الكتاب: دليل الناسك
المؤلف: السيد محسن الطباطبائي الحكيم
الجزء:
الوفاة: ١٣٩٠
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق: السيد محمد القاضي الطباطبائي
الطبعة: الثالثة
سنة الطبع: ١٤١٦ - ١٩٩٥ م
المطبعة: جاويد
الناشر: مدرسة دار الحكمة
ردمك:
ملاحظات:

دليل الناسك
تأليف
فقيه العصر آية الله العظمى
السيد محسن الطباطبائي الحكيم قدس سره
تحقيق
السيد محمد القاضي الطباطبائي
مؤسسة المنار
تعريف الكتاب 1

حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الثالثة
1416 ه‍ / 1995 م
اسم الكتاب: دليل الناسك
المؤلف: آية الله العظمى السيد الحكيم قدس سره
تحقيق: السيد محمد القاضي الطباطبائي
صف واخراج: مؤسسة المنار
الفلم والألواح الحساسة: بيان
المطبعة: جاويد
الطبعة: الثالثة - 1374 ه‍. ش
الكمية: 3000 نسخة
السعر: 700 تومان
الناشر: مدرسة دار الحكمة
2

تقديم
بقلم آية الله
السيد محمد باقر الحكيم
تقديم 3

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الذين قالوا ربنا الله ثم
استقاموا تتنزل عليهم الملائكة
ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا
بالجنة التي كنتم توعدون
تقديم 5

الإمام الحكيم..
السيرة الذاتية..
المرجعية الدينية..
المنهج العلمي..
تقديم 7

تمهيد:
الحديث عن الإمام الحكيم قدس سره (مؤلف هذا الكتاب) حديث واسع
الأطراف، متعدد الجوانب (1)، لأن الإمام الحكيم بالإضافة إلى شخصيته العلمية،
كان أحد المراجع العامين، النادرين في القرن الماضي الهجري.
وقد اقترن عصره بأحداث فريدة في التاريخ الاسلامي، والعالمي، وهي
أحداث سقوط الدولة الاسلامية الكبرى.. والحرب العالمية الأولى، والثانية..
والغزو الثقافي، والفكري الواسع للعالم الاسلامي.. والاحتلال العسكري للعالم
الاسلامي بشكل عام.. ووقوعه في قبضة الكفر العالمي سياسيا، واقتصاديا،
وعسكريا.
وقد عاش حياته في النجف الأشرف، التي كانت تعتبر إلى وقت قريب
أهم حاضرة علمية دينية لدى أتباع أهل البيت عليهم السلام، سواء على المستوى
العلمي، أم المعنوي، أم الروحي، أم الكثافة والنشاط الديني والسياسي. منذ
حركة الاصلاح الاسلامي في عصر الميرزا الشيرازي قدس سره، إلى حركة المشروطة
التي قادها الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني قدس سره، والمطالبة بتقييد
السلطات المطلقة للحاكم بالدستور، وكذلك التحولات السياسية نحو القومية،
والوطنية، ثم حركة التحرر والانعتاق من الهيمنة الأجنبية بكل أشكالها، والتي
قادها الميرزا محمد تقي الشيرازي قدس سره، وطلابه، وأتباعه.
والعراق كذلك يمثل من الناحية الجغرافية، والديموغرافية، والسياسية،

(1) لقد طلب مني الكتابة في هذا الموضوع الحساس من خلال رؤيتي القريبة والمحدودة
وكان بودي أن يتصدى لذلك آخرون ولكن ظروف الهجرة والمعاناة جعلتني أشعر
بمسؤولية تجاه هذا الأمر خصوصا وإن الموضوع له جانب عام يرتبط بتاريخ الأمة والمرجعية.
تقديم 9

والاقتصادية، والدينية موقعا متميزا، لا نكاد نجد له نظيرا في العالم
الاسلامي.
فهو على الحدود الشرقية للعالم العربي، ومنتهى الخليج الفارسي،
ويتكون سكانه من أغلبية عربية شيعية مضطهدة عبر التاريخ الاسلامي، مجاورة
لإيران الشيعية، إلى جانب أقلية عربية سنية، لها عمق تاريخي وبشري، يتمثل
بالحكم العثماني الحنفي السني، وبالعالم العربي ذي الأغلبية السنية، وإلى جانب
الشعب العربي في العراق، توجد قوميات تمثل القوميات الرئيسية في العالم
الاسلامي الكرد، والترك، والفرس، مع أقليات دينية يهودية، ومسيحية، وصابئة.
بالإضافة إلى الرافدين العظيمين (دجلة والفرات)، ومعادن النفط الأولى
في المنطقة العربية، ومعادن الكبريت... وغيرها من الثروات الطبيعية.
وإلى جانب ذلك العتبات المقدسة لأئمة أهل البيت عليهم السلام، في النجف
الأشرف، وكربلاء، والكاظمين، وسامراء، وغيرهم من أئمة ورجال علماء
المسلمين، والشخصيات التي تحضى باحترام وتقدير خاصين كميثم التمار،
وزيد بن علي بن الحسين عليهم السلام، والسيد محمد بن الإمام الهادي عليهما السلام.
إن كل هذه الأبعاد والجوانب والآفاق، يمكن أن تلقي بظلالها على
شخصية الإمام الحكيم، عندما يكون له هذا الموقع السياسي، والاجتماعي،
والعلمي، والديني الهام، وهو موقع المرجع الأعلى لأتباع أهل البيت عليهم السلام، وفي
مثل هذه الظروف الخاصة.
ولكن في هذه المقدمة، سوف أحاول أن أتناول بعض الجوانب والأبعاد،
ونترك الكثير من الجوانب، والآفاق، والتفاصيل إلى دراسات مفصلة، قد يوفق
إليها الباحثون.
وهذه الأبعاد هي الأمور التالية:
1 - السيرة الذاتية، ومعالم الشخصية.
2 - المرجعية الدينية، وملامحها العامة.
3 - المنهج العلمي، والميزات الخاصة.
تقديم 10

الفصل الأول
السيرة الذاتية ومعالم الشخصية
في هذا الجانب نحاول أن نرسم معالم الشخصية من خلال السيرة
الذاتية، حيث تمثل السيرة الذاتية والسلوك العالي الرفيع للإمام الحكيم قدس سره،
القاعدة والإطار لتبين معالم الشخصية والنتائج والآثار لها.
المنشأ والمولد
لقد ولد الإمام الحكيم في أوساط عائلية علمية، حيث كان والده آية الله
السيد مهدي الحكيم قدس سره، أحد الأعلام في الحوزة العلمية العربية في النجف
الأشرف (1).
كما كان زوج أخته العلامة السيد أحمد الحكيم قدس سره، أحد الأعلام العلمية
في الأوساط الاجتماعية العراقية، وخصوصا في أوساط الشيعة المؤمنين في
بغداد (الكرخ)، واشتراك أسرته - الحكيم - مع عدد من الأسر العلمية المعروفة،
بالآباء القريبين الذين لا يتجاوزون عن الخمسة، كآل بحر العلوم، وآل الحجة،
وآل البروجردي، وغيرهم.

(1) يمكن أن نتبين هذه الحقيقة من خلال مؤلفاته العلمية المتنوعة التي تركها، وكذلك من
خلال زملائه وأصدقائه كالسيد محمد سعيد الحبوبي، والشيخ موسى شراره العاملي
وغيرهما من الأعلام، وأيضا من خلال موقعه في الحوزة العلمية العربية، وتقدمه على
سائر أقرانه من الأعلام في الترشيح لخلافة الشيخ موسى شرارة في بلدة (بنت جبيل) التي
كانت تمثل حاضرة مهمة في جبل عامل، وكذلك من خلال نشاطه التبليغي المهم في تلك
البلاد.
تقديم 11

اهتمت وعرفت بعد عميدها وجدها الأول السيد أمير علي الطباطبائي
الحكيم، بسدانة الروضة الحيدرية المطهرة، بخلاف الأسر العلمية السابقة، التي
اهتمت بالدراسات العلمية الدينية، ولعل بداية هذا الاهتمام العلمي الواضح في
هذه الأسرة الشريفة، هو تصدي عميدها المجتهد الكبير المقدس العارف السيد
مهدي الطباطبائي الحكيم والد سيدنا الإمام الحكيم قدس سرهما، حيث يمكن أن يكون
لأخواله الأفاضل من آل الأعسم، ومصاهرته للشيخ جعفر الكاظمي أثر مهم في
هذا التوجه (1).
لقد ولد الإمام الحكيم في شوال عام 1306 ه‍، ولكنه بدأ حياته حيث
فارقه والده وهو في السنتين الأوليين من عمره، وتوفي عنه والده في بلاد
الهجرة جبل عامل سنة 1312 ه‍، وعمره ست سنوات، وتركه مع والدته وأخيه
الأكبر آية الله السيد محمود الحكيم قدس سره، الذي كان يكبره بعشر سنوات، لتتولى
الأم والأخ الكبير تربيته ورعايته، في ظروف عائلية ومعاشية صعبة، ولذا بدأ
حياته انسانا مجاهدا لنفسه وفي مجتمعه، وكان عليه أن يختار منهجه ويشق
طريقه معتمدا على الله تعالى، وعلى النفس، والإرادة، وحسن الاختيار.
ويبدو أن الأجواء الروحية والمعنوية التي خلفها والده وراءه، وكذلك
أصحابه (2)، كان لهم دور في هذه الرؤية، والتصميم، والاختيار، إذا لاحظنا بدقة
طبيعة المنهج العلمي والسلوك الأخلاقي والعلاقات الاجتماعية التي كانت
تحيط الإمام الحكيم قدس سره في بداية شبابه.
لقد كان لليتم، والفقر، والمعرفة الأخلاقية، أثرها العميق في شخصية
الإمام الحكيم طيلة حياته، من التوكل على الله تعالى، والثقة بالنفس، والاعتماد

(1) معارف الرجال ج 2 ص -
(2) يمكن أن نلاحظ ذلك بوضوح عندما نتابع تراجم السيد مهدي الحكيم، والسيد محمد
سعيد الحبوبي، والشيخ باقر القاموسي، والشيخ موسى شرارة، والشيخ على القمي،
والشيخ ملا علي حسين قلي الهمداني... وغيرهم في كتاب معارف الرجال، تأليف، الشيخ
محمد حرز الدين، الذي كان أحد أركان مجموعة السيد مهدي الحكيم والسيد محمد
سعيد الحبوبي، والشيخ موسى شرارة.
تقديم 12

عليها، والاستقلال في التفكير، والتربية الذاتية، وبنا الأجهزة والمؤسسات،
والممارسة الشخصية للأعمال.
وكذلك في العيش البسيط المتواضع المهذب من التشريفات، والاقتصاد
في الانفاق الشخصي والعام، والاهتمام بالفقراء والضعفاء في خططه وممارساته
الشخصية، سواء في الأوساط العامة أم الأوساط العلمية، وكذلك في مجمل
الحركة الاجتماعية، والثقافية.
وأيضا في المنهج والسلوك الأخلاقي، الذي يسايره في جميع أحواله
وأقواله وأفعاله وتصرفاته وآثاره.
الاعتماد على النفس
قد لا يكون من الصدفة والاتفاق، هو أن الأنبياء من أولي العزم، كانوا
يتصفون باليتم، كما نلاحظ ذلك في إبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد (صلى
الله عليهم أجمعين).
بل قد يكون ذلك سرا من الأسرار الإلهية، التي تمنح شخصية النبي
عنصرا نفسيا تكامليا، تجعله قادرا على الاعتماد على النفس، وتحمل
المسؤوليات الضخمة التي لا بد له من القيام بها.
والإمام الحكيم يبدو أن اليتم كان له دور مهم من تكوين الجانب النفسي،
والذاتي في شخصيته، حيث فقد أباه واقعيا في أول عمره، بسبب هجرته
البعيدة، وهو في بطن أمه، ثم وفاته بعد ذلك، وعمره ست سنوات، ولم ير أباه
إلا في أشهر قليلة، كانت هي أشهر رجوعه إلى العراق أثناء هجرته.
ويمكن أن نلاحظ المعالم التالية في شخصية هذا اليتيم، وسلوكه والتي
تعبر عن الاعتماد على النفس بعد الله تعالى.
تقديم 13

الأول: الحرص على القيام بأعماله بنفسه
كان الإمام الحكيم يحرص على القيام بأعماله بنفسه إلى أقصى حد
ممكن، وحتى في التفاصيل الصغيرة، حيث كان هذا الاتجاه الروحي ملازما
لشخصيته إلى آخر أيام حياته.
فقد كان يقوم بالبحث، والتدريس، والمراجعة، والكتابة، والتصحيح
لكتاباته، دون أن يكلف أحدا من طلابه، أو ذويه حتى في أيام شيخوخته.
وقد كتب كل هذه المؤلفات الكثيرة، دون أن يكلف أحدا باستنساخها أو
بمساعدته.
وعندما اتسعت دائرة الأعمال، بسبب المرجعية العامة، كان يقوم بعض
مساعديه في إنجاز بعض هذه الأعمال، ولكن كان يقوم هو بنفسه أيضا ببعضها،
بالقدر الذي يتسع له وقته، وفي جميع هذه المجالات دون أن يتخلى عن
بعضها.
كما كان أيضا يحاول أن يعتمد على نفسه في قضاء حاجاته الخاصة،
ويتجنب إلى أقصى حد تكليف الآخرين، أو الطلب منهم في قضاء هذه
الحاجات، وحتى في زمن الشيخوخة، لم يتخل عن هذا الاتجاه النفسي. حيث
كنت ألاحظ - مثلا - إنه كان يعد بنفسه كأس الليمون الحامض الذي وصفه
الأطباء له كشراب مفيد.
كما أنه كان يبادر بنفسه لشرب الماء من موضعه، ونحن جالسون حوله،
دون أن يطلب منا تحضير الماء، وهو شيخ تجاوز السبعين.
وكان يعد بنفسه فراشه، وأدوات الكتابة، وأقلام القصب، أو ملأ القلم
بالحبر، أو غير ذلك من الأمور البسيطة، والدقيقة، دون أن يكلف أحدا بذلك،
حتى خدمه أو أولاده.
وفي هذا الاتجاه كنت ألاحظ حرصه - وإلى أواخر أيامه - على أن يباشر
بنفسه دفع بعض مساعدات الفقراء والمحتاجين.
كما كان أيضا يباشر بنفسه الاستفسار، والسؤال عن الأشخاص، الذين
تقديم 14

يلتقون به من طلاب العلوم الدينية، أو الشخصيات، أو الكسبة.
بالإضافة إلى ذلك كله، كان يقوم بشكل مباشر بتصفية حسابات الذمم في
الحقوق الشرعية، أو تصفية وصايا الأموات، والاستماع المطول لمشكلات
الورثة والأحياء، ومحاولة معالجتها اجتماعيا وشرعيا، حيث استمر على هذه
الطريقة إلى أواخر أيام عمره وحياته بالقدر الذي يستوعبه وقته الشريف.
وهذا النوع من التعامل مع الناس، بالإضافة إلى ما يعبر عنه من اتجاه
نفسي، يرتبط بقضية الاعتماد على النفس، كان له - أيضا - تأثير روحي ونفسي
عميق في نفوس الأوساط التي كانت تتفاعل معه، أو الأشخاص الذين يرتبطون
به، حيث يحسون بالارتباط المباشر، والعواطف الحارة اللطيفة التي كان يعبر
عنها هذا السلوك، ويتحول في نفوسهم إلى حب عميق له، وتأثر، وتلقي تربوي
ومعنوي.
الثاني: قوة الإرادة
لقد كان الإمام الحكيم يتصف بقوة الإرادة والقدرة الفائقة في السيطرة
على عواطفه، وأحاسيسه، مما يجسد في جانب من هذه الصفة الاعتماد على
النفس، وفي جانب آخر الدرجة العالية من جهاد النفس وعنصر التقوى.
وقوة الإرادة عندما تكون في السيطرة والضبط للنفس، واتجاهاتها أمام ما
هو محرم وممنوع شرعا، تكاد أن تكون أمرا طبيعيا في الانسان الصالح المتقي،
فضلا عن الصالحين من المستوى الخاص، كالإمام الحكيم رحمه الله، ولكن عندما
تكون قوة الإرادة في السيطرة على النفس في الأمور المباحة، من أجل الوصول
إلى المستوى الأكمل في حركة النفس الانسانية، وكتعبير عن المعاني والمثل
والكمالات الإلهية، تصبح قوة الإرادة ذات مضمون آخر في شخصية الانسان.
وبهذا الصدد، أشير إلى بعض الأمثلة والنماذج ذات الأبعاد المختلفة، التي
تقديم 15

يمكن بمجموعها التعبير عن هذه الحقيقة والصفة في شخصيته (1).
1 - كان الإمام الحكيم قد ابتلاه الله بمجموعة من الأمراض المزمنة،
كأمراض المعدة، والمجاري البولية، والقلب، وسرعة الإصابة بالزكام والبرد،
والتعرق الشديد، لأقل الجهد البدني، وقد لازمه فترة طويلة من الزمن ومتفاوتة،
الأمر الذي كان يفرض عليه الالتزام بتناول بعض الأدوية، والنظام الخاص في
تناول الطعام والشراب، أو الرياضة البدنية كالمشي.
وقد كان هذا الأمر ميدانا لامتحان إرادته، حيث كان يتناول - أحيانا - بعض
الأدوية والطعام، لعدة سنوات بشكل منتظم ودقيق من حيث الوقت والكم.
كل ذلك فضلا عن التزامه الدائم منذ صغره ببعض المستحبات الشرعية،
والتي لا يكاد يتخلف عنها، كالتزامه بصلاة الليل، والتعقيب بعد الصلاة،
والصلاة تحية للمسجد، كلما دخله للدرس أو للعبادة، والاهتمام بالمؤمنين،
خصوصا كبار السن، وأولاد الرسول، وطلبة العلوم الدينية، بالقيام لهم
وتحيتهم... الخ.
2 - ومن الطريف الحاكي عن قوة إرادته، أنه عندما كان في سن السبعين
من عمره، منعه الطبيب من التدخين، وكان مشغولا حينها بتدخين سيكارة،
فبمجرد منع الطبيب، رمى السيكارة من يده، وكان ذلك آخر عهده بالتدخين،
من دون أن يخلف هذا الترك المفاجئ أي أثر على نفسيته، رغم تعوده عليها
خلال عشرات السنين.
وقد سأله بعض العلماء بعد عدة سنوات عن حاله تجاه شرب السيكارة،
فقال: لا زلت أشتهيها كما تركتها أول الأمر. ولكن دون أن يظهر عليه شئ من
ذلك.
3 - لقد اعتدى البعثيون المجرمون في العراق عندما جاءوا إلى السلطة،

(1) هذه النماذج هي مشاهدات قريبة عشتها شخصيا، وأتذكرها، وإلى جانبها العشرات من
الأمثلة في سلوكه وشخصيته مما عرفه الآخرون طيلة حياته الصعبة، أو عرفتها مما لا أذكره
أو لا مجال لذكره وتفصيله.
تقديم 16

