الكتاب: منهاج الصالحين
المؤلف: السيد السيستاني
الجزء: ٣
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٦
المطبعة: ستارة - قم
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني - قم
ردمك:
ملاحظات:

منهاج الصالحين
المعاملات
القسم الثاني
فتاوى
سماحة آية الله العظمى
السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)
1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد
وآله الطيبين الطاهرين الغر الميامين
3

كتاب النكاح
5

وفيه فصول:
الفصل الأول
في استحبابه وآدابه وأحكام النظر واللمس والتستر وما يلحق بها
النكاح من المستحبات المؤكدة، وقد وردت في الحث عليه وذم
تركه أخبار كثيرة، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: " من تزوج أحرز نصف
دينه " وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الاسلام أفضل
من زوجة مسلمة تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب
عنها في نفسها وماله "، وعن الصادق عليه السلام أنه قال: " ركعتان يصليهما
المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها أعزب "، إلى غير ذلك من الأخبار.
مسألة 1: ينبغي أن يهتم الرجل بصفات من يريد التزوج بها، فلا
يتزوج إلا امرأة عفيفة كريمة الأصل صالحة تعينه على أمور الدنيا والآخرة،
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: " اختاروا لنطفكم فإن الخال أحد
الضجيعين "، وعن الصادق عليه السلام لبعض أصحابه حين قال: قد هممت أن
أتزوج: " انظر أين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك
وسرك، فإن كنت لا بد فاعلا فبكرا تنسب إلى الخير وإلى حسن الخلق "،
وعنه عليه السلام: " إنما المرأة قلادة، فانظر ما تتقلد، وليس للمرأة خطر لا
لصالحتهن ولا لطالحتهن، فأما صالحتهن، فليس خطرها الذهب والفضة، هي
7

خير من الذهب والفضة، وأما طالحتهن فليس خطرها التراب، التراب خير
منها ".
ولا ينبغي أن يقصر الرجل نظره على جمال المرأة وثروتها، فعن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " من تزوج امرأة لا يتزوجها إلا لجمالها لم ير فيها ما
يجب (يحب)، ومن تزوجها لمالها لا يتزوجها إلا له وكله الله إليه، فعليكم بذات
الدين " وعنه صلى الله عليه وآله أيضا أنه قال: " أيها الناس إياكم وخضراء الدمن "
قيل: يا رسول الله وما خضراء الدمن؟ قال: " المرأة الحسناء في منبت
السوء ".
مسألة 2: كما ينبغي للرجل أن يهتم بصفات من يختارها للزواج
كذلك ينبغي للمرأة وأوليائها الاهتمام بصفات من تختاره لذلك، فلا تتزوج
إلا رجلا دينا عفيفا حسن الأخلاق، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: " النكاح رق
فإذا أنكح أحدكم وليدة فقد أرقها، فلينظر أحدكم لمن يرق كريمته " وعن
الصادق عليه السلام: " من زوج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها "، وعن
الرضا عليه السلام في جواب من كتب إليه: أن لي قرابة قد خطب إلي وفي خلقه
سوء: " لا تزوجه إن كان سئ الخلق.
مسألة 3: يستحب عند إرادة التزويج صلاة ركعتين والدعاء بالمأثور
وهو: (اللهم إني أريد أن أتزوج فقدر لي من النساء أعفهن فرجا، وأحفظهن
لي في نفسها وفي مالي، وأوسعهن رزقا، وأعظمهن بركة) ويستحب
الاشهاد على العقد والاعلان به والخطبة أمامه، وأكملها ما اشتمل على
التحميد والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام والشهادتين
والوصية بالتقوى والدعاء للزوجين، ويجزي: الحمد لله والصلاة على محمد وآله.
8

ويكره ايقاع العقد والقمر في برج العقرب، وايقاعه في محاق الشهر.
مسألة 4: يستحب أن يكون الزفاف ليلا والوليمة قبله أو بعده،
وصلاة ركعتين عند الدخول، وأن يكونا على طهر، والدعاء بالمأثور بعد أن
يضع يده على ناصيتها وهو: " اللهم على كتابك تزوجتها، وفي أمانتك
أخذتها، وبكلماتك استحللت، فرجها فإن قضيت لي في رحمها شيئا
فاجعله مسلما سويا ولا تجعله شرك الشيطان " وأمرها بمثله، ويسأل الله
تعالى الولد الذكر.
مسألة 5: تستحب التسمية عند الجماع، وأن يكون على وضوء سيما
إذا كانت المرأة حاملا، وإن يسأل الله تعالى أن يرزقه ولدا تقيا مباركا زكيا
ذكرا سويا
ويكره الجماع في ليلة الخسوف، ويوم الكسوف، وعند الزوال إلا
يوم الخميس، وعند الغروب قبل ذهاب الشفق، وفي المحاق، وبعد الفجر
حتى تطلع الشمس، وفي أول ليلة من الشهر إلا شهر رمضان، وفي ليلة
النصف من الشهر وآخره، وعند الزلزلة والريح الصفراء والسوداء.
ويكره مستقبل القبلة ومستدبرها، وفي السفينة، وعاريا، وعقيب
الاحتلام قبل الغسل، ولا يكره معاودة الجماع بغير غسل.
ويكره النظر إلى فرج الزوجة، والكلام بغير ذكر الله وأن يجامع وعنده
من ينظر إليه - حتى الصبي والصبية - ما لم يستلزم محرما وإلا فلا يجوز.
مسألة 6: ينبغي أن لا يرد الخاطب إذا كان ممن يرضى خلقه ودينه،
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا
تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "
9

مسألة 7: يستحب السعي في التزويج والشفاعة فيه وإرضاء الطرفين.
مسألة 8: لا يجوز وطئ الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواما كان
النكاح أو منقطعا، وإما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والتقبيل والضم
والتفخيذ فلا بأس بها، ولو وطئها قبل إكمال التسع ولم يفضها لم يترتب
عليه شئ غير الإثم على الأقوى - والافضاء هو التمزق الموجب لاتحاد
مسلكي البول والحيض أو مسلكي الحيض والغائط أو اتحاد الجميع - ولو
أفضاها لم تخرج عن زوجيته، فتجري عليها أحكامها من التوارث وحرمة
الخامسة وحرمة أختها معها وغيرها، ولكن قيل: يحرم عليه وطؤها أبدا. إلا
أن الأقوى خلافه.، ولا سيما إذا اندمل الجرح - بعلاج أو بغيره - نعم تجب
عليه دية الافضاء، وهي دية النفس إن طلقها، بل وإن لم يطلقها على
المشهور، ولا يخلو عن وجه، وتجب عليه نفقتها ما دامت مفضاة وإن
نشزت أو طلقها، بل وإن تزوجت بعد الطلاق على الأحوط.
ولو دخل بزوجته بعد إكمال التسع فأفضاها لم تحرم عليه ولم تثبت
الدية، ولكن الأحوط وجوب الانفاق عليها كما لو كان الافضاء قبل إكمال
التسع، ولو أفضى غير الزوجة بزناء أو غيره تثبت الدية، ولكن لا إشكال
في عدم ثبوت الحرمة الأبدية وعدم وجوب الانفاق عليها.
مسألة 9: لا يجوز ترك وطئ الزوجة الشابة أكثر من أربعة أشهر إلا
لعذر كالحرج أو الضرر، أو مع رضاها، أو اشتراط تركه عليها حين العقد،
والأحوط عدم اختصاص الحكم بالدائمة فيعم المنقطعة أيضا، كما أن
الأحوط عدم اختصاصه بالحاضر فيعم المسافر، فلا يجوز إطالة السفر من
دون عذر شرعي إذا كان يفوت على الزوجة حقها، ولا سيما إذا لم يكن
10

لضرورة عرفية كما إذا كان لمجرد التنزه والتفرج.
مسألة 10: يجوز العزل - بمعنى افراغ المني خارج القبل حين
الجماع - عن الزوجة المنقطعة وكذا الدائمة على الأقوى، نعم الظاهر
كراهته (1) إلا مع رضاها أو اشتراطه عليها حين العقد، وأما منع المرأة زوجها
من الانزال في قبلها فالأظهر حرمته إلا برضاه أو اشتراطه عليه حين
التزويج، ولكن لا تثبت عليها دية النطفة على الأقوى.
مسألة 11: يجوز لكل من الزوج والزوجة النظر إلى جسد الآخر
ظاهره وباطنه حتى العورة وكذا لمس كل منهما بكل عضو منه كل عضو من
الآخر مع التلذذ وبدونه
مسألة 12: يجوز للرجل النظر إلى ما عدا العورة من مماثله، شيخا
كان المنظور إليه أو شابا، حسن الصورة أو قبيحها ما لم يكن بتلذذ شهوي.
أو مع الريبة، أي خوف الافتتان والوقوع في الحرام، وهكذا الحال في نظر
المرأة إلى ما عدا العورة من مماثلها، وأما العورة - وهي القبل والدبر
والبيضتان، كما مر في أحكام التخلي - فلا يجوز النظر إليها حتى بالنسبة إلى
المماثل، نعم حرمة النظر إلى عورة الكافر والصبي المميز تبتني على
الاحتياط اللزومي.
مسألة 13: يجوز للرجل أن ينظر إلى جسد محارمه - ما عدا العورة

(1) هذا حكم الحرة وأما الأمة فيجوز العزل عنها مطلقا من غير كراهة، وليعلم أن
الموضوع للأحكام المذكورة في هذا الكتاب هو الحر والحرة، وأما العبد والأمة
فيختلفان عنهما في بعض الأحكام، وقد أهملنا - في الغالب - التعرض لأحكامهما
لعدم الابتلاء بها في هذا العصر.
11

من دون تلذذ شهوي ولا ريبة، وكذا يجوز لهن النظر إلى ما عدا العورة من
جسده بلا تلذذ شهوي ولا ريبة، والمراد بالمحارم من يحرم عليه نكاحهن
أبدا من جهة النسب أو الرضاع أو المصاهرة دون غيرها كالزناء واللواط
واللعان.
مسألة 14: لا يجوز للرجل أن ينظر إلى ما عدا الوجه والكفين من
جسد المرأة الأجنبية وشعرها، سواء أكان بتلذذ شهوي أو مع الريبة أم لا،
وكذا إلى الوجه والكفين منها إذا كان النظر بتلذذ شهوي أو مع الريبة، وأما
بدونهما فلا يبعد جواز النظر، وإن كان الأحوط تركه أيضا.
مسألة 15: يحرم على المرأة النظر إلى بدن الرجل الأجنبي بتلذذ
شهوي أو مع الريبة، بل الأحوط لزوما أن لا تنظر إلى غير ما جرت السيرة
على عدم الالتزام بستره كالرأس واليدين والقدمين ونحوها وإن كان بلا
تلذذ شهوي ولا ريبة، وأما نظرها إلى هذه المواضع من بدنه من دون ريبة
ولا تلذذ شهوي فالظاهر جوازه، وإن كان الأحوط تركه أيضا.
مسألة 16: لا يجوز لمس بدن الغير وشعره - عدا الزوج والزوجة -
بتلذذ شهوي أو مع الريبة، وأما اللمس من دونهما فيجوز بالنسبة إلى شعر
المحرم والمماثل وما يجوز النظر إليه من بدنهما، وأما بدن الأجنبي
والأجنبية وشعرهما فلا يجوز لمسهما مطلقا حتى المواضع التي يجوز النظر
إليها - مما تقدم بيانها آنفا - فتحرم المصافحة بين الأجنبي والأجنبية إلا من
وراء الثوب ونحوه
مسألة 17: يحرم النظر إلى العضو المبان من الأجنبي والأجنبية - مما
حرم النظر إليه قبل الإبانة - إذا صدق معه النظر إلى صاحب العضو عرفا،
وأما مع عدمه فالأظهر هو الجواز فيما عدا العورة، وإن كان الترك في غير
السن والظفر أحوط.
12

مسألة 18: يجب على المرأة أن تستر شعرها وما عدا الوجه والكفين
من بدنها عن غير الزوج والمحارم، وأما الوجه والكفان فالأظهر جواز
ابدائهما إلا مع خوف الوقوع في الحرام أو كونه بداعي ايقاع الرجل في
النظر المحرم فيحرم الابداء حينئذ حتى بالنسبة إلى المحارم
هذا في غير المرأة المسنة التي لا ترجو النكاح، وأما هي فيجوز لها
ابداء شعرها وذراعها ونحوهما مما لا يستره الخمار والجلباب عادة ولكن
من دون أن تتبرج بزينة.
مسألة 19: لا يجب على الرجل التستر من الأجنبية وإن كان لا يجوز
لها - على الأحوط - النظر إلى غير ما جرت السيرة على عدم الالتزام بستره
من بدنه كما تقدم
مسألة 20: يستثنى من حرمة النظر واللمس ووجوب التستر في
الموارد المتقدمة صورة الاضطرار، كما إذا توقف استنقاذ الأجنبية من الغرق
أو الحرق أو نحوهما على النظر أو اللمس المحرم فيجوز حينئذ، ولكن إذا
اقتضى الاضطرار النظر دون اللمس أو العكس اقتصر على ما اضطر إليه
وبمقداره لا أزيد.
مسألة 21: إذا اضطرت المرأة - مثلا - إلى العلاج من مرض وكان
الرجل الأجنبي أرفق بعلاجها جاز له النظر إلى بدنها ولمسه بيده إذا توقف
عليهما معالجتها، ومع امكان الاكتفاء بأحدهما - أي اللمس أو النظر - لا يجوز
الآخر كما تقدم
13

مسألة 22: إذا اضطر الطبيب أو الطبيبة في معالجة المريض - غير
الزوج والزوجة - إلى النظر إلى عورته فالأحوط أن لا ينظر إليها مباشرة بل
في المرآة وشبهها، إلا إذا اقتضى ذلك النظر فترة أطول أو لم تتيسر المعالجة
بغير النظر مباشرة.
مسألة 23: يجوز اللمس والنظر من الرجل للصبية غير البالغة - ما
عدا عورتها كما عرف مما مر - مع عدم التلذذ الشهوي والريبة، نعم
الأحوط الأولى الاقتصار على المواضع التي لم تجر العادة بسترها بالملابس
المتعارفة دون مثل الصدر والبطن والفخذ والأليين، كما أن الأحوط الأولى
عدم تقبيلها وعدم وضعها في الحجر إذا بلغت ست سنين.
مسألة 24: يجوز النظر واللمس من المرأة للصبي غير البالغ - ما عدا
عورته كما عرف مما مر - مع عدم التلذذ الشهوي والريبة، ولا يجب عليها
التستر عنه ما لم يبلغ مبلغا يمكن أن يترتب على نظره إليها ثوران الشهوة،
وإلا وجب التستر عنه على الأحوط.
مسألة 25: الصبي والصبية غير المميزين خارجان عن أحكام التستر
وكذا النظر واللمس من غير تلذذ شهوي وريبة، كما أن المجنون غير المميز.
خارج عن أحكام التستر أيضا.
مسألة 26: يجوز النظر إلى النساء المبتذلات - اللاتي لا ينتهين إذا
نهين عن التكشف - بشرط عدم التلذذ الشهوي ولا الريبة، ولا فرق في
ذلك بين نساء الكفار وغيرهن، كما لا فرق فيه بين الوجه والكفين وبين
سائر ما جرت عادتهن على عدم ستره من بقية أعضاء البدن.
14

مسألة 27: الأحوط وجوبا ترك النظر إلى صورة المرأة الأجنبية غير
المبتذلة إذا كان الناظر يعرفها، ويستثنى من ذلك الوجه والكفان فيجوز
النظر إليهما في الصورة بلا تلذذ شهوي ولا ريبة كما يجوز النظر إليهما
مباشرة كذلك.
مسألة 28: يجوز لمن يريد أن يتزوج امرأة أن ينظر إلى محاسنها
كوجهها وشعرها ورقبتها وكفيها ومعاصمها وساقيها ونحو ذلك، ولا يشترط
أن يكون ذلك بإذنها ورضاها.
نعم يشترط: أن لا يكون بقصد التلذذ الشهوي وإن علم أنه يحصل
بالنظر إليها قهرا. وأن لا يخاف الوقوع في الحرام بسببه.. كما يشترط أن لا يكون
هناك مانع من التزويج بها فعلا مثل ذات العدة وأخت الزوجة. ويشترط
أيضا أن لا يكون مسبوقا بحالها، وأن يحتمل اختيارها وإلا فلا يجوز.
والأحوط وجوبا الاقتصار على ما إذا كان قاصدا التزويج بها بالخصوص فلا
يعم الحكم ما إذا كان قاصدا لمطلق التزويج وكان بصدد تعيين الزوجة بهذا
الاختبار، ويجوز تكرر النظر إذا لم يحصل الاطلاع عليها بالنظرة الأولى.
مسألة 29: يجوز سماع صوت الأجنبية مع عدم التلذذ الشهوي ولا
الريبة، كما يجوز لها اسماع صوتها للأجانب إلا مع خوف الوقوع في
الحرام، نعم لا يجوز لها ترقيق الصوت وتحسينه على نحو يكون عادة
مهيجا للسامع وإن كان محرما لها
15

الفصل الثاني
في عقد النكاح وأحكامه
عقد النكاح على قسمين دائم ومنقطع، والعقد الدائم هو:
(عقد لا
تعين فيه مدة الزواج) وتسمى الزوجة فيه ب‍ (الدائمة) والعقد غير الدائم هو:
(عقد تعين فيه المدة) كساعة أو يوم أو سنة أو أكثر أو أقل وتسمى الزوجة.
فيه ب‍ (المتعة) و (المتمتع بها) و (المنقطعة)
مسألة 30: يشترط في النكاح - دواما ومتعة - الايجاب والقبول
اللفظيان، فلا يكفي مجرد التراضي القلبي، ولا الكتابة ولا الإشارة المفهمة
من غير الأخرس، والأحوط لزوما كونهما بالعربية مع التمكن منها، ويكفي
غيرها من اللغات المفهمة لمعنى النكاح والتزويج لغير المتمكن منها وإن
تمكن من التوكيل.
مسألة 31: الأحوط تقديم الايجاب على القبول، وإن كان الأظهر
جواز عكسه أيضا إذا لم يكن القبول بلفظ (قبلت) أو نحوه مجردا عن ذكر
المتعلق، فيصح أن يقول الرجل: (أتزوجك على الصداق المعلوم) فتقول
المرأة: (نعم)، أو يقول الرجل: (قبلت التزوج بك على الصداق المعلوم)
فتقول المرأة: (زوجتك نفسي)
والأحوط أيضا أن يكون الايجاب من جانب المرأة والقبول من
جانب الرجل، وإن كان الأقوى جواز العكس، فيصح أن يقول الرجل:
(زوجتك نفسي على الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (قبلت)
16

مسألة 32: الأحوط أن يكون الايجاب في النكاح الدائم بلفظ النكاح
أو التزويج، وإن كان لا يبعد جواز انشائه بلفظ المتعة أيضا إذا اقترن بما
يدل على إرادة الدوام، كما أن الأحوط أن يكون الايجاب والقبول بصيغة
الماضي، وإن كان الأظهر عدم اعتبارها.
مسألة 33: يجوز الاقتصار في القبول على لفظ (قبلت) أو رضيت
بعد الايجاب من دون ذكر المتعلقات التي ذكرت فيه، فلو قال الموجب
- الوكيل عن الزوجة - للزوج: (أنكحتك موكلتي فلانة على المهر المعلوم)
فقال الزوج: (قبلت) من دون أن يقول: (قبلت النكاح لنفسي على المهر
المعلوم) صح.
مسألة 34: إذا باشر الزوجان العقد الدائم وبعد تعيين المهر قالت
المرأة مخاطبة للرجل: (أنكحتك نفسي، أو أنكحت نفسي منك، أو لك،
على الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلت النكاح) صح العقد، وكذا إذا
قالت المرأة: (زوجتك نفسي، أو زوجت نفسي منك، أو بك، على
الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلت التزويج)
ولو وكلا غيرهما وكان اسم الرجل أحمد واسم المرأة فاطمة مثلا.
فقال وكيل المرأة: (أنكحت موكلك أحمد موكلتي فاطمة، أو أنكحت
موكلتي فاطمة موكلك، أو من موكلك، أو لموكلك أحمد، على الصداق
المعلوم) فقال وكيل الزوج: (قبلت النكاح لموكلي أحمد على الصداق
المعلوم) صح العقد، وكذا لو قال وكيلها، (زوجت موكلك أحمد موكلتي
فاطمة، أو زوجت موكلتي فاطمة موكلك، أو من موكلك، أو بموكلك
أحمد، على الصداق المعلوم) فقال وكيله: (قبلت التزويج لموكلي أحمد
على الصداق المعلوم)
17

ولو كان المباشر للعقد وليهما قال ولي المرأة: (أنكحت ابنك أو
حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة، أو أنكحت ابنتي أو حفيدتي فاطمة
ابنك أو حفيدك، أو من ابنك أو حفيدك، أو لابنك أو حفيدك أحمد) أو
قال ولي المرأة: (زوجت ابنك أو حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة،
أو زوجت ابنتي أو حفيدتي فاطمة ابنك أو حفيدك، أو من ابنك أو حفيدك
أبو بابنك أو حفيدك أحمد على الصداق المعلوم) فقال ولي الزوج: (قبلت
النكاح أو التزويج لابني أو لحفيدي أحمد على الصداق المعلوم) صح العقد،
وتعرف كيفية ايقاع العقد لو كان المباشر له في أحد الطرفين أصيلا وفي
الطرف الآخر وكيلا أو وليا، أو في أحد الطرفين وليا وفي الآخر وكيلا مما
تقدم فلا حاجة إلى التفصيل.
مسألة 35: لا يشترط في لفظ القبول مطابقته لعبارة الايجاب، بل
يصح الايجاب بلفظ والقبول بلفظ آخر، فلو قال: (زوجتك) فقال: (قبلت
النكاح) أو قال: (أنكحتك) فقال: (قبلت التزويج)، صح وإن كان الأحوط
المطابقة.
مسألة 36: إذا لحن في الصيغة بحيث لم تكن معه ظاهرة في المعنى
المقصود لم يكف وإلا كفى وإن كان اللحن في المادة، فيكفي (جوزتك)
في اللغة الدارجة بدل (زوجتك) إذا كان المباشر للعقد من أهل تلك اللغة.
مسألة 37: يعتبر في العقد القصد إلى ايجاد مضمونه، وهو متوقف
على فهم معنى لفظ (زوجت) أو ما يقوم مقامه ولو بنحو الاجمال، ولا
يعتبر العلم بخصوصياته ولا تمييز الفعل والفاعل والمفعول مثلا، فإذا كان
الموجب بقوله (زوجت) قاصدا ايجاد العلقة الخاصة المعروفة التي يطلق
عليها الزواج في اللغة العربية وكان الطرف الآخر قابلا لذلك المعنى كفى.
18

مسألة 38: تشترط الموالاة بين الايجاب والقبول على المشهور،
وتكفي العرفية منها فلا يضر الفصل في الجملة بحيث يصدق معه إن هذا
قبول لذلك الايجاب، كما لا يضر الفصل بمتعلقات العقد من القيود
والشروط وغيرهما وإن كثرت.
مسألة 39: يشترط في صحة النكاح التنجيز، فلو علقه على أمر
مستقبل معلوم الحصول أو متوقع الحصول بطل، وهكذا إذا علقه على أمر
حالي محتمل الحصول إذا كان لا تتوقف عليه صحة العقد، وأما إذا علقه
على أمر حالي معلوم الحصول أو على أمر مجهول الحصول ولكنه كان مما
تتوقف عليه صحة العقد لم يضر، كما إذا قالت المرأة في يوم الجمعة وهي
تعلم أنه يوم الجمعة: (أنكحتك نفسي إن كان اليوم يوم الجمعة) أو قالت:
(أنكحتك نفسي إذا لم أكن أختك)
مسألة 40: يشترط في العاقد المجري للصيغة أن يكون قاصدا
للمعنى حقيقة، فلا عبرة بعقد الهازل والساهي، والغالط والنائم ونحوهم، ولا
بعقد السكران، وشبهه ممن لا قصد له معتدا به. كما يشترط فيه العقل فلا
عبرة بعقد المجنون وإن كان جنونه أدواريا إذا أجرى العقد في دور جنونه.
وكذلك يشترط فيه البلوغ فلا يصح عقد الصبي المميز لنفسه - وإن كان
قاصدا للمعنى - إذا لم يكن بإذن الولي، بل وإن كان بإذنه إذا كان الصبي
مستقلا في التصرف، وأما إذا كان العقد من الولي وكان الصبي وكيلا عنه في
انشاء الصيغة، أو كان العقد لغيره وكالة عنه أو فصولا فأجازه، أو كان لنفسه
فأجازه الولي، أو أجازه هو بعد البلوغ ففي صحته اشكال، فلا يترك مراعاة
مقتضى الاحتياط في مثله.
19

مسألة 41: يشترط في صحة العقد رضا الزوجين واقعا، فلو أذنت
الزوجة متظافرة بالكراهة مع العلم برضاها القلبي صح العقد، كما أنه إذا
علمت كراهتها واقعا وإن تظاهرت بالرضا بطل العقد.
مسألة 42: لو أكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك وأجازا
العقد صح، وكذلك الحال في اكراه أحدهما، والأولى إعادة العقد في كلتا
الصورتين.
مسألة 43: يشترط في صحة العقد تعيين الزوجين على وجه يمتاز
كل منهما عن غيره بالاسم أو الوصف أو الإشارة، فلو قال: (زوجتك
إحدى بناتي) بطل، وكذا لو قال: (زوجت بنتي أحد ابنيك أو أحد هذين)
نعم لو كانا معينين بحسب قصد المتعاقدين، متميزين في ذهنهما وإن
لم يعيناهما عند اجراء الصيغة بالاسم أو الوصف أو الإشارة الخارجية، كما
لو تقاولا على تزويج بنته الكبرى من ابنه الكبير ولكن في مقام إجراء الصيغة
قال: (زوجت بنتي من ابنك) وقبل الآخر، فالظاهر الصحة.
مسألة 44: لو اختلف الاسم مع الوصف أو اختلفا أو أحدهما مع
الإشارة يتبع العقد ما هو المقصود ويلغى ما وقع غلطا وخطأ، فإذا كان
المقصود تزويج البنت الكبرى وتخيل أن اسمها فاطمة وكانت المسماة
بفاطمة هي الصغرى وكانت الكبرى مسماة بخديجة وقال: (زوجتك
الكبرى من بناتي فاطمة) وقع العقد على الكبرى التي اسمها خديجة ويلغى
تسميتها بفاطمة، وإن كان المقصود تزويج فاطمة وتخيل أنها كبرى فتبين
أنها صغرى وقع العقد على المسماة بفاطمة وألغي وصفها بأنها الكبرى
20

وكذا لو كان المقصود تزويج المرأة الحاضرة وتخيل أنها الكبرى واسمها
فاطمة فقال: (زوجتك هذه وهي فاطمة وهي الكبرى من بناتي) فتبين أنها
الصغرى واسمها خديجة وقع العقد على المشار إليها ويلغى الاسم
والوصف، ولو كان المقصود العقد على الكبرى فلما تخيل إن هذه المرأة
الحاضرة هي تلك الكبرى قال: (زوجتك الكبرى وهي هذه) وقع العقد
على تلك الكبرى وتلغى الإشارة، وهكذا.
مسألة 45: يصح التوكيل في النكاح من طرف واحد أو من الطرفين
بتوكيل الزوج أو الزوجة أو كليهما إن كانا كاملين، أو بتوكيل وليهما إذا كانا
قاصرين، ويجب على الوكيل أن لا يتعدى عما عينه الموكل من حيث
الشخص والمهر والخصوصيات الأخرى وإن كانا على خلاف مصلحة
الموكل، فإن تعدى كان فضوليا موقوفا على إجازته، كما تجب عليه مراعاة
مصلحة الموكل فيما فوض أمره إليه من الخصوصيات، فإن تعدى وأتى بما
هو خلاف المصلحة كان فضوليا أيضا.
مسألة 46: إذا وكلت المرأة رجلا في تزويجها ليس له أن يزوجها
من نفسه إلا إذا صرحت بالتعميم أو كان كلامها بحسب متفاهم العرف
ظاهر في العموم بحيث يشمله نفسه
مسألة 47: يجوز أن يكون شخص واحد وكيلا عن الطرفين، كما
يجوز أن يكون الرجل وكيلا عن المرأة في أن يعقدها لنفسه دواما أو متعة.
وإن كان الأحوط استحبابا أن لا يتولى شخص واحد كلا طرفين العقد.
21

مسألة 48: إذا وكلا شخصا في إجراء الصيغة لم تجز لهما
الاستمتاعات الزوجية حتى النظر الذي لا يحل لهما قبل الزواج ما لم يطمئنا
باجراء الوكيل عقد النكاح، ولا يكفي مجرد الظن، وفي كفاية اخبار الوكيل
ما لم يوجب الاطمئنان اشكال، نعم لو علم اجراؤه العقد ولم يعلم أنه أتى
به على الوجه الصحيح أم لا فالظاهر البناء على صحته.
مسألة 49: لا يجوز اشتراط الخيار في عقد النكاح دواما أو انقطاعا
لا للزوج ولا للزوجة، فلو شرطاه بطل الشرط دون العقد على الأظهر،
ويجوز اشتراط الخيار في المهر مع تعيين المدة، فلو فسخ ذو الخيار سقط
المهر المسمى فيكون كالعقد بلا ذكر المهر فيرجع إلى مهر المثل مع
الدخول، هذا في العقد الدائم الذي يصح من دون ذكر المهر، وأما المتعة
التي لا تصح بدونه فالظاهر أنه لا يصح فيها اشتراط الخيار في المهر أيضا
مسألة 50: إذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدقته أو ادعت امرأة
زوجية رجل فصدقها فلا يبعد أن يحكم لهما بذلك مع احتمال الصدق.
فليس لأحد الاعتراض عليهما، من غير فرق بين كونهما بلدين معروفين أو
غريبين.
وأما إذا ادعى أحدهما الزوجية وأنكر الآخر فالبينة على المدعي
واليمين على من أنكر، فإن كان للمدعي بينة حكم له وإلا فله طلب توجيه
اليمين إلى المنكر، فإن حلف المنكر حكم له، وإن نكل عن اليمين ولم
يردها على المدعي - وإن كان ذلك عن غفلة أو جهالة - جاز للحاكم أن
يحكم عليه، كما أن له الولاية على رد اليمين على المدعي استظهارا، وإن
رد المنكر أو الحاكم اليمين على المدعي فحلف حكم له، وإن نكل حكم
عليه، هذا بحسب موازين القضاء، وأما بحسب الواقع فيجب على كل
منهما العمل على ما هو تكليفه بينه وبين الله تعالى
22

مسألة 51: إذا رجع المنكر عن انكاره إلى الاقرار يسمع منه ويحكم
بالزوجية بينهما وإن كان ذلك بعد الحلف على الأقوى.
مسألة 52: إذا ادعى رجل زوجية امرأة وأنكرت فهل لها أن تتزوج
من غيره، وللغير أن يتزوجها ما لم يحرز كذبها قبل فصل الدعوى والحكم
ببطلان دعوى المدعي أم لا؟ فيه أقوال، ولا يبعد التفصيل بين ما إذا كان
ذلك قبل طرح النزاع عند الحاكم الشرعي فيجوز لها وله ذلك، فإن أقام
المدعي بعد العقد عليها بينة حكم له بها وبفساد العقد اللاحق، وإلا فلا
تسمع دعواه، وليس له طلب توجيه اليمين إليها ولا إلى العاقد عليها.
وأما إذا كان ذلك بعد طرح النزاع عند الحاكم فالأحوط لزوما الانتظار
إلى حين فصل النزاع بينهما على النهج المتقدم في المسألة (50).
مسألة 53: يجوز الزواج من امرأة تدعي أنها خلية من الزوج مع
احتمال صدقها، من غير فحص حتى فيما إذا كانت ذات بعل سابقا فادعت
طلاقها أو موته، نعم لو كانت متهمة في دعواها فالأحوط لزوما الفحص عن
حالها.
مسألة 54: إذا غاب الزوج غيبة منقطعة - بحيث لم يعلم موته ولا
حياته - فادعت زوجته حصول العلم لها بموته، ففي جواز الاكتفاء بقولها
لمن أراد الزواج منها وكذا لمن يتوكل عنها في إيقاع العقد عليها اشكال.
والأحوط وجوبا أن لا يتزوج بها إلا من لم يطلع على حالها ولم يدر أنه كان
لها زوج قد فقد ولم يكن في البين إلا دعواها أنها خلية من غير أن تكون
متهمة فيها فيقدم على التزوج بها مستندا إلى قولها، وكذلك الأحوط وجوبا
أن لا يتوكل عنها في تزويجها إلا من كان كذلك.
23

مسألة 55: إذا تزوج امرأة تدعي خلوها عن الزوج ثم ادعى زوجيتها
رجل آخر لم تسمع دعواه إلا بالبينة، فإن أقامها حكم له بها وإلا فليس له
طلب توجيه اليمين إليهما
مسألة 56: إذا ادعت امرأة أنها خلية فتزوجها رجل ثم ادعت بعد ذلك
إنها كانت ذات بعل حين زواجها منه لم تسمع دعواها، نعم لو أقامت
البينة على ذلك فرق بينهما، ويكفي في ذلك أن تشهد بأنها كانت ذات بعل
حين زواجها من الرجل الثاني، ولو من غير تعيين زوج معين.
24

الفصل الثالث
في أولياء العقد
مسألة 57: الأب والجد من طرف الأب لهما الولاية على الطفل
الصغير والصغيرة والمجنون المتصل جنونه بالبلوغ، وأما المنفصل عنه ففي
كون الولاية عليه لهما أو للحاكم الشرعي اشكال، فلا يترك الاحتياط
بتوافقهما مع الحاكم، ولا ولاية عليهم للأم ولا للجد من طرف الأم ولو من
قبل أم الأب بأن كان أبا لأم الأب مثلا، ولا للأخ والعم والخال وأولادهم
مسألة 58: لا يشترط في ولاية الجد حياة الأب ولا موته، فعند
وجودهما معا يستقل كل منهما بالولاية، وإذا مات أحدهما اختصت الولاية
بالآخر، وأيهما سبق في تزويج الصغيرة المولى عليها لم يبق محل لتزويج
الآخر، ولو زوجها كل منهما من شخص فإن علم السابق منهما فهو المقدم
ولغي الآخر، وإن علم التقارن قدم عقد الجد ولغي عقد الأب، وأما لو لم
يعلم الحال واحتمل السبق واللحوق والتقارن - سواء علم تاريخ أحد
العقدين وجهل تاريخ الآخر أم جهل التاريخان معا - فيعلم اجمالا بكون
الصغيرة زوجة لأحد الشخصين أجنبية عن الآخر فلا يصح تزويجها
بغيرهما كما ليس للغير أن يتزوجها، وأما حالها بالنسبة إلى الشخصين
وحالهما بالنسبة إليها فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما ولو بأن يطلقها
أحدهما ويجدد الآخر نكاحها.
مسألة 59: يشترط في صحة تزويج الأب والجد ونفوذه عدم
المفسدة، بل الأحوط الأولى مراعاة المصلحة فيه، وإلا يكون فضوليا
25

كالأجنبي يتوقف صحة عقده على الإجازة بعد البلوغ أو الإفاقة، والمناط
في كون التزويج خاليا عن المفسدة كونه كذلك في نظر العقلاء لا بالنظر إلى
واقع الأمر، فلو زوجه باعتقاد عدم المفسدة فتبين أنه ليس كذلك في نظر
العقلاء لم يصح، ولو تبين أنه ليس كذلك بالنظر إلى واقع الأمر صح إذا كان
خاليا عن المفسدة في نظر العقلاء.
مسألة 60: إذا زوج الأب أو الجد للأب الصغير أو الصغيرة مع مراعاة
ما تقدم فهو وإن كان صحيحا ولكن يحتمل معه ثبوت الخيار للمعقود عليه
بعد البلوغ والرشد، فلو فسخ فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق
مسألة 61: لو زوج الأب أو الجد للأب صغيرا، فإن لم يكن له مال
حين العقد كان المهر على من زوجه، وإن كان له مال فإن ضمنه من زوجه
كان عليه أيضا، وإن لم يضمنه كان في مال الطفل إذا لم يكن أزيد من مهر
المثل أو كانت مصلحة في تزويجه بأكثر منه. وإلا فالأظهر صحة العقد
وتوقف ثبوت المهر المسمى في مال الطفل على إجازته بعد البلوغ، فإن لم
يجز ثبت عليه مهر المثل.
مسألة 62: إذا زوج الولي المولى عليه بمن له عيب، فإن كان فيه
مفسدة بالنسبة إليه كان فضوليا فلا ينفذ إلا بإجازته بعد كماله كما مر، وإلا
وقع صحيحا، نعم إذا كان من العيوب المجوزة للفسخ ثبت الخيار للمولى
عليه بعد كماله كما يثبت للولي قبله إذا كان جاهلا بالحال
مسألة 63: هل للوصي - أي القيم من قبل الأب والجد على الصغير
والصغيرة - الولاية على تزويجهما مع نص الموصي عليه أو شمول الوصية
له بالطلاق أم لا؟ فيه اشكال، فلا تترك مراعاة الاحتياط بتوافقه مع الحاكم
الشرعي إذا دعت الضرورة إلى تزويجهما
26

مسألة 64: لا ولاية للحاكم الشرعي في تزويج الصغير ذكرا كان أو
أنثى مع فقد الأب والجد، نعم إذا دعت الضرورة إلى تزويجه بحيث ترتبت
على تركه مفسدة يلزم التحرز عنها كانت له الولاية عليه من باب الحسبة
فيراعي حدودها، فلو اقتضت الضرورة تزويجه ولو بالعقد المنقطع لفترة
قصيرة لم يتجاوزها إلى مدة أطول فضلا عن العقد الدائم، وهكذا الحال في
سائر الخصوصيات، هذا مع فقد الوصي للأب أو الجد وإلا فلا يترك
الاحتياط بتوافقه مع الحاكم كما تقدم.
مسألة 65: إذا دعت الضرورة إلى تزويج من بلغ مجنونا ولم يكن له
أب ولا جد كانت الولاية في ذلك للحاكم الشرعي إذا لم يوجد الوصي
لأحدهما المفوض إليه ذلك، وإلا فلا يترك الاحتياط بتوافق الحاكم والوصي
في ذلك: ولو دعت الضرورة إلى تزويج من تجدد جنونه بعد بلوغه ولم
يكن له أب ولا جد فالولاية في ذلك للحاكم الشرعي أيضا، نعم إذا كان
تجدد جنونه في حياة الأب أو الجد ووجد الوصي لأحدهما المفوض إليه
ذلك فلا يترك الاحتياط بتوافقه مع الحاكم الشرعي في ذلك.
مسألة 66: الظاهر أنه لا ولاية لأحد على السفيه في أمر زواجه على
وجه الاستقلال ولكن استقلاله فيه أيضا محل اشكال، وإن لم يكن سفيها
في الماليات بل في أمر التزويج وخصوصياته من تعيين الزوجة وكيفية
الامهار ونحو ذلك، فالأحوط له الاستئذان من أبيه أو جده ومع فقدهما فمن
الحاكم، هذا فيمن اتصل سفهه بالبلوغ، وأما المنفصل عنه فالأحوط له
الاستئذان من الحاكم مضافا إلى الأب أو الجد على تقدير وجوده. هذا
27

حكم السفيه، وأما السفيهة فلا يصح زواجها من دون إذن وليها على
الأظهر، وهل له أن يزوجها من دون رضاها؟ الظاهر العدم إذا كانت ثيبا،
وأما إذا كانت بكرا ففيه اشكال فلا تترك مراعاة الاحتياط في ذلك.
مسألة 67: لا ولاية للأب ولا الجد للأب على البالغ الرشيد، ولا على
البالغة الرشيدة إذا كانت ثيبا، وأما إذا كانت بكرا فإن كانت مالكه لأمرها
ومستقلة في شؤون حياتها لم يكن لأبيها ولا جدها لأبيها أن يزوجها من
دون رضاها على الأقوى، وهل لها أن تتزوج من دون إذن أحدهما؟ فيه
اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه. وأما إذا كانت غير مستقلة في
شؤون حياتها فليس لها أن تتزوج من دون إذن أبيها أو جدها لأبيها على
الأظهر، وهل لأبيها أو جدها لأبيها أن يزوجها من دون رضاها؟ فيه اشكال
فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 68: لا فرق فيما تقدم من اشتراط إذن الولي في زواج الباكرة
الرشيدة بين الزواج الدائم والمنقطع ولو مع اشتراط عدم الدخول في ضمن
العقد.
مسألة 69: يسقط اعتبار إذن الأب أو الجد للأب في نكاح الباكرة
الرشيدة إذا منعاها من الزواج بكفئها شرعا وعرفا، أو اعتزالا التدخل في
أمر زواجها مطلقا، أو سقطا عن أهلية الإذن لجنون أو نحوه، وكذا إذا لم
تتمكن من استئذان أحدهما لغيابهما مثلا فإنه يجوز لها الزواج حينئذ مع
حاجتها الملحة إليه فعلا من دون إذن أحدهما.
مسألة 70: المقصود بالبكر - هنا - من لم يدخل بها زوجها، فمن
تزوجت ومات عنها زوجها أو طلقها قبل أن يدخل بها فهي بكر، وكذا من
28

ذهبت بكارتها بغير وطئ من وثبة أو نحوها، وأما إن ذهبت بالزناء أو
بالوطئ شبهة فهي بمنزلة البكر على الأظهر، وأما من دخل بها زوجها فهي
ثيبة وإن لم يفتض بكارتها على الأصح.
مسألة 71: ينبغي للمرأة المالكة أمرها أن تستأذن أباها أو جدها، وإن
لم يكونا فأخذها، وإن تعدد الأخ قدمت الأكبر
مسألة 72: يشترط في ولاية الأولياء - مضافا إلى العقل - الاسلام إذا
كان المولى عليه مسلما فلا ولاية للأب والجد إذا جنا، ولو جن أحدهما
اختصت الولاية بالآخر، وكذا لا ولاية للأب الكافر على ولده المسلم،
فتكون للجد إذا كان مسلما، والظاهر ثبوت ولايته على ولده الكافر إذا لم
يكن له جد مسلم وإلا فتكون الولاية له دونه
مسألة 73: العقد الصادر من غير الوكيل والولي - المسمى بالفضولي -
يصح مع الإجازة، سواء أكان فضوليا من الطرفين أم من أحدهما - وسواء
أكان المعقود عليه صغيرا أم كبيرا، وسواء أكان العاقد قريبا للمعقود عليه
كالأخ والعم والخال أم أجنبيا. ومنه العقد الصادر من الولي أو الوكيل على
غير الوجه المأذون فيه، بأن عقد الولي مع اشتماله على مفسدة للصغير، أو
عقد الوكيل على خلاف ما عينه الموكل.
مسألة 74: إذا كان المعقود له ممن يصح منه العقد لنفسه - بأن كان
بالغا عاقلا - فإنما يصح العقد الصادر من الفضولي بإجازته، وإن كان ممن
لا يصح منه العقد وكان مولى عليه - بأن كان صغيرا أو مجنونا - فيصح
بإجازة وليه في زمان قصوره، أو إجازته بنفسه بعد كماله، فلو أوقع الأجنبي
عقدا على الصغير أو الصغيرة وقفت صحة عقده على إجازتهما له بعد
29

بلوغهما رشدهما، إن لم يجز أبوهما أو جدهما في حال صغرهما، فأي من
الإجازتين حصلت كفت، نعم يعتبر في صحة إجازة الولي ما اعتبر في
صحة عقده، فلو أجاز العقد الواقع مع اشتماله على مفسدة للصغير لغت
إجازته وانحصر الأمر في إجازته بنفسه بعد بلوغه ورشده.
مسألة 75: ليست الإجازة على الفور، فلو تأخرت عن العقد بزمن
طويل صحت، سواء أكان التأخير من جهة الجهل بوقوعه أو لأجل التروي
أو الاستشارة أو غير ذلك
مسألة 76: لا أثر للرد بعد الإجازة بلا اشكال فإن العقد يلزم بها،
وأما الإجازة بعد الرد فالمشهور أنه لا أثر لها ولكنه لا يخلو عن اشكال فلا
يترك مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 77: إذا كان أحد الزوجين كارها حال العقد لكن لم يصدر منه
رد له فالظاهر أنه يصح لو أجاز بعد ذلك، وكذا لو استؤذن فنهى ولم يأذن
ومع ذلك أوقع الفضولي العقد فإنه يصح بالإجازة اللاحقة على الأصح.
مسألة 78: يكفي في الإجازة المصححة لعقد الفضولي كل قول دال
على الرضا بذلك العقد، بل يكفي الفعل الدال عليه.
مسألة 79: لا يكفي الرضا القلبي في صحة العقد وخروجه عن
الفضولية وعدم الاحتياج إلى الإجازة، فلو كان حاضرا حال العقد راضيا به
إلا أنه لم يصدر منه قول أو فعل يدل على رضاه فالظاهر أنه من الفضولي،
فله أن لا يجيزه ويرده، نعم في خصوص البكر إذا ظهر من حالها الرضا
وإنما سكتت ولم تنطق بالإذن لحيائها كفى ذلك وكان سكوتها إذنها.
30

مسألة 80: لا يعتبر في وقوع العقد، فضوليا قصد الفضولية، ولا
الالتفات إليها، بل المناط في الفضولية كون العقد صادرا ممن لا يحق له
اجراؤه وإن تخيل خلاف ذلك، فلو اعتقد كونه وليا أو وكيلا وأوقع العقد
فتبين خلافه كان من الفضولي ويصح بالإجازة، كما أنه لو اعتقد أنه ليس
بولي أو نسي كونه وكيلا فأوقع العقد بعنوان الفضولية فتبين خلافه صح
العقد ولزم بلا توقف على الإجازة.
مسألة 81: إذا زوج صغيران فضولا فإن أجاز وليهما قبل بلوغهما أو
أجازا بعد بلوغهما أو بالاختلاف - بأن أجاز ولي أحدهما قبل بلوغه وأجاز
الآخر بعد بلوغه - ثبتت الزوجية وتترتب جميع أحكامها، وإن رد وليهما
قبل بلوغهما أو رد ولي أحدهما قبل بلوغه أو ردا بعد بلوغهما أو رد
أحدهما بعد بلوغه بطل العقد من أصله على ما تقدم، فلا يترتب عليه أثر
أصلا من توارث وغيره من سائر الآثار وكذا لو ماتا أو مات أحدهما قبل
الإجازة، نعم لو بلغ أحدهما وأجاز ثم مات قبل بلوغ الآخر وإجازته يعزل
من تركته مقدار ما يرث الآخر على تقدير الزوجية، فإن بلغ وأجاز يدفع إليه
لكن بعد ما يحلف على أنه لم تكن إجازته إلا عن الرضا بالزواج لا للطمع
في الإرث، وإن لم يجز أو أجاز ولم يحلف على ذلك لم يدفع إليه بل يرد
إلى الورثة، والظاهر أن الحاجة إلى الحلف إنما هو فيما إذا كان متهما بأن
إجازته لأجل الإرث، وأما مع عدمه - كما إذا أجاز مع الجهل بموت الآخر.
أو كان الباقي هو الزوج وكان نصف المهر اللازم عليه على تقدير الزوجية
أزيد مما يرث - يدفع إليه بدون الحلف.
مسألة 82: كما يترتب الإرث على تقدير الإجازة والحلف تترتب
الآثار الأخر المترتبة على الزوجية أيضا من المهر وحرمة الأم وحرمتها على
31

أب الزوج إن كانت هي الباقية وغير ذلك، بل يمكن أن يقال بترتب
تلك الآثار بمجرد الإجازة من غير حاجة إلى الحلف وإن كان متهما، فيفرق
بين الإرث وسائر الآثار على اشكال بالنسبة إلى استحقاق المهر إذا كانت
الباقية هي الزوجة فلا يترك الاحتياط فيه.
مسألة 83: الظاهر جريان هذا الحكم في كل مورد مات فيه من لزم
العقد من طرفه وبقي من تتوقف زوجيته على إجازته، كما إذا زوج أحد
الصغيرين الولي وزوج الآخر الفضولي فمات الأول قبل بلوغ الثاني
وإجازته، نعم قد يشكل جريان الحكم فيما لو كانا كبيرين فأجاز أحدهما
ومات قبل إجازة الثاني، ولكن الأقرب جريانه فيه أيضا، وإن كان لزوم
الحلف على المجيز لو كان متهما مبنيا فيه على الاحتياط
مسألة 84: إذا كان العقد فضوليا من أحد الطرفين فهل يكون لازما
من طرف الأصيل قبل إجازة الطرف الآخر ورده، فلو كان زوجا يحرم عليه
نكاح أم المرأة وأختها مثلا، ولو كانت زوجة يحرم عليها الزواج بغيره، أم
لا؟ فيه اشكال، وإن كان الأقرب عدم كونه لازما من قبله فيجوز له الغاؤه
وينفذ جميع تصرفاته المنافية لمقتضاه إذا أتى بها بعنوان الرجوع عنه، فلا
يبقى محل لإجازة الطرف الآخر بعده.
مسألة 85: إذا زوج الفضولي امرأة برجل من دون اطلاعها وتزوجت
هي برجل آخر صح ولزم الثاني ولم يبق محل لإجازة الأول، وكذا لو زوج
الفضولي رجلا بامرأة من دون اطلاعه وتزوج هو ببنتها أو أختها ثم علم.
مسألة 86: لو زوج فضوليان امرأة كل منهما برجل، كانت بالخيار في
إجازة أيهما شاءت وإن شاءت ردتهما، سواء أتقارن العقدان أم تقدم
32

أحدهما على الآخر، وكذلك الحال فيما إذا زوج أحد الفضوليين رجلا
بامرأة والآخر بأمها أو بنتها أو أختها فإن له إجازة أيهما شاء أوردهما
مسألة 87: لو وكلت المرأة رجلين في تزويجها فزوجها كل منهما
برجل، فإن سبق أحدهما صح ولغي الآخر، وإن تقارنا بطلا معا، ولو لم يعلم
الحال واحتمل السبق والاقتران حكم ببطلانهما أيضا سواء أعلم تاريخ
أحدهما وجهل تاريخ الآخر أم جهل التاريخان معا على الأظهر، وأما لو علم
السبق واللحوق ولم يعلم السابق من اللاحق سواء أعلم تاريخ أحدهما أم
جهل تاريخهما جميعا فيعلم اجمالا بصحة أحد العقدين وكون المرأة زوجة
لأحد الرجلين أجنبية عن الآخر، فليس لها أن تتزوج بغيرهما ولا للغير أن
يتزوج بها لكونها ذات بعل قطعا، وأما حالها بالنسبة إلى الشخصين
وحالهما بالنسبة إليها فلا تجوز لها المعاشرة الزوجية مع أي منهما كما ليس
لأيهما مطالبتها بذلك ما دام الاشتباه، وحينئذ فإن رضيت بالصبر على هذا الحال
فهو وإلا فحيث يكون ابقاؤها كذلك موجبا للاخلال بحق واجب للزوجة على
الزوج فالأحوط لزوما أن يطلقاها أو يطلقها أحدهما ويتزوجها الآخر برضاها
مسألة 88: إذا ادعى أحد الرجلين المعقود لهما سبق عقده، فإن
صدقته المرأة حكم بزوجيتها له سواء صدقه الآخر أو قال: لا أدري، وأما
إن لم تصدقه المرأة وقالت: لا أدري، ففي الحكم بزوجيتها له اشكال - وإن
صدقه الآخر - ما لم يقم البينة على دعواه، ولو ادعى أحدهما السبق وصدقه
الآخر ولكن كذبته المرأة وادعت سبق عقد الثاني، كانت الدعوى بينها وبين
كلا الرجلين، فالرجل الأول يدعي زوجيتها وصحة عقده، وهي تنكر
زوجيته وتدعي فساد عقده، وتنعكس الدعوى بينها الرجل الثاني
33

حيث إنه يدعي فساد عقده وهي تدعي صحته، ففي الدعوى الأولى تكون
هي المدعية والرجل هو المنكر، وفي الثانية بالعكس، فإن أقامت البينة على
فساد عقد الأول المستلزم لصحة عقد الثاني حكم لها بزوجيتها للثاني دون
الأول، وإن أقام الرجل الثاني بينة على فساد عقده يحكم بعدم زوجيتها له
وثبوتها للأول، وإن لم تكن بينة يتوجه الحلف إلى الرجل الأول في
الدعوى الأولى، وإلى المرأة في الدعوى الثانية، فإن حلف الأول ونكلت
المرأة حكم بزوجيتها للأول، وإن كان العكس بأن حلفت هي دونه حكم
بزوجيتها للثاني، وإن حلفا معا فالمرجع هو القرعة.
وإن ادعى كل من الرجلين سبق عقده، فإن قالت الزوجة: لا أدري،
تكون الدعوى بين الرجلين، فإن أقام أحدهما بينة دون الآخر حكم له
بزوجيتها، وإن أقام كل منهما بينة تعارضت البينتان فمع ترجح إحداهما
بالعدد والعدالة بل بمطلق المزية في الشاهد - يتوجه الحلف إلى صاحبها،
فإن حلف حكم له بزوجية المرأة، ومع تساوي البينتين يقرع لتعيين من
يوجه الحلف إليه من الرجلين، فيوجه إلى من تخرج القرعة باسمه فإن
حلف يحكم له بزوجيتها، ومع رده يوجه إلى الآخر، فإن حلف حكم له
بها على الأظهر، وإن لم تكن بينة يتوجه الحلف إليهما، فإن حلف أحدهما
حكم له، وإن حلفا أو نكلا يرجع إلى القرعة في تعيين زوجها منهما، وإن
صدقت المرأة أحدهما كان أحد طرفي الدعوى من لم تصدقه المرأة
والطرف الآخر الرجل الآخر مع المرأة فمع إقامة البينة من أحد الطرفين أو
من كليهما يكون الحكم كما مر، وأما مع عدمها وانتهاء الأمر إلى الحلف
فإن حلف من لم تصدقه المرأة يحكم له على كل من المرأة والرجل الآخر،
34

وأما مع حلف من صدقته فلا يترتب على حلفه سقوط دعوى الرجل الآخر
على الزوجة بل لا بد من حلفها أيضا.
مسألة 89: إذا زوجه أحد الوكيلين بامرأة فدخل بها وزوجه الآخر
ببنتها، فإن سبق عقد الأم والدخول بها بطل عقد البنت، ولو سبق عقد
البنت وإن لم يدخل بها بطل عقد الأم، وإن لم يعلم السابق من اللاحق فقد
علم اجمالا بصحة أحد العقدين وبطلان الآخر فلا تجوز له الاستمتاعات
الزوجية من أيتهما ما دام الاشتباه كما لا يجوز لهما التمكين له. نعم يجوز له
النظر إليهما بلا تلذذ شهوي، ولا يجب عليهما التستر عنه كما تتستران عن
الأجنبي فإنه بالنسبة إلى الأم إما زوجها أو زوج بنتها وبالنسبة إلى البنت أما
زوجها أو زوج أمها المدخول بها.
وحينئذ فإن طلقهما أو طلق الزوجة الواقعية منهما أو رضيتا بالصبر
على هذا الحال بلا حق المعاشرة الثابت للزوجة فلا إشكال، وإن لم يطلق
ولم ترضيا بالصبر أجبره الحاكم الشرعي على الطلاق. وإنما فرضنا مورد
الكلام ما إذا كان عقد البنت - على تقدير تأخره عن عقد الأم - واقعا بعد
الدخول بالأم، لأن بطلان عقد البنت بعد العقد على أمها من دون دخول
غير معلوم بل يحتمل العكس، وكذا الحال فيما لو تقارن العقدان فإن
بطلانهما معا غير ثابت بل يحتمل صحة عقد البنت. والمسألة محل
للاحتياط اللزومي في الصورتين، ويكفي في الاحتياط في الصورة الأولى أن
يطلق الأم ويجدد العقد على البنت، وفي الصورة الثانية أن يجدد العقد على
البنت ولا حاجة إلى طلاق الأم لبطلان عقدها على كل تقدير وفي
الصورتين إن لم يجدد العقد على البنت احتاط بترك نكاح الأم أبدا.
35

الفصل الرابع
في أسباب التحريم
أعني ما بسببه يحرم ولا يصح تزويج الرجل بالمرأة ولا يقع الزواج.
بينهما، وهي عدة أمور:
الأمر الأول: النسب
مسألة 90: يحرم بالنسب سبعة أصناف من النساء على سبعة أصناف
من الرجال.
1 - الأم، وتشمل الجدات مهما علون لأب كن أو لأم، فتحرم المرأة
على ابنها، وعلى ابن ابنها، وابن ابن ابنها، وعلى ابن بنتها، وابن بنت
بنتها، وابن بنت ابنها، وابن ابن بنتها وهكذا، وبالجملة تحرم على كل ذكر
ينتمي إليها بالولادة، سواء أكان بلا واسطة أم بواسطة أو وسائط، وسواء
أكانت الوسائط ذكورا أم إناثا أم بالاختلاف.
2 - البنت، وتشمل الحفيدة ولو بواسطة أو وسائط، فتحرم على أبيها
بما في ذلك الجد لأب كان أم لأم، فتحرم على الرجل بنته، وبنت ابنه،
وبنت ابن ابنه، وبنت بنته، وبنت بنت بنته، وبنت ابن بنته، وبنت بنت ابنه
وهكذا، وبالجملة كل أنثى تنتمي إليه بالولادة بلا واسطة أم بواسطة أو
وسائط ذكورا كانوا أو إناثا أو بالاختلاف.
3 - الأخت، لأب كانت أو لأم أو لهما
4 - بنت الأخ، سواء أكان لأب أم لأم أم لهما، وهي كل امرأة تنتمي
36

بالولادة إلى أخيه بلا واسطة أو معها وإن كثرت، سواء أكان الانتماء إليها
بالآباء أم الأمهات أم بالاختلاف، فتحرم عليه بنت أخيه، وبنت ابنه، وبنت
ابن ابنه، وبنت بنته، وبنت بنت بنته، وبنت ابن بنته وهكذا
5 - بنت الأخت، وهي كل أنثى تنتمي إلى أخته بالولادة على النحو
الذي ذكر في بنت الأخ.
6 - العمة، وهي أخت الأب لأب أو لأم أو لهما، والمراد بها ما
يشمل العاليات، أي: عمة الأب، وهي أخت الجد للأب لأب أو لأم أو
لهما، وعمة الأم، وهي أخت أبيها لأب أو لأم أو لهما، وعمة الجد للأب
والجد للأم ولهما، والجدة كذلك فمراتب العمات هي مراتب الآباء، فهي
كل أنثى تكون أختا لأب الشخص أو لذكر ينتمي إليه بالولادة من طرف أبيه
أو أمه أو كليهما.
7 - الخالة، والمراد بها أيضا ما يشمل العاليات، فهي كالعمة إلا أنها
أخت لإحدى أمهات الرجل ولو من طرف أبيه، والعمة أخت أحد آبائه ولو
من طرف أمه، فأخت جدته للأب خالته حيث إنها خالة لأبيه، وأخت جده
للأم عمته حيث إنها عمة أمه.
مسألة 91: لا تحرم عمة العمة ولا خالة الخالة ما لم تدخلا في
عنواني العمة والخالة ولو بالواسطة، وهما قد تدخلان فيهما فتحرمان، كما
إذا كانت عمتك أختا لأبيك لأب وأم أو لأب ولأبي أبيك أخت لأب أو لأم
أو لهما، فهذه عمة لعمتك بواسطة وعمة لك معها، وكما إذا كانت
خالتك أختا لأمك لأمها أو لأمها وأبيها وكانت لأم أمك أخت، فهي خالة
لخالتك بلا واسطة وخالة لك معها.
37

وقد لا تدخلان فيهما فلا تحرمان، كما إذا كانت عمتك أختا لأبيك
لأمه لا لأبيه وكانت لأبي الأخت أخت فالأخت الثانية عمة لعمتك وليس
بينك وبينها نسب أصلا، وكما إذا كانت خالتك أختا لأمك لأبيها لا لأمها
وكانت لأم الأخت أخت، فهي خالة لخالتك وليست خالتك ولو مع
الواسطة.
وكذلك أخت الأخ أو الأخت إنما تحرم إذا كانت أختا لا مطلقا، فلو
كان لك أخ أو أخت لأبيك وكانت لأمه أو لأمها بنت من زوج آخر فهي
أخت لأخيك أو أختك وليست أختا لك لا من طرف أبيك ولا من طرف
أمك فلا تحرم عليك.
مسألة 92: النسب على قسمين:
1 - شرعي، وهو ما حصل بسبب غير الزناء سواء أكان هو الوطئ
المستحق ذاتا وإن حرم بالعارض، كوطئ الزوجة أيام حيضها أو في حال
الاعتكاف أو الاحرام، أم كان غيره كالوطئ عن شبهة، أو غير الوطئ من
طرق تلقيح المرأة بماء الرجل
2 - غير شرعي، وهو ما حصل بسبب الزناء والسفاح
وحرمة النكاح كسائر الأحكام المترتبة على عنوان النسب - عدا
التوارث - تعم كلا القسمين، فلو زنى بامرأة فولدت منه ذكرا أو أنثى لم
يجز النكاح بينهما، وكذا بين كل منهما وبين أولاد الزاني والزانية، وكذا
تحرم الزانية وأمها وأم الزاني وأختها وأخته على الذكر، وتحرم الأنثى على
الزاني وأبيه وإخوانه وأجداده وأخواله وأعمامه.
مسألة 93: المقصود بالوطء عن شبهة هو: الوطئ الذي ليس بمستحق
38

شرعا مع الجهل بذلك، سواء أكان جهلا بالحكم أم بالموضوع، وسواء
أكان الجاهل قاصرا أم مقصرا ما لم يكن مترددا، وفي حكم الجاهل القاصر
من اعتمد في استحقاق الوطئ على طريق شرعي تبين خطأه لاحقا
كالاجتهاد والتقليد، وحكم الحاكم، والبينة، واخبار المرأة في مورد جواز
الاعتماد على قولها.
ويلحق بوطئ الشبهة وطئ المجنون والنائم وشبههما دون السكران إذا
كان سكره بشرب المسكر عن عصيان.
الأمر الثاني: الرضاع
إذا أرضعت امرأة ولد غيرها أوجب ذلك حرمة النكاح بين عدد من
الرجال والنساء على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى ويتوقف انتشار الحرمة به
على توفر عدة شروط:
الأول: حصول اللبن للمرضعة من ولادة شرعية وإن كان عن وطئ
شبهة على الأظهر فلو در اللبن من المرأة من دون ولادة، أو ولدت من
الزناء فأرضعت بلبنها طفلا لم ينشر الحرمة.
مسألة 94: تنتشر الحرمة بحصول الرضاع بعد ولادة المرضعة ووضع
حملها، سواء وضعته تاما أم سقطا مع صدق الولد عليه عرفا، وأما الرضاع
السابق على الولادة فلا أثر له في التحريم وإن حصل قبيلها على الأظهر
مسألة 95: لو ولدت المرأة ولم ترضع فترة ثم أرضعت طفلا فإن
قصرت الفترة بحيث استند اللبن المتجدد إلى ولادتها كان موجبا للحرمة
وإن علم جفاف الثدي قبله، وأما إن كانت الفترة طويلة بحيث لا يستند
39

اللبن معها إلى الولادة فلا يوجب التحريم سواء جف الثدي قبله أم لا.
مسألة 96: لا يعتبر في نشر الحرمة بالرضاع بقاء المرأة في عصمة
الرجل، فلو طلقها الزوج أو مات عنها وهي حامل منه أو مرضع فأرضعت ولدا
نشر الحرمة حتى وإن تزوجت ودخل بها الزوج الثاني ولم تحمل منه أو حملت
منه وكان اللبن بحاله لم ينقطع بشرط أن يتم الرضاع قبل أن تضع حملها
الثاني: حصول الارتضاع بامتصاص الطفل من الثدي ولو بالاستعانة
بآلة، فإذا ألقي اللبن في فم الطفل أو شرب اللبن المحلوب من المرأة ونحو
ذلك لم ينشر الحرمة.
الثالث: حياة المرضعة، فلو كانت المرأة ميتة حال ارتضاع الطفل
منها ولو في بعض الرضعات المعتبرة في التحريم لم ينشر الحرمة، ولا يضر
كونها نائمة أو مجنونة كما لا يضر كونها مكرهة أو مريضة أو قليلة اللبن.
الرابع: عدم تجاوز الرضيع للحولين، فلو رضع أو أكمل الرضاع بعد
استكمال السنتين لم ينشر الحرمة، وأما المرضعة فلا يلزم في تأثير ارضاعها
أن يكون دون الحولين من ولادتها على الأقوى.
مسألة 97: المراد بالحولين أربعة وعشرون شهرا هلاليا من حين
الولادة، ولو وقعت في أثناء الشهر يكمل من الشهر الخامس والعشرين
بمقدار ما مضى من الشهر الأول، فلو ولد في العاشر من شهر يكمل حولاه
في العاشر من الشهر الخامس والعشرين.
الخامس: خلوص اللبن، فالممزوج في فم الطفل بشئ آخر - مائع
كاللبن والدم، أو جامد كفتيت السكر - لا ينشر الحرمة، إلا إذا كان الخليط.
مستهلكا عرفا.
40

السادس: كون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسبا بتمامه إلى رجل
واحد، فلو طلق الرجل زوجته وهي حامل أو بعد ولادتها منه، فتزوجت
شخصا آخر وحملت منه، وقبل أن تضع حملها أرضعت بلبن ولادتها
السابقة من زوجها الأول ثمان رضعات مثلا وأكملت بعد وضعها لحملها
بلبن ولادتها الثانية من زوجها الأخير بسبع رضعات من دون تخلل رضاع
امرأة أخرى في البين - بأن يتغذى الولد في هذه المدة المتخللة بالمأكول
والمشروب - لم ينشر الحرمة
السابع: وحدة المرضعة، فلو كان لرجل واحد زوجتان ولدتا منه
فارتضع الطفل من أحدهما سبع رضعات ومن الأخرى ثمان رضعات مثلا
لم ينشر الحرمة.
الثامن: بلوغ الرضاع حد انبات اللحم وشد العظم، ويكتفى مع
الشك في حصوله برضاع يوم وليلة أو بما بلغ خمس عشرة رضعة، وأما
مع القطع بعدم حصوله وتحقق أحد التقديرين - الزماني والكمي - فلا تترك
مراعاة مقتضى الاحتياط.
مسألة 98: يعتبر في إنبات اللحم وشد العظم استقلال الرضاع في
حصولهما على وجه ينسبان إليه، فلو تغذى الطفل به وبغيره على وجه
ينسبان إليهما معا لم ينشر الحرمة، نعم لا بأس بالتغذي بشئ يسير من
غير اللبن مما لا ينافي استقلال اللبن في التأثير.
ولو ارتضع الطفل من امرأتين متناوبا رضعة من هذه ورضعة من تلك إلى
أن نبت لحمه واشتد عظمه، فإن استند مقدار من الانبات والشد إلى كل
منهما كان موجبا للحرمة، وإن استندا إليهما معا لم ينشر الحرمة على الأظهر
41

مسألة 99: المدار في إنبات اللحم وشد العظم على المقدار المعتد به
منهما بحيث يصدقان رفا، ولا يكفي حصولهما بحسب المقاييس العلمية
الدقيقة.
مسألة 100: يشترط في التقديرين - الزماني والكمي - أن يتغذى
الطفل بالحليب فلو ارتضع ثم قاء الحليب لم يترتب أثر على تلك الرضعة.
مسألة 101: يشترط في التقدير الزماني أن يكون ما يرتضعه الطفل
من المرضعة هو غذاؤه الوحيد طيلة تلك المدة، بحيث يرتضع منها متى
احتاج إليه أو رغب فيه، فلو منع منه في بعض المدة أو تناول طعاما آخر أو
لبنا من مرضعة أخرى لم يؤثر. نعم لا بأس بتناول الماء أو الدواء أو الشئ.
اليسير من الأكل بدرجة لا يصدق عليه الغذاء عرفا، والأحوط اعتبار أن
يكون الطفل في أول المدة جائعا ليرتضع كاملا وفي آخرها رويا.
مسألة 102: الظاهر كفاية التلفيق في التقدير الزماني لو ابتدأ بالرضاع
في أثناء الليل أو النهار
مسألة 103: يشترط في التقدير الكمي أمران آخران:
1 - كمال الرضعة، بأن يكون الصبي جائعا فيرتضع حتى يرتوي
ويترك من قبل نفسه، فلا تندرج الرضعة الناقصة في العدد، ولا تعتبر
الرضعات الناقصة المتعددة بمثابة رضعة كاملة، نعم إذا التقم الثدي ثم
رفضه لا بقصد الاعراض عنه، بل لغرض التنفس أو الانتقال من ثدي إلى
آخر ونحوهما ثم عاد إليه اعتبر عوده استمرارا للرضعة وكان الكل رضعة
واحدة كاملة.
2 - توالي الرضعات، بأن لا يفصل بينها رضاع من امرأة أخرى، ولا
42

يقدح في التوالي تخلل غير الرضاع من المأكول والمشروب وإن تغذى به
بشرط أن يرتضع بعد ذلك جائعا فيرتوي من اللبن لا أن يرتوي من مجموع
هذا اللبن والمشروب الآخر مثلا.
مسألة 104: الشروط المتقدمة شروط لناشرية الرضاع للحرمة، فلو
انتفى بعضها لم يؤثر الرضاع في التحريم حتى بين صاحب اللبن
والمرتضعة وكذا بين المرتضع والمرضعة.
وفي الرضاع شرط آخر زائد على ما تقدم يختص بتحقق الأخوة
الرضاعية بين مرتضعين، وهو اتحاد صاحب اللبن، فإذا أرضعت امرأة صبيا
رضاعا كاملا، ثم طلقها زوجها وتزوجت من آخر وولدت منه وتجدد لديها
اللبن لأجل ذلك فأرضعت به صبية رضاعا كاملا لم تحرم هذه الصبية على
ذلك الصبي ولا أولاد أحدهما على أولاد الآخر لاختلاف اللبنين من ناحية
تعدد الزوج. وأما إذا كانت المرأة زوجة لرجل واحد وأرضعت صبيا من
ولادة ثم أرضعت صبية من ولادة أخرى أصبحا أخوين رضاعيين وحرم
أحدهما على الآخر كما يحرم الرضيع على المرضعة والرضيعة على
زوجها. وكذلك إذا كان للرجل زوجتان ولدتا منه وأرضعت إحداهما صبيا
وأرضعت الأخرى صبية فإن أحدهما يحرم على الآخر كما يحرمان على
المرضعتين وزوجهما.
فالمناط - إذا - في حرمة أحد الطفلين على الآخر بالرضاعة وحدة
الرجل المنتسب إليه اللبن الذي ارتضعا منه، سواء اتحدت المرضعة أم
تعددت، نعم يعتبر أن يكون تمام الرضاع المحرم من امرأة واحدة كما
تقدم في الشرط السابع.
43

مسألة 105: إذا تحقق الرضاع الجامع للشرائط صار صاحب اللبن
والمرضعة أبا وأما للمرتضع أو المرتضعة، وآباؤهما وأمهاتهما أجدادا
وجدات لهما، وأولادهما إخوة وأخوات لهما، وأولاد أولادهما أولاد إخوة
وأخوات لهما، وإخوتهما وأخواتهما أعماما أو عمات لهما وأخوالا أو
خالات لهما، وكذا أعمامهما وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما، وصار هو - أي
المرتضع أو المرتضعة - ابنا أو بنتا لهما وأولادهما أحفادا لهما.
وإذا تبين ذلك فكل عنوان نسبي محرم من العناوين السبعة المتقدمة
إذا حصل مثله في الرضاع يكون محرما كالحاصل بالولادة، وأما إذا لم
يحصل بسببه أحد تلك العناوين السبعة فلا يكون الرضاع محرما - إلا فيما
استثني - وإن حصل عنوان خاص لو كان حاصلا بالولادة لكان ملازما
ومتحدا مع أحد تلك العناوين السبعة، كما لو أرضعت امرأة ولد بنت زيد
مثلا فصارت أم ولد بنته، فإنها لا تحرم عليه، لأن أم ولد البنت ليست من
تلك السبع، نعم لو كانت أمومة تلك المرأة لولد بنته بالولادة كانت لا محالة
بنتا له والبنت من المحرمات السبعة، ولتوضيح ما تقدم نتعرض لتفصيل
علاقة المرتضع والمرتضعة والمرضعة وصاحب اللبن وأقربائهم بعضهم مع
بعض في طي المسائل التالية.
مسألة 106: تحرم على المرتضع عدة من النساء:
1 - المرضعة. لأنها أمه من الرضاعة.
2 - أم المرضعة وإن علت نسبية كانت أم رضاعية. لأنها جدته من
الرضاعة.
3 - بنات المرضعة ولادة، لأنهن أخواته من الرضاعة، وأما بناتها
44

رضاعة ممن أرضعتهن بلبن شخص آخر غير الذي ارتضع المرتضع بلبنه
فلا يحرمن على المرتضع، لما مر من اشتراط اتحاد صاحب اللبن في نشر.
الحرمة بين المرتضعين.
4 - البنات النسبيات والرضاعيات من أولاد المرضعة ولادة، ذكورا
وإناثا، لأن المرتضع إما أن يكون عمهن أو خالهن من الرضاعة.
5 - أخوات المرضعة وإن كن رضاعيات، لأنهن خالات المرتضع من
الرضاعة.
6 - عمات المرضعة وخالاتها وعمات وخالات آبائها وأمهاتها
نسبيات كن أم رضاعيات فإنهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
7 - بنات صاحب اللبن النسبيات والرضاعيات بلا واسطة أو مع
الواسطة، لأن المرتضع إما أن يكون أخاهن أو عمهن أو خالهن من الرضاعة
8 - أمهات صاحب اللبن النسبيات والرضاعيات، لأنهن جدات
المرتضع من الرضاعة.
9 - أخوات صاحب اللبن النسبيات والرضاعيات، لأنهن عمات
المرتضع من الرضاعة.
10 - عمات صاحب اللبن وخالاته وعمات وخالات آبائه وأمهاته
النسبيات والرضاعيات، لأنهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
مسألة 107: تحرم المرتضعة على عدة من الرجال:
1 - صاحب اللبن، لأنه أبوها من الرضاعة
2 - آباء صاحب اللبن من النسب والرضاع، لأنهم أجدادها من الرضاعة
45

3 - أولاد صاحب اللبن من النسب والرضاع وإن نزلوا، لأنها تكون
أختهم أو عمتهم أو خالتهم من الرضاعة.
4 - إخوة صاحب اللبن من النسب والرضاع، لأنهم أعمامها من
الرضاعة.
5 - أعمام صاحب اللبن وأخواله، وأعمام وأخوال آبائه وأمهاته من
النسب والرضاع، لأنهم إما أن يكونوا أعمامها أو أخوالها من الرضاعة.
6 - إخوة المرضعة من النسب والرضاع، لأنهم أخوالها من الرضاعة.
7 - آباء المرضعة من النسب والرضاع، لأنهم أجدادها من الرضاعة.
8 - أبناء المرضعة ولادة، لأنهم إخوتها من الرضاعة.
وأما أبنائها من الرضاعة ممن أرضعتهم من لبن شخص آخر غير الذي
ارتضعت المرتضعة من لبنه فلا يحرمون عليها كما مر.
9 - الأبناء النسبيين والرضاعيين من أولاد المرضعة ولادة ذكورا
وإناثا، لأن المرتضعة تكون عمتهم أو خالتهم من الرضاعة.
10 - أعمام المرضعة وأخوالها وأعمام وأخوال آبائها وأمهاتها من
النسب والرضاع، لأنهم أعمامها وأخوالها من الرضاعة.
مسألة 108: تحرم المرضعة على أبناء المرتضع والمرتضعة، لأنها
جدتهم من الرضاعة
مسألة 109: تحرم بنات المرتضع والمرتضعة على صاحب اللبن،
لأنه جدهن من الرضاعة
مسألة 110: تحرم على أبي المرتضع والمرتضعة بنات المرضعة
النسبيات للنص، وإن كانت القاعدة المتقدمة في المسألة (105) لا تقتضي
46

