الكتاب: المدونة الكبرى
المؤلف: الإمام مالك
الجزء: ١
الوفاة: ١٧٩
المجموعة: فقه المذهب المالكي
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن إمام دار الهجرة وأوحد الأئمة الأعلام أبي عبد الله الإمام مالك بن أنس الأصبحي

الجزء الأول
من المدونة الكبرى للامام مالك
التي رواها الامام سحنون بن سعيد التنوخي عن
الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن امام
دار الهجرة وأوحد الأئمة الاعلام
أبي عبد الله الامام مالك بن أنس
الأصبحي رضى الله تعالى
عنهم أجمعين
(الجزء الأول من كتاب الوضوء من المدونة الكبرى)
(أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل)
(حقوق الطبع محفوظة للملتزم)
(حضرة الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي التاجر بالفحامين بمصر)
طبع بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر
1

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
التوقيت في الوضوء (1)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت الوضوء أكان مالك يوقت فيه واحدة
أو اثنتين أو ثلاثا (قال) لا إلا ما أسبغ (2) ولم يكن مالك يوقت وفد اختلفت الآثار
في التوقيت (3) قال ابن القاسم لم يكن مالك يوقت في الوضوء مرة ولا مرتين ولا
ثلاثا وإنما قال الله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم
وأيديكم إلى المرافق ولم يكن يوقت واحدة من ثلاث قال ابن القاسم وما رأيت عند
مالك في الغسل والوضوء توقيتا لا واحدة ولا اثنتين ولا ثلاثا ولكنه كأن يقول
يتوضأ ويغتسل ويسبغهما جميعا (ملك) عن عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن

(1) (قوله التوقيت في الوضوء) قال القاضي أبو الفضل عياض رضي الله عنه التوقيت في الوضوء
هو التقدير مأخوذ من الوقت وهو المقدار من الزمن ومعنى هل وقت مالك في الوضوء أي هل
قدر مالك فيه عددا يقتصر عليه ويوقف عنده هذا هو الصواب لا قول من قال من الشيوخ
معناه أوجب من قوله تعالى كتابا موقوتا اي فرضا لازما على أحد الأقوال ويندفع الاعتراض
لما قلناه عن قوله واختلفت الآثار في التوقيت أي اختلفت في الاعداد والله الموفق
(2) (الا ما أسبغ) استثناء من غير الجنس إذ لم يكن عند مالك توقيت وإنما كان يراعي الاسباغ
(3) (قوله وقد اختلفت الآثار في التوقيت) اتساع في العبارة وإنما أراد اختلفت الآثار في
الاعداد لان الموقت هو الواجب ولم يختلف في الواجب كم هو وإنما اختلفت الآثار في الاعداد
فأخرج البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا فثبت
بهذه الأحاديث أن الفرض مرة وأن الزائد فضيلة لأنه لا يجوز أن يقتصر على واحدة والفرض
اثنتان أو ثلاث اه‍.
2

المازني عن أبيه يحيى أنه سمع جده أبا حسن يسأل عبد الله بن زيد بن عاصم وكان
من أصحاب رسول الله عليه وسلم هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قال عبد الله نعم قال فدعا عبد الله بوضوء فأفرغ على
يديه فغسل يديه مرتين ثم مضمض واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يديه
إلى المرفقين مرتين مرتين ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه حتى
ذهب بهما إلى قفاه ثم ردها حتى رجع بهما إلى المكان الذي منه بدأ ثم غسل رجليه
وقال مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة أحسن ما سمعنا في ذلك وأعمه عندنا في مسح
الرأس هذا (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد الليثي
أخبره أن حمدان مولى عثمان بن عفان أخبره أن عثمان بن عفان دعا يوما بوضوء فتوضأ
فغسل كفيه ثلاث مرات (1) ثم مضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل
يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه
ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعب ثم غسل اليسرى مثل ذلك ثم قال رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من
توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما (2) نفسه غفر له ما تقدم
من ذنبه قال ابن شهاب وكان علماؤنا بالمدينة يقولون هذا الوضوء أسبغ ما توضأ به أحد
للصلاة (علي بن زياد) عن سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن
ابن عباس قال ألا أخبركم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فدعا بماء فأراهم
مرة مرة فجعل في يده اليمنى ثم يصب بها على يده اليسرى فتوضأ مرة مرة (على)
عن سفيان عن عبد الله بن جابر قال سألت الحسن البصري عن الوضوء قال يجزيك مرة
أو مرتان أو ثلاث (على) عن سفيان عن جابر بن يزيد الجعفي عن الشعبي قال
تجزيك مرة إذا أسبغت (ابن وهب) وان رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض
واستنثر من غرفة واحدة

(1) في نسخة مرتين مرتين * (2) وفي رواية ليحيى لا يحدث نفسه فيهما
3

الوضوء بماء الخبز والإدام والنبيذ)
والماء الذي يقع فيه الخشاش وغير ذلك)
(قال) وقال مالك لا يتوضأ بالماء الذي يبل فيه الخبز (قلت) فما قوله في
الفول والعدس والحمص والحنطة وما أشبه ذلك (قال) إنما سألته عن الخبز وهذا مثل
اخر (قال ابن القاسم) وأخبرني بعض أصحابنا أن إنسانا (1) سأل مالكا عن الجلد يقع
في الماء فيخرج مكانه أو الثوب هل ترى بأسا أن يتوضأ بذلك الماء (قال) قال مالك
لا أرى به بأسا قال فقال له فما بال الخبز فقال له مالك أرأيت أن أخذ رجل جلدا
فأنقعه أياما في الماء أيتوضأ بذلك الماء وقد ابتل الجلد في ذلك الماء فقال لا فقال مالك
هذا مثل الخبز ولكل شئ وجه (2) (قال) وقال مالك لا يتوضأ بشئ من الأنبذة
ولا العسل الممزوج بالماء قال والتيمم أحب إلي من ذلك (قال) وقال مالك لا يتوضأ
من شئ من الطعام والشراب ولا يتوضأ بشئ من أبوال الإبل ولا من ألبانها قال
ولكن أحب إلى أن يتمضمض من اللبن واللحم ويغسل الغمر (3) إذا أراد الصلاة (قال)
وقال مالك لا يتوضأ بماء قد توضئ به مرة قال ولا خير فيه (قلت) فان أصاب
ماء قد توضئ به مرة ثوب رجل قال إن كان الذي توضأ به طاهر فإنه لا يفسد عليه
ثوبه (قلت) فلو لم يجد رجل ماء إلا ما قد توضئ به مرة أيتيمم أم يتوضأ بما قد
توضئ به مرة قال يتوضأ بذلك الماء الذي قد توضئ به مرة أحب إلي إذا كان الذي
توضأ به طاهرا (قال) مالك في النخاعة والبصاق والمخاط يقع في الماء قال لا بأس
بالوضوء منه (قال) وقال مالك كل ما وقع من خشاش الأرض في إناء فيه ماء أو في
قدر فإنه يتوضأ بالماء ويؤكل ما في القدر. وخشاش الأرض الزنبور والعقرب والصرار
والخنفساء وبنات وردان وما أشبه هذا من الأشياء (قال) وقال مالك في بنات
وردان والعقرب والخنفساء وخشاش الأرض ودواب الماء مثل السرطان والضفدع

(1) وفي نسخة ان ناسا سألوا * (2) أي يحمل عليه * (3) (الغمر) بالتحريك زنخ اللحم
وما يعلق باليد من دسمه
4

ما مات من هذا في طعام أو شراب فإنه لا يفسد الطعام ولا الشراب (قال) وكان مالك
لا يرى بأسا بأبوال ما يؤكل لحمه مما لا يأكل الجيف وأرواثها ان أصاب الثوب (قال)
ابن القاسم وأرى ان وقع في ماء فإنه لا ينجسه (قال) وسئل مالك عن حيتان
ملحت فأصيب فيها ضفادع قد ماتت قال لا أرى بأكلها بأسا لان هذا من صيد البحر
(الوضوء بسؤر الدواب والدجاج والكلاب)
(قال) وسألت مالكا عن سور الحمار والبغل فقال لا بأس به (قلت
أرأيت أن أصاب غيره قال هو وغيره سواء (قال) وقال مالك لا بأس بعرق
البرذون والبغل والحمار (قال) وقال مالك في الاناء يكون فيه الماء يلغ فيه الكلب قال
قال مالك ان توضأ به وصلى أجزأه (قال) ولم يكن يرى الكلب كغيره (قال)
وقال مالك ان شرب من الاناء ما يأكل الجيف من الطير والسباع لم يتوضأ به (قال)
وقال مالك ان ولغ الكلب في إناء فيه لبن فلا بأس بأن يؤكل ذلك اللبن (قلت)
هل كان مالك يقول الغسل الاناء سبع مرات إذا ولغ الكلب في الاناء في اللبن وفى
الماء (قال) قال مالك قد جاء هذا الحديث وما أدري ما حقيقته (قال) وكأنه كان يرى أن
الكلب كأنه من أهل البيت وليس كغيره من السباع وكأن يقول إن كان يغسل
ففي الماء وحده وكان يضعفه وقال لا يغسل من سمن ولا لبن ويؤكل ما ولغ فيه من
ذلك وأزاه عظيما أن يعمد إلى رزق من رزق الله فيلقى لكلب ولغ فيه (قلت)
فان شرب من اللبن ما يأكل الجيف من الطير أو السباع أو الدجاج التي تأكل النتن
أيؤكل اللبن أم لا (قال) أما ما تيقنت أن في منقاره قذرا فلا يؤكل وما لم تره في منقاره
فلا بأس به وليس هو مثل الماء لأن الماء يطرح ولا يتوضأ به (ابن وهب) عن
عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد وبكير بن عبد الله أنهما كانا يقولان لا بأس بأن
يتوضأ الرجل بسؤر الحمير والبغال وغيرهما من الدواب (وقال) ابن شهاب في الحمار
مثله (ابن وهب) وقال عطاء بن أبي رباح وربيعة وأبو الزناد في الحمار والبغل مثله
وتلا عطاء قول الله تبارك وتعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة وقاله مالك
5

من حديث ابن وهب (علي بن زياد) عن مالك في الذي يتوضأ بماء قد ولغ فيه
الكلب ثم صل قال لا أرى عليه إعادة وان علم في الوقت (قال) على وابن وهب عن
مالك ولا يعجبني الوضوء بفضل الكلب إذا كان الماء قليلا (قال) ولا بأس به إذا كان
الماء كثيرا كهيئة الحوض يكون فيه ماء كثير أو بعض ما يكون فيه من الماء الكثير
(ابن وهب) عن ابن جريج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد ومعه أبو بكر
وعمر على حوض فخرج أهل ذلك الماء فقالوا يا رسول الله ان السباع والكلاب تلغ في
هذا الحوض فقال لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شرابا وطهورا (وأخبرني)
عبد الرحمن بن زيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة بهذا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقد قال) عمر لا تخبرنا يا صاحب الحوض فانا نرد على
السباع وترد علينا فالكلب أيسر مؤنة من السباع والهر أيسرهما لأنهما مما يتخذ الناس
(قال ابن القاسم) وقال المالك ولا بأس بلعاب الكلب يصيب ثوب الرجل وقاله
ربيعة وقال ابن شهاب لا بأس إذا اضطررت إلى سؤر الكلب أن تتوضأ به
(وقال) مالك يؤكل صيده فكيف يكره لعابه (قلت) والدجاج المخلاة التي تأكل
القذر بمنزلة الطير التي تأكل الجيف ان شربت من إناء فتوضأ به رجل أعاد ما دام
في الوقت فان مضى الوقت فلا إعادة عليه وان كانت الدجاج مقصورة فهي بمنزلة
غيرها من الحمام وما أشبه ذلك لا بأس بسؤرها قال نعم (قال) وقد سألنا مالكا عن
الخبز من سؤر الفأرة فقال لا بأس به (قال) فقلنا هل يغسل بول الفأرة يصيب
الثوب قال نعم (قال) وسألت مالكا عن الدجاج والإوز تشرب في الاناء أيتوضأ به
قال لا إلا أن تكون مقصورة لا تصل إلى النتن وكذلك الطير التي تأكل الجيف (قال)
ابن القاسم ولا أرى أن يتوضأ به وإن لم يجد غيره وليتيمم إذا علم أنها تأكل النتن (قال)
مالك وان كانت مقصورة فلا بأس بسؤرها (قال) وسالت ابن القاسم عن خرء الطير
والدجاج التي ليست بمخلاة تقع في الاناء فيه الماء ما قول مالك فيه (قال) كل مالا يفسد
الثوب فلا يفسد الماء، وان ابن مسعود ذرق عليه طائر فنفضه بإصبعه من حديث
6

وكيع عن سفيان بن عيينة عن عاصم عن أبي عثمان النهدي (ابن وهب) عن عمرو بن
الحارث عن يحيى بن سعيد أنه قال كان يكره فضل الدجاج (ابن وهب) عن ابن لهيعة
عن يزيد بن أبي حبيب في الإوز والدجاج مثله (وقال) الليث بن سعد مثله (وقال
مالك) إذا كانت بمكان تصيب فيه الأذى فلا خير فيه وإذا كانت بمكان لا تصيب فيه
الأذى فلا بأس به (وقال) حنظلة بن أبي سفيان الجمحي رأيت طائرا ذرق على سالم
ابن عبد الله فمسحه عنه من حديث ابن وهب
(استقبال القبلة للبول والغائط)
(قال) وقال مالك إنما الحديث الذي جاء لا تستقبل القبلة لبول ولا لغائط
إنما يعنى بذلك فيا في الأرض ولم يعن بذلك القرى ولا المدائن (قال) فقلت له أرأيت
مراحيض تكون على السطوح قال لا بأس بذلك ولم يعن بالحديث هذه المراحيض
(قلت) أيجامع الرجل امرأته مستقبل القبلة في قول مالك قال لا أحفظ عن مالك
فيه شيئا وأرى أنه لا بأس به لأنه لا يرى بالمراحيض بأسا في القرى والمدائن وان
كانت مستقبلة القبلة (قلت) كان مالك يكره استقبال القبلة واستدبارها لبول أو
لغائط في فيا في الأرض قال نعم الاستقبال والاستدبار سواء (ابن وهب) عن
مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن رافع بن إسحاق انه سمع أبا أيوب
يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب أحدكم لغائط أو لبول فلا يستقبل
القبلة بفرجه ولا يستدبرها (ابن وهب) وذكر حمزة بن عبد الواحد المدني يحدث
عن عيسى بن أبي عيسى الحناط عن الشعبي في استقبال القبلة لغائط أو لبول قال إنما ذلك في الفلوات فان الله عبادا يصلون له من خلقه فاما حشوشكم هذه التي في
بيوتكم فإنها لا قبلة لها
(الاستنجاء من الريح والغائط)
(قال) وقال مالك لا يستنجى من الريح ولكن ان بال أو تغوط فليغسل مخرج
7

الأذى وحده فقط ان بال فمخرج البول الإحليل وان تغوط فمخرج الأذى فقط
(قال ابن القاسم) قلت لمالك فمن تغوط واستنجى بالحجارة ثم توضأ ولم يغسل
ما هنا لك بالماء حتى صلى قال تجزئه صلاته وليغسل ما هنا لك بالماء فيما يستقبل (مالك)
عن يحيى بن محمد بن طحلاء عن عثمان بن عبد الرحمن أن أباه أخبره أنه رأي عمر
ابن الخطاب يتوضأ بالماء وضوءا لما تحت إزاره (قال) ابن القاسم قال مالك يعني
الاستنجاء بالماء (ابن وهب) عن الليث عن أبي معشر عن محمد بن قيس قاضي
عمر بن عبد العزيز أن المغيرة اتبع النبي صلى الله عليه وسلم بإداوة ماء في غزوة
تبوك حسين تبرز نأخذ الإدواة مني وقال تأخر عني ففعلت فاستنجى بالماء (ابن
وهب) عن مسلمة بن علي عن الأوزاعي عن عائشة قالت إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يفعله وقالت إنه شفاء من الباسور (1) (ابن وهب) عن عبد الرحمن
ابن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع (2) التنوخي عن عبد الله بن مسعود قال كنا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن (3) فسمعتهم يستفتونه عن الاستنجاء
فسمعته يقول ثلاثة أحجار قالوا فكيف بالماء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
هو أطهر وأطيب (4)
(الوضوء من مس الذكر)
(قلت) فهل ينتقض وضوءه إذا غسل دبره فمس الشرج (قال) قال مالك
لا ينتقض وضوء من مس شرجا ولا رفغا ولا شيئا مما هنالك الا من مس الذكر وحده
بباطن الكف فان مسه بظاهر الكف أو الذراع فلا ينتقض وضوءه (قلت) فان

(1) (قوله من الباسور) قال القاضي أبو الوليد وقع في رواية يحيى بن عمر الناسور بالنون وذلك
داء يظهر في طوق الشرج بتحريك الراء وفي رواية ابن باز الباسور بالباء وهو خروج الصرم يعتري
من خام يجتمع في المائدة اه‍ (2) (عن عبد الرحمن) هو أول مولود لأهل الاسلام بإفريقيا
(3) قال ابن وضاح ليس يصح أن عبد الله بن مسعود حضر ليلة الجن مع النبي صلى الله عليه وسلم
(4) (قوله أطهر وأطيب) كذا وليحيى أطب وأطهر
8

مسه بباطن الأصابع قال أرى باطن الأصابع بمنزلة باطن الكف قال لان مالكا قال
لي باطن الكف فباطن الأصابع بتلك المنزلة (قال) وبلغني أن مالكا قال في مس
المرأة فرجها انه لا وضوء عليها (قال) وقال مالك فيمن مس ذكره في غسله من
الجنابة قال يعيد وضوءه إذا فرغ من غسل الجنابة إلا أن يكون قد أمر يديه على
مواضع الوضوء منه في غسله فأرى ذلك مجزيا عنه (ابن القاسم) وعلي بن زياد
وابن وهب وابن نافع عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه
سمع عروة بن الزبير يقول دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه
الوضوء فقال مروان ومن مس الدكر الوضوء قال عروة ما علمت ذلك فقال مروان
أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا
مس أحدكم ذكره فليتوضأ قال عروة ثم أرسل مروان إلى بسرة رسولا يسألها
عن ذلك فأتاه عنها بمثل الذي قال (وقالوا) كلهم عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه
كأن يقول إذا مس رجل فرجه فقد وجب عليه الوضوء (وقالوا أيضا) عن مالك
عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه كان يغتسل ثم يتوضأ قال فقلت له أما
يجزيك الغسل من الوضوء قال بلى ولكني أحيانا أمس ذكري فأتوضأ (وذكروا
أيضا) عن مالك عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن المصعب بن سعد
عن سعد أنه كأن يقول الوضوء من مس الذكر (وذكروا أيضا) عن مالك عن
هشام بن عروة عن أبيه أنه كأن يقول من مس ذكره فقد وجب عليه الوضوء
(الوضوء من النوم)
(قال) وقال مالك من نام في سجوده فاستثقل نوما وطال ذلك إن وضوءه
منتقض (قال) ومن نام نوما خفيقا الخطرة ونحوها لم أر وضوءه منتقضا (قال) وقال
مالك فيمن نام على دابته قال إن طال ذلك انتقض وضوءه وإن كان شيئا خفيفا فهو على
وضوئه (قال) فقلت له أرأيت أن نام الذي هو على دابته قدر ما بين المغرب والعشاء
قال أرى أن يعيد الوضوء في مثل هذا وهذا كثير وهو عندي بمنزلة القاعد. (*)
9

(قال) وقال مالك من نام وهو محتب في يوم الجمعة وما أشبه ذلك فان ذلك خفيف
ولا أرى عليه الوضوء لان هذا لا يثبت قال وان نام وهو جالس بالاحتباء فان هذا
أشد وعلى هذا الوضوء ان كثر ذلك وطال (مالك) عن زيد بن أسلم أن تفسير هذه
الآية " يا أيها الذين آمنوا إذا فمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق
وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى
أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا
صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم " أن ذلك إذا فمتم من المضاجع يعني من النوم
(مالك) عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال إذا نام أحدكم وهو مضطجع
فليتوضأ (ابن وهب) عن حياة بن شريح عن أبي صخر حميد بن زياد عن يزيد بن
قسيط أن أبا هريرة كأن يقول ليس على المحتبى النائم ولا على القائم النائم وضوء
(ابن وهب) وبلغني عن عطاء بن أبي رباح ومجاهد أن الرجل إذا نام راكعا أو
ساجدا فعليه الوضوء (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال إن
السنة فيمن نام راكعا أو ساجدا فعليه الوضوء (علي بن زياد) عن سفيان الثوري
عن سعيد بن اياس الجريري عن خالد بن علاق العبسي عن أبي هريرة قال من
استحق نوما فعليه الوضوء (قال ابن وهب) وان ربيعة بن أبي عبد الرحمن كانت في
يده مروحة وهو جالس فسقطت من يده المروحة وهو ناعس فتوضأ (ابن وهب)
وقال ابن أبي سلمة من استثقل نوما فعليه الوضوء على أي حال كان
(في سلس البول والمذي والدود والدم يخرج من الدبر)
(قال) وسالت ابن القاسم عن الذكر يخرج منه المذي هل على صاحبه منه الوضوء
(قال) قال مالك إذا كان ذلك منه من سلس من برد أو ما أشبه ذلك قد استنكحه
ودام به فلا رأي عليه الوضوء وإن كان ذلك من طول عزبة إذا تذكر فخرج منه أو
كان إنما يخرج منه المرة فأرى أن يتصرف فيغسل ما به ويعيد الوضوء قلت
فالدود يخرج من الدبر قال لا شئ عليه عنه مالك (وقال) إبراهيم النخعي مثله من
10

حديث ابن وهب عن أشهل عن شعبة (قلت) فان خرج من ذكره بول لم يتعمده
قال عليه الوضوء لكل صلاة إلا أن يكون ذلك شيئا قد استنكحه (قال) وقال
مالك في السلس البول ان أذاه الوضوء واشتد عليه البرد فلا أرى عليه الوضوء
(قلت) فان خرج من فرج المرأة دم قال عليها الغسل عند مالك إلا أن تكون
مستحاضة فعليها الوضوء لكل صلاة (قال) وقال مالك والمستحاضة والسلس البول
يتوضأ لكل صلاة أحب إلي من غير أن أوجب ذلك عليهما وأحب إلى أن
يتوضأ لكل صلاة (قال) وسئل مالك عن الرجل يصيبه المذي وهو في الصلاة أو
في غير الصلاة فيكثر ذلك عليه أترى أن يتوضأ (قال) قال مالك أما من كان ذلك
منه من طول عزبة أو تذكر فاني أرى أن يتوضأ وأما من كان ذلك منه استنكاحا
قد استنكحه من أبردة أو غيرها فكثر ذلك عليه فلا أرى عليه وضوء وان أيقن أنه
خرج منه فليكف ذلك بخرقة أو بشئ وليصل ولا يعيد الوضوء (قال) وسمعت مالكا
يذكر قول الناس في الوضوء حتى يفطر أو يسيل (قال) فسمعته وهو يقول قطر
قطر استنكارا لذلك (1) (قال) قلت لابن القاسم فهل حد في هذا أنه يجزئه ما لم
يقطر أو يسل قال ما سمعته حد لنا في هذا حدا ولكنه قال يتوضأ (وقد) ذكر
مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال إني لأجده يتحدر مني مثل
الخريزة فإذا وجد ذلك أحدكم فليغسل فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة (قال) مالك
يعني المذي (ابن وهب) عن عمر بن محمد العمري أن عمر بن الخطاب قال إني
لأجده في الصلاة على فخذي لخرز اللؤلؤ فما أنصرف حتى أقضي صلاتي (مالك
عن الصلت بن زييد أنه قال سألت سليمان بن يسار عن البلل أجده فقال سليمان
انضح تحت ثوبك بالماء واله عنه (ابن وهب) عن القاسم بن محمد أنه قال في

(1) (قوله استنكارا لذلك) قال فضل ليس يعني بإنكار مالك في هذا الموضع أن لا يفطر الماء
لأنه إذا لم يقطر يصير ماسحا وهذا لا يجوز لمتوضئ الا في موضع المسح وإنما استنكر مالك الحد
في القطر فأما أن يغسل ولا يقطر فلا بد من ذلك والا يكون ماسحا وقد رأيته لابن مزين هكذا ز
11

الرجل يجد البلة فقال إذا استبريت وفرغت فارشش بالماء (وقال ابن وهب) عن
ابن المسيب أنه قال في المذي إذا توضأت فانضح بالماء ثم قل هو الماء (ابن وهب)
عن يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث عن ابن شهاب قال بلغني أن زيد بن ثابت كان
يسلس البول منه حين كبر فكان يداري ما غلب من ذلك وما غلبه لم يزد علي أن
يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يصلي (مالك) عن أبي النضر حدثه عن سليمان بن يسار
عن المقداد بن الأسود أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن أحدنا إذا خرج منه المذي ماذا عليه فان عندي ابنته وأنا أستحيي أن أسأله
قال المقداد فسألت فقال إذا وجد ذلك أحدكم فليغسل فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة
(قال علي بن زياد) قال مالك ليس على الرجل غسل أنثييه من المذي عنه وضوئه
منه إلا أن يخشى أن يكون قد أصاب أنثييه منه شئ إنما عليه غسل ذكره (قال *
مالك المذي عندنا أشد من الودي لان الفرج يغسل عندنا من المذي. والردي
عندنا بمنزلة البول (ابن وهب) عن عقبة بن نافع قال سئل يحيى بن سعيد عن
الرجل يكون به الباسور لا يزال يطلع منه فيرده بيده قال إذا كان ذلك لازما في كل
حين لم يكن عليه الا غسل يديه وتتابع لم نر عليه غسل يديه وكان
ذلك بلاء نزل به يعذر به بمنزلة القرحة
(في وضوء المجنون والسكران والمغمى عليه إذا أفاقوا)
(قال) وسألت مالكا عن المجنون يخنق قال أرى عليه الوضوء إذا أفاق (قلت)
لابن القاسم فان خنق قائما أو قاعدا قال لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولكن أرى أن
يعبد الوضوء (قلت) فمن ذهب عقله من لبن سكر منه أو نبيذ قال لم أسمع من مالك
فيه شيئا ولكن فيه الوضوء (قال) وقال مالك من أغمي عليه فعليه الوضوء (قال)
فقيل لمالك فالمجنون أعليه الغسل إذا أفاق قال لا ولكن عليه الوضوء وكان مالك
يأمر من أسلم من المشركين بالغسل (قال) وقد يتوضأ من هو أيسر شأنا ممن فقد عقله
بجنون أو باغماء أو بسكر وهو النائم الذي ينام ساجدا أو مضطجعا لقول الله تعالى إذا
12

قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق. وقد قال زيد بن سلم إنما تفسير
هذه الآية إذا قمتم إلى الصلاة من المضاجع يعنى النوم
(في الملامسة والقبلة)
(قال) وقال مالك في المرأة تمس ذكر الرجل قال إن كانت مسته المرأة لشهوة
فعليها الوضوء وان كانت مسته لغير شهوة لمرض أو نحوه فلا وضوء عليها (قال) وإذا
مست المرأة الرجل للذة فعليها الوضوء وكذلك الرجل إذا مس المرأة بيده للذة فعليه
الوضوء من فوق الثوب كان أو من تحته فهو بمنزلة واحدة وعليه الوضوء (قال) والمرأة
بمنزلة الرجل في هذا (قال) وان جسها للذة فلم ينعظ فعليه أيضا الوضوء (قلت) لابن
القاسم فان قبلته المرأة على غير فمه على ظهره أو جبهته أو يده أتكون هي الملامسة دونه
في قول مالك (قال) نعم إلا أن يلتذ لذلك الرجل أو ينعظ فان التذ لذلك أو أنعظ فعليه
الوضوء (قال) وإن هو لمسها أيضا أو قبلها على غير الفم فالتذت هي لذلك فعليها أيضا
الوضوء وإن لم تلتذ لذلك وتشته فلا وضوء عليها (مالك) عن ابن شهاب عن سالم
ابن عبد الله عن أبيه أنه كأن يقول الوضوء من قبلة الرجل امرأته ومن جسها بيده
(ابن وهب) عن مالك وبلغني أن عبد الله بن مسعود كأن يقول من قبلة الرجل امرأته
الوضوء (وعن) سعيد بن المسيب وعائشة وابن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعبد الله
ابن يزيد بن هرمز وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد ومالك والليث بن سعد وعبد العزيز
ابن أبي سلمة مثله (علي بن زياد) عن سفيان أن إبراهيم النخعي كان يرى في القبلة الوضوء
(في الذي يشك في الوضوء والحدث)
(قال) وقال مالك من شك في بعض وضوئه يعرض له هذا كثيرا قال يمضي
ولا شئ عليه وهو بمنزلة الصلاة (قال) وقال مالك فيمن توضأ فشك في الحدث
فلا يدري أحدث بعد الوضوء أم لا انه يعيد الوضوء بمنزلة من شك (1) في صلاته فلا

(1) (قوله بمنزلة م شك في صلاته) هذا على أنه أتي بالرابعة وهي عنده رابعة ثم شك بعد
ذلك فلا يصره الشك مع الاستنكاح فأما لو صلاها على أنها ثالثة ثم شك أهي ثالثة أم رابعة فإنه
يأتي برابعة مستنكحا كان أو غير مستنكح اه‍ من كتاب التبصرة لابن محرز رحمه الله تعالى
13

يدري أثلاثا صل أم أربعا فإنه يلغي الشك (قال ابن القاسم) وقول مالك في الوضوء
مثل الصلاة ما شك فيه من مواضع الوضوء فلا يتقين أنه غسله فليلغ ذلك وليعد
غسل ذلك الشئ (قلت) لابن القاسم أرأيت من توضأ فأيقن بالوضوء ثم شك (1)
بعد ذلك فلم يدر أحدث أم لا وهو شاك في الحدث (قال) إن كان ذلك يستنكحه
كثيرا فهو على وضوئه وإن كان ذلك لا يستنكحه فليعد الوضوء وهو قول مالك
وكذل كل مستنكح مبتلى في الوضوء والصلاة
(الوضوء بسؤر الحائض والجنب والنصراني)
(قال) وقال مالك لا بأس بسؤر الحائض والجنب وفضل وضوئهما إذا لم يكن في
أيديهما نجس (قال) وقال مالك لا يتوضأ بسؤر النصراني ولا بما أدخل يده فيه
(على) عن مالك أنه قال في الوضوء من فضل غسل الجنب أو شرابه أو الاغتسال
به أو شربه قال لا بأس بذلك كله بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل
هو وعائشة من إناء واحد (قال) وفضل الحائض عندنا في ذلك بمنزلة فضل الجنب
(ابن وهب) قال قال نافع عن ابن عمر أنه كان يتوضأ بسؤر البعير والبقرة والشاة
والبرذون والفرس والحائض والجنب
(ما جاء في تنكيس الوضوء)
(قال) وسألت مالكا عمن نكس وضوءه فغسل رجليه قبل يديه ثم وجهه ثم صلى
قال صلاته مجزئة عنه (قال) فقلت لمالك أفترى له أن يعيد الوضوء قال ذلك أحب إلي
قال ولا أدري ما وجوبه (ابن وهب) قال وبلغني عن سعيد بن أبي سعيد المقبري

(1) (قوله من توضأ فأيقن بالوضوء صم شك الخ) وأما من ج؟ بين أليتيه جسا فخيل إليه
ريح أو صوت ولم يستيقنه فلا وضوء عليه وهو من فعل الشيطان اه‍ من المقرب لابن أبي زمين
14

ونعيم بن عبد الله المجمر عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
توضأ أحدكم فليبدأ بميامنه (وذكر) وكيع عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود أنهما قالا ما نبالي بدأنا بأيسارنا أو بأيماننا
فيمن نسي المضمضة والاستنشاق ومسح الاذنين ومن فرق
(وضوءه أو غسله ناسيا أو متعمدا أو بعضه)
(قال) وقال مالك فيمن توضأ فغسل وجهه ويديه وترك أن بمسح برأسه وترك
غسل رجليه حتى جف وضوءه وطال ذلك قال إن كانت ترك ذلك ناسيا بنى على وضوئه
وان تطاول ذلك. قال وإن كان ترك ذلك عامدا استأنف الوضوء (ابن وهب) عن
يحيى بن أيوب عن ابن حرملة أن رجلا جاء إلى سعيد بن المسيب فقال إني اغتسلت
من الجنابة ونسيت أن أغسل رأسي قال فأمر رجلا من أهل المجلس أن يقوم معه
إلى المطهرة فيصب على رأسه دلوا من ماء (قال) وقال مالك فيمن ترك المضمضة
والاستنشاق وداخل أذنيه في الغسل من الجنابة حتى صلى قال يتمضمض ويستنشق
لما يستقبل وصلاته التي صلى تامة (قال) ومن ترك المضمضة والاستنشاق ومسح
داخل الاذنين في الغسل من الجنابة والذي ترك ذلك في الوضوء فهما سواء ويمسح
داخلهما فيما يستقبل (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
أنه قال لو نسيه لم يكن من الوضوء (قال) ابن وهب قال الليث وقال يحيى بن سعيد
لو نسي ذلك حتى صلى لم يقل له عد لصلاتك ولم يروا أن ذلك ينقص صلاته (قال)
ابن وهب قال ابن شهاب وعطاء بن أبي رباح وعبيد الله بن عمر انه لا يعيد الا مما
ذكر الله في كتابه (وقال) مالك والليث مثله (ابن وهب) عن يونس عن ربيعة
أنه قال إن تفريق الغسل مما يكره وانه لم يكن غسلا حتى يتبع بعضه بعضا وأما رجل
يفرق غسله ما بين بكرة إلى العشى متحريا لذلك فذلك ليس بغسل (وقال) مالك
والليث مثله
15

(في مسح الرأس)
(قال) وقال مالك المرأة في مسح الرأس مثل الرجل تمسح على رأسها كله وإن كان
معقوصا فلتمسح على ضفرها ولا تمسح على خمارها ولا على غيره (وقال) مالك
الاذنان من الرأس ويستأنف لهما الماء وكذلك فعل ابن عمر (قال) وقد قال لي مالك
في الحناء تكون على الرأس فأراد صاحبه أن يمسح على رأسه في الوضوء قال لا يجزئه
أن يمسح على الحناء حتى ينزعه فيمسح على الشعر (قال) وقال مالك في المرأة يكون
لها الشعر المرخى على خديها من نحو الدلالين انها تمسح عليهما بالماء ورأسها كله مقدمه
ومؤخره (ورواه) ابن وهب أيضا. وكذلك الذي له شعر طويل من الرجال (ابن
وهب) عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة عن بكير بن عبد الله عن أم علقمة مولاة
عائشة عن عائشة أنها كانت إذا توضأت تدخل يديها تحت الوقاية فتمسح رأسها كله
(قال ابن وهب) وبلغني عن جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم وصفية امرأة ابن عمر وسعيد بن المسيب وابن شهاب ويحيى بن سعيد ونافع مولى ابن عمر بذلك وقاله
مالك (وقال) مالك في المرأة تمسح على خمارها انها تعيد الوضوء والصلاة
(في الذي يعجز عنه وضوءه أو ينسى بعض وضوئه وغسله)
(قال) وقال مالك فيمن توضأ ففرغ من بعض الوضوء وبقي بعضه فقام لاخذ
الماء قال إن كان قريبا فأرى أن يبنى على وضوئه وان تطاول ذلك وتباعد أخذه
الماء وجف وضوءه فأرى أن يعيد الوضوء من أوله (قال ابن القاسم) أيما رجل
اغتسل من جنابة أو حائض اغتسلت فبقيت لمعة من أجسادهما لم يصبها الماء أو توضأ
فبقيت لمعة من مواضع الوضوء حتى صليا ومضى الوقت قال إن كان إنما ترك اللمعة
عامدا أعاد الذي اغتسل غسله وأعاد الذي توضأ وضوءه وأعادوا الصلاة وان كانوا إنما
تركوا ذلك سهوا فليغسلوا تلك اللمعة ويعيد والصلاة فإن لم يغسلوا ذلك حين ذكروا
ذلك فليعيد والغسل والوضوء وهو قول مالك (قال ابن وهب) وقوله ربيعة في
16

تبعيض الغسل مثل هذا (وقول) ابن المسيب في الذي ترك رأسه ناسيا في الغسل
مثل هذا (وقال) مالك في الذي ينسى أن يمسح برأسه فذكر وهو في الصلاة وفي
لحيته بلل قال لا يجزئه أن يمسح بذلك البلل ولكن ليأخذ الماء لرأسه وليبتدئ الصلاة
بعد ما يمسح برأسه (قلت) فهل كان يؤمر بأن يغسل رجليه بعد ما يمسح رأسه
قال إن كان ناسيا وجف وضوءه فلا يكون عليه الا مسح رأسه
(مسح الوضوء بالمنديل)
(قال) وقال مالك لا بأس بالمسح بالمنديل بعد الوضوء (ابن وهب) عن
زيد بن الحباب عن أبي معاذ عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أن رسول
لله صلى الله عليه وسلم كانت له خرقة ينشف بها بعد الوضوء
(جامع الوضوء وتحريك اللحية)
(قال) وقال مالك من كان على وضوء فذبح فلا ينقض ذلك وضوءه (وقال)
مالك فيمن توضأ ثم حلق رأسه انه ليس عليه أن يمسح رأسه بالماء ثانية (وقال ابن
القاسم) وبلغني عن عبد العزيز بن أبي سلمة أنه قال هذا من لحن الفقه (قال)
وسمعت مالكا يذكر قول الناس في الوضوء حتى يقطر أو يسيل قال فسمعته وهو يقول
قطر قطر انكارا لذلك (قال مالك) وقد كان بعض من مضى يتوضؤن بثلث المد (قال)
وقال مالك في الوضوء تحرك اللحية من غير تخليل ابن وهب) ان ربيعة بن أبي عبد
الرحمن كان ينكر تخليل اللحية وقال يكفيها ما مر عليها من الماء (وقال) القاسم بن محمد
أغرف ما يكفيني من الماء وأغسل به وجهي وأمره على لحيتي من حديث ابن وهب
عن حياة بن شريح عن سليمان بن أبي زينب (وقال القاسم) لست من الذين يخللون لحاهم
(وقال) إبراهيم النخعي يكفيها ما مر عليها من الماء من حديث وكيع عن الفضيل عن
منصور (وقال) ابن سيرين ليس من السنة غسل اللحية وان ابن عباس لم يكن يخلل
17

لحيته عند الوضوء من حديث ابن وهب عن عبد الجبار بن عمر
(في غسل القئ والحجامة والقلس الوضوء منها)
(قال) وقال مالك القئ قيآن أما ما خرج بمنزلة الطعام فكأن لا يرى ما أصاب
الجسد من ذلك نجسا وما نعير عن حال الطعام فأصاب جسده أو ثيابه غسله (قال)
وقال مالك في مواضع المحاجم يغسله ولا يجزئه أن يمسحه (قال) مالك وان مسح
موضع المحاجم ثم صل ولم يغسل ذلك أنه يعيد ما دام في الوقت (ابن وهب) عن ابن
لهيعة عن بكر بن عبد الله عن القاسم بن محمد أنه قال لا يتوضأ من القئ ولا نرى فيه
وضوءا (ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب ويحيى بن
سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبي الزناد وزيد بن أسلم وعبد العزيز بن أبي سلمة
مثله (ابن وهب) وبلغني عن يحيى بن سعيد ومجاهد وطاوس وربيعة مثله في القلس
(قال مالك) قد رأيت ربيعة يقلس في المسجد مرارا ثم لا ينصرف حتى يصلي (قال)
ابن وهب وقال ابن عباس وابن عمر والحسن في الحجامة يغسل مواضع المحاجم
فقط (ابن وهب) وقال يحيى بن سعيد في العرق يقطع والحجامة مثله (وقال)
ابن شهاب في الحجامة مثله (وقال) ربيعة مثله في القرحة التي تسيل (قال) وقال مالك
كل قرحة إذا تركها صاحبها لم يسل منها شئ وان نكأها لشئ سال منها فان الدم
الذي سال منها يغسل منه الثوب وما سال على جسده غسله إلا أن يكون الشئ اليسير
مثل الدم الذي يقتله ولا ينصرف وما كان من قرحة تسيل لا تجف وهي تمصل فان
تلك يجعل عليها خرقة ويدرأ بها ما استطاع وان أصاب ثوبه لم أربه بأسا أن يصلي به
ما لم يتفاحش ذلك فان تفاحش ذلك فأحب إلى أن يغسله ولا يصلى به (قال) ابن
القاسم والقيح والصديد عند مالك بمنزلة الدم (وقال مالك) فيمن كانت به قرحة
فنكأها فسال منها الدم أو خرج الدم من غير أن ينكأها قال هذا يقطع الصلاة
ويبتدئ إن كان الدم قد سال أو القيح فيغسل ذلك عنه ولا يبنى وليستأنف ولا يبني
الا في الرعاف وحده فإن كان ذلك الذي يخرج من هذه القرحة يسيرا فليمسحه
18

وليتماد على صلاته (ابن وهب) وان عمر بن الخطاب صلى والجرح يثعب دما (ابن
وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال أما الشئ الملازم
من جرح يمصل أو أثر براغيث فصل في ذلك فما زاد أو تغير ريحه فاغسله وليس به
بأس ما لم يتفاحش منظره ويظهر ريحه ما دمت تواري ذلك (قال ابن وهب) قال
يونس وقال أبو الزناد أما الذي لا يبرح فلا غسل فيه (ابن وهب) وقال حمزة بن أبي
الربيع وعطاء بن أبي رباح مثله في الدماء والقرحة (ابن وهب) وان أبا هريرة
وسعيد بن المسيب وسالما كانوا يخرجون أصابعهم من أنوفهم مختضبة دما فيفتلونه
ويمسحونه ويصلون ولا يتوضؤن (ابن وهب) قال سعيد بن المسيب وعطاء بن
أبي رباح وربيعة ومحمد بن كعب القرظي قالوا فيما يخرج من الدم من الفم لا يرون فيه
وضوء (وقال) سالم ويحيى بن سعيد مثله
(في الذيل والوطئ على الروث والعذرة والخثاء)
(قال) وقال مالك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدرع يطهره ما بعده
قال هذا في القشب اليابس (قال ابن القاسم) كان مالك يقول فيمن وطئ بخفيه
على دم أو عذرة يغسله ولا يصلي به قبل أن يغسله ثم كان آخر ما فارقته عليه أن قال
أرجو أن يكون واسعا (قال) مالك
(قال) لا يصلي حتى يغسله (قال) وإذا وطئ على أرواث الدواب وأبوالها قال هذا
يدلكه ويصلي به وهذا خفيف (ابن وهب) عن الحارث بن نبهان عن رجل عن أنس
ابن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء أحدكم المسجد فإن كان ليلا
فليدلك نعليه وإن كان نهارا فلينظر إلى أسفلهما (ابن وهب) قال الليث وسمعت

(1) (قوله قال مالك) هكذا بالأصل ولم يذكر المقول وقد ترك له بياضا كما ترى ولعل
الساقط هو ما يتعلق بحكم الذيل يمر على نحو العذرة فإنه لم يذكره صريحا ولعل تقديره أن يقال
(وقد سئل في ذيل الثوب يمر على عذرة أو بول أو روث فيتعلق به شئ هل يصلي به قال لا يصلي
الخ) أو نحو هذا اه‍ مصححه
19

يحيى بن سعيد يقول يكره أن يصلى ببول الحمير والبغال والخيل وأرواثها ولا يكره
ذلك من الإبل والبقر والغنم وقاله ابن شهاب وعطاء بن أبي رباح وعبد الرحمن بن
القاسم ونافع وأبو الزناد وسالم ومجاهد في الإبل والبقر والغنم (وقال) مالك ان أهل
العلم لا يرون على من أصابه شي من أبوال الإبل والبقر والغنم شيئا فان أصاب ثوبه
فلا يغسله ويرون على من أصابه شئ من أبوال الدواب الخيل والحمير أن
يغسله. والذي فرق بين ذلك أن تلك تشرب ألبانها وتؤكل لحومها وأن هذه لا تشرب
ألبانها ولا تؤكل لحومها وقد سألت بعض أهل العلم عن هذا فقالوا هذا (ابن وهب)
عن عمر بن قيس عن عطاء قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون
حفاة فما وصلوا عليه من قشب رطب غسلوه وما وصلوا عليه من قشب يابس لم يغسلوه
(وكيع) عن سفيان بن عيينة عن سليمان بن مهران عن شقيق بن سلمة عن عبد الله
ابن مسعود قال كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نتوضأ من موطئ
(قال) وقال مالك لا بأس بطين المطر وماء المطر المستنقع في السكك والطرق وما
أصاب من ثوب أو خف أو نعل أو جسد فلا بأس بذلك (قال) فقلنا لمالك أنه يكون
فيها أرواث الدواب وأبوالها والعذرة قال لا بأس بذلك وما زالت الطرق وهذا فيها
وكانوا يخوضون المطر وطينه ويصلون ولا يغسلونه (حدث) موسى بن معاوية عن
عيسى بن يونس عن محمد بن مجاشع التغلبي عن أبيه عن كهيل قال رأيت علي بن أبي
طالب يخوض طين المطر ثم دخل المسجد فصلى ولم يغسل رجليه
(في الدم وغيره يكون في الثوب يصلى من الرجل)
(قال) وقال مالك في الرجل يصلى وفى ثوبه دم يسير دم حيضة أو غيرها فرآه
وهو في الصلاة قال يمضي على صلاته ولا يبالي أن لا ينزعه ولو نزعه لم أربه بأسا وإن كان
دما كثيرا دم حيضة أو غيرها نزعه واستأنف الصلاة من أولها بإقامة جديدة ولم يبن
على شئ مما صلى وان رأى ذلك بعد ما فرغ أعاد ما دام في الوقت والدم كله عندي سواء
دم الحيضة وغيرها ودم الحوت عنده مثل جميع الدم (قال) ويغسل قليل الدم وكثيره من
20

الدم كله وإن كان دم ذباب رأيت أن يغسل (قلت) فإن كان في نافلة فلما صلى ركعة
رأى في ثوبه دما كثيرا أيقطع أم يمضي فان قطع أيكون عليه القضاء أم لا (قال) يقطع
ولا أرى عليه القضاء إلا أن يحب أن يصلي (قال) فقيل لمالك فدم البراغيث قال إن
كثر ذلك وانتشر فأرى أن يغسل (قال) والبول والرجيع والاحتلام والمذي وخرء
الطير التي تأكل الجيف والدجاج التي تأكل النتن فان قليل خرئها وكثيره ان هو ذكر
في الصلاة وهو في ثوبه أو إزاره نزع وقطع الصلاة واستأنفها من أولها بإقامة جديدة
كان مع الامام أو وحده فان صلى أعاد ما كان في الوقت (قال) فان ذهب الوقت فلا
أرى عليه إعادة (قال) فقلت له فان رآه قبل أن يدخل في الصلاة قال هذا كله يفعل
فيه كما يفعل فيما فسرت لك قبل هذا وأرواث الخيل والبغال والحمير أرى أن يفعل
فيها كما يفعل في البول والرجيع والمذي يكون في الثوب (قال) ولا بأس ببول ما يؤكل
لحمه مثل البعير والشاة والبقرة (قال) وقال مالك فيمن صلى وفى جسده نجس هو
بمنزلة من هو في ثوبه يصنع فيها كما يصنع من صلى وفى ثوبه دنس (قال) وقال مالك
في المني يصيب الثوب فيجف فيحكه قال لا يجزئه ذلك حتى يغسله (قال) وقال مالك في
دم البراغيث يكون في الثوب متفرقا قال إذا تفاحش ذلك غسله قال وان كانت غير
متفاحش فلا أرى به بأسا (قال) مالك ودم الذباب يغسل (قال) وما رأيت مالكا يفرق بين
الدماء ولكن يجعل دم كل شئ سواء وذلك أني سألت ابن القاسم عن دم القراد
والسمك والذباب فقال ودم السمك أيضا يغسل (قال) وقال مالك في الثوب يكون فيه
النجس قال لا يطهره شئ الا الماء وكذلك الجسد (قال) فقلت لمالك فالقطرة من الدم
تكون في الثوب أيمجه بفيه أي يقلعه وينزعه قال فكرهه لثوبه ويدخله فاه (1) فكره

(1) (قوله قال فكرهه لثوبه الخ) معنى هذه العبارة على ما وصل إليه الفهم أن اللام في لثوبه لام
الاجل أي لأجل تلف ثوبه أي لان قلع المتلوث بالدم من الثوب بالأسنان يتلفه وقوله ويدخله
منصوب بأن مضمرة وهو مؤول بمصدر معطوف على قوله لثوب الداخل عليه لام العلة وإن كان
شاذا هنا اي كرهه لتلف الثوب ولادخاله بفيه لقذارة الدم وقوله فكره ذلك فذلكة أي كره
هذين الشيئين القرض لا تلاف الثوب وادخاله الفم للقذارة فتأمل وحرر اه‍ مصححه
21

ذلك (قال) وقال مالك في الثوب يصيبه البول أو الاحتلام فيحصى موضعه ولا يعرفه
قال يغسله كله (قلت) له فان عرف تلك الناحية منه قال يغسل تلك الناحية (قلت) فان
شك فلم يستيقن أصابه أو لم يصبه قال ينضحه بالماء ولا يغسله. وذكر النضح قال هو
الشأن قال وهو من أمر الناس قال وهو طهور لما شك فيه (قلت) أرأيت ما تطاير
على من البول قدر رؤس الإبر هل تحفظ من مالك فيه شيئا قال أما هذا بعينه مثل
رؤس الا بر فلا ولكن قول مالك يغسل قليل البول وكثيره من الثوب (وأخبرني) ابن
وهب عن يونس عن ابن شهاب قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد في
ثوبه دما في الصلاة فانصرف (قال ابن وهب) وقال ابن شهاب القيح بمنزلة الدم في
الثوب وهو نجس (وقال) مجاهد مثله والليث بن سعد وقال أرى أن يغسله بالماء (ابن
وهب) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة قال إن خولة بنت يسار قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت إن لم يخرج الدم من
الثوب قال يكفيك الماء ولا يضرك أثره (مالك) عن هشام بن عروة عن أبيه عن
يحيى بن عبد الرحمن بن أبي خاطب أن عمر بن الخطاب غسل الاحتلام من ثوبه (ابن
وهب) عن الليث بن سعد عن ربيعة أنه قال فيمن أصاب ثوبه بول أو رجيع أو
ساقه أو بعض جسده حتى صلى وفرغ قال إن كان مما يكون من الناس فإنه يعيد الصلاة
إن كان في الوقت وإن كان في غير الوقت فإنه لا يعيد (وقال) ابن شهاب فيمن صلى
بثوب فيه احتلام مثل قول ربيعة ويونس (وقال) ربيعة في دم البراغيث يكون في الثوب
إذا تفاحش منظره وتغير ريحه فاغسله وليس به بأس ما لم يتفاحش منظره ويظهر
ريحه ما دمت تداري ذلك (ابن وهب) عن أفلح بن جبير عن أبيه قال عرسنا مع
ابن عمر بالأبواء ثم سرنا حتى صلينا الفجر حين ارتفع النهار فقلت لابن عمر اني صليت
في إزاري وفيه احتلام ولم أغسله قال فوقف علي ثم قال إنزل فاطرح إزارك وصل
ركعتين وأقم الصلاة ثم صل الفجر ففعلت (قال) سحنون وإنما ذكرت هذا حجة
على من زعم أنه لا يعيد في الوقت (وقال) ابن عمرو وأبو هريرة في الثوب تصيبه
22

جنابة فلا يعرف موضعه يغسل الثوب كله من حديثا بن وهب
(في المسح على الجبائر)
(قال) وسألت ابن القاسم عن المسح على الجبائر فقال قال مالك نعم يمسح عليها (قال)
ابن القاسم وأرى ان هو ترك المسح على الجبائر أن يعيد الصلاة أبدا (قال) قال مالك
ولو أن رجلا جنبا أصابه كسر أو شجة فكان ينكب الماء عنها لموضع الجبائر فإنه إذا
صح ذلك الموضع كان عليه أن يغسل ذلك الموضع الذي كانت عليه الجبائر أو الشجة
(قلت) فان صح فلم يغسل ذلك الموضع حتى صل صلاة أو صلوات (قال) إن كان في
موضع لا يصيبه الوضوء إنما هي في المنكب أو الظهر فاني أرى أن يعبد كل ما صلى
من حين كان يقدر أن يمسحه بالماء لأنه بمنزلة من بقي من جسده موضع لم يصبه
الماء في جنابة اغتسل منها حتى صلى صلوات انها تعاد الصلوات كلها وإنما عليه أن
يمس ذلك الموضع بالماء فقط (قال) وقال مالك في الظفر يسقط قال لا بأس أن يكسى
بالدواء ثم يمسح عليه (قلت) لابن القاسم في المرارة يكساها الظفر بهذه المنزلة قال
نعم هي مثله (قال) ابن وهب وقد قال يمسح علي الجبائر الحسن البصري وإبراهيم
النخعي ويحيى بن سعيد وربيعة (وقال) ربيعة والشجة في الوجه يجعل عليها الدواء ثم يمسح
عليها (قال) ابن وهب وقال مالك في القرطاس أو الشئ يجعل علي الصدغ من وجع
انه يمسح عليه من رواية ابن وهب
(في وضوء الأقطع)
(قال ابن القاسم) قال مالك فيمن قطعت رجلاه إلى الكعبين قال إذا توضأ غسل
بالماء ما بقي من الكعبين وغسل موضع القطع أيضا (قلت) لابن القاسم أيبقى من
الكعبين شئ (قال) نعم إنما يقطع من تحت الكعبين ويبقى الكعبان في الساقين وقد
قال الله تعالى وأرجلكم إلى الكعبين ولقد وقفت مالكا على الكعبين اللذين إليهما
حد الوضوء الذي ذكر الله في كتابه فوضع لي يده على الكعبين اللذين في أسفل
23

الساقين فقال لي هذان هما (قلت) فان هو قطعت يداه من المرفقين أيغسل ما بقي من
المرفقين ويغسل موضع القطع (قال) لا يغسل موضع القطع ولم يبق من المرفقين شئ
فليس عليه ان يغسل شيئا من يديه إذا قطعنا من المرفق (قلت) وكيف لم يبق من المرفق
شئ قال لان القطع قد أتي على جميع الذراعين والمرفقان في الذراعين فلما ذهب
المرفقان مع الذراعين لم يكن عليه ان يغسل موضع القطع (قال) وأما الكعبان فهما
باقيان في الساقين فلذلك يغسل موضع القطع (قلت) أهو قول مالك (قال) ما سألت
مالكا عن الذراعين (قال ابن القاسم) والتيمم في ذلك هو مثل الوضوء (قال ابن القاسم)
إلا أن يكون بقي شئ من المرفقين في العضدين يعرف ذلك الناس وتعرفه العرب
فإن كان كذلك فليغسل ما بقي من المرفقين
(في غسل بول الجارية والغلام)
(قال) وقال مالك في الجارية والغلام بولهما سواء إذا أصاب بولهما رجلا أو امرأة
غسل ذلك وإن لم يأكلا الطعام (قال) وأما الأم فأحب إلى أن يكون لها ثوب سوى
ثوبها الذي ترضع فيه أن كانت تقدر على ذلك وإن لم تكن تقدر علي ذلك فلتصل في
ثوبها ولتدرأ البول عن نفسها جهدها ولتغسل ما أصاب من البول ثوبها جهدها
(في الذي يبول قائما)
(قال) وقال مالك في الذي يبول قائما إن كان ذلك في موضع رمل وما أشبه ذلك
لا يتطاير عليه منه شئ فلا بأس بذلك وإن كان في موضع صلب يتطاير عليه فأكره
ذلك له وليبل جالسا (علي بن زياد) عن سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن
حذيقة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بال قائما ومسح علي خفيه
(في الوضوء من البئر تقع فيه الدابة)
(قال) وسمعت مالكا وسئل عن جباب انطابلس التي يكون فيها ماء السماء
24

يقع فيه الشاة أو الدابة فتموت فيه (قال) لا أحب أن يشربه منه ولا يغتسل به فقيل
له أتسقى منه البهائم قال لا أرى بذلك بأسا (قال ابن القاسم) وقال مالك في البئر من آبار
المدينة تقع فيه الوزغة والفأرة قال ينزف منها حتى تطيب وينزفون منها على قدر
ما يظنون أنها قد طابت ينزفون ما استطاعوا (قال) وكره مالك للجنب أن يغتسل في الماء
الدائم إذا كان غديرا يشبه البرك العظام (قلت) أرأيت ما كان في الطريق من الغدر والآبار
والحياض أو في الفلوات يصيبها الرجل قد أنتنت فلا يدرى من أي شي أنتنت أيتوضأ
منها أم لا (قال) قال مالك إذا كانت البئر قد أنتنت من الحياة (1) ونحو ذلك فلا بأس
بالوضوء منها (وقال) وهذا مثل ذلك (ابن وهب) وسمعت مالكا وسئل عن
رجل أصابته السماء حتى استنقع منها الماء القليل أيتوضأ من ذلك الماء (قال) نعم يتوضأ
منه (قيل) له وان جف ذلك الماء قال يتيمم بذلك الطين (قيل) له فإنه يخاف أن يكون
فيه زبل قال فلا بأس به (قال) وسئل مالك عن مواجل (2) أرض برقة تقع فيه الدابة
فتموت فيه قال لا يتوضأ به ولا يشرب منه (قال) ولا بأس أن تسقى الماشية منه
(قال) والعسل تقع فيه الدابة فتموت فيه (قال) إن كان ذلك ذائبا لم يؤكل وإن كان
جامدا طرحت الدابة وما حولها وأكل ما بقي وإن كان ذائبا فلا يؤكل ولا يباع
ولا بأس بأن يلف النحل ذلك العسل الذي ماتت فيه الدابة (ابن وهب) عن أبن
لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن الماء الذي لا يجري تموت فيه
الدابة أيشرب منه ويغسل منه الثياب قالا فان رأيت أن لا يدنسه ما وقع فيه فنرجو
أن لا يكون به بأس (قال علي بن زياد) قال مالك ومن توضأ بماء وقعت فيه ميتة
وتغير لونه وطعمه فصلى أعاد الصلاة وان ذهب الوقت وإن لم يتغير لون الماء وطعمه
أعاد ما دام الوقت (قال ابن وهب) وقال ابن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن كل

(1) (قوله قد انتنت من الحياة) كذا بالأصل ولعل المراد بها طول الإقامة وليحرر اه‍ مصححه
(2) (قوله عن مواجل أرض برقة) المواجل جمع موجل كموعد وهو حفرة يستنقع فيها الماء
وبرقة اسم لجملة قري منها قرية بقم وأخري تجاه واسط القصب اه‍
25

ما فيه فضل عما يصيبه من الأذى حتى لا يغير ذلك طعمه ولا لونه ولا ريحه فلا يضره
ذلك (قال) ربيعة وان تغير ريحه وطعمه نزع منه قدر ما يذهب الرائحة عنه
(ابن وهب) وسحنون عن أنس بن عياض عن الحارث بن عبد الرحمن عن عطاء
ابن ميناء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبول أحدكم في الماء
الدائم ثم يتوضأ أو يشرب (قال ابن وهب) وبلغني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه قال ثم يغتسل فيه
(في عرق الحائض والجنب والدواب)
(قال) وقال مالك لا بأس بالثوب يعرق فيه الجنب ما لم يكن في جسده نجس فإن كان في جسده نجس فإنه يكره ذلك لأنه إذا عرق فيه ابتل موضع النجس الذي في
جسده (قال) وقال مالك لا بأس بعرق الدواب وما يخرج من أنوفها ورواه ابن وهب
(قال) وكذلك الثوب الذي يكون فيه النجس ثم يلبسه أو ينام فيه فيعرق فهو بتلك
المنزلة (قال) إلا أن يكون في ليال لا يعرق فيها فلا بأس بأن ينام في ذلك الثوب
الذي فيه النجاسة (قال ابن وهب) وأخبرني ابن لهيعة والليث بن سعد وعمرو بن
الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن خديج قال سمعت
معاوية بن أبي سفيان يقول سألت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم هل كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالثوب الذي كان يجامع فيه فقالت نعم إذا لم ير
فيه أذى (مالك) عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يعرق في الثوب وهو جنب
ثم يصلى فيه (ابن وهب) عن مسلمة بن علي بن هشام بن حسان عن عكرمة
مولى ابن عباس أن ابن عباس قال لا بأس بعرق الجنب والحائض في الثوب وقاله
مالك (وكيع) عن جرير عن إبراهيم النخعي أنه لا يرى بنجع الدابة الذي يخرج منها
بأسا (ابن وهب) وان أبا هريرة كان يركب فرسا عريا (وقال) الليث بن سعد
لا بأس بعرق الدواب.
26

(في الجنب ينغمس في النهر انغماسا ولا يتدلك)
(قال) وقال مالك في الجنب يأتي النهر فينغمس فيه انغماسا وهو ينوى الغسل من
الجنابة ثم يخرج (قال) لا يجزئه إلا أن يتدلك وان نوى الغسل لم يجزئه إلا أن يتدلك
(قال) وكذلك الوضوء بماء (قلت) أرأيت أن مر بيديه على بعض جسده ولم يمرهما
على جميع الجسد كله (قال) مالك لا يجزئه حتى يمر يديه على جميع جسده كله ويتدلك
(في اغتسال الجنب في الماء الدائم)
(قال) وسمعت مالكا يكره اغتسال الجنب في الماء الدائم (قال) وقد جاء في الحديث
لا يغتسل الجنب في الماء الدائم (قال) وقال مالك لا يغتسل الجنب في الماء الدائم
(قلت) لابن القاسم فما تقول في هذه الحياض التي تسقى منها الدواب لان رجلا
اغتسل فيها وهو جنب أيفسدها في قول مالك أم لا (قال) نعم إلا أن يكون غسل قبل
دخوله فيها فرجه ومواضع الأذى منه فلا يكون بذلك بأس لان الحائض تدخل
يدها في الاناء والجنب يدخل يده في الاناء ولا يفسد ذلك الماء (قال) فجميع جسده
بمنزلة البعض في هذا (قال ابن شهاب) في الحائض تدخل إبهامها في الماء قال لا بأس
به (وقال مالك) في الجنب يدخل في القصرية يغتسل فيها من الجنابة قال لا خير في
ذلك وإن كان غير جنب فلا بأس بذلك (قال) وسألت مالكا عن البئر القليلة
الماء وما أشبه ذلك يأتيها الجنب وليس معه ما يشرب به وفى يده قدر (قال) يحتال لذلك
حتى يغسل يديه بغرف ويغتسل (قال) فأدرته عنه قال فجعل يقول لي يحتال لذلك
وكره أن يقول يغتسل فيها وجعل لا يزيدني على ذلك وقد جاء الحديث أنه نهي الجنب
عن الغسل في الماء الدائم (قال) وقال ابن القاسم ولو اغتسل فيه لم أر ذلك نجسه إذا
كان ماء معينا ورأيت ذلك مجزئا عنه (ابن وهب) عن أنس بن عياض عن الحارث
ابن عبد الرحمن عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لا يبول أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه أو يشرب (قال ابن وهب) وبلغني عن
27

أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم يغتسل فيه (ابن وهب) عن
عمرو بن الحارث عن بكر بن عبد الله أن أبا السائب مولى هشام بن زهرة حدثه أنه
سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم
وهو جنب فقالوا وكيف يفعل يا أبا هريرة فقال يتناوله تناولا (سحنون) قال على
ابن زياد قيل لمالك فإذا اضطر الجنب قال يغتسل فيه وإنما كره ذلك إذا وجد منه
بدا فأما إذا اضطر إليه فلا بأس أن يغتسل فيه إذا كان الماء كثيرا يحمل ذلك
(الليث) عن يحيى بن سعيد قال سألته عن البئر أو الفسقية أو الحوض يكون ماء
ذلك كله كثيرا راكدا غير جار وهو يغتسل فيه الجنب والحائض هل يكره لاحد
أن ينتفع بما فيها ان فعل ذلك جنب أو حائض (قال) يحيى بن سعيد أما البئر المعين
فاني لا أرى اغتسال الحائض والجنب فيها بمانع مرافقها من الناس وأما الفسقية
والحوض فاني لا أري أن ينتفع به أحد ما لم يكن ماؤها كثيرا
(في الغسل من الجنابة والماء ينضح في الاناء والمرأة توطأ ثم تحيض)
(قال ابن القاسم) كان مالك يأمر الجنب بالوضوء قبل الغسل من الجنابة (قال مالك)
فان هو اغتسل قبل أن يتوضأ أجزأه ذلك (قال) وقال مالك في المتوضئ يغتسل من
الجنابة ويؤخر غسل رجليه حتى يفرغ من غسله ثم يتنحى فيغسل رجليه في مكان
طاهر فيجزئه ذلك (قال) وقال مالك في الماء الذي يكفي الجنب، قال ليس الناس في
هذا سواء (قال) وقال مالك في الحائض والجنب لا تنقض الحائض شعرها عند
الغسل ولكن لتضغثه بيديها (وقال مالك) في الجنب يغتسل فينتضح من غسله في
الاناء (قال) لا بأس به ولا تستطيع الناس الامتناع من هذا (وقال) الحسن وابن سيرين
وعطاء وربيعة وابن شهاب مثل قول مالك الا ابن سيرين قال إنا لنرجو من رحمة
ربنا ما هو أوسع (قال) وسئل مالك عن الرجل الجنب يغسل جسده ولا يغسل
رأسه وذلك لخوفه من امرأته ثم يدع غسل رأسه حتى يجف جسده ثم يأتي امرأته
لتغسل رأسه هل يجزئه ذلك من غسل الجنابة (قال) لا وليستأنف الغسل (قال) وقال
28

مالك في المرأة تصيبها الجنابة ثم تحيض انه لا غسل عليها حتى تطهر من حيضتها
(ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة وأبي الزناد أنهما قالا إن مسها ثم حاضت
قبل أن تغتسل فليس عليها غسل حتى تطهر من الحيضة ان أحبت وقاله بكر ويحيى
ابن سعيد. وقد قال ربيعة في أول الكتاب في تبعيض الغسل ان ذلك لا يجزئه
(مالك) ويحيى بن عبد الله وابن أبي الزناد أن هشام بن عروة أخبره عن أبيه عن
عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه
ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يغمس يديه في الماء فيخلل بأصابعه حتى يسبر (1) من الشدة
أصول شعره ثم يفيض على رأسه ثلاث غرفات من ماء بيديه ثم يفيض الماء بعد بيديه
على جلده (ابن وهب) عن أسامة بن زيد أن سعيد بن أبي سعيد حدثه أنه سمع
أم سلمة تقول جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله
اني امرأة أشد ضفر رأسي فكيف أصنع إذا اغتسلت من الجنابة قال تحفني عليه
ثلاث حفنات ثم اغمريه على أثر كل حفنة يكفيك (مالك) عن ابن شهاب عن
سالم بن عبد الله أنه سأل أباه عبد الله بن عمر عن الرجل يجنب فيغتسل ولا يتوضأ
(قال) وأي وضوء أطهر من الغسل ما لم يمس فرجه
(في مجاوزة الختان الختان)
(قال) وقال مالك إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل (قال) ابن القاسم
إنما ذلك إذا غابت الحشفة فأما ان مسه وهو زاهق إلى أسفل ولم تغب الحشفة فلا
يجب الغسل لذلك (قال) وسألت مالكا عن الرجل يجامع امرأته فيما دون الفرج
فيقضي خارجا من فرجها فيصل الماء إلى داخل الفرج أترى عليها الغسل (قال) لا إلا
أن تكون التذت يريد بذلك أنزلت (ابن وهب) عن عياض بن عبد الله القرشي
وابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال أخبرتني أم كلثوم عن عائشة أن

(1) (قوله حتى يسبر الخ) السبر بفتح فسكون امتحان غور الشئ واستخراج كنه الامر اه‍
29

رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل (1) هل عليه
من غسل وعائشة جالسة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اني لا فعل ذلك
أنا وهذه ثم نغتسل (مالك) عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب
وعثمان بن عفان وعائشة كانوا يقولون إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل (ابن
وهب) عن الحارث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل ما يوجب الغسل فقال إذا التقي
الختانان وغابت الحشفة فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل (ابن وهب) عن سعيد
ابن أبي أيوب قال كان يزيد بن أبي حبيب وعطاء بن دينار ومشايخ من أهل العلم
يقولون إذا دخل من ماء الرجل شئ في قبل المرأة فعليها وإن لم يلتق الختانان
وقاله الليث (وقال مالك) إذا التذت يريد بذلك أنزلت
(في وضوء الجنب قبل أن ينام)
(قلت) هل كان مالك يأمر من أراد أن يطعم أو ينام إذا كان جنبا بالوضوء
(قال) أما النوم فكان يأمر أن لا ينام حتى يتوضأ بجميع وضوء الصلاة غسل رجليه
وغيره من ليل كان أو نهار (قال) وأما الطعام فكان يأمر بغسل يديه إن كان الأذى
قد أصابهما ويأكل وإن لم يتوضأ (قال) وقال مالك لا ينام الجنب حتى يتوضأ
ولا بأس أن يعاود أهله قبل التوضؤ أو بعده (قال) وأما الحائض فلا بأس أن تنام
قبل أن تتوضأ وليست الحائض في هذا بمنزلة الجنب (ابن وهب) عن الليث بن سعد
ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة
قبل أن ينام (ابن وهب) قال وأخبرني رجال من أهل العلم أن عمر بن الخطاب وأبا

(1) (قوله ثم يكسل) في القاموس أكسل في الجماع إذا خالط زوجته ولم ينزل أو عزل ولم
يرد ولدا اه‍.
30

سعيد الخدري سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر هما بالوضوء (قال ابن وهب)
وكان عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة وابن المسيب وربيعة ويحيى بن سعيد ومالك
يقولون إذا أراد الجنب أن يطعم غسل كفيه فقط
في الذي يجد الجنابة في لحافه)
(قال) وقال مالك من أنتبه من نومه فرأى بللا على فخذه أو في فراشه قال ينظر فإن كان مذيا توضأ ولم يكن عليه غسل وإن كان منيا اغتسل (قال) والمذي في هذا يعرف
من المني وهو بمنزلة الرجل في اليقظة إذا لاعب امرأته ان أمذى توضأ وان أمنى
اغتسل (قال) وقد جاء يكون الرجل في منامه يرى أنه يجامع فلا يمني ولكنه ينزل
وهو في النوم مثل من لاعب امرأته في اليقظة (قال) وقد يكون الرجل في منامه
يرى أنه يجامع في نومه فلا ينزل وليس الغسل الا من المني (قال مالك) والمرأة في
ذلك بمنزلة الرجل في المنام في الذي يرى
(في المسافر يريد أن يطأ أهله وليس معه ماء)
(قلت) أرأيت المسافر يكون على وضوء أو لا يكون على وضوء وأراد أن يطأ أهله
أو جاريته وليس معه ماء (قال مالك) لا يطأ المسافر جاريته ولا امرأته الا ومعه ماء
(قال ابن القاسم) وهما سواء (فقلت) لمالك فالرجل تكون به الشجة أو الجرح فلا
يستطيع أن يغسله بالماء أله أن يطأ أهله (قال) نعم ولا يشبه هذا المسافر لان صاحب
الشجة يطول أمره إلى برء شجته وليس المسافر بتلك المنزلة (قال ابن القاسم) ولم
يكن محمل المسافر عندنا ولا عند مالك إلا أنه على غير وضوء الذي ينهاه عن الوطئ
(ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب أنه قال لا يجامع الرجل أهله وهن بمفازة
حتى يعلم أن معه ماء (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب
وابن مسعود وابن عمر وأبي الخير المري ويحيى بن سعيد وابن أبي سلمة ومالك
انهم كانوا يكوهون ذلك
31

(في الجنب يغتسل ولا ينوي الجنابة)
(قال) مالك من أصابته جنابة فاغتسل للجمعة ولم ينو به غسل الجنابة أو اغتسل
من حر يحده ولم ينوبه غسل الجنابة أو اغتسل على أي الوجوه كان ولم ينو به غسل
الجنابة (قال) هو بمنزلة الرجل صلى نافلة فلا تجزئه عن الفريضة (قال مالك) وان
توضأ يريد صلاة نافلة أو قراءة في المصحف أو يريد به طهر صلاته فذلك يجزئه (قال)
وقال مالك ان توضأ من حر يجده أو نحو ذلك ولم ينو به الوضوء لما ذكرت لك
فلا يجزئه من وضوء الصلاة ولا من مس المصحف ولا النافلة ونحوها (قال ابن
القاسم) لا يكون الوضوء عند مالك إلا بالنية (قلت) فان توضأ وبقي رجلاه فخاض
نهرا ومسح بيديه رجليه في الماء الا انه لا ينوي بخوضه النهر (قال) الا يجزئه من
غسل رجليه هذا (قال ابن وهب) وأخبرني عبد الجبار بن عمر عن ربيعة أنه قال
لو أن رجلا دخلا نهرا فاغتسل فيه ولا يتعمد غسل الجنابة لم يجز ذلك عنه حتى
يتعمد الغسل غسل الجنابة فان صلى أعاد الصلاة (ابن وهب) وبلغني عن علي بن
أبي طالب أنه قال لا يطهره ذلك حتى يذكر غسله من الجنابة (ابن وهب) قال مالك
والليث مثله و (قال مالك) إنما الأعمال بالنيات
(في مرور الجنب بالمسجد)
(قال) وقال مالك قال زيد بن أسلم لا بأس أن يمر الجنب في المسجد عابر سبيل
(قال) وكان زيد يتناول هذه الآية في ذلك ولا جنبا الا عابري سبيل وكان يوسع في
ذلك (قال) وقال مالك ولا يعجبني بأن يدخل المسجد الجنب عابر سبيل ولا غير
ذلك ولا أرى به بأسا أن يمر في ذلك من هو على غير وضوء ويقعد فيه
(في اغتسال النصرانية من الجنابة والحيضة)
(قال) وقال مالك لا يجبر الرجل المسلم امرأته النصرانية على أن تغتسل من الجنابة
(وقال ابن القاسم) عن مالك في النصرانية تكون تحت المسلم فتحيض ثم يظهر انها
32

تجبر على الغسل من الحيضة ليطأها من قبل أن المسلم لا يطأ امرأته حتى تطهر من
الحيض وأما الجنابة فلا بأس أن يطأها وهي جنب
(في الجنب يصلي ولا يذكر جنابته)
(قال) وسألت مالكا عن الرج تصيبه الجنابة ولا يعلم بذلك حتى يخرج إلى
السوق فيخرج فيرى الجنابة في ثوبه وقد كان صلى قبل ذلك (قال) ينصرف مكانه
فيغتسل ويغسل ما في ثوبه ويصلي تلك الصلاة ولا يمضي لحاجته (قال) وقال مالك
في الجنب يصلي بالقوم وهو لا يعلم بالجنابة فيصلي بهم ركعة أو ركعتين أو ثلاث ثم
يذكر أنه جنب (قال) ينصرف ويستخلف من يصلى بالقوم ما بقي من الصلاة وصلاة
القوم خلفه تامة (قال) وان فرغ من الصلاة فلم يذكر أنه جنب حتى فرغ فصلاة من
خلفه تامة وعليه أن يعيد هو وحده وإن كان الامام حين صلى بهم كان ذاكرا لجنابته
فصلاة القوم كلهم فاسدة (قال) ومن علم بجنابته ممن يقتدي به والامام ناس
لجنابته فصلاته فاسدة (قال) وان صلى بالقوم بعدما ذكر الجنابة جاهلا أو مستحييا
فقد أفسد على القوم صلاتهم (قال ابن القاسم) وكل من صلى بقوم فدخل عليه
ما ينقض صلاته فتمادى بهم فصلاتهم منتقضة وعليهم الإعادة متى ما علموا. وقد صلى
عمر بن الخطاب بالناس وهو جنب ثم قضى عمر الصلاة ولم يأمر الناس بالقضاء (علي)
عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم النخعي قال إذا صلى الامام على غير وضوء أعاد
ولم يعيدوا
(في الثوب يصلى به وفيه النجاسة)
(قال) وسمعت مالكا يقول في الدم يكون في الثوب أو الدنس فيصلي به ثم يعلم
بذلك بعد اصفرار الشمس (قال) إن لم يذكر حتى اصفرت الشمس فلا إعادة عليه
(قال) وجعل مالك وقت من صلى وفى ثوبه دنس إلى اصفرار الشمس وفرق بينه
وبين الذي يسلم قبل مغيب الشمس والمجنون يفيق قبل مغيب الشمس أو الحائض
33

تطهر قبل مغيب الشمس كأن يقول النهار كله حتى تغيب الشمس وقت لهؤلاء، وأما
من يصلي وفي ثوبه دنس فوقته إلى اصفرار الشمس هذا وحده جعل له مالك إلى
اصفرار الشمس وقتا والذي يصلي إلى غير قبلة مثله (قال) فإن كان الدنس في جسده
قال سمعت مالكا يقول في الدنس في الجسد وفي الثوب سواء وقال يعيد ما كان في
الوقت (قال) ربيعة بن أبي عبد الرحمن مثله. وابن شهاب مثله (قال) وقال مالك
من صلى على موضع نجس فعليه الإعادة ما دام في الوقت بمنزلة من صلى وفى ثوبه
دنس (قلت) فإن كانت النجاسة إنما هي في موضع جبهته فقط أو موضع كفيه
أو موضع قدميه فقط أو موضع جلوسه فقط (قال) أرى عليه الإعادة ما دام في
الوقت وإن لم تكن النجاسة الا في موضع الكفين وحده أو موضع جبهته وحده أو
موضع القدمين وحدهما أو موضع جلوسه وحده (قال) وقال مالك من كان معه
ثوب واحد وليس مع غيره وفيه نجس (قال) يصلي به قان أصاب ثوبا غيره أو أصاب
ما يغسله أعاد ما دام في الوقت فان مضى الوقت فلا إعادة عليه (قلت) فإن كان معه
ثوب حرير وثوب نجس بأيهما تحب أن يصلى (قال) يصلى بالحرير أحب إلي ويعيد
ان وجد غيره ما دام في الوقت وكذلك بلغني عن مالك أنه قاله لان رسول الله صلى
الله عليه وسلم نهى عن لباس الحرير
(الصلاة بالحقن)
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يصيبه الحقن (قال) إذا أصابه من ذلك شئ
خفيف رأيت أن يصلي به وان أصابه من ذلك ما يشغله عن صلاته فلا يصلي حتى
يقضي حاجته ثم يتوضأ ويصلي (قلت) فان أصابه غثيان أو قرقرة في بطنه ما قول مالك
فيه إذا كان ذلك يشغله عن صلاته (قال) لا أحفظ من مالك في الغثيان شيئا (قال)
والعثيان والقرقرة عند مالك بمنزلة الحقن (قلت) فإذا أعجله عن صلاته أهو مما
يشغله قال نعم (قلت) وان صلى على ذلك وفرغ أترى على إعادة قال إذا شغله فأحب
إلى أن يعيد (قلت) له أفي الوقت وبعد الوقت قال إذا كانت عليه الإعادة فهو كذلك
34

يعيد وان خرج الوقت وقد بلغني ذلك عن مالك ثم قال قال عمر بن الخطاب لا يصلى
أحدكم وهو ضام بين وركيه (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يعقوب بن
مجاهد أن القاسم بن محمد وعبد الله بن محمد حدثاه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم حدثتهما قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقوم أحدكم إلى
الصلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان الغائط والبول (وذكر) مالك أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة (وذكر)
عن عطاء بن أبي رباح أنه قال إن كان الذي به شيئا لا يشغله عن الصلاة صلى به (قال)
وان ابن عمر كأن يقول ما كنت أبالي به إلى أن يكون في جانب ردائي إذا كنت مدافعا
لغائط أو لبول من حديث ابن وهب عن السري عن التيمي عن عبد الله بن عمر
(وذكر) ابن مهدي عن ابن مسعود مثل قول ابن عمر من حديث ابن وهب
(الصلوات بوضوء واحد)
(قال) وقال مالك لا بأس أن يقيم الرجل على وضوء واحد يصلي به يومين وأكثر
من ذلك (ابن وهب) عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبي غطيف الهذلي أن
عبد الله بن عمر قال له إن كان ليكفيني وضوئي لصلاة الصبح الصلوات كلها ما لم
أحدث (ابن وهب) عن سفيان بن سعيد الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان
ابن بريده عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم فتح مكة الصلوات كلها
بوضوء واحد ومسح على خفيه فقال له عمر بن الخطاب رأيتك صنعت شيئا ما كنت
تصنعه فقال عمدا صنعته يا عمر
(في غسل النصراني والصلاة بثياب أهل الذمة)
(قال) وقال مالك لا يصلى بثياب أهل الذمة التي يلبسونها (قال) وأما ما نسجوا
فلا بأس به وقال مضى الصالحون على هذا (قال) وقال مالك لا أرى أن يصلى بخفي
النصراني اللذين يلبس حتى يغسلا (وكيع) عن الفضيل بن عياض عن هشام بن
35

حسان عن الحسن أنه كأن لا يرى بأسا بالثوب ينسجه المجوسي يلبسه المسلم (قال
ابن القاسم) قلت لمالك إذا أسلم النصراني هل ترى عليه الغسل قال نعم (قلت) لابن القاسم
متى يغتسل أقبل أن يسلم أو بعد أن يسلم (قال) ما سألته الا كما أخبرتك ولكني أرى
ان هو اغتسل للاسلام وقد أجمع على أن يسلم فان ذلك يجزئه لأنه إنما أراد بذلك
الغسل للاسلام (قلت) فان أراد أن يسلم وليس معه ماء أيتيمم أم لا (قال) نعم يتيمم
(قلت) أتحفظه عن مالك قال لا ولكن هذا رأيي والنصراني عندي جنب فإذا
أسلم اغتسل أو تيمم فان تيمم ثم وجد الماء فعليه الغسل (قال ابن القاسم) وإذا تيمم
النصراني للاسلام ينوى بتيممه ذلك تيمم الجنابة أجزأه أيضا (قال) وكان مالك يأمر
من أسلم من المشركين بالغسل (ابن وهب) وابن نافع عن عبد الله بن عمر عن
سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث
سرية له قبل نجد فأسروا ثمامة بن أثال (1) فأتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكان
يأتيه كل غداة ثلاث غدوات يعرض عليه الاسلام ثم أسلم فأمره رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن يذهب إلى حائط أبى طلحة فيغتسل
(فيمن صلى على موضع نجس أو تيمم)
(قال) وقال مالك من صلى على الموضع النجس أعاد ما دام في الوقت (قلت) لابن
القاسم وإن كان بولا فجف قال إنما سألناه عن الموضع النجس فان جف أعاد (قلت) له
فمن تيمم به أعاد قال يعيد ما دام في الوقت وهو مثل من صلى بثوب غير طاهر (ابن
وهب) وقد قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن وابن شهاب يعيد ما كان في الوقت
(في الرعاف)
(قال) وقال مالك ينصرف من الرعاف في الصلاة إذا سال منها (2) أو قطر

(1) (قوله ثمامة بن أثال) هو هكذا عند ابن وضاح وابن قاسم وهو الصواب وقال إبراهيم بن
محمد أثاثة (2) (قوله منها) متعلق بقوله ينصرف وقوله أو قطر عطف على سال اه‍ مصححه
36

قليلا كان أو كثيرا فيغسله عنه ثم يبني على صلاته قال وإن كان غير قاطر ولا سائل
فليقتله بأصابعه ولا شئ عليه (قال) وقد كان سالم بن عبد الله يدخل أصابعه في أنفه
وهو في الصلاة فيخرجها وفيها دم فيقتلها ولا ينصرف (قال) وأخبرني مالك عن يحيى
ابن سعيد أن سعيد بن المسيب قال لأصحابه ما تقولون في رجل رعف فلم ينقطع
عنه الدم قال فسكت القوم قال سعيد يومئ إيماء (قال) وقال مالك فيمن رعف مع الامام
ثم يذهب فيغسل الدم عنه انه يصلى في بيته أو حيث أحب (قال ابن القاسم) قول
مالك عندي حيث أحب أي أقرب المواضع إليه حيث يغسل الدم عنه وذلك إذا كان
الامام قد فرغ من صلابة إلا أن يكون جمعة فإنه يرجع إلى المسجد لان الجمعة
لا تكون الا في المسجد (قال) وقال مالك فيمن رعف بعد ما ركع أو بعد ما رفع رأسه
من ركوعه أو سجد من الركعة سجدة رجع فغسل الدم عنه انه يلغى الركعة وسجدتيها
ويبتدئ القراءة قراءة تلك الركعة من أولها (قال) وسألنا مالكا عن الرجل يرعف
قبل تسليم الامام وقد تشهد وفرغ من تشهده (قال) ينصرف فيغسل الدم عنه ثم
يرجع فإن كان الامام قد انصرف قعد فتشهد وسلم وان رعف بعد ما سلم الامام ولم
يسلم هو سلم وأجزأت عنه صلاته (قال) وقال مالك في الرجل يكون مع الامام يوم
الجمعة فيرعف بعد ما صلى مع الامام ركعة بسجدتيها (قال) يخرج ويغسل الدم عنه
ثم يرجع إلى المسجد فيصلى ما بقي عليه من صلاة الجمعة ركعة وسجدتيها (قال ابن
القاسم) فان رجع والامام لم يفرغ إلا أنه في التشهد جالس جلس معه فإذا سلم الامام
قضى الركعة التي بقيت عليه وان جاء وقد ذهب الامام صلى ركعة بسجدتيها (قال)
مالك فان هو صلى مع الامام ركعة بسجدتيها ثم ركع أيضا مع الامام الركعة الثانية وسجد
معه سجدة من الركعة الثانية ثم رعف (قال) يخرج فيغسل الدم عنه ثم يرجع فيصلى ركعة
بسجدتيها ويلغي الركعة الثانية التي لم يتم مع الامام بسجدتيها أدرك الامام أو لم يدركه
(قال) وكذلك لو أنه رعف بعد ما صلى مع الامام ركعة وسجد معه سجدة ثم ذهب
فغسل الدم عنه ثم رجع قبل أن يركع الامام الركعة الثانية (قال) يلغي الركعة الأولى
37

ولا يعتد بالركعة التي لم يتم سجودها حتى رعف ولا يسجد السجدة التي بقيت عليه
(قال) وقال مالك كل من رعف في صلاة فان يقضي في بيته أو حيث غسل الدم
عنه أقرب المواضع إليه (قال ابن القاسم) وذلك إذا علم أنه لا يدرك مع الامام
شيئا مما بقي عليه من الصلاة (1) إلا الجمعة فإنه لا يصلى ما بقي عليه إذا هو رعف إلا
في المسجد لان الجمعة لا تكون إلا في المسجد (قال) وقال مالك فان هو افتتح مع
الامام الصلاة يوم الجمعة فلم يركع معه أو ركع وسجد احدى السجدتين ثم رعف ثم
ذهب يغسل الدم عنه فلم يرجع حتى فرغ الامام من الصلاة (قال) يبتدئ الظهر
أربعا (قال) وقال مالك إذا هو رعف بعد ركعة بسجدتيها يوم الجمعة فخرج يغسل
الدم عنه ثم رجع وقد فرغ الامام من الركعة الثانية قال يصلى الركعة الثانية بقراءة
(قال) وان هو سها عن قراءة السورة التي مع أم القرآن في ركعته التي يقضي سجد
لسهوه قبل الاسلام (قلت) له فان سها عن قراءة أم القرآن في الركعة التي يقضي قال
يسجد لسهوه قبل السلام ثم يسلم ثم يقوم فيصلى ظهرا أربعا (قال) وقال مالك وهذا
الذي رعف يوم الجمعة وقد بقيت عليه ركعة ثم رجع يصليها وقد فرغ الامام من
صلاته قال يجهر بالقراءة كما كان الامام يفعل (قال) وقال مالك فيمن رعف مع الامام
في الظهر بعد ما صلى معه ركعة فخرج يغسل الدم عنه ثم جاء وقد صلى الامام ركعتين
وبقيت له ركعة قال يتبع الامام فيما يصلى الامام ولا يصلى ما فاته به الامام حتى يفرغ
الامام فإذا فرغ الامام قام فقضى ما فاته مما صلى الامام وهو غائب عن الامام (قال)
وقال مالك من قاء عامدا أو غير عامد في الصلاة استأنف الصلاة ولم يبن وليس هو
بمنزلة الرعاف عنده صاحب الرعاف عنده يبني وهذا لا يبني (مالك) عن نافع
عن ابن عمر أنه كأن يقول إذا رعف انصرف فتوضأ ثم رجع فبني على ما صلى ولم

(1) (قوله مما بقي عليه من الصلاة) في الأسدية لأبي زيد انه ان صلي ما بقي عليه من صلاته
حين ظن أن الامام قد فرغ ثم إنه لما انصرف أيقن أن الامام لم يفرغ من صلاته بعد أن صلاته
تامة ولا إعادة عليه لأنه قد خرج من حكم الامام اه‍
38

يتكلم (ابن وهب) قال وبلغني عن ابن عباس وسعيد بن المسيب وسالم وطاوس
وعروة بن الزبير ويحيى بن سعيد مثله (قال) يحيى ما نعلم عليه وضوء وهذا الذي
عليه الناس (علي) عن سفيان عن منصور عن إبراهيم أن علقمة بن قيس أم
قوما فرعف فأشار إلى رجل فتقدم ثم ذهب فتوضأ ثم رجع فصلى ما بقي من صلاته
وحده (وكيع) عن مغيرة عن إبراهيم قال البول والريح يعيد منهما الوضوء والصلاة
(في هيئة المسح علي الخفين)
(قال) وقال مالك يمسح على ظهور الخفين وبطونهما ولا يتبع غضونهما (قال)
والغضون الكسر الذي يكون في الخفين على ظهور القدمين ومسحهما إلى موضع
الكعبين من أسفل ومن فوق (قال ابن القاسم) ولم يحد لنا مالك في ذلك حدا
(قال ابن القاسم) وأرانا مالك المسح على الخفين فوضع يده اليمنى (1) على أطراف
أصابعه من ظاهر قدمه ووضع اليسرى من تحت أطراف أصابعه من باطن خفه
فأمر هما وبلغ باليسرى حتى بلغ بهما إلى عقبه وأمرهما على عقبه إلى موضع الوضوء
وذلك أصل الساق حذو الكعبين (قال) وقال مالك وسألت ابن شهاب فقال
لنا هكذا المسح (قلت) فإن كان في أسفل الكعبين طين أيمسح ذلك الطين من
الخفين حتى يصل الماء إلى الخفين قال هذا قوله (قلت) فهل يجزئ عند مالك باطن
الخف عن ظاهره وظاهره عن باطنه (قال) لا ولكن لو مسح رجل ظاهره ثم صلى
لم أر عليه الإعادة الا في الوقت لان عروة بن الزبير كان يمسح ظهورهما ولا
يمسح بطونهما أخبرنا بذلك مالك بن أنس فأما في الوقت فأحب إلي أن يعيد ما دام
في الوقت (ابن وهب) عن رجل من رعين عن أشياخ لهم عن أبي أمامة الباهلي
وعبادة بن الصامت أنهما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح أسفل الخفين
وأعلاهما (ابن وهب) ان ابن عباس وعطاء بن أبي رباح قالا لا يمسح على غضون

(1) (قوله فوضع يده اليمنى الخ) قال القاضي أبو الوليد هذا يدل على أن يده اليمنى من فوق في الخفين
جميعا بخلاف قول ابن حبيب وعاب ابن شبلون وغيره من شيوخ المذهب قول ابن حبيب اه‍
39

الخفين وان ابن عمر قال يمسح أعلاهما وأسفلهما من حديث ابن وهب عن أسامة
ابن زيد عن نافع عن ابن عمر (وقال مالك) في لخرق يكون في الخف قال إن كان
قليلا لا يظهر منه القدم فليمسح عليه وإن كان كثيرا فاحشا يظهر منه القدم فلا يمسح
عليه (قال) وقال لي مالك في الخفين يقطعهما من أسفل الكعبين المحرم وغيره لا يمسح
عليهما من أجل أن بعض مواضع الوضوء قد ظهر (قال) وقال مالك في رجل لبس
خفيه على طهر ثم أحدث فمسح على خفيه ثم لبس خفين آخرين فوق خفيه أيضا
فأحدث قال يمسح عليهما عند مالك (قال ابن القاسم) لان الرجل إذا توضأ فغسل
رجليه ولبس خفيه ثم أحدث مسح على خفيه ولم ينزعهما فيغسل رجليه (قال) فإذا
لبس خفين على خفين وقد مسح على الداخلين فهو قياس القدمين والخفين (قال)
وقال مالك في الرجل يلبس الخفين على الخفين قال يمسح الا على منهما (قال ابن
القاسم) كان مالك يقول في الجوربين يكونان على الرجل وأسفلهما جلد مخروز
وظاهر هما جلد مخروز انه يمسح عليهما ثم رجع فقال لا يمسح عليهما (قلت) أليس هذا
إذا كان الجلد دون الكعبين ما لم يبلغ بالجلد الكعبين. قال مالك وإن كان فوق الكعبين
فلا يمسح عليهما (قلت) فان لبس جرموقين على خفين ما قول مالك في ذلك (قال) أما
في قوله الأول فإن كان الجرموقان أسفلهما جلد يبلغ مواضع الوضوء مسح على
الجرموقين وإن كان أسفلهما ليس كذلك لم يمسح عليهما وينزعهما ويمسح على الخفين.
وقوله الآخر لا يمسح عليهما أصلا وقوله الأول أحب إلي إذا كان عليهما جلد كما
وصفت لك (قال ابن القاسم) وان نزع الخفين الأعليين اللذين مسح عليهما ثم
مسح على الأسفل منهما مكانه أجزأه ذلك وكان على وضوئه وان أخر ذلك استأنف
الوضوء مثل الذي ينزع خفيه يعني وقد مسح عليهما فان غسل رجليه مكانه أجزأه
ذلك وكان على وضوئه وان أخر ذلك استأنف الوضوء قال وليس يأخذ مالك بحديث
ابن عمر في تأخير المسح (قال) وقال مالك والمرأة في المسح على الخفين والرأس بمنزلة
الرجل سواء في جميع ذلك إلا أنها إذا مسحت على رأسها لم تنقض شعرها (قلت)
40

أرأيت من توضأ فلبس خفيه ثم أحدث فمسح عليهما ثم لبس خفين آخرين فوق خفيه
هل تحفظ عن مالك أنه يمسح على هذين الظاهرين أيضا (قال) لا أحفظه عن مالك
ولكن لا أرى أن يمسح عليهما ويجزئه المسح على الداخلين (قال) ومثل ذلك أنه
إذا توضأ وغسل رجليه ثم لبس خفيه لم يكن عليه أن يمسح على خفيه (قال) وقال
مالك في الرجل يتوضأ فيمسح على خفيه ثم يمكث إلى نصف النهار ثم ينزع خفيه
(قال) ان غسل رجليه مكانه حين نزع خفيه أجزأه فان أخر غسل رجليه ولم يغسلهما
حتى ينزع الخفين أعاد الوضوء كله (قال) وقال مالك فيمن نزع خفيه من موضع
قدميه إلى الساقين وقد كان مسح عليهما حين توضأ انه ينزعهما ويغسل رجليه بحضرة
ذلك وان أخر ذلك استأنف الوضوء (قال) وان أخرج العقب إلى الساق قليلا والقدم
كما هي في الخف فلا أرى عليه شيئا (قال) وكذلك أن كان الخف واسعا فكان العقب
يزول ويخرج إلى الساق وتجول القدم الا أن القدم كما هي في الخف فلا أرى عليه
شيئا (قال ابن القاسم) فيمن يتيمم وهو لا يجد الماء فصلى ثم وجد الماء في الوقت فتوضأ
به انه لا يجزئه أن يمسح على خفيه وينزعهما ويغسل قدميه إذا كان أدخلهما غير
طاهرتين (قال) وسألت مالكا عن المرأة تخضب رجليها بالحناء وهي على وضوء
فتلبس خفيها لتمسح عليهما إذا أحدثت أو نامت أو انتقض وضوءها. قال الا يعجبني
ذلك (قلت) لابن القاسم فإن كان رجل على وضوء فأراد أن ينام أو يبول فقال ألبس
خفي كيما إذا أحدثت مسحت عليهما (قال) سألت مالكا عن هذا في النوم فقال
لا خير فيه والبول عندي مثله (قلت) لابن القاسم أرأيت المستحاضة تمسح على
خفيها. قال عليها أن تمسح (قال) وقال مالك لا يمسح المقيم على خفيه وقد كان قبل
ذلك يقول يمسح عليهما (قال) ويمسح المسافر وليس لذلك وقت (ابن وهب)
وقال عطاء ويحيى بن سعيد ومحمد بن عجلان والليث بن سعد يغسل رجليه إذا نزع
خفيه وقد مسح عليهما (ابن وهب) عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة والليث عن
يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن الحكم البلوي أنه سمع علي بن رباح اللخمي يخبر
41

عن عقبة بن عامر الجهني قال قدمت على عمر بن الخطاب بفتح من الشام وعلى خفان
لي فنظر إليهما عمر فقال كم لك منذ لم تنزعهما قال قلت لبستهما يوم الجمعة واليوم الجمعة
ثمان قال أصبت (قال ابن وهب) وسمعت زيد بن الحباب يذكر عن عمر بن
الخطاب قال لو لبست الخفين ورجلاي طاهرتان وأنا على وضوء لم أبال أن لا أنزعهما
حتى أبلغ العراق أو أقضى سفري
(باب في التيمم)
(قال) وقال مالك التيمم من الجنابة والوضوء سواء (والتيمم) ضربة للوجه
وضربة لليدين يضرب الأرض بيديه جميعا ضربة واحدة فان تعلق بهما شئ نفضهما
نقضا خفيفا يمسح بهما وجهه ثم يضرب ضربة أخرى بيديه فيبدأ باليسرى على
على اليمنى فيمرها من فوق الكف إلى المرفق ويمرها أيضا من باطن المرفق إلى
الكف ويمر أيضا اليمنى على اليسرى كذلك وأرانا ابن القاسم بيديه فقال هكذا أرانا
مالك ووصف لنا (ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن رجل حدثه عن جعفر بن
الزبير عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال في التيمم ضربة للوجه وأخرى للذراعين (قال) وقال مالك لا يتيمم في
أول الوقت مسافر ولا مريض ولا خائف إلا أن يكون المسافر على اياس من الماء
فإذا كان على اياس من الماء تيمم وصلى في أول الوقت وكان ذلك له جائزا ولا إعادة
عليه وان قدر على الماء. والمريض والخائف يتيممان في وسط الوقت. وان وجد
المريض أو الخائف الماء في ذلك الوقت فعليهما الوضوء والإعادة. وان وجد المسافر
الماء بعد ذلك فلا إعادة عليه. وان تيمم المسافر في أول الوقت وهو يعلم أنه يصل إلى
الماء في الوقت ثم صلى قال ابن القاسم فأرى أن يعيد هذا إذا وجد الماء في الوقت
(قال) وقال مالك في المسافر والمريض والخائف لا يتيممون الا في وسط الوقت
(قال) وان تيمموا فصلوا ثم وجدوا الماء في الوقت قال أما المسافر فلا يعيد وأما المريض
والخائف الذي يعرف موضع الماء إلا أنه يخلف أن لا يبلغه فعليه أن يعيد ان قدر على
42

الماء في وقت تلك الصلاة (قال ابن وهب) وأخبرني ابن لهيعة عن بكر بن سوادة
الجذامي عن رجل حدثه عن عطاء بن يسار أن رجلين احتلما على عهد رسول الله صلى
الله عليه وسلم وكانا في سفر فالتمسا الماء فلم يجداه فتيمما ثم صليا ثم وجدا الماء قبل
أن تطلع الشمس فاغتسلا ثم أعاد أحدهما الصلاة ولم يعد الآخر فذكرا ذلك
لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للذي أعاد لك الاجر مرتين وقال للآخر
تمت صلاتك (ابن وهب) وأخبرني الليث بن سعد عن معاذ بن محمد الأنصاري
وغيره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للذي أعاد صلاته لك مثل سهم جمع
وقال للذي لم يعد أجزت عنك صلاتك وأصبت السنة (قال) وقال مالك فيمن كان
معه ماء وهو مسافر فنسي أن معه ماء ثم تيمم فصلى فذكر أن معه الماء وهو في
الوقت (قال) أرى أن يعيد ما كان في الوقت فإذا ذهب الوقت لم يعد (قال) وسألت
مالكا عن الرجل تغيب له الشمس وقد خرج من قريته يريد قرية أخرى وهو فيما
بين القريتين على غير وضوء وهو غير مسافر (قال) ان طمع أن يدرك الماء قبل
مغيب الشفق مضى إلى الماء وان كأن لا يطمع بذلك تيمم وصلى (قال) ومن ذلك
أن من المنازل ما يكون على الميل والميلين لا يطمع أن يدركها قبل مغيب الشفق فإذا
كأن لا يدركها حتى يغيب الشفق تيمم وصلى (قال) وقال مالك وإن كان مسافرا
وهو على يقين من الماء أن يدركه في الوقت فليؤخر حتى يأتي الماء فإن لم يكن على
يقين من الماء أن يدركه في الوقت قال يتيمم ويصلى (قال) والصلوات كلها الظهر
والعصر والمغرب والعشاء والصبح أيضا يتيمم لها في وسط الوقت إلا أن يكون على
يقين أنه يدرك الماء في الوقت فليؤخر ذلك وان كأن لا يطمع أن يدرك الماء في الوقت
فليتيمم في وسط الوقت ويصلى (مالك) عن نافع قال أقبلت أنا وعبد الله بن عمر
من الجرف حتى إذا كنا في المربد نزل عبد الله بن عمر فتيمم فمسح بوجهه ويديه إلى
المرفقين ثم صلى قال نافع وكان ابن عمر يتيمم إلى المرفقين (قال) وقال لي مالك التيمم
إلى المرفقين وان تيمم إلى الكوعين أعاد التيمم والصلاة ما دام في الوقت فان مضى
43

الوقت لم يعد الصلاة وأعاد التيمم (قلت) أيتيمم من في الحضر إذا لم يجد الماء في قول
مالك قال نعم وسألنا مالكا عمن كان في القبائل مثل المعافر (1) وأطراف الفسطاط
فخشي ان ذهب إلى الماء يتوضأ أن تطلع عليه الشمس قبل أن يبلغ الماء قال يتيمم
ويصلى (قال) وسألنا مالكا عن المسافر يأتي البئر في آخر الوقت فهو يخاف ان نزل
ينزع بالرشا ويتوضأ يذهب وقت تلك الصلاة (قال) فليتيمم وليصل (فقلت) لابن
القاسم أفيعيد الصلاة بعد ذلك إذا توضأ في قول مالك قول لا (قلت) فإن كان هذا
الرجل في حضر أتراه في قول مالك بهذه المنزلة في التيمم قال نعم (قال ابن
القاسم) وقد كان مرة من قوله في الحضري أنه يعيد إذا توضأ (1) (قلت) أرأيت من كان
في السجن فلم يجد الماء أفيتيمم فان نعم (قلت) وهو قول مالك قال نعم قد أخبرتك أن
مالكا قال في الرجل في الحضر يخاف أن تطلع الشمس عليه ان ذهب إلى النيل يتوضأ
وهو في المعافر أو في أطراف الفسطاط انه يتيمم ولا يذهب إلى الماء ويصلي وهذا مثل
ذلك * وقد كان ابن القاسم قال من تيمم على موضع النجاسة من الأرض بموضع قد أصابه
البول أو القذر فإنه يعيد ما دام في الوقت (قلت) له هذا قول مالك (قال) قد كان مالك
يقول من توضأ بماء غير طاهر أعاد ما دام في الوقت فكذلك هذا عندي (قال) فقال
ابن القاسم سألت مالكا عن الرجل يجد الماء وهو على غير وضوء ولا يقدر على الماء
وهو في بئر أو في موضع لا يقدر عليه (قال) يعالجه ما لم يخف فوات الوقت فإذا خاف
فوات الوقت تيمم وصلى (قلت) أرأيت أن تيمم رجل فيمم وجهه في موضع ويمم
يديه في موضع آخر (قال) ان تباعد ذلك فليبتدئ التيمم وإن لم يتطاول ذلك وإنما ضرب
بوجهه في موضع ثم قال إلى موضوع آخر قريب من ذلك فضرب بيديه أيضا فأتم تيممه
فإنه يجزئه (قلت) هذا قول مالك قول هو عندي مثل الوضوء (قلت) فان نكس التيمم
فيمم يديه قبل وجهه ثم وجهه بعد يديه (قال) ان صلى أجزأه ويعيد التيمم لما يستقبل

(1) (المعافر) اسم بلد (والقسطاط) علم مصر العتيقة التي بناها عمرو بن العاص رضى
الله تعالى عنه اه‍
44

(قلت) وهذا قول مالك قال هذا مثل الوضوء (قال) وقال مالك في الجنب لا يجد الماء
فيتيمم ويصلي ثم يجد الماء بعد ذلك (قال) يغتسل لما يستقبل وصلاته الأولى تامة وقاله
سعيد بن المسيب وابن مسعود وقد كأن يقول غير ذلك ثم رجع إلى هذا أنه يغتسل
ذكره عن ابن مسعود سفيان بن عيينة من حديث وكيع
(ما جاء في المجدور والمحصوب)
(قال) وقال مالك في المجدور والمحصوب إذا خافا على أنفسهما وقد أصابتهما جنابة
انهما يتيممان لكل صلاة أحدثا في ذلك أو لم يحدثا تيمم الجنابة ولا يغتسلان (قلت)
أرأيت المجروح الذي قد كثرت جراحاته في جسده حتى أتت على أكثر جسده
كيف يفعل في قول مالك (قال) هو بمنزلة المجدور والمحصوب إذا كأن لا يستطيع أن يمس
بالماء جسده تيمم وصلى (قلت) فإن كان بعض جسده صحيحا ليس فيه جراحات وأكثر
جسده فيه الجراحة (قال) يغسل ما صح من جسده ويمسح على مواضع الجراحة ان قدر على
ذلك والا فعلى الخرق التي عصب بها (قلت) هذا قول مالك قال نعم (ابن وهب) عن ابن
جريج عن مجاهد قال للمجدور وأشباهه رخصة أن لا يتوضأ ويتلو هذه الآية وإن كنتم
مرضى أو على سفر وذلك مما يخفى من تأويل القرآن (قال) ابن أبي سلمة وبلغني أن
ابن عباس أفتى مجدورا بالتيمم (قلت) أرأيت أن غمرت جسده ورأسه الجراحات الا
اليد والرجل أيغسل تلك اليد والرجل ويمر الماء على ما عصب من جسده أم يتيمم
(قال) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى أن يتيمم إذا كان هكذا (وقال مالك)
إذا خاف الجنب على نفسه الموت في الثلج والبرد ونحوهما ان هو اغتسل أجزأه التيمم
(ابن وهب) عن جرير بن حازم عن النعمان بن راشد عن زيد بن أبي أنيسية الجزري
قال كان رجل من المسلمين في غزوة خيبر أصابه جدري فأصابته جنابة فغسله أصحابه
فتهري لحمه فمات فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قتلوه قاتلهم الله قتلوه
قاتلهم الله أما كان يكفيهم أن ييمموه بالصعيد (ابن وهب) عن الليث بن سعد
عن يزيد بن أبي حبيب وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عمرو بن العاص
45

علي جيش فسار وانه احتلم في ليلة باردة فخاف على نفسه ان هو اغتسل بالماء البارد
أن يموت فتيمم وصلى بهم ولم يغتسل وأنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحب أنك تركت شيئا مما فعلت ولا
فعلت شيئا مما تركت (وسئل) مالك عن الحصباء يتيمم عليها وهو لا يجد المدر قال نعم
(قيل له فالجبل يكون عليه الرجل وهو لا يجد المدر يتيمم عليه قال نعم (وقال) مالك في
الطين يكون ولا يقدر الرجل على التراب يتيمم عليه وكيف يصنع (قال) يضع يديه على
الطين ويخفف ما استطاع ثم يتيمم (وسئل) عن اللبد أيتيمم عليه إذا كان الثلج ونحوه
فأنكر ذلك وقال لا يتيمم عليه (قلت) لابن القاسم فان تيمم إذا كان الثلج وقد كره له
أن يتيمم على لبد وما أشبه ذلك من النبات (قال) بلغني عن مالك أنه وسع له في أن يتيمم
على الثلج (وقال) علي بن زياد عن مالك انه يتيمم على الثلج (قال) وسألت ابن القاسم عن
الطين كيف يتيمم عليه في قول مالك (قال) إن لم يكن ماء تيمم ويخفف يديه عليه (قال)
ولم أسأله عن الطين الخضخاض ولكني أرى ما لم يكن ماء وهو طين قال مالك
يضع يديه وضعا خفيفا ويتيمم (ابن وهب) عن معاوية بن صالح قال سمعت يحيى
ابن سعيد قال لا بأس بالصلاة على الصفا والسبخة ولا بأس بالتيمم بهما إذا لم يجد
ترابا وهو بمنزلة التراب (وقال يحيى) ما حال بينك وبين الأرض فهو منها (قال)
وقال مالك في رجل تيمم فدخل في الصلاة ثم طلع عليه رجل معه ماء قال يمضي في
صلاته ولا يقطعها (قال) وإن كان الماء في رحله. قال يقطع صلاته ويتوضأ ويعيد الصلاة
(قال) وان فرغ من صلاته ثم ذكر أن الماء كان في رحله فنسيه أو جهله أعاد الصلاة
في الوقت (قال) وسألنا مالك عن الجنب لا يجد الماء الا بثمن (قال) إن كان قليل الدراهم
رأيت أن يتيمم وإن كان واسع المال رأيت أن يشتري ما لم يكثروا عليه في الثمن فان
رفعوا عليه في الثمن فيتيمم ويصلي (قال) وقال مالك فيمن معه الماء وهو يخاف
العطش ان توضأ به قال يتيمم ويبقي ماءه (ابن وهب) وقد قال مثل قول مالك
علي بن أبي طالب وابن شهاب وربيعة وعطاه بن أبي رباح (قلت) أرأيت الجنب
46

إذا نام وقد يتمم قبل ذلك وأحدث بعد ما يتيمم للجنابة ومعه من الماء قدر ما يتوضأ
به هل يتوضأ أو يتيمم (قال مالك) يتيمم ولا يتوضأ بما معه من الماء إلا أنه يغسل
بذلك ما أصابه من الأذى فأما الوضوء فليس يراه على الجنب إذا كان معه من الماء
قدر ما يتوضأ به في أول ما يتيمم في المرة الأولى ولا في الثانية وهو ينتقض تيممه
لكل صلاة ويعود إلى حال الجنابة ولا يجزئه الوضوء ولكنه ينتقض جميع التيمم
ويتيمم للجنابة كلما صلى (قال) وقال مالك في الرجل يتيمم وهو جنب ومعه قدر
ما يتوضأ به قال يجزئه التيمم ولا يتوضأ (قال) فان أحدث بعد ذلك فأراد أن يتنفل
فليتيمم ولا يتوضأ لأنه حين أحدث انتقض تيممه الذي كان تيمم للجنابة ولم ينتقض
موضع الوضوء وحده فإذا جاء وقت صلاة أخرى مكتوبة فكذلك أيضا ينتقض
أحدث أو لم يحدث (قال ابن وهب) وبلغني عن ابن شهاب في رجل أصابته جنابة
في سفر فلم يجد من الماء الا قدر ما يتوضأ به قال ابن شهاب يتيمم صعيدا طيبا (وقال)
ذلك عطاء بن أبي رباح وابن أبي سلمة (قلت) لا بن القاسم أرأيت المسافرين والمرضى
إذا لم يكونوا على وضوء فخسف بالشمس أو بالقمر هل كان مالك يرى أن يتيمموا
ويصلوا (قال) لا أحفظ من مالك فيه شيئا ولكن أرى ذلك لهم (قال ابن القاسم)
من قول مالك م أحدث خلف الأمم في صلاة العيدين قال لا يتيمم (وقال مالك)
لا يصلى الرجل على الجنازة بالتيمم الا المسافر الذي لا يجد الماء (قال) وقد كأن لا يرى
بأسا أن يتيمم من لا يجد الماء في السفر فيمس المصحف ويقرأ حزبه (قال) وقال
مالك في المسافر لا يكون معه الماء يتيمم ويقرأ حزبه ويمس المصحف (قلت) لابن
القاسم أرأيت إذا مر بالسجدة أيسجدها قال نعم يسجدها (قال) وقال مالك فيمن
تيمم للفريضة فصلى ركعتين نافلة قبل أن يصلى الفريضة (قال) فليعد التيمم لأنه لما صلى
النافلة قبل المكتوبة انتقض تيممه للمكتوبة فعليه أن يتيمم للفريضة (قلت) فما قوله
في المسافر يكون جنبا في صلاة الصبح وهو لا يجد الماء فيتيمم لصلاة المكتوبة ثم
يصلى ركعتي الفجر قبل المكتوبة (قال) قال مالك وسألته عن ذلك فقال يعيد التيمم
47

لصلاة الصبح أيضا بعد ركعتي الفجر (قلت) أرأيت من تيمم وهو جنب من نوم
لا ينوى به تيمم الصلاة ولا ينوى به تيمما لمس المصحف أيجوز له أن يتنقل بهذا التيمم
أو يمس المصحف بهذا التيمم قال لا (قال) وقال مالك لا يصلى مكتوبين بتيمم
واحد ولا نافلة ومكتوبة بتيمم واحد إلا أن تكون نافلة بعد مكتوبة فلا بأس بذلك
وان صلى مكتوبة بتيمم ثم ذكر مكتوبة أخرى كان نسيها فليتيمم لها أيضا ولا يجزئه
ذلك التيمم لهذه الصلاة (ابن وهب) وأخبرني جرير بن حازم عن الحسن بن
عمارة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال لا يصلى بالتيمم الا صلاة واحدة
(وقال) الحكم وإبراهيم النخعي مثله (وأخبرني) رجال من أهل العلم عن ابن المسيب
ويحيى بن سعيد وربيعة وعطاء بن أبي رباح وابن أبي سلمة والليث مثله (قال) وقال مالك
في المتيمم لا يؤم المتوضئين قال ويؤمهم المتوضئ أحب إلى (قال) ولو كان أمهم المتيمم
رأيت صلاتهم مجزئة عنهم (قال ابن وهب) وقد قال مثل قول مالك في المتيمم
لا يؤم المتوضئ أحب إلى علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وربيعة وعطاء بن أبي
رباح وقال مالك مثله (وقال) مالك فان أمهم المتيمم كانت الصلاة مجزئة عنهم (قال)
وسألت مالكا عن الرجل يكون في السفر فتصيبه الجنابة ولا يعلم بجنابته وليس معه
ماء فتيمم يريد بتيممه الوضوء فيصلى الصبح ثم يعلم بعد ذلك أنه قد كان أجنب قبل
صلاة الصبح أتجزئه صلاته بذلك التيمم (قال) لا وعليه أن يتيمم ويعيد الصبح لان
تيممه ذلك كان للوضوء لا الغسل (قلت) أرأيت المسافر يكون على وضوء أولا
يكون على وضوء فأراد أن يطأ أهله أو جاريته وليس معه ماء (قال) مالك لا يطأ
المسافر جاريته ولا امرأته الا ومعه ما يكفيهما جميعا من الماء قال ابن القاسم وهما سواء
(قال ابن القاسم) قلت لمالك أرأيت امرأة طهرت من حيضتها في وقت صلاة
فتيممت وصلت فأراد زوجها أن يطأها (قال) لا يفعل حتى يكون معهما من الماء
ما يغتسلان به جميعا (قلت) لابن القاسم أرأيت المرأة إذا كانت حائضا في السفر
فلم تجد الماء ورأت القصة البيضاء فتيممت وصلت ألزوجها أن يجامعها قال لا (قلت) لم
48

قال لا يجامعها زوجها إلا أن يكون معه من الماء ما يغتسلان به جميعا (قلت) أرأيت أن كان معه من الماء ما يغتسل به وهو وحده فأراد أن يجامعها (قال) ليس ذلك له
(قلت) ولم يكون ذلك له (قال) ليس له ولا لها أن يدخلا على أنفسهما إذا لم يكن
معهما ماء أكثر من حدث الوضوء فان وقع الجماع أدخلا على أنفسهما أكثر من
حدث الوضوء وهو قول مالك (قلت) أرأيت المرأة أليس هي على جنابة إلا أنها
متيممة فإذا كان مع الرجل قدر ما يغتسل به وحده أما ترى أنه لم يدخل عليها أكثر
مما كانت فيه لأنها كانت في جنابة (قال) لان ذلك لم يكن لها منه بد وقد تيممت وكان
التيمم طهرا لما كانت فيه فليس للزوج أن يدخل عليها ما ينقض ذلك (قلت) تحفظ هذا
عن مالك (قال) نعم كذلك قال مالك (قال) وقال مالك إذا كانا على وضوء الرجل والمرأة
فليس لو أحد منهما أن يقبل صاحبه إذا لم يجد الماء لان ذلك ينقض وضوء هما وليس
لهما أن ينقضا وضوءهما إلا أن يكون معهما ماء الا ما لابد لهما منه من الحدث ونحوه
(ما جاء في الحائض)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أن حاضت الجارية أول ما تحيض فتمادى بها الدم
(فقال) تقعد فيما بينها وبين خمس عشره ليلة لان أكثر ما يحبس له النساء الحيض
خمس عشرة ليلة وقد روى علي بن زياد عن مالك أنه تقيم بقدر أيام بدايتها ثم هي
مستحاضة بعد ذلك تصلى وتصوم ويأتيها زوجها أبدا إلا أن ترى دما لا تشك فيه أنه
دم حيضة (سحنون) عن ابن نافع عن عاصم بن عمر عن أبي بكر بن عمر عن سالم
ابن عبد الله انه سئل كم تترك الصلاة المستحاضة (فقال) سالم تتركها خمس عشرة ليلة
ثم تغتسل وتصلى (ابن نافع) عن عبد الله بن عمر بن ربيعة ويحيى بن سعيد عن أبيه
عبد الله أنهم كانوا يقولون أكثر ما تترك الصلاة الحائض خمس عشرة ليلة ثم تغتسل
وتصلى (قلت) أرأيت ما رأت المرأة من الدم أول ما تراه المرأة في قول مالك أقال
هو حيض إذا كانت قد بلغت قال نعم (قلت) أرأيت المرأة إذا رأت الدم بعد أيام
حيضتها بأيام قبل أن يأتي وقت حيضتها المستقبلة أيكون ذلك حيضا (قال) إذا كان
49

بين الدمين من الأيام ما لا يضاف بعض الدم إلى بعض جعل هذا المستقبل حيضا (قلت)
أرأيت المرأة إذا كانت تحيض في شهر عشرة أيام وفى شهر ستة أيام وفى شهر ثمانية
أيام مختلطة الحيضة فصارت مستحاضة كم تحسب أيام حيضتها إذا تمادى بها الدم
أتستظهر بثلاث (قال) لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ولكنها تستظهر على
أكثر أيامها التي كانت لحيضها (وقال ابن القاسم) إذا كانت المرأة تحيض خمسة
عشر كل شهر ثم يأتي الدم وصارت مستحاضة انها لا تستظهر بشئ إذا تمادى الدم
بها بعد الخمسة عشر فهي مستحاضة مكانها تغتسل وتصلى ويأتيها زوجها (قال ابن
القاسم) وكل امرأة كانت أيامها أقل من خمسة عشر يوما فإنها تستظهر بثلاث
ما بينها وبين خمسة عشر مثل التي أيامها اثنا عشر تستظهر بثلاث ومثل التي
أيامها ثلاثة عشر تستظهر بيومين والتي أيامها أربعة عشر تستظهر بيوم والتي أيامها
خمسة عشر لا تستظهر بشئ تغتسل وتصلى ويأتيها زوجها ولا تقيم امرأة في حيض
أكثر من خمسة عشر باستظهار كان أو غيره (قال ابن القاسم) وكان مالك يوقت
في دم الحيض أكثر هذه إذا تمادى بها الدم أنها تقعد خمسة عشر يوما فان انقطع
الدم عنها فيما بين ذلك الغت الأيام التي لم تر فيها دما مثل ما فسرت لك واحتسبت
بأيام الدم فإذا استكملت خمسة عشر يوما من أيام الدم اغتسلت وصلت وصنعت مثل
ما تصنع المستحاضة ثم رجع فقال أرى أن تستظهر بثلاثة أيام بعد أيام حيضتها ثم تصلى
وترك قوله الأول خمسة عشر (قال) وقال مالك في المرأة ترى الصفرة والكدرة
في أيام حيضتها أو في غير أيام حيضتها فذلك حيض وإن لم تر مع ذلك دما (وقال) إذا
دفعت دفعة فتلك الدفعة حيض (قال) وقال مالك في المرأة ترى الدم فلا تدفع
الا دفعة في الليل والنهار ان ذلك عند مالك حيض فان انقطع الدم عنها ولم تدفع
الا تلك الدفعة اغتسلت وصلت (قلت) فهل حد مالك في ذلك متى تغتسل (قال)
لا ولكنه قال إذا علمت أنها قد طهرت اغتسلت ان كانت ممن ترى القصة
البيضاء فحين ترى القصة البيضاء وان كانت ممن لا ترى القصة البيضاء فحين
50

ترى الجوف فتغتسل وتصلى (قال ابن القاسم) والجفوف عندي أن تدخل الخرقة
فتخرجها جافة (قال مالك) وان رأت بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة أو نحو
ذلك الدم بين الأيام التي لم ترفيها دما فإذا استكملت
من أيام الدم قدر أيامها التي كانت تحيضها استظهرت بثلاثة أيام فان اختلط عليها
أيام الاستظهار حسبت أيام الدم وألغت أيام الطهر فيما بين الدمين حتى تستكمل
ثلاثة أيام من أيام الدم بعد أيام حيضتها فإذا استكملت ثلاثة أيام من أيام الدم بعد
أيام حيضتها اغتسلت وصلت وكانت مستحاضة بعد ذلك والأيام التي استظهرت بها
هي قبل حائض وان رأت الدم فيما بعد ذلك وإن لم تره والأيام التي كانت تلغيها فيما
بين الدمين التي كانت لا ترى فيها دما تصلى فيها ويأتيها زوجها وتصومها وهي فيها
طاهر وليست تلك الأيام بطهر تعتد به في عدة من طلاق لان التي قبل تلك الأيام
من الدم والتي بعد تلك الأيام قد أضيف بعضها إلى بعض فجعل حيضة واحدة وكان
ما بين ذلك من الطهر ملغى ثم تغتسل بعد الاستظهار وتصلى وتتوضأ لكل صلاة
ان رأت الدم في تلك الأيام وتغتسل كل يوم إذا انقطع عنها الدم من أيام الطهر وإنما أمرت
أن تغتسل لأنه لا يدرى هل الدم لا يرجع إليها ولا تكف عن الصلاة بعد ذلك وان
تطاول بها الدم أشهرا إلا أن ترى في ذلك ما لا يشك فيه ويستيقن أنه دم حيضة فتكف
عن الصلاة ويكون ذلك لها عدة من الطلاق فإن لم يستيقن لم تكف عن الصلاة ولم تكن
لها عدة وكانت عدتها عدة المستحاضة ويأتيها زوجها في ذلك وتصلي وتصوم (قلت)
أرأيت قول مالك دما تنكره كيف هذا الدم الذي تنكره (قال) ان النساء يزعمن أن
51

دم الحيضة لا يشبه دم المستحاضة لرائحته ولونه (قال) فان رأت ذلك أن كان ذلك يعرف
فتحبس عن صلاة والا فلتصل (قال) وكأني رأيت مالكا فيما يذهب إليه من قوله يريد
بهذا أن تصلي المستحاضة أبدا لأنه يقول إن لم تعرف ذلك ولم تر ما تنكره من الدم
صلت (قال) قال مالك في امرأة رأت الدم خمسة عشر يوما ثم رأت الطهر خمسة أيام
ثم رأت الدم رأت الطهر سبعة أيام قال هذه مستحاضة (قال ابن القاسم) وسألت
مالكا عن المستحاضة ينقطع عنها الدم وقد كانت اغتسلت قبل ذلك (قال) فقال لي
مالك مرة لا غسل عليها ثم رجع عن ذلك فقال أحب إلي أن تغتسل إذا انقطع عنها
الدم وهو أحب إلي (قلت) فما قول مالك في الحائض تحيض بعد أن طلع الفجر وقد
كانت حين طلع الفجر طاهرا هل عليها إعادة صلاة الصبح إذا هي طهرت (قال) لا
إعادة عليها إذا هي طهرت وان نسيت الطهر قلم تصلها حتى دخل وقت العصر ثم
حاضت فلا إعادة عليها للظهر ولا للعصر (قلت) فان نسيت المغرب فلم تصلها حتى
دخل وقت العشاء ثم حاضت فلا إعادة عليها لا للمغرب ولا للعشاء (قال) وقال مالك
في الحائض تشد إزارها ثم شأنك بأعلاها (قلت) ما معنى قول مالك ثم شأنه بأعلاها
(قال) سئل مالك عن الحائض أيجامعها زوجها فيما دون الفرج فيما بين فخذيها (قال) لا
ولكن شأنه بأعلاها (قال) قوله عندنا شأنه بأعلاها أن يجامعها في أعلاها ان شاء في
أعكانها وان شاء في بطنها وان شاء فيما شاء مما هو أعلاها (مالك) عن زيد بن
أسلم أن رجلا قال يا نبي الله ما يحل لي من امرأتي وهي حائض قال لي لتشد عليها
إزارها ثم شأنك بأعلاها (مالك) عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه أرسل إلى عائشة
هل يباشر الرجل امرأة وهي حائض فقالت لتشد إزارها على أسفلها ثم يباشرها ان
شاء (قلت) أرأيت امرأة كانت حيضتها خمسا خمسا فرأت الطهر في أربع أيحب
مالك لزوجها أن يكف عنها حتى تميز اليوم الخامس (قال) لا ولكن ليطأها بعد غسلها
(قال) وقال مالك في امرأة صلت ركعة من الظهر أو بعض العصر ثم حاضت (قال)
لا تقضي هذه الصلاة التي حاضت فيها
52

(ما جاء في النفساء)
(قال ابن القاسم) كان مالك يقول في النفساء أقصي ما يمسكها الدم ستون يوما ثم رجع
عن ذلك آخر ما لقيناه فقال أرى أن يسئل عن ذلك النساء وأهل المعرفة فتجلس بعد
ذلك (ابن نافع) عن ابن عمر عن أبي بكر عن سالم بن عبد الله أنه سئل عن النفساء
كم أكثر ما تترك الصلاة إذا لم يرتفع عنها الدم قال تترك الصلاة شهرين فذلك
أكثر ما تترك الصلاة ثم تغتسل وتصلي (قال) وقال مالك في النفساء متى ما رأت
الطهر بعد الولادة وان قرب فإنها تغتسل وتصلى فان رأت بعد ذلك بيوم أو يومين
أو ثلاثة أو نحو ذلك دما مما هو قريب من دم النفاس كان مضافا إلى دم النفاس
وألغت ما بين ذلك من الأيام التي لم تر فيها دما فان تباعد ما بين الدمين كان الدم
المستقبل حيضا وان رأت الدم قرب دم النفاس كانت نفساء فان تمادى بها الدم أقصى
ما يقول النساء انه دم نفاس وأهل المعرفة بذلك كانت إلى ذلك نفساء وان زادت على
ذلك كانت مستحاضة (قال ابن القاسم) وقد كان حد لنا قبل اليوم في النفساء ستين
يوما ثم رجع عن ذلك آخر ما لقيناه فقال أكره أن أحد فيه حدا ولكن يسئل عن
ذلك أهل المعرفة فتحمل على ذلك (ابن وهب) قال سألنا مالكا عن النفساء كم تمكث
في نفاسها إذا تمادى بها الدم حتى تغتسل وتصلي قال ما أحد في ذلك حدا وقد كنت
أقول في المستحاضة قولا وقد كان يقال لي ان المرأة لا تقيم حائضا أكثر من خمسة
عشر يوما ثم نظرت في ذلك فرأيت أن اختلط لها فتصلي وليس ذلك عليها أحب
إلي من أن تترك الصلاة وهي عليها أن تستظهر بثلاث فهذه مستحاضة فأرى اجتهاد
العالم لها في ذلك سعة ولتسأل أهل المعرفة بهذا فتحملها عليه لأن النساء ليس حالهن
في ذلك حال واحد فاجتهاد العالم في ذلك يمنعها (قال) وقال مالك في النفساء ترى
الدم يومين وينقطع عنها يومين حتى يكثر عليها (قال) تلغي الأيام التي لم تر فيها الدم
وتحسب الأيام التي رأت فيها الدم حتى تستكمل أقصى ما تجلس له النفساء في النفاس
من غير سقم ثم هي مستحاضة بعد ذلك وترك قوله في النفاس أقصاه ستون يوما (ابن
53

وهب) عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال يقال أيما امرأة كانت تهراق عند نفاس ثم
رأت الطهر فلتطهر ثم لتصل فان رأت بعد ذلك دما فلا تصلي ما رأت الدم فان أصبحت
يوما وهي ترى الدم فلا تصوم وان انقطع الدم عنها إلى صلاة الظهر من ذلك اليوم فلتطهر
(في المرأة الحامل تلد ولدا ويبقى في بطنها آخر)
(قال ابن القاسم) في المرأة الحامل تلد ولدا ويبقى في بطنها ولد آخر فلا تضعه الا
بعد شهرين والدم يتمادى بها فيما بين الولدين (قال) تنتظر أقصى ما يكون النفاس بالنفساء
ولزوجها عليها الرحمة وقد قيل فيها ان حالها كحال الحامل حتى تضع الولد الثاني (قلت)
فهل تستظهر الحامل إذا رأت الدم وتمادى بها بثلاثة أيام كما تستظهر الحائض (قال) ما
علمت أن مالكا قال في الحامل انها تستظهر بثلاث لا حديثا ولا قديما (قال ابن
القاسم) ولو كانت الحامل تستظهر عنده بثلاث لقال إذا رأت الحامل الدم وتمادى بها
جلست أيام حيضتها ثم استظهرت قال أشهب إلا أن تكون استرابت من حيضتها شيئا
من أول ما حملت هي على حيضتها فإنها تستظهر (وقال) مالك في النفساء ترى الدم
يومين والطهر يومين فتمادى بها الدم هكذا أياما (قال مالك) إذا انقطع الدم عنها اغتسلت
وصلت وجامعها زوجها فإذا رأت أمسكت عن الصلاة حتى تبلغ أقصى ما تجلس إليه
النساء (قال أشهب) وقد سألت مالكا عن الحامل ترى الدم قال هي مثل غير الحامل
تمسك أيام حيضتها كما تمسك التي هي غير حامل (قال) ثم سمعته بعد ذلك يقول ليس
أول الحمل كاخره مثل رواية ابن القاسم (قال أشهب) والرواية الأولى أحسن ما حبس
الحمل من حيضتها مثل ما حبس الرضاع والمرض وغير ذلك ثم تحيض فإنها تقعد
حيضة واحدة
(في الحامل ترى الدم على حملها)
(قلت) لابن القاسم أرأيت الحامل ترى الدم في حملها كم تمسك عن الصلاة
(قال مالك) ليس أول الحمل كآخره إذا رأت الدم في أول الحمل أمسكت عن الصلاة
54

قدر ما يجتهد لها وليس في ذلك حد (قال ابن القاسم) ان رأت الدم في ثلاثة أشهر
أو نحو ذلك تركت الصلاة خمسة عشر يوما أو نحو ذلك وإذا جاوزت الستة أشهر من
حملها ثم رأته تركت الصلاة ما بينها وبين العشرين يوما أو نحو ذلك (ابن وهب)
عن الليث عن ابن لهيعة عن بكر بن عبد الله عن أم علقمة مولاة عائشة عن عائشة
أنها سئلت عن الحامل ترى الدم أتصلي فقالت لا تصلى حتى يذهب الدم عنها (ابن
وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن
ويحيى بن سعيد وابن أبي سلمة مثله وقاله الليث وقد قال مالك إذا طال عليها الدم فهي
بمنزلة المستحاضة تصلى قال وذلك أحسن ما سمعت (ابن وهب) وقال الليث وقال
ربيعة لا تصلى بدم الولد لا قبل ولا بعد (ابن وهب) عن بكر بن مضر قال يحيى
ابن سعيد إذا رأت الحامل الدم أو الصفرة أو الكدرة لم تصل حتى ينقطع ذلك عنها
وقد بلغنا عن عائشة أنها كانت تأمر بذلك النساء (ابن وهب) عن يونس بن
يزيد عن ابن شهاب قال في المرأة ترى الصفرة أو الكدرة أو كالغسالة قال لا نرى أن
تصلى ما دامت ترى من الترية شيئا إذا كانت الترية من عند الحيضة أو الحمل
(تم كتاب الوضوء بحمد الله وعونه)
(كتاب الصلاة)
(بسم الله الرحمن الرحيم)
(وصلى الله وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه)
(ما جاء في الوقوف)
(قال) عبد الرحمن بن القاسم قال مالك أحب ما جاء في وقت صلاة الظهر إلى قول
عمر بن الخطاب أن صل الظهر والفئ ذراع (1) (قال ابن القاسم) قال مالك وأحب إلي
أن يصلى الناس الظهر في الشتاء والصيف والفئ ذراع (قال ابن القاسم) وإنما يقاس

(1) (قوله والفئ ذراع) هذا وقت الاستحباب وأما وقت الوجوب فالزوال اه‍
55

الظل في الشتاء ما دام في وقت صلاة الظهر في نقصان فهو غدوة بعد فإذا مد ذاهبا
فمن ثم يقاس ذراع من ذلك الموضوع فإذا كان الفئ ذراعا صلوا الظهر حين يفئ الفئ
ذراعا (قال مالك) وقد كان ابن عمر ربما ركب (1) في السفر بعد ما يفئ الفئ (2)
فيسير الميلين والثلاثة قبل أن يصلى الظهر (قال ابن القاسم) وما رأيت مالكا يحد
في وقت العصر قامتين ولكنه فيما رأيته يصف كأن يقول والشمس بيضاء نقية (ابن
القاسم) عن مالك عن نافع مولى ابن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله أن
أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما
سواها أضيع ثم كتب أن صلوا الظهر إذا كان الفئ ذراعا إلى أن يكون ظل أحدكم
مثله والعصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة (3) (قال)
ابن القاسم) قال مالك ووقت المغرب إذا غابت الشمس للمقيمين وأما المسافرون
فلا بأس أن يمدوا الميل ونحوه ثم ينزلوا فيصلوا وقد صلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم حين أقام له جبريل الوقت في اليومين جميعا المغرب في وقت واحد حين غابت
الشمس وقد كان ابن عمر يؤخرها في السفر قليلا (قال ابن القاسم) وسألنا مالكا عن
الحرس في الرباط يؤخرون صلاة العشاء إلى ثلث الليل فأنكر ذلك انكارا شديدا وكأنه
كأن يقول يصلون كما يصلي الناس وكأنه يستحب وقت الناس الذي يصلون فيه العشاء
الآخرة ويؤخرون بعد مغيب الشفق قليلا (قال مالك) وقد صلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فلم يؤخروا هذا التأخير (قلت) وما وقت الصبح
عند مالك قال الاغلاس والنجوم بادية مشتبكة (قلت) فما آخر وقتها عنده قال إذا

(1) (قوله ربما ركب الخ) قال ابن رشد فيه تأويلان أحدهما أن معناه استدام الركوب
والثاني أن معناه ابتدأه وكذلك ظاهر ما جاء عنه فيما يأتي بعد اه‍
(2) (قوله بعد ما يفي الفئ) يعني بعد الزوال لا بعد أن يفئ الفئ ذراعا اه‍
(3) (قوله قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة) وذكر في المبسوط وروى ابن نافع عن
مالك أن من صلى العصر في أول وقت الظهر والعشاء في أول وقت المغرب أنه لا إعادة عليه للعصر
والعشاء الا في الوقت اه‍
56

أسفر وقد قال عمر بن الخطاب في كتابه إلى أبي موسى الأشعري أن صل الصبح
والنجوم بادية مشتبكة (قال ابن القاسم) ولم أر مالكا يعجبه هذا الحديث الذي جاء
ان الرجل ليصلي الصلاة وما فاتته ولما فاته من وقتها أعظم قال وذلك أنه كان يرى
هذا ان الناس يصلون في الوقت بعد ما يدخل ويمكن ويمضى منه بعضه الظهر والعصر
والصبح والعشاء قال فهكذا رأيته يذهب إليه قال ولم أجترئ على أن أسأله عن ذلك
وقد صلى الناس قديما وعرف وقت الصلوات (قال) وقال لي مالك يغلس في
السفر في الصبح فقلت له هل يقرأ فيها بالسماء ذات البروج وسبح وما أشبههما فقال إني لأرى أن يكون ذلك واسعا والا كرياء يعجلون الناس
(في الأذان)
(قال ابن القاسم) قال مالك الأذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله الا الله
أشهد أن لا إله الا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله قال ثم
يرجع بأرفع من صوته أول مرة فيقول أشهد أن لا إله الا الله أشهد أن لا إله الا الله
أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله قال فهذا قول مالك في رفع
الصوت ثم حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر
الله أكبر لا إله الا الله. قال فإن كان الأذان في صلاة الصبح (1) في سفر أو حضر قال
الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم مرتين بعد حي على الفلاح (قال)
وأخبرني ابن وهب عن عثمان بن الحكم بن جريج قال حدثني غير واحد من آل أبي
محذورة أن أبا محذورة قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فأذن عند
المسجد الحرام قال قلت كيف أؤذن يا رسول الله قال فعلمني الأذان الله أكبر الله

(1) (قوله فإن كان الأذان في صلاة الصبح الخ) قال ابن وضاح حدثنا أبو زيد عن ابن
القاسم أنه قال أذن بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصبح وهو شاك فكان رسول الله
صلى الله عليه وسلم ثقل فأعاد بلال أذانه وزاد فيه الصلاة خير من النوم قال فدعاني رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا الذي زدت في أذانك يا بلال فقال ضننتك ثقلت ووثبت فأردت
أن أوقظك به فقال اجعله في أذانك للصبح ومر أبا بكر يصل اه‍
57

أكبر أشهد أن لا إله الا الله أشهد أن لا إله الا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد
أن محمدا رسول الله ثم قال ارجع وامدد من صوتك أشهد أن لا إله الا الله أشهد أن
لا إله الا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي
على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم
في الأول من الصبح (1) الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله (قال ابن وهب) قال
ابن جريج قال عطاء ما علمت تأذين من مضى يخالف تأذينهم اليوم وما علمت تأذين
أبي محذورة يخالف تأذينهم وكان أبو محذورة يؤذن في عهد النبي صلى الله عليه
وسلم حتى أدركه عطاء وهو يؤذن (ابن وهب) وقاله الليث ومالك (قال ابن القاسم)
والإقامة الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي
على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله (ابن
وهب) قال وبلغني عن انس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة (ابن وهب) وقال لي مالك مثله (قلت) فما قوله في
التطريب في الأذان قال ينكره انكارا شديدا (قال ابن القاسم) وسألت مالكا عن
المؤذن يدور في أذانه ويلتفت عن يمينه وعن شماله فأنكره وبلغني عنه أيضا أنه قال إن كان يريد أن يسمع فنعم وإلا فلا ولم يعرف الإدارة (قلت) ولا يدور حين يبلغ
حي علي الصلاة قال لا يعرف هذا الذي يقول الناس يدور ولا هذا الذي يقول الناس
يلتفت يمينا وشمالا (قال ابن القاسم) وكان مالك ينكره انكارا شديدا إلا أن يكون
يريد أن يسمع فإن لم يرد به ذلك فكان ينكره انكارا شديدا أن يكون هذا من
حد الأذان ويراه من الخطأ وكان يوسع أن يؤذن كيف تيسر عليه (قال ابن القاسم)
ورأيت المؤذنين بالمدينة يؤذنون ووجوهم إلى القبلة قال وأراه واسعا يصنع كيف

(1) (قوله في الأولى من الصبح) يحتمل أن تكون الثانية هي الإقامة والأولى هو آذان
الصبح أي ما فعل في المرة الأولى وهو الآذان ويحتمل أن الأولى هو الآذان الأول من أذاني
الصبح لما في الحديث ان بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم وكان
ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت اه‍
58

شاء (قال ابن القاسم) ورأيت مؤذني المدينة يقيمون عرضا يخرجون مع الامام
وهم يقيمون
(النهي عن الكلام في الأذان)
(قال) وقال مالك لا يتكلم أحد في الأذان ولا يرد على من سلم عليه قال وكذلك
الملبي لا يتكلم في تلبيته ولا يرد على أحد سلم عليه قال وأكره أن يسلم أحد على الملبي
حتى يفرغ من تلبيته (قلت) لابن القاسم فان تكلم في أذانه أيبتدئه أم يمضي قال بل
يمضي (وأخبرني) سحنون عن علي عن سفيان عن مغيرة عن إبراهيم قال يكره
للمؤذن أن يتكلم في أذانه أو يتكلم في إقامته (قال) وقال مالك لا يؤذن الا من
احتلم قال لان المؤذن إمام ولا يكون من لم يحتلم إماما (قال مالك) وكا مؤذن النبي
صلى الله عليه وسلم أعمى وكان مالك لا يكره أن يكون الأعمى مؤذنا وإماما (قال)
وقال مالك ليس على النساء أذان ولا إقامة قال فان أقامت المرأة فحسن (ابن وهب)
عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال ليس على النساء أذان ولا إقامة (ابن
وهب) وقال ذلك أنس بن مالك وابن شهاب وسعيد بن المسيب وربيعة بن أبي
عبد الرحمن وأبو الزناد ويحيى بن سعيد وقال لي مالك والليث مثله (قال ابن القاسم)
وقال مالك لم يبلغني أن أحدا أذن قاعدا قال وأنكر ذلك انكارا شديدا وقال الا من
عذر به يؤذن لنفسه إذا كان مريضا (قال) وقال مالك لا بأس أن يؤذن رجل ويقيم
غيره (قال) وقال مالك في وضع المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان قال ذلك واسع
ان شاء فعل وان شاء ترك (قال) وكان مالك يكره التطريب في الأذان كراهية
شديدة (قال ابن القاسم) ورأيت المؤذنين بالمدينة لا يجعلون أصابعهم في آذانهم
(قلت) لابن القاسم هل الإقامة عند مالك في وضع اليدين في الاذنين بمنزلة
الأذان (قال) لا أحفظ فيه شيئا وهو عندي مثله (قال) وقال مالك في مؤذن أذن
فأخطأ فأقام ساهيا (قال) لا يجزئه ويبتدئ الأذان من أوله (قال) وقال مالك إذا
59

أذن المؤذن وأنت في الصلاة المكتوبة فلا تقل مثل ما يقول وإذا أذن وأنت في النافلة
فقل مثل ما يقول (قال مالك) ومعنى الحديث الذي جاء إذا أذن المؤذن فقل مثل
ما يقول إنما ذلك إلى هذا الموضع أشهد أن محمدا رسول الله فيما يقع في قلبي ولو فعل
ذلك رجل لم أربه بأسا (ابن وهب) عن مالك أن عطاء بن يزيد الليثي أخبره أن
أبا سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم المؤذن
يؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن (ابن وهب) عن ابن لهيعة قال يزيد بن أبي حبيب
مثله (قلت) لابن القاسم إذا قال المؤذن حي على الفلاح ثم قال الله أكبر الله أكبر
لا إله الا الله أنقول مثله (قال) هو من ذلك في سعة ان شاء فعل وان شاء لم يفعل
(قال ابن القاسم) قلت لمالك أرأيت أن أبطأ المؤذن فقلت مثل ما يقول عجلت قبل
المؤذن (قال) أرى ذلك يجزئ وأراه واسعا (قال) وقال مالك يؤذن المؤذن وهو على
غير وضوء ولا يقيم الا على وضوء (علي بن زياد) عن سفيان عن منصور عن إبراهيم
أنهم كانوا لا يرون بأسا أن يؤذن الرجل على غير وضوء (قال ابن القاسم) وقال لي
مالك يؤذن المؤذن في السفر راكبا ويقيم وهو نازل ولا يقيم وهو راكب (ابن
وهب) عن عمر بن محمد العمري أنه رأى سالم بن عبد الله في السفر حين يرى الفجر
ينادي في الصلاة على البعير فإذا نزل أقام ولا ينادي في غيرها من الصلوات الا
الإقامة (قال ابن وهب) وكان ابن عمر يفعل ذلك. قال وكان ابن عمر لا يزيد على
واحدة في الإقامة وكان سالم يفعل ذلك (قال ابن القاسم) وقال مالك لا ينادى لشئ
من الصلوات قبل وقتها الا الصبح وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان بلالا
ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم قال وكان ابن أم مكتوم رجلا
أعمى لا ينادي حتى يقال له أصبحت أصبحت (قال) ولم يبلغنا أن صلاة أذن لها قبل
وقتها الا الصبح ولا ينادى لغيرها قبل دخول وقتها لا الجمعة ولا غيرها (قلت)
لابن القاسم أرأيت مسجدا من مساجد القبائل اتخذوا له مؤذنين أو ثلاثة أو أربعة
هل يجوز لهم ذلك قال لا بأس به عندي (قلت) هل تحفظه من مالك قال نعم
60

لا بأس به (قال) وسئل مالك عن القوم يكونون في السفر أو مساجد الحرس أو في
المركب فيؤذن لهم مؤذنان أو ثلاثة قال لا بأس بذلك (قال) وسألنا مالكا عن الامام
إمام المصر يخرج إلى الجنازة فيحضر الصلاة أيصلي بأذان وإقامة أم بإقامة
وحدها قال لا بل باذان وإقامة (قال مالك) والصلاة بالمزدلفة بأذانين وإقامتين للامام
وأما غير الامام فتجزئهم إقامة إقامة للمغرب إقامة وللعشاء إقامة (قال مالك) وبعرفة أيضا
أذانان وإقامتان (قال مالك) وكل ما كان من صلاة الأئمة فاذان وإقامة لكل صلاة
وإن كان في حضر وإذا جمع الامام صلاتين فأذانان وإقامتان (قال) وقال مالك كل
شئ من أمر الأمراء إنما هو باذان وإقامة (قال) وقال مالك ليس الأذان الا في مساجد
الجماعة ومساجد القبائل والمواضع التي تجتمع فيها الأئمة فأما ما سوى هؤلاء من أهل
السفر والحضر فالاقامة تجزئهم في الصلوات كلها الصبح وغير الصبح قال وان أذنوا
فحسن (ابن وهب) عن عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد عن نافع أن عبد الله بن
عمر كأن لا يؤذن في السفر بالأولى ولكن كان يقيم الصلاة ويقول إنما التثويب
بالأولى في السفر مع الأمراء الذين معهم الناس ليجتمع الناس إلى الصلاة (قال ابن
القاسم) وسألت مالكا فيمن صلى بغير إقامة ناسيا قال لا شئ عليه (قال) قلت فان
تعمد قال فليستغفر الله ولا شئ عليه (ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب
أنه قال إن نسي الإقامة فلا يعد الصلاة وقاله ربيعة ويحيى بن سعيد والليث بن سعد
(على) عن سفيان عن منصور قال سألت إبراهيم قلت نسيت أن أقيم في السفر
قال تجزئك صلاتك (قال ابن القاسم) وقال مالك فمن دخل المسجد وقد صلى أهله
قال لا تجزئه اقامتهم وليقم أيضا لنفسه إذا صلى (قال) ومن صلى في بيته فلا تجزئه
إقامة أهل المصر (ابن وهب) عن حياة بن شريح عن زهرة بن معبد القرشي
أنه سمع سعيد بن المسيب ومحمد بن المنكدر يقولان إذا صلى الرجل وحده فليؤذن
بالإقامة سرا في نفسه (ابن وهب) عن عطاء ومجاهد قالا من أتى المسجد وقد فرغ
من الصلاة فليقم (ابن وهب) وقاله مالك (قال ابن القاسم) وقال مالك من نسي
61

صلوات يجزئه أن يقضيها بإقامة بلا أذان ولا يصليها ان كانت صلاتين بإقامة
واحدة ولكن يصلى كل صلاة بإقامة إقامة (قال) وقال مالك لا بأس بإجارة المؤذنين
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يستأجر الرجل يؤذن في مسجده ويصلى بأهله يعمره
بذلك (قال) لا بأس به قال وكان مالك يكره إجارة قسام القاضي (قال) وقال مالك
لا بأس بما يأخذ المعلم اشترط ذلك أو لم يشترطه. قال وإن كان اشترط على تعليم القرآن
شيئا معلوما كان ذلك جائزا ولم أر به بأسا (قال) وقال مالك إذا فرغ المؤذن من
الإقامة ينتظر الامام قليلا قدر ما تستوى الصفوف ثم يكبر ويبتدئ القراءة ولا يكون
بين القراءة والتكبير شئ (قال) وقد كان عمر وعثمان يوكلان رجالا بتسوية
الصفوف فإذا أخبروهما أن قد استوت كبرا (قال) وكان مالك لا يوقت للناس
وقتا إذا أقيمت الصلاة يقومون عند ذلك ولكنه كأن يقول ذلك على قدر طاقة
الناس فمنهم القوى والضعيف
(ما جاء في الاحرام في الصلاة)
(قال) وقال مالك تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم (قال ابن القاسم) قال
مالك ولا يجزئ من الاحرام في الصلاة الا الله أكبر ولا يجزئ من السلام من
الصلاة الا السلام عليكم (قال) وكان مالك لا يرى هذا الذي يقول الناس سبحانك
اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك وكأن لا يعرفه (ابن
وهب) عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن قتادة بن دعامة عن أنس بن مالك أن
النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب
العالمين (قال) وقال مالك من كان وراء الامام ومن هو وحده ومن كان اماما فلا
يقل سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك ولكن
يكبرون ثم يبتدئون القراءة (وسألت) ابن القاسم عمن افتتح الصلاة بالأعجمية وهو
لا يعرف العربية ما قول مالك فيه (فقال) سئل مالك عن الرجل يحلف بالعجمية فكره
ذلك وقال أما يقرأ أما يصلي انكارا لذلك أي ليتكلم بالعربية لا بالعجمية قال وما
62

يدريه الذي قال أهو كما قال أي الذي حلف به أنه هو الله ما يدريه أنه هو أم لا (قال)
قال مالك أكره أن يدعو الرجل بالعجمية في الصلاة ولقد رأيت مالكا يكره للعجمي
أن يحلف بالعجمية ويستثقله (قال ابن القاسم) وأخبرني مالك أن عمر بن الخطاب نهى
عن رطانة الأعاجم وقال إنها خب (1) (وكيع) عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل
عن محمد بن الحنفية (2) عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة
الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم (سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص
قال قال عبد الله بن مسعود تحريم الصلاة التكبير وانقضاؤها التسليم (وكيع) عن
إسرائيل عن جابر عن عامر قال مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وانقضاؤها
التسليم (قال ابن القاسم) وقال مالك فيمن دخل مع الامام في صلاة فنسى تكبيرة
الافتتاح (قال) إن كان كبر للركوع ينوى تكبيرة الافتتاح أجزأته صلاته وإن لم ينو بتكبيرة الركوع تكبيرة الافتتاح فليمض مع الامام حتى إذا فرغ الامام أعاد
الصلاة. قال وان هو لم يكبر للركوع ولا للافتتاح مع الامام حتى ركع الامام ركعة
وركعها معه ثم ذكر ابتداء الاحرام وكان الآن داخلا في الصلاة فليتم بقية الصلاة مع
الامام ثم يقضى ركعة إذا سلم الامام (قال) قال مالك إذا دخل مع الامام فنسى
تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع ولم ينو بها تكبيرة الافتتاح مضى في صلاته ولم يقطعها
فإذا فرغ من صلاته مع الامام أعاد الصلاة. قال وإن كان وحده قطع وإن كان قد
صلى من صلاته ركعة أو ركعتين ثم ذكر أنه لم يكن كبر للافتتاح قطع أيضا قال وإنما
ذلك لمن كان خلف الامام وحده (قال) وقال مالك فيما بلغني عنه أنه قال إنما أمرت
من خلف الامام بما أمرته به لأني سمعت أن سعيد بن المسيب قال تجزئ الرجل
إذا نسي تكبيرة الافتتاح تكبيرة الركوع قال مالك وكنت أرى ربيعة بن أبي عبد
الرحمن يعيد الصلاة مرارا فأقول له مالك يا أبا عثمان فيقول نسيت تكبيرة الافتتاح

(1) (خب) بكسر أوله أي خبث وغش اه‍ * (2) (محمد بن الحنفية) لم يقع ذكره في
المدونة الا في هذا الموضع اه‍ من هامش الأصل
63

فأنا أحب له في قول سعيد أن يمضى لأني أرجو أن يجزئ عنه وأحب له في قول ربيعة
أن يعيد احتياطا وهذا في الذي مع الامام (قال) وقال مالك إذا نسي الامام تكبيرة
الافتتاح وكبر للركوع وكبر من خلف الامام تكبيرة الافتتاح ثم صلوا معه حتى فرغوا
أو قبل أن يفرغوا قال يعيد الامام ويعيدون (قلت) لابن القاسم فان نسي الامام
تكبيرة الافتتاح وكبر للركوع ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح (قال) لا يجزئ عنهم
ويعيد ويعيد من خلفه في قول مالك لأنه لو كان وحده لم تجزئه صلاته فكذلك إذا
كان اماما عند مالك يعيد (قال سحنون) لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
التحريم التكبير فلا ينبغي لرجل أن يبتدئ الصلاة بالركوع قبل القيام وذلك يجزئ
من كان خلف الامام لان قراءة الإمام وفعله كان يحسب لهذا لأنه أدرك معه الركعة
فحمل عنه الامام ما مضى إذا نوى بتكبيرته تكبيرة الافتتاح (قال ابن القاسم) قال مالك
من كبر للافتتاح خلف الامام وهو يظن أن الامام قد كبر ثم كبر الامام بعد ذلك
فمضي معه حتى فرغ من صلاته (قال) أرى أن يعيد صلاته إلا أن يكون علم فكبر بعد
ما كبر الامام (قال) فإن كان كبر بعد ما كبر الامام أجزأته صلاته (قال) فقلت لمالك
أرأيت هذا الذي كبر قبل الامام للافتتاح ثم علم أن الامام قد كبر بعده أيسلم ثم
يكبر بعد الامام (قال) لا بل يكبر بعد الامام ولا يسلم
(القراءة في الصلاة)
(قال) وقال مالك لا يقرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم في المكتوبة لا سرا
في نفسه ولا جهرا قال وهي السنة وعليها أدركت الناس (قال) وقال مالك في قراءة
بسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة قال الشأن ترك بسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة
قال لا يقرأ ذلك أحد لا سرأ ولا علانية لا إمام ولا غير إمام (قال) مالك وفى النافلة
ان أحب فعل وان أحب ترك ذلك واسع (قال) وقال مالك يتعوذ الرجل في
المكتوبة قبل القراءة قال ولكن يتعوذ في قيام رمضان إذا قاموا (قال مالك) ومن
قرأ في غير صلاة تعوذ قبل القراءة ان شاء (قال) وقال مالك في الرجل إذا صلى
64

وحده صلاة الجهر أسمع نفسه وفوق ذلك قليلا (قال) ولا تشبه المرأة الرجل في؟؟؟
(قال) وقال مالك في المرأة تصلي وحدها صلاة يجهر فيها بالقراءة قال تسمع المرأة
نفسها قال وليس شأن النساء الجهر الا الامر الخفيف في التلبية وغير ذلك (قال)
وقال مالك ليس العمل عندي أن يقرأ الرجل في الركعة الآخرة من المغرب بعد
أم القرآن بهذه الآية ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا (قال) وقال مالك ليس العمل
على قول عمر حين ترك القراءة فقالوا له انك لم تقرأ فقال كيف كان الركوع والسجود
فقالوا حسن قالا فلا بأس اذن (قال مالك) وأرى أن يعيد من فعل ذلك وان ذهب
الوقت (قال) وكان مالك لا يرى ما قرأ به الرجل في الصلاة في نفسه ما لم يحرك به لسانه
قراءة قال وكذلك بلغني عنه (قال) وقال مالك في رجل ترك القراءة في ركعتين من
الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة. قال لا تجزئه الصلاة وعليه أن يعيد (قال) وكان مالك
يقول من ترك القراءة في جل ذلك أعاد وان قرأ في بعضها وترك بعضها أعاد أيضا قال
وذلك إذا قرأ في ركعتين وترك القراءة في ركعتين فإنه يعيد الصلاة من أي الصلوات
كانت (قلت) لابن القاسم وان ترك القراءة في ركعة من المغرب أو الصبح (قال)
إنما كشفنا مالكا عن الصلوات ولم نكشفه عن المغرب والصبح (قال ابن القاسم)
والصلوات محمل واحد فان قرأ في ركعة من الصبح وترك ركعة أعاد وإن كان مالك
ليحب أن يعيد إذا ترك القراءة في ركعة واحدة في خاصة نفسه من أي الصلوات
كانت وقد كان قبل مدته الآخرة يقول ذلك وقد قاله لي غير عام واحد ثم قال
أرجو أن تجزئه سجدتا السهو قبل السلام وما هو بالبين عندي (قال) وقال مالك
وان قرأ بأم القرآن في صلاته كلها وترك ما سوى ذلك من القرآن فلم يقرأ مع أم
القرآن شيئا في صلاته (قال) تجزئه ويسجد سجدتي السهو قبل السلام (قال مالك)
وان هو ترك قراءة سورة سورة في الركعتين الأولتين سجد للوهم وان قرأ بسورة
سورة مع أم القرآن في الركعتين الآخرتين عامدا (1) فليس عليه سجود الوهم