على الإمام الحكيم في عام (1389 ه‍ المصادف 1969 م) أثناء زيارته لبغداد،
حيث داهموا بيته بعد منتصف الليل بادعاء التفتيش، ومحاولة القاء القبض على
ولده الحجة الشهيد السيد مهدي الحكيم، وفتشوا البيت حتى غرفة الإمام
الحكيم قدس سره، ومنذ ذلك الحين لم ير الإمام الحكيم ولده، ولم يسمع بخبره،
ومضت عدة شهور على هذه الحالة والإمام الحكيم محتجب بداره في الكوفة
احتجاجا على هذا العدوان، وغيره من الأعمال الاجرامية بحق الاسلام،
والحوزة العلمية والمؤمنين بشكل عام.
وكنا نظن في البداية، بأن الإمام الحكيم على علم بخبر ولده، حيث كان
قد حفظه الله وأنجاه من أيديهم بأعجوبة وعناية ربانية خاصة، حتى تهيأت
للشهيد السيد مهدي فرصة الخروج من العراق، فأخبر الإمام الحكيم بذلك، طلبا
للدعاء له بالنجاة، وعندئذ تبين لنا أن الإمام الحكيم لم يكن يعلم عن مصير
ولده الحبيب شيئا، ومع ذلك كان قد احتسب الأمر عند الله تعالى، وسكت على
البلاء احتسابا.
4 - لقد ابتلي الإمام الحكيم في أواخر أيامه بمرض عجز الكلية عن أداء
دورها في تصفية الدم، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة (اليوريو) في الدم، وهو
يؤدي عادة إلى فقدان المريض للتشخيص الدقيق - كما يذكر الأطباء - وقد
حدثني الدكتور أحمد ثامر، الذي كان رئيس صحة محافظة كربلاء لفترة طويلة،
وكان صديقا للعائلة، ويتردد على الإمام الحكيم عند زيارته لكربلاء: أنه عندما
سمع بمرض الإمام الحكيم لم يحس بضرورة زيارته، لأنه كان يعرف آثار
المرض، وبالتالي فسوف لا يتمكن الإمام الحكيم من تشخيصه عند زيارته،
ولكنه عندما سمع بأن الإمام الحكيم سوف يسافر إلى لندن، وكان يظن بأن هذا
السفر سوف يكون نهاية عمره الشريف، عزم على زيارته مودعا له، يقول:
وعندما دخلت عليه قدس سره، بادرني بالعتاب على عدم الزيارة إلى ذلك الوقت،
وأخذ يتحدث إلي بكل وعي وادراك، فأصبت بالدهشة من ذلك، وعرفت أن
هناك سرا في شخصيته، يتجاوز فيه هذه الأعراض الطبيعية للمرض.
تقديم 17

وكان هذا الأمر يثير دهشة الأطباء الحاذقين، أمثال الدكتور الأخصائي
محمود ثامر (1)، والدكتور الجراح كاظم شبر، وغيرهما ممن كان يتردد على
الإمام الحكيم، حيث كانوا يندهشون من قوة الإرادة، والسيطرة على المشاعر،
والعواطف، حتى أن كاظم شبر، ومحمود ثامر، ذكرا بأنهما لم يريا الإمام الحكيم
يفقد شيئا من إرادته، حتى على مستوى الآداب العامة، والمجاملة الراقية، وقد
اندهش الدكتور شبر في الثواني الأخيرة من حياة الإمام الحكيم، عندما دخل
عليه وهو يحتضر، فواجهه الإمام الحكيم بالشكر، وقال له: (زاحمناك يا دكتور).
لقد كنا نلاحظ هذا الصبر والإرادة القوية بوضوح، ولكن لم نكن ندرك
عمقه مثل الأطباء الذين كانوا يعرفون طبيعة المرض وآثاره وآلامه كما صرحوا
بذلك.
الثالث: تربية الأولاد والأبناء
وقد أعطى الإمام الحكيم الكثير من وقته واهتمامه لتربية ذريته وأهل بيته،
في محاولة لتجسيد المسؤولية تجاه الأهل والأولاد في هذا العمل، بالرغم من أن
ابتلاءه بتربية أكثر ذريته كان بعد أن أشرف قدس سره على سن الشيخوخة، وأصبح من
مراجع الاسلام، الأمر الذي يجعله تحت ضغط الاهتمامات بالقضايا العامة.
وكان هذا الموضوع من القضايا ذات الأهمية الخاصة في السيرة الذاتية
للإمام الحكيم من ناحية، وفي عمله المرجعي العام من ناحية أخرى.
ولكن سوف نتناول هذا الموضوع هنا من البعد الأول حيث كان من
الأبعاد الملفتة للنظر في الحوزة العلمية، ومما يغبط عليه الإمام الحكيم.
معالم التربية عند الإمام الحكيم
لقد كان قدس سره في موضوع التربية يستهدف بشكل عام واجمالي بناء

(1) الدكتور محمود ثامر هو أخ الدكتور أحمد ثامر السالف الذكر.
تقديم 18

الشخصية الاسلامية بأبعادها المختلفة، بحيث يكون نتاج هذه التربية
ومحصلها الانسان الصالح، الذي يسير في طريق الكمالات الإلهية ذاتيا،
ويتحمل مسؤولياته تجاه المجتمع الانساني، ويكون قادرا على الانسجام،
والحركة، والتأثير، ضمن هذه الجماعة، سواء في دائرة الأسرة، أو دائرة
المجتمع الكبير.
ومع قطع النظر عن مدى استقبال موضوع التربية (الانسان)، لهذه
الأهداف فإن مسؤولية المربي أن يهتم بهذه الأبعاد في هذا الموضوع، ويبذل
جهده من خلال المنهج الصحيح لتحقيقها.
وفي هذا المجال، نلاحظ الأبعاد التالية، التي كانت تمثل رؤية الإمام الحكيم، في تربية أولاده.
أولا: الاهتمام بشكل خاص بتربية أولاده على روح التقوى الحقيقية، من
خلال التأكيد على عناصر (الصدق) و (الأمانة) و (الورع) عن محارم الله،
والالتزام بالوظيفة الشرعية والحكم الإلهي، و (تحمل المسؤولية) تجاه الأمة،
وقضاياها المصيرية، وتجاه الحوزة العلمية والطلبة، وقضايا الناس وحاجاتهم
الحياتية.
وكان الإمام الحكيم، يؤكد بشكل أساسي على ثلاث نقاط رئيسية في هذا
المجال:
1 - الاخلاص لله تعالى في العمل وتوخي رضاه.
2 - المصلحة الاسلامية وما يهدى إليه العقل والحكمة، وكان يقول بهذا
الصدد: إذا عرضت عليك قضية، ورأي عقلك فيها المصلحة والفائدة، فاعرضها
على دينك فإذا رضي بها فافعلها، وإلا فاتركها.
فهو يرى أن أساس حركة سلوك الانسان هو العقل والمصلحة، ولكن في
إطار الشرع والحدود الإلهية.
3 - رضا الناس وموقفهم من العمل ومراعاة مشاعرهم وعواطفهم،
فالمباح قد يتحول إلى محظور ومحرم، عندما يكون في نظر الناس مرفوضا أو
تقديم 19

منكرا.
وفي مجال التقوى والورع، أشير إلى بعض الأمثلة الجزئية في تربية الإمام
الحكيم، ولكن لها دلالتها الكبيرة من خلال ملاحظتي الاجتماعية العامة.
1 - كان قدس سره يحتفظ بالنقود، والأموال الجزئية، التي نحصل عليها في
الأعياد والمناسبات، وعندما تمضي عليها سنة، كان يخرج خمسها وأحيانا
يعوض هذا الخمس بعد اخراجه احتياطا للأطفال، ولتربيتهم على هذا الواجب
الاسلامي المهم، وهو الخمس، وزرع وازع التقوى في هذا المجال في نفوسهم.
2 - عندما يبلغ أحدنا، كان يأمره بالتوبة واخراج رد المظالم عن الأموال
التي كان قد أتلفها في صغره، أو تجاوز عليها.
3 - الأمر بالالتزام بالحجاب التام في المنزل بين نساء الأسرة والأقارب
الذين يسكنون في دار واحد بين العوائل المتدينة.
4 - كان يحتاط في مزاحمة الزوار في العتبات المقدسة أو كفهم عن
طريقه، لأنه كان يتورع عن ايذائهم شرعا، ومن ناحية معنوية.
5 - كان يحذر من احداث أي ضوضاء أو صوت عند القيام لصلاة الليل،
لأنه كان يتورع عن ايقاظ النائمين وهم أهله وأولاده.
ثانيا: التأكيد على طلب العلوم الدينية، والقيام بالوظائف الشرعية في
مجال التدريس، والتعليم، والتبليغ الاسلامي، حيث نلاحظ أن جميع أولاده قدس سره
قد تفرغوا لطلب العلوم الدينية، ومارسوا التدريس والتبليغ، وبلغ بعضهم درجة
الاجتهاد، أعلى مراتب التدريس في الحوزة العلمية.
كما أن هذا الاتجاه والاهتمام، بتحصيل العلوم الدينية، تحول إلى طابع
عام للأسرة كلها في زمن الإمام الحكيم، بشهادة كل من عرف أبناءها.
ثالثا: بناء المكونات الأساسية للشخصية التي كان يراها في حرية
التفكير، والاستقلال في الإرادة، والتوكل على الله، والاعتماد على النفس،
وحسن الخلق في المعاشرة، والأدب الرفيع في التعامل مع الآخرين، والتواضع
في العلاقات، والنظرة الواقعية للأشياء، والاستعداد للتضحية والفداء في أداء
تقديم 20

الواجب، أو خدمة الناس والمسلمين.
إن هذه العناصر هي أمور وإن كانت مشهورة إلى حد كبير في أولاد وذرية
الإمام الحكيم، إلا أن المهم فيها هو اهتمامه قدس سره في ايجاد هذه العناصر
والمكونات في الشخصية، ورؤيته لها الذي سوف نتعرف عليه في خلال
المنهج الذي اتبعه لهذه التربية.
منهج التربية
يمكن أن نشير باختصار إلى عدة خطوط، تكون مجموعها منهج التربية
لدى الإمام الحكيم.
1 - السلوك الشخصي للإمام الحكيم، ودوره في التربية، والذي يعتمد
بالأساس على نظرية القدوة في التربية.
فقد لاحظ الإمام الحكيم رحمه الله، ظاهرة في بعض الأوساط الدينية،
والحوزوية، وهي تنكر بعض الأبناء لمسلك آبائهم، بل ارتداد بعض هؤلاء
الأبناء على هذا المسلك، في بعض الأحيان مع بقاء حالة تبادل العلاقات
والاحترام بين هؤلاء الأبناء والآباء.
وكان قدس سره يوعز ذلك إلى نقطة فيها شئ من الخفاء، وهي أن هؤلاء الأبناء
كانوا يشاهدون في سلوك آباءهم بعض الظواهر التي لا تنسجم مع مجمل
الادعاءات، والالتزامات التي يتبناها هؤلاء الآباء، ويصبحون في نظر أبنائهم
أنهم ممن يقولون ما لا يفعلون، أو يفعلون ما لا يقولون.
ولذلك اهتم هو رحمه الله بالتربية من خلال السلوك، وضرب الأمثال من خلال
العمل والالتزام. فكنا نلاحظ التطابق التام بين ما يرشدنا إليه، وبين سلوكه في
مختلف جوانبه.
لقد كان مجمل سلوكه قدس سره من أروع أساليب التربية على هذا المضمون،
حيث كنا نلمس الاخلاص، وروح التقوى، والطهارة، والنقاء في هذا
تقديم 21

السلوك (1).
2 - الاشراف المباشر على التربية، واستخدام مختلف وسائل التربية،
والتأديب من النصحية والارشاد، والمحاسبة، وإلفات النظر، والعتاب وحتى
الشديد منه، والتهديد باتخاذ الاجراءات المناسبة، والضرب وحتى الشديد منه.
وعندما يراجع الانسان هذه المراتب من الممارسة، يرى أمامه منهج
الاسلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمهم هنا أنه قدس سره كان يباشر
ذلك بنفسه، وباستمرار دون كلل أو ملل، بل من خلال الشعور بالمسؤولية.
كان يتابع أدق الأمور في هذا المجال، تصرفات الأبناء، والبنات،
والزوجات، وماذا يلبس الانسان، وما هو هندامه، وطريقة تصرفه في بيته،
وسلوكه مع زوجته، وأولاده وأرحامه، وكيف تتصرف النساء في المجالس
العامة والخاصة، إلى غير ذلك من التفاصيل الوثيقة، ويتدخل فيها بحكمة
ولطف، يحفظ فيه الاستقلال في الإرادة والاختيار، ويبعد فيه الأضرار
والأخطار، ويقف بحزم أمام المحرمات أو المحظورات الشرعية أو العرفية.
ويرى في كل ذلك للمرجعية مقاما إلهيا، يفرض التزامات استثنائية
على أصحابها، كما هو مدلول قوله تعالى: (يا نساء النبي من يأت من
كن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله
يسيرا ومن يقنت من كن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها
مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما) (2).
3 - التحصين واتخاذ الاجراءات المختلفة للصيانة والمحافظة والاحتياط
من الوقوع في المحرمات أو الانحرافات، انطلاقا من النظرية الاسلامية التي

(1) يقول أحد العلماء البارزين (آية الله السيد عبد الكريم الأردبيلي) ولم يكن من أصحاب
الإمام الحكيم: أني حضرت على الإمام الحكيم درسه حوالي السنة بعد وفاة آية الله
العظمى السيد الأصفهاني، وكنت ألاحظ في سلوكه في الدرس ما يوحي بالتربية على
الأخلاق العالية بحيث كان ذلك درسا لكل من يشاهده.
(2) الأحزاب / 30 - 31.
تقديم 22

جاءت على لسان أهل البيت عليهما السلام (من حام حول الحمى كاد أن يقع فيه)، أو
الحمية أفضل من الدواء، والمناعة خير من العلاج.
فقد كان الإمام الحكيم، مثلا يهتم غاية الاهتمام، باختيار الأصحاب،
والرفقاء، فيمنع من خلطاء السوء، أو اللعب في الأزقة، ومعاشرة السفهاء، أو
السفلة أو ذوي السمعة السيئة. ويختار لأولاده، أو يظهر قبوله ورضاه
بالأصحاب من ذوي العقل، أو متقدمي السن، وأهل الفضل المعروفين بالأمانة
والثقة. فالإخوان على قسمين، إخوان المعاشرة، وإخوان الثقة، فلا بد للانسان
من اختيار أخ الثقة.
وكذلك كان يهتم بالزواج المبكر، فإن أكثر أولاده، تزوجوا بين السادسة
عشر، والعشرين، لأنه كان يرى أن ذلك، بالإضافة إلى أنه مستحب شرعا، فهو
أفضل طريقه لتحصين الانسان (من تزوج حفظ نصف دينه، فليتق الله في
النصف الآخر).
كما كان يحث على بعض الالتزامات الشرعية، منذ الصغر وقبل سن
العاشرة، كصلاة الجماعة، وزيارة أئمة أهل البيت عليهم السلام، وكذلك حضور
المجالس الحسينية، والاجتماعات العامة النزيهة، حيث كان يرى ذلك مما
يحقق مناعة ذاتية، وينمي روح التقوى والمعرفة.
وكذلك كان يحث في مجال المعرفة على قراءة القرآن، وحفظه، وقراءة
بعض النصوص الدينية، كدعاء كميل، ووصية الإمام علي لولده الحسن عليهما السلام،
ورسالته إلى واليه على البصرة عثمان بن حنيف، والخطبة الشقشقية.
4 - التأكيد على الاعتبار بالأوضاع التي كان يعيشها المراجع الماضيين،
والمرجعيات السابقة، والآثار السلبية والايجابية، التي كانت تقترن بها، وما
انتهت إليه أوضاع أبناء بعض الأسر العلمية من انحرافات، بسبب غفلة الآباء عن
التربية، والانشغال بحب الدنيا، أو المظاهر الزائفة للزعامات، وسلوك بعض
الحواشي والمستشارين، الذي كان له انعكاسات سلبية على أوضاع المراجع
والمرجعيات نفسها.
تقديم 23

وأهمية الانطلاق في العلاقات مع مقام المرجعية، سواء في حركة
الانسان الذاتية، أم مع المجتمع من الاحساس بالمسؤولية تجاه هذا المقام
الديني الإلهي، وتقديم الخدمة للاسلام والناس، لا من منطلق الاستفادة
الشخصية، أو الشعور بالفخر، والغرور، أو الامتياز.
وكان ينبه في هذا المجال، إن هذه الامكانات المعنوية والمادية المتوفرة،
إنما هي ملك الاسلام والأمة، لا الشخص.
الرابع: الاستقلال في التفكير والقرار والحركة الاجتماعية
لقد كان أحد المعالم الواضحة في شخصية الإمام الحكيم، هو جانب
الاستقلال في هذه الشخصية، سواء في التفكير العلمي - كما سوف نعرفه في
محله - أو التفكير الاجتماعي، واتخاذ القرارات المصيرية، حيث كان يحاول
دائما أن يدرس القضايا، ويسمع الاستشارات المختلفة فيها، ولكنه يتحمل
بشكل مستقل مسؤولية القرار ومستلزماته.
وكذلك كان هذا الاستقلال، صفة واضحة في تربيته الذاتية لنفسه
وأولاده، وفي مجمل سلوكه الاجتماعي، حيث لم يرتبط بعلاقاته الحوزوية
والاجتماعية العامة، بما يصنفه أو يحدده في مجمل حركته العامة، فلم يرتبط
بمرجعية خاصة، مع علاقات ايجابية مع مختلف المرجعيات.
كما لم يرتبط بأستاذ معين، أو بمدرسة خاصة، حيث كان يدرس على
الشيخ النائيني، والشيخ العراقي في آن واحد، كما أنه استفاد من المدرسة
الأصولية للآخوند الخراساني، والفقهية للسيد الطباطبائي اليزدي، وفي المنهج
التحليلي العقلي في الاستنباط لمدرسة الأصوليين المتأثرين بالفلسفة غير
الناطقين باللغة العربية، بالخصوص الإيرانيين، ومن المنهج العرفي الذوقي في
فهم النصوص والقواعد.
وكذلك في علاقاته الحوزية والاجتماعية، كان له أصدقاء مخلصون من
العرب العراقيين، واللبنانيين، والإيرانيين.
تقديم 24

