الكتاب: المسائل المنتخبة
المؤلف: السيد محمد الروحاني
الجزء:
الوفاة: ١٤١٨
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع: ١٤١٧ - ١٩٩٦ م
المطبعة:
الناشر: مكتبة الإيمان - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات:

المسائل المنتخبة
العبادات والمعاملات
فتاوى
المرجع الديني الأعلى
آية الله العظمى
السيد محمد الحسيني الروحاني
دام ظله الوارف
مكتبة الايمان
بيروت - لبنان
1

لا يجوز إعادة الطبع
إلا بإذن خاص خطي
جميع الحقوق محفوظة
1417 ه‍ - 1996 م
مكتبة الايمان
بيروت - الشياح - شارع عبد الكريم الخليل - قرب الجامع
2

بسم الله الرحمن الرحيم
3

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعترته
الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعداءهم أجمعين.
وبعد:
يجب على كل مكلف أن يحرز امتثال التكاليف الالزامية الموجهة إليه في
الشريعة المقدسة، ويتحقق ذلك بأحد أمور: اليقين، الاجتهاد، التقليد،
الاحتياط، وبما أن موارد اليقين في الغالب تنحصر في الضروريات، فلا مناص
للمكلف في إحراز الامتثال من الأخذ بأحد الثلاثة الأخيرة:
الاجتهاد: هو استنباط الحكم الشرعي من مداركه المقررة.
ثم إن الاجتهاد واجب كفائي، فإذا تصدى له من يكتفى به سقط
التكليف عن الباقين، وإذا تركه الجميع استحقوا العقاب جميعا.
التقليد: هو الالتزام بالعمل بفتوى المجتهد.
المقلد قسمان:
1 - العامي المحض، وهو الذي ليست له أية معرفة بمدارك الأحكام الشرعية.
5

2 - من له حظ من العلم ومع ذلك لا يقدر على الاستنباط.
الاحتياط: هو العمل الذي يتيقن معه ببراءة الذمة من الواقع المجهول.
ثم إنه قد يتعذر العمل بالاحتياط على بعض المكلفين، وقد لا يسعه تمييز
موارده - كما ستعرف ذلك - وعلى هذا فوظيفة من لا يتمكن من الاستنباط هو
التقليد، إلا إذا كان واجدا لشروط العمل بالاحتياط
فيتخير - حينئذ - بين
التقليد والعمل بالاحتياط.
(مسألة 1): المجتهد: مطلق، ومتجزئ.
المجتهد المطلق: هو الذي يتمكن من الاستنباط في جميع أبواب الفقه.
المتجزئ: هو القادر على استنباط الحكم الشرعي في بعض
الفروع دون بعضها.
فالمجتهد المطلق يلزمه العمل باجتهاده، أو بالاحتياط، وكذلك
المتجزي بالنسبة إلى الموارد التي يتمكن فيها من الاستنباط، وأما فيما لا يتمكن
فيه من الاستنباط فحكمه حكم غير المجتهد، فيتخير فيه بين التقليد والعمل
بالاحتياط.
(مسألة 2): المسائل التي يمكن أن يبتلي بها المكلف عادة - كمسائل الشك
والسهو - يجب عليه على الأحوط أن يتعلم أحكامها، إلا إذا أحرز من نفسه
عدم الابتلاء بها.
(مسألة 3): عمل العامي من غير تقليد ولا احتياط باطل، إلا إذا تحقق معه
أمران:
6

1 - موافقة عمله لفتوى المجتهد الذي يلزمه الرجوع إليه، مع كونه موافقا
- أيضا - لفتوى المجتهد الذي كانت وظيفته الرجوع إليه حين
عمله.
2 - قصد القربة منه إذا كان العمل عبادة.
(مسألة 4): المقلد يمكنه تحصيل فتوى المجتهد الذي قلده بأحد طرق
ثلاثة:
1 - أن يسمع حكم المسألة من المجتهد نفسه.
2 - أن يخبره بفتوى المجتهد عادلان، أو شخص يوثق بقوله وتطمئن
النفس به.
3 - أن يرجع إلى الرسالة العملية التي فيها فتوى المجتهد مع الاطمئنان
بصحتها.
(مسألة 5): إذا مات المجتهد ولم يعلم المقلد بذلك إلا بعد مضي مدة، فإن
أعماله الموافقة لفتوى المجتهد الذي يتعين عليه تقليده فعلا إن وافقت - أيضا -
لفتوى المجتهد الذي كانت وظيفته الرجوع إليه حين العمل، كانت صحيحة،
نعم يحكم بالصحة في بعض موارد المخالفة على قول، وذلك فيما إذا كانت
المخالفة مغتفرة حينما تصدر لعذر شرعي، كما إذا اكتفى المقلد بتسبيحة واحدة
في صلاته حسب ما كان يفتي به المجتهد الأول، ولكن المجتهد الثاني يفتي بلزوم
الثلاثة، ففي هذه الصورة يحكم بصحة صلاته على قول.
(مسألة 6): لا يبعد جواز العمل بالاحتياط، سواء استلزم
التكرار أم لا.
7

أقسام الاحتياط
الاحتياط قد يقتضي الفعل، وقد يقتضي الترك، وقد يقتضي التكرار.
أما الأول، ففي كل مورد تردد الحكم فيه بين الوجوب وغير الحرمة،
فالاحتياط - حينئذ - يقتضي الاتيان به.
وأما الثاني، ففي كل مورد تردد الحكم فيه بين الحرمة وغير الوجوب،
فالاحتياط فيه يقتضي الترك.
وأما الثالث، ففي كل مورد تردد الواجب فيه بين الفعلين، كما إذا لم
يعلم المكلف في مكان خاص أن وظيفته الاتمام في الصلاة أو القصر فيها، فإن
الاحتياط يقتضي - حينئذ - أن يأتي بها مرة قصرا، ومرة تماما.
(مسألة 7): كل مورد لا يتمكن المكلف فيه من الاحتياط يتعين عليه
الاجتهاد أو التقليد، كما إذا تردد مال بين صغيرين أو مجنونين، أو صغير
ومجنون، فإن الاحتياط في مثل ذلك متعذر، فلا بد من الاجتهاد أو التقليد.
(مسألة 8): قد لا يسع العامي أن يميز ما يقتضيه الاحتياط، مثال ذلك:
إن الفقهاء قد اختلفوا في جواز الوضوء والغسل بالماء المستعمل في رفع الحدث
الأكبر، فالاحتياط يقتضي ترك ذلك، إلا أنه إذا لم يكن عند المكلف غير هذا
الماء، فالاحتياط يقتضي أن يتوضأ أو يغتسل به، ويتيمم - أيضا - إذا أمكنه
التيمم. وقد يعارض الاحتياط من جهة، الاحتياط من جهة أخرى، ويعسر
على العامي تشخيص ذلك، مثلا: إذا تردد عدد التسبيحة الواجبة في الصلاة بين
الواحدة والثلاث، فالاحتياط يقتضي الاتيان بالثلاث، لكنه إذا ضاق الوقت
8

واستلزم هذا الاحتياط أن يقع مقدار من الصلاة خارج الوقت - وهو خلاف
الاحتياط - ففي مثل ذلك ينحصر الأمر في التقليد أو الاجتهاد.
(مسألة 9): إذا قلد مجتهدا يفتي بحرمة العدول - حتى إلى المجتهد الأعلم -
يجب عليه العدول إلى الأعلم.
(مسألة 10): يصح تقليد الصبي المميز، فإذا مات المجتهد الذي قلده
الصبي قبل بلوغه يجب عليه البقاء على تقليده إن كان أعلم، كما يجب عليه أن
يعدل عنه إلى غيره إذا كان الثاني أعلم.
(مسألة 11): يعتبر في من يجوز تقليده أمور:
1 - البلوغ.
2 - العقل.
3 - الرجولة.
4 - الايمان - بمعنى أن يكون اثنا عشريا -.
5 - العدالة.
6 - طهارة المولد.
7 - الضبط، بمعنى أن لا يقل ضبطه عن المتعارف.
8 - الاجتهاد.
9 - الحياة، على تفصيل سيأتي.
(مسألة 12): تقليد المجتهد الميت قسمان: ابتدائي، وبقائي.
التقليد الابتدائي: هو أن يقلد المكلف مجتهدا ميتا من دون أن يسبق منه
تقليده حال حياته.
9

التقليد البقائي: هو أن يقلد مجتهدا معينا شطرا من حياته، ويبقى على
تقليد ذلك المجتهد بعد موته.
(مسألة 13): لا يجوز تقليد الميت ابتداءا ولو كان أعلم من المجتهدين
الأحياء.
(مسألة 14): الأقوى وجوب البقاء على تقليد الميت إذا كان أعلم من
المجتهد الحي.
(مسألة 15): لا يجوز العدول إلى الميت - ثانيا - بعد العدول عنه إلى الحي.
(مسألة 16): الأعلم: هو الأقدر على استنباط الأحكام، وذلك بأن يكون
أكثر إحاطة بجهات المدارك وأدق فيها وفي تطبيقاتها من غيره.
(مسألة 17): يجب الرجوع في تعيين الأعلم إلى أهل الخبرة والاستنباط،
ولا يجوز الرجوع - في ذلك - إلى من لا خبرة له بذلك.
(مسألة 18): إذا كان أحد المجتهدين أعلم من الآخر يجب تقليد الأعلم
منهما.
وإذا تردد الأعلم بين شخصين أو أكثر - ولو كان ذلك من جهة تعارض
البينتين - وجب العمل بأحوط الأقوال، ومع عدم الامكان يقلد من يظن
أعلميته، ومع عدمه يقلد محتمل الأعلمية إذا كان الاحتمال خاصا بأحدهما ولو
كان ضعيفا، ومع احتمالها في حق الجميع يحتاط في المعاملات، وأما العبادات
فللقول بعدم وجوب الاحتياط فيها وجه، وإن كان الأحوط كونها
كالمعاملات.
10

(مسألة 19): إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة خاصة، جاز للمقلد
الرجوع فيها إلى غيره مع رعاية الأعلم فالأعلم.
(مسألة 20): يثبت الاجتهاد، أو الأعلمية بأحد أمور:
1 - الاختبار، وهذا إنما يتحقق فيما إذا كان المقلد قادرا على
تشخيص ذلك.
2 - شهاد العدلين.
والعدالة: هي الاستقامة في العمل، وتتحقق بفعل الواجبات، وترك
المحرمات، حتى الصغائر على الأحوط.
ويعتبر في شهادة العدلين أن يكونا من أهل الخبرة، وأن لا تعارضها
شهادة مثلها بالخلاف، ولا يبعد ثبوتهما بشهادة رجل واحد من أهل الخبرة إذا
كان ثقة وحصل منها الاطمئنان، ومع التعارض فلا يبعد أن يؤخذ بقول من كان
منهما أكثر خبرة.
3 - الشياع، بأن يكون اجتهاد مجتهد أو أعلميته متسالما عليه عند كثير من
أهل الخبرة، بحيث يحصل اليقين أو الاطمئنان بذلك.
(مسألة 21): الاحتياط المذكور في هذه الرسالة قسمان: واجب،
ومستحب.
الاحتياط الواجب: هو الذي لا يكون مسبوقا أو ملحوقا بذكر الفتوى،
وفي حكم الاحتياط ما إذا قلنا: فيه إشكال، أو فيه تأمل.. أو ما يشبه ذلك.
11

الاحتياط المستحب: ما يكون مسبوقا أو ملحوقا بذكر الفتوى، وقد يعبر
عنه بكلمة: الأحوط الأولى.
(مسألة 22): لا يجب العمل بالاحتياط المستحب، وأما الاحتياط الواجب
فلا بد في موارده من العمل بالاحتياط، أو الرجوع إلى الغير، مع رعاية الأعلم
فالأعلم.
تنبيه:
اعلم أن كثيرا من المستحبات المذكورة في هذه الرسالة يبتني استحبابها على
قاعدة التسامح في أدلة السنن - وحيث لم تثبت عندنا - فيؤتى بها برجاء المطلوبية،
وكذا المكروهات فتترك برجاء المطلوبية.
12

الطهارة
14

الطهارة
تجب الطهارة بأمرين: الحدث، والخبث.
الحدث: هي القذارة المعنوية التي توجد في الانسان فقط بأحد أسبابها،
وهو قسمان: أصغر، وأكبر، فالأصغر يوجب الوضوء، والأكبر يوجب
الغسل.
الخبث: هي النجاسة الطارئة على الجسم من بدن الانسان وغيره،
ويرتفع بالغسل أو بغيره من المطهرات الآتية.
(الوضوء)
يتركب الوضوء من أربعة أمور:
1 - غسل الوجه، وحده من قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولا، وما
دارت عليه الابهام والوسطى عرضا. فيجب غسل كل ما دخل في هذا الحد،
ويجب أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل.
15

2 - غسل اليدين من المرفق إلى أطراف الأصابع والمرفق: هو المفصل،
أي عظمي الذراع والعضد.
ويجب غسل مجمع العظام مع اليد، ويعتبر أن يكون الغسل من الأعلى إلى
الأسفل.
3 - مسح مقدم الرأس ويكفي المسمى، والأحوط أن يمسح مقدار ثلاثة
أصابع مضمومة طولا وعرضا، والأحوط وجوبا أن يكون المسح باليد اليمنى.
4 - مسح الرجلين، والواجب مسح ما بين أطراف الأصابع إلى المفصل
على الأحوط. ويكفي المسمى عرضا، والأحوط المسح بكل الكف على تمام
الظهر، ويجب أن يكون مسح اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى، والأحوط
تقديم اليمنى على اليسرى.
ويجب غسل مقدار من الأطراف زائدا على الحد الواجب، وكذلك
المسح، تحصيلا لليقين بتحقق المأمور به. ولا بد في المسح من أن يكون بالبلة
الباقية في اليد، فلو جف ما على اليد من البلل لعذر أخذ من سائر أعضاء الوضوء
من الوجه واليدين، إلا أن يكون عدم إمكان حفظ البلل في الماسح لحر أو غيره،
فالأقوى حينئذ وجوب المسح بالماء الجديد، والأحوط المسح به ثم التيمم.
(مسألة 23): يجوز النكس في مسح الرجلين، بأن يمسح من المفصل إلى
أطراف الأصابع، والأولى في مسح الرأس أن يكون من الأعلى إلى الأسفل.
16

شرائط الوضوء
يشترط في الوضوء أمور:
الأول - النية: بأن يكون الداعي إليه قصد القربة، والأحوط وجوبا
إخطارها بالقلب حين الشروع في العمل. ويعتبر فيها الاخلاص، ويجب
استدامتها إلى آخر العمل، ولو قصد أثناء الوضوء قطعه أو تردد في إتمامه،
ثم عاد إلى قصده الأول قبل جفاف تمام الأعضاء السابقة، ولم يطرأ عليه مفسد آخر
جاز له إتمام وضوئه من محل القطع أو التردد.
الثاني - طهارة ماء الوضوء.
الثالث - إباحته، فلا يصح الوضوء بالماء النجس أو المغصوب، وفي
حكمهما المشتبه بالنجس والمشتبه بالحرام إذا كانت الشبهة محصورة، بأن لا تبلغ
كثرة أطرافها حدا يوجب خروج بعض الأطراف عن مورد التكليف.
(مسألة 24): إذا انحصر الماء المباح أو الماء الطاهر بما كان مشتبها بغيره -
ولم يمكن التمييز، وكانت الشبهة محصورة - وجب التيمم.
(مسألة 25): إذا توضأ بماء فانكشف بعد الفراغ أنه لم يكن مباحا فالمشهور
بين الفقهاء صحته، إدراجا له في باب الصلاة في اللباس المغصوب جهلا، ولكنه
مشكل، نعم يصح الوضوء بالماء المغصوب نسيانا لغير الغاصب.
(مسألة 26): الوضوء بالماء النجس باطل ولو كان ذلك من جهة الجهل أو
الغفلة أو النسيان.
الرابع - إطلاق ماء الوضوء، فلا يصح الوضوء بالماء المضاف، وفي حكم
17

المضاف المشتبه به وإن كانت الشبهة غير محصورة، ولا فرق في بطلان الوضوء
بالماء المضاف بين صورتي العمد وغيره.
(مسألة 27): إذا اشتبه الماء المطلق بالمضاف جاز له أن يتوضأ بهما متعاقبا،
وإذا لم يكن هناك ماء مطلق آخر وجب ذلك، ولا يسوغ له التيمم.
الخامس - أن لا يكون ماء الوضوء - إذا كان قليلا - من المستعمل في
الغسل الواجب على الأحوط.
السادس - طهارة أعضاء الوضوء، بمعنى أن يكون كل عضو طاهرا حين
غسله أو مسحه، ولا يعتبر طهارة جميع الأعضاء عند الشروع فيه بل تكفي
طهارة كل عضو حين غسله.
السابع - إباحة مكان الوضوء ومصب مائه، وإباحة الإناء الذي يتوضأ
منه، بمعنى أنه إذا انحصر المكان أو المصب أو الإناء بالمغصوب سقط وجوب
الوضوء، ووجب التيمم.
(مسألة 28): يحرم استعمال أواني الذهب والفضة في الوضوء على
الأحوط، فإذا انحصر الماء بما كان في شئ من تلك الأواني، ولم يتمكن من
إراقة مائه في محل آخر بقصد التخلص لم يجب الوضوء ووجب التيمم، وأما إذا لم
ينحصر الماء به فيصح الوضوء لو توضأ به.
الثامن - أن لا يكون مانع من استعمال الماء شرعا، وإلا وجب التيمم على تفصيل يأتي.
التاسع - الترتيب، بأن يغسل الوجه أولا، ثم اليد اليمنى، ثم
اليسرى،
18

ثم يمسح الرأس، ثم الرجلين. والأحوط - وجوبا - رعاية الترتيب في مسح
الرجلين، فيقدم مسح الرجل اليمنى على مسح الرجل اليسرى ولا يمسحهما
معا.
العاشر - الموالاة وهي تتحقق بالشروع في غسل كل عضو أو مسحه قبل
أن تجف الأعضاء السابقة عليه على المشهور، والأحوط اعتبار الموالاة العرفية،
بمعنى أخص منه، نعم إذا كان الفصل بين الأعضاء لحاجة عرضت أثناء
الوضوء لا يضر فوت الموالاة العرفية المذكورة ما لم تجف الأعضاء، كما لا يضر
الجفاف من جهة الحر أو الريح إذا كانت الموالاة العرفية متحققة، ومثله
التجفيف.
الحادي عشر - المباشرة، بأن يباشر المكلف بنفسه أفعال الوضوء إذا أمكنه
ذلك، ومع عدمه يجوز أن يوضيه غيره لكن يتولى النية بنفسه، ويلزم أن يكون
المسح بيد نفس المتوضئ.
(مسألة 29): من تيقن الوضوء وشك في الحدث بنى على الطهارة، ومن
تيقن الحدث وشك في الوضوء بنى على الحدث، ومن تيقنهما وشك في المتقدم
والمتأخر منهما وجب عليه الوضوء إن جهل تاريخهما أو تاريخ الوضوء، وأما
إذا علم تاريخ الوضوء وجهل تاريخ الحدث بنى على بقائه، وإن كان الأحوط
الوضوء.
(مسألة 30): من شك في الوضوء بعد الفراغ من الصلاة - واحتمل
الالتفات إلى ذلك قبلها - بنى على صحة الصلاة وتوضأ للصلوات الآتية، ومن
شك أثناء الصلاة قطعها وأعادها بعد الوضوء.
19

(مسألة 31): إذا علم اجمالا بعد الصلاة ببطلان صلاته - لنقصان ركن فيها
- مثلا - أو بطلان وضوءه - وجبت عليه إعادة الصلاة فقط.
(نواقض الوضوء)
نواقض الوضوء ستة:
الأول: البول، وفي حكمه البلل المشتبه به قبل الاستبراء.
الثاني: الغائط، ولا ينتقض الوضوء بالدم أو الصديد الخارج من أحد
المخرجين ما لم يكن معه بول أو غائط، كما لا ينتقض بخروج المذي - الرطوبة
الخارجة بعد ملاعبة الرجل المرأة -، والودي - الرطوبة الخارجة بعد البول -،
والوذي - الرطوبة الخارجة بعد المني.
الثالث: خروج الريح من المخرج المعتاد.
الرابع: النوم.
الخامس: كل ما يزيل العقل.
السادس: الاستحاضة، على تفصيل سيأتي.
موارد وجوب الوضوء:
يجب الوضوء لثلاثة أمور:
1 - الصلاة الواجبة ما عدا صلاة الميت، وأما الصلوات المستحبة فيعتبر
الوضوء في صحتها كما يعتبر في الصلوات الواجبة.
20

2 - الأجزاء المنسية من الصلاة الواجبة، وكذا صلاة الاحتياط، وأما
الوضوء لسجدتي السهو فهو أحوط.
3 - الطواف الواجب وإن كان جزء لحجة أو عمرة مستحبتين، دون
الطواف المندوب وإن وجب بالنذر.
(مسألة 32): يحرم على غير المتوضئ أن يمس ببدنه كتابة القرآن،
والأحوط أن لا يمس اسم الجلالة والصفات المختصة به تعالى، والأولى إلحاق
أسماء الأنبياء والأئمة والصديقة الطاهرة عليهم السلام به.
(مسألة 33): يجب على المكلف حال التخلي - بل وفي سائر الأحوال أيضا -
أن يستر عورته عن الناظر المحترم - الشخص المميز -، ويستثنى من هذا الحكم
الزوج والزوجة، والأمة ومولاها، أو الذي حللت له الأمة من قبل مولاها،
على تفصيل لا حاجة إلى بيانه.
(مسألة 34): الأحوط ترك استقبال القبلة واستدبارها حال البول أو
التغوط، وكذلك الاستقبال والاستدبار بنفس البول أو الغائط أيضا، وإن لم
يكن الشخص مستقبلا أو مستدبرا.
(مسألة 35): يستحب الاستبراء بعد البول، وهو المسح بالإصبع من مخرج
الغائط إلى أصل القضيب ثلاث مرات، ومسح القضيب بإصبعين - أحدهما من
فوقه والآخر من تحته - إلى الحشفة ثلاث مرات، وعصر الحشفة ثلاث مرات،
وللاستبراء كيفية أخرى غير ما ذكرناها.
21

(مسألة 36): لا يجب الاستنجاء في نفسه، ولكنه يجب لما يعتبر فيه طهارة
البدن.
الغسل
موجب الغسل ستة:
1 - الجنابة.
2 - الحيض.
3 - النفاس. 4 - الاستحاضة.
5 - مس الميت.
6 - الموت.
(غسل الجنابة)
تتحقق الجنابة بأمرين:
الأول: خروج المني، وفي حكمه الرطوبة المشتبهة به الخارجة بعد
خروجه وقبل الاستبراء بالبول.
الثاني: الجماع في قبل المرأة ودبرها - على الأحوط -، وهو يوجب الجنابة
للرجل والمرأة. ولا يترك الاحتياط في وطء غير المرأة - في الواطئ والموطء -
22

بالجمع بين الغسل والوضوء فيما إذا كانا محدثين بالحدث الأصغر، وإلا يكفي
الغسل.
(مسألة 37): يجب غسل الجنابة لأربعة أمور:
1 - الصلاة الواجبة، ما عدا صلاة الميت.
2 - الأجزاء المنسية من الصلاة وكذا الاحتياط، وتعتبر الطهارة في سجود
السهو على الأحوط.
3 - الطواف الواجب، وإن كان جزء لحجة أو عمرة مندوبتين.
4 - الصوم، على تفصيل سيأتي.
(مسألة 38): يحرم على الجنب أمور:
1 - مس كتابة القرآن.
2 - مس لفظ الجلالة على الأحوط، وكذا الصفات الخاصة بالذات
المقدسة. والأولى ترك مس أسماء المعصومين (عليهم السلام).
3 - دخول المسجد لأخذ شئ منه.
4 - المكث في المساجد، ولا يحرم اجتيازها، بأن يدخل من باب ويخرج
من آخر.
5 - وضع شئ في المساجد وإن كان في حال الاجتياز أو من الخارج.
6 - الدخول في المسجد الحرام ومسجد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -
وإن كان على نحو الاجتياز.
23

7 - قراءة إحدى العزائم الأربع، وهي الآيات التي يجب السجود
لقراءتها، والأحوط الأولى أن لا يقرأ شيئا من السور التي فيها العزائم وهي: (ألم
تنزيل، حم السجدة، النجم، إقرأ).
(مسألة 39): المشاهد المشرفة للمعصومين عليهم السلام تلحق - على
الأحوط - بالمساجد، والأولى إلحاق الرواق بها أيضا. نعم الصحن المطهر لا
يلحق بها.
(كيفية الغسل)
الغسل قسمان:
ارتماسي، وترتيبي.
الارتماسي: هو غمس البدن في الماء، والأحوط وجوبا كونه دفعة واحدة
عرفية، ويعتبر فيه أن يكون جميع البدن خارج الماء قبله على الأحوط.
الترتيبي: والأحوط في كيفيته أن يغسل البدن بثلاث غسلات.
1 - غسل الرأس والرقبة وشئ مما يتصل بها من البدن.
2 - غسل الطرف الأيمن وشئ مما يتصل به من الرقبة ومن الطرف
الأيسر.
3 - غسل الطرف الأيسر وشئ مما يتصل به من الرقبة ومن الطرف
الأيمن.
24

والأحوط - لزوما - رعاية الترتيب بين الطرفين، الأيمن والأيسر.
(مسألة 40): ذكر جماعة أن الغسل الترتيبي يتحقق بتحريك كل من
الأعضاء الثلاثة بقصد غسل ذلك العضو فيما إذا كان جميع البدن تحت الماء،
وكذلك تحريك بعض العضو - وهو في الماء - بقصد غسله، لكن الأحوط عدم
الاكتفاء به، ولزوم إخراج تمام العضو من الماء ثم إدخاله فيه، أو فصل الماء عنه
وإيصاله إليه ثانيا.
شرائط الغسل:
يعتبر في الغسل جميع ما تقدم اعتباره في الوضوء من الشرائط، ولكنه
يمتاز عن الوضوء من وجهين:
الأول: أنه لا يعتبر في غسل كل عضو هنا أن يكون الغسل من الأعلى إلى
الأسفل، وقد تقدم اعتبار هذا في الوضوء.
الثاني: الموالاة، فإنها غير معتبرة في الغسل وقد كانت معتبرة في
الوضوء.
(مسألة 41): غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء، والأظهر ذلك في بقية
الأغسال الواجبة، أو الثابت استحبابها - أيضا - إلا غسل الاستحاضة
المتوسطة، فإنه لا بد معه من الوضوء كما سيأتي.
والأحوط وجوبا ضم الوضوء إلى غسل مس الميت إن لم يكن على
وضوء، كما أن الأحوط استحبابا ضم الوضوء إلى سائر الأغسال غير غسل
الجنابة.
25

(مسألة 42): إذا كان على المكلف أغسال متعددة - كغسل الجنابة والجمعة
والحيض وغير ذلك - جاز له أن يغتسل غسلا واحدا بقصد الجميع ويجزئه
ذلك، وأما إذا نوى أحدها - وإن كان غسل الجنابة - فلا إشكال في إجزائه عما
قصده، وفي إجزائه عن غيره كلام، والأحوط وجوبا عدم الاجتزاء به.
(مسألة 43): إذا أحدث بالأصغر أثناء غسل الجنابة فالأحوط عليه
استينافه مع التوضئ بعده.
(مسألة 44): إذا شك في غسل الجنابة بنى على عدمه، وإذا شك فيه بعد
الفراغ من الصلاة - واحتمل الالتفات إلى ذلك قبلها - فالصلاة محكومة
بالصحة، لكنه يجب عليه أن يغتسل للصلوات الآتية، هذا إذا لم يصدر منه
الحدث الأصغر بعد الصلاة. وإلا وجب عليه الجمع بين الوضوء والغسل.
وإذا علم إجمالا بعد الصلاة ببطلان صلاته أو غسله - لنقصان ركن مثلا أو
بطلان غسله - وجبت عليه إعادة الصلاة فقط.
(الحيض وشرائطه)
الحيض: دم تعتاده النساء في كل شهر مرة في الغالب، وقد يكون أكثر من
ذلك أو أقل.
(مسألة 45): الغالب في دم الحيض أن يكون أسود أو أحمر، حارا عبيطا،
يخرج بدفق وحرقة، وأقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام، ويعتبر فيه الاستمرار في
الثلاثة الأولى والليلتين المتوسطتين بينهما، فلو لم يستمر الدم لم تجر عليه أحكام
26

الحيض. نعم الفترات اليسيرة المتعارفة - ولو في بعض النساء - لا تخل
بالاستمرار المعتبر فيه.
(مسألة 46): يعتبر التوالي في الأيام الثلاثة التي هي أقل الحيض، فلو رأت
الدم يومين ثم انقطع، ثم رأت يوما أو يومين قبل انقضاء عشرة أيام من ابتداء
رؤية الدم فهو ليس بحيض، وإن كان الأحوط استحبابا في مثل ذلك الجمع بين
تروك الحائض وأفعال المستحاضة في أيام الدم، والجمع بين أحكام الحائض
والطاهرة في أيام النقاء.
(مسألة 47): يعتبر في دم الحيض أن يكون بعد البلوغ وقبل اليأس،
ويتحقق بلوغ المرأة بإكمال تسع سنين، ولو رأت قبل إحراز إكمال التسع دما
- وكان بصفات الحيض - فلا يبعد كونه حيضا، يكون علامة لبلوغها.
والأوجه تحقق يأسها ببلوغ خمسين سنة، لكن الاحتياط لا يترك إلى الستين
- سواء فيه القرشية وغيرها -.
(مسألة 48): يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعد ظهوره، نعم يلزم
على الحامل - على الأحوط - الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة في
صورة واحدة، وهي ما إذا رأت الدم بعد مضي عشرين يوما من عادتها وكان
الدم بصفات الحيض، وفي غير هذه الصورة حكم الحامل وغير الحامل على حد
سواء.
(مسألة 49): لا حد لأكثر الطهر بين الحيضتين، ولكنه لا يكون أقل من
عشرة أيام وتسع ليال متوسطة بينها.
(مسألة 50): إذا تردد الدم الخارج من المرأة بين الحيض ودم البكارة،
27

استدخلت قطنة في الفرج وصبرت مليا ثم استخرجتها استخراجا رفيقا، فإن
خرجت مطوقة بالدم فهو دم البكارة، وإن كانت منغمسة به فهو دم الحيض،
ولا يصح عملها بقصد الأمر الجزمي بدون ذلك ظاهرا.
أقسام الحائض:
الحائض قسمان: ذات العادة، وغير ذات العادة.
وذات العادة ثلاثة أقسام:
1 - وقتية وعددية.
2 - عددية فقط.
3 - وقتية فقط.
وغير ذات العادة - أيضا - ثلاثة أقسام:
1 - مبتدئة.
2 - ومضطربة.
3 - وناسية.
ذات العادة الوقتية والعددية: هي المرأة التي ترى الدم مرتين متماثلتين من
حيث الوقت والعدد، كأن ترى الدم في شهر من أوله إلى اليوم السابع، وترى في الشهر
الثاني مثل الأول.
ذات العادة الوقتية فقط: هي التي ترى الدم مرتين متماثلتين من حيث
الوقت دون العدد، كأن ترى الدم في الشهر الأول من أوله إلى اليوم السابع، وفي
الشهر الثاني من أوله إلى اليوم السادس، أو من ثانيه إلى اليوم السابع، أو ترى
28

الدم في الشهر الأول من اليوم الثاني إلى اليوم السادس، وفي الشهر الثاني من أوله
إلى اليوم السابع.
ذات العادة العددية فقط: هي التي ترى الدم مرتين متماثلتين من حيث
العدد دون الوقت، كأن ترى الدم في شهر من أوله إلى اليوم السابع، وفي الشهر
الثاني من الحادي عشر إلى السابع عشر - مثلا -.
المبتدئة: هي التي ترى الدم لأول مرة.
المضطربة: - ويطلق عليها: المتحيرة أيضا -: هي التي تكررت رؤيتها
للدم ولكنها لم تستقر لها عادة من حيث الوقت أو العدد.
الناسية: هي التي كانت لها عادة ونسيتها.
(أحكام ذات العادة)
(مسألة 51): ما تراه المرأة أيام عادتها أو قبلها بيوم أو يومين من حمرة أو
صفرة فهو حيض، وما تراه من صفرة في غير ذلك فليس من الحيض، وعلى هذا
الأساس تتحيض ذات العادة الوقتية برؤية الدم أيام عادتها أو قبلها بيوم أو يومين
وإن لم يكن الدم بصفات الحيض، فإن لم يكن أقل من ثلاثة أيام كان حيضا، وإن
انقطع قبل أن تمضي عليه ثلاثة أيام كان عليها قضاء ما فات منه في أيام الدم من
الصلاة.
(مسألة 52): ذات العادة العددية فقط تحتاط بالجمع بين أعمال المستحاضة
وتروك الحائض برؤية الدم، سواء أكان بصفات الحيض أم لم يكن، فإن استمر
29

ثلاثة أيام تجعله حيضا وإن لم يستمر فهو استحاضة، وإن تجاوز الدم عدد العادة
- ولم يتجاوز العشرة - كان الجميع حيضا، وإن تجاوزها كان مقدار العادة حيضا
والباقي استحاضة.
(مسألة 53): إذا رأت ثلاثة أيام متواليات وانقطع، ثم رأت ثلاثة أيام أو
أزيد، فإن كان مجموع الدمين والنقاء المتخلل لا يزيد عن عشرة كان الطرفان
حيضا، وفي النقاء المتخلل تحتاط وجوبا بالجمع بين تروك الحائض وأعمال
الطاهرة، وإن تجاوز المجموع عن العشرة، فإن لم يكن واحد منهما في العادة،
فالأظهر جعل الأول منهما حيضا - سواء اختلفا في الصفات أم تساويا فيها -،
فإن كان أحدهما في أيام العادة دون الآخر جعلت ما في العادة حيضا والآخر
استحاضة، وكذلك الحكم إذا كان بعض أحدهما في العادة دون الآخر فتجعل ما
بعضه في العادة حيضا، وإن كان بعض كل واحد منهما في العادة، فإن كان ما في
الطرف الأول من العادة ثلاثة أيام أو أزيد فتجعل الدم الأول حيضا، وأما
الثاني، فإن كانت المرأة تراه بعد مضي عشرة أيام من رؤيتها الدم الأول فهو
استحاضة، وإن كانت رأته ولم تمض عشرة أيام منها، فما كان من الدم الثاني
داخلا في العشرة فهو حيض والباقي استحاضة، وإن كان ما في العادة في الطرف
الأول أقل من ثلاثة أيام فتحتاط في تمام الدم الأول بالجمع بين تروك الحائض
وأعمال المستحاضة، وفي النقاء المتخلل تحتاط وجوبا بالجمع بين المحرمات على
الحائض فتتركها وبين الواجبات على الطاهرة فتعملها، وأما الدم الثاني فتحتاط
فيه بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة إلى عشرة أيام وبعدها يكون
الدم استحاضة.
30

(مسألة 54): إذا تجاوز الدم أيام العادة، فإن علمت المرأة بأنه يتجاوز
العشرة وجب عليها أن تغتسل وتعمل عمل المستحاضة فيما زاد، ولا حاجة إلى
الاستظهار، وإن احتملت الانقطاع في اليوم العاشر أو قبله وجب عليها
الاستظهار إلى تمام العشرة من أول رؤية الدم.
والاستظهار: هو الاحتياط بترك العبادة، ويختص الاستظهار بما إذا لم
يكن الدم مستمرا قبل أيام العادة، وإلا فلا يجوز لها الاستظهار، ويلزمها عمل
المستحاضة بعد انقضاء أيام العادة.
(مسألة 55): إذا انقطع الدم قبل العشرة وجب عليها الغسل والصلاة ولو
ظنت عودة الدم بعد ذلك، وأما إذا علمت عودة الدم بعد ذلك فقد تقدم
حكمها في المسألة (53).
(مسألة 56): إذا رأت الدم قبل زمان عادتها بيوم أو يومين واستمر إلى ما
بعد العادة، فإن لم يتجاوز مجموعه العشرة كان جميعه حيضا، وإن تجاوزها فما
كان منه في أيام العادة فهو حيض وما كان في طرفيها فهو استحاضة، مثلا إذا كان
زمان العادة من أول الشهر إلى اليوم الخامس، فرأت الدم قبله يومين واستمر بعد
العادة إلى اليوم السابع من الشهر كان المجموع حيضا، وإذا استمر إلى اليوم
التاسع من الشهر، فما رأته من أوله إلى اليوم الخامس فهو حيض وما تقدمه أو
تأخر عنه فهو استحاضة. وكذلك الحكم إذا رأت الدم قبل زمان عادتها بثلاثة
أيام أو أكثر وكان بصفات الحيض واستمر إلى ما بعد العادة، فإن حكمه كما إذا
رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين.
(مسألة 57): إذا رأت الدم قبل أيام العادة بصفات الحيض ثم عاد عليها
31

الدم كذلك بعد زمان عادتها، فكل من الدمين حيض إذا كان النقاء بينهما لا يقل
عن عشرة أيام.
(مسألة 58): إذا رأت الدم قبل أيام العادة واستمر إليها وزاد على العشرة،
فما كان في أيام العادة فهو حيض - وإن كان بصفات الاستحاضة - وما كان قبلها
فهو استحاضة وإن كان بصفات الحيض، وإذا رأته أيام العادة وما بعدها وتجاوز
العشرة كان ما بعد العادة استحاضة.
(مسألة 59): إذا شكت المرأة في انقطاع دم الحيض استبرأت، وذلك بأن
تدخل قطنة وتتركها في موضع الدم ثم تخرجها، فإن كانت نقية فقد انقطع
حيضها فيجب عليها الاغتسال والآتيان بالعبادة، وإلا فلا.
(مسألة 60): المرأة التي يجب عليها الفحص إذا اغتسلت من دون فحص
حكم ببطلان غسلها، إلا إذا انكشف أن الغسل كان بعد النقاء وقد اغتسلت
برجاء أن تكون نقية.
(أحكام المبتدئة والمضطربة والناسية)
(مسألة 61): المرأة المبتدئة أو المضطربة أو الناسية إذا رأت الدم - سواء أكان
واجدا لصفات الحيض أم لا - تحتاط بالجمع بين أعمال المستحاضة وتروك
الحائض إلى ثلاثة أيام، فإن استمر فيها تجعله حيضا.
(مسألة 62): ما تراه الناسية أو المضطربة من الدم إذا تجاوز العشرة - وكان
بعضه بصفات الحيض وبعضه الآخر بصفات الاستحاضة - كان ما بصفة
32

الحيض حيضا وما بصفة الاستحاضة استحاضة، وإذا اختلف في اللون - فكان
بعضه أحمر وبعضه أسود، أو كان بعضه أصفر وبعضه أحمر - فلا عبرة به،
وتكون ذات الدم فاقدة التمييز، فيرجع إلى العدد، وهي الثلاثة في كل شهر على
الأحوط.
وأما المبتدئة، فهي ترجع إلى عادة أقاربها فتتحيض بقدرها والباقي
استحاضة، فإن لم تكن لها أقارب أو اختلفت عادتهن وكان الدم بصفة واحدة،
تجعل من كل شهر ثلاثة أيام حيضا والباقي استحاضة، وأما إذا اختلفت عادتهن
مع أوصاف الدم فالأحوط لزوم العمل بالوظيفتين.
أحكام الحائض
لا تصح من الحائض الصلاة الواجبة والمستحبة، ولا قضاء لما يفوتها من
الصلوات اليومية حال الحيض، والأحوط وجوب قضاء صلاة الآيات
والمنذورة في وقت معين. ولا يصح منها الصوم أيضا، لكن يجب عليها أن
تقضي ما يفوتها من الصوم في شهر رمضان، بل والمنذور في وقت معين على
الأقوى، ولا يصح الطواف أيضا من الحائض بلا فرق بين الواجب منه
والمندوب.
(مسألة 63): يحرم على الحائض كل ما كان يحرم على الجنب، وقد تقدم
ذلك في مسألة (38).
(مسألة 64): يحرم وطء الحائض في القبل - عليها وعلى الفاعل -، بل
الأحوط وجوبا ترك إدخال بعض الحشفة أيضا، وأما وطؤها في الدبر في هذا
33

الحال وفي غيرها فجائز، إلا أن الاحتياط في تركه. ويجوز وطؤها بعد انقطاعه
وقبل الغسل، والأحوط أن يكون ذلك بعد غسل الفرج.
(مسألة 65): الأحوط استحبابا التكفير في وطء الرجل زوجته حال
الحيض مع علمه بذلك. والكفارة تختلف باختلاف زمان الوطء، فإن أيام الدم
تنقسم إلى ثلاثة أقسام، فإذا كان الوطء في القسم الأول فكفارته ثماني عشرة حبة
من الذهب المسكوك، وإذا كان في القسم الثاني فهي تسع حبات منه، وإذا كان
في القسم الثالث فأربع حبات ونصف. والأحوط استحبابا دفع الدينار نفسه مع
الامكان، وإلا دفع قيمة الذهب وقت الدفع. ولا شئ على الساهي والناسي
والصبي والمجنون والجاهل بالموضوع أو الحكم.
(مسألة 66): لا يصح طلاق الحائض وظهارها، وتفصيل ذلك يأتي في
محله.
(مسألة 67): غسل الحيض كغسل الجنابة من حيث الترتيب والارتماس،
والظاهر إغناؤه عن الوضوء - كما تقدم -.
(النفاس)
النفاس: هو الدم الذي تراه المرأة مع ظهور أول جزء من الولد، أو تراه
بعده خلال عشرة أيام، مع العلم باستناده إلى الولادة، وتسمى المرأة - في هذه
الحال - ب‍: النفساء، ولا نفاس لمن لا ترى الدم من الولادة إلى عشرة أيام.
(مسألة 68): لا حد لأقل النفاس، ويمكن أن يكون بمقدار لحظة فقط،
34

وأكثره عشرة أيام، وأما إذا زاد الدم على العشرة فيأتي حكمه.
مسألة 69: النفساء ثلاثة أقسام:
1 - التي لا يتجاوز دمها العشرة، فجميع الدم في هذه الصورة نفاس.
2 - التي يتجاوز دمها العشرة وتكون ذات عادة عددية في الحيض، ففي
هذه الصورة كان نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة.
3 - التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة في الحيض - كالمبتدئة
والمضطربة - فالأحوط وجوبا عليها الجمع بين أعمال الطاهرة والنفساء إلى
ثمانية عشر يوما من الولادة، وإن استمر الدم بعدها فهو استحاضة.
مسألة 70: إذا كانت النفساء ذات عادة في الحيض وتجاوز دمها عن
عددها وجب عليها الاستظهار إلى تمام العشرة من حين رؤية الدم - وقد تقدم
معنى الاستظهار في المسألة (54) -.
مسألة 71: إذا رأت الدم في اليوم الأول من الولادة ثم انقطع، ثم عاد في
اليوم العاشر من الولادة أو قبله ففيه صورتان:
الصورة الأولى: أن لا يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية
الدم، ففي هذه الصورة كان الدم الأول والثاني كلاهما نفاسا، والأحوط وجوبا
في النقاء المتخلل الجمع بين أعمال الطاهرة وتروك النفساء.
الصورة الثانية: أن يتجاوز الدم الثاني اليوم العاشر من أول رؤية الدم،
وهذا على أقسام:
1 - أن تكون المرأة ذات عادة عددية في حيضها وقد رأت الدم الثاني في
35

زمان عادتها، ففي هذه الصورة كان الدم الأول وما وقع في العادة من الدم الثاني
نفاسا، ومزاد على العادة من الدم استحاضة، وفي النقاء المتخلل تحتاط بالجمع
بين أعمال الطاهرة وتروك النفساء، فإذا كانت عادتها في الحيض سبعة أيام فرأت
الدم حين ولادتها يومين فانقطع، ثم رأته في اليوم السادس واستمر إلى أن تجاوز
اليوم العاشر - من حين الولادة - كان زمان نفاسها اليومين الأولين واليوم
السادس والسابع، وما زاد على اليوم السابع فهو استحاضة.
2 - أن تكون المرأة ذات عادة ولكنها لم تر الدم الثاني حتى انقضت مدة
عادتها فرأت الدم وتجاوز اليوم العاشر، ففي هذه الصورة كان نفاسها هو الدم
الأول وكان الدم الثاني استحاضة، ويجري عليها أحكام الطاهرة في النقاء
المتخلل.
3 - أن لا تكون المرأة ذات عادة في حيضها وقد رأت الدم الثاني قبل مضي
عادة أقاربها وتجاوز اليوم العاشر، ففي هذه الصورة تحتاط وجوبا إلى ثمانية عشر
يوما بالجمع بين أعمال المستحاضة وتروك النفساء في أيام الدم، وفي النقاء
المتخلل تحتاط بين أعمال الطاهرة وتروك النفساء. وإن تجاوز عن ثمانية عشر
يوما فيومين من بعدها استحاضة. وما بعد العشرين يوما، إن كان الدم بصفات
الحيض أو في أيام عادتها فهو حيض، وإلا فهو استحاضة أيضا. وإذا كانت
عادتهن أقل من العشرة احتاطت إلى اليوم العاشر، وما بعده استحاضة.
ثم إن ما ذكرناه في الدم الثاني يجري في الدم الثالث والرابع وهكذا..،
مثلا إذا رأت الدم في اليوم الأول والرابع والسادس ولم يتجاوز اليوم العاشر كان
جميع هذه الدماء نفاسا، وفي النقاء المتخلل بينها تحتاط بين أعمال الطاهرة وتروك
36

النفساء، وإذا تجاوز الدم اليوم العاشر - في هذه الصورة -، وكانت عادتها في
الحيض تسعة أيام، كان نفاسها أيام الدم إلى اليوم التاسع، وما زاد استحاضة،
وتحتاط في النقاء المتخلل بينها، وإذا كانت عادتها خمسة أيام، كان نفاسها الأيام
الأربعة الأولى وفيما بعدها
كانت طاهرة أو مستحاضة.
مسألة 72: أحكام الحائض من الواجبات والمحرمات والمستحبات
والمكروهات تثبت للنفساء أيضا.
الاستحاضة
الاستحاضة: هو الدم الذي تراه المرأة حسب ما يقتضيه طبعها غير
الحيض والنفاس، فكل دم لا يكون حيضا ولا نفاسا ولا يكون من دم العذرة أو
القروح أو الجروح فهو استحاضة، والغالب في الاستحاضة أن يكون على
خلاف ما ذكرناه للحيض من الصفة، ولا حد لأقله ولا لأكثره.
أقسام الاستحاضة وأحكامها
الاستحاضة على ثلاثة أقسام: كثيرة، ومتوسطة، وقليلة.
الكثيرة: هي أن يغمس الدم القطنة التي تحملها المرأة ويتجاوزها.
المتوسطة: هي أن يغمسها الدم ولا يتجاوزها.
والقليلة: هي أن تتلوث القطنة بالدم ولا يغمسها.
مسألة 73: يجب على المرأة في الاستحاضة الكثيرة ثلاثة أغسال: غسل
37

لصلاة الصبح، وغسل للظهرين إذا جمعتهما، وغسل للعشاءين كذلك. وإذا
أرادت التفريق بين الظهرين أو العشاءين وجب عليها الغسل لكل صلاة،
والأظهر كفاية الغسل عن الوضوء في الكثيرة.
مسألة 74: يجب على المرأة في الاستحاضة المتوسطة أن تتوضأ لكل صلاة
وأن تغتسل لكل يوم مرة، فإذا كانت الاستحاضة متوسطة قبل أن تصلي صلاة
الفجر توضأت واغتسلت وصلت، ويكفي لغيرها من الصلوات الوضوء
فقط. وإذا كانت قبل صلاة الظهر توضأت واغتسلت لها، وصلت غيرها من
الصلوات بالوضوء وهكذا.
والضابط، أنها تضم إلى الوضوء غسلا واحدا للصلاة التي تحدث
الاستحاضة المتوسطة قبلها، والأولى تقديم الوضوء على الغسل.
مسألة 75: لا يجب الغسل للاستحاضة القليلة، ولكنه يجب معها
الوضوء لكل صلاة واجبة أو مستحبة، ولا تحتاج الأجزاء المنسية وصلاة
الاحتياط إلى تجديد الوضوء.
مسألة 76: الأحوط وجوبا للمستحاضة أن تختبر حالها حال إرادة
الصلاة، بإدخال القطنة في الموضع والصبر عليها بالمقدار المتعارف لتعرف أنها من
أي قسم من الأقسام الثلاثة، وإذا صلت من دون اختبار بطلت إلا إذا طابق
عملها الوظيفة اللازمة لها، وحصل منها قصد القربة. هذا فيما إذا تمكنت من
الاختبار وإلا أخذت بالمقدار المتيقن، هذا فيما إذا لم تكن لها حالة سابقة
معلومة، وإلا أخذت بها.
مسألة 77: إذا انتقلت المرأة من الاستحاضة الأدنى إلى الأعلى - كالقليلة
38

إلى المتوسطة - فإن كان قبل الشروع في أعمال الأدنى فلا إشكال في أنها تعمل
عمل الأعلى للصلاة الآتية، وأما الصلاة التي صلتها قبل الانتقال فلا إشكال في
عدم لزوم إعادتها. وإن كان بعد الشروع في أعمال الأدنى فعليها إتيان أعمال
الأعلى كلا على الأحوط، ولا عبرة بما أتته من الأعمال قبل الانتقال، وكذا
الحكم إذا كان الانتقال في أثناء الصلاة، فإذا اغتسلت المتوسطة للصبح ودخلت
صلاة الصبح، وفي أثنائها حصل الانتقال من المتوسطة إلى الكثيرة تعيد الغسل
وتستأنف صلاة الصبح. وإذا ضاق الوقت عن الغسل تيممت بدل الغسل
وصلت، وإذا ضاق الوقت عن ذلك أيضا فالأحوط الاستمرار على عملها ثم
القضاء.
مسألة 78: يجب في الاستحاضة تبديل القطنة التي تحملها أو تطهيرها
لكل صلاة إذا تمكنت من ذلك على الأحوط وجوبا، وكذلك الخرقة التي تشدها
المرأة فوق القطنة في الاستحاضة الكثيرة، ويجب عليها غسل ظاهر الفرج إن
أصابه الدم.
مسألة 79: يجب على المستحاضة أن تصلي بعد التوضئ والاغتسال من
دون فصل، لكن يجوز لها الاتيان بالأذان والإقامة والأدعية المأثورة وما تجري
العادة بفعله قبل الصلاة، أو يتوقف فعل الصلاة على فعله ولو من جهة لزوم
المشقة والعسر بدونه، وكذلك الاتيان بالمستحبات في الصلاة.
ويجب أن تتحفظ من خروج الدم - مع الأمن من الضرر - من حين
الفراغ من الغسل إلى أن تتم الصلاة، فإذا قصرت وخرج الدم أعادت الصلاة،
بل الأحوط وجوبا إعادة الغسل.
39

مسألة 80: إذا انقطعت الاستحاضة الكثيرة أو المتوسطة بعد الغسل قبل
الصلاة أو بعدها، وجب على المرأة أن تغتسل للصلوات الآتية لرفع حدث
الاستحاضة.
مسألة 81: يجوز للمستحاضة مس كتابة القرآن بمجرد إتيانها بالوظائف
المقررة لها من الوضوء أو الغسل. والأحوط تركه بعد ذلك أيضا ما دام حدث
الاستحاضة باقيا.
مسألة 82: يجوز طلاق المستحاضة، ولا يجري عليها حكم الحائض
والنفساء.
مسألة 83: ما يترتب على الحيض - من حرمة وطء الحائض، وحرمة
دخولها المساجد، ووضع شئ فيها، أو المكث بها، وقراءة آيات السجدة - لا
يترتب شئ من ذلك على الاستحاضة القليلة، كما أن تلك الأحكام لا تترتب
على الكثيرة أو المتوسطة إذا قامت المرأة بوظيفتها من الأغسال، لكن الأحوط
وجوبا توقف جواز وطئها على الغسل، والأحوط الأولى رعاية الاحتياط فيما
إذا لم تقم بوظيفتها.
أحكام الميت وغسله
مسألة 84: الأحوط توجيه الميت المسلم ومن بحكمه حال نزعه إلى
القبلة، بأن يوضع على قفاه وتمد رجلاه نحوها، ولا يعتبر فيه إذن الولي، ولا
فرق في الميت بين الرجل والمرأة والكبير والصغير.
40

ويستحب الاسراع في تجهيزه إلا أن يشتبه أمر موته فينتظر حتى يتبين
موته.
مسألة 85: يجب تغسيل الميت على المكلفين كفاية، فيسقط عن الباقين
بقيام واحد به، وكذلك سائر واجبات الميت التي سنذكرها، ويختص وجوب
التغسيل بالميت المسلم ومن بحكمه - كأطفال المسلمين ومجانينهم - حتى
المخالف على الأحوط، ويستثنى من ذلك صنفان:
1 - من قتل رجما أو قصاصا، على تفصيل بين في محله.
2 - من قتل في جهاد مع الإمام عليه السلام أو نائبه الخاص أو دفاع عن
الاسلام، بشرط خروج روحه في المعركة قبل انقضاء الحرب.
مسألة 86: إذا أوصى الميت - بتغسيله أو بسائر ما يتعلق به من التكفين
والصلاة عليه والدفن - إلى شخص خاص فهو أولى به من غيره، وإن كان
الأحوط الأولى اعتبار إذن الولي، ومع عدم الوصية فالزوج أولى بزوجته على
الأحوط، وفي غير الزوجة كان الأولى بميراث الميت من الرجال أولى بأحكامه
من النساء، والبالغون مقدمون على غيرهم على الأحوط. وإذا لم يكن للميت
وارث فيكون أمره إلى آحاد المكلفين.
مسألة 87: يجب تغسيل السقط وتحنيطه وتكفينه إذا تمت له أربعة أشهر، ولا
يصلى عليه. وإذا لم تتم له أربعة أشهر فالأحوط أن يلف في خرقة ويدفن،
لكن لو ولجته الروح حينئذ فالأحوط - إن لم يكن أقوى - جريان حكم من تمت له
أربعة أشهر عليه.
41

مسألة 88: يحرم النظر إلى عورة الميت كما يحرم النظر إلى عورة الحي،
ولكن لغسل لا يبطل بذلك.
مسألة 89: يعتبر في غسل الميت إزالة النجاسة عن كل عضو قبل
الشروع فيه، والأحوط الأولى تطهير تمام البدن قبل أن يشرع في
الغسل.
ويستحب أن يوضع مستقبل القبلة كالمحتضر.
شرائط المغسل:
يعتبر في من يباشر غسل الميت: البلوغ - على الأحوط وجوبا - والعقل،
والايمان، وأن يكون مماثلا للميت في الذكورة والأنوثة.
والأقوى في الزوج والزوجة، عدم جواز تغسيل كل منهما للآخر إلا مع
الضرورة وفقد المماثل، وكذا الحكم في المحارم بنسب أو رضاع.
وأما الطفل الذي لم يزد سنه على ثلاث سنين، فيجوز تغسيله لغير
المماثل، فللرجل أن يغسل ابنة ثلاث سنين ومن دونها، كما يجوز للمرأة تغسيل
ابن ثلاث سنين ومن دونه.
مسألة 90: إذا غسل المسلم غير الاثني عشري من يوافقه في المذهب على
مذهبه سقط الوجوب عن المؤمنين، وإذا غسله اثنا عشري وجب أن يغسله على
الطريقة الاثني عشرية في غير موارد التقية.
مسألة 91: إذا لم يوجد مسلم اثنا عشري مماثل للميت، جاز للزوج أن
يغسل زوجته، كما أن للزوجة أن تغسل زوجها، ويجوز - أيضا - أن يغسل
الميت أحد محارمه في هذه الصورة، وإن لم يوجد واحد ممن ذكر جاز أن يغسله
42

المسلم المماثل غير الاثني عشري، وإن لم يوجد هذا - أيضا - جاز أن يغسله
الكافر الكتابي المماثل، بأن يأمره المسلم بالاغتسال أولا على الأحوط، وبتغسيل
الميت ثانيا، والأحوط على الأمر أن يتولى النية، والأولى نية كل من الأمر
والمغسل. وإذا أمكن التغسيل بالماء العاصم - كالكر والجاري - تعين ذلك على
الأحوط، إلا إذا أمكن أن لا يمس الماء ولا بدن الميت فيتخير حينئذ بينهما، وإن
لم يوجد الكتابي - أيضا - سقط وجوب الغسل ودفن بلا غسل.
كيفية تغسيل الميت:
يجب تغسيل الميت على الترتيب الآتي:
1 - بالماء المخلوط بالسدر.
2 - بالماء المخلوط بالكافور.
3 - بالماء القراح.
والأحوط وجوبا أن لا يغسل الميت ارتماسيا إن أمكن الغسل
الترتيبي،
بأن يغسل الرأس والرقبة، ثم الطرف الأيمن، ثم الطرف الأيسر، والأحوط
استحبابا أن لا يرتمس كل واحد من الأطراف الثلاثة أيضا، وإذا كان الميت محرما
لا يجعل الكافور في ماء غسله، إلا إذا كان موته بعد
طواف الحج أو العمرة.
مسألة 92: لا بد من أن يكون السدر والكافور بمقدار يصدق معه عرفا
أن الماء مخلوط بهما، ويعتبر أن لا يكونا في الكثرة بحد يخرج معه الماء عن
الاطلاق إلى الإضافة.
مسألة 93: إذا لم يوجد السدر أو الكافور فيجب أن يغسل حينئذ بالماء
43

القراح بدلا من الغسل بما هو المفقود منهما، والأحوط
استحبابا أن يضاف إليه
التيمم.
وإذا لم يوجد الماء القراح، فإن تيسر ماء السدر أو الكافور فالأحوط أن
يغسل به بدلا من الغسل بالماء القراح، ويضم إليه التيمم، وإلا اكتفي بالتيمم.
مسألة 94: إذا كان عنده من الماء ما يكفي لغسل واحد فقط، فإن لم
يوجد السدر والكافور يغسل بالماء القراح، ولا حاجة إلى التيمم بدلا من الغسل
بماء السدر والكافور، وإن وجد السدر مع الكافور أو بدونه، يغسل الميت بماء
السدر، ثم ييمم الميت بدلا من الغسل بالماء القراح، وإن وجد الكافور فقط
يغسل بماء الكافور، ثم ييمم بدلا من
الغسل بالماء القراح.
مسألة 95: إذا لم يوجد الماء أصلا ييمم مرة واحدة على الأقوى،
والأحوط التيمم ثلاثا برجاء المطلوبية. ويشترط في الانتقال إلى التيمم الانتظار
إذا احتمل تجدد القدرة على التغسيل.
مسألة 96: إذا كان الميت جريحا أو محروقا أو مجدورا أو نحو ذلك وخيف
من تناثر لحمه إذا غسل، وجب أن ييمم بيد الحي الميمم، والأحوط وجوبا مع
التمكن أن يكون بيد الميت أيضا.
مسألة 97: يجوز تغسيل الميت من وراء الثوب وإن كان المغسل مماثلا له،
بل لا يبعد أن يكون ذلك أولى من تغسيله مجردا.
مسألة 98: ما تقدم في غسل الجنابة من شرائط الماء والإناء والمكان ونحو
ذلك يجري في غسل الميت أيضا، والصخرة أو الساجة التي يغسل عليها الميت
44

يجري عليها حكم المكان، كما أن السدر والكافور يجري عليهما حكم الماء.
مسألة 99: الأحوط لزوم قصد القربة في التغسيل، ولا يجوز أخذ
الأجرة عليه على الأحوط. ولا بأس بأخذ الأجرة على المقدمات.
مسألة 100: إذا تنجس بدن الميت - أثناء الغسل - بنجاسة خارجية أو
من الميت، وجب تطهير الموضع، ولا تجب إعادة الغسل، نعم إذا خرج بول أو
مني من الميت في أثناء الغسل فالأحوط وجوبا استيناف الغسل حينئذ.
تكفين الميت
يجب تكفين الميت المسلم بقطعات ثلاث: مئزر، وقميص، وإزار.
والواجب في المئزر أن يكون بمقدار يستر ما بين السرة والركبة،
والأفضل أن يكون من الصدر إلى القدم.
والواجب في القميص أن يستر البدن من المنكبين إلى نصف الساق،
والأفضل أن يستره إلى القدمين.
والواجب في الإزار - طولا - أن يستر جميع البدن ويشد طرفاه،
و - عرضا - أن يقع أحد جانبيه على الآخر.
والأولى في كل قطعة أن تكون وحدها ساترة لما تحتها، ولو حصل الستر
بالمجموع كفى.
وإذا لم تتيسر القطعات الثلاث فالأحوط تكفين الميت بما يتمكن منها.
45

ولا بد في التكفين من إذن الولي - على ما تقدم في التغسيل -. ولا يعتبر فيه نية القربة.
مسألة 101: لا يجب على أحد - وإن كان ممن تجب نفقة الميت عليه
- بذل الكفن إذا لم يكن للميت مال يكفي لكفنه، وإذا كان هناك من سهم سبيل
الله من الزكاة فالأحوط صرفه فيه.
مسألة 102: يخرج المقدار الواجب من الكفن من أصل التركة، وكذا
السدر والكافور والماء، وقيمة الأرض التي يدفن فيها، وأجرة حمل الميت،
وأجرة حفر القبر.. إلى غير ذلك مما يصرف في أي عمل من واجبات الميت، فإن
كل ذلك يخرج من أصل التركة وإن كان الميت مديونا أو كانت له وصية. هذا
فيما إذا لم يوجد من يتبرع بشئ من ذلك،
وإلا لم يخرج من التركة، وما يخرج من
أصل التركة لا بد أن يكون أقل قيمة إلا مع رضا الورثة.
وأما ما يصرف فيما زاد على الواجب، فإن كان الميت قد أوصى بذلك
خصوصا أو عموما أخرج من الثلث، وإلا توقف جواز صرفه على إجازة الكبار
من الورثة من حصصهم.
مسألة 103: كفن الزوجة على زوجها مع تمكنه وإن كانت مؤسرة،
وكذا المطلقة الرجعية، ولا يترك الاحتياط في المنقطعة والناشزة. هذا إذا لم يتبرع
غير الزوج بالكفن وإلا سقط عنه. وكذلك إذا أوصت به من مالها، والأحوط
وجوبا وجوب الاستقراض على الزوج لكفنها في صورة عدم يساره إن لم يكن
حرجيا، وكذا إذا كان محجورا عليه، أو كان ماله متعلقا به حق غيره برهن أو
غيره.
46

مسألة 104: تجوز كتابة القرآن كلا أو بعضا على الكفن بشرط أن لا
يتنجس بالدم أو غيره من النجاسات. والأولى أن يكتب على خرقة ويوضع على
رأسه أو صدره، ليؤمن به من النجاسة.
شروط الكفن:
يعتبر في الكفن الإباحة، والأحوط وجوبا أن لا يكون نجسا، ولا
مذهبا، ولا من الحرير الخالص، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، ولا من الجلد
وإن كان مما يحل أكله. وكل هذه الشروط - غير الإباحة - تختص بحال
الاختيار، ويسقط في حال الضرورة. ولا بأس بالحرير غير الخالص بشرط أن
يكون الخليط أزيد من الحرير على الأحوط استحبابا، فلو انحصر الكفن في
المغصوب دفن عاريا، ولو انحصر في غيره من الأنواع التي لا يجوز التكفين بها
اختيارا كفن به. فإذا انحصر في واحد منها تعين، وإذا تعدد ودار الأمر بين
أحدها ففي الحكم بالتخيير أو تعيين بعضها دون الآخر وجهان.
مسألة 105: الشهيد لا يكفن بل يدفن بثيابه، إلا إذا كان بدنه عاريا
فيجب تكفينه.
مسألة 106: يستحب وضع جريدتين خضراوين مع الميت، والأولى أن
تكونا من النخل، وإلا فمن السدر، وإلا فمن الرمان، وإلا فمن الخلاف
(الصفصاف). وتكتب عليها الشهادتان وأسماء الأئمة (عليهم السلام)،
والأولى أن تكون الكتابة بالتربة الحسينية.
47

الحنوط
يجب تحنيط الميت المسلم، وهو مسح مواضعه السبعة للسجود بالكافور
المسحوق غير الزائلة رائحته، ويكفي فيه المسمى، والأفضل أن يكون سبعة
مثاقيل، ويستحب خلطه بقليل من التربة الحسينية.
ويشترط في الكافور إباحته وطهارته على الأحوط، فيسقط
وجوب التحنيط عند عدم التمكن من الكافور المباح.
مسألة 107: الأحوط وجوبا أن يكون المسح باليد بل بالراحة، وأن
يبتدأ من الجبهة على الأحوط، ولا ترتيب في سائر الأعضاء.
ويعتبر أن يكون المحنط بالغا عاقلا على الأحوط.
مسألة 108: يسقط التحنيط فيما إذا مات الميت في إحرام العمرة أو
الحج، فيجنب من الكافور - بل من مطلق الطيب - إلا إذا كان موته بعد طواف
الحج أو العمرة، فيجب تحنيطه كغيره من الأموات.
مسألة 109: التحنيط واجب كفائي، إلا أن ولي الميت أولى به من غيره،
وقد مضى تفصيل ذلك في المسألة (86).
الصلاة على الميت
تجب الصلاة على كل ميت مسلم وإن كان فاسقا، ووجوبها كفائي،
والأولوية في الصلاة كما تقدمت في المسألة (86).
48

مسألة 110: إنما تجب الصلاة على الميت إذا كملت له ست سنين، وفي
استحبابها على غيره - وقد تولد حيا - إشكال، والأحوط الاتيان بها رجاء.
مسألة 111: تصح الصلاة على الميت من الصبي المميز، إلا أنه لا يسقط
بها الوجوب عن البالغين.
مسألة 112: يجب تقديم الصلاة على الدفن، إلا أنه إذا دفن قبل أن
يصلى عليه - عصيانا أو لعذر - وجب أن يصلى عليه وهو في القبر، ولا يجوز
نبش قبره للصلاة عليه.
كيفية صلاة الميت:
الصلاة على الميت خمس تكبيرات، والأحوط وجوبا في كيفيتها أن يأتي
بعد كل منها بذكر خاص ما عدا الأخيرة، وهو الشهادتان بعد الأولى، والصلاة
على محمد وآله بعد الثانية، والدعاء للمؤمنين بعد الثالثة، والدعاء للميت بعد
الرابعة، وبالخامسة تتم الصلاة.
والأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي
الساعة، وبعد التكبيرة الثانية: اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على
محمد وآل محمد وترحم على محمدا وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت
على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وصل على جميع الأنبياء والمرسلين
والشهداء والصديقين وجميع عباد الله الصالحين، وبعد التكبيرة الثالثة: اللهم
اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، تابع
49

اللهم بيننا وبينهم بالخيرات إنك مجيب الدعوات إنك على كل شئ قدير، وبعد
الرابعة: اللهم إن هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بك
وأنت خير منزول به، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، اللهم إن
كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته واغفر له، اللهم
اجعله عندك في أعلى عليين وأخلف على أهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا
أرحم الراحمين ثم يكبر، وبها تتم الصلاة.
ولا بد من رعاية تذكير الضمائر وتأنيثها بالنسبة إلى الميت. وتختص هذه
الكيفية بما إذا كان الميت مؤمنا بالغا.
وفي الصلاة على أطفال المؤمنين يقول بعد التكبيرة الرابعة: اللهم اجعله
لأبويه ولنا سلفا وفرطا وأجرا.
مسألة 113: يعتبر في صلاة الميت أمور:
1 - النية، والمعتبر منها قصد القربة مطلقا دون الوجوب أو الندب.
2 - استقبال المصلي للقبلة.
3 - أن يكون رأس الميت على يمين المصلي.
4 - أن يوضع على قفاه.
5 - أن يكون الميت أمام المصلي محاذيا لبعضه إلا أن يكون مأموما وقد
استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة.
6 - أن لا يكون بين الميت والمصلي بعد على نحو لا يصدق الوقوف عنده
إلا مع اتصال الصفوف في الصلاة جماعة، والأحوط وجوبا أن لا يكون أحدهما
أعلى من الآخر علوا مفرطا.
50

7 - أن لا يكون حائل بينهما، ولا يضر الستر بمثل التابوت ونحوه.
8 - القيام مع القدرة عليه.
9 - الموالاة بين التكبيرات والأذكار، بأن لا يفصل بينهما بمقدار تنمحي
به صورة الصلاة.
10 - أن تكون بعد الغسل والتحنيط والتكفين، وإلا بطلت، ولا بد من
إعادتها. وإذا تعذر غسل الميت - أو التيمم بدلا عنه - وكذلك التكفين والتحنيط
لم تسقط الصلاة عليه.
11 - أن يكون الميت مستور العورة ولو بنحو الحجر واللبن إن تعذر
الكفن.
12 - إباحة مكان المصلي على الأحوط الأولى.
13 - إذن الولي مع عدم وصية الميت بصلاة شخص معين عليه، وإلا
فالأحوط الأولى اعتبار إذنه.
دفن الميت
يجب دفن الميت المسلم وجوبا كفائيا. والولي أولى به من غيره كما تقدم في
المسألة (86).
ويجب أن يراعى في دفنه حفظ بدنه من السباع، وأن لا تظهر رائحته في
الخارج.
ويجب أن يوضع في القبر على طرفه الأيمن مستقبل القبلة.
51

مسألة 114: يجب دفن الجزء المبان من الميت حتى إذا كان شعرا أو سنا أو
ظفرا على الأحوط.
مسألة 115: من مات في السفينة ولم يمكن دفنه - ولو بتأخيره لخوف
فساده، أو غير ذلك - يوضع في خابية ونحوها ويشد رأسها باستحكام، فإن لم
يتيسر ذلك يشد برجله ما يثقله من حجر أو نحوه، ثم يلقى في البحر، والأحوط
وجوبا اختيار الأول مع الامكان.
مسألة 116: لا يجوز دفن الميت في مكان يستلزم هتك حرمته
كالبالوعة، والمواضع القذرة.
مسألة 117: يجوز الدفن في المكان المملوك إلا بإذن المالك، أما
الموقوف لغير الدفن - كالمدارس والحسينيات ونحوهما - فعدم جواز الدفن فيها
محل تأمل.
مسألة 118: إذا دفن الميت في مكان لا يجوز دفنه فيه، وجب نبش قبره
وإخراجه - إذا لم يلزم هتك حرمته - ودفنه في موضع يجوز دفنه فيه.
مسألة 119: إذا دفن الميت بلا غسل أو كفن أو حنوط وجب إخراجه
مع القدرة لاجراء الواجب عليه ودفنه ثانيا إن لم يلزم منه هتك حرمته.
مسألة 120: لا يجوز نبش القبر من غير ضرورة تقتضيه. نعم يجوز
ذلك للنقل إلى المشاهد المشرفة ونحو ذلك من الغايات الراجحة شرعا، فإن في
ذلك تعظيما للميت وإظهارا لعلو شأنه.
مسألة 121: إذا كان الميت ناقصا - كما إذا لم تكن له يد أو رجل أو
52

رأس، أو تناثر لحمه ولم يبق منه إلا هيكله العظمي - تجري عليه جميع الأحكام
المتقدمة، وأما إذا كان الموجود منه لا يصدق عليه عنوان الميت، فالأحوط
وجوبا رعاية ما يأتي:
1 - إذا كان الموجود تمام الصدر أو بعضه، وكان فيه القلب تجري عليه
جمع الأحكام المتقدمة، ويقتصر في التكفين على القميص والإزار، ولا يترك
الاحتياط فيما لم يكن فيه القلب.
2 - إذا كان الموجود منه العظم المجرد، أو هو مع اللحم، يغسل ويحنط
ويلف في خرقة ويدفن على الأحوط وجوبا.
3 - إذا كان الموجود منه لحما مجردا يلف في خرقة ويدفن على الأحوط
وجوبا، ولا يجب تغسيله، وكذلك الحال في السن والشعر
والظفر.
صلاة ليلة الدفن
روى الشيخ الكفعمي عن ابن فهد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
(لا يأتي على الميت أشد من أول ليلة، فارحموا موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا
فليصل أحدكم ركعتين له: يقرأ في الأولى - بعد الحمد - آية الكرسي، وفي الثانية
- بعد الحمد - سورة القدر عشر مرات، فيقول بعد
السلام: اللهم صل على محمد وآل محمد وابعث ثوابها إلى قبر... فلان) ويسمي الميت.
ورويت لهذه الصلاة كيفية أخرى أيضا، والأحوط قراءة آية الكرسي،
إلى: هم فيها خالدون.
53

غسل مس الميت
يجب الغسل على من مس الميت بعد برده، وقبل إتمام غسله، ولا فرق في
الممسوس والماس بين أن يكون من ا لظاهر والباطن، كما لا فرق - على
الأحوط - بين كونهما مما تحله الحياة وما لا تحله - كالظفر -، والأحوط استحبابا
الغسل بمس العظم والسن، نعم المس بالشعر لا يوجبه، وكذا مس الشعر. ولا
يختص الوجوب بما إذا كان الميت مسلما، فيجب في مس الميت الكافر أيضا،
وأما مس من لا يجب تغسيله - كالمقتول في المعركة في جهاد أو دفاع عن
الاسلام، أو المقتول بقصاص أو رجم بعد الاغتسال بأمر الحاكم - فلا يوجب
الغسل.
مسألة 122: يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد والمشاهد والمكث
فيها وقراءة العزائم، نعم لا يجوز له مس كتابة القرآن ونحوها مما لا يجوز
للمحدث مسه، ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة - كالصلاة - إلا
بالغسل، والأحوط ضم الوضوء إليه إن لم يكن على وضوء.
مسألة 123: يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الميت أو الحي إذا كانت
مشتملة على العظم دون الخالية منه.
مسألة 124: إذا يمم الميت بدلا من تغسيله لعذر، فالظاهر وجوب
الغسل بمسه.
54

الأغسال المستحبة
قد ذكر الفقهاء - قدس الله أسرارهم - كثيرا من الأغسال المستحبة،
ولكنه لم يثبت استحباب جملة منها، والثابت منها ما يلي:
1 - غسل الجمعة، وهو من المستحبات المؤكدة، ووقته من طلوع الفجر
الثاني يوم الجمعة إلى الغروب، والأحوط استحبابا عدم الاجتزاء به عن الوضوء
إذا وقع بعد الزوال. وإذا فاته إلى الغروب فيجوز قضاؤه إلى غروب يوم السبت،
ويجوز تقديمه يوم الخميس رجاء إذا خيف إعواز الماء يوم الجمعة، ويعيده في يوم
الجمعة إذا وجد الماء فيه، وإذا فاته حينئذ يعيده يوم السبت رجاء.
2 - 7 - غسل الليلة الأولى، وليلة السابع عشر، والتاسع عشر، والحادي
والعشرين، والثالث والعشرين، والرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك.
8، 9 - غسل يومي العيدين - الفطر والأضحى -، ووقته من طلوع
الفجر إلى الزوال، ولا بأس بالاتيان به بعده رجاء، والأولى أن يؤتى به قبل
صلاة العيد.
10 - غسل ليلة عيد الفطر، والأولى أن يؤتى به أول الليل.
11 - 12 - غسل اليوم الثامن والتاسع من ذي الحجة الحرام، والأولى في
اليوم التاسع أن يؤتى به قريبا من الزوال.
13 - الغسل لقضاء صلاة كسوف الشمس إذا تركها متعمدا عالما به مع
احتراق القرص.
14 - غسل من مس الميت بعد تغسيله.
55

15 - غسل الاحرام.
16 - غسل دخول الحرم.
17 - غسل دخول مكة.
18 - غسل زيارة الكعبة المشرفة.
19 - غسل دخول الكعبة المشرفة.
20 - غسل النحر والذبح.
21 - غسل الحلق.
22 - غسل دخول المدينة المنورة.
23 - غسل دخول حرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
24 - غسل المباهلة مع الخصم.
25 - غسل وداع قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
26 - غسل الاستخارة.
27 - غسل الاستسقاء.
28 - الغسل عند احتراق الشمس في الكسوف.
29 - الغسل لزيارة الحسين عليه السلام.
والأظهر أن هذه الأغسال تجزي عن الوضوء، وأما غيرها فيؤتى بها
رجاء، ولا بد معها من الوضوء فنذكر جملة منها:
56

1 - الغسل في ليالي الفرد من شهر رمضان المبارك، وتمام ليالي العشر
الأخيرة، وأول يوم منه.
2 - غسل آخر في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك قبيل
الفجر.
3، 4 - غسل الثامن عشر من ذي الحجة الحرام وهو يوم الغدير، وكذا
يوم الرابع والعشرين منه.
5 - 9 - غسل يوم عيد النيروز، وأول رجب، وآخره، ونصفه، ويوم
المبعث - وهو السابع والعشرون منه -.
10 - غسل يوم النصف من شعبان.
11 - 14 - غسل اليوم التاسع والسابع عشر من ربيع الأول، واليوم
الخامس والعشرين من ذي القعدة.
15 - الغسل لزيارة سائر المعصومين - عليهم السلام - من قريب أو بعيد.
16 - الغسل لقتل الوزغ.
17 - غسل المرأة التي تطيبت لغير زوجها.
18 - غسل من نام على سكر.
19 - غسل من مشى لرؤية المصلوب.
57

أحكام الجبائر
الجبيرة: هي ما يوضع على العضو من الألواح أو الأدوات الحديثة أو
الخرق والأدوية ونحوها إذا حدث فيه كسر أو جرح أو قرح، وفي ذلك
صورتان:
1 - أن يكون شئ من ذلك في مواضع الغسل كالوجه واليدين.
2 - أن يكون في مواضع المسح كالرأس والرجلين. وعلى التقديرين، فإن
لم يكن في غسل الموضع أو مسحه ضرر أو حرج وجب غسل ما يجب غسله
ومسح ما يجب مسحه، وأما إذا استلزم شيئا من ذلك ففيه صور:
الأولى: أن يكون الكسر أو الجرح أو القرح في أحد مواضع الغسل، ولم
تكن في الموضع جبيرة، ففي هذه الصورة يكفي غسل ما
حول الكسر والجرح
والقرح، والأحوط الأولى مع ذلك أن يضع خرقة على الموضع ويمسح عليها.
الثانية: أن يكون الكسر أو الجرح أو القرح في أحد مواضع الغسل،
وكان عليه جبيرة، ففي هذه الصورة يغسل ما حوله ويمسح على الجبيرة بمقدار
من الماء، أي بأقل ما يتحقق به الغسل في الوضوء.
الثالثة: أن يكون شئ من ذلك في أحد مواضع المسح، وكانت عليه
جبيرة، ففي هذه الصورة يجزئ المسح على الجبيرة.
الرابعة: أن يكون شئ من ذلك في أحد مواضع المسح ولم تكن عليه
جبيرة، فالأحوط لزوما في هذه الصورة أن يضع خرقة عليه ويمسح عليها، ثم
يتيمم.
58

