الكتاب: مناسك الحج
المؤلف: السيد السيستاني
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٣
المطبعة: شهيد - قم
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:

مناسك الحج
فتاوى
سماحة آية الله العظمى
السيد علي الحسيني السيستاني
دام ظله الشريف
1

الطبعة الأولى 1413 ه‍.
2

بسمه تعالى
لا بأس بالعمل برسالة مناسك الحج
والعامل بها مأجور إن شاء الله تعالى
17 / 3 / 1413 علي الحسيني السيستاني
3

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله
الطاهرين
وجوب الحج
يجب الحج على كل مكلف جامع للشرائط الآتية،
ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة القطعية.
والحج ركن من أركان الدين، ووجوبه من
الضروريات، وتركه مع الاعتراف بثبوته - معصية كبيرة
5

كما أن إنكار أصل الفريضة إذا لم يكن مستند إلى شبهة
كفر.
قال الله تعالى في كتابه المجيد: (ولله على الناس حج
البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن
العالمين).
وروى الشيخ الكليني بطريق معتبر عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: من مات ولم يحج حجة الاسلام، لم
يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه
الحج، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديا أو نصرانيا.
وهناك روايات كثيرة تدل على وجوب الحج والاهتمام به
لم نتعرض لها طلبا للاختصار، وفيما ذكرناه من الآية
الكريمة والرواية كفاية للمراد.
واعلم أن الحج الواجب على المكلف في أصل الشرع
إنما هو مرة واحدة، ويسمى ذلك ب‍ " حجة الاسلام ".
مسألة 1: وجوب الحج بعد تحقق شرائطه فوري، فيلزم
الاتيان به في العام الأول للاستطاعة، فإن تركه فيه ففي
6

العالم الثاني وهكذا.
ولكن في كون فوريته شرعية كما لعله المشهور أو
عقلية من باب الاحتياط لئلا يلزم الاخلال بالواجب من
دون عذر فيستحق عليه العقاب وجهان: أحوطهما
الأول، وأقواهما الثاني، فإذا لم يبادر إليه من دون الوثوق
بإتيانه بعد ذلك كان متجريا إذا أتى به من بعد، وعاصيا
ومرتكبا للكبيرة إذا لم يوفق له أصلا.
مسألة 2: إذا وجب الخروج إلى الحج وجب تحصيل
مقدماته وتهيئة وسائله على وجه يتمكن من إدراكه في وقته،
ولو تعددت الرفقة ووثق بإدراك الحج لو خرج مع أي منها
تخير، وإن كان الأولى أن يختار أوثقها إدراكا.
ولو وجد واحدة يثق بإدراك الحج معها، لم يجز له التأخير
في الخروج إلا مع الوثوق بحصول أخرى، وتمكنه من المسير
وإدراك الحج معها أيضا.
وهكذا الحال في سائر خصوصيات الخروج، ككونه من
طريق البر أو الجو أو البحر ونحو ذلك.
7

مسألة 3: إذا حصلت الاستطاعة ووجبت المبادرة إلى
أداء الحج في عام حصولها فتأخر في الخروج للوثوق بإدراكه
مع التأخير أيضا، ولكن اتفق أنه لم يدركه بسبب ذلك،
كان معذورا في تأخيره، ولا يستقر عليه الحج على الأظهر.
وهكذا الحال في سائر موارد حصول العجز عن إدراك
الحج بسبب الطوارئ والمصادفات الخارجية من دون تفريط
منه.
شرائط وجوب حجة الاسلام
الشرط الأول: البلوغ.
فلا يجب الحج على غير البالغ، وإن كان مراهقا، ولو
حج الصبي لم يجزئه عن حجة الاسلام وإن كان حجه
صحيحا على الأظهر.
مسألة 4: إذا خرج الصبي إلى الحج فبلغ قبل أن يحرم
من الميقات وكان مستطيعا ولو من موضعه فلا إشكال في
8

أن حجه حجة الاسلام.
وإذا أحرم فبلغ بعد إحرامه قبل الوقوف بالمزدلفة أتم
حجه وكان حجة الاسلام أيضا على الأقوى.
مسألة 5: إذا حج ندبا معتقدا بأنه غير بالغ، فبان بعد
أداء الحج أو في أثنائه بلوغه، كان حجه حجة الاسلام
فيجتزئ به.
مسألة 6: يستحب للصبي المميز أن يحج، ولكن
المشهور أنه يشترط في صحته إذن الولي، وهو غير بعيد.
مسألة 7: لا يعتبر إذن الأبوين في صحة حج البالغ
مطلقا.
نعم، إذا أوجب خروجه إلى الحج المندوب أذية أبويه أو
أحدهما شفقة عليه من مخاطر الطريق مثلا لم يجز له
الخروج.
مسألة 8: يستحب للولي إحجاج الصبي غير المميز
وكذا الصبية غير المميزة وذلك بأن يلبسه ثوبي الاحرام
ويأمره بالتلبية ويلقنه إياها إن كان قابلا للتلقين وإلا لبى
9

عنه ويجنبه عما يجب على المحرم الاجتناب عنه، ويجوز أن
يؤخر تجريده عن المخيط وما بحكمه إلى فخ إذا كان سائرا
من ذلك الطريق ويأمره بالاتيان بكل ما يتمكن منه من
أفعال الحج، وينوب عنه فيما لا يتمكن، ويطوف به،
ويسعى به بين الصفا والمروة، ويقف به في عرفات والمشعر،
ويأمره بالرمي إن قدر عليه، وإلا رمى عنه، وكذلك صلاة
الطواف، ويحلق رأسه، وكذلك بقية الأعمال.
مسألة 9: لا بأس بأن يحرم الولي بالصبي وإن كان نفسه
محلا.
مسألة 10: الأظهر أن الولي الذي يستحب به إحجاج
الصبي غير المميز هو كل من له حق حضانته من الأبوين أو
غيرهما بتفصيل مذكور في كتاب النكاح.
مسألة 11: نفقة حج الصبي فيما يزيد على نفقة الحضر
على الولي لا على الصبي.
نعم، إذا كان حفظ الصبي متوقفا على السفر به، أو
كان السفر مصلحة له، كانت نفقة أصل السفر في ماله لا
10

نفقة الحج به لو كانت زائدة عليه.
مسألة 12: ثمن هدي الصبي غير المميز على الولي،
وكذا كفارة صيده، وأما الكفارات التي تجب عند الاتيان
بموجبها عمدا فالظاهر أنها لا تجب بفعل الصبي وإن كان
مميزا لا على الولي ولا في مال الصبي.
الشرط الثاني: العقل.
فلا يجب الحج على المجنون، نعم إذا كان جنونه أدواريا
ووفى دور إفاقته بالاتيان بمناسك الحج ومقدماتها غير
الحاصلة، وكان مستطيعا، وجب عليه الحج وإن كان مجنونا
في بقية الأوقات، كما أنه لو علم بمصادفة دور جنونه لأيام
الحج دائما وجبت عليه الاستنابة له حال إفاقته.
الشرط الثالث: الحرية.
الشرط الرابع: الاستطاعة.
11

ويعتبر فيها أمور:
الأول: السعة في الوقت، ومعنى ذلك وجود القدر
الكافي من الوقت للذهاب إلى الأماكن المقدسة والقيام
بالأعمال الواجبة فيها.
وعليه، فلا يجب الحج إذا كان حصول المال أو توفر سائر
الشرائط في وقت لا يسع للذهاب إليها وأداء مناسك
الحج، أو أنه يسع ذلك ولكن بمشقة شديدة لا تتحمل
عادة.
وحكم ذلك من حيث وجوب التحفظ على المال إلى
السنة القادمة وعدمه يظهر مما يأتي في المسألة 39.
الثاني: صحة البدن وقوته، فلو لم يقدر لمرض أو هرم
على قطع المسافة إلى الأماكن المقدسة، أو لم يقدر على
البقاء فيها بمقدار أداء أعمالها لشدة الحر مثلا، أو كان ذلك
حرجيا عليه، لم يجب عليه الحج مباشرة، ولكن تجب عليه
الاستنابة على ما سيجئ تفصيله في المسألة 63.
الثالث: تخلية السرب، ويقصد بها أن يكون الطريق
12

مفتوحا ومأمونا، فلا يكون فيه مانع لا يمكن معه من
الوصول إلى الميقات أو إلى الأراضي المقدسة، وكذا لا
يكون خطرا على النفس أو المال أو العرض وإلا لم يجب
الحج.
هذا في الذهاب، وأما الإياب ففيه تفصيل يأتي نظيره في
نفقة الإياب في المسألة 22.
وإذا عرض على المكلف بعد تلبسه بالاحرام ما يمنعه
من الوصول إلى الأماكن المقدسة من مرض أو عدو أو
نحوهما فله أحكام خاصة ستأتي إن شاء الله تعالى في
بحث المصدود والمحصور.
مسألة 13: إذا كان للحج طريقان أبعدهما مأمون
والأقرب غير مأمون لم يسقط وجوب الحج، بل وجب
الذهاب من الطريق المأمون وإن كان أبعد.
نعم، إذا استلزم ذلك الدوران في البلاد كثيرا بحيث
لا يصدق عرفا أنه مخلى السرب، لم يجب عليه الحج.
مسألة 14: إذا كان له في بلده مال يتلف بذهابه إلى
13

الحج، وكان ذلك مجحفا بحاله، لم يجب عليه الحج.
وإذا استلزم الاتيان بالحج ترك واجب أهم من الحج
كإنقاذ غريق أو حريق أو مساو له، تعين ترك الحج
والآتيان بالواجب الأهم في الصورة الأولى، ويتخير
بينهما في الصورة الثانية، وكذلك الحال فيما إذا توقف أداء
الحج على ارتكاب محرم كان الاجتناب عنه أهم من الحج
أو مساويا له.
مسألة 15: إذا حج مع استلزام حجه ترك واجب أهم
أو ارتكاب محرم كذلك، فهو وإن كان عاصيا من جهة ترك
الواجب أو فعل الحرام، إلا أن الظاهر أنه يجزئ عن حجة
الاسلام إذا كان واجدا لسائر الشرائط، ولا فرق في ذلك
بين من كان الحج مستقرا عليه ومن كان أول سنة
استطاعته.
مسألة 16: إذا كان في الطريق عدو لا يمكن دفعه إلا
ببذل المال له، فإن كان بذله مجحفا بحاله لم يجب عليه
ذلك، وسقط وجوب الحج، وإلا وجب.
14

نعم، لا يجب بذل المال لأجل استعطافه حتى يفتح
الطريق ويخلي السرب.
مسألة 17: لو انحصر الطريق بالبحر مثلا، واحتمل
في ركوبه الغرق أو المرض أو نحوهما احتمالا عقلائيا، أو
كان موجبا للقلق والخوف الذي يعسر عليه تحمله ولا
يتيسر له علاجه، سقط عنه وجوب الحج، ولكن لو حج
مع ذلك صح حجه على الأظهر.
الرابع: النفقة، ويعبر عنها بالزاد والراحلة، ويقصد
بالزاد: كل ما يحتاج إليه في سفره من المأكول والمشروب
وغيرهما من ضروريات ذلك السفر، ويراد بالراحلة:
الوسيلة النقلية التي يستعان بها في قطع المسافة، ويعتبر
فيهما أن يكونا مما يليق بحال المكلف، ولا يشترط وجود
أعيانهما، بل يكفي وجود مقدار من المال (النقود أو غيرها)
يمكن أن يصرف في سبيل تحصيلهما.
مسألة 18: يختص اشتراط وجود الراحلة بصورة
الحاجة إليها، لا مطلقا ولو مع عدم الحاجة، كما إذا كان
15

قادرا على المشي من دون مشقة ولم يكن منافيا لشرفه.
مسألة 19: العبرة في الزاد والراحلة بوجودهما فعلا، فلا
يجب على من كان قادرا على تحصيلهما بالاكتساب ونحوه:
ولا فرق في اشتراط وجود الراحلة مع الحاجة إليها بين
القريب والبعيد.
مسألة 20: الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج إنما هي
الاستطاعة من مكانه لا من بلده: فإذا ذهب المكلف إلى
بلد آخر للتجارة أو لغيرها وكان له هناك ما يمكن أن يحج
به من الزاد والراحلة، أو ما يفي بتحصيلهما من النقود
ونحوها، وجب عليه الحج، وإن لم يكن مستطيعا من
بلده.
مسألة 21: إذا كان للمكلف ملك ولم يوجد من يشتريه
بثمن المثل، وتوقف الحج على بيعه بأقل منه وجب البيع.
وإن كان أقل منه بمقدار معتد به إلا أن يكون مجحفا
بحاله.
وإذا ارتفعت الأسعار فكانت أجرة المركوب مثلا في
16

سنة الاستطاعة أكثر منها في السنة الآتية، لم يجز التأخير
لمجرد ذلك بعد فرض وجوب المبادرة فيها إلى الحج.
مسألة 22: إنما يعتبر وجود نفقة الإياب في وجوب الحج
فيما إذا أراد المكلف العود إلى وطنه، وأما إذا لم يرد العود
وأراد السكنى في بلد آخر غير وطنه، فلا بد من وجود
النفقة إلى ذلك البلد، ولا يعتبر وجود مقدار العود إلى
وطنه.
نعم، إذا كان الذهاب إلى البلد الذي يريد السكنى
فيه أكثر نفقة من الرجوع إلى وطنه، لم يعتبر وجود النفقة
إلى ذلك المكان، بل يكفي في الوجوب وجود مقدار
العود إلى وطنه إلا مع الاضطرار إلى السكنى فيه.
الخامس: الرجوع إلى الكفاية: وهو التمكن بالفعل
أو بالقوة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع إذا خرج إلى
الحج وصرف ما عنده في نفقته، بحيث لا يحتاج إلى
التكفف ولا يقع في الشدة والحرج.
وبعبارة واضحة: يلزم أن يكون المكلف على حالة لا
17

يخشى معها على نفسه وعائلته من العوز والفقر بسبب
الخروج إلى الحج أو صرف ما عنده من المال في سبيله.
وعليه، فلا يجب الحج على من كان كسوبا في خصوص
أيام الحج، بحيث لو ذهب إلى الحج لا يتمكن من الكسب
ويتعطل أمر معاشه في سائر أيام العام أو بعضها.
كما لا يجب على من يملك مقدارا من المال يفي
بمصارف الحج وكان ذلك وسيلة لإعاشة عائلته،
مع العلم بأنه لا يتمكن من الإعاشة عن طريق آخر يناسب
شأنه.
فبذلك يظهر أنه لا يجب بيع ما يحتاج إليه في ضروريات
معاشه من أمواله، ولا ما يحتاج إليه منها مما يكون لائقا
بحاله لا أزيد كما أو كيفا فلا يجب بيع دار سكناه وثياب
تجمله وأثاث بيته إذا كانت كذلك، ولا آلات الصنائع
التي يحتاج إليها في معاشه، ونحو ذلك مثل الكتب بالنسبة
إلى أهل العلم مما لا بد منه في سبيل تحصيله.
وعلى الجملة، لا يكون الانسان مستطيعا للحج إذا
18

كان يملك فقط ما يحتاج إليه في حياته، وكان صرفه في
سبيل الحج موجبا للعسر والحرج.
نعم، لو زادت الأموال المذكورة عن مقدار الحاجة بقدر
نفقة الحج ولو بضميمة مالديه من غيرها لكان مستطيعا.
فيجب عليه أداء الحج ولو ببيع الزائد وصرف ثمنه في
نفقته.
بل من كان عنده دار قيمتها عشرة آلاف دينار مثلا
ويمكنه بيعها وشراء دار أخرى بأقل منها من دون عسر
وحرج وجب عليه الحج إذا كان الزائد ولو بضميمة غيره
وافيا بمصارف الحج ذهابا وإيابا وبنفقة عياله.
مسألة 23: إذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل
الحج لحاجته إليه ثم استغنى عنه وجب عليه الذهاب
إلى الحج ولو ببيعه وصرف ثمنه في نفقته، مثلا: إذا كان
للمرأة حلي تحتاج إليه ولا بد لها منه. ثم استغنت عنه
لكبرها أو لأمر آخر، وجب عليها أداء فريضة الحج ولو
توقف ذلك على بيعها.
19

مسألة 24: إذا كانت له دار مملوكة، وكانت بيده دار
أخرى يمكنه السكنى فيها كما إذا كانت موقوفة تنطبق
عليه ولم يكن في ذلك حرج عليه، ولا في معرض قصر يده
عنها، وجب عليه أداء الحج ولو ببيع الدار المملوكة،
وصرف ثمنها في نفقته إذا كان وافيا بمصارف الحج ولو
بضميمة ما عنده من المال، ويجري ذلك في الكتب العلمية
وغيرها مما يحتاج إليه في حياته.
مسألة 25: إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف
الحج وكان بحاجة إلى الزواج أو شراء دار لسكناه أو غير
ذلك مما يحتاج إليه، فإن كان صرف ذلك المال في الحج
موجبا لوقوعه في الحرج لم يجب عليه الحج، وإلا وجب
عليه.
مسألة 26: إذا كان ما يملكه دينا على ذمة شخص،
وكان محتاجا إليه في تمام نفقة الحج أو في بعضها، فإن كان
الدين حالا والمدين باذلا عد مستطيعا، ووجب عليه أداء
الحج ولو بمطالبة دينه وصرفه في نفقته.
20

وكذا إذا كان المدين مماطلا وأمكن إجباره على الأداء
ولو بالرجوع إلى المحاكم الحكومية، أو كان جاحدا وأمكن
إثباته وأخذه أو التقاص منه، أو كان الدين مؤجلا وبذله
المدين من قبل نفسه قبل حلول الأجل، دون ما إذا توقف
بذله على مطالبة الدائن مع فرض كون التأجيل لمصلحة
المدين كما هو الغالب.
وأما إذا كان المدين معسرا أو مماطلا ولا يمكن إجباره،
أو كان الاجبار حرجيا عليه، أو كان منكرا ولا يمكن إثباته
ولا التقاص منه، أو كان ذلك مستلزما للحرج والمشقة، أو
كان الدين مؤجلا والتأجيل لمصلحة المدين ولم يبذل الدين
قبل حلول الأجل، ففي جميع ذلك إن أمكن بيع الدين
بأقل منه ما لم يكن مجحفا بحاله بشرط وفائه بمصارف
الحج ولو بضميمة ما عنده من المال، وجب عليه الحج،
وإلا لم يجب.
مسألة 27: كل ذي حرفة كالحداد والبناء والنجار
وغيرهم ممن يفي كسبهم بنفقتهم ونفقة عوائلهم يجب
21

عليهم الحج إذا حصل لهم مقدار من المال بإرث أو غيره
وكان وافيا بالزاد والراحلة ونفقة العيال مدة الذهاب
والإياب.
مسألة 28: من كان يرتزق من الوجوه الشرعية
كالخمس والزكاة وغيرهما، وكانت نفقاته بحسب العادة
مضمونة من دون مشقة، لا يبعد وجوب الحج عليه فيما إذا
ملك مقدارا من المال يفي بذهابه وإيابه ونفقة عائلته،
وكذلك من قام أحد بالاتفاق عليه طيلة حياته، وكذلك كل
من لا يتفاوت حاله قبل الحج وبعده من جهة المعيشة إن
صرف ما عنده في سبيل الحج.
مسألة 29: إذا انتقل إليه ما يفي بمصارف الحج
بملكية متزلزلة فالظاهر كفاية ذلك في تحقق الاستطاعة
المعتبرة في وجوب الحج، إذا كان قادرا على إزالة حق المنتقل
عنه في الفسخ بالتصرف الناقل أو المغير في المال كما في
موارد الهبة الجائزة وإلا فالاستطاعة تكون مراعاة بعدم
فسخ من انتقل عنه، فلو فسخ قبل تمام الأعمال أو بعده
22

كشف ذلك عن عدم تحقق الاستطاعة من الأول في هذا النحو من
الملكية المتزلزلة إلا مع الوثوق بعدم طروء الفسخ، ولا يكفي
مجرد احتمال عدمه.
مسألة 30: لا يجب على المستطيع أن يحج من ماله، فلو
حج متسكعا أو من مال شخص آخر ولو غصبا أجزأه.
نعم، إذا كان ساتره في الطواف أو في صلاة الطواف
مغصوبا فالأحوط أن لا يجتزئ به، ولو كان ثمن هديه
مغصوبا لم يجزئه إلا إذا اشتراه بثمن في الذمة ووفاه من
المغصوب.
مسألة 31: لا يجب على المكلف تحصيل الاستطاعة
بالاكتساب أو غيره، فلو وهبه أحد مالا هبة مطلقة يستطيع
به لو قبله لم يلزمه القبول، وكذلك لو طلب منه أن يؤجر
نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعا ولو كانت الخدمة لائقة
بشأنه.
نعم، لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج واستطاع
23

بذلك وجب عليه الحج.
مسألة 32: إذا آجر نفسه للنيابة عن الغير في الحج
واستطاع بمال الإجارة قدم الحج النيابي إذا كان مقيدا
بالسنة الحالية، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة القادمة
وجب عليه الحج وإلا فلا، وإن لم يكن الحج النيابي مقيدا
بالسنة الفعلية قدم الحج على نفسه إلا إذا وثق بأدائه في عام
لاحق.
مسألة 33: إذا اقترض مقدارا من المال يفي بمصارف
الحج لم يجب عليه الحج وإن كان قادرا على وفائه بعد ذلك،
إلا إذا كان مؤجلا بأجل بعيد جدا لا يعتني العقلاء بمثله.
مسألة 34: إذا كان عنده ما يفي بنفقات الحج وكان
عليه دين مستوعب لما عنده من المال أو كالمستوعب - بأن لم
يكن وافيا لنفقاته لو اقتطع منه مقدار الدين - لم يجب عليه
الحج على الأظهر.
ولا فرق في الدين بين أن يكون حالا أو مؤجلا، إلا إذا
كان مؤجلا بأجل بعيد جدا - كخمسين سنة مثلا -
24

مما لا يعتني بمثله العقلاء، كما لا فرق فيه بين أن
يكون سابقا على حصول المال، أو بعد حصوله بلا
تقصير منه.
مسألة 35: إذا كان عليه خمس أو زكاة وكان عنده مقدار
من المال ولكن لا يفي بمصارف الحج لو أداهما وجب عليه
أداؤهما، ولم يجب عليه الحج، ولا فرق في ذلك بين أن
يكون الخمس والزكاة في عين المال أو يكونا في ذمته.
مسألة 36: إذا وجب عليه الحج وكان عليه خمس أو
زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة لزمه أداؤها ولم يجز له
تأخيره لأجل السفر إلى الحج، ولو كان ساتره في الطواف
أو في صلاة الطواف أو ثمن هديه من المال الذي تعلق به
الخمس أو نحوه من الحقوق فحكمه حكم المغصوب وقد
تقدم في المسألة 30.
مسألة 37: إذا كان عنده مقدار من المال ولكنه لا يعلم
بوفائه بنفقات الحج وجب عليه الفحص على الأحوط.
مسألة 38: إذا كان له مال غائب يفي بنفقات الحج
25

منفردا أو منضما إلى المال الموجود عنده، فإن لم يكن متمكنا
من التصرف في ذلك المال ولو بتوكيل من يبيعه هناك لم
يجب عليه الحج، وإلا وجب.
مسألة 39: إذا حصل عنده ما يفي بمصارف الحج
وجب عليه الحج إذا كان متمكنا من المسير إليه في أوانه،
فلو تصرف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة ولا يمكنه التدارك
استقر الحج في ذمته، إذا محرزا لتمكنه من المسير إليه
في وقته دون ما إذا لم يكن محرزا لذلك على الأظهر.
وفي الصورة الأولى إذا تصرف في المال على النحو
المذكور، كما لو باعه محاباة أو وهبة بلا عوض حكم بصحة
التصرف، وإن كان آثما بتفويته الاستطاعة إذا لم يكن قادرا
على أداء الحج ولو متسكعا.
مسألة 40: الظاهر أنه لا يعتبر في الزاد والراحلة
ملكيتهما، فلو كان عنده مال أبيح له التصرف فيه وجب
عليه الحج إذا كان وافيا بنفقات الحج مع وجدان سائر
الشروط.
26

نعم، لا يجب الخروج إلا إذا كانت الإباحة لازمة أو
وثق باستمرارها.
مسألة 41: كما يعتبر في وجوب الحج وجود الزاد
والراحلة حدوثا، كذلك يعتبر بقاءا إلى إتمام الأعمال، فإن
تلف المال قبل خروجه أو في أثناء الطريق لم يجب عليه
الحج، وكشف ذلك عن عدم الاستطاعة من أول الأمر،
ومثل ذلك ما إذا حدث عليه دين قهري، كما إذا أتلف مال
غيره خطأ فصار ضامنا له ببدله.
نعم، الاتلاف العمدي لا يسقط وجوب الحج، بل
يبقى الحج في ذمته مستقرا، فيجب عليه أداؤه ولو متسكعا.
هذا، وإذا تلفت بعد تمام الأعمال أو في أثنائها مؤونة
عوده إلى بلده، أو تلف ما به الكفاية من ماله في بلده،
فهو لا يكشف عن عدم الاستطاعة من أول الأمر، بل
يجتزئ حينئذ بحجه، ولا يجب عليه الحج بعد ذلك.
مسألة 42: إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج لكنه
جهل ذلك، أو غفل عنه، أو كان جاهلا بوجوب الحج، أو
27

غافلا عنه، ثم علم أو تذكر بعد أن تلف المال وزالت
استطاعته، فإن كان معذورا في جهله أو غفلته بأن لم يكن ذلك
ناشئا عن تقصيره، لم يستقر عليه الحج، وإلا فالظاهر استقرار
وجوبه عليه إذا كان واجدا لسائر الشرائط حين وجوده.
مسألة 43: كما تتحقق الاستطاعة بوجدان الزاد
والراحلة تتحق ببذلها عينا أو ثمنا، ولا فرق في ذلك بين
أن يكون الباذل واحدا أو متعددا، فإذا عرض عليه الحج
والتزم بزاده وراحلته ونفقة عياله ووثق بجريه على وفق
التزامه وجب عليه الحج، وكذلك لو أعطي مالا ليصرفه
في الحج وكان وافيا بمصارف ذهابه وإيابه وعياله، سواء
كان ذلك على وجه الإباحة أم التمليك.
نعم، يجري في التمليك المتزلزل والإباحة غير اللازمة ما
تقدم في المسألتين 29 و 40.
ولو كان له بعض نفقة الحج فبذل له الباقي وجب عليه
الخروج أيضا، ولو بذل له نفقة الذهاب فقط ولم يكن
عنده نفقة العود لم يجب، على تفصيل تقدم في المسألة 22.
28

وكذا إذا لم يبذل له نفقة عياله إلا إذا كان عنده ما يكفيهم
إلى أن يعود، أو كان لا يتمكن من نفقتهم مع ترك الحج
أيضا، أو لم يكن يقع في الحرج من تركهم بلا نفقة ولم
يكونوا من واجبي النفقة عليه.
مسألة 44: لو أوصي له بمال ليحج به وجب الحج عليه
بعد موت الموصي إذا كان المال وافيا بمصارف الحج وكذا
بنفقة عياله على التفصيل المتقدم في المسألة السابقة
وكذلك لو وقف شخص لمن يحج أو نذر أو أوصى بذلك.
وبذل له المتولي أو الناذر أو الوصي وجب عليه الحج.
مسألة 45: لا يعتبر الرجوع إلى الكفاية - بالمعنى
المتقدم - في الاستطاعة البذلية. نعم، إذا كان كسوبا في
خصوص أيام الحج ويعيش بربحه سائر أيام السنة أو
بعضها بحيث يعجز عن إدارة معاشه فيه لو خرج إلى الحج
بالاستطاعة البذلية لم يجب عليه ذلك، إلا إذا بذل له نفقته
فيه أيضا. ولو كان له مال لا يفي بمصارف الحج وبذل له
ما يتمم ذلك فالأظهر اعتبار الرجوع إلى الكفاية - بالمعنى
29

المتقدم - في وجوب الحج عليه.
مسألة 46: إذا أعطي مالا هبة على أن يحج وجب عليه
القبول، وأما لو خيره الواهب بين الحج وعدمه، أو أنه
وهبه مالا من دون ذكر الحج - لا تعيينا ولا تخيرا - لم يجب
عليه القبول.
مسألة 47: لا يمنع الدين من الاستطاعة البذلية.
نعم، إذا كان الخروج إلى الحج منافيا لأداء الدين في وقته،
سواء كان حالا مؤجلا، لم يجب عليه الحج.
مسألة 48: إذا بذل لجماعة مال ليحج أحدهم فإن سبق
أحدهم بقبض المال المبذول وجب عليه الحج دون
الآخرين، ولو ترك الجميع مع تمكن كل واحد منهم من
القبض فالظاهر عدم استقرار الحج على أي منهم.
مسألة 49: لا يجب بالبذل إلا الحج الذي هو وظيفة
المبذول له على تقدير استطاعته، فلو كانت وظيفة حج
التمتع فبذل حج القران أو الاقرار لم يجب عليه القبول،
وبالعكس، وكذلك الحال لو بذل لمن حج حجة الاسلام.
30

وأما من استقرت عليه حجة الاسلام وصار معسرا فبذل
له وجب عليه القبول إذا لم يتمكن من أدائه إلا بذلك،
وكذلك من وجب عليه الحج لنذر أو شبهة ولم يتمكن منه.
مسألة 50: لو بذل له مال ليحج به فتلف المال أثناء
الطريق سقط الوجوب. نعم، لو كان متمكنا من
الاستمرار في السفر من ماله بأن كان مستطيعا من موضعه
وجب عليه الحج وأجزأه عن حجة الاسلام، إلا أن
الوجوب حينئذ مشروط بالرجوع إلى الكفاية.
مسألة 51: لو وكله في أن يقترض له ويحج به لم
يجب عليه الاقتراض. نعم، لو أقترض له وجب عليه الحج.
مسألة 52: الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل، ولو لم
يبذله وبذل بقية المصارف ففي وجوب الحج على المبذول
له إشكال، إلا إذا كان متمكنا من شرائه من ماله. نعم، إذا
كان صرف ثمن الهدي فيه موجبا لوقوعه في الحرج لم يجب
عليه القبول، وأما الكفارات فالظاهر أنها واجبة على
المبذول له دون الباذل.
31

مسألة 53: الحج البذلي يجزئ عن حجة الاسلام، ولا
يجب عليه الحج ثانيا إذا استطاع بعد ذلك.
مسألة 54: يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول
في الاحرام أو بعده، لكن إذا رجع بعد الدخول في الاحرام
وجب على المبذول له إتمام الحج إن لم يكن في ذلك حرج
عليه وإن لم يكن مستطيعا فعلا على الأظهر، وعلى الباذل
ضمان ما صرفه للاتمام والعود، وإذا رجع الباذل في أثناء
الطريق وجبت عليه نفقة العود.
مسألة 55: إذا أعطي من الزكاة من سهم سبيل الله
على أن يصرفها في الحج، وكان في ذلك مصلحة عامة،
وأذن فيه الحاكم الشرعي - على الأحوط - وجب عليه
الحج، وإن أعطي من سهم السادة أو من الزكاة من سهم
الفقراء واشترط عليه أن يصرفه في سبيل الحج لم يصح
الشرط، ولا تحصل به الاستطاعة البذلية.
مسألة 56: إذا بذل له مال فحج به ثم انكشف أنه
كان مغصوبا لم يجزئه عن حجة الاسلام وللمالك أن يرجع
32

إلى الباذل أو إلى المبذول له، لكنه إذا رجع المبذول له
كان له الرجوع إلى الباذل إن كان جاهلا بالحال، وإلا
فليس له الرجوع إليه.
مسألة 57: إذا لم يكن مستطيعا فحج تطوعا أو حج عن
غيره تبرعا أو بإجارة لم يكفه عن حجة الاسلام، فيجب
عليه الحج إذا استطاع بعد ذلك.
مسألة 58: إذا اعتقد أنه غير مستطيع فحج ندبا قاصدا
امتثال الأمر الفعلي ثم بان أنه كان مستطيعا أجزأه ذلك،
ولا يجب عليه الحج ثانيا.
مسألة 59: لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحج إذا
كانت مستطيعة، كما لا يجوز للزوج منع زوجته عن غير
حجة الاسلام من الحج الواجب عليها.
نعم، يجوز له منعها من الخروج في أول الوقت مع
سعة الوقت، والمطلقة الرجعية كالزوجة ما دامت في
العدة.
مسألة 60: لا يشترط في وجوب الحج على المرأة وجود
33

المحرم لها إذا كانت مأمونة على نفسها، ومع عدم الأمن
يلزمها استصحاب من تأمن معه على نفسها ولو بأجرة إذا
تمكنت من ذلك، وإلا لم يجب الحج عليها.
مسألة 61: إذا نذر أن يزور الحسين عليه السلام في كل
يوم عرفة مثلا واستطاع بعد ذلك وجب عليه الحج
وانحل نذره، وكذلك كل نذر يزاحم الحج.
مسألة 62: يجب على المستطيع الحج بنفسه إذا كان
متمكنا من ذلك، ولا يجزئ عنه حج غيره تبرعا أو بإجارة.
مسألة 63: إذا استقر عليه الحج ولم يتمكن من الحج
بنفسه لمرض أو حصر أو هرم، أو كان ذلك حرجا عليه ولم
يرج تمكنه من الحج بعد ذلك من دون حرج، وجبت عليه
الاستنابة.
وكذلك من كان موسرا ولم يتمكن من المباشرة أو كانت
حرجية، ووجوب الاستنابة فوري كفورية الحج المباشري
مسألة 64: إذا حج النائب عمن لم يتمكن من المباشرة
فمات المنوب عنه مع بقاء العذر أجزأه حج النائب وإن كان
34

الحج مستقرا عليه.
وأما إذا اتفق ارتفاع العذر قبل الموت فالأحوط أن يحج
هو بنفسه عند التمكن.
وإذا كان قد ارتفع العذر بعد أن أحرم النائب وجب على
المنوب عنه الحج مباشرة وإن وجب على النائب إتمام عمله
على الأحوط.
مسألة 65: إذا لم يتمكن المعذور من الاستنابة سقط
الوجوب، ولكن يجب القضاء عنه بعد موته إن كان الحج
مستقرا عليه، وإلا لم يجب، ولو أمكنه الاستنابة ولم يستنب
حتى مات وجب القضاء عنه.
مسألة 66: إذا وجبت الاستنابة ولم يستنب ولكن تبرع
متبرع عنه لم يجزئه ذلك ووجبت عليه الاستنابة على
الأحوط.
مسألة 67: يكفي في الاستنابة: الاستنابة من الميقات،
ولا تجب الاستنابة من البلد.
مسألة 68: من استقر عليه الحج إذا مات بعد الاحرام
35

للحج في الحرم أجزأه عن حجة الاسلام، سواء في ذلك حج
التمتع والقران والافراد، وإذا كان موته في أثناء عمرة التمتع
أجزأ عن حجه أيضا ولا يجب القضاء عنه، وإن مات قبل
ذلك وجب القضاء عنه وإن كان موته بعد الاحرام وقبل
دخول الحرم أو بعد الدخول في الحرم بدون إحرام
والظاهر اختصاص الحكم بحجة الاسلام فلا يجري في
الحج الواجب بالنذر أو الافساد، بل لا يجزي في العمرة
المفردة أيضا، فلا يحكم بالاجزاء في شئ من ذلك.
ومن مات بعد الاحرام مع عدم استقرار الحج عليه فإن
كان موته بعد دخوله الحرم فلا إشكال في إجزائه عن حجة
الاسلام، وأما إذا كان قبل ذلك فالظاهر عدم وجوب
القضاء عنه.
مسألة 69: الكافر المستطيع يجب عليه الحج وإن لم
يصح منه ما دام كافرا، ولو زالت استطاعته ثم أسلم لم
يجب عليه.
مسألة 70: المرتد يجب عليه الحج لكن لا يصح منه
36

حال ارتداده، فإن تاب صح منه وإن كان مرتدا فطريا
على الأقوى.
مسألة 71: إذا حج من يتبع بعض المذاهب الاسلامية
غير مذهبنا، ثم تبع مذهبنا لم يجب عليه إعادة الحج إذا كان
ما أتى به صحيحا في مذهبه، أو كان صحيحا في مذهبنا
مع تمشي قصد القربة منه.
مسألة 72: إذا وجب الحج وأهمل المكلف في أدائه حتى
زالت استطاعته وجب الاتيان به بأي وجه تمكن، وإذا مات
وجب القضاء من تركته، ويصح التبرع عنه بعد موته من
دون أجرة.
37

الوصية بالحج
مسألة 73: من كانت عليه حجة الاسلام وقرب منه
الموت فإن كان له مال يفي بمصارف الحج لزمه الاستيثاق
من أدائها عنه بعد مماته ولو بالوصية بها والاستشهاد عليها،
وإن لم يكن له مال واحتمل أن يتبرع شخص بالحج عنه
مجانا وجبت عليه الوصية أيضا.
وإذا مات من استقرت عليه حجة الاسلام وجب
قضاؤها من أصل تركته وإن لم يوص بذلك، وكذلك إن
أوصى بها ولم يقيدها بالثلث وإن قيدها بالثلث فإن وفى
الثلث بها وجب إخراجها منه، وتقدم على سائر الوصايا،
وإن لم يف الثلث بها لزم تتميمه من الأصل.
مسألة 74: من مات وعليه حجة الاسلام وكان له عند
شخص وديعة، قيل إن الودعي إذا احتمل أن الورثة لا
يؤدونها إن رد المال إليهم جاز له بل وجب عليه أن يحج بها
38

عنه بنفسه أو باستيجار غيره لذلك، فإذا زاد المال عن أجرة
الحج رد الزائد إلى الورثة، ولكن هذا الحكم لا يخلو عن
إشكال.
مسألة 75: من مات وعليه حجة الاسلام، وكان عليه
خمس أو زكاة فقصرت التركة، فإن كان المال المتعلق به
الخمس أو الزكاة موجودا بعينه لزم تقديمهما، وإن كانا في
الذمة يتقدم الحج عليهما، وإذا كان عليه دين فلا يبعد
تقدم الدين على الحج.
مسألة 76: من مات وعليه حجة الاسلام لم يجز لورثته
التصرف في تركته بما ينافي أداء الحج منها ما دامت ذمته
مشغولة بالحج، ولا فرق في ذلك بين أن يكون مصرف
الحج مستغرقا أم لم يكن مستغرقا.
نعم، لا يعد التصرف المتلف فيما عدا مقدار مصرف
الحج في الصورة الثانية تصرفا منافيا لأدائه، فلا بأس
به مطلقا.
مسألة 77: من مات وعليه حجة الاسلام، ولم تكن
39

تركته وافية بمصارفها، وجب صرفها في الدين أو الخمس
أو الزكاة إن كان عليه شئ من ذلك، وإلا فهي للورثة،
ولا يجب عليهم تتميمها من مالهم لاستئجار الحج.
مسألة 78: من مات وعليه حجة الاسلام يكفي في
تفريغ ذمته أن يحج عنه من بعض المواقيت، بل من أقربها
إلى مكة، ولا يختص ذلك بالحج من البلد وإن كان هو
الأحوط.
وإذا ترك الميت ما يفي بمصارف الحج عنه كفي
الاستئجار عنه من بعض المواقيت، بل من أقلها أجرة،
وإن كان الأحوط الأولى الاستئجار من البلد إذا وسع المال
له ولغيره مما يجب تفريغ ذمته منه، ولكن الزائد على أجرة
الميقات إنما يحسب من حصص كبار الورثة برضاهم ولا
يحسب على الصغار.
مسألة 79: من مات وعليه حجة الاسلام وكانت تركته
وافية بمصارفها فالأحوط المبادرة إلى تفريغ ذمته ولو
بالاستئجار من تركته، ولو لم يمكن الاستئجار في السنة
40