كما يمكن أن نلاحظ هذا الاستقلال في بنائه للأجهزة، والمؤسسات التي
اعتمدت عليها مرجعيته الدينية.
إن هذا الاستقلال، سوف نلاحظه بوضوح من خلال مجموعة الأحداث
التي عاشها الإمام الحكيم، وسوف نلاحظها في الحديث عن الجانبين الآتيين
المرجعي، والعلمي.
الفقر إلى الله والفقر إلى الناس
(يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) (1).
عندما تحدثنا عن نشأة الإمام الحكيم، عرفنا بأنه عاش فقيرا، وكان
يتحدث الإمام الحكيم عن فقره هذا، ويفتخر به أحيانا، حيث كان يصف حاله
وحال أهل بيته، بأنه في بداية حياته، كان أكثر طعامهم الخبز واللبن، وهما أكثر
الأشياء توفرا، وأرخصها ثمنا، وكان التمر أحد المكونات الأساسية للمؤنة
السنوية، وهو رخيص في العراق.
وقد يكون الفقر في ذلك الزمان هو الطابع العام لطلاب العلوم الدينية،
وقد يتفاوتون فيما بينهم في هذا الجانب، ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة
العامة التي عاشها الإمام الحكيم في بداية حياته، كانت أشد ضغطا عليه وعلى
أسرته من غيره.
والمهم في هذا البعد، هو نظرته قدس سره إلى هذا الفقر وتقييمه له، وكذلك آثاره
الروحية والاجتماعية على شخصيته، لأن الفقر في حياة الانسان له مدلولان
مختلفان، إيجابي وسلبي: أحدهما الشعور بالحاجة إلى الله تعالى، والفقر الذاتي
إليه الأمر الذي يدفعه نحو السعي للتكامل، لأنه بدون هذا الشعور، لا يمكن
للانسان أن يتحرك نحو الكمال، وصعود مدارج التقدم.
وكذلك الاحساس بالآلام والمعاناة التي يشعر بها الفقراء، والصعوبات

(1) فاطر / 15.
تقديم 25

التي يواجهونها في حياتهم والمواساة لهم، وكيفية الصمود والصبر على هذه
الآلام والمعاناة، والاستفادة من هذه التجارب.
وهذا المدلول هو ما نراه في الأنبياء والأولياء والصالحين، ممن عرفوا
الفقر في حياتهم. كما هو واضح في حياة الأنبياء من أولي العزم.
والمدلول الآخر السلبي، هو ما يمكن أن نصفه بالشعور بالحاجة إلى
الناس، والاحساس بالنقص، ومحاولة الهروب من هذا الواقع الأليم، والخروج
من هذا الوسط الممتحن، من خلال طلب المال بكل الوسائل، والحرص على
جمعه، والاستزادة منه، والبخل في الانفاق على النفس والآخرين.
ويمكن أن نلمس في شخصية الإمام الحكيم المدلول الأول، بشكل
واضح من خلال ما عرفناه في الجانب الأول من سيرته الذاتية في الاعتماد على
الله والنفس، ولكن بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن نشير إلى المظاهر التالية في
سلوكه، والذي يؤثر على هذا المدلول.
الأول: الزهد، والالتزام بالمستوى المعيشي البسيط، والمتواضع،
والمهذب من التشريفات والتزيينات إلى آخر عمره، سواء في سلوكه الشخصي
في المأكل، والملبس، والمسكن، والمركب، أم في سلوكه العائلي، أم في سلوكه
الاجتماعي، حيث كان الفراش الذي يستعمله يمتد به العمر أكثر من ثلاثين إلى
خمسين عاما، ويكتفي به هو وزوجه أن يكون نظيفا طاهرا، وفي الملابس
سواء في شكلها، أم محتواها، وأسلوب تقمصها، بقي يباشر نفس المستوى
والطريقة التي كان عليها في شبابه دون تغيير، وهكذا في مأكله ومسكنه، حتى أن
البيت الذي بناه في أواخر أيامه أحد المؤمنين في الكوفة، لم يكن يختلف في
بساطته عن بيوت الطبقة دون المتوسطة من الناس في كل شؤونه.
وفي ديوان الاستقبال كان يجلس للناس متواضعا على البسط الخفيفة
الأفغانية، والفرش الرخيص، وفي الغرفة الضيقة ذات الجدران العادية ومن دون
طلاء، والأخشاب المتواضعة جدا، وفي طريقة استقبال الناس ولقائهم،
والحديث إليهم ومجالستهم، كل ذلك كان يعبر بوضوح عن هذا المستوى
تقديم 26

المعيشي المتواضع، الذي يدنو في مجمل تفاصيله من الفقراء، ويبتعد عن
الأبهة، والفخامة، والكبرياء.
كل ذلك والأموال تجري بين يديه، والظروف مواتية، والمقام رفيع،
والانفاق على الآخرين واسع، وفرص الانتفاع أو الاستمتاع متوفرة دون
حراجة، بل كان بعض حاشيته أو متعلقيه أو الطلبة والأفاضل أو مؤسساته،
تحصل على مستوى أعلى بكثير من هذا المستوى من العيش.
لقد كان (زهدا) دون تكلف، حتى تحس بأن الزهد تحول إلى طبع عادي
له، يمارسه بين الناس وكأنه ليس منهم، ودون أن يشعروا بانفصاله عنهم،
ويلتزم به دون أن يشعر الآخرون بالحرج من هذا الالتزام، ويربي عليه أهل بيته،
لأنه خلق رفيع دون أي ضغط أو عنت.
وهذا هو الزهد الاسلامي، حيث يسير على حياة الانسان في تفاصيل
كثيرة، ودائرة شاملة، دون تكلف أو عناء، وذلك عندما يتخلق الانسان به يصبح
ملكة له، فالزهد ليس مجرد مظهر من مظاهر الانسان، أو مجرد عزلة وعزوف
عن الدنيا والحياة الاجتماعية، وإنما هو خلق انساني رفيع يتعامل به الانسان
إيجابيا مع الحياة الدنيا، يحولها إلى مزرعة مثمرة للآخرة (لكيلا تأسوا على
ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم) (1).
الثاني: الاقتصاد في الانفاق مع استيفاء المنفعة، وتحقيق الغرض،
والاحتفاظ بماء الوجه، والالتزام بالحدود الشرعية.
لقد كان هذا الاقتصاد يبدأ من نفسه في تفاصيل حركته وعلاقاته، ولكنه
نراه أيضا يتجسد في أشياء كثيرة معبرة عن المنهج، حتى البسيط منها كماء
وضوئه الذي كان يحرص على عدم الاسراف فيه.
والأوراق التي كان يستخدمها يقتصد فيها في الانفاق، حيث يقتطع باقي
الرسائل المسودة ليكتب عليه الوصولات المالية، أو بعض المذكرات،

(1) الحديد / 23.
تقديم 27

ويستخدم ظروف الرسائل المستعملة لحفظ الأموال والكتابة عليها.
وعندما كنا نتردد على (المعلم) كنا نستعمل أوراق تجارية باطلة نستفيد
فيها من ظهر الورقة، والملابس التي تضيق أو تقصر على الإخوة الكبار
يستعملها الصغار، وهناك اقتصاد في استخدام الكهرباء، يبدأ بنفسه وفي أولاده
وفي إضاءة البيت العامة، وهكذا في جميع التفاصيل.
وفي الطعام سواء في تنظيمه أو الاستفادة من الزائد منه، خبزا كان، أو مرقا
أو رزا بائتا، أو تمرا.
إن مبدأ الاقتصاد في الانفاق من المبادئ الأساسية المهمة في مجمل
السياسة المالية للإمام الحكيم قدس سره، كان يشمل جميع حركاته وأعماله، ويخضع
لها جهازه الإداري ونشاطاته الثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى سلوكه
الخاص.
ولذلك نشاهد في جهازه الإداري عددا محدودا من الأشخاص متفرغا
للأعمال العامة، ويحاول أن يستفيد من الطاقات المختلفة والأوقات الزائدة،
لهذا الشخص أو ذاك لإدارة العمل.
كما كان يتصف هذا الجهاز الإداري بسبب هذه السياسة بالاخلاص
والاندفاع الذاتي، بعيدا عن الجمود والروتين، حيث يمكن توفير العناصر
الجيدة، والاقتصاد في الانفاق المالي، والبساطة في التشكيلات، أو المكان، أو
الوسائل.
ونجد هذه السياسة تحكم المشاريع والأعمال التي قام بها الإمام الحكيم
والمؤسسات التي بناها، حيث كان يتجنب الانفاق الزائد فيها على المظاهر
والتزيينات، كما كان يحاول أن يستفيد فيها من الأماكن العامة، أو ملأ الفراغات،
أو إعادة البناء وتجديده، أو تطوير الموجود منها بحيث يكون كفوء.
فعلى سبيل المثال قام الإمام الحكيم بمشروع واسع ثقافي، وهو تأسيس
المكاتب العامة الذي سوف نتحدث عنها في جانب آخر، وفي هذا المجال نجد
الإمام الحكيم يضع هذه المكتبات إلى جانب المؤسسات الدينية القائمة،
تقديم 28

فالمركز الرئيسي للمشروع في النجف إلى جانب المسجد الهندي، وفي قطعة
الأرض المتبقية من مشروع توسعة المسجد الكبير (الهندي) الذي قام بتنفيذه،
والفروع في غرف، أو أجنحة للمساجد المختلفة، أو الحسينيات، أو المراكز
الدينية الأخرى، باستثناء بعض الموارد التي تهيأت لها فرصة مستقلة للبناء.
كما قام الإمام الحكيم بمشروع توسعة أماكن اسكان الطلبة في النجف،
ولكن سياسته في هذا المجال كانت هو اعطاء الأولوية لتجديد وتطوير الأماكن
الموجودة، فقام بتحديد وتشجيع وتعمير بعض المدارس، كمدرسة اليزدي
الثانية، ومدرسة القوام، ومدرسة الآخوند الكبرى، ومدرسة شريف العلماء في
كربلاء، ومدرسة الهندي، ومدرسة البادكوبية، ثم تشجيع البعثات غير العراقية،
لبناء مدارس لها، تتولى إدارتها والاشراف والانفاق عليها، بالإضافة إلى فوائد
أخرى، ثم بعد ذلك قام ببناء مدرسة هي دار الحكمة (1).
إن من الميسور للإمام الحكيم أن يقوم بتأسيس المدارس الخاصة به أو
تحت اسمه، ولكنه كان يريد حركة علمية ويستفيد من جميع الامكانات
والطاقات الموجودة.
وحتى في طبع بعض كتبه الخاصة، كان يتبع هذه السياسة، كما هو الحال
في الطبعة الثانية للمستمسك، وكتاب نهج الفقاهة، والطبعة الثانية لدليل الناسك
وغيرها.
وهكذا الحال في سياسة التوزيع للحقوق والرواتب، فإنه بالرغم من أن
مدخولات وموارد الإمام الحكيم كانت محدودة بسبب الظروف الاقتصادية
العامة، إلا أنه كان يقوم بتغطية واسعة وشاملة للمشاريع والمساحات الحوزوية
المختلفة بدون مشاكل، لأن جهازه الإداري أو أوضاعه الخاصة لم تكن تلقي
بثقلها على هذه الموارد.
وإذا عرفنا بأن الإمام الحكيم لم يكن يصرف على نفسه وأهل بيته

(1) قام النظام المجرم الحاكم في العراق بتفجيرها عقيب قمعه انتفاضة الشعب العراقي في
عام 1411 ه‍.
تقديم 29

ومتعلقيه أي شئ من سهم الإمام، الذي هو المصدر الأساس لميزانية الحوزة
العلمية والمرجعية الدينية، كما أنه قد أذن بشكل عام بصرف سهم السادة على
الفقراء السادة، والزكوات، ورد المظالم وغيرها، كما نص على ذلك في رسالته
العملية، يمكن أن يفهم أنه في مجمل حركته الخاصة لم يكن يكلف الميزانية
العامة شيئا يذكر، لأنه كان يقتصد ويدير أموره من خلال هذا الاقتصاد.
الثالث: الاهتمام بالفقراء والضعفاء، سواء على المستوى الاجتماعي
العام أو الحوزة العلمية.
إن هذا الاهتمام بالفقراء بلا شك له محتوى أخلاقي وشرعي، سوف
نشير إليه في الجانب الثالث من السيرة الذاتية، ولكن معاناة الإمام الحكيم في
هذا الجانب لها تأثير بالغ، لأن المشاهدة والتجربة هي أعمق من النظرية
والمفاهيم مهما كانت النظرية واضحة والمفهوم جليا.
وكان يزيد في تأكيد هذا الاهتمام، هو أن الوسط الذي كان يقلد الإمام
الحكيم في بداية نشوء مرجعيته (1) هو وسط فقير، مثل الأوساط الشعبية العامة
العراقية، واللبنانية، والأفغانية، والباكستانية، والهندية، وبعض بلدان الخليج، قبل
تطورها الاقتصادي بظهور النفط.
ونلاحظ بعض معالم هذا الاهتمام في النقاط التالية:
1 - كان الإمام الحكيم يهتم بصلة الفقراء، بشكل مباشر، حيث يحمل
الأموال بنفسه ليقسمها عليهم في بداية الأمر، ثم بقي ملتزما بهذه الحالة
- جزئيا - إلى آخر أيامه، مع ايكال بعض المساعدات إلى معاونيه، لسعة دائرة
المساعدات.
2 - كان يرى بأن الفقراء المضطرين يمثلون أحد مصاريف السهم
المبارك، ويأذن لمقلديه بالانفاق عليهم من السهم المبارك، لأنه كان يعتقد أن
هذا مما يحرز رضى الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف).

(1) سوف نتعرف على هذا الجانب بوضوح في بحث المرجعية.
تقديم 30

3 - كان يهتم في التعامل الاجتماعي مع الفقراء بمراعاة الجانب الروحي،
والنفسي، والأدب الاجتماعي العالي معهم، من الاحترام والاكرام.
4 - الاهتمام بنشر الثقافة، والمعرفة، والالتزام في الأوساط الفقيرة نسبيا،
وتطوير وضعها الديني، ودفعها لتحمل مسؤوليتها الاجتماعية والمالية، وتنظيم
عملية الدفع للحقوق، ولو كانت بكميات صغيرة جدا، ومحدودة، وكذلك ايجاد
مراكز العبادة، والثقافة، والتوعية فيها، فكانت أكثر المؤسسات التي بناها أو رعاها
في هذه الأوساط.
وهذا الأمر يمثل أحد المناهج والسياسيات العامة، التي كان يلتزم بها
الإمام الحكيم رحمه الله، كما سوف تعرف ذلك.
الخامس: الأخلاق والمعرفة
لقد كانت إحدى الصفات البارزة في الإمام الحكيم، التي يكاد أن يلمسها
كل انسان يعاشره، هي الصفات الأخلاقية والسلوكية، التي تتجسد فيها
الروحانية العالية، والتخلق بالكمالات الإلهية التي أرادها الله لهذا الانسان.
وقد ذكرنا في بداية الحديث عن السيرة الذاتية، إن الإمام الحكيم تأثر إلى
حد كبير بمدرسة الأخلاق والعرفان، التي كان يتفاعل معها والده آية الله السيد
مهدي الحكيم قدس سره، وبالرغم من أنه لم يدرك أباه إلا قليلا، ولكن ترك له
الأصدقاء، والمحيط الذي كان يرتبط بهذه المدرسة الأخلاقية.
ونحاول هنا في هذا البعد أن نوضح هذه الحقيقة من خلال توضيح
مضمون هذه المدرسة بشكل إجمالي، وبيان معالم آثارها في شخصية الإمام
الحكيم وسلوكه.
المدارس الأخلاقية
إن المدارس الأخلاقية، يمكن أن تقسم بشكل أساسي إلى مدارس ثلاثة،
كل لها طلابها وروادها والملتزمون بها وبمناهجها.
تقديم 31

الأولى: هي المدرسة الفلسفية، التي تحاول أن تستند في رؤيتها
للحقائق الأخلاقية والكمالات الإلهية، على طريقة المعرفة المنطقية، والبراهين
العقلية، أو طريقة الكشف والرياضة النفسية الروحية، ذات السلوك الخاص،
الذي يتجه إلى التمييز بين الخاص والعام، وبين أصحاب المعرفة والسلوك،
وعامة الناس المؤمنين.
والعلاقة الأخلاقية بين الانسان والله تعالى، كما يفهمها هؤلاء
الأخلاقيون، هي علاقة المكتشف مع الحقيقة المطلقة، فكلما اقترب هذا
الانسان المكتشف من هذه الحقيقة، كان أكثر كمالا وأسمى أخلاقا.
ويحاول أصحاب هذه المدرسة أن يتوصلوا إلى الكمالات الإلهية من
خلال معرفة الحقائق الكونية، واكتشاف المزيد من معالم الشهود أو الغيب،
بالتفكر والتأمل.
الثانية: المدرسة الصوفية، التي تحاول أن تصل إلى الكمالات الإلهية،
من خلال تثوير وتأجيج الأحاسيس والمشاعر والعواطف الخيرة، التي أودعها
الله تعالى في الانسان، والتي تعتمد بشكل أساسي على الحب والتقديس لله
تعالى، والصفات الإلهية.
وتهتم هذه المدرسة بتطوير هذه المشاعر، وبالتعبير عنها باستمرار،
حيث من خلالها يمكن أن يتوصلوا إلى هذه الكمالات الإلهية.
وهم يتصورون العلاقة الأخلاقية بين الانسان والله تعالى، هي علاقة
المحب بحبيبه، والعاشق بمعشوقه. فالخلوة بالمعشوق وعدم الانشغال عنه
بغيره واللقاء به، والانصراف إليه، كل ذلك من التعبيرات السلوكية عن التكامل
الأخلاقي.
الثالثة: المدرسة الشرعية، التي يحاول أبناؤها أن يصلوا إلى الكمالات
الإلهية، من خلال الطاعة والامتثال والالتزام بالحدود، والأحكام الشرعية،
والورع، والتقوى، واقتران الايمان بالعمل، والقول، والفعل. وإن الكمال الإلهي،
لا يصل إليه العبد بنظرهم، إلا من خلال الايمان، والايمان له مراتب، يمكن
تقديم 32

للانسان أن يتكامل فيها. والتكامل لا يحصل إلا من خلال العمل والتطبيق،
والعمل لا يكون إلا من خلال الحكم الشرعي، والحدود الإلهية.
والعلاقة الأخلاقية، كما تتصورها هذه المدرسة بين الانسان والله تعالى،
هي علاقة العبد بالمولى، والمطيع بالأمر، والمحكوم بالحاكم.
ولهذه المدارس في منهاجها آثار نفسية، وسلوكية، واجتماعية على
ملتزميها، قد تتداخل، أو تختلف، أو تتكامل (1)، ويتوقف ذلك بشكل إجمالي
على حفظ الموازنة بين هذه الخلفية الأخلاقية.
ولا نريد هنا أن نعرف الموازنة ولا التمييز والتفاضل والترجيح بين هذه
المدارس، ولكن يبدو من الواضح - والله العالم - إن المدرسة الثالثة في توجهها
ومنهجها وسلوكها، تشكل الأساس الذي لا يمكن العدول عنه، بل يمكن
الإضافة إليه والتكامل فيه.
هذا كله من قطع النظر عن أصول هذه المدارس، والاستدلال الذي
يستخدمه أصحابها لتأكيد صحتها، استنادا إلى الكتاب الكريم أو الأحاديث
الشريفة، والسيرة النبوية، أو سيرة الأئمة المعصومين.
ولعل أهم ما تختلف فيه المدرسة الأخيرة عن المدرستين الأوليتين عادة،
وفي السيرة الخارجية لها نقطتان مهمتان:
أحدهما: إن منهج المدرسة الأخيرة، واضح من خلال الحكم الشرعي،
والحدود الإلهية، فهي تشخص المحتوى الأخلاقي ومضمونه، وفي نفس
الوقت تحدد الطريق للوصول إليه استنادا للحكم الشرعي، الذي وضع تحت
نظر عامة الناس، وفي متناول أيديهم.
بخلاف المدرستين الأخريتين اللتين تحتاجان إلى استنباط منهج
للأصول، أو مستوى معين من الادراك والمعرفة.

