الكتاب: المسائل المنتخبة
المؤلف: السيد محمد صادق الروحاني
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤٢٠ - ١٣٧٨ ش
المطبعة: سپهر
الناشر:
ردمك: ٩٦٤-٣٣٠-٦٠٨-٩
ملاحظات:

المسائل المنتخبة
العبادات والمعاملات
فتاوى
مرجع المسلمين
آية الله العظمى السيد محمد صادق الروحاني
مد ظله
1

مكتبة
آية الله العظمى السيد الروحاني (دام ظله)
هاتف: 743538 - (0251)
فاكس: 743538 - (0251)
صندوق البريد: 4343 - 37185 قم المقدسة
قم المقدسة - شارع ارم
المسائل المنتخبة
فتاوى مرجع المسلمين
آية الله العظمى السيد محمد صادق الروحاني (دام ظله)
تاريخ النشر: 1420 ه. ق - 1378 ه. ش
الطبعة: الثانية
المطبعة: سپهر
الكمية: 3000 نسخة
السعر: 750 تومان
مركز التوزيع: 742967 (0251)
شابك 9 - 608 - 330 - 964
2

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الرسالة الشريفة حجة على من يقلدنا
والعمل بها مسقط للتكليف محمد صادق الروحاني
3

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين، و
اللعن على أعدائهم أجمعين
وبعد فلما كانت رسالة المسائل المنتخبة فتاوى
المرجع الاعلى أفضل علماء العالم آية الله العظمى
السيد الخوئي قدس سره جامعة لشتات المسائل
المبتلى بها سهلا تناولها فقد طلب منى جمع من
الفضلاء والمتدينين من المؤمنين ان أعلق عليها، و
أبين موارد الاختلاف في الفتوى فأجبتهم إلى ذلك، ثم
انى رأيت أن ادراج التعليقة في الأصل يجعل هذه
الرسالة أسهل تناولا وأيسر استفادة فأدرجتها فيها،
فأصبحت هذه الرسالة الشريفة مطابقة لفتاوانا،
واسئل الله تعالى ان يلحظها بعين القبول انه الكريم
المنان.
4

بسم الله الرحمن الرحمن الرحيم
الحمد الله الرب العالمين، الصلاة والسلام على رسوله محمد وعترته
الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، وبعد.
يجب على كل مكلف أن يحرز امتثال التكاليف الإلزامية الموجهة إليه في
الشريعة المقدسة، ويتحقق ذلك بأحد أمور: اليقين. الاجتهاد، التقليد،
الاحتياط، وبما أن موارد اليقين في الغالب تنحصر في الضروريات، فلا
مناص للمكلف في إحراز الامتثال من الأخذ بأحد الثلاثة الأخيرة:
الاجتهاد: " هو استنباط الحكم الشرعي من مداركه المقررة ".
التقليد: " هو العمل اعتمادا على فتوى المجتهد ".
المقلد: قسمان 1 - العامي المحض وهو الذي ليست له أية معرفة بمدارك
الأحكام الشرعية ". 2 - من له حظ من العلم ومع ذلك لا يقدر على
الاستنباط "،
الاحتياط: " هو العمل الذي يتقين معه ببراءة الذمة من الواقع المجهول. "
5

الاجتهاد واجب كفائي، فإذا تصدى له من يكتفى به سقط التكليف عن
الباقين، وإذا تركه الجميع استحقوا العقاب جميعا.
قد: يتعذر بالاحتياط على بعض المكلفين، وقد لا يسعه تمييز
موارده " كما ستعرف ذلك " وعلى هذا فوظيفة من لا يتمكن من الاستنباط
هو التقليد، إلا إذا كان واجدا لشروط العمل بالاحتياط فيتخير - حينئذ -
بين التقليد والعمل بالاحتياط.
(مسألة 1): المجتهد مطلق ومتجزئ، المجتهد المطلق هو: " الذي
يتمكن من الاستنباط في جميع أبواب الفقه " المتجزئ هو: " القادر على
استنباط الحكم الشرعي في بعض الفروع دون بعضها ". فالمجتهد المطلق
يلزمه العمل باجتهاده، أو أن يعمل بالاحتياط، وكذلك المتجزئ بالنسبة
إلى الموارد التي يتمكن فيها من الاستنباط. وأما فيما لا يتمكن فيه من
الاستنباط: فحكمه حكم غير المجتهد، فيتخير فيه بين التقليد والعمل
بالاحتياط.
(مسألة 2): المسائل التي يمكن أن يبتلى بها المكلف - عادة كمسائل
الشك والسهو يجب عليه أن يتعلم أحكامها إلا إذا أحرز من نفسه عدم
الابتلاء بها.
(مسألة 3): عمل العامي من غير تقليد ولا احتياط باطل، إلا إذا تحقق
معه أمران:
(1) موافقة عمله لفتوى المجتهد الذي يلزمه الرجوع إليه.
(2) تحقق قصد القربة منه إذا كان العمل عبادة. والأحوط - مع ذلك كله
6

- أن يكون عمله موافقا لفتوى المجتهد الذي كانت وظيفته الرجوع إليه
حين عمله.
(مسألة 4): المقلد يمكنه تحصيل فتوى المجتهد الذي قلده بأحد طرق
ثلاثة:
(1) أن يسمع حكم المسألة من المجتهد نفسه.
(2) أن يخبره بفتوى المجتهد عادلان، أو شخص يوثق بقوله، وتطمئن
النفس به.
(3) أن يرجع إلى الرسالة العملية التي فيها فتوى المجتهد مع الاطمئنان
بصحتها.
(مسألة 5): إذا مات المجتهد ولم يعلم المقلد بذلك إلا بعد مضي مدة فإن
أعماله الموافقة لفتوى المجتهد الذي يتعين عليه تقليده صحيحة. بل يحكم
بالصحة في بعض موارد المخالفة أيضا وذلك فيما إذا كانت المخالفة مغتفرة
حينما تصدر لعذر شرعي، كما إذا اكتفى المقلد بتسبيحة واحدة في صلاته
حسب ما كان يفتي به المجتهد الأول ولكن المجتهد الثاني يفتي بلزوم
الثلاثة. ففي هذه الصورة يحكم أيضا بصحة صلاته.
(مسألة 6): الأقوى جواز العمل بالاحتياط، سواء استلزم التكرار أم لا.
أقسام الاحتياط
الاحتياط قد يقتضي العمل، وقد يقتضي الترك، وقد يقتضي التكرار.
7

أما " الأول " ففي كل مورد تردد الحكم فيه بين الوجوب وغير الحرمة،
فالاحتياط - حينئذ - يقتضي الاتيان به. وأما " الثاني " ففي كل مورد تردد
الحكم فيه بين الحرمة وغير الوجوب، فالاحتياط فيه يقتضي الترك. وأما
" الثالث " ففي كل مورد تردد الواجب فيه بين فعلين، كما إذا لم يعلم المكلف في
مكان خاص أن وظيفته الاتمام في الصلاة أو القصر فيها. فإن الاحتياط
يقتضي - حينئذ - أن يأتي بها مرة قصرا، ومرة تماما.
(مسألة 7): كل مورد لا يتمكن المكلف فيه من الاحتياط يتعين عليه
الاجتهاد أو التقليد، كما إذا تردد مال بين صغيرين أو مجنونين، أو صغير و
مجنون: فإن الاحتياط في مثل ذلك متعذر، فلا بد من الاجتهاد أو التقليد.
(مسألة 8): قد لا يسع العامي أن يميز ما يقتضيه الاحتياط مثال ذلك: أن
الفقهاء قد اختلفوا في جواز الوضوء والغسل بالماء المستعمل في رفع الحدث
الأكبر، فالاحتياط يقتضي ترك ذلك. إلا أنه إذا لم يكن عند المكلف غير هذا
الماء: فالاحتياط يقتضي أن يتوضأ أو يغتسل به، ويتمم أيضا، إذا أمكنه
التيمم. وقد يعارض الاحتياط من جهة الاحتياط من جهة أخرى، ويعسر
على العامي تشخيص ذلك - مثلا: إذا تردد عدد التسبيحة الواجبة في الصلاة
بين الواحدة والثلاث فالاحتياط يقتضي الاتيان بالثلاث، لكنه إذا ضاق
الوقت واستلزم هذا الاحتياط - أن يقع مقدار من الصلاة خارج الوقت و
هو خلاف الاحتياط - ففي مثل ذلك ينحصر الأمر في التقليد أو الاجتهاد.
(مسألة 9): إذا قلد مجتهدا يفتي بحرمة العدول - حتى إلى المجتهد الأعلم
- جاز له العدول إلى الأعلم. بل قد يجب ذلك " كما سيأتي ".
8

(مسألة 10): يصح تقليد الصبي المميز.
(مسألة 11): يعتبر في من يجوز تقليده أمور:
(1) البلوغ.
(2) العقل.
(3) الرجولة.
(4) الايمان - بمعنى أن يكون اثني عشريا -
(5) العدالة.
(6) طهارة المولد.
(7) الضبط، بمعنى أن لا يقل ضبطه عن المتعارف.
(8) الاجتهاد.
(9) الحياة
(مسألة 12): تقليد المجتهد الميت قسمان: ابتدائي، وبقائي، التقليد
الابتدائي هو: " أن يقلد المكلف مجتهدا من دون أن يسبق منه تقليده
حال حياته: التقليد البقائي هو " أن يقلد مجتهدا معينا شطرا من حياته ويبقى
على تقليد ذلك المجتهد بعد موته.
(مسألة 13)
لا يجوز تقليد الميت ابتداءا، ولو كان أعلم من المجتهدين
الأحياء.
(مسألة 14): الأقوى عدم جواز البقاء على تقليد الميت حتى إذا كان
المجتهد الميت أعلم من المجتهد الحي.
9

(مسألة 15): الأعلم هو: " الأقدر على استنباط الأحكام " وذلك بأن
يكون أكثر إحاطة بالمدارك، وبتطبيقاتها من غيره.
(مسألة 16): يجب الرجوع في تعيين الأعلم إلى أهل الخبرة و
الاستنباط، ولا يجوز الرجوع - في ذلك - إلى من لا خبرة له بذلك.
(مسألة 17): إذا كان أحد المجتهدين أعلم من الآخر يجب تقليد الأعلم.
(مسألة 18): إذا تردد الأعلم بين شخصين أو أكثر - ولو كان ذلك من
جهة تعارض البينتين - وجب عليه ان يقلد من يظن أعلميته: ومع عدمه
يقلد محتمل الأعلمية إذا كان الاحتمال خاصا بأحدهما ولو كان ضعيفا، ومع
احتمالها في حق الجميع: يتخير في تقليد من شاء منهم.
(مسألة 19): إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة خاصة، أو لم يعلم بها
المقلد جاز له الرجوع فيها إلى غيره، مع رعاية الأعلم فالأعلم " على
التفصيل المتقدم ".
(مسألة 20): يثبت الاجتهاد، أو الأعلمية بأحد أمور:
(1) الاختبار، وهذا إنما يتحقق فيما إذا كان المقلد قادرا على تشخيص
ذلك.
(2) شهادة العدلين (والعدالة) هي الاستقامة في العمل، وتتحقق بترك
المحرمات وفعل الواجبات " ويعتبر في شهادة العدلين أن يكونا من أهل
الخبرة، وأن لا تعارضها شهادة مثلها بالخلاف، والظاهر ثبوتهما بشهادة
10

رجل واحد من أهل الخبرة إذا كان ثقة، ومع التعارض يؤخذ بقول من كان
منهما أكثر خبرة.
(3) الشياع " بأن يكون اجتهاد مجتهدا أو أعلميته متسالما عليه عند كثير
من الناس، بحيث يحصل اليقين أو الاطمئنان بذلك ".
(مسألة 21): الاحتياط المذكور في هذه الرسالة قسمان: واجب و
مستحب الاحتياط الواجب هو " الذي لا يكون مسبوقا أو ملحوقا بذكر
الفتوى " وفي حكم الاحتياط ما إذا قلنا: فيه إشكال أو فيه تأمل، أو ما
يشبه ذلك. الاحتياط المستحب: " ما يكون مسبوقا أو ملحوقا بذكر
الفتوى " وقد يعبر عنه بكلمة " الأحوط الأولى ".
(مسألة 22): لا يجب العمل بالاحتياط المستحب. وأما الاحتياط
الواجب فلا بد في موارده من العمل بالاحتياط، أو الرجوع إلى الغير، مع
رعاية الأعلم فالأعلم، على التفصيل المتقدم ".
الطهارة
تجب الطهارة بأمرين: الحدث، والخبث: الحدث هي: القذارة المعنوية التي
توجد في الإنسان فقط بأحد أسبابها "، وهو قسمان: أصغر وأكبر، فالأصغر
يوجب الوضوء، والأكبر يوجب الغسل، الخبث هي: " النجاسة الطارئة على
الجسم من بدن الإنسان وغيره يرتفع بالغسل أو بغيره من المطهرات
الأتية:
11

الوضوء
يتركب الوضوء من أربعة أمور:
(1) غسل الوجه، وحده ما بين قصاص الشعر والذقن، طولا، وما
دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا: فيجب غسل كل ما دخل في هذا
الحد، ويجب أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل.
(2) غسل اليدين من المرفق إلى أطراف الأصابع: والمرفق هو: " مجمع
عظمي الذراع والعضد " ويجب هنا أيضا أن يكون الغسل من الأعلى إلى
الأسفل.
(3) مسح مقدم الرأس ويكفى المسمى وإن كان أقل من مقدار إصبع، و
الأحوط أن يمسح مقدار ثلاثة أصابع مضمومة.
(4) مسح الرجلين، والواجب مسح ما بين أطراف الأصابع إلى المفصل
على الأحوط ان لم يكن أظهر. ويكفي المسمى عرضا، والأولى المسح بكل
الكف. ويجب غسل مقدار من الأطراف زائدا على الحد الواجب وكذلك
المسح تحصيلا لليقين بتحقق المأمور به، ولا بد في المسح من أن يكون بالبلة
الباقية في اليد، فلو جفت لحرارة البدن أو الهواء أو غير ذلك أخذ البلة من
لحيته الداخلة في حد الوجه أو حاجبه أو غيرهما من مواضع الغسل ومسح
بها.
(مسألة 23): يجوز النكس في مسح الرجلين بأن يمسح من المفصل إلى
أطراف الأصابع، وكذلك - في مسح الرأس لا يجب ان يكون من الأعلى إلى
الأسفل بل يجوز من الأسفل إلى الاعلى.
12

شرائط الوضوء
يشترط في الوضوء أمور:
(1) النية بأن يكون الداعي إليه قصد القربة ويجب استدامتها إلى آخر
العمل، ولو قصد أثناء الوضوء قطعه أو تردد في اتمامه ثم عاد إلى قصده
الأول قبل جفاف تمام الأعضاء السابقة ولم يطرأ عليه مفسد آخر جاز له
اتمام وضوئه من محل القطع أو التردد.
(2) طهارة ماء الوضوء.
(3) إباحته، فلا يصح الوضوء بالماء النجس أو المغصوب، وفي حكمها
المشتبه بالنجس والمشتبه بالحرام إذا كانت الشبهة محصورة بأن أمكن
المكلف أن يجتنب جميع أطرافها من دون أن يلزمه محذور كحرج أو ضرر.
(مسألة 24): إذا انحصر الماء المباح أو الماء الطاهر بما كان مشتبها بغيره و
لم يكن التمييز وكانت الشبهة محصورة وجب التيمم.
(مسألة 25): إذا توضأ بماء فانكشف بعد الفراغ أنه لم يكن مباحا
فالمشهور بين الفقهاء صحته ادراجا في باب الصلاة في اللباس المغصوب
جهلا، ولكن الأظهر فيه البطلان، ويحتاج معرفة وجهه إلى دقة وتأمل. نعم
يصح الوضوء بالماء المغصوب نسيانا لغير الغاصب.
(مسألة 26): الوضوء بالماء النجس باطل ولو كان ذلك من جهة الجهل
أو الغفلة أو النسيان.
(4) إطلاق ماء الوضوء، فلا يصح الوضوء بالماء المضاف وفي حكم
13

المضاف المشتبه به ولا فرق في بطلان الوضوء بالماء المضاف بين صورتي
العمد وغيره.
(مسألة 27): إذا اشتبه الماء المطلق بالمضاف جاز له أن يتوضأ بهما
متعاقبا، وإذا لم يكن هناك ماء مطلق آخر وجب ذلك ولا يسوغ له التيمم.
(5) أن لا يكون ماء الوضوء - إذا كان قليلا - من المستعمل في إزالة
الخبث، ولو كان طاهرا - كماء الاستنجاء -
(6) طهارة أعضاء الوضوء على الأحوط، بمعنى أن يكون كل عضو
طاهرا حين غسله أو مسحه، ولا يعتبر طهارة جميع الأعضاء عند الشروع
فيه. بل تكفي طهارة كل عضو حين غسله ولو بغسلة الوضوء نفسها. نعم
لا تعتبر في الارتماسي منه في المعتصم.
(7) إباحة مكان الوضوء والإناء الذي يتوضأ منه، بمعنى أنه إذا انحصر
المكان أو الإناء بالمغصوب سقط وجوب الوضوء ووجب التيمم.
(مسألة 28): يحرم استعمال أو اني الذهب والفضة، وإذا انحصر الماء بما
كان في شئ من تلك الأواني وتوضأ به بأخذ الماء منه بطل وضوءه على
الأظهر، وأما إذا لم ينحصر الماء به. فلو توضأ بالارتماس في تلك الأواني
فصحة الوضوء لا تخلو من إشكال بل الأظهر البطلان، ولو توضأ
بالاعتراف منه دفعة أو تدريجا والصب على الموضع فالأظهر صحة
الوضوء.
(8) أن لا يكون مانع من استعمال الماء شرعا والأوجب التيمم على تفصيل يأتي.
14

(9) الترتيب، بأن يغسل الوجه أولا، ثم اليد اليميني، ثم اليسرى، ثم يمسح
الرأس ثم الرجلين ولا يعتبر الترتيب في مسح الرجلين فله ان يقدم مسح
الرجل اليمنى على مسح الرجل اليسرى وان يمسحهما معا، نعم لا يجوز تقديم
مسح اليسرى، ويجب مسح اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليسرى.
(10) الموالاة، ويتحقق ذلك بالشروع في غسل كل عضو أو مسحه قبل
أن تجف الأعضاء السابقة عليه فإذا أخره حتى جفت جميع الأعضاء السابقة
بطل الوضوء. نعم لا بأس بالجفاف من جهة الحر أو الريح أو التجفيف إذا
كانت الموالاة العرفية متحققة.
(11) المباشرة، بأن يباشر المكلف بنفسه أفعال الوضوء إذا أمكنه ذلك و
مع عدمه يجوز أن يوضئه غيره لكنه يتولى النية بنفسه ويلزم أن يكون
المسح بيد نفس المتوضئ.
(مسألة 29): من تيقن الوضوء وشك في الحدث بنى على الطهارة، ومن
تيقن الحدث وشك في الوضوء بنى على الحدث. ومن تيقنهما وشك في
المتقدم والمتأخر منهما وجب عليه الوضوء.
(مسألة 30): من شك في الوضوء بعد الفراغ من الصلاة واحتمل
الالتفات إلى ذلك قبلها بنى على صحتها وتوضأ للصلوات الأتية، ومن
شك أثناءها قطعها وأعادها بعد الوضوء.
(مسألة 31): إذا علم اجمالا بعد الصلاة ببطلان صلاته لنقصان ركن فيها
مثلا، أو بطلان وضوئه وجبت عليه إعادة الصلاة فقط.
15

نواقض الوضوء
نواقض الوضوء سبعة:
(1) البول، وفي حكمه البلل المشتبه به قبل الاستبراء.
(2) الغائظ. ولا ينتقض الوضوء بالدم أو الصديد الخارج من أحد
المخرجين ما لم يكن معه بول أو غائط، كما لا ينتقض بخروج المذي - الرطوبة
الخارجة عند ملاعبة الرجل المرأة - والودي - الرطوبة الخارجة بعد البول -
والوذي - الرطوبة الخارجة بعد المني.
(3) خروج الريح من المخرج المعتاد إذا صدق عليه أحد الإسمين
المعروفين.
(4) النوم.
(5) كل ما يزيل العقل.
(6) الاستحاضة.
(7) الجنابة.
موارد وجوب الوضوء
يجب الوضوء لثلاثة أمور:
(1) الصلوات الواجبة ما عدا صلاة الميت. وأما الصلوات المستحبة
فيعتبر الوضوء في صحتها كما يعتبر في الصلوات الواجبة.
(2) الأجزاء المنسية من الصلاة الواجبة وكذا صلاة الاحتياط، ولا
يجب الوضوء لسجدتي السهو وإن كان أحوط.
16

(3) الطواف الواجب وإن كان جزء لحجة أو عمرة مندوبة.
(مسألة 32): يحرم على غير المتوضئ أن يمس ببدنه كتابة القرآن، و
اسم الجلالة والصفات المختصة به تعالى. والأولى الحاق أسماء الأنبياء و
الأئمة والصديقة الطاهرة - عليهم السلام - بها.
(مسألة 33) يجب على المكلف حال التخلي وفي سائر الأحوال أن
يستر عورته عن الناظر المحترم - الشخص المميز - ويستثنى منت هذا الحكم
الزوج والزوجة، والأمة ومولاها، أو الذي حللت له الأمة من قبل مولاها
على تفصيل لا حاجة إلى بيانه.
(مسألة 34): يحرم استقبال القبلة واستدبارها حال البول أو التغوط، و
الأظهر حرمة الاستقبال بنفس البول أو الغائط أيضا وإن لم يكن الشخص
مستقبلا أو مستدبرا.
(مسألة 35): يستحب الاستبراء بعد البول وهو المسح بالإصبع من
مخرج الغائط إلى أصل القضيب ثلاث مرات، ومسح القضيب بإصبعين
أحدهما من فوقه والآخر من تحته إلى الحشفة ثلاث مرات، وعصر الحشفة
ثلاث مرات. وللاستبراء كيفية أخرى غير ذلك.
(مسألة 36): لا يجب الاستنجاء في نفسه ولكنه يجب لما يعتبر فيه
طهارة البدن.
17

الغسل
موجبات الغسل ستة
(1) الجنابة. (2) الحيض. (3) النفاس.
(4) الاستحاضة. (5) مس الميت. (6) الموت.
غسل الجنابة
تتحقق الجنابة بأمرين:
(1) خروج المني وفي حكمه الرطوبة المشتبهة به الخارجة بعد خروجه و
قبل الاستبراء بالبول.
(2) الجماع في قبل المرأة ودبرها ودبر الرجل وهو يوجب الجنابة
للواطئ والموطأ.
(مسألة 37): يجب غسل الجنابة لأربعة أمور:
(1) الصلاة الواجبة ما عدا صلاة الميت.
(2) الأجزاء المنسية من الصلاة وكذا صلاة الاحتياط ولا تعتبر الطهارة
في سجود السهو وإن كان ذلك أحوط.
(3) الطواف الواجب وإن كان جزء لحجة أو عمرة مندوبة.
(4) الصوم على تفصيل يأتي.
(مسألة 38): يحرم على الجنب أمور:
(1) مس لفظ الجلالة والصفات الخاصة بالذات المقدسة. بل يحرم مس
18

أسماء المعصومين (عليهم السلام) على الأحوط الأولى.
(2) مس كتابة القرآن.
(3) دخول المسجد وإن كان لأخذ شئ منه.
(4) المكث في المساجد ولا يحرم اجتيازها.
(5) وضع شئ في المساجد وإن كان في حال الاجتياز أو من الخارج.
(6) الدخول في المسجد الحرام ومسجد النبي (ص) وإن كان على نحو
الاجتياز.
(7) قراءة آية أو بعضها من السور التي فيها العزائم وهي: " ألم تنزيل.
حم السجدة، النجم - اقرأ ".
(مسألة 39): المشاهد المشرفة للمعصومين (ع) تلحق بالمساجد على
الأحوط، بل الأحوط إلحاق الرواق بها أيضا. نعم الصحن المطهر لا يلحق
بها.
كيفية الغسل
الغسل قسمان: ارتماسي وترتيبي: (الارتماسي) هو غمس البدن في الماء
دفعة واحدة عرفية، ولا يعتبر فيه أن يكون جميع البدن خارج الماء قبله بل
يكفي أن يكون بعضه خارج الماء، (الترتيبي) والأحوط في كيفيته أن يغسل
البدن بثلاث غسلات.
(1) غسل الرأس والرقبة وشئ مما يتصل بها من البدن.
(2) غسل الطرق الأيمن وشئ مما يتصل به من الرقبة ومن الطرف
19

الأيسر.
(3) غسل الطرف الأيسر وشئ مما يتصل به من الرقبة ومن الطرف
الأيمن، والأظهر أنه لا ترتيب بين الطرفين الأيمن والأيسر فيجوز غسلهما
معا أو بأية كيفية أخرى.
(مسألة 40): ذكر جماعة أن الغسل الترتيبي يتحقق بتحريك كل من
الأعضاء الثلاثة بقصد غسل ذلك العضو فيما إذا كان جميع البدن تحت الماء و
كذلك تحريك بعض العضو وهو في الماء بقصد غسله، لكنه مشكل. و
الأحوط عدم الاكتفاء به ولزوم اخراج تمام العضو من الماء ثم ادخاله فيه أو
فصل الماء عنه وايصاله إليه ثانيا.
شرائط الغسل
يعتبر في الغسل جميع ما تقدم اعتباره في الوضوء من الشرائط ولكنه
يمتاز عن الوضوء من وجهين:
(1) أنه لا يعتبر في غسل كل عضو هنا أن يكون الغسل من الأعلى إلى
الأسفل - وقد تقدم اعتبار هذا في الوضوء.
(2) الموالاة فإنها غير معتبرة في الغسل وقد كانت معتبرة في الوضوء.
(مسألة 41): غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء، والأظهر ذلك في بقية
الأغسال الواجبة أو الثابت استحبابها أيضا إلا غسل الاستحاضة المتوسطة
فإنه لا بد معه من الوضوء كما سيأتي. والأحوط ضم الوضوء إلى سائر
الأغسال غير غسل الجنابة.
20

(مسألة 42): إذا كان على المكلف أغسال متعددة كغسل الجناية و
الجمعة والحيض وغير ذلك جاز له أن يغتسل غسلا واحدا بقصد الجميع و
يجزيه ذلك، كما جاز له أن ينوي خصوص غسل الجنابة وهو أيضا يجزئ
من غيره. وأما إذا نوى غير غسل الجنابة فلا إشكال في إجزائه عما قصده، و
في إجزائه عن غيره كلام والأظهر هو الإجزاء.
(مسألة 43): إذا أحدث بالأصغر أثناء غسل الجنابة أتمه وتوضأ بعده
لكل ما يشترط فيه الطهارة.
(مسألة 44): إذا شك في غسل الجنابة بنى على عدمه، وإذا شك فيه بعد
الفراغ من الصلاة واحتمل الالتفات إلى ذلك قبلها فالصلاة محكومة بالصحة
لكنه يجب عليه أن يغتسل للصلوات الآتية هذا إذا لم يصدر منه الحدث
الأصغر بعد الصلاة، وإلا وجب عليه الجمع بين الوضوء والغسل بل وجبت
إعادة الصلاة أيضا كان الشك في الوقت. أو بعد مضيه، وإذا علم اجمالا بعد
الصلاة ببطلان صلاته لنقصان ركن مثلا أو بطلان غسله وجبت عليه إعادة
الصلاة فقط.
الحيض وشرائطه
الحيض: دم تعتاده النساء في كل شهر مرة في الغالب وقد يكون أكثر من
ذلك أو أقل.
(مسألة 45): الغالب في دم الحيض أن يكون أسود أو أحمر حارا عبيطا
21

يخرج بدفق وحرقة، وأقله ثلاثة إيام وأكثره عشرة أيام، ويعتبر فيه
الاستمرار في الثلاثة الأولى والليلتين المتوسطتين بينهما، فلو لم يستمر الدم لم
تجر عليه أحكام الحيض. نعم الفترات اليسيرة المتعارفة ولو في بعض النساء
لا تخل بالاستمرار المعتبر فيه.
(مسألة 46): يعتبر التوالي في الأيام الثلاثة التي هي أقل الحيض، فلو
رأت الدم يومين ثم انقطع ثم رأت يوما أو يومين قبل انقضاء عشرة أيام من
ابتداء رؤية الدم فهو ليس بحيض وإن كان الأحوط - استحبابا - في مثل
ذلك الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة في أيام الدم والجمع بين
أحكام الحيض والطاهرة أيام النقاء.
(مسألة 47): يعتبر في دم الحيض أن يكون بعد البلوغ وقبل اليأس، و
يتحقق بلوغ المرأة باكمال تسع سنين، ويتحقق يأسها ببلوغ خمسين سنة في
غير القرشية وببلوغ ستين سنة في القرشية.
(مسألة 48): يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعد ظهوره، نعم
يلزم على الحامل على الأحوط الجمع بين تروك الحائض وأفعال
المستحاضة في صورة واحدة، وهي ما إذا رأت الدم بعد مضي عشرين يوما
من أول عادتها وكان الدم بصفات الحيض، وفي غير هذه الصورة حكم
الحامل وغير الحامل على حد سواء.
(مسألة 49): لاحد لأكثر الطهر بين الحيضتين ولكنه لا يكون أقل من
عشرة أيام وتسع ليال متوسطة بينها فإذا كان النقاء بين الدمين أقل من
22

عشرة أيام فأحد الدمين ليس بحيض يقينا.
(مسألة 50): إذا تردد الدم الخارج من المرأة بين الحيض ودم البكارة
استدخلت قطنة في الفرج وصبرت مليا ثم استخرجتها فإن خرجت مطوقة
بالدم فهو دم البكارة، وإن كانت منغمسة به فهو دم الحيض.
أقسام الحائض
الحائض قسمان: ذات عادة وغير ذات عادة. وذات العادة ثلاثة أقسام:
(1) وقتية وعددية.
(2) عددية فقط.
(3) وقتية فقط. وغير ذات العادة: مبتدئة، ومضطربة، وناسية العادة.
ذات العادة الوقتية والعددية: هي المرأة التي ترى الدم مرتين متماثلتين
من حيث الوقت والعدد كأن ترى الدم في شهر من أوله إلى اليوم السابع و
ترى في الشهر الثاني مثل الأول.
ذات العادة الوقتية فقط. هي التي ترى الدم مرتين متماثلتين من حيث
الوقت دون العدد، كأن ترى الدم في الشهر الأول من أوله إلى اليوم السابع و
في الشهر الثاني من أوله إلى اليوم السادس أو من ثانية إلى اليوم السابع، أو
ترى الدم في الشهر الأول من اليوم الثاني إلى اليوم السادس، وفي الشهر
الثاني من أوله إلى اليوم السابع.
ذات العادة العددية فقط: هي التي ترى الدم مرتين متماثلتين من حيث
العدد دون الوقت كأن ترى الدم في شهر من أوله إلى اليوم السابع وفي الشهر
23

الثاني من الحادي عشر إلى السابع عشر مثلا.
المبتدئة: هي التي ترى الدم لأول مرة.
المضطربة: (ويطلق عليها المتحيرة أيضا) هي التي تكررت رؤيتها للدم
ولكنها لم تستقر لها عادة من حيث الوقت أو العدد.
الناسية: هي التي كانت لها عادة ونسيتها.
أحكام ذات العادة
(مسألة 51): ما تراه المرأة أيام عادتها أو قبلها بيوم أو يومين من حمرة
أو صفرة فهو حيض، وما تراه من صفرة في غير ذلك فليس من الحيض، و
على هذا الأساس تتحيض ذات العادة الوقتية برؤية الدم أيام عادتها أو
قبلها بيوم أو يومين وإن لم يكن الدم بصفات الحيض فإن لم يكن أقل من
ثلاثة أيام كان حيضا وإن انقطع قبل أن تمضي عليه ثلاثة أيام كان عليها
قضاء ما فات منها في أيام الدم من الصلاة.
(مسألة 52): ذات العادة العددية فقط تتحيض برؤية الدم إذا كان
بصفات الحيض فإن استمر ثلاثة أيام كان حيضا، وإن تجاوز الدم بصفة
الحيض عدد العادة ولم يتجاوز العشرة كان الجميع حيضا. وإن تجاوزها
كان مقدار العادة حيضا والباقي استحاضة.
(مسألة 53): ذات العادة العددية فقط إذا رأت ثلاثة أيام أو أكثر
بصفات الحيض ثم رأت بصفة الاستحاضة ولم يتجاوز المجموع العشرة كان
ما بصفة الحيض حيضا وما بصفة الاستحاضة استحاضة، سواء كان ما
24

بصفة الحيض بمقدار عادتها أو أقل أو أكثر منها، وكذلك إذا تجاوز المجموع
العشرة. والأولى مراعاة الاحتياط في ما كان بصفة الاستحاضة في الصورة
الأولى بالجمع بين تروك الحائض وإفعال المستحاضة وكذلك في المقدار
المتمم للعادة في الصورة الثانية.
(مسألة 54): إذا تجاوز الدم أيام العادة فإن علمت المرأة بأنه يتجاوز
العشرة وجب عليها أن تغتسل وتعمل عمل المستحاضة " على ما يأتي
بيانه " وإن احتملت الانقطاع في اليوم العاشر أو قبله وجب عليها
الاستظهار يوما فيوما إلى تمام العشرة من أول رؤية الدم (والاستظهار هو
الاحتياط بترك العبادة).
فان انقطع الدم على العشرة أو أقل فالمجموع حيض وان تجاوز فتجعل
عادتها حيضا والبقية استحاضة.
(مسألة 55): إذا انقطع الدم قبل انقضاء أيام العادة وجب عليها الغسل
والصلاة، ولو ظنت عودة الدم بعد ذلك. فإذا عاد قبل انقضائها أو عاد بعده
وكان بصفة الحيض ثم انقطع في اليوم العاشر أو دونه من أول زمان رؤية
الدم فهو حيض، وإذا تجاوز العشرة فما رأته في أيام العادة حيض والباقي
استحاضة. والنقاء المتخلل بين الدمين من حيض واحد يجري عليه حكم
الحيض وإن كان الأحوط فيه الجمع بين أحكام الطاهرة والحائض.
(مسألة 56): إذا رأت الدم قبل زمان عادتها بيوم أو يومين واستمر إلى
ما بعد العادة وكان الدم فيما بعد العادة بصفة الحيض فإن لم يتجاوز مجموعه
العشرة كان جميعه حيضا، وإن تجاوزها فما كان منه في أيام العادة فهو حيض
25

وما كان في طرفيها استحاضة مثلا، إذا كان زمان العادة من أول الشهر إلى
اليوم الخامس فرأت الدم قبله بيومين واستمر بعد العادة بصفة الحيض إلى
اليوم السابع من الشهر كان المجموع حيضا. وإذا استمر إلى اليوم التاسع من
الشهر فما رأته من أوله إلى اليوم الخامس فهو حيض وما تقدمه أو تأخر عنه
فهو استحاضة. وكذلك الحكم إذا رأت الدم قبل زمان عادتها بثلاثة أيام أو
أكثر وكان الدم بصفات الحيض واستمر إلى ما بعد العادة فإن حكمه كما إذا
رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين.
(مسألة 57): إذا رأت الدم قبل أيام العادة بصفات الحيض ثم عاد عليها
الدم كذلك بعد زمان عادتها فكل من الدمين حيض إذا كان النقاء بينهما
لا يقل عن عشرة أيام.
(مسألة 58): إذا رأت الدم قبل أيام العادة واستمر إليها وزاد على
العشرة فما كان في أيام العادة فهو حيض - وإن كان بصفات الاستحاضة - و
ما كان قبلها استحاضة وإن كان بصفات الحيض، وإذا رأته أيام العادة وما
بعدها وتجاوز العشرة كان ما بعد العادة استحاضة إلا ما كان في العشرة
بصفة الحيض ولم يتجاوزها بخصوصه.
(مسألة 59): إذا شكت المرأة في انقطاع دم الحيض وجب عليها الفحص
ولم يجز لها ترك العبادة بدونه. وكيفية الفحص أن تدخل قطنة وتتركها في
موضع الدم ثم تخرجها فإن كانت نقية فقد انقطع حيضها فيجب عليها
الاغتسال والاتيان بالعبادة وإلا فلا.
26

(مسألة 60): المرأة التي يجب عليها الفحص إذا اغتسلت من دون
فحص حكم ببطلان غسلها إلا إذا انكشف أن الغسل كان بعد النقاء وقد
اغتسلت برجاء أن تكون نقية.
أحكام المبتدئة والمضطربة
(مسألة 61): إذا كان الدم الذي تراه المرأة المبتدئة أو المضطربة بصفات
الحيض فهو حيض وإلا فاستحاضة. وإذا رأت الدم ثلاثة أيام أو أكثر
بصفات الحيض ثم رأته بصفات الاستحاضة ولم يتجاوز المجموع عشرة
أيام كان ما بصفة الحيض حيضا وما بصفة الاستحاضة استحاضة. والأولى
رعاية الاحتياط في ما كان بصفة الاستحاضة.
(مسألة 62): ما تراه المبتدئة أو المضطربة من الدم إذا تجاوز العشرة و
اختلف في اللون فكان بعضها أحمر وبعضها أسود، أو كان بعضها أصفر و
بعضها أحمر كان الأضعف من الدمين لونا استحاضة، والأشد منهما لونا
حيضا، إذا لم يكن بأقل من ثلاثة ولا أكثر من عشرة أيام. فلو رأت الدم
اثني عشر يوما وكان الدم في ثمانية منها أحمر وفي أربعة منها أصفر أو كان في
الثمانية منها أسود وفي الأربعة أحمر كانت الثمانية حيضا والأربعة استحاضة.
وأما إذا كان الدم في تمام الاثني عشر يوما في المثال بصفة الحيض على لون
واحد.
فهي ترجع إلى عادة أقاربها فتتحيض بقدرها والباقي استحاضة، فإن لم
تكن لها أقارب أو اختلفت أقراؤهن تحيضت في كل شهر ستة أو سبعة أيام،
27

ولها ان تختار في كل شهر ثلاثة أيام.
أحكام الناسية للعادة
(مسألة 63): إذا كانت ذات عادة عددية فقط ونسيت عادتها ثم رأت
الدم بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر ولم يتجاوز العشرة كان جميعها
حيضا، وإذا تجاوز العشرة جعلت المقدار الذي تحتمل العادة فيه حيضا ما لم
يزد على السبعة والباقي استحاضة، وإن احتملت العادة فيما زاد على السبعة
جعلت ما زاد على السبعة استحاضة والسبعة حيضا.
(مسألة 64): إذا كانت ذات عادة وقتية فقط ونسيتها ثم رأت الدم
بصفات الحيض ثلاثة أيام أو أكثر ولم يتجاوز العشرة كانت جميعه حيضا. و
إذا تجاوز الدم العشرة فإن علمت المرأة - اجمالا - بمصادفة الدم أيام عادتها
ترجع إلى التميز ومع عدمه ترجع إلى الروايات على ما تقدم في المسألة
السابقة والأحوط لو لم يكن أظهر اختيار السبعة وجعل الباقي استحاضة.
وإن لم تعلم بذلك، فإن كان الدم مختلفا من جهة الصفات جعلت ما بصفة
الحيض إذا لم يقل عن ثلاثة ولم يزد عن عشرة أيام - حيضا، وما بصفة
الاستحاضة استحاضة، وإن لم يختلف الدم في الصفة وكان جميعه بصفة
الحيض، أو كان ما بصفة الحيض أكثر من عشرة أيام جعلت ستة أو سبعة
أيام حيضا والباقي استحاضة. والأحوط أن تحتاط إلى العشرة والأولى أن
تحتاط في جميع أيام الدم.
(مسألة 65): إذا كانت ذات عادة عددية ووقتية فنسيتها ففيها صور:
28

الأولى: أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد، والحكم فيها هو الحكم
في المسألة السابقة، غير أن الدم إذا كان بصفة الحيض وتجاوز العشرة ولم
تعلم المرأة بمصادفة الدم أيام عادتها رجعت إلى عادتها من جهة العدد
فتتحيض بمقدارها والزائد عليه استحاضة.
الثانية: أن تكون حافظة للوقت وناسية للعدد ففي هذه الصورة كان ما
تراه من الدم في وقتها المعتاد - بصفة الحيض أو بدونها - حيضا، فإن كان
الزائد عليه بصفة الحيض ولم يتجاوز العشرة فجميعه حيض، وإن تجاوزها
تحيضت فيما تحتمل العادة فيه من الوقت والباقي استحاضة، لكنها إذا
احتملت العادة فيما زاد على السبعة إلى العشرة فالأحوط أن تعمل فيه
بالاحتياط وإن كان الأظهر كون ما زاد على السبعة استحاضة.
الثالثة: أن تكون ناسية للوقت والعدد معا، والحكم في هذه الصورة وإن
كان يظهر مما سبق إلا أنا نذكر فروعا للتوضيح:
الأول: إذا رأت الدم بصفة الحيض أياما لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على
عشرة كان جميعه حيضا. وأما إذا كان أزيد من عشرة أيام ولم تعلم
بمصادفته أيام عادتها تحيضت بمقدار ما تحتمل أنه عادتها لكن المحتمل إذا
زاد على سبعة أيام تحيضت سبعة أيام وجعلت الباقي استحاضة.
الثاني: إذا رأت الدم بصفة الحيض أياما لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على
عشرة، وأياما بصفة الاستحاضة ولم تعلم بمصادفة ما رأته أيام عادتها
جعلت ما بصفة الحيض حيضا وما بصفة الاستحاضة استحاضة، والأولى
أن تحتاط في الدم الذي ليس بصفة الحيض فيما إذا لم يزد المجموع على عشرة
أيام.
29

الثالث: إذا رأت الدم وتجاوز عشرة أيام أو لم يتجاوز وعلمت بمصادفته
أيام عادتها تحيضت بمقدار ما يحتمل انه عادتها إن كان المحتمل سبعة أيام أو
أقل، واما إن كان المحتمل زائدا على سبعة أيام تحيضت السبعة وجعلت
الباقي استحاضة سواء أكان الدم جميعه أو بعضه بصفة الحيض أم لم يكن.
أحكام الحائض
لا تصح من الحائض الصلاة الواجبة والمستحبة - ولا قضاء لما يفوتها
من الصلوات حال الحيض، ولا يصح منها الصوم أيضا لكن يجب عليها أن
تقضي ما يفوتها من الصوم الواجب، ولا يصح الطواف أيضا من الحائض بلا
فرق بين الواجب منه والمندوب.
(مسألة 66): يحرم على الحائض كل ما كان يحرم على الجنب وقد تقدم
ذلك في المسألة (38).
(مسألة 67): يحرم وطء الحائض في أيام الدم ويجوز وطؤها بعد
انقطاعه وقبل الغسل، والأظهر أن يكون ذلك بعد غسل الفرج والأحوط
الأولى أن لا يطأ الحائض بل غير الحائض أيضا في دبرها وإن كان الأظهر
جواز وطء الحائض وغيرها دبرا مع رضاها بذلك على كراهية شديدة في
الحائض والقول بجوازه مع عدم رضاها قوى والأحوط الترك.
(مسألة 68): الأظهر التكفير في وطء الرجل زوجته حال الحيض. و
الكفارة تختلف باختلاف زمان الوطء فإن أيام الدم تنقسم إلى ثلاثة أقسام
30

فإذا كان الوطء في القسم الأول فكفارته ثماني عشرة حبة من الذهب
المسكوك، وإذا كان في القسم الثاني فهي تسع حبات منه، وإذا كان في القسم
الثالث فأربع حبات ونصف. وتجزئ قيم الذهب عنه.
(مسألة 69): لا يصح طلاق الحائض وتفصيل ذلك يأتي في محله.
(مسألة 70): غسل الحيض كغسل الجنابة من حيث الترتيب و
الارتماس، والظاهر إغناؤه عن الوضوء كما تقدم.
النفاس
النفاس: هو الدم الذي تراه المرأة عند الولادة أو تراه بعدها خلال عشرة
أيام مع العلم باستناده إلى الولادة وتسمى المرأة في هذه الحال بالنفساء، و
لا نفاس لمن لا ترى الدم من الولادة إلى عشرة أيام.
(مسألة 71): لاحد لأقل النفاس ويمكن أن يكون بمقدار لحظة فقط و
أكثره عشرة أيام، والأولى فيما زاد عليها إلى ثمانية عشرة يوما الجمع بين
تروك النفساء واعمال المستحاضة.
(مسألة 72): النفساء ثلاثة أقسام:
(1) التي لا يتجاوز دمها العشرة فجميع الدم في هذه الصورة نفاس.
(2) التي يتجاوز دمها العشرة وتكون ذات عادة عددية في الحيض ففي
هذه الصورة كان نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة.
(3) التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة في الحيض ففي هذه
31

الصورة جعلت عشرة أيام نفاسا.
(مسألة 73): إذا كانت النفساء ذات عادة في الحيض وتجاوز دمها عن
عددها وجب عليها الاستظهار يوما فيوما إلى تمام العشرة من حين رؤية
الدم " وقد تقدم معنى الاستظهار في المسألة (54).
(مسألة 74): إذا رأت الدم في اليوم الأول من الولادة ثم انقطع ثم عاد في
اليوم العاشر من الولادة أو قبله ففيه صورتان:
" الصورة الأولى ": أن لا يتجاوز الدم الثاني، اليوم العاشر من أول رؤية
الدم ففي هذه الصورة كان الدم الأول والثاني كلاهما نفاسا ويجري على
النقاء المتخلل حكم النفاس على الأظهر وإن كان الأحوط فيه الجمع بين
أعمال الطاهرة وتروك النفساء.
" الصورة الثانية ": أن يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية الدم
وهذا على أقسام:
(1) أن تكون المرأة ذات عادة عددية في حيضها وقد رأت الدم الثاني
في زمان عادتها، ففي هذه الصورة كان الدم الأول وما رأته في أيام العادة
والنقاء المتخلل نفاسا وما زاد على العادة استحاضة. مثلا إذا كانت عادتها في
الحيض سبعة أيام فرأت الدم حين ولادتها يومين فانقطع ثم رأته في اليوم
السادس واستمر إلى أن تجاوز اليوم العاشر - من حين الولادة - كان زمان
نفاسها اليومين الأولين واليوم السادس والسابع والنقاء المتخلل بينهما و
ما زاد على اليوم السابع فهو استحاضة.
(2) أن تكون المرأة ذات عادة ولكنها لم تر الدم الثاني حتى انقضت مدة
32

عادتها فرأت الدم وتجاوز اليوم العاشر ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم
الأول وكان الدم الثاني استحاضة ويجري عليها أحكام الطاهرة في النقاء
المتخلل.
(3) أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها وقد رأت الدم الثاني قبل
مضي عادة أقاربها وتجاوز اليوم العاشر ففي هذه الصورة كان نفاسها عشرة
أيام وكذلك إذا كانت عادتهن أقل من العشرة.
(4) أن لا تكون المرأة ذات عادة وقد رأت الدم الثاني الذي تجاوز اليوم
العاشر بعد مضي عادة أقاربها ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم الأول و
تحتاط أيام النقاء وأيام الدم الثاني إلى اليوم العاشر.
ثم إن ما ذكرناه في الدم الثاني يجري في الدم الثالث والرابع وهكذا.. مثلا
إذا رأت الدم في اليوم الأول والرابع والسادس ولم يتجاوز اليوم العاشر
كان جميع هذه الدماء والنقاء المتخلل بينها نفاسا، وإذا تجاوز الدم اليوم
العاشر في هذه الصورة وكانت عادتها في الحيض تسعة أيام كان نفاسها إلى
اليوم التاسع وما زاد استحاضة، وإذا كانت عادتها خمسة أيام كان نفاسها
الأربعة الأولى وفيما بعدها كانت طاهرة أو مستحاضة.
(مسألة 75): الأظهر كما هو المشهور أن أحكام الحائض من الواجبات و
المحرمات والمستحبات والمكروهات تثبت للنفساء أيضا.
الاستحاضة
الاستحاضة هو الدم الذي تراه المرأة حسب ما يقتضيه طبعها غير
33

الحيض والنفاس فكل دم لا يكون حيضا ولا نفاسا ولا يكون من دم
العذرة أو القروح أو الجروح فهو استحاضة، والغالب في الاستحاضة أن
يكون على خلاف ما ذكرناه للحيض من الصفة ولاحد لأقله ولا لأكثره.
أقسام الاستحاضة وأحكامها
الاستحاضة على ثلاثة أقسام: كثيرة. ومتوسطة. وقليلة.
الكثيرة: هي أن يغمس الدم القطنة التي تحملها المرأة ويتجاوزها.
المتوسطة: هي أن يغمسها الدم ولا يتجاوزها.
والقليلة: هي أن تتلوث القطنة بالدم ولا يغمسها.
(مسألة 76): يجب على المرأة في الاستحاضة الكثيرة ثلاثة أغسال:
غسل لصلاة الصبح، وغسل للظهرين إذا جمعتها، وغسل للعشاءين كذلك.
وإذا أرادت التفريق بين الظهرين أو العشاءين وجب عليها الغسل لكل
صلاة، والأظهر وجوب الوضوء لكل صلاة فريضة كانت أو نافلة.
(مسألة 77): يجب على المرأة في الاستحاضة المتوسطة أن تتوضأ لكل
صلاة وأن تغتسل لكل يوم مرة فإذا كانت الاستحاضة متوسطة قبل أن
تصلي صلاة الفجر توضأت ثم اغتسلت وصلت، ويكفي لغيرها من
الصلوات الوضوء فقط. وإذا كانت قبل صلاة الظهر توضأت واغتسلت لها
وصلت غيرها من الصلوات بالوضوء وهكذا. والضابط: أنها تضم إلى
الوضوء غسلا واحدا للصلاة التي تحدث الاستحاضة المتوسطة قبلها.
34

(مسألة 78): لا يجب الغسل للاستحاضة القليلة ولكنه يجب معها
الوضوء لكل صلاة واجبة أو مستحبة.
(مسألة 79): يجب على المستحاضة أن تختبر حالها قبل الصلاة لتعرف
أنها من أي قسم من الأقسام الثلاثة، وإذا صلت من دون اختبار بطلت إلا
إذا طابق عملها الواقع وحصل منها قصد القربة هذا فيما تمكنت من الاختبار
وإلا أخذت بالمقدار المتيقن إن لم تكن لها حالة سابقة معلومة، وإلا أخذت
بها.
(مسألة 80): إذا انتقلت المرأة من الاستحاضة القليلة إلى المتوسطة
جرى عليها حكم المتوسطة بعد الانتقال فيجب عليها الغسل مرة في كل
يوم، وإذا انتقلت من القليلة أو المتوسطة إلى الكثيرة جرى عليها حكم
الكثيرة، فلو كانت الاستحاضة قليلة أو متوسطة وصلت صلاة الفجر
بالوضوء وحده، أو مع الغسل ثم انقلبت كثيرة قبل صلاة الظهر وجب عليها
الغسل للظهرين إذا جمعت بينهما، ولكل منهما إذا فرقت بينهما.
(مسألة 81): الأظهر في الاستحاضة المتوسطة أو الكثيرة تبديل القطنة
التي تحملها أو تطهيرها لكل صلاة إذا تمكنت من ذلك. وكذلك الخرقة التي
تشدها المرأة فوق القطنة.
(مسألة 82): يجب على المستحاضة أن تصلي بعد الاغتسال من دون
فصل، وأن تتحفظ من خروج الدم مع الأمن من الضرر من حين الفراغ من
الغسل إلى أن تتم الصلاة.
35

(مسألة 83): إذا انقطعت الاستحاضة الكثيرة أو المتوسطة بعد الغسل
قبل الصلاة أو بعدها وجب على المرأة أن تغتسل للصلوات الآتية لرفع
حدث الاستحاضة.
(مسألة 84): يحرم على المستحاضة مس كتابة القرآن قبل طهارتها
بالوضوء أو الغسل. والأحوط تركه بعد ذلك أيضا ما دام حدث الاستحاضة
باقيا.
(مسألة 85): يجوز طلاق المستحاضة ولا يجري عليها حكم الحائض و
النفساء.
(مسألة 86): ما يترتب على الحيض من حرمة وطء الحائض وحرمة
دخولها المساجد ووضع شئ أو المكث فيها وقراءة آيات السجدة، لا
يترتب شئ من ذلك على الاستحاضة القليلة، كما أن تلك الأحكام لا
تترتب على الكثيرة أو المتوسطة إذا قامت المرأة بوظيفتها من الأغسال
النهارية، والأحوط الأولى رعاية الاحتياط فيما إذا لم تقم بوظيفتها.
أحكام الميت وغسله
(مسألة 87): يجب توجيه الميت المسلم ومن بحكمه حال نزعه إلى القبلة
بأن يوضع على قفاه وتمد رجلاه نحوها، والأحوط أن يكون ذلك بإذن الولي
ولا فرق في الميت بين الرجل والمرأة والكبير والصغير ويستحب الإسراع
في تجهيزه إلا أن يشتبه أمر موته فإنه يجب التأخير حينئذ حتى يتبين موته.
36

(مسألة 88): يجب غسل الميت على المكلفين كفاية فيسقط عن الباقين
بقيام واحد به، وكذلك سائر واجبات الميت التي سنذكرها، ويختص
وجوب التغسيل بالميت المسلم ومن بحكمه كأطفال المسلمين ومجانينهم.
ويستثنى من ذلك صنفان:
(1) من قتل رجما أو قصاصا بأمر الإمام (ع) أو نائبه على تفضيل في
محله.
(2) من قتل في جهاد أو دفاع عن الاسلام بشرط أن لا يدركه المسلمون
حيا ولو بلحظة.
(مسألة 89): إذا كان المغسل غير الولي فلابد من اذن الولي على
الأحوط، وهو الزوج بالنسبة إلى الزوجة، ثم الطبقة الأولى في الميراث وهم
الأبوان والأولاد، ثم الطبقة الثانية وهم الأجداد والاخوة، ثم الطبقة الثالثة
وهم الأعمام والأخوال، وفى كل طبقة من مت إلى الميت بالأبوين مقدم
على من مت إليه بالأب وهو مقدم على من مت إليه بالام، وفى الطبقة
الأولى الأب مقدم على الام، وفى الثالثة العم مقدم على الخال، ولا ولاية
لغير البالغ.
(مسألة 90): يجب تغسيل السقط وتحنيطه وتكفينه إذا تمت له أربعة
أشهر أو استوت خلقته، ولا تجب الصلاة عليه كما أنها لا تستحب. وإذا لم
تتم له أربعة أشهر فالأحوط أن يلف في خرقة ويدفن.
(مسألة 91): يحرم النظر إلى عورة الميت كما يحرم النظر إلى عورة الحي و
لكن الغسل لا يبطل بذلك.
37

(مسألة 92): يعتبر في غسل الميت إزالة النجاسة عن بدنه على نحو قد
مر في غسل الجنابة، والأولى تطهير تمام البدن قبل أن يشرع في الغسل، وأن يوضع مستقبل القبلة كالمحتضر.
شرائط المغسل
يعتبر في من يباشر غسل الميت، البلوغ - على الأحوط وجوبا - و
العقل والإسلام، وأن يكون مماثلا للميت في الذكورة والأنوثة.
ويستثنى من ذلك موارد:
(1) الزوج والزوجة، فيجوز لكل منهما تغسيل الأخر اختيارا. و
الأحوط الأولى: أن يكون التغسيل من وراء الثياب.
(2) الطفل الذي لم يزد سنه على ثلاث سنين، فيجوز تغسيله من غير
المماثل، فللرجل أن يغسل ابنة ثلاث سنين ومن دونها، كما يجوز للمرأة
تغسيل ابن ثلاث سنين ومن دونه.
(3) المحرم، فيجوز له أن يغسل محرمه غير المماثل والأحوط وجوبا
اعتبار فقد المماثل وكونه من وراء الثياب.
(مسألة 93): إذا غسل المسلم غير الاثني عشري من يوافقه في المذهب
على مذهبه سقط الوجوب عن المؤمنين، وإذا غسله اثني عشري وجب
عليه أن يغسله على الطريقة الاثني عشرية في غير موارد التقية.
(مسألة 94): إذا لم يوجد مسلم اثنى عشري مماثل للميت، أو أحد محارمه جاز أن يغسله المسلم المماثل غير الاثني عشري، وإن لم يوجد هذا
38

أيضا جاز أن يغسله الكافر الكتابي المماثل بأن يأمره المسلم بالاغتسال
أولا، وبتغسيل الميت ثانيا. وإن لم يوجد الكتابي أيضا سقط وجوب الغسل
ودفن بلا غسل.
كيفية تغسيل الميت
يجب تغسيل الميت على الترتيب الآتي: (1) بالماء المخلوط بالسدر.
(2) بالماء المخلوط بالكافور.
(3) بالماء القراح، ولابد من أن يكون الغسل ترتيبيا، بأن يغسل الرأس
والرقبة، ثم الطرف الأيمن، ثم الطرف الأيسر، وإذا كان الميت محرما لا يجعل
الكافور في ماء غسله، إلا إذا كان موته بعد طواف الحج أو الغمرة.
(مسألة 95): السدر والكافور ولابد من أن يكونا بمقدار يصدق معه
عرفا أن الماء المخلوط بهما، ويعتبر أن لا يكونا في الكثرة بحد يخرج معه الماء
من الاطلاق إلى الإضافة.
(مسألة 96): إذا لم يوجد السدر أو الكافور فالأحوط أن يغسل حينئذ
بالماء القراح بدلا من الغسل بما هو المفقود منهما، ويضاف إليه التيمم، وإذا لم
يوجد الماء القراح، فإن تيسر ماء السدر أو الكافور: فالأحوط أن يغسل به
بدلا من الغسل بالماء القراح، ويضم إليه التيمم، وإن كان الأظهر هو
الاكتفاء بما يمكن من الأغسال.
39

(مسألة 97): إذا كان عنده من الماء ما يكفي لغسل واحد فقط،
فالأحوط الأولى ان لم يوجد السدر والكافور ييمم الميت مرتين، مرة بدلا
عن الغسل بماء السدر، ومرة أخرى بدلا عن الغسل بماء الكافور ثم يغسل
بالماء القراح، وإن وجد السدر مع الكافور أو بدونه، يغسل الميت بماء السدر
ثم ييمم مرتين بدلا عن الغسل بماء الكافور وعن الغسل بالماء القراح، وإن
وجد الكافور فقط ييمم أولا بدلا عن الغسل بماء السدر، ثم يغسل بماء
الكافور، ثم ييمم بدلا عن الغسل بالماء القراح. والأظهر هو الاكتفاء بغسل
واحد.
(مسألة 98): إذا لم يوجد الماء أصلا ييمم الميت على الأحوط مرات و
يقصد فيها البدلية عن الأغسال الثلاثة على الترتيب المعتبر فيها. والأحوط
أن يؤتى بإحدى التيممات بقصد ما في الذمة. وإن كان الأظهر الاكتفاء بتيمم
واحد بدلا عن الأغسال.
(مسألة 99): إذا كان الميت جريحا أو محروقا أو مجدورا، وخيف من
تناثر لحمه إذا غسل وجب أن ييمم، والأظهر كون التيمم بيد الميت مع
الامكان ومع عدمه فبيد الحي.
(مسألة 100): يجوز تغسيل الميت من وراء الثوب وإن كان المغسل
مماثلا له، بل الأظهر ان ذلك أفضل من تغسيله مجردا.
(مسألة 101): ما تقدم في غسل الجنابة من شرائط الماء والاناء و
المكان ونحو ذلك يجري في غسل الميت أيضا. والصخرة أو الساجة التي
40

يغسل عليها الميت يجري عليها حكم المكان، كما أن السدر والكافور يجري
عليهما حكم الماء.
(مسألة 102): الأظهر قصد القربة في التغسيل. ولا يجوز على الأحوط
أخذ الأجرة عليه. ولا بأس بأخذ الأجرة على المقدمات، أو أن يكون
التغسيل بقصد القربة، ويكون أخذ الأجرة داعيا إلى ذلك.
(مسألة 103): إذا تنجس بدن الميت - أثناء الغسل - بنجاسة خارجية،
أو من الميت وجب تطهير الموضع، ولا تجب إعادة الغسل.
تكفين الميت
يجب تكفين الميت المسلم بقطعات ثلاث: مئزر، وقميص، وإزار.
والواجب في المئزر أن يكون بمقدار يستر ما بين السرة والركبة والأفضل أن
يكون من الصدر إلى القدم. والواجب في القميص أن يستر البدن من
المنكبين إلى النصف من الساقين والأفضل أن يستره إلى القدمين، والواجب
في الأزار - طولا - أن يستر جميع البدن، ويشد طرفاه، و - عرضا - أن يقع
أحد جانبيه على الآخر والأحوط في كل قطعة أن يكون وحده ساترا لما
تحته، وإن كان الأظهر كفاية حصول الستر بالمجموع، وإذا لم تتيسر
القطعات الثلاث فالأحوط تكفين الميت بما يتمكن منها.
(مسألة 104): لا يجب على المكلفين بذل الكفن إذا لم يكن للميت مال
يكفي لكفنه، ويجوز دفنه حينئذ عاريا.
41

(مسألة 105): يخرج المقدار الواجب من الواجب من الكفن من أصل
التركة، وكذا السدر والكافور والماء، وقيمة الأرض التي يدفن فيها وأجرة حمل الميت، وأجرة حفر القبر، إلى غير ذلك مما يصرف في أي عمل من
واجبات الميت، فإن كل ذلك يخرج من أصل التركة وإن كان الميت مديونا،
أو كانت له وصية. هذا فيما إذا لم يوجد من يتبرع بشئ من ذلك وإلا لم
يخرج من التركة، وأما ما يصرف فيما زاد على الواجب فإن كانت الميت قد
أوصى بذلك خصوصا أو عموما أخرج من الثلث، وإلا توقف جواز صرفه
على إجازة الكبار من الورثة من حصصهم.
(مسألة 106): كفن الزوجة على زوجها مع تمكنه حتى مع يسارها، و
الأظهر ذلك في المنقطعة والناشزة أيضا. هذا إذا لم يتبرع غير الزوج بالكفن
وإلا سقط عنه. وكذلك إذا أوصت به من مالها.
(مسألة 107): تجوز كتابة القرآن كلا أو بعضا على الكفن، بشرط أن لا
تتنجس بالدم أو غيره من النجاسات. والأولى أن يكتب على خرقة، و
توضع على رأسه أو صدره، ليؤمن به من النجاسة.
شروط الكفن
يعتبر في الكفن أمور:
(1) الإباحة.
(2) الطهارة. فلا يجوز التكفين بالنجس، حتى لو كانت النجاسة معفوا
عنها في الصلاة على الأحوط.
42

(3) أن لا يكون من الحرير الخالص، ولا بأس بما يكون ممزوجا به. و
الأحوط أن يكون حريره أقل من خليطه. وأن لا يكون الكفن مذهبا، ولا
من الجلد، وإن كان مما يحل أكله. والأحوط ان لا يكون من اجزاء ما لا
يؤكل لحمه من وبره وشعره.
وكل هذه الشروط " غير الإباحة " يختص بحال الاختيار. ويسقط في
حال الضرورة. فلو انحصر الكفن في الحرام دفن عاريا، ولو انحصر في غيره
من الأنواع التي لا يجوز التكفين بها اختيارا كفن به. فإذا انحصر في واحد
منها تعين.
(مسألة 108): الشهيد لا يكفن " بل يدفن بثيابه " إلا إذا كان بدنه عاريا
فيجب تكفينه.
(مسألة 109): يستحب وضع جريدتين خضراوين مع الميت، وينبغي
أن تكونا من النخل، وإلا فمن السدر، وإلا فمن الخلاف " الصفصاف " أو
الرمان، وتكتب عليها بالتربة الحسينية الشهادتان وأسماء الأئمة عليهم السلام.
الحنوط
يجب تحنيط الميت المسلم " وهو مسح مواضعه السبعة للسجود بالكافور
المسحوق غير الزائلة رائحته " ويكفي فيه المسمى، والأفضل أن يكون
سبعة مثاقيل، ويستحب خلطه بقليل من التربة الحسينية. ويشترط في
الكافور إباحته، فيسقط وجوب التحنيط عند عدم التمكن من الكافور
المباح.
43

(مسألة 110): الأحوط الأولى أن يكون المسح بالكف وأن يبتدأ من
الجبهة، ولا ترتيب في سائر الأعضاء.
(مسألة 111): يسقط التحنيط فيما إذا مات الميت في إحرام العمرة أو
الحج، فيجنب من الكافور، بل من مطلق الطيب إلا إذا كان موته بعد
طواف الحج أو العمرة، فيجب تحنيطه كغيره من الأموات.
(مسألة 112): التحنيط واجب كفائي، إلا أن ولي الميت أولى به من
غيره. وقد مضى تفصيله في المسألة (89).
الصلاة على الميت
تجب الصلاة على كل مسلم ميت وإن كان فاسقا، ووجوبها كفائي، و
الأولوية في الصلاة كما تقدمت في المسألة (89).
(مسألة 113): إنما تجب الصلاة على الميت إذا كملت له ست سنين و
يستجب على من لم يبلغ ذلك وقد تولد حيا.
(مسألة 114): تصح الصلاة على الميت من الصبي المميز، إلا أنه لا
يسقط بها الوجوب عن البالغين على الأظهر.
(مسألة 115): يجب تقديم الصلاة على الدفن، إلا أنه إذا دفن قبل أن
يصلى عليه عصيانا، أو لعذر وجب أن يصلى عليه وهو في القبر ولا يجوز
نبش قبره للصلاة عليه.
44

كيفية صلاة الميت
الصلاة على الميت خمس تكبيرات، والأحوط أن يأتي بعد كل منها بذكر
خاص ما عدا الأخيرة، وهو الشهادتان بعد الأولى، والصلاة على محمد و
آله بعد الثانية، والدعاء للمؤمنين بعد الثالثة، والدعاء للميت بعد الرابعة، وبالخامسة تتم الصلاة، والأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى: " أشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق
بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة " وبعد التكبيرة الثانية: " اللهم صل على
محمد وآل محمد وارحم محمدا وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت و
ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وصل على جميع الأنبياء و
المرسلين والشهداء والصديقين وجميع عباد الله الصالحين " وبعد التكبيرة
الثالثة: " اللهم اغفر لنا للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء
منهم والأموات تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات إنك مجيب الدعوات إنك
على كل شئ قدير " وبعد الرابعة: " اللهم إن هذا المسجى قدامنا عبدك وابن
عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول به اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا
وأنت أعلم به منا اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا
فتجاوز عن سيئاته واغفر له، اللهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف
على أهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين " ثم يكبر، وبها تتم
الصلاة.
وتختص هذه الكيفية بما إذا كان الميت مؤمنا بالغا. وفي الصلاة على
أطفال المؤمنين يقول بعد التكبيرة الرابعة: اللهم اجعله لأبوية ولنا سلفا و
فرطا وأجرا ".
45

(مسألة 116): يعتبر في صلاة الميت أمور:
(1) أن تكون بعد الغسل والتحنيط والتكفين، وإلا بطلت، ولابد من
اعادتها وإذا تعذر غسل الميت، أو التيمم بدلا عنه، وكذلك التكفين و
التحنيط لم تسقط الصلاة عليه.
(2) النية
(3) القيام مع القدرة عليه.
(4) أن يكون رأس الميت على يمين المصلي.
(5) أن يوضع على قفاه عند الصلاة عليه.
(6) استقبال المصلي للقبلة حال الاختيار.
(7) أن يكون الميت أمام المصلي.
(8) أن لا يكون حائل بينهما.
(9) إباحة مكان الصلاة على الأحوط الأولى.
(10) الموالاة بين التكبيرات والأذكار بأن لا يفصل بينهما بمقدار تنمحي
به صورة الصلاة.
(11) أن لا يكون بين الميت والمصلي بعد مفرط ولا يكون أحدهما أعلى
من الآخر علوا مفرطا.
دفن الميت
يجب دفن الميت المسلم وجوبا كفائيا. والوالي أولى به من غيره كما تقدم
في المسألة (89) ويجب أن يراعى في دفنه حفظ بدنه من السباع، وأن لا
تظهر رائحته في الخارج. ويجب أن يوضع في القبر على طرفه الأيمن مستقبل
46

القبلة.
(مسألة 117): يجب دفن الجزء المبان من الميت، حتى إذا كان شعرا، أو
سنا، أو ظفرا، على الأحوط.
(مسألة 118): من مات في السفينة، ولم يمكن دفنه، ولو بتأخيره لخوف
فساده، أو غير ذلك: يوضع في خابية ونحوها ويشد رأسها باستحكام، و
يشد برجله ما يثقله من حجر أو حديد، ثم يلقى في البحر، وكذلك الحال في
ميت خيف عليه من أن يخرجه العدو من قبره، ويحرقه، أو يمثل به.
(مسألة 119): لا يجوز دفن الميت في مكان يستلزم هتك حرمته
كالبالوعة، والمواضع القذرة، كما لا يجوز دفنه في مقابر الكفار، ولا يجوز
دفن الكافر في مقبرة المسلمين.
(مسألة 120): يعتبر في موضع الدفن الإباحة، فلا يجوز الدفن في مكان
مغصوب، أو فيما وقف لجهة خاصة، كالمدارس والحسينيات ونحو هما.
(مسألة 121): إذا دفن الميت في مكان لا يجوز دفنه فيه: وجب نبش
قبره، وإخراجه، ودفنه في موضع يجوز دفنه فيه.
(مسألة 122): إذا دفن الميت بلا غسل أو كفن أو حنوط وجب إخراجه
مع القدرة، لإجراء الواجب عليه ودفنه ثانيا.
(مسألة 123): لا يجوز نبش القبر من غير ضرورة تقتضيه، نعم يجوز
ذلك للنقل إلى المشاهد المشرفة، ونحو ذلك من الغايات الراجحة شرعا،
47

فإن في ذلك تعظيما للميت وإظهارا للعلو شأنه.
(مسألة 124): إذا كان الميت ناقصا، كما إذا لم تكن له يد أو رجل أو
رأس، أو تناثر لحمه ولم يبق منه إلا هيكله العظمي تجري عليه جميع
الأحكام المتقدمة، وإذا كان الموجود منه ما لا يصدق عليه عنوان الميت، كما
إذا كان يدا أو صدرا فقط فالأحوط رعاية ما يأتي:
(1) إذا كان الموجود تمام الصدر أو بعضه، وكان فيه القلب تجري عليه
جميع الأحكام المتقدمة.
(2) إذا كان الموجود منه العظم المجرد، أو هو مع اللحم يغسل ويلف في
خرقة ويدفن على الأحوط وجوبا.
(3) إذا كان الموجود منه لحما مجردا يلف في خرقة ويدفن ولا يجب
تغسيله، وكذلك الحال في السن والشعر والظفر.
صلاة ليلة الدفن
روى الشيخ الكفعمي عن ابن فهد عن النبي (ص) " أنه قال: لا يأتي على
الميت أشد من أول ليلة " فارحموا موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا فليصل
أحدكم ركعتين له: يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي، وفي الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات، فيقول بعد السلام: اللهم صل على محمد وآل
محمد وابعث ثوابها إلى قبر فلان " ويسمى الميت ورويت لهذه الصلاة كيفية
أخرى أيضا.
48

غسل مس الميت
يجب الغسل على من مس الميت بعد برده، وقبل تغسيله، ولا فرق بين
أن يكون المس مع الرطوبة أو بدونها، كما لا فرق في الممسوس والماس بين
أن يكون مما تحله الحياة، وما لا تحله، كالسن والظفر، ولا يختص الوجوب
بما إذا كان الميت مسلما، فيجب في مس الميت الكافر أيضا، بل ولا فرق في
المسلم بين من يجب تغسيله ومن لا يجب كالمقتول في المعركة في جهاد أو
دفاع عن الإسلام، أو المقتول بقصاص أو رجم بعد الاغتسال بأمر الحاكم.
(مسألة 125): يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد والمشاهد، و
المكث فيها، وقراءة العزائم، نعم لا يجوز له مس كتابة القرآن ونحوها مما لا
يجوز للمحدث مسه، ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة إلا
بالغسل، والأحوط ضم الوضوء إليه، وإن كان الأظهر عدم وجوبه.
(مسألة 126): يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الميت، أو الحي إذا
كانت مشتملة على العظم واللحم معا، وإلا مل يجب الغسل بمسها.
(مسألة 127): إذا يمم الميت بدلا عن تغسيله لعذر: فالظاهر وجوب
الغسل بمسه.
الأغسال المستحبة
قد ذكر الفقهاء " قدس الله أسرارهم " كثيرا من الأغسال المستحبة و
لكنه لم يثبت استحباب جملة منها، والثابت منها ما يلي:
49

(1) غسل الجمعة، وهو من المستحبات المؤكدة. ووقته من طلوع الفجر
إلى الزوال، وأما فيما بعد الزوال إلى الغروب، فيؤتى به من دون قصد للأداء و
القضاء ويجوز قضاؤه إلى غروب يوم السبت ويجوز تقديمه - يوم الخمسين
رجاءا، إذا خيف اعواز الماء يوم الجمعة والأولى اعادته إذا وجد الماء فيه
برجاء المطلوبية.
(2، 7) غسل الليلة الأولى، وليلة السابع عشر، والتاسع عشر و
الحادي والعشرين، والثالث والعشرين، والرابع والعشرين من شهر
رمضان المبارك.
(8، 9) غسل يومي العيدين (الفطر والأضحى) ووقته من طلوع الفجر
إلى الظهر، ولا بأس بالاتيان به بعد الظهر رجاءا والأفضل: أن يؤتى به قبل
صلاة العيد.
(10) غسل ليلة عيد الفطر، والأفضل أن يؤتى به أول الليل.
(11، 12) غسل اليوم الثامن والتاسع من ذي حجة الحرام، والأفضل
في اليوم التاسع أن يؤتى به قريبا من الزوال.
(13) الغسل لمن ترك صلاة الآيات عمدا عند كسوف الشمس كليا.
(14) غسل من مس الميت بعد تغسيله.
(15) غسل الإحرام.
(16) غسل دخول الحرم.
(17) غسل دخول مكة.
(18) غسل زيارة الكعبة المشرفة.
(19) غسل دخول الكعبة المشرفة.
50

(20) غسل النحر والذبح.
(21) غسل دخول المدينة المنورة.
(23) غسل دخول حرم النبي (ص).
(24) غسل المباهلة مع الخصم.
(25) غسل الوليد عند الولادة.
(26) غسل الاستخارة.
(27) غسل الاستسقاء.
(28) غسل الكسوف الكلي (احتراق الشمس).
والأظهر: إن هذه الأغسال تجزئ عن الوضوء. وأما غيرها فيؤتي بها
رجاءا، ولا بد معاها من الوضوء فنذكر جملة منها.
(1) الغسل في ليالي الافراد من شهر رمضان المبارك، وتمام ليالي العشر
الأخيرة.
(2) غسل آخر في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك
قريبا من الفجر.
(3) غسل الرابع والعشرين من ذي حجة الحرام.
(4) غسل يوم عيد النيروز.
(5) غسل يوم النصف من شعبان.
(6) غسل اليوم التاسع، والسابع عشر من ربيع الأول، واليوم الخامس
والعشرين من ذي القعدة.
(7) الغسل لزيارة سائر المعصومين (عليهم السلام) من قريب أو بعيد.
(8) غسل دخول مسجد النبي (ص).
51

الجبيرة: " هي ما يوضع على العضو من الألواح أو الخرق ونحوها إذا
حدث فيه كسر أو جرح أو قرح " وفي ذلك صورتان:
(1) أن يكون شئ من ذلك في مواضع الغسل كالوجه واليدين.
(2) أن يكون في مواضع المسح كالرأس والرجلين. وعلى التقديرين
فإن لم يكن في غسل الموضع أو مسحه ضرر أو حرج وجب غسل ما يجب
غسله ومسح ما يجب مسحه. وأما إذا استلزم شيئا من ذلك ففيه صور:
الأولى: أن يكون الكسر أو الجرح أو القرح في أحد مواضع الغسل، ولم
تكن في الموضع جبيرة، ففي هذه الصورة يجب غسل ما حول الجرح و
القرح، والأولى مع ذلك أن يضع خرقة على الموضع ويمسح عليها وأن يمسح
على نفس الموضع أيضا إذا تمكن من ذلك، وأما الكسر فالمتعين فيه التيمم.
الثانية: أن يكون الكسر أو الجرح أو القرح في أحد مواضع الغسل، وكان
عليه جبيرة ففي هذه الصورة يغسل ما حوله ويمسح على الجبيرة.
الثالثة: إن يكون شئ من ذلك في أحد مواضع المسح، وكانت عليه
جبيرة ففي هذه الصورة يجزئ المسح على الجبيرة.
الرابعة: أن يكون شئ من ذلك في أحد مواضع المسح ولم تكن عليه
جبيرة، فالأحوط في هذه الصورة أن يضع خرقة عليه ويمسح عليها، ثم
يتيمم. وإن كان الأظهر الاكتفاء بالتيمم.
(مسألة 128): يعتبر في الجبيرة أمران:
(1) طهارة ظاهرها، فإذا كانت الجبيرة نجسة وزائدة على مقدار الجرح
52

وإن لم تزد على المتعارف ولم يمكن تبديلها سقط وجوب الوضوء ووجب
التيمم هذا فيما إذا كان وجوب المسح على الجبيرة - على تقدير طهارتها - معلوما.
وأما فيما إذا كان كان المسح عليها من باب الاحتياط ولم يتمكن المكلف المكلف من
المسح على الجبيرة الطاهرة: فالأحوط الجمع بين الوضوء من دون أن يمسح
على الجبيرة وبين التيمم.
(2) إباحتها، فلا يجوز المسح عليها إذا لم تكن مباحثة، فيجب تبديلها، أو
استرضاء مالكها. وإن لم يتمكن منهما سقط وجوب الوضوء، أو وجوب
المسح على الجبيرة على التفصيل المتقدم.
(مسألة 129): يعتبر في جواز المسح على الجبيرة أمور:
(الأول): أن يكون في العضو كسر أو جرح أو قرح، فإذا لم يتمكن من
غسله لأمر آخر، كنجاسته مع تعذر ازالتها، أو لزوم الضرر من استعمال
الماء، أو لصوق شئ بالعضو ولم يتمكن من إزالته بغير حرج، ففي جميع ذلك
لا يجري حكم الجبيرة: بل يجب التيمم، نعم إذا كان اللاصق بالعضو دواء
يجري عليه حكم الجبيرة: وإذا كان اللاصق غيره، وكان في مواضع التيمم
فالأحوط الجمع بينه وبين الوضوء.
(الثاني): أن لا تزيد الجبيرة على المقدار المتعارف، وإلا وجب رفع
المقدار الزائد، وغسل ما تحته، إذا كان مما يغسل، ومسحه إذا كان مما يمسح.
وإن لم يتمكن من رفعه، أو كان فيه حرج سقط الوضوء ووجب التيمم على
الأظهر، هذا إذا لم تكن الجبيرة في مواضع التيمم وإلا جمع بين الوضوء و
التيمم.
53

(الثالث): أن يكون الجرح أو نحوه في نفس مواضع الوضوء، فلو كان في
غيرها، وكان مما يضر به الوضوء تعين عليه التيمم.
وكذلك الحال فيما إذا كان الجرح أو نحو في جزء من أعضاء الوضوء و
كان مما يضر به غسل جزء آخر اتفاقا دون أن يكون مما يستلزمه عادة، كما
إذا كان الجرح في إصبعه، واتفق أنه يتضرر بغسل الذراع، فإنه يتعين التيمم
في مثل ذلك أيضا.
(مسألة 130): إذا كان تمام الوجه أو إحدى اليدين مجبرا فالأحوط أن
يجمع بين الوضوء، مع المسح على الجبيرة وبين التيمم، وأما إذا كان تمام
الرأس أو إحدى الرجلين مجبرا تعين التيمم.
(مسألة 131): إذا كانت الجبيرة في باطن الكف مستوعبة لها ومسح
المتوضئ عليها بدلا عن غسل العضو فاللازم أن يمسح رأسه ورجليه بهذه
الرطوبة، لا برطوبة خارجية.
(مسألة 132): إذا توضأ مع المسح على الجبيرة، وصلى ثم ارتفع العذر - بعد خروج الوقت - لم يجب عليه قضاء تلك الصلاة بلا إشكال، بل يجوز له
أن يصلي صلوات أخرى واجبة أو مستحبة بذلك الوضوء بعينه وأما إذا زال
العذر قبل خروج الوقت، وتمكن المكلف من إعادة الصلاة مع الوضوء
الاختياري اعادتها على الأحوط الأولى.
(مسألة 133): إذا خاف الضرر من غسل العضو الذي فيه جرح أو
نحوه، فمسح على الجبيرة وصلى، ثم انكشف خارج الوقت أنه لم يكن فيه
ضرر، فالظاهر أنه يجب القضاء. وكذلك إذا اعتقد أن العضو فيه قرح أو
54

جرح أو كسر فصلى مع الوضوء عن جبيرة ثم انكشف بعد خروج الوقت
سلامة العضو فالظاهر وجوب قضائها.
(مسألة): يجري حكم الجبيرة في الأغسال - غير غسل الميت - كما
كان يجري في الوضوء، ولكنه يختلف عنه في الجملة فإن المانع عن الغسل -
إذا كان قرحا أو جرحا - وكان المحل مجبورا تعين عليه الاغتسال مع المسح
على الجبيرة على الأحوط، وإن كان مكشوفا تخير المكلف بين الغسل و
التيمم، وإذا اختار الغسل فالأحوط أن يضع خرقة على موضع القرح أو
الجرح، ويمسح عليها، وإن كان الأظهر جواز الاجتزاء بغسل أطرافه: وأما
إذا كان المانع كسرا فإن كان محل الكسر مجبورا تعين عليه الاغتسال مع
المسح على الجبيرة على الأحوط. وأما إذا كان مكشوفا، أو لم يتمكن من
المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.
التيمم وأحكامه
يصح التيمم بدلا عن الغسل، أو الوضوء في تسعة مواضع:
(الأول): ما إذا لم يجد من الماء مقدار ما يفي بوظيفة الأولية من غسل أو
وضوء. ويجب الفحص عن الماء إذا احتمل وجوده في رحله على الأظهر، و
أما إذا كان في البر فيجب الفحص في الجوانب الأربعة غلوة سهم في الحزنة
(الأرض الوعرة) وغلوة سهمين في الأرض السهلة. ولا يجب الفحص أكثر
من ذلك، ويسقط وجوب الفحص عند عدم التمكن منه لضيق الوقت أو
لغيره.
55