الأولى من الميقات فالأحوط الاستئجار من البلد وعدم
التأخير إلى السنة اللاحقة ولو مع العلم بإمكان الاستئجار
فيها من الميقات ولكن الزائد على أجرة الميقات لا يحسب
حينئذ على الصغار من الورثة.
مسألة 80: من مات وعليه حجة الاسلام وترك ما يفي
بمصارفها، إذا لم يوجد من يستأجر عنه إلا بأكثر من أجرة
المثل فالأحوط الاستئجار عنه وعدم التأخير إلى السنة
اللاحقة توفيرا على الورثة، ولكن الزائد على أجرة المثل لا
يحسب حينئذ على الصغار منهم.
مسألة 81: من مات وأقر بعض ورثته بأن عليه حجة
الاسلام، وأنكره الآخرون، لم يجب على المقر إلا دفع ما
يخص حصته بالنسبة، فإن وفي بمصارف الحج ولو بتتميم
الأجرة من قبل متبرع أو بنحو آخر وجبت الاستنابة عنه
وإلا لم تجب، ولا يجب على المقر تتميمه من حصته أو من
ماله الشخصي.
مسألة 82: من مات وعليه حجة الاسلام وتبرع متبرع
41

عنه بالحج كفى، ولم يجب إخراجها من صلب ماله، وكذا
لو أوصى بإخراج حجة الاسلام من ثلثه فتبرع عنه متبرع
لم تخرج من ثلثه، ولكن لا يرجع بدلها حينئذ إلى ورثته، بل
يصرف فيما هو الأقرب إلى نظره من وجوه الخير.
مسألة 83: من مات وعليه حجة الاسلام وأوصى
بالاستئجار من البلد وجب ذلك، ولكن الزائد على أجرة
الميقات يخرج من الثلث، ولو أوصى بالحج ولم يعين شيئا
اكتفى بالاستئجار من الميقات، إلا إذا كانت هناك قرينة
على إرادة الاستئجار من البلد، كما إذا عين مقدارا يناسب
الحج البلدي.
مسألة 84: إذا أوصى بالحج البلدي ولكن الوصي أو
الوارث استأجر من الميقات، بطلت الإجارة إن كانت
الإجارة من مال الميت، ولكن ذمة الميت تفرغ من الحج
بعمل الأجير.
مسألة 85: إذا أوصى بالحج البلدي من غير بلده، كما
إذا أوصى أن يستأجر من النجف مثلا وجب العمل بها
42

ويخرج الزائد عن أجرة الميقاتية من الثلث.
مسألة 86: إذا أوصى بالاستئجار عنه لحجة الاسلام
وعين الأجرة لزم العمل بها، وتخرج من الأصل إن لم تزد
على أجرة المثل، وإلا كان الزائد من الثلث.
مسألة 87: إذا أوصى بالحج بمال معين وعلم الوصي أن
المال الموصى به فيه الخمس أو الزكاة وجب عليه إخراجه
أولا، وصرف الباقي في سبيل الحج، فإن لم يف الباقي
بمصارفه لزم تتميمه من أصل التركة، إن كان الموصى به
حجة الاسلام، وإلا صرف الباقي فيما هو الأقرب إلى
غرض الموصي من وجوه الخير إن كانت الوصية على نحو
تعدد المطلوب، وإلا كان ميراثا لورثته.
مسألة 88: إذا وجب الاستئجار للحج عن الميت
بوصية أو بغير وصية، وأهمل من يجب عليه الاستئجار
فتلف المال ضمنه، ويجب عليه الاستئجار من ماله.
مسألة 89: إذا علم استقرار الحج على الميت، وشك في
أدائه وجب القضاء عنه، ويخرج من أصل المال.
43

مسألة 90: لا تبرأ ذمة الميت بمجرد الاستئجار، فلو
علم أن الأجير لم يحج لعذر أو بدونه وجب الاستئجار ثانيا
ويخرج من الأصل، وإن أمكن استرداد الأجرة من الأجير
تعين ذلك، إذا كانت الأجرة مال الميت.
مسألة 91: إذا تعدد الاجراء تعين استئجار من لا
تكون استنابته منافية لشأن الميت وإن كان غيره أقل أجرة،
حتى إذا لم يكن الاستئجار من الثلث وكان في الورثة قاصرا
وغير راض بذلك على الأظهر.
نعم، يشكل الاستئجار كذلك فيما إذا كان مزاحما لأداء
بعض الواجبات المالية المتعلقة بذمة الميت كالدين والزكاة أو
غير الواجبات المالية مما أوصى بتنفيذه.
مسألة 92: العبرة في وجوب الاستئجار من البلد أو
الميقات بتقليد الوارث أو اجتهاده، لا بتقليد الميت أو
اجتهاده، فلو كان الميت يعتقد وجوب الحج البلدي
والوارث يعتقد جواز الاستئجار من الميقات لم يلزم على
الوارث الاستئجار من البلد.
44

مسألة 93: إذا كانت على الميت حجة الاسلام ولم تكن
له تركة لم يجب الاستئجار عنه على الوارث، نعم يستحب
- ولا سيما لقرابته تفريغ ذمته.
مسألة 94: إذا أوصى بالحج فإن علم أن الموصى به هو
حجة الاسلام أخرج من أصل التركة إلا فيما إذا عين
إخراجه من الثلث، وأما إذا علم أن الموصى به غير حجة
الاسلام، أو شك في ذلك فهو يخرج من الثلث.
مسألة 95: إذا أوصى بالحج وعين شخصا معينا لزم
العمل بالوصية، فإن لم يقبل إلا بأزيد من أجرة المثل أخرج
الزائد من الثلث إن كان الموصي به حجة الاسلام، فإن لم
يمكن ذلك أيضا استؤجر غيره بأجرة المثل إذا كانت الوصية
على نحو تعدد المطلوب أو كان الموصي به حجة الاسلام.
مسألة 96: إذا أوصى بالحج وعين أجرة لا يرغب فيها
أحد، فإن كان الموصي به حجة الاسلام لزم تتميمها من
أصل التركة، وإن كان الموصي به غيرها لزم صرف الأجرة
فيما هو الأقرب إلى غرض الموصي من وجوه البر إذا كانت
45

الوصية على وجه تعدد المطلوب، وإلا بطلت وكانت الأجرة
ميراثا.
مسألة 97: إذا باع داره بمبلغ - مثلا - واشترط على
المشتري أن يصرفه في الحج عنه بعد موته كان الثمن من
التركة، فإن كان الحج حجة الاسلام لزم الشرط ووجب
صرفه في أجرة الحج إن لم يزد على أجرة المثل، وإلا فالزائد
يخرج من الثلث، وإن كان الحج غير حجة الاسلام لزم
الشرط أيضا، ويخرج تمامه من الثلث، وإن لم يف الثلث لم
يلزم الشرط في المقدار الزائد.
مسألة 98: إذا صالحه على داره - مثلا - وشرط عليه
أن يحج عنه بعد موته صح ولزم، وخرجت الدار عن ملك
المصالح الشارط، ولا تحسب من التركة، وإن كان الحج
ندبيا، ولا يشملها حكم الوصية.
وكذلك الحال إذا ملكه داره بشرط أن يبيعها ويصرف
ثمنها في الحج عنه بعد موته، فيجمع ذلك صحيح لازم
وإن كان العمل المشروط عليه ندبيا، ولا يكون للوارث
46

حينئذ حق في الدار. ولو تخلف المشروط عليه عن العمل
بالشرط لم يكن الخيار للوارث، بل لولي الميت من الوصي أو
الحاكم الشرعي، فإذا فسخ رجع المال إلى ملك الميت
فيكون ميراثا لورثته.
مسألة 99: لو مات الوصي ولم يعلم أنه استأجر للحج
- قبل موته - وجب الاستئجار من التركة، فيما إذا كان
الموصي به حجة الاسلام، ومن الثلث إذا كان غيرها.
وإذا كان المال قد قبضه الوصي - وكان موجودا - أخذ
وإن احتمل أن الوصي قد استأجر من مال نفسه وتملك ذلك
بدلا عما أعطاه، وإن لم يكن المال موجودا فلا ضمان على
الوصي، لاحتمال تلفه عنده بلا تفريط.
مسألة 100: إذا تلف المال في يد الوصي بلا تفريط لم
يضمنه، ووجب الاستئجار من بقية التركة، إذا كان
الموصي به حجة الاسلام، ومن بقية الثلث إن كان غيرها،
فإن كانت البقية موزعة على الورثة استرجع منهم بدل
الايجار بالنسبة.
47

وكذلك الحال إن استؤجر أحد للحج ومات الاتيان
بالعمل ولم يكن له تركة، أو لم يمكن الأخذ من تركته.
مسألة 101: إذا تلف المال في يد الوصي قبل
الاستئجار، ولم يعلم أن التلف كان عن تفريط، لم يجز
تغريم الوصي.
مسألة 102: إذا أوصى بمقدار من المال لغير حجة
الاسلام، واحتمل أنه زائد على ثلثه لم يجز صرف جميعه إلا
برضا ورثته.
48

فصل: في النيابة
مسألة 103: يعتبر في النائب أمور:
الأول: البلوغ، فلا يجزئ حج الصبي عن غيره في
حجة الاسلام وغيرها من الحج الواجب وإن كان الصبي
مميزا على الأحوط. نعم، لا يبعد صحة نيابته في الحج
المندوب بإذن الولي.
الثاني: العقل، فلا تجزئ استنابة المجنون، سواء في
ذلك ما إذا كان جنونه مطبقا، أم كان أدواريا إذا كان العمل
في دور جنونه، وأما السفيه فلا بأس باستنابته.
الثالث: الايمان، فلا عبرة بنيابة غير المؤمن وإن أتى
بالعمل على طبق مذهبنا على الأحوط.
الرابع: أن لا يكون النائب مشغول الذمة بحج واجب
عليه في عام النيابة إذا تنجز الوجوب عليه، ولا بأس
باستنابته فيما إذا كان جاهلا بالوجوب أو غافلا عنه، وهذا
49

الشرط شرط في صحة الإجارة لا في صحة حج النائب، فلو
حج - والحالة هذه - برئت ذمة المنوب عنه، ولكنه لا يستحق الأجرة
المسماة، بل يستحق أجرة المثل.
مسألة 104: لا يعتبر في النائب أن يكون عادلا، ولكن
يعتبر أن يكون موثوقا به في أصل إتيانه العمل نيابة عن
المنوب عنه، وفي كفاية إخباره مع عدم الوثوق إشكال.
مسألة 105: يعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه إتيان النائب
بالعمل صحيحا، فلا بد من معرفته بأعمال الحج وأحكامه
وإن كان ذلك بإرشاد غيره عند كل عمل، ومع الشك في
إتيانه بها على الوجه الصحيح - ولو لأجل الشك في معرفته
بأحكامها - فلا يبعد البناء على الصحة.
مسألة 106: لا بأس بالنيابة عن الصبي المميز، كما لا
بأس بالنيابة عن المجنون، بل إذا كان مجنونا أدواريا وعلم
بمصادفة جنونه لأيام الحج دائما وجبت عليه الاستنابة حال
إفاقته، كما يجب الاستئجار عنه إذا استقر عليه الحج في
حال إفاقته وإن مات مجنونا.
50

مسألة 107: لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه،
فتصح نيابة الرجل عن المرأة وبالعكس.
مسألة 108: لا بأس باستنابة الصرورة عن الصرورة
وغير الصرورة، سواء كان النائب أو المنوب عنه رجلا أم
امرأة، وقيل بكراهة استنابة الصرورة ولم تثبت، بل لا يبعد
أن يكون الأولى فيمن عجز عن مباشرة الحج وكان موسرا
أن يستنيب الصرورة في ذلك، كما أن الأولى فيمن استقر
عليه الحج فمات أن يحج عنه الصرورة.
مسألة 109: يشترط في المنوب عنه الاسلام، فلا تصح
النيابة عن الكافر، فلو مات الكافر مستطيعا وكان الوارث
مسلما لم يجب عليه استئجار الحج عنه، وأما الناصب فلا
تجوز النيابة عنه إلا إذا كان أبا، وفي غيره من ذوي القربى
إشكال. نعم، لا بأس بالاتيان بالحج وإهداء الثواب إليه.
مسألة 110: لا بأس بالنيابة عن الحي في الحج المندوب
تبرعا كان أو بإجارة، وكذلك لا بأس بالنيابة عنه باستنابة
في الحج الواجب إذا كان معذورا عن الاتيان بالعمل
51

مباشرة على ما تقدم، ولا تجوز النيابة عن الحي في غير
ذلك، وأما النيابة عن الميت فهي جائزة مطلقا:، سواء كانت
إجارة أم بتبرع، وسواء كان الحج واجبا أم مندوبا.
مسألة 111: يعتبر في صحة النيابة قصد النيابة، كما
يعتبر فيها تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين، ولا
يشترط ذكر اسمه، وإن كان يستحب ذلك في جميع المواطن
والمواقف.
مسألة 112: كما تصح النيابة بالتبرع وبالإجارة تصح
بالجعالة وبالشرط في ضمن العقد ونحو ذلك.
مسألة 113: الظاهر أن حال النائب حال من حج عن
نفسه فيما إذا طرأ عليه العجز عن أداء بعض المناسك مطلقا
أو على النهج المقرر لها، فيصح حجه ويجزئ عن المنوب عنه
في بعض الموارد، ويبطل الآخر، مثلا: إذا طرأ
عليه العجز عن الوقوف الاختياري بعرفات اجتزأ بالوقوف
الاضطراري فيها وصح حجه وتفرغ ذمة المنوب عنه،
بخلاف ما لو عجز عن الوقوفين جميعا فإنه يبطل حجه.
52

ولا يجوز استئجار من يعلم مسبقا عجزه عن أداء العمل
الاختياري مطلقا على الأحوط، بل لو تبرع وناب عن غيره
يشكل الاكتفاء بعمله.
نعم، لا بأس باستئجار من يعلم ارتكابه لما يحرم على
المحرم كالتظليل ونحوه لعذر أو بدونه وكذا من يترك
بعض واجبات الحج مما لا يضر تركه ولو متعمدا بصحة
الحج، كطواف النساء والمبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني
عشر.
مسألة 114: إذا مات النائب قبل أن يحرم لم تبرأ ذمة
المنوب عنه، فتجب الاستنابة عنه ثانية في ما تجب الاستنابة
فيه، وإن مات بعد الاحرام أجزأ عنه إذا كان موته بعد
دخول الحرم على الأحوط، ولا فرق في ذلك بين حجة
الاسلام وغيرها، هذا إذا كانت النيابة بأجرة، ولو كانت
بتبرع فالحكم بالاجزاء لا يخلو عن إشكال.
مسألة 115: إذا مات الأجير بعد الاحرام ودخول
الحرم استحق تمام الأجرة إذا كان أجيرا على تفريغ ذمة
الميت.
53

وأما إذا كان أجيرا على الاتيان بالأعمال وكانت ملحوظة
في الإجارة على نحو تعدد المطلوب استحق من الأجرة بنسبة
ما أتى به.
وإن مات الأجير قبل الاحرام لم يستحق شيئا. نعم، إذا
كانت المقدمات داخلة في الإجارة على نحو تعدد
المطلوب استحق من الأجرة بقدر ما أتى به منها.
مسألة 116: إذا استأجر للحج البلدي ولم يعين
الطريق كان الأجير مخيرا في ذلك، وإذا عين طريقا لم يجز
العدول منه إلى غيره، فإن عدل وأتى بالأعمال فإن كان
اعتبار الطريق في الإجارة على نحو الشرطية دون الجزئية
استحق الأجير تمام الأجرة وكان للمستأجر خيار الفسخ،
فإن فسخ يرجع إلى أجرة المثل.
وإن كان اعتباره على نحو الجزئية كان للمستأجر الفسخ
أيضا، فإن فسخ استحق الأجير أجرة المثل لما قام به من
الأعمال دون ما سلكه من الطريق، وإن لم يفسخ كان له
54

تمام الأجرة المسماة، ولكن للمستأجر مطالبته بقيمة ما خالفه
فيه من سلوك الطريق المعين.
مسألة 117: إذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة
في سنة معينة لم تصح إجارته عن شخص آخر في تلك السنة
مباشرة أيضا، وتصح الإجارتان مع اختلاف السنتين، أو
مع عدم تقيد إحدى الإجارتين أو كلتيهما بالمباشرة.
مسألة 118: إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لم يجز
له التأخير ولا التقديم إلا مع رضا المستأجر ولو أخر كان
للمستأجر خيار الفسخ وإن برئت ذمة المنوب عنه، فلو
فسخ لم يستحق الأجير شيئا إذا كان التعيين على وجه
التقييد، وإن كان على وجه الشرطية استحق أجرة المثل،
ولو لم يفسخ استحق الأجير تمام الأجرة المسماة، وكان
للمستأجر مطالبته بقيمة ما فوته عليه من الزمان المعين إذا
كان التعيين على وجه التقييد.
ولو قدم الأجير فإن كان العمل المستأجر عليه من قبيل
حجة الاسلام عن الميت حيث تفرغ ذمة المنوب عنه بما
55

أتى به مسبقا، ولا يمكن استيفاء العمل المستأجر عليه في
وقته المعين كان حكمه ما تقدم في التأخير، وإلا كما إذا
آجره على الحج المندوب عن نفسه في العام المقبل فأتى به في
العام الحالي، فإن كان التعيين على وجه التقييد لم يستحق
الأجير على ما أتى به شيئا، ووجب عليه الاتيان بالعمل
المستأجر عليه في وقته المعين.
وكذا إذا كان التعيين على وجه الشرطية ولم يلغ المستأجر
شرطه، وإن ألغاه استحق تمام الأجرة المسماة.
مسألة 119: إذا صد الأجير أو أحصر فلم يتمكن
من الاتيان بالأعمال كان حكمه حكم الحاج عن نفسه،
ويأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى، وانفسخت الإجارة إذا
كانت مقيدة بتلك السنة، ويبقى الحج في ذمته إذا لم تكن
مقيدة بها، ولكن للمستأجر خيار التخلف إذا كان اعتبار
تلك السنة على وجه الشرطية.
مسألة 120: إذا أتى النائب بما يوجب الكفارة فهي من
ماله، سواء كانت النيابة بإجارة أو بتبرع.
56

مسألة 121: إذا استأجره للحج بأجرة معينة فقصرت
الأجرة عن مصارفه لم يجب على المستأجر تتميمها، كما أنها
إذا زادت عنها لم يكن له استرداد الزائد.
مسألة 122: إذا استأجره للحج الواجب أو المندوب
فأفسد الأجير حجه بالجماع قبل المشعر، وجب عليه إتمامه
وأجزأ المنوب عنه، وعلى الأجير الحج من قابل وكفارة بدنة،
والظاهر أنه يستحق الأجرة وإن لم يحج من قابل لعذر أو
غير عذر، وتجري الأحكام المذكورة في المتبرع أيضا إلا أنه
لا يستحق الأجرة.
مسألة 123: الظاهر أنه يحق للأجير للحج أن يطالب
بالأجرة قبل الاتيان بالعمل وإن لم يشترط التعجيل صريحا،
من جهة وجود القرينة على الاشتراط، وهي جريان العادة
بالتعجيل، حيث إن الغالب أن الأجير لا يتمكن من
الذهاب إلى الحج والآتيان بالأعمال قبل أخذ الأجرة.
مسألة 124: إذا آجر نفسه للحج فليس له أن يستأجر
غيره إلا مع إذن المستأجر.
57

نعم إذا كانت الإجارة على عمل في الذمة ولم يشترط
عليه المباشرة جاز له أن يستأجر غيره لذلك.
مسألة 125: إذا استأجر شخصا لحج التمتع مع سعة
الوقت، واتفق أن الوقت قد ضاق فعدل الأجير عن عمرة
التمتع إلى حج الافراد، وأتى بعمرة مفردة بعده برئت ذمة
المنوب عنه، ولكن الأجير لا يستحق الأجرة إذا كانت
الإجارة على نفس الأعمال.
نعم إذا كانت الإجارة على تفريغ ذمة الميت استحقها.
مسألة 126: لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحج
المندوب، وأما في الواجب فلا يجوز فيه نيابة الواحد عن
اثنين وما زاد، إلا إذا كان وجوبه عليهما أو عليهم على نحو
الشركة، كما إذا نذر شخصان أن يشترك كل منهما مع الآخر
في الاستئجار في الحج، فحينئذ يجوز لهما أن يستأجرا
شخصا واحدا للنيابة عنهما.
مسألة 127: لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن
شخص واحد ميت أو حي - تبرعا أو بالإجارة - فيما إذا كان
58

الحج مندوبا، وكذلك في الحج الواجب فيما إذا كان
متعددا، كما إذا كان على الميت أو الحي حجان واجبان بنذر
- مثلا - أو كان أحدهما حجة الاسلام وكان الآخر واجبا
بالنذر، فيجوز - حينئذ - استئجار شخصين أحدهما لأحد
الواجبين والآخر للآخر.
وكذلك يجوز استئجار شخصين عن واحد أحدهما
للحج الواجب والآخر للمندوب.
بل لا يبعد جواز استئجار شخصين لواجب واحد،
كحجة الاسلام من باب الاحتياط، لاحتمال نقصان حج
أحدهما.
مسألة 128: الطواف مستحب في نفسه، فتجوز النيابة
فيه عن الميت، وكذا عن الحي إذا كان غائبا عن مكة أو كان
حاضرا فيها ولم يتمكن من الطواف مباشرة.
مسألة 129: لا بأس للنائب بعد فراغه من أعمال الحج
النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه أو عن غيره، كما لا
بأس أن يطوف عن نفسه أو عن غيره.
59

الحج المندوب
مسألة 130: يستحب لمن يمكنه الحج أن يحج وإن لم
يكن مستطيعا، أو أنه أتى بحجة الاسلام، ويستحب
الاتيان به في كل سنة لمن يتمكن من ذلك.
مسألة 131: ينبغي نية العود إلى الحج لمن رجع من
مكة، بل نية عدم العود من قواطع الأجل كما ورد في بعض
الروايات.
مسألة 132: يستحب إحجاج من لا استطاعة له، كما
يستحب الاستقراض للحج إذا كان واثقا بالوفاء بعد
ذلك، ويستحب كثرة الانفاق في الحج.
مسألة 133: يجوز للفقير إذا أعطي الزكاة من سهم
الفقراء أن يصرفها في الحج المندوب.
مسألة 134: يشترط في حج المرأة إذن الزوج، إذا كان
الحج مندوبا، وكذلك المعتدة بالعدة الرجعية، ولا يعتبر
60

ذلك في البائنة، ويجوز للمتوفى عنها زوجها أن تحج في
عدتها.
61

أقسام العمرة
مسألة 135: العمرة كالحج، فقد تكون واجبة وقد
تكون مندوبة، وقد تكون مفردة وقد تكون متمتعا بها.
مسألة 136: تجب العمرة كالحج على كل مستطيع
واجد للشرائط، ووجوبها فوري كفورية وجوب الحج، فمن
استطاع لها - ولو لم يستطع للحج - وجبت عليه.
نعم، الظاهر عدم وجوب العمرة المفردة على من كانت
وظيفته حج التمتع ولم يكن مستطيعا له ولكنه استطاع لها.
وعليه، فلا يجب الاستئجار لها من مال الشخص إذا
استطاع ومات قبل الموسم كما لا تجب على الأجير للحج
بعد فراغه من عمل النيابة، وإن كان مستطيعا من الاتيان
بها، ولكن الاحتياط بذلك كله مما لا ينبغي تركه.
وأما من أتى بحج التمتع فلا يجب عليه الاتيان بالعمرة
المفردة جزما.
62

مسألة 137: يستحب الاتيان بالعمرة المفردة في كل
شهر من شهور العام، ولا يعتبر الفصل بين عمرة وأخرى
بثلاثين يوما، فيجوز الاتيان بعمرة في شهر وإن كان في آخره
وبعمرة أخرى في شهر آخر وإن كان في أوله.
ولا يجوز الاتيان بعمرتين في شهر واحد فيما إذا كانت
العمرتان عن نفس المعتمر أو عن شخص آخر، وإن كان لا
بأس بالاتيان بالثانية رجاءا، ولا يعتبر هذا فيما إذا كانت
إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو كانت
كلتاهما عن شخصين غيره.
وفي اعتبار ما ذكر من الفصل بين العمرة المفردة وعمرة
التمتع إشكال، فالأحوط لمن اعتمر عمرة التمتع في ذي
الحجة وأراد الاتيان بالعمرة المفردة بعد أعمال الحج أن
يؤخرها إلى محرم ولمن أتى بعمرة مفردة في شوال مثلا وأراد
الاتيان بعمرة التمتع بعدها أن لا يأتي بها في نفس الشهر.
وأما الاتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع والحج
فالظاهر أنه يوجب بطلان عمرة التمتع، فتلزم إعادتها.
63

نعم، إذا بقي في مكة إلى يوم التروية قاصدا للحج
كانت العمرة المفردة متعته فيأتي بحج التمتع بعدها.
مسألة 138: كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة،
كذلك تجب بالنذر أو الحلف أو العهد أو غير ذلك.
مسألة 139: تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في
أعمالها، وسيأتي بيان ذلك، وتفترق عنها في أمور:
(1) أن العمرة المفردة يجب لها طواف النساء، ولا يجب
ذلك لعمرة التمتع.
(2) أن عمرة التمتع لا تقع إلا في أشهر الحج، وهي:
شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، وتصح العمرة المفردة في
جميع الشهور، وأفضلها شهر رجب.
(3) ينحصر الخروج عن الاحرام في عمرة التمتع
بالتقصير فقط، ولكن الخروج عن الاحرام في العمرة المفردة
يتحقق بالتقصير وبالحلق، والحلق أفضل.
هذا بالنسبة إلى الرجال، وأما النساء فيتعين عليهن
التقصير مطلقا.
64

(4) يجب أن تقع عمرة التمتع والحج في سنة واحدة على
ما يأتي، وليس كذلك في العمرة المفردة، فمن وجب عليه
حج الافراد والعمرة المفردة صح منه أن يأتي بالحج في سنة،
والعمرة في سنة أخرى.
(5) أن من جامع في العمرة المفردة عالما عامدا قبل
الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال، ووجبت عليه
الإعادة بأن يبقى في مكة إلى الشهر القادم فيعيدها فيه،
وأما من جامع في عمرة التمتع فحكمه غير ذلك، وسيأتي في
المسألة 220.
مسألة 140: يجب الاحرام للعمرة المفردة من نفس
المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع ويأتي بيانها. نعم، إذا
كان المكلف في مكة وأراد الاتيان بالعمرة المفردة جاز له أن
يحرم من أدنى الحل، كالحديبية والجعرانة والتنعيم، ولا
يجب عليه الرجوع إلى المواقيت والاحرام منها، ويستثنى
من ذلك من أفسد عمرته المفردة بالجماع قبل السعي، فإنه
يجب عليه الاحرام للعمرة المعادة من أحد المواقيت، ولا
65

يجزيه الاحرام من أدنى الحل على الأحوط، كما سيأتي في
المسألة 223.
مسألة 141: لا يجوز دخول مكة بل ولا دخول الحرم
إلا محرما، فمن أراد الدخول فيهما في غير أشهر الحج وجب
عليه أن يحرم للعمرة المفردة، ويستثنى من ذلك من يتكرر
منه الدخول والخروج لحاجة كالحطاب والحشاش ونحوهما،
وكذلك من خرج من مكة بعد إتمامه أعمال عمرة التمتع
والحج، أو بعد العمرة المفردة، فإنه يجوز له العود إليها من
دون إحرام قبل مضي الشهر الذي أدى فيه عمرته، ويأتي
حكم الخارج من مكة بعد عمرة التمتع وقبل الحج في
المسألة 154.
مسألة 142: من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج
وبقي في مكة إلى يوم التروية وقصد الحج كانت عمرته
متعة، فيأتي بحج التمتع، ولا فرق في ذلك بين الحج
الواجب والمندوب.
66

أقسام الحج
مسألة 143: أقسام الحج ثلاثة: تمتع، وإفراد،
وقران.
والأول فرض من كان البعد بين أهله ومكة أكثر من ستة
عشر فرسخا.
والآخران فرض أهل مكة ومن يكون البعد بين أهله
ومكة أقل من ستة عشر فرسخا.
مسألة 144: لا يجزي حج التمتع عمن فرضه الافراد
أو القران، كما لا يجزي حج القران أو الافراد عمن فرضه
التمتع، نعم قد تنقلب وظيفة المتمتع إلى الافراد كما
سيأتي.
هذا بالنسبة إلى حجة الاسلام، وأما بالنسبة إلى الحج
المندوب والمنذور مطلقا والموصى به كذلك من دون تعيين
فيتخير فيها البعيد والحاضر بين الأقسام الثلاثة، وإن كان
67

الأفضل التمتع.
مسألة 145: إذا أقام البعيد في مكة انتقل فرضه إلى
حج الافراد أو القران بعد الدخول في السنة الثالثة، وأما
قبل ذلك فيجب عليه حج التمتع، ولا فرق في ذلك بين
أن تكون استطاعته ووجوب الحج عليه قبل إقامته في مكة
أو في أثنائها، كما لا فرق فيه بين أن تكون إقامته بقصد
التوطن أم لا، وكذلك الحال فيمن أقام في غير مكة من
الأماكن التي يكون البعد بينها وبين مكة أقل من ستة عشر
فرسخا.
مسألة 146: إذا أقام في مكة وأراد أن يحج حج التمتع
قبل انقلاب فرضه إلى حج الافراد أو القران، قيل: يجوز
له أن يحرم لعمرة التمتع من أدنى الحل، ولكنه لا يخلو عن
إشكال، والأحوط أن يخرج إلى أحد المواقيت فيحرم منه،
بل الأحوط أن يخرج إلى ميقات أهل بلده، والظاهر أن هذا
حكم كل من كان في مكة وأراد الاتيان بحج التمتع ولو
مستحبا.
68

حج التمتع
مسألة 147: يتألف هذا الحج من عبادتين: تسمى
أولاهما بالعمرة، والثانية بالحج، وقد يطلق حج التمتع على
الجزء الثاني منهما، ويجب الاتيان بالعمرة فيه قبل الحج.
مسألة 148: تجب في عمرة التمتع خمسة أمور:
الأمر الأول: الاحرام من أحد المواقيت، وستعرف
تفصيلها.
الأمر الثاني: الطواف حول البيت.
الأمر الثالث: صلاة الطواف.
الأمر الرابع: السعي بين الصفا والمروة.
الأمر الخامس: التقصير وهو قص بعض شعر الرأس
أو اللحية أو الشارب، فإذا أتى المكلف به خرج من
إحرامه، وحلت له الأمور التي كانت قد حرمت عليه
بسبب الاحرام.
69

مسألة 149: يجب على المكلف أن يتهيأ لأداء وظائف
الحج فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام.
وواجبات الحج ثلاث عشر، وهي كما يلي:
1 - الاحرام من مكة، على تفصيل يأتي.
2 - الوقوف في عرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة
الحرام من بعد ما يمضي من زوال الشمس مقدار الاتيان
بالغسل وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعا إلى المغرب،
وتقع عرفات على بعد أربعة فراسخ من مكة.
3 - الوقوف في المزدلفة شطرا من ليلة العيد إلى قبيل
طلوع الشمس، وتقع المزدلفة بين عرفات ومكة.
4 - رمي جمرة العقبة في منى يوم العيد، ومنى على بعد
فرسخ واحد من مكة تقريبا.
5 - النحر أو الذبح في منى يوم العيد أو في أيام
التشريق.
6 - الحلق أو التقصير في منى وبذلك يحل له ما حرم
عليه من جهة الاحرام، ما عدا النساء والطيب، وكذا
70

الصيد على الأحوط.
7 - طواف الزيارة بعد الرجوع إلى مكة.
8 - صلاة الطواف.
9 - السعي بين الصفا والمروة، وبذلك يحل الطيب
أيضا.
10 - طواف النساء.
11 - صلاة طواف النساء، وبذلك تحل النساء أيضا.
12 - المبيت في منى ليلة الحادي عشر، وليلة الثاني
عشر، بل وليلة الثالث عشر في بعض الصور كما سيأتي.
13 - رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني
عشر، بل وفي اليوم الثالث عشر أيضا، فيما إذا بات المكلف
هناك على الأظهر.
مسألة 150: يشترط في حج التمتع أمور:
1 - النية، بأن يقصد الاتيان بحج التمتع بعنوانه، فلو
نوى غيره أو تردد في نيته لم يصح حجه.
2 - أن يكون مجموع العمرة والحج في أشهر الحج، فلو
71

أتى بجزء من العمرة قبل دخول شوال لم تصح العمرة.
3 - أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة، فلو أتى
بالعمرة وأخر الحج إلى السنة القادمة لم يصح التمتع، ولا
فرق في ذلك بين أن يقيم في مكة إلى السنة القادمة وبين أن
يرجع إلى أهله ثم يعود إليها، كما لا فرق بين أن يحل من
إحرامه بالتقصير وبين أن يبقى محرما إلى السنة القادمة.
4 - أن يكون إحرام حجه من مكة مع الاختيار،
وأفضل مواضعها المسجد الحرام، وإذا لم يمكنه الاحرام
من مكة لعذر أحرم من أي موضع تمكن منه.
5 - أن يؤدي مجموع عمرته وحجه شخص واحد عن
شخص واحد، فلو استؤجر اثنان لحج التمتع عن ميت أو
حي أحدهما لعمرته والآخر لم يصح ذلك، وكذلك
لو حج شخص وجعل عمرته عن واحد وحجه عن آخر لم
يصح.
مسألة 151: إذا فرغ المكلف من أعمال عمرة التمتع لم
يجز له الخروج من مكة لغير الحج على الأحوط، إلا أن
72

يكون خروجه لحاجة - وإن لم تكن ضرورية - ولم يخف فوات
أعمال الحج، وفي هذه الحالة إذا علم أنه يتمكن من
الرجوع إلى مكة والاحرام منها للحج فالأظهر جواز
خروجه محلا، وإن لم يعلم بذلك أحرم للحج وخرج
لحاجته، والظاهر أنه لا يجب عليه حينئذ الرجوع إلى مكة،
بل له أن يذهب إلى عرفات من مكانه.
هذا، ولا يجوز لمن أتى بعمرة التمتع أن يترك الحج
اختيارا ولو كان الحج استحبابيا، نعم إذا لم يتمكن من
الحج فالأحوط أن يجعلها عمرة مفردة فيأتي بطواف النساء.
مسألة 152: يجوز للمتمتع أن يخرج من مكة قبل إتمام
أعمال عمرته إذا كان متمكنا من الرجوع إليها على
الأظهر، وإن كان الأحوط تركه.
مسألة 153: المحرم من الخروج عن مكة بعد الفراغ
من أعمال العمرة إنما هو الخروج عنها إلى محل آخر، وأما
المحلات المستحدثة التي تعد جزءا من المدينة المقدسة في
العصر الحاضر فهي بحكم المحلات القديمة في ذلك،
73

وعليه فلا بأس للحاج أن يخرج إليها بعد الفراغ من عمرته
لحاجة أو بدونها.
مسألة 154: إذا خرج من مكة بعد الفراغ من أعمال
العمرة من دون إحرام، ففيه صورتان:
الأولى: أن يكون رجوعه قبل مضي الشهر الذي اعتمر
فيه، ففي هذه الصورة يلزمه الرجوع إلى مكة بدون
إحرام، فيحرم منها للحج، ويخرج إلى عرفات.
الثانية: أن يكون رجوعه بعد مضي الشهر الذي اعتمر
فيه، ففي هذه الصورة يلزمه الاحرام بالعمرة للرجوع
إليها.
مسألة 155: من كانت وظيفته حج التمتع لم يجزئه
العدول إلى غيره من إفراد أو قران، ويستثنى من ذلك من
دخل في عمرة التمتع، ثم ضاق وقته عن إتمامها، فإنه ينقل
نيته إلى حج الافراد ويأتي بالعمرة المفردة بعد الحج، وفي
حد الضيق المسوغ لذلك خلاف، والأظهر وجوب
العدول لو لم يتمكن من إتمام أعمال العمرة قبل زوال
74

الشمس من يوم عرفة، وأما جواز العدول لو تمكن من
إتمامها قبل ذلك - في يوم التروية أو بعده - فلا يخلو عن
إشكال.
مسألة 156: من كان فرضه حج التمتع إذا علم قبل
أن يحرم للعمرة ضيق الوقت عن إتمامها قبل زوال الشمس
من يوم عرفة، لم يجزئه العدول إلى حج الافراد أو القران،
بل يجب عليه الاتيان بحج التمتع بعد ذلك إذا كان الحج
مستقرا عليه.
مسألة 157: إذا أحرم لعمرة التمتع في سعة الوقت،
وأخر الطواف والسعي متعمدا إلى زوال الشمس من يوم
عرفة بطلت عمرته، ولا يجزئه العدول إلى الافراد على
الأظهر، وإن كان الأحوط الاتيان بأعماله رجاءا، بل
الأحوط أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو
التقصير فيها بقصد الأعم من حج الافراد والعمرة المفردة.
75

حج الافراد
مر عليك أن حج التمتع يتألف من جزئين، هما عمرة
التمتع والحج، والجزء الأول منه متصل بالثاني، والعمرة
تتقدم على الحج.
وأما حج الافراد فهو عمل مستقل في نفسه، واجب مخيرا
بينه وبين حج القران - كما علمت - على أهل مكة، ومن
يكون الفاصل بين منزله وبين مكة أقل من ستة عشر
فرسخا، وفيما إذا تمكن مثل هذا المكلف من العمرة المفردة
وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضا.
وعليه، فإذا تمكن من أحدهما دون الآخر وجب عليه ما
يتمكن منه خاصة، وإذا تمكن من أحدهما في زمان ومن
الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في
كل وقت.
وإذا تمكن منها في وقت واحد وجب عليه - حينئذ -
76

الاتيان بهما، والمشهور بين الفقهاء في هذه الصورة وجوب
تقديم الحج على العمرة المفردة، وهو الأحوط.
مسألة 158: يشترك حج الافراد مع حج التمتع في
جميع أعماله، ويفترق عنه في أمور:
أولا يعتبر في حج التمتع وقوع العمرة والحج في أشهر
الحج من سنة واحدة - كما مر - ولا يعتبر ذلك في حج
الافراد.
ثانيا: يجب النحر أو الذبح في حج التمتع - كما مر - ولا
يعتبر شئ من ذلك في حج الافراد.
ثالثا: الأحوط عدم تقديم الطواف والسعي على
الوقوفين في حج التمتع إلا لعذر - كما سيأتي في المسألة 412 -
ويجوز ذلك في حج الافراد.
رابعا: إن إحرام حج التمتع يكون بمكة، وأما الاحرام
في حج الافراد فيختلف الحال فيه بالنسبة إلى أهل مكة
وغيرهم كما سيأتي في فصل المواقيت.
خامسا: يجب تقديم عمرة التمتع على حجه، ولا يعتبر
77

ذلك في حج الافراد.
سادسا: لا يجوز بعد إحرام حج التمتع الطواف
المندوب على الأحوط وجوبا، ويجوز ذلك في حج الافراد.
مسألة 159: إذا أحرم لحج الافراد ندبا جاز له أن
يعدل إلى عمرة التمتع فيقصر ويحل، إلا فيما إذا لبى بعد
السعي، فليس له العدول - حينئذ - إلى التمتع.
مسألة 160: إذا أحرم لحج الافراد ودخل مكة جاز له
أن يطوف بالبيت ندبا، ولكن الأحوط الأولى أن يجدد
التلبية بعد الفراغ من صلاة الطواف إذا لم يقصد العدول
إلى التمتع في مورد جوازه، وهذا الاحتياط يجري في
الطواف الواجب أيضا
78

حج القران
مسألة 161: يتحد هذا العمل مع حج الافراد في جميع
الجهات، غير أن المكلف يصحب معه الهدي وقت
الاحرام، وبذلك يجب الهدي عليه، والاحرام في هذا
القسم من الحج كما يكون بالتلبية يكون بالاشعار أو
بالتقليد، وإذا أحرم لحج القران لم يجز له العدول إلى حج
التمتع.
79