ذلك، لأنهن لا يصرن بالإضافة إليه إلا أخوات لولده، وأخت الولد لا تحرم
إلا من حيث كونها بنتا أو ربيبة، وأما بنات المرضعة الرضاعيات فلا يحرمن
على أبي المرتضع والمرتضعة وإن كان الأحوط استحبابا لأن لا يتزوج منهن
ويحرم عليه النظر إليهن فيما لا يحل النظر إليه لغير المحارم.
مسألة 111: تحرم - على المشهور - على أبي المرتضع والمرتضعة
بنات صاحب اللبن النسبيات والرضاعيات، فلا تترك مراعاة مقتضى
الاحتياط في ذلك، وإن كانت القاعدة المتقدمة لا تقتضي التحريم أيضا لما
تقدم.
مسألة 112: تحرم أم صاحب اللبن وجداته وأم المرضعة وجداتها
على أبناء المرتضع والمرتضعة، لأنهن جداتهم من الرضاعة.
مسألة 113: تحرم بنات المرتضع والمرتضعة على آباء صاحب اللبن
والمرضعة، لأنهم أجدادهن من الرضاعة.
مسألة 114: تحرم أخوات صاحب اللبن وأخوات المرضعة وعماتها
وخالاتها وعمات وخالات آبائهما وأمهاتهما على أبناء المرتضع
والمرتضعة، لأنهن عماتهم أو خالاتهم من الرضاعة.
مسألة 115: تحرم بنات المرتضع والمرتضعة على إخوة صاحب
اللبن وإخوة المرضعة وأعمامهما وأخوالهما وأعمام وأخوال آبائهما
وأمهاتهما، لأنهم أعمامهن وأخوالهن من الرضاعة.
مسألة 116: تحرم بنات صاحب اللبن نسبا ورضاعا على أبناء
المرتضع والمرتضعة، لأنهم أبناء أخ أو أخت من الرضاعة بالنسبة إليهن.
مسألة 117: تحرم بنات المرضعة نسبا على أبناء المرتضع
47

والمرتضعة، لأنهم أبناء أخ أو أخت من الرضاعة بالنسبة إليهن.
مسألة 118: تحرم بنات المرتضع والمرتضعة على أبناء صاحب
اللبن نسبا ورضاعا، لأنهن بنات أخ أو أخت من الرضاعة بالنسبة إليهم
مسألة 119: تحرم بنات المرتضع والمرتضعة على أبناء المرضعة
نسبا لأنهن بنات أخ أو أخت من الرضاعة بالنسبة إليهم.
مسألة 120: لا تحرم المرضعة على أبي المرتضع والمرتضعة ولا
على إخوتهما وأجدادهما وأعمامهما وأخوالهما وأعمام وأخوال آبائهما
وأمهاتهما.
مسألة 121: لا تحرم أم المرتضع والمرتضعة وأخواتهما وجداتهما
وعماتهما وخالاتهما وعمات وخالات آبائهما وأمهاتهما على صاحب اللبن.
مسألة 122: لا تحرم أم المرتضع والمرتضعة وجداتهما على آباء
صاحب اللبن ولا على إخوانه وأعمامه وأخواله وأعمام وأخوال آبائه
وأمهاته.
مسألة 123: لا تحرم أمهات صاحب اللبن وأخواته وعماته وخالاته
وعمات وخالات آبائه وأمهاته على أبي المرتضع والمرتضعة وأجدادهما.
مسألة 124: لا تحرم أم المرتضع والمرتضعة وجداتهما على آباء
المرضعة ولا على إخوانها وأعمامها وأخوالها وأعمام وأخوال آبائها
وأمهاتها.
مسألة 125: لا تحرم أمهات المرضعة وأخواتها وعماتها وخالاتها
وعمات وخالات آبائها وأمهاتها على أبي المرتضع والمرتضعة وأجدادهما.
مسألة 126: لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة وعماتها
وخالاتهما وعمات وخالات آبائهما وأمهاتهما على أبي صاحب اللبن
48

وأجداده وإخوته وأعمامه وأخواله وأعمام وأخوال آبائه وأمهاته
مسألة 127: لا تحرم أمهات صاحب اللبن وأخواته وعماته وخالاته
وعمات وخالات آبائه وأمهاته على إخوة المرتضع والمرتضعة وأعمامهما
وأخوالهما وأعمام وأخوال آبائهما وأمهاتهما.
مسألة 128: لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة وعماتهما
وخالاتهما وعمات وخالات آبائهما وأمهاتهما على أبي المرضعة وأجدادها
وإخوتها وأعمامها وأخوالها وأعمام وأخوال آبائها وأمهاتها.
مسألة 129: لا تحرم أمهات المرضعة وأخواتها وعماتها وخالاتها
وعمات وخالات آبائها وأمهاتها على إخوة المرتضع والمرتضعة وأعمامهما
وأخوالهما وأعمام وأخوال آبائهما وأمهاتهما.
مسألة 130: لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة على أبناء صاحب
اللبن وأحفاده ولا على أبناء المرضعة وأحفادها.
مسألة 131: لا تحرم بنات صاحب اللبن وحفيداته وبنات المرضعة
وحفيداتها على إخوة المرتضع والمرتضعة.
مسألة 132: ما تقدم آنفا - من جواز نكاح إخوة المرتضع
والمرتضعة وأخواتهما في أولاد المرضعة وأولاد صاحب اللبن - يختص بما
إذا لم يكن مانع من النكاح من نسب أو سبب، وإلا لم يجز، كما إذا كان
إخوة المرتضع أو المرتضعة أولادا لبنت صاحب اللبن فإنهم حينئذ أولاد
أخت لأولاد صاحب اللبن وأولاد المرضعة.
مسألة 133: تكفي في حصول العلاقة الرضاعية المحرمة دخالة
49

الرضاع فيه في الجملة، فإن النسبة بين شخصين قد تحصل بعلاقة واحدة
كالنسبة بين الولد ووالده، وقد تحصل بعلاقتين كالنسبة بين
الأخوين فإنها تحصل بعلاقة كل منهما مع الأب أو الأم أو كليهما، وقد
تحصل بأكثر من علاقتين كالنسبة بين الشخص وبين جده الثاني، وكالنسبة
بينه وبين عمه الأدنى، فإنه تحصل بعلاقة بينه وبين أبيه وبعلاقة كل من أبيه
وأخيه مع أبيهما مثلا، وهكذا تتصاعد وتتنازل النسب وتتشعب بقلة
العلاقات وكثرتها حتى أنه قد تتوقف نسبة بين شخصين على عشر علائق
أو أكثر، وإذا تبين ذلك: فإن كانت تلك العلائق كلها حاصلة بالولادة كانت
العلاقة نسبية، وإن حصلت كلها أو بعضها ولو واحدة من العشر مثلا
بالرضاع كانت العلاقة رضاعية.
مسألة 134: لما كانت المصاهرة - التي هي أحد أسباب تحريم
النكاح كما سيأتي - علاقة بين أحد الزوجين وبعض أقرباء الآخر فهي
تتوقف على أمرين: زواج وقرابة، والرضاع يقوم مقام الثاني دون الأول،
ولأجل ذلك لم تكن مرضعة ولد الرجل بمنزلة زوجته لتحرم عليه أمها
ولكن الأم الرضاعية لزوجة الرجل تكون بمنزلة الأم النسبية لها فتحرم وإن
لم يكن قد دخل ببنتها، كما أن البنت الرضاعية لزوجته المدخول بها تكون
بمنزلة بنتها النسبية فتحرم عليه، وكذلك زوجة الابن الرضاعي كزوجة الابن
النسبي تحرم على أبيه، وزوجة الأب الرضاعي كزوجة الأب النسبي تحرم
على الابن.
50

مسألة 135: قد تبين مما سبق إن العلاقة الرضاعية المحضة قد
تحصل برضاع واحد كالحاصلة بين المرتضع وبين المرضعة وصاحب.
اللبن، وقد تحصل برضاعين كالحاصلة بين المرتضع وبين أبوي صاحب
اللبن والمرضعة الرضاعيين، وقد تحصل برضاعات متعددة، فإذا كان
لصاحب اللبن مثلا أب من جهة الرضاع وكان لذلك الأب الرضاعي أيضا
أب من الرضاع وكان للأخير أيضا أب من الرضاع، وهكذا إلى عشرة آباء
أو أكثر كان الجميع أجدادا رضاعيين للمرتضع والمرتضعة الأخيرين،
وجميع المرضعات جدات لهما، فتحرم جميع الجدات على المرتضع كما
تحرم المرتضعة على جميع الأجداد، بل لو كان للجد الرضاعي الأعلى مثلا
أخت رضاعية حرمت على المرتضع الأخير، لكونها عمته العليا من الرضاع
ولو كانت للجدة العليا للمرتضع أخت حرمت عليه، لكونها خالته العليا من
الرضاع.
مسألة 136: قد عرفت فيما سبق أنه يشترط في حصول الإخوة
الرضاعية بين المرتضعين اتحاد صاحب اللبن، ويتفرع على ذلك مراعاة
هذا الشرط في العمومة والخؤولة الحاصلتين بالرضاع أيضا، لأن العم،
والعمة أخ وأخت للأب، والخال والخالة أخ وأخت للأم، فلو ارتضع أبو
الشخص أو أمه مع صبية من امرأة فإن اتحد صاحب اللبن كانت الصبية عمة
ذلك الشخص أو خالته من الرضاعة، وأما إذا لم يتحد صاحب اللبن فحيث
لم تحصل الإخوة الرضاعية بين أبيه أو أمه مع الصبية لم تكن هي عمته أو
خالته فلم تحرم عليه.
مسألة 137: إذا حرمت مرتضعة على مرتضع بسبب ارتضاعهما من
لبن منتسب إلى رجل واحد لم يؤد ذلك إلى حرمة أخوات كل منهما على
إخوة الآخر.
51

مسألة 138: لا فرق في نشر الحرمة بالرضاع بين ما إذا كان الرضاع
سابقا على العقد وما إذا كان لاحقا له، مثلا إذا تزوج الرجل صغيرة
فأرضعتها بنته أو أمه أخته، أو بنت أخيه أو بنت أخته أو زوجة أخيه
بلبنه، رضاعا كاملا بطل العقد، وحرمت الصغيرة عليه، لأنها تصير
بالرضاع بنتا أو أختا أو بنت أخ أو بنت أخت له.
مسألة 139: إذا أرضعت الزوجة الكبيرة ضرتها الرضيعة فالمشهور
بين الفقهاء - رضوان الله عليهم - إنه يؤدي إلى حرمتها على زوجها حرمة
مؤبدة وتبقى زوجية الرضعية إذا لم تكن المرضعة مدخولا بها ولم يكن
الرضاع بلبن زوجها وإلا تحرم هي أيضا مؤبدة.
ولكن حرمة الكبيرة المرضعة مؤبدة محل اشكال مطلقا، وكذا ابقاء
زوجية الرضيعة في الصورة الأولى، فإنه يحتمل فيها حرمتها معا حرمة
جمعية، فلا تترك مراعاة الاحتياط بالاجتناب عن الكبيرة وتجديد العقد
على الرضيعة.
مسألة 140: ذكر بعض الفقهاء - رضوان الله عليهم - إنه يمكن لأحد
الأخوين أن يجعل نفسه محرما لزوجة الآخر عن طريق الرضاع، وذلك بأن
يتزوج طفلة ثم ترضع من زوجة أخيه لتصير المرضعة أم زوجته، وبذلك
تندرج في محارمه فيجوز له النظر إليها فيما يجوز النظر إلى المحارم، ولا
يجب عليها التستر عنه كما يلزمها التستر عن الأجنبي، ولكن هذا محل
اشكال إلا إذا كان الرضاع بلبن رجل آخر غير الأخ فإنه يحقق الفرض
المذكور بلا فرق حينئذ بين تقدم الزواج على الرضاع وتأخره عنه فلو كان
للمرأة زوج سابق قد أرضعت بنته بلبنه فتزوجها أخو زوجها الثاني حرمت
عليه المرضعة أي زوجة الأخ، لأنها أصبحت أم زوجته من الرضاعة.
52

مسألة 141: إذا أرضعت امرأة طفلا لزوج بنتها حرمت البنت على
زوجها مؤبدا وبطل نكاحها، سواء أرضعته بلبن أبي البنت أم بلبن غيره،
وسواء أكان الطفل من بنتها أم من ضرتها، لأن زوج البنت أب للمرتضع
وزوجته بنت للمرضعة وقد مر أنه يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في
أولاد المرضعة النسبيين، فإذا منع منه سابقا أبطله لاحقا.
مسألة 142: إذا أرضعت زوجة الرجل بلبنه طفلا لزوج بنته سواء
أكان الطفل من بنته أم من ضرتها، فالمشهور بين الفقهاء - رضوان الله
عليهم - بطلان عقد البنت وحرمتها مؤبدا على زوجها بناء منهم على حرمة
نكاح أبي المرتضع في أولاد صاحب اللبن - كما مر - فلا تترك مراعاة
الاحتياط في ذلك.
مسألة 143: بناء على ما تقدم إذا تم الرضاع في مفروض المسألتين
السابقتين بعد طلاق البنت لم يجز للزوج تجديد العقد عليها، ولو تم
الرضاع بعد وفاتها لم يجز له أن يعقد على أخواتها كما كان الحكم كذلك
لو تم الرضاع قبل موتها.
مسألة 144: إذا أرضعت المرأة طفلا لابنها لم يترتب عليه نظير الأثر
المتقدم - وهو حرمة زوجة الابن عليه - ولكن يترتب عليه سائر الآثار
كحرمة المرتضع أو المرتضعة على أولاد عمه وعمته، لصيرورته عما أو
عمة لأولاد عمه وخالا أو خالة لأولاد عمته.
مسألة 145: لو زوج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة ثم أرضعت
جدتهما من طرف الأب أو الأم أحدهما انفسخ نكاحهما، لأن المرتضع إن
53

كان هو الذكر فإن أرضعته جدته من طرف الأب صار عما لزوجته، وإن
أرضعته جدته من طرف الأم صار خالا لزوجته. وإن كان هو الأنثى صارت هي
عمة لزوجها على الأول وخالة له على الثاني. فيبطل النكاح على أي حال.
مسألة 146: إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنكاح، فإما أن
يبطل نكاح المرضعة بارضاعها كما إذا أرضعت الزوجة زوجها الرضيع،
وإما أن يبطل نكاح المرتضعة كما إذا أرضعت الزوجة الكبيرة المدخول بها
ضرتها الرضيعة، وإما أن يبطل نكاح غيرهما كما إذا أرضعت المرأة طفلا
لزوج بنتها، ولا يبعد بقاء استحقاق الزوجة للمهر في الجميع على اشكال
في الصورة الأولى فيما إذا كان الارضاع وانفساخ العقد قبل الدخول فلا
تترك مراعاة الاحتياط فيها، وهل تضمن المرضعة ما يغرمه الزوج من المهر
قبل الدخول فيما إذا كان ارضاعها مبطلا لنكاح غيرها؟ قولان، أقواهما
العدم، والأحوط التصالح.
مسألة 147: قد عرفت سابقا إن الرضاع لا يكون محرما إذا لم
يتحقق به أحد العناوين السبعة المعروفة وإن حصل به عنوان خاص لو كان
حاصلا بالولادة لكان ملازما مع أحد تلك العناوين السبعة، ويتفرع على
ذلك أنه لا تحرم المرأة على زوجها فيما إذا أرضعت بلبنه:
1 - أخاها أو أختها، وإن صارت بذلك أختا لولد زوجها.
2 - ولد أخيها أو أختها، وإن صارت بذلك عمة أو خالة لولد زوجها.
3 - ولد ولدها، وإن صارت بذلك جدة لولد زوجها، ومثله أن ترضع
إحدى زوجتي الشخص ولد ولد الأخرى، فإن الأخرى تصير لولد زوجها.
4 - عمها أو عمتها، وإن صار الزوج بذلك أبا لعمها أو عمتها
54

5 - خالها أو خالتها، وإن صار الزوج بذلك أبا لخالها أو خالتها.
6 - ولد عمها أو خالها، وإن صار الزوج بذلك أبا لابن عمها أو ابن
خالها، وأما لو أرضعت ولد عمتها أو خالتها فلا تحرم عليه بلا اشكال، لأن
الزوج يصبح أبا لابن عمتها أو لابن خالتها فيكون بمنزلة زوج عمتها أو
خالتها وزوج العمة أو الخالة غير محرم على المرأة ذاتا.
7 - أخا الزوج أو أخته، وإن صارت بذلك أما لأخي زوجها أو أخته
8 - ولد ابن الزوج، وإن صارت بذلك أما لولد ابنه.
9 - ولد بنت الزوج، وإن صارت بذلك أما لولد بنته.
10 - ولد أخت زوجها، وإن صارت بذلك أما لولد أخته، وأما لو
أرضعت ولد أخي زوجها فلا تحرم عليه بلا اشكال لأنها تصبح أما لولد
أخيه فتكون بمنزلة زوجة أخيه، وزوجة الأخ غير محرمة على الزوج ذاتا
11 - عم الزوج أو عمته، وإن صارت بذلك أم عم الزوج أو عمته
12 - خال الزوج أو خالته، وإن صارت بذلك أم خال الزوج أو خالته.
مسألة 148: لا يجوز للزوجة ارضاع ولد الغير إذا زاحم ذلك حق
زوجها ما لم يأذن زوجها لها في ذلك.
مسألة 149: إذا اعترف الرجل بحرمة امرأة أجنبية عليه بسبب
الرضاع وأمكن صدقه لم يسعه أن يتزوجها
وإذا ادعى حرمة المرأة عليه - بعد أن عقد عليها - وصدقته المرأة
حكم ببطلان العقد وثبت لها مهر المثل إذا كان قد دخل بها ولم تكن عالمة
بالحرمة وقتئذ، وأما إذا لم يكن قد دخل بها أو كان قد دخل بها مع علمها
بالحرمة فلا مهر لها.
55

ونظير اعتراف الرجل بحرمة المرأة اعتراف المرأة بحرمة رجل عليها
قبل العقد أو بعده فيجري فيه التفصيل الآنف الذكر.
مسألة 150: الأولى منع النساء من الاسترسال في ارضاع الأطفال
حذرا من نسيانهن وحصول الزواج المحرم بلا التفات إلى العلاقة
الرضاعية.
مسألة 151: يثبت الرضاع المحرم بأمرين:
الأول: اخبار شخص أو أكثر يوجب العلم أو الاطمئنان بوقوعه.
الثاني: شهادة عدلين على وقوعه، وفي ثبوته بشهادة رجل مع
امرأتين أو بشهادة نساء أربع اشكال.
مسألة 152: لا تقبل الشهادة على الرضاع إلا مفصلة، بأن يشهد
الشهود على الارتضاع في الحولين بالامتصاص من الثدي خمس عشرة
رضعة متواليات مثلا، إلى آخر ما تقدم من الشروط.
ولا تكفي الشهادة المطلقة والمجملة بأن، يشهد على وقوع الرضاع
المحرم، أو يشهد مثلا على أن فلانا ولد فلانة أو فلانة بنت فلان من
الرضاع، بل يسأل منه التفصيل.
مسألة 153: لو شك في وقوع الرضاع أو في حصول بعض شروطه
من الكمية أو الكيفية مثلا بنى على العدم، وإن كان الاحتياط مع الظن
بوقوعه جامعا للشرائط - بل مع احتماله - حسنا.
مسألة 154: ينبغي أن يختار لرضاع الولد المرضعة المسلمة العاقلة
ذات الصفات الحميدة خلقا وخلقا، ففي الخبر عن أمير المؤمنين عليه السلام:
(انظروا من يرضع أولادكم فإن الولد يشب عليه) ولا ينبغي أن تسترضع
56

الكافرة والحمقاء والعشماء وقبيحة الوجه، كما يكره استرضاع الزانية من
اللبن الحاصل من الزنا أو المرأة المتولدة من الزنا.
الأمر الثالث: المصاهرة وما يلحق بها
المصاهرة علاقة بين أحد الزوجين مع أقرباء الآخر موجبة لحرمة
النكاح إما عينا أو جمعا على تفصيل يذكر في المسائل التالية:
مسألة 155: تحرم على الابن زوجة أبيه وجده وإن علا - لأب كان أم
لأم - حرمة دائمية، سواء أكان الزوج دائميا أم منقطعا، وسواء دخل الأب
أو الجد بزوجته أم لا، وسواء أكانا نسبيين أم رضاعيين.
مسألة 156: تحرم على الأب زوجة ابنه، وعلى الجد - لأب كان أم
لأم - زوجة حفيده وسبطه وإن نزل حرمة دائمية، سواء أكان النكاح دواما أم
انقطاعا، وسواء دخل الابن أو الحفيد أو السبط بزوجته أم لا، وسواء أكانوا
نسبيين أم رضاعيين.
مسألة 157: تحرم على الزوج أم زوجته وجداتها وإن علون - لأب
كن أم لأم، نسبا ورضاعا - حرمة دائمية، سواء دخل بزوجته أم لا، وسواء
كان العقد دواما أم انقطاعا، وسواء كانت الزوجة صغيرة أم كبيرة.
مسألة 158: تحرم على الزوج بنت زوجته المدخول بها وإن نزلت،
من بنت كانت أو من ابن، ولا تحرم البنت على ابن الزوج ولا على أبيه،
كما لا تحرم عليه بنت زوجته غير المدخول بها عينا، وإنما تحرم عليه
جمعا على الأحوط، أي يجوز له الزواج منها إذا خرجت أمها عن عصمته
بموت أو طلاق أو غيرهما، وأما قبل ذلك فيحتاط بعدم الزواج منها، ولو
فعل لم يحكم بصحة زواج البنت ولا ببقاء زوجية الأم.
57

مسألة 159: لا فرق في حرمة بنت الزوجة بين أن تكون في حجر
الزوج أو لا، ولا بين أن تكون موجودة في زمان زوجية الأم أو ولدت بعد
خروجها عن الزوجية، فلو عقد على امرأة ودخل بها ثم طلقها ثم تزوجت
وولدت من الزوج الثاني بنتا تحرم هذه البنت على الزوج الأول.
مسألة 160: لا فرق في الدخول بين القبل والدبر، ولا يكفي الانزال
على فرجها من غير دخول وإن حبلت به، وكذا لا فرق في الدخول بين أن
يكون في حال اليقظة أو النوم اختيارا أو جبرا منه أو منها.
مسألة 161: لا يصح نكاح بنت الأخ على العمة وبنت الأخت على
الخالة إلا بإذنهما من غير فرق بين كون النكاحين دائمين أو منقطعين أو
مختلفين، ولا بين علم العمة والخالة حال العقد وجهلهما، ولا بين
اطلاعهما على ذلك وعدم اطلاعهما أبدا، فلو تزوجهما عليهما بدون إذنهما
توقفت صحته على إجازتهما، فإن أجازتا جاز وإلا بطل، وإن علمتا
بالتزويج فسكتتا ثم أجازتاه صح أيضا.
مسألة 162: يجوز نكاح العمة والخالة على بنتي الأخ والأخت وإن
كانت العمة والخالة جاهلتين، وليس لهما الخيار لا في فسخ عقد أنفسهما
ولا في فسخ عقد بنتي الأخ والأخت على الأقوى.
مسألة 163: الظاهر أنه لا فرق في العمة والخالة بين الدنيا منهما
والعليا، كما أنه لا فرق بين النسبيتين منهما والرضاعيتين.
مسألة 164: إذا أذنتا ثم رجعتا عن الإذن، فإن كان رجوعهما بعد
العقد لم يؤثر في البطلان، وإن كان قبله بطل الإذن السابق، فلو لم يبلغه
الرجوع وتزوج اعتمادا عليه توقفت صحته على الإجازة اللاحقة.
58

مسألة 165: الظاهر أن اعتبار إذنهما ليس حقا لهما كالخيار حتى
يسقط بالاسقاط، فلو اشترط في ضمن عقدهما أن لا يكون لهما ذلك بطل
الشرط ولم يؤثر شيئا، ولو اشترط عليهما أن يكون له العقد على بنت الأخ
أو الأخت فرضيتا كان ذلك بنفسه إذنا منهما في ذلك، ولكن لهما الرجوع
عنه قبل اجرائه، ولو اشترط عليهما الإذن في العقد عليهما وجب عليهما
الوفاء بالشرط ولكن تخلفهما عنه لا يستتبع سوى الإثم ولا يصح العقد إن
لم تأذنا
مسألة 166: إذا تزوج بالعمة وابنة أخيها وشك في السابق منهما حكم
بصحة العقدين، وكذلك فيما إذا تزوج بنت الأخ أو الأخت وشك في أنه
هل كان عن إذن من العمة أو الخالة أم لا حكم بالصحة وحصول الإذن منهما.
مسألة 167: إذا طلق العمة أو الخالة، فإن كان بائنا صح العقد على
بنتي الأخ والأخت بمجرد الطلاق، وإن كان رجعيا لم يجز ذلك من دون
إذنهما إلا بعد انقضاء العدة.
مسألة 168: إذا زنى بخالته أو عمته قبل أن يعقد على بنتها حرمت
عليه البنت على الأحوط لزوما، ولو زنى بامرأة أجنبية فالأحوط الأولى أن لا
يتزوج بنتها.
مسألة 169: إذا زنى بامرأة فالأحوط الأولى أن لا يتزوج بها أبوه وإن
علا، ولا ابنه وإن نزل.
مسألة 170: لا فرق في الأحكام المذكورة بين الزناء في القبل
والدبر.
59

مسألة 171: لا يلحق بالزناء الوطئ عن شبهة ولا التقبيل أو اللمس أو
النظر بشهوة ونحوها، فلو قبل خالته أو عمته أو لمسها أو النظر إليها بشهوة
لم تحرم عليه بنتها.
مسألة 172: الزناء الطارئ على العقد لا يوجب التحريم، فلو زنى
بعمته أو خالته بعد العقد على البنت والدخول بها لم تحرم عليه، وكذلك
فيما إذا كان الزناء بعد العقد وقبل الدخول على الأظهر.
مسألة 173: إذا علم بالزناء وشك في كونه سابقا على العقد أو طارئا
بنى على الثاني.
مسألة 174: لا يجوز الجمع في النكاح بين الأختين نسبيتين كانتا أم
رضاعيتين دواما أو انقطاعا أو بالاختلاف، فلو تزوج بإحدى الأختين ثم
تزوج بالأخرى بطل العقد الثاني دون الأول، سواء دخل بالأولى أم لا، ولو
اقترن عقدهما - بأن تزوجهما بعقد واحد أو عقد هو على إحداهما ووكيله
على الأخرى في زمان واحد مثلا - بطلا معا.
مسألة 175: إذا عقد على الأختين وجهل تاريخ أحد العقدين أو
كليهما فإن احتمل تقارنهما حكم ببطلانهما معا، وإن لم يحتمل التقارن
ولكن لم يعلم السابق من اللاحق فقد علم اجمالا بصحة أحدهما وبطلان
الآخر فلا يجوز التعامل مع أيتهما معاملة الزوجة ما دام الاشتباه، وحينئذ فإن
طلقهما أو طلق الزوجة الواقعية منهما أو رضيتا بالصبر على هذا الحال - مع
الانفاق أو بدونه - بلا حق المعاشرة الثابت للزوجة على زوجها فلا اشكال،
وإن لم يطلق ولم ترضيا بالصبر أجبره الحاكم الشرعي على الطلاق ولو بأن
يطلق إحداهما معينة، ويجدد العقد على الأخرى برضاها بعد انقضاء عدة.
60

الأولى إذا كنت مدخولا بها، وأما مع عدم الدخول فيجوز له العقد على الثانية
بعد الطلاق مباشرة.
مسألة 176: إذا طلقهما والحال هذه، فإن كان قبل الدخول فعليه
للزوجة الواقعية نصف مهرها، وإن كان بعد الدخول فلها عليه تمام مهرها،
فإن كان المهران كليين في الذمة واتفقا في الجنس وسائر الخصوصيات فقد
علم الحق وإنما الاشتباه فيمن له الحق، وفي غير ذلك يكون الاشتباه في
الحق أيضا، فإن تراضوا بصلح أو غيره فهو وإلا فالأظهر الرجوع إلى
القرعة، فمن خرجت باسمها من الأختين كان لها نصف مهرها المسمى أو
تمامه ولم تستحق الأخرى شيئا، نعم مع الدخول بها فيه تفصيل لا يسعه
المقام
مسألة 177: إذا طلق زوجته فإن كان الطلاق رجعيا فلا يجوز ولا
يصح نكاح أختها ما لم تنقض عدتها، وإن كان بائنا كالطلاق الثالث أو كانت
المطلقة ممن لا عدة لها كالصغيرة وغير المدخولة واليائسة جاز له نكاح
أختها في الحال، نعم لو كانت متمتعا بها وانقضت مدتها أو وهب المدة
فالأحوط لزوما له عدم الزواج من أختها قبل انقضاء العدة وإن كانت بائنة.
مسألة 178: يجوز الجمع بين الفاطميتين في النكاح وإن كان
الأحوط استحبابا تركه
مسألة 179: لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها، وإن كانت مصرة
على ذلك، والأولى - مع عدم التوبة - أن يطلقها الزوج.
61

مسألة 180: إذا زنى بذات بعل حرمت عليه أبدا على الأحوط، فلا
يجوز له نكاحها بعد موت زوجها أو زوال عقدها بطلاق أو فسخ أو انقضاء
مدة أو غيرها، ولا فرق في ذات البعل بين الدائمة والمتمتع بها، والمسلمة
والكافرة، والصغيرة والكبيرة، والمدخول بها وغيرها، والعالمة والجاهلة،
ولا في البعل بين الصغير والكبير، ولا في الزاني بين العالم بكونها ذات بعل
والجاهل بذلك، والمكره على الزناء وغيره.
مسألة 181: إذا زنى بامرأة فقد زوجها ثم تبين موته قبل وقوع الزناء
لم تحرم عليه فيجوز له الزواج منها بعد انقضاء عدتها، وأما إن لم تتبين
الحال وشك في وقوع الزناء قبل موت الزوج أو بعده فلا يجوز له الزواج
منها على الأحوط.
مسألة 182: إذا زنى بامرأة في العدة الرجعية حرمت عليه أبدا على
الأحوط، وأما الزناء بذات العدة غير الرجعية - كعدة البائنة وعدة الوفاة
وعدة المتعة والوطئ شبهة - فلا يوجب حرمة المزني بها، فللزاني تزويجها
بعد انقضاء عدتها.
مسألة 183: لو علم بأنها كانت في العدة ولم يعلم بأنها كانت رجعية
أو بائنة فلا حرمة ما دام باقيا على الشك، نعم لو علم بأنها كانت في عدة
رجعية وشك في انقضائها فالظاهر الحرمة.
مسألة 184: لو زنى بامرأة ليس لها زوج وليست بذات عدة فالأحوط
لزوما أن لا يتزوجها إلا بعد توبتها، ويجوز لغيره أن يتزوجها قبل ذلك إلا
أن تكون امرأة مشهورة بالزناء، فإن الأحوط لزوما عدم الزواج بها قبل أن
تتوب، كما أن الأحوط لزوما عدم التزوج بالرجل المشهور بالزناء إلا بعد
توبته، والأحوط الأولى استبراء رحم الزانية من ماء الفجور بحيضة قبل
التزوج بها سواء ذلك بالنسبة إلى الزاني أم غيره.
62

مسألة 185: إذا لاط البالغ بغلام فأوقبه ولو ببعض الحشفة حرمت
عليه أبدا أم الملوط وإن علت، وبنته وإن نزلت، وأخته، ولا فرق في ذلك
بين النسبيات منهن والرضاعيات، والأحوط لزوما جريان الحكم المذكور
فيما إذا كان اللائط غير بالغ أو لم يكن الملوط غلاما.
مسألة 186: إذا تزوج امرأة ثم لاط بأبيها أو أخيها أو ابنها حرمت
عليه على الأحوط.
مسألة 187: إذا شك في تحقق الايقاب حينما عبث بالغلام أو بعده
بنى على العدم، وكذا لو ظن بتحققه.
مسألة 188: لا تحرم على اللائط بنت أخت الملوط ولا بنت أخيه،
كما لا تحرم على الملوط أم اللائط ولا بنته ولا أخته على الأظهر.
الأمر الرابع: الاعتداد وما بحكمه
مسألة 189: يحرم الزواج بالمرأة دواما أو متعة في عدتها من الغير،
رجعية كانت أو بائنة عدة الوفاة أو غيرها، من نكاح دائم أو منقطع أو من
وطئ شبهة أو غيرها، فلو علم الرجل أو المرأة بأنها في العدة وبحرمة
الزواج فيها وتزوج بها حرمت عليه أبدا وإن لم يدخل بها بعد العقد، وإذا
كانا جاهلين بأنها في العدة أو بحرمة الزواج فيها وتزوج بها بطل العقد، فإن
كان قد دخل بها - ولو دبرا - حرمت عليه مؤبدا أيضا وإلا جاز الزواج بها
بعد تمام العدة.
مسألة 190: إذا وكل أحدا في تزويج امرأة له ولم يعين الزوجة،
فزوجه امرأة ذات عدة، وقع العقد فضوليا، لانصراف وكالته إلى العقد.
63

الصحيح، وحينئذ فإن أمضاه قبل خروجها من العدة فلا يبعد أن يكون ذلك
بحكم الزواج منها في عدتها فيجري عليه التفصيل الآنف ذكره، وإلا كان
لغوا ولا يوجب التحريم على الأظهر، وهكذا الحال لو زوج الصغير وليه من
امرأة ذات عدة فإنه لا يوجب الحرمة إلا إذا أمضاه بعد البلوغ والرشد قبل
انقضاء عدتها على التفصيل المذكور، ولا فرق في ذلك بين علم الوكيل
والولي بالحال وجهلهما به.
مسألة 191: إذا وكله في تزويج امرأة معينة في وقت معين فزوجه
إياها في ذلك الوقت وهي ذات عدة، فإن كان الموكل عالما بالحكم
والموضوع حرمت عليه أبدا على الأظهر وإن كان الوكيل جاهلا بهما،
بخلاف ما لو كان الموكل جاهلا بهما وإن كان الوكيل عالما بهما فإنها لا
تحرم عليه إلا مع الدخول بها أو علمها بالحال.
مسألة 192: لا يلحق بالزواج في العدة وطئ الشبهة أو الزنى
بالمعتدة، فلو وطئ شبهة أو زنى بالمرأة في حال عدتها لم يؤثر في
الحرمة الأبدية أية عدة كانت إلا العدة الرجعية إذا زنى بها فيها فإنه يوجب
الحرمة على الأحوط كما مر.
مسألة 193: إذا كانت المرأة في عدة الرجل لم يمنعه ذلك من العقد
عليها في الحال فلا يلزمه الانتظار حتى انقضاء عدتها، نعم فيما إذا كانت
معتدة له بالعدة الرجعية يبطل منه العقد عليها لكونها زوجة له حقيقة أو
حكما ولا يصح عقد الزوج على زوجته، فلو كانت عنده زوجة منقطعة
وأراد أن يجعل عقدها دواما جاز أن يهب مدتها ويعقد عليها عقد الدوام في
الحال، بخلاف ما إذا كانت عنده زوجة دائمة وأراد أن يجعلها منقطعة.
فطلقها لذلك طلاقا غير بائن، فإنه لا يجوز له ايقاع عقد الانقطاع عليها إلا
بعد خروجها من العدة.
64

مسألة 194: هل يعتبر في الدخول - الذي هو شرط للحرمة الأبدية -
في صورة الجهل أن يكون في العدة، أو يكفي وقوع العقد في العدة وإن
كان الدخول واقعا بعد انقضائها؟ قولان، أحوطهما الثاني، وأقواهما الأول.
مسألة 195: إذا شك في أنها معتدة أم لا حكم بالعدم وجاز له الزواج
بها، ولا يجب عليه الفحص عن حالها، وكذا لو شك في انقضاء عدتها
وأخبرت هي بالانقضاء فإنها تصدق ويجوز الزواج بها ما لم تكن متهمة،
وإلا فالأحوط لزوما تركه ما لم يتحقق من صدقها.
مسألة 196: إذا علم أن التزويج كان في العدة مع الجهل - موضوعا
أو حكما - ولكن شك في أنه قد دخل بها حتى تحرم عليه أبدا أو لا، بنى
على عدم الدخول فلا تحرم عليه.
وكذا لو علم بعدم الدخول لكن شك في أن أحدهما هل كان عالما أم
لا، فيبني على عدم العلم ولا يحكم بالحرمة الأبدية.
مسألة 197: لو تزوج بامرأة عالما بأنها ذات بعل حرمت عليه مؤبدا
دخل بها أم لم يدخل بها، ولو تزوجها مع جهله بالحال فسد العقد ولم تحرم
عليه لو لم يدخل بها حتى مع علم الزوجة بالحال، وأما لو دخل بها فتحرم
عليه مؤبدا على الأحوط
مسألة 198: إذا تزوج بامرأة عليها عدة ولم تشرع فيها لعدم تحقق
مبدأها، كما إذا تزوج بالمتوفى عنها زوجها في الفترة الفاصلة بين وفاته
وبلوغها خبر الوفاة - فإن مبدأ عدتها من حين بلوغ الخبر كما سيأتي - بطل.
65

العقد، ولكن هل يجري عليه حكم التزويج في العدة لتحرم عليه مؤبدا مع
العلم بالحكم والموضوع أو الدخول، أم لا فله تجديد العقد عليها بعد العلم
بالوفاة وانقضاء العدة بعده؟ قولان، أرجحهما الثاني وإن كان الاحتياط في محله
مسألة 199: لا يجوز التصريح بالخطبة - أي الدعوة إلى الزواج
صريحا - ولا التعريض بها لذات البعل ولا لذات العدة الرجعية مع عدم
الأمن من كونه سببا لنشوزها على زوجها بل مطلقا على الأحوط لزوما، وأما
ذات العدة البائنة سواء أكانت عدة الوفاة أم غيرها فيجوز - لمن لا مانع شرعا
من زواجه منها لولا كونها معتدة - التعريض لها بالخطبة بغير الألفاظ
المستهجنة المنافية للحياء، بل لا يبعد جواز التصريح لها بذلك ولو من غير
زوجها السابق.
الأمر الخامس: استيفاء العدد وما يلحق به.
مسألة 200: من كانت عنده أربع زوجات دائمة تحرم عليه الخامسة
ما دامت الأربع في عصمته، فلو طلق إحداهن طلاقا رجعيا لم يجز له
الزواج بأخرى إلا بعد خروجها من العدة وانقطاع العصمة بينهما، وأما لو
طلقها بائنا فالمشهور جواز التزوج بالخامسة قبل انقضاء عدتها، ولكنه محل
اشكال فلا يترك الاحتياط بالصبر إلى انتهاء عدتها أيضا، وهكذا الحال لو
ماتت إحداهن فإن الأحوط وجوب الصبر عليه أربعة أشهر وعشرة أيام قبل
زواجه من الخامسة، وأما لو فارق إحداهن بالفسخ أو الانفساخ فالأظهر عدم
وجوب الصبر إلى انقضاء عدتها.
66

ولو لم تكن عليها منه عدة كغير المدخول بها واليائسة فلا موضوع
لوجوب الصبر.
مسألة 201: إذا عقد ذو الزوجات الثلاث على اثنين مرتبا بطل
الثاني.
ولو عقد عليهما في وقت واحد قيل: يختار أيتهما شاء، وكذا لو عقد
على خمس في وقت واحد قيل: يختار أربعا منهن: ولكن الأقرب في
الصورتين بطلان العقد.
مسألة 202: يجوز الجمع بين الزوجات المنقطعات بما شاء وإن
كانت عنده أربع دائمات.
مسألة 203: إذا طلق الرجل زوجته الحرة ثلاث طلقات تخلل بينها
رجعتان أو ما بحكمهما ولم يتخلل بينها نكاح رجل آخر حرمت عليه،
ولا يجوز له نكاحها حتى تنكح زوجا غيره بالشروط الآتية في كتاب الطلاق.
مسألة 204: إذا طلق الرجل زوجته تسعا للعدة بينها نكاحان لرجل
آخر حرمت عليها أبدا، بل الأحوط لزوما تحريم المطلقة تسعا مطلقا وإن لم
يكن الطلاق عديا، وسيأتي معنى الطلاق العدي في كتاب الطلاق إن شاء
الله تعالى.
الأمر السادس: الكفر وعدم الكفاءة
مسألة 205: لا يجوز للمسلمة أن تتزوج الكافر دواما أو متعة سواء
أكان أصليا كتابيا كان أو غيره، أم كان مرتدا عن فطرة كان أو عن ملة، وكذا
لا يجوز للمسلم أن يتزوج غير الكتابية من أصناف الكفار ولا المرتدة عن
67

فطرة كانت أو ملة، وأما النصرانية واليهودية فالأظهر جواز التزوج بها متعة،
والأحوط لزوما ترك نكاحها دواما.
مسألة 206: في جواز زواج المسلم من المجوسية ولو متعة اشكال
والأحوط لزوما الترك، وأما الصابئة فلم يتحقق عندنا حقيقة دينهم، وقد
يقال: إنهم على قسمين، فمنهم الصابئة الحرانيين وهم من الوثنية فلا يجوز
نكاحهم، ومنهم الصابئة المندلائيين وهم طائفة من النصارى فيلحقهم
حكمهم، فإن ثبت ذلك كان الحكم ما ذكر، وإلا فالأحوط الترك مطلقا.
مسألة 207: لا يجوز الزواج بالكتابية ولو انقطاعا على المسلمة من
دون إذنها، وأما الزواج انقطاعا بإذنها ففيه اشكال أيضا والأحوط لزوما تركه.
مسألة 208: العقد الواقع بين الكفار لو وقع صحيحا عندهم وعلى
طبق مذهبهم يرتب عليه آثار الصحيح عندنا، سواء أكان الزوجان كتابيين أم
غير كتابيين أم مختلفين، حتى أنه لو أسلما معا دفعة أقرا على نكاحهما
الأول ولم يحتج إلى عقد جديد على طبق مذهبنا، بل وكذا لو أسلم
أحدهما أيضا في بعض الصور الآتية، نعم لو كان نكاحهم مشتملا على ما
يقتضي الفساد ابتداء واستدامة - كنكاح إحدى المحرمات عينا أو جمعا -
جرى عليه بعد الاسلام حكم الاسلام.
مسألة 209: إذا أسلم زوج الكتابية بقيا على نكاحهما الأول، سواء
أكان كتابيا أم غيره، وسواء أكان إسلامه قبل الدخول أم بعده، وإذا أسلم
زوج غير الكتابية كتابيا كان أم غيره فإن كان إسلامه قبل الدخول انفسخ
النكاح في الحال، وإن كان بعده يفرق بينهما وينتظر إلى انقضاء العدة فإن
أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما، وإلا انفسخ بمعنى أنه يتبين
انفساخه من حين اسلام الزوج.
68

مسألة 210: إذا أسلمت زوجة غير المسلم كتابية كانت أم غيرها فإن
كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، وإن كان بعده فالمشهور توقفه
على انقضاء العدة فإن أسلم قبل انقضائها فهي امرأته وإلا انكشف أنها بانت
منه حين إسلامها، ولكن هذا لا يخلو عن اشكال فالأحوط لزوما أن يفترقا
بالطلاق أو يجدد العقد إذا أسلم قبل انقضاء العدة.
مسألة 211: إذا أسلم الزوج على أكثر من أربع غير كتابيات وأسلمن
فاختار أربعا انفسخ نكاح البواقي، ولو أسلم على أربع كتابيات ثبت عقده
عليهن، ولو كن أكثر تخير أربعا وبطل نكاح البواقي.
مسألة 212: إذا ارتد الزوج عن ملة أو ارتدت الزوجة عن ملة أو
فطرة، فإن كان الارتداد قبل الدخول بها أو كانت الزوجة يائسة أو صغيرة
بطل نكاحها ولم تكن عليها عدة، وأما إذا كان الارتداد بعد الدخول وكانت
المرأة في سن من تحيض وجب عليها أن تعتد عدة الطلاق - الآتي بيانها
في كتاب الطلاق - والمشهور توقف بطلان نكاحها على انقضاء العدة، فإذا
رجع المرتد منهما عن ارتداده إلى الاسلام قبل انقضائها بقي الزواج على
حاله، وإلا انكشف بطلانه عند الارتداد، وهذا وإن كان لا يخلو عن اشكال
إلا أنه هو الأقرب.
مسألة 213: إذا ارتد الزوج عن فطرة حرمت عليه زوجته ووجب
عليها أن تعتد عدة الوفاة، وثبوت العدة حينئذ على غير المدخول بها
واليائسة والصغيرة مبني على الاحتياط اللزومي، ولا تنفع توبته ورجوعه إلى
الاسلام في أثناء العدة في بقاء زوجيتها على المشهور، ولكنه لا يخلو عن
شوب اشكال، فالأحوط لزوما عدم ترتيب أثر الزوجية أو الفراق إلا بعد
تجديد العقد أو الطلاق، ويأتي مقدار عدة الوفاة في كتاب الطلاق
69

مسألة 214: لا يجوز للمؤمن أو المؤمنة أن ينكح دواما أو متعة
بعض المنتحلين لدين الاسلام ممن يحكم بنجاستهم كالنواصب وغيرهم
ممن تقدم ذكرهم في كتاب الطهارة.
مسألة 215: يجوز زواج المؤمن من المخالفة غير الناصبية، كما
يجوز زواج المؤمنة من المخالف غير الناصبي، على كراهة، نعم إذا خيف
عليه أو عليها الضلال حرم.
مسألة 216: لا يشترط في صحة النكاح تمكن الزوج من النفقة.
نعم لو زوج الصغيرة وليها بغير القادر عليها وكان في ذلك مفسدة بالنسبة
إلى الصغيرة من دون مزاحمتها بمصلحة غالبة وقع العقد فضوليا فيتوقف
على إجازتها بعد كمالها.
مسألة 217: التمكن من النفقة وإن لم يكن شرطا لصحة العقد ولا
للزومه، فلا يثبت الخيار للمرأة لو تبين عدم تمكنه منها حين العقد فضلا
عما لو تجدد عجزه عنها بعد ذلك، ولكن لو دلس الرجل نفسه على المرأة
باظهار اليسار قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ووقع العقد مبنيا عليه ثم تبين
خلافه فلا يبعد ثبوت الخيار لها فضلا عما لو ذكر اليسار بنحو الاشتراط أو
التوصيف في متن العقد ثم تبين عدمه، كما سيأتي في الفصل السادس
مسألة 218: يصح نكاح المريض في المرض المتصل بموته بشرط
الدخول، فإذا لم يدخل بها حتى مات في مرضه بطل العقد ولا مهر للمرأة
ولا ميراث ولا عدة عليها بموته، وكذا لو ماتت المرأة في مرضه ذلك
70

المتصل بموته قبل الدخول فإنه يبطل نكاحها على الأظهر، والظاهر عدم
الفرق في الدخول بين القبل والدبر.
مسألة 219: لا يبعد اختصاص الحكم المذكور بالمرض المتصل
بالموت الذي يكون المريض معه في معرض الهلاك، فلا يشمل مثل حمى
يوم خفيف اتفق الموت به على خلاف العادة.
وهل يختص الحكم بالمرض الذي يؤدي إلى الموت أم يعم غيره،
فلو مات في مرضه قبل الدخول بسبب آخر من قتل أو افتراس سبع أو
مرض آخر فهل يوجب ذلك بطلان نكاحه أم لا؟ فيه وجهان فلا تترك
مراعاة الاحتياط.
مسألة 220: عموم الحكم المذكور للأمراض التي تستمر بأصحابها
فترة طويلة محل اشكال، إلا فيما يقع في أواخرها القريبة من الموت، فلا
تترك مراعاة الاحتياط في غيره.
مسألة 221: المسلم كف ء المسلمة والمؤمن كف ء المؤمنة شرعا،
فيجوز تزويج العربية بالعجمي، والهاشمية بغير الهاشمي وبالعكس، وكذا
ذوات البيوتات الشريفة بأصحاب الصنائع الدنيئة كالكناس ونحوه.
الأمر السابع: الاحرام
مسألة 222: يحرم التزويج دواما ومتعة حال الاحرام - وإن لم تكن
المرأة محرمة - سواء أكان ايقاع التزويج له بمباشرته أم بتوكيل الغير، محرما
كان الوكيل أو محلا، كان التوكيل قبل الاحرام أو حاله، ويفسد العقد في
جميع الصور المذكورة حتى مع جهل الرجل المحرم بالحرمة، وأما مع
علمه بالحرمة فتحرم عليه مؤبدا.
71

مسألة 223: لا فرق فيما ذكر - من التحريم المؤبد مع العلم والبطلان
مع الجهل - بين أن يكون الاحرام لحج واجب، أو مندوب، أو لعمرة واجبة،
أو مندوبة، ولا بين أن يكون حجه وعمرته لنفسه أو نيابة عن غيره.
مسألة 224: لا يجوز للمحرمة أن تتزوج ولو كان الرجل محلا، ولو
فعلت بطل العقد مطلقا، ومع علمها بالحرمة تحرم عليه مؤبدا على
الأحوط.
مسألة 225: لو تزوج في حال الاحرام ولكن كان باطلا من غير جهة
الاحرام - كالزواج بأخت الزوجة أو الخامسة - فهل يوجب التحريم أو لا؟
فيه اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك، نعم لو كان بطلانه
لفقد بعض الأركان بحيث لا يصدق عليه الزواج لم يوجب الحرمة.
مسألة 226: يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدة الرجعية،
وكذا يجوز له أن يوكل محلا في أن يعقد له بعد احلاله، بل وكذا أن يوكل
محرما في أن يعقد له بعد احلالهما.
الأمر الثامن: اللعان وما بحكمه
مسألة 227: إذا تلاعن الزوجان أمام الحاكم الشرعي - بالشروط الآتية
في كتاب اللعان - انفصلا وحرمت المرأة على الرجل مؤبدا.
مسألة 228: إذ قذف الزوج امرأته الخرساء بالزنى حرمت عليه
مؤبدا، وفي ثبوت التحريم في قذف زوجته الصماء اشكال، فالأحوط لزوما
ترك الزواج منها.
72

الفصل الخامس
في النكاح المنقطع
ويقال له (المتعة) و (النكاح المؤجل) أيضا.
مسألة 229: النكاح المنقطع كالنكاح الدائم في توقفه على عقد
مشتمل على ايجاب وقبول لفظيين، فلا يكفي في وقوعه مجرد الرضا
القلبي من الطرفين، كما لا تكفي المعاطاة ولا الكتابة ولا الإشارة من غير
الأخرس، والأحوط لزوما أن يكون باللغة العربية لمن يتمكن منها، ويكفي
غيرها من اللغات المفهمة لمعناه في حق غير المتمكن منها وإن تمكن من
التوكيل.
مسألة 230: ألفاظ الايجاب في هذا العقد ثلاثة: (متعت) و
(زوجت) و (أنكحت) فأيها حصل وقع الايجاب به، ولا ينعقد بغيرها
كلفظ التمليك والهبة والإجارة
ويتحقق القبول بكل لفظ دال على إنشاء الرضا بذلك الايجاب كقوله:
(قبلت المتعة أو التزويج أو النكاح)، ولو قال: (قبلت) أو (رضيت)
واقتصر كفى.
ولو بدأ بالقبول كأن يقول الرجل: (أتزوجك في المدة المعلومة على
المهر المعلوم) فتقول المرأة: (نعم)، أو يقول الرجل: (قبلت التزوج بك
في المدة المعلومة على الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (زوجتك نفسي) صح
مسألة 231: إذا باشر الزوجان العقد المنقطع وبعد تعيين المدة
73

والمهر قالت المرأة مخاطبة الرجل: (أنكحتك نفسي، أو أنكحت نفسي
منك أو لك، في المدة المعلومة على الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلت
النكاح) صح العقد، وكذا إذا قالت المرأة: (زوجتك نفسي، أو زوجت
نفسي منك أو بك، في المدة المعلومة على الصداق المعلوم) فقال الرجل:
(قبلت التزويج)، وهكذا إذا قالت المرأة: (متعتك نفسي إلى الأجل المعلوم
بالصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلت المتعة).
ولو وكلا غيرهما وكان اسم الرجل أحمد واسم المرأة فاطمة مثلا
فقال وكيل المرأة: (أنكحت موكلك أحمد موكلتي فاطمة، أو أنكحت
موكلتي فاطمة موكلك، أو من موكلك، أو لموكلك أحمد، في المدة
المعينة على الصداق المعلوم) فقال وكيل الزوج: (قبلت النكاح لموكلي
أحمد في المدة المعلومة على الصداق المعلوم) صح العقد، وكذا لو قال
وكيلها: (زوجت موكلك أحمد موكلتي فاطمة، أو زوجت موكلتي فاطمة
موكلك، أو من موكلك، أو بموكلك أحمد، في المدة المعينة على الصداق
المعلوم) فقال وكيله: (قبلت التزويج لموكلي أحمد في المدة المعينة على
الصداق المعلوم)، وهكذا لو قال وكيلها: (متعت موكلك أحمد موكلتي
فاطمة إلى الأجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال وكيل الزوج: (قبلت
المتعة لموكلي أحمد إلى الأجل المعلوم بالصداق المعلوم)
ولو كان المباشر للعقد وليهما، فقال ولي المرأة: (أنكحت ابنك أو
حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي، فاطمة، أو أنكحت ابنتي أو حفيدتي فاطمة
ابنك أو حفيدك، أو من ابنك أو حفيدك، أو لابنك أو حفيدك أحمد، في
المدة المعلومة على الصداق المعلوم)، أو قال ولي المرأة: (زوجت
74

ابنك أو حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة، أو زوجت ابنتي أو
حفيدتي فاطمة ابنك أو حفيدك، أو من ابنك أو حفيدك، أو بابنك
أو حفيدك أحمد، في المدة المعلومة على الصداق المعلوم)، أو قال ولي
المرأة: (متعت ابنك أو حفيدك أحمد ابنتي أو حفيدتي فاطمة إلى الأجل
المعلوم بالصداق المعلوم) فقال ولي الزوج: (قبلت النكاح أو التزويج أو
المتعة لابني أو لحفيدي أحمد في المدة المعلومة على الصداق المعلوم)
صح العقد.
وتعرف كيفية ايقاع العقد لو كان المباشر له في أحد الطرفين أصيلا
وفي الآخر وكيلا أو وليا، أو في أحد الطرفين وليا وفي الآخر وكيلا مما
تقدم فلا حاجة إلى التفصيل.
مسألة 232: كل من لا يجوز نكاحها دواما - عينا أو جمعا، ذاتا أو
لعارض - لا يجوز نكاحها متعة، حتى بنت أخ الزوجة أو أختها فلا يجوز
التمتع بهما من دون إذن الزوجة التي هي عمتها أو خالتها، نعم لا بأس
بالتمتع بالنصرانية واليهودية وإن كان لا يجوز نكاحهما دواما على الأحوط
كما مر.
مسألة 233: يشترط في النكاح المنقطع ذكر المهر، فلو عقد بلا
ذكره في العقد عمدا أو جهلا أو نسيانا أو غفلة أو لغير ذلك بطل، وكذا لو
جعل المهر مما لا يملكه المسلم كالخمر والخنزير، وكذا لو جعله من مال
الغير مع عدم إذنه ورده بعد العقد.
مسألة 234: يصح أن يجعل المهر عينا خارجية وكليا في الذمة،
كما يصح أن يجعل منفعة أو عملا محللا صالحا للعوضية، بل وحقا من
75

الحقوق المالية القابلة للانتقال كحق التحجير ونحوه.
مسألة 235: يعتبر أن يكون المهر معلوما فلا تصح المتعة
بالمهر المجهول، والأحوط وجوبا أن يكون معلوما على النحو المعتبر في
المعاوضات، بأن يكن معلوما بالكيل في المكيل وبالوزن في الموزون
وبالعد في المعدود وبالمشاهدة فيما يعتبر بها.
مسألة 236: لا تقدير للمهر شرعا، بل يصح بما تراضيا عليه قل أو
كثر ولو كان كفا من طعام.
مسألة 237: تملك المتمتع بها تمام المهر بالعقد، ولكن استقراره
بتمامه مشروط بعدم اخلالها بالتمكين الواجب عليها بمقتضى العقد، فلو
أخلت به في بعض المدة كان للزوج أن يضع من المهر بنسبتها إن نصفا
فنصفا وإن ثلثا فثلثا وهكذا، وأما أيام حيضها ونحوها مما يحرم عليها
التمكين بالوطئ فيها وكذا ما يحرم فيه الوطئ على الزوج دونها كحال
احرامه فلا ينقص بها شئ من المهر، وهل تلحق بها في ذلك فترات عدم
تمكينها لعذر يتعارف حصوله للمرأة خلال المدة المعينة للعقد من مرض
مدنف أو سفر لازم أو غيرهما أم لا؟ لا يبعد ذلك وإن كان الأحوط
استحبابا التصالح بالنسبة إليها.
مسألة 238: المناط في الاخلال عدم التمكين من الوطئ قبلا على
النحو المتعارف بما له من المقدمات والمقارنات دون غيره من الاستمتاعات
المتعارفة، فلو أخلت بها مع التمكين من الوطئ لم يسقط شئ من المهر،
ولو امتنعت من سائر الاستمتاعات في بعض المدة مع عجز الزوج عن
الاستمتاع بالوطئ فيها ففي سقوط بعض المهر اشكال، هذا إذا لم تشترط
76

عليه عدم الدخول بها وإلا فالمناط هو الاخلال بغيره من الاستمتاعات
مطلقا.
مسألة 239: إذا خاف الزوج من تخلف المتمتع بها عن التمكين في
تمام المدة جاز له تقسيط المهر ودفعه إليها أقساطا حسبما تمكنه من
نفسها.
مسألة 240: لو حبس الزوج أو سافر أو مرض مثلا أو مات أو تركها
اختيارا حتى مضت المدة ولو بتمامها لم يسقط من المهر شئ وإن كان
ذلك قبل الدخول، وكذا الحال لو ماتت هي في أثناء المدة على الأحوط.
مسألة 241: لو وهبها المدة فإن كان قبل الدخول لزمه نصف المهر
على الأظهر، وإن كان بعده لزمه الجميع وإن مضت من المدة ساعة وبقيت
منها شهور أو أعوام فلا يسقط المهر على ما مضى منها وما بقي.
مسألة 242: لو تبين فساد العقد - بأن ظهر لها زوج أو كانت أخت
زوجته أو أمها مثلا - فلا مهر لها قبل الدخول، ولو قبضته كانت له استعادته،
بل لو تلف كان عليها بدله، وكذا إن دخل بها وكانت عالمة بالفساد، وأما إن
كانت جاهلة فلها أقل الأمرين من المهر المسمى ومهر المثل متعة لا دواما،
فإن كان ما أخذت أزيد منه استعاد الزائد
مسألة 243: يشترط في النكاح المنقطع ذكر الأجل، فلو لم يذكره
عمدا أو نسيانا أو غفلة أو حياء أو لغير ذلك بطل متعة بل مطلقا على الأظهر
مسألة 244: لا تقدير للأجل شرعا بل هو إليهما يتراضيان على ما
أرادا طال أو قصر، نعم لا يجوز جعله أزيد من محتمل عمر أحد الزوجين
77

أو كليهما وإلا بطل العقد، كما يشكل جعله أقل من مدة تسع شيئا من
الاستمتاع بالنسبة إليهما، ومن هنا يشكل صحة العقد على الصغير أو
الصغيرة مع عدم قابلية المدة المعينة للاستمتاع فيها من الصغيرة أو
لاستمتاع الصغير فيها بوجه.
مسألة 245: لا بد في الأجل أن يكون معينا بالزمان بنحو لا يحتمل
الزيادة ولا النقصان، فلو كان مقدرا بالمرة والمرتين من دون التقدير
بالزمان، أو كان مجهولا كشهر من السنة أو يوم من الشهر، أو كان مرددا
بين الأقل والأكثر كشهر أو شهرين أو قدوم الحاج أو ادراك الثمرة بطل
العقد، نعم لا بأس بما يكون مضبوطا في نفسه وإن توقف تشخيصه على
الفحص.
مسألة 246: لا بأس بجعل المدة شهرا هلاليا مع تردده بين الثلاثين
والتسعة والعشرين، كما لا بأس بجعل الأجل إلى آخر الشهر أو اليوم مع
عدم معرفة ما بقي منهما.
مسألة 247: إذا قالت: (زوجتك نفسي شهرا، أو إلى شهر) مثلا
واطلقت اقتضى الاتصال بالعقد، ولا يجوز على الأحوط أن تجعل المدة
منفصلا عنه بأن تعين المدة شهرا مثلا وتجعل مبدأه بعد أسبوع من حين
وقوع العقد، نعم لا مانع من اشتراط تأخير الاستمتاع مع كون التزويج من
حال العقد.
مسألة 248: لو جعل مدة معينة ثم شك في انتهائها فالظاهر جواز
البناء على عدم بلوغ أجلها إلى أن يتيقن.
مسألة 249: لا يصح تجديد العقد عليها دائما ومنقطعا قبل انقضاء
78

الأجل أو بذل المدة، فلو كانت المدة شهرا وأراد أن تكون شهرين لا بد أن
يهبها المدة ثم يعقد عليها ويجعل المدة شهرين، ولا يجوز أن يعقد عليها
عقدا آخر ويجعل المد شهرا بعد الشهر الأول حتى يصير المجموع شهرين.
مسألة 250: يجوز لكل من الرجل والمرأة أن يشترط - في متن
العقد - على الآخر الاتيان ليلا أو نهارا أو المرة أو المرات في تمام المدة أو
في زمان معين، أو ترك بعض الاستمتاعات حتى الدخول، وغير ذلك من
الشرائط السائغة غير المنافية لمقتضى العقد، فيجب على المشروط عليه
الوفاء بالشرط ما لم يسقطه المشروط له، فلو اشترطت المرأة على الرجل
أن لا يدخل بها لم يجز له الدخول، ويجوز له ما سوى ذلك من
الاستمتاعات ولكن لو رضيت الزوجة بعد ذلك بمقاربتها جازت له
مسألة 251: يجوز العزل للمتمتع من دون إذن المتمتع بها، ولكن
يلحق به الولد لو حملت وإن عزل لاحتمال سبق المني من غير تنبه،
ويلحق بالوطئ الانزال في فم الفرج، ولا يجوز للزوج نفي الولد مع احتمال
تولده منه، ولو نفاه جزما انتفى ظاهرا - بلا لعان - مع احتمال صدقه إلا إذا
كان قد أقر به سابقا.
مسألة 252: لا طلاق في المتعة وإنما تبين المرأة بانقضاء المدة أو
ابرائها، ولا رجعة للزوج في عدتها.
مسألة 253: يجوز لولي الصغير ابراء مدة زوجته إذا كانت فيه
مصلحة للصبي وإن كانت المدة تزيد على زمن صباه، كما إذا كان عمر
الصبي أربع عشرة سنة وكانت مدة المتعة سنتين مثلا.
79

مسألة 254: إذا أبرأها المدة معلقا على شئ كأن لا تتزوج من فلان
مثلا أو مطلقا بطل الابراء.
ولو أبرأها بشرط أن لا تتزوج فلانا مثلا. صح الابراء وبطل الشرط.
ولو صالحها على أن يبرئها المدة، أو تكون بريئة منها - على نحو
شرط النتيجة - ولا تتزوج بفلان، صح الصلح ووجب عليه الابراء في
الصورة الأولى وحرم عليها الزواج في الصورتين، فلو خالف ولم يبرئها
جاز لها اجباره عليه ولو بالتوسل بالحاكم الشرعي، ولو خالفت فتزوجت به
صح التزويج على الأظهر وإن كانت آثمة.
ولو كانت المصالحة على أن تتزوج بفلان وجب عليها ذلك مع
الامكان، فإن امتنعت جاز له اجبارها عليه ولو بالتوسل بالحاكم الشرعي.
مسألة 255: لا يثبت بالنكاح المنقطع توارث بين الزوجين، ولو
شرطا التوارث أو توريث أحدهما ففي نفوذ الشرط اشكال، فلا تترك مراعاة
مقتضى الاحتياط فيه
مسألة 256: لا تجب نفقة الزوجة المتمتع بها على زوجها وإن
حملت منه، ولا تستحق من زوجها المبيت عندها إلا إذا اشترطت ذلك في
عقد المتعة أو في ضمن عقد آخر لازم.
مسألة 257: يصح العقد المنقطع ولو مع جهل الزوجة بعدم
استحقاقها النفقة والمبيت، ولا يثبت لها حق على الزوج من جهة جهلها،
ويحرم عليها الخروج بغير إذن زوجها إذا كان خروجها منافيا لحقه لا مع
عدم المنافاة. وإن كان الأحوط استحبابا الترك معه أيضا.
مسألة 258: إذا تنازع الزوجان في الدوام والانقطاع فقد يكون
أحدهما مدعيا والآخر منكرا، كما إذا ادعت الزوجة دوام العقد وطالبت
80

بالنفقة، وادعى الزوج الانقطاع وأنكر استحقاقها للنفقة، أو ادعى الزوج
الانقطاع مطالبا إياها برد بعض المهر لاخلالها بالتمكين في بعض المدة،
وادعت هي الدوام منكرة استحقاقه لذلك مع اعترافها بالاخلال بالتمكين.
والمدعي في المثال الأول هي الزوجة، وفي المثال الثاني هو الزوج، إلا إذا
كان قولها أو قوله موافقا لظاهر الحال فيكون الأمر بالعكس.
وقد يندرج النزاع المذكور في باب التداعي كما إذا اجتمعت الدعويان
المذكورتان فادعى الزوج الانقطاع مطالبا الزوجة برد بعض المهر للاخلال
بالتمكين في بعض المدة، وادعت هي الدوام مطالبة إياه بالنفقة. فإنه إذا لم
يكن هناك ظاهر يوافق قول أحدهما يكون النزاع من باب التداعي ويجري
عليه حكمه.
مسألة 259: إذا انقضت مدة المتعة أو وهبها مدتها قبل الدخول فلا
عدة عليها. وإن كان بعده ولم تكن صغيرة ولا يائسة فعليها العدة، وعدتها
حيضتان كاملتان، ولا تكفي فيها حيضة واحدة على الأحوط وجوبا، وإن
كانت لا تحيض لمرض ونحوه وهي في سن من تحيض فعدتها خمسة
وأربعون يوما، ولو حل الأجل أو وهبها المدة في أثناء الحيض لم تحسب
تلك الحيضة من العدة بل لا بد من حيضتين تامتين بعد ذلك على ما مر.
هذا فيما إذا كانت المرأة حائلا.
وأما لو كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها على الأظهر، وإن كان
الأحوط استحبابا أن تعتد بأبعد الأجلين من وضع حملها ومن انقضاء
حيضتين أو مضي خمسة وأربعين يوما.
وأما عدة المتمتع بها من الوفاة فهي أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت
حائلا، وأبعد الأجلين منها ومن وضع حملها إن كانت حاملا كالدائمة.
81

مسألة 260: يستحب أن تكون المتمتع بها مؤمنة عفيفة، وأن يسأل
عن حالها قبل الزواج مع التهمة من أنها ذات بعل أو ذات عدة أم لا، وأما
بعد الزواج فلا يستحب السؤال، وليس السؤال والفحص عن حالها شرطا
في الصحة.
مسألة 261: يجوز التمتع بالزانية على كراهة، نعم إذا كانت مشهورة
بالزنا فالأحوط لزوما ترك التمتع بها إلا بعد توبتها.
82

الفصل السادس
في خيار العيب والتدليس
مسألة 262: يثبت للزوج خيار العيب إذا علم بعد العقد بوجود أحد
العيوب الستة التالية في زوجته:
1 - الجنون - ولو كان أدواريا - وهو اختلال العقل، وليس منه
الاغماء ومرض الصرع الموجب لعروض الحالة المعهودة في بعض
الأوقات.
2 - الجذام
3 - البرص
4 - العمى، وهو ذهاب البصر عن العينين وإن كانتا مفتوحتين، ولا
اعتبار بالعور، ولا بالعشا وهي علة في العين توجب عدم البصر في الليل
فقط، ولا بالعمش وهو ضعف الرؤية مع سيلان الدمع في غالب الأوقات
5 - العرج، وإن لم يبلغ حد الاقعاد والزمانة.
6 - العفل، وهو لحم أو عظم ينبت في الرحم سواء منع من الحمل
أو الوطئ في القبل أم لا على الأظهر.
مسألة 263: في ثبوت خيار العيب للزوج فيما لو علم بكون زوجته
مفضاة حين العقد اشكال، فلو فسخ فالأحوط لهما عدم ترتيب أثر الزوجية
أو الفرقة إلا بعد تجديد العقد أو الطلاق.
مسألة 264: إنما يفسخ العقد بعيوب المرأة إذا تبين وجودها قبل
العقد، وأما ما يتجدد بعده فلا اعتبار به سواء أكان قبل الوطئ أو بعده على
الأقرب.
83

مسألة 265: يثبت خيار العيب للزوجة فيما إذا كان في الزوج أحد
العيبين التاليين:
1 - الجب، وهو قطع الذكر بحيث لم يبق منه ما يمكنه الوطئ به.
2 - العنن: وهو المرض المانع من انتشار العضو بحيث لا يقدر معه
على الايلاج.
مسألة 266: يثبت الخيار للزوجة في الجب سواء أكان سابقا على
العقد أم كان حادثا بعده أو بعد العقد والوطئ معا على الأظهر.
مسألة 267: إنما يثبت الخيار للزوجة في العنن المطلق أي فيما إذا
كان الزوج عاجزا عن وطئها وعن وطئ غيرها من النساء، وأما لو لم يقدر
على وطئها وقدر على وطئ غيرها فلا خيار لها، ولا فرق في ثبوت الخيار
به بين السابق على العقد والمتجدد بعده قبل الوطئ، وأما المتجدد بعد
الوطئ - ولو مرة - ففي ثبوت الخيار لها بسببه اشكال وإن كان الثبوت لا
يخلو من وجه، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالطلاق لو اختارت الفسخ.
مسألة 268: ذكر جمع من الفقهاء رضوان الله عليهم ثبوت خيار
العيب للزوجة فيما إذا كان في الزوج أحد العيوب التالية:
1 - الجنون، سواء أكان سابقا على العقد أم حادثا بعده أو بعد العقد
والوطئ
2 - الخصاء، وهو اخراج الأنثيين.
3 - الوجاء، وهو رض الأنثيين بحيث يبطل أثرهما
4 - الجذام
84

5 - البرص.
6 - العمى.
وقالوا: إن هذه الخمسة الأخيرة لا يثبت الخيار بها في المتجدد بعد
العقد.
ولكن أصل ثبوت الخيار للزوجة في هذه العيوب محل اشكال
فالأحوط لها عدم الفسخ بها، ولو فسخت فالأحوط لهما عدم ترتيب أثر
الزوجية أو الفرقة إلا بعد تجديد العقد أو الطلاق.
مسألة 269: ليس العقم من العيوب الموجبة للخيار لا من طرف
الرجل ولا من طرف المرأة.
مسألة 270: الخيار من جهة العيب في الرجل أو المرأة يثبت في
النكاح الدائم والمنقطع.
مسألة 271: الظاهر اعتبار الفورية العرفية في الأخذ بهذا الخيار في
عيوب كل من الرجل والمرأة، بمعنى عدم التأخير في إعماله أزيد من
المتعارف، فلو أخره لانتظار حضور من يستشيره في الفسخ وعدمه أو لغير
ذلك فإن لم يكن بحد يعد عرفا توانيا في اعمال الخيار لم يسقط وإلا
سقط، والعبرة بالفورية من زمن العلم بثبوت العيب وثبوت الخيار بسببه،
فلو كان جاهلا بالعيب أو بثبوت الخيار له أو غافلا عنه أو ناسيا جاز له
الفسخ متى علم أو التفت مع مراعاة الفورية العرفية..
مسألة 272: يثبت كل من العيوب المذكورة باقرار صاحبه وبالبينة.
على اقراره، كما يثبت بشهادة رجلين عادلين حتى العنن على الأقوى،
وتثبت العيوب الباطنة للنساء بشهادة أربع نسوة عادلات كما في نظائرها
85

مسألة 273: إذا اختلفا في ثبوت العيب وعدمه، فإن كان للمدعي
بينة حكم له وإلا فله طلب توجيه اليمين إلى المنكر، فإن حلف المنكر
حكم له، وإن نكل عن الحلف ولم يرده على المدعي جاز للحاكم أن
يحكم عليه، كما أن للحاكم الولاية على رد الحلف على المدعي استظهارا
وإن رد المنكر أو الحاكم اليمين على المدعي فحلف حكم له، وإن نكل
حكم عليه كما هو الحال في سائر الدعاوي والمنازعات
مسألة 274: إذا ثبت عنن الرجل بأحد الطرق المتقدمة، فإن رضيت
المرأة بالصبر معه فهو، وإلا جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي،
لاستخلاص نفسها منه، فيؤجله سنة كاملة من حين المرافعة، وبحكم
التأجيل امتناعه من الحضور لدى الحاكم، فإن وطئها أو وطئ غيرها في أثناء
هذه المدة فلا فسخ، وإلا كان لها الفسخ فورا حسبما تقدم، فلو لم تفسخ
فورا سقط خيارها، وكذا إذا رضيت أن تقيم معه ثم طلبت الفسخ بعد ذلك
فإنه ليس لها ذلك.
مسألة 275: يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون الحاكم
الشرعي، وكذا المرأة بعيب الرجل، نعم مع ثبوت العنن إذا لم ترض المرأة
بالصبر معه لزمها الرجوع إلى الحاكم، لكن من جهة ضرب الأجل حيث إنه
من وظائفه لا من جهة نفوذ فسخها، فإذا ضرب الأجل كان لها التفرد
بالفسخ عند انقضاء المدة وتعذر الوطئ من دون مراجعة الحاكم.
مسألة 276: إذا علم بشهادة أهل الخبرة كالأطباء الأخصائيين إن
الزوج لا يقدر على الوطئ أبدا فهل يحق للمرأة فسخ العقد من دون
الانتظار إلى تمام السنة أم لا؟ وجهان، لا يخلو أولهما من قوة.
86

مسألة 277: الفسخ بالعيب ليس بطلاق سواء وقع من الزوج أو
الزوجة، فلا تشمله أحكامه ولا تترتب عليه لوازمه ولا يعتبر فيه شروطه،
فلا يحسب من الثلاثة المحرمة المحتاجة إلى المحلل ولا يعتبر فيه الخلو.
من الحيض والنفاس ولا حضور العدلين
مسألة 278: إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة فإن كان الفسخ بعد
الدخول استحقت المرأة تمام المهر وعليها العدة إلا إذا كانت صغيرة أو
يائسة كما في الطلاق، وإن كان الفسخ قبله لم تستحق شيئا ولا عدة عليها.
هذا إذا لم يكن تدليس، وأما مع التدليس وتبين الحال للرجل بعد
الدخول، فإن كان المدلس نفس المرأة واختار الفسخ لم تستحق المهر، وإن
كان دفعه إليها جاز له استعادته، وإن اختار البقاء فعليه تمام المهر لها كما
مر، وإن كان المدلس غير الزوجة فالمهر المسمى يستقر على الزوج
بالدخول ولكن يحق له بعد دفعه إليها أن يرجع به على المدلس.
مسألة 279: يتحقق التدليس بتوصيف المرأة للرجل عند إرادة
التزويج بالسلامة من العيب مع العلم به بحيث صار ذلك سببا لغروره
وخداعه، فلا يتحقق بالاخبار لا للتزويج أو لغير الزوج، والظاهر تحققه
أيضا بالسكوت عن بيان العيب مع العلم به واقدام الزوج بارتكاز السلامة
منه.
مسألة 280: من يكون تدليسه موجبا للرجوع عليه بالمهر هو الذي
يسند إليه التزويج، من وليها الشرعي أو العرفي كأبيها وجدها وأمها وأخيها
الكبير وعمها وخالها ممن لا تصدر إلا عن رأيهم ويتصدون لتزويجها
وترجع إليهم فيه في العرف والعادة، ومثلهم على الظاهر بعض الأجانب
87