(مسألة 135): إذا تيمم من غير فحص - فيما يلزم فيه الفحص - بطل، إلا
إذا تمشى منه قصد القربة، وانكشف أن الماء لم يكن، أو أنه لم يكن يصل إليه
لو طلبه.
(مسألة 136): إذا انحصر الماء الموجود عنده بما يحرم التصرف فيه كما
إذا كان مغصوبا، أو كان في إناء يحرم استعماله ولم يمكن تخليصه منه بإراقته
في إناء آخر، لم يجب الوضوء ووجب عليه التيمم. والماء الموجود - حينئذ - بحكم المعدوم.
(الثاني): ما إذا خاف على نفسه، أو عرضه، أما ماله المعتد به في وصوله إلى الماء الموجود. وأما إذا كان المال قليلا - لا يعتنى به - لزمه تحصيل الماء، وإن خاف ضياعه أو تلفه.
(الثالث): ما إذا خاف ضررا على نفسه من استعمال الماء كما إذا خاف حدوث مرض أو امتداده أو شدته. وإنما يشرع التيمم في هذه الصورة إذا لم
تكن وظيفته الطهاة المائية مع المسح على الجبيرة، وإلا وجبت، وقد مر
تفصيل ذلك.
(الرابع): ما إذا خاف من استعمال الماء تلف النفس أو تضررها
بالعطش. وفي ذلك صور:
(1) أن يخاف من استعمال الماء في الطهارة المائية تلف نفسه فعلا، أو بعد
ذلك، أو أن يبتلي بمرض، أو يقع في حرج، كل ذلك لاحتماله حدوث العطش
وأن لا يكون عنده من الماء ما يكفي لرفع عطشه.
(2) أن يخاف من استعمال الماء في الطهارة تلف شخص آخر أو مرضه، ممن يجب عليه حفظه من التلف أو المرض.
56

(3) أن يخاف العطش على غيره ممن يهمه أمره على نحو يتوجه إليه من
عطشه ضرر أو حرج، ويندرج في هذه الصورة ما إذا خاف تلف حيوان، أو
مرضه الموجب لتضرره به، أو وقوعه في حرج، ففي جميع هذه الصور يسقط
وجوب الوضوء، وينتقل الأمر إلى الطهارة الترابية.
(الخامس): ما إذا استلزم تحصيل الماء مشقة، لا تتحمل عادة ومن هذا
القبيل ما إذا كان - في شراء الماء أو تملكه مجانا منة من المالك لا تتحمل
عادة.
(السادس): ما إذا توقف تحصيل الماء على بذل مال يضر بحاله.
(السابع): ما إذا استلزم تحصيل الماء فوات الصلاة في وقتها.
(الثامن): ما إذا استلزمت الطهارة المائية فوات الصلاة في وقتها.
(التاسع): ما إذا كان بدن المكلف أو لباسه متنجسا ولم يكف الماء
الموجود عنده للطهارة الحدثية والخبثية معا. فإن الأظهر في هذه الصورة ان
له أن يصرف الماء في إزالة النجاسة ثم يتيمم، كما أن له استعماله في رفع
الحدث.
ما يصح به التيمم
بجوز عند تعذر الطهارة المائية التيمم بمطلق وجه الأرض، من تراب أو
رمل أو حجر أو مدر، ومن ذلك أرض الجص والنورة، والأولى تقديم
التراب على غيره مع الامكان. وإذا تعذر جميع ذلك تيمم بالغبار، وإذا تعذر
الغبار تيمم بالطين.
وإذا تعذر جميع ذلك فالأحوط أن يصلي في الوقت من دون طهارة، ثم
57

يقضيها خارج الوقت وإن كان الأظهر عدم وجوب الأداء ولا القضاء.
(مسألة 137): إذا كان طين وتمكن من تجفيفه وجب ذلك ولا تصل
معه النوبة إلى التيمم بالغبار أو الطين
(مسألة 138): لا بأس بالتيمم أبا لأرض الندية. والأولى أن يتيمم
باليابسة مع التمكن
(مسألة 139): لا يجوز التيمم بالرماد ولا بغيره، مما لا يكون من
الأرض، وإذا اشتبه ما يصح به التيمم بشئ من ذلك لزم تكرار التيمم
ليتيقن معه بالامتثال.
كيفية التيمم وشرائطه
(مسألة 140): يجب في التيمم أمور
(1) ضرب باطن اليدين على الأرض، والأظهر أن يكون ضربهما دفعة
(2) مسح الجبهة والجبينين باليدين من قصاص الشعر إلى طرف الأنف
الأعلى، وإلى الحاجبين، والأحوط مسحهما أيضا.
(3) المسح بباطن اليد اليسرى تمام ظاهر اليد اليمنى من الزند إلى أطراف
الأصابع، ثم المسح بباطن اليمنى تمام ظاهر اليسرى. والأظهر الاجتزاء
بضربة واحدة فيما إذا كان بدلا عن الوضوء أو الغسل. والأحوط أن يضرب
بيده مرة أخرى على الأرض بعد الفراغ، فيمسح ظاهر يده اليمنى بباطن
58

اليسرى، ثم يمسح ظاهر اليسرى بباطن اليمنى قاصدا بذلك ادراك الواقع.
(مسألة 141): يشترط في التيمم أمور:
(1) أن يكون المكلف معذورا من الطهارة المائية، فلا يصح التيمم في
موارد الأمر بالوضوء أو الغسل.
(2) إباحة ما يتيمم به.
(3) طهارته على الأحوط.
(4) أن لا يمتزج بغيره مما لا يصح التيمم به كالتبن أو الرماد. نعم لا بأس
بذلك إذا كان المزيج مستهلكا.
(5) طهارة أعضاء التيمم على الأحوط الأولى.
(6) أن لا يكون حائل بين الماسح والممسوح.
(7) أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل على الأحوط الأولى.
(8) النية على تفصيل مر في الوضوء.
(9) الترتيب بين الأعضاء " على ما مر ".
(10) الموالاة. والمناط فيها أن لا يفصل بين الأفعال ما يخل بهيئته عرفا.
(11) المباشرة مع التمكن منها.
(12) أن يكون التيمم بعد دخول وقت الصلاة. نعم إذا تيمم لأمر واجب
أو مستحب قبل الوقت ولم ينقص تيممه حتى دخل وقت الصلاة لم تجب
عليه إعادة التيمم وجاز أن يصلي مع ذلك إذا كان عذره باقيا.
(مسألة 142): لا يجوز التيمم مع العلم بارتفاع العذر والتمكن من
الطهارة المائية قبل خروج الوقت. والأظهر عدم لزوم تأخير التيمم و
59

الصلاة مع احتمال التمكن في الوقت، وأما مع اليأس من تحصيل الطهارة
المائية فلا إشكال في جواز البدار لكنه إذا ارتفع العذر أثناء الوقت وجبت
الإعادة.
(مسألة 143): إذا تيمم بعد دخول الوقت فصلى، ثم دخل وقت صلاة
أخرى، ولم يرتفع العذر جاز له أن يصليها بذلك التيمم ولم يحتج إلى تيمم
آخر، لكنه إذا ارتفع العذر قبل خروج الوقت أعادها. نعم إذا كان التيمم
لفقدان الماء فوجده بعد الصلاة بل أثنائها بعد الدخول في الركوع لم يحتج إلى
الإعادة.
(مسألة 144): إذا صلى مع التيمم لعذر، ثم ارتفع عذره خارج الوقت
صحت صلاته، ولا تجب إعادتها.
(مسألة 145): إذا تيمم المجنب لعذر، ثم أحدث بالحدث الأصغر، لم
ينتقض تيممه من حيث الحدث الأكبر، وانما يصبر محدثا بالأصغر، فيجب
الوضوء ومع عدمه لزمه التيمم بدلا عنه، وكذلك لو كان التيمم بدلا عن
الحدث الأكبر غير الجنابة ثم أحدث بالأصغر.
دائم الحدث
من استمر به البول أو الغائظ أو النوم ونحو ذلك يختلف حكمه باختلاف
الصور الآتية:
(الأولى): أن يجد فترة في جزء من الوقت يمكنه أن يأتي فيه بالصلاة
60

متطهرا - ولو مع الاقتصار على واجباتها - ففي هذه الصورة يجب ذلك و
يلزمه التأخير إذا كانت الفترة في أثناء الوقت أو في آخره. نعم إذا كانت
الفترة في أول الوقت أو في أثنائه - ولم يصل حتى مضى زمان الفترة - صحت
صلاته، إذا عمل بوظيفته الفعلية، وإن أثم بالتأخير.
(الثانية): أن لا يجد الفترة المزبورة، وكان الحدث متصلا أو بحكم المتصل
بحيث يشق عليه تجديد الطهارة كلما خرج منه البول أو غيره، ففي هذه
الصورة يتوضأ أو يغتسل، أو يتيمم حسبما يقتضيه تكليفه الفعلي، ثم يصلي،
ولا يجوز ان يصلى صلاتين بوضوء واحد نافلتين كانتا أو فريضتين أو
مختلفتين هذا ان أمكن اتيان بعض كل صلاة بذلك الوضوء وإلا كما لو كان
الحدث مستمرا بلا فترة فيجوز ان يصلى بوضوء واحد صلوات عديدة. ولا
يعتني بما يخرج منه بعد ذلك قبل الصلاة أو في أثنائها، وهو باق على طهارته
ما لم يصدر منه حدث غير ما يخرج منه لأجل مرضه، والأحوط الأولى أن
يتطهر لكل صلاة وأن يبادر إليها بعد الطهارة.
(الثالثة): أن يكون حدثه بحكم المتصل، ولكن لا يشق عليه تجديد
الطهارة كلما خرج منه البول أو نحوه. والأظهر في هذه الصورة ان يتطهر و
يشتغل بالصلاة بعد ان يضع الطهور إلى جنبه فإذا خرج منه شئ جدد
الطهارة بلا مهلة وبنى على صلاته بشرط ان لا يأتي بشئ من منافيات
الصلاة.
(مسألة 146): يجب على المسلوس ونحوه أن يتحفظ من تعدي
النجاسة إلى بدنه ولباسه مع القدرة عليه، كأن يتخذ كيسا فيه قطن، ويجعل
قضيبه فيه. والأحوط الأولى ان يغسل قضيبه قبل كل صلاة.
61

(مسألة 147): إذا احتمل حصول فترة يمكنه الاتيان فيها بالصلاة
متطهرا فالأحوط تأخيرها إلى أن ينكشف له الحال، فلو بادر إليها و
انكشف بعد ذلك وجود الفترة لزمته اعادتها. وكذلك الحال فيما إذا اعتقد
عدم الفترة، ثم انكشف خلافه. نعم لا يضر بصحة الصلاة وجود الفترة في
خارج الوقت، أو برؤه من مرضه فيه.
النجاسات وأحكامها
النجاسات أحد عشر:
(1، 2) البول والغائط من الإنسان ومن كل حيوان لا يحل أكل لحمه
بالأصل، أو بالعارض كالجلال وموطؤ الإنسان، إذا كانت له نفس سائلة. و
لا بأس ببول الطائر وخرئه، وإن كان مما لا يؤكل لحمه على الأظهر.
والأحوط الاجتناب ولا سيما من بول الخفاش
(3) المني من الإنسان و من كل حيوان له نفس سائلة، وإن كان مأكول
اللحم.
(4) ميتة الإنسان وكل حيوان له نفس سائلة، ولا بأس بما لا تحله
الحياة من أجزائها، كالوبر والصوف، والشعر والظفر، والقرن والعظم ونحو
ذلك. وفي حكم الميتة القطعة المبانة من الحي إذا كانت مما تحله الحياة، ولا
بأس بما ينفصل من الأجزاء الصغار، كالفالول والبثور، والجلدة التي تنفصل
من الشفة، أو من بدن الأجرب ونحو ذلك. كما لا بأس باللبن في الضرع، وما
في الإنفحة من الحيوان الميت المأكول لحمه، من المادة طاهر.
62

(مسألة 148): يطهر الميت المسلم بتغسيله، فلا يتنجس ما يلاقيه مع
الرطوبة. وقد تقدم في (ص 48) وجوب غسل مس الميت بملاقاته بعد برده
وقبل تغسيله، وإن كان الملاقاة بغير رطوبة.
(5) الدم الخارج من الإنسان ومن كل حيوان له نفس سائلة ويستثنى
من ذلك الدم المتخلف في ذبيحة مأكول اللحم، فإنه محكوم بالطهارة إذا خرج
الدم بالمقدار المتعارف بذبح شرعي. والأحوط الأولى الاجتناب عما تخلف
في عضو يحرم أكله كالطحال والنخاع ونحو ذلك.
(مسألة 149): الدم المتكون في البيض طاهر.
(6، 7) الكلب والخنز البريان بجميع أجزائهما.
(8) الكافر، والمشهور بين الفقهاء نجاسته مطلقا، وإن كان من أهل
الكتاب، ولكن الأظهر طهارة الكتابي والأحوط ما أفادوه. والأظهر أن
الناصب نجس وإن كان مظهرا للشهادتين والاعتقاد بالمعاد.
قيل من أنكر شيئا من ضروريات الدين ولم تحتمل فيه الشبهة يحكم
بكفره، وكذلك من علم إنكاره من فعله كمن استهزاء بالقرآن. أو أحرقه - و
العياذ بالله - متعمدا ولكن لا دليل على نجاسة كل كافر فالأظهر هو
الطهارة.
(مسألة 150): لا فرق في نجاسة الكافر والكلب والخنزير بين الحي و
الميت، ولا بين ما تحله الحياة من أجزائه وغيره.
(9) الخمر وكل مسكر مايع بالأصالة، والأظهر طهارة - الاسبرتو -
بجميع أنواعه سواء في ذلك المتخذ من الأخشاب وغيره.
63

(مسألة 151): العصير العنبي لا ينجس بغليانه بالنار أو بغير ذلك، و
لكنه يحرم شربه ما لم يذهب ثلثاه بالنار، والظاهر عدم كفاية ذهاب الثلثين
بغير النار في الحلية.
واما العصير العنبي إذا غلا بنفسه وصار مسكرا فإنه بنجس ولا يطهره
شئ سوى انقلابه خلا.
وأما عصير التمر أو الزبيب فالأظهر أنه لا ينجس ولا يحرم بالغليان، و
لا بأس بوضعهما في المطبوخات مثل المرق والمحشى والطبيخ وغيرها.
(مسألة 152): الدن الدسم لا بأس بأن يجعل فيه العنب للتخليل إذا لم
يعلم إسكاره بعد الغليان، أو علم وكانت الدسومة خفيفة لا تعد عرفا من
الأجسام. وأما إذا علم إسكاره وكانت الدسومة معتدا بها، فالظاهر أنه يبقى
على نجاسته، ولا يطهر بالتخليل.
(10) الفقاع، وهو قسم من الشراب يتخذ من الشعير غالبا - ولا يظهر
إسكاره.
(11) عرق الإبل الجلالة.
(مسألة 153): عرق غير الإبل الجلالة، من الحيوان الجلال يحكم
بنجاسته على الأحوط. ولا تجوز الصلاة فيه إذا كان على البدن أو اللباس.
(مسألة 154): الأظهر طهارة عرق الجنب من الحرام، ولا تجوز الصلاة
فيه على الأظهر، ومنه عرق الرجل الذي يقارب زوجته في زمان يحرم
مقاربتها فيه كزمان الحيض. نعم إذا كان الوطء مع الجهل بالحال أو الغفلة فلا
اشكال في طهارة عرقه. وفي جواز الصلاة فيه.
64

(مسألة 155): ينجس الملاقي للنجس مع الرطوبة المسرية في أحدهما، و
كذلك الملاقي للمتنجس بملاقاة النجس، إذا كان مايعا، واما كان جامدا
فالأحوط لزوما الاجتناب عنه، وأما في غير ذلك فالمشهور هو الحكم
بالنجاسة أيضا، ولكنه مشكل، والاحتياط لا يترك في الماء القليل، مثلا إذا
لاقت اليد اليمنى البول فهي تتنجس فإذا لاقتها اليد اليسرى مع الرطوبة
يحكم بنجاستها أيضا، على الأحوط ولكن اليد اليسرى إذا لاقت شيئا آخر
مع الرطوبة فالحكم بنجاسته لا يخلو عن إشكال قوى والاحتياط في
الاجتناب عنه حسن، نعم الحكم بنجاسته الماء الملاقي لليد اليسرى
هو الأحوط لزوما.
ما تثبت به الطهارة أو النجاسة
كل ما شك في نجاسته مع العلم بطهارته سابقا فهو طاهر. وكذلك فيما إذا
لم تعلم حالته السابقة، ولا يجب الفحص عما شك في طهارته ونجاسته وإن
كان الفحص لم يحتج إلى مؤنة، وأما إذا شك في طهارته - بعد العلم بنجاسته
سابقا - فهو محكوم بالنجاسة.
وتثبت النجاسة بالعلم الوجداني، وبالنية العادلة، وباخبار ذي اليد،
والأظهر ثبوتها باخبار العادل الواحد، بل باخبار مطلق الثقة وإن لم يكن
عادلا، ولا تثبت النجاسة بالظن وتثبت الطهارة بما تثبت به النجاسة.
65

المطهرات
المطهرات إثنا عشر:
(الأول): الماء المطلق، وهو الذي يصح إطلاق الماء عليه من دون
إضافته إلى شئ وهو على أقسام: الجاري، ماء الغيث، ماء البئر الراكد
الكثير (الكر وما زاد) الراكد القليل (ما دون الكر.)
(مسألة 156): الماء المضاف - وهو الذي لا يصح اطلاق الماء عليه من
دون إضافة، كماء العنب، وماء الرمان، وماء الورد ونحو ذلك - لا يرفع
حدثا ولا خبثا. ويتنجس بملاقاة النجاسة حتى الكثير منه. ويستثنى من
ذلك ما إذا جرى من العالي إلى السافل، أو من السافل إلى العالي بدفع، ففي
مثل ذلك ينجس المقدار الملاقي للنجس فقط مثلا: إذا صب ما في الإبريق من
ماء الورد على يد كافر لم يتنجس ما في الإبريق وإن كان متصلا بما في يده.
(مسألة 157): الماء الجاري. وهو ما ينبع من الأرض، ويجري في النهر و
نحوه - لا ينجس بملاقاة النجس وإن كان قليلا إلا إذا تغير أحد أوصافه
(اللون، والطعم، والريح) والعبرة بالتغير بأوصاف النجس. ولا بأس
بالتغير بأوصاف المتنجس.
(مسألة 158): يطهر الماء المتنجس - غير المتغير بالنجاسة فعلا -
باتصاله بالماء الجاري، أو بغيره من المياه المعتصمة، كالماء البالغ كرا، وماء
البئر والمطر. والأحوط لزوما مزجه بشئ من ذلك
(مسألة 159): المطر حال نزوله في حكم الجاري، فلا ينجس بملاقاة
66

النجس ما لم يتغير أحد أوصافه (على ما تقدم آنفا في الماء الجاري). (مسألة 160): لا يتنجس ماء البئر بملاقاة النجاسة وإن كان قليلا،
لاعتصامه بالمادة، نعم إذا تغير أحد أوصافه المتقدمة يحكم بنجاسته ويطهر
بزوال تغيره بنفسه، أو ينزح مقدار يزول به التغير إذا امتزج بما يخرج من
المادة على الأحوط.
(مسألة 161): الماء الراكد ينجس بملاقاة النجس، إذا كان دون الكر، إلا
أن يكون جاريا على النجس من العالي إلى السافل، أو من السافل إلى العالي
مع الدفع، فلا ينجس حينئذ إلا المقدار الملاقي للنجس، كما تقدم آنفا في الماء
المضاف. وأما إذا كان كرا فما زاد فهو لا ينجس بملاقاة النجس، إلا إذا يغير
أحد أوصافه (على ما تقدم).
والكر بحسب الوزن بحقة الاسلامبول وهي مأتان وثمانون مثقالا.
مائتان واثنتان وتسعون حقة ونصف حقة، وبالكيلو ثلاثمائة وسبعة و
سبعون كيلوا تقريبا، وبحسب المساحة ما يبلغ مكعبه سبعة وعشرين شبرا
على الأقوى. والأحوط أن يبلغ ستة وثلاثين شبرا وأحوط منه أن يبلغ
ثلاثة وأربعين شبرا إلا ثمن شبر.
(مسألة 162): الغسالة " وهي الماء القليل الذي أزيل به الخبث "
محكومة بالنجاسة، حتى الغسالة من الغسلة التي تتعقبها طهارة المحل، مثلا
إذا لم تكن عين النجاسة موجودة في المحل وكان مما يطهر بالغسل - مرة
واحدة - كانت الغسالة محكومة بالنجاسة على الأظهر
67

(مسألة 163): غسالة الاستنجاء وإن كان من البول طاهرة بشروط:
(1) أن لا تتميز فيها عين النجاسة.
(2) أن تتغير بملاقاة النجاسة.
(3) أن لا تتعدى النجاسة من المخرج على نحو لا يصدق معه الاستنجاء.
(4) أن لا تصيبها نجاسة أخرى من الداخل، أو الخارج.
(مسألة 164): تختلف كيفية التطهير باختلاف المتنجسات والمياه وهذا
تفصيله.
(1) اللباس المتنجس بالبول يطهر بغسله في الماء الجاري - والكر مرة -
مع عصره أو دلكه، ولابد من غسله - مرتين - إذا غسل بالماء القليل،
بشرط العصر أو الدلك.
(2) البدن المتنجس بالبول أو غير البدن من الأجسام، يطهر بغسله في
الماء الجاري، أو الكر مرة واحدة، وبالماء القليل - مرتين - على الأظهر.
(3) الأواني المتنجسة بالخمر لابد في طهارتها من الغسل ثلاث مرات
حتى إذا غسلت بالكثير أو الجاري والأولى ان تغتسل سبعا.
(4) يكفي في طهارة المتنجس ببول الصبي الرضيع: مالم يتغذ صب الماء
عليه بمقدار يحيط به، ولا حاجة - معه - إلى العصر، فيما إذا كان المتنجس
لباسا أو نحوه ولا تلحق الأنثى بالصبى.
(5) الاناء المتنجس بولوغ الكلب: الأحوط في كيفية تطهيره أن يجعل
فيه مقدار من التراب فيمسح الاناء به، ثم يوضع فيه مقدار من الماء فيغسل
الإناء، بالتراب الممزوج بالماء، ثم يزال أثر التراب بالماء، ثم يغسل الإناء
بالماء القليل مرتين، والأحوط ثلاث مرات وفي الكر أو الجاري مرة
68

واحدة، بعد مسحها بالتراب من غير ماء والأحوط غسلها بعد ذلك
بالتراب محروجا بالماء والأظهر ذلك فيما إذا تنجس الإناء بلطع الكلب.
(6) الإناء المتنجس بولوغ الخنزير، أو بموت الجرذ فيه لابد في طهارته
من غسله - سبع مرات - من غير فرق بين الماء القليل وغيره.
(7) إذا تنجس داخل الإناء - بغير الخمر وولوغ الكلب أو الخنزير و
موت الجرذ فيه - يطهر بغسله في الجاري، أو الكر مرة واحدة. وبالماء
القليل ثلاث مرات، على الأحوط ويجري هذا الحكم فيما إذا تنجس الإناء
بملاقاة المتنجس أيضا. ويدخل في ذلك ما إذا تنجس بالمتنجس بالخمر، أو
بولوغ الكلب، أو الخنزير أو موت الجرذ، فإنه يكفي في جميع ذلك غسله -
مرة واحدة - في الجاري والكر، وبالماء القليل ثلاث مرات.
(8) يكفي في طهارة المتنجس - غير ما ذكرناه - أن يغسل بالماء مرة
واحدة، وإن كان الماء قليلا، والأحوط الغسل مرتين ولابد في طهارة
اللباس ونحوه من العصر أو الدلك.
(مسألة 165): الماء القليل المتصل بالكر، أو بغيره من المياه المعتصمة -
وإن كان الاتصال بوساطة أنبوب ونحوه - يجري عليه حكم الكر، فلا ينفعل
بملاقاة النجاسة، ويقوم مقام الكر في تطهير المتنجس به.
(مسألة 166): إذا تنجس اللباس المصبوغ، يغسل كما يغسل غيره ولا
يضره خروج الغسالة عند ملونة مالم تبلغ حد الإضافة.
(مسألة 167): إذا نفذت النجاسة في الحب أو الكوز، أو الحنطة أو
الشعير ونحو ذلك: كفى في طهارة ظاهره وباطنه أن يجف، ثم يوضع في الكر
69

أو الجاري حتى يصل الماء إلى جميع ما نفذت فيه النجاسة وإذا غسل بالماء
القليل: فلابد من صب الماء بمقدار يعلم - معه - بنفوذ الماء إلى جميع الأجزاء
المتنجسة. وقد مر آنفا حكم التعدد في الغسل بالماء القليل أو الكر.
(مسألة 168): إذا تنجس العجين أو الدقيق أمكن تطهيره بأن يخبز، ثم
يوضع في الكر أو الجاري، لينفذ الماء في جميع أجزائه. وكذلك الحال في الحليب المتنجس، فإنه يمكن تطهيره بجعله جبنا، ثم تطهيره على النحو
المزبور.
(مسألة 169): يعتبر في التطهير بالماء القليل انفصال الغسالة عن
المغسول بالمقدار المتعارف ولو كان المغسول غير الإناء واللباس.
(الثاني من المطهرات): الأرض وهي تطهر باطن القدم والنعل بالمشي
عليها أو المسح بها، بشرط أن تزول عين النجاسة إن كانت. ويعتبر في
الأرض أن تكون يابسة وطاهرة. والأظهر الاقتصار على النجاسة الحادثة
من المشي على الأرض النجسة. ولا فرق في الأرض بين التراب والرمل و
الحجر، بل الظاهر كفاية المفروشة بالآجر أو الجص أو النورة أو السمنت ولا
تكفي المفروشة بالقير ونحوه.
(الثالث من المطهرات: الشمس) وهي تطهر الأرض وكل مالا ينقل
من الأبنية والحيطان والأبواب والأخشاب والأوتاد والأشجار وما
عليها من الأوراق والثمار والخضروات والنباتات قبل أن تقطع ونحو ذلك،
فإن جميع تلك الأمور تطهر بإشراق الشمس عليها حتى تيبس.
(الرابع من المطهرات: الاستحالة): وهي تبدل شئ إلى شئ آخر
70

مختلفين في الصورة النوعية عرفا. فإذا استحالت عين النجس أو المتنجس إلى
جسم طاهر - كما إذا احترقت العذرة أو الخشبة المتنجسة فصارت رمادا.
حكم بطهارته.
ومن هذا القبيل البخار أو الدخان المتصاعد من الأجسام النجسة أو
المتنجسة، والماء المتكون من البخار المتصاعد من الماء المتنجس ونحوه، و
كذلك ما يتكون من الأجسام النجسة بشرط أن لا يصدق عليه أحد العناوين النجسة كالمتكون من بخار الخمر.
(الخامس من المطهرات: الانقلاب) ويختص تطهيره بمورد واحد و
هو ما إذا انقلب الخمر خلا، سواء أكان الانقلاب بعلاج أم كان بغيره.
(السادس من المطهرات: الانتقال) وذلك كانتقال دم الإنسان إلى جوف
مالا نفس له، كالبق والقمل والبرغوث. ويعتبر فيه أن يكون على وجه
يعد النجس المنتقل من أجزاء المنتقل إليه. وأما إذا لم يعد من ذلك أو شك
فيه لم يحكم بطهارته وذلك كالدم الذي يمصه العلق من الإنسان فإنه لا يطهر
بالانتقال. والأحوط الاجتناب عما يمصه البق أو الذباب حين مصه و
الاظهر طهارته.
(السابع من المطهرات: الإسلام) فإنه مطهر لبدن الكافر من النجاسة
الناشئة من كفره. وأما النجاسة العرضية - كما إذا لاقي بدنه البول مثلا - فهي
لا تزول بالإسلام، بل لابد من إزالتها بغسل البدن. والأقوى أنه لا فرق بين
الكافر الأصلي وغيره فإذا تاب المرتد ولو كان فطريا يحكم بطهارته.
(الثامن من المطهرات: التبعية) وهي في عدة موارد
(1) إذا أسلم الكافر يتبعه ولده غير المميز في الطهارة، وكذلك الحال فيما
71

إذا أسلم الجد أو الجدة أو الأم.
(2) إذا أسر المسلم ولد الكافر غير المميز فهو يتبعه في الطهارة إذا لم يكن
معه أبوه أو جده.
(3) إذا انقلب الخمر خلا يتبعه في الطهارة الإناء الذي حدث فيه
الانقلاب، بشرط أن لا يكون الإناء متنجسا بنجاسة أخرى.
(4) إذا غسل الميت تتبعه في الطهارة يد الغاسل والآلات المستعملة في
التغسيل. وأما لباس الغاسل وسائر بدنه: فالظاهر أنها لا تطهر بالتبعية.
(مسألة 170): إذا تغير ماء البئر بملاقاة النجاسة فقد مر أنه يطهر بزوال
تغيره بنفسه، أو بنزح مقدار منه، وقد ذكر بعضهم أنه إذا نزح حتى زال
تغيره تتبعه في الطهارة أطراف البئر والدلو والحبل وثياب النازح، إذا
أصابها شئ من الماء المتغير. ولكنه لا دليل على ذلك، فالظاهر أنها لا تتبع
ماء البئر في الطهارة.
(التاسع من المطهرات: غياب المسلم البالغ أو المميز) فإذا تنجس
بدنه أو لباسه ونحو ذلك مما في حيازته، ثم غاب يحكم بطهارة ذلك المتنجس
بشروط.
أن يحتمل تطهيره، فمع العلم بعدمه لا يحكم بطهارته.
(العاشر من المطهرات: زوال عين النجاسة) وتتحقق الطهارة بذلك في
ثلاثة مواضع:
(الأول): بواطن الإنسان، كباطن الأنف والأذن والعين ونحو ذلك، فإذا
خرج الدم من داخل الفم أو أصابته نجاسة خارجية: فإنه يطهر بزوال عينها
بل في ثبوت النجاسة لبواطن الانسان مالم تظهر منع.
72

(الثاني): بدن الحيوان، فإذا أصابته نجاسة خارجية أو داخلية فإنه يطهر
بزوال عينها.
(الثالث): مخرج الغائط، فإنه يطهر بزوال عين النجاسة، ولا حاجة معه
إلى الغسل ويعتبر في طهارته بذلك أمور:
(1) أن لا تتعدى النجاسة من المخرج إلى أطرافه زائدا على المقدار
المتعارف، وأن لا يصيب المخرج نجاسة أخرى من الخارج أو الداخل كالدم.
(2) أن تزول العين بحجر أو خرقة أو قرطاس ونحو ذلك.
(3) طهارة ما تزول به العين، فلا تجزي إزالتها بالأجسام المتنجسة.
(4) مسح المخرج بقطع ثلاث، فإذا زالت العين بمسحه بقطعة واحدة -
مثلا - لزم إكماله بثلاث، وإذا لم تزل العين بها لزم المسح إلى أن تزول.
(مسألة 171): يحرم الاستنجاء بما هو محترم في الشريعة الإسلامية، وفي
حصول الطهارة بإزالة العين بالعظم، أو الروث، إشكال.
(مسألة 172): الملاقي للنجس - في باطن الإنسان أو الحيوان - لا يحكم
بنجاسته، إذا خرج وهو غير ملوث به، فالنواة أو الدود أو ماء الاحتقان
الخارج من الإنسان: كل ذلك لا يحكم بنجاسة إذا لم يكن ملوثا بالنجس، و
من هذا القبيل الإبرة المستعملة في التزريق إذا خرجت من بدن الإنسان و
هي غير ملوثة بالدم.
(الحادي عشر من المطهرات: استبراء الحيوان) كل حيوان مأكول اللحم
إذا كان جلالا: (تعود أكل عذرة الإنسان) يحرم أكل لحمه، فينجس بوله و
مدفوعه، ويحكم بطهارتهما بعد الاستبراء. والاستبراء أن يمنع ذلك الحيوان عن أكل النجاسة، لمدة يخرج - بعدها - عن صدق الجلال عليه. والأظهر مع
73

ذلك - أن يراعي في الاستبراء المدة المنصوص عليها، فللدجاجة ثلاثة أيام،
وللبطة خمسة، وللغنم عشرة وللبقرة عشرون، وللبعير أربعون يوما.
(الثاني عشر من المطهرات: خروج الدم بالمقدار المتعارف من
الذبيحة): فإنه بذلك يحكم بطهارة ما يتخلف منه في جوفها وقد مر تفصيل
ذلك في محله.
الصلاة
الصلوات الواجبة في زمان الغيبة ستة أنواع:
(1) الصلوات اليومية.
(2) صلاة الآيات.
(3) صلاة الطواف الواجب.
(4) الصلاة الواجبة بالإجازة والنذر، والعهد، واليمين ونحو ذلك.
(5) الصلاة الفائتة عن الوالد، فتجب على الولد الأكبر قضاؤها بعد موت
أبيه.
(6) الصلاة على الميت.
صلاة الجمعة
وهي ركعتان كصلاة الصبح، نعم تمتاز عنها بخطبتين قبلها، ففي الأولى
منهما يقوم الإمام ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ويقرأ سورة
من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلا، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني و
74

يصلي على محمد صل الله عليه وآله وسلم وعلى أئمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات.
(مسألة 173): يعتبر في القدر الواجب من الخطبة العربية، ولا تعتبر في
الزائد عليه، وإذا كان الحاضرون غير عارفين باللغة العربية فالأحوط
هو الجمع بين اللغة العربية ولغة الحاضرين بالنسبة إلى الوصية بتقوى الله.
(مسألة 174): قبل الصلاة الجمعة واجبة تخييرا، يعني أن المكلف يوم
الجمعة مخير بين إقامة صلاة الجمعة إذا توفرت شرائطها الآتية وبين الإتيان
بصلاة الظهر، فإذا أقام الجمعة مع الشرائط أجزأت عن الظهر. ولكن
الأحوط لزوما لو لم يكن أقوى تعين الظهر في زمان الغيبة وعدم اجزاء
الجمعة عنها
(مسألة 175): تعبر في صحة صلاة الجمعة الجماعة فلا تصح فرادى.
(مسألة 176): يشترط في وجوب الجمعة عدد خاص وهو سبعة نفر
أحدهم الإمام، فلا تجب الجمعة ما لم يجتمع سبعة نفر من المسلمين كان
أحدهم الإمام.
(مسألة 177): يشترط في وجوبها أيضا وجود الإمام الجامع لشرائط
الإمامة من العدالة وغيرها في إمام الجماعة، فلا تجب الجمعة إذا لم
يوجد الإمام الجامع للشرائط.
(مسألة 178): تعتبر في صحة الجمعة في بلد أن لا تكون المسافة بينها و
بين جمعة أخرى دون فرسخ، فلو أقيمت جمعة أخرى فيما دون فرسخ بطلتا
جميعا إن كانتا مقترنتين زمانا، وأما إذا كانت إحداهما سابقة على الأخرى و
75

لو بتكبيرة الإحرام صحت السابقة دون اللاحقة.
(مسألة 179): إقامة الجمعة إنما تكون مانعة عن جمعة أخرى في تلك
المسافة إذا كانت صحيحة وواجدة للشرائط وأما إذا لم تكن واجدة لها
فالأقرب أنها لا تمنع عنها.
(مسألة 180): إذا أقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط التي منها عدالة
الإمام لا يجب الحضور.
(مسألة 181): لا يجب الحضور على المرأة، ولا على المسافر، ولا على
المريض، ولا على الأعمى، ولا على الشيخ الكبير، ولا على من كان بينه و
بين الجمعة أكثر من فرسخين، ولا على من كان الحضور عليه حرجيا.
النوافل اليومية
يستحب التنفل في اليوم والليلة بأربع وثلاثين ركعة: ثمان ركعات لصلاة
الظهر قبلها، وثمان ركعات لصلاة العصر كذلك، وأربع ركعات بعد صلاة
المغرب، وركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس، وتحسبان بركعة، وثمان
ركعات نافلة الليل بعد تجاوز نصفه، وكلما قرب من الفجر كان أفضل، و
ركعتا الشفع بعد صلاة الليل، وركعة الوتر بعد الشفع، وركعتان نافلة الفجر
قبل فريضة ويجوز الإتيان بها بعد صلاة الليل وقبل طلوع الفجر من أول
سدس الليل الباقي.
(مسألة 182): النوافل ركعتان ركعتان، إلا صلاة الوتر، فإنها ركعة
76

واحدة ويجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون سورة كما يجوز الاكتفاء
ببعضها دون بعض، ويستحب القنوت فيها.
والأولى أن يقنت في صلاة الوتر بالدعاء الآتي:
" لا إله إلا الله الحكيم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب
السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش
العظيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين " وأن
يدعو لأربعين مؤمنا.
وأن يقول: استغفر الله ربي وأتوب إليه " سبعين مرة ".
وأن يقول: هذا مقام العائذ بك من النار " سبع مرات ".
وأن يقول: العفو " ثلاثمائة مرة ".
(مسألة 183): تسقط - في السفر - نوافل الظهر والعصر ولا تسقط بقية
النوافل.
(مسألة 184): صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب العشاء، يقرأ
في الركعة الأولى بعد سورة الحمد (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن
نقدر عليه، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) ويقرأ في
الركعة الثانية بعد سورة الحمد (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم
ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات
الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) ثم يقنت فيقول: " اللهم إني
أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد وآل محمد " و
77

يطلب حاجته ويقول: " اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي تعلم
حاجتي فأسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لما قضيتها لي "
والأحوط الأولى أن يحتسب هاتين من نافلة المغرب.
مقدمات الصلاة
مقدمات الصلاة خمس:
1 - الوقت.
(مسألة 185): وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب، و
تختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها، كما تختص صلاة العصر من آخره
بمقدار أدائها، ولا تزاحم كل منهما الأخرى وقت اختصاصها. ولو صلى
الظهر قبل الزوال معتقدا دخول الوقت ودخل الوقت وهو في الصلاة أتمها، و
جاز الإتيان بصلاة العصر بعدها على الأظهر.
(مسألة 186): يعتبر الترتيب بين الصلاتين، فلا يجوز تقديم العصر على
الظهر اختيارا، نعم إذا صلى العصر قبل أن يأتي بالظهر لنسيان ونحوه صحت
صلاته، فإن التفت في أثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر وأتم صلاته، وإن
التفت بعد الفراغ فالأظهر أن يعدل بها إلى الظهر، والأحوط ان يأتي بأربع
ركعات بقصد ما في الذمة من دون تعيين للظهر أو العصر.
(مسألة 187): لا يجوز تأخير صلاة الظهرين عن سقوط قرص
78

الشمس على الأحوط بل الأظهر.
(مسألة 188): وقت صلاة العشاءين من أول الغروب إلى نصف الليل،
وتختص صلاة المغرب من أوله بمقدار أدائها، كما تختص العشاء من آخره
بمقدار أدائها كما تقدم في الظهرين، ويعتبر الترتيب بينهما، ولكنه لو صلى
العشاء قبل أن يصلي المغرب لنسيان ونحوه، ولم يتذكر حتى فرغ منها
صحت صلاته، وأتى بصلاة المغرب بعدها، ولو كان في الوقت المختص
بالعشاء.
(مسألة 189): المشهور انه لا يجوز تقديم صلاة المغرب على زوال
الحمرة المشرقية وهو الأحوط ولكن الظهر هو الجواز بحسب الدليل. و
الأولى عدم تأخيرها عن غروب الشفق.
(مسألة 190): إذا دخل في صلاة العشاء، ثم تذكر أنه لم يصل المغرب،
عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكره قبل أن يدخل في ركوع الركعة
الرابعة، وإذا ان تذكره بعده بطلت صلاته وقد مر آنفا حكم التذكر
بعد الصلاة.
(مسألة 191): إذا لم يصل صلاة المغرب أو العشاء حتى انتصف الليل،
فالأحوط استحبابا أن يصليها قبل أن يطلع الفجر، وبقصد ما في الذمة من
دون نية الأداء أو القضاء.
(مسألة 192): وقت صلاة الفجر من الفجر إلى طلوع الشمس ويعرف
الفجر باعتراض البياض في الأفق. ويسمى بالفجر الصادق.
79

(مسألة 193): وقت صلاة الجمعة من أول ظهر يوم الجمعة إلى أن يصير
ظل كل شئ مثله، ولو لم يصلها في هذا الوقت لزمه الإتيان بصلاة الظهر.
(مسألة 194): يعتبر في جواز الدخول في الصلاة أن يستيقن بدخول
الوقت، أو تقوم به البينة، والظاهر جواز الاعتماد على أذان الثقة العارف
بالوقت، بل وعلى إخباره.
(مسألة 195): إذا صلى معتقدا دخول الوقت بأحد الأمور المذكورة ثم
انكشف له أن الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته. وإذا
انكشف وقوع بعضها فيه فالظاهر صحة صلاته.
(مسألة 196): لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختيارا، ولا بد من
الإتيان بجميعها في الوقت، ولكنه لو أخرها عصيانا أو نسيانا حتى ضاق
الوقت، وتمكن من الإتيان بها ولو بركعة وجب المبادرة إليها، وكانت
الصلاة أداءا على المشهور وفيه تأمل.
(مسألة 197): الأقوى جواز التنفل في وقت الفريضة، والأولى الإتيان
بالفريضة أولا، في غير النوافل اليومية السابقة على الفريضة.
2 - القبلة وأحكامها
(مسألة 198): يجب استقبال القبلة في الفرائض، وهي الكعبة المشرفة،
وحجر إسماعيل خارج، نعم لا بد من إدخاله في الطواف وأما النوافل فلا
يعتبر فيها استقبال القبلة حال المشي أو الركوب والأحوط اعتباره فيها
80

حال الاستقرار.
(مسألة 199): ما كان من الصلوات واجبة زمان الحضور كصلاة
العيدين: يعتبر فيها الاستقبال القبلة وإن كانت مستحبة فعلا وأما ما عرض
عليه الوجوب بنذر وشبهه، فالأقوى عدم اعتبار الاستقبال فيه وإن كان
الاستقبال أحوط.
(مسألة 200): لابد من إحراز استقبال القبلة بتحصيل العلم أو الحجة
المعتبرة، ومع عدم التمكن يكتفي بالظن الأقوى فالأقوى، ومع عدم التمكن
منه أيضا يجزئ التوجه إلى ما يحتمل وجود القبلة فيه، والأحوط أن يصلي
إلى أربع جهات.
(مسألة 201): إذا اعتقد أن القبلة في جهة فصلى إليها، ثم انكشف له
الخلاف، فإن كان انحرافه لم يبلغ حد اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة، وأتم
صلاته فيما إذا كان الانكشاف أثناء الصلاة وإذا كان بعد الفراغ منها لم تجب
الإعادة. وأما إذا بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار، أو كانت صلاته إلى دبر
القبلة، فإن كان الانكشاف قبل مضي الوقت أعادها. والأحوط الأولى
القضاء إذا انكشف الحال بعد مضي الوقت.
3 - الطهارة في الصلاة
(مسألة 202): تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر والشعر و
طهارة اللباس، نعم لا بأس بنجاسة مالا تتم فيه الصلاة من اللباس:
81

كالقلنسوة والتكة والجورب.
ولا بأس بحمل المتنجس في الصلاة وإن كان مما تتم الصلاة فيه.
(مسألة 203): لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو
الجروح قبل البرء وان لم يكن التطهير أو التبديل حرجيا نوعا. والأحوط
في غير موارد الحرج النوعي التطهير أو التبديل، نعم في خصوص دم
البواسير وكل قرح أو جرح باطني خرج دمه إلى الظاهر الأظهر اعتبار
المشقة النوعية في التطهير أو التبديل والا لا يكون معفوا عنه.
(مسألة 204): لا بأس بالصلاة في الدم - إذا كان أقل من الدرهم - بلا
فرق بين اللباس والبدن. ولا بين أقسام الدم: ويستثنى من ذلك دم نجس
العين، ودم الميتة، ودم الحيوان المحرم أكله، فلا يعفى عن شئ منها وإن قل.
والأظهر إلحاق دم الحيض والأحوط الحاق دم النفاس والاستحاضة -
بهذه الدماء، فلا يعفى عن قليلها أيضا. وإذا شك في دم أنه أقل من الدرهم أم
لا، يجوز الصلاة فيه. وإذا علم أنه أقل من الدرهم وشك في كونه من الدماء
المذكورة المستثناة فلا بأس بالصلاة فيه.
(مسألة 205): إذا صلى جاهلا بنجاسة البدن أو اللباس ثم علم بها بعد
الفراغ منها صحت صلاته. وإذ علم بها في الأثناء، فإن احتمل حدوثها فعلا
وتمكن من التجنب عنها - ولو بغسلها على نحو لا ينافي الصلاة - فعل ذلك،
وأتم صلاته، ولا شئ عليه وإن علم أنها كانت قبل الصلاة، بطلت صلاته
على الأظهر.
82

(مسألة 206): إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلى بطلت
صلاته، ولا فرق بين أن يتذكرها أثناء الصلاة، وبين أن يتذكرها بعد الفراغ
منها، بل لو تذكرها بعد مضي الوقت قضاها.
(مسألة 207): تجب الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل أو التيمم
" وقد مر تفصيل ذلك في مسائل الوضوء والغسل والتيمم " 4 - مكان المصلي
(مسألة 208): يعتبر في مكان المصلي إباحة مسجد الجبهة، فلا تصح
الصلاة مع السجدة على المكان المغضوب، والأحوط اعتبار إباحة مكان
بقية المساجد السبعة - واولى من ذلك اعتبار الإباحة فيه، حتى إذا كان
الركوع أو السجود بالإيماء. وقد ذكر الفقهاء أن من صلى في المكان المغضوب
جهلا به صحت صلاته، ولكنه يشكل فيما إذا كان محل السجود مغصوبا بل
الأظهر فيه البطلان. نعم إذا نسي الغصب وصلى فيه ثم تذكر صحت صلاته.
(مسألة 209): إذا أوصى الميت بصرف الثلث - من داره مثلا في مصرف
ما - لم يجز التصرف فيه قبل إخراج الثلث، فلا يجوز الوضوء أو الغسل ولا
الصلاة في ذلك المكان.
(مسألة 210): إذا كان على الميت حق واجب من خمس أو زكاة لم يجز
التصرف في تركته قبل أدائه، ولا يجوز الوضوء أو الصلاة فيها قبل أداء ذلك
الحق.
83

(مسألة 211): لا تجوز الصلاة ولا سائر التصرفات في مال الغير إلا
بإذنه ورضاه، وهو يتحقق بوجوه:
(1) الإذن الصريح من المالك.
(2) الإذن بالفحوى. فلو أذن له بالتصرف في داره - مثلا - بالجلوس و
الأكل والشرب والنوم فيها، وعلم منه إذنه في الصلاة أيضا جاز له أن يصلي فيها، وإن لم يأذن للصلاة صريحا.
(3) شاهد الحال، وذلك بأن تدل القرائن على رضى المالك بالتصرف في
ماله.
(مسألة 212): لا بأس بالصلاة في الأراضي الواسعة المزروعة منها و
غير المزروعة فيما إذا لم يكن لها حائط. ولم يحرز منع المالك وعدم رضاه، كما
لا بأس بالتصرف في البيوت المذكورة في القرآن والأكل منها، مالم تعلم
كراهة المالك وتلك البيوت بيوت الأب والأم والأخ والأخت، والعم و
العمة والخال والخالة والصديق، والبيت الذي كان مفتاحه بيد الإنسان و
الأحوط لزوما الاقتصار على صورة شهادة الحال بالرضا.
(مسألة 213): الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش أو
الأرض مغصوبا. (مسألة 214): الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة ولا سائر
التصرفات، إذا لم يأذن فيها جميع الشركاء.
(مسألة 215): العبرة في الأرض المستأجرة بإجارة المستأجر دون
84

المؤجر.
(مسألة 216): إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحق موجب لعدم
جواز التصرف فيه - لا بد في جواز التصرف من إجازة المالك وذي
الحق معا.
(مسألة 217): المحبوس في الأرض المغصوبة - إذا لم يتمكن من
التخلص - تصح صلاته فيه ما لم يتصرف فيها بما يزيد على قدر الضرورة.
(مسألة 218): يعتبر في مكان المصلي أن لا يكون نجسا على نحو تسري
النجاسة منه إلى اللباس أو البدن، ومع عدمه السراية لا بأس بالصلاة عليها.
نعم تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة " كما سيأتي ".
(مسألة 219): لا يجوز التقدم في الصلاة على قبور المعصومين عليهم السلام، إذا
كان فيه هتك، وإساءة أدب.
(مسألة 220): يكره تقدم المرأة على الرجل ومحاذاتهما في الصلاة و
ترفع الكراهة فيما إذا كان بينهما حائل، أو بعد عشرة أذرع بذراع اليد.
(مسألة 221): يستحب للرجل أن يأتي بفرائضه في المسجد، والأفضل
للمرأة أن تصلي في بيتها.
5 - لباس المصلي
(مسألة 222): يعتبر في الصلاة ستر العورة، وهي في الرجل القبل و
85

الدبر والبيضتان، وفي المرأة جميع بدنها غير الوجه واليدين إلى الزند، و
الرجلين إلى أول جزء من الساق، ولا يعتبر ستر الرأس والرقبة في صلاة
غير البالغة والأمة.
(مسألة 223): لا يعتبر في الستر أن يكون باللباس، بل ويجزئ الستر
بالطين والحناء ونحو هما مطلقا.
(مسألة 224): إذا انكشف له أثناء الصلاة أن عورته لم تستر فعلا،
بطلت صلاته، وإذا كان الانكشاف بعد الفراغ من الصلاة صحت، ولم تجب
الإعادة وكذلك إذا كان الانكشاف أثناء الصلاة وكانت العورة مستورة
حينه.
(مسألة 225): إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه، صلى عاريا، فإن لم
يأمن من الناظر المحترم صلى جالسا، وأومأ للركوع والسجود، وجعل
ايماءه للسجود أكثر من ايماءه للركوع على الأحوط لزوما وأما إذا أمن من
الناظر المحترم فالأحوط لزوما الجمع بين صلاة المختار والصلاة قائما موميا
للركوع والسجود " كما مر " والأحوط وضع يديه على سوأته.
شرائط لباس المصلي
يشترط في لباس المصلي أمور:
(الأول): الطهارة " وقد مر تفصيله في المسألة 202 وما بعدها ".
(الثاني): إباحته فيما إذا كان ساترا للعورة فعلا، والأحوط الأولى ذلك في
86

غير الساتر، بل في المحمول أيضا.
(مسألة 226): إذا صلى في ثوب، ثم انكشف له حرمته، صحت صلاته،
وكذلك إذا نسي حرمته وتذكرها بعد الصلاة.
(مسألة 227): إذا اشترى ثوبا بما فيه الحق - من الخمس أو الزكاة - لم
تجز الصلاة فيه قبل أداء ذلك الحق، أو ضمانه في ذمته والبناء على اعطائه من
مال آخر.
(الثالث): أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة، من دون فرق
بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة، ولا فرق بين الميتة النجسة و
الطاهرة على الأحوط. وأما ما لا تحله الحياة من ميتة حيوان يحل أكل لحمه
- كالشعر والصوف - فلا بأس بالصلاة فيه.
(مسألة 228): لا يجوز حمل أجزاء الميتة في الصلاة، وإن لم يكن
ملبوسا، إذا كان مشتملا على جزء من اجزاء المصلى كالشسع والا كما إذا
كان جزء من الميتة في جيبه فالأظهر عدم البطلان، وكذلك كل ما لم تثبت
تذكيته شرعا.
(مسألة 229): اللحم أو الجلد ونحو هما المأخوذ من يد المسلم يحكم
عليه بالتذكية، ويجوز أكله والصلاة فيه، إلا إذا علم أن المسلم قد أخذه من
كافر وأنه لا يبالي بذلك، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم مال صنع في بلاد
الإسلام، وكذا ما وجد فيها وكان عليه أثر الاستعمال.
(مسألة 230): اللحم أو الجلد ونحو هما المأخوذ من الكافر أو المجهول
87

إسلامه، أو ما وجد في بلاد الكفر لا يجوز أكله، ولا تصح الصلاة فيه.
(مسألة 231): تجوز الصلاة في ما لم يحرز أنه جلد، وإن أخذ من يد
الكافر.
(مسألة 232): إذا صلى في ثوب جهلا. ثم علم أنه كان ميتة صحت
صلاته. وأما إذا نسي ذلك، وتذكره بعد الصلاة فإن كان الثوب مما تتم فيه
الصلاة وكانت الميتة نجسة أعادها في الوقت وإلا لم تجب الإعادة.
(الرابع): أن لا يكون مما لا يؤكل لحمه من الحيوان، ولا فرق هنا بين ما
تتم الصلاة فيه. وما لا تتم الصلاة فيه، بل ولا فرق بين الملبوس والمحمول.
ويستثنى من ذلك جلد الخز والسنجاب وكذلك وبرهما ما لم يمتزج بوبر
غير هما مما لا يؤكل لحمه، كالأرنب والثعلب وغير هما.
(مسألة 233): لا بأس بالصلاة في شعر الإنسان من نفس المصلي أو
غيره والأحوط أن لا يصلي فيما نسج منه، وإن كان الأظهر جوازه أيضا.
(مسألة 234): لا بأس بالصلاة في فضلات الحيوان الذي لا لحم له، وإن
كان محرم الأكل، كدم البق والبرغوث والقمل ونحو ذلك.
(مسألة 235): لا بأس بالصلاة في ما يحتمل أنه من غير المأكول:
" كالماهوت والفاستونة، وغير هما، وكذلك فيما إذا لم يعلم أنه من أجزاء
الحيوان: كالصدف العادي الموجود في الأسواق.
(مسألة 236): إذا صلى في ما لا يؤكل لحمه جهلا أو نسيانا حتى فرغ من
88

الصلاة صحت صلاته.
(الخامس): أن لا يكون من الذهب الخالص أو المغشوش، والمراد من
اللباس هنا مطلق ما يلبسه الإنسان، وإن لم يكن من الثياب - كالخاتم و
الزناجير المعلقة - والأحوط الأولى أن يكون زر اللباس من الذهب. نعم
لا بأس بشد الأسنان بالذهب، بل وتلبيسها به، كما لا بأس بحمل الذهب في
الصلاة، ومن هذا القبيل حمل الساعة الذهبية.
(مسألة 237): يحرم لبس الذهب في غير حال الصلاة أيضا.
(مسألة 238): إذا شك في فلز ولم يعلم أنه من الذهب و: جاز لبسه في
نفسه، ولا يضر بالصلاة
(مسألة 239): لا فرق في حرمة لبس الذهب وإبطاله الصلاة بين أن
يكون ظاهرا وبين عدمه. (مسألة 240): إذا صلى في فلز لم يعلم أنه من الذهب أو نسيه ثم التفت
إليه بعد الصلاة صحت صلاته.
(السادس): أن لا يكون اللباس من الحرير الخالص، من دون فرق بين ما
تتم الصلاة فيه ومالا تتم فيه الصلاة على الأحوط. الأولى، وأما إذا امتزج
بغيره ولم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه والصلاة فيه.
(مسألة 241): لا بأس بأن يكون سجاف الثوب ونحو من الحرير
الخالص. والأحوط أن لا يزيد عرضه على أربعة أصابع مضمومة.
89

(مسألة 242): لا بأس بحمل الحرير في الصلاة. وإن كان مما تتم الصلاة
فيه
(المسألة 243): القمل " من به مرض القمل " يجوز له لبس الحرير
الخالص، كما يجوز لبسه في الحرب وفي حال الاضطرار، ولكن الظاهر أنه لا
يجوز الصلاة فيه في هذه الموارد أيضا. نعم إذا كان الاضطرار حال الصلاة
جازت الصلاة فيه.
(مسألة 244): إذا صلى في الحرير جهلا بالموضوع أو الحكم عن قصور
أو نسيانا، ثم انكشف له الحال بعد الصلاة صحت صلاته.
(مسألة 245): إذا شك في لباس، ولم يعلم أنه من الحرير جاز لبسه و
الصلاة فيه.
(مسألة 246): تختص حرمة لبس الذهب والحرير بالرجال ولا بأس
به للنساء في الصلاة وغيرها. وكذلك الحال في الأطفال الذكور في غير حال
الصلاة.
(مسألة 247): المشهور أنه يحرم لبس لباس الشهرة، ولكنها غير ثابتة
فيما إذا لم يستلزم الهتك.
(مسألة 248): الأحوط الأولى أن لا يتزيا كل من الرجل والمرأة بزي
الآخر في اللباس، كأن يجعل لباسه لباسا لنفسه: وأما إذا لبسه بداع آخر فلا
بأس به. وفيما إذا حرم اللبس لم يضر لبسه بالصلاة إذا لم يكن ساترا له
90

بالفعل حالها.
(مسألة 249): إذا انحصر لباس المصلي، بالمغلوب، أو الحرير، أو
الذهب أو الميتة، أو غير مأكول اللحم من الحيوان لو المتنجس صلى عاريا.
(مسألة 250): الأقوى جواز الصلاة في جورب يستر ظهر القدم ولا
يستر الساق، إلا أن الأحوط تركه.
الأذان والإقامة
يستحب الأذان والإقامة في الصلوات اليومية. وكيفية الأذان أن يقول:
(الله أكبر) أربع مرات (أشهد أن لا إله إلا الله) مرتين (أشهد أن محمد رسول
الله) مرتين (حي على الصلاة) مرتين (حي على الفلاح) مرتين (حي على
خير العمل) مرتين (الله أكبر) مرتين (لا إله الله) مرتين وكيفية الإقامة
أن يقول (الله أكبر) مرتين ثم يمضي على ترتيب الأذان إلى (حي على خير
العمل) وبعد ذلك يقول (قد قامت الصلاة) مرتين (الله أكبر) مرتين (لا
إله إلا الله) مرة واحدة. والشهادة بولاية أمير المؤمنين عليه السلام مكملة
للشهادة بالرسالة ومستحبة في نفسها وإن لم تكن جزءا من الأذان ولا
الإقامة.
(مسألة 251): الأحوط للرجال عدم ترك الإقامة للصلاة وإن كان
الأقوى جواز الترك مطلقا.
(مسألة 252): يسقط الأذان والإقامة في موارد منها:
91

(1) ما إذا دخل في صلاة الجماعة وقد أذن لها وأقيم.
(2) ما إذا دخل المسجد للصلاة جماعة أو فرادى، والجماعة قائمة أو لم
تتفرق صفوفها بعد التمام.
(3) ما إذا سمع إقامة وأذان غيره للصلاة فإنه يجزئ عن أذانه وإقامته
فيما إذا لم يقع بين صلاته وبين ما سمعه من الأذان والإقامة فصل كثير.
(مسألة 253): يسقط الأذان عزيمة للعصر يوم عرفة إذا جمعت مع
الظهر، وللعشاء ليلة المزدلفة إذا جمعت مع المغرب.
(مسألة 254): يعتبر في الإقامة الطهارة والقيام، ولا بأس بالتكلم في
أثنائها.
أجزاء الصلاة وواجباتها
أجزاء الصلاة أحد عشر أمرا:
(1) النية: وهي من الأركان، فتبطل الصلاة بنقصانها ولو كان عن سهو.
ومعنى النية: أن يقصد المكلف عنوان عمله قاصدا به التقرب إلى الله تعالى،
فلو أتى به لا بقصد التقرب، أو بضميمة غير بطل العمل.
ويعتبر في النية استمرارها. بمعنى أنه لابد من وقوع جميع أجزاء الصلاة
بقصد التقرب إلى الله تعالى.
(مسألة 255): إذا تردد المصلي في إتمام صلاته، أو عزم على القطع فإن لم
يأت بشئ من أجزائها في الحال، ولم يأت بمبطل آخر جاز له الرجوع إلى
92

نيته الأولى وإتمام صلاته.
(مسألة 256): إذا دخل في صلاة معينة، ثم قصد بسائر الأجزاء صلاة
أخرى غفلة واشتباها صحت صلاته على ما نواه أولا، ولافرق في ذلك بين
أن يلتفت إلى ذلك بعد الفراغ من الصلاة أو في أثنائها. مثلا: إذا شرع في
فريضة الفجر، ثم تخيل أنه في نافلة الفجر فأتمها كذلك، أو أنه التفت إلى ذلك
بعد الفراغ وعدل إلى الفريضة: صحت صلاته.
(مسألة 257): إذا شك في النية وهو في الصلاة، فإن علم بنيته فعلا، و
كان شكه في الأجزاء السابقة مضى في صلاته، كمن شك في نية صلاة الفجر
حال الركوع، مع العلم بأن الركوع قد أتى به بعنوان صلاة الفجر. وأما إذا لم
يعلم بنيته حتى فعلا، فلابد له من إعادة الصلاة.
تكبيرة الاحرام
(2) تكبيرة الاحرام، وهي أيضا من الأركان، فتبطل الصلاة بنقصانها
عمدا وسهوا. والمشهور أن زيادتها السهوية مبطلة أيضا ولكن الأظهر
خلافه.
(مسألة 258): الواجب في التكبيرة أن يقول: (الله أكبر) والأحوط
أداؤها على هيئتها، فلا يوصلها بجملة أخرى قبلها لئلا تدرج همزتها، بل
الأحوط أن يقتصر على هيئتها، ولا يقول الله أكبر من أن يوصف، أو من
كل شئ كما أن الأحوط عدم وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة.
93

(مسألة 259): يجب تعلم التكبيرة، فإن ضاق الوقت عن ذلك كبر بما
أمكنه وإن كان غلطا، ومع عدم التمكن بوجه، يأتي بترجمتها على الأحوط.
(مسألة 260): الأخرس يأتي بالتكبيرة كما يأتي بسائر الكلمات ويشير
إليها أيضا، وكذلك حاله في القراءة وفي سائر أذكار الصلاة.
(مسألة 261): يعتبر في تكبيرة الاحرام - مع القدرة - القيام و
الاستقرار، ومع عدم التمكن من أي منهما يسقط وجوبه والأحوط رعاية
الاستقلال أيضا، بأن لا يتكئ على شئ مع الامكان.
(مسألة 262): إذا كبر وهو غير قائم بطلت صلاته وإن كان عن سهو، و
لا تبطل بعدم الاستقرار إذا لم يكن عن عمد.
(مسألة 263): الأحوط الأولى أن يكون القيام على القدمين، ولا بأس
بأن يجعل ثقلة على إحداهما أكثر منه على الأخرى. ويجب أن لا يفصل
بينهما بمقدار لا يصدق معه القيام.
(مسألة 264): إذا لم يتمكن من القيام كبر على الترتيب الآتي:
(1) جالسا.
(2) مضطجعا على الجانب الأيمن مستقبل القبلة.
(3) مضطجعا على الجانب الأيسر كذلك.
(4) مستلقيا على قفاه كالمحتضر وهذه المراتب مرتبة، بمعنى أنه مع
التمكن من السابق لا تصل النوبة إلى اللاحق.
94

(مسألة 265): إذا شك في تكبيرة الاحرام بعد الدخول في القراءة لم
يعتن به، ويجب الاعتناء به قبله. وإذا شك في صحتها بعد الفراغ منها لم يعتن
به، ولو كان الشك قبل الدخول في القراءة.
(مسألة 266): يستحب التكبير سبع مرات عند الشروع في الصلاة، و
الأحوط أن يجعل السابعة تكبيرة الاحرام.
القراءة
(3) القراءة: وهي واجبة في الصلاة، ولكنها ليست بركن وهي عبارة
عن قراءة سورة الفاتحة، وسورة كاملة أو بعضها بعدها على الأحوط، إلا في
المرض والاستعجال، فيجوز الاقتصار فيهما على قراءة الحمد، وإلا في ضيق
الوقت أو الخوف ونحو هما من موارد الضرورة فيجب فيها ترك السورة و
الاكتفاء بالحمد، ومحل تلك القراءة، الركعة الأولى والثانية من الفرائض
اليومية.
(مسألة 267): يجب أن يأتي بالقراءة صحيحة فيجب التعلم مع
الامكان، فإن أخره عمدا حتى ضاق الوقت وجب عليه الائتمام بمن يحسنها،
وإذا لم يتمكن من التعلم لم يجب الائتمام، وجاز أن يأتي بما تيسر منها،
والأولى أن تكون القراءة على طبق المتعارف منها، وهي قراءة عاصم عن
طريق حفص، والأحوط فيها ترك الوقف بحركة والوصل بسكون. وكذا في
سائر أذكار الصلاة والأظهر جوازهما.
95

(مسألة 268): إذا نسي القراءة في الصلاة حتى ركع مضى في صلاته ولا
شئ عليه، والأولى أن يسجد سجدتين للسهو بعد الصلاة.
(مسألة 569): البسملة جزء من كل سورة غير سورة التوبة.
(مسألة 270): لا يجوز قراءة السور الطوال فيما إذا استلزمت وقوع شئ
من الصلاة خارج الوقت. ولا يجوز أن يقرأ شيئا من سور العزائم، ولا بأس
بقراءتها في النوافل، فإن قرأها فيها وجب عليه السجود أثناء النافلة عند
قراءة آية السجدة، ولا يجوز له تأخيرها حتى الفراغ منها. الا إذا كانت
السجدة في آخر السورة فإنه حينئذ يجوز له الركوع وتأخير السجدة.
(مسألة 271): يجب السجود فورا على من قرأ آية السجدة أو أصغى
إليها. وأما من سمعها بغير اختيار لم يجب عليه السجود على الأظهر. ولو قرأ
آية السجدة في صلاة الفريضة سهوا، أو أنه أصغى إليها وجب عليه أن يؤمي
إلى السجدة وهو في الصلاة، ثم يأتي بها بعد الفراغ منها على الأحوط الأولى
ولا يجوز السجدة في الصلاة فان سجد وهو فيها بطلت.
(مسألة 272): لا بأس بقراءة أكثر من سورة واحدة في النوافل و
الأحوط الأولى أن لا يزيد على الواحدة في الفرائض.
(مسألة 273): سورة (الفيل) وسورة (قريش) هما بحكم سورة واحدة،
ولكن يجوز الاكتفاء بقراءة إحداهما في الصلاة الفريضة، وكذلك الحال في
سورتي (الضحى والانشراح).
96

(مسألة 274): لا بد من تعيين البسملة حين قراءتها، وأنها لأية سورة،
ولا تجزئ قراءتها من دون تعيين.
(مسألة 275): يجوز العدول في الفريضة من سورة إلى سورة أخرى قبل
أن يتجاوز نصفها، والأحوط عدم العدول ما بين النصف والثلثين وإن كان
الاظهر جوازه ولا يجوز العدول بعد ذلك هذا في غير سورتي (التوحيد و
(الكافرون فإنه لا يجوز العدول عن كل منهما إلى أية سورة وإن لم يتجاوز
النصف، ويستثنى من هذا الحكم مورد واحد وهو ما إذا قصد المصلي في صلاة الجمعة أو في صلاة الظهر يوم الجمعة قراءة سورة (الجمعة) في الركعة
الأولى، وقراءة سورة (المنافقون) في الركعة الثانية، إلا أنه ذهل عما نواه، فقرأ
سورة أخرى وتجاوز النصف أو قرأ سورة الاخلاص أو الكافرون بدل
إحداهما، فيجوز له أن يعدل حينئذ إلى ما نواه. والأحوط عدم العدول عن
سورتي الجمعة والمنافقون يوم الجمعة إلى غير هما حتى إلى سورتي التوحيد و
الكافرون، نعم لا بأس بالعدول إلى إحداهما مع الضرورة.
(مسألة 276): إذا لم يتمكن المصلي من إتمام السورة لنسيانه كلمة أو
جملة منها ولم يتذكرها: جاز له أن يعدل إلى أية سورة شاء وإن كان قد
تجاوز الثلثين، أو كان ما شرع فيه سورة (الاخلاص أو الكافرون) كما جاز
له الاكتفاء بما تمكن.
(مسألة 277): يجب المد فيما إذا كانت واو وما قبلها مضموم، أو ياء وما
قبلها مكسور، أو ألف وما قبلها مفتوح إذا كان بعدها سكون لازم وكان
مدغما مثل الضالين، ويكفي في المد الصدق العرقي ولا يعتبر الزائد عليه، و
97

الأحوط الأولى المد في مثل جاء، وجئ، وسوء.
(مسألة 278): إذا اجتمع حرفان متجانسان أصليان في كلمة واحدة و
كان الأول ساكنا وجب الادغام (كمد، ورد) والأحوط الأولى الادغام فيما
إذا وقعت النون الساكنة أو التنوين قبل حروف يرملون (ي ر م ل ون).
(مسألة 579): لا يجب شئ من المحسنات التي ذكرها علماء التجويد.
بل أن بعضا منها لا يخلو عن إشكال. وهذا كالادغام في كلمتي (سلككم، و
خلقكم) بادغام الكاف أو القاف في الكاف.
(مسألة 280): يجب على الرجل فيما إذا صلى منفرد أو كان إماما أن يجهر
بالقراءة في فرضية الفجر، وفي الركعتين الأولتين من المغرب والعشاء، وأن
يخاف بها في الظهرين، ويستحب له الجهر بالبسملة فيهما، ويأتي حكم
قراءة المأموم في أحكام صلاة الجماعة. ويجب على المرأة أن تخفت في
الظهرين، وتتخير في غيرهما، والأحوط الأولى لها الخفوت عند سماع
الأجنبي صوتها، والعبرة في الجهر والخفوت بالصدق العرفي.
(مسألة 281): يتخير المصلي في الأوليين من صلاة الظهر يوم الجمعة و
في صلاة الجمعة بين الجهر والخفوت بل يستحب الجهر.
(مسألة 282): إذا جهر في القراءة موضع الخفوت، أو خفت موضع الجهر
- جهلا منه بالحكم أو نسيانا - صحت صلاته. وإذا علم بالحكم أو تذكر
أثناء القراءة صح ما مضى، ويأتي بوظيفته في الباقي.
98

(مسألة 283): لا بأس بقراءة الحمد والسورة في المصحف في الفرائض والنوافل، سواء أتمكن من الحفظ أو الائتمام أو المتابعة من القارئ أم لم
يتمكن من ذلك، وإن كان الأحوط ترك ذلك. في الفرائض إذا تمكن من أحد
هذه الأمور، ولا بأس بقراءة الأدعية والأذكار في القنوت وغيره في
المصحف وغيره.
(مسألة 284): يتخير المصلي في الركعة الثالثة من المغرب وفي
الأخيرتين من الظهرين والعشاء بين قراءة " الحمد " والتسبيحات الأربع. و
الأحوط الأولى للمأموم في الصلاة الجهرية اختيار التسبيح. ويتعين الخفوت
في هذه الركعات. ويستحب ان يجهر بالبسملة فيما إذا اختار قراءة " الحمد ".
ويجزئ في التسبيحات أن يقول: " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر " مرة واحدة والأحوط ثلاث مرات. والأولى الاستغفار بعد
التسبيحات، ولو بأن يقول " اللهم اغفر لي ".
(مسألة 285): إذا لم يتمكن من التسبيحات تعين عليه قراءة الحمد.
(مسألة 286): يجوز التفريق في الركعتين الأخيرتين بأن يقرأ في
إحداهما سورة فاتحة الكتاب، ويسبح في الأخرى.
(مسألة 287): من نسي قراءة الحمد في الركعة الأولى والثانية
فالأحوط الأولى أن يختارها على التسبيحات في الركعة الثالثة أو الرابعة.
(مسألة 288): من نسي القراءة أو التسبيحة حتى ركع فلا شئ عليه، و
الأولى أن يسجد سجدتين للسهو بعد الصلاة.
99

(مسألة 289): حكم القراءة والتسبيحات من جهة اعتبار القيام
والطمأنينة، والاستقلال فيها كما مر " في تكبيرة الاحرام " وما ذكرناه من
الفروع هنا يجري بتمامه هنا، غير أنهما يفترقان من جهتين:
(1) إذا نسي القيام حال القراءة، فإن تذكره قبل الركوع تداركه وإلا
صحت صلاته لو ركع عن قيام والا بطلت.
(2) إذا لم يتمكن من القيام في تمام القراءة وجب القيام فيها بالمقدار
الممكن، وكذلك ما إذا لم يتمكن من الجلوس في تمام القراءة أو الاضطجاع
على الجانب الأيمن أو الأيسر " على الترتيب الذي ذكرناه في المسألة
" 364 ".
(مسألة 290): إذا شك في القراءة فإن كان شكه في صحتها - بعد الفراغ
منها - لم يعتن بالشك، وكذلك إذا شك في نفس القراءة بعد ما دخل في
الركوع. وأما إذا شك فيها قبل الدخول في الركوع والقنوت لزمت عليه
القراءة.
(مسألة 291): إذا شك في قراءة الحمد - بعد ما دخل في السورة - لم يعتن
بالشك، وكذلك إذا دخل في جملة وشك في جملة سابقة عليها.
الركوع
(4) الركوع: وهو من الأركان أيضا، وتبطل الصلاة بنقيصته عمدا أو
سهوا وكذلك تبطل بزيادته عمدا أو سهوا إلا في صلاة الجماعة " على
تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى ".
100

ويجب الركوع في كل ركعة مرة واحدة إلا في صلاة الآيات، ففي كل
ركعة منها خمس ركوعات " وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى ".
واجبات الركوع
يجب في الركوع أمور:
الأول: أن يكون الانحناء بمقدار تصل الراحة إلى الركبة في مستوى
الخلقة. ومن كانت يده طويلة يرجع في مقدار الانحناء إلى مستوى الخلقة.
الثاني: القيام قبل الركوع، وتبطل الصلاة بتركه عمدا، وفي تركه سهوا
صورتان:
(1) أن يتذكر القيام المنسي بعد دخوله في السجدة الثانية أو بعد بالفراغ
منها، ففي هذه الصورة تبطل الصلاة أيضا.
(2) أن يتذكره قبل دخوله في السجدة الثانية، فيجب عليه حينئذ القيام
ثم الركوع وتصح صلاته، والأحوط - استحبابا - أن يسجد سجدتي السهو
إذا كان تذكره بعد دخوله في السجدة الأولى.
(مسألة 292): إذا لم يتمكن من الركوع عن قيام وكانت وظيفته الصلاة
قائما يومي إليه برأسه إن أمكن، وإلا فيومي بعينيه.
(مسألة 293): إذا شك في القيام قبل الركوع فإن كان شكه بعد الدخول
في السجود لم يعتن به ومضى في صلاته، وإن كان قبل ذلك لزمه القيام ثم
الركوع والأحوط الأولى حينئذ إعادة الصلاة بعد إتمامها.
الثالث: الذكر، وهو التسبيح أو غيره من الأذكار: كالتحميد والتكبير و
101

التهليل بقدره. والأحوط اختيار التسبيح بأن يقول: " سبحان الله " ثلاثا، أو
" سبحان ربي العظيم وبحمده " مرة واحدة.
(مسألة 294): يعتبر في الذكر الواجب الاستقرار مع القدرة، ويسقط
مع العجز. وإذا نسي الذكر أو الاستقرار فيه حتى رفع رأسه من الركوع
صحت صلاته ولا شئ عليه. وإذا تذكر عدم الاستقرار وهو في الركوع
أعاد الذكر على الأحوط.
الرابع: القيام بعد الركوع ويعتبر فيه الانتصاب والطمأنينة على الأحوط
لزوما، وإذا نسيه حتى خرج عن حد الركوع لم يلزم الرجوع وإن كان
أحوط، كما أن الأحوط إتمام الصلاة وإعادتها إذا تذكره بعد الدخول في
السجود، وإن تذكره بعد الدخول في السجدة الثانية صحت صلاته بلا
اشكال، والأحوط أن يسجد للسهو بعدها.
(مسألة 295): إذا شك في الركوع، أو في القيام بعده - وقد دخيل في
السجود - لم يعتن بشكه، وكذلك إذا شك في القيام ولم يدخل في السجود، و
إن كان الأحوط فيه الرجوع وتدارك القيام المشكوك فيه. وأما إذا شك في
الركوع ولم يدخل في السجود وجب عليه الرجوع لتداركه.
(مسألة 296): إذا نسي الركوع حتى دخل في السجدة الثانية بطلت
صلاته. وإن تذكره قبل ذلك لزمه التدارك، والأحوط الأولى أن يسجد
سجدتي السهو لزيادة السجدة الواحدة.
(مسألة 297): من كان على هيئة الراكع في أصل الخلقة أو لعارض، فإن
102

تمكن من القيام منتصبا ولو بأن يتكئ على شئ. لزمه ذلك حال التكبيرة
والقراءة، وقبل الركوع وبعده، وإذا لم يتمكن من ذلك فان تمكن من رفع
بدنه بمقدار يصدق على الانحناء بعده الركوع في حقه عرفا أتى بما تيسر، وإن
لم يصل إلى حد الانتصاب، وإن لم يتمكن منه أيضا فالأظهر أن يؤمي
للركوع برأسه وان لم يمكن فبعينيه.
(مسألة 298): يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع، فلو انحنى
بمقداره. لا بقصد الركوع، بل لغاية أخرى - كقتل العقرب ونحوه - وجب
عليه أن يرجع وينحني بقصد الركوع.
(مسألة 299): إذا انحنى للركوع فهوى إلى السجود نسيانا ففيه صور
أربع:
(1) أن يكون نسيانه قبل أن يصل حد الركوع ويلزمه حينئذ الرجوع و
الانحناء للركوع.
(2) أن يكون نسيانه بعد الدخول في الركوع، ولكنه لم يخرج عن
حد الركوع حين هويه إلى السجود ويلزمه حينئذ أن يبقى على حاله، ولا
يهوي أكثر من ذلك ويأتي بالذكر الواجب.
(3) أن يكون نسيانه بعد توقفه شيئا ما في حد الركوع، ثم نسي فهوى إلى
السجود حتى خرج عن حد الركوع، ففي هذه الصورة صح ركوعه ويجري
عليه حكم ناسي ذكر الركوع والقيام بعده.
(4) أن يكون نسيانه قبل توقفه في حد الركوع حتى هوى إلى السجود و
خرج عن حد الركوع، فيلزمه أن يرجع إلى القيام ثم ينحني إلى الركوع ثانيا.
103

والأحوط في هذه الصورة إعادة الصلاة أيضا.
السجود
الخامس: السجود، ويجب في كل ركعة سجدتان، وهما من الأركان،
فتبطل الصلاة بزيادتهما أو بنقيصتهما عمدا أو سهوا، وسيأتي حكم زيادة
السجدة الواحدة ونقصانها.
ويعتبر في السجود أمور:
" الأول ": أن يكون على سبعة أعضاء: وهي الجبهة، والكفان، و
الركبتان، والابهامان من الرجل. وتتقوم السجدة بوضع الجبهة على
الأرض. وأما وضع غيرها - من الأعضاء المذكورة - على الأرض فهو وإن
كان واجبا حال السجود إلا أنه ليس بركن، فلا يضر بالصلاة تركه من غير
عمد، وإن كان الترك في كلتا السجدتين.
(مسألة 300): لا يعتبر في الأرض اتصال أجزائها، فيجوز السجود على
السبحة غير المطبوخة " وسيأتي حكم السجدة على المطبوخة ".
(مسألة 301): الواجب وضعه على الأرض، من الجبهة ما يصدق على
وضعه السجود عرفا، ومن اليدين تمام باطن الكف على الأظهر، ومن
الركبتين بمقدار المسمى، ومن الابهامين طرفاهما على الأحوط، والأظهر
جواز وضع الظاهر والباطن منهما، ولا يعتبر في وضع هذه المواضع أن يجعل
ثقله على جميعها، وإن كان هو الأحوط. ويعتبر أن يكون السجود على
النحو المتعارف فلو وضعها على الأرض - وهو نائم على وجهه - لم يجزه
104

ذلك، نعم لا بأس بالصاق الصدر والبطن بالأرض حال السجود، و
الأحوط تركه.
(مسألة 302)، الأحوط لمن قطعت يده من الزند. أو لم يتمكن من
وضعها على الأرض أن يسجد على ذراعه، مراعيا لما هو الأقرب إلى الكف،
ولمن لم يتمكن من السجدة على باطن كفه أن يسجد على ظاهرها، ولمن
قطع ابهام رجله أن يسجد على سائر أصابعها.
" الثاني ". أن لا يكون المسجد أعلى من الموقف، ولا أسفل منه بما يزيد
على أربعة أصابع مضمومة، فلو وضع جبهته سهوا على مكان مرتفع أو
سافل - وكان التفاوت أزيد من المقدار المزبور - لم يحسب سجدة، ولزمه أن
يرفع رأسه ويسجد، وإن كان الأحوط - حينئذ - إعادة الصلاة بعد اتمامها.
" الثالث ": يعتبر في المسجد أن يكون من الأرض أو نباتها غير ما يؤكل
أو يلبس، فلا يجوز السجود على الحنطة والشعير والقطن ونحو ذلك. نعم لا
بأس بالسجود على ما يأكله الحيوان من النبات، وجواز السجدة على
النبات المستعمل دواءا: كأصل السوس، وعنب الثعلب، وورد لسان الثور،
وعلى ورق الكرم بعد أوان أكله، وعلى ورق الشاي، اشكال بل المنع قوى،
والأظهر جواز السجود على القرطاس إذا كان متخذا مما يسجد عليه
اختيارا: والسجود على الأرض أفضل من السجود على غيرها، والسجود
على التراب أفضل من السجود على غيره، وأفضل أقسامه التربة الحسينية
على مشرفها آلاف التحية والسلام، ولا يجوز السجود على الذهب والفضة
وسائر الفلزات، وعلى القير والزفت، وعلى الزجاج البلور، وعلى ما
ينبت على وجه الماء، وعلى الرماد والفحم، وغير ذلك مما لا يصدق عليه
105

الأرض أو نباتها، والأحوط ان لا يسجد على الخزف والآجر، وعلى الجص
والنورة بعد طبخهما، وإن كان الأظهر جواز السجود على جميع ذلك.
(مسألة 303): لا يجوز السجود على ما يؤكل في بعض البلدان وإن لم
يؤكل في بلد آخر.
(مسألة 304): إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه
لفقدانه، أو من جهة الحر أو البرد أو غير ذلك سجد على ثوبه فإن لم يتمكن
منه أيضا سجد على ظهر كفه وان يم يتمكن سجد على ما لا يجوز السجود
عليه اختيارا كالذهب والفضة ونحو هما، والأحوط لزوما في الثوب تقديم
القطن والكتان.
(مسألة 305): إذا سجد سهوا على ما لا يصح السجود عليه لزمه أن
يرفع رأسه أو يجر جبهته ويسجد على ما يصح السجود عليه، وإن كان
الأحوط حينئذ إعادة الصلاة بعد اتمامها.
(مسألة 306): لا بأس على ما لا يصح السجود عليه اختيارا
حال التقية، ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر.
" الرابع ": يعتبر الاستقرار في المسجد، فلا يجزئ وضع الجبهة على
الوحل والطين، أو التراب الذي لا تتمكن الجبهة عليه ولا بأس بالسجود
على الطين إذا تمكنت الجبهة عليه، ولكن إذا لصق بها شئ من الطين أزاله
للسجدة الثانية على الأحوط.
" الخامس ": يعتبر في المسجد الطهارة والإباحة، وتجزئ طهارة الطرف
106