مسألة 125: يعتبر في الجبيرة أمران:
الأول: طهارة ظاهرها، فإذا كانت الجبيرة نجسة ولا يمكن تطهيرها،
فالأحوط فيها أن يشد عليها خرقة طاهرة فيمسح عليها، وإن لم توجد خرقة
طاهرة فالأحوط غسل غير موضع الجبيرة مع التيمم، هذا فيما إذا كان وجوب
المسح على الجبيرة - على تقدير طهارتها - معلوما، وأما فيما إذا كان المسح عليها من
باب الاحتياط، ولم يتمكن المكلف من المسح على الجبيرة الطاهرة،
فالأحوط الجمع بين الوضوء - من دون أن يمسح على الجبيرة - وبين التيمم.
الثاني: إباحتها، فلا يجوز المسح عليها إذا لم تكن مباحة، فيجب تبديلها،
أو استرضاء مالكها، وإن لم يتمكن منهما سقط وجوب الوضوء، أو وجوب
المسح على الجبيرة على التفصيل المتقدم.
مسألة 126: يعتبر في جواز المسح على الجبيرة أمور:
الأول: أن يكون في العضو كسر أو جرح أو قرح، فإذا لم يتمكن من
غسله أو مسحه لأمر آخر - كنجاسته مع تعذر إزالتها، أو لزوم الضر من
استعمال الماء - يتعين عليه التيمم، وأما إذا كان على أعضاء الوضوء حاجب لا
يمكن إزالته بغير حرج، فيشكل جريان حكم الجبيرة فيه، والأحوط ضم التيمم
إلى الوضوء أو الغسل، وكذلك إذا كان اللاصق بالعضو دواء.
الثاني: أن لا تزيد الجبيرة على المقدار المتعارف، وإلا وجب رفع المقدار
الزائد وغسل ما تحته، إذا كان مما يغسل، ومسحه إذا كان مما يمسح. وإن لم
59

يتمكن من رفعه، أو كان فيه حرج، ففي الاكتفاء بحكم الجبيرة إشكال،
والأحوط ضم التيمم إليه.
الثالث: أن يكون الجرح أو نحوه في نفس مواضع الوضوء، فلو كان في
غيرها، وكان مما يضر به الوضوء تعين عليه التيمم، وكذلك الحال فيما إذا كان
الجرح أو نحوه في جزء من أعضاء الوضوء، وكان مما يضر به غسل جزء آخر،
كما إذا كان الجرح في إصبعه، واتفق أنه يتضرر بغسل الذراع، فإنه يتعين التيمم
في مثل ذلك أيضا.
مسألة 127: إذا كان تمام الوجه أو إحدى اليدين مجبرا، فالأحوط لزوما
أن يجمع بين الوضوء - مع المسح على الجبيرة - وبين التيمم، وكذا إذا كان تمام
الرأس أو إحدى الرجلين مجبرا.
مسألة 128: إذا كانت الجبيرة في باطن الكف مستوعبة لها، ومسح
المتوضئ عليها بدلا من غسل العضو، يمسح رأسه ورجليه بهذه الرطوبة، كما لو
كانت غير مجبرة.
مسألة 129: إذا توضأ مع المسح على الجبيرة، وصلى ثم ارتفع العذر
- بعد خروج الوقت - لم يجب عليه قضاء تلك الصلاة بلا إشكال، بل يجوز له أن
يصلي صلوات أخرى واجبة أو مستحبة بذلك الوضوء بعينه، وأما إذا زال العذر
قبل خروج الوقت، وتمكن المكلف من إعادة الصلاة مع الوضوء الاختياري
وجبت إعادتها على الأحوط.
مسألة 130: إذا خاف الضرر من غسل العضو الذي فيه جرح أو نحوه،
فمسح على الجبيرة وصلى، ثم انكشف خارج الوقت أنه لم يكن فيه ضرر، أو
60

اعتقد أن العضو فيه قرح أو جرح أو كسر فصلى مع الوضوء عن جبيرة، ثم
انكشف بعد خروج الوقت سلامة العضو، فالظاهر في الصورتين وجوب
القضاء.
مسألة 131: يجري حكم الجبيرة في الأغسال - غير غسل الميت - كما
كان يجري في الوضوء، ولكنه يختلف عنه في الجملة، فإن كان المحل مجبورا
تعين عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة على الأحوط، وكذا إذا كان
مكشوفا، والأحوط أن يلف خرقة على الموضع - بعد غسل أطرافه - ويمسح
عليها، وإن كان الأظهر جواز الاجتزاء بغسل أطرافه.
وأما غسل الميت فلا يجري فيه حكم الجبيرة، فإن أمكن الغسل من غير
جبيرة فهو وإلا فييمم الميت.
التيمم وأحكامه
يصح التيمم بدلا من الغسل أو الوضوء في تسعة مواضع:
الأول: ما إذا لم يجد من الماء مقدار ما يفي بوظيفته الأولية من غسل أو
وضوء. ويجب الفحص عن الماء إذا احتمل وجوده في رحله على الأحوط إلى أن
يحصل العلم أو الاطمئنان بعدمه، وأما إذا كان في البر فيجب الفحص في
الجوانب الأربعة غلوة سهم في الحزنة - أي الأرض الوعرة -، وغلوة سهمين في
الأرض السهلة. ولا يجب الفحص أكثر من ذلك، ويسقط وجوب الفحص
عند عدم التمكن منه.
61

مسألة 132: إذا تيمم من غير فحص - فيما يلزمه الفحص - وتمشى منه
قصد القربة، وانكشف أن الماء لم يكن، أو أنه لم يكن يصل إليه لو طلبه صح.
مسألة 133: إذا انحصر الماء الموجود عنده بما يحرم التصرف فيه - كما
إذا كان مغصوبا، أو كان في إناء من ذهب أو فضة ولم يمكن تخليصه منه بإراقته
في إناء آخر - لم يجب الوضوء، ووجب عليه التيمم. والماء الموجود - حينئذ -
بحكم المعدوم.
الثاني: ما إذا خاف على نفسه، أو عرضه، في وصوله إلى الماء الموجود،
وكذا إن خاف على ماله المعتد به بحيث يقع في الحرج لو تلف، وأما إذا لم يكن
كذلك لزمه تحصيل الماء وإن خاف ضياعه أو تلفه.
الثالث: ما إذا خاف ضررا على نفسه من استعمال الماء، كما إذا خاف
حدوث مرض أو امتداده أو شدته، وإنما يشرع التيمم في هذه الصورة إذا لم تكن
وظيفته الطهارة المائية مع المسح على الجبيرة، وإلا
وجبت، وقد مر تفصيل
ذلك.
الرابع: ما إذا خاف من استعمال الماء في الطهارة المائية تلف النفس أو
تضررها بالعطش، وفي ذلك صور:
1 - أن يخاف من استعمال الماء تلف نفسه فعلا، أو بعد ذلك، أو أن يبتلي
بمرض، أو يقع في حرج، بأن يحتمل حدوث العطش وأن لا يكون عنده آنذاك
من الماء ما يكفي لرفع عطشه.
62

2 - أن يخاف من استعمال الماء في الطهارة تلف شخص آخر أو مرضه ممن
يجب عليه حفظه من التلف أو المرض.
3 - أن يخاف العطش على غيره ممن يهمه أمره على نحو يتوجه إليه من
عطشه حرج، ويندرج في هذه الصورة ما إذا خاف تلف حيوان أو مرضه
الموجب لوقوعه في حرج، ففي جميع هذه الصور يسقط وجوب الوضوء،
وينتقل الأمر إلى الطهارة الترابية.
الخامس: ما إذا استلزم تحصيل الماء مشقة لا تتحمل عادة، ومن هذا
القبيل ما إذا كان في شراء الماء أو تملكه مجانا منة من المالك لا تتحمل عادة.
السادس: ما إذا توقف تحصيل الماء على بذل مال يضر بحاله، بمعنى أنه
يوقعه في الحرج، ومع عدمه يجب الشراء، وإن كان بأضعاف قيمته.
السابع: ما إذا استلزم تحصيل الماء فوات الصلاة في وقتها.
الثامن: ما إذا استلزمت الطهارة المائية فوات الصلاة في وقتها على
المشهور، لكن الأحوط إتيان الصلاة بالطهارة الترابية في الوقت ثم القضاء
خارجه مع الطهارة المائية.
التاسع: ما إذا كان بدن المكلف أو لباسه متنجسا ولم يكف الماء الموجود
عنده للطهارة الحدثية والخبثية معا، فإن الأولى في هذه الصورة أن يصرف الماء في
إزالة النجاسة أولا، ثم يتيمم بعد ذلك.
63

ما يصح به التيمم
يجوز عند تعذر الطهارة المائية التيمم بالتراب اليابس دون غيره من وجوه
الأرض، ثم التراب الندي - أي المرطوب -، وليتحر الأجف فالأجف. وإذا
تعذر جميع ذلك يتمم بالغبار، وإذا تعذر الغبار تيمم بالطين.
ويجب حفظ هذا الترتيب في التيمم على الأقوى. وإذا تعذر جميع ذلك
فهو فاقد الطهورين، والظاهر وجوب القضاء عليه وسقوط الأداء، وإن كان
الأحوط هو الجمع.
مسألة 134: إذا كان طين وتمكن من تجفيفه وجب ذلك، ولا تصل معه
النوبة إلى التيمم بالغبار أو الطين.
مسألة 135: إذا اشتبه ما يصح به التيمم بما لا يصح، لزم تكرار التيمم
ليتيقن معه بالامتثال.
كيفية التيمم وشرائطه
مسألة 136: يجب في التيمم أمور:
1 - ضرب باطن اليدين معا على ما يصح التيمم به دفعة واحدة معا.
2 - مسح الجبهة والجبينين باليدين من قصاص الشعر إلى طرف الأنف
الأعلى، وإلى الحاجبين، والأحوط مسحهما أيضا.
3 - المسح بباطن اليد اليسرى تمام ظاهر اليد اليمنى من الزند إلى أطراف
64

الأصابع، ثم المسح بباطن اليمنى تمام ظاهر اليسرى، وتقديم اليمنى على
اليسرى مبني على الاحتياط الوجوبي، والأظهر الاجتزاء بضربة واحدة مطلقا
سواء أكان بدلا من الوضوء أم من الغسل. والأحوط الأولى أن يضرب بيديه
مرة أخرى على ما يصح التيمم به قبل مسح اليدين، فيمسح ظاهر يده اليمنى
بباطن اليسرى، ثم يمسح ظاهر اليسرى بباطن اليمنى قاصدا بذلك إدراك
الواقع.
مسألة 137: يشترط في التيمم أمور:
1 - أن يكون المكلف معذورا من الطهارة المائية، فلا يصح التيمم في
موارد الأمر بالوضوء أو الغسل.
2 - إباحة نفس ما يتيمم به ومحله، والأحوط اعتبار إباحة الفضاء الذي
يقع فيه التيمم.
3 - طهارة ما يتيمم به.
4 - أن لا يمتزج طهارة ما يتيمم به بغيره مما لا يصح التيمم به - كالتبن أو
الرماد -، نعم لا بأس بذلك إذا كان المزيج مستهلكا.
5 - طهارة أعضاء التيمم على الأحوط الأولى مع التمكن.
6 - أن لا يكون حائل بين الماسح والممسوح، فإن كان على بعض
الأعضاء مانع أو نجاسة لها جرم ولا يمكن رفعهما، أو كانت عليه جبيرة، أو
كان المكلف أقطع بإحدى يديه، فالأظهر عدم انتقال وظيفته إلى الضرب بظاهر
الكف، بل يكون فاقد الطهورين.
65

والأحوط التيمم بما يمكنه والصلاة معه، ويجب القضاء بعد ذلك.
7 - أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل على الأحوط وجوبا.
8 - النية، على تفصيل مر في الوضوء.
9 - الترتيب بين الأعضاء، على ما مر.
10 - الموالاة، والمناط فيها أن لا يفصل بين الأفعال ما يخل بهيئته
عرفا.
11 - المباشرة، مع التمكن منها.
12 - أن يكون التيمم بعد دخول وقت الصلاة على الأحوط وجوبا. نعم
إذا تيمم لأمر واجب أو مستحب قبل الوقت - ولم ينقض تيممه حتى دخل وقت
الصلاة - لم تجب عليه إعادة التيمم، وجاز أن يصلي مع ذلك التيمم إذا كان عذره
باقيا.
مسألة 138: لا يجوز التيمم مع العلم بارتفاع العذر والتمكن من
الطهارة المائية قبل خروج الوقت. والأحوط وجوبا تأخير التيمم والصلاة مع
رجاء التمكن في الوقت، وأما مع اليأس من تحصيل الطهارة المائية فلا إشكال في
جواز البدار، وإذا ارتفع العذر أثناء الوقت فلا تجب الإعادة.
مسألة 139: إذا تيمم بعد دخول الوقت فصلى، ثم دخل وقت صلاة
أخرى ولم يرتفع العذر جاز له أن يصليها بذلك التيمم، ولم يحتج إلى تيمم آخر،
وإذا كان التيمم لفقدان الماء فوجده بعد الصلاة، بل أثنائها بعد الدخول في
الركوع من الركعة الأولى لم يحتج إلى الإعادة، وأما إذا كان الوجدان قبل الركوع
فالأحوط وجوبا الاتمام والإعادة بالطهارة المائية.
66

مسألة 140: إذا صلى مع التيمم الصحيح ثم ارتفع عذره صحت
صلاته، ولا تجب إعادتها لا في الوقت ولا في خارجه.
مسألة 141: تيمم المجنب مجز عن الوضوء، فإذا تيمم لعذر ثم أحدث
بالحدث الأصغر فالأحوط وجوبا أن يجمع بين التيمم والوضوء مع التمكن،
وأن يأتي بالتيمم بدلا منه أيضا إذا لم يتمكن من الوضوء، وأما تيمم المحدث
بالحدث الأكبر - غير الجنابة - فلا يجزي عن الوضوء، ولا بد من ضم الوضوء
إلى التيمم، وإذا أحدث بالأصغر ولم يتمكن من الغسل لزمه التيمم بدلا من
الغسل مع الوضوء، فإن لم يتمكن من الوضوء - أيضا - تيمم بدلا منه أيضا.
دائم الحدث
من استمر به البول أو الغائط أو النوم ونحو ذلك، يختلف حكمه
باختلاف الصور الآتية:
الأولى: أن يجد فترة في جزء من الوقت يمكنه أن يأتي فيها بالصلاة متطهرا -
ولو مع الاقتصار على واجباتها -، ففي هذه الصورة يجب ذلك، ويلزمه
التأخير إذا كانت الفترة في أثناء الوقت أو في آخره، نعم إذا كانت الفترة في أول
الوقت أو في أثنائه - ولم يصل حتى مضى زمان الفترة - صحت صلاته إذا عمل
بوظيفته الفعلية، وإن أثم بالتأخير.
الثانية: أن لا يكون له فترة أصلا، أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة
وبعض الصلاة، أو أن تكون له فترة كذلك ولكن يشق عليه تجديد الطهارة كلما
67

خرج منه البول أو غيره، ففي هذه الصور يتوضأ أو يغتسل أو يتيمم حسبما
يقتضيه تكليفه الفعلي، ثم يصلي، ولا يعتني بما يخرج منه بعد ذلك قبل الصلاة
أو في أثنائها، والأحوط لزوما أن يبادر إليها بعد الطهارة.
الثالثة: أن يكون له فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة ولا يشق عليه
تجديد الطهارة كلما خرج منه البول أو نحوه، فحكمه الوضوء والصلاة في
الفترة ويجعل في جنبه الماء، فإذا خرج منه شئ يتوضأ ثم يبني على صلاته من
حيث قطعها.
مسألة 142: يجب على المسلوس ونحوه أن يتحفظ من تعدي النجاسة
إلى بدنه ولباسه مع القدرة عليه، كأن يتخذ كيسا فيه قطن، والأحوط وجوبا
تغييره لكل من الصلاتين - الظهر والعصر، والمغرب والعشاء -.
مسألة 143: إذا احتمل حصول فترة يمكنه الاتيان فيها بالصلاة متطهرا
فالأحوط تأخيرها إلى أن ينكشف له الحال، فلو بادر إليها وانكشف بعد ذلك
وجود الفترة لزمته إعادتها. وكذلك الحال فيما إذا اعتقد عدم الفترة ثم انكشف
خلافه. نعم لا يضر بصحة الصلاة وجود الفترة في خارج الوقت، أو برءه من
مرضه فيه.
النجاسات وأحكامها
النجاسات إحدى عشرة:
1، 2 - البول والغائط من الانسان ومن كل حيوان لا يحل أكل لحمه
68

بالأصل، أو بالعارض - كالجلال، وموطوء الانسان - إذا كانت له نفس
سائلة. ولا بأس ببول الطائر وذرقه، وإن كان مما لا يؤكل لحمه. والأحوط
الاجتناب عن بول ما يشك في أن له نفس سائلة.
3 - المني من الانسان ومن كل حيوان له نفس سائلة وإن كان مأكول
اللحم، والأحوط نجاسة مني ما لا نفس له سائلة أيضا.
4 - ميتة الانسان وكل حيوان له نفس سائلة، ولا بأس بما لا تحله الحياة
من أجزائها، كالوبر والصوف، والشعر والظفر، والقرن والعظم ونحو ذلك.
وفي حكم الميتة القطعة المبانة من الحي إذا كانت مما تحله الحياة، ولا بأس بما
ينفصل من الأجزاء الصغار، كالثالول، والبثور، والجلدة التي تنفصل من
الشفة أو من بدن الأجرب ونحو ذلك، كما لا بأس بالإنفحة المستخرجة من
الجدي الميت، وهي ما يستحيل إليه اللبن الذي يرتضعه الجدي قبل أن يأكل،
والأحوط الاجتناب عن كيسها - أي الكرش -، وأما اللبن في الضرع فإنه
طاهر، وإن كان الأحوط الاجتناب عنه.
مسألة 144: يطهر الميت المسلم بتغسيله، فلا يتنجس ما يلاقيه مع
الرطوبة. وقد تقدم وجوب غسل مس الميت بملاقاته بعد برده وقبل تغسيله،
وإن كانت الملاقاة بغير رطوبة.
5 - الدم الخارج من الانسان ومن كل حيوان له نفس سائلة، ويستثنى
من ذلك الدم المتخلف في ذبيحة مأكول اللحم، فإنه محكوم بالطهارة إذا خرج
الدم بالمقدار المتعارف بذبح شرعي. والأحوط الأولى الاجتناب عما تخلف في
عضو يحرم أكله كالطحال والنخاع ونحو ذلك.
69

مسألة 145: الدم الذي قد يوجد في اللبن عند الحلب نجس ومنجس،
وأما المتكون في صفار البيض فهو نجس على الأحوط، ولكنه لا ينجس سائر
الأجزاء إذا لم يعلم ملاقاته لها، ولو من جهة احتمال انفصاله عنها بحائل.
6، 7 - الكلب والخنزير البريان بجميع أجزائهما.
8 - الكافر، والمشهور بين الفقهاء نجاسته مطلقا، وإن كان من أهل
الكتاب، وهو الأحوط.
وأما الناصب فالأحوط نجاسته وإن كان مظهرا للشهادتين والاعتقاد
بالمعاد. ومن أنكر حكما من أحكام الدين مع علمه بثبوته على وجه يرجع إلى
إنكار الرسالة يحكم بكفره، وكذلك من علم إنكاره من فعله، كمن استهزأ
بالقرآن. أو أحرقه - والعياذ بالله - متعمدا.
مسألة 146: لا فرق في نجاسة الكافر والكلب والخنزير بين الحي
والميت، ولا بين ما تحله الحياة من أجزائه وغيره.
9 - الخمر على الأحوط، وكذا كل مسكر مايع بالأصالة، والأظهر
طهارة (الاسبرتو) بجميع أنواعه، سواء في ذلك المتخذ من الأخشاب وغيره.
مسألة 147: العصير العنبي لا ينجس بغليانه بنفسه أو بالنار أو بغير
ذلك، ولكنه يحرم شربه ما لم يذهب ثلثاه بالنار أو ينقلب خلا. والظاهر عدم
كفاية ذهاب الثلثين بغير النار في الحلية، وأما عصير التمر أو الزبيب فالأظهر أنه
لا ينجس ولا يحرم بالغليان، ولا بأس بوضعهما في المطبوخات مثل المرق
والمحشي والطبيخ وغيرها، وإن كان الأحوط الاجتناب عنها.
70

مسألة 148: الدن الدسم لا بأس بأن يجعل فيه العنب للتخليل إذا لم
يعلم إسكاره بعد الغليان، أو علم وكانت الدسومة خفيفة لا تعد عرفا من
الأجسام. وأما إذا علم إسكاره وكانت الدسومة معتدا بها، فالظاهر أنه يبقى
على نجاسته ولا يطهر بالتخليل.
10 - الفقاع على الأحوط، وهو قسم من الشراب يتخذ من الشعير
- غالبا - ولا يظهر إسكاره، ويحرم شربه، وأما ماء الشعير الذي يصفه الأطباء
ويؤخذ من الشعير فهو طاهر وحلال.
11 - عرق الإبل الجلالة وغيرها من الحيوان الجلال على الأحوط، ولا
تجوز الصلاة فيه إذا كان على البدن أو اللباس.
مسألة 149: الأظهر طهارة عرق الجنب من الحرام، ولا تجوز الصلاة
فيه على الأحوط وجوبا، ومنه عرق الرجل الذي يقارب زوجته في زمان يحرم
مقاربتها فيه كزمان الحيض. نعم إذا كان الوطء مع الجهل بالحال أو الغفلة فلا
إشكال في طهارة عرقه وجواز الصلاة فيه.
مسألة 150: ينجس الملاقي للنجس مع الرطوبة المسرية في أحدهما،
وكذلك الملاقي للمتنجس بملاقاة النجس، وأما المتنجس بملاقاة المتنجس فإن
لاقى ماء قليلا أو مثله من المايعات فينجسه أيضا، وأما غير الماء فالأقوى عدم
نجاسته، والأحوط استحبابا تطهيره.
71

ما تثبت به الطهارة أو النجاسة
كل ما شك في نجاسته مع العلم بطهارته سابقا فهو طاهر. وكذلك فيما
إذا لم تعلم حالته السابقة، ولا يجب الفحص عما شك في طهارته ونجاسته وإن
لم يحتج الفحص إلى مؤنة، وأما إذا شك في طهارته - بعد العلم بنجاسته سابقا -
فهو محكوم بالنجاسة.
وتثبت النجاسة بالعلم الوجداني، وبالبينة العادلة، أما ثبوتها بإخبار ذي
اليد، أو بإخبار مطلق الثقة - وإن لم يكن عادلا - إذا لم يحصل من قولهما
الاطمئنان فمشكل، والأحوط وجوبا نجاسته، وكذلك إخبار العادل الواحد.
ولا تثبت النجاسة بالظن وإن كان قويا، وأما إذا أخبرت الزوجة أو الخادمة
بنجاسة ما في يدها من ثياب الزوج أو ظروف البيت كفى في الحكم بالنجاسة على
الأحوط، وكذا إذا أخبرت المربية للطفل أو المجنون بنجاسته أو نجاسة ثيابه.
وتثبت الطهارة بما تثبت به النجاسة.
المطهرات
المطهرات اثنا عشر:
الأول: الماء المطلق:
وهو الذي يصح إطلاق الماء عليه من دون إضافته إلى شئ، وهو على
أقسام:
72

الجاري، ماء الغيث، ماء البئر، الماء الراكد الكثير - الكر وما زاد -،
الماء الراكد القليل - ما دون الكر -.
مسألة 151: الماء المضاف - وهو الذي لا يصح إطلاق الماء عليه من دون
إضافة، كماء العنب، وماء الرمان، وماء الورد ونحو ذلك - لا يرفع حدثا ولا
خبثا، ويتنجس بملاقاة النجاسة حتى الكثير منه. ويستثنى من ذلك ما إذا جرى
من العالي إلى السافل، أو من السافل إلى العالي بدفع، ففي مثل ذلك ينجس
المقدار الملاقي للنجس فقط، فإذا صب ما في الإبريق من ماء الورد على يد كافر لم
يتنجس ما في الإبريق وإن كان متصلا بما في يده.
مسألة 152: الماء الجاري - وهو ما ينبع من الأرض ويجري في النهر
ونحوه - لا ينجس بملاقاة النجس وإن كان قليلا إلا إذا تغير أحد أوصافه
- اللون، والطعم، والريح -، والعبرة بالتغير بأوصاف النجس، ولا بأس
بالتغير بأوصاف المتنجس.
مسألة 153: يطهر الماء المتنجس - غير المتغير بالنجاسة فعلا - باتصاله
بالماء الجاري أو بغيره من المياه المعتصمة - كالماء البالغ كرا، وماء البئر، والمطر -
ويعتبر مزجه بشئ من ذلك.
مسألة 154: المطر حال نزوله في حكم الجاري، فلا ينجس بملاقاة
النجس ما لم يتغير أحد أوصافه، على ما تقدم آنفا في الماء الجاري.
مسألة 155: لا يتنجس ماء البئر بملاقاة النجاسة وإن كان قليلا،
لاعتصامه بالمادة، نعم إذا تغير أحد أوصافه المتقدمة يحكم بنجاسته، ويطهر
73

بزوال تغيره بنفسه مع مزجه بما ينبع من المادة، أو بنزح مقدار يزول به التغير.
مسألة 156: الماء الراكد ينجس بملاقاة النجس إذا كان دون الكر، إلا
أن يكون جاريا على النجس من العالي إلى السافل، أو من السافل إلى العالي مع
الدفع، فلا ينجس حينئذ إلا المقدار الملاقي للنجس، كما تقدم آنفا في الماء
المضاف. وأما إذا كان كرا فما زاد فهو لا ينجس بملاقاة النجس، إلا إذا تغير
أحد أوصافه - على ما تقدم -. ومقدار الكر - وزنا - (74 / 376) كيلو غراما، ومساحة ما يبلغ مكعبه
(656 / 33) شبرا.
مسألة 157: الغسالة التي تتعقبها طهارة المحل، إذا جرت من الموضع
النجس لم يتنجس ما اتصل به من المواضع الطاهرة، ولا يحتاج إلى التطهير، من
غير فرق بين البدن والثوب وغيرهما من المتنجسات.
مسألة 158: الظاهر أن غسالة الاستنجاء من الغائط أو البول نجسة
لكنها معفو عنها - بمعنى عدم وجوب الاجتناب عن ملاقيها - بشروط:
1 - أن لا تتميز فيها عين النجاسة.
2 - أن لا تتغير بملاقاة النجاسة.
3 - أن لا تتعدى النجاسة من المخرج على نحو لا يصدق معه
الاستنجاء.
4 - أن لا تصيبها نجاسة أخرى من الداخل أو الخارج.
مسألة 159: تختلف كيفية التطهير باختلاف المتنجسات والمياه، وهذا
تفصيله.
74

1 - اللباس والفرش المتنجس بالبول يطهر بغسله في الماء الجاري مرة،
ولا يعتبر العصر فيه، والأحوط استحبابا تحريكه بمقدار يسير، ولا بد من غسله
- مرتين - إذا غسل في الماء القليل، بشرط العصر أو الدلك، والأحوط وجوبا
كون الكر وماء المطر كالقليل في اعتبار العصر والتعدد.
2 - البدن المتنجس - بالبول أو غير البدن من الأجسام - يطهر بغسله في
الماء الجاري مرة واحدة، وبالماء القليل مرتين، والأحوط اعتبار التعدد في الكر.
3 - الأواني المتنجسة بالخمر - على القول بنجاسته - لا بد في طهارتها من
الغسل ثلاث مرات، سواء في ذلك الماء القليل وغيره.
4 - يكفي في طهارة المتنجس ببول الصبي الرضيع صب الماء عليه مرة،
وإن كانت المرتان أحوط، ولا حاجة - معه - إلى العصر فيما إذا كان المتنجس
لباسا أو نحوه، ولكن يشترط أن لا يكون الصبي متغذيا معتادا بالغذاء، ولا
يضر تغذيه اتفاقا، وأن يكون ذكرا لا أنثى على الأحوط.
5 - الإناء المتنجس بولوغ الكلب، الأحوط في كيفية تطهيره أن يمسح
الإناء بالتراب اليابس أولا، ثم يختلط التراب بمقدار من الماء فيمسح الإناء به،
ثم يغسل الإناء بالماء القليل ثلاثا، وتكفي في الكر أو الجاري مرة واحدة،
والأحوط استحبابا ذلك فيما إذا تنجس الإناء بلطع الكلب، بل بمطلق مباشرته
حتى وقوع شعره أو عرقه فيه.
6 - الإناء المتنجس بولوغ الخنزير، أو بموت الجرذ فيه، لا بد في طهارته
من غسله سبع مرات، من غير فرق بين الماء القليل وغيره.
75

7 - إذا تنجس داخل الإناء - بغير الخمر وولوغ الكلب أو الخنزير وموت
الجرذ فيه - يطهر بغسله في الجاري مرة واحدة. وبالماء القليل ثلاث مرات،
وكذا في الكر على الأحوط، ويجري هذا الحكم فيما إذا تنجس الإناء بملاقاة
المتنجس أيضا. ويدخل في ذلك ما إذا تنجس بالمتنجس بالخمر، أو بولوغ
الكلب، أو الخنزير، أو موت الجرذ، فإنه يكفي في جميع ذلك غسله مرة واحدة
في الجاري، وبالماء القليل ثلاث مرات، وكذا بالكر أيضا على الأحوط وجوبا.
8 - يكفي في طهارة المتنجس - غير ما ذكرناه - أن يغسل بالماء مرة واحدة
وإن كان الماء قليلا، ولا تكفي الغسلة المزيلة، والأحوط الغسل مرتين، ولا بد
في طهارة اللباس ونحوه من العصر أو الدلك إذا غسل في غير الجاري.
مسألة 160: الماء القليل المتصل بالكر، أو بغيره من المياه المعتصمة - وإن
كان الاتصال بوساطة أنبوب ونحوه - يجري عليه حكم الكر، فلا ينفعل بملاقاة
النجاسة، ويقوم مقام الكر في تطهير المتنجس به.
مسألة 161: إذا تنجس اللباس المصبوغ، يغسل كما يغسل غيره، ولا
يضره خروج الغسالة عنه ملونة وإن بلغت حد الإضافة إذا كان الماء حين
الوصول إليه باقيا على إطلاقه.
مسألة 162: إذا نفذت النجاسة في الحب، أو الكوز، أو الحنطة، أو
الشعير أو نحو ذلك كفى في طهارة ظاهرها أن توضع في الماء الجاري، وأما
طهارة باطنها بذلك ففيه إشكال.
مسألة 163: العجين أو الدقيق أو الحليب لا يمكن تطهيره إذا تنجس.
76

مسألة 164: يعتبر في التطهير بالماء القليل انفصال الغسالة عن المغسول
بالمقدار المتعارف ولو كان المغسول غير الإناء واللباس.
الثاني من المطهرات: الأرض:
وهي تطهر باطن القدم والنعل بالمشي عليها أو المسح بها، بشرط أن تزول
عين النجاسة إن كانت.
ويعتبر في الأرض - على الأحوط وجوبا - أن تكون يابسة وطاهرة.
والأحوط الاقتصار على النجاسة الحادثة من المشي على الأرض النجسة،
والأحوط استحبابا المشي خمسة عشر خطوة.
ولا فرق في الأرض بين التراب والرمل والحجر، وفي كفاية المفروشة
بالأجر أو الجص أو النورة إشكال.
الثالث من المطهرات: الشمس:
وهي تطهر ظاهر الأرض بشرط زوال عين النجاسة، ورطوبة المحل،
واستناد اليبوسة إلى إشراق الشمس عرفا وإن شاركها غيرها في الجملة من ريح أو
غيره، وفي تطهيرها لباطن الأرض إشكال.
الرابع من المطهرات: الاستحالة:
وهي تبدل شئ إلى شئ آخر مختلفين في الصورة النوعية عرفا. فإذا
استحالت عين النجس أو المتنجس إلى جسم طاهر - كالعذرة تصير ترابا والبول
بخارا، والكلب ملحا - طهرت، ومن هذا القبيل البخار المتصاعد من الأجسام
النجسة أو المتنجسة، والماء المتكون من البخار المتصاعد من الماء المتنجس
77

ونحوه، وكذلك ما يتكون من الأجسام النجسة بشرط أن لا يصدق عليه أحد
العناوين النجسة - كالمتكون من بخار الخمر -، وأما صيرورة الخشبة المتنجسة
فحما بالنار أو رمادا فطهارتها بها محل إشكال، بل الأحوط وجوبا نجاستها.
الخامس من المطهرات: الانقلاب.
كالخمر إذا انقلب خلا، سواء أكان الانقلاب بعلاج أم كان بغيره.
السادس من المطهرات: الانتقال:
وذلك كانتقال دم الانسان إلى جوف ما لا نفس له، كالبق والقمل
والبرغوث. ويعتبر فيه أن يكون على وجه يعد النجس المنتقل من أجزاء المنتقل
إليه. وأما إذا لم يعد من ذلك أو شك فيه لم يحكم بطهارته، وذلك كالدم الذي
يمصه العلق من الانسان فإنه لا يطهر بالانتقال. وأما إذا وقع البق على جسد
الشخص فقتله وخرج منه الدم فلا يحكم بنجاسته إلا إذا علم أن الذي تلوث به
الجسد من الدم تلوث به حين امتصاصه فإنه نجس.
السابع من المطهرات: الاسلام:
فإنه مطهر لبدن الكافر من النجاسة الناشئة من كفره. وأما النجاسة
العرضية - كما إذا لاقى بدنه البول مثلا - فهي لا تزول بالاسلام، بل لا بد من
إزالتها بغسل البدن. والأقوى أنه لا فرق بين الكافر الأصلي وغيره، فإذا تاب
المرتد - ولو كان فطريا - يحكم بطهارته.
الثامن من المطهرات التبعية:
وهي في عدة موارد:
78

1 - إذا أسلم الكافر يتبعه ولده غير البالغ في الطهارة، بشرط أن لا يظهر
الكفر إن كان مميزا، وكذلك الحال فيما إذا أسلم الجد أو الجدة أو الأم.
2 - إذا أسر المسلم ولد الكافر فهو يتبعه في الطهارة إذا لم يكن معه أبوه أو
جده، والحكم بالطهارة - هنا أيضا - مشروط بعدم إظهاره الكفر إن كان مميزا.
3 - إذا انقلب الخمر خلا يتبعه في الطهارة الإناء الذي حدث فيه
الانقلاب، بشرط أن لا يكون الإناء متنجسا بنجاسة أخرى.
4 - إذا غسل الميت تتبعه في الطهارة يد الغاسل والسدة التي يغسل عليها
والثياب يغسل فيها، وأما سائر الآلات المستعملة في التغسيل، ولباس الغاسل
وسائر بدنه فالحكم بطهارتها تبعا للميت مشكل.
مسألة 165: إذا تغير ماء البئر بملاقاة النجاسة، فقد مر سابق في
مسألة: (155) أنه يطهر بزوال تغيره بنفسه مع مزجه بما ينبع منه، أو بنزح مقدار
منه، وقد ذكر بعضهم أنه إذا نزح حتى زال تغيره تتبعه في الطهارة أطراف البئر
والدلو والحبل وثياب النازح إذا أصابها شئ من الماء المتغير، ولكنه لا دليل على
ذلك، فالظاهر أنها لا تتبع ماء البئر في الطهارة.
التاسع من المطهرات: غياب المسلم البالغ أو المميز:
فإذا تنجس بدنه أو لباسه ونحو ذلك مما في حيازته، ثم غاب يحكم
بطهارة ذلك المتنجس بشروط:
1 - أن يحتمل تطهيره، فمع العلم بعدمه لا يحكم بطهارته.
79

2 - أن يكون من في حيازته المتنجس عالما بنجاسته، فلو لم يعلم بها لم يحكم
بطهارته مع الغياب.
3 - أن يستعمله فيما هو مشروط بالطهارة، كأن يصلي في لباسه الذي كان
متنجسا، أو يشرب في الإناء الذي قد تنجس، أو يسقى فيه غيره ونحو ذلك،
مع احتمال أن يكون المستعمل عالما بالاشتراط.
وفي حكم الغياب العمى والظلمة، فإذا تنجس بدن المسلم أو ثوبه ولم ير
تطهيره - لعمى أو لظلمة - يحكم بطهارته عند تحقق الشروط المزبورة.
العاشر من المطهرات: زوال عين النجاسة:
وتتحقق الطهارة بذلك في ثلاثة مواضع:
الأول: بواطن الانسان، - كباطن الأنف والأذن والعين ونحو ذلك -
فإذا خرج الدم من داخل الفم أو أصابته نجاسة خارجية فإنه يطهر بزوال عينها،
بل في ثبوت النجاسة لبواطن الانسان إلى ما دون الحلق منع.
الثاني: بدن الحيوان، فإذا أصابته نجاسة خارجية أو داخلية فإنه يطهر
بزوال عينها، بل في ثبوت النجاسة لجسد الحيوان منع.
الثالث: مخرج الغائط، فإنه يطهر بزوال عين النجاسة، ولا حاجة معه
إلى الغسل، ويعتبر في طهارته بذلك أمور:
1 - أن لا تتعدى النجاسة من المخرج إلى أطرافه زائدا على المقدار
المتعارف، وأن لا يصيب المخرج نجاسة أخرى من الخارج أو الداخل كالدم.
2 - أن تزول العين بحجر أو خرقة أو قرطاس ونحو ذلك.
80

3 - طهارة ما تزول به العين، فلا تجزي إزالتها بالأجسام المتنجسة، وكذا
يعتبر جفافه، نعم لو كانت الرطوبة فيه بنحو لا يسري إلى المخرج فلا بأس بها.
4 - ثلاث مسحات وإن زالت العين بمسحة واحدة مثلا، وإذا لم تزل
العين بها لزم المسح إلى أن تزول، والأحوط استحبابا أن تكون المسحات بثلاث
قطع.
مسألة 166: يحرم الاستنجاء بما هو محترم في الشريعة الاسلامية،
والأقرب عدم حرمة الاستنجاء بالعظم أو الروث، ويطهر المحل بهما أيضا.
مسألة 167: الملاقي للنجس - في باطن الانسان أو الحيوان - لا يحكم
بنجاسته إذا خرج وهو غير ملوث به، فالنواة أو الدود أو ماء الاحتقان الخارج
من الانسان كل ذلك لا يحكم بنجاسته إذا لم يكن ملوثا بالنجس، ومن هذا
القبيل الإبرة المستعملة في التزريق إذا خرجت من بدن الانسان وهي غير ملوثة
بالدم.
الحادي عشر من المطهرات: استبراء الحيوان:
كل حيوان مأكول اللحم إذا كان جلالا - أي تعود أكل عذرة الانسان -
يحرم أكل لحمه، والأحوط نجاسة بوله ومدفوعه، ويحكم بطهارتهما بعد
الاستبراء.
والاستبراء: أن يمنع ذلك الحيوان عن أكل النجاسة مدة يخرج بعدها عن
صدق الجلال عليه. والأحوط - مع ذلك - أن يراعى في الاستبراء المدة
81

المنصوص عليها، فللدجاجة ثلاثة أيام، وللبطة خمسة، وللغنم عشرة، وللبقرة
عشرون، وللإبل أربعون يوما.
الثاني عشر من المطهرات: خروج الدم بالمقدار المتعارف من الذبيحة:
فإنه بذلك يحكم بطهارة ما يتخلف منه في جوفها، وهذا الحكم مختص
بالحيوان المحلل أكله، وقد مر تفصيل ذلك في أحكام النجاسات.
82

الصلاة
83

(الصلاة)
الصلوات الواجبة في زمان الغيبة ستة أنواع:
الأول: الصلوات اليومية.
الثاني: صلاة الآيات.
الثالث: صلاة الطواف الواجب.
الرابع: الصلاة الواجبة بالإجارة، والنذر، والعهد، ونحو ذلك.
الخامس: الصلاة الفائتة عن الوالد، فتجب على الولد الأكبر قضاؤها
بعد موت أبيه، وأما الأم فلا تجب على الولد قضاء الصلاة الفائتة عنها، والأولى
القضاء عنها أيضا.
السادس: الصلاة على الميت.
النوافل اليومية
يستحب التنفل في اليوم والليلة بأربع وثلاثين ركعة، ثمان ركعات
لصلاة الظهر قبلها، وثمان ركعات لصلاة العصر كذلك، وأربع ركعات بعد
85

صلاة المغرب لها، وركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس لها، وتحسبان
بركعة، وثمان ركعات نافلة الليل بعد تجاوز نصفه، وأفضله السحر، والظاهر
أنه الثلث الأخير من الليل، وكلما قرب من الفجر كان أفضل، وركعتا الشفع
بعد صلاة الليل، وركعة الوتر بعد الشفع، وركعتا نافلة الفجر قبل فريضته،
ووقتها السدس الأخير من الليل، وينتهي بطلوع الحمرة المشرقية على المشهور،
ويجوز دسها في صلاة الليل قبل ذلك.
مسألة 168: النوافل ركعتان.. ركعتان إلا صلاة الوتر، فإنها ركعة
واحدة، ويجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون سورة، كما يجوز الاكتفاء
ببعضها دون بعض، ويستحب القنوت فيها.
والأولى أن يقنت قبل الركوع في صلاة الوتر بالدعاء الآتي: لا إله إلا الله
الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب
الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب
العالمين وأن يدعو لأربعين مؤمنا أمواتا وأحياء.
وأن يقول: أستغفر الله ربي وأتوب إليه سبعين مرة.
وأن يقول: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذو الجلال
والاكرام لجميع ظلمي وجرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه سبع مرات.
وأن يقول: هذا مقام العائذ بك من النار سبع مرات.
وأن يقول: رب أسأت وظلمت] نفسي [وبئس ما صنعت، وهذه يداي
يا رب جزاء ما كسبت، وهذه رقبتي خاضعة لما أتيت، وها أنا ذا بين يديك فخذ
86

لنفسك من نفسي الرضا حتى ترضى، لك العتبى، لا أعود.
وأن يقول: العفو ثلاثمائة مرة.
وأن يقول: رب اغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.
مسألة 169: تسقط - في السفر - نوافل الظهر والعصر، ولا تسقط بقية
النوافل، وفي سقوط الوتيرة إشكال، ولا بأس بإتيانها رجاء.
مسألة 170: صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب والعشاء، يقرأ
في الركعة الأولى بعد سورة الحمد (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر
عليه، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) ويقرأ في الركعة الثانية بعد
سورة الحمد (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما
تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في
كتاب مبين) ثم يقنت فيقول: اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها
إلا أنت أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي.. ويطلب حاجته، ثم
يقول: اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي
تعلم حاجتي فأسألك بحق
محمد وآله عليه وعليهم السلام لما] وفي نسخة: إلا [قضيتها لي -.
ويجوز الاتيان بركعتين من نافلة المغرب بصورة الغفيلة، فيكون من
تداخل المستحبين.
87

مقدمات الصلاة
مقدمات الصلاة خمس:
الأولى: الوقت.
مسألة 171: وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب،
وتختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها، كما تختص صلاة العصر من آخره
بمقدار أدائها، ولا تزاحم كل منهما الأخرى في وقت اختصاصها. ولو صلى
الظهر قبل الزوال معتقدا دخول الوقت ودخل الوقت وهو في الصلاة فالمشهور
أن صلاته صحيحة، لكن الأحوط لزوما إتمامها وإعادتها.
مسألة 172: يعتبر الترتيب بين الصلاتين، فلا يجوز تقديم العصر على
الظهر اختيارا، نعم إذا صلى العصر قبل أن يأتي بالظهر لنسيان ونحوه صحت
صلاته، فإن التفت في أثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر وأتم صلاته، وإن التفت
بعد الفراغ يجعلها ظهرا، ثم يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمة من دون تعيين
للظهر أو العصر.
مسألة 173: لا يجوز تأخير صلاة الظهرين عن سقوط قرص الشمس
على الأظهر.
مسألة 174: وقت صلاة العشاءين من أول الغروب إلى نصف الليل،
وتختص صلاة المغرب من أوله بمقدار أدائها، كما تختص العشاء من آخره
بمقدار أدائها - كما تقدم في الظهرين - ويعتبر الترتيب بينهما، ولكنه لو صلى
العشاء قبل أن يصلي المغرب - لنسيان ونحوه -، ولم يتذكر حتى فرغ منها صحت
88

صلاته، وأتى بصلاة المغرب بعدها، ولو كان في الوقت المختص بالعشاء على
الأحوط.
مسألة 175: الأحوط استحبابا تأخير صلاة المغرب إلى ذهاب الحمرة
المشرقية، والأولى عدم تأخيرها عن غروب الشفق.
مسألة 176: إذا دخل في صلاة العشاء، ثم تذكر أنه لم يصل المغرب،
عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكره قبل أن يقوم إلى الركعة الرابعة، وإذا كان
تذكره بعد القيام إلى الركعة الرابعة فالأحوط أن يعدل إلى المغرب فيجلس ويتم
صلاته، ثم يأتي بصلاة المغرب احتياطا وبعدها يأتي بصلاة العشاء، وقد مر آنفا
حكم التذكر بعد الصلاة.
مسألة 177: إذا لم يصل صلاة المغرب أو العشاء حتى انتصف الليل،
وجب عليه أن يصليهما قبل أن يطلع الفجر بقصد ما في الذمة من دون نية الأداء
أو القضاء.
مسألة 178: وقت صلاة الصبح من الفجر إلى طلوع الشمس، ويعرف
الفجر باعتراض البياض في الأفق، ويسمى ب‍: الفجر الصادق.
مسألة 179: يعتبر في جواز الدخول في الصلاة أن يستيقن بدخول
الوقت، أو تقوم به البينة، ولا يبعد الاعتماد على أذان الثقة العارف بالوقت، بل
لا يبعد جواز الاعتماد على إخباره إذا حصل الاطمئنان منه، والظاهر عدم جواز
الاكتفاء بالظن في الغيم وغيره من الأعذار النوعية أيضا فلا يترك الاحتياط
بالتأخير إلى أن يتيقن بدخول الوقت.
89

مسألة 180: إذا صلى معتقدا دخول الوقت - بأحد الأمور المذكورة - ثم
انكشف له أن الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته، بل إذا
انكشف وقوع بعضها فيه أعادها أيضا على الأحوط لزوما.
مسألة 181: لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختيارا، ولا بد من
الاتيان بجميعها في الوقت، ولكنه لو أخرها عصيانا أو نسيانا حتى ضاق
الوقت، وتمكن من الاتيان بها - ولو بركعة - وجبت المبادرة إليها، وكانت
الصلاة أداء على الأقوى.
مسألة 182: الأقوى جواز التنفل لمن عليه الفريضة أدائية أو قضائية ما لم
تتضيق.
الثانية: القبلة وأحكامها:
مسألة 183: يجب استقبال المكان الواقع فيه البيت الشريف - الذي هو
من تخوم الأرض إلى عنان السماء - في الفرائض وتوابعها من الأجزاء المنسية،
بل سجود السهو على الأحوط الأولى، وحجر إسماعيل خارج عنها. نعم لا بد
من إدخاله في الطواف، وأما النوافل فلا يعتبر فيها استقبال القبلة حال المشي أو
الركوب، والأحوط اعتباره فيها حال الاستقرار.
مسألة 184: ما كان من الصلوات الواجبة زمان الحضور - كصلاة
العيدين - يعتبر فيها استقبال القبلة وإن كانت مستحبة فعلا، وأما ما عرض عليه
الوجوب بنذر وشبهه فالأقوى عدم اعتبار الاستقبال فيه، وإن كان الاستقبال
أحوط.
90

مسألة 185: لا بد من إحراز استقبال القبلة بتحصيل العلم، وتقوم
مقامه البينة إن لم يتمكن من العلم، وإخبار الثقة الموجب للاطمئنان، وكذا قبلة
بلد المسلمين في صلواتهم وقبورهم ومحاريبهم إذا لم يعلم بناؤها على الغلط، ومع
عدم التمكن يبذل جهده في تحصيل المعرفة بها ويعمل على ما تحصل له ولو كان
ظنا، ومع عدم التمكن منه أيضا يجزئ التوجه إلى الجهة العرفية، ومع الجهل بها
يصلي إلى أي طرف شاء، والأحوط استحبابا أن يصلي إلى أربع جهات مع سعة
الوقت.
مسألة 186: إذا اعتقد أن القبلة في جهة فصلى إليها، ثم انكشف له
الخلاف، فإن كان انحرافه لم يبلغ حد اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة وأتم
صلاته فيما إذا كان الانكشاف أثناء الصلاة، وإذا كان بعد الفراغ منها لم تجب
الإعادة، نعم إذا كان ذلك عن جهل بالحكم فالأقوى لزوم الإعادة في الوقت
والقضاء في خارجه. وأما إذا بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار، أو كانت
صلاته إلى دبر القبلة، فإن كان الانكشاف قبل مضي الوقت أعادها، ولا يجب
القضاء إذا انكشف الحال بعد مضي الوقت.
الثالثة: الطهارة في الصلاة.
مسألة 187: تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر والشعر،
وطهارة اللباس، نعم لا بأس بنجاسة ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس
- كالقلنسوة والتكة والجورب - ولا بأس بحمل المتنجس في الصلاة إذا كان مما
لا تتم الصلاة فيه، بل لا يبعد جواز الحمل مطلقا.
مسألة 188: لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو الجروح
91

قبل البرء إذا كانت في التطهير أو التبديل مشقة نوعا وإن لم تكن فيه مشقة
شخصا. والأحوط وجوبا في غير موارد المشقة النوعية هو التطهير أو التبديل.
مسألة 189: لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان أقل من الدرهم بلا فرق
بين اللباس والبدن، ولا بين أقسام الدم، ويستثنى من ذلك دم نجس العين،
ودم الميتة، ودم الحيوان المحرم أكله عدا الانسان، فلا يعفى عن شئ منها وإن
قل. والأحوط إلحاق دم الحيض بها، وأما دم النفاس والاستحاضة فالأقوى
جواز الصلاة فيهما، والأحوط استحبابا إزالتهما.
وإذا شك في دم أنه أقل من الدرهم أم لا، أو علم أنه أقل من الدرهم
وشك في كونه من الدماء المذكورة المستثناة فالأحوط عدم العفو.
مسألة 190: إذا صلى جاهلا بنجاسة البدن أو اللباس ثم علم بها بعد
الفراغ منها صحت صلاته. وإذا علم بها في الأثناء، فإن احتمل حدوثها فعلا
وتمكن من التجنب عنها - ولو بغسلها على نحو لا ينافي الصلاة - فعل ذلك وأتم
صلاته ولا شئ عليه، وإن علم أنها كانت قبل ذلك، فإن كان الوقت واسعا
بطلت واستأنف الصلاة، وإن كان الوقت ضيقا حتى عن إدراك ركعة فالأحوط
إتمامها والآتيان بها بعد الوقت.
مسألة 191: إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلى بطلت
صلاته، ولا فرق بين أن يتذكرها أثناء الصلاة، وبين أن يتذكرها بعد الفراغ
منها، بل لو تذكرها بعد مضي الوقت قضاها.
مسألة 192: تجب الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل أو التيمم،
وقد مر تفصيل ذلك في مسائل الوضوء والغسل والتيمم.
92

الرابعة: مكان المصلي:
مسألة 193: لا تجوز الصلاة على الأحوط - فريضة أو نافلة - في مكان
يكون المسجد - بل المواضع السبعة - فيه مغصوبا عينا أو منفعة، والأحوط
استحبابا اعتبار الإباحة فيه إذا كان الركوع أو السجود بالايماء. ولا فرق في
ذلك بين العالم بحكم الغصب والجاهل به على الأظهر. نعم إذا نسي الغصب أو
كان معتقدا عدمه وصلى فيه ثم تذكر صحت صلاته إذا لم يكن هو الغاصب،
وكذا تصح صلاة من كان مضطرا.
مسألة 194: إذا أوصى الميت بصرف الثلث - من داره مثلا في مصرف
ما - لم يجز التصرف فيه قبل إخراج الثلث، فلا يجوز الوضوء أو الغسل ولا
الصلاة في ذلك المكان.
مسألة 195: إذا كان على الميت حق واجب - من خمس أو زكاة - لم يجز
التصرف في تركته قبل أدائه، ولا يجوز الوضوء أو الصلاة فيها قبل أداء ذلك
الحق إلا إذا ضمنوا أدائه.
مسألة 196: لا تجوز الصلاة - ولا سائر التصرفات - في مال الغير إلا
بإذنه ورضاه، وهو يتحقق بوجوه:
1 - الإذن الصريح من المالك.
2 - الإذن بالفحوى، فلو أذن له بالتصرف في داره - مثلا - بالجلوس
والأكل والشرب والنوم فيها، وعلم منه إذنه في الصلاة أيضا جاز له أن يصلي
فيها، وإن لم يأذن للصلاة صريحا.
93

3 - شاهد الحال، وذلك بأن تدل القرائن على رضى المالك بالتصرف في
ماله.
مسألة 197: لا بأس بالصلاة في الأراضي الواسعة - المزروعة منها وغير
المزروعة - فيما إذا لم يكن مالكها صغيرا أو مجنونا، ولم يكن لها حائط، ولم يحرز
منع المالك وعدم رضاه، وإذا كان المالك صغيرا أو مجنونا، أو كانت كراهة
المالك معلومة أو مظنونة فالأحوط الاجتناب عنها.
ولا بأس بالتصرف في البيوت المذكورة في القرآن الكريم والأكل منها ما لم
تعلم كراهة المالك، وتلك البيوت هي: بيوت الأب، والأم، والأخ،
والأخت، والعم، والعمة، والخال، والخالة، والصديق، والبيت الذي كان
مفتاحه بيد الانسان.
مسألة 198: الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش أو
الأرض مغصوبا على المشهور.
مسألة 199: الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة ولا سائر
التصرفات، إذا لم يأذن فيها جميع الشركاء.
مسألة 200: العبرة في الأرض المستأجرة بإجازة المستأجر دون المؤجر.
مسألة 201: إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحق موجب لعدم جواز
التصرف فيه، فلا بد في جواز التصرف فيها من إجازة المالك وذي الحق معا.
مسألة 202: المحبوس بغير حق في الأرض المغصوبة - إذا لم يتمكن من
التخلص - تصح صلاته فيها.
94

مسألة 203: يعتبر في مكان المصلي أن لا يكون نجسا على نحو تسري
النجاسة منه إلى اللباس أو البدن، ومع عدم السراية لا بأس بالصلاة عليها. نعم
تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة، كما سيأتي.
مسألة 204: لا يجوز التقدم في الصلاة على قبور المعصومين (عليهم
السلام) - بمعنى استدبار القبر الشريف - إذا كان فيه هتك وإساءة أدب.
مسألة 205: الأقوى صحة صلاة كل من الرجل والمرأة إذا كانا
متحاذيين حال الصلاة، أو كانت المرأة متقدمة إذا كان الفصل بمقدار شبر أو
أكثر، وإن كان الأحوط استحباب أن يتقدم الرجل بموقفه على مسجد المرأة، أو
يكون بينهما حائل، أو بعد عشرة أذرع بذراع اليد، ولا فرق بين المحارم
وغيرهم، والزوج والزوجة وغيرهما.
مسألة 206: يستحب للرجل أن يأتي بفرائضه في المسجد، والأفضل
للمرأة أن تصلي في بيتها.
الخامسة: لباس المصلي:
مسألة 207: يعتبر في الصلاة وتوابعها ستر العورة مع الاختيار، وهي
في الرجل القبل والدبر والبيضتان، وفي المرأة جميع بدنها غير الوجه الواجب
غسله في الوضوء واليدين إلى الزند، وأما القدمين إلى الساقين ظاهرهما وباطنهما
فالأحوط سترهما، ولا يعتبر ستر الرأس وشعره والرقبة في صلاة غير البالغة
والأمة.
والأحوط استحبابا ستر العورة في سجود السهو.
95

مسألة 208: يعتبر في الستر أن يكون باللباس، ومع عدم التمكن جاز
الستر بغير المنسوج من القطن أو الصوف ونحوهما، وكذا يجزئ الستر بالطين
والحناء ونحوهما.
مسألة 209: إذا انكشف له أثناء الصلاة أن عورته لم تستر فعلا، أعاد
صلاته على الأحوط استحبابا بعد إتمام الأولى، وإذا كان الانكشاف بعد الفراغ
من الصلاة صحت ولم تجب الإعادة، وكذلك إذا كان الانكشاف أثناء الصلاة
وكانت العورة مستورة عند ذاك.
مسألة 210: إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه صلى عاريا، فإن لم
يأمن من الناظر المحترم صلى جالسا، وأومأ للركوع والسجود، وجعل إيماءه
للسجود أكثر من إيماءه للركوع على الأحوط، وأما إذا أمن من الناظر المحترم
صلى قائما موميا للركوع والسجود - كما مر -، والأحوط وضع يديه على
سوأته.
شرائط لباس المصلي:
يشترط في لباس المصلي أمور:
الأول: الطهارة، وقد مر تفصيله في المسألة: (187) وما بعدها.
الثاني: إباحته، فيما إذا كان ساترا للعورة فعلا، والأحوط الأولى ذلك
في غير الساتر، بل في المحمول أيضا إذا لم يتحرك بالحركات الصلاتية، وأما إذا
تحرك بها فالأحوط هو البطلان.
مسألة 211: إذا صلى في ثوب ثم انكشف له حرمته صحت صلاته،
96

وكذلك إذا نسي حرمته وتذكرها بعد الصلاة إذا لم يكن هو الغاصب.
مسألة 212: إذا اشترى ثوبا بما فيه الحق - كالمرهون - لم تجز الصلاة فيه
قبل أداء ذلك الحق، بل إذا اشترى ثوبا بعين مال فيه الخمس أو الزكاة - مع عدم
أدائهما من مال آخر - كان حكمه حكم المغصوب على الأحوط.
الثالث: أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة، من دون فرق بين
ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة، ولا فرق بين الميتة النجسة والطاهرة على
الأحوط. وأما ما لا تحله الحياة من ميتة حيوان يحل أكل لحمه - كالشعر
والصوف - فلا بأس بالصلاة فيه.
مسألة 213: لا يبعد جواز حمل أجزاء الميتة في الصلاة إن لم يكن
ملبوسا، وكذلك كل ما لم تثبت تذكيته شرعا.
مسألة 214: اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد المسلم يحكم عليه
بالتذكية، ويجوز أكله والصلاة فيه، إلا إذا علم أن المسلم قد أخذه من كافر فلا
يترتب عليه آثار الطهارة في بعض الصور، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما
صنع في بلاد الاسلام، وكذا ما وجد فيها وكان عليه أثر الاستعمال.
مسألة 215: اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من الكافر أو المجهول
إسلامه، أو ما وجد في بلاد الكفر لا يجوز أكله، ولا تصح الصلاة فيه، وأما
المأخوذ من المجهول إسلامه فهو بمنزلة المأخوذ من المسلم إذا كان في بلاد يغلب
عليها المسلمون.
مسألة 216: تجوز الصلاة في ما لم يحرز أنه جلد وإن أخذ من يد الكافر.
97

مسألة 217: إذا صلى في ثوب جهلا ثم علم أنه كان ميتة فالأحوط إعادة
صلاته. وأما إذا نسي ذلك وتذكره بعد الصلاة، فإن كان الثوب مما تتم فيه
الصلاة، وكانت الميتة نجسة أعادها، وإلا لم تجب الإعادة.
الرابع: أن لا يكون مما لا يؤكل لحمه من الحيوان على الأحوط وجوبا،
ولا فرق هنا بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم الصلاة فيه، بل ولا فرق بين
الملبوس والمحمول، ويستثنى من ذلك جلد الخز والسنجاب، وكذلك وبرهما،
ما لم يمتزج بوبر غيرهما مما لا يؤكل لحمه - كالأرنب والثعلب وغيرهما -،
والأحوط ترك الصلاة في جلد السنجاب.
مسألة 218: لا بأس بالصلاة في شعر الانسان منفس المصلي أو غيره.
والأحوط أن لا يصلي فيما نسج منه، وإن كان الأظهر جوازه أيضا.
مسألة 219: لا بأس بالصلاة في فضلات الحيوان الذي لا لحم له، وإن
كان محرم الأكل، كدم البق والبرغوث والقمل ونحو ذلك.
مسألة 220: لا بأس بالصلاة في ما يحتمل أنه من غير المأكول -
كالماهوت والفاستونة، وغيرها -، وكذلك فيما إذا لم يعلم أنه من أجزاء
الحيوان - كالصدف العادي الموجود في الأسواق -.
مسألة 221: إذا صلى في ما لا يؤكل لحمه جهلا أو نسيانا حتى فرغ من
الصلاة صحت صلاته، وإن كان الأحوط استحباب إعادتها.
الخامس: أن لا يكون من الذهب للرجال.
والمراد من اللباس هنا مطلق ما يلبسه الانسان، وإن لم يكن من الثياب
98

- كالخاتم والزناجير المعلقة -، والأحوط أن لا يكون زر اللباس من الذهب.
نعم لا بأس بشد الأسنان بالذهب أو تلبيسها به، بل الظاهر عدم حرمة جعل
الأسنان من الذهب، كما لا بأس بحمل الذهب في الصلاة، ومن هذا القبيل
حمل الساعة الذهبية، أما إذا كان مذهبا بالتمويه والطلي على نحو يعد عند العرف
لونا فلا بأس به.
مسألة 222: يحرم لبس الذهب للرجال في غير حال الصلاة أيضا.
مسألة 223: إذا شك في فلز ولم يعلم أنه من الذهب جاز لبسه في نفسه،
ولا يضر بالصلاة.
مسألة 224: لا فرق في حرمة لبس الذهب وإبطاله الصلاة بين أن يكون
ظاهرا وبين عدمه.
مسألة 225: إذا صلى في فلز لم يعلم أنه من الذهب، أو نسيه ثم التفت
إليه بعد الصلاة صحت صلاته.
السادس: أن لا يكون اللباس من الحرير الخالص للرجال، من دون فرق
بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم الصلاة فيه على الأحوط وجوبا. وأما إذا امتزج
بغيره ولم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه والصلاة فيه.
مسألة 226: لا بأس بكف الثوب بالحرير الخالص. والأحوط أن لا
يزيد على أربعة أصابع مضمومة.
مسألة 227: لا بأس بحمل الحرير في الصلاة، وإن كان مما تتم الصلاة
فيه.
99

مسألة 228: القمل - من به مرض القمل - يجوز له لبس الحرير
الخالص، كما يجوز لبسه في الحرب، وفي حال الاضطرار، ولكن الظاهر أنه لا
يجوز الصلاة فيه في هذه الموارد أيضا. نعم إذا كان الاضطرار حال الصلاة
جازت الصلاة فيه.
مسألة 229: إذا صلى في الحرير نسيانا، ثم انكشف له الحال بعد الصلاة
صحت صلاته، وأما إذا صلى فيه جهلا فالأحوط الإعادة.
مسألة 230: إذا شك في لباس، ولم يعلم أنه من الحرير أم لا جاز لبسه
والصلاة فيه.
مسألة 231: تختص حرمة لبس الذهب والحرير بالرجال، ولا بأس به
للنساء في الصلاة وغيرها. وكذلك الحال في الأطفال الذكور في غير حال
الصلاة.
مسألة 232: يحرم لبس لباس الشهرة إذا استلزم الهتك، وإن صلى فيه
- في هذه الصورة - فلا يبعد بطلان صلاته إذا لم يكن له ساتر سواه.
مسألة 333: الأحوط أن لا يتزيا كل من الرجل والمرأة بزي الآخر في
اللباس، كأن يجعل لباسها لباسا لنفسه، وأما إذا لبسه بداع آخر فلا بأس به.
وفيما إذا حرم اللبس لم يضر لبسه بالصلاة إذا لم يكن ساترا له بالفعل حالها.
مسألة 234: إذا انحصر لباس المصلي بالمغصوب أو الحرير أو الذهب أو
الميتة أو غير مأكول اللحم من الحيوان، واضطر إلى لبسه جاز وصحت صلاته
فيه، وإن لم يضطر صلى عاريا في الثلاثة الأول، وأما النجس وما لا يؤكل لحمه
100

فالأحوط الجمع بين الصلاة فيهما وبين الصلاة عاريا.
مسألة 235: الظاهر جواز الصلاة في جورب يستر ظهر القدم ولا يستر
الساق، إلا أن الأحوط تركه.
الأذان والإقامة
يستحب الأذان والإقامة استحبابا مؤكدا في الصلوات اليومية أداء
وقضاء، حضرا وسفرا، في الصحة والمرض، للجامع والمنفرد، رجلا كان أو
امرأة. وكيفية الأذان أن يقول:
(الله أكبر) أربع مرات، (أشهد أن لا إله إلا الله) مرتين، (أشهد أن محمدا
رسول الله) مرتين، (حي على الصلاة) مرتين، (حي على الفلاح) مرتين، (حي
على خير العمل) مرتين، (الله أكبر) مرتين، (لا إله إلا الله) مرتين.
وكيفية الإقامة، أن يقول: (الله أكبر) مرتين، ثم يمضي على ترتيب
الأذان إلى (حي على خير العمل)، وبعد ذلك يقول: (قد قامت الصلاة)
مرتين، (الله أكبر) مرتين، (لا إله إلا الله) مرة واحدة.
وتستحب الصلاة على محمد وآل محمد عند ذكر اسمه الشريف، وتحسن
الشهادة بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهي مكملة للشهادة بالرسالة.
مسألة 236: الأحوط للرجال عدم ترك الإقامة للصلاة، وإن كان
الأقوى جواز الترك مطلقا.
مسألة 237: يسقط الأذان والإقامة في موارد:
101

1 - ما إذا دخل في صلاة الجماعة وقد أذن لها وأقيم وإن لم يسمع.
2 - ما إذا دخل المسجد للصلاة - جماعة أو فرادى - والجماعة قائمة، أو لم
تتفرق صفوفها بعد التمام بشرط الاتحاد في المكان عرفا، وصحة الصلاة جماعة،
وكونهما أدائيتين ومشتركتين في الوقت، وكونها بالأذان والإقامة.
3 - المشهور أنه إذا سمع أذان وإقامة غيره للصلاة، فإنه يجزي عن أذانه
وإقامته، هذا إذا سمع تمام الفصول، وإن سمع بعضها أتم ما بقي بشرط مراعاة
الترتيب، وإن سمع أحدهما لا يجزي عن الآخر.
مسألة 238: يسقط الأذان - عزيمة - للعصر يوم عرفة إذا جمعت مع
الظهر، وللعشاء ليلة المزدلفة إذا جمعت مع المغرب.
مسألة 239: يستحب في الأذان والإقامة الطهارة، والقيام،
والاستقبال، بل الظاهر اشتراط الإقامة بالطهارة والقيام والاستقبال
والاستقرار، ولا بأس بالتكلم في أثنائها وإن كان مكروها، وتشتد كراهته بعد
قول المقيم: قد قامت الصلاة، إلا فيما يتعلق بالصلاة.
أجزاء الصلاة وواجباتها
الصلاة لها أحد عشر جزءا: النية، وتكبيرة الاحرام، والقيام،
والقراءة، والذكر، والركوع، والسجود، والتشهد، والتسليم، والترتيب،
والموالاة، وتأتي أحكامها في ضمن فصول:
102

الأول: في النية:
وهي من الأركان، فتبطل الصلاة بنقصانها ولو كان عن سهو. ومعنى
النية: أن يقصد المكلف عنوان عمله قاصدا به التقرب إلى الله تعالى، فلو أتى به
لا بقصد التقرب، أو بضميمة غيره بطل العمل.
ويعتبر إخطار النية واستمرارها. بمعنى أنه لا بد من وقوع جميع أجزاء
الصلاة بقصد التقرب إلى الله تعالى، ولا يضر غيابها عن القلب في الأثناء كما كان
يضر عند الشروع، بل لو كان حاله بحيث لو التفت إلى نفسه لرأى أنه يفعل عن
قصد الأمر، وإذا سئل أجاب بذلك، كفى.
مسألة 240: إذا تردد المصلي في إتمام صلاته، أو عزم على القطع، فإن لم
يأت بشئ من أجزائها في الحال، ولم يأت بمبطل آخر جاز له الرجوع إلى نيته
الأولى وإتمام صلاته.
مسألة 241: إذا دخل في صلاة معينة، ثم قصد بسائر الأجزاء صلاة
أخرى غفلة واشتباها صحت صلاته على ما نواه أولا، ولا فرق في ذلك بين أن
يلتفت إلى ذلك بعد الفراغ من الصلاة أو في أثنائها، مثلا: إذا شرع في فريضة
الفجر، ثم تخيل أنه في نافلة الفجر فأتمها كذلك، أو أنه التفت إلى ذلك قبل
الفراغ وعدل إلى الفريضة صحت صلاته.
مسألة 242: إذا شك في النية - وهو في الصلاة - فعليه الإعادة مطلقا،
سواء علم بنيته فعلا، أو لم يعلم بها.
103

الثاني: في تكبيرة الاحرام:
وهي أيضا من الأركان، فتبطل الصلاة بنقصانها عمدا أو سهوا.
والمشهور أن زيادتها السهوية مبطلة أيضا، ولكن الأظهر خلافه.
مسألة 243: الواجب في التكبيرة أن يقول: (الله أكبر)، ولا يجزي
مرادفها بالعربية، ولا ترجمتها بغير العربية، والأحوط أن لا يوصلها بجملة
أخرى قبلها، بل الأحوط أن يقتصر على هيئتها، ولا يقول: الله أكبر من أن
يوصف، أو من كل شئ، ولكن الأقوى جواز وصلها بما بعدها من الاستعاذة
أو البسملة.
مسألة 244: الجاهل يلقنه غيره أو يتعلم، فإن لم يتمكن اجتزأ منها بما
أمكنه، وإن عجز جاء بمرادفها، ومع عدم التمكن بوجه يأتي بترجمتها.
مسألة 245: الأخرس يأتي بالتكبيرة على قدر ما يمكنه، فإن عجز عن
النطق أخطرها بقلبه وأشار بإصبعه، والأحوط الأولى أن يحرك بها لسانه إن
أمكن، وكذلك حاله في القراءة وفي سائر أذكار الصلاة.
مسألة 246: يعتبر في تكبيرة الاحرام - مع القدرة - القيام والاستقرار،
ومع عدم التمكن من أي منهما يسقط وجوبه، والأحوط رعاية الاستقلال
أيضا، بأن لا يتكئ على شئ مع الامكان.
مسألة 247: إذا كبر وهو غير قائم بطلت صلاته وإن كان عن سهو على
الأحوط، ولا تبطل بعدم الاستقرار إذا لم يكن عن عمد، هذا إذا التفت إليه بعد
الدخول في الركوع.
104

مسألة 248: الأحوط الأولى أن يكون القيام على القدمين، ولا بأس بأن
يجعل ثقله على إحداهما أكثر منه على الأخرى. ويجب أن لا يفصل بينهما بمقدار
لا يصدق معه القيام.
مسألة 249: إذا لم يتمكن من القيام كبر على الترتيب الآتي:
1 - جالسا.
2 - مضطجعا على الجانب الأيمن مستقبل القبلة.
3 - مضطجعا على الجانب الأيسر كذلك.
4 - مستلقيا على قفاه كالمحتضر.
وهذه المراتب مرتبة، بمعنى أنه مع التمكن من السابق لا تصل النوبة إلى
اللاحق.
مسألة 250: إذا شك في تكبيرة الاحرام بعد الدخول في القراءة لم يعتن
به، ويجب الاعتناء به قبله. وإذا شك في صحتها بعد الفراغ، فإن دخل في الجزء
الذي بعدها لم يعتن به إن كان منشأ شكه في الصحة من ناحية غير الموالاة
والترتيب، وإلا فيجب الاعتناء به.
مسألة 251: يشرع الاتيان بست تكبيرات مضافا إلى تكبيرة الاحرام،
فيكون المجموع سبعا، ويجوز الاقتصار على الخمس، وعلى الثلاث.
الثالث: في القراءة:
وهي واجبة في الصلاة، ولكنها ليست بركن، وهي عبارة عن قراءة
سورة الفاتحة وسورة كاملة بعدها على الأحوط إلا في المرض
والاستعجال وفي
105

ضيق الوقت أو الخوف ونحوها، فتسقط قراءة السورة فيها، والأحوط
استحبابا الاقتصار على صورة المشقة - في الجملة - بقراءتها، والأظهر كفاية
الضرورة العرفية، ومحل تلك القراءة الركعة الأولى والثانية من الفرائض
اليومية.
وإذا قدم السورة على الحمد، فإن كان متعمدا بطلت صلاته، وإن كان
ساهيا أو ناسيا وذكر قبل الركوع أعادها بعد الحمد، وإن ذكر بعد الركوع مضى في
صلاته.
مسألة 252: يجب أن يأتي بالقراءة صحيحة، فيجب عليه التعلم مع
الامكان، فإن أخره عمدا حتى ضاق الوقت وجب عليه الائتمام بمن يحسنها
على الأحوط لزوما إذا لم يكن عليه حرجيا، وكذا إذا لم يتمكن من التعلم، وإلا
جاز أن يأتي بما تيسر منها، نعم إذا كان مقصرا في ترك التعلم وجب عليه أن
يصلي مأموما.
والأحوط القراءة بإحدى القراءات السبع، كما أن الأحوط وجوبا فيها
ترك الوقف بحركة والوصل بسكون، وكذا في سائر الأذكار الواجبة في الصلاة.
مسألة 253: إذا نسي القراءة في الصلاة حتى ركع مضى في صلاته، ولا
شئ عليه، والأحوط الأولى أن يسجد سجدتين للسهو بعد الصلاة.
مسألة 254: البسملة جزء من كل سورة عدا سورة التوبة.
مسألة 255: لا يجوز قراءة السور الطوال فيما إذا استلزمت وقوع شئ
من الصلاة خارج الوقت. ولا يجوز أن يقرأ شيئا من سور العزائم على إشكال،
106

ولا بأس بقراءتها في النوافل، فإن قرأها فيها وجب عليه السجود أثناء النافلة عند
قراءة آية السجدة، ويعود إلى صلاته.
مسألة 256: يجب السجود فورا على من قرأ آية السجدة أو أصغى إليها.
وأما من سمعها بغير اختيار لم يجب عليه السجود مطلقا على الظاهر. ولو قرأ آية
السجدة في صلاة الفريضة سهوا، أو أنه أصغى إليها أو سمعها وجب عليه أن
يومي برأسه إلى السجدة وهو في الصلاة، ثم يأتي بها بعد الفراغ منها على
الأحوط.
مسألة 257: لا بأس بقراءة أكثر من سورة واحدة في النوافل، والأحوط
الأولى أن لا يزيد على الواحدة في الفرائض.
مسألة 258: سورة (الفيل) وسورة (قريش) هما بحكم سورة واحدة
بمعنى أنه لا يجوز الاكتفاء بقراءة إحداهما في صلاة الفريضة، وكذلك الحال في
سورتي (الضحى) و (الإنشراح).
مسألة 259: لا بد من تعيين البسملة حين قراءتها، وأنها لأية سورة،
ولا تجزئ قراءتها من دون تعيين.
مسألة 260: يجوز العدول في الفريضة من سورة إلى سورة أخرى قبل أن
يتجاوز نصفها، والأحوط عدم العدول ما بين النصف والثلثين، ولا يجوز
العدول بعد ذلك. هذا في غير سورتي (التوحيد) و (الكافرون)، فإنه لا يجوز
العدول عن كل منهما إلى أية سورة وإن لم يتجاوز النصف، ويستثنى من هذا
الحكم مورد واحد، وهو ما إذا قصد المصلي في صلاة الظهر يوم الجمعة قراءة
سورة (الجمعة) في الركعة الأولى وقراءة سورة (المنافقون) في الركعة الثانية، إلا
107

أنه ذهل عما نواه، فقرأ سورة أخرى وتجاوز النصف، أو قرأ سورة
(الاخلاص) أو (الكافرون) بدل إحداهما، فيجوز له أن يعدل حينئذ إلى ما نواه
إلا عن سورة (الكافرون)، والأحوط وجوبا عدم العدول عن سورتي (الجمعة)
و (المنافقون) يوم الجمعة إلى غيرهما حتى إلى سورتي (التوحيد) و (الكافرون) إلا
مع الضرورة، فيعدل إلى إحداهما دون غيرهما على الأحوط.
مسألة 261: إذا لم يتمكن المصلي من إتمام السورة لنسيانه كلمة أو جملة
منها ولم يتذكرها، جاز له أن يعدل إلى أية سورة شاء وإن كان قد تجاوز النصف،
أو كان ما شرع فيه سورة (الاخلاص) أو (الكافرون).
مسألة 262: الأحوط وجوبا المد فيما إذا كانت واو وما قبلها مضموم،
أو ياء وما قبلها مكسور، أو ألف وما قبلها مفتوح إذا كان بعدها سكون لازم،
ويكفي في المد الصدق العرفي ولا يعتبر الزائد عليه، بل الأحوط المد في مثل
(جاء)، و (جئ)، و (سوء).
مسألة 263: إذا اجتمع حرفان متجانسان أصليان في كلمة واحدة وجب
الادغام ك‍ (مد) و (رد)، وكذا يجب إدغام لام التعريف إذا دخلت على التاء
والثاء والدال والذال والراء والزاء والسين والشين والصاد والضاد والطاء والظاء
واللام والنون، وإظهارها في بقية الحروف، والأحوط لزوما الادغام فيما إذا
وقعت النون الساكنة أو التنوين قبل حروف يرملون (ي، ر، م، ل، و، ن).
مسألة 264: يجب حذف همزة الوصل في الدرج، مثل همزة: (الله)
و (الرحمن)، فإذا أثبتها بطلت القراءة، وكذا يجب إثبات همزة القطع مثل همزة:
(إياك) و (أنعمت)، فإذا حذفها بطلت القراءة.
108

مسألة 265: الأحوط أنه يجب على الرجل فيما إذا صلى منفردا أو كان
إماما أن يجهر بالقراءة في فريضة الفجر، وفي الركعتين الأولتين من المغرب
والعشاء، وأن يخافت بها في الظهرين، ويستحب له الجهر بالبسملة فيهما، ويأتي
حكم قراءة المأموم في أحكام صلاة الجماعة.
ويجب على المرأة أن تخفت في الظهرين، وتتخير في غيرهما، والأولى لها
الخفوت عند سماع الأجنبي صوتها، والعبرة في الجهر والخفوت بالصدق
العرفي.
مسألة 266: يستحب للمصلي في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر يوم
الجمعة الجهر.
مسألة 267: إذا جهر في القراءة موضع الخفوت، أو خفت موضع
الجهر - جهلا منه بالحكم أو نسيانا - صحت صلاته. وإن كان الأحوط الأولى
الإعادة، وإذا علم بالحكم أو تذكر أثناء القراءة فالأحوط - إن لم يكن أقوى -
وجوب إعادة القراءة.
مسألة 268: لا بأس بقراءة الحمد والسورة في المصحف وبالتلقين، وإن
كان الأحوط استحبابا الاقتصار في ذلك على حال الاضطرار.
مسألة 269: يتخير المصلي في الركعة الثالثة من المغرب والأخيرتين من
الظهرين والعشاء بين قراءة الحمد والتسبيحات الأربع، والأحوط لزوما
للمأموم في الصلاة الجهرية اختيار التسبيح، ويتعين الخفوت في هذه الركعات.
والأحوط وجوبا أن لا يجهر بالبسملة فيما إذا
اختار قراءة الحمد. ويجزئ في
109