(1) انظر على القول بأنه يعيد من ترك قراءة السورة عامدا ينبغي أن يسجد إذا تركها ساهيا
فإن لم يفعل حتى طال أعاد خلاف ما لا بن القاسم في العتبية وعلى هذا قراءة السورة واجبة قاله أشهب
65

(قلت فان هو ترك قراءة السورة مع أم القرآن في الركعتين الأولتين عامدا ماذا
عليه في قول مالك أيسجد للوهم (قال) لم نكشف مالكا عن هذا ولم نجترئ عليه بهذا
(قال ابن القاسم) ولا أرى عليه إعادة وليستغفر الله ولا سجود عليه للسهو لأنه لم
يسه (قلت) أرأيت إذا قرأ في أول ركعة من الصبح ولم يقرأ في الركعة الآخرة
(قال) يعيد الصلاة أيضا (قال) وقال مالك من نسي قراءة أم القرآن حتى قرأ
السورة انه يرجع فيقرأ بأم القرآن ثم يقرأ سورة أيضا بعد قراءة أم القران (قال)
وقال مالك لا يقضي قراءة نسيها من ركعة في ركعة أخرى (قال) وقال مالك
فيمن ترك قراءة سورة من احدى الركعتين الأولتين ساهيا وقد قرأ فيها بأم القرآن
انه يسجد لسهوه (قال) ولو قرأ في الركعتين الآخرتين بأم القرآن وسورة في كل
ركعة ساهيا فلا سهو عليه (1) (وقال ابن القاسم) قول مالك قديما ان أم القرآن تجزئ
من غيرها من القرآن ولا يجزئ من أم القرآن ما سواها من القرآن قال فلما سألناه
قلنا له أم القران تجزئ من غيرها من القرآن ولا يجزئ غير أم القرآن من أم
القرآن فقال لا أدري ما هذا وكأنه إنما كره مسئلتنا (قال) وسألناه عن الرجل
ينسى في الركعتين الأوليين أن يقرأ مع أم القرآن بسورة سورة (قال) يسجد لسهوه
وقد أجزأت عنه صلاته (قلت) فان ترك أم القران في الركعتين وقد قرأ بغير أم
القرآن (قال) يعيد صلاته. فعرفنا في هذا أن أم القرآن تجزئ من غيرها وأن غيرها
لا يجزئ منها (قال) وكان مالك يقول زمانا في رجل ترك القراءة في ركعة في فريضة
انه يلغي تلك الركعة بسجدتيها ولا يعتد بها. ثم كان آخر قوله أن قال يسجد لسهوه
إذا ترك القراءة في ركعة وأرجو أن تكون مجزئة عنه وما هو عندي بالبين (2) (قال)

(1) (قوله فلا سهو عليه) قال أشهب أحب إلى أن يسجد وأنا أرى ذلك واجبا عليه اه‍ من المنتخب
(2) (قوله وما هو عندي بالبين) تنازع شيوخنا في معنى قوله وما هو عندي بالبين فقال
بعضهم فما هو بالبين أن ينوب عن قراءتها سجود السهو قاله أبو محمد وقال غيره معناه وما بالبين
أن تعاد الصلاة من ذلك بعد السجود اه‍ ذكره الباجي في السبل.
66

وان قرأ في ركعتين وترك في ركعتين أعاد الصلاة أيضا (قال) وسألت مالكا غير
مرة عمن نسي أم القرآن في ركعة قال أحب إلي أن يلغي تلك الركعة ويعيدها (وقال)
لي في حديث جابر هو الذي آخذ به قال كل ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلا يصليها
الا وراء إمام قال فأنا آخذ بهذا الحديث ثم سمعته (1) آخر ما فارقته عليه يقول لو
سجد سجدتين قبل السلام هذا الذي ترك أم القرآن أن يقرأ بها في ركعة رجوت أن
تجزئ عنه ركعته التي ترك القراءة فيها عن تكره منه ويقول وما هو بالبين (قال)
وفيما رأيت منه أن القول الأول هو أعجب إليه (قال) ابن القاسم وهو رأيي (قال)
وقال مالك أطول الصلوات قراءة صلاة الصبح والظهر (مالك) عن حميد
الطويل (2) عن أنس بن مالك قال قمت وراء أبى بكر وعمر وعثمان فكلهم لم يكن يقرأ
بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتحوا الصلاة قال مالك وعلى ذلك الامر عندنا (ابن
وهب) عن سفيان بن عيينة عن أيوب عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى
الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين (ابن
وهب) عن سفيان بن عيينة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك بذلك (ابن
وهب) عن عيسى بن يونس عن حسين المعلم عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالحمد لله رب العالمين
(ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني محمود بن ربيع عن
عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بأم
القرآن (ابن وهب) عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب يحدث

(1) (قوله ثم سمعته الخ) في هذا الكلام تقديم وتأخير وإنما تقديره ثم سمعته آخر
ما فارقته عليه يقول لو سجد سجدتين قبل السلام رجوت أن تجزئ عنه على كره منه ويقول
وما هو عندي بالبين وهو رأيي وفيما رأيت منه أن القول الأول أعجب إليه وذكر ابن أبي
زيد أن الالغاء هو الذي اختاره ابن القاسم لأنه اختار فيما هنا القول بالالغاء واختار في الوضوء
الإعادة وكذلك في كتاب محمد اه‍
(2) (قوله حميد الطويل) قال ابن وضاح إنما سمي حميد الطويل على الضد وهو قصير اه‍
67

عن أبي هريرة أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى صلاة
لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج هي خداج هي خداج غير تمام (ابن وهب)
عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن
عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله (مالك بن أنس) عن أبي نعيم وهب
ابن كيسان أنه سمع جابر بن عبد الله يقول من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن
فلا يصلى الا وراء إمام (وكيع) عن الأعمش عن خيثمة قال حدثني من سمع
عمر بن الخطاب يقول لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وبشئ معها
(وكيع) عن ابن عون قال سمعت إبراهيم يقول لو صليت خلف إمام علمت أنه
لم يقرأ بشئ الا أعدت صلاتي (وكيع) عن يونس عن أبي إسحاق عن الشعبي أن
عمر بن الخطاب صلى المغرب فلم يقرأ فيها فأعاد الصلاة وقال لا صلاة الا بقراءة
(رفع اليدين في الركوع والاحرام)
(قال) وقال مالك لا أعرف رفع اليدين (1) في شئ من تكبير الصلاة لا في
خفض ولا في رفع الا في افتتاح الصلاة يرفع يديه شيئا خفيفا والمرأة بمنزلة الرجل
في ذلك (قال ابن القاسم) كان رفع اليدين عند مالك ضعيفا الا في تكبيرة الاحرام
(قلت) لابن القاسم وعلى الصفا والمروة وعند الجمرتين وبعرفات وبالموقف والمشعر
وفى الاستسقاء وعند استلام الحجر (قال) نعم إلا أنه في الاستسقاء بلغني أن مالكا
رؤى رافعا يديه وكان قد عزم عليهم الامام فرفع مالك يديه وجعل بطونهما مما يلي
الأرض وظهورهما مما يلي وجهه (قال ابن القاسم) فإن كان الرفع فهكذا مثل ما صنع
مالك (قلت) لابن القاسم قوله (2) إن كان الرفع فهكذا في أي شئ يكون هذا الرفع
(قال) في الاستسقاء وفى مواضع الدعاء (قلت) لابن القاسم فعرفة من مواضع الدعاء

(1) (قوله لا أعرف رفع اليدين الخ) قيل في معني رفع اليدين للاحرام ان ذلك تعظيم لله
وخضوع له وقيل إن ذلك من زينة الصلاة قال عبد الله بن عمر لكل شئ زينة وزينة الصلاة رفع اليدين
فيها قال عقبة وللمصلي بذلك عشر حسنات اه‍ ذكره عبد الحق (2) لعل الصواب قولك اه‍ مصححه
68

(قال) نعم والجمرتان والمشعر (1) (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يمر بالركن فلا
يستطيع ان يستلم أيرفع يديه حين يكبر إذا حاذى الركن أم يكبر ويمضى (قال) بل
يكبر ويمضى ولا يرفع يديه (ابن وهب) عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن
سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه حذو
منكبيه إذا افتتح التكبير للصلاة (2) (وكيع) عن سفيان عن عاصم بن عبد الرحمن
ابن الأسود عن الأسود وعلقمة قالا قال عبد الله بن مسعود ألا أصلى بكم صلاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصلى فلم يرفع يديه الا مرة (وكيع) عن ابن أبي ليلى عن عيسى أخيه والحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يرفعهما حتى
ينصرف (وكيع) عن أبي بكر بن عبد الله بن قطاف النهشلي عن عاصم بن كليب
عن أبيه أن عليا كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود (قال) وكان شهد معه
صفين وكان أصحاب ابن مسعود يرفعون في الأولى ثم لا يعودون. وكان إبراهيم
النخعي يفعله
(الدب في الركوع)
(قال) وقال مالك من جاء والامام راكع فليركع ان خشي أن يرفع الامام رأسه

(1) (قوله) والجمرتان والمشعر الخ) قال عبد الحق وسئل في كتاب الحج هل يرفع يديه في
المقامين عند الجمرتين فقال لا يفعل قال بعض الناس لعل جوابه ههنا لم يقع على رفع اليدين وإنما
وقع على التعريف أن الجمرتين والمشعر من مواضع الدعاء لا على رفع اليدين عندهما ولا على غيره
من ترك رفع اليدين عندهما إذا إنما سئل عن عرفة هل هي من مواضع الدعاء فقال نعم والجمرتان
والمشعر أراد أنهما من مواضع الدعاء كعرفة التي هي من مواضع الدعاء وهذا أولى من أن يعد
اختلافا من قوله إذا كان يحتمل ما وصفنا والله أعلم اه‍ (2) (قوله إذا افتتح التكبير الخ) تمام
الحديث في الموطأ وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا وقال سمع الله لمن حمده
ربنا ولك الحمد وكأن لا يفعل ذلك في السجود هكذا في رواية يحيى وجماعة معه ولم يذكروا
رفعهما عند الانحناء للركوع وقد ذكر فيه جماعة من الحفاظ اه‍
69

إذا كان قريبا يطمع إذا ركع فدب أن يصل إلى الصف (قال) قلت يا أبا عبد الله فان
هو لم يطمع أن يصل إلى الصف فركع قال أرى ذلك مجزئا عنه (قلت) لابن القاسم
أرأيت لو أن رجلا جاء والامام راكع في صلاة العيدين أو في صلاة الخسوف أو في
صلاة الاستسقاء فأراد أن يركع وهو لا يطمع أن يصل إلى الصف أيفعل في قول
مالك أم لا (قال) لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ولكنه عندي بمنزلة المكتوبة
(قال) والمكتوبة أعظم من هذا وأرى أن يفعل (ابن وهب) عن يونس بن
يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف أنه رأى زيد بن
ثابت دخل المسجد والامام راكع فمشى حتى إذا أمكنه أن يصل إلى الصف وهو راكع
كبر فركع ثم دب وهو راكع حتى وصل إلى الصف (ابن وهب) وأخبرني
رجال من أهل العلم عن القاسم بن محمد وعبد الله بن مسعود وابن شهاب مثله
(في الركوع والسجود)
(قال) وقال مالك في الركوع والسجود إذا أمكن يديه من ركبتيه وإن لم يسبح
فذلك مجزئ عنه وكأن لا يوقت تسبيحا (قال) وقال مالك تكبير الركوع والسجود
كله سواء يكبر للركوع إذا انحط للركوع في حال الانحطاط ويقول سمع الله لمن حمده
في حال رفع رأسه (1) فكذلك في السجود يكبر إذا انحط ساجدا في حال الانحطاط
وإذا رفع رأسه من السجود يكبر في حال الرفع وإذا قام في الجلسة الأولى لم يكبر
في حال القيام حتى يستوي قائما وكان يفرق بين تكبيرة القيام من الجلسة وبين تكبير
الركوع والسجود (قال ابن القاسم) وأخبرني بعض أهل العلم أن عمر بن عبد العزيز
كتب به إلى عماله يأمرهم أن يكبروا كلما رفعوا وخفضوا من السجود والركوع
الا في القيام من التشهد بعد الركعتين لا يكبر حتى يستوي قائما مثل قول مالك (قال)
وقال مالك في الركوع والسجود قدر ذلك أن يمكن في ركوعه يديه من ركبتيه وفى

(1) (قوله قي حال رفع رأسه) وقيل إنه يقول سمع الله لمن حمده إذا استوى قائما ولا يقولها
في حال رفع رأسه وقع هذا القول في الكافي اه‍
70

سجوده جبهته من الأرض فإذا تمكن مطمئنا فقد تم ركوعه وسجوده وكأن يقول
إلى هذا تمام الركوع والسجود (قلت) لابن القاسم أرأيت من كانت في جبهته
جراحات أو قروح لا يستطيع أن يضعها على الأرض وهو يقدر على أن يضع أنفه
أيسجد على أنفه في قول مالك أو يومئ (قال) بل يومئ إيماء (قال) وقال مالك
السجود على الانف والجبهة جميعا (قلت) لابن القاسم أتحفظ عنه ان هو سجد
على الانف دون الجبهة شيئا (قال) لا أحفظ عنه في هذا شيئا (قلت) فان فعل
أترى أنت عليه الإعادة. قال نعم في الوقت وغيره (قال) وسألت مالكا عن الرجل
ينكس رأسه في الركوع أم يرفع رأسه فكره مسألتي وعابه على من فعله (قال)
وقال مالك هذا يسألني عن الرجل أين يضع بصره في الصلاة قال وبلغني عنه أنه
قال يضع بصره أمام قبلته وأنكر أن ينكس رأسه إلى الأرض (ابن وهب)
عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب قال كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر كلما خفض ورفع فلم تزل تلك صلاته حتى قبضه
الله (وذكر) أبو هريرة وأبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (قال
ابن القاسم) وقال مالك إذا فرغ الامام من قراءة أم القرآن فلا يقل هو آمين ولكن
يقول ذلك من خلفه وإذا قال الامام سمع الله لمن حمده فلا يقل هو اللهم ربنا لك
الحمد ولكن يقول ذلك من خلفه (وقال) إذا صلى الرجل وحده فقال سمع الله
لمن حمده فليقل اللهم ربنا لك الحمد أيضا قال وإذا قرأ وهو وحده فقال ولا الضالين
فليقل آمين (قال مالك) ويخفى من خلف الامام آمين ولا يقل الامام آمين ولا بأس
بالرجل وحده أن يقول آمين (1) (قلت) لابن القاسم هل كان مالك يأمر الرجل
بأن يفرق أصابعه على ركبتيه في الركوع ويأمره بأن يضمها في السجود (قال)
ما رأيته يحد في هذا حدا وسمعته يسئل عنه وكان يكره الحد في ذلك ويراه من البدع

(1) (قوله ولا بأس بالرجل وحده الخ) هذا وهم وصوابه وعلى الرجل إذا صلى وحده
أن يقول آمين اه‍
71

ويقول يسجد كما يسجد الناس ويركع كما يركعون (قال) وقال مالك إذا قال الامام
سمع الله لمن حمده لم يقل اللهم ربنا لك الحمد وليقل من خلفه اللهم ربنا ولك الحمد
ولا يقل من خلف الامام سمع الله لمن حمده ولكن يقولون اللهم ربنا ولك الحمد
(قال ابن القاسم) وقد قال لي مالك مرة اللهم ربنا لك الحمد ومرة اللهم ربنا ولك الحمد
قال وقال وأحبهما إلي الله ربنا ولك الحمد
(الذي ينعس عن الركعة خلف الامام)
(قال) وقال ابن القاسم الذي أرى وآخذ به في نفسي الذي ينعس خلف الامام في
الركعة الأولى أنه لا يتبع الامام فيها وإن كان يدركه قبل أن يرفع رأسه من سجودها
ويسجد مع الامام ويلغي تلك الركعة ويقضيها إذا قضى صلاته وإنما يتبع الامام عندي
بالركعة في الثانية والثالثة والرابعة إذا طمع أن يدركه قبل أن يرفع رأسه من سجودها
فأما الأولى فلا تشبه عندي الثانية ولا الثالثة وهذا رأيي ورأي من أرضي (1) (قال)
وقال مالك في السجود والركوع في قول الناس في الركوع سبحان ربى العظيم وفي
السجود سبحان ربى الأعلى قال لا أعرفه وأنكره ولم يحد فيه دعاء مؤقتا ولكن
يمكن يديه من ركبتيه في الركوع ويمكن جبهته من الأرض في السجود وليس لذلك
عنده حد وكان مالك يكره الدعاء في الركوع ولا يرى به بأسا في السجود (قلت)
لابن القاسم أرأيت مالكا حين كره الدعاء في الركوع أكان يكره التسبيح
في الركوع قال لا
(جلوس الصلاة)
(قال) وقال مالك الجلوس فيما بين السجدتين مثل الجلوس في التشهد يفضى بأليتيه
إلى الأرض وينصب رجله اليمنى ويثنى رجله اليسرى وإذا نصب رجله اليمنى جعل باطن
الابهام على الأرض لا ظاهر الابهام (قال مالك) فإذا نهض من بعد السجدتين من

(1) (قوله ورأي من أرضي) وهو المغيرة اه‍
72

الركعة الأولى فلا يرجع جالسا ولكن ينهض كما هو للقيام (قال) وقال مالك
ما أدركت أحدا من أهل العلم الا وهو ينهى عن الاقعاء ويكرهه (قال) وقال
مالك سجود النساء في الصلاة وجلوسهن وتشهدهن كسجود الرجال وجلوسهم
وينصبن الرجل اليمنى ويثنين اليسرى ويقعدن على أوراكهن كما يقعد الرجال في ذلك
كله (قال ابن وهب) وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك من حديث
ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن
عطاء عن أبي حميد الساعدي قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضى بوركه
اليسرى إلى الأرض في جلوسه الأخير في الصلاة ويخرج قدميه من ناحية واحدة
(في هيئة السجود)
(قلت) لابن القاسم فما قول مالك في سجود الرجل في صلاته هل يرفع بطنه عن
فخذيه ويجافي بضبعيه. قال نعم ولا يفرج ذلك التفريج ولكن تفريجا متقاربا (قلت)
أيجوز في المكتوبة أن يضع ذراعيه على فخذيه (قال) قال مالك لا إنما ذلك في النوافل
لطول السجود وأما في المكتوبة وما خف من النوافل فلا (قال) وقال مالك أكره
أن يفترش الرجل ذراعيه في السجود (قال) وقال مالك يوجه بيديه إلى القبلة قال ولم
يحد لنا مالك أين يضعهما (قال ابن وهب) وأخبرني عبد الله بن لهيعة أن أبا الزبير
المكي حدثه عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر أن يعتدل
الرجل في السجود ولا يسجد باسطا ذراعيه كالكلب (وذكر) ابن وهب أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسجد إلى جنبه وقد اعتم على جبهته فحسر رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته من حديث ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكر
ابن سوادة عن صالح بن حيان الشيباني (وذكر) ابن وهب أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان إذا سجد يرى بياض إبطيه من حديث ابن وهب عن ابن أبي ذئب
عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس
73

(الاعتماد في الصلاة والاتكاء ووضع اليد على اليد)
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يصلي إلى جنب حائط فيتكئ على الحائط
(قال) أما في المكتوبة فلا يعجبني وأما في النافلة فلا أرى بذلك بأسا (قال ابن
القاسم) والعصا تكون في يده بمنزلة الحائط (قال) وقال مالك ان شاء اعتمد وان
شاء لم يعتمد وكأن لا يكره الاعتماد وقال ذلك على قدر ما يرتفق به فلينظر ما هو أرفق
به فليصنعه (قال) وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى (1) في الصلاة قال لا أعرف
ذلك في الفريضة ولكن في النوافل (2) إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به على
نفسه (سحنون) عن ابن وهب عن سفيان الثوري عن غير واحد من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يده اليمنى على يده
اليسرى في الصلاة
(السجود على الثياب والبسط والمصليات والخمرة والثوب يكون فيه النجاسة)
(قال) وقال مالك أرى أن لا يضع الرجل كفيه الأعلى الذي يضع عليه جبهته قال
وإن كان حرا أو بردا فلا بأس أن يبسط ثوبا يسجد عليه ويجعل كفيه عليه (قال
ابن القاسم) قال مالك بلغني أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر كانا يفعلان ذلك
(قال) وقال مالك تبدأ المرأة كفيها (3) في السجود حتى تضعهما على ما تضع عليه جبهتها
(قال) وقال مالك فيمن سجد على كور العمامة قال أحب إلى أن يرفعها عن بعض
جبهته حتى يمس بعض جبهته الأرض (قلت) فان سجد على كور العمامة قال

(1) (قوله في وضع اليمنى على اليسرى الخ) قال أشهب انه لا بأس به في الفريضة والنافلة
للحديث ولأنها وقفة العبد الذليل لمولاه اه‍ وفي الواضحة لمطرف وابن الماجشون عن مالك قول
ثالث في المسألة وهو ان فعل ذلك في الفريضة والنافلة أفضل من تركه اه‍ لابن رشد
(2) (قوله في الفريضة ولكن في النوافل الخ) قال القاضي رواية ابن القاسم عن مالك في
التفرقة بين الفريضة والنافلة في وضع اليمنى على اليسرى غير صحيحة لان وضع اليمنى على اليسرى
إنما اختلف هل هو من هيئات الصلاة أم لا وليس فيه اعتماد فيفرق فيه بين الفريضة والنافلة اه‍
ذكره الباجي عنه (3) (تبدأ المرأة كفيها) أي تقدمهما اه‍
74

أكرهه فان فعل فلا إعادة عليه (قال) مالك ولا يعجبني أن يحمل الرجل الحصباء
أو التراب من موضع الظل إلى موضع الشمس فيسجد عليه (قال) وكان مالك يكره
أن يسجد الرجل على الطنافس (1) وبسط الشعر والثياب والادم (2) وكأن يقول لا بأس
أن يقوم عليها ويركع عليها ويقعد عليها ولا يسجد عليها ولا يضع كفيه عليها وكان
لا يرى بأسا بالحصباء وما أشبهه مما تنبت الأرض أن يسجد عليها وأن يضع كفيه عليها
(في الثوب إذا سجد عليه)
(قال) وقال مالك لا يسجد على الثوب الا من حر أو برد كتانا كان أو قطنا (قال
ابن القاسم) قال مالك وبلغني أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر كانا يسجدان
على الثوب من الحر والبرد ويضعان أيديهما عليه (قلت) لابن القاسم فهل يسجد
على اللبد والبسط من الحر والبرد (قال) ما سألنا مالكا عن هذا ولكن مالكا كره
الثياب وان كانت من قطن أو كتان فهي عندي بمنزلة البسط واللبود فقد وسع مالك
أن يسجد على الثوب من حر أو برد (قلت) أفترى أن يكون اللبد بتلك المنزلة
قال نعم (قال) وقال مالك في الحصير يكون في ناحية منها قذر ويصلي الرجل على
الناحية الأخرى قال لا بأس بذلك (قال) وقال مالك لا بأس أن يقوم الرجل في
الصلاة على أحلاس الدواب (3) التي قد حلست به اللبود التي تكون في السروج
ويركع عليها ويسجد على الأرض ويقوم على الثياب والبسط وما أشبه ذلك والمصليات
وغير ذلك ويسجد على الخمرة والحصير وما أشبه ذلك ويضع يديه على الذي يضع

(قوله الطنافس) جمع طنفسة بكسر الطاء والفاء وبضمهما وبفتحهما وبكسر الطاء وفتح
الفاء وبالعكس هي بساط له خمل رقيق قال أبو عبيد هي ما يجعل فوق الرحل يعني النمرقة وقال
يعقوب هي القطع التي تكون تحت الرحل على كتفي البعير والجمع قطوع وقال ابن وضاح هي قطعة
حصير يصلي عليها اه‍ * (2) (قوله والادم) هي الجلود التي بولغ في دباغها واحدها أديم وبعضهم
قال لا يسمي أدما الا ما دبغ بالطائف أو الحجاز فقط اه‍
(3) (أحلاس الدواب) جمع حلس قلا ابن قتيبة في الأدب الحلس كساء يكون تحت البرذعة
والحلس والبرذعة للبعير اه‍
75

عليه جبهته (قال) وسألنا مالكا عن الفراش يكون فيه النجس هل يصلى عليه
المريض (قال) إذا جعل فوقه ثوبا طاهرا كثيفا (وأخبرني) ابن وهب قال أخبرني
رجل عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتقى بفضول ثيابه برد الأرض
وحرها (ابن وهب) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا (2) يسجد إلى
جانبه وقد اعتم على جبهته فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته من حديث
ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن صالح بن حيان الشيباني
(ما جاء في صلاة المريض)
(قال) عبد الرحمن بن القاسم قال مالك في المريض الذي لا يستطيع أن يسجد وهو
يقدر على الركوع قائما ويقدر على الجلوس ولا يقدر على السجود والركوع ويقدر على
القيام والجلوس انه إذا قدر على القيام والركوع والجلوس قام فقرأ ثم ركع وجلس
وأومأ للسجود جالسا على قدر ما يطيق وان كأن لا يقدر على الركوع قام فقرأ وركع
قائما يومئ للركوع ثم يجلس ويسجد إيماء (قال ابن القاسم) والذي بجبهته وأنفه
من الجراح مالا يستطيع معه السجود يفعل كما يفعل الذي يقدر على القيام والركوع
والجلوس كما فسرت لك (قال ابن القاسم) وسأل شيخ مالكا وأنا عنده عن الذي
يكون بركبتيه ما يمنعه من السجود والجلوس عليهما في الصلاة (فقال) افعل من ذلك
ما استطعت وتيسر عليك فان دين الله يسر (وقال ابن القاسم) في الرجل يفتتح
الصلاة جالسا لا يقوى الا على ذلك ثم صح بعد ذلك في بعض صلاته انه يقوم ما بقي
من صلاته وصلاته مجزئة عنه وكذلك لو افتتحها قائما ثم عرض له ما يمنعه من القيام
صلى ما بقي من صلاته جالسا (وقال) في المريض الذي لا يستطاع تحويله إلى القبلة
لمرض به أو جرح انه لا يصلى الا إلى القبلة ويحتال له في ذلك فان هو صلى إلى غير
القبلة أعاد ما دام في الوقت وهو في ذلك بمنزلة الصحيح (قال) وقال مالك وإن لم

(1) (قوله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا الخ) هذا الحديث تقدم بلفظة في
باب هيئة السجود فليحرر اه‍ مصححه
76

يستطع المريض أن يصلى متربعا صلى على قدر ما يطيق من قعوده أو على جنبه أو على
ظهره ويستقبل به القبلة (وقال مالك) في المريض الذي لا يستطيع الصلاة قاعدا
قال يصلى على قدر ما يطيق من قعوده فإن لم يستطع أن يصلى قاعدا فعلى جنبه أو على
ظهره تجعل رجلاه مما يلي القبلة ووجهه مستقبل القبلة (قلت) لابن القاسم أرأيت أن كان يقدر على الجلوس هذا المريض إذا رفدوه (1) أيصلى جالسا مرفودا أحب إليك
أم يصلي مضطجعا (قال) بل يصلى جالسا مسنودا أحب إلى ولا يصلى مضطجعا ولا
يستند بحائض ولا جنب (قال) وسألت مالكا عن الرجل يقدر على القيام ولا يقدر
على الركوع والسجود كيف يصلى قال يومئ برأسه قائما للركوع على قدر طاقته ويمد
يديه إلى ركبتيه فإن كان يقدر على السجود سجد وإن لم يكن يقدر على السجود
ويقدر على الجلوس أومأ للسجود جالسا ويتشهد جالسا في وسط صلاته وفى آخر
صلاته إن كان يقدر على الجلوس فإن كأن لا يقدر الا على القيام صلى صلاته كلها قائما يومئ
للركوع وللسجود قائما ويجعل ايماءه للسجود أخفض من الركوع (2) (قال) وسألنا
مالكا عن الرجل لا يستطيع أن يسجد لرمد بعينه أو قرحة بجبهته أو صداع يجده وهو
يقدر على أن يومئ جالسا ويركع ويقوم قائما أيصلى جالسا إذا كأن لا يقدر على السجود
(قال) لا ولكن ليقم فيقرأ ويركع ويقعد ويثنى رجليه ويومئ إيماء لسجوده ويفعل في
صلاته كذلك حتى يفرغ (فقلت) لابن القاسم كيف الايماء بالرأس دون الظهر قال
يومئ برأسه وبظهره (قلت) وهو قول مالك قال نعم (قال ابن القاسم) وقال مالك إذا
صلى المضطجع الذي لا يقدر على القيام فليوم برأسه إيماء ولا يدع الايماء وإن كان

(1) (رفدوه) أي أعانوه * (2) (قوله ويجعل إيماء للسجود أخفض الخ) تأمل هذا فإنه يقتضي أنه
ليس عليه أن يأتي بغاية مقدرته من الايماء خلاف ما وقع لمالك من أنه ان اقتصر من الانحطاط
إلى الايماء على أقل مما تنتهي إليه قدرته فسدت صلاته اه‍ وهذا الاختلاف راجع إلى الاختلاف
في الحركة إلى الركوع والسجود وهل هما فرض مقصودتان لأنفسهما أو ليستا بفرض وان الفرض
الركوع والسجود ولهذا اختلف فيمن سلم من ركعتين ثم انصرف هل يرجع إلى الجلوس أم لا
اه‍ ذكره اللخمي
77

مضطجعا (قال) وقال مالك في المريض الذي لا يستطيع السجود انه لا يرفع إلى
جبهته شيئا ولا ينصب بين يديه وسادة ولا شيئا من الأشياء يسجد عليه (قلت)
لابن القاسم فإن كأن لا يستطيع السجود على الأرض وهو إذا جعلت له وسادة
استطاع أن يسجد عليها إذا رفع له عن الأرض شئ (قال) لا يسجد في قول مالك ولا
يرفع له شئ يسجد عليه ان استطاع على الأرض سجد والا أومأ إيماء (قال ابن
القاسم) فان رفع إليه شئ وجهل ذلك لم يكن عليه إعادة وكذلك بلغني عن مالك
(قال) وقال مالك في امام صلى بقوم يركع ويسجد وخلفه مرضى قعود لا يقدرون
على القيام وهم يصلون بصلاته يومؤون قعودا قال تجزئهم صلاتهم (قال) وقال
مالك أكره للرجل ان ينزع الماء من عينيه فلا يصلى إيماء الا مستلقيا (قال) كان يكرهه
ويقول لا ينبغي له أن يفعل ذلك (وقال ابن القاسم) في الذي يقدح الماء من عينيه
فيؤمر بالاضطجاع على ظهره ولا يزال كذلك اليومين ونحو ذلك (قال) سئل مالك
عنه فكرهه وقال لا أحب لاحد أن يفعله (قال ابن القاسم) ولو فعله رجل فصلى
على حالته تلك رأيت أن يعيد الصلاة متى ما ذكر في الوقت وغيره (على) عن
سفيان عن أبي إسحاق الهمداني عن يزيد بن معاوية العبسي قال دخل عبد الله بن
مسعود على أخيه عتبة بن مسعود وهو يصلى على سواك فأخذه من يده فرمى به وقال
أوم برأسك إيماء واجعل ركوعك أخفض من سجودك (مالك) عن نافع عن ابن
عمر كأن يقول إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه إيماء ولا يرفع إلى جبهته
شيئا (مالك) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت صلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسا (ابن وهب) عن عمر بن قيس
عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى على عود (ابن وهب)
وقال غيره عن ابن شهاب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ومن لم يستطع
أومأ برأسه إيماء
78

(في صلاة الجالس)
(قال) وسألت مالكا عن صلاة الجالس إذا تشهد في الركعتين فأراد أن يقوم في
الركعة الثالثة أيكبر ينوي تكبيرة القيام أم يقرأ ولا يكبر (قال) بل يكبر ينوي
بذلك القيام قبل أن يقرأ (قال) وقال مالك لا بأس بالاحتباء في النوافل للذي يصلي
جالسا بعقب تربعه (قال ابن القاسم) وقال مالك وبلغني أن سعيد بن المسيب وعروة
ابن الزبير كانا يفعلان ذلك (قال) وقال مالك في الرجل يصلى قاعدا قال جلوسه في
موضع الجلوس بمنزلة جلوس القائم يفضي بأليتيه إلى الأرض وينصب رجله اليمنى
ويثني رجله اليسرى (قلت) أرأيت من صلى قاعدا وهو يقدر على القيام أيعيد في
قول مالك (قال) نعم عليه الإعادة وان ذهب الوقت (قال) وقال مالك من افتتح
الصلاة نافلة جالسا وأراد أن يركع قائما لم أر بذلك بأسا (قلت) فان افتتح الصلاة
قائما وأراد أن يجلس (قال) بلغني عن مالك أنه قال لا بأس به. قال ولا أرى أنا به بأسا
(قال مالك) ولا بأس بأن يصلي النافلة محتبيا وأن يصلي على دابته في السفر حيثما توجهت
به (وحدثني) عن سفيان عن الحسن بن عمرو الفقسي عن أبيه قال كان سعيد بن
جبير يصلي قاعدا محتبيا فإذا بقي عليه عشر آيات قام قائما فقرأ وركع (قال ابن وهب)
وقد كان جابر بن عبد الله وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح يصلون في
النافلة محتبين
(الصلاة على المحمل)
(قال) وسمعت مالكا وعبد العزيز بن أبي سلمة قال ولم أسمع من عبد العزيز غير
هذه وحدها يقولان في صلاة الجالس في المحمل قيامه تربع فإذا ركع ركع متربعا
فوضع يديه على ركبتيه فإذا رفع رأسه من ركوعه قال لي مالك يرفع يديه عن ركبتيه
(قال) ولا أحفظ هذا الحرف رفع يديه عن ركبتيه عن عبد العزيز بن أبي سلمة ثم رجع
إلى قولهما جميعا (قالا) فإذا أهوى إلى الايماء للسجود ثني رجليه وسجد إلا أن يكون
79

لا يقدر على أن يثنى رجليه عند الايماء للسجود فيومى متربعا قال مالك والمحمل أشده
عندي يشتد عليه أن يثنى رجليه من تربعه عند سجوده فلا أرى بأسا إذا شق ذلك
عليه أن يومئ لسجوده متربعا (قال) وسألت مالكا عن المريض الشديد المرض الذي
لا يستطيع الجلوس أيصلى في محمله المكتوبة قال لا يعجبني وليصل على الأرض (قال)
مالك ومن خاف على نفسه السباع واللصوص وغيرهما فإنه يصلى على دابته إيماء حيثما
توجهت به دابته وكان أحب إليه إذا أمن في الوقت أن يعيد ولم يكن يراه مثل العدو
(قال) وقال مالك لا يصلى على دابته التطوع الا من هو مسافر ممن يجوز له قصر
الصلاة فأما من خرج فرسخا أو فرسخين أو ثلاثة فإنه لا يصلى على دابته تطوعا (قال)
وقال مالك ولا يصلى في الحضر على دابته وإن كان وجهه إلى القبلة. قال ولا يصلى
مضطجعا الا مريض. قال ولا يتنفل على دابته الا في السفر الذي تقصر في مثله الصلاة
(قال) وقال مالك يتنفل الرجل في السفر ليلا أو نهارا على دابته حيثما توجهت به. قال
وكذلك على الأرض يتنفل ليلا ونهارا في السفر (قال) وقال مالك المسافر يصلى ركعتي
الفجر على راحلته ويوتر عليها أيضا في السفر (قال) وقال مالك لا يصلى أحد في غير
سفر تقصر في مثله الصلاة على دابته للقبلة ولا يسجد عليها سجدة تلاوة للقبلة ولا
لغير القبلة (قال) وقال مالك فيمن قرأ سجدة وهو على دابته مسافر قال يومئ إيماء
(وكيع) عن سفيان عن عمر شيخ من الأنصار قال رأيت أنس بن مالك يصلى على
طنفسة متربعا متطوعا وبين يديه خمرة يسجد عليها (ابن وهب) عن مالك ويحيى
ابن عبد الله عن عمرو بن يحيى المازني عن سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر قال
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار متوجها إلى خيبر وهو يسير (قال)
ابن وهب وأخبرني غير واحد عن جابر بن عبد الله وعامر بن ربيعة وأنس بن مالك
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلى السبحة بالليل في السفر على ظهر
راحلته حيث توجهت به إلى غير القبلة
80

(الامام يصلي بالناس قاعدا)
(قال) وقال مالك لا ينبغي لاحد أن يؤم في النافلة قاعدا (قال) ومن نزل به شئ
وهو امام قوم حتى صار لا يستطيع أن يصلى بهم الا قاعدا فليستخلف غيره يصلى
بالقوم ويرجع هو إلى الصف فيصلى بصلاة الامام مع القوم (قال) وسألنا مالكا
عن المريض الذي لا يستطيع القيام يصلي جالسا ويصلى بصلاته ناس (قال) لا ينبغي
لاحد أن يفعل ذلك (على) عن سفيان عن جابر بن يزيد عن الشعبي أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال لا يؤم الرجل القوم جالسا
(الامام يصلى بالناس على أرفع مما عليه أصحابه)
(قال) وقال مالك لو أن اماما يقوم على ظهر المسجد والناس خلفه أسفل من ذلك
قال مالك لا يعجبني ذلك (قال) وكره مالك أن يصلى الامام على شئ هو أرفع مما يصلى
عليه من خلفه مثل الدكان يكون في المحراب ونحوه من الأشياء (قلت) له فان فعل
(قال) عليهم الإعادة وان خرج الوقت لان هؤلاء يعبثون إلا أن يكون على دكان
يسير الارتفاع مثل ما كان عندنا بمصر فان صلاتهم تامة (وأخبرني) على عن
سفيان عن إبراهيم النخعي قال يكره أن يكون مكان الامام أرفع من مكان أصحابه
(الصلاة أمام القبلة بصلاة الامام)
(قال) وقال مالك من صلى في دور أمام القبلة بصلاة الامام وهم يسمعون تكبير
الامام فيصلون بصلاته ويركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فصلاتهم تامة وان
كانوا بين يدي الإمام قال ولا أحب لهم أن يفعلوا ذلك (قال ابن القاسم) قال مالك
وقد بلغني أن دارا كانت لآل عمر بن الخطاب وهي أمام القبلة كانوا يصلون فيها
بصلاة الامام فيما مضى من الزمان (قال مالك) وما أحب أن يفعله أحد ومن فعله أجزأه
81

(الصلاة فوق ظهر المسجد بصلاة الامام)
(قال) وقال مالك لا بأس في غير الجمعة أن يصلي الرجل بصلاة الامام على ظهر
المسجد والامام في داخل المسجد (قال) وكان آخر ما فارقنا مالكا عليه كره أن يصلي
الرجل خلف الامام بصلاة الامام على ظهر المسجد (قال) ولم يعجبنا هذا من قوله وقوله
الأول به تأخذ (قلت) ما قول مالك في صلاة الرجل على قعيقعان وعلى أبى قبيس
بصلاة الامام في المسجد الحرام (قال) لم أسمع فيه شيئا ولا يعجبني (قال) وقال
مالك في الامام في السفينة يصلى على السقف والقوم تحته قال لا يعجبني (قال) فان
صلى الامام أسفل والناس فوق السقف فلا بأس بذلك إذا كان امامهم قدامهم (قال)
فقلنا لمالك كيف يجمع هؤلاء الذين امامهم فوق السقف قال يصلى الذين فوق السقف
بامام والذين أسفل بامام آخر (قال) وقال مالك في القوم يكونون في السفن يصلى
بعضهم بصلاة بعض وامامهم في احدى السفائن وهم يصلون بصلاته وهم في غير
سفينته (قال) ان كانت السفن قريبة بعضها من بعض فلا بأس بذلك (قال) وقال
مالك ولو أن دورا محجورا عليها صلى قوم فيها بصلاة الامام في غير جمعة فصلاتهم
تامة إذا كانت لتلك الدور كوى ومقاصير يرون منها ما يصنع الناس أو الامام فيركعون
بركوعه ويسجدون بسجوده فذلك جائز وكذا إذا لم يكن لها كوى ولا مقاصير يرون
منها ما يصنع الناس والامام إلا أنهم يسمعون الامام فيركعون بركوعه ويسجدون
بسجوده (قال) وسألت مالكا عن النهر الصغير يكون بين الامام وبين قوم وهم
يصلون بصلاة الامام (قال) لا بأس بذلك إذا كان النهر صغيرا (قال) وإذا صلى رجل
بقوم فصلى بصلاة ذلك الرجل قوم آخرون بينهم وبين ذلك الامام طريق فلا بأس
بذلك (قال) وذلك أنى سألته عن ذلك فقلت له ان أصحاب الأسواق عندنا يفعلون ذلك
في حوانيتهم فقال لا بأس بذلك (ابن وهب) عن سعيد بن أيوب عن محمد بن عبد
الرحمن أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يصلين في بيوتهن بصلاة أهل
المسجد (ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وأبى
82

هريرة وعمر بن عبد العزيز وزيد بن أسلم وربيعة مثله إلا أن عمر بن الخطاب قال ما لم
تكن جمعة (وكيع) عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التؤمة (1) قال صليت مع أبي هريرة فوق ظهر المسجد بصلاة الامام وهو أسفل وقاله إبراهيم النخعي
(الصلاة خلف هؤلاء الولاة)
(قلت) أفكان مالك يقول تجزئنا الصلاة خلف هؤلاء الولاة والجمعة خلفهم قال
نعم (قلت) فإن كانوا قوما خوارج غلبوا أكان يأمر بالصلاة خلفهم والجمعة خلفهم
(قال) كان مالك يقول إذا علمت أن الامام من أهل الأهواء فلا تصل خلفه
ولا تصل خلف أحد من أهل الأهواء (قلت) فسألته عن الحرورية قال ما اختلف
يومئذ عندي أن الحرورية وغيرهم سواء (قال ابن وهب) عن رجال من أهل
العلم عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال دخلت
على عثمان بن عفان وهو محصور فقلت له انك امام العامة وقد نزل بك ما ترى وانه
يصلى لنا امام فتنة وانا نتحرج من الصلاة معه فقال عثمان فلا تفعل فان الصلاة
أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساؤا فاجتنب إساءتهم
(الصلاة خلف أهل الصلاح وأهل البدع)
(قال) وقال مالك يتقدم القوم أعلمهم إذا كانت حاله حسنة قال وان للسن حقا
(قال) فقلت له فأقرؤهم قال قد يقرأ من لا (قال) يريد بقوله من لا أي من لا ترضى
حاله (قال) وقال مالك ويقال أولى بمقدم الدابة صاحب الدابة وأولى بالإمامة
صاحب الدار إذا صلوا في منزله إلا أن يأذنوا في ذلك ورأيته يرى ذلك الشأن
ويستحسنه (قلت) لابن القاسم ما قول مالك فيمن صلى وهو يحسن القرآن خلف
من لا يحسن القرآن (قال) قال مالك إذا صلى الامام بقوم فترك القراءة انتقصت

(1) (قوله التؤمة) وهو صالح بن نبهان والتؤمة امرأة وهي ابنة أمية بن خلف ذكر ذلك
ابن معين في كتاب الرجال
83

صلاته وصلاة من خلفه وأعادوا وان ذهب الوقت قال فذلك الذي لا يحسن
القرآن أشد عندي من هذا لأنه لا ينبغي لا حد أن يأتم بأحد لا يحسن القرآن (قال)
وسألت مالكا عن الصلاة خلف الامام القدري قال إن استيقنت فلا تصل خلفه
(قال) قلت ولا الجمعة قال ولا الجمعة ان استيقنت قال وأرى ان كنت تتقيه وتخافه
على نفسك أن تصلى معه وتعيدها ظهرا (قال مالك) وأهل الأهواء مثل أهل القدر
(قال) ورأيت مالكا إذا قيل له في إعادة صلاة من صلى خلف أهل البدع
يقف ولا يجيب في ذلك (قال ابن القاسم) وأرى في ذلك الإعادة في الوقت (قال)
وسئل مالك عن رجل صلى خلف رجل يقرأ بقراءة ابن مسعود قال يخرج ويدعه
ولا يأتم به (قال) وقال مالك لا ينكح أهل البدع ولا ينكح إليهم ولا يسلم عليهم
ولا يصلى خلفهم ولا تشهد جنائزهم (قال) وقال مالك من صلى خلف رجل يقرأ
بقراءة ابن مسعود فليخرج وليتركه (قلت) فهل عليه أن يعيد إذا صلى خلفه في
قول مالك (قال ابن القاسم) إذا قال لنا يخرج فأرى أن يعيد في الوقت وبعده
(الصلاة خلف الصبي والسكران والعبد الأغلف)
(قال وقال مالك لا يؤم السكران ومن صلى خلفه أعاد (قال) وقال مالك لا يؤم
الصبي بالنافلة لا الرجال ولا النساء (قال) وقال مالك لا تؤم المرأة (قال) وقال
مالك في الاعرابي لا يؤم المسافرين ولا الحضريين وإن كان أقرأهم (وكيع) عن
الربيع بن صبيح عن ابن سيرين قال خرجنا مع عبيد الله بن معمر ومعنا حميد بن
عبد الرحمن وأناس من وجوه الفقهاء فمررنا بأهل ماء (1) فحضرت الصلاة فأذن أعرابي
وأقام قال فتقدم حميد بن عبد الرحمن فلما صلى ركعتين قال من كان ههنا من أهل البلد
فليتم الصلاة وكره أن يؤم الاعرابي (قال) وقال مالك لا يكون العبد اماما في
مساجد القبائل ولا مساجد الجماعة قال ولا الأعياد قال ولا يصلي العبد بالقوم الجمعة

(1) (قوله فمررنا بأهل ماء) يعني بأهل قرية وكذلك حيث ما وقع ذكر المياه فإنما يراد بها
القرى وبيان ذلك في مسند ابن بي شيبة اه‍
84

(قال ابن القاسم) فان فعل أعاد وأعادوا لان العبد لا جمعة عليه ولا بأس أن يؤم
العبد في السفر إذا كان أقرأهم أن يؤم قوما من غير أن يتخذ إماما راتبا (قال) وقال مالك
لا بأس ان يؤم العبد في رمضان في النافلة (قال) وقال مالك أكره ان يؤم
الخصي الناس فيكون اماما راتبا (قال) وقال مالك أكره ان يؤم
الخصي الناس فيكون اماما راتبا (قال) وكان على طرسوس خصي فاستخلف على
الناس من كان يصلي بهم فبلغ ذلك مالكا فأعجبه (قال) وقال مالك لا بأس بأن
يتخذ الأعمى اماما راتبا وقد أم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمى وهو ابن
أم مكتوم (قال) وقال مالك أولاهم بالإمامة أفضلهم في أنفسهم إذا كان هو أفقههم
وللسن حق فقيل له فأكثر قرآنا (قال) قد يقرأ من لا. أي من لا يكون فيه خير
(قال) وقال مالك أكره للامام أن يصلى بغير رداء إلا أن يكون امام قوم في سفر
أو رجلا أم قوما في صلاة في موضع اجتمعوا فيه أو في داره فأما امام مسجد جماعة
أو مساجد القبائل فأكره ذلك وأجب إلى أن لو جعل على عاتقيه عمامة إذا كان
مسافرا أو في داره (ابن وهب) قال سمعت معاوية بن صالح يذكر عن ابن
المسيب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال فليؤمهم أفقههم فذلك أمير أمره رسول
الله صلى الله عليه وسلم (قال ابن وهب) قال ابن جريج ان نافعا أخبره أن عبد الله
ابن عمر أخبره قال كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم من الأنصار في مسجد قباء فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد
وعامر بن ربيعة (ابن وهب) قال مالك يؤم القوم أهل الصلاح والفضل منهم
(وكيع) عن سفيان عن المغيرة عن إبراهيم قال كانوا يكرهون أن يؤم الغلام
حتى يحتلم (ابن وهب) عن ابن أبي ذئب عن مولى لبني هاشم أخبره عن علي
ابن أبي طالب أنه قال لا تؤم المرأة (وكيع) وقال إبراهيم النخعي لا تؤم المرأة في
الفريضة (ابن وهب) وقاله يحيى بن سعيد وربيعة وابن شهاب (ابن وهب)
عن عثمان بن الحكم عن ابن جريج عن عمر بن عبد العزيز قال لا يؤم من لم يحتلم
(ابن وهب) وقاله عطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد (مالك) عن يحيى بن
85

سعيد أن رجلا كأن لا يعرف والده (1) يؤم قوما بالعقيق فنهاه عمر بن عبد العزيز
(وكيع) عن هشام بن عروة عن أبي بكر بن أبي ملكية أن عائشة كان يؤمها
مدبر لها يقال له ذكوان
(الصلاة بالإمامة)
(قلت) ما قول مالك في الرجل يصلى الظهر لنفسه فيأتي رجل فيصلى بصلاته
والرجل الأول لا ينوي أن يكون له إماما هل تجزئه صلاته (قال) بلغني عن مالك أنه
رأى صلاته تامة إذا قام عن يمينه يأتم به وإن كان الآخر لا يعلم به (قلت) أرأيت
لو أن رجلا صلى الظهر وحده فأتى رجل فقام عن يمينه يأتم به قال صلاته مجزئة تامة
(قلت) له وإن لم ينو هذا أن يكون إماما لصاحبه قال ذلك مجزئ عنه نوى أو لم
ينو (قال) وقال مالك في رجلين وغلام صلوا قال يقوم الامام أمامهما ويقوم الرجل
والصبي وراءه إذا كان الصبي يعقل (2) الصلاة لا يذهب ويتركه (قال) وقال مالك
إذا كانوا ثلاثة نفر فصلوا تقدمهم امامهم وان كانا رجلين قام أحدهما عن يمين الامام
وان كانا رجلين وامرأة صلى أحد الرجلين عن يمين الامام وقامت المرأة وراءهما
(قال) وقال مالك في رجلين صليا فقام الذي ليس بإمام عن يسار الإمام قال إن علم
بذلك قبل أن يفرغ من صلاته أداره إلى يمينه وإن لم يعلم بذلك حتى يفرغ من صلاته
فصلاته تامة (قلت) لابن القاسم من أين يديره في قول مالك أمن بين يديه أم من
خلفه قال من خلفه (وقال مالك) فيمن أدرك الامام ساجدا وقد سجد الإمام سجدة
وهو في السجدة الأخرى قال يكبر ويسجد وإن لم يدرك الا واحدة ولا يقف
ينتظره حتى يرفع الامام رأسه من سجوده ولا يسجد ما فاته به الامام ولا يقضيه
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يصلى بامرأته المكتوبة في بيته قال لا بأس بذلك

(1) (قوله لا يعرف والده الخ) لم يقع في الموطأ من نفس الحديث وإنما وقع من قول مالك
انتهى *
(2) (قوله يعقل الصلاة) معني قوله يعقل الصلاة أي يعرف أن تركها يضره وان
فعلها ينفعه اه‍ لأبي عمران
86

إعادة الصلاة مع الامام)
(قال) عبد الرحمن بن القاسم وأخبرني مالك عن القاسم بن محمد حين كانت بنو
أمية يؤخرون الصلاة أنه كان يصلي في بيته ثم يأتي المسجد فيصلى معهم فكلهم في ذلك
فقال أصلي مرتين أحب إلي من أن لا أصلى شيئا (قال) وقال مالك إذا دخل
الرجل المسجد وقد صلى وحده في بيته فليصل مع الناس الا المغرب فإنه إن كان قد
صلاها ثم دخل المسجد فأقام المؤذن صلاة المغرب فليخرج (قلت) لابن القاسم
فان جهل ذلك فصلى مع الامام المغرب ثانية قال أحب إلي أن يشفع صلاته الآخرة
بركعة وتكون الأولى التي صلى في البيت صلاته وقد بلغني ذلك مع مالك (فقلت)
أي شئ يقول مالك في الصبح إذا صلى في بيته ثم أدركها مع الامام أيعيدها (قال) نعم
وهو قوله يعيد الصلوات كلها الا المغرب (1) (قال) وقال مالك كل من صلى في
بيته ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد أعاد الا المغرب (قلت) لابن القاسم فان
هو لم يكن بالمسجد فسمع الإقامة وقد صلى في بيته أيدخل مع الامام أم لا (قال)
ليس ذلك عليه بواجب الا ان شاء (2) (قلت) ليس هو قول مالك قال لم
أسمعه من مالك (قلت) أرأيت لو أن رجلا دخل المسجد فافتتح الظهر فلما صلى
من الظهر ركعة أقيمت الظهر (قال) يضيف إليها ركعة أخرى ثم يسلم ويدخل مع
الامام (قلت) أفيجعل الأولى نافلة قال لا ولكن قد صلى الظهر أربعا ثم دخل في
الجماعة (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن كان حين افتتح
الظهر أقيمت الصلاة قبل أن يركع (قال) يقطع ويدخل مع الامام (قلت) وهذا

(1) (قوله الا المغرب) وقال المغيرة يعيد المغرب كسائر الصلوات اه‍ من هامش الأصل
(2) (قوله ليس ذلك عليه بواجب) والفرق بين المسألتين ان في خروجه من المسجد أذية
الامام فلذلك أمر من قد صلى في بيته بالإعادة معه مع ما ورد من النهي في الخروج من المسجد
بعد الإقامة اه‍ من هامش الأصل
87

قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن دخل المسجد فافتتح صلاة المغرب فلما
افتتحها أقيمت المغرب (قال) يقطع ويدخل مع القوم (قلت) وإن كان قد صلى
ركعة قال يقطع ويدخل مع القوم (قلت) فإن كان قد صلى ركعتين قال يتم الثالثة
ويخرج من المسجد ولا يصلي مع القوم (قلت) فإن كان قد صلى ثلاث ركعات
قال يسلم ويخرج من المسجد ولا يصلي مع القوم (قلت) وهذا قول مالك قال
نعم (قلت) لابن القاسم أرأيت من قطع صلاته قبل أن يركع ممن قد أمرته أن
يقطع صلاته مثل الرجل يفتتح الصلاة فتقام عليه الصلاة قبل أن يركع أيقطع بتسليم
أم بغير تسليم (قال) يقطع بتسليم عند مالك (قال) وسألت مالكا عن رجل افتتح
الصلاة وحده في بيته ثم أقيمت الصلاة فسمعها وهو يعلم أنه يدركها (قال) يمضى
على صلاته ولا يقطع صلاته بعد ما دخل فيها (قال مالك) وان صلى رجل وحده في
بيته ثم أتى المسجد فأقيمت الصلاة فلا يتقدمهم لأنه قد صلاها في بيته وليصل معهم
ولا يتقدمهم فان فعل أعاد من خلفه صلاتهم لأنه لا يدري أيتهما صلاته وإنما ذلك
إلى الله يجعل أيتهما شاء فكيف تجزئهم صلاة رجل لا يدري أهي صلاته أم لا ولأنه
قد جاء حديث آخر ان الأولى هي صلاته وأن الآخرة نافلة فكيف يقتدون بصلاة
رجل هي له نافلة (ابن وهب) عن عياض بن عبد الله القرشي قال لا أعلم إلا أن
إبراهيم بن عبيد بن رفاعة حدثه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيكون أئمة
بعدي يضيعون الصلوات ويتبعون الشهوات فان صلوا الصلاة لوقتها فصلوا معهم
وإن لم يصلوا الصلاة لوقتها فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة (ابن
وهب) عن رجل من أهل العلم عن ابن مسعود وأبي ذر وأبي الدرداء عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم بذلك (مالك) عن نافع عن ابن عمر أنه كأن يقول من صلى
المغرب ثم أدركها فلا يعيد ما قد صلى
(ترك إعادة الصلاة مع الامام)
(قال) وقال مالك كل من صلى في جماعة وإن لم يكن معه الا واحد فلا يعيد تلك
88

الصلاة في جماعة (قال) وقال مالك في رجل يصلي يجمع الصلاة هو وآخر معه في
فريضة فلا يعيد صلاته تلك في جماعة ولا في غيرها لا هو ولا صاحبه. وان أقيمت
صلاة وهو في المسجد وقد صلى هو وآخر جماعة أو مع أكثر من ذلك فلا يعيد
وليخرج من المسجد (قال سحنون) لان الحديث إنما جاء فيمن صلى في بيته ثم
أدركها في جماعة وحديث النبي صلى الله عليه وسلم في محجن إنما صلى في أهله فأمره
النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد في جماعة
(المسجد تجمع فيه الصلاة مرتين)
(قال) وقال مالك في مسجد على طريق من طرق المسلمين ليس له إمام راتب
أتى قوم فجمعوا فيه الصلاة مسافرين أو غيرهم ثم أتى قوم من بعدهم فلا بأس أن
يجمعوا فيه أيضا وأن أتى كذلك عدد ممن يجمع فلا بأس بذلك (قلت) لابن
القاسم أرأيت مسجدا له امام راتب ان مر به قوم فجمعوا فيه صلاة من الصلوات أترى
لامام ذلك المسجد أن يعيد تلك الصلاة فيه بجماعة (قال) نعم قد بلغني ذلك عن
مالك (قلت) فلو كان رجل هو امام مسجد قوم ومؤذنهم أذن وأقام فلم يأته أحد
فصلى وحده ثم أتى أهل المسجد الذين كانوا يصلون فيه (قال) فليصلوا أفذاذا ولا
يجمعوا لان إمامهم قد أذن وصلى قال وهو قول مالك (قلت) أرأيت أن أتى هذا
الرجل الذي أذن في هذا المسجد وصلى وحده أتى مسجدا فأقيمت فيه الصلاة
أيعيد أم لا في جماعة في قول مالك فيه شيئا ولكن لا يعيد
لان مالكا قد جعله وحده جماعة (قال) وقال مالك إذا أتى الرجل المسجد وقد صلى
أهله فطمع أن يدرك جماعة من الناس في مسجد أو غيره فلا بأس أن يخرج من
المسجد إلى تلك الجماعة (قال) وان أتى قوم وقد صلى أهل المسجد فلا بأس أن
يخرجوا من المسجد فيجمعوا وهم جماعة إلا أن يكون المسجد الحرام أو مسجد
الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يخرجون وليصلوا وحدانا قال لان المسجد الحرام أو
مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم أجرا لهم من صلاتهم في الجماعة (قال ابن
89

القاسم) وأرى مسجد بيت المقدس مثله (ابن وهب) عن مالك عن عبد الرحمن
ابن المجبر قال دخلت مع سالم بن عبد الله مسجد الجحفة وقد فرغوا من الصلاة
فقالوا ألا تجمع الصلاة فقال سالم لا تجمع صلاة واحدة في مسجد مرتين (قال)
وأخبرني ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة
ابن أبي عبد الرحمن والليث مثله
في المواضع التي تجوز فيها الصلاة
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يصلي وأمامه جدار مرحاض (قال) إذا كان
مكانه طاهرا فلا بأس به (قال) وقال مالك لا بأس بالصلاة على الثلج (قلت)
لابن القاسم هل كان مالك يوسع أن يصلي الرجل وبين يديه قبر يكون سترة له
قال كان مالك لا يرى بأسا بالصلاة في المقابر وهو إذا صلى في المقبرة كانت القبور
بين يديه وخلفه وعن يمينه وشماله (قال) وقال مالك لا بأس بالصلاة في المقابر قال
وبلغني أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون في المقبرة (قال) وقال
مالك لا بأس بالصلاة في الحمامات إذا كان موضعه طاهرا (قال) وسألت مالكا عن
مرابض الغنم أيصلى فيها قال لا بأس بذلك (قلت) لابن القاسم أتحفظ عن مالك
في مرابض البقر شيئا قال لا ولا أرى به بأسا (ابن وهب) عن سعيد بن أبي
أيوب عمن حدثه عن عبد الله بن مغفل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى في معاطن الإبل وأمر أن يصلى في
مراح الغنم والبقر
(المواضع التي يكره فيها الصلاة)
(قال) وسألت مالكا عن أعطان الإبل في المناهل أيصلى فيها قال لا خير فيه (قال)
وأخبرني ابن القاسم عن مالك بن أنس عن نافع أن عمر بن الخطاب كره دخول
الكنائس والصلاة فيها (قال) وقال مالك وأنا أكره الصلاة في الكنائس لنجاستها
90

من أقدامهم وما يدخلون فيها والصور التي فيها فقيل له يا أبا عبد الله انا ربما سافرنا في
أرض باردة فيجيئنا الليل ونغشى قرى ولا يكون لنا فيها منزل غير الكنائس تكننا
من المطر والثلج والبرد قال أرجو إذا كانت الضرورة أن يكون في ذلك سعة إن شاء الله
ولا يستحب النزول فيها إذا وجد غيرها (قال) وكان مالك يكره أن يصلى
أحد على قارعة الطريق لما يمر فيها من الدواب فيقع في ذلك أبوالها وأرواثها قال
وأحب إلي أن يتنحى عن ذلك (قلت) أكان مالك يكره أن يصلى الرجل إلى
قبلة فيها تماثيل قال كره الكنائس لموضع التماثيل فهذا عنده لا شك أشد من ذلك
(قال ابن القاسم) وسألت مالكا عن التماثيل تكون في الأسرة والقباب والمنار وما
أشبهه (قال) هذا مكروه لأن هذه خلقت خلقا (قال) وما كان من الثياب والبسط
والوسائد فان هذا يمتهن (قال) وكان أبو سلمة بن عبد الرحمن يقول ما كان يمتهن
فلا بأس به وأرجو أن يكون خفيفا ومن تركه غير محرم له فهو أحب إلى (قال)
وسألت مالكا عن الخاتم يكون فيه التماثيل أيلبس ويصلى به قال لا يلبس ولا يصلى
به (قال) وقال مالك لا يصلى في الكعبة ولا في الحجر فريضة ولا ركعتا الطواف
الواجبتان ولا الوتر ولا ركعتا الفجر فأما غير ذلك من ركوع الطواف فلا بأس به
(قال) وبلغني عن مالك أنه سئل عن رجل صلى المكتوبة في الكعبة قال يعيد ما دام
في الوقت (قال مالك) وهو مثل من صلى إلى غير قبلة يعيد ما كان في الوقت
(وذكر) ابن وهب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في المزبلة
والمجزرة ومحجة الطريق وظهر بيت الله الحرام ومعاطن الإبل من حديث يحيى بن
أيوب عن زيد بن جبير عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا
(ما تعاد منه الصلاة في الوقت)
(قال) وقال مالك من صلى ومعه جلد ميتة لم يدبغ أو شئ من لحوم الميتة أو عظامها
(قال) يعيد الصلاة في الوقت قال فان مضى الوقت لم يعد (قال) وقال مالك لا يعجبني
91

أن يصلى على جلود الميتة وان دبغت ومن صلى عليها أعاد في الوقت (قال) وأما جلود
السباع فلا بأس أن يصلى عليها وتلبس إذا ذكيت (قال) ولا أرى أن يصلى على جلد
حمار وان ذكي (قال ابن القاسم) وتوقف مالك عن الكيمخت فكان يأبى فيه الجواب
ورأيت تركه أحب إليه غير مرة ولا مرتين (ابن وهب) وقال ربيعة وابن شهاب
فيمن صلى بثوب غير طاهر انه يعيد ما كان في الوقت (قال ابن القاسم) وقال مالك
في أصواف الميتة وأوبارها وأشعارها انه لا بأس بذلك. قال وكل شئ إذا أخذ من
الميتة وهي حية فلا يكون نجسا فهي إذا ماتت أيضا فلا بأس أن يؤخذ ذلك منها ولا
يكون ميتة (قلت) لابن القاسم فهل تغسل الأصواف والأوبار والاشعار في قول
مالك فيما أخذ من الميتة قال استحسن ذلك مالك (قال مالك) وأكره القرن والعظم
والسن والظلف من الميتة وأراه ميتة فان أحد منها القرن وهي حية كرهته أيضا
(قال) وأكره أنياب الفيل أن يدهن بها أو يمتشط بها وأكره أن يتجر بها أحد أو
يشتريها أو يبيعها لأني أراها ميتة (قلت) لابن القاسم ما قول مالك في اللبن في
ضروع الميتة (قال ابن القاسم) لا يصلح ذلك ولا يحل (قال) وقال مالك لا ينتفع
بعظام الميتة ولا يتجر بها ولا يوقد بها لطعام ولا لشراب ولا يمتشط بها ولا يدهن
بها (قال) وقال مالك فيمن صلى بماء غير طاهر وهو يظن أنه طاهر ثم عليم (قال)
يعيد في الوقت فان مضى الوقت لم يعد ويغسل ما أصاب ذلك الماء من جسده ومن
ثيابه (قال) سحنون وقد فسرت ذلك في كتاب الوضوء
(فيمن صلى إلى غير القبلة)
(قال) وقال مالك في رجل صلى إلى غير القبلة وهو لا يعلم ثم علم وهو في الصلاة
(قال) يبتدئ الصلاة من أولها ولا يدور في الصلاة إلى القبلة ولكن يقطع ويبتدئ
الإقامة (قال) وقال مالك فيمن استدبر القبلة أو شرق أو غرب فصلى وهو يظن
أن تلك القبلة ثم تبين له أنه على غير القبلة قال يقطع ما هو فيه ويبتدئ الصلاة فان
فرغ من صلاته ثم علم في الوقت قال فعليه الإعادة (قال) وان مضى الوقت فلا إعادة
92

عليه (قال) وقال مالك ولو أن رجلا صلى فانحرف عن القبلة ولم يشرق ولم يغرب
فعلم بذلك قبل أن يقضي صلاته قال ينحرف إلى القبلة ويبني على صلاته (ابن وهب)
عن الحارث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال صلينا
ليلة في غيم خفيت علينا القبلة وعلمنا علما فلما أصحبنا نظرنا فإذا نحن قد صلينا إلى غير
القبلة فذكرنا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد أحسنتم ولم يأمرنا أن نعيد
(قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وابن شهاب
وربيعة وعطاء وابن أبي سلمة أنهم قالوا يعيد في الوقت فإذا ذهب الوقت فلا يعيد
(ابن وهب) وقاله مكحول الدمشقي وقال لي مالك مثله
(المغمى عليه والمعتوه)
(قال) وقال لي مالك في المجنون والمغمى عليه وان أغمي عليه أياما يفيق والحائض
تطهر والذمي يسلم إن كان ذلك في النهار قضوا صلاة ذلك اليوم وإن كان في الليل
قضوا صلاة تلك الليلة وإن كان في ذلك ما يقضى صلاة واحدة قضوا الآخرة منها
(قال) وسئل مالك عن الذين ينهدم عليهم البيت فلا يقدرون على الصلاة حتى
يذهب النهار كله ثم يخرجون (قال) أرى أن يقضوا ما فاتهم من الصلاة لان مع هؤلاء
عفوا لهم وان ذهب الوقت (قال) وقال مالك فيمن أغمي عليه في الصبح حتى طلعت
الشمس قال لا إعادة عليه وإن لم يكن أغمي عليه إلا وقت صلاة الصبح وحدها من
حين انفجر الصبح إلى أن طلعت الشمس (قال) وقال مالك من أغمي عليه في وقت
صلاة فلم يفق حتى ذهب وقتها ظهرا كانت أو عصرا والظهر والعصر وقتهما مغيب
الشمس فلا إعادة عليه وكذلك المغرب والعشاء وقتهما الليل كله (قلت) لابن القاسم
أرأيت أن أغمي عليه بعد ما انفجر الصبح وصلى الناس صلاة الصبح إلا أنه في وقت
الصبح فلم يفق حتى طلعت الشمس أيقضي الصبح أم لا قال لا يقضي الصبح (قلت)
أتحفظه عن مالك قال نعم (قال) وسئل مالك عن المعتوه يصيبه الجنون فيقيم في
ذلك السنين أو الأشهر ثم يبرأ بعلاج أو بغيره قال يقضي الصيام ولا يقضي الصلاة
93

(قلت) لابن القاسم فإن كان من حين بلغ مطبقا جنونا ثم أفاق بعد دهر أيقضي
الصيام في قول مالك قال لم أسأله عن هذا بعينه وهو رأى أن يقضيه (قلت) لابن
القاسم أرأيت أن خنق في وقت صلاة الصبح بعد ما انفجر الصبح فلم يفق من خنقه
ذلك حتى طلعت الشمس هل يكون عليه قضاء هذه الصلاة قال لا (قلت) وهو
قول مالك قال هو رأيي لان مالكا قال في المجنون إذا أفاق قضى الصيام ولا يقضي
الصلاة (ابن وهب) عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وبشر
ابن سعيد وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها ومن أدرك من
صلاة العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها (ابن وهب) عن يونس
عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
(ابن وهب) وبلغني عن ناس من أهل العلم أنهم كانوا يقولون إنما ذلك للحائض
تطهر عند غروب الشمس أو بعد الصبح أو للنائم أو للمريض يفيق عند ذلك
(ابن وهب) عن مالك عن نافع أن ابن عمر أغمي عليه وذهب عقله فلم يقض صلاته
(ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب وربيعة ويحيى بن سعيد أنهم
قالوا يقضي ما كان في الوقت فإذا ذهب الوقت فلا يقضي
(صلاة الحرائر والإماء)
(قال) وقال مالك إذا صلت المرأة وشعرها باد أو صدرها أو ظهور قدميها أو
معصميها فلتعد الصلاة ما دامت في الوقت (قال) وبلغني عن مالك في المرأة تصلى
متنقبة بشئ قال لا إعادة عليها وذلك رأيي والتلثم مثله ولا أرى أن تعيد (قال) وقال
مالك إذا كانت الجارية بالغة أو قد راهقت لم تصل الا وهي مستترة بمنزلة المرأة والحرة
الكبيرة (قال) وقال مالك في الأمة تصلى بغير قناع قال ذلك سنتها وكذلك
المكاتبة والمدبرة والمعتق بعضها وأما أمهات الأولاد فلا أرى أن يصلين الا بقناع كما
تصلى الحرة بدرع أو قرقر يستر ظهور قدميها (قلت) والجارية التي لم تبلغ المحيض
94

الحرة ومثلها قد أمرت بالصلاة قد بلغت اثنتي عشرة سنة أو احدى عشرة سنة
أتؤمر أن تستر من نفسها ما تستر الحرة البالغ من نفسها في الصلاة قال نعم (وقال)
مالك في أم الولد تصلى بغير قناع قال أحب إلى أن تعيد ما دامت في الوقت ولست
أراه بواجب عليها كوجوب ذلك على الحرة (قال) وقال مالك لا تصلى الأمة الا
وعلى جسدها ثوب يستر جسدها (قلت) أرأيت السراري كيف يصلين في قول
مالك اللائي لم يلدن (قال) هن إماء يصلين كما تصلى التي لم يتسررها سيدها (قال)
وقال مالك في امرأة صلت وقد انكشف قدماها أو شعرها أو صدور قدميها انها
تعيد ما دامت في الوقت (ابن وهب) عن يزيد بن عياض عن رجل من الأنصار
عن مجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقبل صلاة امرأة بلغت المحيض
الا بخمار (وكيع) عن عمر بن ذر عن عطاء في المرأة لا يكون لها الا الثوب الواحد
قال تتزر به قال يعنى إذا كان الثوب صغيرا (وكيع) عن الربيع بن صبيح عن
الحسن قال إذا حاضت الحرة لم تقبل لها صلاة الا بخمار (وكيع) عن سفيان عن
خصيف عن مجاهد قال إذا حاضت الجارية لم تقبل لها صلاة الا بخمار (وكيع) عن
شريك عن جابر عن عامر في أم الولد تصلى قال إن اختمرت فحسن (ابن وهب)
عن يزيد بن عياض عن حسين بن عبد الله أن ابن عباس قال ليس على الأمة خمار في
الصلاة (ابن وهب) وقال ذلك ربيعة وقاله إبراهيم النخعي
(صلاة العريان والمكفت ثيابه)
(قال) وقال مالك في العراة لا يقدرون على الثياب قال يصلون أفذاذا يتباعد بعضهم
عن بعض ويصلون قياما (قال) وإن كان ليل مظلم لا يتبين بعضهم بعضا صلوا جماعة
وتقدمهم امامهم (قال) وقال مالك في العريان يصلى قائما يركع ويسجد ولا يومئ
إيماء ولا يصلى قاعدا وان كانوا جماعة في نهار صلوا أفذاذا وان كانوا في ليل مظلم
لا ينظر بعضهم إلى عورة بعض صلوا جماعة وتقدمهم امامهم وإن كان ينظر بعضهم
إلى عورة بعض صلوا أفذاذا (قال) وسئل مالك عن الرجل يصلى محلول الإزار
95

وليس عليه سراويل ولا إزار (قال مالك) لا بأس بذلك وهو عندي أستر من الذي
يصلى متوشحا بثوب واحد (قلت) فما قول مالك فيمن صلى متزرا أو بسراويل
وهو يقدر على الثياب (قال) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا أرى أن يعيد في الوقت
ولا في غيره (قال) وسألنا مالكا فيمن صلى محتزما أو جمع شعره بوقاية أو شمر كميه
قال إن كان ذلك لباسه قبل ذلك وهيئته وكان يعمل عملا فتشمر لذلك العمل فدخل
في صلاته كما هو فلا بأس أن يصلى بتلك الحال وإن كان إنما فعل ذلك ليكفت شعرا
أو ثوبا فلا خير فيه (وكيع) عن سفيان الثوري عن مخول بن راشد عن رجل
عن أبي رافع قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى الرجل وشعره
معقوص وكره ذلك علي بن أبي طالب. وعمر قد حل شعر رجل كان معقوصا في
الصلاة حلا عنيفا (وكره) ذلك ابن مسعود وقال إن الشعر يسجد معك ولك بكل
شعرة أجر (قال) أبان بن عثمان مثل الذي يصلى عاقصا شعره مثل المكتوف
(الرجل يقضي بعد سلام الامام)
(قال) وقال مالك فيمن أدرك مع الامام ركعة وقد فاتته ثلاث ركعات فسلم الإمام قال ينهض بغير تكبيرة لان الامام هو الذي حبسه وقد كبر هو حين رافع رأسه من
السجود ولولا الامام لقام بتكبيرته التي كبر حين رفع رأسه من السجدة ولكن لم
يستطع أن يخالف الامام فيجلس معه وليس ذلك لو بجلوس إلا أنه لم يستطع أن
يخالف الامام فإذا نهض نهض بغير تكبيرة (قال) فإذا كان ذلك له فإذا نهض نهض
بتكبيرة وذلك إذا أدرك مع الامام ركعتين وجلوسه مع الامام في آخر صلاة
الامام ذلك وسط صلاته فإذا سلم الامام نهض هو بتكبيرة (قال) وقال مالك
في رجل يأتي والامام جالس في آخر صلاته فيكبر للاحرام. قال يقوم إذا فرغ الامام
بتكبيرة وان قام بغير تكبيرة أجزأه (قال) وقال مالك فيمن أدرك ركعة من
صلاة الامام في الظهر أو في العصر أو العشاء الآخرة فإنه يقرأ خلف الامام بأم
96

القرآن وحدها فإذا سلم الامام وقام يقضي فإنه يقرأ بأم القرآن وسورة فإذا ركع
وسجد جلس وتشهد لان ذلك وسط صلاته والذي جلس مع الامام لم يكن له ذلك
جلوسا إنما جلسه الامام في ذلك الجلوس فإذا قام من جلسته التي هي وسط صلاته قرأ
بأم القرآن وسورة ثم يركع ويسجد ثم يقوم فيقرأ بأم القرآن وحدها ثم يركع ويسجد
ثم يتشهد ويسلم (قال) وقال فيمن أدرك ركعة من المغرب خلف الامام ان صلاته تصير
جلوسا كلها (ابن وهب) عن مالك عن نافع أن ابن عمر إذا فاته شئ من
الصلاة التي مع الامام التي يعلن فيها الامام بالقراءة فإذا سلم الامام قام ابن عمر فقرأ
يجهر لنفسه جهر فيما يقضي قال مالك وعلى ذلك الامر عندنا يقضى ما فاته على نحو ما
فاته (مالك) عن ابن شهاب عن ابن المسيب ما صلاة يجلس فيها كلها. ثم قال
سعيد هي المغرب إذا فاتتك فيها ركعة مع الامام وذلك سنة الصلاة (قال وكيع) قال
ابن عون قلت لمجاهد فاتتني ركعتان مع الامام ما أقرأ فيهما قال اجعل آخر صلاتك
أول صلاتك (وكيع) عن حماد بن سلمة عن قتادة عن ابن سيرين عن ابن مسعود
قال اجعل آخرها أولها (وكيع) عن حماد عن قتادة عن الحسن عن علي قال اجعل
أول صلاتك آخر صلاتك (قال ابن القاسم) وقال مالك ما أدرك مع الامام فهو أول
صلاته إلا أنه يقضى مثل الذي فاته (قال سحنون) مثل ما صنع ابن عمر ومجاهد
وابن مسعود
(صلاة النافلة)
(قال) وقال مالك لا بأس أن يصلى القوم جماعة النافلة في نهار أو ليل قال وكذلك
الرجل يجمع الصلاة النافلة بأهل بيته وغيرهم لا بأس بذلك (قال) وقال مالك من أتى
المسجد وقد صلى القوم فيه المكتوبة فأراد أن يتطوع قبل المكتوبة قال ما أرى بذلك
بأسا (قلت) لابن القاسم فما قوله فيمن نسي صلاة فذكرها فأراد أن يتطوع قبلها
قال لا يتطوع قبلها وليبدأ بها (قلت) أليس هذا مثل الأول (قال) لا لان الأول عليه
بقية من الوقت (قلت) هل كان مالك يوقت قبل الظهر للنافلة ركعات معلومة أو
97

بعد الظهر وقبل العصر أو بعد المغرب فيما بين المغرب والعشاء أو بعد العشاء (قال) لا
وقال إنما يوقت في هذا أهل العراق (قلت) فمن دخل في نافلة فقطعها عامدا أكان
مالك يرى عليه قضاءها قال نعم (قلت) فإن لم يقطعها عامدا قال فلا قضاء عليه عند
مالك (قال) وقال مالك فيمن افتتح صلاة تطوعا فقطعها متعمدا قال عليه
قضاؤها إلا أن يكون إنما قطعها عليه الحدث مما يغلبه فليس عليه قضاؤها (قلت)
أرأيت أن أحدث متعمدا في التطوع (قال) هذا هو قطعها متعمدا فعليه القضاء
(قلت) فان أحدث مغلوبا قال فلا قضاء عليه (قال) وقال مالك في الرجل يفتتح
الصلاة النافلة فتقام الصلاة المكتوبة قبل أن يركع هو شيئا (قال) إن كان ممن تخف
عليه الركعتان بأن يكون الرجل الخفيف يقرأ فيهما بأم القرآن وحدها ويدرك الامام
قبل أن يركع رأيت أن يفعل وإن كان رجلا ثقيلا ولا يستطيع أن يخفف رأيت أن
يقطع بسلام ويدخل في الصلاة (قال) قلت لمالك هذا الذي وسعت له أن يصلي
الركعتين ثم يدخل مع الامام أهو على أن يدرك الامام قبل أن يفتتح الصلاة أم
يدركه قبل أن يركع قال بل يدركه قبل أن يركع (قلت) فهل عليه في قول مالك
قضاء ما قطع (قال) لم يقل لنا مالك قط ان عليه القضاء قال ولا يكون عليه القضاء لأنه
لم يقطعها متعمدا بل جاء ما قطعها عليه. ويكون قطعه بسلام وإن لم يقطعها بسلام أعاد
الصلاة (قال) وسألت مالكا عن الرجل يوتر في المسجد ثم يريد أن يتنفل في
المسجد (قال) يترك قليلا ثم يقوم فيتنفل ما بدا له (قلت) فان أو تر في المسجد ثم
انقلب إلى بيته أيركع ان شاء قال نعم (قال) وكان مالك يكره إذا أخذ المؤذن في
الإقامة أن يتنفل أحد ويذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المسجد
في صلاة الصبح وقد أقيمت الصلاة وقوم يركعون ركعتي الفجر فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أصلاتان معا يريد بذلك فيما رأيت من مالك نهيا (قال) وقال
مالك من سلم إذا كان وحده أو وراء إمام فلا بأس أن يتنفل في موضعه أو حيث
أحب من المسجد الا يوم الجمعة (وسألت) ابن القاسم هل فسر لكم مالك لم كره
98

للامام أن يتنفل في موضعه (قال) لا إلا أنه قال عليه أدركت الناس (قال) وكان مالك
يكره إذا دخل الرجل المسجد فأراد القعود أن يقعد ولا يركع ركعتين فأما ان دخل
مجتازا لحاجته فكأن لا يرى بأسا أن يمر في المسجد ولا يركع (قال ابن القاسم) وذكر
مالك ذلك عن زيد بن ثابت صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وسالم بن عبد الله أنهما
كانا يخرقان المسجد لحاجتهما ولا يركعان (قال) وقال مالك بلغني عن زيد بن
ثابت أنه كره أن يمر مجتازا ولا يركع. ورأيته ولا يعجبه ما ذكر عن زيد بن ثابت أنه
كره ذلك (قال ابن القاسم) ورأيت أنا مالكا يفعل ذلك يخرقه مجتازا ولا يركع فيه
(قلت) لابن القاسم فهل مساجد القبائل في هذا عنده بمنزلة مسجد الجماعة قال
لم أسأله عن ذلك وذلك كله سواء (قال) وقال مالك في صلاة الليل والنهار النافلة
مثنى مثنى * ابن القاسم وابن وهب عن مالك عن نافع وربيعة أن ابن عمر كان إذا دخل
المسجد فوجد الامام قد فرغ من الصلاة لم يصل قبل المكتوبة شيئا (ابن وهب)
وقاله سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والليث (ابن وهب) عن عمرو بن الحارث
عن بكير بن عبد الله عن عبد الله بن أبي سلمة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان حدثه
أنه سمع عبد الله ابن عمر يقول صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يريد التطوع (ابن
وهب) وقاله علي بن أبي طالب وابن شهاب ويحيى بن سعيد والليث وقد صلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم النافلة بالمرأة واليتيم
(الإشارة في الصلاة)
(قلت) هل كان مالك يكره الإشارة في الصلاة إلى الرجل ببعض حوائجه (قال) ما
علمت أنه كرهه ولست أرى به بأسا إذا كان خفيفا وقد كان مالك لا يرى بأسا أن
يرد الرجل إلى الرجل جوابا بالإشارة قال فذلك وهذا سواء (قال) وقال مالك فيمن
سلم عليه وهو في صلاة فريضة أو نافلة فليرد عليه إشارة بيده أو برأسه (قلت)
أرأيت من عطس فشمته رجل وهو في صلاة فريضة أو نافلة أيرد إشارة (قال)
لا أرى أن يرد عليه (قلت) ما قول مالك فيمن سلم على المصلي أكان يكره للرجل
99

أن يسلم على المصلين (قال) لا لم يكره لأنه قال من سلم عليه وهو يصلى فليرد إشارة
فلو كان يكره ذلك لقال أكره أن يسلم على المصلى (ابن وهب) عن هشام بن سعد
عن نافع قال سمعت عبد الله بن عمر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء
فسمعت به الأنصار فجاؤوا يسلمون على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقلت لبلال
أو لصهيب كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسلمون عليه وهو يصلى
قال يشير بيديه
(التصفيق والتسبيح في الصلاة)
(قال ابن القاسم) كان مالك يضعف التصفيق للنساء ويقول قد جاء حديث التصفيق
ولكن قد جاء ما يدل على ضعفه قوله من نابه في صلاته شئ فليسبح وكان يرى
التسبيح للرجال والنساء جميعا (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا صلى في بيته
فاستأذن عليه رجل فسبح به يريد أن يعلمه أنه في صلاته ما قول مالك فيه (قال)
قول من نابه في صلاته شئ فليسبح وهذا قد سبح (قال) وقال مالك وان أراد
الحاجة وهو في الصلاة فلا بأس أن يسبح أيضا
(الضحك والعطاس في الصلاة)
(قال) وقال مالك فيمن قهقه في الصلاة وهو وحده (قال) يقطع ويستأنف وان
تبسم فلا شئ عليه وإن كان خلف إمام فتبسم فلا شئ عليه وان قهقه مضى مع الامام
فإذا فرغ الامام أعاد صلاته وان تبسم فلا شئ عليه (وقال) مالك فيمن عطس وهو
في الصلاة قال لا يحمد الله قال فان ذلك ففي نفسه قال ورأيته يرى أن ترك ذلك
خير له (قال ابن القاسم) ورأيت مالكا إذا أصابه التثاؤب يضع يده على فيه وينفث
في غير صلاة قال ولا أدرى ما فعله في الصلاة (ابن وهب) عن يونس عن ابن
شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى بالناس وبين أيديهم حفرة فأقبل
رجل في عينيه شئ قبيح البصر فطفق القوم يرمقونه بأبصارهم وهو مقبل نحوهم
100

حتى إذا بلغ الحفرة سقط فيها فضحك بعض القوم منه حين سقط فلما انصرف
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ضحك منكم فليعد الصلاة وقاله الليث (وكيع)
عن العمري (1) عن نافع عن ابن عمر قال إذا سلم على أحدكم وهو في صلاة فليشر بيديه
(وكيع) عن عاصم الأحول عن معاذة عن عائشة أنها أومأت إلى نسوة وهي في
الصلاة أن كلن
(البصاق في المسجد)
(قال) وقال مالك لا أرى لاحد أن يبصق في حصير في المسجد ويدلكه برجله
ولا بأس أن يبصق الرجل تحت الحصير وإن كان المسجد محصبا فلا بأس أن يحفر
الحصباء فيبصق فيه ويدفنه ولا بأس أن يبصق تحت قدميه أو أمامه أو عن يساره
أو عن يمينه ويكره أن يبصق أمامه في حائط القبلة ولكن يبصق أمامه في الحصباء
ويدفنه (قال) وقال مالك إذا كان عن يمينه رجل وعن يساره رجل في الصلاة
فليبصق أمامه ويدفنه (قلت) فهل كان يكره أن أبصق تحت قدمي ثم أحكه برجلي
إذا كان المسجد غير محصب (قال) سألته عن الحصير أبصق عليه تحت قدمي ثم أحكه
فكره ذلك (قال ابن القاسم) فالمسجد إذا لم يكن محصبا يقدر على دفن البصاق
بمنزلة الحصير (قال) وكان مالك يكره أن يبصق الرجل عن يمينه وأمامه إذا كان
لا يدفنه كان مع الناس في الصلاة أو وحده وكأن لا يرى بأسا أن يبصق الرجل عن
يساره وتحت قدمه إذا كان وحده أو مع امام إذا لم يكن عن يساره أحد ويدفنه
(وكيع) عن شعبة عن القاسم بن مهران عن أبي رافع عن أبي هريرة قال رأى
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال شعبة نخاعة أو نخامة في قبلة المسجد فحتها قال شعبة
مرة أو مرتين ثم قال أيحب أحدكم أن يتنخم أو يبصق في وجهه إذا صلى أحدكم فلا
يبصق في القبلة بين يديه ولا عن يمينه ولكن عن شماله فإن لم يجد فليتفل هكذا

(1) (عن العمري) هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عمر بن الخطاب نسب إلى جده
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وهو العمري الزاهد اه‍ من هامش الأصل
101

وعركه شعبة بيده في ثوبه (وكيع) عن هشام الدستواني عن قتادة عن أنس بن
مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن تداريه
(قال ابن وهب) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتنخم أحدكم في القبلة ولا عن
يمينه وليبصق عن يساره أو تحت رجله اليسرى
(في صلاة الصبيان)
(قال) وقال مالك يؤمر الصبيان بالصلاة إذا أثغروا (ابن وهب) عن غير
واحد عن عبد الله بن عمرو بن العاص وسبرة الجهني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مروا الصبيان بالصلاة لسبع سنين واضربوهم
عليها لعشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص
(في قتل البرغوث والقملة في الصلاة)
(قال) وقال مالك أكره قتل البرغوث والقملة في المسجد (قال) وقال مالك
من أصاب قملة وهو في الصلاة فلا يقتلها في المسجد ولا يلقها فيه ولا هو في الصلاة
فإن كان في غير المسجد فلا بأس أن يطرحها (وكيع) عن إسرائيل عن جابر عن
عامر في الرجل تدب عليه القملة في الصلاة قال ليدعها
(القنوت في الصبح والدعاء في الصلاة)
(قال) وقال مالك في الرجل يقنت في الصبح قبل الركوع لا يكبر للقنوت
(قال) وقال مالك في القنوت في الصبح كل ذلك واسع قبل الركوع وبعد الركوع
(قال مالك) فيمن نسي القنوت في صلاة الصبح قال لا سهو عليه (قال) مالك وليس
في القنوت دعاء معروف ولا وقوف مؤقت (قال) ولا بأس أن يدعو الرجل بجميع
حوائجه في صلاة المكتوبة حوائج دنياه وآخرته في القيام والجلوس والسجود قال
وكان يكرهه في الركوع (قال ابن القاسم) وأخبرني مالك عن عروة بن الزبير قال
102

بلغني عنه أنه قال إني لأدعو الله في حوائجي كلها في الصلاة حتى في الملح (قلت)
لابن القاسم هل يجهر بالدعاء في القنوت اماما كان أو غير امام قال لا يجهر (قلت)
وهذا قول مالك قال هذا رأيي (ابن وهب) عن سعيد بن أبي أيوب عن خالد
ابن يزيد عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سلوا الله حوائجكم البتة
في صلاة الصبح (قال ابن وهب) قال لي مالك لا بأس أن يدعى الله في الصلاة
على الظالم ويدعو لآخرين وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة لناس
ودعا على آخرين (ابن وهب) عن معاوية بن صالح عن عبد القاهر (1) عن خالد بن أبي عمران قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر إذ جاءه جبريل
فأومأ إليه أن اسكت فسكت فقال يا محمد ان الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا وإنما بعثك
رحمة ولم يبعثك عذابا ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون
قال ثم علمه القنوت اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخنع لك ونخلع ونترك
من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلى ونسجد واليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك
ونخاف عذابك الجد ان عذابك بالكافرين ملحق (وكيع) عن فطر عن عطاء أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الفجر (وكيع) عن المبارك عن الحسن قال
أخبرني أنس بن مالك وأبو رافع أنهما صليا خلف عمر الفجر فقنت بعد الركوع
(وكيع) عن سفيان عن عبد الله التغلبي عن أبي عبد الرحمن السلمي (2) أن عليا كبر حين
قنت في الفجر وكبر حين ركع (وكيع) عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن
عبد الرحمن بن سويد الكاهلي أن عليا قنت في الفجر اللهم انا نستعينك ونستغفرك
ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخنع ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك
نصلى ونسجد واليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك ان عذابك
بالكافرين ملحق وأن أبا موسى الأشعري وأبا بكرة وابن عباس والحسن قنتوا في
الفجر وأن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال القنوت في الفجر سنة ماضية وأن ابن سيرين

(1) (عبد القاهر) لم يقع في المدونة الا هنا اه‍ من هامش الأصل * (2) اسمه عبد الله بن حبيب
103

والربيع بن خثيم (1) قنتا قبل الركعة وعبيدة السلماني قبل الركوع والبراء بن عازب
قبل الركوع وأبا عبد الرحمن السلمي (2)
(إعادة الصلاة من أولها من النفخ وغيره)
(قال ابن القاسم) قلت لمالك في الرجل يكون في الصلاة فيظن أنه قد أحدث
أو رعف فينصرف ليغسل الدم عنه أو ليتوضأ ثم تبين له بعد ذلك أنه لم يصبه من
ذلك شئ (قال) يرجع يستأنف الصلاة ولا يبني (قال) ومن قال مالك عندنا أن الامام
إذا قطع صلاته متعمدا أفسد على من خلفه الصلاة أو كان على طهر فصلى بهم فأحدث
فتمادى فصلى بهم فإنه يفسد عليهم (قال) وقال مالك من أحدث بعد ما تشهد قبل
أن يسلم أعاد الصلاة (قال) وقال مالك في رجل أتى المسجد والقوم في الظهر فظن
أنهم في العصر فصلى ينوى العصر ان صلاته فاسدة وعليه الإعادة للعصر (قال مالك)
ولو أن اماما أتى المسجد فظن أن الناس لم يصلوا الظهر فأقيمت الصلاة فصلى بهم الظهر
وهم ينوون العصر كانت الصلاة للامام الظهر ويقيم بهم الصلاة فيصلي بهم العصر
(قال) وبلغني عن مالك أنه قال في رجل أتى المسجد يوم الخميس وهو يظن أنه يوم
الجمعة فدخل المسجد والامام في الصلاة فافتتح مع الصلاة ينوى الجمعة فصلى الامام
الظهر أربعا قال أراها مجزئة عنه لان الجمعة ظهر (قال) ومن أتى المسجد يوم الجمعة وهو
يظن أن ذلك يوم الخميس فأصاب الامام في الصلاة فدخل معه في الصلاة وهو ينوى
الظهر فصلى الامام الجمعة قال يعيد الصلاة وذلك رأيي (قال ابن القاسم) لا تكون
الا بنية وذلك رأيي (قال) وقال مالك فيمن صلى فانفلتت منه دابته قال إن كانت على
يمينه قريبا منه يمشي إليها قليلا أو عن يساره أو أمامه فأرى أن يبني فان تباعد ذلك
رأيت أن يطلب دابته ويستأنف الصلاة (قال) وقال مالك في النفخ في الصلاة
قال لا يعجبني وأراه بمنزلة الكلام (قال ابن القاسم) وأرى من نفخ متعمدا أو جاهلا

(1) لم يذكر في المدونة الا هنا * (2) (وأبا عبد الرحمن السلم) بالنصب عطف على ابن سيرين
والخير محذوف يعرف من المقام أي كذلك قنت قبل الركوع اه‍ مصححه
104

أن يعيد صلاته بمنزلة من تكلم متعمدا فإن كان ناسيا سجد سجدتي السهو (قلت)
لابن القاسم أرأيت أن قام في فريضة أو نافلة فنظر إلى الكتاب بين يديه ملقى فجعل
يقرؤه هل يفسد ذلك عليه صلاته (قال) إن كان عامدا ابتدأ الصلاة وإن كان ناسيا سجد
سجود السهو (قال) وقال مالك في الرجل يسلم في الركعتين ساهيا ثم يلتفت فيتكلم
قال إن كان شيئا خفيفا رجع فبنى وسجد سجدتين قال وإن كان قد تباعد ذلك أعاد
الصلاة (فقلت) لمالك ما حد ذلك أهو أن يخرج من المسجد (قال) ما أحد فيه
حدا فان خرج ابتدأ ولكن إذا تباعد ذلك وإن لم يخرج وأطال في القعود والكلام
وما أشبه ذلك أعاد ولم يبن وقد تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ساهيا وبنى على
صلاته ودخل فيما يبنى بتكبير وسجد للسهو بعد السلام (قلت) لابن القاسم فان
انصرف حين سلم فأكل وشرب ولم يطل ذلك أيبنى أم يستأنف (قال) هذا عندي
يبتدئ (قلت) أتحفظه عن مالك قال لا (على) عن سفيان عن منصور عن
إبراهيم في امام نسي الظهر وصلى بقوم الظهر وهم يرون بأنها العصر (قال) أجزت
عنه ويعيدون هم العصر (وكيع) عن سفيان عن أبي حصين عن سعيد بن جبير قال
ما أبالي نفخت في الصلاة أو تكلمت (سفيان) عن الحسن بن عبيد عن أبي
الضحى عن ابن عباس قال النفخ في الصلاة بمنزلة الكلام
(في صلاة الرجل خلف الصفوف)
(قال) وقال مالك من صلى خلف الصفوف وحده فان صلاته تامة مجزئة عنه ولا
يجبذ إليه أحدا (قال مالك) ومن جبذ أحدا إلى خلفه ليقيمه معه لان الذي جبذه وحده
فلا يتبعه وهذا خطأ ممن فعله ومن الذي جبذه (قال) وقال مالك ومن دخل المسجد
وقد قامت الصفوف قام حيث شاء ان شاء خلف الامام عن يمين الامام وان شاء عن
يسار الامام (قال) وكان يعجب ممن يقول يمشي حتى يقف حذو الامام وان كانت
طائفة في الصف عن يمين الامام أو حذر الامام في الصف الثاني أو الأول فلا بأس
أن تقف طائفة عن يسار الامام في الصف ولا تلصق بالطائفة التي عن يمين الامام
105

(قلت) فهل كان مالك يرى بأسا أن يقف الرجل وحده خلف الصف فيصلى بصلاة
الإمام قال لا بأس بذلك وهو الشأن عنده (قال ابن القاسم) فقلت لمالك أفيجبذ رجلا
من الصف إليه قال لا وكره ذلك (قال) وقال مالك لا بأس بالصفوف بين الأساطين
إذا ضاق المسجد (علي بن زياد) عن سفيان الثوري عن يحيى بن هانئ عن عبد الحميد
ابن محمود قال صليت مع أنس بن مالك فأنحينا إلى ما بين السواري فتقدم أنس وقال
قد كنا نتلقى هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (وكيع) عن سفيان عن أبي
إسحاق الهمداني عن معد يكرب عن ابن مسعود أنه كان يكره الصلاة بين السواري
(في صلاة المرأة بين الصفوف)
(قلت) لابن القاسم إذا صلت المرأة وسط الصفوف بين الرجال أتفسد على أحد
من الرجال صلاته في قول مالك قال لا أرى أن تفسد على أحد من الرجال ولا على
نفسها (قال) وسألت مالكا عن قوم أتوا المسجد فوجدوا الرحبة رحبة المسجد
قد امتلأت من النساء وقد امتلأ المسجد من الرجال فصل الرجل خلف النساء لصلاة
الامام (قال) صلاتهم تامة ولا يعيدون (قال ابن القاسم) فهذا أشد من الذي يصلي
في وسط النساء
(جامع الصلاة)
(قال) وقال مالك إذا كان الرجل في صلاة فأتاه رجل فأخبره بخبر وهو في صلاة
فريضة أو نافلة وجعل ينصت له ويستمع قال إن كان شيئا خفيفا فلا بأس به (قلت)
هل كان مالك يكره للنساء الخروج إلى المسجد أو إلى العيدين أو إلى الاستسقاء (قال)
أما الخروج إلى المساجد فكأن يقول لا يمنعن الخروج إلى المساجد وأما الاستسقاء
والعيدان فانا لا نرى بأسا أن تخرج كل امرأة متجالة (قال) وسئل مالك عن
الصبيان يؤتى بهم المسجد قال إن كأن لا يعبث لصغره ويكف إذ نهي فلا أرى بهذا
بأسا قال وإن كان يعبث لصغره فلا أرى يأن يؤتى به إلى المساجد (قال) ابن
106

القاسم قلت لمالك فالصبي يؤتى به إلى أبيه وهو صغير وهو في صلاة مكتوبة قال
فلينحه عنه إذا كان في المكتوبة ولا بأس به في النافلة (قال) وقال لي مالك يتصدق
بثمن ما يجمر به المسجد وما يخلق به أحب إلى من تجمر المسجد وتخليقه (قال)
وقال مالك لا أكره الصلاة نصف النهار إذا استوت الشمس في وسط السماء لا في
يوم جمعة ولا في غير ذلك قال ولا يعرف هذا النهي قال وما أدركت أهل الفضل
والعباد الا وهم يهجرون ويصلون نصف النهار في تلك الساعة ما يتقون شيئا في
تلك الساعة (قال) وقال مالك فيمن كان خلف الامام فوقف الامام في قراءته فليفتح
من هو خلفه عليه (قال) وان كانا رجلين في صلاتين هذا في صلاة وهذا في صلاة
ليسا مع امام واحد فلا يفتح عليه ولا ينبغي لاحد أن يفتح على رجل ليس معه في
صلاة (ابن وهب) عن غير واحد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن حميد بن
عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى للناس يوما الصبح فقرأ
تبارك الذي نزل الفرقان على عبده فأسقط آية فلما فرغ قال أفي المسجد أبي بن كعب
قال نعم ها أنا ذا يا رسول الله قال فما منعك أن تفتح على حين أسقطت قال خشيت أنها
نسخت قال فإنها لم تنسخ (قال) وقال مالك فيمن كان بين أسنانه طعام فابتلعه في
صلاته ان ذلك لا يكون قطعا لصلاته (قال) وسئل مالك عمن التفت في صلاته
أيكون ذلك قطعا قال لا (وكيع) عن الربيع عن الحسن قال إن التفت عن يمينه وعن
شماله فقد مضت صلاته وان استدبر القبلة استقبل صلاته. (ابن وهب) عن طلحة
ابن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة قال ما التفت عبد في صلاته قط الا قال الله له أنا خير
مما تلتفت إليه (قلت) لابن القاسم فان التفت بجميع جسده فقال لم أسأل مالكا
عن ذلك وذلك كله سواء (قال) وسألنا مالكا عن الذي يروح رجليه في الصلاة
قال لا بأس بذلك (قال) وسألناه عن الذي يقرن قدميه في الصلاة فعاب ذلك ولم
يره شيئا والذي يقرن قدميه إنما هو اعتماد عليهما لا يعتمد على أحدهما فهذا معنى يقرن
قدميه (وأخبرنا) مالك أنه قد كان بالمدينة من يفعل ذلك فعيب عليه ذلك (قال)
107

وقال مالك أكره أن يصلي الرجل وفي فيه دراهم أو دنانير أو شئ من الأشياء (قال
ابن القاسم) فان فعل فلا أرى عليه إعادة (قال) وقال مالك أكره للرجل أن
يصلى وفى كمه الخبز أو الشئ يكون في كمه من الطعام أو غيره شبيها بما يحشو به الكم
(قال) وسمعت مالكا يكره أن يفقع الرجل أصابعه في الصلاة (وكيع) عن
أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس قال صليت إلى جانب ابن عباس ففقعت أصابعي
قال فلما صلى قال لا أم لك تفقع أصابعك وأنت في الصلاة (وكيع) عن الحسن
ابن صالح عن المغيرة عن إبراهيم وعن ليث عن مجاهد أنهما كرها أن يفقع الرجل
أصابعه في الصلاة (قال) وسألت مالكا عن المسجد يبنيه الرجل ويبني فوقه بيتا
يرتفق به (قال) ما يعجبني ذلك قال وقد كان عمر بن عبد العزيز إمام هدى وقد كان
يبيت فوق ظهر المسجد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقربه فيه امرأة. وهذا إذا
بنى فوقه صار مسكنا يجامع فيه ويأكل فيه (قال مالك) ولا يورث المسجد (قال ابن
القاسم) وإنما هو مثل الاحباس والمسجد حبس (قلت) لابن القاسم أرأيت ما كان
من المساجد بناها رجل للناس على ظهر بيته أو بناها وبنى تحتها بنيانا هل يورث ذلك البنيان
قال أما البنيان على ظهر المسجد فقد أخبرتك أن مالكا يكره ذلك وأما ما كان تحت
المسجد من البنيان فإنه لا يكرهه. والمسجد عند مالك لا يورث إذا كان قد أباحه
صاحبه للناس ويورث البنيان الذي بنى تحت المسجد (قال) وقال مالك إذا كثر
التراب في جبهته فلا بأس أن يمسحه وكذلك كفاه (قال) وقال مالك إذا كثر التراب
في جبهته فلا بأس أن يمسح ذلك (وقال مالك) لا بأس بالسدل في الصلاة وإن لم
يكن عليه قميص الا إزار ورداء فلا بأس أن يسدل (قال مالك) ورأيت بعض أهل
العلم يفعل ذلك (قال مالك) ورأيت عبد الله بن الحسن يفعل ذلك (ابن القاسم)
وسألت مالكا عن سجود الشكر يبشر الرجل ببشارة فيخر ساجدا فكره ذلك
(قال مالك) انصراف الرجل عن يمينه وعن يساره في الصلاة سواء ذلك كله حسن
(قلت) لابن القاسم أكان مالك يعرف التسبيح في الركعتين الآخرتين قال لا
108

(قال) وقال مالك في الامام إذا مر وهو يقرأ بذكر النار في الصلاة فيتعوذ رجل
خلف الإمام قال ليترك ذلك أحب إلى وان تعوذ فسرا
(التزويق والكتاب والمصحف الحجر يكون في القبلة)
(قلت) أكان مالك يكره أن يكون في القبلة مثل هذا الكتاب الذي كتب
في مسجدكم بالفسطاط (قال) سمعت مالكا وذكر مسجد المدينة وما عمل في قبلته
من التزويق وغيره قال كره ذلك الناس حين فعلوه وذلك يشغل الناس في صلاتهم
فينظرون إليه فيلهيهم (قال مالك) ولقد بلغني أن عمر بن عبد العزيز لما ولى الخلافة
أراد نزعه فقيل له ان ذلك لا يخرج كبير شئ من الذهب فتركه (قال) ولقد سئل
مالك عن المصحف يكون في القبلة أيصلى إليه وهو في القبلة (قال مالك) إن كان إنما
جعل ليصلى إليه فلا خير فيه وإن كان إنما هو موضعه ومعلقه فلا أرى بذلك بأسا (قال
ابن القاسم) وحدثني مالك أن عبد الله بن عمر كان يكره أن يصلى الرجل إلى هذه
الحجارة التي توضع في الطريق ويشبهها بالأنصاب (قال) فقلنا لمالك أفيكره ذلك قال
أما الحجر الواحد فانى أكرهه وأما الحجارة التي لها عدد فلا أرى بذلك بأسا
(تم كتاب الصلاة الأول بحمد الله وعونه)
(كتاب الصلاة الثاني)
(بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده)
(ما جاء في سجود القرآن)
(قال سحنون) قال عبد الرحمن بن القاسم قال مالك بن أنس في سجود القرآن
احدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شئ المص والرعد والنحل وبنى إسرائيل
ومريم والحج أولها والفرقان والهدهد والم تنزيل السجدة وص وحم تنزيل (قال
ابن القاسم) وسألت مالكا عن حم تنزيل أين يسجد فيها ان كنتم إياه تعبدون
109

أو يسأمون لان القراء اختلفوا فيها (قال) السجدة في أن كنتم إياه تعبدون (قال)
وسمعت الليث بن سعد يقوله. وأخبرني بعض أهل المدينة عن نافع القارئ مثله
(قال) وقد قال ابن عباس والنخعي ليس في الحج الا سجدة واحدة (قال) وقال
مالك لا أحب لا حد أن يقرأ سجدة في صلاة أو غيرها وإن كان في
غير ابان صلاة أو على غير وضوء لم أحب له أن يقرأها وليتعدها إذا قرأها (قال)
فقلت له فان قرأها بعد العصر أو بعد الصبح أيسجدها (قال) ان قرأها بعد العصر
والشمس بيضاء نقية لم يدخلها صفرة رأيت أن يسجدها وان دخلتها صفرة لم أر أن
يسجدها وان قرأها بعد الصبح ولم يسفر فأرى أن يسجدها فان أسفر فلا أرى أن
يسجدها (ثم قال) ألا ترى أن الجنائز يصلى عليها ما لم تتغير الشمس أو تسفر بعد صلاة
الصبح وكذلك السجدة عندي (قال مالك) لا بأس أن يقرأ الرجل السجدة بعد
الصبح ما لم يسفر وبعد العصر ما لم تغير الشمس ويسجدها فإذا أسفر أو تغيرت
الشمس فأكره له أن يقرأها فان قرأها إذا أسفر وإذا اصفرت الشمس لم يسجدها
(قال) وسألت مالكا عن الذي يقرؤها في ركعة فيسهو أن يسجدها حتى يركع
ويقوم (قال مالك) أرى أن يقرأها في الركعة الثانية ويسجدها وهذا في النافلة فأما
الفريضة فلا يقرؤها فان هو قرأها فلم يسجدها ثم ذكر في الركعة الثانية لم يعد قراءتها
مرة أخرى (قال) وقلت لمالك عمن قرأ سجدة في صلاة نافلة ثم نسي أن يسجدها
حتى يركع (قال) أحب إلى أن يقرأها في الركعة الثانية ثم يسجدها (قال) وقال
مالك لا أحب للامام أن يقرأ في الفريضة بسورة فيها سجدة لأنه يخلط على الناس
صلاتهم إذا قرأ سورة فيها سجدة (قال) وسألنا مالكا عن الإمام يقرأ السورة في
صلاة الصبح فيها سجدة فكره ذلك وقال أكره للامام أن يتعمد سورة فيها سجدة
فيقرأها لأنه يخلط على الناس صلاتهم فإذا قرأ سورة فيها سجدة سجدها (قلت)
هذا مالك قد كره للامام هذا فكيف بالرجل وحده إذا أراد أن يقرأ سورة فيها
سجدة ويسجد في المكتوبة أكان يكره ذلك له (فقال) لا أدرى وأرى أن لا
110

يقرأها وهو الذي رأيت مالكا يذهب إليه (قلت) أرأيت من قرأ سجدة في نافلة فسها
أن يسجدها في ركعته التي قرأها فيها حتى ركع الركعة الثانية فذكر السجدة وهو
راكع (قال) يتم ركوعه وسجوده في الركعة الثانية ولا شئ عليه إلا أن يدخل في نافلة
أخرى فإذا قام إليها قرأها وسجدها (قال) وقال مالك من قرأ سجدة في الصلاة
فإنه يكبر إذا سجدها ويكبر إذا رفع رأسه منها (قال) وإذا قرأها وهو في غير صلاة
فكان يضعف التكبير قبل السجود وبعد السجود ثم قال أرى أن يكبر وقد اختلف
قوله فيها إذا كان في غير صلاة (قال ابن القاسم) وكل ذلك واسع وكأن لا يرى
السلام بعدها (وقال ابن القاسم) فيمن قرأ سجدة تلاوة فركع بها قال لا يركع بها
عند مالك في صلاة ولا في غير صلاة (قال) وقال مالك أكره للرجل أن يقرأ
سورة فيخطرف السجدة وهو على وضوء إذا قرأ السورة وهو على وضوء فلا يدع أن
يقرأ السجدة (قال) وكان مالك يكره للرجل أن يقرأ السجدة وحدها لا يقرأ قبلها
شيئا ولا بعدها شيئا فيسجد بها وهو في صلاة أو في غير صلاة (قال) وكان مالك
يحب للرجل إذا كان على غير وضوء فقرأ سورة فيها سجدة أن يختصرها (قلت)
لابن القاسم أرأيت أن قرأها على غير وضوء أو قرأها في صلاة فلم يسجدها حتى
قضى صلاته أو قرأها في الساعة التي ينهى عن سجودها فيها هل تحفظ من
مالك فيها شيئا (قال) كان مالك ينهى عن هذا والذي أرى أنه لا شئ عليه (قال)
وكان مالك يستحب له إذا قرأها في إبان صلاة أن لا يدع سجودها وكأن لا يوجبها
وكان قوله أنه لا يوجبها وكان يأخذ في ذلك بقول عمر بن الخطاب (قال) وقال
مالك إذا قرأ السجدة من لا يكون لك اماما من رجل أو امرأة أو صبي وهو قريب
منك وأنت تسمع فليس عليك السجود (قال) وقال مالك فيمن سمع السجدة
من رجل فسجدها الذي تلاها انه ليس على هذا الذي سمعها أن يسجدها إلا أن يكون
جلس إليه قال ولقد سمعته ينكر هذا أن يأتي قوم فيجلسوا إلى رجل يقرأ القرآن
لا يجلسون إليه لتعليم (قال) وكان مالك يكره أن يجلس الرجال إلى الرجل متعمدين
111

ليقرأ لهم القرآن وسجود القرآن فيسجد بهم فقال لا أحب أن يفعل هذا ومن قعد
إليه فعلم أنه إنما يريد قراءة سجدة قام عنه ولا يجلس معه (قال) ولو أن رجلا إلى
جانب رجل لم يجلس إليه فقرأ ذلك الرجل السجدة وصاحبه يسمع فليس على الذي
يسمعها أن يسجدها (قلت) أرأيت أن جلس إليه قوم فقرأ ذلك الرجل سجدة فلم
يسجدها الذي قرأها هل يجب على هؤلاء أن يسجدوا قال نعم (قال) وسألنا
مالكا عن هذا الذي يقرأ في المسجد يوم الخميس أو نحوه فأنكره قال وأرى أن يقام
ولا يترك (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب
عن عثمان بن عفان قال إنما السجدة على من استمعها (ابن وهب) قال ابن عمر
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فيقرأ السجدة ويسجد
ونسجد معه وذلك في غير صلاة من حديث عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله
ابن عمر (ابن وهب) عن هشام بن سعد وحفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن
عطاء بن يسار قال بلغني أن رجلا قرأ آية من القرآن فيها سجدة عند رسول الله صلى
الله عليه وسلم فسجد الرجل فسجد معه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأ آخر آية أخرى
فيها سجدة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتظر الرجل أن يسجد فلم يسجد
فقال الرجل يا رسول الله قرأت السجدة فلم تسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
كنت اماما فلو سجدت سجدت معك
(ما جاء في غير الطاهر يحمل المصحف)
(قال) وقال مالك لا يحمل المصحف غير الطاهر الذي ليس على وضوء لا على
وسادة ولا بعلاقة (قال) وقال مالك ولا بأس أن يحمل المصحف في التابوت
والغرارة والخرج ونحو ذلك من هو على غير وضوء وكذلك اليهودي والنصراني
لا بأس أن يحملاه في التابوت والغرارة والخرج (قلت) لابن القاسم أتراه إنما
أراد بهذا لان الذي يحمل المصحف على الوسادة إنما أراد به حملان ما سوى المصحف
لان ذلك مما يكون فيه المتاع مع المصحف قال نعم (قال) وقال مالك لا بأس أن
112

يحمل النصراني الغرارة والصندوق وفيهما المصحف (قال) وقد أمر سعد بن أبي وقاص
الذي كان يمسك المصحف عليه حين احتك (1) فقال له سعد لعلك مسست ذكرك
قال نعم فقال له قم فتوضأ فقام فتوضأ ثم رجع
(ما جاء في سترة الامام في الصلاة)
(قال) وقال مالك الخط باطل (قال) وقال مالك من كان في سفر فلا بأس أن
يصلى إلى غير سترة وأما في الحضر فلا يصلى الا إلى سترة (قال ابن القاسم) إلا أن
يكون في الحضر بموضع يأمن أن لا يمر بين يديه أحد مثل الجنازة يحضرها فتحضره
الصلاة خارجا وما أشبه ذلك فلا بأس أن يصلى إلى غير سترة (قال) وقال مالك
إذا كان الرجل خلف الامام وقد فإنه شئ من صلاته فسلم الامام وسارية عن يمينه
أو عن يساره فلا بأس أن يأخذ إلى السارية عن يمينه أو عن يساره إذا كان قريبا منها
يستتر بها (قال) وكذلك إذا كانت أمامه فليتقدم إليها ما لم يكن ذلك بعيدا (قال) وكذلك
إذا كان وراءه فلا بأس أن يتقهقر إذا كان ذلك قليلا (قال) وان كانت سارية
بعيدة منه فليصل مكانه وليدرأ ما يمر بين يديه ما استطاع (قال) وقال مالك في
السترة قدر مؤخرة الرحل في جلة الرمح (2) (قال) فقلنا لمالك إذا كان السوط ونحوه
فكرهه وقال لا يعجبني هذا (وكيع بن الجراح) عن شريك عن الليث عن
الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى الفضاء (وكيع) عن مهدي بن
ميمون قال رأيت الحسن يصلى في الجبانة إلى غير سترة (سحنون) قال ابن وهب
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ما يستر الرجل المصلى فقال
مثل مؤخرة الرحل يحطه بين يديه (قال ابن وهب) قال مالك وذلك نحو م؟
عظم الذراع واني لأحب أن يكون في جلة الرمح أو الحربة وما أشبه ذلك وقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن من سترته فان الشيطان

(1) (احتك) أي حك نفسه وضميره يعود إلى الذي كان يمسك المصحف
(2) (في جلة الرمح) جلة الرمح بكسر الجيم وتشديد اللام غلظه اه‍
113

يمر بينه من حديث ابن وهب عن داود بن قيس عن نافع بن حبير بن مطعم
وقد كان ابن عمر يصلى إلى بعيره وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بعيره من
حديث وكيع عن شريك عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر
(ما جاء في المرور بين يدي المصلى)
(قال) وقال مالك لا أكره أن يمر أرجل بين يدي الصفوف والامام يصلي بهم
قال لا الامام سترة لهم (قال) وكان سعد بن أبي وقاص يدخل المسجد فيمشي بين
الصفوف والناس في الصلاة حتى يقف في مصلاه يمشي عرضا بين الناس (قال
مالك) وكذلك من رعف أو أصابه حقن فليخرج عرضا ولا يرجع إلى عجز المسجد
(قال) ولو ذهب يخرج إلى عجز المسجد لبال قبل أن يخرج (قال) وقال مالك لا يقطع
الصلاة شئ من الأشياء مما يمر بين يدي المصلى (قال) وقال مالك إذا كان رجل
يصلي وعن يمينه رجل وعن يساره رجل فأراد الذي عن يمينه أخذ ثوب من الذي
عن يساره وأراد أن يناوله من بين يدي المصلى (قال مالك) لا يصلح ذلك (قلت)
لابن القاسم فان ناول المصلى نفسه الثوب أو البو قال (1) رجلا قال لا يصلح أيضا عند مالك
لأنه يرى الثوب أو البو قال إذا ناوله هو نفسه مما يمر بين يدي المصلى ولا يصلح أن
يمر بين يدي المصلى لأنه يكره أن يمر بين يدي المصلى بثوب أو انسان أو بوقال
أو غير ذلك من الأشياء هو بمنزلة واحدة (مالك) عن ابن شهاب عن عبيد الله
ابن عبد الله عن عبد الله بن عباس قال جئت راكبا على أتان وقد ناهزت الحلم فإذا
النبي صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس بمنى فسرت على الأتان بين يدي بعض الصف
ثم نزلت فأرسلتها ترتع فدخلت في الصف مع الناس فلم ينكر ذلك على أحد (ابن
وهب) قال سمعت أن الامام سترة لمن خلفه وإن لم يكونوا إلى سره (ابن وهب)
قال حدثني صخر بن عبد الله بن حرملة المدلجي قال سمعت عمر بن عبد العزيز يحدث
بطريق مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقطع الصلاة شئ (ابن وهب)
* (هامش) 8 (1) (أو البوقال) في القاموس والبوقال بالضم كوز بلا عروة اه‍ كتبه مصححه (*)
114

عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة الجذامي عن عبد الله بن أبي مريم عن قبيصة
ابن ذؤيب أن قطا أراد أن يمر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى
فحبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم برجله
(ما جاء في جمع الصلاتين ليلة المطر)
(قال) وقال مالك يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر وإن لم يكن مطر إذا كان
طين وظلمة ويجمع أيضا بينهما إذا كان المطر. وإذا أرادوا أن يجمعوا بينهما في
الحضر إذا كن مطر أو طين وظلمة يؤخرون المغرب شيئا ثم يصلونها ثم يصلون العشاء
الآخرة قبل مغيب الشفق (قال) وينصرف الناس وعليهم أسفار قليل (قال) وإنما أريد
بذلك الرفق بالناس ولولا ذلك لم يجمع بهم (قلت) لابن القاسم فهل يجمع في الطين
والمطر في الحضر بين الظهر والعصر كما يجمع بين المغرب والعشاء في قول مالك (قال)
لا يجمع بين الظهر والعصر في الحضر ولا يرى ذلك مثل المغرب والعشاء (قال) وقال
مالك من صلى في بيته المغرب في المطر فجاء المسجد فوجد القوم قد صلوا العشاء الآخرة
فأراد أن يصلى العشاء (قال) لا أرى أن يصلى العشاء وإنما جمع الناس للرفق بهم وهذا
لم يصل معهم فأرى أن يؤخر العشاء حتى يغيب الشفق ثم يصلى بعد مغيب الشفق
(قلت) فان وجدهم قد صلوا المغرب ولم يصلوا العشاء الآخرة فأراد أن يصلى معهم
العشاء وقد كان صلى المغرب لنفسه في بيته قال لا أرى بأسا أن يصلى معهم (ابن
وهب) عن عمر بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه أن ابن قسيط حدثه أن
جمع الصلاتين بالمدينة في ليلة المطر والمغرب والعشاء سنة وأن قد صلاها أبو بكر وعمر
وعثمان على ذلك. وجمعهما أن العشاء تقرب إلى المغرب حين تصلى المغرب وكذلك
أيضا يصلون بالمدينة) (قال ابن وهب) وقال عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب
والقاسم وسالم وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وربيعة وأبو الأسود
مثله (قال سحنون) وان النبي صلى الله عليه وسلم جمعهما جميعا
115

(ما جاء في جمع المريض بين الصلاتين)
(قال) وقال مالك في المريض الذي يخاف أن يغلب على عقله انه يصلى الظهر والعصر
إذا زالت الشمس ولا يصليهما قبل ذلك ويصلى المغرب والعشاء إذا غابت الشمس
ويصلى العشاء مع المغرب ورأي مالك له في ذلك ويصلى المغرب والعشاء إذا غابت الشمس
ويصلى العشاء مع المغرب ورأي مالك له في ذلك سعة إذا كان يخاف أن يغلب على
عقله (قال) وقال مالك في المريض إذا كان أرفق به أن يجمع بين الصلوات جمع
بين الظهر والعصر في وسط وقت الظهر إلا أن يخاف أن يغلب على عقله فيجمع قبل
ذلك بعد الزوال ويجمع بين المغرب والعشاء إلا أن يخاف أن يغلب على عقله فيجمع
قبل ذلك عندما تغيب الشمس وإنما ذلك لصاحب البطن أو ما أشبهه من المرض أو
صاحب العلة الشديدة الذي يضربه أن يصلى في وقت كل صلاة ويكون هذا أرفق به
من غير أن يجمعهما لشدة ذلك عليه (ابن وهب) وقد ذكر عن ابن عباس أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والعشاء في غير سفر
ولا خوف وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما في السفر وسعد بن مالك
وأسامة بن زيد وسعيد بن زيد فالمريض أولى بالجمع لشدة ذلك عليه ولخفته على
المسافر. وإنما الجمع رخصة لتعب السفر ومؤنته إذا جد به السير فالمريض أتعب من
المسافر وأشد مؤنة لشدة الوضوء عليه في البرد ولما يخاف منه على نفسه لما يصيبه
من بطن منخرق أو علة يشتد عليه بها التحرك والتحويل ولعله لا يجد أحدا ممن يكون
له عونا على ذلك فهو أولى بالرخصة وهي به أشبه منها بالمسافر وقد جمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء في المطر للرفق بالناس سنة من رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان والخلفاء فالمريض أولى بالرفق لما يخاف عليه
من غير وجه
(ما جاء في جمع المسافر بين الصلاتين)
(قال) وقال مالك لا يجمع الرجل بين الصلاتين في السفر إلا أن يجد به السير
فان جد به السير جمع بين الظهر والعصر يؤخر الظهر حتى يكون في آخر وقتها ثم يصليها
116

ثم يصلى العصر في أول وقتها ويؤخر المغرب حتى يكون في آخر وقتها قبل مغيب
الشفق ثم يصليها في آخر وقتها قبل مغيب الشفق ثم يصلي العشاء في أول وقتها بعد
مغيب الشفق (قال) وقال مالك في المسافر في الحج وما أشبهه من الاسفار انه لا يجمع
بين الصلاتين إلا أن يجد به السير فان جد به السير في السفر فأرى أن يجمع بين
الصلاتين إذا خاف فوات أمر (قال مالك) وأحب ما فيه إلي أن يجمع بين الظهر
والعصر في آخر وقت الظهر وأول وقت العصر يجعل الظهر في آخر وقتها والعصر في
أول وقتها إلا أن يرتحل بعد الزوال فلا أرى بأسا أن يجمع بينهما تلك الساعة في المنهل
قبل أن يرتحل والمغرب والعشاء في آخر وقت المغرب قبل أن يغيب الشفق يصليهما فإذا
غاب الشفق صلى العشاء ولم يذكر في المغرب والعشاء مثل ما ذكر في الظهر والعصر عند
الرحيل من المنهل (ابن وهب) عن عمرو بن الحارث وغيره عن أبي بكر بن المنكدر
عن علي بن الحسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد السفر يوما جمع
بين صلاة الظهر والعصر وإذا أراد السفر ليلا جمع بين المغرب والعشاء (وأخبرني)
ابن وهب عن جابر بن إسماعيل عن عقيل عن ابن خالد عن ابن شهاب عن أنس بن
مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله إذا عجل به السير وقالوا يؤخر الظهر إلى
أول وقت العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حتى يغيب
الشفق (سحنون) عن علي بن زياد عن سفيان الثوري عن عاصم عن أبي عثمان
لنهدي قال خرجت مع سعد بن مالك وافدين إلى مكة فكان يؤخر من الظهر
ويعجل من العصر ويؤخر من المغرب ويعجل من العشاء ثم يصليهما (وكيع) عن
سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي أن أسامة بن زيد وسعيد بن زيد جمعا بين
الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في السفر (مالك) عن نافع عن ابن عمر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير جمع بين المغرب والعشاء (قال
مالك) وعلى ذلك الامر عندنا في الجمع بين الصلاتين لمن جد به السير (مالك)
عن ابن شهاب أنه قال سألت سالم بن عبد الله هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر
117

فقال نعم لا بأس بذلك ألا ترى إلى صلاة الناس بعرفة (مالك) عن داود بن
الحصين أن الأعرج أخبره قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر
والعصر في سفره إلى تبوك (مالك) عن أبي الزبير أن أبا الطفيل عامر بن واثلة
أخبره أن معاذ بن جبل أخبره قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة
تبوك فكان يجمع بين الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا قال حتى إذا كان
يوما أخر الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج بعد ذلك فصلى
المغرب والعشاء جميعا
(ما جاء في قصر الصلاة للمسافر)
(قال) وقال مالك في الرجل يريد سفرا انه يتم الصلاة حتى يبرز عن بيوت
القرية فإذا برز قصر الصلاة فإذا رجع من سفرة قصر الصلاة حتى يدخل بيوت
القرية أو قربها (قلت) لمالك فإن كان على ميل قال يقصر الصلاة (قال ابن القاسم)
ولم يحد لنا في القرب حدا (قال) وقال مالك في الذي يريد الخروج إلى السفر فيواعد
عليه أحدا ويقول للذي واعد اجعل طريقك بي ويكون بين موضعهما ما لا تقصر
فيه الصلاة فيخرج هذا فاصلا من مصره يريد أن يتخذ صاحبه طريقا ويريد تقصير
الصلاة (قال مالك) إن كان حين خرج من مصره عزم على السير في سفره سار
معه صاحبه أو لم يسر فأرى أن يقصر الصلاة من حين يجاوز بيوت القرية التي يخرج
منها وإن كان مسيره إنما هو بسير صاحبه ان سار صاحبه معه سار والا لم يبرح فلا
يقصر حتى يجاوز منزل صاحبه فاصلا لأنه من ثم يصير مسافرا (قال ابن القاسم) وأنا
أرى في الذي يتقدم القوم للخروج إلى موضع تقصر في مثله الصلاة ينتظر هم في
الطريق حتى يلحقوه انه إن كان فاصلا على كل حال ينفذ لوجهه سار معه من ينتظر
أو لم يسر فأنا أرى أن يقصر الصلاة من حين يجاوز بيوت القرية وإن كان إنما
يتقدمهم ولا يبرح الا بهم ولا يستطيع مفارقتهم ان أقاموا أقام فإنه يتم حتى يلحقوه
وينفذوا لسفرهم موجهين وهذا قول مالك أيضا (وقال) مالك في رجل نسي
118

الظهر وهو مسافر فذكرها وهو مقيم (قال) يصلى ركعتين وان ذكر صلاة الحضر في
سفر صلى أربعا (وقال) ذلك ابن وهب عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن وقاله الحسن
من حديث وكيع عن سفيان عن أبي الفضل عن الحسن (قال) وقال مالك فيمن
خرج مسافرا بعد زوال الشمس انه يصلى ركعتين وان كانت الشمس قد زالت وهو
في بيته إذا لم يذهب الوقت فإنما يصلى ركعتين (قال) وذهاب الوقت غروب الشمس
وإن كان قد ذهب الوقت قبل أن يخرج في سفره فإنه يصلى أربعا (قال) والوقت في
هذا للظهر والعصر النهار كله إلى غروب الشمس فان خرج بعد ما غربت الشمس
صلى أربعا قال ووقت المغرب والعشاء الليل كله (قال مالك) فان هو قدم من سفره
ولم يكن صلى الظهر فليصل أربع ركعات إذا قدم قبل غروب الشمس وكذلك العصر
أيضا وان قدم بعد ما غربت الشمس صلى ركعتين (قال) مالك في المسافر في
البر والبحر سواء إذا نوى إقامة أربعة أيام أتم الصلاة وصام (قال) وبلغني أن مالكا
قال في النواتية بكون معهم الأهل والولد في السفينة هل يتمون الصلاة أم يقصرون
قال يقصرون إذا سافروا (قال مالك) فيمن طلب حاجة وهو على بريد فقيل له هي بين
يديك على بريدين فلم يزل كذلك حتى سار مسيرة أيام وليال انه يتم الصلاة ولا يقصر
فإذا أراد الرجعة إلى بلده قصر الصلاة إن كان بينه وبين بلده أربعة برد فصاعدا
(قال) وسألت ابن القاسم عن السعاة هل يقصرون الصلاة فقال لا أدري ما السعاة
ولكن قال مالك في الرجل يدور في القرى وليس بين منزله وبين أقصاها أربعة
برد وفيما يدور من دوره أربعة برد وأكثر (قال) إذا كان فيما يدور فيه ما يكون أربعة
برد قصر الصلاة وكذلك مسألتك عندي على مثل هذا (قال ابن القاسم) وسألت
مالكا عن الرجل أراد مكة من مصره فأراد أن يسير يوما ويقيم يوما حتى يأتي مكة
(قال) يقصر الصلاة من حين يخرج من بيته حتى يأتي مكة (قال) وقال مالك في
الرجل يخرج يريد الصيد إلى مسيرة أربعة برد (قال) إن كان ذلك عيشه قصر الصلاة
وإن كان إنما يخرج متلذذا فلم أره يستحب له قصر الصلاة وقال أنا لا آمره أن يخرج
119

فكيف آمره أن يقصر الصلاة (قال ابن القاسم) كان مالك يقول قبل اليوم يقصر
الصلاة في مسيرة يوم وليلة ثم ترك ذلك وقال مالك لا يقصر الصلاة الا في مسيرة
ثمانية وأربعين ميلا كما قال ابن عباس في أربعة برد (قال مالك) في رجل افتتح
الصلاة وهو مسافر فلما صلى ركعة بدا له في الإقامة قال يضيف إليها ركعة أخرى ويجعلها
نافلة ثم يبتدئ الصلاة صلاة مقيم ولو بدا له بعدما فرغ قال مالك لم أر عليه الإعادة
واجبة فان أعاد فحسن وأحب إلى أن يعيد (قال) وقال مالك في رجل خرج
مسافرا فلما مضى (1) فرسخا أو فرسخين أو ثلاثة رجع إلى بيته في حاجة بدت له (قال)
يتم الصلاة إذا رجع حتى يخرج فاصلا الثانية من بيته ويجاوز بيوت القرية ثم يقصر
(قال) وقال مالك فيمن خرج من إفريقية يريد مكة وله بمصر أهل فأقام عندهم
صلاة واحدة انه يتمها (قال) وقال مالك في رجل دخل مكة فأقام بضع عشرة ليلة
فأوطنها ثم بدا له أن يخرج إلى الجحفة فيعتمر منها ثم يقدم مكة فيقيم بها اليوم
واليومين ثم يخرج منها أيقصر الصلاة أم يتم (قال) بل يتم لان مكة كانت له موطنا
قال لي ذلك مالك (قال) وأخبرني من لقيه قبلي أنه قال له ذلك. ثم سئل بعد ذلك
عنها فقال أرى أن يقصر الصلاة وقوله الآخر الذي لم أسمع منه أعجب إلى (قال
ابن القاسم) قلت لمالك الرجل المسافر يمر بقرية من قراه في سفره وهو لا يريد أن
يقيم بقريته تلك الا يومه أو ليلته وفيها عبيده وبقره وجواريه وليس له بها أهل ولا
ولد (قال) يقصر الصلاة إلا أن يكون نوى أن يقيم بها أربعة أيام أو يكون فيها أهله
وولده فإن كان فيها أهله وولده أتم الصلاة وان أقام أربعة أيام أتم الصلاة (قلت)
أرأيت أن كانت هذه القرية التي فيها أهله وولده مر بها في سفره وقد هلكت أهله
وبقي فيها ولده أيتم الصلاة أم يقصر (قال) إنما يحمل هذا عند مالك إذا كانت له
مسكنا أتم الصلاة وإن لم تكن له مسكنا لم يتم الصلاة (قال مالك) وإذا أدرك
المسافر صلاة مقيم أو ركعة منها أتم الصلاة وإذا صلى المقيم خلف المسافر فإذا سلم

(1) (مضى) قال في اللسان ومضى وتمضي تقدم اه‍ أي تقدم فرسخا الخ كتبه مصححه
120

المسافر أتم هو ما بقي عليه (مالك) عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب
كان إذا قدم مكة صلى ركعتين ثم قال لأهل مكة أتموا صلاتكم فانا قوم سفر (وكيع)
عن ابن أبي ليلى عن عبد الكريم البصري عن ابن جدعان أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم صلى بمكة ركعتين ثم قال إنا قوم سفر فأتموا الصلاة (ابن وهب) عن عبد
الله بن نافع عن أبيه أن عبد الله بن عمر كان يتم بمكة فإذا خرج إلى منى قصر
(مالك) عن ابن شهاب أن رجلا من آل خالد بن أسيد - سأل عبد الله بن عمر فقال
يا أبا عبد الرحمن أنا نجد صلاة الخوف وصلاة الحضر في القرآن ولا نجد صلاة السفر
فقال له ابن عمر يا ابن أخي ان الله بعث إلينا محمدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا فإنما
نفعل كما رأيناه يفعل (مالك) عن نافع أن ابن عمر كان يصلى وراء الامام بمنى أربعا
فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين (قال) وقال مالك في مسافر صلى أربعا أربعا في
سفره كأنه انه يعيد ما كان في الوقت وهذا إذا كان في السفر كما هو يعيد ركعتين
ركعتين ما كان من الصلوات هو في وقتها فأما ما مضى وقته من الصلوات فلا
إعادة عليه (سحنون) ابن وهب عن عبد الله بن لهيعة عن عبد الرحمن بن جساس
عن لهيعة بن عقبة عن عطاء بن يسار قال إن ناسا قالوا يا رسول الله كنا مع فلان في
السفر فأبى إلا أن يصلى لنا أربعا أربعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا والذي
نفسي بيده تضلون (سحنون) وقد كانت عائشة تتم في السفر (قلت) لابن
القاسم فلو صلى أربعا أربعا في السفر حتى رجع إلى بيته قال يعيد ما كان في وقته من
الصلوات (قلت) لم وقد رجع إلى بيته وإنما يعيد أربعا وقد صلى في السفر أربعا
قال لان تلك الصلاة لا تجزئ عنه إذا كان في الوقت لأنه يقدر على اصلاح تلك
الصلاة قبل خروج الوقت (قلت) له وهذا قول مالك قال هذا رأيي لأنه أمره
أن يعيد في السفر ما كان في الوقت فكذلك إذا دخل الحضر وهو في وقتها فليعد
هذا أربع ركعات لأنها كانت غير صحيحة حين صلاها في السفر (قلت) أرأيت
مسافرا افتتح الصلاة المكتوبة ينوى أربع ركعات فلما صلى ركعتين بدا له فسلم قال
121

لا تجزئه في قول مالك (قلت) من أي وجه قلت لا تجزئه في قول مالك (قال)
لان صلاته على أول نيته (قال) وقال مالك في مسافر صلى بمسافرين فسبحوا به
بعد ركعتين وقد كان قام يصلي فتمادى بهم جاهلا قال أرى أن يقعدوا ويتشهدوا
ولا يتبعوه (وقال ابن القاسم) يقعدون حتى يصلى ويتشهد ويسلم فيسلمون بسلامه ويعيد
الصلاة هو ما دام في الوقت وكذلك قال لي مالك (قال) وقال مالك فيمن أدرك
من صلاة المقيم التشهد أو السجود ولم يدرك الركعة وهو مسافر انه يصلى ركعتين
لأنه لم يدرك صلاة الامام (قال) وقال مالك صلاة الأسير في دار الحرب أربع
ركعات إلا أن يسافر به فيصلى ركعتين (قال) وقال مالك لو أن عسكر دخل دار
الحرب فأقام بموضع واحد شهرا أو شهرين أو أكثر من ذلك فإنهم يقصرون
الصلاة قال وليس دار الحرب كغيرها (قال) فإذا كانوا في غير دار الحرب فنووا
إقامة أربعة أيام أتموا الصلاة (قلت) له فإن كانوا في غير قرية ولا مصرا كان مالك
يأمرهم أن يتموا قال نعم (قلت) أرأيت أن أقاموا على حصن حاصروه في أرض
العدو شهرين أو ثلاثة أيقصرون الصلاة (قال) قال مالك نعم يقصرون الصلاة
(وكيع) عن أبي حمزة قال قلت لابن عباس انا نطيل المقام بخراسان في الغزو قال
صلى ركعتين وإن كنت أقمت عشر سنين من حديث وكيع عن المثنى بن سعيد
الضبيعي عن أبي حمزة (مالك) أن عائشة قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأتمت
صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى (ابن وهب) عن عبد الله
ابن عمر عن نافع أن ابن عمر كان إذا سافر قصر الصلاة وهو يرى البيوت وإذا رجع
قصر الصلاة حتى يدخل البيوت وان رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة
وان ابن عباس قصر الصلاة وان ابن عمر فصر الصلاة إلى ذات النصب وهي من
المدينة على أربعه برد وان ابن عباس وابن عمر قصر الصلاة في أربعة برد من حديث
ابن وهب عن أسامة بن زيد عن عطاء بن أبي رباح (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب
عن حميد الطويل عن رجل عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام
122

سبع عشرة ليلة يصلى ركعتين وهو محاصر للطائف (قال) وكان عثمان بن عفان وسعيد
ابن المسيب يقولان إذا أجمع المسافر على مقام أربعة أيام أتم الصلاة (ابن وهب)
عن أسامة بن زيد عن نافع أن ابن عمر كان في السفر يروح أحيانا كثيرة وقد زالت
الشمس ثم لا يصلى حتى يسير أميالا ما لم يطل الفئ (ابن وهب) عن يحيى بن
أيوب عن المثنى بن سعيد أنه سعيد أنه سمع سالم بن عبد الله وسأله رجل فقال إن أحدنا يخرج
في السفينة يحمل أهله ومتاعه وداجنته ودجاجه أيتم الصلاة قال إذا خرج فليقصر
الصلاة وان خرج بذلك (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن ابن شهاب
وربيعة وعطاء بن أبي رباح مثله (قال ابن وهب) وقال ابن شهاب ويحيى بن سعيد
في الأسير في أرض العدو إنه يتم الصلاة ما كان محبوسا (علي بن زياد) عن سفيان
عن داود بن أبي هند عن أبي حرب عن أبي الأسود الدؤلي قال خرج علي بن أبي
طالب من البصرة فرأى خصا فقال لولا هذا الخص لصلينا ركعتين يعنى بالخص أنه
لم يخرج من البصرة
(ما جاء في الصلاة في السفينة)
(قال) وقال مالك في الرجل يصلى في السفينة وهو يقدر على أن يخرج منها
قال أحب إلى أن يخرج منها وان صلى فيها أجزأه (قال) وقال مالك ويجمعون
الصلاة في السفينة يصلى بهم امامهم (قال) وقال مالك إذا قدو على أن يصلى في
السفينة قائما فلا يصلى قاعدا (قال) وقيل لمالك في القوم يكونون في السفينة وهو يقدرون
على أن يصلوا جماعة تحت سقفها ويحنون رؤسهم وان خرجوا إلى صدرها صلوا أفذاذا
ولا يحنون رؤسهم أي ذلك أحب إليك (قال) أحب إلي أن يصلوا أفذاذا على صدرها
ولا يصلوا جماعة ويحنون رؤسهم (قال) وقال مالك ويدورون إلى القبلة كلما دارت
السفينة عن القبلة ان قدروا (قلت) لابن القاسم فإن لم يقدروا أن يدوروا مع
السفينة قال تجزئهم صلاتهم عند مالك (قال) وكان مالك لا يوسع لصاحب السفينة
أن يصلى حيثما كان وجهه مثل ما يوسع للمسافر على الدابة والمحمل (ابن وهب)
123

أن أبا أيوب الأنصاري وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأبا
الدرداء وغيرهم كانوا يصلون في السفينة ولو شاؤوا أن يخرجوا إلى الجد (1) لفعلوا (قال
علي بن زياد) قال مالك في الذي يركب البحر فيسير يوما أو أكثر من ذلك يقصر
الصلاة فلقيته ريح فردته إلى المكان الذي خرج منه وحبسته أياما انه يتم الصلاة
ما حبسته الريح في المكان الذي خرج منه
(ما جاء في ركعتي الفجر)
(قال ابن القاسم) وقال مالك فيمن صلى ركعتي الفجر قبل طلوع الفجر فعليه أن
يصليهما إذا طلع الفجر ولا يجزئه ما كان صلى قبل الفجر (قال) وسألت مالكا
عن الرجل يأتي في اليوم المغيم المسجد فيتحرى طلوع الفجر فيصلي ركعتي الفجر فقال
أرجو أن لا يكون بذلك بأس (قال) فقيل لمالك فان تحرى فعلم أنه ركعهما قبل طلوع
الفجر فقال أرى أن يعيدهما بعد طلوع الفجر (قال) وسألنا مالكا عن الرجل يدخل
المسجد بعد طلوع الصبح ولم يركع ركعتي الفجر فتقام الصلاة أيركعهما (فقال) لا
وليدخل في الصلاة فإذا طلعت الشمس فان أحب أن يركعهما فعل وقد خرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح بعد الإقامة وقوم يصلون ركعتي الفجر فقال
أصلاتان معا يريد بذلك نهيا عن ذلك (فقلت) لمالك فان سع الإقامة قبل أن
يدخل المسجد أو جاء والامام في الصلاة أترى له أن يركعهما خارجا أو يدخل (قال)
إن لم يخف أن يفوته الامام بالركعة فليركع خارجا قبل أن يدخل فهو أحب إلى ولا
يركعهما في شي ء من أفنية المسجد التي تصلى فيها الجمعة اللاصقة بالمسجد وان خاف أن تفوته
الركعة مع الامام فليدخل المسجد وليصل معه فإذا طلعت الشمس فان أحب أن يركعهما
فليفعل (قال) وسألنا مالكا عن ركعتي الفجر ما يقرأ فيهما فقال مالك الذي أفعل أنا
لا أزيد على أم القرآن وحدها ألا ترى إلى قول عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

(1) (إلى الجد) قال في القاموس الجد بالضم ساحل البحر إلى أن قال وجانب كل شئ اه‍
124

إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخفف ركعتي الفجر حتى أني لأقول أقرأ فيهما بأم
القرآن أم لا (قال) وقال مالك في الرجل يترك حزبه م القرآن أو يفوته حتى
ينفجر الصبح فيصليه فيما بين انفجار الصبح وصلاة الصبح (قال مالك) ما هو
من عمل الناس فأما من تغلبه عيناه فيفوته ركوعه وحزبه الذي كان يصلي به فأرجو أن
يكون خفيفا أن يصلى في تلك الساعة وأما غير ذلك فلا يعجبني أن يصلى بعد انفجار
الصبح الا الركعتين (وقال) لا بأس أن يقرأ الرجل السجدة بعد انفجار الصبح
ويسجدها وقد صلى عمر بن الخطاب بقية حزبه بعد انفجار الصبح (قال) وقال مالك
ولا أرى بالكلام بأسا فيما بين ركعتي الفجر إلى صلاة الفجر وهو الذي لم يزل عليه
أمر الناس أنه لا بأس بالكلام بعد ركعتي الفجر حتى يصل الصبح فبعد ذلك يكره
الكلام إلى طلوع الشمس (قال) وسمعت مالكا يتكلم بعد ركعتي الفجر قبل صلاة
الصبح (قال) وحدثنا مالك عن أبي النصر مولى عمر بن عبد الله عن أبي سلمة
ابن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت إن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يصلى من الليل إحدى عشرة ركعة ثم يضطجع على شقه الأيمن فان كنت
يقظانة حدثني حتى يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة وكذلك بعد طلوع الفجر (قال)
وحدثني مالك مالك أن سالم بن عبد الله كان يتحدث بعد طلوع الفجر إلى أن تقام صلاة
الفجر (قال) لي مالك وكل من أدركت من علمائنا يفعل ذلك (قال) ولقد رأيت مالكا
يجلس في مجلسه بعد الفجر فيحدث ويصلى حتى تقام الصلاة ثم يترك الكلام إلى
طلوع الشمس أو قرب طلوعها (قال مالك) وإنما يكره الكلام بعد الصبح قال ولقد
رأيت نافعا مولى ابن عمر وموسى بن ميسرة وسعيد بن أبي هند يجلسون بعد أن
يصلوا الصبح ثم يتفرقون للركوع وما يكلم أحد منهم صاحبه يريد بذلك اشتعالا بذكر
الله تعالى (قلت) لابن القاسم أكان مالك يكره الضجعة التي بين ركعتي الفجر وبين صلاة
الفجر التي يرون أنهم يفصلون بها (قال) لا أحفظ عنه فيها شيئا وأرى إن كان يريد
بذلك فصلى الصلاة فلا أحبه وإن كان يفعل ذلك لغير ذلك فلا بأس بذلك (قلت)
125

أرأيت ركعتي الفجر إذا صلاهما الرجل بعد انفجار الصبح وهو لا ينوي بهما ركعتي
الفجر قال لا يجريان عنه وكذلك قال مالك
(ما جاء في الوتر)
(قال) وقال مالك من نسي الوتر أو نام عنه فانتبه وهو يقدر على أن يوتر ويصلى
الركعتين ويصلى الصبح قبل أن تطلع الشمس فعل ذلك كله يوتر ثم يصلى ركعتي
الفجر وصلاة الصبح وان كأن لا يقدر الا على الوتر وصلاة الصبح صلى الوتر وصلاة
الصبح وترك ركعتي الفجر وان كأن لا يقدر الا على الصبح وحدها إلى أن تطلع
الشمس صلى الصبح وترك الوتر وركعتي الفجر ولا قضاء عليه في الوتر ولا في ركعتي
الفجر إلا أن يشاء أن يصلى ركعتي الفجر بعد ما تطلع الشمس (قال مالك) وذلك
أنه بلغني أن عبد الله بن عمر والقاسم بن محمد قضياهما بعد طلوع الشمس فمن أحب
أن يقضيهما بعد طلوع الشمس فليفعل من غير أن أراهما واجبتين عليه (قال)
وقال مالك الوتر واحدة والذي آخذ به وأقرأ به فيها في خاصة نفسي قل هو الله أحد
وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس في الركعة الواحدة مع أم القرآن (قال
ابن القاسم) وكأن لا يفتي به أحدا ولكنه كان يأخذ به في خاصة نفسه (قال)
وأخبرني ابن وهب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة الوتر بقل هو الله
أحد والمعوذتين من حديث حياة بن شريح عن أبي عيسى الخراساني عن عبد الكريم
ابن طارق عن الحسن بن أبي الحسن (سحنون) عن عبد الله بن نافع قال أخبرني
حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقرأ في الركعة الآخرة من الوتر بقل هو الله أحد والمعوذتين يجمعهن في ركعة
الوتر قال عبد الله بن نافع فحدثت به مالكا فأعجبه (قال) وقال مالك لا ينبغي لاحد أن
يوتر بواحدة ليس قبلها شئ لا في حضر ولا في سفر ولكن يصلي ركعتين ثم يسلم ثم يوتر
بواحدة (قال) وقال مالك لا بأس أن يوتر على راحلته حيثما كان وجهه في السفر
(ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر أن عبد الله
126

ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح على راحلته قبل أي وجه توجه
ويوتر عليها غير أنه لا يصلى عليها المكتوبة (قال ابن القاسم) وسألت مالكا عن
الرجل يكون له صلاة بعد العشاء الآخرة وهو في سفره في محمله أو على دابته أيستحب
له أن يؤخر وتره حتى يركع على دابته أو في محمله بعد أن يفرغ من حزبه أو لعله أن
يطول صلاته من الليل أم يركع ركعتين ويوتر على الأرض قال أحب إلى أن يركع
ركعتين ويوتر على الأرض ويركب دابته فيتنفل عليها ما شاء وقد أجزأ عنه وتره
(قال) وقال مالك من أوتر قبل أن يصلى العشاء الآخرة ناسيا فليصل العشاء الآخرة
وليوتر (قلت) لابن القاسم فان أتى في رمضان والقوم في الوتر فصلى معهم جاهلا
حتى فرغ من الوتر ولم يكن صلى العشاء الآخرة كيف يصنع في قول مالك (قال) يضيف ركعة أخرى إلى صلاته ثم يقوم فيصلي العشاء ثم يعيد الوتر (قال) وان هو لم
يضف ركعة أخرى إلى الوتر الذي صلى مع القوم حتى سلم وتطاول ذلك أو يكون
قد خرج من المسجد فإنه لا يضيف الركعة إلى الوتر الا إذا كان بحضرة ذلك ولكن
فليصل العشاء ثم ليعد الوتر (قلت) أرأيت من صلى العشاء الآخرة على غير وضوء
ثم انصرف إلى بيته فتوضأ وأوتر ثم ذكر أنه صلى العشاء على غير وضوء (قال) يعيد
العشاء ثم يعيد الوتر وإن كان ذلك في آخر الليل (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
هذا قوله (قال) وكان مالك يستحب إذا دخل الرجل في صلاة الصبح وقد كان نسي
الوتر وتر ليلته أن يقطع ثم يوتر ثم يصلي الصبح (قال) وكذلك أن كان خلف امام قطع
وأوتر وصلى الصبح وإن كان في فضل الجماعة فإنما أمرته أن يقطع ويوتر لان الوتر
سنة فهو ان ترك فضل الجماعة في هذا الموضع صلى صلاة هي سنة ثم صلى الصبح
(قال ابن القاسم) وقد أسكت عبادة بن الصامت المؤذن بعد إقامة الصلاة صلاة
الصبح (قال ابن القاسم) للوتر أسكته وقد سمعت مالكا يرخص فيه يقول إذا دخل
الرجل مع الامام فلا يقطع وليمض ولكن الذي كان يأخذ به هو في نفسه خاصة أن
يقطع وإن كان خلف الامام فيما رأيته ووقفته عليه فرأيت ذلك أحب إليه (وقال)
127

مالك لم أسمع أحدا قط قضى الوتر بعد صلاة الصبح قال وليس هو كركعتي الفجر
في القضاء (قال) وقال مالك من ترك الوتر حتى ينفجر الصبح فإنه يوتر قال وان
صلى الصبح فلا يوتر بعد ذلك (قلت) أرأيت لو سها في الوتر فلما صلى ركعة
الوتر أضاف إليها أخرى كيف يصنع أيعيد وتره أم يجرئه هذا الوتر أم يجزئه هذا الوتر ويسجد لسهوه
(قال) يسجد سجدتين لسهوه ويجتزئ بوتره يعمل في السنن كما يعمل في الفرائض وقد
سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوتر واحدة (قال) وسمعت مالكا وسئل عن
رجل سها فلم يدر أفي الشفع هو أم في الوتر (قال) قال مالك يسلم ويسجد لسهوه
ثم يقوم فيوتر بركعة (قلت) ولم قال ذلك قال لأنه قد أيقن بالشفع وشك في
الوتر فأمره مالك أن يلغي ما شك فيه (قلت) أرأيت إذا شك فلم يدر أفي أول
الركعة هو أم في الركعة الثانية أم في ركعة الوتر كيف يصنع (قال) يبنى على
اليقين لان مالكا قال من شك فليبن علي اليقين فهذا في أول الشفع فليضف
إليها ركعة ثم يسلم ويسجد لسهوه ثم يقوم فيوتر بواحدة (علي بن زياد) عن
سفيان عن المغيرة عن إبراهيم قال إذا طلعت الشمس فلا قضا عليه للوتر وإذا صلى
الفجر فلا قضاء عليه للوتر (سحنون) عن علي بن زياد عن سفيان عن أبي إسحاق
عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال ليس الوتر تحتم كالمكتوبة ولكنها
سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم (ابن وهب) عن يونس بن يزيد أنه سأل
ابن شهاب عمن نسي الوتر حتى صلى الصبح قال قد ضيع وفرط في سنة سنها
رسول الله صلى الله عليه وسلم فليستغفر الله وليستعتب فإنما الوتر بالليل وليس بالنهار
(ابن وهب) وقاله ابن نافع وابن قسيط وعطاء ويحيى بن سعيد وإبراهيم النخعي
(ابن وهب) عن ابن لهيعة عن خالد بن ميمون الصغدي (1) عن الحسن أن رجلا
قال يا رسول الله أوتر بعد الفجر فقال له في الثالثة أوتر (قال سحنون) يعنى بعد ثلاث

(1) (الصغدي) بضم الصاد المهملة وسكون الغين المعجمة وبالدال المهملة منسوب إلي بلاد الصغد
وراء خراسان اه‍
128

مرات كلمه فأجابه أن افعل
(ما جاء في قضاء الصلاة إذا نسيها)
(قال) وقال مالك من ذكر صلاة نسيها وهو في صلاة المكتوبة قال إن
كان وحده فذكرها حين افتتح الصلاة فليقطع وليصل التي نسي ثم يصلي هذه التي
كان فيها قال وإن كان إنما ذكرها بعد ما صلى من هذه التي كان فيها ركعة فليضف إليها
أخرى ثم ليقطع وان ذكرها بعد ما صلى ثلاثا فليضف إليها ركعة رابعة ثم ليقطع (3)
(قال ابن القاسم) ويقطع التي دخل فيها إذا ذكر التي نسي بعد ثلاث ركعات أحب
إلى وليصل التي نسي ثم يصلي هذه التي ذكر فيها (قال) وقال مالك إن كان ذكر
صلاة نسيها بعد ما صلى الظهر والعصر قال إذا ذكر ذلك قبل مغيب الشمس وهو
يقدر على أن يصليها ثم يصل الظهر والعصر فليصل التي نسي ثم ليصل الظهر ثم العصر
قال ووقت الظهر والعصر في ذلك النهار كله وان كأن لا يقدر الا على أن يصلى
التي نسي واحدى الصلاتين صلى التي نسي ثم العصر قال وإن كان يقدر على التي
نسي ويصلى الظهر وركعة من العصر صلى التي نسي ثم الظهر ثم العصر (قال) وإن كان
خلف الامام ثم ذكر صلاة نسيها قال يتمادى مع الامام ولا يقطع حتى يفرغ فإذا
فرغ صلى التي نسي ثم أعاد التي صلى مع الامام إلا أن يكون قد صلى قبلها صلاة
فيدرك وقتها ووقت التي صلى مع الامام فليصلهما جميعا (قلت) وكذلك أن كانت
المغرب وهو وراء الامام فذكر وهو فيها صلاة قد كان نسيها قال يصلى مع الامام
فإذا سلم الامام سلم معه ولم يضف إليها ركعة أخرى ثم يقضى التي نسي ثم يعيد المغرب
وكذلك قال مالك في المغرب (قلت) له وهذا قول مالك قال نعم المغرب وغيرها
سواء (قال مالك) إذا كان خلف الامام صلى مع الامام حتى إذا فرغ صلى التي نسي ثم
أعاد المغرب ووقت المغرب والعشاء في هذا الليل كله (قلت) أرأيت من نسي صلاة
مكتوبة فذكرها وهو في نافلة أيصليها (قال) إذا لم يكن صلى منها شيئا قطعها وإن كان
قد صلى ركعة أضاف إليها أخرى ثم يسلم (قال) وقد كان مالك يقول أيضا يقطع
129