الذي يسجد عليه. ولا تضر نجاسة الباطن أو الطرف الآخر، واللازم طهارة
المقدار الذي يعتبر وقوع الجبهة عليه في السجود. فلا بأس بنجاسة الزائد
عليه على الأظهر. " وقد تقدم الكلام في اعتبار الحلية في مكان المصلي في
المسألة (208).
" السادس ": يعتبر الذكر في السجود. والحال فيه كما ذكرناه في ذكر
الركوع، إلا أن التسبيحة الكبرى هنا " سبحان ربي الأعلى وبحمده ".
" السابع ": يعتبر الجلوس بين السجدتين. وأما الجلوس بعد السجدة
الثانية " جلسة الاستراحة " فالظاهر عدم وجوبه، لكنه أحوط.
" الثامن ": يعتبر استقرار المواضع السبعة المتقدم ذكرها على الأرض
حال الذكر، الواجب فلو حركها - تعمدا - وجبت الإعادة حتى في غير
الجبهة على الأحوط، ولا بأس بتحريكها في غير حال الذكر الواجب، بل
لا بأس برفعها ووضعها ثانيا في غير حال الذكر ما عدا الجبهة. ولو تحركت
المواضع حال الذكر الواجب من غير عمد، أعاد الذكر على الأحوط.
(مسألة 307): من لم يتمكن من الانحناء للسجود وجب عليه أن يرفع
ما يسجد عليه إلى حد يتمكن من وضع الجبهة عليه. فإن لم يتمكن من ذلك
أيضا أومأ برأسه للسجود، ومع العجز عنه أومأ له بعينيه وجعل إيماءه
للسجود أكثر من ايمائه للركوع على الأحوط الأولى.
(مسألة 308): إذا ارتفعت الجبهة من المسجد قهرا فإن كان في السجدة
الأولى أتى بالسجدة الثانية. وإن كان في السجدة الثانية مضى في صلاته ولا
شئ عليه. وإذا ارتفعت الجبهة قهرا ثم عادت كذلك لم يحسب سجدتين،
107

نعم إذا كان الارتفاع قبل الاتيان بالذكر فالأحوط أن يأتي به بعد العود.
(مسألة 309): إذا كان في الجبهة جرح لا يتمكن معه من وضعها على
الأرض لزمه حفر الأرض ليقع موضع الجرح في الحفرة ويضع الموضع
السالم من الجهة على الأرض. فإن لم يتمكن من ذلك سجد. على الذقن و
ان لم يمكن ذلك سجد على أحد طرفي الجبهة.
(مسألة 310): من نسي السجدتين حتى دخل في الركوع بعد هما بطلت
صلاته، وإن تذكر هما قبل ذلك رجع وتداركها، ومن نسي سجدة واحدة،
فإن ذكرها قبل الركوع رجع وتداركها، وإن ذكرها بعد ما دخل في الركوع
مضى في صلاته وقضاها بعد الصلاة.
(مسألة 311): من نسي السجدتين من الركعة الأخيرة حتى سلم، فإن
ذكرهما قبل أن يأتي بما ينافي الصلاة عمدا وسهوا رجع وتداركهما وأتم
صلاته على الأظهر، وسجد سجدتين لزيادة " السلام " سهوا وأما إذا
ذكر هما بعد الإتيان بشئ من المنافيات بطلت صلاته.
(مسألة 312): من نسي سجدة من الركعة الأخيرة وذكرها بعد السلام
قبل الإتيان بما ينافي الصلاة عمدا وسهوا، رجع وتداركها وأتم صلاته
على الأظهر، وإذا ذكرها بعد الإتيان بالمنافي قضاها، وسجد سجدتي السهو
على الأحوط استحبابا.
(مسألة 313): من نسي وضع عضو من الأعضاء السبعة - غير الجبهة -
على الأرض - وذكره بعد رفع الجبهة صحت صلاته ولا شئ عليه.
108

(مسألة 314): إذا ذكر - بعد رفع الرأس من السجود - أن مسجده لم
يكن مما يصح السجود عليه، أو أن موقفه كان أعلى أو أسفل من مسجده بما
يزيد على أربع أصابع مضمومة ففي المسألة صور:
(1) أن يكون ذلك في سجدة واحدة ويكون الالتفات إليه بعد ما دخل
في ركن آخر. ففي هذه الصورة يتم الصلاة ويقضي تلك السجدة بعدها، و
يسجد سجدتي السهو على الأحوط الأولى.
(2) أن يكون ذلك في السجدة الواحدة ويكون التفاتة إليه قبل الدخول
في ركن آخر ففي هذه الصورة يلزمه الرجوع لتدارك السجدة والإتيان بما
بعدها، والأحوط الأولى إعادة الصلاة.
(3) أن يكون ذلك في السجدتين ويكون التفاته إليه حينما لا يمكنه
التدارك، كما إذا دخل في ركن أو أن ذلك كان في الركعة الأخيرة وقد أتى
بشئ من المنافيات بعد ما سلم، ثم تذكر ففي هذه الصورة يحكم ببطلان
الصلاة على الأظهر.
(4) أن يكون ذلك في السجدتين وأمكنه التدارك. والأحوط في هذه
الصورة أن يتدارك السجدة ثم يعيد صلاته.
(مسألة 315): إذا نسي الذكر أو الطمأنينة حال الذكر، وذكره بعد رفع
الرأس من السجود صحت صلاته.
(مسألة 316): إذا نسي الجلسة بين السجدتين حتى سجد الثانية صحت
صلاته.
109

(السادس): التشهد. وهو واجب في الركعة الثانية في جميع الصلوات وفي
الركعة الثالثة من صلاة المغرب، وفي الرابعة من الظهرين والعشاء، ولكل
من صلاتي الاحتياط والوتر تشهد، والأظهر في كيفيته أن يقول: (أشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل
على محمد وآل محمد) ويجب تعلم التشهد مع الامكان، وإذا لم يتمكن
لضيق الوقت ونحوه اقتصر على ما يسعه من الشهادة والصلوات.
(مسألة 317): يعتبر في التشهد أمور:
أداؤه صحيحا.
(2) الجلوس حاله مع القدة عليه، ولا تعتبر في الجلوس كيفية خاصة.
(3) الطمأنينة عند اشتغاله بالذكر.
(4) الموالاة بين أجزائه " بأن يأتي بها متعاقبا على نحو يصدق عليه
عنوان التشهد ".
(مسألة 318): إذا نسي التشهد الأول، وذكره قبل أن يدخل في الركوع
الذي بعده، لزمه الرجوع لتداركه، ولو تذكره بعده فالأظهر أن يقضيه
بعد الصلاة، ويسجد سجدتي السهو، ولو نسي الجلوس فيه تداركه مع
الإمكان، وإلا مضى في صلاته، ومن نسي الطمأنينة فيه، فالأحوط تداركها
مع التمكن، ومع عدمه لا شئ عليه. ومن نسي التشهد الأخير حتى سلم.
فإن ذكره قبل الإتيان بما ينافي الصلاة فحكمه حكم من نسي التشهد الأول و
ذكره قبل أن يدخل في الركوع، وإن ذكره بعد الإتيان بالمنافي، فهو كمن نسي
110

التشهد الأول وذكره بعد الدخول في الركوع.
(مسألة 319): إذا تشهد فشك في صحته لم يعتن بشكه، وكذا إذا شك في
الإتيان بالشهادتين حال " الصلاة على محمد وآل محمد " أو شك في مجموع
التشهد، أو في الصلاة على محمد وآله بعدما قام أو حين السلام الواجب. و
أما إذا كان شكه قبل التسليم وقبل أن يصل إلى حد القيام لزمه التدارك.
السلام
(السابع): السلام، وهو واجب في الركعة الأخيرة من الصلاة بعد
التشهد، ويعتبر أداؤه صحيحا حال الجلوس مع الطمأنينة كما في التشهد. و
صورته: " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " أو (السلام عليكم)، و
يجزئ كل من هاتين الجملتين. وإذا اقتصر على الجملة الثانية: فالأحوط
الأولى أن يقول: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ويستحب الجمع بين
الجملتين وأن يقول قبلهما (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته).
(مسألة 320): من نسي السلام تداركه إذا ذكره قبل أن يأتي بشئ من
منافيات الصلاة، وإن ذكره بعد ذلك كأن يذكره بعدما صدر منه الحدث، أو
بعد فصل طويل مخل بهيئة الصلاة صحت صلاته ولا شئ عليه. وإن كان
الأحوط إعادتها.
(مسألة 321): إذا شك في صحة السلام - بعد الإتيان به - لم يعتن
بالشك، وكذلك إذا شك في أصله بعد ما دخل في صلاة أخرى أو أتى بشئ
111

من المنافيات. وإذا شك في قبل أن يدخل في شئ من التعقيب: لزمه
التدارك، وكذلك بعد ما دخل فيه على الأحوط الأولى.
الترتيب والموالاة
يجب الإتيان بواجبات الصلاة مرتبة على النحو الذي ذكرناه فإذا خالف
الترتيب - عمدا - بطلت صلاته " وقد بينا حكم المخالفة سهوا في المسائل
المتقدمة " وتجب الموالاة بين أجزاء الصلاة بأن يؤتى بها متوالية على نحو
ينطبق على مجموعها عنوان الصلاة ولا يضر بالموالاة تطويل الركوع، أو
السجود، أو القنوت، أو الإكثار من الأذكار أو قراءة السور الطوال، ونحو
ذلك.
القنوت
يستحب القنوت في كل صلاة - فريضة كانت أو نافلة - مرة واحدة، وفي
صلاة الجمعة مرتين: مرة في الركعة الأولى قبل الركوع ومرة في الركعة الثانية
بعده، ويتعدد القنوت في صلوات العيدين والآيات، ومحله في بقية
الصلوات قبل الركوع من الركعة الثانية، وفي صلاة الوتر قبل ما يركع، و
يتأكد استحباب القنوت في الصلوات الجهرية ولا سيما صلاة الفجر وصلاة
الجمعة.
(مسألة 322): لا يعتبر في القنوت ذكر مخصوص، ويكفي فيه كل دعاء
أو ذكر، والظاهر أنه لا تتحقق وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربية
112

وإن كان لا يقدح ذلك في صحة الصلاة، والأولى أن يجمع فيه بين الثناء على
الله والصلاة على النبي (ص) والدعاء لنفسه وللمؤمنين. نعم قد وردت
أذكار خاصة في بعض النوافل فلتطلب من مظانها.
(مسألة 323): من نسي القنوت حتى ركع: يستحب له أن يأتي به
بعد الركوع، وإن ذكره بعدما سجد: يستحب أن يأتي به بعد الصلاة جالسا
مستقبلا.
مبطلات الصلاة
مبطلات الصلاة أحد عشر أمرا:
(1) أن تفقد الصلاة شيئا من الأجزاء أو مقدماتها (على التفصيل المتقدم
في المسائل المربوطة بها).
(2) أن يحدث المصلي أثناء صلاته ولو في الآنات المختلفة، ولا فرق في
ذلك بين العمد والسهو، ولا بين الاختيار والاظطرار (وقد تقدم في
الصفحة 59 وما بعدها، وفي المسألة 320 حكم دائم الحدث وناسي السلام
حتى أحدث).
(3) التكفير في الصلاة، وهو أيضا مبطل لها - حال الاختيار - إذا كان
بقصد الجزئية وإلا فالأحوط الإتمام ثم الإعادة ولا بأس به حال التقية. و
التكفير: (هو أن يضع المصلي إحدى يديه على الأخرى خضوعا وتأدبا) و
لا بأس بالوضع المزبور لغرض آخر كالحك ونحوه.
(4) الالتفات عن القبلة متعمدا بتمام البدن، وتفصيل ذلك أن الالتفات
113

إلى اليمين أو اليسار قد يكون يسيرا، ولا يخرج معه المصلي عن كونه مستقبلا
للقبلة فهذا لا يضر بالصلاة، وإذا كان كثيرا فقد يصل الانحراف إلى حد
يواجه نقطة اليمين أو اليسار أو يزيد على ذلك، فهذا يبطل الصلاة، بل الحكم
كذلك مع السهو أيضا. وقد لا يصل الانحراف إلى هذا الحد بل يكون
الانحراف فيما بين نقطتي اليمين واليسار ففي هذه الصورة أيضا تبطل الصلاة.
(5) التكلم في الصلاة بكلام الآدميين متعمدا ولو كان بحرف واحد مفهم
مثل (ق) فعل أمر من الوقاية إذا قصد معناه، بل وان لم يقصده على الأحوط،
أو غير المفهم إذا كان من حروف المعاني كهمزة الاستفهام.
ولا فرق في ذلك بين صورتي الاختيار والاضطرار.
واستثنى من ذلك ما إذا سلم شخص على المصلي فإنه يجب عليه ان يرد
سلامه بإحدى الصيغ الأربع، وهى سلام عليك، وعليكم، والسلام عليك
وعليكم، ولا يجوز رد السلام بتقديم الظرف، ويختص هذه الاستثناء بما إذا
وجب الرد على المصلي، وأما فيما إذا لم يجب عليه كان رده مبطلا لصلاته، و
هذا كما إذا لم يقصد المسلم بسلامه تحية المصلي وإنما قصد به أمرا آخر من
استهزاء أو مزاح ونحوهما، وكما إذا سلم المسلم على جماعة منهم المصلي، و
كان فيهم من يرد سلامته فإنه لا يجوز للمصلي أن يرد عليه سلامه ولو رده
بطلت صلاته.
(مسألة 324): لا بأس بالدعاة وبذكر الله سبحان وبقراءة القرآن في
الصلاة، ولا يندرج شئ من ذلك في كلام الآدميين.
(مسألة 325): لا تبطل الصلاة بالتكلم فيها سهوا وإنما تجب بذلك
114

سجدتان للسهو بعد الصلاة.
(6) القهقهة متعمدا: وهي تبطل الصلاة وإن كانت بغير اختيار ولا بأس
بها إذا كانت عن سهو والقهقهة (هي الضحك المشتمل على الصوت والمد و
الترجيع).
(7) البكاء متعمدا: وهو يبطل الصلاة إذا كان مع الصوت ولأمر من
أمور الدنيا. والأحوط الأولى ترك ما لا يشتمل على الصوت أيضا، ولا فرق
في بطلان الصلاة به بين صورتي الاختيار والاضطرار، نعم لا بأس به إذا كان
عن سهو، كما لا بأس بالبكاء اختيارا إذا كان لأمر أخروي، كخوف من
العذاب، أو طمع في الجنة، أو كان خضوعا لله سبحانه ولو لأجل طلب أمر
دنيوي، وكذلك البكاء لشئ من مصائب أهل البيت سلام الله عليهم،
لأجل التقرب به إلى الله تعالى.
(8) كل عمل يخل بهيئة الصلاة عند المتشرعة، ومنه الأكل أو الشرب إذا
كان على نحو تنمحي به صورة الصلاة. ولا فرق في بطلان الصلاة بذلك بين
العمد والسهو، نعم لا بأس بابتلاع ما تخلف من الطعام في فضاء الفم أو
خلال الأسنان، كما لا بأس بأن يضع شيئا قليلا من السكر في فمه ليذوب و
ينزل إلى الجوف تدريجا، ولا بأس أيضا بالأعمال اليسيرة، كالإيماء باليد
لتفهيم أمر ما، وكحمل الطفل أو إرضاعه، وعد الركعات بالحصاة ونحوها.
فإن كل ذلك لا يضر بالصلاة، كما لا يضر بها قتل الحية أو العقرب.
(مسألة 326): من كان مشتغلا بالدعاء في صلاة الوتر عازما على
الصوم جاز له أن يتخطى إلى الماء الذي أمامه بخطوتين أو ثلاث ليشربه إذا
خشي مفاجأة الفجر وهو عطشان، بل الظاهر جواز ذلك في غير حال
115

الدعاء بل في كل نافلة.
(9) التأمين - عامدا - في غير حال التقية. ولا بأس به معها أو سهوا و
التأمين هو: (قول آمين بعد قراءة سورة الفاتحة) ويختص البطلان بما إذا قصد
الجزئية أو لم يقصد به الدعاء فلا بأس به إذا قصده ولم يقصد الجزئية.
(10) الشك في عدد الركعات (على تفصيل سيأتي).
(11) أن يزيد في صلاته، أو ينقص منها شيئا متعمدا، ويعتبر في الزيادة
أن يقصد بها الجزئية فلا تتحق الزيادة بدونه. نعم تبطل الصلاة بزيادة
الركوع، وكذا بزيادة السجود عمدا وإن لم يقصد بها الجزئية.
أحكام الشك في الصلاة
(مسألة 327): من شك في الاتيان بصلاة في وقتها: لزمه الاتيان بها، و
لا يعتنى بالشك إذا كان بعد خروج الوقت.
(مسألة 328): من شك في الاتيان بصلاة الظهر - بعد ما صلى العصر -
بنى على الاتيان بها. والأحوط أن يعدل بما أتى به إلى الظهر ثم يأتي بصلاة
أخرى بقصد ما في الذمة. ومن شك في الاتيان بصلاة المغرب - بعد ما صلى
العشاء بنى على الاتيان بها.
(مسألة 329): من شك في الاتيان بالظهرين ولم يبق من الوقت إلا
مقدار فريضة العصر لزمه الاتيان بها، ولا يجب عليه قضاء صلاة الظهر، و
كذلك الحال في العشاءين.
116

(مسألة 330): من شك في صحة صلاته بعد الفراغ منها ولم يعلم بغفلته
- حالها - لم يعتن بشكه، وكذا إذا شك في صحة جزء من الصلاة بعد الاتيان
به، وكذا إذا شك في أصل الاتيان به بعد ما دخل في الجزء المترتب عليه، و
أما إذا كان الشك قبل الدخول فيه لزمه الاتيان بالمشكوك فيه (وقد مر
تفصيل ذلك في مسائل واجبات الصلاة).
الشك في عدد الركعات
(مسألة 331): من شك في صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات الثنائية.
أو في صلاة المغرب - ولم يحفظ عدد ركعاتها - فإن غلب ظنه على أحد طرفي
الشك بنى عليه، وإلا بطلت صلاته.
(مسألة 332): من شك في عدد ركعات الصلوات الرباعية فإن غلب
ظنه على أحد الطرفين بنى عليه، وإلا عمل بوظيفة الشاك في تسعة مواضع،
وأعاد صلاته في ما عداها. والمواضع التسعة كما يلي:
(1) من شك بين الاثنتين والثلاث بعد اكمال السجدتين (رفع الرأس من
السجدة الثانية) بنى على الثلاث، وأتم صلاته ثم أتى بركعة من قيام احتياطا.
(2) من شك بين الثلاث والأربع - أينما كان الشك - بنى على الأربع، وأتم
صلاته، ثم أتى بركعتين من جلوس أو بركعة من قيام.
(3) من شك بين الاثنتين والأربع بعد اكمال السجدتين بنى على الأربع، و
أتى بركعتين من قيام بعد الصلاة.
(4) من شك بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد اكمال السجدتين بنى على
117

الأربع، وأتم صلاته، ثم أتى بركعتين قائما ثم بركعتين جالسا.
(5) من شك بين الأربع والخمس - بعد اكمال السجدتين - بنى على
الأربع، وسجد سجدتي السهو بعد الصلاة، ولا شئ عليه.
(6) من شك بين الأربع والخمس - حال القيام - هدم قيامه وأتى
بوظيفة الشاك بين الثلاث والأربع.
(7) من شك بين الثلاث والخمس - حال القيام - هدم قيامه وأتى
بوظيفة الشاك بين الاثنتين والأربع.
(8) من شك بين الثلاث والأربع والخمس - حال القيام - هدم قيامه، و
أتى بوظيفة الشاك بين الاثنين والثلاث والأربع.
(9) من شك بين الخمس والست - حال القيام - هدم قيامه وأتى بوظيفة
الشاك بين الأربع والخمس بعد إكمال السجدتين. والأحوط في المواضع
الأربعة الأخيرة أن يسجد سجدتي السهو بعد صلاة الاحتياط لأجل القيام
الذي هدمه. والأولى فيها، بل في جميع هذه المواضع إعادة الصلاة بعد العمل
بوظيفة الشاك.
(مسألة 333): إذا شك في صلاته، ثم انقلب شكه إلى الظن - قبل أن يتم
صلاته - لزمه العمل بالظن، ولا يعتني بشكه الأول، وإذا ظن ثم انقلب إلى
الشك لزمه ترتيب أثر الشك. وإذا انقلب ظنه إلى ظن آخر، أو انقلب شكه
إلى شك آخر لزمه العمل على طبق الظن أو الشك الثاني. وعلى الجملة يجب
على المصلي أن يراعي حالته الفعلية، ولا عبرة بحالته السابقة مثلا: إذا ظن
أن ما بيده هي الركعة الرابعة، ثم شك في ذلك لزمه العمل بوظيفة الشاك، و
إذا شك بين الاثنين والثلاث فبنى على الثلاث، ثم انقلب شكه إلى الظن
118

بأنها الثانية: عمل بظنه وإذا انقلب إلى الشك بين الاثنتين والأربع لزمه أن
يعمل بوظيفة الشك الثاني، وإذا ظن أن ما بيده الركعة الثانية، ثم تبدل ظنه
بأنها الثالثة بنى على أنها الثالثة وأتم صلاته.
الشكوك التي لا يعتنى بها
لا يعتنى بالشك في ستة مواضع:
(1) ما إذا كان الشك بعد الفراغ من العمل، كما إذا شك بعد القراءة في
صحتها، أو شك بعد ما صلى الفجر في أنها كانت ركعتين أو أقل أو أكثر.
(2) ما إذا كان الشك بعد خروج الوقت، كما إذا شك في الاتيان بصلاة
الفجر بعد ما طلعت الشمس.
(3) ما إذا كان الشك في الاتيان بجزء بعدما دخل في جزء آخر مترتب
عليه.
(4) ما إذا كثر الشك - فإذا شك في الاتيان بواجب بنى على الاتيان به،
كما إذا شك كثيرا بين السجدة والسجدتين، فإنه يبني - حينئذ - على أنه أتى
بسجدتين، وإذا شك في الاتيان بمفسد بنى على عدمه، كمن شك كثيرا في
صلاة الفجر بين الاثنتين والثلاث فإنه يبني على أنه لم يأت بالثالثة، ويتم
صلاته، ولا شئ عليه. ولا فرق في عدم الاعتناء بالشك إذا كثر بين أن
يتعلق بالأجزاء وأن يتعلق بالشرائط. وعلى الجملة لا يعتني بشك كثير
الشك ويبنى معه على صحة العمل المشكوك فيه، وتتحقق كثرة الشك
بزيادة الشك على المقدار المتعارف بحد يصدق معه - عرفا - أن صاحبه كثير
الشك وتتحقق - أيضا - بأن لا تمضي عليه ثلاث صلوات إلا ويشك في
واحدة منها.
119

ثم أنه يختص عدم الاعتناء بشك كثير الشك بموضع كثرته فلابد من أن
يعمل في ما عداه بوظيفة الشاك كغيره من المكلفين مثلا: إذا كانت كثرة شكه
في خصوص الركعات: لم يعتن بشكه فيها. فإذا شك في الاتيان بالركوع أو
السجود أو غير ذلك، مما لم يكثر شكه فيه لزمه الاتيان به، إذا كان الشك قبل
الدخول في الغير.
(5) ما إذا شك الإمام وحفظ عليه المأموم وبالعكس، فإذا شك الإمام
بين الثلاث والأربع - مثلا - وكان المأموم حافظا لم يعتن الإمام بشكه و
رجع إلى المأموم وكذلك العكس. ولا فرق في ذلك بين الشك في الركعات و
الشك في الأفعال، فإذا شك المأموم في الاتيان بالسجدة الثانية - مثلا - و
الإمام يعلم بذلك رجع المأموم إليه. وكذلك العكس.
(مسألة 334): لا فرق في رجوع الشاك في عدد الركعات من الإمام أو
المأموم - إلى الحافظ منهما بين أن يكون حفظه على نحو اليقين، وأن يكون
على نحو الظن فالشاك منهما يرجع إلى الظان كما يرجع إلى المتيقن. وإذا
اختلفا بالظن واليقين: عمل كل منهما بوظيفته مثلا: إذا ظن المأموم في
الصلوات الرباعية - أن ما بيده هي الثالثة وجزم الإمام بأنها الرابعة وجب
على المأموم أن يضم إليها ركعة متصلة، ولا يجوز له أن يرجع إلى الإمام.
(مسألة 335): إذا اختلف الإمام والمأموم في جهة الشك، فإن لم تكن
بينهما جهة مشتركة، عمل كل منهما بوظيفته، كما إذا شك المأموم بين الاثنتين
والثلاث وشك الإمام بين الأربع والخمس، وإلا بأن كانت بينهما جهة
مشتركة أخذ بها، وألغى كل منهما جهة الامتياز من طرفه. مثلا: إذا شك
120

الإمام بين الثلاث والأربع، وكان شك المأموم بين الاثنتين والثلاث - بنيا
على الثلاث - فإن المأموم يرجع إلى الإمام في أن ما بيده ليست بالثانية و
الإمام يرجع إلى المأموم في أنها ليست بالرابعة ولا حاجة - حينئذ - إلى
صلاة الاحتياط.
(6) ما إذا كان الشك في عدد الركعة من النوافل فإن هذا الشك لا يعتنى
به، والمصلي يتخير بين البناء على الأقل والبناء على الأكثر فيما إذا لم يستلزم
البطلان، ويتعين البناء على الأقل فيما إذا استلزمه كما إذا شك بين الاثنتين و
الثلاث. والأفضل البناء على الأقل في موارد التخيير.
نعم فبخصوص صلاة الوتر ان لم يكن البطلان بالشك أقوى لا ريب في أنه
أحوط.
(مسألة 336): يعتبر الظن في عدد الركعة من النافلة، أو الفريضة ولا عبرة به فيما إذا تعلق بالأفعال في النافلة أو الفريضة.
(مسألة 337): إذا وجبت النافلة لعارض - كنذر وشبهه - فالظاهر أنها
لا تبطل بالشك في عدد ركعتها. ولا يجري عليها حكم الشك في النافلة.
(مسألة 338): إذا ترك في صلاة النافلة ركنا - سهوا - ولم يمكن تداركه
بطلت والظاهر أنها لا تبطل بزيادة الركن سهوا كما هو المشهور.
صلاة الاحتياط
صلاة الاحتياط (هي ما يؤتى به بعد الصلاة تداركا للنقص المحتمل فيها)
121

ويعتبر فيها.
أن يؤتى بها تامة الأجزاء والشرائط على النحو المعتبر في أصل الصلاة.
غير أن صلاة الاحتياط ليس لها أذان ولا إقامة وليس فيها سورة - غير
فاتحة الكتاب - ولا قنوت.
(مسألة 339): من أتى بشئ من المنافيات. قبل صلاة الاحتياط -
لا يبطل أصل الصلاة، على الأظهر بل لابد وان يأتي بصلاة الاحتياط.
(مسألة 340): إذا علم قبل أن يأتي بصلاة الاحتياط أن صلاته كانت
تامة سقط وجوبها، وإذا علم أنها كانت ناقصة: لزمه تدارك ما نقص.
(مسألة 341): إذا علم بعد صلاة الاحتياط نقص صلاته بالمقدار
المشكوك فيه لم تجب عليه الإعادة، وقامت صلاة الاحتياط مقامه. مثلا إذا
شك بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع وأتم صلاته، ثم تبين له - بعد
صلاة الاحتياط - إن صلاته كانت ثلاثا: صحت صلاته، وكانت الركعة من
قيام أو الركعتان من جلوس بدلا من الركعة الناقصة.
(مسألة 342): إذا شك في الاتيان بصلاة الاحتياط، فإن كان شكه بعد
خروج الوقت أو بعد الاتيان بما ينافي الصلاة عمدا وسهوا، أو بعد الدخول
في الغير المترتب الشرعي، لم يعتن بشكه، وإلا لزمه الاتيان بها.
(مسألة 343): إذا شك في عدد الركعات في صلاة الاحتياط بنى على
الأكثر، إلا إذا استلزم البناء على الأكثر بطلانها فيبني - حينئذ - على الأقل.
مثلا: إذا كانت وظيفة الشاك الاتيان بركعتين احتياطا فشك فيها بين
122

الواحدة والاثنتين بنى على الاثنتين وإذا كانت وظيفة الاتيان بركعة
واحدة، وشك فيها بين الواحدة والاثنتين: بنى على الواحدة.
(مسألة 344): إذا شك في شئ من أفعال صلاة الاحتياط جرى عليه
حكم الشك في أفعال الصلاة.
(مسألة 345): إذا نقص أو زاد ركنا في صلاة الاحتياط - عمدا أو سهوا
- بطلت كما في الصلاة الأصلية. ولابد حينئذ - من إعادة صلاه الاحتياط.
قضاء الأجزاء المنسية
(مسألة 346): من ترك سجدة واحدة سهوا ولم يمكن تداركها في
الصلاة قضاها بعدها. ومن ترك التشهد في الصلاة سهوا: أتى بسجدتي
السهو، والأظهر قضاؤه أيضا. ويعتبر في قضائهما ما يعتبر في أدائهما من
الطهارة والاستقبال وغير ذلك، ويجري هذا الحكم فيما إذا كان المنسي
سجدة واحدة في أكثر من ركعة بمعنى أنه يجب قضاء كل سجدة. وإذا كان
المنسي (الصلاة على محمد وآله) أو بعض التشهد فالأحوط الأولى قضاؤه
أيضا.
(مسألة 347): لا يعتبر في قضاء السجدة أن يؤتى بها بعد الصلاة قبل
صدور ما ينافيها بل لو صدر المنافي فالأظهر أن يقضيه، ولا يجب إعادة
الصلاة. وكذلك الحال في قضاء التشهد على الأظهر.
(مسألة 348): لا يجب تقديم قضاء السجدة أو التشهد على سجدتي
123

السهو، وإذا كان على المكلف سجود السهو من جهة أخرى لا يلزم تأخيره
عن القضاء أيضا. وإذا كان على المكلف قضاء السجدة وقضاء التشهد،
تخير في تقديم أيهما شاء. وإذا كان عليه صلاة الاحتياط وقضاء السجدة أو
التشهد، تخير في تقديم أي منهما شاء.
(مسألة 349): من شك في الاتيان بقضاء السجدة أو التشهد وجب
الاتيان به إذا كان الشك قبل خروج الوقت. والاتيان بالمنافي عمدا وسهوا.
واما إذا كان الشك بعد خروج الوقت أو بعد الاتيان بالمنافي عمدا وسهوا
فيبنى على الاتيان به.
(مسألة 350): إذا نسي قضاء السجدة أو التشهد حتى دخل في صلاة
فريضة مترتبة اتى بالقضاء وأتم صلاته، وان تذكر بعد ما دخل في فريضة
غير مترتبة أتم الصلاة ثم اتى بالقضاء، وان تذكر بعد ما دخل في نافلة جاز
له قطعها والاتيان بالقضاء.
سجود السهو
تجب سجدتان للسهو في موارد:
(1) ما إذا تلكم في الصلاة سهوا.
(2) ما إذا نسى التشهد في الصلاة.
(3) ما إذا شك بين الأربع والخمس (على ما مر في المسألة 232).
والأحوط الأولى الاتيان بهما في موارد أخر.
(1) ما إذا سلم في غير موضعه كما إذا اعتقد ان ما بيده هي الركعة الرابعة
124

فسلم ثم انكشف انها كانت الثانية.
(2) ما إذا نسى سجدة واحدة على ما مر في المسألة (346).
(3) ما إذا قام موضع الجلوس أو جلس موضع القيام سهوا.
والأولى أن يسجد لكل يسجد لكل زيادة ونقيصة، وفيما إذا شك بعد الصلاة في أنه
زاد في صلاته أو نقص.
(مسألة 351): إذا تعدد ما يوجب سجدتي السهو لا يتعدد السجود
بتعداده. ولم يجب الاتيان بسجدتي السهو، إلا مرة واحدة. الا إذا تخلل
السجود بين افراد الموجب.
(مسألة 352): تجب المبادرة إلى سجدتي السهو على الأحوط، ولو
أخرهما عمدا أو سهوا لم يسقط وجوبهما ولزم الاتيان بهما.
(مسألة 353): تعتبر النية في سجدتي السهو. والأحوط في كيفيتهما أن
يسجد ويقول في سجوده: (بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمته
الله وبركاته والأحوط لزوما الجمع بين السلام بدون واو وبينه معها) ثم
يرفع رأسه ويجلس، ثم يسجد ويأتي بالذكر المتقدم؟ ثم يرفع رأسه و
يتشهد تشهد الصلاة، على الأحوط لزوما ثم يقول (السلام عليكم). على
الأحوط لزوما والأولى أن يضيف إليه جملة: (ورحمة الله وبركاته).
ولا يعتبر فيهما التكبير بل لا دليل على استحبابه.
(مسألة 354): يعتبر في سجود السهو أن يكون على ما يصح السجود
عليه في الصلاة، وأن يضع مواضعه السبعة على الأرض والأحوط وجوبا
125

أن يكون واجدا لبقية شرائط السجود في الصلاة كالطهارة والاستقبال و
غير ذلك.
(مسألة 355): من شك في تحقق ما يوجب سجدتي السهو لم يعتن به. و
من شك في الاتيان بهما مع العلم بتحقق موجبهما وجب عليه الإتيان بهما، و
إن كان شكه بعد خروج الوقت.
(مسألة 356): إذا علم بتحقق ما يوجب سجدتي السهو، وشك في
الأقل والأكثر بنى على الأقل. مثلا: إذا علم أنه نسى التشهد ولم يدر أنه كان
مرة واحدة أو مرتين، أو احتمل أنه تكلم أيضا لم يجب عليه إلا الاتيان
بسجدتي السهو مرة واحدة.
(مسألة 357): إذا شك في الاتيان بشئ من أجزاء سجدتي السهو
وجب الاتيان به، إن كان شكه قبل أن يدخل في الجزء المترتب على
المشكوك فيه، وإلا لم يعتن به.
(مسألة 358): إذا شك ولم يدر أنه أتى بسجدتين أو بثلاث بم يعتن به،
سواء أشك قبل دخوله في التشهد، أم شك بعده. وإذا علم أنه أتى بثلاث أعاد
سجدتي السهو على الأحوط.
(مسألة 359): إذا نسي سجدة واحدة من سجدتي السهو فإن أمكنه
التدارك بأن ذكرها قبل أن يتحقق فصل طويل، لزمه التدارك وإلا أتى
بسجدتي السهو من جديد.
126

صلاة الجماعة
تستحب الجماعة في الصلوات اليومية، ويتأكد استحبابها في صلاة
الفجر، وفي العشاءين وفي الحديث. (الصلاة خلف العالم بألف ركعة، و
خلف القرشي بمائة) وعليه فالصلاة خلف العالم القريشي أفضل. وكلما زاد
عدد الجماعة زاد فضلها، وتجب الجماعة في صلاة الجمعة، كما تقدم في بيان
شرائط صلاة الجمعة.
(مسألة 360): قد تجب الجماعة في الصلوات اليومية، وهي في موارد:
(1) ما إذا أمكن المكلف تصحيح قراءته، وتسامح حتى ضاق الوقت عن
التعلم والصلاة (وقد تقدم في المسألة 266).
(2) ما إذا ابتلى المكلف بالوسواس لحد تبطل - معه - الصلاة وتوقف
دفعه على أن يصلي جماعة.
(3) ما إذا لم يسع الوقت أن يصلي فرادى، ووسعها جماعة، كما إذا كان
المكلف بطيئا في قراءته أو لأمر آخر غير ذلك.
(4) ما إذا تعلق النذر أو اليمين أو العهد ونحو ذلك بأداء الصلاة جماعة. و
إذا أمر أحد الوالدين ولده بالصلاة جماعة: فالأحوط الأولى امتثاله.
موارد مشروعية الجماعية
تشرع الجماعة في جميع الصلوات اليومية، وإن اختلف صلاة الإمام و
صلاة المأموم من حيث الجهر والخفوت، أو القصر والتمام، أو القضاء و
الأداء، ومن هذا القبيل أن تكون صلاة الإمام ظهرا وصلاة المأموم عصرا،
127

وبالعكس، وكذلك في العشائين.
(مسألة 361): لا تشرع الجماعة فيما إذا اختلفت صلاة الامام وصلاة
المأموم في النوع: كالصلوات اليومية والآيات والأموات، نعم يجوز أن يأتم
في صلاة الآيات بمن يصلي تلك الصلاة. وكذلك الحال في صلاة الأموات. و
في مشروعية الائتمام في صلاة الطواف - ولو كان بمن يصلي صلاة الطواف -
إشكال بل منع.
(مسألة 362): لا يجوز الائتمام في الصلوات اليومية بمن يصلي صلاة
الاحتياط، كما لا يجوز الائتمام في صلاة الاحتياط حتى بمن يصلي صلاة
الاحتياط، وإن كان الاحتياط في كلتا الصلاتين من جهة واحدة على
الأحوط لزوما. فإذا شك كل من الإمام والمأموم بين الثلاث والأربع وبنيا
على الأربع: إنفرد كل منهما في صلاة الاحتياط. ولا تشرع الجماعة فيها.
(مسألة 363): يجوز لمن يريد إعادة صلاته من جهة الاحتياط
الوجوبي أو الاستحبابي أن يأتم فيها، ولا يجوز لغيره أن يأتم به فيها، و
يستثنى من هذا الحكم ما إذا كان كل من صلاتي الإمام والمأموم احتياطية،
وكانت جهة الاحتياط فيهما واحدة، كما إذا صليا عن وضوء بالماء المشتبه
بالمضاف غفلة، ولزمتهما إعادة الوضوء والصلاة للاحتياط الوجوبي. أو
صليا مع المحمول المتنجس اجتهادا أو تقليدا وأرادا إعادة الصلاة
للاحتياط الاستحبابي، ففي مثل ذلك يجوز لأحدهما أن يأتم بالآخر في
صلاته.
128

(مسألة 364): لا تشرع الجماعة في النوافل، وإن وجبت بنذر وشبهه، و
لا فرق في ذلك بين أن يكون كل من صلاتي الإمام والمأموم نافلة، وأن
تكون إحداهما نافلة. وتستثنى من ذلك صلاة الاستسقاء وصلاة العيدين،
وصلاة الغدير، فإن الجماعة مشروعة فيها.
(مسألة 365): يجوز لمن يصلي عن غيره - تبرعا أو استيجارا - أن يأتم
فيها مطلقا، كما يجوز لغيره أن يأتم به إذا علم فوت الصلاة عن المنوب عنه.
(مسألة 366): من صلى منفردا جاز له أن يعيد صلاته جماعة - إماما أو
مأموما - وكذا يجوز لمن صلى جماعة إماما ومأمون أن يعيد صلاته إماما و
يعتبر في جواز الإعادة أن يكون في الجماعة من لم يؤد فريضته. ويشكل
ذلك فيما إذا صليا منفردين، ثم أرادا إعادتها جماعة بائتمام أحدهما بالآخر،
من دون أن يكون في الجماعة من لم يؤد فريضته.
شرائط الإمامة
تعتبر في الإمامة أمور:
(1) بلوغ الإمام، فلا يجوز الائتمام بالصبي وإن كان مميزا، نعم لا بأس
بإمامته للصبيان تمرينا.
(2) عقله، فلا يجوز الاقتداء بالمجنون، وإن كان ادواريا نعم لا بأس
بالاقتداء به حال إفاقته.
(3) إيمانه وعدالته (وقد مر تفسيرها في المسألة 20) ويكفي في احرازها
حسن الظاهر. وتثبت بالشياع المفيد لليقين أو الاطمئنان وبشهادة عدلين
129

والأظهر ثبوتها بشهادة العدل الواحد بل بشهادة مطلق الثقة.
(4) طهارة مولده، فلا يجوز الإتمام بولد الزنا.
(5) صحة قراءته، فلا يجوز الائتمام بمن يجيد القراءة وإن كان معذورا
في عمله إذا كان الائتمام في الأوليين وكان المأموم صحيح القراءة. نعم لا بأس
بالائتمام بمن لا يجيد الأذكار الاخر (كذكر الركوع والسجود، والتشهد
والتسبيحات الأربع) إذا كان معذورا من تصحيحها.
(6) ذكورته، إذا كان المأموم ذكرا. ولا بأس بائتمام المرأة بالمرأة على
الأظهر، وإن كان الأحوط تركه، وإذا أمت المرأة النساء وجب أن تقف في
صفهن دون أن تتقدم عليهن.
(7) أن لا يكون أعرابيا - أي من سكان البوادي - على الأحوط.
ولا ممن جرى عليه الحد الشرعي على الأظهر.
(8) أن تكون صلاته عن قيام، إذا كان المأموم يصلي عن قيام، ولا بأس
بامامة الجالس للجالسين، والأحوط عدم الائتمام بالمستلقي أو المضطجع و
إن كان المأموم مثله.
(9) توجهه إلى جهة يتوجه إليها المأموم، فلا يجوز لمن يعتقد أن القبلة في
جهة أن يؤتم بمن يعتقد أنها في جهة أخرى، نعم يجوز ذلك إذا كان الاختلاف
بينهما يسيرا تصدق - معه - الجماعة عرفا.
(10) صحة صلاة الإمام عند المأموم، فلا يجوز الائتمام بمن كانت صلاته
باطلة - بنظر المأموم - اجتهادا أو تقليدا. مثال ذلك.
(1) إذا تيمم الإمام في موضع باعتقاد أن وظيفته التيمم، فلا يجوز لمن
يعتقد أن الوظيفة في ذلك الموضع هي الوضوء أو الغسل أن يأتم به.
130

(2) إذا علم أن الإمام نسي ركنا من الأركان لم يجز الاقتداء به وإن لم
يعلم الامام به ولم يتذكره.
(3) إذا علم أن لباس الإمام أو بدنه تنجس، وكان عالما به فنسيه لم يجز
الاقتداء به، نعم إذا علم بنجاسة بدن الامام أو لباسه - وهو جاهل بها - جاز
ائتمامه به، ولا يلزمه اخباره. وذلك لأن صلاة الامام حينئذ صحيحة في
الواقع، وبهذا يظهر الحال في سائر موارد الاختلاف بين الإمام والمأموم إذا
كانت صلاة الامام صحيحة واقعا مثال ذلك:
(1) إذا رأى الإمام جواز الاكتفاء بالتسبيحات الأربع في الركعة الثالثة و
الرابعة مرة واحدة جاز لمن يرى وجوب الثلاث أن يأتم به.
(2) إذا اعتقد الإمام عدم وجوب السورة في الصلاة، جاز لمن يرى
وجوبها أن يأتم به، بعد ما دخل في الركوع. وكذلك الحال في بقية الموارد إذا
كان الاختلاف من هذا القبيل.
شرائط صلاة الجماعة
يعتبر في صلاة الجماعة أمور:
(1) قصد المأموم الائتمام، ولا يعتبر فيه قصد القربة زائدا على قصد
القربة في أصل الصلاة، فلا بأس بالائتمام بداع آخر غير القربة كالتخلص من
الوسواس أو سهولة الأمر عليه. ولا يعتبر قصد الإمامة.
(2) تعين الإمام لدى المأموم. ويكفي تعينه إجمالا، كما لو قصد الائتمام
بالإمام الحاضر، وإن لم يعرف شخصه.
131

(مسألة 367): إذا ائتم بالحاضر باعتقاد أن الامام زيد، فظهر أنه عمرو
صحت صلاته على الأظهر، سواء اعتقد عدالة عمرو أيضا أم لم يعتقدها. و
يستثنى من ذلك ما إذا كان صلاة المأموم باطلة على تقدير بطلانها جماعة،
كما إذا زاد - في الفرض المزبور - ركوعا أو سجدتين، ففي هذه الصورة لزمته
إعادة صلاته إذا لم يعتقد عدالة الإمام الثاني.
(مسألة 368): لا يجوز على الأحوط للمأموم أن يعدل في صلاة الجماعة
عن إمام إلى آخر، إلا أن يحدث للامام الأول ما يعجز به عن إكمال صلاته. و
في مثله جاز أن يتقدم أحد المأمومين ويتم الصلاة جماعة.
(3) استقلال الإمام في صلاته، فلا يجوز الائتمام بمن ائتم في صلاته
بشخص آخر.
(4) أن يكون الإئتمام من أول الصلاة، فلا يجوز لمن شرع في صلاته
فرادى أن يأتم في أثنائها على الأحوط.
قبل يعتبر فيها نية المأموم بان لا ينفرد أثناء صلاته ولكن الاظهر انه
يجوز العدول عن الائتمام إلى الانفراد اختيارا مطلقا في جميع أحوال الصلاة و
إن كان ذلك من نيته في أول الصلاة.
(مسألة 369): لو ائتم بالإمام حال ركوعه. وركع ولم يدركه راكعا، بأن
رفع الإمام رأسه - قبل أن يصل المأموم إلى حد الركوع - صحت صلاته. و
وظيفته وظيفة من لحق الامام بعد الركوع وسيأتي في المسألة اللاحقة.
(مسألة 370): لو كبر بقصد الائتمام - والإمام راكع - ورفع الإمام رأسه
من الركوع قبل أن يركع المأموم، فله أن يقصد الإنفراد ويتم صلاته ويجوز
132

له العدول إلى النافلة والرجوع إلى الائتمام بعد اتمامها. وله متابعته في
السجدة من دون ان يعتد بها.
(مسألة 371): لو أدرك الامام - وهو في التشهد من الركعة الأخيرة -
جاز له أن يكبر بنية الجماعة، ويجلس قاصدا به التبعية ويتشهد، بنية القربة
المطلقة على الأحوط وجوبا، فإذا سلم الإمام قام وأتم صلاته، ويكتب له
ثواب الجماعة.
(5) أن لا ينفصل الإمام عن المأموم - إذا كان المأموم رجلا - بحائل، و
كذلك كل صف مع الصف المتقدم عليه.
(6) أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم بمقدار شبر أو أكثر.
ولا بأس بما دون ذلك، كما لا بأس بالعلو التسريحي " التدريجي " وإن كان
موقف الإمام أعلى من موقف المأموم بمقدار شبر أو أكثر إذا قيس ذلك
بالمقاييس الدقيقة. ولا بأس بأن يكون موقف المأموم أعلى من موقف
الإمام وإن كان العلو دفعيا مالم يبلغ حدا لا تصدق - معه - الجماعة.
(7) أن لا يكون الفصل بين المأموم والإمام، أو بينه وبين من هو سبب
الإتصال بالإمام أكثر من مربض شاة (مقدار متر واحد تقريبا) والأحوط
أن لا يكون الفاصل أكثر من ما يشغله إنسان متعارف حال سجوده.
(مسألة 372): من نوى الائتمام وكانت بينه وبين الجماعة مسافة يحتمل
أن لا يدرك الامام راكعا بطيها: جاز له أن يدخل في الصلاة وهو في مكانه و
يهوى إلى الركوع ثم يلحق بالجماعة حال الركوع أو بعده، ويختص هذا
الحكم بما إذا لم يكن هناك مانع من الائتمام إلا البعد. ويلزمه أن لا ينحرف -
133

أثناء مشيه - عن القبلة. والأحوط أن لا يشتغل - حال مشيه - بالقراءة أو
ذكر واجب تعتبر فيه الطمأنينة.
(8) أن لا يتقدم المأموم على الامام. والأظهر أن لا يحاذيه أيضا، و
يتأخر عنه ولو يسيرا في جميع حالات الصلاة، والأفضل ان يقف خلفه إلا
فيما إذا كان المأموم رجلا واحدا، فيقف عن يمين الإمام متأخرا عنه يسيرا.
(مسألة 373): إذا أقيمت الجماعة في المسجد الحرام لا يجب وقوف
المأمومين - بأجمعهم - خلف الإمام بل يجوز إقامتها مستديرة ويعتبر عدم
تقدم المأموم على الامام بحسب الدائرة أو بلحاظ الكعبة.
أحكام صلاة الجماعة
(مسألة 374): تسقط القراءة في الظهرين عن المأموم في الركعة الأولى و
الثانية ويتحملها الإمام، ويجوز القرانة نعم هي مكروهة والأفضل له أن
يشتغل بالتسبيح أو التحميد أو غير ذلك من الأذكار، واما في صلاة الفجر و
في العشاءين إذا سمع المأموم صوت الامام ولو همهمته وجب عليه ترك
القرانة والأحوط الأولى حينئذ - أن ينصت ويستمع لقراءة الإمام. وأما إذا
لم يسمع شيئا من القراءة ولا الهمهمة فهو بالخيار، إن شاء قرأ مع الخفوت و
إن شاء ترك، والقراءة أفضل، هذا كله فيما إذا كان الإمام في الركعة الأولى أو
الثانية من صلاته. وأما إذا كان في الركعة الثالثة أو الرابعة، فلا يتحمل عن
المأموم شيئا، فلابد للمأموم من أن يعمل بوظيفته. فإن كان في الركعة الأولى
أو الثانية لزمته القراءة، وإن كان في الركعة الثالثة أو الرابعة تخير بين القراءة و
134

التسبيحات، والتسبيح أفضل والأحوط اختيار التسبيح في الجهرية. ولا
فرق في بقية الأذكار بين ما إذا أتى بالصلاة جماعة وبين ما إذا أتى بها فرادى.
(مسألة 375): يختص سقوط القراءة عن المأموم في الركعة الأولى و
الثانية بما إذا استمر في ائتمامه، فإذا انفرد أثناء القراءة لزمته القراءة من ما بقى منها.
(مسألة 376): إذا ائتم بالإمام وهو راكع، سقطت عنه القراءة، وإن كان
الائتمام في الركعة الثالثة أو الرابعة للإمام.
(مسألة 377): لزوم القراءة على المأموم في الركعة الأولى والثانية له -
إذا كان الامام في الركعة الثالثة أو الرابعة - يختص بما إذا أمهله الإمام للقراءة،
فإن لم يمهله جاز له أن يكتفي بقراءة سورة الفاتحة ويركع معه، وإن لم يمهله
لذلك أيضا بأن لم يتمكن من إدراك الإمام راكعا إذا أتم قرائته! فالأحوط أن
ينفرد ويتم صلاته.
(مسألة 378): تعتبر في صلاة الجماعة متابعة الإمام في الأفعال فلا يجوز
التقدم عليه فيها. ولا بأس بالتأخير اليسير وتبطل الجماعة فيما إذا كان
التأخير بحد لا تصدق - معه - المتابعة: بأن يتأخر عنه بركعة أو بركن. و
يستثنى من ذلك ما إذا أدرك الإمام قبل ركوعه ومنعه الزحام عن الالتحاق
بالإمام حتى رفع رأسه من الركوع. ففي هذه الصورة يجوز له أن يركع وحده،
ويلتحق بالإمام في سجوده.
(مسألة 379): إذا ركع المأموم أو سجد باعتقاد أن الامام قد ركع أو
135

سجد فبأن خلافه فالأحوط الأولى - ان يرجع ويتابع الإمام في ركوعه أو
سجوده: ولا يلزم ان يأتي بذكر الركوع أو السجود عند متابعة الإمام.
(مسألة 380): إذا رفع المأموم رأسه من الركوع - باعتقاد أن الامام قد
رفع رأسه - لزمه العود إليه لمتابعة الامام ولا تضره زيادة الركن فإن لم
يرجع لا تبطل جماعته ولا ينفرد في صلاته كما إذا رفع رأسه قبل الإمام
بعد الذكر متعمدا، وكذلك الحال في السجود.
(مسألة 381): إذا رفع المأموم رأسه من السجود، فرأى الإمام ساجدا،
وأعتقد أنها السجدة الأولى فسجد للمتابعة، ثم انكشف أنها الثانية حسبت
له سجدة ثانية، ولا تجب عليه السجدة الأخرى.
(مسألة 382): إذا رفع المأموم رأسه من السجدة فرأى الإمام في
السجدة، وأعتقد أنها الثانية فسجد، ثم انكشف أنها كانت الأولى لم تحسب
له الثانية، ولزمته سجدة أخرى مع الامام.
(مسألة 382): لا تجب متابعة الإمام في الأقوال، ويجوز التقدم عليه
فيها سواء في ذلك الأقوال الواجبة والمستحبة، من دون فرق بين حالتي سماع
صوت الإمام وعدمه. وتستثنى من ذلك تكبيرة الإحرام فلا يجوز التقدم
فيها على الإمام، بل الأحوط الأولى أن يأتي بها بعد تكبيرة الإمام و
الأحوط الأولى رعاية المتابعة في السلام الواجب أيضا. ولو سلم - قبل
الإمام عامدا - انفرد في صلاته.
(مسألة 384): لا يجب على المأموم أن يكبر بعد ما كبر من تقدمه من
136

المأمومين، ويجوز أن يكبر المأمون دفعة واحدة: بل يجوز أن يكبر المتأخر
قبل أن يكبر المتقدم المتهئ له.
(مسألة 385): إذا كبر المأموم قبل الإمام سهوا كانت صلاته فرادى، و
يجوز له أن يعدل بها إلى النافلة، فيتمها أو يقطعها ثم يأتم.
(مسألة 386): إذا ائتم والإمام في الركعة الثانية من الصلوات الرباعية
لزمه التخلف عن الامام لأداء وظيفة التشهد، ثم يلتحق بالإمام وهو قائم.
فإن لم يمهله حتى ركع فالأحوط الأولى له قصد الانفراد. وله البقاء على
الجماعة والالتحاق به في السجود.
(مسألة 387): إذا ائتم والإمام قائم، ولم يدر أنه في الركعة الأولى أو
الثانية لتسقط القراءة عنه، أو أن الامام في الثانية أو الرابعة لتجب عليه
القراءة جاز له الاتيان بالقراءة قاصدا بها القربة المطلقة.
(مسألة 388): إذا ائتم والامام في الركعة الثانية، تستحب متابعته في القنوت والتشهد. والأحوط لو لم يكن أقوى التجافي حال التشهد، " وهو
أن يضع يديه على الأرض، ويرفع ركبتيه عنها قليلا ".
(مسألة 390): إذا انكشف بعد الصلاة فسق الامام لم تجب الإعادة وإذا
انكشف ذلك أثناءها انفرد المأموم في صلاته.
137

أحكام صلاة المسافر
يجب على المسافر التقصير في الصلوات الرباعية " وهو أن يقتصر على
الأولين ويسلم في الثناية " وللتقصير شرائط:
" الشرط الأول ": قصد المسافة بأن يكون سفره عن قصد ونية، فإذا
خرج غير قاصد للمسافة لطلب ضالة أو غريم ونحوه لم يقصر في صلاته،
نعم إذا قصد المسافة بعد ذلك - ولو كانت تلفيقية - لزمه التقصير، والمسافة
هي ثمانية فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع
إنسان عادي، وعليه فالمسافة تقرب من (44) كيلو مترا.
(مسألة 391): تتحقق المسافة على أنحاء:
(1) أن يسير ثمانية فراسخ مستقيما.
(2) أن يسيرها غير مستقيم، بأن يكون سيره في دائرة أو خط منكسر.
(3) أن يسير أربعة فراسخ، ويرجع مثلها. ولا يجزئ التلفيق إذا كان
الذهاب أو الرجوع أقل من أربعة فراسخ، وإن بلغ مجموعها ثمانية فراسخ أو
أكثر: والأحوط الأولى في ذلك الجمع بين القصر والتمام.
(مسألة 392): لا يعتبر في المسافة الملفقة أن يكون الذهاب والإياب في
يوم واحد، فلو سافر أربعة فراسخ قاصدا الرجوع - قبل عشرة أيام - وجب
عليه التقصير، وإن كان الأحوط - في غير ما قصد الرجوع ليومه - الجمع
بين القصر والتمام.
(مسألة 393): تثبت المسافة بالعلم وبالبينة وبالشياع وما في حكمه مما
138

يفيد الاطمئنان، والأقوى ثبوتها بخير العادل الواحد، بل بإخبار مطلق
الثقة. وإذا لم تثبت المسافة بشئ من ذلك وجب التمام.
(مسألة 394): إذا قصد المسافر محلا خاصا، وأعتقد أن مسيره لا يبلغ
المسافة، أو أنه شك في ذلك فأتم صلاته، ثم انكشف أنه كان مسافة أعادها
فيما إذا بقي الوقت قصرا، ووجب عليه التقصير فيما بقي من سفره، وإذا اعتقد
أنه مسافة فقصر صلاته ثم انكشف خلافه، أعادها في الوقت أو في خارجة
تماما، ويتمها فيما بقي من سفره، ما لم ينشئ مسافة جديدة.
(مسألة 395): تبتدأ المسافة من سور البلد، فإن لم يكن له سور فمن آخر
البيوت.
(مسألة 396): لا يعتبر البلوغ في قصد المسافة، فلو قصد المسافة ثم بلغ
أثنائها قصر في صلاته، وإن كان الباقي من سفره لا يبلغ المسافة.
(مسألة 397): لا يعتبر الاستقلال في قصد المسافة، فمن سافر بتبع غيره
من زوج أو سيد، بإجبار أو غير ذلك وجب عليه التقصير، إذا علم
أن مسيره ثمانية فراسخ، وإذا شك في ذلك فالأحوط لزوما الاستخبار من
المتبوع أو تركه والجمع بين القصر والإتمام. ولكن لا يجب عليه الاخبار.
(مسألة 398): إذا اعتقد التابع أن مسيره لا يبلغ ثمانية فراسخ أو أنه شك
في ذلك فأتم صلاته، ثم انكشف خلافه لم تجب عليه الإعادة على الأظهر، و
يجب عليه التقصير إذا كان الباقي بنفسه مسافة وإلا لزمه الإتمام.
(الشرط الثاني): استمرار القصد. فلو قصد المسافة وعدل عنه أثناءها
139

أتم صلاته إلا إذا كان عدوله بعد مسيرة أربعة فراسخ وكان عازما على
الرجوع، ففي هذه الصورة يبقى على تقصيره.
(مسألة 399): إذا سافر قاصدا للمسافة، فعدل عنه، ثم بدا له في السفر
ففي ذلك صورتان:
(1) أن يبلغ الباقي من سفره مقدار المسافة ولو كان بضميمة الرجوع إليه.
ففي هذه الصورة يتعين عليه التقصير عند شروعه في السفر.
(2) أن لا يكون الباقي مسافة ولكنه يبلغها بضم مسيره الأول إليه. و
الأظهر القصر في هذه الصورة، أيضا وإن كان الأحوط أن يجمع بينه وبين
التمام.
(مسألة 400): إذا قصد المسافة وصلى قصرا ثم عدل من سفره
فالأحوط استحبابا أن يعيدها تماما.
(مسألة 401): لا يعتبر في قصد المسافة أن يقصد المسافر موضعا معينا.
فلو سافر قاصدا ثمانية فراسخ مترددا في مقصده وجب عليه التقصير، و
كذلك الحال فيما إذا قصد موضعا خاصا وعدل في الطريق إلى موضع آخر و
كان المسير إلى كل منهما مسافة.
(مسألة 402): يجوز العدول من المسير في المسافة الامتدادية إلى المسير
في المسافة التلفيقية، وبالعكس، ولا يضر شئ من ذلك بلزوم التقصير.
(الشرط الثالث): أن لا يتحقق أثناء المسافة شئ من قواطع السفر:
" المرور بالوطن، قصد الإقامة عشرة أيام، التوقف ثلاثين يوما في محل
140

مترددا " وسيأتي تفصيل ذلك، فلو خرج قاصدا طي المسافة " الامتدادية أو
التلفيقية " وعلم أنه يمر بوطنه أثناء المسافة، أو أنه يقيم فيها عشرة أيام لم
يشرع له التقصير من الأول، وكذلك الحال فيما إذا خرج قاصدا المسافة و
احتمل أنه يمر بوطنه، أو يقيم عشرة أيام أثناء المسافة، أو أنه يبقى فيها ثلاثين
يوما مترددا فإنه في جميع ذلك يتم صلاته من أول سفره. نعم إذا اطمأن من
نفسه أنه لا يتحقق شئ من ذلك قصر صلاته وإن احتمل تحققه ضعيفا.
(مسألة 403): إذا خرج قاصدا المسافة واتفق أنه مر بوطنه أو قصد
إقامة عشرة أيام، أو أقام ثلاثين يوما مترددا. أو أنه احتمل شيئا من ذلك
أثناء المسافة احتمالا لا يطمأن بخلافه، ففي جميع هذه الصور يتم صلاته وما
صلاه قبل ذلك قصرا لا يجب اعادته تماما ولابد في التقصير - بعد ذلك -
من إنشاء مسافة جديدة وإلا أتم فيما بقي من سفره أيضا.
(الشرط الرابع): أن يكون سفره سائغا، فإن كان السفر بنفسه حراما، أو
قصد الحرام بسفره أتم صلاته، وليس من هذا القبيل ما إذا سافر قاصدا به
ترك واجب: كسفر الغريم فرارا من أداء دينه مع وجوبه عليه. ويدخل في
ذلك السفر في الأرض المغصوبة أو على الدابة المغصوبة ونحو ذلك.
(مسألة 404): العاصي بسفره يجب عليه التقصير في إيابه إذا كان
مسافة، ولم يكن الإياب من سفر المعصية ولا فرق في ذلك بين من تاب عن
معصيته ومن لم يتب. وكذلك إذا عد الرجوع جزءا من سفره عرفا وتاب، و
الا فلا ببعد وجوب التمام والاحتياط بالجمع لا يترك.
(مسألة 405): إذا سافر سفرا سائغا، ثم تبدل سفره إلى سفر المعصية أتم
141

صلاته ما دام عاصيا. فإن عدل عنه إلى سفر الطاعة: قصر في صلاته إذا قصد
مسافة جديدة، أو كان ما بقى بضميمة ما مضى بعد طرح ما تخلل في البين من
المصاحب للمعصية مسافة، وإلا بقي على التمام.
(مسألة 406): إذا كانت الغاية من سفره أمرين: أحدهما مباح، والآخر
حرام قصر صلاته، إلا إذا كان السائغ تابعا وكان الداعي إلى سفره هو الأمر
الحرام بحيث لا يستند السفر عرفا الا إلى المعصية فإنه يتم.
(مسألة 407) إتمام الصلاة - إذا كانت الغاية محرمة - يتوقف على تنجز
حرمتها، فإن لم تتنجز أو لم تكن الغاية محرمة في نفس الأمر لم يجب الاتمام.
مثلا إذا سافر لغاية شراء دار يعتقد أنها مغصوبة فانكشف - أثناء سفره أو
بعد الوصول إلى المقصد - خلافه كانت وظيفة التقصير، وكذلك إذا سافر
قاصدا شراء دار يعتقد جوازه ثم انكشف أنها مغصوبة.
(الشرط الخامس): أن لا يكون سفره للصيد لهوا، وإلا أتم صلاته في
ذهابه وقصر في إيابه إذا كان وحده مسافة، وإذا كان الصيد لقوت نفسه أو
عياله وجب التقصير، وإذا كان الصيد للتجارة فالأحوط لزوما الجمع بين
القصر والتمام.
(الشرط السادس): أن لا يكون ممن لا مقر له، بأن يكون بيته معه، فيرتحل رحلة الشتاء والصيف، كما هو الحال في عدة من الأعراب (سكنة
البادية) فيدخل في ذلك من يرتحل من بلد إلى بلد طيلة عمره، ولم يتخذ
لنفسه مقرا ولا مقاما.
(الشرط السابع): أن لا يكون السفر عملا له، فلا يجوز التقصير
142

للمكاري والملاح والسائق، وكذلك من يدور في تجارته ونحو ذلك. نعم إذا
سافر أحد هؤلاء في غير عمله وجب عليه التقصير كغيره من المسافرين.
(مسألة 408): الحطاب أو الراعي، أو السائق أو نحوهم إذا كان عمله فيما
دون المسافة، واتفق أنه سافر ولو في عمله يقصر في صلاته.
(مسألة 409): من كان السفر عمله في بعض السنة دون جميعها، كمن
يدور في تجارته أو يشتغل بالمكاراة، أو الملاحة أيام الصيف فقط يتم صلاته
حينما يسافر في عمله. وكذلك من كان السفر عمله في كل سنة مرة واحدة،
كمن يؤجر نفسه للنيابة في حج، أو زيارة، أو لخدمة الحجاج أو الزائرين، أو
لأراءتهم الطريق: نعم إذا كان زمان سفرهم قليلا كما هو الغالب في من يسافر
جوا في عصرنا الحاظر فلا يبعد وجوب القصر عليهم.
(مسألة 410): لا يعتبر تعدد السفر في من كان السفر عملا له، فمتى ما
صدق عليه عنوان المكاري أو نحوه وجب عليه الإتمام، نعم إذا توقف صدقه
على تكرر السفر وجب التقصير قبله.
(مسألة 411): من كان مقره في بلد وعمله في بلد آخر من تجارة، أو
تعليم، أو تعلم ونحوه ويسافر إليه في كل يوم أو يومين مثلا - وكانت بينهما
مسافة فالأظهر عدم جواز الاقتصار فيه على الصلاة تماما.
(مسألة 412): إذا أقام المكاري في بلده وكذلك في غير بلده عشرة أيام
بنية الإقامة وجب عليه التقصير في سفره الأول، والأحوط لغير المكاري
ممن كان عمله السفر الجمع بين القصر والإتمام في السفرة الأولى بعد الإقامة
143

كذلك، ولا يبعد اللحوق.
(الشرط الثامن): أن يصل إلى حد الترخص. فلا يجوز التقصير قبله. و
حد الترخص هو: (المكان الذي لا يسمع فيه أذان البلد، ويتوارى عن
المسافر أهل ذلك البلد). ويكفي في التقصير تحقق أحد هذين، وإن شك في
وجود الآخر. وأما إذا علم بعدمه فالأحوط الجمع بين القصر والتمام إذا أراد
أن يصلي هناك، والعبرة في سماع الأذان سماعه بما هو أذان، فلا عبرة بسماع
الصوت إذا لم يتميز أنه أذان، ولا يعتبر في الأذان أن يكون في آخر البلد إلا
إذا كان البلد كبيرا، فيكفي في التقصير عدم سماعه وإن كان في وسط البلد و
العبرة في الرؤية والسماع بالمتعارف، فلا عبرة بسماع أو رؤية من خرج
سماعه أو رؤيته في الحدة عن المتعارف، وكذلك الحال في بقية الجهات من
الجو، وهبوب الريح وغير ذلك مما له دخل في السماع، أو الرؤية، ففي
جميع ذلك يرجع إلى المتعارف.
(مسألة 413): يعتبر حد الترخص في الإياب، كما يعتبر في الذهاب،
فإذا وصل المسافر في رجوعه إلى مكان يسمع أذان بلده ويرى أهله أتم
صلاته.
(مسألة 414): كما يعتبر حد الترخص ذهابا فيما إذا كان السفر من بلد
المسافر وفي الرجوع إليه. كذلك إذا كان من المكان الذي أقام فيه عشرة
أيام، أو بقي فيه ثلاثين يوما مترددا لا يقصر من حين شروعه في السفر، بل
يعتبر فيه الوصول إلى حد الترخص، والأحوط الأولى فيه رعاية
الاحتياط واما إذا رجع عن سفره إلى بلد يقيم فيه عشرة أيام فالظاهر أنه
144

لا عبرة بحد الترخص.
(مسألة 415): إذا شك المسافر في وصوله إلى حد الترخص بنى على
عدمه وأتم صلاته، فإذا انكشف بعد ذلك خلافه. أعادها قصرا، وكذلك
الحال في من اعتقد عدم وصوله حد الترخص، ثم بان خطاؤه. وإذا شك
الراجع من سفره في بلوغه حد الترخص أو اعتقد الراجع من سفره بلوغه حد
الترخص وأتم صلاته فبأن خطاؤه لزمته إعادتها قصرا.
قواطع السفر
إذا تحقق السفر واجدا للشرائط الثمانية المتقدمة، بقي المسافر على تقصيره
في الصلاة مالم يتحقق أحد الأمور (القواطع) الآتية:
الأول: المرور بالوطن فإن المسافر إذا مر به في سفره وجب عليه الإتمام
مالم ينشئ سفرا جديدا، ونعني بالوطن أحد الموضعين، وهما:
(1) مسقط رأسه ومقره الأصلي الذي كان يسكنه أبواه.
(2) المكان الذي اتخذه مقرا لنفسه ومسكنا دائميا له، أو إلى أمد بعيد
يصدق - معه - أنه أهل ذلك المكان ولا يصدق عليه أنه مسافر فيه، ولا
فرق في ذلك بين أن يكون ذلك بالاستقلال أو يكون بتبعية غيره من زوج أو
غيره. ولا تعتبر إباحة المسكن في هذين القسمين. ولا يزول عنوان الوطن
فيهما إلا باعراضه عن سكنى ذلك المكان، والخروج عنه خارجا.
واما المكان الذي يملك فيه منزلا قد أقام فيه ستة أشهر متصلة عن قصد
145

ونية الذي قيل إنه بحكم الوطن ولا يزول حكم الوطن عن هذا المكان إ
بزوال ملكه. ويسمى هذا الوطن بالوطن الشرعي. فالظاهر عدم ثبوته.
(الثاني: قصد الإقامة في مكان معين عشرة أيام) وبذلك ينقطع حكم
السفر، ويجب عليه الإتمام، ونعني بقصد الإقامة " اطمئنان المسافر بإقامته
في مكان معين عشرة أيام " سواء أكانت الإقامة اختيارية، أم كانت
اظطرارية، أو اكراهية، فلو حبس المسافر في مكان، وعلم أنه يبقى فيه
عشرة أيام: وجب عليه الاتمام ولو عزم على إقامة عشرة أيام، ولكنه لم
يطمئن بتحققه في الخارج بأن احتمل سفره قبل اتمام إقامته لأمر ما: وجب
عليه التقصير وإن اتفق انه أقام عشرة أيام.
(مسألة 416): من تابع غيره في السفر والإقامة كالزوجة والخادم و
نحوهما إن اعتقد أن متبوعه لم يقصد الإقامة، أو أنه شك في ذلك قصر في
صلاته، فإذا انكشف له أثناء الإقامة أن متبوعه كان قاصدا لها من أول الأمر
بقي على تقصيره على الأظهر، إلا إذا علم أنه يقيم بعد ذلك عشرة أيام. و
كذلك الحكم في عكس ذلك فإذا اعتقد التابع أن متبوعه قصد الإقامة فأتم
ثم انكشف أنه لم يكن قاصدا لها فالتابع يتم صلاته حتى يسافر.
(مسألة 417): إذا قصد المسافر الإقامة في بلد مدة معلومة ولكنه أخطأ
في التطبيق وتخيل أن ما قصده لا يبلغ عشرة أيام فقصر في صلاته.
فانكشف خطاؤه. أعادها تماما ويتم فيما بقي من زمان إقامته، مثال ذلك: إذا
دخل المسافر بلدة النجف المقدسة في شهر رمضان، وعزم على الإقامة فيها
إلى نهاية القدر. معتقدا أن اليوم الذي دخل فيه هو اليوم الخامس عشر من
146

الشهر وأن مدة إقامته تبلغ تسعة أيام فقصر في صلاته ثم انكشف أن
دخوله كان في اليوم الرابع عشر منه، ففي مثل ذلك يجب عليه الاتمام بعد ما
انكشف له الحال. والصلوات التي صلاها قصرا لزمته إعادتها تماما وأما إذا
دخلها اليوم الحادي والعشرين عازما على الإقامة إلى يوم العيد ولكنه
شك في نقصان الشهر وتمامه فلم يدر أنه يقيم فيها تسعة أيام أو عشرة قصر
في صلاته وان اتفق أن الشهر لم ينقص.
(مسألة 418): لا يعتبر في قصد الإقامة وجوب الصلاة على المسافر،
فالصبي المسافر إذا قصد الإقامة في بلد وبلغ أثناء إقامته أتم صلاته، وإن لم
يقم بعد بلوغه عشرة أيام، وكذلك الحال في الحائض أو النفساء إذا طهرت
أثناء إقامتها.
(مسألة 419): إذا قصد الإقامة في بلد ثم عدل عن قصده ففيه صور:
(1) أن يكون عدوله بعدما صلى تماما، ففي الصورة يبقى على حكم
التمام ما بقي في ذلك البلد.
(2) أن يكون عدوله قبل أن يصلي تماما، ففي هذه الصورة يجب عليه
التقصير.
(3) أن يكون عدوله أثناء صلاته تماما، ففي هذه الصورة يعدل بها إلى
القصر مالم يدخل في ركوع الركعة الثالثة ويتم صلاته، والأحوط أن
يعيدها بعد ذلك، وإذا كان العدول بعدما دخل في ركوع الركعة الثالثة بطلت
صلاته ولزمه استئنافها قصرا.
(مسألة 420): لا يعتبر في قصد الإقامة أن لا ينوي الخروج من محل
147

الإقامة، فلا بأس بأن يقصد الخروج لتشييع جنازة، أو لزيارة قبور المؤمنين،
أو للتفرج وغير ذلك مالم يبلغ حد الترخص، فلو نوى الخروج عن
حد الترخص، فالظاهر عدم كفايته في لزوم التمام، نعم لو تحقق الإقامة وصلى
صلاة رباعية تامة لا يضر الخروج عن حد الترخص فيتم مالم يبلغ
حد المسافة.
(مسألة 421): إذا نوى الخروج - أثناء إقامته بعد تحقق الإقامة تمام
الليل أو نصفا من النهار، أو نوى الخروج تمام النهار - فلا إشكال في تحقق
قصد الإقامة ووجوب التمام عليه.
(مسألة 422): يشترط التوالي في الأيام العشرة. ولا عبرة بالليلة
الأولى والأخيرة، فلو قصد المسافر إقامة عشرة أيام كاملة مع الليالي
المتوسطة بينها وجب عليه الإتمام، والظاهر كفاية التلفيق أيضا، بأن يقصد
الإقامة من زوال يوم الدخول إلى زوال اليوم الحادي عشر مثلا.
(مسألة 423): إذا قصد إقامة عشرة أيام في بلد وإقام فيها أو أنه صلى
تماما، ثم عزم على الخروج إلى ما دون المسافة، ففي ذلك صور:
(1) أن يكون عازما على الإقامة عشرة أيام بعد رجوعه ففي هذه
الصورة يجب عليه الاتمام في ذهابه وإيابه ومقصده.
(2) أن يكون عازما على الإقامة أقل من عشرة أيام بعد رجوعه ففي
هذه الصورة يجب عليه الاتمام أيضا في الإياب والذهاب والمقصد على
الأظهر.
(3) أن لا يكون قاصدا للرجوع وكان ناويا للسفر من مقصده ففي هذه
148

الصورة يجب عليه التقصير من حين خروجه من بلد الإقامة.
(4) أن يكون ناويا للسفر من مقصده، ولكنه يرجع فيقع محل إقامته في
طريقه. والظاهر في هذه الصورة أنه يتم صلاته في الذهاب وفي المقصد، و
يقصر من حين رجوعه.
(5) أن يغفل عن رجوعه وسفره، أو يتردد في ذلك فلا يدري أنه يسافر
من مقصده أو يرجع إلى محل الإقامة، وعلى تقدير رجوعه لا يدري بإقامته
فيه وعدمها. وكان تردده في العود وعدمه أو غفلته عند ترددا في السفر
الموجب للقصر أي غير المنقطع بالمقام في محل الإقامة من حيث إنه محل إقامته
. ففي هذه الصورة يجب عليه الاتمام على الأظهر ما لم ينشئ سفرا
جديدا.
" الثالث ": بقاء المسافر في محل خاص ثلاثين يوما، فإذا دخل المسافر
بلدة اعتقد أنه لا يقيم فيها عشرة أيام، أو تردد في ذلك حتى تم له ثلاثون
يوما وجب عليه الاتمام بعد ذلك ما لم ينشئ سفرا جديدا، والظاهر كفاية
التلفيق هنا، كما تقدم في إقامة عشرة أيام ولا يكفي البقاء في أمكنة متعددة،
فلو بقي المسافر في بلدين كالكوفة والنجف ثلاثين يوما لم يترتب عليه حكم
الاتمام.
(مسألة 424): إذا تم له ثلاثون يوما وأراد الخروج إلى ما دون المسافة
فالحكم فيه كما ذكرناه في المسألة السابقة. والصور المذكورة هناك جارية هنا
أيضا.
149

أحكام الصلاة في السفر
(مسألة 425): من أتم صلاته في موضع التقصير عالما عامدا بطلت
صلاته، وفي غير ذلك صور:
(1) أن يكون ذلك لجهله بأصل وجوب التقصير ففي هذه الصورة تصح
صلاته ولا تجب إعادتها.
(2) أن يكون ذلك لجهله بالحكم في خصوص المورد وإن علم به في
الجملة، وذلك كمن أتم صلاته في المسافة التلفيقية لجهله بوجوب القصر
فيها، وإن علم به في المسافة الامتدادية وفي هذه الصورة أعاد الصلاة، في
الوقت وقضاها إذا علم بالحكم بعد مضي الوقت.
(3) أن يكون ذلك لخطأه واشتباهه في التطبيق مع علمه بالحكم، ففي
هذه الصورة تجب الإعادة في الوقت ولا يجب القضاء إذا انكشف له الحال
بعد مضي الوقت.
(4) أن يكون ذلك لنسيانه سفره أو وجوب القصر على المسافر ففي هذه
الصورة تجب الإعادة في الوقت، ولا يجب القضاء إذا تذكر بعد مضي الوقت.
(مسألة 426): إذا قصر في صلاته في موضع يجب فيه الاتمام بطلت، و
لزمته الإعادة أو القضاء من دون فرق بين العامد والجاهل والناسي و
الخاطئ. ويستثنى من ذلك ما إذا قصد المسافر الإقامة في مكان وقصر في
صلاته لجهله بأن حكمه الاتمام ثم علم به فإنه لا تجب الإعادة عليه - حينئذ
- على الأظهر والأحوط الإعادة.
(مسألة 427): إذا كان في أول الوقت حاضرا فأخر صلاته حتى سافر
150

يجب عليه التقصير حال سفره. ولو كان أول الوقت مسافرا فأخر صلاته
حتى أتى أهله، أو قصد الإقامه في مكان وجب عليه الاتمام. فالعبرة في
التقصير والإتمام بوقت العمل دون وقت الوجوب، وسيأتي حكم القضاء في
هاتين الصورتين في المسألة (435).
التخيير بين التقصير والإتمام
يتخير المسافر بين التقصير والإتمام في مواضع أربعه: مكة المعظمة،
والمدينة المنورة، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين عليه السلام " فللمسافر السائغ
له التقصير أن يتم صلاته في هذه المواضع بل هو أفضل وإن كان التقصير
أحوط، وذكر جماعة اختصاص التخيير في مكة والمدينة بالمسجدين، و
لكن الظاهر ثبوت التخيير في البلدين مطلقا. والظاهر أن التخيير ثابت
في تمام حرم الحسين - عليه السلام - ولا يختص بما تحت القبة المطهرة و
حواليه.
(مسألة 428): إذا شرع المسافر في الصلاة في مواضع التخيير قاصدا بها
التقصير جاز له أن يعدل بها إلى الاتمام على الأظهر وكذلك العكس.
قضاء الصلاة
من لم يؤد فريضة الوقت حتى ذهب وقتها وجب عليه قضاؤها خارج
الوقت، سواء في ذلك العامد والناسي، والجاهل وغيرهم. ويستثنى من هذا
الحكم موارد:
151

(1) ما فات من الصلوات من الصبي أو المجنون.
(2) ما فات من المغمى عليه كان الاغماء بفعله واختياره أو لم يكن.
(3) ما فات من الكافر الأصلي، فلا يجب عليه القضاء بعد إسلامه.
(4) الصلوات الفائتة من الحائض أو النفساء فلا يجب قضاؤها
بعد الطهر.
(مسألة 429): إذا بلغ الصبي أو أسلم الكافر، أو أفاق المجنون أو المغمى
عليه أثناء الوقت، فإن تمكن من الصلاة - ولو بادراك ركعة في الوقت -
وجبت، وإن لم يصلها وجب القضاء خارج الوقت، وإن لم يتمكن من ذلك
فلا شئ عليه أداءا وقضاءا، وأما الحائض المنقطع دمها أثناء الوقت
فيختلف حكمها باختلاف الصور الآتية:
(1) ما إذا كانت وظيفتها الاغتسال، ويسعها أن تغتسل وتصلي فيجب
عليها ذلك وإن لم تفعل وجب عليها القضاء خارج الوقت.
(2) ما إذا كانت وظيفتها الاغتسال، ولا يسعها أن تصلي مع الغسل
لضيق الوقت فيجب عليها أن تتيمم وتصلي على الأحوط، وإن فاتتها
الصلاة لم يجب القضاء على الأظهر.
(3) ما إذا كانت وظيفتها التيمم لمانع آخر غير ضيق الوقت - كالمرض -
فيجب عليها أن تتيمم وتصلي فإن فاتتها وجب عليها القضاء.
(مسألة 430): من تمكن من الصلاة أول وقتها - ولو بتحصيل شرائطها
قبل ذلك - ولم يأت بها ثم جن أو أغمي عليه حتى خرج الوقت وجب عليه
القضاء.
152

(مسألة 431): إذا تمكنت المرأة بعد دخول الوقت من أداء الفريضة ولم
تفعل حتى حاضت وجب عليها القضاء وإلا لم يجب.
(مسألة 432): إذا استبصر المخالف لا يجب عليه أن يقضي الصلوات
التي صلاها صحيحة في مذهبه، أو مذهبنا، بل لا تجب إعادتها إذا استبصر و
قد بقي من الوقت ما يسع إعادتها:
(مسألة 433): الفرائض الفائتة يجب قضاؤها كما فاتت فإن فاتت قصرا
يقضيها قصرا، وإن فاتت تماما يقضيها تماما، ويجوز القضاء في أي وقت من
الليل أو النهار في السفر وفي الحضر، فما فات المكلف من الفرائض في الحضر
يجب قضاؤه تماما وإن كان في السفر، وما فاته في السفر يجب قضاؤه قصرا،
وإن كان في الحضر. وما فات المسافر في مواضع التخيير يجب قضاؤها
قصرا وإن كان القضاء في تلك المواضع.
(مسألة 434): من فاتته الصلاة وهو مكلف بالجمع بين القصر والتمام
لأجل الاحتياط الوجوبي - وجب عليه الجمع في القضاء أيضا.
(مسألة 435): من فاتته الصلاة - وقد كان حاضرا في أول وقتها و
مسافرا في آخره أو بعكس ذلك. الأحوط الجمع في كلا الفرضين.
(مسألة 436): لا ترتيب بين الفرائض على الأظهر، فيجوز قضاء
المتأخر فوتا قبل قضاء المتقدم عليه. والأحوط رعاية الترتيب هذا في غير
ما كان مرتبا من أصله، كالظهرين أو العشاءين من يوم واحد، وأما ما كان
مرتبا من أصله فيجب الترتيب في قضائه بلا إشكال.
153

