ولا يلزمه هذا الولد إذا ولدته
لأكثر من ستة أشهر بعد الاستبراء (قلت) فإن لم يدع الاستبراء إلا أنه يقر أنه
وطئها منذ أربع سنين فجاءت بهذا الولد بعد وطئه أيلزمه هذا الولد أم لا (قال) قال
لنا مالك يلحقه الولد ولم نوقفه على سنة ولا على أربع سنين فأرى أنه يلزمه الولد إذا
جاءت به لما يشبه أن يكون من وطئ السيد وذلك إذا جاءت به لأقصى ما تحمل له
النساء إلا أن يدعى الاستبراء (ابن وهب) عن مالك بن أنس وغير واحد أن نافعا
أخبرهم عن صفية ابنة أبى عبيد أن عمر بن الخطاب قال ما بال رجال يطؤن ولائدهم
ثم يدعونهن يخرجن لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أنه قد وطئها الا ألحقت
به ولدها قال فأرسلوهن بعد أو أمسكوهن (سحنون) قال وأخبرني ابن وهب
عن أسامة بن زيد عن نافع أن ابن عمر قال من وطئ أمته ثم ضيعها فأرسلها تخرج
ثم ولدت فالولد منه والضيعة عليه (قال نافع) فهذا قضاء عمر بن الخطاب وقول عبد
الله بن عمر (ابن وهب) عن عبد الله بن عمر عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا
315

وطئ جارية له جعلها عند صفية ابنة أبى عبيد ومنعها أن تخرج حتى يستمر بها حمل
أو تحيض قبل ذلك (وقال عبد العزيز) مثل قول مالك ان أقر بالوطئ لزمه الولد إلا أن يدعى استبراء وان ولدته لمثل ما يحمل له النساء إلا أن يدعى الاستبراء. لابن وهب
[في الرجل يقر في مرضه بوطئ أمته فجاءت بولد لما يشبه أن يكون]
[من وطئ السيد أيلزمه الولد أم لا]
(قلت) أرأيت أن أقر رجل في مرضه أن هذه الأمة حملها منه وأقر بولد أمة له
أخرى فقال ولدها منى وقال في أمة له أخرى قد وطئتها ولم يذكر الاستبراء بعد الوطئ
وكل هذا في مرضه فجاءت هذه التي أقر بوطئها بولد يشبه أن يكون من وطئ السيد
(قال) يلزمه الولد في هؤلاء كلهم وأمهاتهم أمهات أولاد عند مالك ويعتق أمهات
الأولاد من جميع المال وإن لم يكن له مال سواهن فهم أحرار وأمهاتهم أمهات أولاد
عند مالك ويعتقن (قال) وهذا كله قول مالك (قال) وسألت مالكا عن الرجل
يقر عند موته بالجارية أنها قد ولدت منه ولا يعلم ذلك أحد الا بقوله أترى أن يصدق في
ذلك (قال) فقال لي مالك إن كان الرجل ورثته كلالة إنما هم عصبة ليسوا هم ولده فلا
أرى أن يقبل قوله الا ببينة تثبت على ما قال وإن كان له ولد رأيت أن يعتق (قال)
فقلت لمالك أفمن رأس المال أم من الثلث (فقال) بل من رأس المال (قال) فقلت
لمالك فالذي ورثته كلالة إنما هم عصبته ليسوا بولد أفلا ترى أن تعتق في الثلث (قال)
لا وهي أمة إلا أن يكون لها على ما قال بينة تثبت (قلت) وهذا إذا لم يكن مع الأمة
ولد يدعيه السيد قال نعم (قلت) فإن كان مع الأمة ولد يدعيه السيد جاز قوله في
ذلك وكانت أم ولده قال نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت قول
مالك إذا كان ورثته كلالة لم يصدق إذا قال في جارية له عند موته انها أم ولده أيجعل
مالك الاخوة والأخوات كلالة في هذا الوجه أم لا (قال) الاخوة والأخوات
كلالة عند مالك في غير هذا الوجه (قال) وإنما قال مالك الذي أخبرتك مبهما قال
لنا إن كان ورثته كلالة فالأخ والأخت هاهنا أيضا في أمر هذه الجارية التي أقر بها
316

أنها ولدت منه بمنزلة الكلالة لا يصدق إذا كان ورثته أخوة أو أخوات (قال
سحنون) وقد قال إذا أقر في مرضه لجارية أنها ولدت منه وليس معها ولد كان
ورثته كلالة أو ولدا فلا عتق لها من ثلث ولا من رأس المال وإنما قوله قد ولدت
منى ولا ولد معها يلحق نسبه مثل قوله هذا العبد قد كنت أعتقته في صحتي فلا يعتق
في ثلث ولا في رأس مال لأنه أقر وقد حجب عن ماله الا من الثلث ولم يرد به الوصية
ولا يكون في الثلث الا ما أريد به الوصية أو فعله في المرض وليس له أن يعتق من
رأس ماله في مرضه وقد قال أبو بكر الصديق لعائشة رضى الله تعالى عنهما لو كنت
حزتيه لكان لك ولكنه اليوم مال وارث وهذا كله قول مالك وأكثر الرواة
[في الرجل يبيع الجارية ثم يدعى ولدها ويقر بالوطئ ثم ينكر ذلك المشترى]
(قلت) أرأيت لو أنى بعت جارية فجاءت بولد لما يشبه أن يكون من وطئ جارية جاءت
به لستة أشهر أو سنتين أو ثلاث فادعيت ولدها وأنكر المشترى أن يكون ولدى (قال)
سئل مالك عن رجل باع جارية له وهي حامل فادعى أنه ولده قال مالك أمثل ذلك عندي
إذا لم يكن في ذلك تهمة أن يلحق الولد به وتكون أمه أم ولد فكذلك إذا أقر بالوطئ
وادعى الولد أنه يلحق به عند مالك لأنه ادعى ان ماءه فيها حين أقر بالوطئ فإذا
جاءت بولد لما يشبه أن يكون من الماء جعلته ولده (قال) ولقد سألت مالكا عن
الرجل يبيع الجارية ومعها ولد فيدعيه عند الموت بعد سنين كثيرة كيف ترى
فيه (قال) قال مالك أرى أن يلحق به إن لم يتهم في الولد على انقطاع من الولد إليه
يكون الرجل لا ولد له فيتهم على أنه إنما أراد أن يميل بميراثه إليه لان الصبي له إليه
انقطاع فلا يقبل قوله إذا كان كذلك إذا كان ورثته كلالة ليس ورثته أولاده
(قال سحنون) وقد قال بعض الرواة منهم أشهب لا يتهم إذا ولد عنده من
أمته ولم يكن له نسب يلحق به فاقراره جائز ويلحق به الولد وتكون الأمة أم ولد
ويرد الثمن كان ورثته كلالة أو ولدا (قال سحنون) وهو قول أكثر كبار
أصحاب مالك
317

[الرجل يقر بوطئ جاريته ثم ينكر ولدها]
(قلت) أرأيت ان أقر رجل بوطئ جاريته ثم باعها قبل أن يستبرئها فجاءت بولد لما
يشبه أن يكون من وطئه ذلك فأنكر البائع أن يكون منه (قال) هو ولده لأنه مقر
بالوطئ ولا يقطع بيعه إياها ما لزمه من ذلك في الولد إلا أن يدعى استبراء وهذا قول
مالك (قلت) أرأيت ان أقر بوطئ جاريته فجاءت بولد فأنكر السيد أن يكون
ولده (قال) سئل مالك عن الرجل يطلق امرأته فتدعى أنها قد أسقطت وقد انقضت
عدتها ولا يعلم ذلك الا بقولها (قال) قال مالك ان الولادة والسقط لا يكاد يخفى
هذا على الجيران وانها لوجوه تصدق النساء فيها وهو الشأن ولكن لا يكاد يخفى هذا
على الجيران فكذلك مسألتك في ولادة الأمة (قلت) أرأيت أم ولد الرجل إذا
ولدت ولدا فنفاه أيجوز نفيه في قول مالك (قال) قال مالك ان نفيه جائز إذا ادعى
الاستبراء والا لزمه الولد
[في أم الولد والأمة يقر سيدها بوطئها ثم تأتي بولد]
[من بعد موته بما يشبه أن يكون تلد لمثله النساء]
(قلت) أرأيت أم الولد إذا أعتقها سيدها أو مات عنها فجاءت بولد لأربع سنين
أو لما تجئ به النساء أيلزم السيد الولد أم لا (قال) نعم الولد لازم له إلا أن يدعى
الاستبراء لان كل من أقر بوطئ أمة له عند مالك فجاءت بولد لما يشبه أن تكون
حاملا لذلك الوطئ فالولد ولده إلا أن يدعى الاستبراء بعد الوطئ (قلت) وهو
مصدق في الاستبراء في قول مالك قال نعم
[في المديان يقر بولد أمته أنه منه]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا عليه دين يحيط بماله فقال هذا الولد ولدى من أمتي
هذه (قال) أراها أم ولده ولا يلحقها الدين والولد ولده وكذلك قال لي مالك في أمهات
الأولاد ان الدين لا يلحقهن ولا يردهن ولا يجعلهن بمنزلة الرجل يعتق عبده وعليه
318

دين (قال سحنون) وهذا قول الرواة كلهم لا أعلم بينهم فيه اختلافا وهذا يدل
على المسألة الأولى في الذي ادعى الولد وورثته عصبة والولد له انقطاع إلى المدعى
وناحية فالمقر بالولد والدين غالب عليه أولى بالتهمة لاتلافه أموال الناس ولكن
استلحاق الولد يقطع كل تهمة (وقد قال) ذلك بعض كبار أصحاب مالك منهم أشهب
ألا ترى أن الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها قبل أن يدخل بها وقد علم أنه لم يمسها
فالطلقة بائن ولا يجوز له ارتجاعها الا بنكاح جديد وولى وصداق لما بانت منه في
الحكم الظاهر فان ظهر بالمرأة حمل فادعاه كان ولده وكانت زوجته بلا صداق ولا
نكاح مبتدأ لاستلحاقه الولد فالولد قاطع للتهم
[في الرجل يزوج أمته رجلا فتلد ولدا لتمام ستة أشهر]
[أو أقل من ذلك فيدعيه السيد]
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا زوج أمته من عبده أو من رجل أجنبي
فجاءت بولد لستة أشهر فصاعدا فادعاه السيد لمن الولد (قال) قال مالك في الرجل
يزوج أمته ثم يطؤها السيد فتجئ بولد ان الولد ولد الزوج ولا يكون ولد السيد إلا أن يكون زوجها قد اعتزلها ببلد يعرف أن في اقامته ما كان استبراء لرحمها في طول
ذلك فالولد يلحق بالسيد (وسئل) مالك عن رجل زوج أمته من عبده ثم وطئها
السيد فجاءت بولد (قال) الولد للعبد إلا أن يكون العبد معزولا عنها فان الولد يلحق
بالسيد لأنها أمته يدرأ عنه فيها الحد فكذلك يلحق به الولد إذا كان الزوج
معزولا عنها (قلت) أرأيت ان زوج أمته فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر وقد
دخل بها زوجها أيفسد نكاحه في قول مالك (قال) نعم ويلحق الولد بالسيد إن كان
السيد مقرا بالوطئ إلا أن يدعى الاستبراء
[في الرجل يطأ أمة مكاتبه فتحمل]
(قلت) أرأيت الرجل يطأ أمة مكاتبه فحملت فجاءت بولد أيعتق الولد أم لا (قال)
319

لم أسمع من مالك في هذه المسألة شيئا إلا أنى سمعت مالكا يقول لا يجتمع النسب
والحد فإذا درئ الحد ثبت النسب فأرى في مسألتك هذه لا بد من أن يدرأ الحد
ولا احفظه عن مالك فإذا درئ الحد ثبت النسب (قلت) فهل يكون للمكاتب
في الابن القيمة على أبيه يوم حملت وتكون الأمة أم ولد له بتلك القيمة أم لا تكون
له أم ولد وترجع إلى المكاتب أمة (قال) أحسن ما جاء فيه عندي أنها تقوم عليه يوم
حملت بمنزلة الذي يطأ جارية ابنه أو ابنته أو شريكه ولا يكون هذا في أمة مكاتبه
أشد مما يطأ جارية على الشريك في حصة شريكه وتكون أم ولد له ولا يصلح أن
يلحق الولد به وتكون أمه أمة لمكاتبه (قلت) فإن لم يكن له مال وليس فيما بقي
على مكاتبه قدر قيمتها أتكون أم ولد ويعتق المكاتب ويتبع سيده بفضل القيمة أم
تكون أمة للمكاتب ويقاص السيد بقيمة الولد فيما بقي عليه من كتابته (قال) أرى
أن يكون ذلك على السيد ويقاص المكاتب سيده بذلك فإن كانت قيمتها كفافا لما
بقي عليه من الكتابة عتق وإن كان في قيمتها فضل رجع بذلك المكاتب على سيده
وعتق (قال سحنون) وقال غيره ليس للسيد تعجيل ما على مكاتبه (قال) فإن كان
له مال أخذت القيمة من ماله وصارت أم ولده للشبهة في ذلك وإن كان ماله على
مكاتبه لا يحيط بقيمتها بيع ما على مكاتبه فإن كان ذلك قيمتها كانت أم ولد وأعطى
المكاتب ذلك الثمن إلا أن يشاء المكاتب أن يكون أولى بما بيع منه لتعجيل العتق
وان أبى كان له الوقوف علي كتابته وإن لم يكن في ذلك الا بقدر نصف الجارية
اخذه المكاتب وبقي نصف الجارية للمكاتب ونصفها بحساب أم ولد واتبع السيد
بنصف قيمة الولد
[في الرجل يطأ جارية ابنه]
(قلت) أرأيت الرجل يطأ جارية ابنه أتقوم عليه في قول مالك أم لا وكيف إن كان
ابنه صغيرا أو كبيرا أو حملت أو لم تحمل الجارية من الأب (قال) قال مالك
تقوم عليه جارية ابنه إذا وطئها حملت أو لم تحمل كبيرا كان أو صغيرا وهو قول
320

مالك ان الصغير والكبير في ذلك سواء تقوم عليه إذا وطئها وإن لم تحمل ولا حد
عليه فيها لان مالكا قال في الجارية بين الشريكين إذا وطئها أحدهما قومت عليه
يوم حملت إلا أن يحب الشريك ان هي لم تحمل أن لا تقوم على شريكه فذلك له ولا
أرى أنا الابن بمنزلة الشريك إذا هي لم تحمل فإن كان الابن كبيرا وليس للأب مال
فإنها تقوم على الأب على كل حال مليا كان أو معدما وتباع عليه إن لم تحمل لابنه
وكذلك المرأة تحل جاريتها لزوجها أو لابنها أو لغيرهما وكذلك الأجنبيون هم بمنزلة
سواء (قلت) أرأيت ان وطئ رجل جارية ابنه وقد كان ابنه وطئها قبل ذلك
أتقوم على الأب أم لا (قال) قال مالك تقوم على الأب (قلت) فهل للأب أن يبيعها
في قول مالك قال نعم (قلت) فان حملت من وطئ الأب (قال) قال مالك تقوم
على الأب وتخرج حرة ويلحقه الولد لأنها حرمت على الأب لان الابن قد كان
وطئها قبل ذلك وإنما كان للأب فيها المتعة فلما كانت عليه حراما عتقت (قال) ولم
أسمعه من مالك ولكن أخبرني عنه بعض من أثق به (قلت) أرأيت ان وطئ
الأب أم ولد ابنه أتقوم عليه أم ماذا يصنع به في قول مالك (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا ولكن أرى أن تؤخذ القيمة من الأب قيمة أم الولد فتدفع إلى الابن
وتعتق الجارية على الابن ولا تعتق على الأب لان الولاء قد ثبت للابن وإنما
ألزمنا الأب القيمة للفساد الذي أدخله على الابن. ولا آمر الابن أن يطأها فإذا
نهيت الابن عن الوطئ وحرمت عليه بوطئ الأب أعتقتها عليه وقد بلغني ذلك عن
مالك (قلت) لم حرمت هذه الجارية على الابن وقد قال مالك لو أن رجلا وطئ
امرأة ابنه لم تحرم على الابن (قال) لا تشبه الحرة في هذا الأمة لان الرجل لو وطئ
امرأة ابنه لرجمته إن كان محصنا وإن كان لم يحصن بامرأة قط حددته حد البكر
ولست أحده في أم ولد الابن فلما لم أحده في أم ولد ابنه حرمتها على الابن فكذلك
أم ولد الابن لأنها أمة إذا وطئها الأب دفعت عنه الحد وحرمتها على الابن وألزمت
الأب قيمتها وأعتقتها على الابن (قلت) أرأيت ان جاءت هذه الجارية بولد
321

بعد ما وطئها الأب (قال) ينظر في ذلك فإن كان الابن غائبا يوم وطئها الأب وقد
غاب الابن قبل ذلك غيبة يعلم أن في مثلها قد استبرئت لطول مغيبه فالولد ولد الأب
لان مالكا قال لو أن رجلا زوج غلاما له أمة له فوطئها سيدها بعد ما دخل
بها زوجها فولدت ولدا (قال) مالك إن كان العبد غير معزول عنها فالولد للعبد وإن كان
معزولا عنها أو غائبا قد استيقن في ذلك أنها قد حاضت بعده واستبرأ
رحمها (قال مالك) رأيت أن يلحق الولد بالسيد وترد الجارية إلى زوجها فكذلك
الأب في جارية ابنه
[في الرجل يتزوج الأمة فتلد منه ثم يشتريها أتكون بذلك أم ولد أم لا]
(قلت) أرأيت ان تزوج الولد أمة والده فولدت ثم اشتراها أتكون أم ولد
بذلك الولد أم لا في قول مالك (قال) قال مالك كل من تزوج أمة ثم اشتراها وقد
كانت ولدت منه قبل أن يشتريها انها لا تكون أم ولد بذلك الولد إلا أن يشتريها
وهي حامل فتكون بذلك الولد أم ولد ألا ترى أن الولد الذي ولدته قبل أن
يشتريها انه لسيدها الذي باعها وان الذي اشتراها وهي حامل به يكون له فتصير بهذا
أم ولد ولا تصير بالذي ولدت قبل الشراء أم ولد لأنه رقيق. وأما ما سألت عنه من
اشتراء الولد امرأته من أبيه وهي حامل فانى لا أراها أم ولد وان اشتراها وهي حامل
منه لان الولد قد عتق على جده في بطنها وإنما تكون أم ولد إذا اشتراها وهي
حامل منه بمن لم يعتق عليه وهو في بطنها فأما ما ثبتت فيه الحرية بعتق على من ملكه
فاشتراها وهي حامل به فلا تكون به أم ولد ألا ترى أن سيدها لو أراد أن
يبيعها لم يكن ذلك له لأنه قد عتق عليه ما في بطنها وان الأمة التي لغير أبيه لو أراد أن يبيعها وهي تحت زوجها باعها وكان ما في بطنها رقيقا فهذا فرق ما بينهما (قلت)
أرأيت لو أنى اشتريت أمة قد كان أبى تزوجها وهي حامل من أبى (قال) يعتق عليك
ما في بطنها ولا تستطيع أن تبيعها حتى تضع ما في بطنها ولا تعتق عليك الأمة
(قلت) فان رهقني دين بعد ما اشتريتها أتباع أم لا (قال) نعم تباع عليك وتباع
322

بالولد وذلك أنه إنما يعتق عليك إذا خرج إلا أنك لا تستطيع أن تبيعها لما عقد
لولدها من العتق بعد الخروج (قال سحنون) وقد قال أشهب مثل قول عبد الرحمن
ابن القاسم (وقال) بعض رواة مالك لا تباع في الدين حتى تضع لان عتق هذا ليس
هو عتق اقتراب من السيد إنما أعتقته السنة وعتق السنة أوكد من الاقتراب وأشد
(قلت) فان اشتريتها وهي حامل من أبى وأبى حي وهي تحته أتكون أم ولد لأبي
بذلك الولد ويفسخ التزويج (قال) لا. لا تكون أم ولد بذلك الولد وهي أمة للابن ولا
تكون أم ولد بذلك الولد لان الولد إنما عتق على أخيه ولم يعتق على أبيه ولم يكن
للأب فيها ملك وتحرم على الأب بملك ابنه إياها لان الأب لا ينبغي له أن يتزوج أمة
ابنه (قلت) فإن كانت حاملا من أخي فاشتريتها (قال) تكون هي وولدها رقيقا لك
لان الرجل لا يعتق عليه ابن أخيه (قال سحنون) وقد قال غيره في الابن الذي
تزوج جارية أبيه فحملت منه ثم اشتراها من أبيه ان ذلك لا يجوز لان ما في بطنها
قد عتق على جده ولا يجوز أن تباع ويستثنى ما في بطنها لان ذلك غرر لأنه وضع
من ثمنها لما استثنى وهو لا يدرى أيكون لها ولد أم لا يكون فكما لا يجوز له
بيع ما في بطنها لأنه غرر فكذلك إذا باعها واستثنى ما في بطنها لأنه قد وضع من
الثمن لمكانه ألا ترى أن عتق ما في بطنها عتق لا يتسلط عليه الدين ولا يلحقه
الرق لأنه عتق سنة وليس هو عتق اقتراب
[في أم ولد المرتد ومدبره]
(قلت) أرأيت لو أن مسلما ارتد ولحق بدار الحرب وله عبيد قد دبرهم وأمهات
أولاد في دار الاسلام أيعتقون عليه حين لحق بدار الحرب كافرا (قال) قال مالك
في الأسير يتنصر انه لا يقسم ماله الذي في دار الاسلام بين ورثته فهذا يدلك على
أن أمهات أولاد المرتد لا يعتقن عليه بلحاقه بدار الحرب لان من لا يقسم ماله بين
ورثته لا يعتق عليه أمهات أولاده فلما كان الأسير إذا تنصر لا يقسم ماله بين ورثته
323

فكذلك المرتد إذا ارتد في دار الاسلام ولحق بدار الحرب فهو بمنزلة الأسير الذي
تنصر فان رجع إلى دار الاسلام فتاب ثم مات كان ميراثه بين ورثته وعتق عليه
أمهات أولاده ومدبروه وان مات على الارتداد كان ماله لجميع المسلمين وأما مدبروه
فإنهم يعتقون وليس هي وصية استحدثها لأنه أمر عقده في الصحة ولم يكن يستطيع
أن ينقضه وهو مسلم فلذلك جاز عليه وأما كل وصية لو شاء أن يردها وهو مسلم
ردها فإنها لا تجوز إذا ارتد وكذلك الأسير إذا تنصر ولو جاز له ما أوصى به وهو
مسلم ولو شاء أن يرده رده لجاز له أن يحدث في ارتداده وصية فهذا وجه ما سمعته
(قلت) أرأيت المرتد إذا ارتد وله أمهات أولاد أيحرمن عليه في حال ارتداده في
قول مالك قال نعم (قلت) فهل يعتقن عليه إذا وقعت الحرمة (فقال) لا أحفظ
قول مالك في العتق ولكني لا أرى أن يعتقن عليه لان الحرمة التي وقعت ها هنا
من قبل ارتداده ليست كحرمة النكاح لان النكاح عصمة تنقطع منه بارتداده
وهذه ليس لها من عصمة تنقطع وهذه تحل له ان رجع عن ارتداده إلى الاسلام
فأراها موقوفة ان أسلم كانت أم ولده بحال ما كانت قبل أن يرتد
[في أم ولد الذمي تسلم]
(قلت) أرأيت أم ولد الذمي إذا أسلمت ما عليها في قول مالك (قال) تعتق
(سحنون) وقد قال مالك توقف حتى يموت أو يسلم فتحل له ثم رجع إلى أن
تعتق (قلت) ولا تسعى في قيمتها في قول مالك (قال) لا لان الذمي إنما كان له
فيها الاستمتاع بوطئها فلما أسلمت حرم عليه فرجها فصارت حرة (قلت) أرأيت
ان أسلمت أم ولد النصراني ثم أسلم النصراني مكانه بعد اسلامها أتجعلها أم ولده كما
كانت أم تعتقها عليه (قال) ان أسلم قبل أن يعتقها السلطان عليه بعد ما أسلمت كانت
أم ولد له (قال) والذي أرى في أم ولد الذمي إذا أسلمت ان غفل عنها فلم يرفع
أمرها حتى أسلم سيدها النصراني وقد طال في ذلك زمانها ان سيدها أولى بها ان
أسلم ما لم يحكم عليه السلطان بعتقها لأنه أمر قد اختلف فيه الناس عن مالك (قلت)
324

أرأيت أم ولد ذمي ولدت بعد أن صارت أم ولد من غير سيدها فأسلمت فأعتقتها
عليه في قول مالك ما حال الولد وهل هم مسلمون باسلام أمهم إذا كانوا صغارا أم
لا وهل يعتق ولد أم الولد على سيدهم النصراني ان أسلم وأمه نصرانية أو أسلمت
أم الولد ولم يسلم معها أولادها وهم كبار قد استغنوا عن أمهم بلغوا الحلم أو لم يبلغوا
أتعتقهم أم لا (قال) لا عتق للولد الكبار إذا أسلموا مع اسلام أمهم أو قبلها أو
بعدها ولا اسلام للولد الصغار باسلام أمهم استغنوا عنها أو بلغوا الاثغار أو لم يبلغوا
ولا عتق لهم أيضا ولا لجميع ولدها ان أسلموا الا إلى موت سيدها ولا يعتق منهم
بالاسلام الا الأم وحدها وذلك أن الأم إذا جنت أجبر سيدها على افتكاكها وان
ولدها لو جنوا جناية لم يجبر السيد على افتكاكهم وإنما عليه أن يسلم الخدمة التي له
فيهم فيختدمهم المجروح إلى أن يستوفى جرحه قبل ذلك فيرجعون إلى سيدهم فهذا
فرق ما بينهما وإنما اسلام الأم كمنزلة ما لو عجل لها سيدها العتق دون ولدها فلا
عتق لولدها إذا أسلموا الا إلى موت سيدها (ولقد) قال مالك الأولاد تبع للآباء
في الاسلام في الأحرار وقال في أولاد العبيد في الرق انهم تبع للأمهات في الرق ولم
أسمعه قال في اسلامهم شيئا إلا أنى أرى لو أن أمة لنصراني لها ولد صغير فأسلمت
بيعت وما معها من ولد صغير ولا يفرق بينها وبين ولدها لأنه لا يستغنى عنها (قلت)
فإن كان قد استغنى عنها (قال) لا يباع معها (قلت) ولا يكون مسلما باسلامها صغيرا
كان أو كبيرا (قال) إذا استغنى عنها فلا أراه عندي مسلما باسلامها وإن لم يستغن عنها
بيع معها من مسلم فأما اسلامه فلا أراه مسلما إذا كان أبوه نصرانيا ولا لسيده الذي
اشتراه مع أمه أن يجعله مسلما إذا كره ذلك أبوه (قال) ولقد سمعت مالكا
وهو يسئل عن الرجل المسلم يكون له العبد والأمة على النصرانية فتلد أولادا أترى
أن يكره الأولاد على الاسلام وهم صغار (قال) ما علمت ذلك. استنكارا أن يكون
ذلك لسيدهم (قلت) أرأيت المكاتب النصراني إذا كان مولاه مسلما فأسلمت أم
ولد هذا النصراني المكاتب (قال) أرى أن توقف فان عجز المكاتب كان حاله
325

مثل حال النصراني يشترى الأمة المسلمة فإن كان السيد نصرانيا ثم أسلمت أم
ولد المكاتب النصراني أوقفت فان أدى المكاتب عتقت عليه وان عجز كان رقيقا
وبيعت عليه
[في أم الولد يكاتبها سيدها]
(قلت) أرأيت أم الولد أيصلح أن يكاتبها سيدها في قول مالك (قال) قال مالك لا
يكاتبها سيدها الا بشئ يتعجله منها فأما أن يكاتبها يستسعيها في الكتابة فلا يجوز ذلك
(قلت) وإنما يجوز عند مالك في أم الولد أن يعتقها على مال يتعجله منها قط قال نعم
(قلت) أرأيت ان كاتب الرجل أم ولده أيجوز هذا في قول مالك (قال) قال مالك
لا يجوز ذلك (قلت) فان فاتت بأداء الكتابة أتعتقها عليه أم لا (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا وأرى أن لا ترد في الرق بعد أن عتقت (قلت) أرأيت أم الولد إذا
كاتبها سيدها على مال فأدته إلى السيد فخرجت حرة أيكون لها أن ترجع على السيد
بذلك المال فتأخذه منه في قول مالك لان مالكا قال لا يجوز أن يكاتب
الرجل أم ولده (قال) لا. لا ترجع على سيدها بشئ مما دفعت إليه لان مالكا
قال للسيد أن يأخذ مال أم ولده منها ما لم يمرض فإذا مرض لم يكن له أن يأخذ
مالها منها لأنه إنما يأخذه الآن لورثته (قال) وقال مالك أيضا لا بأس بأن يقاطع
الرجل أم ولده على مال يتعجله منها ويعتقها فهذا يدلك على أنها لا ترجع بما أدت من
ذلك إلى السيد (قلت) فلم جوز مالك القطاعة في أم الولد ولم يجوز الكتابة (قال)
لان القطاعة كأنه أخذ مالها وأعتقها وقد كان له أن يأخذ مالها ولا يعتقها وأما
الكتابة فإذا كاتبها فكأنه باعها خدمتها ورقها فلا يجوز أن يبيعها بذلك ولا
يستسعيها لان أمهات الأولاد لا سعاية عليهن إنما فيهن المتعة لساداتهن (قال)
وقال مالك ليس لسيد أم الولد أن يستخدمها ولا يجهدها في مثل استقاء الماء
والطحين وما أشبهه ولا يكاتبها ولو أن رجلا كاتب أم ولده فسخت الكتابة فيها إلا أن تفوت بأداء الكتابة فتكون حرة (قلت) أرأيت أم الولد إذا كاتبها سيدها
326

(قال) تفسخ كتابتها وقال في أم الولد إذا كوتبت فأدت انها حرة لان مالكا قال
لا بأس بأن يقاطع الرجل أم ولده فإذا كأن لا بأس بالقطاعة فهي إذا أدت حرة
لا شك في ذلك ولا ينبغي كتابتها ابتداء (قال سحنون) وأخبرني ابن وهب عن
يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال إذا أرادت أم الولد أن تتعجل العتق بأمر صالحها
عليه سيدها فهو جائز فأما الكتابة مثل كتابة المملوك فلا ولكن تصالح من ذات
يدها ما يثبت لها العتق (وأخبرني) ابن وهب عن الليث عن يحيى بن سعيد بذلك
(قال ابن وهب) قال الليث قال يحيى ولو مات سيدها وعليها الدين الذي اشترت به
نفسها كان ذلك دينا عليها تتبع به لأنها اشترت رقا كان عليها تعجلت العتق بما كتب
عليها ولو أنها كاتبت على كتابة معلومة ونجم عليها تلك الكتابة الشهور والسنين ثم
مات الرجل عتقت وبطل ما بقي عليها من الكتابة (قال ابن وهب) وأخبرني
يونس بن يزيد عن أبي الزناد بنحو ذلك (قال ابن وهب) وأخبرني يونس عن ربيعه
أنه قال في رجل كاتب سريته قال فإن كانت جاءته بمال تدفعه إليه على عتق تتعجله
يكون بعض ذلك لبعض فذلك جائز لها وله وأنكر ربيعة أن يكاتبها وقال إن كتابتها مخالفة لشروط المسلمين فيها. الآثار لابن وهب
[في الرجل يعتق أم ولده على مال يجعله عليها دينا]
[برضاها أو بغير رضاها]
(قلت) أرأيت من أعتق أم ولده على مال يجعله دينا عليها برضاها أو بغير رضاها
أيلزمها ذلك أم لا في قول مالك
(قال) لا أقوم على حفظ قول مالك إلا أن مالكا
قال ليس له أن يستعملها ولا يكاتبها فإذا لم يكن له أن يستعملها ولا يكاتبها فليس له
أن يعتقها ويجعل عليها دينا بغير رضاها وإذا كان برضاها فليس به بأس عندي إنما
هي بمنزلة امرأة حرة اختلعت من زوجها بدين جعله عليها فكذلك أم الولد لأنه
إنما كان لسيدها المتاع فيها مثل ما كان له في الحرة من المتاع
327

[في أم ولد الذمي يكاتبها ثم يسلم]
(قلت) أرأيت لو أن نصرانيا كاتب أم ولده النصرانية فأسلمت أم ولده
أتسقط الكتابة عنها وتعتق في قول مالك (قال) نعم لأنه قال إذا أسلمت أم ولد
النصراني عتقت عليه (قلت) أرأيت لو أن ذميا كاتب أم ولده الذمية ثم أسلمت
(قال) قال مالك في أم ولد الذمي إذا أسلمت انها حرة فأرى هذه بتلك المنزلة انها
حرة وتسقط عنها الكتابة
[في بيع أم الولد وعتقها]
(قلت) أرأيت ان اشتريت أم ولد رجل فأعتقتها (قال) قال مالك ليس عتقك عتقا
ويرد هذا البيع وترجع إلى سيدها (قلت) لم وهذا العتق أوكد من أم الولد
(قال) لان ذلك قد ثبت في أم الولد ولا يشبه التدبير لان التدبير من الثلث وأم
الولد حرة من رأس المال إلا أن له فيها المتعة فهي مردودة على كل حال أم ولد
للبائع فان ماتت في يدي المشترى قبل أن ترد فمصيبتها من البائع ويرجع المشترى
إلى ماله فيأخذه (قلت) أرأيت لو أن رجلا باع أم ولده فأعتقها المشترى أيكون
هذا فوتا (قال) لا يكون هذا فوتا ولا تكون حرة وترد إلى سيدها (قلت) فان
ماتت وذهب المشترى فلم يقدر عليه ما يصنع بالثمن (قال) يتبعه فيطلبه حتى يرده إليه
فان قدر عليه وقد مات الجارية أم الولد في يدي المشترى رد عليه جميع الثمن ولم
يتبعه بشئ لان أم الولد إنما كان لسيدها فيها المتاع بالوطئ لا بغيره وهي معتوقة من
رأس المال على سيدها فلا يأكل ثمن حرة (قلت) فان مات سيدها وقد ماتت
أم الولد قبله أو بعده أو لم تمت (قال) يرد الثمن إلى مشتريها على كل حال ويكون
ثمنها دينا على بائعها إن لم يكن عنده وفاء ماتت أو لم تمت مات سيدها أو لم يمت مات
سيدها قبلها أو بعدها أفلس أو لم يفلس
328

[في العبد المأذون له يعتق وله أم ولد أو أمة حامل]
(قلت) أرأيت العبد المأذون له في التجارة إذا اشترى جارية فوطئها بملك اليمين
باذن السيد أو بغير إذن السيد فولدت ثم أعتق العبد بعد ذلك فتبعته كما تبعه ماله
أتكون بذلك الولد أم ولد أم لا (قال) قال مالك لا تكون به أم ولد وله أن يبيعها
وكل ولد ولدته قبل أن يعتقه سيده أو أعتقه سيده وأمته حامل منه لم تضعه فان ما
ولدت قبل أن يعتقه سيده وما في بطن أمته رقيق كلهم للسيد ولا تكون بشئ منهم
أم ولد لأنهم عبيد وأما أمهم فبمنزلة ماله لأنه إذا أعتقه سيده تبعه ماله (قال ابن
القاسم) إلا أن يملك العبد ذلك الحمل الذي في بطن جاريته منه قبل أن تضعه فتكون
به أم ولد له (قال) فقلت لمالك فلو أن العبد حين أعتقه سيده أعتق هو جاريته
وهي حامل منه (قال) قال لي مالك لا عتق له في جاريته وحدودها وحرمتها
وجراحها جراح أمة حتى تضع ما في بطنها فيأخذه سيده وتعتق الأمة إذا وضعت
ما في بطنها بالعتق الذي أعتقها به العبد المعتق ولا تحتاج الجارية هاهنا إلى أن يجدد
لها العتق (قال مالك) ونزل هذا ببلدنا وحكم به (قال ابن القاسم) وسأله بعض
أصحابه ابن كنانة بعد ما قال لي هذا القول بأعوام أرأيت المدبر إذا اشترى جارية
فوطئها فحملت منه ثم عجل السيد عتقه وقد علم أن ماله يتبعه أترى ولده يتبع
المدبر (قال) لا ولكنها إذا وضعته كان مدبرا على حال ما كان عليه الأب قبل أن
يعتقه السيد والجارية للعبد تبع لأنها ماله (قلت) وتصير ملكا له ولا تكون
بهذا الولد أم ولد له (قال) قد اختلف قول مالك في هذه بمنزلة ما اختلف في المكاتب
وجعله في هذه الجارية بمنزلة المكاتب في جاريته (قال) والذي سمعت من مالك أنه
قال تكون أم ولد إذا ولدته في التدبير أو في الكتابة (قال) فقلت لمالك وإن لم يكن
لها يوم تعتق ولد حي (قال) نعم وإن لم يكن لها ولد حي يوم تعتق (قال
سحنون) وقد قال أكثر الرواة لا تكون أم ولد المدبر أم ولد إذا أعتق المدبر
كان له ولد يوم يعتق أو لا ولد له لأنه قد كان للسيد أخذها (قالوا) وليس
329

هي مثل أم ولد المكاتب لان المكاتب كان ماله ممنوعا من سيده فبذلك افترقا وأم
ولد المكاتب أم ولد إذا أدى وعتق (قلت) لابن القاسم ما حجة مالك في التي
في بطنها ولد من هذا العبد الذي أعتقه سيده فقال المعتق هي حرة لم جعلها مالك
في جراحها وحدودها بمنزلة الأمة وان ما في بطنها ملك للسيد وهي إذا وضعت ما في
بطنها كانت حرة باللفظ الذي أعتقها به العبد المعتق (قال) لان ما في بطنها ملك
للسيد فلا يصلح أن تكون حرة وما في بطنها رقيق فلما لم يجز هذا أوقفت فلم تنفذ
لها حريتها حتى تضع ما في بطنها (قال) ومما يبين لك ذلك أن العبد إذا كاتبه سيده
وله أمة حامل منه ان ما في بطنها رقيق ولا يدخل في كتابة المكاتب إلا أن يشترطه
المكاتب (قال سحنون) (1) وهذا قول الرواة كلهم ما علمت لاحد منهم خلافا
في هذا الا أشهب فإنه قال إذا كاتب الرجل عبده وله أمة حامل منه دخل حملها
معه في الكتابة إلا أن يشترطه السيد
[في أم ولد المدبر يموت سيده فيعتق في ثلثه]
(قال) وقال مالك في أم ولد المدبر إذا مات سيده فعتق في ثلث مال الميت ان أم
ولده أم ولد له بالولد الذي كان في التدبير وولده الذين ولدوا بعد التدبير من أم ولده
بمنزلته يعتقون في ثلث مال الميت (قال ابن القاسم) وان أراد المدبر أن يبيع أم
ولده قبل موت سيده لم يكن ذلك له الا باذن سيده وان أراد سيده انتزاعها كان
ذلك له (قال) فقلت لمالك فإن كان أعتق المدبر أو المكاتب ولا ولد له يوم أعتق
(قال) نعم أراها أم ولد بما ولدت في التدبير والكتابة (قال ابن القاسم) وإنما
تكون أم ولد لان ولدها بمنزلة والدهم فقد جرى في ولدها مثل ما جرى في
أبيهم فهذا يدلك على أنه يجرى فيها أيضا ما يجرى في ولدها (قال) وقال مالك في
أم ولد المدبر إذا مات سيده فعتق في ثلث ماله ان أم ولده أم ولد له بالولد الذي حملت
به في تدبيره كانوا معها يوم يعتق أبوهم أو ماتوا قبل ذلك (قال ابن القاسم) فتكون

(1) (قوله قال سحنون) من هنا إلى آخر الباب مثبت في بعض النسخ اه‍ من هامش الأصل
330

أم ولد لان ولدها بمنزلة أبيهم لأنه جرى العتق في الولد بما جرى في الوالد فكذلك يجرى
أيضا فيها كما جرى في ولدها (قال سحنون) قد أعلمتك بهذا الأصل قبل هذا
[في أم ولد المدبر وولده يموت قبل سيده]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا له مدبر فولد للمدبر ولد من أمة له ثم مات المدبر ثم
مات السيد (قال) لما مات المدبر كانت أم ولده أمة للسيد وجميع ما ترك المدبر من
مال للسيد وأما الولد فإنه مدبر يقوم في ثلث مال الميت بعد موته (قلت) وهذا
قول مالك (قال) نعم
[في الرجل يدعى الصبي في ملك غيره أنه ولده]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا باع صبيا صغيرا في يديه ثم أقر بعد ذلك أنه ابنه
أيصدق في قول مالك ويرد الصبي (قال) نعم إذا كان قد ولد عنده (قال) وأخبرني
ابن دينار أنها نزلت بالمدينة فقضى بها بعد خمس عشرة سنة وكذلك قال مالك
(قلت) فإن كان الصبي لم يولد عنده (قال) قال مالك القول قوله أبدا إلا أن
يأتي بأمر يستدل به على كذبه (قال مالك) فما ادعى مما يعرف كذبه فيه فهو غير لاحق
به (قلت) أرأيت لو أن رجلا ادعى ابنا فقال هذا ابني ولم تكن أمه في ملكه ولا
كانت له زوجة أيصدق في ذلك إذا كان الابن لا يعرف نسبه (قال) قال مالك من
ادعى ولدا لا يعرف كذبه فيما ادعي ألحق به الولد إذا لم يكن للولد نسب ثابت
(قلت) ومن يعرف كذبه ممن لا يعرف كذبه (قال) الغلام يولد في أرض
الشرك فيؤتى به محمولا مثل الصقالبة والزنج ويعرف أن المدعى لم يدخل تلك البلاد
قط فهذا الذي يعرف كذبه وما أشبهه (قلت) أرأيت ان شهد الشهود أن أم هذا
الغلام لم تزل ملكا لفلان أو لم تزل زوجة لفلان غير هذا المدعى حتى هلكت عنده
أيستدل بهذا على كذب المدعى (قال) أما الأمة فلعله كان تزوجها فلا أدرى ما هذا
وأما الحرة فإذا شهدوا أنها زوجة الأول حتى ماتت فهي مثل ما وصفت لك فيما يولد
331