التسبيحات أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مرة
واحدة، وأما تكرارها ثلاث مرات، فالأولى إتيانها بقصد القربة المطلقة دون
الجزئية ولو استحبابا، والأحوط الاتيان بالاستغفار بعد التسبيحات.
مسألة 270: إذا لم يتمكن من التسبيحات تعين عليه قراءة الحمد.
مسألة 271: يجوز التفريق في الركعتين الأخيرتين، بأن يقرأ في إحداهما
سورة فاتحة الكتاب، ويسبح في الأخرى.
مسألة 272: من نسي قراءة الحمد في الركعة الأولى والثانية فالأحوط أن
يختارها على التسبيحات في الركعة الثالثة أو الرابعة.
مسألة 273: من نسي القراءة أو التسبيحة حتى ركع فلا شئ عليه،
والأولى أن يسجد سجدتين للسهو بعد الصلاة.
مسألة 274: حكم القراءة والتسبيحات - من جهة اعتبار القيام،
والطمأنينة، والاستقلال فيها - كما مر في تكبيرة الاحرام، وما ذكرناه من
الفروع هناك يجري بتمامه هنا، غير أنهما يفترقان من جهتين:
1 - إذا نسي القيام حال القراءة، فإن تذكره قبل الركوع تداركه، وإلا
صحت صلاته.
2 - إذا لم يتمكن من القيام في تمام القراءة وجب القيام فيها بالمقدار
الممكن، وكذلك إذا لم يتمكن من الجلوس في تمام القراءة أو من الاضطجاع على
الجانب الأيمن أو الأيسر - على الترتيب الذي ذكرناه في المسألة: (249) -.
مسألة 275: إذا شك في القراءة، فإذا كان شكه في صحتها - بعد ما
110

دخل في الجزء الذي بعدها، بأن دخل في القنوت مثلا - لم يعتن بالشك في بعض
الموارد، كما تقدم في المسألة: (250)، وإذا شك في نفس القراءة بعد ما دخل في
الجزء اللاحق لم يعتن به، وأما إذا شك فيها قبل الدخول في الجزء اللاحق لزمت
عليه القراءة.
مسألة 276: إذا شك في قراءة الحمد - بعد ما دخل في السورة - لم يعتن
بالشك، وإذا دخل في جملة وشك في جملة سابقة عليها، أو كان في آخر الآية
وشك في أولها، فعدم الاعتناء بالشك مشكل.
الرابع: في الركوع:
وهو من الأركان أيضا، وتبطل الصلاة بنقيصته عمدا أو سهوا، وكذلك
تبطل بزيادته عمدا أو سهوا على الأحوط، إلا في صلاة الجماعة - على تفصيل
يأتي إن شاء الله تعالى -.
ويجب الركوع في كل ركعة مرة واحدة إلا في صلاة الآيات، ففي كل
ركعة منها خمس ركوعات - وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى -.
واجبات الركوع:
تجب في الركوع أمور:
الأول: أن يكون الانحناء بقصد الركوع بمقدار تصل أطراف الأصابع
إلى الركبة في مستوي الخلقة، ومن كانت يده طويلة يرجع في مقدار الانحناء إلى
مستوى الخلقة.
111

الثاني: القيام قبل الركوع، وتبطل الصلاة بتركه عمدا، وفي تركه سهوا
صورتان:
1 - أن يتذكر القيام المنسي بعد دخوله في السجدة الثانية، أو بعد الفراغ
منها، ففي هذه الصورة تبطل الصلاة أيضا.
2 - أن يتذكره قبل دخوله في السجدة الثانية، فيجب عليه حينئذ القيام ثم
الركوع، وتصح صلاته. والأحوط - استحبابا - إعادة الصلاة بعد الاتمام، وأن
يسجد سجدتي السهو إذا كان تذكره بعد دخوله في السجدة الأولى.
مسألة 277: إذا لم يتمكن من الركوع عن قيام وكانت وظيفته الصلاة
قائما فالأحوط الجمع بالصلاة قائما مع الايماء وجالسا مع الركوع عن
جلوس، وإن لم يتمكن من الركوع جالسا يؤم إليه برأسه إن أمكن، وإلا أومأ
بعينيه تغميضا له، وفتحا للرفع منه.
مسألة 278: إذا شك في القيام قبل الركوع، فإن كان شكه بعد الدخول
في السجود لم يعتن به ومضى في صلاته، وإن كان قبل ذلك لزمه القيام ثم
الركوع، والأحوط حينئذ إعادة الصلاة بعد إتمامها.
الثالث: الذكر، والأحوط اختيار التسبيح من أفراده، ويجزئ منه أن
يقول: سبحان الله ثلاثا، أو سبحان ربي العظيم وبحمده مرة واحدة،
والأحوط عدم ترك التكبير للركوع قبله، وكذلك بعد رفع الرأس منه.
مسألة 279: يعتبر في الذكر الطمأنينة مع القدرة، وتسقط مع العجز.
وإذا نسي الذكر أو الطمأنينة فيه حتى رفع رأسه من الركوع فالأحوط الرجوع
112

والتدارك ثم إعادة الصلاة، وإن تذكر بعد الدخول في السجدة الثانية صحت
صلاته، وإذا تذكر عدم الطمأنينة - وهو في الركوع - أعاد الذكر على الأحوط
وجوبا.
الرابع: القيام بعد الركوع، ويعتبر فيه الانتصاب والطمأنينة.
مسألة 280: إذا شك في الركوع أو في القيام بعده - وقد دخل في
السجود - لم يعتن بشكه، وكذلك إذا شك في القيام ولم يدخل في السجود، وإن
كان الأحوط فيه الرجوع وتدارك القيام المشكوك فيه رجاء، وأما إذا شك في
الركوع ولم يدخل في السجود وجب عليه الرجوع لتداركه.
مسألة 281: إذا نسي الركوع حتى دخل في السجدة الثانية بطلت
صلاته، وإن تذكره قبل ذلك لا يبعد الاجتزاء بتدارك الركوع والاتمام،
والأحوط استحبابا الإعادة أيضا، ويجب على الأحوط أن يسجد سجدتي السهو
لزيادة السجدة الواحدة.
مسألة 282: من كان على هيئة الراكع في أصل الخلقة أو لعارض، فإن
تمكن من القيام منتصبا - ولو بأن يتكئ على شئ - لزمه ذلك حال التكبيرة
والقراءة وقبل الركوع وبعده، وإلا فإن تمكن من رفع بدنه بمقدار يصدق على
الانحناء بعده الركوع في حقه عرفا لزمه ذلك، وإن لم يتمكن من ذلك ولكن
تمكن من الانحناء بمقدار لا يخرج عن حد الركوع فالأحوط عليه ذلك مع
الايماء برأسه، وإلا أومأ برأسه، وإن لم يتمكن فبعينيه.
مسألة 283: يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع، فلو انحنى
113

بمقداره لا بقصد الركوع، بل لغاية أخرى - كقتل العقرب ونحوه - فالأحوط
بطلان صلاته.
مسألة 284: إذا انحنى للركوع وفي أثناء الهوي غفل وجلس للسجود
نسيانا ففيه صور ثلاث:
1 - أن يكون نسيانه قبل أن يصل إلى حد الركوع، فيلزمه - حينئذ -
الرجوع والانحناء للركوع.
2 - أن يكون نسيانه بعد تحقق مسمى الركوع، فتصح صلاته، والأحوط
استحبابا أن يقوم منتصبا ثم يهوي إلى السجود، وإذا التفت إلى ذلك وقد سجد
سجدة واحدة مضى في صلاته، والأحوط استحبابا إعادة الصلاة بعد الاتمام،
وإذا التفت إلى ذلك وقد سجد سجدتين صح سجوده ومضى.
3 - أن يكون نسيانه قبل تحقق مسمى الركوع حتى هوى إلى السجود
وخرج عن حد الركوع، فيلزمه أن يرجع إلى القيام ثم ينحني إلى الركوع ثانيا،
ويتم صلاته.
الخامس: في السجود:
ويجب في كل ركعة سجدتان، وهما معا من الأركان، فتبطل الصلاة
بنقيصتهما عمدا أو سهوا، وبزيادتهما كذلك على الأحوط. وسيأتي حكم زيادة
السجدة الواحدة ونقصانها.
ويعتبر في السجود أمور:
114

الأول: أن يكون على سبعة أعضاء، وهي: الجبهة، والكفان،
والركبتان، والابهامان من الرجل.
والمدار في تحقق مفهوم السجدة على وضع الجبهة بقصد التعظيم، وعلى
هذا المعنى تدور الزيادة والنقيصة. وأما وضع غيرها - من الأعضاء المذكورة -
على الأرض فهو وإن كان واجبا حال السجود إلا أنه ليس بركن، فلا يضر
بالصلاة تركه من غير عمد، وإن كان الترك في كلتا السجدتين.
مسألة 285: يعتبر فيما يصح السجود عليه اتصال أجزائه على
الأحوط، فلا يجوز السجود على السبحة غير المطبوخة.
مسألة 286: الواجب وضعه على الأرض من الجبهة ما يصدق على
وضعه السجود عرفا، ومن اليدين باطن الكف، وفي الضرورة ينتقل إلى
الظاهر، ثم الأقرب فالأقرب على الأحوط، ومن الركبتين بمقدار المسمى،
ومن الابهامين طرفاهما على الأحوط. ولا يعتبر في وضع هذه المواضع أن يجعل
ثقله على جميعها وإن كان أحوط.
ويعتبر أن يكون السجود على النحو المتعارف، فلو وضعها على الأرض
- وهو نائم على وجهه - لم يجزه ذلك، نعم لا بأس بإلصاق الصدر والبطن
بالأرض حال السجود، والأحوط تركه.
مسألة 287: الأحوط لمن قطعت يده من الزند، أو لم يتمكن من وضعها
على الأرض أن يسجد على ذراعه، مراعيا لما هو الأقرب إلى الكف، وإن لم
يتمكن من السجدة على باطن كفه يسجد على ظاهرها، ومن قطع إبهام رجله
115

يسجد على سائر أصابعها على الأحوط.
الثاني: أن لا يكون المسجد أعلى من الموقف ولا أسفل منه بما يزيد على
مقدار لبنة، وقدر بأربع أصابع مضمومة، فلو وضع جبهته سهوا على مكان
مرتفع أو سافل - وكان التفاوت أزيد من المقدار المزبور -، فإن لم يصدق معه
السجود لزمه أن يرفع رأسه ويسجد، وإن صدق معه السجود فالأحوط جر
الجبهة إلى المكان المستوي من غير رفع، هذا إذا كان سهوا، ولو كان عمدا بطلت
صلاته.
الثالث: يعتبر في مسجد الجبهة أن يكون من الأرض أو نباتها غير ما
يؤكل أو يلبس، فلا يجوز السجود على الحنطة والشعير والقطن - ولو قبل الغزل
والنسج - ونحو ذلك، نعم لا بأس بالسجود على ما يأكله الحيوان من النبات،
ويشكل السجود على الأعشاب الطبية - كالخوبة، وعنب الثعلب، وورد لسان
الثور ونحوها - مما له طعم وذوق حسن، والأحوط وجوبا ترك السجدة على
ورق الكرم قبل جفافه، وعلى ورق
الشاي، ويجوز السجود على قشر اللوز
والجوز، وعلى نواة التمر وسائر النوى، وعلى القرطاس اختيارا وإن اتخذ مما
لا يصح السجود عليه.
والسجود على الأرض أفضل من السجود على غيرها، والسجود على
التراب أفضل من السجود على غيره، وأفضل أقسامه التربة الحسينية على
مشرفها آلاف السلام والتحية.
ولا يجوز السجود على الذهب والفضة وسائر الفلزات، وعلى القير
والزفت، وعلى الزجاج والبلور، وعلى الرماد والفحم، وغير ذلك مما لا يصدق
116

عليه الأرض أو نباتها، وكذا لا يجوز أن يسجد على الخزف والأجر، وعلى النورة
بعد طبخها، وعلى العقيق والفيروزج، والياقوت والألماس ونحوها، أما الجص
- بعد طبخه - فلا يبعد صحة السجود عليه
إلا أن الأحوط تركه.
مسألة 288: لا يجوز السجود على ما يؤكل في بعض البلدان وإن لم يؤكل
في بلد آخر.
مسألة 289: إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه
- لفقدانه أو من جهة الحر أو البرد أو غير ذلك - سجد على ثوبه، فإن لم يتمكن
منه أيضا سجد على ظهر كفه.
مسألة 290: إذا سجد سهوا على ما لا يصح السجود عليه جاز أن يرفع
رأسه ويسجد على ما يصح السجود عليه، وإن كان الأحوط الجر على ما يصح
السجود عليه، وإذا وضعها على ما يصح السجود عليه جاز جرها إلى الأفضل
والأسهل.
مسألة 291: لا بأس بالسجود على ما لا يصح السجود عليه اختيارا
حال التقية، ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر، نعم لو كان في
ذلك المكان وسيلة لترك التقية، بأن يصلي على البارية أو نحوها مما يصح السجود
عليه وجب اختيارها.
الرابع: يعتبر الاستقرار في المسجد، فلا يجزي وضع الجبهة على الوحل
والطين، أو التراب الذي لا تتمكن الجبهة عليه، ولا بأس بالسجود على الطين
إذا تمكنت الجبهة عليه، ولكن إذا لصق بها شئ من الطين أزاله للسجدة الثانية
على الأحوط.
117

الخامس: يعتبر في المسجد الطهارة، والإباحة، وتجزئ طهارة الطرف
الذي يسجد عليه، ولا تضر نجاسة الباطن أو الطرف الآخر، واللازم طهارة
المقدار الذي يعتبر وقوع الجبهة عليه في السجود. فلا بأس بنجاسة الزائد عليه
على الأظهر. إلا إذا كانت مسرية إلى بدنه ولباسه، وقد تقدم الكلام في اعتبار
الحلية في مكان المصلي في المسألة: (193).
السادس: يعتبر الذكر في السجود، والحال فيه كما ذكرناه في ذكر
الركوع، والأحوط في التسبيحة الكبرى هنا سبحان ربي الأعلى وبحمده.
السابع: يعتبر الجلوس بين السجدتين، وأما الجلوس بعد السجدة الثانية
- جلسة الاستراحة - في الركعة الأولى والثالثة مما لا تشهد فيه فالأحوط إتيانه.
الثامن: يعتبر استقرار المواضع السبعة - المتقدم ذكرها - على الأرض
حال الذكر، فلو حركها متعمدا وجبت الإعادة حتى في غير الجبهة على
الأحوط، ولا بأس بتحريكها في غير حال الذكر، بل لا بأس برفعها ووضعها
ثانيا في غير حال الذكر ما عدا الجبهة. ولو تحركت المواضع حال الذكر من غير
عمد أعاد الذكر على الأحوط.
مسألة 292: من لم يتمكن من الانحناء للسجود وجب عليه أن يرفع ما
يسجد عليه إلى حد يتمكن من وضع الجبهة عليه، فإن لم يتمكن من ذلك أيضا
أومأ برأسه للسجود، ومع العجز عنه أومأ له بعينيه، وجعل إيماءه للسجود
أكثر من إيماءه للركوع على الأحوط الأولى.
مسألة 293: إذا ارتفعت الجبهة من المسجد قهرا، فإن كان قبل الذكر فلا
118

تحتسب له السجدة فيرجع ويسجد، وإن كان بعده حسبت له، وعليه، فإن
أمكن حفظها عن الوقوع ثانيا فهو، وإلا يرفع رأسه ويأتي بما يجب عليه من
سجدة أو غيرها.
مسألة 294: إذا كان في الجبهة جرح لا يتمكن معه من وضعها على
الأرض لزمه حفر الأرض، ليقع موضع الجرح في الحفرة ويضع الموضع السالم من
الجبهة على الأرض، فإن لم يتمكن من ذلك سجد على الحاجب إن أمكن، ثم
الذقن، ثم على أحد طرفي الجبهة مقدما للأيمن على الأحوط استحبابا، ثم
الأنف، والأحوط ضم الايماء مع كل منهما برجاء المطلوبية، فإن تعذر ذلك
كله أومأ إلى السجود.
مسألة 295: من نسي السجدتين حتى دخل في الركوع بطلت صلاته
على الأحوط، وإن تذكرهما قبل ذلك رجع وتداركهما، ومن نسي سجدة
واحدة، فإن ذكرها قبل الركوع رجع وتداركها، وإن ذكرها بعد ما دخل في
الركوع مضى في صلاته وقضاها بعد الصلاة مع سجدتي السهو على الأحوط.
مسألة 296: من نسي السجدتين من الركعة الأخيرة حتى سلم، فإن
ذكرهما بعد أن يأتي بما ينافي الصلاة عمدا وسهوا بطلت صلاته، وكذا إذا ذكرهما
قبل الاتيان به على الأحوط.
مسألة 297: من نسي سجدة من الركعة الأخيرة وذكرها بعد السلام قبل
الاتيان بما ينافي الصلاة عمدا وسهوا، رجع على الأحوط وتداركها وأتم
صلاته، ثم يقضي المنسي وسجد سجدتي السهو، وإذا ذكرها بعد الاتيان بالمنافي
قضاها، وسجد سجدتي السهو على الأحوط.
119

مسألة 298: من نسي وضع عضو من الأعضاء السبعة - غير الجبهة -
على الأرض وذكره بعد رفع الجبهة، فإنه يرجع ويتدارك المنسي في محله.
مسألة 299: إذا ذكر - بعد رفع الرأس من السجود - أن مسجده لم يكن
مما يصح السجود عليه، ففي المسألة صور:
1 - أن يكون ذلك في السجدة الواحدة، ويكون الالتفات إليه بعد ما
دخل في ركن آخر، ففي هذه الصورة يتم الصلاة ويقضي تلك السجدة بعدها،
ويسجد سجدتي السهو على الأحوط.
2 - أن يكون ذلك في السجدة الواحدة، ويكون التفاته إليه قبل الدخول
في ركن آخر، فالأحوط في هذه الصورة لزوم الرجوع لتدارك السجدة والآتيان
بما بعدها، وإعادة الصلاة.
3 - أن يكون ذلك في السجدتين، ويكون التفاته إليه حينما لا يمكنه
التدارك، كما إذا دخل في ركن، أو أن ذلك كان في الركعة الأخيرة، وقد أتى
بشئ من المنافيات بعد ما سلم، ففي هذه الصورة يحكم بصحة الصلاة على الأظهر.
4 - أن يكون ذلك في السجدتين وأمكنه التدارك، والأحوط في هذه
الصورة أن يتدارك السجدتين ثم يعيد صلاته.
مسألة 300: إذا نسي الذكر أو الطمأنينة حال الذكر، وذكره بعد رفع
الرأس من السجود فالأحوط هو الرجوع والتدارك وإعادة الصلاة إذا كان الترك
في كلتا السجدتين معا.
120

مسألة 301: إذا نسي الجلسة بين السجدتين حتى سجد الثانية صحت
صلاته.
السادس: في التشهد:
وهو واجب في الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة من
الركعة الثانية، وفي الثلاثية والرباعية مرتين، الأولى كما ذكر، والثانية بعد رفع
الرأس من السجدة الأخيرة من الركعة الأخيرة من صلاة الظهرين والمغرب،
والعشاء، ولكل من صلاتي الاحتياط والوتر تشهد، والأحوط في كيفيته أن
يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد.
ويجب تعلم التشهد مع الامكان، والعاجز عن التعلم - إذا لم يجد من
يلقنه - اقتصر على ما يسعه من الشهادة والصلوات إن صدق عليه الشهادة، وإن
عجز فالأحوط وجوبا أن يأتي بترجمته رجاءا، والأحوط من ذلك تكرار الصلاة
بالاتيان بما أمكنه من التشهد، وإذا عجز عنها أتى بسائر الأذكار بقدره.
مسألة 302: يعتبر في التشهد أمور:
1 - أداؤه صحيحا:
2 - الجلوس حاله مع القدرة عليه، ولا تعتبر في الجلوس كيفية خاصة.
3 - الطمأنينة عند اشتغاله بالذكر.
4 - الموالاة بين أجزائه، بأن يأتي بها متعاقبة على نحو يصدق عليه عنوان
التشهد.
121

مسألة 303: إذا نسي التشهد الأول، وذكره قبل أن يدخل في الركوع
الذي بعده، لزمه الرجوع لتداركه، والأحوط وجوبا أن يسجد سجدتي السهو
للقيام في غير محله، ولو تذكره بعده فالأحوط أن يقضيه بعد الصلاة، ويسجد
سجدتي السهو. ولو نسي الجلوس فيه تداركه مع الامكان، وإلا مضى في
صلاته وسجد بعدها سجدتي السهو على الأحوط، ومن نسي الطمأنينة فيه
مضى، ومن نسي التشهد الأخير حتى سلم، فإن ذكره قبل الاتيان بما ينافي
الصلاة فإنه يرجع على الأحوط ويتدارك المنسي ويتم صلاته، ثم يقضي المنسي
ويسجد سجدتي السهو، وإن ذكره بعد الاتيان بالمنافي، فهو كمن نسي التشهد
الأول وذكره بعد الدخول في الركوع.
مسألة 304: إذا تشهد فشك في صحته ودخل في الجزء الذي بعده لم
يعتن بشكه في بعض الموارد كما تقدم في المسألة: (250)، وإذا شك في الاتيان
بالشهادتين حال الصلاة على محمد وآل محمد، أو شك في مجموع التشهد، أو في
الصلاة على محمد وآله بعد ما قام، أو حين السلام الواجب لم يعتن بشكه، وأما
إذا كان شكه قبل التسليم وقبل أن يصل إلى حد القيام لزمه التدارك، وكذا إذا
تشهد وشك في صحته قبل الدخول في الجزء اللاحق.
السابع: في السلام:
وهو واجب في الركعة الأخيرة من الصلاة بعد التشهد، ويعتبر أداؤه
صحيحا حال الجلوس مع الطمأنينة كما في التشهد. وصورته: السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين أو السلام عليكم، ويجزئ كل من هاتين الجملتين.
122

وإذا اقتصر على الجملة الثانية: فالأحوط الأولى أن يقول: السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته.
ويستحب الجمع بين الجملتين، وأن يقول قبلهما: السلام عليك أيها
النبي ورحمة الله وبركاته. والعاجز عن السلام كالعاجز عن التشهد في الحكم
المتقدم.
مسألة 305: من نسي السلام تداركه إذا ذكره قبل أن يأتي بشئ من
منافيات الصلاة، وإن ذكره بعد ذلك - كأن يذكره بعد ما صدر منه الحدث، أو
بعد فصل طويل مخل بهيئة الصلاة - صحت صلاته ولا شئ عليه، وإن كان
الأحوط إعادتها.
مسألة 306: إذا شك في صحة السلام أو في أصله بعد ما أتى بشئ من
المنافيات ولو سهوا لم يعتن بالشك. وإذا شك في أحدهما - أصل السلام أو
صحته - قبل أن يدخل في شئ منها لزمه التدارك، سواء دخل في التعقيب أم لم
يدخل.
الثامن: في الترتيب والموالاة:
يجب الاتيان بواجبات الصلاة مرتبة على النحو الذي ذكرناه، فإذا خالف
الترتيب - عمدا - بطلت صلاته، وقد بينا حكم المخالفة سهوا في المسائل
المتقدمة.
وتجب الموالاة بين أجزاء الصلاة، بأن يؤتى بها متوالية على نحو ينطبق
على مجموعها عنوان الصلاة، ولا يضر بالموالاة تطويل الركوع، أو السجود، أو
123

القنوت، أو الاكثار من الأذكار، أو قراءة السور الطوال.. ونحو ذلك.
القنوت
يستحب القنوت في كل صلاة - فريضة كانت أو نافلة - مرة واحدة،
ويتعدد القنوت في صلوات العيدين والآيات، ومحله في بقية الصلوات قبل
الركوع من الركعة الثانية، والقنوت في صلاة الوتر قبل ما يركع، وفي استحباب
القنوت الثانية فيها بعد الركوع إشكال.
ويتأكد استحباب القنوت في الصلوات الجهرية - ولا سيما صلاة الفجر
والمغرب - وفي الوتر من النوافل.
مسألة 307: لا يعتبر في القنوت ذكر مخصوص، ويكفي فيه كل دعاء أو
ذكر أو حمد أو ثناء، والظاهر أنه لا تتحقق وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو
بغير العربية وإن كان لا يقدح ذلك في صحة الصلاة، والأولى قراءة المأثور عن
المعصومين عليهم السلام، وقد وردت أذكار خاصة في بعض النوافل فلتطلب
من مظانها.
مسألة 308: من نسي القنوت حتى ركع، يستحب له أن يأتي به بعد
الركوع، وإن ذكره بعد ما سجد فيستحب له أن يأتي به بعد الصلاة جالسا
مستقبلا.
124

مبطلات الصلاة مبطلات الصلاة أحد عشر أمرا:
الأول: أن تفقد الصلاة شيئا من الأجزاء أو مقدماتها، - على التفصيل
المتقدم في المسائل المرتبطة بها -.
الثاني: أن يحدث المصلي أثناء صلاته ولو في الآنات المتخللة، ولا فرق في
ذلك بين العمد والسهو، ولا بين الاختيار والاضطرار، وقد تقدم في
صفحة: (67) وما بعدها حكم دائم الحدث، وفي المسألة: (305) حكم ناسي
السلام حتى أحدث.
الثالث: التكفير في الصلاة، وهو أيضا مبطل لها - حال الاختيار - إذا
كان بقصد الجزئية، وإلا فالأحوط الاتمام ثم الإعادة، نعم هو حرام حرمة
تشريعية مطلقا، سواء أكان بقصد الجزئية أم لم يكن كذلك، ولا بأس به حال
التقية.
والتكفير: هو أن يضع المصلي إحدى يديه على الأخرى خضوعا وتأدبا،
ولا بأس بالوضع المزبور لغرض آخر كالحك ونحوه.
الرابع: الالتفات عن القبلة متعمدا بتمام البدن أو بالوجه فقط ولو سهوا
أو قهرا من ريح أو نحوها.
وتفصيل ذلك أن الالتفات إلى اليمين أو اليسار قد يكون يسيرا،
ولا يخرج معه المصلي عن كونه مستقبلا للقبلة فهذا لا يضر بالصلاة، ولكنه مكروه،
وإذا كان كثيرا، فقد يصل الانحراف إلى حد يواجه نقطة اليمين أو اليسار أو يزيد
125

على ذلك، فهذا يبطل الصلاة، بل الحكم كذلك مع السهو أيضا، فتجب
الإعادة في الوقت، نعم إذا انكشف الحال بعد خروج الوقت لم يجب القضاء،
وقد لا يصل الانحراف إلى هذا الحد، بل يكون الانحراف فيما بين نقطتي اليمين
واليسار، ففي هذه الصورة تبطل الصلاة إذا كان الانحراف عن عمد دون ما إذا
كان عن سهو، لكنه إذا علم به - وهو في الصلاة - لزمه التوجه إلى القبلة فورا.
الخامس: التكلم في الصلاة بكلام الآدميين متعمدا إذا كان مؤلفا من
حرفين، ويلحق به الحرف الواحد المفهم مثل (ق)، ولا فرق في ذلك بين
صورتي الاختيار والاضطرار، واستثنى من ذلك ما إذا سلم شخص على
المصلي، فإنه يجب عليه أن يرد عليه سلامه بمثله. فإذا قال: (السلام عليك)
وجب رده بمثله، والأحوط وجوبا المماثلة في التعريف والتنكير والافراد
والجمع، ويختص هذا الاستثناء بما إذا وجب الرد على المصلي، وأما فيما إذا لم
يجب عليه كان رده مبطلا لصلاته، وهذا كما إذا لم يقصد المسلم بسلامه تحية
المصلي، وإنما قصد به أمرا آخر من استهزاء أو مزاح ونحوهما، وكما إذا سلم
المسلم على جماعة منهم المصلي - وكان فيهم من يرد سلامه - فإنه لا يجوز للمصلي
أن يرد عليه سلامه، ولو رده بطلت صلاته.
مسألة 309: لا بأس بالدعاء، وبذكر الله سبحانه، وبقراءة القرآن في
الصلاة، ولا يندرج شئ من ذلك في كلام الآدميين.
مسألة 310: لا تبطل الصلاة بالتكلم أو بالسلام فيها سهوا، وإنما تجب
بذلك سجدتان للسهو بعد الصلاة على الأحوط.
126

السادس:: القهقهة، وهي تبطل الصلاة وإن كانت بغير اختيار، ولا
بأس بها إذا كانت عن سهو.
والقهقهة: هي الضحك المشتمل على الصوت والترجيع.
السابع: البكاء متعمدا، وهو يبطل الصلاة إذا كان مع الصوت، ولأمر
من أمور الدنيا، والأحوط وجوبا ترك ما لا يشتمل على الصوت أيضا، ولا
فرق في بطلان الصلاة به بين صورتي الاختيار والاضطرار، نعم، لا بأس به إذا
كان عن سهو، كما لا بأس بالبكاء اختيارا إذا كان لأمر أخروي - كخوف من
العذاب، أو طمع في الجنة، أو كان خضوعا لله سبحانه ولو لأجل طلب أمر
دنيوي -، وكذلك البكاء لشئ من مصائب أهل البيت سلام الله عليهم، لأجل
التقرب به إلى الله.
الثامن: كل عمل يخل بهيئة الصلاة عند المتشرعة، ومنه الأكل أو الشرب
إذا كان على نحو تنمحي به صورة الصلاة، ولا فرق في بطلان الصلاة بذلك بين
العمد والسهو، نعم لا بأس بابتلاع ما تخلف من الطعام في فضاء الفم أو خلال
الأسنان، كما لا بأس بأن يضع شيئا قليلا من السكر في فمه ليذوب وينزل إلى
الجوف تدريجا، ولا بأس أيضا بالأعمال اليسيرة، كالايماء باليد لتفهيم أمر ما،
وكحمل الطفل أو إرضاعه، وعد الركعات بالحصاة.. ونحوها، فإن كل ذلك
لا يضر بالصلاة، كما لا يضر بها قتل الحية أو العقرب.
مسألة 311: مكان مشتغلا بالدعاء في صلاة الوتر عازما على الصوم
جاز له أن يتخطى إلى الماء الذي أمامه بخطوتين أو ثلاثة ليشربه إذا خشي مفاجأة
الفجر وهو عطشان، والأحوط الاقتصار على الوتر المندوب دون الواجب
127

كالمنذور، ولا يتعدى من الدعاء إلى سائر الأحوال، ولا يبعد التعدي من الوتر
إلى سائر النوافل، ولا يجوز التعدي من الشرب إلى الأكل.
التاسع: التأمين، عامدا في غير حال التقية، ولا بأس به معها أو سهوا.
والتأمين هو: قول (آمين) بعد قراءة سورة الفاتحة، ويختص البطلان بما
إذا قصد الجزئية، أو لم يقصد به الدعاء، فلا بأس به إذا قصده ولم يقصد الجزئية.
العاشر: الشك في عدد الركعات، على تفصيل سيأتي.
الحادي عشر: أن يزيد في صلاته أو ينقص منها شيئا متعمدا، ويعتبر في
الزيادة أن يقصد بها الجزئية فلا تتحقق الزيادة بدونه. نعم تبطل الصلاة بزيادة
الركوع، وكذا بزيادة السجود عمدا وإن لم يقصد بها الجزئية على الأحوط.
أحكام الشك في الصلاة
مسألة 312: من شك في الاتيان بصلاة في وقتها لزمه الاتيان بها، ولا
يعتني بالشك إذا كان بعد خروج الوقت.
مسألة 313: من شك في الاتيان بصلاة الظهر - بعد ما صلى العصر -
لزمه الاتيان بها، والأحوط أن يجعل ما أتى به ظهرا ثم يأتي بصلاة أخرى بقصد
ما في الذمة. ومن شك في الاتيان بصلاة المغرب - بعد ما صلى العشاء - لزمه
الاتيان بها.
مسألة 314: من شك في الاتيان بالظهرين - ولم يبق من الوقت إلا مقدار
128

فريضة العصر - لزمه الاتيان بها، ولا يجب عليه قضاء صلاة الظهر، وكذلك
الحال في العشاءين.
مسألة 315: من شك في صحة صلاته بعد الفراغ منها لم يعتن بشكه،
وإذا شك في صحة جزء من الصلاة بعد الدخول في الجزء المترتب عليه لم يعتن
بالشك إذا كان منشأ الشك في الصحة من ناحية غير الموالاة والترتيب، وإذا شك
في أصل الاتيان به بعد ما دخل في الجزء المترتب عليه لم يعتن به، وأما إذا كان
الشك في الصحة أو الاتيان قبل الدخول في الجزء اللاحق لزمه الاتيان، وقد مر
تفصيل ذلك في مسائل واجبات الصلاة.
الشك في عدد الركعات
مسألة 316: من شك في صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات الثنائية
الواجبة أو في صلاة المغرب - ولم يحفظ عدد ركعاتها - بطلت صلاته.
مسألة 317: من شك في عدد ركعات الصلوات الرباعية فالأحوط
لزوما التروي يسيرا، فإن استقر الشك وكان في الثنائية أو الثلاثية أو الأوليين من
الرباعية بطلت، وإن كان في غيرها - وقد أحرز الأوليين برفع الرأس عن
السجدة الثانية من الركعة الثانية - عمل بوظيفة الشاك في تسعة مواضع، وأعاد
صلاته في ما عداها، والمواضع التسعة كما يلي:
1 - من شك بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين - برفع الرأس
عن السجدة الثانية - بنى على الثلاث، وأتم صلاته، ثم أتى بركعة من قيام
احتياطا.
129

2 - من شك بين الثلاث والأربع - أينما كان الشك - بنى على الأربع
وأتم صلاته، ثم أتى بركعتين من جلوس أو بركعة من قيام، والأحوط استحبابا
اختيار الأول، وإن كانت وظيفته الصلاة جالسا احتاط بركعة جالسا.
3 - من شك بين الاثنتين والأربع بعد السجدتين بنى على الأربع، وأتى
بركعتين من قيام بعد الصلاة.
4 - من شك بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد السجدتين، بنى على
الأربع، وأتم صلاته، ثم أتى بركعتين قائما، ثم بركعتين جالسا.
5 - من شك بين الأربع والخمس - بعد السجدتين - بنى على الأربع،
وسجد سجدتي السهو بعد الصلاة، ولا شئ عليه.
6 - من شك بين الأربع والخمس - حال القيام -، هدم قيامه وأتى
بوظيفة الشاك بين الثلاث والأربع.
7 - من شك بين الثلاث والخمس - حال القيام -، هدم قيامه وأتى
بوظيفة الشاك بين الاثنتين والأربع.
8 - من شك بين الثلاث والأربع والخمس - حال القيام -، هدم قيامه
وأتى بوظيفة الشاك بين الاثنتين والثلاث والأربع.
9 - من شك بين الخمس والست - حال القيام -، هدم قيامه وأتى بوظيفة
الشاك بين الأربع والخمس بعد السجدتين.
والأحوط في المواضع الأربعة الأخيرة أن يسجد سجدتي السهو بعد
صلاة الاحتياط لأجل القيام الذي هدمه.
130

مسألة 318: إذا شك في صلاته، ثم انقلب شكه إلى الظن - قبل أن يتم
صلاته - لزمه العمل بالظن، ولا يعتني بشكه الأول، وإذا ظن ثم انقلب إلى
الشك لزمه ترتيب أثر الشك، وإذا انقلب ظنه إلى ظن آخر، أو انقلب شكه إلى
شك آخر لزمه العمل على طبق الظن أو الشك الثاني.
وعلى الجملة، يجب على المصلي أن يراعي حالته الفعلية ولا عبرة بحالته
السابقة، مثلا إذا ظن أن ما بيده هي الركعة الرابعة، ثم شك في ذلك لزمه العمل
بوظيفة الشاك، وإذا شك بين الاثنين والثلاث فبنى على الثلاث، ثم انقلب شكه
إلى الظن بأنها الثانية، عمل بظنه، وإذا انقلب إلى الشك بين الاثنتين والأربع
لزمه أن يعمل بوظيفة الشك الثاني، وإذا ظن أن ما بيده الركعة الثانية، ثم تبدل
ظنه بأنها الثالثة، بنى على أنها الثالثة وأتم صلاته.
الشكوك التي لا يعتنى بها
لا يعتنى بالشك في ستة مواضع:
1 - ما إذا كان الشك بعد الفراغ من العمل، كما إذا شك بعد ما صلى
الفجر في أنها كانت ركعتين أو أقل أو أكثر، وأما إذا شك في صحة الجزء بعد
الفراغ منه وقبل الدخول في الجزء اللاحق فلا بد من الاعتناء بالشك، بل قد يجب
الاعتناء به بعد الدخول أيضا، وقد مر تفصيله في المسألة:
(315).
2 - ما إذا كان الشك بعد خروج الوقت، كما إذا شك في الاتيان بصلاة
الفجر بعد ما طلعت الشمس.
131

3 - ما إذا كان الشك في الاتيان بجزء بعد ما دخل في جزء آخر مترتب
عليه.
4 - ما إذا كثر شكه، فإذا شك في الاتيان بواجب بنى على الاتيان به، كما
إذا شك - كثيرا - بين السجدة والسجدتين، فإنه يبني - حينئذ - على أنه أتى
بسجدتين، وإذا شك في الاتيان بمفسد بنى على عدمه، كمن شك - كثيرا - في
صلاة الفجر بين الاثنتين والثلاث فإنه يبني على أنه لم يأت بالثالثة، ويتم
صلاته، ولا شئ عليه، ولا فرق في عدم الاعتناء بالشك - إذا كثر - بين أن
يتعلق بالأجزاء أو أن يتعلق بالشرائط.
وعلى الجملة، لا يعتنى بشك كثير الشك، ويبنى معه على صحة العمل
المشكوك فيه. وتتحقق كثرة الشك بزيادة الشك على المقدار المتعارف بحد
يصدق معه عرفا أن صاحبه كثير الشك، وتتحقق - أيضا - بأن لا تمضي عليه
ثلاث صلوات إلا ويشك في واحدة منها، ويعتبر في صدق الكثرة أن لا يكون
ذلك من جهة عروض عارض من خوف أو غضب أو هم أو نحو ذلك.
ثم أنه يختص عدم الاعتناء بشك كثير الشك بموضع كثرته، فلا بد من أن
يعمل في ما عداه بوظيفة الشاك كغيره من المكلفين، مثلا إذا كانت كثرة شكه في
خصوص الركعات لم يعتن بشكه فيها، فإذا شك في الاتيان بالركوع أو السجود
أو غير ذلك - مما لم يكثر شكه فيه - لزمه الاتيان به إذا كان الشك قبل الدخول في
الغير.
5 - ما إذا شك الإمام وحفظ عليه المأموم، أو بالعكس، فإذا شك الإمام
بين الثلاث والأربع - مثلا - وكان المأموم حافظا لم يعتن الإمام بشكه ورجع إلى
132

المأموم، وكذلك العكس، ويختص رجوع كل منهما إلى الآخر بالشك في
الركعات دون الأفعال.
مسألة 319: لا فرق في رجوع الشاك - من الإمام أو المأموم - إلى الحافظ
منهما بين أن يكون حفظه على نحو اليقين، أو أن يكون على نحو الظن، فالشاك
منهما يرجع إلى الظان كما يرجع إلى المتيقن، وإذا اختلفا بالظن واليقين عمل كل
منهما بوظيفته، مثلا إذا ظن المأموم في الصلوات الرباعية أن ما بيده هي الثالثة
وجزم الإمام بأنها الرابعة، وجب على المأموم أن يضم إليها ركعة متصلة، ولا
يجوز له أن يرجع إلى الإمام.
مسألة 320: إذا اختلف الإمام والمأموم في جهة الشك، فإن لم تكن
بينهما جهة مشتركة عمل كل منهما بوظيفته، كما إذا شك المأموم بين الاثنتين
والثلاث، وشك الإمام بين الأربع والخمس، وإن كانت بينهما جهة مشتركة
أخذ بها وألغى كل منهما جهة الامتياز من طرفه، مثلا إذا شك الإمام بين الثلاث
والأربع، وكان شك المأموم بين الاثنتين والثلاث بنيا على الثلاث، فإن المأموم
يرجع إلى الإمام في أن ما بيده ليست بالثانية، والإمام يرجع إلى المأموم في أنها
ليست بالرابعة، ولا حاجة - حينئذ - إلى صلاة الاحتياط.
6 - ما إذا كان الشك في عدد الركعة من النوافل، فإن هذا الشك لا يعتنى
به، والمصلي يتخير بين البناء على الأقل والبناء على الأكثر فيما إذا لم يستلزم
البطلان، ويتعين البناء على الأقل فيما إذا استلزمه، كما إذا شك بين الاثنتين
والثلاث. والأفضل البناء على الأقل في موارد التخيير.
مسألة 321: يعتبر الظن بالركعات في غير الأوليين من الفريضة
133

كاليقين، وأما الظن بالأفعال فيها فالظاهر حكمه حكم الشك، فإذا ظن بإتيان
جزء في محله لزمه الاتيان به، وإذا ظن بعدم الاتيان بعد تجاوز المحل مضى،
وليس له أن يرجع ويتدارك، والأحوط استحبابا إعادة الصلاة في الصورتين.
مسألة 322: إذا وجبت النافلة لعارض - كنذر وشبهه - فالظاهر أن
حكم الشك في النافلة جار عليها أيضا.
مسألة 323: إذا ترك في صلاة النافلة ركنا - سهوا - ولم يمكن تداركه
بطلت، كما إذا خرج من الصلاة، ولا تبطل بزيادة الركن سهوا كما هو
المشهور، وعليه إذا ترك ركنا - مثل الركوع - سهوا وتذكر بعد رفع الرأس من
السجدة الأخيرة رجع وتدارك، ولا تبطل بزيادة الأركان.
صلاة الاحتياط
صلاة الاحتياط واجبة، ولكن يجوز أن يدعها ويعيد الصلاة. ويعتبر فيها
أمور:
1 - أن يؤتى بها بعد الصلاة قبل الاتيان بشئ من منافياتها.
2 - أن يؤتى بها تامة الأجزاء والشرائط على النحو المعتبر في أصل
الصلاة، غير أن صلاة الاحتياط ليس لها أذان ولا إقامة، وليس فيها سورة
- غير فاتحة الكتاب - ولا قنوت.
3 - أن يخفت في قراءتها، وإن كانت الصلاة الأصلية جهرية، والأحوط
الأولى الاخفات في البسملة أيضا.
134

مسألة 324: من أتى بشئ من المنافيات - قبل صلاة الاحتياط - لزمته
إعادة أصل الصلاة على الأحوط.
مسألة 325: إذا علم قبل أن يأتي بصلاة الاحتياط أن صلاته كانت تامة
سقط وجوبها، وإذا علم أنها كانت ناقصة فالأحوط استيناف الصلاة مطلقا وفي
جميع الفروض.
مسألة 326: إذا علم بعد صلاة الاحتياط نقص صلاته بالمقدار المشكوك
فيه لم تجب عليه الإعادة، وقامت صلاة الاحتياط مقامه، مثلا إذا شك بين
الثلاث والأربع فبنى على الأربع وأتم صلاته، ثم تبين له - بعد صلاة
الاحتياط - أن صلاته كانت ثلاثا صحت صلاته، وكانت الركعة من قيام أو
الركعتان من جلوس بدلا من الركعة الناقصة.
مسألة 327: إذا شك في الاتيان بصلاة الاحتياط، فإن كان شكه بعد
خروج الوقت، أو بعد الاتيان بما ينافي الصلاة عمدا وسهوا، أو بعد فوت
الموالاة لم يعتن بشكه، وإلا لزمه الاتيان بها.
مسألة 328: إذا شك في عدد الركعات في صلاة الاحتياط فالأحوط
وجوبا أن يستأنفها إن كان الشك قبل الاتيان بالمنافي، وإلا فيعيد أصل الصلاة.
مسألة 329: إذا شك في شئ من أفعال صلاة الاحتياط جرى عليه
حكم الشك في أفعال الصلاة.
مسألة 330: إذا نقص أو زاد ركنا في صلاة الاحتياط - عمدا أو سهوا -
بطلت كما في الصلاة الأصلية، ولا بد - حينئذ - من إعادة أصل الصلاة، ولا
135

تبطل بزيادة غير الركن أو نقصانه فيها سهوا، ولا تجب سجدتا السهو في تلك
الحال، نعم الأحوط وجوبا تدارك المنسي بعد الصلاة إن كانت سجدة أو تشهدا.
قضاء الأجزاء المنسية
مسألة 331: من ترك سجدة واحدة سهوا ولم يمكن تداركها في الصلاة
قضاها بعدها، والأحوط وجوبا أن يأتي بسجدتي السهو أيضا. ومن ترك
التشهد في الصلاة سهوا أتى بسجدتي السهو، والأحوط قضاؤه أيضا، ويعتبر في
قضائهما ما يعتبر في أدائهما من الطهارة والاستقبال وغير ذلك، ويجري هذا
الحكم فيما إذا كان المنسي سجدة واحدة في أكثر من ركعة، بمعنى أنه يجب قضاء
كل سجدة والآتيان بسجدتي السهو لكل منها على الأحوط، ويجري الحكم
المزبور على الأحوط فيما إذا نسي سجدة واحدة والتشهد من الركعة الأخيرة ولم
يذكر إلا بعد التسليم والآتيان بالمنافي، وأما إذا ذكره بعد التسليم وقبل المنافي
فالأحوط تدارك المنسي والآتيان بالتشهد والتسليم، ثم الاتيان بسجدتي السهو
للسلام الزائد على الأحوط وجوبا، وإذا كان المنسي (الصلاة على محمد وآله) أو
بعض التشهد فالأحوط قضاؤه أيضا.
مسألة 332: يعتبر في قضاء السجدة والتشهد أن يؤتى بها بعد الصلاة
قبل صدور ما ينافيها، ولو صدر المنافي فالأحوط أن يقضيها، ثم يعيد الصلاة.
مسألة 333: يجب تقديم قضاء السجدة أو التشهد على سجدتي السهو،
وإذا كان على المكلف سجود السهو من جهة أخرى لزم تأخيره عن القضاء
136

أيضا. وإذا كان على المكلف قضاء السجدة وقضاء التشهد، تخير في تقديم أيهما
شاء. وإذا كان عليه صلاة الاحتياط وقضاء السجدة أو التشهد، قدم صلاة
الاحتياط على الأحوط.
مسألة 334: من شك في الاتيان بقضاء السجدة وجب الاتيان بها إذا
كان الشك قبل خروج الوقت. والأحوط وجوبا أن يأتي به إذا شك بعد
خروجه، وأما إذا شك في قضاء التشهد فالأحوط وجوبا أن يأتي به مطلقا،
خرج الوقت أم لم يخرج.
مسألة 335: إذا نسي قضاء السجدة أو التشهد حتى دخل في صلاة
فريضة أو نافلة فالأحوط قطعها والآتيان بالقضاء.
سجود السهو
تجب سجدتان للسهو في موارد:
منها: ما إذا نسي سجدة واحدة، على ما مر في المسألة: (331).
ومنها: ما إذا نسي التشهد في الصلاة.
ومنها: ما إذا شك بين الأربع والخمس، على ما مر في المسألة:
(317).
ومنها: ما إذا تكلم في الصلاة سهوا على الأحوط وجوبا.
ومنها: ما إذا سلم في غير موضعه على الأحوط وجوبا، كما إذا اعتقد أن
ما بيده هي الركعة الرابعة فسلم، ثم انكشف أنها كانت الثانية، والمراد بالسلام
هو جملة: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) أو جملة السلام عليكم وأما
137

جملة السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فالظاهر أن زيادتها - سهوا - لا
توجب سجدتي السهو، وإن كان إتيانهما أحوط.
ومنها: ما إذا قام موضع الجلوس أو جلس موضع القيام سهوا على
الأحوط وجوبا.
والأحوط الأولى أن يسجد لكل زيادة ونقيصة.
مسألة 336: إذا تعدد ما يوجب سجدتي السهو لزم الاتيان بهما
بتعداده. نعم إذا سلم في غير موضعه بكلتا الجملتين المتقدمتين، أو تكلم سهوا
بكلام طويل لم يجب الاتيان بسجدتي السهو إلا مرة واحدة.
مسألة 337: تجب المبادرة إلى سجدتي السهو على الأحوط، ولو أخرهما
عمدا عصى وتجب عليه المبادرة، ولو أخرهما سهوا لزم الاتيان بهما فورا إذا
تذكر، ولا حاجة إلى إعادة أصل الصلاة.
مسألة 338: تعتبر النية في سجدتي السهو.
والأحوط في كيفيتهما أن يسجد ويقول في سجوده: (بسم الله وبالله
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)، ثم يرفع رأسه ويجلس، ثم يسجد
ويأتي بالذكر المتقدم، ثم يرفع رأسه ويتشهد تشهد الصلاة، ثم يقول (السلام
عليكم)، والأولى أن يضيف إليه جملة: (ورحمة الله وبركاته)، ولا يعتبر فيهما
التكبير.
مسألة 339: يعتبر في سجود السهو على الأحوط أن يكون على ما يصح
السجود عليه في الصلاة، وأن يضع مواضعه السبعة على الأرض، ولا تعتبر فيه
138

بقية شرائط السجود أو الصلاة على الأظهر، وإن كان الأحوط رعايتها.
مسألة 340: من شك في تحقق ما يوجب سجدتي السهو لم يعتن به.
ومن شك في الاتيان بهما مع العلم بتحقق موجبهما وجب عليه الاتيان بهما وإن
كان بعد خروج الوقت.
مسألة 341: إذا علم بتحقق ما يوجب سجدتي السهو، وشك في الأقل
والأكثر بنى على الأقل، مثلا إذا علم أنه سلم في غير موضعه ولم يدر أنه كان مرة
واحدة أو مرتين، أو احتمل أنه تكلم أيضا، لم يجب عليه إلا الاتيان بسجدتي
السهو مرة واحدة.
مسألة 342: إذا شك في الاتيان بشئ من أجزاء سجدتي السهو وجب
الاتيان به إن كان شكه قبل أن يدخل في الجزء المترتب على المشكوك فيه، وإلا لم
يعتن به.
مسألة 343: إذا شك ولم يدر أنه أتى بسجدتين أو بثلاث لم يعتن به،
سواء شك قبل دخوله في التشهد أم شك بعده. وإذا علم أنه أتى بثلاث لم يقدح
على إشكال ضعيف.
مسألة 344: إذا نسي سجدة واحدة من سجدتي السهو، فإن أمكنه
التدارك - بأن ذكرها قبل أن يتحقق فصل طويل - لزمه التدارك، وإلا أتى
بسجدتي السهو من جديد.
139

صلاة الجماعة
تستحب الجماعة في الصلوات اليومية، ويتأكد استحبابها في صلاة
الفجر، وفي العشاءين، وفي الحديث. الصلاة خلف العالم بألف ركعة،
وخلف القرشي بمائة، وعليه فالصلاة خلف العالم القرشي أفضل، وكلما زاد
عدد الجماعة زاد فضلها.
مسألة 345: قد تجب الجماعة في الصلوات اليومية، وهو في موارد:
1 - ما إذا أمكن المكلف تصحيح قراءته وتسامح حتى ضاق الوقت عن
التعلم والصلاة، وقد تقدم ذلك في المسألة: (252).
2 - ما إذا ابتلي المكلف بالوسواس لحد تبطل معه الصلاة، وتوقف دفعه
على أن يصلي جماعة.
3 - ما إذا لم يسع الوقت أن يصلي فرادى ووسعها جماعة، كما إذا كان
المكلف بطيئا في قراءته أو لأمر آخر غير ذلك.
4 - ما إذا تعلق النذر أو اليمين أو العهد ونحو ذلك بأداء الصلاة جماعة.
وإذا أمر أحد الوالدين ولده بالصلاة جماعة وكان تركها موجبا للعقوق
يجب عليه امتثاله.
موارد مشروعية الجماعة:
تشرع الجماعة في جميع الصلوات اليومية وإن اختلفت صلاة الإمام
وصلاة المأموم من حيث الجهر والاخفات، أو القصر والتمام، أو القضاء
140

والأداء، ومن هذا القبيل أن تكون صلاة الإمام ظهرا وصلاة المأموم عصرا،
وبالعكس، وكذلك في العشائين.
مسألة 346: لا تشرع الجماعة فيما إذا اختلفت صلاة الإمام وصلاة
المأموم في النوع - كالصلوات اليومية والآيات والأموات -، نعم يجوز أن يأتم في
صلاة الآيات بمن يصلي تلك الصلاة، وكذلك الحال في صلاة الأموات. وفي
مشروعية الائتمام في صلاة الطواف - ولو كان بمن يصلي صلاة الطواف -
إشكال، والاحتياط لا يترك.
مسألة 347: لا يجوز الائتمام في الصلوات اليومية بمن يصلي صلاة
الاحتياط، كما لا يجوز الائتمام في صلاة الاحتياط حتى بمن يصلي صلاة
الاحتياط، وأما إذا كان الاحتياط في كلتا الصلاتين من جهة واحدة، كما إذا
شك كل من الإمام والمأموم بين الثلاث والأربع وبنيا على الأربع فلصحة
الائتمام وجه.
مسألة 348: يجوز لمن يريد إعادة صلاته من جهة الاحتياط الوجوبي أو
الاستحبابي أن يأتم فيها، ولا يجوز لغيره أن يأتم به فيها، ويستثنى من هذا
الحكم ما إذا كان كل من صلاتي الإمام والمأموم احتياطية، وكانت جهة
الاحتياط فيهما واحدة، كأن يعلم الشخصان إجمالا بوجوب القصر أو التمام
فيصليان جماعة قصرا وتماما.
مسألة 349: لا تشرع الجماعة في النوافل وإن وجبت بنذر وشبهه، ولا
فرق في ذلك بين أن يكون كل من صلاتي الإمام والمأموم نافلة، وأن تكون
141

إحداهما نافلة، وتستثنى من ذلك صلوات الاستسقاء، والعيدين، فإن الجماعة
مشروعة فيها.
مسألة 350: يجوز لمن يصلي عن غيره - تبرعا أو استيجارا - أن يأتم فيها
مطلقا، كما يجوز لغيره أن يأتم به إذا علم فوت الصلاة عن المنوب عنه.
مسألة 351: من صلى منفردا جاز له أن يعيد صلاته جماعة - إماما أو
مأموما -، وكذا يجوز لمن صلى جماعة إماما ومأموما أن يعيد صلاته إماما،
ويشكل ذلك فيما إذا صليا منفردين، ثم أرادا إعادتها جماعة بائتمام أحدهما
بالآخر، من دون أن يكون في الجماعة من لم يؤد فريضته، نعم لا بأس بالإعادة
رجاء.
شرائط الإمامة:
تعتبر في الإمامة أمور:
1 - بلوغ الإمام، فلا يجوز الائتمام بالصبي وإن كان مميزا، نعم لا بأس
بإمامته للصبيان تمرينا.
2 - عقله، فلا يجوز الاقتداء بالمجنون وإن كان إدواريا، نعم لا بأس
بالاقتداء به حال إفاقته.
3 - إيمانه وعدالته، وقد مر تفسيرها في المسألة: (20)، ويكفي في
إحرازها حسن الظاهر، وتثبت بالشياع المفيد لليقين أو الاطمئنان، وبشهادة
عدلين، ولا يبعد ثبوتها بشهادة العدل الواحد، بل بشهادة مطلق الثقة إذا حصل
منهما الاطمئنان، بل يكفي الوثوق الحاصل من أي سبب كان.
142

4 - طهارة مولده، فلا يجوز الائتمام بولد الزنا.
5 - صحة قراءته على الأحوط، فلا يجوز الائتمام بمن لا يجيد القراءة
وإن كان معذورا في عمله. نعم لا بأس بالائتمام بمن لا يجيد الأذكار الأخر
- كذكر الركوع والسجود والتشهد والتسبيحات الأربع - إذا كان معذورا من
تصحيحها.
6 - ذكوريته إذا كان المأموم ذكرا، ولا بأس بائتمام المرأة بالمرأة على
الأظهر، وإذا أمت المرأة النساء وجب أن تقف في صفهن من دون أن تتقدم
عليهن على الأحوط.
7 - أن لا يكون أعرابيا - أي من سكان البوادي -، ولا ممن جرى عليه
الحد الشرعي على الأحوط.
8 - أن تكون صلاته عن قيام إذا كان المأموم يصلي عن قيام، ولا بأس
بإمامة الجالس للجالسين. والائتمام بالمستلقي أو المضطجع - وإن كان المأموم
مثله - مشكل.
9 - توجهه إلى جهة يتوجه إليها المأموم، فلا يجوز لمن يعتقد أن القبلة في
جهة أن يأتم بمن يعتقد أنها في أخرى، نعم يجوز ذلك إذا كان الاختلاف بينهما
يسيرا تصدق معه الجماعة عرفا.
10 - صحة صلاة الإمام عند المأموم، فلا يجوز الائتمام بمن كانت
صلاته باطلة بنظر المأموم - اجتهادا أو تقليدا - مثال ذلك:
1 - إذا تيمم الإمام في موضع باعتقاد أن وظيفته التيمم، فلا يجوز لمن
143

يعتقد أن الوظيفة في ذلك الموضع هي الوضوء أو الغسل أن يأتم به.
2 - إذا علم أن الإمام نسي ركنا من الأركان لم يجز الاقتداء به وإن لم يعلم
الإمام به ولم يتذكره.
3 - إذا علم أن لباس الإمام أو بدنه تنجس - وكان عالما به فنسيه -، لم يجز
الاقتداء به.
نعم إذا علم بنجاسة بدن الإمام أو لباسه - وهو جاهل بها - جاز ائتمامه
به، ولا يلزمه إخباره، وذلك لأن صلاة الإمام حينئذ صحيحة في الواقع، وبهذه
الأمثلة تظهر الحال في سائر موارد الاختلاف بين الإمام والمأموم إذا كانت صلاة
الإمام صحيحة واقعا، مثال ذلك:
1 - إذا رأى الإمام جواز الاكتفاء بالتسبيحات الأربع في الركعة الثالثة
والرابعة مرة واحدة جاز لمن يرى وجوب الثلاث أن يأتم به.
2 - إذا اعتقد الإمام عدم وجوب السورة في الصلاة، جاز لمن يرى
وجوبها أن يأتم به بعد ما دخل في الركوع، وكذلك الحال في بقية الموارد إذا كان
الاختلاف من هذا القبيل.
شرائط صلاة الجماعة:
يعتبر في صلاة الجماعة أمور:
1 - قصد المأموم الائتمام، ولا يعتبر في الجماعة قصد القربة بالنسبة إلى
144

الإمام، وأما المأموم فلا يبعد كون الجماعة عبادية بالنسبة إليه، فيضر بها كل ما
ينافي القربة إلا إذا كان في طولها.
ولا يعتبر قصد الإمامة إلا في موارد:
منها: الصلاة المعادة جماعة فيما إذا كان المعيد إماما.
ومنها: صلاة العيدين.
2 - تعين الإمام لدى المأموم، ويكفي تعينه إجمالا، كما لو قصد الائتمام
بالإمام الحاضر وإن لم يعرف شخصه.
مسألة 352: إذا ائتم باعتقاد أن الإمام زيد فظهر أنه عمرو، فإن لم يكن
عمرو عادلا بطلت جماعته، بل صلاته إذا وقع في جماعته ما يبطل الصلاة، وإن
كان عادلا صحت جماعته مطلقا.
مسألة 353: لا يجوز للمأموم أن يعدل في صلاة الجماعة عن إمام إلى
آخر، إلا أن يحدث للإمام الأول ما يعجز به عن إكمال صلاته، وفي مثله جاز
للمأمومين تقديم إمام آخر من المأمومين وإتمام الصلاة جماعة.
3 - استقلال الإمام في صلاته، فلا يجوز الائتمام بمن ائتم في صلاته
بشخص آخر.
4 - أن يكون الائتمام من أول الصلاة، فلا يجوز لمن شرع في صلاته
فرادى أن يأتم في أثنائها.
5 - نية المأموم بأن لا ينفرد أثناء صلاته على الأحوط، ولا بأس بقصد
الانفراد أثناء الصلاة إذا كان لحاجة، وإن لم تصل إلى حد الضرورة.
145

6 - إدراك المأموم الإمام حال القيام قبل الركوع، أو في الركوع وإن كان
بعد الذكر، ولو لم يدركه - حتى رفع الإمام رأسه وخرج عن حد الركوع - لم
تنعقد له الجماعة.
مسألة 354: لو ائتم بالإمام حال ركوعه وركع ولم يدركه راكعا، بأن
رفع الإمام رأسه وخرج عن حد الركوع - قبل أن يصل المأموم إلى حد الركوع -
بطلت صلاته.
مسألة 355: لو كبر بقصد الائتمام - والإمام راكع - ورفع الإمام
رأسه وخرج من الركوع قبل أن يركع المأموم بطلت، واستأنف الصلاة.
مسألة 356: لو أدرك الإمام - وهو في التشهد من الركعة الأخيرة - جاز
له أن يكبر بنية الجماعة، ويجلس قاصدا به التبعية، ويتشهد بنية القربة المطلقة
على الأحوط وجوبا، فإذا سلم الإمام قام وأتم صلاته، ويكتب له ثواب
الجماعة.
7 - أن لا ينفصل الإمام عن المأموم بحائل، وكذلك كل صف مع الصف
المتقدم عليه، وكذا كل مأموم مع مأموم آخر الذي هو الواسطة بينه وبين الإمام،
هذا إذا كان المأموم رجلا، وأما إذا كان امرأة فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام أو
المأمومين إذا كان الإمام رجلا.
والمراد بالحائل كل ما يمنع من الرؤية، من ستار أو جدار أو شجرة أو غير
ذلك، ولو كان شخصا واقفا. والثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه حائل
146

لا يجوز الاقتداء معه. فلا بأس بأسطوانة المسجد إذا كان المأموم متصلا بمأموم
آخر عن يمينه أو يساره.
8 - أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم بمقدار شبر أو
أكثر، ولا بأس بما دون ذلك، كما لا بأس بالعلو التسريحي (التدريجي) الذي
يصدق معه كون الأرض منبسطة وإن كان موقف الإمام أعلى من موقف المأموم
بمقدار شبر أو أكثر إذا قيس ذلك بالمقاييس الدقيقة.
ولا بأس بأن يكون موقف المأموم أعلى من موقف الإمام وإن كان العلو
دفعيا ما لم يبلغ حدا لا تصدق معه الجماعة.
9 - أن لا يكون الفصل بين المأموم والإمام، أو بينه وبين من هو سبب
الاتصال بالإمام أكثر من ما يشغله إنسان متعارف حال سجوده.
مسألة 357: من نوى الائتمام - وكانت بينه وبين الجماعة مسافة يحتمل
أن لا يدرك الإمام راكعا بطيها - جاز له أن يدخل في الصلاة وهو في مكانه
ويهوي إلى الركوع ثم يلحق بالجماعة حال الركوع أو بعده، ويختص هذا الحكم
بما إذا لم يكن هناك مانع من الائتمام إلا البعد، ويلزمه أن لا ينحرف - أثناء
مشيه - عن القبلة. ويجب أن لا يشتغل - حال مشيه - بالقراءة أو ذكر تعتبر فيه
الطمأنينة، والأولى جر الرجلين حاله.
10 - أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف، والأحوط أن لا يحاذيه
أيضا، وأن لا يتقدم عليه في مكان سجوده وركوعه وجلوسه، بل الأحوط
وجوبا أن يقف خلفه إذا كان المأموم متعددا، هذا في جماعة الرجال، وأما في
جماعة النساء فالأحوط أن تقف في وسطهن ولا تتقدمهن.
147

مسألة 358: إذا أقيمت الجماعة في المسجد الحرام لزم وقوف المأمومين
- بأجمعهم - خلف الإمام. وتشكل إقامتها مستديرة.
أحكام صلاة الجماعة
مسألة 359: تسقط القراءة في الظهرين عن المأموم في الركعة الأولى
والثانية ويتحملها الإمام، والأفضل له أن يشتغل بالتسبيح أو التحميد أو غير
ذلك من الأذكار، وأما في صلاة الفجر وفي العشائين إذا سمع المأموم صوت
الإمام - ولو همهمته - وجب عليه ترك القراءة، بل الأحوط الأولى أن ينصت
لقراءة الإمام، وأما إذا لم يسمع شيئا من القراءة ولا الهمهمة جازت له القراءة
بقصد القربة وبقصد الجزئية، والأحوط استحبابا الأول، هذا كله فيما إذا كان
الإمام في الركعة الأولى أو الثانية من صلاته، وأما إذا كان في الركعة الثالثة أو
الرابعة، فلا يتحمل عن المأموم شيئا، فلا بد للمأموم من أن يعمل بوظيفته، فإن
كان في الركعة الأولى أو
الثانية لزمته القراءة، وإن كان في الركعة الثالثة أو الرابعة
تخير في الظهرين بين القراءة والتسبيحات، والتسبيح أفضل، والأحوط الأولى
اختيار التسبيح في العشائين. ولا فرق في بقية الأذكار بين ما إذا أتى بالصلاة
جماعة وبين ما إذا أتى بها فرادى.
مسألة 360: يختص سقوط القراءة عن المأموم في الركعة الأولى والثانية
بما إذا استمر في ائتمامه، فإذا انفرد أثناء القراءة لزمته القراءة من أولها، بل إذا
انفرد بعد القراءة قبل أن يركع مع الإمام لزمه القراءة على الأحوط.
مسألة 361: إذا ائتم بالإمام وهو راكع، سقطت عنه القراءة، وإن كان
148

الائتمام في الركعة الثالثة أو الرابعة للإمام.
مسألة 362: يختص لزوم القراءة على المأموم في الركعة الأولى والثانية له
- إذا كان الإمام في الركعة الثالثة أو الرابعة - بما إذا أمهله الإمام للقراءة، فإن لم
يمهله جاز له أن يكتفي بقراءة سورة الفاتحة ويركع معه، وإن لم يمهله لذلك
أيضا، بأن لم يتمكن من إدراك الإمام راكعا إذا أتم قراءته، فالأحوط لزوما أن
ينفرد ويتم صلاته ثم يعيدها، بل الأحوط
استحبابا له - إذا لم يحرز التمكن من
إتمام الفاتحة قبل ركوع الإمام - عدم الدخول في الجماعة حتى يركع الإمام، ولا
قراءة عليه حينئذ.
مسألة 363: تعتبر في صلاة الجماعة متابعة الإمام في الأفعال، فلا يجوز
التقدم عليه فيها، ولا بأس بالتأخر اليسير، وتبطل الجماعة فيما إذا كان التأخر
بحد لا تصدق معه المتابعة، بأن يتأخر عنه بركعة أو بركن، ويستثنى من ذلك ما
إذا أدرك الإمام قبل ركوعه ومنعه الزحام عن الالتحاق بالإمام حتى رفع رأسه
وخرج عن حد الركوع. ففي هذه الصورة يجوز له أن يركع وحده، ويلتحق
بالإمام في سجوده.
مسألة 364: إذا ركع المأموم أو سجد سهوا، فالأحوط وجوبا أن يأتي
بذكر الركوع أو السجود وأن يرجع ويتابع الإمام في ركوعه أو سجوده، ولا
يلزمه الذكر في الركوع أو السجود عند متابعة الإمام، وإذا لم يتابع عمدا بطلت
جماعته، وفي صحة صلاته إشكال.
مسألة 365: إذا رفع المأموم رأسه من الركوع سهوا لزمه العود إليه
لمتابعة الإمام، ولا تضره زيادة الركن، فإن لم يرجع عمدا فالأحوط الاتمام ثم
149

الإعادة، وإذا رجع وركع للمتابعة ورفع الإمام رأسه وخرج عن حد الركوع
قبل وصوله إلى حد الركوع بطلت صلاته، وإذا رفع رأسه قبل الإمام متعمدا
بطلت جماعته وصلاته إن كان قبل الذكر، وإن كان بعده فالأحوط إتمام الصلاة
فرادى ثم إعادتها، وكذلك الحال في السجود.
مسألة 366: إذا رفع المأموم رأسه من السجود فرأى الإمام ساجدا،
واعتقد أنها السجدة الأولى فسجد للمتابعة، ثم انكشف أنها الثانية حسبت له
سجدة ثانية ولا تجب عليه السجدة الأخرى.
مسألة 367: إذا رفع المأموم رأسه من السجدة فرأى الإمام في السجدة،
واعتقد أنها الثانية فسجد، ثم انكشف أنها كانت الأولى لم تحسب له الثانية،
ولزمته سجدة أخرى مع الإمام.
مسألة 368: الأحوط وجوب متابعة الإمام في الأقوال إلا في صورة
عدم سماع صوت الإمام، وأما تكبيرة الاحرام فلا يجوز التقدم فيها على الإمام
بلا إشكال.
مسألة 369: في جواز تكبير المأموم قبل أن يكبر المتقدم المتهئ له
إشكال.
مسألة 370: إذا كبر المأموم قبل الإمام سهوا كانت صلاته فرادى على
إشكال، ويجوز له أن يعدل بها إلى النافلة فيتمها، أو يقطعها ثم يأتم.
مسألة 371: إذا ائتم والإمام في الركعة الثانية من الصلوات الرباعية لزمه
التخلف عنه لأداء وظيفة التشهد، ثم يلحق بالإمام وهو قائم، فإن لم يمهله
150

حتى ركع فالأحوط وجوبا قصد الانفراد ثم إعادة الصلاة.
مسألة 372: إذا ائتم والإمام قائم، ولم يدر أنه في الركعة الأولى أو الثانية
- لتسقط القراءة عنه - أو أن الإمام في الثالثة أو الرابعة - لتجب عليه القراءة -
جاز له الاتيان بالقراءة قاصدا بها القربة.
مسألة 373: إذا ائتم والإمام في الركعة الثانية، تجب متابعته في
القنوت، والأحوط وجوبا التشهد حال التجافي، وهو أن يضع يديه على
الأرض، ويرفع ركبتيه عنها قليلا.
مسألة 374: لا تجب الطمأنينة على المأموم حال قراءة الإمام ولكنها
أحوط.
مسألة 375: إذا انكشف بعد الصلاة فسق الإمام صحت صلاته.
أحكام صلاة المسافر
يجب على المسافر التقصير في الصلوات الرباعية، وهو أن يقتصر على
الأوليين ويسلم في الثانية.
وللتقصير شرائط:
الشرط الأول:
قصد المسافة، بأن يكون سفره عن قصد ونية، فإذا خرج غير قاصد
للمسافة - لطلب ضالة أو غريم ونحوه - لم يقصر في صلاته، نعم إذا قصد
المسافة بعد ذلك - ولو كانت تلفيقية - لزمه التقصير.
151

والمسافة هي ثمانية فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف
ذراع بذراع اليد، وعليه فالمسافة تقرب من (44) كيلو مترا.
مسألة 376: تتحقق المسافة على أنحاء:
1 - أن يسير ثمانية فراسخ مستقيما.
2 - أن يسيرها غير مستقيم، بأن يكون سيره في دائرة أو خط منكسر.
3 - أن يسير أربعة فراسخ ويرجع مثلها، وأما إذا كان الذهاب أقل من
أربعة فراسخ - وإن بلغ مجموع الذهاب والإياب ثمانية فراسخ أو أكثر -
فالأحوط لزوما الجمع بين القصر والتمام، وأما إذا كان الذهاب أزيد من
الأربعة - كالخمسة - والإياب ثلاثة فقد يقرب إيجابه القصر، ولكن الاحتياط
فيه الجمع أيضا.
مسألة 377: لا يعتبر في المسافة الملفقة أن يكون الذهاب والإياب في يوم
واحد، فلو سافر أربعة فراسخ قاصدا الرجوع - قبل عشرة أيام - وجب عليه
التقصير.
مسألة 378: تثبت المسافة بالعلم، والبينة، والشياع وما في حكمه مما
يفيد الاطمئنان، ولا يبعد ثبوتها بخبر العادل الواحد، بل بإخبار مطلق الثقة إذا
حصل منه الوثوق والاطمئنان، وإذا لم تثبت المسافة بشئ من ذلك وجب
التمام.
مسألة 379: إذا قصد المسافر محلا خاصا، واعتقد أن مسيره لا يبلغ
المسافة، أو أنه شك في ذلك فأتم صلاته، ثم انكشف أنه كان مسافة أعادها
152

قصرا فيما إذا بقي الوقت، ووجب عليه التقصير فيما بقي من سفره، وإذا اعتقد
أنه مسافة فقصر صلاته ثم انكشف خلافه، أعادها - في الوقت أو في خارجه -
تماما، ويتمها فيما بقي من سفره، ما لم ينشئ مسافة جديدة.
مسألة 380: تبتدأ المسافة من سور البلد، فإن لم يكن له سور فمن آخر
البيوت.
مسألة 381: لا يعتبر البلوغ في قصد المسافة، فلو قصد المسافة ثم بلغ
أثنائها قصر في صلاته، وإن كان الباقي من سفره لا يبلغ المسافة.
مسألة 382: لا يعتبر الاستقلال في قصد المسافة، فمن سافر بتبع غيره
- من زوج أو سيد، بإكراه أو بإجبار أو غير ذلك - وجب عليه التقصير، إذا
علم أن مسيره ثمانية فراسخ، وإذا شك في ذلك لزمه الاتمام، ولا يجب الاختبار
وإن تمكن منه، إلا أنه أحوط.
مسألة 383: إذا اعتقد التابع أن مسيره لا يبلغ ثمانية فراسخ، أو أنه
شك في ذلك فأتم صلاته، ثم انكشف خلافه، لم تجب عليه الإعادة على
الأظهر، ويجب عليه التقصير إذا كان الباقي بنفسه مسافة، وإلا لزمه الاتمام.
الشرط الثاني:
استمرار القصد، فلو قصد المسافة وعدل عنه أثناءها أو تردد في ذلك أتم
صلاته إلا إذا كان عدوله بعد مسيره أربعة فراسخ، وكان عازما على الرجوع،
ففي هذه الصورة يبقى على تقصيره
153

مسألة 384: إذا سافر قاصدا للمسافة فعدل عنه، ثم بدا له السفر، ففي
ذلك صورتان:
1 - أن يبلغ الباقي من سفره مقدار المسافة ولو كان بضميمة الرجوع إليه،
ففي هذه الصورة يتعين عليه التقصير عند شروعه في السفر، وإن لم يشرع في
السفر فالأحوط هو الجمع بين القصر والتمام.
2 - أن لا يكون الباقي مسافة ولكنه يبلغها بضم مسير الأول إليه.
فالأحوط وجوبا في هذه الصورة أن يجمع بينه وبين القصر.
مسألة 385: إذا قصد المسافة وصلى قصرا ثم عدل من سفره فالظاهر
عدم لزوم إعادة ما صلاه قصرا، وإذا كان العدول قبل خروج الوقت لزم
الامساك في بقية النهار إن كان قد أفطر قبل ذلك.
مسألة 386: لا يعتبر في قصد المسافة أن يقصد المسافر موضعا معينا.
فلو سافر قاصدا ثمانية فراسخ مترددا في مقصده وجب عليه التقصير، وكذلك
الحال فيما إذا قصد موضعا خاصا وعدل في الطريق إلى موضع آخر وكان المسير
إلى كل منهما مسافة.
مسألة 387: يجوز العدول من المسير في المسافة الامتدادية إلى المسير في
المسافة التلفيقية، وبالعكس، ولا يضر شئ من ذلك بلزوم التقصير، نعم قد
تقدم أن الذهاب لو كان أقل من أربعة فراسخ فالأحوط وجوبا الجمع بين القصر
والتمام.
154

الشرط الثالث:
أن لا يتحقق أثناء المسافة شئ من قواطع السفر - كالمرور بالوطن، أو
قصد الإقامة عشرة أيام، أو التوقف ثلاثين يوما في محل مترددا، وسيأتي تفصيل
ذلك -، فلو خرج قاصدا طي المسافة - الامتدادية أو التلفيقية - وعلم أنه يمر
بوطنه أثناء المسافة، أو أنه يقيم في أثناء المسافة عشرة أيام لم يشرع له التقصير من
الأول، وكذلك الحال فيما إذا خرج قاصدا المسافة واحتمل أنه يمر بوطنه، أو
يقيم عشرة أيام أثناء المسافة، أو أنه يبقى في أثناء المسافة ثلاثين يوما مترددا، فإنه
في جميع ذلك يتم صلاته من أول سفره وإن لم يعرض ما احتمل عروضه، نعم إذا
اطمأن من نفسه أنه لا يتحقق شئ من ذلك قصر صلاته.
مسألة 388: إذا خرج قاصدا المسافة واتفق أنه مر بوطنه، أو قصد إقامة
عشرة أيام، أو أقام ثلاثين يوما مترددا، أو أنه احتمل شيئا من ذلك أثناء المسافة
احتمالا لا يطمأن بخلافه، ففي جميع هذه الصور يتم صلاته، وما صلاه قبل
ذلك قصرا يعيده تماما، ولا بد في التقصير - بعد ذلك - من إنشاء مسافة
جديدة، وإلا أتم فيما بقي من سفره أيضا.
الشرط الرابع:
أن يكون سفره سائغا، فإن كان السفر بنفسه حراما، أو قصد الحرام
بسفره أتم صلاته، ومن هذا القبيل ما إذا سافر قاصدا به ترك واجب - كسفر
الغريم فرارا من أداء دينه مع وجوبه عليه - وإذا سافر في الأرض المغصوبة أو على
الدابة المغصوبة فالأحوط الجمع بين القصر والتمام.
155

مسألة 389: العاصي بسفره يجب عليه التقصير إذا شرع في إيابه وكان
مسافة ولم يكن الإياب من سفر المعصية، ولا فرق في ذلك بين من تاب عن
معصيته ومن لم يتب.
مسألة 390: إذا سافر سفرا سائغا، ثم تبدل سفره إلى سفر المعصية، فإن
كان قبل بلوغ المسافة أتم صلاته، وأما ما صلاه قصرا سابقا فالأحوط وجوب
إعادته في الوقت، وإن كان بعد بلوغ المسافة فالأحوط الجمع، وإن عدل عنه إلى
سفر الطاعة، فإن كان ما بقي مسافة - ولو ملفقة، وشرع في السير - قصر، وإلا
فالأحوط هو الجمع بين القصر والتمام.
مسألة 391: إذا كانت الغاية من سفره أمرين: أحدهما مباح، والآخر
حرام، أتم صلاته، إلا إذا كان الحرام تابعا وكان الداعي إلى سفره هو الأمر
المباح.
مسألة 392: إتمام الصلاة - إذا كانت الغاية محرمة - يتوقف على تنجز
حرمتها، فإن لم تتنجز أو لم تكن الغاية محرمة في نفس الأمر لم يجب الاتمام، مثلا
إذا سافر لغاية شراء دار يعتقد أنها مغصوبة فانكشف - أثناء سفره أو بعد
الوصول إلى المقصد - خلافه، كانت وظيفته التقصير، وكذلك إذا سافر قاصدا
شراء دار يعتقد جوازه ثم انكشف أنها مغصوبة.
الشرط الخامس:
أن لا يكون سفره للصيد لهوا - كما يستعمله أبناء الدنيا -، وإلا أتم
صلاته في ذهابه وقصر في إيابه إذا كان وحده مسافة، وإذا كان الصيد لقوت
156