(مسألة 437): إذا لم يعلم بعدد الفوائت، ودار أمرها بين الأقل والأكثر
جاز أن يقتصر على المقدار المتيقن، ولا يجب عليه قضاء المقدار المشكوك
فيه.
(مسألة 438): إذا فاتته صلاة واحدة وترددت بين صلاتين مختلفتي
العدد كما إذا ترددت بين صلاة الفجر وصلاة المغرب وجب عليه الجمع
بينهما في القضاء، وإن ترددت بين صلاتين متساويتين في العدد، كما إذا
ترددت بين صلاتي الظهر والعشاء جاز له أن يأتي بصلاة واحدة عما في
الذمة. ويتخير بين الجهر والخفوت إذا كانت إحداهما إخفاتية دون
الأخرى.
(مسألة 439): وجوب القضاء موسع فلا بأس بتأخيره ما لم ينته إلى
المسامحة في أداء الوظيفة.
(مسألة 440): لا ترتيب بين الحاضرة والفائتة، فمن كانت عليه فائتة و
دخل عليه وقت الحاضرة تخير في تقديم أيتهما شاء إذا وسعهما الوقت، و
الأحوط تقديم الفائتة ولا سيما إذا كانت فائتة ذلك اليوم. وفي ضيق الوقت
تتعين الحاضرة، ولا تزاحمها الفائتة.
(مسألة 441): إذا شرع في صلاة حاضرة وتذكر أن عليه فائتة جاز له
أن يعدل بها إلى الفائتة إذا أمكنه، العدول.
(مسألة 442): يجوز التنفل لمن كانت عليه فائتة. سواء في ذلك النوافل
المرتبة وغيرها.
154

(مسألة 443): من لم يتمكن من الصلاة التامة لعذر لم يجز له أن يأتي
بقضاء الفوائت، إذا علم بارتفاع عذره فما بعد.
ولا بأس به إذا اطمأن ببقاء
عذره وعدم ارتفاعه. بل لا بأس به مع الشك أيضا، إلا أنه إذا قضاها مع
الاطمئنان بالبقاء أو الشك في الارتفاع ثم ارتفع عذره. لزمه القضاء ثانيا.
(مسألة 444): يختص وجوب القضاء بالفرائض اليومية، نعم لا يجب
قضاء صلاة الجمعة فإنه إذا جاز وقتها لزم الإتيان بصلاة الظهر، ولو فاتت
لزم قضاؤها ظهرا.
(مسألة 445): من فاتته الفريضة ولم يقضها مع التمكن منه حتى مات
وجب قضاؤه على أولي بميراثه من الرجال، وهو الولد الأكبر مع وجوده. و
لا يعتبر في الولد البلوغ والعقل حال موت أبيه. فإذا بلغ الولد أو زال جنونه
بعد ذلك وجب عليه القضاء، ويختص وجوب القضاء عليه بما وجب على
الميت نفسه. وأما ما وجب عليه باستيجار ونحو ذلك فلا يجب على الولي
قضاؤه، ومن هذا القبيل ما وجب على الميت من فوائت أبيه ولم يؤده حتى
مات:
(مسألة 446): إذا تعدد الولي وجب القضاء عليهما بالتوزيع ولو كان
كسر وجب عليهما وجوبا كفائيا، فلو قضى أحدهما سقط عن الآخر.
(مسألة 447): لا يجب على الولي وجب أن يباشر قضاء ما فات الميت من
الصلوات، بل يجوز أن يستأجر غيره للقضاء، بل لو تبرع أحد فقضى عن
الميت سقط الوجوب عن الولي، وكذلك إذا أوصى الميت باستئجار شخص
155

لقضاء فوائته وعمل بوصيته.
(مسألة 448): إذا شك الولي في فوت الفريضة عن الميت لم يجب عليه
القضاء، وإذا دار أمر الفائتة بين الأقل والأكثر اقتصر على الأقل.
(مسألة 449): تخرج أجرة قضاء ما فات الميت من الصلوات من أصل
التركة، فلو لم يكن له ولى، ولو يوص بذلك يجب الاستيجار على سائر
الورثة.
(مسألة 450): لا تفرغ ذمة الولي ولا ذمة الميت بمجرد الاستيجار ما لم
يتحقق العمل في الخارج، على الأحوط، فإذا مات الأجير - قبل الاتيان
بالعمل - أو منعه مانع عنه وجب على الولي القضاء بنفسه أو باستيجار غيره
صلاة الاستيجار
يجب على المكلف أن يقضي بنفسه ما فاته من الصلوات، كما مر، فإن لم
يتمكن من ذلك: وجب عليه أن يتوسل إلى القضاء عنه بالإيصاء، أو
باخباره أولي الناس بميراثه أو بغير ذلك. ولا يجوز القضاء عنه حال حياته
باستيجار أو تبرع.
(مسألة 451): لا تعتبر العدالة في الأجير، بل يكفي الوثوق بأدائه على
وجه صحيح. والظاهر اعتبار البلوغ فيه، ولا تعتبر المماثلة بين القاضي و
المقضي عنه، فالرجل يقضي عن المرأة وبالعكس. والعبرة في الجهر
والخفوت بحال القاضي، فيجب الجهر في القراءة في صلوات الجهرية فيما إذا
156

كان القاضي رجلا وإن كان القضاء عن المرأة. وتتخير المرأة فيها بين الجهر و
الخفوت، وإن كان القضاء عن الرجل.
(مسألة 452): يجب على الأجير أن يأتي بالعمل على النحو المتعارف إذا
لم تشترط في عقد الإجارة كيفية خاصة، وإلا لزمه العمل بالشرط.
صلاة الآيات
تجب صلاة الآيات، بالكسوف، والخسوف، وبالزلزلة وإن لم يحصل
الخوف بشئ من ذلك، وتجب بكل حادثة سماوية مخوفة لأغلب الناس
كهبوب الريح السوداء، أو الحمراء، أو الصفراء، وظلمة الجو الخارقة للعادة،
والصاعقة ونحو ذلك. ولا يترك الاحتياط في الحوادث الأرضية المخوفة
كخسف الأرض، وسقوط الجبل، وغور ماء البحر، ونحو ذلك. وتتعدد
صلاة الآيات بتعدد موجبها نوعا واما مع تعدد ما عليه من سبب واحد،
فالأظهر هو الاكتفاء بالواحدة.
(مسألة 453): صلاة الآيات في الكسوف والخسوف من ابتداء
حدوثهما إلى تمام الانجلاء. والأحوط استحبابا عدم تأخيرها عن الشروع
في الانجلاء، والأحوط في غيرهما المبادرة إليها فورا ففورا.
(مسألة 454): صلاة الآيات ركعتان، وفي كل ركعة منها خمس
ركوعات. وكيفية ذلك أن يكبر ويقرأ سورة الفاتحة وسورة تامة غيرها. ثم
يركع، فإذا رفع رأسه من الركوع قرأ سورة الفاتحة وسورة تامة، ثم يركع، و
157

هكذا إلى أن يركع الركوع الخامس. فإذا رفع رأسه منه هوى إلى السجود و
سجد سجدتين كما في الفرائض اليومية، ثم يقوم فيأتي في الركعة الثانية بمثل
ما أتى به في الركعة الأولى. ثم يتشهد ويسلم كما في سائر الصلوات، ويجوز
الاقتصار في كل ركعة على قراءة سورة الفاتحة مرة وقراءة سورة أخرى،
بأن يقرأ - بعد سورة الفاتحة - شيئا من السورة، آية كان أو أكثر ثم يركع فإذا
رفع رأسه من الركوع يقرأ جزءا آخر من تلك السورة من حيث قطعها ثم
يركع، وهكذا، ويتم السورة بعد الركوع الرابع ثم يركع، وكذلك في الركعة
الثانية. ويجوز له التبعيض بأن يأتي بالركعة الأولى على الكيفية السابقة، و
يأتي بالركعة الثانية على الكيفية التالية، أو بالعكس ولها كيفيات اخر لا
حاجة إلى ذكرها.
(مسألة 455): يستحب القنوت في صلاة الآيات قبل الركوع الثاني، و
الرابع، والسادس، والثامن، والعاشر. ويجوز الاكتفاء بقنوت واحد قبل
الركوع العاشر. ويجوز الاقتصار على قنوتين في الخامس والعاشر.
(مسألة 456): سورة التوحيد خمس آيات إحداها البسملة، وعليه
فيجوز أن يقتصر في كل ركعة على قراءتها مرة واحدة مقسطا لها على
الركوعات على النحو المزبور.
(مسألة 457): يجوز الاتيان بصلاة الآيات جماعة، كما يجوز أن يؤتى بها
فرادى، ولكن إذا لم يدرك الامام في الركوع الأول من الركعة الأولى أو
الركعة الثانية: أتى بها فرادى.
158

(مسألة 458): ما ذكرناه في الصلوات اليومية من الشرائط والمنافيات و
أحكام الشك والسهو كل ذلك يجري في صلاة الآيات.
(مسألة 459): إذا شك في عدد الركعات في صلاة الآيات ولم يرجح
أحد طرفيه على الآخر: بطلت صلاته. وإذا شك في عدد الركوعات لم يعتن
به إذا كان بعد تجاوز المحل. وإلا بنى على الأقل وأتى بالمشكوك فيه.
(مسألة 460): إذا علم بالكسوف أو الخسوف ولم يصل عصيانا أو
نسيانا حتى تم الانجلاء وجب عليه القضاء، بلا فرق بين الكلي والجزئي
منهما. وإذا لم يعلم به حتى تم الانجلاء، فإن كان الكسوف أو الخسوف كليا،
بأن احترق القرص كله وجب القضاء وإلا فلا. ويجب الاتيان بها في غير
الكسوفين، سواء علم بحدوث الموجب - حينه - أم لم يعلم به.
(مسألة 461): لا تصح صلاة الآيات من الحائض والنفساء، والأحوط
أن تقضياها بعد طهرهما في الكسوفين وفي غير هما الأظهر ذلك.
(مسألة 462): إذا اشتغلت ذمة المكلف بصلاة الآيات وبالفريضة
اليومية، تخير في تقديم أيتهما شاء إن وسعهما الوقت. وإن وسع إحداهما دون
الأخرى قدم المضيق ثم أتى بالموسع. وإن ضاق وقتهما قدم اليومية. وإذا
اعتقد سعة وقت صلاة الآيات فشرع في اليومية فانكشف ضيق وقتها قطع
اليومية وأتى بالآيات، وأما إذا اعتقد سعة وقت اليومية فشرع في صلاة
الآيات فانكشف ضيق وقت اليومية قطعها، وأتى باليومية، ويعود إلى
صلاة الآية من محل القطع إذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليومية.
159

الصوم وشرائط وجوبه
يجب على كل إنسان أن يصوم شهر رمضان عند تحقق هذه الشروط:
(1) البلوغ: فلا يجب على غير البالغ من أول الفجر نعم يصح صوم غير
البالغ على الأقوى.
(2) العقل في مجموع النهار، فلو جن - ولو في آن من النهار - لم يجب
الصوم عليه ولا يصح منه.
(3) عدم الاغماء فلو أغمي عليه قبل الفجر ولم يتحقق منه قصد
الصوم، وأفاق بعد الفجر لم يجب عليه الصوم. نعم لو قصد الصوم قبل الفجر
ثم أغمي عليه، ثم أفاق أثناء النهار فالأحوط أن يتم صومه. لو لم يكن أقوى.
(4) الطهارة من الحيض والنفاس، فلا يجب على الحائض والنفساء ولا
يصح منهما ولو كان الحيض أو النفاس في جزء من النهار.
(5) الأمن من الضرر، فلو خاف المرض أو غير ذلك لم يجب
عليه الصوم، ولا فرق بين أن يخاف حدوث المرض أو شدته أو طول مدته،
ففي جميع هذه الصور لا يجب عليه الصوم. وإذا أمن من الضرر على نفسه و
لكنه خاف من الصوم على عرضه أو ماله، مع الحرج في تحمله لم يجب عليه
الصوم، وكذلك فيما إذا خاف على عرض غيره أو ماله مع وجوب حفظه
عليه.
(6) الحضر أو ما بحكمه، فلو كان في سفر تقصر فيه الصلاة لم يصح منه
الصوم. نعم السفر الذي يجب فيه التمام لا يسقط فيه الصوم.
(مسألة 463): الأماكن التي يتخير المسافر فيها بين التقصير والاتمام
160

يتعين عليه فيها الإفطار ولا يصح منه الصوم.
(مسألة 464): يعتبر في جواز الإفطار للمسافر أن يتجاوز حد
الترخص الذي يعتبر في قصر الصلاة " وقد مر بيانه في صحيفة 140 ".
(مسألة 465): يجب إتمام الصوم على من سافر بعد الزوال وأما إذا سافر
قبل الزوال، كان ناويا للسفر من الليل، أم لم يكن، فلا إشكال في جواز
الإفطار معه بعد التجاوز عن حد الترخص.
(مسألة 466): إذا رجع المسافر إلى وطنه أو محل إقامته ففيه صور:
(1) أن يرجع إليه بعد الزوال فلا يجب عليه الصوم في هذه الصورة.
(2) أن يرجع قبل الزوال وقد أفطر في سفره فلا يجب عليه الصوم أيضا.
(3) أن يرجع قبل الزوال ولم يفطر في سفره، ففي هذه الصورة يجب عليه
أن ينوي الصوم ويصوم بقية النهار.
(مسألة 467): إذا صام المسافر جهلا بالحكم وعلم به بعد انقضاء النهار
صح صومه ولم يجب عليه القضاء.
(مسألة 468): يجوز السفر في شهر رمضان من غير ضرورة، ولا بد من الإفطار فيه كغيره من الأسفار، واما سائر أقسام الصوم الواجب المعين
كالمنذور ونحوه، فالأظهر عدم جواز السفر فيها من غير ضرورة، بل لو كان
المكلف مسافرا، فالأظهر لزوم أن يقصد الإقامة ويأتي بالواجب المعين.
(مسألة 469): لا فرق في عدم صحة الصوم في السفر بين الفريضة و
161

النافلة إلا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة، والأفضل أن يكون في الأربعاء، و
الخمسين، والجمعة. نعم إذا نذر صوم النافلة في السفر أو في الأعم من الحضر
والسفر صح نذره وصح صومه في السفر.
(مسألة 470): يعتبر في صحة صوم النافلة أن لا تكون ذمة المكلف
مشغولة بصوم قضاء شهر رمضان والا - لم يصح منه صوم النافلة. وإذا كان
على ذمته بالإجارة ونحوها صوم واجب على غيره، فالظاهر صحة صوم
النافلة منه.
(مسألة 471): الشيخ والشيخة إذا شق عليهما الصوم أو تعذر جاز لهما
الافطار، ويكفران عن كل يوم بمد من الطعام. ويجري هذا الحكم على ذي
العطاش " من به داء العطش " فإذا شق عليه الصوم أو تعذر كفر عن كل يوم
بمد. ولكن لو تمكن ذو العطاش من القضاء وجب القضاء، واما الشيخ و
الشيخة فلا يجب عليهما القضاء وان تمكنا منه.
(مسألة 472): الحامل المقرب إذا خافت على جنينها جاز لها الافطار و
كفرت عن كل يوم بمد، ويجب عليها القضاء، وأما إذا خافت على نفسها
جاز لها الإفطار من دون كفارة، ويلزمها القضاء.
(مسألة 473): المرضع القليلة اللبن إذا خافت الضرر على نفسها أو على
الطفل الرضيع جاز لها الافطار، وعليها القضاء، وإذا كان الضرر على الطفل
كفرت عن كل يوم بمد. ولا فرق في المرضع بين الأم والمستأجرة والمتبرعة.
وينحصر جواز الإفطار بما إذا انحصر الارضاع بها، فلو وجدت من ترضع
162

الطفل بأجرة أو مجانا ولم يكن مانع من إرضاعها لم يجز لها الإفطار.
(مسألة 474): المد يساوي ثلاثة أرباع الكيلو تقريبا، والأولى أن
يكون من الحنطة أو من دقيقها، والأظهر إجزاء مطلق الطعام حتى الخبز.
ثبوت الهلال في شهر رمضان
يعتبر في وجوب صيام شهر رمضان ثبوت الهلال بأحد هذه الطرق:
(1) أن يراه المكلف نفسه.
(2) أن يتيقن أو يطمئن بثبوته من الشياع ونحوه.
(3) مضي ثلاثين يوما من شهر شعبان.
(4) شهادة رجلين عادلين " مر معنى العدالة في الصفحة 10 " وتعتبر
فيها وحدة المشهود به، فلو ادعى أحدهما الرؤية في طرف وأدعى الآخر
رؤيته في طرف آخر لم يثبت الهلال، بل الأظهر ثبوته بشهادة العدل الواجد
بل الثقة ولا يثبت الهلال بشهادة النساء إلا إذا حصل اليقين به من
شهادتهن.
(5) حكم الحاكم الذي لم يثبت خطأه ولا خطأ مستنده.
(مسألة 475): لا يبعد ثبوته برؤيته قبل الزوال في اليوم الثلاثين من أول
شعبان، وكذا بتطوق الهلال فيدل على أنه لليلة السابقة. ولا عبرة بغير ما
ذكرناه من قول المنجم ونحو ذلك.
(مسألة 476): إذا أفطر المكلف ثم انكشف ثبوت الهلال بأحد الطرق
163

المزبورة وجب عليه القضاء.
(مسألة 477): الظاهر كفاية ثبوت الهلال في بلد آخر وإن لم ير في بلد
الصائم، ولا فرق في ذلك بين إتحاد الأفق وعدمه مع اشتراكهما في كون ليلة
واحدة ليلة لهما وإن كان أول ليلة أحدهما آخر ليلة الآخر.
(مسألة 478): لابد في ثبوت هلال شوال من تحقق أحد الأمور المتقدمة
فلو لم يثبت بشئ منها لم يجز الإفطار.
(مسألة 479): إذا صام يوم الشك من شهر شوال، ثم ثبت الهلال أثناء
النهار وجب عليه الإفطار.
(مسألة 480): لا يجوز أن يصوم يوم الشك من شهر رمضان على أنه
منه. نعم يجوز صومه استحبابا أو قضاءا، فإذا انكشف - حينئذ - أثناء النهار
أنه من رمضان عدل بنيته وأتم صومه. ولو انكشف الحال بعد مضي الوقت
حسب له صومه ولا يجب عليه القضاء.
(مسألة 481): المحبوس أو الأسير إذا لم يتمكن من تحصيل العلم
بدخول شهر رمضان عمل بالظن، ومع عدمه يختار شهرا فيصومه فإن لم
ينكشف الخلاف فهو، وإلا ففيه صورتان:
" الأولى ": أن ينكشف إن صومه وقع بعد شهر رمضان، فلا شئ عليه في
هذه الصورة. " الثانية ": أن ينكشف أن صومه كان قبل شهر رمضان فيجب عليه في
هذه الصورة أن يقضى صومه إذا كان الانكشاف بعد شهر رمضان.
164

نية الصوم
يجب على المكلف قصد الإمساك عن المفطرات من أول الفجر إلى
الغروب متقربا به إلى الله تعالى. والأظهر جواز الاكتفاء بنية الصوم تمام
الشهر من أوله، وإن كان الأحوط - في هذا الفرض - تجديد النية في كل ليلة.
(مسألة 482): كما تعتبر النية في صيام شهر رمضان تعتبر في غيره من
الصوم الواجب، كصوم الكفارة والنذر والقضاء، والصوم نيابة عن الغير. و
لو كان على المكلف أقسام من الصوم الواجب وجب عليه التعيين، زائدا
على قصد القربة، نعم لا حاجة إلى التعيين في شهر رمضان " لأن الصوم فيه
متعين بنفسه.
(مسألة 483): يكفي في نية الصوم أن ينوى الامساك عن المفطرات على
نحو الاجمال. ولا حاجة إلى تعيينها تفصيلا.
(مسألة 484) إذا نسى النية في شهر رمضان، فإن تذكر بعد الزوال
وجب عليه الامساك بقية النهار، والقضاء بعد ذلك. وإن كان التذكر قبل
الزوال وجب عليه الإمساك بقية النهار وحكم بصحة صومه ولا يجب
القضاء بعد ذلك. وكذلك ساير أقسام الصوم الواجب فإن فاتته النية فيها و
تذكر بعد الزوال بطل صوم ذلك اليوم، وكذلك ان تذكر قبل الزوال وقد أتى
بشئ من المفطرات. وإذا كان التذكر قبل الزوال ولم يأت بشئ من
المفطرات جاز له تجديد النية وحكم بصحة صومه. وأما النافلة فيمتد
وقت نيته إلى الغروب بمعنى أن المكلف إذا لم يكن قد أتى بمفطر جاز له أن
165

يقصد صوم النافلة ويمسك بقية النهار ولو كان الباقي شيا قليلا ويحسب له
صوم هذ اليوم.
(485): يعتبر في النية الاستمرار، فلو قصد الافطار أثناء النهار
بطل صومه وإن لم يأت بشئ من المفطرات.
(مسألة 486): إذا نوى ليلا صوم الغد، ثم نام ولم يستيقظ طول النهار
صح صومه.
المفطرات
والمشهور انها عشرة ولم يثبت مفطرية جملة منها بل ثبت عدمها (الأول
والثاني، تعمد الأكل والشرب) ولا فرق في المأكول والمشروب بين
المتعارف وغيره، ولا بين القليل والكثير، كما لا فرق في الأكل والشرب
بين أن يكونا من الطريق العادي أو من غيره، فلو شرب الماء من أنفه بطل
صومه، ويبطل الصوم ببلع الأجزاء الباقية من الطعام بين الأسنان اختيارا.
(مسألة 487): لا يبطل الصوم بالأكل أو الشرب بغير عمد، كما إذا نسي
صومه فأكل أو شرب، كما لا يبطل بما إذا وجر في حلقه بغير اختياره ونحو
ذلك.
(مسألة 488): لا يبطل الصوم بزرق الإبرة في العضلة أو العرق، كما لا
يبطل بالتقطير في الأذن أو العين، ولو ظهر أثره من اللون أو الطعم في الحلق.
نعم الأحوط الاجتناب عن تلقيح المواد الغذائية والأدوية التي يكون
166

تأثيرها في البدن أكثر من الأكل والشرب بمراتب.
(مسألة 489): يجوز للصائم بلع ريقه اختيارا ما لم يخرج فضاء فمه.
بل يجوز له جمعه في فضائه ثم بلعه.
(مسألة 490): لا بأس على الصائم أن يبلع ما يخرج من صدره أو ينزل
من رأسه من الاخلاط وان وصل إلى فضاء الفم.
(مسألة 491): يجوز للصائم الاستياك، لكن إذا أخرج المسواك لا يرده
إلى فمه، وعليه رطوبة، إلا أن يبصق ما في فمه من الريق بعد الرد.
(مسألة 492): يجوز لمن يريد الصوم ترك تخليل الأسنان بعد الأكل ما لم
يعلم بدخول شئ من الأجزاء الباقية بين الأسنان إلى الجوف في النهار، و
إلا وجب التخيل.
(مسألة 493): لا بأس على الصائم أن يمضغ الطعام للصبي، أو الحيوان، و
أن يذوق المرق ونحو ذلك مما لا يتعدى إلى الحلق، ولو اتفق تعدي شئ من
ذلك إلى الحلق من غير قصد لم يبطل صومه.
(مسألة 494): يجوز للصائم المضمضة بقصد الوضوء أو لغيره ما لم يبتلع
شيئا من الماء متعمدا، ويستحب بعد المضمضة أن يبزق ريقة ثلاثا.
(مسألة 495): إذا تمضمض الصائم وسبق الماء إلى جوفه بغير اختياره
ففيه صور.
(1) أن يتفق ذلك في مضمضته لوضوء الصلاة الواجبة فلا شئ عليه في
167

هذه الصورة.
(2) أن يتفق ذلك في مضمضته لوضوء غير الصلاة الواجبة، والأحوط
في هذه الصورة أن يقضي صومه وإن كان الأطهر عدم وجوب القضاء.
(3) أن يتفق ذلك في مضمضته لداع آخر غير الوضوء، ففي هذه الصورة
لابد من القضاء
(الثالث: تعمد الكذب على الله، أو على رسوله، أو على أحد الأئمة
المعصومين - عليهم السلام - وتلحق بهم الصديقة الطاهرة، وسائر الأنبياء
وأوصياؤهم - عليهم السلام - على الأحوط). ولكن الاظهر عدم مفطريته
مطلقا وان وجب الامساك عنه في الصوم وغيره.
(مسألة 496): إذا اعتقد الصائم صدق خبره عن الله، أو عن أحد
المعصومين عليهم السلام - ثم انكشف له كذبه لم يبطل صومه، ولم يفعل محرما، نعم إذا
أخبر عن الله أو عن رسوله - مع احتمال كذبه - وكان الخبر كذبا في الواقع
جرى عليه حكم التعمد على الأحوط.
(مسألة 497): لا بأس بقرائة القرآن على وجه غير صحيح إذا لم يكن
القارئ في مقام الحكاية عن القرآن المنزل، ولا يبطل بذلك صومه.
(الرابع: تعمد الارتماس في الماء) ولا فرق بين رمس تمام البدن ورمس
الرأس فقط، ولكن الأقوى كراهته وعدم مفطريته ولا يكره وقوف الصائم
تحت المطر ونحوه، وإن أحاط الماء بتمام بدنه. والأظهر اختصاص الحكم
بالماء، فلا بأس بالارتماس في غيره، حتى إذا كان من المياه المضافة.
(مسألة 498): إدا ارتمس الصائم في شهر رمضان بقصد الغسل متعمدا
168

صح غسله وصومه. وكذا في غيره مما كان الواجب معينا أو موسعا أو كان
الصوم مستحبا.
(الخامس من المفطرات تعمد الجماع الموجب للجنابة) ولا يبطل الصوم
به إذا لم يكن عن عمد.
(السادس من المفطرات: الاستمناء بملاعبة، أو تقبيل، أو ملامسة أو غير
ذلك) بل إذا أتى بشئ من ذلك. ولم يطمئن من نفسه بعدم خروج المني
فاتفق خروجه بطل صومه على الأظهر.
(مسألة 499): إذا احتلم في شهر رمضان جاز له الاستبراء بالبول وإن
تيقن بخروج ما بقي من المني في المجرى. والأحوط أن يؤخر البول إلى ما بعد
المغرب مع التمكن من ذلك.
(السابع، من المفطرات: تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر) و
يختص ذلك بصوم شهر رمضان وبقضائه، بل لا يصح القضاء ممن بقي على
الجنابة حتى يطلع الفجر في فرض عدم التعمد أيضا. وأما في غير هما من
أقسام الصوم، فالظاهر عدم بطلانه بذلك وإن كان الأحوط تركه في سائر
أقسام الصوم الواجب.
(مسألة 500): البقاء على حدث الحيض أو النفاس في حكم البقاء على
الجنابة، إلا أنه يختص بصوم شهر رمضان، ولا يجري في غيره حتى في
قضائه.
(مسألة 501): من أجنب في شهر رمضان ليلا، ثم نام غير قاصد للغسل
سواء أكان ناويا لترك الغسل أم كان مترددا فيه، فاستيقظ بعد الفجر جرى
169

عليه حكم تعمد البقاء على الجنابة، وأما إذا كان ناويا للغسل ومعتاد
الانتباه فاتفق أنه لم يستيقظ إلا بعد الفجر فلا شئ عليه وصح صومه، نعم
إذا استيقظ ثم نام ولم يستيقظ حتى طلع الفجر وجب عليه القضاء، وكذلك
الحال في النومة الثالثة إلا أن الأحوط الأولى فيه الكفارة أيضا.
(مسألة 502): إذا أجنب في شهر رمضان ليلا، ولم يكن من عادة
الاستيقاظ فالأظهر أن يستغل قبل النوم، فإن نام ولم يستيقظ فالأظهر
القضاء حتى في النومة الأولى، بل الأحوط لزوما الكفارة أيضا ولا سيما في
النومة الثالثة.
(مسألة 503): إذا علم بالجنابة ونسي غسلها حتى طلع الفجر بطل
صومه وعليه قضاؤه، وأما إذا لم يعلم بالجنابة، أو علم بها ونسي وجوب
صوم الغد حتى طلع الفجر صح صومه. هذا في صوم شهر رمضان. وأما
قضاؤه فالظاهر بطلانه إذا أصبح جنبا، ولا يصح منه ذلك اليوم قضاءا، وإن
لم يتعمد ذلك كما مر.
(مسألة 504): إذا لم يتمكن الجنب عن الاغتسال ليلا، فالأحوط بل
الأظهر أن يتيمم قبل الفجر بدلا من الغسل. وله ان ينام بعده حتى يطلع
الفجر.
(مسألة 505): حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة، وأما في الاستحاضة الكثيرة فيعتبر في صحة صومها أن تغتسل الأغسال
النهارية. والأولى أن تغتسل لصلاة الصبح - قبل الفجر. ثم تعيده بعده. وأما
170

في الاستحاضة المتوسطة فلا يبعد عدم اعتبار الغسل في صحة صومها، وإن
كان الأحوط هو الاغتسال. خصوصا إذا كان الغمس قبل الفجر بل لا يترك
الاحتياط بالغسل لو لم يكن أقوى.
(الثامن، من المفطرات: تعمد إدخال الغبار الغليظ، والأحوط الاجتناب
عن البخار والدخان الغليظ أيضا.
(التاسع، من المفطرات: تعمد القئ) ويجوز التجشؤ للصائم وإن احتمل
خروج شئ من الطعام أو الشراب معه، والأحوط ترك ذلك مع اليقين
بخروجه.
(مسألة 506): لو رجع شئ من الطعام أو الشراب بالتجشؤ أو بغيره
إلى حلق الصائم قهرا يجز ابتلاعه ويجري على الابتلاع حكم الأكل
أو الشرب على الأحوط.
(العاشر من المفطرات: تعمد الاحتقان بالماء أو بغيره من المائعات) ولا
بأس بغير المائع.
أحكام المفطرات
(مسألة 507): تجب الكفارة بارتكاب أحد المفطرات عمدا في شهر
رمضان، والتكفير يتحقق بتحرير رقبة، أو اطعام ستين مسكينا، أو صوم
شهرين متتابعين، بأن يصوم الشهر الأول بتمامه، ومن الشهر الثاني ولو يوما
واحدا، ويصوم بقيته متى شاء هذا فيما إذا كان الافطار بحلال، وأما إذا كان
بحرام وجب عليه الجمع بين الأمور المذكورة على الأظهر.
171

(مسألة 508): إذا أكره الصائم زوجته على الجماع في نهار شهر رمضان
وهي صائمة وجبت عليه كفارتان، وعزر بخمسين سوطا. ومع عدم الإكراه
ورضاء الزوجة بذلك يعزر كل منهما بخمسة وعشرين سوطا، وعلى كل
منهما كفارة واحدة.
(مسألة 509): من ارتكب شيئا من المفطرات في صيام شهر رمضان
فبطل صومه وجب عليه الإمساك بقية النهار ولا يجوز له ارتكابه ثانيا،
لكنه لا تجب الكفارة إلا بأول مرتبة من الإفطار ولا تتعدد بتعدده حتى في
الجماع، فإنه لا تجب الكفارة به لو كان الصائم قد أفطر قبل ذلك به أو بغيره،
فلو أفطر بالأكل متعمدا مثلا، ثم جامع، أو جامع مرتين وجبت عليه كفارة
واحدة.
(مسألة 510): من أفطر في شهر رمضان متعمدا ثم سافر اختيارا لم
يسقط عنه وجوب الكفارة وإن كان سفره قبل الزوال على الأحوط وإذا
سقط فرض الصوم بغير اختيار لحيض، أو مرض أو سفر اضطراري فالأظهر
السقوط.
(مسألة 511): يختص وجوب الكفارة بالعالم بالحكم، والجاهل المقصر
ولا كفارة على الجاهل القاصر على الأظهر.
موارد وجوب القضاء فقط
(مسألة 512): من أفطر في شهر رمضان لعذر من سفر أو مرض و
172

نحوهما وجب عليه القضاء في غيره من أيام السنة إلا يومي العيدين (الفطر
والأضحى) فلا يجوز الصوم فيهما قضاءا وغير قضاء من سائر أقسام الصوم
حتى النافلة.
(مسألة 513): من أكره على الإفطار في شهر رمضان أو اضطر إليه جاز
له الإفطار بمقدار الضرورة، ووجب عليه قضاء الصوم بعد ذلك، وكذلك
الحال في ما إذا أفطر عن تقية.
(مسألة 514): تقدمت جملة من الموارد التي يجب فيها القضاء والبقية
كما يلي:
(1) ما إذا أخل بالنية في شهر رمضان ولكنه لم يرتكب شيئا من
المفطرات المزبورة.
(2) ما إذا ارتكب شيئا من المفطرات من دون فحص عن طلوع الفجر،
فانكشف طلوع الفجر حين الإفطار. وأما إذا فحص واطمأن ببقاء الليل
فأتى بمفطر ثم انكشف طلوع الفجر لم يجب عليه القضاء.
(3) ما إذا أتى بمفطر معتمدا على من أخبره ببقاء الليل ثم انكشف خلافه.
(4) ما إذا أخبر بطلوع الفجر فأتى بمفطر بزعم أن المخبر إنما أخبر مزاحا،
ثم انكشف أن الفجر كان طالعا.
(5) ما إذا أخبر من يعتمد على قوله شرعا عن غروب الشمس فأفطر، و
انكشف خلافه. وأما إذا كان المخبر ممن لا يعتمد على قوله وجبت الكفارة
أيضا إلا إذا انكشف أن الافطار كان بعد غروب الشمس.
(6) ما إذا أفطر الصائم باعتقاد غروب الشمس ثم انكشف عدمه، إلا إذا
173

اعتقد الغروب أو ظن به من جهة الغيم في السماء فأفطر ثم انكشف خلافه
فإنه لا يجب القضاء فيه.
أحكام القضاء
(مسألة 515): لا يعتبر الترتيب، ولا الموالاة في القضاء، فيجوز
التفريق فيه، كما يجوز قضاء ما فات ثانيا قبل أن يقضي ما فاته أولا.
(مسألة 516): الأولى والأحوط أن يقضي ما فاته في شهر رمضان أثناء
سنته إلى رمضان الآتي، ولا يؤخر عنه، ولو أخره عمدا كفر عن كل يوم بمد،
والأحوط لو لم يكن أقوى ذلك في التأخير بغير عمد أيضا، نعم إذا استند
التأخير إلى استمرار المرض إلى رمضان الآتي ولم يتمكن المكلف من
القضاء في مجموع السنة سقط وجوب القضاء ولزمته الكفارة فقط.
(مسألة 517): إذا تعين وجوب القضاء في يوم لم يجز الافطار فيه قبل
الزوال وبعده. وأما إذا كان موسعا جاز الافطار قبل الزوال ولم يجز بعده. و
لو أفطر بعد الزوال لزمته الكفارة وهي إطعام عشرة من المساكين يعطي كل
واحد منهم مدا من الطعام، فلو عجز عنه صام بدله ثلاثة أيام. وأما الواجب
- غير القضاء - فإن كان معينا، لم يجز الافطار فيه مطلقا، وإن كان موسعا
جاز الافطار فيه قبل الظهر وبعده. والأولى أن لا يفطر بعد الزوال، ولا سيما
إذا كان الواجب هو قضاء صوم شهر رمضان عن غيره بإجارة أو غير
اجارة.
174

(مسألة 518): يجب على ولى الميت وهو أولي الناس بميراثه من الذكور
ان يقضى ما فات الميت من الصيام، والأظهر ذلك في الأم أيضا. وما ذكرناه
في المسألة (443) إلى المسألة (448) من الأحكام الراجعة إلى قضاء
الصلوات يجري في قضاء الصوم أيضا.
(مسألة 519): إذا فاته الصوم لمرض أو حيض أو نفاس ولم يتمكن من
قضائه كأن مات قبل البرء من المرض أو الحيض أو النفاس، أو مات قبل
دخول شهر شوال لم يجب القضاء عنه.
زكاة الأموال
الزكاة من الواجبات التي اهتم الشارع المقدس بها، وقد قرنها الله تبارك
وتعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة، وأنها إحدى الخمس التي
بني عليها الإسلام، وقد ورد أن الصلاة لا تقبل من مانعها، وأن من منع
قيراطا من الزكاة فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا، وهي على قسمين:
زكاة الأموال، وزكاة الأبدان (ويأتي بيان زكاة الأبدان بعد ذلك).
(مسألة 520): تجب الزكاة في ثلاثة أشياء:
(1) في الأنعام، الغنم بقسميها: المعز والضأن، والإبل، والبقر حتى
الجاموس.
(2) في النقدين الذهب والفضة.
(3) في الغلات: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، ويعتبر في وجوبها
أمور:
175

(1) البلوغ في خصوص النقدين
(2) العقل في النقدين.
(3) الحرية، فلا تجب الزكاة في أموال الصبي والمجنون والرق.
(4) الملكية الشخصية، فلا تجب في الأوقاف العامة، ولا في المال الذي
أوصى بأن يصرف في التعازي أو المساجد، أو المدارس ونحوها.
(5) تمكن المالك من التصرف فلا تجب في المغصوب، والمسروق، والمال
الضائع الذي لا يعلم المالك بمكانه.
زكاة الحيوان
(مسألة 521): يشترط في وجوب الزكاة في الأنعام أمور: فلا تجب
بفقدان شئ منها:
(1) استقرار الملكية في مجموع الحول، فلو خرجت عن ملك مالكها أثناء
الحول تجب فيها الزكاة. والمراد بالحول هنا مضي أحد عشر شهرا و
الدخول في الشهر الثاني عشر: وابتداء السنة فيها من حين تملكها، وفي
نتاجها من حين الاستغناء عن اللبن.
(2) السوم، فلو كانت معلوفة - ولو في بعض السنة - لم تجب فيها الزكاة.
نعم لا يقدح في صدق السوم علفها قليلا، والعبرة فيه بالصدق العرفي. ولا
يحتسب مدة رضاع النتاج من الحول وإن كانت أمهاتها سائمة.
(3) بلوغها حد النصاب. " وسيأتي بيانه ".
(مسألة 522): صدق السائمة على ما رعت من الأرض المستأجرة أو
176

المشتراة للرعي عنه بعيد، فلا يترك الاحتياط.
(مسألة 523): يشترط في وجوب الزكاة في البقر والإبل زائدا على ما
ذكر أن لا تكون عوامل، فلو استعملت - ولو في بعض الحول - في السقي أو
الحمل أو نحو ذلك لم تجب الزكاة فيها. نعم إذا كان استعمالها من القلة بحد
يصدق عليها أنها فارغة - وليست بعوامل - وجبت فيه الزكاة. (مسألة 524): في الغنم خمسة نصب:
(1) أربعون، وفيها شاة. (2) مائة وإحدى وعشرون، وفيها شاتان.
(3) مائتان وواحدة، وفيها ثلاثة شياة.
(4) ثلاثمائة وواحدة، وفيها أربع شياة.
(5) أربعمائة فصاعدا، ففي كل مائة شاة. ولا شئ في ما بين النصابين، و
الأحوط في الشاة المخرجة زكاة أن تكون داخلة في السنة الثالثة إن كانت
معزا، وأن تكون داخلة في السنة الثانية إن كانت ضأنا. وإن كان الاظهر
كفاية ما كمل له سبعة أشهر في الضأن وما دخل في السنة الثانية من المعز.
(مسألة 525): في الإبل اثني عشر نصبا: (1) خمسة، وفيها شاة.
(2) عشرة. وفيها شاتان.
(3) خمسة عشر - وفيها: ثلاث شياة.
(4) عشرون، وفيها: أربع شياة.
(5) خمس وعشرون وفيها: خمس شياة.
177

(6) ست وعشرون، وفيها: بنت مخاض وهي الداخلة في السنة الثانية.
(7) ست وثلاثون، وفيها: بنت لبون، وهي الداخلة في السنة الثالثة.
(8) ست وأربعون، وفيها حقة، وهي الداخلة في السنة الرابعة.
(9) إحدى وستون، وفيها جذعة، وهي التي دخلت في السنة الخامسة.
(10) ست وسبعون وفيها: بنتا لبون.
(11) إحدى وتسعون، وفيها: حقتان.
(12) مائة وإحدى وعشرون فصاعدا، وفيها: حقة لكل خمسين، و
بنت لبون لكل أربعين، بمعنى أنه يتخير المالك بين العد بالأربعين والخمسين
مطلقا وإن كان الأحوط عدها بما يكون عادا لها من خصوص الخمسين، أو
الأربعين وعدها بهما إذا لم يكن واحد منهما عادا له.
(مسألة 526): في البقر نصابان:
(1) ثلاثون، وزكاتها ما دخل منها في السنة الثانية، والأحوط أن يكون
ذكرا.
(2) أربعون وزكاتها: مسنة، وهي الداخلة في السنة الثالثة، وفي ما زاد
على أربعين يتعين العد بما يكون عادا لها بالخصوص أو يكون أكثر استيعابا
من خصوص الثلاثين أو الأربعين ولو لم يحصل الا بها لو حظا معا ففي الستين
يتعين العد بالثلاثين وفي الثمانين بالأربعين وفي السبعين بهما معا نعم يتخير لو
كان الاستيعاب حاصلا بكل منهما كالمائة والعشرين. ولا شئ فيما بين
النصابين في البقر والإبل كما تقدم في الغنم.
(مسألة 527): لا يجوز إخراج المريض زكاة، إذا كان جميع النصاب في
178

الأنعام صحاحا، كما لا يجوز إخراج المعيب إذا كان النصاب بأجمعه سليما، و
كذلك لا يجوز إخراج الهرم إذا كان الجميع شبابا، بل الأمر كذلك مع
الاختلاف على الأقوى. نعم إذا كان كل واحد من أفراد النصاب مريضا أو
معيبا أو هرما جاز الاخراج منها.
(مسألة 528): إذا ملك من الأنعام بمقدار النصاب ثم ملك مقدارا آخر،
ففيه صور:
(الأولى): أن يكون ملكه الجديد بعد تمام الحول لما ملكه أولا، ففي هذه
الصورة ابتداء الحول للمجموع. مثلا: إذا كان عنده من الإبل خمس
وعشرون، وبعد انتهاء الحول ملك واحدا فحينئذ يبتدئ الحول لست و
عشرين.
(الثانية): أن يكون ملكه الجديد أثناء الحول، وكان هو بنفسه بمقدار
النصاب، ففي هذه الصورة لا ينضم الجديد إلى الملك الأول، بل يعتبر لكل
منهما حول بانفراده، فإذا كان عنده خمسة من الإبل، فملك خمسة أخرى بعد
مضي ستة أشهر، لزم عليه إخراج شاة عند تمام السنة الأولى، وإخراج شاة
أخرى عند تمام السنة من حين تملكه الخمسة الأخرى.
(الثالثة): أن يكون ملكه الجديد مكملا للنصاب اللاحق ففي هذه الصورة
يجب إخراج الزكاة للنصاب الأول عند انتهاء سنته، وبعده يضم الجديد إلى
السابق، ويعتبر لهما حولا واحدا، فإذا ملك ثلاثين من البقر، وفي أثناء
الحول ملك أحد عشر رأسا من البقر وجب عليه - بعد انتهاء الحول - إخراج
الزكاة للثلاثين ويبتدئ الحول للأربعين.
(الرابعة): أن لا يكون ملكه الجديد نصابا مستقلا، ولا مكملا للنصاب
179

اللاحق، ففي هذه الصورة لا يجب عليه شئ لملكه الحديد، وإن كان هو
بنفسه نصابا لو فرض أنه لم يكن مالكا للنصاب السابق، فإذا ملك أربعين
رأسا من الغنم، ثم ملك أثناء الحول أربعين غيرها، لم يجب شئ في ملكه
ثانيا، ما لم يصل إلى النصاب الثاني.
(مسألة 529): لو تلف شئ من الأنعام أثناء الحول. فإن نقص الباقي
عن النصاب لم تجب الزكاة فيه، وإلا وجب الزكاة في ما بقي منها، ولو كان
التلف بعد تمام الحول، فإن نقص به النصاب حسب التالف من الزكاة ومن
مال المالك بالنسبة، وإن لم ينقص به النصاب كان التلف من المالك فحسب
ويجري هذا الحكم في النقدين أيضا.
(مسألة 530): لا يجب إخراج الزكاة من شخص الأنعام التي تعلقت
الزكاة بها، فلو ملك من الغنم أربعين. جاز له أن يعطي شاة من غيرها زكاة.
زكاة النقدين
يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة ثلاثة أمور:
" الأول ": بلوغ النصاب، ولكل منهما نصابان، ولا زكاة فيما لم يبلغ
النصاب الأول منهما، ولا في ما بين النصابين. فنصابا الذهب: خمسة عشر
مثقالا صيرفيا، ثم ثلاثة فثلاثة. ونصابا الفضة: مائة وخمسة مثاقيل، ثم
واحد وعشرون، فواحد وعشرون مثقالا وهكذا. والمقدار الواجب
إخراجه في كل منها ربع العشر.
" الثاني " أن يكونا مسكوكين بالسكة المتداولة الرائجة، سواء في ذلك
180

السكة الإسلامية وغيرها. ولا فرق في السكة بين الكتابة والنقش.
(مسألة 531): لا زكاة في سبائك الذهب والفضة، والأواني المتخذة
منهما، وفي غير ذلك مما لا يكون مسكوكا. وفي وجوب الزكاة في المسكوك
المتخذ حلية الباقي على رواجه في المعاملات: إشكال، وإن كان الأظهر عدم
الوجوب وأما إذا خرج بذلك عن رواج المعاملات فلا إشكال في عدم
وجوب الزكاة فيه.
" الثالث ": مضي الحول بأن يبقى في ملك مالكه واجدا للشروط تمام
الحول، فلو خرج عن ملكه أثناء الحول، أو نقص عن النصاب أو ألغيت
سكته - ولو بجعله سبيكة - لم تجب الزكاة فيه، ويتم الحول بمضي أحد عشر
شهرا، ودخول الشهر الثاني عشر.
(مسألة 532): لا فرق في وجوب الزكاة في النقدين بين الخالص و
المغشوش، بشرط أن لا يكون الغش بمقدار لا يصدق معه عنوان الذهب و
الفضة، وإلا لم تجب الزكاة فيه الا إذا بلغ خالصه النصاب.
(مسألة 533): تجب الزكاة في النقدين في كل سنة، فلو أداها في السنة
الأولى وكان الباقي بحد النصاب: وجبت الزكاة في السنة الثانية أيضا، و
هكذا. وهكذا الحال في الأنعام.
زكاة الغلات الأربع
يعتبر في وجوب الزكاة في الغلات الأربع أمران:
181

" الأول: بلوغ النصاب " ولها نصاب واحد وهو ثمانمائة وسبعة وأربعون
كيلو غراما تقريبا، ولا تجب الزكاة في مالم يبلغ النصاب. فإذا بلغه وجبت
فيه وفي ما يزيد عليه، وإن كان الزائد قليلا.
" الثاني: الملكية حال تعلق الزكاة بها " فلا زكاة فيها إذا تملكها الإنسان
بعد تعلق الزكاة بها.
(مسألة 534): تتعلق الزكاة بالغلات حينما يصدق عليها اسم، الحنطة،
أو الشعير، أو التمر، أو الزبيب، ويشترط في وجوبها بلوغها حد النصاب بعد
يبسها، فإذا كانت الغلة حينما يصدق عليها أحد هذه العناوين بحد النصاب،
ولكنه لا تبلغه بعد اليبس لم تجب الزكاة فيها.
(مسألة 535): لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلا مرة واحدة، فإذا أدى
زكاتها لم تجب في السنة الثانية: ولا يشترط فيها الحول.
وبهذين تفترق عن النقدين والأنعام.
(مسألة 536): يختلف مقدار الزكاة في الغلات باختلاف الصور الآتية:
(الأولى): أن يكون سقيها بالمطر، أو بماء النهر، أو بمص عروقها الماء من
الأرض ونحو ذلك مما لا يحتاج السقي فيه إلى العلاج، ففي هذه الصورة يجب
إخراج عشرها (10 %) زكاة.
(الثانية): أن يكون سقيها بالدلو والرشا والدوالي والمضخات، ونحو
ذلك، ففي هذه الصورة يجب إخراج نصف العشر (5 %).
(الثالثة): أن يكون سقيها بالمطر أو نحوه تارة، وبالدلو أو نحوه تارة
أخرى، ولكن كان الغالب أحدهما بحد يصدق عرفا أنه سقي به، ولا يعتد
182

بالآخر، ففي هذه الصورة يجري عليه حكم الغالب.
(الرابعة): أن يكون سقيها بالأمرين على نحو الاشتراك، بأن لا يزيد
أحدهما على الآخر، أو كانت الزيادة على نحو لا يسقط بها الآخر عن
الاعتبار، ففي هذه الصورة يجب إخراج ثلاثة أرباع الشعر.
(مسألة 537): لا يعتبر في بلوغ الغلات حد النصاب استثناء ما صرفه
المالك في المؤن، فلو كان الحاصل يبلغ حد النصاب ولكنه إذا وضعت المؤمن
لم يبلغه - وجبت الزكاة فيه، ولكن الأظهر احتساب المؤمن. على الزكاة
بالنسبة فيخرج الزكاة من الحاصل بعد وضع المؤمن. وكذا ما تأخذه
الحكومة من أعيان الغلات يحتسب على الزكاة بالنسبة.
(مسألة 538): إذا تعلقت الزكاة بالغلات لم يجب على المالك تحمل
مؤونتها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء، وله المخرج عن ذلك بعدة وسائل:
(1) أن يقومها حال تعلق الزكاة بها، ويخرجها من مال آخر. ويراعي في
التقويم بقاؤها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء مع حاجتها في بقائها إلى صرف
شئ من المال.
(2) أن يسلمها إلى مستحقها، وهي على الساق أو على الشجر، ثم
يشترك معه في المؤن.
(3) أن يستجيز الحاكم الشرعي أو نائبه في صرف المؤونة على الزكاة، ثم
استيفاؤها منها.
(مسألة 539): لا يعتبر في وجوب الزكاة أن تكون الغلة في مكان
واحد، فلو كان له نخيل أو زرع في بلد لم يبلغ حاصله حد النصاب، وكان له
183

مثل ذلك في بلد آخر، وبلغ مجموع الحاصلين في سنة حد النصاب وجبت
الزكاة فيه.
(مسألة 540): إذا ملك شيئا من الغلات وتعلقت به الزكاة ثم مات
وجب على الورثة إخراجها. وإذا مات قبل تعلقها به انتقل المال بأجمعها إلى
الورثة، فمن بلغ نصيبه حد النصاب - حين تعلق الزكاة به - وجبت عليه، و
من لم يبلغ نصيبه حدة لم تجب عليه.
(مسألة 451): من ملك نوعين من غلة واحدة: كالحنطة الجيدة و
الرديئة: جاز له إخراج الزكاة منهما مراعيا للنسبة، ولا يجوز إخراج تمامها
من القسم الردى على الأحوط.
(مسألة 452): إذا اشترك اثنان أو أكثر في غلة - كما في المزارعة و
غيرها. لم يكف في وجوب الزكاة بلوغ مجموع الحاصل حد النصاب، بل
يختص الوجوب بمن بلغ نصيبه حده.
أحكام الزكاة
يعتبر في أداء الزكاة قصد القربة حين تسليمها إلى المستحق أو إلى
الوكيل ليضعها في مواضعها. والأحوط استمرار النية حتى يوصلها الوكيل
إلى مصرفها والأولى تسليمها إلى الحاكم الشرعي ليصرفها في مصارفها.
(مسألة 543): لا يجب اخراج الزكاة من عين ما تعلقت به فيجوز إعطاء
قيمتها من النقود. وغيرها من الأجناس.
184

(مسألة 544): من كان له على الفقير دين جاز له أن يحتسبه زكاة، سواء
في ذلك موت المديون وحياته. نعم يعتبر في المديون الميت أن لا تفي تركته
بأداء دينه.
(مسألة 545): يجوز إعطاء الفقير الزكاة ولا يعتبر إعلامه بالحال.
(مسألة 546): إذا أدى الزكاة إلى من يعتقد فقره، ثم انكشف خلافه
استردها إذا كانت عينها باقية، واسترد بدلها إذا تلفت العين وقد علم
الآخذ أن ما أخذه زكاة. وأما إذا لم يكن الآخذ عالما بذلك فلا ضمان عليه.
ويجب على المالك حينئذ وعند عدم امكان الاسترداد في الفرض الأول
إخراجها ثانيا. نعم إذا كان أداؤه مستندا إلى الحجة الشرعية، فالظاهر عدم
وجوبه، وإذا سلم الزكاة إلى الحاكم الشرعي فصرفها في غير مصرفها
باعتقاد أنه مصرف لها برئت ذمة المالك، ولا يجب عليه إخراجها ثانيا.
(مسألة 547): يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر. وإذا كان في بلد
النقل مستحق كانت أجرة النقل على المالك، ولو تلفت الزكاة بعد ذلك
ضمنها، وإذا لم يجد المستحق في بلده فنقلها لغاية الايصال إلى مستحقه
كانت الأجرة على الزكاة، ولم يضمنها إذا تلفت بغير تفريط.
(مسألة 548): يجوز عزل الزكاة وإبقاؤها عنده أمانه، فلو تلفت بغير
تفريط لم يضمنها، إلا إذا كان في البلد مستحقها وتساهل في إيصالها إليه.
(مسألة 549): ليس للفقير أن يهب الزكاة بعد تملكها إلى المالك الأول،
ولا أن يصالحه على تعويضها بمال قليل، ونحو ذلك مما فيه تضييع لحق
185

الفقراء، وتفويت لغرض الشارع المقدس.
(مسألة 550): إذا تلف شئ من الغلات بعد تعلق بعد تعلق الزكاة به وقبل
اخراجها من غير تفريط حسب التالف على المالك وعلى الزكاة - معا -
بالنسبة " وقد تقدم حكم تلف بعض النقدين والأنعام في المسألة " 529 ".
(مسألة 551): إذا اشترى شيئا مما تعلقت به الزكاة، ففيه صور:
(1) أن يشتري مقدارا منه، ويبقى عند البائع مقدار الزكاة أو ما يزيد
عليه، ففي هذه الصورة تصح المعاملة ويجب على المالك أداء الزكاة من
المقدار الباقي عنده أو من قيمته.
(2) أن يشتري تمام ما تعلقت به الزكاة مع احتماله أن البائع قد أدى زكاته
من مال آخر، ففي هذه الصورة لا بأس بالشراء أيضا.
(3) أن يشتري تمام ما تعلقت به الزكاة مع احتماله أن البائع قد أدى زكاته
من مال آخر، ففي هذه الصورة لا بأس بالشراء أيضا.
(3) أن يشتري تمام ما تعلقت به الزكاة مع العلم بأن البائع لم يؤدها قبل
البيع، ولكنه أداها بعده، ففي هذه الصورة تصح المعاملة، وينتقل المال بتمامه
إلى المشتري على الأظهر.
(4) أن يشتري جميع ما تعلقت به الزكاة، مع العلم بأن المالك لم يؤدها لا
قبل البيع ولا بعده، ففي هذه الصورة يصح البيع حتى في مقدار الزكاة غاية الأمر
يبقى حق الزكاة متعلقا بالعين ويتبع المستحق العين أينما انتقلت إلى أن
يدفعها البايع، أو يدفعها المشترى ويرجع بها على البايع وللمشتري أن
يراجع الحاكم الشرعي أو نائبه، فإن أمضى المعاملة أدى ثمن الزكاة إليه أو
صرفه بإجازته في مصارفها. وإن لم يمض المعاملة سلم مقدار الزكاة من
العين المشتراة إلى الحاكم أو نائبه، أو صرفها في مصارفها بإجازته، وعلى
186

كلا التقديرين لا تشتغل ذمة المشتري للمالك بثمن ذلك المقدار، وجاز له أن
يسترده لو سلمه إليه.
موارد صرف الزكاة
تصرف الزكاة في ثمانية موارد:
(الأول والثاني): (الفقراء والمساكين) والمراد بالفقير (من لا يملك قوت
سنته - لنفسه وعائلته - بالفعل أو بالقوة) فلا يجوز إعطاء الزكاة لمن يجد من
المال ما يفي بمصرفه ومصرف عائلته مدة سنة، أو كانت له صنعة أو حرفة
يتمكن بها من إعاشة نفسه وعائلته، وإن لم يملك ما يفي بمؤنة سنته بالفعل، و
المسكين أسوأ حالا من الفقير كمن لا يملك قوته اليومي.
(مسألة 552): يجوز إعطاء الزكاة لمن يدعي الفقر إذا علم فقره سابقا، و
لم يعلم غناه بعد ذلك، ومن جهل حاله من أول أمره لا يجوز اعطائها إياه الا
مع الوثوق بفقره أو كونه ثقة. وكذلك من علم غناه سابقا لا يجوز أن يعطى
من الزكاة ما لم يثبت فقره، بعلم، أو بحجة معتبرة، أو كونه ثقة.
(مسألة 553): لا يضر بالفقر التمكن من الصنعة غير اللائقة بالحال، فلا
بأس باعطاء الزكاة لمن يتمكن من الاعاشة بمهنة وصنعة لا تناسب شأنه، و
أيضا لا يضر بالفقر تملك ما يحتاج إليه من وسائل حياته اللائقة بشأنه،
فيجوز إعطاء الزكاة لمن يملك دارا لسكناه وفرسا لركوبه، وغير ذلك. ومن
هذا القبيل حاجياته في صنعته ومهنته. نعم إذا ملك ما يزيد على ذلك و
أمكنه بيعه والاعاشة بثمنه سنة لم يجز له أخذ الزكاة.
187

(الثالث): العالمون عليها من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام عليه السلام، أو الحاكم
الشرعي أو نائبه ".
(الرابع): المؤلفة قلوبهم، وهم طائفة من المسلمين يتقوى إسلامهم بذلك.
(الخامس): العبيد تحت الشدة، فيشترون من الزكاة ويعتقون.
(السادس): الغارمون، فمن كان عليه دين وعجز من أدائه: جاز أداء
دينه من الزكاة، وإن كان متمكنا من إعاشة نفسه وعائلته سنة كاملة
بالفعل أو القوة.
(مسألة 554): يعتبر في الدين أن لا يكون قد صرف في حرام وإلا لم
يجز أداؤه من الزكاة، والأحوط اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته، فلو كان
عليه دين مؤجل لم يحل أجله لم يجز أداؤه من الزكاة على الأحوط. وكذلك
ما إذا قنع الدائن بأدائه تدريجا وتمكن المديون من ذلك من دون حرج.
(مسألة 555): لا يجوز إعطاء الزكاة لمن يدعي الدين، بل لابد من ثبوته
بعلم أو بحجة معتبرة.
(السابع): (سبيل الله): كتسميد الطرق، وبناء الجسور، والمستشفيات و
ملاجئ للفقراء، والمساجد، والمدارس الدينية، ونشر الكتب الإسلامية،
وغير ذلك من المصالح العامة.
(الثامن): (ابن السبيل) وهو المسافر الذي نفدت نفقته أو تلفت راحلته،
ولا يتمكن معه من الرجوع إلى بلده، وإن كان غنيا فيه: ويعتبر فيه أن لا
يجد ما يبيعه ويصرف ثمنه في وصوله إلى بلده، وأن لا يتمكن من الاستدانة
بغير حرج، بل الأظهر اعتبار أن لا يكون متمكنا من بيع أو إيجار ماله الذي
188

في بلده، ويعتبر فيه أيضا أن لا يكون سفره في معصية، فإذا كان شئ من
ذلك لم يجز أن يعطي من الزكاة.
(مسألة 556): يعتبر في مستحق الزكاة أمور:
(1) الإيمان، ويستثنى من ذلك المؤلفة قلوبهم (وقد تقدم في
الصفحة 182) ومن يمكن صرف الزكاة فيه من سهم سبيل الله. ولا فرق في
المؤمن بين البالغ وغيره. ويصرفها المالك على غير البالغ بنفسه أو يعطيها
لوليه.
(2) أن لا يصرفها الآخذ في حرام، على الأحوط فلا يجوز إعطاؤها لمن
يصرفها فيه. والأحوط عدم اعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر أو
المتجاهر بالفسق.
(3) أن لا تجب نفقته على المالك، فلا يجوز إعطاؤها لمن تجب نفقته
كالولد والأبوين والزوجة الدائمة، ولا بأس باعطائها لمن تجب نفقته عليهم.
فإذا كان الولد فقيرا وكانت لو زوجة يجب نفقتها عليه: جاز للولد أن يعطي
زكاته لها.
(مسألة 557): يختص عدم جواز إعطاء الزكاة - لمن تجب نفقته على
المالك - بما إذا كان الاعطاء بعنوان الفقر، فلا بأس باعطائها له بعنوان آخر،
كما إذا كان مديونا، أو ابن سبيل أو نحو ذلك.
(مسألة 558): لا يجوز اعطاء الزكاة لمن تجب نفقته على شخص آخر و
هو قائم بها، فإن لم يقم بها - لعجز أو لعصيان - جاز اعطاؤها له.
(4) أن لا يكون هاشميا، فلا يجوز إعطاء الزكاة للهاشمي من سهم الفقراء،
189

أو من غيره. نعم لا بأس بأن ينتفع الهاشمي - كغيره - من المشاريع الخيرية
المنشأة من سهم سبيل الله. ويستثنى من ذلك ما إذا كان المعطي هاشميا، فلا
تحرم على الهاشمي زكاة مثله. وأما إذا اضطر الهاشمي إلى زكاة غير الهاشمي
فيعطى منها بمقدار قوت يومه.
(مسألة 559): لا بأس بأن يعطى الهاشمي - غير الزكاة - من الصدقات
الواجبة أو المستحبة، و إن كان المعطي غير هاشمي، والأحوط الأولى أن لا
يعطي من الصدقات الواجبة: كالمظالم والكفارات.
(مسألة 560): لا تجب قسمة الزكاة على موارد صرفها، فيجوز صرفها
في مورد واحد منها. والأولى التقسيم فيما إذا وفت الزكاة به بلا مزاحم.
(مسألة 561): الأحوط أن لا يعطى للفقير من الزكاة - أقل من خمسة
دراهم عينا أو قيمة، ولا بأس باعطائه الزائد، بل يجوز أن يعطى ما يفي
بمؤونته ومؤونة عائلته سنة واحدة. ولا يجوز أن يعطى أكثر من ذلك دفعة
واحدة على الأظهر. وأما إذا أعطي تدريجا حتى بلغ مقدار مؤونة سنة نفسه
وعائلته: لم يجز اعطاؤها الزائد عليه بلا إشكال.
زكاة الفطرة
تجب الفطرة على كل مكلف بشروط:
(1) البلوغ.
(2) العقل.
190

(3) الحرية في غير المكاتب، وأما فيه فالأظهر الوجوب.
(4) الغنى " تقدم معنى الغنى والفقر في ص 181 " وفي حكم الغنى من
يكون في عيلولة غني باذل مؤونته، ويعتبر تحقق هذه الشرائط آنا ما قبل
الغروب إلى أول جزء من ليلة عيد الفطر على المشهور، ولكن لا ينبغي ترك
الاحتياط في ما إذا تحققت الشرائط مقارنا للغروب بل بعده أيضا ما دام
وقتها باقيا، ولا تجب على من بلغ، أو أفاق، أو انعتق، أو صار غنيا بعد ذلك.
ويعتبر في أدائها قصد القربة على النحو المعتبر في زكاة المال " وقد مر في
الصفحة 179 ".
(مسألة 562): يجب على المكلف اخراج الفطرة عن نفسه وعمن يعوله،
سواء في ذلك من تجب نفقته عليه وغيره، وسواء فيه المسافر والحاضر.
(مسألة 563): لا يجب أداء زكاة الفطرة عن الضيف إذا لم يحسب عيالا
على مضيفه عرفا، سواء نزل بعد دخوله ليلة العيد أم نزل قبل دخولها، وأما
إذا صدق عليه عنوان العيال عرفا فيجب الأداء عنه بلا إشكال فيما إذا نزل
قبل دخول ليلة العيد وبقي عنده، وكذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط
الأولى.
(مسألة 564): لا تجب الفطرة على من تجب فطرته على غيره لكنه إذا لم
يؤدها من وجبت عليه - لنسيان أو غفلة مما يسقط معه التكليف واقعا
فالأحوط استحبابا أداؤها عن نفسه.
(مسألة 565): إذا أدى الفقير الفطرة عن عياله الغني لم يسقط عنه، و
191

لزمه أداؤها على الأحوط. وإذا لم يؤدها الفقير وجب أداؤها على العيال
الغني بلا إشكال.
(مسألة 566): لا يجب أداء الفطرة عن الأجير، كالبناء والنجار
والخادم، إذا كانت معيشتهم على أنفسهم، ولم يعدوا من عائلة المستأجر. و
أما فيما إذا كانت معيشتهم عليه فيجب عليه أداء فطرتهم.
(مسألة 567): لا تحل فطرة غير الهاشمي للهاشمي، والعبرة بحال المعطي
نفسه لا بعياله، فلو كانت زوجة الرجل هاشمية وهو غير هاشمي لم تحل
فطرتها لهاشمي. ولو انعكس الأمر حلت فطرتها له.
(مسألة 568): يستحب للفقير اخراج الفطرة عنه وعمن يعوله فإن لم
يجد غير صاع واحد جاز له أن يعطيه عن نفسه لأحد عائلته وهو يعطيه
إلى آخر منهم، وهكذا يفعل جميعهم حتى ينتهي إلى الأخير منهم، وهو
يعطيها إلى فقير غيرهم.
مقدار الفطرة ونوعها
يجوز اعطاء زكاة الفطرة من الحنطة أو الشعير، أو التمر أو الزبيب
" الكشمش " والأحوط الأولى الاقتصار على هذه الأربعة، كما أن الأحوط
أن لا تخرج الفطرة من القسم المعيب، ويجوز اخراج الفطرة من النقود عوضا
عن الأجناس المذكورة. والعبرة في القيمة بوقت الاخراج وبمكانه. ومقدار
الفطرة صاع وهو أربعة أمداد، وهي تعادل ثلاث كيلوات تقريبا.
192

(مسألة 569): تجب زكاة الفطرة بطلوع الفجر من يوم العيد، ويجوز
تأخيرها إلى غروب شمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد، والأحوط
عدم تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصليها. وإذا عزلها ولم يؤدها إلى الفقير -
لنسيان أو غيره. جاز أداؤها إليه بعد ذلك.
(مسألة 570): يجوز اعطاء زكاة الفطرة بعد دخول شهر رمضان وإن
كان الأحوط أن لا يعطيها قبل حلول ليلة العيد.
(مسألة 571): تتعين زكاة الفطرة بعزلها، فلا يجوز تبديلها بمال آخر، و
إن تلفت بعد العزل ضمنها إذا وجد مستحقا لها، وأهمل في أدائها إليه.
(مسألة 572): الأظهر أن لا تنقل زكاة الفطرة إلى غير بلدها إذا كان في
البلد من يستحقها ولو نقلها - والحال هذه - ضمها إن تلفت. وأما إذا لم
يكن فيه من يستحقها ونقلها ليوصلها إليه فتلفت من غير تفريط لم
يضمنها، وإذا سافر يستحقها ليوصلها إليه فتلفت من غير تفريط لم
يضمنها، وإذا سافر من بلده إلى غيره جاز دفعها فيه.
(مسألة 573): تصرف زكاة الفطرة فيما تصرف فيه زكاة المال، وإذا لم
يكن في المؤمنين من يستحقها يجوز اعطاؤها للمستضعفين وهم: " الذين لم
يهتدوا إلى الحق لقصورهم دون عناد " من سائر فرق المسلمين.
(مسألة 574): لا تعطى زكاة الفطرة لشارب الخمر، وكذلك تارك
الصلاة، أو المتجاهر بالفسق على الأحوط.
(مسألة 575): لا تعتبر المباشرة في أداء زكاة الفطرة فيجوز ايصالها إلى
193

الفقير من غير مباشرة. والأولى إعطاؤها للحاكم الشرعي ليضعها في
موضعها. وأقل المقدار الذي يعطي للفقير من زكاة الفطرة صاع على الأظهر
وأكثره كما ذكرناه في زكاة المال " في مسألة 561 "
(مسألة 576): يستحب تقديم فقراء الأرحام على غيرهم، ومع عدمهم
يتقدم فقراء الجيران على سائر الفقراء، وينبغي الترجيح بالعلم والدين و
الفضل.
ما يجب فيه الخمس
وهو من الفرائض المؤكدة المنصوص عليها في القرآن الكريم وقد ورد
الاهتمام بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة - سلام
الله عليهم - وفي بعضها اللعن على من يمتنع عن أدائه وعلى من يأكله بغير
استحقاق.
(مسألة 577): يتعلق الخمس بسبعة أنواع من المال:
الأول: (ما يغنمه المسلمون من الكفار في الحرب من الأموال المنقولة) و
لا فرق فيه بين القليل والكثير، ويستثنى من الغنيمة صفايا الأموال
(نفائسها) وقطائع الملوك، فإنها خاصة بالإمام عليه السلام.
(مسألة 578): لا فرق في الحرب بين أن يبدأ الكفار بمهاجمة المسلمين، و
بين أن يبدأ المسلمون بمهاجمتهم للدعوة إلى الإسلام أو لتوسعة بلادهم. فما
يغنمه المسلمون من الكفار يجب فيه الخمس في تمام هذه الأقسام.
194

(مسألة 579): من نصب العداوة لأهل البيت - عليهم السلام - يجوز
للمؤمن تملك ماله، ويجب أداء خمسه على الأظهر.
(مسألة 580): ما يؤخذ من الكفار سرقة أو غيلة ونحو ذلك لا يدخل
تحت عنوان الغنيمة، لكنه يدخل في أرباح المكاسب ويجري عليه حكمها (و
سيأتي بيانه في الصفحة 195).
(مسألة 581): لا يجوز تملك ما في يد الكافر أو الناصب إذا كان المال
محترما، كأن يكون لمسلم أو لذمي أو دعه عنده.
" الثاني: المعادن " فكل ما صدق عليه المعدن عرفا، كالذهب والفضة، و
النحاس، والحديد، والكبريت، والزئبق، والفيروزج والياقوت، والملح، و
النفط، والفحم الحجري، وأمثال ذلك يجب الخمس فيما يستخرج منه، ولا
فرق بين أن يستخرجها في ملكه وأن يستخرجها من الأراضي المباحة غير
المملوكة لأحد.
(مسألة 582): قيل يعتبر في وجوب الخمس فيما يستخرج من المعادن
بلوغه النصاب الأول " خمسة عشر مثقالا صيرفيا " من الذهب المسكوك
فإذا كانت قيمته أقل من ذلك. لا يجب الخمس فيه بعنوان المعدن، وإنما
يدخل في أرباح السنة. ولكن الأحوط لزوما عدم الاعتبار.
(مسألة 583): إنما يجب الخمس في المستخرج من المعادن بعد استثناء
مؤونة الإخراج وتصفيته. مثلا: إذا كانت قيمة المستخرج تساوي ثلاثين
مثقالا من الذهب المسكوك، وقد صرف عليه ما يساوي خمسة عشر
195

مثقالا وجب الخمس في الباقي وهو خمسة عشر مثقالا.
(الثالث الكنز) فعلى واجده ان يخرج خمسه ويختص ذلك بما إذا كان المال
المدخر ذهبا أو فضة مسكوكين، ويعتبر فيه بلوغه النصاب، وهو في الذهب
خمسة عشر مثقالا صيرفيا، وفى الفضة مائة وخمسة مثاقيل وتستثنى منه
أيضا مؤنة الاخراج على النحو المتقدم في المعادن.
(مسألة 584): إذا وجد كنزا. وظهر من القرائن أنه لمسلم موجود هو أو
ورثته، فإن تمكن من ايصاله إلى مالكه وجب ذلك وإن لم يتمكن من معرفته
جرى عليه حكم مجهول المالك.
(مسألة 585): إذا تملك أرضا ووجد فيها كنزا، فإن كان لها مالك قبله
راجعه فإن اعاده فهو له. وإن نفاه راجع من ملكها قبله وهكذا. فإن نفاه
الجميع تملكه واخرج خمسه.
" الرابع: الغوص " فمن أخرج شيئا من البحر مما يتكون فيه كاللؤلؤ، و
المرجان. واليسر، بغوص وجب عليه اخراج خمسه، ويعتبر فيه بلوغ قيمته
دينارا، وما يؤخذ من سطح الماء أو يلقيه البحر إلى الساحل لا يدخل تحت
عنوان الغوص ويجري عليه حكم أرباح المكاسب، نعم يجب اخراج
الخمس من العنبر المأخوذ من سطح الماء على الأظهر.
(مسألة 586): الحيوان المستخرج من البحر - كالسمك - لا يدخل تحت
عنوان الغوص، وكذلك إذا استخرج سمكة ووجد في بطنها لؤلؤا أو مرجانا،
وكذلك ما يستخرج من البحر من الأموال غير المتكونة فيه، كما إذا غرقت
سفينة واستخرج ما فيها من الأموال بالغوص، فإن كل ذلك يدخل في
196

الأرباح.
" الخامس: الحلال المخلوط بالحرام " وفي ذلك صور:
(1) إذا علم مقدار الحرام ولم يعلم مالكه ولو اجمالا في ضمن أشخاص
معدودين يجب التصدق بذلك المقدار عن مالكه، قل أو كثر، والأظهر
الاستجازة في ذلك من الحاكم الشرعي.
(2) إذا جهل مقدار الحرام وعلم مالكه، فإن أمكنت المصالحة معه
فالأولى أن يصالحه، وإلا رد عليه المقدار المعلوم. ولا يجب رد الزائد عليه
على الأظهر.
(3) إذا جهل كل من المالك ومقدار الحرام وعلم أنه لا يبلغ خمس المال
يجزى اخراج الخمس وتحل له بقية المال.
(4) إذا جهل كل من المالك ومقدار الحرام وعلم أنه يزيد على الخمس،
يجزيه اخراج الخمس من المال.
(5) إذا جهل كل من المالك ومقدار الحرام، واحتمل زيادته على
الخمس ونقيصته عنه: يجزئ اخراج الخمس، وتحل له بقية المال. و
الأحوط الأولى اعطاؤه بقصد القربة المطلقة، من دون قصد الخمس، أو
الصدقة عن المالك.
" السادس: الأرض التي تملكها الكافر من مسلم " ببيع أو هبة ونحو ذلك،
سواء في ذلك أرض الزراعة والدار، والحانوت وغيرها ويختص وجوب
الخمس بنفس الأرض، ولا يجب في عمارتها من البناء والأخشاب و
الأبواب وغير ذلك.
" السابع: أرباح المكاسب " وهي كل ما يستفيده الانسان بتجارة، أو
197

صناعة، أو حيازة، أو أي كسب آخر. ويدخل في ذلك ما يملكه بهدية أو
وصية، وما يأخذه من الصدقات الواجبة والمستحبة، ومن الخمس أو
الزكاة. والظاهر أنه يجب الخمس في المهر، وعوض الخلع، ولا يجب الخمس
في ما يملك بالأرث، إلا إذا كان ممن لا يحتسب فإنه يجب فيه الخمس.
(مسألة 587): يختص وجوب الخمس في الأرباح بعد استثناء ما صرفه
في سبيل تحصيلها بما يزيد على مؤنة سنته لنفسه وعائلته، ويدخل في
المؤونة، المأكول، والمشروب، والمسكين. والمركوب وأثاث البيت، وما
يصرفه في تزويج نفسه، أو من يتعلق به، والهدايا، والاطعام، ونحو ذلك. و
يختلف كل ذلك باختلاف الأشخاص. والعبرة في كيفية الصرف وكميته
بحال الشخص نفسه، فإذا كانت حاله تقتضي أن يصرف في مؤونة سنته مائة
دينارا لكنه فرط فصرف مائتين وجبت عليه الخمس فيما زاد على المائة،
على الأحوط، وأما إذا قتر على نفسه فصرف خمسين دينارا. وجب عليه
الخمس فيما زاد على الخمسين. نعم لو كان المصرف راجحا شرعا لم يجب فيه
الخمس وإن كان غير متعارف من مثل المالك وذلك كما إذا صرف جميع
أرباحه أثناء سنته في عمارة المساجد أو الزيارات، أو الانفاق على الفقراء و
نحو ذلك.
(مسألة 588): إذا كان ربحه بمقدار مؤونة سنته، أو أكثر أو أقل من ذلك و
كان بحاجة إلى رأس مال والا تجاربه لا عاشته نفسه وعائلته من ارباحها
بحيث لوادي خمسه لزم التنزل إلى كسب لا يفي بمؤنته أو لا يليق بشأنه، جاز
له أن يتخذه رأس مال يتجر به، أو يشتري به من الوسائل اللازمة لصناعته،
198

ولا يجب فيه الخمس حينئذ.
(مسألة 589): إذا اشترى بربحه شيئا من المؤن فزادت قيمته السوقية،
أو وجدت فيه زيادة متصلة لم يجب فيه الخمس. نعم إذا باعه وربح فيه
وجب الخمس في ربحه. كما يجب في أصله لخروجه من المؤنة. مثلا: إذا اشترى
بشئ من أرباحه فرسا لركوبه فزادت قيمته السوقية، أو أنه سمن لم يجب
الخمس فيه ما لم يبعه، فإذا باعه في سنته أو بعدها وربح فيه دخل الربح في
أرباح سنته، وكذا أصله، فيجري عليهما ما يجري عليها، وأما الزيادات
المنفصلة فهي داخلة في الأرباح، فيجب فيها الخمس إن لم تصرف في مؤونة
سنته، فإذا ولد الفرس - في مفروض المثال - كان النتاج من الأرباح، ومن
هذا القبيل ثمر الأشجار وأغصانها وأوراقها، وصوف الحيوان، ووبره، و
حليبه، وغير ذلك.
(مسألة 590): من اتخذ رأس ماله من قسم الحيوان، أو المسقفات
ليعيش بمنافعها مع المحافظة على أعيانها لا يجب الخمس في زيادة قيمتها
السوقية، وتدخل زيادته المتصلة أو المنفصلة في الأرباح.
(مسألة 591): من اتخذ رأس ماله من قسم النقود فاتجر بشراء الأموال
به وبيعها وجب الخمس في زيادة قيمتها السوقية، وزيادتها المتصلة و
المنفصلة الزائدة عن مؤونة سنته.
(مسألة 592): من كانت تجارته في أموال مختلفة من حيوان وطعام و
فرش جاز له أن يضم أرباحه بعضها إلى بعض، ويخرج الخمس من مجموعها
199

إذا زاد عن مؤونة سنته. وكذلك الحال فيما إذا كانت له صناعة أيضا.
(مسألة 593): بدء السنة: أول ظهور الربح، بمعنى أنه متى ما ظهر الربح
جاز صرفه في المؤونة، فإذا تمت السنة ولم يصرف الربح في مؤونة وجب فيه
الخمس.
(مسألة 594): إذا أمكنه أن يعيش بغير الربح، كما إذا كان عنده مال
ورثه من أبيه لم يجب عليه صرفه في مؤونة، بل جاز له أن يصرف أرباحه
في مؤونة سنة، فإذا لم تزد عنها لا يجب فيها الخمس. نعم إذا كانت عنده ما
يغنيه عن صرف الربح كأن كانت عنده دار لسكناه لم يجز له أن يشتري دارا
أخرى من الأرباح ويحسبها من المؤن.
(مسألة 595): إذا اشترى بربحه شيئا من المؤن فاستغنى عنه بعد مدة
يجب فيه الخمس، فإذا اشترى فرسا لركوبه، ثم استغنى عنه لمرض يمنعه من
الركوب يجب الخمس فيه.
(مسألة 596): إذا ربح، ثم استطاع أثناء سنته جاز له أن يصرفه في سفر
الحج، ولا يجب فيه الخمس، لكنه إذا لم يحج بعصيان أو غيره - حتى انتهت
السنة - وجب فيه الخمس.
(مسألة 598): إذا ربح، ولكنه لم يف بتكاليف حجه، لم يجز إبقاؤه بلا
تخميس للحج في السنة الثانية، بل يجب إخراج خمسه عند انتهاء سنته.
(مسألة 599): ما يتعلق بذمته من الأموال بنذر، أو دين لمؤنته في سنة
200

الربح أو كفارة ونحوها سواء كان التعلق في سنة الربح، أم كان من السنين
السابقة يجوز أداؤه من ربح السنة الحالية. بل إذا لم يؤد دينه إلى أن انقضت
السنة، فاستثناء مقداره من ربحه أقوى.
(مسألة 600): اعتبار السنة في وجوب الخمس إنما هو من جهة الإرفاق
على المالك، وإلا فالخمس يتعلق بالربح من حين ظهوره، ويجوز للمالك
اعطاء الخمس قبل انتهاء السنة، ويترتب على ذلك جواز تبديل حوله بأن
يؤدي خمس أرباحه أي وقت شاء ويتخذه مبدأ سنته. (مسألة 601): ما يتلف أثناء السنة من الأموال فيه صور:
(1) أن لا يكون التالف من مال تجارته ولا من مؤنه. فلا يجوز في هذه
الصورة تداركه من الأرباح قبل اخراج خمسها.
(2) أن يكون التالف من مؤنه، كالدار التي يسكنها، واللباس الذي
يحتاج إليه وغير ذلك، ففي هذه الصورة أيضا لا يجوز تداركه من الأرباح
دون أن يخرج خمسها.
(3) أن يكون التالف من أموال تجارته مع انحصار تجارته في نوع واحد،
ففي هذه الصورة أيضا يجوز تدارك التالف من الأرباح السابقة على التلف، و
كذلك الحكم فيما إذا خسر في تجارته أحيانا مثلا: إذا انحصرت تجارته في بيع
السكر فاتفق أن تلف قسم منه - أثناء السنة بغرق أو غيره، أو أنه خسر في
بيعه جاز له تدارك التالف أو خسرانه من ربحه السابق في معاملة السكر في
تلك السنة، ويجب الخمس في الزائد على مؤونة سنته بعد التدارك.
(4) أن يقع التلف أو الخسران في مال التجارة، ولم تنحصر تجارته بنوع
201

واحد، والظاهر جواز التدارك في هذه الصورة أيضا. مثلا: إذا خسر في بيع
السكر أو تلف شئ منه، جاز تداركه من ربحه السابق في سنته في بيع
القماش. وإن كان الأحوط في هذه الصورة عدم التدارك.
(5) أن يقع التلف أو الخسران في مال التجارة، وكان له ربح في غير
التجارة من زراعة أو غيرها، فيجوز في هذه الصورة تدارك خسران
التجارة بربح الزراعة على الأظهر، وكذلك العكس.
(مسألة 602): يتخير المالك بين اخراج الخمس من العين ودفع قيمتها
من مال آخر نقدا أو جنسا.
(مسألة 603) إذا تعلق الخمس بمال ولم يؤده المالك لا من العين ولا
من قيمتها، ثم ارتفعت قيمتها السوقية لزمه إخراج الخمس من العين أو من
قيمتها الفعلية. ولا يكفي اخراجه من قيمتها قبل الارتفاع، وإذا نزلت القيمة
قبل الاخراج يجزئ أداء القيمة الفعلية أيضا.
(مسألة 604): يجوز للمالك أن يتصرف فيما تعلق به الخمس بعد انتهاء
السنة وقبل أدائه، بإذن من الحاكم الشرعي إذا رأى مصلحة فيه وبضمانه في
ذمته سيما مع عدم امكان ايصاله إلى أهله بل الظاهر جوازه مع عدم البناء
على عدم الاعطاء.
(مسألة 605): تقدم وجوب الخمس في الغوص، والمعدن، والكنز، و
غنائم دار الحرب، فإذا أداه المالك في هذه الموارد لم يجب عليه الخمس ثانيا،
إذا زاد عن مؤونة سنته.
202