في أرض العدو (قلت) وهذا قول مالك (قال) إنما قال مالك في الحمل إذا ادعاه
ولم يعرف أنه دخل تلك البلاد قط لم يصدق فأما إذا علموا أنه دخل تلك البلاد فان
الولد يلحق به (قلت) أرأيت ان ادعى أنه ابنه وهو في ملك غيره أيصدق أم لا
أو كان أعتقه الذي كان في ملكه ثم ادعاه هذا الرجل أتجوز دعواه ان أكذبه الذي
أعتقه أو صدقه (قال) قد سمعت أنه لا يصدق إذا أكذبه المعتق ولا أدرى أهو
قول مالك أم لا وهو رأيي (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال هذا بنى وهو ابن أمة
لرجل وقال زوجني الأمة سيدها فولدت لي هذا الولد فكذبه سيدها أيكون ولده
أم لا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يصدق (قلت) فان اشتراه
(قال) أراه ابنه وأراه حرا وإنما قلت أراه حرا لان مالكا قال من شهد على عتق
عبد فردت شهادته ثم اشتراه بعد ذلك عتق عليه وأما في النسب فهو رأيي (قلت)
أرأيت ان ادعيت أولاد أمة لرجل فقلت لسيدها زوجتني أمتك هذه وولدت هؤلاء
الأولاد منى وكذبه السيد وقال ما زوجتك ولا هؤلاء الأولاد منك أيثبت نسب
الأولاد منه أم لا في قول مالك (قال) لا يثبت نسبهم منه (قلت) فان اشتراهم هذا
الذي ادعاهم واشترى أمهم (قال) إذا اشتراهم ثبت نسبهم منه لأنه أقر بأنهم أولاده
بنكاح لا بحرام فلذلك ثبت النسب منه ولم أسمعه من مالك (قلت) ولا تكون
أمهم بولادتهم أم ولد في قول مالك (قال) نعم لا تكون أم ولد (قلت) أرأيت لو
أن السيد أعتق الأولاد قبل أن يشتريهم هذا الذي ادعاهم أيثبت نسبهم من هذا
الذي ادعاهم أم لا (قال) لا يثبت نسبهم منه لان الولاء قد ثبت للذي أعتقهم ولا ينتقل
الولاء عنه ولا توارثهم الا ببينة تثبت لان الولاء لا ينتقل عند مالك الا بأمر يثبت
(قلت) أرأيت لو أن رجلا باع صبيا قد ولد عنده أو لم يولد عنده ثم ادعاه أنه ابنه (قال)
سمعت مالكا وهو يسئل عن الرجل يدعى الغلام فقال يلحق به إلا أن يستدل على
كذبه (قال) وأخبرني من أثق به من أهل المدينة أن رجلا باع غلاما قد ولد
عنده فادعاه وهو عند المشترى بعد خمس عشرة سنة (قال) مالك يلحق به (قلت)
332

أرأيت إذا اشترى رجل جارية من رجل فجاءت بولد عند المشترى لمثل ما تلد له النساء
فادعاه البائع (قال) قال مالك دعواه جائز ويرد البيع وتكون أمة أم ولد إذا لم تكن
تهمة (قال) ولم نسأل مالكا عن قولك لمثل ما تلد له النساء وهو رأيي (قلت) أرأيت
ان اشترى رجل جارية فولدت عند المشترى لستة أشهر أو لسبعة أشهر فادعى
البائع ولدها وقد أعتق المشترى الأم (قال) سئل مالك عن رجل اشترى جارية
فأعتقها فادعى البائع أن الجارية قد كانت ولدت منه (قال مالك) لا يقبل قوله الا ببينة
فأرى مسألتك مثل هذه لا يقبل قوله بعد العتق في الأمة لان عتقها قد ثبت
وتقبل دعواه في الولد ويصير ابنه (قال سحنون) ويرد الثمن لأنه قد أقر أنه
أخذ ثمن أم ولده (قلت) أرأيت ان بعت جارية لي حاملا فولدت عند المشترى
فأعتق المشترى ولدها فادعاه البائع أتثبت دعواه (قال) قال مالك في الجارية إذا
أعتقها المشترى فادعى ولدها البائع ما أخبرتك ففي ولدها أيضا إذا أعتق المشترى
ولدها أن الولاء قد ثبت فلا يرد بقول البائع هذا الذي قد ثبت من الولاء الا
بأمر يثبت (قلت) فالجارية ما حالها هاهنا (قال) أرى ان كانت دنية لا يتهم في
مثلها رأيت أن تحق به ويرد الثمن وان كانت ممن يتهم عليها لم يقبل قوله وكذلك
قال مالك في الأمة إذا ادعى أنها أم ولد رأيت أن تلحق به إذا لم يتهم (قلت)
فالولد هاهنا أينتسب إلى أبيه ويوارثه (قال) ينتسب إلى أبيه والولاء قد ثبت
للمعتق (قلت) أرأيت لو أن رجلا باع جارية فولدت عند المشترى فمات ولدها
وماتت الجارية فادعى البائع ولدها بعد موتها (قال) لا أحفظ عن مالك في هذا
شيئا ولكن أرى أن يرد البائع جميع الثمن لأنه مقر بأن الثمن الذي أخذه لا يحل له
وهذا المشترى لم يحدث في الجارية شيئا يضمن به (قلت) فإن كانت الجارية
والولد لم يموتا ولكن أعتقهما هذا المشترى (قال) يرد الثمن والعتق ماض والولاء للمعتق (قلت) أرأيت ان اشتريت جارية فأقامت عندي سبعة أشهر فوضعت
ولدا فادعيته أنا والبائع جميعا (قال) إن كان المشترى قد استبرأها بحيضة فجاءت
333

بولد لستة أشهر من بعد الاستبراء فالولد ولد المشترى وإن كان المشترى لم
يستبرئ وقد وطآها جميعا في طهر واحد دعى له القافة (قلت) أرأيت ان دعى
له القافة فقالت القافة هو منهما جميعا (قال) قول مالك أنه يوالي أيهما شاء كما قال عمر
ابن الخطاب وبه يأخذ (قلت) أرأيت ان بعت جارية حاملا فولدت فأعتقها المشترى
وولدها فادعيت الولد أتجوز دعواي وترد إلى وتكون أم ولدي في قول مالك أم لا
(قال) أما الولد فيلحق به نسبه وأما أم الولد فإنها إن لم تعتق فان مالكا قال فيها إن لم
يتهم فان أمثل شأنها أن تلحق به وترد أم ولد له فأما إذا أعتقت هي فانى لا أحفظ
أنى سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنى أرى فيها أن العتق لا يرد بعد أن عتقت ولا
يقبل قوله ولا يرد عتق الجارية الا ببينة تثبت له وهو قول مالك (قال ابن
القاسم) وأنا أرى أن لا يفسخ عتق جارية قد ثبتت حريتها بقوله فترد إليه أمة وإن كان
مثلها لا يتهم عليها فلا ترد إليه الا ببينة تثبت وأنا أرى أن يرد على المشترى الثمن
ولا ترد إليه الجارية بقوله ويكون الولاء للمشترى (قلت) أرأيت ان اشتريت
جارية فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر فادعيت الولد أتعتق على أم لا وتكون أم
ولدى أم لا في قول مالك (قال) لا تكون أم ولدك ولا يكون ولدك ولا تعتق
عليك لأنه ولد قبل تمام ستة أشهر من يوم اشتريت الأم فالحمل لم يكن أصله في
ملكك فلا يجوز دعواك فيه في قول مالك (قال) وقال مالك كل من ادعى ولدا يستيقن
فيه كذبه لم يلحق به فهذا عندي مما يستيقن فيه كذبه (قلت) أفتضربه الحد حين
قال هذا ولدى وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر في قول مالك (قال) لا أحفظه
عن مالك ولا أرى عليه الحد (قلت) أرأيت لو أنى بعت أمة لي فجاءت بولد
عند المشترى ما بينها وبين أربع سنين فادعى البائع الولد أيجوز ذلك ويثبت نسب
الولد وترد إليه الأمة أم ولد (قال) نعم أرى ذلك له (قلت) وهذا قول مالك
(قال) سألت مالكا عن الرجل يبيع الجارية فتلد فيدعى الولد قال يجوز دعواه إلا أن
يتهم (قال سحنون) وقال غيره من أصحاب مالك في الرجل يبيع الجارية وولدها
334

وقد ولدت عنده أو ولدت عند المشترى إلى مثل ما تلد له النساء ولم يطأها المشترى
ولا زوج أو باعها وبقي ولدها الذي ولدت عند البائع أو باع الولد وحبسها ثم ادعى
البائع الجارية وولدها وهي عند المشترى أو ادعى الولد عند المشترى وأمه عنده أو
ادعى الجارية عند المشترى والولد عنده بأنه ابنه وقد أعتقها المشترى أو أعتقهما أو
أعتقه أو كاتب أو دبر ان ذلك كله إذا ادعاه الأول المولود عنده منتزع من المشترى
منتقض فيه البيع حتى يرجع إلى ربه البائع ولدا وأمه أم ولد ويرد الثمن إلى المشترى
وإن كان معدما والجارية في يد المبتاع والولد أو الجارية بغير ولد وقد أحدث فيهما
المشترى أو لم يحدث من العتق وغيره فقال بعض أصحابنا إذا لحق النسب رجعت
إليه الجارية واتبع بالثمن دينا (وقال آخرون) ومالك يقوله يرجع الولد لأنه يلحق بالنسب
وتبقى الأم في يد المبتاع لأنه يتهم أن تكون بردها متعة له وتستخدم ولا يغرم ثمنا
والولد يرجع إلى حرية لا إلى رق بالذي يصير عليه من الثمن وإذا لم تكن الولادة
عنده ولا عند المشترى من أمة باعها فولدت عند المشترى من حين اشتراها إلى
مالا تلحق فيه الأنساب فلا تنتقض فيه صفقة مسلم أحدث فيهما المشترى شيئا أو لم
يحدثه لان النسب لا يلحق به أبدا إلا أن تكون أمه أمة كانت له وولدت عنده
أو عند غيره ممن باعها منه ولم يحزه نسب أو كانت عنده زوجة بقدر ما تلحق به
الأنساب ويشبه أن يكون الولد ولده من حين زالت عنه وإلا فلا يلحق به أبدا (قال
سحنون) هذا أصله كله وهو جيد
[في الرجل يدعى الملقوط أنه ابنه]
(قلت) أرأيت ان التقطت لقيطا فجاء رجل فادعى انه ولده أيصدق أم لا (قال)
بلغني عن مالك أنه قال لا يصدق إلا أن يكون لذلك وجه مثل أن يكون رجلا
لا يعيش له ولد فيسمع قول الناس انه إذا طرح عاش فيطرح ولده فالتقط ثم جاء
يدعيه فإذا جاء من مثل هذا ما يعلم أن الرجل كأن لا يعيش له ولد وقد سمع منه
ما يستدل به على صدق قوله ألحق به اللقيط والا لم يلحق به اللقيط ولم يصدق مدعى
335

اللقيط الا ببينة أو بوجه ما ذكرت لك أو ما أشبهه (قال سحنون) وقال غيره إذا
علم أنه لقيط لم تثبت فيه دعوى لاحد الا ببينة تشهد (قلت) لابن القاسم أرأيت
الذي هو في يديه ان أقر أو جحد أينفع اقراره أو جحوده (قال) لم أسمع من مالك فيه
شيئا وأراه شاهدا وشهادة واحد في الأنساب لا تجوز وهي غير تامة عند مالك ولا
يمين مع الشاهد الواحد في الأنساب (قلت) أرأيت الذي التقطه لو ادعاه هو لنفسه
أيثبت نسبه منه (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه هو وغيره فيه سواء لا
يثبت نسب الولد منه بقوله إذا عرف أنه التقطه (قلت) أرأيت إذا ادعت المرأة
لقيطا أنه ولدها أيقبل قولها (قال) لا أرى أن يقبل قولها (وقال أشهب) أرى قولها
مقبولا وان ادعته أيضا من زنا ألا أن يعرف كذبها
[في الرجل يدعى الصبي في ملكه أنه ابنه]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لعبد له أو لامة له هؤلاء أولادي أيكونون
أحرارا في قول مالك أم لا (قال) قال مالك القول قول السيد فيهم ما لم يأت بأمر
يستدل به على كذب السيد في قوله هذا فإذا جاء بأمر يستدل به على كذب
السيد لم يكن قوله بشئ (قلت) أرأيت إن كان لهؤلاء أب معروف أو كانوا
محمولين من بلاد أرض الشرك أهذا مما يستدل به على كذبه قال نعم (قلت)
أرأيت صبيا ولد في ملكي ثم بعته فمكث زمانا ثم ادعيت أنه ولدى أتجوز
دعواي (قال) إن لم يستدل على كذب ما قال فهو ولده ويترادان الثمن (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فإن كان المشترى قد أعتق الغلام فادعاه البائع
وقد كان ولد في ملكه أتجوز دعواه وينتقض البيع فيما بينهما وينتقض العتق (قال)
إن لم يستدل على كذب البائع كان القول قول البائع (قال سحنون) وهذه المسألة
أعدل قوله في هذا الأصل (قلت) أرأيت لو أن صبيا ولد في ملكي من أمتي
فأعتقته ثم كبر الصبي فادعيت أنه ولدي أتجوز دعواي ويثبت نسبه قال نعم (قلت)
وان أكذبني الولد (قال) نعم تجوز الدعوى ولا يلتفت إلى قول الولد (قلت) وهذا
336

قول مالك (قال) قال مالك تجوز دعواه إذا لم يتبين كذبه (قلت) فان اشترى
جارية فولدت عنده من الغد فادعى الولد لم تجز دعواه حتى يكون أصل الحمل عنده
وهذا مما يستدل به على كذبه في قول مالك (قال) نعم لا يجوز أن يدعي الولد ولا
يثبت نسبه إلا أن يكون أصل الحمل كان عنده في ملكه فإذا كان أصل الحمل في
ملك غيره لم تجز دعواه في قول مالك في الولد إلا أن يكون كان تزوجها ثم اشترها
وهي حامل فهذا تجوز دعواه
[في الأمة تدعى أنها ولدت من سيدها]
(قلت) أرأيت ان قالت أمة له ولدت منك وأنكر السيد أتحلفه لها أم لا (قال)
لا أحلفه لها لان مالكا لم يحلفه في العتق فكذلك هذه لا شئ لها إلا أن تقيم رجلين
على اقرار السيد بالوطئ ثم تقيم امرأتين على الولادة فهذا إذا أقامته صارت أم ولد
ويثبت نسب ولدها إن كان معها ولد إلا أن يدعى السيد استبراء بعد الوطئ فيكون
ذلك له (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي (قلت) أرأيت ان أقامت
شاهدين على اقرار السيد بالوطئ وأقامت امرأة واحدة على الولادة أيحلف السيد
(قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا وأرى أن يحلف لأنها لو أقامت امرأتين
ثبتت الشهادة على الولادة فهي إذا أقامت امرأة واحدة على الولادة رأيت اليمين
على السيد
[في المسلم يلتقط اللقيط فيدعى الذمي أنه ابنه]
(قلت) أرأيت اللقيط من أقام عليه بينة أيقضى له به وإن كان في يدي مسلم فأقام
ذمي البينة من المسلمين أنه ابنه أتقضى به لهذا الذمي وتجعله نصرانيا في قول مالك
(قال) قال مالك في اللقيط يدعيه رجل ان ذلك لا يقبل منه الا ببينة أو يكون رجلا
قد عرف أنه لا يعيش له ولد فيزعم أنه فعله لذلك (قال ابن القاسم) فان من الناس
من يفعل ذلك فإذا عرف ذلك منه رأيت القول قوله وإن لم يعرف ذلك منه لم
337

يلحق به فإذا أقام البينة عدولا من المسلمين فهذا أحرى أن يلحق به نصرانيا كان أو
غيره (قلت) فما يكون الولد إذا قضيت به للنصراني وألحقته به أمسلما أم
نصرانيا (قال) إن كان قد عقل الاسلام وأسلم في يد المسلم فهو مسلم وإن كان لم يعقل
الاسلام قضى به لأبيه وكان على دينه
[في الحملاء يدعي بعضهم مناسبة بعض]
(قلت) أرأيت الحملاء إذا أعتقوا فادعى بعضهم أنهم اخوة بعض أو ادعى بعضهم
أنهم عصبة بعض أيصدقون أم لا (قال) قال مالك أما الذين سبوا أهل البيت أو النفر
اليسير يتحملون إلى الاسلام فيسلمون فلا أرى أن يتوارثوا بقولهم ولا تقبل شهادة
بعضهم لبعض وأما أهل حصن يفتح أو جماعة لهم عدد كثير فيتحملون يريدون
الاسلام فيسلمون فأنا أرى أن يتوارثوا بتلك الولادة وتقبل شهادة بعضهم لبعض
وبلغني عن مالك أنه قال لا تقبل شهادة هؤلاء النفر القليل الذين يتحملون بعضهم
لبعض إلا أن يشهد شهود مسلمون قد كانوا ببلادهم قال فأرى أن تقبل شهادتهم
(قال) ولم أسمعه من مالك ولكن بلغني عنه وهو رأيي (قال ابن وهب) وأخبرني
مالك بن أنس قال حدثني الثقة عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول إن عمر بن
الخطاب أبى أن يورث أحدا من الأعاجم الا أحدا ولد في العرب (قال) وقال مالك
وذلك الامر المجتمع عليه عندنا (وأخبرني) ابن وهب عن مخرمة بن بكير ويزيد
ابن عياض عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن ابن المسيب عن عمر بن الخطاب مثله
(قال ابن وهب) وأخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عمر بن عبد العزيز
وعروة بن الزبير وعمرو بن عثمان بن عفان وأبى بكر بن سليمان بن أبي حثمة وأبى
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مثله (قال ابن وهب) وأخبرني يحيى
ابن حميد المعافري عن قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب أنه قال قد قضى بذلك عمر
ابن الخطاب وعثمان بن عفان. الآثار لابن وهب
338

[في الأمة بين الرجلين يطأنها جميعا فتحمل فيدعيان ولدها]
(قلت) أرأيت الأمة تكون بين الحر والعبد فتلد ولدا فيدعيان ولدها جميعا (قال)
قال مالك في الجارية توطأ في طهر واحد فيدعيان جميعا ولدها انه يدعى لولدها القافة
(قلت) وكيف تكون هذه الجارية التي وطئاها في طهر واحد أهي ملك لهما أم
ماذا (قال) إذا باعها هذا وقد وطئها فوطئها المشترى في ذلك الطهر فهذه التي قال
مالك يدعى لولدها القافة كانا حرين أو عبدين (قلت) أرأيت ان حملت أمة بين
رجلين فادعى ولدها السيدان جميعا (قال) قال مالك في أمة وطئها سيدها ثم باعها
فوطئها المشترى أيضا واجتمعا عليها في طهر واحد انه يدعى لولدها القافة فكذلك
هذا الذي سألت عنه عندي ولم أسمعه من مالك انه يدعى لولدها القافة فان قالت
القافة انهما قد اشتركا فيه جميعا قيل للولد وال أيهما شئت (قلت) فإن كانت الأمة
بين مسلم ونصراني فادعيا جميعا ولدها أو كانت بين حر وعبد فادعيا جميعا ولدها
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن يدعى لولدها القافة لان مالكا قال إنما
القافة في أولاد الإماء فلا أبالي ما كان الآباء إذا اجتمعوا عليها في طهر واحد فإنه
يدعى لولدها القافة فيلحقونه بمن ألحقوه منهم ان ألحقوه بالحر فكسبيل ذلك وان
ألحقوه بالعبد فكسبيل ذلك وان ألحقوه بالنصراني فكسبيل ذلك (قلت) أرأيت
ان جاءت بولد فادعاه الموليان جميعا وأحدهما مسلم والآخر نصراني فدعى لهذا الولد
القافة فقالت القافة اجتمعا فيه جميعا وهو لهما فقال الصبي أنا أو إلى هذا النصراني
أتمكنه من ذلك (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن عمر قد قال
ما قد بلغك أنه يوالي أيهما شاء فأرى أن يوالي أيهما شاء بالنسب ولا يكون الولد الا
مسلما (قال) وسمعت مالكا يقول كان عمر بن الخطاب يليط أولاد أهل الجاهلية بابائهم في الزنا (وقال ابن القاسم) ولقد سمعت مالكا يقول ذلك غير مرة واحتج به
في المرأة تأتي حاملا من العدو فتسلم فتلد توأمين انهما يتوارثان من قبل الأب وهما
اخوان لام وأب (قال) وكان مالك لا يرى القافة في الحرائر لو أن رجلا طلق
339

امرأته فتزوجت قبل أن تحيض فاستمر بها حمل كان مالك يراه للأول ويقول الولد
للفراش لان الثاني لا فراش له الا فراش فاسد (قال) وبلغني عن مالك أنه قال فان
تزوجها بعد حيضة أو حيضتين ودخل بها كان الولد للآخر إذا وضعت لتمام ستة
أشهر لحق الولد بالآخر (قلت) أرأيت ما ذكرت من قولك في الأمة إذا
اجتمعا عليها في طهر واحد فقلت إذا قالت القافة هو لهما جميعا انه يقال للصبي وال
أيهما شئت أهو قول مالك أم لا (قال) لا أدرى ولكني رأيته مثل قول عمر بن
الخطاب لان مالكا قال فيما أخبرتك انه يدعى لولد الأمة القافة إذا اجتمعا عليها في
طهر واحد وكذلك فعل عمر بن الخطاب ولكن الذي فعل عمر رضى الله تعالى عنه فعله
في الحرائر في أولاد الجاهلية (قلت) أرأيت ان مات الصبي قبل أن يوالي واحدا
منهما وقد وهب له مال من يرثه (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولو نزل هذا بي
لرأيت المال بينهما نصفين لأنهما قد اشتركا فيه وقد كان له أن يوالي أيهما شاء فلما لم
يوال واحدا منهما حتى مات رأيت المال بينهما (قلت) أرأيت كل من دعا عمر
لأولادهم القافة في الذي ذكرت عن عمر أنه كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم إنما
كانوا أولاد زنا كلهم (قال) لا أدرى أكلهم كذلك أم لا ألا أن مالكا ذكر لي
ما أخبرتك أن عمر كان يليط أولاد أهل الجاهلية بالآباء في الزنا (قلت) فلو
أن قوما من أهل الحرب أسلموا أكنت تليط أولادهم بهم من الزنا وتدعو لهم
القافة (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن وجه ما جاء عن عمر بن الخطاب أن لو
أسلم أهل دار من أهل الحرب كان ينبغي أن يصنع ذلك بهم لان عمر قد فعله وهو رأيي
[في الرجلين يطآن الأمة في طهر واحد فتحمل]
(قلت) أرأيت الأمة تكون بين الحر والعبد فتلد ولدا فيدعيان ولدها جميعا (قال)
قال مالك في الجارية توطأ في طهر واحد فيدعيان ولدها جميعا انه يدعى لولدها القافة
(قلت) وكيف هذه الجارية التي وطئاها جميعا في طهر واحد أهي ملك لهما أم
ماذا (قال) إذا باعها هذا وقد وطئها فوطئها المشترى في ذلك الطهر فهذه التي قال
340

مالك يدعى لولدها القافة والتي هي لهما جميعا فوطئاها في طهر واحد فانى أرى أن
يدعى لهما القافة كانا حرين أو عبدين (1) (قلت) أرأيت ان وطئها هذا في طهر ثم

(1) وجد بالأصل هنا طيارة لم يؤشر لها في موضع مخصوص غير أن ما فيها من تعلقات موضوع
الباب فأثبتناها هنا بحروفها وها هو نصها. وإذا كانت أمة بين رجلين فوطئها في طهر واحد دعى
لولدها القافة فان ألحقوه بأحدهما ألحق به وان ألحقوه بهما ترك حتى يكبر فيوالى من شاء منهما وقيل
بل يكون ابنا لهما ولا يوالي واحدا دون واحد فان مات أحد أبويه أوقف له قدر ميراثه منه إلى
أن يكبر فان والاه أخذه وان والى الآخر فليرد ما وقف إلى ورثة الأول فان مات الغلام بعد موت
أحدهما فعند ابن القاسم أنه يؤخذ نصف ما وقف من الميت فيضاف إلى ما عند الصبي ثم يكون نصف
ما ترك للأب الحي والنصف لمن يرث الميت الأول لأنه ما لم يوال أحدهما فهو ابن لهما وقيل يرد ما وقف له إلى ورثة الأول ويرثه الباقي وحده وهو قول أصبغ. وإذا كانت بين حر وعبد فان ألحقته
القافة بالحر كان ولده وكان عليه نصف قيمة الأمة وان ألحقته بالعبد كان الحر مخيرا لان ايلاد العبد
لا يوجب لها حرمة أمهات الأولاد فإن شاء تمسك بنصيبه وكان له نصف الأمة ونصف ولدها رقيقا
وان شاء قوم نصف الأمة على العبد فإن لم يكن له مال بيعت عليه كلها فيما لزمه من نصف القيمة
وابن العبد في ملك السيد لا يباع عليه فيما لزمه من القيمة وقيل بل ذلك جناية في رقبة العبد يخير
سيده في اسلامه أو في افتدائه وان قالت القافة اشتركا فيه فقيل يقوم على الحر نصف الولد لتستتم
ويقوم على الحر نصف الأمة ثم لا تكون له بالتقويم أم ولد حتى يولدها ثانية يريد أن شاء العبد
لان الولد منهما فكأن الحر لم يولدها الا نصف ولد إذ بقية الولد للعبد وإنما تكون أم ولد على قدر
مالها من الولد وليس لها من جهة الحر الا نصف ولد فلهذا احتاج إلى ايلادها ثانية وقيل إن نصف
الحر من الأمة يعتق ويبقى نصيب العبد على حاله حتى يموت فيرثه سيده ولا يقوم نصيب العبد من
الصبي ويوقف الامر إلى أن يكبر الصبي فان والى العبد كان نصفه حرا ونصفه رقيقا وان والى
الحر استتم عليه نصف الولد وفيه نظر لان العتق ليس من سبب الأب الذي يقوم عليه فإن كان من
سببه فلماذا أخر التقويم حتى يواليه. وان كانت بين كافر ومسلم فألحقته القافة بالكافر والأمة كافرة
فقيل يقوم عليه نصيب المسلم وتكون له أم ولد وقيل المسلم مخير يريد لان أم ولد الكافر ليست لها
حرمة. قال أصبغ في ثلاثة مسلم حر وعبد مسلم ونصراني وطئوا أمة في طهر واحد والأمة مسلمة
فقالت القافة اشتركوا فيه فإنه يعتق على المسلم والنصراني ولا يعتق على العبد ويكون للعبد قيمة نصيبه
وان كانت الأمة نصرانية عتق جميعها على الحر المسلم وقوم عليه نصيب العبد والنصراني ولو قالت القافة
ليس هو لواحد منهم رفع إلى قافة آخرين وقيل يكونون شركاء فيه. وإذا وقف الصبي بعد أن ألحق
بهما جميعا ليبلغ حد المولاة فمن ينفق عليه قال عيسى الشركاء جميعا وان بلغ فوالى أحدهما لم يرجع
الذي لم يوال على الآخر بشئ وقال أصبغ النفقة على المشترى حتى يبلغ فان بلغ فوالى البائع رجع
المشترى بما أنفق على البائع انتهى
341

وطئها هذا الآخر في طهر آخر (قال) الولد للآخر منهما إذا ولدته لستة أشهر
فأكثر من يوم وطئها لان مالكا قال في الرجل يبيع الجارية فتحيض عند المشترى
حيضة فيطؤها المشترى فتلد ان ولدها للمشترى إذا ولدته لستة أشهر وكذلك إذا
كانت ملكا لهما فوطئها هذا ثم وطئها هذا بعد ذلك في طهر آخر ان الولد للذي
وطئها في الطهر الآخر إذا جاءت به لستة أشهر فصاعدا وتقوم عليه (قلت) أفيجعل
مالك عليه نصف الصداق (قال) لا أعرف من قول مالك نصف الصداق ولا أرى
ذلك (قلت) أفتجعل عليه نصف قيمة الولد مع نصف قيمة الأم (قال) إن كان
موسرا كان عليه نصف قيمتها يوم وطئها ولا شئ عليه من قيمة الولد وإن كان
معسرا كان عليه نصف قيمتها يوم حملت ونصف قيمة ولدها ويباع نصفها للذي لم
يطأ في نصف القيمة فإن كان ثمنه كفافا بنصف القيمة اتبعه بنصف قيمة الولد وإن كان
أنقص اتبعه بما نقص مع نصف قيمة الولد ولا يباع من الولد شئ ويلحق بأبيه
ويكون حرا وهذا قول مالك (قلت) أرأيت الجارية يبيعها الرجل فتلد ولدا عند
المشترى فيدعيه البائع والمشترى وقد جاءت بالولد لما يشبه أن يكون من البائع ومن
المشترى (قال) قال مالك في الجارية يطؤها المشترى والبائع في طهر واحد فتلد ولدا
انه يدعى لولدها القافة فأرى مسألتك ان كانا وطئاها في طهر واحد دعى لولدها
القافة وإن كان بعد حيضة وولدت لأقل من ستة أشهر فهو للأول وان كانت ولدته
لستة أشهر أو أكثر من ذلك فهو للمشترى وهذا قول مالك (قال ابن وهب)
وأخبرني الخليل بن مرة عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يغش رجلا امرأة
في طهر واحد (قال ابن وهب) وأخبرني أسامة بن زيد عن عطاء بن أبي رباح
قال أتي عمر بن الخطاب بجارية قد تداولها ثلاثة نفر كلهم يطؤها في طهر واحد
ولا يستبرئها فاستمر حملها فأمر بها عمر فحبست حتى وضعت ثم دعا عمر لها القافة
فألحقوه برجل منهم فلحق به وقضى عمر عند ذلك أن من ابتاع جارية قد بلغت
342

المحيض فليتربص بها حتى تحيض قال ونكلهم جميعا (قال ابن وهب) وأخبرني
ابن أبي ذئب ويونس عن ابن شهاب مثله (قال يونس) قال ابن شهاب فأيهم ألحق به
كان منه وأمه أم ولد (قال ابن وهب) قال يونس قال أبو الزناد يعاقبون ويدعى
لولدها القافة فيلحق بالذي يلحقونه به منهم والوليدة والولد للملحق به (وقال) يحيى
ابن سعيد كان سلفنا يقضون في الرهط يتداولون الجارية بالبيع أو الهبة فيطؤونها قبل
أن يستبرؤوها بحيضة فتحمل ولا يدرى ممن حملها ان وضعت قبل ستة أشهر فهو من الأول وتعتق في ماله ويجلدون خمسين خمسين كل رجل منهم فان بلغت ستة أشهر
ثم وضعت بعد ستة أشهر دعى لولدها القافة فألحقوه بمن ألحقوه ثم أعتقت في مال
من ألحقوا به الولد ويجلد كل واحد منهم خمسين جلدة وان أسقطت سقطا معروفا
أنه سقط قضى بقيمتها عليهم وعتقت وجلد كل واحد منهم خمسين جلدة (قال) وان
ماتت قبل أن تضع فهي منهم جميعا ثمنها عليهم كلهم (قال) مضى بذلك أمر الولاة
(قال سحنون) وأخبرني ابن وهب عن الليث بن سعد أن ابن شهاب حدثه عن
عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت دخل على رسول
الله صلى الله عليه وسلم مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال ألم تري أن مجززا نظر آنفا
إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد فقال إن بعض هذه الاقدام لمن بعض (قال ابن
وهب) وأخبروني رجال من أهل العلم عن أبي موسى الأشعري وكعب بن سور
الأزدي وكان قاضيا لعمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه وعمر بن عبد العزيز أنهم
قضوا بقول القافة وألحقوا به النسب. الآثار لابن وهب
[في الأمة بين الرجلين يطؤها أحدهما فتحمل أو لا تحمل]
(قلت) أرأيت جارية بين رجلين وطئها أحدهما فلم تحمل أيكون على الذي
وطئها شئ في قول مالك (قال) قال مالك أرى أن تقوم على الذي وطئها حملت
أو لم تحمل إلا أن يحب الذي لم يطأها إذا هي لم تحمل أن يتمسك بحقه منها ولا
يقومها على الذي وطئها فذلك له (قلت) ومتى تقوم إذا هي لم تحمل في قول مالك
343

أيوم وطئ أم يوم يقومونها (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولكن أرى
أن تقوم يوم وطئها (قال) وقال مالك ولا حد على الذي وطئ ولا عقوبة عليه (قال)
وليس نعرف نحن العقوبة من قول مالك وإنما قلت إنها تقوم عليه يوم وطئها من قبل
أنه كان ضامنا لها ان ماتت بعد وطئه حملت أو لم تحمل فمن أجل ذلك رأيت عليه
قيمتها يوم وطئها (قلت) أرأيت إذا هي حملت والذي وطئها موسر (قال) قال
مالك تقوم على الذي وطئها إن كان موسرا (قلت) ومتى تقوم أيوم حملت أم
يوم تضع أم يوم وطئها (قال) قال مالك تقوم عليه يوم حملت (قلت) فإذا قومت عليه
أتكون أم ولد للذي حملت منه في قول مالك ويكون ولدها ثابت النسب منه قال
نعم (قلت) فإن كان الذي وطئها عديما لا مال له (قال) بلغني أن مالكا كأن يقول
قديما ولم أسمه منه انها تكون أم ولد للذي وطئها وإن كان عديما ويكون
نصف قيمتها دينا على الذي وطئ يتبع به (قلت) فهل يكون عليه في قول مالك
القديم نصف قيمة الولد (قال) لا يكون عليه من قيمة الولد شئ لأنها حين حملت
ضمن فولدت وهو ضامن لها ألا ترى أنها لو ماتت حين حملت كان ضامنا لشريكه
نصف قيمتها وأما الذي هو قوله منذ أدركناه نحن والذي حفظناه من قوله إنه إن
كان موسرا قومت عليه وكانت أم ولده وإن لم يكن موسرا بيع نصفها الذي
كان للذي لم يطأ فيدفع إلى الذي لم يطأ فإن كان فيه نقصان عن نصف قيمتها
يوم حملت كان الذي وطئ ضامنا لما نقص وولدها حر ويتبع أيضا هذا الذي وطئ
بنصف قيمة الولد ويثبت نسب الولد ولا يباع نصف الولد وليس هو مثل أمه
في البيع وهذا رأيي والذي آخذ به (قلت) فهل يكون هذا النصف الذي بقي في
يدي الذي وطئ بمنزلة أم الولد أم حرة في قول مالك (قال) أرى أن يعتق هذا
النصف الذي بقي في يديه لأنه لا متعة له فيها ولان سيد أم الولد ليس له فيها الا
المتعة بها وليس له أن يستخدمها فلما بطل الاستمتاع بالجماع من هذه ولم يكن له أن
يستخدمها عتق عليه ذلك النصف وصار النصف الآخر رقيقا لمن اشتراه (قال ابن
344

القاسم) ولقد سئل مالك وأخبرني بذلك من أثق به أنه سئل عن رجل
وطئ أمة له وهي أخته من الرضاعة فحملت منه (قال مالك) يلحق به الولد ويدرأ
عنه الحد بملكه إياها وتعتق عليه لأنه إنما كان له في أمهات الأولاد الاستمتاع بالوطئ
وليس له أن يستخدمهن فإذا كأن لا يقدر على أن يطأها ولا يستخدمها فهي حرة
(قال) ونزلت بقوم فحكم فيها بقول مالك هذا (قلت) أرأيت لو أنى اشتريت
أنا ورجل أمة بيننا فجاءت بولد فادعيت الولد (قال) تقوم الأمة يوم حملت
فيكون عليه نصف قيمتها يوم حملت (قلت) ولا يكون عليه نصف الصداق
في قول مالك قال لا (قال سحنون) وقال غيره إذا كانت الأمة بين رجلين
فعدا عليها أحدهما فوطئها فولدت (قال) لاحد عليه ويعاقب إن لم يعذر بجهالة وتقوم
عليه إن كان له مال فإن لم يكن له مال كان الشريك بالخيار ان شاء ثبت على حقه
منها وكان حق شريكه منها بحساب أم ولد واتبع شريكه بنصف قيمة الولد دينا
عليه وان شاء أن يضمنه ضمنه ويتبعه في ذمته وليس هو بمنزلة من أعتق نصيبا له
في عبد بينه وبين رجل ولا شئ عنده فأراد الشريك أن يضمنه فليس ذلك له
عليه ولم يكن كالواطئ لان الواطئ وطئ حقه وحق غيره فأفسد حقه وحق
غيره وان الذي أعتق لم يحدث في مال شريكه إنما أعتق نصيبه وقد قضى رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم عليه إن كان له مال والا فقد عتق منه ما عتق
فان أراد الشريك أن يحبس نصيبه ويرق له نصيب شريكه بحساب أم ولد فذلك له
ولا يعتق على الشريك الواطئ نصيبه لأنه قد يشترى النصف الباقي ان وجد مالا
فيكون له وطؤها إلا أن يعتق المتمسك بالرق نصيبه فيعتق على الواطئ نصيبه لأنه
لا يقدر على وطئها وليس له خدمتها (قلت) فان أيسر الشريك الذي وطئ ولم
يكن عنده مال ولم يضمن شيئا فأراد المتمسك بالرق أن يضمنه أو أراد هو أن تقوم
عليه لليسر الذي حدث أو أطاع بذلك هل يكون نصفها الذي كان رقيقا بحساب أم
ولد حتى يكون جميعا أم ولد (قال) لا تكون بذلك أم ولد لأنه لم يكن يلزم الواطئ
345

ان وجد مالا أن يلزم القيمة للرق الذي يرد فيها فكذلك لا يلزم الذي له النصف
أن يؤخذ بغير طوعه ولا تكون أم ولد الا بما يلزم الواطئ بالجدة ويلزم الشريك
بالقضية (قال سحنون) وهذه مسألة كثر الاختلاف فيها من أصحابنا وهذا
أحسن ما علمت من اختلافهم
[في الرجل يقر بالولد من زنا]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال زنيت بهذه الأمة فجاءت بهذا الولد وهو مني
فجلدته الحد مائة جلدة ثم اشترى الأمة وولدها أيثبت نسبه منه ويعتق عليه في قول
مالك أم لا (قال) لا يثبت نسبه منه ولا يعتق عليه عند مالك (قلت) فإن كان
الولد جارية فأراد أن يطأها بعد ما أقر بها (قال) قد أخبرتك أنه لا يكون له أن يطأها
في قول مالك (قال) ولا يحل له ذلك أبدا
[في الرجل يخدم الرجل جاريته سنين ثم يطؤها السيد فتحمل]
(قال) وسألته عن الرجل يخدم الرجل جاريته عشر سنين ثم يطؤها سيدها
فتحمل منه (قال) إن كان له مال كانت أم ولد له وأخذ منه في مكانها أمة تخدم في
مثل خدمتها (قيل له) فان ماتت هذه الجارية (قال) فلا شئ له وهو أحب قوله
إلى وهذا الذي أرى أن يؤخذ منه أمة إذا حملت الأولى وقد اختلف فيها فقال بعض
من قال تؤخذ منه القيمة فيؤاجر له منها فان ماتت الأولى قبل أن تنفد القيمة رجع ما
بقي إلى السيد وان نفدت القيمة والأولى حية ولم تنقض السنون لم يرجع على سيدها بشئ
وان انقضت العشر سنين وقد بقيت من القيمة بقية ردت إلى السيد الذي أخدم
(تم كتاب أمهات الأولاد من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه)
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الولاء والمواريث)
346

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
[كتاب الولاء والمواريث من المدونة الكبرى]
[في ولاء العبد يعتقه الرجل بأمره أو بغير أمره]
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت ان أعتقت عبدا عن رجل بأمره أو بغير
أمره لمن الولاء في قول مالك (قال) قال مالك الولاء للمعتق عنه (قلت) وسواء
إن كان المعتق عنه حيا أو ميتا فهو سواء وولاء هذا المعتق للذي أعتق عنه في قول
مالك (قال) نعم ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك سعد بن عبادة
أخبرنا بذلك مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري أن أمه أرادت
أن توصى ثم أخرت ذلك إلى أن تصبح فهلكت وقد كانت همت بأن تعتق (قال)
عبد الرحمن فقلت للقاسم بن محمد أينفعها أن أعتق عنها فقال القاسم ابن سعد بن عبادة
قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمي هلكت وليس لها مال أينفعها أن أعتق عنها
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فأعتق عنها (قال ابن وهب) وأخبرني جرير
ابن حازم الأزدي انه سمع الحسن يذكر ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له أعتق عنها وتصدق فإنه سينالها وان عائشة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم أعتقت عن عبد الرحمن بن أبي بكر رقابا كثيرة بعد موته (قال
ابن وهب) وأخبرني عقبة بن نافع عن يحيى بن سعيد أنه قال من أعتق رقبة عن أحد
فالولاء لمن كانت العتاقة عنه (قال سحنون) ومن الدليل على أن ولاءه للذي أعتق
347