مواقيت الاحرام
هناك أماكن خصتها الشريعة الاسلامية المطهرة
للاحرام منها، ويجب أن يكون الاحرام من تلك الأماكن،
ويسمى كل منها ميقاتا، وهي تسعة:
1 - ذو الحليفة، وتقع بالقرب من المدينة المنورة، وهي
ميقات أهل المدينة وكل من أراد الحج من طريق المدينة،
والأحوط الاحرام من مسجدها المعروف ب‍ (مسجد
الشجرة) وعدم كفاية الاحرام من خارج المسجد - لغير
الحائض ومن بحكمها - وإن كان محاذيا له.
مسألة 162: لا يجوز تأخير الاحرام من ذي الحليفة إلى
الجحفة إلا لضرورة من مرض أو ضعف أو غيرهما من
الأعذار.
2 - وادي العقيق، وهو ميقات أهل العراق ونجد،
وكل من مر عليه من غيرهم، وهذا الميقات له أجزاء ثلاثة.
80

(المسلخ) وهو اسم لأوله، و (الغمرة) وهو اسم لوسطه،
و (ذات عرق) وهو اسم لآخره.
والأحوط الأولى أن يحرم المكلف قبل أن يصل ذات
عرق، فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقية أو مرض.
مسألة 163: قيل: يجوز الاحرام في حال التقية قبل ذات
عرق سرا من غير نزع الثياب إلى ذات عرق، فإذا وصل
ذات عرق نزع ثيابه ولبس ثوبي الاحرام هناك ولا كفارة
عليه، ولكن هذا القول لا يخلو عن إشكال.
3 - الجحفة، وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب،
بل كل من يمر عليها حتى من مر بذي الحليفة ولم يحرم منها
لعذر أو بدونه على الأظهر.
4 - يلملم، وهو ميقات أهل اليمن، وكل من يمر من
ذلك الطريق، ويلملم اسم لجبل.
5 - قرن المنازل، وهو ميقات أهل الطائف، وكل من
يمر من ذلك الطريق.
ولا يختص الميقات في هذه الأربعة الأخيرة بالمساجد
81

الموجودة فيها، بل كل مكان يصدق عليه أنه من العقيق أو
الجحفة أو يلملم أو قرن المنازل يجوز الاحرام منه، وإذا لم
يتمكن المكلف من إحراز ذلك فله أن يتخلص بالاحرام
نذرا قبل ذلك كما هو جائز اختيارا.
6 - محاذاة أحد المواقيت المتقدمة، فإن من سلك طريقا
لا يمر بشئ من المواقيت السابقة إذا وصل إلى موضع
يحاذي أحدها أحرم من ذلك الموضع، والمراد بمحاذي
الميقات: المكان الذي إذا استقبل فيه الكعبة المعظمة يكون
الميقات على يمينه أو شماله بحيث لو جاوز ذلك المكان
يتمايل الميقات إلى ورائه، ويكفي في ذلك الصدق العرفي
ولا يعتبر التدقيق العقلي.
وإذا كان الشخص يمر في طريقه بموضعين يحاذي كل
منهما ميقاتا فالأحوط الأولى له اختيار الاحرام عند محاذاة
أولهما.
7 - مكة، وهي ميقات حج التمتع، وكذا حج القران
والافراد لأهل مكة والمجاورين بها سواء انتقل فرضهم إلى
82

فرض أهل مكة أم لا فإنه يجوز لهم الاحرام لحج القران
أو الافراد من مكة ولا يلزمهم الرجوع إلى سائر المواقيت،
وإن كان الأولى لغير النساء الخروج إلى بعض المواقيت
كالجعرانة والاحرام منها.
والأحوط الأولى الاحرام من مكة القديمة التي كانت
على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان الأظهر
جواز الاحرام من المحلات المستحدثة بها أيضا إلا ما كان
خارجا من الحرم.
8 - المنزل الذي يسكنه المكلف، وهو ميقات من كان
منزله دون الميقات إلى مكة، فإنه يجوز له الاحرام من
منزله، ولا يلزم عليه الرجوع إلى المواقيت.
9 - أدنى الحل كالحديبية والجعرانة والتنعيم وهو
ميقات العمرة المفردة لمن أراد الاتيان بها بعد الفراغ من حج
القران أو الافراد، بل لكل عمرة مفردة لمن كان بمكة وأراد
الاتيان بها، ويستثنى من ذلك صورة واحدة تقدمت في
المسألة 140.
83

أحكام المواقيت
مسألة 164: لا يجوز الاحرام قبل الميقات، ولا يكفي
المرور عليه محرما، بل لا بد من إنشاء الاحرام من نفس
الميقات، ويستثنى من ذلك موردان:
1 - أن ينذر الاحرام قبل الميقات، فإنه يصح ولا يلزمه
التجديد في الميقات، ولا المرور عليه، بل يجوز له الذهاب
إلى مكة من طريق لا يمر شئ من المواقيت، ولا فرق في
ذلك بين الحج الواجب والمندوب، والعمرة المفردة.
نعم، إذا كان إحرامه للحج أو عمرة التمتع فلا بد من
أن يكون إحرامه في أشهر الحج كما تقدم.
2 - إذا قصد العمرة المفردة في رجب، وخشي عدم
إدراكها إذا أخر الاحرام إلى الميقات جاز له الاحرام قبل
الميقات، وتحسب له عمرة رجب وإن أتى ببقية الأعمال في
شعبان، ولا فرق في ذلك بين العمرة الواجبة والمندوبة.
84

مسألة 165: يجب على المكلف اليقين بوصوله إلى
الميقات والاحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجة
شرعية، ولا يجوز له الاحرام عند الشك في الوصول إلى
الميقات.
مسألة 166: لو نذر الاحرام قبل الميقات وخالف
وأحرم من الميقات لم يبطل إحرامه، ووجبت عليه كفارة
مخالفة النذر إذا كان متعمدا.
مسألة 167: كما لا يجوز تقديم الاحرام على الميقات لا
يجوز تأخيره عنه، فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو
دخول الحرم أو مكة أن يتجاوز الميقات اختيارا إلا محرما،
وإن كان أمامه ميقات آخر، فلو تجاوزه وجب العود إليه مع
الامكان، ويستثنى من ذلك من تجاوز ذا الحليفة إلى
الجحفة لا لعذر، فإنه يجزيه الاحرام من الجحفة على
الأظهر وإن كان آثما.
والأحوط عدم التجاوز عن محاذاة الميقات إلا محرما،
وإن كان لا يبعد جواز التجاوز عنها إذا كان أمامه ميقات
85

آخر أو محاذاة أخرى.
وإذا لم يكن المسافر قاصدا للنسك أو دخول الحرم أو
مكة بأن كان له شغل خارج الحرم ثم بدا له دخول الحرم
بعد تجاوز الميقات، جاز له الاحرام للعمرة المفردة من أدنى
الحل.
مسألة 168: إذا ترك المكلف الاحرام من الميقات عن
علم وعمد حتى تجاوزه - في غير الفرض المتقدم - ففي
المسألة صورتان:
الأولى أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات، ففي هذه
الصورة يجب عليه الرجوع والاحرام منه، سواء أكان
رجوعه من داخل الحرم أم كان من خارجه، فإن أتى بذلك
صح علمه من دون إشكال.
الثانية: أن لا يتمكن من الرجوع إلى الميقات، سواء
كان خارج الحرم أم كان داخله، متمكنا من الرجوع إلى
الحل أم لا، والأظهر في هذه بطلان الحج وعدم
الاكتفاء بالاحرام من غير الميقات ولزوم الاتيان بالحج في
86

عام آخر إذا كان مستطيعا.
مسألة 169: إذا ترك الاحرام من الميقات عن نيسان أو
إغماء أو ما شاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل
بالميقات - في غير الفرض المتقدم - فللمسألة صور أربع:
الصورة الأولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات،
فيجب عليه الرجوع والاحرام من هناك.
الصورة الثانية: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع
إلى الميقات لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم، وعليه
حينئذ الرجوع إلى الخارج والاحرام منه.
والأولى في هذه الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار
الممكن ثم الاحرام من هناك.
الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع
إلى الخارج، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه، وإن
كان قد دخل مكة.
الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه
الرجوع إلى الميقات، والأحوط له في هذه الصورة أن يرجع
87

بالمقدار الممكن ثم يحرم.
وفي جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحة عمل المكلف
إذا قام بما ذكرناه من الوظائف، وفي حكم تارك الاحرام من
أحرم قبل الميقات أو بعده ولو كان عن جهل أو نسيان.
مسألة 170: إذا تركت الحائض الاحرام من الميقات
لجهلها بالحكم إلى أن دخلت الحرم، فالأحوط أن تخرج إلى
خارج الحرم وتحرم منه إذا لم تتمكن من الرجوع إلى
الميقات بل الأحوط لها - في هذه الصورة - أن تبتعد عن
الحرم بالمقدار الممكن ثم تحرم، على أن لا يكون ذلك
مستلزما لفوات الحج، وفيما إذا لم يمكنها إنجاز ذلك فهي
وغيرها على حد سواء.
مسألة 171: إذا فسدت العمرة - ولو لفساد إحرامها -
وجبت إعادتها مع التمكن، ومع عدم الإعادة - ولو من جهة
ضيق الوقت - يفسد حجه - يفسد حجه، وعليه الإعادة في سنة أخرى.
مسألة 172: قال جمع من الفقهاء بصحة العمرة فيما إذا
أتى المكلف بها من دون إحرام لجهل أو نسيان، ولكن هذا
88

القول لا يخلو من إشكال، والأحوط - في هذه الصورة -
الإعادة على النحو الذي ذكرناه فيما إذا تمكن منها.
مسألة 173: قد تقدم أن النائي يجب عليه الاحرام
لعمرته من أحد المواقيت الخمسة الأولى، فإن كان طريقه
منها فلا إشكال، وإن كان طريقه لا يمر بها كما هو الحال في
زماننا هذا، حيث إن أغلب الحجاج يردون مطار جدة
ابتداء، وقسم منهم يريدون تقديم أعمال العمرة والحج
على الذهاب إلى المدينة المنورة، ومن المعلوم أن جدة ليست
من المواقيت، ومحاذاتها لأحد المواقيت غير ثابتة، بل
المطمأن به عدمها، فلهم أن يختاروا أحد الطرق الثلاثة:
الأول: أن يحرم بالنذر من بلده أو من الطريق قبل
المرور جوا على بعض المواقيت، وهذا لا إشكال فيه فيما إذا
لم يستلزم الاستظلال من الشمس كما إذا كان الطيران في
الليل - أو الاتقاء من المطر.
الثاني: أن يمضي من جدة إلى بعض المواقيت أو إلى ما
يحاذيه فيحرم منه، أو يذهب إلى مكان يقع خلف أحد
89

المواقيت فيحرم منه بالنذر ك‍ (رابغ) الذي يقع قبل
الجحفة، وهو بلد مشهور يربطه بجدة طريق عام فيسهل
الوصول إليه، بخلاف الجحفة التي ربما يصعب الذهاب
إليها.
الثالث: أن يحرم من جدة بالنذر، ويجوز هذا فيما لو علم
- ولو إجمالا - بأن بين جدة والحرم موضعا يحاذي أحد
المواقيت كما لا يبعد ذلك بلحاظ المحاذاة مع الجحفة،
وأما إذا احتمل وجود موضع المحاذاة ولم يحرزه فلا يمكنه
الاحرام من جدة بالنذر.
نعم، إذا وردها عازما على الذهاب إلى أحد المواقيت أو
ما بحكمها ثم لم يتيسر له ذلك جاز له الاحرام منها بالنذر
أيضا، ولا يلزمه في هذه الصورة أن يجدد إحرامه خارج
الحرم قبل الدخول فيه على الأظهر.
مسألة 174: تقدم أن المتمتع يجب عليه أن يحرم لحجه
من مكة، فلو أحرم من غيرها - عالما عامدا - لم يصح إحرامه
وإن دخل مكة محرما، بل وجب عليه الاستئناف من مكة
90

مع الامكان وإلا بطل حجه.
مسألة 175: إذا نسي المتمتع الاحرام للحج بمكة
وجب عليه العود مع الامكان، وإلا أحرم في مكانه ولو
كان في عرفات وصح حجه، وكذلك الجاهل بالحكم.
مسألة 176: لو نسي إحرام الحج ولم يذكر حتى أتى
بجميع أعماله صح حجه، وكذلك الجاهل.
91

كيفية الاحرام
واجبات الاحرام ثلاثة أمور:
الأمر الأول: النية، ومعنى النية أن يعقد العزم على
الاتيان بالحج أو العمرة متقربا إلى الله تعالى، ولا يعتبر فيها
المعرفة التفصيلية بما يشتمل عليه نسكه، بل تكفي المعرفة
الاجمالية أيضا، فلو لم يعلم المكلف حين النية بتفاصيل
ما يجب عليه في العمرة مثلا كفاه أن يتعلمه شيئا فشيئا من
الرسالة العملية أو ممن يثق به من المعلمين.
ويعتبر في النية أمور:
1 - القربة والاخلاص كما في سائر العبادات.
2 - حصولها في مكان خاص، وقد تقدم بيانه في مبحث
المواقيت.
3 - تعيين المنوي وأنه الحج أو العمرة، وأن الحج حج
تمتع أو قران أو إفراد، وإذا كان عن غيره فلا بد من قصد
92

ذلك، ويكفي في وقوعه عن نفسه عدم قصد الوقوع عن
الغير، والأظهر أنه يكفي في سقوط الواجب بالنذر انطباق
المنذر على المأتي به، ولا يتوقف على قصد كونه حجا نذريا
مثلا، كما يكفي في كونه حجة الاسلام انطباق الواجب
بالأصالة عليه ولا يحتاج إلى قصد زائد.
مسألة 177: لا يعتبر في صحة النية التلفظ بها وإن كان
مستحبا، كما لا يعتبر في قصد القربة الاخطار بالبال، بل
يكفي الداعي على حد سائر العبادات.
مسألة 178: لا يعتبر في صحة الاحرام العزم على ترك
محرماته حدوثا وبقاء فيصح الاحرام حتى مع العزم على
ارتكابها.
نعم، إذا كان عازما حين الاحرام في العمرة المفردة على
أن يجامع زوجته قبل الفراغ من السعي أو تردد في ذلك،
فالظاهر بطلان إحرامه، وكذلك الحال في الاستمناء على
الأحوط.
وأما لو عزم على الترك حين الاحرام ولم يستمر عزمه، بأن
93

نوى بعد تحقق الاحرام الاتيان بشئ منهما لم يبطل إحرامه.
الأمر الثاني: التلبية، وصورتها أن يقول: " لبيك اللهم
لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك " والأحوط الأولى إضافة
هذه الجملة: " إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك
لك " ويجوز إضافة " لبيك " إلى آخرها بأن يقول: لا شريك
لك لبيك ".
مسألة 179: على المكلف أن يتعلم ألفاظ التلبية
ويحسن أداءها بصورة صحيحة كتكبيرة الاحرام في
الصلاة، ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من
قبل شخص آخر، فإذا لم يتعلم تلك الألفاظ ولم يتيسر له
التلقين اجتزأ بالتلفظ بها ملحونا إذا لم يكن اللحن بحد
يمنع من صدق التلبية عليها عرفا، وإلا فالأحوط الجمع
بين الاتيان بمرادفها وبترجمتها والاستنابة في ذلك.
مسألة 180: الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة
التلبية يأتي بها على قدر ما يمكنه، فإن عجز حرك بها لسانه
وشفتيه حين إخطارها بقلبه وأشار بإصبعه إليها على نحو
94

يناسب تمثيل لفظها.
وأما الأخرس الأصم من الأول ومن بحكمه، فيحرك
لسانه وشفتيه تشبيها بمن يتلفظ بها، مع ضم الإشارة
بالإصبع إليها أيضا.
مسألة 181: الصبي غير المميز يلبى عنه.
مسألة 182: لا ينعقد إحرام حج التمتع وإحرام
عمرته، وإحرام حج الافراد، وإحرام العمرة المفردة إلا
بالتلبية.
وأما حج القران فكما يتحقق إحرامه بالتلبية يتحقق
بالاشعار أو التقليد، والاشعار مختص بالبدن، والتقليد
مشترك بين البدن وغيرها من أنواع الهدي، والأولى الجمع
بين الاشعار والتقليد في البدن، والأحوط الأولى أن يلبي
القارن وإن كان عقد إحرامه بالاشعار أو التقليد.
ثم إن الاشعار: هو طعن صفحة سنام البدنة وتلطيخها
بالدم ليعلم أنها هدي، والأحوط أن يكون الطعن في الصفحة اليمنى.
95

نعم، إذا كانت البدن كثيرة، جاز أن يدخل الرجل بين
كل بدنتين فيشعر إحداهما من الصفحة اليمنى والأخرى
من اليسرى.
والتقليد: هو أن يعلق في رقبة الهدي خيطا أو سيرا أو
نعلا ونحوها ليعلم أنه هدي، ولا يبعد كفاية التجليل بدلا
عن التقليد، وهو ستر الهدي بثوب ونحوه ليكون علامة على
كونه هديا.
مسألة 183: لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر
والأكبر في صحة الاحرام، فيصح الاحرام من المحدث
بالأصغر أو الأكبر، كالمجنب والحائض والنفساء وغيرهم.
مسألة 184: التلبية وكذا الاشعار والتقليد لخصوص
القارن بمنزلة تكبيرة الاحرام في الصلاة، فلا يتحقق
الاحرام بدونها، فلو نوى الاحرام ولبس الثوبين وفعل شيئا
من المحرمات قبل أن يلبي لم يأثم وليس عليه كفارة.
مسألة 185: الأفضل لمن عقد الاحرام من مسجد
الشجرة أن يؤخر التلبية إلى أول البيداء عند آخر ذي
96

الحليفة حين تستوي به الأرض، وإذا كان الأحوط
التعجيل بها وتأخير رفع الصوت بها إلى البيداء، وهذا للرجل،
وأما المرأة فليس عليها رفع الصوت بالتلبية أصلا.
والأولى لمن عقد الاحرام من سائر المواقيت تأخير التلبية
إلى أن يمشي قليلا، ولمن عقده من المسجد الحرام تأخيرها
إلى الرقطاء، وهو موضع دون الردم، (والردم موضع بمكة،
قيل يسمى الآن ب‍ (مدعى) بالقرب من مسجد الراية قبيل
مسجد الجن).
مسألة 186: الواجب من التلبية مرة واحدة، نعم
يستحب الاكثار منها وتكرارها ما استطاع، والأحوط لمن
اعتمر عمرة التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت
مكة القديمة، وحده لمن جاء من أعلى مكة عن طريق
المدينة (عقبة المدنيين)، ولمن جاء من أسفلها (عقبة ذي
طوى).
كما أن الأحوط لمن اعتمر عمرة مفردة قطعها عند دخول
الحرم إذا جاء من خارج الحرم، وعند مشاهدة موضع بيوت
97

مكة إذا كان إحرامه من أدنى الحل، ولمن حج بأي نوع من
أنواع الحج قطعها عند الزوال من يوم عرفة.
مسألة 187: إذا شك بعد لبس الثوبين وقبل التجاوز
من المكان الذي لا يجوز تأخير التلبية عنه في أنه أتى بها
أم لا بنى على عدم الاتيان، وإذا شك بعد الاتيان بالتلبية
أنه أتى بها صحيحة أم لا بنى على الصحة.
الأمر الثالث: لبس الثوبين (الإزار والرداء) بعد
التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه، ويستثنى من ذلك
الصبيان فيجوز تأخير تجريدهم إلى فخ إذا ساروا من ذلك
الطريق.
والظاهر أنه لا يعتبر في لبسها كيفية خاصة، فيجوز
الاتزار بأحدهما كيف شاء، والارتداء بالآخر أو التوشح به
أو غير ذلك من الهيئات، وإن كان الأحوط لبسهما على
الطريق المألوف.
مسألة 188: لبس الثوبين للمحرم واجب استقلالي
98

وليس شرطا في تحقق الاحرام على الأظهر.
مسألة 189: الأحوط في الإزار أن يكون ساترا من
السرة إلى الركبة، وفي الرداء أن يكون ساترا للمنكبين
والعضدين وقدرا معتدا به من الظهر.
والأحوط وجوبا كون اللبس قبل النية والتلبية، ولو
قدمهما عليه فالأحوط الأولى بعده.
مسألة 190: لو أحرم في قميص - جاهلا أو ناسيا -
نزعه وصح إحرامه، بل الأظهر صحة إحرامه حتى فيما إذا
أحرم فيه عالما عامدا، وأما إذا لبسه - بعد الاحرام - فلا
إشكال في صحة إحرامه، ولكن يلزم عليه شقه وإخراجه
من تحت.
مسألة 191: لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء
الاحرام وبعده للتحفظ من البرد أو الحر أو لغير ذلك.
مسألة 192: يعتبر في الثوبين نفس الشروط المعتبرة في
لباس المصلي، فيلزم أن لا يكونا من الحرير الخالص، ولا
من أجزاء السباع، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه على
99

الأحوط، ولا من المذهب ويلزم طهارتها كذلك، نعم لا
بأس بتنجسها بنجاسة معفو عنها في الصلاة.
مسألة 193: الأحوط في الإزار أن يكون جميعه ساترا
للبشرة غير حاك عنها، ولا يعتبر ذلك في الرداء.
مسألة 194: الأحوط الأولى في الثوبين أن يكونا من
المنسوج، ولا يكونا من قبيل الجلد والملبد.
مسألة 195: يختص وجوب لبس الإزار والرداء بالرجال
دون النساء، فيجوز لهن أن يحرمن في ألبستهن العادية على
أن تكون واجدة للشرائط المتقدمة.
مسألة 196: إن حرمة لبس الحرير كانت تختص
بالرجال ولا يحرم لبسه على النساء، إلا أن الأحوط للمرأة
أن لا يكون ثوبها من الحرير، بل الأحوط أن لا تلبس شيئا
من الحرير الخالص في جميع أحوال الاحرام إلا في حال
الضرورة كالاتقاء من البرد والحر.
مسألة 197: إذا تنجس أحد الثوبين أو كلاهما بعد
التلبس بالاحرام فالأحوط المبادرة إلى التبديل أو التطهير.
100

مسألة 198: لا تجب الاستدامة في لباس الاحرام، فلا
بأس بالقائه عن متنه لضرورة أو غير ضرورة، كما لا بأس
بتبديله على أن يكون البدل واجدا للشرائط.
101

تروك الاحرام
قلنا فيما سبق: إن الاحرام لا ينعقد بدون التلبية أو ما
بحكمها وإن حصلت نيته، وإذا أحرم المكلف حرمت عليه
أمور، وهي خمسة وعشرون كما يلي:
(1) الصيد البري (2) مجامعة النساء (3) تقبيل النساء
(4) لمس المرأة (5) النظر إلى المرأة وملاعبتها (6) الاستمناء
(7) عقد النكاح (8) استعمال الطيب (9) لبس المخيط أو
ما بحكمه للرجل (10) التكحل (11) النظر في المرآة
(12) لبس الخف والجورب للرجال (13) الفسوق (14)
المجادلة (15) قتل هوام الجسد (16) التزين (17)
الادهان (18) إزالة الشعر من البدن (19) ستر الرأس
للرجال، وهكذا الارتماس في الماء حتى على النساء (20)
ستر الوجه للنساء (21) التظليل للرجال (22) إخراج الدم
من البدن (23) التقليم (24) قلع الضرس على قول
102

(25) حمل السلاح.
1 - الصيد البري
مسألة 199: لا يجوز للمحرم استحلال شئ من صيد
البر، سواء في ذلك اصطياده وقتله وجرحه وكسر عضو منه،
بل ومطلق إيذائه، كما لا يجوز ذلك للمحل في المحرم أيضا،
والمراد بالصيد الحيوان الممتنع بالطبع وإن تأهل لعارض،
ولا فرق فيه بن أن يكون محلل الأكل أم لا على الأظهر.
مسألة 200: تحرم على المحرم إعانة غيره - محلا كان أو
محرما - على صيد الحيوان البري، حتى بمثل الإشارة إليه،
بل الأحوط عدم إعانته في مطلق ما يحرم على المحرم
استحلاله من الصيد.
مسألة: 201: لا يجوز للمحرم إمساك الصيد البري
والاحتفاظ به، سواء اصطاده هو - ولو قبل إحرامه - أم غيره
في الحل أم في الحرم.
103

مسألة 202: لا يجوز للمحرم أكل شئ من الصيد وإن
كان قد اصطاده المحل في الحل، كما يحرم على المحل على
الأحوط ما اصطاده المحرم في الحل فقتله بالاصطياد أو
ذبحه بعد اصطياده، وكذلك يحرم على المحل ما اصطاده أو
ذبحه المحرم أو المحل في الحرم.
مسألة 203: يثبت لفرخ الصيد البري حكم نفسه،
وأما بيضه فلا يبعد حرمة أخذه وكسره وأكله على المحرم،
والأحوط أن لا يعين غيره على ذلك أيضا.
مسألة 204: الأحكام المتقدمة كما ذكرنا إنما تختص
بصيد البر، ومنه الجراد، وأما صيد البحر فلا بأس به،
والمراد بصيد البحر ما يعيش في الماء فقط كالسمك، وأما ما
يعيش في الماء وخارجه فملحق بالبري ولا بأس بصيد ما
يشك في كونه بريا على الأظهر.
مسألة 205: كما يحرم على المحرم صيد البر كذلك يحرم
عليه قتل شئ من الدواب وإن لم يكن من الصيد،
ويستثنى من ذلك موارد:
104

1 - الحيوانات الأهلية وإن توحشت كالغنم والبقر
والإبل، وما لا يستقل بالطيران من الطيور كالدجاج حتى
الدجاج الحبشي (الغرغر)، فإنه يجوز له ذبحها، كما لا بأس
بذبح ما يشك في كونه أهليا.
2 - ما خشيه المحرم على نفسه أو أراده من السباع
والحيات وغيرهما، فإنه يجوز له قتله.
3 - سباع الطيور إذا آذت حمام الحرم، فيجوز قتلها
أيضا.
4 - الأفعى والأسود الغدر وكل حية سوء والعقرب
والفأرة، فإنه يجوز قتلها مطلقا. ولا كفارة في قتل شئ مما
ذكر، كما لا كفارة في قتل السباع مطلقا إلا الأسد على
المشهور.
وقيل بثبوت الكفارة وهي القيمة في قتل ما لم يرده منها.
مسألة 206: لا بأس للمحرم أن يرمي الغراب
والحدأة، ولا كفارة لو أصابهما الرمي وقتلهما.
105

كفارات الصيد
مسألة 207: في قتل النعامة بدنة، وفي قتل بقرة
الوحش بقرة، وكذا في قتل حمار الوحش على الأحوط، وفي
قتل الظبي والأرنب شاة، وكذلك في الثعلب على الأحوط.
مسألة 208: من أصاب شيئا من الصيد فإن كان فداؤه
بدنة ولم يجد ما يشتريها به فعليه إطعام ستين مسكينا، لكل
مسكين مد، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما، وإن كان
فداؤه بقرة ولم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا، فإن لم يقدر صام
تسعة أيام، وإن كان فداؤه شاة ولم يجد فليطعم عشرة
مساكين، فإن لم يقدر ثلاثة أيام.
مسألة 209: في قتل القطاة والحجل والدراج ونظيرها
حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر، وفي العصفور
والقبرة والصعوة مد من الطعام على الأظهر، وفي قتل غير ما
ذكر من الطيور كالحمامة ونحوها شاة، وفي فرخه حمل أو
106

جدي، وحكم بيضه إذا كان فيه فرخ يتحرك حكم الفرخ،
وإذا كان فيه فرخ لا يتحرك ففيه درهم، وكذا إذا كان مجردا
عن الفرخ على الأحوط، وفي قتل جرادة واحدة تمرة أو كف
من الطعام، والثاني أفضل، ومع التعدد تتعدد الكفارة إلا
إذا كان كثيرا عرفا فإن فيه شاة.
مسألة 210: في قتل اليربوع والقنفذ والضب جدي،
وفي قتل العظاية كف من الطعام.
مسألة 211: في قتل الزنبور متعمدا اطعام شئ من
الطعام، وإذا كان القتل دفعا لايذائه فلا شئ عليه.
مسألة 212: إذا أصاب المحرم الصيد في خارج الحرم
فعليه الفداء، أو قيمته السوقية فيما لا تقدير لفديته، وإذا
أصابه المحل في الحرم فعليه القيمة، إلا في الأسد فإن فيه
كبشا على الأظهر، وإذا أصابه المحرم في الحرم فعليه الجمع
بين الكفارتين.
مسألة 213: يجب على المحرم أن ينحرف عن الجادة إذا
كان فيها الجراد، فإن لم يتمكن فلا بأس بقتلها.
107

مسألة 214: لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد فعلى
كل واحد منهم كفارة مستقلة.
مسألة 215: كفارة أكل الصيد ككفارة الصيد نفسه،
فلو صاده المحرم وأكله فعليه كفارتان.
مسألة 216: إذا كان مع المحل صيد ودخل الحرم
وجب عليه إرساله، فإن لم يرسله حتى مات لزمه الفداء،
ومن أحرم ومعه صيد حرم عليه إمساكه مطلقا كما تقدم،
وإن لم يرسله حتى مات لزمه الفداء ولو كان ذلك قبل
دخول الحرم على الأحوط.
مسألة 217: لا فرق في وجوب الكفارة في قتل الصيد
وأكله بين العمد والسهو والجهل.
مسألة 218: تتكرر الكفارة بتكرر الصيد لخطأ أو
نسيان أو اضطرار أو جهل يعذر فيه، وكذلك في العمد إذا
كان الصيد من المحل في الحرم، أو من المحرم مع تعدد
الاحرام، وأما إذا تكرر الصيد عمدا من المحرم في إحرام
واحد فلا تجب الكفارة بعد المرة الأولى، بل هو ممن قال الله
108

تعالى فيه: (ومن عاد فينتقم الله منه).
2 - مجامعة النساء
مسألة 219: يحرم على المحرم الجماع أثناء عمرة
التمتع، وكذا أثناء العمرة المفردة وأثناء الحج قبل الاتيان
بصلاة طواف النساء.
مسألة 220: إذا جامع المتمتع أثناء عمرته قبلا أو دبرا،
عالما عامدا، فإن كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد
عمرته، ووجبت عليه الكفارة، وهي على الأحوط جزور أو
بقرة، وإن كان قبل الفراغ من السعي فكفارته كما تقدم،
والأحوط أن يتم عمرته ويأتي بالحج بعدها ثم يعيدهما في
العام القابل.
مسألة 221: إذا جامع المحرم للحج امرأته قبلا أو
دبرا، عالما عامدا، قبل الوقوف بالمزدلفة، وجبت عليه
الكفارة وإتمام الحج وإعادته في العام القابل، سواء كان
109

الحج فرضا أم نفلا، وكذلك المرأة إذا كانت محرمة وعالمة
بالحال ومطاوعة له على الجماع، ولو كانت المرأة مكرهة على
الجماع فلا شئ عليها، وتجب على الزوج المكره كفارتان.
وكفارة الجماع بدنة، ومع العجز عنها شاة، ويجب
التفريق بين الرجل والمرأة في حجتهما بأن لا يجتمعا إلا إذا
كان معهما ثالث إلى أن يفرغا من مناسك الحج حتى أعمال
منى ويرجعا إلى نفس المحل الذي وقع فيه الجماع، ولو
رجعا من غير ذلك الطريق جاز أن يجتمعا إذا قضيا
المناسك.
كما يجب التفريق بينهما أيضا في الحجة المعادة من حين
الوصول إلى محل وقوع الجماع إلى وقت الذبح بمنى، بل
الأحوط استمرار التفريق إلى الفراغ من تمام الأعمال
والرجوع إلى المكان الذي وقع فيه الجماع.
مسألة 222: إذا جامع المحرم امرأته عالما عامدا بعد
الوقوف بالمزدلفة، فإن كان ذلك قبل طواف النساء
وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم، ولكن لا تجب عليه
110

الإعادة، وكذلك إذا كان جماعه قبل إتمام الشوط الرابع
من طواف النساء، وأما إذا كان بعده فلا كفارة عليه أيضا.
مسألة 223: من جامع امرأته عالما عامدا في العمرة
المفردة، وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم، ولا تفسد
عمرته إذا كان الجماع بعد السعي، وأما إذا كان قبله بطلت
عمرته، ووجب عليه أن يقيم بمكة إلى شهر آخر ثم يخرج
إلى أحد المواقيت الخمسة المعروفة ويحرم منه للعمرة المعادة،
ولا يجزئه الاحرام من أدنى الحل على الأحوط، والأحوط
له إتمام العمرة الفاسدة أيضا.
مسألة 224: إذا جامع المحل زوجته المحرمة، فإن
كانت مطاوعة وجبت عليها كفارة بدنة، وإن كانت مكرهة
فلا شئ عليها ووجبت الكفارة على زوجها على الأحوط.
بل الأحوط أن يغرم الكفارة عنها في الصورة الأولى أيضا.
مسألة 225: إذا جامع المحرم امرأته جهلا أو نسيانا
صحت عمرته وحجه، ولا تجب عليه الكفارة.
وهذا الحكم يجزي أيضا في المحرمات الآتية التي توجب
111

الكفارة، بمعنى أن ارتكاب المحرم أي عمل منها لا يوجب
الكفارة عليه إذا كان صدوره منه ناشئا عن جهل أو نسيان،
ويستثنى من ذلك موارد:
1 - ما إذا نسي الطواف في الحج أو العمرة حتى رجع
إلى بلاده وواقع أهله.
2 - ما إذا نسي شيئا من السعي في عمرة التمتع فأحل
باعتقاد الفراغ منه.
3 - من أمر يده على رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة
أو أكثر.
4 - ما إذا ادهن بالدهن الطيب أو المطيب عن جهل،
ويأتي جميع ذلك في محالها.
3 - تقبيل النساء
مسألة 226: لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن شهوة،
فلو قبلها كذلك وخرج منه المني فعليه كفارة بدنة، وإذا لم
112

يخرج منه المني فلا يبعد كفاية التكفير بشاة، وإذا قبلها لا
عن شهوة وجبت عليه الكفارة أيضا على الأحوط وهي
شاة.
مسألة 227: إذا قبل المحل زوجته المحرمة فالأحوط أن
يكفر بدم شاة.
4 - مس النساء
مسألة 228: لا يجوز للمحرم أن يمس زوجته أو
يحملها أو يضمها إليه عن شهوة، فإن فعل ذلك فأمنى أو
لم يمن لزمه كفارة شاة، فإذا لم يكن المس والحمل والضم
عن شهوة فلا شئ عليه.
5 - النظر إلى المرأة وملاعبتها
مسألة 229 - لا يجوز للمحرم أن يلاعب زوجته، وإن
113

فعل ذلك فأمنى لزمته كفارة بدنة، ومع العجز عنها فشاة،
وعليه أن يجتنب النظر إليها بشهوة إذا كان مستتبعا للامناء،
بل مطلقا على الأحوط الأولى.
ولو نظر إليها بشهوة فأمنى وجبت عليه الكفارة على
الأحوط وهي بدنة.
وأما إذا نظر إليها بغير شهوة
فأمنى فلا كفارة عليه.
مسألة 230: إذا نظر المحرم إلى غير أهله نظرا لا يحل
له، فإن لم يمن فلا كفارة عليه، وإن أمنى وجبت عليه
الكفارة، والأحوط إن كان موسرا أن يكفر ببدنة، وإن كان
متوسط الحال أن يكفر ببقرة، وأما الفقير فتجزئه الشاة على الأظهر.
مسألة 231: يجوز استمتاع المحرم من زوجته بالتحدث
إليها ومجالستها ونحو ذلك، وإن كان الأحوط ترك
الاستمتاع منها مطلقا.
114

6 - الاستمناء
مسألة 232: الاستمناء على أقسام:
1 - الاستمناء بدلك العضو التناسلي باليد أو غيرها،
وهو حرام مطلقا، وحكمه في الحج حكم الجماع، وكذا في
العمرة المفردة على الأحوط، فلو استمنى كذلك في إحرام
الحج قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت عليه الكفارة، ولزمه
إتمامه وإعادته في العام القابل، ولو فعل ذلك في عمرته
المفردة قبل الفراغ من السعي وجبت عليه الكفارة، وإتمام
العمرة وإعادتها في الشهر اللاحق على الأحوط.
2 - الاستمناء بتقبيل الزوجة أو مسها أو ملاعبتها أو
النظر إليها، وحكمه ما تقدم في المسائل السابقة.
3 - الاستمناء بالاستماع إلى حديث امرأة أو نعتها أو
بالخيال أو ما شاكل ذلك، وهذا محرم على المحرم أيضا،
ولكن الأظهر عدم ثبوت الكفارة عليه بسببه.
115

7 - عقد النكاح
مسألة 233: يحرم على المحرم التزويج لنفسه، أو
لغيره، سواء أكان ذلك الغير محرما أم كان محلا، وسواء أكان
التزويج دوام أم كان تزويج انقطاع، ويفسد العقد
في جميع هذه الصور.
مسألة 234: إذا عقد لمحرم امرأة فدخل بها، فعلى كل
من العاقد والرجل والمرأة كفارة بدنة، إذا كانوا عالمين بالحال
حكما وموضوعا وإذا كان بعضهم عالما دون بعض فلا
كفارة على الجاهل، ولا فرق فيما ذكر بين أن يكون العاقد
والمرأة محلين أو محرمين.
مسألة 235: لا يجوز للمحرم أن يشهد عقد النكاح
ويحضر وقوعه على المشهور، والأحوط الأولى أن يتجنب
أداء الشهادة عليه أيضا وإن تحملها محلا.
مسألة 236: الأحوط الأولى أن لا يتعرض المحرم
116

لخطبة النساء، نعم يجوز له الرجوع إلى مطلقته الرجعية، كما
يجوز له طلاق زوجته.
8 - استعمال الطيب
مسألة 237: يحرم على المحرم استعمال الطيب شما
وأكلا وإطلاء وصبغا وبخورا، وكذلك لبس ما يكون عليه
أثر منه، والمراد بالطيب كل مادة يطيب بها البدن أو الثياب
أو الطعام أو غيرها، مثل المسك والعنبر والورس والزعفران
ونحوها، حتى العطور المتعارفة كعطر الورد والياس
والرازقي وما يشبهها على الأظهر.
ويستثنى من الطيب (خلوق الكعبة) وهو طيب كان
يتخذ من الزعفران وغيره يطلى به الكعبة المعظمة، فلا يجب
على المحرم أن يجتنب شمه وإصابته لثيابه وبدنه، وإن
أصابهما لم تجب إزالته بغسل أو نحوه.
مسألة 238: يحرم على المحرم شم الرياحين وهي
117

نباتات تفوح منها رائحة طيبة وتتخذ للشم، سواء التي
يصنع منها الطيب كالياسمين والورد وغيرها، ويستثنى
منها بعض أقسامها البرية كالشيح والقيصوم والخزامي
الإذخر وأشباهها، فإنه لا بأس بشمها على الأظهر.
وأما الفواكه والخضروات الطيبة الرائحة كالتفاح
والسفرجل والنعناع فيجوز للمحرم أكلها، ولكن الأحوط
الامساك عن شمها حين الأكل.
وكذلك الحال في الأدهان الطيبة، فإن الأظهر جواز أكل
ما يطعم منها ولا يعد من الطيب عرفا، ولكن الأحوط أن
يمسك عن شمها حين الأكل.
مسألة 239: لا يجب على المحرم أن يمسك على أنفه
من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا والمروة، إذا كان
هناك من يبيع العطور، وعليه أن يمسك على أنفه من
الرائحة الطيبة في غير هذا الحال، نعم لا بأس بشم خلوق
الكعبة على ما تقدم.
مسألة 240: إذا تعمد المحرم أكل شئ من الطيب،
118