(مسألة 606): المرأة التي يقوم زوجها بمصارفها يجب عليها الخمس في
أرباحها إذا بقيت إلى أن مضت عليها السنة. ولا يستثنى منها شئ لمؤونتها.
(مسألة 607): يجب الخمس في أموال غير البالغ، فيجب على وليه
إخراج الخمس من ربحه. والا يخرجه هو بنفسه بعد بلوغه.
مستحق الخمس
يقسم الخمس نصفين، نصف للإمام عليه السلام خاصة، ويسمى " سهم الإمام "
ونصف للأيتام الفقراء من الهاشميين والفقراء، وأبناء السبيل منهم، و
يسمى: " سهم السادة "، ونعني بالهاشمي " من ينتسب إلى هاشم -
جد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من جهة الأب " وينبغي تقديم الفاطميين على
غيرهم.
(مسألة 608) يعتبر في الطوائف الثلاث من الهاشميين الإيمان على
الأحوط، والأولى أن لا يعطى لمن يتجاهر بالفسق.
(مسألة 609) لا يجب تقسيم نصف الخمس على هذه الطوائف بل يجوز
اعطاؤه لشخص واحد. والأحوط - أن لا يعطي ما يزيد على مؤونة سنته.
(مسألة 610): الأحوط أن لا يعطي المالك خمسه لمن تجب نفقته عليه.
كالوالدين، والولد، والزوجة. ولا بأس باعطائه لمن تجب نفقته عليهم، كما
في الزكاة (وقد مر ذلك في المسألة 556).
203

(مسألة 611): يجوز نقل الخمس من بلده إلى بلد آخر، ولكن إذا تلف -
قبل أن يصل إلى مستحقه - ضمنه إن كان في بلده من يستحقه، وإن لم يكن
فيه مستحق ونقله للإيصال إليه فتلف من غير تفريط لم يضمنه (وقد مر
نظير هذا في الزكاة في المسألة 547).
(مسألة 612): تقدم أنه يجوز للدائن أن يحسب دينه زكاة، ويشكل هذا
في الخمس بلا إجازة من الحاكم الشرعي، فإن أراد الدائن ذلك فالأحوط أن
يتوكل عن الفقير الهاشمي في قبض الخمس وفي ايفائه دينه، أو أنه يوكل
الفقير في استيفاء دينه وأخذه لنفسه خمسا.
سهم الإمام عليه السلام
لابد في سهم الإمام عليه السلام من إجازة الحاكم الشرعي في صرفه، أو تسليمه
إياه ليصرفه في وجوهه. والأحوط الأولى الاستجازة ممن يرجع إليه في
تقليده. ومحل صرفه كل مورد أحرز فيه رضا الإمام عليه السلام ولا ريب في جواز
صرفه في مؤونة الفقراء ممن يجد في حفظ الدين وترويج أحكامه. ولا فرق
في ذلك بين الهاشميين وغيرهم، غير أنه إذا دار الأمر بين الهاشمي وغيره، ولم
يف سهم السادة بمؤونة الهاشمي، ولم يكن لغير الهاشمي جهة ترجيح قدم
الهاشمي عليه على الأحوط الأولى.
(مسألة 613): يعتبر في الخمس قصد القربة. فلا يجزئ أداؤه مجردا
عنه. ويستثنى من ذلك ما يؤخذ من الكافر الذمي بانتقال الأرض إليه من
المسلم.
204

(مسألة 614): إذا أدى الخمس إلى الحاكم، أو وكيله، أو مستحقه لم يجز
استرجاعه منه.
(مسألة 615): ما ذكرناه (في مسألة 549) من عدم جواز هبة الزكاة
للمالك، أو المصالحة عنها بمبلغ زهيد يجري في الخمس حرفا بحرف.
(مسألة 616): إذا أدى الخمس إلى من يعتقد استحقاقه، ثم انكشف
خلافه. أو أداه إلى الحاكم فصرفه كذلك جرى فيه ما ذكرناه في الزكاة (في
المسألة 546).
(مسألة 617): يثبت الانتساب إلى هاشم بالقطع الوجداني، و
الاطمينان، وبالبينة العادلة، وبخبر العدل الواحد بل الثقة وبالاشتهار به في
بلد المدعى له.
(مسألة 618): إذا مات وفي ذمته شئ من الخمس جرى عليه حكم
سائر الديون فيلزم إخراجه من أصل التركة مقدما على الوصية والإرث.
(مسألة 619): ما يؤخذ من الكافر أو من المسلم الذي لا يعتقد
بالخمس كالمخالف، بإرث، أو معاملة، أو هبة. أو غير ذلك لا بأس
بالتصرف فيه. ولو علم الآخذ إن فيه الخمس، فإن ذلك محلل من قبل
الإمام عليه السلام، بل الحال كذلك في ما يؤخذ ممن يعتقد بالخمس، ولكنه لا يؤديه
عصيانا. والأولى أن لا يترك الاحتياط في هذه الصورة باخراج الخمس.
وقد تم القسم الأولى في أحكام العبادات ويتلوه القسم الثاني في أحكام
المعاملات.
والحمد لله أولا وآخرا.
205

أحكام التجارة
(مسألة 620): ينبغي للمكلف أن يتعلم أحكام التجارة التي يتعاطاها.
فقد قال الصادق عليه السلام: " من أراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك
ما يحل له مما يحرم عليه، ومن لم يتفقه في دينه ثم أتجر تورط في الشبهات " و
يستحب في التجارة أمور أربعة:
(1) التسوية بين المسلمين في الثمن.
(2) التساهل في الثمن.
(3) الدفع راجحا والقبض ناقصا.
(4) الإقالة عند الاستقالة.
(مسألة 621): لا يجوز التصرف في المال المأخوذ بالمعاملة التي لم تحرز
صحتها.
(مسألة 622): يجب على المكلف التكسب لتحصيل نفقة من تجب نفقته
عليه كالزوجة والأولاد إذا لم يكن واجدا لها، ويستحب ذلك للأمور
المستحبة، كالتوسعة على العيال، وإعانة الفقراء.
206

المعاملات المكروهة
(مسألة 623): يكره في المعاملات أمور:
(1) بيع العقار إلا أن يشتري بثمنه عقارا آخر.
(2) الذباحة.
(3) بيع الأكفان.
(5) التجارة بين الطلوعين.
(6) تجارة الطعام.
(7) الدخول في سوم الغير.
(8) الحلف في المعاملة إذا كان صادقا وإلا فهو حرام.
المعاملات المحرمة
(مسألة 624): المعاملات المحرمة ست:
(1) بيع المسكر المايع التي يكون الشرب منفعتها المطلوبة؟ والكلب غير
الصيود. وإن كان في حرمة بيع الكلب تكليفا تأمل. والخنزير. والميتة. و
غير هذه الأربعة من الأعيان النجسة يجوز بيعه على الأظهر إذا كانت له
منفعة محللة كالعذرة للتسميد، والدم للتزريق، والمسكر الذي به منفعة غير
الشرب كتطهير القذارات العرفية وما شاكل.
(2) بيع المال المغصوب.
(3) بيع ما لا مالية له كالسباع على المشهور، والظاهر جوازه.
(4) بيع ما تنحصر منفعته المتعارفة في الحرام كآلات القمار، واللهو.
207

(5) المعاملة الربوية.
(6) العاملة المشتملة على الغش، وهو: (مزج المبيع المرغوب فيه بغيره
مما يخفى من دون إعلام) كمزج الدهن بالشحم، ففي النبوي: " ليس منا من
غش مسلما، أو ضره، أو ماكره " وفي آخر: " من غش أخاه المسلم نزع الله
بركة رزقه، وسد عليه معيشته، ووكله إلى نفسه ".
(مسألة 625): لا بأس ببيع المتنجس إذا أمكن تطهيره، ويجب على
الأحوط على البائع الاعلام بنجاسته إذا كان قد قصد منه استعماله فيما يعتبر
فيه الطهارة، كالمأكول الذي يباع للأكل. وكان ذلك تسبيبا إلى وجود الحرام
الواقعي، والا لا يجب الاعلام.
(مسألة 626): المتنجس الذي لا يمكن تطهيره. كالسمن والنفط لا يجب
على البائع الاعلام بنجاسته وإن كان المقصود استعماله فيما يعتبر فيه
الطهارة، أو كان معرضا لتنجيسه. الا مع التسبيب إلى وجود الحرام الواقعي
فان الأحوط لزوما الاعلام بنجاسته.
(مسألة 627): لا بأس ببيع الزيوت المستوردة من بلاد غير المسلمين
إذا لم تعلم نجاستها، لكن الزيت المأخوذ من الحيوان بعد خروج روحه إذا
أخذ من يد الكافر يحرم أكله. ويجب على الأحوط على البائع إعلام
المشتري بالحال مع التسبيب إلى وجود الحرام.
(مسألة 628): لا يجوز بيع جلد الميتة، وما ذبح على وجه غير شرعي
من كل حيوان محلل الأكل وغيره، والمعاملة عليه باطلة.
208

(مسألة 629): يجوز بيع الجلود، واللحوم، والشحوم المستوردة من
البلاد غير الإسلامية، والمأخوذة من يد الكافر، فيما إذا احتمل أن تكون من
الحيوان المذكى، ولكن لا تجوز الصلاة فيها، ويحرم أكلها ما لم يحرز أنها من
الحيوان المذكى، وهكذا فيما أخذ من يد المسلم إذا علم أنه قد أخذه من يد
الكافر من غير استعلام عن تذكيته.
(مسألة 630): بيع المال المغصوب باطل، ويجب على البائع رد ما أخذه
من الثمن إلى المشتري.
(مسألة 631): إذا لم يكن من قصد المشتري إعطاء الثمن للبائع، أو قصد
عدمه لم يبطل البيع، ويلزمه إعطاؤه بعد الشراء، وكذلك إذا قصد أن يعطي
الثمن من الحرام.
(مسألة 632): يحرم بين آلات اللهو مثل البرابط، والمزامير، والأحوط
الاجتناب عن بيع المزامير التي تصنع للعب الأطفال وأما الآلات المشتركة
التي تستعمل في الحرام تارة، وفي الحلال أخرى، ولا تنحصر منفعتها
المتعارفة في الحرام فلا بأس ببيعها وشرائها كالراديو والمسجلة، وأما
التلفزيون فإن عد في العرف من آلات اللهو فلا يجوز بيعه وشراؤه وإلا فلا
مانع منه، وأما الإصغاء إلى برامجه المحللة والنظر إليها فلا بأس بهما.
(مسألة 633): لا يحرم بيع العنب والتمر وان قصد ببيعهما التخمير، أو
علم البائع أن المشتري يصرفه فيه.
209

مسألة 634): يحرم تصوير ذوات الأرواح من إنسان وغيره إن كان
مجسما، ولكنه يجوز على كراهية اقتناء الصور وبيعها وإن كانت مجسمة، وأما
التصوير الفوترغرافي المتعارف في عصرنا فلا بأس به.
(مسألة 635): يحرم شراء المأخوذ بالقمار، أو السرقة، أو المعاملات
الباطلة. ويجب على المشتري أن يرده إلى مالكه.
(مسألة 636): لا يجوز بيع أوراق اليانصيب وشراؤها إذا كان بقصد
تحصيل الربح، وأما إذا كان بقصد الإعانة على أمر مشروع، كبناية مدرسة
أو جسر أو نحو ذلك فلا بأس به.
(مسألة 637): الدهن المخلوط بالشحم إذا بيع شخصيا، كأن يقول:
بعتك هذا المن من الدهن، فالمعاملة بمقدار الشحم الموجود فيه باطلة، وما
قبضه البائع عوضا عنه لا ينتقل إليه، وللمشتري أن يفسخ البيع بالنسبة إلى
الدهن الموجود فيه. وأما لو باع منا من الدهن في الذمة فأعطاه من المخلوط
فللمشتري أن يرده ويطالب البائع بالدهن الخالص.
(مسألة 638): يحرم بيع المكيل والموزون بأكثر منه، كأن يبيع منا من
الحنطة بمنين منها، ويعم هذا الحكم ما إذا كان أحد العوضين صحيحا و
الآخر معيبا، أو كان أحدهما جيدا والآخر رديئا، أو كانت قيمتهما مختلفة
لأمر آخر، فلو أعطى الذهب المصوغ وأخذ أكثر منه من غير المصوغ فهو
ربا وحرام.
210

(مسألة 639): لا يعتبر في الزيادة أن يكون الزائد من جنس العوضين، فإذا باع منا من الحنطة بمن منها ودرهم، فهو أيضا ربا وحرام، بل لو كان
الزائد من الأعمال، كأن شرط أحد المتبايعين على الآخر أن يعمل له عملا
فهو أيضا ربا وحرام. وكذلك إذا كانت الزيادة حكيمة كأن باع منا من
الحنطة نقدا بمن منها نسيئة.
(مسألة 640): لا بأس بالزيادة في أحد الطرفين إذا أضيف إلى الآخر
شئ، كأن باع منا من الحنطة مع منديل بمنين من الحنطة، وكذلك إذا كانت
الإضافة في الطرفين كأن باع منا من الحنطة مع منديل بمنين ومنديل.
(مسألة 641): يجوز بيع ما يباع بالأمتار، أو العد، كالأقمشة والجوز
بأكثر منه، كأن يبيع عشر جوزات بخمس عشرة جوزة:
(مسألة 642): الأوراق النقدية بما أنها ليست من المكيل والموزون لا
يجري فيها الربا المعاوضي، إذا كانت المعاملة نقدية، وإذا لم تكن المعاملة
شخصية فلابد في صحتها من امتياز الثمن عن المثمن، كبيع الدينار العراقي في
الذمة بالدينار الكويتي نقدا، ولا يجوز بيع الدينار العراقي مثلا بمثله مع
الزيادة في الذمة، وأما تنزيل الأوراق فلا بأس به نقدا بمعنى أن المبلغ
المذكور فيها إذا كان الشخص مدينا به واقعا جاز خصمها في المصارف و
غيرها بأن يبيعه الدائن بأقل منه حالا ويكون الثمن نقدا.
(مسألة 643): ما يباع في غالب البلدان بالكيل أو الوزن يجوز بيعه
بأكثر منه في البلد الذي يباع بالعد على الأظهر، وما يختلف حاله في البلاد
211

من غير غلبة فحكمه في كل بلد يتبع ما تعارف فيه، فلا يجوز بيعه بالزيادة في
بلد يباع فيه بالكيل والوزن، ويجوز فيما يباع فيه بالعد بلا اشكال.
(مسألة 644): لو لم يكن العوضان من جنس واحد، جاز أخذ الزيادة
كأن يبيع منا من الأرز بمنين من الحنطة.
(مسألة 645): لا يجوز التفاضل بين العوضين المأخوذين من أصل
واحد. فلا يجوز بيع من من الدهن بمنين من الجبن. كما لا يجوز التفاضل في
بيع الناضجة من فاكهة بغير الناضجة منها.
(مسألة 646): تعتبر الحنطة والشعير من جنس واحد في باب الربا، فلا
يجوز بيع من من أحدهما بمنين من الآخر، وكذا لا يجوز بيع من من الشعير
نقدا بمن من الحنطة نسيئة.
(مسألة 647): الظاهر جواز اخذ الربا من الكافر من غير فرق بين
الحربي والذمي، وأيضا الظاهر أنه لا ربا بين الوالد وولده فيجوز لكل منهما
بيع الاخر مع التفاضل، وكذا بين الرجل وزوجته.
شرائط المتبايعين
(مسألة 648): يشترط في المتبايعين ستة أمور:
(1) البلوغ.
(2) العقل.
212

(3) الرشد.
(4) القصد، فلا يصح بيع المجنون، والسفيه والهازل.
(5) الاختيار.
(6) ملك العقد " وستأتي أحكام جميع ذلك في المسائل الآتية ".
(مسألة 649): لا يجوز استقلال غير البالغ في المعاملة على أمواله ان لم
يأذن له الولي. نعم لا مانع في معاملة بمال الغير إذا كان مميزا ومأذونا من
قبل المالك، ولا حاجة إلى إذن الولي. كما لا مانع من وساطة الصبي في
إيصال الثمن أو المبيع إلى البايع أو المشترى. وأيضا يجوز معاملته إذا كان
مميزا واذن له الولي وإن كان الصبى مستقلا في التصرف كالوكيل المفوض.
(مسألة 650): إذا اشترى من غير البالغ شيئا من أمواله: وجب رده إلى
وليه. ولا يجوز رده إلى الطفل نفسه. وإذا اشترى منه مالا لغيره من دون
إجازة المالك وجب رده إليه، أو استرضاؤه. فإن لم يتمكن من معرفة المالك
تصدق بالمال عنه.
(مسألة 651): لو أكره أحد المتعاملين على المعاملة. ثم رضي بها صحت،
وإن كان الأحوط - حينئذ إعادة الصيغة.
(مسألة 652): لا يصح بيع مال الغير فضولا، ومن دون اجازته، نعم إذا
أجازه بعد ذلك صح.
(مسألة 653): يجوز للأب والجد الأدنى عن جهة الأب، أو وصيهما أن
213

يبيع مال الطفل، وكذا يجوز للمجتهد العادل أو وكيله، أو عدول المؤمنين
عند عدم التمكن من الوصول إليهما أن يبيع مال المجنون أو الطفل الفاقدين
للولي، أو مال الغائب، إذا اقتضت الضرورة ببيعه.
شرائط العوضين
(مسألة 655): يشترط في العوضين خمسة أمور:
(1) العلم بمقدار كل منهما بما يتقدر به خارجا من الوزن أو الكيل، أو
العد، أو المساحة.
(القدرة على إقباضه، فلو باع الدابة الشاردة، لم يصح.
(3) معرفة الخصوصيات التي تختلف بها الرغبات.
(4) أن لا يتعلق به حق أحد، فلا يجوز بيع الوقف إلا في موارد يأتي
بيانها.
(5) أن يكون المبيع من الأعيان، فلو باع منفعة الدار سنة لم يصح. نعم لا
بأس بجعل المنفعة ثمنا " وبيان هذه الأحكام يأتي في المسائل الآتية ".
(مسألة 656): ما يباع في بلد بالوزن، أو الكيل لا يصح بيعه في ذلك
البلد إلا بالوزن، أو الكيل. ويجوز بيعه بالمشاهدة في البلد الذي يباع فيه
214

بالمشاهدة.
(مسألة 657): ما يباع بالوزن يجوز بيعه بالكيل، إذا كان الكيل طريقا
إلى الوزن، وذلك كأن يجعل كيل يحوي منا من الحنطة، فتباع الحنطة بذلك
الكيل.
(مسألة 658): إذا بطلت المعاملة لفقدانها شيئا من هذه الشروط، ومع
ذلك رضي كل من المتبايعين بتصرف الآخر في ماله جاز لهما التصرف فيما
انتقل إليهما.
(مسألة 659): لا يجوز بيع الوقف إلا إذا خرب بحيث سقط عن الانتفاع
به في جهة الوقف. أو كان في معرض السقوط وذلك كحصير المسجد إذا
خلق وتمزق بحيث لا يمكن الصلاة عليه، وحينئذ لم يكن مانع من بيعه، و
لكنه لابد أن يصرف ثمنه في ما يكون أقرب إلى مقصود الواقف من شؤون
ذلك المسجد مع الامكان.
(مسألة 660): لو وقع الخلاف بين أرباب الوقف على وجه يظن بتلف
المال أو النفس، إذا بقي الوقف على حاله جاز بيعه وصرفه فيما هو أقرب إلى
مقصود الواقف.
(661): لو شرط الواقف بيع الوقف إذا اقتضت المصلحة جاز
بيعه.
(مسألة 662): يجوز بيع العين المستأجرة من المستأجر وغيره، وإذا
215

كان البيع لغير المستأجر لم يكن له انتزاع العين من المستأجر ولكن يثبت له
الخيار إذا كان جاهلا بالحال، وكذا الحال لو علم بالايجار لكنه اعتقد قصر
مدته فظهر خلافه.
عقد البيع
(مسألة 663): لا تشترط العربية في صيغة البيع، بل يجوز انشاؤه بأية
لغة كانت، بل الظاهر صحته بالأخذ والإعطاء من دون صيغة أصلا.
بيع الثمار
(مسألة 664): يصح بيع الفواكه والثمار قبل الاقتطاف من الأشجار إذا
تناثر الورد وانعقد الحب، كما يجوز بيع الحصرم قبل اقتطافه، بل الأظهر
جواز بيعها بعد ظهورها وإن كان قبل انعقاد الحب وتناثر الورد، لكن
الأحوط حينئذ أن يضم بعض نباتات الأرض إليها أو يشترط على
المشتري أن يقتطفها في الحال أو يبيع ثمر أكثر من سنة، وأما بيعها قبل
ظهورها فيكره إذا كان عاما واحدا وبغير ضميمة، ولا بأس به إذا كان مع
الضميمة أو عامين فما زاد.
(مسألة 665): يجوز بيع التمر على النخل ويلزم أن لا يجعل عوضه تمرا
من ذلك النخل، إلا أن يكون لشخص نخلة في دار شخص آخر، أو بستانه،
فإنه يجوز تخمين مقدار تمرها وبيعه من صاحب الدار، أو البستان بذلك
216

المقدار من التمر. والظاهر عدم جواز بيع ثمر غير النخل أيضا بثمره.
(مسألة 666): يجوز بيع الخيار والباذنجان ونحوهما من الخضروات
التي تلتقط، وتجز في كل سنة مرات عديدة فيما لو ظهرت وعين عدد
اللقطات في أثناء السنة.
(مسألة 667): لا يجوز بيع سنبل الحنطة والشعير وغير هما بما يحصل
منه، وأما بيعه بغيره، ولو كان من جنسه فلا بأس به.
النقد والنسيئة
(مسألة 668): يجوز مطالبة كل من المتبايعين عوض ماله من الآخر في
المعاملة النقدية بعد المعاملة في الحال. وتسليم الدار والأرض ونحو هما هو
أن يخلي البايع بينها وبين المشتري. بحيث يتمكن من التصرف فيها. و
تسليم الفرش واللباس ونحو هما هو جعله في سلطة المشتري بحيث لا يمنعه
البايع لو أراد نقله إلى مكان آخر.
(مسألة 669): يعتبر في النسيئة ضبط الأجل بحيث لا يتطرق إليه
احتمال الزيادة والنقصان، فلو جعل الأجل وقت الحصاد مثلا لم يصح.
(مسألة 670): لا يجوز مطالبة الثمن من المشتري في النسيئة قبل الأجل.
نعم لو مات وترك مالا فللبايع مطالبته من ورثته قبل الأجل.
(مسألة 671): يجوز مطالبة العوض من المشتري في النسيئة بعد انقضاء
217

الأجل. ولو لم يتمكن المشتري من أدائه فلا بد للبائع من إمهاله، أو فسخه
للبيع وارجاع شخص المبيع، إذا كان موجودا.
(مسألة 672): إذا باع مالا نسيئة بزيادة شئ كنصف العشر مثلا على
قيمته النقدية ممن لا يعلم قيمته، ولم يعلمه البايع بها بطلت المعاملة، وإذا
باعه ممن يعلم قيمته النقدية بأزيد منها نسيئة. بأن قال له أبيعه منك نسيئة
بزيادة خمسين فلسا على كل دينار من قيمته النقدية - مثلا - فقبل المشتري
لم يكن به بأس.
(مسألة 673): إذا باع شيئا نسيئة وبعد مضي مدة من الأجل تراضيا
على تنقيص مقدار من الثمن وأخذه نقدا فلا بأس به.
بيع السلف
(مسألة 674): بيع السلف هو " تعجيل الثمن " وتأجيل الثمن، فلو قال
المشتري للبايع، " أعطيك هذا الثمن على أن تسلمني المتاع بعد ستة أشهر، و
قال البايع، " قبلت ". أو أن البايع قبض الثمن من المشتري وقال: بعتك متاع
كذا، على أن أسلمه لك بعد ستة أشهر، فهذه المعاملة صحيحة.
(مسألة 675): لا يجوز بيع الذهب أو الفضة سلفا بالنقود الذهبية أو
الفضية، ولا بأس بيع غير الذهب والفضة سلفا بالذهب أو الفضة أو بمتاع
آخر.
218

شرائط بيع السلف
(مسألة 676): يعتبر في بيع السلف سبعة أمور:
(1) تعيين الصفات الموجبة لاختلاف القيمة ولا يلزم الاستقصاء و
التدقيق، بل يكفي التعيين بنحو يكون المبيع مضبوطا عرفا.
(2) قبض تمام الثمن قبل افتراق المتبايعين. ولو كان البايع مديونا
للمشتري بمقدار الثمن، وكان الدين حالا، وجعل ذلك ثمنا كفى، ولو قبض
البايع بعض الثمن صح البيع بالنسبة إلى المقدار المقبوض فقط، وثبت
الخيار له في فسخ أصل البيع.
(3) تعيين زمان تسليم المبيع كاملا فلا يصح جعله وقت الحصاد مثلا.
(4) أن لا يكون المتاع في زمان التسليم نادر الوجود بحيث لا يتمكن
البايع من تسليمه.
(5) تعيين مكان تسليم المبيع، إذا لم يكن له تعين عندهما.
(6) تعيين وزن المبيع أو كيله أو عدده. والمتاع الذي يباع بالمشاهدة
يجوز بيعه سلفا ولكن يلزم أن يكون التفاوت بين أفراده غير معتنى به عند
العقلاء كبعض أقسام الجوز والبيض.
(7) إذا كان المبيع سلفا من المكيل والموزون لم يجز أن يجعل ثمنه من
جنسه، فلا تباع الحنطة بالحنطة سلفا.
أحكام بيع السلف
(مسألة 677): لا يجوز بيع ما اشتراه سلفا من غير البايع قبل انقضاء
219

الأجل، ويجوز بعد انقضائه ولو لم يقبضه، نعم لا يجوز بيع الحنطة والشعير و
غير هما، مما يباع بالكيل أو الوزن قبل الوزن قبل القبض إلا أن يبيعه بمقدار ثمنه الذي
اشتراه به.
(مسألة 678): لو سلم البائع المبيع على طبق ما قرر بينه وبين المشتري
في بيع السلف وجب على المشتري قبوله، وكذلك الحال فيما إذا كان أحسن
منه بشرط أن يصدق عليه انه من ذلك الجنس.
(مسألة 679): لو سلم البائع أردأ مما قرر بينهما فللمشتري رفضه.
(مسألة 680): يجوز للبايع أن يسلم غير الجنس المعين، فيما إذا رضي
المشتري به.
(مسألة 681): إذا لم يوجد المبيع سلفا في الزمان الذي يجب تسليمه فيه
فللمشتري أن يصبر إلى أن يتمكن منه، أو يفسخ البيع ويسترجع العوض.
(مسألة 682): إذا باع متاعا في الذمة مؤجلا إلى مدة بثمن كذلك بطل
البيع.
بيع النقدين
(مسألة 683): لا يجوز بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة مع الزيادة،
سواء في ذلك المسكوك وغيره.
220

(مسألة 684): لا بأس ببيع الذهب بالفضة وبالعكس، ولا يعتبر
تساويهما في الوزن.
(مسألة 685): يجب في بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة تسليم
العوضين قبل الافتراق وإلا بطل البيع.
(مسألة 686): لو سلم بائع الذهب أو الفضة تمام المبيع وسلم المشتري
بعض الثمن أو بالعكس وافترقا صح البيع بالنسبة إلى ذلك البعض ويبطل
البيع بالنسبة إلى الباقي ويثبت الخيار في أصل البيع لمن لم يتسلم التمام.
(مسألة 687): لا يباع ترات معدن الفضة بالفضة حذرا من الوقوع في
الربا، وكذلك لا يباع تراب معدن الذهب بالذهب ويصح بيع تراب الذهب
بالفضة، وبيع تراب الفضة بالذهب.
الخيارات
(مسألة 688): الخيار هو: " ملك فسخ العقد " وللمتبايعين الخيار في
أحد عشر موردا:
(1) قبل أن يتفرق المتعاقدان من مجلس البيع، ولكل منهما فسخ البيع، و
يسمى هذا الخيار بخيار المجلس.
(2) أن يكون أحد المتبايعين، أو أحد الطرفين في غير البيع من المعاملات
مغبونا، فللمغبون حق الفسخ، ويسمى خيار الغبن.
(3) اشتراط الخيار في المعاملة للطرفين، أو لأحدهما إلى مدة معينة، و
221

يسمى بخيار الشرط.
(4) تدليس أحد الطرفين بإراءة ماله أحسن مما هو في الواقع ليزيد في
قيمته، فيثبت الخيار للطرف الآخر، ويسمى بخيار التدليس.
(5) أن يلتزم أحد الطرفين في المعاملة، بأن يأتي بعمل، أو بأن يكون ماله
على صفة مخصوصة، ولا يأتي بذلك العمل، أو لا يكون المال بتلك الصفة
فللآخر حق الفسخ، ويسمى بخيار تخلف الشرط.
(6) أن يكون أحد العوضين معيبا فيثبت الخيار لمن انتقل إليه المعيب، و
يسمى بخيار العيب.
(7) أن يظهر أن بعض المتاع لغير البايع، ولا يجيز مالكه بيعه فللمشتري
حينئذ فسخ البيع، ويسمى هذا بخيار تبعض الصفقة.
(8) أن يصف البايع للمشتري صفات المتاع الذي لم يره، فينكشف أن
المبيع غير واجد لها، فللمشتري الفسخ، ويسمى هذا بخيار الرؤية.
(9) أن يؤخر المشتري الثمن ولا يسلمه إلى ثلاثة أيام، ولا يسلم البائع
المتاع إلى المشتري، فللبايع حينئذ فسخ البيع إذا لم يشترط تأخير الثمن، ولو
كان المبيع مما يفسد في يومه، كبعض الفواكه، فللبايع فسخ البيع إذا لم يؤد
المشتري الثمن إلى الليل، ولم يشترط تأخيره، ويسمى هذا بخيار التأخير.
(10) إذا كان المبيع حيوانا، فللمشتري فسخ البيع إلى ثلاثة أيام، و
كذلك الحكم إذا كان الثمن حيوانا، فللبايع حينئذ الخيار إلى ثلاثة أيام، و
يسمى هذا بخيار الحيوان.
(1) أن لا يتمكن البايع من تسليم المبيع، كما إذا شرد الفرس الذي
باعه، فللمشتري فسخ المعاملة، ويسمى هذا بخيار تعذر التسليم.
222

(مسألة 689): إذا لم يعلم المشتري بقيمة المبيع أو غفل عنها حين البيع،
و اشتراه بأزيد من المعتاد، فإن كان الفرق مما يعتنى به فله الفسخ، وهكذا إذا
كان البائع غير عالم بالقيمة، أو غفل عنها وباع بأقل من المعتاد، فإن الفرق
إذا كان مما يعتنى به كان له الفسخ.
(مسألة 690): لا بأس ببيع الشرط، وهو بيع الدار - مثلا - التي قيمتها
ألف دينار بمائتي دينار، مع اشتراط الخيار للبايع، لو أرجح مثل الثمن في
الوقت المقرر إلى المشتري، هذا إذا كان المتبايعان قاصدين للبيع والشراء
حقيقة، وإلا لم يتحقق البيع بينهما.
(مسألة 691): يصح بيع الشرط وإن علم البائع برجوع المبيع إليه، حتى
لو لم يسلم الثمن في وقته إلى المشتري لعلمه بأن المشتري يسمح له في ذلك.
نعم إذا لم يسلم الثمن في وقته ليس له أن يطالب المبيع من المشتري، أو من
ورثته على تقدير موته.
(مسألة 692): لو اطلع المشتري على عيب في المبيع كأن اشتري حيوانا
فتبين أنه كان أعمى، فله الفسخ إذا كان العيب ثابتا قبل البيع، ولو لم يتمكن
من الارجاع لحدوث تغير فيه أو تصرف فيه بما يمنع من الرد، فله أن
يسترجع من الثمن بنسبة التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب. مثلا: المتاع
المعيب المشترى بأربعة دنانير إذا كان قيمة سالمه ثمانية دنانير، وقيمة معيبه
ستة دنانير، فالمسترجع من الثمن ربعه، وهو نسبة التفاوت بين الستة و
الثمانية.
223

(مسألة 693): لو اطلع البائع بعد البيع على عيب في العوض سابق على
البيع فله الفسخ، وارجاعه إلى المشتري. ولو لم يجز له الرد للتغير أو
التصرف فيه المانع من الرد فله أن يأخذ من المشتري التفاوت بين قيمة
السالم من العوض، ومعيبه " بالبيان المتقدم في المسألة السابقة ".
(مسألة 694): لو طرأ عيب على المبيع بعد العقد وقبل التسليم لم يثبت
الخيار للمشتري، وكذا لو طرأ على العوض عيب بعد العقد وقبل تسليمه لم
يثبت الخيار للبايع، وفي جواز المطالبة بالتفاوت بين قيمتي الصحيح
والمعيب هنا قولان أظهر هما العدم.
(مسألة 695): الظاهر أنه لا يلزم في خيار العيب أن يكون الفسخ
فوريا، ولا يعتبر في نفوذه حضور من عليه الخيار.
(مسألة 696): لا يجوز للمشتري فسخ البيع بالعيب ولا المطالبة
بالتفاوت في أربع صور:
(1) أن يعلم بالعيب عند الشراء.
(2) أن يرضى بالمعيب بعد البيع ويلتزم بالعقد.
(3) أن يسقط حقه من جهة الفسخ ومطالبته بالتفاوت.
(4) أن يتبرأ البايع من العيب. ولو تبرأ من عيب خاص فظهر فيه عيب
آخر، فللمشتري الفسخ به. وإذا لم يتمكن من الرد أخذ التفاوت " على ما
تقدم ".
(مسألة 697): إذا ظهر في المبيع عيب، ثم طرأ عليه عيب آخر بعد
224

القبض، فليس له الرد، وله أخذ الأرش. نعم لو اشترى حيوانا معيبا فطرأ
عليه عيب جديد في الأيام الثلاثة التي له فيها الخيار فله الرد وإن قبضه، و
كذلك الحال فيما إذا طرأ على المعيب عيب جديد في زمان كان الخيار فيه
للمشتري خاصة.
(مسألة 698): إذا لم يعلم البايع بخصوصيات ماله بل أخبره بها غيره،
فذكرها للمشتري، وباعه على ذلك فمظهر أنه كان أحسن من ذلك فله
الفسخ.
(مسألة 699): لو أخبر البايع برأس المال فلابد أن يخبر المشتري بكل
ما يوجب زيادة القيمة أو نقصانها، وإن باعه برأس المال أو بأنقص منه:
فلابد أن يخبره - مثلا - بأنه اشتراه نقدا أو نسيئة فلو لم يخبره ببعض تلك
الخصوصيات. واطلع عليه المشتري بعد المعاملة فله الفسخ.
(مسألة 700): إذا أعطى شخص ماله لآخر وعين قيمته وقال له " بعه
بتلك القيمة، وإن بعته بأزيد منه فالزيادة أجرة بيعك " كانت الزيادة للمالك،
وللوكيل أن يأخذه أجرة عمله من المالك، وإذا قال له " إن بعته بأزيد من
ذلك فالزيادة لك جعالة، كانت الزيادة للوكيل.
(مسألة 701): لا يجوز للقصاب أن يبيع لحم الخروف ويسلم لحم
النعجة، فإن فعل ذلك ثبت الخيار للمشتري إذا كانت المعاملة شخصية، وله
المطالبة بلحم الخروف إذا كان المبيع كليا في الذمة، وكذلك الحال فيما إذا باع
ثوبا على أن يكون لونه ثابتا فسلم إلى المشتري ما يزول لونه.
225

خاتمة في الإقالة
وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه الآخر، والظاهر جريانها
في عامة العقود اللازمة حتى الهبة اللازمة غير النكاح والضمان، وفي جريانها
في الصدقة إشكال، وتقع بكل لفظ يدل على المراد وإن لم يكن عربيا، بل
تقع بالفعل كما تقع بالقول، فإذا طلب أحد المتبايعين مثلا الفسخ من صاحبه
فدفع إليه ما أخذه منه كان فسخا وإقالة ووجب على الطالب إرجاع ما في
يده من العوض إلى صاحبه.
(مسألة 702): لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن، أو نقصان، فلو
أقال كذلك بطلت وبقي كل من العوضين على ملك مالكه.
(مسألة 703): إذا جعل له مالا في الذمة، أو في الخارج ليقيله، بأن قال له
أقلني ولك هذا المال، أو أقلني ولك علي كذا فالأظهر الصحة.
(مسألة 704): لو أقال بشرط مال عين، أو عمل، كما لو قال للمستقيل
أقلتك بشرط أن يعطيني كذا، أو تخيط ثوبي فقبل، صح.
(مسألة 705): في قيام وارث المتعاقدين مقام المورث في صحة الإقالة
إشكال، والظاهر العدم.
أحكام الشفعة
إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن
226

المقرر له في البيع، ويسمى هذا الحق بالشفعة.
(مسألة 706): تثبت الشفعة في بيع مالا ينقل إذا كان يقبل القسمة،
كالأراضي، والدور، والبساتين بلا إشكال، وهل تثبت فيما ينقل كالآلات و
الثياب، والحيوان وفيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة قولان أقواهما الأول فيما
عدا السفينة، والنهر، والطريق، والحمام، والرحى، فإنه لا تثبت فيها الشفعة
على الأحوط.
(مسألة 707): تختص الشفعة في غير المساكن والأراضي بالبيع فإذا
انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة، أو الصلح، أو غيرهما فلا شفعة للشريك.
وكذلك المساكن والأراضي على الأظهر.
(مسألة 708): إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة
للشريك قولان، أقربهما ذلك، الا إذا كان الوقف على اشخاص بأعيانهم و
كانوا متعددين.
(مسألة 709): يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة
بين اثنين فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تكن لأحدهم
شفعة، وإذا باعوا جميعا إلا واحدا منهم في ثبوت الشفعة له إشكال بل منع.
(مسألة 710): يعتبر في الشفيع الإسلام، إذا كان المشتري مسلما، فلا
شفعة للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر، وتثبت للمسلم على الكافر،
وللكافر على مثله.
227

(مسألة 711): يشترط في الشفيع أن يكون قادرا على أداء الثمن فلا
تثبت للعاجز عنه وإن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلا أن يرضى المشتري
بذلك، نعم إذا ادعى غيبة الثمن في بلد آخر أجل بمقدار وصول المال إليه و
زيادة ثلاثة أيام فإن انتهى فلا شفعة، ويكفي في الثلاثة أيام التلفيق. كما أن
مبدأها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.
(مسألة 712): الشفيع يأخذ بقدر الثمن لا بأكثر منه ولا بأقل، ولا يلزم
أن يأخذ بعين الثمن في فرض التمكن منها بل له أن يأخذ بمثله إن كان مثليا.
(مسألة 713): في ثبوت في الثمن القيمي بأن يأخذ المبيع بقيمته
قولان، أقواهما الثبوت.
(مسألة 714): الأقوى عدم لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فلا يسقط
مع المماطلة والتأخير بلا عذر، واولى منه في عدم السقوط ما إذا كان
التأخير عن عذر كجهله بالبيع. أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهمه كثرة
الثمن فبأن قليلا، أو كون المشتري زيدا فبأن عمرا، أو أنه اشتراه لنفسه فبأن
لغيره أو العكس، أو أنه واحد فبأن اثنين، أو العكس. أو أن المبيع النصف بمأة
فتبين أنه الربع بخمسين، أو كون الثمن ذهبا فبأن فضة، أو لكونه مجوسا ظلما
أو بحق يعجز عن أدائه وأمثال ذلك من الأعذار نعم الأحوط رعاية
المبادرة.
228

أحكام الشركة
(مسألة 715): لابد في عقد الشركة من إنشائها بلفظ أو فعل يدل عليها،
ويعتبر في صحته خلط المالين على وجه يعد المالان بعد المزج بنظر العرف
شيئا واحدا مع الاتحاد في الجنس كمزج الماء بالماء، والدهن بالدهن أو
اختلافه كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير ودهن اللوز بدهن الجوز.
(مسألة 716): لو اشترك شخصان - مثلا - على أن يشتري كل
منهما متاعا نسيئة لنفسه، ويشتركا في ما يربحانه، نعم إذا وكل كل منهما
صاحبه في شراء المتاع لهما نسيئة كانت الشركة صحيحة.
(مسألة 718): يشترط في عقد الشركة: البلوغ، والعقل، والاختيار، و
عدم الحجر. فلا يصح شركة الصبي، والمجنون، والمكره، والسفيه، الذي
يصرف أمواله في غير موقعه.
(مسألة 719): لا بأس باشتراط زيادة الربح لمن يقوم بالعمل من
الشريكين، أو الذي يكون عمله أكثر من عمل الآخر، ويجب الوفاء بهذا
الشرط. وكذلك لو اشترطت الزيادة في غير ذلك، وكذلك الحال لو اشترطا
أن يكون تمام الربح لأحدهما، أو يكون تمام الخسران أو أكثره على أحدهما.
229

(مسألة 720): إذا لم يشترطا لأحدهما زيادة في الربح، فإن تساوى
المالان تساويا في الربح والخسران، وإلا كان الربح والخسران بنسبة
المالين، فلو كان مال أحدهما ضعف مال الاخر كان ربحه وضرره ضعف
الآخر، سواء تساويا في العمل أو اختلفا، أو لم يعمل أحدهما أصلا.
(مسألة 721): لو اشترطا في عقد الشركة أن يشتركا في العمل كل منهما
مستقلا، أو يعمل أحدهما فقط وجب العمل على طبق الشرط.
(مسألة 722): إذا لم يعين العامل منهما، لم يجز لكل منهما التصرف في
رأس المال بغير إجازة الآخر.
(مسألة 723): يجب على من له العمل أن يكون عمله على طبق ما هو
المقرر بينهما، فلو قررا - مثلا - أن يشتري نسيئة ويبيع نقدا، أو يشتري من
المحل الخاص وجب العمل به، ولو لم يعين شئ من ذلك لزم العمل بما هو
المتعارف على وجه لا يضر بالشركة.
(مسألة 724): لو تخلف العامل عما شرطاه، أو عمل على خلاف ما هو
المتعارف في صورة عدم الشرط فالمعاملة بالنسبة إلى حصة الشريك الآخر
فضولية، فإن لم يجز استرجع ماله، أو عوضه لو كان تالفا.
(مسألة 725): الشريك العامل في رأس المال أمين، فلا يضمن التالف
كلا أو بعضا ما لم يفرط.
(مسألة 726): لو ادعى العامل التلف في مال الشركة وحلف عند
230

الحاكم، صدق.
(مسألة 727): لو رجع كل من الشريكين عن إجازة الآخر في التصرف
في مال الشركة لم يجز لهما التصرف، ولو رجع أحدهما لم يجز للآخر ذلك، و
أما هو فيجوز له التصرف فيه.
(مسألة 728): متى طلب أحد الشريكين قسمة مال الشركة وجب على
الآخر القبو لما لم يتضرر بها ضررا معتدا به، وإن كان قد جعل أجل
للشركة. الا إذا اشترط في عقد لازم عدم القسمة إلى أجل بعينه فإنه لا تجب
الإجابة حينئذ إلى أن ينتهى الاجل.
(مسألة 729): إذا مات أحد الشركاء لم يجز للآخر التصرف في مال
الشركة، وكذلك الحال في الجنون والإغماء والسفه.
(مسألة 730): لو أتجر أحد الشريكين بمال الشركة ثم ظهر بطلان عقد
الشركة، فإن لم يكن الإذن في التصرف مقيدا بصحة الشركة صحت المعاملة
ويرجع ربحها إليها. وإن كان الإذن مقيدا بصحة العقد كان العقد بالنسبة إلى
الآخر فضوليا، فإن أجاز صح وإلا بطل.
أحكام الصلح
(مسألة 731): الصلح هو: " التسالم بين شخصين على تمليك عين، أو
منفعة، أو على اسقاط دين، أو حق بعوض أو مجانا.
231

(مسألة 732): يعتبر في المتصالحين، البلوغ، والعقل، والاختيار، و
القصد، وعدم الحجر.
(مسألة 733): لا يعتبر في الصلح صيغة خاصة، بل يكفي فيه كل لفظ أو
فعل دال عليه.
(مسألة 734): لو تصالح مع الراعي بأن يسلم معاجه إليه ليرعاها سنة
مثلا، ويتصرف في لبنها ويعطي مقدارا معينا من الدهن صحت المصالحة، و
قيل لو آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار
معين من الدهن غير المقيد بالدهن المأخوذ منها صحت الإجارة أيضا. لكنه
مشكل، نعم يمكن تصحيحه بعنوان الإباحة بالعوض.
(مسألة 735): اسقاط الحق أو الدين لا يحتاج إلى قبول، وأما المصالحة
عليه فلا بد فيها من القبول.
(مسألة 736): لو علم المديون بمقدار الدين، ولم يعلم به الدائن و
صالحه بأقل منه لم يحل الزائد للمديون، إلا أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة،
حتى لو علم بمقدار الدين أيضا.
(مسألة 737): لا تجوز المصالحة على مبادلة مالين من جنس واحد إذا
كانا مما يكال أو يوزن مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأظهر وفي جوازها
مع احتمال الزيادة. اشكال.
(مسألة 738): لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد
232

أو على شخصين فيما إذا لم يكونا من المكيل أو الموزون. أو لم يكونا من جنس
واحد، أو كانا متساويين في الكيل أو الوزن. وأما إذا كانا من المكيل أو
الموزون ومن جنس واحد فجواز الصلح على مبادلتهما مع زيادة أحدهما
محل إشكال.
(مسألة 739): يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض
ابراء ذمة المديون من بعض الدين وأخذ الباقي منه نقدا، هذا فيما إذا كان
الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون. وأما في
غير ذلك فيجوز الصلح والبيع - بالأقل - من المديون وغيره. وعليه
فيجوز للدائن تنزيل (الكمبيالة) في المصرف وغيره في عصرنا الحاضر لأن
النقود الرائجة ليست مما يوزن أو يكال.
(مسألة 740): ينفسخ الصلح بتراضي المتصالحين بالفسخ، وكذا إذا
فسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح.
(مسألة 741): لا يجري خيار المجلس، ولا خيار الحيوان ولا خيار
التأخير (المتقدمة) في الصلح. نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد
المتعارف، أو اشترط تسليمه نقدا فلم يعمل به فللآخر أن يفسخ المصالحة، و
أما الخيارات الثمانية الباقية التي سبق ذكرها في البيع فهي تجري في الصلح
أيضا.
(مسألة 742): لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ، وأما أخذ
التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب ففيه إشكال.
233

(مسألة 743): لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به إذا لم يكن
للمصالح وارث بعد الموت صح ولزم الوفاء بالشرط.
أحكام الإجارة
(مسألة 744): يعتبر في المؤجر والمستأجر " البلوغ، والعقل و
الاختيار، وعدم الحجر ".
(مسألة 745): لا تصح اجارة غير المالك إلا إذا كان وليا أو وكيلا عن
المالك، وتصح الإجارة من الإجارة من الأجنبي إذا تعقبت بالإجارة.
(مسألة 746): إذا آجر الولي مال الطفل في مدة، تزيد على زمان بلوغه
بطل وكذا إذا آجر الولي الصبي كذلك حتى إذا قضت ضرورة الصبى بذلك.
(مسألة 747): لا يجوز استيجار الطفل الذي لا ولي له بدون إجازة
المجتهد العادل أو وكيله. وإذا لم يتمكن من الوصول إليه جاز استيجاره
بإجازة جماعة من عدول المؤمنين.
(لا تعتبر العربية في صيغة الإجارة، بل لا يعتبر اللفظ في
صحتها، فلو سلم المؤجر ما له للمستأجر بقصد الايجار وقبضه المستأجر
بقصد الاستيجار صحت الإجارة.
(مسألة 749): تكفي في صحة إجارة الأخرس، الإشارة المفهمة للإيجار
أو الاستيجار.
234

(مسألة 750): لو استأجر دكانا، أو دارا، أو بيتا، بشرط أن ينتفع به هو
بنفسه لم يجز ايجاره للغير على وجه ينتفع به الغير، ويصح لو كان على نحو
يرجع الانتفاع به لنفس المستأجر الأول، كأن تستأجر امرأة دار ثم تتزوج
فتؤجر الدار لبعلها لسكانها.
(مسألة 751): إذا استأجر دارا، أو دكانا، أو بيتا، بدون أن يشترط
اختصاص الانتفاع به فله أن يؤجره للغير. نعم لو أراد أن يؤجره بأزيد مما
استأجره به فلا بد أن يحدث فيه شيئا مثل الترميم، أو التبييض، أو يؤجره
بغير الجنس الذي استأجره به، كأن يستأجر دارا بالنقود فيؤجرها بالحنطة،
وأما غير الدار، والدكان، والبيت، فلا بأس بايجارها بأزيد مما استأجره به
مطلقا، والأظهر - الحاق السفينة بالدار.
(مسألة 752): لو اشترط في الإجارة أن يكون عمل الأجير لشخص
المستأجر لم يجز له ايجاره ليعمل لشخص آخر ويجوز ذلك مع عدم
الاشتراط، إلا أنه لا يجوز أن يؤجره بأزيد مما استأجره إذا كانت الأجرتان
من جنس واحد، ولا بأس بالزيادة مع اختلاف الجنس.
(مسألة 753): إذا آجر نفسه لعمل من دون تقييد بالمباشرة لم يجز له أن
يستأجر غيره لذلك العمل بعينه بأقل من الإجارة في اجارة نفسه على
الأحوط، نعم لا بأس بذلك إذا كانت الأجرتان من جنسين، أو أنه أتى
ببعض العمل ولو قليلا فاستأجر غيره للباقي بأقل من الأجرة.
(مسألة 754): لا بأس بأن يستأجر دارا - مثلا - سنة بعشرة دنانير
235

فيسكن في نصفها ويؤجر نصفها الآخر بعشرة دنانير، ولا يجوز أن يؤجره
بأزيد من عشرة دنانير إلا أن يحدث فيه شيئا، فإذا أراد ايجاره بأكثر كاثني
عشر دينارا - فلا بد أن يعمل فيه شيئا كالترميم.
(مسألة 755): يعتبر في العين السمتأجرة أمور:
(1) التعيين بحيث لا يلزم الغرر فلو قال آجر تك إحدى دوري لم تصح
الإجارة.
(2) أن يشاهد المستأجر العين المستأجرة، أو يعلم بخصوصيتها ولو كان
ذلك بتوصيف المؤجر.
(3) التمكن من التسليم، فلا تصح اجارة الدابة الشاردة مثلا.
(4) إمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصح إجارة الخبز وغيره من
المأكولات للأكل.
(5) قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة، فلا تصح اجارة الأرض
للزراعة إذا لم يكن المطر وافيا ولم يمكن سقيها من النهر أو غيره.
(مسألة 756): يصح ايجار الشجر للانتفاع بثمرها غير الموجود فعلا و
كذلك ايجار الحيوان للانتفاع بلبنه أو البئر للإستقاء.
(مسألة 757): يجوز للمرأة ايجار نفسها للإرضاع من غير حاجة إلى
اجازة زوجها. نعم لو أوجب ذلك تضييع حقه توقفت صحة الإجارة على
إجازته.
236

شرائط المنفعة المقصودة من الإجارة
(مسألة 758): تعتبر في المنفعة التي يستأجر المال لأجلها أمور.
(1) أن تكون محللة، فلا تصح إجارة الدكان لبيع الخمر. أو حفظه، أو
إجارة الحيوان لحمل الخمر.
(2) أن لا يكون بذل المال بإزائها سفها بنظر العقلاء على الأحوط
الأولى.
(3) تعيين نوع المنفعة، فلو آجر حيوانا قابلا للركوب. ولحمله الأثقال
وجب تعيين حق المستأجر من الركوب، أو الحمل، أو كليهما.
(4) تعيين مقدار المنفعة، وهو إما بتعيين المدة كما في إجارة الدار والدكان
ونحو هما، وإما بتعيين العمل كخياطة الثوب المعين على كيفية معينة.
(مسألة 759): يحرم حلق اللحية اختيارا وبغير عذر شرعي على
الأظهر - وعليه فلا يجوز أخذ الأجرة عليه.
(مسألة 760): لو لم يعين مبدأ مدة الإجارة كان ابتداؤها من حين إجراء
الصيغة.
(مسألة 761): لو آجر داره سنة، وجعل ابتداءها بعد مضي شهر - مثلا
- من إجراء الصيغة صحت الإجارة وإن كانت العين عند اجراء الصيغة
مستأجرة للغير.
(مسألة 762): لا تصح الإجارة إذا لم تتعين مدة الايجار فلو قال:
237

آجرتك الدار شهرا أو شهرين لم تصح، وكذا إذا قال " آجرتك الدار كل
شهر بدينار مهما أقمت فيها " وإذا آجرها شهرا معينا بدينار وقال: " كلما
أقمت بعد ذلك فبحسابه ". صحت الإجارة في الشهر الأول خاصة وبطل في
غيره.
(مسألة 763): الدور المعدة لإقامة الغرباء والزوار إذا لم يعلم مقدار
مكثهم فيها، وحصل الاتفاق على أداء مقدار معين عن إقامة كل ليلة - مثلا -
يجوز التصرف فيها، وحيث لم يعلم مدة الايجار لم تصح الإجارة، وللمالك
إخراجهم حينما أراد.
مسائل في الإجارة
(مسألة 764): لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء و
سائر الأئمة - عليهم السلام - وذكر فضائلهم والخطب المشتملة على المواعظ
ونحو ذلك.
(مسألة 765): لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة إلا
في الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة، وتجوز ذلك في المستحبات
العبادية، إلا أن في جوازها في مثل الصلاة والصيام إشكالا، ولا بأس بها في
فرض الاتيان بها رجاءا. وتجوز الإجارة عن الميت في العبادات الواجبة
والمستحبة.
(مسألة 766): تجوز الإجارة على تعليم مسائل الحلال والحرام، و
238

تعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام وغير هما، ولا يجوز أخذ الأجرة على
تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم. نعم لا بأس بأخذ الأجرة على
خصوصية زائدة فيها على المقدار الواجب.
(مسألة 767): يعتبر في الأجرة أن تكون معلومة، فلو كانت من المكيل
أو الموزون قدرت بهما، ولو كانت من المعدود كالبيض قدرت بالعد. فإن
كانت مما تعتبر مشاهدته في المعاملات لزم أن يشاهدها المؤجر، أو يبين
المستأجر خصوصياتها له.
(مسألة 768): لو آجر أرضا للزراعة، وجعل الأجرة من حاصل تلك
الأرض، لم تصح الإجارة. واما إذا كان الحاصل موجودا - فعلا - تصح
الإجارة.
(مسألة 769): لا يستحق المؤجر مطالبة الأجرة قبل تسليم العين
المستأجرة، وكذلك الأجير لا يستحق مطالبة الأجرة قبل اتيانه بالعمل.
(مسألة 770): إذا سلم المؤجر العين المستأجرة وجب على المستأجر
تسليم الأجرة، وإن لم يتسلم العين المستأجرة، أو لم ينتفع بها في بعض المدة
أو تمامها.
(مسألة 771): إذا آجر نفسه لعمل وسلم نفسه إلى المستأجر ليعمل له
استحق الأجرة، وإن لم يستوفه المستأجر. مثلا: إذا آجر نفسه لخياطة ثوب
في يوم معين، وحضر في ذلك اليوم للعمل وجب على المستأجر إعطاء
239

الأجرة. وإن لم يسلمه الثوب ليخيطه. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الأجير
فارغا في ذلك اليوم، أو مشتغلا بعمل لنفسه أو لغيره.
(مسألة 772): لو ظهر بطلان الإجارة بعد انقضاء مدتها وجب على
المستأجر أداء أجرة المثل، فلو استأجر دارا بمائة دينار وظهر بطلانها بعد
مضي المدة، فإن كانت أجرتها المتعارفة خمسين دينارا لم يجب على المستأجر
أزيد من خمسين دينارا. ولو ظهر بطلان الإجارة أثناء المدة فحكمه بالنسبة
إلى ما مضى حكم ظهور البطلان بعد تما المدة.
(مسألة 773): إذا تلفت العين المستأجرة لم يضمنها المستأجر إذا لم يتعد
ولم يقصر في حفظها، وكذلك الحال في تلف المال عند الأجير كالخياط فإنه
لا يضمن تلف الثوب، إذا لم يكن منه تعد أو تفريط.
(مسألة 774): إذا ذبح القصاب حيوانا بطريق غير مشروع فهو ضامن
له، ولا فرق في ذلك بين الأجير والمتبرع بعمله.
(مسألة 775): إذا استأجر دابة لحمل كمية معلومة من المتاع فحملها
أكثر من تلك الكمية، فتلفت الدابة، أو عابت كان عليه ضمانها وكذا إذا لم
تعين الكمية وحملها أكثر من المقدار المتعارف، وعلى كلا التقديرين يجب
عليه دفع أجرة الزائد أيضا.
(مسألة 776): لو آجر دابة لحمل الزجاج - مثلا - فعثرت فانكسر
الزجاج لم يضمنه المؤجر، إلا إذا كانت عثرتها بسببه كأن ضربها فعثرت.
240

(مسألة 777): الختان ضامن لو مات الطفل بالختان، سواء تجاوز الحد
المتعارف أم لا. وكذا إن تضرر الطفل - بغير الموت - فهو ضامن ولو لم
يتجاوز الحد.
(مسألة 778): لو عالج الطبيب المريض مباشرة، وأخطأ وتضرر
المريض أو مات فهو ضامن.
(مسألة 779): لو تبرأ الطبيب من الضمان لم يضمن، ولو مات المريض
أو تضرر بمباشرته إذا كان قد أعمل دقته واحتاط في المعالجة.
(مسألة 780): تنفسخ الإجارة بفسخ المؤجر والمستأجر إذا تراضيا
على ذلك، وكذلك تنفسخ بفسخ من اشترط له حق الفسخ في عقد الإجارة
من المؤجر، أو المستأجر، أو كليهما.
(مسألة 781) إذا ظهر غبن المؤجر، أو المستأجر كان له حق الفسخ، نعم
لو أسقط ذلك في ضمن العقد أو بعده لم يستحق الفسخ.
(مسألة 782): إذا غصبت العين المستأجر قبل التسليم إلى المستأجر
فله فسخ الإجارة واسترجاع الأجرة، وله أن لا يفسخ ويطالب الغاصب
بعوض المنفعة الفائتة، فلو استأجر دابة شهرا بعشرة دنانير وغصبت عشر ة
أيام، وكانت أجرتها المتعارف في العشرة أيام خمسة عشر دينارا جاز
للمستأجر أن يطالب الغاصب بخمسة عشر دينارا.
(مسألة 783): إذا غصبت العين المستأجرة بعد تسليمها إلى المستأجر لم
241

يجز له الفسخ وكان له المطالبة من الغاصب بعوض المنفعة الفائتة.
(مسألة 784): لا تبطل الإجارة ببيع المؤجر العين المستأجرة قبل
انقضاء المدة من المستأجر أو من غيره.
(مسألة 785): تبطل الإجارة بسقوط العين المستأجرة عن قابلية
الانتفاع بها رأسا، أو عن قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة فإذا استأجر
دارا سنة - مثلا - فانهدمت قبل دخول السنة بطلت الإجارة، وإذا انهدمت
أثناء السنة تبطل الإجارة بالنسبة إلى المدة الباقية وللمستأجر الفسخ
بالنسبة إلى المدة الماضية، فإذا فسخ كان عليه أجرة تلك المدة على النحو
المتعارف.
(مسألة 786): لو استأجر دارا تشتمل على بيتين - مثلا - فانهدم
أحدهما وعمرها المؤجر فورا على وجه لو يتلف من منفعتها شئ لم تبطل
الإجارة، ولم يكن للمستأجر حق الفسخ. وإذا تلف مقدار من منفعتها ولو
كان ذلك لطول مدة العمارة بطلت الإجارة بالنسبة إلى ذلك المقدار وكان
للمستأجر الفسخ، وأداء أجرة مثل ما استوفاه من المنفعة.
(مسألة 787): لا تبطل الإجارة بموت المؤجر، أو المستأجر إلا فيما إذا لم
يكن المؤجر مالكا للعين المستأجرة، بل كان مالكا لمنفعتها ما دام حيا بوصية
أو نحوها، فإذا مات أثناء مدة الإجارة بطلت الإجارة بالنسبة إلى المدة
الباقية.
242

(مسألة 788): لو وكل شخصا في أن يستأجر له عمالا فاستأجرهم بأقل
مما عين الموكل حرمت الزيادة على ووجب ارجاعها إلى الموكل.
(مسألة 789): لو آجر الصباغ نفسه لصبغ الثوب بالنيل مثلا فصبغه
بغيره، لم يستحق أجرة عليه.
أحكام الجعالة
(مسألة 790): الجعالة هو (الالتزام بعوض معلوم على عمل) كأن يلتزم
شخص بدينار لكل من يجد ضالته، ويسمى الملتزم (جاعلا) ومن يأتي
بالعمل (عاملا) وتفترق عن الإجارة بوجوب العمل هناك على الأجير بعد
العقد دون العامل هنا، كما تشتغل ذمة المستأجر للأجير قبل العمل بالأجرة. ولا تشتغل ذمة الجاعل للعامل مالم يأت بالعمل.
(مسألة 791): يعتبر في الجاعل: البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم
الحجر، فالسفيه يصرف ماله فيما لا يعنى لا تصح الجعالة منه.
(مسألة 792): يعتبر في الجعالة أن لا يكون العمل محرما، أو خاليا من
الفائدة، فلا يصح جعل العوض لشرب الخمر، أو الدخول ليلا في محل مظلم
مثلا.
(مسألة 793): يعتبر في الجعالة تعيين العوض بخصوصياته إذا كان كليا،
ولا يعتبر ذلك إذا كان شخصيا.
243

(مسألة 749): إذا كان العوض في الجعالة مبهما، وغير معين فللعامل
أجرة المثل.
(مسألة 795): لا يستحق العامل شيئا إذا أتى بالعمل قبل الجعالة أو
بعدها تبرعا.
(مسألة 796): يجوز للجاعل فسخ الجعالة قبل الشروع في العمل بل و
بعد الشروع فيه أيضا.
(مسألة 797): لا يجب على العامل إتمام العمل إذا أوجب تركه ضرر
الجاعل، كأن يقول: (كل من عالج عيني فله كذا) فشرع الطبيب بإجراء
عملية في عينه، بحيث لو لم يتمها لتعيبت عينه فيجب عليه الإتمام.
(مسألة 798): لا يستحق العامل العوض إذا لم يتم العمل الذي لا ينتفع
به الجاعل لولا الإتمام، كرد الدابة الشاردة، وكذا إذا جعل العوض على إتمام
العمل، كأن يقول: (من خاط ثوبي فله كذا) ولو جعل على نحو التوزيع على
أجزاء العمل استحق العامل بنسبة ما أتى به من العمل، وإن كان الأحوط
الرجوع إلى الصلح حينئذ.
أحكام المزارعة
(مسألة 799): عقد المزارعة هو: (الاتفاق بين مالك الأرض والزارع
على زرع الأرض بحصة من حاصلها).
244

(مسألة 800): يعتبر في المزارعة أمور:
(1) الايجاب من المالك بقوله للزارع مثلا: (سلمت إليك الأرض
لتزرعها) فيقول الزارع: (قبلت) أو يسلم المالك الأرض إليه للزراعة و
يتقبلها الزارع من دون كلام.
(2) أن يكونا بالغين، عاقلين، مختارين، غير محجورين. إذا استلزم
تصرفا حاليا والا فلا يعتبر عدم حجر العامل.
(3) أن يجعل نصيبهما من جميع حاصل الأرض، فلو جعل لأحدهما أوله،
وللآخر آخره بطلت المزارعة.
(4) أن تجعل حصة كل منهما على نحو الإشاعة، كالنصف والثلث، فلو
قال: (ازرع واعطني ما شئت) لم تصح المزارعة، وهكذا لو عين للمالك أو
الزارع مقدار معين كعشرة أمنان.
(5) تعيين المدة بمقدار يمكن حصول الزرع فيه. ولو عينا أول المدة و
جعلا آخرها إدراك الحاصل كفى.
(6) أن تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج والاصلاح.
(7) تعيين الزرع مع اختلاف نظريهما، ولو لم يكن لهما نظر خاص أو اتحد
نظراهما لم يلزم التعيين.
(8) تعيين الأرض فلو كانت للمالك قطعات مختلفة، ولم يعين واحدة
منها بطلت المزارعة.
(9) تعيين ما عليهما من المصارف إذا لم يتعين مصرف كل منهما بالتعارف
خارجا.
245

(مسألة 801): لو اتفق المالك مع الزارع على أن يكون مقدار من
الحاصل للمالك، ويقسم الباقي بينهما بنسبة معينة: صحت المزارعة إن علما
ببقاء شئ من الحاصل، بعد استثناء ذلك المقدار.
(مسألة 802): إذا انقضت مدة المزارعة. ولم يدرك الحاصل ورضي
المالك والزارع بقاء الزرع بالعوض أو مجانا فلا مانع منه، وإن لم يرض المالك
به فله أن يجبر الزارع على إزالته، وإن تضرر الزارع بذلك، الا إذ الزم من
الإزالة تضرر الزارع، ولم يكن بقائه موجبا لتضرر المالك، ولا كان له نفع
في قلعه فإنه حينئذ للزارع ابقاء الزرع مع الأجرة.
(مسألة 803): تنفسخ المزارعة بطرو المانع من الزراعة في الأرض،
كانقطاع الماء عنها، ولكن الزارع إذا ترك الزرع بلا عذر وكانت الأرض في
تصرفه، كان عليه أن يدفع إلى المالك مثل أجرة الأرض.
(مسألة 804): عقد المزارعة يلزم بإجراء الصيغة، ولا ينفسخ إلا
برضاهما، بل الظاهر اللزوم أيضا لو دفع المالك الأرض للزارع بقصد
المزارعة، وتقبلها الزارع. نعم لو اشترط في ضمن العقد استحقاق المالك أو
الزارع، أو كليهما للفسخ جاز الفسخ حسب الشرط، وكذا لو خولف بعض
الشروط المأخوذة فيه من أحدهما على الآخر.
(مسألة 805): لا تنفسخ المزارعة بموت المالك. أو الزارع بل يقوم
الوارث مقام مورثه، إلا أن يشترط مباشرة الزارع للزرع بنفسه، فتنفسخ
بموته، ولو ظهر الزرع وأدرك وجب دفع حصته إلى وارثه. ولو كان للزارع
246

حقوق اخر ورثها الوارث أيضا، وليس للوارث اجبار المالك على بقاء
الزرع في أرضه.
(مسألة 806): إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع، فإن كان البذر للمالك
فالحاصل له. وعليه للزارع ما صرفه. وكذا أجرة عمله وأعيانه التي
استعملها في الأرض كالبقر وغيره، وإن كان البذر للزارع فالزرع له وعليه
للمالك أجرة الأرض وما صرفه المالك وأجرة أعيانه التي استعملت في ذلك
الزرع.
(مسألة 807): إذا كان البذر للزارع فظهر بطلان المزارعة بعد الزرع و
رضي المالك والزارع ببقاء الزرع في الأرض بأجرة أو مجانا جاز، وإن لم
يرض المالك بذلك فله اجبار الزارع على إزالة الزرع، وإن لم يدرك الحاصل.
الا في صورة واحدة مرت، وليس للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض ولو بأجرة، كما أنه ليس للمالك إجبار الزارع على إبقاء الزرع في
الأرض ولو مجانا.
مسألة 808): الباقي من أصول الزرع في الأرض بعد الحصاد وانقضاء
المدة إذا اخضر في السنة الجديدة وأدرك، فحاصله لمالك البذر إن لم يشترط
في المزارعة اشتراكها في الأصول.
أحكام المضاربة
المضاربة: هي أن يدفع الإنسان مالا إلى غيره ليتجر فيه على أن يكون
247

الربح بينهما بالنصف، أو الثلث أو نحو ذلك، ويعتبر فيها أمور.
(الأول): الايجاب والقبول، ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو
نحو ذلك، ولا يعتبر فيهما العربية ولا الماضوية.
(الثاني البلوغ)، والعقل، والاختيار، في كل من المالك والعامل، وأما
عدم الحجر من سفه أو فلس فهو انما يعتبر في المالك دون العامل.
(الثالث): تعيين حصة كل منهما من نصف، أو ثلث، أو نحو ذلك. إلا أن
يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الاطلاق.
(الرابع): أن يكون الربح بينهما، فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح
المضاربة إلا إذا اشترط عمل متعلق بالتجارة.
(الخامس): أن يكون العامل قادرا على التجارة فيما كان المقصود
مباشرته للعمل، فإذا كان عاجزا عنه لم تصح
هذا إذا أخذت المباشرة قيدا، وأما إذا كانت شرطا تبطل المضاربة و
لكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط.
وأما إذا لم يكن لا هذا ولا ذاك وكان العامل عاجزا من التجارة حتى مع
الاستعانة بالغير بطلت المضاربة من حين طرو العجز. (مسألة 809): الأقوى صحة المضاربة بغير الذهب والفضة المسكوكين
من الأوراق النقدية ونحوها، وفي صحتها بالمنفعة إشكال وأما الدين فلا
تصح فيه.
(مسألة 810): لا خسران على العامل من دون تفريط، وإذا اشترط
248

المالك على العامل في ضمن العقد أن تكون الخسارة عليهما كالربح فالظاهر
بطلان الشرط، نعم لو اشترط على العامل أن يتدارك الخسارة من كيسه إذا
وقعت صح ولا بأس به.
(مسألة 811): عقد المضاربة جائز من الطرفين فيجوز لكل منهما
فسخه، سواء أكان قبل الشروع في العمل أم بعده، وسواء كان قبل تحقق
الربح أو بعده، كما أنه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقا أو مقيدا إلى أجل
خاص.
(مسألة 812): يجوز للعامل مع اطلاق عقد المضاربة التصرف حسب
ما يراه مصلحة من حيث البائع والمشتري ونوع الجنس، نعم لا يجوز له أن
يسافر به من دون إذن المالك إلا إذا كان هناك تعارف ينصرف الإطلاق
إليه، وعليه فلو خالف وسافر وتلف المال ضمن.
(مسألة 813): تبطل المضاربة بموت كل من المالك والعامل، أما على
الأول فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته فابقاء المال بيد العامل يحتاج
إلى مضاربة جديدة، وأما على الثاني فلفرض اختصاص الإذن به.
أحكام المساقاة
(مسألة 814): المساقاة هي " اتفاق مع آخر على سقي أشجار
يرجع ثمرها إليه بالملك، أو غيره واصلاح شؤونها إلى مدة معينة بحصة من
ثمرها.
249

(مسألة 815): لا يصح عقد المساقاة في الأشجار غير المثمرة،
كالصفصاف، والغرب، وفي صحته في شجر الحناء الذي يستفاد من ورقه
قولان الأظهر صحته فيه.
(مسألة 816): لا تعتبر الصيغة في المساقاة، بل يكفي دفع المالك
الأشجار للفلاح. وشروعه في العمل بهذا القصد.
(مسألة 817): يعتبر في المالك والفلاح، البلوغ، والعقل، والاختيار، و
يعتبر في المالك عدم الحجر بسفه ونحوه.
(مسألة 818): يعتبر تعيين مدة المساقاة، ولو عين أولها وجعل آخرها
إدراك الثمرة صحت.
(مسألة 819): يعتبر تعيين حصة كل منهما بالإشاعة كالنصف والثلث،
وإن اتفقا على أن تكون من الثمرة عشرة أمنان - مثلا - للمالك، والباقي
للفلاح بطلت المساقاة.
(820): يعتبر في المساقاة أن يكون العقد قبل ظهور الثمرة، ولا
تصح إذا كان العقد بعده، ولم يبق عمل تتوقف عليه تربية الأشجار كالسقي.
وإن احتيج إلى عمل آخر كاقتطاف الثمرة والتحفظ عليها. وأما إذا بقي عمل
تتوقف عليه تربية الأشجار ففي الصحة اشكال.
(مسألة 821): الظاهر أنه لا تصح المساقاة في الأصول غير الثابتة،
كالبطيخ والخيار.
250

(مسألة 822): تصح المساقاة في الأشجار المستغنية عن السقي بالمطر. أو
بمص رطوبة الأرض إن احتاجت إلى أعمال أخر.
(مسألة 823): تنفسخ المساقاة بفسخها مع التراضي، وكذا بفسخ من
اشترط الخيار له في ضمن العقد، بل لو اشترط شئ في المعاملة ولم يعمل به
المشروط عليه ثبت الخيار للمشروط له.
(824): لا تنفسخ المساقاة بموت المالك، ويقوم ورثته مقامه.
(مسألة 825): إذا مات الفلاح قام وارثه مقامه، إن لم تؤخذ المباشرة في
العمل قيدا ولا شرطا، فإن لم يقم الوارث بالعمل ولا استأجرت من يقوم به
فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميت من يقوم بالعمل، ويقسم
الحاصل بين المالك ووارث الميت. وأما إذا أخذت المباشرة في العمل قيدا
انفسخت المعاملة، كما أنها إذا أخذت شرطا كان المالك بالخيار بين فسخ
المعاملة والرضا بقيام الوارث بالعمل مباشرة أو تسبيبا.
(مسألة 826): تبطل المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك ومع ذلك يكون
تمام الحاصل له، وليس للفلاح مطالبته بالأجرة ولو كان بطلان المساقاة
بسبب آخر وجب على المالك أن يدفع للفلاح أجرة ما عمله على النحو
المتعارف.
(مسألة 827): المغارسة باطلة، وهي أن يدفع أرضا إلى الغير ليغرس
فيها أشجارا على أن يكون الحاصل لهما، فإذا غرسها فإن كانت الأشجار
251

لمالك الأرض فعليه للفلاح أجرة العمل، وإن كانت للفلاح لم يكن له إجبار
مالك الأرض على إبقائها ولو بأجرة، بل عليه إن لم يرض المالك ببقائها
قلعها، وطم الحفر التي تحدث في الأرض بذلك، كما أن عليه للمالك أجرة
الأرض من يوم غرس الأشجار، ولا يضمن المالك نقص الأشجار بالقلع.
نعم لو قلعها مالك الأرض فعابت ضمن تفاوت القيمة.
المحجور عليهم من التصرف في أموالهم
(مسألة 828): لا ينفذ تصرف غير البالغ في ماله مستقلا. وعلامات
البلوغ ثلاث:
(1) نبات الشعر الخشن على العانة، وهي بين البطن والعورة.
(2) خروج المني.
(3) إكمال خمسة عشر سنة هلالية في الذكر، وتسع سنين في الأنثى.
(مسألة 829): نبات الشعر الخشن في الخد وفي الشارب، وفي الصدر، و
تحت الإبط. وغلظة الصوت ونحوها لا تكون امارة على البلوغ.
(مسألة 830): لا ينفذ تصرف المجنون ولو كان ادواريا حال جنونه في
ماله، وكذلك المفلس والسفيه.
(مسألة 831): الولاية في مال الطفل، وكذلك في المجنون، والسفيه إذا
بلغا كذلك للأب والجد له، فإن فقد فللوصي إذا كان وصيا في ذلك، فإن فقد
أيضا فالولاية للحاكم الشرعي وأما السفيه والمجنون اللذان عرض عليهما
252

السفه والجنون بعد البلوغ، فالظاهر الولاية عليهما للحكام خاصة وكذلك
المفلس.
(مسألة 832): يجوز للمالك صرف ماله في مرض موته في مصالح نفسه،
ومن يمت به، وكذا بيع ماله بالقيمة المتعارفة وإجارتها كذلك، بل الأظهر
صحة هبته وبيعه بأقل من المتعارف حتى في الزائد عن الثلث ولو مع عدم
اجازة الورثة.
أحكام الوكالة
الوكالة هي: " استنابة شخص غيره في عمل كانت له مباشرته ليأتي به
من قبله " كأن يوكل شخصا بيع داره، أو عقد امرأة له، فلا يصح التوكيل
ممن ليس له المباشرة لكونه محجورا عليه لسفه ونحوه.
(مسألة 833): لا تعتبر الصيغة في الوكالة، بل يصح انشاؤها بكل ما دل
عليها، فلو دفع ماله إلى شخص لبيعه وقبضه الوكيل بهذا العنوان صحت
الوكالة.
(مسألة 834): يصح التوكيل بالكتابة. فإذا قبل الوكيل، صحت الوكالة،
وإن كان الوكيل في بلد آخر وتأخر وصول الكتاب إليه.
(مسألة 835): يعتبر في الموكل والوكيل: العقل، والقصد، والاختيار:
والبلوغ.
253

(مسألة 836): من لا يتمكن من مباشرة عمل شرعا، لا يصح أن
يتوكل فيه عن الغير، فالمحرم لا يجوز أن يتوكل في عقد النكاح لأنه يحرم
عليه اجراء العقد.
(مسألة 837): يصح التوكيل العام في جميع الأعمال التي ترجع إلى
الموكل ولا يصح التوكيل في عمل غير معين منها.
(مسألة 838): تبطل الوكالة ببلوغ العزل إلى الوكيل. والعمل الصادر
منه قبل بلوغ العزل إليه صحيح.
(مسألة 839): ليس للوكيل إن يرفض وكالته وإن كان الموكل حاضرا
على الأحوط.
(مسألة 840): ليس للوكيل أن يوكل غيره إلا أن يجيزه الموكل في ذلك،
فيوكل في حدود اجازته، فإذا قال له: " اختر وكيلا عني " فلابد أن يوكل
شخصا عنه، لا عن نفسه.
(مسألة 841): ليس للوكيل عزل من وكله من قبل الموكل بإجازته، بل
لو مات الوكيل الأول، أو عزل لا تبطل، وكالة الوكيل الثاني.
(مسألة 842): إذا وكل الوكيل غيره عن نفسه بإجازة الموكل فللموكل
والوكيل الأول عزله. ولو مات الوكيل الأول أو عزل بطلت وكالة الوكيل
الثاني.
254

(مسألة 843): إذا وكل شخص جماعة في عمل، وأجاز لكل منهم القيام
بذلك العمل وحده فلكل منهم أن يأتي به وان مات أحدهم لم تبطل وكالة
الباقين. وإذا لم يصرح بقيام كل واحد منهم بالعمل. وحده، أو صرح
باتيانهم به جميعا لم يجز لواحد منهم أن يأتي بالعمل وحده، وإن مات
أحدهم بطلت وكالة الباقين.
(مسألة 844): تبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكل على فرض ظهور
الوكالة أو انصرافها إلى حال حياة الموكل.
والمشهور انه لو جن أحدهما أو أغمي عليه بطلت الوكالة زمان الجنون
أو الإغماء فالأظهر عدمه.
وتبطل أيضا بتلف مورد الوكالة، كالحيوان الذي وكل في بيعه.
(مسألة 845): إذا لم يقصر الوكيل في حفظ المال الذي دفعه الموكل إليه
ولم يتصرف فيه بغير ما أجازه الموكل فيه، فتلف اتفاقا لم يضمنه، وأما لو
قصر في حفظه، أو تصرف فيه بغير ما أجازه الموكل فيه وتلف ضمنه، فلو
لبس الثوب الذي وكل في بيعه وتلف لزمه عوضه.
(مسألة 847): لو تصرف الوكيل في المال الذي دفعه الموكل إليه بغير ما
أجازه لم تبطل وكالته، فيصح منه الاتيان بما هو وكيل فيه، فلو توكل في بيع
255

ثوب فلبسه ثم باعه صح البيع.
أحكام القرض
إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة التي ورد الحث عليها في الكتاب
والسنة.
فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (من اقرض مؤمنا
قرضا ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة، وكان هو في صلاة من الملائكة
حتى يؤديه) وإنه صلى الله عليه وآله قال: (ومن أقرض أخاه المسلم كان
له بكل درهم أقرضه وزن جبل أحد من جبال رضوى وطور سيناء
حسنات، وان رفق به في طلبه تعدى به على الصراط كالبرق الخاطف
اللامع بغير حساب، ولا عذاب، ومن شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه
حرم الله عز وجل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين).
(مسألة 848): لا تعتبر الصيغة في القرض، فلو دفع مالا إلى أحد بقصد
القرض وأخذه ذلك بهذا القصد صح.
(مسألة 849): ليس للدائن الامتناع عن قبض الدين من المدين في أي
وقت كان.
(مسألة 850): إذا جعل في القرض وقت للأداء فالظاهر أنه لا يحق
للدائن أن يطالب المدين قبل حلول الوقت، إذا علم من الخارج ان التأجيل
حق للدائن أيضا، والا فله ذلك وإذا لم يؤجل فله أن يطالب به في كل وقت
256

أراد.
(مسألة 851): يجب على المديون أداء الدين فورا عند مطالبة الدائن إن
قدر عليه، وإن توانى فقد عصى.
(مسألة 852): ان لم يملك المدين غير دار السكنى وأثاث المنزل وما
يحتاج إليه فليس للدائن مطالبته، بل يجب عليه الصبر إلى أن يقدر على
الأداء.
(مسألة 853): من لا يتمكن من أداء الدين فعلا، ويقدر على الكسب
كان عليه أن يكتسب ويؤدي دينه على الأحوط.
(مسألة 854): من لم يتمكن من الوصول إلى دائنه، ويئس منه يلزمه
أن يؤديه إلى الفقير صدقة عنه.
(مسألة 885): إذا لم تف تركة الميت إلا بمصارف كفنه ودفنه الواجبة
صرفت فيها. وليس للورثة ولا للدائن حينئذ شئ من التركة.
(مسألة 856): إذا استقرض شيئا من النقود من الذهب أو الفضة أو
غيرهما. فنقصت قيمته جاز به أداء مثله. وإذا زادت قيمته: وجب أداء
مثله، ويجوز التراضي على أداء غيره في كلتا الصورتين.
(مسألة 857): إذا كان ما استدانه موجودا وطالبه الدائن به، فالأولى أن
يرده إليه وإن كان لا يجب عليه ذلك.
257