ممن له شدة علاقة وارتباط بها بحيث لا تصدر إلا عن رأيه ويكون هو
المرجع في أمورها المهمة ويركن إليه فيما يتعلق بها، بل لا يبعد أن يلحق
بمن ذكر الأجنبي الذي يراود عند الطرفين ويسعى في ايجاد وسائل
الايتلاف في البين ويتولى بيان الجهات ذات العلاقة بهذا الأمر.
مسألة 281: يثبت في النكاح خيار التدليس - في غير العيوب التي
مر أنه يثبت بسببها خيار العيب - عند التستر على عيب في أحد الزوجين،
سواء أكان نقصا عن الخلقة الأصلية كالعور أو زيادة عليها كاللحية للمرأة.
أو عند الايهام بوجود صفة كمال لا وجود لها كالشرف والنسب والجمال
والبكارة ونحوها.
مسألة 282: يتحقق التدليس الموجب للخيار فيما إذا كان عدم العيب
أو وجود صفة الكمال مذكورا في العقد بنحو الاشتراط أو التوصيف،
ويلحق بهما توصيف الزوج أو الزوجة بصفة الكمال أو عدم العيب أو اراءته
متصفا بأحدهما قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثم ايقاع العقد مبنيا عليه.
ولا يتحقق بمجرد سكوت الزوجة ووليها مثلا عن العيب مع اعتقاد
الزوج عدم وجوده في غير العيوب الموجبة للخيار، وأولى بذلك سكوتهما
عن فقد صفة الكمال مع اعتقاد الزوج وجودها.
مسألة 283: إذا خطب امرأة وطلب زواجها على أنه من بني فلان
فتزوجته على ذلك بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة فبان أنه من غيرهم كان لها
خيار التدليس، فإن فسخت فلها المهر إذا كان بعد الدخول وإن كان قبله فلا
شئ لها.
مسألة 284: إذا تزوج امرأة على أنها بكر بأحد الوجوه المتقدمة
88

فبانت ثيبا قبل العقد - باقرارها أو بالبينة - كان له خيار التدليس، ولو
تزوجها باعتقاد البكارة ولم يكن اشتراط ولا توصيف ولا ايقاع للعقد مبينا
على ثبوتها فبان خلافها لم يكن له الفسخ وإن ثبت زوالها قبل العقد.
مسألة 285: إذا تزوجها على أنها بكر فبانت ثيبا ففسخ حيث يكون
له الفسخ، فإن كان قبل الدخول فلا مهر، وإن كان بعده استقر المهر ورجع
به على المدلس، وإن كانت هي المدلس لم تستحق شيئا، وإذا اختار البقاء
أو لم يكن له الفسخ - كما في صورة اعتقاد البكارة من دون اشتراط أو
توصيف أو بناء - كان له أن ينقص من مهرها بنسبة ما به التفاوت بين مهر
مثلها بكرا وثيبا، فإذا كان المهر المسمى مائة دينار وكان مهر مثلها بكرا
ثمانين دينارا وثيبا ستين دينارا ينقص من المائة ربعها وهو خمسة
وعشرون دينارا.
89

الفصل السابع
في المهر
ويسمى الصداق أيضا، وهو ما تستحقه المرأة بجعله في العقد، أو
بتعيينه بعده، أو بسبب الوطئ أو ما هو بحكمه على ما سيأتي تفصيله
مسألة 286: كل ما يمكن أن يملكه المسلم يصح أن يجعله مهرا
بشرط أن يكون متمولا عرفا على الأحوط لزوما، عينا كان أو دينا، أو منفعة
لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان أو نحوها، ويصح جعله منفعة الحر
حتى عمل الزوج نفسه كتعليم صنعة أو سورة ونحوه من كل عمل محلل،
بل الظاهر صحة جعله حقا ماليا قابلا للنقل والانتقال كحق التحجير ونحوه.
مسألة 287: لا تقدير للمهر في جانب القلة، فيصح ما تراضى عليه
الزوجان وإن قل ما لم يخرج بسبب القلة عن المالية - على ما مر - كحبة من
الحنطة، وكذا لا تقدير له في جانب الكثرة، نعم يستحب أن لا يتجاوز به
مهر السنة وهو خمسمائة درهم، فلو أراد التجاوز جعل المهر مهر السنة
وبذل الزيادة.
مسألة 288: لا بد من تعيين المهر بما يخرج عن الابهام والترديد،
فلو أمهرها أحد الشيئين مرددا أو خياطة أحد ثوبين كذلك بطل المهر دون
العقد، وكان لها مع الدخول مهر المثل إلا أن يزيد على أقلهما قيمة
فيتصالحان في مقدار التفاوت، ولا يعتبر أن يكون المهر معلوما على النحو
المعتبر في البيع وشبهه من المعاوضات، فيكفي مشاهدة عين حاضرة وإن
جهل كيلها أو وزنها أو عدها أو ذرعها كصبرة من الطعام وقطعة من الذهب
وطاقة مشاهدة من القماش وصبرة حاضرة من الجوز وأمثال ذلك.
90

مسألة 289: لو جعل المهر خادما أو بيتا أو دارا من غير تعيين
فالظاهر صحته وينصرف إلى الصنف المتعارف بلحاظ حال الزوجين، ومع
الاختلاف بين أفراده في القيمة يعطيها الفرد الوسط على الأحوط وجوبا،
وهل يجري هذا الحكم في غير الثلاثة المذكورات من أنواع الأموال أم لا؟
وجهان، لا يخلو أولهما عن رجحان.
مسألة 290: لو تزوج الذميان على خمر أو خنزير صح العقد
والمهر، فلو أسلما قبل القبض فللزوجة قيمته عند مستحليه، وإن أسلم
أحدهما قبله فلا يبعد لزوم القيمة أيضا.
ولو تزوج المسلم على أحدهما صح العقد وبطل المهر ولها بالدخول
مهر المثل إلا أن يكون المهر المسمى أقل قيمة منه فيتصالحان في مقدار
التفاوت
مسألة 291: إذا أصدقها ما في ظرف معين على أنه خل فبان خمرا
بطل المهر فيه قطعا، وهل تستحق عليه مثله خلا أو يثبت عليه مهر مثلها
بالدخول؟ وجهان أقربهما الأول، ولو جعل المهر مال الغير أو شيئا باعتقاد
كونه ماله فبان خلافه بطل المهر فيه أيضا، وهل تستحق عليه مهر مثلها
بالدخول أو بدله من المثل أو القيمة؟ وجهان أرجحهما الثاني.
مسألة 292: ذكر المهر ليس شرطا في صحة العقد الدائم، فلو عقد
عليها ولم يذكر مهرا أصلا - بأن قالت الزوجة للزوج مثلا: (زوجتك
نفسي)، أو قال وكيلها: (زوجت موكلتي فلانة)، فقال الزوج: (قبلت)
صح العقد، بل لو صرحت بعدم المهر بأن قالت: (زوجتك نفسي بلا
91

مهر)، فقال: (قبلت) صح، ويقال لهذا - أي لايقاع العقد بلا مهر -:
(تفويض البضع) وللمرأة التي لم يذكر في عقدها مهر (مفوضة البضع).
مسألة 293: إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن يتراضيا بعد العقد على
شئ، سواء أكان بقدر مهر المثل أو أقل منه أو أكثر، ويتعين ذلك مهرا
ويكون كالمذكور في العقد.
مسألة 294: إذا وقع العقد بلا مهر ولم يتفقا على تعيينه بعده لم
تستحق المرأة قبل الدخول شيئا إلا إذا طلقها حينئذ فتستحق عليه أن يعطيها
شيئا بحسب حاله من الغنى والفقر واليسار والاعسار، ويقال لذلك الشئ:
(المتعة)، ولو انفصلا قبل الدخول بأمر غير الطلاق لم تستحق شيئا لا مهرا
ولا متعة، وكذا لو مات أحدهما قبله، وأما لو دخل بها استحقت عليه بسبب
الدخول مهر أمثالها.
مسألة 295: المعتبر في مهر المثل في كل مورد يحكم بثبوته
ملاحظة حال المرأة وصفاتها من السن والبكارة والنجابة والعفة والعقل
والأدب والشرف والجمال والكمال وأضدادها، بل يلاحظ كل ما له دخل
في العرف والعادة في ارتفاع المهر ونقصانه، فتلاحظ أقاربها وعشيرتها
وبلدها وغير ذلك من خصوصياتها التي يختلف مقدار المهر باختلافها،
والظاهر دخالة حال الزوج في ذلك أيضا.
مسألة 296: يجوز أن يذكر المهر في العقد في الجملة ويفوض
تقديره وتعيينه إلى أحد الزوجين بأن تقول الزوجة مثلا: (زوجتك نفسي
على ما تحكم، أو أحكم من المهر) فيقول الرجل: (قبلت، فإن كان
الحاكم الذي فوض إليه تقدير المهر في العقد هو الزوج جاز له أن يحكم
92

بما شاء ولم يتقدر بقدر لا في طرف الكثرة ولا في طرف القلة ما دام
متمولا، نعم إذا كان التفويض منصرفا ولو بحسب الارتكاز عن حد معين
وما دونه لم يجز تعيينه فيه، وإن كان الحكم إلى الزوجة جاز لها تقديره في
طرف القلة بما شاءت وأما في طرف الكثرة فلا يمضي حكمها فيما زاد
على مهر السنة - وهو خمسمائة درهم - على الأحوط وجوبا.
مسألة 297: إذا مات الحاكم قبل الحكم وتقدير المهر وقبل الدخول
فللزوجة المتعة وإن مات بعد الدخول فلها مهر المثل إن كان الحكم إلى
الزوج، وأما إن كان الحكم إلى الزوجة فلا يبعد أن يكون الثابت هو مهر
السنة.
مسألة 298: إذا جعل مهر امرأة نكاح امرأة أخرى ومهر الأخرى
نكاح المرأة الأولى بطل النكاحان، وهذا ما يسمى ب‍ (نكاح الشغار) وهو أن
تتزوج امرأتان برجلين على أن يكون مهر كل واحدة منهما نكاح الأخرى
ولا يكون بينهما مهر غير النكاحين، مثل أن يقول أحد الرجلين للآخر:
(زوجتك بنتي، أو أختي، على أن تزوجني بنتك أو أختك، ويكون صداق
كل منهما نكاح الأخرى) ويقول الآخر: (قبلت وزوجتك بنتي، أو أختي،
هكذا)
وأما لو زوج إحداهما الآخر بمهر معلوم وشرط عليه أن يزوجه
الأخرى بمهر معلوم أيضا صح العقدان مع توفر سائر شروط الصحة، مثل
أن يقول: (زوجتك بنتي، أو أختي على صداق مائة دينار على أن تزوجني
أختك، أو بنتك، هكذا) ويقول الآخر: (قبلت وزوجتك بنتي، أو أختي،
على مائة دينار) بل وكذا لو شرط أن يزوجه الأخرى ولم يذكر مهرا أصلا
93

مثل أن يقول: (زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك) فقال: (قبلت
وزوجتك بنتي) فإنه يصح العقدان مع توفر سائر الشروط، لكن حيث إنه
لم يذكر المهر تستحق كل منهما مهر المثل بالدخول كما تقدم.
مسألة 299: إذا تزوج امرأة على مهر معين وكان من نيته أن لا يدفعه
إليها صح العقد ووجب عليه دفع المهر.
مسألة 300: إذا أشرك أباها مثلا في المهر بأن جعل مقدارا من المهر
لها ومقدارا منه لأبيها، أو جعل مهرها عشرين مثلا على أن تكون عشرة
منها لأبيها، سقط ما سماه للأب فلا يستحق شيئا. ولو لم يشركه في المهر
ولكن اشترط عليها أن تعطيه شيئا من مهرها صح، وكذا لو جعل له شيئا
زائدا على مهرها لشرطها عليه ذلك، وأما لو كان شرطا ابتدائيا من الزوج له
فلا يصح.
مسألة 301: ما تعارف في بعض البلاد من أنه يأخذ بعض أقارب
البنت كأبيها أو أمها أو أختها من الزوج شيئا - وهو المسمى في لسان بعض
ب‍ (شير بها) - ليس جزءا من المهر بل هو شئ آخر يؤخذ زائدا على
المهر، وحكمه أنه إن كان اعطاؤه وأخذه بعنوان الجعالة بإزاء عمل مباح
- كما إذا أعطى شيئا للأخ لأن يتوسط في البين ويرضي أخته ويسعى في
رفع بعض الموانع - فلا اشكال في جوازه وحليته، بل في استحقاق القريب
له وعدم سلطنة الزوج على استرجاعه بعد اعطائه، وإن لم يكن بعنوان
الجعالة فإن كان اعطاء الزوج للقريب بطيب نفس منه وإن كان لأجل جلب
خاطره وارضائه سواء أكان رضاه في نفسه مقصودا له أم لتوقف رضا البنت
على رضاه فالظاهر جواز أخذه للقريب لكن يجوز للزوج استرجاعه ما دام
94

قائما بعينه.
وأما مع عدم رضا الزوج وكون اعطائه من جهة استخلاص البنت
حيث إن القريب مانع من تمشية الأمر مع رضاها بالتزويج بما بذل لها من
المهر فيحرم أخذه وأكله، ويجوز للزوج الرجوع فيه باقيا كان أو تالفا.
مسألة 302: يجوز أن يجعل المهر كله حالا - أي بلا أجل -
ومؤجلا، وأن يجعل بعضه حالا وبعضه مؤجلا، ولا بد في المؤجل من
تعيين الأجل ولو في الجملة مثل ورود المسافر ووضع الحمل ونحو ذلك،
ولو كان الأجل مبهما بحتا مثل زمان ما أو ورود مسافر ما صح العقد وصح
المهر أيضا على الأظهر ولغي التأجيل.
مسألة 303: يجب على الزوج تسليم المهر، وهو مضمون عليه
حتى يسلمه، فلو تلف قبل تسليمه - ولو من دون تعد ولا تفريط - كان
ضامنا لمثله في المثلي ولقيمته في القيمي، نعم لو كان التلف بفعل أجنبي
تخيرت بين الرجوع عليه والرجوع على الزوج، وإن كان لو رجعت على
الزوج جاز له الرجوع به على الأجنبي.
مسألة 304: إذا أصدقها شيئا معينا فوجدت به عيبا فإن رضيت به
فهو وإلا فالأظهر أن لها رده بالعيب والمطالبة ببدله من المثل أو القيمة،
وليس لها امساكه بالأرش، كما أن احتمال الرجوع - مع الرد والدخول - إلى
مهر المثل ضعيف.
مسألة 305: إذا حدث في الصداق عيب قبل القبض فالأحوط وجوبا
الصلح.
95

مسألة 306: إذا كان المهر حالا فللزوجة الامتناع من التمكين قبل
قبضه سواء كان الزوج متمكنا من الأداء أم لا، ولو مكنته من نفسها فليس
لها الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبضه، وأما لو كان المهر كله أو بعضه مؤجلا
- وقد أخذت بعضه الحال - فليس لها الامتناع من التمكين وإن حل الأجل
ولم تقبض المهر بعد.
مسألة 307: إنما يسقط حق امتناعها عن التمكين فيما إذا وطئها
بتمكينه من نفسها اختيارا، فلو وطئها جبرا أو في حال النوم ونحوه أو كان
تمكينها عن اكراه من جانب الزوج أو غيره لم يسقط حقها في ذلك.
مسألة 308: المرأة تملك المهر المسمى بالعقد، فلها التصرف فيه
بهبة أو معاوضة أو غيرهما ولو قبل القبض على الأظهر، نعم لا تستقر
ملكيتها لتمامه إلا بالدخول - قبلا أو دبرا - قيل: وفي حكم الدخول إزالة
الزوج بكارتها بإصبعه من دون رضاها ولكنه محل اشكال، فالأحوط وجوبا
التصالح.
مسألة 309: إذا طلق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمى وبقي
نصفه، فإن كان دينا عليه ولم يكن قد دفعه برئت ذمته من نصفه، وإن كان
عينا صارت مشتركة بينه وبينها، ولو كان دفعه إليها استعاد نصفه إن كان
باقيا، وإن كان تالفا استعاد نصف مثله إن كان مثليا ونصف قيمته إن كان
قيميا، وفي حكم التلف نقله إلى الغير بناقل لازم، وأما لو كان انتقاله منها
إلى الغير بناقل جائز - كالبيع بخيار - تخيرت: بين الرجوع ودفع نصف
العين، وبين دفع بدل النصف، وإن كان الأحوط استحبابا هو الأول فيما إذا
أراد الزوج عين ماله.
96

مسألة 310: إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول فالمشهور استحقاق
المرأة تمام المهر، والأقوى أن الموت كالطلاق يكون سببا لتنصيف المهر
خصوصا في موت المرأة، وإن كان الأحوط استحبابا التصالح خصوصا في
موت الرجل.
مسألة 311: إذا حصل للصداق نماء - متصل كسمن الدابة وكبر
الشجرة - ثم طلقها قبل الدخول كان له نصف مثله أو نصف قيمته وقت
تعيينه مهرا، وأما لو حصل له نماء منفصل - كالنتاج واللبن - كان جميعه
للزوجة ولا يرد شئ منه إلى الزوج، ولو أصدقها حيوانا حاملا على وجه
يدخل الحمل في الصداق كان له النصف منهما وإن ولدته عندها.
مسألة 312: إذا أصدقها تعليم صنعة ثم طلقها قبل الدخول كان لها
نصف أجرة تعليمها، ولو كان قد علمها قبل الطلاق رجع عليها بنصف
الأجرة.
مسألة 313: لو أبرأته من الصداق ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها
بنصفه، ولو كان عينا ووهبتها له رجع عليها بنصف مثلها في المثلي
وبنصف قيمتها في القيمي
مسألة 314: إذا أعطاها عوضا عن المهر ثم طلقها قبل الدخول رجع
بنصف المهر لا بنصف العوض.
مسألة 315: لو كان المهر دينا وأبرأته من نصفه ثم طلقها قبل
الدخول كان له الباقي ولم يرجع أحدهما على الآخر بشئ، ولو كان عينا
ووهبته نصفها مشاعا أو معينا كان الباقي بينهما ويرجع عليها بنصف مثل
الموهوب أو نصف قيمته.
97

مسألة 316: إذا تبرع بالمهر غير الزوج فطلقها قبل الدخول ففي عود
النصف إلى المتبرع أو إلى الزوج اشكال فالأحوط وجوبا التصالح بينهما.
مسألة 317: إذا طلقها قبل الدخول فقد تقدم أنه يبقى لها نصف
المهر ويسقط النصف الآخر، ولكن هذا فيما إذا لم تعف عن النصف
الباقي كلا أو بعضا، وإلا فيكون الساقط أكثر من النصف.
وكما يجوز للمرأة العفو يجوز ذلك لأبيها وجدها من طرف الأب
ولوكيلها الذي ولته أمرها، لكن لا يجوز للأب والجد العفو عن الجميع
والأحوط وجوبا أن يراعيا مصلحتها في أصل العفو ومقداره، وأما الوكيل
فيتبع حد وكالته عنها في ذلك.
مسألة 318: إذا كان المهر دينا على ذمة الزوج يصح العفو عنه
باسقاطه عن ذمته وابرائه منه، ولا يصح هبته له إلا إذا قصد بها الاسقاط
فيكون ابراء ولا يحتاج إلى القبول، وأما لو كان المهر عينا فلا يصح العفو
عنه إلا بهبته وتمليكه إياه فيحتاج إلى القبول والقبض.
مسألة 319: إذا أزال غير الزوج بكارة المرأة باكراهها كان عليه مهر
مثلها بكرا سواء أزالها بالوطئ أم بغيره.
مسألة 320: إذا كان الوطئ لشبهة بأن اشتبه الأمر على المرأة - سواء
أكان الواطئ عالما بالحال أم لا - كان لها مهر المثل من غير فرق بين أن
يكون الوطئ بعقد باطل أو لا بعقد، وأما لو كانت الموطوءة بالشبهة عالمة
بالحال بأن كان الاشتباه من طرف الواطئ فقط فلا مهر لها.
مسألة 321: إذا زوج الأب أو الجد صغيرا فإن لم يكن له مال حين
العقد كان المهر على من زوجه، وإن كان له مال فإن ضمنه من زوجه كان
عليه أيضا، وإن لم يضمنه كان في مال الطفل إذا لم يكن أزيد من مهر المثل
98

أو كانت مصلحة في تزويجه بأكثر منه، وإلا فالأظهر صحة العقد، وتوقف
ثبوت المهر المسمى في مال الطفل على إجازته بعد البلوغ فإن لم يجز ثبت
عليه مهر المثل.
مسألة 322: إذا دفع الأب أو الجد المهر الذي كان عليه ثم بلغ
الصغير فطلق قبل الدخول، ففي عود نصف المهر إلى الولد أو إلى الأب أو
الجد وجهان فالأحوط التصالح بين الطرفين.
مسألة 323: إذا اختلف الزوجان بعدما طلقها في تحقق الدخول
وعدمه، فادعت الزوجة تحققه وأنكر الزوج ذلك، فإن كان قولها موافقا
للظاهر - كما إذا عاشا معا مدة من دون وجود مانع شرعي أو غيره لأي
منهما عن الدخول - فالقول قولها بيمينها، وإلا كان القول قول الزوج
بيمينه. وله أن يدفع اليمين عن نفسه بإقامة البينة على العدم إن كانت له بينة
عليه - بناء على ما هو الأقوى من اغناء بينة المدعى عليه عن يمينه - فتشهد
البينة على عدم التلاقي بينهما بعد العقد لسفر أو نحوه، أو تشهد على بقاء
بكارتها فيما إذا ادعت الدخول قبلا وفرض المنافاة بينه وبين بقائها كما هو
الغالب.
مسألة 324: إذا اختلف الزوجان في أصل المهر فادعته الزوجة
وأنكره الزوج، فإن كان ذلك قبل الدخول ولم يكن لها بينة فالقول قوله
بيمينه، وكذا إذا كان بعد الدخول وادعت عليه أزيد من مهر المثل، وأما إذا
ادعت عليه مهر المثل أو ما هو أقل منه فالقول قولها بيمينها، إلا أن يقيم
الزوج البينة على أدائه إليها أو عفوها عنه أو تكفل الغير به ونحو ذلك فإن
أقام البينة حكم له وإلا فله عليها اليمين، فإن حلفت حكم لها، وإن نكلت
99

عن الحلف ولم ترده على المدعي جاز للحاكم أن يحكم عليها، كما أن له
أن يرد الحلف على المدعي استظهارا، فإن ردت الزوجة اليمين على الزوج
أو ردها الحاكم عليه فحلف حكم له، وإن نكل حكم عليه.
مسألة 325: إذا توافقا على أصل المهر واختلفا في مقداره كان القول
قول الزوج بيمينه إلا إذا أثبتت الزوجة دعواها بالموازين الشرعية، وكذا إذا
ادعت كون عين من الأعيان - كدار أو بستان - مهرا لها وأنكر الزوج فإن
القول قوله بيمينه وعليها البينة.
مسألة 326: إذا اختلفا في التعجيل والتأجيل، فقالت المرأة: إنه حال
معجل. وقال الزوج: إنه مؤجل. ولم تكن بينة كان القول قولها بيمينها،
وكذا لو اختلفا في زيادة الأجل، كما إذا ادعت أنه سنة وادعى أنه سنتان.
مسألة 327: إذا توافقا على المهر وادعى تسليمه ولا بينة، فالقول
قولها بيمينها
مسألة 328: إذا دفع إليها قدر مهرها ثم اختلفا في كونه هبة أو
صداقا، فإن كان مدعي الصداق هي الزوجة ومدعي الهبة هو الزوج يقصد
من وراء ذلك استرجاع المال لبقائه قائما بعينه فالقول قولها بيمينها، وإن
كان مدعي الصداق هو الزوج ومدعي الهبة هي الزوجة فلا يبعد اندراجه في
باب التداعي، فإن تحالفا حكم برجوع المال إلى الزوج.
مسألة 329: إنما يندرج المورد المذكور في باب التداعي فيما إذا لم
يكن قول أحدهما خاصة مخالفا للظاهر بمقتضى العرف والعادة، وإلا قدم
قول خصمه بيمينه، كما إذا لم يكن المال من حيث كميته ونوعه وزمان
اعطائه وملاحظة حال الزوجين مناسبا للهبة فإنه يقدم حينئذ قول الزوج
100

المدعي للصداق بيمينه.
وكذلك ما مر من تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في جملة
من المسائل السابقة إنما هو فيما إذا لم يكن قوله مخالفا للظاهر، وإلا قدم
قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك، كما إذا ادعت الزوجة إن تمام مهرها
حال معجل وكان مبلغا كبيرا لا يجعل مثله مهرا معجلا في العرف والعادة،
وادعى الزوج التأجيل الموافق لهما في مقدار منه فإنه يقدم حينئذ قوله
بيمينه
تكميل
في الشروط المذكورة في النكاح.
مسألة 330: يجوز أن يشترط في ضمن عقد النكاح كل شرط سائغ،
ويجب على المشروط عليه الوفاء به كما في سائر العقود، لكن تخلفه أو
تعذره لا يوجب الخيار للمشروط له، فلو شرط عليها أن تقوم بخدمة البيت
أو شرطت عليه أن يعين لها خادمة تعينها في شؤون البيت، فتخلفت أو
تخلف عن الوفاء بالشرط، لم يوجب ذلك الخيار وإن أثم المتخلف.
نعم لو كان الشرط وجود صفة في أحد الزوجين مثل كون الزوجة
باكرة أو كون الزوج هاشميا فتبين خلافه، أوجب الخيار، كما تقدم في
خيار التدليس.
مسألة 331: إذا اشترط ما يخالف مقتضى العقد - كأن اشترطت
المرأة في عقد الانقطاع أن لا يكون للزوج حق الاستمتاع بها مطلقا - بطل
العقد والشرط معا. ولو اشترط ما يخالف المشروع، كأن اشترطت المرأة أن
101

يكون أمر الطلاق والجماع بيدها، أو أن لا يعطي الزوج حق ضرتها من
النفقة والمقاربة ونحو ذلك، بطل الشرط وصح العقد.
مسألة 332: لا يجوز اشتراط الخيار في عقد النكاح دواما ولا
انقطاعا لا للزوج ولا للزوجة، فلو شرطاه بطل الشرط وصح العقد كما
تقدم.
مسألة 333: إذا اشترطت الزوجة على الزوج في عقد النكاح أو في
غيره أن لا يتزوج عليها صح الشرط ويلزم الزوج العمل به، ولكن لو تزوج
صح زواجه وإن كان آثما.
مسألة 334: يجوز أن تشترط الزوجة أن تكون وكيلة عن الزوج في
طلاق نفسها إما مطلقا أو في حالات معينة من سفر طويل أو جريمة موجبة
لحبسه أو عدم انفاقه عليها شهرا ونحو ذلك، فتكون وكيلة في طلاق نفسها
ولا يمكنه عزلها، فإذا طلقت نفسها صح طلاقها
مسألة 335: إذا اشترطت في العقد أن لا يطأها أو أن لا يفتضها لزم
الشرط حتى في النكاح الدائم على الأقوى، فلو خالف حرم الوطئ من
حيث مخالفة الشرط ولم يلحقه حكم الزنى، ولو أذنت هي بعد ذلك جاز.
مسألة 336: إذا اشترطت عليه أن يسكنها في بلدها أو في بلد معين
غيره أو في منزل مخصوص يلزمه العمل بالشرط ما لم تسقطه
102

الفصل الثامن
في الحقوق الزوجية وأحكام النشوز والشقاق
مسألة 337: إن لكل من الزوجين على الآخر حقوقا بعضها واجب
وبعضها مستحب، والواجب منها على أقسام ثلاثة:
القسم الأول: حق الزوج على الزوجة، وهو أن تمكنه من نفسها
للمقاربة وغيرها من الاستمتاعات الثابتة له بمقتضى العقد في أي وقت شاء
ولا تمنعه عنها إلا لعذر شرعي، وأيضا أن لا تخرج من بيتها من دون إذنه
إذا كان ذلك منافيا لحقه في الاستمتاع بها بل مطلقا على الأظهر.
مسألة 338: ينبغي للرجل أن يأذن لزوجته في زيارة أقربائها وعيادة
مرضاهم وتشييع جنائزهم ونحو ذلك وإن لم يجب عليه ذلك، وليس له
منعها من الخروج إذا كان القيام بفعل واجب عليها.
مسألة 339: لا يحرم على الزوجة سائر الأفعال - غير الخروج من
البيت - بغير إذن الزوج إلا أن يكون منافيا لحقه في الاستمتاع منها.
مسألة 340: لا يستحق الزوج على الزوجة خدمة البيت وحوائجه
التي لا تتعلق بالاستمتاع من الكنس أو الخياطة أو الطبخ أو تنظيف الملابس
أو غير ذلك حتى سقي الماء وتمهيد الفراش وإن كان يستحب لها أن تقوم
بذلك.
القسم الثاني: حق الزوجة على الزوج، وهو أن ينفق عليها بالغذاء
واللباس والمسكن وسائر ما تحتاج إليه بحسب حالها بالقياس إليه على ما
سيأتي تفصيله، وأن لا يؤذيها أو يظلمها أو يشاكسها من دون وجه شرعي،
103

وأن لا يهجرها رأسا ويجعلها كالمعلقة لا هي ذات بعل ولا هي مطلقة، وأن
لا يترك مقاربتها أزيد من أربعة أشهر على ما تقدم في المسألة التاسعة.
مسألة 341: إذا كانت الزوجة لا تقدر على الصبر إلى أربعة أشهر
بحيث خاف الزوج وقوعها في الحرام إذا لم يواقعها فالأحوط وجوبا
المبادرة إلى مواقعتها قبل تمام الأربعة أو طلاقها وتخلية سبيلها.
القسم الثالث: حق كل من الزوجين على الآخر، وهو " القسم " أي
بيتوتة الزوج عند زوجته ليلة من كل أربع ليال على ما سيأتي تفصيله، فهذا
حق مشترك للزوجين، يجوز لكل منهما مطالبة الآخر به ويجب عليه
الإجابة، ولو أسقطه أحدهما كان للآخر مطالبته وتركه، بخلاف الحقوق
المختصة بكل منهما، فالنفقة مثلا حق للزوجة يسقط بإسقاطها ولا يجب
عليها القبول لو أنفق، والتمكين مثلا حق للزوج يجوز له التخلي عنه ولا
يجب عليه القبول لو مكنت الزوجة بخلاف حق القسم.
مسألة 342: إذا كان للرجل زوجتان أو أزيد فبات عند إحداهن ليلة
يجب عليه أن يبيت عند غيرها أيضا، فإذا كن أربع وبات عند إحداهن
طاف عليهن في أربع ليال لكل منهن ليلة ولا يفضل بعضهن على بعض.
وإذا كانت عنده ثلاث فإذا بات عند إحداهن ليلة يجب عليه أن يبيت
عند الأخريين في ليلتين وله أن يفضل إحداهن بالليلة الرابعة.
وإذا كانت عنده زوجتان وبات عند إحداهما في ليلة لزمه المبيت في
ليلة أخرى عند الأخرى، وله أن يجعل لإحداهما ثلاث ليال وللثانية ليلة
واحدة، وبعد ذلك إن شاء ترك المبيت عند الجميع وإن شاء شرع فيه على
النحو المتقدم
104

والمشهور أنه إذا كانت عنده زوجة واحدة كانت لها في كل أربع ليال
ليلة وله ثلاث ليال، وإذا كانت عنده زوجات متعددة يجب عليه القسم
بينهن في كل أربع ليال، فإذا كانت عنده أربع كانت لكل منهن ليلة، فإذا تم
الدور يجب عليه الابتداء بإحداهن واتمام الدور وهكذا، فليس له ليلة بل
يكون جميع لياليه لزوجاته، وإذا كانت له زوجتان فلهما ليلتان من كل أربع
ليال وليلتان له، وإذا كانت له ثلاث زوجات كانت لهن ثلاث ليال والفاضل
له، والعمل بهذا القول أحوط خصوصا في الأكثر من واحدة ولكن الأقوى
ما تقدم خصوصا في الواحدة.
مسألة 343: المقدار الواجب من القسم هو ما ذكرناه من المبيت بأن
يبقى عندها في ليلتها بالمقدار المتعارف ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص
والأحوال، ولا يلزمه مواقعتها في ليلتها، وهل يلزمه مضاجعتها في الفراش
بأن ينام قريبا منها على النحو المتعارف معطيا لها وجهه بعض الوقت أم لا؟
المشهور ذلك ولكنه لا يخلو عن اشكال وإن كان هو الأحوط وجوبا.
مسألة 344: يختص وجوب المبيت بالزوجة الدائمة فليس للمتمتع
بها هذا الحق سواء أكانت واحدة أم أكثر.
مسألة 345: يجوز للزوجة أن تهب حقها في المبيت إلى زوجها
بعوض أو بدونه فيكون له الخيار بين القبول وعدمه، فإن قبل صرف ليلته
فيما يشاء، ولها أن تهب ليلتها لضرتها برضى الزوج فيصير الحق لها
بقبولها.
مسألة 346: لا يثبت حق المبيت للصغيرة ولا للمجنونة حال جنونها
ولا للناشزة، ويسقط بالسفر وليس له قضاء.
105

مسألة 347: يستحب تخصيص البكر أول عرسها بسبع ليال، والثيب
بثلاث تتفضلان بذلك على غيرهما، ولا يجب عليه أن يقضي تلك الليالي
لنسائه السابقات.
مسألة 348: إذا أراد الشروع في القسمة بين نسائه كان له الابتداء بأي
منهن شاء وإن كان الأولى والأحوط التعيين بالقرعة.
مسألة 349: تستحب التسوية بين الزوجات في الانفاق والالتفات
وطلاقة الوجه والمواقعة وأن يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها.
(أحكام النشوز والشقاق)
مسألة 350: النشوز قد يكون من الزوجة، وقد يكون من الزوج:
أما نشوز الزوجة فيتحقق بخروجها عن طاعة الزوج الواجبة عليها،
وذلك بعدم تمكينه مما يستحقه من الاستمتاع بها، ويدخل في ذلك عدم
إزالة المنفرات المضادة للتمتع والالتذاذ منها، بل وترك التنظيف والتزيين مع
اقتضاء الزوج لها، وكذا بخروجها من بيتها من دون إذنه، ولا يتحقق بترك
طاعته فيما ليس واجبا عليها كخدمة البيت ونحوها مما مر.
وأما نشوز الزوج فيتحقق بمنع الزوجة من حقوقها الواجبة عليه،
كترك الانفاق عليها، أو ترك المبيت عندها في ليلتها، أو هجرها بالمرة، أو
ايذائها ومشاكستها من دون مبرر شرعي.
مسألة 351: إذا امتنعت الزوجة من تمكين الزوج من نفسها مطلقا لم
تستحق النفقة عليه، سواء خرجت من عنده أم لا على الأظهر، وأما إذا
امتنعت من التمكين في بعض الأحيان لا لعذر مقبول شرعا، أو خرجت من
106

بيتها بغير إذنه كذلك فالمشهور أنها لا تستحق النفقة أيضا، ولكن الأحوط
وجوبا عدم سقوطها بذلك، وأما المهر فلا يسقط بالنشوز بلا اشكال.
مسألة 352: كما يسقط بالنشوز حق الزوجة في النفقة يسقط به
حقها في القسم والمواقعة كل أربعة أشهر أيضا، ويستمر الحال كذلك
ما دامت ناشزة فإذا رجعت وتابت رجع الاستحقاق.
مسألة 353: إذا نشزت الزوجة جاز للزوج أن يتصدى لارجاعها إلى
طاعته، وذلك بأن، يعظها أولا فإن لم ينفع الوعظ هجرها في المضجع إذا
احتمل نفعه، كأن يحول إليها ظهره في الفراش، أو يعتزل فراشها إذا كان
يشاركها فيه من قبل، فإن لم يؤثر ذلك أيضا جاز له ضربها إذا كان يؤمل
معه رجوعها إلى الطاعة وترك النشوز، ويقتصر منه على أقل مقدار يحتمل
معه التأثير، فلا يجوز الزيادة عليه مع حصول الغرض به، وإلا تدرج إلى
الأقوى فالأقوى ما لم يكن مدميا ولا شديدا مؤثرا في اسوداد بدنها أو
احمراره، واللازم أن يكون ذلك بقصد الاصلاح لا التشفي والانتقام، ولو
حصل بالضرب جناية وجب الغرم.
وإذا لم تنفع معها الاجراءات المتقدمة وأصرت على نشوزها فليس
للزوج أن يتخذ ضدها اجراء آخر سواء أكان قوليا كإيعادها بما لا يجوز له
فعله - بخلاف الايعاد بما يجوز له كالطلاق أو التزويج عليها - أو كان فعليا
كفرك أذنها أو جر شعرها أو حبسها أو غير ذلك، نعم يجوز له رفع أمره
إلى الحاكم الشرعي ليلزمها بنا يراه مناسبا كالتعزير ونحوه.
مسألة 354: إذا نشز الزوج على زوجته بمنعها حقوقها الواجبة عليه
فلها المطالبة بها ووعظه وتحذيره، فإن لم ينفع فلها رفع أمرها إلى الحاكم
الشرعي وليس لها هجره ولا ضربه والتعدي عليه.
107

مسألة 355: إذا امتنع الزوج عن بذل نفقة زوجته المستحقة لها مع
مطالبتها جاز لها أن تأخذها من ماله بدون إذنه، ويجوز لها رفع أمرها إلى
الحاكم الشرعي لاجباره على الانفاق، فإن لم يتيسر هذا ولا ذاك واضطرت
إلى اتخاذ وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها إطاعته حال اشتغالها بتلك
الوسيلة، وهل لها الامتناع عن القيام بحقوقه في غير تلك الحال أم لا؟ فيه
اشكال، والاحتياط لا يترك.
مسألة 356: إذا امتنع الزوج عن الانفاق مع قدرته عليه فرفعت
الزوجة أمرها إلى الحاكم الشرعي، أبلغه الحاكم بلزوم أحد الأمرين عليه: إما
الانفاق أو الطلاق، فإن امتنع عن الأمرين، ولم يمكن الانفاق عليها من ماله
- ولو ببيع عقاره إذا توقف عليه - ولا اجباره على الطلاق جاز للحاكم أن
يطلقها بطلبها، وإذا كان الزوج غير قادر على الانفاق على زوجته وجب
عليه طلاقها إذا لم ترض بالصبر معه، فإذا لم يفعل جاز لها أن ترفع أمرها
إلى الحاكم الشرعي فيأمر الزوج بالطلاق، فإن امتنع وتعذر اجباره عليه
طلقها الحاكم، ويقع الطلاق بائنا في الصورتين، ولا فرق فيما ذكر بين
الحاضر والغائب وسيأتي حكم المفقود في محله.
مسألة 357: إذا امتنع الزوج عن الانفاق على زوجته أو كان عاجزا
عن الانفاق عليها فتعمد اخفاء موضع إقامته، لكي لا يتسنى للحاكم
الشرعي - فيما إذا رفعت الزوجة أمرها إليه - أن يتخذ بشأنه الاجراءات
المترتبة المتقدمة، ففي هذه الحالة هل يجوز للحاكم أن يقوم بطلاق زوجته
تلبية لطلبها فيما إذا تعذر عليه تنفيذ ما يتقدم الطلاق من الابلاغ وغيره أم
لا؟ فيه وجهان لا يخلو أولهما عن قوة.
108

مسألة 358: إذا هجر زوجته هجرا كليا فصارت كالمعلقة لا هي ذات
زوج ولا هي مطلقة، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، فيلزم الزوج
بأحد الأمرين: إما العدول عن هجرها وجعلها كالمعلقة، أو تسريحها
لتتمكن من الزواج من رجل آخر، فإذا امتنع منهما جميعا جاز للحاكم - بعد
استنفاد كل الوسائل المشروعة لاجباره حتى الحبس لو أمكنه - أن يطلقها
بطلبها ذلك. ويقع الطلاق بائنا أو رجعيا حسب اختلاف الموارد، ولا فرق
فيما ذكر بين بذل الزوج نفقتها وعدمه.
مسألة 359: إذا كان الزوج غير قادر على العود إلى زوجته كما لو
كان محكوما بالحبس مدة طويلة فصارت كالمعلقة بغير اختياره، فهل يجب
عليه أن يطلقها إذا لم ترض بالصبر على هذا الحال أم لا؟ فيه اشكال،
فالأحوط وجوبا له الاستجابة لطلبها في الطلاق، ولكن إذا امتنع فعليها
الانتظار حتى يفرج الله تعالى عنه.
مسألة 360: إذا كان الزوج يؤذي زوجته ويشاكسها بغير وجه
شرعي، جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ليمنعه من الايذاء والظلم
ويلزمه بالمعاشرة معها بالمعروف، فإن نفع وإلا عزره بما يراه، فإن لم ينفع
أيضا كان لها المطالبة بالطلاق، فإن امتنع منه ولم يمكن اجباره عليه طلقها
الحاكم الشرعي.
مسألة 361: إذا ترك الزوج بعض حقوقها غير الواجبة، أو هم
بطلاقها لكراهته لها مثلا، أو هم بالتزويج عليها، فبذلت له مالا أو بعض
حقوقها الواجبة من قسم أو نفقة استمالة له صح وحل له ذلك، وأما لو ترك
109

بعض حقوقها الواجبة أو آذاها بالضرب أو الشتم وغير ذلك فبذلت مالا
ليقوم بما ترك من حقها أو ليمسك عن أذيتها أو ليطلقها فتخلص من يده
حرم عليه ما بذلت، وإن لم يكن من قصده إلجاؤها إلى البذل على الأقوى.
مسألة 362: إذا وقع نشوز من الزوجين ومنافرة وشقاق بين الطرفين
بعث الحاكم حكمين - حكما من جانب الزوج وآخر من جانب الزوجة -
للاصلاح ورفع الشقاق بما رأياه صالحا من الجمع أو الفراق بإذنهما كما
يأتي. ويجب عليهما البحث والاجتهاد في حالهما، وفيما هو السبب والعلة
لحصول الشقاق بينهما، ثم يسعيان في أمرهما فكلما استقر عليه رأيهما
وحكما به نفذ على الزوجين ويلزم عليهما الرضا به بشرط كونه سائغا، كما
لو شرطا على الزوج أن يسكن الزوجة في البلد الفلاني أو في مسكن
مخصوص أو عند أبويها أو لا يسكن معها في الدار أمه أو أخته ولو في
بيت منفرد أو لا تسكن معها ضرتها في دار واحدة ونحو ذلك، أو شرطا
عليها أن تؤجله بالمهر الحال إلى أجل أو ترد عليه ما قبضته قرضا ونحو
ذلك، بخلاف ما إذا كان غير سائغ كما إذا شرطا عليه ترك بعض حقوق
الضرة من قسم أو نفقة أو غيرهما.
مسألة 363: إذا اجتمع الحكمان على التفريق - بفدية أو بدونها - لم
ينفذ حكمهما بذلك إلا إذا شرطا عليهما حين بعثهما بأنهما إن شاءا جمعا
وإن شاءا فرقا، أو استأذناهما في الطلاق وبذل الفدية حين ما يريدان ذلك.
وحيث إن التفريق لا يكون إلا بالطلاق فلا بد من وقوعه عند اجتماع
الشرائط، بأن يقع في طهر لم يواقعها فيه وعند حضور العدلين وغير ذلك
مسألة 364: الأحوط أن يكون الحكمان من أهل الطرفين، بأن يكون
110

حكم من أهله وحكم من أهلها، فإن لم يكن لهما أهل أو لم يكن أهلهما
أهلا لهذا الأمر تعين من غيرهم، ولا يعتبر أن يكون من جانب كل منهما
حكم واحد، بل لو اقتضت المصلحة بعث أزيد تعين.
مسألة 365: إذا اختلف الحكمان بعث الحاكم حكمين آخرين حتى
يتفقا على شئ.
مسألة 366: ينبغي للحكمين اخلاص النية وقصد الاصلاح، فمن
حسنت نيته فيما تحراه أصلح الله مسعاه، كما يرشد إلى ذلك قوله جل شأنه
في هذا المقام (إن يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما)
111

الفصل التاسع
في أحكام الأولاد والولادة
مسألة 367: يلحق ولد المرأة بزوجها في العقد الدائم والمنقطع
بشروط:
الأول: دخوله بها مع العلم بالانزال أو احتماله، أو الانزال على ظاهر
الفرج. وأما مع انتفاء الأمرين ودخول مائه في فرجها بطريقة أخرى
كالأنبوبة ونحوها، واحتمال كون حملها من مائه ففي إلحاق الولد به اشكال.
الثاني: مضي ستة أشهر من حين تحقق الدخول أو ما بحكمه إلى
زمن الولادة، فلو جاءت المرأة بولد حي كامل لأقل من ستة أشهر من ذلك
الحين لم يلحق بالزوج.
الثالث: عدم التجاوز عن أقصى مدة الحمل وهو سنة على الأظهر،
فلو غاب عنها زوجها أو اعتزلها أكثر من سنة وولدت بعدها لم يلحق به.
مسألة 368: إذا تحققت الشروط الثلاثة لحق الولد بالزوج ولا يجوز
له نفيه وإن وطأها آخر فجورا فضلا عما لو اتهمها بالفجور، ولا ينتفي عنه
لو نفاه إن كان العقد دائما إلا باللعان، بخلاف ما إذا كان العقد منقطعا
وجاءت بولد أمكن إلحاقه به، فإنه وإن لم يجز له نفيه لكن لو نفاه ينتفي
منه ظاهرا من غير لعان لكن عليه اليمين مع دعواها أو دعوى الولد النسب.
مسألة 369: إذا عزل عن زوجته أثناء الجماع وحملت لم يجز له
نفي الولد لمكان العزل مع احتمال سبق المني قبل النزع من غير تنبه، أو
احتمال بقاء شئ من المني في المجرى وحصول اللقاح به عند العود إلى
112

الايلاج، ويلحق بالعزل في ذلك ما إذا أنزل قبل الدخول ثم جامع من غير
أن يتأكد من عدم تلوث الآلة بالمني وخلو المجرى منه تماما.
مسألة 370: الحكم بلحوق الولد بالزوج وعدم جواز نفيه عن نفسه
مع تحقق الشروط المتقدمة يختص بصورة الشك واحتمال كونه منه، وأما
مع حصول العلم له بخلافه - - من طريق فحص الدم أو غيره من الطرق
العلمية الحديثة - فعليه أن يعمل بمقتضى علمه.
مسألة 371: إذا اختلف الزوجان في تحقق الدخول الموجب لالحاق
الولد أو ما بحكمه وعدمه. فادعته المرأة ليلحق الولد به وأنكره الزوج.
أو اختلفا في ولادته فنفاها الزوج وادعى أنها أتت به من خارج.
أو اختلفا في المدة مع الاتفاق في أصل الدخول أو ما بحكمه
والولادة، فادعى ولادتها لدون ستة أشهر وادعت هي خلافه كان القول قوله
بيمينه، ولو ادعى ولادته لأزيد من أقصى الحمل وأنكرت هي فالقول قولها
بيمينها ويلحق به الولد ولا ينتفي عنه إلا باللعان
مسألة 372: لو طلق زوجته المدخول بها فاعتدت وتزوجت ثم أتت
بولد، فإن لم يمكن لحوقه بالثاني وأمكن لحوقه بالأول - كما إذا ولدته لأقل
من ستة أشهر من وطئ الثاني ولتمامها من غير تجاوز عن أقصى الحمل من
وطئ الأول - فهو للأول، ويتبين بذلك بطلان نكاح الثاني لتبين وقوعه في
العدة وتحرم عليه مؤبدا لوطئه إياها.
وإن انعكس الأمر - بأن أمكن لحوقه بالثاني دون الأول - كأن ولدته
لأزيد من أكثر الحمل من وطئ الأول ولأقل الحمل إلى الأقصى من وطئ
الثاني لحق بالثاني.
113

وإن لم يمكن لحوقه بأحدهما - بأن ولدته لأزيد من أقصى الحمل من
وطئ الأول ولأقل من ستة أشهر من وطئ الثاني - انتفى منهما.
وإن أمكن لحوقه بهما - بأن كانت ولادته لستة أشهر من وطئ الثاني
ودون أقصى الحمل من وطئ الأول - فهو للثاني.
مسألة 373: لو طلقها فوطئها آخر في عدتها غير الرجعية لشبهة، ثم
أتت بولد فهو كالتزوج بعد العدة فتجئ فيه الصور الأربع المتقدمة إلا أن
في الصورة الأخيرة - وهي ما إذا أمكن اللحوق بكل منهما - وجهين وهما:
اللحوق بالأخير والقرعة بينهما وأوجههما الثاني. وهكذا الحال في المتمتع
بها إذا وهبها زوجها المدة أو انتهت المدة ووطئها الغير لشبهة في عدتها
مسألة 374: إذا كانت في عصمة زوج أو في العدة الرجعية منه
فوطئها آخر لشبهة ثم أتت بولد، فإن أمكن لحوقه بأحدهما دون الآخر
يلحق به، وإن لم يمكن اللحوق بهما انتفى عنهما، وإن أمكن لحوقه بكل
منهما أقرع بينهما ويعمل بما تقتضيه القرعة.
مسألة 375: إذا وطئ امرأة ليست بذات بعل ولا في عدة الغير لشبهة
وجاءت بولد وأمكن لحوقه به يلحق به، ولو وطئها لشبهة أكثر من واحد
وأمكن لحوقه بكل منهم أقرع بينهم.
مسألة 376: إذا ولدت زوجتان لزوجين أو لزوج واحد ولدين
واشتبه أحدهما بالآخر عمل بالقرعة.
مسألة 377: إنما يرجع إلى القرعة في الموارد المتقدمة ونظائرها
فيما إذا لم يتيسر رفع الاشكال والاشتباه بالرجوع إلى طريقة علمية بينة لا
تتخللها الاجتهادات الشخصية - كما يقال ذلك بشأن بعض الفحوصات
114

الطبية الحديثة من خلوها عنها - وإلا لم تصل النوبة إلى العمل بالقرعة.
مسألة 378: إذا وطئ الأجنبية شبهة فحملت منه وولدت كان الولد
ولد حلال، وإذا كان لها زوج رجعت إليه بعد الاعتداد من وطئها شبهة.
مسألة 379: المراد بوطئ الشبهة الوطئ غير المستحق شرعا مع جهل
الواطئ بذلك سواء أكان جاهلا قاصرا أم مقصرا بشرط أن لا يكون مترددا
كما تقدم ذلك في المسألة (93)
مسألة 380: إذا وطئ الرجل زوجته فساحقت بكرا فحملت يلحق
الولد بصاحب النطفة كما يلحق بالبكر، وتستحق الزوجة الرجم والبكر
الجلد كما سيأتي في محله، وعلى الزوجة مهر البكر إذا ذهبت بكارتها
بالولادة.
مسألة 381: إذا أدخلت المرأة مني رجل أجنبي في فرجها أثمت
ويلحق الولد بصاحب المني كما يلحق بالمرأة، فإذا كان الولد أنثى لم يجز
لصاحب المني التزوج بها. وكذا الحكم لو أدخلت مني زوجها في فرجها
فحملت منه ولكن لا إثم عليها في ذلك.
مسألة 382: إذا زنى بامرأة ليست بذات بعل ولا في عدة الغير ثم
تزوج بها فولدت ولم يعلم أن الولد من الحلال أو الحرام يحكم بأنه من
الحلال. ولو زنى بامرأة فحملت منه وولدت كان الولد ولد حرام فلا
يتوارثان وإن تزوج بأمه بعد الحمل
مسألة 383: المتولد من ولد الزنى إذا كان من وطئ مشروع فهو ولد
حلال
مسألة 384: لا يجوز اسقاط الحمل وإن كان من سفاح إلا فيما إذا
115

خافت الأم الضرر على نفسها من استمرار وجوده، فإنه يجوز لها حينئذ
اسقاطه
ما لم تلجه الروح، وأما بعد ولوج الروح فيه فلا يجوز الاسقاط
مطلقا، وإذا أسقطت الأم حملها وجبت عليها ديته، وكذا لو أسقطه الأب أو
شخص ثالث كالطبيب، وسيأتي بيان مقدار الدية ومن تكون له في محله من
كتاب الإرث والديات.
مسألة 385: يجوز للمرأة استعمال ما يمنع الحمل من العقاقير
المعدة لذلك بشرط أن لا يلحق بها ضررا بليغا بلا فرق في ذلك بين رضا
الزوج به وعدمه، وقد ذكرنا جملة من أحكام تحديد النسل في رسالة
مستحدثات المسائل فلتراجع.
(أحكام الولادة وما يلحقها)
للولادة والمولود سنن وآداب بعضها واجبة وبعضها مندوبة وأهمها ما
يلي:
مسألة 386: ينبغي مساعدة المرأة عند ولادتها، بل يجب ذلك كفاية
إذا خيف عليها أو على جنينها من التلف أو ما بحكمه.
ولو توقف توليدها على النظر أو اللمس المحرمين على الرجال
الأجانب لزم أن يتكفله الزوج أو النساء أو محارمها من الرجال، ولو توقف
على النظر أو اللمس المحرمين على غير الزوج وكان متمكنا من توليدها من
دون عسر ولا حرج فلا يبعد تعين اختياره إلا أن تكون القابلة أرفق بحالها،
فيجوز لها حينئذ اختيارها، هذا في حال الاختيار وأما عند الاضطرار فيجوز
أن يولدها الأجنبي بل قد يجب ذلك، نعم لا بد معه من الاقتصار في كل من
116

اللمس والنظر على مقدار الضرورة فإن الضرورات تتقدر بقدرها.
مسألة 387: يستحب غسل المولود عند وضعه مع الأمن من الضرر،
والأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى فإنه عصمة من الشيطان الرجيم كما
ورد في الخبر، ويستحب أيضا تحنيكه بماء الفرات وتربة الحسين عليه السلام،
وتسميته بالأسماء المستحسنة فإن ذلك من حق الولد على الولد، وفي
الخبر: (إن أصدق الأسماء ما يتضمن العبودية لله جل شأنه (1)، وأفضلها
أسماء الأنبياء صلوات الله عليهم) وتلحق بها أسماء الأئمة عليهم السلام، وعن
النبي صلى الله عليه وآله: أنه قال: (من ولد له أربعة أولاد لم يسم أحدهم باسمي فقد
جفاني)، ويكره أن يكنيه أبا القاسم إذا كان اسمه محمدا، كما يكره تسميته
بأسماء أعداء الأئمة صلوات الله عليهم، ويستحب أن يحلق رأس الولد يوم
السابع، وأن يتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة، ويكره أن يحلق من رأسه
موضعا ويترك موضعا.
مسألة 388: تستحب الوليمة عند الولادة وهي إحدى الخمس التي
سن فيها الوليمة، كما أن إحداها عند الختان، ولا يعتبر في السنة الأولى
ايقاعها في يوم الولادة، فلا بأس بتأخيرها عنه بأيام قلائل، والظاهر أنه إن
ختن في اليوم السابع أو قبله فأولم في يوم الختان بقصدهما تتأدى السنتان
مسألة 389: يستحب للولي أن يختن الصبي في اليوم السابع من
ولادته ولا بأس بتأخيره عنه، وهل يجوز له تركه إلى أن يبلغ أم يجب عليه
أن يختنه قبله فيعصي لو لم يفعل ذلك من دون عذر؟ وجهان، أقواهما

(1) المقصود ما يكون نحو: عبد الله وعبد الرحيم وعبد الكريم
117

الأول وإن كان الاحتياط في محله. وإذا لم يختن الصبي حتى بلغ وجب
عليه أن يختن نفسه، حتى أن الكافر إذا أسلم غير مختون يجب عليه الختان
وإن طعن في السن ما لم يتضرر به.
مسألة 390: الختان واجب لنفسه، وشرط في صحة الطواف واجبا
كان أم مندوبا عدا طواف الصبي غير المميز الذي يطوفه وليه، ولا فرق
في الطواف الواجب بين ما كان جزءا لحج أو عمرة واجبين أو مندوبين،
وليس الختان شرطا في صحة الصلاة على الأقوى فضلا عن سائر العبادات.
مسألة 391: الظاهر أن الحد الواجب في الختان أن تقطع الجلدة
الساترة للحشفة المسماة ب‍ (الغلفة) بحيث تظهر ثقبة الحشفة ومقدار من
بشرتها وإن لم تستأصل تلك الجلدة ولم يظهر تمام الحشفة، وبالجملة
يجب قطعها بمقدار لا يصدق عليه الأغلف ولا يجب القطع أزيد من ذلك.
مسألة 392: لا بأس بكون الختان كافرا حربيا أو ذميا فلا يعتبر فيه
الاسلام
مسألة 393: لو ولد الصبي مختونا سقط الختان وإن استحب امرار
الموسى على المحل لإصابة السنة.
مسألة 394: تستحب العقيقة عن المولود ذكرا كان أو أنثى،
ويستحب أن يعق عنه في اليوم السابع، وإن تأخر لعذر أو لغير عذر لم
يسقط، بل لو لم يعق عن الصبي حتى بلغ وكبر عق عن نفسه، بل لو لم
يعق عن نفسه في حياته فلا بأس أن يعق عنه بعد موته، ولا بد أن تكون من
أحد الأنعام الثلاثة: الغنم - ضأنا كان أو معزا - والبقر والإبل ولا يجزي عنها
التصدق بثمنها نعم يجزي عنها الأضحية، فمن ضحي عنه أجزأته عن
118

العقيقة.
ويستحب أن تكون العقيقة سمينة، وفي بعض الأخبار: (إن خيرها
أسمنها) قيل: ويستحب أن تجتمع فيها شروط الأضحية من كونها سليمة
من العيوب وعدم كون سنها أقل من خمس سنين كاملة في الإبل وأقل من
سنتين في البقر والمعز، وأقل من سبعة أشهر في الضأن ولكن لم يثبت ذلك
وفي بعض الأخبار: (إنما هي شاة لحم ليست بمنزلة الأضحية يجزئ فيها
كل شئ)
مسألة 395: ينبغي تقطيع العقيقة من غير كسر عظامها، ويستحب أن
تخص القابلة منها بالربع وأن تكون حصتها مشتملة على الرجل والورك
ويجوز تفريق العقيقة لحما ومطبوخا. كما يجوز أن تطبخ ويدعى عليها
جماعة من المؤمنين، والأفضل أن يكون عددهم عشرة فما زاد يأكلون منها
ويدعون للولد. ويكره أن يأكل منها الأب أو أحد ممن يعوله ولا سيما الأم
بل الأحوط استحبابا لها الترك.
مسألة 396: لا يجب على الأم ارضاع ولدها لا مجانا ولا بأجرة إذا
لم يتوقف حفظه عليه، كما لا يجب عليها إرضاعه مجانا وإن توقف حفظه
عليه، بل لها المطالبة بأجرة إرضاعه في الحولين - لا في الزائد عليها - من
مال الولد إذا كان له مال ومن أبيه إذا لم يكن له مال وكان الأب موسرا، نعم
لو لم يكن للولد مال ولم يكن الأب موسرا أو كان متوفى وكذا جده وإن
علا تعين على الأم إرضاعه مجانا إما بنفسها أو باستيجار مرضعة أخرى
وتكون أجرتها عليها بناء على وجوب انفاقها عليه كما هو الأحوط على ما
سيأتي في محله.
119

مسألة 397: الأم أحق بإرضاع ولدها من غيرها، فليس للأب تعيين
غيرها لارضاع الولد إلا إذا طالبت بأجرة وكانت غيرها تقبل الارضاع بأجرة
أقل أو بدون أجرة فإن للأب حينئذ أن يسترضع له أخرى، وفي هذه
الصورة إذا لم تقبل الأم بإرضاع الغير ولدها وأرضعته هي بنفسها لم تستحق
بإزائه شيئا من الأجرة.
مسألة 398: إذا ادعى الأب وجود متبرعة بالارضاع وأنكرت الأم ولم
يكن له بينة على وجودها كان القول قولها بيمينها
مسألة 399: ينبغي أن يرضع الصبي بلبن أمه ففي النص (ما من لبن
رضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه)، نعم إذا كان هناك مرجح
لغيرها - كشرافتها وطيب لبنها بخلاف الأم - فلا بأس باسترضاعها له.
مسألة 400: يحسن ارضاع الولد واحدا وعشرين شهرا ولا ينبغي
ارضاعه أقل من ذلك، كما لا ينبغي ارضاعه فوق حولين كاملين، ولو اتفق
أبواه على فطامه قبل ذلك كان حسنا.
مسألة 401: حضانة الولد وتربيته وما يتعلق بها من مصلحة حفظه
ورعايته تكون في مدة الرضاع - أعني حولين كاملين - من حق أبويه
بالسوية، فلا يجوز للأب أن يفصله عن أمه خلال هذه المدة وإن كان أنثى،
والأحوط الأولى أن لا يفصله عنها حتى يبلغ سبع سنين وإن كان ذكرا.
مسألة 402: إذا افترق الأبوان بفسخ أو طلاق قبل أن يبلغ الولد
السنتين لم يسقط حق الأم في حضانته ما لم تتزوج من غيره، فلا بد من
توافقهما على ممارسة حقهما المشترك بالتناوب أو بأية كيفية أخرى يتفقان
عليها.
120

مسألة 403: إذا تزوجت الأم بعد مفارقة الأب سقط حقها في
حضانة الولد وصارت الحضانة من حق الأب خاصة، ولو فارقها الزوج
الثاني فهل يعود حقها أم لا؟ وجهان لا يخلو ثانيهما من قوة.
مسألة 404: إذا مات الأب بعد اختصاصه بحضانة الولد أو قبله فالأم
أحق بحضانته - إلى أن يبلغ - من الوصي لأبيه ومن جده وجدته له وغيرهما
من أقاربه سواء أتزوجت أم لا.
مسألة 405: إذا ماتت الأم في زمن حضانتها اختص الأب بحضانته
وليس لوصيها ولا لأبيها ولا لأمها فضلا عن باقي أقاربها حق في ذلك.
مسألة 406: إذا فقد الأبوان فالحضانة للجد من طرف الأب، فإذا فقد
ولم يكن له وصي ولا للأب فالمشهور ثبوت حق الحضانة لأقارب الولد
على ترتيب مراتب الإرث الأقرب منهم يمنع الأبعد، ومع التعدد والتساوي
في المرتبة والتشاح يقرع بينهم، ولكن هذا لا يخلو عن اشكال، فالأحوط
التراضي بينهم مع الاستيذان من الحاكم الشرعي أيضا.
مسألة 407: إذا سقط حق الأم في ارضاع ولدها لطلبها أجرة مع
وجود المتبرع أو لعدم اللبن لها أو لغير ذلك فهل يسقط حقها في حضانته
أيضا أم لا؟ وجهان أقواهما عدم السقوط، لعدم التنافي بين سقوط حق
الارضاع وثبوت حق الحضانة لامكان كون الولد في حضانة الأم مع كون
رضاعه من امرأة أخرى إما يحمل الأم الولد إلى المرضعة عند الحاجة إلى
اللبن أو بإحضار المرضعة عنده مثلا.
مسألة 408: يشترط فيمن يثبت له حق الحضانة من الأبوين أو
غيرهما أن يكون عاقلا مأمونا على سلامة الولد، وأن يكون مسلما إذا كان
121

الولد كذلك، فلو كان الأب مجنونا أو كافرا - والولد محكوم بالاسلام -
اختصت أمه بحضانته إذا كانت مسلمة عاقلة، ولو انعكس الأمر كانت
حضانته من حق أبيه خاصة وهكذا الحال في غيرهما.
مسألة 409: الحضانة كما هي حق للأم والأب أو غيرهما على
التفصيل المتقدم كذلك هي حق للولد عليهم، فلو امتنعوا أجبروا عليها،
وهل يجوز لمن يثبت له حق الحضانة أن يتنازل عنه لغيره فينتقل إليه بقبوله
أم لا؟ الظاهر العدم، نعم يجوز لكل من الأبوين التنازل عنه للآخر بالنسبة
إلى تمام مدة حضانته أو بعضها
مسألة 410: لا تجب المباشرة في حضانة الطفل، فيجوز لمن عليه
الحضانة ايكالها إلى الغير مع الوثوق بقيامه بها على الوجه اللازم شرعا
مسألة 411: الظاهر أن الأم تستحق أخذ الأجرة على حضانة ولدها
إلا إذا كانت متبرعة بها أو وجد متبرع بحضانته، ولو فصل الأب أو غيره
الولد عن أمه ولو عدوانا لم يكن عليه تدارك حقها في حضانته بقيمة أو
نحوها.
مسألة 412: تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيدا، فإذا بلغ رشيدا لم
يكن لأحد حق الحضانة عليه حتى الأبوين فضلا عن غيرهما، بل هو مالك
لنفسه ذكرا كان أم أنثى، فله الخيار في الانضمام إلى من شاء منهما أو من
غيرهما، نعم إذا كان انفصاله عنهما يوجب أذيتهما الناشئة من شفقتهما عليه
لم يجز له مخالفتهما في ذلك.
122

الفصل العاشر
في النفقات
تجب النفقة بأحد أسباب أربعة: الزوجية، والقرابة، والملك،
والاضطرار.
1 - الزوجية
مسألة 413: تجب نفقة الزوجة على الزوج فيما إذا كانت دائمة
ومطيعة له فيما يجب إطاعته عليها، فلا نفقة للزوجة المتمتع بها إلا مع
الشرط، كما لا نفقة للزوجة الناشزة على تفصيل تقدم في المسألة (351)،
وقد تقدم أيضا بيان ما يتحقق به النشوز وإن سقوط نفقة الناشزة مشروط
بعدم توبتها فإذا تابت وعادت إلى الطاعة رجع الاستحقاق
مسألة 414: لا فرق في وجوب الانفاق على الزوجة بين المسلمة
والكتابية، وأما المرتدة فلا نفقة لها فإن تابت قبل مضي العدة استحقت
النفقة وإلا بانت من زوجها كما تقدم.
مسألة 415: الظاهر ثبوت النفقة للزوجة في الزمان الفاصل بين العقد
والزفاف إلا مع وجود قرينة على الاسقاط ولو كانت هو التعارف
الخارجي، والأظهر عدم ثبوت النفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاستمتاع
منها على زوجها، خصوصا إذا كان الزوج صغيرا غير قابل للتمتع والتلذذ،
وكذا الزوجة الكبيرة إذا كان زوجها صغيرا غير قابل لأن يستمتع منها، نعم
لو كانت الزوجة مراهقة وكان الزوج مراهقا أو كبيرا أو كان الزوج مراهقا
123

وكانت الزوجة كبيرة لم يبعد استحقاق الزوجة للنفقة مع تمكينها له من
نفسها على ما يمكنه من التلذذ والاستمتاع منها.
مسألة 416: لا تسقط نفقة الزوجة بعدم تمكينها له من نفسها لعذر
من حيض أو نفاس أو احرام أو اعتكاف واجب أو مرض مدنف أو غير
ذلك، ومن العذر ما لو كان الزوج مبتلى بمرض معد خافت من سرايته إليها
بالمباشرة.
مسألة 417: إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها عليه
وإن كانت أكثر من نفقتها في الحضر، وكذا يجب عليه بذل أجور سفرها
ونحوها مما تحتاج إليه من حيث السفر، وهكذا الحكم فيما لو سافرت
الزوجة بنفسها في سفر ضروري يرتبط بشؤون حياتها كأن كانت مريضة
وتوقف علاجها على السفر إلى طبيب فإنه يجب على الزوج بذل نفقتها
وأجور سفرها.
وأما في غيره من السفر الواجب كما إذا كان أداء لواجب في ذمتها كأن
استطاعت للحج، أو نذرت الحج الاستحبابي بإذن الزوج، وكذا في السفر
غير الواجب الذي أذن فيه الزوج فليس عليه بذل أجوره، وهل يجب عليه
بذل نفقتها فيه كاملة وإن كانت أزيد من نفقتها في الحضر أم لا؟ الظاهر
ذلك، نعم إذا علق الزوج إذنه لها في السفر غير الواجب على اسقاطها
لنفقتها فيه كلا أو بعضا وقبلت هي بذلك لم تستحقها عليه.
مسألة 418: تثبت النفقة لذات العدة الرجعية ما دامت في العدة كما
تثبت لغير المطلقة، من غير فرق بين كونها حائلا أو حاملا، ولو كانت
ناشزة وطلقت في حال نشوزها لم تثبت لها النفقة إلا إذا تابت ورجعت إلى
124

الطاعة كالزوجة الناشزة غير المطلقة، وأما ذات العدة البائنة فتسقط نفقتها
سواء أكانت عن طلاق أو فسخ إلا إذا كانت عن طلاق وكانت حاملا فإنها
تستحق النفقة والسكنى حتى تضع حملها، ولا تلحق بها المنقطعة الحامل
الموهوبة أو المنقضية مدتها، وكذا الحامل المتوفى عنها زوجها، فإنه لا
نفقة لها مدة حملها لا من تركة زوجها ولا من نصيب ولدها على الأقوى.
مسألة 419: إذا ادعت المطلقة بائنا إنها حامل فإن حصل الوثوق
بصحة دعواها استنادا إلى الأمارات التي يستدل بها على الحمل عند النساء،
أو تيسر استكشاف حالها بإجراء الفحص الطبي عند الثقة من أهل الخبرة
فهو، وإلا ففي وجوب قبول قولها والانفاق عليها بمجرد دعواها اشكال بل
منع.
ولو أنفق عليها ثم تبين عدم الحمل استعيد منها ما دفع إليها، ولو
انعكس الأمر دفع إليها نفقتها أيام حملها
مسألة 420: لا تقدير للنفقة شرعا، بل الضابط القيام بما تحتاج إليه
الزوجة في معيشتها من الطعام والإدام والكسوة والفراش والغطاء والمسكن
والخدم وآلات التدفئة والتبريد وأثاث المنزل وغير ذلك مما يليق بشأنها
بالقياس إلى زوجها، ومن الواضح اختلاف ذلك نوعا وكما وكيفا بحسب
اختلاف الأمكنة والأزمنة والحالات والأعراف والتقاليد اختلافا فاحشا.
فبالنسبة إلى المسكن مثلا ربما يناسبها كوخ أو بيت شعر في الريف
أو البادية وربما لا بد لها من دار أو شقة أو حجرة منفردة المرافق في
المدينة، وكذا بالنسبة إلى الألبسة ربما تكفيها ثياب بدنها من غير حاجة إلى
ثياب أخرى وربما لا بد من الزيادة عليها بثياب التجمل والزينة، نعم ما
125

تعارف عند بعض النساء من تكثير الألبسة النفسية خارج عن النفقة الواجبة،
فضلا عما تعارف عند جمع منهن من لبس بعض الألبسة مرة أو مرتين في
بعض المناسبات ثم استبداله بآخر مختلف عنه نوعا أو هيئة في المناسبات
الأخرى
مسألة 421: من النفقة الواجبة على الزوج أجرة الحمام عند حاجة
الزوجة إليه سواء أكان للاغتسال أو للتنظيف إذا لم تتهيأ لها مقدمات
الاستحمام في البيت أو كان ذلك عسيرا عليها لبرد أو غيره، كما أن منها
مصاريف الولادة وأجرة الطبيب والأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها
عادة، بل لا يبعد أن يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة
التي يتفق الابتلاء بها وإن احتاج إلى بذل مال كثير ما لم يكن ذلك حرجا
على الزوج.
مسألة 422: النفقة الواجبة للزوجة على قسمين:
القسم الأول: ما يتوقف الانتفاع به على ذهاب عينه كالطعام والشراب
والدواء ونحوها، وفي هذا القسم تملك الزوجة عين المال بمقدار حاجتها
عند حلول الوقت، المتعارف لصرفه، فلها مطالبة الزوج بتمليكه إياها
وتسليمه لها تفعل به ما تشاء، ولها الاجتزاء - كما هو المتعارف - بما يجعله
تحت تصرفها في بيته ويبيح لها الاستفادة منه فتأكل وتشرب مما يوفره في
البيت من الطعام والإدام والشراب حسب حاجتها إليه، وحينئذ يسقط ما لها
عليه من النفقة فليس لها أن تطالبه بها بعد ذلك.
مسألة 423: لا يحق للزوجة مطالبة الزوج بنفقة الزمان المستقبل،
ولو دفع إليها نفقة أيام كأسبوع أو شهر مثلا وانقضت المدة ولم تصرفها
126

على نفسها إما بأن أنفقت من غيرها أو أنفق عليها أحد كانت ملكا لها وليس
للزوج استردادها، نعم لو خرجت عن الاستحقاق قبل انقضاء المدة بموت
أحدهما أو نشوزها أو طلاقها بائنا يوزع المدفوع على الأيام الماضية والآتية
ويسترد منها بالنسبة إلى ما بقي من المدة، بل الظاهر ذلك أيضا فيما إذا دفع
إليها نفقة يوم واحد وعرضت إحدى تلك العوارض في أثناء اليوم فيسترد
الباقي من نفقة ذلك اليوم.
مسألة 424: يتخير الزوج بين أن يدفع إلى الزوجة عين المأكول
كالخبز والطبيخ واللحم المطبوخ وما شاكل ذلك، وأن يدفع إليها موادها
كالحنطة والدقيق والأرز واللحم ونحو ذلك مما يحتاج في اعداده للأكل إلى
علاج ومؤنة، فإذا اختار الثاني كانت مؤنة الاعداد على الزوج دون الزوجة.
مسألة 425: إذا تراضيا على بذل الثمن وقيمة الطعام والإدام وتسلمته
ملكته وسقط ما هو الواجب على الزوج، ولكن ليس للزوج الزامها بقبول
الثمن وليس لها الزامه ببذله فالواجب ابتداء هو العين.
القسم الثاني: ما ينتفع به مع بقاء عينه، وهذا إن كان مثل المسكن
فلا اشكال في أن الزوجة لا تستحق على الزوج أن يدفعه إليها بعنوان
التمليك، والظاهر أن الفراش والغطاء وأثاث المنزل أيضا كذلك، وأما
الكسوة فلا يبعد كونها بحكم القسم الأول فتستحق على الزوج تمليكها
إياها، ولها الاجتزاء بالاستفادة بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره.
مسألة 426: إذا دفع إليها كسوة قد جرت العادة ببقائها مدة فلبستها
فخلقت قبل تلك المدة أو سرقت لا بتقصير منها في الصورتين وجب عليه
دفع كسوة أخرى إليها، ولو انقضت المدة والكسوة باقية ليس لها مطالبة
127

كسوة أخرى، ولو خرجت في أثناء المدة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو
طلاق فإن كان الدفع إليها على وجه الامتاع والانتفاع جاز له استردادها إن
كانت باقية، وأما إذا كان على وجه التمليك فليس له ذلك.
مسألة 427: يجوز للزوجة أن تتصرف فيما تملكه من النفقة كيفما
تشاء، فتنقله إلى غيرها ببيع أو هبة أو إجارة أو غيرها إلا إذا اشترط الزوج
عليها ترك تصرف معين فيلزمها ذلك، وأما ما تتسلمه من دون تمليك
للامتاع والانتفاع به فلا يجوز لها نقله إلى الغير ولا التصرف فيه بغير الوجه
المتعارف إلا بإذن من الزوج.
مسألة 428: النفقة الواجب بذلها للزوجة هو ما تقوم به حياتها من
طعام وشراب وكسوة ومسكن وأثاث ونحوها، دون ما تشتغل به ذمتها مما
تستدينه لغير نفقتها، وما تنفقه على من يجب نفقته عليها، وما يثبت عليها
من فدية أو كفارة أو أرش جناية ونحو ذلك.
مسألة 429: إذا لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته وجب عليه
تحصيله بالتكسب اللائق بشأنه وحاله، وإذا لم يكن متمكنا منه أخذ من
حقوق الفقراء من الأخماس والزكوات والكفارات ونحوها بمقدار حاجته
في الانفاق عليها، وإذا لم يتيسر له ذلك تبقى نفقتها دينا عليه، ولا يجب
عليه تحصيلها بمثل الاستيهاب والسؤال، وهل تجب عليه الاستدانة لها إذا
أمكنه ذلك من دون حرج ومشقة وعلم بالتمكن من الوفاء فيما بعد؟
الظاهر ذلك، وأما إذا احتمل عدم التمكن من الوفاء احتمالا معتدا به ففي
وجوبها عليه اشكال، هذا في نفقة الزوجة، وأما نفقة النفس فليست بهذه
المثابة فلا يجب السعي لتحصيلها إلا بمقدار ما يتوقف عليه حفظ النفس.
128