أو لبس ما يكون عليه أثر منه، فعليه كفارة شاة على
الأحوط لزوما، ولا كفارة عليه في استعمال الطيب فيما عدا
ذلك، وإن كان التكفير أحوط.
مسألة 241: يحرم على المحرم أن يمسك على أنفه من
الروائح الكريهة، نعم لا بأس بالاسراع في المشي للتخلص
منها.
9 - لبس المخيط أو ما بحكمه للرجل
مسألة 242: لا يجوز للمحرم أن يلبس ثوبا يزره (أي
يربط بعضه بالبعض الآخر بأزرار أو ما يفيد فائدتها) أو
يتدرعه (أي يلبسه كما يلبس الدرع بأن يخرج رأسه ويديه
من الفتحات المخصصة لها) كما لا يجوز له لبس السراويل
وما يشبهه في ستر العورتين كالبنطلون إلا إذا لم يكن له
أزار، والأحوط لزوما أن يجتنب لبس الثياب المتعارفة
كالقميص والقباء والجبة والسترة والثوب العربي
119

(الدشداشة) مطلقا وإن لم يزرها أو يتدرعها.
نعم، يجوز له في حال الاضطرار أن يطرح القميص أو
ما يشبهه على عاتقه، ويلبس القباء أو نحوه مقلوبا ولا
يدخل يديه في يدي القباء، ولا فرق فيما ذكر كله بين أن
يكون الثوب مخيطا أو منسوجا أو ملبدا أو غير ذلك.
ويجوز للمحرم أن يربط على وسطه محفظة نقوده وإن
كانت من قسم المخيط كالهميان والمنطقة، كما يجوز له
التحزم بالحزام المخيط الذي يستعمله المبتلى بالفتق لمنع نزول
الأمعاء في الأنثيين.
ويجوز له أيضا أن يغطي بدنه ما عدا الرأس في حالة
الاضطجاع أو غيره باللحاف ونحوه من أقسام المخيط.
مسألة 243: الأحوط أن لا يعقد المحرم الإزار في
عنقه، بل لا يعقده مطلقا، ولو بعضه ببعض، ولا يغرزه
بإبرة ونحوهما، والأحوط أن لا يعقد الرداء أيضا، ولا بأس
بغرزه بالإبرة وأمثالها.
مسألة 244: يجوز للمرأة لبس المخيط مطلقا عدا
120

القفازين أي الكفوف فإنه لا يجوز لها أن تلبسها في
يديها.
مسألة 245: إذا لبس المحرم متعمدا شيئا يحرم عليه
لبسه، وجبت عليه كفارة شاة حتى ولو كان مضطرا إلى
ذلك على الأحوط، ولو تعدد اللبس تعددت الكفارة،
وكذا لو تعدد الملبوس بأن جعل بعض الألبسة في بعض
ولبس الجميع دفعة واحدة مع اختلافها في الصنف، بل
وكذا مع اتحادها على الأحوط.
10 - الاكتحال
مسألة 246: الاكتحال على قسمين:
1 - أن يكون الاكتحال بالكحل الأسود، أو أي كحل
آخر يعد الاكتحال به زينة عرفا، وهذا حرام على المحرم إذا
قصد به الزينة على الأظهر، بل مطلقا على الأحوط، نعم
لا بأس بالاكتحال به في حال الاضطرار لغرض التداوي
والعلاج.
121

2 - أن يكون الاكتحال بغير الكحل الأسود وما يعد
مثله في التزين به، وهذا لا بأس به إذا لم يقصد به الزينة،
وإلا فالأحوط تركه، ولا كفارة في الاكتحال مطلقا، وإن
كان الأولى التكفير بشاة إذا اكتحل بما لا يحل له.
11 - النظر في المرآة
مسألة 247: لا يجوز للمحرم أن ينظر في المرآة للزينة،
ويجوز إذا كان لغرض آخر كتضميد جرح الوجه أو استعلام
وجود حاجب عليه، أو كنظر السائق فيها لرؤية ما خلفه من
السيارات ونحو ذلك، وقد تلحق بالمرآة سائر الأجسام
الصقيلة التي تفيد فائدتها.
ويستحب لمن نظر في المرآة للزينة أن يجدد التلبية.
وأما النظر عبر النظارة الطبية فلا بأس به، نعم الأحوط
الاجتناب عن لبسها إذا عدت زينة عرفا.
122

12 - لبس الخف والجورب للرجال
مسألة 248: يحرم على الرجل المحرم أن يلبس ما يغطي
تمام ظهر قدمه كالجورب والخف، إلا في حال الاضطرار،
كما إذا لم يتيسر له نعل أو شبهه فدعت الضرورة إلى لبس
الخف، فإنه يجوز له ذلك ولكن بعد شق ظهره على
الأحوط.
ويجوز له لبس ما يستر بعض ظهر القدم، كما يجوز له
ستر تمامه من دون لبس كأن يلقي طرف ردائه عليها حال
الجلوس، ولا كفارة في لبس الخف وشبهه مطلقا.
وأما لبس الجورب وما يماثله فتجب الكفارة فيه على
المتعمد على الأحوط، والكفارة دم شاة.
ولا بأس بلبس الجورب والخف وغيرهما مما يغطي تمام
ظهر القدم للنساء
123

13 - الفسوق
مسألة 249: الفسوق ويشمل الكذب والسب
والمفاخرة المحرمة وإن كان محرما في جميع الأحوال، إلا أن
حرمته مؤكدة في حال الاحرام.
والمقصود بالمفاخرة: التباهي أمام الآخرين بالنسب أو
المال أو الجاه وما أشبهها، وهي محرمة إذا كانت مشتملة على
إهانة المؤمن والحط من كرامته، وإلا فلا بأس بها ولا تحرم لا
على المحرم ولا على غيره.
ولا كفارة في الفسوق إلا الاستغفار، وإن كان الأحوط
التكفير ببقرة.
14 - الجدال
مسألة 250: يحرم الجدال على المحرم، ويختص بما كان
124

مشتملا على الحلف بالله تعالى في الاخبار عن ثبوت أمر أو
نفيه، والأظهر عدم اعتبار أن يكون بأحد اللفظين (بلى
والله، ولا والله) بل يكفي مطلق اليمين بالله سواء كانت
بلفظ الجلالة أم بغيره، وسواء كانت مصدرة ب‍ (لا) وب‍
(بلى) أم لا، وسواء كانت باللغة العربية أم بغيرها من
اللغات.
وأما الحلف بغير الله تعالى من المقدسات فلا أثر له فضلا
عن مثل قولهم: " لا لعمري وبلى لعمري ".
كما لا أثر للحلف بالله تعالى لغير الاخبار، كما في يمين
المناشدة، كقول السائل: " أسألك بالله أن تعطيني " ويمين
العقد أي ما يقع تأكيدا لما التزم به من إيقاع أمر أو تركه
في المستقبل كقوله: " والله لأعطينك كذا ".
وهل يعتبر في تحقق الجدال في اليمين الصادقة تكرارها
ثلاث مرات ولاءا، فلا يتحقق شرعا إذا لم تكن كذلك أم
لا؟ اختار بعض الفقهاء ذلك، وهو لا يخلو عن وجه، وإن
كان الأحوط خلافة، وأما الجدال في اليمين الكاذبة فلا
125

يعتبر فيه التعدد بلا إشكال.
مسألة 251: يستثنى من حرمة الجدال كل مورد يتضرر
المكلف من تركه، كما لو كان مؤذيا إلى ذهاب حقه.
مسألة 252: إذا حلف المجادل صادقا ثلاث مرات
ولاءا فعليه كفارة شاة، ولو زاد على الثلاث لم تتكرر
الكفارة.
نعم، لو كفر بعد الثلاث أو الزائد عليها أو انقطع
التتابع ثم حلف ثلاثا فما فوقها وجبت عليه كفارة أخرى.
وإذا حلف كاذبا فعليه كفارة شاة للمرة الواحدة،
وشاتين لمرتين، وبقرة لثلاث مرات، ولو زاد على الثلاث ولم
يكفر لم تتكرر الكفارة.
ولو كفر ثم جدد الحلف كاذبا وجبت عليه الكفارة على
النحو المتقدم.
ولو حلف كاذبا مرتين فكفر، ثم حلف كذلك مرة ثالثة.
وجبت عليه كفارة شاة لا بقرة.
126

15 - قتل هوام الجسد
مسألة 253: لا يجوز للمحرم قتل القمل، وكذا لا
يجوز له إلقاؤه من جسمه أو ثوبه على الأحوط، ولا بأس
بنقله من مكان إلى مكان آخر، وإذا قتله أو ألقاه فالأحوط
الأولى التكفير عنه بكف من الطعام، أما البق والبرغوث
وأمثالهما فالأحوط عدم قتلها إذا لم يكن هناك ضرر يتوجه
منها على المحرم، وأما دفعها فالأظهر جوازه وإن كان الترك
أحوط.
16 - التزين
مسألة 254: الأحوط أن يجتنب المحرم والمحرمة عن
كل ما يعد زينة عرفا سواء بقصد التزين أم بدونه، ومن
ذلك استعمال الحناء على الطريقة المتعارفة.
127

نعم، لا بأس باستعماله إذا لم يكن زينة، كما إذا كان
لعلاج ونحوه، وكذلك لا بأس باستعماله قبل الاحرام وإن
بقي أثره إلى حين الاحرام.
مسألة 255: يجوز التختم في حال الاحرام لا بقصد
الزينة، كما إذا قصد به الاستحباب الشرعي، أو التحفظ
على الخاتم من الضياع، أو إحصاء أشواط الطواف به ونحو
ذلك، وأما لبسه بقصد الزينة فالأحوط تركه.
مسألة 256: يحرم على المرأة المحرمة لبس الحلي للزينة،
بل الأحوط أن تترك لبسها إن كان زينة وإن لم تقصدها،
ويستثنى من ذلك ما كانت تعتاد لبسه قبل إحرامها، لكنها
لا تظهره لزوجها ومحارمها من الرجال على الأحوط الأولى.
ولا كفارة في التزين في جميع الموارد المذكورة.
17 - الادهان
مسألة 257: يحرم الادهان على المحرم وإن كان مما
128

ليست فيه رائحة طيبة، نعم يجوز له أكل الدهن الخالي من
الطيب وإن كان ذا رائحة طيبة كما تقدم في المسألة 238،
ويجوز للمحرم استعمال الأدهان غير الطيبة للتداوي، وكذا
الأدهان الطيبة أو المطيبة عند الضرورة.
مسألة 258: كفارة الادهان بالدهن الطيب أو المطيب
شاة إذا كان عن علم وعمد، وإذا كان عن جهل فإطعام
فقير على الأحوط في كليهما.
18 - إزالة الشعر عن البدن
مسألة 259: لا يجوز للمحرم أن يزيل الشعر عن بدن
نفسه أو بدن غيره ولو كان محلا بحلق أو نتف أو غيرهما،
بلا فرق في ذلك بين قليل الشعر وكثيره حتى بعض الشعرة
الواحدة.
نعم، إذا تكاثر القمل في رأسه فتأذى من ذلك جاز له
حلقه، وكذا تجوز له إزالة الشعر عن جسده إذا كانت هناك
129

ضرورة تدعو إليها، ولا بأس بسقوط الشعر من بدن المحرم
غير قاصد له حال الوضوء، أو الغسل، أو التيمم، أو
الطهارة من الخبث، أو إزالة الحاجب اللاصق المانع من
إحدى الطهارتين، ونحو ذلك.
مسألة 260: إذا حلق المحرم رأسه من دون ضرورة
فكفارته شاة، وإذا حلقه لضرورة فكفارته شاة، أو صوم
ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، لكل واحد مدان من
الطعام.
وإذا نتف المحرم شعره النابت تحت إبطيه فكفارته شاة،
وكذا إذا نتف أحد إبطيه على الأحوط.
وإذا نتف شيئا من شعر لحيته أو غيرها فعليه أن يطعم
مسكينا بكف من الطعام.
ويجزي مجرى الحلق والنتف في الموارد المتقدمة ما يفيد
فائدتهما من سائر طرق الإزالة على الأحوط.
ولا كفارة في حلق المحرم رأس غيره محرما كان أم محلا.
مسألة 261: لا بأس بحك المحرم رأسه ما لم يقطع
130

الشعر عن رأسه وما لم يدمه، وكذلك البدن، وإذا أمر
المحرم يده على رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو أكثر
فليتصدق بكف من طعام، وأما إذا كان في الوضوء ونحوه
فلا شئ عليه.
19 - ستر الرأس للرجال
مسألة 262: لا يجوز للرجل المحرم ستر رأسه ولو جزء
منه، بالقناع أو الخمار أو الثوب ونحوها، بل الأحوط أن لا
يستره أيضا بمثل الطين أو الحشيش أو بحمل شئ عليه.
نعم، لا بأس بوضع عصام القربة على الرأس عند
حملها، وكذا لا بأس بتعصيبه بالمنديل ونحوه لمرض
كالصداع.
والمراد بالرأس هنا منبت الشعر، ويلحق به الأذنان على
الأقرب.
مسألة 263: يجوز ستر الرأس بشئ من البدن كاليد،
والأولى تركه.
131

مسألة 264: لا يجوز للمحرم رمس تمام رأسه في الماء،
وكذلك في غير الماء على الأحوط، والظاهر أنه لا فرق في
ذلك بين الرجل والمرأة.
والمقصود بالرأس هنا ما فوق الرقبة بتمامه.
مسألة 265: إذا ستر المحرم رأسه فكفارته شاة على
الأحوط، والظاهر عدم وجوب الكفارة في موارد جواز الستر
والاضطرار.
20 - ستر الوجه للنساء
مسألة 266: لا يجوز للمرأة المحرمة أن تستر وجهها
بالبرقع أو النقاب أو المروحة أو ما شابه ذلك، والأحوط أن
لا تستر وجهها بأي ساتر كان، كما أن الأحوط أن لا تستر
بعض وجهها أيضا.
نعم، يجوز لها أن تغطي وجهها حال النوم، ولا بأس
132

بستر بعض وجهها مقدمة لستر الرأس في الصلاة إذا لم
يتيسر لها ستره بإسدال ثوبها عليه.
مسألة 267: للمرأة المحرمة أن تتحجب من الأجنبي
بإسدال ثوبها على وجهها، بأن تنزل ما على رأسها من الخمار
أو نحوه إلى ما يحاذي أنفها بل نحرها، والأظهر عدم لزوم
تباعد الساتر عن الوجه بواسطة اليد أو غيرها وإن كان
ذلك أحوط.
مسألة 268: كفارة ستر الوجه شاة على الأحوط الأولى.
21 - التظليل للرجال
مسألة 269: التظليل على قسمين:
الأول: أن يكون بالأجسام السائرة كالمظلة وسقف
المحمل أو السيارة أو الطائرة ونحوها. وهذا محرم على
الرجل المحرم، راكبا كان أم راجلا، إذا كان ما يظلله فوق
رأسه كالأمثلة المتقدمة، نعم لا بأس بالاستظلال
بالسحابة السائرة.
وأما إذا كان ما يظلله على أحد جوانبه، فالظاهر أنه لا
133

بأس به للراجل مطلقا، فيجوز له السير في ظل المحمل
والسيارة ونحوهما.
وأما الراكب فالأحوط أن يجتنبه إلا إذا كان بحيث لا
يمنع من صدق الاضحاء (أي البروز للشمس) عرفا، كأن
كان قصيرا لا يستتر به رأسه وصدره كجدران بعض
السيارات المكشوفة.
الثاني: أن يكون بالأجسام الثابتة كالجدران والانفاق
والأشجار والجبال ونحوها، وهذا جائز للمحرم، راكبا كان
أم راجلا على الأظهر، كما يجوز له أن يستتر عن الشمس
بيديه وإن كان الأحوط ترك ذلك.
مسألة 270: المراد من التظليل التستر من الشمس،
ويلحق بها المطر على الأحوط، وأما الريح والبرد والحر
ونحوها فالأظهر جواز التستر منها، وإن كان الأحوط تركه،
فلا بأس للمحرم أن يركب السيارة المسقفة ونحوها في الليل
إذا لم تكن السماء ممطرة وإن كانت تحفظه من الرياح مثلا.
مسألة 271: ما تقدم من حرمة التظليل يختص بحال
134

السير وطي المسافة، وأما إذا نزل المحرم في مكان سواء
اتخذه منزلا أم لا، كما لو جلس في أثناء الطريق للاستراحة
أو لملاقاة الأصدقاء أو لغير ذلك فلا إشكال في جواز
الاستظلال له.
وهل يجوز له الاستظلال بالأجسام السائرة حال تردده في
حوائجه في المكان الذي ينزل فيه أو لا؟ مثلا إذا نزل مكة
وأراد الذهاب إلى المسجد الحرام لأداء الطواف والسعي،
أو نزل منى وأراد الذهاب إلى المذبح أو مرمى الجمار، فهل
يجوز له ركوب السيارة المسقفة أو رفع المظلة فوق رأسه أو
لا؟ الحكم بالجواز مشكل جدا، فالاحتياط لا يترك.
مسألة 272: لا بأس بالتظليل للنساء والأطفال،
وكذلك للرجال عند الضرورة.
مسألة 273: إذا ظلل المحرم على نفسه من المطر أو
الشمس لزمته الكفارة، والظاهر أنه لا فرق في ذلك بين
حالتي الاختيار والاضطرار، وإذا تكرر التظليل فالأحوط
التكفير عن كل يوم، وإن كان الأظهر كفاية كفارة واحدة
135

في كل إحرام. ويجزئ في الكفارة دم شاة.
22 - إخراج الدم من البدن
لا يجوز للمحرم إخراج الدم من جسده على الأحوط
- إلا لضرورة وإن كان ذلك بفصد أو حجامة أو قلع ضرس
أو حك أو غيرها.
نعم، الأظهر جواز الاستياك وإن لزم منه الادماء،
وكفارة إخراج الدم لغير ضرورة شاة على الأحوط
الأولى.
23 - التقليم
لا يجوز للمحرم تقليم ظفره ولو بعضه، إلا أن تدعو
ضرورة إلى ذلك أو يتأذى ببقائه، كما إذا انكسر بعض ظفره
وتألم من بقاء الباقي فيجوز له حينئذ قطعه.
136

مسألة 274: كفارة تقليم كل ظفر من اليد أو الرجل
مد من الطعام ما لم يبلغ في كل منهما العشرة، فإذا بلغها
- ولو في مجالس متعددة كانت كفارته شاة لكل من أظافير
اليدين وأظافير الرجلين.
نعم، إذا كان تقليم أظافير اليدين والرجلين جميعا في
مجلس واحد فالكفارة شاة واحدة.
مسألة 275: إذا قلم المحرم ظفره فأدمى إصبعه اعتمادا
على فتوى من جوزه خطأ، وجبت الكفارة على المفتي على
الأحوط.
24 - قلع الضرس
مسألة 276: ذهب بعض الفقهاء إلى حرمة قلع
الضرس على المحرم وإن لم يخرج به الدم، وأوجبوا له كفارة
شاة، ولكن في دليله تأملا، بل لا يبعد جوازه.
137

25 - حمل السلاح
مسألة 277: لا يجوز للمحرم لبس السلاح، بل ولا حمله
على وجه يعد مسلحا على الأحوط، والمراد بالسلاح كل ما
يصدق عليه لفظه عرفا، كالسيف والبندقية والرمح دون
آلات التحفظ كالدرع والمغفر ونحوهما.
مسألة 278: لا بأس بوجود السلاح عند المحرم، ولا
بحمله إذا لم يعد مسلحا عرفا، ومع ذلك فالترك أحوط.
مسألة 279: تختص حرمة التسلح بحال الاختيار، ولا
بأس به عند الاضطرار كالخوف من العدو أو السرقة.
مسألة 280: كفارة التسلح لغير ضرورة شاة على
الأحوط.
إلى هنا انتهت الأمور التي تحرم على المحرم.
138

محرمات الحرم
الأول: صيد البر، كما تقدم في المسألة 199.
الثاني: قلع كل شئ نبت في الحرم أو قطعه من شجر
وغيره، ولا بأس بما يقطع عند المشي على النحو المتعارف،
كما لا بأس بأن تترك الدواب في الحرم لتأكل من حشيشه،
ولكن لا ينزع لها حتى علوفة الإبل على الأصح، ويستثنى
من حرمة القلع أو القطع موارد:
(1) الإذخر، وهو نبت معروف.
(2) النخل وشجر الفاكهة.
(3) ما غرسه الشخص من الشجر أو زرعه من العشب
بنفسه، سواء في ملكه أم في ملك غيره.
(4) الأشجار أو الأعشاب التي تنمو في دار الشخص
ومنزله بعد ما صارت داره ومنزله، وأما ما كان موجودا منهما
139

قبل ذلك فحكمه حكم سائر الأشجار والأعشاب.
مسألة 281: الشجرة التي يكون أصلها في الحرم
وفرعها في خارجه أو بالعكس، حكمها حكم الشجرة التي
يكون جميعها في الحرم.
مسألة 282: كفارة قلع الشجرة قيمة تلك الشجرة،
وفي القطع منها قيمة المقطوع على الأحوط فيهما، ولا كفارة
في قلع الأعشاب وقطعها.
الثالث: إقامة الحد أو القصاص أو التعزير على من جنى في
غير الحرم ثم لجأ إليه، فإنها غير جائزة، ولكن لا يطعم
الجاني ولا يكلم ولا يبايع ولا يؤوى حتى يضطر
إلى الخروج منه فيؤخذ ويعاقب على جنايته.
الرابع: أخذ لقطة الحرم على قول، والأظهر كراهته
كراهة شديدة، فإن أخذها ولم تكن ذات علامة يمكن
الوصول بها إلى مالكها جاز له تملكها وإن بلغت قيمتها
درهما أو زادت عليه، وأما إذا كانت ذات علامة كذلك،
فإن لم تبلغ درهما لم يجب تعريفها، والأحوط أن يتصدق بها
140

عن مالكها، وإن كانت قيمتها درهما فما زاد عرفها سنة
كاملة، فإن لم يظهر مالكها تصدق بها عنه على الأحوط.
141

حدود الحرم
للحرم المكي حدود مضروبة المنار قديمة، ولها نصب
معلومة مأخوذة يدا بيد، ويحده من الشمال (التنعيم) ومن
الشمال الغربي (الحديبية " الشميسى ") ومن الشمال الشرقي
(ثنية جبل المقطع) ومن الشرق (طرف عرفة من بطن نمرة)
ومن الجنوب الشرقي (الجعرانة) ومن الجنوب الغربي
(إضاءة لبن).
تذييل: للمدينة المنورة أيضا حرم، ومن حدوده جبلا
(عائر) و (وعير) وحرتا (وأقم) و (ليلى)، وهو وإن كان لا
يجب الاحرام له، إلا أنه لا يجوز قطع شجره ولا سيما
الرطب منه إلا ما تقدم استثناؤه في الحرم المكي كما يحرم
صيده مطلقا على الأحوط.
142

محل التكفير
مسألة 283: إذا وجبت على المحرم كفارة دم لأجل
الصيد في العمرة المفردة فمحل ذبحها مكة المكرمة، وإذا كان
الصيد في إحرام الحج فمحل ذبح الكفارة منى، وهكذا
الحال لو وجبت الكفارة على المحرم بسبب غير الصيد على
الأحوط.
مسألة 284: إذا وجبت الكفارة على المحرم بسبب
الصيد أو غيره فلم يذبحها في مكة أو منى لعذر أو بدونه
حتى رجع، جاز له ذبحها أين شاء على الأظهر.
143

مصرف الكفارة
الكفارات التي تلزم المحرم يجب أن يتصدق بها على
الفقراء والمساكين، والأحوط أن لا يأكل منها المكفر نفسه،
ولو فعل ذلك فالأحوط أن يتصدق بثمن المأكول على
الفقراء.
الطواف
الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتع.
ويفسد الحج بتركه عمدا سواء أكان عالما بالحكم أم كان
جاهلا به، وعلى الجاهل كفارة بدنة على الأحوط، ويتحقق
الترك بالتأخير إلى زمان لا يمكنه إتمام أعمال العمرة قبل
زوال الشمس من يوم عرفة.
ثم إنه إذا بطلت العمرة بطل إحرامه أيضا على الأظهر،
ولا يجزئ العدول بها إلى حج الافراد وإن كان ذلك أحوط،
بأن يأتي بأعمال حج الافراد رجاءا، بل الأحوط أن يأتي
بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو التقصير منها بقصد
الأعم من حج الافراد والعمرة المفردة.
144

شرائط الطواف
يشترط في الطواف أمور:
الأول: النية، بأن يقصد الطواف متعبدا به بإضافته إلى
الله تعالى إضافة تذللية مع تعيين المنوي كما مر في نية
الاحرام.
الثاني: الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، فلو طاف
المحدث عمدا أو جهلا أو نسيانا لم يصح طوافه.
مسألة 285: إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة
صور:
الأولى: أن يكون ذلك قبل إتمام الشوط الرابع، ففي
هذه الصورة يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة، حتى
فيما إذا كان صدور الحدث بعد بلوغ النصف على الأظهر.
الثانية: أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن
دون اختياره، ففي هذه الصورة يقطع طوافه ويتطهر،
145

ويتمه من حيث قطعه.
الثالثة: أن يكون الحدث بعد تمام الشوط الرابع مع
صدور الحدث منه بالاختيار، والأحوط في هذه الصورة أن
يتم طوافه بعد الطهارة من حيث قطع، ثم يعيده.
مسألة 286: إذا شك في الطهارة قبل الشروع في
الطواف، فإن علم أن الحالة السابقة كانت هي الطهارة،
وكان الشك في صدور الحدث بعدها لم يعتن بالشك، وإلا
وجبت عليه الطهارة قبل الطواف.
وإذا شك في الطهارة في الأثناء، فإن كانت الحالة
السابقة هي الطهارة فحكمه ما تقدم، وإلا فإن كان الشك
قبل تمام الشوط الرابع تطهر ثم استأنف الطواف، وإن كان
الشك بعده أتمه بعد تجديد الطهارة.
مسألة 287: إذا شك في الطهارة بعد الفراغ من
الطواف لم يعتن بالشك، وإن كانت الإعادة أحوط، ولكن
تجب الطهارة لصلاة الطواف.
مسألة 288: إذا لم يتمكن المكلف من الوضوء لعذر،
146

فمع اليأس من زواله يتيمم ويأتي بالطواف، وإذا لم يتمكن
من التيمم أيضا جرى عليه حكم من لم يتمكن من أصل
الطواف، فإذا حصل له اليأس من التمكن لزمته الاستنابة
للطواف، والأحوط الأولى أن يأتي هو أيضا بالطواف من
غير طهارة.
مسألة 289: يجب على الحائض والنفساء بعد انقضاء
أيامهما - وعلى المجنب الاغتسال للطواف، ومع تعذر
الاغتسال واليأس من التمكن منه يجب الطواف مع
التيمم، والأحوط الأولى حينئذ الاستنابة أيضا، ومع تعذر
التيمم واليأس من التمكن منه تتعين الاستنابة.
مسألة 290: إذا حاضت المرأة في عمرة التمتع حين
الاحرام أو قبله أو بعده قبل الشروع في الطواف، فإن وسع
الوقت لأداء أعمالها قبل موعد الحج صبرت إلى أن تطهر
فتغتسل وتأتي بأعمالها، وإن لم يسع الوقت لذلك فللمسألة
صورتان:
الأولى: أن يكون حيضها حين إحرامها أو قبل أن
147

تحرم، ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الافراد، وبعد
الفراغ من الحج تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكنت منها.
الثانية: أن يكون حيضها بعد الاحرام، ففي هذه
الصورة الأحوط أن تعدل إلى حج الافراد أيضا كما في
الصورة الأولى، وإن كان الظاهر أنه يجوز لها الابقاء على
عمرتها بأن تأتي بأعمالها من دون الطواف وصلاته، فتسعى
وتقصر ثم محرم للحج، وبعد ما ترجع إلى مكة بعد الفراغ
من أعمال منى تقضي طواف العمرة وصلاته قبل طواف
الحج.
وإذا تيقنت المرأة ببقاء حيضها وعدم تمكنها من الطواف
حتى بعد رجوعها من منى، ولو لعدم صبر الرفقة،
استنابت لطوافها وصلاته، ثم أتت بالسعي بنفسها.
مسألة 291: إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها، فإن
كان طروء الحيض قبل تمام الشوط الرابع بطل طوافها وكان
حكمها ما تقدم في المسألة السابقة، وإذا كان بعده صح ما
أتت به، ووجب عليها إتمامه بعد الطهر والاغتسال،
148

والأحوط الأولى إعادته بعد الاتمام أيضا.
هذا فيما إذا وسع الوقت، وإلا سعت وقصرت وأحرمت
للحج، ولزمها الاتيان بقضاء ما بقي من طوافها بعد
الرجوع من منى وقبل طواف الحج على النحو الذي
ذكرناه.
مسألة 292: إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف
وقبل الاتيان بصلاة الطواف، صح طوافها وأتت بالصلاة
بعد طهرها واغتسالها، وإن ضاق الوقت سعت وقصرت
وقضت الصلاة قبل طواف الحج.
مسألة 293: إذا طافت المرأة وصلت ثم شعرت
بالحيض ولم تدر أنه قبل الطواف أو في أثنائه، أو قبل
الصلاة أو في أثنائها، أو أنه حدث بعد الصلاة بنت على
صحة الطواف والصلاة.
وإذا علمت أن حدوثه كان قبل الصلاة أو في أثنائها
جرى عليها ما تقدم في المسألة السابقة.
مسألة 294: إذا أحرمت المرأة لعمرة التمتع وكانت
149

متمكنة من أداء أعمالها، وعلمت أنها لا تتمكن منه بعد
ذلك لطروء الحيض عليها وضيق الوقت، ومع ذلك لم تأت
بها حتى حاضت وضاق الوقت عن أدائها قبل موعد الحج،
فالظاهر فساد عمرتها، ويجري عليها ما تقدم في أول
الطواف.
مسألة 295: الطواف المندوب لا تعتبر فيه الطهارة عن
الحدث الأصغر وكذا عن الحدث الأكبر على المشهور، وأما
صلاته فلا تصح إلا عن طهارة.
مسألة 296: المعذور يكتفي بطهارته العذرية،
كالمجبور والمسلوس والمبطون، وإن كان الأحوط للمبطون
أن يجمع مع التمكن بين الاتيان بالطواف وركعتيه بنفسه
وبين الاستنابة لهما.
وأما المستحاضة فالأحوط لها أن تتوضأ لكل من
الطواف وصلاته إن كانت الاستحاضة قليلة، وأن تغتسل
غسلا واحدا لهما وتتوضأ لكل منهما إن كانت الاستحاضة
متوسطة، وأما الكثيرة فتغتسل لكل منهما من دون حاجة إلى
150

الوضوء إن لم تكن محدثة بالأصغر، وإلا فالأحوط الأولى
ضم الوضوء إلى الغسل.
الثالث من الأمور المعتبرة في الطواف: الطهارة من
الخبث، فلا يصح الطواف مع نجاسة البدن أو اللباس،
والدم الأقل من الدراهم المعفو عنه في الصلاة لا يكون
معفوا عنه في الطواف على الأحوط، وكذا نجاسة ما لا تتم
الصلاة فيه، نعم لا بأس بحمل المتنجس حال الطواف
مطلقا.
مسألة 297: لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس بدم
القروح أو الجروح قبل البرء إذا كان التطهير أو التبديل
حرجيا، وإلا وجبت إزالتها على الأحوط، وكذا لا بأس
بكل نجاسة في البدن أو الثياب في حال الاضطرار.
مسألة 298: إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم علم
بها بعد الفراغ من الطواف صح طوافه، فلا حاجة إلى
إعادته، وكذلك تصح صلاة الطواف إذا لم يعلم بالنجاسة
إلى أن فرغ منها إذا لم يكن شاكا في وجودها قبل الصلاة،
151

أو شك ففحص ولم يحصل له العلم بها، وأما الشاك غير
المتفحص إذا وجدها بعد الصلاة فتجب عليه الإعادة على
الأحوط وجوبا.
مسألة 299: إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم تذكرها
بعد طوافه صح طوافه على الأظهر، وإن كانت إعادته
أحوط، وإذا تذكرها بعد صلاة الطواف أعادها على
الأحوط إذا كان نسيانه ناشئا عن إهماله، وإلا فلا حاجة إلى
الإعادة على الأظهر.
مسألة 300: إذا علم بنجاسة بدنه أو ثيابه أثناء
الطواف، أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه منه، فإن تمكن
من إزالتها من دون الاخلال بالموالاة العرفية ولو بنزع
الثوب إذا لم يناف الستر المعتبر حال الطواف، أو بتبديله
بثوب طاهر مكانه إن تيسر ذلك أتم طوافه بعد الإزالة ولا
شئ عليه، وإلا فالأحوط إتمام الطواف وإعادته بعد إزالة
النجاسة إذا كان العلم بها أو طروؤها عليه قبل إكمال
الشوط الرابع، وإن كان الظاهر عدم وجوب الإعادة
152

مطلقا.
الرابع: الختان للرجال، والأحوط بل الأظهر
اعتباره في الصبي المميز أيضا، وأما الصبي غير المميز الذي
يطوفه وليه فاعتبار الختان في طوافه غير ظاهر وإن كان
الاعتبار أحوط.
مسألة 301: إذا طاف المحرم غير مختون بالغا كان أو
صبيا مميزا فلا يجتزئ بطوافه فإن لم يعده مختونا فهو كتارك
الطواف مطلقا على الأحوط، فيجزي فيه ماله من الأحكام الآتية.
مسألة 302: إذا استطاع المكلف وهو غير مختون، فإن
أمكنه الختان والحج في سنة الاستطاعة فلا إشكال، وإلا
أخر الحج حتى يختتن.
فإن لم يمكنه الختان أصلا لضرر أو حرج أو نحو ذلك لم
يسقط الحج عنه، لكن الأحوط أن يطوف بنفسه في عمرته
وحجه ويستنيب أيضا من يطوف عنه، ويصلي هو صلاة
الطواف بعد طواف النائب.
153

الخامس: ستر العورة حال الطواف بالحدود المعتبرة في
الصلاة على الأحوط، والأولى بل الأحوط رعاية جميع
شرائط لباس المصلي في الساتر، بل مطلق لباس الطائف.
واجبات الطواف
تعتبر في الطواف أمور ثمانية:
الأول والثاني: الابتداء من الحجر الأسود والانتهاء به
في كل شوط، والظاهر حصول ذلك بالشروع من أي جزء
منه والختم بذلك الجزء، وإن كان الأحوط أن يمر بجميع
بدنه على جميع الحجر في البدأ والختام.
ويكفي في تحقق الاحتياط أن يقف في الشوط الأول
دون الحجر بقليل، وينوي الطواف من الموضع الذي
تتحقق فيه المحاذاة المعتبرة واقعا، ثم يستمر في الدوران
سبعة أشواط، وليتجاوز الحجر في نهاية الشوط الأخير
قليلا، قاصدا ختم الطواف في موضع تحقق المحاذاة المعتبرة
154

في الواقع أيضا، وبذلك يعلم بتحقق الابتداء والاختتام
بالحجر الواجبين عليه واقعا.
الثالث: جعل الكعبة على يساره في جميع أحوال
الطواف، فإذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الأركان أو
لغيره، أو ألجأه الزحام إلى استقبال الكعبة أو استدبارها أو
جعلها على اليمين، فذلك المقدار لا يعد من الطواف.
والظاهر أن العبرة في جعل الكعبة على اليسار بالصدق
العرفي كما يظهر ذلك من طواف النبي صلى الله عليه وآله
وسلم راكبا، ولا حاجة إلى المداقة في ذلك بتحريف البدن
عند فتحتي حجر إسماعيل وعند الأركان الأربعة.
الرابع: إدخال حجر إسماعيل في المطاف، بمعنى أن
يطوف خارج الحجر، لا من داخله ولا على جداره.
الخامس: خروج الطائف عن الكعبة وعن الصفة التي
في أطرافها المسماة ب‍ (شاذروان).
السادس: أن يطوف بالبيت سبع مرات، ولا يجزئ
الأقل من السبع، ويبطل الطواف بالزيادة على السبع عمدا
155

كما سيأتي.
السابع: أن تكون الأشواط السبعة متواليات عرفا،
بأن يتابع بينها من دون فصل كثير، ويستثنى من ذلك موارد
ستأتي إن شاء الله في المسائل الآتية.
الثامن: أن تكون حركة الطائف حول الكعبة المعظمة
بإرادته واختياره، فلو سلب الاختيار في الأثناء لشدة الزحام
ونحوها فطاف بلا اختيار منه لم يجتزئ به ولزمه تداركه.
مسألة 303: اعتبر المشهور في الطواف أن يكون بين
الكعبة ومقام إبراهيم عليه السلام، ويقدر هذا الفاصل
بستة وعشرين ذراعا ونصف ذراع (أي ما يقارب 12 مترا)
وبما أن حجر إسماعيل داخل في المطاف فمحل الطواف من
جانب الحجر لا يتجاوز ستة أذرع ونصف ذراع (أي ما
يقارب 3 أمتار).
ولكن لا يبعد جواز الطواف على كراهة في الزائد على
هذا المقدار أيضا. ولا سيما لمن لا يقدر على الطواف في الحد
المذكور، أو أنه حرج عليه، ورعاية الاحتياط مع التمكن
156

أولى.
الخروج عن المطاف
مسألة 304: إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل
الكعبة بطل طوافه ولزمته الإعادة، والأولى إتمام الطواف ثم
إعادته إذا كان الخروج بعد تجاوز النصف.
مسألة 305: إذا تجاوز عن مطافه إلى (الشاذروان) بطل
طوافه بالنسبة إلى المقدار الخارج عن المطاف فيلزم تداركه،
والأحوط الأولى إعادة الطواف بعد تدارك ذلك المقدار
وإتمامه.
كما أن الأحوط الأولى أن لا يمد الطائف يده حال طوافه
إلى جدار الكعبة لاستلام الأركان أو غيره.
مسألة 306: إذا اختصر الطائف حجر إسماعيل في
طوافه ولو جهلا أو نسيانا بطل الشوط الذي وقع ذلك
157

فيه، فلا بد من إعادته، والأحوط الأولى إعادة الطواف بعد
إتمامه أيضا، وفي حكم اختصار الحجر الطواف على حائطه
على الأحوط، والأحوط الأولى أن لا يضع الطائف يده على
حائط الحجر حال الطواف.
قطع الطواف ونقصانه
مسألة 307: يجوز قطع طواف النافلة عمدا، وكذا
يجوز قطع طواف الفريضة لحاجة أو ضرورة، بل مطلقا على الأظهر.
مسألة 308: إذا قطع الطائف طوافه اعتباطا، فإن كان
ذلك قبل إتمام الشوط الرابع بطل، ولزمته إعادته، وإذا كان
بعد تمام الشوط الرابع فالأحوط إكمال الطواف ثم الإعادة.
هذا في طواف الفريضة، وأما في النافلة فيجوز البناء
على ما أتى به وتكميل الطواف من محل القطع مطلقا ما لم
تفته الموالاة العرفية.
158

مسألة 309: إذا حاضت المرأة أثناء طوافها وجب عليها
قطعه والخروج من المسجد الحرام فورا، وقد مر حكم
طوافها في المسألة 291.
كما مر حكم قطع الطواف وإتمامه إذا أحدث الطائف
أثناءه أو التفت إلى نجاسة بدنه أو ثيابه قبل الفراغ منه في
المسألة 285 و 300.
مسألة 310: إذا قطع طوافه لمرض ألجأه إلى ذلك أو
لقضاء حاجة لنفسه أو لأحد إخوانه المؤمنين، فإن كان ذلك
قبل تمام الشوط الرابع فالظاهر بطلان الطواف ولزوم
إعادته، وإن كان بعده فالأظهر الصحة، فيتمه من موضع
القطع بعد رجوعه، والأحوط الأولى أن يعيده بعد الاتمام
أيضا، هذا في طواف الفريضة.
وأما في النافلة فيجوز البناء على ما أتى به وإن كان أقل
من أربعة أشواط مطلقا.
مسألة 311: يجوز الجلوس والاستلقاء أثناء الطواف
للاستراحة، ولكن لا بد أن يكون مقداره بحيث لا تفوت به
159