وأحب إلى أن يضيف إليها أخرى (قال) وقال مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من نسي صلاة فليصلها حين يذكرها قال ومن ذكر صلاة نسيها فليصلها إذا ذكرها
في أية ساعة كانت من ليل أو نهار عند مغيب الشمس أو عند طلوعها (قال) وان بدا
حاجب الشمس فليصلها قال وان غاب بعض الشمس فيصلها إذا ذكرها ولا ينتظر
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها قال
مالك فوقتها حين ذكرها فلا يؤخرها عن ذلك (قال) وقال مالك من نسي صلاة
أو صلاتين أو ثلاثا ثم ذكر هن قبل صلاة الصبح قال إذا كانت يسيرة صلاهن قبل
الصبح وان فات وقت الصبح وان كانت صلوات كثيرة بدأ بالصبح ثم صلى ما كان
نسي وإن كان صلى الصبح ثم ذكر صلوات كثيرة صلى ما نسي فان فرغ من ذلك
وعليه بقية من الوقت صلى الصبح وإن لم بفرغ مما نسي حتى فات وقت الصلاة فلا يعيد
الصبح وقد مضى وقتها (قال) وقال مالك ومن نسي صلوات كثيرة أو ترك صلوات
كثيرة فليصل على قدر طاقته وليذهب إلى حوائجه فإذا فرغ من حوائجه صلى أيضا
ما بقي عليه حتى يأتي على جميع ما نسي أو ترك ويقيم لكل صلاة ويصلى صلاة النهار
بالليل ويسر ويصلى صلاة الليل بالنهار ويجهر بصلاة الليل في النهار (قال ابن القاسم)
والذي كتبت أنه ان نسي صلوات كثيرة فذكر ذلك وهو في صلاة الصبح قال
لا أحفظه من مالك إلا أن مالكا قال إذا نسي صلوات كثيرة فذكرها وهو في وقت
صلاة قبل أن يصليها صلى التي هو في وقتها وكذلك إذا ذكرها وهو فيها انه يمضى
عليها (قال ابن القاسم) وقال مالك إذا طلعت الشمس فأكره الصلاة حتى ترتقع في
التطوع (قال) وقال مالك في الرجل ينسى الصبح والظهر فلا يذكرهما الا في آخر
وقت الظهر قال يبدأ بالصبح وان خرج وقت الظهر (قلت) وكذلك أن نسي الظهر
والعصر إلي آخر وقت العصر أو عند المغيب وهو لا يقدر على أن يصلى الا صلاة
واحدة قال يبدأ بالظهر وان غابت الشمس ثم يصلى العصر (قلت) وإن كان قد
صلى العصر ونسي الظهر فذكر ذلك وليس عليه من النهار الا قدر ما يصلى صلاة
130

واحدة قال يصلى الظهر وليس عليه إعادة العصر (قلت) فان صلى الظهر وقد بقي عليه
من النهار ما يصلي ركعة من العصر قال يعيد العصر (قلت) وهذا قول مالك قال
نعم (قلت) فان هو قدر على ذلك فصلى الظهر وغابت الشمس (قال) لا يعيد العصر
(قلت) وكذلك أن نسي المغرب والعشاء فلم يذكرهما الا عند طلوع الفجر وهو
لا يقدر على أن يصلي قبل طلوع الفجر الا إحداهما قال يبدأ بالمغرب وان طلع الفجر
ثم العشاء ثم الصبح وكذلك أن نسي العشاء والصبح فلم يذكرهما الا قبل طلوع
الشمس وهو لا يقدر على أن يصلى الا إحداهما قال يبدأ بالعشاء وان طلعت الشمس
ثم يصلى الصبح بعد ذلك (قلت) فان هو نسي صلوات صلاتين أو ثلاثا أو أربعا
(قال) إذا نسي صلوات يسيرة بدأ بها كلها قبل الصلاة التي حضر وقتها وإذا كانت
كثيرة بدأ بالصلاة التي حضر وقتها ثم قضى ما كان نسي (قال) وهذا قول مالك
(قال ابن القاسم) وإنما الذي قال مالك في اليسيرة الصلاة أو الصلاتين أو الثلاث أو ما
قرب (وكيع) عن شريك عن المغيرة عن إبراهيم النخعي مثل قول مالك أنه يقضي
الأول فالأول متتابعا (قال) وقال مالك في رجل نسي الصبح من يومه أو من
غير يومه ثم ذكر بعد ما قد صلى الظهر والعصر (قال) يصلى الصبح ثم يعيد الظهر
والعصر قال فإن لم يكن في النهار الا قدر ما يصلى الصلاة الواحدة جعلها العصر فإن كان ذكر الصبح التي نسي بعد ما غابت الشمس فلا يعيد الظهر ولا العصر وليبدأ
بالصبح ثم ليصل المغرب وان صلى المغرب والعشاء ثم ذكر صلاة نسيها قبل ذلك
صلى التي نسي ثم أعاد المغرب والعشاء والليل كله وقت لهما وإن لم يكن في الليل الا
قدر ما يصلي صلاة واحدة جعلها العشاء وإن كان في الليل قدر ما يصلى صلاة واحدة
وركعة من الأخرى صلاهما جميعا بعد التي نسي والصبح كذلك أيضا ان أدرك أن
يصلى التي نسي والصبح قبل طلوع الشمس أو ركعة من الصبح صلاهما جميعا إذا
كان إنما ذكر التي نسي بعد ما صلى الصبح (قلت) فلو أن رجلا نسي الصبح
والظهر من يومه فلم يذكرهما الا بعد أيام فذكر الظهر ولم يذكر الصبح فصلى
131

الظهر فلما كان في بعض الظهر ذكر الصبح أنه قدر كان نسيها أيضا قال يفسد عليه الظهر
ويصلى الصبح ثم يصلي الظهر قال وإن كان ذكرها وقد فرغ من الظهر صلى الصبح
ولم يعد الظهر لأنه حين فرغ من الظهر فكأنه صلاها حين نسيها (وقال مالك)
في امام ذكر صلاة نسيها قال ابن القاسم قال مالك أرى أن يقطع ويعلمهم
ويقطعوا ولم يره مثل الحدث (قلت) فإن لم يذكر حتى فرغ من صلاته أيعيد من
خلفه (قال) لا أرى عليهم إعادة ولكن يعيد هو بعد قضاء ما نسي (قال سحنون)
وقد كأن يقول ويعيدون هم في الوقت وقاله في كتاب الحج وهما يحملان جميعا
(قلت) أرأيت من نسي صلاة ثم ذكرها فلما ذكرها صلى الصلوات وهو ذاكر لتلك
الصلاة التي نسي ولم يصلها (قال) لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ولكن قال مالك
من نسي صلاة فذكرها فليصلها ثم ليعد كل صلاة هو في وقتها قال فأرى ذلك بهذه
المنزلة وإن كان صلى عمدا إذا ذهب الوقت فإنما عليه أن يصلى التي نسي وكل صلاة
هو في وقتها وقد أساء فيما تعمد ولا أحفظ عن مالك في العمد شيئا (قال) وقال
مالك فيمن نسي الصبح أو نام عنها حتى بدا حاجب الشمس قال يصليها ساعته تلك إذا
ذكرها وان نسي العصر حتى غاب بعض الشمس أو نام عنها ثم ذكرها فليصلها
مكانه ولا يؤخرها إلى مغيب الشمس وكذلك من نسي غيرها من الصلوات هو بمنزلتها
(قال مالك بن أنس) عن زيد بن أسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رقد
أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها إذا صلاها لوقتها
(مالك) عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها فان الله يقول أقم الصلاة لذكري قال يونس سمعت
ابن شهاب يقرؤها للذكر (ابن وهب) عن سفيان عن ابن شهاب عن سعيد بن
المسيب قال أقم الصلاة لذكرى قال إذا ذكرتها (علي بن زياد) عن سفيان الثوري
عن المغيرة عن إبراهيم قال صل المكتوبة متي ما نسيتها إذا ما ذكرتها في وقت أو غير
وقت (ابن وهب) عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال من نسي صلاة من صلاته فلم
132

يذكرها إلا وهو وراء امام فإذا سلم الامام فليصل الصلاة التي نسي ثم ليصل بعدها
الصلاة الأخرى وقاله مالك والليث ويحيى بن عبد الله مثله من حديث ابن وهب
(قال مالك) وعلى ذلك الامر عندنا في كل من نسي صلاة فلم يذكرها الا وهو في
صلاة غيرها وهو مع امام أو وحده قال فان الصلاة التي ذكرها فيها تفسد عليه
ولا تجزئه حتى يصليها بعد الصلاة التي نسي فإن كان مع الامام فذكر وهو في العصر
أنه نسي الظهر مضى مع الامام حتى يفرغ فيصلي هو الظهر ثم يعيد العصر وإن كان
وحده فذكرها وهو في شفع سلم فصلى الظهر ثم العصر بعد فإن كان لم يذكرها
الا وهو في وتر من صلاته شفعه بركعة أخرى ثم يسلم ثم يصلى الظهر ثم العصر
(ما جاء في السهو في الصلاة)
(قال) وقال مالك لو أن اماما صلى بقول ركعتين فسلم فسبحوا له فلم يفقه فقال له
رجل ممن هو معه في الصلاة انك لم تتم فأتم صلاتك فالتفت إلى القوم فقال أحق
ما يقول هذا فقالوا نعم (قال) يصلى بهم الامام ما بقي من صلاتهم ويصلون معه بقية صلاتهم
الذين تكلموا والذين لم يتكلموا (قال) ويفعلون في ذلك مثل ما فعل النبي صلى الله عليه
وسلم يوم ذي اليدين. وبذلك الحديث يأخذ مالك. وكل من فعل في صلاته مثل
ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ وفعل من خلفه مثل ما فعل من كان خلف النبي
صلى الله عليه وسلم يومئذ فصلاتهم تامة يفعلون كما فعل من كان خلف النبي صلى الله
عليه وسلم يومئذ يوم ذي اليدين (قال) وقال مالك ولو أن رجلا صلى وحده وقوم
إلى جنبه ينظرون إليه فلما سلم قالوا له انك لم تصل الا ثلاث ركعات قال لا يلتفت إلى
ما قالوا ولكن لينظر إلى يقينه فيمضي عليه ولا يسجد لسهوه فإن كان يستيقن أنه لم
يسه وانه قد صلى أربعا لم يلتفت إلى ما قالوا له وليمض على صلاته ولا سهو عليه
(قال ابن القاسم) وإذ صلى وحده ففرغ عند نفسه من الأربع فقال له رجل إلى
جنبه انك لم تصل الا ثلاثا فالتفت الرجل إلى آخر فقال له أحق ما يقول هذا فقال نعم
(قال) يعيد الصلاة ولم يكن ينبغي له أن يكلمهما ولا يلتفت إليهما (قال) وقال مالك
133

لو أن رجلا صلى المكتوبة أربعا فظن أنه صلى ثلاثا فأضاف إليها ركعة فلما صلى الخامسة
بسجدتيها ذكر أنه قد كان أتم صلاته (قال) يرجع ويجلس ولا يضيف إليها ركعة أخرى
ثم يسلم ويسجد لسهوه بعد السلام (قال) وإن كان لم يصل من الخامسة إلا أنه ركع
وسجد سجدة رجع أيضا فجلس وسجد لسهوه (قلت) أرأيت اماما سها فصلى خمسا
فتبعه قوم ممن خلفه يقتدون به وقد عرفوا سهوه وقوم سهوا بسهوه وقوم قعدوا فلم
يتبعوه (قال) يعيد من اتبعه عامدا وقد تمت صلاة الامام وصلاة من اتبعه على غير تعمد
وصلاة من قعد ولم يتبعه ويسجد الامام لسهوه ومن سها بسهوه سجدتين بعد السلام
ويسجد معه من لم يتبعه على سهوه ولا يخالف الامام (قال ابن القاسم) لان رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الامام ليؤتم به فعلى من خلف الامام ممن لم يتبعه
وقعد أن يسجد مع الامام في سهوه وإن لم يسه (قال) وقال ابن شهاب فيمن لم
يسه مع الامام وقدسها الامام فسجد فعليه أن يسجد مع الامام لان رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال إنما جعل الامام ليؤتم به من حديث ابن وهب عن يونس عن ابن
شهاب (قال) وقال مالك فيمن افتتح الصلاة فقرأ وركع ونسي السجود ثم قام فقرأ
وركع ثانية قال إن ذكر أنه لم يسجد قبل أن يركع الثانية فليسجد سجدتين وليقم
وليبتدئ القراءة قراءة الركعة الثانية وان هو لم يذكر حتى يركع الركعة الثانية فليلغ
الركعة الأولى ويمضى في هذه الركعة الثانية ويجعلها الأولى (قلت) ما معنى قول
ملك حتى يركع أهو إذا ركع في الثانية فقد بطلت الأولى أم حتى يرفع رأسه من
الركعة الثانية (قال) بل حتى يرفع رأسه من الركعة الثانية (قال) وقال مالك فيمن
افتتح الصلاة فقرأ وركع وسجد سجدة ونسي السجدة الثانية حتى قام فقرأ وركع
الركعة الثانية ورفع منها رأسه (قال) يلغى الركعة الأولى وتكون أول صلاته الركعة
الثانية وكذلك كل ركعة من الصلاة لم تتم بسجدتيها حتى يركع بعدها ألغى الركعة
التي قبلها التي سجد فيها سجدة واحدة لأنها لم تتم بسجدتيها. وان ذكر أنه ترك
سجدة من الركعة الأولى قبل أن يركع الثانية وقد قرأ أو قبل أن يرفع رأسه من
134

الركعة التي تليها فليرجع ويسجد السجدة التي نسيها ثم يبتدئ القراءة التي قرأ بين
الركعتين (قال) وقال مالك من تكلم في صلاته ناسيا بنى على صلاته ثم سجد بعد
السلام وإن كان مع الامام فان الامام يحمل ذلك عنه (ابن وهب) وقد قال ربيعة
وابن هرمز ويحيى بن سعيد ليس على صاحب الامام سهو فيما نسي معه من تشهد
أو غيره وقد تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته وهو الامام وسجد لسهوه
بعد السلام لان الكلام زيادة. من حديث مالك عن داود بن الحصين أن أبا سفيان
مولى ابن أبي أحمد أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول صلى لنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم صلاة العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة
يا رسول الله أم نسيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن فقال قد
كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال أصدق
ذو اليدين فقالوا نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتم ما بقي من الصلاة ثم
سجد سجدتين بعد السلام وهو جالس (قلت) أرأيت أن شرب في صلاته ساهيا
ولم يكن سلم أيبتدئ أم يبنى (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه بلغني أن قوله
قديما أنه يتم الصلاة ويسجد لسهوه (قال) وقال مالك فيمن منها عن سجدة من
ركعة أو عن ركعة أو عن سجدتي السهو إذا كانتا قبل السلام فإنه إن كان قريبا رجع فبنى
وإن كان قد ذهب وتباعد فإنه يستأنف ولا يبني (قال) وقال مالك فيمن سها
فلم يدر أثلاثا صلى أو أربعا ففكر قليلا فاستيقن أنه صلى ثلاثا قال لا سهو عليه (قال)
وقال مالك فيمن سها في الرابعة فلم يجلس مقدار التشهد حتى صلى خامسة (قال)
يرجع فيجلس فيتشهد ويسلم ثم يسجد لسهوه وقد تمت صلاته (ابن وهب) عن
مالك بن أنس وهشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثهما عن عطاء بن يسار أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا شك أحدكم في صلاته فلا يدرى كم صلى أثلاثا
أم أربعا فليقم فليصل ركعة ثم يسجد سجدتين قبل السلام (ابن وهب) وأخبرني
جرير بن حازم عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله
135

صلى الله عليه وسلم صلى خمس ركعات ثم سجد سجدتين وهو جالس ولم يعد لذلك صلاته
(ابن وهب) قال مالك وبلغني أن ابن مسعود صلى الظهر أو العصر ساهيا خمس
ركعات فسجد سجدتي السهو بعد السلام لسهوه ولم يعد لذلك صلاته (علي بن زياد)
عن سفيان عن الحسين عن عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة أنه صلى بهم الظهر خمسا أو
العصر فقيل له صليت خمسا فقال وتقول أنت ذلك يا أعور قال قلت نعم فقام فسجد
سجدتين فقال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم (ابن وهب) عن مالك والليث
وعمرو بن الحارث أن ابن شهاب أخبرهم عن عبد الرحمن الأعرج أن عبد الله بن بحينة
حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في اثنتين من الظهر فلم يجلس فلما قضى صلاته
سجد سجدتين يكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم وسجدهما الناس معه
مكان ما نسي من الجلوس (قال سحنون) فلهذه الأحاديث يسجد في الزيادة بعد السلام
وفى النقصان قبل السلام (وكيع) عن سفيان الثوري عن خصيف عن أبي عبيدة
قال قال عبد الله بن مسعود إذا قام أحدكم في قعود أو قعد في قيام أو سلم في
الركعتين فليتم ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتين يتشهد فيهما ويسلم (قال سحنون) وإنما
ذكرت هذا الحديث لان ابن مسعود رأى أن السلام لا يقطع الصلاة على السهو
(وكيع) عن الربيع بن صبيح عن الحسن في رجل صلى المغرب أربعا قال تجزئه
ويسجد سجدتين لسهوه (قلت) أرأيت لو أن رجلا افتتح الصلاة فقرأ وركع
وسجد سجدة ونسي السجدة الثانية حتى قام فقرأ ونسي ان يركع في الثانية وسجد
للثانية سجدتين أيضيف شيئا من هذا السجود الثاني إلى الركعة الأولى قال لا (قلت)
له لم قال لان نيته في هذا السجود إنما كانت لركعة ثانية فلا تجزئه أن يجعلها لركعته
الأولى ولكن يسجد سجدة فيضيفها إلى ركعته الأولى فتصير ركعة وسجدتين
(قلت) فان قام بعد ما ركع في الأولى وسجد سجدة فقرأ وركع فذكر وهو راكع
أنه لم يسجد لركعته الأولى الا سجدة واحدة قال يسجد السجدة التي بقيت عليه من
الركعة الأولى ما لم يرفع رأسه من الركوع (قال) وكان مالك يقول إذا ركع وقد
136

نسي سجدة من الركعة التي قبلها ترك ركوعه هذا الذي هو فيه وخر ساجدا لسجدته
التي نسي من الركعة التي قبلها قبل هذا الركوع ما لم يرفع رأسه. وكأن يقول عقد
الركعة رفع الرأس من الركوع (قال) وقال مالك فيمن صلى نافلة ثلاث ركعات
ساهيا فإنه يضيف إليها ركعة أخرى ويسجد لسهوه إذا فرغ من الرابعة وان ذكر
قبل أن يركع في الثالثة قعد وسلم وسجد بعد السلام (قال ابن القاسم) وأرى سجوده
في النافلة إذا صلى ثلاثا وبنى عليها فصلى أربعا فسجدناه قبل السلام لأنه نقصان
(قال) وقال مالك في السهو في التطوع والمكتوبة سواء في ذلك (قال) وقال
مالك والسهو على الرجال والنساء سواء (ابن وهب) عن ابن لهيعة أن عبد الرحمن
الأعرج حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كل سهو سجدتان (وقال)
سعيد بن المسيب وابن شهاب وعطاء بن أبي رباح سجدتا السهو في النوافل كسجدتي
السهو في المكتوبة (قال ابن وهب) وقال ذلك والليث ويحيى بن سعيد
(قال ابن القاسم) وقال مالك إذا نسي الرجل التشهد في الصلاة حتى سلم قال إن
ذكر ذلك وهو في مكانه سجد لسهوه وإن لم يذكر ذلك حتى يتطاول فلا شئ عليه
إذا ذكر الله (قال) وليس كل الناس يعرف التشهد قاله مالك (قال ابن القاسم)
وكذلك سهوه عن التشهدين جميعا لا يراه بمنزلة غيره من الصلوات فيما يسهو عنه
(قال) والتكبير قال فيه مالك ان نسي تكبيرة واحدة أو نحو ذلك رأيته خفيفا
ولم ير عليه شيئا وان نسي أكثر من ذلك أمره مالك أن يسجد لسهوه قبل السلام
(قال) وقال مالك من وجب عليه سجود السهو بعد السلام فترك أن يسجدهما نسي
ذلك فليسجدهما ولو بعد شهر متى ما ذكر ذلك وإن كان إنما هو سهو وجب عليه أن
يسجدهما قبل السلام فنسى حتى قام من مجلسه ذلك وتباعد قال فليعد صلاته
قال وإن كان ذكر أنه لم يسجد لسهوه بحضرة ما سلم وسهوه الذي وجب عليه قبل
السلام فليسجدهما وليسلم وتجزئان عنه بمنزلة رجل قام من أربع ثم ذكر فليرجع جالسا
وليسلم وليسجد لسهوه (قلت) له فإن كان سهوه سهوا يكون السجود فيه قبل
137

السلام مثل أن ينسى بعض التكبير أو ينسى سمع الله لمن حمده مرة أو مرتين
أو الله أكبر أو التشهدين فنسي أن يسجد حتى طال ذلك وأكثر من الكلام أو
انتقض وضوءه قال أما التشهد أو التكبيرة والاثنتان وسمع الله لمن حمده مرة
أو مرتين فإذا انتقض وضوءه أو طال كلامه فلا أرى عليه سجودا ولا شيئا (قلت)
فما بال الذي يكون سجوده بعد السلام قال لان ذلك ليس من الصلاة وهو بعد
السلام وأما هذا فقد تكلم فصار السلام فصلا إذا طال الكلام أو انتقض وضوءه
لان السجود إنما كان عليه قبل السلام (قال مالك) وأما الذي ينسى سمع الله لمن
حمده ثلاثا أو أكثر أو من التكبير مثل ذلك فأرى عليه الإعادة إذا طال كلامه أو قام
فأكثر من ذلك (قال سحنون) وقد سجد علقمة بعد الكلام سجدتي السهو وقال
هكذا صنع بنا عبد الله بن مسعود (وكيع) وقال الحسن ما كان في المسجد (قال ابن
القاسم) وقال مالك من سها سهوين أحدهما يجب عليه قبل السلام والآخر بعد
السلام قال يجزئه عنهما جميعا أن يسجد قبل السلام (قال) وقلت لمالك انه يلينا
قوم يرون خلاف ما ترى في السهو يرون أن ذلك عليهم بعد السلام فيسهو أحدهم
سهوا يكون عندنا سجود ذلك السهو قبل السلام ويراه الامام بعد السلام فيسجد
بنا بعد السلام قال اتبعوه فان الخلاف أشد (قلت) لابن القاسم فان وجب على
رجل سجود السهو بعد السلام فسجدهما قبل السلام قال لا أحفظ عن مالك فيه شيئا
وأرجو أن يجزئ عنه على القول في الامام الذي يرى خلاف ما يرى من خلفه (قال)
وقال مالك فيمن نسي الجلوس من ركعتين حتى نهض عن الأرض قائما واستقل عن
الأرض مالك فيمن نسي الجلوس من ركعتين حتى نهض عن الأرض قائما واستقل عن
الأرض فليتماد قائما ولا يرجع جالسا وسجوده لسهوه قبل السلام (قال سحنون)
قال ابن وهب وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم من اثنتين وعمرو ابن مسعود وسجدوا
كلهم للسهو (قال) ثم سمعته يقول بعد ذلك في الامام إذا جعل موضع سمع الله لمن
حمده الله أكبر أو موضع الله أكبر سمع الله لمن حمده قال أرى أن يرجع فيقول
الذي كان عليه فإن لم يرجع حتى يمضى سجد سجدتي السهو قبل السلام (قال ابن القاسم)
138

والرجل في خاصة نفسه عندي مثل الامام (قال) وقال مالك من نسي سمع الله لمن
حمده قال أرى ذلك خفيفا بمنزلة من نسي تكبيرة أو نحوها (قال) وقال مالك في كل
سهو يكون بعد السلام فيسجده الرجل بعد سلامه ثم يحدث في سجوده انه لا تنتقض
صلاته وقد تمت صلاته ولا شئ عليه إلا أنه يتوضأ ويقضى سجدتي السهو بعد
السلام (قال مالك) ولو مكث أياما وقد ترك سجدتي السهو اللتين بعد السلام قضاهما
وان انتقض وضوءه توضأ وقضاهما (قلت) لم يكون عليه قضاؤهما إذا أحدث ومالك
يقول إذا أحدث في الصلاة لم يبن واستأنف (قال) لان مالكا يقول ليستا من الصلاة
فلما لم تكونا من الصلاة كان عليه أن يتوضأ ويسجدهما (قال ابن القاسم) فيمن كان
عليه سجود السهو بعد السلام فلما سجد لسهوه أحدث قال يتوضأ ويسجد لسهوه
وقد تمت صلاته وإن لم يعدهما أجزأتا عنه (قال) فان نسي سجود السهو أعاد ذلك
وحده ولم يعد الصلاة (قلت) لابن القاسم أرأيت من صلى أياما فسها في الصلاة
أيسجد لسهوه أياما قال نعم (قلت) أتحفظه عن مالك قال لا أحفظه (قال) وقال مالك
في امام سها في أول ركعة من صلاته وسهوه ذلك بعد السلام ثم دخل معه رجل في
الركعة الثانية أو الثالثة أو الرابعة فلما سلم الامام سجد الإمام لسهوه انه يقوم فيصلى
ما بقي عليه مما سبقه به الامام فإن شاء قام حين سلم الامام قبل أن يفرغ من سجود
السهو وان شاء انتظره ولا يسجد معه وهذا قول مالك (قال ابن القاسم) وأحب
إلى أن يقوم لان الامام قد انقضت صلاته حين سلم ولو أحدث الامام بعد الصلاة
أجزأت عنه ثم سجد هذا لسهوه إذا فرغ مما سبقه به الامام ولا يسجد لسهوه حتى
يقضي الذي بقي عليه من صلاته وليس له أن يترك سجدتي السهو بعد ذلك وقد
وجبتا عليه وسواء إن كان الامام إنما سها وهو خلفه أو سها الامام قبل أن يدخل هذا
في صلاته لأنه حين دخل في صلاة الامام فقد وجب عليه ما وجب على الامام (قال)
فإن كان سهو الامام قبل السلام وقد بقيت على هذا ركعة من صلاته فإنه إذا سجد الإمام
لسهوه قبل السلام سجد معه فإذا سلم الامام قام فقضى ما بقي عليه من صلاته
139

وسلم وليس عليه أن يعيد سجدتي السهو اللتين سجدهما مع الامام قبل سلامه هو
لنفسه ولا بعد سلامه وقد أجزأت عنه السجدتان اللتان سجدهما مع الامام (علي بن
زياد) عن سفيان عن يونس عن الحسن والمغيرة عن إبراهيم أنهما قالا في الرجل تفوته
من صلاة الامام ركعة وقد سها فيها الامام فان يسجد مع الامام سجدتي السهو ثم
يقضي الركعة بعد ذلك (قال سفيان) وإن كان سجود الامام بعد السلام فإنه يسجد
معه ثم يقوم فيقضى (قلت) أرأيت هذا الذي فاته بعض صلاة الامام فسلم
الامام وعليه سجدنا السهو بعد السلام فسجدهما الامام فأمر مالك هذا أن
يجلس حتى يسلم الامام من سهوه ثم يقوم فيقضي أيتشهد في جلوسه كما يتشهد الامام
في سهوه وهو يلبث حتى يفرغ الامام ولم يقم قال لا ولكن يدعو (قلت) وهذا
قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك فيمن نسي التشهد قال أرى ذلك خفيفا قال وان
سلم ثم ذكر ذلك وهو قريب فرجع فتشهد مكانه وسلم لم أر بذلك بأسا قال ولم يكن
يراه نقصانا من الصلاة قال وان تباعد ذلك لم أر أن يسجد (قال) وقال لنا مالك فيمن
أسر فيما يجهر فيه أو جهر فيما يسر فيه قال يسجد سجدتي السهو (قال) فقلنا لمالك
فلو قال بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الآية أو نحو ذلك ثم صمت قال
هذا خفيف ولا سهو عليه (قال سحنون) وقد قاله إبراهيم النخعي يسجد إذا أسر
فيما يجهر فيه أو جهر فيما يسر فيه (قال) وقال مالك فيمن صلى وحده فجهر فيما يسر
فيه قال إن كان جهر جهرا خفيفا لم أر بذلك بأسا (قلت) فان هو أسر فيما يجهر فيه
قال يسجد سجدتي السهو قبل السلام إلا أن يكون شيئا خفيفا (قلت) فان هو جهر
فيما يسر فيه هل عليه سجدتا السهو قال نعم (قلت) فما قول لمالك في هذا الذي صلى وحدة فأسر فيما يجهر فيه أو جهر فيما يسر فيه هل عليه سجدتا السهو قال نعم
(قال) وقال مالك فيمن سلم ساهيا قبل أن يتشهد في الركعة الرابعة قال يرجع فيتشهد
ثم يسلم ويسجد لسهوه (قلت) لابن القاسم أبعد السلام أو قبل السلام قال بعد السلام
(قلت) له فان هو لم يجلس إلا أنه لما رفع رأسه من آخر السجدة سلم ساهيا وظن أنه
140

قد قعد مقدار التشهد قال يرجع فيتشهد ثم يسجد لسهوه أيضا بعد السلام (قلت)
وهذا قول مالك قول نعم (قال) وسألنا مالكا عن رجل سلم من ركعتين ساهيا قال
يسجد لسهوه ذلك بعد السلام وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وقاله ابن مسعود
(قال) وقال مالك ليس في سجدتي السهو سهو (قال) وقال مالك فيمن سها في
سجدتي السهو فلم يدر أواحدة سجد أو اثنتين انه يسجد أخرى لان واحدة قد أيقن
بها ولا شئ عليه غير ذلك ويتشهد ويسلم ولا يسجد لسهوه سجدتي السهو (قال)
وقال مالك في رجل فاتته ركعة مع الامام فسها الامام فسجد لسهوه بعد ما سلم
قال هذا الذي بقيت عليه ركعة لا يسجد حتى يتم بقية صلاته ثم يسجد لسهوه
(قلت) أرأيت لو أن رجلا دخل مع الامام في سجوده الآخر في آخر صلاته وعلى
الامام سجدتا السهو بعد السلام أو قبل السلام فسجد الامام سجود السهو قبل
السلام أو بعد السلام قال لا يسجد معه لا قبل ولا بعد ولا يقضيه لأنه لم يدرك من
الصلاة شيئا وإنما يجب ذلك على من أدرك من الصلاة ركعة أو أكثر (قال) وقال
مالك فيمن فاته بعض صلاة الامام فظن أن الامام قد سلم فقام يقضي فلما صلى ركعة
وسجدتيها سلم الامام فعلم بذلك (قال) يرجع فيصلي تلك الركعة بسجدتيها ولا يعتد بما
صلى قبل سلام الامام ولو ركع ولم يسجد قبل أن يسلم الامام رجع فقرأ وابتدأ
القراءة من أولها ثم أتم صلاته وسجد سجدتي السهو قبل السلام (فقلت) لمالك أرأيت
لو علم وهو قائم قبل أن يسلم الإمام قال يرجع فيجلس مع الامام قبل أن يسلم الامام
فإذا سلم الامام قام فقضى (قلت) أفعليه سجود السهو قال لا لأنه قد رجع إلى الامام
قبل أن يسلم الامام فإذا سلم فقد حمل ذلك عنه الامام (قلت) له فلو لم يعلم حتى سلم
الامام وهو قائم أيرجع فيقعد بقدر ما قام قال لا ولكن ليمض وليبتدئ القراءة
ويسجد سجدتي السهو قبل السلام (قلت) أرأيت من شك في سلامه فلم يدر أسلم
أو لم يسلم في آخر صلاته هل عليه سجدتا السهو قال لا (قلت) لم والسلام من الصلاة
قال لأنه إن كان قد سلم فسلامه لغير شئ فإن كان لم يسلم فسلامه هذا يجزئه ولا شئ
141

عليه غير ذلك (قلت) وهذا قول مالك قال لا أحفظ هذا من مالك (قلت) أرأيت
من ذكر سهوا عليه من صلاة قد مضت وذلك السهو بعد السلام ثم ذكر ذلك
وهو في الصلاة المكتوبة أو النافلة هل تفسد عليه صلاته هذه التي ذكر ذلك السهو
فيها قال لا (قلت) وهذا قول مالك قال نعم لان السهو لا يفسد عليه صلاته التي ترك
السهو فيها الذي وجب عليه إذا كان ذلك بعد السلام وإن كان قبل السلام أفسدها
وكذلك قال لي مالك (قلت) أرأيت من ذكر سهوا عليه بعد السلام وهو في فريضة
أو تطوع أيفسد عليه شئ من صلاته هذه قال لا يفسد عليه شئ وإذا فرغ مما هو فيه
سجد لسهو الذي كان عليه (قلت) فإن كان سهوه قبل السلام قال إن كان قريبا من
صلاته التي صلى رجع إلى صلاته ان كانت فريضة ونقض ما كان فيه بغير سلام
وإن كان تباعد ذلك من طول القراءة في هذه التي دخل فيها أو ركع ركعة انتقضت
صلاته التي كان عليه فيها السهو قبل السلام فإن كانت هذه التي هو فيها نافلة مضى في
نافلته ثم أعاد الصلاة التي كان سها فيها وان كانت فريضة انتقضت فريضته التي هو فيها
وأعاد التي سها فيها ثم صلى الصلاة التي انتقضت عليه وهذا قول مالك (قلت) فإن كان حين ذكر التي كان عليه فيها سجود السهو قبل السلام ذكر ذلك في فريضة وهو
منها على وتر أينصرف أم يضيف إليها ركعة فينصرف على شفع (قال) يضيف إليها ركعة
أخرى وينصرف على شفع أحب إلي وكذلك قال مالك (قلت) أرأيت أن كان عليه
سهو من نافلة قبل السلام أو بعد السلام فذكر ذلك قبل أن يتباعد وهو في نافلة أخرى
أيقطع ما هو فيه أم لا (قال) لا إلا أن يكون لم يركع منها ركعة فيرجع فيسجد لسهوه
الذي كان عليه قبل السلام ويتشهد ويسلم ثم يصلي نافلته التي كان فيها يبتدئ بها ان شاء
وإن كان سهوه بعد السلام فلا يقطع نافلته التي دخل فيها ركع أو لم يركع إلا أنه إذا
فرغ منها سجد لسهوه ذلك (قلت) أرأيت الرجل يفتتح الصلاة النافلة ركعتين
فيسهو فيزيد ركعة (قال) قال مالك يضيف إليها ركعة حتى تكون أربعا أخرى وسواء
كان نهارا أو ليلا ويسجد لسهوه قبل السلام لأنه نقصان (قلت) فان سها حين صلى
142

الرابعة عن السلام حتى صلى خامسة قال لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن يصلي
السادسة ولكن يرجع فيجلس ويسلم ثم يسجد لسهوه لان النافلة إنما هي أربع في قول
بعض العلماء وأما في قول مالك فركعتان وقد أخبرتك فيه يقول مالك إذا منها حتى
يصلى الثالثة قال ولم أسمعه يقول في أكثر من أربع شيئا وأرى أن يسجد سجدتين
قبل السلام إذا صلى خامسة في نافلة (قال) وقال مالك إذا صلى ركعتين نافلة (قال) وقال مالك إذا صلى ركعتين نافلة ثم قال
فقرأ إلا أنه لم يركع قال يرجع فيجلس ويسلم ويسجد لسهوه بعد السلام (قلت)
فإن لم يذكر الا بعد ما ركع قال قد اختلف فيه قول مالك ولكن أحب إلي أن يرجع
ما لم يرفع رأسه من الركوع (قلت) أرأيت لو صلى الفريضة فلما صلى أربع ركعات
قام فصلى خامسة ساهيا قال هذا يجلس ولا يزيد شيئا ويسلم ويسجد لسهوه (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (قلت) وكان مالك يفرق بين الفريضة في هذا وبين
النافلة قال نعم
(ما جاء في التشهد والسلام)
(قال) وقال مالك لا أعرف في التشهد بسم الله الرحمن الرحيم ولكن يبدأ بالتحيات
لله قال وكان يستحب تشهد عمر بن الخطاب (قلت) لابن القاسم بأيهما يبدأ إذا
قعد بالتشهد أم بالدعاء في قول مالك قال بالتشهد قبل الدعاء وتشهد عمر التحيات لله
الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله
(قلت) لابن القاسم أرأيت الامام كيف يسلم قال واحدة قبالة وجهه ويتيامن قليلا
(قال) فقلت له فالرجل في خاصة نفسه قال واحدة ويتيامن قليلا (قال) ومن كان
خلف الامام إن كان على يساره أحد رد عليه (قال) وسلام الرجال والنساء من الصلاة
سواء (قال) وقال مالك إذا كان خلف الامام فليسلم عن يمينه ثم يرد على الامام
(قال) فقلت له كيف يرد على الامام أعليك السلام أم السلام عليكم قال كل ذلك
143

واسع وأحب إلى السلام عليكم (قلت) وأي شئ يقول مالك فيمن كان خلف
الامام فسلم رجل عن يساره فيرد عليه أيسمعه قال يسلم سلاما يسمع نفسه ومن يليه ولا
يجهر ذلك الجهر (قال) وقال مالك في الامام إذا سها فسلم ثم سجد لسهوه ثم سلم
قال سلامه من بعد سجوده للسهو كسلامه قبل ذلك في الجهر ومن خلفه يسلمون من
بعد سجود السهو كما يسلمون قبل ذلك في الجهر (قال) وقال مالك في امام
مسجد الجماعة أو مسجد من مساجد القبائل قال إذا سلم فليقم ولا يقعد في الصلوات
كلها (قال) وأما إذا كان اماما في السفر أو اماما في فنائه ليس بامام جماعة فإذا سلم فإن شاء تنحى وان شاء أقام وقد سلم النبي صلى الله عليه وسلم واحدة وأبو بكر وعمر
وعثمان وعمر بن عبد العزيز وأبو رجاء العطاردي والحسن (مالك) عن نافع أن ابن
عمر كان يسلم على يمينه ثم يرد على الامام وبه يأخذ مالك اليوم (وقال مالك) وإن كان
على يساره أحد رد عليه (ابن وهب) عن سعيد بن أبي أيوب عن زهرة بن معبد
القرشي أنه رأى سعيد بن المسيب يسلم عن يمينه وعن يساره ثم يرد على الامام وكان مالك
يأخذ به ثم تركه (ابن وهب) عن يونس بن يزيد أن أبا الزناد أخبره قال سمعت
خارجة بن زيد بن ثابت يعيب على الأئمة قعودهم بعد التسليم وقال إنما كانت الأئمة
ساعة تسلم تنقلع مكانها (قال ابن وهب) وبلغني عن ابن شهاب أنها السنة (قال ابن
وهب) وقال ابن مسعود يجلس على الرضف (1) خير له من ذلك (قال) وبلغني عن أبي بكر الصديق انه كان إذا سلم لكأنه على الرضف حتى يقوم وان عمر بن
الخطاب
قال جلوسه بعد السلام بدعة
(ما جاء في الامام يحدث ثم يقدم غيره)
(قلت) أرأيت الامام يحدث ثم يقدم غيره أيكون هذا الذي قدم اماما للقوم قبل
أن يبلغ موضع الامام الأول الذي كان يصلي بالقوم (قال) لم أسمع من مالك فيه

(1) (الرضف) بفتح الراء المهملة وسكون الضاد المعجمة هو الحجارة المحماة اه‍
144

شيئا إلا أن مالكا قال إذا أحدث الامام فله أن يستخلف (قلت) أرأيت أن قال
يا فلان تقدم فتكلم أيكون هذا خليفة وترى صلاتهم تامة أم تراه اماما أفسد صلاته
عامدا قال هذا لما أحدث خرج من صلاته فله أن يقدم ويخرج فان تكلم لم يضرهم
ذلك لأنه في غير صلاة (قلت) فان خرج ولم يستخلف أيكون للقوم أن يستخلفوا
أم يصلون وحدانا وقد خرج الامام الأول من المسجد وتركهم (قال) أرى أن يتقدمهم
رجل فيصلي بهم بقية صلاتهم وهو قول مالك (قلت) فان صلوا وحدانا قال لم
أسمعه من مالك ولا يعجبني ذلك وصلاتهم تامة والامام إذا أحدث أو رعف فينبغي له
أن يخرج مكانه وإنما يضرهم أن لو تمادى فصلى بهم فأما إذا لم يفعل وخرج فإنه لا يضر
أحدا فان تكلم وكان فيما يبني عليه أبطل على نفسه وإن كان فيها لا يبني عليه فهو في غير
صلاة بالحدث أو بغيره مما لا يبني عليه (قال) وقال مالك في امام أحدث فقدم رجلا قد
فاتته ركعة قال إذا صلى بهم هذا المقدم ركعة جلس في ركعته لأنها ثانية للامام الذي
استخلفه وإنما يصلي بهم هذا المستخلف بقية صلاة الامام الأول ويجتزئ بما قرأ
الامام الأول وقد قاله الشعبي تجزئه قراءته إن كان قرأ وتكبيره إن كان كبر من
حديث وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر الشعبي (قال) فقلت إذا صلى بهم تمام
صلاة الذي استخلفه كيف يصنع في قول مالك (قال) يقعد فيتشهد ثم يقوم ويثبتون
حتى يتم صلاته ثم يسلم بهم وهذا قول مالك (قلت) أرأيت اماما أحدث وهو
راكع فاستخلف رجلا كيف يصنع المستخلف (قال) يرفع بهم هذا المستخلف
رأسه وتجزئهم الركعة
(ما جاء في غسل الجمعة)
(قال) وقال مالك فيمن اغتسل يوم الجمعة للجمعة غداة الجمعة ثم غدا إلى المسجد
وذلك رواحه ثم انتقض وضوءه قال يخرج ويتوضأ ويرجع ولا ينتقض غسله (قال)
مالك وان وهو اغتسل للرواح للجمعة ثم تغدى أو نام فليعد الغسل حتى يكون غسله
متصلا بالرواح (قلت) له أرأيت أن غدا للرواح وقد اغتسل ثم خرج من المسجد
145

في حوائجه ثم رجه هل ينتقض غسله (قال) لم أحفظ من مالك في هذا شيئا قال
وأرى ان خرج إلى شئ قريب أن يكون على غسله وان طال ذلك وكثر انتقض
غسله (قال) وقال مالك لا بأس أن يغتسل غسلا واحدا للجمعة وللجنابة ينويهما
جميعا وقد قاله ابن عمر وعمر بن عبد العزيز ويزيد بن أبي حبيب من حديث ابن
وهب (قال) وقال مالك ليس على العبيد ولا على النساء ولا على الصبيان جمعة فمن
شهدها منهم فليغتسل (ابن وهب) عن مالك أن صفوان بن سليم حدثهم عن
عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
الغسل يوم الجمعة واجب على كل مسلم (علي بن زياد) عن سفيان عن سعيد بن
إبراهيم عن عبد الرحمن بن محمد بن ثوبان عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم من الأنصار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق على كل مؤمن أن
يغتسل يوم الجمعة ويتسوك ويمس من طيب إن كان له (على) عن سفيان عن
يونس عن الحسن قال إذا أحدث الرجل يوم الجمعة بعد الغسل توضأ (قال ابن
وهب) وقاله عطاء بن أبي رباح
(ما جاء فيمن زحمه الناس يوم الجمعة)
(قلت) أرأيت أن هو زحمه الناس يوم الجمعة بعد ما ركع مع الامام الركعة الأولى
فلم يقدر أن يسجد حتى ركع الامام الركعة الثانية (قال) لا أرى أن يسجد
وليركع مع الامام هذه الركعة الثانية ويلغي الأولى ويضيف إليها أخرى وهذا قول
مالك (قال مالك) من أدرك الركعة يوم الجمعة فزحمه الناس بعد ما ركع مع الامام
الأولى فلم يقدر على السجود حتى فرغ الامام من صلاته (قال) يعيد الظهر أربعا
(قلت) أرأيت أن هو زحمه الناس يوم الجمعة بعد ما ركع مع الامام الأولى فلم يقدر
على أن يسجد حتى ركع الامام الركعة الثانية قال لا أرى أن يسجد وليركع مع الامام
الركعة الثانية ويلغى الأولى (قال) وقال مالك من زحمه الناس يوم الجمعة بعد ما ركع
الامام وقد ركع مع ركعة فلم يقدر على أن يسجد معه حتى سجد الإمام وقام قال
146

فليتبعه ما لم يخف أن يركع الامام الركعة الثانية (قال ابن القاسم) فان خاف أن يركع
الامام الركعة الثانية ألغى التي فاتته ودخل مع الامام فيما يستقبل (قلت) أرأيت أن هو صلى مع الامام ركعة بسجدتيها يوم الجمعة ثم زحمه الناس في الركعة الثانية فلم
يقدر على أن يركعها مع الامام حتى فرغ الامام من صلاته قال يبنى على صلاته
ويضيف إليها ركعة أخرى وهو قول مالك (قال ابن القاسم) وقال مالك ان زحمه
الناس فلم يستطع السجود الأعلى ظهر أخيه أعاد الصلاة (قيل) له أفي الوقت وبعد
الوقت قال يعيد ولو بعد الوقت وكذلك قال مالك
(ما جاء فيمن أدرك ركعة يوم الجمعة)
(قال ابن القاسم) أخبرني عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى
أو ليصل إليها أخرى (قال ابن القاسم) من فاتته ركعة يوم الجمعة ثم سلم الامام من
صلاته قال يقوم فيصلى ركعة يقرأ فيها سورة الجمعة يستحب له ذلك مالك من غير أن
يراه واجبا عليه ويأمره بأن يجهر فيها بالقراءة (قال) وقال مالك من أدرك
الجلوس يوم الجمعة صلى أربعا (على) عن سفيان عن أبي إسحاق وعن أبي الأحوص
عن عبد الله بن مسعود قال من أدرك ركعة يوم الجمعة فقد أدرك الجمعة ومن فاتته
الركعتان فليصل أربعا (على) عن سفيان عن أشعث عن نافع عن ابن عمر قال من
أدرك ركعة من الجمعة أضاف إليها أخرى وان أدركهم جلوسا صلى أربعا (على) عن
سفيان عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود وعلقمة قالا إذا
أدرك الركعة من الجمعة أضاف إليها أخرى وان أدركهم جلوسا صلى أربعا (وكيع)
عن يس الزيات عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك يوم الجمعة ركعة
فليضف إليها أخرى ومن فاتته الركعتان فليصل أربعا أو قال الظهر أو قال الأولى
147

(على) عن سفيان عن أبي سلمة مولى الشعبي عن الشعبي قال إذا أدرك ركعة
من الجمعة أضاف إليها أخرى قال وان أدركهم جلوسا صلى أربعا (على) عن سفيان
عن مغيرة عن إبراهيم النخعي عن رجل قال إن سمعت الامام حين قال سمع الله لمن
حمده فصل أربعا قال على يعني من الركعة الأخرى
(ما جاء في خروج الامام يوم الجمعة)
(قال القاسم) وقال مالك فيمن افتتح الصلاة يوم الجمعة فلم يركع حتى خرج الإمام قال يمضي على صلاته ولا يقطع ومن دخل بعد ما خرج الامام فليجلس ولا يركع
وان دخل فخرج الامام قبل أن يفتتح هو الصلاة فليقعد ولا يصلي (ابن وهب)
عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني ثعلبة بن أبي مالك القرظي أن جلوس
الامام على المنير يقطع الصلاة وان كلامه يقطع الكلام وقال إنهم كانوا يتحدثون
حين يجلس عمر بن الخطاب على المنير حتى يسكت المؤذن فإذا قام عمر على المنير لم
يتكلم أحد حتى يقضى خطبتيه كلتيهما فإذا نزل عن المنبر وقضى خطبتيه تكلموا
(وكيع) عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي أنه كره الصلاة يوم
الجمعة والامام يخطب (وكيع) عن ليث عن مجاهد مثله (وكيع) عن سفيان عن
ابن جريج عن عطاء مثله
(ما جاء في استقبال الامام يوم الجمعة والانصات)
(قال ابن القاسم) رأيت مالكا والامام يوم الجمعة على المنبر قاعد ومالك متحلق في
أصحابه قبل أن يأتي الامام وبعد ما جاء يتحدث ولا يقطع حديثه ولا يصرف وجهه إلى
الامام ويقبل هو وأصحابه على حديثهم كما هم حتى يسكت المؤذن فإذا سكت المؤذن وقام
الامام للخطبة تحول هو وأصحابه إلى الامام فاستقبلوه بوجوههم (قال ابن القاسم)
وأخبرني مالك أنه رأى بعض أهل العلم ممن مضى يتحلق يوم الجمعة ويتحدث (فقلت)
لمالك متى يجب على الناس أن يستقبلوا الامام يوم الجمعة بوجوههم (قال) إذا قام
148

يخطب وليس حين يخرج (قال) وقال مالك لا بأس بالكلام بعد نزول الامام
عن المنبر إلى أن يفتتح الصلاة (ابن وهب) عن جرير بن حازم عن ثابت البناني عن
أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عن المنبر يوم الجمعة فيكلمه
الرجل في الحاجة فيكلمه ثم يتقدم إلى مصلاه فيصلى (قال) وسألنا مالكا عن
الرجل يقبل على الذكر والامام يخطب قال إن كان شيئا خفيفا سرا في نفسه فلا بأس
به قال وأحب إلى أن ينصت ويستمع (قال) مالك ويجب على من لم يسمع الامام
من الانصات مثل ما يجب على من يسمعه وإنما مثل ذلك مثل الصلاة يجب على من
لم يسمع الامام فيها من الانصات مثل ما يجب على من سمعه (قال) وقال مالك
فيمن عطس والامام يخطب يوم الجمعة (فقال) يحمد الله في نفسه سرا وقال لا يشمت
أحد العاطس والامام يخطب (ابن وهب) قال كان ابن عمر وابن المسيب وأنس
ابن مالك وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله وإسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي
وقاص وربيعة يحتبون والامام يخطب على المنبر (قال) وقال مالك لا بأس بالاحتباء
يوم الجمعة والامام يخطب (قال) ورأيت مالكا يتحدث وحوله حلقة والامام جالس
على المنبر والمؤذنون يؤذنون (قال) وإنما يستقبل الناس الامام بوجوههم إذا أخذ
في الخطبة ليس حين يجلس على المنبر والمؤذنون في الأذان (قال) وقال مالك
لا يتكلم أحد في جلوس الامام بين خطبتيه (قال) ولا بأس بالكلام إذا نزل عن
المنبر إلى أن يدخل في الصلاة (ابن وهب) عن مسلمة بن علي عن عبد الرحمن
ابن يزيد عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قعد الامام
على المنبر يوم الجمعة فاستقبلوه بوجوهكم وأصغوا إليه بأسماعكم وأرمقوه بأبصاركم
(ابن وهب) عن مسلمة بن علي عن عمر بن عبد العزيز قال الامام إذا قعد يوم
الجمعة على المنبر قبلة أهل المسجد (قال) ابن وهب وقال لي مالك بن أنس السنة أن
يستقبل الناس الامام يوم الجمعة وهو يتكلم (علي بن زياد) عن سفيان أن ابن عمر
وشريحا والنخعي كانوا يحتبون يوم الجمعة ويستقبلون الامام بوجوههم إذا قعد على المنبر
149

يخطب (وكيع) عن واصل الرقاشي قال رأيت مجاهدا وطاوسا وعطاء يستقبلون
الامام بوجوههم يوم الجمعة والامام يخطب الخطبة
(ما جاء في الخطبة)
(قال) وقال مالك الخطب كلها خطبة الامام في الاستسقاء والعيدين ويوم عرفة
والجمعة يجلس فيما بينها يفصل بين الخطبتين بالجلوس وقبل أن يبتدئ الخطبة الأولى
يجلس ثم يقوم يخطب ثم يجلس أيضا ثم يقوم يخطب هكذا قال لي مالك (قال)
وقال مالك إذا صعد الامام المنبر في خطبة العيدين جلس قبل أن يخطب جلسة ثم
يقوم فيخطب قال وأما في الجمعة فإنه يجلس حتى يؤذن المؤذنون (قال ابن القاسم) قال
لي مالك يجلس في كل خطبة قبل أن يخطب مثل ما يصنع في الجمعة (قال ابن القاسم)
وسألت مالكا إذا صعد الامام على المنبر يوم الجمعة هل يسلم على الناس (قال) لا وأنكر
ذلك (قال) وسمعته يقول من سنة الامام ومن شأن الامام أن يقول إذا فرغ من خطبته
يغفر الله لنا ولكم (قلت) له يا أبا عبد الله فان الأئمة اليوم يقولون اذكروا الله يذكر كم
قال وهذا حسن وكأني رأيته يرى الأول أصوب (قال) وقال مالك بلغني أن عمر
ابن الخطاب أراد أن يتكلم بكلام يأمر الناس فيه يعظهم وينهاهم فصعد المنبر فقعد عليه
حتى ذهب الذاهب إلى قباء والى العوالي فأخبرهم بذلك فأقبل الناس ثم قام عمر فتكلم
ما شاء الله (قال) وقال مالك لا بأس أن يتكلم الامام في الخطبة يوم الجمعة على المنبر
إذا كان في أمر أو نهي (قال) وقال مالك في الامام يريد أن يأمر الناس يوم الجمعة
وهو على المنبر في خطبته بالأمر ينهاهم عنه ويعظهم به قال لا بأس بذلك ولا نراه
لا غيا (قال) ولقد استشارني بعض الولاة في ذلك فأشرت عليه به (قال ابن القاسم)
وكل من كلمه الامام فرد على الامام فلا أراه لا غيا قال ولا أحفظ من مالك فيه شيئا
(ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال بلغنا أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كان يبدأ فيجلس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام فخطب الخطبة الأولى
ثم جلس شيئا يسيرا ثم قام فخطب الخطبة الثانية حتى إذا قضاها استغفر الله ثم نزل
150

فصلى (قال ابن شهاب) وكان إذا قام أخذ عصا فتوكأ عليها وهو قائم على المنبر ثم
كان أبو بكر وعمر وعثمان يفعلون ذلك (ابن وهب) وقال مالك وذلك مما
يستحب للأئمة أصحاب المنابر أن يخطبوا يوم الجمعة ومعهم العصى يتوكؤون عليها في
قيامهم وهو الذي رأينا وسمعنا
(ما جاء في المواضع التي يجوز أن تصلى فيها الجمعة)
(قال) وقال مالك في الدور التي حول المسجد والحوانيت التي حول المسجد التي
لا يدخل فيها الا باذن لا يصلى فيها الجمعة وان أذن أهلها في ذلك للناس يوم الجمعة قال
ولا تصلى فيها الجمعة وان أذنوا (وقال مالك) وما كان حول المسجد من أفنية الحوانيت
وأفنية الدور التي يدخل فيها بغير إذن فلا بأس بالصلاة فيها يوم الجمعة بصلاة الامام
(قال) وإن لم تتصل الصفوف إلى تلك الأفنية فصلى رجل في تلك الأفنية فصلى رجل في تلك الأفنية فصلاته تامة
إذا ضاق المسجد (قال) وقال مالك ولا أحب لاحد أن يصلى في تلك الأفنية الا من
ضيق المسجد (قال ابن القاسم) وان صلى أجزأه (قال مالك) وإن كان الطريق
بينهما فصلى في تلك الأفنية بصلاة الامام ولم تتصل الصفوف إلى تلك الأفنية فصلاته
تامة (قال) وان صلى رجل في الطريق وفى الطريق أرواث الدواب وأبوالها قال
مالك صلاته تامة ولم يزل الناس يصلون في الطريق من ضيق المسجد وفيها أبوال
الدواب وأرواثها (قلت) وكذلك قول مالك في جميع الصلوات إذا ضاق المسجد بأهله
(قال) وهو قول مالك (قال) وقال مالك فيمن صلى يوم الجمعة على ظهر المسجد بصلاة
الإمام قال لا ينبغي ذلك لان الجمعة لا تكون الا في المسجد الجامع (قلت) فان فعل
قال يعيد وان خرج الوقت أربعا (قال مالك) ولا بأس بذلك في غير الجمعة أن يصلى
بصلاة الامام على ظهر الجامع والامام في داخل المسجد (قال) وسألت مالكا عن
امام الفسطاط يصلي بناحية العسكر يوم الجمعة ويستخلف من يصلي بالناس في المسجد
الجامع الجمعة أين ترى أن نصلي أمع الامام حيث يصلي بالعسكر أم في المسجد الجامع
قال لا أرى أن يصلوا الا في المسجد الجامع وأرى الجمعة للمسجد الجامع والامام
151

قد تركها في موضعها (ابن وهب) عن سعيد بن أبي أيوب عن محمد بن عبد
الرحمن أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يصلين في بيوتهن بصلاة أهل
المسجد (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وأبي
هريرة وعمر بن عبد العزيز وزيد بن أسلم وربيعة مثله إلا أن عمر قال ما لم تكن
جمعة (ابن وهب) قال مالك وحدثني غير واحد ممن أثق به أن الناس كانوا يدخلون
حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فيصلون فيها
الجمعة وكان المسجد يضيق على أهله فيتوسعون بها وحجر أزواج النبي صلى الله عليه
وسلم ليست من المسجد ولكنها شارعة إلى المسجد ولا بأس بمن صلى في أفنية
المسجد الواصلة به ورحابه التي تليه فان ذلك لم يزل من أمر الناس لا يعيبه أهل الفقه
ولا ينكرونه ولم يزل الناس يصلون في حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حتى بنى
المجسد (قال ابن وهب) وقال لي مالك فأما من صلى في دار مغلقة لا تدخل الا
باذن فاني لا أراها من المسجد ولا أرى أن تصلى الجمعة فيها
(فيمن تجب عليه الجمعة)
(قال) وقال مالك في القرية المجتمعة التي قد اتصلت دورها أرى أن يجمعوا الجمعة
كان عليهم وال أو لم يكن عليهم (قلت) فهل حد لكم مالك في عظم القرية حدا
(قال) لا إلا أنه قال مثل المناهل التي بين مكة والمدينة مثل الروحاء وأشباهها (قال)
ولقد سمعته يقول في القرى المتصلة البنيان التي فيها الأسواق يجمع أهلها وقد سمعته
يقول غير مرة القرية المتصلة البنيان يجمع أهلها ولم يذكر الأسواق (قال) وقد
سأله أهل المغرب عن الخصوص (1) المتصلة وهم جماعة واتصال تلك الخصوص
كاتصال البيوت وقالوا له ليس لنا وال (قال) يجمعون الجمعة وإن لم يكن لهم وال
(قال) وقال مالك في أهل قرية أو مصر من الأمصار يجمع في مثلها الجمع مات
واليهم ولم يستخلف فبقي القوم بلا امام (قال) إذا حضرت الجمعة قدموا رجلا منهم

(1) (الخصوص) جمع خص بضم أوله وهو البيت من القصب اه‍
152

فخطب بهم وصلى بهم الجمعة (قال مالك) وكذلك القرى التي ينبغي لأهلها أن يجمعوا
فيها الجمعة لا يكون عليهم وال فاته ينبغي لهم أن يقدموا رجلا فيصلى بهم الجمعة يخطب
بهم ويصلى (قال) وقال مالك ان لله فرائض في أرضه لا ينقضها ان وليها وال أو لم
يلها أو نحوا من هذا يريد الجمعة (قال) وقال مالك في كل من كان على رأس ثلاثة
أميال من المدينة أرى أن يشهد الجمعة (قال) وإنما بين أبعد العوالي وبين المدينة ثلاثة
أميال (قال) وان كانت زيادة يسيرة قال فأرى ذلك عليه. قال وقد كان أبو هريرة
في كهف جبل بذي الحليفة فكان ربما تخلف ولم يشهد الجمعة (قلت) ما قول مالك
إذا اجتمع الأضحى والجمعة أو الفطر والجمعة فصلى رجل من أهل الحضر العيد مع
الامام ثم أراد أن لا يشهد الجمعة هل يضع ذلك عنه شهوده صلاة العيد ما وجب عليه
من اتيان الجمعة (قال) لا كان مالك يقول لا يضع ذلك عنه ما وجب عليه من اتيان
الجمعة وقال مالك ولم يبلغني أن أحدا أذن لأهل الا عثمان ولم يكن مالك يرى
الذي فعل عثمان وكان يرى أن من وجبت عليه الجمعة لا يضعها عنه اذن الامام وان
شهد مع الامام قبل ذلك من يومه ذلك عيدا وبلغني ذلك من مالك (ابن وهب)
عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع
أهل العوالي في مسجده يوم الجمعة فكان يأتي الجمعة من المسلمين من كان بالعقيق
(ابن وهب) قال مالك والعوالي على ثلاثة أميال (ابن وهب) عن الليث بن
سعد أن عمر بن عبد العزيز كتب أيما قرية اجتمع فيها خمسون رجلا فليؤمهم رجل
منهم وليخطب عليهم الجمعة وليقصر بهم الصلاة (قال ابن وهب) وقال ابن شهاب
انا لنرى الخمسين جماعة إذا كانوا في أرض منقطعة ليس قربها امام (ابن وهب)
عن رجال من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلي بن حسين
وابن عمر مثله (وذكر) ابن وهب عن القاسم بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه قال إذا اجتمع ثلاثون بيتا فليؤمروا عليهم رجلا منهم يصلى بهم الجمعة
153

(في البيع والشراء يوم الجمعة)
(قال) وقال مالك إذا قعد الامام على المنبر وأذن المؤذنون قال فعند ذلك يكره البيع
والشراء قال وان اشترى رجل أو باع في تلك الساعة فسخ ذلك (قال) وكره مالك
للمرأة والعبد والصبي ومن لا تجب عليهم الجمعة البيع والشراء في تلك الساعة من
أهل الاسلام (قلت) لابن القاسم فهل يفسخ ما باع واشترى هؤلاء الذين لا تجب
عليهم الجمعة في قول مالك (قال) قال مالك لا يفسخ (قال) وقال مالك لا يفسخ
شراء من لا تجب عليه الجمعة ولا بيعه وهو رأيي (قلت) فإن كان اشترى من تجب
عليه الجمعة من صبي أو مملوك قال فالبيع مفسوخ. ثم احتج مالك بالذي اشترى الطعام
من نصراني أو يهودي وقد اشتراه النصراني على كيل فباعه من المسلم قبل أن يكتاله
النصراني أو اليهودي (قلت) فبيعه غير جائز قال نعم كذلك قال مالك (ثم قال) إذا
اشترى أو باع من تجب عليه الجمعة ممن لا تجب عليه الجمعة فالبيع منتقض (قال)
وقال مالك لا ينبغي للامام أن يمنع أهل الأسواق من البيع والشراء يوم الجمعة (قال
مالك) وإذا أذن المؤذن وقعد الامام على المنبر منع الناس من البيع والشراء الرجال
والنساء والعبيد (قال مالك) وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
كانوا يكرهون أن يترك الرجل العمل يوم الجمعة كما تركت اليهود والنصارى العمل
في السبت والأحد (ابن وهب) عن ابن أبي ذئب أن عمر بن عبد العزيز كان يمنع
الناس من البيع إذا نودي بالصلاة يوم الجمعة (ابن وهب) عن ابن أبي ذئب عن
ابن شهاب قال يحرم النداء بالبيع حين يخرج الامام يوم الجمعة (ابن وهب) وقال
ذلك عطاء بن أبي رباح وزيد بن أسلم (ابن وهب) عن ابن أبي الزناد عن أبيه أنه
قال يفسخ وقال مالك يفسخ
(في الامام يحدث يوم الجمعة)
(قال) وقال مالك في الامام يخطب يوم الجمعة فيحدث بين ظهراني خطبته انه
154

يأمر رجلا يتم بهم الخطبة ويصلى بهم وان أحدث بعد ما فرغ من خطبته فكذلك
أيضا يستخلف رجلا يصلى بهم الجمعة ركعتين (قلت) فان قدم رجلا لم يشهد
الخطبة (قال) بلغني عن مالك أو غيره من العلماء أنه كره أن يصلى بهم أحد ممن لم يشهد
الخطبة فان فعل فأرجو أن تجزئهم صلاتهم (قلت) لابن القاسم فلو أن اماما صلى
بقوم فأحدث فمضى ولم يستخلف قال لم أسأل مالكا عن هذا (قال ابن القاسم)
وأرى أن يقدموا رجلا فيصلى بهم بقية صلاتهم (قلت) فان صلوا وحدانا حين
مضى امامهم لما أحدث ولم يستخلف هل يجزئهم أن يصلوا لأنفسهم ولم يستخلفوا في
بقية صلاتهم قال أما الجمعة فلا تجزئهم وأما غير الجمعة فان ذلك يجزئ عنهم إن شاء الله
لان الجمعة لا تكون الا بامام (قال) وقال مالك في الامام يحدث يوم الجمعة
وهو يخطب قال يستخلف رجلا يتم بهم بقية الخطبة ويصلى بهم ولا يتم هو بهم بقية
الخطبة بعد ما أحدث (وقال ابن القاسم) في الامام يخطب يوم الجمعة فيحدث في
خطبته أو بعد ما فرغ منها قبل أن يحرم أو بعد ما أحرم ان ذلك كله سواء ويقدم
من يتم بالقوم بقية ما كان عليهم من الخطبة أو الصلاة فان جهل ذلك أو تركه عامدا
قدم القوم لأنفسهم من يتم بهم وصلاتهم مجزئة (قال ابن القاسم) ويقدمون من
شهد الخطبة أحب إلى وان قدموا من لم يشهد الخطبة فصلى بهم أجرت عنهم
صلاتهم ولا يعجبني أن يتعمدوا ذلك ولا يتقدم بهم (قال) وقال مالك في الامام
يحدث يوم الجمعة فيقدم رجلا جنبا ناسيا لجنابته أو ذاكرا لها فيصلي بهم ان الجمعة
في هذا وغير الجمعة سواء فإن كان ناسيا فصل بهم تمت صلاتهم ولم يعيدوا وإن كان
ذاكرا لها فصلى بهم فسدت عليهم صلاتهم وان هو خرج بعد ما دخل المحراب قبل
أن يفعل من الصلاة شيئا فقدم رجلا أو قدموه لأنفسهم فصلى بهم تمت صلاتهم ولم
يعيدوا (وقال) في الذي يحدث فيقدم مجنونا في حال جنونه أو سكرانا في صلاة الجمعة
أو غيرها انه بمنزلة من لم يقدم فان صلى بهم فسدت صلاتهم ولم تجز عنهم (وقال
مالك) في الامام يحدث يوم الجمعة فيخرج ولم يستخلف فيتقدم رجل من عند نفسه
155

بالقوم ولم يقدموه هم ولا إمامهم ان ذلك مجزئ عنهم وهو بمنزلة من قدمه الامام
أو من خلفه والجمعة في هذا وغير الجمعة فيستخلف من لم يدرك الاحرام معه وقد أحرم الامام ومن خلفه فيحرم هذا
الداخل بعد ما يدخل ان صلاتهم منتقضة ولا تجوز وهم بمنزلة القوم يحرمون قبل
إمامهم فلا تجوز صلاتهم ولا تجوز صلاة هذا المستخلف على صلاة الجمعة أيضا لأنه
قد صار وحده ولا يجمع صلاة الجمعة واحد ويعيدون كلهم صلاة الجمعة (قال)
وقال مالك في إمام خطب فأحدث فاستخلف رجلا قال يصلى بالناس ركعتين (قال
ابن القاسم) ومن أحدث يوم الجمعة والامام يخطب (قال) وقال مالك ينصرف بلا
إذن وإنما ذلك الاذن كان في حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبلغنا أن ذلك
كان في الجمعة
(في خطبة الجمعة والصلاة)
(قال ابن القاسم) وبلغنا عن مالك أنه قال في امام خطب بالناس فلما فرغ من خطبته
قدم وال سواه فدخل المسجد (قال) لا يصلى بهم بالخطبة الأولى خطبة الامام الأول
ولكن يبتدئ لهم الخطبة هذا القادم (وقال ابن القاسم) في الامام يقصر في بعض
الخطبة أو ينسى بعضها أو يدهش فيصلى بالناس أنه ان خطب بهم ماله من كلام الخطبة
قدر وبال أجزت عنهم صلاتهم وإن كان إنما هو الكلام الخفيف مثل الحمد لله ونحوه
أعادوا الخطبة والصلاة (وقال مالك) في الامام يوم الجمعة يجهل فيصلى قبل الخطبة
ثم يخطب انه يصلى بالناس ثانية وتجزئ عنه الخطبة ويلغى ما صلى قبل الخطبة (وقال
مالك) في خطبة الامام يوم الجمعة يمسك بيده عصا قال مالك وهو من أمر الناس
القديم (قلت) له أعمود المنبر يعني مالك أم عصى سواه (قال) لا بل عصى سواه
(وقال مالك) في الامام يصلى يوم الجمعة أربعا عامدا أو جاهلا وقد خطب قبل ذلك أنه
يلغي صلاته تلك ويعيد الصلاة ركعتين ولا يعتد بما صلى قبل ذلك وتكفيه خطبته الأولى
(قلت) لابن القاسم ما قول مالك فيمن صلى الظهر في بيته يوم الجمعة قبل أن يصلى
156

الامام الجمعة (قال) أرى أنه لا تجزئه صلاته ولا تجزئ أحدا صلى الظهر يوم الجمعة قبل
الامام ممن تجب عليه الجمعة لان الظهر لا يكون الا لمن فاتته الجمعة (قال) وهذا تجب
عليه الجمعة (قال مالك) في الأمير المؤمر على بلد من البلدان فيخرج في عمله مسافرا
انه ان مر بقرية من قراه تجمع في مثلها الجمع جمع بهم الجمعة وكذلك أن مر بمدينة من
مدائن عمله جمع بهم الجمعة فان جمع في قرية لا يجمع فيها أهلها لصغرها فلا تجزئهم وإنما
كان للامام أن يجمع في القرى التي يجمع في مثلها إذا كانت في عمله وإن كان مسافرا
لأنه امامهم (قال) ومن صلى مع هذا الامام الجمعة في الموضع الذي لا يكون فيه جمعة
فإنما هي لهم ظهر ويعيدون صلاتهم ولا يجزئهم ما صلوا معه ويعيد الامام أيضا ولا يعتد
بتلك الصلاة وان صلاها بهم (قال) ابن نافع عن مالك تجزئ الامام (قال) وقال
مالك لا يصلى العبد بالناس العيد ولا الجمعة لان العبد لا جمعة عليه ولا عيد (وقال ابن
القاسم) في الامام يخطب فيهرب الناس عنه ولا يبقى معه الا الواحد أو الاثنان ومن
لا عدد لهم من الجماعة وهو في خطبته أو بعد ما فرغ منها انهم إن لم يرجعوا إليه فيصلى
بهم الجمعة صلى أربعا ولا يصلى بهم الجمعة ولا تجمع الجمعة الا بجماعة وامام وخطبة
(وقال ابن القاسم) في الامام يؤخر الخروج إلى الجمعة ويأتي من ذلك ما يستنكر
انهم يجمعون لأنفسهم ان قدروا على ذلك فإن لم يقدروا على ذلك صلوا فرادى لأنفسهم
الظهر أربعا ويتنفلون صلاتهم معه (قال) وأخبرني مالك بن أنس أن القاسم بن محمد
في زمان الوليد بن عبد الملك كان يفعله وأنه كلم في ذلك فقال لان أصلى مرتين أحب
إلى من أن لا أصلى شيئا (علي بن زياد) عن سفيان عن أيوب عن أبي العالية قال
أخر عبيد الله بن زياد الصلاة فلقيت ابن أخي أبي ذر عبد الله بن الصامت قال فسألته
فضرب فخذي ثم قال سألت أبا ذر فقال لي سألت خليلي يعنى النبي صلى الله عليه
وسلم فضرب على فخذي ثم قال صل الصلاة لميقاتها وان أدركتك فصل معهم ولا
تقل اني صليت فلا أصلى (على) عن سفيان عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق
وعن أبي عبيدة انهما كانا يصليان الظهر في المسجد يوم الجمعة يوم الجمعة إذا أمسى الامام بالصلاة
157

ويصليان العصر إذا أمسى الامام بالصلاة ثم يصليان معه بعد إذا كان يؤخرها (قال)
ابن القاسم) وقال مالك بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الجمعة
انصرف ولم يركع في المسجد قال وإذا دخل في بيته ركع ركعتين (قال مالك)
وينبغي للامام اليوم إذا سلم من صلاة الجمعة أن يدخل منزله ويركع ركعتين ولا
يركع في المسجد (قال) ومن خلف الامام إذا سلموا فأحب إلى أن ينصرفوا أيضا
ولا يركعوا في المسجد قال وان ركعوا فذلك واسع (قال) وقال ابن القاسم أحب
إلى أن يقرأ في صلاة الجمعة بهل أتاك حديث الغاشية مع سورة الجمعة (قلت)
لابن القاسم فأيتهما قبل (قال) سورة الجمعة قبل عندي. قال وذلك أن مالكا قال
في رجل فاتته ركعة من صلاة الجمعة فقال أحب إلى إذا قام يقضى أن يقرأ فيها
سورة الجمعة من غير أن يرى ذلك واجبا عليه فبهذا علمت أن سورة الجمعة تبدأ
قبل في الركعة الأولى (ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب قال بلغني أنه لا جمعة
الا بخطبة فمن لم يخطب صلى الظهر أربعا (وكيع) عن سفيان عن خصيف عن
سعيد بن جبير قال كانت الجمعة أربعا فحطت ركعتان للخطبة (وكيع) عن سفيان
عن الزبير بن عدي أن اماما صلى الجمعة ركعتين فلم يخطب فقام الضحاك فصلى أربعا
(ابن القاسم) وقال مالك ليس على النساء والعبيد والمسافرين جمعة فمن شهدها منهم
فليصلها (على) عن سفيان عن هارون بن عنترة السعدي عن شيخ يقال له حميد
عن امرأة منهم قالت جاءنا عبد الله بن مسعود يوم الجمعة ونحن في المسجد فقال إذا
صليتن في بيوتكن فصلين أربعا وإذا صليتن في المسجد فصلين ركعتين وما عام الا
والذي بعده شر منه ولن تؤتوا الا من قبل أمرائكم ولبئس عبد الله أنا ان أنا كذبت
(ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال ليس على الأمير جمعة
في سفر إلا أن يجمع أن يقيم في قرية من سلطانه فتحضره بها الجمعة (ابن وهب)
وقال ذلك مالك ويحيى بن سعيد وعمر بن عبد العزيز (مالك) ان عمر بن الخطاب
كان يجمع بأهل مكة الجمعة وهو في السفر (وقال مالك) وليس على الامام المسافر
158

جمعة إلا أن ينزل بقرية من عمله تجب فيها الجمعة فيجمع بأهلها لان الامام إذا نزل بقرية
من عمله تجب فيها الجمعة لا ينبغي له ان وافق الجمعة أن يصليها خلف عامله ولكنه
يجمع بأهلها ومن معه من غيرهم (قال) وإذا جهل الامام المسافر فجمع بأهل قرية
لا تجب فيها الجمعة فلا جمعة له ولا لمن جمع معه وليعد أهل تلك القرية ومن حضرها
معه ممن ليس بمسافر الظهر أربعا (وكيع) عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث
عن علي بن أبي طالب أنه قال لا جمعة في سفر (وكيع) عن إبراهيم بن يزيد عن
عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود قال ليس على المسلمين جمعة في سفرهم
ولا يوم نفرهم
(في القوم تفوتهم الجمعة فيريدون أن يجمعوا الظهر أربعا)
(قال) وقال مالك في قوم أتوا الجمعة ففاتتهم الجمعة أترى أن يجمعوا الظهر أربعا
في مسجد سوى مسجد الجماعة فقال لا ويصلون أفذاذا (قال مالك) ومن كان
في السجن أو مسافرين ممن لا تجب عليهم الجمعة والمرضى يكونون في بيت فلا بأس
أن يجمع هؤلاء (قال) وقال مالك يجمع الصلاة يوم الجمعة أهل السجون والمسافرون
ومن لا تجب عليهم الجمعة يصلى بهم امامهم الظهر أربعا ومن تجب عليهم الجمعة
لا يجمعونها ظهرا إذا فاتتهم (وكيع) عن الفضل بن دلهم (1) عن الحسن في قوم
تفوتهم الجمعة في المصر قال لا يجمعون الصلاة
(التخطي يوم الجمعة)
(قال) وقال مالك إنما يكره التخطي إذا خرج الامام وقعد على المنبر فمن تخطى
حينئذ فهو الذي جاء فيه الحديث فأما قبل ذلك فلا بأس به إذا كانت بين يديه فرج
وليترفق في ذلك (ابن وهب) عن ابن لهيعة أن أبا النضر حدثه عن بشر بن سعيد
أنه قال دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة فأقبل

(1) (ابن دلهم) بفتح الدال والهاء وهو الصحيح اه‍ من هامش الأصل
159

يتخطى رقاب الناس حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليه ثم جلس
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة التفت صلى الله عليه وسلم إليه فقال
أشهدت الصلاة معنا فقال نعم أولم ترني حين سلمت عليك قال رأيتك تتخطى رقاب
الناس (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخر صنع مثل ذلك ما صليت ولكنك
آنيت وآذيت (قال سحنون) يريد أبطأت وآذيت الناس
(في جمعة الحاج)
(قال) وقال مالك لا جمعة في أيام منى كلها بمنى ولا يوم التروية بمنى ولا يوم عرفة
بعرفة (قال) فقلت لمالك فالرجل يدخل مكة فيقيم أربعة أيام قبل يوم التروية ثم يحبسه
كريه يوم التروية بمكة حتى يصلى أهل مكة الجمعة أترى على هذا الرجل جمعة (قال)
نعم عليه الجمعة معهم لأنه قد صار مقيما وهو كرجل من أهل مكة (وقال مالك) وان
كأن لم يقم أربعة أيام فلا جمعة عليه لأنه مسافر وليس بمقيم (قال مالك) ولا يخرج
إلى منى حتى يصلى الجمعة (ابن وهب) عن عبد الله بن محمد وأسامة بن زيد عن
نافع أن ابن عمر قال لا جمعة على مسافر (ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم
عن أبي بكر بن عبد الرحمن والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وزيد بن أسلم وعمر
ابن عبد العزيز ويحيى بن سعيد وابن شهاب مثله (قال سحنون) وقال ابن مسعود
ليس على المسلمين جمعة في سفرهم ولا في يوم نفرهم من حديث وكيع
(صلاة الجمعة في وقت العصر)
(قلت) أرأيت لو أن اماما لم يصل بالناس الجمعة حتى دخل وقت العصر (قال)
يصلى بهم الجمعة ما لم تغب الشمس وان كأن لا يدرك بعض العصر الا بعد الغروب
(في صلاة الخوف)
(قلت) ما قول مالك في صلاة المغرب في الخوف (قال) يصلى الامام بالطائفة
160

الأولى ركعتين ثم يتشهد بهم ثم يقوم فإذا قام ثبت قائما وأتم القوم لأنفسهم ثم يسلمون
ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلى بهم ركعة ثم يسلم بهم ولا يسلمون هم فإذا سلم الامام
قاموا فأتموا ما بقي عليهم من صلاتهم بقراءة. قال والطائفة الأولى الذين صلوا ما بقي
عليهم من صلاتهم والامام قائم يقرؤن بأم القرآن فقط في تلك الركعة والطائفة
الأخرى التي لم يصل بهم فان الامام لا يقرأ في تلك الركعة التي يصلونها مع الامام
الا بأم القرآن ويقرؤن هم كما يقرأ الإمام ويقضون لأنفسهم بأم القرآن وسورة في
الركعتين (قال) وقال مالك لا يصلى صلاة الخوف ركعتين الا من كان في سفر
ولا يصليها من هو في الحضر (قال) فإن كان خوف في الحضر صلوا أربع ركعات
على سنة صلاة الخوف ولم يقصروها (قال) وقال مالك لا يصلى أهل السواحل
صلاة الخوف ركعتين ولكن يصلونها أربعا مثل صلاة أهل الإسكندرية وعسقلان
وتونس (قلت) لابن القاسم فإن كان الامام مسافرا والقوم من أهل الحضر ليسوا
بمسافرين فصلى بهم الامام صلاة الخوف (قال) لا أرى أن يصلى بهم صلاة الخوف
لأنه وحده فان جهل حتى يصلى بهم صلى بهم ركعة ثم يقوم ويثبت قائما وأتموا لأنفسهم
ثلاث ركعات ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلون خلفه ركعة ثم يسلم ثم يقومون
فيصلون لأنفسهم ثلاث ركعات (قلت) فإن كان في القوم أهل حضر ومسافرون
فوقع الخوف كيف يصلون (قال) أرى ان صلى بهم مسافر صلى بهم ركعة ثم يثبت
قائما ثم يصلى من كان خلفه من المسافرين ركعة ثم يسلمون وينصرفون وجاه العدو
ويصلى من كان خلفه من أهل الحضر ثلاث ركعات ثم ينصرفون إلى العدو ثم تأتي
الطائفة الأخرى فيكبرون خلفه ويصلى بهم ركعة ثم يتشهد ويسلم فمن كان خلفه من
المسافرين صلى ركعة ويسلم ومن كان خلفه من أهل الحضر صلوا ثلاث ركعات وإن كان
امامهم من أهل الحضر صل بكل طائفة منهم ركعتين كانوا مسافرين أو
حضريين ثم يتشهد ويقوم فيثبت قائما ويتمون لأنفسهم ركعتين ثم جاءت الطائفة
الأخرى فصفوا خلفه ثم يصلى بهم ركعتين ثم يتشهد ويسلم بهم قاموا فأتموا لأنفسهم
161

وهو قول مالك (قال) وقال مالك إذا اشتد الخوف فلم يقدروا على أن يصلوا
الا رجالا أو ركبانا ووجوهم إلى غير القبلة فليفعلوا (قلت) فان انكشف الخوف
عنهم وهم في الوقت قال فلا إعادة عليهم (قال) وليصلوها ركعتين ان كانوا مسافرين
يومؤون للركوع والسجود على دوابهم وعلى أقدامهم ويقرؤن (قلت) فالرجالة إذا
كانوا في خوف شديد أيومؤون (قال) نعم هو قوله (قال) وقال مالك إذا كان
خوفا شديدا قد أخذت السيوف مأخذها فليصلوا إيماء يومؤون برؤوسهم إن لم يقدروا
على الركوع والسجود حيث وجوهم وان كانوا يركضون ويسعون صلوا على قدر
حالاتهم (مالك) عن نافع أن ابن عمر كأن يقول وإن كان خوفا هو أشد من ذلك
صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها (ابن
وهب) عن يونس عن ابن شهاب أنه قال السنة في صلاة الخوف إذا اشتد الخوف
أن يصلوا إيماء برؤوسهم فإن كان خوفا أكثر من ذلك صلوا رجالا قياما أو ركبانا
يسيرون ويركضون أو راجلا يمشي ويسعى صلى كل على جهته يومؤون برؤوسهم للركوع
والسجود (قلت) لابن القاسم أرأيت أن سها الامام في صلاة الخوف أول
صلاته كيف تصنع الطائفة الأولى والثانية (قال) تصلي الطائفة الأولى مع الامام ركعة
ويثبت الامام قائما فإذا صلت هي لنفسها بقية صلاتهم سجدوا للسهو فإن كان نقصانا
سجدوا قبل السلام ثم يسلمون وإن كان زيادة سلموا ثم سجدوا فإذا جاءت الطائفة
الأخرى صلوا مع الامام الركعة التي بقيت للامام يثبت الامام جالسا ويقومون
هم فيتمون لأنفسهم فإذا فرغوا سجد بهم الامام للسهو (قلت) وهذا قول مالك
قال هذا تفسير حديث يزيد بن رومان الذي كان يأخذ به مالك أولا ثم رجع إلى
حديث القاسم فقال هو أحب إلي. وحديث القاسم أن تفعل الطائفة الأخرى كما فعلت
تلك في الأولى سواء لأنه إنما اختلف قول مالك في الحديثين في الطائفة الآخرة
في سلام الامام يسلم الامام في حديث القاسم ويكون القضاء بعد ذلك فلذلك أمروا
في حديث القاسم أن يسجدوا معه السجدتين إن كانت السجدتان قبل السلام وإن
162

كانتا بعد السلام فإذا قضوا ما عليهم سجدوهما بعد فراغهم من صلاتهم (قلت)
لابن القاسم أرأيت في قول مالك إذا صلت إحدى الطائفين مع الامام الركعة
الأولى أتنصرف أم تتم قال بل تتم (قاتل) وقال مالك في القوم يكونون أهل إقامة
فينزل بهم الخوف انهم لا يصلون صلاة الخوف ركعتين ويصلون أربعا على سنتها
على سنة صلاة الخوف ركعتان لكل طائفة (مالك) عن يزيد بن رومان أنه
حدثه عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات
الرقاع صلاة الخوف ان طائفة صفت معه وصفت طائفة وجاه العدو فصلى بالتي معه
ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة
الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا حتى أتموا لأنفسهم ثم
سلم بهم وحديث القاسم أنه سلم بالطائفة الأخرى ثم قامت تقضي لأنفسها (وكيع)
عن سفيان عن إبراهيم النخعي في قول الله عز وجل فان خفتم فرجالا أو ركبانا قال
ركبانا حيثما كان وجه يومئ إيماء
(في صلاة الخسوف)
(قال) وقال مالك لا يجهر بالقراءة في صلاة الخسوف قال وتفسير ذلك أن النبي
صلى الله عليه وسلم لو جهر بشئ فيها لعرف ما قرأ قال والاستفتاح في صلاة الخسوف
في كل ركعة من الأربع بالحمد لله رب العالمين (قال) ولا أرى للناس اماما كان أو
غيره أن يصلوا صلاة الخسوف بعد زوال الشمس وإنما سنتها أن يصلوها ضحوة إلى
زوال الشمس وكذلك سمعت (سحنون) وقد روى ابن وهب عن مالك أنها
تصلى في وقت كل صلاة وإن كان بعد زوال الشمس (قلت) هل تحفظ عن
مالك في السجود في صلاة الخسوف أنه يطيل في السجود كما يطيل في الركوع قال
لا إلا أن في الحديث ركع ركوعا طويلا (قال ابن القاسم) وأحب إلى أن يسجد
سجودا طويلا ولا أحفظ طول السجود عن مالك (قلت) فهل يوالي بين السجدتين
في قول مالك في صلاة الخسوف ولا تقعد بينهما (قال) نعم وذلك لأنه لو كان بينهما
163

قعود لذكر في الحديث (قلت) فهل كان مالك يرى أن صلاة الخسوف سنة
لا تترك مثل صلاة العيدين سنة لا تترك قال نعم (قلت) فهل يصلى أهل القرى
وأهل العمود والمسافرين صلاة الخسوف في قول مالك قال نعم (قال) وقال
مالك في المسافرين يصلون صلاة الخسوف جماعة إلا أن يعجل بالمسافرين السير (قال)
وإن كان رجل مسافرا صلى صلاة الخسوف وحده (قال مالك) وان صلوا صلاة
الخسوف جماعة أو صلاها رجل وحده فبقيت الشمس على حالها لم تنجل قال تكفيهم
صلاتهم ولا يصلون صلاة الخسوف ثانية ولكن الدعاء ومن شاء تنفل وأما السنة في
صلاة الخسوف فقد فرغوا منها (قلت) لابن القاسم أرأيت من أدرك الركعة
الثانية من الركعة الأولى في صلاة الخسوف ففرغ الامام هل على هذا الذي فاتته
الركعة الأولى من صلاة الخسوف أن يقضي شيئا (قال) تجزئه الركعة الثانية التي أدركها
في الركعة الأولى من الركعة الأولى التي فاتته كما تجزئ من أدرك الركوع في الصلاة
من القراءة إذا فاتته القراءة كذلك قال مالك (قال) وأرى أنا في الركعة الثانية
أنها بمنزلة الركعة الأولى إذا فاته أول الركعة من الركعة الثانية وأدرك الركعة الآخرة
أنه يقضى ركعتين بسجدتين وتجزئ عنه (قال) وقال مالك وأرى أن تصلى المرأة
صلاة الخسوف في بيتها (قال) ولا أرى بأسا أن تخرج المتجالات من النساء في
صلاة خسوف الشمس (قلت) أرأيت الامام إذا سها في صلاة خسوف الشمس
أعليه السهو في قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك في صلاة خسوف القمر
يصلون ركعتين ركعتين كصلاة النافلة ويدعون ولا يجمعون وليس في صلاة
خسوف القمر سنة ولا جماعة كصلاة خسوف الشمس (قال ابن القاسم) وأنكر
مالك السجود في الزلازل (مالك) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن عبد الله
ابن عباس قال خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم والناس معه فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ثم ركع
ركوعا طويلا ثم رفع رأسه فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا
164

طويلا وهو دون الركوع الأولى ثم سجد ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول
ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون
القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأولى ثم رفع رأسه ثم سجد
ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان
لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك بهما فاذكر والله فقالوا يا رسول الله رأيناك
تناولت شيئا في مقامك هذا ثم رأيناك تكعكعت فقال إني رأيت الجنة أو أريت
الجنة فتناولت منها عنقودا واو أخذته لا كلتم منه ما بقيت الدنيا وأريت النار فلم أر
كاليوم منظر قط ورأيت أكثر أهلها النساء فقالوا يا رسول الله بم قال بكفرهن قيل
يكفرن بالله قال يكفرن العشير ويكفرن الاحسان أو أحسنت إلى إحداهن الدهر
كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط (قال مالك) وإنما يعني بقوله
في الركعة الثانية فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول يعنى القيام الذي يليه
وكذلك قوله في الركوع الآخر إنما يعني دون الركوع الذي يليه (قال ابن وهب)
قال مالك ولم يبلغنا أن رسول الله عليه وسلم صلى الا في خسوف الشمس ولم
يعمل أهل بلد نا فيما سمعنا وأدركنا الا بذلك (قال) وما سمعنا أن خسوف القمر يجمع
بهم الامام (ابن وهب) وقال عبد العزيز ونحن إذا كنا فرادى نصلى هذه الصلاة
في خسوف القمر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رأيتم ذلك بهما فافزعوا
إلى الصلاة وفي حديث عائشة فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة
(في صلاة الاستسقاء)
(قال) وسألت مالكا عن الذي يخرج إلى المصلى في صلاة الاستسقاء فيصلى قبل
الامام أو بعده أترى بذلك بأسا قال لا بأس بذلك (قال) وقال مالك في صلاة
الاستسقاء إنما تكون ضحوة من النهار لا في غير ذلك الوقت من النهار (قال) وقال
مالك وذلك سنتها (قلت) لابن القاسم هل يخرج بالمنبر في صلاة الاستسقاء (قال)
أخبرنا مالك أنه لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم منبر يخرج به إلى الصلاة العيدين ولا
165

لأبي بكر ولا لعمر من أحدث له منبر في العيدين عثمان بن عفان منبر من طين
أحدثه له كثير بن الصلت (قلت) لابن القاسم ويجلس فيما بين الخطبتين في صلاة
الاستسقاء (قال) قال مالك نعم فيما بين كل خطبتين جلسة (قلت) فهل قبل
الخطبة جلسة كما يصنع الامام يوم الجمعة ومثل ما أمر به مالك في خطبة العيدين قال
نعم وليس يخرج في صلاة الاستسقاء بالمنبر ولكن يتوكأ الامام على عصى قال وهو
قول مالك (قال) وقال مالك يجهر بالقراءة في صلاة الاستسقاء قال وهي السنة
(قال) وقال مالك لا أرى أن يمنع النصارى ان أرادوا أن يستسفوا (قال) وسألنا
مالكا هل يستسقى في العام الواحد مرتين أو ثلاثا قال لا أرى بذلك بأسا (قلت)
وهل كان مالك يأمر بأن يخرج الحيض والنساء والصبيان في الاستسقاء قال لا أرى
أن يؤمر بخروجهن الحيض على كل حال وأما النساء والصبيان فان خرجوا
فلا أمنعهم أن يخرجوا وأما من لا يعقل الصلاة من الصبيان فلا يخرج ولا يخرج الا
من كان منهم يعقل الصلاة (قال) وقال مالك في صلاة الاستسقاء يخرج الامام
فإذا بلغ إلى المصلى بالناس ركعتين يقرأ فيهما بسبح اسم ربك الأعلى وبالشمس
وضحاها ونحو ذلك ثم يستقبل الناس ويخطب عليهم خطبتين يفصل بينهما بجلسة
فإذا فرغ من خطبتيه استقبل القبلة مكانه وحول رداءه قائما يجعل الذي على يمينه على
شماله والذي على شماله على يمينه مكانه حين يستقبل القبلة ولا يقلبه فيجعل الأسفل
الأعلى والأعلى الأسفل ويحول الناس أرديتهم كما يحول الامام فيجعلون الذي على
أيمانهم على أيسارهم والذي على أيسارهم على أيمانهم ثم يدعو الامام قائما ويدعون وهم
قعود فإذا فرغوا من الدعاء انصرف وانصرفوا (قال) ويحول القوم أرديتهم وهم جلوس
والامام يحول رداءه وهو قائم. قال والامام يدعو وهو قائم والناس يدعون وهم جلوس
(قال) وقال مالك وليس في الاستسقاء تكبير في الخطبة ولا في الصلاة قال ويحول
الرداء في الاستسقاء مرة واحدة (قلت) لابن القاسم أرأيت أن أحدث الامام
في خطبة الاستسقاء أيقدم غيره أم يمضى قال لا أحفظ من مالك في ذلك شيئا
166

وأراه خفيفا أن يمضي (قلت) فهل يطيل الامام الدعاء في الاستسقاء أم لا في
قول مالك (قال) لا أحفظ عن مالك في ذلك شيئا ولكن وسطا من ذلك (قال)
وقال مالك في صلاة الاستسقاء يجهر الامام بالقراءة وكل صلاة فيها خطبة يجهر الامام
فيها بالقراءة (مالك) عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أنه سمع عباد بن تميم المازني
يقول سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المصلى فاستسقى وحول رداءه حين استقبل القبلة (قال ابن وهب) وقال ابن أبي
ذئب في الحديث وقرأ فيهما (سحنون) عن ابن وهب عن الليث بن سعد عن
يزيد بن أبي حبيب قال لم يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستمطار (ابن
وهب) عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم صلى في الاستسقاء ركعتين جهر فيهما بالقراءة (قال مالك) لا بأس بالصلاة
النافلة قبل صلاة الاستسقاء وبعدها
(في صلاة العيدين)
(قال ابن القاسم) وقال مالك في الغسل في العيدين قال أراه حسنا ولا أوجبه كوجوب
الغسل يوم الجمعة (قال) والذي أدركت عليه الناس وأهل العلم ببلدنا أنهم كانوا يفدون
إلى المصلى عند طلوع الشمس (قلت) لابن القاسم أمن المسجد أم من داره قال
لا أحفظه وذلك عندي واسع (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب
قال أخبرني سعيد بن المسيب أن الاغتسال يوم الفطر والأضحى قبل أن يخرج إلى
المصلى حق (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن
عباس وعلي بن أبي طالب وعروة بن الزبير وأبى سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد
الرحمن بن ثوبان وأبي عبد الرحمن الحبلى مثله وأن ابن عمر كان يغتسل ويتطيب
(قال) وقال مالك والتكبير إذا خرج لصلاة العيدين يكبر حين يخرج إلى المصلى
وذلك عند طلوع الشمس فيكبر في الطريق تكبيرا يسمع نفسه ومن يليه وفى المصلى
إلى أن يخرج الامام فإذا خرج الامام قطع (قلت) لابن القاسم فهل يكبر إذا رجع
167

قال لا (قلت) وهذا قول مالك قال نعم هو قوله (قال ابن القاسم) ألا ترى أنه قال
إذا خرج الامام قطع (قلت) لابن القاسم فهل ذكر لكم مالك التكبير كيف هو
(قال) لا وما كان مالك يحد في هذه الأشياء حدا والتكبير في العيدين جميعا سواء (ابن
وهب) عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يجهر بالتكبير يوم
الفطر إذا غدا إلى المصلى حتى يخرج الامام فيكبر بتكبيره (ابن وهب) وأخبرني رجال
من أهل العلم عن سعيد بن المسيب وبكير بن عبد الله بن الأشج وابن شهاب ويحيى
ابن سعيد وأبى الزناد ومحمد بن المنكدر ومسلم بن أبي مريم وابن حجيرة وابن أبي
سلمة كلهم يقول ذلك ويفعله في العيدين (قال) وقال مالك بلغني أن النبي صلى الله
عليه وسلم كان يخرج إلى صلاة العيدين في طريق ويرجع في طريق أخرى قال مالك
وأستحسن ذلك ولا أراه لازما للناس (قال) وقال مالك وقت خروج الامام يوم
الأضحى والفطر وقت واحد (قال مالك) وأحب للامام في الأضحى والفطر أن
يخرج بقدر ما إذا بلغ المصلى حلت الصلاة (قال) وسألت مالكا عن العبيد والإماء
والنساء هل يؤمرون بالخروج إلى العيدين وهل يجب عليهم الخروج إلى العيدين
كما يجب على الرجال قال لا (قال) فقلنا لمالك فمن شهد العيدين من النساء والعبيد ممن
لا يجب عليهم الخروج فلما صلوا مع الامام أرادوا الانصراف قبل الخطبة يتعجلون
لحاجات ساداتهم ولمصلحة بيوتهم قال لا أرى أن ينصرفوا الا بانصراف الامام
(قال) فقلت لمالك فالنساء في العيدين إذا لم يشهدن العيدين (قال) ان صلين فليصلين
مثل صلاة الامام يكبرن كما يكبر الامام ولا يجمع بهن الصلاة أحد وليس عليهن ذلك
إلا أن يشأن ذلك فان صلين صلين أفذاذا على سنة صلاة الامام يكبرن سبعا وخمسا
وان أردن أن يتركن فليس عليهن ذلك وكان يستحب فعل ذلك لهن (قال) وقال
مالك يقرأ في صلاة العيدين بالشمس وضحاها وسبح ونحوهما (قال ابن القاسم)
وصلاة الاستسقاء عندي مثله (قال) وأخبرني مالك أن مروان بن الحكم أقبل
هو وأبو سعيد الخدري إلى المصلى يوم العيد فذهب مروان ليصعد المنبر فأخذ
168

أبو سعيد بردائه ثم قال له الصلاة فاجتبذه مروان جبذة شديدة ثم قال له قد ترك
ما هنا لك يا أبا سعيد فقل له أبو سعيد أما ورب المشارق لا تأتون بخير منها (ابن
وهب) عن داود بن قيس أن عياض بن عبد الله حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري
يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى العيدين يوم العيدين فيصلى فيبدأ
بالركعتين ثم يسلم فيقوه قائما يستقبل الناس بوجهه يعلمهم ويأمرهم بالصدقة فان أراد أن
يضرب على الناس بعثا ذكره والا انصراف (سحنون) عن ابن وهب عن رجال من
أهل العلم عن ابن عباس وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الخطبة (قال) وقال مالك وتكبير العيدين
سواء التكبير قبل القراءة في الأولى سبعا وفى الآخرة خمسا في كلتا الركعتين التكبير
قبل القراءة (قال) وقال مالك ولا يرفع يديه في شي من تكبير صلاة العيدين الا
في الأول (قال) وقال مالك فيمن فاتته صلاة العيدين مع الامام ان شاء صلى وان
شاء لم يصل قال ورأيته يستحب له أن يصلي قال وان صلى فليصل مثل صلاة الامام
ويكبر مثل تكبيره في الأولى وفي الآخرة (سحنون) عن ابن وهب عن كثير بن
عبد الله المزني يحدث عن أبيه عن جده أنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
كبر في الأضحى سبعا وخمسا قبل القراءة وفي الفطر مثل ذلك (قال ابن وهب)
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في الفطر والأضحى سبعا وخمسا سوى
تكبيرة الركوع (قال ابن وهب) وأخبرني غير واحد أن أبا هريرة وجماعة من
أهل المدينة على سبع في الأول وخمس في الأخرى (مالك) عن نافع قال شهدت
الفطر والأضحى مع أبي هريرة فكبر في الأول سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا
قبل القراءة (قال مالك) وعلى ذلك الامر عندنا (قال) وقال مالك من أدرك
الجلوس من صلاة العيدين قال يكبر التكبير كما كبر الامام ويقضى إذا سلم الامام
كما صلى الامام بتكبير أحب إلي (قال) فقلت أفيكبر في قول مالك أول ما يفتتح
التكبير كله تكبير الركعة الأولى (قال) إذا هو أحرم خلف الامام جلس فإذا قضى
169

الامام صلاته قام تكبر ما بقي عليه من التكبير ثم صلى ما بقي عليه كما صلى الامام
(قال) فقلت لمالك إنا نكون في بعض السواحل فنكون في مسجد على الساحل
يصلي بنا إمامنا صلاة العيد في ذلك المسجد فهل يكره للرجل أن يصلى قبل صلاة
العيد في ذلك المسجد إذا أتى وهو ممن يصلي معهم صلاة العيد في ذلك المسجد قال
لا أرى بذلك بأسا قال وإنما كره مالك أن يصلي في المصلى قبل الصلاة العيد وبعدها
شيئا (قال) فقلت لمالك فان رجعت من المصلى أأصلى في بيتي قال لا بأس بذلك
(قال) وإنما كان يكره مالك الصلاة في المصلى يوم الأضحى والفطر قبل صلاة العيد
وبعدها فأما في غير المصلى فلم يكن يرى في ذلك بأسا (ابن وهب) عن عبد الجبار
ابن عمر عن ربيعة وأبي الزناد وإسحاق بن عبد الله البجلي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم لم يكن يصلى في المصلى يوم العيد لا قبل الصلاة ولا بعدها (ابن وهب)
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلى قبل صلاة العيد
ولا بعدها شيئا (قال ابن وهب) وبلغني عن جرير بن عبد الله البجلي أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في العيدين قبل الامام (قال ابن وهب)
عن يونس وقال ابن شهاب لم يبلغني أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم كان يسبح يوم الفطر ولا يوم الأضحى قبل الصلاة ولا بعدها (مالك)
عن نافع أن ابن عمر كأن لا يصلي يوم الفطر قبل الصلاة العيد ولا بعدها (قال) مالك
وذلك أحب الينا (قال) وقال مالك في الامام إذا نسي التكبير في أول ركعة من
صلاة العيدين حتى قرأ قال إن ذكر قبل أن يركع عاد فكبر وقرأ وسجد سجدتي
السهو بعد السلام (قال) وهذا قول مالك قال وإن لم يذكر حتى ركع مضى ولم يكبر
ما فاته من الركعة الأولى في الركعة الثانية وسجد سجدتي السهو قبل السلام قال
وهذا قول مالك (قال) وقال مالك في أهل القرى يصلون صلاة العيدين كما يصلي
الامام ويكبرون مثل تكبيره ويقوم امامهم فيخطب بهم خطبتين قال أحب ذلك
إلي أن يصلي أهل القرى صلاة العيدين (قلت) أرأيت الامام إذا أحدث
170

يوم العيد قبل الخطبة بعد ما صلى أيستخلف أم يخطب بهم على غير وضوء (قال) أرى
أن لا يستخلف وأن يتم بهم الخطبة (قال) وقال مالك لا يصلى في العيدين في موضعين
ولا يصلون في مسجدهم ولكن يخرجون كما خرج النبي صلى الله عليه وسلم (ابن
وهب) عن يونس عن ابن شهاب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسمل يخرج إلى
المصلى ثم استن بذلك أهل الأمصار (ابن وهب) عن مالك عن نافع عن ابن عمر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى العيدين من طريق ويرجع من
طريق أخرى (قال ابن القاسم) وكان مالك يستحب للامام أن يخرج أضحيته
فيذبحها أو ينحرها في المصلى يبرزها للناس إذا فر من خطبته (قال) وكان مالك
يستحب للرجل أن يطعم قبل أن يغدو إلى المصلى يوم الفطر قال وليس ذلك في
الأضحى (ابن وهب) عن وكيع عن سفيان الثوري عن جعفر بن برقان أن عمر
ابن عبد العزيز كتب من استطاع منكم أن يمشي إلى العيدين فليفعل (قال ابن وهب)
عن الليث بن سعد عن عبد الرحمن بن مسافر عن ابن شهاب قال قال سعيد بن المسيب
من سنة الفطر المشي والأكل قبل الغدو والاغتسال
(في التكبير أيام التشريق)
(قلت) لابن القاسم كيف تكبير أيام التشريق في قول مالك (قال) سألناه عنه
فلم يحد لنا فيه حدا (قال ابن القاسم) وبلغني عنه أنه كأن يقول الله أكبر الله أكبر
الله أكبر (قال) وقال مالك فيمن أدرك بعض صلاة الامام في أيام التشريق ثم
كبر ان هذا لا يكبر حتى يقضي ما فاته به الامام فإذا قضى صلاته كبر (قال) وقال
مالك وان نسي الامام التكبير في أيام التشريق بعد ما سلم من صلاته وذهب وتباعد
فلا شئ عليه وإن كان قريبا قعد فكبر (قلت) لابن القاسم فان ذهب ولم يكبر
والقوم جلوس هل كان مالك يأمرهم أن يكبروا قال نعم (قلت) وكان يرى على
النساء ومن صلى وحده وأهل البوادي والمسافرين وغيرهم من المسلمين التكبير أيام
التشريق قال نعم (قال) وقال مالك من نسي التكبير أيام التشريق في دبر الصلاة قال
171

إن كان قريبا رجع فكبر وإن كان قد ذهب وتباعد فلا شئ عليه (قال) وقال مالك
في التكبير أيام التشريق قال يكبر النساء والصبيان والعبيد وأهل البادية والمسافرون
وجميع المسلمين (قال) وسئل مالك عن التكبير في أيام التشريق في غير دبر الصلاة
فقال قد رأيت الناس يفعلون ذلك وأما الذين أدركتهم والذين أقتدي بهم فلم يكونوا
يكبرون الا في دبر الصلاة قال وأول التكبير دبر صلاة الظهر من يوم النحر وآخر
التكبير في الصبح من آخر أيام التشريق يكبر في الصبح ويقطع في الظهر قال
وهذا قول مالك (قال ابن وهب) عن عبد الله بن لهيعة عن بكير بن عبد الله بن
الأشج أنه سأل أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن التكبير في أيام التشريق فقال
يبدأ بالتكبير في أيام الحج دبر صلاة الظهر من يوم النحر إلى دبر صلاة الصبح من
آخر أيام التشريق (قال) بكير وسألت غيره فكلهم يقول ذلك (ابن وهب)
عن يحيى بن سعيد وان أبي سلمة مثله (علي بن زياد) عن مالك قال الامر عندنا
ان التكبير خلف الصلوات بعد النحر ان الامام والناس يكبرون الله أكبر الله أكبر
الله أكبر ثلاثا في دبر كل صلاة مكتوبة وأول ذلك دبر صلاة الظهر من يوم النحر
وآخر ذلك دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق وإنما يأتم الناس في ذلك بامام
الحاج وبالناس بمنى (قال) وذلك على كل من صلى في جماعة أو وحده من الأحرار
والعبيد والنساء يكبرون في دبر كل صلاة مكتوبة مثل ما يكبر الامام
(الصلاة بعرفة)
(قال) وقال مالك لا يجهر الامام بالقراءة بعرفة في الظهر ولا في العصر ولا يصلى
الظهر أربعا ولا العصر أربعا ويصليهما ركعتين ركعتين (قال) وقال مالك ويتم أهل
عرفة بعرفة وأهل منى بمنى ومن لم يكن من أهل عرفة فليقصر الصلاة بعرفة ومن
لم يكن من أهل منى فليقصر الصلاة بمنى (قلت) أرأيت أن كان الامام من أهل
عرفة (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أحب أن يكون الامام من أهل عرفة فإن كان من أهل عرفة أتم الصلاة بعرفة (قال) وقال مالك أذان المؤذن يوم عرفة إذا
172

خطب الامام وفرغ من خطبته وقعد على المنبر فأذن المؤذن فإذا فرغ من أذانه أقام
فإذا أقام نزل الامام فصلى بالناس فإذا صلى بالناس أذن أيضا للعصر وأقام ثم صلى العصر
أيضا (قال) وقال مالك في الامام يخطب بعرفة انه يقطع التلبية إذا راح ولا يلبى إذا
خطب ويكبر بين ظهراني خطبته (قال) وأما الناس فيقطعون إذا راحوا إلى
الصلاة أيضا (قال) والامام يوم الفطر يكبر بين ظهراني خطبته (قال) ولم يوقت لنا مالك
في ذلك وقتا (قال) وقال مالك كل صلاة فيها خطبة يجهر فيها الامام بالقراءة (قلت)
لابن القاسم فعرفة فيها خطبة ولا يجهر فيها الامام بالقراءة (قال) خطبته تعليم للناس
(قال) وأما الاستسقاء فيجهر فيها بالقراءة لان فيها خطبة وأما الخسوف فلا يجهر فيها
لأنه لا خطبة فيها وهو قول مالك (قلت) لابن القاسم أليس عرفة فيها خطبة والامام
لا يجهر فيها بالقراءة (قال) لان خطبة عرفة إنما هي تعليم للحاج وليس هي للصلاة
(مالك) عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلاة
بمنى ركعتين وكان أبو بكر يصليها ركعتين وان عمر بن الخطاب صلاها بمنى ركعتين
(مالك بن أنس) عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان حين يكون بمكة يتم الصلاة فإذا
خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة (وأخبرني) عن ابن وهب عن حنظلة بن أبي
سفيان الجمحي قال سألت القاسم وسالما وطاوسا فقلت أأتم الصلاة بمنى وعرفة فقالوا
لي صل بصلاة الامام ركعتين فقلت للقاسم إني من أهل مكة قال لي قد عرفتك
(ابن وهب) قال وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن تقصر الصلاة لأنه منزل سفر
وهي صلاة امامهم (سحنون) عن أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفة ولم يسبح بينهما وصلى
المغرب والعشاء يجمع ولم يسبح بينهما وان أبا بكر وعمر وابن عمر جمعوا بين المغرب
والعشاء بالمزدلفة وقد صلى عمر بن الخطاب بأهل مكة فقصر الصلاة ثم قال لأهل
مكة أتموا صلاتكم فانا قوم سفر ولم يقل ذلك بمنى ولا بعرفة (وأخبرني) وكيع عن
ابن أبي ليلى عن عبد الكريم البصري عن ابن جدعان أن رسول الله صلى الله عليه
173

وسلم صلى بمكة ركعتين ثم قال إنا قوم سفر فأتموا الصلاة ولم يقل صلى الله عليه وسلم
ذلك بمنى ولا بعرفة (وأخبر) وكيع عن إبراهيم بن يريد عن عون بن عبد الله بن
عتبة عن ابن مسعود قال ليس على المسلمين جمعة في سفرهم ولا يوم نفرهم
تم كتاب الصلاة الثاني من المدونة الكبرى والحمد لله رب العالمين والصلاة
والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين وسلم تسليما
(كتاب الجنائز)
(بسم الله الرحمن الرحيم)
(القراءة على الجنازة)
(قال سحنون) قلت لعبد الرحمن بن القاسم أي شئ يقال على الميت في قول مالك
قال الدعاء للميت (قلت) فهل يقرأ على الجنازة في قول مالك قال لا (قلت)
فهل وقت لكم مالك ثناء على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين قال ما علمت أنه
قال الا الدعاء للميت فقط (ابن وهب) عن داود بن قيس أن زيد بن أسلم حدثه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الصلاة على الميت أخلصوه بالدعاء (ابن
وهب) عن رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله
ابن عمر وعبيد بن فضالة وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وواثلة بن الأسقع والقاسم
وسالم بن عبد الله وابن المسيب وربيعة وعطاء ويحيى بن سعيد أنهم لم يكونوا يقرؤن في
الصلاة على الميت (وقال مالك) ليس ذلك بمعمول به إنما هو الدعاء أدركت أهل
بلادنا على ذلك (ابن وهب) عن الليث بن سعد عن إسماعيل بن نافع المدني أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن يقول إذا صلى على الميت اللهم انه عبدك وابن عبدك
أنت هديته للاسلام وأنت قبضت روحه وأنت أعلم بسره وعلانيته جئنا لنشفع
له فشفعنا فيه اللهم أنى أستجير بحبل جوارك له انك ذو وفاء وذمة وقه من فتنة
القبر وعذاب جهنم (ابن وهب) عن عمرو بن الحارث عن أبي حمزة بن سليم عن
174

عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي قال سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى على جنازة يقول اللهم اغفر له وارحمه وا؟
عنه وعافه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد ونقه من الخطايا كما
ينقى الثوب الا بيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله
وزوجة خيرا من زوجته وقه من فتنة القبر وعذاب النار قال عوف فتمنيت أن لو كنت
أنا الميت لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (مالك) عن سعيد بن أبي سعيد
المقبري عن أبيه أنه سأل أبا هريرة كيف تصلى على الجنازة فقال أنا لعمر الله أخبرك
أتبعها من أهلها فإذا وضعت كبرت وحمدت الله تبارك وتعالى وصليت على نبيه ثم
أقول اللهم انه عبدك وان عبدك وان أمتك كان يشهد أن لا اله إلا أنت وأن محمدا
عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في احسانه وإن كان مسيئا
فتجاوز عنه اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده (قال مالك) هذا أحسن ما سمعت
في الدعاء على الجنازة وليس فيه حد معلوم (قال سحنون) عن أنس بن عياض عن
إسماعيل بن رافع المدني عن رجل يقول سمعت إبراهيم النخعي يقول كان ابن مسعود
إذا أتى بالجنازة استقبل الناس فقال أيها الناس اني سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول كل مائة أمة ولن تجتمع مائة لميت فيجتهدوا له بالدعاء الا وهب الله عز وجل
ذنوبه لهم وانكم جئتم شفعاء لأخيكم فاجتهدوا له في الدعاء ثم يستقبل القبلة فإن كان
رجلا قام عند وسطه وان كانت امرأة قام عند منكبيها ثم قال اللهم انه عبدك وابن عبدك
أنت خلقته وأنت هديته للاسلام وأنت قبضت روحه وأنت أعلم بسريرته وعلانيته
جئنا شفعاء له اللهم انا نستجير بحبل جوارك له انك ذو وفاء وذمة اللهم أعذه من
فتنة القبر وعذاب جهنم اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز
عن سيئاته اللهم نور له في قبره وألحقه بنبيه (قال) يقول هذا كلما كبر وإذا كانت
التكبيرة الآخرة قال مثل ذلك ثم يقول اللهم صلى على محمد وآل محمد وبارك على محمد
وآل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم صل على
175

أسلافنا وأفراطنا اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم
والأموات ثم ينصرف (قال إسماعيل) قال إبراهيم كان ابن مسعود يعلم الناس هذا
في الجنائز وفى المجالس (قال) وقيل له أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف على
القبر إذا فرغ منه قال نعم كان إذا فرغ منه وقف عليه ثم قال اللهم نزل بك صاحبنا
وخلف الدنيا وراء ظهره ونعم المنزول به أنت اللهم ثبت عند المسألة منطقه ولا تبتله في
قبره بما لا طاقة له به اللهم نور له في قبره وألحقه بنبيه
(رفع الأيدي في التكبير على الجنازة)
(قال) وقال مالك بن أنس ترفع الأيدي في الصلاة على الجنازة في أول التكبير
(قال ابن القاسم) وحضرته غير مرة يصلي على الجنائز فما رأيته يرفع يديه الا في
أول تكبيرة (قال ابن القاسم) وكان مالك لا يرى رفع اليدين في الصلاة على الجنازة
الا في أول تكبيرة (قال ابن وهب) وان عمر بن الخطاب والقاسم وعمر بن عبد
العزيز وعروة بن الزبير وموسى بن نعيم وابن شهاب وربيعة ويحيى بن سعيد كانوا
إذا كبروا على الجنازة رفعوا أيديهم في كل تكبيرة (ابن وهب) وقال لي مالك
انه ليعجبني أن يرفع يديه في التكبيرات الأربع
(حمل سرير الميت)
(قال) عبد الرحمن بن القاسم) قلت لمالك من أي جوانب السرير أحمل الميت وبأي
ذلك أبدأ (قال) ليس في ذلك شئ موقت احمل من حيث شئت إن شئت من قدام
وإن شئت من وراء وإن شئت احمل بعض الجوانب ودع بعضها وإن شئت فاحمل
وإن شئت فدع ورأيته يرى أن الذي يذكر الناس فيه يبدأ باليمين بدعة (ابن
وهب) عن الحارث بن نبهان عن منصور عن عبيدة بن بسطاس عن أبي عبيدة بن
عبد الله بن مسعود عن ابن مسعود أنه قال احمل الجنازة من جوانبها الأربعة فإنها السنة
ثم إن شئت فتطوع وإن شئت فدع
176

(في المشي أمام الجنازة وسبقها إلى المقبرة)
(قال) وقال مالك المشي أمام الجنازة هو السنة (قال) وقال مالك ولا بأس أن
يسبق الرجل الجنازة ثم يقعد ينتظرها حتى تلحقه (مالك) عن ابن شهاب أن رسول
الله صلى الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمام الجنازة والخلفاء كلهم هلم جرا أبو بكر وعمر
وعثمان وابن عمر (قال ابن شهاب) من خطا السنة المشي خلف الجنازة (مالك)
عن محمد بن المنكدر أن ربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي أخبره أنه رأى عمر بن
الخطاب يقدم الناس أمام الجنازة في الجنازة زينب ابنة جحش زوج النبي صلى الله عليه
وسلم (مالك) عن هشام بن عروة أنه قال ما رأيت أبى قط في جنازة الا أمامها
قال ثم يأتي البقيع فيجلس حتى يمروا عليه
(في الصلاة على الجنازة في المسجد)
(قال) وقال مالك وأكره أن توضع الجنازة في المسجد فان وضعت قرب المسجد
للصلاة عليها فلا بأس أن يصلي من في المسجد عليها بصلاة الامام الذي يصلى عليها
إذا ضاق خارج المسجد بأهله (قال مالك) ولا بأس بالجلوس عند القبر قبل أن توضع
الجنازة عن أعناق الرجال وقد فعل ذلك عروة بن الزبير
(الصلاة على قاتل نفسه)
(قال) وقال مالك يصلى على من قتل نفسه وإثمه على نفسه ويصنع به ما يصنع بموتى
المسلمين (قال) وسئل مالك عن امرأة خنقت نفسها (قال مالك) صلوا عليها
وإثمها على نفسها (ابن وهب) قال وقال مثل قول مالك عطاء بن أبي رباح
(سحنون) عن علي بن زياد عن سفيان عن عبد الله بن عون عن إبراهيم النخعي
قال السنة أن يصلى على قاتل نفسه
(الصلاة على من يموت من الحدود والقود)
(قال) وقال مالك كل من قتله إمام في قصاص أو في حد من الحدود فان الامام
177

لا يصلي عليه ولكن يغسل ويحنط ويكفن ويصلي عليه الناس غير الامام (قلت)
فما قول مالك فيمن ضربه السلطان حدا مائة جلدة فمات من ذلك (قال) لا أحفظ هذا
عن مالك ولكن أرى أن يصلى عليه الامام (قلت) لم قال لان حده هو الجلد ولم
يكن القتل وإنما مات من مرض أصابه من وجع السياط فأرى أن يصلي عليه
(قال) وقال مالك يصلي على المرجوم أهله والناس ولا يصلي عليه الامام لأنه قال
من قتله الامام على حد من الحدود فلا يصلي عليه الامام وليصل عليه أهله (قلت)
أليس معنى قول مالك يصلي عليه أهله أي يصلى عليه الناس كلهم سوى الإمام قال
نعم وهو تفسيره عندي (قال مالك) وسمعت ربيعة يقول في الذي يقتل قودا
ان الامام لا يصلي عليه أهله وبه يأخذ مالك (قلت) أرأيت من قتل
في قصاص أيغسل ويكفن ويصلى عليه في قول مالك (قال) نعم إلا أن الامام لا يصلى
عليه (قال ابن وهب) وقال مثل قول مالك ابن شهاب وربيعة
(الصلاة على العجمي الصغير)
(قلت) أرأيت الصبي الصغير إذا صار في سهمان (1) رجل من المسلمين أو اشتراه
فمات أيصلى عليه في قول مالك (قال) قال مالك إن كان أجاب إلى الاسلام أو علم
فتشهد صلي عليه والا لم يصل عليه (قال) فقيل لمالك ان للذي اشتراه حين اشتراه
صغيرا إنما اشتراه ليجعله على دينه يدخله في الاسلام (قال مالك) إن كان قد أجاب
إلى الاسلام بشئ يعرف والا لم يصل عليه (قال ابن القاسم) وذلك إذا كان كبيرا
يعقل الاسلام ويعرف ما أجاب إليه (قلت) فإن كان صغيرا (قال) قال مالك
لا يصلى على الصغير فالصغير الذي يشترى ومن نية صاحبه أن يدخله في الاسلام
فمات قبل ذلك لا يصل عليه (قال) وسمعت مالكا سئل عن العبدين النصرانيين
يزوج أحدهما من صاحبه سيدهما فيولد لهما ولد فأراد سيدهما فيولد لهما ولد فأراد سيدهما أن يجبره على
الاسلام أيكون له ذلك (قال مالك) ما علمت ذلك أي لا يجبره (قلت) كيف

(1) (سهمان) جمع سهم وهو النصيب ويجمع أيضا على أسهم وسهام اه‍
178

الاسلام الذي إذا أجابت إليه الجارية حل وطؤها والصلاة عليها (قال) قال مالك إذا
شهدت أن لا إله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله أو صلت فقد أجابت أو أجابت
بأمر يعرف أيضا أنها قد دخلت في الاسلام (قال) وسألت مالكا عن المسلمين
يصيبون السبي من العدو فيباعون فيشتري الرجل منهم الصبي ونيته أن يدخله في
الاسلام وهو صغير فيموت أترى أن يصلى عليه (قال) لا إلا أن يكون أجاب إلى
الاسلام وقال غيره وهو معن بن عيسى يصل عليه (قلت) لابن القاسم أرأيت من نزل
بهم أهل الشرك بساحلنا فباعوهم منا وهم صبيان فماتوا قبل أن يتكلموا بالاسلام
بعد ما اشتريناهم هل تحفظ من مالك فيهم شيئا (قال) نعم لا يصلى عليهم حتى يجيبوا
إلى الاسلام (قال) وقال مالك فيمن اشترى جارية من السبي انها لا تجامع حتى
تجيب إلى الاسلام إلا أن تكون من أهل الكتاب فيجامعها بعد الاستبراء ان
أحب (محمد بن عمرو) عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة أنه سمع بالمدينة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى بنى النجار فرأى جنازة على خشبة فقال ما هذا فقيل
عبد لنا كان عبد سوء مسخوطا جافيا (1) قال أكان يصلي قالوا نعم قال أكان يقول محمد
رسول الله قالوا نعم قال لقد كادت الملائكة تحول بيني وبينه ارجعوا فأحسنوا غسله
وكفنه ودفنه
(الصلاة على السقط ودفنه)
(قال) وقال مالك لا يصلى على الصبي ولا يرث ولا يورث ولا يسمى ولا يغسل
ولا يحنط حتى يسهل صارخا وهو بمنزلة من خرج ميتا (قال ابن القاسم) وسألت
مالكا عن السقط يدفن في الدور فكره ذلك (مالك) قال حدثني ابن شهاب أن
السنة أن لا يصلى على المنفوس (1) حتى يسهل صارخا حين بولد (قال ابن وهب)
قال يونس وقال ابن شهاب لا يصلى على السقط ولا بأس أن يدفن مع أمه

(1) (مسخوطا) أي مكروها (جافيا) أي غليظ الحلق اه‍ (2) (المنفوس) أي المولود
وفى الحديث ما من نفس منفوسة أي مولودة الا وقد كتب مكانها من الجنة والنار كتبه مصححه
179

(قلت) هل يصنع بأولاد الزنا إذا ماتوا صغارا أو كبار ما يصنع بأولاد الرشدة (1)
(قال) نعم (قلت) هو قول مالك قال نعم (ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن
سفيان الثوري يرفع الحديث إلى النعمان بن أبي عياش قال صلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم على امرأة هلكت من نفاس ولد زنا وعلى ولدها. وعن ابن عمر مثله
(ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن ابن عباس وعطاء وربيعة مثله
(في الصلاة على الغلام المرتد)
(قلت) أرأيت الغلام إذا ارتد قبل أن يبلغ الحنث أتؤكل ذبيحته ويصلى عليه ان
مات في قول مالك (قال) لا يصلى عليه ولا تؤكل له ذبيحة
(في الصلاة على بعض الجسد)
(قال) وقال مالك لا يصلى على يد ولا على رأس ولا على رجل ويصلى على البدن
(قال ابن القاسم) ورأيت قوله إنه يصلى على البدن إذا كان الذي بقي أكثر البدن
(قلت) ما يقول مالك إذا اجتمع الرأس والرجلان بغير بدن (قال) لا أرى أن
يصلى الا على جل الجسد وهذا عندي قليل
(في اتباع الجنازة بالنار)
(قال) وقال مالك أكره أن يتبع الميت بمجمرة أو تقلم أظفاره وأن تحلق عانته
ولكن يترك على حاله قال وأرى ذلك بدعة ممن فعله (مالك) عن سعيد المقبري
عن أبي هريرة أنه نهى أن يتبع الميت بنار تحمل معه بعد موته (ابن وهب) عن
رجال من أهل العلم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعمرو بن العاص

(1) (بأولاد الرشدة) بكسر الراء ويجوز فتحها أي صحيحي النسب كتبه مصححه
180

وسعيد بن المسيب وغيرهم مثله. وقالت عائشة لا يكون آخر زاده أن ينبعوه بالنار
(في الذي يفوته بعض التكبير)
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يأتي الجنازة وقد فاته الامام ببعض التكبير
أيكبر حين يدخل أم ينتظر حتى يكبر الامام فيكبر مع الامام (قال) بل ينتظر حتى
يكبر الامام فيدخل بتكبير الامام ويكبر معه ثم يقضى ما فاته إذا فرغ الامام
(قلت) كيف يقضى في قوله أيتبع بعض ذلك بعضا (قال) نعم يتبع بعض ذلك بعضا
كذلك قال لي مالك (علي بن زياد) عن سفيان عن المغيرة عن الحارث بن يزيد
العكلي قال إذا انتهيت إلى الامام وقد كبر تكبيرة على الجنازة فلا تكبر وقم معه حتى
يكبر الثانية فتكبر إنما ينزلونه بمنزلة الركعة (ابن وهب) عن ابن أبي ذئب عن
قارظ بن شيبة عن سعيد بن المسيب أنه كأن يقول يبني على ما بقي من التكبير على
الجنازة (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وابن شهاب
وعطاء بن أبي رباح وابن أبي سلمة مثله (قال) وقال لي مالك مثله
(في الجنازة توضع ثم يؤتى بأخرى بعد ما يكبر على الأولى)
(قلت) أرأيت لو أتي بجنائز فوضع بعضها وقدم بعضها ليصلى عليها وأخر بعض
فلما فرغوا قدموا الذي أخروا ثم يقدم بعد ذلك ما وضع (قال) لا ينبغي ذلك وليس
بحسن (قلت) فلو صلي على جنازة فلما فرغ من الصلاة عليها أتي بأخرى فنحيت
الجنازة الأولى فوضعت ثم صلى الناس على هذه التي جاؤوا بها (قال) هذا خفيف وأرجو
أن لا يكون به بأس (قال) قال مالك في الجنازة إذا صلي عليها فإذا كبروا بعض
التكبير أتي بجنازة أخرى فوضعت (قال) يستكملون التكبير على الأولى ثم يبتدؤن
التكبير علي الثانية ولا يدخلون الجنازة الثانية في صلاة الجنازة الأولى (قال) وقال
مالك في الصلاة على الجنازة إذا صلوا عليها ثم جاء قوم بعد ما صلوا عليها (قال)
لا تعاد الصلاة ولا يصلي عليها بعد ذلك أحد جاء بعد (قال) فقلنا له فالحديث
181

الذي جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليها وهي في قبرها (قال) قد جاء هذا
الحديث وليس عليه العمل
(في جنائز الرجال والنساء)
(قال) وقال مالك إذا اجتمعت جنائز رجالا ونساء جعل الرجال مما يلي الامام
والنساء مما يلي القبلة (قال) فقلت له فإن كانوا رجالا كلهم (فقال) لي أول ما لقيته
يجعلون واحدا خلف واحد يبدأ بأهل السن والفضل فيجعلون مما يلي الأمم ثم سمعته
بعد ذلك يقول أرى ذلك واسعا ان جعل بعضهم خلف بعض أو جعلوا صفا واحدا
ويقوم الامام وسط ذلك ويصلى عليهم وان كانوا غلمانا ذكورا ونساء جعل الغلمان
مما يلي الامام والنساء من خلفهم مما يلي القبلة وان كن نساء صنع بهن كان يصنع
بالرجال ذلك واسع جعل بعضهم خلف بعض أو صفا واحدا كل ذلك واسع (مالك بن
أنس) قال بلغني أن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وأبا هريرة كانوا يصلون على الجنائز
بالمدينة إذا اجتمع الرجال والنساء فيجعلون الرجال مما يلي الامام والنساء مما يلي القبلة
(قال ابن وهب) عن علي بن أبي طالب وواثلة بن الأسقع وعمر بن عبد العزيز
وسعيد بن المسيب والقاسم وسالم مثله (أسامة بن زيد) عن نافع عن ابن عمر قال
وضعت جنازة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة بنت رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهي امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له زيد فصفا جميعا والامام يومئذ
سعيد بن العاص فوضع الغلام مما يلي الامام وفى الناس ابن عباس وأبو هريرة وأبو
سعيد وأبو قتادة فقالوا هي السنة
(في الصلاة على قتلى الخوارج والقدرية والأباضية)
(قلت) أرأيت قتلى الخوارج أيصلى عليهم أم لا (قال) قال مالك في القدرية
والأباضية لا يصلى على موتاهم ولا تتبع جنائزهم ولا تعاد مرضاهم فإذا قتلوا فذلك
أحرى أن لا يصلى عليهم
182

(في غسل الشهيد وكفنه ودفنه والصلاة عليه)
(قال) وقال مالك في الشهداء من مات في المعترك فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى
عليه ويدفن بثيابه ورأيته يستحب أن يترك عليه خفاه وقلنسوته (قال) ومن عاش
فأكل وشرب أو عاش حياة بينة ليس كحال من به رمق وهو في غمرة الموت يغسل
ويصلى عليه ويكفن ويكون بمنزلة الرجل يصيبه الجرح فيعيش الأيام منه ويقضى
حوائجه ويشتري ويبيع ثم يموت فهو وذلك سواء (قال) وقال مالك ما علمت أنه
يزاد في كفن الشهيد أكثر مما عليه شئ (وقال مالك) لا ينزع عن الشهيد الفرو
(قال) وما علمت أنه ينزع عنه شئ (قال ابن القاسم) تفسير قول مالك لا يدفن معه
السلاح لا سيفه ولا درعه ولا شئ من السلاح وإن كان للدرع لابسا (قلت)
فهل يحنط الشهيد في قول مالك (قال) من لا يغسل لا يحنط ألا تسمع الحديث
زملوهم بثيابهم عن النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) أرأيت من قتله العدو بحجر أو
بعصى أو خنقوه خنقا حتى مات أيصنع به ما يصنع بالشهيد من ترك الغسل وغيره
(قال) من قول مالك أنه من قتل فمات في المعركة فهو شهيد وقد يقتل الناس بألوان
من القتل فكلهم شهيد فكل من قتله العدو بأي قتلة كانت بصبر (1) أو غيره في معركة
أو غير معركة فأراه مثل الشهيد في المعركة (قلت) أرأيت لو أن أهل الحرب أغاروا
على قرية من قرى أهل الاسلام فدفع أهل الاسلام عن أنفسهم فقتلوا أيصنع بهم
ما يصنع بالشهداء في قول مالك قال نعم (ابن وهب) عن الليث بن سعد أن ابن
شهاب حدثه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله أخبره أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول
أيهما أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال أنا شهيد على
هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم (ابن وهب) عن
ابن أبي ذئب قال صلي على ثابت بن شماس بن عثمان يوم أحد بعد أن عاش يوما وليلة

(1) (قوله بصير) الصبر هو أن يحبس الانسان ويرمي حتى يموت اه‍ مصححه
183

(في شهيد اللصوص)
(قال) وقال مالك ومن قتل مظلوما أو قتله اللصوص في المعركة فليس بمنزلة الشهيد
يغسل ويحنط ويكفن ويصلى عليه وكذلك كل مقتول أو غريق أو مهدوم عليه الا
الشهيد وحده في سبيل الله فإنه يصنع بهذا وحده ما يصنع بالشهداء لا يغسلون ولا
يكفنون الا بثيابهم ولا يحنطون ولا يصلى عليهم ولكن يدفنون (قلت) ويصنع
بقبورهم ما يصنع بقبور الموتى من الحفر واللحد (قال) نعم (قلت) وهو قول
مالك قال هو رأيي (قال ابن القاسم) وهذه قبور الشهداء بالمدينة وقد حفر لهم
ودفنوا (قلت) أرأيت أن بغى قوم من أهل الاسلام على أهل قرية من المسلمين
فأرادوا حريمهم فدفعهم أهل القرية عن أنفسهم فقتل أهل القرية أترى في قول مالك
أن يصنع بهم ما يصنع بالشهداء (قال) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا أراهم بمنزلة
الشهداء وهؤلاء بمنزلة من قتله اللصوص
(في الصلاة على اللص القتيل)
(قلت) ما يقول مالك في هؤلاء الذين كابروا إذا قتلوا أيصلى عليهم أم لا (قال) نعم
يصلى عليهم (قلت) أفيصلى عليهم الإمام قال لا (قلت) وهو قول مالك (قال)
لا ولكن هذا رأيي لأنه إذا كان حقا على الامام إذا أتى بهم إليه قتلهم أو جهادهم
وحتى ينبغي له أن يبعث من يقتلهم حسين خربوا الطريق وقطعوا السبيل وقتلوا فمن
قتلهم من الناس فلا أرى للوالي أن يصلى عليهم لأنهم قتلوهم على حد من الحدود فريضة
الله تبارك وتعالى في كتابه ويصلي عليهم أولياؤهم (قال سحنون) وقد كتبت آثار
هذا في رسم المرجوم
(في غسل الميت)
(قال) وقال مالك بن أنس ليس في غسل الميت حد يغسلون وينقون (قال) وقال
مالك يجعل على عورة الميت خرقة إذا أرادوا غسله ويفضى الذي يغسله بيده إلى
184

فرجه ان احتاج إلى ذلك ويجعل على يده خرقة إذا أفضى بها إلى فرجه وان احتاج إلى
ترك الخرقة ومباشرة الفرج بيده فعل كل ذلك واسع له (قلت) هل يوضأ الميت
وضوء الصلاة في قول مالك إذا أرادوا غسله (قال) لم يحد لنا مالك فيه حدا وان وضئ
فحسن وان غسل فحسن (قلت) هل تحفظ عن مالك أنه يغسل رأس الميت بالكافور
(قال) لا الا ما جاء في الحديث (قال ابن القاسم) وقال مالك يعصر بطن الميت
عصرا خفيفا (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد قال إذا غسل
الميت فطهر فذلك غسل وطهر (قال) والناس يغسلون الميت ثلاث مرات وكل ذلك
يجزئ عنه الغسلة الواحدة وما فوق ذلك فما تيسر من غسل فهو يكفي ويجزئ (قال
مالك) وأحب إلى أن يغسل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا أو خمسا بماء
وسدر ويجعل في الآخرة كافور ان تيسر ذلك من رواية ابن وهب
(غسل الرجل امرأته والمرأة زوجها)
(قال) وسألته عن الرجل يغسل امرأته في الحضر وعنده نساء يغسلنها فقال نعم
(قلت) والمرأة تغسل زوجها وعندها رجال قال نعم (قلت) أيستر كل واحد منهما
عورة صاحبه قال نعم (قلت) ويفعل كل واحد منهما بصاحبه ما يفعل بالموتى لان الموتى
يستر عليهم فروجهم (قال) نعم يفعل كل واحد من الزوجين بصاحبه كما يفعل بالموتى
يستر كل واحد من الزوجين عورة صاحبه (قال ابن القاسم) ولو مات عن امرأته
وهي حامل فوضعت قبل أن يغسل لم يكن بأس أن تغسله وان كانت عدتها قد انقضت
وليس يعتبر في هذا بالعدة ولا يلتفت إليها ولو كان ذلك أنما هو للعدة ما غسل الزوج
امرأته لأنه ليس في عدة منها (قال ابن القاسم) وأم الولد عندي بمنزلة الحرة تغسل
سيدها ويغسلها سيدها (قلت) أرأيت الرجل إذا طلق امرأته تطليقة يملك فيها
الرجعة فمات هل تغسله قال لا (قال) ولقد سألته عن المرأة يطلقها زوجها واحدة
أو اثنتين وهو يملك رجعتها فتستأذن زوجها أن تبيت في أهلها ولم يرتجعها (قال) ليس
اذنه باذن وماله ومالها لا قضاء له عليها حتى يراجعها فهذا مما يدل على الذي مات عنها وهي
185

مطلقة أنها لا تغسله. وقد غسلت أسماء بنت عميس أبا بكر الصديق (وذكر ابن
وهب) عن عبد الله بن يزيد عن رجل عن عبد الكريم عن أم عطية أنها غسلت
أبا عطية حين توفى (وذكر) ابن نافع أن عليا غسل فاطمة رضى الله تعالى عنهما
(في الرجل يموت في السفر وليس معه إلا نساء والمرأة كذلك)
(قال) وقال مالك إذا مات الرجل في سفر وليس معه الا نساء أمه أو أخته أو عمته
أو خالته أو ذات رحم محرم منه فإنهن يغسلنه قال ويسترنه (قال) وكذلك المرأة تموت
مع الرجال في السفر ومعها ذو محرم منها يغسلها من فوق الثوب وهذا إذا لم يكن
نساء وفى المسألة الأولى إذا لم يكن رجال (قال) وقال مالك سمعت من يقول من
أهل العلم إذا مات الرجل مع النساء وليس معهن رجل ولا منهن ذات محرم منه تغسله
يممنه بالصعيد فيمسحن بوجهه ويديه إلى المرفقين يضربن بأكفهن الأرض ثم
يمسحن بأكفهن على وجه الميت ثم يضربن بأكفهن الأرض ثم يمسحن بأكفهن
ذراعي الميت إلى المرفقين وكذلك المرأة مع الرجال إلا أن الرجال لا ييممون المرأة الا
إلى الكفين فقط ولا يبلغ بها إلى المرفقين
(في غسل المرأة الصبي)
(قال) وقال مالك لا بأس أن يغسل النساء الصبي ابن سبع سنين وما أشبهه
(غسل الميت المجروح)
(قال) وسئل مالك عن الذي تصيبه القروح فيموت وقد غمرت القروح جسده وهم
يخافون ان غسلوه أن يتزلع (1) (قال) يصب الماء عليه صبا على قدر طاقتهم (قلت)
أليس قول مالك لا ييمم بالصعيد ميت الا رجلا مع نساء أو امرأة مع رجال فأما
مجروح أو مجدور أو جرب أو غير ذلك ممن بهم الأدواء فلا ييممون ويغسلون على
قدر ما لا ينزلعون فيه ولا يتفسخون (قال) نعم

(1) (قوله يتزلع) أي يتفطر ويتشقق اه‍ مصححه
186

(في غسل المسلم الكافر)
(قال) وقال مالك لا يغسل المسلم والده إذا مات الوالد كافرا ولا يتبعه ولا يدخله
قبره إلا أن يخشى أن يضيع فيواريه (قال ابن القاسم) وبلغني عن مالك أنه قال في
كافر مات بين مسلمين ليس عندهم كافر يدفنه (قال) يلفونه في شئ ويوارونه
(قال الليث) قال ربيعة عليهم أن يواروه ولا يستقبل به القبلة ولا قبلتهم وقال يحيى
ابن سعيد يوارونه
(في الحنوط)
(قال ابن القاسم) وسألت مالكا عن المسك والعنبر في الحنوط للميت فقال لا بأس
بذلك (قال ابن القاسم) يجعل الحنوط على جسد الميت وفيما بين أكفان الميت
ولا يجعل من فوقه (قال) وقال مالك في المحرم لا بأس أن يحنط إذا كان الذي
يحنطه غير محرم (قال ابن وهب) حدثني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن
السنة إذا حنط الميت أن يذر حنوطه على مواضع السجود منه السبعة (قال ابن
وهب) وقال عطاء بن أبي رباح أحب الحنوط إلي الكافور ويجعل منه في مراقه
وإبطيه ومراجع رجليه ومأبضيه (1) ورفغيه وما هنا لك وفى أنفه وفمه وعينيه وأذنيه
وان ابن عمر حنط سعيد بن يزيد فقالوا نأتيك بمسك فقال نعم وأي شئ أطيب من
المسك (قال ابن وهب) وعن عطاء وسعيد بن المسيب مثله
(تجمير أكفان الميت)
(قلت) هل تجمر أكفان الميت في قول مالك وتجعل وترا (قال) قد قال ذلك مالك
أحب إلي أن لا يكفن الميت في أقل من ثلاثة أثواب إلا أن لا يوجد ثلاثة أثواب قال
والرجل أحب إلي أن يعمم (قال) قلت له كيف يعمم أكما يعمم الحي (قال) لا أدرى

(1) (ومأبضيه) تثنية مأبض كمجلس هو باطن الركبة (ورفعيه) تثنية رفع كفلس هو أصل
الفخذ وكل مجتمع وسخ من الجسد اه‍ كتبه مصححه
187

إلا أنه من شأن الميت عندنا أن يعمم (قال مالك) وتجمر ثياب الميت (قال مالك)
وأكره في الأكفان أكفان الرجال والنساء الخز والمعصفر وقد سمعت عنه أنه
يكره الحرير محضا في الا كفان (قال ابن القاسم) وكره الخز لان سداه الحرير
(قال مالك) ولا بأس بأن يكفن في العصب (قال ابن القاسم) والعصب هو الحبر
وما أشبهه (قال ابن القاسم) وكان مالك يستحب في الأكفان وترا وترا إلا أن
لا يوجد ذلك لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب وان أبا بكر
كفن في ثلاثة أثواب أحدها ملبوس غسيل
(في ولاة الميت إذا اجتمعوا للصلاة على الميت)
(قلت) لابن القاسم أيهم أولى بالصلاة الجد أم الأخ قال الأخ (قال ابن القاسم)
قال مالك إنما ينظر في هذا إلى من هو أقعد بالميت فهو أولى بالصلاة عليه (وقال
مالك) العصبة أولى بالصلاة على المرأة من زوجها وزوجها أولى بادخالها في قبرها من
عصبتها (وقال مالك) الوالي والي المصر أو صاحب الشرط إذا كانت الصلاة
إليه أحق بالصلاة على الميت من وليها والقاضي إذا كان هو يلي الصلاة (قلت)
أرأيت صاحب الشرط إذا ولاه الوالي الشرط أهو مستخلف على الصلاة حين ولاه
الشرط (قال) نعم هو عندي كذلك وكذلك كل بلدة كان ذلك عندهم وان ابن عمر
ابن الخطاب وابن شهاب وربيعة وعطاء وبكير بن الأشج ويحيى بن سعيد كانوا
لا يرون لزوج المرأة إذا توفيت حقا أن يصلي عليها وثم أحد من أقاربها
(في خروج النساء وصلاتهم على الجنائز)
(قلت) هل يصلى النساء على الجنائز في قول مالك قال نعم (قلت) هل كان
مالك يوسع للنساء أن يخرجن مع الجنائز قال نعم (قال مالك) لا بأس أن تتبع المرأة
جنازة ولدها ووالدها ومثل زوجها وأختها إذا كان ذلك مما يعرف أنه يخرج مثلها
188

على مثله (قال) فقلت لمالك وان كانت شابة (1) (قال) نعم وان كانت شابة
(قال) فقلت له أفيكره أن يخرج على غير هؤلاء ممن لا ينكر لها الخروج عليهم
من قرابتها قال نعم (قلت) له فهل يصلى النساء على الرجل إذا مات معهن وليس
معهن رجل (قال) نعم ولا تؤمهن واحدة منهن وليصلين وحدانا واحدة واحدة
وليكن صفوفا
(في السلام على الجنازة)
(قال) وقال مالك في السلام على الجنائز يسمع نفسه وكذلك من خلف الامام
يسمع نفسه وهو دون سلام الامام تسليمة واحدة للامام وغيره (وقال مالك) في
السلام على الجنازة يسلم الامام واحدة قدر ما يسمع من يليه ويسلم من وراءه واحدة
في أنفسهم وان أسمعوا من يليهم لم أر بذلك بأسا (ابن وهب) عن يونس بن يزيد
عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهيل بن حنيف عن رجال من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه يسلم تسليما خفيفا حين ينصرف. والسنة أن يفعل من وراءه
مثل ما فعل امامه (وقال القاسم بن محمد) سلم إذا فرغت من الصلاة رويدا (وقال)
يحيى بن سعيد خفيا (سحنون) عن علي عن سفيان عن إبراهيم عن مجاهد عن ابن
عباس أنه كأن يقول يسلم تسليمة خفية (منصور) عن إبراهيم مثل ذلك عن يمينه
(في تجصيص القبور)
(قال) وقال مالك أكره تجصيص القبور والبناء عليها وهذه الحجارة التي يبنى عليها
(ابن لهيعة) عن بكر بن سوادة قال إن كانت القبور لتسوى بالأرض (ابن
وهب) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي زمعة البلوى صاحب النبي
صلى الله عليه وسلم أنه أمر أن يصنع ذلك بقبره إذا مات (قال سحنون) فهذه آثار
في تسويتها فكيف بمن يريد أن يبني عليها

(1) (قوله وان كانت شابة) مقعد بأن لا تكون مخشية الفتنة والا فتمنع كما في هامش الأصل
189

(في إمام الجنازة يحدث)
(قلت) أرأيت رجلا صلى على جنازة فلما كبر بعض التكبير أحدث (قال) يأخذ
بيد رجل فيقدمه فيكبر ما بقي على هذا الذي قدمه (قلت) أرأيت رجلا صلى على جنازة فلما كبر بعض التكبير أحدث (قال) يأخذ
بيد رجل فيقدمه فيكبر ما بقي على هذا الذي قدمه (قلت) أيجب عليه ان هو
توضأ وقد بقي بعض التكبير من الصلاة على هذه الجنازة أن يرجع فيصلى (قال)
ان شاء رجع فصلى ما أدرك وقضى ما فاته وان شاء ترك ذلك
(في الصلاة على الجنازة بعد الصبح وبعد العصر)
(قال) وقال مالك لا بأس بالصلاة على الجنازة بعد العصر ما لم تصفر الشمس (قال)
فإذا اصفرت الشمس فلا يصلى على الجنازة إلا أن يكونوا يخافون عليها فيصلى عليها
(قال) فقلت لمالك يا أبا عبد الله أرأيت أن غابت الشمس بأي ذلك يبدؤن أبا لمكتوبة
أم بالجنازة (قال) أي ذلك فعلوا فحسن (قال) وقال مالك لا بأس بالصلاة على
الجنازة بعد الصبح ما لم يسفروا فإذا أسفروا فلا يصلون عليها إلا أن يخافوا عليها فلا
بأس إذا خافوا عليها أن يصلوا بعد الاسفار (ابن القاسم) عن مالك عن نافع عن
ابن عمر أنه كان يصلى على الجنازة بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما (رجال)
من أهل العلم عن عبد الله بن عباس وعطاء بن أبي رباح وابن المسيب مثله (حرملة
ابن عمران) أن سليمان بن حميد حدثه أنه كان مع عمر بن عبد العزيز بخناصرة (1) قال
فشهدنا جنازة بعد العصر قال فنظر عمر بن عبد العزيز فرأى الشمس قد اصفرت
فجلس حتى إذا غربت الشمس أمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى المغرب ثم صلى على
الجنازة ثم ركب وانصرف (وقال مالك) ان صلوا عليها بعد صلاة المغرب فهو أصوب
وان صلوا عليها قبل المغرب لم أر بذلك بأسا (قال ابن وهب) وقال يحيى بن سعيد
مثل قول مال (قلت) أيبقر عن بطن الميتة إذا كان جنينها يضطرب في بطنها قال

(1) (بخناصرة) خناصرة بضم الخاء وتخفيف النون وكسر الصاد المهملة من بلاد قنسرين بالشام
اه‍ من هامش الأصل
190

لا (قال سحنون) سمعت أن الجنين إذا استيقن بحياته وكان معقولا معروف
الحياة فلا بأس أن يبقر بطنها ويستخرج الولد منها
(تم كتاب الجنائز من المدونة الكبرى والحمد لله حمدا كثيرا)
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد المبعوث بشيرا ونذيرا
* * * * *
(ويتلوه كتاب الصيام)
(كتاب الصيام والاعتكاف وليلة القدر من المدونة الكبرى رواية سحنون)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وصحبه أجمعين
(السحور والأكل بعد طلوع الفجر)
(قال سحنون) قلت لعبد الرحمن بن القاسم ما الفجر عند مالك (قال) سألنا مالكا
عن الشفق ما هو فقال الحمرة (قال مالك) وانه ليقع في قلبي وما هو الا شئ فكرت
فيه منذ قريب أن الفجر يكون قبله بياض ساطع فذلك لا يمنع الصائم من الأكل
فكما لا يمنع الصائم ذلك البياض من الأكل حتى يتبين الفجر المعترض في الأفق
فكذلك البياض الذي يبقى بعد الحمرة لا يمنع مصليا أن يصلى العشاء (قلت)
أرأيت لو أن رجلا تسحر وقد طلع له الفجر وهو لا يعلم بطلوع الفجر ثم نظر
فإذا الفجر طالع (قال) قال مالك إن كان صومه ذلك تطوعا مضى في صيامه ولا
شئ عليه وليس له أن يفطر فان أفطره فعليه القضاء (قال) فإن كان صومه هذا من
نذر كان أوجبه على نفسه مثل قوله لله على أن أصوم عشرة أيام فإن كان نواها
متتابعات ليست أياما بأعيانها فصام بعض هذه الأيام ثم تسحر في يوم منها في الفجر
وهو لا يعلم فإنه يمضى على صيامه ويقضى ذلك اليوم يصله بالعشرة الأيام (قال) فان
191

لم يصل هذا اليوم بالعشرة الأيام قضاها كلها متتابعات ولم يجزه ما صام منها (قال)
فان أفطر ذلك اليوم الذي تسحر فيه بعد طلوع الفجر متعمدا فعليه أن يستأنف الصوم
(قال) وان تسحر بعد طلوع الفجر في أول يوم منها وهو لا يعلم وهي هذه الأيام التي
ليست بأعيانها وقد نواها متتابعات فإنه إن شاء أفطره واستأنف صوم عشرة أيام
من ذي قبل لأنها ليست أياما بأعيانها ولا أحب له أن يفطره وأن أفطره فإنما عليه
عشرة أيام يدخل ذلك اليوم في هذه العشرة الأيام أجدها قضاء ذلك اليوم (قلت)
له فإن كانت أياما بأعيانها نذرها فقال لله على أن أصوم هذه العشرة الأيام بعينها أو
شهرا بعينه أو سنة بعينها فصام بعضها تسحر بعد طلوع الفجر وهو لا يعلم أو أكل
ناسيا (فقال) يمضى على صومه ويقضى يوما مكانه (قال ابن القاسم) ومن أكل
في رمضان وهو لا يعلم بالفجر (1) أو كان ناسيا لصومه وقد علم بالفجر فعليه قضاء
يوم مكانه (قال) وإن كان أكل في قضاء رمضان ناسيا فأحب أن يفطر يومه ذلك
أفطره وقضى يوما مكانه وأحب إلى أن يتمه ويقضى يوما مكانه (قال) ومن أكل
في صيام ظهار أو قتل نفس بعد ما طلع الفجر وهو لا يعلم أو ناسيا لصومه مضى
وقضى ذلك اليوم ووصله بصيامه فان ترك أن يصله بصيامه استأنف الصوم
(قلت) ما قول مالك فيمن شك في الفجر في رمضان فلم يدر أكل فيه أم لم يأكل
(فقال) قال مالك عليه القضاء يوما مكانه (1) (قلت) وكان مالك يكره للرجل أن

(1) (قوله ومن أكل في رمضان وهو لا يعلم بالفجر الخ) قال ابن وهب قال مالك فيمن تسحر
في رمضان فقال له رجل انك تسحرت في الفجر وقال آخر بل قبل الفجر قال أرى أن يقضي
يوما مكانه وقال أشهب من أكل أو شرب أو جامع وهو يشك في الفجر أو فعل ذلك وهو
لا يشك ثم شك أن يكون كان ذلك منه في الفجر انه يمضي علي صومه وإن كان ذلك في واجب
قضاه وإن كان في تطوع لم يكن عليه قضاؤه إلا أن لا يمضى علي صومه فيجب عليه القضاء قال ابن
عبد الحكم إن كان في قضاء رمضان أتم صيام ذلك اليوم وقضاؤه أحب الينا وان أفطر ذلك اليوم
فهو في سعة اه‍ من كتاب ابن المواز (2) (قوله عليه القضاء يوما الخ) قال ابن حبيب القضاء
استحبابا وقال غيره بل وهو واجب وقول ابن حبيب خلاف قول مالك فالمعلوم من قوله الوجوب
اه‍ من هامش الأصل
192

يأكل إذا شك في الفجر فقال نعم (قال سحنون) وإنما لم يكن عليه أن يقضى
في التطوع لان ابن وهب حدثني عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله بن
عمر عن القاسم بن محمد أنه قال إن كان في فريضة فليصم ذلك اليوم ويقضى يوما مكانه
وإن كان تطوعا فليصم ذلك اليوم ولا يقضيه وان ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال
فيمن أكل في رمضان ناسيا انه يتم صومه ويقضي يوما مكانه (قال ابن وهب)
وحدثني سفيان الثوري عن زياد بن علاقة عن بشر بن قيس قال كنا عند عمر بن
الخطاب فأتى بسويق فأصبنا منه وحسبنا أن الشمس قد غابت فقال المؤذن قد طلعت
الشمس فقال عمر بن الخطاب فاقضوا يوما مكانه (ابن وهب) وان مالكا حدث أن
زيد بن أسلم حدثه عن عمر بن الخطاب أنه أفطر يوما في رمضان في يوم ذي غيم ورأي
أنه قد أمسى وغربت الشمس فجاءه رجل فقال يا أمير المؤمنين قد طلعت الشمس
فقال عمر بن الخطاب الخطب يسير وقد اجتهدنا (قال مالك) يريد بالخطب القضاء
(قال سحنون) وإنما رأيت أن يقضي الواجب لما حدثتك به وان يحيى بن سعيد قال في
رمضان مثله وقال فيمن أكل أو وطئ امرأته ناسيا انه يتم صومه ويقضى يوما مكانه
(في الذي يرى هلال رمضان وحده (1)
(قلت) أرأيت من رأى هلال رمضان وحده هل يرد الامام شهادته فقال نعم
(قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أفيصوم هذا الذي رأى هلال
رمضان وحده إذا رد الامام شهادته قال نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم

(1) قال محمد بن الحكم إذا شهد شاهدان في الهلال واحتاج القاضي أن يكشف عنهما وذلك
يتأخر فليس على الناس صيام ذلك اليوم فان زكوا بعد ذلك أمر الناس بالقضاء وإن كان الفطر
فلا شئ عليهم ومن الواضحة قال ابن الماجشون إذا رأى هلال رمضان عامة بلد وعمهم عامه بالرؤية
رؤية ظاهرة من غير طلب للشهادة لزم غيرهم من أهل البلدان قضاؤه ممن لم يعلم وإن كان إنما
صاموه بطلب شهادة وتنقيل وتعديل فلا يلزم غيرهم من أهل البلدان بذلك قضاء الا بما ثبت عند
من عليهم من الحكام ولكن يلزم أهل البلد الذين ثبت ذلك عند قاضيهم بالتثبت ومن قرب منهم
من حاضرتهم وليقض من أفطر منهم ولم يعلمه الا بكتاب أمير المؤمنين والخليفة في المسلمين كأمير المصر
في قراها والعمل على كتاب من بالمصر يلزم اعراضها وهذا قول مالك وأصحابنا اه‍ من هامش الأصل
193