عنه وميراثه له ان السوائب الذين يعتقون سائبة لله ان ولاءهم للمسلمين وميراثهم لهم
وان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعتقوا السوائب ولم يرثوهم وكان
ولاؤهم وميراثهم للمسلمين قال ذلك ابن أبي الزناد عن أبيه ان عمر بن عبد العزيز
كتب بذلك إلى بعض عماله أن يجعل ميراثهم في بيت مال المسلمين وان سالما
أعتقته امرأة من الأنصار سائبة فقتل فلم يأخذ ورثتها من ميراثه شيئا ذكر ذلك
سفيان بن عيينة عن أبي طوالة الأنصاري وان عمر بن الخطاب قال ميراث السائبة
لبيت مال المسلمين ويعقل عنه المسلمون (وقال) أبو الزناد وربيعة وابن شهاب ميراثه
لبيت مال المسلمين (وقال) قبيضة بن ذؤيب كان الرجل إذا أعتق سائبة لم يرثه وان
عبد الله بن عمر أعتق سائبة فلم يرثه وقال هؤلاء ويعقل عنهم المسلمون (ابن وهب)
عن ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحرث أنه قال أعتق عبد الله بن عياش رجلا
يقال له العلمين سائبة وكان عبد الله بن عياش لا يقر بولائه لأنه سائبة (قال سحنون)
وإنما معنى السائبة كأنه أعتق عن المسلمين إذ كانوا يرثونه ويعقلون عنه ولو كان ولاؤه
للذي أعتقه لورثه ولكان العقل على عاقلته ألا ترى أن عمر بن عبد العزيز وابن شهاب
وربيعة ابن أبي عبد الرحمن يجعلون عقله على بيت المال لان الميراث لهم
[في ولاء العبد يعتقه الرجل عن العبد]
(قلت) أرأيت ان أعتقت عبدي عن عبد رجل لمن ولاؤه (قال) ما سمعت من
مالك فيه شيئا ولكني أرى أن ولاءه لسيد المعتق عنه (قلت) أرأيت ان أعتق
العبد المعتق عنه بد ذلك أيجر ولاءه (قال) لا لان مالكا قال في عبد أعتق عبده
باذن سيده ثم أعتقه سيده بعد ذلك أنه لا يجر الولاء (قال سحنون) وذكر ابن
وهب أن إبراهيم النخعي سئل عن عبد كان لقوم فأذنوا له أن يبتاع عبدا فيعتقه ثم
باعوا العبد بعد ذلك فقالوا الولاء لمواليه الأولين الذين أذنوا له (وقال أشهب) (1) يرجع
إليه الولاء لأنه عقد عتقه يوم عقده ولا اذن للسيد فيه ولا رد

(1) تدبر قول أشهب فإنه رد على المسألة الأولى اه‍ من هامش الأصل
348

[في ولاء العبد يعتقه سيده عن الرجل على مال]
(قلت) أرأيت لو قال رجل لرجل أعتق عبدك على ألف درهم أضمنها لك أتكون
عليه الألف ان أعتق الرجل عبده أم لا (قال) نعم المال عليه عند مالك (قلت) ولمن
الولاء (قال) للذي أعتق في قول مالك (قلت) أرأيت ان قال رجل لرجل أعتق
عبدك على أن أدفع إليك كذا وكذا تنجمها على وتعجل للعبد عتقه (قال) لا بأس
بذلك والمال لازم للرجل كان نقدا أو إلى أجل. فإن كان عتق العبد إلى أجل والمال حال
أو إلى أجل فلا خير فيه لأني سألت مالكا عن الرجل يعطى الرجل مالا على أن تدبر
عبده قال مالك لا خير في ذلك لأنه لا يدرى أيتم عتق العبد أم لا (قال ابن القاسم)
لان العبد لو هلك قبل الاجل الذي أعتق له ذهب مال هذا الرجل باطلا وكذلك
الكتابة أيضا انها غير جائزة من وجه الغرر لان سيد العبد ان مات العبد قبل أن يؤدى
هذا الذي كاتبه من عنده جميع الكتابة ذهب مال الرجل باطلا لان العبد لم يعتق
فهذا لا يجوز وإنما يجوز من هذا إذا عجل السيد العتق كان الذي جعل للسيد حالا أو
إلى أجل فهو جائز (وقال مالك) والولاء للذي أعتق وأخذ المال وكذلك قال مالك
ابن أنس في رجل دبر عبده فأعطاه رجل مالا على أن يعجل عتقه ففعل ان ذلك
جائز والمال لازم للرجل وهو جائز للعبد والولاء للسيد
[في ولاء العبد يعتقه الرجل عن امرأة العبد باذنها أو بغير إذنها]
(قلت) أرأيت لو أن امرأة حرة تحت عبدي أعتقت عبدي عنها أيفسد النكاح
أم لا (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يفسخ النكاح لأنها لم تملكه
وإنما جعلنا الولاء لها بالسنة والآثار (قلت) أرأيت ان قالت امرأة حرة تحت
عبد لسيد زوجها أعتق زوجي عنى على ألف درهم أيفسد النكاح في قول مالك
(قال) أرى أن يفسد النكاح ولم أسمع من مالك فيها شيئا لأنها في هذا الباب قد
اشترته حين أعطته ألف درهم على أنه حر عنها وقولها له أعتقه عنى بألف درهم
349

إنما هذا اشتراء ولها ولاؤه وقد قال أشهب لا يفسد النكاح لأنها لم تملكه (قال
سحنون) وقول أشهب أحسن
[في ولاء العبد يعتقه الرجل عن أبيه وعن أخيه النصراني]
(قلت) أرأيت من أعتق عبدا عن أبيه وهو نصراني أو مسلم أو عن أخيه وهو
نصراني أو مسلم (قال) قال مالك الولاء للذي أعتق عنه إذا كان مسلما (قال ابن
القاسم) وأرى ان أعتق عبدا مسلما عن نصراني فلا ولاء له وهو لجماعة المسلمين بمنزلة
النصراني يعتق المسلم إذا كان المعتق مسلما فإن كان نصرانيا فولاؤه لأبيه ان أسلم أبوه
[في ولاء العبد النصراني يعتقه النصراني ثم يسلم بعد أن يعتقه]
(قلت) أرأيت لو أن نصرانيا أعتق عبدا له نصرانيا فأسلم العبد بعد ما أعتق وللسيد
ورثة مسلمون أيكون ولاء هذا العبد المعتق حين أسلم لورثة هذا النصراني إذا
كانوا مسلمين وإن كان النصراني الذي أعتق حيا أو ميتا (قال) نعم لأنه قد كان الولاء
له إذا كان نصرانيا فلما أسلم العبد المعتق لم يرثه سيده من قبل أنه لا يرث المسلم
النصراني فان مات العبد المعتق وسيده على نصرانيته وللسيد ورثة أحرار مسلمون
رجال فميراث المولى الذي أسلم لهم دون النصراني الذي أعتق والنصراني في هذه
الحال بمنزلة الميت لا يحجب ورثته عن أن يرثوا ماله ولا يرث هو وكل من لا يرث
فلا يحجب عند مالك (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فان أسلم السيد
رجع إليه ولاء مواليه قال نعم (قلت) أرأيت لو أن نصرانيا أعتق عبدا له نصرانيا
وللسيد أب مسلم أو أخ مسلم أو ابن مسلم أو عم أو ابن عم أو رجل من عصبته مسلم
أو ابن ابن مسلم فأسلم العبد المعتق ثم مات عن مال أيكون ميراثه لقرابة سيده المسلم
أم لا في قول مالك (قال) نعم ميراثه لمن ذكرت والولاء بمنزلة النسب ألا ترى أن هذا
النصراني لو كان له ابن مسلم فمات ووالده نصراني ولوالده عصبة مسلمون ان ميراث
الابن لعصبته المسلمين فكذلك ولاء مواليه (قلت) أرأيت لو أن نصرانيا من بنى
350

تغلب أعتق عبيدا له نصارى ثم أسلموا بعد ذلك فهلكوا عن مال من يرثهم (قال)
عصبة سيدهم ان كانوا مسلمين يعرفون (قلت) وما جنوا بعد اسلامهم هؤلاء
الموالي فعقل ذلك علي بنى تغلب قال نعم (قلت) أرأيت رجلا من العرب
نصرانيا أعتق عبدا له والعبد نصراني ثم أسلم العبد بعد ذلك أيكون ولاؤه لجميع
المسلمين أم لقوم هذا العربي النصراني (قال) بل ولاؤه لقوم هذا العربي النصراني
ولا يكون ولاؤه لجماعة المسلمين وهو مثل النسب (قلت) أرأيت لو أن نصرانيا
أعتق عبدا له إلى أجل من الآجال فأسلم العبد قبل محل الاجل (قال) أرى ذلك على
مثل تدبير النصراني وكتابته ان العبد إذا أسلم يؤاجر المدبر وتباع كتابة المكاتب
وكذلك المعتق إلى أجل هو أثبت أنه يؤاجر فان مضى الاجل كان حرا (قلت)
ولمن ولاؤه (قال) للمسلمين ما دام سيده على نصرانيته (قلت) فان أسلم
النصراني أيرجع إليه الولاء قال نعم (قلت) ولم رددت إليه الولاء والعتق حين وقع
والعبد مسلم فلم لا تجعل ولاءه لجميع المسلمين ولا ترده إلى النصراني بعد ذلك (قال)
لان حرمته إنما ثبتت له اليوم بما عقد له قبل اليوم ألا ترى لو أن عبدا أعتق عبدا
له بغير إذن سيده ثم أعتقه سيده وهو لا يعلم بما صنع عبده لزم العبد عتق عبده
بما صنع وولاؤه يرجع إليه ليس لسيده منه شئ (قلت) ولا يشبه عبد العبد ما هنا
لان عبد العبد قد تمت حرمته حين أعتقه العبد الأسفل (قال) لا من قبل أن حرمته
لم تكن تامة الا من بعد ما أعتق السيد عبده الأعلى فهنالك تمت حرمة العبد الأسفل
وهذا قول مالك فهذا يدلك على جميع مسائلك انك إنما تنظر أبدا في هذا كله إلى
عقد العتق يوم وقع فإن كان المعتق نصرانيا وسيده نصرانيا فأسلم العبد بعد ذلك فان
سيده ان أسلم رجع إليه ولاؤه فإن كان يوم عقد له العتق كان العبد مسلما فبتل له
عتقه أو أعتقه إلى أجل فأسلم السيد قبل مضى الاجل فإنه لا شئ له من ولائه
إنما ينظر في هذا إلى عقد العتق يوم عقده السيد للعبد كان العتق إلى أجل أو باتا فإن كان العبد يوم عقد له العتق مسلما والسيد نصراني لم يسلم فلا شئ للسيد من الولاء فان
351

كان العبد نصرانيا يومئذ والسيد نصراني فأسلم العبد وأسلم السيد النصراني فان
الولاء يرجع إليه
[في ولاء أم ولد النصراني]
(قلت) أرأيت أم ولد النصراني الذمي ان أسلمت فأعتقت عليه في قول مالك
لمن يكون ولاؤها في قول مالك (قال) لجميع المسلمين (قلت) أرأيت ان أسلم
سيدها بعد ذلك هل يرجع إليه ولاؤها (قال) نعم لان مالكا قال في مكاتب الذمي
إذا أسلم فأدى كتابته ان ولاءه للمسلمين فان أسلم سيده بعد ذلك رجع إليه ولاؤه
لأنه كان عقد كتابته وهو على دينه فكذلك أم ولده
[في ولاء العبد المسلم يعتقه النصراني]
(قلت) أرأيت عبد النصراني إذا أسلم فأعتقه سيده لمن ولاؤه في قول مالك (قال)
لجميع المسلمين (قلت) فان أسلم السيد بعد ذلك أيرجع إليه ولاؤه أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك لا يرجع إليه ولاؤه (قلت) فما فرق ما بين هذا وبين
مكاتبه وأم ولده في قول مالك وقد قال مالك في أم ولده ومكاتبه انه ان سلم
رجع إليه ولاؤه (قال) لان العتق قد كان وجب عليه في أم ولده وفى مكاتبه في حال
نصرانيتهما وهذا العبد الذي أسلم فأعتقه بعد اسلامه لم تجب فيه حرية الا بعد اسلامه
فلم يجب لهذا النصراني فيه ولاء في حال نصرانيته وإنما وجب الولاء فيه لهذا
النصراني بعد اسلام العبد لأنه إنما أعتقه بعد اسلامه فلا يثبت لهذا النصراني فيه ولاء
وولاؤه لجميع المسلمين ولا يرجع إليه ولاؤه بعد ذلك أن أسلم (قلت) فلو أن نصرانيا
له عبد نصراني فأسلم العبد واشترى عبدا مسلما فأعتقه وللنصراني الذي أعتق ورثة
مسلمون أحرار رجال أيكون لهم من ولاء هذا العبد الذي أعتقه هذا النصراني شئ
أم لا (قال) قال مالك لا يكون لهم من الولاء شئ والولاء لجميع المسلمين (قال) وقال
مالك وان أسلم النصراني الذي أعتق لم يكن له من ولائه قليل ولا كثير ولا يرجع
352

إليه الولاء وقد ثبت لمن وقع له الولاء يوم وقع العتق بمنزلة النسب ولا يزول بعد ذلك
كما لا يزول النسب وأما ما ذكرت من ورثته المسلمين فلا شئ لهم من هذا الولاء
لأنه لم يثبت لصاحبهم الذي أعتقه فلذلك لا يكون لهم (قلت) أرأيت لو أن رجلا
من العرب من بنى تغلب وهو نصراني أعتق عبدا له والعبد مسلم أيكون ولاؤه لبنى
تغلب أم لجماعة المسلمين في قول مالك (قال) قال مالك ولاؤه لجماعة المسلمين ألا ترى
أن ولد هذا التغلبي النصراني لو كانوا مسلمين فأعتق الأب وهو نصراني عبيدا له من
المسلمين ان ولاء العبيد لجماعة المسلمين ولا يكون ولاؤهم لولده فولده أقرب إليه
من عصبته وهذا ولده لا شئ لهم من هذا الولاء فالعصبة في هذا أحرى أن
لا يكون لهم هذا الولاء
[في ولاء مدبر النصراني يسلم]
(قلت) فمدبر الذمي إذا أسلم (قال) قال مالك يؤاجر وتكون الأجرة للسيد ولا يترك
يخدم النصراني فان مات النصراني على نصرانيته وله مال يخرج هذا المدبر من ثلثه
عتق عليه وإن لم يكن له مال يخرج من ثلثه عتق عليه مبلغ ثلثه ورق من المدبر ما بقي
فإن كان ورثة النصراني نصارى بيع عليهم مارق من المدبر وإن لم يكن له ورثة من
النصارى فما رق من هذا المدبر فهو لجميع المسلمين (قال) وهذا قول مالك (قلت) وإن كان
ورثة النصراني مسلمين أيكون لهم ولاؤه (قال) نعم لهم الولاء لان الأب قد ثبت
له الولاء بالتدبير الذي كان في النصرانية
[في ولاء العبد يعتقه العبد باذن سيده أو بغير إذن سيده]
(قال) وقال مالك ما أعتق العبد باذن سيده فولاؤه لسيده ولا يرجع إلى العبد وان
أعتق العبد فهو مخالف للمكاتب في هذا وما أعتق العبد من عبيده مما لم يأذن له فيه
سيده فلم يعلم به حتى عتق العبد جاز عتقه وولاؤه للعبد دون السيد (قال لي ابن القاسم)
وذلك لان العبد حين أعتقه سيده تبعه ماله فحين تبعه ماله جاز عليه عتق عبده الذي
353

كان أعتقه لان سيده لم يكن رده قبل ذلك في الرق فأعتقه حين أعتقه ولم يستثن
ماله فجاز عتق العبد في عبده الأول ولو استثنى السيد مال عبده فسخ عتق العبد الذي
كان أعتق بغير إذن سيده ورد رقيقا إلى السيد لان السيد قد استثناه ولان السيد
كان له أن يرده إذا علم بذلك قبل أن يعتق عبده (قلت) وهذا كله قول مالك قال نعم
(قلت) وكان مالك يجيز عتق العبد إذا أعتق عبده باذن سيده قال نعم (قلت)
وكان مالك يجيز عتقه إذا أعتقه بغير إذن السيد ثم أعتق السيد العبد الأعلى قبل أن
يعلم بعتق الثاني (قال) نعم كما فسرت لك
[في ولاء العبد المسلم يكاتبه النصراني]
(قلت) أرأيت النصراني إذا كاتب عبده والعبد مسلم ثم أسلم السيد قبل أداء
الكتابة (قال) فان ولاء المكاتب إذا أدى لجميع المسلمين ولا يرجع إلى السيد ولاؤه
وإنما ينظر إليه يوم عقد له العتق ولا ينظر إلى العتق يوم وقع ألا ترى لو أن نصرانيا
كاتب نصرانيا ثم أسلم العبد بيعت كتابته فإذا أدى عتق وكان ولاؤه للنصراني إذا
أسلم (قلت) لم نظرت إلى حاله يوم عقد له العتق ولا تنظر إلى حاله يوم وقع العتق
(قال) لأنه حين عقد له ما عقد صار لا يستطيع رده ويجب له وإنما ينظر إلى حالته تلك حين
وجب ولا ينظر إلى ما بعد ذلك (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا يدلك على ما أخبرتك
من عتق النصراني وتدبيره وكتابته العبد النصراني قبل أن يسلم العبد ثم أسلم العبد
[في ولاء العبد النصراني يكاتبه المسلم]
(قلت) أرأيت عبدا نصرانيا لمسلم كاتبه فاشترى هذا النصراني عبدا نصرانيا فكاتبه
فأسلم المكاتب الأسفل فلم يبع كتابته وجهلا ذلك حتى أديا جميعا فعتقا لمن ولاء هذا
النصراني المكاتب الأعلى في قول مالك (قال) لسيده وميراثه لجميع المسلمين فان أسلم
كان ميراثه لسيده وكذلك قال لي مالك (قلت) فلمن ولاء مكاتبه الأسفل
وقد أدى للنصراني (قال) لمولى النصراني (قلت) فان ولد لهذا النصراني أولاد
354

فأسلموا بعد أداء كتابته فهلكوا عن مال من يرثهم (قال) مولى النصراني الذي كاتبه
(قلت) وكذلك لو أعتق النصراني عبيدا مسلمين بعد ما أدى كتابته وهلكوا عن
مال لمن ولاؤهم (قال) لجماعة المسلمين لان ولاءهم لم يثبت للنصراني حين أعتقهم وهم
مسلمون فلذلك لا يكون ذلك لمولى النصراني أيضا (قلت) ولم جعلت له ولاء مكاتب
مكاتبه إذا أسلم وولاء ولده إذا أسلموا وهو لا يرث ولده الذين ولدهم ولا الذي كاتب
لأنه نصراني (قال) إنما منعته ميراث هذا النصراني لاختلاف الدينين لا لغير ذلك ألا
ترى أن هذا النصراني نفسه ان أسلم كان سيده الذي كاتبه هو وارثه دون المسلمين
فكذلك أولاده الذين هم على الاسلام هو وراثهم وكذلك مواليه الذين أسلموا بعد
العتق هو وارثهم لأنه مولاهم وهو مولى مولاهم أيضا ألا ترى أنه لا يرث مسلم
نصرانيا (قلت) فلم قلت في عبيد النصراني إذا هو أعتقهم وهم على الاسلام ان ولاءهم
لجميع المسلمين ولا يكون ولاؤهم لسيدهم ان أسلم ولا لسيد النصراني (قال) لأنه حين
أعتقهم ثبت ولاؤهم لجميع المسلمين فلا يرجع الولاء بعد ذلك إلى أحد من الناس ألا ترى
أن هذا النصراني الذي أعتقهم لو أسلم وكان له ولد مسلمون لم يرجع إليه ولا إليهم ولاؤهم
فكذلك موالي النصراني هم بمنزلة كل من كأن لا يرجع إلى النصراني من الولاء إذا
أسلم النصراني فليس لسيده من ذلك الولاء شئ وكل ولاء إذا أسلم النصراني يرجع
إليه ذلك الولاء فهو ما دام النصراني في حال نصرانيته لسيد النصراني الذي أعتق
النصراني (قال) وقال مالك لو أن نصرانيا أعتق عبدا له نصرانيا ثم أسلم المعتق
وللسيد ولد مسلمون ورثوا مولى أبيهم فكذلك إذا أعتق عبدا نصرانيا فولد له أولاد
فأسلموا ثم ماتوا وكان له ولد نصراني فأسلموا ورثهم مولى أبيهم النصراني لأنه لو
كان للنصراني الذي أعتق أولاد على الاسلام ورثوا مواليه الذين أسلموا بعد
العتق فكذلك مواليه في هذا بمنزلة واحدة
[في ولاء ولد الأمة تعتق وهي حامل به وأبوه حر]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أعتق أمة له وهي حامل وزوجها حر لمن ولاء هذا الولد
355

الذي فيه بطنها في قول مالك (قال) للمولى الذي أعتق الأم لان ما في بطنها قد
مسه الرق (قلت) أرأيت لو أن رجلا أعتق أمة وهي حامل من زوج حر فولدت
ولدا لمن ولاء هذا الولد في قول مالك (قال) للمولى الذي أعتقها (ابن وهب) وأخبرني
محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح في حر تزوج أمة فأعتق ما في
بطنها (قال) ولاؤه للذي أعتقه وميراثه لأبيه (قال) وأخبرني يحيى بن أيوب عن يحيى
ابن سعيد أنه قال في عبد وامرأته أمة لهما ولد فأعتق قبل أبيه ثم أعتقت أمه قال
فان أبويه يرثانه ما بقيا فإذا هلك أبواه صار ولاؤه إلى من أعتقه ولا يجر الوالد ولاء
ولده (قال سحنون) وقاله ابن شهاب وقال (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض
في كتاب الله)
[في ولاء العبد تدبره أم الولد أو تعتقه باذن سيدها أو بغير إذنه]
(قلت) أرأيت أم الولد أيجوز عتقها عبدها أو تدبيرها أو كتابتها (قال) لا يجوز
ذلك عند مالك (قلت) فإن كان لم يعلم السيد بذلك حتى أعتقها أو مات عنها (قال)
سبيلها على ما وصفت لك في عتق العبد إذا أذن لها السيد كان الولاء للسيد ولم يرجع
إليها وإن لم يأذن لها السيد كان الولاء لها (قلت) فالمكاتب إذا أذن له سيده في
عتق عبده فأعتقه ثم عتق المكاتب أيرجع ولاؤه إلى المكاتب في قول مالك قال نعم
(قلت) فما فرق ما بين أم الولد وبين المكاتب (قال) لان المكاتب لم يكن للسيد
أن ينزع ماله وأم الولد كان له أن ينزع مالها فلذلك كان كما وصفت لك في عتقها
[في ولاء عبيد أهل الحرب إذا خرجوا الينا فأسلموا]
(قال ابن القاسم) بلغني ان مالكا قال في عبيد لأهل الحرب أسلموا ثم إن ساداتهم
أسلموا وخرجوا الينا بعدهم مسلمين (قال) العبيد أحرار ولا يردون إلى الرق (وبلغني)
عن مالك أنه قال ولاؤهم لأهل الاسلام ولا يرجع إلى ساداتهم (قلت) أرأيت
لو أن عبيدا من عبيد أهل الحرب خرجوا الينا فأسلموا ثم قدم ساداتهم بعد ذلك
356

فأسلموا (قال) قد ثبت ولاء العبيد لأهل الاسلام ولا يرجع إلى ساداتهم الولاء أبدا
في قول مالك لان ولاءهم حين أسلموا ثبت لأهل الاسلام كلهم (قلت) فلم
رددت الولاء في المسألة الأولى (قال) لان المسألة الأولى قد كانوا أعتقوهم ببينة
ثبتت قبل اسلام العبيد فلما أسلموا رجع إليهم الولاء لأنهم هم أعتقوهم وفى هذه
المسألة إنما أعتق العبيد الاسلام ولم يعتقهم ساداتهم فلذلك لا يرجع إليهم الولاء
[في ولاء عبيد أهل الحرب يسلمون بعد ما أعتقهم]
[ساداتهم ثم يسلم ساداتهم بعد ذلك]
(قلت) أرأيت لو أن قوما من أهل الحرب أعتقوا عبيدا لهم ثم إن العبيد خرجوا
الينا فأسلموا ثم خرج ساداتهم بعد ذلك فأسلموا أيرجع إليهم ولاؤهم أم لا في قول
مالك (قال) قال مالك الولاء هاهنا بمنزلة النسب إذا قامت البينة على عتقهم إياهم
مثل أهل حصن أسلموا جميعا ثم شهد بعضهم لبعض بعتق هؤلاء أو كان في أيديهم
قوم من المسلمين أسارى أو تجار فشهدوا علي عتقهم إياهم رجع إليهم الولاء بمنزلة
النسب إذا ثبتت البينة على النسب ألحقته بنسبه فكذلك الولاء (قلت) وهذا
قول مالك (قال) كذلك قال مالك في النسب والولاء بمنزلة النسب هاهنا
[في ولاء العبد النصراني يعتقه النصراني فيسلم المعتق]
[ويهرب السيد إلى دار الحرب فيسبيه المسلمون]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا من النصارى من أهل الذمة أعتق عبيدا له نصارى ثم
أسلم العبيد الذين أعتق فهرب السيد إلى دار الحرب ونقض العهد ثم ظهر عليه أهل
الاسلام بعد ذلك فسبوه ثم أسلم أيرجع إليه ولاء عبيده الذين أعتق وهو عبد إلا أنه قد أسلم (قال) نعم يرجع إليه ولاء عبيده حين أسلم ولا يرثهم إلا أن يعتق
(قلت) فهل يرث هؤلاء الموالي سيده الذي هو له ما دام العبد في الرق قال لا
(قلت) ولا يشبه هذا مكاتب المكاتب إذا أدى المكاتب الثاني كتابته قبل الأول
357

ثم مات عن مال (قال) نعم لا يشبهه لان مكاتب المكاتب إنما كاتبه المكاتب الأعلى
وهو مكاتب لسيده وهؤلاء أعتقهم هذا العبد يوم أعتقهم وهو حر إلا أن الرق
مسه بعد ذلك (قلت) فلو أعتق السيد هذا العبد أيكون ولاؤهم لهذا العبد المعتق
قال نعم (قلت) ويجر ولاءهم إلى سيده الذي أعتقه قال لا (قلت) لم (قال) لان
ولاءهم حين أعتقهم السيد لو أن سيدهم أسلم وهو عبد كان ولاؤهم لجميع
المسلمين وإن لم يسلم فهو أيضا لجميع المسلمين فهو في الحالتين جميعا لجميع المسلمين فلا
ينتقل ذلك عن المسلمين للرق الذي أصابه ولكن ان أعتق هو نفسه فهم مواليه لأنه
هو أعتقهم ولا يجر ولاءهم إلى مواليه ولا ينقلهم عن أهل الاسلام (قال) وكذلك
ولده الذين أسلموا قبل أن يؤسرانه لا يجر ولاءهم لان ولاءهم قد ثبت لجميع المسلمين
ولكن ما أعتق بعد عتق السيد إياه أو ولد له بعد ذلك في حال الرق من ولد فان
ولاء هؤلاء للسيد الذي أعتق العبد
[في ولاء العبد النصراني يعتقه النصراني فيسلم المعتق ويهرب السيد]
[إلى دار الحرب فيسبيه المسلمون فيصير في سهمان عبده فيعتقه]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا من النصارى أعتق عبدا له فأسلم العبد المعتق وهرب
السيد نصرانيا ناقضا للعهد إلى دار الشرك فسبى بعد ذلك فصار في سهمان عبده الذي
أعتق فأعتقه بعد ذلك وأسلم أيكون ولاء كل واحد منهما لصاحبه (قال) نعم
كذلك ينبغي لان الولاء بمنزلة النسب فقد كان ولاء هذا العبد المعتق للنصراني الذي
هرب ثم سبى فصار له رقيقا فأعتقه فأسلم فصار ولاؤه للعبد المعتق فقد صار ولاء
كل واحد منهما لصاحبه مثل النسب يرث كل واحد منهما صاحبه ان هلك عن
مال (قال) والولاء إنما هو نسب من الأنساب وكذلك سمعت مالكا يقول الولاء
نسب ثابت
358

[في ولاء العبد يبتاعه الرجل ثم يشهد مشتريه على بائعه بعتقه]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا اشترى عبدا من رجل فشهد هذا المشترى أن البائع
قد كان أعتقه والبائع ينكر (قال) قال مالك لو أن رجلا شهد على رجل بأنه أعتق
عبدا له أو على أبيه بعد موته بأنه أعتق عبدا له في وصيته فصار العبد إليه في حظه
واشترى الشاهد العبد انه يعتق عليه (قلت) ولمن ولاؤه (قال) للذي زعم هذا أنه
أعتقه (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) كذلك قال لي مالك انه يعتق عليه فأما الولاء
فهو رأيي (قلت) أرأيت ان اشترى رجل أمة من رجل فأقر أنها قد كانت ولدت
من سيدها الذي باعها (قال) سمعت مالكا يقول من اشترى عبدا فأقر بأنه حر
فإنه يعتق عليه فأرى أم الولد إذا أقر لها رجل بأنها أم ولد لبائعها وقد اشتراها هذا
الذي أقر أنها بهذه المنزلة انه يؤخذ باقراره إلا أنى لا أرى أن تعتق الساعة حتى
يموت سيدها لأني أخاف أن يقر سيدها بما قال هذا المشترى فتصير أم ولد له ولا
أرى للذي اشتراها عليها سبيلا (قلت) أرأيت ان أقررت أنى بعت عبدي هذا
من فلان فان فلانا أعتقه وفلانا يجحد ذلك (قال) أراه حرا لان مالكا قال في رجل
شهد على رجل بعتق عبده فردت شهادته ثم اشتراه بعد ذلك قال يعتق عليه بقضاء
(قلت) فلمن ولاؤه (قال) للذي شهد له أنه أعتقه (قال أشهب) لا يعتق عليه
إلا أن يقر بعدما اشتراه بأن سيده قد كان أعتقه فان ولاءه للذي أعتق عليه وليس
للأول من ولائه شئ فأما الولاء فليس قول أشهب إلا أنه قول كثير من أصحابنا
[في ولاء العبد يدبره المكاتب أو يعتقه باذن سيده أو بغير إذن سيده]
(قلت) أرأيت المكاتب إذا دبر عبده أيجوز أم لا (قال) ان علم بذلك السيد فرد
تدبيره بطل تدبيره وإن لم يعلم بذلك حتى أدى الكتابة وعتق كان العبد مدبرا
(قلت) وكذلك لو دبر عبد عبده كان بهذه المنزلة (قال) قال مالك هو مثل الذي
أخبرتك من عتق العبد (قلت) أرأيت المكاتب أيجوز عتقه أم لا في قول مالك
359

(قال) لا يجوز عتقه عند مالك (قلت) أرأيت ان أعتق المكاتب عبدا له فلم يعلم
سيده بما صنع من ذلك حتى أدى كتابته وعتق أينفذ عتق عبده ذلك أم لا (قال)
قال مالك إذا لم يعلم سيده حتى يؤدى كتابته فان عتق ذلك العبد جائز وليس له أن
يرده (قلت) وكذلك صدقة ماله ان علم بذلك السيد كان له أن يرده (قال) نعم
كذلك قال مالك قال وما رد السيد من ذلك من عتق أو صدقة ثم عتق المكاتب
لم يلزم المكاتب ذلك إلا أن يشاء (قلت) وهذا المكاتب الذي أجزت عتق عبده
حين أدى كتابته لمن تجعل ولاء ذلك المعتق (قال) قال مالك ولاؤه للمكاتب (قال
مالك) وان أعتق المكاتب أيضا عبده باذن سيده ثم عتق المكاتب فان الولاء يرجع
إليه إذا عتق
[في ولاء العبد يعتقه المكاتب عن غيره على مال]
(قلت) أرأيت المكاتب إذا أعتق عبده على مال أيجوز ذلك أم لا في قول مالك (قال)
قال مالك إذا أعتقه على مال يدفعه إليه من غير مال هو للعبد فذلك جائز إذا كان على
وجه النظر لنفسه وإن كان إنما أعتقه على مال للعبد يأخذه منه فان ذلك لا يجوز لان
هذا إنما أعتق عبده وأخذ منه مالا كان له فلا يجوز له هذا العتق لان المكاتب لو
أعتق عبده بغير إذن سيده لم يجز لان مالكا قال في المكاتب إذا كاتب عبده على
وجه النظر لنفسه فان ذلك جائز وكذلك عتقه إياه على مال يأخذه منه من غير ماله
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أتى إلى مكاتب أو أتى إلى عبد مأذون له في التجارة فقال
له أعتق عبدك هذا عنى ولك ألف درهم ففعل أيجوز العتق في قول مالك (قال)
قال مالك بيعهما جائز وأرى هذا بيعا وأراه جائزا (قلت) أرأيت لو أن مكاتبا أتاه
رجل فقال أعتق عبدك هذا أيها المكاتب على ألف درهم ولم يقل عنى أيجوز هذا
العتق أم لا (قال) العتق جائز إذا كانت الألف ثمنا للعبد أو أكثر من ثمنه (قلت)
ولمن الولاء (قال) للمكاتب إذا أدى فعتق كان الولاء له وان عجز المكاتب كان الولاء
لسيد المكاتب ولا يكون للذي أعطاه الألف من الولاء قليل ولا كثير وتلزمه
360

الألف درهم (قلت) ولم جعلت الألف درهم لازمة له ولم تجعل له من الولاء
شيئا (قال) ألا ترى لو أن رجلا أتى إلى رجل فقال أعتق عبدك ولم يقل عنى على
ألف درهم فأعتقه ان الألف لازمة له وان الولاء للذي أعتق لأنه لم يقل عنى
فكذلك المكاتب هو في ذلك بمنزلة الحر لان المكاتب لو كاتب عبدا له على وجه
النظر جازت الكتابة وان كره ذلك السيد فان أدى المكاتب كتابته كان له ولاء
مكاتبه الذي كاتبه وان عجز كان ولاء مكاتبه لسيده وهذا الآخر قول مالك وما
قبله رأيي
[في ولاء العبد النصراني يعتقه المسلم فيهرب إلى دار الحرب]
[ثم يسبيه المسلمون فيصير في سهمان رجل فيعتقه]
(قلت) أرأيت النصراني إذا أعتقه رجل من المسلمين فهرب النصراني إلى دار
الحرب فسبى بعد ذلك أيكون رقيقا في قول مالك (قال) نعم يكون رقيقا لان كل
من نصب الحرب على أهل الاسلام ممن لم يكن على دين الاسلام فهو فئ (قلت)
فان سبى بعد ذلك فأعتقه الذي صار في سهمانه لمن يكون ولاؤه للأول أم للثاني
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى ولاءه للثاني (قلت) فإن كان قبل أي يلحق
بدار الحرب مراغما لأهل الاسلام كأن أعتق عبيدا له نصارى في بلاد المسلمين
قبل لحاقه فلحق بعد ما أعتقهم أو كان تزوج نصرانية حرة فولدت له أولادا ثم
أسلموا لمن يكون ولاء مواليه أولئك وولاء ولده أيكون ذلك للمولى الثاني أم
للمولى الأول (قال) أراه للمولى الأول ولا يكون للمولى الثاني من ذلك الولاء
شئ لان ذلك قد ثبت لمولاه الأول قبل أن يلحق النصراني بدار الحرب فلا ينتقض
ذلك الولاء بلحاقه إلى دار الحرب لان الولاء ثبت وإنما ينتقض ولاؤه نفسه لأنه قد
عاد في الرق وليس ذلك الولاء مما يجره إذا وقع في الرق ثانية فأعتق لان مواليه
أولئك أعتقهم وهو حر وولده أولئك ولدوا وهو حر فثبت ولاؤهم لمولاه الأول
وإنما يجر الولاء إذا كان عبدا فتزوج امرأة حرة فما ولد له في حال العبودية من ولد
361

فهو يجر ولاءهم إذا أعتق وان تداوله موال وكانت امرأته هذه تلد منه وهو في ملك
أقوام شتى يتداولونه فاشتراه رجل فأعتقه فهذا يجر ولاء ولده كلهم الذين ولدوا له
من هذه الحرة لأنهم ولدوا له وهو في حال الرق وما ولد له في حال الحرية أو أعتقهم
ثم مسه الرق بعد ذلك فإنه لا يجر ولاءهم لان ولاءهم قد ثبت للمولى الأول
[في ولاء العبد يشتريه أخوه أو أبوه أو ابنه فيعتق عليهم]
(قلت) أرأيت لو أنى اشتريت أخي فيعتق على أيكون لي ولاؤه (قال) نعم لك
ولاؤه عند مالك (قلت) وكذلك لو أن امرأة اشترت ولدها فيعتق عليها أيكون
مولاها قال نعم (قال) وقال لي مالك لو أن امرأتين اشتريا أباهما فأعتق عليهما
فهلك فإنهما يرثان الثلثين بالنسب والثلث بالولاء إذا لم يكن ثم وارث غيرها
[في ولاء ولد المكاتبة من المكاتب وولد المدبرة من المدبر]
(قلت) أرأيت لو أن مكاتبا لرجل تزوج مكاتبة لرجل آخر فولدت أولادا في
كتابتها ثم أدى الأب والأم الكتابة فأعتقا وأعتق الولد لمن ولاء الولد في قول
مالك (قال) لموالي الأم لأنهم إنما عتقوا بعتق أمهم وإنما كانوا في كتابة الأم وكذلك
المدبر لو تزوج مدبرة لغير مولاه فولدت له أولادا كانوا على تدبير أمهم يعتقون
بعتقها ويرقون برقها وكذلك ولد المكاتبة ويكون ولاء ولد المدبرة وولاء ولد المكاتبة
لموالي الأم وهذا قول مالك (قلت) أرأيت لو أن مكاتبة تحت حر أو تحت مكاتب
حملت في حال كتابتها فأدت وهي حامل ثم وضعته بعد ما أدت لمن ولاء
هذا الولد (قال) ولاؤه لسيد الأمة لأنه قد مسه الرق حين كانت به حاملا وهي
مكاتبة لأنها ان وضعته قبل أن تؤدى كتابتها فهو معها في كتابتها وان وضعته بعد
أداء الكتابة فقد مسه الرق إذ هو في بطنها ألا ترى لو أن رجلا أعتق أمته وهي
حامل فوضعته بعد ما عتقت ووالده عبد ثم أعتق ان هذا الولد مولى لمولى الأمة
لان الرق قد مسه ولا يجر الأب ولاءه وهذا قول مالك في هذا الآخر
362

[في ولاء الحربي يسلم]
(قلت) أرأيت لو أن امرأة من أهل الحرب قدمت بأمان فأسلمت لمن ولاؤها في
قول مالك (قال) لجميع المسلمين (قلت) فان سبى والدها بعد ذلك فأعتق وأسلم
أيجر ولاءها في قول مالك أم لا (قال) نعم وما سمعت من مالك فيه شيئا (قلت)
ولم قلت في هذه أنه يجر ولاءها وقلت في المسألة الأولى إذ لحق بدار الحرب فسبى
ثم أعتق انه لا يجر ولاء ولده الذين ولدوا في حال حريته (قال) أولاده الذين ولدوا
قبل أن يلحق بدار الحرب قد ثبت ولاؤهم لمن كان له الرق في أبيهم فأعتقه فجر
ولاء ولده بعتقه إياهم فهذا ولاء قد ثبت لرجل بعتق أبيهم وأما التي أسلمت فلم
يثبت ولاؤها لاحد من عتق من أعتقها أو من قبل عتق أبيها ولم يمسها رق قط فلما
أعتق هذا أباها بعد ما سبى صار ولاؤها لهذا الذي أعتق أباها لأنه لم يستحق أحد
من الناس ولاءها من قبل الرق ولم يستحق أحد من الناس ولاءها برق كان له في
أبيها أو في جدها (قلت) أليس قد قلت إن العبد النصراني إذا أعتقه رجل فولد
له أولاد من حرة نصرانية فأسلموا ثم لحق النصراني بدار الحرب فسبى ثم صار
في سهمان رجل فأعتقه انه لا يجر ولاءهم ولا يجر من الولاء الا ولاء كل ولد كان
له في حال عبوديته (قال) إنما قلت لك هذا في كل ولد قد استحق ولاءهم مولى
أبيهم انه ان رجع في الرق ثم عتق لم ينتقل ولاء ولده عن مواليهم الذين ثبت لهم
الولاء وأما هذه البنت التي أسلمت قبل أبيها ثم سبى أبوها ثم أسلم بعد ذلك فإنه يجر
ولاءها لأنه ليس لأحد عليها نعمة عتق ولم يكن لاحد على أبيها نعمة عتق قبل
هذا العتق الذي حدث فيهم فلذلك جر ولاءها
[في ولاء أولاد المكاتب الأحرار من المرأة الحرة]
[يموت ويدع وفاء بكتابته]
(قلت) أرأيت مكاتبا مات وترك أولادا حدثوا في كتابته وأولادا من امرأة
363

أخرى حرة وترك وفاء بالكتابة فأدى عنه ولده الذين حدثوا في الكتابة كتابته
أيجر السيد ولاء ولده الأحرار الذين من الحرة (قال) لا يجر ولاءهم لان مالكا قال
إذا مات وعليه شئ من كتابته فان ترك ولدا حدثوا في الكتابة ومالا فيه وفاء فإنما
مات عبدا فهو لا يجر الولاء في مسألتك ولا يجر إليه الولد الذين حدثوا في الكتابة
ولاء اخوتهم (قلت) أرأيت مكاتبا هلك وله ولد حدثوا في الكتابة وولد أحرار
من امرأة حرة وترك مالا فيه وفاء بكتابته فأدى عنهم وخرج ولده أحرارا أو لم
يترك مالا يعتقون به فسعوا فأدوا لمن ولاء ولده الأحرار (قال) قال مالك لا يجر
الولاء إلى سيده في الوجهين جميعا (قال) ومما يدلك على ذلك أن مالكا قال في الرجل
يكاتب عبده ويكاتب المكاتب عبدا له آخر فيهلك المكاتب الأول وله ولد حدثوا في
الكتابة أو كاتب عليهم وولد أحرار فيسعى ولده الذين في الكتابة حتى يؤدوها ان
ولاء المكاتب الثاني لولد المكاتب الأول الذين كوتبوا معه دون ولده الأحرار فجعل
ولاؤه بمنزلة ماله إذا مات عن مال فيه فضل عن كتابته كان ما بقي بعد الكتابة لولده
الذين معه في الكتابة
[في ولاء مكاتب المكاتب يؤدى الأسفل قبل المكاتب الأعلى]
(قلت) أرأيت المكاتب الأعلى إذا كاتب مكاتبا فأدى المكاتب الأسفل قبل
الأعلى ثم أدى المكاتب الأعلى بعد ذلك أيرجع إليه الولاء في قول مالك (قال) نعم
إذا أدى رجع إليه ولاء مكاتبه الأسفل عند مالك
[في ولاء العبد المسلم يعتقه المسلم والنصراني]
(قلت) أرأيت عبدا مسلما بين مسلم ونصراني أعتقاه جميعا معا لمن ولاء حصة هذا
النصراني (قال) لجميع المسلمين
364