(1) يمكن أن نجد حالة التكامل هذه واضحة في شخصيات الأنبياء والأوصياء وأئمة أهل
البيت عليهم السلام، ولعل ما أثر عن شخصية الإمام علي عليه السلام، ما يجسد هذا الأمر، ولذا قيل عنه أنه
يجمع المتناقضات، بل في الحقيقة هو يجمع الكمالات.
تقديم 33

ثانيهما: إن المدرسة الأخيرة، تدعو إلى التعايش مع الناس، وتحمل
المسؤولية تجاههم في هدايتهم وارشادهم، أو في خدمتهم ومنفعتهم، أو في
الاحسان إليهم، والتالف معهم، أو غير ذلك مما يرتبط بالجماعة وتكاملها
كهدف أساس، حيث تقترن فيها سيرة تكامل الانسان في ذاته، مع مسيرة تكامل
الجماعة، وتكامل الفرد مع تكامل الأمة.
ولذلك نجد أبناء هذه المدرسة يتحركون في الأمة وكأنهم أحد أبنائها،
ولكنهم في نفس الوقت ليسوا منهم، بل يمثلون النور الهادي فيهم، والموقع
القدوة في حركتهم، والمرتفع المتميز بين سطوحهم ومستوياتهم.
وقد كان الإمام الحكيم رحمه الله - كما يبدو - من أبناء هذه المدرسة الأخيرة،
ولذا لا يبدو في سلوكه الاجتماعي - كما هو شأن سلوك أبناء هذه المدرسة - أي
شئ غير عادي، بالرغم من أنه يمتاز في سلوكه الشخصي والذاتي بشكل
واضح.
ويمكن أن نرى ذلك واضحا، عندما ننظر إلى جميع أبعاد النقاط التي
ذكرناها سابقا في البعدين السابقين، بالإضافة إلى النقاط التالية:
1 - التقوى والورع
كان الإمام الحكيم يجسد في مجمل سلوكه الورع والتقوى، ولم يكن
ذلك في السلوك الفردي له فحسب، بل كانت هذه الصفة والملكة تتجسد في
سلوكه العائلي، ومع أولاده وأهل بيته، ثم مع ما يحيط به من أشياء كثيرة، فهو
ورع، ومتق في التعامل مع اللباس، والطعام، والشراب، والسكن، والأموال. ومع
الحديث، والكتابة، والحوزة العلمية، والعلماء. ومع المرجعية وشؤونها، ومع
الناس من الأصدقاء والأعداء، ومع المريدين والمنافسين، ومع المحبين
والحاسدين، ومع الأحداث السياسية والاجتماعية المختلفة، التي كان يواجهها.
والمهم في التقوى والورع هو هذه الشمولية، حيث تصبح التقوى في
الأمور الاجتماعية السياسية من أشد الأمور تعقيدا، لأن مخالفة الورع والتقوى
تقديم 34

في هذا المجال تقترن - أحيانا - بمبرراتها المصطنعة والمغطاة بغطاء ادعاء
المصالح الاسلامية العليا، أو تزاحم الأهم مع المهم، أو حجم المنفعة الكبيرة،
مع الأضرار الصغيرة، أو غير ذلك من المبررات التي يسهل تصورها، وتجد
طريقها إلى نفس الانسان، حيث يتحول الانسان أحيانا إلى وهم يصبح فيه
وجوده هو الممثل الكامل للاسلام والمصالح الاسلامية، فكل فائدة ومنفعة له
هي منفعة للاسلام، وكل ضرر ينزل به، فهو ضرر للاسلام، وكل عدو له هو عدو
للاسلام، وكل تجاوز لشخصيته هو تجاوز للاسلام... إلى آخر هذه التصورات.
إن قضية الورع والتقوى في الأمور السياسية، هي قضية امتحان وابتلاء
الصالحين من عباد الله تعالى، حيث يتم اصطفاؤهم واختيارهم من خلال هذا
الامتحان العسير الذي تتداخل فيه الصور، وتضطرب فيه الرؤى، وتتحير فيه
النفوس، وتضعف فيه الإرادة، أو تتكامل وتقوى.
2 - العبادة
تمثل العبادة التعبير المباشر عن هذا المحتوى الأخلاقي لهذه المدرسة،
خصوصا إذا نظرنا للعبادة بمفهومها الواسع، الذي يعني اتيان العمل في أي
مجال كان، بقصد التقرب لله تعالى، وتعبيرا عن علاقة العبودية له سبحانه، حيث
كان الإمام الحكيم قدس سره في هذا المجال يؤكد على نقطتين:
الأول: الاخلاص لله تعالى في العمل، كما عرفناه في معالم التربية، وكما
كان من جملة وصاياه لمبعوثيه، وللمبلغين في المواسم الدينية، هو السعي
لتوفير هذا العنصر في كل الأعمال والفعاليات والنشاطات، وكان يقول: بأن
الاخلاص بالإضافة إلى ما يحققه من قرب لله تعالى، ومن الرضا الإلهي عن
العمل الذي هو غاية ما ينشده الانسان ويبتغيه في حياته.
فإن الاخلاص أيضا يمثل مفتاح النجاح والتوفيق للانسان في أعماله، وهو سر
التأثير في الآخرين.
كما كان رحمه الله يتحدث عن هذا الاخلاص عند الممارسة للنشاطات
المختلفة، التي قد يشوبها شئ من النوايا الأخرى، مثل المصالح والمنافع
تقديم 35

الخاصة، أو شئ من الجاه والسمعة، أو للوضع الاجتماعي العام، دون الانتباه
إلى الهدف الأصلي لها، وهو رضا الله تعالى.
الثانية: إن قصد القربة يمكن توفيره وتحقيقه، مقرونا بمختلف الأعمال
التي يقوم بها الانسان في حركاته وسكناته، وضرورة الاهتمام بتوفير هذا
القصد، والسعي للاتيان بالأعمال والنشاطات التي ورد عن الشارع المقدس
الحث عليها، أو طلب الاتيان بها، أو تمثل حاجة طبيعية في تفاصيل حياة
الانسان اليومية، أو العامة (1).
والشئ المهم في هذا المجال، هو أن الإمام الحكيم كان يلمس كل من
يعاشره، أنه يحاول أن يطبق جميع أعماله على هذا القصد، بحيث يتحول
سلوكه إلى مدرسة للتربية في هذا المجال.
ولكن بالإضافة إلى ذلك كله كان الإمام الحكيم قدس سره يلتزم بمنهجه اليومي
بالعبادات والمستحبات التي أكد عليها الشارع المقدس بشكل خاص، والتي
يمكن أن نشير إلى بعضها في العناوين التالية.
قراءة القرآن الكريم، الصلاة في أول الوقت، النوافل اليومية خصوصا
نافلة الليل والصبح والمغرب والعشاء، التعقيب بعد الصلاة خصوصا صلاة
الصبح حتى طلوع الشمس وكذلك الأذكار، صلاة الجماعة، زيارة أئمة أهل
البيت عليهم السلام، الصدقة، صلة الأرحام، صلاة أول الشهر، وصلاة جعفر، وقراءة
الأدعية الخاصة كدعاء كميل وأدعية الصحيفة السجادية وأدعية الأيام، وصلاة
تحية المسجد.

(1) من الطريف في هذا المجال ما يروى عن أحد أعلام هذه المدرسة السيد الحبوبي أنه كان
يحضر مجالس انشاد الشعر في المناسبات وكان يتفاعل مع الشعر من خلال اظهار
الاستحسان وطلب الإعادة بشكل علني، فقيل له في ذلك إن هذا لا يتناسب مع مقامكم
الروحي والاجتماعي، فأجاب: بأني أقصد القربة لله تعالى بذلك لأني أدرك مقدار السرور
الذي أدخله علي الشعر عند اظهاري لهذا الاستحسان، وهو انسان مؤمن بذل جهدا في شعره ونظمه.
تقديم 36

3 - التواضع
لقد مر الحديث عن الإمام الحكيم أنه كان في مجمل حياته متواضعا في
المأكل والمشرب والملبس والمسكن والسلوك الاجتماعي العام.
ولكن مع كل ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن الإمام الحكيم كان يتوخى
ويسعى أخلاقيا لأن يعبد الله تعالى بالتواضع في سلوكه، حيث يرى التواضع
تعبيرا عن العبودية لله والذلة أمام يديه، كما أنه يرى التواضع صفة مهمة في
الانسان المؤمن، يحبه الله تعالى ويميزه على غيره في عملية الاستبدال، كما
وصفه الله تعالى: (يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على
الكافرين) (1).
فهو يحترم المؤمنين ويتواضع لهم، فيقوم للشيوخ وكبار السن وللفقراء
ولطلبة العلوم الدينية المستضعفين.
وكان يمنع من السير خلفه في الأماكن العامة إلا للضرورات، ولم يضع
الحاجب على باب داره، بل وحتى على باب غرفته إلا في السنين الأخيرة من
حياته عندما اتسعت مرجعيته، لتنظيم عملية الدخول عليه في الغرفة والاستفادة
من الوقت، وحفظ أسرار بعض الداخلين عليه. الذين لهم حديث خاص.
وكان يتجنب كل مظاهر العظمة أو الجاه أو الدعاية والاعلان، وكل مظاهر
التشريفات.
وعندما يدخل المجالس العامة، كان يحاول أن يجلس حيث إنتهى به
الجلوس، ويكاد أن لا يشعر به أحد في دخوله.
لقد كان هذا النوع من السلوك الذي يسايره في جميع تصرفاته وأعماله
وأوضاعه، موضع اعجاب وتقدير وحب ومودة وتمييز.
4 - حسن المعاشرة
كان من الصفات البارزة في شخصية الإمام الحكيم، حسن المعاشرة
للناس بلطف، وأدب رفيع، ووقار، وهيبة.

(1) المائدة / 54.
تقديم 37

فهو يبتسم ويظهر البشاشة لمن يلتقي بهم، ولكن دون مزاح، ويحاول أن
يبدأ بالحديث والسؤال لإزالة الكلفة من الزائر أو الذي يلتقي به، حتى لو كان
انسانا بسيطا، وكان يبدأ بالسلام على المؤمنين أو من يلتقي بهم في الطريق،
حتى أن بعضهم يفاجأ بذلك. وكان يحسن للمسيئين إليه ويستغفر لهم. ولا
يتحدث في مجلسه بما يسئ لأحد من الناس أو يجرحه.
لقد كان من الصعوبة بمكان، حتى لمقربيه أن يميزوا بين من يحبهم
الإمام الحكيم ومن لا يحبهم، حيث كان يتعامل معهم جميعا بالاحترام والاكرام
والبشاشة، ويميز بينهم بالعلم والفضل.
لقد كان أحد الأشخاص من أهل العلم يتحامل بقسوة على الإمام الحكيم
في بعض الأدوار، وكان الإمام الحكيم يرسل إليه بالمال، فقيل له في ذلك، فقال:
إن فلانا متدين في ما أعهد، وهو عندما يتكلم على لأنه يعتقد بما يقول، وإن كان
مخطئا في الواقع فلذا لا بد لي من أن أرعى ذلك فيه.
لقد كان الأدب الاجتماعي الرفيع العالي يتصف به الإمام الحكيم من
مقومات حسن المعاشرة هذه، سواء على مستوى المجالات العرفية التي أمر
الشارع المقدس بها، حيث لم يتخل الإمام الحكيم عن ذلك حتى في أحرج
الأوقات، كما أشرنا سابقا.
كما لم نلاحظ - وذكر ذلك بعض مقربيه أيضا - الإمام الحكيم يقهقه في
ضحكه أو يمزح بشكل حاد، وإنما كان يبتسم، وعندما يرى ما يثير الضحك
يتفاعل معه بأدب عال، يجمع فيه بين حسن المعاشرة، ولطافة الذات،
والمشاعر الانسانية، والأدب الرفيع.
كما كان يتمثل هذا الأدب الرفيع في حسن المعاشرة في تعامله مع أهل
بيته وأولاده، فهو لم يكن يثقل عليهم بشئ ولا يكاد يكلفهم بشئ يرتبط
بشخصه إلا في حدود الضرورات، ولا يحملهم ما يضيق عليهم أو يصيبهم فيه
العنت.
تقديم 38

الفصل الثاني
المرجعية الدينية وملامحها العامة
الحديث عن المرجعية ومرجعية الإمام الحكيم حديث واسع، وسوف
أحاول أن أشير إلى بعض الخطوط العريضة العامة، وبعض الملامح الرئيسية،
وأترك التفاصيل إلى حديث آخر.
نظرة عامة للمرجعية
المرجعية الدينية بمفهومها الواسع، قد تعني قيام المجتهد الجامع
للشرائط مقام الإمام عليه السلام في مهماته الأساسية الثلاث الولاية، والفتيا، والقضاء.
وباعتبار أن المجتهدين كانوا يقومون بالدورين الآخرين، كما دلت عليه
النصوص المتظافرة، لم يشك أحد من العلماء في أن المجتهد هو (المرجع)
للأمة في هذين المقامين. بل كان العلماء والمجتهدون يقومون بهذين العملين
لدى المسلمين حتى في زمن الخلافة الاسلامية، ويرجع إليهم المسلمون في
الفتيا والقضاء.
وكان يتولى الخلفاء والسلاطين الولاية، وإدارة الحكم، بطريقة أو أخرى،
وتحت مبررات مختلفة لا مجال للحديث عنها هنا.
ويأتي السؤال عن دور المجتهد في ولاية أمور الأمة في زمن غيبة الإمام
المهدي (عجل الله فرجه).
ولا يكاد يوجد شك لدى الفقهاء الإماميين في أن المجتهد له هذا الدور،
وإن كانوا يختلفون في سعة دائرة هذه الولاية، وإنها على مستوى (الحسبة)
والضرورات الشرعية التي يقطع بأن الشارع لا يرضى باهمالها وتركها، أوانها
تقديم 39

أوسع من ذلك؟ وما هي حدود هذه السعة؟.
كما أنهم قد يختلفون في الدليل الشرعي الذي يدل على هذه الولاية
للمجتهد، وأنه هل هو النصوص الشرعية الخاصة من الآيات والروايات مثل
قوله عليه السلام: (أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا) أو غيره؟ أو أن
العلماء يمثلون القدر المتيقن للحاكم الشرعي للحكومة الاسلامية الذي دل
الدليل على وجوب إقامتها؟ أو دليل الحسبة؟ مع فرض أن المجتهد هو القدر
المتيقن له أو غير ذلك من أساليب الاستدلال.
هذا على صعيد الخلفية النظرية والفقهية، وأما على صعيد الواقع العملي
للأمة، خصوصا أتباع أهل البيت عليهم السلام، فقد كان المجتهدون يقومون بالفعل بهذه
المهمات والمسؤوليات الشرعية الثلاث، وإن كان بشكل محدود بسبب
الظروف السياسية والاجتماعية، شأنهم في ذلك شأن أئمة أهل البيت عليهم السلام في
بعض الأدوار. وكان العلماء يتعرضون للأذى والمطاردة والتضييق بل الشهادة
أحيانا بسبب هذا النوع من التصدي للمسؤوليات.
ولكن المرجعية ازدادت أهميتها ودورها في أوساط أتباع أهل
البيت عيلهم السلام، عندما أخذت البلاد الاسلامية تتعرض للنفوذ والغزو الأجنبي،
وتعرض الكيان السياسي الاسلامي لخطر الانحراف، ثم تعرض بعد ذلك لخطر
الانهيار والزوال وسقطت الدولة الاسلامية، الأمر الذي جعل المراجع
والمجتهدين أمام مسؤولية جديدة، وهي الدفاع عن الوجود الاسلامي، ومن ثم
العودة إلى الاسلام بعد انحسار النظام الاسلامي عن المجتمع في مجال التطبيق
الاجتماعي وحتى الفردي.
ويبرز سؤال كبير عن الإطار السياسي والمنهج الذي لا بد للأمة أن تتحرك
ضمنه في الدعوة للعودة إلى الاسلام أو الدفاع عنه.
فهل هو الأحزاب الاسلامية؟ والتنظيمات السياسية السرية أو العلنية؟ أو
هو مناهج التربية والتعليم وتأسيس الجمعيات والمدارس؟، أو أسلوب
استخدام القوة والثورة الشعبية، وشن حروب التحرير والمقاومة للغزو
تقديم 40

الأجنبي؟ أو الاكتفاء بالنداءات والنصائح والاستغاثات؟
هذا كله إلى جانب ظاهرة استفادة القوى السياسية المعادية للاسلام من
كل هذه الأساليب، ولكن الأسلوب الأشمل الذي كانت تعتمده هذه القوى هو
أسلوب الحزب السياسي.
وكان على المرجعية الدينية أن تختار طريقها ومنهجها الذي ينسجم مع
خلفيتها الفكرية والحضارية والشرعية من ناحية، ومع أهدافها في تحصين الأمة
وهدايتها وفي العودة إلى الحياة الاسلامية من ناحية أخرى.
وقد عاش الإمام الحكيم - كما ذكرنا آنفا - هذه الفترة الحساسة من
الأوضاع السياسية والاجتماعية، وقد كان تكوين الرؤية النظرية لديه بعد
الحرب العالمية الأولى ونتائجها من سقوط الدولة الاسلامية، وقيام الحكومات
الوطنية المرتبطة بعجلة الاستعمار العسكري، أو السياسي، أو الثقافي، وكانت
بدايات مرجعيته العامة بعد الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم إلى المعسكر
الغربي والشرقي، وظهور الحرب الباردة واشتداد أوارها من الانقلابات
العسكرية والاضطرابات العامة والتيارات الفكرية والثقافية المتطرفة والهدامة،
وظهور التيارات الماركسية والاشتراكية والقومية والوطنية... الخ.
وكان على الإمام الحكيم أن يختار طريقه ومنهجه وأسلوبه في خضم هذا
التلاطم السياسي والثقافي والاجتماعي.
وقد اختار الإمام الحكيم أن يكون هذا الإطار هو (المرجعية) الدينية
الذي يجب أن يتحرك ضمنه، سواء على المستوى السياسي أو الثقافي
والاجتماعي.
وقد كان هذا الخيار صعبا للغاية، لأنه جاء بعد سلسلة من الانتكاسات في
العمل الاسلامي المرجعي في العراق وإيران، البلدين المهمين المركزيين لدى
أوساط أتباع أهل البيت. سواء في حركة العلماء الدستورية المعروفة بحركة
(المشروطة) في إيران، أم في حركة التحرر من الهيمنة الأجنبية في الحركة
المعروفة ب‍ (ثورة العشرين) سنة (1920 ميلادية) في العراق، للخلاص من
تقديم 41

الحكم الأجنبي الانكليزي. وما تبع هاتين الحركتين من قتل وتشريد ومطاردة
للعلماء والمراجع.
وكذلك جاء هذا الخيار بعد تنفيذ المخطط الرهيب لعزل الاسلام وجميع
مؤسساته، ومنها الحوزة العلمية والعلماء عن المجتمع والحياة، بحيث تحول
الاسلام إلى مجرد تراث في المجتمع يحضى بشئ من التقدير والتقديس
والتكريم من خلال المراسيم والأعياد والشعائر العامة.
وتحولت المرجعية على أفضل صورها إلى جزء من هذا التراث يكاد
ينحصر في الرجوع إليها في العبادات وقضايا الأموات وبعض الأحوال
الشخصية، بل كانت بعض الأوساط العامة تنظر إليها على أنها شئ متخلف من
هذا التراث (1).
وبالرغم من أن المرجعية - كما أشرنا - تمثل في بعدها النظري امتدادا
لحركة النبوة والإمامة. ولكن من الناحية الواقعية في الفترة الزمنية التي عاصرها
الإمام الحكيم، كانت قد انطوت على نفسها للأسباب السابقة، وأصبحت تعيش
عزلة عسيرة في مجمل أوضاعها العامة.
وسوف أتناول هنا خيار الإمام الحكيم هذا من خلال رؤيته للمرجعية
والحديث عن التطورات المهمة التي حققها على مستوى العناصر الرئيسية في
هذه الرؤية. واختار الساحة العراقية كنموذج لتطبيق هذه الرؤية، علما بأن
مساحات واسعة من العالم الاسلامي الذي يعيش فيه أتباع أهل البيت عليهم السلام،
والذين ارتبطوا بمرجعية الإمام الحكيم، وحوزة النجف الأشرف، قد تأثرت
بهذه الرؤية والتطورات كما سوف أشير إلى ذلك عرضا.