نفسه أو عياله وجب التقصير، وإذا كان الصيد للتجارة فالأحوط لزوما الجمع
بين القصر والتمام، ولا فرق في ذلك بين صيد البر والبحر.
الشرط السادس:
أن لا يكون ممن لا مقر له، بأن يكون بيته معه، فيرتحل رحلة الشتاء
والصيف، كما هو الحال في عدة من الأعراب - سكنة البادية - فإن هؤلاء يتمون
صلاتهم، وتكون بيوتهم بمنزلة الوطن، نعم إذا سافر أحدهم من بيته لمقصد
آخر - كحج أو زيارة أو شراء ما يحتاج من قوت أو حيوان ونحو ذلك - قصر،
ويدخل في ذلك من كان له وطن وخرج معرضا عنه، ولم يتخذ لنفسه مقرا ولا
مقاما إذا لم يكن بانيا على اتخاذ الوطن، وإلا ففي وجوب القصر أو التمام عليه
إشكال، والأحوط هو الجمع.
الشرط السابع:
أن لا يكون السفر عملا له، فلا يجوز التقصير للمكاري والملاح
والسائق، وكذلك من يدور في تجارته ونحو ذلك. نعم إذا سافر أحد هؤلاء في
غير عمله وجب عليه التقصير كغيره من المسافرين.
مسألة 393: الحطاب، أو الراعي، أو السائق أو نحوهم إذا كان عمله
فيما دون المسافة، واتفق أنه سافر إلى المسافة، قصر.
مسألة 394: من كان السفر عمله في بعض السنة دون جميعها - كمن
يدور في تجارته، أو يشتغل بالمكاراة أو الملاحة أيام الصيف فقط - يتم صلاته
حينما يسافر في عمله وإن كان الأحوط استحبابا الجمع. وأما من كان السفر
157

عمله في كل سنة مرة واحدة - كمن يؤجر نفسه للنيابة في حج، أو زيارة، أو
لخدمة الحجاج أو الزائرين، أو لاراءتهم الطريق - فالأحوط أن يجمع بين القصر
والتمام، نعم إذا كان زمان سفرهم قليلا - كما هو الغالب في من يسافر جوا في
عصرنا الحاضر - فلا يبعد وجوب القصر عليهم.
مسألة 395: يعتبر في وجوب التمام تكرر السفر ثلاث مرات، وفي
كفاية المرة الأولى - إذا كان السفر عملا له - إشكال، والأحوط هو الجمع.
مسألة 396: من كان مقره في بلد وعمله في بلد آخر من تجارة، أو
تعليم، أو تعلم ونحوه، ويسافر إليه في كل يوم أو يومين - مثلا - وكانت بينهما
مسافة فالأظهر جواز الاقتصار فيه على الصلاة تماما.
مسألة 397: إذا أقام المكاري عشرة أيام في بلده مطلقا، أو في غير بلده
بنية الإقامة وجب عليه التقصير في سفره الأول دون الثاني فضلا عن الثالث،
والأحوط لغير المكاري ممن كان عمله السفر هو الجمع بين القصر والاتمام في
السفر الأول بعد الإقامة كذلك.
الشرط الثامن:
أن يصل إلى حد الترخص، فلا يجوز التقصير قبله. وحد الترخص هو:
المكان الذي لا يسمع فيه أذان البلد أو يتوارى عن المسافر أهل ذلك البلد،
والأقرب اعتبار اختفاء كليهما، والعبرة في سماع الأذان سماعه بما هو أذان،
وإذا سمع الصوت ولم يعلم أنه صوت الأذان أو غيره، أو علم أنه أذان ولكن لم
يميز أنه أذان فالأحوط هو الجمع، ويعتبر في الأذان أن يكون في آخر البلد إذا كان
البلد كبيرا، كما أنه يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان البلد غير خارج
158

عن المتعارف في العلو، والعبرة في الرؤية والسماع بالمتعارف، فلا عبرة بسماع
أو رؤية من خرج سماعه أو رؤيته في الحدة عن المتعارف، وكذلك الحال في بقية
الجهات من صفاء الجو، وهبوب الريح وغير ذلك مما له دخل في السماع، أو
الرؤية، ففي جميع ذلك يرجع إلى المتعارف.
مسألة 398: يعتبر حد الترخص في الإياب كما يعتبر في الذهاب، فإذا
وصل المسافر في رجوعه إلى مكان يسمع أذان بلده ويرى أهله أتم صلاته.
مسألة 399: إنما يعتبر حد الترخص ذهابا وإيابا فيما إذا كان السفر من
بلد المسافر، وأما إذا كان من المكان الذي أقام فيه عشرة أيام، أو بقي فيه ثلاثين
يوما مترددا فلا يلحقان بالوطن، فالأحوط فيهما الجمع بين القصر والتمام فيما
بين البلد وحد الترخص.
مسألة 400: إذا شك المسافر في وصوله إلى حد الترخص بنى على عدمه
وأتم صلاته، فإذا انكشف بعد ذلك خلافه أعادها قصرا، وكذلك الحال في من
اعتقد عدم وصوله حد الترخص ثم بان خطأوه. وإذا شك الراجع من سفره في
بلوغه حد الترخص، أو اعتقد عدمه، قصر في صلاته، فإذا انكشف الخلاف
أعادها تماما. ولو اعتقد الراجع من سفره بلوغه حد الترخص وأتم صلاته فبان
خطأوه لزمته إعادتها قصرا.
قواطع السفر
إذا تحقق السفر واجدا للشرائط الثمانية المتقدمة، بقي المسافر على تقصيره
في الصلاة ما لم يتحقق أحد الأمور - القواطع - الآتية:
159

الأول: المرور بالوطن، فإن المسافر إذا مر به في سفره وجب عليه الاتمام
ما لم ينشئ سفرا جديدا، ونعني بالوطن: المكان الذي اتخذه مقرا لنفسه
ومسكنا دائميا له لو خلي ونفسه، بحيث إذا لم يعرض ما يقتضي الخروج منه لم
يخرج، سواء أكان مسقط رأسه أو استجده، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ذلك
بالاستقلال أو يكون بتبعية غيره من زوج أو غيره، ولا يعتبر أن يكون له فيه
ملك، ولا أن يكون قد أقام فيه ستة أشهر. ولا يكفي مجرد نية الوطن، بل لا بد
من الإقامة بمقدار يصدق معها عرفا أن البلد وطنه.
أما المكان الذي يملك فيه منزلا قد أقام فيه ستة أشهر متصلة عن قصد
ونية، فالظاهر أنه يجري عليه حكم الوطن.
والوطن قد يتعدد في الخارج، وذلك كأن يتخذ إنسان على نحو الدوام
والاستمرار - مساكن لنفسه يسكن أحدها - مثلا - أربعة أشهر أيام الحر،
ويسكن ثانيها أربعة أشهر أيام البرد، ويسكن الثالث باقي السنة -.
وإذا أعرض عن الوطن ومر في سفره به، فإن لم يتخذ وطنا في بلد آخر ولم
يكن بانيا على اتخاذه وطنا يجب عليه التمام فيه، وإلا فالأحوط وجوب الجمع
بين القصر والتمام.
تنبيه: لو قصد الإقامة في مكان مدة طويلة وجعله مقرا لنفسه - كما هو
ديدن المهاجرين إلى النجف الأشرف أو غيره من المعاهد العلمية لطلب العلم
قاصدين الرجوع إلى أوطانهم بعد قضاء وطرهم - لم يكن ذلك وطنا له، نعم هو
بحكم الوطن يتم الصلاة فيه، فإذا رجع إليه من سفر الزيارة - مثلا - أتم وإن لم
يعزم على الإقامة فيه عشرة أيام، كما أنه يعتبر في جواز القصر في السفر منه إلى
160

بلد آخر أن تكون المسافة ثمانية فراسخ امتدادية أو تلفيقية، فلو كانت أقل وجب
التمام، وكما ينقطع السفر بالمرور بالوطن ينقطع بالمرور بالمقر.
الثاني: قصد الإقامة في مكان واحد عشرة أيام، أو العلم ببقائه المدة
المذكورة فيه، وبذلك ينقطع حكم السفر، ويجب عليه الاتمام، سواء أكانت
الإقامة اختيارية أم كانت اضطرارية أو إكراهية، فلو حبس المسافر في مكان
وعلم أنه يبقى فيه عشرة أيام وجب عليه الاتمام. ولو عزم على إقامة عشرة أيام،
ولكنه لم يطمئن بتحققه في الخارج - بأن احتمل سفره قبل إتمام إقامته لأمر ما -
وجب عليه التقصير وإن اتفق أنه أقام عشرة أيام.
مسألة 401: من تابع غيره في السفر والإقامة - كالزوجة والخادم
ونحوهما -، إن اعتقد أن متبوعه لم يقصد الإقامة، أو أنه شك في ذلك قصر في
صلاته، فإذا انكشف له أثناء الإقامة أن متبوعه كان قاصدا لها من أول الأمر
بقي على تقصيره على الأظهر، إلا إذا علم أنه يقيم بعد ذلك عشرة أيام، وأما إذا
اعتقد التابع أن متبوعه قصد الإقامة فأتم ثم انكشف أنه لم يكن قاصدا لها
فالأحوط عليه الجمع بين القصر والتمام.
مسألة 402: إذا قصد المسافر الإقامة في بلد مدة معلومة، ولكنه أخطأ في
التطبيق وتخيل أن ما قصده لا يبلغ عشرة أيام، فقصر في صلاته فانكشف خطأوه
أعادها تماما، ويتم فيما بقي من زمان إقامته، مثال ذلك: إذا دخل المسافر بلدة
النجف الأشرف في شهر رمضان، وعزم على الإقامة فيها إلى نهاية القدر، معتقدا
أن اليوم الذي دخل فيه هو اليوم الخامس عشر من الشهر، وأن مدة إقامته تبلغ
تسعة أيام فقصر في صلاته، ثم انكشف أن دخوله كان في اليوم الرابع عشر منه،
161

ففي مثل ذلك يجب عليه الاتمام بعد ما انكشف له الحال، والصلوات التي
صلاها قصرا لزمته إعادتها تماما، وأما إذا دخلها اليوم الحادي والعشرين عازما
على الإقامة إلى يوم العيد، ولكنه شك في نقصان الشهر وتمامه، فلم يدر أنه يقيم
فيها تسعة أيام أو عشرة قصر في صلاته وإن اتفق أن الشهر لم ينقص.
(مسألة) 403: لا يعتبر في قصد الإقامة وجوب الصلاة على المسافر،
فالصبي المسافر إذا قصد الإقامة في بلد وبلغ أثناء إقامته أتم صلاته، وإن لم يقم
بعد بلوغه عشرة أيام، وكذلك الحال في الحائض أو النفساء إذا طهرت أثناء
إقامتها.
(مسألة) 404: إذا قصد الإقامة في بلد ثم عدل عن قصده، ففيه صور:
1 - أن يكون عدوله بعد ما صلى تماما، ففي هذه الصور يبقى على حكم
التمام ما بقي في ذلك البلد.
2 - أن يكون عدوله قبل أن يصلي تماما، ففي هذه الصورة يجب عليه التقصير.
3 - أن يكون عدوله أثناء صلاته تماما، ففي هذه الصورة يعدل بها إلى
القصر ما لم يدخل في ركوع الركعة الثالثة ويتم صلاته، والأحوط أن يعيدها بعد
ذلك، وإذا كان العدول بعد ما دخل في ركوع الركعة الثالثة بطلت صلاته ولزمه
استئنافها قصرا.
(مسألة) 405: لا يعتبر في قصد الإقامة أن لا ينوي الخروج من محل
الإقامة، فلا بأس بأن يقصد الخروج لتشييع جنازة، أو لزيارة قبور المؤمنين، أو
162

للتفرج وغير ذلك مما يتعارف وصول أهل البلد إليه من جهة كونهم أهل ذلك
البلد، نعم يشكل الخروج إلى حد الترخص - فضلا عما زاد - إلى ما دون
المسافة، كما إذا قصد الإقامة في النجف الأشرف مع قصد الخروج إلى مسجد
الكوفة أو السهلة، والأحوط حينئذ هو الجمع.
(مسألة) 406: يشترط التوالي في الأيام العشرة، ولا عبرة بالليلة الأولى
والأخيرة، فلو قصد المسافر إقامة عشرة أيام كاملة مع الليالي المتوسطة بينها
وجب عليه الاتمام، والظاهر كفاية التلفيق أيضا، بأن يقصد الإقامة من زوال
يوم الدخول إلى زوال اليوم الحادي عشر مثلا.
(مسألة) 407: إذا قصد إقامة عشرة أيام في بلد وأقام فيها، أو أنه صلى
تماما، ثم عزم على الخروج إلى ما دون المسافة ففي ذلك صور:
1 - أن يكون عازما على الإقامة عشرة أيام بعد رجوعه، ففي هذه
الصورة يجب عليه الاتمام في ذهابه وإيابه ومقصده.
2 - أن يكون عازما على الإقامة أقل من عشرة أيام بعد رجوعه، ففي هذه
الصورة يجب عليه الاتمام أيضا في الإياب والذهاب والمقصد.
3 - أن لا يكون قاصدا للرجوع وكان ناويا للسفر من مقصده، ففي هذه
الصورة يجب عليه التقصير من حين خروجه من بلد الإقامة.
4 - أن يكون ناويا للسفر من مقصده، ولكنه يرجع فيقع محل إقامته في
طريقه، والظاهر في هذه الصورة أنه يتم صلاته في الذهاب وفي المقصد، ويقصر
من حين رجوعه.
163

5 - أن يغفل عن رجوعه وسفره، أو يتردد في ذلك فلا يدري أنه يسافر
من مقصده أو يرجع إلى محل الإقامة، وعلى تقدير رجوعه لا يدري بإقامته فيه
وعدمها ففي هذه الصورة يجب عليه الاتمام.
الثالث: بقاء المسافر في محل خاص ثلاثين يوما، فإذا دخل المسافر بلدة
اعتقد أنه لا يقيم فيها عشرة أيام، أو تردد في ذلك حتى تم له ثلاثون يوما،
وجب عليه الاتمام بعد ذلك ما لم ينشئ سفرا جديدا، والظاهر كفاية التلفيق هنا
كما تقدم في إقامة عشرة أيام، ولا يكفي البقاء في أمكنة متعددة، فلو بقي المسافر
في بلدين - كالكوفة والنجف - ثلاثين
يوما لم يترتب عليه حكم الاتمام.
(مسألة) 408: لا يضر الخروج من البلد لغرض ما أثناء البقاء ثلاثين يوما
بمقدار لا ينافي صدق البقاء في ذلك البلد - كما تقدم في إقامة عشرة أيام - وإذا تم
له ثلاثون يوما وأراد الخروج إلى ما دون المسافة، فالحكم فيه كما ذكرناه في
المسألة السابقة، والصورة المذكورة هناك جارية هنا أيضا.
أحكام الصلاة في السفر
(مسألة) 409: من أتم صلاته في موضع التقصير عالما عامدا بطلت
صلاته، وفي غير ذلك صور:
1 - أن يكون ذلك لجهله بأصل وجوب التقصير، ففي هذه الصورة
تصح صلاته ولا تجب إعادتها.
2 - أن يكون ذلك لجهله بالحكم في خصوص المورد وإن علم به في
164

الجملة، وذلك كمن أتم صلاته في المسافة التلفيقية لجهله بوجوب القصر فيها
، وإن علم به في المسافة الامتدادية، فالأحوط لزوما في هذه الصورة إعادة
الصلاة، ولا قضاء إذا علم بالحكم بعد مضي الوقت.
3 - أن يكون ذلك لخطأه واشتباهه في التطبيق مع علمه بالحكم، ففي هذه
الصورة تجب الإعادة في الوقت على الأحوط، ولا قضاء إذا انكشف له الحال
بعد مضي الوقت.
4 - أن يكون ذلك لنسيانه سفره أو وجوب القصر على المسافر، ففي هذه
الصورة تجب الإعادة في الوقت على الأحوط، ولا يجب القضاء إذا تذكر بعد
مضي الوقت.
5 - أن يكون ذلك لأجل السهو أثناء العمل مع علمه بالحكم والموضوع
فعلا، ففي هذه الصورة تجب الإعادة في الوقت، فإن لم يتذكر حتى خرج الوقت
قضاها في خارجه.
(مسألة) 410: إذا قصر في صلاته في موضع يجب فيه الاتمام بطلت،
ولزمته الإعادة أو القضاء من دون فرق بين العامد والجاهل والناسي والخاطئ.
وأما إذا قصد المسافر الإقامة في مكان وقصر في صلاته لجهله بأن حكمه الاتمام ثم
علم به، فالأحوط وجوب الإعادة
عليه.
(مسألة) 411: إذا كان في أول الوقت حاضرا فأخر صلاته حتى سافر
يجب عليه التقصير حال سفره. ولو كان أول الوقت مسافرا فأخر صلاته حتى
أتى أهله، أو قصد الإقامة في مكان وجب عليه الاتمام. فالعبرة في التقصير
165

والاتمام بوقت الأداء دون وقت الوجوب، وسيأتي حكم القضاء في هاتين
الصورتين في المسألة 417: (.
التخيير بين التقصير والاتمام
يتخير المسافر بين التقصير والاتمام في مواضع أربعة: مكة المعظمة،
والمدينة المنورة، ومسجد الكوفة، وحرم الحسين عليه السلام، بل الاتمام أفضل
وإن كان التقصير أحوط.
وذكر جماعة اختصاص التخيير في مكة والمدينة بالمسجدين، ولكن
الظاهر ثبوت التخيير في البلدين مطلقا، وفي تحديد حرم الحسين عليه السلام
إشكال، والظاهر جواز الاتمام في تمام الروضة المقدسة دون الرواق والصحن.
(مسألة) 412: إذا شرع المسافر في الصلاة في مواضع التخيير قاصدا بها
التقصير جاز له أن يعدل بها إلى الاتمام على الأظهر، وكذلك العكس إذا لم
يتجاوز محله.
قضاء الصلاة
من لم يؤد فريضة الوقت حتى ذهب وقتها وجب عليه قضاؤها خارج
الوقت، سواء في ذلك الناسي، والجاهل، والسكران، وكذلك يجب القضاء
على العامد العالم والنائم تمام الوقت على الأحوط. ويستثنى من هذا الحكم موارد:
1 - ما فات من الصلوات من الصبي أو المجنون.
166

2 - ما فات من المغمى عليه إذا لم يكن الاغماء بفعله واختياره، وإلا
وجب عليه القضاء على الأحوط.
3 - ما فات من الكافر الأصلي، فلا يجب عليه القضاء بعد إسلامه.
4 - الصلوات الفائتة من الحائض أو النفساء، فلا يجب قضاؤها بعد
الطهر مع استيعاب المانع تمام الوقت.
(مسألة) 413: إذا بلغ الصبي أو أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو
المغمى عليه - أثناء الوقت، فإن تمكن من الصلاة - ولو بإدراك ركعة في الوقت
- وجبت، وإن لم يصلها وجب القضاء خارج الوقت، وإن لم يتمكن من ذلك فلا
شئ عليه أداءا وقضاءا، وأما الحائض المنقطع دمها أثناء الوقت فيختلف حكمها
باختلاف الصور الآتية:
1 - ما إذا كانت وظيفتها الاغتسال، ويسعها أن تغتسل وتصلي، فيجب
عليها ذلك، وإن لم تفعل وجب عليها القضاء خارج الوقت.
2 - ما إذا كانت وظيفتها الاغتسال، ولا يسعها أن تصلي مع الغسل
لضيق الوقت، فيجب عليها أن تتيمم وتصلي على الأحوط، وإن فاتتها الصلاة
يجب القضاء على الأحوط.
3 - ما إذا كانت وظيفتها التيمم لمانع آخر غير ضيق الوقت - كالمرض
- فيجب عليها أن تتيمم وتصلي، فإن فاتتها وجب عليها القضاء.
(مسألة) 414: من تمكن من الصلاة أول وقتها - ولو بتحصيل شرائطها
167

قبل ذلك - ولم يأت بها ثم جن أو أغمي عليه حتى خرج الوقت وجب عليه القضاء.
(مسألة) 415: إذا تمكنت المرأة بعد دخول الوقت من تحصيل الطهارة
وأداء الفريضة ولم تفعل حتى حاضت وجب عليها القضاء وإلا لم يجب.
(مسألة) 416: إذا استبصر المخالف لا يجب عليه أن يقضي الصلوات التي
صلاها صحيحة على مذهبه، بل لا تجب إعادتها إذا استبصر وقد بقي من الوقت
ما يسع إعادتها وإن كان أحوط.
(مسألة) 417: الفرائض الفائتة يجب قضاؤها كما فاتت، فإن فاتت قصرا
يقضيها قصرا، وإن فاتت تماما يقضيها تماما، ويجوز القضاء في أي وقت من
الليل أو النهار، في السفر أو في الحضر، فما فات المكلف من الفرائض في الحضر
يجب قضاؤه تماما وإن كان في السفر، وما فاته في السفر يجب قضاؤه قصرا وإن
كان في الحضر. وما فات المسافر في مواضع التخيير يجب قضاؤها قصرا وإن كان
القضاء في تلك المواضع.
(مسألة) 418: من فاتته الصلاة وهو مكلف بالجمع بين القصر والتمام
- لأجل الاحتياط الوجوبي - وجب عليه الجمع في القضاء أيضا.
(مسألة) 419: من فاتته الصلاة وقد كان حاضرا في أول وقتها ومسافرا في
آخره أو بعكس ذلك، فالأحوط الجمع في كلا الفرضين.
(مسألة) 420: لا ترتيب بين الفرائض على الأظهر، فيجوز قضاء المتأخر
فوتا قبل قضاء المتقدم عليه. والأولى رعاية الترتيب، هذا في غير ما كان مرتبا من
168

أصله - كالظهرين أو العشائين من يوم واحد - وأما ما كان مرتبا من أصله
فيجب الترتيب في قضائه.
(مسألة) 421: إذا لم يعلم بعدد الفوائت، ودار أمرها بين الأقل والأكثر
جاز أن يقتصر على المقدار المتيقن، ولا يجب عليه قضاء المقدار المشكوك فيه وإن
كان أحوط.
(مسألة) 422: إذا فاتته صلاة واحدة وترددت بين صلاتين مختلفتي العدد
- كما إذا ترددت بين صلاة الفجر وصلاة المغرب - وجب عليه الجمع بينهما في
القضاء، وإن ترددت بين صلاتين متساويتين في العدد - كما إذا ترددت بين
صلاتي الظهر والعشاء - جاز له أن يأتي بصلاة واحدة عما في الذمة، ويتخير بين
الجهر والاخفات إذا كانت إحديهما إخفاتية والأخرى جهرية.
(مسألة) 423: وجوب القضاء موسع، فلا بأس بتأخيره ما لم ينته إلى
المسامحة في أداء الوظيفة.
(مسألة) 424: لا ترتيب بين الحاضرة والفائتة، فمن كانت عليه فائتة
ودخل عليه وقت الحاضرة تخير في تقديم أيهما شاء إذا وسعهما الوقت، وإذا
كان القضاء ليومه فالأحوط تقديمه على الحاضرة، وفي ضيق الوقت تتعين
الحاضرة، ولا تزاحمها الفائتة.
(مسألة) 425: إذا شرع في صلاة حاضرة وتذكر أن عليه فائتة جاز له أن
يعدل بها إلى الفائتة إذا أمكنه العدول.
169

(مسألة 426): يجوز التنفل لمن كانت عليه فائتة، سواء في ذلك النوافل
المرتبة وغيرها.
(مسألة) 427: من لم يتمكن من الصلاة التامة لعذر، فالأحوط تأخير
القضاء إذا علم بارتفاع عذره فيما بعد، ولا بأس بالبدار إذا اطمأن ببقاء عذره
وعدم ارتفاعه. بل لا بأس به مع الشك أيضا، إلا أنه إذا قضاها مع الاطمئنان
بالبقاء أو مع الشك في الارتفاع ثم ارتفع عذره لزمه القضاء ثانيا في الأركان وفي
غيرها أيضا على الأحوط. مثال ذلك: إذا لم يتمكن المكلف من الركوع أو
السجود لمانع، واطمأن ببقائه إلى آخر عمره، أو أنه شك في ذلك فقضى ما فاته
من الصلوات مع الايماء بدلا عن الركوع والسجود، ثم ارتفع عذره وجب
عليه القضاء ثانيا، وإذا لم يتمكن من القراءة الصحيحة لعيب في لسانه، واطمأن
ببقائه أو شك في ذلك فقضى ما عليه من الفوائت، ثم ارتفع العذر يجب عليه
القضاء ثانيا على الأحوط.
(مسألة) 428: لا يختص وجوب القضاء بالفرائض اليومية، بل يجب
قضاء كل ما فات من الصلوات الواجبة عدا العيدين حتى المنذورة في وقت
معين على الأحوط.
(مسألة) 429: من فاتته الفريضة لعذر ولم يقضها مع التمكن منه حتى
مات وجب قضاؤه على الأولى بميراثه، ويمكن أن يكون المراد به ولده الأكبر،
ويلحق به ما أتى به فاسدا، وفي إلحاق الأم بالأب تأمل وإن كان أحسن، ولا
يعتبر في الولد البلوغ والعقل حال موت أبيه، فإذا بلغ الولد أو زال جنونه بعد
ذلك وجب عليه القضاء، ويختص وجوب القضاء عليه بما وجب على الميت
170

نفسه، وأما ما وجب عليه باستيجار ونحو ذلك فلا يجب على الولد الأكبر
قضاؤه، ومن هذا القبيل ما وجب على الميت من فوائت أبيه ولم يؤده حتى مات،
فإنه لا يجب قضاء ذلك على ولده.
(مسألة) 430: إذا تعدد الولد الأكبر وجب القضاء عليهما وجوبا كفائيا،
فلو قضى أحدهما سقط عن الآخر.
(مسألة) 431: لا يجب على الولد الأكبر أن يباشر قضاء ما فات أباه من
الصلوات، بل يجوز أن يستأجر غيره للقضاء، بل لو تبرع أحد فقضى عن الميت
سقط الوجوب عن الولد الأكبر، وكذلك إذا أوصى الميت باستئجار شخص
لقضاء فوائته وعمل بوصيته.
(مسألة) 432: إذا شك الولد الأكبر في فوت الفريضة عن أبيه لم يجب عليه
القضاء، وإذا دار أمر الفائتة بين الأقل والأكثر اقتصر على الأقل، وإذا علم
بفوتها وشك في قضاء أبيه لها وجب عليه القضاء على الأحوط وجوبا.
(مسألة) 433: لا تخرج أجرة قضاء ما فات الميت من الصلوات من أصل
التركة، فلو لم يكن له ولد أكبر، ولم يوص بذلك لم يجب القضاء من صلب
المال، وإن كان القضاء أحوط استحبابا بالنسبة إلى غير القاصرين من الورثة.
(مسألة) 434: لا تفرغ ذمة الولد الأكبر ولا ذمة الميت بمجرد الاستيجار
ما لم يتحقق العمل في الخارج، فإذا مات الأجير - قبل الاتيان بالعمل - أو منعه
مانع عنه وجب على الولي القضاء بنفسه أو باستيجار غيره.
171

صلاة الاستيجار
يجب على المكلف أن يقضي بنفسه ما فاته من الصلوات كما مر، فإن لم
يتمكن من ذلك وجب عليه أن يتوسل إلى القضاء عنه بالايصاء، أو بإخباره
ولده الأكبر، أو بغير ذلك، ولا يجوز القضاء عنه حال حياته باستيجار أو
تبرع.
(مسألة) 435: لا تعتبر العدالة في الأجير حال الاخبار، بل يكفي الوثوق
بأدائه على وجه صحيح إذا أخبر بالتأدية، ويعتبر فيه البلوغ والعقل والايمان وأن
يكون عارفا بأحكام القضاء على وجه يصح منه الفعل، ولا يجوز استيجار ذي
العذر كالعاجز عن القيام، ولا تعتبر المماثلة بين القاضي والمقضي عنه، فالرجل
يقضي عن المرأة وبالعكس. والعبرة في الجهر والاخفات بحال القاضي، فيجب
الجهر في القراءة في الصلوات الجهرية فيما إذا كان القاضي رجلا وإن كان القضاء
عن المرأة، وتتخير المرأة فيها بين الجهر والاخفات وإن كان القضاء عن الرجل،
ويجب أن ينوي بعمله الاتيان بما في ذمة الميت.
(مسألة) 436: يجب على الأجير أن يأتي بالعمل على النحو المتعارف إذا لم
تشترط في عقد الإجارة كيفية خاصة، وإلا لزمه العمل بالشرط.
صلاة الآيات
تجب صلاة الآيات عند كسوف الشمس وخسوف القمر ولو بعضهما،
وكذا بالزلزلة على الأحوط، وإن لم يحصل الخوف بشئ من ذلك، وتجب بكل
172

حادثة سماوية مخوفة لأغلب الناس - كهبوب الريح السوداء، أو الحمراء، أو
الصفراء، وظلمة الجو الخارقة للعادة، والصاعقة ونحو ذلك -. ولا يترك
الاحتياط في الحوادث الأرضية المخوفة - كخسف الأرض، وسقوط الجبل،
وغور ماء البحر، ونحو ذلك -.
وتتعدد صلاة الآيات بتعدد موجبها.
(مسألة) 437: وقت صلاة الآيات في الكسوف والخسوف من ابتداء
حدوثهما إلى الشروع في الانجلاء على الأحوط لزوما، والأحوط في غيرهما
المبادرة إليها فورا ففورا.
(مسألة) 438: صلاة الآيات ركعتان، وفي كل ركعة منها خمس
ركوعات، وكيفية ذلك، أن يكبر ويقرأ سورة الفاتحة وسورة تامة غيرها، ثم
يركع، فإذا رفع رأسه من الركوع قرأ سورة الفاتحة وسورة تامة، ثم يركع،
وهكذا إلى أن يركع الركوع الخامس، فإذا رفع رأسه منه هوى إلى السجود
وسجد سجدتين - كما في الفرائض اليومية - ثم يقوم فيأتي في الركعة الثانية بمثل
ما أتى به في الركعة الأولى، ثم يتشهد ويسلم كما في سائر الصلوات.
ويجوز الاقتصار في كل ركعة على قراءة سورة الفاتحة مرة وقراءة سورة
أخرى، بأن يقرأ - بعد سورة الفاتحة - شيئا من السورة، ثم يركع فإذا رفع رأسه
من الركوع يقرأ جزء آخر من تلك السورة من حيث قطعها، ثم يركع، وهكذا
ويتم السورة بعد الركوع الرابع ثم يركع، وكذلك في الركعة الثانية.
ويجوز له التبعيض، بأن يأتي بالركعة الأولى على الكيفية السابقة، ويأتي
173

بالركعة الثانية على الكيفية التالية، أو بالعكس، ولها كيفيات أخر لا حاجة إلى
ذكرها.
(مسألة) 439: يستحب القنوت في صلاة الآيات قبل الركوع الثاني
، والرابع، والسادس، والثامن، والعاشر، ويجوز الاكتفاء بقنوت واحد قبل
الركوع العاشر.
(مسألة) 440: سورة التوحيد خمس آيات إحداها البسملة، وعليه فيجوز
أن يقتصر في كل ركعة على قراءتها مرة واحدة مقسطا لها على الركوعات على
النحو المزبور.
(مسألة) 441: يجوز الاتيان بصلاة الآيات جماعة، كما يجوز أن يؤتى بها
فرادى، وتدرك بإدراك الإمام في الركوع الأول من الركعة الأولى أو الركعة
الثانية، أما إذا أدركه في غيره منهما ففيه إشكال.
(مسألة) 442: ما ذكرناه في الصلوات اليومية من الشرائط والمنافيات
وأحكام الشك والسهو كل ذلك يجري في صلاة الآيات.
(مسألة) 443: إذا شك في عدد الركعات في صلاة الآيات ولم يرجح أحد
طرفيه على الآخر بطلت صلاته، بل مع الترجيح أيضا على الأحوط، وإذا شك
في عدد الركوعات لم يعتن به إذا كان بعد تجاوز المحل، وإلا بنى على الأقل وأتى
بالمشكوك فيه إلا أن يرجع إلى الشك في الركعات، كما إذا شك في أن المشكوك
هو الخامس أو السادس، فتبطل.
(مسألة) 444: إذا علم بالكسوف أو الخسوف ولم يصل عصيانا أو نسيانا
174

حتى تم الانجلاء وجب عليه القضاء على الأحوط، بلا فرق بين الكلي والجزئي
منهما، وإذا لم يعلم به حتى تم الانجلاء، فإن كان الكسوف أو الخسوف كليا،
بأن احترق القرص كله وجب القضاء على الأحوط، وإلا فلا.
ويجب على الأحوط الاتيان بها في غير الكسوفين، سواء علم بحدوث
الموجب - حينه - أم لم يعلم به.
(مسألة) 445: لا تجب صلاة الآيات على الحائض والنفساء.
(مسألة) 446: إذا اشتغلت ذمة المكلف بصلاة الآيات وبالفريضة
اليومية، تخير في تقديم أيتهما شاء إن وسعهما الوقت، وإن وسع إحداهما دون
الأخرى قدم المضيق ثم أتى بالموسع، وإن ضاق وقتهما قدم اليومية. وإذا شرع
في اليومية فانكشف ضيق وقت صلاة الآيات قطع اليومية وأتى بالآيات، وأما
إذا شرع في صلاة الآيات فانكشف ضيق وقت اليومية قطعها وأتى باليومية
، ويعود إلى صلاة الآيات من محل القطع إذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليومية.
175

الصوم
177

الصوم وشرائط وجوبه
يجب على كل إنسان أن يصوم شهر رمضان عند تحقق هذه الشروط:
1 - البلوغ، فلا يجب على غير البالغ من أول الفجر، وفي صحة صوم
غير البالغ وسائر عباداته إشكال.
2 - العقل في مجموع النهار، فلو جن - ولو في آن من النهار - لم يجب
الصوم عليه، ولا يصح منه.
3 - عدم الاغماء، فلو أغمي عليه قبل الفجر - ولم يتحقق منه قصد
الصوم، وأفاق بعد الفجر - لم يجب عليه الصوم، نعم لو قصد الصوم قبل الفجر
ثم أغمي عليه، ثم أفاق بعد الغروب فيجب القضاء عليه على الأحوط.
4 - الطهارة من الحيض والنفاس، فلا يجب على الحائض والنفساء ولا
يصح منهما، ولو كان الحيض أو النفاس في جزء من النهار.
5 - الأمن من الضرر، فلو خاف المرض أو الرمد أو غير ذلك لم يجب
عليه الصوم، ولا فرق بين أن يخاف حدوث المرض أو شدته أو طول مدته، كل
ذلك بالمقدار المعتد به، ففي جميع هذه الصور لا يجب عليه الصوم، وإذا أمن من
الضرر على نفسه، ولكنه خاف من الصوم على عرضه أو ماله مع الحرج في تحمله
179

لم يجب عليه الصوم، وكذلك فيما إذا خاف على عرض غيره أو ماله مع وجوب
حفظه عليه.
6 - الحضر أو ما بحكمه، فلو كان في سفر تقصر فيه الصلاة لم يصح منه
الصوم، نعم السفر الذي يجب فيه التمام لا يسقط فيه الصوم.
(مسألة 447): الأماكن التي يتخير المسافر فيها بين القصير والاتمام يتعين
عليه فيها الافطار ولا يصح منه الصوم.
(مسألة) 448: يعتبر في جواز الافطار للمسافر أن يتجاوز حد الترخص
الذي يعتبر في قصر الصلاة، وقد مر بيانه في الشرط الثامن للتقصير
صفحة: (158) وما بعدها.
(مسألة) 449: يجب إتمام الصوم على من سافر بعد الزوال إن لم يكن ناويا
للسفر من الليل، وأما إذا كان ناويا من الليل فالأحوط أن يتم صومه ثم يقضيه،
وأما إذا سافر قبل الزوال، فإن كان نوى السفر من الليل فلا إشكال في جواز
الافطار معه بعد التجاوز عن حد الترخص ووجوب القضاء، وأما إذا لم يكن
نواه ليلا واتفق له السفر قبل الزوال، فالأحوط له أن يتم صومه ثم يقضيه.
(مسألة) 450: إذا رجع المسافر إلى وطنه أو محل إقامته ففيه صور:
1 - أن يرجع إليه بعد الزوال، فلا يجب عليه الصوم في هذه الصورة.
2 - أن يرجع قبل الزوال وقد أفطر في سفره، فلا يجب عليه الصوم
أيضا.
180

3 - أن يرجع قبل الزوال ولم يفطر في سفره، ففي هذه الصورة يجب عليه
أن ينوي الصوم، ويصوم بقية النهار.
(مسألة) 451: إذا صام المسافر جهلا بالحكم وعلم به بعد انقضاء النهار
صح صومه، ولم يجب عليه القضاء.
(مسألة) 452: يجوز السفر في شهر رمضان من غير ضرورة، ولا بد من
الافطار فيه كغيره من الأسفار، وكذلك سائر أقسام الصوم الواجب المعين
- كالمنذور ونحوه - على الأظهر، وإن كان الأولى ترك السفر فيها من غير
ضرورة، بل لو كان المكلف مسافرا فالأولى أن يقصد الإقامة ويأتي بالواجب
المعين.
(مسألة) 453: لا فرق في عدم صحة الصوم في السفر بين الفريضة والنافلة
إلا في موارد:
منها: ثلاثة أيام للحاجة في المدينة، والأحوط أن يكون في الأربعاء،
والخميس، والجمعة.
ومنها: الصوم المنذور إيقاعه في السفر، أو في الأعم من الحضر والسفر.
ومنها: صوم الثلاثة أيام من العشرة التي تكون بدل هدي التمتع لمن
عجز عنه.
ومنها: صوم الثمانية عشر يوما التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من
عرفات قبل الغروب
(مسألة) 454: يعتبر في صحة صوم النافلة أن لا تكون ذمة المكلف
181

مشغولة بصوم فريضة، فلو كان عليه صوم واجب - من قضاء أو كفارة أو
نحوهما - لم يصح منه صوم النافلة. نعم إذا كان على ذمته بالإجارة ونحوها
صوم واجب على غيره فالظاهر صحة صوم النافلة منه، نعم إذا نسي أن عليه
صوما واجبا فصام تطوعا فذكر بعد الفراغ صح صومه.
(مسألة) 455: إذا كان الصوم على الشيخ والشيخة حرجا ومشقة جاز
لهما الافطار، ويكفران عن كل يوم بمد من الطعام، والأفضل كونها من
الحنطة، بل كونها مدين، بل هو الأحوط استحبابا، وإذا تعذر عليهما الصوم
سقطت الكفارة، ويجري هذا الحكم على ذي العطاش - من به داء العطش
-، فإذا كان عليه الصوم حرجيا ومشقة كفر عن كل يوم بمد، وإذا تعذر عليه
الصوم سقطت الكفارة، ولا يجب عليهم القضاء، والأحوط القضاء لذي
العطاش إذا تمكن.
(مسألة) 456: الحامل المقرب إذا خافت على جنينها أفطرت، وكفرت عن
كل يوم بمد، ويجب عليها القضاء، وأما إذا خافت على نفسها أفطرت من دون
كفارة، ويلزمها القضاء.
(مسألة) 457: المرضع القليلة اللبن إذا خافت الضرر على نفسها أو على
الطفل الرضيع أفطرت، ويجب عليها القضاء، وإذا كان الضرر على الطفل
كفرت عن كل يوم بمد، وإذا كان الضرر على نفسها فالأحوط عليها وجوب
الفدية، ولا فرق في المرضع بين الأم والمستأجرة والمتبرعة.
ولو وجدت من ترضع الطفل بأجرة أو مجانا، ولم يكن مانع من إرضاعها
لم يجز لها الافطار.
182

(مسألة 458): المد يساوي ثلاثة أرباع الكيلو تقريبا، والأفضل أن يكون
من الحنطة، والأظهر إجزاء مطلق الطعام من الحنطة والشعير والخبز وغيرها.
ثبوت الهلال في شهر رمضان
يعتبر في وجوب صيام شهر رمضان ثبوت الهلال بأحد هذه الطرق:
1 - أن يراه المكلف بنفسه.
2 - أن يتيقن أو يطمئن بثبوته من الشياع ونحوه.
3 - مضي ثلاثين يوما من شهر شعبان.
4 - شهادة رجلين عادلين إذا لم يحتمل الاشتباه في حقهما احتمالا معتدا
به، فلو ادعى أحدهما الرؤية في طرف وادعى الآخر رؤيته في طرف آخر لم يثبت
الهلال بذلك، وكذا لا يثبت الهلال بشهادة النساء إلا إذا حصل اليقين أو
الاطمئنان به من شهادتهن.
(مسألة) 459: لا يثبت الهلال بحكم الحاكم، وفي ثبوته برؤيته قبل الزوال
في اليوم الثلاثين من أول شعبان إشكال، وكذا في ثبوته بتطوق الهلال ليدل على
أنه لليلة السابقة إشكال، ولا عبرة بغير ما ذكرناه - من قول المنجم ونحو
ذلك -.
(مسألة) 460: إذا أفطر المكلف يوم الشك من شهر رمضان ثم انكشف
ثبوت الهلال بأحد الطرق المزبورة وجب عليه القضاء، وإذا بقي من النهار شئ
وجب عليه الامساك فيه.
(مسألة) 461: الظاهر كفاية ثبوت الهلال في بلد آخر وإن لم ير في بلد
183

الصائم، ولا فرق في ذلك بين اتحاد الأفق وعدمه مع اشتراكهما في كون ليلة
واحدة ليلة لهما، وإن كان أول ليلة أحدهما آخر ليلة لآخر.
(مسألة) 462: لا بد في ثبوت هلال شوال من تحقق أحد الأمور المتقدمة،
فلو لم يثبت بشئ منها لم يجز الافطار.
(مسألة) 463: إذا صام يوم الشك من شهر شوال، ثم ثبت الهلال أثناء
النهار وجب عليه الافطار.
(مسألة) 464: لا يجوز أن يصوم يوم الشك من شهر رمضان على أنه منه
، نعم يجوز صومه استحبابا أو قضاء، فإذا انكشف - حينئذ - أثناء النهار أنه من
شهر رمضان عدل بنيته وأتم صومه، ولو انكشف الحال بعد مضي الوقت
حسب له صومه ولا يجب عليه القضاء.
(مسألة) 465: المحبوس إذا لم يتمكن من تحصيل العلم بدخول شهر
رمضان عمل بالظن، ومع عدمه يختار شهرا فيصومه، فإن لم ينكشف الخلاف
فهو، وإلا ففيه صورتان:
الأولى: أن ينكشف أن صومه قد وقع بعد شهر رمضان، فلا شئ عليه
في هذه الصورة.
الثانية: أن ينكشف أن صومه كان قبل شهر رمضان، فيجب عليه في هذه
الصورة أن يقضي صومه إذا كان الانكشاف بعد شهر رمضان.
نية الصوم:
يجب على المكلف قصد الامساك عن المفطرات من أول الفجر إلى
184

الغروب متقربا به إلى الله تعالى، والأحوط عدم الاكتفاء بنية واحدة قبل الشهر،
بل يعتبر تجديد النية في كل ليلة.
(مسألة) 466: كما تعتبر النية في صيام شهر رمضان تعتبر في غيره من
الصوم الواجب - كصوم الكفارة والنذر والقضاء، والصوم نيابة عن الغير - ولو
كان على المكلف أقسام من الصوم الواجب وجب عليه التعيين زائدا على قصد
القربة، نعم لا حاجة إلى التعيين في شهر رمضان، لأن الصوم فيه متعين بنفسه.
(مسألة) 467: يكفي في نية الصوم أن ينوي الامساك عن المفطرات على
نحو الاجمال، ولا حاجة إلى تعيينها تفصيلا.
(مسألة) 468: إذا نسي النية في شهر رمضان، فإن تذكر بعد الزوال أو قبل
الزوال بعد ما أتى بالمفطر وجب عليه الامساك بقية النهار، والقضاء بعد ذلك،
وإن كان التذكر قبل الزوال قبل أن يأتي بالمفطر فالأحوط عليه الامساك بقية
النهار والقضاء بعد ذلك. وأما سائر أقسام الصوم الواجب فإن فاتته النية فيها
وتذكر بعد الزوال بطل صوم ذلك اليوم، وكذلك إن تذكر قبل الزوال وقد أتى
بشئ من المفطرات، وإذا كان التذكر قبل الزوال - ولم يأت بشئ من المفطرات -
جاز له تجديد النية، وحكم بصحة صومه، وأما صوم النافلة فيمتد وقت نيته إلى
الغروب، بمعنى أن المكلف إذا لم يكن قد أتى بمفطر جاز له أن يقصد صوم
النافلة ويمسك بقية النهار ولو كان الباقي شيئا قليلا، ويحسب له صوم هذا
اليوم.
(مسألة) 469: يعتبر في النية الاستمرار، فلو قصد الافطار أثناء النهار بطل
صومه، وإن لم يأت بشئ من المفطرات، هذا في الواجب المعين، وأما الواجب
185

غير المعين فلا يقدح قصد الافطار والتردد وغيرهما مما يقدح في استمرار النية إذا
رجع إلى نيته قبل الزوال، نعم إذا تردد للشك في صحة صومه فالظاهر الصحة
في الصوم الواجب المعين.
(مسألة) 470: إذا نوى ليلا صوم الغد، ثم نام ولم يستيقظ طول النهار
صح صومه على إشكال.
المفطرات:
وهي عشرة:
الأول والثاني: تعمد الأكل والشرب، ولا فرق في المأكول والمشروب بين
المتعارف وغيره، ولا بين القليل والكثير، كما لا فرق في الأكل والشرب بين أن
يكونا من الطريق العادي أو من غيره، فلو شرب الماء من أنفه بطل صومه،
ويبطل الصوم ببلع الأجزاء الباقية من الطعام بين الأسنان اختيارا.
(مسألة) 471: لا يبطل الصوم بالأكل أو الشرب بغير عمد، كما إذا نسي
صومه فأكل أو شرب، كما لا يبطل بما إذا أوجر في حلقه بغير اختياره ونحو
ذلك.
(مسألة) 472: لا يبطل الصوم بزرق الإبرة في العضلة أو العرق،
والأحوط وجوبا الاجتناب عن الإبرة المستعملة بدل الطعام، والإبرة المستعملة
للتقوية، ولا يبطل بالتقطير في الأذن أو العين إذا لم يصل إلى الجوف من طريق
الحلق.
186

(مسألة) 473: يجوز للصائم بلع ريقه اختيارا ما لم يخرج من فضاء فمه،
نعم إذا اجتمع الريق الكثير بتخيل الحامض - مثلا - فالأحوط وجوبا بطلان
الصوم ببلعه.
(مسألة) 474: لا بأس على الصائم أن يبلع ما يخرج من صدره أو ينزل من
رأسه من الأخلاط ما لم يصل إلى فضاء الفم، وإلا فالأحوط تركه.
(مسألة) 475: يجوز للصائم الاستياك، لكن إذا أخرج المسواك لا يرده إلى
فمه وعليه رطوبة، إلا أن يبصق ما في فمه من الريق بعد الرد.
(مسألة) 476: يجوز لمن يريد الصوم ترك تخليل الأسنان بعد الأكل ما لم
يعلم بدخول شئ من الأجزاء الباقية بين الأسنان إلى الجوف في النهار، وإن علم
بدخول شئ منها إلى الجوف في النهار، وترك التخليل ودخل بطل صومه.
(مسألة) 477: لا بأس على الصائم أن يمضغ الطعام للصبي أو الحيوان،
وأن يتذوق المرق ونحو ذلك مما لا يتعدى إلى الحلق، ولو اتفق تعدي شئ من
ذلك إلى الحلق من غير قصد لم يبطل صومه.
(مسألة) 478: يجوز للصائم المضمضة بقصد الوضوء أو لغيره ما لم يبتلع
شيئا من الماء متعمدا، والأولى بعد المضمضة أن يبزق ريقه ثلاثا.
(مسألة) 479: إذا تمضمض الصائم وسبق الماء إلى جوفه بغير اختياره ففيه
صور:
1 - أن يتفق ذلك في مضمضته لوضوء الصلاة الواجبة، فلا شئ عليه في
هذه الصورة.
187

2 - أن يتفق ذلك في مضمضته لوضوء غير الصلاة الواجبة، فالأحوط
وجوبا في هذه الصورة أن يقضي صومه.
3 - أن يتفق ذلك في مضمضته لداع آخر غير الوضوء، ففي هذه الصورة
لا بد من القضاء.
الثالث من المفطرات: تعمد الكذب على الله، أو على رسوله، أو على
أحد الأئمة المعصومين عليهم السلام، بل الأحوط وجوبا إلحاق سائر الأنبياء
وأوصياؤهم عليهم السلام، والأحوط وجوبا أن لا يكذب على الصديقة
الطاهرة عليها السلام.
(مسألة) 480: إذا اعتقد الصائم صدق خبره عن الله، أو عن أحد
المعصومين عليهم السلام، ثم انكشف له كذبه لم يبطل صومه، نعم إذا أخبر عن
الله أو عن رسوله - مع احتمال كذبه - وكان الخبر كذبا في الواقع جرى عليه
حكم التعمد على الأحوط.
(مسألة) 481: لا بأس بقراءة القرآن على وجه غير صحيح ولا يبطل
بذلك صومه.
الرابع من المفطرات: تعمد الارتماس في الماء على الأحوط، ولا فرق بين
رمس تمام البدن ورمس الرأس فقط، ولا يبطل الصوم بوقوف الصائم تحت
المطر ونحوه وإن أحاط الماء بتمام بدنه، والأظهر اختصاص الحكم بالماء، فلا
بأس بالارتماس في غيره حتى إذا كان من المياه المضافة، وإن كان الترك أحوط.
(مسألة) 482: إذا ارتمس الصائم في شهر رمضان بقصد الغسل متعمدا
188

بطل غسله وصومه، وأما في الواجب المعين في غير شهر رمضان فيبطل صومه
بنية الارتماس، والظاهر صحة غسله، إلا أن الاحتياط لا ينبغي تركه، وأما في
غيرهما من الصوم الواجب أو المستحب فلا ينبغي الاشكال في صحة غسله وإن
بطل صومه، وأما إذا كان ناسيا للصوم ففي جميع الصور صح صومه وغسله.
الخامس من المفطرات: تعمد الجماع، ولا يبطل الصوم به إذا لم يكن عن
عمد.
السادس من المفطرات: الاستمناء بملاعبة أو تقبيل أو ملامسة أو غير
ذلك، بل إذا أتى بشئ من ذلك ولم يطمئن من نفسه بعدم خروج المني فاتفق
خروجه بطل صومه على الأظهر، بل لو اطمئن من نفسه بعدم الخروج فاتفق
خروجه فالأحوط وجوبا بطلان صومه أيضا.
(مسألة) 483: إذا احتلم في شهر رمضان جاز له الاستبراء بالبول وإن
تيقن بخروج ما بقي من المني في المجرى، والأحوط أن يؤخر البول إلى ما بعد
المغرب فيما إذا اغتسل قبل البول.
السابع من المفطرات: تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر، ويختص
ذلك بصوم شهر رمضان، ولا يصح القضاء ممن بقي على الجنابة حتى يطلع
الفجر في فرض عدم التعمد أيضا، وأما في غيرهما من أقسام الصوم، فالظاهر
عدم بطلانه بذلك وإن كان الأولى تركه في سائر أقسام الصوم الواجب.
(مسألة) 484: البقاء على حدث الحيض أو النفاس في حكم البقاء على
الجنابة على الأحوط، إلا أنه يختص بصوم شهر رمضان، ولا يجري في غيره حتى
في قضائه، وإن كان الأحوط أن تغتسل.
189

(مسألة) 485: من أجنب في شهر رمضان ليلا، ثم نام غير قاصد للغسل
سواء أكان ناويا لترك الغسل أم كان مترددا فيه، فاستيقظ بعد الفجر جرى عليه
حكم تعمد البقاء على الجنابة، وأما إذا كان ناويا للغسل ومعتادا للانتباه فاتفق أنه
لم يستيقظ إلا بعد الفجر صح صومه، والأحوط مع ذلك أن يقضي ذلك اليوم،
نعم إذا استيقظ ثم نام ولم يستيقظ حتى طلع الفجر وجب عليه القضاء، وكذلك
الحال في النومة الثالثة، إلا أن الأحوط
الأولى فيه الكفارة أيضا.
(مسألة) 486: إذا أجنب في شهر رمضان ليلا، ولم يكن من عادته
الاستيقاظ فالأحوط - لزوما - أن يغتسل قبل النوم، فإن نام ولم يستيقظ
فالأحوط القضاء حتى في النومة الأولى، بل الأحوط الأولى الكفارة أيضا في
النومة الثالثة.
(مسألة) 487: إذا علم بالجنابة ونسي غسلها حتى طلع الفجر بطل صومه
وعليه قضاؤه، وأما إذا لم يعلم بالجنابة، أو علم بها ونسي وجوب صوم الغد
حتى طلع الفجر صح صومه، هذا في صوم شهر رمضان، وأما قضاؤه فالظاهر
بطلانه إذا أصبح جنبا، ولا يصح منه ذلك اليوم قضاء وإن لم يتعمد ذلك، كما مر.
(مسألة) 488: إذا لم يتمكن الجنب من الاغتسال ليلا، وجب عليه أن
يتيمم قبل الفجر بدلا من الغسل، فإن تركه بطل صومه، وإن تيمم وجب عليه
أن لا ينام بعده حتى يطلع الفجر على الأحوط.
(مسألة) 489: حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة، وأما في
الاستحاضة الكثيرة فيعتبر في صحة صومها أن تغتسل الأغسال النهارية والليلية
190

السابقة على الأحوط، ولا يجب تقديم غسل الصبح على الفجر، بل لا يجزي
لصلاة الصبح ولو مع عدم الفصل المعتد به على الأحوط، وأما في الاستحاضة
المتوسطة فالأحوط اعتبار الغسل في صحة صومها.
الثامن من المفطرات: تعمد إدخال الغبار الغليظ، أو غير الغليظ في الحلق
على الأحوط، بل الأحوط الاجتناب عن الدخان أيضا.
التاسع من المفطرات: تعمد القئ، ويجوز التجشؤ للصائم إن لم يتيقن
بخروج شئ من الطعام أو الشراب معه، والأحوط وجوبا ترك ذلك مع اليقين
بخروجه.
(مسألة) 490: لو رجع شئ من الطعام أو الشراب بالتجشؤ أو بغيره إلى
حلق الصائم قهرا لم يجز ابتلاعه ثانيا، ويجري على الابتلاع حكم الأكل أو
الشرب - من وجوب القضاء والكفارة - على الأحوط.
العاشر من المفطرات: تعمد الاحتقان بالماء أو بغيره من
المائعات، ولا
بأس بغير المائع.
أحكام المفطرات
(مسألة) 491: تجب الكفارة بارتكاب أحد المفطرات عمدا، والتكفير
يتحقق بتحرير رقبة، أو إطعام ستين مسكينا، أو صوم شهرين متتابعين، بأن
يصوم الشهر الأول بتمامه ومن الشهر الثاني ولو يوما واحدا، ويصوم بقيته متى
شاء، هذا فيما إذا كان الافطار بحلال، وأما إذا كان بحرام وجب عليه الجمع
191

بين الأمور المذكورة على الأحوط، وإذا لم يتمكن من الجمع اقتصر على ما تمكن
منه.
(مسألة) 492: إذا أكره الصائم زوجته على الجماع في نهار شهر رمضان -
وهي صائمة - وجبت عليه كفارتان، وعزر بخمسين سوطا، ومع عدم
الاكراه ورضاء الزوجة بذلك يعزر كل منهما بخمسة وعشرين سوطا، وعلى
كل منهما كفارة واحدة.
(مسألة) 493: من ارتكب شيئا من المفطرات في صيام شهر رمضان بطل
صومه ووجب عليه الامساك بقية النهار، ولا يجوز له ارتكابه ثانيا، لكنه لا
تجب الكفارة إلا بأول مرتبة من الافطار، ولا تتعدد بتعدده إلا في الجماع، فإنه
تجب الكفارة به ولو كان الصائم قد أفطر قبل ذلك به أو بغيره، فلو أفطر بالأكل
متعمدا، ثم جامع، أو جامع مرتين وجبت عليه كفارتان، والاستمناء في حكم
الجماع على الظاهر.
(مسألة) 494: من أفطر في شهر رمضان متعمدا ثم سافر لم يسقط عنه
وجوب الكفارة وإن كان سفره قبل الزوال.
(مسألة) 495: يختص وجوب الكفارة بالعالم بالحكم، ولا كفارة على
الجاهل القاصر أو المقصر على الأظهر، فلو ارتمس في الماء عمدا - مثلا - باعتقاد
أنه لا يبطل الصوم به لم تجب عليه الكفارة، هذا فيما إذا لم يعلم بحرمته، وإلا لم
يبعد وجوب الكفارة مع الجهل أيضا، فلو كذب على الله تعالى متعمدا عالما
بحرمته معتقدا عدم بطلان الصوم به وجبت عليه الكفارة على الأحوط كما إذا
كان عالما بالحكم، ولا يعتبر في وجوب الكفارة العلم بوجوبها.
192

موارد وجوب القضاء فقط
(مسألة) 496: من أفطر في شهر رمضان لعذر - من سفر أو مرض
ونحوهما - وجب عليه القضاء في غيره من أيام السنة إلا يومي العيدين - الفطر
والأضحى - فلا يجوز الصوم فيهما قضاءا وغير قضاء من سائر أقسام الصوم
حتى النافلة.
(مسألة) 497: من أكره على الافطار في شهر رمضان أو اضطر إليه جاز له
الافطار بمقدار الضرورة، ووجب عليه قضاء الصوم بعد ذلك، وكذلك الحال
في ما إذا أفطر عن تقية.
(مسألة) 498: تقدمت جملة من الموارد التي يجب فيها القضاء، والبقية كما
يلي:
1 - ما إذا أخل بالنية في شهر رمضان ولكنه لم يرتكب شيئا من المفطرات
المزبورة. 2 - ما إذا ارتكب شيئا من المفطرات من دون فحص عن طلوع الفجر
، فانكشف طلوع الفجر حين الافطار، وأما إذا فحص واطمأن ببقاء الليل فأتى
بمفطر ثم انكشف طلوع الفجر لم يجب عليه القضاء.
3 - ما إذا أتى بمفطر متعمدا على من أخبره ببقاء الليل ثم انكشف
خلافه.
4 - ما إذا أخبر بطلوع الفجر فأتى بمفطر بزعم أن المخبر إنما أخبر
193

مزاحا، ثم انكشف أن الفجر كان طالعا.
5 - ما إذا أخبر من يعتمد على قوله شرعا بغروب الشمس فأفطر،
وانكشف خلافه.
6 - ما إذا أفطر الصائم لظلمة باعتقاد غروب الشمس ولم يكن في السماء
غيم ثم انكشف عدمه، بل الأحوط - إن لم يكن أقوى - وجوب الكفارة، نعم
إذا اعتقد الغروب أو ظن به - من جهة الغيم في السماء - فأفطر ثم انكشف
خلافه فلا يجب القضاء فيه.
أحكام القضاء
(مسألة) 499: لا يعتبر الترتيب ولا الموالاة في القضاء، فيجوز التفريق
فيه، كما يجوز قضاء ما فات ثانيا قبل أن يقضي ما فاته أولا.
(مسألة) 500: الأحوط وجوبا عدم تأخير ما فاته في شهر رمضان أثناء
سنته عن رمضان الآتي، ولو أخره عمدا كفر عن كل يوم بمد، والأحوط ذلك
في التأخير بغير عمد أيضا، نعم إذا استند التأخير إلى استمرار المرض إلى رمضان
الآتي ولم يتمكن المكلف من القضاء في مجموع السنة سقط وجوب القضاء ولزمته
الكفارة فقط.
(مسألة) 501: إذا تعين وجوب القضاء في يوم لم يجز على الأحوط
الافطار فيه قبل الزوال وبعده، وأما إذا كان موسعا جاز الافطار قبل الزوال ولم
يجز بعده، ولو أفطر بعد الزوال لزمته الكفارة - إطعام عشرة من المساكين،
194

يعطي كل واحد منهم مدا من الطعام، فلو عجز عنه صام بدله ثلاثة أيام -، وأما
الواجب غير القضاء فإن كان معينا، لم يجز الافطار فيه مطلقا، وإن كان موسعا
جاز الافطار فيه قبل الظهر وبعده، والأحوط أن لا يفطر بعد الزوال.
(مسألة) 502: يجب على الولد الأكبر للميت أن يقضي ما فات أباه من
الصيام لعذر أو أتى به فاسدا، والأولى ذلك في الأم أيضا، وإذا كان للميت تركة
فالأحوط التصدق من تركته عن كل يوم بمد أيضا فيما إذا رضيت الورثة
بذلك، وما ذكرناه في المسألة: (429) إلى المسألة: (434) من الأحكام الراجعة
إلى قضاء الصلوات يجري في قضاء الصوم أيضا.
(مسألة) 503: إذا فاته الصوم لمرض أو حيض أو نفاس ولم يتمكن من
قضائه، كأن مات قبل البرء من المرض، أو قبل النقاء من الحيض أو النفاس، أو
مات قبل دخول شهر شوال لم يجب القضاء عنه.
195

الزكاة
197

الزكاة،
من الواجبات التي اهتم الشارع المقدس بها، وقد قرنها الله تبارك
وتعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة، وأنها إحدى الخمس التي بني
عليها الاسلام، وقد ورد: أن الصلاة لا تقبل من مانعها، وأن من منع قيراطا
من الزكاة فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا.
وهي على قسمين: زكاة الأموال، وزكاة الأبدان.
زكاة الأموال
(مسألة) 504: تجب الزكاة في ثلاثة أشياء:
1 - في الأنعام: الغنم - بقسميها: المعز والضأن - والإبل، والبقر حتى
الجاموس.
2 - في النقدين - الذهب والفضة -.
3 - في الغلات - الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب -، ولا تجب فيما
عدا ذلك، نعم تستحب في غيرها من الحبوب التي تنبت في الأرض كالسمسم
والأرز والدخن وغيرها، ولا تستحب في الخضروات مثل البقل والقثاء
199

وغيرهما. وتستحب في مال التجارة، وفي الخيل الإناث دون الذكور، والحمير
والبغال.
ويعتبر في وجوبها أمور:
1 - البلوغ.
2 - العقل.
3 - الحرية.
فلا تجب الزكاة في أموال الصبي والمجنون والرق.
4 - الملكية الشخصية، فلا تجب في الأوقاف العامة، ولا في المال الذي
أوصي بأن يصرف في التعازي أو المساجد أو المدارس ونحوها.
5 - تمكن المالك من التصرف، فلا تجب في المغصوب، والمسروق، والمال
الضائع الذي لا يعلم المالك بمكانه.
زكاة الحيوان
(مسألة) 505: يشترط في وجوب الزكاة في الأنعام أمور، فلا تجب بفقدان
شئ منها:
1 - استقرار الملكية في مجموع الحول، فلو خرجت عن ملك مالكها
أثناء الحول لم تجب فيها الزكاة، والمراد بالحول هنا: مضي أحد عشر شهرا والدخول
في الشهر الثاني عشر، وابتداء السنة فيها من حين تملكها، وفي نتاجها من حين
ولادتها
200

2 - السوم، فلو كانت معلوفة - ولو في بعض السنة - لم تجب فيها الزكاة.
نعم في انقطاع السوم بعلف اليوم واليومين والثلاثة إشكال، والأحوط - إن لم
يكن أقوى - عدم الانقطاع، ولا بد من احتساب مدة رضاع النتاج من الحول
وإن لم تكن أمهاتها سائمة.
3 - بلوغها حد النصاب، وسيأتي بيانه.
(مسألة) 506: صدق السائمة على ما رعت من الأرض المستأجرة أو
المشتراة للرعي مشكل، وإن كان الأحوط في هذه الصورة إعطاء الزكاة.
(مسألة) 507: يشترط في وجوب الزكاة في البقر والإبل - زائدا على ما
ذكر - أن لا تكون عوامل، فلو استعملت - ولو في بعض الحول - في السقي أو
الحمل أو نحو ذلك لم تجب الزكاة فيها، نعم إذا كان استعمالها في الحول يوما أو
يومين وجبت فيها الزكاة على الأحوط.
(مسألة) 508: في الغنم خمسة نصب:
1 - أربعون، وفيها شاة.
2 - مائة وإحدى وعشرون، وفيها شاتان.
3 - مائتان وواحدة، وفيها ثلاثة شياة.
4 - ثلاثمائة وواحدة، وفيها أربع شياة.
5 - أربعمائة فصاعدا، ففي كل مائة شاة، ولا شئ في ما بين النصابين.
والأحوط وجوبا في الشاة المخرجة زكاة أن تكون داخلة في السنة الثالثة
إن كانت معزا، وأن تكون داخلة في السنة الثانية إن كانت ضأنا.
201

(مسألة) 509: في الإبل اثني عشر نصابا:
1 - خمسة، وفيها شاة.
2 - عشرة، وفيها شاتان.
3 - خمسة عشر، وفيها ثلاث شياة.
4 - عشرون، وفيها أربع شياة.
5 - خمس وعشرون، وفيها خمس شياة.
6 - ست وعشرون، وفيها بنت مخاض، وهي الداخلة في السنة الثانية.
7 - ست وثلاثون، وفيها بنت لبون، وهي الداخلة في السنة الثالثة.
8 - ست وأربعون، وفيها حقة، وهي الداخلة في السنة الرابعة.
9 - إحدى وستون، وفيها جذعة، وهي التي دخلت في السنة الخامسة.
10 - ست وسبعون، وفيها بنتا لبون.
11 - إحدى وتسعون، وفيها حقتان.
12 - مائة وإحدى وعشرون فصاعدا، وفيها حقة لكل خمسين، وبنت
لبون لكل أربعين، بمعنى أنه يتعين عدها بما يكون عادا لها من خصوص
الخمسين، أو الأربعين، ويتعين عدها بهما إذا لم يكن واحد منها عادا له،
ويتخير بين العدين إذا كان كل منهما عادا له.
(مسألة) 510: في البقر نصابان:
1 - ثلاثون، وزكاتها ما دخل منها في السنة الثانية.
2 - أربعون، وزكاتها مسنة، وهي الداخلة في السنة الثالثة، وفي ما زاد
على أربعين يعد بثلاثين أو أربعين على التفصيل المتقدم.
202

ولا شئ فيما بين النصابين في البقر والإبل، كما تقدم في الغنم.
(مسألة) 511: لا يجوز إخراج المريض زكاة إذا كان جميع النصاب في
الأنعام صحاحا، كما لا يجوز إخراج المعيب إذا كان النصاب بأجمعه سليما،
وكذلك لا يجوز إخراج الهرم إذا كان الجميع شبابا، بل الأمر كذلك مع
الاختلاف على الأحوط، نعم إذا كان كل واحد من أفراد النصاب مريضا أو
معيبا أو هرما جاز الاخراج منها.
(مسألة) 512: إذا ملك من الأنعام بمقدار النصاب ثم ملك مقدارا آخر،
ففيه صور:
الأولى: أن يكون ملكه الجديد بعد تمام الحول لما ملكه أولا، ففي هذه
الصورة يبتدء الحول للمجموع، مثلا إذا كان عنده من الإبل خمس وعشرون،
وبعد انتهاء الحول ملك واحدا، فحينئذ يبتدء الحول لست وعشرين.
الثانية: أن يكون ملكه الجديد أثناء الحول، وكان هو بنفسه بمقدار
النصاب، ففي هذه الصورة لا ينضم الجديد إلى الملك الأول، بل يعتبر لكل
منهما حول بإنفراده، فإذا كان عنده خمسة من الإبل، فملك خمسة أخرى بعد
مضي ستة أشهر، لزم عليه إخراج شاة عند تمام السنة الأولى، وإخراج شاة
أخرى عند تمام السنة من حين تملكه الخمسة الأخرى.
الثالثة: أن يكون ملكه الجديد مكملا للنصاب اللاحق، ففي هذه
الصورة يجب إخراج الزكاة للنصاب الأول عند انتهاء سنته، وبعده يضم الجديد
إلى السابق، ويعتبر لهما حولا واحدا، فإذا ملك ثلاثين من البقر، وفي أثناء
203

الحول ملك أحد عشر رأسا من البقر، وجب عليه - بعد انتهاء الحول - إخراج
الزكاة للثلاثين، ويبتدء الحول للأربعين.
الرابعة: أن لا يكون ملكه الجديد نصابا مستقلا، ولا مكملا للنصاب
اللاحق، ففي هذه الصورة لا يجب عليه شئ لملكه الجديد، وإن كان هو بنفسه
نصابا لو فرض أنه لم يكن مالكا للنصاب السابق، فإذا ملك أربعين رأسا من
الغنم، ثم ملك أثناء الحول أربعين غيرها، لم يجب شئ في ملكه ثانيا، ما لم يصل
إلى النصاب الثاني.
(مسألة) 513: لو تلف شئ من الأنعام أثناء الحول، فإن نقص الباقي عن
النصاب لم تجب الزكاة فيه، وإلا وجبت الزكاة في ما بقي منها، ولو كان التلف
بعد تمام الحول، فالأحوط هي المصالحة مع الحاكم الشرعي، سواء نقص
النصاب بالتلف أم لم ينقص.
(مسألة) 514: لا يجب إخراج الزكاة من شخص الأنعام التي تعلقت
الزكاة بها، فلو ملك من الغنم أربعين، جاز له أن يعطي شاة من غيرها زكاة.
زكاة النقدين
يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة ثلاثة أمور:
الأول: بلوغ النصاب، ولكل منهما نصابان، ولا زكاة فيما لم يبلغ
النصاب الأول منهما، ولا في ما بين النصابين.
فنصابا الذهب، خمسة عشر مثقالا صيرفيا، ثم ثلاثة فثلاثة.
204

ونصابا الفضة، مائة وخمسة مثاقيل، ثم واحد وعشرون فواحد
وعشرون مثقالا.. وهكذا. والمقدار الواجب إخراجه في كل منها ربع العشر.
الثاني: أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة، سواء في ذلك السكة
الاسلامية وغيرها، ولا فرق في السكة بين الكتابة والنقش.
(مسألة) 515: لا زكاة في سبائك الذهب والفضة، والأواني المتخذة
منهما، وفي غير ذلك مما لا يكون مسكوكا، وفي وجوب الزكاة في المسكوك
المتخذ حلية - الباقي على رواجه في المعاملات - إشكال، والأحوط إخراجها،
وأما إذا خرج بذلك عن رواج المعاملات، فلا إشكال في عدم وجوب الزكاة
فيه.
الثالث: مضي الحول، بأن يبقى في ملك مالكه واجدا للشروط تمام
الحول، فلو خرج عن ملكه أثناء الحول، أو نقص عن النصاب، أو ألغيت
سكته - ولو بجعله سبيكة - لم تجب الزكاة فيه.
ويتم الحول بمضي أحد عشر شهرا، ودخول الشهر الثاني عشر.
(مسألة) 516: لا فرق في وجوب الزكاة في النقدين بين الخالص
والمغشوش، بشرط أن لا يكون الغش بمقدار لا يصدق معه عنوان الذهب
والفضة، وإلا ففي وجوب الزكاة فيه إن بلغ خالصه النصاب إشكال.
(مسألة) 517: تجب الزكاة في النقدين في كل سنة، فلو أداها في السنة
الأولى وكان الباقي بحد النصاب، وجبت الزكاة في السنة الثانية أيضا، وهكذا
الحال في الأنعام.
205

زكاة الغلاة الأربع
يعتبر في وجوب الزكاة في الغلات الأربع أمران:
الأول: بلوغ النصاب، ولها نصاب واحد، وهو ثمانمائة وسبعة
وأربعون كيلو غراما تقريبا، ولا تجب الزكاة في ما لم يبلغ النصاب، فإذا بلغت
وجبت فيه وفي ما يزيد عليه وإن كان الزائد قليلا.
الثاني: اعتبار النمو في الملك على الأقرب، فلا يكفي مجرد الملك عند
تعلق الزكاة وإن كان الأحوط هو الاكتفاء به.
(مسألة) 518: تتعلق الزكاة بالغلات حينما يصدق عليها اسم الحنطة أو
الشعير أو التمر أو العنب، ويشترط في وجوبها بلوغها حد النصاب بعد يبسها،
فإذا كانت الغلة حينما يصدق عليها أحد هذه العناوين بحد النصاب، ولكنه لا
تبلغه بعد اليبس لم تجب الزكاة فيها.
(مسألة) 519: لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلا مرة واحدة، فإذا أدى
زكاتها لم تجب في السنة الثانية، ولا يشترط فيها الحول، وبهذين تفترق عن
النقدين والأنعام.
(مسألة) 520: يختلف مقدار الزكاة في الغلات باختلاف الصور الآتية:
الأولى: أن يكون سقيها بالمطر، أو بماء النهر، أو بمص عروقها الماء من
الأرض ونحو ذلك مما لا يحتاج السقي فيه إلى العلاج، ففي هذه الصورة يجب
إخراج عشرها (10 %) زكاة.
206

الثانية: أن يكون سقيها بالدلو والرشا والدوالي والمضخات ونحو ذلك،
ففي هذه الصورة يجب إخراج نصف العشر (5 %).
الثالثة: أن يكون سقيها بالمطر أو نحوه تارة، وبالدلو أو نحوه تارة
أخرى، ولكن كان الغالب أحدهما بحد يصدق عرفا أنه سقي به، ولا يعتد
بالآخر، ففي هذه الصورة يجري عليه حكم الغالب.
الرابعة: أن يكون سقيها بالأمرين على نحو الاشتراك، بأن لا يزيد
أحدهما على الآخر، أو كانت الزيادة على نحو لا يسقط بها الآخر عن الاعتبار،
ففي هذه الصورة يجب إخراج ثلاثة أرباع العشر (5 / 7 %).
(مسألة) 521: الأحوط في بلوغ الغلات حد النصاب عدم استثناء ما
صرفه المالك في المؤن، فلو كان الحاصل يبلغ حد النصاب - ولكنه إذا وضعت
المؤن لم يبلغه - وجبت الزكاة فيه، بل الأحوط إخراج الزكاة من مجموع الحاصل
قبل وضع المؤن، نعم ما تأخذه الحكومة من أعيان الغلات لا تجب زكاته على
المالك.
(مسألة) 522: إذا تعلقت الزكاة بالغلات لم يجب على المالك تحمل مؤونتها
إلى أوان الحصاد أو الاجتناء، ويمكنه التخلص عن ذلك بعدة طرق:
1 - أن يقومها حال تعلق الزكاة بها، ويخرجها من مال آخر، ويراعي في
التقويم بقاؤها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء مع حاجتها في بقائها إلى صرف شئ
من المال.
207

2 - أن يسلمها إلى مستحقها، وهي على الساق أو على الشجر، ثم
يشترك معه في المؤن.
3 - أن يستجيز الحاكم الشرعي أو نائبه في صرف المؤونة على الزكاة، ثم
استيفاؤها منها.
(مسألة) 523: لا يعتبر في وجوب الزكاة أن تكون الغلة في مكان واحد،
فلو كان له نخيل أو زرع في بلد لم يبلغ حاصله حد النصاب، وكان له مثل ذلك
في بلد آخر، وبلغ مجموع الحاصلين في سنة حد النصاب وجبت الزكاة فيه.
(مسألة) 524: إذا ملك شيئا من الغلات وتعلقت به الزكاة ثم مات
وجبت على الورثة إخراجها، وإذا مات قبل تعلقها به انتقل المال بأجمعه إلى
الورثة، فمن بلغ نصيبه حد النصاب - حين تعلق الزكاة به - وجبت عليه، ومن
لم يبلغ نصيبه حده لم تجب عليه.
(مسألة) 525: من ملك نوعين من غلة واحدة - كالحنطة الجيدة والرديئة -
جاز له إخراج الزكاة منهما مراعيا للنسبة، وفي إخراج تمامها من القسم الردئ
إشكال، والأحوط وجوبا العدم.
(مسألة) 526: إذا اشترك اثنان أو أكثر في الغلة - كما في المزارعة وغيرها -
لم يكف في وجوب الزكاة بلوغ مجموع الحاصل حد النصاب، بل يختص
الوجوب بمن بلغ نصيبه حده.
208

أحكام الزكاة
يعتبر في أداء الزكاة قصد القربة حين تسليمها إلى المستحق أو إلى الوكيل
ليضعها في مواضعها. والأحوط استمرار النية حتى يوصلها الوكيل إلى
مصرفها.
(مسألة) 527: لا يجب إخراج الزكاة من عين ما تعلقت به، فيجوز إعطاء
قيمتها من النقود وما بحكمها من الأثمان كالأوراق النقدية.
(مسألة) 528: من كان له على الفقير دين جاز له أن يحتسبه زكاة، سواء في
ذلك موت المديون وحياته، نعم يعتبر في المديون الميت أن لا تفي تركته بأداء
دينه.
(مسألة) 529: يجوز إعطاء الفقير الزكاة ولا يعتبر إعلامه بالحال.
(مسألة) 530: إذا أدى الزكاة إلى من يعتقد فقره ثم انكشف خلافه، فإن
كانت متعينة بالعزل وجب عليه استرجاعها على المشهور وصرفها في مصرفها إذا
كانت العين باقية، وإذا تلفت العين وقد علم الآخذ أن ما أخذه زكاة فيجوز له
أن يرجع إلى الآخذ، وأما إذا لم يكن الآخذ عالما بذلك فليس له الرجوع إلى
الآخذ، ويجب عليه في هذه الصورة وفي صورة عدم إمكان الاسترداد في الفرض
الأول إخراجها ثانيا، نعم إذا كان أداؤه مستندا إلى الحجة الشرعية فالظاهر عدم
وجوبه، وإذا سلم الزكاة إلى الحاكم الشرعي فصرفها في غير مصرفها باعتقاد أنه
مصرف لها برئت ذمة المالك، ولا يجب عليه إخراجها ثانيا.
(مسألة) 531: يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر، وإذا كان في بلد النقل
209