[في ولاء الذمي يسلم وجنايته]
(قلت) أرأيت من أسلم من أهل الذمة أعقلهم في بيت المال أم لا في قول (قال)
نعم عقلهم في بيت المال في قول مالك (قلت) وكذلك جريرة مواليهم يكون ذلك
في بيت المال في قول مالك (قال) نعم لأنه قال فيهم أنفسهم ان جريرتهم في بيت المال
فمواليهم بمنزلتهم (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن زيد بن ثابت
وعبد الله بن مسعود ويحيى بن سعيد وعطاء بن أبي رباح أنهم كانوا يقولون فيمن
يموت ولا يعرف له عصبة ولا أصل يرجع إليه انه يرثه المسلمون (قال سحنون)
وقد كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب يذكر أن ناسا يموتون عندهم
ولا يتركون رحما لهم ولا ولاء فكتب عمر أن ألحق أهل الرحم برحمهم فإن لم يكن
رحم ولا ولاء فأهل الاسلام يرثونهم ويعقلون عنهم (قال سحنون) قال يزيد بن
عياض سئل عمر بن عبد العزيز عمن يسلم من أهل الجزية من اليهود والنصارى
والمجوس فقال من أسلم من أهل تلك الملل فهو مسلم عليه ما على المسلمين وله
ما للمسلمين وليست عليه الجزية وميراثه لذي رحم إن كان فيهم مسلم يتوارثون كما
يتوارث أهل الاسلام فإن لم يكن له وارث مسلم فميراثه في بيت مال الله يقسم بين
المسلمين وما أحدث من حدث ففي بيت مال الله الذي بين المسلمين يعقل عنهم منه
(قال) وقال مالك من أسلم من الأعاجم البربر والسودان والقبط ولا موالي لهم فجر
جريرة فعقله على جماعة المسلمين وميراثه لهم (قال سحنون) وقد أبى عمر بن
الخطاب أن يورث أحدا من الأعاجم الا أحدا ولد في العرب وقد كانت الأجناس كلها
في الزمان الأول وليس اسلام الرجل على يدي رجل بالذي يجر ولاءه (وقال يحيى
ابن سعيد) من أسلم من أهل الذمة على يدي رجل مسلم فان ولاءه للمسلمين عامة
كما كانت جزيته للمسلمين عامة (قال ابن وهب) وأخبرني سفيان بن عيينة عن
مطرف عن الشعبي أنه قال لا ولاء الا لذي نعمة (وقال مالك) لا يرث أحد أحدا
الا بنسب قرابة أو بولاء عتاقة (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب
365

ان عمر بن الخطاب قال من أسلم من أهل الذمة كان ولاؤه للمسلمين وهم يعقلون عنه
[في الوصية للرجل بمن يعتق عليه وولائه]
(قلت) أرأيت من أوصى لرجل بمن يعتق عليه إذا ملكه فقبل أو لم يقبل (قال)
هو حر على كل حال قبل أو لم يقبل إذا حمله الثلث والولاء للموصى له ان قبل أو لم يقبل
فهو للموصى له ويبدأ عل أهل الوصايا كأنه إنما أوصى أن يعتق عليه ويبدأ على أهل
الوصايا (قال مالك) وأرى إن لم يحمله الثلث فان قبل عتق منه ما حمل الثلث وقوم
عليه ما بقي وكان الولاء له وإن لم يقبل قال علي بن زياد عن مالك سقطت الوصية
(قال ابن القاسم) وان أوصى له بشقص منه فهو مثل ذلك سواء ان قبل عتق عليه
ما بقي وقوم عليه وكان له الولاء وإن لم يقبل لم يعتق من العبد الا ما أوصى به وإن كان
الثلث يحمله فلا يعتق عليه الا الجزء الذي أوصى له به ويبدأ على أهل الوصايا ولا يقوم
عليه ما بقي. وان أوصى ليتيم أو لسفيه بشقص ممن يعتق عليه أو أوصى له به كله فلم
يحمله الثلث فقبله وليه لم يعتق منه الا ذلك ولم يقوم عليه وليس للولي أن يقول
لا أقبله وأن يرده والولاء لليتيم فيما أعتق عنه (قلت) أرأيت إذا أوصى رجل
لرجل بأبيه أو بابنه فأبى أن يقبل الوصية فمات الموصي والموصى له يقول لا أقبل
الوصية أيعتق أم لا في قول مالك (قال) قال مالك يعتق وإن لم يقبله الموصى له ويبدأ
على أهل الوصايا كما يبدأ العتق على أهل الوصايا وكان الولاء له (قال سحنون)
وقال أشهب لأنه في ترك قبول الوصية مضار إذا كان الثلث يحمله وليس يلزمه
فيه تقويم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار
[في ولاء العبد النصراني يعتقه المسلم وجنايته]
(قلت) أرأيت لو أن عبدا نصرانيا أعتقه رجل من المسلمين فجر النصراني جريرة
أيعقل عنه هذا المسلم وقومه أم لا في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا
ولا أرى أن يعقل عنه قوم الذي أعتقه جريرته (قلت) فعلى من عقله (قال) أراه على
366

جميع المسلمين لان ميراثه لجميع المسلمين لان مالكا قال ليس على النصراني إذا أعتقه
المسلم جزيه (قال مالك) وميراثه لجميع المسلمين إذا لم تكن له قرابة يرثونه من أهل
دينه (قال مالك) ولا أرى عليه الجزية فلما لم يجعله مالك من أهل الجزية لم يحمل عنه
أهل الجزية جريرته إذا لم تكن له منهم ذمة ولا يجعل مالك ميراثه للذي أعتقه
فتكون جريرته على سيده وإنما جريرته على جميع المسلمين لأنهم ورثته ولو أن رجلا
قتله كان العقل على الذي قتله لجميع المسلمين يرثون ذلك ويكون ذلك العقل على قوم
القاتل إن كان من المسلمين وله عاقلة تعقل عنه وهذا قول مالك (قال سحنون)
ألا ترى أن مالكا وغير واحد ذكروا أن يحيى بن سعيد حدثهم أن إسماعيل بن أبي
حكيم حدثهم أن عمر بن عبد العزيز أعتق عبدا له نصرانيا فتوفى قال إسماعيل فأمرني
عمر بن عبد العزيز أن آخذ ميراثه فأجعله في بيت مال المسلمين وإنما لم يرثه مولاه
الذي أعتقه لاختلاف الدينين (قال أشهب) ألا ترى أن ابن عمر ذكر عنه يحيى بن
أيوب عن موسى بن عقبة عن نافع أنه قال لا يرث مسلم كافرا الا الرجل عبده أو
مكاتبه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوارث أهل ملتين ولقول عمر بن
الخطاب لا نرث أهل الملل ولا يرثوننا
[في ولاء العبد يعتقه القرشي وفى القيسي وجنايته والى من ينتمى]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا من قريش وآخر من قيس أعتقا عبدا بينهما فجنى العبد
جناية قتل خطأ أيكون نصف العقل على قريش ونصف العقل على قيس في قول
مالك (قال) قال مالك لو أن قوما اجتمعوا على قتل رجل خطأ وهم من قبائل شتى فان
العقل على جميع تلك القبائل فكذلك هذا العبد المعتق عقل جنايته على قيس وعلى
قريش (قلت) أرأيت هذا العبد المعتق كيف يكتب شهادته أيكتب القرشي أم
القيسي (قال) قال مالك يكتب مولى فلان بن فلان القرشي وفلان بن فلان القيسي
367

[في ولاء العبد النصراني يعتقه القرشي والنصراني وجنايته]
(قلت) وكذلك لو أن عبدا نصرانيا بين رجل من أهل الذمة ورجل من قريش
أعتقاه جميعا فجنى جناية أيكون نصفها على قريش ونصفها على أهل الذمة إذا كان العبد
نصرانيا (قال) لا ولكن نصفها على أهل خراج مولاه الذي أعتقه أهل بلده الذين
يؤدون معه خراجه ونصفها على بيت المال لان هذا المسلم لا يرث هذا العبد لأنه
نصراني (قلت) فان أسلم العبد قبل أن يجنى جناية ثم جنى (قال) يكون نصف عقل
جنايته في بيت المال ونصفه على قريش قوم مولاه (قلت) لم (قال) لان القرشي
حين أسلم العبد صار وارثا لما أعتق والذمي انقطعت وراثته من حصته التي أعتقها
لاسلام العبد وصار ذلك لجميع المسلمين فصار في بيت المال جريرة ذلك النصف
(قلت) فان أسلم مولاه النصراني بعد ذلك (قال) يرجع إليه ولاؤه ويكون ما جنى
بعد ذلك خطأ نصفها في بيت المال ونصفها على قوم القرشي
[في ولاء الملقوط والنفقة عليه وجنايته]
(قلت) أرأيت مالكا أكان يقول اللقيط حر (قال) نعم وولاؤه للمسلمين
يعقلون عنه ويرثونه (قال) وقال مالك من أنفق على اللقيط فإنما نفقته على وجه الحسنة
ليس له أن يرجع عليه بشئ (قلت) فإن كان للقيط مال وهب له أيرجع عليه بما
أنفق في ماله (قال) نعم يرجع عليه (قلت) أرأيت اللقيط أيكون ولاؤه لمن التقطه
(قال) قال مالك ولاؤه لجميع المسلمين كلهم ولا يكون ولاؤه لمن التقطه (قلت)
أرأيت جناية اللقيط على من هي (قال) هي على بيت مال المسلمين (قلت) وميراثه
للمسلمين (قال) نعم وهذا قول مالك (قلت) أرأيت اللقيط أيكون مولى لمن
التقطه في قول مالك قال لا (قلت) ولمن ولاؤه (قال) لجميع المسلمين عند مالك
(قلت) أرأيت اللقيط أيكون له أن يوالي من شاء في قول مالك (قال) لا وولاؤه
لجميع المسلمين عند مالك (قال ابن وهب) وان علي بن أبي طالب وعمر بن عبد العزيز
368

قالا اللقيط حر قال عمر بن عبد العزيز ونفقته على بيت المال
[في ولاء العبد يشترى من الزكاة فيعتق]
(قال) وقال مالك وإنما تفسير وفى الرقاب أن يشترى رقبة يبتدئها فيعتقها فيكون
ولاؤها لجميع المسلمين (قال) ولقد سألنا مالكا عن عبد تحته حرة له منها أولاد أحرار
يشترى من الزكاة فيعتق لمن ولاء ولده (قال) قال مالك ولاؤه لجميع المسلمين ويجر
ولاء ولده الأحرار (قال) وقال مالك ولو أن عبدا تزوج حرة فولدت له أولادا
فاشترى العبد من زكاة المسلمين فأعتق فأن ولاء ولده تبع له ويصير ولاؤه وولاء
ولده لجميع المسلمين
[في ولاء موالي المرأة وعقل مواليها]
(قلت) أرأيت المرأة على من عقل مواليها ولمن ميراثهم في قول مالك (قال) قال
مالك عقل ماجر مواليها من جريرة على قومها وما تركوا من ميراث فهو لولد المرأة
إن كان لها ولد وان كانت ميتة فإن لم يكن لها ولد فلولد الولد الذكور من ولد ولدها
دون الإناث (قلت) والى من ينتمى مولى هذه المرأة إلى قوم ولدها أو إلى قوم
المرأة وكيف تكتب شهادته (قال) ينتمى إلى قوم المرأة كما كانت المرأة تنتمي (ابن
وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني رجال من أهل العلم أن
عليا والزبير اختصما في موالي أم الزبير وهي صفية بنت عبد المطلب فقال على أنا
عصبتها وأنا أولى بمواليها منك يا زبير وقال الزبير أنا ابنها وأنا أرثها وأولى بمواليها
منك يا علي فقضى عمر بن الخطاب للزبير بموالي أم الزبير وهم آل إبراهيم منهم عطاء
ومسافر بن إبراهيم (قال ابن شهاب) ثم اختصم الناس فيهم حين هلك ولد المرأة
الذكور وولد ولدها فردوا إلى عصبة أمهم ولم يكن لعصبة ولد المرأة من ولائهم
شئ (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم أن عمر بن الخطاب قضى
بالميراث للزبير وبالعقل على عصبتها فان مات الزبير رجع إلى عصبتها (مالك بن
369

أنس) عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن أباه أخبره أنه كان جالسا عند أبان بن
عثمان فاختصم إليه نفر من جهينة ونفر من بنى الحارث ابن الخزرج وكانت امرأة
من جهينة تحت رجل من بنى الحارث بن الخزرج يقال له إبراهيم بن كليب فماتت
المرأة وتركت مالا وموالي فورثها ابنها وزوجها ثم مات زوجها ثم مات ابنها فقال
ورثة ابنها لنا ولاء الموالي قد كان ابنها أحرزه وقال الجهنيون ليس كذلك أنما هم موالي صاحبتنا فإذا مات ولدها فلنا ولاؤهم ونحن نرثهم فقضى أبان بن
عثمان للجهنيين بولاء الموالي (قال ابن وهب) وأخبرنا رجال من أهل العلم
عن علي بن أبي طالب وابن شهاب ويحيى بن سعيد أن الموالي يرجعون إذا هلك
ولدها إلى عصبتها
[في ولاء ولد المعتقة من الرجل المسلم]
(قلت) أرأيت ان أعتقت أمة لي فزوجتها من رجل أسلم من أهل الذمة فولدت
منه أولادا لمن ولاء أولادها أللأب أم لموالي الأم في قول مالك (قال) قال مالك كل
حرة تزوجها حر فالولاء للأب كان من أهل الذمة فأسلم أو من عليه بالعتق فأسلم
ويرث ولده عند مالك كل من كان يرث أباه إذا كان الأب ميتا (قلت) أرأيت
رجلا أسلم فكان ولاؤه لجميع المسلمين فتزوج امرأة من العرب أو من الموالي معتقة
فولدت أولادا ثم مات ومات الأولاد بعده لمن ميراثهم ولمن ولاؤهم في قول مالك
(قال) قال مالك ان كل ولد يولد للحر من حرة فهو تبع للأب فولاء هؤلاء لجميع
المسلمين وميراثهم لجميع أهل الاسلام عند مالك (قلت) أرأيت رجلا أسلم من
أهل الذمة فتزوج امرأة معتقة أو امرأة من العرب فولدت له أولادا لمن ولاء
الولد (قال) لجميع المسلمين وإنما الولد هاهنا تبع للأب وهذا قول مالك
[في بيع الولاء وصدقته وهبته]
(قلت) أرأيت بيع الولاء وصدقته وهبته أيجوز في قول مالك (قال) لا يجوز ذلك
370

عند مالك (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عباس وعلى
ابن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وسعيد بن المسيب أن الولاء لحمة كالنسب
لا يباع ولا يوهب (وقال ابن مسعود) أيبيع أحدكم نسبه (وقال) ابن شهاب
ومكحول وربيعة بن أبي عبد الرحمن مثله
[في انتقال الولاء]
(قلت) أرأيت المرأة الحرة إذا كانت تحت المملوك فولدت له أولادا فأعتق
المملوك أيجر ولاء ولده في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت الجد إذا أعتق أيجر
ولاء ولد ولده في قول مالك قال نعم (قلت) وجد الجد إذا أعتق أيجر ولاء ولد
ولد ولده إذا أعتق (قال) قال مالك الجد يجر ولاء ولد ولده فجد الجد بمنزلة الجد
(مالك بن أنس) عن هشام بن عروة وربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن
العوام اشترى عبدا فأعتقه ولذلك العبد أولاد من امرأة حرة فلما أعتقه قال الزبير
ابن العوام هم موالي وقال موالي الأم هم موالينا فاختصموا في ذلك إلى عثمان بن عفان
فقضى بولائهم للزبير بن العوام إلا أن هشاما ذكره عن أبيه (قال ابن وهب)
وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب و عبد الله بن عمر وأبى أسيد صاحب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب وعمر بن
عبد العزيز وربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الأب يجر الولاء إذا أعتق الأب (قال)
سعيد بن المسيب ان مات أبوهم وهو عبد فولاء ولده لموالي أمهم (وقال مالك)
الامر المجتمع عليه عندنا على ذلك وإنما مثل ذلك مثل ولد الملاعنة ينتسب الزمان
من دهره إلى موالي أمه فيكونون هم مواليه ان مات ورثوه وان جر جريرة عقلوا
عنه ثم إن اعترف به أبوه لحق بأبيه وصار إلى موالي أبيه وصار ميراثه لهم وعقله
عليهم ويجلد أبوه الحد إذا اعترف به وكذلك ولد الملاعنة من العرب ان اعترف به أبوه
صار بمنزلة هذا الذي وصفنا وإنما ورثه من ورثه من قبل أن يعترف به لأنه لم يكن
له نسب ولا عصبة فلما ثبت نسبه رد إلى أصله وعصبته
371

[في شهادة النساء في الولاء]
(قلت) أرأيت شهادة النساء أتجوز على الولاء في قول مالك (قال) قال مالك
لا تجوز شهادة النساء على الولاء ولا على النسب (قلت) أرأيت ان شهدن على
السماع في الولاء أتجوز شهادتهن في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا
ولا أرى أن تجوز على السماع ولا على غيره في الولاء ولا في النسب لا تجوز شهادتهن
على الولاء ولا على النسب على حال من الحالات (قال سحنون) ألا ترى أن
شهادتهن في العتق لا تجوز فكيف في الولاء والولاء هو نسب وقد قال ربيعة وابن
شهاب لا تجوز شهادتهن في العتق (وقال مكحول) لا تجوز شهادتهن الا حيث أجازها
الله في الدين
[في الشهادة على الشهادة في الولاء]
(قلت) أرأيت الشهادة على الشهادة أتجوز في الولاء في قول مالك (قال) نعم قال
مالك وشهادة الرجلين تجوز علي شهادة عدد كثير
[في الشهادة على الشهادة في سماع الولاء]
(قلت) أرأيت ان شهدا على أنهما سمعا أن هذا الميت مولى لفلان هذا
لا يعلمان له وارثا غير هذا (قال) قال مالك إذا شهد شاهدان على السماع أو شهد
شاهد واحد أنه مولاه أعتقه ولم يكن الا ذلك من البينة فان الامام لا يعجل في
ذلك حتى يثبت فان جاء أحد يستحق ذلك والا قضى له (قال) وقال لنا مالك وقد
نزل هذا ببلدنا وقضى به (قال) وقال مالك وإن لم يكن الا قوم يشهدون على السماع
فإنه يقضى له بالمال مع يمين الطالب ولا يجر بذلك الولاء (وقد قال) أشهب بن عبد العزيز
ويكون له بذلك ولاؤه وولاء ولده بشهادة السماع. وكذلك لو أقر رجل أن فلانا مولاي
ثم مات ولم يسئل أمولى عتاقة رأيته مولاه ورأيته وارثا بالولاء (قلت) فإن كان
شاهد واحد على السماع أيحلف ويستحق المال في قول مالك (قال) ما سمعت من
372

مالك فيه شيئا وأرى أنه لا يحلف مع الشاهد الواحد على السماع ولا يستحق به من
المال شيئا لان الشهادة على السماع إنما هي شهادة على شهادة فلا تجوز شهادة واحد
على شهادة غيره (قال سحنون) وقال غيره ألا ترى لو شهد له شاهد واحد على
الولاء بالبت أو على النسب بالبت لم يكن له أن يحلف مع شاهده ويستحق المال
لان المال لا يستحق حتى يثبت النسب والولاء والنسب لا يثبت بأقل من اثنين ألا
ترى أن مالكا يقول في الأخ يدعيه أحد اخوته انه لا يحلف معه ولا يثبت له شئ
من المال في جميع المال لأنه لا يثبت له المال الا باثبات النسب والنسب لا يثبت الا
باثنين فلا يكون لهذا أن يحلف ولكن يكون له فيما في يدي أخيه ما يصيبه منه على
الاقرار به مثل أن يكونا أخوين أقر أحدهما بأخ وأنكره الآخر فإنه يكون للمقر له
فيما في يدي المقر ثلث ما في يديه وهو السدس من الجميع (وقال غيره) وإنما استحسن
له في المال أن يكون له مع يمينه إذا لم يكن للمال طالب لأنه ليس ثم نسب يلحقه في
المولى الذي شهد فيه شاهد على أنه مولاه أو شهد شاهدان على السماع ألا ترى
أن الأخ يقر بأخ وليس له غيره ان ذلك يوجب له المال ولا يثبت له نسب
[في شهادة ابني العم لابن عمهما في الولاء]
(قلت) أرأيت ان شهد أعمامي على رجل مات أنه مولاي وأن أبى أعتقه (قال)
سمعت مالكا وسئل عن ابني عم شهدا على عتق لابن عمهما قال مالك ان كانا
ممن يتهمان على قرابتهما أن يجرا بذلك ولاء فلا أرى ذلك يجوز وان كانا من الأباعد
ممن لا يتهمان أن يجرا بذلك ولاء ولعل ذلك يرجع إليهما يوما ما ولا يتهمان عليه
اليوم (قال مالك) فشهادتهما جائزة ففي مسألتك إن كان إنما هو مال يرثه وقد مات
مولاه ولا ولد لمولاه ولا موالي فشهادتهما جائزة لأنهما لا يجران بشهادتهما إلى
أنفسهما شيئا فإن كان لموالي الميت ولد أو موال يجر هؤلاء الشهود بذلك إلى
أنفسهم شيئا يتهمون عليه لقعودهم لمن شهدوا له لم أر شهادتهم تجوز في الولاء
373

[في الاقرار في الولاء]
(قلت) أرأيت لو أقر رجل أنه أعتق هذا الرجل وأنه مولاه وقال الآخر صدق
هو أعتقني أيصدق وان كذبه قومه (قال) أرى القول قوله ويكون ثابت الولاء ولا
يلتفت إلى انكار قومه هاهنا إلا أن تقوم عيه بينة بخلاف ما أقر به فان قامت عليه بينة
بخلاف ما أقر به أخذ بالبينة وترك قوله (قلت) أرأيت الرجل تحضره الوفاة فيقول
فلان مولاي أعتقني وهو وارثي ولا يعلم ذلك ألا بقوله أيصدق في قول مالك أم لا
(قال) نعم يصدق إلا أن يأتي أحد يقيم بينة على خلاف ما قال وقاله أشهب بن عبد
العزيز (قلت) أرأيت ان أقر الرجل على أبيه أن أباه أعتق عبده هذا في مرضه أو
في صحته ولا وارث لأبيه غيره أيجوز اقراره على أبيه بالولاء ويعتق هذا العبد
ويجعل ولاؤه لأبيه في قول مالك (قال) نعم يلزمه العتق فإن كان اقراره بأن أباه
أعتقه في المرض والثلث يحمله جاز العتق (قلت) أفلا تتهمه في جر الولاء (قال)
لا لأنه لو أعتقه عن أبيه كان الولاء لأبيه فليس هاهنا تهمة (قال أشهب) إلا أن
يكون معه وارث ألا ترى أن مولى أبيه هو مولاه وإنما نقص نفسه ومولاه هو
مولى أبيه ألا أن يكون معه وارث غيره (قال سحنون) وقال الليث بن سعد وقال
ربيعة بن أبي عبد الرحمن لا تجوز شهادته ولو جاز مثل ما شهد عليه هذا في العبد
الذي بينه وبين اخوته لم يشأ رجل أن يدخل مثل ذلك على شركائه ويخرج بمثل
ذلك من الذي عليه في السنة من قيمة العبد كله ولا يجوز مثل شهادة هذا على مثل
ما شهد عليه (قال عبد الجبار) قال ربيعة وإن كان معه رجل آخر يشهد على ذلك جاز
ذلك على الورثة وإن لم يكن معه غيره سقطت شهادته عنه وعن أهل الميراث وأعطى
حقه منه
[في الدعوى في الولاء]
(قلت) أرأيت ان أعتقت أمة وهي تحت حر فولدت له أولادا فقالت أعتقت وأنا
374

حامل بهذا الولد وقال الزوج بل حملت به بعد العتق فولاؤه لموالي (قال) القول قول
الزوج (قلت) تحفظه عن مالك قال لا (قال) وقال أشهب ولو أقر الزوج بما قالت
لم يصدق إلا أن يكون المعتق واقعها وهي حامل بينة الحمل أو تضع بعد العتق لأقل
من ستة أشهر (قلت) أرأيت ان أقمت البينة أن فلانا أعتقني وفلان يجحد ذلك
ويقول لا أعرفك وما كنت لي عبدا أو قال ما أنت لي بمولى أيلزمه ولائي وتمكنني
من أيقاع البينة عليه في قول مالك (قال) لا أقوم على حفظ قول مالك في هذه المسألة
ولكن هذا عندي بمنزلة النسب ألا ترى لو أن رجلا ادعى أنه ابن هذا الرجل وجحد
ذلك الرجل أنه ابنه فأقام عليه البينة فانى أمكنه من ذلك وأثبت نسبه منه (قلت)
أرأيت ان أنكر مولاي أنى أعتقته وجحد ولائي فأردت أن أوقع عليه البينة عند
القاضي أيمكنني القاضي من ذلك أم لا (قال) نعم يمكنك من ايقاع البينة عليه حتى يثبت
أنه مولاك (قلت) وهذا قول مالك (قال) لم أزل أسمع هذا (قلت) وكذلك
الأنساب لو أن رجلا جحد ابنه أو ابنا جحد أباه فأراد أن يوقع البينة عليه أتمكنه
من ذلك قال نعم (قلت) وكذلك الأم والولد (قال) نعم (قلت) وكذلك الأخ
والأخت إذا جحد بعضهم بعضا فأراد الجحود أن يوقع البينة عليه أتمكنه من ذلك
في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت لو أن رجلا مات وترك ابنتين فادعى رجل
أنه أعتق هذا الميت وأنه مولاه فصدقنه احدى البنات وأنكرت الأخرى (قال) لا
أرى للمولى في اقرار هذه شيئا من المال لأنه لا يدخل عليها في الثلث الذي صار لها
في اقرارها هاهنا للمولى شئ وأما الولاء فانى لا أرى أن يثبت له حتى يكون ولاء
تحمل العاقلة جريرتها وأما الميراث فانى أرى أن يحلف ان ماتت ولم تترك وارثا غيره
أو عصبة تحلف وتأخذ الميراث (قال) ويحلف مع البنتين ويأخذ الثلث الباقي وإن لم
يأت أحد بأحق مما شهدتا له به وذلك إذا كانتا عدلتين (قلت) أرأيت لو أن رجلا
هلك وترك ابنتين فادعى رجل أنه مولاه وأنكر البنتان أن يكون هذا الرجل مولى
أبيهما (قال) لا يكون مولى الأب إلا أن يقيم البينة في قول مالك (قلت) فان أقرت
375

البنتان أنه مولى أبيهما (قال) إذا لم يكن لأبيهما عصبة ولا من يستحق الثلث الباقي
بولاء معروف ولا نسب حلف هذا مع اقرار البنتين واستحق المال ولا يستحق الولاء
ألا ترى أن الرجل يهلك ويترك ابنا فيقول الابن هذا أخي ولم يكن للمقر له بينة
أنه يستحق المال ولا يثبت نسبه (وقال غيره) لا يحلف مع البنتين في الثلث الباقي
لأنهما شهدتا على العتق وشهادتهما في العتق لا تجوز ولا يثبت المال الا باثبات الولاء
وشهادتهما في الولاء لا تجوز ولو أقرتا له بالولاء أنه مولاهما ورثهما إذا لم يكن يعرف
باطل قولهما بمنزلة الرجل يقر للرجل أنه مولاه ولا يعرف باطل قوله فهو مولاه
(قلت) أرأيت لو ادعى رجل على رجل فقال أنت مولاي أعتقتني وأنكر الرجل
ذلك وقال لا أعرفك أتكون عليه اليمين في قول مالك أم لا (قال) لا يكون عليه
اليمين (قلت) فان أقام شاهدا واحدا أحلفته في قول مالك فان أبى حبسته حتى يحلف
(قال) لا أحبسه ولكن أقول لهذا أقم شاهدا آخر وإلا فلا ولاء له عليك (قلت)
أرأيت لو أن رجلين أقاما البينة على رجل كل واحد منهما يقيم البينة أنه مولاه وكلتا
البينتين في العدالة سواء والمولى مقر بالولاء لأحدهما ومنكر للآخر (قال) أراه
مولى للذي أقر له بالولاء لان البينتين لما تكافأتا في العدالة كانتا بمنزلة من لا بينة لهما
فيكون الولاء للذي أقر له به (وقال مالك) إذا تكافأت البينتان والحق في يد أحدهما
فالحق لمن هو في يديه فاقرار هذا له بمنزلة من في يديه الحق (قلت) فإن كانت
بينة الذي ينكره المولى أعدل من بينة الذي يقر له بالولاء (قال) فهو مولى لصاحب
البينة العادلة ولا ينظر في هذا إلى اقراره (قلت) أرأيت لو أن رجلا مات فأخذت
ماله وزعمت أنى وارثه وأنه مولاي فأتى رجل بعد ذلك فأقام البينة أنه مولاه وأقمت
أنا البينة انه مولاي وتكافأت البينتان في العدالة أيكون المال للذي هو في يديه في
قول مالك (قال) المال بينهما (قلت) ولم ذلك وقد قال مالك إذا تكافأت البينات
فالمال للذي هو في يديه (قال) إنما ذلك في مال في يديه ولا يعرف من أين أصله
فإذا عرف أصله فهو للذي له أصل المال وقد أقاما جميعا البينة أنهما استحقا جميعا هذا
376

المال من الذي كان له أصل هذا المال فهو بينهما
(بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
[في ميراث الأقعد فالأقعد في الولاء]
(قلت) ما قول مالك في ميراث الولاء إذا مات رجل وترك مولاه وترك ابنين
فمات أحد الابنين وترك ولدا ذكر أثم مات المولى (قال) قال مالك الميراث لابن الميت
المعتق ولا شئ لولد ولده مع ولده لصلبه لأنه أقعد بالميت وإنما الولاء عند مالك لأقعدهم
بالميت ولو استويا في القعدد كان الميراث بينهما بالسواء (قال) وأخبرني مالك قال بلغني
أن ابن المسيب قال في رجل هلك وترك بنين له ثلاثة وترك موالي أعتقهم هو ثم إن
رجلين من بنيه هلكا وتركا ولدا فقال سعيد بن المسيب يرث الموالي الباقي من ولده
الثلاثة فإذا هلك فولده وولد أخويه في الموالي شرعا سواء (قال ابن وهب) وأخبرني
مخرمة بن بكير عن أبيه عن ابن قسيط وأبى الزناد مثله (ابن وهب) عن ابن لهيعة
عن بكير بن الأشج أن عمرو بن عثمان وأبان بن عثمان ورثا أباهما عثمان بن عفان
فكانا يرثان الموالي سواء ثم توفى عمرو بن عثمان فخلص الميراث لأبان بن عثمان
ثم توفى أبان فرجع الولاء لبنى أبان وبنى عمرو ابني عثمان بن عفان فكانوا فيه شرعا
سواء وأنه قضى بمثل ذلك في ولد سالم وعبيد الله وواقد بنى عبد الله بن عمر فيمن
هلك من موالي ابن عمر (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن ابن هبيرة عن عبد الله
ابن عمر أنه استفتى في رجل هلك وترك ابنين فورثا ماله ومواليه ثم توفى أحدهما
وترك بنين ثم توفى مولى أبيهم فقال عم الغلمان أنا أحق به وقال بنو أخيه إنما ورثت
أنت وأبونا المال والموالي فقال ابن عمر ميراثهم للعم (قال) وأخبرني من أرضى به
من أهل العلم عن طاوس مثله (قلت) أرأيت لو أن امرأة هلكت وتركت ثلاثة
اخوة أخا لأب وأم وأخا لأب وأخا لام وتركت مواليها فمات الموالي لمن ميراثهم
في قول مالك (قال) قال مالك ميراثهم لأخيها لامها وأبيها وليس لأخيها لامها ولا
لأخيها لأبيها من ولاء مواليها قليل ولا كثير ولا لأخيها لأبيها من ميراث الموالي
377

مع أخيها لامها وأبيها قليل ولا كثير لان الأخ للأب والأم أقرب إليها بأم (قال
مالك) ولو كان الأخ للأب والأم مات وترك ولدا كان الأخ للأب أقعد بها وكان
ميراث الموالي لأخيها لأبيها دون ولد أخيها لامها وأبيها وان مات الأخ للأب والأم
ومات الأخ للأب وكلاهما قد ترك ولدا ذكورا فميراث الموالي إذا هلكوا لولد
الأخ للأب والأم دون ولد الأخ للأب لأنهم أقرب إلى الميتة بأم فان هلك ولد
الأخ للأب والأم وترك ولدا وولد الأخ للأب حي كان الميراث لهم دون ولد ولد
الأخ للأب والأم لأنهم أقعد بالميتة وليس للأخ للأم من ميراث ولاء أخته لامه
قليل ولا كثير وإن لم تترك أخا غيره كان ميراث مواليها لعصبتها وإن كان الأخ
للأم من عصبتها كان له الميراث كرجل من العصبة وهذا قول مالك (ابن وهب)
عن ابن لهيعة عن محمد بن زيد عن المهاجر أنه قال حضرت القاسم بن محمد بن أبي
بكر وطلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر وهما يختصمان إلى ابن الزبير في
ميراث أبى عمرو ذكوان مولى عائشة وكان عبد الله بن عبد الرحمن وارث عائشة
دون القاسم لان أباه كان أخاها لأبيها وأمها وكان محمد أخاها لأبيها ثم توفى عبد الله
فورثه ابنه طلحة ثم توفى ذكوان أبو عمرو فقضى به ابن الزبير لطلحة فسمعت
القاسم بن محمد يقول سبحان الله ان الموالي ليس بمال موضوع يرثه من يرث المال إنما
الموالي في قول مالك عصبة (قلت) أرأيت ان مات رجل وترك موالي وترك من
القرابة ابن عمه لأبيه وأمه وابن عمه لأبيه من أولى بولاء هؤلاء في قول مالك
(قال) بنو عمه لأبيه وأمه أولى من بنى عمه لأبيه لأنهم أقرب إلى الميت بأم (قلت)
أرأيت رجلا هلك وترك ابنا وأبا وموالي لمن ولاء هؤلاء الموالي ولمن ميراثهم إذا
ماتوا (قال) سئل مالك عن رجل هلك وترك مولى فهلك المولى وترك أبا مولاه
وترك ابنه فقال الميراث لابنه وليس لأبيه منه شئ (قال مالك) وولاء هؤلاء لولده
الذكور دون والده وكذلك لو لم يكن له ولد لصلبه ولكن له ولد ولد ذكور ووالد
فان ولاء مواليه لولد ولده الذكور دون والده لا يرث الوالد من ولاء الموالي مع
378

الولد ولا مع ولد الولد إذا كانوا ذكورا قليلا ولا كثيرا عند مالك (قلت) أرأيت
ان مات وترك أخاه وجده وترك موالي (قال) قال مالك الأخ أحق بولاء الموالي
من الجد (قال مالك) وبنو الأخ وبنو بنى الأخ أحق بولاء الموالي من الجد (قال)
ولو أن رجلين أعتقا عبدا بينهما فمات أحدهما وترك عصبة وبنين ثم مات المولى
المعتق وترك أحد مولييه وعصبة الآخر وولده (قال مالك) الميراث بين المولى الباقي
وبين ورثة الميت الذكور (قلت) أرأيت رجلا مات وترك موالي وترك ابن ابن
وترك أخا لمن الولاء في قول مالك (قال) ليس للاخوة من الولاء مع ولد الولد
الذكور شئ عند مالك (قلت) أرأيت رجلا أعتق عبدا له ثم مات وترك ولدين له
فمات الولدان جميعا وترك أحدهما ابنا واحدا وترك الآخر أربعة أولاد ذكور كيف
الولاء بينهم في قول مالك (قال) الولاء بينهم عند مالك أخماس لكل واحد منهم
خمس الميراث إذا مات المولى لأنهم في القعدد والقرابة من الميت سواء (مالك) عن
عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث
عن أبيه أن العاصي بن هشام هلك وترك بنين له ثلاثة اثنان لام وأب ورجل لعلة
فهلك أحد الابنين اللذين هما لام وأب وترك مالا وموالي فورثه أخوه لامه وأبيه
ورث ماله وولاء مواليه ثم هلك الذي ورث المال والموالي وترك ابنه وأخاه لأبيه
فقال ابنه قد أحرزت ما كان أبى أحرزه من المال وولاء الموالي وقال أخوه ليس
كذلك أنما أحرزت المال فأما ولاء الموالي فلا أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست
أرثه أنا فاختصما إلى عثمان بن عفان فقضى لأخيه بولاء الموالي (ابن وهب) عن
عبد الجبار بن عمر عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه قال الولاء للأخ
دون الجد قال عبد الجبار وقال ذلك ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال مالك وبنو الأخ
أولى بولاء الموالي من الجد (ابن وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت
سليمان بن يسار واستفتى هل ترث المرأة ولاء موالي زوجها فقال لا ثم سئل هل
يرث الرجل ولاء موالي امرأته فقال لا (قال بكير) وقال ذلك عبد الله بن أبي سلمة
379

(قال بكير) وسمعت سليمان بن يسار واستفتى هل يرث الرجل من ولاء موالي أخيه
لامه شيئا فقال لا (ابن وهب) وقال ذلك عبد الله بن أبي سلمة (وقال) سليمان بن
يسار وإن لم يترك أحدا من الناس الا أخاه لأمه لم يرثه وإن لم يترك غيره
[في ميراث النساء في الولاء]
(قلت) أرأيت رجلا مات وترك ابن ابن وابنته لصلبه وترك موالي (قال) الولاء
لابن الابن وليس لابنته من الولاء شئ (قلت) وكذلك لو ترك الميت بنات وعصبة
وترك موالي كان ولاؤهم للعصبة دون النساء في قول مالك قال نعم (قلت) ولا يرث
البنات من ولاء موالي الآباء شيئا ولا من ولاء موالي الأولاد شيئا ولا من ولاء موالي
اخوتهن ولا من ولاء موالي أمهاتهن شيئا في قول مالك (قال) نعم وان مات موالي
من ذكرت ولم يدع الموالي من الورثة الا من ذكرت من قرابة مواليهم من النساء
كان ما ترك هؤلاء الموالي لبيت المال عند مالك ولا يرث النساء من الولاء شيئا
عند مالك الا من أعتقن أو أعتق من أعتقن وقد وصفت لك هذا (قلت) أرأيت
موالي النعمة أهم أولى بميراث الميت من عمة الميت وخالته في قول مالك (قال) نعم والعمة
والخالة لا يرثان عند مالك قليلا ولا كثيرا إذا لم يترك الميت غيرهما ويكون ما ترك
للعصبة (قال ابن وهب) وأخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني سالم
ابن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يرث موالي عمر دون بنات عمر (قال ابن
وهب) وأخبرني أشهل بن حاتم عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال مات مولى
لعمر بن الخطاب فسأل ابن عمر زيد بن ثابت فقال أيعطى بنات عمر شيئا فقال
ما أرى لهن شيئا وإن شئت أعطيتهن (قال ابن وهب) وأخبرني يونس بن يزيد
عن ابن شهاب قال حدثني سعيد بن المسيب ان النساء لا يرثن الولاء إلا أن تعتق
امرأة شيئا فترثه
380

[في ميراث النساء ولاء من أعتقن أو أعتق من أعتقن]
(قال) وقال مالك لا ترث النساء من الولاء شيئا الا من أعتقن أو أعتق من أعتقن
أو ولد من أعتقن من ولد الذكور ذكرا كان ولد هذا الذكر أو أنثى (قلت) فلو
أعتقت امرأة أمتها ثم إنها تزوجت زوجا فولدت منه أولادا فلاعنها وانتفى من
ولدها أيكون ميراث هذا الولد للمرأة التي أعتقت أمة في قول مالك (قال) نعم ولو
ولدت من الزنا كان بهذه المنزلة (قلت) أرأيت لو أن امرأة اشترت أباها فأعتقته
ثم مات الأب عن مال ولا وارث له غير هذه البنت أيكون جميع المال لها في قول
مالك (قال) قال مالك نعم لها جميع المال نصفه بالنسب ونصفه بالولاء (قلت) أرأيت
ان اشترى الأب بعد ما أعتقته البنت ابنا له فمات الأب وترك مالا وترك ابنه وابنته
(قال) الميراث بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين (قلت) فان مات الابن بعد ذلك
(قال) للأخت النصف بالنسب والنصف بالولاء لان الابن مولى أبيه والأب مولى
لها وهي ترث بالولاء من أعتقت أو أعتق من أعتقت وهذا قول مالك (قال ابن
وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وربيعة
وأبى الزناد وغير واحد من التابعين من أهل العلم أنه لا يرث من النساء الا من كاتبن أو
أعتقن أو أعتق من أعتقن وقاله الشعبي وقال إبراهيم النخعي الا من أعتقن وقال عمر
ابن عبد العزيز الا من أعتقت أو كاتبت فعتق منها أو أعتق من أعتقت (ابن وهب)
عن عيسى بن يونس عن إسماعيل عن الشعبي أن مولى لابنة حمزة بن عبد المطلب مات
وله ابن فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثه على ابنته وابنة حمزة بن عبد المطلب
نصفين (قلت) أرأيت مولى المرأة على من جريرته في قول مالك (قال) على قومها
(قلت) والميراث لولدها الذكور والعقل على قومها في قول مالك قال نعم (قلت)
أرأيت امرأة ماتت وتركت موالي وتركت ابنا فمات ابنها وترك أولادا ذكورا
(قال) قال مالك ميراث الموالي لولدها وولد ولدها الذكور والعقل على عصبتها فان
انقطع ولدها الذكور رجع الميراث إلى عصبتها الذين هم أقعد بها يوم يموت الموالي
381