(مسألة 858): لا يجوز اشتراط الزيادة في الدين، كأن يدفع عشر
بيضات على أن يستوفي خمس عشر بيضة، بل لا يجوز اشتراط عمل على
المديون، أو زيادة من غير جنس الدين، كأن يدفع دينارا على أن يستوفي
دينارا مع شخاطة مثلا، وكذلك إذا اشترط على المديون كيفية خاصة - فيما
يؤديه - كان يدفع ذهبا غير مصوغ، ويشترط عليه الوفاء بالمصوغ، فإن
ذلك كله من الربا وهو حرام. نعم يجوز للمديون دفع الزيادة بلا اشتراط بل
هو مستحب.
(مسألة 859): يحرم الربا على المعطي والآخذ، والظاهر أن القرض
يبطل باشتراط الزيادة فلا يملك المدين ما أخذه قرضا ولا يجوز له التصرف
فيه، نعم إذا كان المعطي راضيا بتصرفه فيه، حتى لو فرض أنه لم تكن بينهما
معاملة ربوية جاز له التصرف فيه.
(مسألة 860): إذا زرع المستقرض الحنطة، أو مثلها مما أخذه بالقرض
الربوي لم يجز له التصرف في حاصله ولا يملكه على الأظهر.
(مسألة 861): لو اشترى ثوبا بما في الذمة، ثم أدى ثمنه مما أخذه الدائن
من الزيادة في القرض الربوي أو من الحلال المخلوط به جاز له لبسه و
الصلاة فيه، وأما إذا اشتراه بعين ذلك المال حرم لبسه، وبطلت صلاته فيه
" على التفصيل المتقدم في أحكام لباس المصلي ".
(مسألة 862): يجوز دفع النقد إلى تاجر في بلد ليحوله إلى صاحبه في
بلد آخر بأقل مما دفعه.
258

(مسألة 863): لا يجوز دفع مال إلى أحد في بلد لأخذ أزيد منه في بلد
آخر بعد أيام، إذا كان المدفوع مما يباع بالكيل أو الوزن كالحنطة أو الذهب،
أو الفضة. لأنه من الربا. ولو أعطى الدافع متاعا، أو قام بعمل بإزاء الزيادة
جاز. ويجوز أخذ الزيادة في المعدود كالورق إلا إن يعطيه قرضا بشرط
الزيادة، فإنه حرام (كما تقدم).
أحكام الحوالة
(مسألة 864): لو أحل المديون الدائن على شخص لينقل الدين إلى
ذمته، وقبل الدائن ذلك وكانت الحوالة صحيحة برئت ذمة المحيل، وانتقل
الدين إلى ذمة المحال عليه، فليس للدائن مطالبة المديون الأول بعد ذلك.
(مسألة 865): يعتبر في المحيل والمحال، البلوغ، والعقل، والرشد. و
يعتبر فيها عدم التفليس أيضا إلا في الحوالة على البرئ فإنه يجوز فيها أن
يكون المحيل مفلسا، ويعتبر في المحيل والمحال الاختيار، ويعتبر ذلك في
المحال عليه خصوصا في الحوالة على البري أو بغير الجنس.
(مسألة 866): يعتبر في الحوالة على البرئ قبوله، وكذا يعتبر في الحوالة
بغير جنس الدين قبول الدائن.
(مسألة 867): يعتبر في الحوالة أن يكون المحيل مديونا حين الحوالة فلا
تصح الحوالة بما سيستقرضه.
259

(مسألة 868): يعتبر علم المحيل والمحال بالجنس والمقدار، فإذا كان
الشخص مدينا لآخر بمن من الحنطة ودينار لم يصح أن يحيله بأحدهما من
غير تعيين.
(مسألة 869): يكفي تعين الدين واقعا، وإن لم يعمل المحيل والمحال
بجنسه أو مقداره حين الحوالة، فإذا كان الدين مسجلا في دفتر وقبل
مراجعته حوله على شخص وبعد الحوالة راجع الدفتر وأخبر المحال
صحت الحوالة.
(مسألة 870): للدائن أن لا يقبل الحوالة وإن لم يكن المحال عليه فقيرا.
ولا في أداء الحوالة مما طلا.
(مسألة 871): ليس للمحال عليه البرئ مطالبة المحال به من المحيل
قبل أدائه إلى المحال، ولو تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين
لم يجز له أن يأخذ من المحيل، إلا الأقل.
(مسألة 872): ليس للمحيل والمحال عليه فسخ الحوالة، وكذلك
المحال، وأن أعسر المحال عليه بعد ما كان موسرا حين الحوالة، بل لا يجوز
فسخه مع اعسار المحال عليه حين الحوالة إذا كان المحال عالما به، نعم لو لم
يعلم به - حينذاك - كان له الفسخ وان صار المحال عليه غنيا فعلا.
(مسألة 873): يجوز اشتراط حق الفسخ للمحيل والمحال والمحال
عليه أو لأحدهم.
260

(مسألة 874): إذا أدى المحيل الدين، فإن كان بطلب من المحال عليه و
كان مديونا للمحيل فله أن يطلب المحال عليه بما أداه وإن لم يكن بطلبه، أو
لم يكن مديونا فليس له ذلك.
أحكام الرهن
(مسألة 875): الرهن هو: (دفع المديون عينا إلى الدائن وثيقة ليستوفي
دينه منها إذا لم يؤده المديون).
(مسألة 876): لا تعتبر الصيغة في الرهن، بل يكفي دفع المديون مالا
للدائن بقصد الرهن، وأخذ الدائن له بهذا القصد.
(مسألة 877): يعتبر في الرهن والمرتهن: البلوغ، والعقل والاختيار، و
عدم كون الراهن سفيها، أو مفلسا.
(مسألة 878): يعتبر في العين المرهونة جواز تصرف الراهن فيها، فإذا
رهن مال الغير فصحته موقوفة على إجازة المالك.
(مسألة 789): يعتبر في العين المرهونة جواز بيعها وشرائها، فلا يصح
رهن الخمر ونحوه.
(مسألة 880): منافع العين المرهونة للراهن دون المرتهن.
(مسألة 881): لا يجوز للمرتهن بيع العين المرهونة أو هبتها بغير إذن
الراهن.
261

(مسألة 882): لو باع المرتهن العين المرهونة بإذن الراهن كان ثمنها
كالأصل رهنا، بمعنى انه له استيفاء الدين منه لو لم يؤدى الراهن بعد الاجل
وليس له التصرف فيه قبل الاجل، وكذلك لو باعها فأجازه الراهن، ولو
باعها الراهن بإذن المرتهن، على أن يكون ثمنه رهنا، كان ثمنها رهنا، ولو باعها
بدون إذن المرتهن بقيت العين مرهونة كما كانت.
(مسألة 883): إذا حان زمان قضاء الدين وطالبه الدائن فلم يؤده جاز
له بيع العين المرهونة واستيفاء دينه إذا كان وكيلا عنه في البيع، وإلا لزم
استجازته فيه، فإن لم يتمكن من الوصول إليه استجاز الحاكم الشرعي، و
كذلك الحال إذا امتنع من الإجازة، وعلى التقديرين لو باعها وزاد الثمن على
الدين كانت الزيادة للراهن.
(مسألة 884): إذا لم يملك المديون غير الدار وأثاث البيت ونحو ذلك مما
يحتاج إليه فليس للدائن مطالبته بالأداء. وأما العين المرهونة فيجوز
للمرتهن بيعها واستيفاء دينه منها، وإن كانت من المستثنيات المزبورة.
أحكام الضمان
(مسألة 885): يعتبر في ضمان شخص للدائن ما في ذمة ثالث، الايجاب
منه بلفظ، أو فعل مفهم للتعهد بالدين، كما يعتبر رضا الدائن بذلك، ولا
يعتبر رضا المديون.
(مسألة 886): يشترط في الضمان والدائن: البلوغ، والعقل والاختيار،
262

وعدم السفه، كما يعتبر في الدائن عدم التفليس. ولا يعتبر شئ من ذلك في
المديون فلو ضمن شخص دين الصغير أو المجنون صح.
(مسألة 887): الظاهر صحة الضمان إذا علق الضمان أداءه على عدم
أداء المضمون عنه، بحيث يكون التعهد بالدين فعليا، وإن كان أداؤه معلقا
على عدم أداء المديون فللدائن أن يطالب الضامن على تقدير عدم أداء
المديون.
(مسألة 888): الظاهر صحة ضمان الدين غير الثابت بالفعل، كأن طلب
شخص قرضا من آخر فيضمنه ثالث قبل ثبوته فللدائن أن يطالب الضامن
عند عدم أداء المديون.
(مسألة 889): يعتبر في الضمان تعيين الدائن والمدين والدين، فإذا كان
أحد مديونا لشخصين فضمن شخص لأحدهما لا على التعيين لم يصح
الضمان. وهكذا إذا كان شخصان مديونين لأحد فضمن شخص على
أحدهما لا على التعيين، كما أنه إذا كان شخص مديونا لأحد منا من الحنطة و
دينارا فضمن شخص أحد الدينين لا على التعيين لم يصح الضمان.
(مسألة 890): إذا أبرأ الدائن الضامن فليس للضامن مطالبة المديون
بشئ، وإذا أبرأ بعضه فليس له مطالبته بذلك البعض.
(مسألة 891): ليس للضامن حق الرجوع عن ضمانه.
(مسألة 892): إذا كان الضامن حين الضمان قادرا على أداء المضمون
263

فليس للدائن فسخ الضمان ومطالبة المديون الأول ولو عجز الضامن عن
الأداء بعد ذلك، وكذلك إذا كان الدائن عالما بعجز الضامن ورضي بضمانه.
(مسألة 893): ليس للضامن مطالبة المديون بعد وفائه بالدين إذا لم
يكن الضمان بإذن منه وطلبه، وإلا فله مطالبته، فإن كان ما أداه من جنس
الدين طالبه به، وإن كان من غير جنسه فليس له إجبار المديون بالأداء من
خصوص الجنس الذي دفعه إلى الدائن.
أحكام الكفالة
(مسألة 894): الكفالة هي " التعهد بإحضار المديون وتسليمه إلى
الدائن عند طلبه ذلك " بل كل نفس مستحق عليها ذلك ولو لدعوى
المكفول له عليها ويسمى المتعهد: " كفيلا ".
(مسألة 895): تصح الكفالة بالإيجاب من الكفيل بلفظ، أو بفعل مفهم
للتعهد المذكور وبالقبول من المكفول له بكل ما يدل على رضاه بذلك.
(مسألة 896): يعتبر في الكفيل، البلوغ، والعقل، والاختيار والقدرة
على إحضار المدين، وعدم السفه.
(مسألة 897): تنفسخ الكفالة بأحد أمور خمسة:
(1) أن يسلم الكفيل المكفول للمكفول له.
(2) قضاء دين المكفول له.
264

(3) إبراء المكفول له المكفول.
(4) موت المكفول.
(5) إبراء المكفول له الكفيل من الكفالة.
(مسألة 898): من خلص غريما من يد الدائن قهرا، بحيث لا يظفر به
وجب عليه تسليمه إباه.
أحكام الوديعة
(مسألة 899): الوديعة هي: (دفع شخص ماله إلى آخر ليبقى أمانة عنده)
وتحصل بالإيجاب والقبول اللفظيين، أو بأن يفهم المودع الودعي بغير اللفظ
أن دفع المال إليه لحفظه، ويتسلمه الودعي بهذا القصد.
(مسألة 900): يعتبر في المودع والودعي: العقل، ويجوز أن يودع الطفل
الميز ماله بإذن وليه، ويجوز أن يودع مال غيره بإذنه، ولا يصح استيداع
الطفل المير.
(مسألة 901): لا يجوز تسلم ما يودعه الصبي من أمواله بدون إذن
وليه، ومن أموال غيره بدون اذن مالكه، فإن تسلمه الودعي وجب رد مال
الطفل إلى وليه، ورد مال الغير إلى مالكه، فإن قصر ولم يرده فتلف المال
ضمنه.
(مسألة 902): من لم يتمكن من حفظ الوديعة فالأحوط أن لا يقبلها،
265

إذا لم يعلم المودع بذلك.
(مسألة 903): إذا طلب شخص إبداع ماله عند أحد فأظهر عدم
استعداده لذلك ومع ذلك تركه المالك عنده ومضى فتلف المال لم يكن
ضامنا، وإن كان الأولى أن يحفظه بقدر الإمكان.
(مسألة 904): الوديعة جائزة من الطرفين، فللمودع استرداد ماله متى
شاء، وكذا للودعي أن يرده متى شاء.
(مسألة 905): لو فسخ الودعي الوديعة وجب عليه أن يوصل المال
فورا إلى صاحبه، أو وكيله، أو وليه، أو بخبرهم بذلك وإذا تركه من دون
عذر وتلف فهو ضامن.
(مسألة 906): إذا لم يكن للودعي محل مناسب لحفظ الوديعة وجب
عليه تهيئته على وجه لا يقال في حقه أنه قصر في حفظها، فلو أهمل وقصر
في ذلك ضمن.
(مسألة 907): لا يضمن الودعي المال إلا أن يتعدى فيه، أو يقصر في
حفظه، بأن يضعه - مثلا - في محل لا يأمن عليه من السرقة، فلو تلف - و
الحال هذه - ضمن.
(مسألة 908): إذا عين المودع لحفظ ماله محلا وقال للودعي (لابد أن
تحفظه فيه، وليس لك أن تنقله إلى محل آخر، وإن احتملت الهلاك والتلف
في المحل الذي عينته لحفظه) فليس له حينئذ أن ينقله إلى محل آخر، ولو
266

فعل وتلف ضمن.
(مسألة 909): إذا عين المودع للوديعة محلا معينا، وعلم الودعي أن لا
خصوصية لذلك المحل عند المودع وإنما كان تعيينه من باب أنه أحد موارد
حفظه فللودعي أن يضعه في محل آخر أحفظ من المحل الأول، أو مثله ولو
تلف المال - حينئذ - لم يضمن.
(مسألة 910): لو جن المودع وجب على الودعي أن يوصل الوديعة
فورا إلى وليه، أو يخبر الولي بها، ولو تركه من غير عذر شرعي وتلف
ضمن.
(مسألة 911): إذا مات المودع وجب على الودعي أن يوصل الوديعة
إلى وارثه، أو يخبره بها. فلو تركه بدون عذر شرعي وتلف ضمن، ولكن
إذا كان عدم دفعه المال إلى الوارث لتحقيق أن للميت وارثا آخر أو لا، لم
يكن به بأس، وإذا تلف بغير تفريط لم يكن عليه ضمان.
(مسألة 912): لو مات المودع وتعدد وارثه وجب على الودعي أن
يدفع المال إلى جميع الورثة، أو إلى وكيلهم في قبضه، فلو دفع تمام الوديعة إلى
أحدهم من دون إجازة الباقين ضمن سهامهم.
(مسألة 913): لو مات الودعي أو جن وجب على وارثه، أو وليه إعلام
المودع به فورا، أو إيصال الوديعة بأمارات الموت في نفسه فإن أمكنه
267

إيصال المال إلى صاحبه أو وكيله وجب، وإلا وجب إيصاله إلى الحاكم
الشرعي، وإن لم يمكنه الإيصال إليه أيضا فإن كان وارثه أمينا - ويعلم
بالوديعة - لم تلزم الوصية، وإلا وجب الإيصال والاستشهاد على ذلك، و
إعلام الوصي والشاهد باسم صاحب المال وخصوصياته ومحله.
(مسألة 915): لو أحس الودعي بأمارات الموت في نفسه ولم يعمل بما
تقدم وتلف الوديعة ضمن، وإن لم يقصر في حفظها وبرئ من المرض أو
ندم بعد مدة وأوصى بها.
أحكام العارية
(مسألة 916): العارية: (أن يدفع الإنسان ماله إلى الغير ليستفيد بمنافعه
مجانا).
(مسألة 917): لا يعتبر في العارية التلفظ، فلو دفع ثوبه لشخص بقصد
الإعارة، وقصد الآخذ بأخذه الاستعارة صحت العارية.
(مسألة 918): تصح إعارة المغصوب بإجازة المغصوب منه، وكذا ما
يملك عينه ولا يملك منفعة بإجازة مالك المنفعة، وكذلك الحال مع العلم
بالرضا من قرائن الحال.
(مسألة 919): تصح إعارة المستأجر ما استأجره من الأعيان إلا إذا
اشترط عليه المباشرة في الانتفاع به.
268

(مسألة 920): لا تصح إعارة الطفل ماله، وكذا المجنون والسفيه
والمفلس: نعم إذا رأى ولي الطفل مصلحة في إعارة ماله جاز له أن يأذن
فيها، وحينئذ تصح إعارة الطفل.
(مسألة 921): لا يضمن المستعير العارية إلا أن يقصر في حفظها، أو
يتعدى في الانتفاع بها. نعم لو اشترط ضمانها ضمنها.
(مسألة 922): إذا مات المعير وجب على المستعير رد العارية إلى
ورثته، وإذا عرض عليه ما يمنع من التصرف في ماله كالجنون وجب على
المستعير رد العارية إلى وليه.
(مسألة 923): العارية غير لازمة، فللمعير استرجاع ما أعاره متى
أراد، وكذا للمستعير رده متى شاء.
(924): لا تصح إعارة ما ليس له منفعة محللة كآلات اللهو و
القمار، ولا تجوز إعارة آنية الذهب والفضة للاستعمال ولا يبعد جوازها
للزينة. (مسألة 925): تصح إعارة الشاة للانتفاع بلبنها وصوفها، وإعارة
الفحل للتلقيح.
(مسألة 926): لا يتحقق رد العارية بنقلها إلى مكان كان صاحبها
ينقلها إليه إذا لم يكن النقل بإجازة المالك، كأن يجعل الفرس في الاصطبل
269

الذي هيأه المالك له، فإن فعل ذلك ثم تلفت العارية أو أتلفها متلف ضمنها.
(مسألة 927): يجب الاعلام بالنجاسة على الأحوط في إعارة المتنجس
للانتفاع به فيما يعتبر فيه الطهارة، ولا يجب في إعارة الثوب المتنجس
للصلاة فيه اعلام المستعير بنجاسته.
(مسألة 928): لا يجوز للمستعير إعارة العارية من غير إجازة مالكها و
تصح مع إجازته، ولا تبطل العارية الثانية - حينئذ - بموت المستعير الأول
(مسألة 929) إذا علم المستعير بأن العارية مغصوبة وجب عليه
ارجاعها إلى مالكها، ولم يجز دفعها إلى المعير.
(مسألة 930): إذا استعار ما يعلم بغصبيته، وانتفع به وتلف في يده
فللمالك أن يطالبه، أو يطالب الغاصب بعوض العين، وبعوض ما استوفاه
المستعير من المنفعة، وإذا استوفى المالك العوض من المستعير فليس
للمستعير الرجوع به على الغاصب.
(مسألة 931): إذا لم يعلم المستعير بغصبية العارية وتلفت في يده، و
رجع المالك عليه بعوضها فله أن يرجع على المعير بما غرمه للمالك، إلا إذا
كانت العارية ذهبا أو فضة، أو اشترط ضمان العارية عليه عند التلف، وإن
رجع المالك عليه بعوض المنافع جاز له الرجوع إلى المعير بما دفع.
270

أحكام الهبة
وهي تمليك عين مجانا من دون عوض، وهى عقد يحتاج إلى إيجاب و
قبول، ويكفي في الإيجاب كل ما دل على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو
إشارة، ولا يعتبر فيه صيغة خاصة ولا العربية ويكفي في القبول كل ما دل
على الرضا بالايجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك.
(مسألة 932): يعتبر في الواهب: البلوغ، والعقل، والقصد، والاختيار،
وعدم الحجر عليه بسفه، أو فلس، أو ملك.
(مسألة 933) تصح الهبة من المريض في مرض الموت وإن زاد ذلك عن
الثلث، كما يصح سائر تصرفاته من بيع أو صلح أو نحو ذلك.
(مسألة 934) تصح الهبة في الأعيان المملوكة وإن كانت مشاعة، بل
الظاهر صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه ويكون قبضه بقبض مصداقه
ولو وهبه ما في ذمته كان ابراءا.
(مسألة 935): يشترط في صحة الهبة القبض، ولا يعتبر فيه إذن
الواهب، ولا الفورية في القبض، ولا كونه في مجلس العقد، فيجوز فيه
التراخي عن العقد بزمان كثير ومتى تحقق القبض صحت الهبة من حينه،
فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل بعد الهبة كان للواهب
دون الموهوب له، وإذا وهبه شيئين فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر
صحت الهبة في المقبوض دون غيره.
271

(مسألة 936): للأب والجد ولاية القبول والقبض عن الصغير و
المجنون إذا بلغ مجنونا، بل ولو جن بعد البلوغ، ولو وهب الولي أحدهما و
كانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج إلى قبض جديد.
(مسألة 937): يتحقق القبض في غير المنقول بالتخلية ورفع الواهب
يده عن الموهوب وجعله تحت استيلاء الموهوب له وسلطانه، ويتحقق في
المنقول بوضعه تحت يد الموهوب له.
(مسألة 938): ليس للواهب الرجوع بعد الإنقباض إن كانت لذي رحم،
أو بعد التلف، أو مع التعويض، وفي جواز الرجوع مع التصرف خلاف، و
الأقوى جوازه إذا كان الموهوب باقيا بعينه فلو سبغ الثوب، أو قطعه أو
خاطه، أو نقله إلى غيره لم يجز له الرجوع وله الرجوع في غير ذلك فإن عاب
فلا رجوع، وإن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له ولا رجوع، وكذا
إن كانت متصلة وكانت غير قابلة للانفصال كالسمن والطول، وإن كانت
قابلة له كالصوف والثمرة ونحوهما ففي التبعية إشكال والأظهر عدمها وإن
الزيادة للموهوب له بعد رجوع الواهب أيضا.
(مسألة 939): في الحاق الزوج أو الزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة
إشكال، والأقرب هو اللزوم، ولكن الاحتياط في هبة الزوج قبل القبض لا
يترك.
(مسألة 940): لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة و
انتقل الموهوب إلى وارث الواهب.
272

(مسألة 941): لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة
فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب له، كما أنه ليس لورثة الواهب
الرجوع إلى الموهوب له.
(مسألة 942): لا يعتبر في صحة الرجوع علم الموهوب له فيصح
الرجوع مع جهله أيضا.
(مسألة 943): في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط
فإذا وهب شيئا بشرط أن يهبه شيئا وجب على الموهوب له العمل بالشرط
فإذا تعذر أو امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة،
بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.
(مسألة 944): في الهبة المطلقة لا يجب التعويض على الأقوى، لكن لو
عوض المتهب لزمت الهبة ولم يجز للواهب الرجوع.
(مسألة 945): لو بذل المتهب العوض ولم يقبل الواهب لم يكن تعويضا.
(مسألة 946): العوض المشروط إن كان معينا تعين، وإن كان مطلقا
أجزأ اليسير إلا إذا كانت قرينة من عادة أو غيرها على إرادة المساوي.
(مسألة 947): لا يشترط في العوض أن يكون عينا، بل يجوز أن يكون
عقدا أو إيقاعا كبيع شئ على الواهب أو ابراء ذمته من دين له عليه أو نحو
ذلك.
273

أحكام الاقرار
وهو الاخبار عن حق ثابت على المخبر، أو نفي حق له على غيره ولا
يختص بلفظ بل يكفي كل لفظ دال على ذلك عرفا ولو لم يكن صريحا، وكذا
تكفي الإشارة المعلومة.
(مسألة 948): لا يعتبر في نفوذ الاقرار صدوره من المقر إبتداء
واستفادته من الكلام بالدلالة المطابقية أو التضمنية، فلو أستفيد من كلام
آخر على نحو الدلالة الإلتزامية كان نافذا أيضا فإذا قال: الدار التي أسكنها
اشتريتها من زيد كان ذلك إقرار منه بكونها ملكا لزيد سابقا وهو يدعي
انتقالها منه إليه، ومن هذا القبيل ما إذا قال أحد المتخاصمين في مال للآخر:
بعينه فإن ذلك يكون اعترافا منه بمالكيته له.
(مسألة 949): يعتبر في المقر به أن يكون ما لو كان المقر صادقا في إخباره
كان للمقر له الزامه مطالبته به وذلك بأن يكون المقر به مالا في ذمته أو
عينا خارجية، أو منفعة أو عملا، أو حقا كحق الخيار والشفعة، وحق
الاستطراق في ملكه أو اجراء الماء في نهره، أو نصب ميزاب على سطح داره
وما شاكل ذلك. وأما إذا أقر بما ليس للمقر له الزامه به فلا أثر له، فإذا أقر بان
عليه لزيد شيئا من ثمن خمر أو قمار ونحو ذلك لم ينفذ اقراره.
(مسألة 950): إذا أقر بشئ ثم عقبه بما يضاده وينافيه فإن كان ذلك
رجوعا عن اقراره ينفذ اقراره ولا أثر لرجوعه، فلو قال لزيد علي عشرون
دينارا ثم قال لا بل عشرة دنانير ألزم بالعشرين. وأما إذا لم يكن رجوعا بل
274

كان قرينة على بيان مراده لم ينفذ الإقرار إلا بما يستفاد من مجموع الكلام،
فلو قال لزيد علي عشرون دينار إلا خمسة دنانير كان هذا اقرارات بخمسة
عشر دينارا فقط ولا ينفذ اقراره إلا بهذا المقدار.
(مسألة 951): يشترط في المقر التكليف والحرية فلا ينفذ اقرار الصبي
والمجنون، ولا اقرار العبد بالنسبة إلى ما يتعلق بحق المولى بدون تصديقه
مطلقا ولو كان مما يوجب الجناية على العبد نفسا أو طرفا، واما بالنسبة إلى
ما يتعلق به نفسه مالا كان أو جناية فيتبع به بعد عتقه.
وينفذ اقرار المريض في مرض موته على الأظهر.
(مسألة 952): إذا أقر بولد أو أخ أو أخت أو غير ذلك نفذ اقراره مع
احتمال صدقه فيما عليه من وجوب انفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث
ونحو ذلك، وأما بالنسبة إلى غير ما عليه من الأحكام ففيه تفصيل، فإن
كان الاقرار بالولد فيثبت النسب باقراره مع احتمال صدقه وعدم المنازع إذا
كان الولد صغيرا وكان تحت يده، ولا يشترط فيه تصديق الصغير ولا
يلتفت إلى انكاره بعد بلوغه، ويثبت بذلك النسب بينهما وبين أولادهما و
سائر الطبقات. وأما في غير الولد الصغير فلا أثر للاقرار إلا مع تصديق
الآخر فإن يصدق الآخر لم يثبت النسب وإن صدقه ولا وارث غيرهما
توارثا.
وفي ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إشكال، والظاهر عدم التوارث، و
كذلك في تعدى التوارث إلي غيرهما، ولا ينبغي ترك الاحتياط فيما لو أقر
بولد أو غيره ثم نفاه بعد ذلك.
275

أحكام النكاح
تحل المرأة على الرجل بسبب عقد النكاح، وهو على قسمين دائم و
منقطع. والعقد الدائم هو (عقد لا تتعين فيه مدة الزواج وكانت دائمية) و
تسمى الزوجة ب‍ (الدائمة.) والعقد غير الدائم هو (ما تتعين فيه المدة) كساعة
أو يوم أو سنة أو أكثر أو أقل، وتسمى الزوجة ب‍ (المتعة والمنقطعة).
أحكام العقد
(مسألة 953): يشترط في النكاح - دواما أو متعة - الإيجاب والقبول،
فلا يكفي مجرد التراضي. ويجوز للزوجين أو لأحدهما توكيل الغير في إجراء
الصيغة كما يجوز لهما المباشرة.
(مسألة 954): لا يعتبر في الوكيل أن يكون رجلا: بل يجوز توكيل المرأة
في إجراء العقد.
(مسألة 955): لا يجوز لهما المقاربة، ولا النظر إلى مالا يحل لغير
الزوجين، مالم يحصل لهما اليقين باجراء الوكيل عقد النكاح ولا يكفي الظن.
نعم لو أخبر الوكيل بذلك كفى.
(مسألة 956): لو وكلت المرأة شخصا في أن يعقدها لرجل متعة مدة
عشرة أيام مثلا، ولم تعين العشرة جاز للوكيل أن يعقدها له متى شاء، وإن
علم إنها قصدت عشرة أيام خاصة لم يجز عقدها لأيام أخر.
276

(مسألة 957): يجوز أن يكون شخص واحد وكيلا عن الطرفين، ولكن
لا يجوز أن يكون الرجل وكيلا عن المرأة في أن يعقدها لنفسه دواما أو متعة.
صيغة العقد الدائم
(مسألة 958): إذا باشر الزوجان العقد الدائم فقالت المرأة " زوجتك
نفسي على الصداق المعلوم " وقال الزوج من دون فصل: " قبلت التزويج "
صح العقد، ولو وكلا غيرهما وكان اسم الزوج " احمد " واسم الزوجة
" فاطمة " مثلا فقال وكيل الزوجة: (زوجت موكلك أحمد موكلتي فاطمة، أو
زوجت موكلتي - فاطمة موكلك - أحمد - على الصداق المعلوم) وقال وكيل
الزوج من دون فصل: " قبلت التزويج لموكلي - أحمد - على الصداق المعلوم "
صح العقد. والأحوط تطابق الإيجاب والقبول مثلا لو قالت المرأة:
" زوجتك " يجب أن يقول الزوج: " قبلت التزويج " على الأحوط.
صيغة العقد غير الدائم
(مسألة 959): إذا باشر الزوجان العقد غير الدائم بعد تعيين المدة و
المهر. فقالت المرأة " زوجتك نفسي في المدة المعلومة على المهر المعلوم " و
قال الرجل من دون فصل: " قبلت التزويج " صح العقد ولو وكلا غيرهما.
فقال وكيل الزوجة: " زوجت موكلك موكلتي أو زوجت موكلتي موكلك في
المدة المعلومة على المهر المعلوم " وقال وكيل الرجل من دون فصل: " قبلت
التزويج لموكلي هكذا " صح أيضا.
277

شرائط العقد
(مسألة 960): يشترط في عقد الزواج أمور:
(1) العربية مع التمكن منها، ولو بالتوكيل على الأحوط. نعم مع عدم
التمكن منها ولو بالتوكيل يكفي غيرها من اللغات المفهمة لمعنى النكاح و
التزويج.
(2) قصد الإنشاء في إجراء الصيغة، بمعنى أن يقصد الزوجان أو وكيلهما
تحقق الزواج بلفظي الإيجاب والقبول، فتقصد الزوجة بقولها: " زوجتك
نفسي " صيرورتها زوجة له. كما أن الزوج يقصد بقوله: " قبلت " قبول
زوجيتها له، وهكذا الوكيلان.
(3، 4) البلوغ. والعقل. في العاقد المستقل سواء أكان العاقد عاقدا لنفسه
أم لغيره. نعم الظاهر جواز عقد الصبى إذا كان بإذن الولي، أو وكيلا في اجراء
الصيغة خاصة.
(5) تعيين الزوج والزوجة على وجه يمتاز كل منهما عن غيره بالاسم أو
الوصف أو الإشارة، فلو قال: " زوجتك إحدى بناتي " بطل، وكذا لو قال
" زوجت بنتي أحد أبنيك أو أحد هذين ".
(6) رضا الزوجين واقعا، فلو أذنت الزوجة متظاهرة بالكراهة مع العلم
برضاها القلبي صح العقد، كما أنه إذا علمت كراهتها واقعا وإن تظاهرت
بالرضا بطل العقد، " إلا أن تجيز بعده ".
(مسألة 961): إذا لحن في الصيغة، وكان مغيرا للمعنى لم يكف.
278

(مسألة 962): إذا كان مجري الصيغة جاهلا بالعربية، فإن أجراها على
الوجه الصحيح، وكان عارفا بمعنى الكلمات وقاصدا لتحقق المعنى صح
العقد وإلا بطل.
(مسألة 963): العقد الواقع فضوليا إذا تعقب بالإجازة صح، سواء أكان
فضوليا من الطرفين، أم كان فضوليا من أحدهما.
(مسألة 964): لو أكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك وأجازا
العقد صح، وكذلك الحال في إكراه أحدهما، والأولى إعادة العقد في كلتا
الصورتين.
(مسألة 965): الأب والجد من طرف الأب لهما الولاية على الطفل
الصغير والصغيرة والمجنون والمجنونة.
(مسألة 966): لا يعتبر في العقد على البالغة الرشيدة أن تستأذن أباها،
أو الجد من طرف الأب في تزويجها، كما لا تشترط إجازة الأم والأخ و
غيرهما من الأقارب.
(مسألة 967): يصح تزويج البالغة الرشيدة البكر من غير استيذان من
أبيها أو جدها.
(مسألة 968): لا يعتبر إذن الأب والجد كانت البنت ثيبا، أم بكرا
تتمكن من استيذانهما، لغيابهما أو نحو ذلك أم لا مع حاجتها إلى التزويج و
عدمها.
279

(مسألة 969): لو زوج الأب أو الجد صغيرا، فإن كان له مال حين العقد
كان المهر عليه، وإلا كان المهر على من زوجه.
العيوب الموجبة لخيار الفسخ
(مسألة 970): إذا علم الزوج بعد العقد بوجود أحد العيوب السبعة
الآتية في الزوجة كان له الفسخ من دون طلاق:
(1) الجنون.
(2) الجذام.
(3): البرص.
(4) العمى.
(5) الإقعاد، ومنه العرج البين.
(الإفضاء وهو اتحاد مخرج البول أو الغائط مع مخرج الحيض
(7) العفل وهو " لحم ينبت في الرحم يمنع من الوطء ".
(مسألة 971): يجوز للزوجة فسخ العقد إذا كان الزوج مجنونا أو مجبوبا
" أي مقطوع الذكر " أو مصابا بالعنن المانع عن الإيلاج، غير أن الجنون
يختلف عن الأمرين الأخيرين في أن جنون الزوج يسوغ للمرأة الفسخ،
سواء أكان سابقا على العقد والزوجة لا تعلم بها أم كان حادثا بعده أو بعد
العقد والوطء معا. وأما العنن فلا يجوز به الفسخ إذا حدث بعد الوطء.
وكذلك الجب - بعد الوطء - وإن كان الأولى حينئذ للزوج أن يطلقها إذا
فسخت.
280

(مسألة 972): يجوز للمرأة أن تفسخ العقد إذا كان الرجل خصيا، و
الخصاء هو " سل الأنثيين أو رضهما " وتفسخ به المرأة مع سبقه على العقد و
التدليس عليهما، ومع عدم التدليس لا يترك الاحتياط.
(مسألة 973): لا يجوز للمرأة أن تفسخ العقد لعنن الرجل إلا بعد رفع
أمرها إلى الحاكم الشرعي فيؤجل الزوج بعد المرافعة سنة فإن وطأها أو وطأ
غيرها فلا فسخ، وإلا كان لها الفسخ. وإذا فسخت المرأة أو الرجل لسائر
العيوب غير العنن والخصاء الموجبة للخيار فإن كان الفسخ بعد الدخول
استحقت المرأة تمام المهر العدة كما في الطلاق، وإن كان الفسخ قبله لم
تستحق شيئا ولا عدة عليها. واما في العنن والخصاء فيثبت نصفه مع عدم
الدخول وتمامه معه.
(مسألة 974): إذا خطب امرأة وطلب زواجها على أنه من بني فلان
فتزوجته المرأة على ذلك فبأن أنه من غيرهم كان لها الخيار، فإن فسخت
فلها المهر إن كان بعد الدخول، وإن كان قبله فلا شئ لها.
(مسألة 975): إذا تزوج امرأة على أنها بكر فبانت ثيبا لم يكن له الفسخ،
نعم ينقض من المهر المسمى بنسبة مقدار ما به التفاوت بين مهر البكر ومهر
الثيب.
أسباب التحريم
(مسألة 976): يحرم الترويج من جهة النسب، بالأم وإن علت، والبنت
281

وإن نزلت، و بالأخت، وببنات الأخ وإن نزلن، وبالعمات و
بالخالات وإن علون.
(مسألة 977): تحرم من جهة المصاهرة أم الزوجة وجداتها من طرف
الأب أو الأم، فلا يجوز تزويجهن، وإن كانت الزوجة لم يدخل بها، وكذلك
تحرم بنت الزوجة المدخول بها، سواء أكانت بنتها بلا واسطة، أو مع واسطة،
أو مع وسائط، وسواء أكانت موجودة - حال العقد - أم ولدت بعده، ولا
تحرم بنت الزوجة مالم يدخل بأمها. نعم لا يجوز نكاحها ما دامت أمها باقية
على الزوجية.
(مسألة 978): يحرم التزويج بمن تزوج بها الأب أو أحد الأجداد، كما
يحرم التزويج بمن تزوجها الابن، أو أحد الأحفاد أو الأسباط.
(مسألة 979): يحرم الجمع بين الأختين، فإذا عقد على إحداهما حرمت
عليه الثانية ما دامت الأولى باقية على زواجها، ولا فرق في ذلك بين العقد
الدائم والمنقطع.
(مسألة 980): إذا طلق زوجته - رجعيا - لم يجز له نكاح أختها في
عدتها. نعم إذا كان الطلاق بائنا صح ذلك، وإذا تزوج بامرأة بعقد منقطع
فانتهت المدة أو أبرأها لم يجز له التزويج بأختها في عدتها على الأحوط.
(مسألة 981): إذا عقد على امرأة لم يجز له أن يتزوج ببنت أخيها، أو
ببنت أختها إلا بإذنها. ولو عقد بدون إذنها توقفت صحته على إجازتها فإن
282

أجازته صح، وإلا بطل وإن علمت بالتزويج فسكتت ثم أجازته صح
أيضا.
(مسألة 982): لو زنى بخالته عمته قبل أن يعقد أن يعقد بنتها لم تحرم عليه
البنت، واولى بذلك في عدم الحرمة ما لو زنى بالعمة أو الخالة بعد العقد على
البنت.
(مسألة 983): لو زنى بامرأة أجنبية فالأولى أن لا تتزوج بنتها، ولو
كان قد عليها - سواء أدخل بها أم لم يدخل بها - ثم زنى بأمها لم تحرم
عليه بلا إشكال.
(مسألة 984): لا يجوز للمسلمة أن تتزوج الكافر، وكذا لا يجوز
للمسلم أن يتزوج بغير الكتابية من أصناف الكفار، وأما الكتابية فالأظهر
جواز تزويجها متعة بل وكذلك دواما وإن كان الأحوط الأولى ترك نكاحها
دواما، ولا يجوز للمؤمن أو المؤمنة نكاح بعض المنتحلين لدين الإسلام
المحكومين بالكفر، كالخوارج، والغلاة، والغلاة والنواصب دواما ومتعة.
(مسألة 985): لو زنى بذات بعل، أو بذات العدة الرجعية حرمت عليه
مؤبدا على الأظهر، وأما الزنا بذات العدة - غير الرجعية - فلا يوجب حرمة
المزني بها، فللزاني تزويجها بعد انقضاء عدتها.
(مسألة 986): لو زنى بامرأة ليس لها زوج، وليس بذات عدة جاز له
أن يتزوجها، ويجب عليه تأخير العقد إلى أن تحيض على الأحوط، نعم
283

يجوز لغير الزاني تزويجها قبل ذلك أيضا، وإن كان الأحوط هو التأخير.
(مسألة 987): يحرم تزويج المرأة في عدتها رجعية كانت أو غير
رجعية، فلو علم الرجل أو المرأة بأنها في العدة وبحرمة التزويج فيها وتزوج
بها حرمت عليه مؤبدا وإن لم يدخل بها العقد، وإذا كانا جاهلين بأنها
في العدة أو بحرمة التزويج فيها وتزوج بها بطل العقد. فإن كان قد دخل بها
حرمت عليه مؤبدا أيضا، وإلا جاز التزويج بها بعد تمام العدة.
(مسألة 988): لو تزوج بامرأة عالما بأنها ذات بعل، وبحرمة تزويجها
حرمت عليه مؤبدا - دخل بها أم لم يدخل - وأما لو تزوجها مع جهله
بالحال فسد العقد ولم تحرم عليه حتى مع الدخول بها ومع علم الزوجة
بالحال.
(مسألة 989): لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها، وإن كانت مصرة
على ذلك. والأولى - مع عدم التوبة - أن يطلقها الزوج.
(مسألة 990): إذا تزوجت المرأة، ثم شكت في أن زواجها وقع في العدة
أو بعد انقضائها لم تعتن بالشك.
(مسألة 991): إذا لاط البالغ بغلام فأوقب حرمت على الواطئ أم
الموطوء وأخته وبنته على الأظهر، ولا يحرمن عليه مع الشك في الدخول،
بل مع الظن به أيضا، كما لا يحرمن عليه إذا كان اللائط غير بالغ، أو كان
الملوط بالغا.
284

(مسألة 922): إذا تزوج امرأة ثم لاط بأخيها، أو ابنها، لزم الاجتناب
على الأحوط ولو زالت الزوجية بطلاق ونحوه وجب عليه ترك التزويج
ثانيا.
(مسألة 993): يحرم التزويج حال الإحرام وإن لم تكن المرأة محرمة، و
يقع العقد فاسدا حتى مع جهل الرجل المحرم بالحرمة ومع علمه بالحرمة
تحرم عليه مؤبدا.
(مسألة 994): لا يجوز للمحرمة أن تتزوج برجل ولو كان محلا ولو
فعلت بطل العقد مطلقا ومع علمها بالحرمة تحرم عليه مؤبدا على الأحوط
ان لم يكن أظهر.
(مسألة 995): إذا لم يأت الرجل بطواف النساء في الحج أو العمرة
المفردة حرمت عليه النساء حتى زوجته، وإذا تركته المرأة في الحج أو العمرة
المفردة حرم عليها الرجال حتى زوجها، نعم إذا أتيا به - بعد ذلك - ارتفعت
الحرمة.
(مسألة 996): لا يجوز الدخول بالبنت قبل إكمالها تسع سنين، ولكنه لو
تزوجها وطأها لم يحرم عليه وطؤها بعد بلوغها وإن كان الأحوط -
حينئذ - طلاقها.
(مسألة 997): تحرم المطلقة ثلاثا على زوجها المطلق لها، نعم لو
تزوجت بغيره ودخل بها فطلقها حلت لزوجها الأول " على تفصيل يأتي
في كتاب الطلاق " وأما لو طلقها تسعا فهي تحرم عليه مؤبدا.
285

أحكام العقد الدائم
(مسألة 998): يحرم على الزوجة الدائمة أن تخرج من دارها بدون إذن
زوجها، وإن كان خروجها لأجل الأمور الجزئية على الأحوط، ويجب
عليها أن تمكن زوجها من نفسها بما شاء من الاستمتاعات. وليس لها منعه
من المقاربة إلا لعذر شرعي، فإذا عملت بوظيفتها استحقت النفقة على
زوجها من الغذاء واللباس والمسكن، فإن لم يبذل الزوج لها نفقتها كانت
النفقة دينا ثابتا في ذمته.
(مسألة 999): إذا نشزت الزوجة فخرجت من عند زوجها لم تستحق
النفقة، وإذا كانت عنده ولم تكن مطيعة له فالمشهور أنها لا تستحق النفقة
أيضا، لكن الأحوط عدم سقوطها بذلك، وأما المهر فهو لا يسقط بالنشوز بلا
إشكال.
(مسألة 1000): لا يستحق الزوج على زوجته خدمة البيت وما
شاكلها.
(مسألة 1001): إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها عليه
وإن كانت أكثر من نفقتها في الحضر.
(مسألة 1002): لو امتنع الزوج عن بذل نفقة زوجته المستحقة لها جاز
لها أن تأخذها من ماله بدون أذنه، فإذا لم تتمكن من الأخذ واضطرت إلى
اتخاذ وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها إطاعة زوجها حال اشتغالها
286

بتلك الوسيلة.
(مسألة 1003): يجب على الولد الإنفاق على الأبوين الفقيرين، ويجب
على الوالد الإنفاق على الولد الفقير. ويشترط في الوجوب قدرة المنفق على
الإنفاق والأظهر أن نفقة الأولاد مع فقد الآباء على الأم، وإن فقدت فعلى
أبيها وأمها بالسوية، ولو كانت معهما أم الأب شاركتهما في النفقة.
ولا تجب النفقة على غير العمودين من، الأخوة، والأعمام، والأخوال
وغيرهم ذكورا وإناثا.
(مسألة 1004): نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة، وهي مقدمة على
نفقة الأقارب، والأقرب منهم مقدم على الأبعد، فالولد مقدم على ولد الولد، وتجب على المولى نفقة المملوك من الإنسان، وله أن يجعلها في كسبه مع
الكفاية، وإلا تممه المولى والأظهر وجوب نفقة المملوك من الحيوان ما دام
ملكا له. وله البيع أو الذبح إن كان من المذكى.
(مسألة 1005): إذا عجز الإنسان عن الإنفاق على من تجب نفقته عليه
فإن كان زوجة بقيت في ذمته يؤديها متى ما تمكن، وإن كان غير زوجة
سقط الوجوب ولا شئ عليه.
(مسألة 1006): نفقة الزوجة تقبل الإسقاط فلو أسقطتها لم تجب على
الزوج، وأما نفقة الأقارب فلا تقبل الاسقاط.
(مسألة 1007): إذا كانت للرجل زوجتان دائمتان فبات عند إحداهما
287

ليلة وجب عليه أن يبيت عند الأخرى ليلة أيضا، والأظهر أن يبيت عند
زوجته الدائمة الواحدة ليلة في كل أربع ليال.
(مسألة 1008): لا يجوز ترك وطء الزوجة الدائمة أكثر من أربعة أشهر،
إذا كانت شابة، بل الحكم كذلك في المنقطعة على الأظهر.
(مسألة 1009): إذا لم يعين المهر في العقد الدائم صح العقد، ومع الدخول
يجب على الزوج مهر المثل.
(مسألة 1010): إذا لم تعين المدة لأداء المهر - حين العقد - جاز للزوجة
الإمتناع من المقاربة قبل أخذه، إذا كان الزوج متمكنا من الأداء ولم يكن
المهر مؤجلا، ولو دخل بها الزوج برضاها قبل أداء المهر لم يكن لها الامتناع
بعد ذلك، من دون عذر شرعي.
النكاح المنقطع
(مسألة 1011): يصح النكاح المنقطع، وإن كان الداعي إليه أمرا آخر
غير الاستمتاع، ولابد فيه من تعيين المهر والمدة، فإن لم يتعينا بطل العقد، و
لا يعتبر في المدة أن لا تزيد على عمر الزوجين عادة.
(مسألة 1012): يجوز للمرأة في النكاح المنقطع أن تشترط على زوجها
عدم الدخول بها، فلو اشترطت عليه ذلك لم يجز له مقاربتها ويجوز له ما
سوى ذلك من الاستمتاعات، نعم لو رضيت الزوجة بعد ذلك بمقاربتها
288

جازت له.
(مسألة 1013): لا تجب نفقة الزوجة في النكاح المنقطع وإن حملت من
زوجها، ولا تستحق من زوجها المضاجعة والمبيت عندها، ولا توارث
بينها وبين زوجها، نعم لو شرطا التوارث أو خصوص الزوج أو الزوجة نفذ
الشرط.
(مسألة 1014): يصح العقد المنقطع ولو جهل الزوجة بعدم استحقاقها
النفقة والمضاجعة، ولا يثبت لها حق على الزوج من جهة جهلها، ويحرم
عليها الخروج بغير إذن زوجها، إذا كان خروجها منافيا لحقه، بل مع عدم
المنافاة أيضا على الأحوط.
(مسألة 1015): لو وكلت المرأة رجلا في تزويجها لمدة معينة بمبلغ
معلوم، فخالف الوكيل، فعقدها دواما أو متعة لغير تلك المدة أو بغير ذلك
المبلغ، فإن أجازت العقد صح وإلا بطل.
(مسألة 1016): لا بأس بتزويج الأب أو الجد من طرفه بنته الصغيرة
لمدة قليلة. لا لغاية الاستمتاع، بل لغاية أخرى من حصول المحرمية ونحوه،
إلا أنه لابد في ذلك من مصلحة تعود إليها، وأما تزويجهما الصغير لتلك الغاية
مع عدم قابلية المدة لاستمتاعه بوجه فصحته لا تخلو من إشكال، وإن كان
الأظهر الصحة.
(مسألة 1017): لو وهب الزوج مدة زوجته المنقطعة بعد الدخول بها
289

لزمه تمام المهر، وينتصف المهر إذا كانت الهبة قبل الدخول على الأظهر.
(مسألة 1018): لا بأس على الزوج في تزويج المتمتع بها في عدتها منه
دواما أو منقطعا.
مسائل متفرقة
(مسألة 1019): لا يجوز للرجل أن ينظر إلى ما عدا الوجه والكفين من
جسد المرأة الأجنبية وشعرها، وكذا الوجه والكفين منها إذا كان النظر نظر
تلذذ أو ريبة.
ويجوز النظر إلى الوجه والكفين مع عدم التلذذ والريبة وكذلك الحال
في نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي على الأحوط في غير وجهه ويديه ورأسه
ورقبته وقدميه.
وأما نظرها إلى هذه المواضع منه فالظاهر جوازه من دون ريبة وتلذذ و
إن كان الأحوط تركه أيضا.
(مسألة 1020): يجوز النظر إلى نساء الكفار إذا لم يكن نظر تلذذ وريبة،
سواء في ذلك الوجه والكفان، وما جرت عادتهن على عدم ستره من سائر
أعضاء البدن.
(مسألة 1021): يجب على المرأة أن تستر شعرها وبدنها من الأجانب،
بل الأحوط الأولى التستر من غير البالغ إذا كان مميزا.
290

(مسألة 1022): يحرم النظر إلى عورة الغير، حتى الصبي المميز مباشرة
أو من الزجاج، أو في المرآة، أو في الماء الصافي ونحو ذلك. نعم يجوز لكل من
الزوجين، ومن في حكمهما كالأمة ومولاها النظر إلى جميع أعضاء بدن
الآخر، حتى العورة.
(مسألة 1023): يجوز لكل من الرجل والمرأة أن ينظر إلى بدن محارمه -
ما عدا العورة منه - من دون تلذذ، وفي حكم العورة ما بين السرة والركبة
على الأحوط الأولى فيهن، وأما النظر - مع التلذذ - فلا فرق في حرمته بين
المحرم وغيرهم.
(1024): لا يجوز لكل من الرجل والمرأة النظر إلى مماثله بقصد
التلذذ.
(مسألة 1025): الأحوط ترك النظر إلى صورة المرأة الأجنبية إذا كان
الناظر يعرفها.
(مسألة 1026): إذا دعت الحاجة إلى أن يحقن الرجل رجلا أو امرأة
غير زوجته ومن بحكمها، أو أن يغسل عورتهما لزمه التحفظ من لمس العورة
بيده مع الإمكان، وكذلك المرأة بالنسبة إلى المرأة أو الرجل غير زوجها و
من بحكمه.
(مسألة 1027): لا بأس بنظر الطبيب إلى بدن الأجنبية ومسه بيده إذا
توقف عليهما معالجتها، ومع إمكان الاكتفاء بأحدهما - النظر والمس - لا
291

يجوز الآخر، فلو تمكن من المعالجة بالنظر فقط لا يجوز له المس وكذلك
العكس.
(مسألة 1028): لو اضطر الطبيب في معالجة المرأة غير زوجته ومن
بحكمها إلى النظر إلى عورتها فالأحوط أن ينظر إليها في المرآة، فلو لم يمكن
المعالجة إلا بالنظر إليها مباشرة جاز له ذلك.
(مسألة 1029): يجب الزواج على من لا يستطيع التمالك على نفسه عن
الوقوع في الحرام بسبب عدم زواجه.
(مسألة 1030): لا تحرم الخلوة بالمرأة الأجنبية في موضع لا يتيسر
الدخول فيه لغيرهما من حيث هي على الأظهر، واما الخلوة مع إمكان
دخول الغير ولو كان صبيا مميزا أو الأمن من الفساد فلا اشكال في الجواز.
(مسألة 1031): لو تزوج امرأة على مهر معين وكان من نيته أن لا
يدفعه إليها صح القد، ووجب عليه دفع المهر.
(مسألة 1032): يتحقق ارتداد المسلم بانكاره الألوهية، أو النبوة، أو
المعاد، أو بانكاره حكما من الأحكام الضرورية بين المسلمين مع علمه بأنه
ضروري، كوجوب الصلاة والصوم ونحوهما، مما أطبق المسلمون على أنه
جزء من الدين، ويتحقق كذلك بالغلو والنصب فإنهما يوجبان الكفر " كما
تقدم في المسألة " 984 ".
(مسألة 1033): إذا ارتد الزوج عن ملة، أو ارتدت الزوجة عن ملة، أو
292

فطرة بطل النكاح، فإن كان الارتداد قبل الدخول بها أو كانت الزوجة
يائسة لم تكن عليها عدة، وأما إذا كان الارتداد بعد الدخول وكانت المرأة
في سن من تحيض وجب عليها أن تعتد عدة الطلاق، والظاهر كما هو
المعروف أن المرتد منهما إذا رجع عن ارتداده إلى الإسلام قبل انقطاع العدة
بقي الزواج على حاله.
(مسألة 1034): إذا ارتد الزوج عن فطرة حرمت عليه زوجته ووجب
عليها أن تعتد عدة الوفاة إن كانت مدخولا بها غير يائسة " ويأتي مقدار
عدة الطلاق والوفاة في باب الطلاق ".
(مسألة 1035): إذا اشترطت المرأة في عقدها أن لا يخرجها الزوج من
بلدها مثلا وقبل ذلك زوجها لم يجز له اخراجها منه بغير رضاها.
(مسألة 1036): إذا كانت لزوجة الرجل بنت من غيره جاز له أن
يزوجها من ابنه من زوجة غيرها، وكذلك العكس.
(مسألة 1037): إذا كانت المرأة الحامل من السفاح مسلمة، أو كان
الزاني بها مسلما، لم يجز لها أن تسقط جنينها.
(مسألة 1038): لو فجر بامرأة ليست بذات بعل ولا في عدة الغير ثم
تزوج بها بعد ما استبرأ رحمها (على النهج المتقدم في المسألة 986) فولدت و
لم يعلم أن الولد من الحلال أو الحرام فهو يلحق بهما شرعا ويحكم عليه بأنه
من الحلال.
293

(مسألة 1039): لو تزوج بامرأة جاهلا بكونها في العدة بطل العقد، وإن كان
قد دخل بها تحرم عليه مؤبدا وإن كانت ولدت منه فالولد يلحق بهما
شرعا. هذا إذا كانت المرأة جاهلة، وأما إذا كانت عالمة بكونها في العدة و
بحرمة التزويج في العدة فالولد يلحق بالرجل ولا يلحق بأمها شرعا فإنها
زانية حينئذ.
(مسألة 1040): لو ادعت المرأة انها خلية من الزوج صدقت.
(مسألة 1041): لو تزوج بامرأة ادعت أنها خلية، وادعى - بعد ذلك -
مدع أنها كانت ذات بعل، فالقول قول المرأة ما لم يثبت شرعا أنها ذات بعل.
(مسألة 1042): لا يجوز للأب أن يفصل ولده. ذكرا كان أم أنثى - من
أمه مدة الرضاع " أعني حولين كاملين " لأن الأم أحق بحضانة ولدها في تلك
المدة. والأحوط الأولى عدم فصل الولد حتى يبلغ سبع سنين وإن كان ذكرا.
(مسألة 1043): يستحب التعجيل في تزويج البنت البالغة وتحصينها
بالزواج، فعن الصادق (ع): من سعادة المرء أن لا تطمث ابنته في بيته.
(مسألة 1044): إذا صالحت المرأة زوجها على أن لا يتروج عليها، ويكون له مهرها صحت المصالحة ووجب على زوجها أن لا يتزوج عليها،
كما يجب عليها أن لا تطالب زوجها بالمهر.
(مسألة 1045): المتولد من ولد الزنا إذا كان عن وطء مشروع فهو ولد
294

(مسألة 1046): إذا جامع زوجته في نهار شهر رمضان أو في حيضها
ارتكب معصية، إلا أنها إذا حملت فولدت يعتبر الولد ولدا شرعيا لهما.
(مسألة 1047): إذا تيقنت زوجة الغائب بموت زوجها فتزوجت بعد ما
اعتدت عدة الوفاة، ثم رجع زوجها الأول من سفره انفصلت عن زوجها
الثاني بغير طلاق، وهي محللة لزوجها الأول، ثم إن الثاني إن كان دخل بها
لزمه مهر مثلها ويجب على المرأة الاعتداد عن وطئها شبهة، ولكن لا تجب
على الواطئ نفقتها في أيام عدتها.
أحكام الرضاع
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وتفصيل ذلك في المسائل الآتية:
(مسألة 1048): تحرم على المرتضع عدة من النساء
(1) المرضعة لأنها أمه من الرضاعة، كما أن صاحب اللبن أبوه.
(2) أم المرضعة وإن علت، نسبية كانت أم رضاعية لأنها جدته.
(3) بنات المرضعة ولادة لأنهن أخواته.
(4) البنات النسبية والرضاعية من أولاد المرضعة ولادة ذكورا وإناثا،
لأن المرتضع إما أن يكون عمهن، أو خالهن من الرضاعة.
(5) أخوات المرضعة وإن كانت رضاعية لأنهن خالات المرتضع.
(6) عمات المرضعة وخالاتها وعمات آبائها وأمهاتها نسبية كانت أم
رضاعية، فإنهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
(7) بنات صاحب اللبن النسبية والرضاعية بلا واسطة، أو مع الواسطة.
295

لأن المرتضع إما أن يكون أخاهن، أو عمهن، أو خالهن من الرضاعة.
(8) أمهات صاحب اللبن النسبية والرضاعية لأنهن جدات المرتضع من
الرضاعة.
(9) أخوات صاحب اللبن النسبية، والرضاعية لأنهن عمات المرتضع.
(10) عمات صاحب اللبن وخالاته، وعمات وخالات آبائه وأمهاته
النسبية والرضاعية لأنهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
(1) حلائل صاحب اللبن لأنهن حلائل أبيه.
(مسألة 1049): تحر المرتضعة على عدة من الرجال:
(1) صاحب اللبن لأنه أبوها من الرضاعة.
(2) آباء صاحب اللبن والمرضعة من النسب أو الرضاع، لأنهم أجدادها
من الرضاعة.
(3) أولاد صاحب اللبن النسبية والرضاعية وإن نزلوا. لأنها تكون
أختهم، أو عمتهم، أو خالتهم وكذلك أولاد المرضعة ولادة وأولادهم نسبا،
أو رضاعا.
(4) اخوة صاحب اللبن النسبية والرضاعية، لأنهم أعمامها من
الرضاعة.
(5) أعمام صاحب اللبن وأخواله وأعمام آبائه وأمهاته النسبية أو
الرضاعية لأنهم إما أن يكون أعمامها، أو أخوالها.
(مسألة 1050): تحرم بنات المرتضع - أو المرتضعة - نسبية ورضاعية و
إن نزلت على آبائه واخوته وأعمامه، وأخواله من الرضاعة.
296

(مسألة 1051): تحرم على أبناء المرتضع، أو المرتضعة، أمهاته وأخواته
وخالاته وعماته من الرضاعة.
(مسألة 1052): لا يجوز أن يتزوج أبو المرتضع أو المرتضعة بنات
المرضعة النسبية وان نزلت، والأحوط لزوما أن لا يتزوج بناتها الرضاعية
وإن كان يحرم عليه أن ينظر منها إلى مالا يحل النظر إليه لغير المحارم.
(مسألة 1053): لا يجوز أن يتزوج أبو المرتضع، أو المرتضعة بنات
صاحب اللبن النسبية والرضاعية.
(مسألة 1054): لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة على صاحب اللبن بها.
(مسألة 1055): لا تحرم المرضعة. بناتها وسائر أقاربها من النساء على
أخوة المرتضع والمرتضعة، كما لا تحرم عليهم بنات صاحب اللبن وسائر
أقاربه من النساء.
(مسألة 1056): إذا تزوج امرأة ودخل بها حرمت عليه بناتها
الرضاعية، كما تحرم عليه بنتها النسبية، وإذا تزوج امرأة حرمت عليه أمها
الرضاعية، وإن لم يكن دخل بها، كما تحرم عليه أمها النسبية.
(مسألة 1057): لا فرق نشر الحرمة، بالرضاع بين ما إذا كان الرضاع
سابقا على العقد وما إذا كان لاحقا له. مثلا: إذا تزوج الرجل صغيرة
297

فأرضعتها أمه أو جدته، أو زوجة أبيه صاحب اللبن بطل العقد " وحرمت
الصغيرة عليه، لأنها تكون أخته أو عمته أو خالته ".
(مسألة 1058): لا بأس بأن ترضع المرأة طفل ابنها، وأما إذا أرضعت
طفلا لزوج بنتها، سواء أكان الطفل من بنتها، أم من ضرتها بطل عقد البنت و
حرمت على زوجها مؤبدا، لأنه يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد
المرضعة النسبية.
(مسألة 1059): إذا أرضعت زوجة الرجل بلبنه طفلا لزوج بنته، سواء
أكانت الطفل من بنته، أم من ضرتها: بطل عقد البنت وحرمت على زوجها
مؤبدا، لأنه يرحم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن.
(مسألة 1060): ليس للرضاع أثر في التحريم مالم تتوفر فيه شروط
ثمانية وهي:
(1) حياة المرضعة، على الأحوط فلو كانت المرأة ميتة حال ارتضاع
الطفل منها الرضعات كلها، أو بعضها لم يكن لهذا الرضاع أثر.
(2) حصول اللبن للمرضعة في ولادة ناتجة من وطء مشروع، فلو ولدت
المرأة من الزنا فأرضعت بلبنها منه طفلا لم يكن لإرضاعها أثر.
(3) الارتضاع من الثدي، فلا أثر للحليب إذا ألقي في فم الطفل أو حقن به
ونحو ذلك.
(4) خلوص اللبن فالممزوج بشئ آخر مائع أو جامد كاللبن والسكر
لا أثر له.
298

(كون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسبا بتمامه إلى شخص واحد، فلو
طلق الرجل زوجته وهي حامل، أو بعد ولادتها منه فتزوجت شخصا
آخر، وحملت منه، وقبل أن تضع حملها أرضعت طفلا بلبن ولادتها السابقة
من زوجها الأول ثمان رضعات، مثلا - وأكملت بعد وضعها لحملها بلبن
ولادتها الثانية من زوجها الأخير بسبع رضعات لم يكن هذا الرضاع مؤثرا،
ويعتبر أيضا وحدة المرضعة فلو كان لرجل واحد زوجتان ولدتا منه
فارتضع الطفل من أحداهما سبع رضعات ومن الأخرى ثمان رضعات -
مثلا - لم يكن لرضاعه أثر.
(6) عدم قذف الطفل للحليب بالتقيؤ لمرض ونحوه، فلو قاءه وجب
عليه الاحتياط بعدم ترتيب الأثر على الرضاع من جهة النظر إلى ما لا يحل
لغير المحارم، وترتيب الأثر عليه من جهة ترك الازدواج.
(7) بلوغ الرضاع درجة معينة تحدد من حيث الأثر بما أنبت اللحم وشد
العظم، ومن حيث العدد بما بلغ خمس عشرة رضعة وتحدد من حيث الزمان
بما استمر ارتضاع الطفل من المرأة يوما وليلة.
ويلاحظ في التقدير الزماني أن يكون ما يرتضعه الطفل من المرضعة هو
غذاؤه الوحيد طيلة المدة المقررة، فلا يتناول طعاما آخر أو لبنا من مرضعة
أخرى. ولا بأس بتناول الماء أو الدواء أو الشئ اليسير من الأكل بدرجة
لا يصدق عليه الغذاء عرفا.
كما يلاحظ في التقدير الكمي، توالي الرضعات الخمس عشرة - مثلا -
بأن لا يفصل بينها رضاع من امرأة أخرى، وأن تكون كل واحدة منها
رضعة كاملة تروي الصبي، فلا تندرج الرضعة الناقصة في العدد، ولا تعتبر
299

الرضعات الناقصة المتعددة بمثابة رضعة كاملة، نعم إذا التقم الصبي الثدي ثم
رفضه لا بقصد الإعراض عنه. بل لغرض التنفس ونحوه، ثم عاد إليه اعتبر
عوده استمرارا للرضعة، وكان الكل رضعة واحدة كاملة.
(8) عدم تجاوز الرضيع للحولين، فلو رضع، أو أكمل - بعد ذلك - لم يؤثر
شيئا. وأما المرضعة فلا يلزم في تأثير إرضاعها أن يكون دون الحولين من
ولادتها.
(مسألة 1061): إذا أرضعت امرأة صبيا رضاعا كاملا، ثم طلقها
زوجها، وتزوجت من آخر، وولدت له. وتجدد لديها اللبن - لأجل ذلك -
فأرضعت به صبية رضاعا كاملا لم تحرم هذه الصبية على ذلك الصبي،
لاختلاف اللبنين من ناحية تعدد الزوج، وأما إذا ولدت المرأة مرتين لزوج
واحد وأرضعت في كل كرة واحدا منهما أصبح الطفلان أخوين، وحرم
أحدهما على الآخر كما حرما على المرضعة وزوجها، وكذلك الحال إذا كان
للرجل زوجتان ولدتا منه، وأرضعت كل منهما واحدا، فإن كلا من الطفلين
يحرم على الآخر كما يحرمان على المرضعتين. وزوجهما، فاللازم - إذن - في
حرمة أحد الطفلين على الآخر، بالرضاعة وحدة الرجل المنتسب إليه اللبن
الذي ارتضعا منه، سواء اتحدت المرضعة، أم تعددت. نعم يعتبر أن يكون
تمام الرضاع المحرم من امرأة واحدة " كما تقدم في المسألة 1060 ".
(مسألة 1062): إذا حرم أحد الطفلين على الآخر بسبب ارتضاعهما من
لبن منتسب إلى رجل واحد لم يؤد ذلك إلى حرمة إخوة أحدهما على إخوة
الآخر، ولا إلى حرمة الأخوة على المرضعة.
300

(مسألة 1063): لا يجوز التزويج ببنت أخي الزوجة وبنت أختها من
الرضاعة إلا برضاها، كما لا يجوز التزويج بهما من النسب إلا برضاها، فإن
الرضاع بمنزلة النسب، وكذلك الأخت الرضاعية بمنزلة الأخت النسبية، فلا
يجوز الجمع بين الأختين الرضاعيتين، فلو عقد على إحداهما لم يجز عقده
على الأخرى، ولو عقد عليهما معا في زمان واحد تخير بينهما، ويجب على من
ارتكب فاحشة اللواط بغلام ترك الزواج من بنته، وأمه، وأخته
الرضاعيات - أيضا - كما كان هو الحال في النسبيات.
(مسألة 1064): لا تحرم المرأة على زوجها فيما إذا أرضعت من أقربائها
أخاها أو أولاد أخيها، أو أختها أو أولاد أختها، أو عمها أو خالها أو
أولادهما، أو عمتها أو خالتها أو أولادهما، وكذلك لا تحرم المرأة على
زوجها فميا إذا أرضعت من أقربائه أخاه أو أخته، أو عمه أو عمته، أو خاله أو
خالته، أو ولد بنته من زوجته الأخرى أو ولد أخته.
(مسألة 1065): لا تحرم على الرجل امرأة أرضعت طفل عمته أو طفل
خالته وإن كان الأحوط ترك الزواج منها.
كما لا تحرم عليه زوجته إذا
ارتضع ابن عمها من زوجة أخرى له.
(مسألة 1066): لا توارث في الرضاع فيما يتوارث به من النسب.
الرضاع وآدابه
(مسألة 1067): الأم أحق بارضاع ولدها من غيرها فليس للأب
301

تعيين غيرها لإرضاع الولد، إلا إذا طالبت بأجرة وكانت غيرها تقبل
الارضاع بأجرة أقل أو بدون أجرة، ويحسن بالأم أن لا تأخذ الأجرة على
ارضاع ولدها، كما ينبغي للأب أن يعطيها أجرا على ذلك وإن لم تطالبه.
(مسألة 1068): يحسن اختيار المرضعة المؤمنة الاثني عشرية العفيفة
الوضيئة الحميدة في خلقها وخلقها، ويكره استرضاع المرأة الناقصة في
عقلها، وسيئة الخلق، وكريهة الوجه وغير الاثني عشرية. كما يكره
استرضاع الزانية من اللبن الحاصل بالزنا.
(مسألة 1069): يستحب ارضاع الولد حولين كاملين إذا أمكن ذلك.
مسائل متفرقة في الرضاع
(مسألة 1070): يستحب منع النساء من الاسترسال في ارضاع
الأطفال دون تحفظ، خوفا من حصول الزواج بينهم بدون التفات إلى العلاقة
الرضاعية.
(مسألة 1071): يستحب للمنتسبين بالرضاع احترام بعضهم بعضا،
فان الرضاع لحمة كلحمة النسب.
(مسألة 1072): لا يجوز للزوجة ارضاع ولد الغير إذا زاحم ذلك حق
زوجها ما لم يأذن زوجها لها في ارضاعه.
(مسألة 1073): يمكن لأحد الأخوين أن يجعل نفسه محرما على زوجة
302

الآخر عن طريق الرضاع، فيباح له النظر إليها، وذلك بأن يتزوج طفله، ثم
ترضع من زوجة أخيه، فتكون المرضعة أم زوجته وبذلك تندرج في محارمه
ويجوز النظر إليها.
(مسألة 1074): إذا اعترف الرجل بحرمة امرأة أجنبية عليه بسبب
الرضاع، وكان إعترافه معقولا لم يجز له أن يتزوجها، وإذا ادعى حرمة
المرأة عليه - بعد عقده عليها - وصدقته المرأة بطل العقد وثبت لها مهر
المثل، إذا كان قد دخل بها ولم تكن عالمة بالحرمة وقتئذ، وأما إذا لم يكن قد
دخل بها، أو كان قد دخل بها مع علمها بالحرمة فلا مهر لها، ونظير اعتراف
الرجل بحرمة المرأة اعتراف المرأة بحرمة رجل عليها قبل العقد، أو بعده
فيجري فيه " التفصيل الآنف الذكر ".
(مسألة 1075): يثبت الرضاع المحرم بأمرين: " الأول " إخبار جماعة
يوجب الاطمئنان بوقوعه: " الثاني " شهادة البينة العادلة على وقوع الرضاع
المحرم بالتفصيل المتقدم، كأن تشهد على خمس عشرة رضعة متوالية ونحو
ذلك، وتحصل البينة بشهادة رجلين، أو رجل مع امرأتين، أو نساء أربع. بل
الظاهر ثبوته بشهادة عدل واحد بل الثقة.
(مسألة 1076): إذا لم يعلم بوقوع الرضاع أو كماله حكم بعدمه وإن
كان الإحتياط مع الظن بوقوعه كاملا، بل مع إحتماله أيضا أحسن.
303

الطلاق وأحكامه
(مسألة 1077): يشترط في المطلق أمور:
(1) البلوغ: فلا يصح طلاق الصبي على الأحوط نعم.
يعتبر ان لا يكون سنه أقل من عشر سنين.
(2) العقل: فلا يصح طلاق المجنون. ومن فقد عقله باغماء، أو شرب
مسكر ونحو هما.
(3) الاختيار: فلا يصح طلاق المكره والمجبور.
(4) قصد الفراق حقيقة بالصيغة: فلا يصح الطلاق إذا صدرت الصيغة
حالة النوم، أو هزلا، أو سهوا، أو نحو ذلك.
(مسألة 1078): لا يجوز الطلاق ما لم تكن المطلقة طاهرة من الحيض و
النفاس. وتستثنى من ذلك موارد:
(الأول): أن لا تكون الزوج قد دخل بزوجته.
(الثاني): أن تكون الزوجة حاملان، فإن لم يستبن حملها وطلقها زوجها -
وهي حائض - ثم علم أنها كانت حاملا - وقتئذ - صح طلاقها.
(الثالث): أن يكون الزوج غائبا أو محبوسا، ولم يتمكن من استعلام حال
زوجته فيصح منه الطلاق، وإن وقع حال حيضها وأما إذا تمكن الغائب، أو
المحبوس من استعلام الحال من جهة العلم بعادتها، أو ببعض الأمارات
الشرعية لم يجز له طلاقها ما لم تمض مدة يعلم فيها بالطهر، وكذلك إذا سافر
الزوج وترك زوجته - وهي حائض - فإنه لا يجوز له أن يطلقها، ما لم تمض
مدة حيضها. وإذا طلق الزوج زوجته في غيره هذه الصورة - وهي حائض -
304

لم يجز الطلاق. وإن طلقها باعتقاد إنها حائض - وبانت طاهرة - صح
الطلاق.
(مسألة 1079): كما لا يجوز طلاق المرأة في الحيض والنفاس كذلك لا
يجوز لها طلاقها في طهر قاربها فيه، فلو قاربها في طهر لزمه الإنتظار حتى
تحيض وتطهر، ثم يطلقها بدون مواقعة. ولو سافر عنها وجب عليه الإنتظار
مدة تنتقل فيها المرأة - عادة - إلى طهر جديد، على أن لا يقل انتظاره عن
شهر على الأحوط. ويستثنى من ذلك الصغيرة واليائسة، فإنه يجوز طلاقهما
في طهر المواقعة، وكذلك الحامل. وأما من لا تحيض - وهي في سن من
تحيض - فلا يجوز طلاقها إذا واقعها الزوج، إلا بعد أن يعتزل عنها ثلاثة
أشهر.
(مسألة 1080): لا يقع الطلاق إلا بلفظ الطلاق بصيغة خاصة عربية، و
في محضر عدلين ذكرين يسمعان الإنشاء فيقول الزوج مثلا: " زوجتي فلانة
طالق " أو يخاطب زوجته ويقول: " أنت طالق " أو يقول وكيلة: " زوجة
موكلي فلانة طالق ". وإذا كانت الزوجة معينة لم يلزم ذكر اسمها.
(مسألة 1081): لا يصح طلاق المتمتع بها، بل فراقها يتحقق بانقضاء
المدة أو بذله لها، بأن يقول الرجل: " وهبتك مدة المتعة " ولا يعتبر في صحة
البذل الاشهاد، ولا خلوها من الحيض والنفاس.
305

عدة الطلاق
(مسألة 1082): لا عدة على الصغيرة التي لم تكمل التسع وإن دخل بها
زوجها، وكذلك اليائسة، فيسمح لهما بالزواج بمجرد الطلاق، وكذلك من لم
يدخل بها زوجها، وإن كانت بالغة.
(مسألة 1083): إذا طلق الرجل زوجته المدخول بها - بعد إكمال التسع
وقبل بلوغها سن اليأس - وجبت عليها العدة، وعدة الحرة - غير الحامل -
ثلاثة أطهار، ويحسب الطهر الفاصل بين الطلاق وحيضها طهرا واحدا،
فتنقضي عدتها برؤية الدم الثالث.
(مسألة 1084): المطلقة الحامل، عدتها أقرب الأجلين من الأقراء أو
الأشهر ومن وضع الحمل، فتنقضي بوضع الحمل تاما أو سقطا، ولو كان بعد
الطلاق بساعة.
(مسألة 1085): إذا حملت باثنين فانقضاء عدتها بوضع الأخير منهما.
(مسألة 1086): المطلقة - غير الحامل - إذا كانت لا تحيض - وهي في
سن من تحيض - عدتها ثلاثة أشهر، فإذا طلقها - في أول الشهر - اعتدت إلى
ثلاثة أشهر هلالية، وإذا طلقها - في أثناء الشهر اعتدت بقية شهرها و
شهرين هلاليين آخرين، ومقدارا من الشهر الرابع تكمل به نقص الشهر
الأول، فمن طلقت في غروب اليوم العشرين من شهر رجب - مثلا - وكان
الشهر تسعة وعشرين يوما وجب عليها أن تعتد إلى اليوم العشرين من
306

شوال، والأحوط لها أن تعتد إلى اليوم الواحد والعشرين منه ليكمل بضمه
إلى أيام العدة من رجب ثلاثون يوما.
(مسألة 1087): عدة المتمتع بها إذا كانت بالغة مدخولا بها غير يائسة
حيضتان كاملتان، وإن كانت لا تحيض لمرض ونحوه فعدتها خمسة و
أربعون يوما، وعدة الحامل المتمتع بها أبعد الأجلين من وضع حملها، ومن
مضي خمسة وأربعين يوما على الأحوط.
(مسألة 1088): ابتداء عدة الطلاق من حين وقوعه، فلو طلقت المرأة.
وهي لا تعلم به فعلمت به والعدة قد انقضت: جاز لها التزويج دون أن
تنتظر مضي زمان ما، وإذا علمت بالطلاق - أثناء العدة - أكملتها، وكذلك
الحال في المتمتع بها.
(مسألة 1089): إذا توفى الزوج وجبت على زوجته العدة مهما كان عمر
الزوجة. فتعتد الصغيرة والبالغة واليائسة على السواء، من دون فرق بين
الزوجة المنقطعة، والدائمة، والمدخول بها، وغيرها. ويختلف مقدار العدة
تبعا لوجود الحمل وعدمه، فإذا لم تكن الزوجة حاملا اعتدت أربعة أشهر و
عشرة أيام، وإذا كانت حاملا كانت عدتها أبعد الأجلين من هذه المدة و
وضع الحمل فتستمر الحامل في عدتها إلى أن تضع ثم ترى، فإن كان قد
مضى على وفاة زوجها - حين الوضع - أربعة أشهر وعشرة أيام فقد انتهت
عدتها، وإلا استمرت في عدتها إلى أن تكمل هذه المدة ومبدأ عدة الوفاة -
فيما إذا كان الزوج غائبا أو في حكمه - من حين بلوغ خبر الموت إلى الزوجة،
307

دون زمان الوفاة واقعا على إشكال في المجنونة والصغيرة، ولا يبعد ذلك في
الحاضر إذا لم يبلغها خبر وفاته الا بعد مدة.
(مسألة 1090): كما يجب على الزوجة أن تعتد عند وفاة زوجها، كذلك
يجب عليها إذا كانت بالغة الحداد بترك ما فيه زينة، من الثياب، والأدهان، و
الطيب، فيحرم عليها لبس الأحمر والأصفر، والحلي والتزين بالكحل
والطيب والخضاب، وما إلى ذلك مما يعد زينة تتزين به الزوجات
لأزواجهن.
(مسألة 1091): إذا غاب الزوج عن زوجته، وبعد ذلك تأكدت
الزوجة لقرائن خاصة من موت زوجها في غيبته، كان لها أن تتزوج بآخر
بعد انتهاء عدتها، فلو تزوجت شخصا آخر ثم ظهر أن زوجها الأول مات
بعد زواجها من الثاني وجب عليها الانفصال من زوجها الثاني، فإذا كانت
حاملا اعتدت منه عدة الطلاق إلى أن تضع حملها، ثم تعتد أربعة أشهر و
عشرا عدة الوفاة لزوجها الأول. وأما إذا لم تكن حاملا فتعتد أولا عدة
الوفاة للزوج الأول ثم تعتد عدة الطلاق الثاني.
(مسألة 1092): إذا ادعت المرأة انقضاء عدتها قبلت دعواها بشرطين:
(الأول) أن لا تكون المرأة مظنة التهمة على الأحوط.
(الثاني) أن يمضي زمان من الطلاق أو من موت الزوج بحيث يمكن أن
تنقضي العدة فيه.
308

الطلاق البائن والرجعي
(مسألة 1093): الطلاق البائن ما ليس للزوج بعده الرجوع إلى الزوجة
إلا بعقد جديد وهو ستة:
(1) طلاق الصغيرة التي لم تبلغ التسع.
(2) طلاق اليائسة.
(3) الطلاق قبل الدخول.
(4) الطلاق الذي سبقه طلاقان.
(5) طلاق الخلع والمباراة.
(6) طلاق الحاكم زوجة الممتنع عن الطلاق وعن الإنفاق عليها " و
ستمر عليك أحكام تلك الأقسام، وأما غير الأقسام المذكورة فهو طلاق
رجعي وهو الذي يحق للمطلق - بعده - أن يراجع المطلقة ما دامت في العدة.
(1094): تثبت النفقة والسكنى لذات العدة الرجعية في العدة، و
يحرم عليها أن تخرج من دارها إلا في حاجة لازمة، كما يحرم على زوجها
إخراجها من الدار التي كانت فيها عند الطلاق، إلى بيت آخر غير مناسب
لحالها وشأنها، إلا أن يأتي بفاحشة مبينة. كما إذا كانت بذيئة اللسان، أو
كانت تتردد على الأجانب، أو يترددون عليها بل كل ذنب أدناه ان تؤذى
أهلها.
الرجعة وحكمها
(مسألة 1095): الرجعة عبارة عن (رد المطلقة الرجعية في زمان عدتها
309

إلى نكاحها السابق) فلا رجعة في البائنة، ولا في الرجعة بعد انقضاء عدتها، و
تتحقق الرجعة بأحد أمرين:
(الأول) أن يتكلم بكلام دال على إنشاء الرجوع كقوله: (راجعتك) و
نحوه.
(الثاني) أن يفعل فعلا يقصد به الرجوع إليها.
والظاهر تحقق الرجوع بالوطء وإن لم يقصد به الرجوع إليها.
(مسألة 1096): لا يعتبر الإشهاد في الرجعة، كما لا يعتبر فيها اطلاع
الزوجة عليها، وعليه فلو رجع بها في نفسه من دون اطلاع أحد صحت
الرجعة وعادة المرأة إلى نكاحها السابق.
(مسألة 1097): إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا ثم صالحها على
أن لا يرجع إليها بإزاء مال أخذه منها صحت المصالحة ولزمت، ولكنه مع
ذلك لو رجع إليها بعد المصالحة صح رجوعه.
(مسألة 1098): لو طلق الرجل زوجته ثلاثا مع تخلل رجعتين أو
عقدين جديدين في البين حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، ويعتبر في
زوال التحريم بالنكاح الثاني أمور:
(الأول) أن يكون العقد دائما لا متعة.
(الثاني) أن يطأها. والأظهر أن يكون الوطء في القبل.
(الثالث) أن يفارقها الزوج الثاني بموت، أو طلاق.
(الرابع) انقضاء عدتها من الزوج الثاني.
(الخامس) أن يكون الزوج الثاني بالغا. فلا اعتبار بنكاح غير البالغ.
310

الطلاق الخلعي
(مسألة 1099): الخلع هو: (الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة
لزوجها).
(مسألة 1100): صيغة الخلع أن يقول الزوج - بعد أن تقول الزوجة
لزوجها: (بذلت لك مهري على أن تخلعني): (زوجتي فلانة خالعتها على ما
بذلت) والأحوط الأولى أن يعقبه بكلمة (هي طالق) وإذا كانت الزوجة
معينة لم يلزم ذكر اسمها، لا في الخلع ولا في المباراة، ويجوز أن يكون المبذول
غير المهر.
(مسألة 1101): إذا وكلت المرأة أحدا في بذل مهرها لزوجها ووكله
زوجها أيضا في طلاقها قال الوكيل: " عن موكلتي فلانة بذلت مهرها لموكلي
فلان ليخلعها عليه " ويعقبه فورا بقوله: " زوجة موكلي خالعتها على ما
بذلت هي طالق ". ولو وكلت الزوجة شخصا في بذل شئ آخر غير المهر
لزوجها يذكره الوكيل مكان كلمة المهر، مثلا إذا كان المبذول مائة دينار قال
الوكيل " عن موكلتي بذلت مائة دينار لموكلي فلا ليخلعها عليه " ثم يعقبه
بما تقدم.
المباراة وحكمها
(مسألة 1102): المباراة هي " طلاق الزوج الكاره لزوجته بفدية من
الزوجة الكارهة لزوجها " فالكراهة في المباراة تكون من الطرفين.
311