(قلت) فان أفطره أيكون عليه القضاء والكفارة في قول مالك (قال) نعم لعل
غيره قد رآه معه فتجوز (1) (قلت) أرأيت أن رآه وحده (2) أيجب عليه أن يعلم
الامام في قول مالك (قال) نعم لعل غيره قد رآه معه فتجوز شهادتهما (قلت) أرأيت
استهلال رمضان هل تجوز فيه شهادة رجل واحد في قول مالك (قال) قال مالك
لا تجوز فيه شهادة رجل واحد وإن كان عدلا (قلت) فشهادة رجلين (قال) هي
جائزة في قول مالك (قلت) أرأيت هلال شوال قال كذلك أيضا لا تجوز فيه أقل
من شهادة رجلين وتجوز شهادة الشاهدين إذا كانا عدلين قال وكذلك قال مالك
(قلت) أرأيت العبيد والإماء والمكاتبين وأمهات الأولاد هل تجوز شهادتهم في
هلال رمضان أو شوال قال ما وقفنا مالكا (3) على هذا وهذا مما لا يشك فيه أن العبيد
لا تجوز شهادتهم في الحقوق فهذا أبعد من أن تجوز فيه (قال) وقال مالك في الذين
قالوا إنه يصام بشهادة رجل واحد (فقال) مالك أرأيت إن غم عليهم هلال شوال
كيف يصنعون أيفطرون أحدا وثلاثين فان أفطروا خافوا أن يكون
ذلك اليوم من رمضان (قلت) أرأيت هلال ذي الحجة (قال) سمعت مالكا يقول
في المواسم انه يقام بشهادة رجلين إذا كانا عدلين (أشهب) عن ابن لهيعة عن يزيد
ابن أبي حبيب عن ابن شهاب أنه قال إذا شهد شاهدان في رؤية هلال رمضان صيم
بشهادتهما (ابن وهب) عن عمر بن الحارث عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب
أجاز شهادة رجلين على رؤية هلال رمضان وقال يحيى بن سعيد فيمن رأى هلال
رمضان وحده انه يصوم لأنه لا يفرق بذلك جماعة ولا يصام بشهادته (ابن مهدي)
عن سفيان عن منصور عن أبي وائل قال كتب الينا عمر بن الخطاب أن الأهلة بعضها
أكبر من بعض فإذا رأيتم الهلال نهارا فلا تفطروا حتى تمسوا إلا أن يشهد رجلان

(فتجوز) لعل هنا حذفا تقديره شهادته بدليل ما بعده اه‍ مصححه (2) (قوله إن رآه
وحده الخ) قال في المجموعة في كتاب ابن المواز قال أشهب وان علم الشاهد من نفسه أنه غير عدل فإن كان
مستورا يمكن أن يقبل فعليه أن يشهد وإن كان مكشوفا فأحب إلي أن يشهد وما ذلك عليه بالواجب اه‍
194

مسلمان انهما أهلاه بالأمس عشية (قال ابن وهب) وأخبرني يونس بن يزيد عن
ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر أن ناسا رأوا هلال الفطر نهارا فأتم عبد الله بن
عمر صيامه إلى الليل وقال لا حتى يرى من حيث يرى بالليل (قال ابن وهب)
وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب
وعبد الله بن مسعود ومروان بن الحكم وعطاء بن أبي رباح مثله قال ابن مسعود وإنما
مجراه في السماء ولعله أبين ساعتئذ وإنما الفطر من الغد من يوم يرى الهلال (قال ابن
وهب) وقال لي مالك بن أنس من رأى هلال شوال نهارا فلا يفطر ويتم يومه ذلك
فإنما هو هلال الليلة التي تأتي (وقال ابن القاسم) عن مالك مثله (قال سحنون)
وروى ابن نافع وأشهب عن مالك أنه سئل عن هلال رمضان إذا رؤى أول النهار
أيصومون ذلك اليوم فقال لا يصومون قيل له أهو عندك بمنزلة الهلال يرى بالعشي
قال نعم هو مثله (ابن مهدي) عن ابن المبارك عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أن
عثمان بن عفان أبى أن يجيز شهادة هشام بن عتبة وحده على هلال رمضان (ابن مهدي) عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب قال إذا شهد
رجلان مسلمان على رؤية الهلال فصوموا أو قال أفطروا
(في القبلة والمباشرة والحقنة والسعوط - والحجامة)
(قلت) أيقبل أو يباشر في قول مالك (قال) قال مالك لا أحب للصائم أن
يقبل ولا أن يباشر (قلت) أرأيت من قبل (1) في رمضان فأنزل أيكون عليه

(1) (قوله من قبل الخ) قال ابن سحنون أجمع العلماء على أن القبلة والمباشرة إذا لم يخرجا
شهوة الصائم ان صومه تام ولا قضاء عليه وقال أبو بكر الأبهري نحوه قال عبد الوهاب وإنما يرى
أصحابنا القضاء علي من أمذى من لمس أو قبلة استحبابا وليس بايجاب لجواز أن تكون القبلة
حركت المني عن موضعه فاما ان سلم من ذلك فلا شئ عليه قلت وقد يستحب الغسل على هذه
الطريقة أيضا وقد لجأ إليها أصبغ وقال فيمن لا عب امرأته فتوضأ وصلى ثم خرج منه الماء الدافق
انه يغتسل ويعيد تلك الصلاة قال لان المني قد تحرك من موضعه وصار إلي قناة الذكر أو ما والاها
فجعل لحركته حكما احتاط له وأمر بإعادة الصلاة من أجله اه‍ من هامش الأصل
195

الكفارة في قول مالك (قال) نعم والقضاء كذلك قال مالك (قلت) أرأيت أن كان
من المرأة مثل ما كان من الرجل أيكون عليها القضاء والكفارة في قول مالك (قال)
نعم ان طاوعته فالكفارة عليها وان أكرهها فالكفارة عليه وعلى المرأة القضاء على كل
حال (قلت) أرأيت أن قبل رجل امرأته قبلة واحدة فأنزل ما قول مالك في ذلك
(فقال) قال مالك عليه القضاء والكفارة (قلت) أكان مالك يكره القبلة للصائم
قال نعم (ابن أبي ذئب) ان شعبة مولى ابن عباس حدث أن ابن عباس كان ينهى
الصائم عن المباشرة (ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن ابن عمر وابن
شهاب وعطاء بن أبي رباح مثله (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد
أنه قال في رجل باشر امرأته في رمضان بعد الفجر أو في قضاء رمضان (قال) إن كان
باشرها متلذذا لذلك فإنه يقضيه وقاله ربيعة (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن خالد بن
يزيد عن عطاء بن أبي رباح أنه قال في رجل يقبل أهله في رمضان أو يلاعبها حتى
ينزل الماء الدافق ان عليه الكفارة (وروى) ابن وهب وأشهب عن مالك في رجل
قبل امرأته أو غمزها أو باشرها حتى أمذى في رمضان قال أرى أن يصوم يوما مكانه
وإن لم يمذ فلا أرى عليه شيئا (ابن وهب) عن مالك والليث أن نافعا حدثهما أن
ابن عمر كان ينهى عن القبلة والمباشرة للصائم في رمضان وغيره (أشهب) عن
ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن قيصر مولى تجيب أنه أخبره انه سمع عبد الله بن
عمر وبن العاص يقول كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه شاب فقال يا رسول
الله أأقبل وأنا صائم قال لا ثم جاءه شيخ فقال أأقبل وأنا صائم قال نعم فنظر بعضهم
إلى بعض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علمت لم ينظر بعضكم إلى بعض ان
الشيخ يملك نفسه (أشهب) وقال أبو هريرة وأبو أيوب الأنصاري وابن عباس
مثل قول النبي عليه الصلاة والسلام في الشاب والشيخ (قلت) أرأيت أن جامع
امرأته نهارا في رمضان فيما دون فرجها حتى أنزل أعليه القضاء والكفارة في قول
مالك قال نعم (قال) وسألت مالكا عن المباشرة يباشر الرجل امرأته في رمضان
196

فيجد اللذة (فقال) ان أنزل الماء الدافق فعليه القضاء والكفارة وان أمذى فعليه
القضاء ولا كفارة عليه وان أنعظ وحرك ذلك منه لذة ولم يمذ رأيت عليه القضاء
وإن كان لم يزل ذلك منه ميتا ولم يحرك ذلك منه لذة ولم ينعظ فلا أرى عليه شيئا
(في الحقنة وصب الدهن في الاذن والكحل للصائم)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا احتقن في رمضان (فقال) كرهه مالك ورأي أن عليه
القضاء (قال ابن القاسم) ولا كفارة عليه وقد بلغني ذلك عن مالك (قلت)
أرأيت من احتقن في رمضان أو في صيام واجب عليه أيكون عليه القضاء
والكفارة في قول مالك (قال) قال مالك عليه القضاء (قال ابن القاسم) ولا
كفارة عليه (قلت) وكان مالك يكره الحقنة للصائم قال نعم (قال) وسئل مالك
عن الفتائل تجعل للحقنة (قال) قال مالك أرى ذلك خفيفا ولا أرى عليه فيه شيئا (قال
مالك) وان احتقن بشئ يصل إلى جوفه فأرى عليه القضاء (قال ابن القاسم) ولا
كفارة عليه (وقال اشهب) مثل ما قال ابن القاسم في الحقنة والكحل وصب الدهن
في الاذن والاستسعاط وقال إن كان في صوم واجب فريضة أو نذر فإنه يتمادى في صيامه
وعليه القضاء ولا كفارة عليه إن كان في رمضان (قلت) فهل كان مالك يكره
السعوط للصائم قال نعم (قلت) فهل كان مالك يكره الكحل للصائم (1) فقال قال
مالك هو أعلم بنفسه منهم من يدخل ذلك حلقه ومنهم من لا يدخل ذلك حلقه فإن كان ممن يدخل حلقه فلا يفعل (قلت) فان فعل أترى عليه القضاء والكفارة
(فقال) قال مالك إذا دخل حلقه وعلم أنه قد وصل الكحل إلى حلقه فعليه القضاء
(قلت) أفيكون عليه الكفارة (قال) لا كفارة عليه عند مالك (قلت) أرأيت

(2) (قوله الكحل للصائم الخ) في كتاب ابن حبيب قال ابن الماجشون لا بأس بالكحل
بالأثمد للصائم وليس ذلك مما يفطر منه ولو كره لذكروه كما ذكروه في المحرم وأما الكحل الذي
يعمل بالعقاقير ويوجد طعمه ويخرق إلى الجوف فأكرهه والإثمد لا يوجد طعمه وكذلك اشتمامه
الدهن في أنفه وشاربه إنما يجد طعم ريحه إلا أن يكثر فيصير كالسعوط يصير إلى حلقه وذلك مكروه
وأكره أن يمس شفتيه الدهن وإنما يفطر بما يصل إلى حلقه من طعم ذوق الشئ لا من طعم ريحه اه‍
197

الصائم أيكتحل بالصبر والذرور والإثمد وغير هذا في قول مالك (فقال) قال مالك
هو أعلم بنفسه إن كان يصل إلي حلقه فلا يفعل (قلت) فهل كان مالك يكره أن
يصب في أذنيه الدهن في رمضان (قال) إن كان يصل ذلك إلى حلقه فلا يفعل قال ابن
القاسم وقال مالك فان وصل إلى حلقه فعليه القضاء (قلت) أرأيت من صب في
أذنيه الدهن من وجع (قال) قال مالك إن كان يصل إلى حلقه فعليه القضاء (قال ابن
القاسم) ولا كفارة عليه (قال ابن القاسم) وإن لم يصل إلى حلقه فلا شئ عليه
(ابن وهب) عن الحارث بن نبهان عن يزيد بن أبي خالد عن أبي أيوب عن أنس بن مالك
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكره الكحل للصائم وكره له السعوط أو شيئا
يصبه في أذنه (قال ابن وهب) قال مالك فيمن يحتقن أو يستدخل شيئا (قال) أما
الحقنة فاني أكرهها للصائم وأما السبار فانى أرجو أن لا يكون به بأس والسبار
الفتيلة (ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن ابن جريج قال عطاء بن أبي رباح في الذي
يستدخل الشئ (قال) لا يبدل يوما مكانه وليس عليه شئ (قلت) أرأيت من
أقطر في الحليلة دهنا وهو صائم أيكون عليه القضاء في قول مالك (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا وهو عندي أخف من الحقنة ولا أرى فيه شيئا (قلت) أرأيت من
كانت به جائفة فداواها بدواء مائع أو غير مائع ما قول مالك في ذلك (قال) لم أسمع من
مالك فيه شيئا قال ولا أرى عليه قضاء ولا كفارة لان ذلك لا يصل إلى مدخل
الطعام والشراب ولو وصل ذلك إلى مدخل الطعام والطعام لمات من ساعته (قال)
وقال مالك إنما كره الحجامة للصائم لموضع التعزير ولو احتجم رجل مسلم لم يكن عليه
شئ (ابن وهب) عن هشام بن سعد وسفيان الثوري عن زيد بن أسلم أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا يفطر منهن الصائم القئ والحجامة والحلم (ابن
وهب) وذكر ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم
(في ملامسة الصائم ونظره إلى أهله)
(قلت) أرأيت أن لامس رجل امرأته فأنزل أعليه القضاء والكفارة (فقال * نعم عليه
198

القصاء والكفارة عند مالك (قلت) وان هي لامسته عالجت ذكره بيدها حتى
أنزل أيكون عليه القضاء والكفارة في قول مالك (قال) نعم عليه القضاء والكفارة عند
مالك إذا أمكنها من ذلك حتى أنزل فعليه القضاء والكفارة (قال ابن القاسم)
وسألت ملكا عن الرجل ينظر إلى أهله في رمضان على غير تعمد فيمذي (قال)
أرى أن يقضى يوما مكانه (قال مالك) وقد كان رجال من أهل الفضل ممن مضى
وأدركناهم وانهم ليجتنبون دخول منازلهم نهارا في رمضان خوفا على أنفسهم واحتياطا
من أن يأتي من ذلك بعض ما يكرهون (قلت) أرأيت من نظر إلى امرأته في
رمضان فأنزل أعليه القضاء والكفارة في قول مالك (قال) ان نابع النظر (1) فأنزل
فعليه القضاء والكفارة (قلت) فإن لم يتابع النظر إلا أنه نظر فأنزل ما عليه في قول
مالك (قال) عليه القضاء ولا كفارة عليه
(في ذوق الطعام ومضغ العلك والشئ يدخل في حلق الصائم)
(قلت) أكان مالك يكره أن يذوق الصائم الشئ مثل العسل والملح وما أشبهه وهو
صائم ولا يدخله جوفه (فقال) نعم لا يذوق شيئا (قال) ولقد سألته عن الرجل يكون في
فيه الحفر (2) فيداويه في رمضان ويمج الدواء (فقال) لا يفعل ذلك ولقد كره مالك للذي
يعمل الأوتار أوتار العقب أن يمر ذلك في فيه يمضغه أو يلمسه بقيه (قال ابن القاسم)
وكره مالك للصائم مضغ العلك ومضغ الطعام للصبي (قلت) أرأيت الصائم يدخل حلقه
الذباب أو الشئ يكون بين أسنانه فلقة الحبة أو نحوها فيبتلعه مع ريقه (قال مالك) لا شئ
عليه (قال مالك) وكذلك لو كان في الصلاة لم يقطع عليه أيضا صلاته (ابن وهب)
عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه كره للصائم مضغ العلك وكره ذلك عطاء بن أبي رباح

(1) (قوله إن تابع النظر فأنزل فعليه الخ) قال أشهب وكذلك أقول في متابعة القبل متلذذا ان
أمني فأما في قبلة أو لمسة واحدة فلا يكفر وليقض وفى الواضحة قال ابن القاسم إذا نظر غير متعمد
فأمذى فلا يقضي ولا يكفر حتى يستديم اه‍ من هامش الأصل (2) (الحفر) هو فساد الأسنان اه‍
199

(في القئ للصائم)
(قلت) أرأيت القئ في رمضان ما قول مالك فيه (قال) قال مالك ان ذرعه القئ في
رمضان فلا شئ عليه وان استقاء فعليه القضاء (ابن وهب) قال وأخبرني حياة
ابن شريح عن بكر بن عمر والمعافري عمن يثق به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
إذا ذرعه القئ لم يفطر وإذا استقاء طائعا أفطر (ابن وهب) عن الحارث بن نبهان
عن عطاء بن عجلان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا ذرع الرجل القئ وهو صائم فإنه يتم صيامه ولا قضاء عليه وان استقاء
فقاء فإنه يعيد صومه (أشهب) وقاله ابن عمر وعروة بن الزبير (وقال أشهب)
إن كان صومه تطوعا فاستقاء فإنه يفطر وعليه القضاء وان تمادى ولم يفطر فعليه القضاء
وإن كان صيامه واجبا فعليه أن يتم صيامه وعليه القضاء وان ذرعه القئ فلا شئ عليه
(قلت) أرأيت من تقيأ في صيام الظهار أيستأنف أم يقضى يوما يصله بالشهرين
(قال) يقضى يوما يصله بالشهرين
(في المضمضة والسواك للصائم)
(قلت) أرأيت من تمضمض فسبقه الماء فدخل حلقه أعليه القضاء في قول مالك (قال)
إن كان في رمضان أو في صيام واجب عليه فعليه القضاء ولا كفارة وإن كان في
تطوع فلا قضاء عليه (قلت) أرأيت أن كانت هذه المضمضة لوضوء صلاة أو لغير
وضوء صلاة فسبقه الماء فدخل حلقه أهو سواء في قول مالك قال نعم (قلت) فهل
كان مالك يكره أن يتمضمض الصائم من عطش يجده أو من حر يجده (قال) قال
مالك لا بأس بذلك وذلك يعينه على ما هو فيه قال ويغتسل أيضا (قلت) فان دخل
حلقه من هذه المضمضة التي من الحر أو من العطش شئ فعليه عند مالك إن كان صياما
واجبا مثل رمضان أو غيره القضاء ولا كفارة عليه وإن كان تطوعا فلا كفارة
عليه ولا قضاء قال نعم (قلت) ما قول مالك في السواك أول النهار أو آخره (قال)
200

قال مالك لا بأس به في أول النهار وفى آخره (1) (قلت) أرأيت الرجل يستاك
بالسواك الرطب أو غير الرطب يبله بالماء (قال) قال مالك أكره الرطب فأما غير
الرطب فلا بأس به وان بله بالماء (قال) وقال مالك ولا أرى بأسا بأن يستاك الصائم
في أي ساعة شاء من ساعات النهار إلا أنه لا يستاك بالعود الأخضر (ابن وهب)
عن سفيان الثوري أن عاصم بن عبيد الله بن عمر حدثه عن عبد الله بن عامر بن ربيعة
عن أبيه أنه قال ما أحصى ولا أعد ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسوك وهو صائم
(الصيام في السفر)
(قال ابن القاسم) قال مالك الصيام في رمضان في السفر أحب إلى لمن قوي عليه (قال)
فقلت لمالك فلو أن رجلا أصبح في السفر صائما في رمضان ثم أفطر متعمدا من غير علة
ماذا عليه (قال) القضاء مع الكفارة مثل من أفطر في الحضر (قال) وسألت مالكا
عن هذا غير مرة ولا عام فكل ذلك يقول لي عليه الكفارة وذلك أنى رأيته أو قاله
لي إنما كانت له السعة في أن يفطر (2) أو يصوم فإذا صام فليس له أن يخرج منه لا بعذر
من الله فان أفطر متعمدا كانت عليه الكفارة مع القضاء (قال) فقلت لمالك فلو أن
رجلا أصبح في رمضان صائما ثم سافر فأفطر (قال) ليس عليه الا قضاء يوم
ولا أحب أن يفطر فان أفطر فليس عليه الا قضاء يوم (قلت) ما الفرق بين هذا الذي
صام في السفر ثم أفطر وبين هذا الذي صام في الحضر ثم سافر من يومه ذلك فأفطره
عند مالك (قال) قال لنا مالك أو فسر لنا عنه لان الحاضر كان من أهل الصوم فخرج

(1) (قوله وفي آخره) منع الشافعي السواك آخر النهار لأنه رأى أن الخلوف من الفم ورآه
مالك من المعدة فلم يمنع السواك آخر النهار وأصل اختلافهما حديث أبي هريرة في الموطأ لخلوف
فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك اه‍ من هامش الأصل
(2) (قوله إنما كانت له السعة في أن يفطر) قال في كتاب التبصرة للخمي إنما يفطر في سفر
تقصر في مثله الصلاة في ثمانية وأربعين ميلا فما فوقها وما قاربها قال وان قدم بلدا فنوى أن يقيم
به اليوم واليومين فليفطر حتى ينوي به إقامة أربعة أيام فيلزمه الصيام كما يلزمه الاتمام اه‍
201

مسافرا فصار من أهل الفطر فمن هاهنا سقطت عنه الكفارة ولان المسافر كان مخيرا
في أن يفطر وفى أن يصوم فلما اختار الصيام وترك الرخصة صار من أهل الصيام فان
أفطر فعليه ما على أهل الصيام من الكفارة. وقد قال المخزومي وان كنانة وأشهب في
الذي يصوم في السفر في رمضان ثم يفطر ان عليه القضاء ولا كفارة عليه إلا أن أشهب
قال إن تأول ان له الفطر لان الله قد وضع عنه الصيام (قال أشهب) وان أصبح صائما
في السفر ثم دخل على أهله نهارا فأفطر فعليه القضاء والكفارة ولا يعذر أحد في هذا
(وقال) المخزومي وابن كنانة فيمن أصبح في الحضر صائما ثم خرج إلى السفر فأفطر
يومه ذلك أن عليه القضاء والكفارة لأن الصوم وجب عليه في الحضر. وقد روى
أشهب حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين أفطر وهو بالكديد حين قيل له ان
الناس قد أصابهم العطش (قال ابن القاسم) فقلت لمالك فلو أن رجلا أصبح صائما
متطوعا ثم سافر فأفطر أعليه قضاء ذلك اليوم قال نعم (قال) فقلت له فان غلبه مرض أو
حر أو عطش أو أمر اضطره إلى الفطر من غير أن يقطعه متعمدا (قال) ليس عليه إذا
كان هكذا قضاء (وقال) من صام في السفر في رمضان فأصابه أمر يقطعه عن صومه
فليس عليه الا القضاء ومن أصبح صائما في السفر متطوعا فأصابه مرض ألجأه إلى الفطر
فلا قضاء عليه وان أفطره متعمدا فعليه القضاء (قلت) أرأيت من أصبح مسافرا
ينوى الفطر في رمضان ثم دخل بيته قبل طلوع الشمس فنوى الصيام قال لا يجزئه
(قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك إذا علم أنه يدخل بيته من سفره
في أول النهار فليصبح صائما وإن لم يصبح صائما وأصبح ينوى الافطار ثم دخل بيته وهو
مفطر فلا يجزئه الصوم وان نواه وعليه قضاء هذا اليوم (قلت) هل كان مالك يكره
لهذا أن يأكل في بقية يومه هذا (قال)
وقال مالك من دخل من سفره وهو مفطر في رمضان فلا بأس عليه أن يأكل في بقية
يومه (قلت) لابن القاسم أرأيت من أصبح في بيته وهو يريد السفر في يومه ذلك
202

فأصبح صائما ثم خرج مسافرا فأكل (1) وشرب في السفر (قال) قال مالك إذا أصبح
في بيته فلا يفطر يومه ذلك وإن كان يريد السفر لان من أصبح في بيته قبل أن
يسافر وإن كان يريد السفر من يومه فليس ينبغي له أن يفطر (قال مالك) بلغني
أن عمر بن الخطاب كان إذا علم أنه داخل المدينة من أول يومه وكان في سفر صام
فدخل وهو صائم (ابن وهب) عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه أقبل
في رمضان حتى إذا كان بالروحاء فقال لأصحابه ما أرانا الا مصبحي المدينة بالغداة وأنا
صائم غدا فمن شاء منكم أن يصوم صام ومن شاء أفطر (قلت) فان أفطر بعد ما خرج
(قال) قال مالك عليه القضاء ولا كفارة عليه (ابن وهب) وأخبرني الحارث بن نبهان
عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك قال وان كانوا ليرون أن من صام أفضل قال
أنس ثم غزونا حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم من كان له ظهرا أو فضل فليصم (ابن وهب) عن عمرو بن الحارث عن أبي الأسود
عن عروة بن الزبير عن أبي مراوح عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال يا رسول الله
انى أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل على جناح فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه (ابن
وهب) قال أخبرني رجال من أهل العلم عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله
وعبد الله بن عباس وعائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام في السفر وأفطر
(في صيام آخر يوم من شعبان)
(قلت) أرأيت رجلا أصبح في أول يوم من رمضان ينوى الفطر ولا يعلم أن يومه ذلك
من رمضان ثم علم مكانه قبل أن يأكل ويشرب (قال) قال مالك يكف عن الأكل
والشرب ويقضى يوما مكانه (قلت) فان أفطره بعد ما علم (قال) قال مالك لا أرى عليه

(3) " قوله ثم خرج مسافرا فأكل الخ " فان ابن القاسم في المجموعة فيمن أراد سفرا فأفطر
قبل أن يخرج فحبسه مطر فعليه الكفارة مع القضاء وهذا تأويل لا يعذر به وقال أشهب ليس
عليه كفارة خرج في سفره أو قعد لان الكفارة إنما هي على المستخف اه‍ من هامش الأصل
203

الكفارة وعليه القضاء لذلك اليوم إلا أن يكون أكل فيه وهو يعلم ما على من أفطر
في رمضان متعمدا جرأة على ذلك فأرى عليه القضاء مع الكفارة (قلت)
وأول النهار في هذا الرجل وآخره سواء عند مالك إن كان لم يعلم أن يومه من
رمضان الا بعد ما ولى النهار فقال ذلك عند مالك سواء (قلت) فلو أن رجلا أصبح
صائما في أول يوم من رمضان وهو لا يعلم أنه من رمضان (فقال) قال مالك لا يجزئه
من صيام رمضان وعليه قضاؤه (وقال مالك) لا ينبغي أن يصام اليوم الذي من آخر
شعبان الذي يشك أنه من رمضان (قلت) فلو أن قوما أصبحوا في أول يوم من
رمضان فأفطروا ثم جاءهم الخبر أن يومهم من رمضان أيدعون الأكل والشرب
وفى قول مالك (قال) نعم ويقضون يوما مكانه ولا كفارة عليهم (قلت) فلو أكلوا
وشربوا بعد ما جاءهم الخبر أن يومهم من رمضان أيكون عليهم الكفارة قال لا كفارة
عليهم (قلت) وهذا قول مالك (قال) نعم إلا أن يكونوا أكلوا جرأة على ما فسرت
لك (أشهب) عن الدراوردي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين
إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غم
عليكم فعدوا ثلاثين ثم أفطروا (مالك) عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى
تروه فان غم عليكم فاقدروا له (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن
عطاء عن ربيعة قال في الرجل يصوم قبل أن يرى الهلال من رمضان بيوم ويقول إن كان الناس قد رأوه كنت قد صمته قال ربيعة لا يعتد بذلك اليوم وليقضه لأنه
صام على الشك (وقال ربيعة) في رجل جاءه الخبر بعد ما انتصف النهار أن هلال
رمضان قد رؤى وصام الناس ولم يكن هو أصاب طعاما ولا شرابا ولا امرأته (قال)
يصوم ذلك اليوم ويقضيه
204

(في الذي يصوم متطوعا ويفطر من غير علة)
(قلت) أرأيت من أصبح صائما متطوعا (1) فأفطر أعليه القضاء في قول مالك قال نعم
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أصبح يوم الأضحى أو يوم الفطر صائما فقيل له ان هذا
اليوم لا يصلح فيه الصوم فأفطر أيكون عليه قضاؤه في قول مالك أم لا (قال)
لا يكون عليه قضاؤه عند مالك
(في رجل أصبح صائما ينوى به قضاء يوم من رمضان)
(ثم ذكر في النهار أنه قد كان قضاه)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أصبح صائما ينوى به قضاه رمضان ثم ذكر في النهار
أنه قد كان قضى ذلك اليوم قبل ذلك وذكر أنه لا شئ عليه من رمضان أيجوز له
أن يفطر (فقال) لا يجوز له أن يفطر وليتم صومه (قال أشهب) لا أحب له أن يفطر
وان أفطر فلا شئ عليه ولا قضاء عليه وإنما هو بمنزلة رجل شك في الظهر فأخذ يصلى
ثم ذكر أنه قد كان صلى فإنه ينصرف على شفع أحب إلي وان قطع فلا شئ عليه
(قلت) أكان مالك يكره أن يعمل الرجل في صيامه في النافلة ما يكره له في الفريضة
قال نعم (ابن وهب) عن مالك وعبد الله بن عمر ويونس بن يزيد عن ابن شهاب
قال بلغني أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين متطوعتين وأهدى لهما طعام فأفطرتا
عليه فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فقالت حفصة وبدرتني
بالكلام وكانت بنت أبيها انى أصبحت أنا وعائشة صائمتين متطوعتين فأهدى لنا
طعام فأفطرنا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقضيا مكانه يوما آخر (ابن
وهب) وقال عبد الله بن عمر في الذي يصبح صائما متطوعا ثم يفطر لطعام أو غيره
من غير ضرورة فذلك الذي الذي يلعب بصومه

(1) (قوله أرأيت من أصبح صائما متطوعا الخ) لابن القاسم في كتاب أبي الوليد بن العواد قال
من صام يوما متطوعا ثم أفطر من غير علة كان عليه القضاء يوما ثم إن أفطر أيضا في القضاء من
غير عذر كان عليه قضاء يومين اه‍ من هامش الأصل
205

(فيمن التبست عليه المشهور فصام رمضان قبل دخوله أو بعده)
(قلت) (1) أرأيت الأسير في أرض العدو إذا التبست عليه الشهور فصام شهرا
ينوى به رمضان فصام قبله (قال) بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال إن صام قبله لم
يجزه وان صام بعده أجزأه (قلت) أرأيت لو أن رجلا التبست عليه الشهور مثل
الأسير والتاجر في أرض الحرب وغيرهما فصام شهرا تطوعا لا ينوى به رمضان فكان
الشهر الذي صامه رمضان (فقال) لا يجزئه وعليه أن يستقبل قضاء رمضان لان مالكا
قال لو أن رجلا أصبح في أول يوم من رمضان وهو لا يعلم أنه من رمضان فصامه
متطوعا ثم جاءه الخبر أنه من رمضان قال لا يجزئه وعليه ان يعيده وقد ذكر لنا عن
ربيعة ما يشبه هذا وهذا من ذلك الباب (وقال أشهب) مثل قول ابن القاسم سواء
(قال أشهب) لأنه لم ينو به رمضان وإنما نوى به التطوع
(في الجنب والحائض في رمضان)
(قال ابن القاسم) قال مالك لا بأس أن يتعمد الرجل أن يصبح جنبا في رمضان (2)
(قلت) أرأيت أن طهرت امرأة من حيضتها في رمضان في أول النهار أو في آخره
أتدع الأكل والشرب في قول مالك بقية نهارها (قال) لا ولتأكل ولتشرب وان
قدم زوجها من سفر وهو مفطر فليطأها وهذا قول مالك (قلت) فإن كانت
صائمة فحاضت في رمضان أتدع الأكل والشرب في قول مالك بقية يومها (فقال)

(1) " قوله أرأيت الأسير الخ " قال ابن القاسم في الأسير تلتبس عليه الشهور فيصوم رمضان
على التحري ثم يفلت من إساره انه يعيد صوم ما صام من السنين على التحري إذا لم يدر أصام قبل
رمضان أو بعده وقال عبد الملك إن لم يعلم أنه أخطأ في فعله ولا انكشف له ذلك فصومه ماض
لأنه أقصى ما يقدر عليه اه‍
(2) " قوله أن يتعمد الرجل ان يصبح جنبا الخ " قال سحنون ولو صام رمضان كله جنبا
لأجزأه صومه وقد أساء ويريد بالاصباح طلوع الفجر وقال أشهب لم يختلف العلماء في صيام الجنب
أنه يجزئه وهو كمن صام على غير وضوء اه‍ من هامش الأصل
206

لا (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) وسألت مالكا عن المرأة ترى الطهر في
آخر ليلتها من رمضان (فقال) ان رأته قبل الفجر اغتسلت بعد الفجر وصيامها مجزئ
عنها وان رأته بعد الفجر فليست بصائمة ولتأكل ذلك اليوم وان استيقظت بعد
الفجر فشكت أن يكون كان الطهر ليلا قبل الفجر فلتمض على صيام ذلك اليوم وتقضى
يوما مكانه (قلت) لم جعل مالك عليها القضاء ها هنا (قال) لأنه يخاف أن لا تكون
طهرت الا بعد الفجر فإن كان طهرها بعد الفجر فلا بد من القضاء لأنها أصبحت
حائضا (ابن وهب) عن أفلح بن حميد أن القاسم بن محمد حدثه عن عائشة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم واقع أهله ثم نام فلم يغتسل حتى
أصبح فاغتسل وصلى ثم صام يومه ذلك
(في المغمى عليه في رمضان والنائم نهاره كله)
(قلت) أرأيت رجلا أغمي عليه (1) نهارا في رمضان ثم أفاق بعد ذلك بأيام أيقضى
صوم ذلك اليوم الذي أغمي عليه فيه أم لا (فقال) قال مالك إن كان أغمي عليه من
أول النهار إلى الليل رأيت أن يقضى يوما مكانه وان أغمي عليه وقد عليه أكثر
النهار أجزأه ذلك (قال) فقلت له فلو أنه أغمي عليه بعد أن أصبح وثبت الصيام
إلى انتصاف النهار ثم أفاق بعد ذلك أيجزئه صيامه ذلك اليوم قال نعم يجزئه (قلت)
أرأيت المغمى عليه أياما هل يجزئه صوم اليوم الذي أفاق فيه أن نوى أن يصومه حين
أفاق في قول مالك (فقال) لا يجزئه وعليه قضاؤه لان من لم يبيت الصيام فلا صيام له
(قلت) أرأيت أن أغمي عليه ليلا في رمضان وقد نوى صيام ذلك اليوم فلم يفق الا عند
المساء من يومه ذلك أيجزئه صيامه في قول مالك فقال لا (قلت) وان أفاق بعد

(1) " قوله أرأيت رجلا أغمي عليه الخ " اختلف في المغمى عليه يفيق بعد الفجر فقال ابن
حبيب يمسك بقية يومه ذلك والذي يقتضيه المذهب أنه لا يمسك لأنه صوم مختلف فيه هل يجزئه أم لا
وعلي هذا يتجه في الجواب فيمن جن ثم أفاق بعد الفجر والقول الأول أقيس والثاني أحوط وان
طلع الفجر علي من به سكر أذهب عقله لم يجزئه صومه ذلك ولم يجز له ان يفطر بقيته اه‍
من هامش الأصل
207

ما أصبح أيجزئه صوم يومه ذلك في قول مالك (قال) لا أرى أن يجزئه (قال ابن
القاسم) وقد بلغني ذلك عمن مضى من أهل العلم أنه قال من أغمي عليه في رمضان قبل
الفجر فلم يفق الا بعد الفجر لم يجزه صيامه (قال ابن القاسم) والمغمى عليه لا يكون
بمنزلة النائم ولو أن رجلا نام قبل الفجر وكان قد سهر ليلته كلها ونام نهاره كله وضرب
على أذنه النوم حتى الليل لأجزأ عنه صيامه ولو أغمي عليه من مرض حتى يفارقه
عقله قبل الفجر حتى يمسى لم يجز عنه وهذا أحسن ما سمعت (قلت) فان أصبح في
رمضان ينوى الصيام ثم أغمي عليه قبل طلوع الشمس فلم يفق الا عند غروب الشمس
أيجزئه صومه ذلك اليوم أم لا في قول مالك (قال) قال مالك لا يجزئه لأنه أغمي عليه
أكثر النهار (وقال أشهب) مثل ما قال ابن القاسم عن مالك (قال سحنون) وقولنا
ان من أغمي عليه أكثر النهار ان عليه القضاء احتياطا واستحسانا ولو أنه اجتزى به
ما عنف ولرجوت ذلك له إن شاء الله (قلت) ما قول مالك فيمن بلغ وهو مجنون مطبق
فمكث سنين ثم أفاق (فقال) قال مالك يقضى صيام تلك السنين ولا يقضى تلك الصلاة
(فيمن أكل ناسيا في رمضان)
(قلت) أرأيت من أكل أو شرب أو جامع ناسيا في رمضان أعليه القضاء في قول
مالك قال نعم ولا كفارة عليه (قلت) أرأيت من أكل أو شرب أو جامع امرأته
في رمضان ناسيا فظن أن ذلك يفسد عليه صومه فأفطر متعمدا لهذا الظن بعد
ما أكل ناسيا أيكون عليه الكفارة في قول مالك (قال ابن القاسم) لا كفارة عليه
وعليه القضاء وذلك أنى سمعت مالكا وسئل عن امرأة رأت الطهر ليلا في رمضان
قبل الفجر فلم تغتسل حتى أصبحت فظنت أن من لم يغتسل قبل طلوع الفجر فلا صوم له
فأكلت (قال) ليس عليها الا القضاء (قال) وسمعت مالكا وسأله رجل عن رجل كان
في سفر فدخل إلى أهله فظن أن من لم يدخل في نهاره قبل أن يمسى أنه لا يجزئه
صومه فان له أن يفطر فأفطر (فقال) مالك ليس عليه الا القضاء ولا كفارة عليه (قال)
وسئل مالك عن عبد بعثه سيده يرعى ابلاله أو غنما فخرج على مسيرة ميلين أو ثلاثة
208

يرعى فظن أن ذلك سفر وذلك في رمضان فأفطر (قال) ليس عليه الا القضاء
ولا كفارة عليه (قال ابن القاسم) وكل ما رأيت مالكا يسئل عنه من هذا الوجه
على التأويل فلم أره يجعل فيه الكفارة الا امرأة ظنت فقالت حيضتي اليوم وكان
ذلك من أيام حيضتها فأفطرت في أول نهارها وحاضت في آخره فقال عليها القضاء
والكفارة (قال مالك) ولو أن رجلا أكل في أول النهار ثم مرض في آخره
مرضا لا يستطيع الصوم معه لكان عليه القضاء والكفارة جميعا (قلت) أرأيت من
أصبح في رمضان صائما فأكل ناسيا أو شرب ناسيا (1) أو جامع ناسيا فظن أن ذلك
يفسد عليه صومه فأكل متعمدا (قال) قال مالك في الحائض إذا طهرت من
الليل ولم تغتسل الا بعد الفجر فظنت أن ذلك لا يجزئ عنها فأفطرت انه لا كفارة
عليها (قال) وسئل مالك عن رجل قدم في الليل من سفره فظن أنه من لم يقدم
نهارا قبل الليل أن الصيام لا يجزئه فأفطر ذلك اليوم (قال) سمعت مالكا يقول
ليس عليه الا قضاء ذلك اليوم (قال) والذي سألت عنه يشبه هذا
(في صيام الصبيان)
(قال) وسألت مالكا عن الصبيان متى يؤمر بالصيام (قال) إذا حاضت الجارية
واحتلم الغلام قال ولا يشبه الصيام في هذا الصلاة
(فيمن أكل أو شرب في صيامه مكرها)
(قلت) أرأيت من أصبح في رمضان صائما فأكره فصب في حلقه الماء أيكون
صائما أو يكون عليه القضاء والكفارة في قولك (قال) عليه القضاء ولا كفارة
عليه (قلت) فان فعل به هذا في التطوع (قال) لا قضاء عليه عند مالك (قلت)
فان صب في حلقه الماء في نذر واجب عليه ما ذا يجب عليه في قول مالك (قال) عليه القضاء

(1) قال المغيرة وعبد الملك فيمن أكل ناسيا ثم أكل بعد ذلك في يومه عمدا ان عليه الكفارة
لأنه في بقية يومه كمن لم يفطر قال ابن القاسم وإذا أصبح جنبا فظن أن له الفطر جائزا حين
أصبح فلا كفارة عليه لأنه متأول اه‍ من هامش الأصل
209

(قلت) فان صب في حلقه الماء في صيام من ظهار أو قتل نفس أو كفارة أيجزئه أم
يستأنف (قال) يقضى يوما مكانه ويصله (قلت) أرأيت أن صب في حلقه الماء في
صيام متتابع أعليه أن يعيد صومه أم يقضى يوما مكانه في قول مالك (قال ابن القاسم)
يقضى يوما مكانه ويصله بالشهرين (قلت) أرأيت أن أكره الصائم فصب في حلقه
الماء أو كان نائما أيكون عليه القضاء والكفارة (فقال) عليه القضاء ولا كفارة عليه
(قلت) أرأيت لو أن امرأة جومعت وهي نائمة في رمضان نهارا (فقال) عليها
القضاء عند مالك ولا كفارة عليها
(صيام الحامل والمرضع والشيخ الكبير)
(قلت) أرأيت الحامل (1) والمرضع إذا خافتا على ولديهما فأفطرتا (فقال) تطعم
المرضع وتفطر وتقضى ان خافت على ولدها (قال) وقال مالك إن كان صبيها يقبل
غير أمه من المراضع وكانت تقدر على أن تستأجر له أو له مال يستأجر منه له فلتصم
ولتستأجر له وان كأن لا يقبل غير أمه فلتفطر ولتقض ولتطعم عن كل يوم أفطرته
مدا مدا لكل مسكين (قال) وقال مالك في الحامل لا اطعام عليها ولكن ان
صحت وقويت قضت ما أفطرت (قلت) ما الفرق بين الحامل والمرضع (قال) لان
الحامل هي مريضة والمرضع ليست بمريضة (قلت) أرأيت أن كانت صحيحة
إلا أنها تخاف ان صامت أن تطرح ولدها (قال) إذا خافت أن تسقط أفطرت فهي
مريضة لأنها لو أسقطت كانت مريضة (ابن وهب) عن ابن لهيعة أن خالد بن أبي
عمر ان حدثه أنه سأل القاسم وسالما عمن أدركه الكبر فضعف عن صيام رمضان فقالا

(1) (قوله أرأيت الحامل) للحامل ثلاث حالات فحالة يجب معها الصوم حالة يجب معها
الفطر وحالة تكون بالخيار بين الصوم والفطر فإن كانت في أول حملها وعلى حالة لا يهدها الصوم
لزمها وان كانت تخاف على ولدها متى صامت أو حدوث علة لزمها الفطر وإن كان يجهدها الصوم
ويشق عليها ولا تخشى ان هي صامت شيئا من ذلك كانت بالخيار بين الصوم أو الفطر واختلف
ان هي أفطرت بشئ من هذه الوجوه التي يكون لها أن تفطر لأجلها في الاطعام على أربعة أقوال
وذكر الثلاثة التي في المدونة ابن حبيب وابن الماجشون اه‍ من هامش الأصل
210

لا صيام عليه ولا فدية (ابن وهب) وقد كان مالك يقول في الحامل تفطر وتطعم
ويذكر أن ابن عمر قاله (قال أشهب) وهو أحب إلى وما أرى ذلك واجبا عليها
لأنه مرض من الأمراض
(في صيام المرأة تطوعا بغير إذن)
(قال) وقال مالك في المرأة تصوم تطوعا من غير أن تستأذن زوجها (قال) ذلك
يختلف من الرجال من يحتاج أهله وتعلم المرأة أن ذلك شأنه فلا أحب لها أن تصوم
إلا أن تستأذنه ومنهن من تعلم أنه لا حاجة له فيها فلا بأس أن تصوم
(في قضاء صيام رمضان في عشر ذي الحجة وأيام التشريق)
(قلت) ما قول مالك أيقضى الرجل رمضان في العشر فقال نعم (قلت) وهذا
قول مالك قال نعم (قلت) ففي أيام التشريق (قال) أما في اليومين الأولين بعد يوم
النحر فلا فأما في اليوم الثالث من بعد يوم النحر فقال إذا نذره رجل فليصمه ولا يقضى
فيه رمضان ولا يبتدئ فيه صياما من ظهار أو قتل نفس أو ما أشبه هذا إلا أن يكون
قد صام قبل ذلك فمرض ثم صح وقوي على الصيام في هذا اليوم أو في أيام النحر فإنه
لا يصوم أيام النحر ويبتدئ هذا اليوم الآخر من أيام التشريق فيبنى على صيامه الذي
كان قد صامه قال وكذلك قتل النفس قال وأما قضاء رمضان فإنه لا يصومه (ابن
وهب) عن سفيان الثوري عن الأسود بن قيس عن أبيه عن عمر بن الخطاب أنه قال
ما أيام أحب إلى أن أقضي فيها شهر رمضان من هذه الأيام لعشر ذي الحجة (ابن
وهب) عن ابن لهيعة وحياة بن شريح عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما
عن رجل عليه صوم من رمضان أيقضيه في العشر فقالا نعم ويقضيه في يوم عاشوراء
(في الذي يوصى أن يقضى عنه صيام واجب)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أفطر في رمضان من عذر ثم صح أو رجع من سفره ففرط
211

فلم يصمه حتى مات وقد صح شهرا أو قدم فأقام في أهله شهرا فمات وأوصى أن يطعم
عنه (قال) قال مالك يكون ذلك في ثلثه يبدأ على أهل الوصايا (قال) والزكاة تبدأ
على هذا (قلت) فالعتق في الظهار وقتل النفس ان أوصى بهما مع هذا الطعام بأيهما
يبدأ في قول مالك (فقال) العتق في الظهار وقتل النفس يبديان على كفارات الايمان
كذلك قال مالك (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لله على أن أطعم ثلاثين مسكينا
وكان قد فرط في قضاء رمضان فأوصى بهما جميعا بأيهما يبدأ (فقال) يبدأ بالطعام لقضاء
رمضان الذي فرط فيه (قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك يبدأ بالذي هو
أوكد (قال ابن القاسم) وقضاء رمضان عندي أوكد (قال) ولقد سألنا مالكا عن
الرجل يكون عليه الصيام في رمضان وصيام الهدى بأيهما يبدأ في صيامه (فقال)
بالهدى إلا أن يرهقه رمضان آخر فيقضي رمضان ثم يقضى صيام الهدي بعد ذلك
(قال) وقال لي مالك الزكاة إذا أوصى بها تبدأ على كل شئ في كتاب الله من عتق
أو غيره الا المدبر في الصحة وحده فإنه يبدأ على الزكاة ولا تفسخ الزكاة التدبير
(قلت) أرأيت أن فرط رجل في قضاء رمضان ثم مات ولم يوص به (فقال) قال
مالك ذلك إلى أهله ان شاؤوا أطعموا عنه وان شاؤوا تركوا ولا يجبرون على ذلك ولا
يقضى به عليهم (قال) وكل ما وجب عليه من زكاة أو غيرها ثم لم يوص به لم تجبر الورثة
على أداء ذلك إلا أن يشاؤا (قلت) وكم يطعم لرمضان إذا أوصى بذلك (فقال)
قال مالك مد عن كل يوم لكل مسكين (قلت) أفيجزئ أن يطعم مسكينا
واحدا ثلاثين مدا (فقال) لا يجزئه إلا أن يطعم ثلاثين مسكينا مدا مدا (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فإن كان إنما صح أياما (فقال) قال مالك فبعدد الأيام
التي صح فيها يجب فيه الاطعام (قال) وقال مالك والمسافر والمريض في هذا سواء
(ما يتابع من الصيام وما لا يتابع)
(قلت) ما قول مالك في كل صيام في القرآن أمتتابع هو أم لا (فقال) أما ما كان
من صيام الشهور فهو متتابع لان الله تعالى يقول فصيام شهرين متتابعين وما كان
212

من صيام الأيام التي في القرآن مثل قوله في قضاء رمضان فعدة من أيام أخر قال
فأحب إلى أن يتابع بين ذلك فإن لم يفعل أجزأه (قلت) فان صام رجل كفارة
اليمين مفرقة أيجزئه في قول مالك فقال نعم (قال) وقال مالك وان فرق صيام ثلاثة
أيام في الحج أجزأه (قال مالك) وان صام يوم التروية ويوم عرفة ويوما من آخر
أيام التشريق أجزأه (قلت) أرأيت صيام جزاء الصيد والمتعة أيتابع بيته في قول
مالك أم يفرقه ان أحب (فقال) أحب إلى مالك أن يتابع فان فرقه لم يكن عليه شئ
وأجزأ عنه (وقال ربيعة) لو أن رجلا فرق قضاء رمضان لم آمره أن يعيد
(أشهب) وان ابن عباس وأبا هريرة وعمرو بن العاص وعروة بن الزبير وعطاء
ابن أبي رباح وأبا عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل قالوا لا بأس بأن يفرق قضاء
رمضان إذا أحصيت العدة وان ابن عمر وعلي بن أبي طالب وسعيد بن المسيب
كرهوا أن يفرق قضاء رمضان
(في الذي يسلم (1) في رمضان)
(قال) وقال مالك من أسلم في رمضان فليس عليه قضاء ما مضى منه وليصم ما بقي
منه (قلت) أرأيت اليوم الذي أسلم فيه (فقال) قال مالك أحب إلى أن يقضيه
ولست أرى قضاءه عليه واجبا
(في الذي ينذر صياما متتابعا أو غير متتابع أو بعينه أو بغير عينه)
(قال ابن القاسم) قال مالك من نذر أن يصوم أياما أو شهرا أو شهرين ولم يسم

(1) (قوله في الذي يسلم في رمضان) قال أشهب في النصراني يسلم في رمضان بعد طلوع الفجر
انه في ذلك اليوم مفطر يأكل ويشرب ويطأ أهله وقال عبد الملك يستحب أن يكف عما يفعل
المفطر قال ابن وهب سئل مالك عن الرقيق العجم يعلمون الاسلام والصلاة فيجيبون إلى ذلك
ويطلبون الأكل فيخبرون بالصيام فلا يفقهون قال أرى أن لا يمنعوا الأكل ويرفق بهم حتى يعلموا
ويعرفوا الاسلام ورواه ابن نافع عن مالك وقال ابن نافع يجبرون على الصوم ويمنعون من الأكل
اه‍ من كتاب ابن المواز اه‍ من هامش الأصل
213

أياما بعينها ولا شهرا بعينه (فقال) يصوم عدد تلك الأيام ان شاء فرقه وان شاء تابعه
(قال) فقلت لمالك فليس عليه أن يتابعه وان قال شهرا أو شهرين (فقال) ليس
عليه أن يتابعه الشهر عندي مثل الأيام هو في سعة من تفريقه أو متابعته إلا أن ينويه
متتابعا (قلت) فان نذر سنة (فقال) قال مالك أرى أن يصوم سنة على وجهها
ليس فيها رمضان ولا أيام الذبح ولا يوم الفطر (قال) فقلنا لمالك فان نذر سنة بعينها
أفعليه أن يقضى رمضان ويوم الفطر وأيام الذبح (فقال) لا وإنما عليه أن يصوم ما كان
منها يصام ويفطر ما كان منها يفطر (قال) وإنما مثل ذلك عندي بمنزلة الذي يقول
على نذر أن أصلي اليوم فليس عليه في الساعات التي لا تحل الصلاة فيها قضاء (قال
ابن القاسم) وأنا أرى في الذي نذر سنة بغير عينها أن يصوم اثنى عشر شهرا ليس
فيها يوم الفطر ولا أيام الذبح ولا رمضان ويصوم اثنى عشر شهرا ما كان منها من
الأشهر فعلى الأهلة وما كان منها يفطره مثل رمضان وأيام الذبح ويوم الفطر أفطره
وقضاه ويجعل الشهر الذي يفطر فيه ثلاثين يوما إلا أن ينذر سنة بعينها فيصوم منها
ما كان يصام ويفطر منها ما كان يفطر ولا قضاء عليه لشئ مما كان يفطر فيه إلا أن
يكون نوى قضاءه وما مرض فيه حتى ألجئ فيه إلى الفطر فلا قضاء عليه فيه لان
مالكا قال من نذر أن يصوم شهرا بعينه فمرضه فلا قضاء عليه لان الحبس إنما أتى من
الله ولم يكن من سببه وكذلك السنة بعينها (قال) فقلنا له فلو أن رجلا ابتدأ صياما
عليه من نذر نذره صوم أشهر متتابعات أو غير متتابعات فصام في وسط الشهر
فكان الشهر تسعة وعشرين يوما أيقضى ما أفطر عنه أم يستكمل الشهر بما صام منه
ثلاثين يوما (قال) بل يستكمل الشهر تماما حتى يكمل عدد ثلاثين يوما وما صام للأهلة
فذلك على الأهلة وإن كان تسعة وعشرين (قلت) أرأيت أن نذر صيام أشهر ليست
متتابعات أله أن يجعلها على غير الأهلة في قول مالك كلها (قال) نعم إلا أن يكون
نذرها أشهرا بأعيانها فيصومها بأعيانها (قلت) فان نذر أن يصوم سنة بعينها قال
يصومها (قلت) فان أفطر منها شهرا فقال يقضيه (قلت) فإن كان الشهر الذي
214

أفطره تسعة وعشرين أيقضى تسعة وعشرين أم ثلاثين (فقال) يقضي تسعة وعشرين
عدد الشهر الذي أفطره (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) فقلت لمالك
فرمضان ويوم الفطر وأيام النحر الثلاثة كيف يصنع فيها وإنما نذر سنة بعينها أعليه
قضاؤها أم ليس عليه قضاؤها إذا كأن لا يصلح الصوم فيها (فقال) أولا لا قضاء عليه
إلا أن يكون نوى أن يصومهن (ثم سئل) عن ذي الحجة من نذر صيامه أترى عليه
أن يقضى أيام الذبح (فقال) نعم عليه القضاء إلا أن يكون نوى أن لا قضاء لها
(قال) وأحب قوله إلي الأول أنه يصوم منه ما كان يصام ويفطر ما كان يفطر
ولا قضاء عليه إلا أن يكون نوى ذلك (قال ابن القاسم) وأما آخر أيام التشريق
اليوم الذي ليس من أيام الذبح فأرى أن يصومه ولا يدعه (قال مالك) وكذلك لو
أن رجلا نذر أن يصوم ذا الحجة فعليه قضاء أيام الذبح إلا أن يكون نوى حين نذر
أن لا قضاء لهن (قال) ونزلت برجل وأنا عنده قاعد فأفتاه بذلك (قال) وقال مالك
ومن نذر صيام شهر بعينه فمرض فيه فلا قضاء عليه إذا كان الله هو منعه إلا أن يكون
أفطر ذلك وهو يقوى على صومه فعليه القضاء عدد تلك الأيام (قلت) أرأيت أن
نذر صيام شهر بعينه فأفطره أتأمره أن يقضيه متتابعا (فقال) ان قضاه متتابعا فذلك
أحب إلي فان فرقه فأرجو أن يكون مجزئا عنه لان رمضان لو قضاه متفرقا أجزأه
(قلت) أتحفظ هذا عن مالك قال لا (قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لله على أن
أصوم غدا فأفطره أيكون عليه كفارة يمين مع القضاء فقال لا (قلت) وهذا قول
مالك قال نعم (قال) وتفسير ذلك أن من نذر نذرا ولم يجعل له مخرجا فكفارته كفارة
يمين وهذا قد جعل لنذره مخرجا الصيام (قلت) وهذا التفسير فسره لكم مالك
(قال) هو قوله (قلت) أرأيت من جعل لله عليه صيام شهر أيصومه متتابعا أو
متفرقا (فقال) قال مالك إن لم ينوه متتابعا فرقه ان شاء (قلت) أرأيت لو أن رجلا
قال لله على أن أصوم المحرم فمرض في المحرم أو أفطره متعمدا (فقال) قال مالك ان
أفطره متعمدا فعليه قضاؤه وان مرضه لم يكن عليه قضاؤه (قلت) فان قال لله
215

على أن أصوم المحرم فأفطر منه يوما وصام ما بقي (قال) يقضى يوما مكان اليوم الذي
أفطره إلا أن يكون أفطره من مرض (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت)
أرأيت لو أن رجلا قال لله على أن أصوم شهرا متتابعا فأفطر يوما بعد صيام عشرة
أيام من غير مرض (فقال) يبتدئ ولا يبنى (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قال لله على أن أصوم كل خميس يأتي فأفطر خميسا
واحدا من غير علة (فقال) قال مالك عليه القضاء (قال) ورأيت مالكا يكره
هذا كراهية شديدة الذي يقول لله على أن أصوم يوما يؤقته (قلت) أرأيت من
قال لله على أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فيقدم فلان ليلا أيكون عليه صوم
أم لا (قال) أرى عليه صوم صبيحة تلك الليلة فيما يستقبل (قلت) وتحفظ هذا عن
مالك قال لا ولكن الليل من النهار (قلت) أرأيت أن قدم فلان نهارا وقد أكل
فيه الحالف أيكون عليه قضاء ذلك اليوم قال لا (قلت) وهذا قول مالك قال لا
وهو رأيي (قلت) فان قدم فلان بعد ما أصبح وهو ينوى الافطار أعليه قضاء هذا
اليوم (فقال) لا يقضيه في رأيي لأنه لما أصبح وهو ينوى الافطار لم يجزه ولم يكن عليه
القضاء لان فلانا لم يقدم الا وقد جاز لهذا الرجل الافطار (قلت) أرأيت أن قال
لله على صيام غد فيكون غد الأضحى أو الفطر وهو يعلم بذلك أو لا يعلم أيكون عليه
قضاؤه في قول مالك (قال ابن القاسم) لا صيام عليه فيه لأنه ان كأن لا يعلم أن غدا
النحر أو الفطر فذلك أبعد من أن يلزمه ذلك أو يجب عليه وإن كان يعلم أن غدا الفطر
أو النحر فذلك أيضا لا يلزمه لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيامهما فلا
نذر لاحد في صيام ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ولا يلزمه ذلك وهذا رأيي
والذي أستحسن (قلت) فهل يلزمه قضاؤه بعد ذلك إذا كان صومه لا يلزمه (قال)
لا قضاء عليه فيه بعد ذلك (قلت) لم لا يقضيه (قال) لأنه أوجب على نفسه صياما
فجاء المنع من غير فعله جاء المنع من الله وكل منع جاء من الله فلا قضاء عليه وان جاء
المنع منه فعليه القضاء (قال ابن القاسم) والذي أرى وأستحسن أن من نذر صوم
216

سنة بعينها أو شهرا بعينه أو يوما بعينه صام من ذلك ما كان يصام وأفطر من ذلك ما كان
بفطر ولم يكن عليه لما أفطر قضاء إلا أن يكون نوى عندما نذر أن يكون عليه قضاء
ما أفطر من ذلك وإن كان نذر سنة أو شهرا بغير عينه صام سنة ليس فيها رمضان ولا
يوم الفطر ولا أيام النحر وكان عليه اثنا عشر شهرا وهذا الذي ذكرت لك قول مالك
وكذلك من نذر شهرا فان عليه صيام شهر كامل وهو رأيي (قال مالك) وإنما الذي
نذر سنة بعينها بمنزلة من نذر صلاة يوم بعينه فهو يصلى ما كان من اليوم يصلى
ولا يصلى في الساعات التي لا يصلى فيها ولا شئ عليه فيها ولا قضاء عليه وان جاء المنع
منه فعليه القضاء (قلت) أرأيت أن قال لله على أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان
أبدا فقدم فلان يوم الاثنين أعليه أن يصوم هذا اليوم فيما يستقبل أبدا في قول مالك
(فقال) نعم عليه أن يصومه (قلت) أرأيت لو أن امرأة قالت لله على أن أن أصوم
سنة ثمانين أتقضى أيام حيضتها (فقال) لا تقضى أيام حيضتها لان الحيض عندي مثل
المرض (قال) ولو أنها مرضت السنة كلها لم يكن عليها قضاء (قال) ولقد سمعت
مالكا غير مرة يسئل عن المرأة تجعل على نفسها أن تصوم الاثنين والخميس ما بقيت
فتحيض فيهما أو تمرض أو تسافر (فقال) مالك أما الحيضة والمرض فلا أرى عليها فيهما
قضاء وأما السفر فقال مالك فانى لا أدري ما هو (قال ابن القاسم) وكأني رأيته
يستحب القضاء فيه (قلت) لابن القاسم أرأيت امرأة قالت لله على أن أصوم غدا
فحاضت قبل الغداء يكون عليها قضاء هذا اليوم في قول مالك (فقال) لا قال مالك لان
الحبس جاء من غيرها (قلت) فان قالت لله على أن أصوم أيام حيضتي أتقضيها أم لا قال
لا تقضيها (قال ابن القاسم) وقال مالك من نذر صياما أو كان عليه صوم واجب
أو نذر صيام ذي الحجة فلا ينبغي له أن يصوم أيام الذبح الثلاثة ولا يقضي فيها صياما
واجبا عليه من نذر أو رمضان ولا يصومها أحد الا المتمتع الذي لا يجد الهدي فذلك
يصوم اليومين الآخرين ولا يصوم يوم النحر أحد وأما آخر أيام التشريق فيصام ان
نذره رجل أو نذر صيام شهر ذي الحجة فأما أن يقضي به رمضان أو غير ذلك فلا
217

يفعل (قال مالك) ومن نذر صيام شهرين ليسا بأعيانهما فإن شاء صام للأهلة وان
شاء صام ستين يوما لغير الأهلة وان شاء صام بعض شهر بالأيام ثم صام بعد ذلك شهرا
للأهلة ثم يكمل ثلاثين يوما بعد هذا الشهر بالأيام التي صامها قبله فيصير شهرا
بالأيام وشهرا بالأهلة (ابن وهب) عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب أن أياس بن جارية حدثه أن أمه نذرت أن تصوم سنة فاستفتى لها سعيد
ابن المسيب فقال تصوم ثلاثة عشر شهرا فان رمضان فريضة وليس من نذرها قال
ويومان في السنة يوم الفطر ويوم الأضحى
(في الكفارة في قضاء رمضان)
(قلت) ما حد ما يفطر الصائم من المخالطة في الجماع في قول مالك (فقال) مغيب
الحشفة يفطره ويفسد حجه ويوجب عليه الغسل ويوجب جده (قلت) فكيف
الكفارة في قول مالك (فقال) الطعام لا نعرف غير الطعام ولا يأخذ مالك بالعتق ولا
بالصيام (قلت) وكيف الطعام عند مالك (فقال) مد مد لكل مسكين (قلت)
فهل يجزئه في قول مالك أن يطعم مدين مدين لكل مسكين فيطعم ثلاثين مسكينا
(فقال) لا يجزئه ولكن يطعم ستين مسكينا مدا مدا لكل مسكين (قيل) فما قول
مالك فيمن أكره امرأته في رمضان فجامعها نهارا ما عليها وما عليه (فقال) عليه القضاء
والكفارة وعليه الكفارة أيضا عنها وعليها هي القضاء (قال) وكذلك الحج أيضا عليه
أن يحججها ان هو أكرهها ويهدى عنها (قلت) فما قول مالك فيمن جامع امرأته
أياما في رمضان (فقال) عليه لكل يوم كفارة وعليها مثل ذلك أن كانت طاوعته وان
أكرهها فعليه أن يكفر عن نفسه وعنها وعليها قضاء عدد الأيام التي أفطرتها (قلت) فان
وطئها في يوم مرتين ما قول مالك في ذلك (فقال) كفارة واحدة (أشهب) (1)
عن الليث عن يحيى بن سعيد أن الرجل إذا وقع على امرأته نهارا في رمضان وهي
طائعة فعليهما الكفارة (قلت) أرأيت أن جامع رجل امرأته في رمضان نهارا

(1) (قوله اشهب) هكذا عند يحيى وعند احمد ابن وهب وكذا قيل فيما بعده يليه اه‍ من هامش الأصل
218

فطاوعته ثم حاصت من يومها ما قول مالك في ذلك (فقال) عليها الكفارة والقضاء
(أشهب) عن ابن لهيعة عن أبي صخر عن داود بن عامر بن سعد بن أبي
وقاص أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له اني أفطرت يوما من
رمضان متعمدا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة أو صم شهرين
متتابعين أو أطعم ستين مسكينا (أشهب) عن الليث بن سعد أن يحيى بن سعيد
حدثه عن عبد الرحمن بن القاسم عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عائشة حدثت عن
رجل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال احترقت احترقت قال بم قال وطئت
امرأتي في رمضان نهارا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق تصدق فقال
ما عندي شئ فأمره أن يمكث فجاءه عرق فيه طعام فأمره أن يتصدق به (أشهب)
عن مالك والليث بن سعد عن ابن شهاب حدثهما عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف
عن أبي هريرة أن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يكفر بعتق رقبة أو بصيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا
(فيمن كان عليه أيام من رمضان فلم يقضها حتى دخل عليه رمضان آخر)
(قلت) فما قول مالك فيمن كان عليه صيام رمضان فلم يقضه حتى دخل عليه رمضان
آخر (فقال) يصوم هذا الرمضان الذي دخل عليه فإذا أفطر قضى ذلك الأول وأطعم
مع هذا الذي يقضيه مدا لكل يوم (1) قال إلا أن يكنون كان مريضا حتى دخل عليه
رمضان آخر فلا شئ عليه من الطعام وإن كان مسافرا حتى دخل عليه رمضان آخر
فلا شئ عليه أيضا الا قضاء رمضان الذي أفطره لأنه لم يفرط (قال) وان صح من
مرضه قبل أن يدخل عليه رمضان المقبل أياما فعليه أن يطعم عدد الأيام التي صح فيها
إذا قضى الرمضان الذي أفطره وكذلك المسافر إن كان قدم من سفره فأقام أياما

(1) (قوله مدا لكل يوم) قال اشهب يطعم مدا بالمدينة ومكة فأما بمصر فمد وثلث لان مصر
ريف وموضع توسعة والمدينة موضع بركة قد دعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم في مدهم بالبركة اه‍
من هامش الأصل
219

فلم يصم حتى دخل عليه رمضان آخر فعليه أن يطعم عدد الأيام التي فرط فيها (قلت)
متى يطعم المساكين (قال) إذا أخذ في صيام قضاء رمضان الذي كان أفطره في سفره
أو في مرضه (فقلت) في أوله أو في آخره فقال كل ذلك سواء (قلت) فإن لم يطعم
المساكين فيه حتى مضى (قال) يطعمهم وان مضى قضاؤه لرمضان يطعم بعد ذلك
(قلت) ولا يسقط عنه الطعام إذا هو قضى رمضان فلم يطعم فيه (قال) لا يسقط عنه
الطعام على حال (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (أشهب) عن مالك عن عبد
الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه كأن يقول ومن كان عليه صيام من رمضان ففرط
فيه وهو قوى على الصيام حتى يدخل عليه رمضان آخر أطعم مكان كل يوم مدا من
حنطة وكان عليه القضاء (أشهب) قال مالك وبلغني عن سعيد بن جبير مثل ذلك
(أشهب) عن ابن لهيعة أنه سأل عطاء بن أبي رباح عمن توانى في قضاء أيام من
رمضان كانت عليه حتى أدركه رمضان آخر قال يصوم الرمضان الآخر حتى إذا فرغ
من صيامه صام الأولى ثم أطعم لكل يوم مسكينا مدا
(فيمن أصبح في رمضان ينوى الافطار فلم يأكل حتى غربت الشمس)
(قلت) لو أن رجلا أصبح ونيته الافطار في رمضان فلم يأكل ولم يشرب حتى
غابت الشمس أو مضى أكثر النهار أعليه القضاء والكفارة فقال نعم (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (قلت) وان أصبح ينوي الافطار في رمضان ثم نوى
الصيام قبل طلوع الشمس (قال ابن القاسم) عليه القضاء والكفارة (قلت)
أرأيت إذا نوى الافطار في رمضان يومه كله إلا أنه لم يأكل ولم يشرب (فقال) قد
قال مالك في ذلك شيئا فلا أدرى الكفارة قال والقضاء أو القضاء ولا كفارة عليه
وأحب ذلك إلى أن يكون الكفارة فيه مع القضاء (قلت) أرأيت لو أن رجلا
أصبح ينوى الفطر في رمضان متعمدا غير أنه لم يأكل ولم يشرب ثم بدا له الرجوع
إلى الصيام بعد ما قد نوى الافطار (قال) بلغني عن مالك أنه قال عليه القضاء
والكفارة قال ولم أسمعه منه (قال ابن القاسم) وعليه القضاء والكفارة
220

(فيمن أفطر في رمضان متعمدا ثم مرض من يومه أو المرأة تفطر ثم تحيض من يومها
أو الرجل يقدم من السفر صائما فيفطر في بيته)
(قلت) أرأيت من أفطر في رمضان متعمدا ثم مرض من يومه مرضا لا يستطيع
الصوم معه أيسقط المرض عنه الكفارة (قال مالك) لا يسقط عنه الكفارة وكذلك
قال المخزومي وقال في الحائض مثل ذلك (قلت) أرأيت لو أن مسافرا أصبح ينوي
الصوم في رمضان ثم دخل إلى أهل من يومه فأفطر وذلك في أول النهار أو في آخره
(قال) قال مالك عليه الكفارة والقضاء وان هو أفطره أيضا في سفره أو في أهله
لأنه قد أوجب على نفسه صيام ذلك اليوم
(في الجارية تحيض في رمضان أو الغلام يحتلم فأكل بقية رمضان)
(قلت) أرأيت لو أن جارية حاضت في رمضان أو غلاما احتلم في رمضان فأفطرا
بقية ذلك الرمضان أيكون عليهما الكفارة في قول مالك فقال نعم (قلت) لكل يوم
كفارة في قول مالك أو كفارة واحدة تجزئهما لما أفطرا في رمضان كله (فقال) سئل
مالك عن السفيه يحتلم يفطر في سفهه في رمضان أياما فقال عليه لكل يوم أفطره
كفارة كفارة مع القضاء (قال عبد الرحمن بن القاسم) وسئل مالك عن رجل
أصبح في يوم من رمضان ينوي الفطر فيه متعمدا فيه لفطره فلما أصبح ترك الأكل
وأتم صيامه (فقال) لا يجزئه ذلك اليوم (قال ابن القاسم) وبلغني عنه أن عليه الكفارة
(وقال أشهب) عليه القضاء ولا كفارة عليه
(في الذي يصوم رمضان وهو ينوى به قضاء آخر)
(قلت) فما يقول مالك فيمن كان عليه صيام رمضان فلم يصمه حتى دخل عليه رمضان
آخر فصام هذا الداخل ينوى به الذي عليه (فقال) قال لنا مالك في رجل كان عليه
نذر شئ وكان صرورة لم يحج فجهل فمشى في حجه ينوى بحجته هذه قضاء نذره
221

وحجة الاسلام (فقال) قال لنا مالك أراها لنذره وعليه حجة الاسلام (قال ابن
القاسم) وأما أنا فأرى في مسألتك أن ذلك يجزئه وعليه قضاء الرمضان الآخر لان
بعض أهل العلم قد رأى أن ذلك الحج يجزئه لفريضته وعليه النذر ورأيي الذي
أجتهد به في الحج أن يقضى الفريضة لأنه إذا اشترك أبدا الفريضة والنذر فأولاهما
بالقضاء أوجبهما عند الله وأما الصيام فذلك يجزئه
(في قيام رمضان)
(قال) وسألت مالكا عن قيام الرجل في رمضان أمع الناس أحب إليك أم في بيته
(قال) إن كان يقوى في بيته فهو أحب إلى وليس كل الناس يقوى على ذلك قد كان
ابن هرمز ينصرف فيقوم بأهله وكان ربيعة ينصرف وعدد غير واحد من علمائهم كانوا
ينصرفون ولا يقومون مع الناس قال مالك وأنا أفعل ذلك (قال مالك) بعث
إلي الأمير وأراد أن ينقص من قيام رمضان الذي يقومه الناس بالمدينة قال ابن
القاسم وهي تسع وثلاثون ركعة بالوتر ست وثلاثون ركعة والوتر ثلاث. قال
مالك فنهيته أن ينقص من ذلك شيئا قلت له هذا ما أدركت الناس عليه وهو
الامر القديم الذي لم يزل الناس عليه (قال) وسألته عن الرجل يقوم بالناس بإجارة
في رمضان (فقال) لا خير في ذلك (قلت) لابن القاسم فكيف الإجارة في
الفريضة (قال) ذلك أشد عندي (قلت) وهو قول مالك (قال) إنما سألناه عن رمضان
وهذا عندي أشد من ذلك (ابن وهب) عن مالك أن ابن شهاب أخبره ان
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر بعزيمة
وكأن يقول من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه فتوفي رسول الله
صلى الله عليه وسلم والامر على ذلك وأبو بكر وصدر من خلافة عمر (ابن وهب)
عن مالك والليث أن ابن شهاب أخبرهما عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن
عبد القارى أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب في قيام رمضان قال ثم
خرجت مع عمر ليلة أخرى والناس يصلون قارئهم فقال عمر نعمت البدعة
222

هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكانوا يقومون أوله
(ابن وهب) عن عبد الله بن عمر عن نافع قال لم أدرك الناس الا وهم يقومون
بتسع وثلاثين ركعة يوترون منها بثلاث (ابن وهب) عن عبد الله بن عمر بن
حفص قال حدثني غير واحد أن عمر بن عبد العزيز أمر القراء يقومون بذلك ويقرؤن
في كل ركعة عشر آيات (ابن وهب) قال قال مالك وحدثني عبد الله بن أبي بكر
قال كان الناس ينصرفون من الوتر فيبادر الرجل بسحوره خشية الصبح (ابن القاسم)
قال مالك وحدثني عبد الله بن أبي بكر قال سمعت أبي يقول كنا ننصرف في رمضان
من القيام فيستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر (قال) وسمعت مالكا يقول الامر في
رمضان الصلاة وليس بالقصص بالدعاء ولكن الصلاة
(السنة في قيام رمضان وصلاة الأمير خلف القارئ)
(قال) وسألت مالكا عن القراء في رمضان يقرأ كل رجل منهم في موضع سوى
موضع صاحبه فأنكر ذلك وقال لا يعجبني ولم يكن ذلك من عمل الناس وإنما اتبع
هؤلاء فيه ما خف عليهم ليوافق ذلك الحال ما يريدون وأصواتهم والذي كان عليه
الناس يقرأ الرجل خلف الرجل من حيث انتهى الأول ثم الذي بعده على مثل ذلك
قال وهذا الشأن هو أعجب ما فيه إلى (قال) وقال مالك ليس ختم القرآن في
رمضان سنة للقيام (قال) وسئل مالك عن الألحان في الصلاة قال لا يعجبني
وأعظم القول فيه وقال إنما هذا غناء يتغنون به ليأخذوا عليه الدراهم (قال ابن
القاسم) قلت لمالك الرجل يصلى النافلة فيشك في الحرف وهو يقرأ وبين يديه
مصحف منشور أينظر في المصحف ليعرف ذلك الحرف (قال) لا ينظر في المصحف ليعرف ذلك الحرف (قال) لا ينظر في ذلك الحرف
ولكن يتم صلاته ثم ينظر (قال) وقال مالك لا بأس بقيام الامام بالناس في رمضان
في المصحف (وقال ابن وهب) وقال مالك في الأمير يصلى خلف القارئ في رمضان
انه لم يكن يصنع ذلك فيما مضى ولو صنع ذلك لم أربه بأسا (قلت) لابن القاسم لم
وسع مالك في هذا وكره الذي ينظر في الحرف (قال) لان هذا ابتدأ النظر في أول
223

ما قام به (قال) وقال مالك لا بأس ان يؤم الامام بالناس في المصحف في رمضان
في النافلة (قال ابن القاسم) وكره ذلك في الفريضة (ابن وهب) عن ابن شهاب
قال كان خيارنا يقرؤن في المصاحف في رمضان وان ذكوان غلام عائشة كان يؤمها
في المصحف في رمضان (وقال) مالك والليث مثله (وقال ربيعة) في ختم القرآن
في رمضان لقيام الناس ليست بسنة ولو أن رجلا أم الناس بسورة حتى ينقضي الشهر
لأجزأ ذلك عنه وانى لأرى أن قد كان يؤم الناس من لم يجمع القرآن (ابن وهب)
عن الليث عن يحيى بن سعيد أنه سئل عن صلاة الأمير خلف القارئ فقال ما بلغنا
أن عمر وعثمان كانا يقومان في رمضان مع الناس في المسجد (وعن ربيعة) أنه قال في
أمير بلد من البلدان أيصلح له في رمضان ان يصلى مع الناس في القيام يؤمه رجل من
رعيته فقال لا يصلح ذلك للامام ولكن ليصلى في بيته إلا أن يأتي فيقوم بالناس
(التنفل بين الترويحتين)
(قال) وسألت مالكا عن التنفل فيما بين الترويحتين فقال لا بأس بذلك إذا كان
يركع ويسجد ويسلم فأما من يقوم يحرم ويقرأ وينتظر الناس حتى يقوموا فيدخل
معهم فلا يعجبني ذلك من الفعل ولكن إن كان يركع فلا بأس به ومعنى قوله حتى
يدخل معهم أي يثبت قائما حتى إذا قاموا دخل معهم بتكبيرته التي كبرها أو يحدث
لذلك تكبيرة أخرى (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن ابن الهادي قال رأيت عامر
ابن عبد الله بن الزبير وأبا بكر بن حزم ويحيى بن سعيد يصلون بين الاشفاع (ابن
وهب) عن خالد بن حميد عن عقيل عن ابن شهاب وسئل عن ذلك فقال إن قويت
على ذلك فافعله (ابن وهب) وقال مالك لا أرى به بأسا وما علمت أن أحدا كرهه
(في قنوت رمضان ووتره)
(قال) وقال مالك في الحديث الذي يذكره ما أدركت الناس الا وهم يلعنون الكفرة
في رمضان (قال) ليس عليه العمل ولا أرى أن يعمل به ولا يقنت في رمضان لا في أوله
224

ولا في آخره ولا في غير رمضان ولا في الوتر أصلا (قال مالك) والوتر آخر الليل
أحب إلى لمن قوى عليه (فقلت) لمالك أفيسلم الامام من ركعتين في الوتر قال نعم
هو الشأن (قلت) له فان صليت معهم (قال) لا تخالفه ان سلم فسلم وإلا فلا تسلم
(قال) قال مالك ولقد كنت أنا أصلى معهم مرة فإذا جاء الوتر انصرفت فلم أوتر معهم
(كمل كتاب الصيام والحمد لله رب العالمين)
وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
(ويتلوه كتاب الاعتكاف)
(كتاب الاعتكاف)
(بسم الله الرحمن الرحيم)
(الاعتكاف بغير صوم)
(وسئل) ابن القاسم أيكون الاعتكاف بغير صوم في قول مالك (قال) لا يكون الا
بصوم (وقال) ذلك القاسم بن محمد ونافع لقوا الله تبارك وتعالى وأتموا الصيام إلى
الليل ولا تباشر وهو وأنتم عاكفون في المساجد (فقيل) لابن القاسم ما قول مالك
في المعتكف ان أفطر متعمدا أينتقض اعتكافه فقال نعم (قيل) فان أصابه مرض
لا يستطيع معه الصيام (قال) يخرج فإذا صح بنى على ما كان اعتكف (قال) وان هو
صح ولم يبن علي ما كان اعتكف وفرط فليستأنف ولا يبن (قلت) أرأيت أن هو صح
من مرضه ذلك بعد ما مضى من النهار بعضه وقوى على الصيام وكان في أول النهار
لا يقوى على الصيام أيدخل المسجد حين يقوى على الصيام أم يؤخر ذلك حتى تغيب
الشمس ثم يدخل بعد مغيب الشمس فيبني (قال) لا يؤخر ذلك بل يدخل حين
يقوى على ذلك ومما يبين لك ذلك أن مالكا قال في الحائض إذا طهرت في أول
النهار انها ترجع إلى المسجد أي ساعة طهرت ولا تؤخر ذلك ثم تبنى على ما مضى من
225

اعتكافها (قال مالك) ومثل ذلك مثل المرأة يكون عليها صيام شهرين متتابعين في
قتل نفس فتحيض ثم تطهر فإنها تبني على ما مضى من صيامها ولا تؤخر ذلك فالمريض
مثل الحائض إذا صح (قال ابن القاسم) وما يبين لك ذلك لو أن رجلا اعتكف
بعض العشر الأواخر ثم مرض فصح قبل الفطر بيوم فإنه يخرج ولا يثبت يوم الفطر
في معتكفه لأنه لا يكون اعتكافا الا بصيام ويوم الفطر لا يصام فإذا مضى يوم الفطر
عاد إلى معتكفه (قيل) وهذا قول مالك (فقال) من هذا الموضع قولي لك في
يوم الفطر وقول لك ما يبين لك قول مالك (قال ابن نافع) قال مالك في المعتكف
في العشر الأواخر من رمضان يمرض ثم يصح قبل الفطر انه يرجع إلى معتكفه فيبني
على ما مضى فان غشيه العيد قبل أن يفرغ من أيام اعتكافه فإنه يفطر ذلك اليوم
ويخرج إلى العيد مع الناس ولا يرجع إلى بيته ولكن يكون في المسجد ذلك اليوم
ولا يعتد به فيما بقي عليه (وسئل) ابن القاسم عن المعتكف إذا أكل ناسيا نهارا
(فقال) يقضى يوما مكانه ويصله باعتكافه (قيل) له أتحفظ هذا عن مالك (فقال)
قد سمعته من مالك ولا أحفظ كيف سمعته منه
(في المعتكف يطأ امرأته في ليل أو نهار)
(قلت) أرأيت أن جامع ليلا أو نهارا في اعتكافه ناسيا أيفسد اعتكافه (فقال) نعم
ينتقض ويبتدئ وهو مثل الظهار إذا وطئ فيه (قلت) أرأيت من دخل في
اعتكافه فأغمي عليه أو جن من بعد ما اعتكف أياما (فقال) إذا صح بنى على اعتكافه
ووصل ذلك بالأيام التي اعتكفها فان هو لم يصلها استأنف ولم يبن (قيل) أتحفظه
عن مالك (فقال) قال مالك في المغمى عليه والمجنون انه مرض من الأمراض
وهذا مثله
(في المعتكف يقبل أو يباشر أو يلمس أو يعود مريضا أو يتبع جنازة)
(قلت) لابن القاسم أرأيت المعتكف إذا قبل أو لمس أيفسد ذلك اعتكافه فقال نعم
226

(قلت) وهذا قول مالك (قال) بلغني عنه في القبلة أنه قال ينتقض اعتكافه (قال
ابن القاسم) واللمس عندي مثل القبلة (ابن وهب) عن عمر بن قيس ويزيد بن
عياض عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير أنهما سمعا عائشة
تقول السنة في المعتكف أن لا يمس امرأته ولا يباشرها ولا يعود مريضا ولا يتبع
جنازة ولا يخرج الا لحاجة الانسان ولا اعتكاف الا في مسجد جماعة ومن اعتكف
فقد وجب عليه الصوم وكانت عائشة إذا اعتكفت فدخلت بيتها للحاجة لم تسل عن
المريض الا وهي مارة (قالت) عائشة وان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن
يدخل البيت الا لحاجة الانسان من حديث الليث عن ابن شهاب عن عروة وعمرة
عن عائشة (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال إن أصاب
المعتكف أهله فعليه أن يستقبله وعليه أن يجلد بعقوبة (قال ابن شهاب) وان
أحدث ذنبا مما نهي عنه في اعتكافه فان ذلك يقطع عليه اعتكافه حتى يستقبله من
أول وعن عطاء بن أبي رباح مثله الا العقوبة (ابن وهب) عن سفيان بن عيينة عن
ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال إذا أفطر المعتكف أعاد الاعتكاف
يعنى به النساء (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد أنه قال في
معتكف مرض فخرج من المسجد فقال إذا صح بنى على ما مضى من اعتكافه ولا
يستأنف وذلك إذا لم يعمد له وقاله عطاء بن أبي رباح وعمر وبن دينار (وقال مالك)
وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد العكوف ثم رجع ولم يعتكف حتى إذا
أفطر من رمضان اعتكف عشرا من شوال (ابن وهب) عن يونس عن ابن
شهاب وربيعة قالا إذا حاضت المعتكفة رجعت إلى بيتها فإذا طهرت رجعت إلى
المسجد حتى تقضى اعتكافها الذي جعلت عليها (وقال) عطاء بن أبي رباح وعمرو
ابن دينار مثله وقالا أية ساعة طهرت فلترجع إلى المسجد ساعتئذ (ابن
وهب) عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسى بن معبد قال سألت
القاسم بن محمد وسالما عن امرأة جعلت على نفسها أن تعتكف شهرا فاعتكفت تسعة
227

وعشرين يوما ثم حاضت فرجعت إلى منزلها فجامعها زوجها فقالا لا علم لنا بهذا فسل
سعيد بن المسيب ثم أعلمنا قال فسألته فقال أتيا حدا من حدود الله وأخطأ السنة
وعليها أن تستأنف شهرا فقالا مثل ما قال
(في خروج المعتكف واشترائه)
(قال ابن القاسم) وسألت مالكا عن المعتكف أيخرج من المسجد يوم الجمعة إلى
الغسل (فقال) نعم لا بأس بذلك (قال) وسألت مالكا عن المعتكف تصيبه الجنابة
أيغسل ثوبه إذا خرج فاغتسل (فقال) لا يعجبني ذلك ولكن يغتسل ولا ينتظر غسل
ثوبه وتجفيفه وانى لأحب للمعتكف أن يتخذ ثوبا غير ثوبه إذا أصابته جنابة
أن يأخذه ويدع ثوبه (قال) وسألت مالكا عن المعتكف أيخرج فيشترى لنفسه
طعاما إذا لم يكن له من يكفيه (فقال) قال لي مالك مرة لا بأس بذلك ثم قال بعد
ذلك لا أرى ذلك قال وأحب إلى إذا أراد أن يدخل اعتكافه أن يفرغ من
حوائجه (قلت) لابن القاسم أرأيت المعتكف إذا خرج لحاجته أيمكث بعد قضاء
حاجته شيئا أم لا (قال) لا يمكث بعد قضاء حاجته شيئا (قلت) وهذا قول مالك
قال نعم (قلت) لابن القاسم أرأيت معتكفا إذا خرج في حد عليه أو خرج يطلب
حدا له أو خرج يقبض دينا له أو أخرجه غريم له أيفسد اعتكافه في هذا كله قال نعم
(قيل) أتحفظه عن مالك قال لا (وقال مالك) لم أسمع أحدا من أهل العلم
يذكر أن في الاعتكاف شرطا لاحد وإنما الاعتكاف عمل من الاعمال كهيئة الصلاة
والصيام والحج فمن دخل في شئ من ذلك فإنما يعمل فيه بما مضى من السنة في ذلك
وليس له أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه الامر بشرط يشترطه أو بأمر يبتدعه
إنما الاعمال في هذه الأشياء بما مضى فيها من السنة وقد اعتكف رسول الله صلى الله
عليه وسلم وعرف المسلمون سنة الاعتكاف (وقال مالك) المعتكف مقبل على
شأنه لا يعرض لغيره مما يشغل به نفسه (قلت) أرأيت المعتكف يسكر ليلا ثم
يذهب ذلك عنه قبل أن ينفجر الصح أيفسد ذلك عليه اعتكافه قال نعم (ابن
228

وهب) عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن رجل اعتكف وشرط أن يطلع
قريته اليوم أو اليومين ويطلع على أهله ويسلم عليهم ولحاجته (قال) لا شرط في الاعتكاف
في السنة الماضية (وقال ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عطاء أنه
قال لا يبيع المعتكف ولا يبتاع ولا بأس أن يأمر انسانا فيقول ابتع لي كذا وكذا
(في عيادة المعتكف المرضى والصلاة على الجنائز)
(قال) وسألت مالكا عن المعتكف أيصلى على الجنائز وهو في المسجد فقال ما
يعجبني أن يصلي على الجنائز وإن كان في المسجد (وقال ابن نافع) قال مالك وان
انتهى إليه زحام الناس الذين يصلون على الجنازة وهو في المسجد فإنه لا يصلى عليها ولا
يعود مريضا معه في المسجد إلا أن يصلى إلى جنبه فيسلم عليه (وقال مالك) لا يعود
المعتكف مريضا ممن هو معه في المسجد ولا يقوم إلى رجل يعزيه بمصيبة ولا يشهد
نكاحا يعقد في المسجد يقوم إليه ولكن لو غشيه ذلك في مجلسه لم أر به بأسا (قال)
ولا يقوم إلى الناكح فيهنئه ولا بأس أن ينكح المعتكف ولا يشتغل في مجالس العلم
(قال) فقيل له أفيكتب العلم في المسجد فكره ذلك (وقال ابن نافع) في الكتاب
إلا أن يكون الشئ الخفيف (قال ابن وهب) عن مالك وسئل عن المعتكف
يجلس في مجالس العلماء ويكتب العلم (فقال) لا يفعل ذلك إلا أن يكون الشئ الخفيف
والترك أحب إلى (ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن ابن جريج عن عطاء بن أبي
رباح قال لا بأس أن تنكح المرأة وهي معتكفة يقول هو كلام
(في اشتراء المعتكف وبيعه)
(قلت) لابن القاسم ما قول مالك في المعتكف أيشترى ويبيع في حال اعتكافه (فقال)
نعم إذا كان شيئا خفيفا لا يشغله من عيش نفسه
(في تقليم المعتكف أظفاره وأخذه من شاربه)
(قال ابن القاسم) قال مالك لا يقص المعتكف أظفاره في المسجد ولا يأخذ من
229

شعره ولا يدخل إليه حجام يأخذ من شعره وأظفاره (قال) فقلنا له انه يجمع ذلك
فيحرزه حتى يلقيه (فقال) مالك لا يعجبني وان جمعه (قال) ولا بأس أن يتطيب
المعتكف وينكح وينكح (فقيل) لابن القاسم أكان مالك يكره للمعتكف حلق
الشعر وتقليم الأظفار (فقال) لا إلا أنه إنما كره ذلك لحرمة المسجد
(في صعود المعتكف المنار للأذان)
(قيل) لابن القاسم هل كان مالك يكره للمعتكف أن يصعد المنار (قال) نعم قد اختلف
قوله في المؤذن قال مالك أكره للمؤذن المعتكف أن يرقى على ظهر المسجد قال ولا بأس
أن يعتكف رجل في رحاب المسجد (قال) وقد اختلف قول مالك في صعود المؤذن
المعتكف المنار فقال مرة لا ومرة قال نعم وجل ما قال فيه الكراهية (1) وذلك رأيي
(في الاستثناء في اليمين بالاعتكاف)
(قيل) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا قال إن كلمت فلانا فعلى اعتكاف شهر إن شاء الله
تعالى ما قول مالك في ذلك ((فقال) قال مالك لا ثنيا في عتق ولا في طلاق
ولا في مشى ولا في صدقة فهذا عندي مما يشبه هذا (وقال) لي مالك لا ثنيا الا
في اليمين بالله قال فهذا يستدل به أن ثنياه في اعتكافه ليس بشئ (قيل) لابن القاسم
أرأيت إن قال إن كنت دخلت دار فلان فعلى اعتكاف شهر فذكر أنه قد كان دخل
هل يكون عليه في قول مالك أن يعتكف (فقال) نعم
(في اعتكاف العبد والمكاتب والمرأة تطلق أو يموت عنها زوجها)
(قلت) أرأيت من أذن لعبده أو لامرأته أو لامته في اعتكاف فلما أخذوا فيه أراد
قطع ذلك عليهم (فقال) ليس ذلك له (قيل) وهذا قول مالك قال نعم هو قوله
(قلت) أرأيت العبد إذا جعل على نفسه الاعتكاف فمنعه سيده ثم أعتق أو أذن

(1) إنما كرهه لأنه من غير جنس ما دخل فيه واستخفه في قوله الآخر ليسارته اه‍ من
هامش الأصل
230

له سيده أيكون عليه أن يقضيه قال نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) سمعت
مالكا وسئل عن أمة نذرت مشيا إلى بيت الله وصدقة مالها فقال مالك لسيدها
أن يمنعها فان أعتقت يوما ما كان ذلك عليها أن تفعل ما نذرت من مشى أو صدقة
(قال ابن القاسم) وقال مالك وذلك أن كان مالها الذي حلفت عليه في يدها (قال
ابن القاسم) ولا أعلمه الا وقد قال لي أو قد بلغني عنه في العبد أو الأمة ما نذرا من
نذر يوجبانه على أنفسهما انه يلزمهما ذلك إذا أعتقا إلا أن يكون السيد أذن لهما أن
يفعلا ذلك في حال رقهما فيجوز لهما ذلك (قلت) لابن القاسم أرأيت المكاتب إذا
نذر الاعتكاف السيدة أن يمنعه (فقال) إن كان شيئا يسيرا يعلم أنه ليس يدخل فيه
على سيده ضرر لم يكن له أن يمنعه فإن كان ذلك كثيرا يكون فيه ترك لسعايته
كان لسيده أن يمنعه من ذلك لان هذا ضرر على سيده (قلت) وتحفظ هذا عن
مالك قال لا (قال ابن القاسم) ومن ضرر هذا المكاتب على سيده أن لو أجزت له
اعتكافه فكان اعتكافه أشهرا فعجز فيها لم أستطع أن أخرجه من اعتكافه (قلت)
لابن القاسم ما قول مالك في المرأة تعتكف في مسجد الجماعة قال نعم (قلت)
أتعتكف في قول مالك في مسجد بيتها (فقال) لا يعجبني ذلك وإنما الاعتكاف في
المساجد التي توضع لله (وقال مالك) في المطلقة والمتوفى عنها زوجها وهي معتكفة
قال تمضى على اعتكافها حتى تفرغ منه ثم ترجع إلى بيت زوجها وتعتد فيه ما بقي من
عدتها (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة أنه قال إن سبق الطلاق
الاعتكاف فلا تعتكف وان هي طلقت وهي معتكفة اعتدت في معتكفها ما كانت
فيه غير أنها ان حاضت قبل أن تقضى اعتكافها خرجت فإذا طهرت رجعت حتى
تقضى اعتكافها (وقال) ابن شهاب وجابر بن عبد الله إذا طلقت فلا تعتكف في
المسجد حتى تحل مثل ما قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن سبق الطلاق الاعتكاف
فلا تعتكف
231

(في قضاء الاعتكاف)
(قلت) لابن القاسم أرأيت المعتكف إذا انتقض اعتكافه أعليه القضاء في قول
مالك (قال) نعم
(في إيجاب الاعتكاف والجوار وموضع الاعتكاف)
(قلت) لابن القاسم ما الذي يجب به الاعتكاف في قول مالك (قال) إذا دخل
معتكفا ونوى أياما لزمه ما نواه (قال مالك) وان نذر أياما يعتكفها لزمه ذلك النذر
(قال مالك) والاعتكاف والجوار سواء الا من نذر مثل جوار مكة يجاور النهار
وينقلب الليل إلى منزله قال فمن جاور مثل هذا الجوار الذي ينقلب فيه الليل إلى منزله
فليس عليه في جواره صيام (قلت) أكان مالك يلزم الرجل إذا جاور بمكة إذا نوى
أن يجاور مكة أن يلزمه الجوار بالنية (قال) لا إلا أن يكون نذر ذلك فان نذر
جواره ولم يرد الاعتكاف وإنما أراد أن يجاور كما وصفت لك ينقلب الليل إلى منزله
مثل ما يصنع المجاورون بمكة لزمه ذلك (قال ابن القاسم) وإنما جوار مكة أمر
يتقرب به إلى الله تعالى مثل الرباط والصيام (قلت) فلو أن رجلا نذر جوار
المسجد مثل جوار مكة في غير مكة (قال) يلزمه ذلك في أي البلدان كان إذا كان
ساكنا في ذلك البلد وإن لم يكن ساكنا فيه فقد قال ابن القاسم في رسم حلف ان
نذر صوما في مثل العراق وشبهه مما ليس فيه قربة فإنه يصوم بمكانه الذي نذره فيه
(قال) وقال مالك كل من نذر أن يصوم في ساحل من السواحل مثل
الإسكندرية أو عسقلان أو بيت المقدس وهو من أهل مكة أو المدينة (فقال) كل
ساحل أو موضع يتقرب فيه باتيانه إلى الله تعالى فاني أرى أن يصوم ذلك الصيام
بذلك الموضع الذي نذره وإن كان من أهل مكة أو المدينة (ابن وهب) عن
النعمان بن سالم قال كان على جدتي نذر جوار سنة فسألت عائشة فقالت إنه لا جوار
الا بصيام استأذني زوجك فان أذن لك فجاوري (قال ابن القاسم) وقال مالك
232

ليعتكف المعتكف في عجز المجسد (قال) فقلنا لمالك أيعتكف أهل السواحل في
سواحلهم وأهل الثغور في ثغورهم (فقال) ان الأزمنة مختلفة من الزمان زمان
يؤمن فيه لكثرة الجيوش ويأمن الناس فيعتكف المعتكف رجاء بركة الاعتكاف
قال وقد يكون ليال يستحب فيها الاعتكاف (قال) فقيل لمالك فان اعتكف
المعتكف في الثغور أو في السواحل فجاءه الخوف أيترك ما هو فيه من اعتكافه
ويخرج فقال نعم (فقيل) له فإذا أمن أيبتدئ أم يبنى (قال) بل يبنى وهذا آخر ما قاله
وقد كان قال قبل ذلك يبتدئ ثم رجع إلى هذا القول فقال يبني (قال) وإن كان
في زمان الخوف فلا يعتكف ولا يدع ما خرج له من الغزو ويشتغل بغيره من
الاعتكاف (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عمارة بن غزية عن يحيى بن سعيد أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف في قبة تركية في المسجد (قال مالك) ولم أسمع
أنه اضطرب بنائبات فيه ولم أره الا في رحبة المسجد (ابن وهب) عن عقبة وابن
نافع المعافري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان يكره الاعتكاف في مساجد
المواحيز (1) لان أهلها رصدة وعدة لها في ليلهم ونهارهم فلا اعتكاف أفضل مما هم فيه
(في المعتكف يموت ويوصي أن يطعم عنه)
(قلت) أرأيت من أوجب على نفسه اعتكافا فمات قبل أن يعتكف فأوصى أن
يطعم عنه (فقال) يطعم عنه في رأيي ويطعم عدد الأيام مساكين لكل مسكين
مد مد (قلت) أرأيت لو أن مريضا لا يستطيع الصيام أوجب على نفسه
الاعتكاف أياما فمات قبل أن يصح أيطعم عنه أم لا وقد أوصى فقال أطعموا عنى
عن اعتكاف الذي نذرت إن كان قد لزمني (فقال) لا شئ عليه ولا يطعم عنه لأنه
لم يجب على نفسه شئ

(1) (المواحيز) كذا بالأصل ولم نجده في القاموس ولا في لسان العرب ولا في المصباح ولعل
المراد بها مساجد الثغور وهي المواضع التي تكون حدا فاصلا بين بلاد المسلمين وبلاد الكفار
وهي موضع المخافة بدليل ما بعده اه‍ كتبه مصححه
233

(في نذر الاعتكاف)
(قلت) أرأيت الرجل إذا قال لله على أن أعتكف يوما أيكون ذلك يوما دون
ليلة (فقال) لا وذلك أن مالكا قال أقل الاعتكاف يوم وليلة وقاله عبد الله بن عمر
ذكره ابن نافع (قال ابن القاسم) بلغني ذلك عنه فسألته عنه فأنكره وقال أقل
الاعتكاف عشرة أيام ولم يره فيما دون ذلك (قال ابن القاسم) ولا أرى
الاعتكاف دون عشرة أيام (قلت) لابن القاسم أرأيت أن قال الله على أن أعتكف
ليلة (فقال) عليه أن يعتكف يوما وليلة قال وهذا حين أوجب على نفسه الليلة وجب
عليه النهار (قلت) ما قول مالك فيمن قال لله على أن أعتكف شهرا أله أن يقطعه
(فقال ابن القاسم) لا ليس له أن يقطعه (قلت) أرأيت أن قال لله على أن أعتكف
ثلاثين يوما أله أن يفرق ذلك في قول مالك قال لا (قيل) ويكون عليه أن يعتكف
في هذا الليل مع النهار فقال نعم (قلت) أرأيت أن قال رجل لله على أن أعتكف
شعبان فمضى شعبان وهو مريض أو فرط فيه أو كانت امرأة نذرت ذلك فحاضت في
شعبان (فقال) أما التي حاضت فإنها تصل قضاءها بما اعتكفت قبل ذلك فإن لم تصل
استأنف قال والرجل المريض لا قضاء عليه ان تمادى به المرض حتى يخرج الشهر
مثل من نذر صومه لمرضه (قال) ولقد سئل مالك عن رجل نذر حج عام بعينه
أو صيام شهر بعينه فمرضه أو حبسه أمر من الله لم يطق ذلك فيه (فقال) لا قضاء
عليه لهما فالاعتكاف مثله والذي فرط عليه القضاء شهرا كاملا مكان شعبان (قلت)
أرأيت أن قال لله على أن أعتكف آخر أيام التشريق (فقال) قال مالك من نذر أن
يصوم آخر أيام التشريق فليصمه (قال) ابن القاسم وأرى الاعتكاف بهذه المنزلة
(قلت) فلو نذر أن يعتكف أيام النحر (فقال) لا أرى عليه اعتكافا لأنه قد نذر
ما قد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن صيامه ولا اعتكاف الا بصوم (قلت)
أرأيت أن قال رجل لله على أن أعتكف في مسجد الفسطاط شهرا فاعتكفه بمكة
234

أيجزئه ذلك (فقال) نعم ولا يخرج إلى مسجد الفسطاط ولا يأتيه وليعتكف في
موضعه ولا يجب على أحد أن يخرج الا إلى مكة والمدينة وايلياء (قلت) أرأيت أن
قال لله على أن أعتكف في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم شهرا أيجزئه أن
يعتكف في مسجد الفسطاط فقال لا يجزئه (قلت) وهذا قول مالك (فقال) قال
مالك من نذر أن يأتي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم يصلى فيه فليأته للحديث
الذي جاء فيه وهذا لما نذر الاعتكاف فيه فقد نذر أن يأتيه
(في خروج المعتكف وطعامه ودخول أهله عليه وعمله)
(ابن وهب) عن مالك عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة زوج
النبي صلى الله عليه وسلم كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض الا وهي تمشى ولا تقف
(قال مالك) ولا يأتي المعتكف حاجة ولا يخرج لها ولا يعين أحدا إلا أن يخرج
لحاجة الانسان ولو كان خارجا لشئ من الحوائج لكان أحق ما يخرج إليه عيادة
المرضى والصلاة على الجنائز واتباعها (قال مالك) لا يكون المعتكف معتكفا حتى
يجتنب ما يجتنب المعتكف من عيادة المريض والصلاة على الجنائز واتباعها ودخول
البيت الا الحاجة الانسان ومما يدل على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
اعتكف لم يدخل البيت الا لحاجة الانسان (قال مالك) وسألت ابن شهاب عن
الرجل المعتكف هل يذهب لحاجته تحت سقف بيت فقال نعم لا بأس بذلك (قال
مالك) والامر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه لا ينكر الاعتكاف في كل مسجد
تجمع فيه الجمعة (قال مالك) ولا أرى كره الاعتكاف في المساجد التي لا تجمع فيها
الجمع الا كراهية أن يخرج المعتكف من مسجده الذي اعتكف فيه إلى الجمعة
أو يدعها قال فإن كان مسجدا لا تجمع فيه الجمعة ولا يجب على صاحبه اتيان الجمعة في
مسجد سواه فانى لا أرى بأسا بالاعتكاف فيه لان الله عز وجل قال في كتابه وأنتم
عاكفون في المساجد فعم الله المساجد كلها (1) ولم يخصص منها شيئا (قال مالك)

(1) (قوله فعم الله المساجد كلها) قال عبد الملك والعبد والمرأة من الاعتكاف في سعة حيث شاءا من
المساجد لأنه ليس عليهما جمعة ولا عيد قال ابن القاسم قال مالك لا يدخل المعتكف بيت القناديل
يكون في المسجد وشبهه قال ابن القاسم قال مالك لا أرى بأسا للمعتكف بمكة أن يدخل الكعبة
قال ابن نافع قال مالك في المعتكف بكون منزلة قريبا من المسجد يدخله للحاجة قال إن كان ليس
بمسكون فلا بأس وأما المسكون فأكرهه قلت فإن كان أهله في المشربة فدخل هو في السفل قال
أرجو أن يكون من ذلك في سعة اه‍ من كتاب ابن المواز
235

فمن هنا لك جاز له أن يعتكف في المساجد التي لا تجمع فيها الجمع إذا كأن لا يجب
عليه أن يخرج إلى المساجد التي تجمع فيها الجمع (وقال مالك) لا يبيت المعتكف
الا في المسجد الذي اعتكف فيه إلا أن يكون خباؤه في رحبة من رحاب المسجد
(وقال مالك) ومما يدل على ذلك أنه لا يبيت الا في المسجد قول عائشة ان النبي
عليه الصلاة والسلام كان إذا اعتكف لا يدخل البيت الا لحاجة الانسان (قال
مالك) وسألت ابن شهاب هل يعود المعتكف مريضا أو يشهد جنازة فقال لا
(ابن نافع) وسئل مالك إذا شهد المعتكف جنازة أو عيادة مريض أو أحدث
سفرا أو بعض ما يخرجه من اعتكافه صنع ذلك متعمدا (فقال) قد وجب عليه
الابتداء ولا ينفعه أن يكون اشترطه عند دخوله
(في المعتكف يخرجه السلطان لخصومة أو لغير ذلك كارها)
(قال ابن نافع) وقال مالك في المعتكف ان أخرجه قاض أو امام لخصومة أو
لغير ذلك كارها فأحب إلي أن يستأنف اعتكافه وان هو بنى على ما مضى من
اعتكافه أجزأ ذلك عنه ولا ينبغي لقاض ولا لامام أن يخرج معتكفا لخصومة ولا
لغير ذلك حتى يفرغ من اعتكافه إلا أن يتبين للامام أنه إنما اعتكف للواذ (1) فرارا
من الحق فيرى في ذلك رأيه (قال ابن نافع) وسئل مالك عن المعتكف أيدخل
الأسواق ليشترى أيصلحه من عيشه ومالا بدله منه (فقال) لا يخرج المعتكف من
المسجد ليشترى طعاما ولا غير ذلك ولكنه يعد قبل أن يدخل ما يصلحه (قال

(1) (للواذ) اللواذ مثلثلة الاحتصان والمراوغة أي إنما يعتكف للتحصن بالاعتكاف
والمراوغة فرارا من أن يؤخذ بالحق اه‍ كتبه مصححه
236

مالك) ولا أرى أن يعتكف الا من كان مكفيا حتى لا يخرج الا الحاجة الانسان
لبول أو لغائط فان اعتكف وهو غير مكفي فلا أرى بذلك بأسا أن يخرج يشترى
طعامه ثم يرجع ولا يقف مع أحد ولا يحدثه (قال مالك) والمعتكف مشتغل
باعتكافه ولا يعرض لغيره مما يشتغل به نفسه من التجارات وغيرها ولا بأس أن
يأمر المعتكف بضيعته وضيعة أهله ومصلحته وبيع ماله أو شئ لا يشغله في نفسه
كل ذلك لا بأس به إذا كان خفيفا أن يأمر بذلك من يكفيه إياه (قال مالك) ولم
يبلغني أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا أحدا من سلف هذه الأمة ولا ابن المسيب
ولا أحدا من التابعين ولا ممن أدركت اقتدى به اعتكف ولقد كان ابن عمر (1) من
المجتهدين وأقام زمانا طويلا فما بلغني عنه أنه اعتكف الا أبا بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام ولست أرى الاعتكاف حراما (فقيل) له فلم تراهم تركوه (فقال)
أراه لشدة الاعتكاف عليهم لان ليله ونهاره سواء وقد نهى رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن الوصال فقالوا له انك تواصل فقال إني لست كهيئتكم انى أبيت يطعمني ربى
ويسقين (قال مالك) وقد مالك عائشة حين ذكرت القبلة عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو صائم فقالت وأيكم أملك لإربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
وانهم لم يكونوا يقوون من ذلك على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوى
عليه (وقال مالك) أكره للمعتكف أن يخرج لحاجة الانسان في بيته ولكن
ليتخذ مخرجا من غير بيته وداره قريبا من المسجد وذلك أن خروجه إلى بيته ذريعة
إلى النظر إلى امرأته وأهله والى النظر في ضيعته ليشتغل بهم وقد كان من مضى ممن
يعتكف ممن يقتدى به يتخذ بيتا قريبا من المسجد سوى بيته فأما الرجل الغريب
المجتاز فإنه إذا اعتكف خرج لحاجته حيث تيسر عليه ولا أحب له أن يتباعد (وكان)

(1) (قوله ابن عمر) قال ابن القاسم في جامع المستخرجة عن مالك ان ابن عمر بلغ من السن
سبعا وثمانين سنة وذكر الداودي في تفسير الموطأ انه أفتى الناس ستين سنة وحج ستين حجة واعتق
ألف رأس وحبس ألف فرس وكأن لا ينام من الليل الا قليلا وذكر عنه ابن المسيب انه اعتمر ألف
عمرة رضى الله تعالى عنه جميع الصحابة اه‍ من كتاب محمد بن عتاب اه‍ من هامش الأصل
237

أبو بكر بن عبد الرحمن اعتكف فكان يذهب لحاجته تحت سقيفة في حجرة مغلقة
في دار خالد بن الوليد ثم لا يرجع حتى يشهد العيد يوم الفطر مع المسلمين (وقال
مالك) وبلغني عن بعض أهل الفضل الذين مضوا أنهم كانوا لا يرجعون حتى يشهدوا
العيد مع الناس وهو الذي أرى (فقيل) لمالك أفيذهب إلى بيته فيلبس ثيابه (فقال)
لا ولكن يؤتى بثيابه إلى المسجد (ابن وهب) قال مالك بلغني أن النبي عليه الصلاة
والسلام كان حين يعتكف في وسط الشهر يرجع إلى أهله حين يمسى من آخر
اعتكافه وإنما يجلس حتى يصبح من اعتكف في العشر الأواخر وتلك السنة أن يشهد
العيد من مكانه ثم يرجع إلى أهله (وقال مالك) في حديث أبي سعيد الخدري
في الاعتكاف ان ذلك ليعجبني وعلى ذلك رأيت أمر الناس أن يدخل الذي يريد
الاعتكاف في العشر الأواخر حين تغرب الشمس من ليلة إحدى وعشرين ويصلى
المغرب فيه ثم يقيم فيه فيخرج حين يفرغ من العيد إلى أهله وذلك أحب الامر إلي
فيه (وسئل) ابن القاسم عن المعتكف أتأتيه امرأته في المسجد فتأكل معه وتحدثه
وتصلح رأسه (فقال) قال مالك لا أرى بذلك بأسا ما لم يمسها أو يتلذذ بشئ من
أمرها وذلك في الليل والنهار سواء (مالك) عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير
عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا اعتكف يدنى إلي رأسه فأرجله وكأن لا يدخل البيت الا الحاجة الانسان
(وقال مالك) لا بأس أن يتحدث المعتكف مع من يأتيه من غير أن يكثر
(وقال ابن نافع) إن كان المعتكف حكما فلا أرى أن يحكم بين أحد وهو معتكف
الا بالشئ الخفيف (قال ابن نافع) وسئل مالك عن المعتكف يدخل البيت لحاجة
الانسان فيلقاه صبيه فيقبله أو يشرب ماء وهو قائم (قال مالك) لا أحب ذلك له
ولا أرجو أن يكون من ذلك في سعة (وقال مالك) أكره للمعتكف أن يخرج
من المسجد فيأكل بين يدي الباب ولكن ليأكل في المسجد فان ذلك له واسع
(قال ابن نافع) وسئل مالك عن المعتكف يكون بيته قريبا من المسجد جدا
238

أيأكل فيه (فقال) لا يأكل المعتكف ولا يشرب الا في المسجد ولا يخرج من
المسجد الا لحاجة الانسان لغائط أو لبول (قيل) له أفيأكل في رحبة المسجد
(فقال) نعم رحبة المسجد متصلة بالمسجد يصلى فيها (قيل) له ففوق ظهر المسجد
(فقال) لا يأكل المعتكف فوق ظهر المسجد ولا يقيل فوقه (قال ابن وهب)
فقلت لمالك فيقيم المؤذن المعتكف الصلاة مع أصحابه المؤذنين فكره ذلك وقال إنه يقيم الصلاة ويمشى إلى الامام وذلك عمل (قال ابن نافع) وقال مالك لا يمشي
المعتكف إلى ناس في المسجد ليصلح بينهم ولا لينكح امرأة هو لنفسه ولا ينكحها
غيره فان جاؤه في معتكفه فنكح أو أنكح أو أصلح بين قوم فلا بأس بذلك
إذا كن خفيفا
(ما جاء في ليلة القدر)
(قال عبد الرحمن بن القاسم) قال مالك بن أنس سمعت من أثق به يقول إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك
فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغه غيرهم من طول العمر
فأعطاه الله ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر (قال ابن القاسم) قال مالك وبلغني
أن ابن المسيب كأن يقول من شهد العشاء ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها (قال
ابن وهب) قال مالك بن أنس في حديث النبي صلى الله عليه وسلم التمسوا ليلة القدر
في التاسعة والسابعة والخامسة. قال أرى والله أعلم أنه إنما أراد بالتاسعة من العشر
الأواخر ليلة احدى وعشرين والسابعة ليلة ثلاث وعشرين والخامسة ليلة خمس
وعشرين (ابن وهب) وابن القاسم عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تحروا ليلة القدر في العشر الا واخر من رمضان
(مالك) عن أبي النضر أن عبد الله بن أنيس الجهني قال يا رسول الله اني رجل
شاسع الدار فمرني بليلة أنزل لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل لها ليلة ثلاث
239

وعشرين من رمضان (كمل جميع كتاب الصوم وهو تمام
الجزء الأول) من المدونة الكبرى والحمد لله رب
العالمين على عونه واحسانه وتأييده ونصره وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وخيرته من
خلفه وعلى آله الطيبين وسلم تسليما
(ويتلوه كتاب الزكاة الأول وهو أول
الجزء الثاني من المدونة الكبرى)
* * * *
(تنبيه) كل حاشية منقولة من كتاب ابن المواز فهي من زوائد
بعض الرواة كابن وهب على المودة هكذا ذكر
بهامش الأصل الذي بأيدينا اه‍
240

المدونة الكبرى
لامام دار الهجرة الامام مالك بن انس الأصبحي
رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي
عن الامام عبد الرحمن بن القاسم العتقي
رضي الله تعالى عنهم أجمعين
* * * *
(الجزء الثاني)
(أول طبعة ظهرت على وجه البسيطة لهذا الكتاب الجليل)
* * *
(حقوق الطبع محفوظة للملتزم)
الحاج محمد أفندي ساسي المغربي التونسي
(التاجر بالفحامين بمصر)
(تنبيه)
قد جرى طبع هذا الكتاب الجليل على نسخة عتيقة جدا ينيف تاريخها عن
ثمانمائة سنة مكتوبة في رق غزال صقيل ثمين وفق الله سبحانه وتعالى بفضله
للحصول عليها بعد بذل المجهود وصرف باهظ النفقات ووجد في حواشي هذه
النسخة خطوط لكثير من أئمة المذهب كالقاضي عياض وأضرابه وقد نسب فيها
له أن المدونة فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف حديث
ومن الآثار ستة وثلاثون ألف أثر ومن المسائل أربعون ألف مسألة اه‍
(طبعت بمطبعة السعادة بجوار محافظة مصر سنة 1323 هجرية)
241

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
(كتاب الزكاة الأول من المدونة الكبرى)
(في زكاة الذهب والورق)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم ما قول مالك فيما زاد على المائتين من الدراهم أيؤخذ
منه فيما قل أو كثر بحساب ذلك (فقال) نعم ما زاد على المائتين قل أو كثر يكفيه
ربع عشره (قلت) ما قول مالك بن أنس في رجل له عشرة دنانير ومائة درهم
(فقال) عليه الزكاة (قلت) فما قوله في رجل له مائة درهم وتسعة دنانير قيمة التسعة
الدنانير مائة درهم (فقال) لا زكاة عليه فيها (قال) وقال مالك بن أنس إنما ينظر في
هذا إلى العدد إذا تكافأ كل دينار بعشرة دراهم قلت الدنانير أو كثرت إنما يجعل
كل دينار بعشرة دراهم على ما كانت عليه الدراهم في الزمان الأول فإن كانت تسعة
دنانير وعشرة دراهم ومائة درهم وجبت فيها الزكاة فأخذ من الفضة ربع عشرها
ومن الدنانير ربع عشرها وهكذا جميع هذه الوجوه ولا تقام الدنانير بالدراهم (قال
أشهب) وان زكاة العين يجمع فيها الذهب والفضة كما يجمع في زكاة الماشية الضأن
إلى المعز والجواميس إلي البقر والبخت إلى الإبل العراب (سحنون) وهي في البيع
أصناف مختلفة ولكنها تجمع في الزكاة والعشرة دراهم بالدينار أبدا والدينار بعشرة
دراهم في الزكاة أبدا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس أواق
زكاة والأوقية من الفضة أربعون درهما ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في
عشرين دينارا نصف دينار فعلم أن الدينار بعشرة دراهم سنة ماضية (قال) وقال
242

مالك بن أنس من كانت عنده دنانير وتبر مكسور يكون وزن التبر تمام عشرين
دينارا كانت فيه الزكاة وأخذ من الدنانير ربع عشرها ومن التبر كذلك وكذلك
الدراهم والتبر (قال) وقال مالك بن أنس من كانت له دنانير وجبت فيها الزكاة
فأراد أن يخرج ما وجب عليه من زكاة الدنانير دراهم بقيمتها فلا بأس بذلك (قلت)
أرأيت الدنانير تكون عند الرجل عشرة دنانير فيتجر فيها فتصير عشرين دينارا قبل
الحول بيوم أيزكيها إذا حال الحول قال نعم (قلت) لم وليس أصل الدنانير نصابا
(قال) لان ربح الدنانير ها هنا من المال بمنزلة غذاء الغنم منها التي ولدتها ولم يكن أصلها
نصابا فوجبت فيها الزكاة بالولادة فكذلك هذه الدنانير تجب فيها الزكاة بالربح فيها
(قلت) فإن كانت له عشرة دنانير حال عليها الحول عنده فاشترى بخمسة منها
سلعة وأنفق الخمسة الباقية ثم باع السلعة بعد ذلك بأيام أو بعد سنة أو سنتين بخمسة
عشر دينارا (قال) فإنه يزكى الخمسة عشر دينارا نصف دينار وإنما ذلك بمنزلة رجل
كانت له عشرون دينارا فأقرضها رجلا ثم اقتضى منها خمسة بعد سنة ثم اقتضي
الخمسة عشر الباقية بعد ذلك بأيام أو بسنة أو بسنتين فإنه يزكيها ساعة يقبضها نصف
دينار (قلت) فان أنفق خمسة من العشرة ثم اشترى سلعة بالخمسة الباقية فباعها بعد
أيام أو بعد سنتين بخمسة عشر دينارا (قال) لا شئ عليه حتى يبيعها بعشرين دينارا
(وقال سحنون) وقد احتج من يخالفه في هذه العشرة التي حال عليها الحول
فاشترى سلعة بخمسة وأنفق خمسة أو أنفق خمسة واشترى سلعة بخمسة فباعها بخمسة
عشر ان ذلك سواء لأنه مال واحد وأصل واحد حال على جميعه الحول وان كانت
العشرة لم يحل عليها الحول حتى اشترى بخمسة منها سلعة ثم أنفق الخمسة أو أنفق
الخمسة ثم اشترى بالخمسة الباقية سلعة لم يكن عليه في ثمن السلعة شئ إلا أن يبيعها
بعشرين لان ما أنفق قبل الحول لا يحسب فكما لا يحسب ما أنفق قبل الحول
فكذلك لا يترك أن يحسب ما أنفق بعد الحول قبل الشراء أو بعد الشراء (قال
ابن القاسم) وسألنا مالكا عن الذهب يكون للرجل عشرة دنانير فيبيعها بعد ما حال
243

عليها الحول بمائتي درهم هل ترى فيها الزكاة (قال) نعم ساعتئذ ولا يؤخر ذلك وإنما
ذلك بمنزلة رجل كانت عنده ثلاثون ضائنة حلوبا أو عشرون من الجواميس أو
أربعة من البخت فباع الضأن بعد الحول وقبل أن يأتيه الساعي بأربعين من المعز
وهي من غير ذوات الدر أو باع الجواميس بثلاثين من البقر أو باع البخت بعشرة
من العراب فان الساعي يأتيه فيزكيها لأنها إبل كلها وبقر كلها وغنم كلها وسنتها في
الزكاة أنه لا يفرق بينها وان كانت في البيوع مختلفة (ابن وهب) عن محمد بن مسلم
الطائفي عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لا صدقة في شئ من الزرع أو النخل أو الكرم حتى يكون خمسة أو سق ولا في
الرقة (1) حتى تبلغ مائتي درهم (أشهب) عن ابن لهيعة عمن أخبره عن صفوان بن
سليم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كل مائتي درهم خمسة دراهم وفي كل مائتي درهم خمسة دراهم وفي كل
عشرين مثقالا ذهبا نصف مثقال (قال ابن وهب) وأخبرني جرير بن حازم
والحارث بن نبهان عن الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق الهمذاني عن عاصم بن
ضمرة والحارث الأعور عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه قال هاتوا إلى ربع العشر من كل أربعين درهما وليس عليك شئ حتى تكون
لك مائتا درهم فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس
عليك شئ حتى تكون لك عشرون دينارا فإذا كانت لك وحال عليها الحول ففيها
نصف دينار فما زادت فبحساب ذلك. قال فلا أدرى أعلى يقول بحساب ذلك أم
يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن جريرا قال في الحديث عن النبي عليه الصلاة
والسلام أنه قال وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول (ابن مهدي) عن سفيان
الثوري عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال في كل مائتي
درهم خمسة دراهم فما زاد فبالحساب (ابن مهدي) وذكر سفيان وشعبة عن المغيرة

(1) (الرقة) قال في المنتقي الرقة اسم للورق وحكي القاضي عياض ان من أصحابنا من قال هو
اسم للذهب والورق قال والرقة بالتخفيف. والتشديد فيها غلط اه‍ من هامش الأصل
244

عن إبراهيم بمثل قول على فما زاد
(باب ما جاء في المال يشترى به صاحبه بعد الحول قبل أن يؤدى زكاته)
(قال) ما جاء في المال يشترى به صاحبه بعد الحول قبل أن يؤدى زكاته)
(قال) وقال مالك بن أنس ولو أن رجلا كانت عنده عشرون دينارا فحال عليها
الحول فابتاع بها سلعة ولم يكن أخرج زكاتها فأقامت السلعة بعد الحول عنده حتى
حال عليها حول آخر ثم باعها بأربعين دينارا (فقال) يزكي عشرين دينارا للسنة
الأولى نصف دينار ثم يزكي للسنة الثانية تسعة وثلاثين دينارا ونصف دينار (قلت)
ولم لا يزكي الأربعين كلها للسنتين (فقال) لان المال إذا أخذ منه نصف دينار نقص
فإنما يزكي ما بعد نقصانه لان النصف حين أعطاه المساكين فكأنه إنما أعطاه يوم
حال عليه الحول وصارت عليه الزكاة فيما بقي للسنة الثانية (ابن عتاب) قال أشهب
وإن كان عنده عرض يكون قيمته نصف دينار أ أكثر زكى الأربعين للسنة
الأدنى دينارا وزكى للحول الأول نصف دينار لان التفريط يحسب عليه شبه الدين
وله عرض يحمل دينه (قال) وقال لي مالك بن أنس وان اشترى سلعة بالعشرين
الدينار بعد الحول ولم يكن زكى العشرين حتى مضى الحول ثم باع السلعة بعد ذلك
بستة أشهر بثلاثين دينارا (قال) لا زكاة عليه الا في العشرين الدينار ويستقبل بالتسعة
والعشرين الدينار ونصف دينار حولا من يوم حال الحول على العشرين (قلت)
أرأيت لو كانت لرجل مائة دينار حال عليها الحول فاشترى بها خادما فمات الخادم أعليه
الزكاة في الدنانير (قال) نعم لأنه حين اشترى الخادم بعد ما حال الحول على المائة ضمن
الزكاة (قال) قلت وهذا قول مالك بن أنس قال نعم (قلت) فان حال الحول وهي
عنده ففرط في زكاتها حتى ضاعت (قال) عليه الزكاة وإن كان لم يفرط فلا زكاة
عليه فيها (قلت) وهذا قول مالك بن أنس قال نعم
(في زكاة الحلي)
(قال) وقال مالك بن أنس كل حلى هو للنساء اتخذنه للبس فلا زكاة عليهن فيه
245

(قال) فقلنا لمالك فلو أن امرأة اتخذت حليا تكريه تكتسب عليه الدراهم مثل
الجيب (1) وما أشبهه تكريه للعرائس لذلك عملته (فقال) لا زكاة فيه (قال) وما
انكسر من حليهن فحبسنه ليعدنه أو ما كان للرجل من حلى يلبسه أهله وأمهات
أولاده وخدمه والأصل له فلا زكاة عليه فيه وما انكسر منه مما يريد أن يعيده
لهيئته فلا زكاة فيه عليه وما ورث الرجل من أمه أو من بعض أهله فحبسه للبيع أو
لحاجة ان احتاج إليه يرصده لعله يحتاج إليه في المستقبل ليس يحبسه للبس (فقال)
أرى عليه فيما فيه من الذهب والورق الزكاة إن كان فيه ما يزكى أو كان عنده
من الذهب والورق ما تتم به الزكاة (قال) ولا أرى في حلية السيف ولا المصحف
ولا الخاتم زكاة (قال) وقال مالك فيمن اشترى حليا للتجارة وهو ممن لا يدير التجارة
فاشترى حليا فيه الذهب والفضة والياقوت والزبرجد واللؤلؤ فحال عليه الحول وهو
عنده (فقال) ينظر إلى ما فيه من الورق والذهب فيزكيه ولا يزكي ما فيه من اللؤلؤ
والزبرجد والياقوت حتى يبيعه فإذا باعه زكاه ساعة يبيعه إن كان قد حال عليه الحول
(قال) وإن كان ممن يدير ماله في التجارات إذا باع اشترى قوم ذلك كله في شهره
الذي يقوم فيه ماله فزكاه لؤلؤه وزبرجده وياقوته وجميع ما فيه الا التبر الذهب
والفضة فإنه يزكى وزنه ولا يقومه (وقد روى) ابن القاسم وعلي بن زياد وابن نافع
أيضا إذا اشترى رجل حليا أو ورثه فحبسه لبيع كلما احتاج إليه باع أو لتجارة زكاه
(وروى) أشهب فيمن اشترى حليا للتجارة معهم (2) وهو مربوط بالحجارة

(1) (قوله مثل الجيب) هو حلى يوضع في الصدور على موضع الجيب اه‍ من هامش الأصل
(2) (قوله زكاه) ليس هذا اللفظ ثابتا في كل رواية وقد ذكر ابن أبي زمنين أنه ثبت في
بعض الروايات وبثبوته تصح المسألة عند بعض الشيوخ ويكون هذا الحلي غير مربوط بحجارة
ورأيت لبعض الشيوخ ما تأولته اه‍ ولفظ معهم مضروب عليه في بعض الروايات وإذا ثبت لم يثبت
لفظ زكاه وإذا ثبت زكاه لم يثبت معهم اه‍ ومعني معهم أن أشهب قاله مع ابن القاسم وعلي وابن نافع
المتقدم ذكرهم وإذا ثبت معهم أيضا خرج منها من قول ابن القاسم أن الحلي المربوط بالحجارة
لا يتحرى وزنه للزكاة ويكون حكمه حكم العروض والمعروف من قول ابن القاسم انه يزكي وزنه إن كان
يقدر على نزعه دون مضرة ويزكي قيمته إذا كان فيه مضرة اه‍ ابن رشد اه‍ من هامش الأصل
246

ولا يستطيع نزعه فلا زكاة عليه فيه حتى يبيعه وإن كان ليس بمربوط فهو بمنزلة
العين يخرج زكاته في كل عام (وقال أشهب) وابن نافع في روايتهما انه بمنزلة
العرض يشترى للتجارة وهو ممن أو لا يدير يزكى قيمته في الإدارة ويزكى ثمنه
إذا باع زكاة واحدة إذا بلغ ما تجب فيه الزكاة إذا كان ممن لا يدير (قلت) فإن كان ممن يدير ماله في التجارة أولا يدير فاشترى آنية الفضة أو الذهب وزنها
أقل من قيمتها أيزكي قيمتها أم ينظر إلى وزنها (قال) ينظر إلى وزنها ولا ينظر إلى
قيمتها (قلت) فإن كانت قيمة هذه الآنية ألف درهم للصياغة التي فيها ووزنها
خمسمائة درهم (قال) إنما ينظر إلى وزنها ولا ينظر إلى الصياغة (قلت) فهل تحفظ
هذا من مالك (قال) قال مالك كل من اشترى حليا للتجارة ذهبا أو فضة فإنه
يزنه ويخرج ربع عشره ولم يقل يقومه (قال ابن القاسم) ومما يدلك على هذا أنه
لو اشترى اناء مصوغا فيه عشرة دنانير وقيمته بصياغته عشرون دينارا فحال عليه
الحول انه لا زكاة عليه فيه إلا أن يبيعه بما تجب فيه الزكاة فان باعه بما تجب فيه
الزكاة وقد حال على الاناء عنده الحول زكاة ساعة يبيعه لان هذا عندي بمنزلة مال
لا تجب فيه الزكاة فحال عليه الحول فربح فيه فباعه بتمام ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه
مكانه (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (ابن القاسم) عن مالك قال حدثني عبد
الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تلى
بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج منه الزكاة (أشهب) عن سليمان
ابن بلال أن يحيى بن سعيد حدثه أن إبراهيم بن أبي المغيرة أخبره انه سأل القاسم بن
محمد عن زكاة الحلي فقال ما أدركت أو ما رأيت أحدا صدقه (قال ابن وهب) قال
يحيى فسألت عمرة عن صدقة الحلي فقالت ما رأيت أحدا يصدقه ولقد كان لي عقد
قيمته اثنتا عشرة مائة فما كنت أصدقه (أشهب) عن ابن لهيعة عن عمارة بن غزية
حدثه عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عبد الله بن مسعود وأنس بن مالك كانا يقولان
ليس في الحلي زكاة إذا كان يعار وينتفع به (ابن وهب) قال ابن لهيعة وأخبرني
247

عميرة بن أبي ناحية حدثه عن زريق بن حكيم (1) أنه قال كان عندي حلى فسألت ابن
المسيب عن زكاته فقال إن كان موضوعا لا يلبس فزكه (ابن وهب) قال ابن لهيعة
وأخبرني خالد بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه قال ليس في الحلي زكاة
إذا كان يعار ويلبس وينتفع به (أشهب) عن المنذر بن عبد الله أن هشام بن عروة
حدثه عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت عميس انه كان لها حلى فلم تكن تزكيه
قال هشام ولم أر عروة يزكي الحلي (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم
عن جابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعبد الله بن مسعود والقاسم بن محمد وسعيد
ابن المسيب وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعمرة ويحيى بن سعيد قالوا ليس في الحلي
زكاة (ابن مهدي) عن هشام عن قتادة عن سعيد والحسن وعمر بن عبد العزيز قالوا
زكاة الحلي أن يعار ويلبس (ابن مهدي) عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر
قال إن الحلي إذا كان يوضع كنزا فان في كل مال يوضع كنزا الزكاة وأما حلى تلبسه
المرأة فلا زكاة فيه
(في زكاة أموال العبيد والمكاتبين)
(قلت) ما قول مالك في أموال العبيد والمكاتبين وأمهات الأولاد أعليهم صدقة
في عبيدهم وحروثهم وفي ناضهم وفيما يديرون للتجارة زكاة فقال لا (قلت) وهو
قول مالك قال نعم هو قول مالك (قال) وقال مالك ليس عليهم إذا عتقوا وأموالهم
في أيديهم زكاة حتى يحول الحول على أموالهم التي في أيديهم من يوم عتقوا (قال)
وقال مالك ليس في مال العبد والمكاتب والمدبر وأم الولد زكاة لا في أموالهم ولا في
مواشيهم ولا في حروثهم (قال) وقال مالك ليس في أموال العبد زكاة لا على العبد
ولا على السيد (قلت) أرأيت أن قبض الرجل مال عبده أيزكيه مكانه أم حتى
يحول عليه الحول (قال) لا زكاة على السيد فيه حتى يحول الحول عليه من يوم قبضه

(1) (زريق بن حكيم) بالتصغير فيهما وزريق هذا هو والد عبد الرحمن بن خالد الإسكندراني
صاحب ابن القاسم اه‍ من هامش الأصل
248

(قلت) وهذا قول مال قال نعم (قلت) أرأيت المكاتب أعليه عشر ما أخرجت
الأرض قال لا (قلت) وليس عليه في شئ من الأشياء زكاة (قال) نعم قال مالك
ليس عليه في شئ من الأشياء زكاة (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فهل
يؤخذ من عبيد المسلمين إذا تجروا أو مكاتبيهم زكاة فقال لا (قلت) وهذا قول
مالك قال نعم (قلت) أرأيت العبد أو المكاتب أيكون في شئ من أموالهم الزكاة
في ماشية أو حرث أو في ناض في قول مالك فقال لا (ابن وهب) عن عبد الله
ابن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه قال ليس على العبد ولا على المكاتب زكاة في ماله
(قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن جابر بن عبد الله وسليمان بن
يسار وابن شهاب وعطاء بن أبي رباح وعبد الرحمن الأعرج وعمر بن عبد العزيز ويحيى
ابن سعيد وعبد الله بن أبي سلمة وابن قسيط مثله (قال ابن مهدي) وحدثني حماد
ابن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن قال ليستأذن مولاه فان أذن له زكى (ابن
مهدي) عن صخر بن جويرية عن نافع عن عبد الله بن عمر قال ليس على العبد في
ماله زكاة ولا يصلح له أن يعطى الا باذن سيده شيئا من ماله ولا يتصدق إلا أن
يأكل بالمعروف أو يكتسي أو ينفق على أهله إن كان له أهل (ابن وهب) قال ابن مهدي وأخبرني رجال من أهل العلم أن عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز وعطاء
وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب أنهم قالوا ليس على المكاتب في ماله زكاة (ابن
مهدي) قال أبو عوانة عن أبي الجهم أنه سأل ابن المسيب فقال لا وسألت ابن
جبير فقال لا فقلت ان عنده وفاء وفضلا قال وإن كان عنده فضل ملء ذا وأشار بيده
يعنى ما بين السماء والأرض (ابن وهب) عن سفيان الثوري عن عمرو بن ميمون
عن أبيه أن جدته مرت على مسروق بالسلسلة وهي مكاتبة فلم يأخذ منها شيئا
(ما جاء في أموال الصبيان والمجانين)
(قلت) هل في أموال الصبيان والمجانين زكاة (فقال) سألنا مالكا عن الصبيان
فقال في أموالهم الصدقة وفي حروثهم وفي ناضهم وفي ماشيتهم وفيما يديرون للتجارة
249

(قال ابن القاسم) والمجانين عندي بمنزلة الصبيان (أشهب) عن ابن لهيعة عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال اضربوا
بأموال اليتامى وأتجروا بأموال اليتامى لا تأكلها الزكاة (أشهب) وقال مالك بلغني
ان عمر بن الخطاب قال مثل ذلك سواء (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عقيل عن
ابن شهاب أن عمر بن الخطاب قاله (أشهب) عن مالك بن أنس وسفيان بن عيينة
أن عبد الرحمن بن القاسم حدثهما عن أبيه أنه قال كانت عائشة تليني أنا وأخا لي
يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة (ابن وهب) عن سليمان بن
بلال أن عبد الرحمن بن الحارث حدثه أنه سمع القاسم بن محمد يقول كنا يتامى في
حجر عائشة وكانت لنا عندها أموال فكانت تقارض أموالنا فتخرج من الربح قدر
الزكاة (ابن وهب) عن الليث أن نافعا حدثه أن ابن عمر كأن يكون عنده اليتامى
فيخرج صدقة أموالهم من أموالهم (قال أشهب) قال أبو الزناد وحدثني الثقة أن
ابن عمر أتي بمال يتيم أخواله من بنى جمح وهو موسى بن عمر بن قدامة فأبى أن يقبله
إلا أن يؤدى زكاة ماله كل عام فأبوا فأبى (وقال ابن وهب) عن يزيد بن عياض
عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اضربوا للتيامى في أموالهم
ولا تضعوها فتذهب بها الزكاة (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم
أن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وربيعة
ابن أبي عبد الرحمن وعطاء كانوا يقولون تخرج من مال اليتيم الزكاة (أشهب) عن
ابن لهيعة أن سليمان بن يسار وابن شهاب قالا في مال المجنون الزكاة (ابن مهدي)
عن سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن لأبي رافع قال باع لنا علي بن أبي
طالب أرضا بثمانين ألفا فأعطاناها فإذا هي تنقص فقال إني كنت أزكيها (ابن
مهدي) عن شعبة بن الحجاج عن الحكم قال ولي على مال بنى أبى رافع فكان
يزكيه (ابن مهدي) عن أبي عوانة عن الحكم بن عيينة أن عمر وعليا وعائشة كانوا
يزكون أموال اليتامى (ابن مهدي) عن إسرائيل بن يونس عن عبد العزيز بن
250

رفيع عن مجاهد قال قال عمر بن الخطاب اتجروا بأموال اليتامى وأعطوا صدقتها
(في زكاة السلع)
(قال) وقال مالك إذا كن الرجل إنما يشتري النوع الواحد من التجارة أو الأنواع
وليس ممن يدير ماله في التجارات فاشترى سلعة أو سلعا كثيرة يريد بيعها فبارت
عليه ومضى الحول فلا زكاة عليه فيها وان مضى لذلك أحوال حتى يبيع فإذا باع زكى
زكاة واحدة وإنما مثل هذا مثل الرجل يشتري الحنطة في زمان الحصاد فيريد البيع
في غير زمان الحصاد ليربح فتبور عليه فيحبسها فلا زكاة عليه فيها (قال علي بن زياد)
قال مالك الامر عندنا في الرجل يكون له من الدين ما تجب فيه الزكاة فيغيب عنه
سنين ثم يقبضه انه ليس عليه فيه الا زكاة واحدة إذا قبضه قال والدليل على أنه ليس
على الرجل في الدين يغيب عنه سنين ثم يقبضه الا زكاة واحدة وفى العروض يبتاعها
للتجارة فيمسكها سنين ثم يبعها أنه ليس عليه الا زكاة واحدة أنه لو وجب على رب
الدين أن يخرج زكاته قبل أن يقبضه لم يجب عليه أن يخرج في صدقة الدين الا دينا
يقطع به لمن يلي ذلك على الغرماء يتبعهم به ان قبض كان له وان تلف كان منه
من أجل أن السنة أن تخرج صدقة كل مال منه (قال سحنون) وإنما
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة في الحرث والعين والماشية فليس في العروض
شئ حتى تصير عينا (قلت) أرأيت لو أن رجلا كانت عنده دابة للتجارة استهلكها
رجل فضمن قيمتها فأخذ منه رب الدابة سلعة بقيمتها التي وجبت له أيكون عليه في
قيمة هذه السلعة التي للتجارة زكاة (فقال) إن كان نوى بالسلعة التي أخذ التجارة
زكى ثمنها ساعة ببيعها إذا كان الحول قد حال على أصل هذا المال من يوم زكي أصل
هذا المال وهو ثمن الدابة المستهلكة وإن كان حين أخذ السلعة بقيمة الدابة المستهلكة
لم ينو بها التجارة ونوى بها القنية فلا شئ عليه فيها وان باعها حتى يحول الحول على ثمنها
من يوم باعها وإن كان أخذ في قيمة الدابة المستهلكة دنانير أو دنانير أو دراهم وقد حال الحول
على الأصل زكى الدنانير والدراهم ساعة يقبضها وإن لم يكن حال الحول ثم اشترى بتلك
251

الدنانير والدراهم سلعة فان نوى بها التجارة فهي للتجارة وان نوى بها حين اشتراها
القنية فهي على القنية لا زكاة عليه في ثمنها إذا باعها حتى يحول على ثمنها الحول (قلت)
وهو قول مالك (فقال) قول مالك في البيع مثل هذا ورأيت أنا هذه المسألة في
الاستهلاك مثل قول مالك في البيع (قلت) أرأيت لو أن رجلا كانت عنده سلعة
فباعها بعد ما حال عليها الحول بمائة دينار (فقال) إذا قبض المائة زكاها مكانه (قلت)
فإن لم يقبض المائة ولكنه أخذ بها ثوبا قيمته عشرة دنانير (فقال) لا شئ عليه في
الثوب حتى يبيعه (قلت) فان باع الثوب بعشرة دنانير (قال) لا شئ عليه فيها وقد
سقطت الزكاة عنه إلا أن يكون له مال قد جرت فيه الزكاة إذا أضافه كان فيهما
الزكاة (قلت) فان باعها بعشرين دينارا (فقال) يزكي يخرج ربع عشرها نصف
دينار (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت عبدا اشتراه رجل للتجارة
فكاتبه فمكث عنده سنين يؤدى فاقتضى منه مالا ثم عجز فرجع رقيقا فباعه مكانه
أيؤدي من ثمنه زكاة التجارة أم هو لما رجع إليه صار فائدة (فقال) إذا عجز فرجع رقيقا
رجع الا الأصل وكان للتجارة ولا تنقض الكتابة ما كان ابتاعه له لان ملكه لم
يزل عنه وإنما مثل عندي مثل ما لو أنه باع عبدا له من رجل فأفلس المشترى
فأخذ عبده أو أخذ عبدا من غريمه في دينه فإنه يرجع إلي الأصل ويكون للتجارة
كما كان (قال) وكذلك لو أن رجلا اشترى دارا للتجارة فواجرها سنين ثم باعها
بعد ذلك فإنها ترجع إلي الأصل ويزكيها على التجارة ساعة يبيع (قلت) أرأيت
الرجل يتكارى الأرض للتجارة ويشترى الحنطة فيزرعها يريد ذلك التجارة (فقال)
قال لي مالك في هذا إذا اكترى الرجل الأرض واشترى حنطة فزرعها يريد
بذلك التجارة فإذا حصد زرعه أخرج منه العشر إن كان مما يجب فيه العشر أو
نصف العشر إن كان مما يجب فيه نصف العشر فان مكثت الحنطة عنده بعد
ما حصدها وأخرج منها زكاة حصادها حولا ثم باعها فعليه الزكاة يوم باعها
وإن كان باعها قبل الحول فلا زكاة عليه حتى يحول عليها الحول من يوم أدى زكاة
252

حصادها وإن كان تكارى الأرض وزرعها بطعامه فحصده وأدى زكاته حين حصده
ورفع طعامه فأكل منه وفضلت منه فضلة فباعها كانت فائدة ويستقبل بها حولا
من يوم نض في يديه. وان كانت له الأرض فزرعها للتجارة فإنه إذا رفع زرعه
وحصده زكاه مكانه ولم يكن عليه إذا باع في ثمنه زكاة حتى يحول عليه الحول من
يوم قبض ثمنه (قلت) أرأيت من اكترى أرضا للتجارة واشترى حنطة وهو ممن
يدير التجارة فزرع الأرض أيكون عليه عشر ما أخرجت الأرض قال نعم (قلت)
فان هو أخرج عشر ما أخرجت الأرض فحال عليه الحول أيزكي زكاة التجارة وهو
ممن لا يدير ماله في التجارة (فقال) لا حتى يبيع الحنطة بعد الحول فإذا باع زكى الثمن
مكانه (قلت) فمن أين تحسب السنة أمن يوم اشترى الحنطة للتجارة واكتري
الأرض أم من يوم أدى زكاة الزرع (فقال) من يوم أدى زكاة الزرع (قلت) فان
هو باع الحنطة قبل أن يحول عليها الحول من يوم أدى زكاة عشر ما أخرجت الأرض
(فقال) ينتظر حتى تأتي السنة من يوم أخرج العشر (قلت) فإن كان هذا يدير ماله
في التجارة (فقال) إذا رفع زرعه زكى العشر ويستقبل من يوم زكى الزرع سنة كاملة
فإذا جاءت السنة فإن كان له مال سوى هذا الناض ناض في سنته هذه زكى
هذه الحنطة وإن لم يبعها وهذا مخالف للذي لا يدير ماله لان الذي يدير ماله هذه
الحنطة في يديه للتجارة وعنده مال ناض غير هذه الحنطة فلما حال الحول على هذه الحنطة
لم يكن له بد من أن تقوم هذه الحنطة (قلت) أرأيت لو أن رجلا اشترى عروضا
للتجارة فبدا له فجعل ذلك لجمال بيته واقتناه أتسقط عنه زكاة التجارة قال نعم (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ربيعة بن أبي عبد
الرحمن أنه قال إن بارت عليه العروض ولم يخلص إليه ماله فليس عليه صدقة حتى
يخلص إليه وإنما فيه إذا خلص العرض والدين وصار عينا ناضا صدقة واحدة (وقال)
عطاء بن أبي رباح ويحيى بن سعيد مثل قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن
253

(في زكاة الذي يدير ماله)
(قال) وقال مالك إذا كان رجل يدير ماله في التجارة كلما باع اشترى مثل الحناطين
والبزازين والزياتين ومثل النجار الذين يجهزون الأمتعة وغيرها إلى البلدان (فقال)
ليجعلوا لزكاتهم شهرا من السنة فإذا جاء ذلك أشهر قوموا ما عندهم مما هو للتجارة
وما في أيديهم من الناض فزكوا ذلك كله (قال) فقلت لمالك فإن كان له دين
على الناس (فقال) يزكيه مع ما يزكى من تجارته يوم يزكي تجارته إن كان دينا يرتجى
اقتضاؤه (قال) فقلت له فان جاءه عام آخر ولم يقتض (فقال) يزكيه أيضا (قال)
ومعنى قوله في ذلك أن العروض والدين سواء لان العروض لو بارت عليه وهو
ممن يقوم يريد من يدير التجارة زكى العروض السنة الثانية فالدين والعروض في
هذا سواء فلو لم يكن على الدين شئ في السنة الثانية لم يكن على العروض شئ في
السنة الثانية لأنه لا زكاة في عرض على من لا يدير التجارة حتى يبيع ولا في دين
حتى يقتضى فلما كان الذي يدير التجارات الذي لا يشترى الا باع يزكي عروضه
التي عنده فكذلك يزكي دينه الذي يرتجى اقتضاؤه (قال) وقال مالك إذا كان
الرجل يدير ماله في التجارة فجاء يومه الذي يقوم فيه وله دين من عروض أو غير
ذلك على الناس لا يرجوه (فقال) إذا كأن لا يرجوه لا يقومه وإنما يقومه ما يرتجيه
من ذلك (قال مالك) ويقوم الرجل الحائط إذا اشتراه للتجارة إذا كان يدير ماله
في التجارة (قال ابن القاسم) ولا يقوم الثمر لان الثمر فيه زكاة الثمر فلا يقومه
مع ما يقوم من ماله ولأنه غلة بمنزلة خراج الدار وكسب العبد وان اشترى رقابهما
للتجارة وهي بمنزلة غلة الغنم ما يكون من صوفها ولبنها وسمنها وإن كان رقابها
للتجارة أو للقنية (قلت) أرأيت رجلا كان يدير ماله للتجارة لا ينض له شئ
فاشترى بجميع ما عنده حنطة فلما جاء شهره الذي يقوم فيه كان فيه كان جميع ماله الذي يتجر
فيه حنطة فقال أنا أؤدي إلى المساكين ربع عشر هذه الحنطة كيلا ولا أقوم (فقال)
قال لي مالك بن أنس إذا كان رجل يدبر ماله في التجارة ولا ينض له شئ إنما يبيع
254

العرض بالعرض فهذا لا يقوم ولا شئ عليه أي لا زكاة ولا يقوم حتى ينض له بعض ماله
(قال مالك) ومن كان يبيع بالعين والعرض فذلك الذي يقوم (قال سحنون)
وكذلك روى ابن وهب عن مالك في الذي لا ينض له شئ إنما يبيع العرض بالعرض
(قلت) أرأيت أن كان يدير ماله للتجارة فحالت عليه أحول لا ينض له منها شئ
ثم إنه باع منها بدرهم واحد ناض (فقال) إذا نض مما في يديه من العروض بعد
الحول وان درهما واحدا فقد وجبت الزكاة ويقوم العرض مكانه حين نض هذا
الدرهم فيزكيه كله ويستقبل الزكاة من ذي قبل (قلت) فان أتت السنة من
ذي قبل وليس عنده من الناض شئ وماله كله في العروض وقد كان في وسط السنة
وفى أولها وآخرها قد كان ينض له إلا أنه لما حال الحول ذلك اليوم لم يكن عنده من
الناض شئ وكان جميع ما في يديه عرضا (فقال) يقوم ويزكي لان هذا قد كان يبيع في
سنته بالعين والعروض (قلت) فان هو باع من ذي قبل العرض ولم ينض له
شئ حتى أتى الحول وجميع ما عنده عرض أيقوم (فقال) لا يقوم لا ن هذا لم ينض
له شئ في سنته هذه وإنما كان رجل يبيع العرض بالعرض فلا تقويم عليه ولا زكاة
حتى ينض له مما في يديه شئ من يوم زكى إلى أن يحول الحول من ذي قبل
(قلت) فان باع بعد الحول فنض له وان درهما واحدا زكاه فقال نعم (قلت)
ويكون هذا اليوم الذي زكى فيه وقته ويستقبل حولا من ذي قبل ويلغي الوقت
الأول (فقال) نعم لان مالكا قال لي لا يقوم من يبيع العرض بالعرض لا ينض له
شئ (ابن وهب) قال أخبرني الليث بن سعد وعمر وبن الحارث عن يحيى بن سعيد
عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه أنه كان يبيع الجلود والقرون (1) فإذا فرغ منها
اشترى مثلها فلا يجتمع عنده أبدا ما تجب فيه الزكاة فمر به عمر بن الخطاب وعليه
جلود يحملها للبيع فقال له زك مالك يا حماس فقال ما عندي شئ تجب فيه الزكاة
فقال قوم فقوم ما عنده ثم أدى زكاته (قال سحنون) قال عمرو بن الحارث وقال

(1) (والقرون) هي جعايب النبل واحدها قرن وهي من جلد اه‍ من هامش الأصل
255

يحيى بن سعيد إنما هذا للذي يدير ماله فلو أنه كأن لا يقوم ماله لم يزك أبدا وأما الذي
تكسد سلعته فلا زكاة عليه حتى يبيع
(في زكاة القرض وجميع الدين)
(قلت) أرأيت لو أني أقرضت رجلا مائة دينار قد وجبت على زكاتها فلم أخرج
زكاتها حتى أقرضتها فمكثت عند الذي أقرضتها إياه سنتين ثم ردها ما ذا يجب على
من زكاتها (قال) زكاة عامين وهي الزكاة التي وجبت عليك وزكاة عام بعد ذلك
أيضا قال وهذا قول مالك (قلت) أرأيت دينا لي على رجل أقرضته مائة دينار فأقام
الدين عليه أعواما فاقتضيت منه دينارا واحدا أترى أن أزكي هذا الدينار فقال لا
(قلت) فان اقتضيت منه عشرين دينارا (فقال) تزكي نصف دينار (قلت) فان
اقتضيت منه دينارا بعد العشرين الدينار (قال) تزكي من الدينار ربع عشره (قلت)
فإن كان قد أتلف العشرين كلها ثم اقتضى دينارا بعد ما أتلفها (فقال) نعم يزكيه وإن كان
أتلف العشرين لأنه لما اقتضى العشرين صار ما لا تجب فيه الزكاة فما اقتضى
بعد هذا فهو مضاف إلى العشرين وان كانت العشرون قد تلفت (قلت) ولم لا
يزكى إذا اقتضى ما دون العشرين (فقال) لأنا لا ندري لعله لا يقتضي غير هذا
الدينار والزكاة لا تكون في أقل من عشرين دينارا (قلت) أليس يرجع هذا
الدينار إليه على ملكه الأول وقد حال عليه الحول فلم لا يزكيه (قال) لان الرجل
إذا كانت عنده مائة الدينار فمضى لها حول فلم يفرط في زكاتها حتى ضاعت كلها
الا تسعة عشر دينارا لم يكن عليه فيها زكاة لأنها قد رجعت إلي ما لا زكاة فيه
وكذلك هذا الدين حين اقتضى منه دينارا قلنا لا زكاة عليك حتى تقبض ما تجب
فيه الزكاة لأنا لا ندري لعلك لا تقتضي غيره فتزكى ما لا تجب فيه الزكاة ومن كان
اقتضى ما تجب فيه الزكاة زكاه ثم يزكي ما اقتضي من الدين من قليل أو كثير
(قلت) أرأيت أن كانت عنده عشرون دينارا وله مائة دينار دين على الناس أيزكي
العشرين إن كان الدين قد حال عليه الحول ولم يحل على العشرين الحول (فقال) لا
256

(قلت) فان اقتضى من الدين أقل من عشرين دينارا أفيزكيه مكانه قال لا
(قلت) لم فقال لان العشرين التي عند ليست من الدين وهي فائدة لم يحل عليها
الحول (قلت) فان حال الحول على العشرين التي عنده وقد كان اقتضى من الدين
أقل من عشرين دينارا (فقال) يزكي العشرين الدينار الآن وما اقتضى من الدين جميعا
(قلت) فإن كانت عنده العشرون الدينار ولم يقبض من الدين شيئا حتى حال الحول
على العشرين ثم اقتضى من الدين دينارا واحدا أيزكي الدينار الذي اقتضى قال نعم
(قلت) فان تلفت العشرون فاقتضى دينارا بعدها أيزكيه قال نعم (قلت) وما
الفرق بين ما اقتضى من الدين وبين الفائدة جعلت ما اقتضى من الدين تجب فيه
الزكاة يزكي كل ما اقتضى بعد ذلك وإن كان الذي اقتضى أولا قد تلف وجعلته في
الفائدة ان تلفت قبل أن يحول عليها الحول ثم اقتضى من الدين شيئا لم يزكه إلا أن
يكون اقتضى من الدين ما تجب فيه الزكاة (فقال) لان الفائدة ليست من الدين إنما
تحسب الفائدة عليه من يوم ملكها وما اقتضى من الدين يحسب عليه من يوم ملكه
وقد كان ملكه لهذا الدين قبل السنة فهذا فرق ما بينهما (قلت) وهذا قول مالك
قال نعم (قال ابن القاسم) ولو أن رجلا كانت له مائة دينار فأقامت في يديه ستة أشهر
ثم أخذ منها خمسين دينارا فابتاع بها سلعة فباعها بثمن إلى أجل فان بقيت الخمسون
في يديه حتى يحول عليها الحول زكاها ثم ما اقتضى بعد ذلك من ثمن تلك السلعة
من قليل أو كثير زكاه وان كانت الخمسون قد تلفت قبل أن يحول عليها الحول
وتجب فيها الزكاة فلا زكاة عليه فيما اقتضى حتى يبلغ ما اقتضى عشرين دينارا فان
بقيت الخمسون في يديه حتى يزكيها ثم أنفقها بعد ذلك فأقام دهرا ثم اقتضى من الدين
دينارا؟ ساعدا فإنه يزكيه لان هذا الدينار من أصل مال قد وجبت فيه الزكاة وهي
الخمسون؟ زكاها فالدين على أصل تلك الخمسين لأنه حين وجبت الزكاة في الخمسين
صار أصل الدين وأصل الخمسين واحدا في وجوب الزكاة ويفترقان في أحوالهما وإنما
مثل ذلك مثل الرجل يبيع السلعة بمائة دينار ولا مال له غيرها فتقيم سنة في يد المشتري
257