(قلت) أرأيت المرأة إذا ماتت وتركت مولى وتركت أبا وابنا فمات المولى (قال)
قال مالك ميراث المولى للولد دون الوالد قال بمنزلة ما وصفت لك في موالي الأب
إذا مات الأب وترك ابنا وأبا فموالي الأم هاهنا وموالي الأب سواء (قلت) أرأيت
لو أن امرأة أعتقت عبدا ثم ماتت وتركت ولدا ذكرا ثم مات ولدها هذا وترك
أخاه لأبيه ثم مات المولى لمن ميراثه (قال) لعصبة المرأة التي أعتقته (قلت) ولا
يرث ولاء هذا المولى أخو ولدها لأبيه في قول مالك (قال) نعم لا يرث عند مالك
(قال سحنون) وقد كتبت آثار هذا قبل هذا الموضع
[في ميراث الغراء]
(قلت) أرأيت الغراء هل تكون الا إذا كانت أختا وأما وجدا وزوجا (قال) نعم
لا تكون الا كذلك عند مالك (قلت) فإن كانت أم وزوج وأختان وجد (قال)
هذه لا تكون غراء في قول مالك (قلت) لم (قال) لان الأم إذا أخذت السدس
وأخذ الزوج النصف وأخذ الجد السدس فإنه يبقى هاهنا للأخوات السدس فإذا بقي
من المال شئ فإنما للأخوات ما بقي ولا تكون غراء وإنما الغراء إذا بقيت الأخت
وليس في المال فضل فيربى لها بالنصف لان الفريضة إذا كانت أختا وأما وزوجا
وجدا كان للزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس فبقيت الأخت وليس في
المال فضل فيربى لها بالنصف وفى المسألة الأخرى فضل للأختين فإذا كان في المال
فضل فإنما للأخوات ما بقي ولا يربى لهما بشئ غير السدس وهذا قول مالك
[في المواريث]
(قلت) أرأيت كل من التقى هو وعصبته إلى جد جاهلي أيتوارثان بذلك أم لا (قال)
قال مالك في كل بلاد افتتحت عنوة وكانت دارهم في الجاهلية ثم سكنها أهل
الاسلام ثم أسلم أهل تلك الدار انهم يتوارثون بأنسابهم التي كانت في الجاهلية وهم
على أنسابهم التي كانوا عليها يريد بذلك كما كانت العرب حين أسلمت وأما كل قوم
382

تحملوا فإن كان لهم عدد وكثرة فإنهم يتوارثون مثل الحصن يفتح وما يشبه
ذلك وان كانوا قوما لا عدد لهم فلا يتوارثون بذلك إلا أن تقوم بينه عادلة على
الأصل مثل الأسارى من المسلمين يكونون عندهم فيخرجون فيشهدون لهم فإنهم
يتوارثون (قلت) أرأيت لو أن رجلا هلك من العرب من قيس يعلم أنه من
أنفسهم وليس له وارث ولا يعلم من عصبته من قيس دنية أو من هو من سليم ولا يعلم
من عصبته من سليم لمن تجعل ميراثه (فقال) قال مالك في هذه المسألة انه لا يورث بهذا
ولا يورث حتى يعلم من عصبته الذين يرثونه (قلت) فإن كانت عصبته الذين يرثونه
إنما يلتقون معه إلى جد جاهلي بعد عشرة آباء أو عشرين أبا أيرثونه في قول مالك
(قال) نعم إذا كان ذلك يعرف وكان عصبته هؤلاء الذين يلتقون معه إلى ذلك الأب
قوما يحصون ويعرفون (قلت) فإذا ورثت هذا الذي يلتقى مع هذا الميت إلى أب
جاهلي فلم لا تورث سليما كلها من الميت وأنت قد علمت أن هذا الميت يلتقى هو
وكل من ولد من ولد سليم إلى سليم (قال) لان سليما لا تحصى فلمن تجعله منهم
وكيف تقسمه بينهم أرأيت ان أتاك سليمي فقال أعطني حقي من هذا المال كم تعطيه
منه فهذا لا يستقيم (قال) وقال مالك لا يورث أحد الا بيقين والذي ذكرت لك
من عصبة ذلك الرجل هم قوم يعرفون ويعرف حق كل واحد منهم (مالك) عن
الثقة عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب أبى أن يورث أحدا من الأعاجم الا
أحدا ولد في العرب (ابن وهب) عن مخرمة بن بكير ويزيد بن عياض عن بكير
ابن عبد الله عن ابن المسيب عن عمر مثله (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن
شهاب عن عمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير وعمرو بن عثمان بن عفان وأبى بكر
ابن سليمان بن أبي حثمة وأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مثله (قال
يونس) قال ابن شهاب وان عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان قضيا بذلك (ابن وهب)
عن سليمان بن بلال ويحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال أدركت الصالحين
يذكرون أن في السنة أن ولادة الأعاجم ممن ولد في أرض الشرك ثم يحمل أن لا يتوارثون
383

(ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح مثل ذلك
(ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال أرى ان كل
امرأة جاءت حاملا فإنه وارث لها موروث لها وأرى أن كل من قذفه بها فهو
مفتر وان جاءت بغلام مفصول وادعت أنه ولدها فإنه غير ملحق بها في ميراث
ولا مجلود من افترى عليه بأمه (قال ابن وهب) عن مالك في مثل رواية ابن القاسم
عن مالك في أهل مدينة من أهل الحرب أسلموا فشهد بعضهم لبعض انهم
يتوارثون بذلك
[في الميراث بالشك]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا معه امرأته وابنه وأخ لامرأته فماتت المرأة وابنه
فاختلف الأخ والزوج في ميراث المرأة فقال الزوج ماتت المرأة أولا وقال الأخ بل
مات الابن أولا ثم ماتت أختي بعد ذلك (قال) لا ينظر إلى من هلك منهم ممن لم
يعرف هلاكه قبل صاحبه ولا يورث الموتى بعضهم من بعض إذا لم يعرف من مات
منهم أولا ولكن يرثهم ورثتهم الاحياء عند مالك (قال مالك) فإنما يرث كل واحد
منهما ورثته من الاحياء وإنما ترث المرأة ورثتها من الاحياء ولا ترث المرأة الابن ولا
يرث الابن المرأة (قال) وقال مالك لا يرث أحد أحدا الا بيقين (قلت) أرأيت
لو أن أمة تحت رجل حر مات عنها زوجها فقالت الأمة أعتقني مولاي قبل أن
يموت زوجي وقال المولى صدقت أنا قد أعتقتها قبل أن يموت زوجها وقالت الورثة
بل أعتقك بعد موته (قال) أرى أنه لا ميراث لها لان مالكا قال لا يورث بالشك
ولا يورث أحد الا بيقين (قلت) أرأيت لو أن امرأة أعتقت رجلا فماتت ومات
المولى ولا يدرى أيهما مات أولا ولم يدع وارثا غيرهما (قال) لا ترثه مولاته في قول
مالك ويكون ميراثه لأقرب الناس من مولاته الذكور (قلت) وهو هكذا في
المواريث في الآباء إذا مات الرجل وابنه لا يدرى أيهما مات أولا فإنه لا يرث
واحد منهما صاحبه في قول مالك قال نعم (قلت) ويرث كل واحد منهما ورثته
384

من الاحياء في قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك لا يورث أحد بالشك (قلت)
ولا يرث المولى الأسفل المولى الأعلى في قول مالك (قال) نعم لا يرثه (ابن وهب)
عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أن أم كلثوم بنت على
ابن أبي طالب امرأة عمر بن الخطاب وابنها زيد بن عمر بن الخطاب هلكا في ساعة
واحدة فلم يدر أيهما هلك قبل صاحبه فلم يتوارثا (قال مالك) سمعت ربيعة وغيره
ممن أدركت من العلماء يقولون لم يتوارث من قتل يوم الجمل وأهل الحرة وأهل
صفين وأهل قديد فلم يورث بعضهم من بعض لأنهم لم يدر من قتل منهم قبل صاحبه
(ابن وهب) عن عبد الجبار بن عمر أن أبا الزناد حدثه عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب
إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بالعراق في القوم يموتون جميعا لا يدرى أيهم مات قبل أن
ورث الأقرب فالأقرب الاحياء منهم من الأموات ولا تورث الأموات من الأموات
(ابن وهب) عن سفيان الثوري عن داود بن أبي هند عن عمر بن عبد العزيز مثله
(وقال) ابن شهاب وعطاء بن أبي رباح مثله (قال ابن وهب) وقد بلغني أن علي بن أبي طالب قضى بذلك (ابن وهب) عن سفيان الثوري أن أبا الزناد حدثه قال
قسمت مواريث أصحاب الحرة فورث الاحياء من الأموات ولم يورث الأموات
من الأموات
[في الدعوى في المواريث]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا هلك وترك ابنين أحدهما مسلم والآخر نصراني فادعى
المسلم أن أباه مات مسلما وقال النصراني بل مات أبى نصرانيا القول قول من وكيف ان
أقاما جميعا البينة على دعواهما وتكافأت البينتان (قال) كل مال لا يعرف لمن هو
يدعيه رجلان فإنه بينهما فأرى هذا كذلك إذا كانت بينة المسلم والنصراني مسلمين
(قلت) أوليس هذا قد أقام البينة أن والده مات مسلما وصلى عليه ودفن في مقبرة
المسلمين فكيف لا تجعل الميراث لهذا المسلم (قال) ليست الصلاة شهادة فأما المال
فأقسمه بينهما (قال) وأما إذا لم يكن لهما بينة وعرف الناس أن أباه كان نصرانيا فهو على
385

النصرانية حتى يقيم المسلم البينة أنه مات على الاسلام لأنه مدع (قال سحنون)
وقال أشهب وغيره إلا أن يقيما جميعا البينة كما ذكرت لك وتكافت البينتان فهو للمسلم
[في الشهادة في المواريث]
(قلت) أرأيت ان شهد قوم على رجل ميت أن فلانا ابنه وهو وارثه لا يعلمون له
وارثا غيره أيقضى له بالمال في قول مالك أم لا يقضى له بالمال حتى يشهدوا على البتات
أنه لا وارث له غيره (قال) إذا شهدوا أنه ابنه لا يعلمون له وارثا غيره قضى له
بالمال (قال) وهو قول مالك (قلت) أرأيت ان أقمت البينة على رجل مات أنه
مولاي أعتقته وأنهم لا يعلمون له وارثا غيري أيدفع السلطان إلى ميراثه (قال) نعم
(قلت) ولا يأخذ منى كفيلا (قال) بلغني عنه أنه قال لا يأخذ منه كفيلا (قلت)
فان جاء بعد ذلك رجل آخر فأقام البينة أنه أعتقه وأنه مولاه لا يعلمون له وارثا
غيره أينظر له في حجته أم لا (قال) نعم ينظر له في حجته وينظر له في عدالة بينته وعدالة
بينة الذي أخذ المال فيكون المال لأعدل البينتين (قلت) أرأيت ان أقمت البينة أن هذه
الدار دار أبى وقد ترك أبى ورثة سواي أيمكنني مالك من الخصومة في الدار في
حظي وحظ غيري حتى أحييه لهم (قال) لا أعرف قول مالك ولكني أرى أن
يمكنه من الخصومة فان استحق حقا لم يقض له الا بحقه ولم يقض للغيب بشئ لعلهم
يقرون لهذا المحكوم عليه بأمر جهله هذا المدعى ولعله ان قضيت لهم به ثم هلكوا قبل
أن يعلموا ذلك فيقروا أو ينكروا وقد جرت فيه المواريث وقضى فيه الدين بأمر لم يكن
يعرفون انه لهم فلا أرى ذلك ولا يقضى له الا بحقه حتى يعلموا فينكروا أو يقروا
فان أقروا كان قضاء القاضي لهم قضاء وان قضى عليهم أمكنهم من حجة ان كانت
لهم غير ما أتى به شريكهم (وقال أشهب) بل انتزع الحق كله فأعط هذا حقه وأوقف
حقوق الغيب وكذلك كتب مالك إلى ابن غانم قاضي القيروان (قال سحنون)
ورواه ابن نافع أيضا
386

[في ميراث ولد الملاعنة]
(قلت) أرأيت ابن الملاعنة إذا مات وترك موالي أعتقهم فماذا ترى في مواليه
وهل ترث الأم من ميراث موالي ابنها الذي لاعنت به شيئا في قول مالك قال لا
(قلت) فهل يرث أخواله ولاء مواليه في قول مالك قال لا (قلت) فمن يرثهم (قال)
ولده أو ولد ولده أو موالي أمه لأنهم عصيته (قلت) فإن كانت أمه من العرب (قال)
فولده الذكور أو ولد ولده الذكور فإن لم يكن أحد من هؤلاء فجميع المسلمين (قلت)
أرأيت هذا القول عصبة ابن الملاعنة عصبة أمه (قال) إنما قال مالك إذا كانت أمه من
الموالي فهلك ابن الملاعنة عن مال ولم يدع الا أمه فأن لامه الثلث ولمواليها ما بقي ولا
يرثه جده لامه ولا خال ولا ابن خال وإن كان له أخ لام فله السدس فإن كانوا أكثر
من ذلك فلهم الثلث حظ الذكر في ذلك مثل حظ الأنثى لقول الله تبارك وتعالى
فهم شركاء في الثلث وللأم مع الأخوين السدس ومع الواحد الثلث وان كانت من
من العرب فللأم الثلث ولا يرثه خاله ولا جده لامه وما بقي فلبيت المال إذا لم يكن
له ولد يحرز ميراثه فإن كان له ولد ذكور فلأمه السدس وما بقي فلولده الذكور
وكذلك أن ترك ولد ولد ذكورا فان ترك أخاه لأمه فليس له من ولاء الموالي قليل
ولا كثير فمعنى هذا القول عصبة ابن الملاعنة عصبة أمه إنما هو إذا كانت من الموالي
فمواليها عصبته وان مات عن مال ولا وارث له غير موالي أمه ورثوه وكذلك قال مالك
إذا لم يكن ثم من يرثه غيرهم فان جميع المال لهم ألا ترى أن ابن الحرة إذا كان زوجها
عبدا أن ولاء ولدها لمواليها الذين أنعموا عليها وعلى ابنها فكذلك ابن الملاعنة فبهذا
القول يستدل ان عصبته إنما هم موالي أمه (قال ابن وهب) وقال عروة
ابن الزبير وسليمان بن يسار مثل قول مالك إذا كانت أمه مولاة أو عربية وكذلك ولد
الزنا (قال ابن وهب) وأخبرني محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عطاء بن أبي
رباح وابن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن والحسن بنحو ذلك (قال ابن وهب)
وأخبرني يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال في ولد الزنا مثل قول عروة وسليمان
387

ابن يسار سواء (قال سحنون) وهو قول مالك أيضا وهو مثل ابن الملاعنة إذا
كانت أمه عربية أو مولاة (قال ابن وهب) وأخبرني الخليل بن مرة عن قتادة بن
دعامة عن خلاس أن عليا وزيد بن ثابت قالا في ولد الملاعنة العربية لامه الثلث وبقيته
في بيت مال المسلمين (قال ابن وهب) عن سعيد بن أبي أيوب أنه بلغه عن الحسن
في ولد الملاعنة مثل قول عروة وسليمان بن يسار سواء
[في ميراث المرتد]
(قلت) أرأيت المرتد إذا لحق بدار الحرب أيقسم ميراثه في قول مالك (قال) قال مالك
يوقف ميراثه أبدا حتى يعلم أنه مات فان رجع إلى الاسلام كان أولى بماله وان مات على
ارتداده كان ماله ذلك لجميع المسلمين ولا يكون لورثته (قلت) أرأيت لو أن رجلا
أعتق عبدا له ثم ارتد السيد الذي أعتق العبد فمات العبد المعتق عن مال وللمرتد ورثة
أحرار مسلمون لمن يكون هذا الميراث الذي تركه هذا العبد المعتق (قال) لورثة
المرتد لأنهم موالي هذا المعتق ولان ولاءه قد كان ثبت للمرتد يوم أعتقه (قلت)
فان أسلم المرتد بعد موت مولاه أيكون له ميراثه (قال) لا لان الميراث قد ثبت
لأقرب الناس من المرتد يوم مات المولى (قال) وقال لي مالك في المرتد إذا مات
انه لا يرثه ورثته المسلمون ولا النصارى وكذلك إذا مات بعض ورثته فإنه لا يرثهم
هو أيضا وان أسلم بعد ذلك لم يرثهم لأنه إنما ينظر في هذا إلى الميراث يوم وقع فيجب
لأهله يوم يموت الميت (قلت) ولده كان أو غير ولده هم في ذلك سواء (قال) نعم
(قال) وقال مالك في المسلم يأخذه العدو فيرتد عن الاسلام عندهم انه لا يقسم
ميراثه حتى يعلم موته (قال مالك) وان علم أنه إنما ارتد طائعا غير مكره فان امرأته تبين
منه وان ارتد ولا يعلم أطائعا أو مكرها فان امرأته تبين منه وان علم أنه ارتد مكرها
فان امرأته لا تبين منه (ابن وهب) عن عقبة بن نافع عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
أنه قال في اليهودي والنصراني يموت أحدهما وله ولد على دينه فيسلم ولده بعد موته
وقبل أن يقسم ماله أو المسلم يموت وله أولاد مسلمون فيتنصرون بعد موت أبيهم
388

وقبل أن يقسم ماله (قال) أما اليهودي والنصراني فان الميراث لولده وذلك لأنهم
وقع ميراثهم حين مات أبوهم فلم يخرجهم منه الاسلام إذا أسلموا بعد ثبوت الميراث
لهم وأما المسلم الذي تنصر ولده بعده وقبل أن يقسم ماله فإنه تضرب أعناق ولده
الذين تنصروا ان كانوا قد بلغوا المعاتبة والحلم من الرجال والمحيض من النساء ويجعل
ميراثهم من أبيهم في بيت مال المسلمين وذلك لأنه وقع ميراثهم من أبيهم في كتاب
الله وهم مسلمون ثم تنصروا بعد أن وقع الميراث لهم من أبيهم وأحرزوه فليس لأحد
أن يرث ما ورثوا إذا قتلوا على النصرانية بعد الاسلام مسلما ولا كافرا (ابن مهدي) عن عباد بن كثير عن أبي إسحاق الهمداني عن الحارث عن علي بن أبي
طالب أنه قال ميراث المرتد عن الاسلام في بيت مال المسلمين
[في ميراث أهل الملل]
(قلت) أرأيت أهل الملل من أهل الكفر هل يتوارثون في قول مالك (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يتوارثوا وقد سمعت عن غير واحد أنهم
لا يتوارثون (قال ابن وهب) وأخبرني الخليل بن مرة عن قتادة بن دعامة عن عمرو
ابن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه قال لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر ولا يتوارث أهل ملتين شيئا
[في تظالم أهل الذمة في مواريثهم]
(قلت) أرأيت أهل الذمة إذا تظالموا في مواريثهم بينهم هل تردهم عن ظلمهم في
قول مالك (قال) لا يعرض لهم (قلت) وتحكم بينهم بحكم أهل الاسلام (قال)
إذا رضوا بذلك حكمت بينهم بحكم أهل الاسلام (قلت) فان قالوا لك فان
مواريثنا القسم فيها خلاف قسم مواريث أهل الاسلام وقد ظلم بعضنا بعضا فامنع
من ظلمنا من الظلم واحكم بيننا بحكم أهل ديننا وأقسم مواريثنا بيننا على قسم أهل
ديننا (قال) لا يعرض لهم ولا يقسم بينهم ولكن ان رضوا أن يحكم بينهم بحكم
389

المسلمين حكم بينهم بحكم المسلمين فان أبوا ذلك لم يحكم بينهم ورجعوا إلى أهل
دينهم (قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك لا يحكم بينهم في مواريثهم إلا أن يرضوا بذلك فان رضوا بذلك حكم بينهم بحكم الاسلام إذا كانوا نصارى
كلهم وان كانوا مسلمين ونصارى لم يردوا إلى حكام النصارى وحكم بينهم بحكم
دينهم ولم ينقلوا عن مواريثهم ولا أردهم إلى أهل دينهم (ابن وهب) عن حياة
ابن شريح أن محمد بن عبد الرحمن القرشي حدثه أن إسماعيل بن أبي حكيم كاتب
عمر بن عبد العزيز أخبره أن ناسا من المسلمين ونصارى من أهل الشام جاؤوا عمر
ابن عبد العزيز في ميراث بينهم فقسم بينهم على فرائض الاسلام وكتب إلى عامل
بلادهم إذا جاؤوك فاقسم بينهم على فرائض الاسلام فان أبوا فردهم إلي أهل دينهم
[في مواريث العبيد]
(قلت) أرأيت العبد إذا ارتد أو المكاتب فقتل على ردته لمن ماله في قول مالك
(قال) سمعت مالكا يقول في العبد النصراني يموت عن مال ان سيده أحق بماله فكذلك
المرتد والمكاتب ان سيده أحق بماله إذا قتل على ردته وليس هذا بمنزلة الوراثة إنما مال
العبد إذا قتل مال لسيده (قال) وقال مالك من ورث مالا من عبد له نصراني ثمن
خمر أو خنازير فلا بأس بذلك (قال) وان ورث خمرا أو خنازير أهريق الخمر وسرح
الخنازير (ابن وهب) عن عبد الجبار بن عمر عن رجل من أهل المدينة أن غلاما
نصرانيا لعبد الله بن عمر توفي وكان يبيع الخمر ويعمل بالربا فقيل لعبد الله ذلك فقال
قد أحل الله لي ميراثه وليس الذي عمل به في دينه بالذي يحرم على ميراثه وقال
ابن شهاب لا بأس بذلك
[في ميراثه المسلم والنصراني]
(قلت) أرأيت ان مات رجل من المسلمين وبعض ورثته نصارى فأسلموا قبل
أن يقسم الميراث أو كان جميع ورثته نصارى فأسلموا بعد موته قبل أن يقسم ماله
390

(قال) قال مالك إنما يجب الميراث لمن كان مسلما يوم مات ومن أسلم بعد موته فلا
حق له في الميراث (قال) فقيل لمالك فان مات نصراني وورثته نصارى فأسلموا قبل
أن يقسم ماله علام يقتسمون أعلى وراثة الاسلام أم على وراثة النصارى (قال) بل على
وراثة النصارى التي وجبت لهم يوم مات صاحبهم وإنما سألنا مالكا للحديث الذي جاء
أيما دار قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية وأيما دار أدركها الاسلام ولم تقسم فهي
على قسم الاسلام (قال مالك) وإنما هذا الحديث لغير أهل الكتاب من المجوس والزنج
وغير ذلك وأما النصارى فهم على مواريثهم ولا ينقل الاسلام مواريثهم التي كانوا عليها
(قال سحنون) قال ابن نافع وغيره من كبراء أهل المدينة هذا لأهل الكفر كلهم
أهل الكتاب وغيرهم (قال ابن شهاب) بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ما كان من ميراث قسم في الجاهلية فهو على قسم الجاهلية وما كان من ميراث أدركه
الاسلام ولم يقسم فهو على قسم الاسلام
[في الاقرار بوارث]
(قلت) أرأيت ان هلك رجل وترك ابنين فادعى إحداهما أختا أتحلف الأخت مع
هذا الأخ الذي أقر بها في قول مالك (قال) لا ولا تحلف في النسب مع شاهد واحد
عند مالك (قلت) فما يكون لهذه الأخت (قال) يقسم ما في يدي هذا الأخ الذي
أقر بها على خمسة أسهم فيكون للذي أقر بها أربعة وللجارية واحد لأنه قد كان لها سهم
من خمسة أسهم فأضعف ذلك فصار لها سهمان من عشرة أسهم فصار في يدي الأخ
الذي أقر بها سهم من حقها وفي يدي الأخ الذي جحدها سهم من حقها (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت ان هلك رجل وترك ابنين فأقر أحدهما
بزوجة لأبيه وأنكر الآخر (قال) يعطيها قدر نصيبها مما في يديه وذلك نصف
الثمن (قلت) أرأيت ان هلكت امرأة وتركت زوجا وأختا فأقر الزوج بأخ
وأنكرته الأخت (قال) لا شئ على الزوج في اقراره عند مالك ولا شئ على الأخت
التي أنكرت ولا يكون لهذا الأخ الذي أقر به الزوج قليل ولا كثير
391

[في الشهادة على الولاء ولا يشهدون على العتق]
(قلت) أرأيت ان مات رجل فشهد رجلان أن هذا الميت مولى هذا الرجل لا يعلمون
للميت وارثا غير مولاه هذا ولا يشهدون على عتقه إياه (قال) لا تجوز هده الشهادة على
الولاء حتى يشهدوا ان هذا الرجل أعتق الميت أو يشهدوا على أنه أعتق أبا هذا الميت
وأنهم لا يعلمون للميت وارثا غير هذا أو أقر الميت ان هذا مولاه أو شهدوا على
شهادة أحد لان هذا مولاه فأما أن يقولوا هو مولاه ولا يشهدون على عتقه ولا على
اقراره ولا على شهادة أحد فلا أرى ذلك شيئا (قال سحنون) وقد قال أشهب ان
قدر على كشف الشهود لم أر أن يقضى للمشهود له بشئ أن يكشفوا عن شهادتهم
فإن لم يقدروا على ذلك من قبل موت الشهود رأيته مولاه وقضى له بالمال وغيره
(تم كتاب الولاء والمواريث بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على محمد النبي الأمي وآله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الصرف)
392

بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
[كتاب الصرف]
[التأخير والنظرة في الصرف]
(قلت) أرأيت ان اشتريت حليا مصوغا فنقدت بعض ثمنه ولم أنقد بعضه أتفسد
الصفقة كلها ويبطل البيع بيننا (قال) نعم وهو عند مالك صرف (قلت) أرأيت لو
أن لرجل على مائة دينار فقلت بعني المائة الدينار التي لك على بألف درهم أدفعها إليك
ففعل فدفعت إليه تسعمائة ثم فارقته قبل أن أدفع إليه المائة الباقية (قال) قال مالك لا
يصلح ذلك ويرد الدراهم وتكون الدنانير عليه على حالها (قال مالك) ولو قبضها
كلها كان ذلك جائزا (قلت) وكذلك لو أن رجلا له على ألف درهم من ثمن متاع
إلى أجل فلما حل الاجل بعته بها طوقا من ذهب فافترقنا قبل أن يقبض الطوق (قال)
قال مالك لا خير في ذلك ويرد الطوق ويأخذ دراهمه لأنهما افترقا قبل أن يأخذ الطوق
(قال مالك) والحلي في هذا والدنانير والذهب سواء لان تبر الذهب والفضة بمنزلة
الدنانير والدراهم في البيع لا يصلح في شئ من ذلك تأخير ولا نظرة إلا أن يكون
ذلك يدا بيد (قلت) أرأيت ان صرفت مائة دينار بألفي درهم كل عشرين درهما
بدينار فقبضت ألف درهم ودفعت خمسين دينارا ثم افترقنا أيبطل الصرف كله أم
يجوز من ذلك حصة الدنانير النقد (قال) قال مالك يبطل ذلك كله ولا يجوز منه
393

حصة الخمسين النقد (قلت) أرأيت ان كنت قد دفعت إليه المائة الدينار وقبضت
منه الألفي الدرهم ثم أصاب بعد ذلك من الدنانير خمسين منها رديئة فردها أينتقض
الصرف كله في قول مالك أم لا (قال) قال مالك لا ينتقض من الصرف الا حصة
ما أصاب من الرديئة (قلت) فما فرق بين هذا حين أصاب خمسين رديئة جوزت
الخمسين الجياد وبين الذي صرف فلم ينقد الا خمسين ثم افترقا أبطل مالك هذا وأجازه
إذا أصاب خمسين منها رديئة بعد النقد أجاز منها الجياد وأبطل الرديئة (قال) لان الذي
لم ينقد الا الخمسين وقعت الصفقة فاسدة فيه كله وهذا الذي انتقد المائة كلها وقعت
الصفقة صحيحة ألا ترى أنه ان شاء قال أنا أقبل هذه الرديئة ولا أردها فيكون ذلك
له فهو لما أصابها رديئة انتقض من الصرف بحساب ما أصاب فيها رديئة (قال
سحنون) ألا ترى أن مخرمة بن بكير ذكر عن أبيه قال سمعت عمرو بن شعيب
يقول قال عبد الله بن عمرو بن العاص قال لنا رسول صلى الله عليه وسلم يوم
خيبر لا تبيعوا الذهب بالورق الا هاء وهلم (قال سحنون) فإذا افترقا من قبل تمام
القبض كانا قد فعلا خلاف ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترى أن عمر بن
الخطاب قال وان استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره فكيف بمن تفارقه. من حديث
ابن وهب. وان عبد الجبار بن عمر قال عمن أدرك من أهل العلم ان الرجل إذا صرف
دينارا بدراهم فوجد فيها شيئا لا خير فيه فأراد رده انتقض صرفه كله ولا يبدل ذلك
الدرهم وحده ألا ترى أنه لو لم يرد رده لكان على صرفه الأول ألا ترى أن ابن شهاب
قد كان يجوز البدل إذا كان غير شرط وان كأن لا يقول مالك بقوله ولكنه
دليل على أنهما إذا تقابضا وافترقا ثم أصاب رديئا أن ذلك ليس مما يبطل عقدهما ألا
ترى أن عطاء بن أبي رباح كأن يقول في رجل اصطرف ورقا فقال له اذهب بها
فما ردوا عليك فأنا أبدله قال لا ولكن ليقبضها منه وقاله سعيد بن المسيب وربيعة
ويحيى بن سعيد قالوا لا ينبغي لهما أن يفترقا حتى يبرأ كل واحد منهما من صاحبه
(ابن وهب) ان ابن لهيعة ذكر عن يزيد بن أبي حبيب أن ابن حريث كأن يقول
394

لو صرف رجل فقبض صرفه كله ثم شرط أن ما كان فيها ناقصا كان عليه بدله كان
ذلك ربا (قلت) أرأيت ان صرفت دينارا عند رجل بعشرين درهما فقلت له أعطني
عشرة دراهم وأعطني بالعشرة الأخرى عشرة أرطال لحم كل يوم رطل لحم (قال) قال
مالك لا خير في ذلك من قبل أنه إذا وقع مع الدراهم شئ بصرف هذا الدينار لم يجز أن
يتأخر شئ من ذلك وتأخيره في ذلك بمنزلة تأخير بعض الدراهم فإن كانت السلعة مع
الدراهم يدا بيد فلا بأس به (قال مالك) ولو أن رجلا ابتاع من رجل سلعة إلى أجل
بنصف دينار ينقده النصف الدينار والسلعة إلى أجل فلما وجب البيع بينهما ذهب به
ليصرف ديناره وينقده النصف فقال البائع عندي دراهم فادفع إلى الدينار وأنا أرد
إليك النصف دراهم ولم يكن ذلك شرطا بينهما (قال) مالك لا خير فيه (قلت) لم
كرهه مالك (قال) لأنه رآه صرفا وسلعة تأخرت السلعة لما كانت إلى أجل فلا يجوز
ذلك (قلت) أليس قد قلت لا يجوز بيع وصرف في قول مالك قال بلى (قلت)
فهذا بيع وصرف في المسألة الأولى وقد جوزه مالك في الذي يأخذ عشرة دراهم بدينار
وسلعة مع الدراهم يدا بيد (قال) ألم أقل لك إنما ذلك في الشئ اليسير في العشرة دراهم
ونحوها يجيزه فإذا كان ذلك كثيرا فاجتمع الصرف والبيع لم يجز ذلك كذلك قال
مالك فيهما (قلت) أرأيت ان صرفت دينارا فأخذت نصفه دراهم ونصفه فلوسا (قال)
لا بأس بذلك عند مالك (قلت) أرأيت ان اشتريت ثوبا وذهبا صفقة واحدة بدراهم
فنقدت بعض الدراهم أو كل الدراهم الا درهما واحدا ثم افترقنا قبل أن أنقده الدرهم
الباقي (قال) البيع باطل عند مالك لأنه لم ينقده جميع الدراهم وإنما تجوز الصفقة في
هذا عند مالك إذا كانت الذهب التي مع الثوب شيئا يسيرا لا يكون صرفا وأما إذا
كانت الذهب كثيرة فلا خير فيها وان انتقد جميع الصفقة
[التأخير في صرف الفلوس]
(قلت) أرأيت ان اشتريت فلوسا بدرهم فافترقنا قبل أن يقبض كل واحد منا
(قال) لا يصلح هذا في قول مالك وهذا فاسد قال لي مالك في الفلوس لا خير فيها نظرة
395

بالذهب ولا بالورق ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين
لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة (قلت) أرأيت ان اشتريت خاتم فضة
أو خاتم ذهب أو تبر ذهب بفلوس فافترقنا قبل أن نتقابض أيجوز هذا في قول مالك
(قال) لا يجوز هذا في قول مالك لان مالكا قال لا يجوز فلس بفلسين ولا تجوز
الفلوس بالذهب والفضة ولا بالدنانير نظرة (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن
ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال الفلوس بالفلوس بينهما فضل فهو لا يصلح في عاجل
بآجل ولا عاجل بعاجل ولا يصلح بعض ذلك ببعض الا الاهاء وهات (ابن وهب)
قال الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد وربيعة انهما كرها الفلوس بالفلوس بينهما فضل
أو نظرة وقالا إنها صارت سكة مثل سكة الدنانير والدراهم (ابن وهب) عن
الليث عن يزيد بن أبي حبيب وعبد الله بن أبي حبيب وعبيد الله بن أبي جعفر قال
وشيوخنا كلهم انهم كانوا يكرهون صرف الفلوس بالدنانير والدراهم الا يدا بيد
(قال ابن وهب) وقال يحيى بن أيوب قال يحيى بن سعيد إذا صرفت درهما فلوسا
فلا تفارقه حتى تأخذها كلها
[في مناجزة الصرف]
(قلت) أرأيت ان قلت لرجل ونحن جلوس في مجلس بعني عشرين درهما بدينار
فقال نعم قد فعلت وقلت أنا أيضا قد فعلت فتصارفنا ثم التفت إلى انسان إلى جانبه
فقال أقرضني عشرين درهما والتفت أنا إلى انسان آخر إلى جانبي فقلت أقرضني
دينارا ففعل فدفعت إليه الدينار ودفع إلى العشرين الدرهم أيجوز هذا أم لا (قال)
لا خير في هذا (قلت) أرأيت ان نظرت إلى دراهم بين يدي رجل فقلت بعني
من دراهمك هذه عشرين درهما بدينار فقال قد فعلت وقلت قد قبلت فواجبته
الصرف ثم التفت إلى رجل أجنبي فقلت له أقرضني دينارا ففعل فدفعت إليه الدينار
وقبضت الدراهم منه أيجوز هذا الصرف في قول مالك أم لا (قال) سألت مالكا
عن الرجل يدفع الدينار إلى الصراف يشترى به دراهم فيزنه الصراف ويدخله تابوته
396

ويخرج دراهمه فيعطيه (قال) لا يعجبني هذا وليترك الدينار على حاله حتى يخرج
دراهمه فيزنها ثم يأخذ الدينار ويعطى الدراهم فإن كان هذا الذي اشترى هذه
الدراهم كان ما استقرض شيئا متصلا قريبا بمنزلة النفقة يحلها من كمه ولا يبعث
رسولا يأتيه بالذهب ولا يقوم إلى موضع يزنها ويتناقدان في مجلس سوى المجلس
الذي تصارفا فيه وإنما يزنها مكانه ويعطيه ديناره مكانه فلا بأس بذلك لان مالكا قال
لو أن رجلا لقي رجلا في سوق فواجبه على دراهم معه ثم سار معه إلى الصيارفة
لينقده قال مالك لا خير في ذلك (فقيل له) فلو قال له ان معي دراهم فقال له المبتاع
اذهب بنا إلى السوق حتى نزنها ثم نراها وننظر إلى وجوهها فإن كانت جيادا أخذتها
منك كذا وكذا درهما بدينار (قال) لا خير في هذا أيضا ولكن يسير معه على
غير موعد فان أعجبه شئ أخذه والا تركه (قلت) أكان مالك يكره للرجلين
أن يتصارفا في مجلس ثم يقوما فيزنا في مجلس آخر قال نعم (قال) وقال مالك ولو
أن قوما حضروا ميراثا فبيع فيه حلى فاشتراه رجل ثم قام به إلى السوق إلى الصيارفة
ليدفع إليه نقده ولم يتفرقا (قال) لا خير فيه ورأيته منتقضا إنما بيع الذهب والورق
أن يأخذ ويعطى بحضرة البيع ولا يتأخر شئ من ذلك عن حضور البيع (ابن
وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت عمرو بن شعيب يقول قال عبد الله
ابن عمرو بن العاص قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لا تبيعوا الذهب
بالذهب الا عينا بعين ولا الورق بالورق الا عينا بعين انى أخشى عليكم الرماء (1) ولا
تبيعوا الذهب بالورق الاهاء وهلم ولا الورق بالذهب الاهاء وهلم (قلت) أرأيت لو
أنى صرفت من رجل دينارا بعشرين درهما فلما قبضت الدينار منه قلت له أسلفني
عشرين درهما فأسلفني فدفعتها إليه صرف ديناره (قال مالك) لا خير في هذا
وهذا رجل أخذ عشرين درهما ثم ردها إلى صاحبها وصار إليه دينار فإنما هو رجل
أخذ دينارا في عشرين درهما ولا يجوز هذا وقد كره مالك ما هو أبعد من هذا ألا

(1) - (الرماء) بزنة سماء هو الربا اه‍
397

ترى أن مالكا قال لو أن رجلا بادل رجلا دنانير تنقص خروبة خروبة بدنانير قائمة
فراطله بها وزنا بوزن فلما فرغ أخذ وأعطى فأراد أحدهما أن يصطرف من صاحبه
دينارا مما أخذ منه (قال مالك) لا خير في هذا. ولو أن رجلا كان يسأل رجلا ذهبا
فأتاه بها فقضاه فردها إليه مكانه في طعام إلى أجل (قال مالك) لا يعجبني هذا وهو
عندي مثل الصرف (قال مالك) أو يكون للرجل على الرجل الدنانير فيسلمها إليه في طعام
إلى أجل بغير شرط أن يقضيه إياها فلما قبض ذهبه ووجب البيع بينهما قال هذه قضاء
من ذهبك التي تسألني (قال مالك) لا خير في ذلك وهذا كله عندي وجه واحد
أكره ذلك بحدثانه (قلت) أرأيت لو أن لي على رجل دراهم إلى أجل فلما حلت
بعتها من رجل بدنانير نقدا أيصلح ذلك (قال) قال مالك لا يصلح ذلك إلا أن
يأخذ الدنانير وينقده الذي عليه الدين الدراهم مكانه يدا بيد لان هذا صرف وإنما
يجوز بيع الدين في قول مالك بالعروض نقدا فأما إذا وقعت الدنانير والدراهم حتى
تصير صرفا فلا يصلح حتى يكون يدا بيد (ابن وهب) عن الليث أن يحيى بن
سعيد حدثهم قال إني أكره أن آتى رجلا عنده ذهب نواقص بذهب وازنة فاصرف
منه بذهبي الوازنة دراهم ثم أصرف منه دراهمي التي أخذت منه بذهبه النواقص
(قال) نافع مولى ابن عمر تلك المدالسة (وقال) عبد العزيز بن أبي سلمة إذا أردت أن
تبيع ذهبا نقصا بوازنة فلم تجد من يراطلك فبع نقصك بورق ثم ابتع بالورق وازنة ولا
تجعل ذلك من رجل واحد فان ذلك ذهب بذهب وزيادة ألا ترى أنك قد رددت
إليه ورقه وأخذت منه ذهبا وازنة بنقصك (قلت) أرأيت ان صرفت دينارا من
رجلا وكلانا في مجلس ثم جلسنا ساعة فنقدني ونقدته ولم نفترق أيجوز هذا الصرف
في قول مالك (قال) لا يجوز هذا الصرف في قول مالك (قال) وقال مالك ولا
يصلح إذا صارفت الرجل إلا أن يأخذ ويعطى (قال مالك) ولا يصلح أن تدفع إليه
الدينار فيخلطه بدنانيره ثم يخرج الدراهم فيدفعها إليك (قلت) أرأيت ان اشتريت
سيفا محلى كثير الفضة نصلة تبع لفضته بعشرة دنانير فقبضته ثم بعته من انسان إلى
398

جانبي ثم نقدت الدنانير (قال) لا يصلح لصاحب السيف أن يدفع السيف حتى ينتقد
ولا يصلح للمشترى أن يقبض السيف حتى يدفع الثمن فأما البيع إذا وقع بينهما في
مسألتك وكان نقده إياه معا مضى ولم أر أن ينقض ورأيته جائزا (قلت) أرأيت ان
اشتريت سيفا محلى نصله تبع لفضته بدنانير ثم افترقنا قبل أن أنقده الدنانير وقد قبضت
السيف منه ثم بعت السيف فلم يعلم بفسخ ذلك (قال) أرى أن بيع الثاني للسيف
جائز وأرى للبائع الأول على الثاني قيمة السيف من الذهب يوم قبضه وإنما كان هذا
هكذا من قبل أن ربيعة كان يجوز اتخاذه ولان في نزعه مضرة (قلت)
وحملت هذا محمل البيوع الفاسدة (قال) نعم (قلت) فان تغيرت أسواقه عندي
قبل أن أبيع السيف أتحمله محمل البيوع الفاسدة وتضمنني قيمته ولا تجعل لي ردة
وإن كان لم يخرج من يدي (قال) إذا لم يخرج من يدك فلا أجعله مثل البيع الفاسد
وأرى لك أن ترده لان الفضة ليس فيها تغيير أسواق وإنما هي ما لم يخرج من يديك
بمنزلة الدراهم فلك أن تردها (قلت) فان أصاب السيف عندي عيب انقطع أو انكسر
الجفن (قال) فأنت ضامن لقيمته يوم قبضه (قال سحنون) هذا من الربا وينقض
فيه البياعات كلها حتى رد إلى ربه إلا أن يتلف البتة ويذهب فيكون على مشتريه قيمة
الجفن والنصل ووزن ما فيه من الفضة وليس القول كما قال ابن القاسم ان عليه قيمته
من الذهب وإذا كانت حلية السيف الثلث فأدنى حتى تكون الحلية تبعا بيع السيف
بالدنانير والدراهم نقدا والى أجل ولو استحقت حلية السيف في مثل ما نقصت فيه
بيعا ولا أرجعته بشئ من قبل أنه لا حصة له من الثمن كمال العبيد
[الحوالة في الصرف]
(قلت) أرأيت ان صرفت دينارا عند رجل بعشرين درهما فدفعت إليه الدينار
واشتريت من رجل سلعة بعشرين درهما فقلت للذي صرفت الدينار عنده ادفع إليه
هذه العشرين الدرهم وذلك كله معا (قال) سألت مالكا عن الرجل يصرف عند
399