الموالاة العرفية، فإن زاد على ذلك بطل طوافه ولزمه
الاستئناف.
مسألة 312: إذا قطع الطواف لدرك وقت فضيلة
الفريضة أو لدرك صلاة الجماعة أو للاتيان بصلاة النافلة
عند ضيق وقتها أتمه بعد الفراغ من صلاته من موضع
القطع مطلقا، وإن كان الأحوط إعادته بعد الاتمام أيضا
فيما إذا كان القطع في طواف الفريضة قبل تمام الشوط
الرابع.
مسألة 313: إذا نقص من طوافه سهوا فإن تذكره قبل
فوات الموالاة أتى بالباقي وصح طوافه، وأما إذا كان تذكره
بعد فوات الموالاة فإن كان المنسي شوطا أو شوطين أو ثلاثة
أتى به وصح طوافه أيضا.
وإن لم يتمكن من الاتيان به بنفسه ولو لأجل أن
تذكره كان بعد إيابه إلى بلده استناب غيره، وإن كان
المنسي أكثر من ثلاثة أشواط رجع وأتم ما نقص، وأعاد
الطواف بعد الاتمام على الأحوط.
160

الزيادة في الطواف
للزيادة في الطواف خمس صور:
الأولى: أن لا يقصد الطائف جزئية الزائد للطواف
الذي بيده أو لطواف آخر، كما لو قصد الاتيان بشوط آخر
بعد الأشواط السبعة بتوهم استحبابه مثلا، ففي هذه
الصورة لا يبطل الطواف بالزيادة.
الثانية: أن يقصد حين شروعه في الطواف الاتيان
بالزائد على أن يكون جزءا من طوافه الذي بيده، ولا إشكال
في بطلان طوافه حينئذ ولزوم إعادته، وكذا لو بدأ له
القصد المذكور في الأثناء وأتى بالزائد، وإلا ففي بطلان
الأشواط السابقة على قصد الزيادة إشكال.
الثالثة: أن يأتي بالزائد على أن يكون جزءا من طوافه
الذي فرغ منه قبل فوات الموالاة العرفية، بمعنى أن يكون
قصد الجزئية بعد فراغه من الطواف، والأظهر في هذه
161

الصورة أيضا البطلان.
الرابعة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر ويتم
الطواف الثاني، والزيادة في هذه الصورة غير متحققة، فلا
بطلان من جهتها.
نعم، قد يبطل من جهة القران (أي التتابع بين طوافين
بلا فصل بينهما بصلاة الطواف) لأنه غير جائز بين
فريضتين، بل وكذا بين فريضة ونافلة، وأما القران بين
نافلتين فلا بأس به وإن كان مكروها.
الخامسة: أن يقصد حين شروعه في الطواف الاتيان
بالزائد على أن يكون جزءا من طواف آخر، ثم لا يتم
الطواف الثاني أو لا يأتي بشئ منه أصلا، وفي هذه الصورة
لا زيادة ولا قران، إلا أنه مع ذلك قد يبطل الطواف لعدم
تأتي قصد القربة، كما إذا كان قاصدا للقران المحرم مع علمه
ببطلان الطواف به، فإنه لا يتحقق قصد القربة حينئذ وإن
لم يتحقق القران خارجا من باب الاتفاق.
162

مسألة 314: إذا زاد في طوافه سهوا فإن تذكر بعد بلوغ
الركن العراقي أتم الزائد طوافا كاملا، والأحوط أن يكون
ذلك بقصد القربة المطلقة من غير تعيين الوجوب أو
الاستحباب ثم يصلي أربع ركعات، والأفضل، بل
الأحوط أن يفرق بينها بأن يأتي بركعتين قبل السعي لطواف
الفريضة وبركعتين بعده للنافلة.
وهكذا الحال فيما إذا كان تذكره قبل بلوغ الركن العراقي
على الأحوط.
الشك في عدد الأشواط
مسألة 315: إذا شك في عدد الأشواط أو في صحتها
بعد الفراغ من الطواف، أو بعد التجاوز من محله، لم يعتن
بالشك، كما إذا كان شكه بعد فوات الموالاة أو بعد دخوله
في صلاة الطواف.
مسألة 316: إذا تيقن بالسبعة وشك في الزائد كما إذا
احتمل أن يكون الشوط الأخير هو الثامن، لم يعتن بالشك
163

وصح طوافه، إلا أن يكون شكه هذا قبل تمام الشوط
الأخير فإن الأظهر حينئذ بطلان الطواف، والأحوط إتمامه
رجاءا وإعادته.
مسألة 317: إذا شك في نهاية الشوط أو في أثنائه بين
الثلاث والأربع أو بين الخمس والست أو غير ذلك من
صور النقصان، حكم ببطلان طوافه حتى فيما إذا كان شكه
في نهاية الشوط بين الست والسبع على الأحوط.
وكذا يحكم ببطلان الطواف إذا شك في الزيادة
والنقصان معا، كما إذا شك شوطه الأخير هو
السادس أو السابع أو الثامن.
مسألة 318: إذا شك بين السادس والسابع وبنى على
السادس جهلا منه بالحكم وأتم طوافه، ثم استمر جهله إلى
أن فاته زمان التدارك، لم تبعد صحة طوافه.
مسألة 319: يجوز للطائف أن يتكل على إحصاء
صاحبه في حفظ عدد أشواطه إذا كان صاحبه على يقين من
عددها.
164

مسألة 320: إذا شك في الطواف المندوب يبني على
الأقل وصح طوافه.
مسألة 321: إذا ترك الطواف في عمرة التمتع عمدا مع
العلم بالحكم، أو مع الجهل به، ولم يتمكن من تداركه
وإتمام أعمال العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة، بطلت
عمرته، ولو كان جاهلا وجبت عليه كفارة بدنة أيضا على
الأحوط كما تقدم ذلك كله في أول الطواف.
وإذا ترك الطواف في الحج متعمدا سواء كان عالما
بالحكم أم جاهلا به ولم يمكنه التدارك بطل حجه، وإذا
كان ذلك من جهة الجهل بالحكم لزمته كفارة بدنة أيضا.
مسألة 322: إذا ترك الطواف نسيانا، فإن تذكره قبل
فوات الوقت تداركه وأعاد السعي بعده أيضا على الأظهر.
ولو تذكره بعد فوات الوقت، كما لو نسي طواف عمرة
التمتع حتى وقف بعرفات، أو نسي طواف الحج حتى خرج
شهر ذي الحجة وجب عليه قضاؤه ويعيد معه السعي على
الأحوط الأولى.
165

وإذا تذكره في وقت لا يتيسر له القضاء بنفسه، كما إذا
كان تذكره بعد رجوعه إلى بلده وجبت عليه الاستنابة.
مسألة 323: إذا نسي الطواف حتى رجع إلى أهله
وواقع أهله لزمه بعث هدي إلى منى إن كان المنسي طواف
الحج، وإلى مكة إن كان المنسي طواف العمرة، ويكفي في
الهدي أن يكون شاة.
مسألة 324: إذا نسي الطواف وتذكره في زمان يمكنه
القضاء بنفسه، قضاه وإن كان قد أحل من إحرامه من دون
حاجة إلى تجديد الاحرام.
نعم، إذا كان ذلك بعد خروجه من مكة لزمة الاحرام
للعود إليها إلا في الحالات التي تقدم بيانها في المسألة 141.
مسألة 325: لا يحل لناسي الطواف ما كان حله متوقفا
عليه حتى يقضيه بنفسه أو بنائبه.
مسألة 326: إذا لم يتمكن من مباشرة الطواف في الوقت
المحدد له، لمرض أو كسر أو أشباه ذلك حتى مع مساعدة
غيره، وجب أن يطاف به بأن يستعين بشخص آخر ليطوفه
166

ولو بأن يحمله على متنه أو على عربة أو نحوها، والأحوط
الأولى أن يكون بحيث يخط برجليه الأرض، وإذا لم يتمكن
من ذلك أيضا وجب أن يطاف عنه، فيستنيب غيره مع
القدرة على الاستنابة، ولو لم يقدر عليها كالمغمى عليه أتى
به الولي أو غيره عنه.
وهكذا الحال بالنسبة إلى صلاة الطواف، فيأتي المكلف
بها مع التمكن، ويستنيب لها مع عدمه. (وقد تقدم حكم
الحائض والنفساء في شرائط الطواف).
صلاة الطواف
وهي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع.
وهي ركعتان يؤتى بهما عقيب الطواف، وصورتها كصلاة
الفجر، ولكنه مخير في قراءتها بين الجهر والاخفات، ويجب
الاتيان بها قريبا من مقام إبراهيم عليه السلام، والأظهر
لزوم الاتيان بها خلف المقام.
167

فإن لم يتمكن من ذلك فالأحوط أن يجمع بين الصلاة
عنده في أحد جانبيه، وبين الصلاة خلفه بعيدا عنه.
ومع تعذر الجمع كذلك يكتفي بالممكن منهما.
ومع تعذرهما معا يصلي في أي مكان من المسجد مراعيا
للأقرب فالأقرب إلى المقام على الأحوط الأولى.
ولو تيسرت له إعادة الصلاة خلف المقام قريبا منه بعد
ذلك إلى أن يضيق وقت السعي أعادها على الأحوط
الأولى.
هذا في الطواف الفريضة، وأما في الطواف المستحب
فيجوز الاتيان بصلاته في أي موضع من المسجد اختيارا.
مسألة 327: من ترك صلاة الطواف عالما عامدا بطل
حجة على الأحوط.
مسألة 328: الأحوط المبادرة إلى الصلاة بعد الطواف،
بمعنى أن لا يفصل بين الطواف والصلاة عرفا.
مسألة 329: إذا نسي صلاة الطواف وذكرها بعد
الاتيان بالأعمال المترتبة عليها كالسعي أتى بها ولم تجب
168

إعادة تلك الأعمال بعدها وإن كانت الإعادة أحوط.
نعم، إذا ذكرها في أثناء السعي قطعه وأتى بالصلاة
خلف المقام، ثم رجع وأتم السعي حيثما قطع.
وإذا ذكرها بعد خروجه من مكة فالأحوط له الرجوع
والآتيان بها في محلها إذا لم يستلزم ذلك مشقة، وإلا أتى بها
في أي موضع ذكرها فيه، ولا يجب عليه الرجوع لأدائها في
الحرم وإن كان متمكنا من ذلك.
وحكم التارك لصلاة الطواف جهلا حكم الناسي، ولا
فرق في الجاهل بين القاصر والمقصر.
مسألة 330: إذا مات الشخص وعليه صلاة الطواف
فالأحوط وجوبا أن يقضيها عنه ولده الأكبر مع توفر
الشرائط المذكورة في باب قضاء الصلوات.
مسألة 331: إذا كان في قراءة المصلي لحن فإن لم يكن
متمكنا من تصحيحها أجزأه قراءة الحمد على الوجه
الملحون، إذا كان يحسن منها مقدارا معتدا به، وإلا
فالأحوط أن يضم إلى قراءته ملحونة قراءة شئ يحسنه من
169

سائر القرآن، وإلا فالتسبيح.
وإذا ضاق الوقت عن تعلم جميعه فإن تعلم بعضه
بمقدار معتد به قرأه، وإن لم يتعلم بعضه أيضا قرأ من سائر
القرآن بمقدار يصدق عليه (قراءة القرآن) عرفا، وإن لم
يعرف أجزأه أن يسبح.
هذا في الحمد، وأما السورة فالظاهر سقوطها عن
الجاهل بها مع العجز عن التعلم.
ثم إن ما ذكر حكم كل من لم يتمكن من القراءة
الصحيحة وإن كان ذلك بسوء اختياره.
نعم، الأحوط الأولى في هذا الفرض أن يجمع بين
الاتيان بالصلاة على الوجه المتقدم والآتيان بها جماعة
والاستنابة لها.
مسألة 332: إذا كان جاهلا باللحن في قراءته وكان
معذورا في جهله صحت صلاته، ولا حاجة إلى الإعادة
وإن علم بذلك بعد الصلاة.
وأما إذا لم يكن معذورا فاللازم عليه إعادتها بعد
170

التصحيح، ويجزي عليه حكم تارك صلاة الطواف نسيانا.
السعي
وهو الرابع من واجبات عمرة التمتع.
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، ولا يعتبر فيه ستر
العورة، ولا الطهارة من الحدث أو الخبث، والأولى رعاية
الطهارة فيه.
مسألة 333: محل السعي إنما هو بعد الطواف وصلاته،
فلو قدمه على الطواف أو على صلاته وجبت عليه الإعادة
بعدهما، وقد تقدم حكم من نسي الطواف وتذكره بعد
سعيه.
مسألة 334: يعتبر في نية السعي التعيين، بأن يأتي به
للعمرة إن كان في العمرة، وللحج إن كان في الحج.
مسألة 335: السعي سبعة أشواط، يبتدئ الشوط
الأول من الصفا وينتهي بالمروة، والشوط الثاني على
171

ذلك، والشوط الثالث مثل الأول، وهكذا إلى أن يتم
السعي في الشوط السابع بالمروة.
ويعتبر فيه استيعاب تمام المسافة الواقعة بين الجبلين في
كل شوط، ولا يجب الصعود عليهما وإن كان ذلك أولى
وأحوط.
والأحوط مراعاة الاستيعاب الحقيقي بأن يبدأ الشوط
الأول مثلا من أول جزء من الصفا ثم يذهب إلى أن يصل
إلى أول جزء من المروة، وهكذا.
مسألة 336: لو بدأ بالمروة قبل الصفا ولو سهوا ألغى ما
أتى به واستأنف السعي من الأول.
مسألة 337: لا يعتبر في السعي أن يكون ماشيا،
فيجوز السعي راكبا على حيوان أو غيره، ولكن المشي
أفضل.
مسألة 338: يعتبر في السعي أن يكون ذهابه وإيابه
فيما بين الصفا والمروة من الطريق المتعارف فلا يجزئ
الذهاب أو الإياب من المسجد الحرام أو أي طريق آخر.
172

نعم لا يعتبر أن يكون ذهابه وإيابه بالخط المستقيم.
مسألة 339: يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها،
كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إليه، فلو
استدبر المروة عند الذهاب إليها أو استدبر الصفا عند
الإياب من المروة لم يجزئه ذلك، ولا بأس بالالتفات بصفحة
الوجه إلى اليمين واليسار أو الخلف عند الذهاب أو
الإياب.
مسألة 340: الأحوط مراعاة الموالاة العرفية في السعي
كالطواف، نعم لا بأس بالجلوس في أثنائه على الصفا أو
المروة أو فيما بينهما للاستراحة، وإن كان الأحوط ترك
الجلوس فيما بينهما إلا لمن جهد.
كما لا بأس بقطعه لدرك وقت فضيلة الفريضة ثم البناء
عليه من موضع القطع بعد الفراغ منها.
ويجوز أيضا قطع السعي لحاجة، بل مطلقا، ولكن
الأحوط مع فوات الموالاة أن يجمع بين تكميله
وإعادته.
173

أحكام السعي
السعي من أركان الحج، فمن تركه عمدا عالما بالحكم
أو جاهلا به أو بالموضوع إلى زمان لا يمكنه إتمام أعمال
العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفة بطل حجه، وكان
حكمه حكم من ترك الطواف كذلك، وقد تقدم في أول
الطواف.
مسألة 341: لو ترك السعي نسيانا أتى به متى ما ذكره
وإن كان تذكره بعد فراغه من أعمال الحج، ولو لم يتمكن
منه مباشرة، أو كان فيها حرج ومشقة استناب غيره، ويصح
حجه في كلتا الصورتين.
مسألة 342: من لم يتمكن من مباشرة السعي في الوقت
المحدد له ولو بمساعدة شخص آخر، وجب أن يستعين
بغيره ليسعى به، ولو بأن يحمله على متنه أو على عربة أو
نحوها، وإن لم يتمكن من هذا أيضا استناب غيره، ومع
174

عدم القدرة على الاستنابة كالمغمى عليه يسعى عنه وليه أو
غيره ويصح حجه.
مسألة 343: الأحوط المبادرة إلى السعي بعد الفراغ من
الطواف وصلاته، وإن كان الظاهر جواز تأخيره إلى الليل
لرفع التعب أو للتخفيف من شدة الحر، بل مطلقا على
الأقوى، نعم لا يجوز تأخيره إلى الغد في حال الاختيار.
مسألة 344: حكم الزيادة في السعي حكم الزيادة في
الطواف، فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم وعمد
على ما تقدم في الطواف.
نعم، إذا كان جاهلا بالحكم فالأظهر عدم بطلان
السعي بالزيادة وإن كانت الإعادة أحوط.
مسألة 345: إذا زاد في سعيه خطأ صح سعيه، ولكن
الزائد إذا كان شوطا أو أزيد يستحب له أن يكمله سبعة
أشواط ليكون سعيا كاملا غير سعيه الأول، فيكون انتهاؤه
إلى الصفا.
مسألة 346: إذا نقص من أشواط السعي عامدا عالما
175

بالحكم أو جاهلا به فحكمه حكم من ترك السعي كذلك
وقد تقدم.
وأما إذا كان النقص نسيانا فيجب عليه تدارك المنسي
متى ما تذكر سواء كان شوطا واحد أم أزيد على الأظهر.
ولو كان تذكره بعد مضي وقته بأن تذكر وقوع النقص
في سعي عمرة التمتع وهو بعرفات، أو التفت إلى وقوع
النقص في سعي الحج بعد مضي شهر ذي الحجة
فالأحوط أن يعيد السعي بعد التدارك، وإذا لم يتمكن منه
مباشرة أو كان فيه حرج عليه استناب غيره، والأحوط أن
يجمع النائب بين تدارك الأشواط المنسية وإعادة السعي.
مسألة 347: إذا نقص شيئا من السعي في عمرة التمتع
نسيانا فأحل لاعتقاد الفراغ من السعي فالأحوط لزوم
التكفير عن ذلك ببقرة، ويلزمه اتمام السعي على النحو
الذي ذكرناه.
176

الشك في السعي
لا اعتبار بالشك في عدد أشواط السعي أو في صحتها
بعد التجاوز عن محله، كما لو كان الشك فيه في عمرة
التمتع بعد التقصير أو في الحج بعد الشروع في طواف
النساء.
ولو شك في عدد الأشواط بعد الانصراف من السعي،
فإن كان شكه في الزيادة بنى على الصحة، وإن كان شكه
في النقيصة وكان ذلك قبل فوات الموالاة بطل سعيه، وكذا
إذا كان بعده على الأحوط.
مسألة 348: إذا شك في الزيادة في نهاية الشوط، كما
لو شك وهو على المروة في أن شوطه الأخير كان هو السابع
أو هو التاسع فلا اعتبار بشكه ويصح سعيه، وإذا كان هذا
الشك أثناء الشوط بطل سعيه ووجب عليه الاستئناف.
مسألة 349: حكم الشك في عدد الأشواط في أثناء
177

السعي حكم الشك في عدد أشواط الطواف في أثنائه،
فيبطل السعي به مطلقا.
التقصير
وهو الواجب الخامس في عمرة التمتع.
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص ويتحقق بقص شعر
الرأس أو اللحية أو الشارب، ولا يكفي فيه النتف بدلا عن
القص على الأظهر، والمشهور تحققه بأخذ شئ من ظفر
اليد أو الرجل أيضا، ولكن الأحوط عدم الاكتفاء به وتأخير
الاتيان به عن الأخذ من الشعر.
مسألة 350: يتعين التقصير في إحلال عمرة التمتع ولا
يجزئ عنه حلق الرأس، بل يحرم الحلق عليه، وإذا حلق
لزمه التكفير عنه بشاة إذا كان عالما عامدا، بل مطلقا على
الأحوط الأولى.
مسألة 351: إذا جامع بعد السعي وقبل التقصير،
178

فإن كان عالما عامدا فعليه كفارة بدنة كما تقدم في تروك
الاحرام وإن كان جاهلا فلا شئ عليه على الأظهر.
مسألة 352: محل التقصير بعد السعي، فلا يجوز الاتيان
به قبل الفراغ منه.
مسألة 353: لا تجب المبادرة إلى التقصير بعد السعي،
ويجوز فعله في أي محل شاء، سواء كان في المسعى أم في
منزله أم في غيرهما.
مسألة 354: إذا ترك التقصير عمدا فأحرم للحج،
فالظاهر بطلان عمرته وانقلاب حجه إلى الافراد، فيأتي
بعمرة مفردة بعده إن تمكن، والأحوط إعادة الحج في سنة
أخرى أيضا.
مسألة 355: إذا ترك التقصير نسيانا فأحرم للحج
صحت عمرته وصح إحرامه، والأحوط الأولى التكفير عن
ذلك بشاة.
مسألة 356: إذا قصر المحرم في عمرة التمتع حل له
جميع ما كان يحرم عليه من جهة إحرامه حتى الحلق على
179

الأظهر، وإن كان الأحوط تركه بعد مضي ثلاثين يوما من
يوم عيد الفطر، ولو فعله عن علم وعمد فالأحوط الأولى
التكفير عنه بدم.
مسألة 357: لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع،
ولا بأس بالاتيان به رجاءا.
إحرام الحج
تقدم في الصفحة (70) أن واجبات الحج ثلاثة عشر،
ذكرناها مجملة، وإليك تفصيلها:
الأول: الاحرام، وأفضل أوقاته يوم التروية عند
الزوال، ويجوز التقديم عليه للشيخ الكبير والمريض إذا
خافا من الزحام فيحرمان ويخرجان قبل خروج الناس، كما
يجوز التقديم لمن له تقديم طواف الحج على الوقوفين كالمرأة
التي تخاف الحيض.
وقد تقدم جواز الخروج من مكة محرما بالحج لحاجة بعد
180

الفراغ من عمرة التمتع في أي وقت كان.
ويجوز التقديم في غير ما ذكر أيضا بثلاثة أيام، بل بأكثر
على الأظهر.
مسألة 358: كما لا يجوز للمعتمر عمرة التمتع أن يحرم
للحج قبل التقصير، كذلك لا يجوز للحاج أن يحرم للعمرة
المفردة قبل أن يحل من إحرامه وإن لم يبق عليه سوى طواف
النساء على الأحوط.
مسألة 359: من يتمكن من إدراك الوقوف بعرفات يوم
عرفة في تمام الوقت الاختياري لا يجوز له تأخير الاحرام
إلى زمان يفوت منه ذلك.
مسألة 360: يتحد إحرام الحج وإحرام العمرة في كيفيته
وواجباته ومحرماته، والاختلاف بينهما إنما هو في النية فقط.
مسألة 361: يجب الاحرام من مكة المكرمة كما تقدم
في بحث المواقيت وأفضل مواضعها المسجد الحرام،
ويستحب الاتيان به بعد صلاة ركعتين في مقام إبراهيم
أو في حجر إسماعيل عليهما السلام.
181

مسألة 362: من ترك الاحرام نسيانا أو جهلا منه
بالحكم إلى أن خرج من مكة، ثم تذكر أو علم بالحكم
وجب عليه الرجوع إلى مكة ولو من عرفات والاحرام
منها، فإن لم يتمكن من الرجوع، لضيق الوقت أو لعذر
آخر، يحرم من الموضع الذي هو فيه.
وكذلك لو تذكر أو علم بالحكم بعد الوقوف بعرفات وإن
تمكن من العود إلى مكة والاحرام منها.
ولو لم يتذكر أو لم يعلم بالحكم إلى أن فرغ من الحج صح
حجه.
مسألة 363: من ترك الاحرام عالما حتى فاته
الوقوف الاختياري بعرفات بسبب ذلك فسد حجه، ولو
تداركه قبل أن يفوته الوقوف الركني لم يفسد وإن كان آثما.
مسألة 364: الأحوط أن لا يطوف المتمتع بعد إحرام
الحج قبل الخروج إلى عرفات طوافا مندوبا، فلو طاف جدد
التلبية بعد الطواف على الأحوط الأولى.
182

الوقوف بعرفات
الثاني من واجبات حج التمتع: الوقوف بعرفات بقصد
القربة والخلوص، والمراد بالوقوف هو الحضور بعرفات من
دون فرق بين أن يكون راكبا أو راجلا ساكنا أو متحركا.
مسألة 365: حد عرفات من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى
ذي المجاز، ومن المأزمين إلى أقصى الموقف، وهذه حدود
عرفات وهي خارجة عن الموقف.
مسألة 366: الظاهر أن جبل الرحمة موقف، ولكن
الأفضل الوقوف على الأرض في السفح من ميسرة الجبل.
مسألة 367: يعتبر في الوقوف أن يكون عن قصد، ولو
قصد الوقوف في أول الوقت مثلا ثم نام أو غشي عليه
إلى آخره كفى، ولو نام أو غشي عليه في جميع الوقت غير
مسبوق بالقصد لم يتحقق منه الوقوف، وإن كان مسبوقا به
ففيه إشكال.
183

مسألة 368: يجب الوقوف بعرفات في اليوم التاسع من
ذي الحجة مستوعبا من أول الزوال على الأحوط إلى
الغروب، والأظهر جواز تأخيره عن الزوال بمقدار الاتيان
بالغسل وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعا.
والوقوف في تمام هذا الوقت وإن كان واجبا يأثم المكلف
بتركه اختيارا، إلا أنه ليس من الأركان، بمعنى أن من ترك
الوقوف في مقدار من هذا الوقت لا يفسد حجه.
نعم، لو ترك الوقوف رأسا باختياره فسد حجه، فما هو
الركن من الوقوف هو الوقوف في الجملة.
مسألة 369: من لم يدرك الوقوف الاختياري بعرفات
(الوقوف في النهار) لنسيان أو لجهل يعذر فيه، أو لغيرهما من
الأعذار، لزمه الوقوف الاضطراري فيه (الوقوف برهة من
ليلة العيد) وصح حجه، فإن تركه متعمدا فسد حجه.
هذا إذا أمكنه إدراك الوقوف الاضطراري على وجه لا
يفوت معه الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس، وأما مع
خوف فوته في الوقت المذكور بسبب ذلك فيجب الاقتصار
184

على الوقوف بالمشعر ويصح حجه.
مسألة 370: تحرم الإفاضة من عرفات قبل غروب
الشمس عالما عامدا، لكنها لا تفسد الحج، فإذا رجع إلى
عرفات فلا شئ عليه، وإلا كانت عليه كفارة بدنة ينحرها
يوم النحر، والأحوط أن يكون بمنى دون مكة، فإن لم
يتمكن منها صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو عند
أهله، والأحوط الأولى أن تكون متواليات.
ويجزي هذا الحكم في من أفاض من عرفات نسيانا أو
جهلا منه بالحكم، فيجب عليه الرجوع بعد العلم أو
التذكر، فإن لم يرجع حينئذ فعليه الكفارة على الأحوط.
مسألة 371: إن جملة من مناسك الحج كالوقوف في
عرفات وفي المزدلفة ورمي الجمار والمبيت بمنى، بما أن لها
أياما وليالي خاصة من شهر ذي الحجة الحرام، فوظيفة
المكلف أن يتحرى عن رؤية هلال هذا الشهر ليتسنى له
الاتيان بمناسك حجه في أوقاتها.
وإذا ثبت الهلال عند قاضي الديار المقدسة، وحكم على
185

طبقه، وفرض مخالفته للموازين الشرعية، فقد يقال بحجية
حكمه في حق من يحتمل مطابقته مع الواقع، فيلزمه متابعته
وترتيب آثار ثبوت الهلال فيما يرتبط بمناسك حجه من
الوقوفين وغيرهما.
فإذا فعل ذلك حكم بصحة حجه وإلا كان محكوما
بالفساد.
بل قد يقال بالاجتزاء بمتابعة حكمه حتى فيما لم يحتمل
مطابقته مع الواقع في خصوص ما تقتضي التقية الجري على
وفقه.
ولكن كلا القولين في غاية الاشكال، وعلى هذا فإن
تيسر للمكلف أداء أعمال الحج في أوقاتها الخاصة حسبما
تقتضيه الطرق المقررة لثبوت الهلال وأتى بها صح حجه
مطلقا على الأظهر.
وإن لم يأت بها كذلك ولو لعذر فإن ترك أيضا اتباع
رأي القاضي في الوقوفين فلا شك في فساد حجه، وأما مع
اتباعه ففي صحة حجه إشكال.
186

الوقوف في المزدلفة
وهو الثالث من واجبات حج التمتع.
والمزدلفة اسم لمكان يقال له: المشعر الحرام، وحد
الموقف من المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر.
وهذه كلها حدود المشعر وليست بموقف إلا عند الزحام
وضيق الموقف، فإنه يجوز حينئذ الارتفاع إلى المأزمين.
مسألة 372: يجب على الحاج بعد الإفاضة من
عرفات أن يبيت شطرا من ليلة العيد بمزدلفة حتى يصبح
بها، والأحوط أن يبقى فيها إلى طلوع الشمس، وإن كان
الأظهر جواز الإفاضة منها إلى وادي محسر قبل الطلوع
بقليل.
نعم، لا يجوز تجاوز الوادي إلى منى قبل أن تطلع
الشمس.
مسألة 373: الوقوف في تمام الوقت المذكور وإن كان
واجبا في حال الاختيار إلا أن الركن منه هو الوقوف في
187

الجملة.
فإذا وقف بالمزدلفة مقدارا من ليلة العيد ثم أفاض قبل
طلوع الفجر صح حجه على الأظهر وعليه كفارة شاة إن
كان عالما، وإن كان جاهلا فلا شئ عليه.
وإذا وقف مقدارا مما بين الطلوعين ولم يقف الباقي ولو
متعمدا صح حجه أيضا ولا كفارة عليه وإن كان آثما.
مسألة 374: يستثنى من وجوب الوقوف بالمزدلفة
بالمقدار المتقدم الخائف والصبيان والنساء والضعفاء
كالشيوخ والمرضى ومن يتولى شؤونهم، فإنه يجوز لهؤلاء
الاكتفاء بالوقوف فيها ليلة العيد والإفاضة منها إلى منى قبل
طلوع الفجر.
مسألة 375: يعتبر في الوقوف بالمزدلفة نية القربة
والخلوص، كما يعتبر فيه أن يكون عن قصد نظير ما مر في
الوقوف بعرفات.
مسألة 376: من لم يدرك الوقوف الاختياري (الوقوف
في الليل والوقوف فيما بين الطلوعين) في المزدلفة لنسيان أو
188

لعذر آخر أجزأه الوقوف الاضطراري (الوقوف قليلا فيما بين
طلوع الشمس إلى زوالها يوم العيد)، ولو تركه عمدا فسد
حجه.
إدراك الوقوفين أو أحدهما
تقدم أن كلا من الوقوفين الوقوف في عرفات والوقوف
في المزدلفة ينقسم إلى قسمين: اختياري واضطراري،
فإذا أدرك المكلف الاختياري من الوقوفين كليهما فلا
إشكال، وإن فاته ذلك لعذر فله صور:
الأولى: أن لا يدرك شيئا من الوقوفين الاختياري منهما
والاضطراري أصلا، ففي هذه الصورة يبطل حجه ويجب
عليه الاتيان بعمرة مفردة بنفس إحرام الحج.
وإذا كان حجه حجة الاسلام وجب عليه أداء الحج بعد
ذلك فيما إذا كانت استطاعته باقية أو كان الحج مستقرا في
ذمته.
189

الثانية: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات
والاضطراري في المزدلفة.
الثالثة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات
والاختياري في المزدلفة.
ففي هاتين الصورتين يصح حجه بلا إشكال.
الرابعة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في كل من
عرفات والمزدلفة، والأظهر في هذه الصورة صحة حجه،
وإن كان الأحوط إعادته بعد ذلك في الحالة المتقدمة في
الصورة الأولى.
الخامسة: أن يدرك الوقوف الاختياري في المزدلفة فقط،
ففي هذه الصورة يصح حجه أيضا.
السادسة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في المزدلفة
فقط، والأظهر في هذه الصورة بطلان الحج وانقلابه إلى
عمرة مفردة.
السابعة: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات فقط،
والأظهر في هذه الصورة أيضا بطلان الحج فينقلب حجه
190

إلى العمرة المفردة، ويستثنى من ذلك ما إذا مر بمزدلفة في
الوقت الاختياري في طريقه إلى منى، ولكن لم يقصد
الوقوف بها جهلا منه بالحكم، فإنه لا يبعد صحة حجه
حينئذ إذا كان قد ذكر الله تعالى عند مروره بها.
الثامنة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات فقط،
ففي هذه الصورة يبطل حجه وينقلب إلى العمرة المفردة.
منى وواجباتها
يجب على الحاج بعد الوقوف في المزدلفة الإفاضة إلى
منى، لأداء الأعمال الواجبة هناك، وهي كما نذكرها
تفصيلا ثلاثة:
1 - رمي جمرة العقبة
الرابع من واجبات الحج: رمي جمرة العقبة يوم
191

النحر، ويعتبر فيه أمور:
(1) نية القربة والخلوص.
(2) أن يكون الرمي بسبع حصيات، ولا يجزئ الأقل
من ذلك، كما لا يجزئ رمي غيرها من الأجسام.
(3) أن يكون رمي الحصيات واحدة بعد واحدة، فلا
يجزئ رمي اثنتين أو أكثر مرة واحدة.
(4) أن تصل الحصيات إلى الجمرة فلا يحسب ما لا
يصل.
(5) أن يكون وصولها إلى الجمرة بسبب الرمي، فلا
يجزئ وضعها عليها.
(6) أن يكون كل من الإصابة والرمي بفعله، فلو كانت
الحصاة بيده فصدمه حيوان أو إنسان وألقيت إلى الجمرة لم
يكف، وكذا لو ألقاها فوقعت على حيوان أو إنسان فتحرك
فحصلت الإصابة بحركته.
نعم، إذا لاقت الحصاة في طريقها شيئا ثم أصابت
الجمرة ولو بصدمته كما لو وقعت على أرض صلبة فطفرت
192

فأصابتها فالظاهر الاجزاء.
(7) أن يكون الرمي بيده، فلو رمى الحصيات بفمه أو
رجله لم يجزئه، وكذا لو رماها بآلة كالمقلاع على الأحوط.
(8) أن يكون الرمي بين طلوع الشمس وغروبها،
ويجزئ للنساء وسائر من رخص لهم الإفاضة من المشعر في
الليل أن يرموا باليل (ليلة العيد)
مسألة 377: إذا شك في الإصابة وعدمها بنى على
العدم إلا مع التجاوز عن المحل، كما إذا كان الشك بعد
الذبح أو الحلق أو بعد دخول الليل.
مسألة 378: يعتبر في الحصيات أمران:
(1) أن تكون من الحرم سوى المسجد الحرام ومسجد
الخيف، والأفضل أخذها من المشعر.
(2) أن تكون أبكارا على الأحوط، بمعنى أن لا تكون
مستعملة في الرمي قبل ذلك. ويستحب فيها أن تكون
ملونة ومنقطة ورخوة، وأن يكون حجمها بمقدار أنملة.
وأن يكون الرامي راجلا، وعلى طهارة.
193

مسألة 379: إذا زيد على الجمرة في ارتفاعها ففي
الاجتزاء برمي المقدار الزائد إشكال، فالأحوط أن يرمي
المقدار الذي كان سابقا، فإن لم يتمكن من ذلك رمى
المقدار الزائد بنفسه واستناب شخصا آخر لرمي المقدار
المزيد عليه، ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل والناسي.
مسألة 380: إذا لم يرم يوم العيد لعارض من نسيان أو
جهل بالحكم أو غيرهما لزمه التدارك متى ارتفع العارض،
ولو كان ارتفاعه في الليل أخر التدارك إلى النهار، إذا لم يكن
ممن رخص له الرمي ليلا كما سيأتي في رمي الجمار.
والظاهر وجوب التدارك عند ارتفاع العارض ما دام
الحاج بمنى، بل وفي مكة، حتى ولو كان ذلك بعد اليوم
الثالث عشر، وإن كان الأحوط في هذه الصورة أن يعيد
الرمي في السنة القادمة بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج.
وأما إذا ارتفع العارض بعد خروجه من مكة فلا يجب
عليه الرجوع، بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه
على الأحوط الأولى.
194

مسألة 381: إذا لم يرم يوم العيد نسيانا أو جهلا،
فعلم أو تذكر بعد الطواف فتداركه لم تجب عليه إعادة
الطواف، وإن كانت الإعادة أحوط.
وأما إذا كان الترك لعارض آخر سوى الجهل أو النسيان
فالظاهر بطلان طوافه، فيجب عليه أن يعيده بعد تدارك
الرمي.
2 - الذبح أو النحر في منى
وهو الخامس من واجبات حج التمتع.
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، وعدم تقديمه على
نهار يوم العيد إلا للخائف، فإنه يجوز له الذبح والنحر في
ليلته، ويجب الاتيان به بعد الرمي على الأحوط، ولكن لو
قدمه عليه جهلا أو نسيانا صح ولم يحتج إلى الإعادة.
ويجب أن يكون الذبح أو النحر بمنى، وإن لم يمكن
ذلك لكثرة الحجاج وضيق منى عن استيعاب جميعهم، فلا
195

يبعد جواز الذبح أو النحر بوادي محسر، وإن كان الأحوط
تركه ما لم يحرز عدم التمكن من الذبح أو النحر بمنى إلى
آخر أيام التشريق.
مسألة 382: الأحوط أن يكون الذبح أو النحر يوم
العيد، وإن كان الأقوى جواز تأخيره إلى آخر أيام
التشريق، والأحوط عدم الذبح في الليل مطلقا حتى الليالي
المتوسطات بين أيام التشريق إلا للخائف.
مسألة 383: لا يجزئ هدي واحد إلا عن شخص
واحد مع التمكن منه باستقلاله، وأما مع عدم التمكن
كذلك فسيأتي حكمه في المسألة 396.
مسألة 384: يجب أن يكون الهدي من الإبل، أو
البقر، أو الغنم، ولا يجزئ من الإبل إلا ما أكمل السنة
الخامسة ودخل في السادسة، ولا من البقر والمعز إلا ما
أكمل الثانية ودخل في الثالثة على الأحوط، ولا يجزئ من
الضأن إلا ما أكمل الشهر السابع ودخل في الثامن،
والأحوط أن يكون قد أكمل السنة الأولى ودخل في الثانية.
196

وإذا تبين له بعد ذبح الهدي أنه لم يبلغ السن المعتبر فيه
لم يجزئه ذلك، ولزمته الإعادة.
ويعتبر في الهدي أن يكون تام الأعضاء فلا يجزئ
الأعور، والأعرج، والمقطوع أذنه، والمكسور قرنه
الداخل، ونحو ذلك. والأظهر عدم كفاية الخصي أيضا إلا
مع عدم تيسر غيره.
ويعتبر فيه أن لا يكون مهزولا عرفا، والأحوط الأولى أن
لا يكون مريضا ولا موجوءا، ولا مرضوض الخصيتين، ولا
كبيرا لا مخ له.
ولا بأس بأن يكون مشقوق الأذن أو مثقوبها، وإن كان
الأحوط اعتبار سلامته منهما، والأحوط الأولى أن لا يكون
الهدي فاقد القرن أو الذنب من أصل خلقته.
مسألة 385: إذا اشترى هديا معتقدا سلامته فبان معيبا
بعد نقد ثمنه فالظاهر جواز الاكتفاء به.
مسألة 386: إذا لم يجد شيئا من الأنعام الثلاثة واجدا
للشرائط المتقدمة في أيام النحر (يوم العيد وأيام التشريق)
197