والعرض والتوقي عن الإصابة بضرر بليغ، وهذا المقدار يجب تحصيله بأية
وسيلة حتى بالاستعطاف والسؤال فضلا عن الاكتساب والاستدانة.
مسألة 430: إذا كان الزوج عاجزا عن تأمين نفقة زوجته أو امتنع من
الانفاق عليها مع قدرته جاز لها رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي على ما تقدم
تفصيله في الفصل الثامن.
مسألة 431: إذا لم تحصل الزوجة على النفقة الواجبة لها كلا أو
بعضا كما أو كيفا، لفقر الزوج أو امتناعه بقي ما لم تحصله منها دينا في ذمته
كما تقدمت الإشارة إليه، فلو مات أخرج من أصل تركته كسائر ديونه، ولو
ماتت انتقل إلى ورثتها كسائر تركتها، سواء طالبته بالنفقة في حينه أو سكتت
عنها وسواء قدرها الحاكم وحكم بها أم لا، وسواء عاشت بالعسر أو أنفقت
هي على نفسها - باقتراض أو بدونه - أو أنفق الغير عليها تبرعا من نفسه،
ولو أنفق الغير عليها دينا على ذمة زوجها مع الاستيذان في ذلك من الحاكم
الشرعي اشتغلت له ذمة الزوج بما أنفق، ولو أنفق عليها تبرعا عن زوجها لم
تشتغل ذمة الزوج له ولا للزوجة.
مسألة 432: نفقة الزوجة تقبل الاسقاط بالنسبة إلى الزمان الحاضر
وكذا بالنسبة إلى الأزمنة المستقبلة على الأظهر.
مسألة 433: لا يعتبر في استحقاق الزوجة النفقة على زوجها فقرها
وحاجتها بل تستحقها على زوجها وإن كانت غنية غير محتاجة.
مسألة 434: نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة، فإذا لم يكن
للزوج مال يفي بنفقة نفسه ونفقة زوجته أنفق على نفسه فإن زاد شئ
صرفه إليها.
129

مسألة 435: المقصود بنفقة النفس المقدمة على نفقة الزوجة مقدار
قوت يومه وليلته وكسوته وفراشه وغطائه وغير ذلك مما يحتاج إليه في
معيشته بحسب حاله وشأنه.
مسألة 436: إذا اختلف الزوجان في الانفاق وعدمه مع اتفاقهما على
استحقاق النفقة فالقول قول الزوجة مع يمينها إذا لم تكن للزوج بينة.
مسألة 437: إذا كانت الزوجة حاملا ووضعت وقد طلقت رجعيا
فادعت الزوجة أن الطلاق كان بعد الوضع فتستحق عليه النفقة، وادعى
الزوج أنه كان قبل الوضع وقد انقضت عدتها فلا نفقة لها، فالقول قول
الزوجة مع يمينها فإن حلفت استحقت النفقة، ولكن الزوج يلزم باعترافه
فلا يجوز له الرجوع إليها.
مسألة 438: إذا اختلفا في الاعسار واليسار فادعى الزوج الاعسار
وأنه لا يقدر على الانفاق، وادعت الزوجة يساره، كان القول قول الزوج مع
يمينه.. نعم إذا كان الزوج موسرا وادعى تلف أمواله وأنه صار معسرا فأنكرته
الزوجة كان القول قولها مع يمينها
مسألة 439: تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في الموارد
المتقدمة إنما هو فيما إذا لم يكن قوله مخالفا للظاهر، وإلا قدم قول خصمه
بيمينه إذا لم يكن كذلك، ففي مورد المسألة (436) إذا كانت الزوجة تعيش
في بيت الزوج وداخلة في عياله، وهو ينفق عليهم بنفسه أو بتوسط وكيله
عند غيابه، ثم ادعت إنها لم تكن تتسلم منه نفقتها خلال تلك المدة - مع
ظهور الحال في عدم استثنائها عنهم - لم يقبل قولها إلا بالبينة فإن لم تكن
لها بينة كان القول قول زوجها بيمينه.
2 - القرابة
130

2 - القرابة
مسألة 440: يثبت للأبوين حق الانفاق على ابنهما، كما يثبت للولد
- ذكرا كان أو أنثى - حق الانفاق على أبيه، والمشهور ثبوت حق الانفاق
للأبوين على بنتهما كما يثبت على ابنهما، وأنه مع فقد الولد أو إعساره
يثبت حق الانفاق لهما على أولاد أولادها أي أبناء الأبناء والبنات وبناتهم
الأقرب فالأقرب.
وأيضا المشهور ثبوت حق الانفاق للولد مع فقد الأب أو إعساره على
جده لأبيه وإن علا الأقرب فالأقرب، ومع فقده أو إعساره فعلى أمه، ومع
فقدها أو إعسارها فعلى أبيها وأمها وأبي أبيها وأم أبيها وأبي أمها وأم أمها
وهكذا الأقرب فالأقرب، وفي حكم آباء الأم وأمهاتها أم الأب وكل من
تقرب إلى الأب بالأم كأبي أم الأب وأم أم الأب وأم أبي الأب وهكذا فتجب
عليهم نفقة الولد مع فقد آبائه وأمه مع مراعاة الأقرب فالأقرب إليه، وأنه إذا
اجتمع من في الأصول ومن في الفروع يثبت حق الانفاق على الأقرب
فالأقرب، وما ذكروه لا يخلو عن اشكال وإن كان أحوط، ولا يثبت حق
الانفاق لغير العمودين من الإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال
والخالات وغيرهم.
مسألة 441: إذا تعدد من يثبت عليه حق الانفاق كما لو كان
للشخص أب مع ابن أو أكثر من ابن واحد ففي ثبوت الحق على الجميع
كفاية أو الاشتراك فيه بالسوية وجهان، فإذا لم يقم البعض بما يلزمه على
تقدير الاشتراك فالأحوط لزوما لغيره القيام به.
131

مسألة 442: يشترط في وجوب الانفاق على القريب فقره، بمعنى
عدم وجدانه لما يحتاج إليه في معيشته فعلا من طعام وأدام وكسوة وفراش
وغطاء ومسكن ونحو ذلك، فلا يجب الانفاق على الواجد لنفقته فعلا وإن
كان فقيرا شرعا أي لا يملك مؤنة سنته، وأما غير الواجد لها فإن كان متمكنا
من تحصيلها بالاستعطاء أو السؤال لم يمنع ذلك من وجوب الانفاق عليه
بلا اشكال، نعم لو استعطى فأعطي مقدار نفقته الفعلية لم يجب على قريبه
الانفاق عليه، وهكذا الحال لو كان متمكنا من تحصيلها بالأخذ من حقوق
الفقراء من الأخماس والزكوات والصدقات وغيرها، أو كان متمكنا من
الاقتراض ولكن بحرج ومشقة أو مع احتمال عدم التمكن من وفائه فيما
بعد احتمالا معتدا به، وأما مع عدم المشقة في الاقتراض ووجود محل
الايفاء فالظاهر عدم وجوب الانفاق عليه.
ولو كان متمكنا من تحصيل نفقته بالاكتساب فإن كان ذلك بالقدرة
على تعلم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بنفقته ولكنه ترك التعلم فبقي بلا نفقة
وجب على قريبه الانفاق عليه ما لم يتعلم، وهكذا الحال لو أمكنه الاكتساب
بما يشق عليه تحمله كحمل الأثقال أو بما لا يناسب شأنه كبعض الأشغال
لبعض الأشخاص ولم يكتسب لذلك فإنه يجب على قريبه الانفاق عليه.
وإن كان قادرا على الاكتساب بما يناسب حاله وشأنه كالقوي القادر
على حمل الأثقال، والوضيع اللائق بشأنه بعض الأشغال، ومن كان كسوبا
وله بعض الأشغال والصنايع وقد ترك ذلك طلبا للراحة، فالظاهر عدم
وجوب الانفاق عليه، نعم لو فات عنه زمان اكتسابه بحيث صار محتاجا
فعلا بالنسبة إلى يوم أو أيام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب الانفاق
132

عليه وإن كان ذلك العجز قد حصل باختياره، كما أنه لو ترك الاشتغال
بالاكتساب لا لطلب الراحة بل لاشتغاله بأمر دنيوي أو ديني مهم كطلب
العلم الواجب لم يسقط بذلك التكليف بوجوب الانفاق عليه.
مسألة 443: إذا أمكن المرأة التزويج بمن يليق بها ويقوم بنفقتها
دائما أو منقطعا فهل تكون بحكم القادر فلا يجب على أبيها أو ابنها الانفاق
عليها أم لا؟ وجهان أوجههما الثاني.
مسألة 444: لا يشترط في ثبوت حق الانفاق كون المنفق أو المنفق
عليه مسلما أو عادلا، ولا في المنفق عليه كونه ذا علة من عمى وغيره، نعم
يعتبر فيه - فيما عدا الأبوين - أن لا يكون كافرا حربيا أو من بحكمه
مسألة 445: هل يشترط في ثبوت حق الانفاق كمال المنفق بالبلوغ
والعقل أم لا؟ وجهان أقربهما العدم، فيجب على الولي أن ينفق من مال
الصبي والمجنون على من يثبت له حق الانفاق عليهما
مسألة 446: يشترط في وجوب الانفاق على القريب قدرة المنفق
على نفقته بعد نفقة نفسه وزوجته الدائمة، فلو حصل له قدر كفاية نفسه
وزوجته خاصة لم يجب عليه الانفاق على أقربائه، ولو زاد من نفقة نفسه
وزوجته شئ صرفه في الانفاق عليهم والأقرب منهم مقدم على الأبعد،
فالولد مقدم على ولد الولد، ولو تساووا وعجز عن الانفاق عليهم جميعا
فالأظهر وجوب توزيع الميسور عليهم بالسوية إذا كان مما يقبل التوزيع
ويمكنهم الانتفاع به، وإلا فالأحوط الأولى أن يقترع بينهم، وإن كان الأقرب
أنه يتخير في الانفاق على أيهم شاء.
مسألة 447: إذا كان بحاجة إلى الزواج وكان ما لديه من المال لا يفي
133

بنفقة الزواج ونفقة قريبه معا، جاز له أن يصرفه في زواجه وإن لم يبلغ حد
الاضطرار إليه أو الحرج في تركه.
مسألة 448: إذا لم يكن عنده ما ينفقه على قريبه وكان متمكنا من
تحصيله بالاكتساب اللائق بشأنه، وجب عليه ذلك وإلا أخذ من حقوق
الفقراء أو استدان لذلك، نظير ما تقدم في المسألة (429) بالنسبة إلى
العاجز عن نفقة زوجته.
مسألة 449: لا تقدير لنفقة القريب شرعا، بل الواجب القيام بما يقيم
حياته من طعام وأدام وكسوة ومسكن وغيرها مع ملاحظة حاله وشأنه زمانا
ومكانا حسبما مر في نفقة الزوجة.
مسألة 450: ليس من الانفاق الواجب للقريب - ولدا كان أو والدا -
بذل مصاريف زواجه من الصداق وغيره وإن كان ذلك أحوط لا سيما في
الأب مع حاجته إلى الزواج وعدم قدرته على نفقاته.
مسألة 451: ليس من الانفاق الواجب للقريب أداء ديونه، ولا دفع ما
ثبت عليه من فدية أو كفارة أو أرش جناية ونحو ذلك
مسألة 452: يجب على الولد نفقة والده دون أولاده: لأنهم إخوته
ودون زوجته، ويجب على الوالد نفقة ولده دون زوجته، نعم يجب عليه
نفقة أولاد ولده أيضا بناء على ما تقدم من وجوب نفقة الولد على جده.
مسألة 453: يجزي في الانفاق على القريب بذل المال له على وجه
الامتاع والانتفاع ولا يجب تمليكه له، فإن بذله له من دون تمليك لم يكن
له أن يملكه أو يبيحه للغير إلا إذا كان مأذونا في ذلك من قبل المالك، ولو
ارتزق بغيره وجبت عليه إعادته إليه ما لم يكن مأذونا بالتصرف فيه حتى
على هذا التقدير
134

مسألة 454: يجزي في الانفاق على القريب بذل الطعام والإدام
ونحوهما له في دار المنفق ولا يجب نقلها إليه في دار أخرى، ولو طلب
المنفق عليه ذلك لم تجب إجابته إلا إذا كان له عذر من استيفاء النفقة في
بيت المنفق من حر أو برد أو وجود من يؤذيه هناك أو نحو ذلك.
مسألة 455: نفقة الأقارب تقبل الاسقاط بالنسبة إلى الزمان الحاضر
على الأظهر، ولا تقبل الاسقاط بالنسبة إلى الأزمنة المستقبلة.
مسألة 456: لا تقضى ولا تتدارك نفقة الأقارب لو فاتت في وقتها
وزمانها ولو بتقصير من المنفق ولا تستقر في ذمته، بخلاف نفقة الزوجة كما
مر، نعم لو أخل بالانفاق الواجب عليه ورفع من له الحق أمره إلى الحاكم
الشرعي فأذن له في الاستدانة عليه ففعل اشتغلت ذمته بما استدانه ووجب
عليه أداؤه كما سيأتي
مسألة 457: إذا دافع وامتنع من وجبت عليه نفقة قريبه عن بذلها
جاز لمن له الحق اجباره عليه ولو باللجوء إلى الحاكم وإن كان جائرا، وإن
لم يمكن اجباره فإن كان له مال جاز له أن يأخذ منه بمقدار نفقته بإذن
الحاكم الشرعي، وإلا جاز له أن يستدين على ذمته بإذن الحاكم فتشتغل
ذمته بما استدانه ويجب عليه قضاؤه، وإن تعذر عليه مراجعة الحاكم رجع
إلى بعض عدول المؤمنين واستدان عليه بإذنه فيجب عليه أداؤه.
3 - الملك
مسألة 458: ذكر جمع من الفقهاء رضوان الله عليهم أنه يجب على
135

مالك كل حيوان أن يبذل له ما يحتاج إليه مما لا يحصله بنفسه من الطعام
والماء والمأوى وسائر ضرورياته سواء أكان محلل اللحم أو محرمه طيرا
كان أم غيره أهليا أم وحشيا بحريا أم بريا حتى دود القز ونحل العسل
وكلب الصيد.
ولكن هذا لا يخلو من اشكال، نعم الأحوط وجوبا للمالك الانفاق
عليه أو نقله - ببيع أو غيره - إلى من يتمكن من تأمين نفقته، أو تذكيته
بذبح أو غيره إذا كان من المذكى ولم يعد ذلك تضييعا للمال.
مسألة 459: الانفاق على البهيمة ونحوها من الحيوانات كما يتحقق
بإعلافها وإطعامها يتحقق بتخليتها ترعى في خصب الأرض، فإن اجتزأت
بالرعي وإلا توقف على إعلافها بما نقص عن مقدار كفايتها
مسألة 460: لا يجوز حبس الحيوان - مملوكا كان أم غيره - وتركه
من دون طعام وشراب حتى يموت
4 - الاضطرار
مسألة 461: إذا اضطر شخص إلى أكل طعام غيره لانقاذ نفسه من
الهلاك أو ما يدانيه وكان المالك حاضرا ولم يكن مضطرا إليه لانقاذ نفسه
وجب عليه بذله له وإطعامه إياه، ولكن لا يجب عليه أن يبذله من دون
عوض، نعم ليس له أن يشترط بذل العوض في الحال مع عجز المضطر
عنه وإلا عد ممتنعا من البذل وسيأتي حكمه
مسألة 462: إذا اختار المالك بذل طعامه للمضطر بعوض فهنا صور:
الأولى: أن لا يقدر العوض بمقدار معين، وحينئذ يثبت له على
136

المضطر مثل ما بذله إن كان مثليا وقيمته إن كان قيميا.
الثانية: أن يكون المضطر مريضا غير قادر على المساومة مع المالك
بشأن عوض الطعام، ولم يمكن المالك الاتصال بوليه أو وكيله لهذا
الغرض، وحينئذ يلزم المالك بذل طعامه له بل يلزمه أن يوكله إذا لم يكن
متمكنا من الأكل بنفسه ولا يستحق عليه سوى المثل أو القيمة كما في
الصورة الأولى.
الثالثة: أن يكون المضطر قادرا على المساومة مع المالك في مقدار
العوض أو أمكن الاتصال بوكليه أو وليه، وهنا عدة حالات:
1 - أن يتفق الطرفان على مقدار العوض فيتعين سواء أكان مساويا
لثمن المثل أو أقل أو أكثر منه.
2 - أن يطلب المالك لطعامه ثمن المثل أو أكثر منه بمقدار لا يعد
مجحفا، وحينئذ يجب على المضطر أو وليه أو وكيله القبول، ولكن إذا لم
يقبلوا وجب على المالك بذله للمضطر، ويحرم تصرفه فيه حينئذ ما لم
يكن قاصرا، ولا يضمن للمالك إلا بدله، من المثل أو القيمة.
3 - أن يطلب المالك لطعامه ثمنا مجحفا، وحينئذ فإن أمكن المضطر
اجباره على القبول بما لا يكون كذلك ولو بالتوسل إلى الحاكم الشرعي فله
ذلك، وإلا لزمه القبول بما يطلبه بلغ ما بلغ، فإن كان متمكنا من أدائه وجب
عليه الأداء إذا طالبه به وإن كان عاجزا يكون في ذمته يتبع تمكنه
مسألة 463: إذا امتنع المالك من بذل طعامه ولو بعوض جاز
للمضطر اجباره عليه وأخذه منه قهرا، وتجب مساعدته في ذلك إذا لم يكن
متمكنا من اجباره بمفرده
137

مسألة 464: إذا كان المالك وغيره مضطرين جميعا إلى أكل ذلك
الطعام لانقاذ نفسهما من الهلاك أو ما يدانيه لم يجب على المالك إيثار الغير
على نفسه بتقديم طعامه إليه، ولكن هل يجوز له ذلك أم لا؟ فيه اشكال
وإن كان لا يبعد جوازه في بعض الموارد.
مسألة 465: إذا لم يكن اضطرار أي منهما بحد الهلاك أو ما بحكمه
لم يجز للغير أخذ طعام المالك قهرا عليه، كما لم يجب على المالك بذله،
نعم يرجح له ايثار الغير على نفسه.
مسألة 466: إذا اختص المالك بالاشراف على الهلاك أو ما بحكمه
لم يجز له ايثار الغير لانقاذه مما دون ذلك، وإن انعكس وجب الايثار ولو
بعوض كما مر.
مسألة 467: إذا اضطر إلى طعام وكان موجودا عند أكثر من واحد
وجب عليهم بذله كفاية - مع اجتماع شرائط الوجوب بالنسبة إلى كل واحد
- فإذا قام به واحد سقط عن غيره.
مسألة 468: وجوب بذل الطعام للمضطر إليه لانقاذ نفسه من الهلاك
أو ما بحكمه لا يختص بالمضطر المؤمن بل يشمل كل ذي نفس محترمة.
مسألة 469: إذا دار أمر المضطر بين الأكل من الميتة مثلا وأكل طعام
الغير، فهل يجوز له أكل الميتة إذا كان المالك غائبا فلم يتيسر له الاستيذان
منه في أكل طعامه أم يلزمه تقويم الطعام على نفسه والآكل منه دون الميتة؟
وإذا كان المالك حاضرا فهل يجب عليه بذل طعامه له أم يسعه
الامتناع من البذل ليضطر إلى أكل الميتة؟
لا يبعد الجواز في الأول وعدم الوجوب في الثاني
138

مسألة 470: إذا كان المالك غائبا حين حصول الاضطرار ولم يمكن
الاتصال به أو بوكيله أو وليه فللمضطر أن يرفع اضطراره بالأكل من طعامه
بعد تقدير ثمنه وجعله في ذمته، ولا يكون أقل من ثمن المثل، والأحوط
المراجعة إلى الحاكم الشرعي لو وجد ومع عدمه فإلى عدول المؤمنين.
مسألة 471: التفاصيل المتقدمة في الاضطرار إلى طعام الغير تجري
في الاضطرار إلى غير الطعام من أمواله كالدواء والثياب والسلاح ونحوها،
ففي كل مورد اضطر فيه الشخص إلى التصرف في مال غيره لحفظ نفسه أو
عرضه يجب على المالك مع حضوره الترخيص له بالتصرف فيه بما يرفع
اضطراره بعوض أو بدونه، ويجوز للمضطر مع غياب المالك التصرف في
ماله بقدر الضرورة مع ضمانه العوض.
مسألة 472: إذا توقفت صيانة الدين الحنيف وأحكامه المقدسة
وحفظ نواميس المسلمين وبلادهم على أنفاق شخص أو أشخاص من
أموالهم وجب، وليس للمنفق في هذا السبيل أن يقصد الرجوع بالعوض
على أحد، وليس له مطالبة أحد بعوض ما بذله في هذا المضمار.
139

كتاب الطلاق
141

وفيه فصول:
الفصل الأول
في شروط المطلق والمطلقة والطلاق
1 - شروط المطلق
مسألة 473: يشترط في المطلق أمور:
الأمر الأول: البلوغ، فلا يصح طلاق الصبي لا مباشرة ولا بتوكيل
الغير وإن كان مميزا إذا لم يبلغ عشر سنين، وأما طلاق من بلغها ففي صحته
اشكال فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 474: كما لا يصح طلاق الصبي بالمباشرة ولا بالتوكيل لا
يصح طلاق وليه عنه كأبيه وجده فضلا عن الوصي والحاكم الشرعي.
الأمر الثاني: العقل، فلا يصح طلاق المجنون وإن كان جنونه أدواريا
إذا كان الطلاق في دور جنونه.
مسألة 475: يجوز للأب والجد للأب أن يطلق عن المجنون المطبق
زوجته مع مراعاة مصلحته، سواء أبلغ مجنونا أو عرض عليه الجنون بعد
البلوغ - فإن لم يكن له أب ولا جد كان الأمر إلى الحاكم الشرعي.
وأما المجنون الأدواري فلا يصح طلاق الولي عنه وإن طال دوره بل
143

يطلق هو حال إفاقته، وكذا السكران والمغمى عليه فإنه لا يصح طلاق الولي
عنهما، بل يطلقان حال إفاقتهما
الأمر الثالث: القصد، بأن يقصد الفراق حقيقة فلا يصح طلاق السكران
ونحوه ممن لا قصد له معتدا به، وكذا لو تلفظ بصيغة الطلاق في حالة النوم
أو هزلا أو سهوا أو غلطا أو في حال الغضب الشديد الموجب لسلب القصد.
فإنه لا يؤثر في الفرقة، وكذا لو أتى بالصيغة للتعليم أو للحكاية أو للتلقين
أو مداراة لبعض نسائه مثلا ولم يرد الطلاق جدا.
مسألة 476: إذا طلق ثم ادعى عدم القصد فيه فإن صدقته المرأة فهو
وإلا لم يسمع منه.
الأمر الرابع: الاختيار، فلا يصح طلاق المكره ومن بحكمه
مسألة 477: الاكراه هو إلزام الغير بما يكرهه بالتوعيد على تركه بما
يضر بحاله مما لا يستحقه مع حصول الخوف له من ترتبه، ويلحق به.
موضوعا أو حكما - ما إذا أمره بإيجاد ما يكرهه مع خوف المأمور من
إضراره به لو خالفه وإن لم يقع منه توعيد أو تهديد، وكذا لو أمره بذلك
وخاف المأمور من قيام الغير بالاضرار به على تقدير مخالفته.
ولا يلحق به موضوعا ولا حكما ما إذا أوقع الفعل مخافة اضرار الغير
به على تقدير تركه من دون إلزام منه إياه، كما لو تزوج امرأة ثم رأى أنها لو
بقيت في عصمته لوقعت عليه وقيعة من بعض أقربائها فالتجأ إلى طلاقها
فإنه لا يضر ذلك بصحة الطلاق.
وهكذا الحال فيما إذا كان الضرر المتوعد به مما يستحقه كما إذا قال
ولي الدم للقاتل طلق زوجتك وإلا قتلتك. أو قال الدائن للغريم: طلق
144

زوجتك وإلا طالبتك بالمال. فطلق، فإنه يصح طلاقه في مثل ذلك.
مسألة 378: المقصود بالضرر الذي يخاف من ترتبه - على تقدير
عدم الاتيان بما ألزم به - ما يعم الضرر الواقع على نفسه وعرضه وماله وعلى
بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره.
مسألة 479: يعتبر في تحقق الاكراه أن يكون الضرر المتوعد به مما
لا يتعارف تحمله لمثله تجنبا عن مثل ذلك العمل المكروه، بحيث يعد عند
العقلاء ملجأ إلى ارتكابه، وهذا أمر يختلف باختلاف الأشخاص في
تحملهم للمكاره وباختلاف العمل المكروه في شدة كراهته وضعفها، فربما
يعد الايعاد بضرر معين على ترك عمل مخصوص موجبا لالجاء شخص
إلى ارتكابه ولا يعد موجبا لالجاء آخر إليه، وأيضا ربما يعد شخص ملجأ
إلى ارتكاب عمل يكرهه بإيعاده بضرر معين على تركه ولا يعد ملجأ إلى
ارتكاب عمل آخر مكروه له أيضا بإيعاده بمثل ذلك الضرر.
مسألة 480: يعتبر في صدق الاكراه عدم امكان التفصي عنه بغير
التورية مما لا يضر بحاله كالفرار والاستعانة بالغير، وهل يعتبر فيه عدم
امكان التفصي بالتورية - ولو من جهة الغفلة عنها أو الجهل بها أو حصول
الاضطراب المانع من استعمالها أو نحو ذلك - أم لا يعتبر فيه ذلك؟ قولان
لا يخلو أولهما عن وجه.
مسألة 481: إذا أكرهه على طلاق إحدى زوجتيه فطلق إحداهما
المعينة تجنبا من الضرر المتوعد به بطل، ولو طلقهما معا بإنشاء واحد صح
فيهما على الأظهر، وكذا لو أكرهه على طلاق كلتيهما بإنشاء واحد فطلقهما
تدريجا أو طلق إحداهما فقط، وأما لو أكرهه على طلاقهما ولو متعاقبا
145

وأوعده على ترك مجموع الطلاقين فطلق إحداهما عازما على طلاق
الأخرى أيضا ثم بدا له فيه وبنى على تحمل الضرر المتوعد به فالأظهر
بطلان طلاقها.
مسألة 482: لو أكرهه على أن يطلق زوجته ثلاث طلقات بينها
رجعتان فطلقها واحدة أو اثنتين ففي بطلان ما أوقعه اشكال بل منع، إلا إذا
كان متوعدا بالضرر على ترك كل منها أو كان عازما في حينه على الاتيان
بالباقي ثم بدا له فيه وبنى على تحمل الضرر المتوعد به، أو أنه احتمل
قناعة المكره بما أوقعه واغماضه عن الباقي ونحو ذلك.
مسألة 483: إذا أوقع الطلاق عن اكراه ثم رضي به لم يفد ذلك في
صحته وليس كالعقد المكره عليه الذي تعقبه الرضا.
مسألة 484: لا حكم للاكراه إذا كان على حق، فلو وجب عليه أن
يطلق وامتنع منه فأكره عليه فطلق صح الطلاق
2 - شروط المطلقة
مسألة 485: يشترط في المطلقة أمور:
الأمر الأول: أن تكون زوجة دائمة، فلا يصح طلاق المتمتع بها، بل
فراقها يتحقق بانقضاء المدة أو بذلها لها بأن يقول الرجل: (وهبتك مدة
المتعة) ولا يعتبر في صحة البذل الشروط المعتبرة في الطلاق من الاشهاد
والخلو عن الحيض والنفاس وغيرهما.
الأمر الثاني: أن تكون طاهرة من الحيض والنفاس، فلا يصح طلاق
الحائض ولا النفساء، والمراد بهما ذات الدمين فعلا، فلو نقيتا من الدمين
146

ولما تغتسلا من الحدث صح طلاقهما، وأما الطلاق الواقع في النقاء
المتخلل بين دمين من حيض أو نفاس واحد فلا يترك الاحتياط فيه
بالاجتناب عنها وتجديد طلاقها بعد تحقق الطهر أو مراجعتها ثم تطليقها
مسألة 486: تستثنى من اعتبار الطهر في المطلقة موارد:
1 - أن لا تكون مدخولا بها، فيصح طلاقها وإن كانت حائضا.
2 - أن تكون مستبينة الحمل، فإنه يصح طلاقها وإن كانت حائضا
بناء على اجتماع الحيض والحمل كما مر في كتاب الطهارة
مسألة 487: لو طلق زوجته غير مستبينة الحمل وهي حائض ثم علم
أنها كانت حاملا وقتئذ بطل طلاقها على الأظهر وإن كان الأولى رعاية
الاحتياط فيه ولو بتطليقها ثانيا
3 - أن يكون المطلق غائبا، فيصح منه طلاقها وإن صادف أيام
حيضها ولكن مع توفر شرطين:
أحدهما: أن لا يتيسر له استعلام حالها ولو من جهة الاطمينان الحاصل
من العلم بعادتها الوقتية أو بغيره من الأمارات الشرعية
ثانيهما: أن تمضي على انفصاله عنها مدة شهر واحد على الأحوط
وجوبا، وأحوط منه مضي ثلاثة أشهر. ولو طلقها مع الاخلال بأحد
الشرطين المذكورين وصادف أيام حيضها لم يحكم بصحة الطلاق.
مسألة 488: الظاهر أنه لا فرق في صحة طلاق الغائب مع توفر
الشرطين المتقدمين بين أن يكون المطلق هو الزوج أو الوكيل الذي فوض
إليه أمر الطلاق.
مسألة 489: الاكتفاء بمضي المدة المذكورة في طلاق الغائب يختص
147

بمن كانت تحيض، فإذا كانت مسترابة - أي لا تحيض وهي في سن من
تحيض - فلا بد من مضي ثلاثة أشهر من حين الدخول بها وحينئذ يجوز له
طلاقها وإن احتمل طرو الحيض عليها حال الطلاق.
مسألة 490: إذا كان المطلق حاضرا لكن لا يصل إلى الزوجة ليعلم
حالها، لمرض أو خوف أو سجن أو غير ذلك، فهو بمنزلة الغائب،
فالمناط انفصاله عنها بحيث لا يعلم حالها من حيث الطهر والحيض، وفي
حكمه ما إذا كانت المرأة تكتم حالها عنه وأراد طلاقها فإنه يجوز له أن
يطلقها مع توفر الشرطين المتقدمين
مسألة 491: إذا انفصل عنها وهي حائض لم يجز له طلاقها إلا بعد
مضي مدة يقطع بانقطاع ذلك الحيض وعدم طرو حيض آخر، ولو طلقها
بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها حائضا صح طلاقها مع توفر الشرطين
المذكورين آنفا وإن تبين وقوعه في حال الحيض.
الأمر الثالث: أن تكون طاهرا طهرا لم يقاربها زوجها فيه ولو بغير
إنزال، فلو قاربها في طهر لزمه الانتظار حتى تحيض وتطهر ثم يطلقها من
قبل أن يواقعها، وتستثنى من ذلك:
1 - الصغيرة واليائسة فإنه يصح طلاقهما في طهر المواقعة:
2 - الحامل المستبين حملها، فإنه يصح طلاقها في طهر المواقعة
أيضا، ولو طلق غير المستبين حملها في طهر المجامعة ثم ظهر أنها كانت
حاملا فالأظهر بطلان طلاقها وإن كان الأولى رعاية الاحتياط في ذلك ولو
بتطليقها ثانيا.
3 - المسترابة، أي التي لا تحيض وهي في سن من تحيض سواء
148

أكان لعارض اتفاقي أم لعادة جارية في أمثالها، كما في أيام ارضاعها أو في
أوائل بلوغها فإنه إذا أراد تطليقها اعتزلها ثلاثة أشهر ثم طلقها فيصح طلاقها
حينئذ وإن كان في طهر المواقعة، وأما إن طلقها قبل مضي المدة المذكورة
فلا يقع الطلاق.
مسألة 492: لا يشترط في تربص ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون
اعتزاله عنها لأجل ذلك وبقصد أن يطلقها بعد ذلك، فلو واقعها ثم لم يتفق
له المواقعة بسبب من الأسباب إلى أن مضى ثلاثة أشهر ثم بدا له أن يطلقها
صح طلاقها في الحال ولم يحتج إلى تجديد الاعتزال.
مسألة 493: إذا انفصل الزوج عن زوجته في طهر واقعها فيه لم يجز
له طلاقها ما دام يعلم بعدم انتقالها من ذلك الطهر إلى طهر آخر، وأما مع
الشك فيجوز له طلاقها بالشرطين المتقدمين في شرطية عدم الحيض، ولا
يضر مع توفرهما انكشاف وقوع الطلاق في طهر المواقعة، ولو طلقها مع
الاخلال بأحد الشرطين المذكورين لم يحكم بصحة الطلاق إلا إذا تبين
وقوعه في طهر لم يجامعها فيه.
مسألة 494: إذا واقعها في حال الحيض عمدا أو جهلا أو نسيانا لم
يصح طلاقها في الطهر الذي بعد تلك الحيضة، بل لا بد من ايقاعه في طهر
آخر بعد حيض آخر، لأن ما هو شرط في الحقيقة هو كونها مستبرأة بحيضة
بعد المواقعة لا مجرد وقوع الطلاق في طهر غير طهر المواقعة.
مسألة 495: إذا طلق زوجته اعتمادا على استصحاب الطهر أو
استصحاب عدم الدخول صح الطلاق ظاهرا، وأما صحته واقعا فتتبع تحقق
الشرط واقعا.
149

مسألة 496: إذا أخبرت الزوجة أنها طاهر فطلقها الزوج أو وكيله ثم
أخبرت إنها كانت حائضا حال الطلاق لم يقبل خبرها إلا بالبينة، ويكون
العمل على خبرها الأول ما لم يثبت خلافه.
مسألة 497: إذا طلقها ثم ادعت بعده إن الطلاق وقع في حال
الحيض، وأنكره الزوج، كان القول قوله مع يمينه ما لم يكن مخالفا
للظاهر.
الأمر الرابع: تعيين المطلقة، بأن يقول: (فلانة طالق) أو يشير إليها
بما يرفع الابهام والاجمال، فلو كانت له زوجة واحدة فقال: (زوجتي
طالق) صح، ولو كانت له زوجتان أو أكثر وقال: (زوجتي طالق) فإن نوى
معينة منهما أو منهن صح وقبل تفسيره من غير يمين، وإن نوى غير معينة
بطل على الأقوى.
3 - شروط الطلاق
مسألة 498: يشترط في صحة الطلاق أمور:
الأمر الأول: الصيغة الخاصة وهي قوله: (أنت طالق) أو (فلانة
طالق) أو (هذه طالق) وما أشبه ذلك من الألفاظ الدالة على تعيين المطلقة
والمشتملة على لفظة (طالق)، فلا يقع الطلاق بقوله: (أنت أو هي مطلقة
أو طلاق أو الطلاق أو طلقت فلانة أو طلقتك)، فضلا عن الكنايات كقوله:
(أنت خلية أو برية أو حبلك على غاربك أو إلحقي بأهلك) وغير ذلك
فإنه لا يقع به الطلاق وإن نواه حتى قوله: (اعتدي) المنوي به الطلاق على
الأقوى
150

مسألة 499: يجوز ايقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة،
فلو كانت عنده زوجتان أو ثلاث فقال: (زوجتاي طالقان أو زوجاتي
طوالق) صح طلاق الجميع.
مسألة 500: لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المذكورة من سائر
اللغات مع القدرة على ايقاعه بتلك الصيغة، وأما مع العجز عنه وعدم تيسر
التوكيل أيضا فيجزي ايقاعه بما يرادفها بأية لغة كانت.
مسألة 501: لا يقع الطلاق بالإشارة ولا بالكتابة مع القدرة على
النطق، وأما مع العجز عنه كما في الأخرس فيصح منه ايقاعه بالكتابة
وبالإشارة المفهمة على نحو ما يبرز سائر مقاصده، والأحوط الأولى تقديم
الكتابة لمن يعرفها على الإشارة.
مسألة 502: إذا خير زوجته وقصد تفويض الطلاق إليها فاختارت
نفسها بقصد الطلاق لم يقع به الطلاق على الأظهر، وكذا لو قيل له: هل
طلقت زوجتك فلانة؟ فقال: نعم، بقصد انشاء الطلاق فإنه لا يقع به
الطلاق على الأقوى.
مسألة 503: يجوز للزوج أن يوكل غيره في تطليق زوجته بالمباشرة
أو بتوكيل غيره، سواء أكان الزوج غائبا أم حاضرا، بل وكذا له أن يوكل
الزوجة في تطليق نفسها بنفسها أو بتوكيل غيرها.
مسألة 504: يجوز أن يوكلها في طلاق نفسها مطلقا أو في حالات
خاصة كما تقدم في المسألة (334) ولا يشترط فيها أن يكون الشرط قيدا
للموكل فيه بل يجوز أن يكون تعليقا لأصل الوكالة، لعدم اعتبار التنجيز فيها
كما مر في المسألة (1263) من كتاب الوكالة.
151

الأمر الثاني: التنجيز، فلو علق الطلاق على أمر مستقبلي معلوم
الحصول أو متوقع الحصول، أو أمر حالي محتمل الحصول مع عدم كونه
مقوما لصحة الطلاق بطل. فلو قال: إذا طلعت الشمس فأنت طالق، أو: إذا
جاء زيد فأنت طالق، بطل. وإذا علقه على أمر حالي معلوم الحصول كما إذا
أشار إلى يده وقال: إن كانت هذه يدي فأنت طالق. أو علقه على أمر حالي
مجهول الحصول ولكنه كان مقوما لصحة الطلاق كما إذا قال: إن كنت
زوجتي فأنت طالق، صح.
الأمر الثالث: الاشهاد، بمعنى ايقاع الطلاق بحضور رجلين عدلين
يسمعان الانشاء، سواء قال لهما: اشهدا أو لم يقل.
ويعتبر اجتماعهما حين سماع الانشاء، فلو شهد أحدهما وسمع في
مجلس، ثم كرر اللفظ وسمع الآخر في مجلس آخر بانفراده لم يقع
الطلاق، نعم لو شهدا بإقراره بالطلاق لم يعتبر اجتماعهما لا في تحمل
الشهادة ولا في أدائها، ولا اعتبار بشهادة النساء وسماعهن لا منفردات ولا
منضمات إلى الرجال.
مسألة 505: لا يعتبر في الشاهدين معرفة المرأة بعينها بحيث تصح
الشهادة عليها، فلو قال: (زوجتي هند طالق) بمسمع الشاهدين صح وإن
لم يكونا يعرفان هندا بعينها، بل وإن اعتقدا غيرها.
مسألة 506: إذا طلق الوكيل عن الزوج لا يكتفى به مع عدل آخر في
الشاهدين، كما أنه لا يكتفى بالموكل مع عدم آخر، ويكتفى بالوكيل عن
الزوج في توكيل الغير مع عدم آخر.
مسألة 507: المقصود بالعدل هنا ما هو المقصود به في سائر الموارد
152

مما رتب عليه بعض الأحكام، وهو من كان مستقيما في جادة الشريعة
المقدسة لا ينحرف عنها بترك واجب أو فعل حرام من دون مؤمن، وهذه
الاستقامة تنشأ غالبا من خوف راسخ في النفس، ويكفي في الكشف عنها
حسن الظاهر أي حسن المعاشرة والسلوك الديني
مسألة 508: إذا كان الشاهدان فاسقين في الواقع بطل الطلاق واقعا
وإن اعتقد الزوج أو وكيله أو هما معا عدالتهما، ولو انعكس الحال بأن كانا
عدلين في الواقع صح الطلاق واقعا وإن اعتقد الزوج أو وكيله أو هما معا
فسقهما، فمن اطلع على واقع الحال عمل بمقتضاه، وأما الشاك فيكفيه
احتمال احراز عدالتهما عند المطلق، فيبني على صحة الطلاق ما لم يثبت
عنده الخلاف، ولا يجب عليه الفحص عن حالهما.
مسألة 509: لا يعتبر في صحة الطلاق اطلاع الزوجة عليه فضلا عن
رضاها به.
153

الفصل الثاني
في أقسام الطلاق
مسألة 510: الطلاق على قسمين:
القسم الأول: الطلاق البدعي، وهو: الطلاق غير الجامع للشرائط
المتقدمة، كطلاق الحائض الحائل أو النفساء حال حضور الزوج مع امكان
معرفة حالها أو مع غيبته كذلك. والطلاق في طهر المواقعة مع عدم كون
المطلقة يائسة أو صغيرة أو مستبينة الحمل، والطلاق المعلق، وطلاق
المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر من انعزالها، والطلاق بلا اشهاد عدلين،
وطلاق المكره وطلاق الثلاث وغير ذلك. والجميع باطل عند الإمامية - إلا
طلاق الثلاث على تفصيل يأتي فيه - ولكن غيرهم من أصحاب المذاهب
الاسلامية يرون صحتها كلا أو بعضا.
مسألة 511: من أقسام الطلاق البدعي - كما مر - طلاق الثلاث، إما
مرسلا بأن يقول: (هي طالق ثلاثا)، وإما ولاء بأن يكرر صيغة الطلاق ثلاث
مرات كأن يقول: (هي طالق، هي طالق، هي طالق) من دون تخلل رجعة
في البين قاصدا تعدد الطلاق
وفي النحو الثاني يقع الطلاق واحدا ويلغى الآخران، وأما في النحو
الأول فإن أراد به ما هو ظاهره من ايقاع ثلاث طلقات فالأظهر بطلانه وعدم
وقوع طلاق به أصلا، وكذا إذا قصد به ايقاع البينونة الحاصلة بالطلاق ثلاث
مرات أي الموجبة للحرمة حتى تنكح زوجا غيره، وأما إذا أراد ايقاع الطلاق
بقوله: (هي طالق) أولا ثم اعتباره بمثابة ثلاث طلقات بقوله: (ثلاثا) ثانيا - بأن
154

احتوت هذه الكلمة انشاء مستقلا عن انشاء الطلاق قبلها بقوله: (هي طالق)
- فالظاهر وقوع طلاق واحد به.
مسألة 512: إذا طلق غير الإمامي زوجته بطلاق صحيح على مذهبه
فاسد حسب مذهبنا جاز للإمامي - اقرارا له على مذهبه - أن يتزوج مطلقته
بعد انقضاء عدتها إذا كانت ممن تجب عليها العدة في مذهبه، كما يجوز
للمطلقة نفسها إذا كانت من الإمامية أن تتزوج من غيره كذلك.
وهكذا إذا طلق غير الإمامي زوجته ثلاثا وهو يرى وقوعه ثلاثا
وحرمتها عليه حتى تنكح زوجا غيره أقر على مذهبه، فلو رجع إليها حكم
ببطلان رجوعه، فيجوز للإمامي أن يتزوج مطلقته بعد انقضاء عدتها إذا
كانت ممن تجب عليها العدة في مذهبه، كما يجوز لمطلقته الإمامية أن
تتزوج من غيره كذلك
مسألة 513: إذا طلق غير الإمامي زوجته بطلاق صحيح على مذهبه
فاسد عندنا ثم رجع إلى مذهبنا يلزمه ترتيب آثار الصحة على طلاقه
السابق، وكذا زوجته غير الإمامية ترتب عليه آثار الطلاق الصحيح وإن
رجعت إلى مذهبنا، فلو كان الطلاق رجعيا على تقدير وجدانه للشرائط
المعتبرة عندنا جاز له الرجوع إليها في العدة ولا يجوز له ذلك بعدها إلا
بعقد جديد.
مسألة 514: إذا طلق غير الإمامي زوجته طلاق الثلاث بأحد الأنواع
الثلاثة المتقدمة معتقدا تحقق البينونة الحاصلة بطلاق الثلاث به - أي
الموجبة للحرمة المؤقتة حتى تنكح زوجا غيره - ثم رجع إلى مذهبنا
فالظاهر أنه لا يلزمه عندئذ إلا ترتيب آثار طلاق واحد صحيح عليه، ولا
155

يلزمه حكم طلاق الثلاث الواجد للشرائط عندنا لكي لا يسعه الرجوع إليها
إلا بمحلل
القسم الثاني: الطلاق السني بالمعنى الأعم، وهو الطلاق الجامع
للشرائط المتقدمة، وهو على قسمين: بائن ورجعي.
والأول: ما ليس للزوج الرجوع إلى المطلقة بعده سواء أكانت لها
عدة أم لا.
والثاني: ما يكون للزوج الرجوع إليها في العدة سواء رجع إليها أم
لا، وسواء أكانت العدة بالأقراء أم بالشهور أم بوضع الحمل
وهناك قسم ثالث يسمى ب‍ (الطلاق العدي) وهو مركب من القسمين
الأولين على ما سيأتي تفصيله.
كما أن هناك مصطلحين آخرين للطلاق السني غير ما تقدم، أحدهما:
(الطلاق السني) في مقابل الطلاق العدي ويراد به: أن يطلق الزوجة ثم
يراجعها في العدة من دون جماع
والثاني: (الطلاق السني بالمعنى الأخص) ويقصد به أن يطلق الزوجة
ولا يراجعها حتى تنقضي عدتها ثم يتزوجها من جديد.
مسألة 515: الطلاق البائن على أقسام:
1 - طلاق الصغيرة التي لم تبلغ التسع وإن دخل بها عمدا أو اشتباها
2 - طلاق اليائسة
3 - الطلاق قبل الدخول.
وهذه الثلاث ليس لها عدة كما سيأتي.
4 - الطلاق الذي سبقه طلاقان إذا وقع منه رجوعان - أو ما بحكمها -
156

في البين دون ما لو وقعت الثلاث متوالية كما تقدم.
5 - طلاق الخلع والمباراة مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت، وإلا
كانت له الرجعة كما سيأتي.
6 - طلاق الحاكم الشرعي زوجة الممتنع عن الطلاق وعن الانفاق
عليها.
هذه أقسام الطلاق البائن، وأما غيرها فهو طلاق رجعي يحق للمطلق
أن يراجع المطلقة ما دامت في العدة.
مسألة 516: إذا طلق زوجته غير المدخول بها ولكنها كانت حاملا
منه بدخول مائه في قبلها بعلاج أو بدونه كان طلاقها رجعيا وتعتد منه عدة
الحامل.
مسألة 517: المطلقة بائنا بمنزلة الأجنبية من مطلقها لانقطاع العصمة
بينهما تماما بمجرد الطلاق، فلا يجب عليها إطاعته أثناء العدة ولا يحرم
عليها الخروج من بيتها بغير إذنه ولا تستحق عليه النفقة، نعم إذا كانت
حاملا منه استحقت النفقة عليه حتى تضع حملها كما تقدم في المسألة
(418)
وأما المطلقة رجعيا فهي زوجة حقيقة أو حكما ما دامت في العدة،
فيجب عليها تمكينه من نفسها فيما يستحقه من الاستمتاعات الزوجية،
ويجوز بل يستحب لها اظهار زينتها له، ولا يجوز لها الخروج من بيته بغير
إذنه - على ما سيأتي - وتستحق عليه النفقة إذا لم تكن ناشزة، ويكون كفنها
وفطرتها عليه، ولا يجوز له النكاح من أختها أو من الخامسة قبل انقضاء
عدتها، ويتوارثان إذا مات أحدهما أثناءها، وغير ذلك من الأحكام الثابتة.
للزوجة أو عليها.
157

مسألة 518: لا يجوز لمن طلق زوجته رجعيا أن يخرجها من دار
سكناها عند الطلاق حتى تنقضي عدتها، إلا أن تأتي بفاحشة مبينة وأبرزها
الزناء، وكذا لا يجوز لها الخروج منها بدون إذنه إلا لضرورة أو لأداء واجب
مضيق.
مسألة 519: قد ظهر مما تقدم أنه لا توارث بين الزوجين في الطلاق
البائن مطلقا، وفي الطلاق الرجعي بعد انقضاء العدة، ولكنه إذا كان الطلاق
في حال مرض الزوج ومات وهو على هذا الحال قبل انقضاء السنة - أي
اثني عشر شهرا هلاليا - من حين الطلاق ورثت الزوجة منه على تفصيل
سيأتي في كتاب الإرث إن شاء الله تعالى.
مسألة 520: إذا طلق الرجل زوجته ثلاثا مع تخلل رجعتين أو ما
بحكمهما حرمت عليه - ولو بعقد جديد - حتى تنكح زوجا غيره، سواء
واقعها بعد كل رجعة وطلقها في طهر آخر غير طهر المواقعة أم لم يواقعها،
وسواء وقع كل طلاق في طهر أم وقع الجميع في طهر واحد، فلو طلقها مع
الشرائط ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها ثم طلقها في مجلس واحد حرمت
عليه فضلا عما إذا طلقها ثم راجعها ثم تركها حتى حاضت وطهرت ثم
طلقها وراجعها ثم تركها حتى حاضت وطهرت ثم طلقها.
158

مسألة 521: العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق، فلو طلقها
ثلاثا بينها عقدان مستأنفان حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، سواء لم
تكن لها عدة - كما إذا طلقها قبل الدخول ثم عقد عليها ثم طلقها ثم عقد
عليها ثم طلقها - أم كانت ذات عدة وعقد عليها بعد انقضاء العدة.
مسألة 522: المطلقة ثلاثا إذا نكحت زوجا آخر وفارقها بموت أو
طلاق حلت للزوج الأول وجاز له العقد عليها بعد انقضاء العدة من الزوج
الثاني، فإذا طلقها ثلاثا أخرى حرمت عليه أيضا حتى تنكح زوجا آخر وإن
كان ذاك الزوج الثاني المحلل في الثلاث الأولى، فإذا فارقها حلت للأول،
فإذا عقد عليها وطلقها ثلاثا فالمشهور أنها تحل له أيضا إذا نكحت زوجا
غيره، وهكذا تحرم عليه بعد كل طلاق ثالث وتحل له بنكاح الغير بعده وإن
طلقت مائة مرة إلا إذا طلقت تسعا بالطلاق العدي، وذلك بأن يطلقها ثم
يراجعها قبل خروجها من العدة فيواقعها ثم يطلقها في طهر آخر ثم يراجعها
فيه ويواقعها ثم يطلقها في طهر آخر، فتحرم عليه حتى تنكح زوجا آخر فإذا
نكحت وخلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثا على نهج الثلاث الأولى ثم
حلت له بمحلل ثم عقد عليها ثم طلقها ثلاثا كالأوليين حرمت عليه مؤبدا
فالنتيجة إن طلاق التسع لا يوجب الحرمة الأبدية على المشهور إلا
فيما إذا وقع الطلاق العدي ثلاث مرات، ويعتبر فيه أمران:
1 - تخلل رجعتين فلا يكفي وقوع عقدين مستأنفين ولا وقوع رجعة
وعقد مستأنف في البين:
2 - وقوع المواقعة بعد كل رجعة.
فالطلاق العدي مركب من ثلاث طلقات اثنتان منها رجعية وواحدة
منها بائنة، فإذا وقعت ثلاثة منه حتى كملت تسع طلقات حرمت عليه
مؤبدا.
هذا، ولكن الأحوط لزوما الاجتناب عن المطلقة تسعا مطلقا وإن لم
يكن الجميع طلاقا عديا.
159

مسألة 523: تقدم إن المطلقة ثلاثا تحرم على المطلق حتى تنكح
زوجا غيره، ويعتبر في زوال التحريم أمور:
1 - أن يكون العقد دائما لا متعة.
2 - أن يطأها الزوج الثاني، والأحوط أن يكون الوطئ في القبل،
ويكفي فيه الوطئ الموجب للغسل بغيبوبة الحشفة أو ما يصدق به الدخول
من مقطوعها، ولا يعتبر فيه الانزال وإن كان أحوط.
3 - أن يكون الزوج الثاني بالغا حين الوطئ فلا يكفي كونه مراهقا
على الأحوط.
4 - أن يفارقها الزوج الثاني بموت أو طلاق.
5 - انقضاء عدتها من الزوج الثاني.
مسألة 524: الطلقات الثلاث إنما توجب التحريم إذا لم تتزوج
المطلقة في أثنائها من رجل آخر وإلا انهدم حكم الطلاق السابق عليه
وتكون كأنها غير مطلقة، فلو طلق مرة أو مرتين فتزوجت المطلقة زوجا
آخر ثم فارقته فتزوجها الأول لم تحرم عليه إذا طلقها الثالثة بل يتوقف
التحريم على ثلاث تطليقات مستأنفة.
مسألة 525: إذا طلقها ثلاثا وانقضت مدة فادعت أنها تزوجت
وفارقها الزوج الثاني ومضت العدة فإن لم تكن متهمة في دعواها صدقت
فيجوز للزوج الأول أن ينكحها بعقد جديد من غير فحص وتفتيش، وإن
كانت متهمة فيما تدعي فالأحوط لزوما عدم العقد عليها قبل الفحص عن
حالها.
مسألة 526: إذا دخل المحلل فادعت الدخول ولم يكذبها صدقت
160

وحلت للزوج الأول، وإن كذبها فيحتمل قبول قولها أيضا ولكن الأحوط
الاقتصار على صورة حصول الاطمينان بصدقها، ولو ادعت الإصابة ثم
رجعت عن قولها، فإن كان قبل أن يعقد الأول عليها لم تحل له، وإن كان
بعد العقد عليها لم يقبل رجوعها
مسألة 527: لا فرق في الوطئ المعتبر في المحلل بين المحرم
والمحلل، فلو وطئها محرما كالوطئ في حال الاحرام أو في الصوم الواجب
أو في الحيض ونحو ذلك كفى في حصول التحليل للزوج الأول.
مسألة 528: لو شك الزوج في ايقاع أصل الطلاق على زوجته لم
يلزمه الطلاق، بل يحكم ظاهرا ببقاء علقة النكاح، ولو علم بأصل الطلاق
وشك في عدده بنى على الأقل، سواء أكان الطرف الأكثر الثلاث أم التسع أم
غيرهما، فلا يحكم مع الشك بالحرمة غير المؤبدة في الأول ولا بالحرمة
الأبدية في الثاني، ولو شك بين الثلاث والتسع فالأظهر البناء على الأول
فتحل له بالمحلل.
مسألة 529: إذا ادعت الزوجة أن زوجها طلقها وأنكر كان القول قوله
بيمينه، وإن انعكس بأن ادعى الزوج أنه طلقها وأنكرت فالأظهر أن القول
قولها بيمينها، ولو كان نزاعهما في زمان وقوع الطلاق بعد ثبوته أو اتفاقهما
عليه بأن ادعى أنه طلقها قبل سنة مثلا حتى لا تستحق عليه النفقة وغيرها
من حقوق الزوجة في تلك المدة وادعت هي تأخره فالظاهر أنه لا اشكال
في تقديم قولها بيمينها، ثم إن تقديم قول الزوج أو الزوجة مع اليمين في
هذه الموارد منوط بعدم كونه مخالفا للظاهر وإلا قدم قول خصمه بيمينه إذا
لم يكن كذلك كما مر في نظائرها.
161

تكميل
في أحكام الرجعة.
مسألة 530: الرجعة هي صدور عمل من الزوج قبل مضي العدة يعد
- حقيقة أو حكما - رجوعا منه عما أوقعه من الطلاق فيمنع من تأثيره في
تحقق البينونة بانقضاء العدة، فلا رجعة في البائنة ولا في الرجعية بعد
انقضاء عدتها.
مسألة 531: تتحقق الرجعة بأحد أمرين:
الأول: أن يتكلم بكلام دال على إنشاء الرجوع كقوله: (راجعتك) أو
(رجعتك أو ارتجعتك إلى نكاحي) ونحو ذلك، ولا يعتبر فيه العربية بل
يقع بكل لغة إذا كان بلفظ يفيد المعنى المقصود في تلك اللغة.
الثاني: أن يأتي بفعل يقصد به الرجوع إليها، فلا تتحقق بالفعل
الخالي عن قصد الرجوع حتى مثل النظر بشهوة على الأظهر، نعم في
تحققه باللمس والتقبيل بشهوة من دون قصد الرجوع اشكال، وأما الوطئ
فالظاهر تحقق الرجوع به مطلقا وإن لم يقصد به ذلك، بل يحتمل قويا
تحقق الرجوع به وإن قصد العدم، نعم لا عبرة بفعل الغافل والساهي والنائم
ونحوهم ممن لم يقصد الفعل كما لا عبرة بالفعل المقصود به غير المطلقة
كما لو واقعها باعتقاد إنها غيرها.
مسألة 532: لا يعتبر الاشهاد في الرجعة، فتصح بدونه، وإن كان
الاشهاد أفضل حذرا عن وقوع التخاصم والنزاع، وكذا لا يعتبر فيها اطلاع
الزوجة عليها، فلو راجعها عند نفسه من دون اطلاع أحد صحت الرجعة.
162

مسألة 533: يصح التوكيل في الرجعة، فإذا قال الوكيل: (أرجعتك
إلى نكاح موكلي) أو (رجعت بك) قاصدا ذلك صح.
مسألة 534: لو أنكر الزوج أصل الطلاق وهي في العدة كان ذلك
رجوعا وإن علم كذبه
مسألة 535: يثبت الرجوع بمجرد ادعاء الزوج واخباره به إذا كان في
أثناء العدة، ولو ادعاه بعد انقضائها ولم تصدقه الزوجة لم تقبل دعواه إلا
بالبينة، غاية الأمر إن له استحلافها على نفي الرجوع في العدة لو أنكرته،
ولو قالت: لا أدري، فله أن يستحلفها على نفي العلم.
مسألة 536: تثبت دعوى الرجوع بعد انقضاء العدة بشهادة رجلين
عادلين، والأقرب ثبوتها بشهادة رجل عادل وامرأتين عادلتين، ولا تثبت
بشهادة رجل عادل ويمين الزوج على الأظهر
مسألة 537: إذا رجع الزوج فادعت الزوجة انقضاء عدتها وأنكر كان
القول قولها بيمينها ما لم تكن متهمة - كما إذا ادعت أنها حاضت في شهر
واحد ثلاث مرات فانقضت عدتها - فإنه لا يقبل قولها حينئذ إلا بالبينة.
مسألة 538: إذا اتفقا على الرجوع وانقضاء العدة واختلفا في المتقدم
منهما، فادعى الزوج أن المتقدم هو الرجوع، وادعت هي أن المتقدم
انقضاء العدة، فالأقرب أن القول قول الزوجة بيمينها ما لم تكن متهمة سواء
أكان تاريخ انقضاء العدة معلوما وتاريخ الرجوع مجهولا، أم كان الأمر
بالعكس، أم كانا مجهولي التاريخ.
مسألة 539: إذا طلق وراجع فأنكرت الدخول بها قبل الطلاق
لئلا تكون عليها عدة ولا تكون له الرجعة وادعى هو الدخول كان القول
قولها مع يمينها إلا إذا كان مخالفا للظاهر على ما تقدم توضيحه في المسألة
(323)
163

مسألة 540: الظاهر أن جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم
شرعي غير قابل للاسقاط، وليس حقا قابلا للاسقاط كالخيار في البيع
الخياري، فلو قال الزوج: (أسقطت ما كان لي من حق الرجوع) لم يسقط
وكان له الرجوع بعد ذلك، وكذلك إذا صالح عنه بعوض أو غير عوض.
164

الفصل الثالث
في العدد
العدد جمع (عدة) وهي أيام تربص المرأة بعد مفارقة زوجها، أو بعد
الوطئ غير المستحق شرعا لشبهة على ما سيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى
مسألة 541: يوجب العدة أمور:
1 - الطلاق بأقسامه.
2 - الفسخ بالعيب أو غيره، والانفساخ بالارتداد أو الاسلام أو
الرضاع أو نحوها.
3 - الوطئ بالشبهة مجردا عن العقد أو معه.
4 - انقضاء المدة أو هبتها في عقد الانقطاع
5 - الوفاة، وفيما يلي أحكام الجميع.
عدة الطلاق
مسألة 542: إذا طلقت المرأة من زوجها وجب عليها الاعتداد فترة
معينة لا يجوز لها الزواج من غيره قبل انقضائها، وتستثنى من ذلك:
1 - من لم يدخل بها زوجها، فإنه لا عدة عليها منه، نعم إذا دخل
ماؤه في فرجها بجذب أو نحوه وجبت عليها العدة على الأظهر، فالموجب
للعدة أحد الأمرين: إما دخول الزوج، أو دخول مائه في فرجها بطريقة ما.
مسألة 543: يتحقق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلا أو دبرا وإن لم
ينزل، بل وإن كان ممن لا إنزال له كمقطوع الأنثيين، ويكفي في مقطوع
165

الحشفة دخول مقدارها بل الأقرب كفاية صدق الادخال بالنسبة إليه، ولا
فرق في الدخول بين كونه في حال اليقظة والنوم حتى لو كان المدخل هي
المرأة من غير شعور الرجل، وكذا لا فرق بين وقوعه حلالا وحراما كما إذا
دخل بها في نهار الصوم الواجب المعين أو في حالة الحيض، وكذا لا فرق
بين كون الزوج كبيرا وصغيرا.
مسألة 544: لا تجب العدة بمجرد الخلوة مع الزوجة وإن كانت
الخلوة تامة ولم يكن مانع من الدخول، كما لا تجب بمباشرتها بغير
الادخال من ملاعبة أو تقبيل أو تفخيذ.
2 - الصغيرة التي لم تكمل تسع سنوات، فإنه لا عدة عليها أيضا وإن
دخل بها زوجها اشتباها أو على وجه محرم.
3 - اليائسة، فلا تجب عليها العدة وإن كانت مدخولا بها، ويتحقق
اليأس - بعد انقطاع دم الحيض وعدم رجاء عوده لكبر سن المرأة - ببلوغها
خمسين سنة قمرية سواء في ذلك القرشية وغيرها على الأظهر.
مسألة 545: إذا طلقت ذات الأقراء قبل بلوغ سن اليأس ورأت الدم
مرة أو مرتين ثم يئست أكملت العدة بشهر أو شهرين، وكذلك ذات الشهور
إذا اعتدت شهرا أو شهرين ثم يئست أتمت ثلاثة.
مسألة 546: إذا ادعت المرأة أنها بلغت سن اليأس لم يقبل قولها إلا
بالبينة على الأظهر.
مسألة 547: المطلقة التي تجب عليها العدة على أقسام:
القسم الأول: المطلقة غير الحامل التي يكون الطهر الفاصل بين
حيضتين منها أقل من ثلاثة أشهر، وعدتها ثلاثة قروء سواء أكانت مستقيمة.
166

الحيض، بأن كانت تحيض في كل شهر مرة كما هو المتعارف في أغلب
النساء، أم كانت تحيض في كل شهر أزيد من مرة، أو كانت تحيض في كل
شهرين مرة، وسواء أكانت معتادة بأقسامها أم لا.
مسألة 548: المراد بالقروء الأطهار، ويكفي في الطهر الأول مسماه
ولو كان قليلا، فلو طلقها فحاضت بحيث لم يتخلل زمان طهر بين اجراء
صيغة الطلاق والحيض لم يحسب ذلك الطهر الذي وقع فيه الطلاق من
الأطهار الثلاثة واحتاجت في انتهاء عدتها إلى أطهار ثلاثة أخرى فتنتهي
عدتها برؤية الحيضة الرابعة، ولو تخلل زمان طهر بين الطلاق والحيض ولو
كان لحظة احتسب ذلك الطهر اليسير من الأطهار الثلاثة وانتهت عدتها
برؤية الحيضة الثالثة، والظاهر أنه لا فرق بين الحيض الطبيعي، وما كان
بعلاج وكذا الحال في الطهر.
مسألة 549: بناء على ما تقدم من كفاية مسمى الطهر في الطهر الأول
ولو لحظة، وامكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرة، فأقل
زمان يمكن أن تنقضي به العدة ستة وعشرين يوما ولحظتان بأن كان طهرها
الأول لحظة ثم تحيض ثلاثة أيام ثم ترى أقل الطهر عشرة أيام ثم تحيض
ثلاثة أيام ثم ترى أقل الطهر عشرة أيام ثم تحيض فبمجرد رؤية الدم الأخير
لحظة من أوله تنقضي العدة، وهذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدة وإنما
يتوقف عليها تمامية الطهر الثالث.
القسم الثاني: المطلقة غير الحامل التي يكون الطهر الفاصل بين
حيضتين منها ثلاثة أشهر أو أزيد، وعدتها ثلاثة أشهر.
القسم الثالث: المطلقة غير الحامل التي تكون مسترابة، وهي من لا
167

تحيض مع كونها في سن من تحيض أما لكونها صغيرة السن لم تبلغ الحد
الذي ترى الحيض غالب النساء، وأما لانقطاع حيضها لمرض أو رضاع أو
استعمال دواء ونحو ذلك، وعدتها ثلاثة أشهر أيضا.
مسألة 550: المدار في الشهور على الشهر الهلالي، فإذا طلقها في
أول الشهر اعتدت إلى ثلاثة أشهر هلالية، وإذا طلقها في أثناء الشهر اعتدت
بقية شهرها وشهرين هلاليين آخرين ومقدارا من الشهر الرابع تكمل به
نقص الشهر الأول ثلاثين يوما على الأحوط وجوبا، فمن طلقت في غروب
اليوم العشرين من شهر رجب مثلا وكان الشهر تسعة وعشرين يوما وجب
عليها أن تكمل نقص شهر رجب بالاعتداد إلى غروب اليوم الحادي
والعشرين من شوال ليكتمل بضم ما اعتدت به من شوال إلى أيام العدة من
رجب ثلاثون يوما.
مسألة 551: قد علم مما تقدم إن المرأة إذا كانت تحيض بعد كل
ثلاثة أشهر مرة فطلقها زوجها في أول الطهر ومرت عليها ثلاثة أشهر بيض
فقد خرجت من العدة وكانت عدتها الشهور لا الأطهار، وأنه إذا كانت
تحيض في كل ثلاثة أشهر مرة بحيث لا تمر عليها أشهر بيض لا
حيض فيها فهذه عدتها الأطهار لا الشهور، وأما إذا اختلف حالها فكانت
تحيض في الحر مثلا في أقل من ثلاثة أشهر مرة وفي البرد تحيض بعد كل
ثلاثة أشهر مرة اعتدت بالسابق من الشهور والأطهار فإن سبق لها ثلاثة أشهر
بيض كانت عدتها، وإن سبق لها ثلاثة أطهار كانت عدتها أيضا.
نعم إذا كانت مستقيمة الحيض فطلقها زوجها ورأت الدم مرة ثم
ارتفع على خلاف عادتها وجهل سببه وأنه حمل أو سبب آخر فالمشهور
168

أنها تنتظر تسعة أشهر من يوم طلاقها فإن لم تضع اعتدت بعد ذلك بثلاثة
أشهر وخرجت بذلك عن العدة، ولكن هذا لا يخلو عن اشكال وإن كان هو
الأحوط.
القسم الرابع: المطلقة الحامل، وعدتها مدة حملها - وإن كان حملها
بإراقة ماء زوجها في فرجها من دون دخول - وتنقضي بأن تضع حملها ولو
بعد الطلاق بساعة.
مسألة 522: الحمل الذي يكون وضعه هو منتهى عدة الحمل شامل
لما كان سقطا تاما وغير تام حتى لو كان مضغة أو علقة.
مسألة 553: إذا كانت المطلقة حاملا باثنين أو أزيد لم تخرج من
العدة بوضع أحدهما بل لا بد من وضع الجميع.
مسألة 554: لا بد من العلم بوضع الحمل أو الاطمينان به فلا يكفي
الظن به فضلا عن الشك، نعم يكفي قيام الحجة على ذلك كالبينة وإن لم
تفد الظن.
مسألة 555: إنما تنقضي العدة بالوضع إذا كان الحمل ملحقا بمن له
العدة، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدته، فلو كانت حاملا
من الزنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج من العدة بالوضع بل يكون انقضاؤها
بالأقراء والشهور كغير الحامل فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلا لا بالنسبة
إلى الزاني لأنه لا عدة له - كما سيأتي - ولا بالنسبة إلى المطلق لأن الولد
ليس له.
نعم إذا حملت من وطئ الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق
الولد بالواطئ لا بالزوج فوضعه موجب لانقضاء العدة بالنسبة إلى الواطئ لا
169

بالنسبة إلى الزوج المطلق.
مسألة 556: لو وطئت شبهة فحملت وألحق الولد بالواطئ لبعد
الزوج عنها أو لغير ذلك ثم طلقها الزوج، أو طلقها ثم وطئت شبهة على
نحو ألحق الولد بالواطئ فعليها الاعتداد منهما جميعا، وهل تتداخل العدتان
أم لا؟ وجهان، أحوطهما العدم، وعليه فتعتد أولا لوطئ الشبهة وتنقضي
بالوضع، وتعتد بعده للطلاق ويكون مبدؤها بعد انقضاء نفاسها.
مسألة 557: إذا ادعت المطلقة الحامل أنها وضعت فانقضت عدتها
وأنكر الزوج، أو انعكس فادعى الوضع وأنكرت هي، أو ادعت الحمل
وأنكر، أو ادعت الحمل والوضع معا وأنكرهما، يقدم قولها بيمينها في
جميع ذلك من حيث بقاء العدة وانقضائها لا من حيث سائر آثار الحمل،
ويشترط في تقديم قولها أن لا تكون متهمة في دعواها وإلا لم تقبل إلا
بالبينة.
مسألة 558: إذا اتفق الزوجان على ايقاع الطلاق ووضع الحمل
واختلفا في المتقدم والمتأخر منهما، فقال الزوج مثلا: (وضعت بعد الطلاق
فانقضت عدتك)، وقالت الزوجة: (وضعت قبل الطلاق فأنا بعد في
العدة) أو انعكس فقال الزوج: (وضعت قبل الطلاق فأنت بعد في العدة)
وأراد الرجوع إليها، وادعت الزوجة خلافه فالظاهر أنه يقدم قولها بيمينها
في بقاء العدة وانقضائها ما لم تكن متهمة بلا فرق في ذلك بين ما لم يتفقا
على زمان أحدهما وما اتفقا عليه.
مسألة 559: مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه، حاضرا كان الزوج أو
غائبا بلغ الزوجة الخبر أم لا، فلو طلقها غائبا ولم يبلغها إلا بعد مضي مدة.
170

بمقدار العدة فقد انقضت عدتها وليس عليها عدة بعد بلوغ الخبر إليها
مسألة 560: لو علمت بالطلاق ولم تعلم وقت وقوعه حتى تحسب
العدة من ذلك الوقت اعتدت من الوقت الذي تعلم بعدم تأخره عنه،
والأحوط، أن تعتد من حين بلوغ الخبر إليها، بل هذا الاحتياط لا يترك
مسألة 561: تقدم آنفا إن المطلقة غير المدخول بها لا تثبت عليها
العدة، فإذا طلق الرجل زوجته رجعيا بعد الدخول ثم رجع ثم طلقها قبل
الدخول فربما يقال: إنه لا عدة عليها، لأنه طلاق قبل الدخول، ولكنه غير
صحيح بل يجب عليها العدة من حين الطلاق الثاني، ولا فرق في ذلك بين
كون الطلاق الثاني رجعيا أو بائنا.
ولو طلقها بائنا بعد الدخول ثم جدد نكاحها في أثناء العدة ثم طلقها
قبل الدخول ففي جريان حكم الطلاق قبل الدخول عليه في عدم ثبوت
العدة وعدمه وجهان أقواهما الثاني، ولكنه لا يجب عليها استيناف العدة بل
اللازم اكمال عدتها من الطلاق الأول.
مسألة 562: لو اختلفا في انقضاء العدة وعدمه قدم قولها بيمينها
سواء ادعت الانقضاء أو عدمه، وسواء أكانت عدتها بالأقراء أو بالشهور
نعم إذا كانت متهمة في دعواها - كما لو ادعت أنها حاضت في شهر واحد
ثلاث مرات فانقضت عدتها - لم يقبل قولها إلا بالبينة.
2 - عدة الفسخ والانفساخ
مسألة 563: إذا فسخ الزوج أو الزوجة عقد النكاح لعيب أو نحوه،
أو انفسخ العقد بينهما لارتداد أو رضاع أو غيرهما فإن كان ذلك قبل
171

الدخول وما بحكمه - أي دخول ماء الزوج في فرجها - أو كانت صغيرة أو
يائسة لم تثبت عليها العدة وإلا اعتدت نظير عدة المطلقة، فإن كانت حاملا
فعدتها فترة حملها وإن كانت غير حامل فعدتها بالأقراء أو الشهور على ما
تقدم، وتستثنى من ذلك حالة واحدة وهي ما إذا حصل الانفساخ بارتداد
الزوج عن فطرة، فإنه يجب على زوجته أن تعتد عدة الوفاة - الآتي بيانها -
وإن كانت غير مدخول بها أو يائسة أو صغيرة على الأحوط لزوما.
مسألة 564: مبدأ عدة الفسخ والانفساخ من حين حصولهما، فلو
فسخ الزوج لعيب مثلا ولم يبلغ ذلك الزوجة إلا بعد مدة كانت عدتها من
حين حصول الفسخ لا من حين بلوغ الخبر إليها.
3 - عدة الوطئ بالشبهة.
مسألة 565: إذا وطئ الرجل امرأة شبهة باعتقاد أنها زوجته وجبت
عليها العدة، سواء علمت بكون الرجل أجنبيا أم لم تعلم بذلك، وسواء
أكانت ذات بعل أم كانت خلية.
مسألة 566: إذا زنى بامرأة مع العلم بكونها أجنبية لم تجب عليها
العدة سواء حملت من الزناء أم لا، فلو كانت ذات بعل جاز لبعلها أن
يقاربها من غير تربص وإن كانت خلية جاز التزوج بها كذلك، وإن كان
الأحوط الأولى استبراء رحمها من ماء الفجور بحيضة قبل التزوج بها سواء
ذلك بالنسبة إلى الزاني وغيره
هذا إذا كانت المرأة عالمة بالحال، وأما إذا اعتقدت أن الزاني زوجها
فطاوعته في الوطئ فالأحوط لزوما ثبوت العدة عليها بذلك.
172

مسألة 567: عدة وطئ الشبهة كعدة الطلاق بالأقراء، والشهور،
وبوضع الحمل لو حملت من هذا الوطئ، على التفصيل المتقدم، ومن لم
يكن عليها عدة الطلاق كالصغيرة واليائسة ليس عليها هذه العدة أيضا.
مسألة 568: إذا كانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا يجوز لزوجها
وطؤها في مدة عدتها، وهل يجوز له سائر الاستمتاعات منها أم لا؟ قولان
أقواهما الأول وإن كان الاحتياط في محله، والظاهر أنه لا تسقط نفقتها في
أيام العدة وأن قلنا بحرمة جميع الاستمتاعات عليه.
مسألة 569: إذا كانت الموطوءة شبهة خلية يجوز لواطئها أن يتزوج
بها في زمن عدتها بخلاف غيره فإنه لا يجوز له ذلك على الأقوى.
مسألة 570: لا فرق في حكم وطئ الشبهة من حيث العدة ونحوها
بين أن يكون مجردا عن العقد أو معه بأن وطئ المعقود عليها بتوهم صحة
العقد مع فساده واقعا.
مسألة 571: إذا كانت الموطوءة شبهة معتدة بعدة الطلاق أو الوفاة
فوطئت شبهة، أو وطئت شبهة ثم طلقها زوجها أو مات عنها فعليها عدتان
على الأحوط وجوبا، فإن كانت حاملا من أحدهما تقدم عدة الحمل، فبعد
وضعه تستأنف العدة الأخرى أو تستكمل الأولى، وإن لم تكن حاملا تقدم
الأسبق منهما وبعد تمامها تستقبل عدة أخرى من الآخر، وهكذا الحكم فيما
إذا وطئ المرأة رجل شبهة ثم وطئها آخر كذلك فإن عليها عدتان منهما من
غير تداخل على الأحوط وجوبا، نعم لا اشكال في التداخل إذا وطئها رجل
شبهة مرة بعد أخرى.
مسألة 572: إذا طلق زوجته بائنا ثم وطئها شبهة فهل تتداخل
173