الرجل الصراف الدينار بعشرين درهما فيقتضى منه عشرة دراهم ويقول له ادفع
العشرة الأخرى إلى هذا الرجل (قال) مالك لا يعجبني حتى يقبضها هو منه ثم يدفعها
إلى من أحب فهذا مثل ذلك ألا ترى أنهما افترقا قبل أن يتم قبضهما (قلت)
أرأيت ان وكلت رجلا يصرف لي دينارا بدارهم فلما صرفه أتيته قبل أن يقبض فقال
لي اقبض الدراهم من هذا الرجل فقد صرفت لك دينارك عنده وقام فذهب (فقال)
لا خير في هذا لان مالكا قال لا يصلح أن يصرف ثم يوكل من يقبض له ولكن
يوكل من يصرف له فهذا إنما صرف الوكيل ليس رب الدنانير ثم وكل الوكيل رب
الدنانير بأن يقبض الدراهم فلا يصلح ذلك (قال مالك) لا أحب للرجل أن يصرف
ويوكل من يقبض له ولكن يوكل من يصرف له (ابن وهب) عن مخرمة بن بكير
عن أبيه قال سمعت ابن قسيط يقول واستفتى في رجل صرف دينارا ففضل له منه
فضلة هل يتحول بفضله على آخر (قال) لا. من حديث ابن وهب (وقاله) عبد
الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال بكير وقال أيما رجل صرف دينارا
بدراهم فلا يتحول به
[في رجل يصرف من رجل دينا عليه]
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل دراهم فقلت له صرفها لي بدنانير وجئني بذلك
(قال) مالك لا خير في ذلك (قلت) ولم كرهه (قال) لأنه إنما يفسخ دراهمه في
دنانير يأخذها بها ليس ليس يدا بيد فلا خير في ذلك لأنه يتهم أن يكون إنما ترك له
الدراهم يوما أو يومين على أن يعطيه بها كذا وكذا دينارا ويكون أيضا تأخيره إلى
أن يشترى له سلفا جر منفعة وكأنك أوجبت عليه في دراهمك دنانير حتى يعطاها
فصار صرفا مستأخرا ولأنك إذا قلت لرجل لك عليه طعام من شراء بعه لي وجئني
بالثمن ثم جاءك بالثمن دراهم والذي دفعت إليه دنانير في سلعة أو جاءك بدنانير والذي
دفعت إليه دراهم كنت قد أخرجت دنانير أخذت بها دراهم إلى أجل أو دراهم
400

أخذت بها دنانير إلى أجل من الذي اشتريت منه الطعام فكان ذلك صرفا متأخرا
وبيع الطعام قبل استيفائه وان جاءك بدنانير أكثر من دنانيرك أو أقل أو دراهم
أكثر أو أقل من دراهمك كان ربا وبيع الطعام قبل استيفائه (قلت) أرأيت لو
أن لرجل على دينارا فأتيته ومعي عشرون درهما فقال لي أو قلت له أتصارفني
هذه العشرين الدرهم بدينار تعطينيه ففعلت فلما قبض العشرين الدرهم قال انظر الدينار
الذي لي عليك فاقبضه من الدينار الذي وجب لك من صرف هذه العشرين الدرهم
التي قبضت منك (قال) لا بأس بذلك إذا تراضيا بذلك أنما هو رجل أخذ عشرين
درهما بدينار كان له عليه فلا بأس بذلك وما تكلما به قبل ذلك فهو لغو (قلت)
فإن كان لصيرفي على دينار وقد حل فأتيته بعشرين درهما أصرفها عنده فصرفتها عنده
بدينار فلما قبض الدراهم قال لي انظر الدينار الذي لي عليك فاحبسه بهذا الدينار
الذي وجب لك من الصرف فقلت لا أفعل إنما أعطيتك دراهم على أن آخذ منك
دينارا الساعة (قال) لم أسمع من مالك هذا ولكن إذا تناكرا رأيته أن لا يجوز ولا
يجعل هذه الدراهم من ديناره ولكن يدفع إليه الدينار صرف دراهمه ثم يتبعه بديناره
إلا أن يتراضيا كما وصفت لك (قلت) أرأيت لو أن لي على رجل عشرة دراهم أو
كان استقرض منى نصف دينار دراهم ونصف الدينار عشرة دراهم فأتاني بدينار
فصرفه عندي ثم قضاني مكانه دراهمي التي لي عليه أو قال هذا الدينار فخذ منى نصفه
بدراهمك التي لك على ونصفه فأعطني به دراهم (قال) لا بأس بذلك (قلت) وهذا
قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت ان أقرضني رجل دراهم أيصلح لي أن أشتري
منه بتلك الدراهم سلعة من السلع مكاني حنطة أو ثيابا في قول مالك (قال) نعم لا بأس
بذلك (قلت) فان صرفت بتلك الدراهم التي أقرضني عنده دينارا مكاني قبل أن
أبرح (قال) لا خير في أن تستقرض منه ورقا فتجعلها مكانك في ورق ألا ترى أنك
ترد ما استقرضت مكانك إليه فيما تأخذ منه فصرت ان كنت تسلفت دنانير
فاشتريت بها دراهم انك أخذت دراهم بدنانير تكون عليك إلى أجل لان الدنانير
401

التي استقرضت رددتها (قلت) فان أسلفني دراهم أيصلح لي أن أشتري منه بتلك
الدراهم سلعة من السلع مكاني حنطة أو ثيابا (فقال) إن كان أسلفك إياها إلى أجل
واشتريت بها الحنطة يدا بيد فلا بأس بذلك وإن كان أسلفك إياها حالة واشتريت
بها منه حنطة يدا بيد أو إلى أجل فلا بأس بذلك وإن كان أسلفك إياها إلى أجل
واشتريت بها منه حنطة مكانك إلى أجل فلا خير في ذلك وذلك الكالئ بالكالئ
لأنك إذا رددت إليه دراهمه بأعيانها مكانك وصار له عليك دنانير إلى أجل بطعام
عليه إلى أجل فصار ذلك دينا بدين
[في الرجل يدفع إلى الرجل الدراهم يصرفها يقبضها من دينه]
(قلت) أرأيت لو أن لرجل على ألف درهم فدفعت إليه عروضا بعد ما حل أجل
دينه فقلت بع هذه العروض أو طعاما فقلت له بع هذا الطعام فاستوف حقك (قال)
قال مالك لا بأس بذلك (قال) إلا أن يكون الذي باعك بالألف الدرهم مما لا يجوز
تسليفه في العروض التي أعطيته يبيعها وليستوف حقه منها لما يدخل ذلك من التهمة
في أن يأخذ ذلك لنفسه فيكون قد أخذ عروضا إلى أجل بعروض مثلها من صنفها
سلفا فتصير العروض بالعروض من صنف واحد إلى أجل إلا أن يكون من صنف
عرضه في صفته وجودته وعدده أو أقل عددا أو أدنى صفة لأنه لا تهمة عليه فيه لو
احتبسه لنفسه إن كان أدنى وإن كان مثلا صار بمنزلة الإقالة (قلت) فلو أن لرجل
على ألف درهم فدفعت إليه دنانير فقلت صرفها وخذ حقك (قال) سألت مالكا عنها
غير مرة فقال لا يعجبني ذلك إذا دفع إليه دنانيره فقال له صرفها وخذ حقك منها (قلت)
ولم كرهه مالك (قال) قال مالك أخاف أن يحتبس الدنانير لنفسه واستثقله وكرهه
غير مرة لأنه يكون مصرفا لها من نفسه (قلت) فلو أن لرجل على ألف درهم
فدفعت إليه فلوسا فقلت صرفها وخذ حقك منها (قال) لا خير فيه وهذا مكروه
402

[في الرجل يصرف دنانير بدراهم من رجل ثم يصرفها منه بدنانير]
(قلت) أرأيت هل كان مالك يكره أن يصرف الرجل عند الرجل دراهم بدنانير ثم
يشترى منه بتلك الدنانير دراهم سوى دراهمه وسوى عيونها (قال) نعم كان يكره ذلك
(قلت) فان جئته بعد يوم أو يومين فصرفتها منه (قال) كان مالك يكره أن يصرفها
منه أيضا بعد يوم أو يومين (قلت) فإن كان أبعد من ذلك (قال) لا أدرى ما قوله ولا
أرى أنابه بأسا إذا تطاول زمان ذلك وصح أمرهما فيه (قال) وقد بينا هذا في موضع
الدنانير النقص بالوازنة
[الصرف من النصارى والعبيد]
(قلت) أرأيت عبدا لي صيرفيا نصرانيا أيجوز لي أن أصارفه (قال) نعم لا بأس بذلك
عبدك وغيره من الناس سواء عند مالك وقد كره مالك أن يكون النصارى في أسواق
المسلمين لعملهم بالربا واستحلالهم له وأرى أن يقاموا من الأسواق
[في صرف الدراهم بالفلوس وفضة]
(قلت) أرأيت ان اشتريت بدرهم بنصفه فلوسا وبنصفه فضة وزن نصف درهم
أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا بأس بهذا وهو بمنزلة العرض (قلت) فان اشتريت
بنصف درهم طعاما وبنصفه فضة كل ذلك نقدا أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم
(قلت) فإن كان الثلثان فضة والثلث طعاما أيجوز هذا في قول مالك قال لا (قلت)
فإن كان الثلثان طعاما والثلث فضة أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم يجوز في قول
مالك (قلت) لم كرهه مالك إذا كانت الفضة أكثر من الطعام وجوزه إذا كان الطعام
أكثر من الفضة (قال) لان الطعام إذا كان أكثر من الفضة لم يرد به الفضة في
قول مالك وإنما يراد به الطعام وجعله مثل شراء سلعة وفضة بدارهم وجعل الفضة
تبعا للسلعة وإذا كانت الفضة أكثر من السلعة حمله مالك محمل ورق وسلعة بورق
وجعل السلعة تبعا للفضة فلا يصلح أن يكون فضة وطعام بفضة وكذلك فسر لي
403

مالك ولما للناس في ذلك من الرفق بهم وقلة غناهم عنه لأنها نفقات لا تكاد تنقطع ألا
ترى أنه لا يجوز لاحد دخول مكة الا بالاحرام وقد جوز لمن قاربها من الحطابين
وغيرهم لكثرة تردادهم عليها وأنهم لا غنى بهم عن إدامة ذلك ولمنافع الناس بهم أن
يدخلوها بغير احرام
[في الرجل يغتصب الدنانير فيصرفها قبل أن يقبضها]
(قلت) أرأيت ان اغتصبت رجلا دنانير فلقيته بعد ذلك فقلت له هذه الدنانير التي
غصبتك في بيتي فبعنيها منى بهذه الدراهم ففعل ودفعت إليه الدراهم أيجوز هذا في
قول مالك أم لا (قال) أراه جائزا لأنه كان ضامنا للدنانير حين غصبها فإنما اشترى
منه دينا عليه فلا بأس بذلك وقوله الدنانير في بيتي وسكوته عنها سواء لأنه قد غاب
عليها وهي دين عليه (قلت) وكذلك لو غصبت من رجل جارية فانطلقت بها إلى
بعض البلدان فأتيته فقلت له ان جاريتك عندي في بلد كذا وكذا فبعنيها ففعل أيجوز
هذا أم لا (قال) أراه جائزا إذا وصفها لأنه ضامن لما أصاب الجارية من عور أو
شلل أو نقصان بدن بعد وجوب البيع منهما وقبل الوجوب لان ضمانها حين غصبها
منه فلا بأس بأن يشترى جارية قد ضمن ما أصابها (قال) والدنانير عندي أوضح من
الجارية وأبين
[في الرجل يستودع الرجل الدراهم ثم يلقاه فيصرفها منه وهي في بيته]
(قلت) أرأيت ان استودعت رجلا دراهم ثم لقيته بعد ذلك فصارفته والدراهم في
بيته أيجوز ذلك أم لا في قول مالك قال لا (قلت) أرأيت ان استودعت رجلا
مائتي درهم ثم لقيته بعد ذلك فقلت له أعطني مائة درهم وأهضم عنك مائة درهم
فأعطاني مائة درهم من غير المائتين والمائتان في بيته أيجوز هذا أم لا (قال) لا يعجبني
وإنما يجوزان أعطاه منها عندي ألا ترى أنه لا يجوز صرفها فكيف يجوز البدل فيها
وهي غير حاضرة (قلت) فان استودعت رجلا دنانير أو دراهم أو حليا مصوغا
404

من الذهب والفضة فلقيني بعد ذلك فقال بعني الوديعة التي عندي وهي فضة بهذه
الدنانير أو هي ذهب بهذه الدراهم (قال) لا يجوز عند مالك إلا أن تكون
الوديعة حاضرة لان هذا ذهب بفضة ليس يدا بيد (قلت) فلو رهنت عند رجل
دنانير فلقيني بعد ذلك فقال لي الدنانير التي رهنتنيها في البيت فصارفنيها بدارهم
تأخذها منى (قال) قال لي مالك لا خير فيه (قلت) أرأيت ان استودعت
رجلا دنانير فصرفها بدراهم ثم أتيت فأردت أن أجيز ما صنع وآخذ الدراهم (قال)
ليس ذلك لك في قول مالك وإنما لك مثل دنانيرك لان مالكا قال لو أن رجلا
استودع رجلا دنانير فاشترى المستودع بتلك الدنانير سلعة من السلع كانت السلعة
له وكان عليه مثل الدنانير التي أخذها (قلت) فان استودعت رجلا حنطة
فاشترى بها تمرا ثم جئت فعلمت بما صنع فأجزت ما صنع وأردت أن آخذ التمر
(قال) ذلك جائز (قلت) ولا يكون هذا بيع الطعام بالطعام إلى أجل (قال) لا لان
مالكا قال في كل من استودع طعاما أو سلعة فباعها المستودع بثمن فأراد رب
السلعة أن يجيز البيع ويقبض الثمن فذلك له وهذا مثل ذلك (قال) وقال لي مالك في
الطعام لو أن رجلا استودع رجلا طعاما فباعه المستودع (قال) هذا بالخيار ان أحب
أن يأخذ الثمن أخذه وان أحب أن يأخذ مثل طعامه أخذه لأنه لما تعدى على الحنطة
ضمنها فصرت مخيرا في أخذك إياه بما ضمن لك أو أخذ ثمن حنطتك كان تمرا أو
غير ذلك
[في الرجل يبتاع الثوب بدينار الا درهما]
(قلت) أرأيت ان اشتريت سلعة بعينها بدينار الا درهما أيجوز هذا في قول مالك
(قال) إن كان ذلك كله نقدا فلا بأس به عند مالك (قلت) فإن كان الدينار نقدا
والسلعة نقدا والدرهم إلى أجل (قال) لا يصلح ذلك عند مالك (قلت) فإن كانت
السلعة إلى أجل والدرهم إلى أجل والدينار نقدا (قال) لا يصلح ذلك عند مالك
أيضا (قلت) فإن كانت السلعة والدرهم نقدا والدينار إلى أجل (قال) لا يصلح
405

ذلك (قلت) لم (قال) لأنه يدخله ذهب بفضة إلى أجل (قلت) فإن كان الدينار
نقدا والدرهم نقدا والسلعة مؤخرة (قال) لا يصلح ذلك عند مالك أيضا (وروى)
أشهب أنه جائز في قول مالك لأنه لم يرد به الصرف فإذا كان الدرهم مع الدينار معجلا
أو مؤخرا فهو سواء (وذكر) ابن وهب عن مالك عن سالم في بيع صكوك الجار
بدينار الا درهما يعجل الدينار ويأخذ الدرهم والصك مؤخر يأخذ الدينار مع
الدرهم (قلت) لابن القاسم لم كرهته (قال) لأنه يدخله الفضة بالذهب إلى أجل
(قلت) (1) فإن كان الدينار نقدا والدرهم نقدا والسلعة إلى أجل (قال) لا يصلح
ذلك لأنها صفقة واحدة ذهب بفضة وسلعة ولا يصلح أن تكون السلعة مؤخرة
والدرهم نقدا (قلت) فإن كانت السلعة نقدا والدينار إلى أجل والدرهم إلى أجل
أيجوز ذلك أم لا (قال) ذلك جائز إذا كان أجل الدينار والدرهم واحدا (قلت)
فإن كان اشترى سلعة بدينار الا درهمين فهو مثل الذي اشترى السلعة نقدا بدينار
الا درهما في جميع ما سألتك عنه في قول مالك قال نعم (قال ابن القاسم) كان مالك
يقول الدرهم والدرهمان والشئ الخفيف (قال ابن القاسم) قال مالك فأما الثلاثة
فلا أحبه ولا خير فيه عندي (قلت) فان اشتريت سلعة بدينار الا عشرة دراهم
(قال) قال مالك لا خير فيه إلى أجل ولا بدينار الا ستة دراهم ولا بدينار الا خمسة
دراهم إلا أن يكون ذلك نقدا (قلت) فإن كان الدينار والعشرة دراهم أو الخمسة
أو الستة إلى أجل واحد والسلعة نقدا (قال) لا يصلح ذلك عند مالك ولا يحل
(قلت) لم وقد جوزه في الدرهم والدرهمين إذا كان الدينار والدرهم أو الدرهمان
إلى أجل واحد (قال) لان الدرهم والدرهمين تافه ولا غرر فيه ولا يقع فيه المخاطرة
وان الدينار إلى ذلك الاجل أكثر من هذين الدرهمين لاشك فيه (قال) وما جوز
مالك الدرهم والدرهمين إذا استثناهما الا زحفا لأنهما لا يكونان أكثر من الدينار
وللآثار (قال) والعشرة دراهم لا يدرى لعلها إذا حل الاجل يغترق جل الدينار

(1) (قوله فإن كان الدينار نقدا الخ) مكرر مع بعض الصور السابقة فليحرر اه‍ مصححه
406

ويحول الصرف إلى ذلك الاجل فهذا مخاطرة وغرر فلذلك لم يجوزه في الخمسة
والعشرة وهو في الدرهم والدرهمين إذا كان أجلهما وأجل الدينار واحدا فليس ذلك
بخطر (ابن وهب) عن خالد بن حميد عن عقيل عن ابن شهاب أنه قال في بيع
الثوب بدينار الا ربعا والا درهمين لا بأس به (ابن وهب) عن عبد الجبار عن
ربيعة أنه كأن يقول في الرجل يبيع الشئ بدينار الا درهمين ويستأخر الثمن عليه
فكان ربيعة يقول لا بأس بهذا أن يأتي الرجل بالدينار يقضيه ثم يأخذ من البائع درهمين
ولا يراه صرفا قال ربيعة وان فيه لمعمزا وليس به بأس (قال الليث) قال ربيعة
في الرجل يشترى الثوب بدينار الا درهما أو ثلاثة قال ربيعة ما زال هذا من بيوع
الناس وأنه لا يكون الرد والثمن الا إلى أجل واحد وان فيه لما عمزكم من الصرف (قال
الليث) قال ربيعة وان باع بدينار الا درهما ورقا فدفع الدينار وأخذ الثوب ولم يجد
عنده درهما قال هو مثل أن يأخذ الدرهم مع الدينار يخشى أن ينزل بمنزلة الصرف
(قال ابن وهب) قال الليث وقال يحيى بن سعيد ان أشبه بعمل الصالحين أن
لا يفارقه حتى يأخذ الدرهم ولا يكون في شئ من ذلك نظرة (ابن وهب) عن
طلحة بن أبي سعيد عن صخر بن أبي عليط حدثه أنه كان مع أبي سلمة بن عبد
الرحمن بن عوف فابتاع أبو سلمة ثوبا بدينار الا درهما فأعطاه أبو سلمة الدينار وقال
هلم الدرهم فقال ليس عندي الآن درهم حتى ترجع إلى فألقى إليه أبو سلمة الثوب
وقبض الدينار منه وقال لا بيع بيني وبينك (قال ابن وهب) قال الليث وكتب إلى
يحيى بن سعيد يقول وسألت عن الرجل يشترى قمحا أو غير ذلك بنصف دينار أو
بثلث فيدفع إلى بائعه دينارا ويأخذ فضله دراهم ويأخذ ما اشترى منه حتى يأتيه في
يوم آخر فيأخذه منه أو اشترى تلك السلعة بدرهمين أو ثلاثة فيدفع إليه دينارا
وأخذ فضله من صرف الدينار دراهم وأخر السلعة حتى يلقاه فيها من يوم آخر (قال)
يحيى لم أزل أسمع أنه يكره أن يبتاع ببعض الدينار شيئا ويأخذ فضله ورقا ويترك
ما ابتاع لان ذلك يرى صرفا (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عقيل عن القاسم بن
407

محمد وابن شهاب أنهما قالا إذا اشتريت من رجل بيعا ببعض دينار ثم دفعت إليه
الدينار ففضل لك عنده ثلث أو نصف فلا عليه أعجله لك أو أخره وإنما معناه إذا
قبض السلعة (ابن وهب) قال مالك وإذا قال له المشترى بعد ما يجب البيع ويثبت
هذا دينار فيه ثلثاك وأمسك ثلثي عندك وانتفع به ان ذلك لا بأس به إذا صح
ذلك ولم يكن على شرط عند البيع ولا وأي ولا عادة ولا اضمار منهما (قال ابن
القاسم) وسألت مالكا عن الرجل يقدم البلد من البلدان ومعه الدراهم مثل أهل
إفريقية يقدمون من الفسطاط ومعهم الدراهم فيكون مع التاجر عشرة آلاف درهم
أو أكثر ورقيق وأمتعة ونقر فضة فيقول الرجل قد ابتعت منك دراهمك ونقرك
ورقيقك هذه بألفي دينار نقدا واستوجب ذلك منه صفقة واحدة وينقده (قال مالك)
لا خير في ذلك لا يكون مع الصرف بيع شئ من السلع (قال) قلت لمالك فالرجل
يشترى الثوب وعشرة دراهم بدينار (قال) لا بأس بهذا ولم نره مثل الآخر (قال) فرأيت
مالكا يرى أن هذا تبع للدينار (قال ابن القاسم) وأخبرني ابن الدراوردي عن
ربيعة وغيره من علماء المدينة ممن مضى انهم كانوا يكرهون ذلك ويقولون
لا يكون صرف وبيع (قال ابن القاسم) وسمعت مالكا يقول لا يكون صرف
وبيع ولا نكاح وبيع ولا شرك وبيع ولا قراض وبيع ولا مساقاة وبيع ولا جعل
وبيع (قال ابن القاسم) وأخبرني ابن الدراوردي أن غير واحد من علمائهم أو
بعض علمائهم كانوا يقولون مثل قول مالك في هذا الا في النكاح لم أحفظه عن ابن
الدراوردي لا يكون صرف وبيع
[في الرجل يبتاع السلعة بخمسة دنانير الا درهما فيدفع]
[بعضا ويحبس دينارا حتى يدفع إليه الدرهم ويأخذ الدينار]
(قال) وقال مالك في الرجل يشترى السلعة بخمسة دنانير الا درهما أو درهمين
أو ثلاثة فيدفع إليه أربعة دنانير ويؤخر الدينار الباقي حتى يلقاه فيدفع إليه الدرهم أو
والدرهمين أو الثلاثة ويأخذ الدينار (قال) قال مالك لا خير في ذلك (فقيل) لمالك فان
408

دفع دينارا واحدا وأخذ الدرهم وأخر الأربعة حتى يقضيه إياها (قال) لا خير فيه أيضا وهو
بمنزلة الأول (فقيل) لمالك فإن كانت خمسة دنانير الا خمسا أو ربعا فنقد الأربعة وأخر
الدينار الباقي حتى يأتيه بخمس أو بربع ويدفع إليه الدينار (قال) لا بأس بهذا ليس هذا
مثل الدرهم (قيل له) فان دفع إليه دينارا واحدا من الخمسة وأخذ خمسه وكانت
الأربعة قبله (قال) لا بأس بذلك (قال ابن القاسم) لان الدراهم عند مالك لما وقعت
على السلعة صار للدراهم حصة من الذهب كلها فلذلك كره مالك أن ينقد بعض
الذهب ويؤخر الدراهم أو ينقد الدراهم ويؤخر بعض الذهب (قال) وان نقد الدراهم
وأخر الذهب فلا خير في ذلك وإنما جوز مالك الخمس والربع لان ذلك أنما هو جزء
من دينار واحد ليس للخمس والربع حصة من الدنانير كلها فلا بأس بأن يعجل
الدنانير الصحيحة ويؤخر الدينار الكسر أو يقدم الدينار ويأخذ فضله دراهم
ويؤخر الدنانير وهذا كله قول مالك (قلت) أرأيت ان اشتريت ثوبا بدينار الا
عشرة دراهم (قال) ان كانت الدارهم العشرة نقدا فلا بأس به وان كانت إلى أجل
فلا خير فيه لأنه يدخله بيع الذهب بالورق إلى أجل كأنه رجل اشترى ثوبا وعشرة دراهم
بدينار فلا يصلح في ذلك أن يؤخر الدراهم وهذه مخاطرة لأنه لا يدرى ما تبلغ
العشرة الدراهم من الدينار (قلت) أرأيت ان بعت هذا الثوب بدينار الا قفيز
حنطة أيجوز هذا البيع إن كان نقدا أو إلى أجل (قال) لا بأس بذلك لأنه كأنه باعه
الثوب وقفيز حنطة بدينار فلا بأس أن يكون ذلك الدينار نقدا أو إلى أجل (أشهب)
إلا أن يكون الثوب أو القفيز ليس عنده وقد باعهما إياه بالنقد فلا يصلح ذلك
لأنه يشتريهما ثم يبيعه إياهما بنقد أو إلى أجل فيكون ذلك من بيع ما ليس عنده
وهو من وجه العينة المكروهة
[في الرجل يبتاع الورق والعرض بالذهب]
(قلت) أرأيت ان أعطاه ذهبا بفضة وسلعة مع الفضة أيجوز ذلك في قول مالك
(قال) نعم ذلك جائز إذا كانت الفضة قليلة فذلك جائز لان الذهب بالفضة جائز واحد
409

بعشرة وكذلك إذا كانت مع الفضة الكثيرة سلعة من السلع يسيرة (قلت)
وكذلك أن كان مع الذهب سلعة من السلع أو كان مع الذهب والفضة مع كل
واحد منهما سلعة من السلع (قال) أما الذهب بالفضة إذا كان مع الذهب العرض
اليسير فلا بأس به يجوز من ذلك ما يجوز مع الفضة ويكره من ذلك ما يكره مع
الفضة وإن كان مع كل واحد منهما عرض وكان كل واحدة منهما مع صاحبتها تبعا
فلا أرى به بأسا ولا يكون صرفا وبيعا إذا كان تبعا وكانت يسيرة وكذلك إذا كان
مع الذهب والورق مع كل واحد منهما عرض فإن كان ذلك من الذهب والورق
يسيرا أو كان العرضان يسيرين فلا أرى به بأسا فإن كانت الذهب والورق
والعرضان كثيرا فلا خير فيه (قلت) أرأيت ان اشتريت دراهم وثوبا بدنانير فقلت
للبائع أنقدك من الذهب حصة الدراهم وأجعل حصة الثوب إلى أجل (قال) لا يصلح
ذلك لأنه صرف وبيع لا يتأخر منه شئ (قلت) فإن كان مع الثوب دراهم قليلة
أقل من الدينار حتى لا يكون أريد به الصرف في قول مالك فقال المشترى أنا أنقدك
من دينار الذهب حصة هذه الدراهم وهي خمسة دراهم أو ستة وأؤخر قيمة الثوب
إلى أجل (قال) لا يصلح هذا في قول مالك إذا وقعت الذهب والفضة مع سلعة
ولو كانت الفضة قليلة حتى لا يكون صرفا لم يصلح التأخير في ذلك في قول مالك
ألا ترى أن الفضة عجلت مع العروض وقد صار لها حصة من جميع الذهب فلا يصلح
أن يتأخر من الذهب شئ إذا قدمت الفضة
[في الصرف والبيع]
(قلت) أيجمع في قول مالك صرف وبيع في صفقة واحدة (قال) قال مالك
لا (قلت) فإن كانت هذه السلعة معها دراهم قليلة لم يجز أن أبيعها بدراهم لمكان
تلك الدراهم القليلة قال نعم (قلت) ولا يجوز أن أبيعهما بدنانير نسيئة في قول
مالك لتلك الدراهم قال نعم (قلت) ولم يره مالك صرفا إذا باع بالدنانير يدا بيد
(قال) نعم جوزه مالك واستحسنه إذا كانت دراهم قليلة مع السلع أن تباع بالذهب
410

يدا بيد وبالعروض إلى أجل ولا تباع بالورق يدا بيد ولا إلى أجل (أشهب)
عن ابن لهيعة عن يحيى بن أبي أسيد أن أبا البلاط المكي حدثه أنه قال لابن عمر يا أبا
عبد الرحمن أنا نتجر في البحرين ولهم دراهم صغار فنشتري البيع هنالك فنعطي
الدراهم فيرد الينا من تلك الدراهم الصغار قال لا يصلح (قال) أبو البلاط فقلت له ان
الدراهم الصغار لو وزنت كانت سواء فلما أكثرت عليه أخذ بيدي حتى دخل في
المسجد فقال إن هذا الذي ترون يريد أن آمره بأكل الربا (مالك) عن محمد بن
عبد الله عن ابن أبي مريم أنه سأل ابن المسيب فقال أي رجل ابتاع الطعام فربما ابتعت
منه بدينار ونصف درهم فأعطى بالنصف درهم طعاما قال له سعيد بن المسيب لا
ولكن أعط أنت درهما وخذ بقيته طعاما (قال) قال مالك وإنما كره له سعيد بن
المسيب أن يعطى دينارا ونصف درهم لان النصف درهم إنما هو طعام فكره له
أن يعطى دينارا وطعاما بطعام (قال مالك) ولو كان نصف درهم ورقا أو فلوسا أو
غير طعام ما كان بذلك بأس
[في الرجل يصرف الدينار دراهم على أن يأخذ بالدراهم سلعة]
(قلت) أرأيت ان صرفت دينارا بعشرين درهما فأخذت منه عشرة دراهم
وأخذت بعشرة منها سلعة (قال مالك) لا بأس بذلك. وكذلك لو صرفت دينارا
بدراهم فلم أقبض الدراهم حتى أخذت بها سلعة من السلع (قال مالك) لا بأس بذلك
(قلت) فان أصاب بالسلعة عيبا فجاء ليردها ثم يرجع على صاحبها أبالدينار أم بالدراهم
(قال) بالدينار (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت ان صرفت عند
رجل دراهم بدنانير على أن آخذ بثمنه منه سمنا أو زيتا (قال) قال مالك ذلك جائز
نقدا أو إلى أجل (قال) وكلامهما لغو إنما ينظر مالك إلى فعلهما ولا ينظر إلى قولهما
(قلت) أرأيت ان قال اصرف عندك هذا الدينار على أن آخذ منك الدراهم ثم
آخذ بها منك هذه السلعة ففعل (قال) قول مالك في ذلك جائز (قلت) فان
أصاب بالسلعة عيبا فردها على صاحبها ثم يرجع عليه أبالدينار أم بالدراهم (قال) يرجع
411

عليه بالدينار (قلت) لم وقد قبض منه الدراهم ثم دفعها إليه في هذه السلعة (قال)
لان الدراهم قبضها حين قبضها على شرط أن لا يذهب بها إنما قبضها على شرط أن
يأخذ بها هذه السلعة فقبضه الدراهم وغير قبضه سواء وإنما وقع ثمن هذه السلعة بالدينار
ليس بالدراهم وكلامهما في الدراهم وما شرطا من ذلك وسكوتهما عنه سواء إنما نظر
مالك إلى فعلهما هاهنا ولم ينظر إلى قولهما (قلت) ولا يخاف أن يكون هذا من
بيعتين في بيعة (قال) لا إنما البيعتان في بيعة إذا ملك الرجل السلعة بثمن عاجل وآجل
(ابن وهب) وقد ذكر يونس بن يزيد أنه سأل ربيعة ما صفة البيعتين اللتين تجمعهما
بيعة (قال) ابن وهب هما الصفقة الواحدة قال يملك الرجل السلعة بالثمنين عاجل
وآجل وقد وجب عليه بأحدهما كالدينار النقد والدينارين إلى أجل فكأنه إنما يبيع
أحد الثمنين بالآخر (قال) فهذا مما يقارب الربا. وكذلك قال الليث عن يحيى بن
سعيد قال البيعتان اللتان لا يختلف الناس فيهما ثم فسره من نحو ما قال ربيعة أيضا
وكذلك فسره مالك وقد كره ذلك القاسم وسالم وسليمان بن يسار
[في الذهب والورق والذهب والعروض بالذهب]
(قلت) هل تجوز الفضة والذهب بالذهب في قول مالك (قال) قال مالك لا تجوز
(قلت) وكذلك لو كان إناء مصوغا من ذهب اشتريته بذهب وفضة لم يصلح
ذلك في قول مالك (قال) نعم لا يصلح ذلك عند مالك (قلت) أرأيت ان اشتريت
فضة وسلعة بذهب (قال) ان كانت الفضة قليلة حتى لا يكون صرفا العشرة
دراهم وما أشبهها فلا بأس بذلك وان كانت الفضة كثيرة فلا يصلح ذلك لان
مالكا قال لا يصلح بيع وصرف (قال ابن القاسم) وأخبرنيه ابن الدراوردي عن
ربيعة وغيره (قلت) لم كره مالك البيع والصرف في صفقة واحدة (فقال)
أما مالك فقال لا يصلح أن يكون الصرف والبيع في صفقة واحدة (قال) وأما
الدراوردي فأخبرني عن ربيعة وغيره أنه قال إنما كرهه ربيعة من قبل أنه لو أصاب
412

بالسلعة عيبا فجاء ليردها انتقض الصرف فلذلك كرهه ربيعة (قلت) لابن القاسم
أرأيت ان بعت ثوبا ودرهما بعبد ودرهم فتقابضنا قبل أن نفترق (قال) لا يجوز
ذلك عند مالك لان الفضة لا تجوز الا مثلا بمثل فهذا لما كان مع هذه الفضة
غيرها ومع هذه الفضة غيرها لم يجز ذلك (قلت) وسواء ان كانت الفضة تافهة
يسيرة والسلعتان كثيرتا الثمن (قال) نعم ذلك سواء ويبطل البيع بينهما عند مالك لما
ذكرت لك (قلت) فأصل قول مالك أن الفضة بالفضة مع احدى الفضتين سلعة
أو مع الفضتين جميعا مع كل واحدة منهما سلعة من السلع ان ذلك باطل ولا يجوز
قال نعم (قلت) وأصل قول مالك ان كانت سلعة وذهب بسلعة وفضة إذا كان
الذهب والفضة شيئا يسيرا أجازه ولم يجعله صرفا ولا يجوز فيه النسيئة وان كانت
الذهب والفضة قليلة (قال) نعم وقد بينا هذا قبل هذا
[في الميراث يباع فيه الحلي من الذهب والفضة فيمن يزيد فيشتريه]
[بعض الورثة أو غيرهم فيكتب عليه الثمن]
(قلت) أرأيت لو أن رجلا هلك فباع ورثته ميراثه فكانوا إذا بلغ الشئ فيمن يزيد
أخذه بعضهم وكتب على نفسه الثمن حتى يحسب ذلك عليه في حظه فبيع في الميراث
حلى ذهب وفضة أو بعض ما فيه الذهب والفضة مثل السيف وما أشبهه والفضة أقل
من الثلث فبيع ذلك فاشتراه بعض الورثة وكتب عليه (قال) قال مالك لا يباع من
ذلك ما فيه الذهب والفضة الا بنقد من الورثة أو غيرهم ولا يكتب ذلك عليهم ولا
يؤخر النقد (قال) لان مالكا احتج وقال أرأيت ان تلف بقية المال أليس يرجع
عليهم فيما صار عليهم فيقتسموه فلا يجوز الا بالنقد (قال) مالك والوارث في بيع
الحلي بمنزلة الأجنبي
[في بيع السيف المفضض بالفضة إلى أجل]
(قلت) أرأيت السيف المحلى تكون حليته فضة الثلث فأدنى أيكون لي أن أبيعه
413

بدراهم نسيئة (قال) لا يجوز عند مالك أن يبيعه نسيئة لا بذهب ولا بورق إذا كان فيه
من الذهب أو الفضة شئ قليلا كان ذلك أو كثيرا (قلت) (1) أرأيت ان اشتريت سيفا
محلى نصله تبع لفضته بدنانير ثم افترقنا قبل أن أنقده الدنانير وقد قبضت السيف منه
ثم بعت السيف فعلم بفسخ ذلك (قال) أرى أن بيع الثاني للسيف جائز وللبائع الأول
على الثاني قيمة السيف من الذهب يوم قبضه (قلت) وحملت هذا محمل البيوع
الفاسدة قال نعم (قلت) فان تغيرت أسواقه عندي قبل أن أبيع السيف
أتحمله محمل البيوع الفاسدة وتضمنني قيمته ولا تجعل لي رده وإن كان لم يخرج من
يدي (قال) إذا لم يخرج من يدك فلا أحمله محمل البيوع الفاسدة وأرى أن ترده
لان الفضة ليس فيها تغيير أسواق وإنما هي ما لم يخرج من يدك بمنزلة الدراهم فلك
أن تردها (قلت) فان أصاب السيف عندي عيب انقطع أو انكسر الجفن (قال)
فأنت ضامن لقيمته يوم قبضته (قلت) أرأيت ان اشتريت سيفا محلى بفضة حليته
أقل من ثلث السيف بفضة إلى أجل أو بذهب إلى أجل أيجوز هذا في قول مالك
(قال) قال مالك لا يجوز بيعه بفضة ولا بذهب إلى أجل (قلت) أفيبيعه بفضة
أو بذهب نقدا في قول مالك قال نعم (قلت) لماذا جوزه مالك بالنقد بالفضة
لم يلتفت إلى الفضة التي في السيف وهي عنده ملغاة وجعلها تبعا للسيف فلم لا يجوزه
بفضة إلى أجل وقد جعل الفضة التي في السيف ملغاة وجعلها تبعا للسيف ولم لا
يبيعه بفضة إلى أجل (قال) قال مالك لان هذا لم يجز الا على وجه النقد (قال)
فقلنا لمالك فالحلي يكون فيه الذهب والورق ولعل الذهب يكون الثلثين والورق
يكون الثلث أو يكون الورق الثلثين والذهب الثلث أيباع بأقلهما (قال) لا أرى
أن يباعا بشئ مما فيهما ولا يباعا بذهب ولا بورق ولكن يباعان بالعروض والفلوس
(وقال أشهب) لا بأس أن يشترى إن كان الذهب الثلث فأدنى اشترى بالذهب
وإن كان الورق الثلث فأدنى اشترى بالفضة (وقال) علي بن زياد مثل قول أشهب

(1) (قوله أرأيت ان اشتريت إلى قوله يوم قبضته) تقدم بلفظه في صحيفة 107 مع تغيير يسير اه‍
414

رواه عن مالك (قلت) أرأيت اللجام المموه أو الجوز المموه أو القدح المفضض
أو السرج المفضض أو ما أشبه هذه الأشياء إذا كان ما فيها من الفضة قيمة ثلث
ذلك الشئ الذي هو فيه أيصلح لصاحبه أن يبيعه بفضة نقدا (قال) قول مالك
إذا كانت الفضة في القدح والسكين فلا يجوز أن يبيع ذلك بفضة وإن كان ما فيه
من الفضة أقل من الثلث (قال) وأرى الركاب واللجام كذلك أيضا لا يصلح أن
يباع بالفضة إذا كان مموها أو محزوزا عليه ولم يره مثل السيف والمصحف والحلي
والذي سألت عنه من السرج وغيره هو مثل هذه الأشياء التي كرهها مالك وأرى
هذه الأشياء إنما فعلها الناس على وجه السرف وليست عنده بمنزلة الحلي ولا بمنزلة
السيف المحلى ولا الخاتم ولا بمنزلة المصحف المحلى (قال) وكان مالك لا يرى بأسا
أن يحلى المصحف (قال ابن القاسم) ورأيت لمالك مصحفا محلى بفضة (وسئل)
عن الحلي أو السيف المحلى يكون ما فيه من الحلي الثلث يباع بالفضة أو بالذهب
إلى أجل فينقض المشترى جليته ويفرقها (قال) قد نزلت بمالك فرأى أن البيع
جائز ولم يرد البيع وأنا أرى ذلك إذا وقع مثل هذا وقد كان ربيعة يجيز بيع السيف
المحلى بالفضة تكون الفضة تبعا بالذهب إلى أجل ولكني أرى ان أدرك ولم ينقضه
وهو قائم فسخ البيع (قال) وقلت لمالك أرأيت السيف المحلى إذا كان النصل
تبعا لفضته أيجوز أن يباع هذا السيف بحليته بشئ من الفضة (قال) قال
مالك لا يجوز أن يباع بشئ من الفضة وقد كره أن يباع بالفضة غير واحد
(وكيع) عن محمد بن الشعثي عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال أتانا كتاب عمر
ابن الخطاب رضى الله تعالى عنه ونحن بأرض فارس أن لا تبيعوا السيوف وفيها حلية الفضة
بدراهم (وكيع) عن فضيل بن غزوان عن نافع قال كان ابن عمر لا يبيع سيفا ولا
سرجا فيه فضة حتى ينزعه ثم يبيعه وزنا بوزن (وكيع) عن زكريا عن عامر الشعبي
قال سئل شريح عن طوق ذهب فيه فصوص يباع بالدنانير (قال) ينزع الفصوص
ثم يباع الذهب بالذهب وزنا بوزن (قال سحنون) فكيف بمن يريد أن يجيز
415