فالأحوط الجمع بين الفاقد لها وبين الصوم بدلا عن
الهدي.
وكذلك الحال فيما إذا لم يجد إلا ثمن الفاقد. وإذا تيسر
له تحصيل التام في بقية ذي الحجة فالأحوط ضمه إلى ما
تقدم.
مسألة 387: إذا اشترى هديا على أنه سمين فبان
مهزولا أجزأه، سواء كان ذلك قبل الذبح أم بعده.
وأما إذا كان عنده كبش مثلا فذبحه بزعم أنه سمين فبان
مهزولا لم يجزئه على الأحوط.
مسألة 388: إذا ذبح ثم شك في أنه كان واجدا
للشرائط لم يعتن بشكه، ومنه ما إذا شك بعد ذبح أنه كان
بمنى أم كان في محل آخر.
وأما إذا شك في أصل الذبح، فإن كان الشك بعد تجاوز
محله، كما إذا كان بعد الحلق أو التقصير لم يعتن بشكه،
وإلا لزم الاتيان به.
وإذا شك في هزال الهدي فذبحه برجاء أن لا يكون
198

مهزولا مع قصد الفرية، ثم ظهر له بعد الذبح أنه لم يكن
مهزولا اجتزأ به.
مسألة 389: إذا اشترى هديا سليما لحج التمتع فمرض
بعد ما اشتراه أو أصابه كسر أو عيب ففي الاجتزاء به إشكال
بل منع، والأحوط أن يذبحه أيضا، ويتصدق بثمنه لو
باعه.
مسألة 390: لو اشترى هديا فضل فلم يجده، ولم يعلم
بذبحه عنه، وجب عليه تحصيل هدي آخر مكانه، فإن
وجد الأول قبل ذبح الثاني ذبح الأول وهو بالخيار في الثاني،
إن شاء ذبحه وإن شاء لم يذبحه، وهو كسائر أمواله،
والأحوط الأولى ذبحه أيضا، وإن وجده بعد ذبحه الثاني
ذبح الأول أيضا على الأحوط.
مسألة 391: لو وجد أحد كبشا مثلا وعلم بكونه هديا
ضل عن صاحبه جاز له أن يذبحه عنه، وإذا علم بذلك
صاحبه اجتزأ به، والأحوط للواجد أن يعرفه قبل ذبحه إلى
عصر اليوم الثاني عشر.
199

مسألة 392: من لم يجد الهدي في أيام النحر وكان عنده
ثمنه فالأحوط أن يجمع بين الصوم بدلا عنه وبين الذبح في
بقية ذي الحجة إن أمكن ولو بإيداع ثمنه عند من يطمئن
به ليشتري به هديا ويذبحه عنه إلى آخر ذي الحجة، فإن
مضى الشهر ذبحه في السنة القادمة ولا يبعد جواز
الاكتفاء بالصوم وسقوط الهدي بمضي أيام التشريق.
مسألة 393: إذا لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه صام
- بدلا عنه - عشرة أيام، يأتي بثلاثة منها في شهر ذي الحجة
- والأحوط أن يكون ذلك في اليوم السابع والثامن والتاسع
ولا يقدمه عليها ويأتي بالسبعة المتبقية إذا رجع إلى بلده،
ولا يجزئه الاتيان بها في مكة أو في الطريق.
وإذا لم يرجع إلى بلده وأقام بمكة فعليه أن يصبر حتى
يرجع أصحابه إلى بلدهم أو يمضي شهر ثم يصوم بعد
ذلك.
ويعتبر التوالي في الثلاثة الأولى، ولا يعتبر ذلك في
السبعة وإن كان أحوط.
200

كما يعتبر في الثلاثة الاتيان بها بعد التلبس بإحرام عمرة
التمتع، فلو صامها قبل ذلك لم يجزئه.
مسألة 394: المكلف الذي وجب عليه صوم ثلاثة أيام
في الحج، إذا فاته صوم جميعها قبل يوم العيد لم يجزئه على
الأحوط أن يصومها في اليوم الثامن والتاسع ويوما آخر
بعد رجوعه إلى منى، والأفضل أن لا يبدأ بها إلا بعد
انقضاء أيام التشريق، وإن كان يجوز له البداء من اليوم
الثالث عشر إذا كان رجوعه من منى قبله، بل وإن كان
رجوعه فيه على الأظهر.
والأحوط الأولى المبادرة إلى الصوم بعد أيام التشريق
وعدم تأخيره من دون عذر.
وإذا لم يتمكن من الصيام بعد الرجوع من منى صام في
الطريق أو صامها في بلده أيضا، ولكن الأحوط الأولى أن
لا يجمع بين الثلاثة والسبعة، فإن لم يصم الثلاثة حتى أهل
هلال محرم سقط الصوم وتعين الهدي للسنة القادمة.
مسألة 395: من لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه
201

وصام ثلاثة أيام في الحج، ثم تمكن منه قبل مضي أيام
النحر، وجب عليه الهدي على الأحوط.
مسألة 396: إذا لم يتمكن من الهدي باستقلاله،
وتمكن من الشركة فيه مع الغير، فالأحوط الجمع بين
الشركة في الهدي والصوم على الترتيب المذكور.
مسألة 397: إذا استناب غيره في الذبح عنه ثم شك في
أنه ذبح عنه أم لا بنى على عدمه، وفي كفاية إخباره بذلك
ما لم يوجب الاطمئنان إشكال.
مسألة 398: ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا تعتبر
فيما يذبح كفارة، وإن كان الأحوط اعتبارها فيه.
مسألة 399: الذبح أو النحر الواجب هديا أو كفارة لا
تعتبر فيه المباشرة، بل يجوز ذلك بالاستنابة ولو في حال
الاختيار، ولا بد أن تكون النية من النائب، ولا يشترط نية
صاحب الهدي وإن كانت أحوط، ويعتبر في النائب أن
يكون مسلما.
202

مصرف هدي التمتع
الأحوط الأولى أن يأكل المتمتع من هديه، ولو قليلا مع
عدم الضرر، ويجوز له تخصيص ثلثه لنفسه أو إطعام أهله
به، كما يجوز له أن يهدي ثلثا منه إلى من يحب من
المسلمين، وأما الثلث الآخر فالأحوط وجوبا أن يتصدق به
على فقراء المسلمين.
وإذا تعذر التصدق به أو كان حرجيا سقط، ولا يعتبر
إيصاله إلى الفقير نفسه، بل يجوز الاعطاء إلى وكيله (وإن
كان الوكيل هو نفس من عليه الهدي) ويتصرف الوكيل فيه
حسب إجازة موكله من الهبة أو البيع أو الاعراض، أو غير
ذلك.
ويجوز إخراج لحم الهدي والأضاحي من منى مع عدم
حاجة الموجودين فيها إليه.
203

مسألة 400: لا يعتبر الافراز في ثلث الصدقة ولا في
ثلث الهدية، ولكن يعتبر فيهما القبض، فلو تصدق بثلثه
المشاع وأقبضه الفقير ولو بقبض الكل كفى، وكذلك
الحال في ثلث الهدية.
مسألة 401: يجوز لقابض الصدقة أو الهدية أن
يتصرف فيما قبضه كيفما شاء، فلا بأس بتمليكه غير
المسلم.
مسألة 402: إذا ذبح الهدي فسرق أو أخذه متغلب
عليه قهرا قبل التصدق فلا ضمان على صاحب الهدي بلا
إشكال، ولو أتلفه هو باختياره ولو بإعطائه لغير أهله ضمن
حصة الفقراء لهم على الأحوط.
3 - الحلق أو التقصير
وهو الواجب السادس من واجبات الحج.
204

ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، ولا يجوز إيقاعه قبل
يوم العيد حتى في ليلته إلا للخائف، والأحوط تأخيره عن
رمي جمرة العقبة، وعن تحصيل الهدي بمنى، والأحوط
الأولى تأخيره من الذبح والنحر أيضا، وعدم تأخيره عن
نهار يوم العيد، ولو قدمه على الرمي أو تحصيل الهدي نسيانا
أو جهلا منه بالحكم أجزاه ولم يحتج إلى الإعادة.
مسألة 403: لا يجوز الحلق للنساء، بل يتعين عليهن
التقصير.
مسألة 404: يتخير الرجل بين الحلق والتقصير،
والحلق أفضل إلا من لبد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو
نحوهما لدفع القمل، أو عقص شعر رأسه وعقده بعد جمعه
ولفه، أو كان صرورة، فإن الأحوط وجوبا لهؤلاء اختيار
الحلق.
مسألة 405: من أراد الحلق وعلم أن الحلاق يجرح
رأسه بالموسى لم يجز له يحلق به، بل يحلق بالماكينة الناعمة
جدا، أو يقصر أولا ثم يحلق بالموسى إن شاء إذا كان
205

مخيرا بين الحلق والتقصير، ولو خالف أجزأه وإن كان آثما.
مسألة 406: الخنثى المشكل يجب عليه التقصير إذا لم
يكن ملبدا أو معقوصا أو صرورة، وإلا لزمه التقصير أولا
وضم إليه الحلق بعده أيضا على الأحوط.
مسألة 407: إذا حلق لمحرم أو قصر حل له جميع ما
حرم عليه بالاحرام ما عدا النساء والطيب، بل والصيد
أيضا على الأحوط.
والظاهر أن ما يحرم عليه من النساء بعد الحلق أو
التقصير لا يختص بالجماع، بل يعلم سائر الاستمتاعات التي
حرمت عليه بالاحرام.
نعم، يجوز له بعده العقد على النساء والشهادة عليه على
الأقوى.
مسألة 408: يجب أن يكون الحلق أو التقصير بمنى،
فإذا لم يقصر ولم يحلق فيها متعمدا أو جهلا منه بالحكم حتى
نفر منها وجب عليه الرجوع إليها وتداركه، وهكذا الحكم
في الناسي على الأحوط.
206

وإذا تعذر عليه الرجوع أو تعسر، حلق أو قصر في
مكانه، ويبعث بشعره إلى منى إلى منى إن أمكنه ذلك.
ومن حلق رأسه في غير منى ولو متعمدا يجتزئ به
ولكن يجب عليه أن يبعث بشعر رأسه إليها مع الامكان.
مسألة 409: إذا لم يقصر ولم يحلق نسيانا أو جهلا
فذكره، أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج تداركه، ولم
تجب عليه إعادة الطواف والسعي على الأظهر، وإن كانت
الإعادة أحوط.
طواف الحج وصلاته والسعي
الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحج:
الطواف وصلاته والسعي.
مسألة 410: كيفية طواف الحج وصلاته والسعي
وشرائطها هي نفس الكيفية والشرائط التي ذكرناها في
طواف العمرة وصلاته وسعيها.
207

مسألة 411: يستحب الاتيان بطواف الحج في يوم
النحر، والأحوط عدم تأخيره عن اليوم الحادي عشر، وإن
كان الظاهر جوازه، بل جواز التأخير عن أيام التشريق قليلا
بل إلى آخر ذي الحجة لا يخلو من قوة.
مسألة 412: الأحوط عدم تقديم طواف الحج وصلاته
والسعي على الوقوفين في حج التمتع، ولو قدمها جهلا ففي
الاجتزاء بها إشكال، وإن كان لا يخلو عن وجه، ويستثنى
من الحكم المذكور.
أ - المرأة التي تخاف الحيض أو النفاس.
ب كبير السن والمريض والعليل وغيرهم ممن يعسر عليه
الرجوع إلى مكة، أو يعسر عليه الطواف بعد الرجوع لشدة
الزحام ونحوها.
ج من يخاف أمرا لا يتهيأ له معه الرجوع إلى مكة.
فيجوز لهؤلاء تقديم الطواف وصلاته والسعي على
الوقوفين بعد الاحرام للحج، والأحوط الأولى إعادتها مع
التمكن بعد ذلك إلى آخر ذي الحجة.
208

مسألة 413: من يأتي بطواف الحج بعد الوقوفين يلزمه
تأخيره عن الحلق والتقصير، فلو قدمه عالما عامدا وجبت
إعادة بعده، ولزمته كفارة شاة.
مسألة 414: العاجز في الحج عن مباشرة الطواف
وصلاته والسعي حكمه حكم العاجز عن ذلك في عمرة
التمتع، وقد تقدم في المسألتين 326 و 342.
والمرأة التي يطرأ عليها الحيض أو النفاس ولا يتيسر لها
المكث لتطوف بعد طهرها تلزمها الاستنابة للطواف
وصلاته، ثم يأتي بالسعي بنفسها بعد طواف النائب.
مسألة 415: إذا طاف التمتع وصلى وسعى حل له
الطيب وبقي عليه من المحرمات النساء - بالحد المتقدم بل
والصيد أيضا على الأحوط.
مسألة 416: من كان يجوز له تقديم الطواف والسعي
إذا قدمهما على الوقوفين لا يحل له الطيب حتى يأتي بمناسك
منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير.
209

طواف النساء
الواجب العاشر والحادي عشر من واجبات الحج: طواف
النساء وصلاته.
وهما وإن كانا من الواجبات إلا أنهما ليسا من أركان
الحج، فتركهما ولو عمدا لا يوجب فساد الحج.
مسألة 417: كما يجب طواف النساء على الرجال يجب
على النساء، فلو تركه الرجل حرمت عليه النساء، ولو تركته
المرأة حرم عليها الرجال، والنائب في الحج عن الغير يأتي
بطواف النساء عن المنوب عنه لا عن نفسه.
مسألة 418: طواف النساء وصلاته كطواف الحج
وصلاته في الكيفية والشرائط، وإنما الاختلاف بينهما في
النية.
مسألة 419: حكم العاجز عن الاتيان بنفسه بطواف
النساء وصلاته حكم العاجز عن ذلك في طواف العمرة
210

وصلاته، وقد تقدم في المسألة 326.
مسألة 420: من ترك طواف النساء سواء أكان متعمدا
- مع العلم بالحكم أو الجهل به أم كان ناسيا وجب عليه
تداركه، ولا تحل له النساء قبل ذلك.
ومع تعذر المباشرة أو تعسرها تجوز له الاستنابة، فإذا
طاف النائب عنه حلت له النساء.
فإذا مات قبل تداركه فإن قضاه عنه وليه أو غيره فلا
إشكال، وإلا فالأحوط أن يقضى من تركته من حصص
كبار الورثة برضاهم.
مسألة 421: لا يجوز تقديم طواف - النساء على السعي،
فإن قدمه فإن كان عن علم وعمد لزمته إعادته بعد
السعي، وإن كان عن جهل أو نسيان أجزأه على الأظهر،
وإن كانت الإعادة أحوط.
مسألة 422: يجوز تقديم طواف النساء على الوقوفين
للطوائف المذكورة في المسألة 412، ولكن لا تحل لهم
النساء قبل الاتيان بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق
211

أو التقصير.
مسألة 423: إذا حاضت المرأة ولم تنتظر القافلة طهرها
ولم تستطع التخلف عنها، جاز لها ترك طواف النساء
والخروج مع القافلة، والأحوط حينئذ أن تستنيب لطوافها
ولصلاته.
وإذا كان حيضها بعد إتمام الشوط الرابع من طواف
النساء، جاز لها ترك الباقي والخروج مع القافلة، والأحوط
الاستنابة لبقية الطواف ولصلاته.
مسألة 424: نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان
الصلاة في طواف العمرة، وقد تقدم حكمه في المسألة 329.
مسألة 425: إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلى
صلاته حلت له النساء، وإذا طافت المرأة وصلت صلاته
حل لها الرجال، فتبقى حرمة الصيد إلى الظهر من اليوم
الثالث عشر على الأحوط، وبعده يحل المحرم من كل ما
أحرم منه، وأما محرمات الحرم فقد تقدم في الصفحة (139)
212

أن حرمتها تعم المحرم والمجل.
المبيت في منى
الواجب الثاني عشر من واجبات الحج: المبيت بمنى
ليلة الحادي عشر والثاني عشر.
ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، فإذا خرج الحاج إلى
مكة يوم العيد لأداء فريضة الطواف والسعي وجب عليه
الرجوع ليبيت في منى، ومن لم يجتنب الصيد في إحرامه
فعليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضا، وكذلك من أتى
النساء على الأحوط.
وتجوز لغيرهما الإفاضة من منى بعد ظهر اليوم الثاني
عشر، ولكن إذا بقي في منى إلى أن دخل الليل وجب عليه
المبيت ليلة الثالث عشر أيضا إلى طلوع والفجر.
مسألة 426: إذا تهيأ للخروج وتحرك من مكانه ولم
يمكنه الخروج قبل الغروب للزحام ونحوه، فإن أمكنه
213

المبيت وجب ذلك، وإن لم يمكنه أو كان المبيت حرجيا جاز
له الخروج، وعليه دم شاة على الأحوط.
مسألة 427: لا يعتبر في المبيت بمنى البقاء فيها تمام
الليل إلا في المورد المتقدم، فإذا مكث فيها من أول الليل
إلى منتصفه جاز له الخروج بعده.
وإذا خرج منها أول الليل أو قبله لزمه الرجوع إليها قبل
طلوع الفجر، بل قبل انتصاف الليل على الأحوط.
والأحوط الأولى لمن بات النصف الأول ثم خرج أن لا
يدخل مكة قبل طلوع الفجر.
مسألة 428: يستثنى ممن يجب عليه المبيت بمنى عدة
طوائف.
(1) من يشق عليه المبيت بها أو يخاف على نفسه أو
عرضه أو ماله إذا بات فيها.
(2) من خرج من منى أول الليل أو قبله، وشغله عن
العود إليها قبل انتصاف الليل إلى طلوع الفجر الاشتغال
بالعبادة في مكة في تمام هذه الفترة، إلا فيما يستغرفه الاتيان
214

بحوائجه الضرورية كالأكل والشرب ونحوهما.
(3) من خرج من مكة للعود إلى منى فجاوز عقبة
المدنيين، فإنه يجوز له أن ينام في الطريق قبل أن يصل إلى
منى.
(4) أهل سقاية الحاج بمكة.
مسألة 429: من ترك المبيت بمنى فعليه دم شاة عن
كل ليلة، ولا دم على الطائفة الثانية والثالثة والرابعة ممن
تقدم، والأحوط ثبوت الدم على الطائفة الأولى، وكذا على
من ترك المبيت نسيانا أو جهلا منه بالحكم.
مسألة 430: من أفاض من منى ثم رجع إليها بعد
دخول الليل في الليلة الثالثة عشرة لحاجة، لم يجب عليه
المبيت بها.
رمي الجمار
الثالث عشر من واجبات الحج: رمي الجمرات
215

الثلاث: الأولى والوسطى وجمرة العقبة.
ويجب الرمي في اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، وإذا
بات ليلة الثالث عشر في منى وجب الرمي في اليوم الثالث
عشر أيضا على الأحوط.
ويعتبر في رمي الجمرات المباشرة، فلا تجوز الاستنابة
اختيارا.
مسألة 431: يجب الابتداء برمي الجمرة الأولى، ثم
الجمرة الوسطى، ثم جمرة العقبة، ولو خالف وجب الرجوع
إلى ما يحصل به الترتيب، ولو كانت المخالفة عن جهل أو
نسيان.
نعم، إذا نسي أو جهل فرمى جمرة بعد أن رمى سابقتها
أربع حصيات أجزأه اكمالها سبعا، ولا يجب عليه إعادة رمي
اللاحقة.
مسألة 432: ما ذكرناه من واجبات رمي جمرة العقبة في
الصفحة (192) يجزي في رمي الجمرات الثلاث كلها.
مسألة 433: يجب أن يكون رمي الجمرات في النهار،
216

ويستثنى من ذلك الرعاة وكل معذور عن المكث في منى
نهارا الخوف أو مرض أو علة أخرى، فيجوز له رمي كل نهار
في ليلته، ولو لم يتمكن من ذلك جاز الجمع في ليلة واحدة.
مسألة 434: من ترك الرمي في اليوم الحادي عشر
نسيانا أو جهلا وجب عليه قضاؤه في اليوم الثاني عشر، ومن
تركه في اليوم الثاني عشر كذلك قضاه في اليوم الثالث عشر،
والمتعمد بحكم الناسي والجاهل على الأحوط.
والأحوط أن يفرق بين الأداء والقضاء، وأن يقدم القضاء
على الأداء، والأحوط الأولى أن يكون القضاء أول النهار
والأداء عند الزوال.
مسألة 435: من ترك رمي الجمار نسيانا أو جهلا فذكره
أو علم به في مكة وجب عليه أن يرجع إلى منى ويرمي
فيها، وإذا كان المتروك رمي يومين أو ثلاثة فالأحوط أن
يقدم الأقدم فواتا، ويفصل بين وظيفة يوم ويوم بعده
بمقدار من الوقت.
وإذا ذكره أو علم به بعد خروجه من مكة لم يجب عليه
217

الرجوع لتداركه، والأحوط الأولى أن يقضيه في السنة
القادمة بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج.
مسألة 436: المعذور الذي لا يستطيع الرمي بنفسه
- كالمريض يستنيب غيره، والأولى أن يحضر عند الجمار مع
الامكان ويرمي النائب بمشهد منه، وإذا رمى عنه مع عدم
اليأس من زوال عذره قبل انقضاء الوقت فاتفق زواله
فالأحوط أن يرمي بنفسه أيضا، ومن لم يكن قادرا على
الاستنابة كالمغمى عليه يرمي عنه وليه أو غيره.
مسألة 437: من ترك رمي الجمار في أيام التشريق
متعمدا لم يبطل حجه، والأحوط أن يقضيه في العالم القابل
بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج.
أحكام المصدود
مسألة 438: المصدود: هو الذي يمنعه العدو أو نحوه
من الوصول إلى الأماكن المقدسة لأداء مناسك الحج أو
218

العمرة بعد تلبسه بالاحرام.
مسألة 439: المصدود في العمرة المفردة إذا كان سائقا
للهدي جاز له التحلل من إحرامه بذبح هديه أو نحره في
موضع الصد.
وإذا لم يكن سائقا وأراد التحلل لزمه تحصيل الهدي
وذبحه أو نحره، ولا يتحلل بدونه على الأحوط.
والأحوط لزوما ضم الحلق أو التقصير إلى الذبح أو
النحر في كلتا الصورتين.
وأما المصدود في عمرة التمتع، فإن كان مصدودا عن
الحج أيضا فحكمه ما تقدم، وإلا كما لو منع من الوصول
إلى البيت الحرام قبل الوقوفين خاصة فلا يبعد انقلاب
وظيفته إلى حج الافراد.
مسألة 440: المصدود في حج التمتع إن كان مصدودا
عن الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصة، فالأحوط أن
يطوف ويسعى ويحلق رأسه ويذبح شاة فيتحلل من إحرامه.
وإن كان مصدودا عن الطواف والسعي فقط - بأن منع
219

من الذهاب إلى المطاف والمسعى - فعندئذ إن لم يكن متمكنا
من الاستنابة وأراد التحلل، فالأحوط أن يذبح أو ينحر
هديا ويضم إليه الحلق أو التقصير.
وإن كان متمكنا من الاستنابة فلا يبعد جواز الاكتفاء
بها، فيستنيب لطوافه وسعيه ويأتي هو بصلاة الطواف بعد
طواف النائب.
وإن كان مصدودا عن الوصول إلى منى لأداء مناسكها
فوقتئذ إن كان متمكنا من الاستنابة استناب للرمي والذبح
أو النحر، ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره إلى منى مع
الامكان، ويأتي ببقية المناسك.
وإن لم يكن متمكنا من الاستنابة سقط عنه الذبح
والنحر فيصوم بدلا عن الهدي، كما يسقط عنه الرمي أيضا
- وأن كان الأحوط الاتيان به في السنة القادمة بنفسه إن
حج أو بنائبه إن لم يحج ثم يأتي بسائر المناسك من الحلق أو
التقصير وأعمال مكة، فيتحلل بعد هذه كلها من جميع ما
يحرم عليه حتى النساء من دون حاجة إلى شئ آخر.
220

مسألة 441: المصدود من الحج أو العمرة إذا تحلل من
إحرامه بذبح الهدي لم يجزئه ذلك عنهما، فلو كان قاصدا
أداء حجة الاسلام فصد عنها وتحلل بذبح الهدي، وجب
عليه الاتيان بها لاحقا إذا بقيت استطاعته أو كان الحج
مستقرا في ذمته.
مسألة 442: إذا صد عن الرجوع إلى منى للمبيت
ورمي الجمار لم يضر ذلك بصحة حجه، ولا يجزي عليه
حكم المصدود، فيستنيب للرمي إن أمكنه في سنته، وإلا
قضاه في العالم القابل بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج على
الأحوط الأولى.
مسألة 443: لا فرق في الهدي المذكور بين أن يكون
بدنة أو بقرة أو شاة، ولو لم يتمكن منه فالأحوط أن يصوم
بدلا عنه عشرة أيام.
مسألة 444: إذا جامع المحرم للحج امرأته قبل الوقوف
بالمزدلفة فوجب عليه إتمامه وإعادته كما سبق في تروك
الاحرام - ثم صد عن الاتمام جرى عليه حكم المصدود،
221

ولكن تلزمه كفارة الجماع زائدا على هدي التحلل.
أحكام المحصور
مسألة 445: المحصور: هو الذي يمنعه المرض أو
نحوه عن الوصول إلى الأماكن المقدسة لأداء أعمال العمرة
أو الحج بعد تلبسه بالاحرام.
مسألة 446: المحصور إذا كان محصورا في العمرة
المفردة أو عمرة التمتع وأراد التحلل، فوظيفته أن يبعث
هديا أو ثمنه ويواعد أصحابه أن يذبحوه أو ينحروه بمكة
في وقت معين، فإذا جاء الوقت قصر أو حلق وتحلل في
مكانه.
وإذا لم يكن متمكنا من بعث الهدي أو ثمنه لفقد من
يبعثه معه، جاز له أن يذبح أو ينحر في مكانه ويتحلل.
وإن كان محصورا في الحج، فوظيفته ما تقدم، إلا أن
مكان الذبح أو النحر لهديه منى، وزمانه يوم النحر.
222

وتحلل المحصور في الموارد المتقدمة إنما هو من غير
النساء، وأما منها فلا يتحلل إلا بعد الاتيان بالطواف
والسعي بين الصفا والمروة في حج أو عمرة.
مسألة 447: إذا مرض المعتمر فبعث هديا، ثم خف
مرضه وتمكن من مواصلة السير والوصول إلى مكة قبل أن
بذبح أو ينحر هديه لزمه ذلك، فإن كانت عمرته مفردة
فوظيفته إتمامها ولا شئ عليه.
وإن كانت عمرة التمتع، فإن تمكن من إتمام أعمالها قبل
زوال الشمس من يوم عرفة فلا إشكال، وإلا فالظاهر
انقلاب حجه إلى الافراد.
وكذلك الحال في كلتا الصورتين ولو لم يبعث بالهدي
وصبر حتى خف مرضه وتمكن من مواصلة السير.
مسألة 448: إذا مرض الحاج فبعث بهديه، وبعد ذلك
خف المرض، فإن ظن إدراك الحج وجب عليه الالتحاق،
وحينئذ فإن أدراك الموفقين أو الوقوف بالمشعر خاصة - حسبما
تقدم - فقد أدراك الحج، فيأتي بمناسكه وينحر أو يذبح
هديه.
223

وإلا فإن لم يذبح أو ينحر عنه قبل وصوله انقلب حجه
إلى العمرة المفردة، وإن ذبح أو نحر عنه، قصر أم حلق
وتحلل من غير النساء، وأما منها فلا يتحلل إلا أن يأتي
بالطواف والسعي في حج أو عمرة.
مسألة 449: إذا أحصر الحاج من الطواف والسعي،
بأن منعه المرض أو نحوه من الوصول إلى المطاف والمسعى،
جاز له أن يستنيب لهما ويأتي هو بصلاة الطواف بعد طواف
النائب.
وإذا أحصر عن الذهاب إلى منى وأداء مناسكها
استناب للرمي والذبح، ثم حلق أو قصر ويبعث بشعره إلى
منى مع الامكان، ويأتي بسائر المناسك فيتم حجه.
مسألة 450: إذا أحصر الرجل فبعث بهديه، ثم آذاه
رأسه قبل أن يبلغ الهدي محله، جاز له أن يحلق، فإذا حلق
وجب عليه أن يذبح شاة في محلة أو يصوم ثلاثة أيام أو
يطعم ستة مساكين، لكل مسكين مدان.
224

مسألة 451: المحصور في الحج أو العمرة إذا بعث
بالهدي وتحلل من إحرامه لم يجزئه ذلك عنهما، فلو كان
قاصدا أداء حجة الاسلام فأحصر، فبعث بهديه وتحلل،
وجب عليه الاتيان بها لاحقا إذا بقيت استطاعته أو كان
الحج مستقرا في ذمته.
مسألة 452: المحصور إذا لم يجد هديا ولا ثمنه صام
عشرة أيام بدلا عنه.
مسألة 453: إذا تعذر على المحرم مواصلة السير إلى
الأماكن المقدسة لأداء مناسك العمرة أو الحج لمانع آخر غير
الصد والاحصار، فإن كان معتمرا بعمرة مفردة جاز له
التحلل في مكانه بذبح هديه مع ضم الحلق أو التقصير إليه
على الأحوط.
وكذلك إذا كان معتمرا بعمرة التمتع ولم يمكنه إدراك
الحج أيضا، وإلا فالظاهر انقلاب وظيفته إلى حج الافراد.
وإذا كان حاجا وقد تعذر عليه إدراك الموفقين أو
الموقف في المشعر خاصة، فعليه أن يتحلل من إحرامه بعمرة
225

مفردة.
وإذا تعذر عليه الوصول إلى المطاف والمسعى لأداء
الطواف والسعي، أو لم يتمكن من الذهاب إلى منى للاتيان
بمناسكها فحكمه ما تقدم في المسألة 449.
مسألة 454: ذكر جماعة من الفقهاء: أن الحاج أو المعتمر
إذا لم يكن سائقا للهدي، واشترط في إحرامه على ربه تعالى
أن يحله حيث حبسه، فعرض له عارض من عدو أو مرض
أو غيرهما حبسه عن الوصول إلى البيت الحرام أو الموقفين،
كان أثر هذا الاشتراط أنه يحل بمجرد الحبس من جميع ما
أحرم منه، ولا يجب عليه الهدي ولا الحلق أو التقصير
للتحلل من إحرامه، كما لا يجب عليه الطواف والسعي
للتحلل من النساء إذا كان محصورا.
وهذا القول وإن كان لا يخلو من وجه، إلا أن الأحوط
لزوما مراعاة ما سبق ذكره في المسائل المتقدمة في كيفية
التحلل عند الحصر والصد، وعدم ترتيب الأثر المذكور
على اشتراط التحلل.
226

إلى هنا فرغنا من واجبات الحج، فلنشرع الآن في
آدابه، وقد ذكر الفقهاء من الآداب مال لا تسعه هذه الرسالة
فنقتصر على يسير منها.
وليعلم أن استحباب جملة من المذكورات مبتن على
قاعدة التسامح في أدلة السنن، فلا بد من الاتيان بها برجاء
المطلوبية لا بقصد الورود، وكذا الحال في المكروهات.
227

مستحبات الاحرام
يستحب في الاحرام أمور:
(1) تنظيف الجسد، وتقليم الأظفار، وأخذ الشارب،
وإزالة الشعر من الإبطين والعانة، كل ذلك قبل الاحرام.
(2) تسريح شعر الرأس واللحية من أول ذي القعدة لمن
أراد الحج، وقبل الشهر واحد لمن أراد العمرة المفردة.
وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك، وهذا القول وإن كان
ضعيفا إلا أنه أحوط.
(3) الغسل للاحرام في الميقات. ويصح من الحائض
والنفساء أيضا على الأظهر. وإذا خاف عوز الماء في الميقات
قدمه عليه، فإن وجد الماء في الميقات أعاده.
وإذا اغتسل ثم أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما
يحرم على المحرم أعاد غسله، ويجزئ الغسل نهارا إلى آخر
الليلة الآتية، ويجزئ الغسل ليلا إلى آخر النهار الآتي.
228

(4) أن يدع عند الغسل على ما ذكره الصدوق (ره)
ويقول:
" بسم الله وبالله اللهم اجعله لي نورا وطهورا وحرزا
وأمنا من كل خوف، وشفاء من كل داء وسقم. اللهم
طهرني وطهر قلبي واشرح لي صدري، وأجر على لساني
محبتك، ومدحتك، والثناء عليك، فإنه لا قوة لي إلا بك،
وقد علمت أن قوام ديني التسليم لك، والاتباع لسنة نبيك
صلواتك عليه وآله ".
(5) أن يدعو عند لبس ثوبي الاحرام ويقول:
" الحمد لله الذي رزقني ما أواري به عورتي وأؤدي فيه
فرضي، وأعبد فيه ربي: وأنتهي فيه إلى ما أمرني. الحمد لله
الذي قصدته فبلغني، وإرادته فأعانني وقبلني ولم يقطع بي،
ووجهه أردت فسلمني، فهو حصني، وكهفي، وحرزي،
وظهري، وملاذي، ورجائي، ومنجاي، وذخري، وعدتي
في شدتي ورخائي ".
229

(6) أن يكون ثوباه للاحرام من القطن.
(7) أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر. فإن لم يتمكن
فبعد فريضة أخرى، وإلا فبعد ركعتين أو ست ركعات من
النوافل، والست أفضل، يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة
وسورة التوحيد، وفي الثانية الفاتحة وسورة الجحد، فإذا
فرغ حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وآله ثم يقول:
" اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك، وآمن
بوعدك، واتبع أمرك، فإني عبدك وفي قبضتك، لا أوقى إلا
ما وقيت، ولا آخذ إلا ما أعطيت، وقد ذكرت الحج، فأسألك
أن تعزم لي عليه على كتابك، وسنة نبيك صلى الله عليه
وآله، وتقويني على ما ضعفت عنه، وتسلم مني مناسكي في
يسر منك وعافية، واجعلني من وفدك الذي رضيت
وارتضيت وسميت وكتبت.
اللهم إني خرجت من شقة بعيدة وأنفقت مالي ابتغاء
مرضاتك.
230

اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك
وسنة نبيك، صلى الله عليه وآله، فإن عرض لي عارض
يحبسني، فخلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي.
اللهم إن لم تكن حجة فعمرة.
أحرم لك شعري، وبشري، ولحمي ودمي، وعظامي،
ومخي، وعصبي، من النساء والثياب، والطيب، أبتغي
بذلك وجهك والدار الآخرة ".
(8) التلفظ بنية الاحرام مقارنا للتلبية.
(9) رفع الصوت بالتلبية للرجال.
(10) أن يقول في تلبيته: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا
شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك
لك لبيك).
لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك داعيا إلى دار السلام
لبيك، لبيك غفار الذنوب لبيك، لبيك أهل التلبية لبيك،
231

لبيك ذا الجلال والاكرام لبيك، لبيك تبدئ والمعاد إليك
لبيك، لبيك نستغني ويفتقر إليك لبيك، لبيك مرهوبا
ومرغوبا إليك لبيك، لبيك إله الحق لبيك لبيك ذا النعماء
والفضل الحسن الجميل لبيك، لبيك كشاف الكرب
العظام لبيك، لبيك عبدك وابن عبديك لبيك، لبيك
يا كريم لبيك ".
ثم يقول:
" لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد صلوات الله عليه
وعليهم لبيك، لبيك بحجة وعمرة معا لبيك، لبيك هذه
متعة عمرة إلى الحج لبيك، لبيك تمامها وبلاغها عليك
لبيك ".
(11) تكرار التلبية حال الاحرام، عند الاستيقاظ من
النوم، وبعد كل صلاة، وعند كل ركوب ونزول وكل علو
أكمة أو هبوط واد منها، وعند ملاقاة الراكب، وفي الأسحار
يستحب إكثارها ولو كان المحرم جنبا أو حائضا، ولا
232

يقطعها في عمرة التمتع إلى أن يشاهد بيوت مكة القديمة،
وفي حج التمتع إلى زوال يوم عرفة، كما تقدم في المسألة 186.
مكروهات الاحرام
يكره في الاحرام أمور:
(1) الاحرام في ثوب أسود، بل الأحوط ترك ذلك،
والأفضل الاحرام في ثوب أبيض.
(2) النوم على الفراش الأصفر، وعلى الوسادة
الصفراء.
(3) الاحرام في الثياب الوسخة، ولو وسخت حال
الاحرام فالأولى أن لا يغسلها ما دام محرما، ولا بأس
بتبديلها.
(4) الاحرام في الثياب المعلمة، أي: المشتملة على الرسم
ونحوه.
233

(5) استعمال الحناء قبل الاحرام إذا كان أثره باقيا إلى
وقت الاحرام.
(6) دخول الحمام، والأولى بل الأحوط أن لا يدلك
المحرم جسده.
(7) تلبية من يناديه، بل الأحوط ترك ذلك.
234

دخول الحرم ومستحباته
يستحب في دخول الحرم أمور:
(1) النزول من المركوب عند وصوله الحرم، والاغتسال
لدخوله.
(2) خلع نعليه عند دخوله الحرم وأخذهما بيده تواضعا
وخشوعا لله سبحانه.
(3) أن يدعو بهذا الدعاء عند دخول الحرم:
" اللهم إنك قلت في كتابك المنزل، وقولك الحق:
(وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا، وعلى كل ضامر
يأتين من كل فج عميق) اللهم وإني أرجو أن أكون ممن
أجاب دعوتك، وقد جئت من شقة بعيدة وفج عميق،
سامعا لندائك ومستجيبا لك مطيعا لأمرك، وكل ذلك
بفضلك علي وإحسانك إلي، فلك الحمد على ما وفقتني له
أبتغي بذلك الزلفة عندك، والقربة إليك والمنزلة لديك،
235

والمغفرة لذنوبي، والتوبة علي منها بمنك، اللهم صل على
محمد وآل محمد وحرم بدني على النار، وآمني من عذابك
وعقابك برحمتك يا أرحم الراحمين ".
(4) أن يمضغ شيئا من الإذخر عند دخوله الحرم.
236

آداب دخول مكة المكرمة
والمسجد الحرام
يستحب لمن أراد أن يدخل مكة المكرمة أن يغتسل قبل
دخولها، وأن يدخلها بسكينة ووقار.
ويستحب لمن جاء من طريق المدينة أن يدخل من
أعلاها، ويخرج من أسفلها.
ويستحب أن يكون حال دخول المسجد حافيا على
سكينة ووقار وخشوع، وأن يكون دخوله من باب بني
شيبة، وهذا الباب وإن جهل فعلا من جهة توسعة المسجد
إلا أنه قال بعضهم: إنه كان بإزاء باب السلام، فالأولى
الدخول من باب السلام، ثم يأتي مستقيما إلى أن يتجاوز
الأسطوانات.
ويستحب أن يقف على باب المسجد ويقول:
" السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، بسم الله
237

وبالله ومن الله، وما شاء الله، والسلام على أنبياء الله
ورسله، والسلام على رسول الله، والسلام على إبراهيم
خليل الله، والحمد لله رب العالمين ".
ثم يدخل المسجد متوجها إلى الكعبة رافعا يديه إلى
السماء ويقول:
" اللهم إني أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن
تقبل توبتي، وأن تجاوز عن خطيئتي، وتضع عني وزري.
الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام. اللهم إني أشهدك أن
هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس، وأمنا مباركا،
وهدى للعالمين، اللهم إني عبدك والبلد بلدك والبيت
بيتك، جئت أطلب رحمتك، وأؤم طاعتك، مطيعا لأمرك،
راضيا بقدرك، أسألك مسألة الفقير إليك، الخائف
لعقوبتك، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، واستعملني
بطاعتك ومرضاتك ".
وفي رواية أخرى يقف على باب المسجد ويقول:
238

بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله، وما شاء الله وعلى
ملة رسول الله صلى الله عليه وآله، وخير الأسماء لله،
والحمد لله، والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله،
السلام على محمد بن عبد الله، السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته، السلام على أنبياء الله ورسله، السلام
على إبراهيم خليل الرحمن، السلام على المرسلين، والحمد
لله رب العالمين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل
محمد، وارحم محمدا وآل محمد، كما صليت وباركت
وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم صل على محمد [وآل محمد] عبدك ورسولك،
وعلى إبراهيم خليلك، وعلى أنبيائك ورسلك، وسلم
عليهم، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
اللهم افتح لي أبواب رحمتك، واستعملني في طاعتك
ومرضاتك، واحفظني بحفظ الايمان أبدا ما أبقيتني جل ثناء
239