العدتان بأن تستأنف عدة للوطئ وتشترك معها عدة الطلاق أو لا تتداخل؟
قولان، أقواهما الأول، من دون فرق بين كون العدتين من جنس واحد أو
من جنسين بأن يطلقها حاملا ثم يطأها شبهة أو يطلقها حائلا ثم يطأها شبهة
فتحمل منه.
مسألة 573: مبدأ عدة وطئ الشبهة المجردة عن التزويج حين الفراغ
من الوطئ، وأما إذا كان مع التزويج الفاسد فهل هو كذلك أو من حين تبين
الحال؟ وجهان والأحوط لزوما الثاني.
4 - عدة المتمتع بها
مسألة 574: عدة المتمتع بها في الحامل مدة حملها، وفي الحائل
المدخول بها - غير الصغيرة واليائسة - حيضتان كاملتان، ولا تكفي فيها
حيضة واحدة على الأحوط وجوبا، هذا إذا كانت ممن تحيض وإن كانت لا
تحيض وهي في سن من تحيض فعدتها خمسة وأربعون يوما وقد تقدم
ذلك في المسألة (259)
مسألة 575: مبدأ عدة المتمتع بها من حين انقضاء المدة أو هبتها.
فإذا انقضت مدتها وهي لا تدري، أو وهبها لها ولم يبلغها الخبر إلا بعد مدة
حاضت خلالها مرتين مثلا، فقد انقضت عدتها وليس عليها عدة بعد بلوغ
الخبر إليها.
مسألة 576: إذا مات زوج المتمتع بها في أثناء مدتها وجبت عليها
عدة الوفاة كما في الدائمة، وأما لو مات بعد انقضاء المدة أو هبتها وقبل
تمام عدتها لم تنقلب عدتها إلى عدة الوفاة، لأنها بائنة وقد انقطعت
174

عصمتها، وأما إذا مات مقارنا للانقضاء فيحتمل وجوب عدة الوفاة عليها،
ولكن الأظهر عدم ثبوتها أيضا.
مسألة 577: إذا عقد على المرأة بالعقد المنقطع ثم وهبها المدة بعد
الدخول ثم تزوجها دواما أو انقطاعا ثم طلقها أو وهبها المدة قبل الدخول
ففي جريان حكم الطلاق، أو هبة المدة قبل الدخول في عدم ثبوت العدة
عليها، وعدمه وجهان، أقواهما الثاني، ولكنه لا يجب عليها استيناف العدة
بل اللازم اكمال عدتها الأولى
5 - عدة الوفاة.
مسألة 578: إذا توفي الزوج وجب الاعتداد على زوجته صغيرة
كانت أم كبيرة، يائسة كانت أم غيرها، مسلمة كانت أم كتابية، مدخولا بها
أم غيرها، دائمة كانت أم متمتعا بها. ولا فرق في الزوج بين الكبير والصغير.
والعاقل وغيره.
ويختلف مقدار العدة تبعا لوجود الحمل وعدمه فإذا لم تكن الزوجة
حاملا اعتدت أربعة أشهر وعشرة أيام، وإن كانت حاملا كانت عدتها أبعد
الأجلين من هذه المدة ووضع الحمل، فتستمر الحامل في عدتها إلى أن
تضع ثم ترى فإن كان قد مضى على وفاة زوجها حين الوضع أربعة أشهر
وعشرة أيام فقد انتهت عدتها، وإلا استمرت في عدتها إلى أن تكمل هذه
المدة.
مسألة 579: المراد بالأشهر هي الهلالية، فإن توفي الزوج أول رؤية
الهلال اعتدت زوجته بأربعة أشهر هلاليات وضمت إليها من الشهر الخامس
175

عشرة أيام، وإن مات في أثناء الشهر فعليها أن تجعل ثلاثة أشهر هلاليات
في الوسط وتكمل نقص الشهر الأول من الشهر الخامس ثلاثين يوما على
الأحوط وجوبا وتضيف إليها عشرة أيام أخرى، والأحوط الأولى أن
تحتسب الشهور عددية بأن تعد كل شهر ثلاثين يوما فتكون المدة مائة
وثلاثين يوما.
مسألة 580: إذا طلق زوجته ثم مات قبل انقضاء العدة، فإن كان
الطلاق رجعيا بطلت عدة الطلاق واعتدت عدة الوفاة من حين بلوغها
الخبر، فإن كانت حائلا اعتدت أربعة أشهر وعشرا، وإن كانت حاملا اعتدت
بأبعد الأجلين منها ومن وضع الحمل كغير المطلقة، وإن كان الطلاق بائنا
اقتصرت على اتمام عدة الطلاق ولا عدة عليها بسبب الوفاة.
مسألة 581: كما يجب على الزوجة أن تعتد عند وفاة زوجها كذلك
يجب عليها الحداد ما دامت في العدة، والمقصود به ترك ما يعد زينة لها
سواء في البدن أم في اللباس، فتترك الكحل والطيب والخضاب والحمرة
والخطاط ونحوها كما تجتنب لبس المصوغات الذهبية والفضية وغيرها من
أنواع الحلي، وكذا اللباس الأحمر والأصفر ونحوهما من الألوان التي تعد
زينة عند العرف، وربما يكون اللباس الأسود كذلك إما لكيفية تفصيله أو
لبعض الخصوصيات المشتمل عليها مثل كونه مخططا، وبالجملة عليها أن
تترك في فترة العدة كل ما يعد زينة للمرأة بحسب العرف الاجتماعي الذي
تعيشه، ومن المعلوم اختلافه بحسب اختلاف الأزمنة والأمكنة والتقاليد،
وأما ما لا يعد زينة لها، مثل تنظيف البدن واللباس وتقليم الأظفار
والاستحمام وتمشيط الشعر والافتراش بالفراش الفاخر والسكنى في
176

المساكن المزينة وتزيين أولادها، فلا بأس به.
مسألة 582: لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة والكتابية كما لا
فرق بين الدائمة والمتمتع بها، وهل يجب على الصغيرة والمجنونة أم لا؟
قولان، أشهرهما الوجوب، بمعنى وجوبه على وليهما فيجنبهما التزيين ما
دامتا في العدة، وفيه اشكال بل لا يبعد عدم وجوبه عليهما.
مسألة 583: لا فرق في الزوج المتوفى بين الكبير والصغير، ولا بين
العاقل والمجنون، فيجب الحداد على زوجة الصغير والمجنون عند وفاتهما
كما يجب على زوجة الكبير والعاقل عندها.
مسألة 584: الظاهر أن الحداد ليس شرطا في صحة العدة بل هو
تكليف استقلالي في زمانها، فلو تركته عصيانا أو جهلا أو نسيانا في تمام
المدة أو في بعضها لم يجب عليها استينافها، أو تدارك مقدار ما اعتدت
بدونه فيجوز لها التزوج بعد انقضاء العدة على كل تقدير.
مسألة 585: لا يجب على المعتدة عدة الوفاة أن تبقى في البيت
الذي كانت تسكنه عند وفاة زوجها، فيجوز لها تغيير مسكنها والانتقال إلى
مسكن آخر للاعتداد فيه، كما لا يحرم عليها الخروج من بيتها الذي تعتد
فيه إذا كان لضرورة تقتضيه، أو لأداء حق أو فعل طاعة أو قضاء حاجة، نعم
يكره لها الخروج لغير ما ذكر، كما يكره لها المبيت خارج بيتها على
الأقرب
مسألة 586: مبدأ عدة الوفاة فيما إذا كان الزوج حاضرا من حين
وقوعها، وأما إذا كان غائبا حين بلوغ الخبر إلى زوجته، بل لا يبعد
ذلك في الحاضر أيضا إذا لم يبلغها خبر وفاته إلا بعد مدة لمرض أو حبس
177

أو غير ذلك فتعتد من حين اخبارها بموته، وفي عموم الحكم للصغيرة
والمجنونة اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
مسألة 587: هل يعتبر في الاخبار الموجب للاعتداد من حينه أن
يكون حجة شرعا، كأن يكون بينة عادلة أو موجبا للعلم أو الاطمينان؟
وجهان، أظهرهما ذلك. فلو أخبرها شخص بوفاة زوجها الغائب ولم تثق
بصحة خبره لم يجب عليها الاعتداد من حينه، ولو اعتدت ثم ظهر صحة
الخبر لم تكتف بالاعتداد السابق بل عليها أن تعتد من حين ثبوت وفاته
عندها.
178

الفصل الرابع
في أحكام المفقود زوجها
مسألة 588: المفقود المنقطع خبره عن أهله على قسمين:
القسم الأول: من تعلم زوجته بحياته ولكنها لا تعلم في أي بلد هو،
وحكمها حينئذ لزوم الصبر والانتظار إلى أن يرجع إليها زوجها، أو يأتيها
خبر موته، أو طلاقه، أو ارتداده، فليس لها المطالبة بالطلاق قبل ذلك وإن
طالت المدة، بل وإن لم يكن له مال ينفق منه عليها ولم ينفق عليها وليه من
مال نفسه.
نعم إذا ثبت لدى الحاكم الشرعي أنه قد هجرها تاركا أداء ما لها من
الحقوق الزوجية، وقد تعمد اخفاء موضعه لكي لا يتسنى للحاكم الشرعي
- فيما إذا رفعت الزوجة أمرها إليه - أن يتصل به ويلزمه بأحد الأمرين، إما
أداء حقوقها، أو طلاقها ويطلقها لو تعذر إلزامه بأحدهما، ففي هذه الحالة
يجوز للحاكم الشرعي أن يطلقها فيما إذا طلبت منه ذلك، فإن حكم هذا
المفقود حكم غيره المتقدم في المسألة (357)
القسم الثاني: من لا تعلم زوجته حياته ولا موته وفيه حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون للزوج مال ينفق منه على زوجته، أو يقوم
وليه بالانفاق عليها من مال نفسه، وفي هذه الحالة يجب على الزوجة الصبر
والانتظار كما في القسم الأول المتقدم، وليس لها المطالبة بالطلاق ما دام
ينفق عليها من مال زوجها أو من مال وليه وإن طالت المدة.
الحالة الثانية: أن لا يكون للزوج مال ينفق منه على زوجته، ولا
179

ينفق عليها وليه من مال نفسه، وحينئذ يجوز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم
الشرعي أو المأذون من قبله في ذلك فيؤجلها أربع سنين ويأمر بالفحص
عنه خلال هذه المدة، فإن انقضت السنين الأربع ولم تتبين حياته ولا موته
أمر الحاكم وليه بطلاقها، فإن لم يقدم على الطلاق أجبره على ذلك، فإن لم
يمكن اجباره أو لم يكن له ولي طلقها الحاكم بنفسه أو بوكيله فتعتد أربعة
أشهر وعشرة أيام، فإذا خرجت من العدة صارت أجنبية عن زوجها وجاز
لها أن تتزوج ممن تشاء.
والظاهر اختصاص هذا الحكم بالنكاح الدائم فلا يجري في المتعة.
مسألة 589: ظاهر كلمات جمع من الفقهاء قدس الله أسرارهم إنه
كما لا يحق لزوجة المفقود غير المعلوم حياته أن تطالب بالطلاق إلا مع
عدم توفر مال للزوج ينفق منه عليها وعدم انفاق وليه عليها من مال نفسه
كذلك لا يحق لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي مطالبة إياه بتأجيلها
أربع سنوات والفحص عن زوجها خلال ذلك إلا بعد انقطاع الانفاق عليها
من مال الزوج ومن مال وليه، ولكن الظاهر أنه يحق لها المطالبة بالتأجيل
والفحص في حال الانفاق عليها أيضا إذا احتمل نفاد مال الزوج وانقطاع
وليه عن الانفاق عليها قبل تبين حياته أو وفاته.
وفائدة ذلك أنه لو انقضت السنوات الأربع وقد فحص خلالها عن
الزوج ولم تتبين حياته ولا مماته جاز لزوجته المطالبة بالطلاق متى انقطع
الانفاق عليها من ماله ومن مال وليه من غير حاجة إلى الانتظار أربع سنوات
أخرى وتجديد الفحص خلالها عنه.
مسألة 590: إذا كانت للمفقود الذي لا تعلم حياته زوجات أخرى لم
180

يرفعن أمرهن إلى الحاكم فهل يجوز للحاكم طلاقهن إذا طلبن ذلك فيجتزئ
بمضي المدة المذكورة والفحص عنه بعد طلب إحداهن أو يحتاج إلى
تأجيل وفحص جديد؟ وجهان أقربهما الأول.
مسألة 591: المشهور بين الفقهاء رضوان الله عليهم أنه لا يحق
لزوجة المفقود غير المعلوم حياته المطالبة بالطلاق منه وإن مضى على فقده
أربع سنوات مع تحقق الفحص خلالها عنه إذا لم يكن ذلك بتأجيل من
الحاكم الشرعي وأمره بالفحص عنه خلال تلك المدة، ولكن لا يبعد
الاجتزاء بالفحص عنه أربع سنوات بعد فقده مع وقوع جزء من الفحص
بأمر الحاكم الشرعي وإن لم يكن بتأجيل منه، فلو رفعت الزوجة أمرها إلى
الحاكم بعد أربع سنوات مثلا من فقد زوجها مع قيامها بالفحص عنه خلال
تلك المدة أمر الحاكم بتجديد الفحص عنه مقدارا ما - مع احتمال ترتب
الفائدة عليه - فإذا لم يبلغ عنه خبر أمر بطلاقها على ما تقدم.
مسألة 592: تقدم أنه لا يحق لزوجة المفقود غير المعلوم حياته
المطالبة بالطلاق ما دام للمفقود مال ينفق منه عليها أو ينفق وليه عليها من
مال نفسه، فهل الحكم كذلك فيما إذا وجد متبرع بنفقتها من شخص أو
مؤسسة حكومية أو أهلية أم لا؟ وجهان أوجههما العدم، فيجوز لها المطالبة
بالطلاق بالشروط المتقدمة إذا لم ينفق عليها من مال الزوج أو من مال وليه
وإن وجد من ينفق عليها من غير هذين الطريقين
مسألة 593: الولي الذي لا يحق لزوجة المفقود المطالبة بالطلاق منه
ما دام ينفق عليها من مال نفسه والذي يأمره الحاكم الشرعي - مع عدم انفاقه
عليها - بطلاقها ويجبره على الطلاق لو امتنع منه هو أبو المفقود وجده.
181

لأبيه، وإذا كان للمفقود وكيل مفوض إليه طلاق زوجته كان بحكم الولي من
جهة الطلاق.
مسألة 594: لا فرق في المفقود - فيما ذكر من الأحكام - بين
المسافر والهارب، ومن كان في معركة قتال ففقد، ومن انكسرت سفينته في
البحر فلم يظهر له أثر، ومن أخذه قطاع الطرق أو الأعداء فذهبوا به، ومن
اعتقلته السلطات الحكومية فانقطعت أخباره ولم يعلم مكان اعتقاله.
مسألة 595: ليس للفحص عن المفقود كيفية خاصة وطريقة معينة،
بل المدار على ما يعد طلبا وفحصا وتفتيشا، ويختلف ذلك باختلاف أنواع
المفقودين، فالمسافر المفقود يبعث من يعرفه باسمه وشخصه أو بحليته
إلى مظان وجوده للظفر به، أو يكتب إلى من يعرفه ليتفقد عنه فيما يحتمل
وجوده فيه من البلاد، أو يطلب من المسافرين إليها من الزوار والحجاج
والتجار وغيرهم أن يتفقدوا عنه في مسيرهم ومنازلهم ومقامهم ويستخبر
منهم إذا رجعوا من أسفارهم وأما المفقود في جبهات القتال فتراجع بشأنه
الدوائر المعنية بأحوال الجنود المشاركين في المعركة أو يسأل عنه رفاقه
العائدون من الجبهات والأسرى العائدون من الأسر. وأما المعتقل المفقود
فتسأل عنه دوائر الشرطة والجهات الأمنية ذات العلاقة وهكذا
مسألة 596: مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام - كما تقدم
ولا يعتبر فيه الاتصال التام بل يكفي فيه تصدي الطلب عنه بحيث يصدق
عرفا إنه قد فحص عنه في تلك المدة.
مسألة 597: المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثاله،
فالمسافر المفقود في بلد مخصوص أو جهة مخصوصة إذا دلت القرائن.
182

على عدم انتقاله منها كفى البحث عنه في ذلك البلد أو تلك الجهة، ولا
يعتبر استقصاء البلد والجهات، ولا يعتنى باحتمال وصوله إلى بلد احتمالا
بعيدا.
مسألة 598: المسافر المفقود إذا علم أنه كان في بلد معين في زمان
ثم انقطع أثره يتفحص عنه أولا في ذلك البلد على النحو المتعارف، بأن
يسأل عنه في جوامعه ومجامعه وفنادقه وأسواقه ومتنزهاته ومستشفياته
وسجونه ونحوها، ولا يلزم استقصاء تلك المحال بالتفتيش والسؤال بل
يكتفى بالبعض المعتد به من مشاهيرها، ويلاحظ في ذلك زي المفقود
وصنعته وحرفته فيتفقد عنه في المحال المناسبة له ويسأل عنه أبناء صنفه
وحرفته، مثلا إذا كان من طلبة العلم فالمحل المناسب له المدارس ومجامع
العلم فيسأل عنه العلماء وطلبة العلم وهكذا بقية الأصناف كالتجار
والحرفيين والأطباء ونحوهم
فإذا تم الفحص في ذلك البلد ولم يظهر منه أثر، ولم يعلم موته ولا
حياته، فإن لم يحتمل انتقاله منه إلى محل آخر بقرائن الأحوال سقط
الفحص والسؤال واكتفي بانقضاء مدة التربص أربع سنين كما تقدم، وإن
احتمل الانتقال احتمالا معتدا به فإن تساوت الجهات في احتمال انتقاله منه
إليها تفحص عنه في تلك الجهات، ولا يلزم الاستقصاء بالتفتيش في كل
قرية قرية ولا في كل بلدة بلدة بل يكفي ببعض الأماكن المهمة والمعروفة
في كل جهة مراعيا للأقرب فالأقرب إلى البلد الأول، وإذا كان احتمال انتقاله
إلى بعضها أقوى فاللازم جعل محل الفحص ذلك البعض، ويكتفى
بالفحص فيه إذا بعد احتمال انتقاله إلى غيره.
183

هذا فيما إذا علم أن المسافر المفقود كان في بلد معين في زمان. وأما
إذا علم أنه كان في بعض الأقطار كإيران والعراق ولبنان والهند ثم انقطع أثره
كفى الفحص عنه مدة التربص في بلادها المشهورة التي تشد إليها الرحال
مع ملاحظة صنف المفقود وحرفته في ذلك.
وإذا علم أنه خرج من منزله قاصدا التوجه إلى بلد معين - كالعراقي إذا
خرج برا يريد زيارة الإمام الرضا عليه السلام في مشهده المقدس بخراسان ثم
انقطع خبره - يكفي الفحص عنه في البلاد والمنازل الواقعة على طريقه إلى
ذلك البلد، وفي نفس ذلك البلد، ولا يجب الفحص عنه في الأماكن البعيدة
عن الطريق فضلا عن البلاد الواقعة في أطراف ذلك القطر.
وإذا علم أنه خرج من منزله مريدا للسفر أو هرب ولا يدري إلى أين
توجه وانقطع أثره لزم الفحص عنه مدة التربص في الأطراف والجوانب التي
يحتمل وصوله إليه احتمالا معتدا به، ولا ينظر إلى ما بعد احتمال توجهه
إليه.
مسألة 599: يجوز للحاكم الاستنابة في الفحص وإن كان النائب
نفس الزوجة، فإذا رفعت أمرها إليه فقال: تفحصوا عنه إلى أن تمضي أربع
سنوات. ثم تصدت الزوجة أو بعض أقاربها للفحص والطلب حتى مضت
المدة كفى.
مسألة 600: لا تشترط العدالة في النائب وفيمن يستخبر منهم عن
حال المفقود بل يكفي الاطمينان بصحة أقوالهم.
مسألة 601: إذا تعذر الفحص فالظاهر عدم سقوطه فيلزم زوجة
المفقود الانتظار إلى حين تيسره، نعم إذا علم أنه لا يجدي في معرفة حاله.
184

ولا يترتب عليه أثر أصلا فالظاهر سقوط وجوبه، ولكن لا يجوز طلاقها قبل
مضي المدة على الأحوط.
مسألة 602: إذا تحقق الفحص التام قبل انقضاء المدة فإن احتمل
الوجدان بالفحص في المقدار الباقي ولو بعيدا لزم الفحص، وإن تيقن عدم
الوجدان سقط وجوب الفحص، ولكن يجب الانتظار إلى تمام المدة على
الأحوط
مسألة 603: إذا تمت السنوات الأربع واحتمل وجدانه بالفحص
بعدها لم يجب بل يكتفى بالفحص في المدة المضروبة.
مسألة 604: يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى
الحاكم قبل أن تطلق ولو بعد تحقق الفحص وانقضاء الأجل، فليست هي
ملزمة باختيار الطلاق، ولها أن تعدل عن اختيار البقاء إلى اختيار الطلاق
وحينئذ لا يلزم تجديد ضرب الأجل والفحص بل يكتفى بالأول
مسألة 605: العدة الواقعة بعد الطلاق من الولي أو الحاكم عدة طلاق
وإن كانت بقدر عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا، وهو طلاق رجعي فتستحق
النفقة أيامها، وإذا حضر الزوج أثناء العدة جاز له الرجوع إليها، وإذا مات
أحدهما في العدة ورثه الآخر، ولو مات بعد العدة فلا توارث بينهما وليس
عليها حداد بعد الطلاق في أيام العدة.
مسألة 606: إذا تبين موت الزوج المفقود قبل انقضاء المدة أو بعده
قبل الطلاق وجب عليها عدة الوفاة، وإذا تبين بعد انقضاء العدة اكتفى بها،
سواء أكان التبين قبل التزوج من غيره أم بعده، وسواء أكان موته المتبين
وقع قبل الشروع في العدة أم بعدها أم في أثنائها أم بعد التزوج من الغير،
185

وأما لو تبين موته في أثناء العدة فهل يكتفى باتمامها أو تستأنف عدة الوفاة
من حين التبين؟ وجهان أوجههما الثاني.
مسألة 607: إذا جاء الزوج بعد الفحص وانقضاء الأجل فإن كان قبل
الطلاق فهي زوجته، وإن كان بعده فإن كان في أثناء العدة فله الرجوع إليها
كما تقدم كما أن له ابقاءها على حالها حتى تنقضي عدتها وتبين منه، وإن
كان بعد انقضائها فإن تزوجت من غيره فلا سبيل له عليها كما مر، وإن لم
تتزوج ففي جواز رجوعها إليه وعدمه قولان، أقواهما الثاني.
مسألة 608: إذا تبين بعد الطلاق وانقضاء العدة عدم وقوع المقدمات
على الوجه المعتبر شرعا، كأن تبين عدم تحقق الفحص على وجهه، أو
عدم انقضاء مدة أربع سنوات، أو عدم تحقق شروط الطلاق أو نحو ذلك
لزم التدارك ولو بالاستيناف، وإذا كان ذلك بعد تزوجها من الغير كان باطلا،
وإن كان الزوج الثاني قد دخل بها جاهلا بالحال حرمت عليه أبدا على
الأحوط، نعم إذا تبين أن العقد عليها وقع بعد موت زوجها المفقود وقبل أن
يبلغ خبره إليها فالعقد وإن كان باطلا إلا أنه لا يوجب الحرمة الأبدية حتى
مع الدخول، لعدم كونها حين وقوعه ذات بعل ولا ذات عدة، كما تقدم في
المسألة (198).
مسألة 609: إذا حصل لزوجة الغائب بسبب القرائن وتراكم الأمارات
العلم بموته جاز لها بينها وبين الله تعالى أن تتزوج بعد العدة من دون حاجة
إلى مراجعة الحاكم، وليس لأحد عليها اعتراض ما لم يعلم كذبها في دعوى
العلم، نعم في جواز الاكتفاء بقولها لمن يريد الزواج بها، وكذا لمن يصير
وكيلا عنها في ايقاع العقد عليها، اشكال كما تقدم في المسألة (54).
186

مسألة 610: ذكر بعض الأكابر إن المفقود غير المعلوم حياته إذا
أمكن اعمال الكيفيات المتقدمة من ضرب الأجل والفحص لتخليص زوجته
ولكن كان ذلك موجبا لوقوعها في المعصية لعدم صبرها عن الزوج يجوز
للحاكم الشرعي المبادرة إلى طلاقها تلبية لطلبها من دون اعمال تلك
الكيفيات، وكذلك إذا لم يكن لها من ينفق عليها خلال المدة المضروبة.
وذكر أيضا إن المفقود المعلوم حياته مع عدم تمكن زوجته من الصبر
يجوز للحاكم الشرعي أن يطلقها استجابة لطلبها، وكذلك المحبوس الذي لا
يرجى اطلاقه من الحبس أبدا، ولكن ما أفاده قدس سره بعيد بل ممنوع
187

كتاب الخلع والمباراة
189

مسألة 611: الخلع هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها،
وإذا كانت الكراهة من الطرفين كان مباراة، وإن كانت الكراهة من طرف
الزوج خاصة لم يكن خلعا ولا مباراة.
فالخلع والمباراة نوعان من الطلاق فإذا انضم إلى أحدهما تطليقتان
حرمت المطلقة على المطلق حتى تنكح زوجا غيره.
مسألة 612: يشترط في الخلع جميع ما تقدم اعتباره في الطلاق
وهي ثلاثة أمور:
الأول: الصيغة الخاصة، وهي هنا قوله: (أنت أو فلانة أو هذه طالق
على كذا) أو: (خلعتك على كذا) أو: (أنت أو فلانة أو هذه مختلعة
على كذا) بكسر مختلعة وفي صحته بالفتح اشكال، ولا يعتبر في الأول
الحاقه بقوله: (فأنت أو فهي مختلعة على كذا) كما لا يعتبر في الأخيرين
الحاقهما بقوله: (فهي أو فأنت طالق على كذا) وإن كان الالحاق أحوط
وأولى، ولا يقع الخلع بالتقايل بين الزوجين كما لا يقع بغير لفظي الطلاق
والخلع على النهج المتقدم.
الثاني: التنجيز، فلو علق الخلع على أمر مستقبلي معلوم الحصول أو
متوقع الحصول، أو أمر حالي محتمل الحصول من غير أن يكون مقوما
لصحة الخلع بطل، ولا يضر تعليقه على أمر حالي معلوم الحصول أو أمر
محتمل الحصول ولكنه كان مقوما لصحة الخلع كما لو قال: (خلعتك إن
191

كنت زوجتي أو إن كنت كارهة لي).
الثالث الاشهاد، بمعنى ايقاع الخلع بحضور رجلين عادلين يسمعان
الانشاء.
مسألة 613: يشترط في الزوج الخالع جميع ما تقدم اعتباره في
المطلق من البلوغ والعقل والقصد والاختيار، والاشكال المتقدم في طلاق
من بلغ عشر سنين جار في خلعه أيضا فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه.
ويشترط في الخالع مضافا إلى ذلك أن لا يكون كارها لزوجته وإلا لم
يقع خلعا بل يكون مباراة إذا كانت هي أيضا كارهة لزوجها كما مر.
مسألة 614: يشترط في الزوجة المختلعة جميع ما تقدم اعتباره في
المطلقة من كونها زوجة دائمة، وكونها معينة بالاسم أو بالإشارة الرافعة
للابهام، وكونها طاهرة من الحيض والنفاس إلا في الموارد المستثناة أيضا،
وكونها في طهر لم يواقعها زوجها فيه إلا في الموارد المستثناة، ولا يعتبر
فيها البلوغ ولا العقل، فيصح خلع الصغيرة والمجنونة ويتولى وليهما بذل
الفداء.
مسألة 615: يشترط في المختلعة - مضافا إلى ما تقدم - أمران
آخران:
الأمر الأول: أن تكون كارهة لزوجها كما تقدم، ويعتبر بلوغ كراهتها
له حدا يحملها على تهديده بترك رعاية حقوقه الزوجية وعدم إقامة حدود
الله تعالى فيه.
مسألة 616: الكراهة المعتبرة في الخلع أعم من أن تكون ذاتية ناشئة
من خصوصيات الزوج كقبح منظره وسوء خلقه وفقره وغير ذلك، وأن
192

تكون عرضية من جهة عدم ايفائه بعض حقوقها المستحبة أو قيامه ببعض
الأعمال التي تخالف ذوقها كالتزوج عليها بأخرى.
وأما إذا كان منشأ الكراهة وطلب المفارقة ايذاء الزوج لها بالسب
والشتم والضرب ونحوها فأرادت تخليص نفسها منه فبذلت شيئا ليطلقها
فالظاهر عدم صحة البذل وبطلان الطلاق خلعا بل مطلقا على الأقرب
ولو كان منشأ الكراهة عدم وفاء الزوج ببعض حقوقها الواجبة كالقسم
والنفقة فهل يصح طلاقها خلعا أم لا؟ فيه وجهان أقربهما الأول.
مسألة 617: لو طلقها بعوض مع عدم كراهتها لم يصح الخلع ولم
يملك الفدية، ولكن هل يصح الطلاق؟ فيه اشكال والأقرب البطلان إلا إذا
أوقعه بصيغة الطلاق أو اتبعه بها وملك الفدية بسبب مستقل قد أخذ الطلاق
شرطا فيه، كما إذا صالحته على مال واشترطت عليه أن يطلقها فإنه بعقد
الصلح المذكور يملك المال وعليه الطلاق، ولا يكون الطلاق حينئذ خلعيا
بل يكون رجعيا في مورده، حتى إذا اشترطت عليه عدم الرجوع إلا أنه
يحرم عليه مخالفة الشرط، غير أنه إذا خالف ورجع صح رجوعه ويثبت
للزوجة الخيار في فسخ عقد الصلح من جهة تخلف الشرط.
الأمر الثاني - مما يعتبر في المختلعة -: أن تبذل الفداء لزوجها
عوضا عن الطلاق، ويعتبر في الفداء أن يكون مما يصح تملكه أو ما
بحكمه كأن تبذل دينا لها في ذمته، وأن يكون متمولا عينا كان أو دينا أو
منفعة وإن زاد على المهر المسمى، وأن يكون معلوما فلو خالعها على ألف
ولم يعين بطل الخلع، بل الأحوط لزوما أن يكون معلوما على النحو المعتبر
في المعاوضات بأن يكون معلوما بالكيل في المكيل وبالوزن في الموزون
193

وبالعد في المعدود وبالمشاهدة فيما يعتبر بها، نعم إذا كان المبذول مهرها
المسمى فالظاهر كفاية العلم به على نحو العلم المعتبر في المهر وقد تقدم
بيانه في المسألة (288)، ويصح جعل الفداء ارضاع ولده ولكن مشروطا
بتعيين المدة، وإذا جعل كليا في ذمتها يجوز جعله حالا ومؤجلا مع ضبط
الأجل.
مسألة 618: يعتبر في الفداء أن يكون بذله باختيار الزوجة، فلا
يصح مع اكراهها على البذل سواء أكان الاكراه من الزوج أم من غيره.
مسألة 619: يعتبر في الفداء أن يكون مملوكا للمختلعة أو ما بحكمه
كألف دينار على ذمتها أو منفعة دارها إلى عشر سنوات مثلا، ولا يصح لو
كان مملوكا للغير، فلو تبرع الأجنبي ببذل الفداء لزوجها لم يصح طلاقها
خلعا، نعم لا يبعد صحة البذل والطلاق إذا أوقعه بصيغة الطلاق أو اتبعه بها
ويكون رجعيا أو بائنا على حسب اختلاف موارده، وهكذا الحال فيما إذا
أذن الغير لها في الافتداء بماله فبذلته لزوجها ليطلقها، أو قام الغير ببذل
الفداء له من ماله على وجه مضمون عليها كما لو قالت لشخص: (ابذل
لزوجي ألف دينار ليطلقني) فبذل له ذلك فطلقها، فإنه يصح البذل والطلاق
ويحق للباذل الرجوع به عليها لوقوع البذل منه بطلبها
مسألة 620: لو جعلت الفداء مال الغير من دون إذنه أو ما لا يملكه
المسلم كالخمر مع العلم بذلك بطل البذل فيبطل الخلع بل يبطل مطلقا إلا
إذا كان بصيغة الطلاق أو اتبعه بها قاصدا - في الحقيقة - طلاقها من غير
عوض فإنه يصح حينئذ رجعيا أو بائنا على حسب اختلاف الموارد.
ولو جعلت الفداء مال الغير مع الجهل بأنه مال الغير فالمشهور صحة
194

الخلع وضمانها للمثل أو القيمة وفيه اشكال، بل لا يبعد بطلانه مطلقا.
وكذا لو جعلت الفداء خمرا بزعم أنها خل ثم بان الخلاف إلا إذا كان
المقصود جعل ذلك المقدار من الخل فداء فيصح خلعا.
مسألة 621: إذا خالعا على عين معينة فتبين أنها معيبة فإن رضي بها
صح الخلع وإلا ففي صحته اشكال وإن كان لا يخلو من قوة، والأحوط لهما
المصالحة في الفداء ولو بدفع الأرش أو تعويضه بالمثل أو القيمة.
مسألة 622: إذا قال أبوها: (طلقها وأنت برئ من صداقها) وكانت
بالغة رشيدة فطلقها لم تبرأ ذمته من صداقها، وهل يصح طلاقها رجعيا أو
بائنا على حسب اختلاف الموارد؟ فيه اشكال والأقرب البطلان، نعم إذا
كان عالما بعدم ولاية أبيها على ابرائه من صداقها فطلقها بصيغة الطلاق أو
اتبعه بها قاصدا - في الحقيقة - طلاقها من غير عوض صح كذلك.
مسألة 623: الخلع وإن كان قسما من الطلاق وهو من الايقاعات إلا
أنه - كما عرفت - يشبه العقود في الاحتياج إلى طرفين وانشاءين: بذل شئ
من طرف الزوجة ليطلقها الزوج، وانشاء الطلاق من طرف الزوج بما
بذلت، ويقع ذلك على نحوين:
الأول: أن يقدم البذل من طرفها على أن يطلقها، فيطلقها على ما
بذلت.
الثاني: أن يبتدئ الزوج بالطلاق مصرحا بذكر العوض فتقبل الزوجة
بعده، والأحوط أن يكون الترتيب على النحو الأول.
مسألة 624: يعتبر في صحة الخلع الموالاة بين انشاء البذل والطلاق
بمعنى تعقب أحدهما بالآخر قبل انصراف صاحبه عنه، فلو بذلت المرأة
195

فلم يبادر الزوج إلى ايقاع الطلاق حتى انصرفت المرأة عن بذلها لم يصح
الخلع، واشترط بعض الفقهاء - رضوان الله عليهم - الفورية العرفية بين
البذل والطلاق ولكن لا دليل على اعتبارها وإن كانت رعايتها أحوط.
مسألة 625: يجوز أن يكون البذل والطلاق بمباشرة الزوجين أو
بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف، ويجوز أن يوكلا شخصا واحدا ليبذل عنها
ويطلق عنه، بل الظاهر أنه يجوز لكل منهما أن يوكل الآخر فيما هو من
طرفه، فيكون أصيلا فيما يرجع إليه، ووكيلا فيما يرجع إلى الطرف.
مسألة 626: يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلق به من شرط
العوض وتعيينه وقبضه وايقاع الطلاق، ومن المرأة في جميع ما يتعلق بها
من استدعاء الطلاق وتقدير العوض وتسليمه.
مسألة 627: إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين فإما أن تبدأ الزوجة
وتقول: (بذلت لك، أو أعطيتك ما عليك من المهر، أو الشئ الكذائي،
لتطلقني) فيقول الزوج: (أنت طالق، أو مختلعة - بكسر اللام - على ما
بذلت، أو على ما أعطيت) وإما أن يبتدئ الزوج - بعدما تواطئا على الطلاق
بعوض - فيقول: (أنت طالق أو مختلعة بكذا أو على كذا) فتقول الزوجة:
(قبلت أو رضيت).
وإن وقع البذل والطلاق من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطبا وكيل
الزوج: (عن قبل موكلتي فلانة بذلت لموكلك ما عليه من المهر أو المبلغ
الكذائي ليخلعها أو ليطلقها) فيقول وكيل الزوج: (زوجة موكلي طالق على
ما بذلت) أو يقول: (عن قبل موكلي خلعت موكلتك على ما بذلت)
وإن وقع من وكيل أحدهما مع الآخر، كوكيل الزوجة مع الزوج يقول
196

وكيلها مخاطبا الزوج: (عن قبل موكلتي فلانة أو زوجتك بذلت لك ما
عليك من المهر أو الشئ الكذائي على أن تطلقها) فيقول الزوج: (هي أو
زوجتي طالق على ما بذلت) أو يبتدئ الزوج مخاطبا وكيلها: (موكلتك أو
زوجتي فلانة طالق على كذا) فيقول وكيلها: (عن قبل موكلتي قبلت ذلك)
وإن وقع ممن كان وكيلا عن الطرفين يقول: (عن قبل موكلتي فلانة
بذلت لموكلي فلان الشئ الكذائي ليطلقها) ثم يقول: (زوجة موكلي طالق
على ما بذلت) أو يبتدئ من طرف الزوج ويقول: (زوجة موكلي طالق على
الشئ الكذائي) ثم يقول من طرف الزوجة: (عن قبل موكلتي قبلت)
ولو فرض إن الزوجة وكلت الزوج في البذل يقول: (عن قبل موكلتي
زوجتي بذلت لنفسي كذا لأطلقها) ثم يقول: (هي طالق على ما بذلت)
مسألة 628: إذا استدعت الطلاق من زوجها بعوض معلوم فقالت
له: (طلقني أو اخلعني بكذا) فقال الزوج: (أنت طالق أو مختلعة بكذا)
ففي وقوعه اشكال فالأحوط اتباعه بالقبول منها بأن تقول بعد ذلك: (قبلت)
مسألة 629: طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة
فيما بذلت، ولها الرجوع فيه ما دامت في العدة فإذا رجعت كان له الرجوع
إليها.
مسألة 630: الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بامكان
رجوعه بعد رجوعها، فلو لم يجز له الرجوع بأن كان الخلع طلاقا بائنا في
نفسه ككونه طلاقا ثالثا، أو كانت الزوجة ممن لا عدة لها كاليائسة وغير
المدخول بها، أو كان الزوج قد تزوج بأختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل،
أو نحو ذلك لم يكن لها الرجوع فيما بذلت، وهكذا الحال فيما لو لم يعلم
197

الزوج برجوعها في الفدية حتى فات زمان الرجوع، كما لو رجعت عند
نفسها ولم يطلع عليه الزوج حتى أنقضت العدة فإنه لا أثر لرجوعها حينئذ.
مسألة 631: لا توارث بين الزوج والمختلعة لو مات أحدهما في
العدة إلا إذا رجعت في الفدية فمات أحدهما بعد ذلك قبل انقضائها.
مسألة 632: المباراة كالخلع في جميع ما تقدم من الشروط
والأحكام، وتختلف عنه في أمور ثلاثة:
1 - أنها تترتب على كراهة كل من الزوجين لصاحبه، بخلاف الخلع
فإنه يترتب على كراهة الزوجة دون الزوج كما مر.
2 - أنه يشترط فيها أن لا يكون الفداء أكثر من مهرها، بل الأحوط أن
يكون أقل منه. بخلاف الخلع فإنه فيه على ما تراضيا به ساوى المهر أم زاد
عليه أم نقص عنه.
3 - أنه إذا أوقع انشاءها (بارأت) فالأحوط لزوما أن يتبعه
بصيغة الطلاق، فلا يجتزئ بقوله: (بارأت زوجتي على كذا) حتى يتبعه
بقول (فأنت طالق أو هي طالق)، بخلاف الخلع إذ يجوز أن يوقعه بلفظ
الخلع مجردا كما مر.
ويجوز في المباراة - كالخلع - ايقاعها بلفظ الطلاق مجردا بأن يقول
الزوج - بعد ما بذلت له شيئا ليطلقها -: (أنت طالق على ما بذلت).
مسألة 633: طلاق المباراة بائن كالخلع لا يجوز الرجوع فيه للزوج
ما لم ترجع الزوجة في الفدية قبل انتهاء العدة، فإذا رجعت فيها في العدة.
جاز له الرجوع إليها على نحو ما تقدم في الخلع.
198

كتاب الظهار
199

مسألة 634: الظهار حرام، وموجب لتحريم الزوجة المظاهر منها،
ولزوم الكفارة بالعود إلى مقاربتها كما سيأتي تفصيله.
مسألة 635: صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطبا للزوجة: (أنت
علي كظهر أمي) أو يقول بدل أنت: (هذه) مشيرا إليها أو (زوجتي)
أو فلانة)، ويجوز تبديل (علي) بقوله (مني) أو (عندي) أو (لدي) بل
الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة (علي) وأشباهها أصلا، بأن يقول: (أنت كظهر
أمي).
مسألة 636: لو شبه زوجته بجزء آخر من أجزاء الأم - كرأسها أو
يدها أو بطنها - قاصدا به تحريمها على نفسه ففي وقوع الظهار به قولان،
أظهرهما عدم الوقوع، وإن كان الاحتياط في محله.
مسألة 637: لو شبهها بأمه جملة بأن قال: (أنت كأمي) أو (أنت
أمي) قاصدا به التحريم لا علو المنزلة والتعظيم، أو كبر السن وغير ذلك،
فالأظهر عدم وقوع الظهار به وإن كان الأحوط خلافه.
مسألة 638: لو شبهها بإحدى المحارم النسبية غير الأم كالبنت
والأخت والعمة والخالة فقال: (أنت علي كظهر أختي) فالأقرب وقوع
الظهار به، وفي الحاق المحرمات بالرضاع وبالمصاهرة بالمحرمات النسبية
في ذلك اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، ولو قال لها: (أنت
علي حرام) من غير أن يشبهها ببعض محارمه لم تحرم عليه ولم يترتب
عليه أثر أصلا.
201

مسألة 639: الظهار الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل، فلو
قالت المرأة لزوجها: (أنت علي كظهر أبي أو أخي) لم يؤثر شيئا.
مسألة 640: يعتبر في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول
المظاهر كالطلاق.
ويعتبر في المظاهر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم الغضب
وإن لم يكن سالبا للقصد والاختيار على الأقوى.
ويعتبر في المظاهر منها خلوها عن الحيض والنفاس، وكونها في
طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المتقدم في المطلقة، وكونها مدخولا بها
على الأصح، وهل يعتبر كونها زوجة دائمية فلا يقع الظهار على المتمتع
بها؟ فيه اشكال فالاحتياط لا يترك
مسألة 641: لا يقع الظهار إذا قصد به الاضرار بالزوجة، كما لا يقع
في يمين بأن كان غرضه زجر نفسه عن فعل كما لو قال: (إن كلمتك فأنت
علي كظهر أمي) أو بعث نفسه على فعل كما لو قال: (إن تركت الصلاة
فأنت علي كظهر أمي)
مسألة 642: يقع الظهار على نحوين: مطلق ومعلق، والأول ما لم
يكن منوطا بوجود شئ بخلاف الثاني، ويصح التعليق على الوطئ كأن
يقول (أنت علي كظهر أمي إن قاربتك) كما يصح التعليق على غيره حتى
الزمان على الأقوى كأن يقول: (أنت علي كظهر أمي إن جاء يوم الجمعة)
نعم لا يصح التعليق على الاتيان بفعل بقصد زجر نفسه عنه أو على ترك
فعل بقصد بعثها نحوه كما مر آنفا.
202

مسألة 643: لو قيد الظهار بمدة كشهر أو سنة ففي صحته اشكال
والأقرب البطلان.
مسألة 644: إذا تحقق الظهار بشرائطه فإن كان مطلقا حرم على
المظاهر وطئ المظاهر منها ولا يحل له حتى يكفر، فإذا كفر حل له وطؤها،
ولا تلزمه كفارة أخرى بعد الوطئ، ولو وطئها قبل أن يكفر لزمته كفارتان
إحداهما للوطئ والأخرى لإرادة العود إليه، والأظهر عدم حرمة سائر
الاستمتاعات عليه قبل التكفير، وأما إذا كان معلقا فيحرم عليه الوطئ بعد
حصول المعلق عليه، فلو علقه على نفس الوطئ لم يحرم الوطئ المعلق
عليه ولا تجب به الكفارة
مسألة 645: تتكرر الكفارة بتكرر الوطئ قبل التكفير، كما أنها تتكرر
بتكرر الظهار مع تعدد المجلس، وأما مع اتحاده ففيه اشكال فلا يترك
الاحتياط.
مسألة 646: كفارة الظهار عتق رقبة، وإذا عجز عنه فصيام شهرين
متتابعين، وإذا عجز عنه فاطعام ستين مسكينا.
مسألة 647: إذا عجز عن الأمور الثلاثة صام ثمانية عشر يوما، وإن
عجز عنه لم يجزئه الاستغفار على الأحوط لزوما.
مسألة 648: إذا ظاهر من زوجته ثم طلقها رجعيا لم يحل له وطؤها
حتى يكفر، بخلاف ما إذا تزوجها بعد انقضاء عدتها أو كان الطلاق بائنا
وتزوجها في العدة فإنه يسقط حكم الظهار ويجوز له وطؤها بلا تكفير،
ولو ارتد أحدهما فإن كان قبل الدخول أو كانت المرأة يائسة أو صغيرة أو
كان المرتد هو الرجل عن فطرة ثم تاب المرتد وتزوجها سقط حكم الظهار
203

وجاز له وطؤها بلا تكفير، وأما لو كان الارتداد بعد الدخول ولم تكن
المرأة يائسة ولا صغيرة وكان المرتد هو الرجل عن ملة أو هي - المرأة -
مطلقا فحكمه حكم الطلاق الرجعي، فإن تاب المرتد في العدة لم يجز له
أن يطأها حتى يكفر، وإن انقضت عدتها ثم تزوجها جاز له وطؤها من دون
كفارة، ولو ظاهر من زوجته ثم مات أحدهما لم تثبت الكفارة.
مسألة 649: إذا صبرت المظاهر منها على ترك وطئها فلا اعتراض،
وإن لم تصبر رفعت أمرها إلى الحاكم، فيحضره ويخيره بين الرجعة بعد
التكفير وبين طلاقها، فإن اختار أحدهما وإلا أنظره ثلاثة أشهر من حين
المرافعة، فإن انقضت المدة ولم يختر أحد الأمرين حبسه وضيق عليه في
المطعم والمشرب حتى يختار أحدهما، ولا يجبره على خصوص أحدهما،
وإن امتنع عن كليهما طلقها الحاكم على الأقوى.
204

كتاب الايلاء
205

مسألة 650: الايلاء هو الحلف على ترك وطئ الزوجة الدائمة قبلا
إما أبدا أو مدة تزيد على أربعة أشهر لغرض الاضرار بها. فلا يتحقق الايلاء.
بالحلف على ترك وطئ المتمتع بها، ولا بالحلف على ترك وطئ الدائمة
مدة لا تزيد على أربعة أشهر، ولا فيما إذا كان لدفع ضرر الوطئ عن نفسه
أو عنها أو لنحو ذلك، كما يعتبر فيه أيضا أن تكون الزوجة مدخولا بها ولو
دبرا فلا يتحقق بالحلف على ترك وطئ غير المدخول بها، نعم تنعقد اليمين
في جميع ذلك وتترتب عليها آثارها مع اجتماع شروطه.
مسألة 651: يعتبر في المؤلي أن يكون بالغا عاقلا مختارا قاصدا،
فلا يقع الايلاء من الصغير والمجنون والمكره والهازل والسكران ومن اشتد
به الغضب حتى سلبه قصده أو اختياره، وهل يعتبر أن يكون قادرا على
الايلاج فلا يقع من العنين والمجبوب؟ فيه وجهان أقربهما الأول
مسألة 652: لا ينعقد الايلاء - كمطلق اليمين - إلا باسم الله تعالى
المختص به أو ما ينصرف اطلاقه إليه ولو في مقام الحلف، ولا يعتبر فيه
العربية، ولا اللفظ الصريح في كون المحلوف عليه ترك الجماع قبلا، بل
المعتبر صدق كونه حالفا على ترك ذلك العمل بلفظ ظاهر فيه، فيكفي
قوله: (لا أطأك) أو (لا أجامعك) أو (لا أمسك) بل وقوعه: (لا جمع رأسي
ورأسك وسادة أو مخدة) إذا قصد به ترك الجماع.
مسألة 653: إذا تم الايلاء بشرائطه فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن
207

المواقعة فهو، وإلا فلها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فينظره الحاكم
أربع أشهر، فإن رجع وواقعها في هذه المدة فهو، وإلا ألزمه بأحد الأمرين
إما الرجوع أو الطلاق، فإن فعل أحدهما وإلا حبسه وضيق عليه في المطعم
والمشرب حتى يختار أحدهما، ولا يجبره على أحدهما معينا، وإن امتنع
عن كليهما طلقها الحاكم، ولو طلق وقع الطلاق رجعيا أو بائنا على حسب
اختلاف موارده.
مسألة 654: إذا عجز المؤلي عن الوطئ كان رجوعه باظهار العزم
على الوطئ على تقدير القدرة عليه.
مسألة 655: المشهور بين الفقهاء رضوان الله عليهم إن الأشهر
الأربعة - التي ينظر فيها المؤلي ثم يجبر على أحد الأمرين بعدها - تبدأ من
حين الترافع إلى الحاكم، وقيل من حين الايلاء، فعلى هذا لو لم ترافع حتى
انقضت المدة ألزمه الحاكم بأحد الأمرين من دون امهال وانتظار مدة، وهذا
القول لا يخلو من قوة، ولكن مع ذلك لا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط في
ذلك.
مسألة 656: إذا اختلفا في الرجوع والوطئ فادعاهما المؤلي وأنكرت
هي فالقول قوله بيمينه.
مسألة 657: يزول حكم الايلاء بالطلاق البائن وإن عقد عليها في
العدة بخلاف الطلاق الرجعي فإنه وإن خرج به من حقها فليست لها
المطالبة والترافع إلى الحاكم، لكن لا يزول حكم الايلاء إلا بانقضاء عدتها،
فلو راجعها في العدة عاد إلى الحكم الأول فلها المطالبة بحقها والمرافعة إلى
الحاكم
208

مسألة 658: متى وطئها الزوج بعد الايلاء لزمته الكفارة سواء أكان
في مدة التربص أو بعدها أو قبلها لو جعلناها من حين المرافعة، لأنه قد
حنث اليمين على كل حال وإن جاز له هذا الحنث بل وجب بعد انقضاء
المدة ومطالبتها وأمر الحاكم به تخييرا بينه وبين الطلاق، وبهذا تمتاز هذه
اليمين عن سائر الأيمان، كما أنها تمتاز عن غيرها بأنه لا يعتبر فيها ما يعتبر
في غيرها من كون متعلقها راجحا شرعا أو كونه غير مرجوح شرعا مع
رجحانه بحسب الأغراض الدنيوية العقلائية أو اشتماله على مصلحة دنيوية
شخصية.
مسألة 659: إذا آلى من زوجته مدة معينة فدافع عن الرجوع والطلاق إلى
أن انقضت المدة لم تجب عليه الكفارة، ولو وطئها قبله لزمته الكفارة.
مسألة 660: لا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين إذا كان الزمان المحلوف
على ترك الوطئ فيه واحدا.
209

كتاب اللعان
211

مسألة 661: اللعان مباهلة خاصة بين الزوجين أثرها دفع حد أو نفي
ولد، ويثبت في موردين:
المورد الأول: فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزنى.
مسألة 662: لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنى مع الريبة ولا مع
غلبة الظن ببعض الأسباب المريبة، بل ولا بالشياع ولا باخبار شخص ثقة،
نعم يجوز مع اليقين ولكن لا يصدق إذا لم تعترف به الزوجة ولم يكن له
بينة، بل يحد حد القذف مع مطالبتها إلا إذا أوقع اللعان الجامع للشروط
الآتية فيدرأ عنه الحد.
مسألة 663: يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدعي المشاهدة،
فلا لعان فيمن لم يدعها ومن لم يتمكن منها كالأعمى، فيحدان مع عدم
البينة، كما يشترط في ثبوته أن لا تكون له بينة على دعواه، فإن كانت له
بينة تعين إقامتها لنفي الحد ولا لعان.
مسألة 664: يشترط في ثبوت اللعان في القذف أن يكون القاذف
بالغا عاقلا وأن تكون المقذوفة بالغة عاقلة وأيضا سالمة عن الصمم
والخرس، كما يشترط فيها أن تكون زوجة دائمة فلا لعان في قذف الأجنبية
بل يحد القاذف مع عدم البينة وكذا في المتمتع بها على الأقوى، ويشترط
فيها أيضا أن تكون مدخولا بها فلا لعان فيمن لم يدخل بها، وأن تكون غير
مشهورة بالزنى وإلا فلا لعان بل ولا حد حتى يدفع باللعان، نعم عليه
213

التعزير في غير المتجاهرة بالزنى إذا لم يدفعه عن نفسه بالبينة.
المورد الثاني: فيما إذا نفى ولدية من ولد على فراشه مع لحوقه به
ظاهرا
مسألة 665: لا يجوز للزوج أن ينكر ولدية من تولد على فراشه مع
لحوقه به ظاهرا بأن دخل بأمه وأنزل في فرجها ولو احتمالا، أو أنزل على
فرجها واحتمل دخول مائه فيه بجذب أو نحوه، وكان قد مضى على ذلك
إلى زمان وضعه ستة أشهر فصاعدا ولم يتجاوز أقصى مدة الحمل، فإنه لا
يجوز له في هذه الحالة نفي الولد عن نفسه وإن كان قد فجر أحد بأمه
فضلا عما إذا اتهمها بالفجور بل يجب عليه الاقرار بولديته.
نعم يجوز له أن ينفيه - ولو باللعان - مع علمه بعدم تكونه من مائه
من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به، بل يجب عليه نفيه إذا كان
يلحق به بحسب ظاهر الشرع لولا نفيه، مع كونه في معرض ترتب أحكام
الولد عليه من الميراث والنكاح والنظر إلى محارمه وغير ذلك.
مسألة 666: إذا نفى ولدية من ولد على فراشه فإن علم أنه قد أتى
بما يوجب لحوقه به بسببه في ظاهر الشرع، أو أقر هو بذلك ومع ذلك نفاه
لم يسمع منه هذا النفي ولا ينتفي منه لا باللعان ولا بغيره.
وأما لو لم يعلم ذلك ولم يقر به وقد نفاه إما مجردا عن ذكر السبب
بأن قال: (هذا ليس ولدي) وإما مع ذكر السبب بأن قال: (إني لم أباشر أمه
منذ ما يزيد على عام قبل ولادته) فحينئذ وإن لم ينتف عنه بمجرد نفيه لكن
ينتفي عنه باللعان.
214

مسألة 667: إنما يشرع اللعان لنفي الولد فيما إذا كان الزوج عاقلا.
والمرأة عاقلة، وفي اعتبار سلامتها من الصمم والخرس اشكال وإن كان
الاعتبار أظهر، ويعتبر أيضا أن تكون منكوحة بالعقد الدائم، وأما ولد
المتمتع بها فينتفي بنفيه من دون لعان وإن لم يجز له نفيه مع عدم علمه
بالانتفاء، ولو علم أنه أتى بما يوجب اللحوق به في ظاهر الشرع - كالدخول
بأمه مع احتمال الانزال - أو أقر بذلك ومع ذلك نفاه لم ينتف عنه بنفيه ولم
يسمع منه ذلك كما هو كذلك في الدائمة.
مسألة 668: يعتبر في اللعان لنفي الولد أن تكون المرأة مدخولا
بها، فلا لعان مع عدم الدخول، نعم إذا ادعت المرأة المطلقة الحمل منه
فأنكر الدخول فأقامت بينة على ارخاء الستر فالأقرب ثبوت اللعان.
مسألة 669: لا فرق في مشروعية اللعان لنفي الولد بين كونه حملا
أو منفصلا.
مسألة 670: من المعلوم أن انتفاء الولد عن الزوج لا يلزم كونه ولد
زنى لاحتمال كونه عن وطئ شبهة أو غيره، فلو علم الرجل بعدم التحاق
الولد به وإن جاز بل وجب عليه نفيه عن نفسه - على ما سبق - لكن لا
يجوز له أن يرمي أمه بالزنى وينسب ولدها إلى الزنى ما لم يتيقن ذلك.
مسألة 671: إذا أقر بالولد لم يسمع انكاره له بعد ذلك سواء أكان
اقراره بالصريح أو بالكناية مثل أن يبشر به ويقال له: (بارك الله لك في
مولودك) فيقول: (آمين) أو (إن شاء الله تعالى) بل قيل: إنه إذا كان الزوج
حاضرا وقت الولادة ولم ينكر الولد مع انتفاء العذر لم يكن له انكاره بعد
ذلك، ولكنه محل اشكال بل منع.
215

مسألة 672: لا يقع اللعان إلا عند الحاكم الشرعي وفي وقوعه عند
المنصوب من قبله لذلك اشكال، وصورة اللعان أن يبدأ الرجل ويقول بعد
قذفها أو نفي ولدها: (أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو
نفي ولدها) يقول ذلك أربع مرات، ثم يقول مرة واحدة: (لعنة الله علي إن
كنت من الكاذبين) ثم تقول المرأة بعد ذلك أربع مرات: (أشهد بالله إنه
لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفي الولد) ثم تقول مرة واحدة:
(إن غضب الله علي إن كان من الصادقين).
مسألة 673: يجب أن تكون الشهادة واللعن بالألفاظ المذكورة، فلو
قال أو قالت: (أحلف) أو (أقسم) أو (شهدت) أو (أنا شاهد) أو أبدلا
لفظ الجلالة ب‍ (الرحمن) أو ب‍ (خالق البشر) أو ب‍ (صانع الموجودات) أو
قال الرجل: (إني صادق) أو (لصادق) أو (من الصادقين) من غير ذكر
اللام، أو قالت المرأة: (إنه لكذاب) أو (كاذب) أو (من الكاذبين) لم يقع،
وكذا لو أبدل الرجل اللعنة بالغضب والمرأة بالعكس.
مسألة 674: يجب أن تكون المرأة معينة، وأن يبدأ الرجل بشهادته،
وأن تكون البدأة في الرجل بالشهادة ثم باللعن وفي المرأة بالشهادة ثم
بالغضب.
مسألة 675: يجب أن يكون اتيان كل منهما باللعان بعد طلب الحاكم
منه ذلك، فلو بادر قبل أن يأمر الحاكم به لم يقع.
مسألة 676: الأحوط أن يكون النطق بالعربية مع القدرة عليها،
ويجوز بغيرها مع التعذر.
مسألة 677: يجب أن يكونا قائمين عند التلفظ بألفاظهما الخمسة،
وهل يعتبر أن يكونا قائمين معا عند تلفظ كل منهما أو يكفي قيام كل منهما
عند تلفظه بما يخصه؟ وجهان ولا تترك مراعاة الاحتياط.
216

مسألة 678: يستحب أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة ويقف الرجل
على يمينه وتقف المرأة على يساره، ويحضر من يستمع اللعان، ويعظهما
الحاكم قبل اللعن والغضب
مسألة 679: إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه أحكام
أربعة:
1 - انفساخ عقد النكاح والفرقة بينهما.
2 - الحرمة الأبدية، فلا تحل له أبدا ولو بعقد جديد، وهذان
الحكمان ثابتان في مطلق اللعان سواء أكان للقذف أم لنفي الولد.
3 - سقوط حد القذف عن الزوج بلعانه وسقوط حد الزناء عن
الزوجة بلعانها، فلو قذفها ثم لاعن ونكلت هي عن اللعان تخلص الرجل
عن حد القذف وحدت المرأة حد الزانية، لأن لعان الزوج بمنزلة البينة على
زناء الزوجة.
4 - انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة أن تلاعنا لنفيه، بمعنى أنه لو
نفاه وادعت كونه له فتلاعنا لم يكن توارث بين الرجل والولد، فلا يرث
أحدهما الآخر، وكذا لا توارث بين الولد وكل من أنتسب إليه بالأبوة كالجد
والجدة والأخ والأخت للأب وكذا الأعمام والعمات بخلاف الأم ومن
انتسب إليه بها حتى أن الإخوة للأب والأم بحكم الإخوة للأم.
مسألة 680: إذا قذف امرأته بالزنى ولاعنها ثم كذب نفسه بعد اللعان لم
يحد للقذف ولم يزل التحريم، ولو كذب في أثنائه يحد ولا تثبت أحكام اللعان،
ولو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنى أربعا ففي الحد تردد والأظهر العدم.
217

مسألة 681: إذا كذب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد
فيما عليه من الأحكام لا فيما له منها، فيرثه الولد ولا يرثه الأب ولا من
يتقرب به وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب الميراث إن شاء الله تعالى.
218

كتاب الأيمان
والنذور والعهود
219

وفيه فصول:
الفصل الأول
في الأيمان
مسألة 682: اليمين - ويطلق عليها الحلف والقسم أيضا - على ثلاثة
أنواع:
الأول: ما يقع تأكيدا وتحقيقا للأخبار عن تحقق أمر أو عدم تحققه
في الماضي أو الحال أو الاستقبال، كما يقال: (والله جاء زيد بالأمس) أو
(والله هذا مالي) أو (والله يأتي عمرو غدا).
الثاني: ما يقرن به الطلب والسؤال ويقصد به حث المسؤول على
انجاح المقصود ويسمى: (يمين المناشدة) كقول السائل: (أسألك بالله أن
تعطيني دينارا)
ويقال للقائل: (الحالف) و (المقسم) وللمسؤول: (المحلوف عليه)
و (المقسم عليه).
الثالث: ما يقع تأكيدا وتحقيقا لما بنى عليه والتزم به من ايقاع أمر أو
تركه في المستقبل، ويسمى: (يمين العقد) كقوله: (والله لأصومن غدا) أو
(والله لا تركن التدخين).
221

مسألة 683: تنقسم اليمين من النوع الأول المتقدم إلى قسمين:
صادقة وكاذبة، والأيمان الصادقة كلها مكروهة بحد ذاتها سواء أكانت على
الماضي أو الحال أو المستقبل، وأما الأيمان الكاذبة فهي محرمة - بل قد
تعتبر من المعاصي الكبيرة كاليمين الغموس، وهي: اليمين الكاذبة في مقام
فصل الدعوى - ويستثنى منها اليمين الكاذبة التي يقصد بها الشخص دفع
الظلم عنه أو عن سائر المؤمنين، بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه
أو عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه، ولكن إذا كان ملتفتا إلى امكان
التورية وكان عارفا بها ومتيسرة له فالأحوط وجوبا أن يوري في كلامه بأن
يقصد بالكلام معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده، فمثلا إذا
حاول الظالم الاعتداء على مؤمن فسأله عن مكانه وأين هو؟ يقول: (ما
رأيته) فيما إذا كان قد رآه قبل ساعة ويقصد به أنه لم يره منذ دقائق.
مسألة 684: اليمين من النوع الأول المتقدم لا يترتب عليها أثر سوى
الإثم فيما إذا كان الحالف كاذبا في اخباره عن تعمد أو أخبر من دون علم،
نعم ما تفصل بها الدعاوي والمرافعات لها أحكام خاصة وتترتب عليها آثار
معينة كعدم جواز المقاصة وقد مرت الإشارة إليه في المسألة (886 ج 2)
مسألة 685: الظاهر جواز اليمين بغير الله تعالى من الذوات المقدسة
والأشياء المحترمة فيما إذا كان الحالف صادقا فيما يخبر عنه، ولكن لا
يترتب عليها أثر أصلا ولا تكون قسما فاصلا في الدعاوي والمرافعات
مسألة 686: لا تنعقد اليمين من النوع الثاني المتقدم، ولا يترتب
عليها شئ من إثم ولا كفارة لا على الحالف في احلافه ولا على المحلوف
عليه في حنثه وعدم انجاح مسؤوله.
وأما اليمين من النوع الثالث فهي التي تنعقد عند اجتماع الشروط.
222

الآتية ويجب برها والوفاء بها ويحرم حنثها وتترتب على حنثها الكفارة،
وهي موضوع المسائل الآتية.
مسألة 687: لا تنعقد اليمين إلا باللفظ أو ما هو بمثابة كالإشارة
بالنسبة إلى الأخرس، والأظهر كفاية الكتابة للعاجز عن التكلم، بل لا يترك
الاحتياط في غيره، ولا يعتبر فيها العربية لا سيما في متعلقاتها
مسألة 688: لا تنعقد اليمين إلا إذا كان المقسم به هو الله تعالى دون
غيره مطلقا، وذلك يحصل بأحد أمور:
1 - ذكر اسمه المختص به كلفظ الجلالة، ويلحق به ما لا يطلق على
غيره كالرحمن
2 - ذكره بأوصافه وأفعاله المختصة التي لا يشاركه فيها غيره كمقلب
القلوب والأبصار، والذي نفسي بيده، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة،
وأشباه ذلك.
3 - ذكره بالأوصاف والأفعال التي يغلب اطلاقها عليه بنحو ينصرف
إليه تعالى وإن شاركه فيها غيره، كالرب والخالق والبارئ والرازق وأمثال
ذلك، بل لا يبعد ذلك فيما لا ينصرف إليه في نفسه ولكن ينصرف إليه في
مقام الحلف كالحي والسميع والبصير.
مسألة 689: المعتبر في انعقاد اليمين أن يكون المحلوف به ذات الله
تبارك وتعالى دون صفاته وما يلحق بها، فلو قال: (وحق الله، أو بجلال
الله، أو وعظمة الله، أو بكبرياء الله، أو وقدرة الله، أو وعلم الله، أو لعمر
الله) لم تنعقد إلا إذا قصد ذاته المقدسة
مسألة 690: لا يعتبر في انعقاد اليمين أن يكون انشاء القسم بحروفه
223

بأن يقول: (والله أو تالله لأفعلن كذا) بل لو أنشأه بصيغتي القسم والحلف
كقوله: (أقسمت بالله أو حلفت بالله) انعقدت أيضا، نعم لا يكفي لفظا
(أقسمت) و (حلفت) بدون لفظ الجلالة أو ما هو بمنزلته.
مسألة 691: يجوز الحلف بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام وسائر النفوس
المقدسة وبالقرآن الشريف والكعبة المعظمة وسائر الأمكنة المحترمة ولكن
لا تنعقد اليمين بالحلف بها ولا يترتب على مخالفتها إثم ولا كفارة.
مسألة 692: لا تنعقد اليمين بالبراءة من الله تعالى أو من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم
أو من دينه أو من الأئمة عليهم السلام بأن يقول مثلا: (برئت من الله، أو من دين
الاسلام إن فعلت كذا، أو إن لم أفعل كذا) فلا تؤثر في ترتب الإثم على
حنثها، نعم هذه اليمين بنفسها حرام ويأثم حالفها من غير فرق بين أن
يحنثها وعدمه، والأظهر ثبوت الكفارة في حنثها وهي اطعام عشرة مساكين
لكل مسكين مد.
ومثل يمين البراءة في عدم الانعقاد أن يقول: (إن لم أفعل كذا، أو إن
لم أترك كذا فأنا يهودي أو نصراني مثلا) ولكن لا ينبغي صدورها من
المسلم.
مسألة 693: لو علق اليمين على مشيئة الله تعالى بأن قال: (والله
لأفعلن كذا إن شاء الله) وكان مقصوده التعليق على مشيئته تعالى لا مجرد
التبرك بهذه الكلمة لم تنعقد حتى فيما إذا كان المحلوف عليه فعل واجب
أو ترك حرام إلا إذا قصد التعليق على مشيئته التشريعية ولو علق يمينه
على مشيئة غير الله عز وجل بأن قال: (والله لأفعلن كذا إن شاء زيد مثلا)
انعقدت على تقدير مشيئته، فإن قال زيد: (أنا شئت أن تفعل كذا) انعقدت
224

وتحقق الحنث بتركه، وأن قال: (لم أشأ) لم تنعقد، ولو لم يعلم أنه شاء
أو لم يشأ لم يترتب عليها أثر أيضا، وهكذا الحال لو علق على شئ آخر
غير المشيئة فإنه تنعقد على تقدير حصول المعلق عليه فيحنث لو لم يأت
بالمحلوف عليه على ذلك التقدير.
مسألة 694: يعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحالف بالغا عاقلا
مختارا قاصدا غير محجور عن التصرف في متعلق اليمين، فلا تنعقد يمين
الصغير والمجنون ولو أدواريا إذا حلف حال جنونه، ولا يمين المكره
والسكران ومن اشتد به الغضب حتى سلبه قصده أو اختياره، ولا يمين
المفلس إذا تعلقت بما تعلق به حق الغرماء من أمواله، ولا يمين السفيه
سواء تعلقت بعين خارجية أم بما في ذمته، ولا يعتبر في الحالف أن يكون
مسلما فتصح يمين الكافر على الأظهر.
مسألة 695: لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد، ولا يمين الزوجة
مع منع الزوج، حتى فيما إذا كان المحلوف عليه فعل واجب أو ترك حرام
على الأقرب، فلا حنث ولا كفارة عليهما في صورة مخالفتها بترك الواجب
أو فعل الحرام وإن ترتبت عليهما آثارهما من الإثم وغيره. ولو حلف الولد
من دون إذن الأب، أو حلفت الزوجة من دون إذن زوجها، كان للأب
والزوج حل يمينهما فلا حنث ولا كفارة عليهما، وهل يعتبر إذنهما
ورضاهما في انعقاد يمينهما - حتى أنه لو لم يطلعا على حلفهما أو لم يحلا
مع علمهما لم تنعقد من أصلها - أو لا، بل يكون منعهما مانعا عن انعقادها
وحلهما رافعا لاستمرارها، فتصح وتنعقد في الصورتين المذكورتين؟ قولان
أقواهما الثاني،
225

مسألة 696: تنعقد اليمين فيما إذا كان متعلقها واجبا أو مستحبا أو
ترك حرام أو مكروه، ولا تنعقد فيما إذا كان متعلقها ترك واجب أو مستحب
أو فعل حرام أو مكروه، وأما إذا كان متعلقها مباحا متساوي الطرفين في نظر
الشرع فإن ترجح فعله على تركه أو العكس بحسب المنافع والأغراض
العقلائية الدنيوية فلا اشكال في انعقادها فيما إذا تعلقت بطرفه الراجح
وعدم انعقادها فيما إذا تعلقت بطرفه المرجوح، وأما إذا تساوى طرفاه
بحسب الأغراض الدنيوية للعقلاء أيضا فهل تنعقد إذا تعلقت به فعلا أو
تركا أو لا؟ قولان أقربهما الثاني إلا إذا كان متعلقها مشتملا على مصلحة
دنيوية شخصية فإنه لا يبعد انعقادها حينئذ.
مسألة 697: كما لا تنعقد اليمين فيما إذا كان متعلقها مرجوحا شرعا
كذلك تنحل فيما إذا تعلقت براجح ثم صار مرجوحا، كما لو حلف على
ترك التدخين إلى آخر عمره فضره تركه بعد حين فإنه تنحل يمينه حينئذ
ولو عاد إلى الرجحان لم تعد اليمين بعد انحلالها على الأقوى.
مسألة 698: يعتبر في متعلق اليمين أن يكون مقدورا للحالف في
ظرفه وإن لم يكن مقدورا له حين انشائها، فلو حلف على أمر يعجز عن
انجازه فعلا ولكنه قادر عليه في الظرف المقرر له صح حلفه، ولو حلف
على أمر مقدور له في ظرفه ولكنه أخر الوفاء به إلى أن تجدد له العجز عنه
- لا عن تعجيز - مستمرا إلى انقضاء الوقت المحلوف عليه، أو إلى الأبد إن
لم يكن له وقت، فإن كان معذورا في تأخيره - كما لو اعتقد تمكنه منه
لاحقا أو قامت عنده حجة على ذلك - انحلت يمينه ولا إثم عليه ولا كفارة،
وإلا لحقه الإثم وثبتت عليه الكفارة، ويلحق بالعجز فيما ذكر الحرج والعسر.
الرافعان للتكليف.
226

مسألة 699: إذا انعقدت اليمين وجب عليه الوفاء بها وحرمت عليه
مخالفتها ووجبت الكفارة بحنثها، والحنث الموجب للكفارة هي المخالفة
عمدا فلو كانت نسيانا أو اضطرارا أو اكراها أو عن جهل يعذر فيه فلا حنث
ولا كفارة، ولا فرق في الجهل عن عذر بين أن يكون في الموضوع أو في
الحكم كما لو اعتقد اجتهادا أو تقليدا عدم انعقاد اليمين في بعض الموارد
المختلف فيها ثم تبين له - بعد المخالفة - انعقادها.
مسألة 700: إذا كان متعلق اليمين الفعل - كالصلاة والصوم - فإن عين
له وقتا تعين، وكان الوفاء بها بالاتيان به في وقته، وحنثها بعدم الاتيان به
في وقته وإن أتى به في وقت آخر، ونظير ذلك ما إذا كانت الأزمنة المتأخرة
جدا خارجة عن محط نظره حين الحلف فإنه لا يجوز له التأخير في الاتيان
به إلى حينها وإلا كان حانثا، وإن أطلق كان الوفاء بها بايجاده في أي وقت
كان ولو مرة وحنثها بتركه بالمرة، ولا يجب التكرار ولا الفور والبدار بل
يجوز له التأخير ولو بالاختيار ولكن لا إلى حد يعد توانيا وتسامحا في أداء
الواجب، وإن كان متعلق يمينه الترك - كما إذا حلف أن لا يأكل الثوم أو لا
يدخن - فإن قيده بزمان كان حنثها بايجاده ولو مرة في ذلك الزمان، وإن
أطلق كان مقتضاه التأبيد مدة العمر، فلو أتى به في مدة عمره ولو مرة في
أي زمان كان تحقق الحنث، ولو أتى به أكثر من مرة لم يحنث إلا بالمرة
الأولى فلا تتكرر عليه الكفارة.
مسألة 701: إذا كان المحلوف عليه صوم كل يوم من شهر رجب
مثلا أو ترك التدخين في كل نهار منه فإن قصد تعدد الالتزام والملتزم به
227

بعدد الأيام تعدد الوفاء والحنث بعددها وإلا - بأن صدر منه التزام واحد
متعلق بالمجموع - لم يكن له إلا وفاء أو حنث واحد، فلو ترك الصوم في
بعض الأيام أو استعمل الدخان فيه تحقق الحنث وثبتت الكفارة، ولا حنث
ولا كفارة بعده وإن ترك الصوم أو استعمل الدخان في سائر الأيام، ولو تردد
فيما قصده حين الحلف جرى عليه حكم الصورة الثانية على الأقوى، ومثله
ما إذا حلف أن يصوم كل خميس أو حلف أن لا يأكل الثوم في كل جمعة
مسألة 702: كفارة حنث اليمين عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو
كسوتهم، فإن عجز فصيام ثلاثة أيام متواليات، وستأتي أحكامها في كتاب
الكفارات إن شاء الله تعالى.
228

الفصل الثاني
في النذور
مسألة 703: النذر هو أن يجعل الشخص لله على ذمته فعل شئ أو
تركه.
مسألة 704: لا ينعقد النذر بمجرد النية بل لا بد فيه من الصيغة،
ويعتبر في صيغة النذر اشتمالها على لفظ (لله) أو ما يشابهه مما مر في
اليمين كأن يقول الناذر: (لله علي أن آتي بنافلة الليل) أو (للرحمن علي أن
أدع التعرض للمؤمنين بسوء) وله أن يؤدي هذا المعنى بأية لغة أخرى غير
العربية حتى لمن يحسنها على الأظهر، ولو اقتصر على قوله (علي كذا) لم
ينعقد وإن نوى في ضميره معنى (لله)، ولو قال: (نذرت لله أن أصوم) مثلا
أو (لله علي نذر صوم) مثلا ففي انعقاده اشكال فلا تترك مراعاة الاحتياط
فيه.
مسألة 705: يعتبر في الناذر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم
الحجر عن التصرف في متعلق النذر. فيلغو نذر الصبي وإن كان مميزا،
وكذلك نذر المجنون - ولو كان أدواريا - حال جنونه، والمكره والسكران
ومن اشتد به الغضب إلى أن سلبه القصد أو الاختيار، والمفلس إذا تعلق
نذره بما تعلق به حق الغرماء من أمواله، والسفيه سواء تعلق نذره بعين
خارجية أم بما في ذمته.
229