ثم يقتضي منها عشرين دينارا فيخرج منها نصف دينار ثم يستهلكها ثم يقتضي بعد
ذلك من ذلك الدين شيئا فما اقتضى من قليل أو كثير فعليه فيه الزكاة لان أصله كان
واحدا (قال) وكل مال كان أصله واحدا أقرضت بعضه أو ابتعت سلعة فبعتها
بدين ويبقى بعض المال عندك وفيم أبقيت ما تجب فيه الزكاة فلم تتلفه حتى زكيته فهو
والمال الذي أقرضت أو ابتعت به سلعة فبعت السلعة بدين فهو أصل واحد يعمل فيها
كما يعمل فيه لو ابتيع به كله فإذا اقتضى مما ابتيع به كله عشرين دينارا وجب فيه
نصف دينار وما اقتضى بعد ذلك من قليل أو كثير ففيه الزكاة وإن كان قد استهلك
العشرين التي اقتضى قال وهذا قول مالك بن انس (قال ابن القاسم) وكل مال
كان أصله واحدا فأسلفت بعضه أو ابتعت ببعضه سلعة وأبقيت منه في يديك مالا
تجب فيه الزكاة فحال عليه الحول وهو في يديك ثم أتلفته فإنه يضاف ما اقتضيت إلى
ما كان في يديك مما لا زكاة فيه فإذا تم ما اقتضيت إلى ما كان في يديك مما أنفقت
بعد الحول فإنه إذا تم عشرين دينارا فعليك فيه الزكاة ثم ما اقتضيت بعد ذلك من قليل
أو كثير فعليك فيه الزكاة وكل مال كان أصله واحدا فابتعت ببعضه سلعة أو أسلفت
بعضه وأبقيت في يديك مالا تجب فيه الزكاة ثم استهلكته قبل أن يحول عليه الحول
فإنه لا يضاف شئ من مالك خارجا من دينك إلى شئ منه وما اقتضيت منه قبل أن
يحول عليه الحول واستهلكته قبل أن يحول عليه الحول فهو كذلك لا يضاف إلى
ما بقي عليه من دينك ولكن ما حال عليه الحول في يديك مما فيه الزكاة أولا
زكاة فيه فإنه يضاف إلى دينك فإن كان الذي في يديك مما فيه الزكاة فإنك
تزكى ما اقتضيت من قليل أو كثير من دينك وإن كنت قد استهلكته وإن كان
لا تجب في مثله الزكاة مما حال عليه الحول فاستهلكته بعد الحول فإنك لا تزكى
ما اقتضيت حتى تتم ما اقتضيت وما استهلكت بعد الحول عشرين دينارا فتخرج
زكاتها ثم ما اقتضيت بعد ذلك من قليل أو كثير فعليك فيه الزكاة (قلت)
ما قول مالك في الدين يقيم على الرجل أعواما لكم يزكيه صاحبه إذا قبضه (قال) لعام
258

واحد (قلت) وإن كان الدين مما يقدر على أخذه فتركه أو كان مفلسا لا يقدر على
أخذه منه فأخذه بعد أعوام أهذا عند مالك سواء (قال) نعم عليه زكاة عام واحد إذا
أخذه وهذا كله عند مالك سواء (قلت) أرأيت لو أن رجلا كانت له دنانير على
الناس فحال عليها الحول فأراد أن يؤدي زكاتها من ماله قبل أن يقبضها (فقال) لا يعزم
يقدم زكاتها قبل أن يقبضها (قال) وقد قال لي مالك في رجل اشترى سلعة للتجارة
فحال عليها الحول قبل أن يبيعها فأراد أن يقدم زكاتها (فقال) مالك لا يفعل ذلك
(قال) فقلت له ان أراد أن يتطوع بذلك (قال) يتطوع في غير هذا ويدع زكاته
حتى يبيع عرضه والدين عندي مثل هذا (قال ابن القاسم) فان قدم زكاته لم يجزه
فرأيت الدين مثل هذا (ابن وهب) وأشهب عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن
عمر أن عبد الله بن دينار حدثه عن ابن عمر أنه قال ليس في الدين زكاة حتى يقبض
فإذا قبض فإنما فيه زكاة واحدة لما مضى من السنين (أشهب) قال وأخبرني ابن أبي الزناد وسليمان بن بلال والزنجي مسلم بن خالد (1) أن عمر مولى المطلب حدثهم
أنه سأل سعيد بن المسيب عن زكاة الدين فقال ليس في الدين زكاة حتى يقبض فإذا
قبض فإنما فيه زكاة واحدة لما مضى من السنين (قال ابن القاسم) وابن وهب
وعلي بن زياد وابن نافع وأشهب عن مالك عن يزيد بن خصيفة أنه سأل سليمان بن
يسار عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه الزكاة فقال لا (ابن وهب) عن غير
واحد عن نافع وابن شهاب مثله (ابن وهب) عن يزيد بن عياض عن عبد الكريم
ابن أبي المخارق عن الحكم بن عتيبة عن علي بن أبي طالب مثله (ابن وهب) عن
عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أنهم كانوا يقولون ليس في الدين زكاة وإن كان
في ملاء حتى يقبضه صاحبه (ابن مهدي) عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء قال
ليس في الدين زكاة إذا لم يأخذه صاحبه زمانا ثم يأخذه ان يزكيه الا مرة (ابن مهدي) عن الربيع بن صبيح عن الحسن مثله (قال) علي بن زياد قال أشهب قال

(1) قال القاضي عياض هو رجل من قريش اه‍ من هامش الأصل
259

مالك بن أنس والدليل على أن الدين يغيب أعواما ثم يقبضه صاحبه فلا يؤخذ منه إلا
زكاة واحدة العروض تكون عند الرجل أعواما للتجارة ثم يبيعها فليس عليه في أثمانها
إلا زكاة واحدة وذلك أنه ليس عليه أن يخرج زكاة ذلك الدين أو العروض من مال
سواه ولا تخرج زكاة من شئ عن شئ غيره
(زكاة الفائدة)
(قلت) أرأيت أن كانت عند رجل خمسة دنانير فلما كان قبل الحول بيوم أفاد عشرين
دينارا بميراث أو بصدقة أو بهبة أو بغير ذلك إذا لم يكن ذلك من ربح المال (فقال)
لا زكاة عليه فيها (قلت) لم قال لان هذا المال الذي أفاد بهبة أو بما ذكرت ليس
من ربح المال فليس عليه فيه الزكاة حتى يحول عليه الحول من يوم أفاد هذا المال
الذي وجبت فيه الزكاة فإذا حال الحول عليه من يوم أفاد هذا المال جمع بعضه إلى
بعض فزكى ذلك المال كله لأنه لما أفاد الذي ذكرت بهبة أو بما ذكرت صار كأنه
أفاد ذلك المال كله لان الأول لم يكن فيه زكاة وليس هذا المال من ربح المال الأول
والأول لا زكاة فيه والمال فيه الزكاة لأنها عشرون دينارا فصاعدا (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك إذا كان عند الرجل دنانير تجب فيها
الزكاة فمكثت عنده ستة أشهر ثم أفاد بعد ذلك ذهبا تجب فيها الزكاة أو لا تجب
فيها الزكاة لم يضفها إلى ذهبه الأولى التي كانت فيها الزكاة فزكى الذهب الأولى على
حولها وزكى ذهبه الآخرة على حولها إذا كانت الذهبان في كل واحد منهما عشرون
دينارا وان كانت الذهب الآخرة ليس فيها عشرون دينارا زكاها أيضا على حولها ولم
يضفها إلى الأول فكلما مضى للأولى سنة من حين يزكيها زكاها على حيالها إذا حال
عليها الحول وكلما مضى للذهب الثانية سنة من يوم أفادها زكاها أيضا على حيالها إذا
حال عليها الحول من يوم زكاها فعلى هذا يكون سبيل الذهبين لا يجتمعان أبدا يزكي
كل واحدة من الذهبين على ما وجب عليه من وقتهما حتى ترجع الذهبان جميعا إلى
مالا زكاة فيه فإذا رجعتا جميعا هذا ن الذهبان إلى ما لا زكاة فيه اجتمع الذهبان جميعا
260

وبطل ما كان قبل ذلك من وقتهما عنده وخلطهما واستقبل بهما حولا مستقبلا كأنه
ذهب أفادها مكانه فيصير سبيلها سبيل ذهب أفادها لا زكاة فيها فان أفاد إليها ذهبا
أخرى ليس من ربحها تكون هذه الفائدة وما بقي في يديه من الذهب الأولى يبلغ
ما تجب فيه الزكاة ضمها إليها واستقبل بها حولا من يوم أفاد الآخرة ثم لا زكاة
عليه فيهما حتى يحول عليه الحول وفيما في يديه كله ما تجب فيه الزكاة إلا أن يكون
تجر في بقية المال الأول فيتم عشرين دينارا فيزكيه إذا حال عليه الحول من يوم كان
زكاه حين رجع إلى مالا زكاة فيه ولا ينتظر به إلى أن يحول عليه الحول من يوم
ربح فيه والربح ها هنا كما وصفت لك هو مخالف للفائدة وهذا الربح لا يبالي من أي
بقية المالين كان من الأول أو من الآخر الذي كان لهما وقت لكل مال على حدة فهو
يوجب عليه الزكاة في جميع المال وهما على وقتهما إذا ربح فيهما أو في أحدهما ما تجب
فيه الزكاة (قلت) أرأيت لو أن رجلا أفاد مالا لا تجب فيه الزكاة فلما مضى
لذلك ستة أشهر أفاد أيضا مالا ان جمعه إلى ماله الأول لم تجب فيه الزكاة فتجر في
المال الثاني بعد ستة أشهر من يوم أفاد المال الثاني فربح فيه حتى صار بربحه إلى ما
تجب فيه الزكاة (قال) يضم المال الأول إلى المال الثاني لأنه كأنه رجل كانت له خمسة
دنانير فائدة فمضى لها ستة أشهر فلما مضى لها ستة أشهر أفاد أيضا خمسة دنانير فتجر
في المال الثاني فربح فيه خمسة عشر دينارا فإنه يضيف المال الأول إلى المال الثاني فإذا
حال الحول على المال الثاني من يوم أفاده زكى المال الأول والمال الآخر جميعا لان
الفائدة الآخرة كأنها كانت خمسة عشر دينارا من يوم أفادها والخمسة الزائدة التي
فيها فضل فإن كان إنما تجر في المال الأول وهو خمسة دنانير فربح فيه خمسة عشر دينارا
فصارت بربحه تجب فيه الزكاة فإنه يحتسب من يوم أفاد المال الأول حولا فيزكيه
ويحتسب للمال الثاني من يوم أفاده أيضا سنة فيزكيه فيزكي المالين كل مال على حياله
إذا كان الربح في المال الأول كما وصفت لك في صدر هذا الكتاب وإن كان الربح في
المال الثاني أضاف المال الأول إلى المال الثاني فزكى الأول مع الثاني لان المال الأول لم
261

تكن تجب فيه الزكاة فإنما يزكيه من يوم يزكي المال الثاني كما وصفت لك (قال) وهذا
كله قول مالك بن أنس (قلت) فما قول مالك فيمن أفاد مائة دينار فأقرض منها خمسين
دينارا ثم ضاعت الخمسون الأخرى في يديه مكانها قبل أن يحول الحول عليها عنده ثم
اقتضى من الخمسين الدينار عشرة دنانير بعد ما حال عليها الحول من يوم ملكها (قال)
قال مالك لا شئ عليه في هذه العشرة التي اقتضى (قلت) فان أنفق هذه العشرة التي
اقتضى ثم اقتضى عشرة أخرى بعدها (فقال) يزكي هذه العشرة الدنانير التي اقتضاها
الساعة والعشرة التي أنفها (قلت) لم يزكي العشرين جميعا وقد أنفق إحداهما قبل
أن يقتضى الثانية ولم لم توجب عليه الزكاة في العشرة الأولى حين اقتضاها وأوجبت
عليه الزكاة في العشرة الثانية والعشرة الأولى حين اقتضى العشرة الثانية (فقال) لان
المال كان أصله مائة دينار فتلفت الخمسون التي كانت بقيت عنده قبل أن يحول عليها
الحول وأقرض الخمسين فحال عليها الحول فلما اقتضى من الخمسين الدين بعد الحول
عشرة دنانير قلنا لا تزك ولا شئ عليك فيها الساعة لأنا لا ندري لعل الدين لا يخرج
منه أكثر من هذه العشرة دنانير فنحن ان أمرناه أن يزكي هذه العشرة الأولى
حين خرجت يخشى أن نأمره أن يزكي مالا تجب عليه فيه الزكاة لان الدين لا يزكى
حتى يقتضى ألا تري أن الدين لو ضاع كله أو توى وقد حالت عليه أحوال عند الذي
هو عليه لم يكن على رب المال فيه زكاة فكذلك إذا قبض منه ما لا تجب فيه الزكاة لم
يزك ذلك حتى يقبض ما تجب فيه الزكاة فلما اقتضى العشرة الثانية وجبت الزكاة في
العشرة الأولى وفى هذه الثانية وإن كان قد أتلف العشرة الأولى لأنها قد حال
عليها الحول من يوم ملكها قبل أن ينفقها مع مال له أيضا قد حال عليه الحول قبل
أن ينفقه وهي هذه العشرة التي اقتضى ألا ترى أن هذه العشرة الثانية التي اقتضى
ليست بفائدة وإنما هي من مال قد كان له قبل أن ينفق العشرة الأولى فلا بد من أن
تضاف العشرة الأولى التي أنفقها إلى هذه العشرة الثانية لان الحول قد حال عليهما من
يوم ملكهما فلا بد من أن يزكيهما وأما الخمسون التي أنفقها قبل أن يحول عليها الحول
262

عنده فلا يلتفت إلى تلك لأنه أخرجها من ملكه قبل أن يحول عليها الحول وقبل أن تجب عليه فيها الزكاة فلا يلتفت إلى تلك (قلت) فما خرج بعد هذه العشرين
من هذا الدين الخمسين وان درهما واحدا زكاه (قال) نعم لان هذا الدرهم الذي يقتضى
من هذه الخمسين قد حال عليه الحول ووجبت فيه الزكاة وهو مضاف إلى مال عنده
قد وجبت فيه الزكاة وهي تلك العشرون التي زكاها (قلت) أرأيت لو أنه حين
أقرض الخمسين الدينار بقيت الخمسون الأخرى عنده لم تضع منه حتى زكاها فأنفقها
بعد ما زكاها مكانه ثم اقتضى من الخمسين الدين دينارا واحدا مكانه بعد ما زكى الخمسين
التي كانت عنده وبعد ما أنفقها واقتضى الدينار بعد ذلك بيسير (فقال) يزكي هذا
الدينار ساعة اقتضاه (قلت) لم وإنما اقتضى دينارا واحدا وقد زعمت في المسألة
الأولى أنه لا يزكي حتى يقتضى عشرين دينارا (فقال) لا تشبه هذه المسألة الأولى
لأن هذه قد بقيت الخمسون في يديه حتى زكاها والأولى لم تبق في يديه الخمسون حتى
يزكيها فهذا لما بقيت الخمسون في يديه حتى زكاها كانت بمنزلة ما لو كانت المائة سلفا
كلها ثم اقتضى الخمسين بعد الحول فزكاها ثم أنفقها فلا بد له من أن يزكي كل شئ
يقتضى من ذلك الدين وان درهما واحدا لأنه يضاف إلى الخمسين التي زكى وإن كان
قد أنفقها لان الزكاة لما وجبت عليه في الخمسين الدينار التي كانت عنده وجبت
عليه الزكاة في كل مال يملكه من الناض مما أفاد قبل الخمسين مما تجب فيه الزكاة أولا
تجب فيه فهو لما زكى الخمسين الدينار إنما امتنع أن يزكي الدين لأنه لا يدري أيخرج
أم لا يخرج فلما خرج منه شئ وان درهما واحدا لم يكن له بد من أن يزكيه (قلت)
وأصل هذا عند مالك أن كل مال أفدته مما لا تجب فيه الزكاة ثم أفدت بعده ما لا تجب
فيه الزكاة أولا يبلغ أن تكون فيه الزكاة إلا أن يجمع بعضه إلى بعض فتجب فيه
الزكاة ان جمع فإنما يضاف المال الأول إلى الآخر فيزكى إذا حال عليه الحول من يوم
أفاد الفائدة الآخرة قال نعم (قلت) وكذلك لو أنه أفاد عشرة دنانير فأقرضها
رجلا ثم أفاد بعدها بسنة خمسين دينارا فحال الحول على الخمسين عنده فزكى الخمسين
263

ثم أتلفها ثم اقتضى من العشرة الدنانير دينارا واحدا زكاه لأنه يضاف هذا إلى الخمسين
التي أفادها بعد العشرة فزكاها فقال نعم (قلت) وأصل هذا في قول مالك أنك تنظر
إذا أفاد الرجل ما تجب فيه الزكاة فأقام عنده حولا فزكاه ينظر إلى كل ما كان له
قبل أن يفيد هذا المال الذي وجبت فيه الزكاة من الديون التي على الناس ومما قد كان
بيده من الناض مما لم تجب عليه فيه الزكاة إذا حاز ذلك في ملكه قبل أن يفيد هذا المال
الذي وجبت فيه الزكاة فيضيفه إلى هذا المال الذي وجبت فيه الزكاة فما كان في يديه
من ذلك المال زكاه مكانه مع هذا المال الذي وجبت فيه الزكاة وما كان من دين
أخرته حتى تقتضيه فتزكيه فكل شئ تقتضيه منه وان درهما واحدا فتخرج ربع
عشره لأنه إنما امتنع من أن يزكي هذا الدرهم الذي اقتضاه من دينه يوم زكى ماله
الذي وجبت فيه الزكاة لأنه لم يكن في يديه فلما صار في يديه قلنا زكه مكانك الساعة
لان الزكاة قد كانت وجبت فيه يوم زكيت مالك قال نعم (قلت) فلو أنه أفاد دنانير
أو دراهم تجب فيها الزكاة ثم أفاد بعدها بستة أشهر دراهم أو دنانير لا تجب فيها
الزكاة فحال الحول على المال الذي تجب فيه الزكاة عنده فزكاه ثم أنفقه مكانه ثم حال
الحول على المال الذي لا تجب فيه الزكاة أيزكيه الساعة أم لا في قول مالك (قال) لا زكاة
عليه (قلت) ولم وقد زكى المال الأول الذي أنفقه يوم زكاه وهذا المال في يديه
(قال) لان هذا المال فائدة بعد المال الأول والمال الأول كان مما تجب فيه الزكاة والمال
الأول إذا كان مما تجب فيه الزكاة لا يضاف إلى هذا المال الثاني ويكون المال الأول
على حوله والمال الثاني على حوله إن كان المال الآخر مما تجب فيه الزكاة أولم يكن
مما تجب فيه الزكاة فهو سواء وهو على حوله لا يضاف إلى المال الأول فإذا جاء حول
المال الأول زكاه ثم إذا جاء حول المال الثاني نظرنا فإن كان يبلغ ما تجب فيه الزكاة زكاه
وإن كان مما لا تجب فيه الزكاة نظرنا فإن كان له مال قد أفاد قبله أو معه معا والمال
الذي أفاد قبله أو معه لم يتلفه وهو إذا أضيف هذا المال إلي ما أفاد قبله أو معه معا
يبلغ أن تجب فيه الزكاة ضم ذلك كله بعضه إلى بعض فزكاه إلا أن يكون قد زكى
264

المال الذي أفاد قبله أو معه فيزكى هذا وحده ربع عشره وإن لم يكن في يديه مما أفاد
قبله أو معه مما إذا أضيفت هذه الفائدة إليه يبلغ جميعه ما تجب فيه الزكاة لم يكن عليه
في هذه الفائدة زكاة (قلت) فإن كان في يديه مال قد أفاد بعده فهو إذا أضاف
هذه الفائدة إليه يبلغ ما تجب فيه الزكاة وليس في يديه شئ مما أفاد قبلها أيضاف إلى
ما أفاد بعدها فيزكيها مكانها أم لا في قول مالك (قال) لا يضاف إلى ما أفاد بعدها
فيزكيها مكانها ولكنها تضاف إلى ما أفاد بعدها فإذا حال الحول على الفائدة الآخرة
من يوم أفادها نظرنا إلى كل ما بيده من يوم أفاد الفائدة الآخرة وقبل ذلك فيجمع
بعضه إلى بعض فإن كان مما تجب فيه الزكاة زكاهما جميعا أن يكون منه شئ
قد زكاه على حوله قبل أن يجب الزكاة في هذه الفائدة الآخرة فلا يزكيه مع هذه
الفائدة الآخرة لأنه لا يزكى مال واحد في حول واحد مرتين ولكنه في الإضافة
يضاف بعضه إلى بعض كل مال بيديه قبل الفائدة الآخرة فيزكي الفائدة الآخرة
وما لم يزك مما بيده قبل الفائدة الآخرة الا ما كان قد زكى على حوله إذا كان
جميع ما كان في يديه من الفائدة التي قد حال عليها الحول وما قبل ذلك مما تجب
فيه الزكاة ولا يلتفت إلى ما في يديه مما لم يحل عليه الحول من الفوائد التي أفاد بعد
هذه الفائدة التي حال عليها الحول حتى يحول الحول على الفوائد التي بعدها أيضا
(قلت) وهذا الذي سألتك عنه قول مالك والذي كان يأخذ به في الزكاة قال نعم
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أفاد عشرين دينارا فلما مضى لها ستة أشهر أفاد عشرة
دنانير فمضت سنة من يوم أفاد العشرين الدينار فزكى العشرين الدينار فصارت
العشرون إلى ما لا زكاة فيها ثم حال الحول على الفائدة أيزكيها أيضا (فقال) ان كانت
العشرون التي أخرج زكاتها بقيت في يديه إلى يوم حال الحول على العشرة أو بقي
منها ما إذا أضفته إلى العشرة تجب الزكاة في جميعه زكى العشرة وحدها ولا يزكي
العشرين التي أخرج زكاتها ولا ما بقي منها لأنه لا يزكى مال واحد في عام مرتين
(قلت) ثم يزكيهما على حولهما حتى يرجعا إلى ما لا زكاة فيه إذا جمعا قال نعم (قلت)
265

فان تجر في أحد هذين المالين بعد ما رجعا إلى ما لا زكاة فيهما إذا جمعا فربح في أحد
هذين المالين فصار بربحه يجب فيه الزكاة (فقال) يزكيهما جميعا على حوليهما كان الربح
في المال الأول أو في الآخر فهو سواء إذا كانت الزكاة قد جرت فيهما جميعا
(قلت) فلو أن رجلا كانت له مائة دينار فلما حال عليها الحول زكى المائة الدينار ثم إنه أقرض منها خمسين دينارا وتلفت منه الخمسون الدينار الباقية التي بقيت عنده قبل
أن يحول عليها الحول ثم اقتضى من الخمسين التي أقرضها عشرة دنانير (فقال) لا يزكي
هذه العشرة حتى يقتضي عشرين دينارا إلا أن يكون عنده مال قد حال عليه الحول
إذا أنت أضفته إلي هذه العشرة التي اقتضى يبلغ ما تجب في كله الزكاة فيزكى جميعا
إلا أن يكون قد زكى الذي كان عنده قبل أن يقتضي هذه العشرة فلا يكون عليه
أن يزكي الا هذه العشرة وحدها (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فلو
أن رجلا كانت له مائة دينار أقرضها كلها رجلا فأقامت عند الرجل سنين ثم إنه أفاد
عشرة دنانير فحال على العشرة دنانير الحول أيزكي هذه العشرة حين حال عليها الحول
مكانه أم لا (فقال) لا زكاة عليه في هذه العشرة الساعة لأنه ليس في يديه مال تجب
فيه الزكاة ألا ترى أنه لو اقتضى من المائة الدينار الدين بعد ما حال عليها أحوال عشرة
دنانير لم تكن عليه زكاة في العشرة الدنانير حتى يقتضي عشرين إذا لم يكن عنده مال
سوى العشرة التي اقتضى فكذلك هذه العشرة التي أفاد (قلت) فإذا اقتضى من
المائة دينار الدين عشرة دنانير بعد ما حال على هذه العشرة الفائدة الحول (فقال) يزكي
العشرة التي اقتضى والعشرة الفائدة جميعا ويصير حولهما واحدا (قلت) ولم أمرته
أن يزكي العشرة الفائدة حين اقتضى العشرة من المائة الدين (قال) لان العشرة
الفائدة حين حال عليها الحول عنده وله مائة دينار دين وجبت الزكاة في هذه العشرة
ان خرج دينه أو خرج من دينه ما ان أضفته إلى هذه العشرة يبلغ ما تجب فيه الزكاة
وإنما منعنا أن تلزمه الزكاة في العشرة التي أفاد بعد ما حال عليها عنده الحول لأنا
لا ندري أيخرج من ذلك الدين بشئ أم لا فلما خرج من الدين ما ان أضفته إلى هذه
266

العشرة الفائدة التي حال عليها الحول وجبت فيها الزكاة وكان وقت ما خرج من الدين
والعشرة الفائدة التي أتمها ما يخرج من الدين يصير حولهما واحدا يوم زكاهما ثم
ما اقتضى من الدين بعد ذلك زكى كل ما اقتضى منه من شئ ويصير كل ما اقتضى
من المائة الدين على حوله من يوم يزكيه شيئا بعد شئ فتصير أحوال ما قبض من
الدين وأحوال العشرة الفائدة على ما وصفت لك وهو قول مالك ولو أنه استهلك
الفائدة بعد أن حال عليها الحول ثم اقتضى بعد ذلك من الدين عشرة دنانير أوجبت
عليه في الفائدة الزكاة وإن كان قد استهلكها أو استنفقها قبل أن يقتضى هذه العشرة
إذا كان الحول قد حال عليها قبل أن يستنفقها أو أن يستهلكها (قلت) أرأيت أن
كاتب عبده على دنانير أو إبل أو بقر أو غنم فلم يقبضها منه حتى حال عليها الحول عند
المكاتب (فقال) لا يزكيها حتى يقبضها من مكاتبه ويحول عليها الحول عنده بعد
ما قبضها (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك كل فائدة أفادها
رجل من كتابة أو دية وجبت له أو من غير ذلك إذا كانت فائدة فليس على صاحبها
فيها الزكاة حتى يحول الحول عليها من يوم قبضها (قال مالك) ولو أن رجلا ورث
مالا عن أبيه فلم يقبضه حتى حالت عليه أحوال كثيرة ثم قبضه بعد ذلك (فقال)
يستقبل به سنة من ذي قبل وليس عليه فيه شئ للسنين الماضية لأنه لم يكن قبضه
وكذلك لو أن رجلا ورث دارا عن أبيه فأقامت الدار في يديه سنين فباعها فمكث
الثمن عند المشترى سنين ثم قبض الثمن فليس عليه فيه زكاة حتى يحول الحول على
الثمن من يوم قبضه قال وعلى هذا محمل الفوائد كلها إنما تجب الزكاة عليه بعد سنة
من يوم يقبض وهذا قول مالك (قال) وقال مالك كل سلعة كانت لرجل من
ميراث أو صدقة أو هبة أو اشتراها لقنية من دار أو غيرها من السلع فأقامت في
يديه سنين أو لم تقم ثم باعها بنقد أو إلى أجل فمطل بالنقد أو باعها إلى أجل فلما حل
الاجل مطل بالمال سنين أو أخره بعد ما حل الاجل ثم قبض الثمن فإنه يستقبل به
حولا من يوم قبضه ولا يحتسب بشئ كان قبل ذلك ولو كان إنما أسلف ناضا كان
267

في يديه أو باع سلعة كان اشتراها للتجارة فمكثت عند المتسلف أو المشتري سنين
ثم قبضه فإنه يزكي المال يوم قبضه زكاة واحدة مكانه (قال) وسألت مالكا عن
الرجل يكون له على الرجل الذهب وهو ممن لو شاء أن يأخذها منه أخذها منه فتقيم
عنده الحول ثم يهبها له أترى على صاحبها الواهب فيها الزكاة (فقال) ليس على
الواهب ولا على الذي وهبت له فيها الزكاة حتى يحول عليها الحول في يدي الموهوبة
له (قال سحنون) وقد روى غيره ان عليه فيه الزكاة كان له مال أو لم يكن إذا
وهبت له (قال سحنون) وهذا إذا كان الموهوبة له ليس له مال غيرها فأما أن
لو كان له من العروض وفاء بها كانت عليه زكاتها وهبت له أو لم توهب له لأنها مضمونة
عليه حتى يؤديها وزكاتها عليه إن كان له مال وإن لم يكن له مال فلا زكاة عليه
فيها لو بقيت في يديه ولم توهب له فلما وهبت له وصارت فائدة وجبت له
الساعة فيستقبل بها حولا (قلت) لابن القاسم أرأيت ما ورث الرجل من السلع
مثل الدواب والثياب والطعام والعروض كلها ما عدا الحلي الذهب والفضة فنوى به
التجارة حين ورثه أو وهب له أو تصدق به عليه فنوى به التجارة يوم قبضه فحال
عليه الحول ثم باعه أتكون عليه الزكاة فيه فقال لا (قلت) لم فقال لا تكون
هذه السلعة للتجارة حتى يبيعها فإذا باعها استقبل بالثمن حولا من يوم باعها لأنه
يوم باعها صارت للتجارة ولا تكون للتجارة بنيته الا ما ابتاع للتجارة (قلت)
فإن كان ورث حليا مصوغا من الذهب والفضة فنوى به التجارة يوم ورثه فحال عليه
الحول أيزكيه (فقال) نعم والفضة والذهب في هذا مخالفان لما سواهما من العروض لأنه
إذا نوى بهما التجارة صارتا بمنزلة العين (قلت) وهذا قول مالك بن أنس قال نعم
(قلت) فلو ورث آنية من آنية الذهب والفضة أو وهبت له أو تصدق بها عليه
أيكون سبيلها سبيل الحلي (فقال) لا ولكن الآنية إذا وهبت له أو ورثها نوى بها
التجارة أو لم ينو إذا حال عليها الحول زكى وزنها (قلت) وما فرق بين الآنية في
هذا وبين الحلي (قال) لان مالكا اتخاذ الآنية من الذهب والفضة ولم يكره الحلي
268

فلما كره اتخاذ الآنية من الذهب والفضة صارت بمنزلة التبر المكسور ففيها إذا حال
عليها الحول الزكاة نوى بها التجارة أو لم ينو (قال مالك) والسنة عندنا أنه ليس
على وارث زكاة في مال ورثه في دين ولا عرض ولا عين ولا دار ولا عبد ولا وليدة
حتى يحول على ثمن ما باع وقبض الحول من يوم يقبضه ونض في يده لأنه فائدة فأرى
غلة الدور والرقيق والدواب وان ابتيع لغلة فائدة لا تجب في شئ من ذلك الزكاة حتى
يحول عليه الحول من يوم يقبضه (قال مالك) ومن أجر نفسه فان اجارته أيضا
فائدة ومهر المرأة على زوجها فائدة أيضا لا يجب فيه عليها الزكاة حتى تقبضه ويحول
عليه الحول من يوم قبض وما فضل بيد المكاتب بعد عتقه من ماله فهو مثله لا زكاة
عليه فيه حتى يحول عليه الحول من بعد عتقه (قلت) أرأيت المرأة إذا تزوجت
على إبل بأعيانها فلم تقبضها حتى حال عليها الحول عند زوجها ثم قبضتها بعد الحول
(فقال) أرى عليها زكاتها لأنها كانت لها وأيضا لو ماتت ضمنتها وليست هذه مثل
التي بغير أعيانها لان التي ليست بأعيانها لم تجر فيها الزكاة لأنها لا تعرف وانها مضمونة
على الزوج وقد قيل لمالك في المرأة تتزوج بالعبد بعينه تعرفه ثم لا تقبضه حتى يموت
العبد على من ضمانه فقال على المرأة (قلت) أرأيت المرأة إذا تزوجت على دنانير فلم
تقبضها حتى حال عليها الحول عند الزوج ثم قبضتها بعد ما حال الحول على الدنانير
عند الزوج أعليها أن تزكها إذا هي قبضتها أم تستقبل بها حولا من يوم قبضتها (قال)
بل تستقبل بها حولا من يوم قبضتها لأنها فائدة (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
(قلت) ما قول مالك في مهور النساء إذا تزوجن على ما تجب فيه الزكاة من الدنانير
أو الإبل أو البقر أو الغنم فلم تقبضها المرأة حتى حال عليها أحوال عند الزوج (فقال)
إذا قبضت فلا شئ عليها حيت يحول عليها الحول من يوم تقبض قال ومهرها إنما هو
فائدة من الفوائد (قال ابن القاسم) وقال مالك في قوم ورثوا دارا فباعها لهم القاضي
ووضع ثمنها على يدي رجل حتى يقسم ذلك بينهم فأقامت الذهب في يدي الموضوعة
على يديه سنين ثم دفعت أترى عليهم فيها الزكاة (فقال) لا أرى عليهم فيها الزكاة
269

حتى يحول عليها عندهم الحول من يوم قبضوها (ثم سئل أيضا) عن الرجل يرث
المال بالمكان البعيد فيقيم عنه الثلاث سنين هل يزكيه إذا قبضه (فقال) إذا قبضه
لا يزكيه حتى يحول عليه الحول من يوم قبضه (1) (قيل) له فلو بعث رسولا
مستأجرا أو غير مستأجر فقبضه الرسول (فقال) رسوله بمنزلته يحسب له حولا من
يوم قبضه رسوله وكذلك الأموال تكون للرجل دينا فأمر من يتقاضاها له وهو
عنها غائب فكل ما اقتضى له وكيله فإنه يحسب له حولا من يوم قبضه قال وكذلك
ما ورث الصغير عن أبيه من العين فقبضه وصيه فمن حين قبضه وصيه تحسب له سنة
من يوم قبضه الوصي (قلت) أرأيت لو ورث ماشية تجب فيها الزكاة فحال عليها الحول
قبل أن يقبضها وهي في يدي الوصي أو في غير يدي الوصي أعليه فيها الزكاة (فقال)
نعم عليه فيها الزكاة وفيما ورث من ثمرة وان أقام ذلك عنه سنين لا يعلم به أصلا فان
الساعي يزكيها في كل سنة ويأخذ زكاة ثمرة كل سنة وليس هذا مثل العين في هذا
(قلت) لأشهب فما فرق ما بين الماشية والثمار وبين الدنانير في الزكاة (فقال) لي
لان السنة إنما جاءت في الضمار (2) وهو المال المحبوس في العين وان السعاة يأخذون
الناس بزكاة مواشيهم وثمارهم ولا يأخذونهم بزكاة العين ويقبل قولهم منهم في العين
فلو كانت الماشية والثمار لرجل وعليه دين يغترق ماشية مثلها أو ثماره أو غير ذلك
لم يمنعه ذلك من أن يؤدى زكاة ماشيته وثماره ولو كانت لرجل دنانير أو دراهم أو
ذهب أو فضة وعليه دين وليس له غيرها كان دينه فيها كائنا ذلك الدين ما كان عينا
أو عرضا لم يكن عليه فيه الزكاة والذي يرث الدنانير لا تصير في ضمانه حتى يقبضها
(قال ابن القاسم) وسألت مالكا عن الرجل يشترى الغنم للتجارة فيجزها بعد ذلك

(1) (قوله من يوم قبضه) قال ابن رشد ولم يذكر في المدونة الفرق بين أن يعلم أو لا يعلم فقال مطرف إن لم
يعلم استقبل به حولا بعد القبض وان علم ولم يقدر على التخلص إليه زكاه لسنة واحدة وان علم وكان
قادرا على التخلص إليه زكاه لما مضى من الأعوام وروي عهن مالك أنه قال إن لم يعلم زكاه لسنة واحدة
وان علم زكاه ماضي السنين * (2) (قوله الضمار) قال ابن حبيب الضمار في كلام العرب المال الغائب
الغيبة الطويلة التي لا؟ قال وسمع علي بن سعيد يقول هو المال المستهلك قاله عياض
270

بأشهر كيف ترى في ثمن أصوافها أتكون زكاة الصوف مع رقابها (قال) بل الصوف
فائدة يستقبل به حولا من يوم يبيعه وينض المال في يديه وليس عليه يوم باع الصوف
زكاة في ثمنه والغنم ان باعها قبل أن يحول عليها الحول يحسب من يوم زكى الثمن الذي
اشتراها به فهي خلاف للصوف وان أقامت في يديه حتى يحول عليها الحول ويأتيه
المصدق زكى رقابها ولم تكن عليه زكاة التجارة فيها فان باعها بعد ما زكى رقابها حسب
من يوم أخذت منه زكاة الماشية فأكمل سنة من يومئذ ثم يزكي أثمانها والصوف إنما
هو فائدة من الغنم والغنم إنما اشترين من مال التجارة فلذلك افترقا (قال مالك)
وكذلك كراء المساكين إذا اشتراها للتجارة وكراء العبيد بهذه المنزلة وكذلك ثمر
النخل (قال) وقال مالك في الرجل يبتاع النخل للتجارة فيثمر النخل ويكون فيها
ثمر فيخرص ويجد وتؤخذ منها الصدقة ثم يبيع الحائط من أصله بعد ذلك ببيع
الرقاب انه يزكى ثمن الحائط حين باعه إذا كان قد حال الحول على ثمنه الذي ابتاع
به الحائط (فقيل) له فالثمرة إذا باعها (فقال) لا زكاة عليه فيها حتى يحول على ثمن
الثمرة الحول من يوم باع الثمرة وقبض الثمن فيصير حول الثمرة على حدة وحول المال
الذي اشترى به النخل على حدة * ومما يبين لك ذلك أيضا أن صاحب الحائط الذي
اشتراه للتجارة لو كان ممن يدير ماله في التجارة وله شهر يقوم فيه لقوم الرقاب ولم
يقوم الثمرة لان الثمرة إذا قومت سقط منها زكاة الخرص والخرص أملك بها
ولا يصلح أن يطرح من الثمرة زكاة الخرص لمكان زكاة التجارة فإذا صارت الثمرة
بحال ما وصفت لك لم يكن بد من تحول الوقت في الزكاة في الثمرة والنخل وهما جميعا
للتجارة فكذلك الغنم الأولى التي وصفت لك إذا حال عليها الحول (ابن القاسم)
وابن وهب عن مالك عن محمد بن عقبة مولى الزبير بن العوام أنه سأل القاسم بن محمد
عن مكاتب له قاطعه بمال عظيم هل عليه فيه زكاة فقال القاسم ان أبا بكر الصديق
لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول قال القاسم وكان أبو بكر إذا
أعطى الناس أعطياتهم يسأل الرجل هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة
271

فان قال نعم أخذ من عطائه زكاة ماله ذلك وان قال لا أسلم إليه عطاءه ولم يأخذ
منه شيئا (قال مالك) وحدثني عمر بن حسين عن عائشة بنت قدامة عن أبيها
قدامة بن مظعون أنه قال كنت إذا جئت عثمان بن عفان آخذ عطائي سألني هل عندك
من مال وجبت عليك فيه الزكاة قال فان قلت نعم أخذ من عطائي زكاة ذلك المال
وان قلت لا دفع إلى عطائي (قال ابن القاسم) حدثني مالك عن ابن شهاب أنه قال
أول من أخذ من الأعطية الزكاة معاوية بن أبي سفيان (ابن وهب) عن عمر بن
محمد وعبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كأن يقول من استفاد مالا فلا
زكاة عليه فيه حتى يحول عليه الحول (ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم
أن عثمان وعلي بن أبي طالب وسالم بن عبد الله ويحيى بن سعيد وربيعة وعائشة زوج
النبي عليه الصلاة والسلام كانوا يقولون ذلك (ابن مهدي) عن سفيان عن أبي
إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال ليس في المال المستفاد زكاة
حتى يحول عليه الحول فإذا حال عليه الحول ففي كل مائتي درهم خمسة دراهم فما زاد
فبالحساب (قال) وكذلك قال ابن عمر وعائشة مثل قول على لا تجب زكاة في مال
حتى يحول عليه الحول
(في زكاة المديان)
(قلت) أرأيت الرجل تكون له الدنانير فيحول عليها الحول وهي عشرون دينارا
وعليه دين وله عروض أين يجعل دينه (فقال) في عروضه فإن كانت وفاء دينه
زكى هذه العشرين الناضة التي حال عليها الحول عنده (قلت) أرأيت أن كانت
عروضه ثياب جسده وثوبي جمعته وخاتمه وسلاحه وسرجه وخادما يخدمه ودارا
يسكنها (فقال) أما خاتمه وداره وخادمه وسرجه وسلاحه فهي عروض يكون
الدين فيها فإن كان فيها وفاء بالدين زكى العشرين التي عنده قال وهو قول مالك (قال)
وأصل هذا فيما حملنا من قول مالك أن ما كان السلطان يبيعه في دينه فان يجعل دينه
في ذلك ثم يزكى ما كان عنده بعد ذلك من ناض فإذا كان على الرجل الدين فان
272

السلطان يبيع داره وعروضه كلها ما كان من خادم أو سلاح أو غير ذلك الا ما كان
من ثياب جسده مما لابد له منه ويترك له ما يعيش به هو وأهله الأيام (قلت)
أرأيت ثوبي جمعته أيبيع عليه السلطان ذلك في دينه (فقال) ان كانا ليس لهما تلك القيمة
فلا يبعهما وإن كان لهما قيمة باعهما (قلت) وتحفظ هذا من مالك قال لا ولكنه
رأيي (قلت) أرأيت من له مال ناض وعليه من الدين مثل هذا المال الناض الذي
عنده وله مدبرون قيمتهم أو قيمة خدمتهم مثل الدين الذي عليه (فقال) يجعل الدين
الذي عليه في قيمة المدبرين (قلت) قيمة رقابهم أو قيمة خدمتهم (فقال) قيمة رقابهم
ويزكى الدنانير الناضة التي عنده (قلت) هذا قول مالك قال هذا رأيي (قلت)
فإن كانت له دنانير ناضة وعليه من الدين مثل الدنانير وله مكاتبون (فقال) ينظر إلى
قيمة الكتابة (قلت) وكيف ينظر إلى قيمة الكتابة (فقال) يقال ما قيمة ما على
هذا المكاتب من هذه النجوم على محلها بالعاجل من العروض ثم يقال ما قيمة هذه
العروض بالنقد لان ما على المكاتب أن يباع الا بالعرض إذا كان دنانير أو
دراهم فينظر إلى قيمة الكتابة الآن بعد التقويم فيجعل دينه فيه لأنه مال له لو شاء
أن يتعجله تعجله وذلك أنه لو شاء أن يبيع ما على المكاتب بما وصفت لك فعل فإذا
جعل دينه في قيمة ما على المكاتب زكى ما في يده من الناض ان كانت قيمة ما على
المكاتب مثل الدين الذي عليه وكانت الدنانير في يديه هذه الناضة تجب فيها
الزكاة فإن كانت قيمة ما على المكاتب أقل مما عليه من الدين جعل فضل دينه فيما في
يديه من الناض ثم ينظر إلى ما بقي بعد ذلك فإن كان مما تجب فيه الزكاة زكاه وإن كان
مما لا تجب فيه الزكاة لم يكن عليه فيها شئ (قلت) وهذا قول مالك في هذه
المسألة في المكاتب (فقال) لم أسمع من مالك هذا كله ولكن مالكا قال لو أن رجلا
كانت له مائة دينار في يديه وعليه مائة دينار وله مائة دينار دينا رأيت أن يزكى المائة
الناضة التي في يديه ورأيت أن يجعل ما عليه من الدين في الدين الذي له إن كان دينا
يرتجيه وهو على ملئ (قلت) فإن لم يكن يرتجيه (فقال) لا يزكيه فمسألة المكاتب
273

عندي على مثل هذا لان كتابة المكاتب في قول مالك لو أراد أن يبيع ذلك بعرض
مخالف لما عليه كان ذلك له فهو مال للسيد كأنه عرض في يديه لو شاء أن يبيعه باعه
(قلت) أرأيت أن كان عليه دين وله عبيد قد أبقوا وفى يديه مال ناض أيقوم العبيد
الا باق فيجعل الدين فيهم فقال لا (قلت) لم قال لان الإباق لا يصلح بيعهم
ولا يكون دينه فيهم (قلت) أتحفظ هذا عن مالك (قال) لا ولكن هذا رأيي (قلت)
لا شهب فما فرق ما بين الماشية والثمار والحبوب والدنانير في الزكاة (فقال) لان السنة
إنما جاءت في الضمار وهو المال المحبوس في العين وان النبي عليه الصلاة والسلام
وأبا بكر وعمر وعثمان وعمر بن عبد العزيز كانوا يبعثون الخراص في وقت الثمار
فيخرصون على الناس لاحصاء الزكاة ولما للناس في ذلك من تعجيل منافعهم بثمارهم
للأكل والبيع وغير ذلك ولا يؤمرون في ذلك بقضاء ما عليهم من دين لتحصيل
أموالهم وكذلك السعاة يبعثونهم فيأخذون من الناس مما وجدوا في أيديهم
ولا يسألونهم عن شئ من الدين (قال سحنون) وقد قال ابن نافع قال أبو الزناد
كان من أدركت من فقهاء أهل المدينة وعلمائهم ممن يرضى وينتهى إلى قوله منهم
سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن
الحارث بن هشام وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار في مشيخة
سواهم من نظرائهم أهل فضل وفقه وربما اختلفوا في الشئ فيؤخذ بقول أكثرهم
انهم كانوا يقولون لا يصدق المصدق الا ما أتى عليه لا ينظر إلى غير ذلك (ابن نافع)
قال أبو الزناد وهي السنة قال أبو الزناد وان عمر بن عبد العزيز ومن قبله من الفقهاء
يقولون ذلك (قال ابن وهب) وقد كان عثمان بن عفان يصيح في الناس هذا شهر
زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة فكان
الرجل يحصى دينه ثم يؤدى مما بقي في يديه إن كان ما بقي تجب فيه الزكاة (ابن مهدي)
عن أبي عبد الرحمن عن طلحة بن النضر قال سمعت محمد بن سيرين يقول كانوا
لا يرصدون الثمار في الدين وينبغي للعين أن ترصد في الدين (ابن مهدي) عن حماد
274

ابن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين قال كان المصدق يجئ فأينما رأى زرعا قائما
أو إبلا قائمة أو غنما قائمة أخذ منها الصدقة (قلت) أرأيت لو أن رجلا كانت في يديه
مائة دينار ناضة فحال عليها الحول وعليه مائة دينار دينا مهرا لامرأته أيكون عليه فيما
في يديه الزكاة فقال لا (قلت) وهو قول مالك (فقال) قال لي مالك إذا فلس زوجها
حاصت الغرماء وان مات زوجها حاصت الغرماء فهو دين وهذا مثله (قلت) أرأيت
لو أن رجلا كانت عنده مائة دينار فحال عليها الحول وعليه زكاة كان قد فرط فيها لم
يؤدها من زكاة المال والماشية وما أنبت الأرض أتكون فيما في يديه الزكاة (قال)
لا يكون عليه فيما في يديه الزكاة إلا أن يبقي في يديه بعد أن يؤدى ما كان فرط فيه
من الزكاة ما تجب فيه الزكاة عشرون دينارا فصاعدا فان بقي في يديه عشرون دينارا
فصاعدا زكاه (قلت) وهذا قول مالك قال هذا رأيي وذلك لان مالكا قال لي في
الزكاة إذا فرط فيها الرجل ضمنها وان أحاطت بماله وهذا عندي مثله (قلت) أرأيت
رجلا له عشرون دينارا قد حال عليها الحول وعليه عشرة دراهم نفقة شهر لامرأته
قد كان فرضها القاضي عليه قبل أن يحول الحول بشهر (فقال) يجعل نفقة المرأة في
هذه العشرين الدينار فإذا انحطت فلا زكاة عليه فيها (قلت) أرأيت إن لم يكن فرض
لها القاضي ولكنها أنفقت على نفسها شهرا قبل الحول ثم ابتغت نفقة الشهر وعند
الزوج هذه العشرون الدينار (فقال) تأخذ نفقتها ولا يكون على الزوج فيها الزكاة (قلت)
ويلزم الزوج ما أنفقت من مالها وإن لم يفرض لها القاضي (قال) نعم إذا كان الزوج
موسرا فإن كان الزوج غير موسر فلا يضمن لها ما أنفقت ومسألتك أنها أنفقت وعند
الزوج عشرون دينارا فالزوج يتبع بما أنفقت يقضى لها عليه بما أنفقت فإذا قضى لها
بذلك عليه حطت العشرون إلى مالا زكاة فيها فلا تكون عليه زكاة (قلت) وهذا قول
مالك (فقال) قال مالك أيما امرأة أنفقت وزوجها في حضر أو في سفر وهو موسر فما
أنفقت فهو في مال زوجها ان ابتغته على ما أحب أو كره الزوج مضمونا عليه فلما ابتغته
كان ذلك لها دينا عليه فجعلناه في هذه العشرين فبطلت عنه الزكاة (قلت) أرأيت
275

ان كانت هذه النفقة التي على هذا الرجل الذي وصفت لك إنما هي نفقة والدين أو ولد
(قال) لا تكون نفقة الوالدين والولد دينا أبطل به الزكاة عن الرجل لان الوالدين والولد
إنما تلزم النفقة لهم إذا ابتغوا ذلك وان أنفقوا ثم طلبوه بما أنفقوا لم يلزمه ما أنفقوا
وإن كان موسرا والمرأة يلزمه ما أنفقت قبل أن تطلبه بالنفقة إن كان موسرا
(قلت) فإن كان القاضي قد فرض للأبوين نفقة معلومة فلم يعطهما ذلك شهرا
وحال الحول على ما عند هذا الرجل بعد هذا الشهر أتجعل نفقة الأبوين ها هنا دينا فيما
في يديه إذا قضى به القاضي قال لا (وقال غيره) وهو أشهب أحط عنه به الزكاة
وألزمه ذلك إذا قضى به القاضي عليه في الأبوين لان النفقة لهما إنما تكون إذا طلبا
ذلك (قال) ولا يشبهان الولد ويرجع على الأب بما تداين الولد أو أنفق عليه إذا كان
موسرا ويحط عنه ذلك الزكاة كانت بفريضة من القاضي أم لم تكن لان الولد لم
تسقط نفقتهم عن الوالد إذا كان له مال من أول ما كانوا حتى يبلغوا والوالدان قد
كانت نفقتهما ساقطة فإنما ترجع نفقتهما بالقضية والحكم من السلطان والله أعلم
(قلت) أرأيت رجلا كانت عنده دنانير قد حال عليها الحول تجب فيها الزكاة
وعليه إجارة أجراء قد عملوا عنده قبل أن يحول على ما عنده الحول أو كراء إبل أو
دواب أيجعل ذلك الكراء أو الإجارة فيما في يديه من الناض ثم يزكي ما بقي (فقال)
نعم إذا لم يكن له عروض (قلت) وهو قول مالك قال نعم (قال) وسألت مالكا
عن العامل إذا عمل بالمال قراضا فربح ربحا وعلى العامل المقارض دين فاقتسماه بعد
الحول فأخذ العامل ربحه هل ترى الزكاة على العامل في حظه وعليه دين (فقال) لا إلا أن يكون له عروض وفاء بدينه فيكون دينه في العروض ويكون في ربحه هذا الزكاة
فإن لم يكن له عروض فلا زكاة عليه في ربحه إذا كان الدين يحيط بربحه كله (ابن
وهب) أشهب عن مالك وسفيان بن عيينة أن ابن شهاب حدثهما عن السائب بن
يزيد أن عثمان بن عفان كأن يقول هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد حتى
تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عقيل عن
276

ابن شهاب عن السائب بن يزيد قال سمعت عثمان بن عفان على المنبر وهو يقول هذا
شهر زكاتكم الذي تؤدون فيه زكاتكم فمن كان عليه دين فليقض دينه فان فضل
عنده ما تجب فيه الزكاة فليؤد زكاته ثم ليس عليه شئ حتى يحول عليه الحول (ابن
القاسم) وابن وهب عن مالك أن يزيد بن خصيفة حدثه أنه سأل سليمان بن يسار
عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه زكاة فقال لا (قال ابن وهب) وقال ابن
شهاب ونافع مثل قول سليمان بن يسار (ابن مهدي) عن أبي الحسن عن عمرو بن
حزم قال سئل جابر بن زيد (1) عن الرجل يصيب الدراهم وعليه من الدين أكثر
منها فقال لا زكاة عليه حتى يقضى دينه
(في زكاة القراض)
(قلت) أرأيت الرجل يأخذ مالا قراضا على أن الزكاة على رب المال زكاة الربح
ورأس المال أو زكاة الربح ورأس المال على العامل أيجوز هذا في قول مالك (قال)
لا يجوز لرب المال أن يشترط زكاة المال على صاحبه (2) ألا ترى أن العامل لو لم يربح
في المال الا دينارا واحدا وكان القراض أربعين دينارا فأخرج ذلك الدينار في الزكاة
لذهب عمله باطلا فلا يجوز هذا (قال) ولو اشترط صاحب المال على العامل أن
عليه زكاة الربح لم يكن بذلك بأس ويجوز للعامل أن يشترط على رب المال زكاة الربح
لان ذلك يصير جزأ مسمى كأنه أخذه على أن له خمسة أجزاء من عشرة ولصاحب
المال أربعة أجزاء من عشرة وعلى رب المال الجزء الباقي يخرجه من الربح عنهما للزكاة
وكذلك إذا اشترط العامل في المساقاة الزكاة على رب الأصل فيكون ذلك جائزا لان
ذلك يصير جزأ مسمى وهو خمسة أجزاء من عشرة ولرب المال أربعة أجزاء من
عشرة أجزاء والجزء الفاضل في الزكاة. وقد روي أيضا أنه لا خير في اشتراط زكاة

(1) (جابر بن زيد) هو أبو الشعثاء اه‍ من هامش الأصل * (2) (صاحبه) اضافته لأدنى ملابسة
والمراد به العامل وحرر كتبه مصححه
277

الربح من واحد منهما على صاحبه ولا في المساقاة أيضا لان المال ربما كان أصله لا تجب
فيه الزكاة وإن كان أصله تجب فيه الزكاة فربما اغترقه الدين فأبطل الزكاة والمساقاة
ربما لا تخرج الحائط الا أربعة أوسق وربما أخرج عشرة فتختلف الاجزاء فيصير
العامل على غير جزء مسمى (قال) وسئل مالك عن الرجل يدفع إلى الرجل المال
قراضا فيتجر به إلى بلاد فيحول عليه الحول أترى أن يخرج زكاته المقارض (فقال)
لا حتى يؤدي إلى الرجل رأس ماله وربحه (قلت) أرأيت هذا المقارض إذا أخذ
ربحه وإنما عمل في المال شهرا واحدا فكان ربحه الذي أخذ أقل من عشرين دينارا
أو عشرين دينارا فصاعدا (فقال) لا زكاة عليه فيه ويستقبل بما أخذ من ربحه سنة من
ذي قبل بمنزلة الفائدة وإنما تكون الزكاة على العامل في القراض إذا عمل به سنة من
يوم أخذه فتكون في المال الزكاة كانت حصة العامل من ذلك ما تجب فيه الزكاة أو
لا تجب فهو سواء يؤدى الزكاة على كل حال إذا عمل به سنة وهو قول مالك (وقال
مالك) ولو حال على العامل من يوم قبض المال حول وأخذ ربحه وعليه من الدين
ما يغترق حصته من المال فإنه لا زكاة عليه فيه حال الحول في ذلك أو لم يحل (قال
ابن القاسم) وإن كان على رب المال دين يغترق رأس ماله وربحه لم يكن على العامل
أيضا في حصته زكاة وإن كان قد حال الحول على المال من يوم أخذه لان أصل المال
لا زكاة فيه حين كان الدين أولى به (وقال ابن القاسم) في الرجل يساقي نخله
فيصير للعامل في الثمر أقل من خمسة أوسق حظه من ذلك فتكون عليه فيه الصدقة
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يزكى ماله ثم يدفعه إلى الرجل يعمل به قراضا فيعمل
فيه سبعة أشهر أو ثمانية أو أقل من الحول فيقتسمان فيدفع العامل إلى رب المال رأس
ماله وربحه ويأخذ هو ربحه وفيما صار للعامل ما فيه الزكاة أو لا يكون فيحول على مال
رب المال وربحه الحول فيؤدى الزكاة هل ترى على العامل في المال فيما في يديه مما
أخذ من ربحه زكاة (فقال) مالك إذا قاسمه قبل أن يحول على المال الحول من يوم
زكاه ربه ودفع العامل إلى رب المال رأس ماله وربحه استقبل العامل بما في يديه سنة
278

مستقبلة لأنها في هذا الوجه فائدة ولا تجب عليه فيها الزكاة إلا أن يحول عليها حول
عنده من يوم قبض ربحه وفيه ما تجب فيه الزكاة (قال) وسألنا مالكا عن الحر
يأخذ من العبد المأذون له في التجارة مالا قراضا فيعمل فيه سنة ثم يقاسمه فيصير
في يدي الحر العامل في المال ربح تجب فيه الزكاة هل ترى عليه في ربحه الزكاة
(فقال) لا حتى يحول عليه الحول عنده لان أصل المال كان للعبد ولا زكاة في
أموال العبيد فلما لم يكن في أصل المال الذي عمل فيه هذا المقارض الزكاة كان ربحه فائدة
فلا زكاة عليه فيه حتى يحول عليه الحول
(في زكاة تجار المسلمين)
(قلت) أكان مالك يرى أن تؤخذ من تجار المسلمين إذا تجروا الزكاة فقال نعم
(قلت) في بلادهم أم إذا خرجوا من بلادهم (فقال) بلادهم عنده وغير بلادهم سواء
من كان عنده مال تجب فيه الزكاة زكاه (قلت) أفيسألهم إذا أخذ منهم الزكاة هذا
الذي يأخذ عما في بيوتهم من ناضهم فيأخذ زكاته مما في أيديهم (فقال) ما سمعت
من مالك في هذا شيئا وأرى إن كان الوالي عدلا أن يسألهم عن ذلك وقد فعل ذلك
أبو بكر الصديق (قلت) أفيسأل عن زكاة أموالهم الناض إذا لم يتجروا (فقال) نعم
إذا كان عدلا وقد فعل ذلك أبو بكر الصديق كأن يقول للرجل إذا أعطاه عطاءه
هل عندك من مال قد وجبت عليك فيه الزكاة فان قال نعم أخذ من عطائه زكاة ذلك
المال وان قال لا أسلم إليه عطاءه ولا أرى أن يبعث في ذلك أحدا وإنما ذلك إلى أمانة
الناس إلا أن يعلم أحد أن لا يؤدى فتؤخذ منه ألا ترى أن عثمان كأن يقول هذا شهر
زكاتكم (قلت) فما قول مالك أين ينصبون هؤلاء الذين يأخذون العشور من أهل
الذمة والزكاة من تجار المسلمين (فقال) لم أسمع منه فيه شيئا ولكني رأيته فيما يتكلم
به أنه لا يعجبه أن ينصب لهذه المكوس أحد (قال ابن القاسم) وأخبرني يعقوب
ابن عبد الرحمن من بنى القارة حليف لبنى زهرة عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز كتب
إلى عامل المدينة أن يضع المكس فإنه ليس بالمكس ولكنه البخس قال الله تعالى ولا تبخسوا
279

الناس أشياءهم ومن أتاك بصدقة فاقبلها ومن لم يأتك بها فالله حسيبه والسلام (قلت)
أليس إنما يؤخذ من تجار المسلمين في قول مالك الزكاة في كل سنة مرة وان تجروا
من بلد إلى بلد وهم خلاف أهل الذمة في هذا فقال نعم (قال) ومن تجر ومن لم
يتجر فإنما عليه الزكاة في كل سنة مرة (قلت) أرأيت لو أن رجلا خرج من مصر
بتجارة إلى المدينة أيقوم عليه ما في يديه فتؤخذ منه الزكاة (فقال) لا يقوم عليه ولكن
إذا باع أدى الزكاة (قال) ولا يقوم على أحد من المسلمين (قلت) وهذا قول مالك
فقال نعم (قلت) وأهل الذمة أيضا لا يقوم عليهم فإذا باعوا أخذ منهم العشر قال
نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت لو أن رجلا من المسلمين
قدم بتجارة فقال هذا الذي معي مضاربة أو بضاعة أو على دين أو لم يحل على مال
عندي الحول أيصدق ولا يحلف في قول مالك (فقال) نعم يصدق ولا يحلف
(في تعشير أهل الذمة)
(قلت) أرأيت النصراني إذا تجر في بلاده من أعلاها إلى أسفلها ولم يخرج من
بلاده إلى غيرها (فقال) لا يؤخذ منه شئ ولا يؤخذ من كرومهم ولا من زروعهم
ولا من ماشيتهم ولا من نخلهم شئ فإذا خرج من بلاده إلى غيرها من بلاد المسلمين
تاجرا لم يؤخذ منه مما حمل قليل ولا كثير حتى يبيع فان أراد أن يرد متاعه إلى بلاده
أو يرتحل به إلى بلد آخر فذلك له وليس لهم أن يأخذوا منه شيئا إذا خرج من عندهم
بحال ما دخل عليهم ولم يبع في بلادهم شيئا ولم يشتر عندهم شيئا فإن كان قد اشترى
عندهم شيئا بمال ناض كان معه أخذ منه العشر مكانه من السلع التي اشترى حين اشترى
(قلت) أرأيت أن هو باع ما اشترى بعد ما أخذ منه العشر حين كان اشتراه أيؤخذ
من ثمنه أيضا العشر (فقال) لا ولو أقام عندهم سنين بعد الذي أخذوا منه أول مرة
يبيع ويشترى لم يكن عليه شئ (قلت) وكذلك أن أراد الخروج من بلادهم بما قد
اشترى في بلادهم بعد أن أخذوا العشر منه مرة واحدة وقد اشترى وباع مرارا بعد
ما أخذوا منه العشر فأراد الخروج لم يكن لهم عليه فيما اشترى شئ مما يخرج به من
280

بلادهم فقال نعم (قلت) وان دخل عليهم بغير مال ناض إنما دخل عليهم بلادهم
بمتاع متى يؤخذ منه قال إذا باعه (قلت) فإذا باعه أخذ منه العشر مكانه من ثمن
المتاع قال نعم (قلت) فان اشترى بعد ذلك وباع فسبيله سبيل المسألة الأولى في
الناض الذي دخل به فقال نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك
في النصراني يكرى إبله من الشام إلى المدينة أيؤخذ منه في كرائهم العشر بالمدينة إذا
دخلها قال لا (قلت) فان أكرى من المدينة إلى الشام راجعا أيؤخذ منه العشر
بالمدينة إذا أكراها قال نعم (قلت) فما يؤخذ من أهل الحرب إذا نزلوا بتجارة
(فقال) يؤخذ منه ما صالحوا عليه في سلعهم ليس في ذلك عنده عشر ولا غيره
(قلت) أرأيت الذمي إذا خرج بمتاع إلى المدينة فباع بأقل من مائتي درهم أيؤخذ
منه العشر قال نعم (قلت) يؤخذ منه مما قل أو كثر قال نعم (قلت) وهذا قول
مالك قال نعم (قال) وقال مالك إذا تجر عبيد أهل الذمة أخذ منهم كما يؤخذ من
ساداتهم (قال) وقال مالك إذا تجر الذمي أخذ منه العشر من كل ما يحمل إذا باعه
من ثمنه بزا كان أو غيره من العروض على ما فسرت لك (قال سحنون) وحدثني
ابن وهب عن ابن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية حدثهما عن ربيعة أن
عمر بن الخطاب قال لأهل الذمة الذين كانوا يتجرون إلى المدينة ان تجرتم في بلادكم
فليس عليكم في أموالكم زكاة وليس عليكم الا جزيتكم التي فرضنا عليكم وان
خرجتم وضربتم في البلاد وأدرتم أموالكم أخذنا منكم وفرضنا عليكم كما فرضنا
جزيتكم فكان يأخذ منهم من كل عشرين نصف العشر كلما قدموا من مرة ولا
يكتب لهم براءة مما أخذ منهم كما تكتب للمسلمين إلى الحول فيأخذ منهم كلما جاؤوا
وان جاؤوا في السنة مائة مرة ولا يكتب لهم براءة بما أخذ منهم (قال ابن وهب)
وكذلك قال لي مالك (قال سحنون) وقد روى علي بن زياد في تجار أهل الحرب
العشر (وقال ابن نافع مثل قول ابن القاسم إنما هو ما راضاهم عليه المسلمون وليس في
ذلك حد معلوم
281

(ما جاء في الجزية)
(قلت) أرأيت نصارى بني تغلب أيؤخذ منهم في جزيتهم الصدقة مضاعفة (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا أحفظه قال ولو كانت الصدقة تؤخذ من نصارى بني تغلب
مضاعفة عند مالك ما جهلناه ولكنا نعرفه قال وما سمعت أحدا من أصحابه يذكر هذا
(قلت) أفتحفظ عن مالك أنه قال تؤخذ الجزية من جماجم نصارى بنى تغلب (فقال)
ما سمعت من قوله في هذا شيئا وتؤخذ منهم الجزية (وقال أشهب) وعلى كل من
كان على غير الاسلام أن تؤخذ منهم الجزية عن يد وهم صاغرون وقد قال الله تبارك
وتعالى ذلك في كتابه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن لا كتاب له من
المجوس سنوا بهم ستة أهل الكتاب (قال سحنون) وذلك السنة والامر الذي
لا اختلاف فيه عند أحد من أهل المدينة (قال سحنون (1) منه قول ابن القاسم وفيه قول
غيره والمعنى كله واحد) (قلت) أرأيت النصراني إذا أعتقه المسلم أيكون على هذا
المعتق النصراني الجزية فقال لا (قلت) وهذا قول مالك (فقال) نعم هو قول مالك
(قال مالك) ولو جعلت عليه الجزية لكان العتق إذا أضر به ولم ينفعه العتق شيئا
(قلت) أرأيت النصراني إذا أعتق عبده النصراني أتكون على العبد المعتق وهو
نصراني الجزية أم لا (فقال) نعم تجعل عليه الجزية وقد سمعت من مالك بن أنس وهو
يقول يؤخذ من عبيد النصارى إذا تجروا في بلاد المسلمين من بلد إلى بلد العشر
(قلت) أرأيت النصراني تمضى به السنة فلم تؤخذ منه الجزية لسنته هذه حتى أسلم
أتؤخذ منه جزية هذه السنة وقد أسلم أم لا (فقال) سمعت مالكا وقد سئل عن
أهل حصن هادنوا المسلمين ثلاث سنين على أن يعطوا المسلمين في كل سنة شيئا
معلوما فأعطوهم سنة واحدة ثم أسلموا قال مالك أرى أن يوضع عنهم ما بقي عليهم
ولا يؤخذ منهم ولم أسمع من مالك في مسألتك شيئا وهو عندي مثله لا أرى أن

(1) (قوله قال سحنون إلى قوله والمعني كله واحد) وجد في الأصل بين قوسين وكتب
عليه بهامشه ما نصه (المعلم عليه لابن وضاح) كتبه مصححه
282

يؤخذ منهم شئ (قلت) أرأيت هذا المال الذي هادناهم عليه أيخمس أم ما
يصنع به (فقال) ما سمعت فيه شيئا وأراه مثل الجزية (قلت) أرأيت إذا أسلم الذمي
أتسقط الجزية عن جمجمته وعن أرضه في قول مالك أم لا (قال) قال مالك ان
كانت أرضه أرض صلح سقطت الجزية عن جمجمته وعن أرضه وتكون أرضه له
وان كانوا أهل عنوة لم يكن له أرضه ولا ماله ولا داره وسقطت عنه الجزية (ابن
مهدي) عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن أبي خالد وعن هشام عن إسماعيل
عن الشعبي في مسلم أعتق عبدا من أهل الذمة قال ليس عليه جزية وذمته ذمة مولاه
(وقد قال أشهب) بلغني عن علي بن أبي طالب أنه قال في النصراني يعتق لا جزية
عليه ولم يفسر من أعتقه (ابن القاسم) عن مالك أنه قال بلغنا أن عمر بن عبد العزيز
كتب إلى عماله أن يضعوا الجزية عمن أسلم من أهل الجزية حين يسلمون (قال
مالك) وهي السنة التي لا اختلاف فيها (قال ابن وهب) وكان ابن عمر وابن عباس
ومالك بن أنس وغير واحد يكرهون بيع أرض العنوة (قال ابن وهب) وقال ابن
شهاب إذا أسلم رجل من أهل العنوة لم يكن له أرضه (ابن وهب) عن ابن أبي
ذئب أن عمر بن عبد العزيز قال لنصارى كلب وتغلب لا نأخذ الصدقة منكم وعليكم
الجزية فقالوا أتجعلنا كالعبيد قال لا نأخذ منكم الا الجزية قال فتوفى عمر وهم على ذلك
(ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عمر بن عبيد الله مولى غفرة (1) ان الا شعث بن قيس
اشترى من أهل سواد الكوفة أرضا لهم فاشترطوا عليه رضا عمر فجاءه الأشعث
فقال يا أمير المؤمنين اني اشتريت أرضا بسواد الكوفة واشترطوا على أن أنت
رضيت فقال عمر ممن اشتريتها فقال من أهل الأرض فقال عمر كذبت وكذبوا
ليست لك ولا لهم (ابن مهدي) عن سفيان عن هشام عن الحسن وعن داود بن
أبي هند عن محمد بن سيرين أن عمر نهى أن يبتاع رقيق أهل الذمة وأرضهم (ابن
مهدي) عن سفيان عن منصور عن رجل عن عبد الله بن مغفل قال لا يشترى

(1) (مولى غفرة) هي أخت بلال مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم اه‍ من هامش الأصل
283

أرض من دون الجبل الا من بنى صليتا وأهل الحيرة فان لهم عهدا (ابن وهب)
عن محمد بن عمر وعن ابن جريج أن رجلا أسلم على عهد عمر فقال ضعوا الجزية عن
أرضى فقال عمر لا ان أرضك أخذت عنوة (ابن مهدي) عن سفيان عن معمر
عن أبي الحكم عن إبراهيم أن رجلا أسلم من أهل السواد فقال (1) ارفع عن أرضى
الخراج فقال عمر ان أرضك أخذت عنوة وقال له رجل ان أرض كذا وكذا تطيق
أكثر مما عليها من الخراج فقال ليس عليهم سبيل إنما صالحناهم
(في أخذ الامام الزكاة من المانع الزكاة)
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يعلم الامام أنه لا يؤدى زكاة ماله الناض أترى
أن يأخذ منه الامام الزكاة (فقال) ان قتل علم ذلك (2) أخذ منه الزكاة (قلت)
أرأيت قوما من الخوارج غلبوا على بلد من البلدان فلم يؤدوا زكاة مواشيهم أعواما
أيأخذ منهم الامام إذا كان عدلا زكاة تلك السنين إذا ظفر بهم فقال نعم (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (قلت) زكاة الحب والثمار بهذه المنزلة (فقال) أرى أن يكون مثل هذا وإنما سمعت مالكا يقول في زكاة الماشية (قال سحنون) وقد
قال غيره إلا أن يقولوا انا قد أدينا ما قبلنا لأنهم ليسوا بمنزلة من فر بزكاته وإنما
هؤلاء خرجوا على التأويل الا صدقة العام الذي يظفر بهم فيه فإنها تؤخذ منهم
(في تعجيل الزكاة قبل حولها)
(قلت) أرأيت الرجل يعجل زكاة ماله في الماشية أو في الإبل أو في الزرع أو في
المال السنة أو السنتين أيجوز ذلك فقال لا (قلت) وهو قول مالك قال نعم (قال)
وقال مالك إلا أن يكون قرب الحول أو قبله بشئ يسير فلا أرى بذلك بأسا
وأحب إلى أن لا يفعل حتى يحول عليه الحول (قلت) أرأيت الرجل يعجل صدقة

(1) (فقال) أي لعمر ارفع الخ بدليل ما قبله وما بعده اه‍ مصححه * (2) (قوله قتل علم
ذلك) أي أحاط به خبرا وقوى علمه به قال في القاموس وقتل الشئ خبرا علمه اه‍ كتبه مصححه
284

ماشيته لسنين ثم يأتيه المصدق أيأخذ منه صدقة ماشيته أم يجزئه ما عجل من ذلك
(فقال) قال لي مالك لا يجزئه ما عجل من ذلك ويأخذ منه المصدق زكاة ما وجد عنده
من ماشيته (وقال أشهب) قال مالك وان الذي أداها قبل أن يتقارب ذلك فلا تجزئه
وإنما ذلك بمنزلة الذي يصلى الظهر قبل أن تزول الشمس (أشهب) وقال الليث
لا يجوز ذلك (ابن القاسم) عن مالك عن نافع أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر
إلى الذي كانت تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة (ابن وهب) عن الليث
أن عبد الرحمن بن خالد حدثه عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أمر الناس أن يخرجوا زكاة يوم الفطر قبل أن يخرجوا إلى الصلاة فإذا
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باخراجها يوم الفطر قبل الخروج إلى الصلاة فلا
يخرج يوم الفطر حتى يطلع الفجر
(في دفع الزكاة إلى الإمام العدل وغير العدل)
(قال) وقال مالك إذا كان الامام يعدل لم يسع الرجل أن يفرق زكاة ماله الناض
ولا غير ذلك ولكن يدفع زكاة الناض إلى الامام وأما ما كان من الماشية وما أنبتت
الأرض فان الامام يبعث في ذلك (قلت) أرأيت قوما من الخوارج غلبوا على بلد
فأخذوا الصدقات والخراج ثم قتلوا أتؤخذ الجزية والصدقات منهم مرة أخرى (قال)
لا أرى ذلك أن تؤخذ منهم ثانية (ابن مهدي) عن سفيان الثوري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أن أبا سعيد الخدري وسعد بن مالك وأبا هريرة و عبد الله بن عمر
قالوا كلهم يجزئ ما أخذوا وان فعلوا (ابن مهدي) عن سفيان الثوري عن
منصور عن إبراهيم قال يحسب ما أخذ العاشر (ابن مهدي) عن قيس بن الربيع
عن سالم الأقيس عن سعيد بن جبير مثله (ابن مهدي) عن عبد الوارث بن
سعيد عن عبد العزيز عن أنس بن مالك والحسن قالا ما أعطيت في الجسور والطرق
فهي صدقة ماضية (قال الحسن) ما استطعت ان تحبسها عنهم حتى تضعها حيث
أمرك الله فافعل
285

(في المسافر تحل عليه الزكاة في السفر)
(قال) وسئل مالك بن أنس عن المسافر تجب عليه الزكاة وهو في سفر أيقسمها في
سفره في غير بلده وإن كان ماله وراءه في بلده قال نعم (قيل له) انه قد يخاف أن يحتاج
في سفره ولا قوت معه (فقال) أرى أن يؤخر ذلك حتى يقدم بلده (قيل له) فان
وجد من يسلفه حتى يقدم بلاده أترى أن يقسم زكاته فقال نعم هو أحب إلى (قال)
وسألنا مالكا عن الرجل يكون من أهل مصر فيخرج إلى المدينة بتجارة وهو ممن
يدير التجارة وله مال ناض بمصر ومال بالحجاز (فقال) لا أرى بأسا أن يزكي بموضعه
الذي هو به ما معه وما خلفه بمصر (قال) فقلنا له وإن كان ماله خلفه بمصر وهو يجد
من يسلفه زكاته حيث هو (فقال) فيتسلف وليؤد حيث هو (قال) فقلنا له فإن كان
يحتاج وليس معه قوت ذلك (قال) فليؤخر ذلك حتى يقدم بلده وقد كأن يقول يقسم
في بلاده (قال سحنون) وقد قال بعض كبراء أصحاب مالك وهو أشهب إن كان
ماله وراءه في بلاده وكانت تقسم في بلاده عاجلا عند حلولها وما أشبه ذلك فلا أرى
أن يقسمها في سفره وأرى ذلك أفضل إلا أن يكون بأهل الموضع الذي هو به من
سفره حاجة ملحة ونازلة شديدة فأحب إلى أن يؤدي زكاة ماله في مكانه الذي هو
به إن كان يجد ذلك إلا أن يخاف أن يؤدي زكاة ماله ببلده فلا أرى ذلك عليه
(في اخراج الزكاة من بلد إلى بلد)
(قلت) أرأيت صدقة الإبل والغنم والبقر وما أخرجت الأرض من الحب والقطنية
أو الثمار أتنقل هذه الزكاة من بلد إلى بلد في قول مالك (قال) سئل مالك عن قسم
الصدقات أين تقسم فقال في أهل البلد التي تؤخذ فيها فان فضل عنهم فضل نقلت
إلى أقرب البلدان إليهم ولو أن أهل بلد كانوا أغنياء وبلغ الامام عن بلد آخر مجاعة
نزلت بهم أصابتهم سنة أذهبت مواشيهم أو ما أشبه ذلك فنقل إليهم بعض تلك
الصدقة رأيت ذلك صوابا لان المسلمين أسوة فيما بينهم إذا نزلت بهم الحاجة
286

(قال) فقلت له فلو أن رجلا من أهل مصر حلت زكاته عليه وماله بمصر وهو
بالمدينة أترى أن يقسم زكاته بالمدينة قال نعم (قال) ولو أن رجلا لم يكن من أهل
المدينة أراد أن يقسم زكاته فبلغه عن أهل المدينة حاجة فبعث إليهم من زكاة ماله
ما رأيت بذلك بأسا ورأيته صوابا (قال) وقال مالك تقسم الصدقة في مواضعها فان
فضل عنهم شئ فأقرب البلدان إليهم وقد نقل عمر بن الخطاب (1) (قال سحنون)
وذكر أشهب عن مالك أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمر وبن العاص عام الرمادة
وهو بمصر وا غوثاه للعرب جهز إلي عيرا يكون أولها عندي وآخرها عندك تحمل
الدقيق في العباء فكان عمر يقسم ذلك بينهم على ما يرى ويوكل بذلك رجالا ويأمرهم
بحضور نحر تلك الإبل ويقول إن العرب تحب الإبل وأخاف أن يستحيوها فلينحروا
وليأتدموا بلحومها وشحومها وليلبسوا العباء التي أتى بالدقيق فيها
(في زكاة المعادن)
(قال) وقال مالك في زكاة المعادن إذا خرج منها وزن عشرين دينارا أو وزن
مائتي درهم أخذت منه الزكاة مكانه ولم يؤخر وما خرج منها بعد ذلك أخذ منه
بحساب ما يخرج ربع عشره إلا أن ينقطع نيل ذلك الغار ثم يعمل في طلبه أو ابتدأ في
شئ آخر ثم يدرك فلا شئ عليه حتى يكون فيما يصيب وزن عشرين دينارا أو وزن
مائتي درهم قال وإنما مثل ذلك مثل الزرع إذا رفع من الأرض خمسة أوسق أخذ
منه فما زاد فبحساب ذلك (قلت) أرأيت معادن الذهب والفضة أيؤخذ منها
الزكاة (فقال) قال مالك نعم (قال) وقال مالك في المعادن ما نيل بعمل ففيه الزكاة
(فقيل) له فالندرة توجد في المعدن من غير كبير عمل (فقال) أرى فيها الخمس (فقيل)
له انه قد تكلف فيه عملا (قال) ودفن الجاهلية يتكلف فيه عملا فإذا كان العمل خفيفا
ثم وجد هذا الذي وصفت لك من الندرة وهي القطعة التي تندر من الذهب والورق

(1) (قوله وقد نقل عمر الخ) أي نقل ما فضل من الصدقات عن موضع وجوبها إلى ذوي الحاجة
في أقرب الجهات إليه اه‍ كتبه مصححه
287

فأنا أرى فيها الخمس ولا أرى فيها الزكاة (قال) وقال مالك وما نيل من المعادن
بعمل يتكلف فيه وكانت فيه المؤنة حتى أصاب مثل الذي وصفت لك من الندرة
فإنما فيه الزكاة (قال) وقال مالك وما نيل من المعادن مما لم يتكلف فيه عمل
أو تكلف فيه عمل يسير فأصيب فيه مثل هذه الندرة ففيه الخمس وما تكلف فيه
العمل والمؤنة والطلب ففيه الزكاة (وقال أشهب) في المعدن يوجد فيه الذهب
النابت لا عمل فيه فقال لي كلما كانت المعادن فيها الزكاة لما تكلف فيها من المؤنة
فكذلك ما وجد فيها من الذهب نابتا لا عمل فيه يكون ركازا ففيه الخمس (قلت)
أرأيت المعادن تظهر في أرض العرب (فقال) ما زالت المعادن تظهر في أرض العرب
ويعمل فيها الناس وتكون زكاتها للسلطان وقد ظهرت معادن كثيرة بعد الاسلام
قال فما رأيت ذلك يختلف عند مالك وما كان منها في الجاهلية (قال) ولو اختلف
ذلك عند مالك في أرض العرب أو عند أحد منهم لعلمت ذلك من قوله إن شاء الله
وما شأن ما ظهر في الجاهلية وشأن ما ظهر في الاسلام الا سيان واحد (قال)
وبلغني عن مالك وسئل عن معادن البربر التي ظهرت في أرضهم فقال أرى ذلك إلى
السلطان يليها ويقطع بها ممن يليها ويأخذ منها الزكاة (قلت) أرأيت قول مالك
تؤخذ الزكاة من المعدن مما خرج منه (فقال) قال مالك ذلك بعد ما يخرج ذهبه
أو فضته (قلت) فالذي يؤخذ منه خمسه الذي ينال بغير عمل (فقال) ذلك أنما هو
فضة كله يؤخذ منه خمسه إذا خرج (قال) وقال لي مالك يؤخذ مما خرج من
المعدن وإن كان الذي خرج به عليه دين لم ينظر في دينه وأخذت منه الزكاة إذا كان
ما يخرج له مائتي درهم أو عشرين دينارا فصاعدا قال وهو مثل الزرع (قلت) أرأيت
ما خرج من المعدن لم جعل فيه مالك الزكاة لئن كان مغنما إنما ينبغي أن يكون فيه
الخمس وإن كان إنما فيه الزكاة لأنه فائدة فإنه ينبغي أن لا يؤخذ منه شئ حتى
يحول عليه الحول من يوم أفاده (فقال) قال مالك إنما هو مثل الزرع إذا حصد كانت
فيه الزكاة مكانه إذا كان فيه ما تجب فيه الزكاة ولا ينتظر به شئ إذا حصد قال وكذلك
288

المعدن إذا خرج منه ما يبلغ أن تكون فيه الزكاة زكى مكانه ولم ينتظر به حتى يحول
عليه الحول (قال) وقال أشهب انها لما كانت ذهبا وفضة وكانت تعتمل كما يعتمل
الزرع وكان أصله النابت كنبات الزرع جعلته بمنزلة الزرع وقد قال الله تبارك وتعالى
وآتوا حقه يوم حصاده فكما كأن يكون في الزرع الزكاة إذا حصد وإن لم يحل عليه
الحول إذا بلغ ما فيه الزكاة كان في المعدن الزكاة مكانه حين أخرجه وصفاه وإن كان
لم يحل عليه الحول من يوم أخرجه أو من يوم عمل فيه إذا بلغ ما تجب فيه الزكاة مع
ما فيه من الآثار (قلت) أرأيت زكاة المعادن أتفرق في الفقراء كما تفرق الزكاة أم
تصير مثل الجزية (فقال) بل تفرق في الفقراء كما تفرق الزكاة (قلت) وهذا قول
مالك (قال) لما قال مالك فيما خرج من المعدن الزكاة ويحمله محمل الزكاة علمنا أنه في
الفقراء وهو مثل الزكاة محمله محمل الزكاة (ابن القاسم) عن مالك عن ربيعة وغير
واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية (1)
وهي من ناحية الفرع فتلك المعادن لا يؤخذ منها الا الزكاة إلى اليوم (أشهب)
عن ابن أبي الزناد أن أباه حدثه أن عمر بن عبد العزيز كان يأخذ من المعادن ربع
العشر إلا أن تأتي ندرة (2) فيكون فيها الخمس كان يعد الندرة الركزة (3) فيخمسها وان
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الركاز الخمس (قال أبو الزناد) والركزة أن
يصيب الرجل الندرة من ذهب أو فضة يقع عليها ليس فيها كبير مؤنة (ابن مهدي) عن سفيان بن عيينة قال سمعت عبد الله بن أبي بكر يذكر أن عمر بن
عبد العزيز كان يأخذ من المعادن من كل مائتي درهم خمسة دراهم

(1) (القبلية) بفتح القاف والباء الموحدة موضع من الفرغ بقرب المدينة (والفرغ) وزان قفل عمل من
أعمال المدينة الصفراء اهمصباح * (2) (ندرة) الندرة بفتح النون مشددة وسكون الدال المهملة القطعة
من الذهب توجد في المعدن اه‍ * (3) (الركزة) بكسر الراء وسكون الكاف قال في القاموس
الركزة بهاء واحدة الركاز وهو ما ركزه الله في المعادن أي أحدثه ودفين أهل الجاهلية وقطع
عظام من الفضة والذهب تخرج من المعدن اه‍ كتبه مصححه
289

(في معادن أرض الصلح وأرض العنوة)
(قلت) أرأيت المعادن تظهر في أرض صالح عليها أهلها (فقال) أما ما ظهر فيها من
المعادن فتلك لأهلها أن يمنعوا الناس أن يعملوا فيها وان أرادوا أن يأذنوا للناس كان
ذلك لهم وذلك أنهم صالحوا على أرضهم فهي لهم دون السلطان (قال) وما افتتحت
عنوة فظهر فيها معادن فذلك إلى السلطان يصنع فيها ما شاء ويقطع بها لمن يعمل فيها
لان الأرض ليست للذين أخذوا عنوة
(ما جاء في الركاز)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أصاب ركازا في أرض العرب أيكون للذي أصابه في
قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت من أصاب ركازا وعليه دين أيخمس أم لا (فقال)
أرى أن يخمس ولا يلتفت إلى دينه (قال) وقال مالك ما نيل من دفن الجاهلية بعمل
أو بغير عمل فهو سواء وفيه الخمس (وقال) قال مالك أكره حفر قبور الجاهلية
والطلب فيها ولست أراه حراما فما نيل فيها من أموال الجاهلية ففيه الخمس (قال)
وقد بلغني عن مالك أنه قال إنما الركاز ما أصيب في أرض العرب مثل الحجاز واليمن
وفيافي البلدان من دفن الجاهلية فهو ركاز وفيه الخمس ولم يجعله مثل ما أصيب في
الأرض التي صالح عليها أهلها وأخذت عنوة (قلت) أرأيت ما أصيب في أرض
العرب أليس إنما فيه الخمس في قول مالك ويأخذ الذين أصابوه أربعة أخماسه قال
نعم (قلت) أليس الركاز في قول مالك ما قل منه أو كثر من دفن الجاهلية فهو
ركاز كله وإن كان أقل من مائتي درهم قال نعم (قلت) ويخرج خمسه وإن كان
فقيرا قال نعم (قلت) وإن كان فقيرا وكان الركاز قليلا أيسعه أن يذهب به جميعه
لمكان فقره فقال لا
(في الركاز يوجد في أرض الصلح وأرض العنوة)
(قال) وبلغني أن مالكا قال كل كنز وجد من دفن الجاهلية في بلاد قوم صالحوا
290

عليها فأراه لأهل تلك الدار الذين صالحوا عليها وليس هو لمن أصابه وما أصيب في
أرض العنوة فأراه لجماعة مسلمي أهل تلك البلاد الذين افتتحوها وليس هو لمن أصابه
دونهم (قال ابن القاسم) وهو بين لان ما في داخلها بمنزلة ما في خارجها فهو لجميع
أهل تلك البلاد ويخمس (قلت) وأرض الصلح في قول مالك ان جميعه للذين صالحوا
على أرضهم لا يخمس ولا يؤخذ منهم شئ قال نعم (قلت) وأرض العنوة يكون
أربعة أخماسه للذين افتتحوها وخمسه يقسم في مواضع الخمس (قال) نعم قال مالك
وذلك أنهم دخلوها بصلح فليس لأحد أن يأخذ منها شيئا مما وجد فيها (قلت) وان
أصابه في دار رجل في أرض الصلح أيكون لرب الدار في قول مالك (فقال) قال
مالك هو للذين صالحوا على الأرض (قال ابن القاسم) إن كان رب الدار هو الذي
أصابه وكان من الذين صالحوا على تلك الأرض فهو له وإن كان رب الدار من غير
الذين صالحوا فهو للذين صالحوا على تلك الأرض وليس لرب الدار من ذلك شئ وما
وجد في أرض العنوة فهو لأهل تلك الدار الذين افتتحوها وليس هو لمن وجده. ومما
يبين لك ذلك أن عمر بن الخطاب قال في السفطين اللذين وجدا من كنز النخيرجان
(1) حين قدم بهما عليه فأراد أن يقسمهما بالمدينة فرأى عمر أن الملائكة تدفع في صدره
عنهما في المنام فقال ما أرى هذا يصلح لي فردهما إلى الجيش الذين أصابوه وقد كان
ذانك السفطان إنما هو كنز دل عليه بعد ما فتحت البلاد وسكن الناس واتخذوا
الأهلين فكتب عمر أن يباعا فتعطى المقاتلة والعيال (قال) وقال مالك من أصاب
في أرض الحرب من دفن الجاهلية شيئا فأراه بين جماعة الجيش الذين معه لأنه إنما
نال ذلك بهم (قال سحنون) وفي حديث عمر دليل على أن ما أصيب في أرض

(1) (النخيرجان) هو وزير كسرى وكانت له امرأة شابة وكان كسرى يخالفه إليها فوجد
النخيرجان يوما خفيه (أي خفى كسرى) عند امرأته فسألها عنهما فأخبرته أن الملك يأتيها فاعتزلها
فأخبرت بذلك الملك فقال له كسرى وكان جالسا عنده بلغني ان عندك عينا عذبة وأنك لا تردها
فقال وجدت فيها أثر الأسد فخفت على نفسي فعند ذلك أعطاه هذين السفطين لما أعجبه من قوله
اه‍ من هامش الأصل
291

العنوة أنه ليس لمن أصابه وإنما هو للذين افتتحوا البلاد (ابن مهدي) عن هشيم بن
بشير عن مجالد وإسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن رجلا أصاب ألفا وخمسمائة
درهم في خربة فأتى بها علي بن أبي طالب فقال إن كانت قرية تحمل خراج تلك
القرية (1) فهم أحق بها والا فالخمس لنا وسائر ذلك لك وسأطيب لك البقية
(في الجوهر واللؤلؤ والنحاس يوجد في دفن الجاهلية)
(قال ابن القاسم) كان مالك يقول في دفن الجاهلية مما يصاب فيه من الجوهر
والحديد والرصاص والنحاس واللؤلؤ والياقوت وجميع الجواهر أرى فيه الخمس ثم
رجع فقال لا أرى فيه شيئا لا زكاة ولا خمسا ثم كان آخر ما فارقناه أن قال عليه الخمس
(قال ابن القاسم) وأحب ما فيه إلى أن يؤخذ منه الخمس من كل شئ يصاب فيها
من دفن الجاهلية وإنما اختلاف قوله في الجوهر والحديد والنحاس وأما ما أصيب من
ذهب أو فضة فيه فإنه لم يختلف قوله فيه أنه ركاز وفيه الخمس
(في زكاة اللؤلؤ والجوهر والمسك والعنبر والفلوس ومعادن)
(النحاس والرصاص)
(قلت) أرأيت معادن الرصاص والنحاس والحديد والزرنيخ وما أشبه هذه
المعادن (فقال) قال مالك بن أنس لا يؤخذ من هذه المعادن شئ ولا أرى أنا فيها
شيئا قال وليس في الجوهر واللؤلؤ والعنبر زكاة (قلت) أرأيت لو كانت عند رجل
فلوس في قيمتها مائتا درهم فحال عليها الحول ما قول مالك في ذلك (قال) لا زكاة عليه
فيها وهذا مما لا اختلاف فيه إلا أن يكون ممن يدير فيحمل محمل العروض (قال)
وسألت مالكا عن الفلوس تباع بالدنانير والدراهم نظرة (2) أو يباع الفلس بالفلسين
(فقال) مالك انى أكره ذلك وما أراه مثل الذهب والورق في الكراهية (سحنون)

(1) (قوله إن كانت قرية تحمل خراج تلك القرية) معناه ان كانت قرية خربة تحمل خراجها
قرية عامرة فهم أحق بها الخ قاله محمد اه‍ من هامش الأصل * (2) (نظرة) وزان فرحة هي التأخير
في الامر ويقال نظره إذا باعه بنظرة اه‍ كتبه مصححه
292

عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال ليس في العنبر زكاة إنما هو
شئ دسره البحر (ابن مهدي) عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أذينة
قال سمعت ابن عباس يقول ليس العنبر بركاز إنما هو شئ دسره البحر (قال سحنون)
وحدثني الوليد بن مسلم قال أخبرني ابن جريج عن عمرو بن دينار عن أذينة عن ابن
عباس قال ليس في العنبر زكاة إنما هو شئ دسره البحر (قال أشهب) وان الزنجي
مسلم بن خالد حدثه أن عمرو بن دينار حدثه عن ابن عباس أنه كأن يقول ليس في
العنبر زكاة (أشهب) عن داود بن عبد الرحمن المكي يقول قال ابن عباس ليس في
العنبر خمس لأنه إنما ألقاه البحر (قال أشهب) وقد أخطأ من جعل في معادن
الرصاص والصفر والزرنيخ وما أشبهها من المعادن كلها زكاة أو خمسا لأنه ليس
بركاز ولا من دفن الجاهلية وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركاز الخمس
(قال أشهب) أخبرنا مالك والليث بن سعد وسفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن
ابن المسيب وأبى سلمة (1) بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال في الركاز الخمس (أشهب) عن ابن أبي الزناد أن عبد الرحمن بن الحارث
حدثه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلا
من مزينة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الكنز من كنز
الجاهلية نجده في الآرام (3) أو في الخرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه
وفى الركاز الخمس (وقال) لي مالك سمعت أهل العلم يقولون في الركاز إنما هو دفن
الجاهلية ما لم يطلب بمال ولم يتكلف فيه كبير عمل فأما ما طلب بمال أو تكلف فيه كبير
عمل فأصيب مرة وأخطئ مرة فليس هو بركاز وهذا الامر عندنا (ابن وهب) عن

(1) (دسره البحر) أي دفعه كأنه أشار إلي ان حكم ما يوجد ويستفاد من البحر بخلاف ما يستفاد
في البر من أمواله اه‍ من هامش الأصل * (2) (أبى سلمة) هو ابن عبد الرحمن بن عوف أحد فقهاء
المدينة العشرة من التابعين رضي الله عنهم أجمعين اه‍ من هامش الأصل * (3) (الآرام) على وزن أضلاع
هي الاعلام واحدها إرم كعنب وأرم ككتف تجمع أيضا على أروم كضلوع وهي حجارة تنصب في
المفازة علما يهتدى وخص بعضهم بها أعلام قوم عاد التي كانوا يبنونها كهيئة القبور اه‍ لسان كتبه مصححه
293

أسامة بن زيد الليثي أنه سمع القاسم بن محمد يقول ليس في اللؤلؤ زكاة الا ما كان منه
للتجارة (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال في اللؤلؤ والياقوت
والخرز مثل ذلك (وقال مالك) مثل قول ابن شهاب وعبد الله بن عمرو بن العاص
(في زكاة الخضر والفواكه)
(قال) وقال مالك الفواكه كلها الجوز واللوز والتين وما كان من الفواكه كلها
مما ييبس ويدخر ويكون فاكهة فليس فيها زكاة ولا في أثمانها حتى يحول على أثمانها
الحول من يوم تقبض أثمانها (قال مالك) والخضر كلها القضب (1) والبقل والقرط (2)
والقصيل والبطيخ والقثاء وما أشبه هذا من الخضر فليس فيها زكاة ولا في أثمانها حتى
يحول على الأثمان الحول (وقال مالك) ليس في التفاح والرمان والسفرجل وجميع
ما أشبه هذا زكاة (قال مالك) وليس الزكاة الا في العنب والتمر والزيتون
والحب الذي ذكرت لك والقطنية (قال ابن وهب) وأخبرني غير واحد عن عطاء
ابن السائب عن موسى بن طلحة بن عبيد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ليس في الخضر زكاة (ابن وهب) وأخبرني سفيان الثوري عن ليث بن أبي سليم
عن مجاهد عن عمر بن الخطاب مثله (ابن وهب) عن عبد الجبار بن عمر الأيلي
أنه قال عن ربيعة ليس في الجوز واللوز والفاكهة اليابسة والرطبة والتوابل كلها زكاة
(قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وعبد الله
ابن عمرو بن العاص وابن شهاب وعطاء بن أبي رباح وعطاء الخراساني أنهم قالوا ليس
في البقل والبطيخ والتوابل والزعفران والقضب والكرسف (3) والعصفر والاترنج
والتفاح والخربز (4) والتين والرمان والفرسك (5) والقثاء وما أشبه ذلك زكاة وبعضهم

(1) (القضب) بفتح القاف وسكون الضاد المعجمة هو الفصفصة وهو نبات يشبه البرسم يعلف
للدواب * (2) (القرط) هو بكسر القاف وسكون الراء نوع من الكراث يعرف بكراث المائدة
(3) (الكرسف) بضم الكاف وسكون الراء وضم السين هو القطن * (4) (الخربز) بكسر الخاء
المعجمة وسكون الراء وكسر الباء الموحدة نوع من البطيخ * (5) (والفرسك) بكسر الفاء والسين
بينهما راء ساكنة آخره كاف هو الخوخ أو ضرب منه أحمر أجود اه‍ أجود اه‍ كتبه مصححه
294

يسمى ما لم يسم بعض (قال ابن وهب) وقاله الليث ومالك (ابن مهدي) عن
سفيان بن عيينة عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة أن معاذ بن جبل أخذ الصدقة
من كذا ومن كذا ولم يأخذ من الخضر صدقة
(في قسم الزكاة)
(قلت) أرأيت زكاة مالي إن لم أجد الا صنفا واحدا ممن ذكر الله في الكتاب
أيجزئني أن أجعلها فيهم (فقال) قال مالك إن لم يجد الا صنفا واحدا أجزأه أن يجعلها
فيهم (قال مالك) وإذا كنت تجد الأصناف كلها التي ذكر الله في كتابه وكان
منها صنف هم أحوج أوثر أهل الحاجة حيث كانوا حتى تسد حاجتهم وإنما يتبع في
ذلك في كل عام الحاجة حيث كانت وليس في ذلك قسم مسمى (قال) وسألناه
عن الرجل تكون له الدار والخادم هل يعطى من الزكاة (فقال) ان الدور تختلف فإن كانت دارا ليس في ثمنها فضل ان بيعت اشترى من ثمنها دارا وفضلت فضلة يعيش
فيها رأيت أن يعطى ولا يبيع مسكنه وان كانت داره دارا في ثمنها ما يشترى به
مسكنا ويفضل له فضلة يعيش فيها لم يعط منها شئ والخادم كذلك (قال) وسألنا
مالكا عن الرجل يكون له أربعون درهما أيعطى من الزكاة يكون له عيال وعدد
ورب رجل يكون عياله عشرة أو شبه ذلك فلا تكون تلك الأربعون لهم شيئا فأرى
أن يعطى مثل هذا (قلت) أرأيت لو أن رجلا له ألف درهم وعليه ألفا درهم دينا
وله خادم ودار ثمنها ألفا درهم أيكون من الغارمين وتحل له الصدقة (فقال) لا ويكون
دينه في عروضه في داره وخادمه (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت)
فان أدى الألف التي عنده في دينه وبقيت عليه ألف درهم وبقيت داره وخادمه
أيكون من الغارمين والفقراء (قال) نعم إذا لم يكن من الخادم والدار فضل عن دار
تغنيه أو خادم يغنيه كان من الفقراء والغارمين (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
(قال) وقال مالك أرى أن يؤثر بالزكاة أهل الحاجة حيث كانوا (قلت) فهل
كان مالك يقول ويرضخ لمن سوى أهل الحاجة من الذين لا يستحقون الزكاة
295

(قال) ما علمت أنه قال يرضخ لهؤلاء (قلت) فهل يرفع من الزكاة إلى بيت المال
شئ في قول مالك (قال) لا ولكن تفرق كلها ولا يرفع منها شئ وإن لم يجد من
يفرق عليه من موضعه الذي أخذ ما فيه فأقرب البلدان إليه (قال) ولقد حدثني
مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال كنت مع ابن زرارة باليمامة حين بعثه عمر بن
عبد العزيز مصدقا قال فكتب إليه في أول سنة أن اقسم نصفها ثم كتب إليه في
السنة الثانية أن اقسمها كلها ولا تحبس منها شيئا (قال) فقلت لمالك والشأن أن تقسم في
موضعها إلا أن تكون كثيرة فيصرفها إلى أقرب المواضع إليها قال نعم (قال مالك)
ولقد بلغني أن طاوسا بعث مصدقا وأعطى رزقه من بيت المال قال فوضعه في
كوة في منزله قال فلما رجع سألوه أين ما أخذت من الصدقة قال قسمته كله قالوا
فالذي أعطيناك قال ها هو ذا في بيتي موضوع قال فذهبوا فأخذوه (قال ابن القاسم)
وبلغني أن عمر بن الخطاب بعث معاذ بن جبل مصدقا فلم يأت بشئ (قال مالك)
ووجه قسم المال أن ينظر الوالي إلى البلدة التي فيها هذا المال ومنها جبى فإن كانت
البلدان متكافئة في الحال آثر أهل ذلك البلد فقسم عليهم ولم يخرج منهم إلى غيرهم
إلا أن يفضل عنهم فضلة فتخرج إلى غيرهم فان قسم في بلاده آثر الفقراء على الأغنياء
(قال) وان بلغه عن بعض البلدان حاجة وفاقة نزلت بهم من سنة مستهم أو ذهاب
أموالهم وزراعتهم وقحط السماء عنهم فان للامام أن ينظر إلى أهل ذلك البلد الذي
جبي فيهم ذلك المال فيعطيهم منه ويخرج جل ذلك إلى أهل تلك البلاد الذين
أصابتهم الحاجة وكذلك بلاد الاسلام كلهم حقهم في هذا الفئ واحد يحمل هذا
الفئ إليهم من غير بلادهم إذا نزلت بهم الحاجة (قال مالك) والصدقات والزكاة
كذلك كلها في قسمها مثل ما وصفت لك (أشهب) عن مسلم بن خالد الزنجي أن
عطاء بن السائب حدثه عن سعيد بن جبير عن علي بن أبي طالب أنه كأن يقول في
هذه الآية إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها الآية كلها إنما هو علم
أعلمه الله فإذا أعطيت صنفا من هذه التسمية التي سماها الله أجزأك وإن كان صنفا
296

واحدا (قال أشهب) وقال الزنجي وحدثني سعيد بن أبي صالح عن ابن عباس أنه
كأن يقول مثل ذلك (ابن وهب) عن يونس بن يزيد أنه سأل ابن شهاب عن قول
الله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية فقال لا نعلمه نسخ من ذلك شئ
الصدقات بين من سمى الله فأسعدهم بها أكثرهم عددا أو أشدهم حاجة (ابن
وهب) عن يونس أنه سأل ابن شهاب عن الصدقة أيستعمل عليها غنى أو يخص بها
فقير (فقال) لا بأس أن يستعمل عليها من استعمل من أولئك ونفقة من استعمل
عليها في عمله من الصدقة (ابن مهدي) عن حفص بن غياث عن الحجاج بن أرطاة
عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة قال إذا وضعتها في صنف واحد
أجزأك (ابن مهدي) عن سليمان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال إذا
وضعت الصدقة في صنف واحد أجزأك (ابن مهدي) عن سفيان عن عبد الملك
ابن أبي سليمان عن عطاء بمثله (ابن مهدي) عن شعبة عن الحكم قال قلت لإبراهيم
أضع زكاة مالي في صنف من هذه الأصناف قال نعم (ابن مهدي) عن إسرائيل
ابن يونس عن جابر عن الشعبي قال لم يبق من المؤلفة قلوبهم أحد إنما كانوا على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استخلف أبو بكر انقطعت الرشا (1) (قال أشهب)
وبلغني عن عمر بن عبد العزيز فيمن له الدار والخادم والفرس أن يعطى من الزكاة
(فيمن لا يقسم عليه الرجل زكاته من أقاربه)
(قلت) أرأيت زكاة مال من لا ينبغي لي أن أعطيها إياه في قول مالك (قال) قال
مالك لا تعطها أحدا من أقاربك ممن تلزمك نفقته (قال) فقلت له فمن لا تلزمني
نفقته من ذوي قرابتي وهو محتاج إليها (فقال) ما يعجبني أن يلي ذلك هو بالدفع إليهم
وما يعجبني لاحد أن يلي قسمة صدقته لان المحمدة تدخل فيه والثناء وعمل السر
أفضل ولكني أرى أن ينظر رجلا ممن يثق به فيدفع إليه ذلك يقسمه عليه فان رأى

(1) (الرشا) يعنى بالرشا ما كانوا يعطون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مما كان يؤلفهم به اه‍
297

ذلك الرجل الذي من قرابته الذي لا يلزمه نفقته أهلا لها أعطاه كما يعطى غيره من
غير أن يأمره بشئ من ذلك ولكن يكون الرجل الذي دفع ذلك إليه ليفرقه هو
الناظر في ذلك على وجه الاجتهاد (قلت) من تلزمني نفقته في قول مالك (فقال)
الولد ولد الصلب دنيا تلزمك نفقته الذكور حتى يحتلموا فإذا احتلموا لم تلزمك نفقتهم
والنساء حتى يتزوجن ويدخل بهن أزواجهن فإذا دخل بها زوجها فلا نفقة لها عليه
فان طلقها بعد البناء أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها (قلت) فان هو طلقها قبل
البناء بها (فقال) هي على نفقتها ألا ترى أن النفقة واجبة على الأب حتى يدخل بها لان
نكاحها في يد الأب ما لم يدخل بها زوجها (قلت) فولد الولد (قال) لا نفقة لهم على
جدهم وكذلك لا تلزمهم النفقة على جدهم ولا تلزم المرأة النفقة على ولدها وإنما يلزم
الأب وحده النفقة على ولده وإن لم يكن لولدها مال وهي موسرة لم تلزم النفقة على
ولدها وتلزم النفقة على أبويها وان كانت ذات زوج وان كره ذلك زوجها كذلك قال
مالك (قال) والزوج تلزمه نفقة امرأته وخادم واحدة لامرأته ولا يلزمه من نفقة
خدمها أكثر من نفقة خادم واحدة ولا يلزمه نفقة أخ ولا ذي قرابة ولا ذي رحم
محرم عنه (قلت) فالذين لا يجوز له أن يعطيهم من زكاة ماله أهم هؤلاء الذين
ذكرت الذين تلزمه نفقتهم قال نعم (قلت) ومن وراء هؤلاء من قرابته فهم في
زكاته والأجنبيون سواء (قال) نعم على ما فسرت لك إذا رأى الذي دفع إليه زكاته
أن يعطيهم أعطاهم (قلت) أتعطى المرأة زوجها من زكاتها قال لا (قلت) أتحفظه
عن مالك قال لا وهذا أبين من أن أسأل مالكا عنه (قال) وقال مالك لا يعطي
أهل الذمة من الزكاة شيئا وأما قول مالك وعلى الوارث مثل ذلك (3) فان ذلك في
الضرر على الوارث مثل ذلك أن لا يضار (قال ابن وهب) وقد قال ذلك ابن شهاب
وقاله مالك وقد قال أشهب كان ابن عباس وغيره من أهل العلم يرون ان اعطاء
المرء قرابته من زكاته بوجه الصحة على وجه ما يعطى غيره من زكاة ماله مجزئ عنه
وكان ابن المسيب وطاوس يكرهان ذلك وكان مالك أكثر شأنه فيه الكراهية
298

(في العتق من الزكاة)
(قال) وقال مالك من اشترى من زكاة ماله رقبة فأعتقها كما يعتق الوالي ان ذلك
جائز ويجزئه من زكاته ويكون ولاؤه لجميع المسلمين (قلت) وكان مالك يقول
يشترى الوالي من الزكاة رقابا فيعتقهم (فقال) نعم ويكون ولاؤهم لجميع المسلمين
(قال) وحضرت مالكا يشير بذلك على من يقسم الصدقة (قال مالك) ويجوز للمرء
أن يعمل في زكاة نفسه كما يجوز للوالي أن يعمل في زكاة المسلمين (قلت) فان
اشتراه من زكاة ماله فأعتقه عن نفسه (قال) لا يجزئه ولم أسمع هذا من مالك
ولكنه لا يجوز وعليه الزكاة ثانية لان الولاء له فكأنها زكاة لم يخرجها وإنما اخراجها
أن يكون ولاؤها لهم
(في اعطاء المكاتب وابن السبيل من الزكاة)
(قال) وقال مالك لا يعجبني أن يعان بها المكاتبون قال وما علمت أنه كان بهذا
البلد أحد أقتدي به في ديني يفعله أو قال نراه ولا بلغني أن أبا بكر ولا عمر ولا عثمان
فعلوا ذلك (قال) وقال مالك يعطى من الزكاة ابن السبيل وإن كان غنيا في بلده
إذا احتاج وإنما مثل ذلك مثل الغازي في سبيل الله يعطى منها وإن كان غنيا (قلت)
فالحاج المنقطع به (فقال) قال مالك هو ابن السبيل يعطى من الزكاة (قلت)
والحاج عند مالك ابن السبيل وإن كان غنيا قال نعم (قال أشهب) وقد قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لغنى الا لخمسة لغاز في سبيل الله أو
لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل له جار مسكين فيصدق على
المسكين فأهدى المسكين إلى الغنى
(في تكفين الميت واعطاء اليهودي والنصراني والعبد من الزكاة)
(قال) وقال مالك بن أنس لا يجزئه أن يعطى من زكاته في كفن ميت لان
الصدقة إنما هي للفقراء والمساكين ومن سمى الله وليس للأموات ولا لبنيان المساجد
299

شئ (قال) وقال مالك لا يعطى من الزكاة مجوسي ولا نصراني ولا يهودي ولا
عبد وكما لا يعتق في الكفارات غير المؤمنين فكذلك لا يطعم منها غير المؤمنين
وكما لا يعتق في الزكاة غير المؤمنين فكذلك لا يعطى منها غير المؤمنين وقد قال
لا يعتق في الكفارات الا مؤمنة (ربيعة وعطاء) مؤمنة صحيحة (وقال) نافع
وربيعة لا يطعم من الزكاة نصراني ولا يهودي ولا عبد إلا أن نافعا لم يذكر
اليهودي ولا العبد
(فيمن يعطى مكان زكاة الذهب والورق عرضا)
(قلت) أرأيت أن أعطى زكاة ماله وقد وجبت عليه وهي ألف درهم كانت عنده
حال عليها الحول فأعطى مكان زكاتها حنطة أو شعيرا أو عرضا من العروض قيمته
ربع عشر هذه الألف (فقال) قال مالك لا يعطى عروضا ولكن يعطى ورقا أو
قيمة ذلك ذهبا وقد كره غير واحد اشتراء صدقة ماله عمر بن الخطاب وابن عمر
وجابر بن عبد الله وقال يحيى من الناس من يكره اشتراء صدقته
(في الرجل له الدين على الرجل فيتصدق به عليه ينوى بذلك زكاة ماله)
(قلت) أرأيت الرجل يكون لي عليه الدين فتجب على الزكاة فأتصدق عليه بذلك
الدين وهو من الفقراء أنوي به أنه من زكاة مالي (فقال) قال مالك فيما بلغني
لا يعجبني ذلك (قال سحنون) وقال غيره لأنه ناو إذا كان على فقير ولا يجزئه
أن يعطى ناويا وهو عليه ولو جاز هذا لجاز للرجل أن يعطى في زكاة ماله أقل من
القيمة مما وجب عليه لان ما على الفقير لا قيمة له وان كانت له قيمة فقيمته دون
(في قسم خمس الركاز)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا أصاب ركازا وكان له أقارب فقراء منهم من يضمنه
الحاكم نفقته ومنهم من لا يضمنه الحاكم نفقته أيجعل خمس هذا الركاز فيهم أم لا
(فقال) لا يخصهم بذلك ولكن يعطيهم كما يعطي غيرهم من الفقراء فقراء موضعه
300

وذلك أن مالكا كره أن يعطي الرجل زكاته أقاربه الذين لا بد من نفقتهم لمكان
محمدتهم إياه وقضاء مذمة ان كانت عليه ودفع صلات بهذا ان كانوا يرجونها منه فلو
صح ذلك عنده لم ير بذلك بأسا (قال) وإنما كأن يقول لنا مالك إنما أخاف بذكر هذه
الأشياء أن يحمدوه عليها (قال عبد الرحمن بن القاسم) فهذا الخمس لمن كأن لا يدفع
به شيئا مما وصفت لك من مذمة ولا يجر به محمدة الا على وجه الاجتهاد لهم كاجتهاده
في غيرهم فلا أرى بذلك بأسا. فأما ولد أو والد فلا يعجبني ذلك لان نفقتهم تلزمه
فهو إذا أعطاهم دفع عن نفسه بعطيتهم نفقتهم وان كانوا أغنياء فغيرهم أحق بذلك
منهم وقد قال غيره إذا أعطاهم كما يعطي غيرهم من الأباعد على غير إيثار جاز لان
الخمس فئ وليس هو مثل الزكاة التي لا تحل لغني والفئ يحل للغني والفقير إلا أن
الفقير يؤثر على الغني (قلت) لابن القاسم أرأيت هذا الخمس لم لا يعطيه ولده
ووالده الذين يضمن نفقتهم فيغنيهم بذلك ويدفع عنه نفقتهم وهذا الخمس عندك
إنما هو فئ وهؤلاء فقراء (فقال) ينبغي له أن ينظر إلى من هو أفقر من هؤلاء الذين
يضمن هو نفقتهم فهم أولى بذلك لان الوالدين لو كانا فقيرين (3) أحدهما له من ينفق عليه
والآخر ليس له من ينفق عليه فكذلك هذا الرجل (وسئل) مالك وأنا قاعد عن
رجل محتاج له أب موسر أترى أن يعطى من القسم شيئا (فقال) ان كأن لا يناله
معروف أبيه فلا أرى بذلك بأسا (قال ابن القاسم) فإن كان يناله معروف أبيه
فغيره من أهل الحاجة ممن لا يناله معروف أحد أولى بذلك (قلت) أي شئ هذا
القسم (فقال) هو الزكاة
(ما جاء في الفئ)
(قلت) لابن القاسم ما قول مالك في هذا الفئ أيسوى بين الناس فيه أو يفضل
بعضهم على بعض (قال) قال مالك يفضل بعضهم على بعض ويبدأ بأهل الحاجة
حتى يغنوا منه (قلت) لابن القاسم أرأيت جزية جماجم أهل الذمة وخراج الأرضين
ما كان منها عنوة ووفاء صالح أهلها عليه ما يصنع بهذا الخراج (قال) قال مالك
301

هذا جزية (قال ابن القاسم) والجزية عند مالك فيما نعلم من قوله فئ كله (قلت)
لابن القاسم فيمن يعطى هذا الفئ وفيمن يوضع (قال) قال مالك على أهل كل بلد
فتحوها عنوة أو صالحوا عليها هم أحق به يقسم عليهم يبدأ بفقرائهم حتى يغنوا ولا
يخرج منهم إلى غيرهم إلا أن تنزل بقوم حاجة فينقل إليهم منه بعد أن يعطى أهلها
منه يريد ما يغنيهم على وجه النظر والاجتهاد (قال ابن القاسم) وكذلك كتب عمر
ابن الخطاب لا يخرج فئ قوم منهم عنهم إلى غيرهم (قال) ورأيت مالكا يأخذ
بالحديث الذي كتب به عمر بن الخطاب إلى عمار بن ياسر وصاحبيه إذا ولاهم العراق
وحين قسم لأحدهم نصف شاة وللآخرين ربعا ربعا فكان في كتاب عمر بن الخطاب
إنما مثلي ومثلكم في هذا المال كما قال الله تبارك وتعالى في مال اليتيم ومن كان غنيا
فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف (قال) وسألناه عن الرجل يوصي
بالنفقة في سبيل الله قال يبدأ بأهل الحاجة الذين في سبيل الله قال وكلمته في غير شئ
فرأيت قوله أنه يبدأ في جميع ذلك بالفقراء (قال ابن القاسم) وقال مالك يبدأ
بالفقراء في هذا الفئ فان بقي شئ كان بين الناس كلهم بالسوية إلا أن يرى الوالي
أن يحبسه لنوائب تنزل به من نوائب أهل الاسلام فإن كان ذلك رأيت ذلك له
(قال ابن القاسم) والناس كلهم سواء عربيهم ومولاهم وذلك أن مالكا حدثني
أن عمر بن الخطاب خطب الناس ثم قال أيها الناس اني عملت عملا وان صاحبي عمل
عملا فان بقيت إلى قابل لألحقن أسفل الناس بأعلاهم (قال) وقال مالك بلغني أن
عمر بن الخطاب قال ما من أحد من المسلمين الا وله في هذا المال حق أعطيه أو منعه
حتى لو كان راعيا أو راعية بعدن (قال) ورأيت مالكا يعجبه هذا الحديث (قال
ابن القاسم) وسمعت مالكا يقول قد يعطي الوالي الرجل يجيزه للامر يراه فيه
على وجه الدين أي وجه الدين من الوالي يجيزه لقضاء دينه بجائزة أو لامر يراه قد
استحق الجائزة فلا بأس على الوالي بجائزة مثل هذا ولا بأس أن يأخذها هذا الرجل
(قلت) لابن القاسم أيعطى المنفوس من هذا المال (قال) نعم وقد أخبرني مالك أن
302

عمر بن الخطاب مر ليلة فسمع صبيا يبكي فقال لأهله مالكم لا ترضعونه قال فقال
أهله ان عمر بن الخطاب لا يفرض للمنفوس حتى يفطم وانا فطمناه قال فولى عمر بن
الخطاب وهو يقول كدت والذي نفسي بيده أن أقتله (1) ففرض للمنفوس من ذلك اليوم
مائة درهم (قلت) لابن القاسم فإن كان المنفوس والده غنيا أيبدأ بكل منفوس
والده فقير قال نعم (قلت) له أفكان يعطى النساء من هذا المال فيما سمعت من
مالك (قال) سمعت مالكا يقول كان عمر بن الخطاب يقسم للنساء حتى أن كان
ليعطيهن المسك (قلت) لابن القاسم ويبدأ بالفقيرة منهن قبل الغنية قال نعم (قلت)
له أرأيت قول مالك يسوى بين الناس في هذا الفئ الصغير والكبير والمرأة والرجل
فيه سواء (قال) تفسيره أنه يعطى كل انسان قدر ما يغنيه الصغير قدر ما يغنيه والكبير
قدر ما يغنيه والمرأة قدر ما يغنيها هذا تفسير قوله عندي يسوى بين الناس في هذا
المال (قلت) له فان فضل الآن بعد ما استغنى أهل الاسلام من هذا المال فضل
(قال) ذلك على اجتهاد الامام ان رأى أن يحبس ما بقي لنوائب أهل الاسلام حبسه
وان رأى أن يفرقه على أغنيائهم فرقه وهذا قول مالك (قلت) لابن القاسم فهذا
الفئ حلال للأغنياء قال نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) ولقد

(1) (قوله كدت والذي نفسي بيده أن أقتله) بهامش الأصل هنا ما نصه حدثنا عمر بن الحسين قال
حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا أبو عقيل يحيى بن المتوكل قال حدثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن
ابن عمر عن أبيه قال قدمت رفقة من التجار فنزلوا المصلى فقال لعبد الرحمن بن عوف هل لك ان
نحرسهم الليلة من السرق فباتا يحرسانهم ويصليان ما كتب الله لهما فسمع عمر بكاء صبي فتوجه نحوه
فقال يا أمة الله أحسني إلى صبيك ثم عاد إلى مكانه فسمع بكاءه فعاد إليها فقال لها مثل ذلك ثم عاد
إلى مكانه فلما كان في آخر الليل سمع بكاء فأتي أمه فقال ويحك اني لأرى أم سوء مالي لا أرى
ابنك يقر هذه الليلة قالت يا عبد الله قد أبرمني هذه الليلة أريده على الفطام فيأبى قال ولم قالت لان
عمر لا يفرض الا لفطيم فقال فكم له قالت كذا وكذا شهرا قال ويحك لا تعجليه قال فصلى الفجر
وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء فلما سلم قال يا بؤس لعمر كم قتل من أولاد المسلمين ثم
أمر مناديا فنادى لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام فانا نفرض لكل مولود في الاسلام فكتب بذلك
إلى الآفاق أن يفرض لكل مولود في الاسلام اه‍
303

حدثني مالك بن أنس أنه أتى بمال عظيم من بعض النواحي في زمان عمر بن الخطاب
فصب في المسجد فبات عليه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم
عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعبد
الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضى الله تعالى عنهم فلما أصبح كشف عنه أنطاع
ومسوح كانت عليه فلما مسته الشمس ائتلق (1) وكان فيه تيجان قال فبكى عمر بن
الخطاب فقال له عبد الرحمن بن عوف يا أمير المؤمنين ليس هذا حين بكاء إنما
هذا حين شكر فقال إني أقول إنه ما فتح الله بهذا على قوم قط الا سفكوا دماءهم
وقطعوا أرحامهم ثم قال لابن الأرقم اكتب لي الناس قال قد كتبتهم ثم جاءه بالكتاب
قال فقال له هل كتبت الناس قال نعم قد كتبت المهاجرين والأنصار والمهاجرين من
العرب والمحررين يعني المعتقين قال ارجع فاكتب فلعلك قد تركت رجلا لم تعرفه
إرادة أن لا يترك أحدا فهذا يدلك على أن عمر كان يقسم لجميع الناس (قال ابن
القاسم) سمعت مالكا وهو يذكر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمرو بن العاص
وهو بمصر في زمان الرمادة فقلنا لمالك وما زمان الرمادة أكانت سنة أو سنتين
قال ابن القاسم بلغني أنها كانت ست سنين قال فكتب إليه وا غوثاه وا غوثاه قال
فكتب إليه عمرو بن العاص لبيك لبيك لبيك قال فكان يبعث إليه العير عليها الدقيق
في العباء فكان يقسمها عمر فيدفع الجمل كما هو إلى أهل البيت فيقول لهم كلوا دقيقه
والتحفوا العباء وانتحروا البعير وأتدموا بشحمه وكلوا لحمه (قال ابن القاسم) سمعت
مالكا وهو يذكر أن رجلا (2) رأى فيما يرى النائم في خلافة أبى بكر أن القيامة قد
قامت وأن الناس حشروا قال فكأنه ينظر إلى عمر بن الخطاب قد فرع الناس (3) بسطة
قال فقلت في منامي بم فضل عمر بن الخطاب الناس قال فقيل لي بالخلافة والشهادة وأنه

(1) (قوله ائتلق) في القاموس تألق البرق التمع كائتلق اه‍ * (2) (ان رجلا) هو عوف بن
مالك الأشجعي الأنصاري ذكره ابن وضاح اه‍ من هامش الأصل (3) (قوله قد فرغ الناس
بسطة) أي علاهم فضيلة وشرفا بما جمع الله له من الخلافة والشهادة وكونه لا يخاف في الله لومة
لائم ومن التوسع في العلم والكمال وغير ذلك اه‍ كتبه مصححه
304

لا يخاف في الله لومة لائم قال فأتى الرجل حين أصبح فإذا أبو بكر وعمر قاعدان
جميعا فقص عليهما الرؤيا فلما فرغ منها انتهره عمر ثم قال له قم أحلام نائم فقام الرجل
فلما توفى أبو بكر وولى عمر أرسل إليه ثم قال له أعد على الرؤيا التي رأيتها قال أوما كنت رددتها على قال له أو ما كنت تستحي أن تذكر فضيلتي في مجلس أبي بكر
وهو فيه قاعد قال فقصها الرجل عليه فقال بالخلافة قال عمر هذه أولتهن يريد قد
نلتها ثم قال والشهادة فقال عمر أنى ذلك لي والعرب حولي فقال بلى وان الله على ذلك
لقدير قال وأنه لا يخاف في الله لومة لائم ثال عمر والله ما أبالي إذا قعد الخصمان بين
يدي على من دار الحق فأديره (قال عبد الرحمن بن القاسم) سمعت مالكا يقول
اختصم قوم في أرض قرب المدينة فرفعوا ذلك إلى عثمان بن عفان قال فركب معهم
عثمان بن عفان لينظر فيما بينهم قال فلما ركب وسار فقال له رجل من القوم يا أمير
المؤمنين أتركب في أمر قد قضى فيه عمر بن الخطاب قال فرد عثمان دابته وقال
ما كنت لأنظر في أمر قد قضى فيه عمر (قلت) لابن القاسم هل يجبر الامام
أحدا على أخذ هذا المال إذا أبي أخذه قال لا (قال) وسمعت مالكا يذكر أن
عمر بن الخطاب كان يدعو الحكيم بن حزام فيعطيه عطاءه قال فيأبى ذلك حكيم
ويقول قد تركته على عهد من هو خير منك يريد النبي عليه الصلاة والسلام فيقول
عمر اني أشهدكم عليه (قال ابن القاسم) فلم يجبر عمر هذا على أخذ المال (قال)
وسمعت مالكا يقول إنما تركه حكيم لحديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحديث الذي جاء ان خيرا لأحدكم أن لا يأخذ من أحد شيئا قالوا ولا منك يا رسول
الله قال ولا مني
(تم كتاب الزكاة الأول من المدونة الكبرى والحمد لله رب العالمين)
(وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم)
(ويليه كتاب الزكاة الثاني)
305

(كتاب الزكاة الثاني)
(من المدونة الكبرى)
(بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وصحبه وسلم)
(في زكاة الإبل)
(حدثنا) زيادة الله بن أحمد قال حدثنا يزيد بن أيوب وسليمان بن سالم عن سحنون
عن عبد الرحمن بن القاسم قال وقال مالك بن أنس في الساعي إذا أتى الرجل فأصاب
له خمسا وعشرين من الإبل ولم يجد فيها بنت مخاض ولا ابن لبون ذكر ان رب الإبل
يشترى للساعي بنت مخاض على ما أحب أو كره إلا أن يشاء رب الإبل أن يدفع منها
ما هو خير من بنت مخاض فليس للمصدق أن يرد ذلك إذا طابت بذلك نفس صاحب
الإبل قال وهو قال مالك (قلت) أرأيت أن أراد رب المال أن يدفع ابن لبون
ذكر إذا لم يوجد في المال بنت مخاض ولا ابن لبون (قال) ذلك إلى الساعي ان
أراد أخذه أخذه وإلا ألزمه بنت مخاض وليس له أن يمتنع من ذلك قال مالك في
الإبل مثل أن يكون للرجل المائتا بعير فيكون فيها خمس بنات لبون أو أربع حقاق
فقال لي مالك إذا كان السنان في الإبل كان المصدق مخيرا في أي السنين شاء أن
يأخذ أخذ ان شاء خمس بنات لبون وان شاء أخذ أربع حقاق فإذا لم يكن إلا سن
واحدة لم يكن للساعي غيرها ولم يجبر رب المال على أن يشترى له السن الأخرى
(قال مالك) وإذا لم يكن في المال السنان جميعا فالساعي مخير أي ذلك شاء كان على
رب المال أن يأتيه به على ما أحب رب الإبل أو كره ويجبر على ذلك قال والساعي في
ذلك مخير ان شاء أخذ أربع حقاق وان شاء خمس بنات لبون وكذلك قال مالك (قلت)
هل كان مالك يأمر بأن يعاد في الغنم بعد عشرين ومائة من الإبل إذا أخذ منه حقتين
فزادت (فقال) لم يكن مالك يقول يرجع إلى الغنم إذا صارت الفريضة في الإبل لم يرجع
في الغنم (قال سحنون) إلا أن ترجع الإبل إلى أقل من فريضة الإبل فترجع إلى
306

الغنم ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فما زاد على عشرين ومائة ففي كل
أربعين بنت لبون وفى كل خمسين حقة والنبي عليه الصلاة والسلام ابتدأ الفرض من
خمس (قال أشهب) وقاله عمر قال عمر في أربع وعشرين من الإبل فدونها الغنم
في كل خمس شاة فإنما قال فدونها ثم قال وفيما فوق ذلك إلى خمس وثلاثين بنت مخاض
فإن لم تكن فيها بنت مخاض فابن لبون ذكر وفيما فوق ذلك إلى خمس وأربعين بنت
لبون حتى انتهى إلى عشرين ومائة في تسمية أسنان الزكاة فقال فما زاد على عشرين
ومائة من الإبل ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة ولم يقل فيما زاد على
ذلك ففي كل خمس شاة إلى أربع وعشرين كما ابتدأ به الصدقة وقاله النبي عليه الصلاة
والسلام وهو الذي ابتدأ تسنين الفريضة وسنتها (قلت) أليس إنما يأخذ مالك
في صدقة الإبل بما في كتاب عمر بن الخطاب الذي زعم مالك أنه قرأه فقال نعم
(قلت) أرأيت قولهم في عشرين ومائة حقتان فما زاد ففي كل أربعين بنت لبون وفي
كل خمسين حقة إنما يعنى بالزيادة ما زاد على عشرين ومائة والحقتان في الإبل كما هما
(فقال) لا ولكن تسقط الحقتان ويرجع إلى أصل الإبل وتلغى الفريضة الأولى
الحقتان اللتان وجبتا فيها إذا زادت على عشرين ومائة واحدة فصاعدا ويرجع إلى
الأصل فيؤخذ من كل أربعين بنت لبون ويؤخذ من كل خمسين حقة (قلت)
فان زادت على عشرين ومائة واحدة (فقال) المصدق مخير ان شاء أخذ ثلاث بنات
لبون وان شاء أخذ حقتين (قلت) له وهذا قول مالك قال نعم (قال ابن القاسم)
وكان ابن شهاب يخالف مالكا في هذه المسألة يقول إذا زادت واحدة على عشرين
ومائة ففيها ثلاث بنات لبون إلى أن تبلغ ثلاثين ومائة وفي ثلاثين ومائة حقة وابنتا
لبون وفي ثلاثين ومائة يتفق قول ابن شهاب ومالك ويختلفان فيما بين أحد وعشرين
ومائة إلى تسع وعشرين ومائة لان مالكا يجعل المصدق مخيرا ان شاء أخذ حقتين
وان شاء أخذ ثلاث بنات لبون وابن شهاب كأن يقول ليس المصدق مخيرا ولكنه
يأخذ ثلاث بنات لبون لان فريضة الحقتين قد انقطعت (قال ابن القاسم) ورأيي
307

على قول ابن شهاب لان ذلك ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن عمر إذا
زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة فأراهم
ثلاث بنات لبون على كل حال كانت ثلاث بنات لبون في الإبل أو لم تكن كانت
فيها السنان جميعا أو لم تكن إلا إحداهما أو لم يكونا فيها جميعا فذلك كله عندي
سواء وعلى رب الإبل أن يأتيه بثلاث بنات لبون على ما أحب أو كره وليس
للساعي أن يأخذ الا ثلاث بنات لبون وان أراد أخذ الحقاق فليس ذلك له (قال)
وقال مالك إذا كانت الإبل ثلاثين ومائة ففيها حقة وابنتا لبون في الخمسين منها
حقة وفى الثمانين منها ابنتا لبون فإذا كانت أربعين ومائة فابنة لبون وحقتان في
الأربعين بنت لبون وفي المائة حقتان فإذا كانت خمسين ومائة ففيها ثلاث حقاق في
كل خمسين حقة فإذا كانت ستين ومائة ففيها أربع بنات لبون في كل أربعين بنت
لبون فإذا كانت سبعين ومائة فحقة وثلاث بنات لبون فإذا كانت ثمانين ومائة فحقتان
وابنتا لبون فإذا كانت تسعين ومائة فثلاث حقاق وبنت لبون في كل خمسين حقة
وفى الأربعين بنت لبون فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون
فلما اجتمع فيها السنان كان المصدق الآن بالخيار ان شاء أخذ الحقاق وان شاء أخذ
بنات لبون إذا كانت في الإبل فإن لم يجد الا حقاقا أخذها وإن لم يجد الا بنات لبون
أخذها وإن لم يجد واحدا من السنين كان الساعي مخيرا أي ذلك شاء كان على رب
المال أن يأتيه به على ما أحب أو كره (قلت) أرأيت إن لم يجد المصدق في الإبل
السن التي وجبت فيها أيأخذ دونها ويأخذ من رب المال زيادة دراهم أو غير ذلك تمام
السن التي وجبت له فقال لا (قلت) له فهل يأخذ أفضل منها ويرد على صاحب
المال دراهم قدر ما زاد على السن التي وجبت له فيها (فقال) لا ألا ترى ان المصدق
اشترى التي أخذ بالتي وجبت له وبالدراهم التي زاد (قال ابن وهب) وقال مالك في
الرجل يشترى من الساعي شيئا من الصدقة ان ذلك لا يصلح وان سمى له شيئا من
الأسنان لأنه لا يدرى ما نحوها وصفتها قال وذلك قبل أن يخرج الساعي وإذا اشترى
308

الرجل الصدقة التي عليه بدين إلى أجل لم يصلح لأنه دين بدين (قال أشهب) وقد قال
ابن أبي الزناد ان أباه حدثه أن عمر بن عبد العزيز كان يكتب في عهود عماله على الساعي
خصال كانت تكتب في عهود العمال قبله قال أبو الزناد كنا نحدث أن أصلها كان من
عمر بن الخطاب فكان منها أن ينهاهم أن يبيعوا من أحد فريضة أو شاة تحل عليه
بدين قليل أو كثير (قلت) له هذا قول مالك (فقال) نعم هو قوله وذلك أنه نهى عن
أن يأخذ المصدق فيها دراهم من ربها أو يشتريها ربها من المصدق وان رسول الله عليه
الصلاة والسلام قال العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه (ابن وهب) عن عبد الله
ابن لهيعة عن عمارة بن غزية الأنصاري عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم الأنصاري
أخبره أن هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم فريضة الإبل
ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة فإذا بلغت خمسا ففيها شاة إلى تسع فإذا بلغت
عشرا ففيها شاتان إلى أربع عشرة فإذا بلغت خمس عشرة ففيها ثلاث شياه إلى تسع
عشرة فإذا بلغت عشرين ففيها أربع شياه إلى أربع وعشرين فإذا بلغت خمسا وعشرين
إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض فإن لم توجد بنت مخاض فابن لبون ذكر فما زاد إلى
خمس وأربعين ففيها بنت لبون فما زاد إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل فما زاد إلى
خمس وسبعين ففيها جذعة وما زاد إلى تسعين ابنتا لبون فما زاد إلى عشرين
ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل فما زاد على ذلك ففي كل خمسين حقة وفى كل أربعين
بنت لبون (قال ابن وهب) وأخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال نسخة كتاب
رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي كتب في الصدقة وهي عند آل عمر بن الخطاب
أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر فوعيتها على وجهها وهي التي نسخ عمر بن عبد العزيز
من سالم وعبيد الله ابني ابن عمر حين أمر على المدينة فأمر عماله بالعمل بها ثم ذكر
نحو هذا الحديث (ابن وهب) عن الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن محمد بن
عبد الرحمن قال نهى عمر بن الخطاب أن يشترى الرجل فريضته من الإبل أو صدقته
(قال ابن وهب) وقاله عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله (قال أشهب) وقاله
309

عبد الله بن عمر لرجل سأله عن ذلك فقال لا تشترها ولا تعد في صدقتك ولكن
سلمها واقترف من غنم جارك وابن عمك مكانها (قال أشهب) وقال مالك وأحب
إلى أن يترك المرء شراء صدقته وإن كان قد دفعها وقبضت منه (قلت) أرأيت لو أن
رجلا كانت عنده خمس من الإبل فلما كان قبل الحول بيوم هلكت منهن واحدة ثم
نتجت منهن واحدة من يومها فحال عليها الحول وهي خمس بالتي نتجت فقال فيها شاة
(قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك وإذا كان الإبل لرجل
ببعض البلدان وهي شنق (1) قال فقلنا لمالك وما الشنق فقال هي الإبل التي لم تبلغ
فريضة الإبل مثل الخمس والعشر والخمس عشرة والعشرين قال فيأتيه الساعي فيجد
عنده ضأنا ومعزا أو يجد عنده ضأنا ولا يجد عنده معزا أو يجد عنده معزا ولا يجد
عنده ضأنا قال ينظر المصدق في ذلك فإن كان أهل تلك البلاد إنما أموالهم الضأن وهي
جل أغنامهم وما يكسبون كانت عليهم الضأن فيما وجب في الإبل يأتون بها وإن لم
يجد صاحب المال الا معزا فعليه أن يأتي بالضأن. قال وان كانت أموالهم المعز ووجد
المصدق عند صاحب الإبل ضأنا لم يكن له على صاحب الضأن الا المعز ولم يكن
للمصدق أن يأخذ من الضأن إلا أن يرضى بذلك صاحب الضأن فيعطيه الضأن إنما
عليه أن يأتي بالمعز (قال) وإذا بلغت الفريضة أن تؤخذ من الإبل فقد خرجت من
أن تكون شنقا
(في زكاة البقر)
(قلت) لابن القاسم أيأخذ مالك بحديثه الذي يذكر عن طاوس عن معاذ بن
جبل في البقر قال نعم (قلت) أرأيت الذي جاء في البقر في الأربعين مسنة أيؤخذ

(1) (قوله وهي شنق) الشنق بفتح الشين المعجمة وفتح النون هو ما بين الفريضتين في الإبل
خاصة والأوقاص في البقر والغنم وقال أبو عبيد والشنق الوقص ما بين الفريضتين من الماشية
وإنما سمي شنقا لان الساعي يكلف رب الإبل أن يأتيه بما ليس عنده ويشتد عليه في ذلك وان شق
عليه مأخوذ من شناق البعير الذي يشنق به ويضغط ويحمل على غير اختياره قاله محمد بن رشد
اه‍ من هامش الأصل مع بعض زيادة من كتب اللغة
310

فيها الذكر والأنثى (قال) أما الذي جاء في الحديث فإنه يأخذ مسنة وليس له أن يأخذ
إلا أنثى (قلت) والذي جاء في ثلاثين تبيع أهو ذكر قال نعم (قلت) وهذا قول
مالك قال نعم (أشهب) عن سليمان بن بلال قال أخبرني يحيى بن سعيد أن طاوسا
اليماني حدثه قال بعث رسول الله عليه الصلاة والسلام معاذ بن جبل فأمره أن يأخذ
من البقر الصدقة من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين بقرة مسنة ومن كل ستين
تبيعين ومن كل سبعين تبيعا وبقرة مسنة على نحو هذا (أشهب) عن الزنجي أن
إسماعيل بن أمية حدثه أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال لا يؤخذ من بقر حتى
تبلغ ثلاثين فإذا بلغت ثلاثين ففيها تابع جذع أو جذعة حتى تبلغ أربعين فإذا بلغت
أربعين ففيها بقرة مسنة (ابن مهدي) عن سفيان ومحمد بن جابر عن أبي إسحاق
عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب بمثل فعل معاذ بن جبل في ثلاثين تبيع وفي
أربعين مسنة (ابن مهدي) عن سفيان الثوري عن ابن أبي ليلى عن الحكم أن
معاذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأوقاص فقال ليس فيها شئ (وقال ابن
مهدي) عن سفيان الثوري ومالك ان الجواميس من البقر (ابن مهدي) عن عبد
الوارث بن سعيد عن رجل عن الحسن مثله (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عمارة
ابن غزية عن عبد الله بن أبي بكر أخبره أن هذا كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام
لعمرو بن حزم فرائض البقر ليس فيما دون ثلاثين من البقر صدقة فإذا بلغت ثلاثين
ففيها عجل رابع جذع إلى أن تبلغ أربعين فإذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة إلى أن
تبلغ سبعين فإذا بلغت سبعين ففيها بقرة مسنة وعجل جذع حتى تبلغ ثمانين فإذا
بلغت ثمانين ففيها مسنتان ثم على نحو هذا يعد ما كان من البقر ان زاد أو نقص فعلى
نحو فرائض أولها (قال ابن وهب) وأخبرني رجال من أهل العلم أن رسول الله
عليه الصلاة والسلام حين بعث معاذ بن جبل أمره بهذا وان معاذا صدق البقر كذلك
(قال ابن وهب) وقال الليث سنة الجواميس في السعاية وسنة البقر سواء
311

(في زكاة الغنم)
(قال) وقال مالك إذا كانت الغنم ربى كلها أو ماخضا كلها أو أكولة كلها أو فحولا
كلها لم يكن للمصدق أن يأخذ منها شيئا وكان على رب المال أن يأتيه بجذعة أو ثنية
مما فيه وفاء فيدفعها إلى المصدق وليس للمصدق إذا أناه بما فيه وفاء أن يقول لا أقبلها
(قلت) فهل كان مالك يقول يأخذ ما فوق الثني أو ما تحت الجذع (فقال) لا يأخذ الا
الجذع أو الثني إلا أن يشاء رب المال أن يعطيه ما هو أفضل من ذلك (قلت) الجذع
من الضأن والمعز في أخذ الصدقة سواء قال نعم (قلت) أرأيت الذي يؤخذ في
الصدقة من الغنم الجذع أهو في الضأن والمعز سواء قال نعم (قلت) وهو قول مالك قال
نعم (قال) وقال مالك لا يؤخذ تيس والتيس هو دون الفحل إنما يعد مع ذوات
العوار والهرمة والسخال (قال) فقلت لمالك فما ذات العوار فقال ذات العيب (قال)
وقال مالك ان رأى المصدق أن يأخذ ذات العوار أو التيس أو الهرمة إذا كان ذلك
خيرا له أخذها (قلت) هل يحسب المصدق العمياء والمريضة البين مرضها والعرجاء
التي لا تلحق على رب الغنم ولا يأخذها قال نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) قال مالك
يحسب على رب الغنم كل ذات عوار ولا يأخذ منها والعمياء من ذات العوار ولا تؤخذ
فيها ولا من ذوات العوار (قلت) وان كانت الغنم كلها قد جربت قال على رب المال
أن يأتيه بشاة فيها وفاء من حقه (قلت) وكذلك ذوات العوار إذا كانت الغنم
ذوات عوار كلها قال نعم (قال) وقال مالك لا يأخذ المصدق من ذوات العوار إلا
أن يشاء المصدق أن يأخذ إذا رأى في ذلك خيرا وأفضل (قال) وقال مالك إذا
كانت عجاجيل كلها أو فصلانا كلها أو سخالا كلها وفى عدد كل صنف منها ما تجب
فيه الصدقة فعلى صاحب الأربعين من السخال أن يأتي بجذعة أو ثنية من الغنم وعلى
صاحب الثلاثين من البقر إذا كانت عجولا كلها أن يأتي بتبيع ذكر وان كانت فصلانا
خمسا وعشرين فعليه أن يأتي بابنة مخاض ولا يؤخذ من هذه الصغار شئ لان عمر بن
الخطاب قال نأخذ الجذعة والثنية ولا نأخذ الماخض ولا الأكولة ولا الربى ولا فحل
312

الغنم وذلك عدل بين غذاء المال وخياره (قال مالك) وكذلك لو لم يكن عنده الا
بزل (1) اشترى له من السوق ولم يعطه منها فكذلك إذا كان عنده الدون اشترى له
من السوق فمرة يكون ذلك خيرا مما عنده ومرة يكون شرا مما عنده (قال مالك)
ليس في الأوقاص من الإبل والبقر والغنم شئ وإنما الأوقاص فيما بين واحد إلى تسعة
ولا يكون في العقد وقص يريد بالعقد عشرة وقد سأل معاذ النبي صلى الله عليه
وسلم عن الأوقاص فقال ليس فيها شئ (قلت) أرأيت لو أن رجلا له ثلاثون من
الغنم توالدت قبل أن يأتيه المصدق بيوم فصارت أربعين أترى أن يزكيها عليه الساعي
أم لا (فقال) يزكيها عليه لأنها قد صارت أربعين حين أتاه (قلت) ولم وقد كان
أصلها غير نصاب (قال) لأنها توالدت فإذا توالدت فأولادها منها وفيها الزكاة وان
كانت قبل ذلك غير نصاب لأنها لما زادت بالولادة كانت كالنصاب وهو قول
مالك (قلت) هل كان مالك يعرف أن المصدق يجمع الغنم ثم يفرقها فيخير رب
المال أي الفرقتين شاء ثم يأخذ هو من الفرقة الأخرى (فقال) لم يعرفه وأنكره
قال مالك قد كان محمد بن مسلمة الأنصاري لا تساق إليه شاة فيها وفاء من حقه الا
أخذها (قال) وقال مالك من كانت له غنم أو بقر أو إبل يعتمل عليها ويعلفها ففيها
الصدقة ان بلغت ما تجب فيها الصدقة (قال) وكان مالك يقول العوامل وغير
العوامل سواء (ابن وهب) عن ابن لهيعة بن غزية عن عبد الله بن أبي
بكر أخبره أن هذا كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لعمرو بن حزم في صدقة
الغنم ليس في الغنم صدقة حتى تبلغ أربعين شاة فإذا بلغت أربعين شاة ففيها شاة إلى
عشرين ومائة فإذا كانت احدى وعشرين ومائة ففيها شاتان إلى مائتي شاة فإذا
كانت شاة ومائتي شاة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة شاة فلما زاد ففي كل مائة

(1) (بزل) البزل جمع بازل وهو كالكهل من الرجال قاله عياض رحمه الله تعالى اه‍ من
هامش الأصل وفي القاموس ناقة بازل وبزول جمعها بزل كركع وكتب وبوازل وذلك في تاسع
سنيه وليس بعده سن تسمي اه‍
313

شاة ولا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ولا يخرج في الصدقة
هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق وما كان من خليطين فإنهما
يتراجعان بينهما بالسوية (ابن وهب) عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن
سالم وعبيد الله ابني ابن عمر عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بنحو ذلك
(ابن وهب) عن يحيى بن أيوب أن هشام بن عروة أخبره عن عروة بن الزبير
أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال في أول ما أخذ الصدقة للمصدقين لا تأخذوا
من حزرات الناس (1) شيئا (قال ابن وهب) قال مالك وغيره وقد نهى عمر بن
الخطاب عن ذلك (ابن وهب) عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن ابن لعبد الله
ابن سفيان الثقفي عن جده سفيان بن عبد الله أن عمر بن الخطاب بعثه مصدقا فكان
يعد على الناس بالسخلة فقالوا تعد علينا بالسخلة ولا تأخذها منا فلما قدم على عمر بن
الخطاب ذكر له ذلك فقال له عمر نعم نعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا نأخذها
ولا نأخذ الربى (2) التي وضعت ولا الأكولة (3) شاة اللحم ولا الماخض الحامل ولا فحل
الغنم ونأخذ الجذعة والثنية وذلك عدل بين غذاء المال (4) وخياره
(في زكاة الغنم التي تشترى للتجارة)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا اشترى غنما للتجارة فبارت عليه وأقامت عنده سنين
أيقومها كل سنة فيزكيها زكاة التجارة أم يزكيها زكاة السائمة كلما حال عليها الحول
عنده وجاءه المصدق (فقال) بل يزكيها زكاة السائمة كلما حال عليها الحول عنده وجاءه
المصدق أخذ منها صدقة السائمة (قلت) فان أخذ منها المصدق اليوم زكاة السائمة
وباعها صاحبها من الغد أعليه في ثمنها زكاة (فقال) لا شئ عليه في ثمنها حتى يحول الحول
.