(1) لقد كان يصف الإمام الحكيم النتائج والآثار لهذا المخطط الرهيب حيث كان يقول إن
الأوضاع السياسة والاجتماعية أصبحت على هذه الصورة: (إن أحدهم إذا أراد أن يحصل
على وظيفة في أجهزة الدولة أو يتقرب إليها فعليه أن ينظم بيتين من الشعر يتناول فيها
الدين أو المقدسات بالنقد أو الانكار ليكون ذلك له شافعا في تحقيق هدفه). أو (إن
الانسان إذا أصبح موظفا لدى الدولة فيعني ذلك أنه قد انقطعت صلته مع الاسلام).
اجتماعيا وحتى روحيا وسلوكيا.
تقديم 42

1 - رؤية الإمام الحكيم للمرجعية
لقد كان الإمام الحكيم ينظر إلى إطار المرجعية من خلال ايجاد التكامل
بين مجموعة من العناصر، يمكن تلخيصها في الأمور الثلاثة التالية: المرجع،
والحوزة، والأمة، مع الفهم الاسلامي لكل واحد منها، وتصور صحيح لدورها
في التكامل والعلاقة بينها في الارتباط والأداء وبذلك يمكن من خلالها تحقيق
الأهداف المطلوبة.
أولا: المرجع، وجهازه
يمثل المرجع في نظر الإمام الحكيم أهم عنصر وموقع في إطار النظرية
التي يؤمن بها في مجال العمل والتحرك، وهو الموقع القيادي وكان يتصور في
شخصية المرجع بعدين مهمين وأسايين:
أحدهما: الجانب الذاتي الحقيقي الذي تحدثنا عن نموذج له من خلال
السيرة الذاتية للإمام الحكيم، والذي يمكن أن نلخصه في أبعاد: العلم، والعدالة
العالية (1)، والقدوة في المواصفات الشخصية، والتصدي للعمل المرجعي من
موقع الاحساس بالمسؤولية الشرعية تجاه الموقع والأمة.
ثانيهما: الجانب الاجتماعي الحقوقي والذي يتمثل بالايمان بأن
المرجعية هي عبارة عن منصب ديني قيادي يتسم بالنقاء والطهارة والأصالة،
ويقوم بواجبات ويتحمل مسؤوليات تجاه الأمة والاسلام، سواء في الاهتمام
بقضاياها الكبرى أو الدفاع عن حقوقها أو توعيتها على واجباتها أو تربيتها أو
تثقيفها وتعليمها أو تقديم الخدمات المختلفة لها.
وهكذا الأمر تجاه الاسلام والشريعة الاسلامية، حيث تتحمل المرجعية
الدعوة إلى الاسلام في السر والعلن والدفاع عنه، سواء في مجال العقيدة أو
الشعائر أو الأحكام، والعمل على تطبيقه، وتحمل الآلام، والمعاناة، والجهاد في

(1) لم يكن الإمام الحكيم يكتفي في المرجع بالعدالة بمستوى الشهود أو إمام الجماعة بل
لا بد من مستوى عال لذلك.
تقديم 43

سبيل الله من أجله.
ولا بد للمرجع من التصدي لهذه المسؤوليات، والعمل على توفير
الشروط الموضوعية والتشكيلات والمؤسسات المناسبة في الأجهزة الخاصة
بالمرجعية أو في الحوزة أو في أوساط الأمة، حتى يمكنه أن يؤدي دوره
الكامل.
وفي مراجعة عامة لمرجعية الإمام الحكيم، يمكن أن نشاهد هذه الرؤية
في مجمل مسار عمل ونشاطات مرجعيته في مختلف المجالات السياسية
والثقافية والاجتماعية، وحتى في العلاقات الشخصية، فضلا عن العلاقات
العامة.
وعلى مستوى موقع (المرجع)، يمكن أن نشير إلى بعض المفردات ذات
الأهمية والأبعاد الخاصة، والتي توحي بهذا الفهم للمرجع.
المفردة الأولى: اعتماد الإمام الحكيم على اعطاء دور مهم للدواوين
النظيفة (البراني) في عمل ونشاط المرجع، فبالرغم من وجود هذه الدواوين في
المجتمع بشكل عام وفي الحوزة بشكل خاص، ولكنها كانت مكان للتشريفات
أو لاتلاف الوقت أو التندر أو على أفضل تقدير كانت مجرد نادي أدبي
واجتماعي، يقوم بمبادرات فردية في بعض الأحيان.
وأما من خلال التطور الذي أحدثه الإمام الحكيم من خلال رؤيته
للمرجعية والمرجع، فقد أصبحت هذه الدواوين كديوان آل بحر العلوم، وآل
الشيخ راضي، وآل الحكيم (1) وغيرها، تقوم بدور مهم في مختلف المجالات
السياسية والاجتماعية والعلمية، وتتحمل مسؤوليات وأدوار ضمن هذا

(1) كان المسؤول عن الديوان الأول هو العلامة السيد علي بحر العلوم، ومن بعده وله السيد
محمد بحر العلوم.
وعن الثاني الحجة الشيخ محمد كاظم آل راضي، ومن بعده أخوه الحجة الشيخ محمد
جواد آل الشيخ راضي.
وكان المسؤول عن الثلث الحجة السيد محمد سعيد الحكيم، ومن بعده ولده آية الله السيد محمد حسين الحكيم.
تقديم 44

الإطار العام.
والمفردة الثانية: جماعة العلماء والتي كانت تضم نخبة مهمة من
الطبقة الثانية والثالثة من المجتهدين، حيث كان لها دور سياسي وفكري قيادي
مهم، سواء من خلال تصديها وبياناتها أو من خلال مجلة الأضواء الاسلامية.
وكانت تمثل فتحا مهما في هذا المجال الاسلامي، واقتدت بها الأوساط
الاسلامية في العراق وإيران (1).
والمفردة الثالثة: الوكلاء والعلماء القياديون الذين كان الإمام الحكيم
يطلب منهم التصدي بشكل خاص للعمل السياسي والاجتماعي والثقافي من
هذا الموقع كممثلين في هذا المجال، وكان يعينهم ويدعمهم ويشجعهم
ويحاسبهم على القيام بهذه المسؤوليات، حيث أوجد الإمام الحكيم تطورا
ملحوظا في هذا المجال كان له تأثير كبير على مختلف المستويات.
والمفردة الرابعة: تأسيس وتبني المؤسسات ذات الأبعاد المختلفة،
ولعل أبرز عمل في هذا المجال هو تأسيسه لشبكة واسعة من المكتبات العامة
الاسلامية، واسناده للعمل الاسلامي المنظم في إطار وتصور مميز.
وكذلك تبنيه لبعض المؤسسات التي تحولت من خلال هذا الالتزام إلى
عمل ثقافي واجتماعي ضخم، مثل جمعية الصندوق الاسلامي الخيري، أو
اسناده لجمعية (جامعة الكوفة).
إن هذه المفردات وغيرها كان يراها الإمام الحكيم مؤسسات وأجهزة
لموقع المرجعية، تكتسب أهميتها وفاعليتها وقدرتها ضمن إطار عملها
وادراكها لمسؤولياتها والتزامها بأهداف المرجعية.
والمفردة الخامسة: هي مفردة الحاشية أو المستشارين أو المساعدين،
حيث أعطاها الإمام الحكيم روحا جديدا ليس على مستوى الأداء والتوجه
.

(1) لقد كان لجماعة العلماء المجاهدين (جامعت روحانيت مبارز) في إيران دور عظيم في
تنضيج ظروف الثورة واسنادها والدفاع عنها إلى جانب مرجعية الإمام الخميني قدس سره. حيث
كان تأسيسها بعد تأسيس جماعة العلماء في النجف الأشرف.
تقديم 45

والوعي فحسب، بل على مستوى الالتزامات والتقوى والرقابة من ناحية.
وعلى مستوى النوعية في انتخاب الأفراد، الذين كان يهتم أن يكونوا من
ذوي الفضل والاجتهاد، أو من الأسر العلمية العريقة في الشرف، والنبل،
والابتعاد عن حالة الاحتراف الوظيفي.
فبالإضافة إلى أولاده الذين كانوا يقومون بدور في هذا المجال مع
اهتمامهم بالدرس والتدريس، نجد أن الأكثرية الساحقة لمساعديه، كانت لهم
فعاليات ثقافية واجتماعية مباشرة، وشخصيات معروفة في الأوساط العلمية.
وعلى مستوى الانتماء الحوزوي والإقليمي، حيث كان يولي أهمية لتعدد
هذه الانتماءات، حيث كان فيهم بالإضافة إلى العراقيين، اللبنانيين، والإيرانيين
والأفغانيين والباكستانيين والهنود والخليجيين وغيرهم.
وقد أشرنا سابقا في السيرة الذاتية، إن الحاشية كان يعطيها الإمام الحكيم
دور المستشارين من أصحاب الرأي، ودور الإداريين التنفيذيين، دون أن يفقد
من خلال وجودهم استقلاله في القرار وتوجيه الأمور.
إن هنا رؤية أخرى مهمة للإمام الحكيم للحاشية، هو أنه كان يرى أن من
الواجب فيها أن لا تتحول إلى دور وظيفي مهين، بل لا بد أن تبقى تعيش في
صميم أوضاع الحوزة وعلاقاتها العلمية والاجتماعية لتحتفظ بحيويتها
وتفاعلها الروحي والنفسي واندفاعها الذاتي. لذا كنا نجد الأغلبية الساحقة
لحاشيته تمارس الدرس والتدريس والعلاقات الاجتماعية العادية وحتى في
وسط أولاده الصلبيين.
ثانيا: الحوزة العلمية:
تأتي الحوزة العلمية من حيث الأهمية العامة والثابتة في الدرجة الأولى،
لأنها هي التي تنتج العلماء والمراجع والقادة، ولكنها من حيث موقع العمل
والنشاط والإطار العام للحركة تأتي في الدرجة الثانية من الأهمية، لأنها تمثل
المؤسسة التي هي حلقة الوصل بين القيادة (المرجع) والأمة من ناحية، كما
تقديم 46

تمثل الوسط القادر على التفكير والابداع والتخطيط و (الكادر) المتقدم في
مجمل التحرك الاسلامي، في نظرية المرجعية من ناحية أخرى.
والحوزة العلمية كمؤسسة لها وجود وامتداد عميق في التاريخ الاسلامي،
سواء على المستوى العام حيث بدأت في الوجود والنشوء زمن
النبي صلى الله عليه وآله عندما نزل القرآن بذلك في قوله تعالى: (ما كان المؤمنون لينفروا
كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا
قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) (1).
أو على المستوى الخاص لأتباع أهل البيت عليهم السلام، حيث أولوا هذا العمل
اهتماما بالغا وعناية خاصة، بدأ مع الإمام علي عليه السلام، وتطور بشكل ملحوظ في
زمن الإمامين الصادقين محمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق عليهما
وعلى آبائهما أفضل الصلاة والسلام.
وأصبحت هذه المؤسسة من مختصات ومميزات هذا المذهب الأصيل
في الاسلام وهذه المدرسة المثمرة المعطاء.
وكان لهذه المؤسسة العظيمة المقدسة دور عظيم في مختلف مراحل
التاريخ الاسلامي، ولكنها أصيبت ببعض الهزات والمشاكل التي أشرت إليها آنفا
بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، حتى أصبحت في ظروف صعبه، وفي
بعض الأحيان في عزلة عن المجتمع والأمة.
ولا شك أن أهم حوزة علمية لدى أتباع أهل البيت على الاطلاق زمن
مرجعية الإمام الحكيم هي حوزة النجف الأشرف (2)، والتي كانت تعاني من
مشكلات حادة وصعبة خصوصا بعد وفاة المرجع الأعلى آية الله العظمى السيد

(1) التوبة / 122.
(2) بعد وفاة الإمام الحكيم تعرضت حوزة النجف إلى عمليات قمع ومطاردة واسعة في ظل
نظام حكم حزب البعث العفلقي، الأمر الذي أدى إلى ضمور واضح فيها، وهجرة واسعة
منها إلى حوزة قم، وتطورت حوزة قم بشكل واسع بعد ذلك ببركة قيام الدولة الاسلامية في إيران، حتى أصبحت الآن الحوزة الأولى على الاطلاق.
تقديم 47

أبو الحسن الأصفهاني قدس سره. الأمر الذي زاد في حجم وعمق المشكلات
والمصاعب والضغوط الداخلية والخارجية، وكذلك الروحية والمادية. حتى
كانت مرجعية الإمام الحكيم الذي أحدثت تطورا ملموسا ومهما في حوزة
النجف الأشرف وفي مختلف المجالات والأبعاد. والتي سوف نشير إلى بعضها
في إطار بيان الرؤية العامة النظرية والعملية لدى الإمام الحكيم للحوزة
العلمية.
1 - الحوزة محور العمل الثقافي والسياسي
لقد كان الإمام الحكيم رحمه الله يرى أن الحوزة العلمية يجب أن تكون محور
العمل السياسي، كما هي محور العمل الثقافي والتربوي، وأنها المؤسسة
الاسلامية التي تمثل القاعدة القوية والصلبة والأصيلة في منهجها، وأسلوبها،
وفكرها، وثقافتها، ونقائها، ونزاهتها.
وكان الإمام الحكيم ينعى على بعض أفراد الحوزة العلمية عزلتهم عن
المجتمع وانزوائهم في مجالس البحث والدرس والعبادة، دون تطور في الأداء
التبليغي وارشاد الأمة، ودون الاهتمام بمشاكل الناس والقضايا الفكرية
والاجتماعية والسياسية التي تعيشها الأمة.
كما أنه في نفس الوقت كان يرى من الضروري لأبناء الحوزة أن يكونوا
على مستوى عال من التقوى، والأخلاق، والاخلاص، والنزاهة عن الشهوات،
أو الارتباطات المشبوهة، والاحتياط من الشبهات السلوكية الاجتماعية.
وقد أوجد الإمام الحكيم من خلال مرجعيته ونشاطه على مستوى
الحوزة وعيا واسعا في أوساطها لهذا التوجه والفهم للحوزة ودورها. وقد ترك
هذا الوعي آثاره في مختلف الأوساط الحوزوية المنتمية لمناطق متعددة من
العالم الاسلامي الذي يعيش فيها أتباع أهل البيت عليهم السلام وحتى غيرهم من
الأوساط.
حيث نلاحظ جذور الوعي الاسلامي لدور الحوزة والعلماء في العراق
تقديم 48

ولبنان، والباكستان، وأفغانستان، والهند، والخليج، وإفريقيا من خلال العلماء
الذين كان لهم تأثير كبير في هذه الأوساط، والذين تربوا في أحضان الحوزة
العلمية في النجف الأشرف، زمن مرجعية الإمام الحكيم قدس سره، وتأثيرها في هذا
الوعي.
وبالرغم من أننا لا بد أن نؤكد أن تطورا عظيما في وجود هذا الوعي كان
للثورة الاسلامية في إيران، وبالخصوص قيام الدولة الاسلامية على يد العالم
الرباني والإمام المؤيد بنصر الله السيد الخميني قدس سره. إلا أن هذا التأكيد للحقيقة
والواقع، لا يعني التغاضي عن ذلك الدور العظيم الممهد والمؤسس لمرجعية
الإمام الحكيم في هذه الأوساط.
وحتى في الأوساط الإيرانية كان هناك دور واسع وعميق لمرجعية الإمام
الحكيم إذا أخذنا بنظر الاعتبار انعكاس الحركة السياسية للإمام الحكيم على
الأوساط الاسلامية وتقدمها على المرجعيات الأخرى المعاصرة لها في هذا
المجال، وكذلك الدعم والاسناد الواسع الذي قامت به مرجعية الإمام الحكيم
لهذا التوجه والوعي في إيران وحوزة قم، فضلا عن تبنيها للطلبة الثوريين
الإيرانيين في حوزة النجف إلى جانب الطلبة الآخرين (1).
2 - اسلامية الحوزة
والحوزة العلمية هذه المؤسسة الرائدة المتقدمة، لا بد أن تكون اسلامية
ليس في محتواها وهمومها فحسب حيث إن هذا هو أمر طبيعي، بل لا بد أن
تكون كذلك في علاقتها وشعورها بالمسؤولية تجاه مختلف العالم الاسلامي
فالإيراني والعراقي واللبناني والباكستاني والخليجي وغيرهم لا بد أن يحمل كل