مسألة 706: لا يصح نذر الزوجة بدون إذن زوجها أو إجازته فيما
ينافي حقه في الاستمتاع منها، وفي صحة نذرها في مالها من دون إذنه
وإجازته - في غير الحج والزكاة والصدقة وبر والديها وصلة رحمها -
اشكال، هذا فيما إذا كان النذر في حال زوجيتها له، وأما إذا كان قبلها فهل
هو كذلك أم لا يعتبر إذنه في مثله فيلزمها العمل به وإن كره الزوج؟ وجهان
أقربهما الأول.
مسألة 707: إذا أذن لها الزوج في النذر - فيما يعتبر إذنه - فنذرت
عن إذنه انعقد، ولم يكن له حله بعد ذلك ولا المنع عن الوفاء به.
مسألة 708: يصح نذر الولد سواء أذن له الوالد فيه أم لا، ولكن إذا
نهاه أحد أبويه عما تعلق به النذر فلم يعد بسببه راجحا في حقه انحل نذره.
ولم يلزمه الوفاء به، كما لا ينعقد مع سبق توجيه النهي إليه على هذا النحو.
مسألة 709: النذر على قسمين: مطلق ومعلق، والمطلق ما لم يكن
معلقا على شئ، ويسمى ب‍ (نذر التبرع) كقوله: (لله علي أن أصوم غدا)،
والأظهر انعقاده ولزوم الوفاء به، والمعلق - ولا اشكال في انعقاده - على
قسمين:
القسم الأول: نذر بر، وهو فيما إذا كان المعلق عليه أمرا وجوديا أو
عدميا مرغوبا فيه للناذر، سواء أكان من فعله أم من فعل غيره، ويعتبر أن
يكون مما يحسن به تمنيه ويسوغ له طلبه من الله تعالى.
فلا يصح النذر برا فيما لو علقه على فعل حرام أو مكروه، أو ترك
واجب أو مستحب منه أو من غيره، كأن يقول: (إن تجاهر الناس
بالمعاصي أو شاع بينهم المنكرات فلله علي أن أصوم غدا)، والظاهر أنه لا
يعتبر فيما إذا كان المعلق عليه فعل نفسه أن يكون طاعة لله - من فعل
واجب أو مستحب أو ترك حرام أو مكروه، أو انقيادا له بفعل ما يحتمل
230

محبوبيته، أو ترك ما يحتمل مبغوضيته - بل يجوز أن يكون مباحا، له فيه
منفعة دنيوية كأن يقول: (إن تركت التدخين سنة فلله علي أن أتصدق بمائة
دينار)
ويقع نذر البر على نحوين:
1 - نذر شكر لله تعالى على ايجاده للمعلق عليه، أو توفيقه الغير
على ايجاده، ومن الأول قوله: (إن شفى الله مريضي أو إن أعاد مسافري
سالما فلله علي أن أصوم شهرا) ومن الثاني قوله: (إن وفقت لزيارة الحسين
عليه السلام يوم عرفة، أو إن وفق ولدي في الامتحان، فلله علي كذا)
2 - نذر بعث للغير نحو المعلق عليه، كأن يقول لولده: (إن حفظت
القرآن الكريم فلله علي أن أبذل لك نفقة حجك) أو يقول: (من رد علي
مالي فلله علي أن أهبه نصفه)
القسم الثاني: نذر زجر، وهو فيما إذا كان المعلق عليه - فعلا كان
أو تركا - أمرا مرغوبا عنه للناذر، سواء أكان من فعله أم من فعل غيره،
ويعتبر أن يكون مما يحسن به تمني عدمه ويسوغ له طلب عدم تحققه من
الله تعالى، وإذا كان النذر لزجر نفس الناذر اعتبر أن يكون متعلقه أمرا شاقا
عليه، وإذا كان لزجر غيره اعتبر أن يكون أمرا مبغوضا لذلك الغير، ومثال
الأول أن يقول: (إن تعمدت الكذب أو إن تعمدت الضحك في المقابر فلله
علي أن أصوم شهرا)، ومثال الثاني أن يقول لوارثه: (إن تركت الصلاة فلله
علي أن أتصدق بجميع مالي، أو أوصي بثلث تركتي للفقراء)
مسألة 710: إذا كان المعلق عليه فعلا اختياريا للناذر فالنذر قابل لأن
يكون نذر شكر وأن يكون نذر زجر، والمايز هو القصد، مثلا إذا قال: (إن
231

شربت الخمر فلله علي كذا) إن كان في مقام زجر النفس وصرفها عن
الشرب فأوجب على نفسه شيئا على تقدير شربه ليكون زاجرا لها عنه فهو
نذر زجر فينعقد، وإن كان في مقام تنشيط النفس وترغيبها فجعل المنذور
جزاء لصدوره منه وتهيؤ أسبابه له كان نذر شكر فلا ينعقد.
مسألة 711: يعتبر في متعلق النذر من الفعل أو الترك أن يكون
مقدورا للناذر في ظرفه، فلو كان عاجزا عنه في وقته إن كان موقتا ومطلقا إن
كان مطلقا لم ينعقد نذره، وإذا طرأ العجز عنه في الأثناء انحل ولا شئ
عليه، نعم لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عن الصوم فالأحوط وجوبا أن
يتصدق عن كل يوم بمد على مسكين أو يدفع له مدين ليصوم عنه.
مسألة 712: يعتبر في متعلق النذر أن يكون راجحا شرعا حين
العمل، بأن يكون طاعة لله تعالى من صلاة أو صوم أو حج أو صدقة أو
نحوها مما يعتبر في صحتها قصد القربة، أو أمرا ندب إليه الشرع ويصح
التقرب به إلى الله تعالى كزيارة المؤمنين وتشييع جنائزهم وعيادة المرضى
وغيرها، فينعقد النذر في كل واجب أو مندوب - ولو كان كفائيا - إذا تعلق
بفعله، وفي كل حرام أو مكروه إذا تعلق بتركه.
وأما المباح - كما إذا نذر أكل طعام أو تركه - فإن قصد به معنى راجحا
كما لو قصد بأكله التقوي على العبادة أو بتركه منع النفس عن الشهوة انعقد
نذره وإلا لم ينعقد على الأظهر.
مسألة 713: إذا كان متعلق النذر راجحا في ظرف الاتيان به ولم يكن
يعلم به الناذر حين النذر، أو نذر الاتيان بمباح من دون أن يقصد به معنى
راجحا ثم طرأ عليه الرجحان حين العمل فهل ينعقد نذره ويلزمه الوفاء به؟
232

فيه اشكال ولا يبعد عدم انعقاده.
مسألة 714: كما لا ينعقد النذر فيما إذا لم يكن متعلقه راجحا شرعا
كذلك لا ينعقد فيما إذا زال رجحانه لبعض الطوارئ، فلو نذر صيام شهر
معين ثم ضره الصوم فيه بعد حين، أو نذر ترك التدخين لتتحسن صحته
ويقوى على خدمة الدين ثم ضره تركه انحل النذر ولا شئ عليه.
مسألة 715: لو نذر الاتيان بالصلاة أو الصوم أو الصدقة أو أي عمل
راجح آخر مقيدا بخصوصية معينة زمانية أو مكانية أو غيرهما، فإن كانت
راجحة بصورة أولية كما لو نذر الصلاة في مسجد الكوفة أو الصوم في يوم
الجمعة أو بصورة ثانوية طارئة مع كونها ملحوظة حين النذر، كما إذا نذر
الصلاة في مكان هو أفرغ للعبادة وأبعد عن الرياء بالنسبة إليه، فلا اشكال
في انعقاد نذره وتعين الاتيان بالمنذور بالخصوصية المعينة، فلو أتى به
فاقدا لها لم يكن موفيا بنذره.
وأما إذا كانت الخصوصية خالية عن الرجحان ففي انعقاد نذره وجهان
أقواهما الانعقاد، نعم إذا كان منذوره تعيين تلك الخصوصية لأداء ذلك
العمل الراجح لا نفس ذلك العمل مقيدا بها لم ينعقد النذر، لعدم الرجحان
في متعلقه.
مسألة 716: لو نذر صوما ولم يعين العدد كفى صوم يوم، ولو نذر
صلاة ولم يعين الكيفية والكمية تجزئ ركعتان، بل تجزئ مفردة الوتر على
الأقوى، ولو نذر صدقة ولم يعين جنسها ومقدارها كفى كل ما يطلق عليه
اسم الصدقة، ولو نذر فعل طاعة أتى بعمل قربي ويكفي صيام يوم أو
التصدق بشئ أو صلاة ولو ركعة الوتر من صلاة الليل وغير ذلك.
233

مسألة 717: لو نذر صوم عشرة أيام مثلا فإن قيد بالتتابع أو التفريق
تعين وإلا تخير بينهما، وكذا لو نذر صيام سنة فإنه يكفيه - مع الاطلاق -
صيام اثني عشر شهرا ولو متفرقا، وهكذا الحال لو نذر صيام شهر فإنه
يجزئه - مع الاطلاق - صوم ثلاثين يوما ولو متفرقا، ولا يلزمه التتابع بينها
إلا إذا كان مقصودا له حين النذر على وجه التقييد.
مسألة 718: لو نذر صوم شهر أجزأه صوم ما بين الهلالين من شهر
ولو كان ناقصا، ولو شرع فيه في أثناء الشهر فنقص فهل يجزئه اتباعه من
الشهر اللاحق بمقدار ما مضى من الشهر الأول أم يلزمه اكماله ثلاثين يوما؟
وجهان، أحوطهما الثاني بل لا يخلو من قوة.
مسألة 719: إذا نذر صيام سنة معينة استثنى منها العيدان، فيفطر
فيهما ولا قضاء عليه، وكذا يفطر في الأيام التي يعرض فيها ما لا يجوز معه
الصيام من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر لكن يجب القضاء على
الأقوى
مسألة 720: لو نذر صوم كل خميس مثلا فصادف بعضها أحد
العيدين أو أحد العوارض المبيحة للافطار من مرض أو حيض أو نفاس أو
سفر أفطر، ويجب عليه القضاء حتى في الأول على الأقوى.
مسألة 721: لو نذر صوم يوم معين فأفطر عمدا يجب قضاؤه مع
الكفارة.
مسألة 722: إذا نذر صوم يوم معين جاز له السفر وإن كان غير
ضروري ويفطر ثم يقضيه ولا كفارة عليه، وكذلك إذا جاء اليوم وهو مسافر
لا يجب عليه الإقامة بل يجوز له الافطار والقضاء.
234

مسألة 723: لو نذر زيارة أحد الأئمة عليهم السلام أو بعض الصالحين لزم،
ويكفي الحضور والسلام على المزور، والظاهر عدم وجوب غسل الزيارة
وصلاتها مع الاطلاق وعدم ذكرهما في النذر، وإن عين إماما لم يجز زيارة
غيره وإن كان زيارته أفضل، كما أنه إذا عجز عن زيارة من عينه لم يجب
زيارة غيره بدلا عنه، وإن عين للزيارة زمانا تعين فلو تركها في وقتها عامدا
حنث وتجب الكفارة، وهل يجب معها القضاء أم لا؟ وجهان أقواهما
العدم.
مسألة 724: لو نذر أن يحج أو يزور الحسين عليه السلام ماشيا انعقد مع
القدرة وعدم الضرر، فلو حج أو زار راكبا مع القدرة على المشي فإن كان
النذر مطلقا ولم يعين الوقت أعاده ماشيا، وإن عين وقتا وفات الوقت حنث
بلا اشكال ولزمته الكفارة، وهل يجب مع ذلك القضاء ماشيا أم لا؟ وجهان
أقواهما العدم، وكذلك الحال لو ركب في بعض الطريق ومشى في البعض
مسألة 725: ليس لمن نذر الحج أو الزيارة ماشيا أن يركب البحر أو
يسلك طريقا يحتاج إلى ركوب السفينة ونحوها ولو لأجل العبور من النهر
ونحوه إلا إذا كان الطريق المتعارف برا منحصرا فيما يتوقف على ذلك، ولو
انحصر الطريق في البحر فإن كان النذر موقتا لم ينعقد من الأول وإن كان
مطلقا وتوقع فتح الطريق البري فيما بعد انتظر وإلا فلا شئ عليه، نعم إذا
كان المشي ملحوظا في نذره على نحو تعدد المطلوب لزمه - في الصورتين
- الاتيان بالحج أو الزيارة راكبا بعد تعذر المشي.
مسألة 726: لو طرأ لناذر المشي العجز عنه في بعض الطريق دون
البعض فالأحوط وجوبا أن يمشي مقدار ما يستطيع ويركب في البعض
235

الآخر ولا شئ عليه على الأقوى، ولو اضطر إلى ركوب السفينة فالأحوط
الأولى أن يقوم فيها بقدر الامكان.
مسألة 727: إذا نذر التصدق بعين شخصية تعينت ولا يجوز له
اتلافها ولا تبديلها بعين أخرى، ولو تلفت انحل النذر ولا شئ عليه، نعم
إذا كان ذلك باتلافه مع الالتفات إلى نذره عد حانثا فتلزمه الكفارة ولا
يضمن العين على الأقوى، هذا إذا كان النذر مطلقا ومثله ما إذا كان معلقا
وتحقق المعلق عليه، وأما قبل تحققه فيجوز له التصرف في العين المنذورة
التصدق بالاتلاف والنقل إلى الغير ما لم يعلم بتحقق المعلق عليه لاحقا ولم
يكن نذره مشتملا على الالتزام بابقاء العين إلى أن يتبين له عدم تحققه
وأما في هاتين الصورتين فلا يجوز له التصرف فيها أيضا.
مسألة 728: إذا نذر التصدق على شخص معين لزم ولا يملك
المنذور له الابراء منه، فلا يسقط عن الناذر بابرائه، وهل يلزم المنذور
القبول؟ الظاهر لا، فيبطل النذر بعدم قبوله، ولو امتنع ثم رجع إلى القبول
وجب التصدق عليه إذا كان النذر مطلقا أو موقتا ولم يخرج وقته وكان
لمتعلقه اطلاق يشمل صورة قبوله بعد الامتناع، وأما لو كان مقيدا - ولو
ارتكازا - بغير هذه الصورة فينحل النذر بامتناعه أولا.
مسألة 729: إذا نذر التصدق بمقدار معين من ماله ومات قبل الوفاء
فالظاهر أنه لا يخرج من أصل تركته، إلا أن الأحوط استحبابا لكبار
الورثة اخراج ذلك المقدار من حصصهم والتصدق به من قبله.
وإذا نذر التصدق على شخص معين فمات المنذور له قبل الوفاء
بالنذر ففي قيام وارثه مقامه في وجوب التصدق عليه اشكال بل منع
236

مسألة 730: لا اشكال في صحة نذر التصدق على نحو نذر الفعل،
وأما صحته على نحو نذر النتيجة بأن ينذر أن يكون ماله المعين صدقة على
فلان فمحل اشكال بل لا يبعد بطلانه.
مسألة 731: لو نذر مبلغا من النقود لمشهد من المشاهد المشرفة
صرفه في مصالحه كعمارته وفراشه وتهيئة وسائل تبريده وتدفئته وإنارته
وأجور خدمه والقائمين على حفظه وصيانته وما إلى ذلك من شؤونه، وإذا
لم يتيسر صرفه فيما ذكر وأشباهه أو كان المشهد مستغنيا من جميع الوجوه
صرفه في معونة زواره ممن قصرت نفقتهم أو قطع بهم الطريق أو تعرضوا
لطارئ آخر، وهكذا الحال لو نذر متاعا للمشهد فكان مستغنيا عن عينه أو
لم يمكن الاستفادة منه فيه فإنه يبيعه ويصرف ثمنه في مصالحه إن أمكن
وإلا ففي معونة زواره على النحو الآنف الذكر.
مسألة 732: لو نذر شيئا للكعبة المعظمة فإن أمكن صرف عينه في
مصالحها - كالطيب - فهو وإلا باعه وصرف قيمته فيها، وإن لم يمكن ذلك
أيضا - ولو لاستغنائها من جميع الوجوه - صرفه عينا أو قيمة في معونة
زوارها على النهج المتقدم في المسألة السابقة.
مسألة 733: لو نذر مالا للنبي صلى الله عليه وآله أو لبعض الأئمة عليهم السلام أو
لبعض أعاظم الماضين من العلماء والصالحين وأضرابهم صرفه في جهة
راجعة إلى المنذور له كتأمين نفقة المحتاجين من زواره أو على مشهده
الشريف أو على ما فيه احياء ذكره واعلاء شأنه كإقامة المجالس المعدة
لنشر علومه ومواعظه ومحاسن كلامه وذكر فضائله ونحو ذلك، هذا إذا لم
يكن من قصد الناذر جهة خاصة ومصرف معين وإلا اقتصر عليها.
237

مسألة 734: لو نذر شاة للصدقة أو لأحد الأئمة عليهم السلام أو لمشهد من
المشاهد فنمت نموا متصلا كالسمن كان النماء تابعا لها في اختصاصها
بالجهة المنذور لها، وإذا نمت نموا منفصلا كما إذا ولدت أو حصل فيها لبن
فالنماء للناذر إلا إذا كان قاصدا للتعميم حين انشاء النذر.
مسألة 735: إذا نذر التصدق بجميع ما يملكه عينا أو قيمة عندما
يقضي الله له حاجة معينة فقضاها الله تبارك وتعالى ولكنه وجد مشقة
شديدة في التصدق بجميع ماله فالأحوط وجوبا أن يتصدق بما يمكنه
ويقوم الباقي بقيمة عادلة في ذمته قبل أن يتصرف فيه ثم يتصدق عما في
ذمته شيئا فشيئا ويحسب منه ما يعطي إلى الفقراء والمساكين وأرحامه
المحتاجين ويقيد ذلك في سجل إلى أن يوفي التمام فإن بقي منه شئ
أوصى بأن يؤدى من تركته.
مسألة 736: إذا نذر صوم يوم إذا برئ مريضه أو قدم مسافره مثلا
فبان برء المريض وقدوم المسافر قبل نذره لم يكن عليه شئ.
مسألة 737: إذا تعلق نذره بايجاد عمل من صوم أو صلاة أو صدقة
أو غيرها، فإن عين له وقتا تعين ويتحقق الحنث وتجب الكفارة بتركه فيه،
فإن كان صوما وجب قضاؤه وكذا إن كان صلاة على الأحوط دون غيرها،
وهكذا الحال فيما إذا كانت الأزمنة المتأخرة جدا خارجة عن محط نظره
حين النذر فإنه لا يجوز له التأخير في الاتيان بالمنذور إلى حينها، وإلا كان
حانثا، وأما إن كان النذر مطلقا كان وقته العمر وجاز له التأخير إلى حد لا
يعد معه متوانيا ومتهاونا في أداء الواجب ويتحقق الحنث بتركه مدة عمره
هذا إذا كان المنذور فعل شئ، وإن كان ترك شئ فإن عين له وقتا.
238

كان حنثه بايجاده فيه، وإن كان مطلقا كان حنثه بايجاده في مدة عمره ولو
مرة، فلو أتى به أكثر من مرة لم يحنث إلا بالمرة الأولى فلا تتكرر عليه
الكفارة، كما مر نظيره في اليمين.
مسألة 738: إذا نذر الأب أو الأم تزويج بنتهما من هاشمي أو من
غيره في أوان زواجها لم يكن لذاك النذر أثر بالنسبة إليها وعد كأن لم يكن
مسألة 739: إنما يتحقق الحنث الموجب للكفارة بمخالفة النذر
اختيارا، فلو أتى بشئ تعلق النذر بتركه نسيانا أو خطأ أو غفلة أو اكراها أو
اضطرارا أو عن جهل يعذر فيه لم يترتب عليه شئ، بل الظاهر عدم
انحلال النذر به فيجب الترك بعد ارتفاع العذر لو كان النذر مطلقا أو موقتا
وقد بقي الوقت
مسألة 740: كفارة حنث النذر ككفارة اليمين على الأقوى، وهي
عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن عجز صام ثلاثة أيام
متواليات
239

الفصل الثالث
في العهود
مسألة 741: لا ينعقد العهد بمجرد النية بل يحتاج إلى الصيغة على
الأقوى فلا يجب العمل بالعهد القلبي وإن كان ذلك أحوط، وصيغة العهد
أن يقول: (عاهدت الله، أو علي عهد الله أن أفعل كذا، أو أترك كذا) إما
مطلقا أو معلقا على أمر
مسألة 742: يعتبر في منشئ العهد أن يكون بالغا عاقلا مختارا قاصدا
غير محجور عن التصرف في متعلق العهد على حذو ما تقدم اعتباره في
النذر واليمين.
مسألة 743: العهد المعلق كالنذر المعلق فيما يعتبر في المعلق عليه
فتجري فيه التفاصيل المتقدمة في المسألة (709)
مسألة 744: لا يعتبر في متعلق العهد أن يكون راجحا شرعا، كما مر
اعتباره في متعلق النذر، بل يكفي أن لا يكون مرجوحا شرعا مع كونه
راجحا بحسب الأغراض الدنيوية العقلائية أو مشتملا على مصلحة دنيوية
شخصية، فلو عاهد الله تبارك وتعالى على فعل مباح له فيه مصلحة شخصية
لزمه الوفاء بعهده إلا إذا صار مرجوحا شرعا أو زالت عنه المصلحة
الشخصية لبعض الطوارئ فإنه ينحل عهده حينئذ ولا يلزمه الوفاء به.
مسألة 745: إذا خالف عهده بعد انعقاده لزمته الكفارة، وهي عتق
رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا.
240

كتاب الكفارات
241

وفيه فصلان:
الفصل الأول
في أقسام الكفارات وموارد ثبوتها
مسألة 746: الكفارات - عدا كفارات الاحرام - على خمسة أقسام:
القسم الأول: الكفارة المرتبة، وهي في ثلاثة موارد:
1 - كفارة الظهار
2 - كفارة قتل الخطأ
ويجب فيهما: عتق رقبة، فإن عجز فصيام شهرين متتابعين، فإن
عجز فاطعام ستين مسكينا.
3 - كفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال.
ويجب فيها اطعام عشرة مساكين، فإن عجز فصيام ثلاثة أيام.
القسم الثاني: الكفارة المخيرة (1)، وهي في ثلاثة موارد أيضا:

(1) سيأتي في المسألة (780) إن من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة الافطار يلزمه
التصدق بما يطيق، وإن من عجز عنها في كفارة الاعتكاف أو العهد يلزمه صيام
ثمانية عشر يوما، فالكفارة الثابتة في الموارد الثلاثة المذكورة مشتملة على التخيير
والترتيب - كالقسم الثالث الآتي - فعدها قسما مستقلا في مقابله جرى على وفق ما
هو الشائع في كلمات الفقهاء رضوان الله عليهم من تقسيم الكفارات إلى: مرتبة،
ومخيرة، وما اجتمع فيه الأمران، وكفارة الجمع.
243

1 - كفارة من أفطر في شهر رمضان بتعمد الأكل أو الشرب أو
الجماع أو الاستمناء أو البقاء على الجنابة.
2 - كفارة من أفسد اعتكافه الواجب بالجماع ولو ليلا، ويلحق به
على الأحوط وجوبا الجماع المسبوق بالخروج المحرم وإن بطل اعتكافه به
بشرط عدم رفع يده عنه.
3 - كفارة حنث العهد.
ويجب في الجميع: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو اطعام
ستين مسكينا.
القسم الثالث: ما اجتمع فيه الترتيب والتخيير، وهي في ثلاثة موارد أيضا:
1 - كفارة الايلاء.
2 - كفارة اليمين.
3 - كفارة النذر، حتى نذر صوم يوم معين على الأقوى.
ويجب في الجميع: عتق رقبة، أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم،
فإن عجز فصيام ثلاثة أيام.
القسم الرابع: الكفارة المعينة، وهي فيمن حلف بالبراءة من الله أو
من رسوله صلى الله عليه وآله أو من دينه أو من الأئمة عليهم السلام ثم حنث.
فيجب عليه: اطعام عشرة مساكين.
القسم الخامس: كفارة الجمع، وهي في قتل المؤمن عمدا وظلما،
ويجب فيه: عتق رقبة مع صيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا.
مسألة 747: إذا اشترك جماعة في القتل العمدي وجبت الكفارة على
كل واحد منهم، وكذا في قتل الخطأ.
244

مسألة 748: إذا ثبت على مسلم حد يوجب القتل - كالزاني المحصن
واللائط - فقتله غير الإمام والمأذون من قبله فثبوت الكفارة على القاتل
غير بعيد، نعم لا كفارة في قتل المرتد - إذا لم يتب - مطلقا على الأظهر.
مسألة 749: المشهور أن في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة
الافطار في شهر رمضان وفي نتفه أو خدش وجهها إذا أدمته، أو شق
الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة اليمين. ولكن الأظهر عدم
وجوب الكفارة في هذه الموارد وإن كان التكفير أحوط.
مسألة 750: ذكر جمع من الفقهاء رضوان الله عليهم إن من أفطر في
شهر رمضان على الحرام وجبت عليه كفارة الجمع، ولكن الأظهر عدم
وجوبها وكفاية الكفارة المخيرة.
مسألة 751: لو تزوج بامرأة ذات بعل أو في العدة الرجعية لزمه أن
يفارقها، والأحوط الأولى أن يكفر بخمسة أصوع من دقيق.
مسألة 752: لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى خرج الوقت
فالأحوط الأولى أن يصبح صائما.
مسألة 753: لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عن الصوم فالأحوط
لزوما أن يتصدق لكل يوم بمد على مسكين، أو يعطيه مدين ليصوم عنه.
مسألة 754: قد عد من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق عليه السلام
من أن كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان، وكفارة المجالس أن
تقول عند قيامك منها: (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على
المرسلين والحمد لله رب العالمين) وكفارة الضحك أن يقول: (اللهم لا
تمقتني) وكفارة الاغتياب الاستغفار للمغتاب، وكفارة الطيرة التوكل،
وكفارة اللطم على الخدود الاستغفار والتوبة.
245

الفصل الثاني
في أحكام الكفارات
مسألة 755: يعتبر في الخصال الثلاث - العتق والصيام والاطعام -
النية المشتملة على قصد العمل، وقصد القربة، وكذا قصد كونه كفارة ولو
اجمالا. فلو تردد ما في ذمته بين الكفارة وغيرها - كما لو علم أن عليه صيام
شهرين متتابعين ولم يعلم أنه من جهة النذر أو الكفارة - اجتزأ بالاتيان به
بقصد ما في ذمته وإن تبين بعد ذلك كونه كفارة، والأظهر عدم اعتبار قصد
النوع فيها وإن وجبت بأسباب مختلفة إلا إذا أخذ في المتعلق خصوصية
قصدية كما في كفارة الظهار بلحاظ كونها محللة للواطء، فلو كان عليه صيام
شهرين متتابعين مرة لكفارة القتل خطأ وأخرى لكفارة الافطار في شهر
رمضان متعمدا فصام شهرين بقصد التكفير أجزأه عن أحدهما، فإن صام
كذلك مرة أخرى فرغت ذمته عنهما جميعا، وأما لو كان عليه صيام شهرين
متتابعين مرة لكفارة القتل خطأ، وأخرى لكفارة الظهار فصام شهرين من
دون تعيين وقع عن الأولى فإن صام شهرين آخرين وقع عن الثانية، هذا في
المتعدد من أنواع مختلفة، وأما في المتعدد من نوع واحد فلا يعتبر التعيين
مطلقا.
نعم في مثل كفارة الظهار لا يترتب أثر عملي وترخيص فعلي فيما إذا
ظاهر من زوجتيه معا مثلا وصام شهرين متتابعين من دون قصد إحداهما
بالخصوص، ولكن إذا اتبعه بصوم شهرين آخرين بقصد كفارة الظهار حلت
له كلتا الزوجتين.
246

مسألة 756: العجز عن العتق الموجب لوجوب الصيام ثم الاطعام
في الكفارة المرتبة متحقق في زماننا - هذا - لعدم الرقبة.
وأما العجز عن الصيام الموجب لتعين الاطعام فيتحقق بالتضرر به
لاستتباعه حدوث مرض أو لايجابه شدته أو طول برئه أو شدة ألمه، كل
ذلك بالمقدار المعتد به الذي لم تجر العادة بتحمل مثله، وكذا يتحقق بكون
الصوم شاقا عليه مشقة لا تتحمل
وأما العجز عن الاطعام والاكساء في كفارة اليمين ونحوها الموجب
للانتقال إلى الصيام فيتحقق بعدم تيسر تحصيلهما ولو لعدم توفر ثمنهما
عنده أو احتياجه إليه في نفقة نفسه أو نفقة عياله الواجبي النفقة عليه، أو في
أداء ديونه ونحوها، كما يتحقق بفقدان المسكين المستحق لهما.
مسألة 757: ليس طرؤ الحيض والنفاس موجبا للعجز عن الصيام
والانتقال إلى الاطعام في الكفارة المرتبة، وكذا طرو الاضطرار إلى السفر
الموجب للافطار، لما سيأتي من عدم انقطاع التتابع بطرو ذلك.
مسألة 758: المعتبر في العجز والقدرة في الكفارة المرتبة حال الأداء
لا حال الوجوب، فلو كان حال حدوث موجب الكفارة قادرا على صيام
شهرين متتابعين عاجزا عن اطعام ستين مسكينا فلم يصم حتى صار
بالعكس، صار فرضه الاطعام، ولم يستقر الصوم في ذمته.
مسألة 759: يكفي في تحقق الموجب للانتقال إلى البدل في الكفارة
المرتبة العجز العرفي في وقت التكفير، فلو وجبت عليه كفارة الظهار فأراد
التكفير فوجد نفسه مريضا لا يقدر على الصيام ولكن كان يأمل شفاءه من
مرضه مستقبلا والتمكن من الصوم لم يلزمه الانتظار بل يجزئه الانتقال إلى
247

الاطعام، ولكن لو لم يطعم حتى برئ من مرضه وتمكن من الصيام تعين
ولم يجزئه الاطعام حينئذ.
وهكذا لو وجبت عليه كفارة حنث اليمين فأراد التكفير وكان فقيرا لا
يقدر على اطعام عشرة مساكين ولا على كسوتهم أجزأه صيام ثلاثة أيام
متواليات، وإن كان يحتمل تمكنه لاحقا من الاطعام أو الاكساء، ولكن لو لم
يصم حتى تمكن من أحدهما تعين ولم يجزئه الصوم عندئذ.
مسألة 760: إذا عجز عن الصيام في كفارة الظهار مثلا، أو عجز عن
الاطعام والاكساء في كفارة اليمين مثلا، ولكنه عم بتمكنه منهما بعد فترة
قصيرة كأسبوع مثلا فهل يلزمه الانتظار أم يجزئه الانتقال إلى بدلهما؟ فيه
اشكال ولا يبعد وجوب الانتظار
مسألة 761: إذا عجز عن الصيام في كفارة الظهار مثلا فشرع في
الاطعام ثم تمكن منه اجتزأ باتمام الاطعام على الأظهر، وكذا إذا عجز عن
الاطعام والاكساء في كفارة اليمين فشرع في الصوم ولو ساعة من النهار ثم
تمكن من أحدهما فإن له اتمام الصيام، نعم لو عرض ما يوجب استئنافه -
بأن عرض في أثنائه ما أبطل التتابع - تعين عليه الاطعام أو الاكساء مع بقاء
القدرة عليه
مسألة 762: يجب التتابع في صوم الشهرين من الكفارة المخيرة
والمرتبة وكفارة الجمع، كما يجب التتابع بين صيام الأيام الثلاثة في كفارة
اليمين وما بحكمها، وأما غيرهما من الصيام الواجب كفارة فلا يعتبر فيه
التتابع على الأظهر.
ويتفرع على وجوب التتابع فيما ذكرناه أنه لا يجوز الشروع في الصوم
248

في زمان يعلم أنه لا يسلم له بتخلل العيد أو تخلل يوم يجب فيه صوم آخر
في زمان معين بين أيامه، فلو شرع في صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين قبل
يوم أو يومين من شهر رمضان، أو من خميس معين نذر صومه شكرا مثلا
لم يجز بل وجب استئنافه.
مسألة 763: إنما يضر الافطار في الأثناء بالتتابع فيما إذا وقع على
وجه الاختيار، فلو وقع لعذر من الأعذار - كما إذا كان الافطار بسبب الاكراه
أو الاضطرار، أو بسبب عروض المرض أو طرو الحيض أو النفاس لا
بتسبيبه - لم يضر به، ومن العذر وقوع السفر في الأثناء إذا كان ضروريا دون
ما كان بالاختيار، ومنه أيضا ما إذا نسي النية حتى فات وقتها، وكذا الحال
فيما إذا تخلل صوم آخر في البين لا بالاختيار كما إذا نسي فنوى صوما آخر.
ومنه ما إذا نذر صوم كل خميس مثلا ثم وجب عليه صوم شهرين متتابعين
فإنه لا يضر بالتتابع تخلل المنذور فيه، بخلاف ما إذا وجب عليه صوم ثلاثة
أيام من كفارة اليمين أو ما بحكمها فإنه يضر تخلله بالتتابع، لتمكنه من
صيام ثلاثة أيام متتابعات في أوائل الأسبوع مثلا، هذا إذا كان الصوم المنذور
معنونا بعنوان لا ينطبق على صوم الكفارة كما لو نذر صوم كل خميس
شكرا، وأما لو كان مطلقا بأن نذر أن يكون صائما فيه على نحو الاطلاق فلا
يستوجب ذلك تخللا فيه بل يحسب من الكفارة أيضا.
مسألة 764: يكفي في تتابع الشهرين من الكفارة - مرتبة كانت أم
مخيرة أم كفارة الجمع - صيام شهر ويوم متتابعا، ويجوز له التفريق بعد
ذلك ولو اختيارا لا لعذر، على اشكال فيما إذا لم يكن لعارض يعد عذرا
عرفا فلا تترك مراعاة الاحتياط فيه.
249

مسألة 765: من وجب عليه صيام شهرين يجوز له الشروع فيه في
أثناء الشهر على الأقوى، ولكن الأحوط وجوبا حينئذ أن يصوم ستين يوما
مطلقا، سواء أكان الشهر الذي شرع فيه مع تاليه تامين أم ناقصين أم مختلفين،
ولو وقع التفريق بين الأيام بتخلل ما لا يضر بالتتابع شرعا تعين ذلك
وأما لو شرع فيه من أول الشهر فيجزيه شهران هلاليان وإن كانا
ناقصين.
مسألة 766: يتخير في الاطعام الواجب في الكفارات بين تسليم
الطعام إلى المساكين واشباعهم، ويجوز التسليم إلى البعض واشباع البعض،
ولا يتقدر الاشباع بمقدار معين بل المدار فيه عرض الطعام الجاهز عليهم
بمقدار يكفي لاشباعهم قل أو كثر، وأما التسليم فأقل ما يجزي فيه تسليم
كل واحد منهم مدا من الطعام، والأفضل بل الأحوط مدان، ولا بد في كل
من النحوين اكمال العدد من الستين أو العشرة، فلا يجزئ اشباع ثلاثين أو
خمسة مرتين أو تسليم كل منهم مدين، ولا يجب الاجتماع لا في التسليم
ولا في الاشباع، فلو أطعم ستين مسكينا في أوقات متفرقة من بلاد مختلفة
ولو كان هذا في سنة وذلك في سنة أخرى لأجزأ وكفى
مسألة 767: الواجب في الاشباع اشباع كل واحد من العدة مرة، وإن
كان الأفضل اشباعه في يومه وليله غداء وعشاء.
مسألة 768: يجزئ في الاشباع كل ما يتعارف التغذي والتقوت به
لغالب الناس من المطبوخ وما يصنع من أنواع الأطعمة، ومن الخبز من أي
جنس كان مما يتعارف تخبيزه من حنطة أو شعير أو غيرهما وإن كان بلا
أدام، والأفضل أن يكون مع الأدام وهو كل ما جرت العادة بأكله مع الخبز
250

جامدا أو مائعا وإن كان خلا أو ملحا أو بصلا وكل ما كان أجود كان أفضل
وأما في التسليم فيجزي بذل ما يسمى طعاما من مطبوخ وغيره من
الحنطة والشعير وخبزهما ودقيقهما والأرز والماش والذرة والتمر والزبيب
وغيرهما، نعم الأحوط لزوما في كفارة اليمين وما بحكمها الاقتصار على
الحنطة ودقيقها.
مسألة 769: التسليم إلى المسكين تمليك له، وتبرأ ذمة المكفر
بمجرد ذلك، ولا تتوقف البراءة على أكله الطعام فيجوز له بيعه عليه وعلى
غيره.
مسألة 770: يتساوى الصغير والكبير إن كان التكفير بنحو التسليم،
فيعطي الصغير مدا من طعام كما يعطي الكبير، وإن كان اللازم في الصغير
التسليم إلى وليه، وأما إن كان التكفير بنحو الاشباع فاللازم احتساب الاثنين
من الصغار بواحد، ولا فرق في ذلك - على الأحوط - بين أن يجمع الكبار
والصغار في الاشباع أم يشبع الصغار منفردين، والظاهر أنه لا يعتبر في
الاشباع إذن من له الولاية أو الحضانة إذا لم يكن منافيا لحقه.
مسألة 771: يجوز اعطاء كل مسكين أزيد من مد، أو اشباعه أزيد من
مرة عن كفارات متعددة ولو مع الاختيار، فلو أفطر تمام شهر رمضان جاز له
اشباع ستين شخصا معينين في ثلاثين يوما، أو تسليم ثلاثين مدا من طعام
لكل واحد منهم وإن وجد غيرهم.
مسألة 772: إذا تعذر اكمال العدد الواجب من الستين أو العشرة في
البلد وجب النقل إلى غيره، وإن تعذر لزم الانتظار، وفي كفاية التكرار على
العدد الموجود حتى يستوفي المقدار اشكال، وعلى القول بالكفاية فلا بد
251

من الاقتصار في التكرار على مقدار التعذر، فلو تمكن من عشرة كرر عليهم
ست مرات ولا يجوز التكرار على خمسة منهم مثلا اثني عشرة مرة.
مسألة 773: المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفارة هو الفقير
الذي يستحق الزكاة، وهو من لا يملك مؤنة سنته فعلا ولا قوة، ويشترط
فيه الاسلام بل الايمان على الأحوط، ولكن يجوز دفعها إلى الضعفاء من
غير أهل الولاية - عدا النصاب - إذا لم يجد المؤمن - ولا يجوز دفعها إلى
واجب النفقة كالوالدين والأولاد والزوجة الدائمة دون المنقطعة، ويجوز
دفعها إلى سائر الأقارب بل لعله أفضل.
مسألة 774: لا يشترط في المسكين الذي هو مصرف الكفارة
العدالة، نعم الأحوط عدم دفعها لتارك الصلاة ولا لشارب الخمر ولا المتجاهر
بالفسق، وفي جواز اعطاء كفارة غير الهاشمي إلى الهاشمي قولان أقواهما
الجواز.
مسألة 775: يعتبر في الكسوة التي يتخير بينها وبين العتق والاطعام
في كفارة اليمين وما بحكمها أن يعد لباسا عرفا، من غير فرق بين الجديد
وغيره ما لم يكن منخرقا أو منسحقا وباليا بحيث ينخرق بعد فترة قصيرة
من الاستعمال، فلا يكتفي بالعمامة والقلنسوة والحذاء والخف والجورب.
والكسوة لكل فقير ثوب وجوبا وثوبان استحبابا بل هما مع القدرة أحوط.
ويعتبر فيها العدد كالاطعام، فلو كرر على واحد - بأن كساه عشر مرات - لم
تحسب له إلا واحدة، ولا فرق في المكسو بين الصغير والكبير والذكر
والأنثى، نعم في الاكتفاء بكسوة الصغير جدا كابن شهر أو شهرين اشكال
فلا يترك الاحتياط.
252

والظاهر اعتبار كونه مخيطا أو ما بحكمه كالملبد والمنسوج، فلو سلم
إليه قماشا غير مخيط لم يكن مجزيا، نعم لا بأس بأن يدفع أجرة الخياطة.
معه ليخيطه ثوبا ويحتسبه على نفسه كفارة ولكن لا بد من احراز قيامه
بذلك.
ولا يجزئ اعطاء لباس الرجال للنساء ولا العكس ولا اعطاء لباس
الصغير للكبير.
ولا فرق في جنسه بين كونه من صوف أو قطن أو كتان أو حرير أو
غيرها وفي الاجتزاء بالحرير المحض للرجال اشكال.
ولو تعذر تمام العدد كسا الموجود وانتظر الباقي ولا يجزئ التكرار
على الموجود.
مسألة 776: لا تجزئ القيمة في الكفارة لا في الاطعام ولا في
الكسوة، بل لا بد في الاطعام من بذل الطعام اشباعا أو تمليكا كما أنه لا بد
في الكسوة من بذلها تمليكا. نعم لا بأس بأن يدفع القيمة إلى المستحق
ويوكله في أن يشتري بها طعاما أو كسوة ويأخذه لنفسه كفارة بأن يملكه
لنفسه وكالة عن المالك ويتقبله لنفسه أصالة، ولكن لا تبرأ ذمة الموكل إلا
مع قيام المستحق بما وكل فيه فلا بد من احراز ذلك.
مسألة 777: إذا وجبت عليه كفارة مخيرة لم يجز أن يكفر بجنسين،
بأن يصوم شهرا ويطعم ثلاثين مسكينا في كفارة شهر رمضان، أو يطعم
خمسة ويكسو خمسة مثلا في كفارة اليمين، نعم لا بأس باختلاف أفراد
الصنف الواحد منها، كما لو أطعم بعض العدد طعاما خاصا وبعضه غيره، أو
كسا بعضهم ثوبا من جنس وبعضهم من جنس آخر، بل يجوز في الاطعام
253

أن يشبع بعضا ويسلم إلى بعض كما مر.
مسألة 778: من عجز عن بعض الخصال الثلاث في كفارة الجمع
أتى بالبقية وعليه الاستغفار على الأحوط، وإن عجز عن الجميع لزمه
الاستغفار فقط.
مسألة 779: إذا عجز عن اطعام ستين مسكينا في كفارة الظهار صام
ثمانية عشر يوما، ولو عجز عنه ففي الاجتزاء بالاستغفار بدلا عنه اشكال
كما تقدم، ولو عجز عن الاطعام في كفارة القتل خطأ فالأحوط وجوبا أن
يصوم ثمانية عشر يوما ويضم إليه الاستغفار، فإن عجز عن الصوم أجزأه
الاستغفار وحده.
مسألة 780: إذا عجز عن الخصال الثلاث في الكفارة المخيرة فإن
كانت كفارة الافطار في شهر رمضان فعليه التصدق بما يطيق، ومع التعذر
يتعين عليه الاستغفار، ولكن إذا تمكن بعد ذلك لزمه التكفير على الأحوط.
وإن كانت كفارة العهد أو كفارة الاعتكاف فليصم ثمانية عشر يوما، فإن
عجز لزمه الاستغفار.
مسألة 781: إذا عجز عن صيام ثلاثة أيام في كفارة الافطار في قضاء
شهر رمضان بعد الزوال، وفي كفارة اليمين وما بحكمها فعليه الاستغفار
وهكذا الحال لو عجز عن اطعام عشرة مساكين في كفارة البراءة.
مسألة 782: يجوز التأخير في أداء الكفارة المالية وغيرها بمقدار لا
يعد توانيا وتسامحا في أداء الواجب، وإن كانت المبادرة إلى الأداء أحوط.
مسألة 783: يجوز التوكيل في أداء الكفارات المالية، بأن يوكل غيره
في أدائها من ماله - أي مال الموكل - وتجزئ حينئذ نية المالك حين التوكيل.
254

فيه بأن يقصد التكفير متقربا إلى الله تعالى بالعمل الصادر من الوكيل
المنتسب إليه بموجب وكالته. ولا يجزئ التبرع في الكفارات المالية إلا عن
الميت على الأحوط، كما لا تجوز النيابة في الكفارات البدنية عن غير الميت
على الأقوى.
مسألة 784: لا يجب على الورثة أداء ما وجب على ميتهم من
الكفارة البدنية - أي الصيام - ولا اخراجها من تركته ما لم يوص بها وإن
أوصى بها أخرجت من ثلثه، نعم يحتمل وجوبها على ولده الأكبر - إن كان
ولكن الأظهر عدمه، وإنما يجري هذا الاحتمال فيما إذا تعين على الميت
الصيام - وأما مع عدم تعينه عليه كما إذا كانت الكفارة مخيرة وكان متمكنا
من الصيام والاطعام فإنه لا يجب الصوم على الولي بلا اشكال.
وأما الكفارة المالية فقيل إنها بحكم الديون فتخرج من أصل التركة.
ولكن الأظهر أنها كالكفارة البدنية ولا تخرج من التركة إلا بوصية الميت
ومع وصيته تخرج من الثلث، ويتوقف اخراجها من الزائد عليه على إجازة
الورثة
255

كتاب الصيد والذباحة
257

لا يجوز أكل الحيوان من دون تذكيته، وتقع التذكية بالصيد والذبح
والنحر وغيرها، على ما سيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى، وهنا فصلان:
الفصل الأول
في الصيد
تقع التذكية الصيدية على أنواع من الحيوان، وهي: الحيوان الوحشي
- من الوحش والطير - والسمك، والجراد، فهنا ثلاثة مباحث:
المبحث الأول:
في صيد الحيوان الوحشي
إن صيد الحيوان الوحشي إنما يوجب تذكيته إذا تم بأحد طريقين:
إما بكلب الصيد، أو بالسلاح. وفيما يلي أحكام الاثنين:
1 - الصيد بالكلب
مسألة 785: لا يحل من صيد الحيوان ومقتوله إلا ما كان بالكلب
سواء أكان سلوقيا أم غيره، وسواء أكان أسود أم غيره، فما يأخذه الكلب
ويقتله بعقره وجرحه من الحيوان المحلل أكله مذكى يحل أكله، فعض
259

الكلب وجرحه أي موضع من الحيوان بمنزلة ذبحه، وأما ما يصطاده غير
الكلب من جوارح السباع كالفهد والنمر أو من جوارح الطير كالبازي
والعقاب والباشق والصقر وغيرها فلا يحل وإن كانت معلمة، نعم لا بأس
بالاصطياد بها بمعنى جعل الحيوان الممتنع غير ممتنع بها ثم تذكيته بالذبح.
مسألة 786: يشترط في ذكاة صيد الكلب أمور:
الأول: أن يكون معلما للاصطياد ويتحقق ذلك بأمرين:
أحدهما: استرساله إذا أرسل، بمعنى أنه متى أغراه صاحبه بالصيد
هاج عليه وانبعث إليه.
ثانيهما: انزجاره عن الهياج والذهاب إذا زجر، وهل يعتبر فيه
الانزجار بالزجر حتى إذا قرب من الصيد ووقع بصره عليه؟ وجهان أقواهما
العدم. واعتبر المشهور مع ذلك أن يكون من عادته التي لا تتخلف إلا
نادرا أن يمسك الصيد ولا يأكل منه شيئا حتى يصل إليه صاحبه، ولكن
الأظهر عدم اعتباره وإن كان ذلك أحوط، كما لا بأس بأن يكون معتادا
بتناول دم الصيد، نعم الأحوط لزوما أن يكون بحيث إذا أراد صاحبه أخذ
الصيد منه لا يمنع ولا يقاتل دونه.
الثاني: أن يكون صيده بارساله للاصطياد، فلو استرسل بنفسه من
دون ارسال لم يحل، وكذا إذا كان صاحبه ممن لا يتمشى منه القصد،
لكونه غير مميز لصغر أو جنون أو سكر، أو كان قد أرسله لأمر غير
الاصطياد من دفع عدو أو طرد سبع فصادف غزالا مثلا فصاده فإنه لا
يحل، وهكذا الحال فيما إذا استرسل بنفسه ثم أغراه صاحبه بعد الاسترسال
وإن أثر فيه الاغراء، كما إذا زاد في عدوه بسببه على الأحوط لزوما، وإذا
260

استرسل بنفسه فزجره صاحبه فوقف ثم أغراه وأرسله فاسترسل كفى ذلك
في حل مقتوله، وإذا أرسله لصيد غزال بعينه فصاد غيره حل، وكذا إذا
صاده وصاد غيره معه فإنهما يحلان فإن الشرط قصد الجنس لا قصد
الشخص
الثالث: أن يكون المرسل مسلما أو بحكمه كالصبي الملحق به، فإذا
أرسله كافر فاصطاد لم يحل صيده حتى إذا كان كتابيا وإن سمى على
الأحوط لزوما، ولا فرق في المسلم بين الرجل والمرأة ولا بين المؤمن
والمخالف، نعم لا يحل صيد المنتحلين للاسلام المحكومين بالكفر ممن
تقدم ذكرهم في كتاب الطهارة.
الرابع: أن يسمي عند ارساله، فلو ترك التسمية عمدا لم يحل
مقتوله، ولا يضر لو كان الترك نسيانا، وفي الاكتفاء بالتسمية قبل الإصابة
وجه لا يخلو من قوة وإن كان الأحوط الأولى أن يسمي عند الارسال
مسألة 787: يكفي في التسمية الاتيان بذكر الله تعالى مقترنا بالتعظيم
مثل (الله أكبر) و (بسم الله) بل لا يبعد الاكتفاء بمجرد ذكر الاسم الشريف
وإن كان الأحوط عدمه.
الخامس: أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب ونحوه، وأما إذا
استند إلى سبب آخر من صدمة أو خنق أو اتعاب في العدو أو نحو ذلك لم
يحل.
السادس: أن لا يدرك صاحب الكلب الصيد حيا مع تمكنه من
ذبحه بأن أدركه ميتا أو أدركه حيا لكن لم يسع الزمان لذبحه.
وملخص هذا الشرط أنه إذا أرسل كلبه إلى الصيد ولحق به فإن أدركه
261

ميتا بعد إصابة الكلب حل أكله، وكذا إذا أدركه حيا بعد إصابته ولكن لم
يسع الزمان لذبحه فمات، وأما إذا كان الزمان يسع لذبحه فتركه حتى مات
لم يحل، وكذا الحال إذا أدركه بعد عقر الكلب له حيا لكنه كان ممتنعا بأن
بقي منهزما يعدو فإنه إذا أتبعه فوقف فإن أدركه ميتا حل، وكذا إذا أدركه حيا
ولكنه لم يسع الزمن لذبحه، وأما إذا كان يسع لذبحه فتركه حتى مات لم
يحل.
مسألة 788: أدنى زمان يدرك فيه ذبح الصيد أن يجده تطرف عينه أو
تركض رجله أو يتحرك ذنبه أو يده فإنه إذا أدركه كذلك والزمان متسع
لذبحه لم يحل إلا بذبحه
مسألة 789: إذا أدرك مرسل الكلب الصيد حيا والوقت متسع لذبحه
ولكنه اشتغل عنه بمقدماته من سل السكين ورفع الحائل من شعر ونحوه
على النهج المتعارف فمات قبل ذبحه حل، وأما إذا استند تركه الذبح إلى
فقد الآلة كما إذا لم يكن عنده السكين - مثلا - حتى ضاق الوقت ومات
الصيد قبل ذبحه لم يحل على الأحوط لزوما، نعم إذا تركه حينئذ على حاله إلى
أن قتله الكلب وأزهق روحه بعقره حل أكله.
مسألة 790: الظاهر عدم وجوب المبادرة إلى الصيد من حين ارسال
الكلب ولا من حين إصابته له إذا بقي على امتناعه، وفي وجوب المبادرة
إليه حينما أوقفه وصيره غير ممتنع كلام، والأقوى وجوب المبادرة العرفية
إذا أحس بايقافه وعدم امتناعه، فلو لم يبادر إليه حينذاك ثم وجده ميتا أو
وجده حيا ولكن لا يتسع الزمان لذبحه بسبب توانيه في الوصول إليه لم
يحل
262

هذا إذا احتمل أن في المسارعة إليه ادراك ذبحه، أما إذا علم بعدم
ذلك ولو من جهة بعد المسافة على نحو لا يدركه إلا بعد موته بجرح
الكلب له فلا اشكال في عدم وجوب المسارعة إليه، نعم لو توقف احراز
كون موته بسبب جرح الكلب لا بسبب آخر على التسارع إليه وتعرف حاله
لزم لأجل ذلك.
مسألة 791: إذا عض الكلب الصيد كان موضع العضة نجسا فيجب
غسله، ولا يجوز أكله قبل غسله.
مسألة 792: لا يعتبر في حل الصيد وحدة المرسل، فإذا أرسل
جماعة كلبا واحدا حل صيده، وكذا لا يعتبر وحدة الكلب، فإذا أرسل
شخص واحدا كلابا فاصطادت على الاشتراك حيوانا حل، نعم يعتبر في
المتعدد اجتماع الشرائط، فلو أرسل مسلم وكافر كلبين فاصطادا حيوانا لم
يحل على ما تقدم، وكذا إذا كانا مسلمين فسمى أحدهما ولم يسم الآخر
متعمدا، أو كان كلب أحدهما معلما دون كلب الآخر، هذا إذا استند القتل
إليهما معا، أما إذا استند إلى أحدهما كما إذا سبق أحدهما فأثخنه وأشرف
على الموت ثم جاءه الآخر فأصابه يسيرا بحيث استند الموت إلى السابق
اعتبر اجتماع الشروط في السابق لا غير، وإذا أجهز عليه اللاحق بعد أن
أصابه السابق ولم يوقفه بل بقي على امتناعه بحيث استند موته إلى اللاحق
لا غير اعتبر اجتماع الشروط في اللاحق.
مسألة 793: إذا شك في أن موت الصيد كان مستندا إلى عقر الكلب
أو إلى سبب آخر لم يحل، نعم إذا كانت هناك أمارة عرفية على استناده إليه
حل وإن لم يحصل منها العلم.
263

مسألة 794: لا يعتبر في حلية الصيد إباحة الكلب، فيحل ما اصطاده
بالكلب المغصوب وإن فعل حراما وعليه أجرة استعماله ويملكه هو دون
مالك الكلب..
2 - الصيد بالسلاح.
مسألة 795: يشترط في ذكاة ما اصطيد بالسلاح أمور:
الأول: أن تكون الآلة كالسيف والسكين والحجر وغيرهما من
الأسلحة القاطعة، أو الشائكة كالرمح والسهم والعصا مما يخرق جسد
الحيوان، سواء أكان فيه نصل كالسهم أم صنع خارقا وشائكا بنفسه
كالمعراض، وهو كما قيل خشبة غليظة الوسط محددة الطرفين، ولكن
يعتبر فيما لا نصل فيه أن يخرق بدن الحيوان ويجرحه ولو قليلا ولا يحل
فيما لو قتله بالوقوع عليه، وأما ما فيه نصل فلا يعتبر ذلك فيه فيحل
الحيوان لو قتله وإن لم يجرحه ويخرق بدنه.
مسألة 796: يجوز أن يكون النصل من الحديد ومن غيره من
الفلزات كالذهب والفضة والصفر وغيرها، فيحل الحيوان المقتول بالسيف
أو الرمح المصنوعين منها
مسألة 797: لا يحل الصيد المقتول بالحجارة والعمود والمقمعة
والشبكة والشرك والحبالة ونحوها من آلات الصيد التي ليست بقاطعة ولا
شائكة، نعم لا بأس بالاصطياد بها بمعنى جعل الحيوان الممتنع غير ممتنع
بها ثم تذكيته بالذبح
مسألة 798: يشكل الصيد بالمخيط والشوك والسفود ونحوها مما
264

يكون شائكا ولا يصدق عليه السلاح عرفا، وأما ما يصدق عليه السلاح فلا
بأس بالصيد به وإن لم يكن معتادا.
مسألة 799: إذا اصطاد بالبندقية أو نحوها فإن كانت الطلقة تنفذ في
بدن الحيوان وتخرقه حل أكله وهو طاهر، سواء أكانت محددة مخروطة أم
لا وسواء أكانت من الحديد أم من الرصاص أم من غيرهما، وعلى هذا فلا
بأس بالصيد بالبنادق التي تكون طلقاتها على شكل البندقة وتسمى في
عرفنا ب‍ (الصچم) لأنها تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه.
وأما إذا لم تكن الطلقة تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه بأن كانت تقتله
بسبب ضغطها أو بسبب ما فيها من الحرارة المحرقة فيشكل الحكم بحلية
لحمه وطهارته.
الثاني: أن يكون الصائد مسلما أو من بحكمه نظير ما تقدم في الصيد
بالكلب.
الثالث: التسمية عند استعمال السلاح في الاصطياد، ويقوى الاجتزاء
بها قبل إصابة الهدف أيضا، ولو أخل بها متعمدا لم يحل صيده ولا بأس
بالاخلال بها نسيانا.
الرابع: أن يكون الرمي بقصد الاصطياد فلو رمى هدفا أو عدوا أو
خنزيرا أو شاة فأصاب غزالا مثلا فقتله لم يحل، وكذا إذا أفلت من يده
فأصاب غزالا فقتله، ولو رمى بقصد الاصطياد فأصاب غير ما قصد حل.
الخامس: أن يدركه ميتا أو يدركه حيا ولكن لا يتسع الوقت لتذكيته،
فلو أدركه حيا وكان الوقت متسعا لذبحه ولم يذبحه حتى خرجت روحه لم
يحل أكله.
265

مسألة 800: يعتبر في حلية الصيد أن تكون الآلة مستقلة في قتله فلو
شاركها شئ آخر غير آلات الصيد لم يحل، كما إذا رماه فسقط الصيد في
الماء ومات وعلم استناد الموت إلى كلا الأمرين، وكذا الحال فيما إذا شك
في استناد الموت إلى الرمي بخصوصه فإنه لا يحكم بحليته
مسألة 801: إذا رمى سهما فأوصلته الريح إلى الصيد فقتله حل وإن
كان لولا الريح لم يصل، وكذا إذا أصاب السهم الأرض ثم وثب فأصابه
فقتله.
مسألة 802: لا يعتبر في حلية الصيد بالسلاح وحدة الصائد ولا
وحدة السلاح المستعمل في الصيد، فلو رمى أحد صيدا بسهم وطعنه آخر
برمح فمات منهما معا حل إذا اجتمعت الشرائط في كل منهما، بل إذا أرسل
أحد كلبه إلى حيوان فعقره ورماه آخر بسهم فأصابه فقتل منهما معا حل أيضا
مسألة 803: إذا اشترك المسلم والكافر في الاصطياد واستند القتل
إليهما معا لم يحل الصيد وإن كان الكافر كتابيا وسمى على ما تقدم، وهكذا
الحال فيما لو اشترك من سمى ومن لم يسم، أو من قصد الاصطياد ومن لم
يقصده.
مسألة 804: لا يعتبر في حلية الصيد إباحة السلاح المستعمل فيه،
فلو اصطاد حيوانا بالسهم المغصوب حل الصيد وملكه الصائد دون صاحب
السلاح، ولكن الصائد ارتكب بذلك معصية وعليه دفع أجرة استعمال
السلاح إلى صاحبه.
مسألة 805: الحيوان الذي يحل صيده بالكلب وبالسلاح مع اجتماع
الشروط المتقدمة هو كل حيوان ممتنع مستوحش من طير أو وحش، سواء
266

أكان كذلك بالأصل كالحمام والظبي وبقر الوحش، أم كان أهليا فتوحش أو
استعصى كالبقر المستعصي والبعير العاصي وكذلك الصائل من البهائم
كالجاموس الصائل ونحوه، ولا تقع التذكية الصيدية على الحيوان الأهلي
سواء أكان كذلك بالأصل كالدجاج والشاة والبعير والبقر أم كان وحشيا
فتأهل كالظبي والطير المتأهلين، وكذا ولد الوحش قبل أن يقدر على العدو
وفرخ الطير قبل نهوضه للطيران، فلو رمى طائرا وفرخه الذي لم ينهض
فقتلهما حل الطائر دون الفرخ.
مسألة 806: لا فرق في تحقق الذكاة بالاصطياد بين الحيوان الوحشي
المحلل لحمه والمحرم، فالسباع إذا اصطيدت صارت ذكية وجاز الانتفاع
بجلدها فيما تعتبر فيه الذكاة، هذا إذا كان الصيد بالسلاح، وأما إذا كان
بالكلب ففي تحقق الذكاة به في غير محلل الأكل اشكال فلا تترك مراعاة
الاحتياط في ذلك.
مسألة 807: لو أبانت آلة الصيد كالسيف والكلب ونحوهما عضوا
من الحيوان مثل اليد والرجل كان العضو المبان ميتة يحرم أكله ويحل أكل
الباقي مع اجتماع شرائط التذكية المتقدمة، ولو قطعت الآلة الحيوان نصفين
فإن لم يدركه حيا أو أدركه كذلك إلا أن الوقت لم يتسع لذبحه تحل كلتا
القطعتين مع توفر الشروط المذكورة، وأما إذا أدركه حيا وكان الوقت متسعا
لذبحه فالقطعة الفاقدة للرأس والرقبة محرمة والقطعة التي فيها الرأس
والرقبة طاهرة وحلال فيما إذا ذبح على النهج المقرر شرعا.
مسألة 808: لو قسم الحيوان قطعتين بالحبالة أو الحجارة ونحوهما
مما لا تحل به الصيد حرمت القطعة الفاقدة للرأس والرقبة وأما القطعة التي
267

فيها الرأس والرقبة فهي طاهرة وحلال فيما إذا أدركه حيا وذبحه مع
الشروط المعتبرة وإلا حرمت هي أيضا.
تكميل
في طرق تملك الحيوان الوحشي
مسألة 809: يملك الحيوان الممتنع بالأصل طيرا كان أم غيره بأحد
الطرق التالية:
1 - أخذه، كما إذا قبض على رجله أو قرنه أو رباطه أو جناحه أو
نحوها.
2 - وقوعه في آلة معتادة للاصطياد بها كالحبالة والشرك والشبكة
ونحوها إذا نصبها لذلك.
3 - رميه بسهم أو غيره من آلات الصيد بحيث يصيره غير ممتنع،
كما إذا جرحه فعجز عن العدو أو كسر جناحه فعجز عن الطيران سواء
أكانت الآلة من الآلات المحللة للصيد كالسهم والكلب المعلم أم من غيرها
كالحجارة والخشب والفهد والباز والشاهين وغيرها
مسألة 810: يلحق بآلة الاصطياد كل ما جعل وسيلة لاثبات الحيوان
وزوال امتناعه، ولو بحفر حفيرة في طريقه ليقع فيها، أو باتخاذ أرض
واجراء الماء عليها لتصير موحلة فيتوحل فيها، أو وضع سفينة في موضع
معين ليثب فيها السمك، أو وضع الحبوب في بيت أو نحوه واعداده
لدخول الطيور فيه على نحو لا يمكنها الخروج منه، أو طردها إلى مضيق أو
نحوه على وجه تنحصر فيه ولا يمكنها الفرار ونحو ذلك من طرق الاصطياد
268

بغير الآلات التي يعتاد الاصطياد بها.
ولا يلحق بها ما لو عشش الطير في داره وإن قصد تملكه، وكذا لو
توحل حيوان في أرضه الموحلة، أو وثبت سمكة إلى سفينته فإنه لا يملكها
ما لم يعد الأرض والسفينة لذلك، فلو قام شخص آخر بأخذ الطير أو
الحيوان أو السمكة ملكه، وإن عصى في دخول داره أو أرضه أو سفينته
بغير إذنه
مسألة 811: يعتبر في حصول الملك بالطرق الثلاثة المتقدمة وما
يلحقها كون الصائد قاصدا للملك، فلو أخذ الحيوان لا بقصد الملك لم
يملكه، وكذا إذا نصب الشبكة لا بقصد الاصطياد والتملك لم يملك ما يثب
فيها، وهكذا إذا رمى عبثا أو لإصابة هدف أو لغرض آخر لا بقصد الاصطياد
والتملك لم يملك الرمية.
مسألة 812: إذا سعى خلف حيوان فأعياه فوقف كان أحق به من
غيره وإن لم يملكه إلا بالأخذ، فلو بادر الغير إلى أخذه قبل ذلك لم يملكه،
نعم لو أعرض عن أخذه فأخذه غيره ملكه.
مسألة 813: إذا وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد ولم تمسكه
الشبكة لضعفها وقوته فانفلت منها لم يملكه ناصبها، وكذا إذا أخذ الشبكة
وانفلت بها من دون أن يضعف امتناعه بذلك لم يكن حق لصاحبها فيه فلو
صاده غيره ملكه ورد الشبكة إلى مالكها.
مسألة 814: إذا رمى الصيد فأصابه لكنه تحامل طائرا أو عاديا
بحيث لم يكن يقدر عليه إلا بالاتباع والاسراع لم يملكه ولكنه يكون أحق
به من غيره إلا أن يعرض عنه
269

مسألة 815: إذا رمى اثنان صيدا دفعة فإن تساويا في الأثر بأن أثبتاه
معا فهو لهما، وإذا كان أحدهما جارحا والآخر مثبتا وموقفا له فالأحوط لهما
التصالح بشأنه، وإذا كان تدريجا كان الأول أحق به مطلقا على الأظهر
مسألة 816: إذا رمى صيدا حلالا باعتقاد كونه كلبا أو خنزيرا فقتله
لم يملكه ولم يحل
مسألة 817: إذا رمى صيدا فجرحه لكن لم يخرجه عن الامتناع
بالمرة فدخل دارا لم يجز له دخول الدار لأخذه إلا بإذن صاحبها وإن كان
هو أحق به، ولو أخذه صاحب الدار لم يملكه إلا مع اعراض الرامي عنه.
مسألة 818: إذا صنع برجا في داره لتعشش فيه الحمام فيصطادها
فعششت فيه لم يملكها ولكنه يكون أحق بها من غيره ما لم تتركه بالمرة،
فلا يجوز لغيره أخذها أو اصطيادها من دون إذنه، ولو فعل لم يملكها
مسألة 819: يكفي في تملك النحل غير المملوكة أخذ أميرها، فمن
أخذه من الجبال مثلا وقصد تملكه ملكه وملك كل ما تتبعه من النحل مما
تسير بسيره وتقف بوقوفه وتدخل الكن وتخرج منه بدخوله وخروجه
مسألة 820: إذا أخذ حيوانا ثم أفلت من يده أو وقع في شبكة وأثبتته
ثم انفلت منها أو رماه فجرحه جرحا مثبتا ثم برئ من الجرح الذي أصابه
فعاد ممتنعا كالأول فهل يخرج بذلك من ملكه أم يبقى في ملكه بحيث لو
اصطاده غيره لم يملكه ووجب عليه دفعه إلى مالكه؟ وجهان أوجههما
الأول، نعم لو انفلت من يده أو من شبكته أو برئ من جرحه ولكن من
دون أن يستعيد تمام امتناعه فالظاهر بقاؤه على تملكه
وهكذا الحال لو أطلق الحيوان من يده أو شبكته بعد اصطياده فإنه إذا
270

استعاد امتناعه الأول خرج عن ملكه فيجوز لغيره اصطياده ويملكه بذلك
وليس للأول الرجوع عليه، وأما في غير هذه الصورة كما لو أطلقه بعد
جرحه بجراحة تمنعه من العدو أو بعد كسر جناحه المانع من طيرانه فإن لم
يقصد الاعراض عنه فلا اشكال في عدم خروجه عن ملكه فلا يملكه غيره
باصطياده، وإن قصد الاعراض عنه فالأظهر عدم خروجه عن ملكه
بمجرده، نعم إذا أباح تملكه للآخرين فبادر شخص إلى تملكه ملكه وليس
للأول الرجوع إلى الثاني بعد ما تملكه
مسألة 821: قد عرفت أن الصائد يملك الصيد بالاصطياد مع قصد
تملكه إذا كان مباحا بالأصل غير مملوك للغير ولا متعلقا لحقه، وإذا شك
في ذلك بنى على الأول إلا إذا كانت أمارة على الثاني كآثار يد الغير التي هي
أمارة الملكية كطوق في عنقه أو قرط في إذنه أو حبل مشدود في رجله من
دون ما يوجب زوال ملكيته عنه.
وإذا علم كون الصيد مملوكا وجب رده إلى مالكه، وإذا جهل جرى
عليه حكم اللقطة إن كان ضائعا وإلا جرى عليه حكم مجهول المالك، ولا
فرق في ذلك بين الطير وغيره، نعم إذا ملك الطائر جناحيه جاز تملكه لمن
يستولي عليه وإن كان الأحوط استحبابا اجراء الحكم المذكور عليه فيما إذا
علم أن له مالكا ولم يعرفه، وأما مع معرفته فيجب رده إليه بلا اشكال.
271

المبحث الثاني:
في صيد الأسماك
مسألة 822: يتحقق صيد السمك - الذي به تحصل ذكاته - بأخذه
من داخل الماء إلى خارجه حيا باليد أو الشبكة أو الشص أو الفالة أو
غيرها، وفي حكمه أخذه خارج الماء حيا باليد أو بالآلة بعد ما خرج بنفسه
أو بنضوب الماء عنه أو غير ذلك، فإذا وثب في سفينة أو على الأرض أو
نبذته الأمواج إلى الساحل أو غار الماء الذي كان فيه فأخذ حيا صار ذكيا
، وإذا لم يؤخذ حتى مات صار ميتة وحرم أكله وإن كان قد نظر إليه وهو حي
يضطرب.
مسألة 823: إذا ضرب السمكة وهي في الماء بآلة فقسمها نصفين ثم
أخرجهما حيين فإن صدق على أحدهما أنه سمكة ناقصة كما لو كان فيه
الرأس حل هو دون غيره وإذا لم يصدق على أحدهما أنه سمكة بل يصدق
على كل منهما أنه شق سمكة ففي حلهما اشكال والأظهر العدم
مسألة 824: لا تعتبر التسمية في تذكية السمك عند اخراجه من الماء
أو عند أخذه بعد خروجه منه، كما لا يعتبر في صائده الاسلام، فلو أخرجه
الكافر حيا من الماء أو أخذه بعد أن خرج حل سواء أكان كتابيا أم غيره
مسألة 825: إذا وجد السمك الميت في يد الكافر ولم يعلم أنه
مذكى أم لا بنى على العدم وإن أخبر بتذكيته إلا أن يحرزها ولو من جهة
العلم بكونه مسبوقا بإحدى أمارات التذكية الآتي بيانها في المسألة (871)
وأما إذا وجده في يد المسلم يتصرف فيه بما يناسب التذكية أو أخبر
بها بنى على ذلك.
272

مسألة 826: إذا وثبت السمكة إلى سفينة لم تحل ما لم تؤخذ باليد،
ولا يملكها السفان ولا صاحب السفينة بل يملكها آخذها وإن كان غيرهما،
نعم إذا قصد صاحب السفينة الاصطياد بها وعمل بعض الأعمال المستوجبة
لذلك - كما إذا وضعها في مجتمع السمك وضرب الماء بنحو يوجب وثوب
السمك فيها - كان ذلك بمنزلة اخراجها من الماء حيا في صيرورتها ذكية
ودخولها في ملكه.
مسألة 827: إذا وضع شبكة في الماء فدخل فيها السمك ثم أخرجها
من الماء ووجد ما فيها ميتا كله أو بعضه فالظاهر حليته.
مسألة 828: إذا نصب شبكة أو صنع حظيرة في الماء لاصطياد
السمك فدخلها ثم نضب الماء بسبب الجزر أو غيره فمات بعد نضوب
الماء صار ذكيا وحل أكله، وأما إذا مات قبل نضوب الماء فهل هو حرام أم
لا؟ قولان أقواهما الحلية.
مسألة 829: إذا أخرج السمك من الماء حيا ثم أعاده إلى الماء
مربوطا أو غير مربوط فمات فيه فالظاهر حرمته، وإذا أخرجه ثم وجده ميتا
وشك في أن موته كان قبل اخراجه أو بعده فالأقوى هو الحكم بحرمته
سواء علم تاريخ الاخراج أو الموت أم جهل التاريخان.
مسألة 830: إذا اضطر السماك إلى ارجاع السمك إلى الماء وخاف
موته فيه فلينتظر حتى يموت أو يقتله بضرب أو غيره ثم يرجعه إليه.
مسألة 831: إذا طفا السمك على وجه الماء بسبب ابتلاعه ما يسمى
ب‍ (الزهر) أو عض حيوان له أو غير ذلك مما يوجب عجزه عن السباحة.
فإن أخذ حيا صار ذكيا وحل أكله وإن مات قبل ذلك حرم
273

مسألة 832: إذا ألقى انسان الزهر في الماء لا بقصد اصطياد السمك
فابتلعه السمك وطفا لم يثبت له حق فيه فيجوز لغيره أخذه فإن أخذه ملكه،
وأما إذا ألقاه بقصد الاصطياد فالظاهر أنه يثبت له حق الأولوية في السمك
الطافي فليس لغيره أن يأخذه من دون إذنه، ولا فرق في ذلك بين أن يقصد
سمكة معينة أو بعضا غير معين، ولو رمى سمكة بالبندقية أو بسهم أو
طعنها برمح فعجزت عن السباحة وطفت على وجه الماء لم يبعد كونها
ملكا للرامي والطاعن.
مسألة 833: لا يعتبر في حلية السمك - بعد ما أخرج من الماء حيا
أو أخذ حيا بعد خروجه - أن يموت خارج الماء بنفسه، فلو مات بالتقطيع
أو بشق بطنه أو بالضرب على رأسه حل أيضا، بل لو شواه حيا في النار
فمات حل أكله، بل الأقوى عدم اعتبار الموت في حله فيحل بلعه حيا.
مسألة 834: إذا أخرج السمك من الماء حيا فقطع منه قطعة وهو
حي وألقى الباقي في الماء فمات فيه حلت القطعة المبانة منه وحرم الباقي.
وإذا قطعت منه قطعة وهو في الماء قبل اخراجه ثم أخرج حيا فمات
خارج الماء حرمت القطعة المبانة منه وهو في الماء وحل الباقي.
274

المبحث الثالث
في صيد الجراد
مسألة 835: صيد الجراد - الذي به تكون ذكاته - هو أخذه حيا،
سواء أكان الأخذ باليد أم بالآلة، فما مات قبل أخذه حرم.
ولا يعتبر في تذكيته التسمية، ولا اسلام الآخذ كما مر في السمك
نعم لو وجده ميتا في يد الكافر لم يحل ما لم يعلم بأخذه حيا، ولا
تجدي يده ولا اخباره في احراز ذلك كما تقدم في السمك
مسألة 836: لا يحل من الجراد ما لم يستقل بالطيران وهو المسمى
ب‍ (الدبا).
مسألة 837: لو وقعت نار في أجمة ونحوها فأحرقت ما فيها من
الجراد لم يحل وإن قصده المحرق، نعم لو شواها أو طبخها بعد ما أخذت
قبل أن تموت حل كما مر في السمك، كما أنه لو فرض كون النار آلة صيد
الجراد - بحيث لو أججها اجتمعت من الأطراف وألقت بأنفسها فيها -
فأججها لذلك فاجتمعت واحترقت بها لا يبعد حلية ما احترقت بها من
الجراد، لكونها حينئذ من آلات الصيد كالشبكة والحظيرة للسمك.
275

الفصل الثاني
في الذباحة والنحر.
مسألة 838: يشترط في ذكاة الذبيحة أمور:
الأول: أن يكون الذابح مسلما أو من بحكمه كالمتولد منه.
فلا تحل ذبيحة الكافر مشركا كان أو غيره حتى الكتابي وإن سمى
على الأحوط، ولا يشترط فيه الايمان فتحل ذبيحة جميع فرق المسلمين
عدا المنتحلين للاسلام المحكومين بالكفر ممن مر ذكرهم في كتاب
الطهارة
مسألة 839: لا يشترط في الذابح الذكورة ولا البلوغ ولا غير ذلك
فتحل ذبيحة المرأة والصبي المميز إذا أحسن التذكية، وكذا الأعمى
والأغلف والخصي والجنب والحائض والفاسق وولد الزنا، كما تحل ذبيحة
المكره وإن كان اكراهه بغير حق.
الثاني: أن يكون الذبح بالحديد مع الامكان، فلو ذبح بغيره مع
التمكن منه لم يحل وإن كان من المعادن المنطبعة كالصفر والنحاس
والذهب والفضة والرصاص وغيرها.
نعم إذا لم يوجد الحديد جاز الذبح بكل ما يقطع الأوداج وإن لم
تكن هناك ضرورة تدعو إلى الاستعجال في الذبح - كالخوف من تلف
الحيوان بالتأخير - ولا فرق في ذلك بين القصب والليطة والحجارة الحادة
والزجاجة وغيرها.
نعم في جواز الذبح بالسن والظفر حتى مع عدم توفر الحديد اشكال.
276