(مسألة 1103): صيغة المبارة أن يقول الزوج: " بارأت زوجتي فلانة
على مهرها فهي طالق ". ولو وكل غيره في ذلك قال الوكيل: " بارأت زوجة
موكلي فاطمة على مهرها " أو (بمهرها) بدل جملة (على مهرها) وإذا كانت
المرأة معينة لم يلزم ذكر اسمها كما عرفته في الخلع.
(مسألة 1104): تعتبر العربية الصحيحة في صيغة الخلع، والمباراة. نعم
لا تعتبر العربية في بذل الزوجة مالها للزوج ليطلقها بل يقع ذلك بكل لغة
مفيدة للمعنى المقصود.
(مسألة 1105): لو رجعت الزوجة عن بذلها في عدة الخلع والمباراة
جاز للزوج أيضا أن يرجع إليها، فينقلب الطلاق البائن رجعيا.
(مسألة 1106): يعتبر في المباراة أن لا يكون المبذول أكثر من المهر ولا
بأس بزيادته في الخلع.
مسائل متفرقة في الطلاق
(مسألة 1107): إذا وطأ الرجل امرأة شبهة باعتقاد أنها زوجته اعتدت
عدة الطلاق (على التفصيل المتقدم) سواء علمت المرأة بكون الرجل أجنبيا
أم لم تعلم به.
(مسألة 1108): إذا زنى بامرأة مع العلم بكونها أجنبية لم تجب عليها
العدة.
312

(مسألة 1109): إذا خدع الرجل ذات بعل ففارقت زوجها بطلاقها و
تزوجه بها صح الطلاق والزواج، غير أنهما ارتكبا معصية كبيرة.
(مسألة 1110): لو اشترطت الزوجة على زوجها في عقد الزواج أن
يكون اختيار الطلاق بيدها مطلقا، أو إذا سافر، أو إذا لم ينفق عليها بطل
الشرط، وأما إذا اشترطت عليه أن تكون وكيلة عند في طلاق نفسها مطلقا،
أو إذا سافر، أو إذا لم ينفق عليها صح الشرط وصح طلاقها حينئذ.
(مسألة 1111): إذا غاب الزوج ولم يظهر له أثر، ولم يعلم موته ولا
حياته: جاز لزوجته أن ترفع أمرها إلى المجتهد العادل فتعمل بما يقرره.
(مسألة 1112): طلاق زوجة المجنون بيد أبيه، وجده لأبيه.
(مسألة 1113): إذا زوج الطفل أبوه أو جده من أبيه بعقد انقطاع جاز
لهما بذل مدة زوجته مع المصلحة، ولو كانت المدة تزيد على زمان صباه، كما
إذا كان عمر الصبي أربع عشر سنة وكانت مدة المتعة سنتين مثلا، وليس
لهما تطليق زوجته الدائمة.
(مسألة 1114): لو اعتقد الرجل بعدالة رجلين وطلق زوجته عندهما:
جاز لغيره تزويجها بعد انقضاء عدتها، وإن لم يحرز هو عدالة الشاهدين. نعم
الأحوط الأولى أن لا يتزوجها بنفسه، ولا يتصدى لتزويجها للغير مالم
يحرز عدالتهما.
(مسألة 1115): إذا طلق الرجل زوجته دون أن تعلم به وأنفق عليها
313

على النهج الذي كان ينفق عليها قبل طلاقها وأخبرها به بعد مدة طويلة، و
أثبت ذلك جاز له أن يسترد ما بقي عندها مما هيأه لمعيشتها من المأكول أو
غيره.
أحكام الغصب
(مسألة 1116): الغصب هو: (استيلاء الإنسان - عدوانا - على مال
الغير، أو حقه) وهو من كبائر المحرمات، ويؤاخذ فاعله - يوم القيامة -
بأشد العذاب، وعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: (من غصب شبرا من
الأرض طوقه الله من سبع أرضين يوم القيامة).
(مسألة 1117): من الغصب منع الناس عن الانتفاع بالأوقاف العامة،
كالمساجد والمدارس والقناطر ونحوها، وكذا الحال فيما إذا اتخذ أحد مكانا
في المسجد للصلاة أو لغيرها، فإن منعه عن الانتفاع به من الغصب الحرام.
(مسألة 1118): لا يجوز للراهن أن يأخذ من المرتهن رهنه قبل أن يوفي
له دينه، لأنه وثيقة للدين فلو أخذه منه قبل ذلك من دون رضاه فقد غصب
حقه.
(مسألة 1119): إذا غصبت العين المرهونة فلكل من الراهن والمرتهن
مطالبتها من الغاصب، وإن أخذ منه بدلها لأجل تلف العين فهو أيضا يكون
رهنا.
314

(مسألة 1120): يجب على الغاصب رد المغصوب إلى مالكه كما يجب
عليه رد عوضه إليه تقدير تلفه.
(مسألة 1121): منافع المغصوب - كالولد واللبن ونحوهما - ملك
لمالكه، وكذلك أجرة الدار التي غصبها، فإنه لابد من دفعها إلى مالكها وإن
لم يسكنها الغاصب قط.
(مسألة 1122): المال المغصوب من الصبي أو المجنون يرد إلى وليهما و
مع التف يرد إليه عوضه.
(مسألة 1123): إذا كان الغاصب شخصين معا ضمن كل منهما نصف
المغصوب، وإن كان كل منهما متمكنا من غصب المال تمامه.
(مسألة 1124): لو اختلط المغصوب بغيره - كما إذا غصب الحنطة و
مزجها بالشعير - فمع التمكن من يميزه ويرده
إلى مالكه.
(مسألة 1125): إذا غصب قلادة - مثلا - فكسرها وجب ردها إلى
مالكها، وعليه أجرة صياغتها، فلو طلب الغاصب أن يصوغها ثانيا كما
كانت سابقا فرارا عن أجرة الصياغة - لم يجب على المالك القبول، كما أن
المالك ليس له إجبار الغاصب بالصياغة وإرجاع المغصوب إلى حالته
الأولى.
(مسألة 1126): لو تصرف في العين المغصوبة بما تزيد به قيمتها كما إذا
315

غصب ذهبا فصاغه قرطا أو قلادة، وطلب المالك ردها إليه بتلك الحالة
وجب ردها إليه، ولا شئ له بإزاء عمله، بل ليس له ارجاعها إلى حالتها
السابقة من دون إذن مالكها، فلو أرجعها إلى ما كانت عليه سابقا، من دون
إذنه ضمن للمالك أجرة صياغتها.
(مسألة 1127): لو تصرف الغاصب في العين المغصوبة بما تزيد به قيمته
عما قبل وطلب المالك ارجاعها إلى حالتها السابقة وجب، ولو نقصت
قيمتها الأولية بذلك ضمن أرش النقصان، فالذهب الذي صاغه قرطا إذا
طلب المالك إعادة إلى ما كان عليه سابقا فأعاده الغاصب على ما كان عليه
فنقصت قيمته ضمن النقص.
(مسألة 1128): لو غصب أرضا فغرسها، أو زرعها فالغرس والزرع و
نماؤهما للغاصب، وعليه إزالتهما فورا، وإن تضرر بذلك إلا إذا رضي المالك
بالبقاء، كما أن عليه - أيضا - طم الحفر، وأجرة الأرض ما دامت مشغولة
بهما. ولو حدث نقص في قيمة الأرض بقلعهما وجب عليه أرش النقصان، و
ليس له اجبار المالك على بيع الأرض منه أو إجارتها إياه، كما أن المالك
لو بذل قيمة الغرس والزرع لم تجب على الغاصب إجابته.
(مسألة 1129): إذا رضي المالك ببقاء غرس الغاصب، أو زرعه في
أرضه بعوض لم يجب على الغاصب قلعهما، ولكن لزمته أجرة الأرض من
لدن غصبها إلى زمان رضاء المالك بالبقاء.
(مسألة 1130): إذا تلف المغصوب وكان قيميا - بأن اختلاف أفراده في
316

القيمة السوقية، من جهة الخصوصيات الشخصية - كالبقر والغنم ونحوهما
وجب رد قيمته إن لم يكن هناك تفاوت في القيمة السوقية بحسب الأزمنة، و
مع التفاوت لابد من دفع قيمة زمان الأداء، والأولى أن يدفع إلى المالك
أعلى القيم من زمان الغصب إلى زمان التلف.
(مسألة 1131): المغصوب التالف إذا كان مثليا - بأن لم تختلف أفراده في
القيمة من جهة الخصوصيات الشخصية - كالحنطة والشعير ونحوهما وجب
رد مثله. إلا أنه إنما يجزى فيما إذا اتحد المدفوع مع التالف في جميع
الخصوصيات النوعية والصنفية، فلا يجزي الردي من الحنطة - مثلا - عن
جيدها.
(مسألة 1132): لو غصب قيميا فتلف ولم تتفاوت قيمته السوقية في
زماني الغصب والتلف، إلا أنه حصل فيه ما يوجب ارتفاع قيمته، كما إذا كان
الحيوان مهزولا حين غصبه، ثم سمن فإنه يضمن قيمته حال سمنه.
(مسألة 1133): إذا غصبت العين من مالكها، ثم غصبها الآخر من
الغاصب، ثم تلفت فللمالك مطالبة أي منهما ببدلها من المثل أو القيمة، كما أن
له مطالبة أي منهما بمقدار من العوض.
ثم أنه إذا أخذ العوض من الغاصب الأول فللأول مطالبة الغاصب الثاني
بما غرمه للمالك، وأما إذا أخذ العوض من الغاصب الثاني فليس له أن يرجع
إلى الأول بما دفعه إلى المالك.
(مسألة 1134): إذا بطلت المعاملة لفقدها شرطا من شروطها، كما إذا
317

باع ما يباع بالوزن من دون وزن فإن رضي البائع والمشتري بتصرف كل
منهما في مال الآخر - مع قطع النظر عن صحة المعاملة - فهو، وإلا فما في يد
كل منهما من مال صاحبه كالمغصوب يجب رده إلى مالكه، فلو تلف تحت
يده وجب رد عوضه سواء أعلم ببطلان المعاملة أو لم يعلم.
(مسألة 1135): المقبوض بالسوم وما يبقيه المشتري عنده ليتروى في
شرائه، إذا تلف ضمن المشتري للبايع عوضه من المثل أو القيمة.
أحكام اللقطة
وهي المال المأخوذ المعثور عليه بعد ضياعه عن مالكه.
(مسألة 1136): إذا لم تكن للمال الملتقط علامة يعرف بها وبلغت قيمته
درهما (6 / 12 حمصة من الفضة المسكوكة) يتصدق به عن مالكه مع الضمان،
أو يتملكه كذلك، أو يبقيه في يده ويحفظه بلا ضمان.
(مسألة 1137): إذا كانت قيمة اللقطة دون الدرهم، فإن علم مالكها و
لم يعلم رضاه لم يجز أخذها من دون إجازته، وأما إذا لم يعلم مالكها
فللملتقط أخذها بنية التملك، ثم إذا ظهر مالكها لزم دفعها إليه وإن كانت
تالفة لم يضمن.
(مسألة 1138): اللقطة إذا كانت لها علامة يمكن الوصول بها إلى مالكها
وبلغت قيمتها درهما، وجب تعريفها في مجامع الناس سنة كاملة من يوم
318

الالتقاط، سواء أكان مالكها مسلما، أو كافر ذميا، هذا فيما إذا أمكن
التعريف، وأما فيما لا يمكن فيه التعريف لأجل أن مالكه قد سافر إلى البلاد
البعيدة التي لا يمكن الوصول إليها، أو لأجل أن الملتقط يخاف من التهمة و
الخطر إن عرف بها يسقط التعريف ويتخير بين التصدق بها مع الضمان، وبين
تملكها كذلك، وبين ابقائها في يده بلا ضمان.
(مسألة 1139)، لا تعتبر المباشرة في التعريف بل للملتقط الاستنابة فيه
مع الاطمئنان بوقوعه.
(مسألة 1140): إذا عرف اللقطة سنة ولم يظهر مالكها فإن كانت اللقطة
في الحرم - أي حرم مكة زادها الله شرفا - وجب عليه أن يتصدق بها عن
مالكها، أو يحفظها لمالكها، وأما إذا كانت في غير الحرم فللملتقط أن
يتملكها، أو يحفظها لمالكها، أو يتصدق بها عن مالكها، والأولى هو الأخير.
(مسألة 1141): لو عرف اللقطة سنة ولم يظفر بمالكها، فتلفت ثم يظفر به
فإن كان قد تحفظ بها لمالكها ولم يتعد في حفظها ولم يفرط لم يضمن. وإن
كانت تملكها ضمنها لمالكه، وإن تصدق بها عن صاحبها كان المالك
بالخيار بين أن يرضى بالتصدق وأن يطالبه يبدلها.
(مسألة 1142): لو لم يعرف اللقطة - عمدا - عصى، ولا يسقط عنه
وجوبه فيجب تعريفها بعد العصيان أيضا. (مسألة 1143): إذا كان الملتقط صبيا: فللولي إن يتصدى لتعريف
319

اللقطة وتملكها له بعد ذلك، أو التصدق بها عن مالكها، كما أن له التعريف و
بعده يجرى التخيير المتقدم لكن يتولى الولي التملك أو التصدق أو يأذن له في
أحدهما.
(مسألة 1144): إذا يئس اللاقط من الظفر بمالك اللقطة - قبل تمام السنة
- ففي جواز التملك، أو التصدق بها إشكال. الأظهر هو الجواز مع الاطمينان
بعدم الظفر به وعدمه مع الاحتمال.
(مسألة 1145): لو تلفت اللقطة قبل تمام السنة، فإن لم يتعد في حفظها،
ولم يفرط لم يكن عليه شئ، وإلا وجب رد عوضها إلى مالكها. (مسألة 1146): اللقطة (ذات العلامة) البالغة قيمتها درهما إذا علم أن
مالكها لا يوجد بتعريفها جاز - من اليوم الأول - أن يتصدق بها عن مالكها،
ولا ينظر بها حتى تمضي سنة.
(مسألة 1147): لو وجد مالا، وحسب أنه له فأخذه، ثم ظهر أنه للغير
فهو لقطة يجب تعريفه سنة كاملة.
(مسألة 1148): لا يعتبر في التعريف ذكر صفات الملتقط وجنسه بل لو
قال: من ضاع له شئ أو مال؟ كفى.
(مسألة 1149): لو ادعى اللقطة أحد: سئل عن أوصافها وعلاماتها،
فإذا توافقت الصفات والعلائم التي ذكرها مع الخصوصيات الموجودة فيها، و
حصل الاطمئنان بأنها له - كما هو الغالب - أعطيت له، ولا يعتبر أن يذكر
320

الأوصاف التي لا يلتفت إليها المالك غالبا.
(مسألة 1150): اللقطة البالغة قيمتها درهما إذا ترك اللاقط تعريفها و
وضعها في مجامع الناس، كالمسجد والزقاق فأخذها شخص آخر، أو تلفت
ضمنها ملتقطها.
(مسألة 1151): لو كانت اللقطة ما يفسد بالبقاء، جاز للاقطها أن
يقومها على نفسه ويتصرف فيها بما شاء ويبقى الثمن في ذمته للمالك، كما
يجوز له أن يبيعها عن غيره ويحفظ ثمنها لمالكها، ولا يسقط التعريف عنه
على الأظهر، بل يعرف بها سنة فإن وجد صاحبها دفع إليه الثمن، وإلا
فحكمه حكم مجهول المالك.
(مسألة 1152): لا تبطل الصلاة باستصحاب اللقطة - حالها - إذا كان
من قصده الظفر بمالكها ودفعها إليه.
(مسألة 1153): لو تبدل حذاؤه بحذاء غيره جاز له أن يتملكه إذا علم
أن الموجود لمن أخذ ماله، وأنه راض بالمبادلة وكذلك الحال فيما إذا علم أنه
أخذ ماله عدوانا وظلما بشرط أن لا تزيد قيمة المتروك عن قيمة المأخوذ، و
إلا فالزيادة من المجهول مالكه، يترتب عليها ما كان يترتب عليه. وأما في
غير الصورتين المذكورتين فالمتروك مجهول المالك وحكمه حكمه.
(مسألة 1154): يجب الفحص عن المالك فيما جهل مالكه وهو (كل مال
لم يعلم مالكه ولم يصدق عليه عنوان اللقطة) وبعد اليأس عن الظفر به
321

يتصدق به، ويعتبر أن يكون التصدق بإجازة من الحاكم الشرعي، ولا
يضمنه المتصدق إذا وجد مالكه بعد ذلك.
(مسألة 1155): إذا وجد حيوان في غير العمران كالبراري والجبال، و
الآجام والفلوات ونحوها من المواضع الخالية من السكان، فإن كان الحيوان
يحفظ نفسه ويمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه، أو قوته كالبعير
والفرس والجاموس والثور ونحوها لن يجز أخذه، سواء أكان في كلاء وماء أم
لم يكن فيهما إذا كان صحيحا يقوى على السعي إليهما، فإن أخذه الواجد
حينئذ كان آثما وضامنا له وتجب عليه نفقته ولا يرجع بها على المالك، وإذا
استوفى شيئا من نمائه كلبنه وصوفه كان عليه مثله أو قيمته. وإذا ركبه أو
حمله حملا كان عليه أجرته ولا تبرأ ذمته من ضمانه إلا بدفعه إلى مالكه نعم
إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي.
(مسألة 1156): إن كان الحيوان المذكور لا يقوى على الامتناع من
السباع جاز أخذه كالشاة وأطفال الإبل، والبقر، والخيل، والحمير ونحوه،
فإن أخذه عرفه في موضع الالتقاط، والأظهر أن يعرفه في ما حول موضع
الالتقاط أيضا. فإن لم يعرف المالك جاز له تملكها والتصرف فيها بالأكل و
البيع، ويضمنها حينئذ بقيمتها.
(مسألة 1157): إذا ترك الحيوان صاحبه في الطريق فإن كان قد أعرض
عنه جاز لكل أحد تملكه كالمباحات الأصلية ولا ضمان على الآخذ، وإذا
تركه عن جهد وكلل بحيث لا يقدر أن يبقى عنده ولا يقدر أن يأخذه معه
322

فإذا كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر الحيوان على العيش فيه لأنه لا ماء
فيه ولا كلاء ولا يقوي الحيوان فيه على السعي إليهما جاز لكل أحد أخذه و
تملكه. وأما إذا كان الحيوان يقدر فيه على التعيش لم يجز لأحد أخذه ولا
تملكه، فمن أخذه كان ضامنا له، وكذا إذا تركه عن جهد وكان ناويا للرجوع
إليه قبل ورود الخطر عليه.
(مسألة 1158): إذا وجد الحيوان في العمران وهو المواضع المسكونة
التي يكون الحيوان مأمونا فيها، كالبلاد والقرى وما حولها مما يتعارف
وصول الحيوان منها إليه لم يجز له أخذه، ومن أخذ ضمنه ويجب عليه
التعريف ويبقى في يده مضمونا إلى أن يؤديه إلى مالكه، فإن يئس منه
تصدق به، نعم إذا كان غير مأمون من التلف عادة لبعض الطوارئ فالظاهر أن
له اخذه من غير ضمان.
(مسألة 1159): إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار إنسان لا يجوز
له أخذها، ويجوز إخراجها من الدار وليس عليه شئ إذا لم يكن قد
أخذها، أما إذا أخذها ففي جريان حكم اللقطة عليها إشكال، والأحوط
التعريف بها حتى يحصل اليأس من معرفة مالكها ثم يتصدق بها، والظاهر
عدم ضمانها لصحابها إذا ظهر.
(مسألة 1160): إذا احتاجت الضالة إلى النفقة فإن وجد متبرع بها أنفق
عليها، وإلا أنفق عليها من ماله ورجع بها على المالك في مورد جواز الاخذ.
(مسألة 1161): إذا كان للضالة نماء أو منفعة واستوفاها الآخذ كان
323

ذلك بدل ما أنفقه عليها، ولكن لابد أن يكون ذلك بحساب القيمة على
الأقوى.
أحكام الذباحة
(مسألة 1162): الحيوان المحلل لحمه - وحشيا كان أم أهليا - إذا ذبح
على الترتيب الآتي في هذا الباب، وخرجت روحه يحل أكله نعم موطؤ
الإنسان والشاة المرتضعة بلبن الخنزيرة لا يحل أكلهما بالذبح، وكذلك
الجلال قبل استبرائه " وقد مر بيانه ".
(مسألة 1163): الحيوان الوحشي المحلل لحمه كالغزال، والحيوان
الأهلي المحلل إذا استوحش كالبقر، يحل لحمها بالاصطياد، وأما الحيوانات
المحللة الأهلية، كالشاة والدجاجة، والبقر غير المتوحش، ونحوها، و
كذلك الحيوانات الوحشية إذا تأهلت: فلا يحكم بطهارة لحمها ولا بحليتها
بالاصطياد.
(مسألة 1164): الحيوان الوحشي الحلال أكله إنما يحكم بحليته و
طهارته بالاصطياد، فيما إذا كان قادرا على العدو أو ناهضا للطيران، فولد
الوحش قبل أن يقدر على الفرار، وفرخ الطير قبل أن ينهض للطيران لا
يحلان بالاصطياد، ولا يحكم بطهارتهما حينئذ، فلو رمى ظبيا وولده غير
القادر على العدو، فماتا حل الظبي وحرم الولد.
(مسألة 1165): ميتة الحيوان الحلال الذي ليست له نفس سائلة،
324

كالسمك يحرم أكلها لكنها طاهرة.
(مسألة 1166): الحيوان المحرم أكله - إذا لم تكن له نفس سائلة كالحية
- لا يحل بذبحه أو بصيده لكن ميتته طاهرة.
(مسألة 1167): الكلب والخنزير لا يقبلان التذكية فلا يحكم بطهارتهما
ولا بحليتهما بالذبح أو الصيد. وأما السباع وهي: - ما تفترس الحيوان و
تأكل اللحم - كالذئب والنمر فهي قابلة للتذكية، فلو ذبحت أو اصطيدت
بالرمي ونحوه حكم بطهارة لحومها وجلودها وإن لم يحل أكلها بذلك، نعم
إذا اصطيدت بالكلب الصائد: أشكل الحكم بطهارتها.
(مسألة 1168): الفيل، والدب، والقرد، وكذلك الحشرات التي تسكن
باطن الأرض كالضب، والفار - إذا كانت لها نفس سائلة - يحكم بنجاسة
ميتتها. نعم الظاهر أنها لو ذبحت أو اصطيدت بالرمي ونحوه غير الكلب
يحكم بطهارة لحومها وجلودها.
(مسألة 1169): لو خرج الجنين ميتا من بطن أمه - وهي حية - أو
أخرج كذلك لم يحل أكله.
كيفية الذبح
(مسألة 1170): الكيفية المعتبرة في الذبح هي: أن تقطع الأوداج الأربعة
تماما، وفي كفاية شقها من قطعها إشكال. والمعروف أن قطع الأوداج لا
325

يتحقق إلا إذا كان القطع من تحت العدة المسماة ب‍ (الجوزة). والأوداج
الأربعة هي المري (مجري الطعام والشراب) والحلقوم (مجرى النفس)،
العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم.
(مسألة 1171): يعتبر في قطع الأوداج الأربعة: أن يكون حال الحياة
فلو قطع الذابح بعضها وأرسلها فمات، ثم قطع الباقي حرمت الذبيحة، و
يعتبر فيه التتابع على الظاهر فلو قطع الأوداج قل زهوق روح الحيوان إلا
أنه فصل بينها بما هو خارج عن المتعارف المعتاد حل ولكن الاحتياط
بالتتابع أولي وأحسن.
(مسألة 1172): لو قطع الذئب - مثلا مذبح الحيوان المحلل أكله فإن
تبق الأوداج الأربعة التي يعتبر قطعها في الذبح لم يحل أكله، وأما إذا كانت
باقية وكان الحيوان حيا وذبح من فوق محل القطع أو من تحته حل أكله
كذلك إذا كان المحل المقطوع غير المذبح وكان الحيوان حيا فإنه يحل أكل
بذبحه.
شرائط الذبح
(مسألة 1173): يشترط في تذكية الذبيحة أمور:
(الأول) أن يكون الذابح مسلما - أو كتابيا بشرط احراز التسمية - رجل
كان أو امرأة أو صبيا مميزا - ولا تحل ذبيحة المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام.
326

(الثاني): أن يكون الذبح بالحديد مع الامكان. نعم إذا لم يوجد الحديد و
خيف فوت الذبيحة بتأخير ذبحها، أو كانت هناك ضرورة أخرى تقتضي
الذبح جاز - حينئذ ذبحها بكل ما يقطع الأوداج من الزجاجة والحجارة
الحادة ونحو هما.
(الثالث): الاستقبال بالذبيحة - حال الذبح - بأن توجه مقاديم بدنها -
من الوجه واليدين والبطن والرجلين - إلى القبلة، أو بوجهها بنفسها إليها كما
إذا وقفها مستقبل القبلة فذبحها وتحرم الذبيحة بالاخلال به متعمدا، ولا
بأس بتركه نسيانا أو خطاءا، أو للجهل بالاشتراط، أو لعدم العلم بجهتها، أو
عدم التمكن من توجيه الذبيحة إليها. والأحوط الأولى أن يكون الذابح
أيضا مستقبلا.
(الرابع): التسمية، بأن يذكر الذابح اسم الله عليها بنية الذبح، أو حينما
يضع السكين على مذبحها، ويكفي في التسمية أن يقول: (بسم الله) والأظهر
الاكتفاء بمجرد ذكر الاسم الشريف ولا أثر للتسمية من دون نية الذبح. نعم
لو أخل بها نسيانا لم تحرم الذبيحة.
(الخامس): خروج الدم المتعارف، فلا تحل إذا لم يخرج منها الدم، أو كان
الخارج قليلا بالإضافة إلى نوعها.
ولا يعتبر أن يكون الذبح من المذبح، فيجوز أن يكون من القفا، بل يكفي
إدخال السكين تحت الأوداج ثم قطعها إلى فوق.
(السادس): أن تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة يسيرة، بأن
تطرف عينها أو تحرك ذنبها، أو تركض برجلها هذا فيما إذا شك في حياتها
حال الذبح وإلا فلا تعتبر الحركة أصلا.
327

(مسألة 1174): يكره - إبانة الرأس عمدا قبل خروج الروح من
الذبيحة. وكذلك قطع نخاع الذبيحة عمدا قبل أن تموت، والنخاع هو الخيط
الأبيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة إلى الذنب.
نحر الإبل
(مسألة 1175): يعتبر في حلية لحم الإبل وطهارته - مضافا إلى
الشرائط الخمسة المتقدمة - أن يدخل سكينا، أو رمحا، أو غيرهما من
الآلات الحادة الحديدية في لبتها وهي " الموضع المنخفض الواقع بين أصل
العنق والصدر ".
(مسألة 1176): يجوز نحر الإبل باركة أو ساقطة على جنبها متوجة
بمقاديم بدنها إلى القبلة. والأولى نحرها قائمة.
(مسألة 1177): لو ذبح الإبل بدلا عن نحرها، أو نحر الشاة أو البقرة أو
نحو هما بدلا من ذبحها حرم لحمها وحكم بنجاستها. نعم لو قطع الأوداج
الأربعة من الإبل ثم نحرها قبل زهوق روحها أو نحر الشاة مثلا ثم ذبحها قبل
أن تموت حل لحمها وحكم بطهارتهما.
(مسألة 1178): لو تعذر ذبح الحيوان أو نحره لاستعصائه، أو لوقوعه في
بئر. أو موضع ضيق ال يتمكن من الوصول إلى موضع ذكاته وخيف موته
هناك جاز أن يعقره في غير موضع الذكاة بشئ من الرمح والسكين و
غيرهما مما يجرحه، فإذا مات بذلك العقر طهر وحل أكله وتسقط فيه
328

شرطية الاستقبال. نعم لابد من أن يكون واجدا لسائر الشرائط المعتبرة في
التذكية.
آداب الذباحة والنحر
(مسألة 1179): يستحب عند ذبح الغنم أن تربط يداه وإحدى رجليه،
وتطلق الأخرى ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد، وعند ذبح البقر أن
تعقل يداه ورجلاه ويطلق ذنبه، وعند نحر الإبل أن تربط أخفافها إلى
اباطها وتطلق رجلاها هذا إذا نحرت باركة، أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن
تكون يدها اليسرى معقولة، وعند ذبح الطير أن يرسل بعد الذباحة حتى
يرفرف، ويستحب عرض الماء على الحيوان ان قبل أن يذبح أو ينحر، و
يستحب أن يعامل مع الحيوان عند ذبحه أو نحره عملا يبعده عن الأذى و
التعذيب، بأن يحد الشفرة ويمر السكين على المذبح بقوة ويجد في الاسراع و
غير ذلك.
مكروهات الذباحة والنحر
(مسألة 1180): يكره في ذبح الحيوانات ونحرها غير ما تقدم أمور:
(الأول): سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها.
(الثاني): أن تكون الذباحة في الليل أو يوم الجمعة قبل الزوال من دون
حاجة.
(الثالث): أن تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر.
329

(الرابع): أن يذبح ما رباه بيده من النعم.
أحكام الصيد بالسلاح
(مسألة 1181): يشترط في تذكية الوحش المحلل أكله إذا اصطيد
بالسلاح أمور: (منها) أن تكون الآلة كالسيف والسكين والخنجر وغيرها
من الأسلحة القاطعة، أو كالرمح والسهم مما يشاك بحده ويخرج جسد
الحيوان، فلو اصطيد بالحجارة أو العمود أو الشبكة أو الحبالة أو غيرها من
الآلات التي ليست بقاطعة ولا شائكة حرم أكله وحكم بنجاسته. وإذا
اصطاد بالبندقية فإن كانت الطلقة حادة تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه حل
أكله وهو طاهر. و (منها) أن يكون الصائد، مسلما، أو كتابيا مع احراز
التسمية، ولا بأس بصيد الصبي المسلم المميز، ولا يحل صيد الكافر غير
الكتابي ومنه المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام و (منها) قصد
الاصطياد، فلو رمى هدفا فأصاب حيوانا فقتله لم يحل و (منها) التسمية عند
استعمال السلاح في الاصطياد أو بعده قبل الإصابة فلو أخل بها متعمدا لم
يحل صيده، ولا بأس بالاخلال بها نسيانا و (منها) أن يدركه ميتا، أو إذ
أدركه وهو حي لم يكن الوقت متسعا لتذكيته، فلو أدركه حيا وكان الوقت
متسعا لذبحه، ولم يذبحه حتى خرجت روحه لم يحل أكله.
(مسألة 1182): لو اصطاد اثنان صيدا واحدا، أحدهما مسلم أو كتابي
دون الآخر، أو سمي أحدهما ولم يسم الآخر متعمدا لم يحل أكله.
330

(مسألة 1183): يعتبر في حلية الصيد أن تكون الآلة مستقلة في قتله،
فلو شاركها شئ آخر كما إذا رماه فسقط الصيد في الماء ومات وعلم استناد
الموت إلى كلا الامرين لم يحل، وكذا الحال فيما إذا شك في استناد الموت
إلى الرمي بخوصه.
(مسألة 1184): لا يعتبر في حلية الصيد إباحة الآلة فلو اصطاد حيوانا
بالكلب أو السهم المغصوبين حل الصيد وملكه الصائد دون صاحب الآلة،
أو الكلب، ولكن الصائد ارتكب معصية، ويجب عليه دفع أجرة الكلب أو
الآلة إلى صاحبه.
(مسألة 1185): لو قسم حيوانا بالسيف أو بغيره مما يحل به الصيد
قطعتين ولم يدركه حيا، أو أدركه كذلك إلا أن الوقت لم يتسع لذبحه فمع
اجتماع شرائط التذكية (المتقدمة في المسألة 1181) تحل كلتا القطعتين. وأما
إذا أدركه حيا وكان الوقت متسعا لذبحه فالقطعة الفاقدة للرأس والرقبة
محرمة، والقطعة التي فيها الرأس والرقبة طاهرة وحلال فيما إذا ذبح على
النهج المقرر شرعا.
(مسألة 1186): لو قسم الحيوان قطعتين بالحبالة أو الحجارة ونحوهما
مما لا يحل به الصيد حرمت القطعة الفاقدة للرأس والرقبة، وأما القطعة التي
فيها الرأس والرقبة فهي طاهرة وحلال فيما إذا أدركه حيا واتسع الوقت
لتذكيته وذبحه مع الشرائط المعتبرة وإلا حرمت هي أيضا.
(مسألة 1187): الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة حيا إذا
331

وقعت عليه التذكية الشرعية حل أكله وإلا حرم.
(مسألة 1188): الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة ميتا طاهر و
حلال بشرط كونه تام الخلقة وقد أشعر أو أوبر.
حكم الصيد بالكلب
(مسألة 1189): إذا اصطاد كلب الصيد حيوانا وحشيا محلل اللحم
فالحكم بطهارته وحليته بعد الاصطياد يتوقف على شروط ستة:
(1) أن يكون الكلب معلما، بحيث يسترسل ويهيج إلى الصيد متى أغراه
صاحبه به، وينزجر عن الهياج والذهاب إذا زجر، والأظهر اعتبار أن
تكون من عادته أن لا يأكل من الصيد شيئا حتى يصل إليه صاحبه، ولا
بأس بأكله منه أحيانا، كما لا بأس بأن يكون معتادا بتناول دم الصيد.
(2) أن يكون صيده بإرسال صاحبه للاصطياد فلا يكفي استرساله
بنفسه من دون ارسال، وكذا الحال فيما إذا استرسل بنفسه وأغراه صاحبه
بعد الاسترسال، حتى فيما إذا أثر فيه الإغراء كما إذا زاد في عدوه بسببه على
الأحوط.
(3) أن يكون المرسل مسلما أو كتابيا مع احراز ساير الشرائط فإذا
أرسله كافر غير كتابي ومنه من يعلن ببغض آل الرسول (ص) لم يحل الصيد،
ولا بأس بإرسال الصبي المسلم إذا كان مميزا.
(4) التسمية عند ارساله، أو بعده قبل الإصابة فلو تركها متعمدا حرم
الصيد ولا بأس بتركها نسيانا.
332

(5) أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب وعقره، فلو مات بسبب
آخر كخنقه أو إتعابه في العدو، أو ذهاب مرارته من شدة خوفه لم يحل.
(6) أن يكون إدراك صاحب الكلب الصيد بعد موته، أو إذا أدركه حيا
أن لا يتسع الوقت لذبحه، فلو أدركه أدركه حيا واتسع الوقت لتذكيته وترك ذبحه
حتى مات لم يحل.
(مسألة 1190): إذا أدرك مرسل الكلب الصيد حيا والوقت متسع
لذبحه، ولكنه اشتغل عن التذكية بمقدماتها من سل السكين ونحوه فمات قبل
تذكيته حل. وأما إذا استند تركه التذكية إلى فقد الآلة كما إذا لم يكن عنده
السكين - مثلا - حتى ضاق الوقت ومات الصيد قبل تذكيته لم يحل ولا
بأس باغرائه الكلب حينئذ ليقتله.
(مسألة 1191): لو أرسل كلابا متعددة للاصطياد فقتلت صيدا واحدا
فإن كانت الكلاب المسترسلة كلها واجدة للشرائط المتقدمة " في المسألة
1189 " حل الصيد، وإن لم يكن بعضها واجدا لتلك الشروط لم يحل.
(مسألة 1192): إذا أرسل الكلب إلى صيد حيوان كالغزال وصاد
الكلب حيوانا آخر فهو طاهر وحلال، وكذا الحال فيما إذا أرسله إلى صيد
حيوان فصاده مع حيوان آخر.
(مسألة 1193): لو كان المرسل متعددا بأن أرسل جماعة كلبا واحدا، و
كان أحدهم كافرا، غير كتابي أو لم يسم متعمدا حرم صيده، وكذا الحال فيما
إذا تعددت الكلاب، ولم يكن بعضها معلما (على النحو المتقدم في المسألة
333

1189) فإن الصيد وقتئذ نجس وحرام.
(مسألة 1194): لا يحل الصيد إذا اصطاده غير الكلب من أنواع
الحيوانات كالعقاب، والصقر، والباشق، والنمر وغيرها. نعم إذا أدرك
الصائد الصيد وهو حي، ثم ذكاه على الترتيب المقرر في الشرع حل أكله.
صيد السمك والجراد
(مسألة 1195): لو أخذ من الماء ماله فلس من الأسماك الحية ومات
خارج الماء حل أكله وهو طاهر، ولو مات داخل الماء فهو طاهر ولكن
يحرم أكله. وأما مالا فلس له من الأسماك فيحرم أكله مطلقا.
(مسألة 1196): لو وثبت السمكة خارج الماء، أو نبذتها الأمواج إلى
الساحل، أو غار الماء وبقيت السمكة وماتت قبل أخذها حرمت.
(مسألة 1197): لا يعتبر في صائد السمك الإسلام، ولا يشترط في
تذكيته التسمية، فلو أخذه الكافر حل لحمه.
(مسألة 1198): السمكة الميتة إذا كانت في يد المسلم يحكم بحليتها وإن
لم يعلم أنها أخذت من الماء حية، وإذا كانت في يد الكافر لم تحل، وإن أخبر
بتذكيتها، إلا أن يعلم بأنه أخرجها من الماء قبل موتها أو أنه أخذها خارج
الماء حية.
(مسألة 1199): يجوز بلع السمكة حية، والأولى: الاجتناب عنه.
334

(مسألة 1200): لو شوى السمكة حية، أو قطعها خارج الماء قبل أن
نموت حل أكلها، وإن كان الاجتناب عنه أولى.
(مسألة 1201): إذا قطعت من السمكة الحية بعد اخذها قطعة و
عيد الباقي إلى الماء حيا حلت القطعة المبالغة عنها، سواء أمات الباقي في الماء،
أم لم يمت ولكن الاجتناب أحوط.
(مسألة 1202): الجراد إذا أخذ حيا باليد، أو بغيرها من الآلات حل
أكله، ولا يعتبر في تذكيته إسلام الآخذ ولا التسمية حال أخذه، نعم لو
وجده في يد كافر ميتا ولم يعلم أنه أخذه حيا لم يحل، وإن أخبر بتذكيته
(كما مر).
(مسألة 1203): لا يحل من الجراد (الدبا) وهو ما تحرك ولم تنبت
أجنحته بعد.
أحكام الأطعمة والأشربة
(مسألة 1204): يحل أكل لحم الدجاج، والحمام، والعصفور بأنواعها،
والبلبل، والزرزور، والقبرة من أقسام العصفور، ويحرم الخفاش و
الطاووس، وكل ذي مخلب كالشاهين والعقاب والبازي، وما كان صفيفه
أكثر من دفيفه، وكل ما ليس له قانصة ولا حوصلة ولا صيصة إلا إذا كان
دفيفه أكثر فإنه يحل وإن لم يكن فيه إحدى الثلاث، ويحرم من الغراب ما
كان من سباع الطير قيل منها الأبقع الذي في سواد وبياض، والأسود
335

الكبير الذي يسكن الجبال وهما يأكلان الجيف ويكره غيرها، ويكره أكل
لحم الخطاف والهدهد.
(مسألة 1025): يحل من حيوان البحر من السموك ما كان له فلس، و
من الطير ما كان دفيفه أكثر من صفيفه.
(مسألة 1206): الغنم والبقر، والإبل، والخيل، والبغال، والحمير بجميع
أقسامها محللة الأكل سواء فيها الوحشية والأهلية، وكذلك الغزال، ويكره
أكل لحم الخيل والبغال والحمير الأهلية.
(مسألة 1207): يحرم أكل ما وطأه الإنسان من الحيوان المحلل أكله و
يحرم نسله، فإن كان مما يراد أكله كالإبل والبقر والغنم وجب أن يذبح و
يحرق، فإن كان لغير الواطئ وجب عليه أن يغرم قيمته لمالكه. وأما إذا كان
مما يراد ظهره كالخيل والبغال والحمير وجب نفيه من البلد وبيعه في بلد
آخر ويغرم الواطئ - إذا كان غير المالك - قيمته وكان الثمن له.
(مسألة 1208): يحرم الجدي " ولد الغنم " إذا رجع من لبن خنزيرة
واشتد لحمه وعظمه ويحرم نسله أيضا، ولو لم يشتد استبرأ سبعة أيام فيلقى
على ضرع شاة وإن كان مستغنيا عن الرضاع علف ويحل بعد ذلك.
(مسألة 1209): يحرم أكل لحم الجلال مالم يستبرأ، فإذا استبرئ حل
" وتقدم الجلل " وكيفية الاستبراء في الصفحة " 72 ".
(مسألة 1210): تحرم من الذبيحة بعدة أشياء والأحوط وجوبا
336

الاجتناب عن جميع ما يلي.
(1) الدم.
(2) الروث.
(3) القضيب.
(4) الفرج.
(5) المشيمة.
(6) الغدة وهي " كل عقدة في الجسم مدورة تشبه البندق ".
(7) البيضتان.
(8) خرزة الدماغ، وهي " حبة بقدر الحمصة في وسط الدماغ ".
(9) النخاع وهو " خيط أبيض كالمخ في وسط فقار الظهر ".
(10) العلباوان وهما: " عصبتان ممتدتان على الظهر من الرقبة إلى
الذنب ".
(11) المرارة.
(12) الطحال.
(13) المثانة.
(14) حدقة العين هذا في غير الطيور، وأما الطيور فالظاهر عدم وجود
شئ من الأمور المذكورة فيها ما عدا الرجيع والدم والمرارة والطحال
والبيضتين في بعضها والأظهر حرمتها ما لم يستهلك.
(مسألة 1211): يحرم شرب بول الإبل وسائر الحيوانات المحللة وما
تنفر عنه الطباع.
337

(مسألة 1212): يحرم أكل التراب. ويستثنى من ذلك اليسير من تربة
سيد الشهداء (ع): للاستشفاء، والأحوط الأولى حله في الماء وشربه، ولا
بأس بأكل طين " الأرمني " وطين " داغستاني " للتداوي بل مطلقا.
(مسألة 1213): لا يحرم بلع النخامة والأخلاط الصدرية الصاعدة إلى
فضاء الفم، وكذا بلع ما يخرج بتخلل الأسنان من بقايا الطعام.
(مسألة 1214): يحرم تناول كل ما يضر الإنسان ضررا كليا كالهلاك و
شبهه.
(مسألة 1215): يحرم شرب الخمر وغيره من المسكرات، وفي بعض
الروايات أنه من أعظم المعاصي. وعن الإمام الصادق عليه السلام (أن الخمر
أم الخبائث ورأس كل شر، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه فلا يعرف
ربه، ولا يترك معصية إلا ركبها، ولا يترك حرمة إلا انتهكها، ولا رحما
ماسة إلا قطعها، ولا فاحشة إلا أتاها، وإن شرب منها جرعة لعنه الله و
ملائكته ورسله والمؤمنون، وإن شربها حتى سكر منها نزع روح الإيمان
من جسده، وركبت فيه روح سخيفة خبيثة ولم تقبل صلاته أربعين يوما).
(مسألة 1216): المشهور انه يحرم لبن الحيوان المحرم أكله وكذلك
بيضه، ولكن لا دليل عليه فالأظهر عدم الحرمة وأما لبن الإنسان فلا بأس
بشربه بلا اشكال.
(مسألة 1217): يحرم الاكل والجلوس على مائدة يشرب عليها شئ
338

من الخمر.
(مسألة 1218): إذا أدى الجوع أو العطش إلى هلاك نفس محترمة وجب
على كل مسلم إنجاؤها من الهلاك بأن يبذل لها من الطعام أو الشراب ما يسد
به رمقها.
آداب الأكل والشرب
(مسألة 1219): الآداب في أكل الطعام أمور:
(1) غسل اليدين معا قبل الطعام إذا لم يكن يده نظيفة، لمن يأكل بيده و
اما من يأكل مع الآلة فلا يستحب له.
(2) غسل اليدين بعد الطعام، إذا كل بيده والتنشف بعده بالمنديل.
(3) يبدأ صاحب الطعام قبل الجميع، ويمتنع بعد الجميع وأن يبدأ الغسل
قبل الطعام بصاحب الطعام ثم بمن على يمينه إلى أن يتم الدور على من في
يساره، وأن يبدأ في الغسل بعد الطعام بمن على يسار صاحب الطعام إلى أن
يتم الدور على صاحب الطعام.
(4) التسمية عند الشروع في الطعام، ولو كانت على المائدة ألوان من
الطعام استحبت التسمية على كل لون بانفراده ولو تكلم أعاد التسمية.
(5) الأكل باليمين.
(6) أن يأكل بثلاث أصابع أو أكثر، ولا يأكل بأصبعين.
(7) الأكل مما يليه إذا كانت على المائدة جماعة، ولا يتناول من قدام
الآخرين.
339

(8) تصغير اللقم.
(9) أن يطيل الأكل والجلوس على المائدة.
(10) أن يجود المضغ.
(11) أن يحمد الله بعد الطعام.
(12) أن يلعق الأصابع ويمصها.
(13) التخلل بعد الطعام، وأن لا يكون التخلل بعودة الريحان، وقضيب
الرمان، والخوص والقصب.
(14) أن يلتقط ما يتساقط خارج السفرة من أكله إلا في البراري و
الصحاري، فإنه يستحب فيها أن يدع المتساقط عن السفرة للحيوانات و
الطيور.
(15) أن يكون أكله غداة وعشيا ويترك الأكل بينهما.
(16) الاستلقاء بعد الأكل على القفا، وجعل الرجل اليمنى على اليسرى.
(17) الافتتاح والاختتام بالملح.
(18) أن يغسل الثمار بالماء قبل أكلها.
(19) أن لا يأكل على الشبع.
(20) أن لا يمتلئ من الطعام.
(21) أن لا ينظر في وجوه الناس لدى الأكل.
(22) أن لا يأكل الطعام الحار.
(23) أن لا ينفخ في الطعام والشراب.
(24) أن لا ينتظر بعد وضع الخبز في السفرة غيره.
(25) أن لا يقطع الخبز بالسكين.
340

(26) أن لا يضع الخبز تحت الإناء.
(27) أن لا ينظف العظم من اللحم الملصق به على نحو لا يبقى عليه شئ
من اللحم.
(28) أن لا يقشر الثمار.
(29) أن لا يرمي الثمرة قبل أن يستقصي أكلها.
(مسألة 1120): الآداب في شرب الماء أمور:
(1) شرب الماء مصا لا عبا.
(2) شرب الماء قائما بالنهار.
(3) التسمية قبل الشرب والتحميد بعده.
(4) شرب الماء بثلاثة أنفاس.
(5) شرب الماء عن رغبته وتلذذ.
(6) ذكر الحسين وأهل بيته - عليهم السلام - واللعن على قتلته بعد
الشرب.
(7) أن لا يكثر من شرب الماء.
(8) أن لا يشرب الماء على الأغذية الدسمة.
(9) أن لا يشرب الماء قائما بالليل.
(10) أن لا يشرب من محل كسر الكوز، ومن محل عروته.
(11) أن لا يشرب بيساره.
341

النذر وأحكامه
(مسألة 1212): النذر هو: " الالتزام بفعل شئ أو تركه لله ".
(مسألة 1222): يعتبر في النذر إنشاؤه بصيغته بأن يقول الناذر مثلا:
" لله على أن آتي بنافلة الليل، أو أدع التعرض للمؤمنين بسوء " وله أن
يؤدي هذا المعنى بأي لغة أخرى غير العربية.
وله الاجتزاء بالاعتبار النفساني من دون ان يظهره بلفظ.
(مسألة 1223): يعتبر في الناذر، العقل، والاختيار، والقصد، وعدم
الحجر فيلغو نذر الصبي وإن كان مميزا، وكذلك نذر المجنون ولو كان
ادواريا حال جنونه، ومن اشتد به الغضب إلى أن سلبه القصد، والمفلس إذا
تعلق نذره بما تعلق به حق الغرماء من أمواله.
(مسألة 1224): يعتبر في متعلق النذر من الفعل أو الترك أن يكون
مقدورا للناذر، فلا يصح منه أن ينذر الحج ماشيا مع عدم قدرته على ذلك،
وكذلك يعتبر فيه أن يكون راجحا، فلو نذر فعل مباح كشرب الماء دون أن
يقصد به جهة راجحة، كالتقوي على العبادة - مثلا لم يصح نذره.
(مسألة 1225): نذر الزوجة لا يصح بدون أذن الزوج ونذر الولد يصح
سواء أذن له الوالد فيه أم لا، ولكن إذا نهاه أحد الأبوين عن العمل الذي
التزم به انحل نذره، كما أنه لو نهاه عما تعلق النذر به قبل النذر لا ينعقد نذره.
(مسألة 1226): إذا نذر المكلف الإتيان بالصلاة في مكان بنحو كان
342

منذورة تعيين هذا المكان لها لا نفس الصلاة، فإن كان في المكان جهة
رجحان بصورة أولية كالمسجد، أو بصورة ثانوية طارئة كما إذا كان المكان
أفرغ للعبادة وأبعد عن الرياء بالنسبة إلى الناذر صح النذر، وإلا لم ينعقد و
كان لغوا.
(مسألة 1227): إذا نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين
وجب عليه التقيد بذلك الزمان في الوفاء، فلو أتى بالفعل - قبله أو بعده - لم
يعتبر وفاء، فمن نذر أن يتصدق على الفقير إذا شفي من مرضه، أو أن يصوم
أول كل شهر، ثم تصدق قبل شفائه أو صام قبل أول الشهر أو بعده لم يتحقق
الوفاء بنذره.
(مسألة 1228): إذا نذر صوما ولم يحدده من ناحية الكمية كفاه صوم
يوم واحد، وإذا نذر صلاة بصورة عامة دون تحديد كفته صلاة واحدة، وإذا
نذر صدقة ولم يحددها نوعا وكما أجزأه كل ما يطلق عليه اسم الصدقة، وإذا
نذر التقرب إلى الله بشئ - على وجه عام - كان له أن يأتي عمل قربي،
كالصوم أو الصدقة أو الصلاة ولو ركعة الوتر من صلاة الليل، ونحو ذلك من
طاعات وقربات.
(مسألة 1229): إذا نذر صوم يوم معين فالمشهور انه جاز له أن يسافر
إذا شاء في ذلك اليوم فيفطر ويقضيه، ولا كفارة عليه، وكذلك إذا جاء عليه
اليوم وهو مسافر فإنه لا يجب عليه قصد الإقامة، ولكنه مشكل والأحوط
ترك السفر، وإذا لم يسافر، فإن صادف في ذلك اليوم أحد مسوغات الإفطار
343

كمرض أو حيض أو نفاس أو اتفق أحد العيدين فيه أفطر وقضاه، أما إذا
أفطر فيه - دون مسوغ - عمدا فعليه القضاء والكفارة، والأظهر أن كفارة
حنث النذر هي الكفارة في مخالفة اليمين على ما يأتي.
(مسألة 1230): إذا نذر المكلف ترك عمل في زمان محدود لزمه تركه في
ذلك الزمان فقط، وإذا نذر تركه مطلقا - قاصدا الالتزام بتركه في جميع
الأزمنة، لزمه تركه مدة حياته، فإن خالف وأتى بما التزم بتركه عامدا فعليه
الكفارة. ولا جناح عليه في الإتيان به خطاءا أو غفلة، أو نسيانا أو إكراها أو
اضطرارا.
(مسألة 1231): إذا نذر المكلف التصدق بمقدار معين من ماله ومات
قبل الوفاء به، فالظاهر أنه لا يخرج من أصل التركة إلا أن الأولى لكبار
الورثة إخراج ذلك المقدار من حصصهم والتصدق به من قبله.
(مسألة 1232): إذا نذر الصدقة على فقير لم يجزه التصدق بها على
غيره، وإذا مات الفقير المعين قبل الوفاء بالنذر فالأحوط إعطاؤها لوارثه، و
كذلك إذا نذر زيارة أحد الأئمة عليهم السلام معينا فإنه لا يكفيه أن يزور
غيره، وإذا عجز عن الوفاء بنذره فلا شئ عليه.
(مسألة 1233): من نذر زيارة أحد الأئمة (ع) لا يجب عليه عند الوفاء
غسل الزيارة ولا صلاتها، إذا لم ينص على ذلك في نذره والتزامه.
(مسألة 1234): المال المنذور لمشهد من المشاهد المشرفة يصرف في
344

مصالحه، فينفق منه على عمارته أو إنارته، أو لشراء فراش له وما إلى ذلك
من شؤون المشهد.
(مسألة 1235): المال المنذور لشخص الإمام (ع) أو بعض أولاده دون
أن يقصد الناذر مصرفا معينا يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له، كأن
ينفق على زواره الفقراء، أو على حرمه الشريف ونحو ذلك.
(مسألة 1236): الشاة المنذورة صدقة أو لأحد الأئمة (ع) أو لمشهد من
المشاهد إذا نمت نموا متصلا كالسمن. كان النماء تابعا لها في ارتباطها بالجهة
المنذورة لها، وإذا نمت نموا منفصلا كما إذا ولدت شاة أخرى أو حصل فيها
لبن فالنماء للناذر.
(مسألة 1237): إذا نذر المكلف صوم يوم إذا برئ مريضه أو قدم
مسافره، فعلم ببرء المريض وقدوم المسافر قبل نذره لم يكن عليه شئ.
(مسألة 1238): لا شأن لنذر الأب والأم في تزويج بنتهما من هاشمي و
نحو ذلك فإن البنت إذا بلغت كان لها الخيار في رفض الزواج بهاشمي ونحوه
أو قبوله.
العهد وحكمه
(مسألة 1239): إذا عاهد المكلف ربه تعالى أن يفعل فعلا راجحا
بصورة منجزة، أو فيما إذا قضى الله له حاجته المشروعة وأبرز تعهده هذا
345

بصيغة كأن يقول " عاهدت الله، أو علي عهد الله أن أقوم بهذا الفعل، أو
أقوم به إذا برئ مريضي، وجب عليه أن يقوم بذلك العمل وفقا لتعهده، فإن
كان تعهده بدون شرط وجب عليه العمل على أية حال، وإن شرط في تعهده قضاء حاجته - مثلا - وجب العمل إذا قضيت حاجته وإن خالف
تعده كانت عليه الكفارة، وهي عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينا، أو
صوم شهرين متابعين، وعلى هذا فلا يصح العهد إذا لم يكن متعلقه راجحا و
يعتبر في انعقاده ما يعتبر في انعقاد النذر.
اليمين وحكمها
(مسألة 1240): يجب الوفاء باليمين، كالنذر، والعهد، وإذا خالفها المكلف
- عامدا - وجبت عليه كفارة، وهي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو
كسوتهم. وفي حال العجز عن هذه الأمور يجب صيام ثلاثة أيام متواليات.
(مسألة 1241): يعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحالف بالغا عاقلا
مختارا قاصدا، فلا أثر ليمين الصغير أو المجنون، ولو ادواريا إذا حلف حال
جنونه، ولا ليمين المكره والسكران ومن اشتد به الغضب حتى سلبه قصده و
اختياره.
(مسألة 1242): يعتبر في اليمين اللفظ، أو ما هو بمثابته كالإشارة بالنسبة
إلى الأخرس، كما يعتبر أن يكون القسم بالله تعالى، وذلك يحصل بأحد
أمور:
346

(1) ذكر اسمه المختص به كلفظ الجلالة وما يلحق به، كلفظ الرحمن.
(2) ذكر بأوصافه وأفعاله المختصة التي لا يشاركه فيها غيره. كمقلب
القلوب والأبصار، والذي نفسي بيده، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة.
(ذكره بالأوصاف والأفعال التي يغلب اطلاقها عليه بنحو ينصرف
إليه تعالى وإن شاركه فيها غيره، كالرب، والخالق، والبارئ والرازق، و
أمثال ذلك، بل الأظهر ذلك فيما لا ينصرف إليه أيضا.
(مسألة 1243): يعتبر في متعلق اليمين أن يكون مقدورا في ظرف الوفاء
بها فلو كان مقدورا حين اليمين، ثم عجز عنه المكلف انحل اليمين، وتنعقد
اليمين فيما إذا كان متعلقها راجحا شرعا كفعل الواجب والمستحب وترك
الحرام والمكروه، أو راجحا دنيويا مع عدم رجحان تركه شرعا، بل الظاهر
انعقادها فيما إذا كان متعلقها مباحا وغير مرجوح شرعا وإن لم يكن راجحا
دنيويا كالمباح المتساوي الطرفين.
(مسألة 1244): إذا التزم بالاتيان بعمل، أو بتركه بنذر، أو عهد، أو يمين،
وكان مقدورا في ظرف الوفاء به إلا أنه تعسر عليه لم يجب الوفاء به إذا بلغ
العسر مبلغ الحرج، ولا كفارة عليه حينئذ.
(مسألة 1245): لا تنعقد يمين الولد إذا منعه أبوه، ويمين الزوجة إذا منعها
زوجها، ويمين المملوك إذا منعه المالك، وإذا أقسموا دون انهم كان للأب
والزوج والمالك حل اليمين.
(مسألة 1246): إذا ترك الإنسان الوفاء بيمينه نسيانا، أو اضطرارا، أو
347

إكراها لا تجب عليه الكفارة، وعلى هذا الأساس إذا حلف الوسواسي على
عدم الاعتناء بالوسواس، كما إذا حلف أن يشتغل بالصلاة فورا، ثم منعه
وسواسه عن ذلك لم تجب عليه الكفارة فيما إذا كان الوسواس بالغا إلى درجة
يسلبه عن الاختيار وإلا لزمته الكفارة.
(مسألة 1247): الأيمان إما صادقه، وإما كاذبة، فالأيمان الصادقة ليست
محرمة، ولكنها مكروهة فيكره للمكلف أن يحلف على شئ صدقا، أو أن
يحلف على صدق كلامه. وأما الأيمان الكاذبة فهي محرمة، بل تعتبر من
المعاصي الكبيرة. ويستثنى منها اليمين الكاذبة التي يقصد بها الشخص دفع
الظلم عنه. أو عن سائر المؤمنين. بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه أو
عرضه، أو نفس مؤمن آخر أو عرضه، وفي الحالة التي يسمح له باليمين
الكاذبة إن التفت إلى إمكان التورية وكان عارفا بها لزم أن يوري في كلامه،
بأن يقصد بالكلام معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده: فمثلا:
إذا حاول ظالم الاعتداء على مؤمن فسألك عن مكانه، وأين هو؟ فتقول: ما
رأيته وقد رأيته قبل ساعة وتقصد بذلك أنك لم تره منذ دقائق.
الوقف وأحكامه
(مسألة 1248): إذا تم الوقف بشرائطه الشرعية خرج المال الموقوف
عن ملك الواقف وأصبح ما لا لا يوهب، ولا يورث، ولا يباع إلا في موارد
معينة يجوز فيها البيع " كما تقدم في المسألة 657 وما بعدها ".
348

(مسألة 1249): يعتبر في الواقف، البلوغ، والعقل، والاختيار. والقصد،
وعدم الحجر لسفه أو تفليس، فلا يصح وقف الصبي والمجنون والمكره،
والمحجور عليه.
(مسألة 1250): لا يعتبر في الوقف الدوام، فيصح إذا وقته الواقف، كما
إذا وقف داره على الفقراء إلى سنة أو بعد موته، ويعتبر في صحته اخراج
الواقف نفسه عن الوقف، فلو وقف دكانا مثلا على نفسه بأن تصرف منافعه
بعد موته على مقبرته مثلا لم يصح، أما إذا وقف مالا على الفقراء، ثم أصبح
فقيرا جاز له الانتفاع بمنافعه كغيره، قيل ويعتبر فيه إذا كان من الأوقاف
الخاصة القبض، فلا يصح من دون قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو
وليه، ولكن الأظهر اعتباره في اللزوم، ويكفي قبض نفس الواقف إذا وقف
مالا على أولاده الصغار بقصد أن يكون ملكا لهم كي ينتفعوا بمنافعه لأنه
الولي عليهم، وأما الأوقاف العامة فلا يعتبر القبض في صحتها بلا اشكال.
بل لا يبعد عدم اعتباره في اللزوم أيضا.
(مسألة 1251): لا تعتبر الصيغة في الوقف فضلا عن اللغة العربية بل
يتحقق بالعمل أيضا، فلو بنى بناءا بعنوان كونه مسجدا وأذن بالصلاة فيه
كفى ذلك في وقفه، ويصبح - عندئذ - مسجدا، كما لا يعتبر القبول في الوقف
على الجهات العامة، كالمساجد والمدارس والمقابر والقناطر ونحوها، و
كذلك الوقف على العناوين العامة من الناس، كالفقراء، أو العلماء ونحوها.
(مسألة 1252): صحة الوقف على الحمل قبل أن لا يولد لا تخلو من
349

إشكال والاحتياط لا ينبغي تركه. نعم إذا لو حظ الحمل بل المعدوم تابعا
لمن هو موجود بالفعل بأن يجعل طبقة ثانية أو ثالثة له صح الوقف بلا
إشكال.
(مسألة 1253): إذا وقف الإنسان مالا فإما أن ينصب متوليا على
الوقف، وإما أن لا يجعل التولية لأحد فإن نصب للتولية أحدا، تعين ووجب
على المنصوب العمل بما قرره الواقف من الشروط، وإن لم ينصب أحدا
فالمال الموقوف إن كان موقوفا على أفراد معينة على نحو التمليك كأولاد
الواقف مثلا جاز لهم التصرف في العين الموقوفة طبقا للوقف من دون أخذ
إجازة من أحد، فيما إذا كانوا بالغين عاقلين، وإذا لم يكونوا بالغين أو عاقلين
كان زمام الوقف بيد وليهم يتصرف فيه وقفا لمقتضيات الوقف. وإن كان
المال موقوفا على جهة عامة أو خاصة، أو عنوان كذلك كالأموال الموقوفة
على الفقراء أو الخيرات فالمتولي له في حال عدم نصب الواقف أحدا للتولية
الحاكم الشرعي، أو المنصوب من قبله.
(مسألة 1254): المال الموقوف على أشخاص كالأولاد طبقة بعد طبقة،
إذا أجره المتولي مدة من الزمان، ملاحظا بذلك مصلحة الوقف ثم مات
أثناءها لم تبطل الإجارة بل تبقى نافذة إلى أن ينتهي أمدها، وأما إذا آجرت
الطبقة الأولى الوقف بنفسها مدة وانقرضت الطبقة - أثناء تلك المدة - بطلت
الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة، وفي صورة أخذ الطبقة الأولى للأجرة - كلها
- يكون للمستأجر استرجاع مقدار إجارة المدة الباقية منها من أموال
الطبقة الأولى.
350

(مسألة 1255): إذا ظهرت خيانة المتولي للوقف، وعدم صرفه منافع
الوقف في الموارد المقررة من الواقف فللحاكم أن يضم إليه من يمنعه عنها، و
إن لم يمكن ذلك عزله ونصب شخصا آخرا، متوليا له.
(مسألة 1256): العين الموقوفة لا تخرج عن وصفها وقفا بمجرد الخراب.
نعم إذا كانت الوقفية قائمة بعنوان كوقف البستان للتنزه أو للاستظلال بطلت
الوقفية بذهاب العنوان وترجع ملكا للواقف، ومنه إلى ورثته حين موته.
(مسألة 1257): إذا كان بعض المال وقفا وبعضه ملكا طلقا جاز لمن
يرجع إليه أمر الوقف من المتولي أو الحاكم طلب تقسيمه، كما يجوز ذلك لمن
يملك البعض ملكا طلقا.
(مسألة 1258): إذا كان الفراش وقفا على حسينية - مثلا - لم يجز نقله
إلى المسجد للصلاة عليه وإن كان المسجد قريبا منها، وكذلك إذا وقف مالا
على عمارة مسجد معين لم يجز صرفه في عمارة مسجد آخر، إلا إذا كان
المسجد الموقوف عليه في غنى عن العمارة إلى أمد بعيد فيجوز - عندئذ -
صرف منافع الوقف في عمارة مسجد آخر.
(مسألة 1259): إذا وقف عقارا لتصرف منافعه في عمارة مسجد معين،
ويعطى لإمام الجماعة والمؤذن في المسجد منها. فإن كان حاصل الوقف
وافيا بالجميع فهو وإلا قدم عمارة المسجد، فإن بقي من منافع الوقف شئ -
بعد العمارة - قسم بين إمام الجماعة والمؤذن على السواء، والأحسن لهما أن
يتصالحا في القسمة.
351

(مسألة 1260): الوصية هي: " أن يوصي الإنسان بشئ من تركته " أو
بالمحافظة على أولاده الصغار، أو بأداء أعمال خاصة. كتجهيزه وقضاء
فوائته، ووفاء ديونه وغير ذلك. والوصي هو: الشخص المعين لتنجيز
وصايا الميت وتنفيذها، فمن عينه الموصي لذلك تعين وسمي وصيا.
(مسألة 1261): يعتبر في الموصي: البلوغ، والعقل، والاختيار فلا
تصح وصية المجنون والمكره، وكذلك الصبي، إلا إذا بلغ عشر سنين وكانت
في وجوه الخير والمعروف، واما السفيه فوصيته في ماله لا تصح وفي غيره
تصح، ويعتبر في الموصي أيضا أن لا يكون مقدما على موته بتناول سم، أو
إحداث جرح عميق ونحو ذلك مما يجعله عرضة للموت، ففي حال قيام
الانسان بمثل هذه المحاولات عمدا لا تصح وصيته في ماله ولا تنفذ.
(مسألة 1262): لا يعتبر في صحة الوصية اللفظ، بل تكفي الإشارة
المفهمة للمراد من الموصي، وإن كان قادرا على النطق ويكفي في ثبوت
الوصية وجدان كتابة للميت دلت القرائن على أنه كتبها بعنوان الوصية.
(مسألة 1263): إذا أوصى الانسان لشخص بمال فقبل الموصى له
الوصية ملك بعد موت الموصي وإن كان قبوله في حياة الموصي، بل الظاهر
عدم اعتبار القبول في الوصية وأنه يكفي في ثبوت الملكية عدم الرفض من
الموصى له.
352

(مسألة 1264): إذا ظهرت للانسان علامات الموت وجب عليه أمور:
(منها) رد الأمانات إلى أصحابها، أو إعلامهم بذلك و (منها) وفاء ديونه إذا
كانت عليه ديون قد حل أجلها وهو قادر على وفائها، وأما إذا لم يكن قادرا
على وفائها، أو كان أجلها لم يحل بعد. وجبت عليه الوصية بها والاستشهاد
عليها، هذا إذا لم تكن ديونه معلومة عند الناس، وإلا لم تجب الوصية بها: و
(منها) أداء الخمس والزكاة والمظالم فورا، إذا كان عليه شئ من ذلك وكان
يتمكن من الأداء. وإذا لم يتمكن من الأداء، وكان له مال أو احتمل أن
يؤدي ما عليه بعض المؤمنين تبرعا وإحسانا: وجبت عليه الوصية به. و
(منها) الوصية باتخاذ أجير من ماله على الإتيان بما عليه من الصلاة و
الصيام، وإذا لم يكن مال واحتمل أن يقضيها شخص آخر عنه مجانا:
وجبت عليه الوصية به أيضا، وإذا كان له ولد أكبر يجب عليه قضاء ما فاته
" على ما تقدم "
تخير بين الايصاء واخباره و (منها) إعلام الورثة بماله من
مال عند غيره، أو في محل خفي لا يعلمه غيره لئلا يضيع حقهم، ولا يجب
على الأب نصب القيم على الصغار إلا إذا كان اهمال ذلك موجبا لضياعهم أو
ضياع أموالهم، فإنه يجب على الأب والحالة هذه جعل القيم عليهم.
(مسألة 1265): يجب أن يكون الوصي عاقلا مطمئنا به فيما يرجع إلى
حقوق غير الوصي كأداء الحقوق الواجبة بل مطلقا على الأحوط، و
الأحوط أن يكون بالغا أيضا. إذا كان منفردا وأريد تصرفه قبل البلوغ اما لو
أريد تصرفه بعده أو جعله وصيا منضما إلى البالغ فلا يعتبر البلوغ.
(مسألة 1266): يجوز للموصي أن يوصي إلى اثنين أو أكثر وفي حالة
353

تعدد الأوصياء إن نص الموصي على أن لكل منهم صلاحية التصرف
بصورة مستقلة عن الآخر، أو على عدم السماح لهم بالتصرف إلا مجتمعين
أخذ بنصه، وإن لم يكن للموصي نص فلا يجوز لكل منهم الاستقلال
بالتصرف، بل لابد من اجتماعهم، وإذا تشاح الأوصياء - ولم يجتمعوا -
أجبرهم الحاكم على الاجتماع، وإذا تعذر ذلك ضم الحاكم إلى أحدهما
شخصا آخر حسب ما يراه من المصلحة وينفذ تصرفهما.
(مسألة 1267): إذا أوصى أحد بثلث ماله لزيد ثم رجع عن وصيته
بطلت الوصية من أصلها، وإذا غير وصيته كما إذا جعل رجلا خاصا قيما على
الصغار ثم جعل مكانه شخصا آخرا بطلت الوصية الأولى ولزمت الوصية
الثانية.
(مسألة 1268): إذا أتى الموصي بما يعلم به رجوعه عن وصيته كما إذا
أوصى بداره لزيد ثم باعها، أو وكل غيره في بيعها بطلت الوصية.
(مسألة 1269): لو أوصى بشئ معين لشخص ثم أوصى بنصفه
لشخص آخر قسم المال بينهما بالسوية.
(مسألة 1270): إذا وهب المالك بعض أمواله وأوصى ببعضها ثم مات
نفذت الهبة من دون حاجة إلى اجازة الوارث كما تقدم (في المسألة 832) و
يخرج ما أوصى به من ثلثه من الباقي.
(مسألة 1271): إذا أوصى بابقاء ثلثه وصرف منافعه في مصارف معينة
354

كالخيرات وجب العمل على طبق وصيته.
(مسألة 1272): إذا اعترف في مرض الموت بدين عليه، ولم يتهم في
اعترافه بقصد الأضرار بالورثة جاز اعترافه وخرج المقدار المعترف به من
أصل ماله، ومع الاتهام يخرج من الثلث.
(مسألة 1273): إذا أوصى المال باعطاء شئ من ماله إلى أحد بعد موته
لم يعتبر وجود الموصى له حال الوصية، فإن وجد في ظرف الاعطاء له
أعطي له، وإلا صرف فيما هو أقرب إلى نظر الموصي، وإذا أوصى بشئ
لأحد فإن كان موجودا عند موت الموصي ملكه وإلا بطلقت الوصية، ورجع
المال ميراثا لورثه الموصي، مثلا إذا أوصى لحمل فإن تولد حيا ملك الموصى
به وإلا رجع المال إلى ورثة الموصي.
(مسألة 1274): لا يجب على الموصى إليه في غير وصيته الوالد إلى ابنه
قبول الوصاية وله أن يردها في حياة الموصي بشرط أن يبلغه الرد، بل
الأحوط اعتبار تمكنه من الايصاء إلى شخص آخر أيضا، فلو كان الرد بعد
موت الموصي أو قبل موته ولكن الرد لم يبلغه حتى مات، أو بلغه ولم
يتمكن من الايصاء لشدة المرض مثلا لم يكن للرد أثر، وكانت الوصاية
لازمة. نعم إذا كان العمل بالوصية حرجيا على الموصى إليه جاز له ردها.
(مسألة 1275): ليس للوصي أن يفوض أمر الوصية إلى غيره نعم له أن
يوكل من يثق به في القيام بشؤون ما يتعلق بالوصية، فيما لم يكن غرض
الموصي مباشرة الوصي بشخصه.
355

(مسألة 1276): إذا أوصى إلى اثنين مجتمعين ومات أحدهما، أو طرأ
عليه جنون، أو غيره مما يوجب ارتفاع وصايته أقام الحاكم الشرعي
شخصا آخر مكانه على الأحوط، وإذا ماتا معا نصب الحاكم اثنين ويكفي
نصب شخص واحد أيضا إذا كان كافيا بالقيام بشؤون الوصية.
(مسألة 1277): إذا عجز الوصي عن انجاز الوصية ضم إليه الحاكم من
يساعده فيه.
(مسألة 1278): الوصي أمين، فلا يضمن ما يتلف في يده إلا مع التعدي
أو التفريط مثلا: إذا أوصى الميت بصرف ثلثه على فقراء بلده، فنقله الموصى
إليه إلى بلد آخر، وتلف المال في الطريق فإنه يضمن لتفريطه بمخالفته
الوصية.
(مسألة 1279): لا بأس بالايصاء على الترتيب، بأن يوصي إلى زيد،
فإن مات فإلى عمرو، إلا أن وصاية عمرو تتوقف على موت زيد.
(مسألة 1280): الحج الواجب على الميت بالأصالة، والحقوق المالية
مثل الخمس والزكاة والمظالم والواجبات البدنية كالصلاة تخرج من أصل
المال، سواء أوصى بها الميت أم لا.
(مسألة 1281): إذا زاد شئ من مال الميت - بعد أداء الحج والحقوق
المالية - فإن كان قد أوصى باخراج الثلث، أو أقل منه فلابد من العمل
بوصيته، وإلا كان تمام الزائد للورثة.
356

(مسألة 1282): لا تنفذ الوصية فيما يزيد على ثلث الميت، فإن أوصى
بنصف ماله - مثلا - توقف نفوذها في الزائد على الثلث على امضاء الورثة، فإن أجازوا - ولو بعد موت الموصي بمدة - صحت الوصية وإلا بطلت في
المقدار الزائد، ولو أجازها بعضهم دون بعض نفذت في حصة المجيز خاصة.
(مسألة 1283): إذا أوصى بنصف ماله مثلا، وأجازت الورثة ذلك قبل
موت الموصي: نفذت الوصية، ولم يكن لهم ردها بعد موته.
(مسألة 1284): إذا أوصى بأداء الخمس والزكاة وغيرهما من الديون،
وباستئجار من يقضي فوائته من الصلاة والصيام وبالصرف في الأمور
المستحبة كاطعام المساكين - كل ذلك من ثلث ماله - وجب أداء الديون و
استيجار من يقضى فوائته أولا، فإن بقي شئ صرف الزائد في المصارف
المستحبة، فإذا كان ثلثه بمقدار دينه وواجباته ولم يجز الوارث وصيته في
الزائد على الثلث بطلت الوصية في غيرهما.
(مسألة 1285): لو أوصى بأداء ديونه وبالاستيجار للصوم والصلاة، و
بالاتيان بالأمور المستحبة. فإن لم يوص بأداء الأمور المذكورة من ثلث ماله
وجب أداء ديونه من أصل المال، وكذلك واجباته، فإن بقي منه شئ
بصرف ثلثه في الاتيان بالأمور المستحبة إذا وفى الثلث بذلك، وإلا فإن
أجازت الورثة الوصية في المقدار الزائد وجب العمل بها، وإن لم تجزها
الورثة وبقي من الثلث شئ يصرف الباقي في الأمور المستحبة.
(مسألة 1286): إذا أوصى من لا وارث له إلا الامام بجميع ماله للفقراء
357

والمساكين وابن السبيل ففي نفوذ وصيته في جميع المال كما عن بعضهم و
تدل عليه بعض الروايات، وعدم نفوذها كما هو المعروف اشكال ولا يبعد
الأول، وأما لو أوصى بجميع ماله في غير الأمور المذكورة فالأظهر عدم نفوذ
الوصية.
(مسألة 1287): تثبت دعوى مدعي الوصاية له بمال بشهادة رجلين
عدلين، وبشاهد ويمين، وبشهادة رجل وامرأتين، وبشهادة أربع نسوة، و
يثبت ربع الوصية بشهادة امرأة واحدة، ونصفها باثنتين، وثلاثة أرباعها
بثلاث، وتمامها بأربع، كما تثبت الدعوى الآنفة الذكر بشهادة رجلين ذميين
عدلين في دينهما عند الضرورة وعدم تيسر عدول المسلمين، ويعتبر في
ثبوتها بها شرطان آخران (1) كون الموصى في السفر (2) الحلف بعد صلاة
العصر مع الريبة، وأما دعوى القيمومة على الصغار من قبل أبيهم، أو
الوصاية على صرف مال الميت، فالمعروف انها لا تثبت إلا بشهادة عدلين
من الرجال، ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات، ولا منضمات إلى
الرجال. وهو مشكل، بل الظاهر ثبوتها بها أيضا.
(مسألة 1288): إذا لم يرد الموصى له الوصية، ومات في حياة الموصي،
أو بعد موته قامت ورثته مقامه، فإذا قبلوا الوصية ملكوا المال الموصى به،
بل يملكونه بمجرد عدم الرد إذا لم يرجع الموصي عن وصيته.
أحكام الكفارات
(مسألة 1289): الكفارة قد تكون مرتبة، وقد تكون مخيرة، وقد يجتمع
358

فيها الأمران، وقد تكون كفارة الجمع.
(مسألة 1290): كفارة الظهار، وقتل الخظأ، مرتبة، ويجب فيهما عتق
رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينا، و
كذلك كفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال، ويجب فيها
اطعام عشرة مساكين، عجز صام ثلاثة أيام. والأحوط ان لم يكن أقوى
أن تكون متتابعات.
(مسألة 1291): كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان، أو خالف عهدا
مخيرة، وهي عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو اطعام ستين مسكينا.
(مسألة 1292): كفارة الايلاء وكفارة اليمين وكفارة النذر حتى نذر
صوم يوم معين اجتمع فيها التخير والترتيب، وهي عتق رقبة، أو اطعام
عشرة مساكين، أو كسوتهم. فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.
(مسألة 1293): كفارة قتل المؤمن عمدا ظلما كفارة جمع، وهي عتق
رقبة، وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا، وكذلك الافطار على
حرام في شهر رمضان على الأظهر.
(مسألة 1292): إذا اشترك جماعة في القتل العمدي وجبت الكفارة على
كل واحد منهم.
(مسألة 1295): إذا كان المقتول مهدور الدم شرعا كالزاني المحصن، و
اللائط، والمرتد فقتله غير الامام لم تجب الكفارة إذا كان بإذنه، وأما إن كان
359

بغير إذن الإمام ففيه اشكال.
(مسألة 1296): قيل من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفارة ظهار، فإن
عجز فكفارة اليمين، ولا دليل عليه، وقيل كفارته اطعام عشرة مساكين و
به رواية معتبرة ولم يعمل بها قدماء الأصحاب والعمل بها أحوط.
(مسألة 1297): في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة الافطار في شهر
رمضان، وفي نتفه أو خدش وجهها إذا أدمته، أو شق الرجل ثوبه في موت
ولده أو زوجته كفارة يمين، على الأظهر.
(مسألة 1298): لو تزوج بامرأة ذات بعل، أو في العدة الرجعية لزمه أن
يفارقها، والأحوط أن يكفر بخمسة أصوع من دقيق، وإن كان الأقوى عدم
وجوبه.
(مسألة 1299): لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى خرج الوقت
أصبح صائما على الأحوط استحبابا.
(مسألة 1300): لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه فالأحوط استحبابا
أن يصدق لكل يوم بمد على مسكين، أو يعطيه مدين ليصوم عنه.
(مسألة 1301): من وجد ثمن الرقبة وأمكنه الشراء فقد وجد الرقبة، و
يشترط فيها الايمان بمعنى الاسلام وجوبا في القتل، وكذا في غيره على
الأظهر، والأحوط - استحبابا - اعتبار الإيمان بالمعنى الأخص في الجميع، و
يجزي الآبق والأحوط - استحبابا - إعتبار وجود طريق إلى حياته وأم
360

الولد والمدبر إذا نقض تدبيره قبل العتق والمكاتب المشروط والمطلق الذي
لم يؤد شيئا من مال الكتابة.
(مسألة 1302): من لم يجد الرقبة أو وجدها ولم يجد الثمن انتقل إلى
الصوم في المرتبة، ولا يبيع ثياب بدنه ولا خادمه ولا مسكنه ولا غيرها مما
يكون في بيعه ضيق وحرج عليه لحاجته إليه.
(مسألة 1303): كفارة العبد في الظهار في الصوم صوم شهر وهو نصف
كفارة الحر، والمشهور على أن الكفارة في قتل الخطأ كذلك، لكنه مشكل.
(مسألة 1304): إذا عجز عن الصيام في المرتبة ولو لأجل كونه حرجا
عليه وجب الإطعام، وكل مورد يجب فيه الإطعام فإن كان بالتسليم لزم
لكل مسكين مد من الحنطة أو الشعير أو الدقيق أو الخبز بل مطلق الطعام
كالتمر والأرز، والأقط، والماش، والذرة، ولا تجزي القيمة، والأفضل بل
الأحوط مدان ولو كان بالاشباع أجزأه مطلق الطعام، ويستحب الأدام، و
أعلاه اللحم، وأوسطه الخل، وأدناه الملح.
(مسألة 1305): يجوز إطعام الصغار بتمليكهم وتسليم الطعام إلى
وليهم ليصرفه عليهم، ولو كان بالإشباع فلا يعتبر إذن الولي على الأقوى، و
الأظهر احتساب الاثنين منهم بواحد في خصوص كفارة اليمين، واما في
غيرها فالحكم فيهم كما في الكبار.
(مسألة 1306): يجوز التبعيض في التسليم والاشباع، فيشبع بعضهم و
361

يسلم إلى الباقي، ولكن لا يجوز التكرار مطلقا بأن يشبع واحدا مرات
متعددة، أو يدفع إليه امدادا متعددة من كفارة واحدة إلا إذا تعذر استيفاء
تمام العدد.
(مسألة 1307): الكسوة لكل فقير ثوب يوارى به عورته أو ثوبان وان
لم يكونا ساترين ويستحب ثوبان ساتران بل هما مع القدرة أحوط.
(مسألة 1308): لابد من التعيين مع اختلاف نوع الكفارة، ويعتبر
التكليف والإسلام في المكفر، كما يعتبر في مصرفها الفقر، والأحوط اعتبار
الإيمان، ولا يجوز دفعها لواجب النفقة ويجوز دفعها إلى الأقارب بل لعله
أفضل.
(مسألة 1309): المدار في الكفارة المرتبة على حال الأداء فلو كان قادرا
على العتق ثم عجز صام، ولا يستقر العتق في ذمته ويكفي في تحقق الموجب
للانتقال إلى البدل فيها العجز العرفي في وقت التكفير، فإذا أتى بالبدل ثم
طرأت القدرة أجزأ، بل إذا عجز عن الرقبة فشرع في الصوم ولو ساعة ثم
تمكن منها اجتزأ باتمام الصوم.
(مسألة 1310): في كفارة الجمع إذا عجز عن العتق وجب الباقي. وعليه
الاستغفار على الأحوط، وكذا إذا عجز عن غيره من الخصال.
(مسألة 1311): يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد، فلا
يجوز أن يكفر بنصفين من جنسين بأن يصوم شهرا ويطعم ثلاثين مسكينا.
362