مستحق كانت أجرة النقل على المالك، ولو تلفت الزكاة بالنقل ضمنها، وإذا لم
يجد المستحق في بلده ولم يكن رجاء وجود الفقير بعد، ولم يمكن صرفها في غيره
من المصارف، فيجب نقلها لغاية الايصال إلى مستحقه، وكانت الأجرة على
الزكاة، ولم يضمنها إذا تلفت بغير تفريط، وكذا إذا وكله الفقيه في قبضها عنه
فقبضها ثم نقلها بأمره.
(مسألة) 532: يجوز عزل الزكاة وإبقاؤها عنده أمانة، فلو تلفت بغير
تفريط لم يضمنها، إلا إذا كان في البلد مستحقها وتساهل في إيصالها إليه من دون
غرض صحيح، وإذا أخره لانتظار من يريد إعطاءه أو للايصال إلى المستحق
تدريجا في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة فالظاهر عدم الضمان.
(مسألة) 533: ليس للفقير أن يهب الزكاة بعد تملكها إلى المالك الأول،
ولا أن يصالحه على تعويضها بمال قليل، ونحو ذلك مما فيه تضييع لحق الفقراء،
وتفويت لغرض الشارع المقدس، نعم إذا صار من عليه الزكاة فقيرا وكانت في
ذمته زكاة كثيرة ولا يقدر على تفريغ ذمته بإعطاء الزكاة، وتاب عن معصية
التأخير فللغير أن يهبها له بعد تملكها.
(مسألة): 534 إذا تلف شئ من الغلات بعد تعلق الزكاة به وقبل
إخراجها من غير تفريط فالأحوط المصالحة مع الحاكم.
(مسألة) 535: إذا اشترى شيئا مما تعلقت به الزكاة، ففيه صور:
1 - أن يشتري مقدارا منه ويبقى عند البائع مقدار الزكاة أو ما يزيد عليه،
ففي هذه الصورة تصح المعاملة، ويجب على المالك أداء الزكاة من المقدار الباقي
عنده أو من قيمته.
210

2 - أن يشتري تمام ما تعلقت به الزكاة مع احتماله أن البائع قد أدى زكاته
من مال آخر، ففي هذه الصورة لا بأس بالشراء أيضا.
3 - أن يشتري تمام ما تعلقت به الزكاة مع العلم بأن البائع لم يؤدها قبل
البيع، ولكنه أداها بعده، ففي هذه الصورة تصح المعاملة، وينتقل المال بتمامه
إلى المشتري على الأظهر.
4 - أن يشتري جميع ما تعلقت به الزكاة، مع العلم بأن المالك لم يؤدها لا
قبل البيع ولا بعده، ففي هذه الصورة لا يصح البيع في مقدار الزكاة ويجب على
المشتري أن يراجع الحاكم الشرعي أو نائبه، فإن أمضى المعاملة أدى ثمن الزكاة
إليه أو صرفه بإجازته في مصارفها، وإن لم يمض المعاملة سلم مقدار الزكاة من
العين المشتراة إلى الحاكم أو نائبه، أو صرفها في مصارفها بإجازته، وعلى كلا
التقديرين لا تشتغل ذمة المشتري للمالك بثمن ذلك المقدار، ويجوز له أن يسترده
لو سلمه إليه.
موارد صرف الزكاة:
تصرف الزكاة في ثمانية موارد:
الأول والثاني: الفقراء والمساكين، والمراد بالفقير: من لا يملك قوت
سنته - لنفسه وعائلته - بالفعل أو بالقوة، فلا يجوز إعطاء الزكاة لمن يجد من المال
ما يفي بمصرفه ومصرف عائلته مدة سنة، أو كانت له صنعة أو حرفة يتمكن بها
من إعاشة نفسه وعائلته وإن لم يملك ما يفي بمؤنة سنته بالفعل، والمسكين أسوأ
حالا من الفقير.
211

(مسألة) 536: يجوز إعطاء الزكاة لمن يدعي الفقر إذا علم فقره سابقا ولم
يعلم غناه بعد ذلك، وكذلك من جهل حاله من أول أمره وإن لم يحصل من قوله
الاطمئنان بفقره، وأما من علم غناه سابقا فلا يجوز أن يعطى من الزكاة ما لم
يثبت فقره بعلم أو بحجة معتبرة - كالوثوق بفقره -.
(مسألة) 537: لا يضر بالفقر التمكن من الصنعة غير اللائقة بالحال، فلا
بأس بإعطاء الزكاة لمن يتمكن من الإعاشة بمهنة وصنعة لا تناسب شأنه،
وأيضا لا يضر بالفقر تملك ما يحتاج إليه من وسائل حياته اللائقة بشأنه، فيجوز
إعطاء الزكاة لمن يملك دارا لسكناه، وفرسا لركوبه، وغير ذلك، ومن هذا
القبيل حاجاته في صنعته ومهنته، نعم إذا ملك ما يزيد على ذلك وأمكنه بيعه
والإعاشة بثمنه سنة لم يجز له أخذ الزكاة.
الثالث: العاملون عليها من قبل النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام
عليه السلام، أو الحاكم الشرعي أو نائبه.
الرابع: المؤلفة قلوبهم، وهم طائفة من الكفار يميلون إلى الاسلام، أو
يعينون المسلمين بإعطائهم الزكاة، أو يؤمن بذلك من شرهم وفتنتهم، وطائفة
من المسلمين يتقوى إسلامهم بذلك.
الخامس: العبيد تحت الشدة، فيشترون من الزكاة ويعتقون.
السادس: الغارمون، فمن كان عليه دين وعجز من أدائه جاز أداء دينه
من الزكاة، وإن كان متمكنا من إعاشة نفسه وعائلته سنة كاملة بالفعل أو
بالقوة.
212

(مسألة) 538: يعتبر في الدين أن لا يكون قد صرف في حرام وإلا لم يجز
أداؤه من الزكاة، والأحوط اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته، فلو كان عليه دين
مؤجل لم يحل أجله، لم يجز أداؤه من الزكاة على الأحوط، وكذلك ما إذا قنع
الدائن بأدائه تدريجا وتمكن المديون من ذلك من دون حرج.
(مسألة) 539: لا يجوز إعطاء الزكاة لمن يدعي الدين، بل لا بد من ثبوته
بعلم أو بحجة معتبرة.
السابع: سبيل الله: كتعبيد الطرق، وبناء الجسور، والمستشفيات،
وملاجئ للفقراء، والمساجد، والمدارس الدينية، ونشر الكتب الاسلامية
وغير ذلك من المصالح العامة، وفي جواز دفع هذا السهم في كل طاعة مع عدم
تمكن المدفوع إليه من فعلها أو مع تمكنه إذا لم يكن مقدما عليه إلا به، إشكال.
الثامن: ابن السبيل، وهو المسافر الذي نفدت نفقته أو تلفت راحلته،
ولا يتمكن معه من الرجوع إلى بلده وإن كان غنيا فيه، ويعتبر فيه أن لا يجد ما
يبيعه ويصرف ثمنه في وصوله إلى بلده، وأن لا يتمكن من الاستدانة بغير حرج،
بل الأحوط وجوبا اعتبار أن لا يكون متمكنا من بيع ماله الذي في بلده أو
إيجاره، ويعتبر فيه - أيضا - أن لا يكون سفره في معصية، فإذا كان شئ من ذلك
لم يجز أن يعطى من الزكاة.
(مسألة) 540: يعتبر في مستحق الزكاة أمور:
1 - الايمان، ويستثنى من ذلك المؤلفة قلوبهم، ومن يمكن صرف الزكاة
فيه من سهم سبيل الله، ولا فرق في المؤمن بين الكامل بالعقل والبلوغ وغيره،
213

ويصرفها المالك على غير الكامل بنفسه أو يعطيها لوليه.
2 - أن لا يصرفها الآخذ في حرام، فلا يجوز إعطاؤها لمن يصرفها فيه،
والأحوط عدم إعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر أو المتجاهر بالفسق.
3 - أن لا تجب نفقته على المالك، فلا يجوز إعطاؤها لمن تجب نفقته على
المالك - كالولد والأبوين والزوجة الدائمة - ولا بأس باعطائها لمن تجب نفقته
عليهم إذا كانوا عاجزين عن الانفاق عليه، كما إذا كان الوالد فقيرا وكانت له
زوجة تجب نفقتها عليه جاز للولد أن يعطي زكاته لها، وإن كان الأحوط
استحبابا الترك، وكذا يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج ولو كان للانفاق
عليها.
(مسألة) 541: يختص عدم جواز إعطاء الزكاة - لمن تجب نفقته على
المالك - بما إذا كان الاعطاء بعنوان الفقر، فلا بأس بإعطائها له بعنوان آخر،
كما إذا كان مديونا، أو ابن سبيل، أو نحو ذلك.
(مسألة) 542: لا يجوز اعطاء الزكاة على الأحوط لمن تجب نفقته على
شخص آخر وهو قائم بها، فإن لم يقم بها - لعجز أو لعصيان - جاز إعطاؤها له.
4 - أن لا يكون هاشميا، فلا يجوز إعطاء الزكاة للهاشمي من سهم
الفقراء أو من غيره، نعم لا بأس بأن ينتفع الهاشمي - كغيره - من المشاريع
الخيرية المنشأة من سهم سبيل الله، ويستثنى من ذلك ما إذا كان المعطي هاشميا،
فلا تحرم على الهاشمي زكاة مثله، وأما إذا اضطر الهاشمي إلى زكاة غير
الهاشمي فالأحوط أن يعطى منها بمقدار قوت يومه.
214

(مسألة) 543: لا بأس بأن يعطى الهاشمي - غير الزكاة - من الصدقات
المستحبة وإن كان المعطي غير هاشمي، بل كذا الصدقات الواجبة، كالكفارات
ورد المظالم ومجهول المالك واللقطة ومنذور الصدقة والموصى به للفقراء.
(مسألة) 544: لا تجب قسمة الزكاة على موارد صرفها، ولا على أفراد
صنف واحد، ولا مراعاة أقل الجمع، فيجوز إعطاؤها لشخص واحد من
صنف واحد.
(مسألة) 545: الأحوط أن لا يعطى للفقير من الزكاة أقل من خمسة دراهم
أو من نصف دينار، وإن كان الأقوى الجواز، ولا بأس بإعطائه الزائد، نعم لا
يجوز - على الأحوط - للفقير والمسكين أن يأخذ من الزكاة زائدة عن مؤونة سنة
نفسه وعائلته، وإن كان عنده مال لا يكفي لمؤونة سنة نفسه وعائلته فيأخذ ما
بقي من المؤونة لا أكثر.
زكاة الفطرة
تجب زكاة الفطرة على كل مكلف بشروط:
1 - البلوغ.
2 - العقل.
3 - الحرية في غير المكاتب، وأما فيه فالأحوط الوجوب.
4 - الغنى، وقد تقدم معنى الغنى والفقر في صفحة: (209) وما بعدها،
وفي حكم الغنى - على الأحوط - من يكون في عيلولة غني باذل مؤونته.
215

ويعتبر تحقق هذه الشرائط آنا ما قبل الغروب إلى أول جزء من ليلة عيد
الفطر على المشهور، ولكن لا يترك الاحتياط في ما إذا تحققت الشرائط مقارنا
للغروب، ولا تجب على من بلغ أو أفاق أو انعتق أو صار غنيا بعد ذلك. ويعتبر
في أدائها قصد القربة على النحو المعتبر في زكاة المال، وقد مر في صفحة: (210).
(مسألة) 546: يجب على المكلف إخراج زكاة الفطرة عن نفسه وعمن
يعوله، سواء في ذلك من تجب نفقته عليه وغيره، وسواء فيه المسافر والحاضر.
(مسألة) 547: لا يجب أداء زكاة الفطرة عن الضيف إذا لم يحسب عيالا
على مضيفه عرفا، سواء أنزل بعد دخول ليلة العيد أم نزل قبل دخولها - كمن
دعي إلى الافطار ليلة العيد فإنه ليس من العيال - وأما إذا صدق عليه عنوان
العيال عرفا فيجب الأداء عنه بلا إشكال فيما إذا نزل قبل دخول ليلة العيد وبقي
عنده، بل الظاهر الاكتفاء بكونه منضما إلى عياله ولو في وقت يسير، كالضيف
إذا نزل عليه قبل الهلال وبقي عنده ليلة العيد وإن لم يأكل عنده، وكذلك فيما إذا
نزل بعده على الأحوط.
(مسألة) 548: لا تجب الفطرة على من وجبت فطرته على غيره، ولكنه إذا
لم يؤدها من وجبت عليه - لنسيان أو غفلة مما يسقط معه التكليف واقعا
- فالأحوط استحبابا أداؤها عن نفسه.
(مسألة) 549: إذا لم يؤد الفقير الفطرة عن عياله الغني، وجب على عياله
الغني إن يؤديها بلا إشكال.
(مسألة) 550: لا يجب أداء الفطرة عن الأجير - كالبناء والنجار
216

والخادم - إذا كانت معيشتهم على أنفسهم، ولم يعدوا من عائلة المستأجر، وأما
فيما إذا كانت معيشتهم عليه فيجب عليه أداء فطرتهم.
(مسألة) 551: لا تحل فطرة غير الهاشمي للهاشمي، والعبرة بحال
المعطي نفسه لا بعياله، فلو كانت زوجة الرجل هاشمية وهو غير هاشمي لم تحل
فطرتها لهاشمي. ولو انعكس الأمر حلت فطرتها له.
(مسألة) 552: يستحب للفقير إخراج الفطرة عنه وعمن يعوله، فإن لم
يكن عنده إلا صاع واحد جاز له أن يعطيه عن نفسه لأحد عائلته وهو يعطيه إلى
آخر منهم، وهكذا يفعل جميعهم حتى ينتهي إلى الأخير منهم، والأحوط أن
يعطيها إلى فقير غيرهم عند انتهاء الدور، كما أن الأحوط إذا كان فيهم صغير أو
مجنون أن يأخذه الولي لنفسه ويؤدي عنه.
مقدار الفطرة ونوعها:
يجوز إعطاء زكاة الفطرة من الحنطة أو الشعير، أو التمر أو الزبيب -
الكشمش - والأرز، والذرة، والأقط، واللبن، ونحوها، والأحوط
الاقتصار على الأربعة الأول إذا كانت من القوت الغالب، كما أن الأحوط أن لا
تخرج الفطرة من القسم المعيب، ويجوز إخراج الفطرة من النقود عوضا عن
الأجناس المذكورة، والعبرة في القيمة بوقت الاخراج وبمكانه.
ومقدار الفطرة صاع، وهو أربعة أمداد، وهي تعادل ثلاث كيلوات
تقريبا.
(مسألة) 553: تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور، ويجوز
217

تأخيرها إلى زوال شمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد، والأحوط عدم
تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصليها. وإذا عزلها ولم يؤدها إلى الفقير - لنسيان أو
غيره - جاز أداؤها إليه بعد ذلك، وإذا لم يعزلها حتى زالت الشمس أداها بقصد
القربة المطلقة، من دون نية الأداء والقضاء.
(مسألة) 554: يجوز إعطاء زكاة الفطرة بعد دخول شهر رمضان وإن كان
الأولى أن لا يعطيها قبل حلول ليلة العيد.
(مسألة) 555: تتعين زكاة الفطرة بعزلها، ويجوز تبديلها بمال آخر، وإن
تلفت بعد العزل ضمنها إذا وجد مستحقا لها وأهمل في أدائها إليه.
(مسألة) 556: الأحوط وجوبا أن لا تنقل زكاة الفطرة إلى غير بلدها إذا
كان في البلد من يستحقها، ولو نقلها - والحال هذه - ضمنها إن تلفت، وأما إذا
لم يكن فيه من يستحقها، ونقلها ليوصلها إليه فتلفت من غير تفريط لم
يضمنها، وإذا سافر من بلده إلى غيره جاز دفعها فيه.
(مسألة) 557: تصرف زكاة الفطرة فيما تصرف فيه زكاة المال، وإذا لم
يكن في المؤمنين من يستحقها يجوز إعطاؤها للمستضعفين، وهم: الذين لم
يهتدوا إلى الحق لقصورهم دون عناد من سائر فرق المسلمين.
(مسألة) 558: لا تعطى زكاة الفطرة لشارب الخمر، وكذلك تارك
الصلاة، أو المتجاهر بالفسق على الأحوط وجوبا.
(مسألة) 559: لا تعتبر المباشرة في أداء زكاة الفطرة، فيجوز إيصالها إلى
الفقير من غير مباشرة، وأقل المقدار الذي يعطى للفقير من زكاة الفطرة صاع
218

على الأحوط استحبابا، وأكثره هو الذي ذكرناه في زكاة المال في المسألة (545).
(مسألة) 560: يستحب تقديم فقراء الأرحام على غيرهم، ومع عدمهم
يتقدم فقراء الجيران على سائر الفقراء، وينبغي الترجيح بالعلم والدين والفضل.
219

الخمس
221

الخمس
وهو من الفرائض المؤكدة المنصوص عليها في القرآن الكريم، وقد ورد
الاهتمام بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة والطهارة
سلام الله عليهم، وفي بعضها اللعن على من يمتنع عن أدائه، وعلى من يأكله بغير
استحقاق.
وفيه مبحثان:
الأول:
فيما يجب فيه الخمس:
(مسألة) 561: يتعلق الخمس بسبعة أنواع من المال:
الأول: ما يغنمه المسلمون في الحرب من الكفار الذين يحل قتالهم من
الأموال المنقولة، وخمسها للإمام عليه السلام إذا كان القتال بإذنه، وإذا لم يكن
بإذنه فالظاهر أنه ليس فيها خمس الغنيمة، ولا فرق فيه بين القليل والكثير،
ويستثنى من الغنيمة مخارج الحفظ والحمل وما يرى الإمام عليه السلام صرفه
223

لمصلحة، وكذا صفايا الأموال - نفائسها - وقطائع الملوك، فإنها خاصة بالإمام
عليه السلام ثم تخمس.
(مسألة) 562: لا فرق في الحرب بين أن يبدأ الكفار بمهاجمة المسلمين
وبين أن يبدأ المسلمون بمهاجمتهم للدعوة إلى الاسلام أو لتوسعة بلادهم فما
يغنمه المسلمون من الكفار يجب فيه الخمس في تمام هذه الأقسام.
(مسألة) 563: يجوز للمؤمن تملك مال من نصب العداوة لأهل البيت
عليهم السلام أينما وجده، ويجب أداء خمسه من باب الغنيمة على الأحوط لا من
باب الفائدة.
(مسألة) 564: ما يؤخذ من الكافر الحربي سرقة أو غيلة ونحو ذلك لا
يدخل تحت عنوان الغنيمة لكنه يدخل في أرباح المكاسب ويجري عليه
حكمها، وسيأتي بيانه في صفحة (228).
(مسألة) 565: لا يجوز تملك ما في يد الكافر أو الناصب إذا كان المال
محترما، كأن يكون لمسلم أو لذمي أودعه عنده، بل جواز تملك مال الكافر الغير
الحربي أيضا لا يخلو عن إشكال.
الثاني: المعادن، فكل ما صدق عليه المعدن عرفا - كالذهب، والفضة،
والنحاس، والحديد، والكبريت، والزئبق، والفيروزج، والياقوت، والملح،
والنفط، والفحم الحجري، وأمثال ذلك - يجب خمس فيما يستخرج منه
، والأحوط إلحاق مثل الجص والنورة وحجر الرحى وطين الغسل ونحوها مما
يصدق عليه اسم الأرض وكان له خصوصية في الانتفاع به، وإن كان الأظهر
وجوب الخمس فيها - أي في الملحقات - من جهة الفائدة، ولا فرق في المعدن
224

بين أن يستخرجها في ملكه وأن يستخرجها من الأراضي المباحة غير المملوكة
لأحد.
(مسألة) 566: يعتبر في وجوب الخمس - فيما يستخرج من المعادن
- بلوغه النصاب الأول - خمسة عشر مثقالا صيرفيا - من الذهب المسكوك،
والأحوط - إن لم يكن أقوى - كفاية بلوغ المقدار المذكور ولو قبل استثناء مؤنة
الاخراج والتصفية، فإذا كانت قيمته أقل من ذلك لا يجب الخمس فيه بعنوان
المعدن، وإنما يدخل في أرباح السنة.
(مسألة) 567: إنما يجب الخمس في المستخرج من المعادن بعد استثناء
مؤونة الاخراج وتصفيته، مثلا إذا كانت قيمة المستخرج تساوي ثلاثين مثقالا
من الذهب المسكوك، وقد صرف عليه ما يساوي خمسة عشر مثقالا، وجب
الخمس في الباقي وهو خمسة عشر مثقالا.
الثالث: الكنز، فعلى واجده أن يخرج خمسه، هذا فيما إذا كان المال المدخر
ذهبا أو فضة مسكوكين، وأما في غيرهما فوجوب الخمس فيه من جهة الكنز
إشكال، ويعتبر فيه بلوغه النصاب على النحو المعتبر في الذهب أو الفضة،
وتستثنى منه أيضا مؤونة الاخراج على النحو المتقدم في المعادن.
(مسألة) 568: إذا وجد كنزا وظهر من القرائن أنه لمسلم، فإن كان
موجودا وعرفه دفعه إليه، وإن جهله وجب عليه التعريف على الأحوط، فإن لم
يعرف المالك، أو كان المال مما لا يمكن تعريفه تصدق به عنه على الأحوط
وجوبا، وإذا كان المسلم قديما - بمعنى عدم وجود له ولا لوارثه - فالأظهر أن
225

الواجد يملكه وفيه الخمس، والأحوط استحبابا إجراء حكم ميراث من لا
وارث له عليه.
(مسألة) 569: إذا تملك أرضا ووجد فيها كنزا، فإن كان لها مالك قبله
فالأحوط أن يراجعه، فإن ادعاه فهو له، وإن نفاه راجع من ملكها قبله وهكذا،
فإن نفاه الجميع تملكه إذا لم يعلم أيضا أنه لمسلم موجود أو قديم وأخرج خمسه،
وإلا جرت عليه الأحكام المتقدمة.
الرابع: الغوص، فمن أخرج شيئا - وإن قل - من البحر مما يتكون فيه -
كاللؤلؤ، والمرجان، واليسر - بغوص وجب عليه إخراج خمسه، وكذلك إذا
كان بآلة خارجية على الأحوط وجوبا، والأحوط عدم اعتبار النصاب فيه. وما
يؤخذ من سطح الماء أو يلقيه البحر إلى الساحل لا يدخل تحت عنوان الغوص
، ويجري عليه حكم أرباح المكاسب، نعم يجب إخراج الخمس من العنبر المأخوذ
من سطح الماء على الأحوط.
(مسألة) 570: الحيوان المستخرج من البحر - كالسمك - لا يدخل تحت
عنوان الغوص، وكذلك إذا استخرج سمكة ووجد في بطنها لؤلؤا أو مرجانا
، وأما إذا كان الحيوان - كالصدف - مما يكون الجواهر في جوفه غالبا فيجب إخراج
خمسه، وكذلك لا يدخل تحت عنوان الغوص ما يستخرج من البحر من الأموال
غير المتكونة فيه، كما إذا غرقت سفينة واستخرج ما فيها من الأموال بالغوص،
فإن كل ذلك يدخل في الأرباح.
الخامس: الحلال المخلوط بالحرام، وفي ذلك صور:
1 - إذا علم مقدار الحرام ولم يعلم مالكه - ولو إجمالا في ضمن أشخاص
226

معدودين - يجب التصدق بذلك المقدار عن مالكه قل أو كثر، والأحوط وجوبا
الاستجازة في ذلك من الحاكم الشرعي.
2 - إذا جهل مقدار الحرام وعلم مالكه، فإن أمكنت المصالحة معه فالأولى
أن يصالحه، وإلا رد عليه المقدار المعلوم، ولا يجب رد الزائد عليه وإن كان الرد
أولى، وإن لم يرض المالك به تعين الرجوع إلى الحاكم الشرعي، وحينئذ إن رضي
به فهو وإلا أجبره الحاكم على التعيين.
3 - إذا جهل كل من المالك ومقدار الحرام وعلم أنه لا يبلغ خمس المال،
وجب التصدق عن المالك - بالمقدار الذي يعلم أنه حرام بإذن الحاكم الشرعي
على الأحوط وجوبا - من دون حاجة إلى إخراج خمسه.
4 - إذا جهل كل من المالك ومقدار الحرام وعلم أنه يزيد على الخمس
، وجب التصدق عن المالك - بالمقدار الذي يعلم أنه حرام بإذن الحاكم الشرعي
على الأحوط وجوبا - ولا يجزيه إخراج الخمس من المال.
5 - إذا جهل كل من المالك ومقدار الحرام واحتمل زيادته على الخمس
ونقيصته عنه يجزئ إخراج الخمس، ويحل له بقية المال.
والأحوط الأولى إعطاؤه بقصد ما في الذمة من دون قصد الخمس أو
الصدقة عن المالك.
السادس: الأرض التي تملكها الذمي من مسلم ببيع أو هبة ونحو ذلك،
سواء في ذلك أرض الزراعة أو الدار أو الحانوت وغيرها، ولا يختص الحكم
بصورة وقوع البيع على الأرض، بل إذا وقع على مثل الدار أو الحمام أو الدكان
227

وجب الخمس في الأرض على الأحوط، نعم يختص وجوب الخمس بنفس
الأرض، ولا يجب في عمارتها من البناء
والأخشاب والأبواب وغير ذلك.
السابع: أرباح المكاسب، وهي كل ما يستفيده الانسان بتجارة أو صناعة
أو حيازة أو أي كسب آخر. والأحوط وجوب الخمس فيما يملكه بالوصية إذا
كان كثيرا، وكذلك الجائزة التي لها خطر، وأما ما يأخذه من الصدقات الواجبة
والمستحبة ومن الخمس أو الزكاة ففي وجوب الخمس فيها إشكال، نعم إذا ربح
مما أخذه من الصدقات - مثلا - فيجب فيه الخمس، كما إذا أثمر الشجر الذي
أخذه من الصدقات وزاد الثمر عن مؤونة سنة نفسه وعياله يجب فيه الخمس.
ولا يجب الخمس في المهر، وعوض الخلع، والهبة، والهدية، والجائزة الغير
الخطيرة، ولا في ما يملك بالإرث إلا إذا كان ممن لا يحتسب، فلا يترك الاحتياط
فيه بإخراج خمسه.
(مسألة) 571: يختص وجوب الخمس في الأرباح - بعد استثناء ما صرفه
في سبيل تحصيلها - بما يزيد على مؤنة سنته وعائلته، ويدخل في المؤونة المأكول
والمشروب والمسكن والمركوب وأثاث البيت، وما يصرفه في تزويج نفسه أو من
يتعلق به، والهدايا والاطعام ونحو ذلك، ويختلف كل ذلك باختلاف
الأشخاص، والعبرة في كيفية الصرف وكميته بحال الشخص نفسه، فإذا كانت
حاله تقتضي أن يصرف في مؤونة سنته مائة دينار لكنه أفرط فصرف مائتين وجب
عليه الخمس فيما زاد على المائة، وأما إذا قتر على نفسه فصرف خمسين دينارا
وجب عليه الخمس فيما زاد على الخمسين، نعم لو كان المصرف راجحا شرعا لم
يجب فيه الخمس وإن كان غير متعارف من مثل المالك، وذلك كما إذا صرف
228

جميع أرباحه أثناء سنته في عمارة المساجد أو زيارات المعصومين عليهم السلام،
أو الانفاق على الفقراء ونحو ذلك.
(مسألة) 572: إن من كان بحاجة إلى رأس مال لإعاشة نفسه وعياله
فحصل على مال يفي بذلك، جاز له أن يتخذه رأس مال يتجر به، ولا يجب فيه
الخمس إذا كان بالمقدار اللائق بحاله فإنه من المؤونة، فإن اتجر به وربح وزاد
الربح على مؤونته وجب الخمس في الزائد، وإلا فلا شئ عليه، وأما من لم يكن
بحاجة إلى اتخاذ رأس مال للتجارة لإعاشة نفسه وعياله - كمن كان عنده رأس
مال بمقدار الكفاية - أو لم يكن محتاجا في إعاشة نفسه وعياله إلى التجارة، لم يجز
له أن يتخذ من أرباحه رأس مال للتجارة من دون تخميس، بل يجب عليه إخراج
خمسه أولا ثم اتخاذه رأس مال له، وفي حكم رأس المال ما يحتاج الصانع من
آلات الصناعة والزارع من آلات الزراعة، فقد يجب إخراج خمس ثمنها وقد لا
يجب، فإن وجب الخمس ونقصت آخر السنة تلاحظ قيمتها آخر السنة.
(مسألة) 573: إذا اشترى بربحه شيئا من المؤن فزادت قيمته السوقية، أو
وجدت فيه زيادة متصلة لم يجب فيه الخمس، وأما إذا باعه وربح فيه ففي وجوب
الخمس في ربحه إشكال، وأما الزيادات المنفصلة فهي داخلة في الأرباح، فيجب
فيها الخمس إن لم تصرف في مؤونة سنته، فإذا ولد الفرس المشترى لركوبه، كان
النتاج من الأرباح، ومن هذا القبيل ثمر الأشجار وأغصانها وأوراقها، وصوف
الحيوان ووبره وحليبه وغير ذلك.
(مسألة) 574: من اتخذ رأس ماله من قسم الحيوان، أو الفنادق ليعيش
بمنافعها مع المحافظة على أعيانها لم يجب الخمس في زيادة قيمتها السوقية، وأما
229

زيادته المنفصلة فتدخل في الأرباح، وكذا الزيادة المتصلة إن أمكن تبديلها بحيث
لا تختل استفادته من رأس المال، وإلا فلا خمس فيها.
(مسألة) 575: من اتخذ رأس ماله من قسم النقود فاتجر بشراء الأموال
بها وبيعها وجب الخمس في زيادة قيمتها السوقية إن كانت زائدة عن حاجته في
إعاشة نفسه وعياله.
(مسألة) 576: من كانت تجارته في أموال مختلفة من حيوان وطعام
وفرش، جاز له أن يضم أرباحه بعضها إلى بعض ويخرج الخمس من مجموعها
إذا زاد عن مؤونة سنته، وكذلك الحال فيما إذا كانت له صناعة أيضا.
(مسألة) 577: بدء السنة أول ظهور الربح، بمعنى أنه متى ما ظهر الربح
جاز صرفه في المؤونة، فإذا تمت السنة ولم يصرف الربح في مؤونته وجب فيه
الخمس.
(مسألة) 578: إذا أمكنه أن يعيش بغير الربح - كما إذا كان عنده مال ورثه
من أبيه - لم يجب عليه صرفه في مؤونته، بل جاز له أن يصرف أرباحه في مؤونة
سنته، فإذا لم يزد عنها لم يجب فيها الخمس، نعم إذا كان عنده ما يغنيه عن صرف
الربح - كأن كانت عنده دار لسكناه - لم يجز له أن يشتري دارا أخرى من الأرباح
ويحسبها من المؤن.
(مسألة) 579: إذا اشترى بربحه شيئا من المؤن فاستغنى عنه بعد مدة لم
يجب فيه الخمس، فإذا اشترى فرسا لركوبه، ثم استغنى عنه لمرض يمنعه من
الركوب لم يجب الخمس فيه وإن كان أحوط.
230

(مسألة) 580: إذا ربح ثم مات أثناء سنته، وجب أداء خمس الزائد عن
مؤونته إلى زمان الموت، ولا ينتظر به إلى تمام السنة.
(مسألة) 581: إذا ربح ثم استطاع أثناء سنته، جاز له أن يصرفه في سفر
الحج، ولا يجب فيه الخمس لكنه إذا لم يحج بعصيان أو غيره - حتى انتهت
السنة - وجب فيه الخمس.
(مسألة) 582: إذا ربح ولكنه لم يف بتكاليف حجه، لم يجز إبقاؤه بلا
تخميس للحج في السنة الثانية، بل يجب إخراج خمسه عند انتهاء سنته.
(مسألة) 583: ما يتعلق بذمته من الأموال بنذر أو دين أو كفارة ونحوها
- سواء كان التعلق في سنة الربح، أم كان من السنين السابقة - يجوز أداؤه من
ربح السنة الحالية، نعم إذا لم يؤد دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس من
دون استثناء مقداره من ربحه، إلا أن يكون الدين لمؤونة سنته وكان بعد ظهور
الربح، فاستثناء مقداره من ربحه لا يخلو عن وجه وإن احتاج إلى التأمل.
(مسألة) 584: اعتبار السنة في وجوب الخمس إنما هو من جهة الارفاق
على المالك، وإلا فالخمس يتعلق بالربح من حين ظهوره، ويجوز للمالك إعطاء
الخمس قبل انتهاء السنة، ويترتب على ذلك جواز تبديل حوله، بأن يؤدي خمس
أرباحه أي وقت شاء ويتخذه مبدأ سنته.
(مسألة) 585: ما يتلف أثناء السنة من الأموال فيه صور:
1 - أن لا يكون التالف من مال تجارته ولا من مؤنه، ففي جواز تداركه
من الأرباح قبل إخراج خمسها إشكال، والأظهر عدم جواز التدارك.
231

2 - أن يكون التالف من مؤنه - كالدار التي يسكنها، واللباس الذي
يحتاج إليه وغير ذلك - ففي جواز التدارك إشكال، والأحوط عدم الجواز، نعم
يجوز له تعمير داره وشراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح، ويكون ذلك
من الصرف في المؤونة المستثناة من الخمس.
3 - أن يكون التالف من أموال تجارته مع انحصار تجارته في نوع واحد،
ففي هذه الصورة أيضا يجوز تدارك التالف من الأرباح السابقة على التلف،
وكذلك الحكم فيما إذا خسر في تجارته أحيانا، مثلا، إذا انحصرت تجارته في بيع
السكر فاتفق أن تلف قسم منه أثناء السنة بغرق أو غيره، أو أنه خسر في بيعه،
جاز له تدارك التالف أو خسرانه من ربحه السابق أو اللاحق في معاملة السكر في
تلك السنة، ويجب الخمس في الزائد على مؤونة سنته بعد التدارك.
4 - أن يقع التلف أو الخسران في مال التجارة، ولم تنحصر تجارته بنوع
واحد، فيجوز التدارك في هذه الصورة أيضا، مثلا، إذا خسر في بيع السكر أو
تلف شئ منه، جاز تداركه من ربحه السابق أو اللاحق في سنته من بيع القماش
- مثلا -.
5 - أن يقع التلف أو الخسران في مال التجارة، وكان له ربح في غير
التجارة من زراعة أو غيرها، فالظاهر جواز تدارك خسران التجارة بربح
الزراعة، وكذلك العكس.
(مسألة) 586: يتخير المالك بين إخراج الخمس من العين وإخراجه من
النقود بقيمتها، وأما إخراجه من غير النقود بقيمتها فمشكل إلا أن يكون بإجازة
الحاكم الشرعي.
232

(مسألة) 587: إذا تعلق الخمس بمال ولم يؤده المالك لا من العين ولا من
قيمتها، ثم ارتفعت قيمتها السوقية لزمه إخراج الخمس من العين أو من قيمتها
الفعلية، ولا يكفي إخراجه من قيمتها قبل الارتفاع، وإذا نزلت القيمة قبل
الاخراج يجزئ أداء القيمة الفعلية أيضا.
(مسألة) 588: لا يجوز للمالك أن يتصرف فيما تعلق به الخمس بعد انتهاء
السنة وقبل أدائه، ويجوز ذلك بإذن من الحاكم الشرعي إذا رأى مصلحة فيه.
(مسألة) 589: إذا كان الغوص أو إخراج المعدن مكسبا له كفاه إخراج
خمسهما، ولا يجب عليه الخمس ثانيا إذا زاد على مؤونة سنته.
(مسألة) 590: المرأة التي يقوم زوجها بمصارفها يجب عليها الخمس في
أرباحها إذا بقيت إلى أن مضت عليها السنة، ولا يستثنى منها شئ لمؤونتها.
(مسألة) 591 الأحوط عدم اشتراط البلوغ في وجوب الخمس، فيجب
على ولي غير البالغ إخراج الخمس من ربحه، وإن لم يخرجه فيجب أن يخرجه هو
بنفسه بعد بلوغه، ويشترط العقل في ثبوت الخمس في جميع ما يتعلق به الخمس
من أرباح المكاسب والكنز والغوص والمعدن والحلال المختلط بالحرام والأرض
التي يشتريها الذمي من المسلم.
الثاني:
في مستحق الخمس:
يقسم الخمس في زماننا نصفين، نصف للإمام - عليه السلام - خاصة،
ويسمى: سهم الإمام، ونصف للأيتام الفقراء من الهاشميين، والفقراء وأبناء
233

السبيل منهم، ويسمى: سهم السادة على المشهور، والأحوط الاستيذان من
الهاشمي للتصرف في سهم الإمام عليه السلام، ونعني بالهاشمي: من ينتسب
إلى هاشم - جد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم - من جهة الأب، والأولى
تقديم العلويين بل الفاطميين.
(مسألة) 592: يعتبر في الطوائف الثلاث من الهاشميين الايمان، كما
يعتبر الفقر في الأيتام، ويكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم ولو كان غنيا في
بلده إذا لم يتمكن من السفر بقرض ونحوه - على ما عرفت في الزكاة
-، والأحوط وجوبا اعتبار أن لا يكون سفره معصية، ولا يعطى أكثر من قدر ما
يوصله إلى بلده، بل لا يجوز إعطاؤه للفاسق الذي يكون الاعطاء إعانة له على
المعصية، والأحوط أن لا يعطى لمن يتجاهر بالفسق وإن لم يكن الاعطاء إعانة له
على المعصية.
(مسألة) 593: لا يجب تقسيم نصف الخمس على هذه الطوائف، بل يجوز
إعطاؤه لشخص واحد، والأحوط - إن لم يكن أقوى - أن لا يعطى ما يزيد على
مؤونة سنته.
(مسألة) 594: الأحوط أن لا يعطي المالك خمسه لمن تجب نفقته عليه
- كالوالدين، والولد، والزوجة - ولا بأس بإعطائه لمن تجب نفقته عليهم، كما
في الزكاة، وقد مر ذلك في المسألة: (540).
(مسألة) 595: يجوز نقل الخمس من بلده إلى بلد آخر إذا لم يكن النقل
تساهلا وتسامحا في أداء الخمس، ولكن إذا تلف - قبل أن يصل إلى مستحقه
- ضمنه إن كان في بلده من يستحقه وإن كان من غير تفريط، وإن لم يكن فيه
234

مستحق ونقله للايصال إليه فتلف من غير تفريط فيشكل فراغ ذمة المالك، نعم
إذا قبضه وكالة عن المستحق أو عن الحاكم فرغت ذمته، ولو نقله بإذن موكله
فتلف من غير تفريط لم يضمن.
(مسألة) 596: تقدم أنه يجوز للدائن أن يحسب دينه زكاة، ويشكل هذا في
الخمس، فالأحوط وجوبا الاستيذان من الحاكم الشرعي في الاحتساب
المذكور، فإن أراد الدائن ذلك من دون مراجعة إلى الحاكم الشرعي فالأحوط أن
يتوكل عن الفقير الهاشمي في قبض الخمس وفي إيفائه دينه، أو أنه يوكل الفقير
في استيفاء دينه وأخذه لنفسه خمسا.
سهم الإمام عليه السلام
لا بد في صرف سهم الإمام عليه السلام من إجازة الحاكم الشرعي أو
تسليمه إياه ليصرفه في وجوهه، والأحوط لزوما الاستجازة ممن يرجع إليه في
تقليده، ومحل صرفه: كل مورد أحرز فيه رضا الإمام عليه السلام، ولا ريب في
جواز صرفه في مؤونة الفقراء ممن يجد في حفظ الدين وترويج أحكامه، ولا فرق
في ذلك بين الهاشميين وغيرهم، غير أنه إذا دار الأمر بين الهاشمي وغيره - ولم
يف سهم السادة بمؤونة الهاشمي، ولم يكن لغير الهاشمي جهة ترجيح - قدم
الهاشمي عليه على الأحوط.
(مسألة) 597: إذا أدى الخمس إلى الحاكم أو وكيله جاز استرجاعه في سهم
السادة، وأما إذا أدى إلى مستحقه لم يجز استرجاعه منه.
(مسألة) 598: ما ذكرناه في المسألة: (533) من عدم جواز هبة الزكاة
235

للمالك أو المصالحة عنها بمبلغ زهيد يجري في الخمس حرفا بحرف.
(مسألة) 599: إذا أدى الخمس إلى من يعتقد استحقاقه ثم انكشف خلافه
يجب عليه إخراجه ثانيا.
(مسألة) 600: يثبت الانتساب إلى هاشم بالقطع الوجداني، وبالبينة
العادلة، وبالاشتهار به في بلد المدعي له.
(مسألة) 601: إذا مات وفي ذمته شئ من الخمس جرى عليه حكم سائر
الديون، فيلزم إخراجه من أصل التركة مقدما على الوصية والإرث.
(مسألة) 602: ما يؤخذ من الكافر أو من المسلم الذي لا يعتقد بالخمس
- كالمخالف - بمعاملة أو هبة أو غير ذلك، لا بأس بالتصرف فيه ولو علم
الآخذ أن فيه الخمس، فإن ذلك محلل من قبل الإمام عليه السلام، بل الحال
كذلك في ما يؤخذ ممن يعتقد بالخمس، ولكنه لا يؤديه عصيانا.
تم القسم الأول في أحكام العبادات
ويتلوه القسم الثاني في
أحكام المعاملات
والحمد لله
أولا
وآخرا
236

أحكام التجارة
(مسألة) 603: يجب على المكلف أن يتعلم أحكام التجارة التي يتعاطاها
على الأحوط، فقد قال الإمام الصادق عليه السلام: من أراد التجارة فليتفقه في
دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه، ومن لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في
الشبهات.
ويستحب في التجارة أمور أربعة:
1 - التسوية بين المسلمين في الثمن.
2 - التساهل في الثمن.
3 - الدفع راجحا والقبض ناقصا.
4 - الإقالة عند الاستقالة.
(مسألة) 604: لا يجوز التصرف في المال المأخوذ بالمعاملة التي لم تحرز
صحتها، ويأتي حكم التصرف في صورة رضى المتبايعين.
(مسألة) 605: يجب على المكلف التكسب لتحصيل نفقة من تجب نفقته
عليه - كالزوجة والأولاد - إذا لم يكن واجدا لها، ويستحب ذلك للأمور
239

المستحبة - كالتوسعة على العيال، وإعانة الفقراء -.
المعاملات المكروهة
(مسألة) 606: يكره في المعاملات أمور:
1 - بيع العقار إلا أن يشتري بثمنه عقارا آخر.
2 - الذباحة.
3 - بيع الأكفان.
4 - معاملة الأدنين.
5 - التجارة بين الطلوعين.
6 - تجارة الطعام.
7 - الدخول في سوم الغير.
8 - الحلف في المعاملة إذا كان صادقا، وإلا فهو حرام.
المعاملات المحرمة
(مسألة) 607: المعاملات المحرمة ستة:
1 - بيع المسكر المايع، والكلب غير الصيود، والخنزير، والميتة فيما لا
منفعة محللة مقصودة لها، وأما فيما لها منفعة كذلك فتحرم على الأحوط، وغير
هذه الأربعة من الأعيان النجسة يجوز بيعه على الأظهر إذا كانت له منفعة محللة
- كالعذرة للتسميد - وإن كان الأحوط تركه.
240

2 - بيع المال المغصوب.
3 - بيع ما لا مالية له - كالحشرات -.
4 - بيع ما تنحصر منفعته المتعارفة في الحرام - كآلات القمار
واللهو -.
5 - المعاملة الربوية.
6 - المعاملة المشتملة على الغش، وهو: مزج المبيع المرغوب فيه بغيره مما
يخفى من دون إعلام - كمزج الدهن بالشحم -، ففي النبوي: ليس منا من
غش مسلما، أو ضره، أو ما كره، وفي آخر: من غش أخاه المسلم نزع الله
بركة رزقه، وسد عليه معيشته، ووكله إلى نفسه.
(مسألة) 608: لا بأس ببيع المتنجس إذا أمكن تطهيره، ويجب على البائع
الاعلام بنجاسته إذا كان قد قصد منه استعماله فيما يعتبر فيه الطهارة - كالمأكول
الذي يباع للأكل -، نعم لا يجب الاعلام في غير ذلك - كاللباس المتنجس
- وذلك لصحة الصلاة فيه مع الجهل بالنجاسة.
(مسألة) 609: المتنجس الذي لا يمكن تطهيره - كالسمن والنفط - يجب
على البائع - على الأحوط - الاعلام بنجاسته إذا كان المقصود استعماله فيما يعتبر
فيه الطهارة، أو كان معرضا لتنجيسه.
(مسألة) 610: لا بأس ببيع الزيوت المستوردة من بلاد غير المسلمين إذا لم
تعلم نجاستها، لكن الزيت المأخوذ من الحيوان بعد خروج روحه إذا أخذ من يد
الكافر يحرم أكله، ويلزم على البائع إعلام المشتري بالحال.
(مسألة) 611: لا يجوز بيع جلد الميتة، وما ذبح على وجه غير شرعي من
241

كل حيوان - محلل الأكل وغيره -، والمعاملة عليه باطلة.
(مسألة) 612: يجوز بيع الجلود والشحوم المستوردة من البلاد غير
الاسلامية، والمأخوذة من يد الكافر فيما إذا احتمل أن تكون من الحيوان
المذكى، ولكن لا تجوز الصلاة فيها، ويحرم أكلها ما لم يحرز أنها من الحيوان
المذكى، وهكذا فيما أخذ من يد المسلم إذا علم أنه قد أخذه من يد الكافر من غير
استعلام عن تذكيته.
(مسألة) 613: بيع المال المغصوب باطل، ويجب على البائع رد ما أخذه من
الثمن إلى المشتري.
(مسألة) 614: يبطل البيع على الأحوط إذا لم يكن من قصد المشتري إعطاء
الثمن للبائع، أو قصد عدمه، وأما إذا قصد أن يعطي الثمن من الحرام فالمعاملة
محل إشكال.
(مسألة) 615: يحرم بيع آلات اللهو مثل البرابط والمزامير، والأحوط
الاجتناب عن بيع المزامير التي تصنع للعب الأطفال، وأما الآلات المشتركة التي
تستعمل في الحرام تارة وفي الحلال أخرى، ولا تنحصر منفعتها المتعارفة في الحرام
فلا بأس ببيعها وشرائها - كالراديو والمسجلة -.
وأما التلفزيون، فإن عد في العرف من آلات اللهو فلا يجوز بيعه
وشراؤه، وإلا فلا مانع منه، وأما الاصغاء إلى برامجه المحللة والنظر إليها فلا
بأس بهما.
(مسألة) 616: يحرم بيع العنب والتمر إذا قصد ببيعهما التخمير، ولا بأس
242

به مع عدم القصد وإن علم البائع أن المشتري يصرفه فيه.
(مسألة) 617: يحرم - على المشهور - تصوير ذوات الأرواح من إنسان
وغيره وإن لم يكن مجسما، ولكنه يجوز على كراهية اقتناء الصور وبيعها وإن
كانت مجسمة، وأما التصوير الفوتوغرافي المتعارف في عصرنا فلا بأس به.
(مسألة) 618: يحرم شراء المأخوذ بالقمار أو السرقة أو المعاملات الباطلة
، ويجب على المشتري أن يرده إلى مالكه.
(مسألة) 619: يجوز بيع أوراق اليانصيب وشراؤها، سواءا أكان بقصد
تحصيل الربح أم بقصد الإعانة على أمر مشروع - كبناية مدرسة أو جسر أو نحو
ذلك -، وعلى كلا التقديرين فالمال المعطى لمن أصابت القرعة باسمه - إذا كان
المتصدي لها شركة غير أهلية - من المال المجهول مالكه، فلا بد من مراجعة
الحاكم الشرعي لاصلاحه.
(مسألة) 620: الدهن المخلوط بالشحم إذا بيع شخصيا، كأن يقول:
بعتك هذا المن من الدهن، فالمعاملة بمقدار الشحم الموجود فيه باطلة، وما
قبضه البائع عوضا عنه لا ينتقل إليه، وللمشتري أن يفسخ البيع بالنسبة إلى
الدهن الموجود فيه، وأما لو باع منا من الدهن في الذمة فأعطاه من المخلوط
فللمشتري أن يرده ويطالب البائع بالدهن الخالص.
(مسألة) 621: المشهور حرمة بيع المكيل والموزون بأكثر منه، كأن يبيع منا
من الحنطة بمنين منها، ويعم هذا الحكم ما إذا كان أحد العوضين صحيحا
والآخر معيبا، أو كان أحدهما جيدا والآخر رديئا، أو كانت قيمتها مختلفة لأمر
آخر، فلو أعطى الذهب المصوغ وأخذ أكثر منه من غير المصوغ فهو ربا وحرام.
243

(مسألة) 622: لا يعتبر في الزيادة أن يكون الزائد من جنس العوضين
، فإذا باع منا من الحنطة بمن منها ودرهم، فهو أيضا ربا وحرام، بل لو كان الزائد
من الأعمال - كأن شرط أحد المتبايعين على الآخر أن يعمل له عملا - فهو أيضا
ربا وحرام، وكذلك إذا كانت الزيادة حكمية، كأن باع منا من الحنطة نقدا بمن
منها نسيئة.
(مسألة) 623: لا بأس بالزيادة في إحدى الطرفين إذا أضيف إلى الآخر
شئ، كأن باع منا من الحنطة مع منديل بمنين من الحنطة، وكذلك إذ كانت
الإضافة في الطرفين، كأن باع منا من الحنطة مع منديل بمنين ومنديل.
(مسألة) 624: يجوز بيع ما يباع بالأمتار أو العد - كالأقمشة والجوز
- بأكثر منه، كأن يبيع عشر جوزات بخمسة عشرة جوزة.
(مسألة) 625: الأوراق النقدية - بما أنها ليست من المكيل والموزون - لا
يجري فيها الربا المعاوضي، ولكن إذا لم تكن المعاملة شخصية فلا بد في صحتها
من امتياز الثمن عن المثمن، كبيع الدينار العراقي في الذمة بالدينار الكويتي نقدا
، ولا يجوز بيع الدينار العراقي مثلا بمثله مع الزيادة في الذمة، وأما تنزيل الأوراق
فلا بأس به نقدا، بمعنى أن المبلغ المذكور فيها إذا كان الشخص مدينا به واقعا
جاز تنزيلها في المصارف وغيرها، بأن يصالح الدائن بأقل منه حالا.
(مسألة) 626: ما يباع في غالب البلدان بالكيل أو الوزن لا يجوز بيعه بأكثر
منه حتى في البلد الذي يباع بالعد على الأحوط، وما يختلف حاله في البلاد - من
غير غلبة - فحكمه في كل بلد يتبع ما تعارف فيه، فلا يجوز بيعه بالزيادة في بلد
يباع فيه بالكيل والوزن، ويجوز فيما يباع فيه بالعد.
244

(مسألة) 627: لو لم يكن العوضان من جنس واحد، جاز أخذ الزيادة،
كأن يبيع منا من الأرز بمنين من الحنطة.
مسألة 628: لا يجوز التفاضل بين العوضين المأخوذين من أصل واحد،
، فلا يجوز بيع من من الدهن بمنين من الجبن، كما لا يجوز التفاضل في بيع
الناضجة من فاكهة بغير الناضجة منها.
(مسألة) 629: تعتبر الحنطة والشعير من جنس واحد في باب الربا، فلا
يجوز بيع من من أحديهما بمنين من الآخر، وكذا لا يجوز بيع من من الشعير نقدا
بمن من الحنطة نسيئة.
(مسألة) 630: تحرم المعاملة الربوية حتى مع غير المسلم، نعم إذا كان
حربيا أو ذميا - يجوز في شريعته الربا - جاز أخذ الزيادة منه بعد وقوع المعاملة
الربوية.
وتجوز المعاملة الربوية بين الوالد وولده وإن كان الترك أحوط، وكذا بين
الزوجين.
شرائط المتبايعين
(مسألة) 631: يشترط في المتبايعين ستة أمور:
الأول: البلوغ.
الثاني: العقل.
الثالث: الرشد.
245

الرابع: القصد، فلا يصح بيع المجنون، والسفيه، والهازل.
الخامس: الاختيار.
السادس: ملك العقد.
وستأتي أحكام جميع ذلك في المسائل الآتية.
(مسألة) 632: لا يجوز استقلال غير البالغ في المعاملة على أمواله وإن إذن
له الولي، نعم لا مانع في معاملته بمال الغير إذا كان مميزا ومأذونا من قبل المالك،
ولا حاجة إلى إذن الولي، كما لا مانع من وساطة الصبي في إيصال الثمن أو المبيع
إلى البايع أو المشتري.
(مسألة) 633: إذا اشترى من غير البالغ شيئا من أمواله وجب رده إلى
وليه، ولا يجوز رده إلى الطفل نفسه، وإذا اشترى منه مالا لغيره من دون إجازة
المالك وجب رده إليه، أو استرضاؤه، فإن لم يتمكن من معرفة المالك تصدق
بالمال عنه.
(مسألة) 634: لو أكره أحد المتعاملين على المعاملة ثم رضي بها صحت
، وإن كان الأحوط - حينئذ - إعادة الصيغة.
(مسألة) 635: لا يصح بيع مال الغير فضولا ومن دون إجازته، نعم إذا
أجازه بعد ذلك صح.
(مسألة) 636: يجوز للأب والجد - من جهة الأب - أو وصيهما أن يبيع
مال الطفل، وكذا يجوز للمجتهد العادل أو وكيله أو عدول المؤمنين - عند عدم
246

التمكن من الوصول إليهما - أن يبيع مال المجنون أو الطفل الفاقدين للولي، أو
مال الغائب إذا اقتضت الضرورة بيعه.
(مسألة) 637: إذا بيع المال المغصوب ثم إجازة المالك صح، والظاهر كون
المال ومنافعه من حين الإجازة للمشتري، والعوض ومنافعه للمالك الأصيل،
ولا فرق في ذلك بين أن يبيعه الغاصب لنفسه أو للمالك.
شرائط العوضين
(مسألة) 638: يشترط في العوضين خمسة أمور:
الأول: العلم بمقدار كل منهما بما يتقدر به خارجا من الوزن، أو
الكيل، أو العد، أو المساحة عند المشهور.
الثاني: القدرة على إقباضه، فلو باع الدابة الشاردة لم يصح وإن انضم
إليها ما يتمكن من تسليمه، نعم يصح بيع الضميمة بشرط كون الدابة له إن ظفر
بها.
الثالث: معرفة الخصوصيات التي تختلف بها الرغبات على المشهور.
الرابع: أن لا يتعلق به حق أحد، فلا يجوز بيع الوقف إلا في موارد يأتي
بيانها.
الخامس: أن يكون المبيع من الأعيان، فلو باع منفعة الدار سنة لم يصح،
نعم لا بأس بجعل المنفعة ثمنا، وبيان هذه الأحكام يأتي في المسائل الآتية.
(مسألة) 639: ما يباع في بلد بالوزن أو الكيل لا يصح بيعه في ذلك البلد
247

إلا بالوزن أو الكيل، ويجوز بيعه بالمشاهدة في البلد الذي يباع فيه بالمشاهدة.
(مسألة) 640: ما يباع بالوزن يجوز بيعه بالكيل إذا كان الكيل طريقا إلى
الوزن، وذلك كأن يجعل كيل يحوي منا من الحنطة، فتباع الحنطة بذلك الكيل.
(مسألة) 641: إذا بطلت المعاملة لفقدانها شيئا من هذه الشروط، ومع
ذلك رضي كل من المتبايعين بتصرف الآخر في ماله جاز لهما التصرف فيما انتقل
إليهما.
(مسألة) 642: لا يجوز بيع الوقف إلا إذا خرب بحيث سقط عن الانتفاع
به في جهة الوقف، أو كان في معرض السقوط، وذلك كحصير المسجد إذا خلق
وتمزق بحيث لا يمكن الصلاة عليه، وحينئذ لا مانع من بيعه، ولكنه لا بد أن
يصرف ثمنه في ما يكون أقرب إلى مقصود الواقف من شؤون ذلك المسجد مع
الامكان.
(مسألة) 643: لو وقع الخلاف بين أرباب الوقف على وجه يظن بتلف
المال أو النفس - إذا بقي الوقف على حاله -، جاز بيعه وصرفه فيما هو أقرب إلى
المقصود الواقف.
(مسألة) 644: لو شرط الواقف بيع الوقف إذا اقتضت المصلحة جاز
بيعه.
(مسألة) 645: يجوز بيع العين المستأجرة من المستأجر وغيره، وإذا كان
البيع لغير المستأجر لم يكن له انتزاع العين من المستأجر، ولكن يثبت له الخيار إذا
248

كان جاهلا بالحال، وكذا الحال لو علم بالايجار لكنه اعتقد قصر مدته فظهر
خلافه.
عقد البيع
(مسألة) 646: لا تشترط العربية في صيغة البيع، بل يجوز انشاؤه بأية لغة
كانت، بل الظاهر صحته بالأخذ والاعطاء من دون صيغة أصلا.
بيع الثمار
(مسألة) 647: يصح بيع الفواكه والثمار قبل الاقتطاف من الأشجار إذا
تناثر الورد وانعقد الحب، كما يجوز بيع الحصرم قبل اقتطافه، بل الأظهر جواز
بيعها بعد ظهورها وإن كان قبل انعقاد الحب وتناثر الورد، لكن الأولى حينئذ أن
يضم بعض نباتات الأرض إليها، أو يشترط على المشتري أن يقتطفها في الحال،
أو يبيع ثمر أكثر من سنة، وأما بيعها قبل الظهور فلا يجوز إذا كان عاما واحدا
وبغير ضميمة، ولا بأس به إذا كان مع الضميمة أو عامين فما زاد.
(مسألة) 648: يجوز بيع التمر على النخل، ويلزم أن لا يجعل عوضه تمرا
من ذلك النخل، إلا أن يكون لشخص نخلة في دار شخص آخر أو بستانه، فإنه
يجوز تخمين مقدار تمرها وبيعه من صاحب الدار أو البستان بذلك المقدار من
التمر.
والظاهر عدم جواز بيع ثمر غير النخل - أيضا - بثمره.
249

(مسألة) 649: يجوز بيع الخيار والباذنجان ونحوهما من الخضروات التي
تلتقط وتجز في كل سنة مرات عديدة بعد ظهورها لقطة واحدة أو لقطات، وجزة
أو جزات مع تعيين عدد اللقطات أو الجزات.
(مسألة) 650: لا يجوز بيع سنبل الحنطة والشعير وغيرهما بما يحصل منه،
وأما بيعه بغيره - ولو كان من جنسه - فلا بأس به.
النقد والنسيئة
(مسألة) 651: يجوز مطالبة كل من المتبايعين عوض ماله من الآخر في
المعاملة النقدية بعد المعاملة في الحال.
وتسليم الدار والأرض ونحوهما هو: أن يخلي البايع بينها وبين المشتري
بحيث يتمكن من التصرف فيها، وتسليم الفرش واللباس ونحوهما هو: جعله
في سلطة المشتري بحيث لا يمنعه البايع لو أراد نقله إلى مكان آخر.
(مسألة) 652: يعتبر في النسيئة ضبط الأجل بحيث لا يتطرق إليه احتمال
الزيادة والنقصان، فلو جعل الأجل وقت الحصاد مثلا لم يصح على المشهور.
(مسألة) 653: لا يجوز مطالبة الثمن من المشتري في النسيئة قبل الأجل،
نعم لو مات وترك مالا فللبايع مطالبته من ورثته قبل الأجل.
(مسألة) 654: يجوز مطالبة العوض من المشتري في النسيئة بعد انقضاء
الأجل، ولو لم يتمكن المشتري من أداءه فلا بد للبائع من إمهاله، أو فسخه للبيع
وإرجاع شخص المبيع إذا كان موجودا.
250

(مسألة) 655: إذا باع مالا نسيئة بزيادة شئ - كنصف العشر مثلا - على
قيمته النقدية ممن لا يعلم قيمته، ولم يعلمه البايع بها بطلت المعاملة على المشهور،
وإذا باعه ممن يعلم قيمته النقدية بأزيد منها نسيئة، بأن قال له: أبيعه منك نسيئة
بزيادة خمسين فلسا على كل دينار من قيمته النقدية - مثلا - فقبل المشتري لم يكن
به بأس.
(مسألة) 656: إذا باع شيئا نسيئة، وبعد مضي مدة من الأجل تراضيا على
تنقيص مقدار من الثمن وأخذه نقدا، لا بأس به.
بيع السلف
بيع السلف: هو تعجيل الثمن وتأجيل المثمن، فلو قال المشتري للبايع:
أعطيك هذا الثمن على أن تسلمني المتاع بعد ستة أشهر، وقال البايع: قبلت، أو
أن البايع قبض الثمن من المشتري وقال: بعتك متاع كذا على أن أسلمه لك بعد
ستة أشهر، فهذه المعاملة صحيحة.
(مسألة) 657: لا يجوز بيع الذهب أو الفضة سلفا بالنقود الذهبية أو
الفضية، ولا بأس ببيع غير الذهب والفضة سلفا بالذهب أو الفضة أو بمتاع
آخر، والأحوط أن يجعل بدل المبيع في السلف من النقود.
شرائط بيع السلف
(مسألة 658): يعتبر في بيع السلف سبعة أمور:
251

الأول: تعيين الصفات الموجبة لاختلاف القيمة، ولا يلزم الاستقصاء
والتدقيق، بل يكفي التعيين بنحو يكون البيع مضبوطا عرفا.
الثاني: قبض تمام الثمن قبل افتراق المتبايعين، ولو كان البايع مديونا
للمشتري بمقدار الثمن، وكان الدين حالا، وجعل ذلك ثمنا كفى، ولو قبض
البايع بعض الثمن صح البيع بالنسبة إلى المقدار المقبوض فقط، وثبت الخيار له
في فسخ أصل البيع.
الثالث: تعيين زمان تسليم المبيع كاملا، فلا يصح جعله وقت الحصاد
مثلا.
الرابع: أن لا يكون المتاع في زمان التسليم نادر الوجود بحيث لا يتمكن
البايع من تسليمه.
الخامس: تعيين مكان تسليم المبيع إذا لم يكن له تعين عندهما.
السادس: تعيين وزن المبيع أو كيله أو عدده، والمتاع الذي يباع بالمشاهدة
يجوز بيعه سلفا، ولكن يلزم أن يكون التفاوت بين أفراده غير معتنى به عند
العقلاء - كبعض أقسام الجوز والبيض -.
السابع: إذا كان المبيع سلفا من المكيل والموزن لم يجز أن يجعل ثمنه من
جنسه، فلا تباع الحنطة بالحنطة سلفا.
أحكام بيع السلف
(مسألة) 659: لا يجوز بيع ما اشتراه سلفا من غير البايع قبل انقضاء
252

الأجل، ويجوز بعد انقضائه ولو لم يقبضه، نعم لا يجوز بيع الحنطة والشعير
وغيرهما - مما يباع بالكيل أو الوزن - قبل القبض إلا أن يبيعه بمقدار ثمنه الذي
اشتراه به.
(مسألة) 660: لو سلم البائع المبيع على طبق ما قرر بينه وبين المشتري في
بيع السلف وجب على المشتري قبوله، وكذلك الحال فيما إذا كان أحسن منه
بشرط أن يصدق عليه أنه من ذلك الجنس.
(مسألة) 661: لو سلم البائع أردأ مما قرر بينهما فللمشتري رفضه.
(مسألة) 662: يجوز للبايع أن يسلم غير الجنس المعين فيما إذا رضي
المشتري به.
(مسألة) 663: إذا لم يوجد المبيع سلفا في الزمان الذي يجب تسليمه فيه
فللمشتري أن يصبر إلى أن يتمكن منه، أو يفسخ البيع ويسترجع العوض، ولا
يجوز له أن يبيعه من البائع بأكثر مما اشتراه به.
(مسألة) 664: إذا باع متاعا في الذمة مؤجلا إلى مدة بثمن كذلك، بطل
البيع على الأحوط.
بيع النقدين
(مسألة) 665: لا يجوز ولا يصح بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة
مع الزيادة، سواء في ذلك المسكوك وغيره.
253

(مسألة) 666: لا بأس ببيع الذهب بالفضة وبالعكس، ولا يعتبر
تساويهما في الوزن.
(مسألة) 667: يجب في بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة تسليم
العوضين قبل الافتراق، وإلا بطل البيع.
(مسألة) 668: لو سلم بائع الذهب أو الفضة تمام المبيع وسلم المشتري
بعض الثمن أو بالعكس وافترقا، صح البيع بالنسبة إلى ذلك البعض ويبطل البيع
بالنسبة إلى الباقي، ويثبت الخيار في أصل البيع لمن لم يتسلم التمام.
(مسألة) 669: لا يباع تراب معدن الفضة بالفضة حذرا من الوقوع في
الربا، وكذلك لا يباع تراب معدن الذهب بالذهب، ويصح بيع تراب الذهب
بالفضة، وبيع تراب الفضة بالذهب.
الخيارات
الخيار: هو ملك فسخ العقد، وللمتبايعين الخيار في أحد عشر موردا:
1 - قبل أن يتفرق المتعاقدان من مجلس البيع، ولكل منهما فسخ البيع،
ويسمى هذا الخيار: خيار المجلس.
2 - أن يكون أحد المتبايعين - أو أحد الطرفين في غير البيع من
المعاملات - مغبونا، فللمغبون حق الفسخ، ويسمى: خيار الغبن.
3 - اشتراط الخيار في المعاملة للطرفين - أو لأحدهما - إلى مدة معينة،
ويسمى: خيار الشرط.
254

4 - تدليس أحد الطرفين، بإراءة ماله أحسن مما هو في الواقع ليزيد في
قيمته، فيثبت الخيار للطرف الآخر، ويسمى: خيار التدليس.
5 - أن يلتزم أحد الطرفين في المعاملة بأن يأتي بعمل، أو بأن يكون ماله
على صفة مخصوصة، ولا يأتي بذلك العمل، أو لا يكون المال بتلك الصفة،
فللآخر حق الفسخ، ويسمى: خيار تخلف الشرط.
6 - أن يكون أحد العوضين معيبا، فيثبت الخيار لمن انتقل إليه المعيب،
ويسمى: خيار العيب.
7 - أن يظهر أن بعض المتاع لغير البايع، ولا يجيز مالكه بيعه، فللمشتري
حينئذ فسخ البيع، ويسمى هذا: خيار تبعض الصفقة.
8 - أن يصف البايع للمشتري صفات المتاع الذي لم يره، فينكشف أن
المبيع غير واجد لها، فللمشتري الفسخ، ويسمى هذا: خيار الرؤية.
9 - أن يؤخر المشتري الثمن ولا يسلمه إلى ثلاثة أيام، ولا يسلم البائع
المتاع إلى المشتري، فللبايع حينئذ فسخ البيع إذا لم يشترط المشتري تأخير الثمن،
ولو كان المبيع مما يفسد في يومه - كبعض الفواكه - فللبايع فسخ البيع إذا لم يؤد
المشتري الثمن إلى الليل ولم يشترط تأخيره، ويسمى هذا: خيار التأخير.
10 - إذا كان المبيع حيوانا، فللمشتري فسخ البيع إلى ثلاثة أيام، وكذلك
الحكم إذا كان الثمن حيوانا، فللبايع حينئذ الخيار إلى ثلاثة أيام، ويسمى هذا
: خيار الحيوان.
11 - أن لا يتمكن البايع من تسليم المبيع، كما إذا شرد الفرس الذي
255

باعه، فللمشتري فسخ المعاملة، ويسمى هذا: خيار تعذر التسليم.
(مسألة) 670: إذا لم يعلم المشتري بقيمة المبيع أو غفل عنها حين البيع،
واشتراه بأزيد من المعتاد، فإن كان الفرق مما يعتنى به فله الفسخ، وهكذا إذا
كان البائع غير عالم بالقيمة أو غفل عنها وباع بأقل من المعتاد، فإن الفرق إذا كان مما
يعتنى به كان له الفسخ.
(مسألة) 671: لا بأس ببيع الشرط، وهو بيع الدار - مثلا - التي قيمتها
ألف دينار بمائتي دينار، مع اشتراط الخيار للبايع لو أرجع مثل الثمن في الوقت
المقرر إلى المشتري، هذا إذا كان المتبايعان قاصدين للبيع والشراء حقيقة، وإلا لم
يتحقق البيع بينهما.
(مسألة) 672: يصح بيع الشرط وإن علم البائع برجوع المبيع إليه حتى لو
لم يسلم الثمن في وقته إلى المشتري، لعلمه بأن المشتري يسمح له في ذلك، نعم إذا
لم يسلم الثمن في وقته ليس له أن يطالب المبيع من المشتري، أو من ورثته على
تقدير موته.
(مسألة) 673: لو اطلع المشتري على عيب في المبيع، كأن اشترى حيوانا
فتبين أنه كان أعمى، فله الفسخ إذا كان العيب ثابتا قبل البيع، ولو لم يتمكن من
الارجاع، لحدوث تغيير فيه أو تصرف فيه بما يمنع من الرد، فله أن يسترجع
من الثمن بنسبة التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب،
مثلا: المتاع المعيب المشترى بأربعة دنانير إذا كان قيمة سالمه ثمانية دنانير،
وقيمة معيبة ستة دنانير، فالمسترجع من الثمن ربعه، وهو نسبة التفاوت بين الستة والثمانية.
(مسألة) 674: لو اطلع البائع بعد البيع على عيب في العوض سابق على
256

البيع، فله الفسخ وإرجاعه إلى المشتري، ولو لم يجز له الرد للتغير أو التصرف فيه
المانع من الرد، فله أن يأخذ من المشتري التفاوت بين قيمة السالم من العوض
ومعيبه، بالبيان المتقدم في المسألة السابقة.
(مسألة) 675: لو طرأ عيب على المبيع بعد العقد وقبل التسليم ففي ثبوت
الخيار للمشتري - فضلا عن الأرش - تأمل، وكذلك لو طرأ على العوض عيب
بعد العقد وقبل تسليمه.
(مسألة) 676: الظاهر أنه لا يلزم في خيار العيب أن يكون الفسخ فوريا
، ولا يعتبر في نفوذه حضور من عليه الخيار.
(مسألة) 677: لا يجوز للمشتري فسخ البيع بالعيب ولا المطالبة بالتفاوت
في أربع صور:
1 - أن يعلم بالعيب عند الشراء.
2 - أن يرضى بالمعيب بعد البيع.
3 - أن يسقط حقه من جهة الفسخ ومطالبته بالتفاوت.
4 - أن يتبرأ البائع من العيب. ولو تبرأ من عيب خاص فظهر فيه عيب
آخر، فللمشتري الفسخ به، وإذا لم يتمكن من الرد أخذ التفاوت على ما تقدم.
(مسألة) 678: إذا ظهر في المبيع عيب ثم طرأ عليه عيب آخر بعد القبض،
فليس له الرد، وله أخذ الأرش، وكذلك لو اشترى حيوانا معيبا فطرأ عليه
عيب جديد في الأيام الثلاثة التي له فيها الخيار، وكذلك الحال - أيضا - فيما إذا
طرأ على المعيب عيب جديد في زمان، كان الخيار فيه للمشتري خاصة.
257

(مسألة) 679: إذا لم يعلم البائع بخصوصيات ماله، بل أخبره بها غيره،
فذكرها للمشتري وباعه على ذلك، ثم ظهر أنه كان أحسن من ذلك فله الفسخ.
(مسألة) 680: لو أخبر البائع برأس المال فلا بد أن يخبر المشتري بكل ما
يوجب زيادة القيمة أو نقصانها، وإن باعه برأس المال أو بأنقص منه، فلا بد أن
يخبره - مثلا - بأنه اشتراه نقدا أو نسيئة، فلو لم يخبره ببعض تلك الخصوصيات
واطلع عليه المشتري بعد المعاملة فله الفسخ.
(مسألة) 681: إذا أعطى شخص ماله لآخر وعين قيمته وقال له: بعه
بتلك القيمة، وإن بعته بأزيد منه فالزيادة أجرة بيعك، كانت الزيادة للمالك،
وللوكيل أن يأخذ أجرة عمله من المالك، وإذا قال له: إن بعته بأزيد من ذلك
فالزيادة لك جعالة، كانت الزيادة للوكيل.
(مسألة) 682: لا يجوز للقصاب أن يبيع لحم الخروف ويسلم لحم
النعجة، فإن فعل ذلك ثبت الخيار للمشتري إذا كانت المعاملة شخصية، وله
المطالبة بلحم الخروف إذا كان المبيع كليا في الذمة، وكذلك الحال فيما إذا باع ثوبا
على أن يكون لونه ثابتا، فسلم إلى المشتري ما يزول لونه.
خاتمة
في الإقالة:
وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلب الآخر منه، والظاهر
258

جريانها في عامة العقود اللازمة حتى الهبة اللازمة، غير النكاح والضمان، وفي
جريانها في الصدقة إشكال.
وتقع بكل لفظ يدل على المراد وإن لم يكن عربيا، بل تقع بالفعل كما تقع
بالقول، فإذا طلب أحد المتبايعين مثلا الفسخ من صاحبه فدفع إليه ما أخذه منه
كان فسخا وإقالة، ووجب على الطالب إرجاع ما في يده من العوض إلى
صاحبه.
(مسألة) 683: لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان، فلو
أقال كذلك بطلت، وبقي كل من العوضين على ملك مالكه.
(مسألة) 684: إذا جعل له مالا في الذمة أو في الخارج ليقيله - بأن قال له:
أقلني ولك هذا المال، أو أقلني ولك علي كذا - فالأظهر هو الصحة.
(مسألة) 685: لو أقال بشرط مال عين، أو عمل، كما لو قال
للمستقيل: أقلتك بشرط أن تعطيني كذا، أو تخيط ثوبي فقبل، صح.
(مسألة) 686: في قيام وارث المتعاقدين مقام المورث في صحة الإقالة
إشكال، والظاهر هو العدم.
259

أحكام الشفعة
إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث، كان لشريكه أخذ المبيع بالثمن
المقرر له في البيع، ويسمى هذا الحق ب‍: الشفعة.
(مسألة) 687: تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة -
كالأراضي والبساتين - بلا إشكال، وهل تثبت فيما ينقل - كالآلات والثياب
والحيوان - وفيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة؟ وجهان.
(مسألة) 688: تختص الشفعة - في غير المساكن والأراضي - بالبيع، فإذا
انتقل الجزء المشاع بالهبة المعوضة أو الصلح أو غيرهما، فلا شفعة للشريك.
وأما المساكن والأراضي، فاختصاص الشفعة فيها بالبيع هو الأقرب.
(مسألة) 689: إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه، ففي ثبوت الشفعة
للشريك قولان، أقربهما ذلك.
(مسألة) 690: يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين
اثنين، فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم، لم تكن لأحدهم
شفعة، وإذا باعوا جميعا إلا واحدا منهم، ففي ثبوت الشفعة له إشكال، بل
منع.
260

(مسألة) 691: يعتبر في الشفيع: الاسلام، إذا كان المشتري مسلما، فلا
شفعة للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر، وتثبت للمسلم على الكافر،
وللكافر على مثله.
(مسألة) 692: يشترط في الشفيع أن يكون قادرا على أداء الثمن، فلا تثبت
للعاجز عنه وإن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلا أن يرضى المشتري بذلك. نعم
إذا ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام، وإذا ادعى أن الثمن في بلد آخر أجل
بمقدار وصول المال إليه وزيادة ثلاثة أيام، فإن انتهى فلا شفعة، ويكفي في
الثلاثة أيام التلفيق. والمبدء في الشفعة زمان الأخذ بها، لا زمان البيع.
(مسألة) 693: الشفيع يأخذ بقدر الثمن إذا كان مثليا، لا بأكثر منه ولا
بأقل.
وفي ثبوت الشفعة في الثمن القيمي - بأن يأخذ المبيع بقيمته - قولان،
أقواهما ذلك.
(مسألة) 694: الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة، فيسقط مع
المماطلة والتأخير بلا عذر، ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع
أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلا، أو كون المشتري
زيدا فبان عمرا، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره، أو العكس، أو أنه واحد فبان
اثنين، أو العكس، أو أن المبيع النصف بمائة، فتبين أنه الربع بخمسين، أو كون
الثمن ذهبا فبان فضة، أو لكونه محبوسا ظلما، أو بحق يعجز عن أدائه، وأمثال
ذلك من الأعذار.
261

أحكام الشركة
(مسألة) 695: لا بد في عقد الشركة من إنشائها بلفظ أو فعل يدل عليها،
ولا يعتبر فيه خلط المالين على وجه لا يتميز كل منهما عن الآخر.
(مسألة) 696: لو اشترك شخصان - مثلا - فيما يربحان من أجرة عملهما
- كما لو قرر حلاقان أن يقسما بينهما كل ما يأخذانه من أجر الحلاقة - كانت
الشركة باطلة.
(مسألة) 697: لا يجوز اشتراك شخصين - مثلا - على أن يشتري كل منهما
متاعا نسيئة لنفسه، ويشتركا في ما يربحانه، نعم إذا وكل كل منهما صاحبه في
شراء المتاع لهما نسيئة، كانت الشركة صحيحة.
(مسألة) 698: يشترط في عقد الشركة: البلوغ والعقل، والاختيار،
وعدم الحجر، فلا يصح شركة الصبي والمجنون والمكره والسفيه الذي يصرف
ماله في غير موقعه.
(مسألة) 699: لا بأس باشتراط زيادة الربح لمن يقوم بالعمل من
الشريكين، أو للذي يكون عمله أكثر من عمل الآخر، ويجب الوفاء بهذا
الشرط، ولو اشترطت الزيادة في غير ذلك فالأظهر أن الشركة باطلة، وكذلك
262

الحال لو اشترطا أن يكون تمام الربح لأحدهما، أو يكون تمام الخسران أو أكثره
على أحدهما.
(مسألة) 700: إذا لم يشترطا لأحدهما زيادة في الربح فإن تساوى المالان
تساويا في الربح والخسران، وإلا كان الربح والخسران بنسبة المالين، فلو كان
مال أحدهما ضعف مال الآخر كان ربحه وضرره ضعف الآخر، سواء تساويا
في العمل أو اختلفا، أو لم يعمل أحدهما أصلا.
(مسألة) 701: لو اشترطا في عقد الشركة أن يشتركا في العمل، أو يعمل
كل منهما مستقلا، أو يعمل أحدهما فقط، وجب العمل على طبق الشرط.
(مسألة) 702: إذا لم يعين العامل منهما، لم يجز لكل منهما التصرف في
رأس المال بغير إجازة الآخر.
(مسألة) 703: يجب على من له العمل أن يكون عمله على طبق ما هو المقرر
بينهما، فلو قررا - مثلا - أن يشتري نسيئة ويبيع نقدا، أو يشتري من المحل
الخاص وجب العمل به، ولو لم يعين شئ من ذلك لزم العمل بما هو المتعارف
على وجه لا يضر بالشركة. ولا يجوز للعامل حمل رأس المال في السفر.
(مسألة) 704: لو تخلف العامل عما شرطاه، أو عمل على خلاف ما هو
المتعارف في صورة عدم الشرط، فالمعاملة بالنسبة إلى حصة الشريك الآخر
فضولية، فإن لم يجز استرجع ماله أو عوضه لو كان تالفا.
(مسألة) 705: الشريك العامل في رأس المال أمين، فلا يضمن التالف كلا
أو بعضا ما لم يفرط.
263