بيع ذهب وعرض بذهب وليس في ذلك مضرة في تفريقه وقد كره من ذكرت
لك بيع هذه الأشياء حتى تنزع وفى نزعها مضرة وقد أجاز الناس اتخاذ بعضها
وتحليته (قال سحنون) وقد أعلمتك بقول ربيعة وما جوز من ذلك وقوله إذا
كانت الفضة تبعا وان ذلك أنما أجيز لما جاز للناس اتخاذه وان في نزعه مضرة وأنه
إذا كان تبعا كانت الرغبة في غيره ولم تكن الرغبة فيه ولا الحاجة إليه وقد جوز
أهل العلم ما هو أبين من هذا من بيع الثوب بدينار الا درهما والا درهمين إذا كان
دفع الدرهم مع قبض الدينار لأنهم لم يروا ذلك رغبة في الصرف واستحسنوه
واستثقلوا ما كثر من ذلك (قال وكيع) وكان الربيع قد ذكر عن الحسن أنه
كأن لا يرى بأسا ببيع السيوف المحلاة بالفضة (وكيع) وجوزه أيضا إبراهيم
النخعي مثل قول الحسن ولم يذكره الا مسجلا فذلك فيما يرى للناس فيه من المنافع
ولما في نزعه من المضرة ولأنه مأذون لهم في اتخاذ مثله
[في الرجل يبتاع الأباريق من الفضة بالدنانير والدراهم ثم تستحق الدراهم]
(قلت) أرأيت ان اشتريت من رجل إبريق فضة بدنانير أو بدراهم فاستحقت
الدراهم أو الدنانير أينتقض البيع بيننا في قول مالك وتجعله صرفا (قال) نعم أراه صرفا
وينتقض البيع بينكما (قال) وكان مالك يكره هذه الأشياء التي تصاغ من الفضة
والذهب مثل الأباريق وكان مالك يكره مداهن الفضة والذهب ومجامر الذهب
والفضة سمعت ذلك منه والأقداح واللجم والسكاكين المفضضة وان كانت تبعا لا
أرى أن تشترى (قلت) أرأيت ان صرفت دراهم بدنانير فاستحقت الدراهم بعينها
أينتقض الصرف أم لا (قال) أرى الصرف منتقضا (وكان) أشهب يقول إن كانت
الدراهم بأعيانها أراها إياه فهو منتقض وإن كان لم يره إياها وإنما باعه من دراهم عنده
لزمه أن يعطى ما كان عنده تمام صرفه مما بقي في كيسه أو تابوته (قلت) لابن
القاسم وان استحقت ساعة صارفه فقال له صاحبه خذ مكانها مثلها أيصلح هذا (قال)
إن كان ذلك مكانه ساعة صارفه فلا أرى بذلك بأسا وان تطاول ذلك أو افترقا
416

انتقض الصرف (قلت) أرأيت ان اشتريت خلخالين من رجل بدينار أو بدراهم
فاستحقهما رجل في يدي بعد ما افترقنا أنا وبائعي فقال الذي استحق الخلخالين أنا
أجيز البيع وأتبع الذي أخذ الثمن (قال) لا يصلح هذا لان هذا صرف لا يصلح أن
يعطى الخلخالين ولا ينتقد (قلت) فإن كانا لم يفترقا مشترى الخلخالين وبائعهما
حتى استحقهما رجل فقال المستحق أنا أجيز بيع الخلخالين وآخذ الدنانير (قال)
فذلك جائز إذا أجاز المستحق البيع والخلخالان حاضران وأخذ الدنانير مكانه (قلت)
فإن كان الخلخالان قد بعث بهما مشتريهما إلى البيت (قال) لا يجوز ذلك (قلت)
ولا ينظر في هذا إلى افتراق البائع والمشترى بعد ما اشترى الخلخالين إذا استحقهما
رجل والخلخالان حاضران حين استحقهما وأجاز البيع فقال له مشترى الخلخالين أو
بائعهما أنا أدفع الثمن حين أجزت البيع وكان ذلك معا (قال) نعم ذلك جائز ولا ينظر
في هذا الا إلى حضور الخلخالين والنقد مع إجازة هذا المستحق البيع فإذا كان هذا
هكذا جاز وإلا فلا (وقد قال) أشهب مثل قوله وقال إنما هو استحسان والقياس فيه
أنه مفسوخ لأنه حين باعك الخلخالين قد كان لصاحبهما فيهما الخيار فقد انعقد البيع
على خيار فالقياس فيه أنه يفسخ ولكني استحسنت أنه جائز لان هذا مما لا يجد
الناس منه بدا وانكما لم تعملا على هذا باع البائع ما يرى أنه له واشتريت أنت ما ترى
أنه جائز لك شراؤه فذلك جائز لا بأس به
[في الرجل يبتاع الدراهم بدينار ونقد دنانير البلد مختلف]
(قلت) أرأيت ان اشتريت من رجل دراهم بين يديه كل عشرين درهما بدينار
وأخرجت الدنانير لأدفعها إليه فلما نقدته قال لا أرضى هذه الدنانير (قال) له نقد
البلد في قول مالك (قلت) فإن كان نقد البلد في الدنانير مختلفا (قال) فلا صرف
بينهما إلا أن يسميا الدنانير التي يصارفانها
417

[في الرجل يصرف بعض الدينار أو يصرفه من رجلين]
(قلت) أرأيت ان أردت أن أصرف نصف دينار أو ثلثه بعشرة دراهم أيجوز هذا
في قول مالك (قال) قال مالك لا يجوز أن يصرف نصف دينار ولا ثلث دينار ولا
ربع دينار ولا يجوز ألا أن يصرف الدينار كله فيدفعه ويأخذ دراهمه فأما إذا صرف
نصفه أو ثلثه أو ربعه فهذا لا يستطيع أن يدفع ثلثه ولا ربعه ولا نصفه (قلت)
فان قال بائع نصف الدينار أنا أدفع إليك الدينار كله وآخذ منك صرف النصف حتى
تكون قابضا لنصف الدينار (قال) قال مالك لا يجوز ذلك ولا يكون قابضا لنصف
الدينار وان دفع الدينار كله لأنه لا يبين بنصفه منه (وقال أشهب) ألا ترى أن
الصرف على المناجزة فقد بقي بينهما عمل من سبب الصرف وهو شركتهما في الدينار
وانهما ان اقتسماه مكانهما فإنما اقتسامهما إياه دراهم فيكون يعطيه دراهم بدراهم
فهذا لا يصلح (قلت) لابن القاسم فان صرف الدينار رجل من رجلين فقبضه
أحدهما بأمر صاحبه وهو حاضر (قال) قال مالك هو جائز (قلت) فلو أن رجلين
صرفا دينارا من رجلين فقبض الدينار أحد الرجلين (قال) قال مالك هذا جائز
(قلت) فان صرف رجلان من رجل دينارا فدفعاه إليه أيجوز هذا في قول مالك
قال نعم (قلت) وكذلك لو كان مكان الدينار نقرة ذهب أو فضة كان مسلكه
مسلك الدينار في بيعه قال نعم (قلت) فإن كانت نقرة بيني وبين رجل فبعت
نصيبي منه (قال) ذلك جائز إذا انتقدت (قلت) فان بعت نصيبي من غيره (قال
أشهب) ان قبض المشترى جميع النقرة رأيته جائزا وإن لم يقبض لم يكن فيه خير
[في الرجل يصرف الدينار دراهم فيقبضها ثم يرجع إليه]
[فيستزيد في الصرف فيزيده]
(قلت) أرأيت ان صرفت دينارا عند رجل بعشرين درهما ثم لقيته بعد ذلك فقلت
له انك قد استرخصت منى الدينار فزدني فزادني درهما أينتقض الصرف في قول
مالك أم لا (قال) لم أسمع منه فيه شيئا وأرى أن لا ينتقض بينكما (قلت) وكذلك
418

ان زاده الدرهم إلى شهر أو إلى شهرين (قال) نعم لا أرى بذلك بأسا ولا ينتقض
الصرف بينكما (قلت) لم (قال) لأني لا أرى هذا الدرهم مما يقع عليه الصرف
(قلت) فان قبضه منه صاحبه أترى الصرف واقعا عليه قال لا (قلت) فان
أصاب بهذا الدرهم الهبة عيبا أيكون له أن يرده (قال) لا لان الصرف لم يقع عليه
وإنما ذلك الدرهم عندي هبة (قلت) فان أصاب صاحبه بالدينار عيبا فرده أيرجع
عليه بالدراهم كلها وبالدرهم الزائد مع الدراهم قال نعم (قلت) لم والدرهم الزائد
عندك هبة (قال) لأنه إنما وهبه له لذلك الصرف فلما انتقض الصرف انتقضت الهبة
التي كانت بينهما لمكان ذلك الصرف (قلت) وكذلك لو أنى بعت من رجل
سلعة فجاءني بهبة فوهبها لي فقال هذا لموضع ما بعتني سلعتك فقبلت هبته ثم أصاب
بالسلعة عيبا فردها على أيرجع على بالهبة مع الثمن (قال) نعم لأنه إنما وهب لك
الهبة من أجل البيع فلما انتقض البيع لم يترك الهبة لان الذي لمكانه كانت الهبة قد
انتقض حتى صار غير جائز (قلت) فإن كان أسلم إليه في طعام أو سلعة إلى أجل
فزاده بعد ما افترقا ومكثا شهرا أو شهرين زاده المشترى في السلم دينارا أو درهما
أيجوز هذا في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا بأس به
[في الرجل يكون له على الرجل دراهم دينا إلى أجل]
[فيريد أن يصرفها منه بدينار نقدا]
(قلت) أرأيت لو أن لي على رجل دراهم دينا من قرض أو من بيع إلى أجل فأخذت
بها منه دنانير نقدا أيجوز هذا في قول مالك أم لا (قال) لا يجوز هذا ولا يحل هذا
وهو من بيع الدراهم إلى أجل بدنانير نقدا ولو كانت حالة لم ير به بأسا (قلت) أرأيت
ان صارفته قبل محل الاجل على دينارين وشرطت عليه أن يدفعهما إلى مع محل أجل
الدراهم أيجوز هذا أم لا (قال) هذا حرام في قول مالك (قال) وكذلك لو كان في مكان
هذه الدنانير عرض من العروض بعينيه أو موصوفا أو مضمونا إلى ذلك الاجل لم يحل
لأنه دين بدين ولو كان العرض نقدا ما كان به بأس في البيع والسلف إلا أن يكون
419

العرض الذي يعطيه من صنف العرض الذي كان باع ويكون أجود منه أو أكثر
حل أجل الدين في ذلك أو لم يحل (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي
عمران وبكير بن عبد الله عن سليمان بن يسار قال إن كان لرجل على رجل ذهب كالئة
فلا يصلح له أن يقاطعه على ورق وينقده (قال ابن وهب) وقال الليث عن يحيى
ابن سعيد مثله وقال يحيى بن سعيد ولا فلوس (قال يحيى) وان أعطاه عرضا قبل محله
فلا بأس به (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني سالم بن
عبد الله عن أبيه أنه كان يبتاع بالذهب فإذا تقاضاه أصحابه قال إن شئتم أعطيتكم
الورق بصرفها وإن شئتم صرفتها لكم فقضيتكم الذهب فأي ذلك اختار الرجل أعطاه
إياه (ابن وهب) عن عبد الله بن عمر عن نافع أن رجلا كان له على عبد الله بن عمر
ذهب سلفا فجاءه يتقاضاه فقال يا نافع اذهب فصرف له أو أعطه بصرف الناس
(قلت) أرأيت ان أراد أن يأخذها منى (قال) إذا قامت على سعر فأراد أن
يأخذها فأعطه إياها (وقال) مثل ذلك القاسم بن محمد وسالم وسليمان بن يسار وبشر
ابن سعيد ويحيى بن سعيد وعطاء بن أبي رباح وبكير بن الأشج (ابن وهب) عن
ابن لهيعة وحياة بن شريح عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن الرجل
يسلف الرجل عشرة دنانير سلفا فأراد أن يأخذ بها منه زيتا أو طعاما أو ورقا بصرف
الناس قال لا بأس به (ابن وهب) وقاله جابر بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز
وابن المسيب وربيعة أنه لا بأس باقتضاء الطعام والعروض في السلف
[في الرجل يصرف بدينار دراهم فيجدها زيوفا]
[فيرضاها ولا يردها]
(قلت) أرأيت ان صرفت دينارا بدراهم فلما افترقنا أصبتها زيوفا فرضيتها أيجوز
ذلك في قول مالك أم لا (قال) لا بأس بذلك أن رضيت في قول مالك (قلت)
وكذلك أن وجدت الدراهم نقصا فرضيتها (قال) قال مالك إذا وجدتها نقصا فرضيتها
فهو جائز وهو مثل الزيوف (قال) قال مالك وإن كان تأخر من العدد درهم فرضى أن
420

يأخذ لم يجز ذلك له لان الصفقة وقعت على مالا خير فيه (وقال أشهب) في الزلل مثل
قول ابن القاسم (قلت) أرأيت ان اشتريت فلوسا بدرهم فلما افترقنا أصبت فيها
عشرة أفلس رديئة لا تجوز أينتقض الصرف أم يبدلها في قول مالك (قال) إنما قال
مالك في الفلوس أكرهها ولم يرها في جميع الأشياء بمنزلة الدراهم بالدنانير ولم أسمع
من مالك في هذا شيئا وقوله في الصرف ان الصرف ينتقض وأرجو أن يكون
خفيفا ألا ترى أن ابن شهاب يجيز البدل في صرف الدنانير وان كأن لا يؤخذ بقوله
فكيف به في الفلوس مع كثرة اختلاف الناس فيها وقول مالك وليست كالحرام
البين ولكني أكره التأخير فيها وهو قول أشهب (قلت) أرأيت ان صرفت
دينارا عند رجل فأصبت درهما في الدراهم مردودا لعيبه وهو فضة طيبة أيكون
لي أن أرده في قول مالك قال نعم (قلت) وينتقض الصرف فيما بيننا
قال نعم (قلت له) انه فضة طيبة (قال) ذلك سواء إذا كان فضة طيبة إلا أنه
مردود لعيبه أو كأن لا يجوز بجواز الدراهم عند الناس أو أصاب فيها درهما زائفا
فذلك كله عند مالك سواء يرده ان أحب وينتقض الصرف بينهما إلا أن يشاء أن
يقبل الدراهم بعيوبها فيكون ذلك له (قلت) أرأيت ان صرفت دينارا عند رجل
بدراهم فأخذت منه الدراهم ثم أصبت بالدراهم عيبا فرددت الدراهم أيصلح لي أن
أؤخره بالدينار (قال) إذا ثبت الفسخ بينهما فلا أرى بأسا أن يؤخره بالدينار وإن لم يثبت الفسخ بينهما كرهته ورأيته صرفا مستقبلا (قال سحنون) هذا الربا قد
كتب في الرسم الأول ما يدل على هذا
[في الرجل يصرف الدينار من رجل بدراهم فإذا وجب الصرف سأل]
[رجلا أن يقرضه الدينار فيدفعه إليه أو يقوما من مجلسهما ذلك]
[فيتوازنان في مجلس آخر]
(قلت) أرأيت ان قلت لرجل ونحن جلوس في مجلس بعني عشرين درهما بدينار
فقال نعم قد فعلت وقلت أنا أيضا قد فعلت فتصارفنا ثم التفت إلى انسان فقال أقرضني
421

عشرين درهما والتفت أنا إلى رجل إلى جنبي فقلت له أقرضني دينارا ففعل فدفعت
إليه الدينار ودفع إلى العشرين الدرهم أيجوز هذا في قول مالك (قال) لا خير فيه
(قلت) أرأيت ان نظرت إلى دراهم بين يدي رجل فقلت بعني من دراهمك هذه
عشرين درهما بدينار فقال قد فعلت وقلت قد قبلت فواجبته الصرف ثم التفت إلى
رجل إلى جنبي فقلت أقرضني دينارا ففعل فدفعت إليه الدينار وقبضت الدراهم
أيجوز هذا الصرف في قول مالك أم لا (قال) سألت مالكا عن الرجل يدفع الدنانير
إلى الصراف فيشترى بها دراهم فيزنها الصراف ثم يدخلها تابوته ويخرج دراهم ليعطيه
(قال) ما يعجبني وليترك الدنانير على حالها حتى يخرج الدراهم فيزنها ثم يأخذ الدنانير
ويعطى الدراهم فإن كان هذا الذي اشترى هذه الدراهم كان ما استقرض نسقا متصلا
قريبا بمنزلة النفقة يحلها من كمه ولا يبعث رسولا يأتيه بذهب ولا يقوم إلى موضع
يزنها ويتناقدان في المجلس الذي تصارفا فيه وإنما يزنها مكانه ثم يعطيه دنانيره مكانه
فلا بأس بذلك (وقد قال) أشهب لا خير فيه لأنكما عقدتما بيعكما على أمر لا يجوز
من غيبة الدنانير (قال ابن القاسم) لان مالكا قال لو أن رجلا لقي رجلا في
السوق فواجبه على دراهم معه ثم سار معه إلى الصيارفة لينقده (قال) مالك لا خير
في ذلك (فقيل له) فلو قال له ان معي دراهم فقال المبتاع اذهب بنا إلى السوق حتى
نرى وجوهها ثم نزنها فإن كانت جيادا أخذتها منك كذا وكذا درهما بدينار (قال)
لا خير في هذا أيضا ولكن يسير معه على غير موعد فان أعجبه شئ أخذ والا
ترك (قلت) وكان مالك يكره للقوم أن يتصارفوا في مجلس ثم يقوموا إلى مجلس
آخر قال نعم (قال) مالك ولو أن قوما حضروا ميراثا فبيع فيه حلى اشتراه رجل ثم
قام به إلى السوق أو إلى الصيارفة ليدفع إليه نقده ولم يتفرقا (قال) لا خير في ذلك أنما
يباع الورق بالذهب أن يأخذ ويعطى بحضرة البيع ولا يتأخر شئ من ذلك عن
حضرة البيع فإنه لا خير فيه وأراه منتقضا ألا ترى أن عبد الله بن عمرو بن العاص
قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تبيعوا الذهب بالورق الاهاء وهلم
422

وان عمر قال وان استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره انى أخاف عليكم الرماء
والرماء هو الربا
[في قليل الصرف وكثيره بالدنانير]
(قلت) أرأيت ان اشتريت بدينار مائة درهم أو دينارا بدرهمين أو بدرهم أيجوز
هذا الصرف في قول مالك قال نعم (قال) ولقد سئل مالك عن رجل كان يسأل رجلا
ذهبا فلما حل أجلها قال الذي عليه الدين خذ منى بذهبك دراهم وقال الذي له الدين
لا أقبل منك الا كذا وكذا زيادة على الصرف (قال) مالك لا بأس بذلك (قلت)
أرأيت ان أقرضت رجلا دينارا فوهبت له نصف ذلك الدينار ثم أردت أن آخذ
منه نصف الدينار الذي بقي لي عليه فأتاني بنصف دينار دراهم فقلت لا أقبل الدراهم
إنما لي عليك ذهب ولا أبيع ذهبي الا بمائة درهم (قال) إذا أعطاه صرف الناس
أجبر على أن يأخذ ذلك (قال) وقال مالك في رجل باع من رجل سلعة بنصف
دينار فأتاه بنصف دينار دراهم أجبر البائع على أخذها ولم يكن له غير ذلك فالذي
أقرض دينارا ووهب نصفه وبقي نصفه هو بمنزلة هذا سواء
[في بيع الفضة بالذهب جزافا]
(قلت) أرأيت ان اشتريت سوار ذهب لا أعلم ما وزنه بفضة لا أعلم ما وزنها
أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم إذا كان شراؤه إياها بغير دراهم مضروبة (قلت)
أيصلح أن أبيع الذهب جزافا بالفضة جزافا (قال) قال مالك لا بأس بذلك ما لم يكن
سكة مضروبة دراهم ودنانير فلا خير في ذلك لان ذلك يصير مخاطرة وقمارا إذا
كان ذلك سكة مضروبة دراهم أو دنانير
[في الرجل يتسلف الدراهم بوزن وعدد فيقضى بوزن أقل أو أكثر]
[وبعدد أقل أو أكثر]
(قلت) أرأيت ان تسلفت من رجل مائة درهم عددا وزنها نصف درهم نصف
423

درهم عددا فقضيته مائة درهم وازنة على غير شرط أيجوز هذا أم لا (قال)
لا بأس بذلك (قلت) فان قضيته تسعين درهما وازنة (قال) لا خير فيه (قلت)
ولم والتسعون أكثر من المائة الدرهم الانصاف (قال) لان هذا بيع إذا كان
السلف عددا (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) ومن أين جعله مالك
بيعا (قال) لان الرجل إذا أسلف الرجل عشرة دنانير تنقص سدسا سدسا كل
دينار أو ربعا ربعا كل دينار ثم أعطاه عشرة دنانير قائمة كان إنما ترك له الذي قضاه
فضل وزنها وهذا لا بأس به إذا لم يكن في ذلك وأي ولا موعود ولا سنة جريا
عليها إذا استوى العددان. وان أعطاه تسعة وكانت أكثر من وزنها فهو بيع
الذهب بالذهب متفاضلا فلا خير فيه لأنه لما اختلف العدد صار بيعا ولا يصلح
إذا كانت عددا بغير كيل إلا أن يستوى العددان فيكون الفضل في أحدهما
فلا بأس بذلك (قلت) فإن كان أقرضني مائة درهم وازنة عددا فقضيته خمسين درهما
أنصافا (قال) لا بأس بذلك (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فلو قضاه مائة
درهم أنصافا (قال) لا بأس بذلك (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) ولو قضاه
مائة درهم انصافا ونصف درهم واحد لم يجز ذلك لان العددين قد اختلفا وإن كان
ذلك أنقص لرب القرض في الوزن فلا يجوز ذلك ولكن لو قضاه أقل من العدد
على وزن دراهم القرض أو أقل من وزنها فلا بأس بذلك (قلت) أصل قول مالك
في هذا أنه إذا استقرض دراهم عددا فلا بأس أن يقضيه مثل وزنها في عددها
فان قضاه أقل من وزنها في مثل عددها فلا بأس بذلك في قول مالك قال نعم
(قلت) فان قضاه بمثل عدتها أفضل من وزنها فلا بأس به في قول مالك قال نعم
(قلت) فان قضاه أقل من عددها في أكثر من وزنها (قال) لا خير فيه (قلت)
فان قضاه أكثر من عددها في أقل من وزنها (قال) لا خير فيه إلا أن يقضيه في
مثل عددها أكثر من وزنها أو أقل من وزنها فلا بأس بذلك (قلت) وهذا قول
مالك (قال) نعم هذا قوله (قال) وإن كان أقرضه دراهم كيلا فلا بأس أن يقضيه
424

أقل من عددها أو أكثر من عددها إذا كانت في مثل كيلها وهذا قول مالك
(ابن وهب) عن ابن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي عن ابن عمر أنه تسلف
ذهبا فوزنها بمعيار ثم قال احفظ هذا المعيار حتى تقضى صاحبها به وأنه قضى الرجل
فنقص من عدد الذهب فقال له الرجل ان هذه أنقص من عدد ذهبي فقال له انى
إنما أعطيتك بمثل وزن ذهبك سواء فمن عمل بغير هذا أثم وقاله ابن المسيب ومحمد
ابن كعب القرظي وان دخل فيها أكثر من عددها (قلت) وان قضاه أقل من
وزنها أو أكثر من وزنها فلا بأس بذلك (قال) نعم قال وهذا قول مالك فان قضاه
أقل من وزنها فلا بأس بذلك إذا لم تختلف عيون الدراهم مثل أن يسلفه مائة درهم
يزيدية كيلا فيقضيه خمسين أو ستين أو ثمانين محمدية نقصا فلا يصلح هذا وهو
قول مالك (قلت) أرأيت ان أقرضت رجلا مائة درهم عددا فقضاني خمسين درهما
أقل من وزنها أيجوز هذا في قول مالك قال نعم (قلت) ولم وقد اختلف الوزنان ألا
ترى أنه قد قضاني أقل عددا وأقل وزنا (قال) فلا بأس بذلك عند مالك إذا قضاك
أقل وزنا وأقل عددا لان هذا رجل قضى أقل من عدد الدراهم وأقل وزنا من
وزن الدراهم فلا بأس بذلك (قلت) فان قضاه أقل عددا ووزن كل درهم منها
أكثر من وزن كل درهم من الدراهم التي أقرضت (قال) هذا لا يصلح عند
مالك (قلت) لم (قال) لأنه قد صار بيعا ألا ترى أن الزيادة التي في كل درهم قد
صارت بيعا بفضل عدد القرض وإن كان القضاء مثل وزن الدراهم القرض أو
أقل لم يكن هاهنا شئ يكون بيعا فلذلك جاز وان كانت أقل عددا (قلت) أصل
كراهية هذا عند مالك حين جعل العددين إذا اختلفا بيعا من البيوع إذا تفاضل الوزن
فإذا استوى العددان وتفاضلت الدراهم في الوزن لم يجعله بيعا لم قال مالك ذلك
وما فرق ما بينهما (قال) لان الرجل لو أتى بستة دنانير إلى رجل تنقص سدسا
سدسا فقال أبدلها لي بستة وازنة فانى أحتاج إليها لم يكن بذلك بأس على وجه
المعروف ولو قال له أعطني بها خمسة قائمة لم يحل فهذا يدلك على أن العدد إذا
425

استوى لم يكن ذلك بيعا من البيوع وإذا اختلف العدد كان ذلك بيعا
[في الرجل يقرض الرجل دراهم يزيدية فيأتيه]
[بمحمدية فيأبى أن يأخذها]
(قلت) أرأيت لو أنى أقرضت رجلا مائة درهم يزيدية إلى سنة فأتاني بمائة محمدية
قبل السنة فقال خذها وقلت لا آخذها الا يزيدية (قال) ذلك لك أن لا تأخذها
الا يزيده ولو حل الاجل أيضا فجاءه بمحمدية فقال لا أقبل الا يزيدية كان ذلك له
لأنه يقول لا آخذها الا مثل الذي لي لان الدراهم والطعام عند مالك سواء ألا ترى
أنه لو تسلف محمولة فأتاه بسمراء وهي خير من المحمولة فقال لا أقبلها ولا آخذ الا
محمولة كان ذلك له (قلت) والدراهم ان كانت من قرض أو من ثمن بيع كان سواء
في مسألتي حل الاجل أو لم يحل إذا رضى أن يأخذ محمدية من يزيدية جاز ذلك له
في قول مالك (قال) لا أقوم على حفظه ولا أرى بذلك بأسا لأنها ورق كلها وكذلك
الدنانير والدراهم وليست جنوسا كجنوس الطعام وإنما هي سكك وهي ذهب وفضة
كلها والطعام جنوس وان كانت حنطة كلها لان الحنطة لها أسواق تحول إليها فتضمن
إلى تلك الأسواق والدراهم ليست لها أسواق تحول إليها مثل الطعام فلا يجوز أن
يأخذ قبل الاجل سمراء من محمولة وان كانت خيرا منها وإن كان أسلفه المحمولة
سلفا فلا يجوز. وكذلك قال لي مالك في القمح المحمولة والسمراء وفى الشعير وقد
قال أشهب انه جائز إذا لم يكن في ذلك وأي ولا عادة وهو أحسن إن شاء الله تعالى
(قال ابن القاسم) وان كانت لك سمراء على رجل إلى أجل فأخذت منه محمولة
قبل محل الاجل لم يجز لان هذا من وجه ضع وتعجل. وكذلك الدراهم ان أخذ
يزيدية من محمدية قبل أن يحل الاجل لم يصلح وهذا في الدراهم مثل الطعام فان
أخذ محمدية من يزيدية قبل محل الاجل لم يكن بذلك بأس ومثل ذلك أن يكون له
دنانير هاشمية فيعطيه عتقاء قبل محل الاجل فلا يكون بذلك بأس (قال) ولان
مالكا قال في الدين يكون على الرجل إلى أجل فيقول ضع عنى وأعجل لك ان ذلك
426

لا يجوز فهذا يدلك على مسألتك هذه أيضا (قلت) أرأيت ان أقرضت رجلا
دراهم محمدية مجموعة فلما حل الاجل قضاني يزيدية مجموعة أكثر من وزنها أيجوز
هذا أم لا (قال) لا يجوز هذا لان هذا إنما أخذ فضل عيون المحمدية على اليزيدية
في زيادة وزن اليزيدية فلا يجوز هذا (قلت) فلو قضاني يزيدية مثل وزن المحمدية
أو دون وزنها (قال) لا بأس بهذا (قلت) فلو كنت أقرضته يزيدية مجموعة
فقضاني محمدية مجموعة أقل من وزنها (قال) لا يجوز هذا لأنه أخذ ما ترك من
وزن اليزيدية في عيون المحمدية (قلت) فلو قضاني محمدية مجموعة مثل وزن
اليزيدية (قال) لا بأس بذلك إذا لم يكن ذلك منهما عادة (قلت) فلو قضاني محمدية
مجموعة أكثر من وزن اليزيدية (قال) فلا بأس بذلك (قلت) وكذلك لو قضاني
يزيدية مجموعة أكثر من وزن اليزيدية التي أقرضته (قال) لا بأس بذلك (قلت)
والدنانير مثل ما وصفت لي في الدراهم (قال) نعم
[في الرجل يستلف الدراهم فيقضى أوزن أو أكثر]
(قلت) أرأيت ان استقرضت مائة درهم يزيدية كيلا فقضيته مائة درهم وعشرين
درهما يزيدية كيلا أيجوز هذا في قول مالك (قال) سألت مالكا عن الرجل يستلف
من الرجل مائة درهم فيعطيه عند القضاء عشرين ومائة درهم على غير موعد ولا
شرط أو يتسلف مائة أردب قمح فلما أتاه ليقضيه قمحه وحل أجله قضاه عشرين ومائة
أردب مثل حنطته (قال مالك) لا يعجبني أن يقضيه فضل عدد لا في طعام ولا في
ذهب عندما يقضيه ولو كان ذلك بعد ذلك لم أر به بأسا إذا لم يكن في ذلك عادة
ولا موعود (قال) ومعنى قوله بعد ذلك أي بعد مجلس القضاء الذي يقضيه فيه يزيدية
بعد ذلك وأما حين يقضيه فلا يزيده في ذلك المجلس ولكن يزيده بعد ذلك فمسألتك
في الدراهم الكيل تشبه هذا لا يصلح أن يزيده عندما يقضيه ولكن ان أراد أن
يزيده فليزده بعد ما يقضيه ويتفرقان إلا أن يكون رجحانا في الوزن شيئا يسيرا فلا
بأس بذلك أو نقصانا وإن كان كثيرا فلا بأس به وهو قول مالك (قال مالك) وإنما
427

يجوز من ذلك مثل ما فعل ابن عمر زاد في فضل وزن الدراهم التي قضاه وكان محمل
قول مالك عندي أن ابن عمر إنما قضى مثل العدد وزاد في وزن الدراهم التي قضى
كانت دراهم ابن عمر أوزن من دراهم صاحبه وعددهما سواء ولم يعطه عشرين
ومائة بمائة ولا عشرة ومائة بمائة
[في قضاء المجموعة من القائمة]
(قلت) سمعتك تقول الدنانير المجموعة لا تصلح بالدنانير القائمة قلت ما المجموعة
وما القائمة وما معنى ذلك القول أنه لا يصلح (قال) قال مالك لو أنك أسلفت رجلا
مائة دينار قائمة أو بعته بها بيعا فثبت لك عليه مائة دينار قائمة فأراد أن يدفع إليك مائة
مجموعة يدخل في عددها عشرة ومائة أو أقل من ذلك أو أكثر إلا أن عدد
المجموعة أكثر من القائمة (قال) لا خير فيه إلا أن تكون أسلفت القائمة بمعيار
اتخذته عندك أو أسلفته إياها بوزن مثاقيل جمعتها في ذلك الوزن أو اشترطت في
البيع الكيل فلا بأس بأن تقتضي مجموعة وان كانت أكثر عددا إذا كنت حين
أسلفتها قد أخذت لها معيارا من الكيل أو وزنتها مجموعة فعرفت كيلها أو اشترطت
كما أخبرتك الكيل مع العدد فأما ان تسلفتها عددا فلا خير في ذلك إلا أن تأخذ
مثل عددها وان كانت كيلا أو أنقص منها في الوزن فلا بأس بذلك إذا كانت في
عددها (قال) وقال مالك وما بعت بفراد فلا تأخذه كيلا وما بعت به كيلا فلا تأخذه
فرادا وما بعت بفراد واشترطت كيله مع العدد فلا بأس به أن تأخذه كيلا أقل
عددا أو أكثر عددا ومن ذلك أن يبيع الرجل سلعته بمائة درهم كيلا ويشترط
عددها داخل المائة خمسة وكيلها مائة فيكون عددها خمسة ومائة درهم فلا بأس أن
يأخذ أكثر من عددها أو أقل من عددها كيلا إذا اشترط العدد مع الكيل (قال)
وبلغني أن مالكا قال وإذا بعت رجلا أو أقرضته مائة دينار مجموعة فجاء ليقضيك
فدفع إليك مائة دينار قائمة عددا فقال هذا قضاؤك ولم تكلها له (قال) فلا بأس بذلك
لأنه قد عرف أن في كيل القائمة أكثر من مائة كيلا وفضلا فلا بأس بذلك وهو
428

بين قد غر فلا بأس به (قال) فقلت لمالك فان قضاه مائة دينار مثاقيل أفرادا والافراد إذا
جمعت نقصت عن مائة دينار مجموعة (قال) لا خير في ذلك لأنه إنما يجوزها لفضل
عيونها على وزن المجموعة لان الافراد بحبة حبة لها فضل في عيونها على المجموعة
(قال) فقلت لمالك أفيبيع الرجل السلعة بمائة دينار مجموعة ولا يشترط ما يدخل فيها
من الوزن وهو يعلم أنه يدخل فيها الدينار بالحبتين والخروبة وبالنصف والثلث
والثلثين ولا يدرى عدة ما يدخل له من صنوف تلك الدنانير (قال) فلا بأس بذلك
ما لم يدخل له من الذهب التي لا تجوز بين الناس (قلت) أي شئ الدنانير المجموعة
(قال) المقطوعة النقص تجمع فتوزن فتصير مائة كيلا (قلت) فما القائمة (قال) القائمة
الجياد (قلت) فلم أجزت أن يؤخذ من المجموعة القائمة (قال) لان القائمة الجياد
عددا تزيد على المجموعة في المائة الدينار دينارا لأنك لو أخذت مائة دينار عددا
قائمة فوزنتها بوزن المجموعة زادت في الوزن دينارا فصارت في الوزن مائة دينار
ودينارا وهي مائة دينار عددا (قلت) فما الفرادى (قال) المثاقيل قال الفراد إذا
أخذت المائة فوزنتها كانت أنقص من المائة المجموعة لا تتم مائة تصير تسعة وتسعين
وزنا وان وزنت مائة قائمة كيلا زاد عددها على مائة دينار فرادى (قلت) لم لا
يصلح أن يأخذ من الدرهمين الفرادى إذا كانا لم يجمعا في الوزن وقد عرفت وزن
كل واحد منهما على حدة لم لا يجوز أن يأخذ بوزنهما تبر فضة مكسورة إذا كان في
الجودة مثله أو دونه وقد جوزته في الدرهمين المجموعين وقد جوز مالك مثل هذا
في موضع آخر في الطعام ألا ترى أن مالكا قد أجاز لي أن آخذ سمراء من محمولة
ومحمولة من سمراء إذا حل الاجل فلم كرهتم هذا في الدرهمين الفردين بوزنهما من
التبر المكسورة (قال) أما ما ذكرت من الطعام أخذه المحمولة من السمراء أو السمراء
من المحمولة إنما جوزه مالك لان الطعام مجموع كله يكال فإنما أخذ من سمراء كيلا
محمولة أو من كيل محمولة سمراء وليس في الطعام فراد ولا يباع القمح وزنا بوزن
وأما ما ذكرت من مجموع الفضة بمجموع الفضة فلا بأس بذلك لان هذا يعلم أنه
429

قد أخذ مثل وزن فضته وجودة فضته أو دونها في الجودة وإنما كره مالك أن يأخذ
من الفراد مجموعة لأنه لا يأخذ مثل وزن الفراد إذا أخذ وزن الفراد مجموعة لأنه
لا بد من أن يزيد وزن المجموعة على الفراد الحبة والحبتين وما أشبه ذلك أو ينقص
فإنما كرهه مالك لموضع أنه لا يكون مثلا بمثل فلهذا كرهه مالك (قلت) أرأيت
إن كان الرجل على درهمان مجموعان فأعطيته بوزنهما تبر فضة والتبر الذي أعطيته
أجود من فضة الدرهمين أيجوز هذا أم لا (قال) لا يجوز (قلت) لم لا يجوز هذا
وهذا كله مجموع الفضتين جميعا مجموعتين وأنت قد جوزت مثله في قول مالك في
الطعام جوزت لي أن آخذ من محمولة سمراء ومن سمراء محمولة فلم لا يجوز لي أن
أعطيه فضة تبرا أجود من فضة دراهمه (قال) لا يشبه الطعام في هذا الدراهم لان
الدراهم لها عيون وهذا إنما أعطاه جودة فضته بعيون دراهم الآخر فلا يجوز هذا
والطعام ليس فيه عيون مثل عيون الدراهم ألا ترى أن العين في الدراهم إنما هو شئ
غير الفضة وأن جودة الفضة إنما هي من الفضة وليس فيها غيرها فلذلك كرهتها له
أن يعطى هذه الفضة الجيدة بفضة دونها مع الفضة الدون شئ غيرها وهي السكة
ألا ترى أن السكة التي في الدراهم المضروبة إنما هي شئ غير الدراهم استزاده مع
فضة الدراهم الرديئة بفضته الجيدة فأخذ فضل جودة فضته على فضة صاحبة في عيون
دراهمه وهي السكة في فضة صاحبه وان الطعام إنما جودة المحمولة من الطعام
ليس من غير الطعام وجودة السمراء من الطعام أيضا ليس من شئ غير الطعام فهذا فرق
ما بين الدراهم والطعام (قلت) فلو كان لرجل على تبر فضة مجموعة فصالحته منها على
مثل وزنها تبر فضة إلا أن الذي أعطيته أجود من فضته أو دونها أيجوز هذا أم لا
(قال) لا بأس بهذا وهذا جائز (قلت) والفضة إذا كانت تبرا مكسورا كلها فأخذ
بعضها قضاء عن بعض وإن كان بعضها أجود من بعض فلا بأس بذلك ما لم يدخل
ذلك سكة مضروبة (قال) نعم إذا لم يكن في الفضة سكة مضروبة دراهم ولا فضل
في وزن فلا بأس بذلك (قلت) ويكون مثل الطعام الذي ذكرت لي أنه لا بأس
430

أن يأخذ السمراء من المحمولة والمحمولة من السمراء (قال) نعم الفضة التبر المكسور
لا بأس أن يأخذ بعضه قضاء من بعض إذا حل الاجل وإن كان بعضه أفضل من
بعض إذا أخذ مثل وزن فضته التي كانت له على صاحبه وهو سواء مثل المحمولة من
السمراء والسمراء من المحمولة
[ما جاء في البدل]
(قلت) أرأيت الذي يبدل الدراهم كيلا من عند رجل أيجوز له أن يقول زدني
في الكيل مثل ما يقول زدني في العدد أبدل لي هذا الناقص بوزان (قال)
لا يجوز وهذا الربا وهو قول مالك (قلت) وهو في العدد جائز (قال) نعم ذلك
جائز عند مالك فيما قل مثل الدينارين والثلاثة والدرهمين والثلاثة إذا استوى العددان
فان كثر العدد لم يصلح (قلت) ويجوز لو أنى أقرضت رجلا دراهم كيلا فلما قضاني
قضاني راجحة أو كانت ناقضة فتجوزتها (قال) لا بأس بذلك عند مالك إذا كان
رجحانا يسيرا وأما النقصان فلا أبالي ما كان (قلت) والقرض مخالف للمضاربة إذا
بايعته المال مضاربة كفة بكفة (قال) نعم هو مخالف عند مالك لان المضاربة لا تصلح
الا مثلا بمثل وان كانت الدنانير مختلفا وزنها إذا استوى الكفتان سواء فلا بأس بذلك
ولا يصلح بينهما رجحان ولا نقصان وهذا بيع من البيوع والمعروف فيه لا يجوز
وإنما يجوز المعروف بين الذهبين إذا استلف الرجل الدينار الناقص فيقضيه وازنا وإن كان
ذلك من ثمن بيع فلا بأس به أيضا أن يعطيه أفضل من حقه ولا يجوز هذا في
مضاربة الكيل (قلت) أرأيت لو أنى أتيت إلى رجل بدينار ينقص خروبة فقلت
أبدل لي هذا الدينار بدينار وازن ففعل (قال) لا بأس بذلك عند مالك إذا كان عين
الدينارين وسكتهما واحدة (قلت) فإن كانت سكة الدينار الوازن الذي طلبوا أفضل
(قال) سألت مالكا عن الرجل يأتي بالدينار الهاشمي ينقص خروبة فيسأل رجلا
أن يبدله له بدينار عتيق قائم وازن (قال) قال مالك لا خير فيه فتعجبت من قوله
فقال لي طليب بن كامل يتعجب من قوله فان ربيعة كأن يقول قوله فلا أدرى من
431