(1) هناك بعض الوثائق الإيرانية التي نشرت مؤخرا تؤكد هذه الحقيقة التي أدركها نظام الشاه
في ملاحظته للتطور الكبير الذي حصل في حوزة قم، وإن كان النظام يحاول تفسيرها
تفسيرا ماديا حسب طبيعته في فهم الأشياء. ويمكن أن نلاحظ وجود بعض الأعلام
المهمين في الثورة من مدرسة النجف، أمثال الشهيد مدني، والشهيد الطباطبائي القاضي.
تقديم 49

واحد منهم هموم الآخرين، ويساهم بشكل مناسب في ميدان العمل الآخر إذا
سمحت الفرصة أو كان هناك فراغات في العمل.
ومن هنا نجد الإمام الحكيم قدس سره بالرغم من الظروف السياسية الصعبة
استفاد بشكل واسع من الطلبة والعلماء اللبنانيين والإيرانيين ومن غيرهم في
الأعمال التبليغية وفي التوعية، في العراق وملأ بعض الفراغات والمناطق المهمة
بشكل مؤقت أو دائم. وكذلك الحال في مناطق أخرى مثل لبنان والخليج
وإفريقيا وتركيا وسوريا.
وفي بعد آخر من هذا الموضوع اهتم الإمام الحكيم بالغاء حالة الشعور
بالامتياز أو التعصب للانتماءات القومية والإقليمية في أوساط الحوزة، والتي
كانت تنشأ أحيانا بسبب قوة الأوضاع الاقتصادية أو النفوذ الإداري أو العلمي أو
الاحساس بالمظلومية والحرمان وغير ذلك من الأسباب. وهذه المشاعر
بالإضافة إلى آثارها السلبية في العلاقات بين أطراف الحوزة وتماسكها، كان لها
آثار سلبية في نموها وتطورها العلمي والروحي.
وفي بعد ثالث من هذا الموضوع اهتم الإمام الحكيم بشكل خاص بأبناء
الحوزة من البلدان المستضعفة، كما هو الحال في أفغانستان والباكستان والهند
ولبنان والعراق، وغيرها على مستوى تنمية العدد، حتى أنه بلغ عدة أضعاف في
بعض الجاليات، أو على مستوى رعايتهم المعنوية والمادية، وبث روح
الاعتماد على النفس والثقة بالمستقبل، أو على مستوى التحصيل العلمي.
إن هذا الجانب من العمل كان يحتاج من الإمام الحكيم أن يبذل جهودا
استثنائية لتحطيم الحواجز النفسية والأطر الاجتماعية الحوزوية، وتجاوز بعض
التقاليد في التعامل مع الحوزة أو بين أبنائها، وقدم تضحيات كبيرة في هذا
المجال من أجل الوصول إلى هذا الهدف.
وكان هذا الاهتمام بالغا إلى درجة أن بعض الأوساط كانت تحاول التقليل
من أهمية مرجعية الإمام الحكيم بالقول عنه إن جماعته هم التبتية، والنكرية،
تقديم 50

والبربرية، والشروقية، والعوامل... (1) وهكذا.
وفي بعد رابع من هذا الموضوع، دافع الإمام الحكيم وإلى النفس الأخير
عن بقاء حوزة النجف مفتوحة أمام جميع أقاليم العالم الاسلامي، للاستفادة من
ينابيعها الثرية، ومدارسها العلمية الفنية، ومنهجها في التربية... وكانت الأوضاع
السياسية تضغط من أجل أقلمة النجف أو جعلها عربية على أفضل تقدير.
وقد تحمل الإمام الحكيم في سبيل هذا الفهم للحوزة بكل هذه الأبعاد
آلاما ومعاناة ومحن داخلية وخارجية انتهت به بعد ذلك إلى موتة تشبه موتة
الشهداء.
3 - وضع أسس الاستقرار والثبات
من الواضح إن الحوزات العلمية الإمامية تمتاز عن غيرها من المؤسسات
العلمية في العالم الاسلامي، بأنها تعتمد في ميزانيتها على الله تعالى، والدعم
الشعبي للمؤمنين من خلال الحقوق الشرعية، وتدار أيضا بطريقة ذاتية تطوعية،
سواء على مستوى المراجع أو المدرسين، أو اختيار المناهج عبر مجموعة من
التقاليد والالتزامات الأخلاقية أو السلوكية العامة، أو الانتخاب الفردي الحر.
ولا تمنح شهادات أو وثائق لخريجيها، ولا توجد جهة رسمية تعترف
بها، أو تهيمن على شؤونها.
وهذه الخصائص في الوقت الذي كانت تمثل امتيازا مهما من الناحية
الروحية والمعنوية وفي علاقاتها بالأمة، لكنها كانت تشكل نقاط ضعف في بنية
الحوزة تجعلها عرضة للهزات والانتكاسات، وتأثير الضغوط المختلفة النفسية
أو الاجتماعية والاقتصادية، يعرفها أبناء الحوزة العلمية أكثر من غيرهم.
وقد حاول الإمام الحكيم قدس سره إرساء بعض القواعد والأسس، وتحقيق

(1) التبت: منطقة فقيرة في الباكستان، وكذا (نگر)، ويراد من البربرية: الأفغانيين، ومن
الشروقية: الشرقيين من مناطق العمارة، والناصرية، والبصرة. ومن العوامل: أبناء جبل
عامل في لبنان.
تقديم 51

بعض الانجازات والمكاسب، بهدف تحقيق المزيد من الاستقرار والثبات في
الحوزة العلمية، نشير إلى بعض معالم هذه الأسس والانجازات.
1 - التعامل مع العلماء والطلبة على أساس العلاقات الحوزوية، العلم
والفضل، التبليغ والتأليف، التقوى والالتزام، سواء في دفع الرواتب، أم الاهتمام
المعنوي، ولعل الإمام الحكيم كان أول مرجع في هذا العصر يدفع ما يصل إليه
من حقوق شرعية إلى الطلبة والفضلاء دون أن يأخذ بنظر الاعتبار أنهم ممن
يحضرون درسه، أو يقتربون منه في محل العمل، أو ينتمون إليه إقليميا.
كما كان يصنع البعض مثل ذلك في التمييز، ولعله لمبررات شرعية أو
عرفية عند عدم القدرة على استيعاب الجميع.
2 - محاولة إيصال الطالب إلى مرحلة الاستقلال المالي، من خلال
الرواتب التي يحصل عليها طلاب العلوم الدينية في النجف.
3 - تأسيس المدارس أو تجديد بنائها أو تأجير الأماكن من أجل تغطية
النمو الكبير في عدد الطلبة المجردين واستيعابهم.
4 - ارسال الوكلاء إلى المدن والبلاد المختلفة لتغطيتها على المستوى
الثقافي والتبليغي، وتنشيط اهتمامهم بالحوزة والطلبة ودعمها.
5 - الاهتمام بتنظيم الدراسات الحوزوية وتأسيس المدارس من أجلها،
مع ادخال لبعض الدروس والأبحاث الجديدة، لتغطية حاجة الطلبة الجدد من
المدرسين، وتنظيم أمورهم وإعدادهم للقيام بواجباتهم الاسلامية. وكانت
(مدرسة العلوم الاسلامية) أول مدرسة حوزوية في هذا المجال.
6 - توعية الأوساط الدينية على ضرورة الاهتمام بالحوزة ورعايتها
وكفالتها، وكذلك كفالة الطلبة الذين ينتمون إلى هذا البلد أو ذاك.
7 - المطالبة بالاعتراف بالدراسات الحوزوية على مستوى الاعفاء من
الخدمة في الجيش، أو منح الإقامة، أو غير ذلك من الشؤون ذات العلاقة
باستقرار الطالب.
8 - تشجيع حركة التأليف والنشر وتأسيس المراكز العلمية لخدمة هذه
تقديم 52

الأغراض الثقافية.
وقد حقق الإمام الحكيم في مختلف هذه الأبعاد انجازات مهمة، وأرسى
قواعد ورسم اتجاهات لا زالت مؤثرة في مجمل الأوضاع الحوزوية حتى الآن.
ثالثا: الأمة
تمثل الأمة في إطار حركة المرجعية ونظريتها عنصرا مهما يعبر عن مجال
عملها ونشاطها من ناحية، وعن الهدف الأساسي لها في التحرك من ناحية
أخرى، حيث إن المرجعية ليست دولة أو حكومة، وإنما هي نظام للعمل في
الأمة في ظل حكومة قائمة. ولكنها أيضا تمارس بعض الأدوار والنشاطات التي
تشبه دور النظام السياسي، وذلك لملأ الفراغ الديني والشرعي، عندما تتخلى
الدولة عن واجباتها أو تعجز عن القيام بها أو تنحرف وتتعدى حدودها
المرسومة لها في نظر الشرع المبين. فالأمة إذن هي ساحة وميدان عمل
المرجعية.
كما أن الأمة في نفس الوقت هي هدف المرجعية، لأنها تستهدف بالأصل
هداية الناس إلى الله تعالى وإيجاد الوعي في صفوفهم للحقائق الإلهية والحياتية
ودعوتهم للالتزام بها وتربيتهم والدفاع عن حقوقهم وكرامتهم وحريتهم.
ومن خلال هذين البعدين تنظر المرجعية إلى الأمة وتتحرك باتجاهها.
وكما رأينا فإن المرجعية تعتمد بالأصل في وجودها وقدرتها على الأمة
بعد الله تعالى، وكلما كانت علاقة المرجعية بالأمة قوية وحميمة، كلما كانت
المرجعية مقتدرة ومؤثرة والعكس بالعكس أيضا.
ومن هنا نجد الإمام الحكيم يهتم اهتماما بالغا بهذا الجانب والبعد في
حركة المرجعية، وتحقيق انجازات كبيرة سواء على مستوى فهم دور الأمة
ومسؤولية المرجعية تجاهها، أو على مستوى سعة النشاطات وشموليتها، أو
على مستوى الأهداف المنشودة في أوساط الأمة.
ويمكن أن نلاحظ ذلك في النقاط التالية:
تقديم 53

الأولى: الاهتمام البالغ بأبناء الأمة من خلال بناء العلاقات ومد الجسور
معهم، سواء على المستوى الشخصي، حيث كان يجلس لاستقبال الناس في
اليوم ثلاث مرات، بالإضافة إلى أيام الأعياد والمناسبات العامة، وبعد ازدياد
حجم الأعمال والمسؤوليات أصبح مرتين.
وكذلك كان يجيب على الرسائل وعلى بطاقات ورسائل التهاني
والتعازي، ويؤم صلاة الجماعة التي يلتقي فيها بالناس عادة بعد انقضائها،
ويحضر المجالس العامة، والزيارات المخصوصة في كربلاء، حيث يكون اللقاء
شاملا ويزدحم الناس لزيارته وعرض قضاياهم ومشاكلهم وحوائجهم... إلى
غير ذلك من الأساليب.
بالإضافة إلى الزيارات التي كان يقوم بها إلى بعض البلاد المهمة كبغداد
والكاظميين والحلة، أو زياراته إلى لبنان وغيرها مما يفسح المجال للقائه من
ناحية، والتعرف على أوضاع الناس من ناحية أخرى.
وبالرغم من أن هذه الزيارات كانت محدودة نسبيا، ولكن هذا الأسلوب
على مستوى المرجعية العامة كان أول من مارسه هو الإمام الحكيم خصوصا إذا
أخذنا بنظر الاعتبار قلة الوسائل والامكانات وصعوبة الاتصالات وعدم تعبيد
الطرق أو وجود وسائط النقل المناسبة، حيث لم يكن يملك الإمام الحكيم،
وسيلة نقل خاصة إلا في أواخر أيامه.
وكذلك عمل الإمام الحكيم على مد الجسور والاتصالات مع الأمة من
خلال شبكة الوكلاء والممثلين والمبلغين والمكتبات العامة والفعاليات
الجماهيرية الواسعة كالاحتفالات الضخمة السنوية والموسمية أو الندوات
الفكرية والثقافية، التي كانت تقيمها هذه المؤسسات أو القيام بتقديم الخدمات
الدينية في موسم الحج من خلال تأسيس بعثة دينية على شكل هيئة لأول مرة
في تاريخ المرجعية، حتى أصبحت سنة متبعة بعد ذلك للمراجع الدينيين.
وكذلك القيام بتقديم الخدمات العامة على مستوى الاصلاح بين العشائر
العراقية في النزاعات والخلافات التي كانت تحدث بينها، أو القيام بارسال وفود
تقديم 54

لافتتاح الحسينيات والمساجد والمؤسسات، أو ارسال المساعدات في
الحوادث الطبيعية كالزلازل أو الفيضانات (1) وغير ذلك من المساهمات التي
كانت تشعر الأمة من خلالها بالاهتمام والارتباط والحضور للمرجعية كمؤسسة
تهتم بشؤون الأمة وقضاياها.
كما أن الإمام الحكيم اهتم في هذا المجال بالأوساط المحرومة دينيا
واجتماعيا، أو التي تعرضت إلى العزلة والانقطاع عن المرجعية الدينية - لأسباب
سياسية واجتماعية - مثل الموظفين وطلاب الجامعات والمهاجرين وكذلك
أوساط العشائر العراقية والأرياف.
كما أن الإمام الحكيم قام بانجاز عظيم في هذا المجال من خلال ايجاد
العلاقات الدينية القوية مع أوساط كانت معزولة تماما عن المرجعية، بحيث
تعرضت لأخطار الانحراف أو الضياع، مثل بعض مناطق الشمال الغربي في
العراق، والعلويين في سوريا، والشيعة في تركيا وإفريقيا...
لقد كانت هذه النقطة من المزايا الواضحة التي كانت تلفت النظر في
مرجعية الإمام الحكيم قدس سره، وقد أدركتها الأمة بوجدانها وعقلها، ولا زالت تشعر
بآثارها النفسية والروحية.
الثانية: الاهتمام البالغ بالشعائر الاسلامية والعمل على تطويرها
والاستفادة من الفرصة التي كانت تهيؤها لتحقيق أغراض المرجعية المقدسة.
وهذه الشعائر..
مثل: صلاة الجماعة التي كان يمارسها شخصيا بشكل عام في اليوم مرتين
أو ثلاث مرات، وحتى في الأسفار، والحث على إقامتها من قبل العلماء،
والوكلاء، والمبلغين.
ومثل: موسم شهر رمضان في الوعظ والارشاد، وتعليم الأحكام الشرعية
والأخلاق الاسلامية، وتربية الناس على الصلاح والتقوى.

(1) لكل واحد من هذه العناوين توجد شواهد وأمثلة تشكل بمجموعها سبقا لمرجعية الإمام الحكيم وقد أعرضنا عن ذكرها اختصارا للوقت.
تقديم 55

ومثل: المجالس الحسينية في شهري محرم وصفر، والمناسبات الأخرى
للنبي صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام من وفياتهم، ومواليدهم، أو الأعياد الاسلامية
والمذهبية، وإقامة الاحتفالات، والحرص على أن تكون هذه المجالس
والاحتفالات ذات مضمون ثقافي، وفكري، وأخلاقي، وسياسي، يرتبط بشؤون
الأمة.
ومثل المواكب الحسينية، التي كانت تمثل عملا جماهيريا مهما في الأمة،
سواء المحلية منها، أم الموسمية التي ترد لزيارة الأربعين، وعاشوراء، ووفاة
النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ووفاة أخيه ووصيه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، حيث تحولت
هذه المواكب إلى عمل اجتماعي وسياسي ضخم سواء من حيث الاخراج أم
المضمون أم الانسجام أم الكثافة العددية والاهتمام. وأصبحت مدرسة
جماهيرية واعية للأمة، ومؤسسة تعبوية روحية، وثقافية، وسياسية.
ومثل مواسم الحج والزيارات المخصوصة للأئمة الأطهار عليهم السلام والتي
كانت توفر فرصة لاجتماع الناس والحديث إليهم وتوجيههم حتى أنه استفاد
من هذه المواسم لعقد لقاءات سياسية أو اجتماعية أو دينية.
الثالثة: تشجيع ايجاد المؤسسات، وإقامة المشاريع الخيرية،
والجمعيات الدينية والاجتماعية التي يقيمها الأفراد أو الجماعات، وتأسيس
قنوات التخاطب مع الأمة كالمجلات الاسلامية، أو المنشورات، أو المراكز
الثقافية كالمكتبات والمدارس، وتشجيع حركة التأليف والنشر، وغيرها.
وتوسعة دائرة بناء العتبات المقدسة للأئمة الأطهار عليهم السلام وأولادهم، أو
زعماء وعلماء أتباع أهل البيت عليهم السلام وكذلك بناء المساجد، والحسينيات
والمساكن التي تؤمن للعالم الديني نوعا من الاستقرار والثبات.
وإذا أردنا أن نلقي نظرة عامة على فترة الخمسة عشر سنة التي أصبحت
فيها مرجعية الإمام الحكيم قدس سره مرجعية عامة من سنة (1375 - 1390 ه‍ ق)
لوجدنا تطورا نوعيا، وكميا ملحوظا وهاما في جميع هذه المجالات
المشار إليها، والذي يشكل ظاهرة وخطا عمليا في الرؤية العملية لهذه
تقديم 56

المرجعية (1).
الرابعة: تنظيم العلاقات والموارد المالية التي تعتمد على الأمة بشكل
رئيسي.
إذ من الواضح كما أشرنا سابقا إن المرجعية تعتمد في نفقاتها على
الحقوق الشرعية كالأخماس، والزكوات وغيرها التي تشكل في واقعها مصدرا
ماليا كبيرا ومهما.
إلا أن المشكلة في هذا المصدر المالي هو أنه مصدر قد أوجبه الشارع
المقدس على الانسان المسلم، ولكن في ظروف المرجعية لا يوجد عامل
اجرائي يلزم المكلف بالدفع ومن هنا تحول الدفع إلى حالة تطوعية ترتبط
بمقدار تدين الانسان والتزامه من ناحية، ووعيه للأمور والحاجات الاسلامية
والدينية من ناحية أخرى. وأخذ هذا المصدر يتأثر بقضية الوعي في حجمه
وفاعليته.
وقد عمل الإمام الحكيم قدس سره على تحقيق الأمور التالية في هذا المجال:
1 - تعليم الناس وتوعيتهم على هذا الواجب الشرعي وتنبيههم إلى
أهميته من خلال المبلغين أو غير ذلك من أساليب التوعية.
2 - العمل على تنظيم الدفع والالتزام به، حيث كان أغلب الأفراد في
العراق، وبعض البلدان الأخرى، من دافعي الحقوق الشرعية يدفعونها بدون
برنامج معين للدفع، بل عند المناسبات والحوادث كالذهاب لحج بيت الله
الحرام، أو مناسبة تصفية تركة الميت، أو عند ورود عالم أو مبلغ إلى البلد أو
المنطقة، أو وجود مشروع خيري وديني واضح، أو ضروة من ضرورات
المؤمنين، ولكن الإمام الحكيم قدس سره اهتم في تنظيم هذه الحقوق، مستغلا هذه
المناسبات المذكورة، فعندما يأتيه شخص يريد أن يذهب للحج لا يكتفي منه
بخمس نفقه الحج بل ينظم وضعه المالي من خلال حساب رأس السنة، وتعيين