(1) (من حزرات الناس) الحزرات جمع حزرة بفتح الحاء وسكون الزاي هي خيار المال أي لا تأخذوا
من خيار أموال الناس شيئا اه‍ * (2) (الربى) على وزن فعلى بضم الفاء هي الشاة وضعت حديثا ويطلق أيضا
على الشاة التي مات ولدها اه‍ (3) (قوله ولا الأكولة) في القاموس الأكولة العاقر من الشياه تعزل
للأكل اه‍ (غذاء المال) غذاء الغنم صغارها واحدها غذي كغني وخيارها كبارها اه‍ كتبه مصححه
314

من يوم زكاها المصدق فإذا حال عليها الحول من يوم زكاها المصدق زكى ثمنها وهذا
كله قول مالك فعلى هذا فقس ما يرد عليك من هذه الوجوه
(في زكاة ماشية القراض)
(قال) وقال مالك ولو أن رجلا أخذ مالا قراضا فاشترى به غنما فحال الحول على
الغنم وهي عند المقارض فان الزكاة على رب المال في رأس ماله ولا يكون على العامل شئ
في زكاة ماشية الذي يدير ماله)
(قلت) أرأيت من كان يدير ماله في التجارة فاشترى غنما للتجارة فحال عليها الحول
وجاءه شهره الذي يزكى فيه ماله ويقوم فيه ما عنده من السلع أيقوم هذه الغنم
التي اشتراها مع سلعه التي عنده أم لا (فقال) لا يقوم الغنم من السلع لان
في رقابها الزكاة زكاة السائمة فلا تقوم مع هذه السلع وإنما يقوم ما في يديه من السلع
التي ليس في رقابها زكاة مثل العروض والرقيق والدواب والطعام والثياب لأني إذا
قومت الغنم فجاء حولها أردت أن أسقط عنها الزكاة فلا ينبغي أن أسقط عنها زكاة
الماشية وهي غنم فأصرفها إلى زكاة التجارة فتقيم سنين هكذا وللغنم فريضة في الزكاة
وسنة قائمة (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يبتاع الغنم بالذهب للتجارة بعد
ما زكى الذهب بثلاثة أشهر أو بأربعة أشهر متى يزكي (فقال) يستقبل بها حولا من يوم
ابتاعها وإن كان اشتراها للتجارة فهذا يدلك على ما قبله ان الغنم إذا اشتريت خرجت
من زكاة المال إلى زكاة الغنم. فكان ينبغي لهذا إذا كان عنده مال فمضى للمال عنده
ستة أشهر ثم اشترى به غنما أنه يزكى الغنم لها ستة أشهر لان المال قد مضى
له ستة أشهر عنده فلما قال لنا مالك يستقبل بالغنم حولا من يوم اشتراها وأسقط مالك
عنه شهور الدنانير علمت أن الغنم إذا اشتريت خرجت من زكاة المال وصارت إلى
زكاة الغنم على كل حال وان علمت كان المال يدار ولم أحفظ عن مالك أنه قال لي إن كان
ممن يدير وإن كان ممن لا يدير (قلت) أرأيت حين أمرته أن لا يقوم الغنم
315

مع عروضه التي عنده أرأيت أن هو باع الغنم قبل أن يأتيه المصدق أتسقط عنه زكاة
الماشية وزكاة التجارة (فقال) لا ولكن تسقط عنه زكاة الماشية ويرجع في زكاتها إلى
زكاة الذهب التي ابتاعها به فهو يزكيها من يوم أفاد الذهب وزكاها (قال) وهذا قول
مالك (قال) وهذا يبين لك أن الغنم قد خرجت حين اشتراها من شهر زكاتها إذا
حال عليها الحول وصارت أشهرها على حدة
(في زكاة الضأن والمعز والبقر والجواميس إذا اجتمعت)
(قلت) أرأيت الرجل يكون عنده المعز والضأن يكون عنده من الضأن سبعون
ومن المعز ستون قال عليه شاتان من الضأن واحدة ومن المعز أخرى (قلت) فإن كانت الضأن سبعين والمعز ستين (قال) يأخذ من الضأن ولا يأخذ من المعز لأنه إنما
عليه شاة وإنما يأخذ من الأكثر وانظر أبدا فإذا كان للرجل ضأن ومعز كان في
كل واحدة إذا افترقت ما تجب فيه الزكاة أخذ من كل واحدة وإن كان في واحدة
ما تجب فيه الزكاة والأخرى لا تجب فيها الزكاة أخذ مما تجب فيها الزكاة ولم يأخذ
من الأخرى مثل أن يكون له سبعون ضائنة وستون معزة فجميعها مائة وثلاثون
ففيها شاتان فالسبعون لو كانت وحدها كانت فيها شاة والستون لو كانت وحدها
كانت فيها شاة وإذا كانت سبعين ضائنة وخمسين معزة فجميعها مائة وعشرون فإنما
فيها شاة واحدة فالقليلة تبع للكثيرة في هذا الموضع لأنها إنما فيها شاة واحدة فتؤخذ
من الضأن وهي الأكثر ولو كانت ستين من هذه وستين من هذه أخذ المصدق
من أيهما شاء ومثل ذلك الرجل تكون له مائة شاة وعشرون شاة ضائنة وأربعون
معزة فعليه شاتان في الضأن واحدة وفي المعز واحدة. ولو كانت ثلاثين معزة كانت
عليه في الضأن شاتان ولم يكن عليه في المعز شئ لأنها لو كانت وحدها لم يكن عليه
فيها شئ وكذلك إذا كانت له ثلاثمائة ضائنة وتسعون معزة فإنما عليه ثلاث شياه من
الضأن ولم يكن عليه من المعز شئ لأنها في هذا الموضع وقص ولو لم يكن عنده معز
لم ينقص من الثلاث شياه شيئا ولا يكون في المعز حتى تبلغ مائة فتكون فيها شاة
316

وكذلك لو كانت ثلاثمائة ضائنة وخمسين ضائنة وخمسين معزة كان على رب الغنم
أربع شياه تكون ثلاث ضائنات ويكون الساعي مخيرا في الرابعة ان شاء أخذ من
الضأن وان شاء أخذ من الماعز لأن هذه الشاة اعتدلت فيها الضأن والمعز وان كانت
الضأن ثلاثمائة وستين والمعز أربعين أخذ الأربعة من الضأن لان الرابعة من الضأن
إنما تمت بالمعز وكانت مثل ما لو كانت له ستون ضأنة وأربعون معزة فإنما يؤخذ من
الأكثر وهي الستون ولو كانت المعز ستين والضأن ثلاثمائة وأربعين أخذ ثلاث
ضائنات ومعزة وان كانت مائتي ضائنة ومائة معزة أخذ منها ثلاثا ضائنتين ومعزة
وان كانت ثلاثمائة وخمسين مائتي ضائنة وخمسين ومائة معزة أخذ من الضأن اثنتين
ومن المعز واحدة وان كانت سبعين ومائة ضائنة وستين ومائة معزة أخذ ضائنتين
و معزة وان كانت مائة وخمسا وسبعين ضائنة ومائة وخمسا وسبعين معزة أخذ منها
ثلاثا ضائنة ومعزة وكان المصدق مخيرا ان شاء أخذ الشاة الباقية من المعز وان شاء
أخذها من الضأن وكذلك الذي تكون له الإبل العراب والبخت على ما فسرنا في
الغنم وكذلك الذي تكون له البقر الجواميس والبقر الاخر مثل أن يكون له عشرون
من الجواميس وعشرة من غير الجواميس فعليه تبيع من الجواميس ولو كانت
أربعين جاموسا وثلاثين من البقر الأخرى أخذ من الجواميس مسنة ومن الأخرى
تبيعا منها ولو كانت أربعين جاموسا ومن الأخرى عشرين أخذ تبيعين من الجواميس
واحد ومن الأخرى آخر وان كانت من الجواميس عشرين ومن الأخرى
عشرين فالمصدق مخير ان شاء أخذ من هذه وان شاء من هذه فإن كانت ثلاثين
وثلاثين أخذ من هذه تبيعا ومن هذه تبيعا فعلى هذا خذ هذا الباب إن شاء الله
(في زكاة ماشية المديان)
(قال) وقال مالك من كان عليه دين وله ماشية تجب فيها الزكاة والدين يحيط بقيمة
الماشية ولا مال له غير هذه الماشية ان عليه الزكاة فيها ولا تبطل الزكاة عنه فيها للدين
الذي عليه إبلا كانت أو بقرا أو غنما (قال ابن القاسم) وليس لأرباب الدين أن
317

يمنعوا المصدق أن يأخذ صدقته من أجل دينهم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
هو قوله (قلت) أرأيت لو أن رجلا كانت عنده غنم قد حال عليها الحول وجاءه
المصدق وعليه من الدين غنم مثلها بصفتها وأسنانها أو كانت إبلا وعليه من الدين إبل
مثلها أو كانت بقرا وعليه من الدين بقر مثلها (فقال) قال مالك عليه الزكاة ولا يضع
عنه ما عليه من الدين الزكاة في الماشية وإن كان الدين مثل الذي عنده (قلت) فان
رفع رجل من أرضه حبا أو تمرا وعليه من الدين حب مثل ما رفع أو تمر مثل ما رفع
(فقال) قال مالك لا يضع عنه دينه زكاة ما رفع من الحب والتمر وإنما يضع عنه من
الدنانير والدراهم بحال ما وصفت لك (قلت) فإن كان لرجل عبد فمضى يوم الفطر
والعبد عنده وعليه من الدين عبد مثله بصفته (قال) لا زكاة عليه إذا لم يكن له مال
(قال) والأموال الناضة مخالفة لهذا الذي ذكرت لك من الماشية والتمر والحب لان
الدنانير إذا كانت لرجل فحال عليها الحول وعليه دين ثياب أو حيوان أو حب وما
كانت من العروض والناض حسب الدين في الناض الذي عنده فان بقي بعد دينه
في يديه ما يجب فيه الزكاة زكاه والا لم يكن عليه شئ (قلت) وهذا قول مالك قال
نعم (قلت) وما الفرق بين العين والماشية والثمار (فقال) لان السنة إنما جاءت في
الضمار وهو المال المحبوس في العين وان السعاة إنما يأخذون الناس بزكاة مواشيهم
وثمارهم ولا يأخذونهم بزكاة العين ويقبل منهم قولهم في العين ألا ترى أن رسول الله
عليه الصلاة والسلام وأبا بكر وعمر وعثمان والخلفاء كانوا يبعثون الخراص في الثمار
أول ما تطيب فيخرصون على الناس لاحصاء الزكاة ولما للناس في ذلك من تعجيل
منافعهم بثمارهم ولا يؤمرون فيه بقضاء ما عليهم من الدين ثم يخرص عليهم وكذلك
في المواشي تبعث السعاة وقد كان عثمان بن عفان يصيح في الناس هذا شهر زكاتكم
فمن كان عليه دين فليقضه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منها الزكاة فكان الرجل
يحصى دينه ثم يؤدى مما بقي في يديه إن كان ما بقي في يديه تجب فيه الزكاة (ابن
مهدي) عن أبي عبد الرحمن عن طلحة بن النضر قال سمعت محمد بن سيرين يقول
318

كانوا لا يرصدون الثمار في الدين وينبغي للعين أن ترصد في الدين (ابن مهدي) عن
حماد بن زيد عن أيوب عن ابن سيرين قال كان المصدق يجئ فأين ما رأى زرعا قائما
أو إبلا قائمة أو غنما قائمة أخذ منها الصدقة
(في زكاة ثمن الغنم إذا بيعت)
(وسألت) ابن القاسم عن الرجل تكون له الغنم تجب في مثلها الزكاة فيحول عليها
الحول فيبيعها قبل أن يأتيه المصدق (فقال) لا زكاة عليه فيها للمصدق ولكن يزكي
الثمن مكانه لان الحول قد حال على الغنم وإنما يحسب للمال من يوم أفاد الغنم ثم يحسب
للمال من ذي قبل سنة من يوم زكى المال ثم تجب فيه الزكاة أيضا إن كان عشرين
دينارا فصاعدا قال وهذا قول مالك (قلت) أرأيت لو كانت لرجل أربعون شاة
فحال عليها الحول فاستهلكها رجل بعد ما حال عليها الحول قبل أن يأتيه المصدق فأخذ
قيمتها دراهم (فقال) يزكى الدراهم مكانه لان الحول قد حال على الغنم (قلت) فان
أخذ قيمة غنمه إبلا (قال) فقال يستقبل بالإبل حولا من ذي قبل ولا شئ عليه
حتى يحول الحول على الإبل من ذي قبل (قلت) وتكون عليه زكاة القيمة ان
كانت القيمة تبلغ ما تجب فيه الزكاة لأنه إذا قبض الإبل صار قابضا للدين (قال) لا
لان مالكا قال لي في رجل كانت عنده دراهم فابتاع بها سلعة للتجارة ثم باعها بعد
الحول بذهب تجب في مثلها الزكاة فلم يقبض تلك الذهب حتى أخذ بها عرضا من
العروض للتجارة (قال) لا زكاة عليه حتى يبيع العروض وينض ثمنها في يديه وكذلك
الإبل والبقر إذا أخذت من قيمة الغنم (قلت) وكذلك أن أخذ قيمتها بقرا قال نعم
لا شئ فيها (قلت) فان أخذ في قيمتها غنما فكانت أقل من أربعين (فقال) لا شئ
فيها (قلت) فان أخذ قيمتها غنما عددها أربعون فصاعدا (قال) لا شئ عليه فيها وقد
كان عبد الرحمن يقول عليه في الغنم التي أخذ الزكاة (وقوله) لا زكاة عليه هو أحسن
وكأنه باع الغنم بغنم والثمن لغو (قال) وسألت مالكا عن الرجل يرث الغنم أو يبتاعها
فتقيم عنده حولا ثم يبيعها (فقال) قال لي مالك إن كان ورثها أو اشتراها لقنية ولم
319

يشترها للتجارة فلا أرى عليه في ثمنها زكاة حتى يحول عليها الحول من يوم قبض ثمنها
إذا كان المصدق لم يأته وقد حال عليها الحول فباعها فلا زكاة عليه فيها ولا في ثمنها حتى
يحول الحول على ثمنها (قال) ولا أرى عليه الشاة التي كانت وجبت عليه في زكاتها إلا أن يكون باعها فرارا من الساعي فإن كان باعها فرارا من الساعي فعليه الشاة التي كانت
وجبت عليه وهو أحسن من القول الذي روى عنه وأوضح (قال ابن القاسم)
وقال لي مالك بعد ذلك أرى عليه في ثمنها الزكاة إن كان باعها بعد ما حال عليها الحول
كان اشتراها لقنية أو ورثها قال ومعنى القنية السائمة فأرى في ثمنها الزكاة يوم يبيعها
مكانه ولا ينتظر أن يحول الحول على الثمن (قال) فقلت له فان باعها بعد ستة
أشهر من يوم ورثها أو ابتاعها (قال) أرى أن يحتسب بما مضى من الشهور ثم يزكى
الثمن (قال) فرددتها عليه عاما بعد عام فثبت على قوله هذا ولم يختلف فيه وهذا قوله
الذي فارقته عليه آخر ما فارقناه وهو أحب قوليه إلى (قلت) أرأيت لو كانت عندي
أربعة من الإبل فحال عليها الحول فبعتها بعد ما حال عليها الحول أيكون على في ثمنها
زكاة يوم بعتها فقال لا (قلت) وهي عندك مخالفة للتي كانت تجب فيها الزكاة إذا
بعتها بعد الحول قبل أن أزكيها (قال) نعم قال وهو قول مالك (قلت) أرأيت أن
كانت هذه الإبل تجب فيها الزكاة فلما حال عليها الحول صدقتها ثم بعتها بدنانير بعد
ما أخذت صدقتها بأشهر متى أزكى ثمنها (فقال) حتى يحول على الدنانير الحول من
يوم زكيت الإبل قال وهو قول مالك (قال) فقلت لمالك أرأيت الرجل يكون
عنده الذهب فيبتاع بها غنما أو إبلا أو بقرا متى يزكيها (فقال) حتى يحول الحول على
الغنم من يوم اشتراها أو البقر أو الإبل ولم يجعلها مثل الغنم التي تباع بالدنانير
(في تحويل الماشية في الماشية)
(قال ابن القاسم) قلت لمالك فالغنم تباع بالإبل أو البقر والبقر تباع بالغنم (قال) ليس
في شئ من هذه زكاة حتى يحول عليها الحول من يوم اشترى الإبل والبقر والغنم
التي صارت في يديه وإنما شراؤه الإبل بالغنم وان مضى للغنم عنده ستة أشهر بمنزلة
320

ما لو كان عنده ذهب أو ورق فأقامت عنده ستة أشهر ثم اشترى بها إبلا أو بقرا أو
غنما فإنه يستقبل بالماشية من يوم اشتراها حولا ولا ينظر في هذا إلى اليوم الذي أفاد
فيه الدنانير والدراهم وإنما ينظر في هذا إلى يوم اشترى الماشية بالدنانير والدراهم فيحسب
من ذلك اليوم حولا ثم يزكى قال مالك لان حول الأولى قد انتقض (قال مالك)
وان اشترى بالغنم بعد ما مضى لها ستة أشهر من يوم أفادها غنما فعليه زكاة الغنم كما هي
(قلت) أرأيت أن كانت الغنم التي أفاد لما مضى لها عنده ستة أشهر باعها وكانت
عشرين ومائة فباعها بثلاثين شاة (فقال) لا زكاة عليه فيها إذا حال عليها الحول (قلت)
له فان باعها بأربعين (فقال) إذا مضى لها ستة أشهر من يوم اشتراها زكاها شاة واحدة
وذلك أن هذه الستة الأشهر ان أضيفت إلى الستة الأشهر التي كانت الغنم الأولى
عنده فيها فزكى هذه التي عنده لان كل من باع غنما بغنم وان كانت مخالفة لها فكأنها
هي لان ذلك مما إذا أفيد ضم بعضه إلى بعض وزكي زكاة واحدة وهو مما يجمع في
الصدقة ولو باعها بابل لم يكن عليه زكاة واستقبل بها حولا لأنهما صنفان لا يجمعان
في الزكاة فلما كانا لا يجتمعان في الزكاة انتقض حول الأولى وصارت هذه الثانية فائدة
شراء كرجل كانت عنده دنانير تجب فيها الزكاة فأقامت ستة أشهر فاشترى بها إبلا
تجب فيها الزكاة أو غنما فانتقض حول الدنانير لان الدنانير وما اشترى مما لا يجمع
بعضه إلى بعض في الزكاة فلما كأن لا يجمع بعضه إلى بعض انتقض حول الدنانير وكان
ما اشترى من الإبل والبقر والغنم فائدة شراء يستقبل بها حولا من يوم اشتراها
(قال) وقال مالك فيمن كان له نصاب إبل فباعها قبل الحول بنصاب غنم انه لا
يزكي الغنم حتى يحول على الغنم الحول من يوم اشتراها وليس عليه في الإبل شئ إذا لم
يحل الحول على الإبل (قال) فإذا حال الحول على الإبل فباعها بنصاب ماشية يريد
بذلك الهرب من الزكاة أخذ منه المصدق زكاة الإبل (قلت) فإن كانت زكاة الغنم
أفضل وخيرا للمصدق (قال) لا يأخذ من الغنم شيئا ولكن يأخذ من الإبل لان
الغنم إنما تجب فيها الزكاة من يوم اشتراها فإذا ذهب المصدق يأخذ من الغنم لم
321

تجب له الزكاة فيها حتى يحول عليها الحول من يوم اشتراها (قلت) لم إذا باعها بعد
الحول وهي مما تجب فيها الزكاة هذه الإبل بنصاب من الغنم ولم يكن فارا أسقطت
عنه الزكاة (قال) لان حولها عند مالك هو اتيان المصدق وليس السنة (قلت) أرأيت
لو باعها بدنانير بعد ما حال عليها الحول ولم يكن فارا أكانت تجب فيه الزكاة في
الدنانير ساعة باعها (قال) نعم قال وهذا قول مالك (قال ابن القاسم) والدنانير مخالفة
لما سواها مما بيعت به هذه الإبل (قلت) أرأيت أن أقام الثمن ثمن هذه الإبل على
المشتري ولم يكن قبضه البائع أعواما (قال) يزكيه زكاة واحدة وهي التي كانت وجبت
عليه حين باع الإبل وهو قول مالك (قلت) فإن كان قد أخذ الثمن فأسلفه فأقام
سنتين ثم أخذه (قال) يزكيه الآن زكاة سنتين
(في زكاة فائدة الماشية)
(قال) وقال مالك من كانت له ماشية إبل أو بقر أو غنم ورثها بعد ما حال عليها
الحول عند الميت ثم جاءه المصدق فليس على من ورثها شئ حتى يحول عليها الحول
عند من ورثها من ذي قبل فإذا مر بها الساعي وهي عند من ورثها لم يفرقوها أخذ
منها الصدقة عنهم وكانوا بمنزلة الخلطاء يترادون فيها إذا كان الورثة غير واحد فمن
كان شاؤه ما تجب فيه الصدقة فهو خليط لمن تجب عليه الصدقة ولم هو أكثر غنما
ومن لم يكن شاؤه تجب فيه الصدقة فليس هو بخليط ولا غرم عليه (قال مالك)
وكذلك الإبل والبقر (قال مالك) وان كانوا يفرقونها أخذت من كل واحد منهم
صدقته على حساب ما يؤخذ من الرجل إذا لم يكن خليطا إذا كان في ماشية كل
واحد منهم ما تجب فيه الصدقة (قال مالك) ومن ورث غنما فكانت عنده فجاءه
المصدق قبل أن يحول عليها الحول من يوم ورثها فليس عليه فيها شئ وليس عليه
شئ فيما يستقبل حتى يمر به الساعي من عام قابل فيصدقه مع من يصدق (قلت)
أرأيت إذا مر به الساعي قبل أن يستكمل السنة فاستكمل السنة بعد ما مر به الساعي
أيجب عليه أن يصدقها (فقال) لا يجب عليه أن يصدقها إلا أن يأتي الساعي من
322

السنة المقبلة (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك من كان له
نصاب ماشية من غنم فأفاد قبل أن يحول عليه الحول إبلا تجب في مثلها الزكاة أولا
تجب في مثلها الزكاة انه إنما يزكي الغنم وحدها وليس عليه أن يضيف الإبل إلى الغنم
ولكن ان كانت الإبل مما تجب في مثلها الزكاة زكاها إذا مضى لها سنة من يوم أفاد
الإبل (قال) وإنما تضاف الغنم إلى الغنم والبقر إلى البقر والإبل إلى الإبل إذا كان
الأصل الذي كان عند ربها قبل أن يفيد هذه الفائدة نصاب ماشية فإنه يضيف ما
أفاد من صنفها إليها إذا كان الأصل نصابا فيزكي وإن لم يفد الفائدة قبل أن
يحول الحول الا بيوم زكاه مع النصاب الذي كان له (قال) وقال مالك فيمن أفاد
ماشية وله نصاب ماشية فأفادها بعد الحول قبل أن يأتيه المصدق انه يزكي ما أفاد
بعد الحول مع ماشيته إذا كان ذلك قبل أن يأتيه المصدق فان أتاه المصدق وماشيته
مائتا شاة وشاة فنزل به فهلكت منها شاة قبل أن يسعى عليه بعد ما نزل به فإنه يزكي
على ما بقي ولا يزكي ما مات منها (قلت) فلو كانت عنده ثلاثون شاة فورث قبل
أن يأتيه الساعي بيوم عشرة من الغنم (فقال) لا زكاة عليه في شي ء من هذه حتى
يحول الحول من يوم أفاد العشرة (قلت) لم فقال لي لأن هذه لم تكن نصابا ولان
الفائدة لم تكن ولادة الغنم وإنما الفائدة هاهنا غنم غير هذه الغنم ولا تشبه هذه
الفائدة ما ولدت الغنم لان كل ذات رحم فولدها بمنزلتها (قلت) أرأيت لو أن رجلا
كانت له نصاب ماشية تجب فيها الزكاة فلما كان قبل الحول بيوم رجعت إلى مالا
زكاة فيها ثم أفاد من يومه ذلك ما ان أضافه إليها كانت فيها الزكاة (فقال) لا زكاة
فيها (قلت) لم فقال لان الفائدة ليست منها ولأنها لما رجعت إلى مالا زكاة فيها
قبل أن يحول عليها الحول فكأنه لم يكن له في الأصل غيرها (قلت) فإن لم يكن هلك
منها قبل الحول شئ ولكنها حال عليها الحول فزكاها ثم هلك بعضها فرجعت إلى ما لا
زكاة فيها ثم أفاد قبل الحول من يوم زكاها ما ان جمعها إليها وجبت فيها الزكاة أيضيفها
إليها ويزكي جميعها أم لا (فقال) لا زكاة عليه فيها إذا نقصت الأولى مما تجب فيه
323

الزكاة بعد ما زكاها أو قبل أن يزكيها فإنه يضم الأولى إلى الفائدة الآخرة ثم
يستقبل بهما حولا من يوم أفاد الفائدة الآخرة فان حال الحول وفيهما ما تجب فيه
الزكاة زكاهما وان حال الحول وفيهما ما لا تجب فيه الزكاة ثم أفاد فائدة أخرى ضم
المالين جميعا إلى الفائدة الآخرة واستقبل بهذا المال كله حولا من يوم أفاد الفائدة
الآخرة وكذلك الدنانير والدراهم والإبل والبقر (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قتل والده فقضي له على عاقلة القاتل بمائة من الإبل
فلم يقبضها الا من بعد أعوام أيزكيها ساعة قبضها أم ينتظر حتى يحول الحول عليها
(قال) ينتظر حتى يحول عليه الحول من يوم قبضها (قلت) وهذا قول مالك
قال نعم (قلت) أرأيت المرأة إذا تزوجت على إبل بأعيانه خمسين من الإبل فلم
تقبضها حتى حال عليها الحول عند الزوج ثم قبضتها بعد الحول (فقال) عليها ان تزكيها
وليست التي بأعيانها كالتي بغير أعيانها لان التي بغير أعيانها إنما ضمانها من الزوج
وهذه التي بأعيانها قد ملكتها بأعيانها يوم عقدة النكاح وضمانها منها وهذا رأيي (قال)
وذلك أنى سألت مالكا عن الرجل يتزوج المرأة بعبدين تعرفهما عنده فوجب النكاح
ثم هلك الرأسان قبل أن تقبضهما ممن هلاكهما أمن الزوج أم من المرأة (فقال) بل
من المرأة (قلت) أرأيت أن تزوجت على إبل بأعيانها أو على غنم بأعيانها أو على
نخل بأعيانها فأثمرت النخل عند الزوج وحال الحول على الماشية عند الزوج ثم قبضت
المرأة ذلك من الزوج بعد الحول (فقال) عليها زكاتها حين تقبض ولا تؤخر حتى
يحول الحول من يوم تقبض وليس الإبل وما ذكرت إذا كانت بأعيانها مثل الدنانير
لأن هذه الإبل وما ذكرت إذا كانت بأعيانها فتلفها من المرأة إذا هي تلفت (قلت)
أفتحفظ عن مالك أنه جعل عليها زكاتها إذا هي قبضتها ولا يأمرها أن تنتظر حولا
مثل ما أمرها في الدنانير (قال) لا أحفظه عن مالك ولكن مالكا قال لي إذا ورث
الرجل غنما زكاها إذا حال الحول عليها ولم يقل لي قبض أو لم يقبض (قال) وقال
لي مالك في القوم يرثون الغنم وقد أقامت عند أبيهم حولا انه لا زكاة على أبيهم فيها
324

وانهم لا تجب عليهم فيها الزكاة حتى يمر بها حول فإذا مر بهم حول كانوا بمنزلة
الخلطاء ولم يقل قبضوا أو لم يقبضوا (قال) وقال مالك في الدنانير إذا هلك رجل
فأوصى إلى رجل فباع تركته وجمع ماله فكان عند الوصي ما شاء الله انه لا زكاة
عليهم فيما اجمتع عند الوصي ولا فيما باع لهم ولا فيما نض في يده من ذلك حتى
يقسموه ويقبضوه ثم يحول الحول بعد ما قبضوا وهذا إذا كانوا كبارا فإن كانوا
صغارا كان الوصي قابضا لهم وكانت عليهم الزكاة من يوم نض ذلك في يد الوصي
(قلت) فإن كانوا صغارا وكبارا فلا يكون على الصغار زكاة أيضا فيما نض في يد
الوصي حتى يقاسم لهم الكبار فإذا قاسم لهم الكبار كان الوصي قابضا لهم لحصتهم
فيستقبل بحصتهم حولا من يوم قاسم الكبار ويستقبل للكبار أيضا حولا من يوم
قبضوا فقال نعم (قلت) وهو قول مالك (قال) لم أسمعه من مالك ولكن قال لي
مالك ليس على الكبار زكاة حتى يقتسموا ويقبضوا فإذا كانت المقاسمة بين الصغار
والكبار كان ذلك مالا واحدا حتى يقتسموا لأنه ما تلف منه فهو من جميعهم فلا يكون
قبض الوصي قبضا للصغار الا بعد المقاسمة إذا كان في الورثة كبار فعلى هذا فقس
كل فائدة يفيدها صغير أو كبير أو امرأة من دنانير أو دراهم (قلت) أرأيت
لو أن رجلا ورث مائة دينار غائبة عنه فحال عليها أحوال كثيرة قبل أن يقبضها وهي
عند الوصي ثم قبضها أعليه الزكاة فيها لما مضى (فقال) لا شئ عليه فيها ويستقبل بها
حولا من يوم قبضها إلا أن يكون وكل بقبضها أحدا فإن كان بقبضها أحدا فإن كان وكل بقبضها أحدا
فزكاتها تجب عليه من يوم قبضها الوكيل وإن لم تصل إليه من بعد قبض الوكيل
حتى حال عليها الحول فعليه فيها الزكاة (قلت) وهذا قول مالك فقال نعم (قلت)
فلو ورث رجل ماشية تجب فيها الزكاة فحال عليها الحول قبل أن يقبضها وهي في يد
الوصي أعليه فيها الزكاة فقال نعم (قلت) فما فرق بين هذه الغنم والدنانير (فقال)
لا تشبه الغنم الدنانير لان الغنم لو كانت لرجل وعليه دين يغترقها زكي الغنم والدنانير
إذا كانت لرجل وعليه دين يغترقها وليس له غير ما كان دينه فيها لم تكن عليه
325

الزكاة والذي ورث الدنانير لا تصير الدنانير في ضمانه حتى يقبضها فإنما تكون عليه
فيما ورث من الدنانير الزكاة إذا صارت الدنانير في ضمانه ويحول عليها بعد ذلك حول
فأما ما لم تصر في ضمانه فلا زكاة عليه فيها * ومما يبين لك أيضا الفرق بينهما أن الرجل
لو ورث مالا ناضا غائبا عنه لم يكن ينبغي أن يزكى عليه وهو غائب عنه خوفا أن
يكون صاحبه الذي ورثه مديانا أو يرهقه دين قبل محل السنة والغنم لو ورثها وهي
غائبة أو حاضرة ثم لحقه دين لم يضع الدين عنه ما وجب عليه من الزكاة فهذا
يدلك أيضا (ابن وهب) عن الليث بن سعيد عن يحيى بن سعيد وربيعة أنهما قالا
ليس في الإبل المغترقة صدقة إلا أن تضاف إلى إبل فيها صدقة وقال يحيى أما زكاة
الإبل والبقر والغنم فإنها تصدق جميعا في زمان معلوم وإن كان اشترى بعضها قبل
ذلك بشهر
(في الرجل يموت بعد ما حال الحول على ماشيته ولم يأتها المصدق ويوصى بزكاتها)
(قلت) أرأيت من له ماشية تجب فيها الزكاة فحال عليها الحول ولم يأته المصدق
فهلك رب الماشية وأوصى بأن يخرج صدقة ماشيته فجاء الساعي أله أن يأخذ صدقة
الماشية التي أوصى بها الميت (فقال) ليس للساعي أن يأخذ من الورثة الصدقة ولكن
على الورثة أن يفرقوها على المساكين وفيمن تحل لهم الصدقة الذين ذكر الله (قلت)
لم لا يكون للمصدق أن يأخذ من الورثة الصدقة وقد أوصى بها الميت (فقال) لان
مالكا قال إذا جاء المصدق وقد هلك رب الماشية فلا سبيل للمصدق على الماشية وإن كان
الحول قد حال عليها قبل أن يموت ربها (قال مالك) وليست مثل الدنانير فلما
أوصى الميت بأن تخرج صدقتها فإنما وقعت وصيته للذين ذكر الله تبارك وتعالى
لهم في كتابه الذين تحل لهم الصدقة وليس لهذا العامل عليها سبيل (قلت) أكان
مالك يجعل هذه الوصية في الثلث فقال نعم (فقلت) فتبدأ وصيته هذه في الماشية
على الوصايا في قول مالك فقال لا (قلت) لم فقال لان الزكاة لا تجب عليه الا
باتيان الساعي ولا يكون ذلك على من ورث ذلك وذلك أن المشترى والموهوب له
326

والوارث كل مفيد فلا زكاة عليهم في فائدة إلا أن يضاف ذلك إلى إبل أو بقر
أو غنم تجب فيها الصدقة تضاف الغنم إلى الغنم والبقر إلى البقر والإبل إلى الإبل ولا
تضاف الإبل إلى البقر ولا إلى الغنم ولا تضاف الغنم إلى الإبل ولا إلى البقر ولا
تضاف البقر إلى الإبل ولا إلى الغنم فإذا مات الرجل قبل أن يأتيه الساعي وأوصى بها
فليست بمبدأة وإنما تكون مبدأة في قول مالك ما قد وجب على الميت قبل موته
مثل الدنانير يموت الرجل وعنده دنانير أو دراهم قد وجبت فيها الزكاة فليس على
الورثة أن يؤدوا عن الميت زكاة الدنانير التي قد وجبت عليه إلا أن يتطوعوا بذلك
أو يوصى بذلك الميت فان أوصى بذلك الميت كان ذلك في رأس ماله (قال) فقلت
لمالك فالرجل يهلك ويترك عليه زكاة وعتق رقبة من ظهار أو قتل نفس وقد أوصى
الميت بأن يؤدى جميع ذلك بأيهم يبدأ إذا لم يكن يحمل الثلث جميع ذلك (قال) يبدأ
بالزكاة ثم بالعتق الواجب من الظهار أو قتل النفس ولا يبدأ أحدهما على صاحبه
ويبديان على العتق التطوع والعتق التطوع بعينه يبدأ على ما سواه من الوصايا
(في الدعوى في الفائدة)
(قال) وسألت مالكا عن الرجل يأتيه المصدق وفى ماشيته ما يجب في مثلها الزكاة
فيقول إنما أفدتها منذ شهرين أو نحو ذلك أو أقل من ذلك (فقال) مالك إذا لم يجد
أحدا يعلم ذلك غيره كان القول قوله وصدقه فيما قال ولم يأخذ منها شيئا
(في دفع الصدقة إلى الساعي)
(قلت) أرأيت إذا كان مصدق يعدل على الناس فأتى المصدق إلى رجل له ماشية
تجب في مثلها الزكاة فقال له الرجل قد أديت صدقتها إلى المساكين (فقال) لا يقبل
قوله هذا لان الامام عدل فلا ينبغي لاحد أن يمنعه صدقتها (قلت) هذا قول
مالك قال نعم إذا كان مثل عمر بن عبد العزيز (قلت) أرأيت إذا حال الحول على
ماشية الرجل عنده أيجب عليه أن يزكيها أم ينتظر الساعي حتى يأتي (قال) ان خفي له
327

فليضعها مواضعها إذا كان الوالي ممن لا يعدل وإن كان من أهل العدل انتظره حتى
يأتي له ولا ينبغي له أن يخرجها وإن كان ممن لا يعدل وخاف أن يأتوه ولا يقدر على
أن يخفيها عنهم فليؤخر ذلك حتى يأتوه (قال) وقال مالك إذا خفي لرب الماشية
أمر ماشيته عن هؤلاء السعاة ممن لا يعدل فليضعها مواضعها ان قدر على ذلك فان
أخذوها منه أجزأه قال وأحب إلي أن يهرب بها عنهم ان قدر على ذلك (قال)
وأخبرني مالك أن ابن هرمز كان إذا جاءت غنم الصدقة المدينة امتنع من شراء اللحم
من السوق تلك الأيام (ابن مهدي) عن سفيان الثوري عن سهيل بن أبي صالح
عن أبيه أن أبا سعيد الخدري وسعد بن مالك وأبا هريرة وعبد الله بن عمر قالوا كلهم
يجزئ ما أخذوا وان فعلوا (ابن مهدي) وقال إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير
يحسب ما أخذ العاشر (ابن مهدي) وقال أنس والحسن ما أعطيت في الطرق
والجسور فهو صدقة (ابن لهيعة) والليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عمن حدثه عن أنس بن مالك قال أتى رجل من بنى تميم إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد تبرأت منها
إلى الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إذا أديتها إلى رسولي فقد
تبرأت منها ولك أجرها وإثمها على من بدلها (قال ابن وهب) وأخبرني من أثق
به عن رجال من أهل العلم أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال أما والله لولا أن
الله قال خذ من أموالهم صدقة تطهركم وتزكيهم بما ما تركتها جزية عليكم تؤخذون
بها بعدي ولكن أدوها إليهم فلكم برها وعليهم إثمها ثلاث مرات (قال ابن وهب)
وأخبرني رجال من أهل العلم أن عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر وجابر
ابن عبد الله وسعد بن أبي وقاص وحذيفة بن اليمان وأنس بن مالك وأبا قتادة وأبا
سعيد الخدري وأبا هريرة وعائشة وأم سلمة ومحمد بن كعب القرظي (1) ومجاهدا

(1) (محمد بن كعب القرظي) ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم تكن له صحبة قاله الترمذي
اه‍ من هامش الأصل
328

وعطاء والقاسم وسالما ومحمد بن المنكدر وعروة بن الزبير وربيعة بن أبي عبد الرحمن
ومكحولا والقعقاع بن حكيم وغيرهم من أهل العلم كلهم يأمر بدفع الزكاة إلى
السلطان ويدفعونها إليهم
(في زكاة ماشية الخلطاء)
(قلت) ما الذي يكون به الناس في الماشية خلطاء (قال) سألنا مالكا عن أهل
قرية تكون لهم أغنام فإذا كان الليل انقلب إلى دور أصحابها والدور مفترقة تبيت
عندهم يحلبونها ويحفظونها فإذا كان النهار غدا بها رعاتها أو راع واحد فجمعوها من
بيت أهلها فانطلقوا بها إلي مراعيها فرعوها بالنهار وسقوط فإذا كان الليل راحت
إلى أربابها على حال ما وصفت لك أيكون هؤلاء خلطاء (فقال) نعم وان افترقوا في
المبيت والحلاب إذا كان الدلو والمراح والراعي واحدا وان افترقوا في الدور فأراهم
خلطاء (قلت) أرأيت أن فرقها الدلو فكان هؤلاء يسقون على ما يمنعون منه
أصحابهم وأصحابهم يسقون على ما يمنعونهم منه (فقال) سمعت مالكا يقول إذا
كان الدلو والمراح والراعي واحدا وان تفرقوا في المبيت والحلاب فهم خلطاء قال
والرعاة عندي وان كانوا رعاة كثيرة يتعانون فيها فهم عندي بمنزلة الراعي الواحد
وأما ما ذكرت من افتراق الدلو إذا كانت مجتمعة فذلك عندي بمنزلة المراح مثل
قول مالك لي هي مجتمعة وان فرقها الدلو بحال ما ذكرت (قلت) فإن كان راعى
هؤلاء أجرته عليهم خاصة وراعى هؤلاء الآخرين أجرته عليهم خاصة إلا أن المسرح
يجمعهم يخلطون الغنم ويجتمعون في حفظها (فقال) قال مالك هم بمنزلة الراعي الواحد
إن كان أربابها جمعوها أو أمروهم بجمعها فجمعوها حتى كان المراح والدلو والمسرح
واحدا فهم خلطاء وهو قول مالك (قلت) أرأيت أن اختلطوا في أول السنة وافترقوا
في وسطها واختلطوا في آخر السنة (فقال) إذا اجتمعوا قبل انقضاء السنة بشهرين فهم
خلطاء عند مالك وقد وصفت لك ذلك في أول الكتاب وإنما ينظر مالك في ذلك إلى
آخر السنة ولا ينظر إلى أولها (قلت) فان جمعها الدلو في أول السنة ففرقها
329

في وسط السنة وجمعها في آخر السنة (فقال) هذا بمنزلة ما وصفت لك من اجتماعهم
وافتراقهم وإنما ينظر مالك إلى آخر السنة ولا ينظر إلى أولها (قلت) أرأيت أن
اجتمعت في آخر السنة لأقل من شهرين لأني سمعتك تذكر شهرين ونحوهما (فقال)
انى سألت مالكا عن الشهرين فقال أراهم ولم أسأله عن أقل من ذلك وأنا
أرى أنهم خلطاء في أقل من شهرين ما لم يتقارب الحول ويقربا فيه إلى أن يكونا
خليطين فرارا من الزكاة وما نرى أنه نهى عن مثله في حديث عمر بن الخطاب
(قلت) والفحل ان فرقها في بعض السنة وجمعها في آخرها بمنزلة ما وصفت لي في
قول مالك (فقال) نعم إذا كان الدلو والمراح واحدا (قلت) أرأيت أن جمع هذه
الغنم الدلو والفحل في الراعي وفرقها المبيت هذه في قرية وهذه في قرية أخرى أتراهم
خلطاء في قول مالك (فقال) نعم كذلك قال لي مالك فيها (قلت) وترى هذه الغنم
وان فرقتها هذه القرى في مراح واحد (قال) نعم هي بمنزلة المراح الواحد وقد قال
لي مالك وان فرقها المبيت (قلت) فأرى مالكا قد ضعف المبيت. قال نعم كذلك
قال مالك (قلت) فان جمعها المراح والراعي والمبيت والفحل وفرقها الدلو (قال ابن
القاسم) وكيف يفرقها الدلو (قلت) يكون جميعها في مراحها وراعيها وفحلها واحدا في
موضع واحد حتى إذا كان يوم سقيها أخذ هؤلاء ماشيتهم فسقوها على مائهم وهؤلاء
ماشيتهم فسقوها على مائهم ثم جمعوها بعد ذلك فكانوا في جميع الأشياء كلها خلطاء
لا تفترق الغنم الا في يوم وردها (فقال) أراهم على ما قال مالك لي في المراح انهم
خلطاء وهذا أهون عندي من تفرقة المبيت فأراهم خلطاء (قلت) فأين قولهم في
الدلو والفحل والمراح والراعي (فقال) إنما أريد بهذا الحديث ليعرف به انهم خلطاء
وأنهم متعاونون وان أمرهم واحد ولم يريدوا بهذا الحديث إذا انخرم منه شئ أن لا
يكونوا خلطاء (قلت) أفتحفظ هذا التفسير من مالك (فقال) لا ولكن هذا رأيي
(وقال مالك) الخليطان في البقر بمنزلة الخليطين في الغنم (قال) وسألت مالكا عن
الخليطين يتخالطان بغنمهما قبل أن يحول الحول بشهرين أو ثلاثة أيكونان خلطاء
330

أم لا يكونان خلطاء إلا أن يتخالطوا من أول السنة (فقال) مالك نعم هما خليطان
وإن لم يتخالطا الا قبل أن يأتيهما الساعي بشهرين أو نحو ذلك وقد يتخالط الناس
قبل محل السنة بشهرين وما أشبه هذا فإذا خلطا رأيتهم خلطاء وأخذ منهم المصدق
الزكاة زكاة الخلطاء إذا أتاهم وهم خلطاء وإن كان ذلك بعد شهرين من يوم خلطا
(قلت) فالخليطان إذا بلغت ابلهما عشرين ومائة أيأخذ منهما المصدق حقتين قال نعم
(قلت) فإن كأن لأحدهما خمس من الإبل وللآخر خمسة عشر ومائة من الإبل كيف
يترادان (فقال) ينظر إلى قيمة الحقتين؟ ذلك فإن كانت قيمتهما مائتي درهم نظر
إلى الخمس التي لاحد الرجلين من الإبل ما هي من الجميع فوجدناها ربع السدس وهو
نصف جزء من اثنى عشر جزأ فيقسم قيمة الحقتين على أربعة وعشرين جزأ فما أصاب
جزأ من أربعة وعشرين جزأ من قيمة الحقتين فهو على صاحب الخمس وما أصاب ثلاثة
وعشرين جزأ من قيمة الحقتين فهو على صاحب الخمسة عشر والمائة فعلى هذا الحساب
يتراد الخلطاء قال وهذا قول لك (قال) وقال مالك إذا كان لرجل تسع من
الإبل ولخليطه خمس كانت على صاحب الخمس شاة وعلى صاحب التسع شاة وكان
يقول لو أمرتهما يترادان لغرم صاحب الخمس أقل من شاة ثم رجع فقال لا أرى
ذلك قال مالك وأراهما خليطين يترادان وان صار على صاحب الخمس أقل من
شاة لان ذلك تفسير قول عمر بن الخطاب (قال مالك) وإنما يكونان خليطين
إذا كان في ماشية كل واحد منهما ما تجب فيه الزكاة فإن كان في ماشية أحدهما
ما تجب فيه الزكاة ولم يكن في ماشية الآخر ما تجب فيه الزكاة فليسا بخليطين إنما
ينظر المصدق إلى الذي في ماشيته ما تجب فيه الزكاة فيأخذ منه ويترك الذي ليس
له ما تجب فيه الزكاة ولا يحسب المصدق ماشية الذي لا تبلغ ما تجب فيه الزكاة عليه
ولا على صاحبه ولا يعرض لها (قال) فقلت لمالك فإن كانت غنمهم كلها لا تجب
فيها الصدقة فتعدى المصدق فأخذ منها شاة وفي جميعها إذا اجتمعت ما تجب فيه
الصدقة أتراها على الذي أخذت من غنمه خاصة أو على عدد الغنم (فقال) بل أراها
331

على عدد الغنم يترادان فيها لا على عدد غنمهما (قلت) فإن كانوا ثلاثة رجال
لو أحد أربعون ولآخر خمسون وللاخر واحدة فأخذ الساعي منهم شاة وهم خلطاء
(فقال) من كان منهم له دون الأربعين فلا شئ عليه والشاة على صاحب الأربعين
والخمسين على تسعة أجزاء وكذلك قال مالك (قلت) فان أخذ الساعي شاة صاحب
الشاة في الصدقة (قال) يرجع بها على شريكيه على صاحب الخمسين بخمسة اتساعها
وعلى صاحب الأربعين بأربعة اتساعها فيأخذها منهما (قلت) فإن كانا خليطين
لو أحد عشرة ومائة وللآخر احدى عشرة فأخذ الساعي شاتين (فقال) يلزم كل
واحد منهما على قدر ما لكل واحد منهما من الغنم وإنما ذلك بمنزلة ما لو كان لكل
واحد منهما عشرون عشرون فصارت أربعين فعليهما جميعا شاة ألا ترى أن صاحب
العشرة ومائة لولا خلط صاحب الإحدى عشرة لم تكن عليه الشاة فدخلت المضرة
عليه منه كما دخلت على أصحاب الأربعين أدخل كل واحد منهما على صاحبه المضرة
فلزمهما جميعا فكذلك لزم هذين وان الثلاثة الذين لأحدهم أربعون وللآخر
خمسون وللآخر واحدة لم يدخل صاحب الواحدة عليهما مضرة لان كل واحد منهما
لو كان وحده كان عليه فرض الزكاة فلما خلطا لم يكن عليهما الا شاة فلم يدخل عليهما
من صاحب الشاة مضرة وكذلك لو كانا اثنين لواحد أربعون وللآخر ثلاثون فأخذ
المصدق منهما شاة فإنما هي على صاحب الأربعين ولم يدخل عليه بصاحبه مضرة
(قلت) أرأيت الرجل يتزوج المرأة على إبل أو بقر أو غنم بأعيانها فتمكث في يد
الزوج حتى يحول الحول على الماشية قبل أن يدفع ذلك إلى المرأة ثم يطلقها قبل البناء
بها وقبل أن يأتيها الساعي (فقال) إذا أتاهم المصدق فإنه إن أصابها مجتمعة وفيها
ما تجب فيه الزكاة في حظ كل واحد منهما أخذ منها زكاة الخليطين وان أصابها وفي
حظ الزوج ما لا تجب فيه الزكاة وفي حظ المرأة مالا تجب فيه الزكاة وهي إذا اجتمعت
كانت فيها الزكاة وهي مجتمعة فلا سبيل للساعي عليها وإن كان الزوج والمرأة قد
اقتسماها قبل أن يأتيهما الساعي ولم يفرقاها نظر فإن كان في حظ أحدهما ما تجب فيه
332

الزكاة والآخر لا تجب في حظه الزكاة لقلة عدد ما أخذ من الغنم لارتفاع قيمتها
وفضلها على الأخرى لقلة قيمة الأخرى زكى المصدق الذي يجب في عدد ماشيته
الصدقة ولم يزك ماشية الآخر (قال) وإنما كان على الزوج الزكاة فيما رجع إليه
من هذه الماشية ولم يجعل ما رجع إليه منها فائدة لأنه كان له فيما شرك ويستدل على
شركته في الغنم أن الغنم لو ماتت قبل أن يطلقها ثم طلقها لم يلزمها غرم شئ من الغنم
ولو مات بعضها وبقي بعض كان له نصف ما بقي ولو نمت أضعاف عددها قبل أن
يطلقها ثم طلقها أخذ نصف جميع ذلك فإنما أخذ ذلك بالشرك الذي كان له فيها قبل
أن يطلقها كأنهما كانا شريكين (قال) وكذلك قال لي مالك فيما أصدق الرجل امرأته
من العروض والحيوان والدنانير انه شريك لها في ذلك في النماء والنقصان الا ما باعث
من ذلك أو اشترت للتجارة من صداقها أو لغير ما تجهزت به من صداقها فان ذلك
لها نماؤه وعليها نقصانه ان نقص أو تلف (قال) والمسألة الأولى عنده مثل هذا (قلت)
أرأيت أن كان رجل خليطا لرجل في غنم له وله غنم أخرى ليس له فيها خليط (فقال)
سألنا مالكا عنها فقلنا له ما تقول في رجل له أربعون شاة مع خليط له ولخليطه أيضا
أربعون شاة وله في بلاد أخرى أربعون شاة ليس له فيها خليط فقال يضم غنمه التي
ليس له فيها خليط إلى غنمه التي له فيها خليط فيصير في جميع غنمه خليطا فيصير
عليه ثلثا شاة في الثمانين ويصير على صاحبه ثلث شاة في الأربعين فهكذا يتراجعان
في هذا الوجه كله (قال أشهب) وكذلك قرأ عمر بن الخطاب وما كان من خليطين
فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ذكره أشهب عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن
عمر عن عمر بن الخطاب (قال أشهب) وأخبرناه مالك أنه قرأه في كتاب عمر بن
الخطاب فهما خليطان (قال ابن وهب) وان ابن لهيعة يحدث عن عمارة بن غزية
عن عبد الله بن أبي بكر أخبره أن هذا في كتاب رسول الله عليه الصلاة والسلام
لعمرو بن حزم في صدقة الغنم ولا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية
الصدقة ولا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المصدق
333

وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية (قال ابن وهب) وان يونس
ذكره عن ابن شهاب عن سالم وعبيد الله ابني عبد الله بن عمر عن رسول الله عليه
الصلاة والسلام نحو ذلك (ابن وهب) قال حدثني الليث بن سعد أنه سمع يحيى
ابن سعيد يقول الخليطان في المال لا يفرق بينهما في الصدقة وهو ما اجتمع على
الفحل والحوض الراعي (قال ابن وهب) وان الليث ومالكا قالا الخليطان في
الإبل والبقر والغنم سواء (قال ابن وهب) وان مالكا قال إذا كان الدلو والحوض
والراعي والمراح والفحل واحدا فهما خليطان (قال) ولا تجب الصدقة على الخليطين
حتى يكون لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة فإن كأن لأحدهما ما لا تجب فيه
الصدقة كانت الصدقة على الذي له ما تجب فيه الصدقة ولم يكن على الآخر شئ
وان كأن لأحدهما ألف شاة أو أقل وللآخر أربعون شاة أو أكثر كانا خليطين ثم
يترادان الفضل بينهما بالسوية (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم عن عبد الله
ابن يزيد بن هرمز وعبد العزيز بن أبي سلمة مثله (قال ابن وهب) وقال لي مالك
تفسير ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفترق خشية الصدقة إنما يعنى بذلك
أصحاب المواشي وتفسير ذلك أن ينطق النفر الثلاثة الذين ولكل واحد منهم أربعون
شاة وقد وجب على كل واحد منهم في غنمه الصدقة فيجمعونها إذا أظلهم الساعي
لئلا يكون عليهم فيها الا شاة واحدة فنهوا عن ذلك (قال ابن وهب) قال لي
مالك ولا يفرق بين مجتمع تفسير ذلك أن الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة
شاة وشاة فيكون عليهما في ذلك ثلاث شياه فإذا أظلهما الساعي فرقا غنمهما فلم
يكن على كل واحد منهما الا شاة فنهوا عن ذلك فقيل لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع
بين شئ مفترق خشية الصدقة هذا الذي سمعت في ذلك
(في الغنم يحول عليها الحول فيذبح صاحبها منها ويأكل ثم يأتيه الساعي)
(قال) وقال مالك لو أن رجلا كانت عنده غنم فحال عليها الحول فذبح منها وأكل
ثم إن المصدق أتاه بعد ذلك وقد كان حال عليها قبل أن يذبح انه لا ينظر إلى
334

ما ذبح ولا إلى ما أكل بعد ما حال عليها الحول وإنما يصدق ما وجد في يديه
ولا يحاسبه بشئ مما مات أو ذبح فأكل ألا ترى أن ابن شهاب قال إذا أتى المصدق فإنه ما هجم عليه زكاه وان جاء وقد هلكت الماشية فلا شئ له (وقال ابن شهاب)
ألا ترى أنها إذا ثبتت (3) لا تكون الا من بقية المال (قال سحنون) أولا ترى إلى
حديث ابن أبي الزناد عن السبعة أنه قال وكانوا يقولون لا يصدق المصدق الا ما أتى
عليه لا ينظر إلى غير ذلك
(في الذي يهرب بماشيته عن الساعي)
(قال) وسألنا عن الرجل يهرب بماشيته من الساعي وشاؤه ستون فيقيم ثلاث
سنين وهي على حالها ثم يفيد بعد ذلك مائتي شاة فيضمها فيقيم بذلك
سنتين أو ثلاثا ثم يأتي وهو يطلب التوبة ويخبر بالذي صنع من فراره ويقول ما ترون
على أن أؤدي (فقلت) لمالك ما الذي ترى عليه (فقال) عليه أن يؤدى كل عام زكاة
ما كان عنده من الغنم ولا يؤدى عما أفاد أخيرا في العامين لما مضى من السنين
وذلك أني رأيت مالكا إنما قال ذلك لي لان الذي فر كان ضامنا لها لو هلكت
ماشيته كلها بعد ثلاث سنين ولم يضع عنه الموت ما وجب عليه من الزكاة لأنه
ضمنها حين هرب بها وان الذي لم يهرب لو هلكت ماشيته وجاءه المصدق بعد
هلاكها لم يكن عليه شئ فلما كان الذي هرب بها ضامنا لما هلك منها فما أفاد إليها
فليس منها وكما كان الذي لم يهرب لم يضمن ما مات منها فما ضم إليها فهو منها وهو
أمر بين وقد نزلت هذه المسألة واختلفنا فيها فسألنا مالكا عنها غير مرة فقال فيها
هذا القول وهو أحب قوليه إلى (قلت) أرأيت من هرب بماشيته من المصدق
وقد حال عليها الحول وقد تماوتت كلها أيكون عليه زكاتها لأنه هرب بها من
المصدق فقال نعم (قلت) وهذا قول مالك فقال نعم
335

(زكاة الماشية يغيب عنها الساعي)
(قال ابن القاسم) قلنا لمالك لو أن اماما شغل عن الناس فلم يبعث المصدق سنين
كيف يزكى السنين الماضية (فقال) يزكى السنين الماضية كل شئ وجده في أيديهم
من الماشية لما مضى من السنين (وقال مالك) إذا كانت غنم فغاب عنها الساعي
خمس سنين فوجدها حين جاءها ثلاثا وأربعين شاة أخذ منها أربع شياه لأربع
سنين وسقطت عن ربها سنة لأنه حين أخذ منها أربع شياه صارت إلى أقل مما
تجب فيه الزكاة فلا زكاة عليه فيها وان كانت قبل ذلك مائتين من الغنم لم يضمن
له شيئا مما تلف منها (قلت) أرأيت أن كانت خمسا من الإبل فمضى لها سنون
خمس لم يأته فيها المصدق فأتاه بعد الخمس سنين (فقال) عليه خمس شياه (قلت) فلم
يكون عليه خمس شياه ولم يجعل في الغنم حين صارت إلى مالا زكاة فيها شيئا (فقال)
لان الإبل في هذا خلاف الغنم الإبل زكاتها من غيرها ها هنا إنما زكاتها في الغنم
والغنم إنما زكاتها منها فلما رجعت الغنم إلى ما لا زكاة فيها حين أخذ المصدق منها
ما أخذ لم يكن له عليها شئ وهذا كله قول مالك (قلت) فلو كان لرجل ألف
شاة فمضى لها خمس سنين لم يأته فيها المصدق وهي ألف شاة على حالها فلما كان قبل
أن يأتيه المصدق بيوم هلكت فلم يبق منها الا تسع وثلاثون شاة (فقال) ليس عليه
فيها شئ (قلت) وكذلك الإبل والبقر إذا رجعت إلى مالا زكاة فيها فلا شئ
للمصدق وإن كان بقي منها ما تجب فيه الزكاة زكى هذه البقية التي وجد للسنين
الماضية حتى تصير إلى مالا زكاة فيها ثم يكف عنها ولا يكون له عليها سبيل إذا
رجعت إلى مالا زكاة فيها فقال نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال)
وقال مالك فإن كانت الغنم في أول عام غاب عنها المصدق وفى العام الثاني والثالث
والرابع أربعين ليست بأكثر من أربعين في هذه الأعوام الأربعة فلما كان في
العام الخامس أفاد غنما أو اشتراها فصارت ألف شاة فأتاه المصدق وهي ألف شاة
(فقال) يزكى هذه الألف للأعوام الماضية كلها الخمس سنين ولا يلتفت إلى يوم أفادها
336

وكذلك الإبل والبقر والغنم (قال مالك) لان الفتنة (1) نزلت حين نزلت فأقام
الناس ست سنين لا سعاة لهم فلما استقام أمر الناس لما مضى من السنين ولم يسألوهم
عما كان في أيديهم قبل ذلك مما كان في أيديهم ولا مما أفادوا فبهذا أخذ مالك قال
وهو الشأن (قلت) أرأيت لو كانت لرجل خمسة وعشرون من الإبل قد مضى لها
خمسة أعوام لم يأته فيها المصدق (فقال) يأخذ منها إذا جاءه بنت مخاض وست عشرة
شاة للسنة الأول بنت مخاض وللسنة الثانية أربع شياه وللسنة الثالثة أربع شياه وللسنة
الرابعة أربع شياه وللسنة الخامسة أربع شياه فذلك ست عشرة شاة (قلت) وهذا
قول مالك فقال نعم (قلت) فإن كانت له عشرون ومائة من الإبل فمضى لها خمس
سنين لم يأته فيها المصدق ثم جاءه كم يأخذ منه (فقال) يأخذ منه لأول سنة حقتين
وللسنة الثانية حقتين وللسنة الثالثة حقتين وللسنة الرابعة حقتين وللسنة الخامسة
حقتين فذلك عشر حقاق (قلت) فإن كانت احدى وتسعين من الإبل فمضى لها
خمس سنين ثم جاءه المصدق كم يأخذ منها (فقال) يأخذ لأول سنة حقتين وللسنة
الثانية بنتي لبون وللسنة الثالثة بنتي لبون وللسنة الرابعة بنتي لبون وللسنة الخامسة بنتي
لبون فيصير ذلك ثمان بنات لبون وحقتين (قلت) وهذا قول مالك (فقال) نعم
فعلى هذا قفس جميع زكاة الماشية إذا غاب عنها المصدق (قال أشهب) ألا ترى أن
ابن أبي الزناد يخبر عن أبيه انه حدثه قال من أدركت من فقهاء أهل المدينة
وعلمائهم ممن يرضى وينتهى إلى قوله منهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم
ابن محمد وأبو بكر عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وخارجة بن زيد وعبيد الله
ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار في مشيخة سواهم من نظرائهم
أهل فقه وفضل وربما اختلفوا في الشئ فأخذ بقول أكثرهم وأفضلهم رأيا قال
أبو الزناد فكان الذي وعيت عنهم على هذه الصفة أنهم كانوا يقولون لا يصدق

(1) (قوله لان الفتنة نزلت الخ) قال في الواضحة يعنى الفتنة التي كانت بين على ومعاوية رضى
الله تعالى عنهما والحرب التي كانت بين ابن الزبير وعبد الملك بن مروان اه‍ من هامش الأصل
337

المصدق الا ما أتى عليه ووجد عنده من الماشية يوم يقدم على المال لا يلتفت إلى
شئ سوى ذلك (قال) أبو الزناد وكان عمر بن عبد العزيز ومن كان من قبله من
الفقهاء يقولون ذلك
(في إبان خروج السعاة)
(قال) وقال مالك سنة السعاة أن يبعثوا قبل الصيف (1) وحين تطلع الثريا ويسير
الناس بمواشيهم إلى مياههم (قال مالك) وعلى ذلك العمل عندنا لان في ذلك رفقا
للناس في اجتماعهم على الماء وعلى السعاة لاجتماع الناس
(في زكاة الماشية المغصوبة)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا غصب ماشية أو ظلمها ثم ردت عليه بعد أعوام أتكون
عليه فيها الزكاة لتلك الأعوام أم لعام واحد أم لا زكاة عليه فيها ويستقبل بها حولا
(فقال) إذا غصبها أو ظلمها ثم ردت عليه بعد أعوام لم يزكها الا زكاة واحدة لعام
واحد (وقال) غير ابن القاسم انه وان غصبها فلم تزل ماله وما أخذت السعاة
منها أجزأ عنه أرى إذا ردت عليه ولم يأخذ السعاة شيئا منها أن يزكيها لما مضى من
السنين على ما توجد عليه عنده وليس هي بمنزلة المال العين ألا ترى أنهما يختلفان في
غير هذا يختلفان في الذي عليه الدين أولا ترى أيضا أن امرأ لو غصب حائطه فأثمر
سنين في يد المغتصب ثم رد عليه وما أثمر لكانت عليه صدقة ما رد منه فكذلك هذا
عليه صدقة ماشيته إذا ردت عليه ما مضى من السنين لأنه ماله بعينه والصدقة تجزئ
فيه وليست بمنزلة العين إذا اغتصبه عاد ليس بمال له وصار المغتصب غار ما لما اغتصب
(قال سحنون) والعين هو الضمار الذي يرد زكاته الدين فهذا فرق ما بينهما وقد
قاله عبد الرحمن أيضا

(1) (قوله قبل الصيف) بضمتين أي أوله اه‍ كتبه مصححه
338

(في أخذ الساعي قيمة زكاة الماشية)
(قال) وسمعت مالكا قال في رجل أجبر قوما وكان ساعيا عليهم على أن يأخذ منهم
دراهم فيما وجب عليهم من صدقتهم (فقال) أرجو أن يجزئ عنهم إذا كان فيها وفاء
لقيمة ما وجب عليهم وكانت عند محلها (قال سحنون) وإنما أجزأ ذلك عنهم لان الليث
ذكر ذلك عن يحيى بن سعيد أنه كأن يقول من الناس من يكره اشتراء صدقة ماله
ومنهم من لا يرى به بأسا فكيف بمن أكره
(في اشتراء الرجل صدقته)
(قال) وقال مالك لا يشترى الرجل صدقة حائطه ولا زرعه ولا ماشيته ألا ترى أن
عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله كرهوا ذلك
(في زكاة النخل والثمار)
(قلت) أرأيت النخل والثمار كيف تؤخذ منها صدقتها (قال) إذا أثمر وجد أخذ
منه المصدق عشره إن كان يشرب سيحا أو تسقيه السماء أو بعلا وإن كان مما يشرب
بالغرب أو دالية أو سانية ففيه نصف العشر (قلت) وهذا قول مالك فقال نعم (قلت)
فالكرم أي شئ يؤخذ منه قال خرصه زبيبا (قلت) وكيف يخرص زبيبا (فقال)
قال مالك يخرص عنبا ثم يقال ما ينقص هذا العنب إذا تزبب فيخرص نقصان العنب
وما يبلغ أن يكون ربيبا فذلك الذي يؤخذ منه (قال) وكذلك النخل أيضا يقال ما في
هذا الرطب ثم يقال ما فيه إذا جد وصار تمرا فان بلغ ثمرته خمسة أو سق فصاعدا
كانت فيه الصدقة (قلت) وهذا كله الذي سألتك عنه في الثمار أهو قول مالك قال نعم
(قلت) فإن كأن لا يكون هذا النخل تمرا ولا هذا العنب زبيبا (فقال) يخرص فإن كان فيه خمسة أوسق أخذ من ثمنه وان بيع بأقل مما تجب فيه الزكاة بشئ كثير
أخذ منه العشران كان مما تسقى السماء والعيون والأنهار وإن كان مما تسقى السواني ففيه
نصف العشر وإن كان إذا خرص لا يبلغ خرصه خمسة أوسق وكان ثمنه إذا بيع
339

أكثر مما فيه الزكاة بأضعاف لم يؤخذ منه شئ وكان فائدة لا يجب على صاحبه فيه
شئ حتى يحول على ثمنه الحول من يوم يقبضه (قلت) وهذا قول مالك فقال نعم
(قال) وسئل مالك عن نخل يكون بلحا لا يزهى وهذا شأنه كذلك يباع ويؤكل
أترى فيها الزكاة (فقال) نعم إذا بلغ خرصها خمسة أوسق (فقيل) له في ثمرها أو في ثمنها
(فقال) بل في ثمنها وليس في ثمرها (قال) وسألت مالكا عن الرجل يكون حائطه
بر؟ يا كله أيؤخذ منه أن يؤدى من وسط التمر (فقال) بل يؤخذ منه ولا يؤخذ من
وسط التمر (قال) فقلت لمالك أرأيت أن كان كله جعرورا (1) أو مصران الفأرة
أيؤخذ منه أو يؤخذ من وسط التمر (فقال) بل يؤخذ منه ولا يؤخذ من وسط التمر
ولا يلزمه أن يشترى له أفضل مما عنده (قال) وإنما رأيت مالكا يأمر بأن يؤخذ
من وسط التمر إذا كان الحائط أصنافا من التمر فقال يأخذ من وسط التمر (قال
أشهب) وأخبرني الليث وابن لهيعة ان بكيرا حدثهما عن بسر بن سعيد أن رسول
الله عليه الصلاة والسلام فرض الزكاة فيما سقت السماء والبعل وفيما سقت العيون
العشر وفيما سقت السواني نصف العشر (ابن وهب) عن محمد بن عمرو عن عبد الملك
ابن عبد العزيز عن ابن شهاب قال أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام عتاب بن أسيد
حين استعمله على مكة فقال أخرص العنب كما تخرص النخل ثم خذ زكاتها من
الزبيب كما تأخذ زكاة التمر من النخل (قال ابن وهب) وأخبرني عبد الجليل بن
حميد اليحصبي أن ابن شهاب حدثه قال حدثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف في الآية
التي قال الله تبارك وتعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون (قال) هو الجعرور ولون
حبيق (2) فنهى رسول الله عليه الصلاة والسلام أن يؤخذا في الصدقة (ابن وهب) عن

(1) (أو جعرورا) بضم الجيم وسكون العين المهملة بزنة عصفور هو نوع ردي من التمر إذا
جف صار حشفا (أو مصران الفأرة) بضم الميم وسكون الصاد المهملة جمع مصير كرغيف ورغفان
ضرب من ردئ التمر أيضا وسمى بذلك لان ما على النوى منه قشرة رفيعة كجلد المصران
(2) (ولون حبيق) بحاء مهملة مضمومة وباء موحدة مفتوحة مصغر على وزن زبير هو الدقل
محركة وهو أردأ التمر اه‍ كتبه مصححه
340

محمد بن عمرو عن ابن جريج أن عمر بن عبد العزيز كتب أن يؤخذ البرنى من البرنى
واللون من اللون ولا يؤخذ البرنى من اللون وأن يؤخذ من الجرن (1) ولا يضمنوها
الناس (ابن مهدي) عن سفيان الثوري عن إسماعيل بن أمية عن محمد بن يحيى بن
حبان عن يحيى بن عمارة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله عليه الصلاة
والسلام لا صدقة في حب ولا تمر حتى يبلغ خمسة أوسق
(في الرجل يخرص عليه نخله ثم يموت قبل أن يجد)
(قلت) أرأيت رجلا خرصت عليه ثمرة كرمه أو نخله فمات قبل أن يبلغ ويجد وقد
خرصت عليه عشرة أوسق فمات قبل بلوغ الثمرة فصار في ميراث الورثة في حظ كل
واحد منهم مالا تجب فيه الصدقة (فقال) إذا خرصت فقد وجبت فيها الصدقة ولا
ينظر في هذا إلى موت الرجل ولا إلى حياته لأنها إذا خرصت فقد وجبت فيها
الصدقة (قلت) فمتى تخرص (فقال) إذا أزهت وطابت وحل بيعها خرصت وأما
قبل أن تزهي فلا تخرص (قلت) فان مات ربها قبل أن تخرص وبعد أن أزهت
وحل بيعها فمات ربها فصار في حظ الورثة لكل واحد منهم مالا تجب فيه الزكاة
(قال) إذا أزهت وطابت وحل بيعها وإن لم تخرص فقد وجبت فيها الزكاة وان مات
ربها فالزكاة لازمة في الثمرة وإن لم يصر لكل واحد من الورثة الأوسق وسق وإنما
ينظر في هذا إلى الثمرة إذا أزهت وطابت ولا ينظر إلى الخرص إذا أزهت وطابت
ثم مات صاحبها فقد وجبت فيها الصدقة ولا يلتفت إلى ما يصير إلى الورثة (قلت)
وجميع هذا قول مالك قال نعم (قلت) فان مات رب النخل والكرم قبل أن يزهى
الرطب ويطيب العنب فصار لكل وارث مالا تجب فيه الصدقة (فقال) لا شئ عليهم
الا من بلغت حصته ما تجب فيها الصدقة (قلت) وهذا قول مالك قال نعم

(1) (الجرن) بضم الجيم وسكون الراء ويقال جرين كأمير ومجرن كمنبر هو البيدر وهو الموضع
الذي يجمع فيه التمر والطعام ويداس فيه الطعام اه‍ كتبه مصححه
341

(ما جاء في الخرص)
(قلت) أرأيت الكرم متى يخرص (قال) إذا طاب وحل بيعه خرص (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فالنخل متي يخرص (فقال) إذا أزهت وطابت
وحل بيعها خرصت وأما قبل أن تزهى فلا تخرص (قلت) أرأيت من لم يبلغ ما في
نخله خمسة أوسق أيخرص أم لا (فقال) قال مالك لا يخرص (قلت) فهل يترك
الخراص لأصحاب الثمار مما يخرصون شيئا لمكان ما يأكلون أو لمكان الفساد (فقال)
قال مالك لا يترك لهم شئ من الخرص وإن لم يكن في الخرص الا خمسة أوسق أخذ
من الخمسة ولم يترك لهم شئ (قلت) فان خرص الخارص أربعة أوسق فجد صاحب
النخل منه خمسة أوسق (فقال) قال مالك أحب إلى أن يؤدى زكاته قال لان الخراص
اليوم لا يصيبون فأحب إلى أن يؤدى زكاته قال وكذلك في العنب (ابن وهب)
عن يونس ين يزيد عن ابن شهاب قال كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يبعث عبد
الله بن رواحة فيخرص ثمر النخل حين يطيب أول شئ منه قبل أن يؤكل شئ منه ثم
يخير اليهود (وقال ابن شهاب) وإنما كان رسول الله عليه الصلاة والسلام أمر بالخرص
لكي تحصى الزكاة قبل أن يؤكل الثمر ويفرق فكانوا على ذلك (قال) وقال مالك
الزيتون لا يخرص ويؤمن عليه أهله كما يؤمنون على الحب فإذا بلغ ما رفعوا منه
خمسة أوسق لكل انسان منهم أخذ من زيته (قال) فإن كان زيتونا لا يكون له زيت
وليس فيه زيت مثل زيتون مصر ففي ثمنه على حساب ما فسرت لك في الكرم
والنخل (قلت) فإن كان هذا الزيتون مما يكون فيه الزيت فباعه قبل أن يعصره
(فقال) يؤخذ منه من الزيت مثل عشر ما كان يخرج منه من الزيت أو نصف العشر
يأتي به وكذلك إذا باع نخله رطبا إذا كان نخلا يكون تمرا أو باع كرمه عنبا إذا كان كرما
يكون زبيبا فعليه أن يأتي بزكاة ذلك تمرا أو زبيبا قال وهذا إذا كان نخلا أو عنبا أو
زيتونا يكون زيتا أو تمرا أو زبيبا فأما مالا يكون زيتا ولا تمرا ولا زبيبا فإنما عليه
عشر ثمنه أو نصف عشر ثمنه إذا بلغ خمسة أوسق وهذا مخالف للذي يكون
342

تمرا أو زبيبا أو زيتا (ابن مهدي) عن سفيان الثوري عن عمرو بن عثمان عن
موسى بن طلحة قال عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
إنما أخذ من الحنطة والشعير والزبيب والتمر (ابن مهدي) عن سفيان الثوري
عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مثله وزاد فيه والسلت (ابن مهدي)
عن عمران عن ليث عن طاوس عن ابن عباس مثله وزاد فيه والزيتون عن نفسه
(ابن مهدي) عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري مثل قول ابن عباس
(ابن مهدي) عن سفيان عن الأوزاعي عن الزهري قال في الزيتون الزكاة
(في زكاة الخلطاء في الثمار والزرع والاذهاب (1)
(قال) وقال مالك في الشركاء في الزرع والنخل والكرومات والزيتون والذهب
والورق والماشية لا يؤخذ من شئ منه الزكاة حتى يكون لكل واحد منهم ما تجب
فيه الزكاة وإن كان مما يخرص بخمسة أوسق في حظ كل واحد منهم وإن كان مما
لا يخرص بخمسة أوسق إذا صار لكل واحد منهم فان صار في حظ كل واحد منهم
مالا تجب فيه الزكاة لم تجب فيه الزكاة
(في زكاة الثمار المحبسة والإبل والاذهاب)
(قال) وقال مالك تؤدى الزكاة عن الحوائط المحبسة لله في سبيله وعن الحوائط
المحبسة على قوم بأعيانهم وبغير أعيانهم (قلت) لمالك فرجل جعل ابلاله في سبيل
الله يحبس رقابها ويحمل على نسلها أتؤخذ منها الصدقة كما تؤخذ من الإبل التي
ليست بصدقة (قال) نعم فيها الصدقة فقلت لمالك أو قيل له فلو أن رجلا حبس
مائة دينار موقوفة يسلفها الناس ويردونها على ذلك جعلها حبسا هل ترى فيها
الزكاة (فقال) نعم أرى فيها الزكاة (قلت) له فلو أن رجلا جعل مائة دينار في سبيل
الله تفرق أو على المساكين فحال عليها الحول هل تؤخذ منها الزكاة (فقال) لا هذه

(1) (والاذهاب) جمع ذهب ويجمع أيضا على ذهوب وذهبان بضم أوله اه‍ كتبه مصححه
343

كلها تفرق وليست مثل الأولى وكذلك الإبل والبقر والغنم إذا كانت في سبيل
الله تفرق أو تباع فتقسم أثمانها فيدركها الحول قبل أن تفرق فلا تؤخذ منها زكاة لأنها
تفرق ولا تترك مسبلة وهو رأيي في الإبل إذا أمر أن تباع ويفرق ثمنها مثل ما قال
مالك في الدنانير (ابن وهب) عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر أنه قال في
النخل التي هي صدقة رقابها فيها الصدقة تخرص كل عام مع النخل (قال) وقال ذلك
مالك وقد تصدق عمر بن الخطاب وغيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فالصدقة تؤخذ من صدقاتهم
(في جمع الثمار بعضها إلى بعض في الزكاة)
(قال) وقال مالك يجمع التمر كله بعضه إلى بعض في الزكاة ويجمع العنب كله بعضه
إلى بعض في الزكاة (قال) وقال مالك وان كانت كرومه مفترقة في بلدان شتى جمع
بعضها إلى بعض (قال) وكذلك الغنم وجميع الماشية وكذلك الحب
(في الذي يجد نخله أو يحصد زرعه قبل أن يأتي المصدق ثم يتلف)
(قلت) أرأيت النخل يجد الرجل منها خمسة أوسق فصاعدا أو الأرض يرفع منها
خمسة أوسق فصاعدا من الحب فضاع نصف ذلك أو جميعه قبل أن يأتي المصدق
(فقال) سألت مالكا عنها فقال ذلك في ضمانه حتى يؤديه وان تلف فلا يصنع عنه
التلف شيئا مما وجب عليه إذا جده وأدخله منزله أو حصده فأدخله منزله (قلت)
أرأيت حين حصد الزرع وجد الثمر إن لم يدخله بيته إلا أنه في الا نادر وهو في عمله
فضاع أيلزمه ذلك فقال لا (قلت) فان درسه في أندره وجد النخل وجمعه
في جرينه ثم عزل عشره ليفرقه على المساكين فضاع (فقال) لا شئ عليه إذا لم يأت
منه تفريط (قال) وقال مالك في الرجل يخرج زكاة ماله عند محلها ليفرقها فيضيع
منه انه إن لم يفرط فلا شئ عليه فهذا يجمع لك كل شئ (قلت) أرأيت الحنطة
والشعير والتمر والسلت إذا أخرج زكاته قبل أن يأتيه المصدق فضاع أهو ضامن (قال)
344

كذلك قال مالك في هذا (وقال) في المال انه إذا لم يفرط فضاع المال انه لا يضمن كذلك
قال مالك (وقال) في الماشية ما ضاع منها قبل أن يأتيه المصدق فضاع انه لا يضمن
(قال) وكذلك قال مالك في هذا (قلت) فما باله ضمنه في الحنطة والشعير والسلت
والتمر ما ضاع من زكاتها قبل أن يأتيه المصدق (قال) قال مالك إذا ضاع ذلك
ضمنه لأنه قد أدخله بيته فالذي أرى أنه إذا أخرجه وأشهد عليه فتأخر عنه
المصدق فلا ضمان عليه وقد بلغني أن مالكا قال في ذلك إذا لم يفرط في الحبوب فلا
ضمان عليه (قال سحنون) وقد قاله المخزومي إذا عزله وحبسه السلطان فكان الله
تبارك وتعالى الذي غلبه عليه ولم يتلفه هو فلا شئ عليه لأنه لم يكن عليه أكثر
مما صنع وليس عليه إليه دفعه
(في زكاة الزرع)
(قلت) أرأيت أن استأجرت أرضا من أرض الخراج أعلى من العشر شئ وهل
فيما أخرجت الأرض من عشر (قال) قال مالك نعم فيه العشر على المتكاري الزارع
(قال) وقال مالك من كان عليه في أرضه الخراج أو زرع في أرض غيره وهي أرض
خراج فعليه الزكاة مما خرج له من الأرض ولا يضع عنه الخراج زكاة ما أنبتت
الأرض (قال مالك) ومن زرع زرعا في أرض اكتراها فزكاة ما أخرجت الأرض
على الزارع وليس على رب الأرض من زكاة ما أخرجت الأرض شئ (قلت)
أرأيت لو أن رجلا أخرجت أرضه طعاما كثيرا تجب فيه الزكاة فباعه ثم أتاه المصدق
أله أن يأخذ من المشتري شيئا أم لا (فقال) لا ولا سبيل له على المشترى ولكن يأخذ
من البائع العشر أو نصف العشر طعاما (قال ابن القاسم) فإن لم يكن عند البائع
شئ يأخذه منه ووجد المصدق الطعام بعينه عند المشتري أخذ المصدق منه الصدقة
ورجع المشترى على البائع بقدر ذلك من الثمن (قال سحنون) وقد قال بعض كبار
أصحاب مالك ليس على المشتري شئ لان البائع كان له البيع جائزا (قال سحنون)
وهذا عندي أعدل (قلت) أرأيت أن باع رجل أرضه وزرعه وفي الأرض زرع
345

قد بلغ على من زكاته (قال) على البائع (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فان
باع أرضه وفيها زرع أخضر اشترطه المشتري على من زكاته (فقال) على المشترى
(قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن أكريت أرضي من ذمي
أو منحتها ذميا فزرعها أيكون على من العشر شئ في قول مالك (قال) لا شئ
عليك لان العشر إنما هو زكاة وإنما الزكاة على من زرع وليس عليك أنت من ذلك
شئ إذا لم تزرع ألا ترى أنك لو لم تزرع لم يكن عليك شئ (قلت) أرأيت لو
أنى منحت أرضا أو أجرتها من عبد فزرعها أيكون على العبد من عشرها شئ أم
على في قول مالك (قال) لا شئ عليك ولا على العبد (قلت) أرأيت الصبي إذ
منح أرضا فزرعها أو زرع أرضا لنفسه أيكون عليه فيه العشر في قول مالك (قال) نعم
لان الصغير في ماله الزكاة (ابن وهب) عن رجال من أهل العلم منهم سفيان
الثوري ويحيى بن أيوب ومعاوية بن صالح وسعيد بن أبي أيوب عن عمر بن عبد العزيز
أنه قال من أخذ أرضا بجزيتها لم يمنعه أن يؤدى عشورها ما يؤدى من الجزية وعليه
أن يعطى عشور ما يزرع وان أعطى الجزية (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب أن
ربيعة قال زكاة الزرع على من زرع وان تكارى من عربي أو ذمي (قال ابن وهب)
وقال يحيى بن سعيد مثله (ابن وهب) عن يونس عن ابن شهاب أنه قال لم يزل
المسلمون في عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام وبعده يعاملون على الأرض
ويستكرونها ثم يؤدون الزكاة مما خرج منها فنرى أرض الجزية على نحو هذا
(في زكاة الزرع الأخضر يموت صاحبه ويوصى بزكاته)
(قلت) أرأيت أن مات الميت والزرع أخضر فأوصى أن تؤدى زكاته (فقال)
تجعل زكاته في ثلثه ولا تبدأ على ما سواها من الوصايا لأنها ليست بزكاة واجبة عليه
وإنما هي وصية (قال) ولا تضع وصيته حين أوصى الميت أن يؤدوا الزكاة عنه
فأدوها لا يضع ذلك عن الورثة أن يؤخذ منهم الزكاة لأنه كأنه رجل استثني عشر
زرعه لنفسه وما بقي فلورثته (قلت) فإن كان في حظ الموصى لهم ما تجب فيها الزكاة
346

زكى عنهم فقال نعم (قلت) فإن كان في حظ كل وارث منهم وحده ما تجب فيه
الزكاة زكي عليهم قال نعم (قلت) فإن لم يكن في حصة كل واحد منهم ما تجب فيه
الزكاة لم يكن عليه شئ (قال) نعم وإنما مثل ذلك مثل ما لو قال عشر مالي لفلان فإنما
هي وصية جعل صاحب العشر شريكا لورثته (قلت) فهل ترجع المساكين الذين
أوصى لهم الميت بزكاة زرعه على الورثة بما أخذ المصدق إذا كان الثلث يحمل أن
يرجع عليهم فقال لا (قلت) لم قال لان المساكين لما قاسموا الورثة صار الذي
أخذوه كأنه شئ بعينه أوصى لهم به فلما استحق المصدق بعضه لم يرجعوا به على الورثة
لان الميت لو أوصى بشئ بعينه لرجل فاستحق لم يرجع على الورثة بقيمة ذلك الشئ
(قلت) أرأيت المساكين لم جعلت المصدق يأخذ منهم وهم إنما يصير لكل رجل
منهم مد مد أو مدان مدان فلم أمرت المصدق أن يأخذ منهم وأمرته أن لا يأخذ
من الورثة وما في يد كل وارث أكثر مما في يد كل مسكين (فقال) لان الرجل لو
أوصى بثمر حائطه قبل أن يبلغ أو بزرع أرضه قبل أن يبلغ كله للمساكين لم تسقط
زكاته وإن لم يصر لكل مسكين من ذلك الأمد واحد والورثة لا يشبهون المساكين
في هذا لان الورثة حين ورثوه وهو أخضر كأنهم هم زرعوه فإذا لم يبلغ حظ كل
واحد منهم ما تجب فيه الزكاة لم يكن عليهم فيه شئ والمساكين الذين صار لهم إنما
هو مال الميت والميت رجل واحد فحظ المساكين على أصل المال كما كان عند الميت
فإذا كان في ذلك ما تجب فيه الزكاة أخذه منه المصدق لان الوصية إنما هي مال الميت
ومما يبين ذلك أيضا لو أن رجلا قال حائطه سنتين أو ثلاثا للمساكين أخذت
منه الصدقة فلا يشبه هذا ما أوصى به لرجل بعينه ولا ما يرثه الرجل بعينه (قال)
لان فلانا الذي أوصى له بعينه قبل أن يبدو صلاح الزرع صار بمنزلة الورثة والزرع
أخضر والمساكين إنما يستحقون ذلك بعد بلوغه وسقيه وعمله بمنزلة الحبس فحظ
المساكين من ذلك هو على الأصل كما هو على الميت حتى يقبضوه وقد كانت أحباس
عمر وأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام تؤخذ منها الزكاة
347

(في زكاة الزرع الذي قد أفرك واستغنى عن الماء يموت صاحبه)
(قلت) أرأيت أن زرع رجل زرعا فأفرك واستغنى عن الماء فمات رب هذا الزرع
ما قول مالك في ذلك (فقال) قال مالك قد وجبت فيه الزكاة إذا أفرك واستغنى عن
الماء إذا كان فيه خمسة أوسق فصاعدا أوصى به الميت أو لم يوص به (قال مالك)
وإذا مات ولم يفرك الزرع ولم يستغن عن الماء فليست عليه فيه الزكاة والزكاة على
من ورثه تؤخذ منهم على قدر مواريثهم فمن كانت حصته تبلغ خمسة أوسق فصاعدا
أخذت منه على حساب ذلك، ومن كانت حصته لا تبلغ خمسة أوسق فلا زكاة عليه
فيه لأنه لو كان هو زارعه فلم يبلغ ما يرفع خمسة أوسق لم يكن عليه فيه شئ
(في جمع الحبوب والقطاني بعضها إلى بعض في الزكاة)
(قال) وقال مالك القمح والشعير والسلت هذه الثلاثة الأشياء يضم بعضها إلى
بعض والذرة والأرز والدخن لا تضم إلى الحنطة ولا إلى الشعير ولا إلى السلت ولا
يضم بعضها إلى بعض ولا يضم الأرز إلى الذرة ولا إلى الدخن ولا يضم الذرة أيضا
إلى الأرز ولا إلى الدخن ولا يضم الدخن أيضا إلى الذرة ولا إلى الأرز ولا يؤخذ
من الأرز ولا من الذرة ولا من الدخن حتى يكون في كل واحد منها خمسة أوسق
والقمح والشعير والسلت يؤخذ من جميعها إذا بلغ ما فيها خمسة أوسق يؤخذ من
كل واحد منها بحساب ما فيه والقطاني كلها الفول والعدس والحمص والجلبان واللوبياء
وما ثبتت معرفته عند الناس أنه من القطاني فإنه يضم بعضه إلى بعض فإذا بلغ جميعه
خمسة أوسق أخذ من كل واحد منها بحصته من الزكاة (ابن وهب) عن ابن
لهيعة عن عمارة بن غزية أن عبد الله بن أبي بكر أخبره أن هذا كتاب رسول الله
عليه الصلاة والسلام لعمرو بن حزم وفى النخل والزرع قمحه وسلته وشعيره فما سقى
من ذلك بالرشا نصف العشر وما سقى بالعيون أو كان عثريا (1) تسقيه السماء أو بعالا

(1) (قوله عثريا) ورد ما يقتضى انه ما يشرب بعروقه وفي القاموس العثري هو ما سفته السماء اه‍
348

لا يسقى العشر من كل عشرة واحد وليس في ثمر النخل صدقة حتى يبلغ خرصها
خمسة أوسق فإذا بلغت خمسة أوسق وجبت فيها الصدقة كما كتبنا صدقة البعل
والسقي (ابن وهب) عن عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أنه كان يرى في القطينة
الزكاة (ابن وهب) عن يحيى بن أيوب أن يحيى بن سعيد حدثه قال كتب عمر بن
عبد العزيز أن تؤخذ من الحمص والعدس الزكاة (ابن وهب) قال يحيى بن سعيد
وان ناسا ليرون ذلك (ابن وهب) عن الليث بن سعد عن ربيعة أنه قال لا نرى
بأخذ الزكاة من القطنية بأسا وذلك لأنها تجرى في أشياء مما يدخر بمنزلة القمح
والذرة والدخن والأرز (ابن وهب) عن إسماعيل عن عياش قال وآتوا حقه يوم
حصاده قال قال سعيد بن المسيب هي الزكاة المفروضة وان ناسا ليرون ذلك
(في زكاه حب الفجل والجلجلان (1)
(قلت) أرأيت الفجل هل فيه زكاة (فقال) قال مالك فيه الزكاة إذا بلغ حبه خمسة
أوسق أخذ من زيته (قلت) فالجلجلان هل فيه زكاة (فقال) قال مالك إذا كان
يعصر أخذ من زيته إذا بلغ ما رفع منه من الحب خمسة أوسق (قال) فإن كان قوم
لا يعصرونه وهذا شأنهم إنما يبيعونه حبا للذين يزيتونه للأدهان ويحملونه إلى البلدان
فأرجو إذا أخذ من حبه أن يكون خفيفا
(في الخراج المحتاج زكاة الفطر)
(قلت) أرأيت من تحل له زكاة الفطر أيؤديها في قول مالك قال نعم (قلت)
فالرجل يكون محتاجا أيكون عليه زكاة الفطر (فقال) قال لي مالك وان وجد فليؤد
(قال) فقلنا له فان وجد من يسلفه قال فليتسلف وليؤد (قلت) أرأيت هذا
المحتاج إن لم يجد من يسلفه ولم يكن عنده شئ حتى مضى لذلك أعوام ثم أيسر

(1) (والجلجلان) بجيمين مضمومتين بعد كل جيم لام هو السمسم في قشره قبل أن يحصد قاله
في شرح الموطأ وقال في القاموس والجلجلان بالضم ثمر الكزبرة وحب السمسم اه‍ كتبه مصححه
349

أيؤدي عما مضى عليه من السنين صدقة الفطر أم لا فقال لا (قلت) هذا قول
مالك (قال) هذا رأيي (قال) وقال مالك من أخر زكاة الفطر حتى مضى لذلك
سنون فإنه يؤدي ذلك كله
(في اخراج زكاة الفطر قبل الغدو إلى المصلى)
(قلت) متى يستحب مالك اخراج زكاة الفطر (فقال) قبل الغدو إلى المصلى قال وان
أخرجها قبل ذلك بيوم أو يومين لم أر بذلك بأسا (قال مالك) ويستحب للرجل
أن يأكل قبل غدوه إلى المصلى يوم الفطر (قال) وقد أخبرني مالك قال رأيت
أهل العلم يستحبون أن يخرجوا صدقة الفطر إذا طلع الفجر من يوم الفطر قبل الغدو
إلى المصلى (قال مالك) وذلك واسع ان شاء أن يؤدي قبل الصلاة أو بعدها
(قال مالك) وأخبرني نافع أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده
قبل الفطر بيومين أو بثلاثة
(في اخراج المسافر زكاة الفطر)
(قلت) ما قول مالك فيمن هو من أهل إفريقية وهو بمصر يوم الفطر أين
يؤدى زكاة الفطر (فقال) قال مالك حيث هو (قال مالك) وان أدى عنه أهله
بإفريقية أجزأه
(في اخراج الرجل زكاة الفطر عن عبده)
(قال) وقال مالك على الرجل أن يؤدي عن مكاتبه صدقة الفطر ولا يؤدى
المكاتب عن نفسه (قلت) أرأيت العبد المعتق نصفه ونصفه عبد كيف تؤدى
عنه زكاة الفطر (فقال) سألت مالكا عنها فقال يؤدى الذي له نصفه نصف صدقة
الفطر عن نصفه وليس على العبد أن يؤدى النصف الآخر عن نفسه (قال) فقلنا
له لم لا يؤدى عن نصفه الآخر وهذا النصف حر (فقال) لأنه لا زكاة عليه في ماله
فلما كأن لا زكاة عليه في ماله لم تكن عليه زكاة الفطر (قال) وسألت مالكا عن
350

العبد يكون بين الرجلين كيف يخرجان عنه زكاة الفطر (فقال) يخرج كل واحد منهما
صدقة الفطر (قلت) فإن كأن لأحدهما سدس العبد وللاخر خمسة أسداسه (قال)
فعلى الذي له سدس العبد سدس الصدقة وعلى الذي له خمسة أسداسه خمسة أسداس
الصدقة (قلت) وهذا قول مال (قال) نعم قال مالك يؤدى كل واحد منهما
عما يملك من العبد بقدر ماله فيه من الرق (قلت) أرأيت من كان له عبد أعمى أو
مجنون أو مجذوم أيؤدى عنهم صدقة الفطر قال نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال)
سئل مالك عن أهل البلاء من العبيد هل يعتقون على ساداتهم لما أصابهم من البلاء
مثل المجذوم والأعمى ونحوهما (فقال) لا يعتقون فلما قال لنا لا يعتقون علمنا أن عليه
فيهم صدقة الفطر ولم نشك في ذلك ولم نسأله عنه بعينه لأنا سمعناه يقول في عبيده
عليه فيهم الصدقة الا في المشركين منهم (قلت) أرأيت المكاتب من يؤدى عنه
صدقة الفطر (قال) قال مالك يؤدى عنه سيده (قلت) ولم قال مالك يؤدى عنه
سيده والمكاتب لا تلزم نفقته سيده (قال) لأنه عبده بعد
(في خراج الرجل زكاة الفطر عن رقيقه الذين اشترى للتجارة)
(قلت) هل علي في عبيدي الذين اشتريت للتجارة زكاة الفطر قال نعم (قلت) هو
قول مالك (قال) نعم ان كانوا مسلمين (قال) وقال مالك من كان عنده رقيق للتجارة
مسلمون فعليه فيهم صدقة الفطر (قلت) أرأيت لو أن رجلا اشترى عبدا للتجارة
لا يساوي مائتي درهم أيكون عليه فيه زكاة الفطر قال نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
(في اخراج زكاة الفطر عن العبد الآبق)
(قال) وقال مالك في العبد الآبق إذا كان قريبا يرجو حياته ورجعته فليؤد عنه زكاة
الفطر وإن كان قد طال ذلك وآيس منه فلا أرى ان يؤدى عنه
(في اخراج زكاة الفطر عن رقيق القراض)
(قال) وسألنا مالكا عن الرجل يدفع إلى الرجل المال قراضا فيشترى به رقيقا
351

فيحضر الفطر على من زكاتهم أمن المال أم على صاحب المال (فقال) بل على صاحب المال
(قال) وقال مالك نفقة عبيد المقارضة من مال القراض عنهم (قال اشهب) وإذا
بيع رقيق القراض نظر فإن كان فيهم فضل نظركم ذلك الفضل فإن كأن يكون ربع
المال أو ثلثه وقراضهم على النصف فقد صار للعامل نصف ربع العبد وهو ثمنه أو نصف
ثلثه وهو سدس العبد فيكون عليه من زكاة العبد بقدر الذي صار له من العبد لأنه
قد كان شريكا يومئذ
(في اخراج زكاة الفطر عن العبد المخدم والجارح والمرهون)
(قلت) أرأيت الموصى برقبته لرجل وبخدمته لرجل آخر على من زكاة الفطر فيه
(فقال) أرى ذلك على الذي أوصى له برقبته إذا قبل ذلك وإنما هو عندي بمنزلة ما لو أن
سيده أخدمه رجلا فأرى صدقة الفطر على سيده الذي أخدمه (قلت) أرأيت العبد
يجنى جناية عمدا فيها نفسه فلم يقتل حتى مضى يوم الفطر والعبد عند سيده أعليه فيه
صدقة الفطر قال نعم (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي وذلك أن مالكا قال لي
في هذه النفقة على سيده فعلى هذا قلت لك وهو رأيي (قال) وقال مالك في العبد
المرهون نفقته على سيده الذي رهنه وزكاة الفطر أيضا على سيده الذي رهنه
(في اخراج زكاة الفطر عن العبد يباع يوم الفطر)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا باع عبده يوم الفطر بعد ما أصبح على من زكاة العبد
(فقال) سالت مالكا عنها فقال لي غير مرة أراه على الري ابتاع إن كان ابتاعه يوم
الفطر ثم رجع عنه فقال أراه على البائع ولا أرى فيه على المبتاع شيئا لان الزكاة
قد وجبت على البائع قبل أن يبيعه قال وهو أحب قوليه إلي (قال) وسألت مالكا
عن الرجل يبيع عبده يوم الفطر على من زكاته أعلى المشترى أم على البائع فقال على البائع
(في اخراج زكاة الفطر عن العبد الذي يباع بالخيار)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا باع عبده قبل يوم الفطر على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام أو
352

المشترى بالخيار ثلاثة أيام فمضى يوم الفطر والعبد في يد المشترى ثم رده بعد يوم الفطر
بالخيار الذي كان له على من صدقة الفطر في هذا العبد (فقال) على البائع رده بالخيار أو
أمضى البيع (قلت) لم (قال) لان العبد لو مات في هذه الثلاثة الأيام كان من البائع لان
ضمانه من البائع عندنا فلما رأيت نفقته على البائع رأيت صدقة الفطر فيه على البائع (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم قال وقال مالك الضمان في الثلاثة الأيام من البائع
أيهما كان له بالخيار (قال) وقال مالك في الجارية تباع فيتواضعانها للحيضة ان النفقة على
البائع حتى تخرج من الاستبراء (قال) فالاستبراء عندي مثل خيار هذا العبد الذي
ذكرت (قال ابن القاسم) وصدقة الفطر في هذه الجارية ينبغي أن تكون في
قول مالك على البائع لان مالكا قال كال من ضمن الرجل نفقته فعليه فيه زكاء الفطر
(في اخراج زكاة الفطر عن العبد الذي يباع بيعا فاسدا)
(قلت) أرأيت لو اشترى رجل عبدا بيعا فاسدا فمضى يوم الفطر وهو عنده ثم
رده على سيده بعد يوم الفطر على من زكاة الفطر (فقال) على مشتريه لان ضمانه كان
على المشترى يوم الفطر ونفقته عليه فعليه فيه زكاة الفطر (قلت) وهذا قول مالك
قال هذا رأيي (قلت) فلو أنه رده يوم الفطر على من صدقة الفطر (قال) على المشترى
الذي رده (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي مثل ما قال مالك في البيع لأنه
إذا باع عبده يوم الفطر فزكاته على البائع عند مالك
(في اخراج زكاة الفطر عن العبد الذي يورث)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا ورث عبدا فلم يقبضه حتى مضى يوم الفطر أعلى
الذي ورثه فيه زكاة الفطر أم لا (قال) نعم لان نفقته كانت عليه قال وهذا رأيي قال ولو
كان له فيه اشتراك كان على كل واحد منهم قدر حصته
353

(في اخراج زكاة الفطر عن الذي يسلم يوم الفطر)
(وعن المولود يوم الفطر وعمن يموت ليلة الفطر)
(قال) وقال مالك من أسلم بعد طلوع الفجر من يوم الفطر استحب له ان يؤدى
زكاة الفطر (قال) والأضحى عندي أبين ان ذلك عليه يعنى الأضحية (قال) وقال مالك
لا تؤدى عن الحبل زكاة الفطر قال وان ولدته يوم الفطر أو ليلة الفطر فعليه فيه
الزكاة (قال) ومن أراد أن يعق عن ولده فإنه إن ولد له بعد انشقاق الفجر لم
يحتسب بذلك اليوم ويحسب سبعة أيام سواه ثم يعق يوم السابع ضحى قال وهي سنة
الضحايا والعقائق والنسك (قال) فان ولد قبل طلوع الفجر احتسب بذلك اليوم لأنه
قد ولد قبل طلوع الفجر (قلت) أرأيت إذا انشق الفجر يوم الفطر وعند رجل
مماليك وأولاد صغار وزوجة له وأبوان قد الزم نفقتهما وخادم أهله فماتوا بعدما انشق
الفجر يوم الفطر أعليه فيهم صدقة الفطر أم تسقط عنه صدقة الفطر فيهم لما ماتوا
(قال) بل عليه فيهم صدقة الفطر (قلت) أرأيت أن مات عبد لرجل قبل انشقاق
الفجر من ليلة الفطر أتكون عليه فيه صدقة الفطر في قول مالك (فقال) نعم يلزمه ذلك
(قلت) وهذا قول مالك (فقال) سئل مالك عن رجل كان عنده ولد أو عبيد ونحو
هذا ممن يلزم الرجل نفقته فمات بعد ما انشق الفجر يوم الفطر فقال عليه صدقة
الفطر (قلت) أرأيت لو أن رجلا مات بعد ما انشق الفجر من يوم الفطر أيكون
على ولده صدقة الفطر عنه في ماله (قال) يؤمرون لا يجبرون عليه مثل زكاة ماله
مثل الرجل يموت بعد الحول قبل أن يؤدى زكاته انهم يؤمرون ولا يجبرون. فان
امر باخراجها أخرجت وكانت من رأس المال إذا مات ليلة الفطر وهو مثل الرجل
تحل زكاة ماله وهو مريض أو يأتيه مال غائب فيعلم ذلك بيقين فيأمر باخراج الزكاة
منه فقال لي مالك يكون من رأس المال ولا يكون من الثلث إذا كان مثل هذا مما لم
يفرط فيه وكذلك صدقة الفطر وإنما يكون في ثلث ماله كل ما فرط فيه في حياته حتى
يوصى به فيكون في ثلثه وكذلك سمعت مالكا (قال) وقال مالك والزكاة في
354

الثلث إذا أوصى بها مبدأة على العتق وغيره الا التدبير في الصحة فإنه مبدأ على التدبير
في المرض (قال) فقلت لمالك فلو أن رجلا مرض مرضا فجاءه مال كان غائبا عنه
أو حلت عليه زكاة ماله يعرف ذلك وهو مريض فامر بأداء زكاته أترى ان ذلك
في ثلثه (فقال) لا إذا جاء مثل هذا الامر البين وإن كان مريضا فأراه من رأس ماله
(فيمن لا يلزم الرجل اخراج زكاة الفطر عنه)
(قال) وقال مالك لا يؤدى الرجل عن عبيده النصارى صدقة الفطر (قال)
وقال مالك لا يؤدى الرجل صدقة الفطر عن امرأته النصرانية ولا عن أم ولده
النصرانية ولا يؤدى زكاة الفطر الا عمن يحكم عليه بنفقتهم من المسلمين (قلت)
أرأيت عبد عبدي أعلي فيه صدقة الفطر أم لا في قول مالك (قال) لا
(فيمن يلزم الرجل اخراج زكاة الفطر عنه)
(قال) وقال مالك وكل من كان ولده جارية فعليه صدقة الفطر عنها حتى تنكح
فإذا نكحت فلا صدقة عليه فيها (قال) وقال مالك والنكاح عند مالك الدخول
الا ان يدعى الرجل إلى الدخول بها فلا يفعل فتلزمه النفقة فإذا لزمت الزوج النفقة
كانت صدقة الفطر في هذه الجارية على الزوج وكذلك قال ماكل قال والغلمان حتى
يحتلموا قال ومن كان من هؤلاء له مال ورثه أو وهب له فلأبيه ان ينفق عليه منه وان
يؤدى عنه صدقة الفطر من ماله ويحاسبه بذلك في نفقته إذا بلغ فيأخذ ذلك من ماله
ويضحى عنه من ماله (قال مالك) ويؤدى الرجل عن امرأته من ماله صدقة الفطر
وان كانت ذات مال وليس على المارة ان تؤدي عن نفسها إذا كان لها زوج إنما صدقة
الفطر فيها على زوجها لان نفقتها على زوجها (قال مالك) ويؤدي الرجل عن خادم
امرأته التي لا بد لها منها صدقة الفطر (قلت) فلو أن رجلا تزوج امرأة على
خادم بعينها ودفعها إليها والجارية بكر أو ثيب فمضى يوم الفطر والخادم عند المراة ثم طلقها
بعد ذلك قبل البناء بها على من زكاة هذه الخادم (فقال) عليها إن كان الزوج قد منع من
البناء بها لأنه مضى يوم الفطر وهي لها (قلت) وهذا قول مالك (فقال) هذا رأيي
355

(قلت) أرأيت أن كانت هذه المرأة التي تزوجها على هذه الخادم بعينها هي بكر في
حجر أبيها ولم يحولوا بين الزوج وبينها وهذه الخادم ممن لا بد للمرأة منها فمضى يوم
الفطر والخادم عند المراة ثم طلقها الزوج بعد يوم الفطر قبل أن يبنى بها على من زكاة
هذه الخادم (قال) على الزوج (قلت) لم (قال) لأنها كانت هي وخادمها نفقتهما على الزوج
حين لم يحولوا بين الزوج وبين ان يبتنى بها والخادم لما لم يكن لها منها بد كانت نفقتها
أيضا على الزوج فلما كانت نفقة الخادم على الزوج كانت زكاة الفطر في الخادم على
الزوج لأنه كان ضامنا لنفقتهما (قال) فلو أهم كانوا منعوا الزوج من البناء بها والمسألة
على حالها (فقال) لا شئ على الزوج في الخادم وعن نفسها (قل) وهذا قول مالك
(قال) نعم وهذا رأيي لان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان
على الناس على كل أحد حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين ذكره نافع عن عبد الله
ابن عمر بن الخطاب
(في اخراج الرجل زكاة الفطر عن أبويه)
(قال) وقال مالك يؤدى الرجل عن أبويه إذا لزمه نفقتهما صدقة الفطر (قال)
وسألنا مالكا عن الأبوين إذا كان على الابن ان ينفق عليهما لجاجتهما أيلزمه أداء زكاة
الفطر عنهما (قال) نعم
(في اخراج الرجل زكاة الفطر عن عبيد ولده الصغار)
(قلت) أرأيت عبيد ولدي الصغار أعلي فيهم زكاة الفطر إذا لم يكن لولدي الصغار
مال (فقال) إذا حبسهم لخدمة ولده لم يكن له بد من أن ينفق على هؤلاء العبيد فإذا لزمه
نفقتهم لزمه ان يؤدي زكاة الفطر عنهم الا ان يؤجرهم فيخرج زكاة الفطر عنهم من
اجارتهم وصدقة ولده أيضا ان شاء أخرجها من إجارة عبيدهم ان كانت للعبيد إجارة
(قلت) وهذا قول مالك (قال) قال لنا مالك كل من تلزم الرجل نفقته فعليه فيه زكاة الفطر
فمن هاهنا أوجبت على الرجل صدقة الفطر في عبيد ولده الصغار إذا كانوا كما ذكرت لك
356

فإذا حبس عبيد ولده كما ذكرت لزمته نفقتهم وتكون نفقتهم وزكاة الفطر من مال
ولده لأنهم أغنياء الا ترى ان من له عبد فهو مال تسقط به النفقة عن أبيه لان له
بيع العبد وانفاق ثمنه عليه (قلت) فإن كان لولده الصغار عبيد فأبى ان ينفق عليهم
(فقال) يجبره السلطان على بيعهم والانفاق عليهم (قلت) وهذا قول مالك
قال نعم (قال) وقال مالك من كان له عبيد فأبى ان ينفق عليهم أجبره السلطان
على بيعهم أو ينفق فأرى عبيد ولده الصغار بهذه المنزلة لأنه الناظر لهم والجائز الامر
عليهم وبيعه جائز عليهم
(في اخراج زكاة الفطر عن اليتيم)
(قال) وقال مالك يؤدى الوصي صدقة الفطر عن اليتامى الذين عنده من أموالهم
وان كانوا صغارا ويؤدى عن مماليكهم أيضا (قلت) أرأيت لو أن صبيا في حجري
لست له بوصي وله في يدي مال أنفق عليه من ماله (قال) أرى ان ترفع ذلك إلى
السلطان فينظر له السلطان فإن لم تفعل وأنفقت عليه من ماله وبلغ الصبي نظر إلى
مثل نفقة الصبي في تلك السنين فصدق الرجل في ذلك (قلت) فان قال قد أديت
صدقة الفطر عنه في هذه السنين أيصدق على ذلك (قال) نعم في رأيي (قلت) وان
كانوا في حجر الوالدة أتراهم بهذه المنزلة (قال) نعم
(في اخراج القمح والذرة والأرز والتمر في زكاة الفطر)
(قلت) ما الذي يؤدى منه صدقة الفطر في قول مالك (فقال) القمح والشعير
والسلت والذرة والأرز والدخن والتمر والزبيب والأقط (قال) وقال مالك لا أرى
لأهل مصر ان يدفعوا الا البر لان ذلك جل عيشهم الا ان يغلو سعرهم فيكون
عيشهم الشعير فلا أرى به بأسا (قال مالك) واما ما ندفع نحن بالمدينة فالتمر
(في اخراج القطنية والدقيق والتين والعروض في زكاة الفطر)
(قلت) أرأيت من كانت له أنواع القطنية أيجزئه ان يؤدى من ذلك زكاة الفطر
357

(فقال) قال مالك لا (قلت) فإن كان في الذي دفع من هذه القطنية إلى المساكين
قيمة صاع من حنطة أو قيمة صاع من شعير أو قيمة صاع من تمر (فقال) لا يجزئه
عند مالك (قال) وقيل لمالك فالدقيق والسويق قال لا يجزئه (قلت) فالتين قال
بلغني عن مالك انه كرهه (قال ابن القاسم) وانا أرى انه لا يجزئه (قال ابن القاسم)
إذا كان شئ من القطنية مثل اللوبيا أو شئ من هذه الأشياء التي ذكرنا أنه لا
يجزئ إذا كان ذلك عيش قوم فلا بأس ان يؤدوا من ذلك ويجزئهم (قال) وقال
مالك ولا يجزئ ان يجعل الرجل مكان زكاة الفطر عرضا من العروض قال وليس
كذلك امر النبي عليه الصلاة والسلام (قال ابن القاسم) وان مالكا أخبرني ان
زيد بن أسلم حدثه عن عياض بن عبد الله بن سعد ابن أبي سرح العامري انه سمع أبا سعيد الخدري يقول كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو
صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب (ابن مهدي) عن سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب قال صاعا من طعام صاعا من شعير
صاعا من زبيب (ابن مهدي) عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي رجاء قال سمعت
ابن عباس يقول في صدقة الفطر صاعا من طعام (ابن مهدي) عن أبي عوانة عن
عاصم الأحول قال قال أبو العالية ومحمد بن سيرين وعامر صاع صاع (قال ابن مهدي) وقال ابن سيرين ان أعطى برا قبل منه وان أعطى تمرا قبل منه وان أعطى
سلتا قبل منه ان أعطى شعيرا قبل منه وان أعطى زبيبا قبل منه (قال ابن مهدي)
وقال عامر وابن سيرين عن الصغير والكبير في الحر والملوك
(في قسم زكاة الفطر)
(قلت) أرأيت زكاة الفطر هل يبعث فيها الوالي من يقبضها (قال) قال مالك
وسألته عنها سرا فقال أرى ان يفرق كل قوم زكاة الفطر في مواضعهم أهل القرى
حيث هم في قراهم وأهل العمود حيث هم وأهل المدائن في مدائنهم فقال ويفرقونها
هم ولا يدفعونها إلى السلطان إذا كأن لا يعدل فيها (قال) وقد أخبرتك بقول مالك
358

إذا كان الامام يعدل لم يسع أحدا ن يفرق شيئا من الزكاة ولكن يدفع ذلك إلى
الامام (قلت) أرأيت أن كان عدلا كيف يصنع بزكاة الفطر إذا رفعت إليه
أيفرقها هو في المدينة حيث هو أو يرد زكاة كل قوم إلى مواضعهم (قال مالك)
لا يدفع أهل القرى إلى المدائن إلا أن لا يكون معهم أحد يستوجبها فيدفعها إلى
أقرب القرى إليه ممن يستوجبها وإنما يقسم زكاة الفطر أهل كل قرية في قريتهم
إذا كان فيهم مساكين ولا يخرجها عنهم (قال) وقال مالك لا بأس ان يعطى
صدقة الفطر عنه وعن عياله مسكينا واحدا (قال) وقال مالك لا يعطى أهل الذمة
ولا العبيد من صدقة الفطر شيئا
(في الرجل يخرج زكاة الفطر ليؤديها فتتلف)
(وقال ابن القاسم) من اخرج زكاة الفطر عند محلها فضاعت رأيت أنه لا شئ
عليه وزكاة الأموال وزكاة الفطر عندنا بهذه المنزلة إذا أخرجها عن محلها فضاعت
انه لا شئ عليه (قلت) أرأيت أن أخرجت زكاة الفطر لأؤديها فأهريقت أو تلفت
أيكون علي ضمانها أم لا في قول مالك (قال) قال مالك من اخرج زكاة ماله
ليدفعها عند محلها فذهبت منه فلا شئ عليه (قال) وقال مالك ومما يبين لك ذلك أنه لا شئ عليه انه لو لم يتهيأ له دفعها بعد ما أخرجها فرجع إلى منزله فوجد ماله قد
سرق لم يكن ليضع عنه اخراج ما اخرج من زكاته ليدفعها (قال) قال مالك فلذلك
رأيت أن لا شئ عليه في الذي اخرج إذا ضاعت. قال مالك هذا في زكاة الأموال
وزكاة الفطر عند ى بهذه المنزلة إذا أخرجها عند محلها (قال) وقال مالك إن كان
إنما أخرجها بعد ابانها وقد كان فرط فيها فأخرجها بعد ابانها فضاعت قبل أن يوصلها
انه ضامن لها
(تم كتاب الزكاة الثاني من لمدونة الكبرى بحمد الله وعونه)
(وصلى الله على سيدنا محمد نبيه واله وسلم)
ويليه كتاب الحج الأول)
359

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد نبيه واله وسلم
(كتاب الحج الأول)
(في الافراد بالحج والتمتع)
(قال سحنون) قلت لابن القاسم اي ذلك أحب إلى مالك الفران أم الافراد
بالحج أو العمرة (فقال) قال مالك الافراد بالحج أحب إلي
(رسم في القران في الحج والغسل للاحرام)
(قلت) لابن القاسم هل يوسع مالك في ترك الغسل للرجل أو المارة إذا أرادت
الاحرام (قال) لا الا من ضرورة (قال) وقال مالك والنفساء تغتسل والحائض
تغتسل إذا أرادت الاحرام ولا تدع الغسل الا من ضرورة (قال) وكان مالك
يستحب الغسل ولا يستحب ان يتوضأ من يريد الاحرام ويدع الغسل (قال مالك)
ان اغتسل بالمدينة وهو يريد الاحرام ثم مضى من فوره إلى ذي الحليفة فاحرم
قال أرى ان غسله مجزئ عنه (قال) وان اغتسل بالمدينة غدوة ثم أقام إلى العشي ثم
راح إلى ذي الحليفة فاحرم قال لا يجزئه الغسل وإنما يجوز الغسل بالمدينة لرجل يغتسل
ثم يركب من فوره أو رجل يأتي ذا الحليفة فيغتسل إذا أراد الاحرام (قلت) لابن
القاسم هل كان مالك يقول لا يذكر (3) المحرم شيئا سوى التلبية إذا أراد الاحرام
أم تجزئه التلبية وينوى بها ما أراد من حج أو عمرة ولا يقول اللهم إني محرم بحجة
أو بعمرة (قال) كان مالك يقول بتجزئه التلبية وينوى بها الاحرام الذي يريد ولا يقول
360

اللهم إني محرم بحجة وكن ذلك أحب إليه من أن يتكلم بحجة أو بعمرة
(رسم في وقت الاحرام)
(قلت) لابن القاسم متى يلبي في قول مالك أفي دبر صلاة مكتوبة أو في دبر نافلة
أو إذا استوت به راحلته بذي الحليفة أو إذا انطلقت به (قال) يلبى إذا استوت به
راحلته (قلت) لابن القاسم أرأيت لو كنت فيما بين الظهر والعصر فأردت أن
أحرم لم أمرني مالك ان أصلى ركعتين وهو يأمرني ان أحرم إذا استوت بي
راحلتي ولا يأمرني ان أحرم في دبر صلاة (قال) كان يستحب ان يصلى نافلة إذا
أراد الاحرام إذا كان في ساعة يصلى فيها (قلنا) له ففي هذه النافلة حد قال لا
(قلنا) له فلو صلى مكتوبة ليس بعدها نافلة أيحرم بعدها قال نعم (قلنا) له فلو
جاء في أبان ليس فيه صلاة بعد الصبح أو بعد العصر وقد صلى الصبح أو العصر (قال)
لا يبرح حتى يحل وقت صلاة فيصلى ثم يحرم إذا استوت به راحلته إلا أن يكون
رجلا مراهقا يخاف فوات حجه أو رجلا خائفا أو ما أشبه هذا من العذر فلا أرى
بأسا ان يحرم وإن لم يصل
(فيمن توجه ناسيا لتلبيته وادهان المحرم عند الاحرام)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أن توجه ناسيا لتلبيته من فناء المسجد أيكون في توجهه
محرما (قال ابن القاسم) أراه محرما بنيته فان ذكر من قريب لبى ولا شئ عليه
وان تطاول ذلك منه أو نسيه حتى فرغ من حجه رأيت أن يهريق دما (قال)
وقال مالك يدهن المحرم عند الاحرام وبعد حلاقة رأسه بالزيت وما أشبهه وبالبان
السمح (1) وهو البان غير المطيب واما كل شئ يبقي ريحه فلا يعجبني (قلت)
لابن القاسم هل كان مالك يوسع في ثوبيه إذا كانا غير جديدين إذا أراد الاحرام
أن لا يغسلهما (قال) قال مالك عندي ثوب قد أحرمت فيه حججا وما غسلته ولم

(1) (السمح) بفتح فسكون فسره وحاء مهملة وفي رواية بخاء معجمة وفسره لما تري ولم
نجد له في القاموس معنى يناسب كتبه مصححه
361

يكن يرى بذلك بأسا
(رسم في لبس المصبغ للاحرام ولبس التسخان (1))
(قلت) لابن القاسم فهل كان مالك يكره لبس الثوب المصبوغ بالعصفر للرجال
والنساء ان يحرموا فيه (قال) قال مالك أكره الثوب المقدم (2) بالعصفر للرجال والنساء
ان يحرموا في ذلك قال لأنه ينتفض (قال) وكرهه أيضا للرجال في غير الاحرام
(قلت) لابن القاسم اي الصبغ كان يكرهه مالك (قال) الورس (3) والزعفران
والعصفر المفدم الذي ينتفض ولم يكن يرى بالممشق (4) والمورد بأسا (قلت) لابن
القاسم أكان مالك يرى بأسا ان يحرم الرجل في البركانات (5) والطيالسة الكحلية
(قال) لم يكن يرى مالك بشئ من هذا بأسا (قلت) لابن القاسم ما قول مالك أين
احرام الرجل (قال) قال مالك احرام الرجل في وجهه ورأسه (قال) وكره مالك
للمحرم ان يغطي ما فوق الذقن (قلت) فان فعل (قال) لم اسمع من مالك فيه
شيئا ولا أرى عليه شيئا لما جاء عن عثمان بن عفان (قلت) لابن القاسم أرأيت
ما كان من مصبوغ بالورس والزعفران فغسل حتى صار لا ينتفض ولونه فيه هل
كان مالك يكرهه (قال) نعم كان مالك يكره هذا إلي ذكرت من الثياب
(1) (التسخان) بفتح التاء المثناة وسكون السين المهملة ويقال له تسخن بفتح أوله وسكون
ثانيه وكلاهما واحد التساخين على أن له واحدا وهو شئ يشبه الطيالسة وقيل لا واحد له ا ه‍
(2) (المفدم) كمعظم اي المصبوغ المشبع (بالعصفر) بضم العين وهو نبت معروف يهرئ
اللحم الغليظ وبزره القرطم ا ه‍ (3) (بالورس) هو نبات كالسمسم ليس إلا باليمن يزرع
فيبقى عشرين سنة ولبس الثوب المورس يعنى المصبوغ ب‍؟ مقو على الباه ا ه‍ (4) (قوله بالممشق)
كمعظم هو المصبوغ بالمشق بكسر الميم وفتحها وهو المغرة (5) (البركانات) في القاموس
يقال للكساء الأسود البر كان والبركاني مشددتين والبرنكان كزعفران والبرنكاني جمعه براكن
اه‍ فلفظ البركانات هنا جمع تأنيث لبراكن الذي هو جمع لهذه المفردات (والطيالسة) جمع
طيلسان وطيلس مثلثة اللام عن عياض غيره معرب تالسان والكحلية نسبة للكحل اي التي
لونها كلون الكحل اه‍ كتبه مصححه
362

المصبوغة بالورس والزعفران وان غسل إلا أن يكون قد ذهب لونه فلم يبق فيه
من لونه شئ فلا بأس له قال وان غلبه لونه وغسله فلم يخرج ولم يجد ثوبا غيره صبغه
بالمشق واحرم فيه إذا لم يجد غيره
(رسم في غسل المحرم رأسه)
(قلت) لابن القاسم هل كان مالك يكره للمحرم ان يغسل رأسه بالخطمي (قال)
نعم كان يكرهه
(في المحرم يغمس رأسه في الماء وفي الاحرام قبل الوقت)
(قال) وقال مالك لا أحب للمحرم ان يغمس رأسه في الماء خشية ان يقتل الدواب
وان اصابته جنابة صب على رأسه الماء وحركه بيده ولا أحب ان يغمس رأسه (قال
ممالك) ولا أرى بأسا ان وجد المحرم حرا ان يصب على رأسه الماء (قلت) لابن
القاسم أكان مالك يقول يحرم الرجل من الوقت في اي ساعة شاء من ليل أو نهار
(قال) نعم الا في وقت لا صلاة فيه فلينتظر حتى يدخل وقت صلاة صم يحرم بعد صلاة
ان شاء مكتوبة وان شاء نافلة (قال) وأحب إلي ان يحرم في دبر كل صلاة تطوع
بعدما تستوى به راحلته (قلت) لابن القاسم أكان مالك يكره للرجل ان يحرم
من قبل أن يأتي الميقات قال نعم (قلت) فان أحرم قبل الميقات أكان يلزمه مالك
الاحرام قال نعم (قلت) وكان مالك يكره ان يحرم الرجل بالحج قبل أشهر الحج
قال نعم (قلت) فان أحرم قبل أشهر الحج بالحج أكان مالك يلزمه ذلك الاحرام
قال نعم (قلت) لابن القاسم أكان مالك يستحب لمن جاء مكة ليلا أن لا يدخل
حتى يصبح (قال) قال مالك ذلك واسع (قال) وكان يستحب ان يدخل نهارا
(رسم في استلام الأركان وقطع التلبية)
(قلت) لابن القاسم كيف استلام الأركان عند مالك (قال) قال مالك لا يسلم
الركنين اللذين يليان الحجر بيد ولا يقبلان. ويستلم الركن اليماني باليد وتوضع اليد
363

التي استلم بها على الفم من غير أن يقبل يده. ولا يقبل الركن اليماني بفيه. ويستلم
بالحجر الأسود باليد وتوضع على الفم من غير تقبيل أيضا. لا يقبل اليد في استلام
الحجر الأسود ولا في الركن اليماني وإنما توضع على الفم من غير تقبيل. ويقبل الحجر
الأسود بالفم وحده فمن لم يستطع ان يستلم الحجر الأسود فإذا حاذاه كبر ومضى
(قال) قيل لمالك فهذا الذي يقوله الناس إذا حاذوه ايمانا بك وتصديقا بكتابك فأنكر
ذلك ورأس ان ليس عليه العمل وقال إنما يكبر ويمضى ولا يقف (قلت) لابن
القاسم أفكان يأمره ان يرفع يديه عند استلام الحجر إذا لم يستطع ان يستلمه فيكبر
هل يرفع يديه في التكبير (قال) قال مالك يكبر ويمضى ولا يرفع يديه (قلت)
لابن القاسم فما قول مالك فيمن لم يستطع ان يستلم الركن اليماني لزحام الناس أيكبر
ويمضي أم لا يكبر (قال) يكبر ويمضى (قلت) لابن القاسم أكان مالك يأمر بالزحام
على الحجر الأسود عند استلامه (قال) نعم ما لم يكن وذلك مؤذيات (قلت) لابن
القاسم متى يقطع المحرم التلبية في قول مالك (قال) إذا راح إلى المسجد. يريد إذا
زالت الشمس وراح يريد الصلاة قطع التلبية (قال) ووقفناه على هذا فأخبرنا بما
أخبرتك. وكان مما ثبت به هذا عندنا وعلمنا أنه رأيه أنه قال لا يلبى الامام يوم عرفة
على المنبر ويكبر بين ظهراني خطبته (قال) ولم يوقت لنا في تكبيره وقتا وكان قبل
ذلك يقول يقطع المحرم التلبية إذا راح إلى الموقف وكأن يقول يقطع إذا زاغت
الشمس (1) فلما وقفناه عليها قال إذا راح إلى المسجد قطع. يريد إذا كان رواحه بعد أن زالت الشمس (قلت) لابن القاسم أكان مالك يأمر بالتكبير إذا قطع المحرم
التلبية (قال) ما سألته عن هذا ولا أرى بأسا ان يكبر
(في الصلاة بالمشعر الحرام)
(قلت) لابن القاسم أرأيت الصلاة بالمشعر الحرام أيكبر في دبرها في المغرب
والعشاء والصبح (قال) لا

(1) (زاغت الشمس) في المختار زاغت الشمس مالت وذلك إذا فاء الفئ اه‍
364

(رسم في قطع التلبية للذي يفوته الحج وغيره وفي المحصر (1))
(قلت) لابن القسام متى يقطع الذي فاته الحج التلبية (قال) إذا دخل الحرم لأنها قد
صارت عمرة (قال) وقال لنا مالك والمحرم بالحج لا يقطع التلبية حتى يروح إلى
الصلاء يوم عرفة الا انه إذا دخل المسجد الحرام أول ما يدخل فطاف بالبيت يقطع
التلبية حتى يسعى بين الصفا والمروة ثم يرجع إلى التلبية حتى يروح يوم عرفة إلى
الصلاة (قال) وان لبى إذا دخل حول البيت الحرام لم أر ذلك ضيقا عليه ورايته في
سعة قال) وقال مالك ولا بأس ان يلبي في السعي بين الصفا والمروة وذلك واسع
(قلت) لابن القاسم أكان مالك يكره له إذا دخل في الطواف الأول يوم يدخل
مكة وهو مفرد بالحج أو قارن ان يلبى من حين يبتدئ الطواف بالبيت إلى أن يفرغ
من سعيه بين الصفا والمروة (قال) نعم من غير أن يراه ضيقا عليه ان لبى (قال)
وكان مالك إذا أفتى بهذا يقول لا يلبى من حين يبتدئ الطواف إلى أن يفرغ من
سعيه بين الصفا والمروة يقول على اثر ذلك وان لبى فهو في سعة (قال) وإذا فرغ
من سعيه بين الصفا والمروة عاد إلى التلبية (قال ابن القاسم) قال مالك والمحرم من
ميقاته بعمرة يقطع التلبية إذا دخل الحروم ثم لا يعود إليها والذي يحرم من غير ميقاته
مثل الجعرانة والتنعيم يقطعون إذا دخلوا بيوت مكة (قال) فقلت له أو المسجد قال
أو المسجد كل ذلك واسع (قلت) لابن القاسم أرأيت المحصر بمرض في حجته
من أين يقطع التلبية إذا فاته الحج (قال ابن القاسم) قال مالك لا يقطع التلبية حتى
يدخل أول الحرم (قال) وقال مالك ولا يحله من احرامه الا البيت وان تطاول ذلك
به سنين (قلت) لابن القاسم فان تطاول به مرضه حتى جاء حج قابل فخرج فوافى

(1) قال في المصباح حصره العدو حصرا من باب قتل أحاطوا به ومنعوه من المضي لأمره
وقال ابن السكيت وثعلب حصره العدو في منزله حبسه واحصره المرض بالألف منعه من السفر
وقال الفراء هذا هو كلام العرب وعليه أهل اللغة وقال ابن القوطية وأبو عمر والشيباني حصره
العدو والمرض واحصره كلاهما بمعنى حبسه اه‍ وعليه يتمشى ما في هذا الباب من استعماله اسم
المفعول من الثلاثي تارة ومن الرباعي أخرى وكذا الفعل كتبه صححه
365

الحج وهو على احرامه الذي كان أحصر فيه وحج (قال) يجزئه من حجة الاسلام
(قلت) لابن القاسم ويكون عليه الدم في هذا (قال) لآدم عليه في هذا هذا قول
مالك (قال) وقال مالك والمحصور بعدو يحل من موضعه الذي أحصر فيه وإن كان
في غير الحرم ويحلق أو يقصر ولا بد له من الحق أو التقصير
(فيمن أحصر بعدو هل عليه هدى)
(قلت) لابن القاسم أكان مالك يأمر بالهدى إذا أحصر بعدو ان ينحر هديه الذي
هو معه قال نعم (قال) فقلت لمالك فإن كان المحصور بعدو صرورة أيجزئه ذلك من
حجة الاسلام (قال) لا يجزئه وعليه حجة الاسلام من قابل (قلت) لابن القاسم أرأيت
هذا المحصور بعدو إن كان قد قضى حجة الاسلام ثم أحصر بعدو فصد عن البيت
أيكون عليه قضاء هذه الحجة التي صد عنها قال لا (قلت) وكذلك أن صد عن
العمرة بعدو حصره (قال) نعم لا قضاء عليه (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
(قلت) فان حصر بعدو قبل أن تمضى أيام الحج ويفوت الحج (قال) لا يكون
محصورا وان أحصره العدو حتى يفوته الحج (قلت) لابن القاسم فان حصر فصار
ان حل لم يدرك الحج فيما بقي من الأيام أيكون محصورا أو يحل مكانه ولا ينتظر
ذهاب الحج (قال) نعم هو الآن محصور (قلت) وهذا قول مالك (قال) ما أدرى
ما وقفته عليه وهو رأيي
(رسم في التلبية في المسجد الحرام)
(قلت) لابن القاسم أيلبي القارن والحاج في قول مالك في المسجد الحرام (قال) نعم
(في قطع التلبية ورفع الصوت بالتلبية والتلبية عن الصبي)
(قلت) لابن القاسم متى يقطع التلبية المجامع في الحج (قال) يفعل كما يفعل الحاج
في جميع أمره ولا يقطع الا كما يقطع الحاج قال وهو قول مالك (قلت) لابن
القاسم هل كان مالك يكره ان يلبى الرجل وهو لا يريد الحج (قال) نعم كان يكرهه
366

ويراه خرقا لمن فعله (قلا) لابن القاسم أليس في قول مالك من لبى يريد الاحرام
فهو محرم ان أراد الحج فحج وان أراد عمرة فعمرة قال نعم (قلا) لابن القسام ما حد
ما ترفع المراة المحرمة صوتها عند مالك في التلبية (قال) قدر ما تسمع نفسها (قلت)
لابن القاسم أرأيت الصبي إذا كأن لا يتكلم فحج به أبوه أيلبي عند أول ما يحرم في
قول مالك (قال) لا ويكن يجرده قال مالك ولا يجرده إذا كان صغيرا هكذا حتى
يدنو من الحرم (قال مالك) والصبيان في ذلك مختلفون منهم الكبير قد ناهز
ومنهم الصغير ابن سبع سنين وثمان سنين الذي لا يجتنب ما يؤمر به فذلك يقرب
من الحرم ثم يحرم والذي قد ناهز فمن الميقات لاه يدع ما يؤمر بتركه (قال مالك)
والصغير الذي لا يتكلم إذا جرده أبوه يريد بتجريده الاحرام فهو محرم ويجنبه ما
يجنب الكبير قال وإذا طافوا به فلا يطوفن به أحد لم يطف طوافه الواجب لأنه
يدخل طوافين في طواف طواف الصبي طواف الذي يطوف به (قلت) لابن
القاسم فما الطواف الواجب عند مالك (قال) طوافه الذي يصل به السعي بين الصفا
والمروة (قال ابن القاسم) فقلت لمالك فيسعى بهذا الصبي بين الصفا والمروة من لم
يسع بينهما السعير الذي عليه (قال) السعي في هذا بين الصفا والمروة أخف عندي من
الطواف بالبيت ويجزئه ذلك أن فعل ولا بأس به (قال ابن القاسم) وإنما كره
مالك ان يجمعه لنفسه وللصبي في الطواف بالبيت لان الطواف بالبيت عنده كالصلاة
وانه لا يطوف أحد الا وهو على وضوء والسعي بين الصفا والمروة ليس بتلك المنزلة
قد يسعى من ليس على وضوء (قال ابن القاسم) قال مالك ولا يرمى عن الصبي
من لم يكن رمى عن نفيسه يرمى عن نفسه وعن الصبي في فور واحد قال هو والطواف
سواء حتى يرمى عن نفسه ويفرغ من رميه عن نفسه ثم يرمى عن الصبي وقال ذلك
والطواف بالبيت سواء (قال ابن القاسم) ولا يجوز ذلك حتى يرمى عن نفسه ثم
يرمى عن الصبي
367

(فيمن دخل مراهقا وهو محرم بالحج وحج الوصي باليتيم)
(قال ابن القاسم) قال مالك فيمن دخل مراهقا وهو محرم بالحج أو قارن أو متمتع
انه ان خاف ان طاف بالبيت ان يفوته الحج قال يمضى لوجهه ويده الطواف بالبيت
إن كان مفردا بالحج أو قارنا وإن كان متمتعا أردف الحج أيضا ومضى لوجهه ولا
يطوف بالبيت ويصير قارنا ويقضى حجته ولا شئ عليه وليس برافض لعمرة في جميع
هذا ولا يكون عليه دم لما ترك من طوافه بالبيت حين دخل مكة لأنه كان مراهقا
(قال) وقال مالك ان دخل غير مراهق مفردا بالحج أو قارنا فلم يطف بالبيت حتى
مضى إلى عرفات فإنه يهريق دما لأنه فرط في الطواف حين دخل مكة حتى خرج
إلى عرفات (قلت) لابن القاسم فان دخل غير مراهق معتمرا أو قارنا فلم يطف
بالبيت حين دخل مكة حتى خرج إلى عرفات وفرض المعتمر الحج وخرج إلى
عرفات ومضى القارن ولم يطف حتى خرج إلى عرفات (قال) يكونان قارنين جميعا
ويكون عليهما دم القران ويكون على القارن دم آخر لما أخر من طوافه حين دخل
مكة وليس على المعتمر غير دم القران لان له ان يضيف الحج إلى العمرة ما لم يطف
بالبيت * (قلت) لابن القاسم هل الوصي إذا خرج بالصبي بمنزلة الأب (قال) لم
اسمع من مالك فيه شيئا احفظه الا انه لا ينبغي للوصي ان يحج بالصبي من مال
الصبي إلا أن يكون لذلك وجه يخاف الضيعة عليه وليس له من يكفله فإن كان
بهذه المنزلة رأيت أن لا يضمن ما أنفق على الصبي من ماله ويجوز له اخراجه إذا
خاف عليه الضيعة ولم يجد من يكفله فإذا جاز له ان يخرجه وينفق على الصبي من ماله
جاز له ان يحرمه (قلت) فالوالدة في الصبي تكون بمنزلة الوالد قال نعم (قلت)
لابن القاسم أرأيت أن حج به والده أينفق عليه من مال الصبي (قال) لا احفظه عن
مالك ولا ينبغي لوالده ان يحج الصبي من مال الصبي الا ن يخشى عليه ما خشي
الوصي فيجوز ما أنفق على الصبي فإن لم يخف عليه ضيعة ووجد من يكفله لم يكن
له ان يخرجه فينفق عليه من ماله فان فعل كان ضامنا لما اكترى له وما أنفق في
368

الطريق الا على قدر نفقته التي كان ينفقها عليه لو لم يشخص به (قال) والأم إذا خافت
على الصبي الضيعة كانت بمنزلة الأب والوصي في جميع ما وصفت لك (قلت) لابن
القاسم فإن كان هذا الصبي لا يتكلم فأحرمه من ذكرت لك من أب أو وصي أو
أم أو من هو في حجره من غير هؤلاء من الأجنبيين أو الأقارب (قال) قال مالك
الصبي الذي رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم من المحفة إنما رفعته امرأة فقالت ألهذا
حج فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم ولك اجر (قال) ولم يذكر ان معه والدا
(قال ابن القاسم) فإذا أحرمته أمه في هذا الحديث جاز الاحرام فأرى كل من كان
الصبي في حجره يجوز له ما جاز للأم
(في الغلمان الذكور يحزم بهم في أرجلهم الخلاخل وفي كراهية)
(الحلي للصبيان واحرام أهل مكة والحكم في الصيد)
(قال ابن القاسم) وسئل مالك عن الغلمان الصغار الذكور يحرم بهم في أرجلهم
الخلاخل وعليهم الأسورة قال لا بأس بذلك (قلت) لابن القاسم أفكان مالك
يكره للصبيان الذكور الصغار حلى الذهب (قال) نعم قد سألته عنه غير مرة فكرهه
(قلت) لابن القاسم أهل مكة في التلبية كغيرهم من الناس في قول مالك قال نعم
(قال) وقال مالك أحب إلي ان يحرم أهل مكة إذا أهل هلال ذي الحجة (قال)
وكان مالك يأمر أهل مكة وكل من أنشأ الحج من مكة ان يؤخر طوافه الواجب
وسعيه بين الصفا والمروة حتى يرجع من عرفات وان أحب ان يطوف بالبيت
تطوعا بعد ما أحرم قبل أن يخرج فليطف ولكن لا يسعى بين الصفا والمروة حتى
يرجع من عرفات فإذا رجع طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ويكون هذا
الطواف الذي وصل به السعي بين الصفا والمروة هو الطواف الواجب (قال)
قلت لابن القاسم أرأيت الأخرس إذا أحرم فأصاب صيدا أيحكم عليه كما يحكم على
غيره قال نعم (قلت) أتحفظه عن مالك قال لا
369

(رسم فيمن أضاف العمرة إلى الحج أو طواف الزيادة)
(ومن ادخل عمرة على حجة أو حجة على عمر)
(قلت) لابن القاسم هل من أهل بالحج فأضاف إليه عمرة في قول مالك أتلزمه
العمرة (قال) قال مالك لا ينبغي له ان يفعل (قلت) لابن القاسم فان فعل ما قول
مالك فيه أتلزمه العمرة أم لا (قال) بلغني عنه أنه قال لا تلزمه (قال ابن القاسم)
ولا أرى العمرة تلزمه ولم يكن ينبغي له ان يفعل وليس عيه دم القران وقد سمعت
ذلك عن مالك (قلت) لابن القاسم اي شئ يجزئ من دم القران عند مالك
(قال) شاة وكان يجيزها على تكره يقول إن لم يجد وكان يستحب فيه قول ابن عمر
(قال ابن القاسم) وكان مالك إذا اضطر إلى الكلام قال تجزئ عنه شاة (قال
ابن القاسم) وقول ابن عمر الذي كان يستحسنه مالك فيما استيسر من الهدى البقرة
دون البعير * (قال ابن القاسم) وكان مالك يكره أن يقول الرجل طواف الزيارة
(قال) وقال مالك وناس يقولون زرنا قبر النبي صلى الله عليه وسلم قال فكان
مالك يكره هذا ويعظمه ان يقال إن النبي عليه الصلاة والسلام يزار (قلت) لابن
القاسم فما قول مالك فيمن أحرم بالحج أكان يكره له ان يحرم بالعمرة بعدما أحرم
بالحج من لدن يحرم بالحج حتى يفرغ من حجه ويحل (قال) نعم كان يكرهه له (قلت)
فان أحرم بالعمرة بعد ما طاف بالبيت أول ما دخل مكة أو بعد ما خرج إلى منى
أو في وقوفه بعرفة أو أيام التشريق (قال) كان مالك يكرهه (قلت) فتحفظ عن مالك
انه كان يأمره برفض العمرة ان أحرم في هذه الأيام التي ذكرت لك (قال) لا احفظ
انه امر برفضها (قلت) فتحفظ ان قال لتلزمه (قال) لا احفظ أنه قال تلزمه (قلت)
فما رأيك (قال) أرى انه قد أساء فيما صنع حين أحرم بالعمرة بعد احرامه بالحج قبل أن يفرغ من حجه ولا أرى العمرة تلزمه وقد بلغني ذلك عن مالك (قلت) لابن
القاسم ويكون عليه عمرة مكان هذه التي أحرم بها في أيام الحج بعد فراغه بهذه التي
زعمت أنها لا تلزمه (قال) لا أرى عليه شيئا (قلت) لابن القاسم أرأيت من أحرم
370

بالعمرة ثم أضاف الحج إلى العمرة أيلزمه الحج في قول مالك (قال) نعم والسنة إذا
فعل ان يلزمه الحج (قلت) لابن القاسم فما قول مالك ان أحرم بالعمرة فطاف
لها ثم أحرم بالحج (قال) تلزمه الحجة ويصير قارنا وعليه دم القران (قلت) فان
أضاف الحج إلى العمرة بعدما سعى بين الصفا والمروة لعمرته (قال) قال مالك يلزمه
الحج ويصير غير قارن ولا يكون على دم القران ويكون عليه دم لما اخر من حلاق
رأسه في عمرته ويكون عليه دم لمتعته إن كان حل من عمرته في أشهر الحج وإن كان
احلاله م عمرته قبل أشهر الحج لم يكن عليه دم لأنه غير متمتع (قال ابن
القاسم) لا يقرن الحج والعمرة أحد من داخل الحرم قال وقد كان مالك
يقول لا يحرم أحد بالعمرة من داخل الحرم (قال ابن القاسم) والقران عندي مثله
لأنه لا يحرم أحد بالعمرة من داخل الحرم (قال ابن القاسم) والقران عند يمثله
لأنه يحرم بالعمرة من داخل الحرم (قال ابن القاسم) وكان مالك يقول احرام أهل مكة
بالحج ومن دخل لعمرة من داخل الحرم (قال مالك) ولو أن رجلا من أهل
الآفاق دخل في أشهر الحج بعمرة فحل وعليه نفس فأحب ان يخرج إلى ميقاته
فيحرم منه بالحج كان أحب إلي ولو أنه قام حتى يحرم من مكة كان ذلك له
(رسم في قران أهل مكة وموضع الاحرام ومجاوزته)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن مكيا أتى الميقات أو جاوز الميقات إلى مصر أو
إلى المدينة في تجارة أو غيرها فأقام بمصر أو بالمدينة ما شاء الله من غير أن يتخذ
المدينة أو مصر وطنا يسكنها فرجع إلى مكة وهي وطنه وقرن الحج والعمرة (قال
مالك) يجوز قرانه ولا يكون عليه دم القران
(فيمن أحرم من وراء الميقات)
(قلت) لابن القاسم أرأيت من أحرم من وراء الميقات إلى مكة مثل أهل قديد
371

وأهل عسفان (1) ومر الظهران (3) أهم عند مالك بمنزلة أهل مكة ولا يكون عليهم ان
قرنوا الحج والعمرة دم القران (قال) وقال مالك ان قرنوا فعليهم دم القران (قال)
وقال مالك ولا يكونون بمنزلة أهل مكة ان قرنوا في أشهر الحج فعليهم دم القران
(قال) وقال مالك والذين لا دم عليهم ان قرنوا أو تمتعوا في أشهر الحج إنما هم أهل مكة
وذي طوى لا غيهم (قال) ولو أن أهل منى الذي يسكنون منى أو غيرهم
من سكان الحرم قرنوا الحج والعمرة من موضع يجوز لهم ان يقرنوا الحج والعمرة
منه أو دخلوا بعمر ثم أقاموا بمكة حتى يحجوا كانوا متمتعين وليسوا كاهل مكة
وأهل ذي طوى في هذا (قلت) لابن القاسم فما قول مالك من أين يهل أهل قديد
وعسفان ومر الظهران (قال) قال مالك من منازلهم (قال) وقال مالك ميقات كل
من كان دون الميقات إلى مكة من منزله (قال) وقال مالك ومن جاوز الميقات ممن
يريد الاحرام جاهلا ولم يحرم منه فليرجع إلى الميقات ان كأن لا يخاف فوات الحج
فليحرم من الميقات ولا دم عليه فان خاف فوات الحج أحرم من موضعه وعليه لما
ترك من الاحرام من الميقات دم (قال مالك) وإن كان قد أحرم حين جاوز
الميقات وترك الاحرام من الميقات فليمض ولا يرجع مراهقا كان أو غير مراهق
وليهريق دما (قال) وليس لمن تعدى الميقات فاحرم ان يرجع إلى الميقات فيقضى
احرامه (قلت لابن القاسم فأهل القرى الذين بين مكة وذي الحليفة عندد مالك
بمنزلة أهل الآفاق (قال) لا احفظه عن مالك ولكنهم عندي بمنزلة أهل الآفاق
لان مواقيتهم من منازلهم (قلت) لابن القاسم أرأيت من جاوز الميقات إلى مكة
فاحرم بعد ما تعدى الميقات فجب عليه الدم أيجزئه مكان هذا الدم طعام أو صيام في
قول مالك (قال) لا يجزئه الطعام ويجزئه الصيام إن لم يجد الهدى (قال ابن القاسم)

(1) (عسفان) على وزن عثمان موضع على مرحلتين من مكة (3) (ومر الظهران) ظهران
بفتح فسكون واد قرب مكة يضاف إليه لفظة مر بزنة حب فيقال مر الظهران كما في القاموس
اه‍ كتبه مصححه
372

قال مالك وإنما يكون الصيام أو الطعام مكان الهدى في فدية الأذى أو في جزاء الصيد
واما في دم المتعة إذا لم يجد فصيام ولا يكون موضع دم المتعة طعام (قال) وقال
مالك كل هدي وجب على رجل من رجل عجز عن المشي أو وطئ أهله أو فاته الحج
أو وجب عليه الدم لشئ تركه من الحج يجبر بذلك الدم ما ترك من حجه فإنه يهدى
فإن لم يجد هديا صام ولا نرى الطعام موضع هذا الهدى ولكن نرى مكانه الصيام
(قلت) لابن القاسم فكم يصوم مكان هذا الهدى (قال) يصوم ثلاثة وسبعة تحمل
محمل هدى المتمتع وإنما يجعل له مالك في هذا كله ان يصوم مكان هذا الهدى إذا
هو لم يجد الهدى (قلت) لابن القاسم أرأيت من كان وراء الميقات إلى مكة
فتعدى منزله وهو يريد الحج فاحرم بعد ما جاوز منزله إلى مكة وتعداه أترى عليه
شيئا (قال) أرى أن يكون عليه الدم لان مالكا قال لي في ميقات أهل عسفان
وقديد وتلك المناهل انها من منازلهم فلما جعل منازلهم لهم ميقاتا رأيت أن هم تعدوا
منازلهم فقد تعدوا ميقاتهم إلا أن يكونوا تقدموا لحاجة وهم لا يريدون الحج فبدا
لهم ان يحجوا فلا بأس ان يحرموا من موضعهم الذي بلغوه وان كانوا قد جاوزوا
منازلهم فلا شئ عليهم (قال ابن القاسم) وقال ملاك وكذلك لو أن رجلا من أهل مصر
كانت له حاجة بعسفان فبلغ عسفان وهو لا يريد الحج ثم بدا له ان يحج من
عسفان فليحج من عسفان ولا شئ عليه لما ترك من الميقات لأنه قد جاوز الميقات
وهو لا يرد الحج ثم بدا له بعدما جاوز ان يحج فليحج وليعتمر من حيث بدا له وإن كان
قد جاوز الميقات ولا دم عليه
(في مكي أحرم من مكة بالحج وفيمن فاته الحج)
(قلت) لابن القاسم ما قول ماكل في مكي أحرم من مكة بالحج فحصر بمرض أو
رجل دخل مكة معتمرا ففرغ من عمرته ثم أحرم بالحج من مكة فحصر فبقيا
محصورين حتى فرغ الناس من حجهم (قال) قال مالك يخرجان إلى الحل فيلبيان
من الحل ويفعلان ما يفعل المعتمر ويحلان وعليهما الحج من قابل والهدى مع حجهما
373

من قابل (قال ابن القسام) فقلت لمالك لو أن رجلا فاته الحج فوجب عليه الهدى أين
يجعل هذا الهدى (قال) في حجه من قابل الذي يكون قضاء لهذا الحج الفائت (قال)
فقلت لمالك فان أراد أن يقدم هذا الدم قبل حج قابل خوفا من الموت قال يجعله في
حج قابل (قلت) لابن القاسم أليس إنما يهريقه في حج قابل في قول مالك بمنى
قال نعم (قلت) فان فاته ان ينحره بمنى اشتراه فسقه إلى الحل ثم قلده وأشعره
في الحل إن كان مما يقلد ويشعر ثم ادخله مكة ونحره بها أيجزئ عنه قال نعم
(قلت) لابن القاسم أرأيت من أحرم بالحج ففاته فاقبل من السنة المقبلة حاجا
يريد قضاء الحج الفائت اله ان يقرن ويضيف إلى هذه الحجة التي هي قضاء لحجته
عمرة (قال) لا ولكن يفرد كما كان حجه الذي أفسد مفردا (قلت) لابن القاسم
فإن كان قارنا فأفسد حجه أو فاته الحج ما قول مالك فيه أن أراد أن يفرق القضاء
فيقضى العمرة وحدها ويقضى حجة وحدها ولا يجمع بينهما (قال) قال مالك
يقضيهما جميعا قارنا كما أفسدهما قارنا قال ابن القاسم ولا يفرق بينهما (قال ابن القاسم)
قال مالك في مكي أحرم بحجة من الحرم ثم أحصر انه يخرج إلى الحل فيلبى من
هناك لأنه امر من فاته الحج وقد أحرم من مكة ان يخرج إلى الحل فيعمل فيما
بقي عليه ما يعمل المعتمر ويحل (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا دخل مكة
معتمرا في أشهر الحج فأراد الحج من عامه أله ان يعتمر بعد
عمرته تلك عمرة أخرى قبل أن يحج (قال) قال مالك لا يعتمر بعد عمرته حتى يحج
(فيمن اعتمر في غير أشهر الحج)
(قلت) لابن القاسم أرأيت من اعتمر في غير أشهر الحج لم لا يكون له ان يعتمر
بعد عمرته (قال) لان مالكا كأن يقول العمرة في السنة إنما هي مرة واحدة (قال)
وقال مالك ولو اعتمر للزمته (قلت) لابن القاسم أيلزمه ان اعتمر في قول مالك
عمرة أخرى إن كان دخل بالأولى في أشهر الحج أو في غير أشهر الحج قال نعم
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن مكيا أحرم بعمرة من مكة ثم أضاف إليها حجة
374

((قال) يلزمانه جميعا ويخرج إلى الحل من قبل أن الحرم ليس بميقات للمعتمرين
(قلت) ويصير قارنا في قول مالك (قال) نعم ولكنه مكي وليس على المكي دم
القران (قال ابن القاسم) وهو ان أحرم بحجة بعد ما نسعى بين الصفا والمروة لعمرته
وقد كان خرج إلى الحل فليس بقارن وعليه دم لما اخر من حلاق رأسه في العمرة
لأنه قد كان قضى عمرته حين سعى بين الصفا والمروة فلك يكن بقي عليه الا الحلاق
فلما أحرم بالحج لم يستطع ان يحلق فاخر ذلك فصار عليه لتأخير الحلاق دم (قال)
وهو قول مالك هذا الآخر في المكي وغيره ممن تمتع الذي يحرم بالحج قبل أن
يقصر بعد ما سعى بين الصفا والمروة لعمرته يكون عليه دم لتأخير الحلاق
(رسم فيمن ادخل عمرة على حجة والمراهق وغيره)
(قلت) لابن القاسم هذا قد عرفنا قول مالك فيمن ادخل الحج على العمرة فما قوله فيمن
ادخل العمرة على الحج كيف يصنع (قال) ليس عليه في ذلك شئ ولا تلزمه العمرة في قول
مالك فيما سمعت عنه (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا أحرم بالحج أو بالعمرة من
الميقات ثم لم يدخل الحرم وهو غير مراهق أو دخل الحرم ولم يطف بالبيت وهو غير
مراهق حتى خرج إلى عرفات (قال) اما قولك ولم يدخل الحرام فلا احفظه من
قول مالك ولكن إن كان غير مراهق كان عليه الدم وإن كان مراهقا فلا دم عليه
لان مالكا قال فيمن دخل مكة معتمرا أو مفردا بالحج فخشي ان هو طاف وسعى
ان يفوته الوقوف بعرفة فترك ذلك وخرج إلى عرفات وفرض الحج هذا المعتمر
ومضى هذا الحاج كما هو إلى عرفات ولم يطف بالبيت انه لا دم عليه لأنه كان
مراهقا (قال ابن القاسم) وهذا الذي لم يدخل الحرم مثل هذا الذي ترك
الطواف بعد دخول الحرم إذا كان مراهقا أن لا دم عليه وإن كان غير مراهق
وهو يقدر على الدخول والطواف فترك فعليه الدم
(في مكي أحرم بالحج من خارج الحرم)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن مكيا أحرم بالحج من خارج الحرم أو متمتعا
375

بالعمرة أحرم بالحج من خارج الحرم أيكون عليه الدم لما ترك من الاحرام من
داخل الحرم (قال) لا يكون عليه الدم (قلت) وان هو مضى إلى عرفات ولم
يدخل الحرم أيكون عليه الدم لما ترك من أن يعود إلى الحرم بعد احرامه إذا كان
مراهقا (قال) لا يكون عليه الدم قال وهذا رجل زاد ولم ينقص لأنه كان له ان يحرم
من الحرم لأنه كان مراهقا فلما خرج إلى الحل فاحرم منه زاد ولم ينقص (قلت)
أفيطوف هذا المكي إذا أحرم من التنعيم إذا دخل الحرم من قبل أن يخرج إلى
عرفات بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ويكون خلاف من أحرم من أهل مكة
من الحرم لان من أحرم من الحل وإن كان من أهل مكة إذا دخل الحرم وقد
أحرم من الحل فلا بد له من الطواف بالبيت وإذا طاف سعى بين الصفا والمروة
(قال) نعم وهو قول مالك
(رسم في تأخير الطواف للمكي والمعتمر والمواقيت لأهل المدينة وغيرهم)
(قال) وقال مالك إذا أحرم المكي أو المتمتع من مكة بالحج فليؤخر الطواف حتى
يرجع إلى مكة من عرفات فإذا رجع طاف وسعى بين الصفا والمروة (قال ابن
القاسم) فقلنا لمالك فلو أن هذا المكي أحرم بالحج من مكة أو هذا المتمتع فطاف
بالبيت وسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه إلى عرفات (قال) فإذا رجع من عرفات
فليطف بالبيت وليسع بين الصفا والمروة ولا يجزئه طوافه الأول ولا سعيه بين الصفا
والمروة (قال) فقلنا لمالك فلو أن هذا المتمتع لم يسع بين الصفا والمروة حين رجع
من عرفات حتى خرج إلى بلاده أيكون عليه الهدى (قال) قال مالك نعم وذلك
أيسر شأنه عند ى (قال مالك) وإذا فات هكذا رأيت السعي الأول بين الصفا والمروة
يجزئه ويكون عليه الدم * (قلت) لابن القاسم أين المواقيت عند مالك قال ذو الحليفة
لأهل المدينة ومن مر من غير أهل المدينة من أهل العراق وأهل اليمن وغيرهم من
أهل خراسان والناس كلهم ما خلا أهل الشام وأهل مصر ومن وراءهم من أهل
المغرب فميقاتهم ذو الحليف ليس لهم ان يتعدوها (قال مالك) ومن مر من أهل
376

الشام وأهل مصر ومن وراءهم بذي الحليفة فأحب ان يؤخر احرامه إلى الجحفة
فذلك له واسع ولكن الفضل له في أن يهل من ميقات النبي عليه السلام إذا مر به.
وأهل اليمن من يلملم. وأهل نجد من قرن (قال مالك) ووقت عمر بن الخطاب
ذات عرق لأهل العراق (قال مالك) وهذه المواقيت لكل من مر بها من غير
أهلها فميقاته من هذه المواقيت (قال) فقيل لمالك فلو أن رجلا من أهل العراق
مر بالمدينة فأراد أن يؤخر احرامه إلى الجحفة (قال مالك) ليس ذلك له إنما الجحفة
ميقات أهل مصر وأهل الشام ومن وراءهم وليس الجحفة للعراقي ميقاتا فإذا مر
بذي الحليفة فليحرم منها (قال ابن القاسم) قال إلي مالك وكل من مر بميقات ليس
هو له بميقات فليحرم منه مثل ان يمر أهل الشام وأهل مصر قادمين من العراق
فعليهم ان يحرموا من ذات عرق وان قدموا من اليمن فمن يلملم وان قدموا من نجد
فمن قرن وكذلك جميع أهل الآفاق ومن مر منهم بميقات ليس له فليهل من
ميقات أهل ذلك البلد الا ان مالكا قال غير مرة في أهل الشام وأهل مصر إذا
مروا بالمدينة فأرادوا ان يؤخروا احرامهم إلى الجحفة فذلك لهم ولكن الفضل في أن يحرموا من ميقات المدينة قال ابن القاسم لأنها طريقهم (قال ابن القاسم) قال
مالك لو أن نصرانيا أسلم (1) يوم الفطر رأيت عليه زكاة الفطر ولو أسلم يوم النحر
كان عندي بينا ان يضحى
(رسم في دخول مكة بغير احرام)
(قلت) لابن القاسم أرأيت من أراد حاجة إلى مكة أله ان يدخل مكة بغير احرام
(قال) قال مالك الا أحب لاحد من الناس ان يقدم من بلده إلى مكة فيدخلها بغير
احرام (قال مالك) ولا يعجبني قول ابن شهاب في ذلك (قال مالك) وانا أرى
ذلك واسعا مثل الذي صنع ابن عمر حين خرج إلى قديد فبلغه خبر الفتنة فرجع

(1) (قوله قال مالك لو أن نصرانيا أسلم الخ) انظر ما وجه ذكره هنا مع أن مناسبته لبابي زكاة
الفطر والضحية أقرب مما هنا فتأمل كتبه مصححه
377

فدخل مكة بغير احرام فلا أرى بمثل هذا بأسا (قال) وقال مالك ولا أرى بأسا
لأهل الطائف وأهل عسفان وأهل جدة الذين يختلفون بالفاكهة والحنطة واله
الحطب الذين يحتطبون ومن أشبههم لا أرى بأسا ان يدخلوا مكة بغير احرام لان
ذلك يكبر عليهم (قال ابن القاسم) وما رأيت قوله حين قال هذا القول الا ورأي أن قوله في أهل قديد وما هو مثلها من المناهل إذا لم يكن شأنهم الاختلاف ولم
يخرج أحدهم من مكة فيرجع لامركما صنع ابن عمر ولكنه أراد مكة لحاجة عرضت
له من منزله في السنة ونحوها مثل الحوائج التي تعرض لأهل القرى في مدائنهم انهم
لا يدخلون الا بإحرام وما سمعته ولكنه لما فسر لي ما ذكرت لك رأيت ذلك
(رسم في القران)
(قلت) لابن القسام أرأيت لو أن قارنا دخل مكة في غير أشهر الحج فطاف بالبيت
وسعير بين الصفا والمروة في غير أشهر الحج ثم يحج من عامه أيكون عليه دم القران
أم لا (قال) قال مالك عليه دم القران وهو رأيي (قلت) لابن القاسم لم أليس
قد طاف لعمرته في غير أشهر الحج وحل منها الا ان الحلاق بقي عليه (قال) لم يحل
منها عند مالك ولكنه على احرامه كما هو ولا يكون طوافه الذي طاف حين دخل
مكة لعمرته ولكن طوافه ذلك لهما جميعا وهذا قد أحرم بهما جميعا فلا يحل من واحد
منهما دون الاخر ولا يكون احلاله من عمرته الا إذا حل من حجته (قال) وان
هو جامع فيهما فعليه حج وعمرة مكان ما أفسد (قلت) لابن القاسم أرأيت أهل مكة
ان قرنوا من المواقيت أو من غير ذلك أو تمتعوا هل عليهم دم القران في قول
مالك (قال) قال لي مالك دم القران ودم المتعة واحد ولا يكون على أهل مكة دم
القران ولا دم المتعة أحرموا من الميقات أو من غير الميقات (قلت) لابن القاسم
أرأيت لو أن أهل المناهل الذين بين مكة والمواقيت قرنوا أو تمتعوا أيكون عليهم
في قول مالك الدم بما تمتعوا أو قرنوا (قال) نعم وإنما الذين لا يكون عليهم هدى ان
قرنوا أو تمتعوا أهل مكة القرية بعينها وأهل ذي طوى قال واما أهل منى فليسوا
378

بمنزلة أهل مكة
(فيمن تعدى الميقات)
(قلت) لابن القاسم فما قول مالك فيمن تعدى الميقات ثم جمع بين الحج والعمرة
(قال) عليه دم لترك الميقات في رأيي وهو قارن وعليه دم القران
(رسم في الميقات وفيم أفسد حجه ودخول مكة)
(بغير احرام عامدا أو جاهلا)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا أهل من الميقات بعمرة فلما دخل مكة
أو قبل أن يدخلا حرم بحجة أضافها إلى عمرته أيكون عليه دم لتركه الميقات في
الحج قال لا (قلت) لوم وقد جاوز الميقات ثم أحرم بالحج (قال) لأنه لم يجاوز
الميقات الا محرما الا ترى أنه جاوزه وهو محرم بعمرة ثم بدا له فادخل الحج
(قلت) وهذا قول مالك قال نعم هو قوله (قلت) لابن القاسم أرأيت أن
تعدى الميقات ثم أهل بعمرة بعد ما تعدى الميقات ثم دخل مكة أو قبل أن
يدخلها أحرم بالحج أترى عليه للذي ترك من الميقات في العمرة دما (قال) نعم
لان مالكا قال لي من جاوز الميقات وهو يريد الاحرام فجاوزه متعمدا فاحرم بعد
ذلك ولم يقل لي في حج ولا عمرة ان عليه دما (قال ابن القاسم) فلذلك يكون
على هذا دم ون كان يريد العمرة ولا يشبه عندي الذي جاء من عمل الناس في الذين
يخرجون من مكة ثم يعتمرون من الجعرانة والتنعيم لان ذلك رخصة لهم في العمرة
وان يبلغوا مواقيتهم فاما من أتى من بلده فجاوز الميقات متعمدا فأرى عليه الدم
كان في حج أو عمرة (قلت) لابن القاسم أرأيت من أحرم بالحج فجامع فأفسد
حجه ثم أصاب بعد ذلك الصيد وحلق من الأذى وتطيب (قال) قال مالك يلزمه
في جميع ما يصيب مثل ما يلزم الصحيح الحج (قلت) فان تأول فجهل وظن أن
ليس عليه اتمام ما أفسد لما لزمه من القضاء وتطيب ولبس وقتل الصيد مرة بعد مرة
379

عامدا لفعله أترى ان الاحرام قد سقط عنه ويكون عليه فدية واحدة لهذا أو لكل
شي ء فعله فدية (قال) عليه فدية واحدة تجزئه ما عدا الصيد وحده فن لكل صيد
جزاء * (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا من أهل مصر خل مكة بغير
احرام متعمدا أو جاهلا ثم رجع إلى بلده أيكون عليه لدخوله الحرم بغير احرام
حجة أو عمرة (قال) لا يكون عليه شئ ولكنه عصى وفعل ما لم يكن ينبغي له (قال
ابن القاسم) وإنما تركت ان اجعل عليه أيضا حجة أو عمرة لدخوله هذا للذي قال ابن
شهاب. ان ابن شهاب كأن لا يرى بأسا ان يدخل بغير احرام قال وإنما قال مالك
لا يعجبني ان يدخل بغير احرام ولم يقل ان فعل كذا فعليه كذا (قلت) لابن
القاسم أرأيت العبد السيدة ان يدخله مكة بغير احرام أو الجارية في قول مالك (قال)
قال مالك نعم يدخلهما بغير احرام ويخرجهما إلى عرفات وهما غير محرمين (قال)
قال مالك ومن ذلك الجارية يريد بيعها أيضا فيدخلها بغير احرام فلا بأس بذلك (قلت)
لابن القاسم أرأيت أن ادخله سيده مكة بغير احرام ثم اذن له فاحرم من مكة
أيكون على العبد دم لتركه الميقات قال لا (قلت) وهذا قول مالك قال هذا رأيي
(رسم في النصراني يسلم بعد دخول مكة وحج العبد والصبي)
(قلت) لابن القاسم أرأيت النصراني يسلم بعدما دخل مكة ثم يحج من عامه
أيكون عليه لتركه الوقت في قول مالك دم أم لا (قال) قال مالك في النصراني
يسلم عشية عرفة فيحرم بالحج انه يجزئه من حجة الاسلام ولا دم عليه لترك الوقت
والعبد يعتقه سيده عشية عرفة انه إن كان غير محرم فاحرم بعرفة أجزأه ذلك من
حجة الاسلام ولا شئ عليه لترك لوقت (قال مالك) وإن كان قد أحرم قبل أن يعتقه سيده فاعتقه عشية عرفة فإنه على حجه الذي كان وليس له ان يجدد احراما
سواه وعليه حجة الاسلام ولا تجزئه حجته هذه التي أعتق فيها من حجة الاسلام
(قلت) أرأيت الصبي يحرم بحجة قبل أن يحتلم وهو مراهق ثم احتلم عشية عرفة
ووقف قبل عشية عرفة بعد ما أحرم يجزئه من حجة الاسلام (وقال) قال مالك
380