(مسألة) 706: لو ادعى العامل التلف في مال الشركة وحلف عند الحاكم،
صدق.
(مسألة) 707: لو رجع كل من الشريكين عن إجازة الآخر في التصرف في
مال الشركة لم يجز لهما التصرف، ولو رجع أحدهما لم يجز للآخر ذلك، وأما هو
فيجوز له التصرف فيه.
(مسألة) 708: متى طلب أحد الشريكين قسمة مال الشركة، وجب على
الآخر القبول ما لم يتضرر بها ضررا معتدا به، وإن كان قد جعل أجل للشركة.
(مسألة) 709: إذا مات أحد الشركاء لم يجز للآخر التصرف في مال
الشركة، وكذلك الحال في طرو الجنون والاغماء والسفه.
(مسألة) 710: لو اتجر أحد الشريكين بمال الشركة، ثم ظهر بطلان عقد
الشركة، فإن لم يكن الأذن في التصرف مقيدا بصحة الشركة صحت المعاملة،
ويرجع ربحها إليهما. وإن كان الإذن مقيدا بصحة العقد كان العقد بالنسبة إلى
الآخر فضوليا. فإن أجاز صح وإلا بطل.
ثم إن أخذ العامل - بلا قصد التبرع - أجرة عمله مع حفظ نسبته من
الشركة، محل إشكال.
264

أحكام الصلح
الصلح: هو التسالم بين شخصين على تمليك عين، أو منفعة، أو على
إسقاط دين أو حق بعوض، وفي كونه صلحا إذا كان مجانا إشكال.
(مسألة) 711: يعتبر في المتصالحين: البلوغ، والعقل، والاختيار،
والقصد، وعدم الحجر.
(مسألة) 712: لا يعتبر في الصلح صيغة خاصة، بل يكفي فيه كل لفظ أو
فعل دال عليه.
(مسألة) 713: لو تصالح مع الراعي، بأن يسلم نعاجه إليه ليرعاها سنة
مثلا، ويتصرف في لبنها ويعطي مقدارا معينا من الدهن صحت المصالحة،
وكذلك لو آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار
معين من الدهن - غير المقيد بالدهن المأخوذ منها - صحت الإجارة أيضا.
(مسألة) 714: إسقاط الحق أو الدين لا يحتاج إلى القبول، وأما المصالحة
عليه فلا بد فيها من القبول.
(مسألة) 715: لو علم المديون بمقدار الدين - ولم يعلم به الدائن -
وصالحه بأقل منه، لم يحل الزائد للمديون، إلا أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة
حتى لو علم بمقدار الدين أيضا.
265

(مسألة 716): لا تجوز المصالحة على مبادلة مالين من جنس واحد إذا كانا
مما يكال أو يوزن مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأحوط، ولا بأس بها مع
احتمال الزيادة.
(مسألة) 717: لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد أو
على شخصين، فيما إذا لم يكن من المكيل أو الموزون، أو لم يكونا من جنس
واحد، أو كانا متساويين في الكيل أو الوزن. وأما إذا كانا من المكيل أو الموزون
ومن جنس واحد، فجواز الصلح على مبادلتهما - مع زيادة أحدهما - مشكل.
(مسألة) 718: يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه، إذا كان الغرض
إبراء ذمة المديون من بعض الدين وأخذ الباقي منه نقدا، هذا فيما إذا كان الدين
من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون، وأما في غير ذلك
فيجوز الصلح والبيع بالأقل من المديون وغيره. وعليه فيجوز للدائن تنزيل
(الكمبيالة) في المصرف وغيره في عصرنا الحاضر، لأن النقود الرائجة ليست مما
يوزن أو يكال.
(مسألة) 719: ينفسخ الصلح بتراضي المتصالحين بالفسخ، وكذا إذا فسخ
من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح.
(مسألة) 720: لا يجري خيار المجلس، ولا خيار الحيوان، ولا خيار
التأخير - المتقدمة - في الصلح. نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد
المتعارف، أو اشترط تسليمه نقدا فلم يعمل به، فللآخر أن يفسخ المصالحة،
وأما الخيارات الثمانية الباقية - التي سبق ذكرها في البيع - فهي تجري في الصلح
أيضا.
266

(مسألة) 721: لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ، وأما أخذ
التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب، ففيه إشكال.
(مسألة) 722: لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به إذا لم يكن
للمصالح وارث بعد الموت - مثلا -، صح ولزم الوفاء بالشرط.
267

أحكام الإجارة
(مسألة) 723: يعتبر في المؤجر والمستأجر: البلوغ، والعقل، والاختيار،
وعدم الحجر.
(مسألة) 724: لا تصح إجارة غير المالك إلا إذا كان وليا أو وكيلا عن
المالك، وتصح الإجارة من الأجنبي إذا تعقبت بالإجازة.
(مسألة) 725: إذا آجر الولي مال الطفل مدة، وبلغ الطفل أثناءها، كان له
فسخ الإجارة بالنسبة إلى ما بعد بلوغه. نعم إذا كان عدم جعل ما بعد البلوغ
جزءا من مدة الايجار على خلاف مصلحة الطفل، لم يجز له الفسخ. وإذا آجر
الولي الطفل نفسه إلى مدة فبلغ أثناءها، ففي نفوذ الإجارة في هذا الفرض
إشكال، وأما في غيره فلا إشكال في سلطنته على الفسخ.
(مسألة) 726: لا يجوز استيجار الطفل الذي لا ولي له بدون إجازة المجتهد
العادل أو وكيله. وإذا لم يمكن الوصول إليه، جاز استيجاره بإجازة جماعة من
عدول المؤمنين.
(مسألة) 727: لا تعتبر العربية في صيغة الإجارة، بل لا يعتبر اللفظ في
صحتها، فلو سلم المؤجر ماله للمستأجر بقصد الايجار، وقبضه المستأجر بقصد
الاستيجار، صحت الإجارة.
268

(مسألة) 728: تكفي في صحة إجارة الأخرس الإشارة المفهمة للايجار أو
الاستيجار.
(مسألة) 729: لو استأجر دكانا أو دارا أو بيتا بشرط أن ينتفع به هو
بنفسه، لم يجز إيجاره للغير على وجه ينتفع به الغير، ويصح لو كان على نحو
يرجع الانتفاع به لنفس المستأجر الأول، كأن تستأجر امرأة دارا ثم تتزوج،
فتؤجر الدار لبعلها لسكناها.
(مسألة) 730: إذا استأجر دارا أو دكانا أو بيتا، بدون أن يشترط
اختصاص الانتفاع به فله أن يؤجره للغير. نعم لو أراد أن يؤجره بأزيد مما
استأجره به، فلا بد أن يحدث فيه شيئا - مثل الترميم أو التبييض -، أو يؤجره
بغير الجنس الذي استأجره به، كأن يستأجر دارا بالنقود فيؤجرها بالحنطة، وأما
غير الدار والدكان والبيت، فلا بأس بإيجارها بأزيد مما استأجره به مطلقا.
(مسألة) 731: لو اشترط في الإجارة أن يكون عمل الأجير لشخص
المستأجر، لم يجز له إيجاره ليعمل لشخص آخر، ويجوز ذلك مع عدم الاشتراط،
إلا أنه لا يجوز - على الأحوط - أن يؤجره بأزيد مما استأجره إذا كانت الأجرتان
من جنس واحد، ولا بأس بالزيادة مع اختلاف الجنس.
(مسألة) 732: إذا آجر نفسه لعمل من دون تقييد بالمباشرة، لم يجز له - على
الأحوط - أن يستأجر غيره لذلك العمل بعينه بأقل من الأجرة في إجارة نفسه.
نعم لا بأس بذلك إذا كانت الأجرتان من جنسين، أو أنه أتى ببعض العمل -
ولو قليلا -، فاستأجر غيره للباقي بأقل من الأجرة.
269

(مسألة) 733: لا بأس بأن يستأجر دارا - مثلا - سنة بعشرة دنانير،
فيسكن في نصفها ويؤجر نصفها الآخر بعشرة دنانير، ولا يجوز أن يؤجرها بأزيد
من عشرة دنانير إلا أن يحدث فيها شيئا، فإذا أراد إيجاره بأكثر - كاثني عشر دينارا
مثلا - فلا بد أن يعمل فيه شيئا - كالترميم -.
(مسألة) 734: يعتبر في العين المستأجرة - مضافا إلى ما تقدم - أمور:
1 - التعيين، فلو قال آجرتك إحدى دوري لم تصح الإجارة.
2 - أن يشاهد المستأجر العين المستأجرة، أو يعلم بخصوصيتها، ولو كان
ذلك بتوصيف المؤجر على المشهور.
3 - التمكن من التسليم، فلا تصح إجارة الدابة الشاردة مثلا.
4 - إمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصح إجارة الخبز وغيره من
المأكولات للأكل.
5 - قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة، فلا تصح إجارة الأرض
للزراعة إذا لم يكن المطر وافيا، ولم يمكن سقيها من النهر أو غيره.
(مسألة) 735: يصح ايجار الشجر للانتفاع بثمرها غير الموجود فعلا.
وكذلك إيجار الحيوان للانتفاع بلبنه، أو البئر للاستسقاء.
(مسألة) 736: يجوز للمرأة إيجار نفسها للارضاع من غير حاجة إلى إجازة
زوجها. نعم لو أوجب ذلك تضييع حقه توقفت صحة الإجارة على إجازته.
270

شرائط المنفعة المقصودة من الإجارة:
(مسألة) 737: تعتبر في المنفعة التي يستأجر المال لأجلها أمور أربعة:
الأول: أن تكون محللة، فلا تصح إجارة الدكان لبيع الخمر أو
حفظه، أو إجارة الحيوان لحمل الخمر.
الثاني: أن لا يكون بذل المال بإزائها سفها بنظر العقلاء على الأحوط.
الثالث: تعيين نوع المنفعة، فلو آجر حيوانا قابلا للركوب ولحمل
الأثقال، وجب تعيين حق المستأجر من الركوب، أو الحمل، أو كليهما.
الرابع: تعيين مقدار المنفعة، وهو إما بتعيين المدة - كما في إجارة الدار
والدكان ونحوهما - وإما بتعيين العمل - كخياطة الثوب المعين على كيفية
معينة -.
(مسألة) 738: يحرم - على الأحوط وجوبا - حلق اللحية اختيارا وبغير
عذر شرعي، وعليه فلا يجوز - على الأحوط وجوبا - أخذ الأجرة عليه.
(مسألة) 739: لو لم يعين مبدأ مدة الإجارة، كان ابتداؤها إجراء
الصيغة.
(مسألة) 740: لو آجر داره سنة، وجعل ابتداءها بعد مضي شهر - مثلا -
من إجراء الصيغة صحت الإجارة، وإن كانت العين عند إجراء الصيغة
مستأجرة للغير.
(مسألة) 741: لا تصح الإجارة إذا لم تتعين مدة الايجار، فلو قال:
آجرتك الدار شهرا بدينار مهما أقمت فيها، لم تصح، وإذا آجرها شهرا معينا
271

بدينار، وقال: كلما أقمت بعد ذلك فبحسابه، صحت الإجارة في الشهر الأول
خاصة.
(مسألة) 742: الدور المعدة لإقامة الغرباء والزوار، إذا لم يعلم مقدار
مكثهم فيها، وحصل الاتفاق على أداء مقدار معين من النقود عن إقامة كل ليلة
مثلا، يجوز التصرف فيها، وحيث لم يعلم مدة الايجار لم تصح الإجارة
. وللمالك إخراجهم حينما أراد.
مسائل في الإجارة
(مسألة) 743: لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء وسائر
الأئمة عليهم السلام وذكر فضائلهم، وكذا الخطب المشتملة على المواعظ ونحو
ذلك.
(مسألة) 744: لا تجوز الإجارة عن الحي في العبادات الواجبة، إلا في
الحج عن المستطيع العاجز عن المباشرة، وتجوز ذلك في المستحبات العبادية، إلا أن
في جوازها - في مثل الصلاة والصيام - إشكالا، ولا بأس بها في فرض الاتيان بها
رجاء.
وتجوز الإجارة عن الميت في العبادات الواجبة والمستحبة.
(مسألة) 745: لا تجوز الإجارة على تعليم مسائل الحلال والحرام، وتعليم
الواجبات - مثل الصلاة والصيام وغيرهما - مما كان محل الابتلاء على الأحوط
وجوبا، وأما في غيره ففي جواز الإجارة إشكال، وكذا لا يجوز على الأحوط
272

أخذ الأجرة على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم، نعم لا بأس بأخذ الأجرة
على خصوصية زائدة فيها على المقدار الواجب.
(مسألة) 746: يعتبر في الأجرة أن تكون معلومة، فلو كانت من المكيل أو
الموزون قدرت بهما، ولو كانت من المعدود - كالبيض - قدرت بالعد، فإن
كانت مما تعتبر مشاهدته في المعاملات لزم أن يشاهدها المؤجر، أو يبين المستأجر
خصوصياتها له.
(مسألة) 747: لو آجر أرضا للزراعة، وجعل الأجرة من حاصل تلك
الأرض لم تصح، وأما إذا كان الحاصل من أرض أخرى فالأحوط عدم
الصحة، نعم إذا كان الحاصل موجودا - فعلا - صحت الإجارة.
(مسألة) 748: لا يستحق المؤجر مطالبة الأجرة قبل تسليم العين
المستأجر، وكذلك الأجير لا يستحق مطالبة الأجرة قبل إتيانه بالعمل.
(مسألة) 749: إذا سلم المؤجر العين المستأجرة، وجب على المستأجر
تسليم الأجرة، وإن لم يتسلم العين المستأجرة، أو لم ينتفع بها في بعض المدة أو
تمامها.
(مسألة) 750: إذا آجر نفسه لعمل وسلم نفسه إلى المستأجر ليعمل له استحق
الأجرة، وإن لم يستوفه المستأجر، كما إذا آجر نفسه لخياطة ثوب في يوم
معين، وحضر في ذلك اليوم للعمل، وجب على المستأجر إعطاء الأجرة وإن لم
يسلمه الثوب ليخيطه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الأجير فارغا في ذلك اليوم
أو مشتغلا بعمل آخر، لنفسه أو لغيره.
273

(مسألة) 751: لو ظهر بطلان الإجارة بعد انقضاء مدتها، وجب على
المستأجر أداء أجرة المثل، فلو استأجر دارا سنة بمائة دينار، وظهر بطلانه بعد
مضي المدة، فإن كانت أجرتها المتعارفة خمسين دينارا لم يجب على المستأجر أزيد من
خمسين دينارا، نعم لو كانت الأجرة المتعارفة مائتي دينار مثلا، وكان المؤجر هو
المالك أو وكيله، وكانا عالمين بأجرة المثل، لم يكن لهما أخذ الزائد على أجرة
المسمى - وهو المائة دينار - على قول، ولو ظهر بطلان الإجارة أثناء المدة،
فحكمه بالنسبة إلى ما مضى حكم ظهور البطلان بعد تمام المدة.
(مسألة) 752: إذا تلفت العين المستأجرة لم يضمنها المستأجر إذا لم
يتعد ولم يقصر في حفظها، وكذلك الحال في تلف المال عند الأجير - كالخياط -، فإنه لا
يضمن تلف الثوب إذا لم يكن منه تعد أو تفريط.
(مسألة) 753: إذا ذبح القصاب حيوانا بطريق غير مشروع فهو ضامن له،
ولا فرق في ذلك بين الأجير والمتبرع بعمله.
(مسألة) 754: إذا استأجر دابة لحمل كمية معلومة من المتاع، فحملها أكثر
من تلك الكمية، فتلفت الدابة أو عابت، كان عليه ضمانها، وكذا إذا لم تعين
الكمية، وحملها أكثر من المقدار المتعارف، وعلى كلا التقديرين، يجب عليه دفع
أجرة الزائد أيضا.
(مسألة) 755: لو آجر دابة لحمل الزجاج - مثلا - فعثرت فانكسر
الزجاج، لم يضمنه المؤجر، إلا إذا كانت عثرتها بسببه، كأن ضربها فعثرت.
(مسألة) 756: الختان ضامن لو مات الطفل بالختان، سواء تجاوز الحد
274

المتعارف أم لا، وأما إن تضرر الطفل - بغير الموت - فهو ضامن لو تجاوز الحد،
وإلا فليس بضامن، وإن كان الأحوط هو الصلح.
(مسألة) 757: لو عالج الطبيب المريض مباشرة وأخطأ، وتضرر المريض
أو مات فهو ضامن، ولو وصف الدواء - حسب ما يراه - فشربه المريض فتضرر
أو مات، فلا ضمان على الطبيب.
(مسألة) 758: لو تبرأ الطبيب من الضمان لم يضمن ولو مات المريض أو
تضرر بمباشرته، إذا كان قد أعمل دقته واحتاط في المعالجة.
(مسألة) 759: تنفسخ الإجارة بفسخ المؤجر والمستأجر إذا تراضيا على
ذلك، وكذلك تنفسخ بفسخ من اشترط له حق الفسخ في عقد الإجارة، من
المؤجر أو المستأجر أو كليهما.
(مسألة) 760: إذا ظهر غبن المؤجر أو المستأجر، كان له حق الفسخ، نعم
لو أسقط ذلك في ضمن العقد أو بعده لم يستحق الفسخ.
(مسألة) 761: إذا غصبت العين المستأجرة قبل التسليم إلى المستأجر، فله
فسخ الإجارة واسترجاع الأجرة، وله أن لا يفسخ ويطالب الغاصب بعوض
المنفعة الفائتة، فلو استأجر دابة شهرا بعشرة دنانير، وغصبت عشرة أيام،
وكانت أجرتها المتعارف في عشره الأيام خمسة عشر دينارا، جاز للمستأجر أن
يطالب الغاصب بخمسة عشر دينارا.
(مسألة) 762: إذا غصبت العين المستأجرة بعد تسليمها إلى المستأجر لم يجز
له الفسخ، وكان له المطالبة من الغاصب بعوض المنفعة الفائتة.
275

(مسألة) 763: لا تبطل الإجارة ببيع المؤجر العين المستأجرة - قبل انقضاء
المدة - من المستأجر أو من غيره.
(مسألة) 764: تبطل الإجارة بسقوط العين المستأجرة عن قابلية الانتفاع
بها رأسا، أو عن قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة، فإذا استأجر دارا سنة
- مثلا - فانهدمت قبل دخول السنة، بطلت الإجارة وإذا انهدمت أثناء السنة
تبطل الإجارة بالنسبة إلى المدة الباقية، وللمستأجر الفسخ بالنسبة إلى المدة
الماضية، فإذا فسخ كان عليه أجرة تلك المدة على النحو المتعارف.
(مسألة) 765: لو استأجر دارا تشتمل على بيتين - مثلا - فانهدم أحدهما
وعمرها المؤجر فورا - على وجه لم يتلف من منفعتها شئ - لم تبطل الإجارة، ولم
يكن للمستأجر حق الفسخ، وإذا تلف مقدار من منفعتها - ولو كان ذلك لطول
مدة العمارة - بطلت الإجارة بالنسبة إلى ذلك المقدار، وكان للمستأجر الفسخ،
وأداء أجرة مثل ما استوفاه من المنفعة.
(مسألة) 766: لا تبطل الإجارة بموت المؤجر أو المستأجر، إلا فيما إذا لم
يكن المؤجر مالكا للعين المستأجرة، بل كان مالكا لمنفعتها ما دام حيا بوصية أو
نحوها، فإذا مات أثناء مدة الإجارة، بطلت الإجارة بالنسبة إلى المدة الباقية.
(مسألة) 767: لو وكل شخصا في أن يستأجر له عمالا، فاستأجرهم بأقل
مما عين الموكل، حرمت الزيادة على الوكيل ووجب إرجاعها إلى الموكل.
(مسألة) 768: لو آجر الصباغ نفسه لصبغ الثوب بالنيل - مثلا - فصبغه
بغيره، لم يستحق أجرة أصلا.
276

أحكام الجعالة
الجعالة: هي الالتزام بعوض معلوم على عمل، كأن يلتزم شخص بدينار
لكل من يجد ضالته، ويسمى الملتزم: (جاعلا) ومن يأتي بالعمل: (عاملا).
وتفترق عن الإجارة بوجوب العمل هناك على الأجير بعد العقد دون العامل
هنا، كما تشتغل ذمة المستأجر للأجير قبل العمل بالأجرة، ولا تشتغل ذمة
الجاعل للعامل ما لم يأت بالعمل.
(مسألة) 769: يعتبر في الجاعل: البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم
الحجر، فالسفيه الذي يصرف ماله فيما لا يعني لا تصح الجعالة منه.
(مسألة) 770: يعتبر في الجعالة أن لا يكون العمل محرما، أو خاليا من
الفائدة، فلا يصح جعل العوض لشرب الخمر، أو الدخول ليلا في محل مظلم
مثلا.
(مسألة) 771: يعتبر في الجعالة تعيين العوض بخصوصياته إذا كان كليا
، ولا يعتبر ذلك إذا كان شخصيا.
(مسألة) 772: إذا كان العوض في الجعالة مبهما وغير معين، فللعامل
أجرة المثل.
277

(مسألة) 773: لا يستحق العامل أجرة إذا أتى بالعمل قبل الجعالة أو
بعدها تبرعا.
(مسألة) 774: يجوز للجاعل فسخ الجعالة قبل الشروع في العمل وأما
بعد الشروع فيه فيشكل فسخه.
(مسألة) 775: لا يجب على العامل إتمام العمل إلا إذا أوجب تركه ضررا
على الجاعل، كأن يقول: كل من عالج عيني فله كذا، فشرع الطبيب بإجراء
عملية في عينه، بحيث لو لم يتمها لتعيبت عينه، فيجب عليه الاتمام.
(مسألة) 776: لا يستحق العامل العوض إذا لم يتم العمل الذي لا ينتفع به
الجاعل لولا الاتمام، كرد الدابة الشاردة، وكذا إذا جعل العوض على إتمام
العمل، كأن يقول: من خاط ثوبي فله كذا، ولو جعل على نحو التوزيع على
أجزاء العمل، استحق العامل بنسبة ما أتى به من العمل، وإن كان الأحوط
الرجوع إلى الصلح حينئذ.
278

أحكام المزارعة
عقد المزارعة: هو الاتفاق بين مالك الأرض والزارع على زرع الأرض
بحصة من حاصلها.
(مسألة) 777: يعتبر في المزارعة أمور:
1 - الايجاب من المالك بقوله - للزارع مثلا -: سلمت إليك الأرض
لتزرعها، فيقول الزارع: قبلت، أو يسلم المالك الأرض إليه للزراعة، ويتقبلها
الزارع من دون كلام.
2 - أن يكون المالك والزارع بالغين عاقلين مختارين غير محجورين.
3 - أن يجعل نصيبهما من جميع حاصل الأرض، فلو جعل لأحدهما
أوله، وللآخر آخره، بطلت المزارعة.
4 - أن تجعل حصة كل منهما على نحو الإشاعة، كالنصف والثلث، فلو
قال: ازرع وأعطني ما شئت، لم تصح المزارعة، وهكذا لو عين للمالك أو
الزارع مقدار معين، كعشرة أمنان مثلا.
5 - تعيين المدة بمقدار يمكن حصول الزرع فيه. ولو عينا أول المدة
وجعلا آخرها إدراك الحاصل كفى.
6 - أن تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج والاصلاح.
279

7 - تعيين الزرع مع اختلاف نظريهما، ولو لم يكن لهما نظر خاص، أو
اتحد نظرهما، لم يلزم التعيين.
8 - تعيين الأرض، فلو كانت للمالك قطعات مختلفة ولم يعين واحدة
منها، بطلت المزارعة.
9 - تعيين ما عليهما من المصارف إذا لم يتعين مصرف كل منهما
بالتعارف خارجا.
(مسألة) 778: لو اتفق المالك مع الزارع على أن يكون مقدار من الحاصل
للمالك، ويقسم الباقي بينهما بنسبة معينة لم تصح المزارعة على الأحوط، وإن
علما ببقاء شئ من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار.
(مسألة) 779: إذا انقضت مدة المزارعة ولم يدرك الحاصل، ورضي المالك
والزارع ببقاء الزرع بالعوض أو مجانا فلا مانع منه، وإن لم يرض المالك به، فله
أن يجبر الزارع على إزالته إن لم يتضرر الزارع بذلك، وإلا ففي جواز الاجبار
تأمل، كما أن إجبار المالك على بقاء الزرع ولو بأجرة محل تأمل.
(مسألة) 780: تنفسخ المزارعة بطرو المانع من الزراعة في الأرض،
كانقطاع الماء عنها، ولكن الزارع إذا ترك الزرع بلا عذر وكانت الأرض في
تصرفه، كان عليه أن يدفع إلى المالك مثل أجرة الأرض.
(مسألة) 781: عقد المزارعة يلزم بإجراء الصيغة، ولا ينفسخ إلا
برضاهما، ولا يبعد اللزوم - أيضا - لو دفع المالك الأرض للزارع بقصد المزارعة
وتقبلها الزارع. نعم لو اشترط في ضمن العقد استحقاق المالك أو الزارع أو
280

كليهما الفسخ، جاز الفسخ حسب الشرط، وكذا لو خولف بعض الشروط
المأخوذة فيه من أحدهما على الآخر.
(مسألة) 782: لا تنفسخ المزارعة بموت المالك أو الزارع، بل يقوم
الوارث مقام مورثه، إلا أن يشترط مباشرة الزارع للزرع بنفسه، فتنفسخ
بموته، ولو ظهر الزرع وأدرك وجب دفع حصته إلى وارثه، ولو كان للزارع
حقوق أخر ورثها الوارث أيضا، وأما إجبار الوارث المالك على بقاء الزرع في
أرضه فمشكل.
(مسألة) 783: إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع، فإن كان البذر
للمالك، فالحاصل له وعليه للزارع ما صرفه، وكذا أجرة عمله وأعيانه التي
استعملها في الأرض - كالبقر وغيره -، وإن كان البذر للزارع فالزرع له، وعليه
للمالك أجرة الأرض وما صرفه المالك وأجرة أعيانه التي استعملت في ذلك
الزرع.
(مسألة) 784: إذا كان البذر للزارع فظهر بطلان المزارعة بعد الزرع،
ورضي المالك والزرع ببقاء الزرع في الأرض بأجرة أو مجانا جاز، وإن لم يرض
المالك بذلك، فله إجبار الزارع على إزالة الزرع وإن لم يدرك الحاصل، وليس
للزارع إجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض ولو بأجرة، كما أنه ليس للمالك
إجبار الزارع على إبقاء الزرع في الأرض ولو مجانا.
(مسألة) 785: الباقي من أصول الزرع في الأرض - بعد الحصاد وانقضاء
المدة - إذا اخضر في السنة الجديدة وأدرك، فحاصله لمالك الأرض إن لم يشترط
في المزارعة اشتراكهما في الأصول.
281

أحكام المضاربة
المضاربة: هي أن يدفع الانسان مالا إلى غيره ليتجر فيه، على أن يكون
الربح بينهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك. ويعتبر فيها أمور:
الأول: الايجاب والقبول، ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو
نحو ذلك، ولا يعتبر فيهما العربية ولا الماضوية.
الثاني: البلوغ والعقل والاختيار في كل من المالك والعامل، وأما عدم
الحجر من سفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل.
وأما السفيه: ففي صحة المضاربة معه إشكال.
الثالث: تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك، إلا أن
يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الاطلاق.
الرابع: أن يكون الربح بينهما، فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح
المضاربة إلا إذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة.
الخامس: أن يكون العامل قادرا على التجارة فيما كان المقصود مباشرته
للعمل، فإذا كان عاجزا عنه لم تصح، هذا إذا أخذت المباشرة قيدا.
وأما إذا كانت شرطا لم تبطل المضاربة، ولكن يثبت للمالك الخيار عند
تخلف الشرط.
282

وأما إذا لم يكن لا هذا ولا ذاك، وكان العامل عاجزا من التجارة حتى مع
الاستعانة بالغير، بطلت المضاربة، ولا فرق في البطلان بين تحقق العجز من
الأول وطروه بعد حين، فتنفسخ المضاربة من حين طرو العجز.
(مسألة) 786: الأقوى صحة المضاربة بغير الذهب والفضة المسكوكين
من الأوراق النقدية ونحوها، وفي صحتها بالمنفعة والدين إشكال.
(مسألة 787): لا خسران على العامل من دون تفريط، وإذا اشترط المالك
على العامل في ضمن العقد أن تكون الخسارة عليهما كالربح، فالظاهر بطلان
المعاملة، نعم لو اشترط على العامل أن يتدارك الخسارة من كيسه إذا وقعت صح
ولا بأس به.
(مسألة) 788: عقد المضاربة جائز من الطرفين، فيجوز لكل منهما
فسخه، سواء أكان قبل الشروع في العمل أم بعده، وسواء كان قبل تحقق الربح
أو بعده، كما أنه لا فرق في ذلك بين كونه مطلقا أو مقيدا إلى أجل خاص.
(مسألة) 789: يجوز للعامل - مع إطلاق عقد المضاربة - التصرف حسب
ما يراه مصلحة، من حيث البائع والمشتري ونوع الجنس، نعم لا يجوز له أن
يسافر به من دون إذن المالك، إلا إذا كان هناك تعارف ينصرف الاطلاق إليه،
وعليه فلو خالف وسافر وتلف المال ضمن.
(مسألة) 790: تبطل المضاربة بموت كل من المالك والعامل، أما الأول
فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته، فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة
جديدة، وأما الثاني فلفرض اختصاص الإذن به.
283

أحكام المساقاة
المساقاة: هي اتفاق شخص مع آخر على سقي أشجار مثمرة، وإصلاح
شؤونها إلى مدة معينة بحصة من ثمرها.
(مسألة) 791: لا يصح عقد المساقاة في الأشجار غير المثمرة
، - كالصفصاف والغرب -. وفي صحته في شجر الحناء - الذي يستفاد من ورقه -
إشكال.
(مسألة) 792: لا تعتبر الصيغة في المساقاة، بل يكفي دفع المالك الأشجار
للفلاح، وشروعه في العمل بهذا القصد.
(مسألة) 793: يعتبر في المالك والفلاح: البلوغ، والعقل، والاختيار،
ويعتبر في المالك عدم الحجر بسفه ونحوه.
(مسألة) 794: يعتبر تعيين مدة المساقاة، ولو عين أولها وجعل آخرها
إدراك الثمرة صحت.
(مسألة) 795: يعتبر تعيين حصة كل منهما بالإشاعة - كالنصف
والثلث -، وإن اتفقا على أن تكون من الثمرة عشرة أمنان - مثلا - للمالك
والباقي للفلاح بطلت المساقاة.
(مسألة) 796: يعتبر في المساقاة أن يكون العقد قبل ظهور الثمرة، ولا
284

تصح إذا كان العقد بعده ولم يبق عمل تتوقف عليه تربية الأشجار - كالسقي -
وإن احتيج إلى عمل آخر - كاقتطاف الثمرة والتحفظ عليها -، وأما إذا بقي عمل
تتوقف عليه تربية الأشجار، ففي الصحة إشكال.
(مسألة) 797: لا تصح المساقاة في الأصول غير الثابتة على الأحوط،
كالبطيخ والخيار.
(مسألة) 798: تصح المساقاة في الأشجار المستغنية عن السقي بالمطر أو
بمص رطوبة الأرض إن احتاجت إلى أعمال أخر.
(مسألة) 799: تنفسخ المساقاة بفسخها مع التراضي، وكذا بفسخ من
اشترط الخيار له في ضمن العقد، بل لو اشترط شئ في المعاملة ولم يعمل به
المشروط عليه، ثبت الخيار للمشروط له.
(مسألة) 800: لا تنفسخ المساقاة بموت المالك، ويقوم ورثته مقامه.
(مسألة) 801: إذا مات الفلاح قام وارثه مقامه إن لم تؤخذ المباشرة في
العمل قيدا أو شرطا، فإن لم يقم الوارث بالعمل ولا استأجر من يقوم فللحاكم
الشرعي أن يستأجر من مال الميت من يقوم بالعمل، ويقسم الحاصل بين المالك
ووارث الميت. وأما إذا أخذت المباشرة في العمل قيدا انفسخت المعاملة، كما
أنها إذا أخذت شرطا كان المالك بالخيار بين فسخ المعاملة والرضا بقيام الوارث
بالعمل مباشرة أو تسبيبا.
(مسألة) 802: تبطل المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالك، ومع ذلك
يكون تمام الحاصل له، وليس للفلاح مطالبته بالأجرة. ولو كان بطلان المساقاة
285

بسبب آخر، وجب على المالك أن يدفع للفلاح أجرة ما عمله على النحو
المتعارف، إلا أن تكون أجرة المثل أكثر، ففي أخذ العامل الزائد إشكال.
(مسألة) 803: المغارسة باطلة، وهي أن يدفع أرضا إلى الغير ليغرس فيها
أشجارا على أن يكون الحاصل لهما، فإذا غرسها، فإن كانت الأشجار لمالك
الأرض، فعليه للفلاح أجرة العمل، وإن كانت للفلاح لم يكن له إجبار مالك
الأرض على إبقائها ولو بأجرة، بل عليه - إن لم يرض المالك ببقائها - قلعها وطم
الحفر التي تحدث في الأرض بذلك، كما أن عليه للمالك أجرة الأرض من يوم
غرس الأشجار، ولا يضمن المالك نقص الأشجار بالقلع، نعم لو قلعها مالك
الأرض فعابت ضمن تفاوت القيمة.
286

المحجور عليهم
من التصرف في أموالهم
(مسألة) 804: لا ينفذ تصرف غير البالغ في ماله مستقلا ولو مع إذن وليه.
وعلامات البلوغ ثلاث:
1 - نبات الشعر الخشن على العانة، وهي بين البطن والعورة.
2 - خروج المني.
3 - إكمال خمسة عشر سنة هلالية في الذكر، وتسع سنين في الأنثى.
(مسألة) 805: نبات الشعر الخشن في الخد، وفي الشارب، وفي الصدر،
وتحت الإبط، وغلظة الصوت ونحوها لا تكون أمارة على البلوغ.
(مسألة) 806: لا ينفذ تصرف المجنون - ولو كان إدواريا - حال جنونه في
ماله، وكذلك المفلس والسفيه.
(مسألة) 807: الولاية في مال الطفل - وكذلك في مال المجنون والسفيه إذا
بلغا كذلك - للأب والجد له، فإن فقدا فللوصي إذا كان وصيا في ذلك، فإن فقد -
أيضا - فالولاية للحاكم الشرعي. وأما السفيه والمجنون اللذان عرض عليهما
السفه والجنون بعد البلوغ فالمشهور أن الولاية عليهما للحاكم خاصة، وفيه
إشكال
287

(مسألة) 808: يجوز للمالك صرف ماله في مرض موته في مصالح نفسه
ومن يمت به، وكذا بيع ماله بالقيمة المتعارفة وإجارتها كذلك، بل الأظهر صحة
هبته وبيعه بأقل من المتعارف حتى في الزائد عن الثلث ولو مع عدم إجازة
الورثة.
288

أحكام الوكالة
الوكالة: هي استنابة شخص غيره في عمل كانت له مباشرته ليأتي به من
قبله، كأن يوكل شخصا في بيع داره، أو عقد امرأة له، فلا يصح التوكيل ممن
ليس له المباشرة، لكونه محجورا عليه لسفه ونحوه.
(مسألة) 809: لا تعتبر الصيغة في الوكالة، بل يصح إنشاؤها بكل ما دل
عليها، فلو دفع ماله إلى شخص ليبيعه، وقبضه الوكيل بهذا العنوان صحت
الوكالة.
(مسألة) 810: يصح التوكيل بالكتابة، فإذا قبل الوكيل صحت الوكالة
وإن كان الوكيل في بلد آخر وتأخر وصول الكتاب إليه.
(مسألة) 811: يعتبر في الموكل والوكيل: العقل، والقصد، والاختيار.
ويعتبر في الموكل: البلوغ أيضا.
(مسألة) 812: لا يصح لمن لا يتمكن من مباشرة عمل شرعا، أن يتوكل
فيه عن الغير، فالمحرم لا يجوز أن يتوكل في عقد النكاح، لأنه يحرم عليه إجراء
صيغة العقد.
(مسألة) 813: يصح التوكيل العام في جميع الأعمال التي ترجع إلى
الموكل، ولا يصح التوكيل في عمل غير معين منها.
289

(مسألة) 814: تبطل الوكالة ببلوغ العزل إلى الوكيل، فالعمل الصادر منه
قبل بلوغ العزل إليه صحيح.
(مسألة) 815: للوكيل أن يرفض وكالته وإن كان الموكل غائبا.
(مسألة) 816: ليس للوكيل أن يوكل غيره إلا أن يجيزه الموكل في ذلك،
فيوكل في حدود إجازته، فإذا قال له: اختر وكيلا عني، فلا بد أن يوكل شخصا
عنه لا عن نفسه.
(مسألة) 817: ليس للوكيل عزل من وكله من قبل الموكل بإجازته، بل لو
مات الوكيل الأول أو عزل لا تبطل وكالة الوكيل الثاني.
(مسألة) 818: إذا وكل الوكيل غيره عن نفسه بإجازة الموكل، فللموكل
والوكيل الأول عزله، ولو مات الوكيل الأول أو عزل بطلت وكالة الوكيل
الثاني.
(مسألة) 819: إذا وكل شخص جماعة في عمل، وأجاز لكل منهم القيام
بذلك العمل وحده فلكل منهم أن يأتي به، وإن مات أحدهم لم تبطل وكالة
الباقين، وإذا لم يصرح بقيام كل واحد منهم بالعمل وحده، أو صرح بإتيانهم
بالعمل جميعا، لم يجز لواحد منهم أن يأتي بالعمل وحده، وإن مات أحدهم
بطلت وكالة الباقين.
(مسألة) 820: تبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكل، ولو جن أحدهما أو
أغمي عليه بطلت الوكالة زمان الجنون أو الاغماء أيضا، وأما بطلانها - مطلقا -
حتى بعد زوال الجنون والاغماء فمحل إشكال، وتبطل - أيضا - بتلف مورد
290

الوكالة - كموت الحيوان الذي وكل في بيعه -.
(مسألة) 821: لو جعل الموكل عوضا للعمل الذي يقوم به الوكيل وجب
دفعه إليه بعد إتيانه به.
(مسألة) 822: إذا لم يقصر الوكيل في حفظ المال الذي دفعه الموكل إليه، ولم
يتصرف فيه بغير ما أجازه الموكل فيه، فتلف اتفاقا لم يضمنه، وأما لو قصر في
حفظه، أو تصرف فيه بغير ما أجازه الموكل فيه وتلف ضمنه، فلو لبس الثوب
الذي وكل في بيعه وتلف لزمه عوضه.
(مسألة) 823: لو تصرف الوكيل في المال الذي دفعه الموكل إليه بغير ما
أجازه لم تبطل وكالته، فيصح منه الاتيان بما هو وكيل فيه، فلو توكل في بيع
ثوب، فلبسه ثم باعه، صح البيع.
291

أحكام القرض
إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة التي ورد الحث عليها في الكتاب
والسنة.
فقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: من أقرض مؤمنا
قرضا ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة، وكان هو في صلاة من الملائكة حتى
يؤديه، وأنه صلى الله عليه وآله قال: من أقرض أخاه المسلم كان له بكل
درهم أقرضه وزن جبل أحد من جبال رضوى وطور سيناء حسنات، وإن رفق
به في طلبه تعدى به على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا
عذاب، ومن شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرم الله عز وجل عليه الجنة يوم
يجزي المحسنين.
(مسألة) 824: لا تعتبر الصيغة في القرض، فلو دفع مالا إلى أحد بقصد
القرض وأخذه ذلك بهذا القصد صح.
(مسألة) 825: ليس للدائن الامتناع عن قبض الدين من المدين في أي
وقت كان، وإن كان الدين مؤجلا، إلا أن يعلم من الخارج أن التأجيل حق
للدائن.
(مسألة) 826: إذا جعل في القرض وقت للأداء، فالظاهر أنه لا يحق
292

للدائن أن يطالب المديون قبل حلول الوقت، وإذا لم يؤجل فله أن يطالب به في
كل وقت أراد.
(مسألة) 827: يجب على المديون أداء الدين فورا عند مطالبة الدائن حيث
يكون له حق المطالبة إن قدر عليه، وإن توانى فقد عصى.
(مسألة) 828: إن لم يملك المدين غير دار السكنى وأثاث المنزل وما يحتاج
إليه فليس للدائن مطالبته، بل يجب عليه الصبر إلى أن يقدر على الأداء.
(مسألة) 829: من لا يتمكن من أداء الدين فعلا، ويقدر على الكسب
اللائق بحاله كان عليه أن يكتسب ويؤدى دينه على الأظهر.
(مسألة) 830: من لم يتمكن من الوصول إلى دائنه ويئس منه، يلزمه أن
يؤديه إلى الفقير صدقة عنه. وإن لم يكن الدائن هاشميا فالأولى أن يؤدي المديون
دينه إلى غير الهاشمي.
(مسألة) 831: إذا لم تف تركة الميت إلا بمصارف كفنه ودفنه الواجبة
صرفت فيها، وليس للدائن والورثة حينئذ شئ من التركة.
(مسألة) 832: إذا استقرض شيئا من النقود من الذهب أو الفضة أو
غيرهما، فنقصت قيمته جاز له أداء مثله، وإذا زادت قيمته وجب أداء مثله،
ويجوز التراضي على أداء غيره في كلتا الصورتين.
(مسألة) 833: إذا كان ما استدانه موجودا وطالبه الدائن به فالأولى أن يرده
إليه، ولا يجب عليه ذلك.
(مسألة) 834: لا يجوز اشتراط الزيادة في الدين، كأن يدفع عشر بيضات
293

على أن يستوفى خمس عشرة بيضة، بل لا يجوز اشتراط عمل على المديون، أو
زيادة من غير جنس الدين، كأن يدفع دينارا على أن يستوفي دينارا مع قلم مثلا،
وكذلك إذا اشترط على المديون كيفية خاصة فيما يؤديه، كأن يدفع ذهبا غير
مصوغ ويشترط عليه الوفاء بالمصوغ، فإن ذلك كله من الربا وهو حرام، نعم
يجوز للمديون دفع الزيادة بلا اشتراط، بل هو مستحب.
(مسألة) 835: يحرم الربا على المعطي والآخذ، والظاهر أن القرض لا
يبطل باشتراط الزيادة فيملك المدين ما أخذه قرضا، بل يكون الشرط فقط فاسدا
فلا يملك الدائن ما يأخذه من الزيادة، ولا يجوز له التصرف فيه، نعم إذا كان
المعطي راضيا بتصرفه - حتى لو فرض أنه لم تكن بينهما معاملة ربوية - جاز له
التصرف فيه.
(مسألة) 836: إذا زرع المستقرض الحنطة أو مثلها مما أخذه بالقرض
الربوي، جاز له التصرف في حاصله ويملكه على الأظهر.
(مسألة) 837: لو اشترى ثوبا بما في الذمة، ثم أدى ثمنه مما أخذه الدائن
من الزيادة في القرض الربوي، أو من الحلال المخلوط به جاز له لبسه والصلاة
فيه إذا لم يكن قصده من الأول الأداء منهما، وأما إذا اشتراه بعين ذلك المال حرم
لبسه، وبطلت صلاته فيه - على التفصيل المتقدم في أحكام لباس المصلي -.
(مسألة) 838: يجوز دفع النقد إلى تاجر في بلد ليحوله إلى صاحبه في بلد
آخر بأقل مما دفعه.
(مسألة) 839: لا يجوز دفع مال إلى أحد في بلد لأخذ أزيد منه في بلد آخر
بعد أيام إذا كان المدفوع مما يباع بالكيل أو الوزن - كالحنطة أو الذهب أو الفضة -
294

لأنه من الرباء، ولو أعطى الدافع متاعا أو قام بعمل بإزاء الزيادة جاز، ويجوز
أخذ الزيادة في المعدود - كالأوراق النقدية - إلا أن يعطيه قرضا بشرط الزيادة،
فإنه حرام - كما تقدم -.
295

أحكام الحوالة
(مسألة) 840: لو أحال المديون الدائن على شخص لينتقل الدين إلى ذمته،
وقبل الدائن ذلك وتوفرت سائر شرائط الحوالة، برئت ذمة المحيل، وانتقل
الدين إلى ذمة المحال عليه، فليس للدائن مطالبة المديون الأول بعد ذلك.
(مسألة) 841: يعتبر في المحيل والمحال: البلوغ، والعقل، والرشد،
وعدم التفليس إلا في الحوالة على البرئ، فإنه يجوز فيها أن يكون المحيل
مفلسا، كما يعتبر في المحيل والمحال الاختيار، ولا يعتبر ذلك في المحال عليه إلا
في الحوالة على البرئ أو بغير الجنس.
(مسألة) 842: يعتبر في الحوالة على البرئ قبوله، وكذا يعتبر في الحوالة
بغير جنس الدين قبول الدائن.
(مسألة) 843: يعتبر في الحوالة أن يكون المحيل مديونا حين الحوالة، فلا
تصح الحوالة بما سيستقرضه
(مسألة) 844: يعتبر علم المحيل والمحال بالجنس والمقدار، فإذا كان
الشخص مدينا لآخر بمن من الحنطة ودينار لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير
تعيين.
(مسألة) 845: يكفي تعين الدين واقعا وإن لم يعلم المحيل والمحال بجنسه
296

أو مقداره حين الحوالة، فإذا كان الدين مسجلا في دفتر وقبل مراجعته حوله على
شخص، وبعد الحوالة راجع الدفتر وأخبر المحال، صحت الحوالة.
(مسألة) 846: للدائن أن لا يقبل الحوالة وإن لم يكن المحال عليه فقيرا،
ولا في أداء الحوالة مماطلا.
(مسألة) 846: ليس للمحال عليه البرئ مطالبة المحال به من المحيل قبل
أدائه إلى المحال، ولو تصالح المحال مع المحال عليه على أقل من الدين لم يجز له
أن يأخذ من المحيل إلا الأقل.
(مسألة) 848: ليس للمحيل والمحال عليه فسخ الحوالة، وكذلك المحال
وإن أعسر المحال عليه بعد ما كان موسرا حين الحوالة، بل لا يجوز فسخه مع
إعسار المحال عليه حين الحوالة إذا كان المحال عالما به، نعم لو لم يعلم به -
حينذاك - كان له الفسخ وإن صار المحال عليه غنيا فعلا.
(مسألة) 849: يجوز اشتراط حق الفسخ للمحيل والمحال والمحال عليه أو
لأحدهم.
(مسألة) 850: إذا أدى المحيل الدين، فإن كان بطلب من المحال عليه فله
أن يطالب المحال عليه بما أداه، وليس له ذلك إن لم يكن بطلبه.
297

أحكام الرهن
الرهن: هو دفع المديون عينا إلى الدائن وثيقة ليستوفي دينه منها إذا لم يؤده
المديون.
(مسألة) 851: لا تعتبر الصيغة في الرهن، بل يكفي دفع المديون مالا
للدائن بقصد الرهن وأخذ الدائن له بهذا القصد.
(مسألة) 852: يعتبر في الراهن والمرتهن: البلوغ، والعقل، والاختيار،
وعدم كون الراهن سفيها أو مفلسا.
(مسألة) 853: يعتبر في العين المرهونة جواز تصرف الراهن فيها، فإذا
رهن مال الغير فصحته موقوفة على إجازة المالك.
(مسألة) 854: يعتبر في العين المرهونة جواز بيعها وشرائها، فلا يصح
رهن الخمر ونحوه.
(مسألة) 855: منافع العين المرهونة للراهن دون المرتهن.
(مسألة) 856: لا يجوز للمرتهن بيع العين المرهونة أو هبتها بغير إذن
الراهن، وإذا باعها أو وهبها توقفت صحته على إجازة الراهن.
(مسألة) 857: لو باع المرتهن العين المرهونة بإذن الراهن كان ثمنها -
كالأصل - رهنا، وكذلك لو باعها فأجازه الراهن، أو باعها الراهن بإذن
298

المرتهن على أن يكون ثمنه رهنا، ولو باعه بدون إذن المرتهن فوجه انتقال العين إلى
المشتري وبقائها مرهونة كما كانت ضعيف.
(مسألة) 858: إذا حان زمان قضاء الدين وطالبه الدائن فلم يؤده جاز له
بيع العين المرهونة واستيفاء دينه مطلقا وإن لم يكن وكيلا عنه في البيع، ولو باعها
وزاد الثمن على الدين كانت الزيادة للراهن.
(مسألة) 859: إذا لم يملك المديون غير الدار وأثاث البيت ونحو ذلك مما
يحتاج إليه فليس للدائن مطالبته بالأداء، وأما العين المرهونة فيجوز للمرتهن
بيعها واستيفاء دينه منها وإن كانت من المستثنيات المزبورة.
299

أحكام الضمان
(مسألة) 860: يعتبر في ضمان شخص للدائن ما في ذمة ثالث الايجاب منه
بلفظ أو فعل مفهم للتعهد بالدين، كما يعتبر رضا الدائن بذلك، ولا يعتبر رضا
المديون.
(مسألة) 861: يشترط في الضامن والدائن: البلوغ، والعقل،
والاختيار، وعدم السفه، كما يعتبر في الدائن عدم التفليس، ولا يعتبر شئ من
ذلك في المديون، فلو ضمن شخص دين الصغير أو المجنون صح.
(مسألة) 862: لا يبعد صحة الضمان إذا علق الضامن أداءه على عدم أداء
المضمون عنه، فللدائن أن يطالب الضامن على تقدير عدم أداء المديون.
(مسألة) 863: يعتبر في الضمان تعيين الدائن والمدين والدين، فإذا كان
أحد مديونا لشخصين فضمن شخص لأحدهما لا على التعيين لم يصح الضمان،
وهكذا إذا كان شخصان مديونين لأحد فضمن شخص عن أحدهما لا على
التعيين، كما أنه إذا كان شخص مديونا لأحد منا من الحنطة ودينارا، فضمن
شخص أحد الدينين لا على التعيين لم يصح الضمان.
(مسألة) 864: إذا أبرأ الدائن الضامن فليس للضامن مطالبة المديون
بشئ، وإذا أبرأ بعضه فليس له مطالبته بذلك البعض.
300

(مسألة) 865: ليس للضامن حق الرجوع عن ضمانه.
(مسألة) 866: إذا كان الضامن حين الضمان قادرا على أداء المضمون
فليس للدائن فسخ الضمان ومطالبة المديون الأول ولو عجز الضامن عن الأداء
بعد ذلك، وكذلك إذا كان الدائن عالما بعجز الضامن ورضي بضمانه.
مسألة 867: ليس للضامن مطالبة المديون بعد وفائه بالدين إذا لم يكن
الضمان بإذن منه وطلبه، وإلا فله مطالبته، فإن كان ما أداه من جنس الدين
طالبه به، وإن كان من غير جنسه فليس له إجبار المديون بالأداء من خصوص
الجنس الذي دفعه إلى الدائن.
301

أحكام الكفالة
الكفالة: هي التعهد بإحضار المديون وتسليمه إلى الدائن عند طلبه ذلك،
ويسمى المتعهد: كفيلا.
(مسألة) 868: تصح الكفالة بالايجاب من الكفيل بلفظ أو بفعل مفهم
للتعهد المذكور، وبالقبول من الدائن.
(مسألة) 869: يعتبر في الكفيل: البلوغ، والعقل، والاختيار، والقدرة
على إحضار المدين، وفي اعتبار عدم السفه إشكال.
(مسألة) 870: تنفسخ الكفالة بأحد أمور خمسة:
1 - أن يسلم الكفيل المكفول للمكفول له.
2 - قضاء دين المكفول له.
3 - إبراء المكفول له المكفول.
4 - موت المكفول.
5 - إبراء المكفول له الكفيل من الكفالة.
(مسألة) 871: من خلص غريما من يد الدائن قهرا بحيث لا يظفر به
وجب عليه تسليمه إياه.
302

أحكام الوديعة
الوديعة: هي دفع شخص ماله إلى آخر ليبقى أمانة عنده.
وتحصل بالايجاب والقبول اللفظيين، أو بأن يفهم المودع الودعي بغير
اللفظ أن دفع المال إليه لحفظه، ويتسلمه الودعي بهذا القصد.
(مسألة) 872: يعتبر في المودع والودعي: العقل، ويجوز أن يودع الطفل
المميز ماله بإذن وليه، ويجوز أن يودع مال غيره بإذنه، ولا بأس باستيداع الطفل
المميز وإن لم يجز وليه.
(مسألة) 873: لا يجوز تسلم ما يودعه الصبي من أمواله بدون إذن وليه،
ومن أموال غيره بدون إذن مالكه، فإن تسلمه الودعي وجب رد مال الطفل إلى
وليه، ورد مال الغير إلى مالكه، فإن قصر ولم يرده فتلف المال ضمنه.
(مسألة) 874: من لم يتمكن من حفظ الوديعة فالأحوط أن لا يقبلها إذا لم
يعلم المودع بذلك.
(مسألة) 875: إذا طلب شخص إيداع ماله عند أحد فأظهر عدم
استعداده لذلك، ومع ذلك تركه المالك عنده ومضى فتلف المال لم يكن ضامنا،
وإن كان الأحوط استحبابا أن يحفظه بقدر الامكان.
303

(مسألة) 876: الوديعة جائزة من الطرفين، فللمودع استرداد ماله متى
شاء، وكذا للودعي أن يرده متى شاء.
(مسألة) 877: لو فسخ الودعي الوديعة وجب عليه أن يوصل المال فورا
إلى صاحبه أو وكيله أو وليه، أو يخبرهم بذلك، وإذا تركه من دون عذر وتلف
فهو ضامن.
(مسألة) 878: إذا لم يكن للودعي محل مناسب للحفظ الوديعة وجب عليه
تهيئته على وجه لا يقال في حقه أنه قصر في حفظها، فلو أهمل وقصر في ذلك
ضمن.
(مسألة) 879: لا يضمن الودعي المال إلا أن يتعدى فيه، أو يقصر في
حفظه، بأن يضعه - مثلا - في محل لا يأمن عليه من السرقة، فلو تلف والحال
هذه - ضمن.
(مسألة) 880: إذا عين المودع لحفظ ماله محلا وقال للودعي: لا بد أن
تحفظه فيه، وليس لك أن تنقله إلى محل آخر وإن احتملت الهلاك والتلف في
المحل الذي عينته لحفظه، فليس له حينئذ أن ينقله إلى محل آخر، ولو فعل وتلف
ضمن
(مسألة) 881: إذا عين المودع للوديعة محلا معينا، وعلم الودعي أن لا
خصوصية لذلك المحل عند المودع وإنما كان تعيينه من باب أنه أحد موارد
حفظه، فللودعي أن يضعه في محل آخر أحفظ من المحل الأول أو مثله، ولو
تلف المال - حينئذ - لم يضمن.
304

(مسألة) 882: لو جن المودع وجب على الودعي أن يوصل الوديعة فورا
إلى وليه، أو يخبر الولي بها، ولو تركه من غير عذر شرعي وتلفت ضمن.
(مسألة) 883: إذا مات المودع وجب على الودعي أن يوصل الوديعة إلى
وارثه، أو يخبره بها، فلو تركه بدون عذر شرعي وتلفت ضمن، ولكن إذا كان
عدم دفعه المال إلى الوارث لتحقيق أن للميت وارثا آخر أولا، لم يكن به بأس،
وإذا تلفت بغير تفريط لم يكن عليه ضمان.
(مسألة) 884: لو مات المودع وتعدد وارثه وجب على الودعي أن يدفع
المال إلى جميع الورثة، أو إلى وكيلهم في قبضه، فلو دفع تمام الوديعة إلى أحدهم
من دون إجازة الباقين ضمن سهامهم.
(مسألة) 885: لو مات الودعي أو جن وجب على وارثه أو وليه إعلام
المودع به فورا، أو إيصال الوديعة إليه.
(مسألة) 886: إذا أحس الودعي بأمارات الموت في نفسه، فإن أمكنه
إيصال المال إلى صاحبه أو وكيله وجب، وإلا وجب إيصاله إلى الحاكم الشرعي،
وإن لم يمكنه الايصال إليه أيضا، فإن كان وارثه أمينا - ويعلم بالوديعة - لم تلزم
الوصية، وإلا وجب الايصاء والاستشهاد على ذلك، وإعلام الوصي والشاهد
باسم صاحب المال وخصوصياته ومحله
(مسألة) 887: لو أحس الودعي بأمارات الموت في نفسه ولم يعمل بما
تقدم، وتلفت الوديعة ضمن، وإن لم يقصر في حفظها وبرئ من المرض، أو
ندم بعد مدة وأوصى بها.
305

أحكام العارية
العارية: أن يدفع الانسان ماله إلى الغير ليستفيد منه مجانا.
(مسألة) 888: لا يعتبر في العارية التلفظ، فلو دفع ثوبه لشخص بقصد
الإعارة، وقصد الأخذ بأخذه الاستعارة صحت العارية.
(مسألة) 889: تصح إعارة المغصوب بإجازة المغصوب منه، وكذا تصح
إعارة ما يملك عينه ولا يملك منفعته بإجازة مالك المنفعة، وكذلك الحال مع
العلم بالرضا من قرائن الحال.
(مسألة) 890: تصح إعارة المستأجر ما استأجره من الأعيان إلا إذا اشترط
عليه المباشرة في الانتفاع بها.
(مسألة) 891: لا تصح إعارة الطفل ماله، وكذا المجنون والسفيه
والمفلس، نعم إذا رأى ولي الطفل مصلحة في إعارة ماله جاز له أن يأذن فيها،
وحينئذ تصح إعارة الطفل.
(مسألة) 892: لا يضمن المستعير العارية إلا أن يقصر في حفظها، أو
يتعدى في الانتفاع بها، نعم لو اشترط ضمانها ضمنها، وتضمن عارية الذهب
والفضة وإن لم يكونا مسكوكين، إلا إذا اشترط عدم ضمانها.
(مسألة) 893: إذا مات المعير وجب على المستعير رد العارية إلى ورثته،
306

وإذا عرض عليه ما يمنع من التصرف في ماله - كالجنون - وجب على المستعير رد
العارية إلى وليه.
(مسألة) 894: العارية غير لازمة، فللمعير استرجاع ما أعاره متى أراد،
وكذا للمستعير رده متى شاء.
(مسألة) 895: لا تصح إعارة ما ليس له منفعة محللة - كآلات اللهو
والقمار - ولا تجوز إعارة آنية الذهب والفضة للأكل والشرب، ولا يبعد جواز
إعارتها لغير الأكل والشرب وإن كان الترك أحوط.
(مسألة) 896: تصح إعارة الشاة للانتفاع بلبنها وصوفها، وإعارة الفحل
للتلقيح.
(مسألة) 897: لا يتحقق رد العارية بنقلها إلى مكان كان صاحبها ينقلها
إليه إذا لم يكن النقل بإجازة المالك - كأن يجعل الفرس في الإصطبل الذي هيأه
المالك له - فإن فعل ذلك ثم تلفت العارية أو أتلفها متلف ضمنها.
(مسألة) 898: يجب الاعلام بالنجاسة في إعارة المتنجس للانتفاع به فيما
يعتبر فيه الطهارة، ولا يجب في إعارة الثوب المتنجس للصلاة إعلام المستعير
بنجاسته.
(مسألة) 899: لا يجوز للمستعير إعارة العارية من غير إجازة مالكها،
وتصح مع إجازته، ولا تبطل العارية الثانية - حينئذ - بموت المستعير الأول.
(مسألة) 900: إذا علم المستعير بأن العارية مغصوبة وجب عليه إرجاعها
إلى مالكها، ولم يجز دفعها إلى المعير.
307

(مسألة) 901: إذا استعار ما يعلم بغصبيته، وانتفع به وتلف في يده،
فللمالك أن يطالبه، أو يطالب الغاصب بعوض العين، وبعوض ما استوفاه
المستعير من المنفعة، وإذا استوفى المالك العوض من المستعير، فليس للمستعير
الرجوع به على الغاصب.
(مسألة) 902: إذا لم يعلم المستعير بغصبية العارية وتلفت في يده، ورجع
المالك عليه بعوضها، فله أن يرجع على المعير بما غرمه للمالك إلا إذا كانت
العارية ذهبا أو فضة، أو اشترط المعير ضمان العارية عليه عند التلف، وإن رجع
المالك عليه بعوض المنافع جاز له الرجوع إلى المعير بما دفع.
308

أحكام الهبة
الهبة: وهي تمليك عين مجانا من دون عوض.
وهي عقد يحتاج إلى إيجاب وقبول، ويكفي في الايجاب كل ما دل على
التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة، ولا تعتبر فيه صيغة خاصة، ولا
العربية، ويكفي في القبول كل ما دل على الرضا بالايجاب من لفظ أو فعل أو
نحو ذلك.
(مسألة) 903: يعتبر في الواهب: البلوغ، والعقل، والقصد،
والاختيار، وعدم الحجر عليه بسفه أو فلس أو ملك.
(مسألة) 904: تصح الهبة من المريض في مرض الموت وإن زاد على
الثلث، كما يصح سائر تصرفاته من بيع أو صلح أو نحو ذلك.
(مسألة) 905: تصح الهبة في الأعيان المملوكة وإن كانت مشاعة، ولا
يبعد أيضا صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه، ويكون قبضه بقبض
مصداقه، ولو وهبه ما في ذمته كان إبراء.
(مسألة) 906: يشترط في صحة الهبة القبض، ولا بد فيه من إذن الواهب
إلا أن يهبه ما في يده، فلا حاجة حينئذ إلى قبض جديد، ولا تعتبر الفورية في
القبض، ولا كونه في مجلس العقد، فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير،
309

ومتى تحقق القبض صحت الهبة من حينه، فإذا كان للموهوب نماء سابق على
القبض - قد حصل بعد الهبة - كان للواهب دون الموهوب له، وإذا وهبه شيئين
فقبض الموهوب له أحدهما دون الآخر صحت الهبة في المقبوض دون غيره.
(مسألة) 907: للأب والجد ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون
إذا بلغ مجنونا، أما لو جن بعد البلوغ فولاية القبول والقبض للحاكم الشرعي
على المشهور، وفيه إشكال، ولو وهب الولي أحدهما وكانت العين الموهوبة بيد
الولي لم يحتج إلى قبض جديد.
(مسألة) 908: يتحقق القبض - في غير المنقول - بالتخلية ورفع الواهب
يده عن الموهوب وجعله تحت استيلاء الموهوب له وسلطانه، ويتحقق في المنقول
بوضعه تحت يد الموهوب له.
(مسألة) 909: ليس للواهب الرجوع بعد الاقباض إن كانت لذي رحم،
أو بعد التلف، أو مع التعويض، وفي جواز الرجوع مع التصرف خلاف،
والأقوى جوازه إذا كان الموهوب باقيا بعينه، فلو صبغ الثوب أو قطعه أو خاطه
أو نقله إلى غيره لم يجز له الرجوع، وله الرجوع في غير ذلك، فإن عاب فلا
أرش، وإن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له، وإن كانت متصلة، فإن
كانت غير قابلة للانفصال كالسمن والطول فهي تابعة للعين، وإن كانت قابلة له
كالصوف والثمرة ونحوهما ففي التبعية إشكال.
(مسألة) 910: في إلحاق الزوج أو الزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة
إشكال، والأحوط لزوم المصالحة عند الرجوع.
(مسألة) 911: لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة،
310

وانتقل الموهوب إلى وارث الواهب، أو إلى الواهب نفسه إن مات الموهوب له.
مسألة 912: لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة،
فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب له، كما أنه ليس لورثة الواهب
الرجوع إلى الموهوب له.
(مسألة) 913: لا يعتبر في صحة الرجوع علم الموهوب له، فيصح
الرجوع مع جهله أيضا.
(مسألة) 914: الهبة المشروطة يجب فيها على الموهوب له العمل بالشرط،
فإذا وهب شيئا بشرط أن يهبه شيئا وجب على الموهوب له العمل بالشرط، فإذا
تعذر أو امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة، بل
الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل بالشرط.
(مسألة) 915: في الهبة المطلقة لا يجب التعويض، لكن لو عوض المتهب
لزمت الهبة ولم يجز للواهب الرجوع.
(مسألة) 916: لو بذل المتهب العوض ولم يقبل الواهب لم يكن تعويضا.
(مسألة) 917: العوض المشروط إن كان معينا تعين، وإن كان مطلقا
أجزأ اليسير إلا إذا كانت قرينة - من عادة أو غيرها - على إرادة المساوي.
(مسألة) 918: لا يشترط في العوض أن يكون عينا، بل يجوز أن يكون
عقدا أو إيقاعا - كبيع شئ على الواهب، أو إبراء ذمته من دين له عليه أو نحو
ذلك -.
311

أحكام الاقرار
الاقرار: هو إخبار عن حق ثابت على المخبر، أو نفي حق له على غيره.
ولا يختص بلفظ، بل يكفي كل لفظ دال على ذلك عرفا ولو لم يكن
صريحا، وكذا تكفي الإشارة المعلومة.
(مسألة) 919: لا يعتبر في نفوذ الاقرار صدوره من المقر ابتداء، واستفادته
من الكلام بالدلالة المطابقية أو التضمنية، فلو أستفيد من كلام آخر على نحو
الدلالة الالتزامية كان نافذا أيضا، فإذا قال: الدار التي أسكنها اشتريتها من
زيد، كان ذلك إقرارا منه بكونها ملكا لزيد سابقا وهو يدعي انتقالها منه إليه،
ومن هذا القبيل ما إذا قال أحد المتخاصمين في مال للآخر: بعنيه، فإن ذلك
يكون اعترافا منه بمالكيته له.
(مسألة) 920: يعتبر في المقر به أن يكون مما لو كان المقر صادقا في إخباره
كان للمقر له إلزامه ومطالبته به، وذلك بأن يكون المقر به مالا في ذمته، أو عينا
خارجية، أو منفعة أو عملا، أو حقا - مثل حق الخيار أو الشفعة، أو حق
الاستطراق في ملكه، أو إجراء الماء في نهره، أو نصب ميزاب على سطح داره وما
شاكل ذلك - وأما إذا أقر بما ليس للمقر له إلزامه به فلا أثر له، فإذا أقر بأن
عليه لزيد شيئا من ثمن خمر أو قمار ونحو ذلك لم ينفذ إقراره.
312

(مسألة) 921: إذا أقر بشئ ثم عقبه بما يضاده وينافيه، فإن كان ذلك
رجوعا عن إقراره ينفذ إقراره ولا أثر لرجوعه، فلو قال لزيد: علي عشرون
دينارا، ثم قال: لا، بل عشرة دنانير، ألزم بالعشرين، وأما إذا لم يكن رجوعا،
بل كان قرينة على بيان مراده لم ينفذ الاقرار إلا بما يستفاد من مجموع الكلام، فلو
قال: لزيد علي عشرون دينارا إلا خمسة دنانير، كان هذا إقرارا بخمسة عشرة
دينارا فقط، ولا ينفذ إقراره إلا بهذا المقدار.
(مسألة) 922: يشترط في المقر: التكليف، والحرية، فلا ينفذ إقرار الصبي
والمجنون، ولا إقرار العبد بالنسبة إلى ما يتعلق بحق المولى بدون تصديقه مطلقا
، ولو كان مما يوجب الجناية على العبد نفسا أو طرفا، وأما بالنسبة إلى ما يتعلق به
نفسه - مالا كان أو جناية - فيتبع به بعد عتقه.
وينفذ إقرار المريض في مرض موته على الأظهر.
(مسألة) 923: إذا أقر بولد أو أخ أو أخت أو غير ذلك نفذ إقراره مع
احتمال صدقه فيما عليه من وجوب إنفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث
ونحو ذلك، وأما بالنسبة إلى غير ما عليه من الأحكام ففيه تفصيل، فإن
كان الاقرار بالولد فيثبت النسب بإقراره مع احتمال صدقه وعدم المنازع إذا كان الولد
صغيرا وكان تحت يده، ولا يشترط فيه تصديق الصغير، ولا يلتفت إلى إنكاره
بعد بلوغه، ويثبت بذلك النسب بينهما وبين أولادهما وسائر الطبقات على
وجه، وأما في غير الولد الصغير فلا أثر للاقرار إلا مع تصديق الآخر، فإن لم
يصدق الآخر لم يثبت النسب، وإن صدقه ولا وارث غيرهما توارثا، وفي ثبوت
التوارث مع الوارث الآخر إشكال، والاحتياط لا يترك، وكذلك في تعدي
313

التوارث إلى غيرهما، ولا يترك الاحتياط - أيضا - فيما لو أقر بولده أو غيره ثم
نفاه بعد ذلك.
314

النكاح
315

أحكام النكاح
تحل المرأة على الرجل بسبب عقد النكاح، وهو على قسمين: دائم،
ومنقطع.
العقد الدائم، هو عقد لا تتعين فيه مدة الزواج وكانت دائمية، وتسمى
الزوجة ب‍: الدائمة.
العقد غير الدائم: هو ما تتعين فيه المدة - كساعة أو يوم أو سنة، أو أكثر
أو أقل - وتسمى الزوجة ب‍: المتمتع بها، والمنقطعة.
أحكام العقد
(مسألة) 924: يشترط في النكاح - دواما كان أو متعة - الايجاب والقبول،
فلا يكفي مجرد التراضي.
ويجوز للزوجين أو لأحدهما توكيل الغير في إجراء الصيغة، كما يجوز
لهما المباشرة.
(مسألة) 925: لا يعتبر في الوكيل أن يكون رجلا، بل يجوز توكيل المرأة في
إجراء العقد.
317

(مسألة) 926: لا يجوز لهما المقاربة، ولا النظر إلى ما لا يحل لغير الزوجين
ما لم يحصل لهما اليقين بإجراء الوكيل عقد النكاح، ولا يكفي الظن، نعم لو
أخبر الوكيل بذلك وحصل الاطمئنان كفى.
(مسألة) 927: لو وكلت المرأة شخصا في أن يعقدها لرجل متعة مدة عشرة
أيام مثلا، ولم تعين العشرة، جاز للوكيل أن يعقدها له متى شاء، وإن علم إنها
قصدت عشرة أيام خاصة لم يجز عقدها لأيام أخر.
(مسألة) 928: يجوز أن يكون شخص واحد وكيلا عن الطرفين، كما
يجوز أن يكون الرجل وكيلا عن المرأة في أن يعقدها لنفسه دواما أو متعة،
والأحوط استحبابا أن لا يتولى الزوج الايجاب عن الزوجة والقبول عن نفسه.
صيغة العقد الدائم
(مسألة) 929: إذا باشر الزوجان العقد الدائم، فقالت المرأة: زوجتك
نفسي على الصداق المعلوم، وقال الزوج - من دون فصل -: قبلت التزويج،
صح العقد ولو وكلا غيرهما وكان اسم الزوج: أحمد واسم الزوجة: فاطمة -
مثلا - فقال وكيل الزوجة: زوجت موكلك أحمد موكلتي فاطمة، أو زوجت
موكلتي - فاطمة - موكلك - أحمد - على الصداق المعلوم، وقال وكيل الزوج -
من دون فصل -: قبلت التزويج لموكلي - أحمد - على الصداق المعلوم صح
العقد، والأحوط تطابق الايجاب والقبول: مثلا لو قالت المرأة: زوجتك،
يجب على الأحوط أن يقول الزوج: قبلت التزويج.
318

صيغة العقد غير الدائم
(مسألة) 930: إذا باشر الزوجان العقد غير الدائم بعد تعيين المدة والمهر،
فقالت المرأة: زوجتك نفسي في المدة المعلومة على المهر المعلوم، وقال الرجل -
من دون فصل -: قبلت التزويج، صح العقد، ولو وكلا غيرهما فقال وكيل
الزوجة: زوجت موكلك موكلتي، أو زوجت موكلتي موكلك في المدة المعلومة
على المهر المعلوم، وقال وكيل الرجل - من دون فصل -: قبلت التزويج لموكلي
هكذا، صح أيضا.
شرائط العقد:
(مسألة) 931: يشترط في عقد الزواج أمور:
1 - العربية مع التمكن منها، ولو بالتوكيل على الأحوط، نعم مع عدم
التمكن منها - ولو بالتوكيل - يكفي غيرها من اللغات المفهمة لمعنى النكاح
والتزويج.
2 - قصد الانشاء في إجراء الصيغة، بمعنى أن يقصد الزوجان أو وكيلهما
تحقق الزواج بلفظي الايجاب والقبول، فتقصد الزوجة بقولها: زوجتك نفسي،
صيرورتها زوجة له، كما أن الزوج يقصد بقوله: قبلت، قبول زوجيتها له،
وهكذا الوكيلان.
3، 4 - البلوغ والعقل في العاقد المجري للصيغة على الأحوط وجوبا إذا
كان عاقدا لنفسه، وأما إذا كان عاقدا لغيره فالأحوط استحبابا اعتبارهما فيه.
319

5 - تعيين الزوج والزوجة على وجه يمتاز كل منهما عن غيره بالاسم أو
الوصف أو الإشارة، فلو قال: زوجتك إحدى بناتي بطل، وكذا لو قال:
زوجت بنتي أحد ابنيك أو أحد هذين.
6 - رضا الزوجين واقعا، فلو أذنت الزوجة متظاهرة بالكراهة مع العلم
برضاها القلبي صح العقد، كما أنه إذا علمت كراهتها واقعا وإن تظاهرت
بالرضا بطل العقد، إلا أن تجيز بعده.
(مسألة) 932: إذا لحن في الصيغة - وكان مغيرا للمعنى - لم يكف.
(مسألة) 933: إذا كان مجري الصيغة جاهلا بالعربية، فإن أجرأها على
الوجه الصحيح، وكان عارفا بمعنى الكلمات، وقاصدا لتحقق المعنى صح
العقد وإلا بطل.
(مسألة) 934: العقد الواقع فضوليا إذا تعقب بالإجازة صح، سواء أكان
فضوليا من الطرفين، أم كان فضوليا من أحدهما.
(مسألة) 935: لو أكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك وأجازا
العقد صح، وكذلك الحال في إكراه أحدهما، والأولى إعادة العقد في كلتا
الصورتين.
(مسألة) 936: الأب والجد من طرف الأب لهما الولاية على الطفل
الصغير والصغيرة، والمتصل جنونه بالبلوغ، فلو زوجهم الولي لم يكن لهم خيار
في الفسخ بعد البلوغ أو الإفاقة إذا لم تكن فيه مفسدة لهم، ومع المفسدة كان
العقد فضوليا، فلا يصح إلا مع الإجازة بعد البلوغ أو الإفاقة، وإذا زوج
320

الأبوان الصغيرين - ولاية - فالعقد وإن كان صحيحا إلا أن في لزومه عليهما
إشكالا، فإذا فسخ أحدهما أو كلاهما العقد بعد البلوغ والرشد فالاحتياط
بالطلاق أو العقد الجديد لا يترك.
(مسألة) 937: يجب على البالغة الرشيدة البكر أن تستأذن أباها أو الجد من
طرف الأب في تزويجها على الأحوط، ولا تشترط إجازة الأم والأخ وغيرهما من
الأقارب.
(مسألة) 938: يصح تزويج البالغة الرشيدة البكر من غير استيذان من
أبيها أو جدها إذا تعقب بالإجازة من أحدهما.
(مسألة) 939: لا يعتبر إذن الأب والجد إذا كانت البنت ثيبا، وكذلك إذا
كانت بكرا ولم تتمكن من استيذانهما - لغيابهما أو نحو ذلك - مع حاجتها إلى
الزواج.
(مسألة) 940: لو زوج الأب أو الجد صغيرا، فإن كان له مال حين العقد
كان المهر عليه، وإلا كان المهر على من زوجه.
العيوب الموجبة لخيار الفسخ
(مسألة) 941: إذا علم الزوج بعد العقد بوجود أحد العيوب السبعة الآتية
في الزوجة كان له الفسخ من دون طلاق:
1 - الجنون.
2 - الجذام.
321

3 - البرص.
4 - العمى.
5 - الاقعاد، ومنه العرج البين.
6 - الافضاء، وهو اتحاد مخرج البول أو الغائط مع مخرج الحيض.
7 - العفل، وهو لحم ينبت في الرحم يمنع من الوطء.
(مسألة) 942: يجوز للزوجة فسخ العقد إذا كان الزوج مجنونا أو مجبوبا -
أي مقطوع الذكر - أو مصابا بالعنن المانع عن الايلاج، غير أن الجنون يختلف
عن الأمرين الأخيرين في أن جنون الزوج يسوغ للمرأة الفسخ، سواء أكان
سابقا على العقد والزوجة لا تعلم به، أم كان حادثا بعده، أو بعد العقد والوطء
معا، وإن كان الأحوط وجوبا فيه مراجعة الحاكم الشرعي ليطلقها. وأما
العنن، فلا يجوز به الفسخ إذا حدث بعد الوطء، وكذلك الجب - بعد
الوطء -، وإن كان الأولى حينئذ للزوج أن يطلقها إذا فسخت
(مسألة) 943: يجوز للمرأة أن تفسخ العقد إذا كان الرجل خصيا،
والخصاء: هو سل الأنثيين أو رضهما. وتفسخ به المرأة مع سبقه على العقد
والتدليس عليها، ومع عدم التدليس لا يترك الاحتياط.
(مسألة) 944: لا يجوز للمرأة أن تفسخ العقد لعنن الرجل إلا بعد رفع
أمرها إلى الحاكم الشرعي أو وكيله، فيؤجل الزوج بعد المرافعة سنة فإن وطأها
أو وطأ غيرها فلا فسخ، وإلا كان لها الفسخ، فإن شاءت فسخت وكان لها
نصف المهر.
وإذا فسخت المرأة أو الرجل لسائر العيوب الموجبة للخيار، فإن كان
322

الفسخ بعد الدخول استحقت المرأة تمام المهر وعليها العدة كما في الطلاق، وإن
كان الفسخ قبله لم تستحق شيئا ولا عدة عليها.
(مسألة) 945: إذا خطب امرأة وطلب زواجها على أنه من بني فلان
فتزوجته المرأة على ذلك، فبان أنه من غيرهم كان لها الخيار، فإن فسخت فلها
المهر إن كان بعد الدخول، وإن كان قبله فلا شئ لها.
(مسألة) 946: إذا تزوج امرأة على أنها بكر فبانت ثيبا لم يكن له الفسخ،
نعم ينقص من المهر المسمى بنسبة مقدار ما به التفاوت بين مهر البكر ومهر
الثيب.
أسباب التحريم
(مسألة) 947: يحرم التزويج من جهة النسب بالأم وإن علت، وبالبنت
وإن نزلت، وبالأخت وببنات الأخ والأخت وإن نزلن، وبالعمات وبالخالات
وإن علون.
(مسألة) 948: تحرم من جهة المصاهرة أم الزوجة وجداتها من طرف الأب
أو الأم، فلا يجوز تزويجهن وإن كانت الزوجة لم يدخل بها، وكذلك تحرم بنت
الزوجة المدخول بها - سواء أكانت بنتها بلا واسطة، أو مع واسطة، أو مع
وسائط، وسواء أكانت موجودة حال العقد أم ولدت بعده - وتحرم على
الأحوط بنت الزوجة الغير المدخول بها، ما دامت أمها باقية على الزوجية.
(مسألة) 949: يحرم التزويج بمن تزوج بها الأب أو أحد الأجداد، كما
323