(مسألة 1312): الأشبه في الكفارة المالية وغيرها جواز التأخير بمقدار
لا يعد من المسامحة في أداء الواجب، ولكن المبادرة أحوط.
(مسألة 1313): من الكفارات المندوبة ما روي عن الإمام الصادق
عليه السلام من أن كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الأخوان، وكفارة
المجالس أن تقول عند قيامك منها: " سبحان ربك رب العزة عما يصفون و
سلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين " وكفارة الضحك أن يقول:
" اللهم لا تمقتني " وكفارة الاغتياب الاستغفار للمغتاب، وكفارة الطيرة:
التوكل، وكفارة اللطم على الخدود، الاستغفار والتوبة.
(مسألة 1314): إذا عجز عن الكفارة المخيرة لافطار شهر رمضان
عمدا استغفر وتصدق بما يطيق على الأحوط، ولكن إذا تمكن بعد ذلك لزمه
التكفير على الأحوط وجوبا.
أحكام الأرث
(مسألة 1315): الأرحام في الأرث ثلاث طبقات، فلا يرث أحد
الأقرباء في طبقة إلا إذا لم يوجد للميت أقرباء من الطبقة السابقة عليها و
ترتيب الطبقات كما يلي:
الطبقة الأولى: الأبوان، والأولاد مهما نزلوا، فالولد وولد الولد كلاهما
من الطبقة الأولى، غير أن الولد يمنع الحفيد والسبط عن الأرث عن اجتماعهما
مع الولد.
363

الطبقة الثانية: الأجداد، والجدات مهما تصاعدوا، والأخوة،
والأخوات، أو أولادهما مع عدم وجودهما، وإذا تعدد أولاد الأخ منع
الأقرب منهم الأبعد عن الميراث، فابن الأخ مقدم في الميراث على حفيد
الأخ، وهكذا كما أن الجد يتقدم على أبي الجد.
الطبقة الثالثة: الأعمام والأخوال والعمات والخالات، وإذا لم يوجد أحد
منهم قام أبناؤهم مقامهم، ولو حظ فيهم الأقرب فالأقرب. فلا يرث الأبناء
مع وجود العم أو الخال أو العمة أو الخالة إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون
للميت عم أبوي يشترك مع أب الميت في الأب فقط، وله ابن عم من
الأبوين يشارك أبا الميت في الوالدين معا، فإن ابن العم - في هذه الحالة -
يقدم على العم.
وإذا لم يوجد للميت أقرباء من هذه الطبقات ورثته عمومة أبيه وأمه،
وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما وأبناء هؤلاء، مع عدم وجودهم، وإذا لم
يوجد للميت أقرباء من هذا القبيل ورثته عمومة جده وجدته وأخوالهما و
عماتهما وخالاتهما وأبناء هؤلاء، مع عدم وجودهم، وإذا لم يوجد للميت
أقرباء من هذا القبيل ورثته عمومة جده وجدته وأخوالهما وعماتهما
وخالاتهما، وبعدهم أولادهم مهما تسلسلوا، والأقرب منهم يقدم على
الأبعد.
وهناك بإزاء هذه الطبقات الزوج والزوجة، فإنها يرثان بصورة
مستقلة عن هذا الترتيب " على تفصيل يأتي ".
364

إرث الطبقة الأولى
(مسألة 1316): إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الأولى إلا أبناؤه
ورثوا المال كله، فإن كان له ولد واحد - ذكرا كان أو أنثى - كان له كل المال،
وإذا تعدد أولاده وكانوا جميعا ذكورا أو إناثا تقاسموا المال بينهم بالسوية، و
إذا مات عن أولاد ذكور وإناث كان للولد ضعف البنت، فمن مات عن ولد
وبنت واحدة قسم ماله ثلاثة أسهم وأعطي للولد سهمان، وللبنت سهم
واحد.
(مسألة 1317): إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الأولى غير أبويه
فإن كان أحدهما حيا فقط أخذ المال كله، وإن كانا معا حيين أخذ الأب ثلثي
المال، وأخذت الأم الثلث مع عدم الحاجب، ومع وجود الحاجب من
الأقرباء ينقص سهم الأم من الثلث إلى السدس ويعطي الباقي للأب، كما إذا
كان للميت إخوة، فإنهم وإن لم يرثوا شيئا - إلا أنهم يحجبون الأم عن الثلث
فينخفض سهمهما من الثلث إلى السدس إذا توفرت فيهم شرائط معينة. و
هي خمسة:
(1) وجود الأب.
(2) أن لا يقل الأخوة عن رجلين، أو أربع نساء أو رجل وامرأتين.
(3) أن يكونوا إخوة الميت لأبيه وأمه، أو للأب خاصة.
(4) الإسلام.
(5) الحرية.
365

(مسألة 1318): لو اجتمع الأبوان مع الأولاد فلذلك صور:
منها - أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة ولا تكون للميت أخوة يحجبون
الأم - كما سبق - فيقسم المال خمسة أسهم، فلكل من الأبوين سهم واحد، و
للبنت ثلاثة أسهم.
ومنها - أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة وللميت إخوة فيقسم المال
أسداسا، وتعطي ثلاثة أسهم كاملة منها للبنت، كما تعطي أيضا ثلاثة أرباع
سدس آخر، وتنخفض حصة الأم إلى السدس، فتكون حصة الأب
السدس وربع السدس، فبالنتيجة يقسم المال أربعة وعشرين حصة: تعطي
أربعة منها للأم، وخمسة منها للأب، والباقي - وهو خمس عشرة حصة -
للبنت.
ومنها - أن يجتمع الأبوان مع ولد واحد، فيقسم المال إلى ستة أسهم،
يعطى كل من الأبوين منهما سهما، ويعطى الولد سهاما أربعة، وكذلك الحال
إذا تعدد الأولاد مع وجود الأبوين، فإن لكل من الأب والأم السدس، و
تعطى السهام الأربعة للأولاد، يتقاسمونها بينهم بالسوية إن كانوا ذكورا
جميعا أو إناثا وإلا قسمت بينهم على قاعدة أن للولد ضعف ما للبنت.
(مسألة 1319): إذا اجتمع أحد الأبوين مع الأولاد فله صور أيضا:
منها - أن يكون أحد الأبوين حيا - وللميت بنت واحدة - فيعطي ربع
المال للأب أو الأم، ويعطي الباقي كله لبنت.
ومنها - أن يجتمع أحد الأبوين مع ولد واحد، أو أولاد ذكور للميت، و
في هذه الحالة يعطي أحد الأبوين سدس المال والباقي للولد، ومع التعدد
366

يقسم بينهم بالسوية.
ومنها - أن يجتمع أحد الأبوين مع بنات للميت، فيأخذ الأب أو الأم
خمس المال، ويكون الباقي للبنات، يقسم بينهن بالسوية
. و منها - إن يجتمع أحد الأبوين مع ولد وبنت معا، فيعطي سدس المال
للأب أو الأم، ويقسم الباقي بين أولاده " للذكر مثل حظ الأنثيين " ".
(مسألة 1320): إذا لم يكن للميت ابن أو بنت بلا واسطة كان الأرث
لأولادهما فيرث حفيده حصة أبيه، وإن كان إنثى ويرث سبطه حصة أمه،
وإن كان ذكرا " ومع التعدد في كلا الفرضين للذكر مثل حظ الأنثيين، فلو
مات شخص عن بنت ابن وابن بنت: أخذت البنت سهمين وأخذ الأبن
سهما واحدا.
إرث الطبقة الثانية
(مسألة 1321): سبق أن الأخوة من الطبقة الثانية ووراثة الأخ لأخيه
تتصور على أنحاء:
(1) أن يكون وارث الميت أخا واحدا، أو أختا واحدة: فللأخ أو الأخت
- في هذه الحالة - المال كله، سواء كانت الأخوة باعتبار الأب أو الأم، أو
باعتبار هما معا.
(2) أن يرثه إخوة متعددون، كلهم إخوة لأبيه وأمه، أو كلهم إخوته
لأبيه فقط فيقسم المال بينهم بالسوية، إن كانوا جميعا ذكورا أو إناثا، وإلا
قسم على قاعدة أن للذكر ضعف ما للأنثى، فللأخت سهم وللأخ سهمان.
367

(3) أن يرثه إخوة متعددون، كلهم إخوة لأمه، فيقسم المال بينهم
بالسوية، سواء كانوا ذكورا أو إناثا، أو مختلفين.
(4) أن يجتمع الأخ للأبوين، مع الأخ للأب، دون أخ للأم، فيرث المال
كله الأخ للأبوين، ولا يرث الأخ للأب شيئا ومع تعدد الأخوة للأبوين -
في هذه الحالة - يتقاسمون المال على قاعدة: أن للذكر ضعف ما للأنثى.
(5) أن يجتمع الأخوة للأبوين، أو الأخوة للأب، إذا لم يكن إخوة
للأبوين مع أخ واحد، أو أخت واحدة للأم، فيعطي للأخ أو الأخت للأم
سدس واحد، ويقسم الباقي على سائر الأخوة للذكر ضعف الأنثى.
(6) أن يجتمع الأخوة للأبوين، أو الأخوة للأب إذا لم تكن أخوة
للأبوين، مع اخوة وأخوات للأم، فينقسم الميراث ثلاثة أسهم يعطى سهم
منها للأخوة من الأم، يتقاسمونه بالسوية ذكورا وإناثا، والسهمان الآخران
للباقين للذكر ضعف الأنثى.
(7) أن يجتمع الأخوة من الأبوين مع أخوة للأب، وأخ واحد أو أخت
واحد للأم، فيحرم الأخوة للأب من الميراث ويعطي للأخ أو الأخت من
الأم سدس المال، ويقسم الباقي - كله - على اخوته من الأبوين: للذكر
ضعف الأنثى.
(8) أن يجتمع للميت أخوة من الأبوين، وأخوة للأب وأخوة للأم، فلا
يرث الأخوة للأب (كما في الصورة السابقة) ويعطي للأخوة المتعددين من
الأم ثلث المال، يقسم بينهم بالسوية ذكورا وإناثا، والثلثان الآخران
للأخوة من الأبوين: للذكر ضعف الأنثى.
368

(مسألة 1322): إذا مات الزوج عن زوجة واخوة، ورثته الزوجة (على
تفصيل يأتي) وورثته أخوته (وفقا لما عرفت في المسائل السابقة) وإذا
ماتت الزوجة عن أخوة وزوج كان للزوج نصف المال والباقي للأخوة طبقا
لما سبق، غير أن الأخوة للأم لا يرد عليهم النقص، وإنما يرد على الأخوة
للأب أو للأبوين، فإذا كانت التركة ستة دراهم، وكان الميت له زوج - مثلا -
كان للأخوة من الأم درهمان منها كما لو لم يوجد زوج لأختهم المتوفاة، و
يعطي للزوج ثلاثة دراهم هي نصف التركة، ويبقى درهم واحد للأخوة من
الأب أو الأبوين. وهذا معنى أن الأخوة للأب أو الأبوين يرد النقص عليهم
دون الأخوة من الأم.
(مسألة 1323): إذا لم يكن للميت اخوة: قامت ذريتهم مقامهم في
أنصبتهم، وكذلك في طريقة توزيعها بالتساوي أو الاختلاف على المشهور،
فذرية الأخوة من الأم توزع التركة عليهم بالتساوي ذكورا وإناثا، وذرية
الأخوة من الأب أو الأبوين يكون التقسيم بينهم على قاعدة أن للذكر
ضعف حظ الأنثى، هذا ولكن لا يبعد أن يكون التقسيم بينهم أيضا
بالتساوي والأحوط الرجوع إلى الصلح.
(مسألة 1324): الأجداد والجدات من الطبقة الثانية كالأخوة (كما
سبق) ولأرثهم صور:
(1) أن ينحصر الوارث في جد، أو جده لأبيه أو لأمه: فالمال كله لجد أو
الجدة، ومع الجد الأقرب أو الجدة، لا يرث الأبعد.
(2) إن يرثه جده وجدته لأبيه، فللجد الثلثان، وللجدة الثلث.
369

(3) أن يرثه جده وجدته لأمه، فيقسم بينهم المال جميعا بالسوية.
(4) أن يرثه أحد جديه لأبيه، مع أحد جديه لأمه، فللجد أو الجدة من
الأم الثلث، والباقي للجد أو الجدة من الأب.
(5) أن يرثه جداه لأبيه - الجد والجدة - وجداه لأمه، فيعطي للجدين
من الأب ثلثان، للجد منه ضعف ما للجدة، ويعطي للجدين من الأم
الثلث يقسم بينهما بالسوية.
(مسألة 1325): إذا مات الرجل وله زوجة وجدان - الجد والجدة -
لأبيه، وجدان لأمه، فيعطي لجديه من الأم ثلث مجموع التركة يقسم بين
الجد والجدة على السواء، وترث الزوجة نصيبها (على تفصيل سوف يأتي) ويعطى الباقي لجده وجدته لأبيه للذكر منهما ضعف حظ الأنثى.
(مسألة 1326): إذا ماتت المرأة عن زوج وجد وجدة أخذ الزوج
نصف المال والباقي للجد والجدة (وفقا للتفصيلات السابقة).
(مسألة 1327): إذا اجتمع الأخ أو الأخت، أو الأخوة أو الأخوات مع
الجد أو الجدة أو الأجداد والجدات ففيه صور:
الأولى: أن يكون كل من الجد أو الجدة والأخ أو الأخت جميعا من قبل
الأم ففي هذه الصورة يقسم المال بينهم بالسوية، وإن اختلفوا في الذكورة و
الأنوثة.
الثانية: أن يكونوا جميعا من قبل الأب، ففي هذه الصورة يقسم المال
بينهم بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة،
370

وإلا فبالسوية.
الثالثة: أن يكون الجد أو الجدة للأب والأخ أو الأخت للأبوين، وحكم
هذه الصورة حكم الصورة الثانية: وقد تقدم أنه إذا كان للميت أخ أو أخت
للأب فقط، فلا أرث له إذا كان معه أخ أو أخت للأبوين.
الرابعة: أن يكون الأجداد أو الجدات متفرقين فكان بعضهم للأب، و
بعضهم للأم، سواء أكانوا جميعا ذكورا أو جميعا إناثا أو مختلفين في الذكورة و
الأنوثة وكانت الأخوة والأخوات أيضا كذلك، يعني كان بعضهم للأم و
بعضهم للأب، كانوا جميعا ذكورا أو إناثا أو مختلفين فيهما، ففي هذه الصورة
يقسم المال على الشكل التالي: للمقرب بالأم من الأخوة أو الأخوات و
الأجداد أو الجدات جميعا الثلث يقسمونه بينهم بالسوية، ولو مع الاختلاف
في الذكورة والأنوثة، وللمتقرب بالأب منهم كذلك الثلثان الباقيان
يقتسمونهما بينهم بالتفاضل للذكر مث حظ الأنثيين مع الاختلاف فيهما، و
إلا فبالسوية.
الخامسة: أن يكون مع الجد أو الجدة من قبل الأب أخ أو أخت من قبل
الأم، ففي هذه الصورة يكون للأخ أو الأخت السدس إن كان واحدا، و
الثلث إن كان متعددا، يقسم بينهم بالسوية، والباقي للجد أو الجدة، واحدا
كان أو متعددا، نعم في صورة التعدد يقسم بينهم بالتفاضل مع الاختلاف في
الذكورة، والأنوثة، وإلا فبالسوية.
السادسة: أن يكون مع الجد أو الجدة للأم، أخ للأب ففي هذه الصورة
يكون للجد أو الجدة الثلث واحدا كان أو متعددا، وللأخ الثلثان وإن كان
واحدا وإذا كانت مع أحدهما أخت للأب فإن كانتا اثنتين فما فوق فلهن
371

الثلثان، وإن كانت واحدة فلها النصف، وللجد أو الجدة الثلث في كلتا
الصورتين، والسدس الزائد من الفريضة في الصورة الأخيرة، للأخت.
السابعة: أن يكون الأجداد أو الجدات متفرقين فكان بعضهم للأب و
بعضهم للأم وكان معهم أخ أو أخت للأب واحدا كان أو أكثر. ففي هذه
الصورة يقسم المال على النحو التالي: للجد أو الجدة من قبل الأم الثلث، و
مع التعدد يقسم بينهم بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة، و
للجد أو الجدة والأخ أو الأخت للأب جميعا الثلثان الباقيان يقسمان
بالتفاضل مع الاختلاف وإلا فبالسوية. وإذا كان معهم أخ أو أخت للأم
يكون للجد أو الجدة للأم مع الأخ أو الأخت لها الثلث بالسوية ولو مع
الاختلاف في الذكورة والأنوثة، وللجد أو الجدة للأب الثلثان يقسمان
بالتفاضل مع الاختلاف فيهما وإلا فبالسوية.
الثامنة: أن يكون مع الأخوة أو الأخوات المتفرقين جدا أو جدة للأب
ففي هذه الصورة يكون للأخ أو الأخت للأم السدس إن كان واحدا، والثلث
إن كان متعددا يقتسمونه بينهم بالسوية، وللأخ أو الأخت للأب مع الجد أو
الجدة له الباقي يقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين مع الاختلاف وإلا
فبالسوية، وإن كان معهم جد أو جدة للأم فقط فللجد أو الجدة مع الأخ أو
الأخت للأم جميعا الثلث يقتسمونه بينهم بالسوية، وللأخ أو الأخت للأب
الباقي يقتسمونه بينهم بالتفاضل مع الاختلاف وإلا فبالسوية.
(مسألة 1328): أولاد الأخوة لا يرثون مع الأخوة شيئا، فلا يرث ابن
الأخ وإن كان للأبوين مع الأخ أو الأخت، وإن كان للأب أو الأم فقط.
372

إرث الطبقة الثالثة
(مسألة 1329): العم والعمة من الطبقة الثالثة، ولارثهما صور:
منها - أن ينحصر الوارث في عم واحد، أو عمة واحدة: فالمال كله للعم
أو العمة، سواء كانا مشتركين مع أب الميت في الأب والأم معا (العم أو العمة
للأبوين) أو في الأب فقط (العم أو العمة للأب) أو في الأم فقط (العم والعمة
للأم).
ومنها - أن يموت الشخص عن أعمام أو عمات، كلهم أعمام أو عمات
للأب، أو للأم أو للأبوين: فيقسم المال جميعا عليهم بالسوية.
ومنها - أن يموت الشخص عن عم وعمة، كلاهما للأب، أو كلاهما
للأبوين، فالظاهر أن للعم ضعف ما للعمة، ولا فرق - في ذلك - بين أن يكون
العم أو العمة واحدا، أو أكثر من واحد.
ومنها - أن يموت الشخص عن أعمام وعمات للأم. وفي هذه الصورة
الظاهر أن القسمة بينهم بالتفاضل للذكر مثل خط الأنثيين.
ومنها - أن يموت الشخص عن أعمام وعمات، بعضهم للأبوين وبعضهم
للأب، وبعضهم للأم: فلا يرثه الأعمام والعمات للأب وإنما يرثه الباقون،
فإذا كان للميت عم واحد للأم، أو عمة واحدة كذلك، فالمشهور على أنه
يعطى السدس، وأخذ الأعمام والعمات للأبوين الباقي يقسم بينهم على
قاعدة أن للذكر ضعف حظ الأنثى، وإذا كان للميت عم للأم، وعمة لها معا
أخذ الثلث يقسم بينهما بالسوية، هذا، ولكن الظاهر أن يكون الأعمام و
العمات من طرف الأم كالأعمام والعمات من الأبوين وأنهم يقتسمون المال
373

جميعا بالتفاضل، فلو كان للميت عمة وعم من الأبوين. وعمة وعم من
الأم يقسم المال بينهم أسداسا ولكل من العمين سهمان، ولكل من العمات
سهم واحد والأولى الرجوع إلى الصلح.
ومنها - أن يموت الشخص عن أعمام وعمات " بعضهم للأب وبعضهم
للأم " فيقوم المتقرب بالأب - في هذه الصورة - مقام المتقرب بالأبوين " في
الصورة السابقة ".
(مسألة 1330): الأخوال والخالات من الطبقة الثالثة " كما مر " وإذا
اجتمع منهم المتقربون بالأب والمتقربون بالأم والمتقربون بالأبوين لم يرث
المتقربون بالأب - أي: الخال المتحد مع أم الميت في الأب فقط - وإنما يرثه
الباقون، والظاهر أنه للمتقرب بالام السدس إن كان واحد أو الثلث إن كان
متعددا يقسم بينهم بالسوية والباقي للمتقرب بالأبوين يقسم بينهم بالسوية
أيضا.
(مسألة 1331): إذا اجتمع من الأعمام والعمات واحد أو أكثر مع واحد،
أو أكثر من الأخوال: قسم المال ثلاثة أسهم، فسهم واحد للخؤولة، وسهمان
للعمومة، وإذا لم تكن للميت أعمام وأخوال قامت ذريتهم مقامهم " على نحو
ما ذكرناه في الأخوة " غير أن ابن العم للأبوين يتقدم على العم للأب " كما
تقدم ".
(مسألة 1332): إذا كان ورثة الميت من أعمام أبيه وعماته وأخواله و
خالاته، ومن أعمام أمه وعماتها، وأخوالها وخالاتها: أعطى ثلث المال
374

لهؤلاء المتقربين بالأم ويقسم ما بينهم بالسوية، والباقي للمنقرب بالأب
يقسم بينهم بالتفاضل، وإذا لم يكن هؤلاء كان الأرث لذريتهم: مع رعاية
الأقرب فالأقرب.
ارث الزوج والزوجة
(مسألة 1333): للزوج نصف التركة إذا لم يكن للزوجة ولد، وله ربع
التركة إذا كان لها ولد، ولو من غيره وباقي التركة يقسم على سائر الورثة، و
للزوجة - إذا مات زوجها - ربع المال إذا لم يكن للزوج ولد، ولها الثمن إذا
كان له ولد، ولو من غيرها. والباقي يعطى لسائر الورثة، غير أن الزوجة لها
حكم خاص في الإرث فإن بعض الأموال لا ترث منها مطلقا، ولا نصيب
لها لا فيها ولا في قيمتها وثمنها، وهي الأراضي بصورة عامة. كأرض الدار و
المزرعة، وما فيها من مجرى القنوات. وبعض الأموال لا ترث منها عينا، و
لكنها ترث منها قيمة. بمعنى أنها لا حق لها - في نفس المال، وإنما لها نصيب
من قيمته وذلك في الأشجار والزرع والأبنية التي في الدور وغيرها، فإن
للزوجة سهمها في قيمة تلك الأموال، وأما غير تلك الأموال من أقسام
التركة فترث منه الزوجة. كما يرث سائر الورثة.
(مسألة 1334): لا بد لساير الورثة لكي يعطوا الزوجة نصيبها من قيمة
البناء والأشجار ونحوها - مما للزوجة نصيب في قيمته لا في عينه. أن يقوموا
البناء والشجر بملاحظته ثابتا في الأرض بدون أجرة مدى بقائه ويعطى
أرث الزوجة من قيمته المستنبطة على هذا الأساس.
375

(مسألة 1335): إذ تعددت الزوجات: قسم الربع أو الثمن عليهن، ولو لم
يكن قد دخل بهن أو ببعضهن. ويستثنى من ذلك من لم يدخل بها وكان قد
تزوجها في مرضه الذي مات فيها فإنها لا ترث منه كما أنه ليس لها المهر.
(مسألة 1336): الزوجان يتوارثان - فيما إذا انفصلا بالطلاق الرجعي -
ما دامت العدة باقية، فإذا انتهت، أو كان الطلاق بائنا فلا توارث.
(مسألة 1337): إذا طلق الرجل زوجته في حال المرض ومات قبل
انقضاء السنة. أي اثنى عشر شهرا هلاليا - ورثت الزوجة يشرط ان لا
تتزوج المرأة بغيره إلى موته أثناء السنة.
(مسألة 1338): ما تستعمله الزوجة من ثياب ونحوها بسماح من
زوجها لها بذلك من دون تمليكها إياها يعتبر جزءا من التركة يرث منه
مجموع الورثة، ولا تختص به الزوجة.
مسائل متفرقة في الإرث
(مسألة 1339): يعطي من تركة الميت للولد الأكبر، أو للولدين
المتساويين في العمر - مع عدم وجود أخ أكبر منهما - قرآن الميت، وخاتمه، و
سيفه، ولباسه الذي لبسه. أو أعده للبسه، فإذا تعدد غير اللباس. كما إذا كان
له سيفان ليس له أزيد من واحد وإذا تعدد اللباس اعطى الجميع.
(مسألة 1340): إذا كان على الميت دين فإن كان مستغرقا للتركة وجب
376

على الوالد الأكبر صرف مختصاته الآنفة الذكر في أداء الدين، وإن كان
مستغرقا للتركة غير الحبوة لا شئ على المحبو لتعلق الدين بغيره الحبوة.
(مسألة 1341): يعتبر في الوارث أن يكون مسلما إذا كان المورث
كذلك، فلا يرث الكافر من المسلم، وإن ورث المسلم الكافر، وكذلك يعتبر
فيه أن لا يكون قد قتل مورثه عمدا ظلما، وأما إذا قتله خطأ، كما إذا رمى
بحجارة إلى الهواء فوقعت على مورثه ومات بها فيرث منه، إلا أن ارثه من
الدية محل نظر بل الاظهر انه لا يرث منها.
(مسألة 1342): الحمل يرث إذا انفصل حيا، وعليه فما دام حملا إن علم
بوحدته يفرض له نصيب الذكر، ويقسم باقي التركة على سائر الورثة، وإن
احتمل تعدد الحمل ورضي الورثة بافراز سهم ولدين ذكرين فهو، وإن لم
يرضوا بذلك أفرز سهم ولد ذكر واحد، ويقسم الباقي مع الوثوق بحفظ سهم
الحمل الزائد، وامكان أخذه له، ولو بعد التقسيم على تقدير وجوده و
ولادته حيا.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
377

مستحدثات المسائل
المصارف والبنوك
وهي ثلاثة أصناف:
(1) أهلي: وهو ما يتكون رأس ماله من شخص واحد أو أشخاص
مشتركين.
(2) حكومي: وهو الذي تقوم الدولة بتمويله.
(3) مشترك: وتموله الدولة وأفراد الشعب.
وحيث إن المختاران الدولة تملك ما تحت يدها من الأموال فلا يختلف
الحكم باختلاف الأقسام الثلاثة.
(مسألة 1): لا يجوز الاقتراض منه بشرط الفائض والزيادة، لأنه ربا
محرم وللتخلص من ذلك الطريق الآتي وهو:
أن يشتري المقترض من صاحب البنك أو من وكيله المفوض بضاعة
بأكثر من قيمتها الواقعية 10 أو 20 مثلا على أن يقرضه مبلغا معينا من
النقد أو يبيعه متاعا بأقل من قيمته السوقية، ويشترط عليه في ضمن
378

المعاملة أو يقرضه مبلغا لمدة معلومة يتفقان عليها. وعندئذ يجوز الاقتراض
ولا ربا فيه. ومثل البيع الهبة بشرط القرض.
ولا يمكن التخلص من الربا ببيع مبلغ معين مع الضميمة بمبلغ أكثر كأن
يبيع مائة دينار بضميمة كبريت بمائة وعشرة دنانير لمدة شهرين مثلا، فإنه
قرض ربوي حقيقة، وإن كان بيعا صورة.
(مسألة 2): لا يجوز إقراض البنك بشرط الحصول على الفائض المسمى
في عرف اليوم بالإبداع، فلا فرق بين الإبداع الثابت الذي له أمد خاص
بمعنى أن البنك غير ملزم بوضعه تحت الطلب، وبين الإبداع المتحرك المسمى
بالحساب الجاري أي أن البنك ملزم بوضعه تحت الطلب، لأنه ربا محرم نعم
إذا لم يكن الإبداع بهذا الشرط فلا بأس به.
(مسألة 3): يجوز ايداع الأمانات في البنوك لمدة محدودة، وفي تلك المدة
يتصرف البنك فيها بما شاء حتى التصرفات الناقلة، وبإزاء ذلك يعطى
البنك فائدة للمودع وتصوير ذلك بنحو لا يكون المعاملة ربوية، ولا وديعة
لا يجوز التصرف الناقل انما يكون بأحد الوجوه.
(1) ان يبيع المودع بالبنك المال المعين بأزيد منه إلى أجل.
(2) ان يبيع للبنك جميع التصرفات حتى الناقلة ومنها التملك بإزاء
الأكثر المؤجل.
(3) ان يودعه بعنوان الوديعة ويأذن له بالتصرف فيه حتى الناقل لا
مجانا بل بعوض، ويشترط على البنك اعطاء مبلغ مختلف باختلاف المدة.
379

(مسألة 4): يجوز ايداع المال في البنك بعنوان التوفير للحصول على
الفائدة، وحيث إن التوفير و الأمانة لا فرق بينهما، سوى انه في التوفير
لصاحب المال استرجاع ما أودعه في أي وقت أراد، فيجرى فيه جميع ما
ذكرناه في الأمانة، واجماله انه إن كان الايداع بعنوان القرض بشرط
الحصول على الربح والفائدة كان محرما لأنه ربا، واما إن كان بعنوان الإباحة
بالعوض، أو البيع، أو الوديعة يجوز.
(مسألة 5): ما ذكرناه في المسائل السابقة من حرمة الاقراض بشرط
الحصول على الربح انما هو في البنوك الاسلامية، واما في البنوك
غير الاسلامية فيجوز ايداع المال في البنك بعنوان القرض بشرط حصول
الربح والفائدة، لعدم حرمة الربا بين المسلم وغيره، في صورة اخذ المسلم
الزيادة.
الاعتمادات
1 - اعتماد الاستيراد:
وهو أن من يريد استيراد بضاعة أجنبية لا بد له من فتح اعتماد لدى
البنك وهو يتعهد له بتسديد الثمن إلى الجهة المصدرة بعد تمامية المعاملة بين
المستود والمصدر مراسلة أو بمراجعة الوكيل الموجود في البلد ويسجل
البضاعة باسمه ويرسل القوائم المحددة لنوعية البضاعة كما وكيفا حسب
الشروط المتفق عليها وعند ذلك يقوم المستورد بدفع قسم من ثمن البضاعة
إلى البنك ليقوم بدوره بتسلم مستندات البضاعة من الجهة المصدرة.
380

2 - اعتماد التصدير: وهو أن من يريد تصدير بضاعة إلى الخارج أيضا لا بد له من فتح اعتماد
لدى البنك ليقوم بدوره - بموجب تعهده - بتسليم البضاعة إلى الجهة
المستوردة وقبض ثمنها وفق الأصول المتبعة عندهم، فالنتيجة أن القسمين لا
يختلفان في الواقع، فالاعتماد سواء أكان للاستيراد أو التصدير يقوم على
أساس تعهد البنك بأداء الثمن وقبض البضاعة.
نعم هنا قسم آخر من الاعتماد وهو أن المستورد أو المصدر يقوم بإرسال
قوائم البضاعة كما وكيفا إلى البنك أو فرعه في ذلك البلد دون معاملة مسبقة
مع الجهة المقابلة، والبنك بدوره يعرض تلك القوائم على الجهة المقابلة، فإن
قبلتها طلبت من البنك فتح اعتماد لها، ثم يقوم بدور الوسيط إلى أن يتم
تسليم البضاعة وقبض الثمن.
(مسألة 6): لا بأس بفتح الاعتماد لدى البنك كما لا بأس بقيامه بذلك.
(مسألة 7): هل يجوز للبنك أخذ الفائدة من صاحب الاعتماد إزاء قيامه
بالعمل المذكور؟ الظاهر الجواز، ويمكن تفسيره من وجهة النظر الفقهية
بأحد أمور:
(الأول): أن ذلك داخل في عقد الإجازة، نظرا إلى أن صاحب الاعتماد
يستأجر البنك للقيام بهذا الدور لقاء أجرة معينة.
(الثاني): أنه داخل في عقد الجعالة، ويمكن تفسيره بالبيع، حيث أن البنك
يدفع ثمن البضاعة بالعملة الأجنبية إلى المصدر، فيمكن قيامه ببيع مقدار من
العملة الأجنبية في ذمة المستورد بما يعادله من عملة بلد المستورد مع إضافة
381

الفائدة إليه، وبما أن الثمن والمثمن يمتاز أحدهما عن الآخر فلا بأس به.
الثالث انه داخل في الصلح حبت ان البنك يقوم بدفع دين التاجر و
تسجيل البضاعة باسمه، ويقوم التاجر يدفع أصل المال والزيادة المقررة،
(الرابع) انها معاملة مستقلة مشمولة لعمومات الصحة.
(مسألة 8): يأخذ البنك فائدة نسبية من فاتح الاعتماد إذا كان قيامه
بتسديد الثمن من ماله الخاص لقاء عدم مطالبة فاتح الاعتماد به إلى مدة
معلومة، فهل يجوز هذا؟ الظاهر جوازه. وذلك لأن البنك في هذا الفرض لا
يقوم بعلمية إقراض لفاتح الاعتماد ولا يدخل الثمن في ملكه بعقد القرض
ليكون ربا، بل يقوم بذلك بموجب طلب فاتح الاعتماد وأمره. وعليه فيكون
ضمان فاتح الاعتماد ضمان غرامة بقانون الاتلاف، لا ضمان قرض. نعم لو قام
البنك بعملية إقراض لفاتح الاعتماد بشرط الفائدة، وقد قبض المبلغ وكالة
عنه، ثم دفعه إلى الجهة المقابلة لم يجز له أخذها. إلا أن يجعلها عوض عمل
يعمله له أو جعالة لمثل ذلك. وكذلك الحال فيما إذا كان القائم بالعمل المذكور
غير البنك كالتاجر إذا كان معتمدا لدى الجهة المقابلة.
خزن البضائع
قد يقوم البنك بخزن البضاعة على حساب المستورد كما إذا تم العقد بينه و
بين المصدر، وقام البنك بتسديد ثمنها له، فعند وصول البضاعة يقوم البنك
بتسليم مستنداتها للمستورد وإخباره بوصولها، فإن تأخر المستورد عن
تسلمها في الموعد المقرر، قام البنك بخزنها وحفظها على حساب المستورد
382

إزاء أجر معين وقد يقوم بحفظها على حساب المصدر، كما إذا أرسل البضاعة
إلى البنك دون عقد واتفاق مسبق، فعندئذ يقوم البنك بعرض قوائم البضاعة
على تجار البلد فإن يقبلوها حفظها على حساب المصدر لقاء أجر معين.
(مسألة 9): في كلتا الحالتين يجوز للبنك أخذ الأجرة لقاء العمل المذكور
إذا اشترط ذلك في ضمن عقد، وإن كان الشرط ضمنيا وارتكازيا، أو كان
قيامه بذلك بطلب منه، وإلا فلا يستحق شيئا.
وهنا حالة أخرى، وهي: أن البنك قد يقوم ببيع البضاعة عند تخلف
أصحابها عن تسلمها بعد إعلان البنك وإنذاره، ويقوم بذلك لاستيفاء حقه
من ثمنها فهل يجوز للبنك القيام ببيعها، وهل يجوز لآخر شراؤها؟ الظاهر
الجواز، وذلك لأن البنك - في هذه الحالة - يكون وكيلا من قبل أصحابها
بمقتضى الشرط الضمني الموجود في أمثال هذه الموارد، فإذا جاز بيعها جاز
شراؤها أيضا.
الكفالة عند البنوك
يقوم البنك بكفالة وتعهد مالي من قبل المتعهد للمتعهد له من جهة
حكومية أو غيرها حينما يتولى المتعهد مشروعا كتأسيس مدرسة أو
مستشفى أو ما شاكل ذلك للمتعهد له وقد تم الاتفاق بينهما على ذلك، و
حينئذ قد يشترط المتعهد له على المتعهد مبلغا معينا من المال في حالة عدم
إنجاز المشروع وإتمامه عوضا عن الخسائر التي قد تصيبه، ولكي يطمئن
المتعهد له بذلك يطالبه بكفيل على هذا، وفي هذه الحالة يرجع المتعهد و
383

المقاول إلى البنك ليصدر له مستند ضمان يتعهد البنك فيه للمتعهد له بالمبلغ
المذكور عند تخلفه (المتعهد) عن القيام بإنجاز مشروع لقاء أجر معين.
مسائل
الأولى: تصح هذه الكفالة بإيجاب من الكفيل بكل ما يدل على تعهده و
التزامه من قول أو كتابة أو فعل، وبقبول من المتعهد له بكل ما يدل على
رضاه بذلك. ولا فرق في صحة الكفالة بين أن يتعهد الكفيل للدائن بوفاء
المدين دينه، وأن يتعهد لصاحب الحق بوفاء المقاول والمتعهد بشرطه.
الثانية: يجب على المتعهد الوفاء بالشرط المذكور إذا كان في ضمن عقد
عند تخلفه عن القيام بإنجاز المشروع وإذا امتنع عن الوفاء به رجع المتعهد له
(صاحب الحق) إلى البنك للوفاء وبما أن تعهد البنك وضمانه كان بطلب من
المتعهد والمقاول فهو ضامن لما يخسره البنك بمقتضى تعهده، فيحق للبنك أن
يرجع إليه ويطالبه به.
الثالثة: هل يجوز للبنك أن يأخذ عمولة معينة من المقاول والمتعهد لإنجاز
العمل لقاء كفالته وتعهده؟ الظاهر أنه لا بأس به، نظرا إلى أن كفالته عمل
محترم فيجوز له ذلك.
ثم إن ذلك داخل - على الظاهر - في عقد الجعالة فتكون جعلا على القيام
بالعمل المذكور وهو الكفالة والتعهد ويمكن أن يكون على نحو الإجارة
أيضا ولا يكون صلحا ولا عقدا مستقلا.
384

بيع السهام قد تطالب الشركات المساهمة وساطة البنك في بيع الأسهم والسندات
التي تملكها، ويقوم البنك بدور الوسيط في عملية بيعها وتصريفها لقاء
عمولة معينة بعد الإنفاق بينه وبين الشركة.
(مسألة 10): تجوز هذه المعاملة مع البنك، فإنها - في الحقيقة - لا تخلو
من دخولها إما في الإجارة بمعنى أن الشركة تستأجر البنك للقيام بهذا الدور
لقاء أجرة معينة، وإما في الجعالة على ذلك، وعلى كلا التقديرين فالمعاملة
صحيحة ويستحق البنك الأجرة لقاء قيامه بالعمل المذكور.
(مسألة 11): يصح بيع هذه الأسهم والسندات وكذا شراؤها. نعم إذا
كانت معاملات الشركة المساهمة ربوية فلا يجوز شراؤها بغرض الدخول في
تلك المعاملات فإنه غير جائز وإن كان بنحو الشركة.
التحويل الداخلي والخارجي
وهنا مسائل:
(الأولى): أن يصدر البنك صكا لعميله بتسليم المبلغ من وكيله في
الداخل أو الخارج على حسابه إذا كان له رصيد مالي في البنك. وعندئذ
يأخذ البنك منه عمولة معينة لقاء قيامه بهذا الدور، فيقع الكلام - حينئذ - في
جواز أخذه هذه العمولة ويمكن تصحيحه بأنه حيث أن للبنك حق الامتناع
عن قبول وفاء دينه في غير مكان القرض فيجوز له أخذ عمولة لقاء تنازله
385

عن هذا الحق وقبول وفاء دينه في ذلك المكان.
(الثنية): أن يصدر البنك صكا لعميله بتسليم المبلغ من وكيله في الداخل
أو الخارج بعنوان اقراضه، نظرا لعدم وجود رصيد مالي له عنده. ومرد ذلك
إلى توكيل هذا الشخص بتسليم المبلغ بعنوان القرض، وعند ذلك يأخذ
البنك منه عمولة معينة لقاء قيامه بهذا العمل فيقع الكلام في جواز أخذ هذه
العمولة لقاء ذلك.
ويمكن تصحيحه بأن للبنك المحيل أن يأخذ العمولة لقاء تمكين
المقترض من أخذ المبلغ عن البنك المحال عليه حيث أن هذا خدمة له
فيجوز أخذ شئ لقاء هذه الخدمة.
ثم إن التحويل إن كان بعملة أجنبية فيحدث للبنك حق، وهو أن المدين
حيث اشتغلت ذمته بالعملة المذكورة فله الزامه بالوفاء بنفس العملة فلو
تنازل عن حقه هذا وقبل الوفاء بالعملة المحلية جاز له أخذ شئ منه لقاء
هذا التنازل كما أن له تبديلها بالعملة المحلية مع تلك الزيادة.
(الثالثة): أن يدفع الشخص مبلغا معينا من المال إلى البنك في النجف
الأشرف - مثلا - ويأخذ تحويلا بالمبلغ أو بما يعادله على البنك في الداخل -
كبغداد مثلا - أو في الخارج كلبنان أو دمشق مثلا، ويأخذ البنك لقاء قيامه
بعملية التحويل عمولة معينة منه. ولا اشكال في صحة هذا التحويل و
جوازه، وهل في أخذ العمولة عليه اشكال، الظاهر عدمه.
(أولا): بتفسيره بالبيع بمعنى ان البنك يبيع مبلغا معينا من العملة المحلية
بمبلغ من العملة الأجنبية وحينئذ فلا اشكال في أخذ العمولة.
(ثانيا): أن الربا المحرم في القرض انما هو الزيادة التي يأخذها الدائن من
386

المدين، وأما الزيادة التي يأخذها المدين من الدائن فهي غير محرمة، ولا
يدخل مثل هذا القرض في القرض الربوي.
(ثالثا): أن يقبض الشخص مبلغا معينا من البنك في النجف الأشرف
مثلا، ويحوله على بنك آخر في الداخل أو الخارج، ويأخذ البنك لقاء قبوله
الحوالة عمولة منه، فهل يجوز أخذه العمولة؟ نعم يجوز بأحد
طرفين.
(الأول): أن ينزل هذا التحويل على البيع إذا كان بعملة أجنبية، بمعنى أن
البنك يشتري من المحول مبلغا من العملة الأجنبية والزيادة بمبلغ من العملة
المحلية وعندئذ لا بأس بأخذ العمولة.
(الثاني): أن يكون أخذها لقاء تنازل البنك عن حقه، حيث أنه يحق له
الامتناع عن قبول ما ألزمه المدين من تعيين التسديد في بلد غير بلد
القرض، فعندئذ لا بأس به.
ثم إن ما ذكرناه من أقسام الحوالة وتخريجها الفقهي يجري بعينه في الحوالة
على الأشخاص كمن يدفع مبلغا من المال لشخص ليحوله بنفسه المبلغ أو بما
يعادله على شخص آخر في بلده أو بلد آخر، ويأخذ بإزاء ذلك عمولة
معينة. أو يأخذ من شخص ويحوله على شخص آخر ويأخذ المحول له لقاء
ذلك عمولة معينة.
(مسألة 12): لافرق فيما ذكرناه بين أن تكون الحوالة على المدين أو على
البرئ والأول كما إذا كان للمحول عند المحول عليه رصيد مالي، والثاني
مالم يكن كذلك.
387

جوائز البنك
قد يقوم البنك بعملية القرعة بين عملائه بغرض الترغيب على وضع
أموالهم لديه، ويدفع لمن اصابته القرعة مبلغا من المال بعنوان الجائزة.
(مسألة 13): هل يجوز للبنك القيام بهذه العملية، فيه تفصيل، فإن كان
قيامه بها لا باشتراط عملائه، بل بقصد تشويقهم وترغيبهم على تكثير
رصيدهم لديه وترغيب الآخرين على فتح الحساب عنده جاز ذلك، كما
يجوز عندئذ لن أصابته القرعة أن يقبض الجائزة، وأما إن كان بعنوان الوفاء
بشرطهم في ضمن عقد كعقد القرض أو نحوه فلا يجوز، كما لا يجوز لمن
أصابته القرعة أخذها بعنوان الوفاء بذلك الشرط ويجوز بدونه.
تحصيل الكمبيالات
من الخدمات التي يقوم بها البنك تحصيل قيمة الكمبيالة لحساب عميله،
بأنه قبل تاريخ استحقاقها يخطر المدين (موقع الكمبيالة) ويشرح في إخطاره
قيمتها ورقمها وتاريخ استحقاقها ليكون على علم ويتهيأ للدفع، وبعد
التحصيل يقيد القيمة في حساب العميل، أو يدفعها إليه نقدا، ويأخذ منه
عمولة لقاء هذه الخدمة، ومن هذا القبيل قيام البنك بتحصيل قيمة الصك
لحامله من بلده أو من بلد آخر، كما إذا لم يرغب الحامل تسلم القيمة بنفسه
من الجهة المحال عليها، فيأخذ البنك منه عمولة لقاء قيامه بهذا العمل.
(مسألة 14): تجوز هذه الخدمة وأخذ العمولة لقاءها شرعا بشرط أن
388

يقتصر البنك على تحصيل قيمة الكمبيالة فقط. وأما إذا قام بتحصيل
فوائدها الربوية، فإنه غير جائز، ويمكن تفسير العمولة من الوجهة الفقهية
بأنها جعالة من الدائن للبنك على تحصيل دينه.
(مسألة 15): إذا كان لموقع الكمبيالة رصيد مالي لدي البنك فتارة يشير
فيها بتقديمها إلى البنك عند الاستحقاق ليقوم البنك بخصم قيمتها من حسابه
الجاري وقيدها في حساب المستفيد (الدائن) أو دفعها له نقدا، فمرد ذلك إلى
أن الموقع أحال دائنه على البنك، وبما ان البنك مدين له، فالحوالة نافذة من
دون حاجة إلى قبوله وعليه فلا يجوز للبنك أخذ عمولة قيامه بتسديد
دينه.
وأخرى يقدم المستفيد كمبيالة إلى البنك غير محولة عليه، ويطلب من
البنك تحصيل قيمتها، فعندئذ يجوز للبنك أخذ عمولة لقاء قيامه بهذا العمل
كما عرفت.
وهنا حالة ثالثة وهي ما إذا كانت الكمبيالة محولة على البنك ولكنه لم
يكن مدينا لموقعها، فحينئذ يجوز للبنك أخذ عمولة لقاء قيامه بهذا العمل
كما عرفت.
وهنا حالة ثالثة وهي ما إذا كانت الكمبيالة محولة على البنك ولكنه لم
يكن مدينا لموقعها، فحينئذ يجوز للبنك أخذ عمولة لقاء قبوله هذه الحوالة.
بيع العملات الأجنبية وشراؤها
من خدمات البنك القيام بعملية شراء العملات الأجنبية وبيعها
لغرضين:
(الأول): توفير القدر الكافي منها حسبت حاجات الناس ومتطلبات
الوقت اليومية.
389

(الثاني): الحصول على الربح منه.
(مسألة 16): يصح بيع العملات الأجنبية وشراؤها مع الزيادة، كما إذا
باعها بأكثر من سعر الشراء أو بالتساوي، بلا فرق في ذلك بين كون البيع أو
الشراء حالا أو مؤجلا، فان البنك كما يقوم بعملة العقود الحالة يقوم بعملية
العقود المؤجلة.
الحساب الجاري
كل من له رصيد لدى البنك (العميل) يحق له سحب أي مبلغ لا يزيد عن
رصيده، نعم قد يسمح البنك له بسحب مبلغ معين بدون رصيد نظرا لثقته به،
ويسمى ذلك بالسحب (على المكشوف) ويحسب البنك لهذا المبلغ فائدة.
(مسألة 17): هل يجوز للبنك أخذ تلك الفائدة الظاهر بل المقطوع به
عدم الجواز، لأنها فائدة على القرض. نعم بناء على ما ذكرناه في أول مسائل
البنوك من طريق تصحيح أخذ مثل هذه الفائدة شرعا لا بأس به بعد
التنزيل على ذلك الطريق.
الكمبيالات
تتحقق مالية الشئ بأحد أمرين:
(الأول): أن تكون للشئ منافع وخواص توجب رغبة العقلاء فيه و
ذلك كالمأكولات والمشروبات والملبوسات وما شاكلها.
390

(الثاني): اعتبارها من قبل من بيده الاعتبار. كالحكومات التي تعتبر
المالية فيما تصدره من الأول النقدية والطوابع وأمثالها.
(مسألة 18): يمتاز البيع عن القرض من جهات:
(الأولى): أن البيع تمليك عين بعوض لا مجانا، والقرض تمليك للمال
بالضمان في الذمة بالمثل إذا كان مثليا وبالقيمة إذا كان قيميا.
(الثانية): اعتبار وجود فارق بين العوض والمعوض في البيع، وبدونه لا
يتحقق البيع، وعدم اعتبار ذلك في القرض. مثلا لو باع مائة بيضة بمائة و
عشرة فلا بد من وجود مائز بين العوض والمعوض كأن تكون المائة من
الحجم الكبير في الذمة وعوضها من المتوسط، وإلا فهو قرض بصورة البيع
ويكون محرما لتحقق الربا فيه.
(الثالثة): ان البيع يختلف عن القرض في الربا فكل زيادة في القرض إذا
اشترطت تكون ربا ومحرمة، دون البيع، فان المحرم فيه لا يكون إلا في
المكيل أو الموزون من العوضين المتحدين جنسا، فلو اختلفا في الجنس أو لم
يكونا من المكيل أو الموزون فالزيادة لا تكون ربا. مثلا لو أقرض مائة بيضة
لمدة شهرين إزاء مائة وعشر كان ذلك ربا ومحرما، دون ما إذا باعها بها إلى
الأجل المذكور مع مراعاة وجود المائز بين العوضين.
(مسألة 19): الأوراق النقدية بما أنها ليست من المكيل أو الموزون. فإنه
يجوز للدائن أن يبيع دينه منها بأقل منه نقدا، كأن يبيع العشرة بتسعة أو
المائة بتسعين مثلا وهكذا.
391

(مسألة 20): الكمبيالات المتداولة بين التجار في الأسواق لم تعتبر لها
مالية كالأوراق النقدية، بل هي مجرد وثيقة وسند لاثبات ان المبلغ الذي
تتضمنه دين في ذمة موقعها لمن كتبت باسمه، فالمشتري عندما يدفع كمبيالة
للبائع لم يدفع ثمن البضاعة، ولذا لو ضاعت الكمبيالة أو تلفت عند البائع لم
يتلف منه مال ولم تفرغ ذمة المشتري، بخلاف ما إذا دفع له ورقة نقدية و
تلفت عنده أو ضاعت.
(مسألة 21): الكمبيالات على نوعين:
(الأول): ما يعبر عن وجود قرض واقعي.
(الثاني): ما يعبر عن وجود قرض صوري لا واقع له.
(أما الأول): فيجوز للدائن أن يبيع دينه المؤجل الثابت في ذمة المدين
بأقل منه حالا، كما لو كان دينه مائة دينار فباعه بثمانية وتسعين دينارا نقدا.
نعم لا يجوز على الأظهر بيعه مؤجلا، لأنه من بيع الدين بالدين، وبعد ذلك
يقوم البنك أو غيره بمطالبة المدين (موقع الكمبيالة) بقيمتها عند الاستحقاق.
(وأما الثاني): فلا يجوز للدائن (الصوري) بيع ما تتضمنه الكمبيالة،
لانتفاء الدين واقعا وعدم اشتغال ذمة الموقع للموقع له (المستفيد) بل انما
كتبت لتمكين المستفيد من خصمها فحسب ولذا سميت (كمبيالة مجاملة) و
واضح ان عملية خصم قيمتها في الواقع إقراض من البنك للمستفيد، و
تحويل المستفيد البنك الدائن على موقعها. وهذا من الحوالة على البرئ و
على هذا الأساس فاقتطاع البنك شيئا من قيمة الكمبيالة لقاء المدة الباقية
محرم لأنه ربا.
392

ويمكن التخلص من هذا الربا إما بتنزيل الخصم على البيع دون القرض
(بيانه) - أن يوكل موقع الكمبيالة المستفيد في بيع قيمتها في ذمة بأقل منها
مراعيا التمييز بين العوضين، كان تكون قيمتها خمسين دينارا عراقيا والثمن
الف تومان إيراني مثلا، وبعد هذه المعاملة تصبح ذمة موقع الكمبيالة
مشغولا بخمسين دينارا عراقيا لقاء ألف تومان إيراني، ويوكل الموقع أيضا
المستفيد في بيع الثمن وهو الف تومان في ذمته بما يعادل المثمن وهو خمسون
دينارا عراقيا، وبذلك تصبح ذمة المستفيد مدينة للموقع بمبلغ يساوي ما
كانت ذمة الموقع مدينة به للبنك. ولكن هذا الطريق قليل الفائدة. حيث إنه
انما يفيد فيما إذا كان الخصم بعملة أجنبية. وأما إذا كان بعملة محلية فلا أثر له،
إذا لا يمكن تنزيله على البيع عندئذ.
وإما بتنزيل ما يقتطعه البنك من قيمة الكمبيالة على أنه لقاء قيام البنك
بالخدمة له كتسجيل الدين وتحصيله ونحو هما وعندئذ لا بأس به، وأما
رجوع موقع الكمبيالة إلى المستفيد وأخذ قيمتها تماما فلا ربا فيه، وذلك لأن
المستفيد حيث أحال البنك على الموقع بقيمتها أصبحت ذمته مدينه له بما
يساوي ذلك المبلغ.
واما بان المدين الصوري باعطائه الورقة يضمن لما يصير الدائن بعد
ذلك مديونا به وبعد تماميته هذه المعاملة يشترى المضمون عنه مبلغا نقدا
من الشخص الثالث بمبلغ في ذمته إلى شهرين مثلا، وبعد هاتين المعاملتين
ينتقل ما في ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن ويصير هو مديونا بالشخص
الثالث ويصير الدائن الصوري مدينا واقعيا للمدين الصوري.
393

أعمال البنوك
تصنف أعمال البنوك صنفين:
(أحدهما): محرم وهو عبارة عن المعاملات الربوية فلا يجوز الدخول
فيها ولا الاشتراك، والعامل لا يستحق الأجرة لقاء تلك الأعمال.
(ثانيهما): سائغ، وهو عبارة عن الأمور التي لا صلة لها بالمعاملات
الربوية، فيجوز الدخول فيها وأخذ الأجرة عليها.
(مسألة 22): قد مر الفرق في حرمة المعاملة الربوية بين بنوك الدول
الاسلامية وغيرها وانه يجوز اخذ المسلم الزيادة في غير البنوك الاسلامية و
لا يجوز فيها، وقد يقال بان بينهما فرقا آخر وهو ان أموال تلك البنوك تجوز
اخذها استنقاذا بخلاف البنك الإسلامي، وفيه اشكال بل منع بناء على ما هو
الحق من مالكية الدولة لما تحت يدها من الأموال.
الحوالات المصرفية
للشخص المدين أن يحيل دائنه على البنك باصدار صك لأمره، أو يصدر
أمرا تحريرا إلى البنك بتحويل مبلغ من المال إلى بلد الدائن، وذلك كما إذا
استورد التاجر العراقي بضاعة من الخارج وأصبح مدينا للمصدر، فعندئذ
يراجع البنك ليقوم بعملية تحويل ما يعادل دينه لأمر المصدر على مراسله أو
فرعه في بلد المصدر ويدفع قيمة التحويل للبنك بنقد بلده، أو يخصم البنك
من رصيده لديه. ومرد ذلك قد يكون إلى حوالتين:
394

(إحداهما): حوالة المدين دائنه على البنك وبذلك يصبح البنك مدينا
لدائنه.
(ثانيهما): حوالة البنك دائنه على مراسله أو فرعه في الخارج أو على بنك
آخر وكلتا الحوالتين صحيحة شرعا.
(مسألة 23): هل يجوز للبنك أن يتقاضى لقاء قيامه بعلمية التحويل
عمولة معينة من المحيل؟ الظاهر أنه لا بأس به وذلك لان للبنك حق
الامتناع عن القيام بهذه العملية، فيجوز له أخذ شئ لقاء تنازله عن هذا
الحق نعم إذا لم يكن البنك مأمورا بالتحويل المذكور، وأراد أخذ عمولة لقاء
قيامه بعملية الوفاء والتسديد لم يجز له ذلك إذ ليس للمدين أن يأخذ شيئا
إزاء وفاء دينه في محله. نعم إذا لم يكن للمحيل رصيد لدى البنك وكانت
حوالته عليه حوالة على البرئ، جاز للبنك أخذ عمولة لقاء قبول الحوالة،
حيث إن القبول غير واجب على البرئ وله الامتناع عنه. وحينئذ لا بأس
بأخذ شئ مقابل التنازل عن حقه هذا.
(مسألة 24): لا فرق فيما ذكرناه من المسائل والفروع التي هي ذات طابع
خاص بين البنوك والمصارف الأهلية والحكومة والمشتركة، فإنها تدور
مدار ذلك الطابع الخاص في أي مورد كان وأي حالة تحققت.
عقد التأمين
وهو اتفاق بين المؤمن (الشركة أو الدولة)، وبين المؤمن له (شخص، أو
395

أشخاص) على أن يدفع المؤمن له للمؤمن مبلغا معينا شهريا أو سنويا نص
عليه في الوثيقة (المسمى قسط التأمين) لقاء قيام المؤمن بتدارك الخسارة
التي تحدث في المؤمن عليه على تقدير حدوثها.
(مسألة 25): التأمين على أنواع: على الحياة، على المال، على الحريق،
على الغرق، على السيارة، على الطائرة، على السفينة وما شاكلها. وهناك
أنواع اخر لا تختلف في الحكم الشرعي مع ما ذكر فلا داعي إلى إطالة الكلام
بذكرها.
(مسألة 26): يشتمل عقد التأمين على أركان:
1 - الايجاب من المؤمن له.
2 - القبول من المؤمن.
3 - المؤمن عليه: الحياة، الأموال، الحوادث، وغيرها.
4 - قسط التأمين الشهري والسنوي.
(مسألة 27): يعتبر في التأمين تعيين المؤمن عليه وما يحدث له من
خطر، كالغرق والحرق والسرقة والمرض والموت، ونحوها، وكذا يعتبر فيه
تعيين قسط التأمين، وتعيين المدة بداية ونهاية.
(مسألة 28): يجوز تنزيل عقد التأمين - بشتى أنواعه - منزلة الهبة
المعوضة فإن المؤمن له يهب مبلغا معينا من المال في كل قسط إلى المؤمن، و
يشترط عليه ضمن العقد انه على تقدير حدوث حادثة معينة نص عليها في
الاتفاقية أن يقوم بتدارك الخسارة الناجمة له، ويجب على المؤمن الوفاء بهذا
396

الشرط. وعلى هذا فالتأمين بجميع أقسامه عقد صحيح شرعا. ويجوز
تنزيله على الضمان، وعلى الصلح، ويمكن ان يقال إنها معاملة مستقلة تدل
على صحتها العمومات.
(مسألة 29): إذا تخلف المؤمن عن القيام بالشرط ثبت الخيار للمؤمن له
وله - عندئذ - فسخ العقد واسترجاع قسط التأمين.
(مسألة 30): إذا لم يقم المؤمن له بتسديد (قسط التأمين) كما وكيفا فلا
يجب على المؤمن القيام بتدارك الخسارات الناجمة له، كما لا يحق للمؤمن له
استرجاع ما سدده من أقساط التأمين.
(مسألة 31): لا تعتبر في صحة عقد التأمين مدة خاصة بل، بل هي تابعة لما
اتفق عليه الطرفان (المؤمن والمؤمن له).
(مسألة 32): إذا اتفق جماعة على تأسيس شركة يتكون رأس مالها من
أموالهم على نحو الاشتراك واشترط كل منهم على الآخر في ضمن عقد
الشركة أنه على تقدير حدوث حادثة (حدد نوعها) في ضمن الشرط على
ماله أو حياته أو داره أو سيارته أو نحو ذلك أن تقوم الشركة بتدارك
خسارته في تلك الحادثة من أرباحها وجب على الشركة القيام بذلك.
السرقفلية - الخلو
من المعاملات الشائعة بين التجار والكسبة ما يسمى السرقفلية، وهي
397

إنما تكون في محلات الكسب والتجارة والضابط في جواز أخذها وعدمه هو
أنه في كل مورد كان للمؤجر حق الزيادة في بدل الايجار أو تخلية المحل بعد
انتهاء مدة الايجار، ولم يكن للمستأجر الامتناع عن دفع الزيادة أو التخلية
لم يجز أخذها، والتصرف المحل بدون مالكه حرام. وأما إذا لم يكن
للمالك حق زيادة بدل الايجار وتخلية المحل وكان للمستأجر حق تخليته
لغيره بدون إذن المالك جاز له عندئذ - اخذ السرقفلية شرعا. ويتضح
الحال في المسائل الآتية.
(مسألة 33): قبل صدور منع المالك عن اجبار المستأجر على
التخلية أو عن الزيادة في بدل الإيجار، كان للمالك الحق في ذلك، فإن كانت
الإجارة وقعت قبل صدور القانون المذكور، ولم يكن هناك شرط متفق
عليه بين الطرفين بخصوص الزيادة أو التخلية، وقد زاد بدل ايجار أمثال
المحل إلى حد كبير بحيث ان المحل تدفع السرقفلية على تخليته، فإنه لا يجوز
للمستأجر - حينئذ - اخذ السرقفلية ويكون تصرفه في المحل بدون رضا
غصبا وحراما.
مسألة 34): المحلات المستأجرة بعد صدور القانون المذكور، قد يكون
بدل ايجارها السنوي مائة دينار مثلا، إلا أن المالك - لغرض ما - يؤجرها
برضي منه ورغبة بأقل من ذلك، ولكنه يقبض من المستأجر مبلغا
كخمسمائة دينار مثلا ويشترط على نفسه في ضمن العقد - ان يجدد الايجار
لهذا المستأجر سنويا بدون زيادة ونقيصة، وإذا
398

أراد المستأجر التنازل عن المحل لثالث ان يعامله نفس معاملة المستأجر،
فحينئذ يجوز للمستأجر لقاء تنازله عن حقه مبلغا يساوي ما دفعه
نقدا أو أكثر أو أقل، وليس للمالك مخالفته حسب الشرط المقرر.
(مسألة 35): المحلات الذي تؤجر بلا سرقفلية، إلا أنه يشترط في عقد
الإجار ما يأتي:
(1) ليس للمالك اجبار المستأجر على التخلية وللمستأجر حق البقاء في
المحل.
(2) للمستأجر حق تجديد عقد الإجارة سنويا بالصورة التي وقع عليها
في السنة الأولى. فإذا اتفق ان شخصا دفع مبلغا للمستأجر ازاء تنازله عن المحل وتخليته
فقط حيث لم يكن له إلا حق البقاء، مع أن للمالك - بعد التخلية - الحرية في
ايجار المحل، والثالث يستأجر المحل من المالك، فعندئذ يجوز للمستأجر
أخذ المبلغ المذكور وتكون السرقفلية لقاء التخلية فحسب لا بإزاء انتقال
حق التصرف منه إلى ثالث.
فروع قادة الالزام
(الأول): يعتبر الاشهاد في صحة النكاح عند العامة، ولا يعتبر عند الإمامية
وعليه فلو عقد رجل من العامة على امرأة بدون اشهاد بطل عقده،
وعندئذ يجوز للشيعي أن يتزوجها بقاعدة الالزام.
(الثاني:) الجمع بين العمة أو الخالة وبين بنت أخيها أو أختها في النكاح
399

باطل عند العامة، وصحيح على مذهب الشيعة، غاية الأمر تتوقف صحة
العقد على بنت الأخ أو الأخت مع لحوق عقدها على اجازة العمة أو الخالة، و
عليه فلو جمع سني بين العمة أو الخالة وبين بنت أخيها أو أختها في النكاح
بطل، فيجوز للشيعي ان يعقد على كل منهما بقاعدة الالزام.
(الثالث): تجب العدة على المطلقة اليائسة أو الصغيرة بعد الدخول بهما
على مذهب العامة، ولا تجب على مذهب الخاصة، وعلى ذلك فهم ملزمون
بترتيب أحكام العدة عليها بمقتضى القاعدة المذكورة. وعليه فلو تشيعت
المطلقة اليائسة أو الصغيرة خرجت عن موضوع تلك القاعدة، فيجوز لها
مطالبة نفقة أيام العدة إذا كانت مدخولا بها وكان الطلاق رجعيا وان
تزوجت من شخص آخر. وكذلك الحال لو تشيع زوجها فإنه يجوز له ان
يتزوج بأختها أو نحو ذلك، ولا يلزم بترتيب احكام العدة عليها.
(الرابع): لو طلق السني زوجته من دون حضور شاهدين صح الطلاق
على مذهبه كما أنه لو طلق جزء من زوجته كإصبع منها مثلا وقع الطلاق
على الجميع على مذهبه، وأما عند الإمامية فالطلاق في كلا الموردين باطل و
عليه فيجوز للشيعي ان يتزوج تلك المطلقة بقاعدة الالزام بعد انقضاء
عدتها.
(الخامس): لو طلق السني زوجته حال الحيض أو في طهر المواقعة صح
الطلاق على مذهبه، ويجوز للشيعي أن يتزوجها بقاعدة الالزام بعد عدتها.
(السادس): يصح طلاق المكره عند أبي حنيفة دون غيره، وعليه فيجوز
للشيعي ان يتزوج المرأة الحنيفة المطلقة باكراه بمقتضى قاعدة الالزام.
(السابع): لو حلف السنى على عدم فعل شئ وان فعله فامرأته طالق، و
400

اتفق انه فعل ذلك الشئ، فعندئذ تصبح امرأته طالقا على مذهبه. فيجوز
للشيعي ان يتزوجها بمقتضى قاعدة الالزام، ومن هذا القبيل طلاق المرأة
بالكتابة، فإنه صحيح عندهم وفاسد عندنا وبمقتضى تلك القاعدة يجوز
للشيعي ترتيب آثار الطلاق عليه واقعا.
(الثامن): يثبت خيار الرؤية على مذهب الشافعي لمن اشترى شيئا
بالوصف ثم رآه، وإن كان المبيع حاويا للوصف المذكور، وعلى هذا فلو
اشترى شيعي من شافعي شيئا بالوصف ثم رآه ثبت له الخيار بقاعدة الإلزام
وإن كان المبيع مشتملا على الوصف المذكور.
(التاسع): لا يثبت خيار الغبن للمغبون عند الشافعي، وعليه فلو اشترى
شيعي من شافعي شيئا، ثم انكشف أن البائع الشافعي مغبون فللشيعي إلزامه
بعدم حقه الفسخ له.
(العاشر): يشترط عند الحنيفة في صحة عقد السلم أن يكون المسلم فيه
موجودا ولا يشترط ذلك عند الشيعة وعليه فلو اشترى شيعي من حنفي
شيئا سلما ولم يكن المسلم فيه موجودا، جاز له إلزامه ببطلان العقد، وكذلك
لو تشيع المشتري بعد ذلك.
(الحادي عشر): لو ترك الميت بنتا سنية وأخا وافترضنا أن الأخ كان
شيعا أو تشيع بعد موته، جاز له أخذ ما فضل من التركة تعصيبا بقاعدة
الالزام، وإن كان التعصيب باطلا على المذهب الجعفري. ومن هذا القبيل ما
إذا مات وترك أختا وعما أبويا، فإن العم إذا كان شيعيا أو تشيع بعد ذلك
جاز له أخذ ما يصله بالتعصيب بقاعدة الالزام، وهكذا الحال في غير ذلك
من موارد التعصيب.
401

(الثاني عشر): ترث الزوجة على مذهب العامة من جميع تركة الميت من
المنقول وغيره والأراضي وغيرها ولا ترث على المذهب الجعفري من
الأرض لا عينا ولا قيمة وترث من الأبنية والأشجار قيمة لا عينا، وعلى
ذلك فلو كان الوارث سنيا وكانت الزوجة شيعية جاز لها أخذ ما يصل إليها
ميراثا من الأراضي وأعيان الأبنية والأشجار بقانون الزامهم بما يدينون به.
هذه هي أهم الفروع التي ترتكز على قاعدة الإلزام وبها يظهر الحال في
غيرها من الفروع، والضابط هو أن لكل شيعي أن يلزم غيره من أهل سائر
المذاهب بما يدينون به ويلزمون به أنفسهم.
أحكام التشريح
(مسألة 36): لا يجوز تشريح بدن الميت المسلم فلو فعل لزمته الدية على
تفصيل ذكرناه في كتاب الديات.
(مسألة 37): يجوز تشريح بدن الميت الكافر الذي يجوز قتله.
(مسألة 38): لو توقف حفظ حياة مسلم على تشريح بدن ميت مسلم، و
لم يمكن تشريح بدن غير محقون الدم، ولم يكن هناك طريق آخر لحفظه جاز
ذلك. وكذلك يجوز لكشف جريمة إذا كان ذلك سببا لنجاة المتهم بالقتل أو
لمعرفة قاتله ليجرى في حقه حكم الله.
ولا يلزم الدية في موارد جوازه.
402

أحكام الترفيع
(مسألة 39): يجوز قطع عضو من أعضاء الميت المسلم كعينه أو نحو ذلك
لالحاقه ببدن الحي، إذا توقف عليه حفظ حياة عضو من أعضاء الحي سيما
العضو الرئيسي، ولا دية على القاطع حينئذ. وتترتب عليه بعد الالحاق
أحكام بدن الحي نظرا إلى أنه أصبح جزءا له.
وهل يجوز ذلك مع الايصاء
من الميت فيه وجهان: الظاهر جوازه ولا دية على القاطع أيضا.
(مسألة 40): هل يجوز قطع عضو من أعضاء انسان حي للترقيع إذا
رضي به؟ فيه تفصيل: فإن كان من الأعضاء الرئيسية للبدن كالعين واليد و
الرجل وما شاكلها لم يجز. الا إذا توقف عليه حفظ حياة عضو رئيسي من
الحي فإنه يجوز حينئذ. وأما إذا كان من قبيل قطعة جلد أو لحم فلا بأس به،
مطلقا وهل يجوز له أخذ مال لقاء ذلك؟ الظاهر الجواز.
(مسألة 41): يجوز التبرع بالدم للمرضى المحتاجين إليه، كما يجوز أخذ
العوض عليه.
(مسألة 42): يجوز قطع عضو من بدن ميت كافر أو مشكوك الإسلام
للترقيع ببدن المسلم، وتترتب عليه بعده أحكام بدنه، لأنه صار جزاءا له،
كما أنه لا بأس بالتريع بعضو من أعضاء بدن حيوان نجس العين كالكلب و
نحوه، وتترتب عليه أحكام بدنه وتجوز الصلاة فيه باعتبار طهارته
بصيرورته جزاءا من بدن الحي.
403

التلقيح الصناعي
(مسألة 43): لا يجوز تلقيح المرأة بماء الرجل الأجنبي، سواء أكان
التلقيح بواسطة رجل أجنبي أو بواسطة زوجها، ولو فعل ذلك وحملت
المرأة ثم ولدت فالولد ملحق بصاحب الماء ويثبت بينهما جميع أحكام
النسب ويرث كل منهما الآخر، لأن المستثنى من الإرث هو الولد عن زنا، و
هذا ليس كذلك، وإن كان العمل الموجب لانعقاد نطفته محرما كما أن المرأة أم
له ويثبت بينهما جميع أحكام النسب ونحوها. ولا فرق بينه وبين سائر
أولادهما أصلا، ومن هذا القبيل ما لو ألقت المرأة نطفة زوجها في فرج امرأة
أخرى بالمساحقة أو نحوها،
فحملت المرأة ثم ولدت، فإنه يلحق بصاحب
النطفة.
(مسألة 44): يجوز أخذ نطفة رجل ووضعها في رحم صناعية وتربيتها
لغرض التوليد حتى تصبح ولدا وبعد ذلك هل يلحق بصاحب النطفة؟
الظاهر أنه ملحق به ويثبت بينهما جميع أحكام الأبوة والبنوة حتى الإرث،
غاية الأمر أنه ولد بغير أم.
(مسألة 45): يجوز تلقيح الزوجة بنطفة زوجها نعم لا يجوز أن يكون
المباشر غير الزوج إذا كان ذلك موجبا للنظر إلى العورة أو مسها. وحكم
الولد منه حكم سائر أولادهما بلا فرق أصلا.
404

أحكام الشوارع المفتوحة من قبل الدولة
(مسألة 46): ما حكم العبور من الشوارع المستحدثة الواقعة على الدور
والأملاك الشخصية للناس التي تستملكها الدولة جبرا وتجعلها طرقا و
شوارع؟ الظاهر جوازه لأنها من الأموال التالفة عند العرف، فلا يكون
التصرف فيها تصرفا في مال الغير نظير الكوز المكسور وما شاكله نعم
لأصحابها حق الأولوية، إلا أنه لا يمنع من تصرف غيرهم، وأما الفضلات
الباقية منها فهي لا تخرج عن ملك أصحابها، وعليه فلا يجوز التصرف فيها
بدون اذنهم ولا شراؤها من الدولة إذا استملكتها غصبا إلا بارضاء
أصحابها.
(مسألة 47): المساجد الواقعة في الشوارع المستحدثة قيل أنها تخرج
عن عنوان المسجدية. وعلى هذا فلا بد من التفصيل بين الأحكام المترتبة
على عنوان المسجد الدائرة مداره وجودا وعدما، وبين الأحكام المترتبة
على عنوان وقفيته. ومن الأحكام الأولى حرمة تنجيس المسجد ووجوب
إزالة النجاسة عنه وعدم جواز دخول الجنب والحائض فيه وما شاكل
ذلك، فإنها أحكام مترتبة على عنوان المسجدية، فإذا زال انتفت هذه
الأحكام وإن كان الأحوط ترتيب آثار المسجد عليه. ولكن الأظهر انها لا
تخرج بذلك عن عنوان المسجدية ومع ذلك لا يحرم تنجيسها، ولا يجب
إزالة النجاسة عنها. ومن الأحكام الثانية عدم جواز التصرف في موادها و
فضلاتها كأحجارها وأخشابها وأرضها ونحو ذلك، وعدم جواز بيعها و
شرائها نعم يجوز بيع ما يصح بيعه منها بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله و
405

صرف ثمنها في مسجد آخر مع مراعاة الأقرب فالأقرب، وكذا يجوز في هذه
الحالة صرف نفس تلك الموارد في تعمير مسجد آخر، ومن ذلك يظهر حال
المدارس الواقعة في تلك الشوارع وكذا الحسينيات فإن أنقاضها كالأحجار
والأخشاب والأراضي وغيرها لا تخرج عن الوقفية بالخراب والغصب،
فلا يجوز بيعها وشراؤها. نعم يجوز ذلك بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله و
صرف ثمنها في مدرسة أو حسنية أخرى مع مراعاة الأقرب فالأقرب، أو
صرف نفس تلك الانقاض فيها.
(مسألة 48): يجوز العبور والمرور من أراضي المساجد الواقعة في
الشوارع، وكذلك في أراضي المدارس والحسينيات.
(مسألة 49): ما بقي من المساجد إن كان قابلا للانتفاع منه للصلاة و
نحوه من العبادات ترتب عليه جميع أحكام المسجد، وإذا جعله الظالم دكانا
أو محلا أو دارا بحيث لا يمكن الانتفاع به كمسجد، فهل يجوز الانتفاع به كما
جعل أي دكانا أو نحوه فيه تفصيل، فإن كان الانتفاع غير مناف لجهة
المسجد كالأكل والشرب والنوم ونحو ذلك فلا شبهة في جوازه، وذلك لأن
المانع من الانتفاع بجهة المسجدية انما هو عمل الغاصب. وبعد تحقق المانع و
عدم امكان الانتفاع بتلك الجهة لا مانع من الانتفاع به في جهات أخرى،
نظير المسجد الواقع في طريق متروك التردد، فإنه لا بأس بجعله مكانا
للزراعة أو دكانا. نعم لا يجوز جعله مكانا للأعمال المنافية لعنوان المسجد
كجعله ملعبا أو ملهى وما شاكل ذلك، فلو جعله الظالم مكانا لما ينافي
العنوان لم يجز الانتفاع به بذلك العنوان.
406

(مسألة 50): المسلمين الواقعة في الشوارع إن كانت ملكا لأحد
فحكمها حكم الأملاك المتقدمة، وإن كانت وقفا فحكمها حكم الأوقاف كما
عرفت. هذا إذا لم يكن العبور والمرور عليها هتكا لموتى المسلمين وإلا فلا
يجوز. وأما إذا لم تكن ملكا ولا وقفا، فلا بأس بالتصرف فيها إذا لم يكن
هتكا. ومن ذلك يظهر حال الفضلات الباقية منها، فإنها على الفرض الأول
لا يجوز التصرف فيها وشراؤها إلا بإذن مالكها، وعلى الفرض الثاني لا
يجوز ذلك إلا بإذن المتولي وصرف ثمنها في مقابر أخرى للمسلمين مع
مراعاة الأقرب فالأقرب، وعلى الفرض الثالث يجوز ذلك من دون حاجة
إلى إذا أحد.
مسائل الصلاة والصيام
(مسألة 51): لو سافر الصائم جوا بعد الغروب والافطار في بلده في شهر
رمضان إلى جهة الغرب فوصل إلى مكان لم تغرب الشمس فيه بعد، فهل
يجب عليه الإمساك إلى الغروب؟ الظاهر عدم الوجوب، حيث إنه قد أتم
الصوم إلى الغروب في بلده، ومعه لا مقتضي له كما هو مقتضى الآية الكريمة:
(ثم أتموا الصيام إلى الليل...).
(مسألة 52): لو خرج وقت الصلاة في بلده: كأن طلعت الشمس أو
غربت ولم يصل الصبح أو الظهرين ثم سافر جوا فوصل إلى بلد لم تطلع
الشمس فيه أو لم تغرب بعد فهل عليه الصلاة إداء أو قضاء أو بقصد ما في
الذمة؟ فيه وجوه، الأحوط هو الاتيان بها بقصد ما في الذمة أي الأعم من
407

الأداء والقضاء.
(مسألة 54): إذا سافر جوا وأراد الصلاة فيها، فإن تمكن من الاتيان بها
إلى القبلة واجدة لسائر الشرائط صحت، وإلا لم تصح إذا كان في سعة الوقت
بحيث يتمكن من الاتيان بها إلى القبلة بعد النزول من الطائرة وأما إذا ضاق
الوقت وجب عله الإتيان بها فيها، وعندئذ إن علم بكون القبلة في جهة
خاصة صلى نحوها، وإن لم يعلم صلى إلى الجهة المظنون كونها قبلة، وإلا
صلى إلى أي جهة شاء، وإن كان الأحوط الإتيان بها إلى أربع جهات. هذا
فيما إذا تمكن من الاستقبال، وإلا سقط عنه.
(مسألة 55): لو ركب طائرة كانت سرعتها سرعة حركة الأرض و
كانت متجهة من الشرق إلى الغرب ودارت حول الأرض مدة من الزمن،
فالأحوط الاتيان بالصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة. وأما
الصيام فالظاهر عدم وجوبه عليه. وذلك لأن السفر المذكور إن كان في الليل
فواضح وإن كان في النهار فلعدم الدليل على الوجوب في مثل هذا الفرض. و
أما إذا كانت سرعتها ضعف سرعة الأرض، فعندئذ - بطبيعة الحال - تتم
الدورة في كل اثني عشر ساعة وفي هذه الحالة هل يجب عليه الاتيان بصلاة
الصبح عند كل فجر وبالظهرين عند كل زوال وبالعشائين عند كل غروب؟
فيه وجهان الأحوط بل الأظهر الوجوب. نعم لو دارت حول الأرض
بسرعة فائقة بحيث تتم كل دورة في ثلاث ساعات مثلا أو أقل، فعندئذ
اثبات وجوب الصلاة عليه عند كل فجر وزوال وغروب بدليل مشكل
جدا، فالأحوط الاتيان بها في كل أربع وعشرين ساعة، ومن هنا يظهر
408

حال ما إذا كانت حركتها من الغرب إلى الشرق وكانت سرعتها مساوية
لسرعة حركة الأرض. وفي هذه الحالة الأظهر وجوب الاتيان بالصلوات في
أوقاتها وكذا الحال فيما إذا كانت سرعتها أقل من سرعة الأرض. وأما إذا
كانت سرعتها أكثر من سرعة الأرض بكثير بحيث تتم الدورة في ثلاث
ساعات مثلا أو أقل، فيظهر حكمه مما تقدم.
(مسألة 56): من كانت وظيفته الصيام في السفر وطلع عليه الفجر في
بلده، ثم سافر جوا ناويا للصوم ووصل إلى بلد آخر لم يطلع الفجر فيه بعد،
فهل يجوز له الأكل والشرب ونحو هما الظاهر جوازه بل لا شبهة فيه، لعدم
مشروعية الصوم في الليل.
(مسألة 57): من سافر في شهر رمضان من بلده بعد الزوال، ووصل إلى
بلد لم تزل فيه الشمس بعد، فهل يجب عليه الإمساك وإتمام الصوم؟ الظاهر
وجوبه، حيث أنه مقتضى اطلاق ما دل على أو وظيفة من سافر من بلده بعد
الزوال هو اتمام الصوم إلى الليل.
(مسألة 58): إذا فرض كو المكلف في مكان نهاره ستة أشهر وليله
ستة أشهر مثلا وتمكن من الهجرة إلى بلد يتمكن فيه من الصلاة والصيام
وجبت عليه. وإلا فالأحوط هو الاتيان بالصلوات الخمس في كل أربع و
عشرين ساعة. ويمكن ان يقال إن المدار على البلدان المتعارفة المتوسطة
مخيرا بين افراد المتوسط، أو ان المدار على أقرب البلاد المعتدلة إليه، أو بلده
الذي كان متوطنا فيه.
409

أوراق اليانصيب
وهي أوراق تبيعها شركة بمبلغ معين، وتتعهد بأن تقرع بين المشترين فمن
أصابته القرعة تدفع له مبلغا بعنوان الجائزة، فما هو موقف الشريعة من هذه
العملية وتخريجها الفقهي، وهو يختلف باختلاف وجوه هذه العملية.
(الأول): أن يكون شراء البطاقة بغرض احتمال إصابة القرعة باسمه و
الحصول على الجائزة، فهذه المعاملة محرمة وباطلة بلا إشكال. فلو ارتكب
المحرم وأصابت القرعة باسمه، لم يجز التصرف فيه، الا إذا أحرز ان ذلك المال
من أموال الشركة لا من أموال بقية المشترين وكانت الشركة راضية
بالتصرف مع العلم بعدم الاستحقاق فإنه يجوز عندئذ.
(الثاني): أن يكون إعطاء المال مجانا وبقصد الاشتراك في مشروع خيري
لا بقصد الحصول على الربح والجائزة، فعندئذ لا بأس به، ثم إنه إذا أصابت
القرعة باسمه، ودفعت الشركة له مبلغا فلا مانع من أخذه.
(الثالث): أن يكون دفع المال بعنوان إقراض الشركة بحيث تكون ماليتها
له محفوظة لديها، وله الرجوع إليها في قبضه بعد عملية الاقتراع، ولكن
الدافع المذكور مشروط بأخذ بطاقة اليانصيب على أن تدفع الشركة له
جائزة عند إصابة القرعة باسمه، فهذه المعاملة محرمة لأنها من القرض
الربوي.
410