وجهك، الحمد لله الذي جعلني من وفده وزواره، وجعلني
ممن يعمر مساجده، وجعلني ممن يناجيه.
اللهم إني عبدك، وزائرك في بيتك، وعلى كل مأتي حق لمن
أتاه وزاره، وأنت خير مأتي وأكرم مزور، فأسألك يا الله
يا رحمن، وبأنك أنت الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك
لك، وبأنك واحد أحد صمد، لم تلد ولم تولد، ولم يكن له
كفوا أحد، وأن محمدا عبدك ورسولك صلى الله عليه وعلى
أهل بيته، يا جواد يا كريم، يا ماجد يا جبار يا كريم،
أسألك أن تجعل تحفتك إياي بزيارتي إياك أول شئ تعطيني
فكاك رقبتي من النار ".
ثم يقول ثلاثا:
" اللهم فك رقبتي من النار ".
ثم يقول:
" وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب، وادرأ عني شر
شياطين الإنس والجن، وشر فسقة العرب والعجم ".
240

ويستحب عندما يحاذي الحجر الأسود أن يقول:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمد عبده ورسوله، آمنت بالله، وكفرت بالطاغوت،
وباللات والعزى، وبعبادة الشيطان وبعبادة كل ند يدعى
من دون الله ".
ثم يذهب إلى الحجر الأسود ويستلمه ويقول:
" الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا
الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أكبر
من خلقه، أكبر ممن أخشى وأحذر، ولا إله إلا الله وحده لا
شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت
ويحيي، بيده الخير، وهو على كل شئ قدير ".
ويصلي على محمد وآل محمد، ويسلم على الأنبياء كما
كان يصلي ويسلم عند دخوله المسجد الحرام، ثم يقول:
" إني أو من بوعدك وأوفي بعهدك ".
وفي رواية صحيحة عن أبي عبد الله عليه السلام، إذا
241

دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك، واحمد الله وأثن
عليه، وصل على النبي صلى الله عليه وآله، وأسأل الله أن
يتقبل منك، ثم استلم الحجر وقبله، فإن لم تستطيع أن
تقبله فاستلمه بيدك، فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر
إليه وقل:
" اللهم أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي
بالموافاة. اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك، أشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله،
آمنت بالله، وكفرت بالجبت والطاغوت وباللات والعزى،
وعبادة الشيطان وعبادة كل ند يدعى من دون الله تعالى ".
فإن لم تستطع أن تقول هذا كله فبعضه، وقل:
" اللهم إليك بسطت يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي،
فاقبل سبحتي، واغفر لي وارحمني، اللهم إني أعوذ بك من
الكفر والفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة ".
242

آداب الطواف
روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
تقول في الطواف:
" اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشى به على طلل.
الماء كما يمشى به على جدد الأرض، وأسألك باسمك
الذي يهتز له عرشك، وأسألك باسمك الذي تهتز له أقدام
ملائكتك، وأسألك باسمك الذي دعاك به موسى من
جانب الطور فاستجبت له، وألقيت عليه محبة منك،
وأسألك باسمك الذي غفرت به لمحمد صلى الله عليه وآله
ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأتممت عليه نعمتك أن تفعل
بي كذا وكذا " ما أحببت من الدعاء.
وكلما ما انتهيت إلى باب الكعبة فصل على النبي صلى
الله عليه وآله، وتقول فيما بين الركن واليماني والحجر
الأسود:
243

" ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب
النار ".
وقل في الطواف:
" اللهم إني إليك فقير، وإني خائف مستجير، فلا تغير
جسمي، ولا تبدل اسمي ".
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين
عليه السلام إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه،
ثم يقول وهو ينظر إلى الميزاب:
" اللهم أدخلني الجنة برحمتك، وأجرني برحمتك من
النار، وعافني من السقم، وأوسع على من الرزق الحلال،
ادرأ عني شر فسقة الجن والإنس، وشر فسقة العرب
والعجم ".
وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام أنه لما انتهى
إلى ظهر الكعبة حتى يجوز الحجر قال:
" يا ذا المن والطول والجود والكرم إن عملي ضعيف
244

فضاعفه لي، وتقبله مني إنك أنت السميع العليم ".
وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام، أنه لما صار بحذاء
الركن اليماني قام فرفع يديه ثم قال:
" يا الله يا ولي العافية، وخالق العافية ورازق العافية،
والمنعم بالعافية، والمنان بالعافية، والمتفضل بالعافية علي
وعلى جميع خلقك، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، صل
على محمد وآل محمد وارزقنا العافية، ودوام العافية، وتمام
العافية، وشكر العافية، في الدنيا والآخرة، يا أرحم
الراحمين ".
وعن أبي عبد الله عليه السلام: إذا فرغت من طوافك
وبلغت مؤخر الكعبة وهو بحذاء المستجار دون الركن
اليماني بقليل فابسط يديك على البيت، والصق بدنك
وخدك بالبيت وقل:
" اللهم البيت بيتك، والعبد عبدك، وهذا مكان العائذ
بك من النار ".
245

ثم أقر لربك بما عملت، فإنه ليس من عبد مؤمن يقر
لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر الله له إن شاء الله.
وتقول:
" اللهم من قبلك الروح والفرج والعافية، اللهم إن عملي
ضعيف فضاعفه لي، واغفر لي ما اطلعت عليه مني، وخفي
على خلقك ".
ثم تستجير بالله من النار وتخير لنفسك من الدعاء، ثم
تستلم الركن اليماني ثم أئت الحجر الأسود.
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام: ثم استقبل الركن
اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود واختم به وتقول:
" اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيما آتيتني ".
ويستحب للطائف في كل شوط أن يستلم الأركان
كلها، وأن يقول عند استلام الحجر الأسود:
" أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي بالموافاة ".
246

آداب صلاة الطواف
يستحب في صلاة الطواف أن يقرأ بعد الفاتحة سورة
التوحيد في الركعة الأولى، وسورة الجحد في الركعة الثانية،
فإذا فرغ من صلاته حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد
وآل محمد، وطلب من الله تعالى أن يتقبل منه.
وعن الصادق عليه السلام، أنه سجد بعد ركعتي
الطواف وقال في سجوده:
" سجد وجهي لك تعبدا ورقا، لا إله إلا أنت حقا حقا،
الأول قبل كل شئ، والآخر بعد كل شئ، وها أنا ذا بين
يديك ناصيتي بيدك، واغفر لي إنه لا يغفر الذنب العظيم
غيرك، فاغفر لي فإني مقر بذنوبي على نفسي، ولا يدفع
الذنب العظيم غيرك ".
ويستحب أن يشرب من ماء (زمزم) قبل أن يخرج إلى
(الصفا) ويقول:
247

" اللهم اجعله علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل
داء وسقم ".
وإن أمكنه أتى (زمزم) بعد صلاة الطواف، وأخذ منه
ذنوبا أو ذنوبين، فيشرب فيه، ويصب الماء على رأسه وظهره
وبطنه، ويقول:
" اللهم اجعله علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل
داء وسقم ".
ثم يأتي الحجر الأسود فيخرج منه إلى الصفا.
248

آداب السعي
ويستحب الخروج إلى (الصفا) من الباب الذي يقابل
الحجر الأسود مع سكينة ووقار، فإذا صعد على (الصفا)
نظر إلى الكعبة، ويتوجه إلى الركن الذي فيه الحجر
الأسود، ويحمد الله ويثني عليه، ويتذكر آلاء الله ونعمه ثم
يقول: (الله أكبر) سبع مرات، (الحمد لله) سبع مرات (لا
إله إلا الله) سبع مرات، ويقول ثلاث مرات:
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد،
يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، وهو على كل شئ
قدير ".
ثم يصلي على محمد وآل محمد، ثم يقول ثلاث مرات:
" الله أكبر الحمد لله على ما هدانا، والحمد لله على ما
أولانا، والحمد لله الحي القيوم، والحمد لله الحي الدائم ".
ثم يقول ثلاث مرات:
249

" أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، لا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره
المشركون ".
ثم يقول ثلاث مرات:
" اللهم إني أسألك العفو واليقين في الدنيا
والآخرة ".
ثم يقول ثلاث مرات:
" اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا
عذاب النار ".
ثم يقول (الله أكبر) مائة مرة. (لا إله إلا الله) مائة مرة.
(الحمد لله) مائة مرة. (سبحان الله) مائة مرة، ثم يقول:
" لا إله إلا الله وحده، وحده، أنجز وعده ونصر عبده،
وغلب الأحزاب وحده، فله الملك، وله الحمد، وحده
وحده، اللهم بارك لي في الموت وفيما بعد الموت، اللهم إني
أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته، اللهم أظلني في ظل
250

عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ".
ويستودع الله دينه ونفسه وأهله كثيرا، فيقول:
" أستودع الله الرحمن الرحيم الذي لا تضيع ودائعه ديني
ونفسي وأهلي، اللهم استعملني على كتابك وسنة نبيك،
وتوفني على ملته، وأعذني من الفتنة ".
ثم يقول: (الله أكبر) ثلاث مرات، ثم يعيدها مرتين،
ثم يكبر واحدة، ثم يعيدها، فإن لم يستطع هذا فبعضه.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه إذا صعد (الصفا)
استقبل الكعبة، ثم يرفع يديه، ثم يقول:
" اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته قط، فإن عدت فعد علي
بالمغفرة، فإنك أنت الغفور الرحيم، اللهم افعل بي ما أنت
أهله، فإنك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني، وإن تعذبني
فأنت غني عن عذابي، وأنا محتاج إلى رحمتك، فيا من أنا
محتاج إلى رحمته ارحمني، اللهم لا تفعل بي ما أنا أهله،
فإنك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذبني ولن تظلمني
251

أصبحت أتقي عدلك ولا أخاف جورك، فيا من هو عدل لا يجور
ارحمني ".
وعن أبي عبد الله عليه السلام: إن أردت أن يكثر مالك
فأكثر الوقوف على (الصفا).
ويستحب أن يسعى ماشيا، وأن يمشي مع سكينة ووقار
حتى يأتي محل المنارة الأولى فيهرول إلى محل المنارة الأخرى
ولا هرولة على النساء.
ثم يمشي مع سكينة ووقار حتى يصعد على (المروة)
فيصنع عليها كما صنع على (الصفا) ويرجع من المروة إلى
الصفا على هذا النهج أيضا.
وإذا كان راكبا أسرع قليلا فيما بين المنارتين وينبغي أن
يجد في البكاء ويتباكى ويدعو الله كثيرا ويتضرع إليه.
252

آداب الاحرام
إلى الوقوف بعرفات
ما تقدم من الآداب في إحرام العمرة يجري في إحرام
الحج أيضا. فإذا أحرم للحج وخرج من مكة يلبي في طريقه
غير رافع صوته حتى إذا أشرف على الأبطح رفع صوته،
فإذا توجه إلى منى قال:
" اللهم إياك أرجو، وإياك أدعو، فبلغني أملي، وأصلح
لي عملي ".
ثم يذهب إلى منى بسكينة ووقار مشتغلا بذكر الله
سبحانه، فإذا وصل إليها قال:
" الحمد لله الذي أقدمنيها صالحا في عافية وبلغني هذا
المكان ".
ثم يقول:
" اللهم وهذه منى، وهي مما مننت به على أوليائك
253

من المناسك، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن
تمن علي فيها بما مننت على أوليائك وأهل طاعتك، فإنما أنا
عبدك وفي قبضتك ".
ويستحب له المبيت في منى ليلة عرفة، يقضيها في طاعة
الله تبارك وتعالى، والأفضل أن تكون عباداته ولا سيما
صلواته في مسجد الخيف، فإذا صلى الفجر عقب إلى طلوع
الشمس، ثم يذهب إلى عرفات، ولا بأس بخروجه منها
قبل طلوع الشمس أيضا، فإذا توجه إلى عرفات قال:
اللهم إليك صمدت، وإياك اعتمدت، ووجهك
أردت، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي، وأن تقضي لي
حاجتي، وأن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل
مني ".
ثم يلبي إلى أن يصل إلى عرفات.
254

آداب الوقوف بعرفات
يستحب في الوقوف بعرفات أمور، وهي كثيرة نذكر
بعضها منها:
(1) الطهارة حال الوقوف.
(2) الغسل عند الزوال.
(3) تفريغ النفس للدعاء والتوجه إلى الله.
(4) الوقوف بسفح الجبل في ميسرته.
(5) الجمع بين صلاتي الظهرين بأذان وإقامتين.
(6) الدعاء بما تيسر من المأثور وغيره. والأفضل المأثور،
فمن ذلك:
255

دعاء الإمام الحسين عليه السلام
يوم عرفة
روي أن بشرا وبشيرا ولدا غالب الأسدي
قالا: لما كان عصر عرفة في عرفات، وكنا
عند أبي عبد الله الحسين عليه السلام، خرج
عليه السلام من خيمته مع جماعة من أهل بيته
وأولاده وشيعته بحال التذلل والخشوع
والاستكانة، فوقف في الجانب الأيسر من
الجبل، وتوجه إلى الكعبة، ورفع يديه قبالة
وجهه كمسكين يطلب طعاما، وقرأ هذا
الدعاء:
256

(دعاء الإمام الحسين (ع) يوم عرفة)
الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه
مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع
فطر أجناس البدايع وأتقن بحكمته الصنايع،
لا تخفى عليه الطلايع، ولا تضيع عنده الودايع
جازي كل صانع، ورايش كل قانع، وراحم كل
ضارع، ومنزل المنافع والكتاب الجامع بالنور
الساطع، وهو للدعوات سامع وللكربات دافع
وللدرجات رافع، وللجبابرة قامع، فلا إله غيره
257

ولا شئ يعدله، وليس كمثله شئ، وهو السميع
البصير اللطيف الخبير، وهو على كل شئ قدير،
اللهم إني أرغب إليك. وأشهد بالربوبية لك
مقرا بأنك ربي، وأن إليك مردي، ابتدأتني
بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا، وخلقتني من
التراب ثم أسكنتني الأصلاب، آمنا لريب المنون
واختلاف الدهور والسنين، فلم أزل ظاعنا من
صلب إلى رحم في تقادم من الأيام الماضية و
القرون الخالية، لم تخرجني لرأفتك بي ولطفك
لي، واحسانك إلى في دولة أئمة الكفر، الذين
258

نقضوا عهدك وكذبوا رسلك، لكنك أخرجتني
للذي سبق لي من الهدى الذي له يسرتني، وفيه
أنشأتني، ومن قبل ذلك رؤفت بي، بجميل صنعك
وسوابغ نعمك، فابتدعت خلقي من مني يمنى،
وأسكنتني في ظلمات ثلاث، بين لحم ودم وجلد
لم تشهدني خلقي، ولم تجعل إلى شيئا من أمري،
ثم أخرجتني للذي سبق لي من الهدى إلى الدنيا
تاما سويا، وحفظتني في المهد طفلا صبيا،
ورزقتني من الغذاء لبنا مريا، وعطفت على
قلوب الحواضن، وكفلتني الأمهات الرواحم
259

وكلأتني من طوارق الجان، وسلمتني من الزيادة
والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمن، حتى إذا
استهللت ناطقا بالكلام، أتممت علي سوابغ
الأنعام، وربيتني زايدا في كل عام، حتى إذا اكتملت
فطرتي، واعتدلت مرتي (سريرتي)، أوجبت علي حجتك بأن
ألهمتني معرفتك، وروعتني بعجائب حكمتك (فطرتك)
وأيقظتني لما ذرات في سمائك وأرضك من بدائع
خلقك، ونبهتني لشكرك وذكرك، وأوجبت علي
طاعتك وعبادتك، وفهمتني ما جاءت به رسلك
ويسرت لي تقبل مرضاتك، ومننت علي في جميع
260

ذلك بعونك ولطفك، ثم إذ خلقتني من خير الثرى
لم ترض لي يا إلهي نعمة دون أخرى، ورزقتني من أنواع
المعاش وصنوف الرياش، بمنك العظيم الأعظم
علي، واحسانك القديم إلي، حتى إذا أتممت علي
جميع النعم وصرفت عني كل النقم لم يمنعك جهلي
وجرأتي عليك أن دللتني إلى ما يقربني إليك،
ووفقتني لما يزلفني لديك، فإن دعوتك أجبتني
وإن سئلتك أعطيتني، وإن أطعتك شكرتني،
وإن شكرتك زدتني، كل ذلك اكمال لأنعمك
علي، واحسانك إلي، فسبحانك سبحانك من مبدئ
261

معيد حميد مجيد، وتقدست أسماؤك، وعظمت
آلاؤك. فأي نعمك يا إلهي أحصي عددا وذكرا، أم
أي عطاياك أقوم بها شكرا، وهي يا رب أكثر من
أن يحصيها العادون، أو يبلغ علما بها الحافظون،
ثم ما صرفت ودرأت عني اللهم من الضرر والضراء
أكثر مما ظهر لي من العافية والسراء، وأنا أشهد
يا إلهي بحقيقة إيماني، وعقد عزمات يقيني، و
خالص صريح توحيدي، وباطن مكنون ضميري،
وعلائق مجاري نور بصري، وأسارير صفحة جبيني،
وخرق مسارب نفسي، وخذاريف مارن عرنيني
262

ومسارب سماخ (صماخ) سمعي، وما ضمت وأطبقت عليه
شفتاي، وحركات لفظ لساني، ومغرز حنك فمي وفكي،
ومنابت أضراسي، ومساغ مطعمي ومشربي،
وحمالة أم رأسي وبلوغ فارغ حبائل عنقي، وما
اشتمل عليه تامور صدري، وحمائل حبل وتيني
ونياط حجاب قلبي، وأفلاذ حواشي كبدي، وما
حوته شراسيف أضلاعي، وحقاق مفاصلي
وقبض عواملي وأطراف أناملي ولحمي ودمي و
شعري وبشري وعصبي وقصبي وعظامي ومخي
وعروقي وجميع جوارحي، وما انتسج على ذلك
263

أيام رضاعي، وما أقلت الأرض مني ونومي ويقظتي
وسكوني، وحركات ركوعي وسجودي أن لو حاولت
واجتهدت مدى الأعصار والأحقاب، لو عمرتها
أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك ما استطعت
ذلك إلا بمنك، الموجب علي به شكرك أبدا جديدا
وثناء طارفا عتيدا، أجل ولو حرصت أنا والعادون
من أنامك، أن نحصي مدى أنعامك سالفه وآنفه
ما حصرناه عددا ولا أحصيناه أمدا، هيهات أنى
ذلك وأنت المخبر في كتابك الناطق، والنبأ الصادق
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، صدق كتابك
264

اللهم وإنباؤك، وبلغت أنبياؤك ورسلك، ما أنزلت
عليهم من وحيك، وشرعت لهم وبهم من دينك،
غير أني يا إلهي أشهد بجهدي وجدي، ومبلغ طاعتي
ووسعي، وأقول مؤمنا موقنا، الحمد لله الذي لم
يتخذ ولدا فيكون موروثا ولم يكن له شريك في ملكه
فيضاده فيما ابتدع ولا ولي من الذل فيرفده فيما
صنع، فسبحانه سبحانه لو كان فيهما آلهة إلا الله
لفسدتا وتفطرتا سبحان الله الواحد الأحد الصمد
الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد الحمد
لله حمدا يعادل حمد ملائكة المقربين وأنبيائه
265

المرسلين، وصلى الله على خيرته محمد خاتم النبيين
وآله الطيبين الطاهرين المخلصين وسلم
ثم اندفع في المسألة والدعاء وقال وعيناه تنهمر بالدموع،
اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك، وأسعدني
بتقواك، ولا تشقني بمعصيتك وخر لي في قضائك
وبارك لي في قدرك، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت
ولا تأخير ما عجلت، اللهم اجعل غناي في نفسي
واليقين في قلبي، والاخلاص في عملي، والنور في
بصري، والبصيرة في ديني ومتعني بجوارحي،
واجعل سمعي وبصري الوارثين مني، وانصرني على
266

من ظلمني، وأرني فيه ثاري ومأربي، وأقر بذلك عيني
اللهم اكشف كربتي واستر عورتي، واغفر لي خطيئتي
واخسأ شيطاني، وفك رهاني، واجعل لي يا إلهي الدرجة
العليا في الآخرة والأولى، اللهم لك الحمد كما خلقتني
فجعلتني سميعا بصيرا، ولك الحمد كما خلقتني فجعلتني
خلقا سويا رحمة بي، وقد كنت عن خلقي غنيا، رب
بما برأتني فعدلت فطرتي، رب بما أنشأتني فأحسنت
صورتي، رب بما أحسنت إلى وفي نفسي عافيتي رب
بما كلأتني ووفقتني، رب بما أنعمت على فهديتني
رب بما أوليتني ومن كل خيرا أعطيتني، رب بما أطعمتني
267

وسقيتني، رب بما أغنيتني، رب بما أعنتني
وأعززتني، رب بما ألبستني من سترك الصافي، ويسرت
لي من صنعك الكافي، صل على محمد وآل محمد، وأعني
على بوائق الدهور وصروف الليالي والأيام ونجني
من أهوال الدنيا وكربات الآخرة، واكفني شر ما يعمل
الظالمون في الأرض، اللهم ما أخاف فاكفني، وما
أحذر فقني، وفي نفسي وديني فاحرسني، وفي سفري
فاحفظني، وفي أهلي ومالي فاخلفني، وفيما رزقتني
فبارك لي، وفي نفسي فذللني، وفي أعين الناس فعظمني
ومن شر الجن والإنس فسلمني، وبذنوبي فلا تفضحني
268

وبسريرتي فلا تخزني، وبعملي فلا تبتلني، ونعمك
فلا تسلبني، وإلى غيرك فلا تكلني، إلهي إلى من تكلني
إلى قريب فيقطعني، أم إلى بعيد فيتجهمني، أم إلى
المستضعفين لي، أنت ربي ومليك أمري، أشكو
إليك غربتي وبعد داري، وهواني على من ملكته أمري
إلهي فلا تحلل على غضبك، فإن لم تكن غضبت على
فلا أبالي سواك، سبحانك غير أن عافيتك أوسع
لي، فأسئلك يا رب بنور وجهك الذي أشرقت له
الأرض والسماوات، وكشفت به الظلمات، وصلح
به أمر الأولين والآخرين أن لا تميتني على غضبك
269

ولا تنزل بي سخطك، لك العتبى لك العتبى حتى
ترضى قبل ذلك، لا إله إلا أنت، رب البلد الحرام
والمشعر الحرام، والبيت العتيق الذي أحللته
البركة، وجعلته للناس آمنا، يا من عفا عن
عظيم الذنوب بحلمه، يا من أسبغ النعماء بفضله،
يا من أعطى الجزيل بكرمه، يا عدتي في شدتي، يا صاحبي
في وحدتي، يا غياثي في كربتي، يا وليي في نعمتي، يا
إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب
ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ورب محمد
خاتم النبيين وإله المنتجبين، ومنزل التورية
270

والإنجيل والزبور والفرقان، ومنزل كهيعص وطه
ويس والقرآن الحكيم، أنت كهفي حين تعييني المذاهب
في سعتها، وتضيق بي الأرض برحبها، ولولا رحمتك
لكنت من الهالكين، وأنت مقيل عثرتي، ولولا سترك
إياي لكنت من المفضوحين، وأنت مؤيدي بالنصر
على أعدائي، ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين
يا من خص نفسه بالسمو والرفعة، فأوليائه بعزه
يعتزون، يا من جعلت له الملوك نير المذلة على أعناقهم
فهم من سطواته خائفون، يعلم خائنة الأعين وما
تخفي الصدور، وغيب ما تأتي به الأزمنة والدهور
271

يا من لا يعلم كيف هو إلا هو، يا من لا يعلم ما هو إلا هو
يا من لا يعلمه إلا هو، يا من كبس الأرض على الماء
وسد الهواء بالسماء، يا من له أكرم الأسماء، يا ذا
المعروف الذي لا ينقطع أبدا، يا مقيض الركب ليوسف
في البلد القفر ومخرجه من الجب، وجاعله بعد
العبودية ملكا، يا راده على يعقوب بعد أن ابيضت
عيناه من الحزن فهو كظيم، يا كاشف الضر والبلوى
عن أيوب، ويا ممسك يدي إبراهيم عن ذبح ابنه
بعد كبر سنه وفناء عمره، يا من استجاب لزكريا
فوهب له يحيى، ولم يدعه فردا وحيدا، يا من أخرج
272

يونس من بطن الحوت، يا من فلق البحر لبني إسرائيل
فأنجاهم، وجعل فرعون وجنوده من المغرقين، يا
من أرسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته، يا من
لم يعجل على من عصاه من خلقه، يا من استنقذ
السحرة من بعد طول الجحود وقد غدوا في نعمته
يأكلون رزقه ويعبدون غيره، وقد حادوه ونادوه
وكذبوا رسله، يا الله يا الله يا بدئ، يا بديعا لا
ندلك، يا دائما لا نفاد لك يا حيا حين لا حي، يا
محيي الموتى، يا من هو قائم على كل نفس بما كسبت
يا من قل له شكري فلم يحرمني، وعظمت خطيئتي
273

فلم يفضحني، ورآني على المعاصي فلم يشهرني يخذلني يا من
حفظني في صغري، يا من رزقني في كبري، يا من
أياديه عندي لا تحصى ونعمه لا تجازى، يا من
عارضني بالخير والإحسان وعارضته بالإسائة
والعصيان، يا من هداني بالإيمان من قبل أن أعرف
شكر الامتنان، يا من دعوته مريضا فشفاني،
وعريانا فكساني، وجائعا فأشبعني، وعطشانا
فأرواني، وذليلا فأعزني، وجاهلا فعرفني، و
وحيدا فكثرني، وغائبا فردني، ومقلا فأغناني
ومنتصرا فنصرني، وغنيا فلم يسلبني، وأمسكت
274

عن جميع ذلك فابتدأني فلك الحمد والشكر يا من
أقال عثرتي ونفس كربتي وأجاب دعوتي وستر
عورتي وغفر ذنوبي وبلغني طلبتي ونصرني على
عدوي، وإن أعد نعمك ومننك وكرائم منحك
لا أحصيها، يا مولاي، أنت الذي مننت، أنت
الذي أنعمت، أنت الذي أحسنت، أنت الذي
أجملت، أنت الذي أفضلت، أنت الذي أكملت
أنت الذي رزقت، أنت الذي وقفت، أنت الذي
أعطيت، أنت الذي أغنيت، أنت الذي أقنيت
أنت الذي آويت، أنت الذي كفيت، أنت الذي
275

هديت، أنت الذي عصمت، أنت الذي سترت
أنت الذي غفرت، أنت الذي أقلت، أنت الذي
مكنت، أنت الذي أعززت، أنت الذي أعنت
أنت الذي عضدت، أنت الذي أيدت، أنت الذي
نصرت، أنت الذي شفيت، أنت الذي عافيت،
أنت الذي أكرمت، تباركت وتعاليت، فلك الحمد
دائما، ولك الشكر واصبا أبدا، ثم أنا يا إلهي المعترف
بذنوبي فاغفرها لي، أنا الذي أسأت، أنا الذي أخطأت
أنا الذي هممت، أنا الذي جهلت، أنا الذي غفلت أنا
الذي سهوت أنا الذي اعتمدت، أنا الذي تعمدت، أنا الذي وعدت
276

أنا الذي أخلفت، أنا الذي نكثت، أنا الذي أقررت
أنا الذي اعترفت بنعمتك على وعندي، وأبوء بذنوبي
فاغفرها لي، يا من لا تضره ذنوب عباده، وهو
الغني عن طاعتهم والموفق من عمل صالحا منهم
بمعونته ورحمته، فلك الحمد إلهي وسيدي، إلهي
أمرتني فعصيتك، ونهيتني فارتكبت نهيك، فأصبحت
لا ذا براءة لي فأعتذر ولا ذا قوة فأنتصر، فبأي
شئ أستقبلك يا مولاي، أبسمعي أم ببصري أم بلساني
أم بيدي أم برجلي، أليس كلها نعمك عندي،
وبكلها عصيتك يا مولاي، فلك الحجة والسبيل
277

على يا من سترني من الآباء والأمهات أن يزجروني،
ومن العشائر والإخوان أن يعيروني ومن السلاطين
أن يعاقبوني، ولو اطلعوا يا مولاي على ما اطلعت عليه
مني إذا ما أنظروني ولرفضوني وقطعوني، فها أنا ذا
يا إلهي بين يديك يا سيدي خاضع ذليل حصير حقير
لا ذو براءة فأعتذر، ولا ذو قوة فأنتصر، ولا حجة
فأحتج بها، ولا قائل لم أجترح ولم أعمل سوء وما عسى
الجحود ولو جحدت يا مولاي ينفعني، كيف وأنى
ذلك، وجوارحي كلها شاهدة على بما قد عملت، و
علمت يقينا غير ذي شك إنك سائلي من عظائم
278

الأمور، وأنك الحكيم العدل الذي لا تجور
وعدلك مهلكي، ومن كل عدلك مهربي، فإن
تعذبني يا إلهي فبذنوبي بعد حجتك علي، وإن تعف
عني فبحلمك وجودك وكرمك، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الظالمين، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المستغفرين، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الموحدين، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الخائفين، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الوجلين، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الراجين، لا إله إلا أنت
279

سبحانك إني كنت من الراغبين، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المهللين، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من السائلين، لا له إلا أنت
سبحانك إني كنت من المسبحين، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المكبرين، لا إله إلا أنت
سبحانك ربي ورب آبائي الأولين، اللهم هذا ثنائي
عليك ممجدا، واخلاصي لذكرك موحدا، و
إقراري بآلائك معددا، وإن كنت مقرا أني
لم أحصها لكثرتها وسبوغها وتظاهرها وتقادمها
إلى حادث، ما لم تزل تتعهدني به معها منذ خلقتني
280

وبرائتي من أول العمر من الاغناء من الفقر وكشف
الضر وتسبيب اليسر ودفع العسر وتفريج الكرب
والعافية في البدن والسلامة في الدين، ولو
رفدني على قدر ذكر نعمتك جميع العالمين من الأولين
والآخرين، ما قدرت ولاهم على ذلك، تقدست
وتعاليت من رب كريم عظيم رحيم، لا تحصى آلاؤك
ولا يبلغ ثناؤك، ولا تكافى نعماؤك، صل على محمد
وآل محمد، وأتمم علينا نعمك، وأسعدنا بطاعتك.
سبحانك لا إله إلا أنت اللهم إنك تجيب المضطر
وتكشف السوء، وتغيث المكروه وتشفي السقيم،
281

وتغني الفقير، وتجبر الكسير، وترحم الصغير، وتعين
الكبير، وليس دونك ظهير ولا فوقك قدير، و
أنت العلي الكبير، يا مطلق المكبل الأسير، يا
رازق الطفل الصغير، يا عصمة الخائف المستجير،
يا من لا شريك له ولا وزير، صل على محمد وآل محمد،
وأعطني في هذه العشية، أفضل ما أعطيت وأنلت
أحدا من عبادك من نعمة توليها وآلاء تجددها
وبلية تصرفها وكربة تكشفها ودعوة تسمعها،
وحسنة تتقبلها، وسيئة تتغمدها، إنك لطيف
بما تشاء خبير وعلى كل شئ قدير، اللهم إنك أقرب
282

من دعي، وأسرع من أجاب، وأكرم من عفى، وأوسع
من أعطى، وأسمع من سئل، يا رحمن الدنيا والآخرة
ورحيمهما، ليس كمثلك مسؤول ولا سواك مأمول،
دعوتك فأجبتني، وسئلتك فأعطيني، ورغبت
إليك فرحمتني، ووثقت بك فنجيتني، وفزعت
إليك فكفيتني، اللهم فصل على محمد عبدك و
رسولك ونبيك، وعلى آله الطيبين الطاهرين أجمعين
وتمم لنا نعمائك، وهنئنا عطائك، واكتبنا لك
شاكرين، ولالآئك ذاكرين، آمين آمين رب العالمين
اللهم يا من ملك فقدر، وقدر فقهر، وعصى
283

فستر، واستغفر فغفر، يا غاية الطالبين الراغبين
ومنتهى أمل الراجين، يا من أحاط بكل شئ علما،
ووسع المستقيلين رأفة ورحمة وحلما، اللهم
إنا نتوجه إليك في هذه العشية، التي شرفتها و
عظمتها بمحمد نبيك ورسولك، وخيرتك من
خلقك وأمينك على وحيك، البشير النذير،
السراج المنير، الذي أنعمت به على المسلمين، و
جعلته رحمة للعالمين، اللهم فصل على محمد
وآل محمد، كما محمد أهل لذلك منك يا عظيم
فصل عليه وعلى آله المنتجبين الطيبين الطاهرين
284

أجمعين، وتغمدنا بعفوك عنا، فإليك عجت
الأصوات بصنوف اللغات، فاجعل لنا اللهم
في هذه العشية نصيبا من كل خير تقسمه بين
عبادك، ونور تهدي به ورحمة تنشرها، وبركة
تنزلها وعافية تجللها ورزق تبسطه، يا أرحم
الراحمين، اللهم اقلبنا في هذا الوقت منجحين
مفلحين مبرورين غانمين، ولا تجعلنا من القانطين
ولا تخلنا من رحمتك، ولا تحرمنا ما نؤمله من
فضلك، ولا تجعلنا من رحمتك محرومين، ولا
لفضل ما نؤمله من عطائك قانطين، ولا تردنا
285

خائبين، ولا من بابك مطرودين، يا أجود الأجودين
وأكرم الأكرمين، إليك أقبلنا موقنين، ولبيتك
الحرام آمين قاصدين، فأعنا على مناسكنا، وأكمل
لنا حجنا واعف عنا وعافنا، فقد مددنا إليك أيدينا
فهي بذلة الاعتراف موسومة، اللهم فاعطنا في
هذه العشية ما سئلناك، واكفنا ما استكفيناك
فلا كافي لنا سواك، ولا رب لنا غيرك، نافذ فينا
حكمت، محيط بنا علمك، عدل فينا قضاؤك،
إقض لنا الخير، واجعلنا من أهل الخير، اللهم
أوجب لنا بجودك عظيم الأجر وكريم الذخر ودوام
286

اليسر، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين، ولا تهلكنا مع
الهالكين، ولا تصرف عنا رأفتك ورحمتك يا أرحم
الراحمين، اللهم اجعلنا في هذا الوقت ممن
سئلك فأعطيته، وشكرك فزدته، وتاب إليك
فقبلته، وتنصل إليك من ذنوبه كلها فغفرتها
له، يا ذا الجلال والاكرام، اللهم وفقنا وسددنا
واعصمنا، واقبل تضرعنا يا خير من سئل، ويا أرحم
من استرحم، يا من لا يخفى عليه اغماض الجفون،
ولا لحظ العيون ولا ما استقر في المكنون، ولا
ما انطوت عليه مضمرات القلوب، ألا كل ذلك
287

قد أحصاه علمك ووسعه حلمك، سبحانك
وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا، تسبح لك
السماوات السبع والأرضون ومن فيهن، وإن
من شئ إلا يسبح بحمدك، فلك الحمد والمجد وعلو
الجد، يا ذا الجلال والإكرام والفضل والإنعام،
والأيادي الجسام وأنت الجواد الكريم الرؤف الرحيم
اللهم أوسع على من رزقك الحلال، وعافني
في بدني وديني، وآمن خوفي وأعتق رقبتي من
النار، اللهم لا تمكر بي ولا تستدرجني، ولا
تخدعني، وادرء عني شر فسقة الجن والإنس،
288

ثم رفع رأسه وبصره إلى السماء وعيناه تفيضان بالدمع كأنهما مزادتان
وقال:
يا أسمع السامعين يا أبصر الناظرين، ويا أسرع
الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، صل على محمد وآل
محمد السادة الميامين، وأسئلك اللهم حاجتي التي
إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني، وإن منعتنيها
لم ينفعني ما أعطيتني، أسئلك فكاك رقبتي من
النار، لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك
الملك ولك الحمد وأنت على كل شئ قدير يا رب
يا رب يا رب
289

وكان يكرر قوله يا رب فشغل من حوله عن الدعاء لا نفسهم
وأقبلوا على الاستماع له والتأمين على دعائه ثم علت أصواتهم بالبكاء
معه حتى غربت الشمس وأفاض الناس معه. إلى هنا انتهى دعاء
الحسين (ع) يوم عرفة كما أورده الكفعمي وكذا المجلسي في كتاب
زاد المعاد، إلا أن السيد ابن طاووس أضاف بعد يا رب يا رب يا رب
هذه الزيادة........
........
إلهي أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيرا في فقري
إلهي أنا الجاهل في علمي فكيف لا أكون جهولا في جهلي،
إلهي إن اختلاف تدبيرك وسرعة طواء مقاديرك
290

منعا عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء
واليأس منك في بلاء، إلهي مني ما يليق بلؤمي و
منك ما يليق بكرمك، إلهي وصفت نفسك باللطف
والرأفة لي قبل وجود ضعفي، أفتمنعني منهما بعد
وجود ضعفي، إلهي إن ظهرت المحاسن مني فبفضلك
ولك المنة على، وإن ظهرت المساوئ مني فبعدلك
ولك الحجة على، إلهي كيف تكلني وقد تكفلت لي،
وكيف أضام وأنت الناصر لي، أم كيف أخيب وأنت
الحفى بي، ها أنا أتوسل إليك بفقري إليك، وكيف
أتوسل إليك بما هو محال أن يصل إليك، أم كيف
291

أشكو إليك حالي وهو لا يخفى عليك، أم كيف أترحم
بمقالي وهو منك برز إليك، أم كيف تخيب آمالي
وهي قد وفدت إليك، أم كيف لا تحسن أحوالي و
بك قامت، إلهي ما ألطفك بي مع عظيم جهلي،
وما أرحمك بي مع قبيح فعلي، إلهي ما أقربك مني
وأبعدني عنك، وما أرأفك بي فما الذي يحجبني
عنك، إلهي علمت باختلاف الآثار وتنقلات
الأطوار أن مرادك مني أن تتعرف إلى في كل شئ
حتى لا أجهلك في شئ ء، إلهي كلما أخرسني لؤمي
أنطقني كرمك، وكلما آيستني أوصافي أطمعتني
292

مننك، إلهي من كانت محاسنه مساوي، فكيف لا
تكون مساويه مساوي، ومن كانت حقايقه دعاوى
فكيف لا تكون دعاويه دعاوى، إلهي حكمك النافذ
ومشيتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالا، و
لا لذي حال حالا، إلهي كم من طاعة بنيتها، و
حالة شيدتها، هدم اعتمادي عليها عدلك، بل
أقالني منها فضلك، إلهي إنك تعلم أني وإن لم تدم
الطاعة مني فعلا جزما، فقد دامت محبة وعزما
إلهي كيف أعزم وأنت القاهر، وكيف لا أعزم و
أنت الآمر، إلهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار
293

فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك، كيف
يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك
أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون
هو المظهر لك، متى غبث حتى تحتاج إلى دليل
يدل عليك، ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي
التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها
رقيبا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك
نصيبا، إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار، فارجعني
إليك بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار حتى
ارجع إليك منها كما دخلت إليك منها مصون
294

السر عن النظر إليها، ومرفوع الهمة عن الاعتماد
عليها، إنك على كل شئ قدير، إلهي هذا ذلي ظاهر
بين يديك، وهذا حالي لا يخفى عليك، منك
أطلب الوصول إليك، وبك أستدل عليك،
فاهدني بنورك إليك، وأقمني بصدق العبودية
بين يديك، إلهي علمني من علمك المخزون، وصني
بسترك المصون، إلهي حققني بحقائق أهل القرب
واسلك بي مسلك أهل الجذب، إلهي أغنني بتدبيرك
لي عن تدبيري وباختيارك عن اختياري، وأوقفني
عن مراكز اضطراري، إلهي أخرجني من ذل نفسي،
295