يحرم التزويج بمن تزوجها الابن، أو أحد الأحفاد، أو أحد الأسباط.
(مسألة) 950: يحرم الجمع بين الأختين، فإذا عقد على إحداهما حرمت
عليه الثانية ما دامت الأولى باقية على زواجها، ولا فرق في ذلك بين العقد الدائم
والمنقطع.
(مسألة) 951: إذا طلق زوجته - رجعيا - لم يجز له نكاح أختها في عدتها.
نعم إذا كان الطلاق بائنا صح ذلك، وإذا تزوج بامرأة بعقد منقطع فانتهت المدة
أو أبرأها لم يجز له التزويج بأختها في عدتها على الأحوط.
(مسألة) 952: إذا عقد على امرأة لم يجز له أن يتزوج ببنت أخيها أو ببنت
أختها إلا بإذنها، ولو عقد بدون إذنها توقفت صحته على إجازتها، فإن أجازته
صح وإلا بطل، وإن علمت بالتزويج فسكتت ثم أجازته صح أيضا، وإن كان
الأحوط استحبابا تجديد العقد.
(مسألة) 953: لو زنى بخالته قبل أن يعقد على بنتها حرمت عليه البنت،
وكذلك الحال في بنت العمة على الأحوط وجوبا، ولو زنى بالعمة أو الخالة بعد
العقد على البنت والدخول بها لم تحرم عليه، وكذلك فيما إذا كان الزنا بعد العقد
وقبل الدخول على الأظهر، والأحوط استحبابا عدم التزويج مطلقا.
(مسألة) 954: لو زنى بامرأة أجنبية فالأحوط الأولى أن لا يتزوج ببنتها
، ولو كان قد عقد عليها، - سواء أدخل بها أم لم يدخل بها - ثم زنى بأمها لم تحرم
عليه.
(مسألة) 955: لا يجوز للمسلمة أن تتزوج الكافر، وكذا لا يجوز للمسلم
324

أن يتزوج بغير الكتابية من أصناف الكفار، وأما الكتابية فالا ظهر جواز تزويجها
متعة، بل وكذلك دواما، وإن كان الأحوط ترك نكاحها دواما، ولا يجوز
للمؤمن أو المؤمنة نكاح بعض المنتحلين لدين الاسلام المحكومين بالكفر -
كالخوارج، والغلاة، والنواصب - دواما ومتعة.
(مسألة) 956: لو زنى بذات بعل، أو بذات العدة الرجعية حرمت عليه
مؤبدا على الأحوط، وأما الزنا بذات العدة - غير الرجعية - فلا يوجب حرمة
المزني بها، فللزاني تزويجها بعد انقضاء عدتها وإن كان الترك أحوط.
(مسألة) 957: لو زنى بامرأة ليس لها زوج، وليست بذات عدة، جاز له
أن يتزوجها، ويجب عليه تأخير العقد إلى أن تحيض على الأحوط، نعم يجوز
لغير الزاني تزويجها قبل ذلك أيضا، وإن كان التأخير أحوط.
(مسألة) 958: يحرم تزويج المرأة في عدتها - رجعية كانت أو غير
رجعية -، فلو علم الرجل أو المرأة بأنها في العدة، وبحرمة التزويج فيها، وتزويج
بها حرمت عليه مؤبدا وإن لم يدخل بها بعد العقد، وإذا كانا جاهلين بأنها في
العدة، أو بحرمة التزويج فيها وتزوج بها بطل العقد، فإن كان قد دخل بها
حرمت عليه مؤبدا أيضا، وإلا جاز التزويج بها بعد تمام العدة.
(مسألة) 959: لو تزوج بامرأة عالما بأنها ذات بعل، وبحرمة تزويجها
حرمت عليه مؤبدا - دخل بها أم لم يدخل -، وأما لو تزوجها مع جهله بالحال
فسد العقد، ولم تحرم عليه إلا مع الدخول بها حتى مع علم الزوجة بالحال.
(مسألة) 960: لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها، وإن كانت مصرة على
ذلك. والأولى - مع عدم التوبة - أن يطلقها الزوج.
325

(مسألة) 961: إذا تزوجت المرأة ثم شكت في أن زواجها وقع في العدة أو
بعد انقضائها لم تعتن بالشك.
(مسألة) 962: إذا لاط البالغ بغلام فأوقب حرمت على الواطئ أبدا على
الأحوط أم الموطوء وإن علت وأخته وبنته وإن سفلت، ولا يحرمن عليه مع
الشك في الدخول، بل مع الظن به أيضا، وفي حرمة المذكورات إذا كان اللائط
غير بالغ أو كان الملوط بالغا إشكال، والأظهر هو العدم.
(مسألة) 963: إذا تزوج امرأة ثم لاط بأبيها، أو أخيها، أو ابنها، لم تحرم
عليه، نعم لو زالت الزوجية بطلاق ونحوه وجب عليه ترك التزويج ثانيا على
الأحوط.
(مسألة) 964: يحرم التزويج حال الاحرام وإن لم تكن المرأة محرمة، ويقع
العقد فاسدا حتى مع جهل الرجل المحرم بالحرمة، ومع علمه بالحرمة تحرم عليه
مؤبدا.
(مسألة) 965: لا يجوز للمحرمة أن تتزوج برجل ولو كان محلا، ولو
فعلت بطل العقد مطلقا، ومع علمها بالحرمة تحرم عليه مؤبدا.
(مسألة) 966: إذا لم يأت الرجل بطواف النساء في الحج أو العمرة المفردة
حرمت عليه النساء، وإذا تركته المرأة في الحج أو العمرة المفردة حرم عليها
الرجال، نعم إذا أتيا به - بعد ذلك - ارتفعت الحرمة.
(مسألة) 967: لا يجوز الدخول بالبنت قبل إكمالها تسع سنين، ولكنه لو
326

تزوجها ووطأها لم يحرم عليه وطؤها بعد بلوغها، وإن كان الأحوط - حينئذ -
طلاقها.
(مسألة) 968: تحرم المطلقة ثلاثا على زوجها المطلق لها، نعم لو تزوجت
بغيره ودخل بها فطلقها أو مات حلت لزوجها الأول - على تفصيل يأتي في كتاب
الطلاق -، وأما لو طلقها تسعا فهي تحرم عليه مؤبدا
. أحكام العقد الدائم
(مسألة) 969: يحرم على الزوجة الدائمة أن تخرج من دارها بدون إذن
زوجها - وإن كان خروجها لأجل الأمور الجزئية - إذا كان منافيا لحق الزوج،
وإلا فالأولى أن لا تخرج، ويجب عليها أن تمكن زوجها من نفسها بما شاء من
الاستمتاعات، وليس لها منعه من المقاربة إلا لعذر شرعي.
ونفقتها على زوجها - من الغذاء واللباس والمسكن - ما دامت لم تخرج من
بيته بغير عذر شرعي، فإن لم يبذل الزوج لها نفقتها كانت النفقة دينا ثابتا في
ذمته.
(مسألة) 970: إذا نشزت الزوجة فخرجت من عند زوجها لم تستحق
النفقة، وإذا كانت عنده ولم تكن مطيعة له فالمشهور أنها لا تستحق النفقة أيضا،
لكن فيه إشكال، وأما المهر فهو لا يسقط بالنشوز بلا إشكال.
(مسألة) 971: لا يستحق الزوج على زوجته خدمة البيت وما شاكلها.
(مسألة) 972: إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها عليه
327

وإن كانت أكثر من نفقتها في الحضر، وأما إذا سافرت المرأة بنفسها مع إذنه فليس
على زوجها بذل ما يزيد على نفقتها في الحضر.
(مسألة) 973: لو امتنع الزوج عن بذل نفقته زوجته المستحقة لها، جاز لها
أن تأخذها من ماله بدون إذنه، فإذا لم تتمكن من الأخذ، واضطرت إلى اتخاذ
وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها إطاعة زوجها حال اشتغالها بتلك
الوسيلة.
(مسألة) 974: يجب على الولد الانفاق على الأبوين الفقيرين، ويجب على
الوالد الانفاق على الولد الفقير، ويشترط في الوجوب قدرة المنفق على الانفاق،
والمشهور أن نفقة الأولاد - مع فقد الآباء - على الأم، وإن فقدت فعلى أبيها
وأمها بالسوية، ولو كانت معهما أم الأب شاركتهما في النفقة، وهو لا يخلو من
إشكال وإن كان أحوط.
ولا تجب النفقة على غير العمودين من الإخوة والأعمام والأخوال
وغيرهم ذكورا وإناثا.
(مسألة) 975: نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة، وهي مقدمة على نفقة
الأقارب، والأقرب منهم مقدم على الأبعد، فالولد مقدم على ولد الولد،
وتجب على المولى نفقة المملوك من الانسان، وله أن يجعلها في كسبه مع الكفاية،
وإلا تممه المولى، والأحوط وجوب نفقة المملوك من الحيوان ما دام ملكا له.
(مسألة) 976: إذا عجز الانسان عن الانفاق على من تجب نفقته عليه،
فإن كان زوجة بقيت في ذمته يؤديها متى ما تمكن، وإن كان غير زوجة سقط
الوجوب ولا شئ عليه.
328

(مسألة) 977: نفقة الزوجة تقبل الاسقاط، فلو أسقطتها لم تجب على
الزوج، وأما نفقة الأقارب فلا تقبل الاسقاط.
(مسألة) 978: إذا كانت للرجل زوجتان دائمتان فبات عند إحداهما ليلة
وجب عليه أن يبيت عند الأخرى ليلة أيضا، ولا يجب عليه المبيت عندهما في غير
هذه الصورة. نعم ليس له متاركة زوجته رأسا وجعلها كالمعلقة، والأحوط أن
يبيت عند زوجته الدائمة الواحدة ليلة في كل أربع ليال.
(مسألة) 979: لا يجوز ترك وطء الزوجة الدائمة أكثر من أربعة أشهر إذا
كانت شابة، بل الحكم كذلك في المنقطعة على الأحوط.
(مسألة) 980: إذا لم يعين المهر في العقد الدائم صح العقد، ومع الدخول
يجب على الزوج مهر المثل.
(مسألة) 981: إذا لم تعين المدة لأداء المهر - حين العقد - جاز للزوجة
الامتناع من المقاربة قبل أخذه - سواء أكان الزوج متمكنا من الأداء أم لا - ولو
دخل بها الزوج برضاها قبل أداء المهر لم يكن لها الامتناع بعد ذلك من دون عذر
شرعي.
النكاح المنقطع
(مسألة) 982: يصح النكاح المنقطع وإن كان الداعي إليه أمرا آخر غير
الاستمتاع، ولا بد فيه من تعيين المهر والمدة، فإن لم يتعين المهر وتعينت المدة
بطل العقد، وإن لم يتعين الأجل - سواء تعين المهر أم لم يتعين - ففي البطلان
329

كلام، والأقرب انقلابه دائما. وإن لم يتعين الأجل - سواء تعين المهر أم لم
يتعين -.
ويعتبر في المدة أن لا تزيد على عمر الزوجين عادة، وإلا كان العقد دائما
على الأظهر، ولو نسي ذكر الأجل فالأظهر هو البطلان.
(مسألة) 983: يجوز للمرأة في النكاح المنقطع أن تشترط على زوجها عدم
الدخول بها، فلو اشترطت عليه ذلك لم يجز له مقاربتها ويجوز له ما سوى ذلك
من الاستمتاعات، نعم لو رضيت الزوجة بعد ذلك بمقاربته جازت له.
(مسألة) 984: لا تجب نفقة الزوج في النكاح المنقطع وإن حملت من
زوجها، ولا تستحق من زوجها المضاجعة والمبيت عندها، ولا توارث بينها
وبين زوجها، ولو شرطا التوارث أو خصوص الزوج أو الزوجة ففيه إشكال،
فلا يترك الاحتياط فيه.
(مسألة) 985: يصح العقد المنقطع ولو مع جهل الزوجة بعدم استحقاقها
النفقة والمضاجعة، ولا يثبت لها حق على الزوج من جهة جهلها، ويحرم عليها
الخروج بغير إذن زوجها إذا كان خروجها منافيا لحقه، بل مع عدم المنافاة -
أيضا - على الأحوط.
(مسألة) 986: لو وكلت المرأة رجلا في تزويجها إياه لمدة معينة بمبلغ
معلوم، فخالف الوكيل فعقدها لنفسه، دواما أو متعة لغير تلك المدة، أو بغير
ذلك المبلغ فإن أجازت العقد صح وإلا بطل.
(مسألة) 987: لا بأس بتزويج الأب أو الجد من طرفه بنته الصغيرة لمدة
330

قليلة لا لغاية الاستمتاع، بل لغاية أخرى من حصول المحرمية ونحوه، إلا
أنه لا بد في ذلك من مصلحة تعود إليها، وأما تزويجهما الصغير لتلك الغاية مع عدم
قابلية المدة لاستمتاعه بوجه، فصحته لا تخلو من إشكال.
(مسألة) 988: لو وهب الزوج مدة زوجته المنقطعة بعد الدخول بها لزمه
تمام المهر، وينتصف المهر إذا كانت الهبة قبل الدخول على الأظهر.
(مسألة) 989: لا بأس على الزوج في تزويج المتمتع بها في عدتها منه دواما
أو منقطعا.
مسائل متفرقة
(مسألة) 990: لا يجوز للرجل أن ينظر إلى ما عدا الوجه والكفين من جسد
المرأة الأجنبية وشعرها، وكذا الوجه والكفين منها إذا كان النظر بريبة، بل
الأحوط - لزوما - تركه بدونها أيضا، وكذلك الحال في نظر المرأة إلى الرجل
الأجنبي على الأحوط في غير وجهه ويديه ورأسه ورقبته وقدميه، وأما نظرها إلى
هذه المواضع من الرجل فالظاهر جوازه فيما إذا لم يكن بريبة، وإن كان الأحوط
ترك ذلك أيضا.
(مسألة) 991: يجوز النظر إلى نساء الكفار إذا لم يكن نظر ريبة، سواء في
ذلك الوجه والكفان، وما جرت عادتهن على عدم ستره من سائر أعضاء البدن.
(مسألة) 992: يجب على المرأة أن تستر شعرها وبدنها من الأجانب، بل
331

يجب عليها ستر الوجه والكفين عن غير المحارم مطلقا على الأحوط، والأولى
التستر من غير البالغ إذا كان مميزا.
(مسألة) 993: يحرم النظر إلى عورة الغير - حتى الصبي المميز - مباشرة،
ويحرم على الأحوط إن كان من وراء الزجاج، أو في المرآة، أو في الماء الصافي
ونحو ذلك. نعم يجوز لكل من الزوجين - ومن في حكمها - كالأمة ومولاها -
النظر إلى جميع أعضاء بدن الآخر حتى العورة.
(مسألة) 994: يجوز لكل من الرجل والمرأة أن ينظر إلى بدن محارمه - ما
عدا العورة منه - من دون ريبة، وفي حكم العورة ما بين السرة والركبة على
الأحوط فيهن، وأما النظر - مع الريبة - فلا فرق في حرمته بين المحارم
وغيرهم.
(مسألة) 995: لا يجوز لكل من الرجل والمرأة النظر إلى مماثله بقصد
الريبة.
(مسألة) 996: الأحوط ترك النظر إلى صورة المرأة الأجنبية إذا كان الناظر
يعرفها.
(مسألة) 997: إذا دعت الحاجة إلى أن يحقن الرجل رجلا أو امرأة - غير
زوجته ومن بحكمها - أو أن يغسل عورتهما، لزمه التحفظ من لمس العورة بيده
مع الامكان، وكذلك المرأة بالنسبة إلى المرأة أو الرجل غير زوجها ومن بحكمه.
(مسألة) 998: لا بأس بنظر الطبيب إلى بدن الأجنبية ومسه بيده إذا توقف
عليه معالجتها، ومع إمكان الاكتفاء بإحدهما - النظر أو المس - لا يجوز الآخر،
332

فلو تمكن من المعالجة بالنظر فقط لا يجوز له المس، وكذا العكس.
(مسألة) 999: لو اضطر الطبيب في معالجة المرأة - غير زوجته ومن
بحكمها - إلى النظر إلى عورتها فالأحوط أن ينظر إليها في المرآة، فلو لم يمكن
المعالجة إلا بالنظر إليها مباشرة جاز له ذلك.
(مسألة) 1000: يجب الزواج على من لا يستطيع التمالك على نفسه عن
الوقوع في الحرام بسبب عدم زواجه.
(مسألة) 1001: لا يجوز الخلوة بالمرأة الأجنبية في موضع لا يتيسر الدخول
فيه لغيرهما إذا احتمل أنها تؤدي إلى فساد، ولا بأس بالخلوة مع إمكان دخول
الغير ولو كان صبيا مميزا، أو مع الأمن من الفساد.
(مسألة) 1002: لو تزوج امرأة على مهر معين وكان من نيته أن لا يدفعه
إليها صح العقد، ووجب عليه دفع المهر.
(مسألة) 1003: يتحقق ارتداد المسلم بإنكاره الألوهية، أو النبوة، أو
المعاد، أو بإنكاره حكما من الأحكام مع علمه بثبوت الحكم على وجه يرجع إلى
إنكار النبوة، كوجوب الصلاة والصوم ونحوهما، ويتحقق - كذلك - بالغلو
والنصب فإنهما يوجبان الكفر.
(مسألة) 1004: إذا ارتد الزوج عن ملة، أو ارتدت الزوجة عن ملة أو
فطرة بطل النكاح، فإن كان الارتداد قبل الدخول بها أو كانت الزوجة يائسة لم
تكن عليها عدة، وأما إذا كان الارتداد بعد الدخول، وكانت المرأة في سن من
تحيض وجب عليها أن تعتد عدة الطلاق، والمعروف أن المرتد منهما إذا رجع
333

عن ارتداده إلى الاسلام قبل انقضاء العدة بقي الزواج على حاله، ولكنه مشكل
جدا، فالاحتياط لا يترك.
(مسألة) 1005: إذا ارتد الزوج عن فطرة حرمت عليه زوجته، ووجب
عليها أن تعتد عدة الوفاة إن كانت مدخولا بها وغير يائسة، ويأتي مقدار عدة
الطلاق والوفاة في باب الطلاق.
(مسألة) 1006: إذا اشترطت المرأة في عقدها أن لا يخرجها الزوج من
بلدها - مثلا - وقبل ذلك زوجها، لم يجز له إخراجها منه بغير رضاها.
(مسألة) 1007: إذا كانت لزوجة الرجل بنت من غيره جاز له أن يزوجها
من ابنه من زوجة غيرها، وكذلك العكس.
(مسألة) 1008: إذا كانت المرأة الحامل من السفاح مسلمة، أو كان الزاني
بها مسلما، لم يجز لها أن تسقط جنينها.
(مسألة) 1009: لو فجر بمرأة ليست بذات بعل ولا في عدة الغير ثم تزوج
بها بعد ما استبرأ رحمها - على النهج المتقدم في المسألة: (957) - فولدت، ولم
يعلم أن الولد من الحلال أو الحرام فهو يلحق بهما شرعا، ويحكم عليه بأنه من
الحلال.
(مسألة) 1010: لو تزوج بامرأة جاهلا بكونها في العدة بطل العقد، وإن
كان قد دخل بها تحرم عليه مؤبدا، وإن كانت ولدت منه فالولد يلحق بهما
شرعا، هذا إذا كانت المرأة - أيضا - جاهلة، وأما إذا كانت عالمة بكونها في العدة
334

وبحرمة التزويج في العدة، فالولد يلحق بالرجل ولا يلحق بأمه شرعا، فإنها
زانية حينئذ.
(مسألة) 1011: لو ادعت المرأة أنها يائسة لم تسمع دعواها، ولو ادعت
أنها خلية من الزوج صدقت.
(مسألة) 1012: لو تزوج بامرأة ادعت أنها خلية، وادعى - بعد ذلك -
مدع أنها كانت ذات بعل، فالقول قول المرأة ما لم يثبت شرعا أنها كانت ذات
بعل.
(مسألة) 1013: لا يجوز للأب أن يفصل ولده - ذكرا كان أم أنثى - من
أمه مدة الرضاع - أعني حولين كاملين - لأن الأم أحق بحضانة ولدها في تلك
المدة، والأحوط الأولى عدم فصل الأنثى حتى تبلغ سبع سنين.
(مسألة) 1014: يستحب التعجيل في تزويج البنت البالغة وتحصينها
بالزواج، فعن الصادق عليه السلام: من سعادة المرء أن لا تطمث ابنته في بيته.
(مسألة) 1015: إذا صالحت المرأة زوجها على أن لا يتزوج عليها ويكون
له مهرها صحت المصالحة، ووجب على زوجها أن لا يتزوج عليها، كما يجب
عليها أن لا تطالب زوجها بالمهر.
(مسألة) 1016: المتولد من ولد الزنا إذا كان عن وطء مشروع فهو ولد
حلال.
(مسألة) 1017: إذا جامع زوجته في نهار شهر رمضان أو في حيضها
ارتكب معصية، إلا أنها إذا حملت فولدت يعتبر الولد ولدا شرعيا لهما.
335

(مسألة) 1018: إذا تيقنت زوجة الغائب بموت زوجها فتزوجت بعدما
اعتدت عدة الوفاة، ثم رجع زوجها الأول من سفره انفصلت عن زوجها الثاني
بغير طلاق، وهي محللة لزوجها الأول، ثم إن الثاني إن كان دخل بها لزمه مهر
مثلها ويجب على المرأة الاعتداد من وطئها شبهة، ولكن لا تجب على الواطئ
نفقتها في أيام عدتها
336

أحكام الرضاع
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وتفصيل ذلك يظهر من المسائل
الآتية:
(مسألة) 1019: تحرم على المرتضع عدة من النساء.
1 - المرضعة، لأنها أمه من الرضاعة، كما أن صاحب اللبن أبوه.
2 - أم المرضعة وإن علت، نسبية كانت أم رضاعية، لأنها جدته.
3 - بنات المرضعة ولادة، لأنهن أخواته.
4 - البنات النسبية والرضاعية من أولاد المرضعة ولادة ذكورا وإناثا، لأن
المرتضع إما أن يكون عمهن أو خالهن من الرضاعة.
5 - أخوات المرضعة وإن كانت رضاعية، لأنهن خالات المرتضع.
6 - عمات المرضعة وخالاتها وعمات وخالات آبائها وأمهاتها نسبية
كانت أم رضاعية، فإنهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
7 - بنات صاحب اللبن النسبية والرضاعية بلا واسطة أو مع الواسطة،
لأن المرتضع إما أن يكون أخاهن، أو عمهن، أو خالهن من الرضاعة.
337

8 - أمهات صاحب اللبن النسبية والرضاعية، لأنهن جدات المرتضع من
الرضاعة.
9 - أخوات صاحب اللبن النسبية والرضاعية، لأنهن عمات المرتضع من الرضاعة.
10 - عمات صاحب اللبن وخالاته، وعمات وخالات آبائه وأمهاته
النسبية والرضاعية، لأنهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
11 - حلائل صاحب اللبن، لأنهن حلائل أبيه.
(مسألة) 1020: تحرم المرتضعة على عدة من الرجال:
1 - صاحب اللبن، لأنه أبوها من الرضاعة.
2 - آباء صاحب اللبن والمرضعة من النسب أو الرضاع، لأنهم أجدادها
من الرضاعة.
3 - أولاد صاحب اللبن النسبية والرضاعية وإن نزلوا، لأنها تكون
أختهم، أو عمتهم، أو خالتهم. وكذلك أولاد المرضعة ولادة وأولادهم نسبا
أو رضاعا، وكذا المرتضعون من أولادها ولادة.
4 - إخوة صاحب اللبن النسبية والرضاعية، لأنهم أعمامها من
الرضاعة.
5 - أعمام صاحب اللبن وأخواله، وأعمام وأخوال آبائه وأمهاته النسبية
أو الرضاعية، لأنهم إما أن يكونوا أعمامها، أو أخوالها.
338

(مسألة) 1021: تحرم بنات المرتضع أو المرتضعة نسبية ورضاعية - وإن
نزلت - على آبائه وإخوته وأعمامه وأخواله من الرضاعة.
(مسألة) 1022: تحرم على أبناء المرتضع أو المرتضعة، أمهاته وأخواته
وخالاته وعماته من الرضاعة.
(مسألة) 1023: لا يجوز أن يتزوج أبو المرتضع أو المرتضعة بنات المرضعة
النسبية وإن نزلت، والأحوط الأولى أن لا يتزوج بناتها الرضاعية وإن كان يحرم
عليه أن ينظر منها إلى ما لا يحل النظر إليه لغير المحارم.
(مسألة) 1024: لا يجوز أن يتزوج أبو المرتضع أو المرتضعة بنات صاحب
اللبن النسبية والرضاعية.
(مسألة) 1025: لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة على صاحب اللبن،
ولا على آبائه وأبنائه وأعمامه وأخواله، وإن كان الأحوط الأولى أن لا يتزوج
صاحب اللبن بها.
(مسألة) 1026: لا تحرم المرضعة وبناتها وسائر أقاربها من النساء على إخوة
المرتضع والمرتضعة، كما لا تحرم عليهم بنات صاحب اللبن وسائر أقاربه من
النساء.
(مسألة) 1027: إذا تزوج امرأة ودخل بها حرمت عليه بنتها الرضاعية،
كما تحرم عليه بنتها النسبية، وإذا تزوج امرأة حرمت عليه أمها الرضاعية وإن لم
يكن دخل بها، كما تحرم عليه أمها النسبية.
(مسألة) 1028: لا فرق في نشر الحرمة بالرضاع بين ما إذا كان الرضاع
339

سابقا على العقد وما إذا كان لاحقا له، مثلا: إذا تزوج الرجل صغيرة فأرضعتها
أمه أو جدته، أو زوجة أبيه صاحب اللبن بطل العقد وحرمت الصغيرة عليه،
لأنها تكون أخته أو عمته أو خالته.
(مسألة) 1029: لا بأس بأن ترضع المرأة طفل ابنها، وأما إذا أرضعت
طفلا لزوج بنتها، سواء أكان الطفل من بنتها أم من ضرتها بطل عقد البنت،
وحرمت على زوجها مؤبدا، لأنه يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد
المرتضعة النسبية.
(مسألة) 1030: إذا أرضعت زوجة الرجل بلبنه طفلا لزوج بنته، سواء
أكان الطفل من بنته أم من ضرتها، بطل عقد البنت وحرمت على زوجها مؤبدا،
لأنه يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن.
(مسألة) 1031: ليس للرضاع أثر في التحريم ما لم تتوفر فيه شروط
ثمانية، وهي:
1 - حياة المرضعة، فلو كانت المرأة ميتة حال ارتضاع الطفل منها
الرضعات كلها أو بعضها، لم يكن لهذا الرضاع أثر.
2 - حصول اللبن للمرضعة في ولادة ناتجة من وطء مشروع - وإن كان
عن شبهة -، فلو ولدت المرأة من الزنا فأرضعت بلبنها منه طفلا لم يكن
لارضاعها أثر.
3 - الارتضاع من الثدي، فلا أثر للحليب إذا ألقي في فم الطفل أو حقن
به ونحو ذلك.
340

4 - خلوص اللبن، فالممزوج بشئ آخر مائع أو جامد - كاللبن
والسكر - لا أثر له.
5 - كون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسبا بتمامه إلى شخص واحد، فلو
طلق الرجل زوجته وهي حامل أو بعد ولادتها منه فتزوجت شخصا آخر
وحملت منه، وقبل أن تضع حملها أرضعت طفلا بلبن ولادتها السابقة من
زوجها الأول ثمان رضعات - مثلا -، وأكملت بعد وضعها لحملها بلبن
ولادتها الثانية من زوجها الأخير بسبع رضعات، لم يكن هذا الرضاع مؤثرا.
ويعتبر - أيضا - وحدة المرضعة، فلو كان لرجل واحد زوجتان ولدتا منه
فارتضع الطفل من إحداهما سبع رضعات ومن الآخر ثمان رضعات - مثلا - لم
يكن لرضاعه أثر.
6 - عدم قذف الطفل للحليب بالتقيؤ لمرض ونحوه، فلو قاءه وجب
الاحتياط، بعدم ترتيب الأثر على الرضاع من جهة النظر إلى ما لا يحل لغير
المحارم، وترتيب الأثر عليه من جهة ترك الازدواج.
7 - بلوغ الرضاع درجة معينة، تحدد من حيث الأثر بما أنبت اللحم
وشد العظم، ومن حيث العدد بما بلغ خمس عشرة رضعة، وهل تكفي عشر
رضعات - أيضا - في التحريم إذا لم يفصل بين الرضعات شئ آخر حتى الطعام
؟ فيه إشكال.
والأحوط وجوبا ترك تزويج المحارم رضاعا، وترك النظر إليها كذلك.
وتحدد من حيث الزمان بما استمر ارتضاع الطفل من المرأة يوما وليلة
341

. ويلاحظ في التقدير الزماني أن يكون ما يرتضعه الطفل من المرضعة هو غذاؤه
الوحيد طيلة المدة المقررة، فلا يتناول طعاما آخر، أو لبنا من مرضعة أخرى،
ولا بأس بتناول الماء أو الدواء أو الشئ اليسير من الأكل بدرجة لا يصدق عليه
الغذاء عرفا.
كما يلاحظ في التقدير الكمي توالي الرضعات الخمس عشرة، بأن لا
يفصل بينها رضاع من امرأة أخرى، وأن تكون كل واحدة منها رضعة كاملة
تروي الصبي، فلا تندرج الرضعة الناقصة في العدد، كما لا تعتبر الرضعات
الناقصة المتعددة بمثابة رضعة كاملة. نعم إذا التقم الصبي الثدي ثم رفضه - لا
بقصد الاعراض عنه، بل لغرض التنفس ونحوه - ثم عاد إليه، اعتبر عوده
استمرارا للرضعة، وكان الكل رضعة واحدة كاملة.
8 - عدم تجاوز الرضيع للحولين، فلو رضع أو أكمل بعد ذلك لم يؤثر
شيئا.
وأما المرضعة، فلا يلزم في تأثير إرضاعها أن يكون دون الحولين من
ولادتها.
(مسألة) 1032: إذا أرضعت امرأة صبيا رضاعا كاملا، ثم طلقها
زوجها، وتزوجت من آخر، وولدت له وتجدد لديها اللبن - لأجل ذلك -
فأرضعت به صبية رضاعا كاملا، لم تحرم هذه الصبية على ذلك الصبي،
لاختلاف اللبنين من ناحية تعدد الزوج، وأما إذا ولدت المرأة مرتين لزوج واحد
وأرضعت في كل مرة واحدا منهما، أصبح الطفلان أخوين، وحرم أحدهما على
الآخر، كما حرما على المرضعة وزوجها، وكذلك الحال إذا كان للرجل زوجتان
342

ولدتا منه، وأرضعت كل منهما واحدا منهما، فإن أحد الطفلين يحرم على الآخر
كما يحرمان على المرضعتين وزوجهما، فاللازم - إذن - في حرمة أحد الطفلين
على الآخر بالرضاعة وحدة الرجل المنتسب إليه اللبن الذي ارتضعا منه، سواء
اتحدت المرضعة أم تعددت. نعم يعتبر أن يكون تمام الرضاع المحرم من امرأة
واحدة، كما تقدم في المسألة السابقة.
(مسألة) 1033: إذا حرم أحد الطفلين على الآخر بسبب ارتضاعهما من
لبن منتسب إلى رجل واحد، لم يؤد ذلك إلى حرمة إخوة أحدهما على إخوة
الآخر، ولا إلى حرمة الإخوة على المرضعة.
(مسألة) 1034: لا يجوز التزويج ببنت أخي الزوجة وبنت أختها من
الرضاعة إلا برضاها، كما لا يجوز التزويج بهما من النسب إلا برضاها، فإن
الرضاع بمنزلة النسب، وكذلك الأخت الرضاعية بمنزلة الأخت النسبية، فلا
يجوز الجمع بين الأختين الرضاعيتين، فلو عقد على
إحداهما لم يجز عقده على الأخرى، ولو عقد عليهما معا في زمان واحد تخير بينهما.
ويجب على من ارتكب فاحشة اللواط بغلام ترك الزواج من بنته، وأمه،
وأخته الرضاعيات - أيضا - كما كان هو الحال في النسبيات.
(مسألة) 1035: لا تحرم المرأة على زوجها فيما إذا أرضعت من أقربائها -
أخاها أو أولاد أخيها، أو أختها أو أولاد أختها، أو عمها أو خالها أو
أولادهما، أو عمتها أو خالتها أو أولادهما -، وكذلك لا تحرم المرأة على زوجها
فيما إذا أرضعت من أقربائه - أخاه أو أخته، أو عمه أو عمته، أو
343

خاله أو خالته، أو ولد بنته من زوجته الأخرى، أو ولد أخته - وإن كان الأولى الاحتياط
في جميع هذه الصور.
(مسألة) 1036: لا تحرم على الرجل امرأة أرضعت طفل عمته أو طفل
خالته، وإن كان الأحوط ترك الزواج منها، كما لا تحرم عليه زوجته إذا ارتضع
ابن عمها من زوجة أخرى له.
(مسألة) 1037: لا توارث في الرضاع فيما يتوارث به من النسب.
الرضاع وآدابه
(مسألة) 1038: الأم أحق بإرضاع ولدها من غيرها، فليس للأب تعيين
غيرها لارضاع الولد إلا إذا طالبت بأجرة وكانت غيرها تقبل الارضاع بأجرة
أقل أو بدون أجرة.
ويحسن بالأم أن لا تأخذ الأجرة على إرضاع ولدها، كما ينبغي للأب أن
يعطيها أجرا على ذلك وإن لم تطالبه.
(مسألة) 1039: يستحب اختيار المرضعة المؤمنة الاثني عشرية العفيفة
الوضيئة، الحميدة في خلقها وخلقها، ويكره استرضاع المرأة الناقصة في عقلها،
وسيئة الخلق وكريهة الوجه وغير الاثني عشرية، كما يكره استرضاع الزانية من
اللبن الحاصل بالزنا.
(مسألة) 1040: يستحب إرضاع الولد حولين كاملين إذا أمكن ذلك.
344

مسائل متفرقة في الرضاع
(مسألة) 1041: يستحب منع النساء من الاسترسال في إرضاع الأطفال
دون تحفظ، خوفا من حصول الزواج بينهم بدون التفات إلى العلاقة الرضاعية.
(مسألة) 1042: يستحب للمنتسبين بالرضاع احترام بعضهم بعضا، فإن
الرضاع لحمة كلحمة النسب.
(مسألة) 1043: لا يجوز للزوجة إرضاع ولد الغير إذا زاحم ذلك حق
زوجها ما لم يأذن زوجها لها في إرضاعه، كما لا يجوز لها إرضاع ضرتها
الصغيرة، لأنه يؤدي إلى حرمتها على زوجها، إذ تصبح أم زوجته الصغيرة
، وإلى حرمة الصغيرة إذا كانت المرضعة مدخولا بها، أو كان الرضاع بلبن
زوجها.
(مسألة) 1044: يمكن لأحد الأخوين أن يجعل نفسه محرما على زوجة
الآخر عن طريق الرضاع، فيباح له النظر إليها، وذلك بأن يتزوج طفلة، ثم
ترضع من زوجة أخيه، فتكون المرضعة أم زوجته، وبذلك تندرج في محارمه
ويجوز النظر إليها.
(مسألة) 1045: إذا اعترف الرجل بحرمة امرأة أجنبية عليه بسبب
الرضاع، وكان اعترافه معقولا، لم يجز له أن يتزوجها، وإذا ادعى حرمة المرأة
عليه - بعد عقد عليها - وصدقته المرأة بطل العقد، وثبت لها مهر المثل إذا كان
قد دخل بها ولم تكن عالمة بالحرمة وقتئذ. وأما إذا لم يكن قد دخل بها، أو كان قد
دخل بها مع علمها بالحرمة، فلا مهر لها، ونظير اعتراف الرجل بحرمة المرأة
345

اعتراف المرأة بحرمة رجل عليها قبل العقد أو بعده، فيجري فيه التفصيل الآنف
الذكر.
(مسألة) 1046: يثبت الرضاع المحرم بأمرين:
الأول: إخبار جماعة يوجب الاطمئنان بوقوعه.
الثاني: شهادة البينة العادلة على وقوع الرضاع المحرم بالتفصيل المتقدم،
كأن تشهد على خمس عشرة رضعة متوالية ونحو ذلك، وتحصل البينة بشهادة
رجلين، أو رجل مع امرأتين، أو نساء أربع.
(مسألة) 1047: إذا لم يعلم بوقوع الرضاع أو كماله حكم بعدمه، وإن
كان الاحتياط مع الظن بوقوعه كاملا - بل مع احتماله أيضا - أحسن.
346

الطلاق وأحكامه
(مسألة) 1048: يشترط في المطلق أمور:
1 - البلوغ، فلا يصح طلاق الصبي.
2 - العقل، فلا يصح طلاق المجنون ومن فقد عقله بإغماء أو شرب
مسكر ونحوهما.
3 - الاختيار، فلا يصح طلاق المكره والمجبور.
4 - قصد الفراق حقيقة بالصيغة، فلا يصح الطلاق إذا صدرت الصيغة
حال النوم أو هزلا أو سهوا أو نحو ذلك.
(مسألة) 1049: لا يجوز الطلاق ما لم تكن المطلقة طاهرة من الحيض
والنفاس. ويستثنى من ذلك موارد:
الأول: أن لا يكون الزوج قد دخل بزوجته.
الثاني: أن تكون الزوجة مستبينة الحمل، فإن لم يستبن حملها وطلقها
زوجها - وهي حائض - ثم علم أنها كانت حاملا - وقتئذ - وجب عليه أن
يطلقها ثانيا على الأحوط.
349

الثالث: أن يكون الزوج غائبا أو محبوسا، ولم يتمكن من استعلام حال
زوجته، فيصح منه الطلاق وإن وقع حال حيضها، وأما إذا تمكن الغائب أو
المحبوس من استعلام الحال - من جهة العلم بعادتها، أو ببعض الأمارات
الشرعية - لم يجز له طلاقها ما لم تمض مدة يعلم فيها بالطهر، وكذلك إذا سافر
الزوج وترك زوجته - وهي حائض - فإنه لا يجوز له أن يطلقها ما لم تمض مدة
حيضها، وإذا طلق الزوج زوجته في غير هذه الصور - وهي حائض - لم يجز
الطلاق. وإن طلقها باعتقاد أنها حائض وبانت طاهرة صح الطلاق.
(مسألة) 1050: كما لا يجوز طلاق المرأة في الحيض والنفاس كذلك لا
يجوز طلاقها في طهر قاربها فيه، فلو قاربها في طهر لزمه الانتظار حتى تحيض
وتطهر، ثم يطلقها بدون مواقعة، ولو سافر عنها وجب عليه الانتظار مدة تنتقل
فيها المرأة - عادة - إلى طهر جديد، على أن لا يقل انتظاره عن شهر على
الأحوط. ويستثنى من ذلك الصغيرة واليائسة، فإنه يجوز طلاقهما في طهر
المواقعة، وكذلك الحامل المستبين حملها، ولو طلقها - قبل ذلك - ثم ظهر أنها
كانت حاملا، وجب عليه طلاقها ثانيا على الأحوط.
وأما من لا تحيض - وهي في سن من تحيض - فلا يجوز طلاقها إذا واقعها
الزوج إلا بعد أن يعتزل عنها ثلاثة أشهر.
(مسألة) 1051: لا يقع الطلاق إلا بلفظ الطلاق بصيغة خاصة عربية،
وفي محضر عدلين ذكرين يسمعان الانشاء، فيقول الزوج مثلا: (زوجتي فلانة
طالق)، أو يخاطب زوجته ويقول: (أنت طالق) أو يقول وكيله: (زوجة موكلي
فلانة طالق)، وإذا كانت الزوجة معينة لم يلزم ذكر اسمها.
350

(مسألة 1052): لا يصح طلاق المتمتع بها، بل فراقها يتحقق بانقضاء
المدة، أو بذله لها، بأن يقول الرجل: (وهبتك مدة المتعة).
ولا يعتبر في صحة البذل الاشهاد، ولا خلوها من الحيض والنفاس.
عدة الطلاق
(مسألة) 1053: لا عدة على الصغيرة التي لم تكمل التسع وإن دخل بها
زوجها، وكذلك اليائسة، فيسمح لهما بالزواج بمجرد الطلاق، وكذلك من لم
يدخل بها زوجها وإن كانت بالغة.
(مسألة) 1054: إذا طلق الرجل زوجته المدخول بها - بعد إكمال التسع
وقبل بلوغها سن اليأس - وجبت عليها العدة، وعد الحرة - غير الحامل - ثلاثة
أطهار، ويحسب الطهر الفاصل بين الطلاق وحيضها طهرا واحدا، فتنقضي
عدتها برؤية الدم الثالث.
(مسألة) 1055: المطلقة الحامل عدتها مدة حملها، فتنقضي بوضع الحمل
تاما أو سقطا ولو كان بعد الطلاق بساعة.
(مسألة) 1056: إذا حملت باثنين فانقضاء عدتها بوضع الأخير منهما.
(مسألة) 1057: المطلقة - غير الحامل - إذا كانت لا تحيض - وهي في سن
من تحيض - عدتها ثلاثة أشهر، فإذا طلقها - في أول الشهر - اعتدت إلى ثلاثة
أشهر هلالية، وإذا طلقها - في أثناء الشهر - اعتدت بقية شهرها وشهرين
هلاليين آخرين ومقدارا من الشهر الرابع تكمل به نقص الشهر الأول، فمن
351

طلقت في غروب اليوم العشرين من شهر رجب - مثلا، وكان الشهر تسعة
وعشرين يوما - وجب عليها أن تعتد إلى اليوم العشرين من شوال، والأحوط
لها أن تعتد إلى اليوم الواحد والعشرين منه ليكتمل بضمه إلى أيام العدة من رجب
ثلاثون يوما.
(مسألة) 1058: عدة المتمتع بها إذا كانت بالغة مدخولا بها غير يائسة
حيضتان كاملتان على الأحوط، وإن كانت لا تحيض لمرض ونحوه، فعدتها
خمسة وأربعون يوما، وعدة الحامل المتمتع بها أبعد الأجلين من
وضع حملها ومن مضي خمسة وأربعون يوما على الأحوط.
(مسألة) 1059: ابتداء عدة الطلاق من حين وقوعه، فلو طلقت المرأة -
وهي لا تعلم به - فعلمت به - والعدة قد انقضت - جاز لها التزويج دون أن
تنتظر مضي زمان ما، وإذا علمت بالطلاق - أثناء العدة - أكملتها، وكذلك
الحال في المتمتع بها.
عدة الوفاة
(مسألة) 1060: إذا توفى الزوج وجبت على زوجته العدة مهما كان عمر
الزوجة. فتعتد الصغيرة والبالغة واليائسة على السواء، من دون فرق بين الزوجة
المنقطعة، والدائمة، والمدخول بها، وغيرها. ويختلف مقدار العدة تبعا لوجود
الحمل وعدمه، فإذا لم تكن الزوجة حاملا اعتدت أربعة أشهر وعشرة أيام، وإذا
كانت حاملا كانت عدتها أبعد الأجلين من هذه المدة ووضع الحمل، فتستمر
الحامل في عدتها إلى أن تضع ثم ترى، فإن كان قد مضى على وفاة زوجها - حين
352

الوضع - أربعة أشهر وعشرة أيام فقد انتهت عدتها، وإلا استمرت في عدتها إلى
أن تكمل هذه المدة.
ومبدأ عدة الوفاة - فيما إذا كان الزوج غائبا أو في حكمه - من حين بلوغ
خبر الموت إلى الزوجة على الأحوط، دون زمان الوفاة واقعا، وكذا الحال في
المجنونة والصغيرة.
(مسألة) 1061: كما يجب على الزوجة أن تعتد عند وفاة زوجها، كذلك
يجب عليها - إذا كانت بالغة - الحداد بترك ما فيه زينة، من الثياب، والأدهان،
والطيب، فيحرم عليها لبس الأحمر والأصفر والحلي، والتزين بالكحل
والطيب والخضاب، وما إلى ذلك مما يعد زينة تتزين به الزوجات لأزواجهن.
(مسألة) 1062: إذا غاب الزوج عن زوجته، وبعد ذلك تأكدت الزوجة -
لقرائن خاصة - على موت زوجها في غيبته، كان لها أن تتزوج بآخر بعد انتهاء
عدتها، فلو تزوجت شخصا آخر، ثم ظهر أن زوجها الأول مات بعد زواجها
من الثاني وجب عليها الانفصال من زوجها الثاني، فإذا كانت حاملا فالأحوط
أن تعتد منه عدة الطلاق إلى أن تضع حملها، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا عدة
الوفاة لزوجها الأول، وأما إذا لم تكن حاملا، فتعتد أولا عدة الوفاة للزوج
الأول، ثم تعتد عدة الطلاق للثاني.
(مسألة) 1063: إذا ادعت المرأة انقضاء عدتها قبلت دعواها بشرطين:
الأول: أن لا تكون المرأة مظنة التهمة على الأحوط.
353

الثاني: أن يمضي زمان من الطلاق أو من موت الزوج بحيث يمكن أن
تنقضي العدة فيه.
الطلاق البائن والرجعي
(مسألة) 1064: الطلاق البائن: ما ليس للزوج بعده الرجوع إلى الزوجة
إلا بعقد جديد، وهو ستة:
1 - طلاق الصغيرة التي لم تبلغ التسع.
2 - طلاق اليائسة.
3 - الطلاق قبل الدخول.
4 - الطلاق الذي سبقه طلاقان.
5 - طلاق الخلع والمباراة.
6 - طلاق الحاكم زوجة الممتنع عن الطلاق وعن الانفاق عليها.
وستمر عليك أحكام تلك الأقسام، وأما غير الأقسام المذكورة فهو
طلاق رجعي، وهو الذي يحق للمطلق - بعده - أن يراجع المطلقة ما دامت في
العدة.
(مسألة) 1065: تثبت النفقة والسكنى لذات العدة الرجعية في العدة،
والأحوط أن لا تخرج من دارها إلا في حاجة لازمة، كما يحرم على زوجها
إخراجها من الدار التي كانت فيها عند الطلاق على الأحوط، إلا أن تأتي بفاحشة
354

مبينة، كما إذا كانت بذيئة اللسان، أو كانت تتردد على الأجانب، أو يترددون
عليها.
الرجعة وحكمها
(مسألة) 1066: الرجعة: عبارة عن رد المطلقة الرجعية في زمان عدتها إلى
نكاحها السابق. فلا رجعة في البائنة، ولا في الرجعية بعد انقضاء عدتها.
وتتحقق الرجعة بأحد أمرين:
الأول: أن يتكلم بكلام دال على إنشاء الرجوع، كقوله: راجعتك
ونحوه..
الثاني: أن يفعل فعلا يقصد به الرجوع إليها.
والظاهر تحقق الرجوع بالوطء وإن لم يقصد به الرجوع إليها.
(مسألة) 1067: لا يعتبر الاشهاد في الرجعة، كما لا يعتبر فيها اطلاع
الزوجة عليها، وعليه فلو رجع بها في نفسه من دون اطلاع أحد صحت
الرجعة، وعادت المرأة إلى نكاحها السابق.
(مسألة) 1068: إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا ثم صالحها على أن لا
يرجع إليها بإزاء مال أخذه منها صحت المصالحة ولزمت، ولكنه مع ذلك لو
رجع إليها بعد المصالحة صح رجوعه.
(مسألة) 1069: لو طلق الرجل زوجته ثلاثا مع تخلل رجعتين أو عقدين
355

جديدين في البين حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، ويعتبر في زوال التحريم
بالنكاح الثاني أمور:
الأول: أن يكون العقد دائما لا منقطعا.
الثاني: أن يطأها، والأحوط أن يكون الوطء في القبل.
الثالث: أن يفارقها الزوج الثاني بموت أو طلاق.
الرابع: انقضاء عدتها من الزوج الثاني.
الخامس: أن يكون الزوج الثاني بالغا على الأحوط. فلا اعتبار بنكاح غير
البالغ.
الطلاق الخلعي
(مسألة) 1070: الخلع: هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها.
مسألة 1071: صيغة الخلع أن يقول الزوج - بعد أن تقول الزوجة
لزوجها: بذلت لك مهري على أن تخلعني -: (زوجتي فلانة خالعتها على ما
بذلت)، والأحوط استحبابا أن يعقبه بكلمة: (هي طالق). وإذا كانت الزوجة
معينة لم يلزم ذكر اسمها، لا في الخلع ولا في المباراة. ويجوز أن يكون المبذول غير
المهر.
(مسألة) 1072: إذا وكلت المرأة أحدا في بذل مهرها لزوجها، ووكله
زوجها - أيضا - في طلاقها قال الوكيل: (عن موكلتي فلانة بذلت مهرها لموكلي
356

فلان ليخلعها عليه)، ويعقبه فورا بقوله: (زوجة موكلي خالعتها على ما بذلت
هي طالق).
ولو وكلت الزوجة شخصا في بذل شئ آخر - غير المهر - لزوجها يذكره
الوكيل مكان كلمة المهر، مثلا إذا كان المبذول مائة دينار قال الوكيل (عن
موكلتي بذلت مائة دينار لموكلي فلان ليخلعها عليه) ثم يعقبه بما تقدم.
المباراة وحكمها
المباراة: هي طلاق الزوج الكاره لزوجته بفدية من الزوجة الكارهة
لزوجها. فالكراهة في المباراة تكون من الطرفين.
(مسألة) 1073: صيغة المباراة أن يقول الزوج: (بارأت زوجتي فلانة على
مهرها فهي طالق) على الأحوط. ولو وكل غيره في ذلك قال الوكيل: (بارأت
زوجة موكلي فلانة على مهرها) أو (بمهرها) بدل جملة: (على مهرها). وإذا
كانت المرأة معينة لم يلزم ذكر اسمها كما عرفته في الخلع.
(مسألة) 1074: تعتبر العربية الصحيحة في صيغة الخلع والمباراة. نعم لا
تعتبر العربية في بذل الزوجة مالها للزوج ليطلقها، بل يقع ذلك بكل لغة مفيدة
للمعنى المقصود.
(مسألة) 1075: لو رجعت الزوجة عن بذلها في عدة الخلع والمباراة جاز
للزوج أيضا أن يرجع إليها، فينقلب الطلاق البائن رجعيا.
357

(مسألة) 1076: يعتبر في المباراة أن لا يكون المبذول أكثر من المهر، ولا
بأس بزيادته في الخلع.
مسائل متفرقة في الطلاق
(مسألة) 1077: إذا وطأ الرجل امرأة شبهة باعتقاد أنها زوجته اعتدت عدة
الطلاق - على التفصيل المتقدم - سواء علمت المرأة بكون الرجل أجنبيا أم لم تعلم به.
(مسألة) 1078: إذا زنى بامرأة - مع العلم بكونها أجنبية - لم تجب عليها
العدة، سواء علمت بكون الرجل أجنبيا ألم تعلم به، ولكن الأحوط لزوما أن
لا يتزوج بها الزاني إلا بعد استبرائها بحيضة.
(مسألة) 1079: إذا خدع الرجل ذات بعل ففارقت زوجها بطلاق وتزوج
بها، صح الطلاق والزواج، غير أنهما ارتكبا معصية كبيرة.
(مسألة) 1080: لو اشترطت الزوجة على زوجها في عقد الزواج أن يكون
اختيار الطلاق بيدها - مطلقا، أو إذا سافر، أو إذا لم ينفق عليها - بطل الشرط،
وأما إذا اشترطت عليه أن تكون وكيلة عنه في طلاق نفسها - مطلقا، أو إذا
سافر، أو إذا لم ينفق عليها - صح الشرط، وصح طلاقها حينئذ.
(مسألة) 1081: إذا غاب الزوج ولم يظهر له أثر، ولم يعلم موته ولا
حياته، جاز لزوجته أن ترفع أمرها إلى المجتهد العادل فتعمل بما يقرره.
(مسألة) 1082: طلاق زوجة المجنون بيد أبيه وجده لأبيه.
358

(مسألة) 1083: إذا زوج الطفل أبوه أو جده من أبيه بعقد انقطاع جاز
لهما بذل مدة زوجته مع المصلحة، ولو كانت المدة تزيد على زمان صباه، كما إذا
كان عمر الصبي أربع عشرة سنة، وكانت مدة المتعة سنتين مثلا. وليس لهما
تطليق زوجته الدائمة.
(مسألة) 1084: لو اعتقد الرجل بعدالة رجلين وطلق زوجته عندهما،
جاز لغيره تزويجها بعد انقضاء عدتها، وإن لم يحرز هو عدالة الشاهدين. نعم
الأحوط استحبابا أن لا يتزوجها بنفسه، ولا يتصدى لتزويجها للغير ما لم يحرز
عدالتهما.
(مسألة) 1085: إذا طلق الرجل زوجته دون أن تعلم به، وأنفق عليها على
النهج الذي كان ينفق عليها قبل طلاقها وأخبرها به بعد مدة طويلة وأثبت ذلك،
جاز له أن يسترد ما بقي عندها مما هيأه لمعيشتها من المأكول أو غيره.
359

أحكام الغصب
الغصب: هو استيلاء الانسان عدوانا على مال الغير أو حقه.
وهو من كبائر المحرمات، ويؤاخذ فاعله يوم القيامة بأشد العذاب،
وعن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: من غصب شبرا من الأرض طوقه الله
من سبع أرضين يوم القيامة.
(مسألة) 1086: من الغصب منع الناس عن الانتفاع بالأوقاف العامة
- كالمساجد والمدارس والقناطير ونحوها -، وكذا الحال فيما إذا اتخذ أحد
مكانا في المسجد للصلاة أو لغيرها، فإن منعه عن الانتفاع به من الغصب الحرام.
(مسألة) 1087: لا يجوز للراهن أن يأخذ من المرتهن رهنه قبل أن يوفي له
دينه، لأنه وثيقة للدين، فلو أخذه منه قبل ذلك - من دون رضاه - فقد غصب
حقه.
(مسألة) 1088: إذا غصبت العين المرهونة، فلكل من الراهن والمرتهن
مطالبتها من الغاصب، وإن أخذ منه بدلها لأجل تلف العين، فعلى المشهور هو -
أيضا - يكون رهنا.
(مسألة) 1089: يجب على الغاصب رد المغصوب إلى مالكه، كما يجب
عليه رد عوضه إليه على تقدير تلفه.
360

(مسألة) 1090: منافع المغصوب - كالولد واللبن ونحوهما - ملك
لمالكه، وكذلك أجرة الدار التي غصبها، فإنه لا بد من دفعها إلى مالكها وإن لم
يسكنها الغاصب قط.
(مسألة) 1091: المال المغصوب من الصبي أو المجنون يرد إلى وليهما
، ومع التلف يرد عوضه.
(مسألة) 1092: إذا كان الغاصب شخصين معا ضمن كل منهما نصف
المغصوب وإن كان كل منهما متمكنا من غصب المال بتمامه.
(مسألة) 1093: لو اختلط المغصوب بغيره - كما إذا غصب الحنطة
ومزجها بالشعير - فمع التمكن من تمييزه يجب على الغاصب أن يميزه ويرده إلى
مالكه.
(مسألة) 1094: إذا غصب قلادة - مثلا - فكسرها وجب ردها إلى
مالكها، وعليه أجرة صياغتها، ولو طلب الغاصب أن يصوغها ثانيا كما كانت
سابقا - فرارا عن أجرة الصياغة - لم يجب على المالك القبول، كما أن المالك ليس
له إجبار الغاصب بالصياغة وإرجاع المغصوب إلى حالته الأولى.
(مسألة) 1095: لو تصرف الغاصب في العين المغصوبة بما تزيد به قيمتها -
كما إذا غصب ذهبا فصاغه قرطا أو قلادة - وطلب المالك ردها إليه بتلك الحالة
وجب ردها إليه، ولا شئ له بإزاء عمله، بل ليس له إرجاعها إلى حالتها
السابقة من دون إذن مالكها، فلو أرجعها إلى ما كانت عليه سابقا - من دون
إذنه - ضمن للمالك أجرة صياغتها.
361

(مسألة) 1096: لو تصرف الغاصب في العين المغصوبة بما تزيد به قيمتها
عما قبل، وطلب المالك إرجاعها إلى حالتها السابقة وجب، ولو نقصت قيمتها
الأولية بذلك ضمن أرش النقصان، فالذهب الذي صاغه قرطا إذا طلب المالك
إعادته إلى ما كان عليه سابقا، فأعاده الغاصب على ما كان عليه فنقصت قيمته
ضمن النقص.
(مسألة) 1097: لو غصب أرضا فغرسها أو زرعها فالغرس والزرع
ونماؤهما للغاصب، وعليه إزالتهما فورا وإن تضرر بذلك، إلا إذا رضي المالك
بالبقاء، كما أن عليه - أيضا - طم الحفر، وأجرة الأرض ما دامت مشغولة
بهما، ولو حدث نقص في قيمة الأرض بقلعهما وجب عليه أرش النقصان،
وليس له إجبار المالك على بيع الأرض منه أو إجارتها إياه، كما أن المالك لو بذل
قيمة الغرس والزرع لم تجب على الغاصب إجابته.
(مسألة) 1098: إذا رضي المالك ببقاء غرس الغاصب أو زرعه في أرضه
بعوض لم يجب على الغاصب قلعهما، ولكن لزمته أجرة الأرض من لدن غصبها
إلى زمان رضا المالك بالبقاء.
(مسألة) 1099: إذا تلف المغصوب - وكان قيميا -، بأن اختلفت أفراده
في القيمة السوقية، من جهة الخصوصيات الشخصية - كالبقر والغنم ونحوهما -
وجب رد قيمته إن لم يكن هناك تفاوت في القيمة السوقية بحسب الأزمنة، ومع
التفاوت فالأحوط وجوبا أن يدفع إلى المالك أعلى القيم من زمان الغصب إلى
زمان التلف.
(مسألة) 1100: المغصوب التالف إذا كان مثليا - بأن لم تختلف أفراده في
362

القيمة من جهة الخصوصيات الشخصية - كالحنطة والشعير ونحوهما - وجب
أيضا رد قيمته، والأحوط وجوبا أن يدفع إلى المالك أعلى القيم من زمان الغصب
إلى زمان التلف.
(مسألة) 1101: لو غصب قيميا فتلف ولم تتفاوت قيمته السوقية في زماني
الغصب والتلف، إلا أنه حصل فيه ما يوجب ارتفاع قيمته، كما إذا كان الحيوان
مهزولا حين غصبه ثم سمن، فإنه يضمن قيمته حال سمنه.
(مسألة) 1102: إذا غصبت العين من مالكها، ثم غصبها الآخر من
الغاصب، ثم تلفت، فللمالك مطالبة أي منهما بقيمتها، كما أن له مطالبة كل
منهما بمقدار من العوض.
ثم إنه إذا أخذ العوض من الغاصب الأول فللأول مطالبة الغاصب الثاني
بما غرمه للمالك، وأما إذا أخذ العوض من الغاصب الثاني، فليس له أن يرجع
إلى الأول بما دفعه إلى المالك.
(مسألة) 1103: إذا بطلت المعاملة لفقدها شرطا من شروطها - كما إذا
باع ما يباع بالوزن من دون وزن - فإن رضي البائع والمشتري بتصرف كل منهما
في مال الآخر - مع قطع النظر عن صحة المعاملة - فهو، وإلا فما في يد كل منهما
من مال صاحبه كالمغصوب، يجب رده إلى مالكه، فلو تلف تحت يده وجب رد
عوضه، سواء أعلم ببطلان المعاملة أم لم يعلم.
(مسألة) 1104: المقبوض بالسوم وما يبقيه المشتري عنده ليتروى في
شرائه، إذا تلف ضمن للبايع قيمته.
363

أحكام اللقطة
اللقطة: وهي المال المأخوذ المعثور عليه بعد ضياعه من مالكه.
(مسألة) 1105: إذا لم تكن للمال الملتقط علامة يعرف بها. وبلغت قيمته
درهما (6 / 12 حمصة من الفضة المسكوكة) فالأحوط أن يتصدق به عن مالكه
، وإن كان الأظهر جواز تملك الملتقط له.
(مسألة) 1106: إذا كانت قيمة اللقطة دون الدرهم، فإن علم مالكها -
ولم يعلم رضاه - لم يجز أخذها من دون إجازته، وأما إذا لم يعلم مالكها
فللملتقط أخذها بنية التملك، ثم إذا ظهر مالكها لزم دفعها إليه، وإن كانت
تالفة لم يضمن.
(مسألة) 1107: اللقطة إذا كانت لها علامة يمكن الوصول بها إلى
مالكها، وبلغت قيمتها درهما، وجب تعريفها في مجامع الناس سنة كاملة من يوم
الالتقاط، سواء أكان مالكها مسلما أم كافرا ذميا، هذا فيما إذا أمكن التعريف،
وأما فيما لا يمكن فيه التعريف - لأجل أن مالكه قد سافر إلى البلاد البعيدة التي
لا يمكن الوصول إليها، أو لأجل أن الملتقط يخاف من التهمة والخطر إن عرف
بها، أو لأجل أن المال الملتقط لا علامة له، ففي جميع ذلك - يسقط التعريف،
ويجب التصدق بها على الأحوط.
364

(مسألة 1108): لا تعتبر المباشرة في التعريف بل للملتقط الاستنابة فيه مع
الاطمئنان بوقوعه.
(مسألة) 1109: إذا عرف اللقطة سنة ولم يظهر مالكها، فإن كانت اللقطة
في الحرم - أي حرم مكة زادها الله شرفا - وجب عليه أن يتصدق بها عن مالكها
على الأحوط، وأما إذا كانت في غير الحرم فللملتقط أن يتملكها، أو يحفظها
لمالكها، أو يتصدق بها عن مالكها، والأولى هو الأخير.
(مسألة) 1110: لو عرف اللقطة سنة ولم يظفر بمالكها، فتلفت ثم ظفر
به، فإن كان قد تحفظ بها لمالكها، ولم يتعد في حفظها، ولم يفرط لم يضمن، وإن
كان تملكها ضمنها لمالكه، وإن كان تصدق بها عن صاحبها كان المالك بالخيار
بين أن يرضى بالتصدق وأن يطالبه ببدلها.
(مسألة) 1111: لو لم يعرف اللقطة - عمدا - عصى، ولا يسقط عنه
وجوبه، فيجب تعريفها بعد العصيان أيضا.
(مسألة) 1112: إذا كان الملتقط صبيا فللولي أن يتصدى لتعريف اللقطة
وتملكها له بعد ذلك أو قبله، أو التصدق بها عن مالكها على اختلاف الموارد.
(مسألة) 1113: إذا يئس اللاقط من الظفر بمالك اللقطة - قبل تمام
السنة - ففي جواز التملك، أو التصدق بها إشكال.
(مسألة) 1114: لو تلفت اللقطة قبل تمام السنة، فإن لم يتعد في حفظها،
ولم يفرط، لم يكن عليه شئ، وإلا وجب رد عوضها إلى مالكها.
(مسألة) 1115: اللقطة ذات العلامة البالغة قيمتها درهما إذا علم أن
365

مالكها لا يوجد بتعريفها، جاز من اليوم الأول أن يتصدق بها عن مالكها، ولا
ينتظر بها حتى تمضي سنة.
(مسألة) 1116: لو وجد مالا، وحسب أنه له فأخذه، ثم ظهر أنه للغير
فهو لقطة يجب تعريفه سنة كاملة على الأحوط.
(مسألة) 1117: لا يعتبر في التعريف ذكر صفات المال الملتقط وجنسه، بل
يكفي أن يقال: من ضاع له شئ أو مال.
(مسألة) 1118: لو ادعى اللقطة أحد، سئل عن أوصافها وعلاماتها،
فإذا توافقت الصفات والعلائم التي ذكرها مع الخصوصيات الموجودة فيها،
وحصل الاطمئنان بأنها له - كما هو الغالب - أعطيت له، ولا يعتبر أن يذكر
الأوصاف التي لا يلتفت إليها المالك غالبا.
(مسألة) 1119: اللقطة البالغة قيمتها درهما، إذا ترك اللاقط تعريفها،
ووضعها في مجامع الناس - كالمسجد، والزقاق - فأخذها شخص آخر، أو
تلفت، ضمنها ملتقطها.
(مسألة) 1120: لو كانت اللقطة مما يفسد بالبقاء، جاز لللاقط أن يقومها
على نفسه ويتصرف فيها بما شاء، ويبقى الثمن في ذمته للمالك، كما يجوز له أن
يبيعها من غيره، والأحوط أن يكون بإجازة من الحاكم الشرعي أو وكيله إن
أمكنت، ويحفظ ثمنها لمالكها، ولا يسقط التعريف عنه على الأحوط، بل
يعرف بها سنة، فإن وجد صاحبها دفع إليه الثمن، وإلا جاز تملكه أو التصدق به
عنه مع الضمان فيهما، أو الابقاء عنده أمانة بلا ضمان.
366

(مسألة) 1121: لا تبطل الصلاة باستصحاب اللقطة حالها إذا كان من
قصده الظفر بمالكها ودفعها إليه.
(مسألة) 1122: لو تبدل حذاؤه بحذاء غيره جاز له أن يتملكه إذا علم أن
الموجود لمن أخذ ماله، وأنه راض بالمبادلة، وكذلك الحال فيما إذا علم أنه أخذ
ماله عدوانا وظلما بشرط أن لا تزيد قيمة المتروك عن قيمة المأخوذ، وإلا فالزيادة
من المجهول مالكه، يترتب عليها ما كان يترتب عليه، وأما في غير الصورتين
المذكورتين فالمتروك مجهول المالك، وحكمه حكمه.
(مسألة) 1123: يجب الفحص عن المالك فيما جهل مالكه، وهو كل مال
لم يعلم مالكه ولم يصدق عليه عنوان اللقطة، وبعد اليأس عن الظفر به يتصدق
به، والأحوط أن يكون التصدق بإجازة من الحاكم الشرعي، ولا يضمنه
المتصدق إذا وجد مالكه بعد ذلك.
(مسألة) 1124: إذا وجد حيوان في غير العمران - كالبراري والجبال
والآجام والفلوات ونحوها من المواضع الخالية من السكان - فإن كان الحيوان
يحفظ نفسه ويمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه، أو قوته - كالبعير
والفرس والجاموس والثور ونحوها - لم يجز أخذه - سواء أكان في كلأ وماء أم لم
يكن فيهما - إذا كان صحيحا يقوى على السعي إليهما، فإن أخذه الواجد حينئذ
كان آثما وضامنا له، وتجب عليه نفقته، ولا يرجع بها على المالك، وإذا استوفى
شيئا من نمائه - كلبنه وصوفه - كان عليه قيمته، وإذا ركبه أو حمله حملا كان عليه
أجرته، ولا تبرأ ذمته من ضمانه إلا بدفعه إلى مالكه. نعم إذا يئس من الوصول
إليه ومعرفته تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي
367

وإن كان الحيوان لا يقوى على الامتناع من السباع جاز أخذه - كالشاة
وأطفال الإبل والبقر والخيل والحمير ونحوها - فإن أخذه عرفه في موضع
الالتقاط، والأحوط أن يعرفه في ما حول موضع الالتقاط أيضا، فإن لم يعرف
المالك جاز له تملكه والتصرف فيه بالأكل والبيع، والمشهور أنه يضمنه حينئذ
بقيمته، لكن الظاهر أن الضمان مشروط بمطالبة المالك، فإذا جاء صاحبه
وطالبه وجب عليه دفع القيمة، وجاز له أيضا إبقاؤها عنده إلى أن يعرف
صاحبها، ولا ضمان عليه حينئذ.
(مسألة) 1125: صاحب الحيوان إذا تركه في الطريق، فإن كان قد أعرض
عنه جاز لكل أحد تملكه - كالمباحات الأصلية - ولا ضمان على الآخذ، وإذا
تركه عن جهد وكلل - بحيث لا يقدر أن يبقى عنده ولا يقدر أن يأخذ معه - فإذا
كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر الحيوان على التعيش فيه لأنه لا ماء فيه ولا
كلأ، ولا يقوى الحيوان فيه على السعي إليهما جاز لكل أحد أخذه وتملكه،
وأما إذا كان الحيوان يقدر فيه على التعيش لم يجز لأحد أخذه ولا تملكه، فمن
أخذه كان ضامنا له، وكذا إذا تركه عن جهد وكان ناويا للرجوع إليه قبل ورود
الخطر عليه.
(مسألة) 1126: إذا وجد الحيوان في العمران - وهي: المواضع المسكونة
التي يكون الحيوان مأمونا فيها، كالبلاد والقرى وما حولها مما يتعارف وصول
الحيوان منها إليه - لم يجز له أخذه، ومن أخذه ضمنه، ويجب عليه التعريف،
ويبقى في يده مضمونا إلى أن يؤديه إلى مالكه، فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم
الشرعي، نعم إذا كان غير مأمون من التلف عادة - لبعض الطوارئ - لم يبعد
368

جريان حكم غير العمران عليه، من جواز تملكه بعد التعريف، ومن ضمانه له
عند المطالبة كما سبق.
(مسألة) 1127: إذا دخلت الدجاجة أو السخلة في دار إنسان لا يجوز له
أخذها، ويجوز إخراجها من الدار إذا لم تكن في معرض التلف، وليس عليه
شئ إذا لم يكن قد أخذها، أما إذا أخذها فالأحوط جريان حكم اللقطة عليها.
(مسألة) 1128: إذا احتاجت الضالة إلى النفقة، فإن وجد متبرع بها أنفق
عليها، وإلا أنفق عليها من ماله ورجع بها على المالك.
(مسألة) 1129: إذا كان للضالة نماء أو منفعة واستوفاها الآخذ كان
ذلك بدل ما أنفقه عليها، ولكن لا بد أن يكون ذلك بحساب القيمة على
الأقوى.
369

أحكام الذباحة
(مسألة) 1130:: الحيوان المحلل لحمه - وحشيا كان أم أهليا - إذا ذبح على
الترتيب الآتي في هذا الباب، وخرجت روحه يحل أكله، نعم موطوء الانسان،
والشاة المرتضعة بلبن الخنزيرة لا يحل أكلها بالذبح، وكذلك الجلال قبل
استبرائه، وقد مر بيانه في المطهرات.
(مسألة) 1131: الحيوان الوحشي المحلل لحمه - كالغزال - والحيوان
الأهلي المحلل إذا استوحش - كالبقر - يحل لحمهما بالاصطياد، وأما الحيوانات
المحللة الأهلية، كالشاة والدجاجة، والبقر غير المتوحش، ونحوها، وكذلك
الحيوانات الوحشية إذا تأهلت، فلا يحكم بطهارة لحمها ولا بحليتها
بالاصطياد.
(مسألة) 1132: الحيوان الوحشي - محلل الأكل - إنما يحكم بحليته
وطهارته بالاصطياد فيما إذا كان قادرا على العدو أو ناهضا للطيران، فولد
الوحش قبل أن يقدر على الفرار، وفرخ الطير قبل أن ينهض للطيران لا يحلان
بالاصطياد، ولا يحكم بطهارتهما حينئذ، فلو رمى ظبيا وولده غير القادر على
العدو، فماتا حل الظبي وحرم الولد.
(مسألة) 1133: ميتة الحيوان الحلال الذي ليست له نفس سائلة -
كالسمك - يحرم أكلها، لكنها طاهرة.
370

(مسألة) 1134: الحيوان المحرم أكله إذا لم تكن له نفس سائلة - كالحية - لا
يحل بذبحه أو بصيده، لكن ميتته طاهرة.
(مسألة) 1135: الكلب والخنزير لا يقبلان التذكية، فلا يحكم بطهارتهما
ولا بحليتهما بالذبح أو الصيد. وأما السباع - وهي: ما تفترس الحيوان وتأكل
اللحم، كالذئب والنمر - فهي قابلة للتذكية، فلو ذبحت أو اصطيدت - بالرمي
ونحوه - حكم بطهارة لحومها وجلودها وإن لم يحل أكلها بذلك، نعم إذا
اصطيدت بالكلب الصائد أشكل الحكم بطهارتها.
(مسألة) 1136: الفيل والدب والقرد، وكذلك الحشرات التي تسكن
باطن الأرض - كالضب، والفأر - إذا كانت لها نفس سائلة حكم بنجاسة
ميتتها، نعم الظاهر أنها لو ذبحت أو اصطيدت بالرمي ونحوه - غير الكلب -
يحكم بطهارة لحومها وجلودها.
(مسألة) 1137: لو خرج الجنين ميتا من بطن أمه - وهي حية - أو أخرج
كذلك لم يحل أكله.
كيفية الذبح
(مسألة) 1138: الكيفية المعتبرة في الذبح هي: أن تقطع الأوداج الأربعة
تماما، ولا يكفي شقها عن قطعها. والظاهر أن قطع الأوداج لا يتحقق إلا إذا
كان القطع من تحت العقدة المسماة ب‍ (الجوزة). والأوداج الأربعة هي: المري
371

(مجرى الطعام والشراب)، والحلقوم (مجرى النفس)، والعرقان الغليظان
المحيطان بالحلقوم.
(مسألة) 1139: يعتبر في قطع الأوداج الأربعة أن يكون حال الحياة، فلو
قطع الذابح بعضها وأرسلها فمات، ثم قطع الباقي حرمت الذبيحة، ولا يعتبر
فيه التتابع، فلو قطع بعض الأوداج ثم أرسلها ثم أخذها وقطع الباقي قبل
زهوق روح الحيوان حلت.
(مسألة) 1140: لو قطع الذئب - مثلا - مذبح الحيوان المحلل أكله، فإن
لم تبق الأوداج الأربعة التي يعتبر قطعها في الذبح لم يحل أكله، وأما إذا كانت باقية -
وكان الحيوان حيا - وذبح من فوق محل القطع أو من تحته حل أكله، وكذلك
إذا كان المحل المقطوع غير المذبح، وكان الحيوان حيا فإنه يحل أكله بذبحه.
شرائط الذبح
(مسألة) 1141: يشترط في تذكية الذبيحة أمور:
الأول: المشهور أن يكون الذابح مسلما - رجلا كان أو امرأة أو صبيا
مميزا -، فلا تحل ذبيحة الكافر، ومنه المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام.
الثاني: أن يكون الذبح بالحديد مع الامكان، نعم إذا لم يوجد الحديد
وخيف فوت الذبيحة بتأخير ذبحها، أو كانت هناك ضرورة أخرى تقتضي
الذبح - وإن لم يخف فوت الذبيحة - جاز - حينئذ - ذبحها بكل ما يقطع الأوداج
من الزجاجة والحجارة الحادة ونحوهما.
372

الثالث: الاستقبال بالذبيحة حال الذبح، بأن توجه مقاديم بدنها - من
الوجه واليدين والبطن والرجلين - إلى القبلة، وتحرم الذبيحة بالاخلال به
متعمدا، ولا بأس بتركه نسيانا أو خطأ، أو للجهل بالاشتراط، أو لعدم العلم
بجهتها، أو عدم التمكن من توجيه الذبيحة إليها.
والأحوط استحبابا أن يكون الذابح أيضا مستقبلا.
الرابع: التسمية، بأن يذكر الذابح اسم الله عليها بنية الذبح حينما يضع
السكين على مذبحها، ويكفي في التسمية أن يقول: (بسم الله) ولا أثر للتسمية
من دون نية الذبح، نعم لو أخل بها نسيانا لم تحرم الذبيحة.
الخامس: خروج الدم المتعارف على الأحوط لو لم يكن أقوى، فلا تحل
إذا لم يخرج منها الدم، أو كان الخارج قليلا بالإضافة إلى نوعها.
السادس: أن يكون الذبح من المذبح، فلا يترك الاحتياط في ترك الذبح
من القفا وإن كان له وجه، بل الأحوط وضع السكين على المذبح ثم قطع
الأوداج، فلا يكفي إدخال السكين تحت الأوداج ثم قطعها إلى فوق.
السابع: أن تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة يسيرة، بأن
تطرف عينها، أو تحرك ذنبها، أو تركض برجلها، هذا فيما إذا شك في حياتها
حال الذبح، وإلا فلا تعتبر الحركة أصلا.
(مسألة) 1142: الأحوط لزوما عدم إبانة الرأس عمدا قبل خروج الروح
من الذبيحة. بل هذا العمل في نفسه - حتى في الطيور - محل إشكال، ولا بأس
بالإبانة إذا كانت عن غفلة، أو استندت إلى حدة السكين وسبقه مثلا، وكذلك
373

الأحوط عدم قطع نخاع الذبيحة عمدا قبل أن تموت، والنخاع هو الخيط
الأبيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة إلى الذنب.
نحر الإبل
(مسألة) 1143: يعتبر في حلية لحم الإبل وطهارته - مضافا إلى الشرائط
الخمسة الأولى المتقدمة - أن يدخل سكينا أو رمحا أو غيرهما من الآلات الحادة
الحديدية في لبتها، وهي: الموضع المنخفض الواقع بين أصل العنق والصدر.
(مسألة) 1144: يجوز نحر الإبل باركة أو ساقطة على جنبها متوجهة
بمقاديم بدنها إلى القبلة. والأولى نحرها قائمة.
(مسألة) 1145: لو ذبح الإبل بدلا عن نحرها، أو نحر الشاة أو البقرة أو
نحوهما بدلا عن ذبحها، حرم لحمها وحكم بنجاستها، نعم لو قطع الأوداج
الأربعة من الإبل ثم نحرها قبل زهوق روحها، أو نحر الشاة مثلا ثم ذبحها قبل
أن تموت، حل لحمهما وحكم بطهارتهما.
(مسألة) 1146: لو تعذر ذبح الحيوان أو نحره لاستعصائه، أو لوقوعه في
بئر، أو موضع ضيق لا يتمكن من الوصول إلى موضع ذكاته وخيف موته
هناك، جاز أن يعقره في غير موضع الذكاة بشئ من الرمح والسكين وغيرهما مما
يجرحه، فإذا مات بذلك العقر طهر وحل أكله، وتسقط فيه شرطية الاستقبال،
نعم لا بد من أن يكون واجدا لسائر الشرائط المعتبرة في التذكية.
374

آداب الذباحة والنحر
(مسألة) 1147: يستحب عند ذبح الغنم أن تربط يداه وإحدى رجليه،
وتطلق الأخرى، ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد، وعند ذبح البقر أن تعقل
يداه ورجلاه ويطلق ذنبه، وعند نحر الإبل أن تربط أخفافها إلى آباطها وتطلق
رجلاها، هذا إذا نحرت باركة، أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها
اليسرى معقولة، وعند ذبح الطير أن يرسل بعد الذباحة حتى يرفرف.
ويستحب عرض الماء على الحيوان قبل أن يذبح أو ينحر، ويستحب أن
يعامل مع الحيوان عند ذبحه أو نحره عملا يبعده عن الأذى والتعذيب، بأن يحد
الشفرة، ويمر السكين على المذبح بقوة، ويجد في الاسراع وغير ذلك.
مكروهات الذباحة والنحر
(مسألة) 1148: يكره في ذبح الحيوانات ونحرها أمور:
الأول: سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها.
الثاني: أن تكون الذباحة في الليل، أو يوم الجمعة قبل الزوال من دون
حاجة.
الثالث: أن تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر.
الرابع: أن يذبح ما رباه بيده من النعم.
375