أين أخذه وأنا لا أرى به بأسا (قلت) أرأيت ان أتيته بدينار ناقص فقلت له
أبدله لي بدينار وازن وسكتهما مختلفة وعيونهما مختلفة إلا أن جوازهما عند الناس
واحد (قال) إذا كانت هاشمية كلها فلا بأس بذلك إلا أن يكون مثل الدينار المصري
والعتيق الهاشمي ينقص قيراطا أو حبة فيأخذ به دينارا دمشقيا قائما أو بارا أو كوفيا
خبيث الذهب فلا يصلح ذلك وهذه كلها هاشمية وإنما يرضى صاحب هذا القائم
أن يعطيه بهذا الناقص الهاشمي لفضل ذهبه وجودته على ديناره ولكن لو كان
الديناران دمشقيين أو مصريين أو عتيقين أو هاشميين لم يكن بذلك بأس أن
يكون الوازن بالناقص والناقص بالوازن على وجه المعروف وهذا تفسير ما فسر لي
مالك (قلت) أراك قد رددتني إلى سكة واحدة وأنا إنما أسألك عن سكتين
مختلفتين أرأيت إن كان الديناران هاشميين جميعا إلا أن أحدهما مما ضرب بدمشق
والآخر مما ضرب بمصر وذهبهما ونفاقهما عند الناس سواء إلا أن العين والسكة
مختلفة هذا دمشقي وهذا مصرى وكلاهما من ضرب بني هاشم فأردت أن
يبدل لي دينارا ناقصا مصريا بدينار وازن هاشمي دمشقي وهما عند الناس بحال ما
أخبرتك ونفاقهما واحد (قال) فلا بأس بذلك عند مالك إذا لم يكن للناقص فضل
في عينه ونفاقه على الوازن وإن كان في الناقص فضل في عينه ونفاقه عند الناس فلا
خير فيه (قلت) أرأيت لو أنى أتيت بدينار مرواني مما ضرب في زمان بنى أمية
وهو ناقص أردت أن يبدله لي بهاشمي مما ضرب في زمان بني هاشم (قال) إن كان
بوزنه فلا بأس بذلك وإن كان الهاشمي أنقص فلا بأس بذلك عندي أنا فأما مالك
فكرهه بحال ما أخبرتك (ابن وهب) عن عبد الجبار بن عمر عن ربيعة بن أبي
عبد الرحمن أنه قال لا نرى بأسا ان يبدل الرجل للرجل الدينار الناقص ويعطيه مكانه
أوزن منه على وجه المعروف (ابن وهب) وقال عقبة بن نافع عن ربيعة انه كره
أن يؤخرها عنده إلا أن يكون يدا بيد قبل أن يفارقه وقاله الليث بن سعد (ابن
وهب) عن يونس بن يزيد عن أبن شهاب أنه كأن لا يرى بأسا أن يأخذ دونها أو
432

فوقها إذا لم يكن ذلك بشرط وكان ذلك معروفا يصنعه الرجل إلى أخيه (قلت)
أرأيت ان بعت رجلا دراهم بفضة أو فضة بفضة أو دراهم بدراهم فلما توازنا رجحت
فضتي فقلت قد وهبته لك (قال) قال مالك لا يصلح ذلك (ابن وهب) عن
سفيان الثوري عن محمد بن السائب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أو سلمة أن أبا بكر
الصديق راطل أبا رافع فوضع الخلخالين في كفة والورق في كفة فرجحت الدراهم
فقال أبو رافع هو لك أنا أحله لك قال أبو بكر ان أحللته لي فان الله لم يحله لي سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذهب بالذهب وزنا بوزن والورق بالورق وزنا
بوزن الزائد والمزاد في النار (قلت) أرأيت إن كان لي تبر فضة مكسور فلما حل
الاجل أخذت منه أجود من فضتي وهو أقل من وزن الذي لي عليه (قال) لا يجوز
هذا لأنه إنما أخذ جودة هذه الفضة بما ترك من فضته لصاحبه (قلت) فان أخذت
أردأ من فضتي أقل من وزن فضتي (قال) لا بأس بذلك (قلت) لم (قال) لأنك أخذت
أقل من حقك في جودة الفضة وفى الوزن فلا بأس بذلك (قلت) فلو كان لي على
رجل سمراء فلما حل الاجل أخذت منه محمولة أقل كيلا من حنطتي التي لي عليه
من السمراء وقد علم أن السمراء أفضل من المحمولة أيجوز هذا أم لا (قال) لا يجوز
هذا إذا كان أخذ المحمولة من جميع حقه (قال سحنون) وقال أشهب انه جائز وهو
مثل الفضة وكذلك لو اقتضاه دقيقا من قمح والدقيق أقل كيلا انه لا بأس به إلا أن يكون الدقيق أجود من قمح الدين (قلت) لابن لقاسم لم وقد جوزته في الفضة
التبر ألا ترى أن ما أخذت من الطعام أقل من كيل طعامي وأدنى في الجودة حين
أخذت محمولة من سمراء فلم لا تجوزه لي وقد جوزته لي في الفضة المكسورة إذا أخذت
دون وزن فضتي وأدنى منها في الجودة فما فرق ما بينهما (قال) لان الطعام المحمولة
والسمراء صنفان مفترقان متباعد ما بينهما في البيوع واختلاف أسواقهما عند الناس
وان كانت حنطة كلها ألا ترى أن الشعير قد جعل مع الحنطة أنه لا يصلح الا مثلا
بمثل والسلت كذلك وافتراقهم في البيع والشراء افتراق شديد وبينهما في الثمن عند الناس
433

تفاوت بعيد والمحمولة من السمراء بمنزلة الشعير من المحمولة ومن السمراء في اقتضاء
بعضه من بعض لاختلافهما في الأسواق فان أخذ في قضاء الشعير من الحنطة أقل
من كيل ما كان له من الشعير أو أخذ في قضاء الحنطة من الشعير أقل من كيل
ما كان له من الحنطة بشرط أن يأخذ الذي يأخذ بجميع حقه من الآخر لم يصلح
ذلك (قال مالك) وكذلك قضاء السلت من الحنطة والشعير وكذلك المحمولة من
السمراء إذا كانت بشرط أن يأخذها بجميع حقه من السمراء كان بيع الطعام بالطعام
متفاضلا وإن كان من قرض أو تعدى فهو سواء والسمراء من المحمولة لا يصلح له
أن يأخذ أقل من كيل ما كان له من السمراء بمحمولة وأما الفضة التبر فكلها عند
الناس نوع واحد وأمر قريب بعضه من بعض ليس في الأسواق بين الناس في
الفضة المكسورة اختلاف في الجودة ان بعضها أجود من بعض وانه وإن كان في
الفضة ما بعضه أردأ من بعض عند الناس فلا يكون الردئ على حال أجود من ذلك
فلذلك جاز للذي أخذ فضة دون فضته في الجودة وأخذ دون وزنها جاز له ذلك ولم
يقل له بعت فضتك بفضة أقل من وزنها لاقتراب الفضة بعضها من بعض وإنما هو
رجل ترك بعض فضته وأخذ بعضها وقيل للذي أخذ المحمولة من السمراء بشرط على
ما وصفت لك حين أخذ أقل من كيلها إنما أنت رجل بعت سمراء بمحمولة أقل من
كيلها لافتراق ما بين السمراء وبين المحمولة عند الناس وفي أسواقهم لأنه قد تكون
السمراء أجود وربما كانت المحمولة أجود فإذا وجدنا هذا هكذا دخلت التهمة بينهما
فإذا دخلت التهمة فيما بينهما فسد ما صنعا ولم يحل فصار بيع الطعام بالطعام متفاضلا
وأما ما وصفت لك من أمر الفضة فبعضها قريبة من بعض وأسواقها كذلك فلا
تدخل في ذلك التهمة فلما سلما من التهمة جاز ما صنعا إلا أن يكون الذي أخذ من
الفضة هو أجود من فضته وأقل وزنا فلا خير فيه (قلت) والذهب مثل الفضة
في جميع ما سألتك عنه قال نعم (قلت) أرأيت الدرهم الواحد إذا كان لي على
رجل فأخذت منه فضة تبرا أجود من فضته أقل من وزنه أيجوز هذا أم لا (قال)
434

لا يجوز (قلت) فان أخذت منه أجود من فضة الدرهم مثل وزن الدرهم الذي لي
عليه (قال) لا يجوز (قلت) والدرهم في هذا والدرهمان والمائة درهم سواء (قال) نعم
لا يجوز لك أن تأخذ دون وزن دراهمك تبرا فضة إذا كانت الفضة أجود من فضة
الدراهم (قال) ومما يبين لك ذلك أن الرجل إذا أسلف مائة أردب سمراء فأخذ بها
خمسين محمولة انه لا خير فيه وانه لو كان له على رجل مائة أردب سمراء ابتاعها منه
فأخذ منه خمسين محمولة ما حلت له ولكان بيع الطعام قبل أن يستوفى. فان قال
قائل فان ذلك من وجه القرض وليس هو من وجه ابتياع الطعام فقد صدق فهل
يجوز لاحد أن يأخذ يدا بيد مائة أردب سمراء بخمسين محمولة وإن كان المعروف
عند الناس ان السمراء أجود فهو حرام أيضا لا يحل فالسمراء من البيضاء إذا وقع هكذا
لم ينبغ لاحد أن يأخذ من سمراء محمولة الا بمثل كيلها ولو جاز في المحمولة لجاز في
الشعير فتتفاحش الكراهية فيه وتتفاحش على من يجيزه ولقد سألت مالكا عن
الرجل يستلف مائة أردب محمولة أو شعيرا فيريد أن يقضيه قبل الاجل مائة أردب
سمراء من محمولة وهي خير من المحمولة والشعير فقال لا خير فيه لا سمراء من محمولة
ولا صيحاني من عجوة ولا زبيب أحمر من أسود وإن كان أجود منه ولا يجوز في كل
من استهلك لرجل طعاما تعدى عليه أو ورقا أو ذهبا دنانير كانت أو دراهم أو فضة
في الاقتضاء الا ما يجوز له في القرض عند حلول الأجل فما جاز له فيما أقرض أن
يأخذه إذا حل أجله جاز له أن يأخذه في القضاء من هذا الذي استهلك له على ما وصفت
لك (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يقرض الرجل مائة أردب قمح فيقضيه
دقيقا (قال) ان أخذ منه مثل كيله فلا بأس به وهو يكره له إذا كان أقل من كيل
الحنطة التي له عليه ولو جاز أن يأخذ من سمراء أسلفه إياها خمسين محمولة لجاز أن
يأخذ شعيرا أو دقيقا أو سلتا أقل فيصير بيع الطعام بعضه ببعض بينهما تفاضل ولا
يجوز من ذلك إذا اختلف النوعان في نسب الطعام وإن كان واحدا الا ما يجوز من
ذلك يدا بيد من البدل وهو مثل بمثل. ومما يبين لك ذلك لو أن رجلا أتى بأردب
435

سمراء إلى ر جل فقال له أعطني بها خمس ويبات محمولة على وجه التطاول من صاحب
السمراء عليه أو خمس ويبات شعيرا وسلتا ما جاز ذلك وكان بيع الطعام بعضه ببعض
متفاضلا ولو أتى رجل ببدل دنانير بأنقص منها وزنا أو أيبس منها عيونا ما كان
بذلك بأس على وجه التجاوز إذا كان على وجه المعروف ولم يكن على وجه المكاسبة
ولو كان هذا في الطعام فجاء رجل إلى رجل ليبدل له طعاما جيدا بأردأ منه ما جاز بأكثر
من كيله الا مثلا بمثل وهو يجوز في الذهب فهذا فرق بين ما سألت عنه من التبر
والفضة بعضه ببعض والطعام بعضه ببعض متفاضلا وجل ما فسرت لك في هذه
المسألة من حلالها وحرامها قول مالك (قلت) أرأيت لو أني اشتريت حليا مصوغا
من الذهب بوزنه من الذهب أيجوز هذا في قول مالك (قال) نعم لا بأس به عند
مالك بدنانير مثل وزن الحلي أو بذهب تبر مكسور (قلت) وهذا قول مالك (قال)
نعم (قال) وقال لي مالك لو أن حليا بين رجلين من ذهب وزناه فأراد أحدهما
أخذه فوزناه فعرفا كيله ثم كال أحدهما لصاحبه قدر نصفه ذهبا أو دنانير فأخذ
وأعطى كان ذلك جائزا إذا كان ذلك يدا بيد والنقرة تكون بين الرجلين كذلك
(وروى) أشهب في النقرة انها تقسم لأنها لا مضرة في قسمها ولو جاز هذا في النقرة
لجاز أن يكون كيس بينهما فيه ألف درهم مطبوع فيقول أحدهما لصاحبه لا تكسر
الطابع وخذ منى مثل نصفه دراهم فتكون الفضة بالفضة ليس كفة بكفة وإنما جاز
في الحلي لما يدخله من الفساد وانه لموضع استحسان (قلت) أرأيت ان بعت
حليا مصوغا من الذهب بوزنه من الذهب تبرا مكسورا والتبر المكسور الذي بعت
به الحلي خير من ذهب الحلي (قال) لا بأس بذلك يدا بيد (قلت) وكذلك لو
بعت هذا الحلي بدنانير مضروبة تبر الدنانير خير من تبر الحلي أو دون تبر الحلي
أيجوز هذا قال نعم (قلت) ولا بأس إذا كان يدا بيد أن تشترى الحلي الذهب بوزنه
من الذهب أو بوزنه من الدنانير وإن كان بعض الذهب أفضل من بعض كان ذلك
جائزا في قول مالك (قال) نعم إذا كان يدا بيد فذلك جائز (قلت) ولو أنى استقرضت
436

من رجل حليا مصوغا إلى أجل فلما حل الاجل أتيته بتبر مكسور أجود من تبر حليه
الذي استقرضت منه مثل وزن حليه فقضيته أيجوز ذلك أم لا (قال) لا يجوز هذا لأنه
يأخذ فضل صياغة الحلي الذي أقرض في فضل جودة ذهبك الذي تقضيه (قلت)
فالصياغة بمنزلة السكة المضروبة في الدنانير والدراهم محملها واحد يكره في الحلي
المصوغ في القرض أن يستوفى منه ذهبا أجود منه مثل وزنه أو أقرض ذهبا مكسورا
ابريزا جيدا فاستوفى منه حليا مصوغا بوزن ذهبه ذهب العمل أصفر (قال) نعم
لا يصلح ذلك لأنه يأخذ فضل جودة ذهبه في صناعة هذا الذهب الآخر (قلت)
فيكرهه في القرض ويجيزه في البيع يدا بيد قال نعم (قلت) فلم كرهته في القرض
وجعلته بيع الذهب بالذهب متفاضلا وأجزته في البيع إذا كان الذهبان جميعا يدا بيد
ولم تجعله بيع الذهب بالذهب متفاضلا (قال) لان الذهبين إذا حضرتا جميعا وإن كان
فيهما صناعة وسكة كانت الصناعة والسكة ملغاتين جميعا وإنما يقع البيع بينهما على
الذهبين ولا يقع على الصياغة ولا على السكة بيع فإذا كان قرضا أقرض ذهبا جيدا
ابريزا فأخذ ذهبا دون ذهبه حليا مصوغا أو سكة مضروبة كان إنما ترك جودة
ذهبه للسكة أو للصناعة التي أخذ فيها هذا الذهب الرديئة فإن كان إنما أقرض ذهبا
مصوغا أو سكة مضروبة وأخذ أجود من ذهبه تبرا مكسورا اتهمناه أن يكون إنما
ترك الصياغة والسكة لجودة الذهب الذي أخذ فلا يجوز هذا في القرض وهو في البيع
جائز والذي وصفت لك فرق ما بين البيع والقرض وإذا دخلت التهمة في القرض
وقع الذهب بالذهب متفاضلا لمكان العين والسكة وجعلنا العين والسكة شيئا غير
الذهب لما خفنا أن يكون إنما طلبا ذلك ألا ترى أنه إذا أسلف حليا من ذهب
مصوغا فأتى بذهب مكسور في قضائه مثل ذهبه ليأخذه منه فقال لا أقبله ألا مصوغا
كان ذلك له فلما كان التبر الذي يقضيه مكسورا خيرا من ذهبه عرفنا أنه إنما ترك
الصياغة لمكان ما ازداد في جودة الذهب فصار جودة الذهب في مكان الصياغة
فصار الذهب بالذهب متفاضلا وان الذهبين إذا حضرتا لم تكن إحداهما قضاء من
437

صاحبتها وإنما يقع البيع بينهما على الذهبين جميعا وتلغى السكة والصياغة فيما بينهما
(قلت) ويجوز التبر الأحمر الابريز الهرقلي الجيد بالذهب الأصفر ذهب العمل
واحد من هذا بواحد من هذا وفضل (قال مالك) لا يصلح الا مثلا بمثل يدا بيد
(قلت) فلو اشترى دنانير منقوشة مضروبة ذهبا ابريزا أحمر جيدا بتبر ذهب
أصفر للعمل وزنا بوزن (قال) قال مالك ذلك جائز (قلت) فان أصاب في الدنانير
مالا تجوز عينه في السوق وذهبه أحمر جيد أينتقض الصرف بينهما أم لا (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن ينتقض الصرف بينهما ولا أرى له أن يرد لما
دخل الدنانير من نقصان العين لان ذهبه مثل الذهب التي أعطى وأفضل فليس له
أن يرجع بشئ إلا أن يصيب ذهب الدنانير ذهبا مغشوشا فينتقض من الذهب
بوزن الدنانير التي أصابها دون ذهبه ولا ينتقض الصرف كله (قلت) أرأيت ان
اشتريت خلخالين فضة بوزنهما من الدراهم أيجوز هذا في قول مالك قال نعم (قلت)
فان أصاب مشترى الخلخالين بهما عيبا كسرا أو شقا لم يعلم به حين اشتراهما أله أن
يردهما (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أنى أرى أن يردهما بالعيب الذي
وجد فيهما ويأخذ دراهمه التي دفع في الخلخالين (قلت) لم جعلت لصاحب
الخلخالين أن يرد ولم تجعل ذلك لصاحب الدنانير الذي اشترى بدنانيره تبرا مكسورا
(فقال) لان الخلخالين بمنزلة سعلة من السلع في هذا الموضع ولا بد للناس أن يتبايعوا
ذلك بينهم ولا يصلح لهم أن يدلسوا العيب فيما بينهم في الآنية والحلي إنما هو بمنزلة
ما لو اشتراه بسلعة أو بذهب فإذا أصاب عيبا رده فهو وإن كان إنما اشتراه بمثل وزنه
من الرقة فأصاب به عيبا فلا بد له من الرد أيضا ولا يكون الخلخالان في يديه عوضا
مما دفع فيهما من وزنهما من الدراهم إذا لم يرض الخلخالين إذا أصاب عيبا لان الذي
رضى به من دفع دراهمه لموضع صياغة الخلخالين ولكنه جائز في البيع حين أخذهما
مثلا بمثل ولم ينظر في صياغة الحلي ولا في عيون الدراهم والدنانير لأنه لو كان في
واحدة منهما زيادة لموضع الصياغة في الحلي أو السكة في الدنانير والدراهم ما جاز أن
438

يشترى تبر مكسور بدنانير مضروبة على وجه الاشتراء والمكاسبة كيلا بكيل ولا
جاز حلى مصوغ بتبر مكسور بوزنه ولا بالدراهم بوزنها ولا بالدنانير بوزنها إن كان الحلي
من الذهب ولا يجوز إذا قمح بدقيق لان معرفة الناس أن القمح يزيد وإنما يعطى
معطى القمح بالدقيق لمكان ما كفى ولمنفعته بالدقيق فلو وجدنا بالقمح عيبا أو بالدقيق
عيبا لرد كل واحد منهما فكذلك الحلي إذا وجد به عيبا رده (قلت) فما بال الدنانير
التي أصبت بها عيبا لا تجوز لعيبها لم لا تجعل لمشتريها أن يردها (قال) لان القمح
إذا كان معيبا لم يكن دقيقه كدقيق الصحيح ولان الحلي إذا كان معيبا لم يكن تبره
كالدراهم المضروبة وان الدنانير التي وجد بها عيبا لا يجوز ولم تكن مغشوشة كان
تبره مثل التبر الذي أعطى أو أفضل فليس له أن يرده وكذلك لو باع الخلخالين
من ذهب أو فضة بتبر من ذهب أو فضة فوجد في الخلخالين عيبا فردهما منه
وكان ذهبهما أو فضتهما مستويين أو كان الخلخالان أجود ذهبا أو ورقا من
الفضة أو الذهب التي دفع فيهما لم يكن له أن يرده ولم يكن له حجة ان قال أنا أرد
تبرى يقال له ما في يديك مثل تبرك أو أفضل فلا حجة لك فيما ترد وإنما يرد من
ذلك العيب في الحلي وان كانت الدنانير التي باعها به مثله أو أجود لان الناس يعلمون
أنه إنما أعطاه دنانيره أو دراهمه لمكان صياغة هذا ولكنه أمر جوزه الناس وأجازه أهل
العلم ولم يروه زيادة في الصياغة ولا في صرف الدنانير وإذا وقعت العيوب لم يكن بد
من الرد وعلى هذا محمل جميع ما يشبه هذه الوجوه
[ما جاء في المراطلة]
(قلت) أرأيت لو أني صارفت رجلا دنانير سكية مضروبة ذهبا أصفر بذهب
تبر مكسور إبريز أحمر وزنا بوزن (قال) لا بأس بذلك (قلت) فلو كانت دنانيري
ذهبا أصفر كلها سكية مضروبة فبعتها منه بذهب تبر أبريز أحمر ومعها دنانير ذهب
أصفر سكية مضروبة نصفها تبر ونصفها سكية مثل سكة الدنانير الأخرى (قال) إذا
كانت السكتان نفاقهما عند الناس سواء التي مع الابريز التبر والتي ليس معها شئ
439

فهو جائز كان التبر أرفع من الدنانير أو دون الدنانير (قلت) فإن كانت الدنانير
التي مع التبر الابريز دون الدنانير الأخرى (قال) لا خير في ذلك لان صاحب
الدنانير التي لا تبر معها أخذ فضل عيون دنانيره على دنانير صاحبه في جودة التبر
الابريز (قلت) فإن كان الابريز وما معه من الدنانير دون الدنانير الأخرى في
نفاقهما عند الناس (قال) لا بأس بذلك لأنه لم يعترها هنا شئ (قلت) وكذلك لو
كانت الدنانير التي لا تبر معها هي كلها دون التبر ودون الدنانير التي التبر معها (قال)
لا بأس بذلك أيضا لأنه لم يعترها هنا شئ وإنما هو رجل أعطى ذهبا بذهب أحد
الذهبين كلها أنفق عند الناس فهذا معروف منه صنعه لصاحبه (قلت) فإذا كانت
أحدي الذهبين كلها أنفق عند الناس لم يكن بذلك بأس قال نعم (قلت) وكذلك أن كانت احدى الذهبين نصفها مثل الذهب الأخرى ونصفها أنفق منها لم يكن
بذلك بأس قال نعم (قلت) فإن كانت احدى الذهبين نصفها أنفق من
الذهب الأخرى ونصفها دون الذهب الأخرى لم يجز هذا لأنه إنما يأخذ فضل
النصف الذهب الذي هو أنفق من ذهبه بما يضع في نصف ذهبه التي يأخذ دونها
فلا خير في هذا قال نعم (قلت) ويدخل في هذا الذهب بالذهب ليس مثلا بمثل
لأنه ليس بمعروف قال نعم (قلت) فلو كانت جودة الذهب من أحدهما كان
جائزا لأنه معروف قال نعم (قلت) وان كانت احدى الذهبين نصفها أنفق
من الذهب الأخرى ونصفها دونها لم يصلح ذلك لان هذا على غير وجه المعروف
وهذا على وجه المكايسة والبيع فصارت الذهب بالذهب ليست مثلا بمثل (قال) نعم
قال وهذا كله قول مالك (قال) وقال مالك فيمن أتى بذهب له هاشمية إلى صراف
فقال له راطلني بها بذهب عتيق هي أكثر عددا من عددها وأنقص وزنا من
الهاشمية فكان إنما أعطاه فضل عيون القائمة الهاشمية لمكان عدد العتيق وفضل عيونها
(قال) لا بأس به فإذا دخل مع الهاشمية ذهب أخرى هي أسر عيونا من العتيق
مثل النقص بالثلاث خروبات ونحوه يقول لا أرضى أن أعطيك هذه بهذه حتى
440

أدخل مع ذهبي الهاشمية أسر عيونا من العتق فلا خير فيه (وكيع) عن زكريا
عن عامر قال سمعت النعمان بن بشير يخطب وأهوى بإصبعيه إلى أذنيه قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات
فمن اتقى المشتبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في المشتبهات وقع في الحرام
كالراعي يرعى حول الحمى فيوشك أن يرتع فيه ألا وان لكل ملك حمى ألا وان حمى
الله محارمه ألا وان في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد
الجسد كله ألا وهو القلب (وكيع) عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن
المسيب قال قال عمر آخر ما أنزل الله على رسوله آية الربا فتوفى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ولم يفسرها لنا فدعوا الربا والريبة (وكيع) عن المسعودي عن القاسم قال
قال عمر انكم تزعمون أنا نعلم أبواب الربا ولان أكون أعلمها أحب إلى من أن يكون
لي مثل مصر ومثل كورها ولكن من ذلك أبواب لا تكاد تخفى علي أحد أن
تباع الثمرة وهي مغضغة لم تطب وأن يباع الذهب بالورق والورق بالذهب نسيئا
(قال) وسئل مالك عن رجل باع سلعة بعشرة دنانير مجموعة فوزنها ليقضيه إياها
فوجد في وزنها فضلا على حقه فأعطاه بذلك ورقا أو عرضا في ثمن الذهب (قال)
لا بأس بذلك وهو مما يجوزه بعض أهل العلم ولم يشبهوه بمثل من جاء بذهب
فصارف بها ذهبا فكانت أوزن من ذهبه فأعطاه في ذلك فضلا لان هذا مراطلة
وتلك قضاء فهذا فرق ما بينهما ومثل ذلك اللحم والحيتان إنما كان حقه في اللحم
والحيتان والجبن وأشباه ذلك شرطا كان له على صاحبه وقد وجبت له عليه فإذا وجد
فضلا عن وزنه وكان مثل شرطه فلا بأس أن يأخذ ذلك بثمن وهذا بين أن تأخذ
فضل وزنك بنقد أو إلى أجل فلا بأس به إذا كان أجل الطعام قد حل فإن لم يحل فلا
خير فيه وان اختلفت الصفة فلا يصلح إلا أن تأخذ بمثل وزنك أو كيلك يترك البائع
ذلك للمشترى أو يتجوز المشترى عن البائع دون شرطه فان اختلفت الصفة فكان
مثل الوزن أو أكثر من الوزن أو أقل فلا خير فيه في أن يزيد المشترى البائع في
441

فضل الصفة ولا يرد البائع على المشترى لان الزيادة التي يزيدها المشترى البائع إنما
دخلت في فضل الجودة إذا لم تكن زيادة في الوزن والكيل وان كانت الزيادة في
الكيل والوزن فقد دخلت الزيادة في قدر حقه وفى فضل الطعام فصار بيع الطعام
قبل أن يستوفى وإذا كان أدنى من صفته وكان في وزنه أخذ بذلك فضلا وهو بيع
الطعام قبل أن يستوفى وإن كان فيه فضل من الوزن وهو أدنى منه فأقره وأعطاه
فضل ذلك فإنه لا خير فيه لأنه باع صفة أجود مما أخذ بما أخذ وبما أعطى فهذا بيع
الطعام قبل أن يستوفى ولو كان هذا من العروض التي تكال أو توزن وليس من
الطعام لم يكن بذلك بأس أو غيرها من الثياب والحيوان فلا بأس بذلك (قلت)
فلو أقرضت رجلا دراهم يزيدية عددا فقضاني محمدية عددا أرجح لي في كل درهم
منها (قال) لا بأس بذلك ما لم يكن بينهما عادة (قلت) وكذلك لو قضاني يزيدية
عددا بوزن دراهمي فجعل يرجح لي في كل درهم منها (قال) لا بأس بذلك (قلت)
فلو قضاني محمدية عددا أقل من وزن دراهمي (قال) لا يصلح ذلك لأنه إنما يأخذ
فضل اليزيدية في عيون المحمدية فلا خير في هذا (قلت) وكذلك لو أقرضت رجلا
درهما يزيديا فلما حل الاجل أتاني بدرهم محمدي أنقص من وزن اليزيدي فأردت
أن أقبله (قال) لا يجوز لأنك تأخذ ما نقصت في اليزيدي في عين هذا المحمدي
(قلت) وقولكم في القرض فرادى إنما هو على معرفة وزن درهم درهم على حدة
ليست بمجموعة ضربة واحدة قال نعم (قلت) وعيون الدراهم هاهنا مثل جودة
التبر المكسور كما لا يجوز لي أن آخذ في التبر المكسور أجود من تبرى الذي أسلفت
أقل من وزن ما أسلفت فكذلك لا يجوز لي أن آخذ دون وزن دراهمي أجود
من عيونها قال نعم (قلت) وهذا الذي سألتك عنه من الدراهم المجموعة بالدراهم
المجموعة والدراهم الفراد بالدراهم الفراد هو قول مالك قال نعم (قلت) وهذه المسائل
التي سألتك عنها إذا كانت لي على أحد قرضا أو بيعا فهو سواء قال نعم (قلت)
أرأيت ان أقرضت رجلا تبر فضة بيضاء فلما حل الاجل قضاني فضة سوداء مثل
442

وزن فضتي أيصلح ذلك قال نعم (قلت) فان أرجح لي شيئا قليلا (قال) لا يجوز
ذلك (قلت) فان قبلت منه أقل من وزن فضتي (قال) لا بأس بذلك (قلت)
ولم كرهته في الفضة السوداء أن يرجحها (قال) لأنك تأخذ جودة فضتك البيضاء
في زيادة وزن فضته السوداء (قلت) فان أقرضته فضة سوداء فقضاني بيضاء أقل
من وزنها (قال) لا يصلح (قلت) فان قضاني بيضاء فأرجح لي (قال) لا بأس بذلك
وهذا كله في هذه المسائل ما لم يكن هذا بينهما عادة وإن كان بينهما عادة فلا خير في
ذلك (قلت) فان قضاني مثل وزن فضتي بيضاء والتي لي عليه سوداء (قال) لا بأس
بذلك (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم إلا أن يكون في ذلك عادة
[في الرجل يكون له الدينار فيقتضيه منه مقطعا]
(قلت) أرأيت ان أقرضت رجلا دينارا فأخذت منه سدس دينار دراهم أيجوز في
قول مالك أم لا (قال) لا بأس بذلك إذا حل الاجل (قلت) وكذلك إذا كان
إلى أجل فحل أجله جاز لي أن آخذ بثلث الدينار دراهم أو نصفه أو بثلثيه (قال) نعم
لا بأس بذلك (قال) وكذلك قال مالك إذا حل الاجل (قلت) وكذلك أن
أخذت بنصفه أو بثلثه عرضا من العروض (قال) نعم لا بأس بذلك وكذلك قال
مالك (قلت) فان أخذ بما بقي من الدينار ذهبا (قال) لا خير فيه كذلك قال مالك
(قلت) لم (قال) لأنه يصير ذهبا وورقا بذهب أو ذهبا وعرضا بذهب فلا خير في
ذلك (قلت) فان أخذ بما بقي عرضا أو دراهم (قال) قال مالك لا بأس بذلك وان
اجتمع الورق والعرض فلا بأس به إذا حل الاجل وإن لم يحل فلا خير فيه (ابن
وهب) عن ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن ربيعة أنه قال في رجل كان له على
رجل دينار فقال قطعه على دراهم بسعر الناس اليوم أعطيكه درهما درهما حتى أؤدي
فقال لا يصلح ذلك قد عاد صرفا وبيعا في الدين عاجلا وآجلا فهو بمنزلة الربا في البيع
وهو بمنزلة الصرف المكروه إلا أن يقول الذي عليه الدين أقضيك ثلث دينار
أو ربع دينار مسمى فيأخذ منه بصرف الناس يومئذ ويبقى على الغريم ما بقي ليس بينه
443

وبينه فيه صرف فهذا غير مكروه (ابن وهب) قال قال الليث ان ربيعة كأن يقول
في أجزاء الدينار ذلك وقاله عمرو بن الحارث
[في الدراهم الجياد بالدراهم الرديئة]
(قلت) أيجوز أن أبيع درهما زائفا أو ستوقا (1) بدرهم فضة وزنا بوزن (قال) لا يعجبني
ذلك ولا ينبغي أن يباع بعرض لان ذلك داعية إلى ادخال الغش على المسلمين وقد
كان عمر يفعل باللبن أنه إذا غش طرحه في الأرض أدبا لصاحبه فإجازة شرائه إجازة
لغشه وافساد لأسواق المسلمين (وقال أشهب) إن كان مردودا من غش فيه فلا
أرى أن يباع بعرص ولا بفضه حتى تكسر خوفا من أن يغش به غيره ولا أرى به
بأسا في وجه الصرف أن يبيعه موازنة الدراهم الستوق بالدراهم الجياد وزنا بوزن لأنه
لم يرد بهذا الفضل بين الفضة والفضة وإنما هذا يشبه البدل (قلت) لا شهب أرأيت
إذا كسر الستوق أيبيعه (فقال) لي إن لم يخف أن يسبك فيجعل درهما أو يسيل
فيباع على وجه الفضة فلا أرى بذلك بأسا وان خاف ذلك فليصفه حتى تباع فضته على
حدة ونحاسه على حدة (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أنى بعت نصف درهم زائفا
فيه نحاس بسلعة (قال) قال مالك لا يعجبني أن يشترى به شيئا إذا كان درهما فيه نحاس
ولكن يقطعه (قلت) فإذا قطعه أيبيعه في قول مالك (قال) نعم إذا لم يغر به الناس
ولم يكن يجوز بينهم
[في رجل أقرض فلوسا ففسدت أو دراهم فطرحت]
(قلت) أرأيت ان استقرضت فلوسا ففسدت الفلوس فما الذي أرد على صاحبي
(قال) قال مالك ترد عليه مثل تلك الفلوس التي استقرضت منه وان كانت قد فسدت
(قلت) فان بعته سلعة بفلوس ففسدت الفلوس قبل أن أقبضها (قال) قال مالك لك
مثل فلوسك التي بعت بها السلعة الجائزة بين الناس يومئذ وان كانت الفلوس قد فسدت

(1) (أو ستوقا) قال في القاموس ستوق كتنور وقدوس وتستوق بضم التاءين زيف بهرج
ملبس بالفضة اه‍
444

فليس لك الا ذلك (قال) وقال مالك في القرض والبيع في الفلوس إذا فسدت فليس
له الا الفلوس التي كانت ذلك اليوم وان كانت فاسدة (قلت) أرأيت لو أن رجلا
قال لرجل أقرضني دينارا دراهم أو نصف دينار دراهم أو ثلث دينار دراهم فأعطاه
الدراهم ما الذي يقضيه في قول مالك (قال) يقضيه مثل دراهمه التي أخذ منه رخصت
أوغلت فليس عليه الا مثل الذي أخذ (ابن وهب) عن ابن لهيعة أن بكير بن عبد
الله بن الأشج حدثه أن سعيد بن المسيب أسلف عمرو بن عثمان دراهم فلم يقضه حتى
ضربت دراهم أخرى غير ضربها فأبى ابن المسيب أن يقبلها حتى مات فقضاها ابنه
من بعده (ابن لهيعة) عن عبد الله بن أبي جعفر عن سعيد بن المسيب أنه قال إن
أسلفت رجلا دراهم ثم دخل فساد الدراهم فليس لك عليه الأمثل ما أعطيت وإن كان
قد أنفقها وجازت عنه (قال ابن وهب) وقال يحيى بن سعيد وربيعة مثله
(قال الليث) كتب إلى يحيى بن سعيد يقول سألت عن رجل أسلفه أخ له نصف دينار
فانطلقا جميعا إلى الصراف بدينار فدفعه إلى الصراف وأخذ منه عشرة دراهم ودفع
خمسة إلى الذي استسلفه نصف دينار فحال الصرف برخص أو غلاء (قال) فليس للذي
دفع خمسة دراهم زيادة عليها ولا نقصان منها ولو أن رجلا استسلف رجلا نصف دينار
فدفع إليه الدينار فانطلق به فكسره فأخذ نصف دينار ودفع إليه النصف الباقي كان عليه
يوم يقبضه أن يدفع إليه دينارا فيكسره فيأخذ نصفه ويرد إليه نصفه (وقال) لي مالك يرد
إليه مثل ما أخذ منه لأنه لا ينبغي له أن يسلف أربعة ويأخذ خمسة وليس الذي أعطاه
ذهبا إنما أعطاه ورقا ولكن لو أعطاه دينارا فصرفه المستسلف فأخذ نصفه ورد نصفه
كان عليه نصف دينار ان غلا الصرف أو رخص
[في الاشتراء بالدانق والدانقين والثلث والنصف من الذهب والورق]
(قلت) أرأيت ان بعت بيعا بدانق أو دانقين أو ثلاثة دوانق أو أربعة دوانق أو
بخمسة دوانق أو بنصف درهم أو بسدس درهم أو بثلث درهم على أي شئ يقع
هذا البيع على الفضة أم على الفلوس في قول مالك (قال) يقع على الفضة هذا البيع
445

(قلت) فأي شئ يعطيه بالفضة في قول مالك (قال) ما تراضيا عليه (قلت) فان
تشاحا فأي شئ يعطيه بذلك (قال) الفلوس في قول مالك في الموضع الذي فيه
الفلوس (قلت) أرأيت ان اشتريت سلعة بدانق فلوس فرخصت الفلوس أو غلت
كيف أقضيه أعلى ما كان من سعر الفلوس يوم يقع البيع أم على سعر الفلوس يوم
أقضيه في قول مالك (قال) على سعر الفلوس يوم تقضيه فيما قال مالك (قلت) فإن كان باع سلعته بدانق فلوسا نقدا أيصلح هذا في قول مالك أم لا (قال) إذا كان
الدانق من الفلوس معروفا كم هو في عدد الفلوس فلا بأس بذلك وإنما وقع البيع
بينهما على الفلوس (قلت) فان باع سلعة بدانق فلوس إلى أجل (قال) فلا بأس بذلك
إذا كان الدانق قد سميتما ماله من الفلوس أو كنتما عارفين بعدد الفلوس وان البيع
إنما وقع بالفلوس إلى أجل. وان كانت مجهولة العدد أو لا يعرفان ذلك فلا خير في ذلك
لأنه غرر (قلت) فان قال أبيعك هذا الثوب بنصف دينار على أن آخذ به منك
دراهم نقدا يدا بيد (قال) قال مالك إذا كان الصرف معروفا يعرفانه جميعا فلا بأس
بذلك إذا اشترطا كم الدراهم من الدينار (قلت) فان بعت سلعة بنصف دينار أو
بثلث دينار أو بربع دينار أو بخمس دينار على أي شئ يقع البيع أعلى الذهب أم على
عدد الدراهم من صرف الدينار (قال) قال مالك إنما يقع على الذهب ولا يقع على
الدراهم من صرف الدينار (قلت) فما يأخذ منه بتلك الذهب التي وقع البيع عليها
في قول مالك (قال) ما تراضيا عليه (قلت) فان تشاحا (قال) قال مالك إذا تشاحا
أخذ منه ما سميا من الدينار دراهم إن كان نصفا فنصفا وإن كان ثلثا فثلثا (قلت)
فهل ينظر في صرف الدينار بينهما يوم وقع البيع بينهما أم يوم يريد أن يأخذ منه حقه
(قال) نعم يوم يريد أن يأخذ منه حقه كذلك قال مالك وليس يوم وقع البيع لان
البيع إنما وقع على الذهب ولم يزل الذهب على صاحبه حتى يوم يقضيه إياه (قال مالك)
وان باعه بذهب بسدس أو بنصف إلى أجل وشرط أن يأخذ بذلك النصف الدينار
إذا حل الاجل دراهم فلا خير في ذلك وهما إذا تشاحا إذا حل الاجل أنه يأخذ منه
446

الدراهم يوم يطلبه بحقه على صرف يوم يأخذه بحقه (قلت) فلم كره مالك الشرط
بينهما وهو إذا طلبه بحقه وتشاحا أخذ منه الدراهم (قال) لأنه إذا وقع الشرط على
أن يأخذ بالنصف الدينار دراهم فكأنه إنما وقع البيع على الدراهم وهي لا يعرف ما
هي لان البيع إنما يقع على ما يكون من صرف نصف دينار بالدراهم يوم يحل الاجل
فهذا لا يعرف ما باع به سلعته (قال سحنون) قال أشهب وإن كان إنما وجب له
ذهب وشرط أن يأخذ فيه دراهم فذلك أحرم له لأنه ذهب بورق إلى أجل وورق
أيضا لا يعرف كم عددها ولا وزنها وليس ما نزل به القضاء إذا حل الاجل بمنزلة
ما يوجبان على أنفسهما (قال أشهب) ولو قال أبيعك هذا الشئ بنصف دينار إلى
شهر آخذ به منك ثمانية دراهم كان بيعا جائزا وكانت الثمانية لازمة لكما إلى الاجل
ولم يكن هذا صرفا وكان ذكر النصف لغوا وكان ثمن السلعة دراهم معدودة إلى
أجل معلوم (قال مالك) ومن باع سلعة بنصف دينار إلى أجل أو بثلث دينار إلى
أجل لم ينبغ له أن يأخذ قبل محل الاجل في ذلك دراهم وليأخذ في ذلك عوضا ان
أحبا قبل الاجل فإذا حل الاجل فليأخذ بما أحب اه‍
(تم كتاب الصرف من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه. وبه يتم الجزء الثامن)
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(ويتلوه كتاب السلم الأول وهو أول الجزء التاسع)
447