(1) هناك أرقام وأمثلة كثيرة تشهد بذلك أعرضنا عن ذكره خوفا من الإطالة.
تقديم 57

مقدار الخمس في جميع أمواله، ويترك له الفرصة في تقسيط الدفع، أو تأخيره
من دون احراج ومضايقة ولو عادية، مع توضيح الحكم الشرعي له.
كما كان يوصي وكلاه ومبعوثيه، أن يهتموا بهذا الأمر، ولا يقبضوا
الأموال إلا بعد توضيح هذا الحكم وتعيين هذا المنهج.
وكان يثقف أبناء الأمة على هذا الحكم الشرعي من خلال الالزام باستلام
وصولات الدفع، حتى عندما يكون الدفع له مباشرة، ويبين لهم إن هذا الوصل له
أثر معنوي لديهم ولدى ذويهم ومتعلقيهم، بالإضافة إلى أثره في تنظيم الدفع،
وتمركز الأموال وعدم ضياعها.
3 - تشجيع المؤمنين من أصحاب الحقوق أن يقيموا مشاريع دينية في
بلادهم، وأحيانا مساعدتهم ماليا من أجل تخليص ذممهم من الحقوق الشرعية.
والديون الإلهية من ناحية، وتشجيع الآخرين وإثارة روح التنافس والتسابق
للخيرات في نفوسهم.
كما كان يشجع أن تصرف الأموال على الوكلاء والمبلغين والأعمال
الدينية في المناطق، خصوصا الفقيرة منها، ليكون ذلك سببا لتشجيع الطلبة
والعلماء للاهتمام بتلك البلدان والتردد عليها، أو الإقامة فيها بعد أن تحقق
أسباب الاستقرار النفسي.
لقد كان لهذه السياسة أثر كبير في الأمة، ليس في الحصول على المزيد
من الموارد المالية فحسب، بل في تحقيق الوعي والمشاركة الفعلية للأمة في
الأعمال الدينية، والشعور بالمسؤولية تجاهها والالتزام بها والدفاع عنها.
الخامسة: تنمية الخط الجهادي والسياسي في الأمة، حيث كانت الأمة
في العراق - كما أشرنا سابقا - قد أصيبت بمرض الاستكانة والاستسلام
للأوضاع القائمة، خصوصا وإن الأكثرية الساحقة لأبناء الأمة كانت معزولة عن
القرار السياسي، وهم الشيعة الذين يشكلون الأكثرية في العراق، خصوصا
المنتمين إلى الشعب العربي، وكذلك الأكراد الذين يمثلون أكثرية أهل السنة في
العراق. وكانت الأوضاع في العراق تدار من قبل طبقة من السياسيين النفعيين
تقديم 58

والموظفين الإداريين، الذين ورثوا السلطة من العهد العثماني حيث بادروا إلى
التعاون والاتفاق مع الغزاة الانكليز، للقيام بدور النيابة عنهم في هذا المجال.
وقد حاولت الأمة في بعض الأدوار الانتفاضة على هذه الأوضاع، إلا أنها
سرعان ما كانت تتعرض للقمع أو الخداع، الأمر الذي أدى إلى أن تصاب بهذا
المرض النفسي السياسي.
كما أن الأحزاب السياسية الدخيلة حاولت أن تعبئ الأمة في العراق على
مفاهيمها ومبادئها المستوردة وأهدافها السياسية، ولكنها فشلت أيضا في نهاية
المطاف.
ولذا كان الدور الذي قام به الإمام الحكيم قدس سره في تعبئة الأمة على الجهاد
والتضحية، والمواجهة، وتوعيتها سياسيا على حقوقها المشروعة عملا عظيما
في هذه الفترة الزمنية الحساسة (1).
وقد حقق الإمام الحكيم قدس سره ذلك من خلال الخطوط السياسية والعملية
التالية:
الأول: تربية الأمة على الشعور بالمسؤولية الاجتماعية، وتحسيسها
بضرورة تحملها لهذه المسؤولية، والمساهمة في تكوين الأوضاع العامة،
والمشاركة في القرار السياسي، والرقابة على نشاطات الحكم.
الثاني: اخراج الأمة عن عزلتها السياسية، من خلال الممارسة للنشاطات
السياسية، وتعبئتها عمليا في هذا المجال، وتصدي المرجعية بنفسها للعمل
السياسي، ومنحه الصفة الشرعية بعد محاولات الاستعمار لفصل الدين عن
السياسة.
الثالث: اعطاء المرجعية دورها، وقيمتها الحقيقية، وموقعها الطبيعي

(1) الحديث عن موضوع الجهاد السياسي للإمام الحكيم والأعمال التي قام بها في هذا
المجال وكذلك معالم جهوده وتضحياته تحتاج إلى حديث مستقل واسع لم نتناوله في
هذه المقدمة ولذا اكتفينا بالإشارة إلى جانب منه يرتبط بالمرجعية ونظرتها إلى مفردة
الأمة.
تقديم 59

القيادي من خلال التصدي لتحمل مسؤولية هموم الأمة وقضاياها المصيرية،
والعمل على تحقيق المصالح العامة الأساسية للناس، والمطالبة بحقوقهم،
وتحمل الآلام، والمعاناة، والصبر من أجل التصدي لهذه النشاطات، والوقوف
بوجه الظالمين والطغاة.
وعدم التخلي في نفس الوقت عن ممارسة الأعمال الدينية كالفتوى،
والقضاء، والولاية للأمور، أو ممارسة النشاطات الاسلامية كالتعليم، والتربية،
والتبليغ للمفاهيم والأحكام والوعظ والارشاد والنصيحة.
الرابع: دعم النشاطات السياسية النظيفة، والحركات الاسلامية في
الأوساط (الشيعية) و (السنية)، وكذلك دعم أعمال التصدي للظالمين من قبل
المظلومين، والدفاع عنهم وتبني قضاياهم.
الخامس: الانفتاح على الجماعات والأوساط المختلفة، سواء الأوساط
الشعبية أو السياسية أو الدينية.
وبهذا الصدد نشير إلى الانفتاح الذي حققه الإمام الحكيم قدس سره على
الجماعات الكردية، والعلماء من أهل السنة، وبعض أوساطهم الاجتماعية، بل
والانفتاح حتى على الطوائف الدينية الأخرى، مثل المسيحيين.
هذا الانفتاح الذي أكد الوحدة الاسلامية بين المسلمين، ووحدة أبناء
الوطن الواحد، وضرورة أن يعيشوا فيما بينهم بطمأنينة واستقرار، ويعملوا على
تحقيق العدل والرفاه وحكم الله في الأرض، ويتحملوا مسؤولية المصير الواحد
المشترك.
تقديم 60

الفصل الثالث
الجانب العلمي والميزات الخاصة
يعتبر الجانب العلمي في الإمام الحكيم من أهم الأبعاد في شخصيته
فبالإضافة إلى السيرة الذاتية الذي تمثل القاعدة والأساس للبناء الفوقي في
الشخصية تتمثل الأبعاد البارزة في شخصية الإمام الحكيم بالبعد العلمي، والبعد
المرجعي، والبعد الجهادي السياسي، حيث إن الأعمال العلمية للإمام الحكيم
قد أخذت حيزا واسعا من حياته، ووقته، وشخصيته، فقد أحصى بعض
المؤلفين في شخصية الإمام الحكيم مؤلفاته فبلغت - مؤلفا، تتناول
موضوعات مختلفة من العلوم الاسلامية، الأمر الذي يدلل على هذه الحقيقة
خصوصا إذا عرفنا أنه كتب بعض مؤلفاته مرتين كما هو في شأن بعض أجزاء
(المستمسك) ولكن أهم مؤلفاته المطبوعة يمكن أن نحصرها في المؤلفات
التالية:
1 - مستمسك العروة الوثقى، وهو شرح استدلالي للقسم الأول من
العروة الوثقى للسيد الطباطبائي اليزدي في أربعة عشر جزء.
2 - حقائق الأصول، وهو شرح استدلالي لكفاية الأصول للمحقق
الخراساني في مجلدين.
3 - نهج الفقاهة، وهو شرح استدلالي لكتاب البيع للشيخ الأنصاري في
مجلد واحد.
4 - منهاج الصالحين، وهو رسالة عملية مفصلة، تتناول الفتاوى
الفقهية في مجلدين، وقد أصبح موضع اهتمام خاص من قبل المراجع الدينيين
تقديم 61

المتأخرين عن الإمام الحكيم.
5 - دليل الناسك، هو هذا الكتاب، والذي نحن على أبوابه.
ويحتاج تعريف هذه الكتب إلى حديث واسع، ولكن لا بد أن نشير إلى
أن أهم هذه الكتب والذي حضى باهتمام بالغ وواسع في الأوساط العلمية هو
كتاب (المستمسك)، الذي يعتبر بحق أهم موسوعة فقهية كتبها عالم بقلمه
بعد كتاب (الجواهر) المعروف، للشيخ النجفي.
إلا أن هذا الكتاب - مع الأسف - يشكو من نقص واضح، وهو أنه لا يمثل
دورة فقهية كاملة لأن كتاب العروة الوثقى الذي يمتاز بكثرة الفروع الفقهية
ودقتها لا يتناول جميع أبواب الفقه.
واحد جوانب النقص فيه هو كتاب الحج حيث إن المؤلف يتناول فيه
أبواب الحج إلى كيفية الاحرام فقط.
ولذا يعتبر (دليل الناسك) هذا مكمل في هذا الجانب لكتاب
(المستمسك)، بالإضافة إلى خصوصية هامة فيه تمثل هدفا للمؤلف، وهو أن
الإمام الحكيم تناول أبحاث الحج بطريقة استدلالية متينة ومختصرة، يركن إليها
الباحثون، وقد جمعها في مجلد واحد صغير، وهذا العمل يعتبر من الناحية
العلمية والفنية في غاية الأهمية.
والمهم في هذا البحث هو التعرف على الخصائص العلمية التي كان
يمتاز بها الإمام الحكيم ونهجه في البحث والتدريس.
الفقه والأصول
يمكن أن نقول: بأن الفقه والأصول كانا محور الاهتمام العلمي للإمام
الحكيم، وقد أخذ من غيرهما المقدار الذي يمثل مقدمة عامة للفقه سواء في
علم الحديث، أم التفسير، أم الرجال، أم اللغة والنحو والصرف، فضلا عن غيرها
من العلوم الاسلامية، وذلك بالرغم من أننا نجد في عناوين بعض مؤلفاته ما
تقديم 62

يشير إلى اختصاصها ببعض هذه العلوم، ومن هنا نجد الإمام الحكيم قد أولى
الفقه أهمية خاصة، وبرع به، وامتاز وعرف بين العلماء والمراجع بهذا الجانب،
وكان موضع اعجاب وثناء وتقدير من قبل العلماء والباحثين، وتعتبر آراؤه في
الفقه موضع بحث، وتتداول لدى كبار المجتهدين في بحوث درس الخارج.
والشئ المهم في هذا المجال إن آراءه أخذت طريقها إلى الأوساط
العلمية بطريقة موضوعية دون تأثر بموقعه المرجعي المتميز، أو موقعه كأستاذ
يعتز طلابه بالأخذ عنه، حيث إن كثيرا من هؤلاء الباحثين أما من المقاربين
للإمام الحكيم في الطبقة العلمية، أمثال آية الله العظمى السيد الخوئي وغيره من
كبار الأساتذة والمدرسين، أو من طلاب المدارس الأخرى والعلماء الآخرين.
وقد كان طريق هؤلاء إلى رأيه كتبه وأبحاثه التي لاقت رواجا تدريجيا في
هذه الأوساط (1) خصوصا أوساط الحوزة الإيرانية في النجف وقم والتي تعتبر
- بشكل عام - من الأوساط المتقدمة علميا (2).
وفي هذا الجانب يمكن أن نلاحظ مجموعة من المميزات في فقه الإمام
الحكيم، والتي تشكل في مجموعها مدرسة متكاملة، بالإضافة إلى متبنياته
الأصولية والرجالية والحديثية العامة.
ويمكن تلخيص المميزات بالنقاط التالية:
الأولى: الجمع بين الدقة في الاستنباط والتزام المنهج العلمي الذي

(1) من الجدير بالذكر الإشارة إلى أن المستمسك عندما صدر الجزء الأول في سنة (1366 ه‍)
لم يحض باهتمام بالغ، بل حاولت بعض العناصر المحسوبة على الحوزة العلمية التشهير
بالإمام الحكيم باستخدام طريقة إصدار منشورات ضد كتاب المستمسك، لأغراض سياسية، باسم (الهيئة العلمية) حيث وزعت منها عشرات الآلاف وفي سنين متعددة.
ولكن مع ذلك نجد المستمسك يشق طريقه إلى الأوساط العلمية الخاصة كما أشرت
فضلا عن عموم العلماء والباحثين.
(2) لقد كان الإمام الحكيم يعلق أحيانا على اهتمام هذه الأوساط المتأخرة بالمستمسك إنها
هي التي أدركت عمق فضله وعلمه. ولعل السبب في ذلك هو أن هذه الأوساط (كوسط
عام) كانت متميزة بالتقدم العلمي والكثرة والانتشار.
تقديم 63

يعتمد على الضوابط والأصول المقررة من جانب، والفقاهة في فهم النص،
وظروفه، وما يسميه بالارتكاز العرفي، والذوق العام، والعمل على ايجاد
الموازنة بينها، وتفسير أحدها بالآخر.
وهذا العمل في الحقيقة يمثل محاولة للجمع بين مدرستين مهمتين في
الفقه، خصوصا بعد أن تطور علم الأصول، ووضعت فيه المصطلحات الفلسفية
والكلامية، وغرق في بحر الفرضيات والاحتمالات والجزئيات، بحيث ألقى
بضلاله الثقيلة على الفقه، وفهم النصوص والظواهر، وعملية التجريد للنص.
الثانية: القيام بعملية الاستنباط من موقع الممارسة الفعلية والمعايشة
الحقيقية للمشاكل والحوادث والوقائع. سواء في دور البناء العلمي قبل
المرجعية، أم في دور المرجعية العامة.
حيث إن الإمام الحكيم - كما ذكرنا في سيرته الذاتية - لم يكن مرجعا عاما
فحسب، وجدت له هذه المعايشة العامة من خلال المرجعية، بل كان يعيش
علاقات اجتماعية واسعة قبل مرجعيته شخصيا، إلى جانب عمله العلمي في
الدور الأول من حياته، وشاهد ظروف سياسية مختلفة، ومر بأدوار عديدة،
واصطحب بشكل مباشر مستويات من الناس متفاوتة في وضعها الاجتماعي،
والثقافي، ومحيطها الحياتي من الفلاحين، والعمال، والتجار، والجنود، والطلبة،
والعلماء، وأصحاب البيوتات من المدن، وأبناء العشائر والقبائل في الريف،
ومن العراقيين، واللبنانيين، والإيرانيين... وقام بعدة أسفار إلى لبنان، وفي داخل
العراق.
إن هذا المستوى الواسع من المعاشرة الميدانية للحياة إلى جانب
المستوى العلمي المتميز تجعل الفقيه ينظر إلى الحوادث والمشاكل من بعدين
مترابطين:
أحدهما: البعد العلمي الذي يستوحيه من الأدلة الشرعية والنصوص
الشريفة.
تقديم 64

وثانيهما: البعد الاجتماعي الذي جاءت الشريعة الاسلامية لبيان
أحكامه وحل مشكلاته، والذي يلقي بضوئه لفهم هذه النصوص من خلال
قانون مناسبات الحكم والموضوع.
وهذا العمل ضرورة مهمة في عملية الاستنباط حيث إنها تشخص الحكم
الشرعي للموضوعات والقضايا التي يواجهها الانسان في حياته يستند فيه
الفقيه إلى الأدلة الشرعية، وكل منهما لا يمكن أن يؤخذ كعملية تجريدية فرضية
فحسب، بل الأحكام الشرعية بالأصل وبحسب ورودها جاءت كمعالجة لهذه
القضايا الحية، وإن لم يكن الحكم مقيدا بها في مدلوله كقضية خاصة خارجية،
ولكنها بطبيعة الحال تلقي بخصوصياتها وظروفها على مضامين النصوص
والقواعد الواردة بشأنها - كما هو واضح -.
كما أن ارجاع الأئمة إلى الفقهاء إنما هي لمعالجة هذه القضايا على ضوء
ما ورد في الكتاب الكريم والسنة الشريفة خصوصا إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار
الدور الذي لا بد للمجتهد أن يقوم به أيضا وبعد تشخيص الأوامر التفصيلة في
موارد الولاية: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم
حجتي عليكم وأنا حجة الله) (1).
بل إن عملية الاستنباط الفعلي هي عملية استنطاق الكتاب الكريم والسنة
الشريفة انطلاقا من الحوادث والقضايا ثم الرجوع إليها في تطبيق الحكم
الشرعي.
والخلاصة إن عملية الاستنباط إنما هي عملية تشخيص الحكم
للموضوع بعد تحديده وتشخيصه، ولا شك أن المعايشة الحياتية للحوادث لها
دور كبير في تشخيص الموضوعات وتحديدها وفهم طبيعة الحكم المناسب
المستفاد من الأدلة.
لعل هذا الفهم لعملية الاستنباط هو الذي جعل الإمام الحكيم يهتم بقضية

(1) جاء ذلك في التوقيع المروي بطريق معتبر عن الإمام الحجة (عجل الله فرجه الشريف).
تقديم 65

الارتكاز العرفي كما أنه يفتح آفاقا في عملية الاجتهاد لا يمكن حصرها في
العملية التجريدية المحصورة بين النصوص والتصورات والفروض وقد
يضيف للاجتهاد والأعلمية شرطا جديدا وبعدا ومحتوى أصيلا يحتاج فيه إلى
مثل هذا الفهم المعايشة (1).
الثالثة: الجرأة والشجاعة العلمية في الوصول إلى النتائج وتبنيها.
فإن الإمام الحكيم وإن كان يلتزم في مبانيه الأصولية بالاجماع وكذلك
بتأثير شهرة رواية الخبر وقبوله العام في الفتوى على العمل به. وبالتالي فهو
يعطي دورا وأهمية لآراء العلماء ومتبنياتهم. إلا أنه مع ذلك يفرق بين حالتين في
هذا المجال:
إحداهما: حالة افتراض تلقي العلماء والرواة للحكم الشرعي أو
خصوصية فيه من الأئمة عليهم السلام لم تنعكس على النصوص أو القرائن المحيطة بها.
وفي هذه الحالة يولي الإمام الحكيم هذا الأمر دورا في الاستنباط ويدخل
كعامل مؤثر في هذا المجال.
وثانيهما: حاله تنبع من عناصر ذاتية في المجتهد والعالم كالاحتياط في
مقام الفتوى، والابتعاد عن الشبهات، أو الاستظهار، أو الفهم الخاص للنصوص
والتأثر بالأوضاع الاجتماعية التي كان يعيشها المسلمون في العصور السابقة، أو
فكرة تقديس آراء المحدثين الأوائل والفقهاء السابقين أو غيرها من العناصر
ذات القيمة الذاتية، لا الموضوعية.
فإن في مثل هذه الحالة نجد الإمام الحكيم يملك الشجاعة الكافية
والجرأة الأدبية لاتخاذ الموقف الحازم في تبني النتائج العلمية في الفتاوي
والأحكام، ويمكن أن نلاحظ بوضوح في عدة فتاوى مهمة للإمام الحكيم إذا