وطهرني من شكي وشركي قبل حلول رمسي، بك
أنتصر فانصرني، وعليك أتوكل فلا تكلني، وإياك
أسئل فلا تخيبني، وفي فضلك أرغب فلا تحرمني
وبجنابك أنتسب فلا تبعدني وببابك أقف فلا تطردني
إلهي تقدس رضاك أن تكون له علة منك، فيكف
تكون له علة مني، إلهي أنت الغني بذاتك أن يصل
إليك النقع منك، فكيف لا تكون غنيا عني إلهي
إن القضاء والقدر يمنيني، وإن الهوى بوثايق
الشهوة أسرني، فكن أنت النصير لي حتى تنصرني و
تبصرني، وأغنني بفضلك حتى أستغني بك عن
296

طلبي، أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك
حتى عرفوك ووحدوك، أنت الذي أزلت الأغيار
عن قلوب أحبائك حتى لم يحبوا سواك ولم يلجئوا
إلى غيرك أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم
وأنت الذي هديتهم حيث استبانت لهم المعالم
ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من وجدك
لقد خاب من رضي دونك بدلا، ولقد خسر
من بغى عنك متحولا، كيف يرجى سواك وأنت
ما قطعت الاحسان، وكيف يطلب من غيرك
وأنت ما بدلت عادة الامتنان، يا من أذاق
297

أحبائه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملقين
ويا من ألبس أوليائه ملابس هيبته، فقاموا
بين يديه مستغفرين، أنت الذاكر قبل
الذاكرين وأنت البادي بالإحسان قبل توجه
العابدين وأنت الجواد بالعطاء قبل طلب
الطالبين وأنت الوهاب ثم لما وهبت لنا من
المستقرضين إلهي أطلبني برحمتك حتى أصل
إليك، واجذبني بمنك حتى أقبل عليك،
إلهي إن رجائي لا ينقطع عنك وإن عصيتك
كما أن خوفي لا يزايلني وإن أطعتك، فقد
298

دفعتني العوالم إليك وقد أوقعني علمي بكرمك
عليك، إلهي كيف أخيب وأنت أملي، أم كيف
أهان وعليك متكلي، إلهي كيف أستعز وفي
الذلة أركزتني، أم كيف لا أستعز وإليك
نسبتني، إلهي كيف لا أفتقر وأنت الذي في
الفقراء أقمتني، أم كيف أفتقر وأنت الذي
بجودك أغنيتني، وأنت الذي لا إله غيرك
تعرفت لكل شئ فما جهلك شئ، وأنت الذي
تعرفت إلى في كل شئ فرأيتك ظاهرا في كل
شئ وأنت الظاهر لكل شئ، يا من استوى
299

برحمانيته فصار العرش غيبا في ذاته، محقت
الآثار بالآثار ومحوت الأغيار بمحيطات أفلاك
الأنوار، يا من احتجب في سرادقات عرشه عن
أن تدركه الأبصار، يا من تجلى بكمال بهائه
فتحققت عظمته الاستواء، كيف تخفى وأنت
الظاهر، أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر
إنك على كل شئ قدير، والحمد لله وحده.
300

ومنه: دعاء
الإمام علي بن الحسين
عليه السلام
يوم عرفة
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد
بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام
رب الأرباب وإله كل مألوه وخالق كل
مخلوق ووارث كل شئ ليس كمثله شئ ولا يعزب
عنه علم شئ وهو بكل شئ محيط وهو على
كل شئ رقيب أنت الله لا إله إلا أنت الأحد
301

المتوحد الفرد المتفرد وأنت الله لا إله إلا
أنت الكريم المتكرم العظيم المتعظم الكبير
المتكبر وأنت الله لا إله إلا أنت العلي
المتعال الشديد المحال وأنت الله لا إله إلا
أنت الرحمن الرحيم العليم الحكيم وأنت الله لا إله
إلا أنت السميع البصير القديم الخبير وأنت الله
لا إله إلا أنت الكريم الأكرم الدائم
الأدوم وأنت الله لا إله إلا أنت الأول
قبل كل أحد والآخر بعد كل عدد وأنت
الله لا إله إلا أنت الداني في علوه والعالي
302

في دنوه وأنت الله لا إله إلا أنت ذو البهاء
والمجد والكبرياء والحمد وأنت الله لا إله
إلا أنت الذي أنشأت الأشياء من غير سنخ
وصورت ما صورت من غير مثال وابتدعت
المبتدعات بلا احتذاء أنت الذي قدرت
كل شئ تقديرا ويسرت كل شئ تيسيرا
ودبرت ما دونك تدبيرا أنت الذي لم يعنك
على خلقك شريك ولم يوازرك في أمرك
وزير ولم يكن لك مشاهد ولا نظير أنت
الذي أردت فكان حتما ما أردت وقضيت
303

فكان عدلا ما قضيت وحكمت فكان نصفا
ما حكمت أنت الذي لا يحويك مكان ولم يقم
لسلطانك سلطان ولم يعيك برهان ولا بيان
أنت الذي أحصيت كل شئ عددا وجعلت
لكل شئ أمدا وقدرت كل شئ تقديرا
أنت الذي قصرت الأوهام عن ذاتيتك
وعجزت الأفهام عن كيفيتك ولم تدرك
الأبصار موضع أينيتك أنت الذي لا تحد
فتكون محدودا ولم تمثل فتكون موجودا ولم تلد
فتكون مولودا أنت الذي لا ضد معك فيعاندك
304

ولا عدل لك فيكاثرك ولا ند لك فيعارضك
أنت الذي ابتدأ واخترع واستحدث وابتدع
وأحسن صنع ما صنع سبحانك ما أجل شأنك
وأسنى في الأماكن مكانك وأصدع بالحق
فرقانك سبحانك من لطيف ما ألطفك ورؤوف
ما أرأفك وحكيم ما أعرفك سبحانك من
مليك ما أمنعك وجواد ما أوسعك ورفيع
ما أرفعك ذو البهاء والمجد والكبرياء والحمد
سبحانك بسطت بالخيرات يدك وعرفت الهداية
من عندك فمن التمسك لدين أو دنيا وجدك
305

سبحانك خضع لك من جرى في علمك وخشع
لعظمتك ما دون عرشك وانقاد للتسليم
لك كل خلقك سبحانك لا تحس ولا تجس
ولا تمس ولا تكاد ولا تماط ولا تنازع ولا
تجارى ولا تمارى ولا تخادع ولا تماكر
سبحانك سبيلك جدد وأمرك رشد وأنت
حي صمد سبحانك قولك حكم وقضاؤك
حتم وإرادتك عزم سبحانك لا راد لمشيتك
ولا مبدل لكلماتك سبحانك باهر الآيات
فاطر السماوات بارئ النسمات لك الحمد حمدا
306

يدوم بدوامك ولك الحمد حمدا خالدا بنعمتك
ولك الحمد حمدا يوازي صنعك ولك الحمد
حمدا يزيد على رضاك ولك الحمد حمدا مع
حمد كل حامد وشكرا يقصر عنه شكر كل
شاكر حمدا لا ينبغي إلا لك ولا يتقرب به
إلا إليك حمدا يستدام به الأول ويستدعى
به دوام الآخر حمدا يتضاعف على كرور
الأزمنة ويتزايد أضعافا مترادفة حمدا
يعجز عن إحصائه الحفظة ويزيد على ما أحصته
في كتابك الكتبة حمدا يوازن عرشك المجيد
307

ويعادل كرسيك الرفيع حمدا يكمل
لديك ثوابه ويستغرق كل جزاء جزاؤه
حمدا ظاهره وفق لباطنه وباطنه وفق
لصدق النية حمدا لم يحمدك خلق مثله
ولا يعرف أحد سواك فضله حمدا يعان
من اجتهد في تعديده ويؤيد من أغرق
نزعا في توفيته حمدا يجمع ما خلقت من
الحمد وينتظم ما أنت خالقه من بعد
حمدا لا حمد أقرب إلى قولك منه ولا أحمد
ممن يحمدك به حمدا يوجب بكرمك المزيد
308

بوفوره وتصله بمزيد بعد مزيد طولا منك
حمدا يجب لكرم وجهك ويقابل عز جلالك
رب صل على محمد وآل محمد المنتخب المصطفى
المكرم المقرب أفضل صلواتك وبارك
عليه أتم بركاتك وترحم عليه أمتع
رحماتك رب صل على محمد وآله صلاة
زاكية لا تكون صلاة أزكى منها وصل
عليه صلاة نامية لا تكون صلاة أنمى منها
وصل عليه صلاة راضية لا تكون صلاة
فوقها رب صل على محمد وآله صلاة ترضيه
309

وتزيد على رضاه وصل عليه صلاة ترضيك
وتزيد على رضاك له وصل عليه صلاة
لا ترضى له إلا بها ولا ترى غيره لها
أهلا رب صل على محمد وآله صلاة تجاوز
رضوانك ويتصل اتصالها ببقائك ولا ينفد
كما لا تنفد كلماتك رب صل على محمد
وآله صلاة تنتظم صلوات ملائكتك
وأنبيائك ورسلك وأهل طاعتك وتشتمل
على صلوات عبادك من جنك وإنسك
أهل إجابتك وتجتمع على صلاة كل
310

من ذرات وبرأت من أصناف خلقك رب
صل عليه وآله صلاة تحيط بكل صلاة
سالفة ومستأنفة وصل عليه وعلى آله
صلاة مرضية لك ولمن دونك وتنشئ مع
ذلك صلاة تضاعف معها تلك الصلوات
عندها وتزيدها على كرور الأيام زيادة
في تضاعيف لا يعدها غيرك رب صل على
أطائب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك
وجعلتهم خزنة علمك وحفظة دينك
وخلفائك في أرضك وحججك على عبادك
311

وطهرتهم من الرجس والدنس تطهيرا بإرادتك
وجعلتهم الوسيلة إليك والمسلك إلى
جنتك رب صل على محمد وآله صلاة تجزل
لهم بها من نحلك وكرامتك وتكمل لهم
الأشياء من عطاياك ونوافلك وتوفر
عليهم الحظ من عوائدك وفوائدك
رب صل عليه وعليهم صلاة لا أمد في
أولها ولا غاية لأمدها ولا نهاية لآخرها
رب صل عليهم زنة عرشك وما دونه
وملأ سمواتك وما فوقهن وعدد أرضيك
312

وما تحتهن وما بينهن صلاة تقربهم منك
زلفى وتكون لك ولهم رضى ومتصلة بنظائرهن
أبدا اللهم إنك أيدت دينك في كل أوان
بإمام أقمته علما لعبادك ومنارا في بلادك
بعد أن وصلت حبله بحبلك وجعلته الذريعة
إلى رضوانك وافترضت طاعته وحذرت
معصيته وأمرت بامتثال أوامره والانتهاء
عند نهيه وألا يتقدمه متقدم ولا يتأخر
عنه متأخر فهو عصمة اللائذين وكهف
المؤمنين وعروة المتمسكين وبهاء العالمين
313

اللهم فأوزع لوليك شكر ما أنعمت به عليه
وأوزعنا مثله فيه وآته من لدنك سلطانا
نصيرا وافتح له فتحا يسيرا وأعنه بركنك
الأعز واشدد أزره وقو عضده وراعه
بعينك واحمه بحفظك وانصره بملائكتك
وامدده بجندك الأغلب وأقم به كتابك
وحدودك وشرائعك وسنن رسولك صلواتك
اللهم عليه وآله وأحي به ما أماته الظالمون
من معالم دينك وأجل به صدأ الجور عن
طريقتك وابن به الضراء من سبيلك وأزل
314

به الناكبين عن صراطك وامحق به بغاة
قصدك عوجا وألن جانبه لأوليائك وابسط
يده على أعدائك وهب لنا رأفته ورحمته
وتعطفه وتحننه واجعلنا له سامعين مطيعين
وفي رضاه ساعين وإلى نصرته والمدافعة
عنه مكنفين وإليك وإلى رسولك صلواتك
اللهم عليه وآله بذلك متقربين اللهم
وصل على أوليائهم المعترفين بمقامهم
المتبعين منهجهم المقتفين آثارهم
المستمسكين بعروتهم المتمسكين بولايتهم
315

المؤتمين بإمامتهم المسلمين لأمرهم المجتهدين
في طاعتهم المنتظرين أيامهم المادين إليهم
أعينهم الصلوات المباركات الزاكيات
الناميات الغاديات الرائحات وسلم عليهم
وعلى أرواحهم واجمع على التقوى أمرهم
وأصلح لهم شؤونهم وتب عليهم إنك أنت
التواب الرحيم وخير الغافرين واجعلنا
معهم في دار السلام برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهم هذا يوم عرفة يوم شرفته وكرمته
وعظمته نشرت فيه رحمتك ومننت فيه
316

بعفوك وأجزلت فيه عطيتك وتفضلت به
على عبادك اللهم وأنا عبدك الذي أنعمت
عليه قبل خلقك له وبعد خلقك إياه فجعلته
ممن هديته لدينك ووفقته لحقك وعصمته
بحبلك وأدخلته في حزبك وأرشدته لموالاة
أوليائك ومعاداة أعدائك ثم أمرته فلم يأتمر
وزجرته فلم ينزجر ونهيته عن معصيتك
فخالف أمرك إلى نهيك لا معاندة لك ولا
استكبارا عليك بل دعاه هواه إلى ما زيلته
وإلى ما حذرته وأعانه على ذلك عدوك
317

وعدوه فأقدم عليه عارفا بوعيدك راجيا
لعفوك واثقا بتجاوزك وكان أحق عبادك
مع ما مننت عليه ألا يفعل وها أنا ذا بين
يديك صاغرا ذليلا خاضعا خاشعا خائفا
معترفا بعظيم من الذنوب تحملته وجليل
من الخطايا اجترمته مستجيرا بصفحك لائذا
برحمتك موقنا أنه لا يجيرني منك مجير
ولا يمنعني منك مانع فعد على بما تعود به
على من اقترف من تغمدك وجد على بما تجود
به على من ألقى بيده إليك من عفوك وامنن
318

على بما لا يتعاظمك أن تمن به على من أملك
من غفرانك واجعل لي في هذا اليوم نصيبا
أنال به حظا من رضوانك ولا تردني صفرا
مما ينقلب به المتعبدون لك من عبادك
وإني وإن لما قدم ما قدموه من الصالحات
فقد قدمت توحيدك ونفي الأضداد والأنداد
والأشباه عنك وأتيتك من الأبواب التي
أمرت أن تؤتى منها وتقربت إليك بما
لا يقرب أحد منك إلا بالتقرب به ثم
اتبعت ذلك بالإنابة إليك والتذلل
319

والاستكانة لك وحسن الظن بك والثقة
بما عندك وشفعته برجائك الذي قل
ما يخيب عليه راجيك وسألتك مسألة
الحقير الذليل البائس الفقير الخائف
المستجير ومع ذلك خيفة وتضرعا وتعوذا
وتلوذا لا مستطيلا بتكبر المتكبرين
ولا متعاليا بدالة المطيعين ولا مستطيلا
بشفاعة الشافعين وأنا بعد أقل الأقلين
وأذل الأذلين ومثل الذرة أو دونها
فيا من لم يعاجل المسيئين ولا ينده المترفين
320

ويا من يمن بإقالة العاثرين ويتفضل بإنظار
الخاطئين أنا المسيئ المعترف الخاطئ العاثر
أنا الذي أقدم عليك مجترئا أنا الذي عصاك
متعمدا أنا الذي استخفى من عبادك وبارزك
أنا الذي هاب عبادك وأمنك أنا الذي
لم يرهب سطوتك ولم يخف بأسك أنا الجاني
على نفسه أنا المرتهن ببليته أنا القليل
الحياء أنا الطويل العناء بحق من انتجبت
من خلقك وبمن اصطفيته لنفسك بحق من
اخترت من بريتك ومن اجتبيت لشأنك
321

بحق من وصلت طاعته بطاعتك ومن جعلت
معصيته كمعصيتك بحق من قرنت موالاته
بموالاتك ومن نطت معاداته بمعاداتك
تغمدني في يومي هذا بما تتغمد به من جأر إليك
متنصلا وعاذ باستغفارك تائبا وتولني بما
تتولى به أهل طاعتك والزلفى لديك
والمكانة منك وتوحدني بما تتوحد به من
وفي بعهدك وأتعب نفسه في ذاتك وأجهدها
في مرضاتك ولا تؤاخذني بتفريطي في جنبك
وتعدى طوري في حدودك ومجاوزة أحكامك
322

ولا تستدرجني بإملائك لي استدراج من
منعني خير ما عنده ولم يشركك في حلول
نعمته بي ونبهني من رقدة الغافلين وسنة
المسرفين ونعسة المخذولين وخذ بقلبي
إلى ما استعملك به القانتين واستعبدت
به المتعبدين واستنفذت به المتهاونين
وأعذني مما يباعدني عنك ويحول بيني وبين
حظي منك ويصدني عما أحاول لديك
وسهل لي مسلك الخيرات إليك والمسابقة
إليها من حيث أمرت والمشاحة فيها على ما أردت
323

ولا تمحقني فيمن تمحق من المستخفين بما أوعدت
ولا تهلكني مع من تهلك من المتعرضين
لمقتك ولا تتبرني فيمن تتبر من المنحرفين
عن سبلك ونجني من غمرات الفتنة وخلصني
من لهوات البلوى وأجرني من أخذ الإملاء
وحل بيني وبين عدو يضلني وهوى يوبقني
ومنقصة ترهقني ولا تعرض عني إعراض
من لا ترضى عنه بعد غضبك ولا تؤيسني
من الأمل فيك فيغلب على القنوط من
رحمتك ولا تمنحني بما لا طاقة لي به فتبهظني
324

مما تحملنيه من فضل محبتك ولا ترسلني من
يدك ارسال من لا خير فيه ولا حاجة بك
إليه ولا إنابة له ولا ترم بي رمي من سقط
من عين رعايتك ومن اشتمل عليه الخزي
من عندك بل خذ بيدي من سقطة المتردين
ووهلة المتعسفين وزلة المغرورين وورطة
الهالكين وعافني مما ابتليت به طبقات عبيدك
وإمائك وبلغني مبالغ من عنيت به وأنعمت
عليه ورضيت عنه فأعشته حميدا وتوفيته
سعيدا وطوقني طوق الاقلاع عما يحبط الحسنات
325

ويذهب بالبركات وأشعر قلبي الازدجار
عن قبائح السيئات وفواضح الحوبات ولا تشغلني
بما لا أدركه إلا بك عما لا يرضيك عني غيره
وانزع من قلبي حب دنيا دنية تنهى عما عندك
وتصد عن ابتغاء الوسيلة إليك وتذهل
عن التقرب منك وزين لي التفرد بمناجاتك
بالليل والنهار وهب لي عصمة تدنيني من
خشيتك وتقطعني عن ركوب محارمك وتفكني
من أسر العظائم وهب لي التطهير من دنس
العصيان وأذهب عني درن الخطايا وسربلني
326

بسربال عافيتك وردني رداء معافاتك
وجللني سوابغ نعمائك وظاهر لدى فضلك
وطولك وأيدني بتوفيقك وتسديدك
وأعني على صالح النية ومرضي القول
ومستحسن العمل ولا تكلني إلى حولي
وقوتي دون حولك وقوتك ولا تحزني
يوم تبعثني للقائك ولا تفضحني بين يدي
أوليائك ولا تنسني ذكرك ولا تذهب عني
شكرك بل ألزمنيه في أحوال السهو عند
غفلات الجاهلين لآلائك وأوزعني أن
327

أثني بما أوليتنيه وأعترف بما أسديته إلى
واجعل رغبتي إليك فوق رغبة الراغبين
وحمدي إياك فوق حمد الحامدين ولا تخذلني
عند فاقتي إليك ولا تهلكني بما أسديته
إليك ولا تجبهني بما جبهت به المعاندين لك
فإني لك مسلم أعلم أن الحجة لك وأنك
أولى بالفضل وأعود بالإحسان وأهل التقوى
وأهل المغفرة وأنك بأن تعفو أولى منك
بأن تعاقب وأنك بأن تستر أقرب منك
إلى أن تشهر فأحيني حياة طيبة تنتظم بما أريد
328

وتبلغ بي ما أحب من حيث لا آتي ما تكره
ولا ارتكب ما نهيت عنه وأمتني ميتة من
يسعى نوره بين يديه وعن يمينه وذللني بين
يديك وأعزني عند خلقك وضعني إذا خلوت
بك وارفعني بين عبادك وأغنني عمن هو
غني عني وزدني إليك فاقة وفقرا وأعذني
من شماتة الأعداء ومن حلول البلاء ومن
الذل والعناء تغمدني فيما اطلعت عليه مني
بما يتغمد به القادر على البطش لولا حلمه
والأخذ على الجريرة لولا أناته وإذا أردت
329

بقوم فتنة أو سوء فنجني منها لو إذا بك وإذ
لم تقمني مقام فضيحة في دنياك فلا تقمني
مثله في آخرتك واشفع لي أوائل مننك
بأواخرها وقديم فوائدك بحوادثها ولا تمدد
لي مدا يقو معه قلبي ولا تقرعني قارعة يذهب
لها بهائي ولا تسنمني خسيسة يصغر لها قدري
ولا نقيصة يجهل من أجلها مكاني ولا ترعني
روعة أبلس بها ولا خيفة أو حبس دونها اجعل
هيبتي في وعيدك وحذري من إعذارك
وإنذارك ورهبتي عند تلاوة آياتك واعمر
330

ليلي بإيقاظي فيه لعبادتك وتفردي
بالتهجد لك وتجردي بسكوني إليك
وانزال حوائجي بك ومنازلتي إياك في
فكاك رقبتي من نارك وإجارتي مما فيه
أهلها من عذابك ولا تذرني في طغياني
عامها ولا في غمرتي ساهيا حتى حين ولا تجعلني
عظة لمن اتعظ ولا نكالا لمن اعتبر
ولا فتنة لمن نظر ولا تمكر بي فيمن
تمكر به ولا تستبدل بي غيري ولا تغير لي
اسما ولا تبدل لي جسما ولا تتخذني هزوا
331

لخلقك ولا سخريا لك ولا تبعا إلا لمرضاتك
ولا ممتهنا إلا بالانتقام لك وأوجدني برد
عفوك وحلاوة رحمتك وروحك وريحانك
وجنة نعيمك وأذقني طعم الفراغ لما تحب
بسعة من سعتك والاجتهاد فيما يزلف
لديك وعندك وأتحفني بتحفة ممن تحفاتك
واجعل تجارتي رابحة وكرتي غير خاسرة
وأخفني مقامك وشوقني لقاءك وتب على
توبة نصوحا لا تبق معها ذنوبا صغيرة
ولا كبيرة ولا تذر معها علانية ولا سريرة
332

وانزع الغل من صدري للمؤمنين واعطف
بقلبي على الخاشعين وكن لي كما تكون للصالحين
وحلني حلية المتقين واجعل لي لسان صدق
في الغابرين وذكرا ناميا في الآخرين وواف
بي عرصة الأولين وتمم سبوغ نعمتك على
وظاهر كراماتها لدي املأ من فوائدك
يدي وسق كرائم مواهبك إلى وجاور بي
الأطيبين من أوليائك في الجنان التي زينتها
لأصفيائك وجللني شرائف نحلك في المقامات
المعدة لأحبائك واجعل لي عندك مقيلا
333

أوى إليه مطمئنا ومثابة أتبوءها وأقر
عينا ولا تقايسني بعظيمات الجرائر ولا تهلكني
يوم تبلى السرائر وأزل عني كل شك وشبهة
واجعل لي في الحق طريقا من كل رحمة وأجزل
لي قسم المواهب من نوالك ووفر على حظوظ
الإحسان من إفضالك واجعل قلبي واثقا بما عندك
وهمي مستفرغا لما هو لك واستعملني بما تستعمل
به خالصتك وأشرب قلبي عند ذهول العقول
طاعتك واجمع لي الغنى والعفاف والدعة
والمعافاة والصحة والسعة والطمأنينة
334

والعافية ولا تحبط حسناتي بما يشوبها من
معصيتك ولا خلواتي بما يعرض لي من نزعات
فتنتك وصن وجهي عن الطلب إلى أحد
من العالمين وذبني عن التماس ما عند الفاسقين
ولا تجعلني للظالمين ظهيرا ولا لهم على محو
كتابك يدا ونصيرا وحطني من حيث لا أعلم
حياطة تقيني بها وافتح لي أبواب توبتك
ورحمتك ورأفتك ورزقك الواسع إني
إليك من الراغبين وأتمم لي إنعامك
إنك خير المنعمين واجعل باقي عمري في الحج
335

والعمرة ابتغاء وجهك يا رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
(والسلام عليه وعليهم أبد الآبدين)
336

ومنه: ما في صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه
السلام، قال: إنما تعجل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ نفسك
للدعاء، فإنه يوم دعاء ومسألة، ثم تأتي الموقف وعليك
السكينة والوقار فاحمد الله، وهلله ومجده وأثن عليه، وكبره
مائة مرة، واحمده مائة مرة، وسبحه مائة مرة، واقرأ قل هو
الله أحد مائة مرة، وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت،
واجتهد فإنه يوم دعاء ومسألة، وتعوذ بالله من الشيطان،
فإن الشيطان لن يذهلك في موطن قط أحب إليه من أن
يذهلك في ذلك الموطن، وإياك أن تشتغل بالنظر إلى
الناس، وأقبل قبل نفسك، وليكن فيما تقول:
" اللهم إني عبدك فلا تجعلني من أخيب وفدك، وأرحم
مسيري إليك من الفج العميق ".
وليكن فيما تقول: " اللهم رب المشاعر كلها فك رقبتي من النار، وأوسع
علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن
337

والإنس ".
وتقول:
" اللهم لا تمكر بي ولا تخدعني ولا تستدرجني ".
وتقول:
" اللهم إني أسألك بحولك وجودك وكرمك ومنك
وفضلك، يا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين، ويا
أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، أن تصلي على محمد
وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا ". وتذكر حوائجك.
وليكن فيما تقول وأنت رافع رأسك إلى السماء:
" اللهم حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما
منعتني، والتي إن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، أسألك
خلاص رقبتي من النار ".
وليكن فيما تقول:
" اللهم إني عبدك وملك يدك، ناصيتي بيدك، وأجلي
بعلمك، أسألك أن توفقني لما يرضيك عني وأن تسلم مني
338

مناسكي التي أريتها خليلك إبراهيم ودللت عليها نبيك
محمدا صلى الله عليه وآله ".
وليكن فيما تقول:
" اللهم اجعلني ممن رضيت عمله وأطلت عمره وأحييته
بعد الموت حياة طيبة ".
ومن الأدعية المأثورة ما علمه رسول الله صلى الله عليه
وآله عليا عليه السلام على ما رواه معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: فتقول:
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله
الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت،
بيده الخير، وهو على كل شئ قدير.
اللهم لك الحمد، أنت كما تقول، وخيرا مما يقول القائلون.
اللهم لك صلاتي وديني ومحياي ومماتي، ولك تراثي،
وبك حولي، ومنك قوتي.
اللهم إني أعوذ بك من الفقر، ومن وسواس الصدر،
339

ومن شتات الأمر، ومن عذاب النار، ومن عذاب القبر.
اللهم إني أسألك من خير ما تأتي به الرياح، وأعوذ بك
من شر ما تأتي به الرياح، وأسألك خير الليل وخير النهار ".
ومن تلك الأدعية ما رواه عبد الله بن ميمون، قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى
الله عليه وآله وقف بعرفات فلما همت الشمس أن تغيب قبل
أن يندفع قال:
" اللهم إني أعوذ بك من الفقر، ومن تشتت الأمر، ومن
شرما يحدث بالليل والنهار، أمسى ظلمي مستجيرا
بعفوك، وأمسى خوفي مستجيرا بأمانك، وأمسى ذلي
مستجيرا بعزك، وأمسى وجهي الفاني مستجيرا
بوجهك الباقي، يا خير من سئل ويا أجود من أعطى،
جللني برحمتك، وألبسني عافيتك، واصرف عني شر جميع
خلقك ".
وروى أبو نصير عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إذا
340

غربت الشمس يوم عرفة فقل:
" اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف، وارزقنيه
من قابل أبدا ما أبقيتني، واقلبني اليوم مفلحا منجحا
مستجابا لي، مرحوما مغفورا لي، بأفضل ما ينقلب به اليوم
أحد من وفدك وحجاج بيتك الحرام، واجعلني اليوم من
أكرم وفدك عليك، وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم
من الخير والبركة والرحمة والرضوان والمغفرة، وبارك لي فيما
أرجع إليه من أهل أو مال قليل أو كثير، وبارك لهم
في ".
341

آداب الوقوف بالمزدلفة
وهي أيضا كثيرة نذكر بعضها:
(1) الإفاضة من عرفات على سكينة ووقار مستغفرا،
فإذا انتهى إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق يقول:
" اللهم ارحم موقفي، وزد في عملي، وسلم لي ديني،
وتقبل مناسكي ".
(2) الإقتصاد في السير.
(3) تأخير العشاءين إلى المزدلفة، والجمع بينهما بأذان
وإقامتين وإن ذهب ثلث الليل.
(4) نزول بطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من
المشعر، ويستحب للصرورة وطء المشعر برجله.
(5) إحياء تلك الليلة بالعبادة والدعاء بالمأثور وغيره،
ومن المأثور أن يقول:
" اللهم هذه جمع، اللهم إني أسألك أن تجمع لي فيها
342

جوامع الخير، اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن
تجمعه لي في قلبي، وأطلب إليك أن تعرفني ما عرفت أولياءك
في منزلي هذا، وأن تقيني جوامع الشر ".
(6) أن يصبح على طهر فيصلي الغداة ويحمد الله عز
وجل ويثني عليه، ويذكر من آلائه وبلائه ما قدر عليه
ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله، ثم يقول:
" اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار، وأوسع
علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس.
اللهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو وخير مسؤول،
ولكل وافد جائزة، فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيلني
عثرتي وتقبل معذرتي وأن تجاوز عن خطيئتي، ثم اجعل
التقوى من الدنيا زادي ".
(7) التقاط حصى الجمار من المزدلفة وعددها سبعون.
(8) السعي السير السريع إذا مر بوادي محسر، وقدر
للسعي مائة خطوة، ويقول:
343

" اللهم سلم لي عهدي، واقبل توبتي، وأجب دعوتي،
واخلفني بخير فيمن تركت بعدي ".
344

آداب رمي الجمرات
يستحب في رمي الجمرات أمور، منها:
(1) أن يكون على طهارة حال الرمي.
(2) أن يقول إذا أخذ الحصيات بيده.
" اللهم هذه حصياتي فأحصهن لي وارفعهن في عملي ".
(3) أن يقول عند كل رمية:
" الله أكبر، اللهم ادحر عني الشيطان، اللهم تصديقا
بكتابك وعلى سنة نبيك، اللهم اجعله حجا مبرورا
وعملا مقبولا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا ".
(4) أن يقف الرامي على بعد من جمرة العقبة بعشرة
أذرع، أو خمس عشرة ذراعا.
(5) أن يرمي جمرة العقبة متوجها إليها مستدبر القبلة،
ويرمي الجمرتين الأولى والوسطى مستقبل القبلة.
(6) أن يضع الحصاة على إبهامه ويدفعها بظفر السبابة،
345

(7) أن يقول إذا رجع إلى منزله في منى:
" اللهم بك وثقت وعليك توكلت، فنعم الرب ونعم
المولى ونعم النصير ".
346

آداب الهدي
يستحب في الهدي أمور، منها:
(1) أن يكون بدنة أو بقرة وإلا فكبشا فحلا.
(2) أن يكون سمينا.
(3) أن يقول عند الذبح أو النحر:
" وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما
أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب
العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين،
اللهم منك ولك، بسم الله والله أكبر، اللهم تقبل مني ".
(4) أن يباشر الذبح بنفسه، فإن لم يتمكن فليضع
السكين بيده، ويقبض الذابح على يده فيذبح، وإلا
فليشهد ذبحه، ولا بأس بأن يضع يده على يد الذابح.
347

آداب الحلق
(1) يستحب في الحلق أن يبتدئ فيه من الطرف
الأيمن، وأن يقول حين الحلق: " اللهم أعطني بكل شعرة
نورا يوم القيامة ".
(2) أن يدفن شعره في خيمته في منى.
(3) أن يأخذ من لحيته وشاربه ويقلم أظافيره بعد
الحلق.
348

آداب طواف الحج والسعي
ما ذكرناه من الآداب في طواف العمرة، وصلاته
والسعي فيها يجري هنا أيضا.
ويستحب الاتيان بالطواف يوم العيد، فإذا قام على باب
المسجد يقول:
" اللهم أعني على نسكك وسلمني له وسلمه لي، أسألك
مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه، أن تغفر لي ذنوبي، وأن
ترجعني بحاجتي، اللهم إني عبدك، والبلد بلدك، والبيت
بيتك، جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك، متبعا لأمرك،
راضيا بقدرك، أسألك مسألة المضطر إليك، المطيع
لأمرك، المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك، أن تبلغني
عفوك، وتجيرني من النار برحمتك ".
ثم يأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبله، فإن لم يستطع
349

استلم بيده وقبلها، وإن لم يستطع من ذلك أيضا استقبل
الحجر وكبر وقال كما قال حين طاف بالبيت يوم قدم مكة.
وقد مر ذلك في صفحة (242).
350

آداب منى
يستحب المقام بمنى أيام التشريق، وعدم الخروج منها
ولو كان الخروج للطواف المندوب.
ويستحب التكبير فيها بعد خمس عشر صلاة: أولها ظهر
يوم النحر، وبعد عشر صلوات في سائر الأمصار، والأولى
في كيفية التكبير أن يقول:
" الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر
ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا
من بهيمة الأنعام، والحمد لله على ما أبلانا ".
ويستحب أن يصلي فرائضه ونوافله في مسجد الخيف،
روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:
من صل في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه
عدلت عبادة سبعين عاما، ومن سبح الله فيه مائة تسبيحة
كتب له كأجر عتق رقبة، ومن هلل الله فيه مائة تهليلة
351

عدلت أجر إحياء نسمة، ومن حمد الله فيه مائة تحميدة
عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في سبيل الله عز
وجل.
352

آداب مكة المعظمة
يستحب فيها أمور، منها:
(1) الاكثار من ذكر الله وقراءة القرآن.
(2) ختم القرآن فيها.
(3) الشرب من ماء زمزم، ثم يقول:
" اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء
وسقم " ثم يقول: " بسم الله وبالله والشكر لله ".
(4) الاكثار من النظر إلى الكعبة.
(5) الطواف حول الكعبة عشر مرات: ثلاثة في أول
الليل، وثلاثة في آخره، وطوافان بعد الفجر، وطوافان بعد
الظهر.
(6) أن يطوف أيام إقامته في مكة ثلاثمائة وستين طوافا،
فإن لم يتمكن فاثنين وخمسين طوافا، فإن لم يتمكن أتى بما قدر عليه.
353

(7) دخول الكعبة للصرورة، ويستحب له أن يغتسل
قبل دخوله، وأن يقول عند دخوله:
" اللهم إنك قلت: ومن دخله كان آمنا، فآمني من
عذاب النار ".
ثم يصلي ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة
الحمراء، يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة حم
السجدة، وفي الثانية بعد الفاتحة خمسا وخمسين آية.
(8) أن يصلي في كل زاوية من زوايا البيت، وبعد
الصلاة يقول:
" اللهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق
رجاء رفده وجائزته ونوافله وفواضله، فإليك يا سيدي تهيئتي
وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك، ونوافلك
وجائزتك، فلا تخيب اليوم رجائي، يا من لا يخيب عليه
سائل، ولا ينقصه نائل، فإني لم آتك اليوم ثقة بعمل
صالح قدمته، ولا شفاعة مخلوق رجوته، ولكني أتيتك مقرا
354

بالظلم والإساءة على نفسي، فإنه لا حجة لي ولا عذر،
فأسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد وآله وتعطيني
مسألتي وتقيلني عثرتي وتقلبني برغبتي، ولا تردني مجبوها
ممنوعا ولا خائبا، يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك
للعظيم، أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم، لا
إله إلا أنت ".
ويستحب التكبير ثلاثا عند خروجه من الكعبة وأن
يقول:
" اللهم لا تجهد بلاءنا، ربنا ولا تشمت بنا أعداءنا،
فإنك أنت الضار النافع ".
ثم ينزل ويستقبل الكعبة، ويجعل الدرجات على جانبه
الأيسر، ويصلي ركعتين عند الدرجات.
355

طواف الوداع
يستحب لمن أراد الخروج من مكة أن يطوف طواف
الوداع، وأن يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل
شوط، وأن يأتي بما تقدم في ص (245) من المستحبات عند
الوصول إلى المستجار، وأن يدعو الله بما شاء، ثم يستلم
الحجر الأسود ويلصق بطنه بالبيت، ويضع إحدى يديه
على الحجر والأخرى نحو الباب، ثم يحمد الله ويثني عليه،
ويصلي على النبي وآله، ثم يقول:
" اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك
وحبيبك ونجيك وخيرتك من خلقك، اللهم كما بلغ
رسالاتك وجاهد في سبيلك وصدع بأمرك وأوذي في جنبك
وعبدك حتى أتاه اليقين، اللهم أقلبني مفلحا منجحا
مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من المغفرة
والبركة والرحمة والرضوان والعافية ".
356

ويستحب له الخروج من باب الحناطين ويقع قبال
الركن الشامي ويطلب من الله التوفيق لرجوعه مرة
أخرى.
ويستحب أن يشتري عند الخروج مقدار درهم من التمر
ويتصدق به على الفقراء.
357

زيارة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله
يستحب للحاج استحبابا مؤكدا أن يكون رجوعه من
طريق المدينة المنورة، ليزور الرسول الأعظم صلى الله عليه
وآله وسلم، والصديقة الطاهرة سلام الله عليها، وأئمة
البقيع سلام الله عليهما أجمعين. وكيفية زيارة الرسول
الأعظم صلى الله عليه وآله أن يقول:
" السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله، السلام
عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام
عليك يا أمين الله، أشهد أنك قد نصحت لأمتك
وجاهدت في سبيل الله وعبدته حتى أتاك اليقين، فجزاك
الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته، اللهم صل على محمد وآل
محمد أفضل ما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد
مجيد ".
358

زيارة الصديقة الزهراء
سلام الله عليها
" يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك
فوجدك لما امتحنك صابرة، وزعمنا أنا لك أولياء
ومصدقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك وأتانا به وصيه،
فإنا نسألك إن كنا صدقناك إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما
" بالبشرى / خ ل "، لنبشر أنفسنا بأنا قد طهرنا بولايتك ".
359

الزيارة الجامعة لأئمة البقيع عليهم السلام
" السلام على أولياء الله وأصفيائه، السلام على أمناء الله
وأحبائه، السلام على أنصار الله وخلفائه، السلام على محال
معرفة الله، السلام على مساكن ذكر الله، السلام على
مظهري أمر الله ونهيه، السلام على الدعاة إلى الله، السلام
على المستقرين في مرضاة الله، السلام على الممحصين في
طاعة الله، السلام على الأدلاء على الله، السلام على الذين
من والاهم فقد والى الله ومن عاداهم فقد عادى الله، ومن
عرفهم فقد عرف الله ومن جهلهم فقد جهل الله، ومن
اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ومن تخلى منهم فقد تخلى من
الله، أشهد الله أني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم،
مؤمن بسركم وعلانيتكم، مفوض في ذلك كله إليكم، لعن
الله عدو آل محمد من الجن والإنس من الأولين
360

والآخرين، وأبرأ إلى الله منهم، وصلى الله على محمد وآله ".
والحمد لله أولا وآخرا
361