لا يجزئه من حجة الاسلام إلا أن يكون لم يحرم قبل أن يحتلم ثم أحرم عشية عرفة
بعد احتلامه أو احتلم قبل ذلك فاحرم بعدما احتلم فان ذلك يجزئه من حجة الاسلام
ولا يجوز له ان يجدد احراما بعد احتلامه ولكن يمضى على احرامه الذي يحتلم فيه
ولا يجزئه من حجة الاسلام (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (وقال مالك)
والجارية مثله إذا أحرمت قبل المحيض (قلت) لابن القاسم اي أيام السنة كان
يكره مالك العمرة فيها (قال) لم يكن مالك يكره العمرة في شئ من أيام السنة كلها
الا لأهل منى الحاج كان يكره لهم ان يعتمروا في يوم النحر وأيام التشريق حتى
تغيب الشمس من آخر أيام التشريق (قال) فقال له أرأيت من تعجل؟ في يومين أو
من خرج في آخر أيام التشريق حين زالت الشمس فوصل إلى مكة ثم خرج إلى
التنعيم ليحرم (قال) لا يحرم أحد من هؤلاء حتى تغيب الشمس من آخر أيام
التشريق ونهاهم عن ذلك قال وان قفلوا إلى مكة فال يحرموا حتى تغيب الشمس من
آخر أيام التشريق (قال) وإنما سألناه عن ذلك حين رأينا بعض من يفعل ذلك وزعم أن بعض الناس أفتاهم بذلك (قال) فقلنا لمالك أفرأيت أهل الآفاق أيحرمون في
أيام التشريق بالعمرة قال لا بأس بذلك وليسوا كاهل منى الذين حجوا لأنه هذا إنما
يأتي من بلاده وليس هو من الحاج وإنما احلاله بعد أيام منى وليس هو من الحاج
(قال ابن القاسم) وهو عندي سواء كان احلاله بعد أيام منى أو في أيام منى
وليس هو من الحاج.
(فيمن أهل بالحج فجامع امرأته وفيمن أفسد حجه)
(قلت) لابن القاسم أرأيت رجلا أهل بالحج فجامع امرأته ثم أهل بعدما أفسد
حجه بإحرام يريد قضاء الذي أفسد وذلك قبل أن يصل إلى البيت ويفرغ من حجته
الفاسدة (قال) هو على حجته الأولى ولا يكون ما أحدث ن احرامه نقضا لحجته
الفاسدة (قلت) وهذا قول مالك قال هذا رأيي (قلت) أفيكون عليه قضاء
الاحرام الذي جدد قال لا (قلت) أتحفظه عن مالك قال لا وهو رأيي (قلت)
381

لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا أحرم بالحج ففاته الحج فلما فاته الحج أحرم بحجة
أخرى أتلزمه أم لا (قال) لا تلزمه وهو على احرامه الأول وليس له ان يردف
حجا على حج إنما له ان يفسخها في عمرة أو يقيم على ذلك الحج إلى قابل فتكون
حجته تامة (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا أحرم بالحج فجامع في حجه
فأفسد حجه ثم أصاب صيدا بعد صيد ولبس الثياب مرة بعد مرة فس مجالس شتى
وحلق الأذى مرة بعد مرة وفعل مثل هذه الأشياء ثم جامع أيضا مرة بعد مرة
(قال) قال مالك عليه لكل شئ أصاب مما وصفت الدم بعد الدم للطيب كلما تطيب
به فعليه الفدية وان بلغ عددا من الفدية وان لبس الثياب مرة بعد مرة فكذلك أيضا
وان أصاب الصيد حكم عليه بجزاء كل صيد اصابه (قال) وقال مالك والجماع
خلاف هذا ليس عليه في الجماع الا دم واحد وان أصاب النساء مرة بعد مرة امرأة
واحدة كانت أو عددا من النساء ليس عليه في جماعه إياهن الا كفارة واحدة دم
واحد (قال مالك) وان هو أكرههن فعليه الكفارة لهن عن كل واحدة منهن
كفارة كفارة وعن نفسه في جماعه إياهن كفارة واحدة. قال وعليه ان يحجهن إذا
أكرههن وإن كان قد طلقهن وتزوجن الأزواج بعده فعليه ان يحجهن (قال
مالك) وإن كان لم يكرههن ولكن طاوعنه فعليهن على كل واحدة الكفارة الحج
من قابل وعليه هو كفارة واحد في جميع جماعه إياهن (قلت) لابن القاسم فما
حجة مالك في أن جعل عليه في كل شئ اصابه مرة بعد مرة كفارة بعد كفارة الا
في الجماع وحده (قال) لان حجه من ذلك الوجه فسد فلما فسد من وجه الجماع لم
يكن عليه من ذلك الوجه الا كفارة واحدة فاما ما سوى الجماع من لبس الثياب
والطيب والقاء التفث وما أشبه هذا فليس من هذا الوجه فسد حجه فعليه لكل شئ
فعله من هذا كفارة بعد كفارة
(رسم فيمن كان له أهل بمكة وغيرها فاعتمر وحج ومن ساق الهدى)
(قال) وسئل ابن القاسم عن الرجل يكون له أهل بمكة وأهل ببعض الآفاق فيقدم
382

مكة معتمرا في أشهر الحج (قال) قال مالك هذا من مشتبهات الأمور والاحتياط
في ذلك أعجب إلي (قال ابن القاسم) كأنه أراد أن يهريق دما لمتعته قال وهو رأيي
(فيمن دخل معتمرا في أشهر الحج)
(قال) وسئل ابن القاسم عن الرجل يدخل معتمرا في أشهر الحج ثم ينصرف إلى
بلد من البلدان ليس إلى البلد الذي فيه أهل ثم يحج من عامه ذلك أيكون متمتعا
أم لا (قال) قال مالك إذا كان من أهل الشام أو أهل مصر فرجع من مكة إلى المدينة
ثم حج من عامه فإنه على تمتعه وعليه دم المتعة إلا أن يكون انصرف إلى أفق من
الآفاق يتباعد من مكة ثم يحج من عامه فهذا لا يكون متمتعا (قلت) لابن القاسم
أرأيت من كان من أهل المواقيت ومن وراءهم إلى مكة اعتمروا في أشهر الحج ثم
أقاموا حتى حجوا من عامهم أيكون عليهم دم المتعة (قال) قال مالك نعم عليهم دم
المتعة (قال) وقال مالك لو أن رجلا من أهل منى أحرم بعمرة في أشهر الحج ثم لم
يرجع إلى منى حتى حج من عامه ان عليه دم المتعة وانه ان رجع إلى منى سقط عنه دم
المتعة لأنه قد رجع إلى منزله (قلت) لابن القاسم أرأيت المكي إذا أتى المدينة ثم
انصرف إلى مكة فقرن الحج والعمرة أيكون عليه دم القران (قال) قال مالك
لا يكون عليه دم القران لأنه من أهل مكة وإن كان أهل من الميقات فإنه لا يكون
عليه دم القران (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا أهل بعمرة في أشهر الحج
وساق معه الهدى فطاف لعمرته وسعى بين الصفا والمروة أيؤخر الهدى ولا ينحره
حتى يوم النحر ويثبت على احرامه أم ينحره (قال) قال مالك ينحره ويحل ولا
يؤخره إلى يوم النحر قال ولا يجزئه من دم المتعة هذا الهدي ان اخره إلى يوم النحر
لان هذا الهدي قد وجب على هذا الذي ساقه ان ينحره (قال مالك) وليحل إذا
طاف لعمرته وينحر هديه (قلت) لابن القاسم فمتى ينحر هذا المتمتع في قول
مالك هديه هذا (قال) إذا سعى بين الصفا والمروة نحره ثم حلق أو قصر ثم يحل
وإذا كان يوم التروية أحرم (قال) وكان مالك يستحب ان يحرم في أول العشر (قال
383

ابن القاسم) وقد قال مالك في هذا الذي تمتع في أشهر الحج وساق معه الهدى انه
ان اخر هديه وحل من عرته فنحره يوم النحر عن متعته قال مالك فأرجو أن يكون مجزئا عنه (قال) وقد فعل ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال مالك
ولكن الذي قلت لك من أنه ينحره ولا يؤخره أحب إلي (قلت) لابن القاسم
ففي قول مالك إذا هو تركه حتى ينحره يوم النحر أيثبت حراما أم يحل (قال)
قال مالك بل يحل ولا يثبت حراما كذلك قال مالك وان اخر هديه
(رسم في الهدى إذا عطب واستحقاق الهدى الذي يكون)
(مضمونا والأكل منه)
(قلت) لابن القاسم ما قول مالك في الذي تمتع بالعمرة فساق الهدي معه في عمرته
هذه فعطب هديه قبل أن ينحره (قال) هذا الهدى عند مالك هدى تطوع فلا
يأكل منه وليتصدق به لأنه ليس بهدى مضمون لأنه ليس عليه بدله (قال ابن
القاسم) وان اكل منه كان عليه بدله وليحل إذا سعى بين الصفا والمروة ولا يثبت
حراما بمكان هديه الذي ساق معه لأنه هديه الذي ساقه معه لا يمنعه من الاحلال
ولا يجزئه من هدي المتعة (قلت) لابن القاسم أرأيت ان استحق رجل هذا
الهدي الذي ساقه هذا المعتمر في عمرته في أشهر الحج لمتعته أيكون عليه البدل
(قال) نعم أرى ان يجعل ثمنه في هدى لان مالكا سئل عن رجل اهدى بدنا تطوعا
فأشعرها وقلدها وأهداها ثم علم بها عيبا بعد ذلك قال يرجع بقيمة العيب فيأخذه
فقيل له فما يصنع بقيمة العيب قال يجعله في شاة يهديها فهذا عندي مثله (قلت) لابن
القاسم أرأيت الهدي الذي يكون مضمونا اي هدي هو عند مالك (قال) الهدي
الذي إذا هلك أو عطب أو استحق كان عليه ان يبدله فهذا مضمون (قلت) فإن لم
يعطب ولم يستحق حتى نحره أيأكل منه في قول مالك قال نعم يأكل منه (قال)
وقال مالك يأكل من الهدى كله الا فدية الأذى وجزاء الصيد وما نذره للمساكين
(قال) وقال مالك يأكل من هديه الذي ساقه لفساد حجه أو لفوات حجه أو هدى
384

تمتع أو تطوع ومن الهدى كله الا ما سميت لك (قال ابن القاسم) وقال مالك
كل هدي مضمون ان عطب فليأكل منه صاحبه وليطعم منه الأغنياء والفقراء ومن
أحب ولا يبيع من لحمه ولا من جلده ولا من جلاله ولا من خطمه ولا من قلائده
شيئا وان أراد أن يستعين بذلك في ثمن بدله من الهدى فلا يفعل ولا يبيع منه شيئا
(قال مالك) ومن الهدى المضمون ما ان عطب قبل أن يبلغ محله جاز له ان يأكل
منه وهو ان بلغ محله لم يكن له ان يأكل منه فهو جزاء الصيد وفدية الأذى ونذر
المساكين فهذا إذا عطب قبل أن يبلغ محله جاز له ان يأكل منه لان عليه بدله. وإذا
بلغ محله أجزأك عن الذي سقته له ولا يجزئك ان أكلت منه ويصير عليك البدل
إذا أكلت منه
(رسم في الهدى يدخله عيب بعد ما يقلد ويشعر أو قبل ذلك وفي الضحايا)
(قال) وقال مالك وما سقت من الهدى وهو مما لا يجوز في الهدى حين قلدته
وأشعرته فلم يبلغ محله حتى صار مثله يجوز له لو ابتدأ به مثل الأعرج البين
العرج ومثل الدبرة العظيمة تكون به ومثل البين المرض ومثل الأعجف الذي
لا يبقى وما أشبه هذا من العيوب التي لا تجوز فلم يبلغ محله حتى ذهب ذلك العيب
عنه وصار صحيحا يجزئه لو ساقه أول ما ساقه بحاله هذه فإنه لا يجزئه وعليه
البدل إن كان مضمونا (وقال مالك) وما سحاق من الهدى مما مثله يجوز فلم
يبلغ محله حتى اصابته هذه العيوب عرج أو عور أو مرض أو دبر أو عيب من
العيب التي لو كانت ابتداء به لم يجز في الهدى فإنه جائز عنه وليس عليه بدله (قال
مالك) والضحايا ليست بهذه المنزلة ما أصابها من ذلك بعدما تشترى فان على
صاحبها بدلها (قلا) لابن القاسم أكان مالك يجيز للرجل ان يبدل هديه بخير منه قال لا
(قلت) فبهذا يظن أن مالكا فرق بين الضحايا والهدي في العيوب إذا حدثت قال
نعم (قال) فبهذا يظن أن مالكا فرق بين الضحايا والهدي في العيوب إذا حدثت قال
نعم (قال) ولقد سألت مالكا عن الرجل يشترى الأضحية فتذهب فيجدها
385

بعد أن تذهب أيام الذبح هل عليه ان يذبحه. قال لا وإنما يذبح من هذه البدن التي
تشعر وتقلد لله فتلك إذا ضلت ولم توجد الا بعد أيام منى نحرت بمكة وان أصيبت
خارجا من مكة بعد أيام من ى سيقت إلى مكة فنحرت بمكة (قال مالك) وإن لم توقف
هذه البدن بعرفة فوجدت أيام منى سيقت إلى مكة فنحرت بها (قال) وان كانت قد
وقفت بعرفة ثم وجدت في أيام منى نحرت بمنى (قال) ولا ينحر بمنى لا ما وقف به
بعرفة وان أصيبت هذه التي وقف بها بعرفة بعد أيام منى نحرت بمكة ولم تنحر بمنى
لان أيام منى قد مضت (1) (قلت) لابن القاسم اي هدي عند مالك ليس بمضمون
(قال) التطوع وحده (قلت) فف لنا التطوع في قول مالك (قال) كل هدى
ساقه الرجل ليس لشئ وجب عليه من جزاء أو فدية أو فساد حج أو فوات حج أو
شئ تركه من امر الحج أو تلذذ به من أهله في الحج أو في غير ذلك ولمتعة أو لقران
ولكنه ساقه لغير شئ وجب عليه أو يجب عليه في المستقبل وهذا تطوع (قلت)
لابن القاسم اي هدي يجب علي ان أقف به بعرفة في قول ملك (قال) كل هدى
لا يجوز لك ان تنحره ان اشتريته في الحرم حتى تخرجه إلى الحل فتدخله الحرم أو
تشتريه من الحل فتدخله الحرم فهذا الذي يوقف به بعرفة لأنه ان فات هذا الهدى
الوقوف بعرفة لم ينحر حتى يخرج به إلى الحل ان أكان إنما اشترى في الحرم (قلت)
أرأيت أن كان اشترى هذا الهدي في الحل وساقه إلى الحرم وأخطأه الوقوف به بعرفة
أيخرجه إلى الحل ثانية أم لا في قول مالك (قال) لا يخرجه إلى الحل ثانية (قلت)
فأين ينحر كل هدى أخطأه الوقوف بعرفة أو اشتراه بعدما مضى يوم عرفة وليلة
عرفة ولم يقف به في قول مالك (قال) قال مالك ينحره بمكة ولا ينحره بمنى (قال)
وقال مالك لا ينحر بمنى الا كل هدى وقف به في عرفة فاما ما لم يوقف به بعرفة
فينحره بمكة لا بمنى (قلت) لابن القاسم اي الأسنان يجوز في الهدى والبدن

(1) (قوله قلت لابن القاسم اي هدى عند مالك الخ) من هنا إلى آخر الرسم لم يذكر في
الترجمة ما يشير إليه فليحرر اه‍ كتبه مصححه
386

والضحايا في قول مالك (قال) الجذع من الضان والثنى من المعز والثنى من الإبل
والبقر ولا يجوز من الإبل والبقر والمعز الا الثني فصاعدا (قال مالك) وقد كان ابن
عمر يقول لا يجوز الا الثني من كل شئ (قال مالك) ولكن النبي صلى الله عليه
وسلم قد رخص في الجذع من الضأن فانا أرى ذلك أنه يجزئ الجذع من الضأن في
كل شئ في الأضحية والهدى (قلت) لابن القاسم فما البدن عند مالك (قال) هي الإبل
وحدها (قلت) فالذكور والإناث عند مالك بدن كلها (قال) نعم وتعجب مالك ممن
يقول لا يكون الا في الإناث. قال مالك وليس هكذا قال الله تبارك وتعالى في
كتابه قال والبدن جعلناها لكم ولم يقل ذكورا ولا إناثا (قلت) لابن القاسم فالهدى
من البقر والغنم والإبل هل يجوز من ذلك الذكر والأنثى في قول مالك قال نعم
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا قال لله علي بدنة أتكون في قول مالك من
غير الإبل (قال) قال مالك من نذر بدنة فإنما البدن من الإبل إلا أن لا يجد بدنة
من الإبل فتجزئه بقرة فإن لم لجد بقرة فسبعا من الغنم الذكور والإناث في ذلك
سواء (قلت) لابن القاسم فلو قال لله علي هدي ما يجب عليه في قول مالك (قال) لم
اسمع من مالك في هذا شيئا ولكن إن لم يكن له نية فالشاة تجزئه لأنها هدى
(رسم فيم تداوى بدواء)
(قلت) لابن القاسم أرأيت ما كان من فدية الأذى من حلف الرأس أو احتاج إلى
دواء فيه طيب فتداوى به أو احتاج إلى لبس الثياب فلبس أو نحو هذا مما يحتاج إليه
فيفعله أيحكم عليه كما يحكم في جزاء الصيد (قال) لا في قول مالك قال ولا يحكم
عليه الا في جزاء الصيد وحده (قال مالك) وهذا والذي أماط الأذى عنه أو تداوى
بدواء فيه طيب ولبس الثياب أو ف‍؟ هذه الأشياء مخير ان يفعل اي ذلك شاء مما ذكر
الله تبارك وتعالى في كتابه فمن كان منكم مريضا أو به اذى من رأسه ففدية من صيام
أو صدقة أو نسك (قلت) فان أراد أن ينسك فأين ينسك (قال) حيث شاء من البلاد
(قلت) فان أراد أن ينسك بمنى أعليه ان يقف بنسكه هذا بعرفة قال لا (قلت)
387

ولا يخرجه إلى الحل ان اشتراه بمكة أو بمنى وينحره بمنى ان شاء يوم النحر من غير أن
يقف به بعرفة ولا يخرجه إلى الحل وينحره بمكة ان أحب حيث شاء قال نعم (قلت)
وجميع هذا قول مالك قال نعم (قلت) لابن القاسم أرأيت من لبس الثياب وتطيب
في احرامه من غير اذى ولا حاجه له إلى الطيب من دواء ولا غيره الا انه فعل هذا
جهالة وحمقا أيكون مخيرا في الصيام والصدقة والنسك مثل ما يخير من فعله من
اذى قال نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال ابن القاسم) قال مالك لو أن
رجلا دخل مكة في أشهر الحج بعمرة وهو يريد سكناها والإقامة بها ثم حج من
عامه رأيته متمتعا وليس هو عندي مثل أهل مكة لأنه إنما دخل يريد السكنى ولعله
يبدو لها فأرى عليه الهدي
(رسم فيمن حل من عمرته ثم أحرم بعمرة أخرى)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا أحرم بعمرة من أهل الآفاق في غير أشهر
الحج وحل منها في غير الشهر الحج ثم اعتمر عمرة أخرى من التنعيم في أشهر
الحج ثم حج من عامه أيكون عليه دم المتعة (قال) نعم وارى أن يكون
ذلك عليه وهو عند ى مثل الذي أخبرتك من قوله في الذي يقدم ليسكن مكة فلما
جعل مالك عليه الدم رأيت على هذا دم المتعة لان هذا عندي لم تكن اقامته الأولى
سكنى وقد أحدث عمرة في أشهر الحج وهذا عندي أبين من الذي قال مالك في
الذي يقدم ليسكن (قلت) لابن القاسم أفتجعله بعمرته هذه التي أحدثها من
مكة في أشهر الحج قاطعا لما كان فيه وتجزئه عمرته هذه التي في أشهر الحج من أن
يكون بمنزلة أهل مكة وإن كان إنما اعتمر من التنعيم قال نعم
(رسم فيمن غسل يديه بأشنان ومن غسل رأسه بالخطمي ودخول الحمام)
(قلت) لابن القاسم أرأيت من غسل يديه وهو محرم بأشنان مطيب أعليه كفارة
أم لا في قول مالك (قال) قال مالك إن كان بالريحان وما أشبهه غير المطيب فأراه
388

خفيفا واكره ان يفعله أحد ولا أرى على من فعله فدية فإن كان طيب الأشنان
بالطيب فعليه الفدية اي ذلك شاء فعل (قال) فقلنا لمالك فالأشنان وما أشبهه غير
المطيب الغاسول وما أشبهه يغسل به المحرم يديه (قال) لا بأس بذلك (قلت) لابن
القاسم أرأيت من غسل رأسه بالخطمي وهو محرم أعليه الفرية في قول مالك قال نعم
(قلت) فأي الفدية شاء قال نعم (قال) وقال مالك فيمن دخل الحمام وهو محرم
فتدلك فعليه الفدية (قال) وقال مالك من دهن عقبيه وقدميه من شقوق وهو
محرم فلا شئ عليه (قال) وان دهنهما من غير علة أو دهن ذراعيه وساقيه ليحسنهما
لا من علة فعليه الفدية (قال ابن القاسم) وسئل مالك عن الصدغين يلصق عليهما مثل
ما يصنع الناس إذا فعل ذلك المحرم (قال) قال مالك عليه الفدية (قال) وسئل مالك
عن الفروج تكون بالمحرم فيلصق عليها خرقا (قال) قال مالك أرى ان كانت الخرق
صغارا فال شئ عليه وان كانت كبارا فعليه الفدية (قلت) لابن القاسم أرأيت من
كان عليه هدى من جزاء صيد فلم ينحره حتى مضت أيام التشريق فاشتراه في الحرم
ثم خرج به إلى الحل أيدخل محرما لمكان هذا الهدى أم يدخل حلالا (قال) قال
مالك يدخل حلالا (قال) وقال مالك ولا بأس ان يبعث بهديه هذا مع حلال
من الحرم ثم يقفه في الحل فيدخله الحرم فينحره عنه
(رسم في الصيام في الحج والعمرة)
(قلت) لابن القاسم أرأيت الصيام في الحج والعمرة في اي شئ يجوز في قول مالك
(قال) الصيام في الحج والعمرة عند مالك إنما هو في هذه الأشياء التي أصف لك إنما
يجوز الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إن لم يجد هديا صام قبل يوم النحر ثلاثة أيام
وسبعة إذا رجع فإن لم يصمها قبل يوم النحر صامها أيام التشريق يفطر يوم النحر
الأول ويصومها فيما بعد يوم النحر فإن لم يصمها في أيام التشريق فليصمها بعد ذلك
إذا كان معسرا. وفي جزاء الصيد قال الله تعالى أو عدل ذلك صياما وفي فدية الأذى
قال الله تعالى ففدية من صيام أو صدقة أو نسك (قال) وقال مالك كل من وجب
389

عليه الدم من حج فائت أو جامع في حجه أو ترك رمى الجار أو تعدى الميقات فاحرم
أو ما أشبه هذه الأشياء التي يجب فيها الدم فهو إن لم يجد الدم صام (قلت) لابن
القاسم فكم يصوم هذا الذي وجب عليه الدم في هذه الأشياء التي ذكرت لي إذا
هو لم يجد الدم في قول مالك (قال) ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع (قال ابن
القاسم) قود قال لي مالك في الذي يمشي في نذر فيعجز انه يصوم متى شاء ويقضى
متى شاء في غير حج فكيف لا يصوم في غير حج (قال ابن القاسم) وكل ما كان
من نقص في حج من رمى جمرة أو ترك النزول بالمزدلفة فهو مثل العجز الا الذي
يصيب أهله في الحج فان ذلك يصوم في الحج (قلت) والذي يفوته الحج أيصوم
الثلاثة الأيام في الحج إذا لم يجد هديا (قال) نعم يصوم في الحج (قلت) لابن القاسم
أليس إنما يجوز في قول مالك ان يصوم مكان هذا الهدى الذي وجب عليه في الجماع
وما أشبهه إذا كأن لا يجد الهدى فان وجد الهدي قبل أن يصوم لم يجز له ان يصوم
(قال) نعم هو قول مالك (قلت) أرأيت المتمتع إذا لم يصم حتى مضت أيام العشر
وكان معسرا ثم وجد يوم النحر من يسلفه اله ان يصوم أو يتسلف (قال) قال مالك
يتسلف إن كان موسرا ببلده ولا يصوم (قلت) فإن لم يجد من يسلفه ولم يصم حتى
رجع إلى بلاده وهو يقدر ببلاده على الدم أيجزئه الصوم أم لا (قال) قال لي مالك
إذا رجع إلى بلاده وهو يقدر على الهدى فلا يجزئه الصوم وليبعث بالهدى (قال)
وقال لي مالك وإن كان قد صام قبل يوم النحر يوما أو يومين في صيام التمتع فليصم
ما بقي في أيام التشريق (قلت) لابن القاسم وكذلك الذي جامع أو ترك الميقات
وما أشبههم أيجزئهم ان يصوموا مثل ما يجزئ المتمتع بعض صيامهم قبل العشر
وبعض صيامهم بعد العشر ويجزئهم ان يصوموا في أيام النحر بعد يوم النحر الأول
قال نعم (قلت) وكل شئ صنعه في العمرة من ترك الميقات أو جامع فيها أو ما أوجب
به مالك عليه الدم في الحج وما يشبه هذا فعليه إذا فعله في العمرة الدم أيضا وإن كان
لا يجد الدم صام ثلاثة أيام وسبعة بعد ذلك (قال) نعم في قول مالك (قلت) فان
390

وجد الهدى قبل أن يصوم لم يجزه الصيام قال نعم (قل) ولا يجزئ في شئ
من هذا الهدى الذي ذكرت لك من الجماع وما أشبهه في قول مالك مما جعلته مثل
دم أمتعة الطعام (قال) نعم لا يجزئه الطعام (قلت) وليس الطعام في شئ من الحج
والعمرة في قول مالك الا فيما ذكرت لي ووصفته لي في هذه المسائل قال نعم
(رسم في موضع الطعام والهدي إذا عطب ما يصنع به)
(قلت) في اي موضع الطعام في قول مالك في الحج والعمرة صفه لي في اي المواضع
يجوز له الطعام في الحج والعمرة (قال) قال مالك ليس الطعام في الحج والعمرة الا في
هذين الموضعين في فدية الأذى وجزاء الصيد فقط ولا يجوز الطعام الا في هذين
الموضعين (قلت) لابن القاسم هل في الحج والعمرة في شئ مما إذا ترك ان يفعله
المحرم هدى لا يجوز فيه الا الهدي وحده لا يجوز فيه طعام ولا صيام (قال) قال مالك
كل شئ يكون فيه الهدي لا يجده الحاج والمعتمر فالصيام يجزئ موضع هذا الهدي
وما كأن يكون موضع هذا الهدي صيام أو طعام فقد فسرته لك من قول مالك
قبل هذه المسألة.
(في هدي التطوع إذا عطب)
(قلت) لابن القاسم أرأيت هدى التطوع إذا عطب كيف يصنع به صاحبه في
قول مالك (قال) قال مالك يرمي بقلائدها في دمه إذا نحرها ويخلى بين الناس وبينها
ولا يأمر أحدا ان يأكل منها لا فقيرا ولا غنيا فان اكل أو امر أحدا من الناس بأكلها
أو بأخذ شئ من لحمها كان عليه البدل (قلت) لابن القاسم فما يصنع بخطمها وبجلالها
(قال) يرمى به عندها ويصير سبيل الجلال والخطم سبيل لحمها (قلت) أتحفظه عن
مالك قال نعم (قلت) فإن كان ربها ليس معها ولكنه بعثها مع رجل فعطبت
أيأكل منها في قول مالك هذا الذي بعثت معه كما يأكل الناس (قال ابن القاسم)
سبيل هذا المبعوثة معه سبيل صاحبها لا يأكل منها كما يأكل الناس الا انه هو الذي
391

ينحرها أو يأمر بنحرها ويفعل فيها كما يفعل بها ربها ان لو كان معه وان أكلها لم
أر عليه ضمانا (قال ابن القاسم) ولا يأمر ربها هذا المبعوثة معه هذه الهدية ان هي
عطبت ان يأكل فان فعل فهو ضامن لها (قال ابن القاسم) الا ترى ان صاحب
الهدى حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما اصنع بما عطب منها
قال انحرها والق قلائدها في دمها وخل بين الناس وبينها (قلت) لابن القاسم
أرأيت كل هدى وجب علي في حج أو عمرة أو غير ذلك أيجوز لي في قول مالك
ان ابعثه مع غيري قال نعم
(رسم فيمن سعى بعض السعي للعمرة ثم أحرم بالحج)
(قلت) لابن القاسم أرأيت من أهل بعمرة من الميقات فلما طاف بالبيت وسعى
بعض السعي بين الصفا والمروة أحرم بالحج أيكون قارنا وتلزمه هذه الحجة في
قول مالك (قال) قال لنا مالك من أحرم بعمرة فله ان يلبي بالحج ويصير قارنا ما لم
يطف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة (قلت) لابن القاسم أرأيت من بدا في
الطواف بالبيت في قول مالك ولم يسع بين الصفا والمروة أو فرغ من الطواف بالبيت
وسعى بعض السعي بين الصفا والمروة ثم أحرم بالحج أليس يلزمه قبل أن يسعى
(قال) الذي كان يستحب مالك انه إذا طاف بالبيت لم يجب له ان يردف الحج مع
العمرة (قال ابن القاسم) وانا أرى أن لا يفعل فان فعل قبل أن يفرغ من سعيه رأيت أن يمضى على سعيه ويحج ثم يستأنف الحج وإنما ذلك له ما لم يطف بالبيت ويركع فإذا
طاف وركع فليس له ان يدخل الحج على العمر وهو الذي سمعت من قول مالك
(قلت) لابن القاسم أرأيت أن كان هذا المعتمر قد طاف بالبيت وسعى بين الصفا
والمروة في عمرته ثم فرض الحج بعد فراغه من السعي بين الصفا والمروة (قال)
قال مالك لا يكون هذا قارنا وارى ان يؤخر حلاق شعره ولا يطوف بالبيت حتى
يرجع من منى الا ان يشاء ان يطوف تطوعا ولا يسعى بين الصفا والمروة حتى
يرجع من منى قال وعلى هذا الذي أحرم بالحج بعدما سعى بين الصفا والمروة في
392

عمرته دم لتأخير الحلاق لأنه لما أحرم بالحج لم يقدر على الحلاق فلما اخر الحلاق
كان عليه الدم
(رسم في الدم ما يصنع به)
(قلت) فهذا الدم كيف يصنع به في قول مالك (قال) قال مالك يقلده ويشعره
ويقف به في عرفة مع هدى تمتعه فن لم يقف به بعرفة لم يجزه ان اشتراه في الحرم
الا ان يخرجه إلى الحل فيسوقه من الحل إلى مكة ويصير منحره بمكة (قلت) لابن
القاسم ولم امره مالك ان يقف بهذا الهدي الذي جعله عليه لتأخير الحلاق بعرفة
وهو ان حلق من اذى لم يأمره بان يقف بهديه (قال) قال مالك ليس من وجب
عليه الهدي لترك الحلاق مثل من وجب عليه النسك من اماطته الأذى لان
الهدى إذا وجب لترك الحلاق فإنما هو هدى وكل ما هو هدى فسبيله سبيل هدى
المتمتع والصيام فيه إن لم يجد ثلاثة أيام في الحج وسبعة بعد ذلك ولا يكون فيه
الطعام. واما نسك الأذى فهو مخير ان شاء أطعم وان شاء صام وان شاء نسك والصيام
فيه ثلاثة أيام والنسك فيه شاء والطعام فيه لستة مساكين مدين مدين بمد النبي صلى
الله عليه وسلم فهذا فرق ما بينهم (قلت) لابن القاسم أرأيت من دخل مكة
معتمرا في غير أشهر الحج ثم اعتمر في أشهر الحج من مكة ثم حج من عامه أيكون
متمتعا قال نعم (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
(رسم في المكي إذا قرن الحج والعمرة ومن أين يحرم)
(من أفسد حجه وعمرته)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن مكيا قدم من أفق من الآفاق فقرن الحج والعمرة
أيكون قارنا في قول مالك (قال) قال لي مالك لا يكون عليه الهدى وهو قارن يفعل
ما يفعل القارن الا انه مكي ولا دم عليه (قلت) لابن القاسم فلو أن هذا المكي
أحرم بعمرة فلما طاف بالبيت وصلى الركعتين أضاف الحج إلى العمرة (قال) قد
393

أخبرتك ان مالكا كأن لا يرى لمن طاف وركع ان يردف الحج مع العمرة وأخبرتك
ان رأيي على ذلك أن يمضى على سعيه وحل ثم يستأنف الحج وإنما ذلك له ما لم يطف
بالبيت ويركع فإذا طاف وركع فليس له ان يدخل الحج على العمرة (قال ابن
القاسم) ولو دخل بعمرة فأضاف الحج ثم أحصر بمرض حتى فاته الحج فإنه يخرج
إلى الحل ثم يرجع فيطوف ويحل ثم يقضى الحج والعمرة قابلا قارنا (قلت) لابن
القاسم أرأيت من أفسد حجه أو عمرته بإصابة أهله من أين يقضيهما (قال) قال مالك
من حيث أحرم بهما إلا أن يكون احرامه الأول كان أبعد من الميقات فليس عليه ان
يحرم الثانية الا من الميقات (قلت) لابن القاسم فان تعدى الميقات في قضاء حجته
أو عمرته فاحرم (قال) فأرى ان تجزئه من القضاء وارى ان يهريق دما (3) (قلت) وتحفظه
عن مالك (قال) لا الا ان مالكا قال لي في الذي يتعدى الميقات وهو صرورة ثم يحرم
ان عليه الدم فليس يكون ما أوجب على نفسه مما أفسده أوجب مما أوجب الله عليه من
الفريضة. ومما يبين ذلك أن من افطر في قضاء رمضان متعمدا انه لا كفارة عليه
وليس عليه الا قضاء يوم
(فيمن تعدى الميقات فاحرم بعد ما جاوز الميقات والتكبير في العيدين)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أن تعدى الميقات فاحرم بعد ما جاوز الميقات بالحج
وليس بصرورة أعليه الدم في قول مالك (قال) نعم إن كان جاوز ميقاته حلالا وهو
يريد الحج ثم أحرم فعليه الدم (قلت) لأبي هاشم أرأيت إذا خرج الرجل في
العيدين أيكبر من حين يخرج من بيته في يوم الأضحى ويوم الفطر قال نعم (قلت)
حتى متى يكبر (قال) يكبر حتى يبلغ المصلى ويكبر في المصلى حتى يخرج الامام فإذا
خرج الامام قطع التكبير (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) والأضحى
والفطر في هذا التكبير سواء عند مالك قال نعم (قلت) ولا يكبر إذا رجع من
المصلى إلى بيته قال نعم لا يكبر (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فإذا كبر
الامام بين ظهراني خطبته أيكبر بتكبيره (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وان
394

كبر فحسن وليكبر في نفسه قال وهذا رأيي (قال ابن القاسم) وسالت مالكا أو
سئل عن الرجل يأتي في صلاة العيدين وقد فاتته ركعة وبقيت ركعة كيف يقضي
التكبير ذا سلم الامام (قال) يقضي التكبير على ما فاته (قال) فقيل لمالك فلو أن
رجلا أدرك الامام في تشهد العيدين أيستحب له ان يدخل بإحرام أم يقعد حتى
إذا فرغ الامام قام فصلى (قال) بل يحرم ويدخل مع الامام فإذا فرغ صلى وكبر ستا
وخمسا (فقيل) له فلو أنه جاء بعد ما صلى الامام وفرغ من صلاته أترى ان يصلى تلك
الصلاة في المصلى (قال) نعم لا بأس به لمن فاتته ويكبر ستا وخمسا ان صلى وحده (وقال
مالك) لو أن امام نسي التكبير في العيدين حتى قرا وفرغ من قراءته في الركعة
الأولى قبل أن يركع رأيت أن يعيد التكبير ويعيد القراءة ويسجد سجدتي السهو
بعد السلام وان نسي حتى ركع مضى ولم يقض تكبير الركعة الأولى في الركعة
الثانية وسجد سجدتي السهو قبل السلام وكذلك في الركعة الثانية ان نسي التكبير
حتى يركع مضى وسجد سجدتي السهو قبل السلام (قال) وان نسي التكبير في الركعة
الثانية حتى يفرغ من قراءة الركعة الثانية الا انه لم يركع بعد رجع فكبر ثم قرأ ثم
ركع وسجد لسهوه بعد السلام (قال ابن القاسم) وإنما قال لنا مالك من نسي التكبير
كما فسرت لك ولم يقل لنا الركعة الثانية من الأولى ولكن كل ما كتبت من هذه
المسائل فهو رأيي
(رسم فيمن طاف للعمرة وسعى بعض السعي فهل عليه شوال)
(وفي الرمل في الزحام)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا اعتمر في رمضان فطاف بالبيت في
رمضان وسعى بعض السعي بين الصفا والمروة في رمضان فهل هلال شوال وقد
بقي عليه بعض السعي بين الصفا والمروة (قال مالك) هو متمتع إلا أن يكون قد
سعى جميع سعيه بين الصفا والمروة في رمضان فاما إذا كان بعض سعيه بين الصفا
والمروة في شوال فهو متمتع ان حج م عامه (قلت) لابن القاسم فإن كان قد
395

سعى جميع السعي ثم هل هلال شوال قبل أن يحلق (قال) إذا فرغ من سعيه بين
الصفا والمروة فهل هلال شوال قبل أن يحلق الا انه قد فرغ من سعيه بين الصفا
والمروة ثم حج من عامه ذلك فليس بمتمتع لان مالكا قال لنا إذا فرغ الرجل من
سعيه بين الصفا والمروة فلبس الثياب فلا أرى عليه شيئا وإن كان لم يقصر (قال
ابن القسام) وسئل مالك عن الرجل يزاحمه الناس في طوافه في الأشواط الثلاثة
التي يرمل فيها (قال) قال مالك يرمل على قدر طاقته (قلت) فهل سمعت
مالكا يقول إذا اشتد الزحام ولم يجد مسلكا انه يقف (قال) ما سمعته قال ابن القاسم
ويرمل على قدر طاقته (وسئل) مالك عن زجل نسي ان يرمل أو جهل في أول
طوافه بالبيت أو جهل أو نسي ن يسعى في بطن الوادي بين الصفا والمروة (قال)
هذا خفيف ولا أرى عليه شيئا (قال ابن القاسم) وقد كان مالك قال مرة عليه
الدم ثم رجع عنه بعد ذلك إلى هذا انه لا دم عليه سألناه عنه مرارا كثيرة كل ذلك
يقول لا دم عليه (قال مالك) ويرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود (قال
مالك) ان شاء استلم الحجر كلما مر وان شاء لم يستلم ولا أرى بأسا ان يستلم الحجر من
لا يطوف يستلمه وإن لم يكن في طوافه
(في الابتداء بالاستلام قبل الطواف)
(قلت) لابن القاسم أرأيت الرجل أول ما يدخل مكة فابتدأ الطواف أول ما يدخل
مكة كيف يطوف أيطوف بالبيت ولا يستلم الركن أو يبدأ فيستلم الركن (قال)
قال مالك هذا الذي يدخل مكة أول ما يدخل يبتدئ باستلام الحج ثم يطوف
(قلت) فإن لم يقدر على استلام الحجر كبر ثم طاف بالبيت ولا يستلمه كلما مر به
في قول مالك (قال) ذلك واسع في قوله إن شاء استلم وان شاء ترك (قلت) فان
ترك الاستلام أيترك التكبير أيضا كما ترك الاستلام في قول مالك (قال) قال مالك
لا يدع التكبير كلما حاذاه كبر (قلت) لابن القاسم أرأيت هذا الذي دخل مكة
فطاف بالبيت الطواف الأول الذي أوجبه مالك الذي يصل به السعي بين الصفا
396

والمروة فأمره مالك بان يستلم إلا أن لا يقدر فيكبر (قلت) أرأيت ما طاف بعد
هذا الطواف أيبتدئ باستلام الركن في كل طواف يطوفه بعد ذلك (قال) ليس
عليه ان يستلم في ابتداء طوافه الا في الطواف الواجب الا ان يشاء ولكن لا يدع
التكبير كلما مر بالحج في كل طواف يطوفه من واجب أو تطوع (قلت) فالركن
اليماني أيستلمه في كل ما مر به في الطواف الواجب أو التطوع (قال) مالك ذلك
واسع ان شاء استلمه وان شاء تركه (قلت) أفيكبر ان ترك الاستلام (قال) مالك
يكبر كلما مر به إذا ترك استلامه (قال ابن القاسم) سالت مالكا عن هذا الذي
يقول الناس عند استلام الحجر ايمان بك وصديقا بكتابك فأنكره (قلت) لابن
القاسم أفيزيد على التكبير في قول مالك أم لا عند استلام الحج أو الركن اليماني
(قال) لا يزيد على التكبير في قول مالك (قلت) لابن القاسم أرأيت أن وضع الخدين
والجبهة على الحجر الأسود (قال) أنكره مالك وقال هذه بدعة
(رسم فيمن طاف في الحجر)
(قلت) لابن القاسم أرأيت من طاف في الحجر أيعتد به أم لا (قال) قال
مالك ليس ذلك بطواف (قلت) فيلغيه في قول مالك ويبتنى على ما كان طاف. قال
نعم (قال ابن القاسم) وسألنا مالكا عن الركن هل يستلمه من ليس في طواف
(قال) لا بأس بذلك (قلت) لابن القاسم أرأيت من طاف بالبيت أول ما دخل مكة
ثم صلى الركعتين فأراد الخروج إلى الصفا والمروة أيرجع فيستلم الحجر قبل أن
يخرج إلى الصفا والمروة أم لا (قال) قال مالك نعم يرجع فيستلم الحجر ثم يخرج
(قلت) وإن لم يفعل أيرى عليه مالك لذلك شيئا قال لا (قلت) أرأيت أن
طاف بالبيت بعدما سعى بين الصفا والمروة فأراد أن يخرج إلى منزله أيرجع إلى
الحجر فيستلمه كلما أراد الخروج (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أرى
ذلك الا ان يشاء ان يستلمه فذلك له
397

(رسم في الموضع الذي يقف به الرجل بين الصفا والمروة)
(وفي الدعاء ورفع اليدين)
(قلت) لابن القاسم اي موضع يقف الرجل من الصفا والمروة (قال) قال
مالك أحب إلي ان يصعد على أعلاها موضعا يرى منه الكعبة (قال) فقلنا
لمالك فإذا دعا أيقعد على الصفا والمرو (قال) ما يعجبني ذلك إلا أن يكون به علة
(قلت) لابن القاسم فالنساء (قال) ما سألنا مالكا عنهن الا كما أخبرتك (قال ابن
القاسم) وانا أرى ان النساء مثل الرجال انهن يقفن قياما إلا أن يكون بهن ضعف
أو علة الا انهن إنما يقفن في أصل الصفا والمروة في أسفلهما وليس عليهن صعود عليهما
الا ان يخلوا فيصعدن (قلت) فهل كان مالك يذكر على الصفا والمروة دعاء مؤقتا
قال لا (قلت) فهل ذكر لكم مالك مقدار يدعو على الصفا والمروة (قال) رايته
يستحب المكث في دعائه عليهما (قلت) لابن القاسم فهل كان يستحب مالك
ان ترفع الأيدي على الصفا والمروة (قال) رفعا خفيفا ولا يمد يده رافعا (قال)
ورأيت مالكا يستحبان يترك رفع الأيدي في كل شئ (قلت) لابن القاسم الا
في ابتداء الصلاة (قال) نعم الا في ابتداء الصلاة (قال) لا أنه قال في الصفا والمروة
إن كان فرفعا خفيفا. وقال لي مالك في الوقوف بعرفة ان رفع أيضا فرفعا خفيفا (قلت)
لابن القاسم فهل يرفع يديه في المقامين عند الجمرتين في قول مالك (قال) لا أدري
ما قوله ولا أرى ان يفعل (قال ابن القاسم) وسئل مالك عن الامام إذا امر الناس
بالدعاء وأمروهم ان يرفعوا أيديهم في مثل الاستسقاء والامر الذي ينزل بالمسلمين مما
يشبه ذلك قال فليرفعوا أيديهم إذا أمرهم قال وليرفعوا رفعا خفيفا وليجعلوا ظهور
أكفهم إلى وجوههم وبطونها إلى الأرض (قال ابن القسام) وأخبرني بعض من
أثق به انه رأى مالكا في المسجد يوم الجمعة ودعا الامام في امر وأمر الناس برفع
أيديهم فرأى مالكا فعل ذلك رفع يديه ونصبهما وجعل ظاهرهما مما يلي السماء (قال
ابن القاسم) قال مالك اكره للرجل إذا انصرف من عرفات ان يمر في غير طريق
398

المأزمين (قال) واكره للناس هذا الذي يصنعون يقدمون أبنيتهم إلى منى قبل
يوم التروية واكره لهم أيضا ان يتقدموا هم أنفسهم قبل يوم التروية إلى منى (قال)
واكره لهم ان يتقدموا إلى عرفة قبل يوم عرفة هم أنفسهم أو يقدموا أبنيتهم
(قال مالك) واكره البنيان الذي أحدثه الناس بمنى (قال) وما كان بعرفة مسجد
مذ كانت عرفة وإنما أحدث مسجدها بعد بني هاشم بعشر سنين (قال مالك)
واكره بنيان مسجد عرفة لأنه لم يكن فيه مسجد منذ بعث الله نبيه صلى الله عليه
وسلم (قال) فقلنا لمالك فالامام أين كان يخطب قال في الموضع الذي يخطب فيه ويصلى
بالناس فيه كن يتوكأ على شئ ويخطب (قلت) لابن القاسم أفتحفظ عن مالك انه
كره ان يقدم الناس أثقالهم من منى أو يقدم الرجل ثفله من منى (قال) لا احفظه عن
مالك ولا أرى به بأسا
(رسم في موضع الأبطح وفي الطواف للقارن ومن نسي بعض الطواف)
(قلت) لابن القاسم كيف الأبطح في قول مالك إذا رجع أناس من منى وأي
موضع هذا الأبطح (قال) قال مالك إذا رجع الناس من منى نزلوا الأبطح فصلوا
به الظهر والعصر والمغرب والعشاء إلا أن يكون رجل أدركه وقت الصلاة قبل أن
يأتي الأبطح فيصلى الصلوات حيثما أدركه الوقت ثم يدخل مكة بعد العشاء (قلت)
لابن القاسم فمتى يدخل مكة هذا الذي صلى بالأبطح الظهر والعصر والمغرب والعشاء
في أول الليل أو في آخر الليل (قال) قال مالك يصلى هذه الصلوات التي ذكرت لك
ثم يدخل (قال) وارى انه يدخل أول الليل (قلت) لابن القاسم فأين الأبطح
عند مالك (قال) لم اسمع منه أين هو ولكن الأبطح معروف هو أبطح مكة حيث
المقبرة وكان مالك يستحب لمن يقتدى به أن لا يدع ان ينزل بالأبطح وكان
يوسع لمن لا يقتدى به انه إذا دخل مكة أن لا ينزل بالأبطح قال وكان يفتى بهذا
سرا واما علانية فكان يفتى بالنزول بالأبطح لجميع الناس (قال) وقال مالك من
قرن الحج والعمرة أجزأه طواف واحد عنهما وهي السنة (قلت) لابن القاسم
399

أرأيت من دخل مكة معتمرا مراهقا فلم يستطع الطواف بالبيت خوفا ان يفوته
الحج فمضى إلى عرفات وفرض الحج فرمى الجمرة أيحلق رأسه أم يؤخر حلاق رأسه
حتى يطوف بالبيت لمكان عمرته في قول مالك (قال) قال مالك هذا قارن وليحلق
إذا رمى الجمرة ولا يؤخر حتى يطوف بالبيت (قلت) لابن القاسم أرأيت رجلا
دخل مكة معتمرا فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ونسي الركعتين اللتين على
اثر الطواف حتى انصرف إلى بلاده ووطئ النساء (قال) يركعهما إذا ذكر ويهدى
هديا (قلت) فان ذكر أنه لم كن طاف بالبيت الا ستا كيف يصنع (قال) يعيد
الطواف بالبيت ويصلى الركعتين ويسعى بين الصفا والمروة ويمر الموسى على رأسه
ويقضي عمرته ويهدى (قلت) فإن كان حين دخل مكة طاف بالبيت وسعى ثم
أردف الحج فلما كان بعرفة ذكر أنه لم يكن طاف بالبيت الا ستا كيف يفعل (قال)
هذا قارن يعمل عمل القارن (قلت) لابن القاسم هل كان مالك يكره الحلاق يوم
النحر بمكة (قال) قال مالك الحلاق بمنى يوم النحر أحب إلي فان حلق بمكة أجزأه
ولكن أفضل ذلك أن يحلق بمنى (قال) وقال مالك في الذي تضل بدنته يوم النحر
انه يؤخر حلاق رأسه ويطلبها (قلت) فيطلبها نهاره كله يومه ذلك (قال) قال
مالك لا ولكن ما بينه وبين ان تزول الشمس فان أصابها والا حلق رأسه (قلت)
لابن القاسم أرأيت أن كانت هذه البدنة مما عليه بدلها أو كانت مما لا بدل عليه لها
فهما سواء (قال) نعم هما سواء عند مالك ولا يجزئان عليه شيئا وهو بمنزلة من لم يهد
يفعل ما يفعل من لم يهد من وطئ النساء والإفاضة وحلق رأسه ولبس الثياب كذلك
قال مالك (قلت) لابن القاسم أرأيت ما أوقفه غيري من الهدى أيجزئني في قول
مالك (قال) قال مالك لا يجزئ الا ما أوقفته أنت لنفسك (قلت) هل توقف
الإبل والبقر والغنم في قول مالك قال نعم (قلت) فهل يبات بما وقف من الهدى
بعرفة وفي المشعر الحرام (قال) ان بات به فحسن وإن لم يبت فلا شئ عليه (قلت)
فهل يخرج الناس بالهدى يوم التروية كما يخرجون إلى منى ثم يدفعون كما يدفعون إلى
400

عرفات (قال) لم اسمع من مالك أكثر من أن يقف بها بعرفة ولا يدفع بها قبل
غروب الشمس (قال ابن القاسم) فان دفع بها قبل غروب الشمس فليس ذلك
بوقف (قلت) لابن القاسم فان عاد بها فوقفها قبل انفجار الصبح بعرفة أيكون
هذا وقفا (قال) نعم هو عندي وقف وذلك أن مالكا قال لي في الرجل يدفع قبل أن تغرب الشمس من عرفة قال إن أدرك ان يرجع فيقف بعرفة قبل أن يطلع
الفجر كان قد أدرك الحج وان فاته ان يقف بعرفة قبل طلوع الفجر فقد فاته الحج
فعليه الحج من قابل وكذلك الهدى الا ان الهدى يساق إلى مكة فينحر بها
ولا ينحر بمنى (قلت) لابن القاسم أرأيت ما اشترى من الهدى بعرفات فوقفه
بها أليس يجزئ في قول مالك قال نعم
(في احرام أهل مكة والمعتمرين)
(قلت) لابن القاسم من أين يستحب مالك للمعتمرين وأهل مكة ان يحرموا
بالحج (قال) من المسجد الحرام
(في تقليد الهدي وتشعيره)
(قلت) لابن القسام متى يقلد الهدى وشعر ويجلل في قول مالك (قال) قبل أن
يحرم يقلد ويشعر ويجلل ثم يدخل المسجد فيصلى ركعتين ولا بحرم في دبر الصلاة
في المسجد ولكن إذا خرج فركب راحلته في فناء المسجد فإذا استوت به لبى ولم
ينتظر ان يسير وينوى بالتلبية الاحرام ان حجا فحج وان عرة فعمرة (قلت)
وإن كان قارنا (قال) قال مالك إذا كان قارنا فوجه الصواب فيه أن يقول لبيك
بعمرة وحجة يبدأ بالعمرة قبل الحجة (قال) ولم أسأله أيتكلم بذلك أم ينوى بقلبه
العمرة ثم الحجة إذا هو لبى الا ان مالكا قال لي النية تكفيه في الاحرام ولا يسمى
عمرة ولا حجة (قل ابن القاسم) في القارن أيضا ان النية تجزئه ويقدم العمرة في
نيته قبل الحج (قال) قال مالك فإن كان ماشيا فحين يخرج من المسجد ويتوجه للذهاب
401

يحرم ولا ينتظر ان يظهر بالبيداء (قلت) لابن القاسم أرأيت من قلد هو يريد
الذهاب مع هديه إلى مكة أيكون بالتقليد أو بالاشعار أو بالتجليل محرما في قول مالك
(قال)
لا حتى يحرم (قال ابن القاسم) يقلد ثم يشعر ثم يجلل في رأيي كل ذلك
وسع (قلت) لابن القسام أرأيت من ضفر أو عقص أو لبد أيأمره مالك
بالحلاق قال نعم (قلات) فلم امره مالك بالحلاق. قال للسنة (قلت) فما معنى
هذا القول عندكم ولا تشبهوا بالتلبيد (قال) معناه ان السنة جاءت فيمن لبد
فقد وجب عليه الحلاق وقيل من عقص أو ضفر فليحلق ولا تشبهوا أي لا تشبهوا
علينا فإنه مثل التلبيد
(رسم في تقصير المرأة)
(قلت) لابن القاسم فهل ذكر لكم مالك كم تأخذ المراة من شعرها في الحج أو
العمرة (قال) نعم الشئ القليل وقال لنا مالك ولتأخذ من جميع قرون رأسها (قال) قال
مالك ما اخذت من ذلك فهو يكفيها (قلت) فان اخذت من بعض القرون
وأبقت بعضها أيجزئها في قول مالك قال لا (قلت) وكذلك لو أن رجلا قصر
من بعض شعره وأبقى بعضه أيجزئه في قول مالك قال لا (قلت) فان قصر أو
قصرت بعضا وأبقيا بعضا ثم جامعها (قال) لا احفظ من مالك فيه شيئا وارى
عليهما الهدى (قلت) فكم حد ما يقصر الرجل من شعره في قول مالك (قال)
ما سمعت من مالك فيه حدا وما اخذ من ذلك يجزئه (قلت) لابن القاسم
أكان مالك يرى طواف الصدر واجبا (قال) لا ولكنه كأن لا يستحب تركه وكان
يقول إن ذكره ولم يتباعد فليرجع ويذكر ان عمر رد رجلا من مر الظهران خرج
ولم يطف طواف الوداع (قلت) فهل حد لكم مالك انه يرجع من مر الظهران
(قال) لا لم يحد لنا مالك أكثر من قوله إن كان قريبا
(رسم في الطواف على غير وضوء)
(قلت) لابن القاسم أرأيت من طاف لعمرته وهو على غير وضوء ثم ذكر ذلك بعد
402

ما حل منها بمكة أو ببلاده (قال) قال مالك يرجع حراما كما كان ويطوف بالبيت
وهو كمن لم يطف وإن كان قد حلق بعد ما طاف لعمرته على غير وضوء فعليه ان أينسك
أو يصوم أو يطعم (قلت) فإن كان قد أصاب النساء وتطيب وقتل الصيد (قال)
عليه في الصيد ما على المحرم لعمرته التي لم يحل منها (قلت) وهذا قول مالك قال نعم
(قلت) فان وطئ مرة بعد مرة أو أصاب صيدا بعد صيد أو تطيب مرة بعد مرة
أو لبس الثياب مرة بعد مرة (قال) اما الثياب والوطئ فليس عليه الا مرة واحدة
لكل ما لبس مرة ولكل ما وطئ مرة لان اللبس إنما لبسه على وجه النسيان ولم يكن
بمنزلة من ترك شيئا ثم عاد إليه لحاجة إنما كان لبسه فورا واحدا دائما فليس عليه الا كفارة
واحدة واما الصيد فعليه لكل ما فعل من ذلك فدية فدية (قال ابن القاسم) قال
مالك إذا لبس المحرم الثياب يريد بذلك لبسا واحدا فليس عليه في ذلك الا كفارة
واحدة وان لبس ذلك أياما إذا كان لبسا واحدا اراده (قلت) لابن القاسم فإن كانت نيته حين لبس الثياب ان يلبسها لكي يروه (3) فجعل يخلعها بالليل ويلبسها بالنهار
حتى مضى لذلك من لباسه ثيابه عشرة أيام (قال) ليس عليه في هذا عند مالك الا
كفارة واحدة (قال) والذي ذكرت لك من امر المعتمر الذي طاف على غير وضوء
فلبس الثياب لا يشبه هذا لأنه لبس الثياب يريد بذلك لبسا واحدا فليس عليه في
ذلك الا كفارة واحدة (قلت) لابن القاسم أرأيت هذا الذي جعلت عليه كفارة في
قول مالك إذا لبس الثياب لبسا واحدا أجعلت عليه كفارة واحدة مثل الأذى قال نعم
(قلت) فان فإن لم يكن به اذى ولكنه نوى ان يلبس الثياب جاهلا أو جرأة أو حمقا في
احرامه عشرة أيام فلبس النهار ثم خلع الليل ثم لبس أيضا لما ذهب الليل (قال) ليس
عليه أيضا الا كفارة واحدة لأنه على نيته التي نوى في لبس الثياب (قلت) لابن
القاسم أرأيت الطيب إذا فعل مرة بعد مرة ونيته ان يتعالج بدواء فيه طيب ما دام في
احرامه حتى يبرأ من جرحه أو قرحته (قال ابن القاسم) عليه كفارة واحدة (قال)
مالك فان فعل ذلك مرة بعد مرة ولم تكن نيته على ما فسرت لك فعليه لكل مرة الفدية
403

(قال ابن القاسم) سال رجل مالكا وانا عنده قاعد في أخت له اصابتها حمى
بالجحفة فعالجوها بدواء فيه طيب ثم وصف لهم شئ آخر فعالجوها به وكل هذه
الأدوية فيها أطيب وكان ذلك في منزل واحد (قال) فسمعت مالكا وهو يقول إن
كان علاجكم إياها امرا قريبا عضه من بعض وهو في فور واحد فليس عليها الا
فدية واحدة (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا أفرد الحج فطاف بالبيت
الطواف الواجب عند مالك أول ما دخل مكة وسعى بين الصفا و المروة وهو على غير
وضوء ثم خرج إلى عرفات فوقف الموقف ثم رجع إلى مكة يوم النحر فطاف طواف
الإفاضة على وضوء ولم يسع بين الصفا والمروة حتى رجع إلى بلاده وقد أصاب النساء
ولبس الثياب وأصاب الصيد والطيب (قال) قال مالك يرجع إن كان قد أصاب
النساء فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة وعليه ان يعتمر ويهدى بعدما يسعى
بين الصفا والمروة وليس عليه في لبس الثياب شئ لأنه لما رمى الجمرة وهو حاج حل
له لبس الثياب قبل أن يطوف بالبيت فليس عليه في لبس الثياب شئ وهو إذا رجع
إلى مكة رجع وعليه الثياب حتى يطوف ولا يشبه هذا المعتمر لان المعتمر لا يحل له
لبس الثياب حتى يفرغ من سعيه بين الصفا و والمروة (وقال) فيما تطيب به هذا الحاج
هو خفيف لأنه إنما تطيب بعد ما رمى جمرة العقبة فلا دم عليه واما ما أصاب من
الصيد فان عليه لكل صيد اصابه الجزاء (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت)
أفيحلق إذا طاف بالبيت وسعى بي الصفا والمروة حين يرجع (قال) لا لأنه قد حلق
بمنى وهو يرجع حلالا الا من النساء والطيب والصيد حتى يطوف ويسعى ثم عليه
عمرة بعد سعيه ويهدى (قلت) فهل يكون عليه لما اخر من الطواف بالبيت حتى
دخل مكة وهو غير مراهق دم أم لا في قول مالك (قال) لا يكون عليه في قول مالك
الدم لما اخر من الطواف الذي طافه حين دخل مكة على غير وضوء وأرجو أن يكون خفيفا لأنه لم يتعمد ذلك وهو عندي بمنزلة المراهق (قال) وقد جعل مالك
على هذا الحاج العمرة مع الهدى وجل الناس يقولن لا عمرة عليه فالعمرة مع
404

الهدي تجزئه من ذلك وهو رأيي
(فيمن اخر طواف الزيارة)
(قلت) لابن القاسم أرأيت من اخر طواف الزيادة حتى مضت أيام التشريق
(قال) سالت مالكا عمن اخر طواف الزيادة حتى مضت أيام التشريق قال إن عجله
فهو أفضل وان اخر فلا شئ عليه (قال) وقال مالك بلغني ان بعض أصحاب سول
الله صلى الله عليه وسلم كانوا يأتون مراهقين فينفذون لحجهم ولا يطوفون ولا
يسعون ثم يقدمون منى فلا يفيضون من منى إلى اخر أيام التشريق فيأتون
فينيخون بإبلهم عند باب المسجد فيدخلون ويطوفون بالبيت ويسعون يم ينصرفون
فيجزئهم طوافهم ذلك لدخولهم مكة لإفاضتهم ولوداعهم البيت (قلت) أرأيت
من دخل مكة بحجة فطاف في أول دخوله ونسي أشواطا وبقي الشوط السابع
فصلى ركعتين وسعى بين الصفا والمروة (قال) إن كان ذلك قريبا فليعد فيطوف
الشوط الباقي ويركع ويسعى بين الصفا والمروة (قال) فان تطاول ذلك أو انتقض
وضوءه استأنف الطواف من أوله ويصلى الركعتين ويسعى بين الصفا والمروة
(قلت) فان هو لم يذكر هذا الشوط الذي نسيه من الطواف بالبيت الا في
بلاده أو في الطريق وذلك بعد ما وقف بعرفات وفرغ من امر الحج الا انه لم يسع
بين الصفا والمروة الا بعد طوافه بالبيت ذلك الطواف الناقص (قال) قال مالك
يرجع فيطوف بالبيت أسبوعا ويصلى الركعتين ويسعى بين الصفا والمروة يفعل كما
وصفت لك قبل هذه المسألة فإن كان قد جامع بعد ما رجع فعل كما وصفت لك
قبل هذه المسألة (قلت) لابن القاسم أكان مالك يكره التزويق في القبلة (قال)
نعم كان يكرهه ويقول يشغل المصلين (قال مالك) وكان عمر بن عبد العزيز قد هم
ان يقلع التذهيب الذي في القبلة فقيل له انك لو جمعت ذهبه لم يكن شيئا فتركه
(قال مالك) واكره أن يكون المصحف في القبلة ليصلى إليه فإذا كان ذلك موضعه
حيث يعلق فلا أرى به بأسا (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا دخل مكة
405

فطاف أول ما دخل مكة لا ينوى بطوافه هذا فريضة ولا تطوعا ثم سعى بين
الصفا والمروة (قال) لا يجزئه سعيه بين الصفا والمروة الا بعد طواف ينوى به
طواف الفريضة (قال) فان فرغ من حجه ورجع إلى بلاده وتباعد أو جامع النساء
رأيت ذلك مجزئا عنه ورأيت عليه الدم والدم في هذا خفيف عندي (قال) وإن كان
لم يتباعد رأيت أن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة (قلت) أتحفظ عن مالك
هذا (قال) لا ولكنه رأيي لان مالكا قال في الرجل يطوف طواف الإفاضة على غير
وضوء قال أرى عليه أن يرجع من بلاده فيطوف طواف الإفاضة إلا أن يكون قد
طاف تطوعا بعد طوافه الذي طافه للإفاضة بغير وضوء فإن كان قد طاف بعده تطوعا
أجزأه من طواف الإفاضة (قلت) وطواف الإفاضة عند مالك واجب قال نعم
(فيمن طاف بعض طوافه في الحجر)
(قلت) لابن القاسم أرأيت من طاف بعض طوافه في الحجر فلم يذكر حتى رجع
إلى بلاده (قال) قال مالك ليس ذلك بطواف فليرجع في قول مالك وهو مثل
من لم يطف (قلت) لابن القاسم هل سألتم مالكا عمن طاف بالبيت منكوسا
ما عليه (قال) ذلك لا يجزئه (قلت) لابن القاسم أرأيت من طاف بالبيت محمولا من
غير عذرا (قال) لا أحفظ عن مالك فيه شي ولكن قال مالك من طاف محمولا من
عذر أجزأه (قال ابن القاسم) وأرى أن يعيد هذا الطواف الذي طاف من غير
عذر محمولا (قال) فإن كان قد رجع إلى بلاده رأيت أن يهريق دما (قلت) لابن
القاسم أرأيت من طاف بالبيت في حج أو عمرة طوافه الواجب فلم يستلم الحجر
في شئ من ذلك أيكون لذلك شئ أم لا (قال) لا شئ عليه (قلت) وهذا
قول مالك قال نعم (قلت) لابن القاسم هل تجزئ المكتوبة من ركعتي الطواف
في قول مالك قال لا (قلت) لابن القاسم فهل يكره مالك الحديث في الطواف (قال)
كان يوسع في الامر الخفيف من ذلك (قلت) فهل كان يوسع في انشاد الشعر
في الطواف (قال) لا خير فيه وقد كان مالك يكره القراءة في الطواف فكيف الشعر
406

(وقال مالك) ليس من السنة القراءة في الطواف (قلت) فان باع أو اشترى
في طوافه (قال) لا أحفظ من مالك فيه شيئا ولا يعجبني (قلت) لابن القاسم ما يقول
مالك فيمن كان في الطواف فوضعت جنازة فخرج فصلى عليها قبل أن يتم طوافه
(قال) قال مالك لا يخرج الرجل من طوافه إلى شئ من الأشياء الا إلى الفريضة
(قال ابن القاسم) ففي قوله هذا ما يدلنا على أنه يستأنف ولا يبنى ولقد سألنا مالكا
عن الرجل يطوف بعض طوافه فيذكر نفقة له قد كان نسيها فخرج فأخذها ثم رجع
(قال) يستأنف ولا يبنى (قلت) لابن القاسم هل يؤخر الرجل ركعتي الطواف حتى
يخرج إلى الحل (قال) قال مالك ان طاف بالبيت في غير إبان الصلاة فلا بأس أن
يؤخر صلاته وان خرج إلى الحل فليركعهما في الحل ويجزئانه ما لم ينتقض وضوءه
فان انتقض وضوءه قبل أن يركع وقد كان طوافه هذا طوافا واجبا فليرجع حتى
يطوف بالبيت ويركع الركعتين لان من انتقض وضوءه بعد الطواف قبل أن يصلى
الركعتين رجع فطاف لان الركعتين من الطوف يوصلان بالطواف (قال مالك)
إلا أن يتباعد ذلك فليركعهما ولا يرجع وليهد هديا (قلت) لابن القاسم أي ذلك
أحب إلى مالك الطواف بالبيت أم الصلاة (قال ابن القاسم) لم يكن مالك يجيب
في مثل هذا قال وأما الغرباء فالطواف أحب إلي لهم (قلت) لابن القاسم أرأيت
رجلا طاف أسبوعا فلم يركع الركعتين حتى دخل في سبوع آخر (قال) قال مالك
يقطع الطواف الثاني ويصلى الركعتين (قلت) لابن القاسم فإن لم يصل الركعتين
حتى طاف أسبوعا تاما من بعد سبوعه الأول أيصلى لكل سبوع ركعتين (قال) نعم
يصلي لكل سبوع ركعتين لأنه أمر قد اختلفت فيه (قلت) لابن القاسم هل يكره
أن يطوف الرجل بالبيت وعليه خفاه أو نعلاه قال لا لم يكن يكره ذلك (قلت)
لابن القاسم هل كان مالك يكره أن يدخل البيت بالنعلين أو الخفين قال نعم (قلت)
فهل يكره أن يدخل الحجر بنعليه أو خفيه (قال) لا أحفظ من مالك فيه شيئا ولا
أرى به بأسا (قال ابن القاسم) وكان مالك يكره أن يصعد أحد على منبر
407

رسول الله صلى الله عليه وسلم بخفين أو نعلين للامام أو غير الامام
(رسم فيمن طاف وفي ثيابه نجاسة واستلام الأركان من)
(طاف في سقائف المسجد ومن رمل في سعيه كله)
(قلت) لابن القاسم أرأيت من طاف بالبيت وفي ثوبه نجاسة أو في جسده الطواف
الواجب أيعيد أم لا (قال) لا أرى أن يعيد وهو بمنزلة من صلى بنجاسة فذكر بعد
ما مضى الوقت قال بلغني ذلك عمن أثق به (قلت) لابن القاسم أرأيت الركن
أيستلمه كلما مر به أم لا في قول مالك (قال) ذلك واسع ان شاء استلم وان شاء ترك
قال ويستلم ويترك عند مالك (قلت) فهل يستلم الركنين الآخرين عند مالك أم
يكبر إذا حاذاهما (قال) قال مالك لا يستلمان. قال ابن القاسم ولا يكبر (قلت)
لابن القاسم أرأيت من دخل فطاف بالبيت أول ما دخل في حج أو عمرة فنسى أن
يرمل الأشواط الثلاثة أيقضى الرمل في الأربعة الأشواط الباقية (قال) قال مالك
من طاف أول ما دخل فلم يرمل رأيت أن يعيد إن كان قريبا وان تباعد لم أر أن
يعيد ولم أر عليه لترك الرمل شيئا ثم خفف الرمل بعد ذلك ولم ير عليه إعادة أصلا
(قلت) لابن القاسم أرأيت رجلا نسي أن يرمل حتى طاف الأشواط الثلاثة ثم
ذكر وهو في الشوط الرابع كيف يصنع (قال) يمضي ولا شئ عليه لا دم ولا غيره
(قلت) لابن القاسم أرأيت من رمل الأشواط السبعة كلها أيكون عليه شئ في
قول مالك قال لا (قلت) له أرأيت من طاف في سقائف المسجد بالبيت (قال) قال
مالك من طاف وراء زمزم من زحام الناس فلا بأس بذلك (قال ابن القاسم) وإن كان
يطوف في سقائف المسجد من زحام الناس فلا بأس بذلك (قلت) فإن كان
إنما يطوف في سقائف المسجد فرارا من الشمس يطوف في الظل (قال) لا أدرى
ما أقول في هذا ولا يعجبني ذلك وعلى من فعل ذلك لغير زحام أن يعيد الطواف
(قلت) أرأيت من رمل في سعيه بين الصفا والمروة كله حتى فرغ من سعيه
أيجزئه ذلك في قول مالك (قال) يجزئه وقد أساء (قلت) أرأيت أن بدأ بالمروة
408

وختم بالصفا كيف يصنع في قول مالك (قال) يعيد شوطا واحدا ويلغي الشوط
الأول حتى يجعل الصفا أولا والمروة آخرا
(فيمن ترك السعي بين الصفا والمروة حتى رجع إلى بلده والجنب)
(يسعى بين الصفا والمروة والسعي بين الصفا والمروة راكبا)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أن ترك السعي بين الصفا والمروة في حج أو عمرة
فاسدة حتى رجع إلى بلادة كيف يصنع في قول مالك (قال) يصنع فيهما كما يصنع
من ترك السعي بين الصفا والمروة في حجه التام أو عمرته التامة (قلت) فإن كان
إنما ترك من السعي بين الصفا والمروة شوطا واحدا في حج صحيح أو فاسد أو
عمرة صحيحة أو فاسدة (قال) قال مالك يرجع من بلده وإن لم يترك الا شوطا واحدا
من السعي بين الصفا والمروة (قلت) له فهل يجزئ الجنب أن يسعي بين الصفا
والمروة في قول مالك إذ كان قد طاف بالبيت وصلى الركعتين طاهرا (قال) ان
سعى جنبا أجزأه في رأيي (قلت) لابن القاسم هل يصعد النساء على الصفا (قال)
قال مالك يقفن في أصل الصفا والمروة وكان يستحب للرجال أن يصعدوا على أعلى
الصفا والمروة موضعا يرون البيت منه (قال ابن القاسم) وإنما يقف النساء في الزحام
أسفل الصفا ولو كن في أيام الزحام فيها كان الصعود لهن أفضل على الصفا والمروة
(قلت) فهل كان مالك يكره أن يسعى أحد بين الصفا والمروة راكبا من رجل
أو امرأة (قال) قال مالك لا يسعى أحد بين الصفا والمروة راكبا الا من عذر قال
وكان ينهى عن ذلك أشد النهي (قلت) لابن القاسم فان طاف راكبا هل كان
يأمره مالك بالإعادة (قال) أرى إن لم يفت ذلك رأيت أن يعيد (قلت) لابن
القاسم فان تطاول ذلك هل عليه دم قال نعم
409

(رسم فيمن جلس في سعيه ومن لم يرمل في سعيه أو صلى على جنازة)
(وهو يسعى أو يحدث ومن أصابه حقن وهو يسعى)
(قلت) لابن القاسم ما قول مالك فيمن جلس بين ظهراني سعيه بين الصفا والمروة
من غير علة (قال) قال مالك إن كان ذلك شيئا خفيفا فلا شئ عليه (قال ابن
القاسم) وان تطاول ذلك حتى يصير تاركا للسعي الذي كان فيه أريت أن يستأنف
ولا يبنى (قلت) له فإن لم يرمل في بطن المسيل بين الصفا والمروة هل عليه شئ
(قال) لا شئ عليه كذلك قال مالك (قلت) أرأيت من سعى بين الصفا والمروة
ثم صلى على جنازة قبل أن يفرغ من سعيه أو اشترى أو باع أو جلس يتحدث أيبني
في قول مالك أو يستأنف (قال) لا ينبغي له أن يفعل ذلك ولا يقف مع أحد يحدثه
(قلت) فان فعل شيئا من ذلك (قال) لا أدرى ما قول مالك فيه ولكن إن كان
خفيفا لم يتطاول أجزأه أن يبنى (قال) ولقد سألنا مالكا عن الرجل يصيبه الحقن
وهو يسعى بين الصفا والمروة قال يذهب ويتوضأ ويرجع ويبنى ولا يستأنف
(رسم فيمن لبس الثياب قبل أن يقصر وتأخير الطواف وترك المبيت بمنى)
(قال) وقال مالك إذا طاف المعتمر بالبيت وسعى ولم يقصر قال فأحب إلى أن
يؤخر لبس الثياب حتى يقصر فان لبس الثياب قبل أن يقصر فلا شئ عليه وان وطئ
قبل أن يقصر فأرى أن يهريق دما (قلت) لابن القاسم حتى متى يجوز للرجل
أن يؤخر في قول مالك الطواف والسعي بين الصفا والمروة (قال) إلى الموضع الذي
يجوز له أن يؤخر الإفاضة إليه (قلت) أرأيت أن هو أخر الإفاضة والسعي بين الصفا
والمروة بعد ما انصرف من منى أياما ولم يطف بالبيت ولم يسع (قال) قال مالك إذا
تطاول ذلك رأيت أن يطوف بالبيت ويسعى ورأيت عليه الهدى (قلت) فما حد
ذلك (قال) إنما قال مالك إذا تطاول ذلك قال وكان مالك لا يرى بأسا ان هو أخر
الإفاضة حتى ينصرف من منى إلى مكة وكان يستحب التعجيل (قلت) لابن القاسم
410

أرأيت لو أن حاجا أحرم بالحج من مكة فأخر الخروج يوم التروية والليلة المقبلة فلم
يبت بمنى وبات بمكة ثم عدا من مكة إلى عرفات أكان مالك يرى لذلك عليه شيئا
(قال) كان مالك يكره له ذلك ويراه قد أساء (قلت) فهل كان يرى عليه لذلك
شيئا (قال ابن القاسم) لا أرى عليه شيئا (قلت) وكان يكره أن يدع الرجل البيتوتة
بمنى مع الناس ليلة عرفة قال نعم (قلت) كما كره أن يبيت ليالي أيام منى إذا رجع من
عرفات في غير منى (قال ابن القاسم) كان يكرههما جميعا وليالي منى في الكراهية
أشد عنده ويرى أن من ترك المبيت ليلة من ليالي منى بمنى أن عليه دما ولا يرى
في ترك المبيت بمنى ليلة عرفة دما (قلت) له وهل كان يرى على من بات في غير
منى ليالي منى الدم أم لا (قال) قال مالك ان بات ليلة كاملة أو جلها في غير منى فعليه
لذلك الدم وإن كان بعض ليلة فلا يكون عليه شئ (قلت) والليلة التي يبيت الناس
بمنى قبل خروجهم إلى عرفات ان ترك رجل البيتوتة فيها هل يكون عليه في ذلك
دم في قول مالك (قال) لا ولكن كان يكره له ترك ذلك (قلت) لابن القاسم
فهل كان مالك يستحب للرجل مكانا من عرفات أو منى أو المشعر الحرام ينزل فيه
(قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا (قال ابن القاسم) وينزل حيث أحب
(في الأذان يوم عرفة متى يكون والامام إذا ذكر صلاة)
(وهو يصلى بالناس يوم عرفة)
(قلت) له متى يؤذن المؤذن بعرفة أقبل أن يأتي الامام أو بعد أن يجلس على المنبر
أو بعد ما يفرغ من خطبته (قال) سئل مالك عن المؤذن متى يؤذن يوم عرفة أبعد
فراغ الامام من خطبته أم وهو يخطب قال ذلك واسع ان شاء والامام يخطب وان
شاء بعد ما يفرغ من خطبته (قلت) فهل سمعتم منه أنه يؤذن والامام يخطب أو
بعد فراغه من الخطبة أو قبل أن يأتي الامام أو قبل أن يخطب (قال) ما سمعت
منه في هذا شيئا ولا أظنهم يفعلون هذا وإنما الأذان والامام يخطب أو بعد فراغ
411

الامام من خطبته قال مالك ذلك واسع (قلت) أرأيت الصلاة يوم عرفة في
قول مالك أبأذان واحد وإقامتين أو بأذانين وإقامتين (قال) بأذانين وإقامتين
لكل صلاة أذان وإقامة وكذلك المشعر الحرام أذانين وإقامتين كذلك قال مالك
لكل صلاة أذان وإقامة (وقال) لي مالك في صلاة عرفة والمشعر الحرام أذان وإقامة
(قال) وقال مالك كل شأن الأئمة أذان وإقامة لكل صلاة (قال) ولقد سئل مالك
عن امام خرج على جنازة فحضرت الظهر أو العصر وهو في غير المسجد في الصحراء
أيكفيه الإقامة. قال بل يؤذن ويقيم وليس الأئمة كغيرهم ولو كانوا ليس معهم
امام أجزأتهم الإقامة (قلت) لابن القاسم أرأيت الامام إذا صلى يوم عرفة
الظهر بالناس ثم ذكر صلاة نسيها قبل ذلك كيف يصنع (قال) يقدم رجلا يصلى
بهم العصر ويصلى هو الصلاة التي نسي ثم يعيد هو الظهر ثم يصلى العصر (قلت)
فان ذكر صلاة نسيها وهو يصلى بهم الظهر قبل أن يفرغ منها (قال) قال مالك
تنتقض صلاته وصلاتهم جميعا (قال ابن القاسم) وأرى أن يستخلف رجلا فيصلى
بهم الظهر والعصر ويخرج هو فيصلى لنفسه الصلاة التي نسيها ثم يصلى الظهر والعصر
(قلت) فان ذكر صلاة نسيها وهو يصلى بهم العصر (قال) ينتقض به وبهم العصر
ويستخلف رجلا يصلى بهم العصر ويصلى هو الصلاة التي نسي ثم يصلى الظهر
والعصر وأحب إلى أن يعيدوا ما صلوا معه في الوقت وإنما هو بمنزلته في رأيي ينتقض
عليهم ما ينتقض عليه لان مالكا سئل عن الامام يصلى جنبا أو على غير وضوء
فقال إن أتم بهم صلاتهم قبل أن يذكر أعاد ولم يعيدوا وان ذكر في صلاته قدم
رجلا فأتم وانتقضت صلاته ولم تنتقض صلاتهم (وقال) في الذي ينسى إذا ذكر في
صلاته انتقضت صلاته وصلاتهم ولم يجعله مثل من صلى على غير وضوء أو جنبا
فذكر وهو في الصلاة قال فرق مالك بينهما فكذلك أرى أن يعيدوا ما صلوا في
الوقت (قال ابن القاسم) ولقد سألني رجل عن هذه المسألة ما يقول مالك فيها
وكان من أهل الفقه فأخبرته أن مالكا يرى أن تنتقض عليهم كما تنتقض عليه فلا
412

أعلمه الا قال لي كذلك قال لي مالك مثل الذي عندي عنه وهذا مخالف لما في كتاب
الصلاة وهذا آخر قوله
(رسم في الوقوف بعرفة والدفع والمغمى عليه)
(قلت) له فإذا فرغ الناس من صلاتهم قبل أن يفرغ الامام أيدفعون إلى عرفات
قبل الامام أو ينتظرون حتى يفرغ الامام من صلاته ثم يدفعون إلى عرفات بدفعه
(قال) لم أسمع هذا من مالك ولكن في رأيي أنهم يدفعون ولا ينتظرون الامام لان
خليفته موضعه فإذا فرغ من صلاته دفع بالناس إلى عرفة ودفع الناس بدفعه
(قلت) أرأيت من دفع من عرفات قبل مغيب الشمس ما عليه في قول مالك
(قال) ان رجع إلى عرفات قبل انفجار الصبح فوقف تم حجه (قال ابن القاسم) ولا
هدى عليه وهو بمنزلة الذي أتى مفاوتا (3) (قال مالك) وإن لم يعد إلى عرفات قبل انفجار
الصبح فيقف بها فعليه الحج قابلا والهدى ينحره في حج قابل وهو كمن فاته الحج
(قلت) أرأيت أن دفع حين غابت الشمس قبل دفع الامام أيجزئه الوقوف في قول
مالك (قال) لا أحفظه من مالك وأرى ذلك يجزئه لأنه إنما دفع وقد حل الدفع ولو
دفع يدفع الامام كانت السنة وكان ذلك أفضل (قلت) أرأيت من أغمي عليه قبل أن
يأتي عرفة فوقف به بعرفة وهو مغمى عليه حتى دفعوا من عرفات وهو بحاله مغمى
عليه (قال) قال لي مالك ذلك يجزئه (قلت) له أرأيت أن أتى الميقات وهو مغمى
عليه فأحرم عنه أصحابه أيجزئه (قال) ان أفاق فأحرم قبل أن يقف بعرفات أجزأه
حجه وإن لم يفق حتى يقفوا به بعرفات وأصبحوا من ليلتهم لم يجزه حجه (قلت)
فان أفاق قبل انفجار الصبح فأحرم ووقف أيجزئه حجه في قول مالك قال نعم (قلت)
أرأيت أن مر به أصحابه بالميقات وهو مغمى عليه فأحرموا عنه ثم أفاق بعد ما جاوز
الميقات فأحرم حين أفاق أيكون عليه الدم لترك الميقات (قال) لا أحفظ هذا عن
مالك وأرجو أن لا يكون عليه شئ (قلت) أرأيت أن كان أصحابه أحرموا عنه
بحج أو بعمرة أو قرنوا عنه فلما أفاق أحرم بغير ذلك (قال) ليس الذي أحرم عنه
413

أصحابه بشئ وإنما احرامه هذا الذي ينويه هو (قلت) أتحفظه عن مالك قال
لا وهو رأيي
(رسم فيمن وقف بعرفة جنبا أو على غير وضوء والرافض للحج)
(قلت) فما قول مالك فيمن وقف بعرفات وهو جنب من احتلام أو على غير وضوء
(قال) قد أساء ولا شئ عليه في وقوفه جنبا أو على غير وضوء ولان يقف طاهرا أفضل
وأحب إلى (قلت) لابن القاسم أرأيت الرجل يكون حاجا أو معتمرا فنوى رفض
احرامه أيكون بنيته رافضا لا حرامه ويكون عليه القضاء أم لا يكون رافضا بنيته.
وهل يكون عليه لما نوى من الرفض إن لم يجعله رافضا دم أم لا في قول مالك
(قال) ما رأيت مالكا ولا غيره يعرف الرفض (قال) وأراه على احرامه ولا أرى عليه
شيئا (قلت) أرأيت من ترك أن يقف بعرفات متعمدا حتى دفع الامام أيجزئه أن
يقف ليلا في قول مالك (قال) لا أعرف قوله قال ولكن أرى ان وقف ليلا أن
يجزئه وقد أساء (قلت) ويكون عليه الهدى (قال) ابن القاسم نعم عليه الهدى
(فيمن قرن الحج والعمرة فجامع فيهما فأفسدهما)
(قلت) أرأيت من قرن الحج والعمرة فجامع فيهما فأفسدهما أيكون عليه دم
القران أم لا (قال) نعم عليه دم القران الفاسد وعليه أن يقضيهما قابلا قارنا وليس
له أن يفرق بينهما (قال) قال لي مالك وعليه من قابل هديان هدى لقرانه وهدى
لفساد حجه بالجماع (قلت) فان قضاهما مفترقين العمرة وحدها والحج وحده
أيجزئانه في قول مالك أم لا وكيف يصنع بدم القران ان فرقهما (قال) لا يجزئانه
وعليه أن يقرن قابلا بعد هذا الذي فرق وعليه الهدى إذا قرن هدى القران وهدى
الجماع الذي أفسد به الحجة الأولى سوى هدى عليه في حجته الفاسدة يعمل فيها كما كان
يعمل لو لم يفسدها وكل من قرن بين حج وعمرة فأفسدهما بإصابة أهله أو تمتع بعمرة
414

إلى الحج فأفسد حجه لم يضع ذلك عنه الهدى فيهما جميعا وان كانا فاسدين
(فيمن وطئ بعد رمي جمرة العقبة ومن مر بعرفة مارا)
(ولم يقف ومن دخل مكة بغير احرام)
(قلت) أرأيت من جامع يوم النحر بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يحلق أيكون
حجه تاما وعليه الهدى في قول مالك (قال) نعم وعليه عمرة أيضا عند مالك ينحر
الهدى فيها الذي وجب عليه (قلت) له وما يهدى في قول مالك (قال) بدنة قال
فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فشاة من الغنم قال فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام وسبعة بعد
ذلك (قلت) له فهل يفرق بين الأيام الثلاثة والسبعة في هذه الحجة (قال) نعم ان
شاء فرقها وان شاء جمعها لأنه إنما يصومها بعد أيام منى إذا قضى عمرته وقد قال مالك
فيمن كان عليه صيام من تمتع إذا لم يجد هديا ان يصوم أيام النحر بعد اليوم الأول من
أيام النحر (قلت) وهل لمن ترك الصيام في متعته بالحج إلى يوم النحر أن يصوم
الثلاثة الأيام بعد يوم النحر ويصل السبعة بها أم لا (قال) قال لي مالك قال الله تعالى
وسبعة إذا رجعتم فإذا رجع من منى فلا أرى بأسا أن يصوم (قال ابن القاسم)
يريد أقام بمكة أم لم يقم وكذلك أيضا من صام أيام التشريق ثم خرج إلى بلاده جاز
له أن يصل السبعة بالثلاثة ويصوم وصيام الهدى في التمتع إذا لم يجد هديا لا يشبه
صيام من وطئ بعد رمي الجمرة ممن لم يجد هديا لان قضاءها بعد أيام منى وإنما
يصوم إذا قضى والمتمتع إنما يصوم بعد احرامه بالحج (قلت) أرأيت من مر
بعرفة مارا ولم يقف بها بعد ما دفع الامام أيجزئه ذلك من الوقوف أم لا (قال) قال
لنا مالك من جاء ليلا وقد دفع الامام أجزأه أن يقف قبل طلوع الفجر ولم نكشفه
عن أكثر من هذا وأنا أرى إذا مر بعرفه مارا ينوى بمروره بها وقوفا أن ذلك
يجزئه (قلت) أرأيت من دخل مكة بغير احرام من الميقات فلم يحرم حتى دخل
مكة فأحرم من مكة بالحج هل عليه شئ في قول مالك (قال) إن كان جاوز الميقات
وهو يريد الاحرام بالحج وترك ذلك حتى دخل مكة فأحرم من مكة فعليه دم لترك
415

الميقات وحجه تام وقد كان ابن شهاب يوسع له في أن يدخل مكة حلالا وإن كان
جاوز الميقات حتى دخل مكة وهو لا يريد الاحرام فأحرم من مكة فلا دم عليه لترك
الميقات لأنه جاوز الميقات وهو لا يريد الاحرام وقد أساء حين دخل الحرم حلالا
من أي الآفاق كان وكان مالك يكره ذلك (فقلت) فهل كان مالك يرى عليه
لدخوله الحرم حلالا حجا أو عمرة أو هديا (قال) كأن لا يرى عليه في ذلك شيئا
(رسم فيمن أدخل حجا على حج أو عمرة على عمرة ومن صلى المغرب)
(والعشاء قبل أن يأتي المزدلفة)
(قلت) أرأيت من وقف بعرفة فأحرم بحجة أخرى أو بعمرة أو لما رمى جمرة
العقبة أحرم بحجة أو بعمرة أخرى (قال ابن القاسم) من أحرم بعرفة بحجة أخرى
على حجته فقد أخطأ ولا يلزمه الا الحجة التي كان فيها وان أحرم بعمرة فليست له
عمرة وقد أخبرتك أن مالكا قال من أردف العمرة إلى الحج لم يلزمه ذلك وكان على
حجه (قلت) لابن القاسم قد أعلمتنا أن مالكا كره العمرة في أيام التشريق كلها
حتى تغيب الشمس من آخر أيام التشريق لأهل الموسم أفرأيت من أحرم منهم في
أيام التشريق هل يلزمه في قول مالك أم لا يلزمه (قال) لا أدرى ما قول مالك في
هذا ولا أرى أن يلزمه إلا أن يحرم في آخر أيام التشريق بعدما يرمي الجمار ويحل من
إفاضته فان ذلك يلزمه (قلت) ما قول مالك فيمن صلى المغرب والعشاء قبل أن
يأتي المزدلفة (قال) قال مالك أما من لم يكن به علة ولا بدابته وهو يسير بسير الناس
فلا يصلي الا بالمزدلفة (قال ابن القاسم) فان صلى قبل ذلك فعليه أن يعيد إذا أتى
المزدلفة لان النبي صلى الله عليه وسلم قال الصلاة أمامك (قال) ومن كان به علة أو
بدابته فلم يستطع أن يمضى مع الناس أمهل حتى إذا غاب الشفق صلى المغرب ثم صلى
العشاء يجمع بنيهما حيثما كان وقد أجزأه (قلت) ما قول مالك ان أدرك الامام
المشعر الحرام قبل أن يغيب الشفق أيصلى أم يؤخر حتى يغيب الشفق (قال) هذا
ما لا أظنه يكون (قلت) فما يقول إن نزل (قال) لا أعرف ما قال مالك فيه قال
416

ولا أحب لا حد أن يصلى حتى يغيب الشفق لان الصلاتين يجمع بينهما فيؤخر
المغرب هناك إلى العشاء
(رسم فيمن ترك الوقوف بالمزدلفة)
(قلت) أرأيت من ترك الوقوف بالمزدلفة غداة النحر أيكون عليه في قول مالك
شئ أم لا (قال) قال مالك من مر بالمزدلفة مارا ولم ينزل بها فعليه الدم ومن نزل
بها ثم دفع منها بعد ما نزل بها وإن كان دفعه منها في وسط الليل أو أوله أو آخره
وترك الوقوف مع الامام فقد أجزأه ولا دم عليه (قلت) فهل كان مالك يستحب
أن لا يتعجل الرجل وأن يقف مع الامام فيدفع بدفع الإمام قال نعم (قلت) والنساء
والصبيان هل كان مالك يستحب لهم أن يؤخروا دفعهم حتى يكون دفعهم مع دفع
الامام من المشعر الحرام وأن يقفوا معه بالموقف في المشعر الحرام (قال) قال مالك كل
ذلك واسع ان شاؤوا أن يتقدموا تقدموا وان شاؤوا أن يتأخروا تأخروا (قلت)
أرأيت من لم يقف بالمشعر الحرام وقد دفع الامام أيقف بعد دفع الامام أم لا (قال)
قال مالك من دفع إلى عرفات فوقف بها ليلا ثم أتى المزدلفة وقد طلعت الشمس فلا
وقوف بالمشعر الحرام بعد طلوع الشمس (قال ابن القاسم) وان أتى قبل طلوع الشمس
فليقف إن كان لم يسفر ثم ليدفع قبل طلوع الشمس (قلت) فهل يكون من لم يقف
مع الامام حتى دفع الامام ممن بات بالمشعر الحرام بمنزلة هذا يقفون ان أحبوا بعد
دفع الامام قبل طلوع الشمس (قال) إنما قال لنا مالك الذي ذكرت لك في الذي لم
يبت بالمشعر الحرام ولم يدرك وقوف الامام وإنما مر بالمشعر الحرام بعد أن طلعت
الشمس فلم ير له مالك وقفا واستحسنت أنا إن لم يسفر فإنه يقف فأما من بات مع
الامام فلا يتخلف عن الامام ولا يقف بعده (قال) وقال لنا مالك لو أن الامام
أسفر بالوقوف بالمشعر الحرام فلم يدفع قال فليدفعوا وليتركوا الامام واقفا (قال) وكان
بنهي أن يقف أحد بالمشعر الحرام إلى طلوع الشمس أو الاسفار ويرى أن يدفع
كل من كان بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل الاسفار
417

(رسم في الوقوف بالمشعر الحرام قبل انفجار الصبح وبعده)
(ومن أتى المزدلفة مغمى عليه)
(قلت) أرأيت من وقف بالمشعر الحرام قبل صلاة الصبح وبعد ما انفجر الصبح
أيكون هذا وقوفا في قول مالك (قال) إنما الوقوف عند مالك بعد انفجار الصبح
وبعد صلاة الصبح فمن وقف قبل أن يصلى الصبح وإن كان بعد انفجار الصبح فهو
كمن لم يقف (قلت) أرأيت من لم يدفع من المشعر الحرام حتى طلعت الشمس
أيكون عليه شئ في قول مالك أم لا (قال) لا شئ عليه عند مالك إلا أنه قد أساء
حين أخر الدفع منها إلى طلوع الشمس (قلت) أرأيت من أتي به إلي المزدلفة وهو
مغمى عليه أيجزئه ولا يكون عليه الدم في قول مالك (قال) نعم لا دم عليه لان
مالكا قال إن وقفوا به بعرفة وهو مغمى عليه حتى دفعوا منها وهو مغمى عليه أجزأه
ولا دم عليه
(رسم في دخول مكة ومن حلق قبل أن يرمي أو ذبح)
(ومن ترك رمى جمرة العقبة يوم النحر حتى الليل)
(قلت) له من أين كان يستحب مالك أن يدخل الداخل مكة (قال) كان يستحب
لمن دخل مكة من طريق المدينة أن يدخل من كداء قال وأرى ذلك واسعا من حيث
ما دخل (قلت) فهل كان يستحب للرجل إذا طاف بالبيت وأراد الخروج إلى
الصفا والمروة أن يخرج من باب من أبواب المسجد يأمره به مالك (قال) لا لم يكن
يحد في هذا شيئا (قلت) له فما قول مالك فيمن حلق قبل أن يرمي الجمرة (قال)
قال مالك عليه الفدية (قلت) له فما قول مالك فيمن حلق قبل أن يذبح (قال) لا شئ
عليه وهو يجزئه (قلت) له فما يقول مالك فيمن ذبح قبل أن يرمي (قال) يجزئه ولا
شئ عليه (قال مالك) وان ذبح قبل أن يطلع الفجر أعاد ذبيحته (قال) وقال
مالك وان رمى قبل أن يطلع الفجر أعاد الرمي (قال) وقال مالك إذا طلع الفجر
418

فقد حل النحر والرمي بمنى (قال) وقال مالك وجه النحر والذبح ضحوة (قلت)
ومن كان من أهل الآفاق متى يذبحون ضحاياهم في قول مالك (قال) قال مالك إذا
صلى الامام وذبح (قلت) فان ذبح قبل ذبح الامام (قال) يعيد عند مالك وسنة
ذبح الامام أن يذبح كبشه في المصلى (قلت) فما قول مالك فيمن ترك رمي جمرة
العقبة يوم النحر حتى الليل (قال مالك) (1) من أصابه مثل ما أصاب صفية حين
احتبست على ابنة أخيها فأتت بعد ما غابت الشمس يوم النحر رمت ولم يبلغنا أن ابن
عمر أمرها في ذلك بشئ (قال مالك) وأما أنا فأرى إذا غابت الشمس من يوم
النحر فأرى على من كان في مثل حال صفية يوم النحر ولم يرم حتى غابت الشمس
ان عليه الدم (قال) وقال مالك من ترك رمي جمرة العقبة حتى تغيب الشمس من
يوم النحر فعليه دم (قال) وقال مالك في المريض الذي يرمى عنه انه ان صح في
أيام التشريق فرمى الرمي الذي رمى عنه في الأيام الماضية ان عليه الدم ولا يسقط
عنه ما رمى الدم الذي وجب عليه (قلت) وكان مالك يرى أن يرمي ما رمي عنه
إذا صح في آخر أيام التشريق قال نعم (قلت) حتى متى يؤقت مالك لهذا المريض
إذا صح أن يعيد الرمي (قال) إلى مغيب الشمس من آخر أيام التشريق
(رسم فيمن نسي بعض رمي الجمار)
(قلت) أرأيت من ترك بعض رمي جمرة العقبة من يوم النحر ترك حصاة أو
حصاتين حتى غابت الشمس (قال) قال مالك يرمي ما ترك من رميته ولا
يستأنف جميع الرمي ولكن يرمي ما نسي من عدد الحصى (قلت) فعليه في هذا
دم (قال ابن القاسم) قد اختلف قوله في هذا وأحب إلى أن يكون عليه دم (قلت)

(1) في الموطأ ما نصه (مالك عن أبي بكر بن نافع (يعنى مولى ابن عمر) عن أبيه أن ابنة أخ
لصفية بنت أبي عبيد نفست بالمزدلفة فتخلفت هي وصفية حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من
يوم النحر فأمرهما عبد الله بن عمر أن ترميا الجمرة حين أتتا ولم ير عليهما شيئا) أهو قوله نفست
بضم النون وفتحها مع كسر الفاء فيهما والضم أشهر أي ولدت كتبه مصححه
419

فيرمى ليلا في قول مالك هذا الذي ترك من رمي جمرة العقبة شيئا أو ترك الجمرة
كلها (قال) نعم يرميها ليلا في قول مالك (قلت) فيكون عليه الدم (قال) كان
مالك مرة يرى عليه ومرة لا يرى عليه (قلت) فان ترك رمي جمرة من
الجمار في اليوم الذي يلي يوم النحر ما عليه في قول مالك (قال) قد اختلف قول مالك
مرة يقول من نسي رمي الجمار حتى تغيب الشمس فليرم ولا شئ عليه ومرة
قال يرمي وعليه الدم وأحب إلى أن يكون عليه دم (قلت) وكذلك في اليوم
الذي بعده قال نعم (قال) وقال مالك ان ترك حصاة من الجمار أو جمرة فصاعدا أو
الجمار كلها حتى تمضى أيام منى (قال) أما في حصاة فليهريق دما وأما في جمرة أو الجمار
كلها فبدنة فإن لم يجد فبقرة (قلت) لابن القاسم فإن لم يجد فشاة في قول مالك
قال نعم (قلت) فإن لم يجد فصيام قال نعم (قال) وقال مالك إذا مضت أيام
التشريق فلا رمي لمن لم يكن رمى (قلت) لابن القاسم أرأيت أن كان رمى الجمار
الثلاث بخمس كيف يصنع ان ذكر في يومه (قال) يرمي الأولى التي تلى مسجد
منى بحصاتين ثم يرمي الجمرة التي تليها بسبع ثم العقبة بسبع وهو قول مالك (قلت)
ولا دم عليه في قول مالك (قال) نعم لا دم عليه ان رمى في يومه ذلك (قلت)
فإن لم يكن ذكر ذلك الا من الغد أيرمي الأولى بحصاتين والجمرتين بسبع سبع
قال نعم وهذا قول مالك (قلت) وعليه دم (قال) نعم في رأيي وقد أخبرتك باختلاف
قوله (قلت) فإن كان قد رمى من الغد ثم ذكر قبل أن تغيب الشمس أنه قد
كان نسي حصاة من الجمرة التي تلى مسجد منى بالأمس (قال) يرمى التي تلى مسجد
منى بالأمس بالحصاة التي نسيها ثم الجمرة الوسطى ليومها الذاهب بالأمس بسبع ثم
العقبة بسبع ثم يعيد رمي يومه لان عليه بقية من وقت يومه وعليه دم للامس (قال)
فان ذكر بعد ما غابت الشمس من اليوم الثاني رمى الجمرة التي تلى مسجد منى بحصاة
واحدة وهي التي كان نسيها بالأمس ورمى الجمرتين الوسطى والعقبة بسبع سبع لليوم
الذي ترك فيه الحصاة من الجمرة التي تلى مسجد منى ولا يعيد الرمي اليوم الذي
420

بعده إذا لم يكن ذكر حتى غابت الشمس وعليه لليوم الذي ترك فيه الحصاة من الجمرة
التي تلى المسجد الدم فإن لم يذكر الحصاة التي نسي إلا بعد رمى يومين وذلك آخر أيام
التشريق فذكر ذلك قبل أن تغيب الشمس أعاد رمي الحصاة التي نسي وأعاد رمي
الجمرتين الوسطى التي بعدها والعقبة لذلك اليوم وأعاد رمي يومه الذي هو فيه لان
عليه بقية من وقت الرمي في يومه ولا يعيد رمي اليوم الذي بينهما لان وقت
رميه قد مضى
(رسم فيمن رمى العقبة من أسفلها ورمى الجمرتين)
(ومن رمى الحصيات كلها جميعا)
(قلت) لابن القاسم أرأيت أن رمى جمرة العقبة من فوقها (قال) قال مالك يرميها
من أسفلها أحب إلى (قال ابن القاسم) وقال مالك وتفسير حديث القاسم بن محمد
أنه كان يرمى جمرة العقبة من حيث تيسر قال مالك معناها من أسفلها من حيث
تيسر من أسفلها (قال مالك) وان رماها من فوقها أجزأه (قلت) أكان مالك
يكبر مع كل حصاة يرميها قال نعم (قلت) أكان مالك يقول يوالي بين الرمي
حصاة بعد حصاة ولا ينتظر بين كل حصاة شيئا (قال) نعم يرمي رميا يترى بعضه
خلف بعض يكبر مع كل حصاة تكبيرة (قلت) وان رمى ولم يكبر مع كل حصاة
أيجزئه الرمي (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وهو مجزئ عنه (قلت) فان
سبح مع كل حصاة (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا والسنة التكبير (قلت) فمن
أين يرمي الجمرتين في قول مالك (قال) يرمي الجمرتين جميعا من فوقها والعقبة من
أسفلها عند مالك (قلت) أرأيت أن رمى سبع حصيات جميعا في مرة واحدة
(قال) قال مالك لا أرى ذلك يجزئه (قلت) فأي شئ عليه في قول مالك (قال)
قال مالك يرمى ست حصيات بعد رميته هذه وتكون تلك الحصيات التي رماهن
جميعا موضع حصاة واحدة (قلت) أرأيت أن نسي حصاة من رمى الجمار الثلاث
فلم يدر من أيتهن ترك الحصاة (قال) قال مالك مرة انه يعيد على الأولى حصاة
421

ثم على الجمرتين جميعا الوسطى والعقبة سبعا سبعا (قال) ثم سألته بعد ذلك عنها فقال يعيد
رمى يومه ذلك كله على كل جمرة بسبع سبع (قال ابن القاسم) وقوله الأول أحب
إلي لأنه لا شك أنه إذا استيقن أنه إنما ترك الحصاة الواحدة من جمرة جعلناها كأنه
نسيها من الأولى فبنى على اليقين وهذا قوله الأول وهو أحب قوليه إلى
(رسم فيمن وضع الحصاة وضعا أو طرحها طرحا)
(قلت) أرأيت أن وضع الحصاة وضعا أيجزئه في قول مالك (قال) لا أحفظ من
مالك فيه شيئا ولا أرى ذلك يجزئه (قلت) فان طرحها طرحا (قال) كذلك أيضا
لا أحفظ من مالك فيه شيئا ولا أرى أنه يجزئه (قلت) فان رمى فسقطت حصاة
في محمل رجل أو في حجرة فنفضها الرجل فسقطت في الجمرة أو لما وقعت في المحمل
أو في حجر الرجل طارت فوقعت في الجمرة (قال) إنما سألنا مالكا فقلنا له الرجل
يرمي الحصاة فتقع في المحمل قال يعيد تلك الحصيات (قلت) فان رمى حصاة
فوقعت قرب الجمرة (قال) ان وقعت في موضع حصى الجمرة وإن لم تبلغ الرأس
أجزأه (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) هذا قوله (قال ابن القاسم) وأرى من
رمى فأصاب حصاته المحمل ثم مضت حتى وقعت في الجمرة أن ذلك يجزئه ولا تشبه
عندي التي تقع في المحمل ثم ينفضها صاحب المحمل فان تلك لا تجزئه
(فيمن رمى بحصاة قد رمس بها والمقام عند الجمرتين وفي الرمي عند الزوال)
(قلت) أرأيت أن نفد حصاه فأخذ ما بقي عليه من حصى الجمرة مما قد رمي به
فرمى بها هل يجزئه (قال) قال مالك يجزئه (قال) وقال مالك ولا ينبغي أن يرمى
بحصى الجمار لأنه قد رمي به (قال ابن القاسم) ونزلت بي فسألت مالكا عنها فقال لي
مثل ما قلت لك وذلك أنه كانت سقطت منى حصاة فلم أعرفها فأخذت حصاة من
حصى الجمار فرميت بها فسألت مالكا فقال لي انه يكره أن يرمى بحصاة قد رمي بها
مرة قلت له قد فعلت فهل على شئ قال لا أرى عليك في ذلك شيئا (قلت)
422

أرأيت إن لم يقم عند الجمرتين هل عليه في قول مالك شئ (قال) لا أحفظ من
مالك فيه شيئا (قال ابن القاسم) ولست أرى عليه شيئا (قلت) فهل كان مالك
يأمر بالمقام عند الجمرتين قال نعم (قلت) وهل كان يأمر برفع اليدين في المقامين
عند الجمرتين (قال) لم يكن يعرف رفع اليدين هناك (قلت) لابن القاسم أرأيت
من رمى جمرة العقبة قبل أن تطلع الشمس بعد ما انفجر الصبح أيجزئه قال نعم
(قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) والرجال والنساء والصبيان في قول
مالك في هذا سواء قال نعم (قلت) لابن القاسم أرأيت من رمى الجمار الثلاث قبل
الزوال من آخر أيام التشريق هل يجزئه ذلك في قول مالك (قال) قال مالك من رمى
الجمار الثلاث في الأيام الثلاثة قبل زوال الشمس فليعد الرمي ولا رمي الا بعد الزوال
في أيام التشريق كلها (قلت) أرأيت حصى الجمار في قول مالك مثل أي شئ هو
(قال) كان مالك يستحب أن يكون أكبر من حصى الخذف قليلا (قلت) له فهل
كان مالك يقول يؤخذ الحصى من المزدلفة (قال) كأن يقول تأخذ من حيث شئت
(رسم في الرمي ماشيا أو راكبا)
(قلت) فهل يرمي الرجل الجمار راكبا أو ماشيا (قال) قال مالك أما الشأن يوم
النحر فيرمى العقبة راكبا كما يأتي على دابته يمضى كما هو فيرمي وأما في غير يوم النحر
فكأن يقول يرمى شيئا (قلت) له فان ركب في رمى الجمار في الأيام الثلاثة أو
مشى يوم النحر إلى جمرة العقبة فرماها ماشيا هل عليه لذلك شئ في قول مالك (قال)
لا أرى عليه لذلك شيئا
(رسم في رمي الجمار عن المريض والصبي)
(قلت) كيف يصنع المريض في الرمي في قول مالك (قال) مالك إن كان
ممن يستطاع حمله ويطيق الرمي ويجد من يحمله فليحتمل حتى يأتي الجمرة فيرمى وإن كان
ممن لا يستطاع حمله ولا يقدر على من يحمله ولا يستطيع الرمي رمي عنه
وليتحر حين رميهم فليكبر سبع تكبيرات لكل جمرة ولكل حصاة تكبيرة
423

(قال مالك) وعليه الهدى لأنه لم يرم وإنما رمى عنه (قلت) لابن القاسم لو أنه
صح في بعض أيام الرمي أيرمى ما رمى عنه في قول مالك (قال) قال لي مالك نعم
(قلت) ويسقط عنه الدم (قال) لا قال مالك عليه الدم كما هو (قلت) فإن كانوا رموا عنه جمرة العقبة وحدها ثم صح من آخر النهار قبل مغيب الشمس فرمى
أعليه في قول مالك الهدى أم لا (قال) لا هدى على هذا في رأيي لأنه صح في وقت
الرمي ورمى عن نفسه في وقت الرمي (قلت) فإن كان إنما صح ليلا (قال) يرمي
ما رمي عنه ليلا ولا يسقط عنه الدم عند مالك لان وقت رمي ذلك اليوم قد ذهب
(قلت) أرأيت الصبي أيرمى عنه الجمار (قال) قال مالك أما الصغير الذي ليس
مثله يرمي فإنه يرمى عنه (قال) وأما الكبير الذي قد عرف الرمي فإنه يرمي عن
نفسه (قلت) فان ترك الذي يقوى على الرمي الرمي أو تركوا أن يرموا عن الذي
لا يقدر على الرمي أعليهم الدم لهما جميعا في قول مالك (قال) نعم قال مالك ومن رمى
عن صبي لم يرم عنه حتى يرمي الجمار كلها عن نفسه ثم يرمي عن الصبي وكذلك
الطواف لا يطوف به حتى يطوف لنفسه ثم يطوف بالصبي
(في احرام الصغير والصبي يصيد صيدا)
(قلت) لابن القاسم فما قول مالك في الصغير إذا أحرم به (قال) قال مالك يجتنب به
ما يجتنب الكبير وان احتاج إلى شئ من الدواء أو الطيب صنع ذلك به وفدي عنه ويطاف
بالصبي الذي لا يقوى على الطواف محمولا ويسعى به ولا يصلى عنه ركعتا الطواف إذا
لم يكن يعقل الصلاة (قلت) لابن القاسم فهل يسعى الذي يطوف بالصبي في المسيل
بين الصفا والمروة ويرمل في الأشواط الثلاثة بالبيت في قول مالك (قال) انه يفعل
ذلك بالصبي إذا طافوا به وسعوا بين الصفا والمروة قال مالك ويسعى لنفسه والصبي
معه بين الصفا والمروة سعيا واحدا يحمله في ذلك ويجزئهما جميعا (قلت) فان
أصاب الصبي صيدا أيحكم عليه في قول مالك قال نعم (قلت) ويلزم ذلك والده أم
يؤخر حتى يكبر الصبي في كل شئ وجب على الصبي من الدم في الحج (قال) ما
424

سمعت من مالك فيه شيئا والذي أستحب من ذلك أن يكون على والده لان والده
هو الذي أحجه فلزم الصبي الاحرام بفعل الوالد فعلى الوالد ما يصيب هذا الصبي في
حجه قال ولو لم يكن ذلك على الوالد ثم مات الصبي قبل البلوغ بطل كل ما أصاب
الصبي في حجته فهذا ما لا يحسن (قلت) له فهل يصوم الوالد في جزاء الصيد
والفدية عن الصبي قال لا (قلت) فطعم (قال) نعم له أن يطعم أو يهدى أي ذلك شاء
(قلت) أرأيت المجنون إذا أحجه والده أيكون بمنزلة الصبي في قول مالك قال نعم
(قلت) أرأيت المغمى عليه في رمي الجمار أسبيله سبيل المريض في قول مالك قال
نعم (قلت) أرأيت المريض هل يرمي في كف غيره فيرمي عنه هذا الذي رمى
في كفه في قول مالك (قال) لا أعرف هذا ولم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا
من أحد من أهل المدينة (قال) ولا أرى ذلك لان مالكا قد وصف لنا كيف يرمى
عن المريض ولم يذكر لنا هذا (قلت) فهل يقف عند الجمرتين الذي يرمي عن المريض
يقف عن المريض (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن يقف الذي يرمي
عن المريض في المقامين عند الجمرتين (قلت) لابن القاسم فهل يتحرى هذا المريض
حال وقوفهم عنه عند الجمرتين فيدعو كما يتحرى حال رميهم عنه وبكير (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن أري ذلك حسنا مثل التكبير في رميهم عنه عند
الجمار يتحين ذلك في الوقت فيدعو
(رسم في أخذ الرجل من شعره)
(قلت) أرأيت الرجل إذا قصر أيأخذ من جميع شعره أو يجزئه بعضه دون بعض
(قال) يأخذ من شعر رأسه كله ولا يجزئه إلا أن يأخذ من جميعه (قلت) فان جامع
في عمرته بعد ما أخذ بعض شعره وبقي بعض لم يأخذ منه أيكون عليه الدم أم لا (قال)
عليه الهدي (قلت) والنساء والصبيان في ذلك بمنزلة الرجال قال نعم (قال ابن القاسم)
قال مالك من وطئ النساء ولم يقص من شعره في عمرته فعليه الهدي فهذا عندي مثله
(تم كتاب الحج الأول من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه * ويليه كتاب الحج الثاني)
425

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم
(كتاب الحج الثاني)
(من المدونة الكبرى راية الامام سحنون)
(فيمن عبث بذكره فأنزل الماء)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن محرما عبث بذكره فأنزل الماء أيفسد ذلك
حجه (قال) قال مالك إذا كان راكبا فهزته دابته فترك ذلك استدامة له حتى أنزل فقد
أفسد حجه أو تذكر فأدام ذلك في نفسه تلذذا بذلك وهو محرم حتى أنزل
قال مالك فقد أفسد حجه وعليه الحج من قابل (قلت) فإن كانت امرأة ففعلت
ما يفعل شرار النساء في احرامها من العبث بنفسها حتى أنزلت أتراها قد أفسدت حجها
قال نعم في رأيي (قال) وقال مالك ان هو لمس أو قبل أو باشر فأنزل فعليه الحج
قابلا وقد أفسد حجه وان نظر فأنزل الماء ولم يدم ذلك فجاءه ماء دافق فاهراقه ولم
يتبع النظر تلذذا بذلك فحجه تام وعليه الدم (قال) وان أدام النظر واشتهى بقلبه
حتى أنزل فعليه الحج قابلا والهدى وقد أفسد حجه (قال) قال مالك ومن قبل
أو غمز أو باشر أوجس أو تلذذ بشئ من أهله فلم ينزل ولم تغب الحشفة منه في ذلك
منها فعليه لذلك الدم وحجه تام
(رسم فيمن أحصر بعدو في بعض المناهل)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن محرما بحج أحصر بعدو في بعض المناهل هل
يلبث حراما حتى يذهب يوم النحر أو ييأس من أن يدخل مكة في أيام الحج أو يحل
426

ويرجع (قال) إذ أحصر بعدو غالب لم يعجل بالرجوع حتى ييأس فإذ يئس حل
مكانه ورجع ولم ينتظر فإن كان معه هدى نحره وحلق وحل ورجع إلى بلاده
وكذلك في العمرة أيضا (قلت) وهذا قول مالك قال هذا قوله (قال) وقال مالك من
أحصر بعدو نحر إن كان معه هدى وحلق أو قصر ورجع ولا قضاء عليه إلا أن يكون
صرورة ويحل مكانه حيث أحصر حيثما كان من البلاد وينحر هديه هناك ويحلق
هناك أو يقصر ويرجع إلى بلاده (قلت) فان أخر الحلاق حتى يرجع إلى بلاده
(قال) يحلق ولا شئ عليه (قال ابن القاسم) ومن أحصر فيئس من أن يصل إلى
البيت لفتنة نزلت أو لعدو غلبوا على البلاد وحالوا بينه وبين الذهاب إلى مكة خاف
على نفسه فهو محصور وإن كان عدوا يرجو أن ينكشف قريبا رأى أن يتلو؟؟
انكشف ذلك والا صنع ما يصنع المحصور ورجع إلى بلاده
(ما جاء في الأقرع)
(قلت) كيف يصنع الأقرع الذي ليس على رأسه شعر إذا أراد الحلاق في حج
أو عمرة (قال) قال مالك يمر الموسى على رأسه (قلت) فان حلق الرجل رأسه
عند الحلاق بالنورة (قال) لا أحفظه عن مالك وأراه مجزيا عنه (قلت) هل كان
مالك يكره للرجل أن يغسل رأسه بالخطمي إذا حل له الحلاق قبل أن يحلق (قال)
لا لم يكن يكره ذلك له وكأن يقول هو الشأن أن يغسل رأسه بالخطمي قبل
الحلاق (قال) مالك وسمعت ذلك من بعض أهل العلم أنه لا بأس به (قلت)
هل كان مالك يكره للمحرم والصائم الحلال أن يغطسا في الماء ويغيبا رؤسهما في
الماء (قال) نعم كان يكره ذلك لهما (قلت) فهل كان يرى عليهما شيئا ان فعلا ذلك
(قال) كان يرى على المحرم إذا غيب رأسه في الماء أن يطعم شيئا وهو رأيي (قال)
وقال مالك في الصائم إن لم يدخل حلقه شئ عليه (قال) وقال مالك
أكره للمحرم أن يغسل ثوبه خشية أن يقتل الدواب إلا أن تصيبه جنابة فبغسله
427

بالماء وحده ولا يغسله بالحرض (1) خشية أن يقتل الدواب (قال مالك) ولا أرى
للمحرم أن يغسل ثوب غيره خشية أن يقتل الدواب (قال مالك) ولا يحلق المحرم
رأس الحلال (قلت) فان فعل هل عليه لذلك في قول مالك شئ أم لا (قال) قال
مالك يفتدى (قال ابن القاسم) وأنا أرى أن يتصدق بشئ من طعام لموضع الدواب
التي في الثياب والرأس
(رسم في تقليم أظفار المحرم)
(قلت) لابن القاسم ما قول مالك في محرم قلم أظفار حلال (قال) قال مالك لا
بأس بذلك (قلت) فان قلم أظفار حرام (قال) لم أسمع من مالك في ذلك شيئا
ولكن المحرم الذي قلمت أظفاره لا ينبغي له أن يقلم أظفاره وهو محرم فإن كان الذي
قلمت أظفاره أمره بذلك فعلى الذي قلمت أظفاره الفدية لأنه أمره بذلك وإن كان
إنما فعل ذلك به حلال أو حرام أكرهه أو وهو نائم فأرى على الذي فعل ذلك به
الفدية عنه وقد بلغني عن مالك أنه قال ذلك في النائم
(في المحرم الحجام يحلق حراما أو حجام محرم حجم حلالا)
(قلت) أرأيت لو أن حجاما محرما حجم حلالا فحلق موضع المحاجم أيكون على
هذا الحجام شئ في قول مالك أم لا لما حلق من موضع محاجم هذا الحلال (قال) قال مالك ان حلق الشعر من موضع يستيقن أنه لم يقتل الدواب فلا شئ عليه
(قلت) فإن كان هذا الحجام وهو محرم حلق محرما (قال) لا ينبغي لهذا المحرم أن
يحلق موضع المحاجم من المحرم فان اضطر المحرم إلى الحجامة فحلق فعليه الفدية
(قلت) ولا يكره لهذا الحجام المحرم أن يحجم المحرمين ويحلق منهم مواضع المحاجم
إذا أيقن أنه لا يقتل من الدواب شيئا (قال) لا أكره ذلك له إذا كان المحرم المحتجم

(1) (الحرض) بضم الحاء وسكون الراء وبضمهما هو الأشنان وقد قر؟ ء بهما في قوله تعالى
حتى تكون حرضا اه‍ كتبه مصححه
428

إنما احتجم لموضع الضرورة (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فإن كان
هذا الحجام محرما فدعاه محرم إلى أن يسوي شعره أو يحلق قفاه ويعطيه على ذلك
جعلا والحجام يعم أنه لا يقتل من الدواب في حلقه الشعر من قفاه شيئا أيكره للحجام
أن يفعل ذلك (قال) نعم لان المحرم الذي سأل الحجام ذلك لا ينبغي له أن يفعل ذلك
فأكره للحجام أن يعينه على ذلك (قلت) فان فعلى (قال) لا أرى على الحجام شيئا
وأرى على الآخر الفدية (قلت) أتحفظه عن مالك (قال) لا ولكنه رأيي
(رسم فيمن أخر الحلاق)
(قلت) أرأيت أن كان أخر الرجل الحلاق حتى رجع من منى ولم يحلق أيام التشريق
أيكون عليه لذلك الدم أم لا في قول مالك وكيف بمن حلق في الحل ولم يحلق في
الحرم في أيام منى أو أخر الحلاق حتى رجع إلى بلاده (قال) أما الذي أخر حتى رجع
إلى مكة فلا شئ عليه وأما الذي ترك الحلاق حتى رجع إلى بلاده ناسيا أو جاهلا
فعليه الهدي ويقصر أو يحلق وأما الذي حلق في الحل في أيام منى فلا أرى عليه شيئا
(فيمن أحصر بعدو وليس معه هدى)
(قلت) أرأيت أن أحصر بعدو وليس معه هدي أيحلق ويحل مكانه ولا يكون
عليه هدي في قول مالك قال نعم (قلت) لابن القاسم أرأيت المحصر بمرض يكون
معه الهدى أيبعث به إذا أحصر في قول مالك أم يؤخره حتى إذا صح ساق هديه
معه (قال) يحبسه حتى ينطلق به معه إلا أن يصيبه من ذلك مرض يتطاول عليه
ويخاف على الهدى قال فليبعث بهديه ولينظر هو حتى إذا صح مضى (قال مالك) ولا
يحل دون البيت وعليه إذا حل إن كان الحج قد فاته آخر ولا يجزئه الهدى
الذي بعث به عن الهدى الذي وجب عليه من فوات الحج (قال مالك) وإن كان
لم يبعث بهديه وفاته الحج فلا يجزئه أيضا ذلك الهدى من فوات حجه (وقال) قال
مالك وإنما يكون حدى فوات الحج مع حجة القضاء (قال) وقال لي مالك لو أن امرأة
429

دخلت بعمرة ومعها هدى فحاضت بعد ما دخلت مكة قبل أن تطوف بالبيت أوقفت
هديها معها حتى تطهر ولا ينبغي لها أن تنحر هديها وهي حرام ولكن تحبسه حتى
إذا طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة ثم نحرت هديها وقصرت من
شعرها ثم قد حلت (قال مالك) فإن كان ممن يريد الحج وخافت الفوت ولا
تستطيع الطواف لحيضها أهلت بالحج وساقت هديها معها إلى عرفات فأوقفته ولا
تنحره الا بمنى وأجزأ عنها هديها من قرانها وسبيلها وسبيل من قرن
(في الطيب قبل الإفاضة وما ينبغي للمحرم)
(إذا حل أن يأخذ من شعر جسده وأظفاره)
(قلت) هل كان مالك يكره أن يتطيب الرجل إذا رمى جمرة العقبة قبل أن يفيض
قال نعم (قلت) فان فعل أترى عليه الفدية (قال) قال مالك لا شئ عليه لما جاء فيه
(قلت) لابن القاسم هل كان مالك يوجب على المحرم إذا حل من إحرامه أن
يأخذ من لحيته وشاربه وأظفاره (قال) لم يكن يوجبه ولكن كان يستحب إذا حلق
أن يقلم وأن يأخذ من شاربه ولحيته وذكر مالك أن ابن عمر كان يفعله
(في محرم أخذ من شاربه)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا حراما أخذ من شاربه ما يجب عليه في قول مالك
(قال) قال مالك من نتف شعره أو شعرات يسيرة فأرى عليه أن يطعم شيئا من
طعام ناسيا كان أو جاهلا وإن نتف من شعره ما أماط به عن الأذى فعليه الفدية
(قال مالك) ومن قص أضفاره ناسيا أو جاهلا فليفتد (قلت) فإن كان إنما قلم
ظفرا واحدا (قال) لم أسمع من مالك في الظفر الواحد شيئا ولكن أرى إن كان
أماط به عنه فليفتد وإن كان لم يمط به عنه أذى فليطعم شيئا من طعام (قلت)
فهل حد لكم مالك فيما دون إماطة الأذى كم ذلك الطعام (قال) لم أسمعه يحد أقل
من حفنة في شئ من الأشياء قال لان مالكا قال لنا في قملة حفنة من طعام قال وفى
430

قملات حفنة من طعام أيضا (قال ابن القاسم) قال مالك والحفنة يد واحدة (قال)
وقال مالك لو أن محرما جعل في أذنيه قطنه لشئ وجده فيهما رأيت أن يفتدى كان
في القطنة طيب أو لم يكن (قال ابن القاسم) سألنا مالكا عن الرجل يتوضأ وهو محرم
فيمر يده على وجهه أو يخلل لحيته في الوضوء أو يدخل يده في أنفه لشئ ينزعه من
أنفه أو يمسح رأسه أو يركب دابة فيحلق ساقيه الا كاف أو السرج (قال) قال مالك
ليس عليه في ذلك شئ وهذا حفيف ولابد للناس من هذا (قلت) لابن القاسم
أرأيت قول مالك في القارن إذا حلق رأسه من أذى أهو في الفدية والمفرد بالحج
سواء (قال) قال مالك هو سواء كالمفرد بالحج في الفدية
(رسم في الكفارة بالصيام وفى جزاء الصيد)
(قلت) أرأيت الطعام في الأذى أو الصيام أيكون بغير مكة (قال) نعم حيث
شاء من البلدان (قلت) أرأيت جزاء الصيد في قول مالك أيكون بغير مكة
(قال) قال لي مالك كل من ترك من نسكه شيئا يجب عليه فيه الدم وجزاء الصيد
أيضا فان ذلك لا ينحر ولا يذبح الا بمكة أو بمنى فان وقف به بعرفة نحر بمنى وإن لم
يوقف بعرفة سيق من الحل ونحر مكة (قلت) له وإن كان قد وقف به بعرفة ولم
ينحره أيام النحر بمنى نحره بمكة ولا يخرجه إلى الحل ثانية قال نعم (قلت) وهذا
قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن أراد أن يحكم عليه بالطعام في جزاء الصيد أو
بالصيام (قال) قال مالك يحكم عليه في جزاء الصيد في الموضع الذي أصاب فيه الصيد
(قال) فقيل له فان حكم عليه في الموضع الذي أصاب فيه الصيد بالطعام فأراد أن
يطعم في غير ذلك المكان (قال) قال مالك لا أرى ذلك وقال يحكم عليه بالطعام
بالمدينة ويطعمه بمصر انكارا لمن يفعل ذلك يريد بقوله أن هذا ليس يجزئه إذا فعل
هذا وأما الصيام في جزاء الصيد فحيثما شاء من البلاد والنسك كذلك (قلت)
لابن القاسم فالطعام في الفدية من الأذى في قول مالك أيكون حيثما شاء من البلاد قال
نعم (قلت) والصيام أيضا (قال) نعم (قال ابن القاسم) لان الطعام كفارة بمنزلة كفارة اليمين
431

(فيمن رمى جمرة العقبة)
(قلت) له أرأيت أن رمى الحاج جمرة العقبة فبدأ فقلم أظفاره وأخذ من لحيته
وشاربه واستحد وأطلى بالنورة أن يحلق رأسه (قال) قال مالك لا بأس بذلك
(قلت) أرأيت أن قلم أظفار يده اليوم وهو حرام ثم قلم أظفار يده الأخرى من
الغد أيكون عليه فدية واحدة في قول مالك أو فديتان (قال) عليه فديتان في قول
مالك (قال) وقال مالك في رجل لبس الثياب وتطيب وحلق شعره وقلم أظفاره في
فور واحد لم يكن عليه الا فدية واحدة لذلك كله وان فعل ذلك شيئا بعد شئ فعليه
في كل شئ فعله من ذلك كفارة كفارة
(رسم فيمن مرض فتعالج)
(قال) فقال لمالك رجل من أهل المدينة يا أبا عبد الله انا نزلنا بالجحفة ومعي أختي
أصابتها حمى فوصف لي دواء فيه طيب فعالجتها به ثم وصف لي دواء آخر فيه طيب
فعالجتها به ثم عالجتها بشئ آخر فيه طيب وذلك وذلك في موضع واحد (قال) إذا
كان ذلك قريبا بعضه مع بعض وكان في موضع واحد فلا أرى عليها الا فدية واحدة
لذلك كله (قال) وقد يتعالج الرجل المحرم يوصف له الألوان من الأدوية من الأودية في كلها الطيب
فيقدمها كلها ثم يتعالج بها كلها يتعالج بواحد منها ثم يدع ثم يتعالج بالآخر بعده حتى
يتعالج بجميعها كلها فإنما عليه فدية واحدة لذلك كله (قلت) فما قول مالك في
الظفر إذا انكسر (قال) يقلمه ولا شئ عليه (قلت) فان أصابت أصابعه القروح
فاحتاج إلى أن يداوى تلك القروح وهو لا يقدر على أن يداوى قروحه تلك إلا أن
يقلم أظفاره (قال) أرى عليه في هذا الفدية (قال) وقال مالك والكفارة في الأظفار
فدية كالكفارة في إماطة الأذى من الشعر
(فيمن قتل صيدا أو دل عليه محرما أو حلالا)
(قلت) لو أن محرما دل ما على صيد محرما أو حلالا فقتله هذا المدلول أيكون على
432

الدال شئ أم لا في قول مالك (قال) قال مالك يستغفر الله ولا شئ عليه (قلت)
أرأيت لو أن نفرا اجتمعوا على قتل صيد وهم محرمون ما عليهم في قول مالك (قال)
قال مالك على كل واحد منهم الجزاء كاملا (قلت) وكذلك قول مالك لو أن محلين
اجتمعوا في قتل صيد في الحرم أيكون على كل واحد منهم الجزاء كاملا (قال) نعم
هم بمنزلة المحرمين (قلت) وكذلك قول مالك لو أن محرما وحلالا قتلا صيدا في
الحرم (قال) قال مالك على كل واحد منهما الجزاء كاملا (قلت) فهل كان يزيد
على المحرم لا حرامه شيئا (قال) ما علمت أنه يزيد عليه فوق الجزاء شيئا (قلت) فلو
أن محرمين اجتمعوا على صيد فجرحوه جرحه كل واحد منهم جرحا (قال) قال
مالك من جرح صيدا وهو محرم فغاب الصيد عنه وهو مجروح فعليه الجزاء كاملا
(قال) وقال مالك في محرم أمر غلامه أن يرسل صيدا كان معه فأخذه الغلام
فظن أن مولاه قال له اذبحه فذبحه الغلام (قال) قال مالك على سيده الجزاء (قلت)
لابن القاسم فهل يكون على العبد ان ان محرما أيضا الجزاء في قول مالك (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا وأرى على العبد الجزاء ولا يضع ذلك عنه خطؤه ولو أمره
بالذبح فأطاعه فذبحه لرأيت أيضا عليهما الجزاء جميعا (قال ابن القاسم) كنت عند
مالك سنة خمس وستين ومائة فأتي بنفر اتهموا بدم فيما بين الأبواء والجحفة وهم
محرمون فردوا إلى المدينة فسجنوا فأتى أهلوهم إلى مالك يسألونه عن أمرهم
ويخبرونه أنهم قد حصروا عن البيت وأنهم قد منعوا وأن ذلك يشتد عليهم (قال
مالك) لا يحلهم الا البيت ولا يزالون محرمين في حبسهم حتى يخرجوا فيقتلوا أو
يحلوا فيأتوا البيت فيحلوا بالبيت (قلت) لابن القاسم ما قول مالك فيمن قرن الحج
والعمرة فأصاب الصيد وهو محرم قارن (قال) قال مالك عليه جزاء واحد
(رسم فيمن أصأب الصيد كيف يقوم ومن طرد صيدا)
(قلت) له فما قول مالك فيما أصاب المحرم من الصيد كيف يحكم عليه (قال) سألنا
مالكا عن الرجل يصيب الصيد وهو محرم فيريد أن يحكم عليه بالطعام أيقوم الصيد
433

دراهم أو طعاما (قال) الصواب من ذلك أن يقوم طعاما ولا يقوم دراهم ولو قوم
الصيد دراهم ثم اشترى بها طعاما لرجوت أن يكون واسعا ولكن الصواب من ذلك
أن يحكم عليه طعاما فان أراد أن يصوم نظر كم ذلك الطعام من الامداد فيصوم مكان
كل مد يوما وان زاد ذلك على شهرين أو ثلاثة (قلت) له فإن كان في الطعام كسر
المد (قال) ما سمعت من مالك في كسر المد شيئا ولكن أحب إلى أن يصوم له يوما
(قال ابن القاسم) ولم يقل لنا مالك انه ينظر إلى جزاء الصيد من النغم فيقوم هذا الجزاء
من النعم طعاما ولكنه قال ما أعلمتك (قلت) وكيف يقوم هذا الصيد طعاما في
قول مالك أحي أم مذبوح أم ميت (قال) بل يقوم حيا عند مالك على حاله التي كان
عليها حين أصابه (قال) قال مالك ولا ينظر إلى فراهيته ولا إلى جماله ولكن إلى
ما يساوى من الطعام بغير فراهية ولا جمال وشبه ذلك بفراهية الباز لا ينظر إلى قيمة
ما يباع به أن لو صيد لفراهيته (قال ابن القاسم) قال مالك ان الفارة من الصيد وغير
الفارة والبزاة إذا أصابها الحرام عليه في الحكم سواء (قلت) فكيف يحكم عليه ان
أراد أن يحكم عليه بالنظير من النعم (قال) قلنا لمالك أيحكم بالنظير في الجزاء من
النعم بما قد مضى وجاءت به الآثار أم يستأنف الحكم فيه (قال) بل يستأنف الحكم
فيه (قلت) لابن القاسم فإنما فيه الاجتهاد عند مالك إذا حكم عليه في الجزاء قال
نعم (قال مالك) ولا أرى أن يخرج مما جاء فيه الاجتهاد عن آثار من مضى (قال)
وقال مالك لا يحكم في جزاء الصيد من الغنم والإبل والبقر الا بما يجوز في الضحايا
والهدي الثني فصاعدا الا من الضأن فإنه يجوز الجذع. وما أصاب المحرم مما لا يبلغ
أن يكون مما يجوز أن يكون في الضحايا والهدى من الإبل والبقر والغنم فعليه فيه
الطعام والصيام (قال مالك) ولا يحكم بالجفرة ولا بالعناق ولا يحكم بدون المسن
(قلت) وما قول مالك فيمن طرد صيدا فأخرجه من الحرم أيكون عليه الجزاء
أم لا (قال) لا أحفظ عنه فيه شيئا وأرى عليه الجزاء
434

رسم فيمن رمي صيدا)
(قلت) ما قول مالك فيمن رمى صيدا من الحل والصيد في الحرم فقتله (قال) قال
مالك عليه الجزاء وكذلك قوله لو أن رجلا في الحرم والصيد في الحل فرماه فتله
قال نعم عليه أيضا في قوله جزاؤه (قلت) فان رمى صيدا في الحل وهو في الحل فأصابه
في الحرم هرب الصيد إلى الحرم وتبعته الرمية فأصابته في الحرم (قال) قال مالك
من أرسل كلبه على صيد في الحل وهو في الحل أيضا إذا كان ذلك قرب الحرم
فطلبه الكلب حتى أدخله الحرم فأصابه في الحرم فعلى صاحب الكلب الذي أرسله
الجزاء لأنه غرر فأرسل كلبه على صيد قرب الحرم (قال ابن القاسم) فأرى الرمية
بمنزلة الكلب الذي أرسله قرب الحرم قال ولم أسمع في مسألتك في الرمية بعينها من
مالك شيئا ولكن ذلك عندي مثل الذي يرسل كلبه قرب الحرب (قلت)
فقول مالك في الذي يرسل بازه قرب الحرم مثل قوله في الذي يرسل كلبه قرب
الحرم قال نعم (قلت) فما قول مالك ان أرسل كلبه وليس بقريب من الحرم فطلبه
الكلب حتى أدخله الحرم فقتله (قال) قال مالك لا شئ على الذي أرسل الكلب
لأنه لم يغرر بالارسال (قال مالك) ولا يؤكل ذلك الصيد (قلت) وكذلك الباز في
قول مالك قال نعم (قلت) فما قول مالك ان أرسل كلبه أو بازه قرب الحرم وهو
والصيد جميعا في الحل فأخذ الكلب الصيد في الحل (قال) لا شئ عليه عند مالك
لأنه قد سلم مما كان غرر به (قلت) أرأيت أن أرسل كلبه على صيد في الحل قرب
الحرم وهو في الحل أيضا فطلب الكلب الصيد حتى أدخله الحرم ثم أخرجه من
الحرم أيضا إلى الحل فأخذه في الحل أيكون على صاحبه الجزاء أم لا في قول مالك
وكيف ان قتله بعد ما أخرجه إلى الحل أيحل أكله في قول مالك أم لا (قال) لم أسمع
من مالك في مسألتك هذه شيئا ولكن رأيي أن لا يأكله وأن يكون عليه فيه الجزاء
لأنه لما دخل الحرم والكلب في طلبه من فوره ذلك حتى أخرجه إلى الحل فكأنه
أرسله في الحرم لأنه إنما أرسله قرب الحرم مغررا (قلت) أرأيت أن أرسل كلبه
435

أو بازه في الحل وهو بعيد من الحرم فطلب الكلب أو الباز الصيد حتى أدخله الحرم
ثم أخرجه من الحرم طالبا له فقتله في الحل أيؤكل أم لا في قول مالك وهل يكون
على صاحبه الجزاء في قول مالك أم لا (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى أن
يؤكل ولا أرى على الذي أرسل الكلب الجزاء ولا على الذي أرسل الباز جزاء لأنه
لم يغرر بقرب الحرم
(في محرم ذبح صيدا أو أرسل كلبه أو بازه على صيد)
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن محرما ذبح صيدا أو أرسل كلبه على صيد فقتله
أو بازه فقتله أيأكله حلال أو حرام (قال مالك) لا يأكله حلال ولا حرام قال
وهو ميتة ليس بذكي قال وهو مثل ذبيحته (قلت) فما ذبح للمحرم من الصيد وان
ذبحه رجل حلال إلا أنه إنما ذبحه من أجل هذا المحرم أمره المحرم بذلك أم لم يأمره
(قال) قال مالك ما ذبح للمحرم من الصيد فلا يأكله حلال ولا حرام وإن كان الذي
ذبحه حلالا أو حراما فهو سواء لا يأكله حلال ولا حرام لان هذا إنما ذبحه لهذا
المحرم ومن أجله (قال مالك) وسواء إن كان أمره هذا المحرم أن يذبحه له أو لم يأمره
فهو سواء إذا كان إنما ذبح الصيد من أجل هذا المحرم فلا يؤكل (قال ابن القاسم)
وكان مالك لا يأخذ بحديث عثمان بن عثمان حين قال لأصحابه كلوا وأبى أن يأكل
وقال عثمان لأصحابه إنما صيد من أجلى (قلت) ما قول مالك في محرم ذبح صيدا
فأدى جزاءه ثم أكل من لحمه أيكون عليه جزاء آخر أم قيمة ما أكل من لحمه (قال)
قال مالك لا قيمة عليه ولا جزاء في لحمه وإنما لحمه جيفة غير ذكى فإنما أكل حين
أكل منه لحم ميتة وما لا يحل
(فيما أصاب المحرم من بيض الطير الوحشي والصيد)
(قلت) أرأيت ما أصاب المحرم من بيض الطير الوحشي ما عليه لذلك في قول
مالك (قال) قال مالك على المحرم إذا كسر بيضا من بيض الطير الوحشي أو الحلال
436

في الحرم إذا كسره عشر ثمن أمه كجنين الحرة من دية أمه (قلت) لابن القاسم
وسواء في قول مالك إن كان فيه فرخ أو لم يكن فيه فرخ (قال) نعم ما لم يستهل الفرخ
بعد الكسر صارخا فان استهل الفرخ من بعد الكسر صارخا فأرى أن يكون فيه
الجزاء كاملا كجزاء كبير ذلك الطير (قال) وإنما شبه مالك البيض بجنين الحرة فلو
أن رجلا ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا لم يكن عليه الا عشر دية أمه إذا
خرج ميتا قال فان خرج حيا فاستهل صارخا فالدية كاملة فعلى الجنين فقس البيض في
كل ما يرد عليك منه (قلت) ويكون في الجنين قسامة إذا استهل صارخا في قول
مالك قال نعم (قلت) فإن لم يستهل صارخا فلا قسامة فيه قال نعم (قلت) فان
كسر البيضة فخرج الفرخ حيا يضطرب ما عليه في قول مالك (قال) قال مالك من
ضرب بطن امرأة فألقت جنينا حيا يضطرب فمات قبل أن يستهل صارخا فإنما فيه
عشر دية أمه. فكذلك البيض هو عندي مثله إنما فيه عشر ثمن أمه فان خرج الفرخ
منه حيا فإنما فيه عشر ثمن أمه إلا أن يستهل صارخا فإذا استهل صارخا ففيه ما في كباره
(في محرم ضرب بطن عنز من الظباء)
(قلت) أرأيت لو أن محرما ضرب بطن عنز من الظباء فألقت جنينها ميتا
وسلمت الأم (قال) عليه في جنينها عشر قيمة أمه (قال) ولم أسمع في جنين العنز
من الظباء من مالك شيئا ولكنه في رأيي مثل جنين الحرة (قلت) فما يقول مالك
في جنين الحرة لو ضرب رجل بطن امرأة فألقت جنينا ميتا ثم ماتت بعده (قال)
قال مالك ان عليه عشر دية أمه للجنين ودية كاملة للمرأة (قلت) وكذلك العنز من
الظباء ان ضربها فألقت جنينها ثم ماتت بعد ما طرحت جنينها (قال) نعم هكذا أرى أن
يكون عليه في جنين العنز عشر ثمن أمه ويكون عليه في العنز الجزاء أيضا كاملا
(قلت) فما قول مالك في الحرة يضرب الرجل بطنها فتطرح جنينها حيا فيستهل
صارخا ثم يموت وتموت الأم (قال) مالك عليه إن كان ضربها خطأ الدية للمرأة
والدية للجنين كاملة تحمل العاقلة جميع ذلك وفى الجنين قسامة (قلت) وكذلك
437

ان ضرب بطن هذه العنز فألقت جنينها حيا فاستهل صارخا ثم مات وماتت أمه انه
ينبغي أن يكون عليه جزاء للأم وجزاء للجنين كاملا قال نعم (قلت) ويحكم في
الجنين في قول مالك إذا استهل صارخا كما يحكم في كبار الظباء (قال) قال مالك
يحكم في صغار كل شئ أصابه المحرم من الصيد والطير الوحشي مثل ما يحكم في كباره
وشبههم صغار الأحرار وكبارهم في الدية سواء قال فكذلك الصيد (قلت) فهل ذكر
لكم مالك في جراحات الصيد أيحكم فيها إذا هي سلمت أنفسها من بعد الجراحات
كما يحكم في جراحات الأحرار أو مثل جراحات العبيد ما نقص من أثمانها (قال)
ما سمعت من مالك فيه شيئا وما أرى فيها شيئا إذا استيقن أنها سلمت (قلت) فما
نرى أنت في جراحات هذا الصيد إذا هو سلم (قال) لا أرى عليه شيئا إذا هو سلم
من ذلك الجرح (قلت) أرأيت إذا ضرب المحرم فسطاطا فتعلق بأطنابه صيد
فعطب أيكون على الذي ضرب الفسطاط الجزاء في قول مالك أم لا (قال) لا أحفظه
من مالك ولكن لا شئ عليه لأنه لم يصنع بالصيد شيئا إنما الصيد هو الذي صنع
ذلك بنفسه (قال) وإنما قلته لان مالكا قال في الرجل يحفر البئر في الموضع الذي يجوز
له أن يحفر فيه فيقع فيها انسان فيهلك إنه لا دية له على الذي حفر البئر في الموضع
الذي يجوز له أن يحفر وكذلك هذا إنما ضرب فسطاطه في موضع لا يمنع من أجل
الصيد (قلت) وكذلك الذي يحفر بئرا للماء وهو محرم فعطب فيه صيد (قال)
كذلك أيضا في رأيي لا شئ عليه (قلت) وكذلك أيضا ان رآني الصيد وأنا محرم
ففزع منى فأحصر (1) فانكسر من غير أن أفعل به شيئا فلا جزاء على (قال) أرى
عليك الجزاء إذا كان إنما كان عطبه ذلك لأنه نفر من رؤيتك (قلت) أرأيت إذا
فزع صيد من رجل وهو محرم فحصر الصيد فعطب في حصره ذلك أيكون عليه
الجزاء في قول مالك قال نعم

(1) (فأحصر) من الحصر وهو التضييق والحبس أي حبس ومنع من أن يفر منه ويفوته
اه‍ كتبه مصححه
438

(في محرم نصب شركا للذئب أو للسبع)
(قلت) أرأيت أن نصب محرم شركا للذئب أو للسبع خافه على غنمه أو على دابته
أو على نفسه فوقع فيه صيد ظبي أو غيره فعطب هل تحفظ عن مالك فيه شيئا (قال)
لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولكن أرى أن يضمن لأنه فعل شيئا ليصيد به فعطب
به الصيد (قلت) له إنما فعله للسباع لا للصيد فكيف يكون عليه الجزاء وقد كان
جائزا له أن يجعله للسبع والذئب (قال) لان مالكا قال لو أن رجلا حفر بئرا في
منزله لسارق أو عمل في داره شيئا ليتلف به السارق فوقع فيه انسان سوى السارق
رأيته ضامنا لديته (قلت) وهل يرى مالك أن يضمن دية السارق ان وقع فيه
فمات (قال) قال مالك نعم يضمن
(فيمن أحرم وفى يده صيد أو في بيته)
(قلت) لابن القاسم ما قول مالك فيمن أحرم وفي بيته صيد (قال) لا شئ عليه فيه
ولا يرسله (قلت) فان أحرم وفى يده صيد (قال) قال مالك يرسله (قلت) فان
أحرم والصيد معه في قفص (قال) قال مالك يرسله (قلت) وكذلك أن أحرم
وهو يقود صيدا أيرسله (قال) نعم يرسله إذا كان يقوده (قلت) فالذي في بيته من
الصيد إذا أحرم لم قال مالك لا يرسله (قال) لان ذلك أسيره وقد كان ملكه قبل
أن يحرم فأحرم وليس هو في يديه (قال) وقال مالك إنما يجب عليه أن يرسل من
الصيد إذا هو أحرم ما كان في يديه حين يحرم فأرى ما في قفصه أو ما يقوده بمنزلة
هذا (قال) وقال مالك إذا أحرم أرسل كل صيد كان معه فالذي في قفصه والذي
في يده في غير قفص والذي يقوده سواء عندنا (قلت) فكل صيد صاده المحرم
فعليه أن يرسله (قال) قال مالك نعم عليه أن يرسله (قلت) فإن لم يرسله حتى
أخذه حلال أو حرام من يده فأرسلاه أيضمنان له شيئا أم لا في قول مالك (قال)
لا يضمنان له شيئا في رأيي لأنهما إنما فعلا في الصيد ما كان يؤمر هذا الذي صاده
439

أن يفعله ويحكم عليه بارساله (قلت) فلو أن الصيد كان قد ملكه وهو حلال ثم
أحرم وهو في يده فأتاه حلال أو حرام فأرسله من يده أيضمن له شيئا أم لا (قال)
أرى أن لا يضمن له شيئا لان مالكا قال لو أن رجلا أخذ صيدا فأقلت منه الصيد
فأخذه غيره من الناس (قال) قال مالك إن كان ذلك بحدثان ذلك رأيت أن يرد
على سيده الأول وإن كان قد ذهب ولحق بالوحش واستوحش فهو لمن صاده ولم ير
مالك أن ملكه ثابت عليه إذا فاته ولحق بالوحش فهذا المحرم حين أحرم ينبغي له أن
يرسل الصيد ولا يجوز له أخذه إذا أرسله حتى يحل من احرامه فهو إذا ألزمته أن
يرسله ولم أجز له أن يأخذه بعد ما يرسل حتى يحل من احرامه فقد زال ملكه عنه
حين أحرم فلا شئ على من أرسله من يده بعد احرامه لان ملكه زال عن الصيد
بالاحرام ألا ترى أنه لو حبسه معه حتى يحل من احرامه وجب عليه أن يرسله أيضا
وإن كان قد حل أولا ترى أن ملكه قد زال عنه. أو لا ترى أنه لو بعث به إلى بيته
بعد أن أحرم وهو في يده ثم حل من احرامه لم يجز له أن يحبسه بعد ما حل وكان
عليه أن يرسله فهذا الدليل على أن ملكه قد زال عنه وقد اختلف الناس في هذا أن
يرسله أو لا يرسله فقال بعض الناس يرسله وان حل من احرامه لأنه كان صاده وهو
حلال وقال بعض الناس لا يرسله وليحبسه لأنه قد حل من احرامه ولا شئ عليه
(قال) والذي آخذ به أن يرسله وكذلك المحرم إذا صاد الصيد وهو حرام لم يجب له
فيه الملك فليس على من أرسل هذا الصيد من يد هذين ضمان لهما (قلت) لابن
القاسم أرأيت أن صاد محرم صيدا فأتاه حلال أو حرام ليرسله من يده فتنازعاه
فقتلاه بينهما ماذا عليهما في قول مالك (قال) أرى عليهما في قول مالك ان كانا حرامين
الجزاء على كل واحد منهما وإن كان نازعه حلالا فعلى المحرم الجزاء ولا قيمة
لهذا المحرم على الحلال لان هذا المحرم لم يملك هذا الصيد (قلت) وكذلك أن أحرم
وهو في يده في كان صاده وهو حلال (قال) نعم هو مثل الأول لا ينبغي أن يضمن
له شيئا لأنه زال ملكه عن الصيد الذي هو في يده حين أحرم (قلت) فهل
440

يضمنان هذا الجزاء لهذا المحرم إذا نازعاه في الصيد الذي هو في يده حتى قتلاه (قال)
لا أحفظ من مالك في هذا شيئا ولكن لا أرى أن يضمنا له الجزاء لأنهما إنما أراد
أن يرسلا الصيد من يده فنازعهما فمنعهما ما لم يكن ينبغي له أن يمنعها فمات الصيد من
ذلك فلا يضمنان له شيئا لان القتل جاء من قبله (قلت) لابن القاسم فلو أن بازا
لرجل أفلت منه فلم يقدر على أخذه بحضرة ذلك حتى فات بنفسه ولحق بالوحش
أكان مالك يقول هو لمن أخذه قال نعم (قلت) فهل تحفظ عنه في النحل شيئا
ان هي هربت من رجل ففاتت من فورها ذلك ولحقت بالجبال أتكون لمن وجدها
(قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إن كان أصل النحل عند أهل المعرفة
وحشية فهي بمنزلة ما قد وصفت لك من الوحش في رأيي (قال) وقال مالك في
النحل يخرج من جبح (1) هذا إلى جبح هذا ومن جبح هذا إلى جبح هذا (قال) ان
علم ذلك واستطاعوا أن يردوها إلى أصحابها ردوها والا فهي لمن ثبتت في أجباحه (قال
مالك) وكذلك حمام الأبرجة
(رسم في الحكمين في جزاء الصيد)
(قال) وسئل مالك عن الحكمين إذا حكما في جزاء الصيد فاختلفا أيؤخذ بأرفقهما
أم يبتدأ الحكم بينهما (قال) يبتدئ الحكم فيه غيرهما يجتمعا على أمر كذلك قال
مالك (قلت) فهل يكون الحكمان في جزاء الصيد غير فقيهين إذا كانا عدلين في
قول مالك (قال) لا يكونان الا فقيهين عدلين (قلت) أرأيت أن حكما
فأخطأ. حكما خطأ فيما فيه بدنة بشاة أو فيما فيه بقرة بشاة أو فيما فيه شاة ببدنة
أينقص حكمهما ويستقبل الحكم في هذا الصيد قال نعم (قلت) أتحفظه عن مالك
قال لا (قلت) فان حكم حكمان في جزاء صيد أصابه محرم فحكما عليه فأصابا
الحكم وكان أمرهما أن يحكما عليه بالجزاء من النعم ففعلا ثم بدا له أن ينصرف إلى
الطعام أو الصيام بعد ما حكما عليه بالنظير من النعم وأن يحكم عليه غيرهما أو هما (قال)

(1) الجبح بالجيم والباء الموحدة ويثلث حلية العسل جمعه أجبح واجباح اه‍ قاموس
441

ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكني أرى له ذلك أن يرجع إلى أي ذلك شاء (قلت)
فهل يكون الحكمان في جزاء الصيد دون الامام (قال) نعم من اعترض من المسلمين
ممن قبله معرفة من ذوي العدل بالحكم والعلم باذن ذلك الذي أصاب الصيد فحكما
عليه فذلك جائز عليه
(في المحرم يقتل سباع الوحش من غير أن تؤذيه)
وما يجوز له أن يقتل منها)
(قلت) لابن القاسم أرأيت المحرم إذا قتل سباع الوحش من غير أن تبتدئه (قال)
قال مالك لا شئ عليه في ذلك (قال ابن القاسم) قال مالك لا شئ عليه وذلك
في السباع والنمور التي تعدو أو تفرس فاما صغار أولادها التي تعدو ولا تفرس فلا
ينبغي لمحرم قتلها (قال مالك) ولا بأس أن يقتل المحرم السباغ يبتدئها وإن لم تبتدئه
(قلت) له فهل يكره مالك للمحرم قتل الهر الوحشي والثعلب قال نعم (قلت)
والضبع قال نعم (قلت) فان قتل الضبع كان عليه الجزاء في قول مالك قال نعم
(قلت) له فان قتل الثعلب والهر أيكون عليه الجزاء في قول مالك أم لا (قال)
قال مالك نعم عليه الجزاء في الثعلب والهر (قلت) فان ابتدأني الثعلب والهر والضبع
وأنا محرم فقتلتهم أعلى في قول مالك لذلك شئ أم لا (قال) لا شئ عليك وهو
رأيي (قلت) أرأيت سباع الطير ما قول مالك فيها للمحرم (قال) كان مالك يكره
قتل سباع الطير كلها وغير سباعها للمحرم (قلت) فان قتل المحرم سباع الطير
أكان مالك يرى عليه فيها الجزاء قال نعم (قلت) فان عدت عليه سباع الطير فخافها
على نفسه فدفع عن نفسه فقتلها أيكون عليه فيها الجزاء في قول مالك (قال) لا شئ
عليه وذلك لو أن رجلا عدا على رجل فأراد قتله فدفعه عن نفسه فقتله لم يكن عليه
شئ فكذلك سباع الطير (قلت) لابن القاسم هل كان مالك يكره أكل كل ذي
مخلب من الطير (قال) لم يكن مالك يكره أكل كل شئ من الطير سباعها وغير
سباعها (قلت) والغراب لم يكن مالك يرى به بأسا (قال) لا بأس به عنده
442

(قلت) وكذلك الهدهد عنده والخطاف (قال) جميع الطير كلها فلا بأس بأكلها
عند مالك (قلت) له فهل كان يوسع في أكل الحيات والعقارب (قال) لم يكن
يرى بأكل الحيات بأسا وقال لا يؤكل منها الا الذكي (قال) ولا أحفظ في العقرب
من قوله شيئا ولا أرى به بأسا (قلت) له وكان مالك يكره أكل سباع الوحش
قال نعم (قلت) أفكان يرى مالك الهر من السباع (قال) قال مالك لا أحب أن
يؤكل الهر الوحشي ولا الأهلي ولا الثعلب (قلت) فهل تحفظه عن مالك أنه كره
أكل كل شئ سوى سباع الوحش من الدواب الخيل والبغال والحمير وما حرم الله
في التنزيل من الميتة والدم ولحم الخنزير (قال) كان ينهى عما ذكرت فمنه ما كان
يكرهه ومنه ما كان يحرمه (قال) وكان مالك لا يرى بأسا بأكل القنفذ واليربوع
والضب والصرب والأرنب وما أشبه ذلك (قال) ولا بأس بأكل الوبرة عند مالك
(قلت) لابن القاسم أرأيت الضب واليربوع والأرنب وما أشبه هذه الأشياء إذا
أصابها المحرم (قال) قال مالك عليه الجزاء يحكم فيها قيمتها طعاما فإن شاء الذي أصاب
ذلك أطعم كل مسكين مدا وان شاء صام لكل مد يوما هو عند مالك بالخيار
(رسم فيمن أصاب حمام الحرم)
(قلت) له ما قول مالك في حمام الحرم يصيبها المحرم (قال) قال مالك لم أزل أسمع
أن في حمام مكة شاة شاة (قال مالك) وحمام الحرم بمنزلة حمام مكة وفيها شاة شاة
(قلت) فكم على من أصاب بيضة من حمام مكة وهو محرم أو غير محرم في الحرم
في قول مالك (قال) عشر دية أمه وفى أمه شاة (قلت) فما قول ملك في غير حمام
مكة إذا أصابه المحرم (قال) حكومة ولا يشبه حمام مكة وحمام الحرم (قال) وكان
مالك يكره للمحرم أن يذبح الحمام إذا أحرم الوحشي وغير الوحشي لان أصل الحمام
عنده طير يطير (قال) فقيل لمالك ان عندنا حماما يقال له الرومية لا يطير وإنما يتخذ
للفراخ (قال) لا يعجبني لأنها تطير ولا يعجبني أن يذبح المحرم شيئا مما يطير (قال)
فقلنا لمالك أفيذبح المحرم الإوز والدجاج. قال لا بأس بذلك (قلت) لابن القاسم
443