والاحتياط لا يترك، ولا يبعد جواز الذبح اختيارا بالمنجل ونحوه مما يقطع
الأوداج ولو بصعوبة وإن كان الأحوط الاقتصار على حال الضرورة.
مسألة 840: جواز الذبح بالحديد المخلوط بالكروم المسمى
ب‍ (الاستيل) لا يخلو عن اشكال، وأشكل منه الذبح بالحديد المطلي
بالكروم.
الثالث: قصد الذبح بفري الأوداج، فلو وقع السكين من يد أحد
على مذبح الحيوان فقطعها لم يحل وإن سمى حين أصابها، وكذا لو كان قد
قصد بتحريك السكين على المذبح شيئا آخر غير الذبح فقطع الأعضاء أو
كان سكرانا أو مغمى عليه أو نائما أو صبيا أو مجنونا غير مميزين، وأما
الصبي والمجنون المميزان فالأظهر الاجتزاء بذبحهما
الرابع: الاستقبال بالذبيحة حال الذبح إلى القبلة، فإن أخل بالاستقبال
عالما عامدا حرمت، وإن كان ناسيا أو للجهل بالاشتراط أو خطأ منه في
جهة القبلة بأن وجهها إلى جهة معتقدا أنها القبلة فتبين الخلاف لم تحرم في
جميع ذلك، وكذا إذا لم يعرف القبلة أو لم يتمكن من توجيهها إليها ولو
بالاستعانة بالغير واضطر إلى تذكيتها كالحيوان المستعصي أو المتردي في
البئر ونحوه.
مسألة 841: إذا خاف موت الذبيحة لو اشتغل بالاستقبال بها إلى
جهة القبلة فالظاهر عدم لزومه.
مسألة 842: لا يشترط في الذبح استقبال الذابح نفسه وإن كان ذلك
أحوط.
277

مسألة 843: يتحقق استقبال الحيوان فيما إذا كان قائما أو قاعدا بما
يتحقق به استقبال الانسان حال الصلاة في الحالتين، وأما إذا كان مضطجعا
على الأيمن أو الأيسر فيتحقق باستقبال المنحر والبطن ولا يعتبر استقبال
الوجه واليدين والرجلين.
الخامس: تسمية الذابح عليها حين الشروع في الذبح أو متصلا به
عرفا، فلا يجزئ تسمية غير الذابح عليها، كما لا يجزئ الاتيان بها عند
مقدمات الذبح كربط المذبوح، ولو أخل بالتسمية عمدا حرمت وإن كان
نسيانا لم تحرم والأحوط الأولى الاتيان بها عند الذكر، ولو تركها جهلا
بالحكم فالظاهر الحرمة.
مسألة 844: يعتبر في التسمية وقوعها بهذا القصد أي بعنوان كونها
على الذبيحة من جهة الذبح فلا تجزئ التسمية الاتفاقية أو الصادرة لغرض
آخر، ولا يعتبر أن يكون الذابح ممن يعتقد وجوبها في الذبح فيجوز ذبح
غيره إذا كان قد سمى.
مسألة 845: يجوز ذبح الأخرس، وتسميته تحريك لسانه وشفتيه
تشبيها بمن يتلفظ بها مع ضم الإشارة بالإصبع إليه، هذا في الأخرس الأصم
من الأول، وأما الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظها فيأتي به على قدر ما
يمكنه، فإن عجز حرك لسانه وشفتيه حين اخطاره بقلبه وأشار بإصبعه إليه
على نحو يناسب تمثيل لفظها إذا تمكن منها على هذا النحو وإلا فبأي وجه
ممكن.
مسألة 846: لا يعتبر في التسمية كيفية خاصة وأن يكون في ضمن
البسملة، بل المدار على صدق ذكر اسم الله وحده عليها، فيكفي أن يقول:
" بسم الله " أو " الله أكبر " أو " الحمد لله " أو " لا إله إلا الله " ونحو ذلك، وفي
278

الاكتفاء بلفظة " الله " من دون أن يقرن بما يصير به كلاما تاما دالا على صفة
كمال أو ثناء أو تمجيد اشكال، وكذلك التعدي من لفظة " الله " إلى سائر أسمائه
الحسنى كالرحمن والرحيم والخالق وغيرها، وكذا التعدي إلى ما يرادف
هذه اللفظة المباركة في سائر اللغات، وإن كان الاكتفاء في الجميع لا يخلو
من قوة.
السادس: قطع الأعضاء الأربعة: وهي: (المرئ) وهو مجرى
الطعام، و (الحلقوم) وهو مجرى النفس ومحله فوق المرئ، و (الودجان)
وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم والمرئ، وفي الاجتزاء بشقها من
دون قطع اشكال وكذا الاشكال في الاجتزاء بقطع الحلقوم وحده.
مسألة 847: الظاهر أن قطع تمام الأعضاء الأربعة يلازم بقاء الخرزة
المسماة في عرفنا ب‍ (الجوزة) في العنق، فلو بقي شئ منها في الجسد لم
يتحقق قطع تمامها، ولا يعتبر أن يكون قطع الأعضاء في أعلى الرقبة بل
يجوز أن يكون في وسطها أو من أسفلها.
مسألة 848: يعتبر في قطع الأوداج الأربعة أن يكون في حال الحياة
فلو قطع الذابح بعضها وأرسلها فمات لم يؤثر قطع الباقي. ولا يعتبر فيه
التتابع، فلو قطع الأوداج قبل زهوق روح الحيوان إلا أنه فصل بينها بما هو
خارج عن المتعارف المعتاد فالأظهر حليته.
مسألة 849: لو أخطأ الذابح وذبح من فوق الجوزة ثم التفت فذبحها
من تحت الجوزة قبل أن تموت حل لحمها.
مسألة 850: لو قطعت الأوداج الأربعة على غير النهج الشرعي كأن
ضربها شخص بآلة فانقطعت أو عضها الذئب فقطعها بأسنانه أو غير ذلك
279

وبقيت الحياة، فإن لم يبق شئ من الأوداج أصلا لم يحل أكل الحيوان،
وكذا إذا لم يبق شئ من الحلقوم على الأظهر وكذلك إذا بقي مقدار من
الجميع معلقا بالرأس أو متصلا بالبدن على الأحوط، نعم إذا كان المقطوع
غير المذبح وكان الحيوان حيا حل أكله بالذبح.
السابع: خروج الدم المتعارف منها حال الذبح، فلو لم يخرج منها
الدم أو كان الخارج قليلا - بالإضافة إلى نوعها - بسبب انجماد الدم في
عروقها أو نحوه لم تحل، وأما إذا كانت قلته لأجل سبق نزيف الذبيحة
- لجرح مثلا - لم يضر ذلك بتذكيتها
الثامن: أن تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة يسيرة، بأن
تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو تركض برجلها، هذا فيما إذا شك في حياتها
حال الذبح وإلا فلا تعتبر الحركة أصلا.
مسألة 851: يحرم - على الأحوط - إبانة رأس الذبيحة عمدا قبل
خروج الروح منها وإن كان الأظهر حليتها حينئذ، بلا فرق في ذلك بين
الطيور وغيرها، ولا بأس بالإبانة إذا كانت عن غفلة أو استندت إلى حدة
السكين وسبقه مثلا، وهكذا الحال في كسر رقبة الذبيحة أو إصابة نخاعها
عمدا قبل أن تموت، والنخاع هو الخيط الأبيض الممتد في وسط الفقار من
الرقبة إلى الذنب.
مسألة 852: الأحوط الأولى أن يكون الذبح في المذبح من القدام
وإن حل المذبوح من القفا أيضا، كما أن الأحوط الأولى وضع السكين على
المذبح ثم قطع الأوداج وإن كان يكفي أيضا ادخال السكين تحت الأوداج
ثم قطعها من فوق.
280

مسألة 853: لا يشترط في حل الذبيحة استقرار حياتها قبل الذبح
بمعنى امكان أن يعيش مثلها اليوم أو نصف اليوم، وإنما يشترط حياتها حال
قطع الأعضاء وإن كانت على شرف الموت، فالمنتزع أمعاؤه بشق بطنه
والمتكسر عظامه بالسقوط من شاهق، وما أكل السبع بعض ما به حياته
والمذبوح من قفاه الباقية أوداجه والمضروب بالسيف أو الطلقات النارية
المشرف على الموت إذا ذبح قبل أن يموت يحل لحمه مع توفر الشروط
السابقة.
مسألة 854: لو أخذ الذابح بالذبح فشق آخر بطنه وانتزع أمعاءه مقارنا
للذبح فالظاهر حل لحمه، وكذا الحكم في كل فعل يزهق إذا كان مقارنا
للذبح ولكن الاحتياط أحسن.
مسألة 855: لا يشترط في حلية لحم الذبيحة بعد وقوع الذبح عليها
حيا أن يكون خروج روحها بذلك الذبح، فلو وقع عليه الذبح الشرعي ثم
وقعت في نار أو ماء أو سقطت إلى الأرض من شاهق أو نحو ذلك مما
يوجب زوال الحياة لم تحرم، وليس الحكم كذلك في الصيد كما تقدم
فتفترق التذكية بالصيد المذكور عن التذكية بالذبح من هذه الجهة
مسألة 856: لا يعتبر اتحاد الذابح فيجوز وقوع الذبح من اثنين على
سبيل الاشتراك مقترنين بأن يأخذا السكين بيديهما ويذبحا معا، أو يقطع
أحدهما بعض الأعضاء والآخر الباقي دفعة أو على وجه التدريج بأن يقطع
أحدهما بعض الأعضاء ثم يقطع الآخر الباقي، وتجب التسمية منهما معا ولا
يجتزأ بتسمية أحدهما على الأقوى.
مسألة 857: تختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيتها بالنحر، ولا
281

يجوز ذلك في غيرها، فلو ذبح الإبل بدلا عن نحرها أو نحر الشاة أو البقر
أو نحوهما بدلا عن ذبحها حرم لحمها وحكم بنجاستها، نعم لو قطع
الأوداج الأربعة من الإبل ثم نحرها قبل زهوق روحها أو نحر الشاة مثلا ثم
ذبحها قبل أن تموت حل لحمهما وحكم بطهارتهما.
مسألة 858: كيفية النحر أن يدخل الآلة من سكين أو غيره من
الآلات الحادة الحديدية في لبتها، وهي الموضع المنخفض الواقع في أعلى
الصدر متصلا بالعنق، والشروط المعتبرة في الذبح تعتبر نظائرها في النحر
- عدا الشرط السادس - فيعتبر في الناحر أن يكون مسلما أو من بحكمه وأن
يكون النحر بالحديد وأن يكون النحر مقصودا للناحر، والاستقبال بالمنحور
إلى القبلة، والتسمية حين النحر، وخروج الدم المتعارف بالمعنى المتقدم،
وتحرك المنحور بعد تمامية النحر مع الشك في حياته عند النحر.
مسألة 859: يجوز نحر الإبل قائمة وباركة وساقطة على جنبها
والأولى نحرها قائمة
مسألة 860: إذا تعذر ذبح الحيوان أو نحره لاستعصائه أو لوقوعه في
بئر أو موضع ضيق على نحو لا يتمكن من ذبحه أو نحره وخيف موته
هناك جاز أن يعقره في غير موضع الذكاة برمح أو بسكين أو نحوهما مما
يجرحه ويقتله، فإذا مات بذلك العقر طهر وحل أكله وتسقط فيه شرطية
الاستقبال، نعم لأبد من توفر سائر الشروط المعتبرة في التذكية.
وقد مر في فصل الصيد جواز عقر المستعصي والصائل بالكلب
أيضا.
مسألة 861: ذكاة الجنين ذكاة أمه، فإذا ماتت أمه بدون تذكية، فإن
282

مات هو في جوفها حرم أكله، وكذا إذا أخرج منها حيا فمات بلا تذكية،
وأما إذا أخرج حيا فذكي حل أكله، وإذا ذكيت أمه فمات في جوفها حل
أكله، وإذا أخرج حيا فإن ذكي حل أكله وإن لم يذك حرم
مسألة 862: إذا ذكيت أمه فخرج حيا ولم يتسع الزمان لتذكيته فمات
بلا تذكية، فالأقوى حرمته، وأما إذا ماتت أمه بلا تذكية فخرج حيا ولم يتسع
الزمان لتذكيته فمات بدونها فلا اشكال في حرمته.
مسألة 863: الظاهر وجوب المبادرة إلى شق بطن الحيوان واخراج
الجنين منه على الوجه المتعارف، فلو توانى عن ذلك زائدا على المقدار
المتعارف فأدى ذلك إلى موت الجنين حرم أكله
مسألة 864: يشترط في حل الجنين بذكاة أمه أن يكون تام الخلقة
بأن يكون قد أشعر أو أوبر وإن فرض عدم ولوج الروح فيه، فإن لم يكن
تام الخلقة لم يحل بذكاة أمه، فحلية الجنين إذا خرج ميتا من بطن أمه،
المذكاة مشروطة بأمور: تمام خلقته، وعدم سبق موته على تذكية أمه،
وعدم استناد موته إلى التواني في اخراجه على النحو المتعارف
مسألة 865: لا فرق في ذكاة الجنين بذكاة أمه بين محلل الأكل
ومحرمه إذا كان مما يقبل التذكية.
مسألة 866: ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم أنه يستحب عند ذبح
الغنم أن تربط يداه وإحدى رجليه، وتطلق الأخرى ويمسك صوفه أو شعره
حتى يبرد.
وعند ذبح البقر أن تعقل يداه ورجلاه ويطلق ذنبه.
وعند نحر الإبل أن تربط يداها ما بين الخفين إلى الركبتين أو إلى
283

الإبطين وتطلق رجلاها، هذا إذا نحرت باركة، أما إذا نحرت قائمة فينبغي
أن تكون يدها اليسرى معقولة.
وعند ذبح الطير أن يرسل بعد الذباحة حتى يرفرف.
ويستحب عرض الماء على الحيوان قبل أن يذبح أو ينحر
ويستحب أن يعامل مع الحيوان عند ذبحه أو نحره بنحو لا يوجب
أذاه وتعذيبه بأن يحد الشفرة ويمر السكين على المذبح بقوة، ويجد في
الاسراع، فعن النبي صلى الله عليه وآله " إن الله تعالى شأنه كتب عليكم الاحسان في كل
شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم
شفرته، وليرح ذبيحته " وفي خبر آخر بأنه صلى الله عليه وآله أمر أن تحد الشفار
وأن توارى عن البهائم.
مسألة 867: يكره في ذبح الحيوانات ونحرها - كما ورد في جملة
من الروايات - أمور: منها سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها، ومنها أن
تكون الذباحة في الليل أو يوم الجمعة قبل الزوال من دون حاجة، ومنها أن
تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر من جنسه، ومنها أن يذبح ما رباه بيده
من النعم.
284

تكميل
في ما تقع عليه التذكية من الحيوانات
مسألة 868: تقع التذكية على كل حيوان حل أكله ذاتا وإن حرم
بالعارض كالجلال والموطوء، بحريا كان أم بريا وحشيا كان أم أهليا طيرا
كان أم غيره وإن اختلفت في كيفية تذكيتها على ما سبق تفصيلها
وأثر التذكية فيها إن كانت ذات نفسه سائلة: حلية أكل لحمها لو لم
يحرم بالعارض وطهارتها لحما، وجلدا. وجواز بيعها بناء على عدم جواز
بيع الميتة النجسة كما هو الأحوط.
وأما إن لم تكن لها نفس سائلة كالسمك فأثر التذكية فيها حلية لحمها
فقط، لأن ميتتها طاهرة فيجوز استعمالها فيما تعتبر فيه الطهارة، كما يجوز
بيعها، لجواز بيع الميتة الطاهرة على الأقوى.
مسألة 869: غير المأكول من الحيوان إن لم تكن له نفس سائلة
كالحية لم تقع عليه التذكية، إذ لا أثر لها بالنسبة إليه لا من حيث الطهارة
وجواز البيع ولا من حيث الحلية، لأنه طاهر ومحرم أكله على كل حال
وأما إذا كان ذا نفس سائلة فما كان نجس العين كالكلب والخنزير فلا
يقبل التذكية، وكذا الحشرات مطلقا على الأظهر وهي الدواب الصغار التي
تسكن باطن الأرض كالضب والفأر وابن عرس فإنها إذا ذبحت مثلا لم
يحكم بطهارة لحومها وجلودها.
وأما غير نجس العين والحشرات فتقع عليها التذكية سواء السباع -
وهي ما تفترس الحيوان وتأكل اللحم كالأسد والنمر والفهد والثعلب وابن
285

آوى والصقر والبازي والباشق - وغيرها حتى القرد والفيل والدب على
الأظهر، فتطهر لحومها وجلودها بالتذكية، ويحل الانتفاع بها فيما تعتبر فيه
الطهارة، بأن تجعل وعاء للمشروبات أو المأكولات كأن تجعل قربة ماء أو
عكة سمن أو دبة دهن ونحوها وإن لم تدبغ على الأقوى وإن كان الأحوط.
أن لا تستعمل في ذلك ما لم تدبغ
مسألة 870: تذكية جميع ما يقبل التذكية من الحيوان المحرم أكله
يكون بالذبح مع الشروط المعتبرة في ذبح الحيوان المحلل، وكذا
بالاصطياد بالسلاح في خصوص الممتنع منها كالمحلل، وفي تذكيتها
بالاصطياد بالكلب المعلم اشكال كما تقدم.
مسألة 871: إذا وجد لحم الحيوان الذي يقبل التذكية أو جلده ولم
يعلم أنه مذكى أم لا يبنى على عدم تذكيته، فلا يجوز أكل لحمه ولا
استعمال جلده فيما يفرض اعتبار التذكية فيه، ولكن لا يحكم بنجاسته حتى
إذا كانت له نفس سائلة ما لم يعلم أنه ميتة، ويستثنى عن الحكم المذكور ما
إذا وجدت عليه إحدى أمارات التذكية وهي:
الأولى: يد المسلم، فإن ما يوجد في يده من اللحوم والشحوم
والجلود إذا لم يعلم كونها من غير المذكى فهو محكوم بالتذكية ظاهرا،
ولكن بشرط اقتران يده بما يقتضي تصرفه فيه تصرفا يناسب التذكية
كعرض اللحم والشحم للأكل، واعداد الجلد للبس والفرش، وأما مع عدم
اقترانها بما يناسب التذكية كما إذا رأينا بيده لحما لا يدري أنه يريد أكله أو
وضعه لسباع الطير مثلا فلا يحكم عليه بالتذكية، وكذا إذا صنع الجلد ظرفا
للقاذورات مثلا.
286

الثانية: سوق المسلمين، فإن ما يوجد فيها من اللحوم والشحوم
والجلود محكوم بالتذكية ظاهرا سواء أكان بيد المسلم أم مجهول الحال.
الثالثة: الصنع في بلاد الاسلام، فإن ما يصنع فيها من اللحم كاللحوم
المعلبة أو من جلود الحيوانات كبعض أنواع الحزام والأحذية وغيرها
محكوم بالتذكية ظاهرا من دون حاجة إلى الفحص عن حاله.
مسألة 872: لا فرق في الحكم بتذكية ما قامت عليه إحدى الأمارات
المتقدمة بين صورة العلم بسبق يد الكافر أو سوقه عليه وغيرها إذا احتمل
أن ذا اليد المسلم أو المأخوذ منه في سوق المسلمين أو المتصدي لصنعه
في بلد الاسلام قد أحرز تذكيته على الوجه الشرعي.
مسألة 873: ما يوجد مطروحا في أرض المسلمين مما يشك في
تذكيته وإن كان محكوما بالطهارة على الأظهر ولكن الحكم بتذكيته وحلية
أكله محل اشكال، ما لم يحرز سبق إحدى الأمارات المتقدمة عليه.
مسألة 874: لا فرق في المسلم الذي تكون يده أمارة على التذكية
بين المؤمن والمخالف، وبين من يعتقد طهارة الميتة بالدبغ وغيره، وبين
من يعتبر الشروط المعتبرة في التذكية - كالاستقبال والتسمية وكون الذابح
مسلما وقطع الأعضاء الأربعة وغير ذلك - ومن لا يعتبرها إذا احتمل تذكيته
على وفق الشروط المعتبرة عندنا وإن لم يلزم رعايتها عنده، بل الظاهر أن
اخلاله بالاستقبال - اعتقادا منه بعدم لزومه - لا يضر بذكاة ذبيحته.
مسألة 875: المدار في كون البلد منسوبا إلى الاسلام غلبة السكان
المسلمين فيه بحيث ينسب عرفا إليه ولو كانوا تحت سلطنة الكفار، كما أن
هذا هو المدار في بلد الكفر، ولو تساوت النسبة من جهة عدم الغلبة.
فحكمه حكم بلد الكفر.
287

مسألة 876: ما يوجد في يد الكافر من لحم وشحم وجلد إذا احتمل
كونه مأخوذا من المذكى يحكم بطهارته وكذا بجواز الصلاة فيه على
الأظهر، ولكن لا يحكم بتذكيته وحلية أكله ما لم يحرز ذلك، ولو من جهة
العلم بكونه مسبوقا بإحدى الأمارات الثلاث المتقدمة، ولا يجدي في
الحكم بتذكيته اخبار ذي اليد الكافر بكونه مذكى، كما لا يجدي كونه في
بلاد المسلمين، ومن ذلك يظهر أن زيت السمك - مثلا - المجلوب من بلاد
الكفار المأخوذ من أيديهم لا يجوز أكله من دون ضرورة إلا إذا أحرز أن
السمك المأخوذ منه كان ذا فلس وأنه قد أخذ خارج الماء حيا أو مات في
شبكة الصياد أو حظيرته.
288

كتاب الأطعمة والأشربة
289

وفيه فصلان:
الفصل الأول
في الحيوان
وهو على ثلاثة أقسام
1 - حيوان البحر
مسألة 877: لا يحل من حيوان البحر إلا السمك، فيحرم غيره من
أنواع حيوانه حتى المسمى باسم ما يؤكل من حيوان البر كبقره وفرسه،
وكذا ما كان ذا حياتين كالضفدع والسرطان والسلحفاة على الأقوى، نعم
الطيور المسماة بطيور البحر - من السابحة والغائصة وغيرهما - يحل منها ما
يحل مثلها من طيور البر.
مسألة 878: لا يحل من السمك إلا ما كان له فلس ولو بالأصل فلا
يضر زواله بالعارض فيحل الكنعت والربيثا والبز والبني والشبوط والقطان
والطبراني والابلامي وغيرها حتى الأربيان المسمى في زماننا هذا ب‍
(الروبيان)، ولا يحل ما ليس له فلس في الأصل كالجري والزمير والزهو
291

والمارماهي، وإذا شك في وجود الفلس وعدمه بني على العدم
مسألة 879: ذكر جمع من الفقهاء أنه يحل من السمك الميت ما
يوجد في جوف السمكة المباحة إذا كان مباحا، ولكن هذا محل اشكال فلا
يترك الاحتياط بالاجتناب عنه، وأما ما تقذفه السمكة الحية من السمك فلا
يحل إلا أن يضطرب ويؤخذ حيا خارج الماء والأحوط الأولى اعتبار عدم
انسلاخ فلسه أيضا.
مسألة 880: بيض السمك تتبع السمك، فبيض المحلل حلال وإن
كان أملس وبيض المحرم حرام وإن كان خشنا، وإذا اشتبه أنه من المحلل أو
من المحرم فلا بد من الاجتناب عنه.
2 - البهائم ونحوها
مسألة 881: البهائم البرية من الحيوان صنفان: أهلية ووحشية:
أما الأهلية فيحل منها جميع أصناف الغنم والبقر والإبل ويكره الخيل
والبغال والحمير، ويحرم منها الكلب والهر ونحوهما
وأما الوحشية فتحل منها الظباء والغزلان والبقر والكباش الجبلية.
واليحامير والحمر الوحشية.
وتحرم منها السباع، وهي ما كان مفترسا وله ظفر أو ناب قويا كان
كالأسد والنمر والفهد والذئب أو ضعيفا كالثعلب والضبع وابن آوى، وكذا
يحرم الأرنب وإن لم يكن من السباع، كما تحرم المسوخ ومنها الخنزير
والقرد والفيل والدب
مسألة 882: تحرم الحشرات ويقصد بها الدواب الصغار التي تسكن
292

باطن الأرض كالضب والفأر واليربوع والقنفذ والحية ونحوها، كما يحرم
القمل والبرغوث والجعل ودودة القز بل مطلق الديدان، نعم في حرمة
خصوص ديدان الفواكه ونحوها من الثمار اشكال، ولا يبعد حليتها إذا أكلت
معها، بأن تؤكل الفاكهة مثلا بدودها إلا مع تيسر إزالتها فإنه لا يترك الاحتياط
عندئذ بالاجتناب عنها:
3 - الطيور
مسألة 883: كل طائر ذي ريش يحل أكل لحمه إلا السباع، فيحل
الحمام بجميع أصنافه كالقمري والدبسي والورشان ويحل الدراج والقبج والقطا
والطيهوج والبط والكروان والحبارى والكركي، كما يحل الدجاج بجميع
أقسامه والعصفور بجميع أنواعه ومنه البلبل والزرزور والقبرة، ويحل الهدهد
والخطاف والشقراق والصرد والصوام وإن كان يكره قتلها، وتحل النعامة
والطاووس على الأقوى.
وأما السباع وهي كل ذي مخلب سواء أكان قويا يقوى به على
افتراس الطير - كالبازي والصقر والعقاب والشاهين والباشق - أو ضعيفا لا
يقوى به على ذلك كالنسر والبغاث فهي محرمة الأكل، وكذا الغراب بجميع
أنواعه حتى الزاغ على الأحوط لزوما - ويحرم أيضا كل ما يطير وليس له
ريش كالخفاش وكذا الزنبور والبق والفراشة وغيرها من الحشرات الطائرة
- على الأحوط لزوما - عدا الجراد.
مسألة 884: الظاهر أن كل طائر يكون صفيفه أكثر من دفيفه - أي
بسط جناحيه عند الطيران أكثر من تحريكهما - يكون ذا مخلب فيحرم
293

لحمه بخلاف ما يكون دفيفه أكثر من صفيفه فإنه محلل اللحم
وعلى هذا فيتميز المحرم من الطيور عن غيره بملاحظة كيفية
طيرانها، كما يتميز ما لا يعرف طيرانه بوجود (الحوصلة أو القانصة أو
الصيصية) فيه، فما يكون له إحدى الثلاث يحل أكله دون غيره.
والحوصلة ما يجتمع فيه الحب وغيره من المأكول عند الحلق
والقانصة ما يجتمع فيه الحصاة الدقاق التي يأكلها الطير. والصيصية شوكة
في رجل الطير خارجة عن الكف.
مسألة 885: قد علم مما تقدم إن الطير الذي يكون صفيفه أكثر من
دفيفه محرم الأكل وإن وجد فيه أحد الأعضاء الثلاثة أو جميعها، فمورد
الرجوع إلى هذه العلامة الطير الذي له صفيف ودفيف ولم يتبين أيهما أكثر
- ولو من جهة اختلاف المشاهدين لطيرانه كما هو الحال في اللقلق - وكذا
الطير المذبوح إذا لم يعرف حاله.
مسألة 886: لو فرض تساوي الصفيف والدفيف في الطير فالمشهور
حليته، ولكنه محل إشكال فالأحوط لزوما الرجوع إلى العلامة المذكورة،
فإن وجد فيه أحد الأعضاء الثلاثة حل أكله وإلا حرم
مسألة 887: بيض الطير تابع له في الحل والحرمة فبيض المحلل
حلال وبيض المحرم حرام، وما اشتبه أنه من المحلل أو المحرم يؤكل ما
اختلف طرفاه وتميز أعلاه من أسفله مثل بيض الدجاج، دون ما اتفق
وتساوى طرفاه.
مسألة 888: تتساوى طيور الماء مع غيرها في الضابطين المتقدمين
للحل والحرمة، فما كان منها صفيفه أكثر من دفيفه حرم أكله، وما كان دفيفه.
294

أكثر حل أكله وإن كان يأكل السمك، وإذا لم يعرف كيفية طيرانه فالعبرة في
حليته بوجود أحد الأعضاء الثلاثة فيه أي (الحوصلة والقانصة والصيصية)
مسألة 889: تعرض الحرمة على الحيوان المحلل بالأصل بأمور:
(الأمر الأول): الجلل، وهو أن يتغذى الحيوان بعذرة الانسان بحيث
يصدق عرفا أنها غذاؤه، ولا يلحق بعذرة الانسان عذرة غيره ولا سائر،
النجاسات، ويتحقق الصدق المزبور بانحصار غذائه بها مدة معتدا بها، فلو
كان يتغذى بها مع غيرها لم يتحقق الصدق فلم يحرم، إلا أن يكون تغذيه
بغيرها نادرا جدا بحيث يكون في النظر العرفي بحكم العدم، وكذا إذا
انحصر غذاؤه بها فترة قصيرة كيوم وليلة، بل لا بد من الاستمرار يومين فما زاد.
مسألة 890: يعم حكم الجلل كل حيوان محلل حتى الطير والسمك.
مسألة 891: كما يحرم لحم الحيوان الجلال يحرم لبنه وبيضه
ويحلان بما يحل به لحمه، فحكم الحيوان المحرم بالعارض حكم الحيوان
المحرم بالأصل قبل أن يستبرأ ويزول حكمه.
مسألة 892: الجلل ليس مانعا عن تذكية الحيوان، فيذكى الجلال بما
يذكى به غيره، ويترتب عليها طهارة لحمه وجلده كسائر الحيوان المحرم
بالأصل القابل للتذكية
مسألة 893: تزول حرمة الجلال بالاستبراء وهو أن يمنع الحيوان
عن أكل العذرة لمدة يخرج بها عن صدق الجلال عليه، والأحوط الأولى
مع ذلك أن يراعى في الاستبراء مضي المدة المعينة لها في بعض الأخبار
وهي: للدجاجة ثلاثة أيام، وللبطة خمسة، وللغنم عشرة، وللبقرة عشرون،
وللبعير أربعون يوما، وللسمك يوم وليلة.
295

مسألة 894: لا يشترط فيما يكون غذاء الحيوان في مدة الاستبراء
من الجلل أن يكون طاهرا بل يكفي تغذيه فيها بغير ما أوجب الجلل مطلقا
وإن كان متنجسا أو نجسا على الأقوى
مسألة 895: يستحب ربط الدجاجة التي يراد أكلها أياما ثم ذبحها
وإن لم يعلم جللها.
(الأمر الثاني) - مما يوجب حرمة الحيوان المحلل بالأصل -: أن
يطأه الانسان قبلا أو دبرا وإن لم ينزل فإنه يحرم بذلك لحمه وكذا لبنه
ونسله المتجدد بعد الوطئ على الأحوط. ولا فرق في الواطئ بين الصغير
والكبير على الأحوط، كما لا فرق بين العاقل والمجنون والعالم والجاهل
والمختار والمكره، ولا فرق في الموطوء بين الذكر والأنثى ولا يحرم
الحمل إذا كان متكونا قبل الوطئ كما لا يحرم الموطوء إذا كان ميتا، والأظهر
اختصاص الحكم المذكور بالبهائم فلا تحرم بالوطئ سائر أنواع الحيوان.
مسألة 896: الحيوان الموطوء إن كان مما يطلب لحمه كالغنم والبقر
يجب أن يذبح ثم يحرق، فإن كان لغير الواطئ وجب عليه أن يغرم قيمته
لمالكه. وأما إذا كان مما يركب ظهره كالخيل والبغال والحمير وجب نفيه
من البلد وبيعه في بلد آخر، ويغرم الواطئ - إذا كان غير المالك - قيمته
ويكون الثمن لنفس الواطئ. وأما إذا كان مما يطلب لحمه ويركب ظهره معا
كالإبل لحقه حكم القسم الأول على الأظهر
مسألة 897: إذا وطئ انسان بهيمة يطلب لحمها واشتبه الموطوء بين
عدة أفراد أخرج بالقرعة.
(الأمر الثالث) - مما يوجب حرمة الحيوان المحلل بالأصل -:
296

الرضاع من الخنزيرة، فإنه إذا رضع الجدي - وهو ولد المعز - من لبن
خنزيرة واشتد لحمه وعظمه من ذلك حرم لحمه ونسله ولبنهما أيضا،
ويلحق بالجدي العجل وأولاد سائر الحيوانات المحلل لحمها على الأحوط
لزوما، ولا تلحق بالخنزيرة الكلبة ولا الكافرة، وفي تعميم الحكم للشرب
من دون رضاع والرضاع بعد ما كبر وفطم اشكال بل منع.
هذا إذا اشتد لحم الحيوان وعظمه بالرضاع، وأما إذا لم يشتد
فالأحوط أن يستبرأ سبعة أيام بلبن طاهر إن لم يكن مستغنيا عن الرضاع،
وإلا استبرئ بالعلف والشعير ونحوهما ثم يحل بعد ذلك.
مسألة 898: لو شرب الحيوان المحلل الخمر حتى سكر فذبح في
تلك الحال جاز أكل لحمه ولكن لا بد من غسل ما لاقته الخمر مع بقاء
عينها، ولا يؤكل ما في جوفه من الأمعاء والكرش والقلب والكبد وغيرها وإن
غسل على الأحوط، ولو شرب بولا أو غيره من النجاسات ثم ذبح عقيب
الشرب لم يحرم لحمه ويؤكل ما في جوفه بعد غسله مع بقاء عين النجاسة فيه.
مسألة 899: لو وضع جدي أو عناق أو عجل من لبن امرأة حتى
فطم وكبر لم يحرم لحمه لكنه مكروه.
مسألة 900: تحرم من الحيوان المحلل وإن ذكي عدة أشياء، وهي ما
يلي:
الدم، والروث، والقضيب والفرج ظاهره وباطنه، والمشيمة وهي
موضع الولد، والغدة وهي كل عقدة في الجسم مدورة تشبه البندق،
والبيضتان، وخرزة الدماغ وهي حبة بقدر الحمصة في وسط الدماغ
والنخاع وهو خيط أبيض كالمخ في وسط فقار الظهر، والعلباوان - على
297

الأحوط - وهما عصبتان ممتدتان على الظهر من الرقبة إلى الذنب، والمرارة،
والطحال، والمثانة، وحدقة العين وهي الحبة الناظرة منها لا جسم العين
كله.
هذا في غير الطيور والسمك والجراد، وأما الطيور فيحرم مما يوجد
فيها من المذكورات (الدم والرجيع)، وأما تحريم غيرهما فمبني على
الاحتياط اللزومي، وكذا تحريم الرجيع والدم من السمك والرجيع من
الجراد ولا يحرم غير ذلك مما يوجد فيهما من المذكورات على الأظهر.
مسألة 901: يؤكل من الحيوان المذكى غير ما مر فيؤكل القلب
والكبد والكرش والأمعاء والغضروف والعضلات وغيرها، نعم يكره
الكليتان وأذنا القلب والعروق خصوصا الأوداج، وهل يؤكل منه الجلد
والعظم مع عدم الضرر أم لا؟ وجهان أظهرهما الأول والأحوط
الأولى الاجتناب، نعم لا اشكال في جلد الرأس وجلد الدجاج وغيره من
الطيور وكذا في عظم صغار الطيور كالعصفور
مسألة 902: يجوز أكل ما حل أكله نيا ومطبوخا بل ومحروقا إذا لم
يكن مضرا ضررا بليغا.
مسألة 903: لا تحل أبوال ما لا يؤكل لحمه بل وما يؤكل لحمه أيضا
حتى الإبل على الأحوط، نعم لا بأس بشرب أبوال الأنعام الثلاثة للتداوي
وإن لم ينحصر العلاج بها.
مسألة 904: يحرم رجيع كل حيوان ولو كان مما حل أكله على ما
تقدم، نعم الظاهر عدم حرمة فضلات الديدان الملتصقة بأجواف الفواكه
ونحوها، وكذا ما في جوف السمك والجراد إذا أكل معهما.
298

مسألة 905: يحرم لبن الحيوان المحرم أكله ولو لعارض كما مر،
وأما لبن الانسان فالأحوط وجوبا ترك شربه.
مسألة 906: يحرم الدم من الحيوان ذي النفس السائلة حتى العلقة
والدم في البيضة، بل وما يتخلف في الأجزاء المأكولة من الذبيحة على
الأقوى، نعم لا اشكال مع استهلاكه في المرق أو نحوه.
وأما الدم من غير ذي النفس السائلة فما كان مما حرم أكله كالوزغ
والضفدع والعقرب والخفاش فلا اشكال في حرمته.
وأما ما كان مما حل أكله كالسمك الحلال ففيه اشكال، نعم لا يبعد
حليته إذا أكل مع السمك بأن أكل السمك بدمه.
مسألة 907: تحرم الميتة وإن كانت طاهرة كالسمك الطافي وكذا
تحرم أجزاؤها، ويستثنى منها اللبن والإنفحة والبيضة إذا اكتست القشر
الأعلى وإن لم يتصلب، وقد يستثنى منها جميع ما لا تحله الحياة مما
يحكم بطهارته وإن كانت الميتة نجسة - كالعظم والقرن والظفر - ولكنه محل
اشكال.
مسألة 908: إذا اشتبه اللحم فلم يعلم أنه مذكى أم لا ولم يكن عليه
إحدى أمارات التذكية المتقدمة في المسألة (871) لم يحل أكله، وأما لو
اشتبه اللحم المحرز تذكيته - ولو بإحدى أماراتها - فلم يعلم أنه من النوع
الحلال أو الحرام حكم بحله.
مسألة 909: لا يحرم بلع النخامة والأخلاط الصدرية الصاعدة إلى
فضاء الفم، ويحرم القيح والبلغم والنخامة ونحوها من فضلات الحيوان مما
تعافه الطباع وتستخبثه النفوس.
299

الفصل الثاني
في غير الحيوان
مسألة 910: يحرم تناول الأعيان النجسة وكذا المتنجسة ما دامت
باقية على تنجسها مائعة كانت أم جامدة.
مسألة 911: إذا وقعت النجاسة في الجسم الجامد - كالسمن والعسل
الجامدين - لزم رفع النجاسة وما يكتنفها من الملاقي معها برطوبة ويحل
الباقي، وإذا كان المائع غليظا ثخينا - بأن كان بحيث لو أخذ منه شئ بقي
مكانه خاليا حين الأخذ وإن امتلأ بعد ذلك - فهو كالجامد، ولا تسري
النجاسة إلى تمام أجزائه إذا لاقت بعضها بل تختص النجاسة بالبعض
الملاقي لها ويبقى الباقي على طهارته.
مسألة 912: يحرم استعمال كل ما يضر ضررا بليغا بالانسان، سواء
أكان موجبا للهلاك كتناول السموم القاتلة وكشرب الحامل ما يوجب سقوط
الجنين، أم كان موجبا لتعطيل بعض الأعضاء أو فقدان بعض الحواس،
كاستعمال ما يوجب شلل اليد أو عمى العين، والأحوط عدم استعمال
الرجل أو المرأة ما يجعله عقيما لا يقدر على التناسل والانجاب وإن كان
جوازه في حد ذاته لا يخلو عن وجه.
مسألة 913: لا فرق في حرمة استعمال المضر - بالحد المتقدم - بين
معلوم الضرر ومظنونه بل ومحتمله أيضا إذا كان احتماله معتدا به عند
العقلاء ولو بلحاظ الاهتمام بالمحتمل بحيث أوجب الخوف عندهم، وكذا
لا فرق بين أن يكون الضرر المترتب عليه عاجلا أو بعد مدة.
300

مسألة 914: يجوز للمريض أن يتداوى بما يحتمل فيه الضرر البليغ
ويؤدي إليه أحيانا إذا استصوبه له الطبيب الموثوق به بعد موازنته بين
درجتي النفع والضرر احتمالا ومحتملا، بل يجوز له المعالجة بما يؤدي إلى
الضرر البليغ إذا كان ما يدفع به أعظم ضررا وأشد خطرا، ومن هذا القبيل
قطع بعض الأعضاء دفعا للسراية المؤدية إلى الهلاك، ولكن يشترط في
ذلك أيضا أن يكون الاقدام عليه عقلائيا، بأن يكون العمل صادرا برأي
الطبيب الحاذق المحتاط غير المتسامح ولا المتهور.
مسألة 915: ما كان كثيره يضر ضررا بليغا دون قليله يحرم كثيره
دون قليله، ولو فرض العكس كان بالعكس، وكذا ما يضر منفردا لا منضما
مع غيره يحرم منفردا لا منضما، وما كان بالعكس كان بالعكس.
مسألة 916: ما لا يضر تناوله مرة أو مرتين مثلا، ولكن يضر ادمانه
وتكرر تناوله والتعود به يحرم تكراره المضر خاصة.
مسألة 917: يحرم استعمال الترياق ومشتقاته وسائر أنواع المواد
المخدرة إذا كان مستتبعا للضرر البليغ بالشخص سواء أكان من جهة زيادة
المقدار المستعمل منها أم من جهة ادمانه، بل الأحوط الاجتناب عنها مطلقا
إلا في حال الضرورة فتستعمل بمقدار ما تدعو الضرورة إليه.
مسألة 918: يحرم أكل الطين وهو التراب المختلط بالماء حال
بلته، وكذا المدر وهو الطين اليابس، ويلحق بهما التراب والرمل على
الأحوط وجوبا، نعم لا بأس بما يختلط به حبوب الحنطة والشعير
ونحوهما من التراب والمدر مثلا ويستهلك في دقيقهما عند الطحن، وكذا
ما يكون على وجه الفواكه ونحوها من التراب والغبار إذا كان قليلا بحيث لا
يعد أكلا للتراب، وكذا الماء المتوحل أي الممتزج بالطين الباقي على
اطلاقه، نعم لو أحست الذائقة لأجزاء الطينية حين الشرب فالأحوط الأولى
الاجتناب عن شربه حتى يصفو.
301

مسألة 919: لا يلحق بالطين الأحجار وأنواع المعادن والأشجار فهي
حلال كلها مع عدم الضرر البليغ.
مسألة 920: يستثنى من الطين طين قبر الإمام الحسين عليه السلام
للاستشفاء، ولا يجوز أكله لغيره، ولا أكل ما زاد عن قدر الحمصة
المتوسطة الحجم، ولا يلحق به طين قبر غيره حتى قبر النبي صلى الله عليه وآله
والأئمة عليهم السلام، نعم لا بأس بأن يمزج بماء أو مشروب آخر على نحو
يستهلك فيه والتبرك بالاستشفاء بذلك الماء وذلك المشروب.
مسألة 921: قد ذكر لأخذ التربة المقدسة وتناولها عند الحاجة آداب
وأدعية خاصة، ولكن الظاهر أنها شروط كمال لسرعة تأثيرها لا أنها شرط
لجواز تناولها.
مسألة 922: القدر المتيقن من محل أخذ التربة هو القبر الشريف وما
يقرب منه على وجه يلحق به عرفا فالأحوط وجوبا الاقتصار عليه،
واستعمالها فيما زاد على ذلك ممزوجة بماء أو مشروب آخر على نحو
تستهلك فيه ويستشفى به رجاء.
مسألة 923: تناول التربة المقدسة للاستشفاء يكون إما بازدرادها
وابتلاعها، وإما بحلها في الماء ونحوه وشربه، بقصد التبرك والشفاء
مسألة 924: إذا أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بأنه من تلك
التربة المقدسة بالحد المتقدم فلا اشكال، وكذا إذا قامت على ذلك البينة،
وفي كفاية قول الثقة أو ذي اليد اشكال إلا أن يورث الاطمينان، والأحوط
وجوبا في غير صورة العلم والاطمينان وقيام البينة تناولها ممزوجا بماء
ونحوه بعد استهلاكها فيه.
302

مسألة 925: يجوز أكل الطين الأرمني والداغستاني وغيرهما للتداوي
عند انحصار العلاج فيها.
مسألة 926: يحرم شرب الخمر بالضرورة من الدين بحيث يحكم
بكفر مستحلها مع التفاته إلى أن لازمه انكار رسالة النبي صلى الله عليه وآله في الجملة
بتكذيبه صلى الله عليه وآله في تبليغ حرمتها عن الله تعالى، وقد وردت أخبار كثيرة في
تشديد أمرها والتوعيد على ارتكابها، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من شرب
الخمر بعد ما حرمها الله على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب، ولا
يشفع إذا شفع، ولا يصدق إذا حدث، ولا يعاد إذا مرض، ولا يشهد له
جنازة، ولا يؤتمن على أمانة)، وفي رواية أخرى: (لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
في الخمر عشرة: غارسها، وحارسها، وعاصرها، وشاربها، وساقيها
وحاملها، والمحمول إليه، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها)، وعن الصادق
عليه السلام: (إن الخمر أم الخبائث، ورأس كل شر، يأتي على شاربها ساعة
يسلب لبه فلا يعرف ربه، ولا يترك معصية إلا ركبها، ولا يترك حرمة إلا
انتهكها، ولا رحما ماسة إلا قطعها، ولا فاحشة إلا أتاها، وإن شرب منها
جرعة لعنه الله وملائكته ورسله والمؤمنون، وإن شربها حتى سكر منها نزع
روح الايمان من جسده وركبت فيه روح سخيفة خبيثة، ولم تقبل صلاته
أربعين يوما)، وفي بعض الروايات: (إن مدمن الخمر كعابد الوثن) وقد
فسر المدمن في بعضها بأنه ليس الذي يشربها كل يوم ولكنه الموطن نفسه
أنه إذا وجدها شربها.
303

مسألة 927: يلحق بالخمر - موضوعا أو حكما - كل مسكر جامدا
كان أم مائعا، وما أسكر كثيره دون قليله حرم قليله وكثيره.
مسألة 928: إذا انقلبت الخمر خلا حلت سواء أكان بنفسها أو
بعلاج، وسواء أكان العلاج بدون ممازجة شئ معها كما إذا كان بتدخين أو
بمجاورة شئ أو كان بالممازجة، وسواء استهلك الخليط فيها قبل أن تنقلب
خلا - كما إذا مزجت بقليل من الملح أو الخل فاستهلكا فيها ثم انقلبت خلا - أم
لم يستهلك بل بقي فيها إلى ما بعد الانقلاب، ويطهر الباقي من المزيج،
بالتبعية كما يطهر بها الإناء، نعم إذا كان الإناء متنجسا بنجاسة خارجية قبل
الانقلاب لم يطهر، وكذا إذا وقعت النجاسة فيها قبل أن تنقلب وإن
استهلكت فيها.
مسألة 929: الفقاع حرام، وهو شراب معروف يوجب النشوة عادة
لا السكر، وكان يتخذ في الصدر الأول من الشعير في الأغلب، وليس منه
ماء الشعير الذي يستعمله الأطباء في معالجاتهم.
مسألة 930: يحرم عصير العنب إذا غلى بنفسه أو بالنار أو
بالشمس، بل الأحوط الأولى الاجتناب عنه بمجرد النشيش وإن لم يصل
إلى حد الغليان، وأما العصير الزبيبي فلا يحرم بالغليان ما لم يوجب
الاسكار، وإن كان الأحوط استحبابا الاجتناب عنه وهكذا الحال في العصير
التمري.
مسألة 931: الماء الذي تشتمل عليه حبة العنب بحكم عصيره في
تحريمه بالغليان على الأحوط، نعم لا يحكم بحرمته ما لم يعلم بغليانه.
304

فلو وقعت حبة من العنب في قدر يغلي وهي تعلو وتسفل في الماء المغلي
لم يحكم بحرمتها ما لم يعلم بغليان ما في جوفها من الماء وهو غير حاصل
غالبا.
مسألة 932: من المعلوم أن الزبيب ليس له عصير في نفسه،
فالمقصود بعصيره ما اكتسب منه الحلاوة إما بأن يدق ويخلط بالماء وإما
بأن ينقع في الماء ويمكث إلى أن يكتسب حلاوته بحيث يصير في الحلاوة
بمثابة عصير العنب، وإما بأن يمرس ويعصر بعد النقع فتستخرج عصارته،
وأما إذا كان الزبيب على حاله وحصل في جوفه ماء فالظاهر أن ما فيه ليس
من عصيره فلا يحرم بالغليان ولو قلنا بحرمة عصيره المغلي، وعلى هذا فلا
اشكال في وضع الزبيب في المطبوخات مثل المرق والمحشي والطبيخ وإن
دخل فيه ماء وغلى فضلا عما إذا شك فيه
مسألة 933: عصير العنب المغلي - إذا لم يصر مسكرا بالغليان -
تزول حرمته بذهاب ثلثيه بحسب الكم لا بحسب الثقل، ولا فرق بين أن
يكون الذهاب بالنار أو ما يلحق بها كالأسلاك المحماة بالكهرباء أو بالأشعة
أو بالشمس أو بالهواء على الأقوى، وأما مع صيرورته مسكرا بالغليان - كما
ربما يدعى ذلك فيما إذا غلى بنفسه - فلا تزول حرمته إلا بالتخليل ولا أثر
فيه لذهاب الثلثين، وهكذا الحكم في العصير التمري والزبيبي إذا صارا
مسكرين.
مسألة 934: إذا صار العصير المغلي دبسا قبل أن يذهب ثلثاه لا
يكفي ذلك في حليته على الأحوط لزوما.
305

مسألة 935: إذا اختلط العصير بالماء ثم غلى يكفي في حليته ذهاب
ثلثي المجموع، فلو صب عشرين رطلا من ماء في عشرة أرطال من عصير
العنب ثم طبخه حتى ذهب منه عشرون وبقي عشرة فهو حلال، وبهذه
الطريقة يمكن طبخ بعض أقسام العصير مما لا يمكن لغلظه أن يطبخ على
الثلث لأنه يحترق ويفسد قبل أن يذهب ثلثاه، فيصب فيه الماء بمقداره أو
أقل منه أو أكثر ثم يطبخ إلى أن يذهب الثلثان
مسألة 936: لو صب على العصير المغلي قبل أن يذهب ثلثاه مقدار
من العصير غير المغلي وجب ذهاب ثلثي مجموع ما بقي من الأول مع ما
صب ثانيا، ولا يحسب ما ذهب من الأول أولا، فإذا كان في القدر تسعة
أكواب من العصير فغلى حتى ذهب منه ثلاثة وبقي ستة ثم صب عليه تسعة
أكواب أخر فصار خمسة عشر يجب أن يغلي حتى يذهب عشرة ولا يكفي
ذهاب تسعة وبقاء ستة.
مسألة 937: إذا صب العصير المغلي قبل ذهاب ثلثيه في عصير آخر
قد غلى ولم يذهب ثلثاه أيضا فإن تساويا في المقدار الذاهب كما لو كان
الذاهب من كل منهما ثلثه كفى في الحلية ذهاب البقية من المجموع وهي
نصفه في المثال. وأما مع عدم تساويهما في ذلك كما لو كان الذاهب من
أحدهما نصفه ومن الآخر سدسه فلا بد لحلية المجموع من أن يذهب منه
بنسبة ما كان يلزم ذهابه من العصير الثاني - الذي كان المقدار الذاهب منه
أقل - إلى المقدار الباقي منه وهي ثلاثة أخماسه في المثال.
مسألة 938: لا بأس بأن يطرح في العصير قبل ذهاب الثلثين مثل
السفرجل والتفاح وغيرهما ويطبخ فيه، ولكن لا يحل المطروح بذهاب
ثلثي ما في الإناء من العصير، بل لا بد من ذهاب ثلثي ما جذبه إلى جوفه.
306

منه، فما لم يحرز ذلك لم يحكم بحليته.
مسألة 939: يثبت ذهاب الثلثين من العصير المغلي بالعلم وبالبينة
وباخبار ذي اليد المسلم إذا لم يكن ممن يشربه قبل ذهاب ثلثيه، وفي ثبوته
باخبار العدل الواحد اشكال إلا إذا أورث الاطمينان بصدقه.
مسألة 940: لا يحرم شئ من الربوب - أي ما يخثر من عصير
الثمار - كرب الرمان والتفاح وإن شم منه رائحة المسكر.
مسألة 941: يحرم تناول مال الغير من دون رضاه وإن كان كافرا
محترم المال، وقد ورد: (إن من أكل من طعام لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة
من النار)
مسألة 942: يجوز أن يأكل الانسان - ولو مع عدم الضرورة - من
بيوت من تضمنته الآية الشريفة في سورة النور، وهم: الآباء والأمهات،
والإخوان والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، وكذا يجوز
لمن كان وكيلا على بيت أحد مفوضا إليه أموره وحفظه بما فيه أن يأكل من
بيت موكله، وهو المراد من (ما ملكتم مفاتحه) المذكور في تلك الآية
الشريفة، وكذا يجوز أن يأكل الصديق من بيت صديقه، وكذا الزوجة من
بيت زوجها، والأب والأم من بيت الولد.
وإنما يجوز الأكل من تلك البيوت إذا لم يعلم كراهة صاحب البيت،
فيكون امتيازها عن غيرها بعدم توقف جواز الأكل منها على احراز رضا
وطيب نفس صاحبها، فيجوز مع الشك بل ومع الظن بالعدم أيضا على
الأقوى بخلاف غيرها.
والأحوط اختصاص الحكم بما يعتاد أكله من الخبز والتمر والإدام
307

والفواكه والبقول ونحوها دون نفائس الأطعمة التي تدخر غالبا لمواقع
الحاجة وللأضياف ذوي الشرف والعزة.
والظاهر شمول الحكم لغير المأكول من المشروبات المتعارفة من
الماء واللبن المخيض واللبن الحليب وغيرها.
نعم لا يتعدى إلى بيوت غيرهم، ولا إلى غير بيوتهم كدكاكينهم
وبساتينهم، كما أنه يقتصر على ما في البيت من المأكول، فلا يتعدى إلى ما
يشترى من الخارج بثمن يؤخذ من البيت.
مسألة 943: يباح تناول المحرمات المتقدمة في موارد الاضطرار،
كتوقف حفظ نفسه وسد رمقه عليه، أو عروض المرض الشديد الذي لا
يتحمل عادة بتركه، أو أداء تركه إلى لحوق الضعف الشديد المفرط المؤدي
إلى التلف أو إلى المرض بالحد المتقدم أو الموجب للتخلف عن الرفقة مع
ظهور أمارة العطب، ومنها ما إذا خيف بتركه على نفس أخرى محترمة
كالحامل تخاف على جنينها والمرضعة على طفلها، بل ومن الاضطرار
خوف طول المرض الشديد الذي لا يتحمل عادة أو عسر علاجه بترك
التناول، والمدار في الكل على الخوف الحاصل من العلم والظن بالترتب أو
الاحتمال المعتد به عند العقلاء ولو لأجل أهمية محتملة.
مسألة 944: إنما يباح تناول المحرمات المتقدمة لمن اضطر إليه قهرا
لا بسوء اختياره فإن الاضطرار بالاختيار لا يكون محللا للمحرمات إلا مع
تعقبه بالتوبة، وأما مع عدمه فلا أثر للاضطرار في رفع الحرمة، نعم إذا دار
الأمر حينئذ بين تناول المحرم ومخالفة حكم الزامي أهم - كوجوب حفظ
النفس - لزم عقلا اختيار الأول لكونه أخف عقوبة، وفي حكم المضطر.
308

بسوء الاختيار - في عدم حلية المضطر إليه له مع عدم التوبة - من اضطر
اتفاقا إلى تناول المحرم في حال كونه محاربا للإمام عليه السلام وباغيا عليه أو
عاديا وقاطعا للطريق، فإنه إذا لم يتب ويرجع عن بغيه وعدوانه لا يحل له
شرعا تناول المحرم، بل يلزمه عقلا عدم تناوله وإن أدى ذلك إلى هلاكه.
مسألة 945: كما يباح تناول المحرمات المذكورة في حال الاضطرار
كذلك يباح تناولها في حال الاكراه والتقية عمن يخاف منه على نفسه أو
عرضه أو ماله المعتد به، أو على نفس محترمة، أو عرض محترم يكون ترك
حفظه حرجيا عليه بحد لا يتحمل عادة، أو عرض محترم يجب حفظه فيما
إذا كان وجوب حفظه أهم من حرمة تناول المحرم أو مساويا لها.
مسألة 946: في كل مورد يتوقف فيه انقاذ النفس من الهلاك أو ما
يدانيه على تناول شئ من المحرمات المتقدمة يجب التناول فلا يجوز له
التنزه والحال هذه، ولا فرق في ذلك بين الخمر والطين وسائر المحرمات
على الأقوى، فإذا أصابه عطش حتى خاف على نفسه فأصاب خمرا جاز بل
وجب شربها، وكذا إذا اضطر إلى أكل الطين لانقاذ نفسه من الهلاك.
مسألة 947: إنما يباح بالاضطرار خصوص المقدار المضطر إليه فلا
يجوز الزيادة عليه، فإذا اضطر إلى أكل الميتة لسد رمقه لزمه الاقتصار على
القليل الذي يسد به رمقه ولا يجوز له أن يأكل حد الشبع إلا إذا فرض أن
اضطراره لا يرتفع إلا بالشبع
مسألة 948: يجوز التداوي لمعالجة الأمراض الشديدة التي لا
تتحمل عادة بتناول المحرمات المتقدمة إذا انحصر العلاج بها فيما بأيدي
الأطباء من وسائل المعالجة وطرقها، والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين
309

الخمر ونحوها من المسكرات وبين سائر أنواع المحرمات، نعم لا يخفى
شدة أمر الخمر فلا يبادر المريض إلى تناولها والمعالجة بها إلا إذا رأى من
نفسه الهلاك أو ما يدانيه لو ترك التداوي بها ولو من جهة توافق جمع من
الحذاق وأولي الديانة والدراية من الأطباء، وإلا فليصبر على المشقة فلعل
الباري تعالى شأنه يعافيه لما رأى منه التحفظ على دينه.
مسألة 949: إذا اضطر إلى تناول مال الغير بغير رضاه لحفظ نفسه
من الهلاك أو ما يدانيه، أو لحفظ عرضه من الاعتداء عليه، جاز له ذلك.
وقد تقدم شطر من أحكامه في المسألة (461) وما بعدها.
مسألة 950: يحرم الأكل من مائدة يشرب عليها شئ من الخمر أو
المسكر، بل يحرم الجلوس عليها أيضا على الأحوط.
مسألة 951: قد عد من آداب الأكل أمور:
1 - غسل اليدين معا قبل الطعام.
2 - غسل اليدين بعد الطعام، والتنشف بعده بالمنديل.
3 - أن يبدأ صاحب الطعام قبل الجميع ويمتنع بعد الجميع، وأن يبدأ
الغسل قبل الطعام بصاحب الطعام ثم بمن على يمينه إلى أن يتم الدور إلى
من في يساره، وأن يبدأ في الغسل بعد الطعام بمن على يسار صاحب
الطعام إلى أن يتم الدور إلى صاحب الطعام.
4 - التسمية عند الشروع في الطعام، ولو كانت على المائدة ألوان من
الطعام استحبت التسمية على كل لون بانفراده.
5 - الأكل باليمين.
6 - أن يأكل بثلاثة أصابع أو أكثر، ولا يأكل بإصبعين.
310

7 - الأكل مما يليه إذا كانت على المائدة جماعة، ولا يتناول من قدام
الآخرين.
8 - تصغير اللقم.
9 - أن يطيل الأكل والجلوس على المائدة.
10 - أن يجيد المضغ.
11 - أن يحمد الله بعد الطعام.
12 - أن يلعق الأصابع ويمصها.
13 - التخلل بعد الطعام، وأن لا يكون التخلل بعودة الريحان
وقضيب الرمان والخوص والقصب.
14 - أن يلتقط ما يتساقط خارج السفرة ويأكله إلا في البراري
والصحاري، فإنه يستحب فيها أن يدع المتساقط عن السفرة للحيوانات
والطيور.
15 - أن يكون أكله غداة وعشيا ويترك الأكل بينهما.
16 - الاستلقاء بعد الأكل على القفا وجعل الرجل اليمنى على
اليسرى
17 - الافتتاح والاختتام بالملح.
18 - أن يغسل الثمار بالماء قبل أكلها.
19 - أن لا يأكل على الشبع.
20 - أن لا يمتلئ من الطعام.
21 - أن لا ينظر في وجوه الناس لدى الأكل
22 - أن لا يأكل الطعام الحار.
311

23 - أن لا ينفخ في الطعام والشراب.
24 - أن لا ينتظر بعد وضع الخبز في السفرة غيره.
25 - أن لا يقطع الخبز بالسكين.
26 - أن لا يضع الخبز تحت الإناء
27 - أن لا ينظف العظم من اللحم الملصق به على نحو لا يبقى عليه
شئ من اللحم
28 - أن لا يقشر الثمار التي تؤكل بقشورها.
29 - أن لا يرمي الثمرة قبل أن يستقصي أكلها
مسألة 952: قد عد من آداب شرب الماء أمور:
1 - شرب الماء مصا لا عبا.
2 - شرب الماء قائما بالنهار
3 - التسمية قبل الشرب والتحميد بعده.
4 - شرب الماء بثلاثة أنفاس.
5 - شرب الماء عن رغبة وتلذذ.
6 - ذكر الحسين وأهل بيته (عليهم السلام)، واللعن على قتلته بعد الشرب
7 - أن لا يكثر من شرب الماء.
8 - أن لا يشرب الماء قائما بالليل.
9 - أن لا يشرب من محل كسر الكوز ومن محل عروته.
10 - أن لا يشرب الماء على الأغذية الدسمة.
11 - أن لا يشرب بيساره.
312

كتاب الميراث
313

وفيه فصول:
الفصل الأول
ويشتمل على أمور:
الأمر الأول - في موجبات الإرث
مسألة 953: موجبات الإرث على نوعين: نسب وسبب، أما النسب
فله ثلاث طبقات:
(الطبقة الأولى): صنفان: أحدهما: الأبوان المتصلان دون الأجداد
والجدات
وثانيهما: الأولاد وإن نزلوا ذكورا وإناثا.
(الطبقة الثانية): صنفان أيضا: أحدهما: الأجداد والجدات وإن علوا.
وثانيهما: الإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا.
(الطبقة الثالثة): صنف واحد وهم: الأعمام والأخوال وإن علوا.
كأعمام الآباء والأمهات وأخوالهم، وأعمام الأجداد والجدات وأخوالهم،
وكذلك أولادهم وإن نزلوا كأولاد أولادهم، وأولاد أولاد أولادهم وهكذا
315

بشرط صدق القرابة للميت عرفا.
وأما (السبب) فهو قسمان: زوجية وولاء.
والولاء ثلاث طبقات: ولاء العتق، ثم ولاء ضمان الجريرة ثم ولاء
الإمامة.
الأمر الثاني: في أقسام الوارث.
مسألة 954: ينقسم الوارث إلى خمسة أقسام:
1 - من يرث بالفرض لا غير دائما، وهو الزوجة فإن لها الربع مع
عدم الولد، والثمن معه، ولا يرد عليها أبدا
2 - من يرث بالفرض دائما وربما يرث معه بالرد، كالأم فإن لها
السدس مع الولد والثلث مع عدمه إذا لم يكن حاجب، وربما يرد عليها
زائدا على الفرض كما إذا زادت الفريضة على السهام، وكالزوج فإنه يرث
الربع مع الولد والنصف مع عدمه، ويرد عليه إذا لم يكن وارث إلا الإمام
3 - من يرث بالفرض تارة وبالقرابة أخرى، كالأب فإنه يرث
بالفرض مع وجود الولد وبالقرابة مع عدمه، والبنت والبنات فإنهن يرثن مع
الابن بالقرابة وبدونه بالفرض، والأخت والأخوات للأب أو للأبوين فإنهن
يرثن مع الأخ بالقرابة ومع عدمه بالفرض، وكالإخوة والأخوات من الأم
فإنهم يرثون بالفرض إذا لم يكن جد للأم وبالقرابة معه.
4 - من لا يرث إلا بالقرابة، كالابن، والإخوة للأبوين أو للأب،
والجد والأعمام والأخوال.
5 - من لا يرث بالفرض ولا بالقرابة بل يرث بالولاء، وهو المعتق،
316

وضامن الجريرة، والإمام عليه السلام.
الأمر الثالث - في أنواع السهام
مسألة 955: الفرض هو السهم المقدر في الكتاب المجيد - وهو ستة
أنواع - وأصحابها ثلاثة عشر، كما يلي:
1 - النصف، وهو للبنت الواحدة، والأخت للأبوين أو للأب فقط إذا
لم يكن معها أخ، وللزوج مع عدم الولد للزوجة وإن نزل.
2 - الربع، وهو للزوج مع الولد للزوجة وإن نزل، وللزوجة مع عدم
الولد للزوج وإن نزل، فإن كانت واحدة اختصت به وإلا فهو لهن بالسوية.
3 - الثمن، وهو للزوجة مع الولد للزوج وإن نزل، فإن كانت واحدة
اختصت به وإلا فهو لهن بالسوية.
4 - الثلثان، وهو للبنتين فصاعدا مع عدم الابن المساوي، وللأختين
فصاعدا للأبوين أو للأب فقط مع عدم الأخ.
5 - الثلث، وهو سهم الأم مع عدم الولد وإن نزل وعدم الإخوة على
تفصيل يأتي، وللأخ والأخت من الأم مع التعدد
6 - السدس، وهو لكل واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل، وللأم
مع الإخوة للأبوين أو للأب على تفصيل يأتي، وللأخ الواحد من الأم
والأخت الواحدة منها.
الأمر الرابع - في بطلان العول والتعصيب
مسألة 956: إذا تعدد الورثة فتارة يكونون جميعا ذوي فروض،
317

وأخرى لا يكونون جميعا ذوي فروض، وثالثة يكون بعضهم ذا فرض دون
بعض.
وإذا كانوا جميعا ذوي فروض فتارة تكون فروضهم مساوية
للفريضة، وأخرى تكون زائدة عليها، وثالثة تكون ناقصة عنها:
(فالأولى): مثل أن يترك الميت أبوين وبنتين، فإن سهم كل واحد
من الأبوين السدس وسهم البنتين الثلثان ومجموعها مساو للفريضة
(والثانية): مثل أن يترك الميت زوجا وأبوين وبنتين، فإن السهام في
الفرض الربع والسدسان والثلثان وهي زائدة على الفريضة.
وهذه هي المسألة التي ذهب فيها بعض المذاهب الاسلامية إلى العول
بمعنى ورود النقص فيها على كل واحد من ذوي الفروض على نسبة
فرضه.
ولكن عند الإمامية يدخل النقص على بعض منهم معين دون بعض.
ففي إرث أهل الطبقة الأولى يدخل النقص على البنت أو البنات
وفي إرث الطبقة الثانية، كما إذا ترك زوجا وأختا من الأبوين وأختين
من الأم، فإن سهم الزوج النصف وسهم الأخت من الأبوين النصف وسهم
الأختين من الأم الثلث ومجموعها زائد على الفريضة، يدخل النقص على
المتقرب بالأبوين كالأخت في المثال دون الزوج ودون المتقرب بالأم.
(والثالثة): كما إذا ترك بنتا واحدة فإن لها النصف وتزيد الفريضة
نصفا.
وهذه هي المسألة التي قال فيها بعض المذاهب الاسلامية بالتعصيب،
بمعنى: اعطاء النصف الزائد للعصبة. وهم الذكور الذين ينتسبون إلى
318

الميت بغير واسطة أو بواسطة الذكور، وربما عمموها للأنثى على تفصيل
عندهم في ذلك.
وأما عند الإمامية فيرد الزائد على ذوي الفروض كالبنت في الفرض،
فترث النصف بالفرض والنصف الآخر بالرد.
هذا إذا كان الورثة جميعا ذوي فروض، وأما إذا لم يكونوا جميعا
ذوي فروض فيقسم المال بينهم على تفصيل يأتي، وإذا كان بعضهم ذا
فرض دون آخر أعطي ذو الفرض فرضه وأعطي الباقي لغيره على تفصيل
يأتي إن شاء الله تعالى.
319

الفصل الثاني
في موانع الإرث
وهي أمور:
الأمر الأول - الكفر
مسألة 957: لا يرث الكافر من المسلم وإن كان قريبا، ويختص إرثه
بالمسلم وإن كان بعيدا، فلو كان له ابن كافر وللابن ابن مسلم يرثه ابن
الابن دون الابن، وكذا إذا كان له ابن كافر وأخ أو عم أو ابن عم مسلم يرثه
المسلم دونه، بل وكذا إذا لم يكن له وارث من ذوي الأنساب وكان له معتق
أو ضامن جريرة مسلم يختص إرثه به دونه، وإذا لم يكن له وارث مسلم
في جميع الطبقات من ذوي الأنساب وغيرهم إلا الإمام عليه السلام كان إرثه له
ولم يرث الكافر منه شيئا، ولا فرق في الكافر بين الأصلي ذميا كان أم حربيا.
والمرتد فطريا كان أم مليا. كما لا فرق في المسلم بين الإمامي وغيره.
مسألة 958: المسلم يرث الكافر ويمنع من إرث الكافر للكافر وإن
كان المسلم بعيدا والكافر قريبا، فلو مات كافر وله ولد كافر وأخ مسلم، أو
عم مسلم، أو معتق أو ضامن جريرة مسلم ورثه ولم يرثه الكافر، نعم إذا
لم يكن له وارث مسلم إلا الإمام عليه السلام لم يرثه بل تكون تركته لورثته الكفار
حسب قواعد الإرث، هذا إذا كان الكافر أصليا، أما إذا كان مرتدا عن ملة أو
فطرة فالمشهور أن وارثه الإمام ولا يرثه الكافر وكان بحكم المسلم، ولكن
320

لا يبعد أن يكون المرتد كالكافر الأصلي ولا سيما إذا كان مليا.
مسألة 959: إذا مات الكافر وله ولد صغير أو أكثر محكوم بالكفر
تبعا، وكان له وارث مسلم من غير الطبقة الأولى واحدا كان أو متعددا،
دفعت تركته إلى المسلم، والأحوط لزوما له أن ينفق منها على الصغير إلى أن
يبلغ فإن أسلم حينئذ وبقي شئ من التركة دفعه إليه، وإن أسلم قبل بلوغه
سلم الباقي إلى الحاكم الشرعي ليتصدى للانفاق عليه، فإن بقي مسلما إلى حين
البلوغ دفع إليه المتبقي من التركة - إن وجد - وإلا دفعه إلى الوارث المسلم.
مسألة 960: لو مات مسلم عن ورثة كفار ليس بينهم مسلم فأسلم
واحد منهم بعد موته بلا فصل معتد به اختص هو بالإرث ولم يرثه الباقون
ولم ينته الأمر إلى الإمام عليه السلام.
ولو أسلم أكثر من واحد دفعة أو متتاليا ورثوه جميعا مع المساواة في
الطبقة، وإلا اختص به من كان مقدما بحسبها.
مسألة 961: لو مات مسلم أو كافر وكان له وارث كافر ووارث مسلم
- غير الإمام عليه السلام - وأسلم وارثه الكافر بعد موته، فإن كان وارثه المسلم
واحدا اختص بالإرث ولم ينفع لمن أسلم اسلامه، نعم لو كان الواحد هو
الزوجة وأسلم قبل القسمة بينها وبين الإمام عليه السلام نفعه اسلامه، فيأخذ نصيبه
من تركته وأما لو كان وارثه المسلم متعددا فإن كان اسلام من أسلم بعد
قسمة الإرث لم ينفعه اسلامه ولم يرث شيئا. وأما إذا كان اسلامه قبل
القسمة فإن كان مساويا في المرتبة مع الوارث المسلم شاركه، وإن كان
مقدما عليه بحسبها انفرد بالميراث، كما إذا كان ابنا للميت والوارث المسلم
إخوة له، وتستثنى من هذا الحكم صورة واحدة تقدمت في المسألة (959).
321

مسألة 962: إذا أسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة دون بعض كان
لكل منهما حكمه، فلم يرث مما قسم واختص بالإرث أو شارك فيما لم يقسم.
مسألة 963: لو مات كافر ولم يخلف إلا ورثة كفارا ليس بينهم مسلم
فأسلم بعضهم بعد موته قيل إنه لا أثر لاسلامه وكان الحكم كما قبل
اسلامه، فإن تقدمت طبقته على طبقة الباقين كما إذا كان ابنا للميت وهم
إخوته اختص الإرث به، وإن ساواهم في الطبقة شاركهم، وإن تأخرت
طبقته كما إذا كان عما للميت وهم إخوته اختص الإرث بهم، ولكن لا يبعد
أن تكون مشاركته مع الباقين في صورة مساواته معهم في الطبقة في
خصوص ما إذا كان اسلامه بعد قسمة التركة بينه وبينهم، وأما إذا كان قبلها
اختص الإرث به، وكذا لا يبعد أن يكون اختصاص الطبقة السابقة بالإرث
في صورة تأخر طبقة من أسلم في خصوص ما إذا كان من في الطبقة
السابقة واحدا، أو متعددا مع كون اسلام من أسلم بعد قسمة التركة بينهم،
وأما إذا كان اسلامه قبل القسمة اختص الإرث به.
مسألة 964: المراد من المسلم والكافر - وارثا وموروثا وحاجبا
ومحجوبا - أعم من المسلم والكافر بالأصالة وبالتبعية، ومن الثاني المجنون
والطفل غير المميز والمميز الذي لم يختر الاسلام أو الكفر بنفسه، فكل
طفل غير مميز أو نحوه كان أحد أبويه مسلما حال انعقاد نطفته بحكم
المسلم فيمنع من إرث الكافر ولا يرثه الكافر بل يرثه الإمام عليه السلام إذا لم
يكن له وارث مسلم، وكل طفل غير مميز أو نحوه كان أبواه معا كافرين
حال انعقاد نطفته بحكم الكافر فلا يرث المسلم مطلقا كما لا يرث الكافر
إذا كان له وارث مسلم غير الإمام - على كلام في بعض الصور تقدم في
المسألة (959) - نعم إذا أسلم أحد أبويه قبل بلوغه تبعه في الاسلام وجرى
عليه حكم المسلمين.
322

مسألة 965: المسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في المذاهب والأصول
والعقائد، نعم المنتحلون للاسلام المحكومون بالكفر ممن تقدم ذكرهم في
كتاب الطهارة لا يرثون من المسلم ويرث المسلم منهم.
مسألة 966: الكفار يتوارثون وإن اختلفوا في الملل والنحل فيرث
النصراني من اليهودي وبالعكس، بل يرث الحربي من الذمي وبالعكس.
لكن يشترط في إرث بعضهم من بعض فقدان الوارث المسلم كما تقدم.
مسألة 967: المرتد وهو من خرج عن الاسلام واختار الكفر على
قسمين: فطري وملي، والفطري من ولد على اسلام أحد أبويه أو كليهما ثم
كفر، وفي اعتبار اسلامه بعد التمييز قبل الكفر وجهان أقربهما الاعتبار.
وحكم الفطري أنه يقتل في الحال، وتبين منه زوجته بمجرد ارتداده
وينفسخ نكاحها بغير طلاق، وتعتد عدة الوفاة - على ما تقدم - ثم تتزوج
إن شاءت، وتقسم أمواله التي كانت له حين ارتداده بين ورثته بعد أداء
ديونه كالميت ولا ينتظر موته، ولا تفيد توبته ورجوعه إلى الاسلام في
سقوط الأحكام المذكورة مطلقا على المشهور، ولكنه لا يخلو عن شوب
اشكال، نعم لا اشكال في عدم وجوب استتابته.
وأما بالنسبة إلى ما عدا الأحكام الثلاثة المذكورات فالأقوى قبول
توبته باطنا وظاهرا، فيطهر بدنه وتصح عباداته ويجوز تزويجه من
المسلمة، بل له تجديد العقد على زوجته السابقة حتى قبل خروجها من
العدة على القول ببينونتها عنه بمجرد الارتداد، والظاهر أنه يملك الأموال
323