أحكام الصيد بالسلاح
(مسألة) 1149: يشترط في تذكية الوحش - المحلل أكله - إذا اصطيد
بالسلاح أمور:
منها: أن تكون الآلة كالسيف والسكين والخنجر وغيرها من الأسلحة
القاطعة، أو كالرمح والسهم مما يشاك بحده ويخرق جسد الحيوان، فلو اصطيد
بالحجارة أو العمود أو الشبكة أو الحبالة أو غيرها من الآلات التي ليست بقاطعة
ولا شائكة حرم أكله وحكم بنجاسته.
وإذا اصطاد بالبندقية، فإن كانت الطلقة حادة تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه
حل أكله وهو طاهر، وأما إذا لم تكن كذلك، بأن كان نفوذها في بدن الحيوان
وقتله مستندا إلى ضغطها، أو إلى ما فيها من الحرارة المحرقة، فيشكل الحكم
بحلية لحمه وطهارته.
ومنها: أن يكون الصائد مسلما على المشهور، ولا بأس بصيد الصبي
المسلم المميز، ولا يحل صيد الكافر، ومنه المعلن بعداوة أهل البيت عليهم
السلام.
ومنها: قصد الاصطياد، فلو رمى هدفا فأصاب حيوانا فقتله لم يحل.
ومنها: التسمية عند استعمال السلاح في الاصطياد، فلو أخل بها متعمدا
376

لم يحل صيده، ولا بأس بالاخلال بها نسيانا.
ومنها: أن يدركه ميتا، أو أدركه حيا ولكن لم يكن الوقت متسعا
لتذكيته، فلو أدركه حيا وكان الوقت متسعا لذبحه، ولم يذبحه حتى خرجت
روحه لم يحل أكله.
(مسألة) 1150: لو اصطاد اثنان صيدا واحدا، أحدهما مسلم دون
الآخر، أو سمى أحدهما ولم يسم الآخر متعمدا لم يحل أكله.
(مسألة) 1151: يعتبر في حلية الصيد أن تكون الآلة مستقلة في قتله، فلو
شاركها شئ آخر، كما إذا رماه فسقط الصيد في الماء ومات وعلم استناد الموت
إلى كلا الأمرين لم يحل، وكذا الحال فيما إذا شك في استناد الموت إلى الرمي
بخصوصه.
(مسألة) 1152: لا يعتبر في حلية الصيد إباحة الآلة، فلو اصطاد حيوانا
بالكلب أو السهم المغصوبين حل الصيد، وملكه الصائد دون صاحب الآلة أو
صاحب الكلب، ولكن الصائد ارتكب معصية، ويجب عليه دفع أجرة الكلب
أو الآلة إلى صاحبه.
(مسألة) 1153: لو قسم حيوانا - بالسيف أو بغيره مما يحل به الصيد -
قطعتين ولم يدركه حيا، أو أدركه كذلك إلا أن الوقت لم يتسع لذبحه، فمع
اجتماع شرائط التذكية تحل كلتا القطعتين، وأما إذا أدركه حيا - وكان الوقت
متسعا لذبحه - فالقطعة الفاقدة للرأس والرقبة محرمة، والقطعة التي فيها الرأس
والرقبة طاهرة وحلال فيما إذا ذبح على النهج المقرر شرعا.
377

(مسألة) 1154: لو قسم الحيوان قطعتين بالحبالة أو الحجارة ونحوهما مما
لا يحل به الصيد حرمت القطعة الفاقدة للرأس والرقبة، وأما القطعة التي فيها
الرأس والرقبة فهي طاهرة وحلال فيما إذا أدركه حيا واتسع الوقت لتذكيته
وذبحه مع الشرائط المعتبرة، وإلا حرمت هي أيضا.
(مسألة) 1155: الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة حيا إذا وقعت
عليه التذكية الشرعية حل أكله وإلا حرم.
(مسألة) 1156: الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة ميتا طاهر
وحلال بشرط كونه تام الخلقة وقد أشعر أو أوبر.
378

حكم الصيد بالكلب
(مسألة) 1157: إذا اصطاد كلب الصيد حيوانا وحشيا محلل اللحم،
فالحكم بطهارته وحليته بعد الاصطياد يتوقف على شروط ستة:
الأول: أن يكون الكلب معلما، بحيث يسترسل ويهيج إلى الصيد متى
أغراه صاحبه به، وينزجر عن الهياج والذهاب إذا زجر قبل الارسال،
والأحوط أن تكون من عادته أن لا يأكل من الصيد شيئا حتى يصل إليه
صاحبه، ولا بأس بأكله منه أحيانا، كما لا بأس بأن يكون معتادا بتناول دم
الصيد.
الثاني: أن يكون صيده بإرسال صاحبه للاصطياد، فلا يكفي استرساله
بنفسه من دون إرسال، وكذا الحال فيما إذا استرسل بنفسه وأغراه صاحبه بعد
الاسترسال - حتى فيما إذا أثر فيه الاغراء، كما إذا زاد في عدوه بسببه - على
الأحوط.
الثالث: المشهور أن يكون المرسل مسلما، فلا عبرة بإرسال الكافر،
ومنه من يعلن ببغض آل الرسول - صلى الله عليه وعليهم - ولا بأس بإرسال
الصبي المسلم إذا كان مميزا.
379

الرابع: التسمية عند إرساله، فلو تركها متعمدا حرم الصيد، ولا بأس
بتركها نسيانا.
الخامس: أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب وعقره، فلو مات
بسبب آخر - كخنقه أو إتعابه في العدو أو ذهاب مرارته من شدة خوفه - لم يحل.
السادس: أن يكون إدراك صاحب الكلب الصيد بعد موته، أو أدركه
حيا ولم يتسع الوقت لذبحه، فلو أدركه حيا واتسع الوقت لتذكيته وترك ذبحه
حتى مات لم يحل.
(مسألة) 1158: إذا أدرك مرسل الكلب الصيد حيا والوقت متسع
لذبحه، ولكنه اشتغل عن التذكية بمقدماتها من سل السكين ونحوه فمات قبل
تذكيته حل، وأما إذا استند تركه التذكية إلى فقد الآلة - كما إذا لم يكن عنده
السكين - مثلا - حتى ضاق الوقت ومات الصيد قبل تذكيته - لم يحل، ولا بأس
بإغرائه الكلب حينئذ ليقتله.
(مسألة) 1159: لو أرسل كلابا متعددة للاصطياد فقتلت صيدا واحدا،
فإن كانت الكلاب المسترسلة كلها واجدة للشرائط المتقدمة، حل الصيد، وإن لم
يكن بعضها واجدا لتلك الشروط لم يحل.
(مسألة) 1160: إذا أرسل الكلب إلى صيد حيوان - كالغزال - وصاد
الكلب حيوانا آخر فهو طاهر وحلال، وكذا الحال فيما إذا أرسله إلى صيد
حيوان فصاده مع حيوان آخر.
(مسألة) 1161: لو كان المرسل متعددا، بأن أرسل جماعة كلبا واحدا،
380

وكان أحدهم كافرا، أو لم يسم متعمدا حرم صيده، وكذا الحال فيما إذا تعددت
الكلاب، ولم يكن بعضها معلما على النحو المتقدم، فإن الصيد وقتئذ نجس
وحرام
(مسألة) 1162: لا يحل الصيد إذا اصطاده غير الكلب من أنواع الحيوانات -
كالعقاب والصقر والباشق والنمر وغيرها - نعم إذا أدرك الصائد الصيد وهو
حي، ثم ذكاه على الترتيب المقرر في الشرع حل أكله.
صيد السمك والجراد
(مسألة) 1163: لو أخذ من الماء ما له فلس من الأسماك الحية ومات
خارج الماء حل أكله، وهو طاهر، ولو مات داخل الماء فهو طاهر ولكن يحرم
أكله، وأما ما لا فلس له من الأسماك فيحرم أكله مطلقا.
(مسألة) 1164: لو وثبت السمكة خارج الماء، أو نبذتها الأمواج إلى
الساحل، أو غار الماء وبقيت السمكة وماتت قبل أخذها حرمت، وإذا نصب
الصائد شبكة فدخلتها السمكة فماتت فيها قبل أن يستخرجها الصائد فالأحوط
الحرمة.
(مسألة) 1165: لا يعتبر في صائد السمك الاسلام، ولا يشترط في تذكيته
التسمية، فلو أخذه الكافر حل لحمه.
(مسألة) 1166: السمكة الميتة إذا كانت في يد المسلم يحكم بحليتها وإن لم
يعلم أنها أخذت من الماء حية، وإذا كانت في يد الكافر لم تحل وإن أخبر بتذكيتها،
381

إلا أن يعلم بأنه أخرجها من الماء قبل موتها، أو أنه أخذها خارج الماء حية.
(مسألة) 1167: يجوز بلع السمكة حية، والأولى الاجتناب عنه.
(مسألة) 1168: لو شوى السمكة حية، أو قطعها خارج الماء قبل أن
تموت حل أكلها، وإن كان الاجتناب عنه أولى.
(مسألة) 1169: إذا قطعت من السمكة الحية بعد أخذها قطعة وأعيد
الباقي إلى الماء حيا حلت القطعة المبانة عنها، سواء أمات الباقي في الماء أم لم
يمت، ولكن الاجتناب أحوط.
(مسألة) 1170: الجراد إذا أخذ حيا باليد أو بغيرها من الآلات حل أكله،
ولا يعتبر في تذكيته إسلام الآخذ، ولا التسمية حال أخذه، نعم لو وجده في يد
كافر ميتا ولم يعلم أنه أخذه حيا لم يحل وإن أخبر بتذكيته، كما مر.
(مسألة) 1171: لا يحل من الجراد (الدبا)، وهو ما تحرك ولم تنبت أجنحته
بعد.
382

أحكام الأطعمة والأشربة
(مسألة) 1172: يحل أكل لحم الدجاج والحمام والعصفور بأنواعها،
والبلبل والزرزور والقبرة من أقسام العصفور، ويحرم الخفاش والطاووس،
وكل ذي مخلب - كالشاهين والعقاب والبازي - وما كان صفيفه أكثر من دفيفه،
وكل ما ليس له قانصة ولا حوصلة ولا صيصية إلا إذا كان دفيفه أكثر، فإنه يحل
وإن لم يكن فيه إحدى الثلاث.
ويحرم الغراب بجميع أقسامه، ويكره أكل لحم الخطاف والهدهد.
(مسألة) 1173: يحل من حيوان البحر من السموك ما كان له فلس، ومن
الطير ما كان دفيفه أكثر من صفيفه.
(مسألة) 1174: الغنم والبقر والإبل والخيل والبغال والحمير بجميع
أقسامها محللة الأكل سواء فيه الوحشية والأهلية، وكذلك الغزال، ويكره لحم
الخيل والبغال والحمير الأهلية.
(مسألة) 1175: يحرم أكل ما وطأه الانسان من الحيوان المحلل أكله،
ويحرم نسله، فإن كان مما يراد أكله - كالإبل والبقر والغنم - وجب أن يذبح
ويحرق، فإن كان لغير الواطئ وجب عليه أن يغرم قيمته لمالكه، وأما إذا كان مما
385

يراد ظهره - كالخيل والبغال والحمير - وجب نفيه من البلد وبيعه في بلد آخر،
ويغرم الواطئ - إذا كان غير المالك - قيمته ويكون الثمن له.
(مسألة) 1176: يحرم الجدي - ولد الغنم - إذا رضع من لبن خنزيرة واشتد
لحمه وعظمه، ويحرم نسله أيضا، ولو لم يشتد استبرأ سبعة أيام فيلقى على ضرع
شاة، وإن كان مستغنيا عن الرضاع علف ويحل بعد ذلك.
(مسألة) 1177: يحرم أكل لحم الجلال ما لم يستبرأ، فإذا استبرأ حل،
وتقدم معنى الجلل، وكيفية الاستبراء في المطهرات.
(مسألة) 1178: تحرم من الذبيحة عدة أشياء على المشهور، والأحوط
وجوبا الاجتناب عن جميع ما يلي:
1 - الدم.
2 - الروث.
3 - القضيب.
4 - الفرج.
5 - المشيمة.
6 - الغدة، وهي: كل عقدة في الجسم مدورة تشبه البندق.
7 - البيضتان.
8 - خرزة الدماغ، وهي: حبة بقدر الحمصة في وسط الدماغ.
9 - النخاع وهو: خيط أبيض كالمخ في وسط فقار الظهر.
10 - العلباوان، وهما: عصبتان ممتدتان على الظهر من الرقبة إلى الذنب.
11 - المرارة.
386

12 - الطحال.
13 - المثانة.
14 - حدقة العين.
هذا في غير الطيور، وأما الطيور فالظاهر عدم وجود شئ من الأمور
المذكورة فيها ما عدا الرجيع والدم والمرارة والطحال والبيضتين في بعضها.
(مسألة) 1179: يحل شرب بول الإبل لاستشفاء، وأما بول سائر
الحيوانات المحللة وما تنفر عنه الطباع، فالأحوط الأولى الاجتناب عنه.
(مسألة) 1180: يحرم أكل التراب، ويستثنى من ذلك اليسير من تربة سيد
الشهداء عليه السلام للاستشفاء، والأولى حله في الماء وشربه، ولا بأس بأكل
طين (الأرمني) وطين (داغستاني) للتداوي.
(مسألة) 1181: لا يحرم بلع النخامة والأخلاط الصدرية الصاعدة إلى
فضاء الفم، وكذا بلع ما يخرج بتخلل الأسنان من بقايا الطعام.
(مسألة) 1182: يحرم تناول كل ما يضر الانسان ضررا كليا - كالهلاك
وشبهه -.
(مسألة) 1183: يحرم شرب الخمر وغيره من المسكرات، وفي بعض
الروايات أنه: من أعظم المعاصي. وعن الصادق عليه السلام أن الخمر أم
الخبائث، ورأس كل شر، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه فلا يعرف ربه، ولا
يترك معصية إلا ركبها، ولا يترك حرمة إلا انتهكها، ولا رحما ماسة إلا قطعها
، ولا فاحشة إلا أتاها، وإن شرب منها جرعة لعنه الله وملائكته ورسله
387

والمؤمنون، وإن شربها حتى سكر منها نزع روح الايمان من جسده، وركبت فيه
روح سخيفة خبيثة ملعونة، ولم تقبل صلاته أربعين يوما.
(مسألة) 1184: يحرم لبن الحيوان المحرم أكله وكذلك بيضه، وأما لبن
الانسان فلا بأس بشربه.
(مسألة) 1185: يحرم على الأحوط الجلوس على مائدة يشرب عليها شئ
من الخمر إذا عد الجالس منهم.
(مسألة) 1186: إذا أدى الجوع أو العطش إلى هلاك نفس محترمة، وجب
على كل مسلم إنجاؤها من الهلاك، بأن يبذل لها من الطعام أو الشراب ما يسد
به رمقها.
388

آداب الأكل والشرب
(مسألة) 1187: الآداب في أكل الطعام أمور:
1 - غسل اليدين معا قبل الطعام.
2 - غسل اليد بعد الطعام، والتنشف بعده بالمنديل.
3 - يبدأ صاحب الطعام قبل الجميع، ويمتنع بعد الجميع، وأن يبدأ في
الغسل قبل الطعام بصاحب الطعام، ثم بمن على يمينه إلى أن يتم الدور على من
في يساره، وأن يبدأ في الغسل بعد الطعام بمن على يسار صاحب الطعام إلى أن
يتم الدور على صاحب الطعام.
4 - التسمية عند الشروع في الطعام، ولو كانت على المائدة ألوان من
الطعام استحبت التسمية على كل لون بانفراده.
5 - الأكل باليمين.
6 - أن يأكل بثلاث أصابع أو أكثر، ولا يأكل بأصبعين.
7 - الأكل مما يليه إذا كانت على المائدة جماعة، ولا يتناول من قدام
الآخرين.
8 - تصغير اللقم.
389

9 - أن يطيل الأكل والجلوس على المائدة.
10 - أن يجود المضغ.
11 - أن يحمد الله بعد الطعام.
12 - أن يلعق الأصابع ويمصها.
13 - التخلل بعد الطعام وأن لا يكون التخلل بعودة الريحان وقضيب
الرمان والخوص والقصب.
14 - أن يلتقط ما يتساقط خارج السفرة من أكله إلا في البراري
والصحاري، فإنه يستحب فيها أن يدع المتساقط عن السفرة للحيوانات
والطيور.
15 - أن يكون أكله غداة وعشيا ويترك الأكل بينهما.
16 - الاستلقاء بعد الأكل على القفا، وجعل الرجل اليمنى على
اليسرى.
17 - الافتتاح والاختتام بالملح.
18 - أن يغسل الثمار بالماء قبل أكلها.
19 - أن لا يأكل على الشبع.
20 - أن لا يمتلئ من الطعام.
21 - أن لا ينظر في وجوه الناس لدى الأكل.
22 - أن لا يأكل الطعام الحار.
390

23 - أن لا ينفخ في الطعام والشراب.
24 - أن لا ينتظر بعد وضع الخبز في السفرة غيره.
25 - أن لا يقطع الخبز بالسكين.
26 - أن لا يضع الخبز تحت الإناء.
27 - أن لا ينظف العظم من اللحم الملصق به على نحو لا يبقى عليه شئ
من اللحم.
28 - أن لا يقشر الثمار.
29 - أن لا يرمي الثمرة قبل أن يستقصي أكلها.
(مسألة) 1188: الآداب في شرب الماء أمور:
1 - شرب الماء مصا لا عبا.
2 - شرب الماء قائما بالنهار.
3 - التسمية قبل الشرب والتحميد بعده.
4 - شرب الماء بثلاث أنفاس.
5 - شرب الماء عن رغبة وتلذذ.
6 - ذكر الحسين وأهل بيته - عليهم السلام - واللعن على قتلته بعد
الشرب.
7 - أن لا يكثر من شرب الماء.
391

8 - أن لا يشرب الماء على الأغذية الدسمة.
9 - أن لا يشرب الماء قائما بالليل.
10 - أن لا يشرب من محل كسر الكوز، ومن محل عروته.
11 - أن لا يشرب بيساره.
392

النذر وأحكامه
النذر: هو الالتزام بفعل شئ أو تركه لله.
(مسألة) 1189: يعتبر في النذر إنشاؤه بصيغته، بأن يقول الناذر مثلا: لله
علي أن آتي بنافلة الليل، أو أدع التعرض للمؤمنين بسوء، وله أن يؤدي هذا
المعنى بأي لغة أخرى غير العربية.
(مسألة) 1190: يعتبر في الناذر: العقل، والبلوغ، والاختيار، والقصد،
وعدم الحجر، فيلغو نذر الصبي وإن كان مميزا، وكذلك نذر المجنون ولو كان
إدواريا حال جنونه، ومن اشتد به الغضب إلى أن سلبه القصد، والمفلس إذا
تعلق نذره بما تعلق به حق الغرماء من أمواله، والسفيه وإن تعلق نذره بمال
خارجي، أو بمال في ذمته.
(مسألة) 1191: يعتبر في متعلق النذر من الفعل أو الترك أن يكون مقدورا
للناذر، فلا يصح منه أن ينذر الحج ماشيا مع عدم قدرته على ذلك،
وكذلك يعتبر فيه أن يكون راجحا، فلو نذر فعل مباح - كشرب الماء - من دون أن يقصد
به جهة راجحة - كالتقوي على العبادة مثلا - لم يصح نذره، كما لا يصح نذره
- أيضا - إذا أصبح متعلقه مرجوحا ولو دنيويا، لأغراض طارئة، كما إذا نذر
ترك التدخين وضره تركه.
393

(مسألة) 1192: يعتبر إذن الزوج في صحة نذر زوجته إذا نافى حق
الزوجية إن كان لاحقا، بل يعتبر إذنه على الأظهر وإن كان نذرها قبل تزوجها
بها. أما نذر الولد فيصح فيما إذا لم ينه والده، ولكن إذا نهاه الوالد عن العمل
الذي التزم به، انحل نذره.
(مسألة) 1193: إذا نذر المكلف الاتيان بالصلاة في مكان بنحو كان
منذوره تعيين هذا المكان لها نفس الصلاة، فإن كان في المكان جهة رجحان
بصورة أولية - كالمسجد - أو بصورة ثانوية طارئة - كما إذا كان المكان أفرغ
للعبادة، وأبعد عن الرياء بالنسبة إلى الناذر - صح النذر، وإلا لم ينعقد وكان
لغوا.
(مسألة) 1194: إذا نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين
وجب عليه التقيد بذلك الزمان في الوفاء، فلو أتى بالفعل قبله أو بعده لم يعتبر
وفاء، فمن نذر أن يتصدق على الفقير إذا شفي من مرضه، أو أن يصوم أول كل
شهر، وتصدق قبل شفائه أو صام قبل أول الشهر أو بعده لم يتحقق الوفاء
بنذره.
(مسألة) 1195: إذا نذر صوما ولم يحدده من ناحية الكمية، كفاه صوم
يوم واحد، وإذا نذر صلاة بصورة عامة دون تحديد، كفته صلاة واحدة، وإذا نذر
صدقة ولم يحددها نوعا وكما أجزأه كل ما يطلق عليه اسم الصدقة، وإذا نذر
التقرب إلى الله بشئ - على وجه عام - كان له أن يأتي بأي عمل قربي - كالصوم
أو الصدقة أو الصلاة ولو ركعة الوتر من صلاة الليل، ونحو ذلك من طاعات
وقربات -.
394

(مسألة) 1196: إذا نذر صوم يوم معين جاز له أن يسافر - إذا شاء - في
ذلك اليوم فيفطر ويقضيه، ولا كفارة عليه، وكذلك إذا جاء عليه اليوم وهو
مسافر فإنه لا يجب عليه قصد الإقامة، بل يجوز له الافطار والقضاء، وإذا لم
يسافر، فإن صادف في ذلك اليوم أحد مسوغات الافطار - كمرض أو حيض أو
نفاس - أو اتفق أحد العيدين فيه أفطر وقضاه، أما إذا أفطر فيه - من دون
مسوغ - عمدا فعليه القضاء والكفارة، والأظهر أن كفارة حنث النذر هي
الكفارة في مخالفة اليمين على ما يأتي.
(مسألة) 1197: إذا نذر المكلف ترك عمل في زمان محدود لزمه تركه في
ذلك الزمان فقط، وإذا نذر تركه مطلقا - قاصدا الالتزام بتركه في جميع الأزمنة -
لزمه تركه مدة حياته، فإن خالف وأتى بما التزم بتركه عامدا فعليه الكفارة. ولا
جناح عليه في الاتيان به خطأ أو غفلة أو نسيانا أو إكراها أو اضطرارا.
(مسألة) 1198: إذا نذر المكلف التصدق بمقدار معين من ماله ومات
قبل الوفاء به، فالظاهر أنه لا يجب التصدق من التركة، إلا أن الأولى لكبار
الورثة إخراج ذلك المقدار من حصصهم والتصدق به من قبله.
(مسألة) 1199: إذا نذر الصدقة على فقير لم يجزه التصدق بها على غيره،
وإذا مات الفقير المعين قبل الوفاء بالنذر فالأحوط إعطاؤها لوارثه، وكذلك إذا
نذر زيارة أحد الأئمة عليهم السلام معينا فإنه لا يكفيه أن يزور غيره، وإذا عجز
عن الوفاء بنذره فلا شئ عليه.
(مسألة) 1200: من نذر زيارة أحد الأئمة عليهم السلام لا يجب عليه عند
الوفاء غسل الزيارة ولا صلاتها إذا لم ينص على ذلك في نذره والتزامه.
395

(مسألة) 1201: المال المنذور لمشهد من المشاهد المشرفة يصرف في
مصالحه، فينفق منه على عمارته، أو إنارته، أو لشراء فراش له، وما إلى ذلك
من شؤون المشهد.
(مسألة) 1202: المال المنذور لشخص الإمام عليه السلام أو بعض أولاده
دون أن يقصد الناذر مصرفا معينا، يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له، كأن
ينفق على زواره الفقراء، أو على حرمه الشريف ونحو ذلك.
(مسألة) 1203: الشاة المنذورة صدقة أو لأحد الأئمة عليهم السلام أو
لمشهد من المشاهد إذا نمت نموا متصلا - كالسمن - كان النماء تابعا لها في
ارتباطها بالجهة المنذور لها، وإذا نمت نموا منفصلا - كما إذا أولدت شاة
أخرى، أو حصل منها لبن - فالنماء للناذر.
(مسألة) 1204: إذا نذر المكلف صوم يوم إذا برئ مريضه، أو قدم
مسافره، فعلم ببرء المريض وقدوم المسافر قبل نذره لم يكن عليه شئ.
(مسألة) 1205: لا شأن لنذر الأب والأم في تزويج بنتهما من هاشمي
ونحو ذلك، فإن البنت إذا بلغت كان لها الخيار في رفض الزواج بهاشمي ونحوه
أو قبوله.
396

العهد وحكمه
(مسألة) 1206: إذا عاهد المكلف ربه تعالى أن يفعل فعلا راجحا بصورة
منجزة، أو فيما إذا قضى الله له حاجته المشروعة، وأبرز تعهده هذا بصيغة،
كأن يقول: عاهدت الله، أو علي عهد الله أن أقوم بهذا الفعل - أو أقوم به - إذا
برئ مريضي، وجب عليه أن يقوم بذلك العمل وفقا لتعهده، فإن كان تعهده
بدون شرط وجب عليه العمل على أية حال، وإن شرط في تعهده قضاء حاجته -
مثلا - وجب العمل إذا قضيت حاجته، وإن خالف تعهده كانت عليه
الكفارة، وهي عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينا، أو صوم شهرين متتابعين،
وعلى هذا فلا يصح العهد بدون صيغته، والمشهور أنه لا يصح إذا لم يكن متعلقه
راجحا، والأحوط - وجوبا - العمل به إذا لم يكن مرجوحا شرعا. ويعتبر في
انعقاده ما يعتبر في انعقاد النذر.
397

اليمين وحكمها
(مسألة) 1207: يجب الوفاء باليمين - كالنذر والعهد - وإذا خالفها
المكلف عامدا وجبت عليه الكفارة، وهي: عتق رقبة، أو إطعام عشرة
مساكين، أو كسوتهم. وفي حال العجز عن هذه الأمور يجب صيام ثلاثة أيام
متواليات.
(مسألة) 1208: يعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحالف بالغا عاقلا مختارا
قاصدا، فلا أثر ليمين الصغير أو المجنون ولو إدواريا إذا حلف حال جنونه، ولا
ليمين المكره، والسكران، ومن اشتد به الغضب حتى سلبه قصده واختياره.
(مسألة) 1209: يعتبر في اليمين اللفظ، أو ما هو بمثابته كالإشارة بالنسبة
إلى الأخرس، فلا تكفي الكتابة، كما يعتبر أن يكون القسم بالله تعالى، وذلك
يحصل بأحد أمور:
الأول: ذكر اسمه المختص به، كلفظ الجلالة وما يلحق به، كلفظ
الرحمن.
الثاني: ذكره بأوصافه وأفعاله المختصة التي لا يشاركه فيها غيره،
كمقلب القلوب والأبصار، والذي نفسي بيده، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة.
الثالث: ذكره بالأوصاف والأفعال التي يغلب إطلاقها عليه بنحو
398

ينصرف إليه تعالى وإن شاركه فيها غيره، كالرب والخالق والبارئ والرازق
وأمثال ذلك، بل الأحوط ذلك فيما لا ينصرف إليه أيضا.
(مسألة) 1210: يعتبر في متعلق اليمين أن يكون مقدورا في ظرف الوفاء
بها، فلو كان مقدورا حين اليمين، ثم عجز عنه المكلف انحل اليمين، وتنعقد
اليمين فيما إذا كان متعلقها راجحا شرعا، كفعل الواجب والمستحب وترك
الحرام والمكروه، أو راجحا دنيويا مع عدم رجحان تركه شرعا، ولو تساوى
متعلق اليمين وعدمه في الدين والدنيا فالأظهر وجوب العمل بمقتضى اليمين.
(مسألة) 1211: إذا التزم بالاتيان بعمل أو بتركه بنذر أو عهد أو يمين،
وكان مقدورا في ظرف الوفاء به إلا أنه تعسر عليه، لم يجب الوفاء به إذا بلغ
العسر مبلغ الحرج، ولا الكفارة عليه حينئذ.
(مسألة) 1212: لا تنعقد يمين الولد إذا منعه أبوه، ويمين الزوجة إذا
منعها زوجها، ويمين المملوك إذا منعه المالك، وإذا أقسموا بدون إذنهم كان
للأب والزوج والمالك حل اليمين، بل لا يبعد أن لا تصح يمينهم بدون إذنهم.
(مسألة) 1213: إذا ترك الانسان الوفاء بيمينه نسيانا أو اضطرارا أو
إكراها، لا تجب عليه الكفارة، وعلى هذا الأساس، إذا حلف الوسواسي على
عدم الاعتناء بالوسواس، كما إذا حلف أن يشتغل بالصلاة فورا، ثم منعه
وسواسه عن ذلك، لم تجب عليه الكفارة فيما إذا كان الوسواس بالغا إلى درجة
يسلبه عن الاختيار، وإلا لزمته الكفارة.
(مسألة) 1214: الأيمان، إما صادقة وإما كاذبة، فالأيمان الصادقة
399

ليست محرمة، ولكنها مكروهة، فيكره للمكلف أن يحلف على شئ صدقا، أو
أن يحلف على صدق كلامه.
وأما الأيمان الكاذبة فهي محرمة، بل تعتبر من المعاصي الكبيرة. ويستثنى
من الأيمان الكاذبة ما يقصد بها الشخص دفع الظلم عنه، أو عن سائر المؤمنين،
بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه أو عرضه، أو نفس مؤمن آخر أو
عرضه، وفي الحالة التي يسمح له فيها باليمين الكاذبة، إن التفت إلى إمكان
التورية وكان عارفا بها، يحسن أن يوري في كلامه، بأن يقصد بالكلام معنى غير
معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده، فمثلا: إذا حاول ظالم الاعتداء على
مؤمن، فسألك عن مكانه وأين هو؟ فتقول: ما رأيته، وقد رأيته قبل ساعة،
وتقصد بذلك أنك لم تره منذ دقائق.
400

الوقف وأحكامه
(مسألة): إذا تم الوقف بشرائطه الشرعية، خرج المال الموقوف عن
ملك الواقف، وأصبح مالا لا يوهب، ولا يورث، ولا يباع إلا في موارد
معينة، فيجوز فيها البيع كما تقدم في المسألة (642) وما بعدها.
مسألة) 1216: يعتبر في الواقف: البلوغ، والعقل، والاختيار،
والقصد، وعدم الحجر لسفه أو تفليس، فلا يصح وقف الصبي، والمجنون،
والمكره، والمحجور عليه.
(مسألة) 1217: يعتبر في الوقف الدوام على المشهور - فلا يصح إذا وقته
الواقف، كما إذا وقف داره على الفقراء إلى سنة، أو بعد موته - وإخراج الواقف
نفسه عن الوقف، فلو وقف دكانا - مثلا - على نفسه بأن تصرف منافعه بعد
موته على مقبرته - مثلا - لم يصح، وإذا وقف مالا على الفقراء، ثم أصبح فقيرا
فالأحوط عدم جواز الانتفاع بمنافعه. وكذلك يعتبر فيه إذا كان من الأوقاف
الخاصة القبض، فلا يصح من دون قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو وليه.
ويكفي قبض نفس الواقف إذا وقف مالا على أولاده الصغار بقصد أن يكون
ملكا لهم كي ينتفعوا بمنافعه، لأنه الولي عليهم، وأما الأوقاف العامة فالأحوط
اعتبار القبض في صحتها.
(مسألة) 1218: لا تعتبر الصيغة في الوقف فضلا عن اللغة العربية، بل
401

يتحقق بالعمل أيضا، فلو بنى بناء بعنوان كونه مسجدا، وأذن بالصلاة فيه كفى
ذلك في وقفه، ويصبح - عندئذ - مسجدا، والأحوط اعتبار القبول في الوقف
على الجهات العامة، كالمدارس والمقابر والقناطر ونحوها، وكذلك الوقف على
العناوين العامة من الناس - كالفقراء، أو العلماء ونحوها - وأما المساجد
فالظاهر عدم اعتبار القبول فيها، وأما اعتبار القبول في الأوقاف الخاصة فمبني
على الاحتياط.
(مسألة) 1219: بطلان الوقف على الحمل قبل أن يولد لا يخلو من إشكال
والاحتياط لا ينبغي تركه، نعم إذا لوحظ الحمل - بل المعدوم - تابعا لمن هو
موجود بالفعل، بأن يجعل طبقة ثانية أو ثالثة له صح الوقف بلا إشكال.
(مسألة) 1220: إذا وقف الانسان مالا، فإما أن ينصب متوليا على
الوقف، وإما أن لا يجعل التولية لأحد، فإن نصب للتولية أحدا تعين، ووجب
على المنصوب العمل بما قرره الواقف من الشروط، وإن لم ينصب أحدا فالمال
الموقوف، إن كان موقوفا على أفراد معينين على نحو التمليك - كأولاد الواقف
مثلا - جاز لهم التصرف في العين الموقوفة طبقا للوقف من دون أخذ إجازة من
أحد فيما إذا كانوا بالغين عاقلين، وإذا لم يكونوا بالغين أو عاقلين كان زمام
الوقف بيد وليهم يتصرف فيه وفقا لمقتضيات الوقف، وإن كان المال موقوفا على
جهة عامة أو خاصة، أو عنوان كذلك - كالأموال الموقوفة على الفقراء أو
الخيرات -، فالمتولي له الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله.
(مسألة) 1221: المال الموقوف على أشخاص - كالأولاد طبقة بعد طبقة -
إذا آجره المتولي مدة من الزمان ملاحظا بذلك مصلحة الوقف، ثم مات أثناءها لم
402

تبطل الإجارة، بل تبقى نافذة إلى أن ينتهي أمدها، وأما إذا آجرت الطبقة الأولى
الوقف بنفسها مدة وانقرضت الطبقة - أثناء تلك المدة - بطلت الإجارة بالنسبة
إلى بقية المدة إذا لم تمضها الطبقة الثانية، وفي صورة أخذ الطبقة الأولى للأجرة -
كلها - يكون للمستأجر استرجاع مقدار إجارة المدة الباقية منها من أموال
الطبقة الأولى.
(مسألة) 1222: إذا ظهرت خيانة المتولي للوقف، وعدم صرفه منافع
الوقف في الموارد المقررة من الواقف فللحاكم أن يضم إليه من يمنعه عنها، وإن لم
يمكن ذلك عزله ونصب شخصا آخر متوليا له.
(مسألة) 1223: العين الموقوفة لا تخرج عن وصفها وقفا بمجرد الخراب،
نعم إذا كانت الوقفية قائمة بعنوان - كوقف البستان للتنزه أو للاستظلال - فإن
أمكن بيعها وشراء بستان أخرى تعين ذلك، وإلا بطلت الوقفية بذهاب
العنوان وترجع ملكا للواقف، ومنه إلى ورثته حين موته.
(مسألة) 1224: إذا كان بعض الأموال وقفا وبعضه ملكا طلقا جاز لمن
يرجع إليه أمر الوقف - من المتولي أو الحاكم - طلب تقسيمه، كما يجوز ذلك لمن
يملك البعض ملكا طلقا.
(مسألة) 1225: إذا كان الفراش وقفا على حسينية - مثلا - ليجز نقله إلى
المسجد للصلاة عليه وإن كان المسجد قريبا منها، وكذلك إذا وقف مالا على
عمارة مسجد معين لم يجز صرفه في عمارة مسجد آخر، إلا إذا كان المسجد
الموقوف عليه في غنى عن العمارة إلى أمد بعيد، فيجوز - عندئذ - صرف منافع
الوقف في عمارة مسجد آخر.
403

(مسألة) 404: إذا وقف عقارا لتصرف منافعه في عمارة مسجد معين،
ويعطى لإمام الجماعة والمؤذن في المسجد منها، فإن كان حاصل الوقف وافيا
بالجميع فهو، وإلا قدم عمارة المسجد، فإن بقي من منافع الوقف شئ - بعد
العمارة - قسم بين إمام الجماعة والمؤذن على السواء، والأحسن لهما أن يتصالحا
في القسمة.
404

الوصية وأحكامها
الوصية: هي تمليك عين أو منفعة، أو تسليط على التصرف بعد الوفاة.
والوصي: هو الشخص المعين لتنجيز وصايا الميت وتنفيذها، فمن عينه
الموصي لذلك تعين وسمي: وصيا.
(مسألة) 1227: يعتبر في الموصي: البلوغ، والعقل، والاختيار، فلا
تصح وصية المجنون والمكره، وكذلك الصبي إلا إذا بلغ عشر سنين وكان قد
عقل، وأوصى لأرحامه، وفي نفوذ وصيته لغير أرحامه إشكال. وكذا في اعتبار
الرشد لانفاذ وصية الموصي إشكال فينبغي على ورثته الكبار ألا يتركوا الاحتياط
في إنفاذ وصيته.
ويعتبر في الموصي - أيضا - أن لا يكون مقدما على موته بتناول سم، أو
إحداث جرح عميق ونحو ذلك مما يجعله عرضة للموت، ففي حال قيام
الانسان بمثل هذه المحاولات عمدا لا تصح وصيته في ماله ولا تنفذ.
(مسألة) 1228: لا يعتبر في صحة الوصية اللفظ، بل تكفي الإشارة
المفهمة للمراد من الموصي وإن كان قادرا على النطق. ويكفي في ثبوت الوصية
وجدان كتابة للميت دلت القرائن على أنه كتبها بعنوان الوصية، وأما لزوم
العمل بما كتبه - فيما إذا علم أنه كتبها ليوصي على طبقها بعد ذلك - فمشكل.
405

(مسألة) 1229: إذا أوصى الانسان لشخص بمال فقبل الموصى له
الوصية، ملك بعد موت الموصي وإن كان قبوله في حياة الموصي، بل الظاهر
عدم اعتبار القبول في الوصية، والمشهور أن رد الموصى له الوصية التمليكية
مبطل لها إذا كان الرد بعد الموت ولم يسبق بقبوله، ولكنه لا يخلو عن إشكال.
(مسألة) 1230: إذا ظهرت للانسان علامات الموت وجب عليه أمور:
منها: رد الأمانات إلى أصحابها، أو إعلامهم بذلك إذا خاف عدم أداء
الوارث.
ومنها: وفاء ديونه إذا كانت عليه ديون قد حل أجلها وهو قادر على
وفائها وطالبه الدائن، وأما إذا لم يكن قادرا على وفائها، أو كان أجلها لم يحل
بعد، أو لم يطالبه الدائن، وجبت عليه الوصية بها والاستشهاد عليها، هذا إذا
توقف أداء ديونه عليها، وإلا لم تجب الوصية بها.
ومنها: أداء الخمس والزكاة والمظالم فورا إذا كان عليه شئ من ذلك،
وكان يتمكن من الأداء، وإذا لم يتمكن من الأداء وكان له مال، أو احتمل أن
يؤدي ما عليه بعض المؤمنين تبرعا وإحسانا، وجبت عليه الوصية به.
ومنها: الوصية باتخاذ أجير من ماله على الاتيان بما عليه من الصلاة
والصيام إذا ضاق الوقت عن أدائهما، بل إذا لم يكن له مال واحتمل أن يقضيها
شخص آخر عنه مجانا وجبت عليه الوصية به أيضا، وإذا كان له ولد أكبر يجب
عليه قضاء ما فاته - على ما تقدم - تخير بين الايصال وإخباره.
ومنها: إعلام الورثة بما له من مال عند غيره، أو في محل خفي لا يعلمه
406

غيره، لئلا يضيع حقهم، ولا يجب على الأب نصب القيم على الصغار إلا إذا
كان إهمال ذلك موجبا لضياعهم أو ضياع أموالهم، فإنه يجب على الأب -
والحالة هذه - جعل القيم الأمين عليهم على الأحوط.
(مسألة) 1231: المشهور أن يكون الوصي للمسلم مسلما، وأن يكون
عاقلا مطمئنا به فيما يرجع إلى حقوق غير الموصي - كأداء الحقوق الواجبة - بل
مطلقا على الأحوط، والأحوط أن يكون بالغا أيضا.
(مسألة) 1232: يجوز للموصي أن يوصي إلى اثنين أو أكثر، وفي حالة تعدد
الأوصياء، إن نص الموصي على أن لكل منهم صلاحية التصرف بصورة مستقلة
عن الآخر، أو على عدم السماح لهم بالتصرف إلا مجتمعين، أخذ بنصه، وإن لم
يكن للموصي نص فلا يجوز لكل منهم الاستقلال بالتصرف، بل لا بد من
اجتماعهم، وإذا تشاح الأوصياء - ولم يجتمعوا - أجبرهم الحاكم على
الاجتماع، وإذا تعذر ذلك ضم الحاكم إلى أحدهما شخصا آخر حسب ما يراه من
المصلحة وينفذ تصرفهما.
(مسألة) 1233: إذا أوصى أحد بثلث ماله لزيد ثم رجع عن وصيته
بطلت الوصية من أصلها، وإذا غير وصيته - كما إذا جعل رجلا خاصا قيما على
الصغار، ثم جعل مكانه شخصا آخرا - بطلت الوصية الأولى ولزمت الوصية
الثانية.
(مسألة) 1234: إذا أتى الموصي بما يعلم به رجوعه عن وصيته - كما إذا
أوصى بداره لزيد ثم باعها، أو وكل غيره في بيعها - بطلت الوصية.
(مسألة) 1235: لو أوصى بشئ معين لشخص ثم أوصى بنصفه
407

لشخص آخر، قسم المال بينها بالسوية.
(مسألة) 1236: إذا وهب المالك بعض أمواله وأوصى ببعضها ثم مات،
نفذت الهبة من دون حاجة إلى إجازة الوارث - كما تقدم - ويخرج ما أوصى به
من ثلثه من الباقي.
(مسألة) 1237: إذا أوصى بإبقاء ثلثه وصرف منافعه في مصارف معينه -
كالخيرات - وجب العمل على طبق وصيته.
(مسألة) 1238: إذا اعترف في مرض الموت بدين عليه، ولم يتهم في
اعترافه بقصد الاضرار بالورثة جاز اعترافه، وخرج المقدار المعترف به من أصل
ماله، ومع الاتهام يخرج من الثلث.
(مسألة) 1239: إذا أوصى المالك بإعطاء شئ من ماله إلى أحد بعد موته لم
يعتبر وجود الموصى له حال الوصية، فإن وجد في ظرف الاعطاء له أعطي له،
وإلا صرف فيما هو أقرب إلى نظر الموصي، وإذا أوصى بشئ لأحد، فإن كان
موجودا عند موت الموصي ملكه، وإلا بطلت الوصية، ورجع المال ميراثا لورثة
الموصي، مثلا إذا أوصى لحمل، فإن تولد حيا ملك الموصى به، وإلا رجع المال
إلى ورثة الموصي.
(مسألة) 1240: لا يجب على الموصى إليه قبول الوصاية، وله أن يردها في
حياة الموصي بشرط أن يبلغه الرد، بل الأحوط اعتبار تمكنه من الايصال إلى
شخص آخر أيضا، فلو كان الرد بعد موت الموصي، أو قبل موته ولكن الرد لم
يبلغه حتى مات، أو بلغه ولم يتمكن من الايصاء لشدة المرض - مثلا - لم يكن
408

للرد أثر، وكانت الوصاية لازمة، نعم إذا كان العمل بالوصية حرجيا على
الموصى إليه جاز له ردها.
(مسألة) 1241: ليس للوصي أن يفوض أمر الوصية إلى غيره، نعم له أن
يوكل من يثق به في القيام بشؤون ما يتعلق بالوصية فيما لم يكن غرض الموصي
مباشرة الوصي بشخصه.
(مسألة): 1242 إذا أوصى إلى اثنين مجتمعين ومات أحدهما، أو طرأ عليه
جنون أو غيره مما يوجب ارتفاع وصايته، فللحاكم الشرعي أن يضم إليه شخصا
آخر، وله - أيضا - نصب شخص ثالث مكانهما إذا كان كافيا بالقيام بشؤون
الوصية، وإذا ماتا معا فللحاكم نصب شخص واحد إذا كان كذلك.
(مسألة) 1243: إذا عجز الوصي عن انجاز الوصية ضم إليه الحاكم من
يساعده فيها.
(مسألة) 1244: الوصي أمين، فلا يضمن ما يتلف في يده إلا مع التعدي
أو التفريط، مثلا: إذا أوصى الميت بصرف ثلثه على فقراء بلده، فنقله الوصي إلى
بلد آخر، وتلف المال في الطريق ضمن لتفريطه بمخالفته الوصية.
(مسألة) 1245: لا بأس بالايصاء على الترتيب، بأن يوصي إلى زيد، فإن
مات فإلى عمرو، إلا أن وصاية عمرو تتوقف على موت زيد.
(مسألة) 1246: الحج الواجب على الميت بالأصالة وكذا الحقوق المالية -
مثل الخمس والزكاة والمظالم - تخرج من أصل المال، سواء أوصى بها الميت أم
لا.
409

(مسألة) 1247: إذا زاد شئ من مال الميت بعد أداء الحج والحقوق المالية
، فإن كان قد أوصى بإخراج الثلث أو أقل منه، فلا بد من العمل بوصيته، وإلا
كان تمام الزائد للورثة.
(مسألة) 1248: لا تنفذ الوصية فيما يزيد على ثلث الميت، فإن أوصى
بنصف ماله - مثلا - توقف نفوذها في الزائد على الثلث على إمضاء الورثة، فإن
أجازوا - ولو بعد موت الموصي بمدة - صحت الوصية وإلا بطلت في المقدار
الزائد، ولو أجازها بعضهم دون بعض نفذت في حصة المجيز خاصة.
(مسألة) 1249: إذا أوصى بنصف ماله مثلا، وأجازت الورثة ذلك قبل
موت الموصي نفذت الوصية، ولم يكن لهم ردها بعد موته.
(مسألة) 1250: إذا أوصى بأداء الخمس والزكاة وغيرهما من الديون،
وباستيجار من يقضي فوائته من الصلاة والصيام، وبالصرف في الأمور المستحبة
كإطعام المساكين - كل ذلك من ثلث ماله - وجب أداء الديون أولا، فإن بقي
شئ صرف في أجرة الصوم والصلاة، فإن زاد صرف الزائد في المصارف
المستحبة، فإذا كان ثلثه بمقدار دينه فقط - ولم يجز الوارث وصيته في الزائد على
الثلث - بطلت الوصية في غير الدين.
(مسألة) 1251: لو أوصى بأداء ديونه وبالاستيجار للصوم والصلاة،
وبالاتيان بالأمور المستحبة، فإن لم يوص بأداء الأمور المذكورة من ثلث ماله
وجب أداء ديونه من أصل المال، فإن بقي منه شئ يصرف ثلثه في الاستيجار
للصلاة والصوم والآتيان بالأمور المستحبة إذا وفى الثلث بذلك، وإلا فإن
أجازت الورثة الوصية في المقدار الزائد وجب العمل بها، وإن لم تجزها وجب
410

الاستئجار للصلاة والصوم من الثلث، فإن بقي منه شئ يصرف الباقي في
الأمور المستحبة.
(مسألة) 1252: إذا أوصى من لا وارث له - إلا الإمام - بجميع ماله
للفقراء والمساكين وابن السبيل، ففي نفوذ وصيته في جميع المال - كما عن
بعضهم، وتدل عليه بعض الروايات -، وعدم نفوذها - كما هو المعروف -
إشكال ولا يبعد الأول، وأما لو أوصى بجميع ماله في غير الأمور المذكورة
فالأظهر عدم نفوذ الوصية.
(مسألة) 1235: تثبت دعوى مدعي الوصاية له بمال، بشهادة رجلين
عدلين، وبشاهد ويمين، وبشهادة رجل وامرأتين، وبشهادة أربع نسوة،
ويثبت ربع الوصية بشهادة امرأة واحدة، ونصفها باثنتين، وثلاثة أرباعها
بثلاث، وتمامها بأربع، كما تثبت الدعوى الآنفة الذكر بشهادة رجلين ذميين
عدلين في دينهما عند الضرورة وعدم تيسر عدول المسلمين، وأما دعوى
القيمومة على الصغار من قبل أبيهم، أو الوصاية على صرف مال الميت فلا تثبت
إلا بشهادة عدلين من الرجال.
(مسألة) 1254: إذا لم يرد الموصى له الوصية ومات في حياة الموصي، أو
بعد موته قامت ورثته مقامه، فإذا قبلوا الوصية ملكوا المال الموصى به، بل
يملكونه بمجرد عدم الرد إذا لم يرجع الموصي عن وصيته.
411

أحكام الكفارات
(مسألة) 1255: الكفارة قد تكون مرتبة، وقد تكون مخيرة، وقد يجتمع
فيها الأمران، وقد تكون كفارة الجمع.
(مسألة) 1256: كفارة الظهار وقتل الخطأ مرتبة، ويجب فيهما: عتق
رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينا، وكذلك
كفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال، ويجب فيها إطعام
عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام، والأحوط أن تكون متتابعات.
(مسألة) 1257: كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان، أو خالف عهدا
مخيرة، وهي: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا.
(مسألة) 1258: كفارة الايلاء وكفارة اليمين وكفارة النذر - حتى نذر
صوم يوم معين - اجتمع فيها التخيير والترتيب، وهي عتق رقبة، أو إطعام
عشرة مساكين، أو كسوتهم. فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.
(مسألة) 1259: كفارة قتل المؤمن عمدا ظلما كفارة جمع، وهي
عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكينا، وكذلك الافطار على
حرام في شهر رمضان على الأحوط.
412

(مسألة) 1260: إذا اشترك جماعة في القتل العمدي فوجوب الكفارة على
كل واحد منهم، وكذا في قتل الخطأ.
(مسألة) 1261: إذا كان المقتول مهدور الدم شرعا - كالزاني المحصن،
واللائط، والمرتد - فقتله غير الإمام، لم تجب الكفارة إذا كان بإذنه، وأما إن كان
بغير إذن الإمام ففيه إشكال.
(مسألة) 1262: قيل: من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفارة ظهار، فإن
عجز فكفارة اليمين، ولا دليل عليه، وقيل: كفارته إطعام عشرة مساكين، وبه
رواية معتبرة.
(مسألة) 1263: الأحوط الأولى في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة
الافطار في شهر رمضان، وفي نتف شعرها أو خدش وجهها إذا أدمته، أو شق
الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة يمين على الأحوط الأولى.
(مسألة) 1264: لو تزوج بامرأة ذات بعل، أو في العدة الرجعية لزمه أن
يفارقها، والأحوط أن يكفر بخمسة أصوع من دقيق، وإن كان الأقوى عدم
وجوبه.
(مسألة) 1265: لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى خرج الوقت أصبح
صائما على الأحوط استحبابا.
(مسألة) 1266: لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه فالأحوط أن يتصدق
لكل يوم بمد على مسكين، أو يعطيه مدين ليصوم عنه.
(مسألة) 1267: إذا عجز عن الصيام في المرتبة - ولو لأجل كونه حرجا
413

عليه - وجب الاطعام، وكل مورد يجب فيه الاطعام، فإن كان بالتسليم لزم
لكل مسكين مد من الحنطة أو الدقيق أو الخبز على الأحوط في كفارة اليمين،
وأما في غيرها فيجزي مطلق الطعام - كالتمر، والأرز، والأقط، والماش
، والذرة -، ولا تجزي القيمة، والأفضل - بل الأحوط - مدان، ولو كان
بالاشباع أجزأه مطلق الطعام.
ويستحب الإدام، وأعلاه اللحم، وأوسطه الخل، وأدناه الملح.
(مسألة) 1268: يجوز إطعام الصغار مباشرة وتسليم الطعام إلى وليهم
ليصرفه عليهم، والأحوط احتساب الاثنين منهم بواحد.
(مسألة) 1269: يجوز التبعيض في التسليم والاشباع، فيشبع بعضهم
ويسلم إلى الباقي، ولكن لا يجوز التكرار مطلقا، بأن يشبع واحدا مرات
متعددة، أو يدفع إليه أمدادا متعددة من كفارة واحدة إلا إذا تعذر استيفاء تمام
العدد على الأحوط.
(مسألة) 1270: الكسوة لكل فقير ثوب وجوبا، وثوبان استحبابا، بل
هما مع القدرة أحوط.
(مسألة) 1271: لا بد من التعيين مع اختلاف نوع الكفارة، ويعتبر
التكليف والاسلام في المكفر، كما يعتبر في مصرفها الفقر، والأحوط اعتبار
الايمان. ولا يجوز دفعها لواجب النفقة، ويجوز دفعها إلى الأقارب، بل لعله
أفضل.
(مسألة) 1272: المدار في الكفارة المرتبة على حال الأداء، فلو كان قادرا
414

على العتق ثم عجز صام، ولا يستقر العتق في ذمته. ويكفي في تحقق الموجب
للانتقال إلى البدل فيها العجز العرفي في وقت التكفير، فإذا أتى بالبدل ثم طرأت
القدرة أجزأ، بل إذا عجز عن الرقبة فصام شهرا ثم تمكن منها اجتزء بإتمام
الصوم.
(مسألة) 1273: في كفارة الجمع - إذا عجز عن العتق - وجب الباقي،
وعليه الاستغفار على الأحوط، وكذا إذا عجز عن غيره من الخصال.
(مسألة) 1274: يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد، فلا يجوز
أن يكفر بنصفين من جنسين، بأن يصوم شهرا أو يطعم ثلاثين مسكينا.
(مسألة) 1275: الأشبه في الكفارة المالية وغيرها جواز التأخير بمقدار لا
يعد من المسامحة في أداء الواجب، ولكن المبادرة أحوط.
(مسألة) 1276: من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق عليه السلام:
من أن كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان، وكفارة المجالس أن تقول
عند قيامك منها: سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين،
والحمد لله رب العالمين، وكفارة الضحك أن يقول: اللهم لا تمقتني،
وكفارة الاغتياب: الاستغفار للمغتاب، وكفارة الطيرة: التوكل، وكفارة
اللطم على الخدود: الاستغفار والتوبة.
(مسألة) 1277: إذا عجز عن الكفارة المخيرة لافطار شهر رمضان عمدا
استغفر وتصدق بما يطيق على الأحوط، ولكن إذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير
على الأحوط وجوبا.
415

أحكام الإرث
(مسألة) 1278: الأرحام في الإرث ثلاث طبقات، فلا يرث أحد الأقرباء
في طبقة إلا إذا لم يوجد للميت أقرباء من الطبقة السابقة عليها.
وترتيب الطبقات كما يلي:
الطبقة الأولى: الأبوان والأولاد مهما نزلوا، فالولد وولد الولد كلاهما
من الطبقة الأولى، غير أن الولد يمنع الحفيد والسبط عن الإرث عند اجتماعهما
مع الولد.
الطبقة الثانية: الأجداد والجدات مهما تصاعدوا، والإخوة والأخوات،
أو أولادهما مع عدم وجودهما، وإذا تعدد أولاد الأخ منع الأقرب منهم الأبعد
عن الميراث، فابن الأخ مقدم في الميراث على حفيد الأخ، وهكذا، كما أن الجد
يتقدم على أبي الجد.
الطبقة الثالثة: الأعمام والأخوال والعمات والخالات، وإذا لم يوجد
أحد منهم قام أبناؤهم مقامهم، ولوحظ فيهم الأقرب فالأقرب، فلا يرث
الأبناء مع وجود العم أو الخال أو العمة أو الخالة إلا في حالة واحدة، وهي أن
يكون للميت عم أبوي - يشترك مع أب الميت في الأب فقط - وله ابن عم من
416

الأبوين - يشارك أبا الميت في الوالدين معا - فإن ابن العم - في هذه الحالة - يقدم
على العم.
وإذا لم يوجد للميت أقرباء من هذه الطبقات ورثته عمومة أبيه وأمه،
وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما وأبناء هؤلاء مع عدم وجودهم، وإذا لم يوجد
للميت أقرباء من هذا القبيل ورثته عمومة جده وجدته وأخوالهما وعماتهما
وخالاتهما، وبعدهم أولادهم مهما تسلسلوا، والأقرب منهم يقدم على
الأبعد.
وهناك بإزاء هذه الطبقات الزوج والزوجة، فإنهما يرثان بصورة مستقلة
عن هذا الترتيب، على تفصيل يأتي.
إرث الطبقة الأولى
(مسألة) 1279: إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الأولى إلا أبناؤه ورثوا
المال كله، فإن كان له ولد واحد - ذكرا كان أو أنثى - كان له كل المال، وإذا تعدد
أولاده - وكانوا جميعا ذكورا أو إناثا - تقاسموا المال بينهم بالسوية، وإذا مات عن
أولاد ذكور وإناث كان للولد ضعف البنت، فمن مات عن ولد وبنت واحدة
قسم ماله ثلاثة أسهم، وأعطي للولد سهمان، وللبنت سهم واحد.
(مسألة) 1280: إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الأولى غير أبويه، فإن
كان أحدهما حيا فقط أخذ المال كله، وإن كانا معا حيين أخذ الأب ثلثي المال،
وأخذت الأم الثلث مع عدم الحاجب، ومع وجود الحاجب من الأقرباء ينقص
سهم الأم من الثلث إلى السدس، ويعطى الباقي للأب، كما إذا كان للميت
417

إخوة، فإنهم - وإن لم يرثوا شيئا - إلا أنهم يحجبون الأم عن الثلث، فينخفض
سهمها من الثلث إلى السدس إذا توفرت فيهم شرائط معينة، وهي خمسة:
1 - وجود الأب.
2 - أن لا يقل الإخوة عن رجلين، أو أربع نساء، أو رجل وامرأتين.
3 - أن يكونوا إخوة الميت لأبيه وأمه، أو للأب خاصة.
4 - الاسلام.
5 - الحرية.
6 - أن يكونوا منفصلين بالولادة لا حملا.
(مسألة) 1281: لو اجتمع الأبوان مع الأولاد فلذلك صور:
منها: أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة ولا تكون للميت إخوة يحجبون
الأم - كما سبق -، فيقسم المال خمسة أسهم، فلكل من الأبوين سهم واحد،
وللبنت ثلاثة أسهم.
ومنها: أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة وللميت إخوة يحجبون الأم،
فيقسم المال أسداسا، وتعطى ثلاثة أسهم كاملة منها للبنت، كما تعطى -
أيضا - ثلاثة أرباع سدس آخر، وتنخفض حصة الأم إلى السدس، فتكون
حصة الأب السدس وربع السدس، فبالنتيجة يقسم المال أربعة وعشرين
حصة، تعطى أربعة منها للأم، وخمسة منها للأب، والباقي - وهو خمس عشرة
حصة - للبنت.
ومنها: أن يجتمع الأبوان مع ولد واحد، فيقسم المال إلى ستة أسهم،
يعطى كل من الأبوين منها سهما، ويعطى الولد سهاما أربعة، وكذلك الحال إذا
418

تعدد الأولاد مع وجود الأبوين، فإن لكل من الأب والأم السدس، وتعطى
السهام الأربعة للأولاد يتقاسمونها بينهم بالسوية إن كانوا ذكورا جميعا أو إناثا،
وإلا قسمت بينهم على قاعدة: أن للولد ضعف ما للبنت.
(مسألة) 1282: إذا اجتمع أحد الأبوين مع الأولاد فله صور أيضا:
منها: أن يكون أحد الأبوين حيا وللميت بنت واحدة، فيعطى ربع المال
للأب أو الأم، ويعطى الباقي كله للبنت.
ومنها: أن يجتمع أحد الأبوين مع ولد واحد، أو أولاد ذكور للميت،
وفي هذه الحالة يعطى أحد الأبوين سدس المال والباقي للولد، ومع التعدد يقسم
بينهم بالسوية.
ومنها: أن يجتمع أحد الأبوين مع بنات للميت، فيأخذ الأب أو الأم
خمس المال، ويكون الباقي للبنات، يقسم بينهن بالسوية.
ومنها: أن يجتمع أحد الأبوين مع ولد وبنت معا، فيعطى سدس المال
للأب أو الأم، ويقسم الباقي بين أولاده، للذكر مثل حظ الأنثيين.
(مسألة) 1283: إذا لم يكن للميت ابن أو بنت بلا واسطة كان الإرث
لأولادهما، فيرث حفيده حصة أبيه وإن كان أنثى، ويرث سبطه حصة أمه وإن
كان ذكرا، للذكر مثل حظ الأنثيين، فلو مات شخص عن بنت ابن وابن بنت،
أخذت البنت سهمين وأخذ الابن سهما واحدا.
419

إرث الطبقة الثانية
(مسألة) 1284: سبق أن الإخوة من الطبقة الثانية، ووراثة الأخ لأخيه
تتصور على أنحاء:
1 - أن يكون وارث الميت أخا واحدا، أو أختا واحدة، فللأخ أو الأخت -
في هذه الحالة - المال كله، سواء أكانت الإخوة باعتبار الأب أو
الأم، أو باعتبارهما معا.
2 - أن يرثه إخوة متعددون كلهم إخوته لأبيه وأمه، أو كلهم إخوته لأبيه
فقط فيقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا جميعا ذكورا أو إناثا، وإلا قسم على
قاعدة: إن للذكر ضعف ما للأنثى، فللأخت سهم وللأخ سهمان.
3 - أن يرثه إخوة متعددون، كلهم إخوته لأمه، فيقسم المال بينهم
بالسوية، سواء أكانوا ذكورا أو إناثا، أو مختلفين.
4 - أن يجتمع الأخ للأبوين مع الأخ للأب، دون أخ للأم، فيرث المال
كله الأخ للأبوين، ولا يرث الأخ للأب شيئا، ومع تعدد الإخوة للأبوين - في
هذه الحالة - يتقاسمون المال على قاعدة: إن للذكر ضعف ما للأنثى.
5 - أن يجتمع الإخوة للأبوين، أو الإخوة للأب - إذا لم يكن إخوة
للأبوين -، مع أخ واحد أو أخت واحدة للأم، فيعطى للأخ أو الأخت للأم
سدس واحد، ويقسم الباقي على سائر الإخوة، للذكر ضعف الأنثى.
6 - أن يجتمع الإخوة للأبوين، أو الإخوة للأب إذا لم تكن إخوة
للأبوين، مع إخوة وأخوات للأم، فينقسم الميراث ثلاثة أسهم، يعطى سهم
420

منها للإخوة من الأم يتقاسمونه بالسوية ذكورا وإناثا، والسهمان الآخران
للباقين: للذكر ضعف الأنثى.
7 - أن يجتمع الإخوة من الأبوين مع أخوة للأب، وأخ واحد أو أخت
واحدة للأم، فيحرم الإخوة للأب من الميراث، ويعطى للأخ أو الأخت من
الأم سدس المال، ويقسم الباقي - كله - على إخوته من الأبوين، للذكر ضعف
الأنثى.
8 - أن يجتمع للميت إخوة من الأبوين، وإخوة للأب وإخوة للأم، فلا
يرث الإخوة للأب - كما في الصورة السابقة - ويعطى للإخوة المتعددين من الأم
ثلث المال، يقسم بينهم بالسوية ذكورا وإناثا، والثلثان الآخران للإخوة من
الأبوين، للذكر ضعف الأنثى.
(مسألة) 1285: إذا مات الزوج عن زوجة وإخوة، ورثته الزوجة - على
تفصيل يأتي - وورثته إخوته - وفقا لما عرفت في المسائل السابقة -.
وإذا ماتت الزوجة عن إخوة وزوج، كان للزوج نصف المال والباقي
للإخوة - طبقا لما سبق - غير أن الإخوة للأم لا يرد عليهم النقص، وإنما يرد
على الإخوة للأب أو للأبوين، فإذا كانت التركة ستة دراهم، وكان للميت زوج -
مثلا - كان اللازم للإخوة من الأم أن يأخذوا درهمين منها، كما لو لم يوجد
زوج لأختهم المتوفاة، ويعطى للزوج ثلاثة دراهم - نصف التركة - ويبقى درهم
واحد للإخوة من الأب أو الأبوين، وهذا معنى أن الإخوة للأب أو الأبوين يرد
النقص عليهم دون الإخوة من الأم.
(مسألة) 1286: إذا لم يكن للميت إخوة قامت ذريتهم مقامهم في
421

أنصبتهم، وكذلك في طريقة توزيعها بالتساوي أو الاختلاف على المشهور،
فذرية الإخوة من الأم توزع التركة عليهم بالتساوي ذكورا وإناثا، وذرية الإخوة
من الأب أو الأبوين يكون التقسيم بينهم على قاعدة: أن للذكر ضعف حظ
الأنثى على المشهور، والأحوط الرجوع إلى الصلح.
(مسألة) 1287: الأجداد والجدات من الطبقة الثانية كالإخوة - كما
سبق - ولإرثهم صور:
1 - أن ينحصر الوارث في جد، أو جدة لأبيه أو لأمه، فالمال كله للجد أو
الجدة، ومع الجد الأقرب أو الجدة لا يرث الأبعد.
2 - أن يرثه جده وجدته لأبيه، فللجد الثلثان، وللجدة الثلث.
3 - أن يرثه جده وجدته لأمه، فيقسم بينهم المال جميعا بالسوية.
4 - أن يرثه أحد جديه لأبيه مع أحد جديه لأمه، فللجد أو الجدة من الأم
الثلث، والباقي للجد أو الجدة من الأب.
5 - أن يرثه جداه - الجد والجدة - لأبيه وجداه لأمه، فيعطى للجدين من
الأب ثلثان، للجد منه ضعف ما للجدة، ويعطى للجدين من الأم الثلث يقسم
بينهما بالسوية كما هو المشهور.
(مسألة) 1288: إذا مات الرجل وله زوجة وجدان - الجد والجدة - لأبيه
وجدان لأمه، فيعطي لجديه من الأم ثلث مجموع التركة يقسم بين الجد والجدة
على السواء على المشهور، وترث الزوجة نصيبها - على تفصيل سوف يأتي -،
ويعطى الباقي لجده وجدته لأبيه، للذكر منهما ضعف حظ الأنثى.
422

(مسألة) 1289: إذا ماتت المرأة عن زوج وجد وجدة، أخذ الزوج نصف
المال، والباقي للجد والجدة، وفقا للتفصيلات السابقة.
(مسألة) 1290: إذا اجتمع الأخ أو الأخت أو الإخوة أو الأخوات مع
الجد أو الجدة، أو الأجداد والجدات، ففيه صور:
الأولى: أن يكون كل من الجد أو الجدة والأخ أو الأخت جميعا من قبل
الأم، ففي هذه الصورة يقسم المال بينهما بالسوية، وإن اختلفوا في الذكورة
والأنوثة.
الثانية: أن يكون جميعا من قبل الأب، ففي هذه الصورة يقسم المال بينهم
بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة، وإلا
فبالسوية.
الثالثة: أن يكون الجد أو الجدة للأب، والأخ أو الأخت للأبوين،
وحكم هذه الصورة حكم الصورة الثانية.
الرابعة: أن يكون الأجداد أو الجدات متفرقين، فكان بعضهم للأب
وبعضهم للأم، سواء أكانوا جميعا ذكورا أو جميعا إناثا، أو مختلفين في الذكورة
والأنوثة، وكانت الإخوة والأخوات - أيضا - كذلك، يعني كان بعضهم للأم
وبعضهم للأب، كانوا جميعا ذكورا أو إناثا أو مختلفين فيهما، ففي هذه الصورة
يقسم المال على الشكل التالي: للمتقرب بالأم من الإخوة أو الأخوات والأجداد
أو الجدات جميعا الثلث يقسمونه بينهم بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة
والأنوثة على المشهور، وللمتقرب بالأب منهم كذلك الثلثان الباقيان
423

يقتسمونهما بينهم بالتفاضل - للذكر مثل حظ الأنثيين - مع الاختلاف فيهما،
وإلا فبالسوية.
الخامسة: أن يكون مع الجد أو الجدة من قبل الأب أخ أو أخت من قبل
الأم، ففي هذه الصورة يكون للأخ أو الأخت السدس إن كان واحدا، والثلث
إن كان متعددا، يقسم بينهم بالسوية، والباقي للجد أو الجدة، واحدا كان أو
متعددا، نعم في صورة التعدد يقسم بينهم بالتفاضل مع الاختلاف في الذكورة
والأنوثة، وإلا فبالسوية.
السادسة: أن يكون مع الجد أو الجدة للأم أخ للأب، ففي هذه الصورة
يكون للجد أو الجدة الثلث - واحدا كان أو متعددا -، وللأخ الثلثان وإن كان
واحدا، وإذا كانت مع أحدهما أخت للأب، فإن كانتا اثنتين فما فوق فلهن
الثلثان، وإن كانت واحدة فلها النصف، وللجد أو الجدة الثلث في كلتا
الصورتين، فيبقى السدس زائدا من الفريضة في الصورة الأخيرة، ولا يترك
الاحتياط بالصلح فيه.
السابعة: أن يكون الأجداد أو الجدات متفرقين، فكان بعضهم للأب
وبعضهم للأم، وكان معهم أخ أو أخت للأب واحدا كان أو أكثر، ففي هذه
الصورة يقسم المال على النحو التالي: للجد أو الجدة من قبل الأم الثلث، ومع
التعدد يقسم بينهم بالسوية على ما هو المشهور ولو مع الاختلاف في الذكورة
والأنوثة، وللجد أو الجدة والأخ أو الأخت للأب جميعا الثلثان الباقيان يقسمان
بالتفاضل مع الاختلاف، وإلا فبالسوية. وإذا كان معهم أخ أو أخت للأم
يكون للجد أو الجدة للأم مع الأخ أو الأخت لها الثلث بالسوية على المشهور،
424

ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة، وللجد أو الجدة للأب الثلثان يقسمان
بالتفاضل مع الاختلاف فيهما، وإلا فبالسوية.
الثامنة: أن يكون مع الإخوة أو الأخوات المتفرقين جد أو جدة للأب،
ففي هذه الصورة يكون للأخ أو الأخت للأم السدس إن كان واحدا، والثلث
إن كان متعددا، يقتسمونه بينهم بالسوية، وللأخ أو الأخت للأب مع الجد أو
الجدة له الباقي يقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين مع الاختلاف وإلا فبالسوية،
وإن كان معهم جد أو جدة للأم فقط فللجد أو الجدة مع الأخ أو الأخت للأم
جميعا الثلث يقتسمونه بينهم بالسوية على المشهور، وللأخ أو الأخت للأب
الباقي يقتسمونه بينهم بالتفاضل مع الاختلاف، وإلا فبالسوية.
(مسألة) 1291: أولاد الإخوة لا يرثون مع الإخوة شيئا، فلا يرث ابن
الأخ وإن كان للأبوين مع الأخ أو الأخت وإن كان للأب أو الأم فقط.
إرث الطبقة الثالثة
(مسألة) 1292: العم والعمة من الطبقة الثالثة، ولإرثهما صور:
منها: أن ينحصر الوارث في عم واحد، أو عمة واحدة، فالمال كله للعم
أو العمة، سواء كانا مشتركين مع أب الميت في الأب والأم معا - العم أو العمة
للأبوين - أو في الأب فقط - العم أو العمة للأب - أو في الأم فقط - العم والعمة
للأم -.
ومنها: أن يموت الشخص عن أعمام أو عمات، كلهم أعمام أو عمات
425

للأب، أو للأم أو للأبوين، فيقسم المال جميعا عليهم بالسوية.
ومنها: أن يموت الشخص عن عم وعمة، كلاهما للأب، أو كلاهما
للأبوين فالمشهور، أن للعم ضعف ما للعمة، ولا فرق - في ذلك - بين أن يكون
العم أو العمة واحدا أو أكثر من واحد، والأحوط الرجوع إلى الصلح.
ومنها: أن يموت الشخص عن أعمام وعمات للأم، والأحوط في هذه
الصورة هو الرجوع إلى الصلح.
ومنها: أن يموت الشخص عن أعمام وعمات، بعضهم للأبوين
وبعضهم للأب وبعضه للأم، فلا يرثه الأعمام والعمات للأب وإنما يرثه
الباقون، فإذا كان للميت عم واحد للأم، أو عمة واحدة كذلك، فالمشهور على
أنه يعطى السدس، وأخذ الأعمام والعمات للأبوين الباقي يقسم بينهم على
قاعدة: أن للذكر ضعف حظ الأنثى، وإذا كان للميت عم للأم وعمة لها
- معا - أخذا الثلث، وفي تقسيمه بينهما بالسوية أو بالتفاضل إشكال،
والأحوط الرجوع إلى الصلح.
ومنها: أن يموت الشخص عن أعمام وعمات بعضهم للأب وبعضهم
للأم، فيقوم المتقرب بالأب - في هذه الصورة - مقام المتقرب بالأبوين في
الصورة السابقة.
(مسألة) 1293: الأخوال والخالات من الطبقة الثالثة - كما مر -، وإذا
اجتمع منهم المتقربون بالأب والمتقربون بالأم، والمتقربون بالأبوين لم يرث
المتقربون بالأب - أي الخال المتحد مع أم الميت في الأب فقط - وإنما يرثه
الباقون.
426

(مسألة 1294): إذا اجتمع من الأعمام والعمات واحدا أو أكثر، مع
واحد أو أكثر من الأخوال، قسم المال ثلاثة أسهم: فسهم واحد للخؤولة،
وسهمان للعمومة، وإذا لم تكن للميت أعمام وأخوال قامت ذريتهم مقامهم -
على نحو ما ذكرناه في الإخوة - غير أن ابن العم للأبوين يتقدم على العم
للأب، كما تقدم.
(مسألة) 1295: إذا كان ورثة الميت من أعمام أبيه وعماته، وأخواله وخالاته،
ومن أعمام أمه وعماتها، وأخوالها وخالاتها، أعطى ثلث المال
لهؤلاء المتقربين بالأم وفي تقسيمه بينهم بالسوية أو بالتفاضل إشكال، فالأحوط
الرجوع إلى الصلح، وأما الباقي فثلثاه لعم الأب وعمته يقسم بينهما للذكر مثل
حظ الأنثيين، وثلثه للخال والخالة، وفي تقسيمه بينهما بالتفاضل أو بالتسوية
إشكال، فالأحوط الرجوع إلى الصلح، وإذا لم يكن هؤلاء كان الإرث لذريتهم
مع رعاية الأقرب فالأقرب.
إرث الزوج والزوجة
(مسألة) 1296: للزوج نصف التركة إذا لم يكن للزوجة ولد، وله ربع
التركة إذا كان لها ولد ولو من غيره، وباقي التركة يقسم على سائر الورثة،
وللزوجة - إذا مات زوجها - ربع المال إذا لم يكن للزوج ولد، ولها الثمن إذا
كان له ولد ولو من غيرها، والباقي يعطى لسائر الورثة، غير أن الزوجة لها
حكم خاص في الإرث، فإن بعض الأموال لا ترث منها مطلقا، ولا نصيب لها -
لا فيها ولا في قيمتها وثمنها - وهي الأراضي بصورة عامة، كأرض الدار
427

والمزرعة، وما فيها من مجرى القنوات، وبعض الأموال لا ترث منها عينا،
ولكنها ترث منها قيمة، بمعنى أن للوارث دفع القيمة إليها، ويجب عليها
القبول، وذلك في الأشجار والزرع والأبنية التي في الدور وغيرها، فإن سهم
الزوجة في قيمة تلك الأموال، وأما غير تلك الأموال من أقسام التركة فترث منه
الزوجة. كما يرث سائر الورثة.
(مسألة) 1297: لا يجوز لسائر الورثة التصرف فيما ترث منه الزوجة ولو
قيمة - كالأشجار، وبناء الدار - إلا مع الاستيذان منها، كما أنه لا بد لهم لكي
يعطوا الزوجة نصيبها من قيمة البناء والأشجار ونحوها - مما للزوجة نصيب في
قيمته لا في عينه - أن يقوموا البناء والشجر بملاحظته ثابتا في الأرض بدون أجرة
مدى بقائه، ويعطى إرث الزوجة من قيمته المستنبطة على هذا الأساس.
(مسألة) 1298: إذا تعددت الزوجات، قسم الربع أو الثمن عليهن ولو لم
يكن قد دخل بهن أو ببعضهن، ويستثنى من ذلك من لم يدخل بها وكان قد
تزوجها في مرضه الذي مات فيه، فإنها لا ترث منه كما أنه ليس لها المهر، ولكن
الزوج إذا تزوج امرأة في مرض موتها يرث منها ولو لم يدخل بها.
(مسألة) 1299: الزوجان يتوارثان فيما إذا انفصلا بالطلاق الرجعي ما
دامت العدة باقية، فإذا انتهت أو كان الطلاق بائنا فلا توارث.
(مسألة) 1300: إذا طلق الرجل زوجته في حال المرض ومات قبل انقضاء
السنة - أي اثني عشر شهرا هلاليا - ورثت الزوجة عند توفر شروط ثلاثة:
1 - أن لا تتزوج المرأة بغيره إلى موته أثناء السنة، وإذا تزوجت فالأحوط
الصلح
428

2 - أن لا يكون الطلاق بعوض من الزوجة مع كراهتها له، بل يشكل
إرثها منه إذا كان الطلاق بطلب منها، وإن كان من دون بذل عوض.
3 - موت الزوج في ذلك المرض بسببه، فلو برئ من ذلك المرض ومات
بسبب آخر لم ترثه الزوجة، وإذا مات في ذلك المرض بسبب أمر آخر فالأحوط
الصلح.
(مسألة) 1301: ما تستعمله الزوجة من ثياب ونحوها - بسماح من
زوجها لها بذلك - لا تعتبر جزء من التركة وتختص بالزوجة.
مسائل متفرقة في الإرث
(مسألة) 1302: يعطى من تركة الميت للولد الأكبر أو للولدين المتساويين
في العمر - مع عدم وجود أخ أكبر منهما - قرآن الميت وخاتمه وسيفه ولباسه
الذي لبسه. أو أعده للبسه، فإذا تعدد غير اللباس - كما إذا كان له سيفان -
تعين الاحتياط بالصلح مع باقي الورثة.
(مسألة) 1303: إذا كان على الميت دين، فإن كان مستغرقا للتركة وجب
على الولد الأكبر صرف مختصاته الآنفة الذكر في أداء الدين، وجاز له - على
إشكال - فكها بما يخصها من الدين، وإن لم يكن مستغرقا كان عليه المساهمة في
أدائه من تلك المختصات بالنسبة، فلو كان الدين يساوي نصف مجموع التركة
كان عليه صرف نصف تلك المختصات في هذا السبيل، وجاز له فكها بالنسبة.
(مسألة) 1304: يعتبر في الوارث أن يكون مسلما إذا كان المورث كذلك،
429

فلا يرث الكافر من المسلم، وإن ورث المسلم من الكافر، وكذلك يعتبر فيه أن
لا يكون قد قتل مورثه عمدا ظلما، وأما إذا قتله خطأ - كما إذا رمى بحجارة
إلى الهواء فوقعت على مورثه ومات بها - فيرث منه، إلا أن إرثه من الدية محل
نظر.
(مسألة) 1305: الحمل يرث إذا انفصل حيا، وعليه فما دام حملا، إن علم
بوحدته يفرز له نصيب الذكر، ويقسم باقي التركة على سائر الورثة، وإن احتمل
تعدد الحمل، فالمشهور أن يفرز سهم ولدين ذكرين.
والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
ولعنة الله على أعداءهم أعداء الدين
إلى يوم الدين
430