أليس إلاوز طيرا يطير فما فرق ما بيته وبين الحمام (قال) قال مالك ليس أصله مما يطير
وكذلك الدجاج ليس أصله مما يطير (قال) فقلت لمالك فما أدخل مكة من الحمام
الأنسي والوحشي أترى للحلال أن يذبحه فيها (قال) نعم لا بأس بذل وقد يذبح
الحلال في الحرم الصيد إذا دخل به من الحل فكذلك الحمام في ذلك وذلك أن
شأن أهل مكة يطول وهم محلون في ديارهم فلا بأس أن يذبحوا الصيد وأما المحرم
فإنما شأنه الأيام القلائل وليس شأنهما واحدا (قال) وسئل مالك عن الجراد
يقع في الحرم (قال) لا يصيده حلال ولا حرام (قال مالك) ولا أرى أن يصاد
الجراد في حرم المدينة (قال ابن القاسم) وكان مالك لا يرى ما قتل في حرم المدينة
من الصيد أن فيه جزاء وقال لا جزاء فيه ولكن ينهى عن ذلك (قال) ولا يحل
ذلك له لنهي النبي صلى الله عليه وسلم (قال) مالك ما أدركت أحدا أقتدي به يرى
بالصيد يدخل به الحرم من الحل بأسا الا عطاء بن أبي رباح قال ثم ذلك وقال
ولا بأس به (قلت) فما قول مالك في دبسي الحرم (قال) لا أحفظ من مالك في
ذلك شيئا إلا أن مالكا قال في حمام مكة شاة وإن كان الدبسي والقمري من الحمام
عند الناس ففيه ما في حمام مكة وحمام الحرم (قال ابن القاسم) وأنا أرى فيه شاة
(قال ابن القاسم) واليمام مثل الحمام ولم أسمع من مالك فيه شيئا (قال) وقال مالك
في حمام الحرم شاة قال ابن القاسم قال مالك وإنما الشاة في حمام مكة وحمام
الحرم (وقال مالك) وكل ما لا يبلغ أن يحكم فيه مما يصيبه المحرم بشاة ففيه
حكومة صيام أو اطعام
(فيمن حلف بهدي ثوب أو شئ بعينه)
(قلت) أرأيت من قال الله على أن أهدى هذا الثوب أي شئ عليه في قول مالك
(قال) قال مالك يبيعه ويشتري بثمنه هديا فيهديه (قلت) من أين يشتريه في قول
مالك (قال) من الحل فيسوقه إلى الحرم إن كان في ثمنه ما يبلغ بدنة فبدنة والا فبقرة
والا فشاة ولا يشترى الا ما يجوز في الهدي الثني من الإبل والبقر والمعز والجذع من
444

الضأن (قلت) لابن القاسم فما قول مالك في هذا الثوب إذا كأن لا يبلغ أن يكون
في ثمنه هدي (قال) بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال يبعث بثمنه فيدفع إلى
خزان مكة فينفقونه على الكعبة (قال ابن القاسم) وأحب إلى أن يتصدق بثمنه
ويتصدق به حيث شاء ألا ترى أن ابن عمر كان يكسو جلال بدنه الكعبة فلما
كسيت الكعبة هذه الكسوة تصدق بها (قلت) فإن لم يبيعوه وبعثوا بالثوب نفسه
(قال) لا يعجبني ذلك لهم ويباع هناك ويشترى بثمنه هدى ألا ترى أن مالكا قال
يباع الثوب والحمار والفرس والعبد وكل ما جعل من العروض هكذا (قال) وقال
مالك إذا قال ثوبي هذا هدى فباعه فاشترى بثمنه هديا وبعثه ففضل من ثمنه شئ
بعث بالفضل إلى خزان مكة إذا لم يبلغ الفضل أن يكون فيه هدى (قال ابن القاسم)
وأحب إلى أن يتصدق به (قال) وقال مالك من قال لرجل حر أنا أهديك إلى
بيت الله ان فعلت كذا وكذا فحنث فعليه أن يهدي هديا وان قال لا بل له هي هدى
ان فعلت كذا وكذا فحنث أهداها وان كانت ماله كله (قال) وقال مالك وإن كان
قال لشئ مما يملك من عبد أو دار أو فرس أو ثوب أو عرض من العروض هو
يهديه فإنه يبيعه ويشترى بثمنه هديا فيهديه (قال) وان قال لما لا يملك من عبد غيره
أو مال غيره أو دار غيره هو يهديه فلا شئ عليه ولا هدى عليه فيه (قال ابن
القاسم) وأخبرني من أثق به عن ابن شهاب أنه كأن يقول في هذه الأشياء مثل
قول مالك سواء
(رسم في صيد المحرم ما في البحر)
(قال مالك) ولا بأس بصيد البحر كله للمحرم والأنهار والغدو والبرك وان أصاب
من طير الماء شيئا فعليه الجزاء (قال) وقال مالك يؤكل كل ما في البحر الطافي
وغير الطافي من صيد البحر كله ويصيده المحرم (قال) وقال مالك الضفدع من
صيد البحر (قال) وقال مالك ترس الماء من صيد البحر (قال وسئل) مالك في
ترس الماء إذا مات ولم يذبح أيؤكل (قال) انى لأراه عظيما أن يترك ترس الماء فلا
445

يؤكل الا بذكاة (قال) وقال مالك في جزة فيها صيد أو ما أشبهه وجدوا فيها
ضفادع ميتة (فقال) لا بأس بذلك لأنها من صيد الماء (قلت) فما قول مالك في
ترس الماء هذه السلحفاة التي تكون في البراري (قال) ما سألت مالكا عنها وما
يشك أنها إذا كانت في البراري ليست من صيد البحر وانها من صيد البر فإذا ذكيت
أكلت ولا تحل الا بذكاة ولا يصيدها المحرم (قلت) له أرأيت المحرم إذا صاد
صائرا فنتفه ثم حبسه حتى نسل (1) فطار (قال) بلغني عن مالك أنه قال إذا نسل وطار
فلا جزاء عليه (قلت) له أرأيت لو أن محرما أصاب صيدا خطأ أو عمدا وكان أول
ما أصاب الصيد أو قد أصابه قبل ذلك (قال) قال مالك يحكم عليه في هذا كله
(قال) وقال مالك ليس على من قطع من شجر الحرم جزاء يحكم فيه إلا أن مالكا
يكره له ذلك ويأمره بالاستغفار (قلت) له أرأيت من وجب عليه الجزاء فذبحه
بغير مكة (قال) قال مالك لا يجزئه ما كان من هدى الا بمكة أو بمنى (قلت)
فان أطعم لحمه المساكين وذلك يبلغ سبع عدد قيمة الصيد من الامداد لو أطعم
الامداد (قال) لا يجزئ في رأيي (قلت) له أرأيت أن وجب عليه جزاء صيد فقوم
عليه طعاما فأعطى المساكين ثمن الطعام دراهم أو عرضا من العروض (قال) لا يجزئه
في رأيي (قلت) له أرأيت ما كان من هدى واجب من نذر أو جزاء صيد أو
هدي تمتع أو فساد حج أو ما أشبه ذلك سرق من صاحبه بعد ما قلده بمنى أو في
الحرم أو قبل أن يدخله الحرم (قال) قال مالك كل هدي واجب ضل من صاحبه
أو مات قبل أن ينحره فلا يجزئه وعليه البدل وكل هدى تطوع مات أو ضل أو
سرق فلا بدل على صاحبه (قلت) أرأيت أن ذبح هديا واجبا عليه فسرق منه بعد
ما ذبحه أيجزئه في قول مالك (قال) نعم يجزئه في رأيي (قال مالك) يؤكل من الهدي كله
الا ثلث جزاء الصيد والفدية وكل هدي نذره للمساكين ويأكل ما وراء هذا من
الهدي (قال مالك) وان أكل من هدى جزاء الصيد أو الفدية فعليه البدل وإن كان

(1) (نسل) أي نبت ريشه اه‍ من هامش الأصل
446

الذي أكل قليلا أو كثيرا فعليه بدله (قلت) فان أطعم من جزاء الصيد أو الفدية
نصرانيا أو يهوديا أيجزئه ذلك (قال) قال مالك لا يطعم من جزاء الصيد ولا من
الفدية نصارى ولا يهود ولا مجوسا (قلت) فان أطعم هؤلاء اليهود أو النصارى
أيكون عليه البدل (قال) أرى عليه البدل لان رجلا لو كانت عليه كفارة فأطعم
المساكين فأطعم فيهم يهوديا أو نصرانيا لم يجزه ذلك (قلت) فنذر المساكين ان
اكل منه أيكون عليه البدل (قال) لم يكن هدى نذر المساكين عند مالك بمنزلة
جزاء الصيد ولا بمنزلة الفدية في ترك الأكل منه إلا أن مالكا كان يستحب أن
يترك الا كان منه (قلت) له فإن كان قد أكل منه أيكون عليه البدل في قول مالك
(قال) لا أدرى ما قول مالك فيه وأرى أن يطعم المساكين قدر ما أكل ولا يكون
عليه البدل (قلت) أرأيت أن أطعم الأغنياء من جزاء الصيد أو الفدية أيكون
عليه البدل أم لا في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرجو أن يجزئ
إذا لم يكن تعمد ذلك (قلت) أرأيت الصيام في كفارة الصيد أمتتابع في قول مالك
أم لا (قال) قال مالك يجزئه إن لم يتابع وان تابع فذلك أحب إلى
(رسم في الرجل يطأ ببعيره على ذباب أو ذر أو نمل)
(أو يطرح عن بعيره القراد أو غير ذلك)
(قال) وكان مالك يقول في الرجل المحرم يطأ ببعيره على ذباب أو ذر أو نمل فيقتلهن
أرى أن يتصدق بشئ من طعام (قال) وقال مالك ان طرح الحلمة أو القراد أو
الحمنان أو البرغوث عن نفسه لم يكن عليه شئ (قال) وان طرح الحمنان والحلم والقراد عن
بعيره فعليه ان يطعم (قال مالك) وان طرح العلقة عن بعيره أو دابته أو دابة غيره
فلا شئ عليه أو عن نفسه (قلت) له أرأيت البيض بيض النعام إذا أخذه المحرم
فشواه أيصلح أكله لحلال أو حرام في قول مالك (قال) لا يصلح أكله لا لحلال ولا
لحرام في رأيي (قال) وكذلك لو كسره فأخرج جزاءه لم يصلح لاحد أن يأكله
بعد ذلك أيضا في رأيي (قلت) أرأيت المحرم إذا أصاب الصيد على وجه الا حلال
447

والرفض لاحرامه فانفلت وترك احرامه فأصاب الصيد والنساء والطيب ونحو هذا
في مواضع مختلفة (قال) أما ما أصاب من الصيد فيحكم عليه جزاء بعد جزاء لكل
صيد وأما اللباس والطيب كله فعليه لكل شئ لبسه وتطيب كفارة واحدة وأما في
جماع النساء فإنما عليه في ذلك كفارة واحدة وان فعله مرارا (قلت) له أرأيت
من أصاب صيدا بعد ما رمى جمرة العقبة في الحل أيكون عليه الجزاء أم لا في قول
مالك (قال) نعم عليه الجزاء عند مالك (قلت) فإن كان قد طاف طواف الإفاضة
إلا أنه لم يأخذ من شعره فأصاب الصيد في الحل ماذا عليه في قول مالك (قال) لا
شئ عليه (قال ابن القاسم) قال مالك وكذلك المعتمر إذا أصاب الصيد في الحل
فيما بين طوافه بالبيت وسعيه بين الصفا والمروة فان عليه الجزاء فان اصابه بعد سعيه
بين الصفا والمروة قبل أن يحلق رأسه في الحل فلا جزاء عليه (قلت) له أيتصدق
من جزاء الصيد على أب أو أخ أو ولد ولد أو مكاتبة أو مدبرة أو أم
ولد (قال) لا يتصدق على أحد ممن ذكرت من جزاء الصيد شيئا قال لأنه لا ينبغي
أن يعطى هؤلاء من زكاة ماله عند مالك فكذلك جزاء الصيد أيضا عندي
(قلت) أفيتصدق من جزاء الصيد أو من الهدى الواجب أو التطوع على فقراء
أهل الذمة (قال) لا يتصدق بشئ من الهدى على فقراء أهل الذمة عند مالك
(في تقويم الطعام في جزاء الصيد)
(قلت) أي الطعام يقوم في جزاء الصيد ان أراد أن يقوموه عليه أحنطة أم شعير
أم تمر (قال) حنطة عند مالك (قلت) فان قوموه شعيرا أيجزئه في قول مالك (قال)
إذا كان ذلك طعام ذلك الموضع أجزأه (قلت) فكم يتصدق على كل مسكين في
قول مالك من الشعير أمدا أو مدين (قال) قال مالك مدا مدا مثل الحنطة
(قلت) فان قوموه عليه تمرا أيجزئه (قال) لم أسمع من مالك في التمر شيئا ولكن
إن كان ذلك الطعام تلك البلدة أجزأه ويتصدق على كل مسكين بمد مد وهو عندي
مثل زكاة الفطر (قلت) فهل يقوم عليه حمصا أو عدسا أو شيئا من القطاني ان
448

كان ذلك الطعام القوم الذين أصاب الصيد بينهم (قال) لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى
أن يجزئ فيه ما يجزئ في كفارة الايمان بالله ولا يجزئ في تقويم الصيد ما لا يجزئ
أن يؤدى في كفارة اليمين (قلت) أفيقوم عليه أقطا أو زبيبا (قال) هو مثل ما
وصفت لك من كفارة الايمان (قلت) فما قول مالك في الطعام في جزاء الصيد
وفدية الأذى أيطعم بالمد الهشامي أم بمد النبي صلى الله عليه وسلم (قال) بمد النبي صلى
الله عليه وسلم وليس يطعم بالهشامي الا في الظهار وحده (قال) أرأيت أن حكم
عليه في جزاء الصيد بثلاثين مدا فأطعم عشرين مسكينا فلم يجد العشرة تمام الثلاثين
أيجزئه أن يصوم عشرة أيام مكان ذلك (قال) إنما هو طعام كله في رأيي أو صيام كله
كما قال الله تبارك وتعالى وهو مثل الظهار لأنه لا يجزئه أن يصوم في الظهار شهرا
ويطعم ثلاثين مسكينا إنما هو الصيام أو الطعام (قلت) له فهل له أن يذبح جزاءه
إذا لم يجد تمام المساكين (قال) نعم إذا أنفذ بقيته على المساكين (قلت) أرأيت
جزاء الصيد وما كان من الهدى عن جماع وهدى ما نقص من حجه أيشعره ويقلده
قال نعم الا الغنم (قال) وهذا قول مالك قال ولا ينحره إذا كان في الحج ذا أدخله
الحج عند مالك الا يوم النحر بمنى (قال) فإن لم ينحره بمنى يوم النحر نحره مكة بعد ذلك
ويسوقه إلى الحل إن كان اشتراه من الحرم (قال ابن القاسم) وإذا أدخله من الحل
معه إلى مكة ونحره بمكة أجزأ ذلك عنه (قال مالك) وما كان من هدى في عمرة نحره
بمكة إذا حل من عمرته إذا كان ذلك الهدى من شئ نقصه من عمرته فوجب عليه أو
هدى نذر أو هدى تطوع أو جزاء صيد فذلك كله سواء ينحره إذا حل من عمرته فإن لم
يفعل لم ينحره الا بمكة أو بمنى الا ما كان من هدى الجماع في العمرة فأن لا ينحره
الا في قضائها أو بعد قضائها بمكة (قلت) أرأيت من فاته أن يصوم ثلاثة أيام في الحج
وهو متمتع بالعمرة إلى الحج ومضت أيام النحر أيجزئه أن يهريق دما موضع الدم الذي
لزمه أم لا يجزئه في قول مالك الا الصيام (قال) مالك يجزئه أن يهريق دما (قال) وقال
مالك وذلك إذا كان لم يصم حتى قدر على الدم فإنه لا يجزئه الصيام وإن كان ذلك بعد
449

الحج وإن كان في بلاده (قلت () فهل يبلغ بشئ من هدى جزاء صيد في قول مالك
دمين (قال) لا ليس شئ من الصيد الا وله نظير من النعم (قلت) فان أصاب من
الصيد شيئا نظيره من الإبل فقال احكموا على من النعم ما يبلغ أن يكون مثل البعير
أو مثل قيمته (قال) لم أسمع في هذا شيئا قال ولا أرى أن يحكم عليه الا بنظير
ما أصاب من الصيد إن كان من الإبل فمن الإبل وإن كان من الغنم فمن الغنم وإن كان
من البقر فمن البقر وكذلك قال الله تبارك وتعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم فإنما ينظر
إلى مثله من النعم في نحوه وعظمه
(فيمن أحصر بمرض ومعه هدي)
(قلت) أرأيت من أحصر بمرض ومعه هدى أينحره قبل يوم النحر أم يؤخره
حتى يوم النحر وهل له أن يبعث به ويقيم هو حراما (قال) ان خاف على هديه لطول
مرضه بعث به فنحر بمكة وأقام هو على احرامه (قال) وان كأن لا يخاف على الهدى
وكان أمرا قريبا حبسه يسوقه معه قال وهذا رأيي (قلت) أرأيت أن فاته
الحج متى ينحر هدى فوات الحج في قول مالك قال في القضاء من قابل (قلت)
فان بعث به قبل أن يقضى حجه أيجزئه (فقال) سألت مالكا عن ذلك فقال لا يقدم
هديه ولا ينحره الا في حج قابل (قال) فقلت له فإنه يخاف الموت قال وان خاف الموت
فلا ينحره الا في حج قابل (قلت) فان اعتمر بعد ما فاته حجه فنحر هدى فوات
حجه في عمرته هل يجزئه (قال) أرى أن يجزئه في رأيي وإنما رأيت ذلك لأنه لو
هلك قبل أن يحج أهدى عنه لمكان ذلك ولو كان ذلك لا يجزئه الا بعد الضاء ما
أهدى عنه بعد الموت (قال ابن القاسم) وقد بلغني أن مالكا قد كان خففه ثم
استثقله بعد وأنا لا أحب أن يفعل الا بعد فان فعل وحج أجزأ عنه (قلت)
أرأيت المحصر بمرض إذا اصابه أذى فحلق رأسه فأراد أن يفتدي أينحر هدى الأذى
الذي أماط عندي بموضعه حيث هو أم يؤخر ذلك حتى يأتي مكة في قول مالك (قال)
قال مالك ينحره حيث أحب
450

(فيمن جامع أهله وقد أفرد الحج)
(قلت) أرأيت أن أفرد رجل الحج فجامع في حجه فأراد أن يقضى أله أن يضيف
العمرة إلى حجته التي هي قضاء لحجته التي جامع فيها في قول مالك (قال) لا في رأيي
(قلت) فان أضاف إليها عمرة أتجزئه من حجته التي أفسد أم لا في قول مالك حين
أضاف إليها العمرة (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى أنا أن يجزئه إلا أن
يفرد الحج كما أفسده قال لا القارن ليس حجه تاما كتمام حج المفرد الا بما أضاف
إليه من الهدى (قال) وقال مالك يقلد الهدى كله ويشعر (قال) وفدية الأذى إنما
هو نسك ولا يقلد ولا يشعر (قال) ومن شاء قلده وجعله هديا ومن شاء ترك (قال)
والاشعار في الجانب الأيسر والبقر تقلد وتشعر ان كانت لها اسنمة وإن لم يكن لها
اسنمة فلا تشعر والغنم لا تقلد ولا تشعر والاشعار في الجانب الأيسر من أسنمتها
(قال) وسألت مالكا عن الذي يجهل ان يقلد بدنته أو يشعرها من حيث ساقها حتى
نحرها وقد أوقفها قال يجزئه (قلت) هل كان مالك يكره ان يقلد بالأوتار (قال)
ما سمعت من مال فيه شيئا ولا أحب لاحد أن يفعله (قال ابن القاسم) بلغني عن
مالك أنه قال يشعر في أسنمتها عرضا (قال) وسمعت أنا مالكا يقول يشعر في أسنمتها
في الجانب الأيسر (قال) ولم أسمع منه عرضا
(رسم في قطع شجر الحرم والرعي فيه)
(قال مالك) لا يقطع أحد من شجر الحرم شيئا فان قطع فليس فيه كفارة الا
الاستغفار (قال) وقال مالك كل شئ أنبته الناس في الحرم من الشجر مثل النخل
والرمان والفاكهة كلها وما يشبههما فلا بأس بقطع ذلك (قال) وكذلك البقل كله
مثل الكراث والخس والسلق وما أشبه ذلك (قال) وقال مالك ولا بأس بالسنا
والإذخر أن يقطع في الحرم (قال مالك) ولا بأس بالرعي في حرم مكة وحرم المدينة
في الحشيش والشجر (قال) وقال مالك أكره للحلال والحرام ان يحتشا في الحرم
451

مخافة ان يقتلا الدواب والحرام في الحل مثل ذلك فان سلما من قتل الدواب إذا
احتشا لم أر عليهما شيئا وأنا اكره ذلك (قال) وقال مالك مر النبي صلى الله عليه
وسلم وهو خارج في بعض مغازيه ورجل يرعى غنما له في حرم المدينة وهو يخبط
شجرة فبعث إليه فارسين ينهيانه عن الخبط (قال) وقال النبي صلى الله عليه وسلم
هشوا أو ارعوا (قال) فقلنا لمالك مال الهش قال يضع المحجن في الغصن فيحركه حتى
يسقط ورقه ولا يخبط ولا يعضد ومعنى العضد الكسر (قلت) فهل يقطع الشجر
اليابس في الحرم (قال) لا يقطع في الحرم من الشجر شئ يبس أو لم ييبس (قلت)
وهو قول مالك قال هو قوله (قال) وقال مالك بلغني أن عمر بن الخطاب لما ولى
وحج ودخل مكة أخر المقام إلى موضعه الذي هو فيه اليوم وقد كان ملصقا بالبيت
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبى بكر وقبل ذلك وكانوا قدموه في الجاهلية
مخافة أن يذهب به السيل فلما ولي عمر أخرج أخيوطة كانت في خزانة الكعبة
قد كانوا قاسوا بها ما بين موضعه وبين البيت إذ قدموه مخافة السيل فقاسه عمر
فأخرجه إلى موضعه اليوم فهذا موضعه الذي كان فيه في الجاهلية وعلى عهد إبراهيم
قال وسأل عمر في أعلام الحرم واتبع رعاة قدماء كانوا مشيخة من مكة كانوا يرعون
في الجاهلية حتى تتبع أنصاب الحرم فحدده فهو الذي حدد أنصاب الحرم ونصبه
(قال مال) وبلغني ان الله تبار وتعالى لما أراد أن يري إبراهيم مواضع المناسك
أوحى إلى الجبال أن تنحي له فتنحت له حتى أراه مواضع المناسك فهو قول إبراهيم
في كتاب الله تبارك وتعالى وأرنا مناسكنا (قال) وقال مالك من قتل بازا معلما
وهو محرم كان عليه جزاؤه غير معلم (قال مالك) وعليه قيمته معلما لصاحبه
(رسم في المرأة تريد الحج وليس لها ولى)
(قلت) فما قول مالك في المرأة تريد الحج وليس لها ولى (قال) تخرج مع من تثق
به من الرجال والنساء (*)
452

(رسم فيمن بعث معه الهدي هل يجوز له أن يأكل منه)
(قال) وقال مالك من بعث معه بهدي فليأكل منه الذي بعث به معه إلا أن يكون هديا نذره للمساكين صاحبه أو جزاء صيدا أو فدية الأذى فلا يأكل هذا المبعوث معه
منه شيئا (قلت) لابن القاسم أرأيت أن كان المبعوث معه مسكينا (قال) لا أرى بأسا
أن يأكل منه إن كان مسكينا (قلت) لابن القاسم أيجوز في جزاء الصيد ذوات العور
قال لا (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فالفدية أيجوز فيها ذوات العور قال لا
(قلت) أيجوز فيها الجذع من الإبل والبقر والمعز (قال) لا يجوز في الفدية الا ما يجوز
في الضحايا والهدى (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فجلود الهدايا في الحج
والعمرة وفى الأضاحي كل ذلك سواء (قال) نعم جلودها بمنزلة لحمها يصنع بجلودها
ما يصنع بلحمها (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك لا يعطى
الجزار على جزارة الهدي والضحايا والنسك من لحومها ولا من جلودها شيئا منها
(قلت) لابن القاسم وكذلك خطمها وجلالها عندك قال نعم
(رسم فيمن أحصر بعد ما طاف وسعى)
(قلت) أرأيت لو أن رجلا قدم مكة مفردا بالحج وطاف بالبيت وسعى ثم خرج
إلى الطائف في حاجة له قبل أيام الموسم ثم أحصر أيجزئه طوافه الأول عن احصاره
(قال) لا يجزئه ذلك الطواف الأول قال وهو قول مالك (قال مالك) وكذلك لو أنه
لما دخل مكة طاف وسعى بين الصفا والمروة ثم أحصر بمكة فلم يشهد الموسم مع الناس
لم يجزه طوافه الأول من احصاره وعليه أن يطوف طوافا آخر يحل به (قلت) فإذا
طاف طوافا آخر بعد ما فاته الحج ليحل به أيسعى بين الصفا والمروة أم لا (قال) نعم
عليه أن يسعى بين الصفا والمروة قال وهذا قول مالك (قال) وكذلك قال مالك فيمن
أحصر بمرض ففاته الحج فقدم مكة فطاف بالبيت فعليه أن يسعى بين الصفا والمروة
(قال) وليس لاحد ممن أحصر بمرض أن يحل الا بعد السعر بين الصفا والمروة ثم يحلق
453

(رسم فيمن أخر الحلاق أو أحصر بعد ما وقف بعرفة)
(قلت) أرأيت من أخر الحلاق في الحلاق في الحج أو العمرة حتى خرج من الحرم إلى الحل
فمضت أيام التشريق أيكون عليه لذلك دم أم لا في قول مال (قال) قال مالك
من أخر الحلاق من الحاج حتى رجع إلى مكة حلق بمكة ولا شئ عليه وان نسي
حتى يرجع إلى بلاده فان مالكا قال يحلق وعليه الهدي وهو رأيي (قلت) فما قول
مالك فيمن أحصر بعد ما وقف بعرفة (قال) قال مالك من وقف بعرفة ثم نسي رمي
الجمار كلها حتى ذهبت أيام منى قال فان حجه تام وعليه أن يهدى بدنة. وإذا وقف
بعرفة فقد تم حجه وعليه أن يطوف بالبيت طواف الإفاضة ولا يحل من احرامه حتى
يطوف طواف الإفاضة وعليه لكل ما ترك من رمي الجمار ولترك المزدلفة ولترك
المبيت ليالي منى بمنى هدي واحد يجزئه من ذلك كله
(رسم فيمن جامع أهله في الحج)
(قلت) أرأيت إذا حج رجل وامرأته فجامعها متى يفترقان في قول مالك في قضاء
حجهما (قال) قال مالك إذا حجا قابلا افترقا من حيث يحرمان فلا يجتمعان حتى
يحلا (قلت) أرأيت أن جامع امرأته يوم النحر بمنى قبل أن يرمى جمرة العقبة (قال)
قال مالك فقد أفسد حجه (قلت) أرأيت أن ترك رمي جمرة العقبة يوم النحر حتى
زالت الشمس أو كان قريبا من مغيب الشمس وهو تارك لرمي جمرة العقبة فجامع
امرأته في يومه ذلك (قال) قال لي مالك من وطئ يوم النحر فقد أفسد حجه إذا كان
وطؤه قبل رمي الجمرة وعليه حج قابل ولم يقل لي مالك قبل الزوال ولا بعده وذلك
كله عندي سواء لان الرمي له إلى الليل (وقال مالك) من وطئ بعد يوم النحر في
أيام التشريق ولم يكن رمى الجمرة فحجه مجزئ عنه ويعتمر ويهدى (قال ابن القاسم)
إلا أن يكون أفاض قبل أن يطأ فإن كان أفاض قبل أن يرمى في يوم النحر وغيره ثم
وطئ بعد الإفاضة وقبل الرمي فإنما عليه الهدى وحجه تام ولا عمرة عليه (قلت)
454

أرأيت من قرن الحج والعمرة فطاف بالبيت أول ما دخل مكة وسعى بين الصفا
والمروة ثم جامع أيكون عليه الحج والعمرة قابلا أو الحج وحده (قال) بل يكون
عليه الحج والعمرة قال وهو قال مالك (قلت) ولم لا تكون عمرته قد تمت
حين طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة (قال) لان ذلك الطواف وذلك السعي لم
يكن للعمرة وحدها وإنما كان للعمرة والحج جميعا فلذلك لا يجزئه من العمرة ألا ترى
أنه لو لم يجامع ثم مضى على القران صحيحا لم يكن عليه إذا رجع من عرفات أن يسعى
بين الصفا والمروة لحجته وأجزأه السعي الأول فبهذا يستدل على أن السعي بين الصفا
والمروة في أول دخوله إذا كان قارنا إنما هو للحج والعمرة جميعا ليس للعمرة وحدها
(قلت) أرأيت من تمتع بالعمرة في أشهر الحج ثم حل من عمرته فأحرم بالحج ثم
جامع في حجته أيسقط عنه دم المتعة أم لا (قال) لا يسقط عنه دم المتعة عندي وعليه
الهدي (قلت) أرأيت لو أن رجلا طاف طواف الإفاضة ونسي الركعتين حتى جامع
امرأته أو طاف ستة أشواط أو خمسة فظن أنه قد أتم الطواف فصلى ركعتين ثم جامع
ثم ذكر أنه إنما كان طاف أربعة أو خمسة أو ذكر في الوجه الآخر أنه قد أتم
الطواف ولم يصل الركعتين (قال) هذا يمضى فيطوف بالبيت سبعا ويصلى الركعتين
ثم يخرج إلى الحل فيعتمر وعليه الهدى (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت)
له أرأيت رحلا أحرم بعمرة فجامع فيها ثم أحرم بالحج بعد ما جامع في عمرته أيكون
قارنا أم لا (قال) لا يكون قارنا ولا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا يردف الحج على
العمرة الفاسدة
(رسم في المحرم يدهن أو يشم)
(قلت) أرأيت لو أن محرما دهن رأسه بالزيت غير المطيب أيكون عليه دم أم لا
(قال) قال مالك عليه الفدية مثل فدية الأذى (قلت) له أرأيت أن دهن رأسه
بالزنبق (1) أو بالبان أو بالبنفسج أو بشبرج الجلجلان (2) أو بزيت الفجل أو ما أشبه

(1) (الزنبق) كجعفر دهن الياسمين وورد اه‍ قاموس * (2) (بشبرج الجلجلان) بجيمين مضمومتين
455

ذلك أهو عند مالك بمنزل واحدة في الكفارة المطيب منه وغير المطيب إذا ادهن به
(قال) نعم ذلك كله عنده في الكفارة سواء (قال ابن القاسم) قال مالك من دهن
شقوقا في يديه أو في رجليه بزيت أو شحم أو ودك فلا شئ عليه وان دهن ذلك
بطيب فان عليه الفدية (قلت) له هل يجوز مالك للمحرم أن يأتدم بدهن الجلجلان
في طعامه قال نعم (قال ابن القاسم) وهو مثل السمن عندي (قلت) وكذلك زيت
الفجل قال نعم (قلت) له أرأيت أن أراد أن يأتدم ببعض الادهان المطيبة مثل
البنفسج والزنبق أكان مالك يكره له ذلك (قال) كان مالك يكره أن يستسعط
المحرم بالزنبق والبنفسج وما أشبهه فإذا كره له أن يستسعط به فهو يكره له أيضا
أن يأكله (قلت) له وكان مالك لا يرى بأسا للمحرم أن يستسعط بالسمن والزيت
(قال) نعم لم يكن يرى ذلك بأسا لأنه لا بأس بأن يأكل (قال ابن القاسم) وسألت
مالكا عن الرجل المحرم يجعل في شرابه الكافور أيشربه المحرم فكرهه وقال لا خير
فيه (قلت) له أكان مالك يكره للمحرم شم الطيب وإن لم يمسه بيده قال نعم (قلت)
له فان شمه تعمد ذلك ولم يمسه بيده أكان مالك يرى عليه الفدية في ذلك (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا ولا أرى عليه فيه شيئا (قلت) فهل كان مالك يكره
للمحرم أن يمر في مواضع العطارين (قال) سئل مالك عنه فكرهه ورأي مالك أن يقام
العطارون من بين الصفا والمروة أيام الحج وكان مالك يكره للمحرم أن يتجر بالطيب
يريد إذا كان قريبا يشمه أو يمسه (قلت) فهل كان مالك يكره للمحرم شم الياسمين
والورد والخيلي (1) والبنفسج وما أشبه هذا (قال) كان مالك يكره للمحرم شم الرياحين
وهذا كله من الرياحين ويقول من فعله فلا فدية عليه فيه (قال) وكان مالك يكره
للمحرم أن يتوضأ بالريحان أو يشمه ويقول إن شمه رأيته خفيفا ولا شئ عليه فان
توضأ به فلا فدية عليه (قال) وكأن لا يرى بأسا أن يتوضأ بالحرض (قال) وكان مالك
يكره الدقة التي فيها الزعفران (قلت) فان أكلها أيفتدي في قول مالك قال نعم

بينهما لام ساكنة هو تمر الكزبرة وحب السمسم وشيرجه زينه اه‍ * (1) نبت ذو زهر له رائحة طيبة اه‍
456

(قلت) له هل كان مالك يكره للمحرم أن يحرم في توب يجد فيه ربح المسك
أو الطيب (قال) سألت مالكا عن الرجل يكون في تابوته المسك فيكون فيه ملحفته
فيخرجه ليحرم فيها وقد علق بها ريح المسك (قال مالك) لا يحرم فيها حتى يغسلها أو
ينشرها حتى يذهب ريحه منها (قلت) له هل كان مالك يكره للمحرم أن يبدل ثيابه
التي أحرم فيها (قال) لا بأس أن يبيعها وأن يبدلها (قلت) ما قول مالك فيمن أكل
طعاما قد مسته النار فيه الورس والزعفران (قال) قال مالك إذا مسته النار فلا بأس به
وإذ لم تمسه النار فلا خير فيه (قلت) لابن القاسم أرأيت المحرم يمس الطيب ولا
يشمه أيكون عليه الفدية قال نعم (قلت) وسواء إن كان هذا الطيب يلصق بيده أو
لا يلصق بيده (قال) لم أسمع من مالك في هذا شيئا إلا أن مالكا قال لنا إذا مس
الطيب فعليه الفدية (قال) وقال مالك في الذين يمسهم من خلوق الكعبة (قال) أرجو
أن يكون ذلك خفيفا وأن لا يكون عليهم شئ لأنهم إذا دخلوا البيت لم يكادوا أن
يسلموا من ذلك (قلت) فهل كان يكره مالك أن تخلق الكعبة في أيام الحج
(قال) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى أن لا تخلق (قلت) أرأيت أن تعمد
المحرم شم الطيب ولم يمسه أيكون عليه الفدية في قول مالك (قال) لم أسمع من مالك
فيه شيئا ولا أرى فيه شيئا
(رسم في المحرم يكتحل أو يتداوى أو يختضب)
(قلت) ما قول مالك في المحرم يكتحل (قال) قال مالك لا بأس أن يكتحل المحرم
من حر يجده في عينيه (قلت) بالأثمد وغير الإثمد من الأكحال الصبر
والمر وغير ذلك (قال) نعم لا بأس به للرجل عند مالك إذا كان من ضرورة يجدها
إلا أن يكون فيه طيب فإن كان فيه طيب افتدى (قلت) فان اكتحل الرجل
من غير حر يجده في عينيه وهو محرم لزينة (قال) كان مالك يكره له أن يكتحل
لزينة (قلت) فان فعل اكتحل لزينة (قال) أرى أن يكون عليه الفدية (قلت)
فالمرأة (قال) قال مالك لا تكتحل المرأة لزينة (قلت) أفتكتحل بالأثمد في قول
457

مالك لغير زينة (قال) قال مالك الإثمد هو زينة فلا تكتحل المحرمة به (قلت) فان
اضطرب إلى الإثمد من وجع تجده في عينيها فاكتحلت أيكون عليها في قول مالك
الفدية (قال) لا فدية عليها كذلك قال مالك لان الإثمد ليس بطيب ولأنها إنما اكتحلت
به لضرورة ولم تكتحل به لزينة (قلت) فان اكتحلت بالأثمد لزينة أيكون عليها
الفدية في قول مالك (قال) نعم كذلك قال مالك (قلت) لابن القاسم فما بال الرجل والمرأة
جميعا إذا اكتحلا بالأثمد من ضرورة لم يجعل مالك عليهما الفدية وإذا اكتحلا لزينة
جعل عليهما الفدية (قال) ألا ترى أن المحرم إذا دهن يديه أو رجليه بالزيت في قول مالك
للزينة كانت عليه الفدية وان دهن شقوقا في يديه أو رجليه بالزيت لم يكن عليه الفدية
فالضرورة عند مال مخالفة لغير الضرورة في هذا وإن كان الإثمد ليس بطيب فهو
مثل الزيت عند مالك لان الزيت ليس بطيب (قلت) أرأيت أن أصاب المحرم
الرمد فداواه بدواء فيه طيب مرارا أيكون عليه كفارة واحدة في قول مالك أم
كفارة لكل مرة (قال) بل كفارة واحدة لجميع ما داوى به رمده ذلك (قال) فان
انقطع رمده ذلك ثم رمد بعد ذلك أيضا فداواه فعليه فدية أخرى لان هذا وجع
غير الأول وأمر مبتدأ وكذلك قال لي مالك (قلت) وكذلك القرحة تكون في الجسد
فيداويها بدأوا فيه طيب مرارا (قال) نعم في قول مالك إذا أراد أن يداويها حتى تبرأ
فليس عليه الا فدية واحدة (قال) فان ظهرت به قرحة أخرى في جسده فداواها
بذلك الدواء الذي فيه الطيب فان عليه كفارة مستقبلة لهذه القرحة الحادثة لان هذا
دواء تداوى به مبتدأ فيه طيب (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن شرب المحرم دواء فيه طيب أيكون عليه الفدية أم لا في قول مالك (قال) عليه الفدية
في قوله وهذا رأيي (قال) وذلك أنى سألته عن الرجل المحرم يشرب الشراب فيه الكافور
فكرهه (قال ابن القاسم) وهذا عندي بمنزلة الزعفران يأكله بالملح وما أشبهه فقد
كرهه وجعل مالك عليه الفدية وهو رأيي (قلت) لابن القاسم أرأيت من ربط
الجبائر على كسر أصابه وهو محرم (قال) قال مالك عليه الفدية (قلت) أرأيت كل ما
458

تداوى به القارن مما احتاج إليه فيه الطيب أيكون عليه كفارة واحدة أم كفارتان
في قول مالك (قال) قال مالك لا يكون على القارن في شئ من الأشياء مما تطيب به
أو نقص من حجه الا كفارة واحدة ولا يكون عليه كفارتان (قلت) فما قول
مالك فيمن غسل رأسه ولحيته بالخطمي أيكون عليه الفدية قال نعم (قلت)
وكذلك أن خضب رأسه أو لحيته بالحناء أو الوسمة قال نعم (قلت) وكذلك أن كانت
امرأة فخضبت يديها أو رجليها أو رأسها (قال) نعم عليها الفدية عند مالك (قلت) فان
طرفت أصابعها بالحناء (قال) قال مالك عليه الفدية (قلت) فلو أن رجلا خضب
إصبعا من أصابعه بالحناء لجرح أصابه أيكون عليه الفدية في قول مالك (قال) ان
كانت رقعة كبيرة فعليه الفدية في قول مالك وان كانت صغيرة فلا شئ عليه عند
مالك (قلت) وكان مالك يرى الحناء طيبا قال نعم (قلت) فان داوى جراحاته
بدواء فيه طيب برقعة صغيرة أيكون عليه الفدية في قول مالك قال نعم (قلت) فما
فرق ما بين الحناء والطيب إذا كان الحناء إنما هو شئ قليل الرقعة ونحوها فلا فدية فيه
ولا طعام ولا شئ وقد جعل مالك الحناء طيبا فإذا كان الدواء فيه طيب فعليه الفدية
وإن كان ذلك قليلا قال لان الحناء إنما هو طيب مثل الريحان ليس بمنزلة المؤنث من
الطيب إنما هو شبه الريحان والمذكر من الطيب وإنما يختضب به للزينة فلذلك لا يكون
بمنزلة المؤنث من الطيب ولقد قال في المحرم يشم الريحان أكره ذلك له ولا
أري فيه فدية ان فعل (قلت) هل كان مالك يكره للمرأة المحرمة القفازين قال نعم
(قلت) فان فعلت أيكون عليها الفدية في قول مالك قال نعم (قلت) وكذلك البرقع
للمرأة قال نعم (قلت) هل كان مالك يكره للمحرم أن يصيب على جسده ورأسه
الماء من حر يجده (قال) لا بأس بذلك للمحرم عند مالك (قلت) فان صب على
رأسه وجسده الماء من غير حر يجده (فان) لا بأس به أيضا عند مالك (قلت)
وكان مالك يكره للمحرم دخول الحمام (قال) نعم لان ذلك ينقى وسخه (قال مالك)
ومن فعله فعليه الفدية إذا تدلك وأنقى الوسخ (قلت) فهل كان مالك يكره للمحرم
459

أن يغيب رأسه في الماء قال نعم (قلت) لم كره له مالك أن يغيب رأسه في الماء (قال)
مالك) أكره له ذلك لقتل الدواب (قلت) لابن القاسم هل كان مالك يكره
للمحرم أن يدخل منكبيه في القباء من غير أن يدخل يديه في كميه ولا يزره عليه قال
نعم (قلت) أكان مالك يكره له أن يطرح قميصه على ظهره يتردى به من غير أن
يدخل فيه قال لا (قلت) فلم كره له أن يدخل منكبيه في قبائه إذا لم يدخل يديه ولم
يزره (قال) لان ذلك دخول في القباء ولباس له فلذلك كرهه
(رسم في صنوف الثياب للمحرم وغيره)
(قلت) فهل كان يوسع مالك في الخز للحلال أن يلبسه (قال) كان مالك يكره الخز
للرجال لموضع الحرير (قلت) هل كان مالك يكره للمحرم أن يحرم في العصب عصب
اليمن أو في شئ من ألوان الثياب غير الزعفران والورس (قال) لم يكن مالك
يكره شيئا ما خلا الورس والزعفران والمعصفر المفدم الذي ينتفض (قلت)
فهل كان مالك يكره للصبيان الذكور لبس الخز كما يكرهه للرجال (قال) لم أسمع
من مالك في الخز شيئا ولكن قال لنا مالك أكره لبس الحرير والذهب للصبيان
الذكور كما أكرهه للرجال وأرجو أن يكون الخز للصبيان خفيفا (قلت) أرأيت
هذه الثياب الهروية أيحرم فيها الرجال (قال) لم أسمع من مالك فيها شيئا وأنا أرى ان
كانت إنما صبغها بالزعفران فلا تصلح فإن كان بغير الزعفران فلا بأس بها لان الممشق قد وسع فيه (قال) وقال مالك إذا احتاج المحرم إلى البس الثياب فلبس
خفين وقلنسوة وقميصا وسراويل وما أشبه هذا من الثياب (قال) ان كانت حاجته إلى
هذه الثياب جميعا في فور واحد ثم لبسها واحدا بعد واحد وكانت حاجته إليها قبل أن يلبسها احتاج إلى الخفين لضرورة والقميص لضرورة والقلنسوة لضرورة وما
أشبه هذا لضرورة فلبسها في فور واحد فإنما عليه في هذه الثياب كلها كفارة واحدة
(قال) وان كانت حاجته إلى الخفين فلبس الخفين ثم احتاج بعد ذلك إلى القميص
فلبس القميص فعليه بلبس القميص كفارة أخرى لان حاجته إلى القميص إنما كانت
460

بعد ما وجبت عليه الكفارة في الخفين فعلى هذا فقس جميع أمر اللباس (قلت)
لابن القاسم ما قول مالك هل يتوشح المحرم (قال) نعم لا بأس به ما لم يعقد ذلك
(قال) فقلنا لمالك فهل يحتبى المحرم (فقال) نعم لا بأس بذلك (قلت) أرأيت أن
عقد المحرم على عنقه ثوبه الذي يتوشح به أيكون عليه الفدية في قول مالك (قال)
قال مالك ان ذكر ذلك مكانه فحله أو صاح به رجل فحله فلا شئ عليه وان تركه
حتى تطاول ذلك وانتفع به فعليه الفدية (قلت) فهل كان مالك يكره للمحرم أن
يخلل عليه كساءه (قال) سئل مالك عن ذلك فقال أكره للمحرم أن يخلل عليه
كساءه (قلت) فان خلل أكان مالك يرى عليه الفدية (قال ابن القاسم) هو
عندي مثل العقد يعقد إزاره أو يلبس قميصه انه ان ذكر مكانه فنزعه أو صاح به
أحد فنزعه فلا شئ عليه وان طال ذلك حتى انتفع به فعليه الفدية (قلت) له
أرأيت لو أن محرما غطى وجهه أو رأسه ما قول مالك فيه (قال) قال مالك ان نزعه
مكانه فلا شئ عليه وان تركه لم ينزعه مكانه حتى انتفع به افتدى (قلت)
وكذلك المرأة إذا غطت وجهها (قال) نعم إلا أن مالكا كان يوسع للمرأة أن تسدل
رداءها من فوق رأسها على وجهها إذا أرادت سترا فإن كانت لا تريد سترا فلا
تسدل (قال) مالك وما جر النائم على وجهه وهو محرم من لحافه فاستنبه فنزعه
فلا فدية عليه فيد ولم أره يشبه عنده المستيقظ وان طال ذلك عليه وهو نائم (قلت)
فهل كان مالك يأمر ها إذا أسدلت رداءها أن نجا فيه عن وجهها (قال) ما علمت أنه
كان يأمرها بذلك (قلت) فان أصاب وجهها الرداء (قال) ما علمت أن مالكا
ينهاها عن أن يصيب الرداء وجهها إذا أسدلته (قلت) فهل كان مالك يكره
للمحرمة أن ترفع خمارها من أسفل إلى رأسها على وجهها (قال) لم أسمع من مالك
في هذا شيئا ولا يشبه هذا السدل (قال) لان هذا لا يثبت إذا رفعته حتى تعقده قال
فعليها ان فعلته الفدية (قلت) أرأيت أن غطى وجهه المحرم من عذر أو من غير
عذر فنزعه مكانه أهو عند مالك سواء (قال) قال مالك من غطى رأسه ناسيا أو جاهلا
461

فنزعه مكانه فلا شئ عليه وان تركه حتى ينتفع به فعليه الفدية (قلت) وفديتهما إذا
وجبت عليهما عند مالك سواء قال نعم (قلت) فهل كان مالك يكره للمرأة المحرمة
لبس الحرير والخز والعصب (قال) قال لا بأس به للمحرمة (قلت) هل كان مالك
يكره أن أعصب على الجراح على الجراح خرقة وأنا محرم (قال) لم يكن يكرهه إذا كانت به
جراح وكان يرى عليه إذا فعل ذلك الفدية (قلت) أرأيت المحرم إذا عصب رأسه
من صداع أو جراح هل عليه الفدية في قول مالك قال نعم (قلت) فان عصب
على رأسه من صداع أو جراح أو عصب على شئ من جسده من جرح
أو جراح أكن عليه في ذلك الفدية في قول مالك قال نعم (فقلت) والجسد
والرأس عند مالك سواء قال نعم (قلت) أرأيت أن عصب على بعض جسده من
غير علة (قال) عليه الفدية أيضا عند مالك (قال) ويفتدى بما شاء ان شاء بطعام وان
شاء بصيام وان شاء بنسك (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) أكان
مالك يكره للمحرمة وغير المحرمة لبس القباء (قال) نعم كان يكره لبس القباء للجواري
وأفتى بذلك وقال إنه يصفهن ويصف أعجازهن (قلت) فهل كان مالك يكرهه
للنساء الحرائر (قال) قد أخبرتك بقول مالك في الإماء فإذا كرهه مالك للإماء
فهو للحرائر كراهية عنده (قلت) فهل كان مالك يكره للمحرمة لبس السراويل
وغير المحرمة (قال) لم يكن يرى بلبس السراويل للمحرمة بأسا (قال ابن القاسم)
فغير المحرمة عندي أحرى (قلت) هل كان مالك يكره للمحرمة أن تحرم في الحلي
أو تلبسه بعد ما تحرم (قال) لم يكن مالك يكره للمحرمة لبس الحلي
(رسم في تغطية الرأس والوجه والذقن للمحرم والمحرمة)
(قلت) أرأيت المرأة تغطي ذقنها أعليها لذلك شئ في قول مالك أم لا (قال) ذلك
للرجل المحرم لا بأس به في قول مالك فكيف المرأة (قلت) لابن القاسم احرام
الرجل في وجهه ورأسه عند مالك قال نعم (قلت) واحرام المرأة في وجهها قال نعم
(قلت) وذقن المرأة وذقن الرجل في ذلك سواء (قال) نعم في رأيي (قلت) أرأيت
462

المحرمة تتبرقع وتجافيه عن وجهها هل يكرهه مالك قال نعم (قلت) ويرى فيه
الكفارة ان فعلت قال نعم
(رسم الكفارة في فدية الأذى)
(قلت) أرأيت الطعام في فدية الأذى كم هو عند مالك (قال) لستة مساكين
مدين مدين لكل مسكين (قلت) وهو من الشعير والحنطة من أي ذلك شاء
(قال) إذا كان ذلك طعام البلد في قول مالك أجزأه ان يعطى المساكين منه (قال)
وان أعطاهم شعيرا إذا كان ذلك طعام تلك البلدة إذا أطعم منه فإنما يطعم مدين مدين
(قلت) فهل يجزئه في قول مالك أن يغدى ويعشي ستة مساكين (قال) لا أرى
أن يجزئه ولا أحفظ عن مالك فيه شيئا وإنما رأيت أن لا يجزئه لان النبي صلى الله
عليه وسلم قال النسك شاة أو اطعام ستة مساكين مدين مدين أو صوم ثلاثة أيام
فلا أرى أن يجزئه أن يطعم وهو في كفارة اليمين لا بأس أن يطعم وكفارة اليمين إنما
هو مد مد لكل مساكين فهو يغدى منه ويعشي وهذا هو مدان مدان فلا يجزئه أن
يغدى ويعشي (قلت) لابن القاسم أكان مالك يكره أن يزر المحرم الطيلسان على
نفسه قال نعم
(في لبس المحرم الجوربين والنعلين والخفين وحمله على رأسه)
(وتغطية رأسه وهو نائم)
(قلت) هل كان مالك يكره للمحرم لبس الجوربين قال نعم (قلت) أرأيت
المحرم إذا لم يجد النعلين ووجد الخفين فقطعهما من أسفل الكعبين (قال) قال مالك
لا شئ عليه (قلت) فإن كان يجد النعلين واحتاج إلى البس الخفين لضرورة بقدميه
فقطعهما من أسفل الكعبين (قال) قال مالك يلبسهما ويفتدى (قلت) لم جعل عليه
في هذا إذا كان بقدميه ضرورة الفدية وترك أن يجعل على الذي لا يجد نعلين الفدية
(قال) لان هذا إذا كان إنما يلبس الخفين لضرورة فإنما هذا يشبه الدواء والذي
463

لا يجد النعلين ليس بمتداو وقد جاء في ذلك الأثر (قلت) هل كان مالك يكره
للمحرم أن يحمل على رأسه الاطباق والقلال والغرائر والأخرجة وما أشبه هذا
(قال) سألنا مالكا عن المحرم يحمل على رأسه خرجه فيه زاده مثل هؤلاء الرجالة
أو جرابه قال لا بأس بذلك وإنما كره أن يحمل لغير منفعته للناس يتطوع به لهم أو
يؤاجر نفسه يحمل على رأسه فلا خير فيه فان فعل فعليه الفدية وإنما رخص له
لحاجته إليه كما رخص له في حمل منطقته لنفسه يحرز فيها نفقته ولم يرخص له في حمل
منطقة غيره (قلت) أرأيت أن كان هذا المحرم يشترى البز بمكة فيحمله على رأسه
أو يبيع البز أو السقط (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا وما أحب لهذا أن
يفعل هذا لان هؤلاء ليسوا بمنزلة أولئك الذين سألنا مالكا عنهم هؤلاء يتجرون
فلا ينبغي أن يتجروا بما يغطون به رؤسهم في احرامهم (قلت) أرأيت محرما
غطاه رجل وهو نائم فغطى وجهه ورأسه فاستنبه وهو مغطى كذلك فكشف عن
وجهه كيف يصنع في قول مالك (قال) الكفارة على الذي غطاه وليس على هذا النائم
شئ (قلت) أرأيت أن كان المحرم نائما فتقلب على جراد أو دبا فقتله أو على صيد
أو على فرخ حمام أو غير ذلك من الصيد فقتله أيكون عليه الكفارة أم لا في قول
مالك (قال) نعم عليه الكفارة عند مالك (قلت) أرأيت محرما طيب وهو نائم
ما عليه في قول مالك (قال) أرى الكفارة على من طيبه وهو نائم ويغسل هذا المحرم
عنه الطيب ولا شئ عليه (قلت) أرأيت محرما حلق رأسه وهو نائم (قال) أرى
الكفارة على من حلقه ولا شئ عليه (قلت) أرأيت الصبي إذا أحرمه أبوه فأصاب
الصبي الصيد ولبس القميص وأصاب الطيب على من الفدية والجزاء في قول مالك
(قال) على الأب في رأيي (قلت) أرأيت أن كان للصبي مال أعلى الأب أن يخرج
جزاء ذلك الصيد وتلك الفدية من مال الصبي أم لا في قول مالك أم ذلك على الأب
(قال) بل على الأب لأنه هو الذي حج به إذا كان صغيرا لا يعقل
464

(في الذي يحلف بالمشي إلى بيت الله فيحنث)
(قلت) أرأيت الرجل يقول على المشي إلى بيت الله ان كلمت فلانا فكلمه ما عليه
في قول مالك (قال) قال مالك إذا كلمه وجب عليه أن يمشي إلى مكة (قلت)
ويجعلها في قول مالك ان شاء حجة وان شاء عمرة قال نعم (قلت) فان جعلها عمرة
فحتى متى يمشي (قال) حتى يسعى بين الصفا والمروة (قلت) فان ركب قبل أن
يحلق بعد ما سعى في عمرته هذه التي حلف فيها أيكون عليه شئ في قول مالك
(قال) لا وإنما عليه المشي حتى يفرغ من السعي بين الصفا والمروة عند مالك (قلت)
وان جعلها حجة فإلى أي موضع يمشي في قول مالك (قال) حتى يقضى طواف الإفاضة
كذلك قال مالك (قلت) فإذا قضى طواف الإفاضة أيركب راجعا إلى منى في
قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن جعل المشي الذي وجب عليه في حجه فمشى
حتى لم يبق عليه الا طواف الإفاضة فأخر طواف الإفاضة حتى رجع من منى أيركب
في رمى الجمار وفى حوائجه بمنى في قول مالك (قال) لا يركب في رمى الجمار (وقال)
قال مالك لا بأس أن يركب في حوائجه (قال ابن القاسم) وأنا لا أرى به بأسا
وإنما ذلك بمنزلة أن لو مشى فيما قد وجبت عليه من حج أو عمرة فأتى المدينة فركب
في حوائجه أو رجع من الطريق في حاجة له ذكرها فيما قد مشى فلا بأس أن يركب
فيه وهو قول مالك الذي أحب وآخذ به (قلت) له ما قول مالك فيه إذا هو خرج
ماشيا في مشي وجب عليه أله أن يركب في المناهل في حوائجه (قال) قال مالك نعم
(قال ابن القاسم) لا أرى بذلك بأسا ليس حوائجه في المناهل من مشيه (قلت)
ما قول مالك ان ذكر حاجة نسيها أو سقط بعض متاعه أيرجع فيها راكبا قال
لا بأس به (قلت) فهل يركب إذا قضى طواف الإفاضة في رمى الجمار بمنى (قال) نعم
وفي رجوعه من مكة إذا قضى طواف الإفاضة إلى منى (قلت) أرأيت أن هو
ركب في الإفاضة وحدها وقد مشى حجه كله أيجب عليه لذلك في قول مالك دم
أم يجب عليه العودة ثانية حتى يمشي ما ركب (قال) أرى أن يجزئه ويكون عليه
465

الهدى (قال) لان مالكا قال لو أن رجلا مرض في مشيه فركب الأميال أو البريد
أو اليوم ما رأيت عليه الرجوع ثانية لمشيه ذلك ورأيت أن يهدى هديا ويجزئ عنه
(وقال مالك) لو أن رجلا دخل مكة حاجا في مشى عليه فلما فرغ من سعيه بين الصفا
والمروة خرج إلى عرفات راكبا وشهد المناسك وأفاض راكبا (قال مالك) أرى أن
يحج الثانية راكبا حتى إذا دخل مكة وسعى بين الصفا والمروة ماشيا حتى
يفيض فيكون قد ركب ما مشى ومشى ما ركب ولم يره مثل الذي ركب في الطريق
الأميال من مرض (قلت) أرأيت أن مشى هذا الذي حلف بالمشي فحنث فعجز
عن المشي كيف يصنع في قول مالك (قال) يركب إذا عجز فإذا استراح نزل فمشى فإذا
عجز عن المشي ركب أيضا حتى إذا استراح نزل ويحفظ المواضع التي مشى فيها والمواضع
التي ركب فيها فإذا كان قابلا خرج أيضا فمشى ما ركب وركب ما مشى واهراق
لما ركب دما (قلت) فإن كان قد قضى ما ركب من الطريق ماشيا أيكون عليه الدم
في قول مالك (قال) قال مالك نعم عليه الدم لأنه فرق مشيه في أول مرة (قلت) فان هو
لم يتم المشي ثانية أعليه أن يعود الثالثة في قول مالك (قال) ليس عليه أن يعود بعد
المرة الثانية وليهرق دما ولا شئ عليه (قلت) فإن كان من حين مشى في المرة
الأولى إلى مكة مشى وركب فعلم أنه ان أعاد الثانية لم يقدر على أن يتم ما ركب ماشيا
(قال) قال مالك إذا علم أنه لا يقدر على أن يمشي المواضع التي ركب فيها في المرة
الأولى فليس عليه أن يعود ويجزئه الذهاب الأول ان كانت حجة فحجة وان كانت
عمرة فعمرة ويهريق لما ركب دما وليس عليه أن يعود (قلت) فإن كان حين حلف
بالمشي فحنث يعلم أنه لا يقدر على أن يمشي الطريق كله إلى مكة في ترداده إلى مكة
أيركب في أول مرة ويهدى ولا يكون عليه شئ غير ذلك في قول مالك (قال) قال
مالك يمشي ما أطاق ولو شيأ ثم يركب ويهدى بمنزلة الشيخ الكبير والمرأة الضعيفة
(قال) وقال مالك في رجل حلف بالمشي إلى بيت الله فحنث فمشى في حج ففاته الحج
(قال مالك) يجزئه المشي الذي مشى ويجعلها عمرة ويمشى حتى يطوف بين الصفا
466

والمروة وعليه قضاء الحج قابلا راكبا والهدى الفوات الحج ولا شئ عليه غير ذلك
(قلت) أرأيت أن حنث فلزمه المشي فخرج فمشى فعجز ثم ركب وجعلها عمرة ثم
خرج قابلا ليمشى ما ركب وليركب ما مشى فأراد أن يجعلها فأراد أن يجعلها قابلا حجة أله ذلك أم ليس
له أن يجعلها الا عمرة أيضا في قول مالك (قال) قال مالك نعم يجعل المشي الثاني ان
شاء حجا وان شاء عمرة ولا يبالي وان خالف المشي إلا أن يكون نذر المشي
الأول في حج فليس له أن يجعل الثاني عمرة وإن كان الأول نذره في عمرة فليس له
أيضا أن يجعل المشي الثاني في الحج (قال) وهذا الذي قال لي مالك (قلت) وليس
له أن يجعل المشي الثاني ولا الأول فريضة في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن
هو مشى حين حنث فعجز عن المشي فركب ثم رجع من قابل ليقضي ما ركب فيه
ماشيا فقوي على أن يمشي الطريق كله أيجب عليه أن يمشي الطريق كله أم يمشي
ما ركب ويركب ما مشى (قال) ليس عليه أن يمشي الطريق كله ولكن عليه أن يمشي
ما ركب ويركب ما مشى قال وهذا قول مالك (قلت) أرأيت أن حلف بالمشي فحنث
وهو شيخ كبير قد يئس من المشي (قال) قال مالك يمشي ما أطاق ولو نصف ميل ثم
يركب ويهدى ولا شئ عليه بعد ذلك (قلت) فإن كان مريضا هذا الحالف فحنث
كيف يصنع في قول مالك (قال) أرى إن كان مريضا قد يئس من البرء فسبيله سبيل
الشيخ الكبير وإن كان مرض مرضا يطمع بالبرء منه وهو ممن لو صح كان
يجب عليه المشي ليس بشيخ كبير ولا امرأة ضعيفة فلينتظر حتى إذا برأ وصح مشى
إلا أن يكون يعلم أنه وان برأ وصح لا يقدر على أن يمشي أصلا الطريق كله
فليمش ما أطاق ثم يركب ويهدى ولا شئ عليه في رأيي (قلت) أرأيت أن عجز من
المشي فركب كيف يحصى ما ركب في قول مالك أيحصى عدد الأيام أم يحصى ذلك في ساعات
النهار والليل أم يحفظ المواضع التي ركب فيها من الأرض فإذا رجع ثانية مشى ما ركب
وركب ما مشى (قال) إنما يأمره مالك بأن يحفظ المواضع التي ركب فيها من الأرض
ولا يلتفت إلى الأيام والليالي فان عاد ثانية مشى تلك المواضع التي ركب فيها (قلت)
467

ولا يجرئه عند مالك أن يمشي يوما ويركب يوما أن يمشي أياما ويركب أياما فإذا عاد
ثانية قضى عدد تلك الأيام التي ركب فيها (قال) لا يجزئه عند مالك لان هذا إذا
كان هكذا يوشك أن يمشي في المواضع الواحد المرتين جميعا ويركب في الموضع
الواحد المرتين جميعا فلا يتم المشي إلى مكة فليس قول مالك على عدد الأيام وإنما هو
على المواضع من الأرض (قلت) والرجال والنساء في المشي سواء قال نعم (قلت)
أرأيت أن قال على المشي إلى بيت الله حافيا راجلا أعليه أن يمشي وكيف ان انتعل
(قال) ينتعل وان أهدى فحسن وإن لم يهد فلا شئ عليه وهو خفيف (قلت)
هل يجوز لهذا الذي حلف بالمشي فحنث فمشى وجعلها عمرة أن يحج حجة الاسلام
من مكة (قال) قال مالك نعم يحج حجة من مكة وتجزئه من حجة الاسلام (قلت)
ويكون متمتعا إن كان اعتمر في أشهر الحج قال نعم (قلت) أرأيت أن قرن الحج
والعمرة يريد بالعمرة عن المشي الذي وجب عليه وبالحج حجة الفريضة أيجزئه ذلك
عنهما من حجة الاسلام في قول مالك (قال) لا يجزئه ذلك عندي من حجة
الاسلام (قلت) ويكون عليه دم القران في قول مالك قال نعم (قلت) ولم
لا يجزئه من حجة الاسلام في قول مالك (قال) لان عمل الحج والعمرة في هذا
واحد ولا تجزئه من فريضة ومن شئ أوجبه على نفسه (قال) ولقد سئل مالك
عن رجل كان عليه مشي فمشى في حجه وهو صرورة يريد بذلك وفاء نذر يمينه وأداء
الفريضة عنه قال لنا مالك لا تجزئه من الفريضة وهي للنذر الذي عليه من المشي وعليه
حجة الفريضة قابلا وقالها غير مرة
(رسم في الشركة في الهدى والضحايا)
(قلت) لابن القاسم هل يشترك في جزاء الصيد إذا وجب عليه في جزاء الصيد شاة
فشارك بسبع بعير أو شارك في سبع بعير في فدية وجبت عليه أو شارك في هدى
التطوع أو في شئ من الهدى أو البدن تطوعا أو فريضة (قال) قال مالك لا يشترك
في شئ من الهدى ولا البدن ولا النسك في الفدية ولا في شئ من هذه الأشياء كلها
468

(قلت) فلو أن رجلا لزمه الهدى هو وأهل بيته وكان ذلك الذي لزم كل واحد
منهم شاة شاة فأراد أن يشترى بعيرا فيشركهم جميعهم فيه عما وجب عليهم من الهدي
(قال) لا يجزئهم في رأيي (قلت) فأهل البيت والأجنبيون في الهدى والبدن
والنسك عند مالك سواء (قال) نعم كلهم سواء لا يشترك في النسك ولا في الهدي
عنده وان كانوا أهل بيت واحد (قلت) والهدى التطوع لا يشترك فيه أيضا عند
مالك قال نعم (قلت) فإن كان الرجل يشتري الهدى التطوع فيريد أن يشرك أهل
بيته في ذلك لم يجزه في قول مالك (قال) نعم لا يجوز في قول مالك أن يشترك في شئ
من الهدى لا في تطوعه ولا في واجبه ولا في هدى نذر ولا في هدي نسك ولا في جزاء
صيد (قلت) فالضحايا هل يشترك فيها في قول مالك (قال) قال مالك لا يشترك فيها
إلا أن يشتريها رجل فيذبحها عن نفسه وعن أهل بيته وأما ما سوى هؤلاء من
الأجنبيين فلا يشتركون في الضحايا (قلت) فإن كانوا أهل بيت أكثر من سبعة
أنفس أيجزئ عن جميعهم شاة أو بعير أو بقرة (قال) تجزئ البقرة والبعير والشاة في
الضحايا إذا ضحى بها عنه وعن أهل بيته وان كانوا أكثر من سبعة أنفس (قلت)
فلو أن رجلا اشتراها فأراد أن يذبحها عن نفسه وعن ناس أجنبيين معه ولا يأخذ
منعم الثمن ولكن يتطوع بذلك (قال) قال مالك لا ينبغي ذلك وإنما ذلك لأهل البيت
الواحد (قال) ولقد سئل مالك عن قوم كانوا رفقاء في الغدو في بيت واحد فحضر
الأضحى وكانوا قد تخارجوا نفقتهم فكانت نفقتهم واحدة فأراد وأن يشتروا من
تلك النفقة كبشا عن جميعهم فقال لا يجزئهم ذلك وإنما هؤلاء عندي شركاء أخرج
كل واحد منهم من الدراهم قدر نصيبه في الكبش فلا يجوز ذلك
(في الاستثناء في الحلف بالمشي إلى بيت الله وغير ذلك)
(قلت) أرأيت من قال على المشي إلى بيت الله أن يبدو لي وإلا أن أرى خيرا
من ذلك ماذا عليه في قول مالك (قال) عليه المشي وليس استثناؤه في هذا بشئ في رأيي
لان مالكا قال لا استثناء في المشي إلى بيت الله (قلت) أرأيت أن قال على المشي
469

إلى بيت الله ان شاء فلان (قال) هذا لا يكون عليه شئ إلا أن يشاء فلا وليس
هذا باستثناء وإنما مثل هذا مثل الطلاق أن يقول الرجل امرأتي طالق ان شاء فلان
أو غلامي حر ان شاء فلان فلا يكون عليه شئ إلا أن يشاء فلان ولا استثناء في
طلاق ولا عتاقة ولا مشى ولا صدقة (قلت) أرأيت أن قال على المشي إلى بيت الله
ينوي مسجدا من المساجد أتكون له نيته في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن قال على المشي إلى بيت الله وليست له نية ما عليه في قول مالك (قال) عليه المشي
إلى مكة إذا لم يكن له نية (قلت) أرأيت أن قال على المشي إلى الصفا والمروة (قال)
لا أحفظ عن مالك فيه شيئا ولا أرى أن يلزمه المشي (قلت) أرأيت أن قال على
المشي إلى المسجد الحرام (قال) قال مالك عليه المشي إلى بيت الله (قلت) أرأيت أن قال على المشي إلى الحرم (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أرى عليه
شيئا (قلت) أرأيت أن قال على المشي إلى منى أو إلى عرفات أو إلى ذي طوى
(قال) أرى ان قال على المشي إلى ذي طوى أو منى أو عرفات أو غير ذلك من
مواضع مكة أن لا يكون عليه شئ ولا يكون المشي الا على من قال مكة أو بيت
الله أو المسجد الحرام أو الكعبة فما عدا أن يقول الكعبة أو البيت أو المسجد أو
مكة أو الحجر أو الركن أو الحجر فذلك كله لا شئ عليه فان سمى بعض ما سميت
لك من هذه الأشياء لزمه المشي (قلت) أرأيت أن قال إن كلمتك فعلى السير إلى
مكة أو قال على الذهاب إلى مكة أو قال على الانطلاق إلى مكة أو على أن آتى
مكة أو على الركوب إلى مكة (قال) أرى أن لا شئ عليه إلا أن يكون أراد أن يأتيها
حاجا أو معتمرا فيأتيها راكبا إلا أن يكون نوى ماشيا وإلا فلا شئ عليه أصلا
وقد كان ابن شهاب لا يرى بأسا أن يدخل مكة بغير حج ولا عمرة ويذكر أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم دخلها غير محرم (قلت) لابن القاسم أرأيت أن قال على
المشي ولم يقل إلى بيت الله (قال) إن كان نوى مكة مشى وإن لم يكن نوى مكة
فلا شئ عليه (قلت) وان قال على المشي إلى بيت الله ونوى مسجدا من المساجد
470

كان ذلك له في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت قوله على حجة أو لله على حجة
أهو سواء في قول مالك وتلزمه الحجة قال نعم (قال) وقال مالك من قال لله على
أن آتي المدينة أو بيت المقدس أو المشي إلى المدينة أو إلى بيت المقدس فلا شئ عليه
إلا أن يكون نوى بقوله ذلك أن يصلى في مسجد المدينة أو في مسجد بيت المقدس
فإن كانت تلك نيته وجب عليه الذهاب إلى بيت المقدس أو إلى مسجد المدينة راكبا
ولا يجب عليه المشي إليه وإن كان حلف بالمشي ولا دم عليه (قال) وقال مالك
وان قال لله على المشي إلى مسجد بيت المقدس أو إلى المسجد المدينة وجب عليه
الذهاب إليهما وأن يصلى فيهما (قال) وإذا قال على المشي إلى مسجد المدينة أو مسجد
بيت المقدس فهو مخالف لقوله على المشي إلى المدينة أو على المشي إلى بيت المقدس
فهو إذا قال على المشي إلى بيت المقدس فلا يجب عليه الذهاب إلا أن ينوى الصلاة
فيه وإذا قال على المشي إلى مسجد المدينة أو إلي مسجد بيت المقدس وجب عليه
الذهاب راكبا والصلاة فيهما وإن لم ينو الصلاة فيهما وهو إذا قال على المشي إلى
هذين المسجدين فكأنه قال لله على أن أصلى في هذين المسجدين
(في حمل المحرم نفقته في المنطقة أو نفقة غيره)
(قلت) لابن القاسم ما قوله في المنطقة للمحرم التي فيها نفقته (قال) قال مالك
لا بأس بالمنطقة للمحرم التي تكون فيها نفقته (قلت) ويربطها في وسطه (قال) قال
مالك يربطها من تحت إزاره ولا يربطها من فوق إزاره (قلت) فان ربطها من فوق
إزاره افتدى (قال) لم أسمع من مالك في الفدية شيئا ولكني أرى أن يكون عليه
الفدية لأنه قد احتزم من فوق إزاره (قال) قال مالك إذا احتزم المحرم فوق إزاره
بخيط أو بحبل فعليه الفدية (قلت) هل كان مالك يكره أن يدخل السيور في
الثقب التي في المنطقة ويقول بعقده (قال) قال مالك يشد المحرم المنطقة التي فيها
نفقته على وسطه ويدخل السيور في الثقب ولا بأس بذلك (قلت) فهل كان مالك
يكره أن يجعل المنطقة في عضده أو فخذه (قال) نعم لم يكن يوسع أن يجعل منطقة
471

نفقته الا في وسطه (قلت) فان جعلها في عضده أو في فخذه أو في ساقه أيكون عليه
الفدية في قول مالك (قال) لم أسمع منه في الفدية شيئا الا الكراهية لذلك (قال ابن
القاسم) وأرجو أن يكون خفيفا ولا يكون عليه الفدية (قال) ولقد سئل مالك عن
المحرم يحمل نفقة غيره في وسطه ويشدها على بطنه (قال) لا خير في ذلك وإنما وسع
له أن يحمل نفقة نفسه ويشدها على وسطه لموضع الضرورة ولا يجوز له أن يربط نفقة
غيره ويشدها في وسطه (قلت) فان فعل أيكون عليه الفدية في قول مالك (قال)
لم أسمع من مالك في الفدية في هذا شيئا وأنا أرى أن يكون عليه الفدية في هذا
لأنه إنما أرخص له أن يحمل نفقة نفسه (قال) والذي أرى لو أن محرما كانت معه
نفقته في هميان قد جعله في وسطه وشده عليه فاستودعه رجل نفقته فجعلها في نفقته
في هميانه ذلك وشد الهميان على وسطه أنه لا يرى عليه شيئا لان أصل ما شد
الهميان على وسطه لنفسه لا لغيره
(فيمن قال إن كلمت فلانا فأنا محرم بحجة أو بعمرة فحنث متى يحرم)
(قلت) أرأيت رجلا قال إن كلمت فلانا فأنا محرم بحجة أو بعمرة (قال) قال
مالك أما الحجة فان حنث قبل أشهر الحج لم تلزمه حتى تأتي أشهر الحج فيحرم بها إذا
دخلت أشهر الحج إلا أن يكون نوى أو قال في يمينه أنا محرم حين أحنث فأرى عليه
ذلك حين حنث وإن كان في غير أشهر الحج (قال) وقال مالك وأما العمرة فاني
أرى الاحرام يجب عليه فيها حين حنث إلا أن لا يجد من يخرج معه ويخاف على
نفسه ولا يجد من يصحبه فلا أرى عليه شيئا حتى يجد أنسا وصحابة في طريقه قال
فإذا وجدهم فعليه أن يحرم بالعمرة (قلت) فمن أين يحرم أمن الميقات أم من موضعه
الذي حنث فيه في قول مالك (قال) من موضعه ولا يؤخره إلى الميقات عند مالك
ولو كان له أن يؤخر إلى الميقات في الحج لكان له أن يؤخر ذلك في العمرة (ولقد
قال) لي مالك يحرم بالعمرة إذا حنث إلا أن لا يجد من يخرج معه ويستأنس به فإن لم
يجد أخره حتى يجد فهذا يدلك في الحج أنه من حيث حنث إذا جعله مالك في العمرة
472

غير مرة من حيث حنث إلا أن يكون نوى من الميقات أو غير ذلك فهو على نيته
(قلت) أرأيت أن قال حين أكلم فلانا فأنا محرم يوم أكلمه فكلمه (قال) أرى
أن يكون محرما يوم يكلمه (قال ابن القاسم) وقال مالك في الرجل يحلف بالمشي إلى
بيت الله فيحنث (قال) قال مالك يمشي من حيث حلف إلا أن تكون له نية فيمشي
من حيث نوى (قلت) لابن القاسم أرأيت أن قال يوم أفعل كذا وكذا فأنا محرم
بحجة أهو في قول مالك مثل الذي قال يوم أفعل كذا وكذا فأنا محرم بحجة (قال) نعم
هو سواء في قوله (قلت) لابن القاسم أرأيت أن قال إن فعلت كذا وكذا فأنا
أحج إلى بيت الله (قال) أرى قوله إن فعلت كذا وكذا فأنا أحج إلى بيت الله أنه إذا
حنث فقد وجب عليه الحج وهو بمنزلة قوله فعلى حجة ان فعلت كذا وكذا وهذا مثل
الرجل يقول إن فعلت كذا وكذا فأنا أمشى إلى مكة أو فعلى المشي إلى مكة فهو سواء
وكذلك قوله فأنا أحج أو فعلى الحج هو مثل قوله فأنا أمشى أو على المشي (قلت)
وهذا قول مالك (قال) قال مالك من قال على المشي إلى بيت الله ان فعلت كذا
وكذا أو أنا أمشى إلى بيت الله ان فعلت كذا وكذا فحنث ان عليه المشي وهما سواء
(قال) ورأيت قوله فأنا أحج أو فعلى الحج على هذا (قلت) وكذلك قوله أنا أهدى
هذه الشاة ان فعلت كذا وكذا فحنث أيكون عليه أن يهديها في قول مالك (قال)
نعم عليه أن يهديها عند مالك إذا حنث إلا أن يكون بموضع بعيد فيبيعها ويشتري
بثمنها شاة بمكة ويخرجها إلى الحل ثم يسوقها إلى الحرم عند مالك إذا حنث (قلت)
لابن القاسم ما قول مالك في الرجل يقول أنا أحج بفلان إلى بيت الله ان فعلت كذا
وكذا فحنث (قال) قال مالك إذا قال الرجل أنا أحمل فلانا إلى بيت الله فانى أرى أن
ينوى فإن كان أراد تعب نفسه وحمله على عنقه فانى أرى أن يحج ماشيا ويهدي ولا شئ
عليه في الرجل ولا يحجه وإن لم ينو ذلك فليحج راكبا وليحج بالرجل معه ولا هدى
عليه فان أبى الرجل أن يحج فلا شئ عليه في الرجل وليحج هو راكبا (قال ابن
القاسم) وقوله أنا أحج بفلان إلى بيت الله هو عندي أوجب من الذي يقول أنا أحمل
473

فلانا إلى بيت الله لا يريد ذلك على عنفه لان احجاجه الرجل إلى بيت الله من طاعة
الله فأرى ذلك عليه إلا أن يأبى الرجل فلا يكون عليه في الرجل شئ (قال ابن
القاسم) وقال لنا مالك في الرجل يقول أنا أحمل هذا العمود إلى بيت الله أو هذه
الطنفسة أو ما أشبه هذا من الأشياء انه يحج ماشيا ويهدى لموضع ما جعل على نفسه
من حملان تلك الأشياء وطلب مشقة نفسه وليضع المشقة عن نفسه ولا يحمل تلك
الأشياء وليهد (قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا قال إن فعلت كذا وكذا
فعلى أن أهدى دوري أو رقيقي أو أرضى أو دوابي أو بقري أو غنمي أو إبلي أو
دراهمي أو دنانيري أو ثيابي أو عروضي لعروض عنده أو قمحي أو شعيري فحنث
كيف يصنع في قول مالك وهل هذا كله عنده سواء إذا حلف به أم لا (قال) هذا
كله عند مالك سواء إذا حلف فحنث أخرج ثمن ذلك كله فبعث به فاشترى له به
هدى الا الدراهم والدنانير فإنهما بمنزلة الثمن يبعث بذلك ليشترى بها بدن كما وصفت
لك (وقال مالك) إذا قال الرجل ان فعلت كذا وكذا فان على أن أهدى مالي فحنث فان
عليه أن يهدى ثلث ماله ويجزئه ولا يهدى جميع ماله (قلت) وكذلك لو قال على أن
أهدى جميع مالي أجزأه من ذلك الثلث في قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك إذا
قال الرجل ان فعلت كذا وكذا فلله على أن أهدى بعيري وشاتي وعبدي وليس له مال
سواهم فحنث وجب عليه أن يهديهم ثلاثتهم بعيره وشاته وعبده يبيعهم ويهدى ثمنهم
وان كانوا جميع ماله فليهدهم (قلت) فإن لم يكن له الا عبد واحد ولا مال له سواه
فقال لله على أن أهدى عبدي هذا ان فعلت كذا وكذا فحنث (قال) قال مالك عليه
أن يهدى عبده يبيعه ويجعل ثمنه في هدى وإن لم يكن له مال سواه (قلت) فإن لم
يكن له مال سوى هذا العبد فقال إن فعلت كذا وكذا فلله على أن أهدى جميع مالي
فحنث (قال) قال مالك يجزئه أن يهدى ثلثه (قلت) وكذلك لو قال لله على
أن أهدى جميع ما أملك أجزأه من ذلك الثلث قال نعم (قلت) فإذا سمى فقال لله
على أن أهدى شاتي وبعيري وبقرتي فعدد ماله حتى سمى جميع ماله فعليه إذا سمى
474

أن يهدى جميع ما سمى وان أتى ذلك على جميع ماله في قول مالك قال نعم (قلت)
فإن لم يسم ولكن قال لله على أن أهدى جميع مالي فحنث فإنما عليه أن يهدى ثلث
ماله في قول مالك قال نعم (قلت) فما فرق ما بينهما عند مالك إذا سمى فأتى على
جميع ماله أهدى جميعه وإذا لم يسم وقال جميع مالي أجزأه الثلث (قال) قال مالك
إنما ذلك مثل الرجل يقول كل امرأة أنكحها فهي طالق فلا شئ عليه وان سمى
قبيلة أو امرأة بعينها لم يصلح له أن ينكحها فكذلك هذا إذا سمى لزمه وكان أوكد
في التسمية (قلت) فلو قال لله على أن أهدي بعيري هذا وهو بإفريقية أيبيعه
ويبعث ثمنه يشترى به هدى من المدينة أو من مكة في قول مالك (قال) قال مالك
الإبل يبعث بها إذا جعلها الرجل هديا يقلدها ويشعرها ولم يقل لنا مالك من بلد من
البلدان بعد ولا قرب ولكنه إذا قال بعيري أو إبلي هدى أشعرها وقلدها وبعث
بها (قال ابن القاسم) أرى ذلك لازما من كل بلد الا من بلدة يخاف بعدها وطول
السفر والتلف في ذلك فإذا كان هكذا رجوت أن يجزئه أن يبيعها ويبعث بأثمانها
فيشترى له بها هدى من المدينة أو من مكة من حيث أحب (قلت) فإن لم يحلف
على إبل بأعيانها ولكن قال لله على أن أهدى بدنة ان فعلت كذا وكذا فحنث (قال)
يجزئه عند مالك أن يبعث بالثمن فيشترى البدنة من المدينة أو من مكة فتوقف بعرفة
ثم تنحر بمنى فإن لم توقف بعرفة أخرجت إلى الحل ان كانت اشتريت بمكة ونحرت
بمكة إذا ردت من الحل إلى الحرم (قال مالك) وذلك دين عليه وان كأن لا يملك
ثمنها (قلت) فلو قال لله على أن أهدى بقرى هذه فحنث وهو بمصر أو بإفريقية
ما عليه في قول مالك (قال) البقر لا يبلغ من هذا الموضع فعليه أن يبيع بقره هذه
ويبعث بالثمن يشترى بثمنها هدى من حيث يبلغ ويجزئه عند مالك أن يشترى له من
المدينة أو من مكة أو من حيث أحب من البلدان إذا كان الهدى يشترى يبلغ من
حيث يشترى (قلت) أرأيت أن قال لله على أن أهدى بقرى هذه وهو
بأفريقية فباعها وبعث بثمنها أيجزئه أن يشترى بثمنها بعيرا في قول مالك (قال) يجزئه
475

أن يشترى بها إبلا فيهديها لأني لما أجزت البيع لبعد البلد صارت البقر كأنها دنانير
أو دراهم فلا أرى بأسا أن يشترى بالثمن بعيرا وان قصر عن البعير فلا بأس أن يشتري
غنما (قال) ولا أحب له أن يشتري غنما إلا أن يقصر الثمن عن البعير والبقر (قلت)
فلو قال لله على أن أهدى غنمي هذه أو بقري هذه فحنث وذلك في موضع يبلغ
البقر والغنم منه وجب عليه أن يبيعها بأعيانها ولا يبيعها ويشتري مكانها في قول مالك
قال نعم (قال) وقال مالك وإذا حلف بصدقة ماله فحنث أو قال مالي في سبيل الله
فحنث أجزأه من ذلك الثلث (قال) وإن كان سمى شيئا بعينه وكان ذلك الشئ جميع
ماله فقال إن فعلت كذا وكذا فلله على أن أتصدق على المساكين بعبدي هذا وليس
له مال غيره أو قال فهو في سبيل الله وليس له مال غيره فعليه أن يتصدق به إن كان
حلف بالصدقة وإن كان قال هو في سبيل الله فليجعله في سبيل الله (قلت) أيبعث
به في سبيل الله في قول مالك أم يبيعه ويبعث بثمنه (قال) بل يبيعه فيدفع ثمنه إلى من
يغزو في سبيل الله من موضعه ان وجد فإن لم يجد فيبعث بثمنه (قلت) فان حنث
ويمينه بصدقته على المساكين أيبيعه في قول مالك ويتصدق بثمنه على المساكين
قال نعم (قلت) فإن كان فرسا أو سلاحا أو سروجا أو أداة من أداة الحرب
فقال إن فعلت كذا وكذا فهذه الأشياء في سبيل الله يسميها بأعيانها أيبيعها ثم يجعلها
في سبيل الله في قول مالك (قال) بل يجعلها في سبيل الله بأعيانها ان وجد من
يقبلها إذا كان سلاحا أو دواب أو أداة من أداة الحرب إلا أن يكون بموضع لا يبلغ
ذلك الموضع الذي فيه الجهاد ولا يجد من يقبله منه ولا من يبلغه له فلا بأس بأن يبيع
ذلك ويبعث بثمنه فيجعل ثمنه في سبيل الله (قلت) فيجعل ثمنه في مثله أن يعطيه
دراهم في سبيل الله في قول مالك (قال) لا أحفظ عن مالك فيه شيئا وأرى أن يجعل
في مثلها من الأداة والكراع (قلت) ما فرق ما بين هذا وبين البقر إذا جعلها هديا
جاز له أن يبيعها ويشترى بأثمانها الإبل إذا لم تبلغ (قال) لان البقر والإبل إنما هي
كلها للأكل وهذه إذا كانت كراعا أو سلاحا فإنما هي قوة على أهل الحرب ليس
476

للأكل فينبغي أن نجعل الثمن في مثله (قلت) فإن كان حلف بصدقة هذه الخيل
وهذا السلاح وهذه الأداة باعه وتصدق به في قول مالك قال نعم (قلت) وكذلك
ان كانت يمينه أن يهديه باعه وأهدى ثمنه في قول مالك قال نعم (قلت) وإذا
حلف الرجل فقال إن فعلت كذا وكذا فمالي في سبيل الله فإنما سبيل الله عند مالك في
مواضع الجهاد والرباط (قال) قال مالك سبيل الله كثير وهذا لا يكون الا في
الجهاد (قال مالك) فليعط في السواحل والثغور (قال) فقيل لمالك أفيعطى في
جدة (قال) لا ولم ير جدة مثل سواحل الروم الشام ومصر (قال) فقيل له أنه قد كان
بجدة أي خوف (قال) إنما كان ذلك مرة واحدة ولم ير جدة من السواحل التي هي
مرابط (قال) وقال مالك إذا حلف بالصدقة وفى سبيل الله وبالهدى فهذه الثلاثة
الايمان سواء إن كان لم يسم شيئا من ماله بعينه صدقة أو هديا أو في سبيل الله أجزأه
من ذلك الثلث وإن كان سمى وأتى في التسمية على جميع ماله وجب عليه أن يبعث
بجميع ماله إن كان في سبيل الله أو في الهدى وإن كان في الصدقة تصدق بجميع
ماله (قلت) فلو قال إن فعلت كذا وكذا فأنا أهدى عبدي هذا أو أهدى جميع
مالي فحنث ما عليه في قول مالك (قال) أرى أن يهدي عبده الذي سمى وثلث ما بقي
من ماله (قلت) وكذلك هذا في الصدقة وفي سبيل الله قال نعم (قال) وقال
مالك من قال لله على أن أهدى بدنة فعليه أن يشتري بعيرا فإن لم يجد بعيرا فبقرة
فإن لم يجد بقرة فسبعا من الغنم (قلت) أرأيت أن كان يجد الإبل فاشترى بقرة
فنحرها وقد كانت وجبت عليه بدنة أتجزئه في قول مالك (قال) قال لنا مالك فإن لم
يجد الإبل اشترى البقر (قال) قال لي مالك والبقر أقرب شئ من الإبل (قال
ابن القاسم) وإنما ذلك عندي إن لم يجد بدنة أي إذا قصرت النفقة فلم تبلغ نفقته
بدنة وسع له من البقر فإن لم تبلغ نفقته البقر اشترى الغنم (قال) ولا يجزئه في قول
مالك أن يشتري البقر إذا كانت عليه بدنة إلا أن لا تبلغ نفقته بدنة لأنه قال فإن لم
477

يجد فهو إذا بلغت نفقته فهو يجد (قال ابن القاسم) وكذلك قال سعيد بن المسيب
وخارجة بن زيد وقطيع من العلماء منهم أيضا سالم بن عبد الله قالوا فإن لم يجد بدنة
فبقرة (قلت) فإن لم يجد الغنم أيجزئه الصيام (قال) لا أعرف الصيام فيما نذر على نفسه
إلا أن يجب أن يصوم فان أيسر يوما ما كان عليه ما نذر على نفسه فان أحب الصيام
فعشرة أيام (قال) ولقد سألنا مالكا عن الرجل ينذر عتق رقبة ان فعل الله به كذا
وكذا أترى أن يصوم إن لم يجد رقبة (قال) قال لي مالك ما الصيام عندي بمجزئ
إلا أن يشاء أن يصوم فان أيسر يوما ما أعتق فهذا عندي مثله (قال) وسألنا مالكا
عن الزجل يقول مالي في رتاج الكعبة (قال) قال مالك لا أرى عليه في هذا شيئا
لا كفارة يمين ولا يخرج فيه شيئا من ماله (قال مالك) والرتاج عندي هو الباب
فأنا أراه خفيفا ولا أرى فيه شيئا (قال) وقاله لنا غير عام (قلت) لابن القاسم
أرأيت من قال مالي في الكعبة أو في كسوة الكعبة أو في طيب الكعبة أو في
حطيم الكعبة أو ان أضرب به حطيم الكعبة أو أن أضرب به الكعبة أو أن أضرب
به أستار الكعبة (قال) ما سمعت من مالك في هذا شيئا وأرى أنه إذا قال مالي في
كسوة الكعبة أو في طيب الكعبة أن يهدى ثلث ماله فيدفع إلى الحجبة وأما إذا
قال مالي في حطيم الكعبة أو في الكعبة أو في رتاج الكعبة فلا يكون عليه شئ لان
الكعبة لا تنقض فتبنى بمال هذا ولا ينقض الباب فيجعل مال هذا فيه (قال) وسمعت
مالكا يقول رتاج الكعبة هو الباب وكذلك إذا قال مالي في حطيم الكعبة لم يكن
عليه شئ في رأيي وذلك أن الحطيم لا يبنى فتجعل نفقة هذا في بنيانه (قال ابن القاسم)
وبلغني أن الحطيم فيما بين الباب إلى المقام قال وأخبرني به بعض الحجبة (قال) ومن قال
أنا أضرب بمالي حطيم الكعبة فهذا يجب عليه الحج أو العمرة ولا يجب عليه في ماله
شئ وكذلك لو أن رجلا قال أنا أضرب بكذا وكذا الركن الأسود فإنه يحج أو
يعتمر ولا شئ عليه إذ لم يرد حملان ذلك الشئ على عنقه (قال ابن القاسم)
478

فكذلك هذه الأشياء (قلت) لابن القاسم أرأيت ما يبعث به إلى البيت من الهدايا
من الثياب والدراهم والدنانير والعروض أيدفع ذلك إلى الحجية في قول مالك (قال)
بلغني عن مالك فيمن قال لشئ من ماله هو هدى قال يبيعه ويشترى بثمنه هديا فان
فضل شئ لا يكون في مثله هدى ولا شاة رأيت أن يدفع إلى خزان الكعبة يجعلونه
فيما تحتاج إليه الكعبة (قال) ولقد سمعت مالكا وذكر له أنهم أرادوا أن يشتركوا
مع الحجبة في الخزانة فأعظم ذلك وقال بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي دفع
المفتاح إلى عثمان بن طلحة رجل من بين عبد الدار فكأنه رأى هذه ولاية من النبي
صلى الله عليه وسلم فأعظم أن يشرك معهم (قلت) لابن القاسم أرأيت من قال لله
على أن أنحر بدنة أين ينحرها قال بمكة (قلت) وكذلك إذا قال لله على هدى
قال ينحره أيضا مكة (قلت) وهذا قول مالك قال نعم (قلت) فان قال لله على أن أنحر جزورا أين ينحره أو لله على جزور أين ينحره (قال) ينحره في موضعه الذي
هو فيه قال لي مالك ولو نوى موضعا فلا يخرجه إليه ولينحره بموضعه ذلك (قال
ابن القاسم) كان الجزور بعينه أو بغير عينه فذلك سواء (قال) فقلت لمالك وان نذره
لمساكين البصرة أو مصر وكان من غير أهل البصرة أو من غير أهل مصر قال نعم
(قال مالك) وان نذره لمساكين البصرة أو مصر فلينحره بموضعه وليتصدق به على
مساكين من عنده إذا كانت بعينها أو بغير عينها أو نذر أو يشتريه من موضعه
فيسوقه إلى مصر (قال مالك) وسوق البدن إلى غير مكة من الضلال (قلت) لابن
القاسم أرأيت من ساق معه الهدى يوم البيت متى يقلده ويشعره (قال) سئل مالك
عن الرجل من أهل مصر أو من أهل الشام يشتري بدنة بالمدينة يريد أن يقلدها
ويشعرها بذي الخليفة ويؤخر احرامه إلى الجحفة قال لا يعجبني ذلك إذا كان يريد
الحج أن يقلد ويشعر الا عندما يريد أن يحرم إلا أن يكون رجلا لا يريد أن يحج فلا
أرى بأسا أن يقلد بذي الحليفة (قال) وبلغني أن مالكا سئل عن رجل بعث بهدى
479

تطوعا مع رجل حرام ثم بدا له بعد ذلك أن يحج فحج وخرج فأدرك هديه (قال)
مالك ان أدركه قبل أن ينحر رأيت أن يوقفه حتى يحل وإن لم يدركه فلا أرى عليه
شيئا (قلت) لابن القاسم ما كان مالك يكره القطع م الآذان في الضحايا والهدى
(قال) كان يوسع فيها إذا كان الذي بأذنها قطعا قليلا مثل السمة تكون في الاذن
(قلت) وكذلك الشق في الاذن (قال) نعم كان يوسع إذا كان في الاذن الشئ القليل
مثل السمة ونحوها (قلت) فإن كان القطع من الاذن شيئا كبيرا (قال) لم يكن
يجزها إذا كانت مقطوعة الأذن أو قد ذهب من الاذن الشئ الكبير (قال) وإنما
كان يوسع فيما ذكرت لك من السمة أو ما هو مثل السمة (قلت) فما قول مالك
في الخصي أيهدى قال نعم (قلت) وكذلك الضحايا قال نعم (قلت) فما قول مالك
في الذي قد ذهب بعض عينيه أيجوز في الضحايا والهدى والبدن والنسك (قال)
قال مالك وبلغني عنه أنه وسع في الكوكب يكون في العين إذا كان يبصر بها
ولم يكن على الناظر (قلت) أرأيت المريض أيجوز في الهدى والضحايا أم لا (قال)
الحديث الذي جاء العرجاء البين عرجها والمريضة البين مرضها وقال لا يجوز البين
عرجها ولا البين مرضها وبهذا الحديث يأخذ في العرجاء والمريضة (قلت) لابن
القاسم أرأيت من ساق هديا تطوعا فعطب في الطريق أو ضل أعليه البدل في قول
مالك قال لا (قلت) فان أصابه بعد ما ذهبت أيام النحر قال ينحره بمكة (قلت)
وهذا قول مالك قال نعم (قلت) وان كانت أضحيته ضلت منه فأصابها قبل يوم النحر
أو في أيام النحر أينحرها في قول مالك (قال) نعم إلا أن يكون ضحى فلا شئ عليه وان
أصابها في يوم النحر إذا كان قد ضحى ببدلها وهذا قول مالك (قلت) فان أصابها
بعد ما ذهبت أيام النحر أيذبحها (قال) لا ولكن يصنع بها ما شاء (قلت) فما فرق
ما بينها وبين الهدى في قول مالك (قال) لان الهدى يشعر ويقلد فلا يكون له أن
يصرفه إلى غير ذلك والضحايا لا تشعر ولا تقلد وهو ان شاء أبدلها بخير منها
480

والهدي والبدن ليست بهذه المنزلة (قلت) أرأيت أن ساق هديا واجبا من جزاء الصيد
أو غير ذلك مما وجب عليه فضل في الطريق فأبدله فنحر البدل يوم النحر ثم أصاب
الهدى الذي ضل منه بعد أيام النحر أينحره أم لا في قول مالك (قال) قال مالك
ينحره أيضا (قلت) ولم ينحره في قول مالك وقد يخرج بدله (قال) لأنه قد كان أوجبه
فليس له أن يرده في ماله (قلت) فان اشترى هديا تطوعا فلما قلده وأشعره أصابه
أعور أو أعمى كيف يصنع في قول مالك (قال مالك) يمضي به هديا ويرجع على صاحبه
بما بين الصحة والداء فيجعله في هدى آخر ان بلغ ما رجع به على البائع أن يشتري
به هديا (قلت) فإن لم يبلغ ما يرجع به على البائع أن يشترى به هديا (قال) قال
مالك يتصدق به (قلت) أرأيت هذا الهدي الذي قلده وأشعره وهو أعمى عن
أمر واجب عليه وهو مما لا يجوز في الهدى لم أوجبه مالك وأمره أن يسوقه (قال)
قول مالك عندي لو أن رجلا اشترى عبدا وبه عيب فأعتقه عن أمر وجب عليه
وهو أعمى مما لا يجوز في الرقاب الواجبة ثم ظهر على العيب الذي به فإنه يرجع على
بائعه بما بين الصحة والداء فيستعين به في رقبة أخرى ولا تجزئه الرقبة الأولى التي كان
بها العيب عن الامر الواجب الذي كان عليه وليس له أن يرد الرقبة الأولى رقيقا
بعد عتقها وإن لم تجزه عن الذي أعتقها عنه (قال) لي مالك وإن كان العيب مما
تجزئه الرقبة به جعل ما يسترجع بذلك العيب في رقبة أو في قطاعة مكاتب يتم به
عتقها وان كانت تطوعا صنع به ما شاء فالبدنة إذا أصاب بها عيبا لم يستطع أن يردها
تطوعا كانت أو واجبة وهي ان كانت واجبة فعليه بدلها ويستعين بما يرجع به على
البائع في ثمن بدنته الواجبة عليه وان كانت بدنته هذه التي أصاب بها العيب تطوعا لم
يكن عليه بدلها وجعل ما أخذ من بائعه لعيبها الذي أصابه بها في هدي آخر فإن لم
يبلغ هديا آخر تصدق به على المساكين (قلت) أرأيت أن جنى على هذا الهدى
رجل ففقأ عينيه أو أصابه شئ يكون له أرش فأخذه صاحبه ما يصنع به في قول مالك
481

(قال) أرى ذلك بمنزلة الذي رجع بعيب أصابه في الهدى بعد ما قلده
(قلت) والضحايا لو أن رجلا جنى عليها فأخذ صاحبها لجنايتها أرشا
وكيف يصنع بها ان أصاب بها عيبا حين اشتراها أصابها
عمياء أو عوراء كيف يصنع (قال) الضحايا في قول مالك
ليست بمنزلة الهدى الضحايا إذا أصاب بها عيبا
ردها وأخذ ثمنها فاشترى به بدلها وكذلك
ان جنى على هذه الضحايا جان أخذ
صاحبها منه عقل ما جنى وأبدل
هذه الضحية واشترى
غيرها ولا يذبح هذه
التي دخلها
العيب
(تم كتاب الحج الثاني من المدونة الكبرى بحمد الله وعونه) (ويليه كتاب الحج الثالث)
482

بسم الله الرحمن الرحيم
(وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم)
(كتاب الحج الثالث)
(قلت) لعبد الرحمن بن القاسم أرأيت كل هدى قلده رجل من جزاء الصيد أو
نذر أو هدى القران أو غير ذلك من الهدى الواجب أو التطوع إذا قلده أو أشعره
وهو صحيح يجوز في الهدى ثم عطب بعد ذلك أو عمي أو أصابه عيب فحمله صاحبه
أو ساقه حتى أوقفه بعرفة فنحره بمنى (قال) قال مالك يجزئه (قلت) فان ساقه إلى
منى وقد فاته الوقوف بعرفة أيجزئه أن ينحره بمنى أو حتى يرده إلى الحل ثانية فيدخله
الحرم في قول مالك (قال) إن كان أدخله من الحل فلا يخرجه إلى الحل ثانية ولكن
يسوقه إلى مكة فينحره بمكة (قال) قال مالك كل هدي فاته الوقوف بعرفة فمحله مكة
ليس له محل دون ذلك وليس منى له بمحل (قلت) فان فاته الوقوف بهذا الهدى
فساقه من منى إلى مكة فعطب قبل أن يبلغ مكة (قال) لا يجرئه وهذا لم يبلغ محله عند
مالك (قلت) أرأيت من اشترى أضحية عن نفسه ثم بدا له بعد أن نواها لنفسه
أن يشرك فيها أهل بيته أيجوز ذلك في قول مالك (قال) نعم في رأيي ولم أسمع من
مالك فيه شيئا لأنه كان يجوز له ان يشركهم أولا (قال) والهدى عند مالك مخالف
للضحايا (قلت) أرأيت البقرة أو الناقة أو الشاة إذا نتجت وهي هدى كيف يصنع
بولدها في قول مالك (قال) يحمل ولدها معها إلى مكة (قلت) أعليها أم على غيرها
(قال) إن كان له محمل حمله على غيرها عند مالك وإن لم يكن له محمل غير أمه حمله
على أمه (قلت) فإن لم يكن في أمه ما يحمله عليها كيف يصنع بولدها في قول مالك
(قال ابن القاسم) أرى ان يكلف حمله (قلت) فهل يشرب من لبن الهدى في
483

قول مالك (قال) قال مالك لا يشرب من لبن الهدى شئ من الأشياء ولا ما فضل
عن ولدها (قلت) أرأيت أن شرب من لبنها ما عليه في قول مالك (قال) لا أحفظ
من مالك فيه شيئا ولا أرى عليه شيئا لأنه قد جاء عن بعض من مضى فيه
رخصة إذا كان ذلك بعد ري فصيلها (قلت) لابن القاسم أرأيت أن بعثت هديا
تطوعا وأمرت الذي بعثت به معه ان هو عطب ان يخلى بين الناس وبينه فعطب
فتصدق به أيضمنه أم لا في قول مالك (قال) لا أحفظ من مالك فيه شيئا ولكني
لا أرى على هذا ضمانا وأراه قد أجزأ عنه لان صاحبه لم يتصدق به وإنما هذا كأنه
رجل عطب هديه تطوعا فحلى بين الناس وبينه فأتى رجل أجنبي فقسمه بين الناس
وجعل يتصدق به على المساكين ولا يكون على صاحبه الذي خلى بين الناس وبينه
شئ ولا أرى على الذي تصدق به ضمانا لان الآخر قد خلى بين الناس وبينه (قلت)
أرأيت أن احتاج إلى ظهر هديه كيف يصنع في قول مالك (قال) إذا احتاج
إلى ظهر هديه ركبه (قلت) فان ركبه أينزل إذا استراح أم لا في قول مالك (قال
ابن القاسم) (لا أرى عليه النزول لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اركبها
ويحك في الثانية أو الثالثة وإنما استحسن الناس أن لا يركبها حتى يحتاج إليها فان
احتاج إليها ركبها (قلت) أرأيت إذا أطعم الأغنياء من هدي جزاء الصيد أو
الفدية أيكون عليه البدل أم لا في قول مالك (قال) أرى أن يكون عليه البدل
لان مالكا قال إن أعطى زكاته الأغنياء وهو يعرفهم لم يجزه فكذلك هذا (قلت)
أرأيت إن لم يعلم أنهم أغنياء (قال) لا أدري ما قول مالك ولكن أرى إذا اجتهد فأخطأ
فأعطى منه الأغنياء فلا أرى ذلك مجزئا عنه في الزكاة والجزاء والفدية ولا يضع
عنه خطؤه ما أوجب الله عليه من ذلك للمساكين والفقراء من جزاء الصيد وما
يشبهه (قلت) أرأيت أن كنا رفقاء وقد سقنا كلنا الهدى كل واحد منا قد ساق
هديه وقلده فلما كان النحر وقع الخطأ بيننا فنحرت هدي صاحبي ونحر صاحبي
هديي أيجزئ عنا في قول مالك (قال) نعم يجزئ عندي في قول مالك لان الهدى
484

إذا أشعر وقلد فمن نحره بعد أن يبلغ محله فهو مجزئ عن صاحبه (قلت) فإن كانت ضحايا فأخطؤوا فنحر هذا ضحية هذا ونحر هذا ضحية هذا أيجزئ ذلك
عنهم في قول مالك أم لا (قال) لا يجزئ ذلك في قول مالك (قلت) فما فرق ما
بين الضحايا والهدى في قول مالك (قال) لان الهدى إذا أشعر وقلد لم يرجع لصاحبه
في مال والضحايا لصاحبها أن يبدلها بخير منها فهذا فرق ما بينهما
(كيف ينحر الهدي)
(قلت) كيف ينحر الهدى في قول مالك (قال) قال لنا مالك قياما (قلت)
أمعقولة أم مصفوفة أيديها (قال) قال مالك الشأن أن تنحر قياما ولا أقف على
حفظ ذلك الساعة في المعقولة ان امتنعت ولا أرى أنا بأسا أن تنحر معقولة ان
امتنعت (قلت) فتنحر الإبل في قول مالك قال نعم (قلت) فالبقر في قول مالك
كيف يصنع بها أتنحر أم تذبح (قال) قال مالك تذبح (قلت) فيأمر بها أن تنحر
بعد أن تذبح قال لا (قلت) وكذلك الإبل إذا نحرها لا يأمر مالك بذبحها بعد
نحرها (قال) نعم لا يأمر بذبحها بعد نحرها
(إذا ذبح الضحية أو الهدى غير صاحبه أو يهودي أو نصراني)
(قلت) فهل يكره مالك للرجل أن ينحر هديه غيره (قال) نعم كراهية شديدة وكان
يقول لا ينحر هديه الا هو بنفسه وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل
ذلك هو بنفسه (قلت) فالضحايا أيضا كذلك قال نعم (قلت) فان ذبح غيري
هديي أو أضحيتي أجزأني ذلك في قول مالك إلا أنه كان يكرهه لي قال نعم (قلت)
فهل كان مالك يكره أن يذبح النسك والضحايا والهدي نصراني قال نعم (قلت)
فان ذبحها نصراني أو يهودي أجزأت في قول مالك وقد أساء فيما صنع (قال) قال
مالك لا تجزئه وعليه بدلها وكذلك قال مالك في الضحايا والهدى عندي مثله
(قلت) فإذا ذبح أيقول بسم الله والله أكبر اللهم تقبل من فلان (قال) قال مالك
485

ان قال ذلك فحسن وان يقل ذلك وسمى الله أجزأه ذلك (قلت) لابن القاسم
ما قول مالك فيمن نحر هديه بمنى قبل طلوع الفجر يوم النحر جزاء صيد أو متعة
أو نذرا أو غير ذلك (قال) قال مالك إذا حل الرمي فقد حل النحر ولكن لا ينحر حتى
يرمى قال مالك ومن رمى بعد ما طلع الفجر قبل أن تطلع الشمس ثم نحر هديه فقد
أجزأه ومن رمى قبل الفجر أو نحر لم يجزئه ذلك وعليه الإعادة (قلت) فمن سوى
أهل منى هل يجزئهم أن ينحروا قبل صلاة العيد ونحر الامام في قول مالك (قال)
لا يجزئهم الا بعد صلاة العيد ونحر الامام (قلت) وأهل البوادي كيف يصنعون في
قول مالك الذين ليس عندهم امام ولا يصلون صلاة العيد جماعة (قال) يتحرون أقرب
أئمة القرى إليهم فينحرون بعده (قلت) أرأيت أهل مكة من لم يشهد الموسم منهم متى
يذبح أضحيته في قول مالك (قال) هم مثل أهل الآفاق في ضحاياهم إذا لم يشهدوا الموسم
(قال) وقال مالك كل شئ في الحج إنما هو هدي وما ليس في الحج إنما هو أضاحي
(قلت) فلو أن رجلا اشترى بمنى يوم النحر شاة أو بقرة أو بعيرا ولم يوقفه بعرفة ولم
يخرجه إلى الحل فيدخله الحرم وينوى به الهدى وإنما أراد بما اشترى أن يضحي أيجوز
له أن يذبحه قبل طلوع الشمس أو يؤخره ويكون أضحية ويذبح إذا ذبح الناس
ضحاياهم في الآفاق في قول مالك أم كيف يصنع (قال) يذبحها ضحوة وليست
بضحية لان أهل منى ليس عليهم أضاحى في رأيي (قلت) أرأيت من أوقف هديه
من جزاء صيد أو متعة أو غير ذلك أوقفه بعرفة ثم قدم به مكة فنحره بمكة جاهلا
وترك منى متعمدا أيجزئه ويكون قد أساء أم لا يجزئه (قال) قال مالك في الهدى
الواجب إذا أوقفه بعرفة فلم ينحره بمنى أيام منى ضل منه فلم يجده الا بعد أيام منى
(قال) لا أرى أن يجزئ عنه وأرى أن ينحر هذا وعليه الهدى الذي كان عليه كما هو
(قال) وقد أخبرني بعض من أثق به عن مالك أنه كأن يقول قبل الذي سمعت
منه انه ان أصاب الهدى الذي ضل منه أيام منى بعد مما أوقفه بعرفة أصابه بعد أيام
منى فاته ينحره بمكة ويجزئ عنه (قال ابن القاسم) وقوله الأول الذي لم أسمعه منه
486

أحب إلى من قوله الذي سمعت منه وأرى في مسألتك أن يجزي ء إذا نحره بمكة
(قلت) هل بمكة أو بعرفات في أيام التشريق جمعة أم هل يصلون صلاة العيد أم لا
في قول مالك (قال) لا أدرى ما قول مالك في هذا إلا أن مالكا قال أرى في أهل
مكة إذا وافق يوم التروية يوم الجمعة انه يجب عليهم الجمعة وعلى أهل مكة صلاة العيد
ويجب على من كان بها من الحاج ممن قد أقام قبل يوم التروية أربعة أيام أجمع على مقامها
انه يصلى الجمعة إذا زالت الشمس وهو بمنى إذا أدركته الصلاة قبل أن يخرج إلى منى
(من لا تجب عليهم الجمعة)
(قال) وقال مالك لا جمعة بمنى يوم التروية ولا يوم النحر ولا أيام التشريق ولا
يصلون صلاة العيد ولا جمعة بعرفة يوم عرفة
(ما نحر قبل الفجر)
(قلت) أرأيت ما كان من هدى ساقه رجل فنحره ليلة النحر قبل طلوع الفجر
أيجزئه أم لا وكيف إن كان وجب عليه إذا نحره قبل طلوع الفجر في قول مالك أم لا
وهل هدى المتعة في هذا أو هدى القران كغيرهما من الهدايا أم لا في قول مالك
(قال) قال مالك الهدايا كلها إذا نحرها صاحبها قبل انفجار الصبح يوم النحر لم تجزه
وإن كان قد ساقها في حجه فلا تجزئه وان هو قلد نسك الأذى فلا يجزئه أن ينحره
الا بمنى بعد طلوع الفجر والسنة أن لا ينحر حتى يرمي ولكن ان نحره بعد انفجار
الصبح قبل أن يرمى أجزأه (قلت) أرأيت الهدى هل يذبح ليالي أيام النحر أم لا في
قول مالك (قال) قال مالك لا تذبح الضحايا والهدايا الا في أيام النحر ولا تذبح ليلا
(قال ابن القاسم) وتأول مالك هذه الآية ليذكروا اسم الله في أيام معلومات على
ما رزقهم من بهيمة الأنعام (قال) فإنما ذكر الله الأيام في هذا ولم يذكر الليالي (قال)
وقال مالك من ذبح أضحيته بالليل في ليالي أيام الذبح أعاد بأضحية أخرى (قلت)
أرأيت لو أن رجلا قلد هديه فضل منه وقد قلده وأشعره فأصابه رجل وهو ضال
487

فأوقفه بعرفة فأصابه ربه الذي قلده يوم النحر أو بعد ذلك أيجزئه ذلك التوقيف أم لا
يجزئه (قال) يجزئه في رأيي (قلت) ولم يجزئه وهو لم يوقفه وقد قال مالك فيما يوقف
التجار انه لا يجزئ عمن اشتراه (قال) قال مالك ما أوقف التجار فليس مثل هذا لان
هذا لا يرجع في ماله ان أصابه وعليه أن ينحره وما أوقف التجار إن لم يصيبوا من
يشتريه ردوه فباعوه وجاز ذلك لهم فليس توقيف التجار مما يوجبه هديا وهذا قد وجب
هديا (3) فهذا فرق ما بينهما (قلت) أرأيت لو أن رجلا نحر هديه من جزاء صيد أو
متعة أو هدى قران أو فوت حج أو نسك في فدية الأذى أيجزئه أن يطعم مساكين
أهل الذمة (قال) قال مالك لا يطعم منها مساكين أهل الذمة (قلت) فان أطعم
مساكين أهل الذمة منها ما عليه (قال) ان أطعم من جزاء صيد أو فدية فعليه البدل في
ذلك وإن كان أطعم من هدى غير هذين قال فهو خفيف عندي ولا أرى عليه في
ذلك القضاء ولا أحفظه عن مالك وقد أساء فيما صنع
(عيوب الهدي)
* (قلت) * أرأيت المكسورة القرن هل تجوز في الهدى والضحايا في قول مالك
(قال) قال مالك المكسورة القرن جائز إذا كان قد برأ فإن كان القرن يدمي فلا
تصلح * (قلت) * فما قول مالك هل يجوز المجروح أو الدبر في الهدى (قال) قال
مالك لا يجزئ الدبر من الإبل في الهدى وذلك في الدبرة الكبيرة (قال) ابن
القاسم فأرى المجروح بتلك المنزلة إذا كان جرحا كبيرا * (قال) * وقال مالك لو أن
قوما أخطؤا في ضحاياهم فذبح هؤلاء ضحايا هؤلاء وهؤلاء ضحايا هؤلاء انه يضمن
كل واحد منهم ضحية لصاحبه الذي ذبحها بغير أمره (قال) ولا يجزئهم من الضحايا
وعليهم ان يشتروا ضحايا فيضحوا عن أنفسهم * (قال) * وقال مالك إذا لم يكن مع
الرجل هدى فأراد أن يهدى فيما يستقبل فله أن يحرم ويؤخر الهدى وإذا كان معه
الهدى فليس له أن يقلده ويشعره ويؤخر الاحرام وإنما يحرم عندما يقلده ويشعره
بعد التقليد والاشعار وكذلك قال لي مالك
488

* (قال) * وسئل مالك عن الرجل لا يجد نعلين ويجد دراهم أهو ممن لا يجد نعلين
حتى يجوز له لبس الخفين ويقطعهما من أسفل الكعبين (قال) نعم قال فقلنا لمالك
أرأيت أن وجد نعلين فسام بهما صاحبهما ثمنا كثيرا (قال) أما ما يشبه ثمن النعال أو
فوق ذلك قليلا فاني أرى عليه أن يشترى وأما ما يتفاحش من الثمن في ذلك مثل
أن يسام بالنعلين الثمن الكثير فاني لا أرى عليه ان يشترى وأرجو أن يكون في سعة
* (فيمن نسي ركعتي الطواف) * * (قال) * وسئل مالك عن رجل دخل مكة حاجا أو معتمرا فطاف بالبيت ونسي
الركعتين للطواف وسعى بين الصفا والمروة وقضى جميع حجه أو عمرته فذكر
ذلك في بلده أو بعد ما خرج من مكة (قال) ان ذكر ذلك بمكة أو قريبا منها بعد
خروجه رأيت أن يرجع فيطوف ويركع ركعتي الطواف ويسعى بين الصفا والمروة
(قال) فإذا فرغ من سعيه بعد رجعته فإن كان في عمرة لم يكن عليه شئ إلا أن يكون
قد لبس الثياب وتطيب وإن كان في حج وكانت الركعتان هما للطواف الذي طاف
حين دخل مكة الذي وصل به السعي بين الصفا والمروة وكان قريبا رجع فطاف
وركع ركعتين إذا كان وضوءه قد انتقض ولا شئ عليه وإن كان قد بلغ بلده
وتباعد ركع الركعتين ولا يبالي من أي الطوافين كانتا وأهدى وأجزأت عنه ركعتاه
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت إذا دخل مراهقا فلم يطف بالبيت حتى خرج إلى عرفة
فلما زار البيت لطواف الإفاضة طاف طواف الإفاضة ونسي ركعتي الطواف وسعى
بين الصفا والمروة ثم فرغ من أمر الحج ثم ذكر بعد ما خرج وهو قريب من مكة
أو بمكة (قال) يرجع فيطوف ويصلى الركعتين ويسعى بين الصفا والمروة * (قلت) *
ويكون عليه الدم في قول مالك (قال) لا لان هاتين الركعتين إنما تركهما من طواف
489

هو بعد الوقوف بعرفة وذلك الأول إنما تركهما من طواف هو قبل الخروج إلى عرفة
فذلك الذي جعل مالك فيه دما وهذا رجل مراهق فلا دم عليه للطواف الأول لأنه
مراهق ولا دم عليه لما أخر من الركعتين بعد الطواف الذي بعد الوقوف بعرفة لأنه
قد قضاه * (قلت) * لابن القاسم أرأيت إذا لم يذكر هاتين الركعتين من الطواف
الأول الذي قبل الوقوف أو من الطواف طواف الإفاضة دخل مراهقا ولم يكن
طاف قبل ذلك بالبيت فذكر ذلك بعد ما بلغ بلاده أو تباعد من مكة (قال) قال مالك
يمضى ويركع الركعتين حيث ذكر هما وليهرق لذلك دما ومحل هذا الدم مكة * (قلت) *
لابن القاسم أرأيت أن أو قفت هديي بعرفة فضل منى فوجده رجل فنحره بمنى لأنه
رآه هديا أيجزئ عنى في قول مالك إذا أصبته وقد نحره (قال) بلغني عن مالك أنه
قال يجزئه إذا نحره الذي نحره من أجل أنه رآه هديا قال وأرى ذلك ولم أسمعه من
مالك * (قلت) * لابن القاسم أرأيت العبد إذا أذن له سيده بالحج فأحرم فأصاب النساء
وتطيب وقد أصاب الصيد وأماط عنه الأذى أيكون عليه الجزاء أو الفدية أو الهدى
لما أصاب كما يكون على الحر المسلم أم لا في قول مالك وهل يكون ذلك على سيده
أم عليه (قال) قال مالك على العبد الفدية لما أصابه من الأذى مما احتاج فيه العبد
إلى الدواء أو إماطة الأذى (قال) وليس له أن يطعم أو ينسك من مال سيده إلا أن
يأذن له سيده فان له سيده في ذلك صام (قال ابن القاسم) ولا أرى لسيده
أن يمنعه الصيام * (قال ابن القاسم) * وأنا أرى أن كل ما أصاب العبد من الصيد
خطأ ما لم يعمد له أو فوات حج أصابه لم يتخلف له عامدا أو كل ما أصابه خطأ مما
يجب عليه فيه الهدى ان سيده لا يمنعه من الصيام في ذلك إذا لم يهد عنه سيده
أو يطعم عنه لأنه أذن له بالحج ولان الذي أصابه خطأ لم يعمده فليس للسيد أن يمنعه
من الصيام إلا أن يهدى أو يطعم عنه وإن كان أصاب ما وجب عليه به الهدى عمدا
أو الفدية عمدا فلسيده أن يمنعه من أن يفتدى بالنسك وبالصدقة ولسيده أن يمنعه من
الصيام إذا كان ذلك مضرا به في عمله فإن لم يكن مضرا به في عمله لم أر أن يمنع لان
490

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ضرر ولا ضرار. ومما يبين ذلك أن العبد إذا
ظاهر من امرأته فليس له سبيل إلى امرأته حتى يكفر وليس له أن يصوم الا برضى
سيده إذا كان ذلك مضرا بسيده في عمله لأنه هو الذي أدخل على سيده ما يضره
وليس له أن يمنعه الصيام إذا لم يكن مضرا به في عمله وكذلك قال مالك في الظهار
مثل الذي قلت لك * (قلت) * فالذي أصاب الصيد متعمدا أو وطئ النساء أو صنع في
حجه ما يوجب عليه الدم أو الطعام أو الصيام إنما رأيته مثل الظهار من قول مالك قال
نعم * (قلت) * أرأيت إذا أذن السيد لعبده في الاحرام السيدة أن يمنعه ويحله في قول
مالك (قال) قال مالك ليس لسيده أن يحله بعد ما أذن له في الاحرام * (قلت) * لابن
القاسم ما قول مالك في رجل كبر فيئس ان يبلغ مكة لكبره وضعفه أله أن يحج
أحدا عن نفسه صرورة كان هذا الشيخ أو غير صرورة (قال) قال مالك لا أحبه ولا
أرى أن يفعل
* (باب في الوصية بالحج) *
* (قلت) * لابن القاسم ما قول مالك فيمن مات وهو صرورة فلم يوص بأن يحج عنه
أيحج عنه أحد تطوعا بذلك عنه ولد أو والد أو زوجة أو أجنبي من الناس (قال) قال
مالك يتطوع عنه بغير هذا أو يتصدق عنه أو يعتق عنه * (قلت) * ابن القاسم
ما قول مالك في الرجل أوصى عنه موته أن يحج عنه أصرورة أحب إليك أن يحج
عن هذا الميت أم من قد حج (قال) قال مالك إذا أوصى أنفذ ذلك ويحج عنه من قد
حج أحب إلى * (قال ابن القاسم) * وأحب إلى إذا أوصى أن ينفذ ما أوصى به
ولا يستأجروا من لم يحج وكذلك سمعت أنا منه (قال ابن القاسم) وان جهلوا
واستأجروا من لم يحج أجزأ ذلك عنه * (قلت) * أرأيت أن أوصى هذا الميت فقال
يحج عنى فلان بثلثي وفلان ذلك وارث أو غير وارث كيف يكون هذا في قول مالك
(قال) قال مالك إن كان وارثا دفع إليه قدر كرائه ونفقته ورد ما بقي على الورثة وإن كان
غير وارث دفع الثلث إليه فحج به عن الميت فان فضل من المال عن الحج شئ
491

فهو له يصنع به ما شاء * (قلت) * لم جعل مالك لهذا الرجل ما فضل عن الحج (قال)
سألنا مالكا عن الرجل يدفع إليه النفقة ليحج عن الرجل ففضل عن حجه من النفقة
فضل لمن تراه (قال) قال مالك ان استأجره استئجارا فله ما فضل وإن كان أعطى
على البلاغ رد ما فضل * (قلت) * لابن القاسم فسر لي ما الإجارة وما البلاغ (فقال)
إذا استؤجر بكذا وكذا دينارا على أن يحج عن فلان فهذه إجارة له ما زاد وعليه
ما نقص. وإذا قيل له هذه دنانير تحج بها عن فلان على أن علينا ما نقص عن البلاغ
أو يقال له خذ هذه فحج فهذه على البلاغ ليست إجارة * (قال ابن القاسم) *
والناس يعرفون كيف يأخذون ان أخذوا على البلاغ فهو على البلاغ وان أخذوا على
أنهم ضمنوا الحج فقد ضمنوا الحج * (قلت) * لابن القاسم ما قول مالك في رجل دفع
إليه مال ليحج به عن ميت من بعض الآفاق فاعتمر عن نفسه وحج عن الميت من
إليه مال ليحج به عن ميت من بعض الآفاق فاعتمر عن نفسه وحج عن الميت من
مكة (قال) أرى أن ذلك مجزئ عنه إلا أن يكون اشترط على الذي يحج عن الميت
أن يحج من أفق من الآفاق أو من المواقيت فأرى ذلك عليه ضامنا ويرجع ثانية
فيحج عن الميت ثم رجع ابن القاسم عنها قال عليه أن يحج ثانية وهو ضامن * (قلت) *
فان قرن وقد أخذ مالا ليحج به عن الميت فاعتمر عن نفسه وحج عن الميت (قال) لم
أسمع من مالك فيه شيئا وأراه ضامنا للمال لأنه أخذ نفقتهم وأشرك في عملهم غير
ما أمروا به * (قال ابن القاسم) * في رجل اعتمر عن نفسه ثم حج عن ميت فعليه
الهدى * (قلت) * له أرأيت أن حج رجل عن ميت فأغمى عليه أو ترك من المناسك
شيئا يجب عليه فيه الدم (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن أرى أن تجزئه
الحجة عن الميت إذا كان هذا الحاج عن الميت لو كانت الحجة عن نفسه أجزأته فكذلك
إذا حج عن الميت وكذلك قال مالك فيمن حج عن نفسه فأغمى عليه ان ذلك مجزئ
عنه * (قلت) * أرأيت أن دفعوا وصية هذا الميت إلى عبد ليحج عن هذا الميت أيجزئ
عن الميت (قال) لا ولم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن العبد لا حج له فلذلك رأيت
أن لا يحج عن هذا الميت وكذلك الصبيان * (قلت) * فالمرأة تحج عن الرجل والرجل
492

عن المرأة (قال) لا بأس بذلك * (قلت) * وهو قول مالك قال نعم) * قلت) * فالمكاتب
والمعتق بعضه وأم الولد والمدبر في هذا سواء عندك بمنزلة العبد لا يحجون عن ميت
أوصى قال نعم * (قلت) * فمن يضمن هذه النفقة التي حج بها عن العبد (قال) الذي
يدفع إليهم المال * (قلت) * أرأيت لو أن رجلا هلك فأوصى أن يحج عنه فأنفذ الوصي
ذلك ثم أتى رجل فاستحق رقبة الميت هل يضمن الوصي أو الحاج عن الميت المال
وكيف بما قد بيع من مال الميت وأصابه قائما بعينه (قال) أرى إذا كان الميت حرا
عند الناس يوم بيع ماله فلا يضمن له الوصي شيئا ولا الذي حج عن الميت ويأخذ
ما أدرك من مال الميت ومال أصاب مما قد باعوا من مال الميت قائما بعينه فليس له أن
يأخذه الا بالثمن ويرجع هو على من باع تلك الأشياء فيقبض منه ثمن ما باع من
مال عبده (قال) لان مالكا قال في رجل شهد عليه أنه مات فباعوا رقيقه ومتاعه
وتزوجت امرأته ثم أتى الرجل بعد ذلك قال إن كانوا شهدوا بزور ردت إليه امرأته
وأخذ رقيقه حيث وجدهم أو الثمن الذي به باعوهم ان أحب ذلك (قال) مالك وان
كانوا شبه عليهم وكانوا عدولا ردت إليه امرأته وما وجد من متاعه أو رقيقه لم
بغير عن حاله وقد بيع أخذه بعد أن يدفع الثمن إلى من ابتاعه وليس له أن يأخذ
ذلك حتى يدفع الثمن إلى من ابتاعه وما تحول عن حاله ففات أو كانت جارية وطئت
فحملت من سيدها أو أعتقت فليس له الا الثمن وإنما له الثمن على من باع الجارية فأرى أن
يفعل في العبد مثل ذلك (قال ابن القاسم) وأنا أرى العتق والتدبير والكتابة فوتا فيما
قال لي مالك والصغير إذا كبر فوتا فيما قال لي مالك لان مالكا قال لي إذا لم تغير عن
حالها فهذه قد تغيرت عن حالها والذي أراد مالك تغيير بدنها * (قلت) * لابن القاسم
فكيف يتبين شهود الزور ههنا من غير شهود الزور كيف نعرفهم في قول مالك
(قال) إذا أتوا بأمر يشبه أن يكون إنما شهدوا بحق مثل ما لو حضروا معركة فصرع
فنظروا إليه في القتلى ثم جاء بعد ذلك أو طعن فنظروا إليه في القتلى ثم جاء بعد ذلك
أو صعق به فظنوا أنه قد مات فخرجوا على ذلك ثم حيى بعدهم أو أشهدهم قوم على
493

موته فشهدوا بذلك عند القاضي فهؤلاء يعلم أنهم لم يعمدوا الزور في هذا وما أشبهه
وأما الزور في قول مالك فهو إذا لم يأتوا بأمر يشبه وعرف كذبهم * (قال) * وقال
مالك إذا شهدوا بزور رد إليه جميع ماله حيث وجده * (قال ابن القاسم) * وأرى ان
كانوا شهود زور أنه يرد إليه ما أعتق من رقيقه وما دبر وما كوتب وما كبر وأم
الولد وقيمة ولدها أيضا (قال مالك) ويأخذ المشترى ولدها بالقيمة. وكذلك قال لي
مالك في الذي يباع عليه بشهادة زور انه يأخذها ويأخذ قيمة ولدها أيضا إذا شهدوا
على سيدها بزور أنه مات عنها فباعوها في السوق وقد قال مالك في الجارية المسروقة
ان صاحبها يأخذها ويأخذ قيمة ولدها وهو أحب قوله إلي (قال ابن القاسم) قال
مالك وإنما يأخذ قيمة ولدها يوم يحكم فيهم ومن مات منهم فلا قيمة له * (قلت) *
لابن القاسم أرأيت أن حج عن ميت وإنما أخذ المال على البلاغ لم يؤاجر نفسه
فأصابه أذى فوجبت عليه الفدية على من تكون هذه الفدية (قال) لا أحفظ عن
مالك فيه شيئا ولكني أرى أن تكون هذه الفدية في مال الميت * (قلت) * لابن القاسم
أرأيت أن هو أغمي عليه أيام منى فرمي عنه الجمار في أيام منى على من يكون هذا الهدي أفي
مال الميت أم في مال هذا الذي حج عن الميت (قال) كل شئ لم يتعمده هذا الحاج عن
الميت فهو في مال الميت مثل الفدية وما ذكرت من الاغماء وما يشبه ذلك وكل شئ
يتعمده فهو في ماله إذا كان إنما أخذ المال على البلاغ وإن كان أجيرا فكل شئ أصابه
فهو في ماله من خطا أو عمده * (قلت) * لابن القاسم أرأيت أن أخذ هذا الرجل مالا ليحج
به عن الميت على البلاغ أو على الإجارة فصده عدو عن البيت (قال) إن كان أخذه على
البلاغ رد ما فضل عن نفقته ذاهبا وراجعا وإن كان أخذه على الإجارة رد المال وكان
له من اجارته بحساب ذلك إلى ذلك الموضع الذي صد عنه * (قلت) * وهذا قول
مالك (قال) هذا رأيي وقد قال مالك في رجل استؤجر ليحج عن ميت فمات قبل
أن يبلغ فسئل عنه فقال أرى أن يحاسب فيكون له من الإجارة بقدر ذلك من الطريق
ويرد ما فضل * (قلت) * لابن القاسم أرأيت أن دفع إلى رجل مال ليحج به عن ميت
494

فأحصر بمرض وقد كان أخذ المال على البلاغ أو على الإجارة (قال) أما إذا أخذه
على البلاغ فلا شئ عليه وله نفقته في مال الميت ما أقام مريضا لا يقدر على الذهاب
وان أقام إلى حج أجزأ ذلك عن الميت فإن لم يقم إلى يحج قابل وقوى على الذهاب
إلى البيت قبل ذلك فله نفقته * (قلت) * لابن القاسم أرأيت هذا الذي حج عن الميت ان
سقطت منه النفقة كيف يصنع (قال) لا أحفظ عن مالك في هذه المسألة هكذا
بعينها شيئا ولكني أرى إن كان إنما أخذ ذلك على البلاغ فإنه حيث سقطت نفقته
يرجع ولا يمضى ويكون عليهم ما أنفق في رجعته وان مضى ولم يرجع فقد سقطت
عنهم نفقته فهو متطوع في الذهاب ولا شئ عليهم في ذهابه إلا أن يكون أحرم ثم
سقطت منه النفقة فليمش ولينفق في ذهابه ورجعته ويكون ذلك على الذي دفع
إليه المال ليحج به عن الميت لأنه ما أحرم لم يستطع الرجوع (قال) وهذا إذا أخذ
المال على البلاغ فإنما هو رسول لهم. قال وإذا أخذه على الإجارة فسقط فهو ضامن
للحج أحرم أو لم يحرم وهو رأيي * (قلت) * لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا مات
فقال حجوا عنى بهذه الأربعين الدينار فدفعوها إلى رجل على البلاغ ففضلت منها
عشرون (قال) أرى أن يرد إلى الورثة ما فضل عنه وإنما ذلك مثل ما لو قال رجل اشتروا
غلام فلان بمائة دينار فأعتقوه عنى فاشتروه بثمانين قال قال مالك يرد ما بقي إلى الورثة فعلى
هذا رأيت أمر الحج. وإن كان قال أعطوا فلانا أربعين دينارا يحج بها عني فاستأجروه
بثلاثين دينارا فحج وفضلت عشرة فانى أرى أيضا أرى أيضا أن ترد العشرة ميراثا بين الورثة
لأني سمعت مالكا غير مرة وسألته عن الرجل يوصى أن يشترى له غلام فلان
بمائة دينار ليعتق عنه فيشتريه الورثة بثمانين دينارا لمن ترى العشرين قال مالك
أرى أن ترد إلى الورثة فيقتسموها على فرائض الله فرأيت أنا الحج إذا قال ادفعوها
إلى رجل بعينه على هذا. وقد سمعت مالكا وسئل عن رجل فدفع إليه أربعة عشر
دينارا يتكارى بها من المدينة من يحج عن الميت فتكارى بعشرة كيف يصنع بالأربعة
قال يردها إلى من دفعها إليه ولم يرها الذي حج عن الميت * (قلت) * لابن القاسم هل
495

كان مالك يوسع أن يعتمر أحد عن أحد إذ كان يوسع في الحج (قال) نعم ولم أسمعه منه
وهو رأيي إذا أوصى بذلك * (قلت) * لابن القاسم فما قول مالك فيمن حج عن ميت
أيقول لبيك عن فلان أم النية تجزئه (قال) النية تجزئه * (قلت) * له أرأيت من أصاب صيدا
في حجه فقال احكموا على بجزائه فحكم عيه بجزائه فأراد أن يؤخر الجزاء إلى حج قابل
أو إلى أبعد من ذلك حتى يحل أو حتى يجعل ذلك في عمرة هل يجوز له ذلك في قول
مالك (قال) نعم يجوز له أن يهدى هديه هذا متى شاء ان شاء أهداه وهو حرام وان
شاء أهداه وهو حلال ولكن ان قلده وهو في الحج لم ينحره الا بمنى وان قلده وهو
معتمر أو بعث به نحر بمكة * (قلت) * أرأيت من أوصى فقال حجوا عنى حجة الاسلام
وأوصى بعتق نسمة بعينها وأوصى ان يشترى عبد بعينه فيعتق عنه واعتق عبدا في
مرضه فبتله ودبر عبدا وأوصى بعتق عبد له آخر وأوصى بكتابة عبد له آخر وأوصى
بزكاة بقيت عليه من ماله وأقر بديون للناس في مرضه (قال ابن القاسم) قال مالك
الديون مبدأة كانت لمن يجوز اقراره له أو لم لا يجوز له اقراره ثم الزكاة ثم العتق
بتلا والمدبر جميعا معا لا يبدأ أحدهما على صاحبه. قال مالك ثم النسمة بعينها
والذي أوصى ان يشترى بعينه جميعا لا يبدأ أحدهما على صاحبه قال ثم المكاتب
ثم الحج. فإن كانت الديون لمن يجوز له اقراره اخذها وان كانت لمن لا يجوز له
اقراره رجعت ميراثا الا انه يبدأ بها قبل الوصايا ثم الوصايا في ثلث ما بقي بعدها
(قلت) لابن القاسم أرأيت لو أن رجلا قال أحجوا فلانا حجة في وصيته ولم
يقل عنى أيعطى من الثلث شيئا أم لا في قول مالك (قال) يعطى من الثلث قدر ما يحج
به ان حج فان أبى ان يحج فلا شئ له ولا يكون له ان يأخذ المال ثم يقعد ولا
يحج فان اخذ المال ولم يحج اخذ منه ولم يترك له الا ان يحج (قلت) لابن القاسم
هل تحج المراة عن الرجل في قول مالك (قال) نعم كان يجيزه ولم يكن يرى بذلك
بأسا (قال) وسمعت مالكا يقول في رجل أوصى ان يمشي عنه (قال) لا أرى
ان يمشي عنه وارى ان يهدى عنه هديان فإن لم يجدوا فهدى واحد (قال) ولقد
496

سألنا مالكا عن امرأة أوصت بان يحج عنها ان حمل ذلك ثلثها فإن لم يحمل ذلك
الثلث أعتق به رقبة ان وجدوها بذلك الثمن فحمل الثلث ان يحج عنها (قال) أرى ان
يعتق عنه رقبة ولا يحج عنها (قلت) هل يجزئ ان يدفعوا إلى عبد أو إلى صبي
بان يحج عن الميت في قول مالك (قال) ما سمعت من مالك فيها شيئا وارى ان دفعوا
ذلك إلى عبد أو إلى صبي ضمنوا ذلك في رأيي إلا أن يكون عبدا ظنوا انه حر ولم
يعرفوه (قلت) أرأيت أن أوصى ان يحج عنه هذا العبد بعينه أو هذا الصبي بعينه
(قال) لم اسمع من مالك في ذلك شيئا ولكني أرى ان يدفع إليهما فيحجان عن
الرجل إذا اذن السيد للعبد أو اذن الوالد للولد ولا ترد وصيته ميراثا لان الحج بر
وان حج عنه صبي أو عبد لان حجة الصبي والعبد تطوع فالميت لو لم يكن صرورة
فأوصى بحجة تطوعا أنفذت ولم ترد وصيته إلى الورثة فكذلك هذا (قلت)
أرأيت الصبي إذا لم يكن له أب واذن له الويل ان يحج عن الميت أيجوز اذنه (قال)
لا أرى بذلك بأسا الا ان يخاف عليه في ذلك ضيعة أو مشقة من السفر فلا أرى
ذلك يجوز لان الولي لو اذن له ان يتجر وأمره بذلك جاز ذلك ولو خرج في
تجارة من موضع إلى موضع بإذن الولي لم يكن بذلك بأس في رأيي فإذا كان هذا
له جائزا فجائز له ان يحج عن الميت إذا أوصى إليه الميت بذلك واذن له الولي وكان
فوتا على الذهاب وكان ذلك نظرا له ولم يكن عليه في ذلك ضرورة (قلت) أرأيت
إن لم يأذن له الولي (قال) أرى ان يوقف المال حتى يبلغ الصبي فان حج به الصبي
والا رجع ميراثا (قلت) تحفظه عن مالك قال لا (قال ابن القاسم) وهذا الذي
أوصى ان يحج عنه هذا الصبي علمنا أنه إنما أراد التطوع لوم يرد الفريضة (قال) ولو أنه كان صرورة وقصد قصد رجل بعينه فقال يحج عنى فلان فأبى فلان انى يحج عنه أعطى
ذلك غيره قال وهذا قول مالك (قال ابن القاسم) وليس التطوع عندي بمنزلة الفريضة
(قال) وهذا أوصى بحجة تطوعا ان يحج بها عنه رجل بعينه فأبى ذلك الرجل ان
يحج عنه رد إلى الورثة ومثل ذلك مثل رجل قصد قصد مسكني بعينه فقال تصدقوا
497

عليه بمائة دينار من ثلثي فمات المسكين قبل الموصى أو أبى ان يقبل أنها ترجع ميراثا
إلى ورثته أو قال اشتروا عبد فلان فاعتقوه عنى في غير عتق عليه واجب فأبى أهله
ان يبيعوه فان الوصية ترجع ميراثا (قلت) أرأيت امرأة أهلت بالحج بغير إذن
زوجها وهي صرورة ثم إن زوجها حللها ثم اذن لها من عامها فحجت أتجزئها حجتها
عن التي وجبت عليها من التي حللها زوجها منها وعن حجة الاسلام (قال) أرجو ذلك
ولا احفظه عن مالك (قلت) وكذلك الأمة والعبد يحرمان بغير إذن سيدهما
فيحللهما السيد ثم يعتقان فيحجان عن التي حللهما السيد منها عن حجة الاسلام
أتجزئهما هذه الحجة منهما جميعا قال لا (قلت) وهذا قول مالك قال هذا رأيي لأني
سمعت مالكا يقول في عبد نذر ان أعتق الله رقبته فعليه المشي إلى بيت الله في حج
قال يحج حجة الاسلام ثم النذر بعدها وهذا حين أحرم فقد نذرها فلا تجزئه حجته
حين أعتق عنهما (قلت) أرأيت السيد يأذن لعبده أو لامته أو الزوج لزوجته
بالاحرام فأراد أن يحلهم بعد ذلك اله ذلك في قول مالك قال لا (قلت) فان
خاصموه قضى لهم عليه أن لا يحلهم في قول مالك قال نعم (قلت) أرأيت أن باع
عبده أو أمته وهما محرمان أيجوز بيعه أم لا في قل مالك (قال) نعم في قول مالك
يجوز بيعه إياهما وليس للذي اشتراهما ان يحلهما ويكونان على احرامهما (قلت)
فإن لم يعلم باحرامهما أتراه عيبا يردهما به ان أحب (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا
وأراه عيبا يردهما به إن لم لكن اعلمه باحرامهما إلا أن يكون ذلك قريبا (قلت)
أرأيت أن أحرم العبد بغير إذن سيده فحلله من احرامه ثم اذن له في أن يحج قضاء
عن حجته التي حلله منها بعد ما مضى عامه ذلك أيجزئه من التي حلله منها في قول
مالك (قال) نعم في رأيي (قلت) ويكون على العبد الهدى أو الصيام أو الاطعام
لموضع ما حلله السيد من احرامه (قال) إذا اهدى عنه السيد أو أطعم أجزأه والا صام
هو وأجزأ عنه (قلت) وهذا قول مالك (قال) هذا رأيي (قلت) أرأيت
الرجل يهل بحجة فتفوته أيهل فيها حين فاتته بالعمرة اهلالا مستقبلا في قول مالك
498

أم لا (قال) يمضى على اهلاله الأول ولا يهل بالعمرة اهلالا مستقبلا ولكن يعمل
فيها عمل العمرة وهو على اهلاله الأول ويقطع التلبية إذا دخل الحرم لان الحج قد
فاته فصار عمله فيما بقي منها في قول مالك مثل عمل العمرة (قلت) لابن القاسم
أرأيت رجلا حج ففاته الحج فجامع بعد ما فاته الحج وتطيب وأصاب الصيد ما
عليه في قول مالك (قال) عليه في كل شئ صنعه من ذلك مثل ما على الصحيح الحج
الا انه يهريق دم الفوات في حجة القضاء وما أصاب الصيد وتطيب ولبس فيها
فليهرقه متى ما شاء والهدى عليه عن جماعه قبل أن يفوته الحج أو بعد أن فاته هدى
واحد ولا عمرة عليه ولو كأن يكون عليه العمرة إذا وطئ بعد أن فاته الحج لكان
عليه عمرة إذا وطئ وهو في الحج ثم فاته الحج لان الذي فاته قد صار إلى عمرة فعليه
هديان هدى لوطئه وهدى لما فاته وكذلك قال مالك (قلت) أرأيت الرجل
يحرم بالحج فيفوته الحج اله ان يثبت على احرامه في قول مالك إلى قابل أم لا (قال)
قال مالك من أحرم بالحج ففاته الحج فله ان يثبت على احرامه إلى قابل ان أحب
ذلك (قال مالك) وأحب إلي ان يمضى لوجهه فيحل من احرامه ذلك ولا ينتظر
قابلا (قال) وإنما له ان يثبت على احرامه إلى قابل ما لم يدخل مكة فان دخل مكة فلا
أرى له ان يثبت على احرامه وليمض إلى البيت فليطف وليسع بين الصفا والمروة
وليحل من احرامه فإذ كان قابلا فليقض الحجة التي فاتته وليهرق دما (قلت) فان
ثبت على احرامه ببعد ما دخل مكة حتى حج باحرامه ذلك قابلا أيجزئه أم لا من حجة
الاسلام (قال) نعم يجزئه (قلت) أرأيت من أهل بحجة ففاتته فأقام على احرامه حتى
إذا كان من قابل في أشهر الحج حل منها ثم حج من عامه أيكون متمتعا في قول مالك
أم لا (قال) لا احفظ من ملك في هذا شيئا ولكن لا أرى لاحد فاته الحج فأقام
على احرامه حتى يدخل في أشهر الحج ان يفسخ حجته في عمرة فان فعل رايته متمتعا
(قلت) لابن القاسم أرأيت المراة إذا أحرمت بغير إذن زوجها ثم حللها أو العبد
إذا أحرم بغير إذن سيده ثم حلله ثم أعتقه ثم حج العبد بعد ما أعتقه عن التي حلله
499

سيده وعن حجة الاسلام (قال) لا تجزئه وإذا حجت المراة إذا اذن لها وزوجها عن
حجة الاسلام وعن الحج التي حللها منها زوجها (قال) تجزئها هذه الحجة عنهما جميعا
(قال) لان المراة حين فرضت الحج فحللها زوجها منها ان كانت فريضة فهذه
تجزئها من تلك وهذه قضاء تلك الفريضة وهي تجزئها من الفريضة التي عليها (قال)
وان كانت حين حللها زوجها إنما حلله ان تطوع فهذه قضاء عن ذلك التطوع الذي
حللها زوجها منه (قال) والعبد ليس مثل هذا حين أعتق لان العبد حين حلله سيده
إنما حلله من التطوع فان أعتق ثم حج حجة الاسلام ينوى بها عن الحجة التي أحله
سيده منها وحجة الفريضة فلا تجزئه حجة واحدة من تطوع وواجب وتكون
حجة هذا العبد التي حجها بعد عتقه إذا نوى بها عنهما جميعا عند التي حلله سيده منها
وعليه حجة الفريضة مثل ما قال مالك في الذي يحلف بالمشي إلى بيت الله فيحنث وهو
صرورة فيمشي في حجة فريضة ينوى بذلك نذره وحجة الفريضة لم تجزه من حجة
الفريضة وأجزأت من نذره وكان عليه حجة الفريضة فمسألة العبد عندي مثل هذا
(قلت) أرأيت لو أن مكيا قرن الحج والعمرة من ميقات من المواقيت أيكون
عليه دم القران في قول مالك أم لا (قال) لا يكون على دم القران كذلك قال مالك
(قلت) لابن القاسم أرأيت من أتى وقد فاته الحج في قول مالك متى يقطع التلبية
(قال) إذا دخل الحرم (قلت) لابن القاسم أرأيت من أتى قد فاته الحج أيرمل
بالبيت ويسعى في المسيل بين الصفا والمروة في قول مالك قال نعم (قال) وقال مالك
وكذلك من اعتمر من الجعرانة أو التنعيم فإذا طاف بالبيت فأحب إلي ان يرمل فإذا
سعى بين الصفا والمروة فأحب إلي ان يسعى ببطن المسيل (قلت) أفكان
مالك يخفف ويوسع لهذا الذي اعتمر من الجعرانة أو التنعيم أن لا يرمل وأن لا يسعى
ببطن المسيل بين الصفا والمروة (قال) كان يستحب لهما ان يرملا وان يسعيا
ويأمرهما بذلك ولم أره يوجب عليهما الرمل بالبيت كما يوجب ذلك على من حج أو
اعتمر من المواقيت واما السعي بين الصفا والمروة فكان يوجبه على من اعتمر من
500

التنعيم وغير ذلك (قلت) لابن القاسم أرأيت طواف الصدر ان تركه رجل فهل له
عند مالك طعام أو دم أو شئ من الأشياء (قال) لا الا ان مالكا كان يستحب له
أن لا يخرج حتى يطوف طواف الوداع (قلت) فلو أنه طاف طواف الوداع ثم
اشترى وباع بعد ما طاف أيعود فيطوف طواف الوداع أم لا (قال) سألت مالكا
عن الرجل يطوف طواف الوداع ثم يخرج من المسجد الحرام ليشترى بعض جهازه
أو طعامه يقيم في ذلك ساعة يدور فيها ثم يخرج ولا يعود إلى البيت فقال لا شئ
عليه ولا أرى عليه في هذا عودة إلى البيت (قال) فقلت له ولو أن كريهم أراد بهم
الخروج في يوم فبرز بهم إلى ذي طوى فطافوا طواف الوداع ثم أقام كريهم بذي
طوى يومه وليلته وبات بها أكنت ترى عليهم ان يرجعوا فيطوفوا طواف الوداع
قال لا وليخرجوا (قال) فقلت لمالك أرأيت إذ هم بذي طوى بعد ما خرجوا
يقصرون الصلاة أم يتمون وقد رحلوا من مكة إلى ذي طوى وهم على رحيل من
ذي طوى إلى بلادهم (قال) يتمون بذي طوى حتى يخرجوا منها إلى بلادهم لان
ذا طوى عندي من مكة (قلت) لابن القاسم أرأيت من أقام بمكة بعد طواف
الوداع يوما أو بعض يوم (قال) لم اسمع من مالك فيه شيئا وانا أرى ان يعود فيطوف
(قلت) لابن القاسم أرأيت طواف الصدر أهو على النساء والصبيان والعبيد في
قول مالك (قال) نعم هو على كل أحد (قلت) أرأيت من خرج من مكة ولم يطف
طواف الوداع (قال) قال مالك إن كان ذلك قريبا رجع إلى مكة فطاف طواف
الوداع وإن كان قد تباعد مضى ولا شئ عليه (قلت) فهل قال لكم مالك انه يعود
من مر الظهر ن ان هو ترك طواف الوداع (قال) لم يجد لنا مالك في ذلك شيئا وارى
ان كأن لا يخشى فوت أصحابه ولا منعا من كريه ان يقيم عليه فأرى ان يعود فان خاف أن
لا يقيم عليه الكرى أو أن يفوته أصحابه فأرى يمضى ولا شئ عليه * (قلت) * لابن
القاسم ما قول مالك في امرأة طافت الإفاضة ثم حاضت أتخرج قبل أن تطوف
طواف الوداع قال نعم * (قلت) * فإن كانت لم تطف طواف الإفاضة ثم حاضت أتخرج
501

(قال) قال مالك لا يخرج حتى تطوف طواف الإفاضة * (قال) * وقال مالك يحبس
عليها كريها أقصى ما كان يمسكها الدم ثم تستظهر بثلاث ولا يحبس عليها كريها
أكثر من ذلك * (قال) * وقال مالك في النفساء أيضا يحبس عليها كريها أكثر ما
يمسك النساء دم النفاس من غير سقم ثم لا يحبس عليها بعد ذلك إذا حجوا طواف
الوداع أم لا (قال) لا أحفظه عن مالك ولا أرى عليهم طواف الوداع * (قال) *
وسألنا مالكا عن الرجل يفرغ من حجه فيريد العمرة من التنعيم أو من الجعرانة أعليه
أن يطوف طواف الوداع (قال) قال مالك لا أرى ذلك عليه (قال) وقال مالك وان هو
خرج إلى ميقات من المواقيت مثل الجحفة وغيرها من المواقيت ليعتمر منها فأرى
عليه إذا أراد الخروج أن يطوف طواف الوداع * (قلت) * لابن القاسم وكل من
دخل مكة حاجا يريد أن يستوطنها أيكون عليه أن يطوف طواف الوداع (قال) لا
هذا سبيه سبيل أهل مكة * (قلت) * لابن القاسم أرأيت من حج من أهل مر الظهر ان
أيكون عليه طواف الوداع أم لا إذا خرج في قول مالك (قال) أرى أن عليه طواف الوداع
لان مالكا قال فيمن أراد الخروج من مكة إلى سفر من الاسفار انه يطوف طواف
الوداع إذا أراد الخروج (قال) فأرى هذا بمنزلة المكي إذا أراد الخروج * (قلت) *
وأهل عرفات عندك بهذه المنزلة في طواف الوداع (قال) نعم ولم أسمع من مالك
في هذا شيئا وهو رأيي وليس من يخرج من مكة إلى منزلة يرد يد الإقامة إن كان منزلة
قريبا بمنزلة من يخرج إلى موضع قريب ثم يعود * (قلت) * أرأيت العمرة هل فيها
طواف الوداع في قول مالك (قال) نعم إذا أقام ثم أراد الخروج طاف طواف الوداع
وقد قال مالك في المكي إذا أراد الخروج إلى سفر من الاسفار انه يطوف طواف
الوداع فهذا مثله فان خرج من مكانه فلا شئ عليه ويجزئه طوافه ذلك عند مالك
* (قلت) * وكذلك من فاته الحج ففسخه في عمرة أو أفسد حجه فكذلك أيضا
عليهم طواف الصدر (قال) نعم مثل قول مالك في المكي إذا أراد الخروج إذا أقام
502

هذا المفسد حجه بمكة لان عمه قد صار إلى عمل عمرة فان خرج مكانه فلا شئ عليه
* (قلت) * لابن القاسم أرأيت من تعدى الميقات فأحرم بعد ما تعدى الميقات ثم فاته
الحج أيكون عليه الدم لترك الميقات في قول مالك (قال) لا أحفظه عن مالك ولكني
الدم لترك الميقات قال نعم * (قلت) * ما فرق ما بينهما (قال) لان الذي فاته الحج إنما
أسقطت عند الدم لترك الميقات لان عليه قضاء هذه الحجة * (قلت) * والذي جامع
أيضا عليه قضاء حجته (قال) لا يشبه الذي فاته الحج الذي جامع في تركه الميقات لان
لأنه لم يقم على الحج الذي أحرم عليه إنما كان الدم الذي وجب عيه ترك الميقات فلما
حال عمله إلى عمل العمرة سقط عنه الدم وأما الذي وجب عليه لترك الميقات فلما
حتى يفرغ من احرامه فلذلك رأيت عليه الدم لأنه لم يخرج من احرامه إلى احرام
آخر مث الذي فاته الحج فهذا فرق ما بينهما * (قلت) * لابن القاسم أرأيت من قلد
هديه أو بدنته ثم باعه (قال) ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن إن كان يعرف
موضعه رد ولم يجز أبيع فيه فان ذهب ولم يعرف موضعه كان عليه أن يشترى بدنة
وليس له أن ينقص من ثمنه وان أصاب بدنة بأقل من ثمنه * (قلت) * لابن القاسم
ما قول مالك فيمن دل على صيد وهو محرم أو أشار أو أمر بقتله عبده فيكون
عليه جزاء واحد إلا أنه قد أساء وعى اذى قتله إن كان محرما الجزاء وإن كان حلالا
فلا شئ عليه إلا أن يكون في الحرم * (قلت) * لابن القاسم أرأيت أن أفسد المحرم
وكر الطير أيكون عليه شئ أم لا (قال) لا شئ عليه إن لم يكن في الوكر فراخ أو
بيض * (قلت) * أتحفظه عن مالك قال لا * (قلت) * فإن كان في الوكر فراخ أو بيض
فأفسد الوكر (قال) أرى عليه في البيض ما يكون على المحرم وفى الفراخ وذلك من
503

قبل أنه لما أفسد الوكر فقد عرض الفراخ والبيض للهلاك * (قلت) * أتحفظه عن
مالك قال لا * (قلت) * لابن القاسم أرأيت من أرسل كلبه على صيد في الحرم فأشلاه
رجل آخر فأخذ الصيد أيكون على المشلي شئ أم لا (قال) لا أحفظ عن مالك فيه
شيئا ولكن ان انشلى الكلب فأشلاه الرجل الذي أشلاه فأرى على الذي أشلاه
الجزاء أيضا * (قلت) * فان أرسل كلبه على ذئب في الحرم فأخذ صيدا أيكون عليه
الجزاء أم لا (قال) قال مالك من غرر بقرب الحرم فأرسل كلبه على صيد في الحل
قرب الحرم فأخذه في الحرم كان عليه الجزاء (قال) وأرى من أرسل كلبه في الحرم
على ذئب فأخذ صيدا فسبيله سبيل من غرر بقرب أحرم فعليه الجزاء * (قلت) *
لابن القاسم أرأيت لو أن محرما أمسك صيدا فقتله حرام أو حلال أمسكه له حتى
قتله أو أمسكه ولم يرد أن يمسكه للقتل فقتله القاتل (قال) ان أمسكه وهو لا يريد قتله
إنما يريد أن يرسله فعدا عليه حرام فقتله فعلى القاتل جزاؤه وان قتله حال فعلى
الذي أمسكه جزاؤه ان قتله كان من سببه وان أمسكه لاحد يريد قتله فقتله فإن كان
الذي قتله حراما فعليهما جميعا جزاءان وان قتله حال فعلى حال فعلى المحرم جزاؤه وليس على
الحلال جزاؤه وليستغفر الله تعالى
- * (تم كتاب الحج الثالث وبه يتم الجزء الثاني من المدونة الكبرى) * -
- * (بحمد الله وعونه) * -
- * (ويليه الجزء الثالث وأوله كتاب الجهاد) * -
504