الجديدة بأسبابه الاختيارية كالنجارة والحيازة والقهرية كالإرث ولو قبل
توبته.
وأما المرتد الملي - وهو من يقابل الفطري - فحكمه أنه يستتاب، فإن
تاب وإلا قتل، وانفسخ نكاح زوجته إذا كان الارتداد قبل الدخول أو كانت
يائسة أو صغيرة ولم تكن عليها عدة، وأما إذا كان الارتداد بعد الدخول
وكانت المرأة في سن من تحيض وجب عليها أن تعتد عدة الطلاق من
حين الارتداد، فإن رجع عن ارتداده إلى الاسلام قبل انقضاء العدة بقي
الزواج على حاله على الأقرب، وإلا انكشف أنها قد بانت عنه عند الارتداد.
ولا تقسم أموال المرتد الملي إلا بعد موته بالقتل أو غيره، وإذا تاب
ثم ارتد ففي وجوب قتله من دون استتابة في الثالثة أو الرابعة اشكال.
هذا إذا كان المرتد رجلا، وأما لو كان امرأة فلا تقتل ولا تنتقل أموالها
عنها إلى الورثة إلا بالموت، وينفسخ نكاحها بمجرد الارتداد بدون اعتداد
مع عدم الدخول أو كونها صغيرة أو يائسة وإلا توقف الانفساخ على انقضاء
العدة وهي بمقدار عدة الطلاق كما مر في المسألة (563)
وتحبس المرتدة ويضيق عليها وتضرب على الصلاة حتى تتوب فإن
تابت قبلت توبتها، ولا فرق في ذلك بين أن تكون مرتدة عن ملة أو عن
فطرة.
مسألة 968: يشترط في ترتيب الأثر على الارتداد البلوغ وكمال
العقل والقصد والاختيار، فلو أكره على الارتداد فارتد كان لغوا، وكذا إذا كان
غافلا أو ساهيا، أو هازلا أو سبق لسانه، أو كان صادرا عن الغضب الذي لا
يملك معه نفسه ويخرج به عن الاختيار، أو كان عن جهل بالمعنى.
324

الأمر الثاني - القتل
مسألة 969: لا يرث القاتل من المقتول إذا كان القتل عمدا وظلما،
ويرث منه إذا كان بحق قصاصا أو حدا أو دفاعا عن نفسه أو عرضه أو
ماله، وكذا إذا كان خطأ محضا كما إذا رمى طائرا فأخطأ وأصاب قريبه
المورث فإنه يرثه، نعم لا يرث من ديته التي تتحملها العاقلة على الأقوى.
وأما إذا كان القتل خطأ شبيها بالعمد وهو ما إذا كان قاصدا لايقاع
الفعل على المقتول غير قاصد للقتل، وكان الفعل مما لا يترتب عليه القتل
في العادة، كما إذا ضربه بما لا يقتل عادة قاصدا ضربه غير قاصد قتله فأدى
إلى قتله، ففي كونه مثل العمد مانعا عن الإرث أو كالخطأ المحض فلا يمنع
منه، قولان أقواهما الثاني.
مسألة 970: لا فرق في مانعية القتل العمدي ظلما عن الإرث بين أن
يكون بالمباشرة كما لو ضربه بالسيف أو أطلق عليه الرصاص فمات، وأن
يكون بالتسبيب كما لو ألقاه في مسبعة فافترسه السبع، أو حبسه في مكان
زمانا طويلا بلا قوت فمات جوعا أو عطشا، أو أحضر عنده طعاما مسموما
من دون علم منه فأكله، أو أمر مجنونا أو صبيا غير مميز بقتله فقتله، إلى
غير ذلك من التسبيبات التي ينسب ويستند معها القتل إلى المسبب، نعم
بعض التسبيبات التي قد يترتب عليها التلف مما لا ينسب ولا يستند إلى
المسبب كحفر البئر والقاء المزالق والمعاثر في الطرق والمعابر وغير ذلك
من دون أن يقصد بها القتل، وإن أوجب الضمان والدية على مسببها إلا أنها
غير مانعة من الإرث، فيرث حافر البئر في الطريق عن قريبه الذي وقع فيها
325

ومات إذا لم يقصد به قتله، ولم يكن مما يترتب عليه الموت غالبا، وإلا
كان قاتلا عمدا فلا يرث منه.
مسألة 971: إذا أمر شخصا عاقلا بقتل مورثه، متوعدا بايقاع الضرر
عليه أو على من يتعلق به إن لم يفعل، فامتثل أمره باختياره، وإرادته فقتله
لم يحرم الآمر من ميراثه، لأنه ليس قاتلا حقيقة وإن كان آثما ويحكم
بحبسه مؤبدا إلى أن يموت، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ما توعد به هو
القتل أو دونه.
مسألة 972: كما أن القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول كذلك لا
يكون حاجبا عمن هو دونه في الدرجة ومتأخر عنه في الطبقة، فوجوده
كعدمه، فلو قتل شخص أباه وكان له ابن ولم يكن لأبيه أولاد غير القاتل
يرث ابن القاتل عن جده، وكذا لو انحصر وارث المقتول من الطبقة الأولى
في ابنه القاتل وله إخوة كان ميراثه لهم دون ابنه، بل لو لم يكن له وارث إلا
الإمام عليه السلام ورثه دون ابنه.
مسألة 973: لا فرق في مانعية القتل بين أن يكون القاتل واحدا أو
متعددا، وعلى الثاني بين كون جميعهم وراثا أو بعضهم دون البعض.
مسألة 974: إذا أسقطت الأم جنينها كانت عليها ديته لأبيه أو غيره
من ورثته، وإذا كان الأب هو الجاني على الجنين كانت ديته لأمه، وسيأتي
مقدار الدية حسب مراتب الحمل في كتاب الديات إن شاء الله تعالى.
مسألة 975: الدية في حكم مال المقتول، فتقضى منها ديونه،
وتخرج منها وصاياه أولا قبل الإرث ثم يوزع الباقي على ورثته كسائر
الأموال، ولا فرق في ذلك بين كون القتل خطأ محضا، أو شبه عمد، أو
326

عمدا محضا فأخذت الدية صلحا أو لتعذر القصاص بموت الجاني أو
فراره أو نحوهما، كما لا فرق في مورد الصلح بين أن يكون ما يأخذونه
أزيد من الدية أو أقل أو مساويا، وهكذا لا فرق بين أن يكون المأخوذ من
أصناف الدية أم من غيرها.
ويرث الدية كل وارث سواء أكان ميراثه بالنسب أم السبب حتى
الزوجين في القتل العمدي وإن لم يكن لهما حق القصاص، لكن إذا وقع
الصلح والتراضي بالدية ورثا نصيبهما منها، نعم لا يرث منها الأخ والأخت
للأم، بل ولا سائر من يتقرب بها وحدها كالأخوال والأجداد من قبلها.
مسألة 976: إذا كانت الجناية على الميت بعد الموت لم تدفع الدية
إلى الورثة، بل تصرف في وجوه البر عنه، وإذا كان عليه دين ففي وجوب
قضائه منها اشكال، والأظهر الوجوب.
الأمر الثالث - الرق
مسألة 977: الرق مانع من الإرث في الوارث والمورث، فلا يرث
الرق من الحر وكذا العكس على تفصيل لا حاجة للتعرض له.
الأمر الرابع - الولادة من الزنى
مسألة 978: لا توارث بين ولد الزنى وبين أبيه الزاني، ومن يتقرب
به، فلا يرثهم كما لا يرثونه، وفي ثبوت التوارث بينه وبين أمه الزانية ومن
يتقرب بها وعدمه قولان، أقواهما العدم.
مسألة 979: إذا كان الزنى من أحد الأبوين دون الآخر، بأن كان
327

الفعل من الآخر شبهة، انتفى التوارث بين الولد والزاني ومن يتقرب به
خاصة، ويثبت بينه وبين الذي لا يكون زانيا من أبويه ومن يتقرب به.
مسألة 980: يثبت التوارث بين ولد الزنى وأقربائه من غير الزنى
كالولد وكذا الزوج أو الزوجة فيرثهم ويرثونه، وإذا مات مع عدم الوارث
فإرثه للمولى المعتق، ثم الضامن، ثم الإمام عليه السلام
مسألة 981: الولادة من الوطئ المحرم غير الزنا لا يمنع من التوارث
بين الولد وأبويه ومن يتقرب بهما، فلو وطئ الزوج زوجته في حال
الاحرام أو في شهر رمضان مثلا عالمين بالحال فعلقت منه وولدت ثبت
التوارث بينه وبينهما.
مسألة 982: المتولد من وطئ الشبهة كالمتولد من الوطئ المستحق
شرعا في ثبوت التوارث بينه وبين أبويه ومن يتقرب بهما، وكذلك المتولد
من وطئ مستحق بحسب سائر الملل والمذاهب فيثبت التوارث بينه وبين
أقاربه من الأب والأم وغيرهما
الأمر الخامس - اللعان
مسألة 983: يمنع اللعان من التوارث بين الولد ووالده، وكذا بينه
وبين أقاربه من قبله كالأعمام والأجداد والإخوة للأب، ولا يمنع من
التوارث بين الولد وأمه، وكذا بينه وبين أقاربه من قبلها من إخوة وأخوال
وخالات ونحوهم.
فولد الملاعنة ترثه أمه ومن يتقرب بها وأولاده والزوج والزوجة، ولا
يرثه الأب ولا من يتقرب به وحده، فإن ترك أمه منفردة كان لها الثلث
328

فرضا والباقي يرد عليها على الأقوى، وإن ترك مع الأم أولادا كان لها
السدس والباقي لهم للذكر ضعف حظ الأنثى، إلا إذا كان الولد بنتا فلها
النصف ويرد الباقي أرباعا عليها وعلى الأم، وإذا ترك زوجا أو زوجة كان له
نصيبه كغيره وتجري الأحكام الآتية في طبقات الإرث جميعا، ولا فرق بينه
وبين غيره من الأموات إلا في عدم التوارث بينه وبين الأب ومن يتقرب به
وحده.
مسألة 984: لو كان بعض إخوته أو أخواته من الأبوين وبعضهم من
الأم خاصة ورثوه بالسوية من جهة انتسابهم إلى الأم خاصة، ولا أثر
للانتساب إلى الأب.
مسألة 985: لو اعترف الرجل بعد اللعان بأن الولد له لحق به فيما
عليه لا فيما له، فيرثه الولد ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به، ولا يرث الولد
من يتقرب بالأب إذا لم يعترف الأب به، وهل يرثهم إذا اعترف به؟ قولان.
أقواهما العدم.
مسألة 986: لا أثر لاقرار الولد ولا سائر الأقارب في التوارث بعد
اللعان، فإن ما يؤثر هو اقرار الأب فقط في إرث الولد منه.
مسألة 987: إذا تبرأ الأب من جريرة ولده ومن ميراثه ثم مات الولد
قيل: كان ميراثه لعصبة أمه دون أبيه، ولكن الأقوى أنه لا أثر للتبري المذكور
في نفي التوارث.
329

الفصل الثالث
في كيفية الإرث حسب طبقاته
1 - إرث الطبقة الأولى
مسألة 988: للأب المنفرد تمام تركة الميت بالقرابة، وللأم المنفردة
تمام تركته أيضا، الثلث منها بالفرض والزائد عليه بالرد. ولو اجتمع أحد
الأبوين مع الزوج كان له النصف، ولو اجتمع مع الزوجة كان لها الربع
ويكون الباقي لأحد الأبوين للأب قرابة وللأم فرضا وردا
مسألة 989: إذا اجتمع الأبوان وليس للميت ولد ولا زوج أو زوجة
كان للأم ثلث التركة فرضا والباقي للأب إن لم يكن للأم حاجب من إخوة
الميت أو إخوانه، وأما مع وجود الحاجب فللأم السدس والباقي للأب، ولا
ترث الإخوة والأخوات شيئا وإن حجبوا الأم عن الثلث.
ولو كان مع الأبوين زوج كان له النصف، ولو كان معهما زوجة كان
لها الربع، ويكون الثلث للأم مع عدم الحاجب والسدس معه والباقي للأب.
مسألة 990: إنما يحجب الإخوة أو الأخوات الأم عن الثلث إلى
السدس إذا توفرت فيهم شروط معينة وهي ستة:
1 - وجود الأب حين موت الولد.
2 - أن لا يقلوا عن أخوين، أو أربع أخوات، أو أخ وأختين
3 - أن يكونوا إخوة الميت لأبيه وأمه، أو للأب خاصة.
4 - أن يكونوا مولودين فعلا، فلا يكفي الحمل.
5 - أن يكونوا مسلمين.
6 - أن يكونوا أحرارا.
330

مسألة 991: للابن المنفرد تمام تركة الميت بالقرابة، وللبنت المنفردة
تمام تركته أيضا لكن النصف بالفرض والباقي بالرد، وللابنين المنفردين
فما زاد تمام التركة بالقرابة وتقسم بينهم بالسوية، وللبنتين المنفردتين فما
زاد الثلثان فرضا ويقسم بينهن بالسوية والباقي يرد عليهن كذلك.
مسألة 992: إذا اجتمع الابن والبنت منفردين أو الأبناء والبنات
منفردين كان لهما أو لهم تمام التركة للذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 993: إذا اجتمع الأبوان مع بنت واحدة فإن لم يكن للميت
إخوة - تتوفر فيهم شروط الحجب المتقدمة - قسم المال خمسة أسهم،
فلكل من الأبوين سهم واحد فرضا وردا وللبنت ثلاثة أسهم كذلك، وأما إذا
كان للميت إخوة تجتمع فيهم شروط الحجب فقيل: إن حكمه حكم الصورة
الأولى يقسم المال خمسة أسهم ولا أثر لوجود الإخوة، ولكن المشهور أن
الإخوة يحجبون الأم حينئذ عن الرد فيكون لها السدس فقط وتقسم البقية
بين البنت والأب أرباعا فرضا وردا سهم للأب وثلاثة سهام للبنت
والمسألة لا تخلو عن اشكال فلا تترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيما
به التفاوت بين الخمس والسدس من حصة الأم
مسألة 994: إذا اجتمع الأبوان مع ابن واحد كان لكل من الأبوين
السدس والباقي للابن، وإذا اجتمعا مع الأبناء أو البنات فقط كان لكل واحد
منهما السدس والباقي يقسم بين الأبناء أو البنات بالسوية، وإذا اجتمعا مع
الأولاد ذكورا وإناثا كان لكل منهما السدس ويقسم الباقي بين الأولاد جميعا
للذكر مثل حظ الأنثيين
331

مسألة 995: إذا اجتمع أحد الأبوين مع البنت الواحدة لا غير كان
لأحد الأبوين الربع فرضا وردا والباقي للبنت كذلك، وإذا اجتمع أحد
الأبوين مع البنتين فما زاد لا غير كان له الخمس فرضا وردا والباقي للبنتين
أو البنات بالفرض والرد يقسم بينهن بالسوية.
وإذا اجتمع أحد الأبوين مع ابن واحد كان له السدس فرضا والباقي
للابن، وإذا اجتمع أحد الأبوين مع الأولاد الذكور كان له السدس فرضا
والباقي يقسم بين الأبناء بالسوية، ولو كان مع الابن الواحد أو الأبناء بنت أو
بنات كان لأحد الأبوين السدس فرضا والباقي يقسم بين الأولاد للذكر مثل
حظ الأنثيين.
مسألة 996: إذا اجتمع أحد الأبوين مع أحد الزوجين ومعهما البنت
الواحدة كان للزوج الربع وللزوجة الثمن، ويقسم الباقي أرباعا ربع لأحد
الأبوين فرضا وردا والباقي للبنت كذلك.
ولو كان معهما بنتان فما زاد فلأحد الزوجين نصيبه الأدنى، فإن كان
زوجة فلها الثمن ويقسم الباقي أخماسا خمس لأحد الأبوين فرضا وردا
وأربعة أخماس للبنتين فما زاد كذلك، وإن كان زوجا فله الربع ولأحد
الأبوين السدس والبقية للبنتين فصاعدا فيرد النقص عليهن.
ولو كان معهما ابن واحد أو متعدد أو أبناء وبنات فلأحد الزوجين
نصيبه الأدنى من الربع أو الثمن ولأحد الأبوين السدس، والباقي للبقية،
ومع الاختلاف فللذكر مثل حظ الأنثيين.
332

مسألة 997: إذا اجتمع الأبوان والبنت الواحدة مع أحد الزوجين،
فإن كان زوجا فله الربع وللأبوين السدسان والباقي للبنت فينقص من
فرضها - وهو النصف - نصف السدس، وإن كان زوجة فلها الثمن ويقسم
الباقي أخماسا يكون لكل من الأبوين سهم واحد فرضا وردا وثلاثة أسهم
للبنت كذلك، هذا إذا لم يكن للميت إخوة تتوفر فيهم شروط الحجب وإلا
ففي كون الحكم كذلك أو أنهم يحجبون الأم عن الرد فيكون لها السدس
ويقسم الباقي بين الأب والبنت أرباعا خلاف واشكال ولا تترك مراعاة
الاحتياط في المسألة كما تقدم في المسألة (993)
مسألة 998: إذا اجتمع الأبوان وبنتان فصاعدا مع أحد الزوجين
فللزوج أو الزوجة النصيب الأدنى من الربع أو الثمن والسدسان للأبوين
ويكون الباقي للبنتين فصاعدا يقسم بينهن بالسوية فيرد النقص عليهن
بمقدار نصيب الزوجين: الربع إن كان زوجا والثمن أن كان زوجة.
ولو كان مكان البنتين فصاعدا ابن واحد أو متعدد أو أبناء وبنات
فلأحد الزوجين نصيبه الأدنى من الربع أو الثمن وللأبوين السدسان،
والباقي للولد أو الأولاد ومع الاختلاف يكون للذكر ضعف حظ الأنثى
مسألة 999: إذا اجتمع أحد الزوجين مع ولد واحد أو أولاد
متعددين، فلأحدهما نصيبه الأدنى من الثمن أو الربع، والباقي للولد أو
الأولاد، ومع الاختلاف يكون للذكر مثل حظ الأنثيين
مسألة 1000: أولاد الأولاد وإن نزلوا يقومون مقام الأولاد في
مقاسمة الأبوين وحجبهما عن أعلى السهمين إلى أدناهما، ومنع من عداهم
من الأقارب، ولا يشترط في توريثهم فقد الأبوين على الأقوى
مسألة 1001: لا يرث أولاد الأولاد إذا كان للميت ولد وإن كان أنثى
فإذا ترك بنتا وابن ابن كان الميراث للبنت.
333

مسألة 1002: أولاد الأولاد مترتبون في الإرث، فالأقرب منهم يمنع
الأبعد، فإذا كان للميت ولد ولد وولد ولد ولد، كان الميراث لولد الولد دون
ولد ولد الولد
مسألة 1003: يرث أولاد الأولاد نصيب من يتقربون به، فيرث ولد
البنت نصيب أمه ذكرا كان أم أنثى وهو النصف سواء انفرد أو كان مع
الأبوين ويرد عليه وإن كان ذكرا كما يرد على أمه لو كانت موجودة. ويرث
ولد الابن نصيب أبيه ذكرا كان أم أنثى، فإن انفرد كان له جميع المال، ولو
كان معه ذو فرض فله ما فضل عن حصته.
مسألة 1004: لو كان للميت أولاد بنت وأولاد ابن كان لأولاد البنت
الثلث نصيب أمهم يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأولاد الابن الثلثان
نصيب أبيهم يقسم بينهم كذلك.
مسألة 1005: تقدم إن أولاد الأولاد عند فقد الأولاد يشاركون أبوي
الميت في الميراث، لأن الأبوين مع أولاد الأولاد صنفان من طبقة واحدة،
ولا يمنع قرب الأبوين إلى الميت إرثهم منه.
فإذا ترك أبوين وولد ابن كان لكل من الأبوين السدس ولولد الابن الباقي.
وإذا ترك أبوين وأولاد بنت كان للأبوين السدسان ولأولاد البنت
النصف ويرد السدس على الجميع بالنسبة إذا لم يكن للميت إخوة تتوفر
فيهم شروط الحجب، فيقسم مجموع التركة أخماسا ثلاثة منها لأولاد البنت
فرضا وردا واثنان منها للأبوين كذلك، وأما مع وجود الإخوة فيجري
الاحتياط المتقدم في المسألة (993)
334

وإذا ترك أحد الأبوين مع أولاد بنت كان لأولاد البنت ثلاثة أرباع
التركة فرضا وردا والربع الرابع لأحد الأبوين كذلك كما تقدم فيما إذا ترك
أحد الأبوين وبنتا، وهكذا الحكم في بقية الصور.
وإذا ترك زوجا وأبوين وأولاد بنت كان للزوج الربع وللأبوين
السدسان ولأولاد البنت سدسان ونصف سدس فينقص عن سهم البنت
- وهو النصف - نصف سدس فيرد النقص على أولاد البنت كما يرد على
البنت فيما إذا ترك زوجا وأبوين وبنتا.
(أحكام الحبوة)
مسألة 1006: يحبى الولد الأكبر مجانا بثياب بدن الميت وخاتمه
وسيفه ومصحفه دون غيرها من مختصاته كساعته وكتبه ونحوها، وفي
دخول مثل الدرع والطاس والمغفر ونحوها من معدات الحرب في الحبوة
اشكال والأظهر العدم، نعم الأحوط لزوما في البندقية والخنجر وما يشبههما
من الأسلحة وكذا الرحل التصالح مع سائر الورثة، ولا يبعد تبعية غمد
السيف وقبضته وبيت المصحف وحمائلهما لهما، وفي دخول ما يحرم
لبسه - كالخاتم من الذهب والثوب من الحرير - في الحبوة اشكال.
وإذا كان الميت مقطوع اليدين فلا يكون السيف من الحبوة، ولو كان
أعمى فالمصحف ليس منها، نعم لو طرأ ذلك اتفاقا وكان قد أعدهما قبل
ذلك لنفسه كانا منها.
مسألة 1007: لا فرق في الثياب بين الواحد والمتعدد، كما لا فرق
فيها بين الكسوة الشتائية والصيفية، ولا بين القطن والجلد وغيرهما، ولا
335

بين الصغيرة والكبيرة فيدخل فيها مثل القلنسوة، وفي دخول الجورب
والحزام والنعل اشكال وإن كان الأظهر الدخول، ولا يتوقف صدق الثياب
ونحوها على اللبس والاستعمال بل يكفي اعدادها لذلك، نعم إذا أعدها
للتجارة أو لكسوة غيره من أهل بيته وأولاده وخدامه لم تكن من الحبوة.
مسألة 1008: إذا تعدد غير الثياب من المذكورات كما لو كان له
سيفان أو مصحفان فالأحوط المصالحة مع باقي الورثة
مسألة 1009: إذا كان على الميت دين فإن كان مستغرقا للتركة
وجب على المحبو صرف حبوته في أداء الدين أو فكها بما يخصها منه،
وإذا لم يكن مستغرقا فإن كان مزاحما لها لنقص ما تركه غيرها عن وفائه
كان على المحبو المساهمة في أدائه من الحبوة بالنسبة أو فكها بما يخصها
منه، وإذا لم يكن مزاحما فالأحوط له أن يساهم أيضا في أدائه بالنسبة، فلو
كان الدين يساوي نصف مجموع التركة صرف نصف الحبوة في هذا
السبيل، وفي حكم الدين فيما ذكر كفن الميت وغيره من مؤنة تجهيزه التي
تخرج من أصل التركة.
مسألة 1010: إذا أوصى الميت بتمام الحبوة أو ببعضها لغير المحبو
نفذت وصيته وحرم المحبو منها إلا إذا كانت زائدة على الثلث فيحتاج في
الزائد إلى إجازة الولد الأكبر، ولو أوصى بثلث ماله أخرج الثلث منها ومن
غيرها، وكذلك إذا أوصى بمائة دينار مثلا فإنها تخرج من مجموع التركة
بالنسبة إذا كانت المائة تساوي ثلثها أو تنقص عنه، وأما مع زيادتها على
الثلث فيحتاج في الحبوة إلى إذن الولد الأكبر وفي غيرها إلى إذن جميع
الورثة، ولو كانت أعيانها أو بعضها مرهونة وجب فكها من مجموع التركة.
336

مسألة 1011: لا يعتبر في الحبوة أن تكون بعض التركة، فإذا
انحصرت التركة فيها يحبى الولد الأكبر على الأقوى وإن كان الاحتياط في محله
مسألة 1012: إذا لم تكن الحبوة أو بعضها فيما تركه الميت لا يعطى
الولد الأكبر قيمتها
مسألة 1013: تختص الحبوة بالأكبر من الذكور بأن لا يكون ذكر
أكبر منه، ولو تعدد الذكر مع التساوي في السن ولم يكن أكبر منهم تقسم
الحبوة بينهم بالسوية، ولو كان الذكر واحدا يحبى بها وكذا لو كان معه أنثى
وإن كانت أكبر منه.
مسألة 1014: المقصود بالأكبر الأسبق ولادة لا علوقا، وإذا اشتبه
فالمرجع في تعيينه القرعة.
مسألة 1015: الظاهر اختصاص الحبوة بالولد الصلبي فلا تكون لولد
الولد.
مسألة 1016: لا يعتبر بلوغ الولد حين وفاة الأب، بل لا يعتبر
انفصاله بالولادة حيا حين وفاته، فتعزل الحبوة له كما يعزل نصيبه من سائر
التركة، فلو انفصل بعد موت الأب حيا يحبى، وإلا قسمت على سائر الورثة
بنسبة سهامهم
مسألة 1017: لا يشترط في المحبو كونه عاقلا رشيدا، كما لا
يشترط فيه أن يكون إماميا يعتقد ثبوت الحبوة للولد الأكبر، نعم إذا كان
مخالفا لا يرى ثبوتها وكان مذهبه هو القانون النافذ على الجميع بحيث يمنع
الإمامي منها أيضا أمكن الزامه بعدم ثبوت الحبوة له.
337

مسألة 1018: إذا اختلف الذكر الأكبر وسائر الورثة في ثبوت الحبوة.
أو في أعيانها أو في غير ذلك من مسائلها، لاختلافهم في الاجتهاد أو في
التقليد رجعوا إلى الحاكم الشرعي في فصل خصومتهم
مسألة 1019: يستحب لكل من الأبوين الوارثين لولدهما اطعام الجد
والجدة المتقرب به سدس الأصل إذا زاد نصيبه على السدس، فلو خلف
الميت أبويه وجدا لأب أو أم يستحب للأم أن تطعم أباها السدس وهو
نصف نصيبها، ويستحب للأب أن يطعم أباه سدس أصل التركة وهو ربع
نصيبه، وفي اختصاص الحكم المذكور بصورة اتحاد الجد فلا يشمل التعدد
أو صورة فقد الولد للميت فلا يشمل صورة وجوده اشكال
2 - إرث الطبقة الثانية
وهم الإخوة والأجداد، ولا يرث أهل هذه الطبقة إلا إذا لم يكن
للميت ولد وإن نزل ولا أحد الأبوين المتصلين
مسألة 1020: إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الثانية غير أخيه
لأبويه ورث المال كله بالقرابة، ومع التعدد ينقسم بينهم بالسوية، وللأخت
المنفردة من الأبوين المال كله، ترث نصفه بالفرض كما تقدم ونصفه الآخر
ردا بالقرابة، وللأختين أو الأخوات من الأبوين المال كله يرثن ثلثيه
بالفرض كما تقدم والثلث الثالث ردا بالقرابة. وإذا ترك أخا واحدا أو أكثر
من الأبوين مع أخت واحدة أو أكثر كذلك فلا فرض بل يرثون المال كله
بالقرابة يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1021: لا يرث الأخ أو الأخت للأب مع وجود الأخ والأخت
للأبوين، نعم مع فقدهم يرثون على نهج ميراثهم، فللأخ من الأب واحدا
338

كان أو متعددا تمام المال بالقرابة، وللأخت الواحدة النصف بالفرض
والنصف الآخر بالقرابة، وللأخوات المتعددات تمام المال يرثن ثلثيه
بالفرض والباقي ردا بالقرابة. وإذا اجتمع الإخوة والأخوات كلهم للأب كان
لهم تمام المال يقسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1022: للأخ المنفرد من الأم والأخت كذلك المال كله يرث
السدس بالفرض والباقي ردا بالقرابة، وللاثنين فصاعدا من الإخوة للأم
ذكورا أو إناثا أو ذكورا وإناثا المال كله يرثون ثلثه بالفرض والباقي ردا
بالقرابة، ويقسم بينهم فرضا وردا بالسوية.
مسألة 1023: إذا اجتمع الإخوة بعضهم من الأبوين وبعضهم من الأم
فإن كان الذي من الأم واحدا كان له السدس ذكرا كان أو أنثى والباقي لمن
كان من الأبوين، وإن كان الذي من الأم متعددا كان لهم الثلث يقسم بينهم
بالسوية ذكورا كانوا أو إناثا، أو ذكورا وإناثا، والباقي لمن كان من الأبوين
واحدا كان أو متعددا، ومع اتفاقهم في الذكورة والأنوثة يقسم بالسوية، ومع
الاختلاف فيهما يقسم للذكر مثل حظ الأنثيين
نعم في صورة كون المتقرب بالأبوين إناثا وكون الأخ من الأم واحدا
كان ميراث الأخوات من الأبوين بالفرض ثلثين وبالقرابة السدس، وإذا كان
المتقرب بالأبوين أنثى واحدة كان لها النصف فرضا، وما زاد على سهم
المتقرب بالأم وهو السدس أو الثلث ردا عليها ولا يرد على المتقرب بالأم،
وإذا وجد معهم إخوة من الأب فقط فلا ميراث لهم كما عرفت
مسألة 1024: إذا لم يوجد للميت إخوة من الأبوين وكان له إخوة
بعضهم من الأب فقط وبعضهم من الأم فقط فالحكم كما سبق في الإخوة.
339

من الأبوين من أنه إذا كان الأخ من الأم واحدا كان له السدس، وإذا كان
متعددا كان لهم الثلث يقسم بينهم بالسوية، والباقي الزائد على السدس أو
الثلث يكون للإخوة من الأب يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين مع
اختلافهم في الذكورة والأنوثة، ومع عدم الاختلاف فيهما يقسم بينهم
بالسوية. وفي الصورة التي يكون المتقرب بالأب أنثى واحدة يكون أيضا
ميراثها ما زاد على سهم المتقرب بالأم بعضه بالفرض وبعضه بالرد بالقرابة.
مسألة 1025: في جميع صور انحصار الوارث القريب بالإخوة
- سواء أكانوا من الأبوين أم من الأب أم من الأم، أم بعضهم من الأبوين
وبعضهم من الأب وبعضهم من الأم - إذا كان للميت زوج كان له النصف،
وإذا كانت له زوجة كان لها الربع وللأخ من الأم مع الاتحاد السدس ومع
التعدد الثلث والباقي للإخوة من الأبوين أو من الأب إذا كانوا ذكورا أو ذكورا
وإناثا.
وأما إذا كانوا إناثا ففي بعض الصور تكون الفروض أكثر من الفريضة،
- كما إذا ترك زوجا أو زوجة وأختين من الأبوين أو الأب وأختين أو أخوين
من الأم - فإن سهم المتقرب بالأم الثلث وسهم الأختين من الأبوين أو الأب
الثلثان، وذلك تمام الفريضة ويزيد عليها سهم الزوج أو الزوجة
وكذا إذا ترك زوجا وأختا واحدة من الأبوين أو الأب وأختين أو
أخوين من الأم فإن نصف الزوج ونصف الأخت من الأبوين يستوفيان
الفريضة ويزيد عليها سهم المتقرب بالأم.
ففي مثل هذه الفروض يدخل النقص على المتقرب بالأبوين أو
بالأب خاصة ولا يدخل النقص على المتقرب بالأم ولا على الزوج أو
340

الزوجة.
وفي بعض الصور تكون الفريضة أكثر، كما إذا ترك زوجة وأختا من
الأبوين وأخا أو أختا من الأم، فإن الفريضة تزيد على الفروض بنصف
سدس فيرد على الأخت من الأبوين، فيكون لها نصف التركة ونصف
سدسها وللزوجة الربع وللأخ أو الأخت من الأم السدس.
مسألة 1026: إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الثانية غير جد أو
جدة أو لأم كان له المال كله، وإذا اجتمع الجد والجدة معا فإن كانا
لأب كان المال لهما يقسم بينهما للذكر ضعف الأنثى، وإن كانا لأم فالمال
أيضا لهما لكن يقسم بينهما بالسوية. وإذا اجتمع الأجداد بعضهم للأم
وبعضهم للأب كان للجد للأم الثلث - وإن كان واحدا - وللجد للأب
الثلثان، ولا فرق فيما ذكر بين الجد الأدنى والأعلى
مسألة 1027: إذا اجتمع الجد الأدنى والجد الأعلى كان الميراث
للجد الأدنى ولم يرث الأعلى شيئا، ولا فرق بين أن يكون الأدنى ممن
يتقرب به الأعلى - كما إذا ترك جدة وأباها - وغيره كما إذا ترك جدا وأبا
جدة فإن الميراث في الجميع للأدنى، هذا مع المزاحمة، وأما مع عدمها كما
إذا ترك إخوة لأم وجدا قريبا لأب وجدا بعيدا لأم، أو ترك إخوة لأب وجدا
قريبا لأم وجدا بعيدا لأب فإن الجد البعيد في الصورتين يشارك الإخوة ولا
يمنع الجد القريب من إرث الجد البعيد.
مسألة 1028: إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأجداد كان للزوج
النصف وللزوجة الربع ويعطى المتقرب بالأم الثلث، والباقي من التركة
للمتقرب بالأب.
341

مسألة 1029: إذا اجتمع الإخوة مع الأجداد فالجد وإن علا كالأخ
والجدة وإن علت كالأخت، فالجد وإن علا يقاسم الإخوة وكذلك الجدة،
فإذا اجتمع الإخوة والأجداد فإما أن يتحد نوع كل منهما مع الاتحاد في جهة
النسب، بأن يكون الأجداد والإخوة كلهم للأب أو كلهم للأم، أو مع
الاختلاف فيها كأن يكون الأجداد للأب والإخوة للأم، وإما أن يتعدد نوع
كل منهما بأن يكون كل من الأجداد والإخوة بعضهم للأب وبعضهم للأم
أو يتعدد نوع أحدهما ويتحد الآخر، بأن يكون الأجداد نوعين بعضهم
للأب وبعضهم للأم والإخوة للأب لا غير أو للأم لا غير، أو يكون الإخوة
بعضهم للأب وبعضهم للأم، والأجداد كلهم للأب لا غير أو للأم لا غير، ثم
إن كلا منهما إما أن يكون واحدا ذكرا أو أنثى أو متعددا ذكورا أو إناثا أو
ذكورا وإناثا فهنا صور تذكر في طي المسائل التسع الآتية.
مسألة 1030: إذا اجتمع الجد واحدا كان - ذكرا أو أنثى - أم متعددا
ذكورا أو إناثا أو ذكورا وإناثا من قبل الأم، مع الأخ على أحد الأقسام
المذكورة من قبل الأم أيضا اقتسموا المال بالسوية.
مسألة 1031: إذا اجتمع الجد والأخ - على أحد الأقسام المذكورة
فيهما - من قبل الأب اقتسموا المال بالسوية إن كانوا جميعا ذكورا أو إناثا،
وإن اختلفوا في الذكورة والأنوثة اقتسموا المال بالتفاضل للذكر مثل حظ
الأنثيين.
مسألة 1032: إذا اجتمع الأجداد من قبل الأب والأجداد من قبل الأم
- ذكورا كانوا أو إناثا أو ذكورا وإناثا - مع الإخوة كذلك بعضهم للأب
وبعضهم للأم ذكورا أو إناثا أو ذكورا وإناثا، فللمتقرب بالأم من الإخوة
342

والأجداد جميعا الثلث يقتسمونه بالسوية، وللمتقرب بالأب منهم جميعا
الثلثان يقتسمونهما للذكر مثل حظ الأنثيين - مع الاختلاف بالذكورة
والأنوثة - وإلا فبالسوية.
مسألة 1033: إذا اجتمع الجد على أحد الأقسام المذكورة للأب مع
الأخ على أحد الأقسام المذكورة أيضا للأم، يكون للأخ السدس إن كان
واحدا والثلث إن كان متعددا يقسم بينهم بالسوية، ويكون الباقي للجد
واحدا كان أو متعددا، ومع الاختلاف في الذكورة والأنوثة يقتسمونه
بالتفاضل.
مسألة 1034: إذا اجتمع الجد بأحد أقسامه المذكورة للأم مع الأخ
للأب يكون للجد الثلث، وفي صورة التعدد يقسم بينهم بالسوية مطلقا،
وللأخ الثلثان ومع التعدد والاختلاف يكون للذكر ضعف حظ الأنثى
وإذا كانت مع الجد للأم أخت للأب فإن كانتا اثنتين فما زاد لم تزد
الفريضة على السهام، وإن كانت واحدة كان لها النصف وللجد الثلث، وفي
السدس الزائد من الفريضة اشكال من حيث إنه يرد على الأخت أو عليها
وعلى الجد، فلا يترك الاحتياط بالصلح.
مسألة 1035: إذا اجتمع الأجداد من قبل الأب والأجداد من قبل الأم
مع أخ أو أكثر لأب، كان للجد للأم - وإن كان أنثى واحدة - الثلث، ومع
تعدد الجد يقتسمونه بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة،
والثلثان للأجداد للأب مع الإخوة له يقتسمونه للذكر ضعف حظ الأنثى.
مسألة 1036: إذا اجتمع الأجداد من قبل الأب والأجداد من قبل الأم
مع أخ لأم، كان للجد للأم مع الأخ للأم الثلث بالسوية ولو مع الاختلاف.
343

بالذكورة والأنوثة، وللأجداد للأب الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين
مسألة 1037: إذا اجتمع الأجداد من قبل الأب والإخوة من قبل
الأب والإخوة من قبل الأم، فللأخ للأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن
كان متعددا يقتسمونه بالسوية، وللإخوة للأب مع الأجداد للأب الباقي،
ومع الاختلاف في الذكورة والأنوثة يكون للذكر ضعف حظ الأنثى.
مسألة 1038: إذا اجتمع الأجداد من قبل الأم والإخوة من قبل الأب
والإخوة من قبل الأم كان للجد مع الإخوة للأم الثلث بالسوية وللإخوة
للأب الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين
مسألة 1039: أولاد الإخوة لا يرثون مع الإخوة شيئا فلا يرث ابن
الأخ للأبوين مع الأخ من الأب أو الأم بل الميراث للأخ، هذا إذا زاحمه
وأما إذا لم يزاحمه كما إذا ترك جدا لأم وابن أخ لأم أيضا مع أخ لأب فابن
الأخ يرث مع الجد الثلث، والثلثان للأخ.
مسألة 1040: إذا فقد الميت الإخوة قام أولادهم مقامهم في الإرث
وفي مقاسمة الأجداد، وكل واحد من الأولاد يرث نصيب من يتقرب به،
فلو خلف الميت أولاد أخ أو أخت لأم لا غير كان لهم سدس أبيهم أو أمهم
بالفرض والباقي بالرد، ولو خلف أولاد أخوين أو أختين أو أخ وأخت كان
لأولاد كل واحد من الإخوة السدس بالفرض وسدسان بالرد، ولو خلف
أولاد ثلاثة إخوة كان لكل فريق من أولاد واحد منهم حصة أبيه أو أمه،
وهكذا الحكم في أولاد الإخوة للأبوين أو للأب.
ويقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا أولاد أخ لأم وإن اختلفوا
بالذكورة والأنوثة.
344

والمشهور على أن التقسيم بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين إن كانوا
أولاد أخ للأبوين أو للأب، ولكنه لا يخلو عن اشكال، ويحتمل أن تكون
القسمة بينهم أيضا بالسوية والأحوط هو الرجوع إلى الصلح.
مسألة 1041: إذا خلف الميت أولاد أخ لأم وأولاد أخ للأبوين أو
للأب، كان لأولاد الأخ للأم السدس وإن كثروا، ولأولاد الأخ للأبوين أو
للأب الباقي وإن قلوا.
مسألة 1042: إذا لم يكن للميت إخوة ولا أولاد إخوة صلبيون كان
الميراث لأولاد أولاد الإخوة، والأعلى طبقة منهم وإن كان من الأب يمنع
من إرث الطبقة النازلة وإن كانت من الأبوين.
3 - إرث الطبقة الثالثة
وهم الأعمام والأخوال، ولا يرث أهل هذه الطبقة مع وجود الطبقة
الأولى أو الثانية، وهم صنف واحد يمنع الأقرب منهم الأبعد.
مسألة 1043: للعم المنفرد تمام المال، وكذا للعمين فما زاد يقسم
بينهم بالسوية، وكذا العمة والعمتان والعمات لأب كانوا أم لأم أم لهما
مسألة 1044: إذا اجتمع الذكور والإناث كالعم والعمة والأعمام
والعمات قيل: إن المال يقسم بينهم بالتساوي، ولكن الأقوى أنه يقسم
بينهم بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين سواء أكانوا جميعا لأبوين أم لأب أم
لأم، وإن كان الأحوط التصالح في الزيادة لا سيما في الصورة الأخيرة.
مسألة 1045: إذا اجتمع الأعمام والعمات وتفرقوا في جهة النسب
بأن كان بعضهم للأبوين وبعضهم للأب وبعضهم للأم لم يرثه المتقرب
345

بالأب، ولو فقد المتقرب بالأبوين قام المتقرب بالأب مقامه، والأظهر أن
المتقرب بالأم إن كان واحدا كان له السدس، وإن كان متعددا كان لهم الثلث
يقسم بينهم بالتفاضل للذكر ضعف حظ الأنثى على الأقوى، وأما الزائد على
السدس أو الثلث فيكون للمتقرب بالأبوين واحدا كان أو أكثر يقسم بينهم
للذكر مثل حظ الأنثيين.
مسألة 1046: للخال المنفرد المال كله وكذا الخالان فما زاد يقسم
بينهم بالسوية، وللخالة المنفردة المال كله وكذا الخالتان والخالات، وإذا
اجتمع الذكور والإناث بأن كان للميت خال فما زاد وخالة فما زاد - سواء
أكانوا للأبوين أم للأب أم للأم - ففي كون القسمة بينهم بالتفاضل أو
بالسوية وجهان، لا يخلو أولهما عن وجه، ولكن مع ذلك لا يترك
الاحتياط بالتصالح في الزيادة.
مسألة 1047: إذا اجتمع الأخوال والخالات وتفرقوا في جهة النسب
بأن كان بعضهم للأبوين وبعضهم للأب وبعضهم للأم، ففي سقوط
المتقربين بالأب - أي الخال المتحد مع أم الميت في الأب فقط - وانحصار
الإرث بالباقين اشكال - وعلى كل تقدير فالمشهور أن للمتقرب بالأم
السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان متعددا يقسم بينهم بالسوية، ويكون
الباقي للمتقرب بالأبوين يقسم بينهم بالسوية أيضا، ولكن يحتمل أن يكون
التقسيم فيهما بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين، فلا تترك مراعاة الاحتياط
في ذلك.
مسألة 1048: إذا اجتمع الأعمام والأخوال كان للأخوال الثلث وإن
كان واحدا ذكرا أو أنثى، والثلثان للأعمام وإن كان واحدا ذكرا أو أنثى، فإن
346

تعدد الأخوال ففي تقسيم الثلث بينهم بالتفاضل أو بالسوية اشكال تقدم
الايعاز إليه، وإذا تعدد الأعمام اقتسموا الثلثين بينهم بالتفاضل كما مر.
مسألة 1049: أولاد الأعمام والعمات والأخوال والخالات يقومون
مقام آبائهم عند فقدهم، فلا يرث ولد عم أو عمة مع عم ولا مع عمة ولا
مع خال ولا مع خالة، ولا يرث ولد خال أو خالة مع خال ولا مع خالة ولا
مع عم ولا مع عمة، بل يكون الميراث للعم أو الخال أو العمة أو الخالة،
لما عرفت من أن هذه الطبقة كلها صنف واحد لا صنفان كي يتوهم أن ولد
العم لا يرث مع العم أو العمة ولكن يرث مع الخال أو الخالة، وإن ولد
الخال لا يرث مع الخال أو الخالة ولكن يرث مع العم أو العمة، بل الولد لا
يرث مع وجود العم أو الخال ذكرا كان أو أنثى ويرث مع فقدهم جميعا
مسألة 1050: يرث كل واحد من أولاد العمومة والخؤولة نصيب من
يتقرب به، فإذا اجتمع ولد عمة وولد خال أخذ ولد العمة - وإن كان واحدا
أنثى - الثلثين، وولد الخال - وإن كان ذكرا متعددا - الثلث - والقسمة بين
أولاد العمومة أو الخؤولة على النحو المتقدم في أولاد الإخوة في المسألة
(1040)
مسألة 1051: قد تقدم إن العم والعمة والخال والخالة يمنعون
أولادهم، ويستثنى من ذلك صورة واحدة وهي أن يترك الميت ابن عم
لأبوين مع عم لأب فإن ابن العم يمنع العم ويكون المال كله له ولا يرث
معه العم للأب أصلا، ولو كان معهما خال أو خالة سقط ابن العم وكان
الميراث للعم والخال والخالة، ولو تعدد العم أو ابن العم أو انضم إليهما
زوج أو زوجة ففي جريان الحكم الأول اشكال.
347

مسألة 1052: الأقرب من العمومة والخؤولة يمنع الأبعد منهما، فإذا
كان للميت عم وعم أب أو عم أم أو خال أب أو أم مثلا كان الميراث لعم
الميت، ولا يرث معه عم أبيه ولا خال أبيه ولا عم أمه ولا خال أمه، ولو لم
يكن للميت عم أو خال لكن كان له عم أب وعم جد أو خال جد مثلا كان
الميراث لعم الأب دون عم الجد أو خاله
مسألة 1053: أولاد عم الميت وعمته وخاله وخالته مقدمون على
أعمام أبيه وأمه وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما، وكذلك من نزلوا من
الأولاد وإن بعدوا فإنهم مقدمون على الدرجة الثانية من الأعمام والعمات
والأخوال والخالات
مسألة 1054: إذا اجتمع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم
وعمتها وخالها وخالتها كان للمتقرب بالأم الثلث ويقسم بينهم بالسوية لا
بالتفاضل على المشهور ولكن لا يترك الاحتياط بالتصالح، ويكون الثلثان
للمتقرب بالأب فيعطى ثلثهما لخال أبيه وخالته يقسم بينهما بالسوية،
ويعطى الباقي لعم أبيه وعمته والمشهور أنه يقسم بينهما بالتفاضل للذكر
مثل حظ الأنثيين، ولكن يحتمل أن يكون التقسيم بينهما بالسوية أيضا فلا
تترك مراعاة الاحتياط في ذلك
مسألة 1055: إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام والأخوال كان
للزوج أو الزوجة نصيبه الأعلى من النصف أو الربع وللأخوال الثلث
وللأعمام الباقي، وأما قسمة الثلث بين الأخوال وكذلك قسمة الباقي بين
الأعمام فعلى ما تقدم.
مسألة 1056: إذا دخل الزوج أو الزوجة على الأخوال فقط وكانوا
348

متعددين أخذ نصيبه الأعلى من النصف أو الربع والباقي يقسم بينهم على ما
تقدم، وهكذا الحكم فيما لو دخل الزوج أو الزوجة على الأعمام
المتعددين
مسألة 1057: إذا اجتمع لوارث سببان للميراث فإن لم يمنع أحدهما
الآخر ورث بهما معا سواء اتحدا في النوع كجد لأب هو جد لأم أم تعددا
كما إذا تزوج أخو الشخص لأبيه أخته لأمه فولدت له فهذا الشخص بالنسبة
إلى ولد المتزوج عم وخال وولد الشخص بالنسبة إلى ولدهما ولد عم لأب
وولد خال لأم، وإذا منع أحد السببين الآخر ورث بالمانع، كما إذا تزوج
الإخوان زوجتين فولدتا لهما ثم مات أحدهما فتزوج الآخر زوجته فولدت
له، فولد هذه المرأة من زوجها الأول ابن عم لولدها من زوجها الثاني وأخ
لأم فيرث بالأخوة لا بالعمومة.
4 - إرث الزوج والزوجة
مسألة 1058: يرث الزوج من زوجته نصف تركتها إذا لم يكن لها
ولد، ويرث الربع مع الولد وإن نزل، وترث الزوجة من زوجها ربع تركته
إذا لم يكن له ولد، وترث الثمن مع الولد وإن نزل.
مسألة 1059: إذا لم تترك الزوجة وارثا لها ذا نسب أو سبب إلا
الإمام عليه السلام فالنصف لزوجها بالفرض والنصف الآخر يرد عليه على الأقوى
وإذا لم يترك الزوج وارثا له ذا نسب أو سبب إلا الإمام عليه السلام فلزوجته الربع
فرضا ولا يرد عليها الباقي بل يكون للإمام عليه السلام على الأقرب
مسألة 1060: إذا كانت للميت زوجتان فما زاد اشتركن في الثمن
349

بالسوية مع وجود الولد للزوج، وفي الربع بالسوية مع عدم الولد له.
مسألة 1061: يشترط في التوارث بين الزوجين دوام العقد فلا
ميراث بينهما في الانقطاع على ما تقدم في المسألة (255)، ولا يشترط فيه
الدخول فيتوارثان ولو مع عدم الدخول، نعم إذا تزوج المريض ولم يدخل
بها ولم يبرأ من مرضه حتى مات فزواجه باطل فلا مهر لها ولا ميراث، وقد
تقدم ذلك في كتاب النكاح
مسألة 1062: يتوارث الزوجان إذا انفصلا بالطلاق الرجعي ما دامت
العدة باقية، فإذا انتهت أو كان الطلاق بائنا فلا توارث، نعم إذا طلق الرجل
زوجته في حال المرض ومات قبل انقضاء السنة - أي اثني عشر شهرا
هلاليا - من حين الطلاق ورثت الزوجة عنه سواء أكان الطلاق رجعيا أم بائنا
عند توفر ثلاثة شروط:
الأول: أن لا تتزوج المرأة بغيره إلى موته أثناء السنة، وإلا فالأظهر
عدم ثبوت الإرث وإن كان الصلح أحوط.
الثاني: أن لا يكون الطلاق بأمرها ورضاها - بعوض أو بدونه - وإلا
لم ترثه على الأقوى.
الثالث: موت الزوج في ذلك المرض بسببه أو بسبب آخر، فلو برئ
من ذلك المرض ومات بسبب آخر لم ترثه الزوجة إلا إذا كان موته في أثناء
العدة الرجعية كما مر.
مسألة 1063: إذا طلق المريض زوجاته - وكن أربعا - وتزوج أربعا
أخرى ودخل بهن ومات في مرضه قبل انتهاء السنة من الطلاق اشتركت
المطلقات مع الزوجات في الربع أو الثمن.
350

مسألة 1064: إذا طلق واحدة من زوجاته الأربع وتزوج أخرى ثم
مات واشتبهت المطلقة في الزوجات الأولى، كان للتي تزوجها أخيرا ربع
الثمن وتشترك الأربع المشتبهة فيهن المطلقة في ثلاثة أرباعه، هذا إذا كان
للميت ولد وإلا كان لها ربع الربع وتشترك الأربع الأولى في ثلاثة أرباعه،
وهل يتعدى إلى كل مورد اشتبهت فيه المطلقة بغيرها أو يعمل بالقرعة؟
قولان، أقواهما الأول.
مسألة 1065: يرث الزوج من جميع ما تركته الزوجة منقولا وغيره
أرضا وغيرها، وترث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات والسفن
والحيوانات ولا ترث من الأرض لا عينا ولا قيمة، وترث مما ثبت فيها من
بناء وأشجار وآلات ونحو ذلك، ولكن للوارث دفع القيمة إليها ويجب
عليها القبول، ولا فرق في الأرض بين الخالية والمشغولة بغرس أو بناء أو
زرع أو غيرها، كما لا فرق في البناء بين أقسامه من الدار والدكان والحمام
والرحى وغيرها وفي الأشجار بين الصغيرة والكبيرة واليابسة المعدة للقطع
والأغصان اليابسة والسعف كذلك مع اتصالها بالشجر، وفي الآلات بين
الجذوع والخشب والحديد والطوب ونحوها، وهل يلحق بها الدولاب
والعريش الذي يكون عليه أغصان الكرم؟ وجهان أقواهما ذلك، فللوارث
الزام الزوجة بأخذ قيمتهما وكذا بيوت القصب.
مسألة 1066: طريقة التقويم فيما ترث الزوجة من قيمته هي ما
تعارف عند المقومين في تقويم مثل الدار والبستان عند البيع، من تقويم
البناء أو الشجر مثلا بما هو هو لا بملاحظته ثابتا في الأرض بدون أجرة ولا
بملاحظته منقوضا أو مقطوعا، فيعطى إرث الزوجة من قيمته المستنبطة
351

على هذا الأساس.
مسألة 1067: الظاهر أن الزوجة تستحق من عين ثمرة النخل
والشجر والزرع الموجودة حال موت الزوج، وليس للوارث إجبارها على
قبول القيمة
مسألة 1068: إذا تأخر الوارث - لعذر أو لغير عذر - في دفع القيمة
إلى الزوجة مما ترث من قيمته دون عينه فحصل له زيادة عينية خلال ذلك
كما لو كان فسيلا مغروسا فنما وصار شجرا فهل ترث من ذلك النماء أم
لا؟ وكذا إذا كان شجرة فأثمرت في تلك المدة فهل تستحق الحصة من
الثمرة أم لا؟ وأيضا إذا كان بناء فهل لها المطالبة بأجرته أم لا؟ الأوجه في
الجميع العدم وإن كان الاحتياط في محله.
مسألة 1069: إذا انقلعت الشجرة أو انكسرت أو انهدم البناء قبل
الموت وبقيت بتلك الحالة إلى حين الموت فالظاهر عدم جواز اجبارها
على أخذ القيمة، فيجوز لها المطالبة بحصتها من العين كالمنقول، نعم إذا
كان البناء معرضا للهدم والشجر معرضا للكسر والقطع جاز اجبارها على
أخذ القيمة ما دام لم ينهدم ولم ينكسر، وكذا الحكم في الفسيل المعد
للقطع.
مسألة 1070: القنوات والعيون والآبار ترث الزوجة من آلاتها
وللوارث إجبارها على أخذ القيمة، وأما الماء الموجود فيها فإنها ترث من
عينه وليس للوارث اجبارها على أخذ قيمته، ولو حفر بئرا فمات قبل أن
يصل إلى حد النبع ورثت زوجته منها قيمة لا عينا وهكذا الحال في
السرداب.
352

مسألة 1071: لو لم يرغب الوارث في دفع القيمة للزوجة عن
الشجرة والبناء مثلا فدفع لها العين نفسها كانت شريكة فيها كسائر الورثة
ولا يجوز لها المطالبة بالقيمة، ولو عدل الوارث عن بذل العين إلى القيمة
ففي وجوب قبولها اشكال وإن كان الأظهر العدم.
مسألة 1072: المدار في القيمة على قيمة يوم الدفع لا يوم الموت،
فلو زادت قيمة البناء - مثلا - على قيمته حين الموت ترث منها، ولو
نقصت نقص من نصيبها، وإن كان الأحوط مع تفاوت القيمتين التصالح
مسألة 1073: لا يجوز للزوجة التصرف في الأعيان التي ترث من
قيمتها بلا رضا سائر الورثة، كما لا يجوز لسائر الورثة التصرف فيها قبل أداء
حصتها من قيمتها من دون رضاها على الأظهر
5 - الإرث بالولاء
مسألة 1074: الولاء على ثلاثة أقسام: ولاء العتق، وولاء ضمان
الجريرة، وولاء الإمامة، والأول غير مبتلى به في العصر الحاضر فيقع
البحث عن أحكام الآخرين:
أ - ولاء ضمان الجريرة.
مسألة 1075: يجوز لأحد الشخصين أن يتولى الآخر على أن يضمن
جريرته - أي جنايته - فيقول له مثلا: (عاقدتك على أن تعقل عني وترثني)
فيقول الآخر: (قبلت)، فإذا عقد العقد المذكور صح وترتب عليه أثره وهو
العقل والإرث، ويجوز الاقتصار في العقد على العقل وحده من دون ذكر
353

الإرث فيترتب عليه الإرث، وأما الاقتصار على ذكر الإرث فيشكل صحته
وترتب الإرث عليه فضلا عن ترتب العقل عليه.
والمراد من العقل (الدية) فمعنى (عقله عنه) قيامه بدية جنايته
مسألة 1076: يجوز التولي المذكور بين الشخصين على أن يعقل
أحدهما بعينه عن الآخر دون العكس، كما يجوز التولي على أن يعقل كل
منهما عن الآخر، فيقول أحدهما مثلا: (عاقدتك على أن تعقل عني وأعقل
عنك وترثني وأرثك) ثم يقول الآخر: (قبلت) فيترتب عليها العقل من
الطرفين والإرث كذلك.
مسألة 1077: لا يصح العقد المذكور إلا إذا كان المضمون لا وارث
له من النسب ولا مولى معتق، فإن كان الضمان من الطرفين اعتبر عدم
الوارث النسبي والمولى المعتق لهما معا، وإن كان من أحد الطرفين اعتبر
ذلك في المضمون لا غير، فلو ضمن من له وارث نسبي أو مولى معتق لم
يصح ولأجل ذلك لا يرث ضامن الجريرة إلا مع فقد القرابة من النسب
والمولى المعتق.
مسألة 1078: إذا وقع الضمان مع من لا وارث له بالقرابة ولا مولى
معتق ثم ولد له بعد ذلك فهل يبطل العقد أو يبقى مراعى بفقده؟ وجهان،
فلا تترك مراعاة الاحتياط في ذلك
مسألة 1079: إذا وجد الزوج أو الزوجة مع ضامن الجريرة كان له
نصيبه الأعلى وكان الباقي للضامن.
مسألة 1080: إذا مات الضامن لم ينتقل الولاء إلى ورثته.
354

ب - ولاء الإمامة
مسألة 1081: إذا فقد الوارث النسبي والمولى المعتق وضامن
الجريرة كان الميراث للإمام عليه السلام إلا إذا كان له زوج فإنه يأخذ النصف
بالفرض ويرد الباقي عليه، أو كانت له زوجة فيكون لها الربع والباقي يكون
للإمام عليه السلام كما تقدم
مسألة 1082: ما يرثه الإمام عليه السلام بولاء الإمامة يكون أمره في عصر
الغيبة بيد الحاكم الشرعي، وسبيله سبيل سهمه عليه السلام من الخمس، فيصرف
في مصارفه، وقد تقدم بيانها في كتاب الخمس.
مسألة 1083: إذا أوصى من لا وارث له إلا الإمام عليه السلام بجميع ماله
للفقراء والمساكين وابن السبيل، فالأقرب عدم نفوذ وصيته إلا بمقدار الثلث
كما هو الحال فيما لو أوصى بجميع ماله في غير الأمور المذكورة، وقد تقدم
ذلك في كتاب الوصية.
355

الفصل الرابع
في ميراث الحمل والمفقود
مسألة 1084: الحمل يرث ويورث إذا انفصل حيا بأن بقيت فيه
الحياة بعد انفصاله وإن مات من ساعته، وإن انفصل ميتا لم يرث وإن علم
أنه كان حيا حال كونه حملا.
مسألة 1085: لا يشترط ولوج الروح في الحمل حين موت مورثه،
بل يكفي انعقاد نطفته حينه، فإذا مات أحد وتبين الحمل في زوجته بعد
موته وكان بحيث يلحق به شرعا يرثه إذا انفصل حيا.
مسألة 1086: تعرف حياته - بعد انفصاله وقبل موته من ساعته -
بالصياح وبالحركة البينة التي لا تكون إلا في الانسان الحي لا ما تحصل
أحيانا ممن مات قبل قليل، ويثبتان باخبار من يوجب خبره العلم أو
الاطمئنان، واحدا كان أو متعددا، وكذا بشهادة عدلين، وفي ثبوتهما
بشهادة رجل مع امرأتين أو نساء أربع اشكال
مسألة 1087: إذا خرج نصفه واستهل صائحا ثم مات فانفصل ميتا
لم يرث ولم يورث.
مسألة 1088: لا فرق في وارثية الحمل أو مورثيته بعد انفصاله حيا
بين كونه كامل الأعضاء وعدمه، ولا بين سقوطه بنفسه وسقوطه بجناية
جان.
مسألة 1089: إذا ولد الحمل وكان حيا في آن ثم مات كان نصيبه من
الإرث لوارثه
356

مسألة 1090: الحمل ما دام حملا لا يرث وإن علم حياته في بطن
أمه، ولكن إذا كان غيره متأخرا عنه في الطبقة أو الدرجة لم يدفع له شئ
من التركة إلى أن يتبين الحال، فلو كان للميت حمل وله أحفاد وإخوة انتظر
فإن سقط حيا اختص بالإرث وإن سقط ميتا ورثوا.
ولو كان للميت وارث آخر في طبقة الحمل ودرجته - كما لو كان له
أولاد أو أبوان - جاز تقسيم التركة على سائر الورثة بعد عزل مقدار نصيب
الحمل فيما لو علم حاله - ولو بالاستعانة بالأجهزة العلمية الحديثة - من أنه
واحد أو متعدد ذكر أو أنثى، وإن لم يعلم حاله فالأحوط أن يعزل له نصيب
ذكر بل ذكرين بل أزيد منه حسب العدد المحتمل احتمالا معتدا به، فإن
سقط ميتا يعطى ما عزل له إلى سائر الورثة بنسبة سهامهم، ولو سقط حيا
وتبين أن المعزول أزيد من نصيبه قسم الزائد على الورثة كذلك.
مسألة 1091: إذا عزل للحمل نصيب اثنين - مثلا - وقسمت بقية
التركة فولد أكثر ولم يف المعزول بحصصهم استرجعت التركة بمقدار
نصيب الزائد.
مسألة 1092: إذا كان للوارث الآخر المتحد مع الحمل في الطبقة
والدرجة فرض لا يتغير على تقدير وجود الحمل وعدمه يعطى نصيبه
الكامل، كما إذا كانت له زوجة أو أبوان وكان له ولد آخر غير الحمل فإن
نصيبهم - وهو الثمن للزوجة والسدسان للأبوين - لا يتغير بوجود الحمل
وعدمه بعد ما كان له ولد آخر، وأما إذا كان ينقص فرضه على تقدير
وجوده فيعطى أقل ما يصيبه على تقدير ولادته حيا، كما إذا كانت له زوجة
وأبوان ولم يكن له ولد آخر فتعطى الزوجة الثمن ولكل من الأبوين السدس.
357

مسألة 1093: إذا غاب الشخص غيبة منقطعة لا يعلم معها حياته ولا
موته، فحكم زوجته ما تقدم في كتاب الطلاق وأما أمواله فحكمها أن
يتربص بها، وفي مدة التربص أقوال، والأقوى أنها أربع سنين يفحص عنه
فيها - على النهج المتقدم في كتاب الطلاق - فإذا جهل خبره قسمت أمواله
بين ورثته الذين يرثونه لو مات حين انتهاء مدة التربص، ولا يرثه الذين
يرثونه لو مات بعد انتهاء مدة التربص، ويرث هو مورثه إذا مات قبل ذلك
ولا يرثه إذا مات بعد ذلك.
والأظهر جواز التقسيم بعد مضي عشر سنوات من فقده بلا حاجة إلى
الفحص.
358

الفصل الخامس
في ميراث الخنثى
مسألة 1094: الخنثى - وهو من له فرج الذكر والأنثى - إن علم أنه
ذكر أو أنثى ولو بمعونة الطرق العلمية الحديثة عمل به وإلا رجع إلى
الأمارات المنصوصة، ومنها: البول من أحدهما بعينه، فإن كان يبول من
فرج الذكر فهر ذكر، وإن كان يبول من فرج الأنثى فهو أنثى، وإن كان يبول
من كليهما كان المدار على ما سبق البول منه، فإن تقارنا قيل: إن المدار
على ما ينقطع عنه البول أخيرا، ولا يخلو عن اشكال فلا يترك الاحتياط
بالتراضي مع سائر الورثة.
مسألة 1095: إذا لم يوجد في الخنثى شئ من الأمارات المتقدمة
أعطي نصف سهمه لو كان ذكرا ونصف سهمه لو كان أنثى
فإذا خلف الميت ولدين ذكرا وخنثى لزم فرضهما ذكرين تارة وذكرا
وأنثى أخرى، والفريضة على التقدير الأول اثنان وعلى التقدير الثاني ثلاثة،
ثم تضرب إحدى الفريضتين في الأخرى وحاصل الضرب ستة، ثم يضرب
الحاصل في مخرج النصف - وهو اثنان - فيصير اثني عشر، سبعة منهما
للذكر وخمسة للخنثى، إذ لو كان أنثى كان سهمه أربعة من اثني عشر وإذا
كان ذكرا كان سهمه ستة فيعطى نصف الأربعة ونصف الستة وهو خمسة
والباقي للذكر وهو سبعة
وإذا خلف ذكرين وخنثى لزم فرضه ذكرا تارة فتكون الفريضة ثلاثة
لثلاثة ذكور وأنثى أخرى فتكون الفريضة خمسة للذكرين أربعة وللأنثى
359

واحد، ثم تضرب الثلاثة في الخمسة فتكون خمسة عشر، ثم يضرب
الحاصل في الاثنين فيصير ثلاثين، يعطى منها للخنثى ثمانية ولكل من
الذكرين أحد عشر، إذ لو كان ذكرا كان سهمه عشرة وإذا كان أنثى كان سهمه
ستة فيعطى نصف العشرة ونصف الستة وهو ثمانية، والباقي للذكرين لكل
واحد منهما أحد عشر، وهكذا يستخرج سهمه في سائر الأمثلة والحالات
مسألة 1096: من له رأسان على صدر واحد أو صدران على حقو
واحد فطريقة الاستعلام أن يترك حتى ينام ثم يوقظ فإن انتبها معا فهما
واحد وإلا فاثنان، والظاهر التعدي عن الميراث إلى سائر الأحكام
مسألة 1097: من جهل حاله ولم يعلم أنه ذكر أو أنثى لغرق ونحوه
يورث بالقرعة، وكذا من ليس له فرج الذكر ولا فرج الأنثى ولا غير ذلك
مما يشخصان به، والأحوط لزوما أن يكون اجراؤها بيد الحاكم الشرعي أو
وكيله في ذلك، وطريقتها أن يكتب على سهم (عبد الله) وعلى سهم آخر
(أمة الله) ثم يقول المقرع: (اللهم أنت الله لا إله إلا أنت عالم الغيب
والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون فبين لنا أمر هذا
المولود كيف يورث ما فرضت له في الكتاب) ثم يطرح السهمان في سهام
مبهمة ثم يخرج أحد السهام فإن كان أحد السهمين المكتوبين ورث عليه
وإلا أخرج آخر وهكذا، والظاهر أن الدعاء مستحب وليس شرطا في صحة
القرعة.
360

الفصل السادس
في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم
مسألة 1098: إذا مات اثنان - بينهما نسب أو سبب يوجب الإرث - في
وقت واحد بحيث علم تقارن موتهما لم يرث أحدهما من الآخر، بل يرث
كلا منهما وارثه الحي، بلا فرق في ذلك بين أسباب الموت ولا بين اتحاد
سبب موتهما وتعدده، وهكذا الحكم في موت أكثر من اثنين.
مسألة 1099: إذا مات المتوارثان واحتمل في موت كل منهما السبق
واللحوق والاقتران أو علم السبق وجهل السابق، فإن كان سبب موتهما
الغرق أو الهدم ورث كل منهما الآخر، وإن كان السبب غير الغرق والهدم
كالحرق أو القتل في المعركة أو افتراس سبع أو نحو ذلك ففي الحكم
بالتوارث من الطرفين كما في الغرق والهدم قولان، أقواهما ذلك، بل الظاهر
عموم الحكم لما إذا ماتا حتف أنفهما بلا سبب وإن كان الاحتياط بالتصالح
في محله ولا سيما في الصورة الأخيرة.
مسألة 1100: طريقة التوريث من الطرفين أن يبنى على حياة كل
واحد منهما حين موت الآخر فيورث مما كان يملكه حين الموت ولا
يورث مما ورثه من الآخر.
فمثلا إذا غرق الزوجان واشتبه المتقدم والمتأخر ولم يكن لهما ولد
ورث الزوج النصف من تركة الزوجة وورثت الزوجة ربع ما تركه زوجها،
فيدفع النصف الموروث للزوج إلى ورثته مع ثلاثة أرباع تركته الباقية بعد
إخراج ربع الزوجة، ويدفع الربع الموروث للزوجة مع نصف تركتها الباقي.
361

بعد إخراج نصف الزوج إلى ورثتها.
هذا حكم توارثهما فيما بينهما، وأما حكم إرث غيرهما الحي من
المال الأصلي لأحدهما أو كليهما فهو أن يبنى على كون موت المورث سابقا فيرثه
الثالث الحي على هذا التقدير، فمثلا إذا غرقت الزوجة وبنتها فالزوج يرث
من زوجته الربع وإن لم يكن للزوجة ولد غير البنت ولا يرث النصف، وكذا
في إرث البنت فيبنى على سبق موتها، وإذا لم يكن لها وارث غير أبيها كان
لأمها التي غرقت معها الثلث ولأبيها الثلثان، وهكذا إذا غرق الأب وبنته ولم
يكن له ولد سواهما فيكون لزوجته الثمن.
وأما حكم إرث غيرهما الحي من المال الموروث لأحدهما أو كليهما
فهو أن يبنى على تأخر موت المورث عن موت صاحبه فيرثه وارثه على هذا
التقدير، ولا يلاحظ فيه احتمال تقدم موته عكس ما سبق في إرث ماله
الأصلي، وإذا كان الموتى ثلاثة فما زاد فيبنى على حياة الآخرين عند موت كل
واحد منهم فيرثان منه كغيرهما من الأحياء، وكيفية إرث المال الأصلي
والموروث كما سبق
مسألة 1101: يثبت التوارث في الغرقى ومن بحكمهم بين من لا
يتوقف توارثهم إلا على سبق موت المورث على الوارث، ولا يثبت بين
من يتوقف توارثهم على ذلك وحصول أمر آخر غير معلوم الحصول، كما
إذا غرق الأب وولداه فإن الولدين لا يتوارثان إلا مع فقد الأب عند موتهما
والمفروض عدم العلم به فلا يحكم بتوارثهما
مسألة 1102: يشترط في التوارث من الجانبين خلو كل منهما من
موانع الإرث وحواجبه، ولو كان أحدهما ممنوعا أو محجوبا دون الآخر
362

فهل يحكم بإرث الآخر منه، أم لا؟ وجهان أقربهما ذلك، فلو غرق إخوان
لأحدهما ولد دون الآخر ورث الأول من الثاني، وكذا الحال فيما لو كان
لأحدهما ما يورثه للآخر لكن لم يكن للآخر ما يورثه للأول فإنه يرث
الآخر من الأول ولا يشترط فيه إرث الأول من الآخر
363

الفصل السابع
في ميراث أصحاب المذاهب والملل الأخرى
مسألة 1103: إذا تزوج غير الإمامي من يحرم عليه نكاحها عندنا
فأولدها فلا اشكال في ثبوت التوارث بين الولد وأبويه وكذا بينه وبين
من يتقرب بهما، وهل يثبت التوارث بين أبيه وأمه كزوجين أم لا؟ الظاهر
ذلك، فزواج سائر المذاهب الاسلامية غير الإمامية يوجب التوارث بين
الزوجين إذا جرى وفق مذهبهم وإن كان باطلا بحسب مذهبنا كالزواج من
المطلقة بالطلاق البدعي
مسألة 1104: إذا تزوج المجوسي أو غيره من الكفار من يحرم عليه
نكاحها في الشريعة الاسلامية فأولدها فهل يثبت التوارث به بين بعضهم مع
بعض؟ قيل: نعم، وقيل: لا، وقيل بالثبوت في النسب دون السبب،
فيتوارث الولد وأبواه مثلا ولا يتوارث الأبوان كزوجين، والأقوى هو القول
الأول.
مسألة 1105: إذ مات غير المسلم واجتمع له موجبان أو أكثر للإرث
ورث بالجميع، كما إذا مات المجوسي وكانت زوجته خالته أيضا ولم يترك
وارثا من الطبقتين الأولى والثانية فإنها ترث منه نصيب الخالة بالإضافة إلى
نصيب الزوجة.
وإذا اجتمع سببان أحدهما يمنع الآخر ورث من جهة المانع دون
الممنوع كما لو تزوج خالته فأولدها، فإن الولد يرثه من حيث كونه ولدا له
ولا يرث من حيث كونه ابن خالته.
364

مسألة 1106: إذا تزوج المسلم أحد محارمه لشبهة لم يتوارثا بهذا
الزواج، فلو عقد على أخته من الرضاعة جهلا منه بالحال ثم مات أحدهما
لم يرثه الآخر نصيب الزوج أو الزوجة، هذا في السبب الفاسد، وأما النسب
الفاسد فيثبت به التوارث ما لم يكن زنى، فولد الشبهة يرث ويورث، وإذا
كانت الشبهة من طرف واحد اختص التوارث النسبي به دون الآخر كما
تقدم في المسألة (979)
مسألة 1107: إذا اختلفا في صحة تزويج وفساده - اجتهادا أو تقليدا
أو للاختلاف في الموضوع - لم يكن للقائل بالفساد ترتيب أثر الصحة عليه
سواء في ذلك الإرث وغيره من الآثار.
خاتمة
مخارج السهام المفروضة في الكتاب العزيز خمسة: الاثنان وهو
مخرج النصف، والثلاثة وهي مخرج الثلث والثلثين، والأربعة وهي مخرج
الربع، والستة وهي مخرج السدس، والثمانية وهي مخرج الثمن
مسألة 1108: إذا كان في الفريضة كسران فإن كانا متداخلين بأن كان
مخرج أحدهما يفني مخرج الآخر إذا سقط منه مكررا كالنصف والربع فإن
مخرج النصف وهو الاثنان يفني مخرج الربع وهو الأربعة، وكالنصف
والثمن، والثلث والسدس، فإذا كان الأمر كذلك كانت الفريضة مطابقة
للأكثر.
فإذا اجتمع النصف والربع كانت الفريضة أربعة. وإذا اجتمع النصف
365

والسدس كانت ستة وإذا اجتمع النصف والثمن كانت ثمانية
وإن كان الكسران متوافقين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج
الآخر إذا سقط منه مكررا، ولكن كان هناك عدد ثالث يفني مخرجيهما معا
إذا سقط مكررا من كل منهما كالربع والسدس، فإن مخرج الربع أربعة
ومخرج السدس ستة، والأربعة لا تفني الستة ولكن الاثنين يفني كلا منهما
وكسر ذلك العدد وفق لهما، فإذا كان الأمر كذلك ضرب أحد المخرجين في
وفق الآخر - أي نصفه في المثال المتقدم - وتكون الفريضة حينئذ مطابقة
لحاصل الضرب.
فإذا اجتمع الربع والسدس ضرب نصف الأربعة في الستة أو نصف
الستة في الأربعة وكان الحاصل مطابقا لعدد الفريضة وهو اثنا عشر
وإذا اجتمع السدس والثمن كانت الفريضة أربعة وعشرين حاصلة من
ضرب نصف مخرج السدس، وهو ثلاثة في الثمانية أو نصف مخرج الثمن
وهو الأربعة في الستة.
وإن كان الكسران متباينين بأن كان مخرج أحدهما لا يفني مخرج
الآخر ولا يفنيهما عدد ثالث غير الواحد كالثلث والثمن ضرب مخرج
أحدهما في مخرج الآخر وكان المتحصل هو عدد الفريضة، ففي المثال
المذكور تكون الفريضة أربعة وعشرين حاصلة من ضرب الثلاثة في
الثمانية
وإذا اجتمع الثلث والربع كانت الفريضة اثنتي عشرة حاصلة من
ضرب الأربعة في الثلاثة وهكذا
366

مسألة 1109: إذا تعدد أصحاب الفرض الواحد وكان هناك وارث
آخر غيرهم كانت الفريضة حاصلة من ضرب عددهم في مخرج الفرض،
كما إذا ترك أربع زوجات وولدا، ففي مثله تكون الفريضة من اثنين وثلاثين
حاصلة من ضرب الأربعة - وهي عدد الزوجات - في الثمانية التي هي
مخرج الثمن.
هذا لو لم يكن للوارث الآخر فرض آخر، وإلا فإن كان الكسران
متداخلين ضرب مخرج الكسر الأقل في عدد أصحاب الفرض الواحد
وكان الحاصل هو عدد الفريضة، وإن كانا متوافقين أو متباينين فبعد الضرب
على النحو المتقدم في المسألة السابقة يضرب الحاصل في عدد أصحاب
الفرض الواحد ويكون الحاصل هو عدد الفريضة
فإذا ترك أبوين وأربع زوجات كانت الفريضة من ثمانية وأربعين
حاصلة من ضرب الثلاثة التي هي مخرج الثلث في الأربعة التي هي مخرج
الربع فتكون اثنتي عشرة، فتضرب في الأربعة - وهي عدد الزوجات -
ويكون الحاصل ثمانية وأربعين، وهكذا تتضاعف الفريضة بعدد من ينكسر
عليه السهم.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
367