(1) قليل هم أولئك المجتهدون الذين يتصفون بهذه الصفة حيث نجد الكثير منهم يعيش
عزلة اجتماعية أو ضيق في دائرة المعايشة الاجتماعية وحبس للنفس والتفكير في إطار
النصوص والأوساط العلمية تشبه عملية الممارسة التجريبية التي يعيشها علماء الطبيعة
والتي يتميزون فيها أيضا بوجود المختبرات والتجارب.
تقديم 66

أخذناها في إطار ما يتصف به من روح الاحتياط والتقدس.
أ - الفتوى بطهارة أهل الكتاب، وكذلك بصحة الزواج الدائم من نسائهم،
حيث كان بعض الفقهاء يتردد في الاعلان عن هذه الفتوى، إما لأنها مخالفة
للمشهور، أو لأنها لها مردودات سلبية اجتماعية في أوساط المتدينين
والمتشددين تؤدي للاضرار بالمقام الاجتماعي للفقيه.
وهذه الفتوى - بالرغم مما تحمل الإمام الحكيم بسببها من مشاكل - إلا
أنها كانت أحد الفتوحات الاجتماعية المهمة، بسبب ابتلاء المؤمنين الواسع
بمباشرة أهل الكتاب في العقود الأخيرة من ناحية، وانفتاح البلاد الاسلامية على
العالم الغربي من ناحية أخرى.
ب - إلحاق من عمله في السفر بمن عمله السفر كالموظفين الإداريين،
أو عمال الشركات، أو التجار الذين يكون مكان سكناهم بعيدا عن مقر عملهم
بما يساوي المسافة المعتبرة بالسفر، وهكذا الحاق الوطن الموقت بالوطن
الدائم، كطلاب العلوم الدينية الذين يدرسون في الحوزات العلمية بشكل
مؤقت، أو طلاب الجامعات... الخ.
حيث كان الفقهاء - ومنهم الإمام الحكيم سابقا - يرون أن مثل هؤلاء
حكمهم القصر، والافطار في شهر رمضان، ويفرقون في حكمهم عن أولئك
الذين عملهم السفر كالسواق، وحملة البريد، وعمال اصلاح السكك الحديدية،
ومسؤولي قوافل المسافرين وأشباههم، فحكمهم هو التمام والصوم، وقد أفتى
الإمام الحكيم بعد ذلك بأن الحكم هو التمام والصوم بالنسبة إلى جميع هؤلاء
من القسمين، وكانت هذه الفتوى من خلال المعايشة الحقيقية لهذه الأعمال،
وحلا لمشكلات واسعة كان يواجهها هؤلاء المتدينون.
وقد سار على هذه الفتوى جماعة من الفقهاء الذين جاءوا بعد الإمام
الحكيم حيث أصبحت هي الفتوى السائدة في أوساطهم.
ج - الفتوى بكفاية الاحرام من حدود الحرم وأدنى الحل للحجاج الذين
تقديم 67

يأتون من الآفاق، ممن لا يمرون في طريقهم بأحد المواقيت الخمسة المعروفة،
أو ما يحاذيها محاذاة عرفية، كالحجاج الذين يأتون إلى جدة بالطائرات، وكذلك
صحة الاحرام من هذا الموقع للمعتمر بالعمرة المفردة.
حيث كان يستفيد من روايات المواقيت إنها مختصة بمن يمر عليها أو
يحاذيها محاذاة عرفية وهي المحاذاة التي يمر فيها الحاج قريبا من الميقات في
حالة استقباله لمكة وبدون ذلك فلا تكون هذه محاذاة ولا مرور بالميقات
وبالتالي فيمكنهم أن يحرموا من أدنى الحل.
ومع قطع النظر عن صحة هذا الاستنباط وعدمه فإن ذلك موكول
للأبحاث الفقهية، ولكن المهم هو الشجاعة والجرأة الأدبية لهذه الفتوى والذي
عالج بها مشكلة حقيقية يعاني منها الحجاج استنادا لفهمه من النصوص.
والقضية بطبيعة الحال ليست هي وجود حل للمشكلة وإنما الجرأة في
الفتوى عندما يرى الدليل كافيا في الوصول إليها حتى لو كانت على خلاف ما
هو معروف لدى الفقهاء.
وهكذا الحال في الفتوى بصحة السعي في الطبقة الفوقانية للمسعى،
حيث يتوقف بعض الفقهاء بسبب الشك بصدق مفهوم السعي بين الصفا
والمروة، أو الشك في أن الصفا والمروة كانت مرتفعة بدرجة هذا الطابق.
د - الفتوى بحلية الأطعمة - وحتى اللحوم فضلا عن طهارتها - التي تباع
في سوق المسلمين عند الشك في التذكية، حتى لو كانت مسبوقة بيد غير
المسلم، حيث كان يرى أن سوق المسلمين نفسها أمارة على التذكية.
نعم، مع العلم بعدم التذكية فلا كلام في الحرمة.
الرابعة: العمل على تيسير الفقه الاستدلالي من خلال الدقة في التعبير،
والتلخيص للمطولات الفقهية، والجمع للآراء والنظريات المختلفة مع بيان
واضح ميسر يمكن أن يتناوله الفضلاء والطلبة المجدين بسهولة فيختصر
عليهم الوقت والجهد.
تقديم 68

وقد نقل عنه بعض تلامذته (1) أنه كان يقول: إني حينما أريد صياغة
النص، أفترض أمامي بعض الطلاب (فلان) أما من عسيري الفهم، أو المدققين
في النصوص، ومدى مطابقتها للمراد منها من المعاني، ثم أصوغ النص ليأتي
ميسر الفهم لمثل هؤلاء.
وكنت ألاحظ في كتابه المستمسك إنه كان يدقق في كتابة النص لدرجة
أنه يعيد كتابته عدة مرات، أو يضيف أو يحذف منه بعض الكلمات والفقرات،
وهذا أمر واضح لمن يرجع إلى مسودة كتاب المستمسك بخط المؤلف.
ولعل هذا الجهد الذي كان يبذله في هذا المجال، ولتحقيق هذا الهدف
هو أحد أسرار النجاح الذي لاقاه كتاب المستمسك.
ويعتبر هذا الكتاب (دليل الناسك) أحد المصاديق البارزة لهذه الميزة
الخاصة أيضا بل هو في الاختصار أكثر من المستمسك.
المنهج العلمي
لقد كان المنهج العام الذي يتبعه الإمام الحكيم في الاستنباط والوصول
إلى النتائج له طابعه من ناحية وله معالمه وخطواته من ناحية أخرى.
ويحسن بنا بيان كل منهما مع قطع النظر عن موضوع التحيز.
أما طابعه العام فهو المنهج الموضوعي الذي يعتمد بشكل أساسي على
الدراسة العلمية غير المتحيزة تجاه موضوع البحث ويطبق فيه الضوابط
والأصول والقواعد العلمية المنطقية، أو التجربية، أو الأسس المستنبطة
لاستخدامها في عملية استنباط الأحكام الشرعية، كما سوف نشير إلى ذلك،
ولكن في نفس الوقت يهتم بالجوانب الروحية والمعنوية في هذا العمل
العلمي.
وقد كان الإمام الحكيم ينظر إلى الاستنباط على أنه ممارسة لأقدس عمل

(1) راجع جامعة النجف في عصرها الحاضر للشيخ محمد تقي الفقيه ص 29.
تقديم 69

يقوم به الانسان بعد الايمان بالله والواجبات الأساسية، كما أنه هو واجب شرعي
لا بد أن يقترن بقصد القربة، ليس في التوجه والاختيار العام بل في تفاصيل
العملية الاستنباطية، كما سوف نشير، بالإضافة إلى أنه كان يرى أن الاستنباط
يتعامل مع أعظم المقدسات الاسلامية وهي الكتاب الكريم والسنة الشريفة
والعقل الانساني الذي فضله الله تعالى على جميع المخلوقات، ومع الحرمات
من النفوس، والديار، والأموال، والاعراض وغيرها.
وهذا الجانب المعنوي يمثل بعدا مهما في نظر الإمام الحكيم في منهج
الاستنباط، له تأثيره في الالتزام والدقة، وله تأثير في الهداية والتوفيق
للوصول إلى المناهج، ويمكن أن نلخص خطوات هذا المنهج ومعالمه بالأمور
التالية:
الأول: قصد القربة في تفاصيل العملية الاستنباطية والاستعانة بالله تعالى
للهداية إلى الصواب، وهذا القصد من الأمور غير المنظورة للمشاهد، ولكن كان
يتحدث عنه الإمام الحكيم عندما ينصح طلابه ومحبيه، ويقوم ببعض
الممارسات المعبرة (1) عنه كالتزامه بصلاة تحية المسجد قبل صعود المنبر
للدرس، علما بأنه كان يلقي دروسه العامة في المساجد.
ويمكن أن نلمسه في هذا التوفيق الذي اتصفت به كتبه المطبوعة.
الثاني: هو أسلوب التفكير بصوت مسموع - كما يعبرون - حيث كان
يطرح الإمام الحكيم في درسه المسائل والأفكار في البداية مجردة عن الأدلة ثم
يأخذ بإثارة الأسئلة حولها عن صحة الفكرة، ومدى واقعيتها، والمطالبة بالدليل
على هذه الصحة، وجواب الاشكالات، وكان يترك في هذه العملية الفرصة
للإثارة والتأمل.
فبالرغم مما نرى في كتاب المستمسك وغيره من كتبه من التنسيق

(1) أشرنا إلى هذا الجانب في سيرته الذاتية، ويذكره عنه آية الله العلامة الشيخ محمد تقي
الفقيه. كما أشار الإمام الحكيم إلى ذلك في رسالته للعلامة الشيخ محمد جواد مغنية.
تقديم 70

والتبويب، إلا أن درسه كان يختلف عن ذلك إلى حد كبير، حيث كان يبدو عليه
كأنه يحضر الأفكار والإثارات حولها والاستدلال عليها أثناء التدريس، ويفكر
في صحتها والاشكال عليها والدفاع عنها. الأمر الذي كان يعطي فرصه واسعة
للطالب أن يواكب ويتابع التفكير سواء من حيث الوقت أم الأسلوب.
الثالث: بذل الجهد في ايضاح محتوى الفكرة الأساسية وتأكيدها
خصوصا إذا كانت لأحد الأعلام الماضين من العلماء، أو توضيحها وكأنه يؤمن
بها، ثم بعد ذلك يبدأ بالتفتيش عن دليلها أو صحتها، وبعد ذلك يبدأ بمناقشتها
للوصول إلى النتائج المطلوبة.
فالعملية تأخذ بنظره خطوات ثلاث لا بد للباحث أن يطويها حتى يصل
إلى هدفه المقصود.
الرابع: التعامل مع آراء الآخرين العلماء باحترام، وتواضع، وأدب رفيع،
والتفتيش عن المبررات التي اعتمدوا عليها في تكوين الفكرة أو التزامها،
خصوصا إذا انتهى إلى عدم القبول بها، حيث يبقى احتمال وجود خصوصيات
وقرائن دعتهم إلى الأخذ بها خفيه على الباحث، الأمر الذي يجعل الطالب يبذل
المزيد من الجهد في البحث والتفتيش عن الدليل والبرهان لقبول الفكرة أو
رفضها، والابتعاد عن روح الاستهانة أو الغرور العلمي.
الخامس: الحرية، والاستقلال في التفكير العلمي، وعدم الانفعال
والوقوع تحت تأثير الاحترام أو التعظيم للآخرين، حيث كان يقول: إن من
الضروري في التعامل مع الأفكار (النظر إلى ما قيل لا إلى من قال)، وإن الكثير
من الأخطاء وقعت بسبب هذا النوع من الانفعال والتأثر.
السادس: الالتزام بالضوابط والموازين العلمية في الاستنباط حيث
لاحظ بعض الباحثين في منهج الإمام الحكيم العلمي إن هناك تطابقا في مسيرة
البحث لديه بين الدليل والقاعدة التي يستند إليها، والالتزام الفقهي له وهذا ما
عبرنا عنه بالشجاعة الأدبية في الالتزام بالنتائج، على خلاف بعض العلماء الذين
تقديم 71

لا يلتزمون فقهيا بنفس نتائج البحث العلمي (1).
إن هذه الأمور الستة مجموعها تمثل منهاجا علميا عاما يعتبر من أفضل
المناهج العلمية التي تتبناها العلوم في أفضل تطور للمناهج العلمية.
فهو بالإضافة إلى الصفة الموضوعية يمتاز بالجانب الروحي والمعنوي
لكي يؤتي في نفس الوقت ثماره التربوية المطلوبة، ولذا يمكن أن نقول: بأن
الإمام الحكيم كان في منهجه العلمي عالما، ومعلما، وأخلاقيا.
نسأله تعالى أن يتغمده برحمته الواسعة، وأن يوفقنا للاقتداء به،
والاستفادة من سيرته.
كلمة الختام
وفي الختام لا بد من كلمة شكر وتقدير لهذا الجهد المبارك، الرائع الثمين،
الذي بذله جناب المحقق الفاضل، والعالم العامل (السيد محمد القاضي)،
والذي هو من أسباط سيدنا الإمام الحكيم قدس سره، في تحقيق هذا الكتاب، وتخريج
آياته ورواياته، والارجاع إلى مصادره، حيث جاء هذا الجهد مكملا للهدف
الشريف من وراء تأليف هذا الكتاب.. وتطويرا مهما في الطبعة الثالثة له..
وتيسيرا للاستفادة منه من قبل العلماء والمحققين، فجزاه الله عن سيدنا الإمام
الحكيم.. وعن العلم، والعلماء، والباحثين، والحوزة العلمية خير الجزاء، وتقبل
منه عمله بأفضل القبول.
والله هو الموفق للصواب، والحمد لله رب العالمين.
ليلة 11 / ذي القعدة / 1414 ه‍ محمد باقر الحكيم

(1) الشيخ محمد جواد مغنية: مع علماء النجف ص 127 - 128.
تقديم 72

كلمة المحقق..
تعتبر الوثائق والمستندات المخطوطة هي الركيزة الأساس لجميع
الأعمال التحقيقية، ومنها تتفاوت نسبة توثيق النص المحقق، فكلما
قاربت النسخة عصر التأليف ازدادت قيمتها التوثيقية، حتى تصل
بالنهاية إلى عصر المؤلف، وإلى خطه وإشرافه على الاستنساخ من نسخته
الأم، كل ذلك صونا للنص من كل دخيل فيه، وحفظا له من عبث
النساخ، أو جهلهم.
وهذا ما عانيته في تحقيق هذا الكتاب (دليل الناسك)، والذي
نحن على أبوابه، إذ أن نسخته والتي هي بخط مؤلفه (قدس سره) حبيسة مع
أخواتها من مؤلفاته القيمة في مكتبته العامرة، في النجف الأشرف،
لا تقربها أيادي المحققين، ولا يتسنى لها أن ترى النور كالكثير من
تراثنا السامي.
كلمة المحقق 73

وبالرغم من أن هذا الكتاب قد طبع - بكلتا طبعتيه - في حياة
مؤلفه (قدس سره)، إلا أن المرجعية العليا، والزعامة العامة للشيعة
الإمامية، لم تعطه الفرصة الكافية - على ما يبدو - للاشراف على
مؤلفاته، أو إعادة النظر فيها - إن صح التعبير -.
فالقارئ يلاحظ - وفي مواضع عديدة من الكتاب - ما حصل له من
ارتباك في التعبير، أو نقص فيه، بل وحتى الخطأ في نسبة الحكم
والفتوى إلى أصحابها... إلى غير ذلك مما هو ناشئ من أخطاء الناسخ أو
المطبعي، كما أشرت إلى ذلك في طيات عملي التحقيقي لهذا
الكتاب.
ومن هنا ابتدأت بتحقيق الكتاب، فلم نتوفر لي نسخة المؤلف
(قدس سره) - كما أسلفت - ولم تحظ النسخة المطبوعة منه بجودة
التصحيح... الأمر الذي حملني عناء كثيرا عند تقويم النص، وتوثيقه،
كما اضطرني ذلك إلى إهمال الكثير من المواضع... وعدم التصرف
بالنص تارة.. أو التصرف فيه وجعل الزيادة بين معقوفين [] أخرى...
فتمثل عملي التحقيقي بالخطوات التالية:
كلمة المحقق 74

1 - الاخراج الفني للنص، وضبطه باستعمال العلامات التوضيحية
الحديثة، من الفارزة والنقطة، وغيرهما في مواضعها.
2 - لقد دأب المؤلف (قدس سره) على اختصار التعبير، والإشارة
إلى الدليل، فتراه يشير إلى النصوص التي يستدل بها على الفكرة إشارة
فقط، ويكتفي بذلك عند الاستدلال، بل وحتى عند الجمع بين
المتعارضين... فعملت جاهدا على ذكر تلكم النصوص في
الهامش... ولا أقل من موضع الحاجة والشاهد منها... لكني حافظت
على الاختصار جهد الامكان، فالنص المتقدم قريبا أكتفي
بالإشارة إلى موضعه المذكور فيه، والنصوص المتعلقة بالآداب والسنن
اكتفي بإرجاعها إلى مصادرها الأولية أو مراجعها الثانوية...
وهكذا... حفظا للكتاب من التطويل، وإبقاء لهدف المؤلف (قدس
سره) من وضع الكتاب.
3 - تخريج الآيات القرآنية المباركة، بذكر اسم السورة
ورقم الآية منها.
4 - إرجاع الأحاديث النبوية، وكذلك أحاديث أهل البيت
(عليهم السلام) إلى مصادرها الأولية من المجاميع الحديثية المعروفة
كلمة المحقق 75

المتداولة، أخص منها كتاب (وسائل الشيعة)، فقد كان عليه جل
ارجاع الأحاديث، لأنه الكتاب الأكثر تداولا في المعاهد العلمية
عامة... واكتفيت عن ذكر الجزء والصفحة له بذكر الباب،
ورقمه، ورقم الحديث في ذلك الباب... ليتمكن الكل من
مراجعته، وإن اختلفت طبعاته.
5 - دعم وتوثيق كل ما ينسبه المؤلف إلى الفقهاء والمحدثين
وغيرهم من رأي أو فتوى، وذلك بإرجاعه إلى المصادر الأولية أو
المراجع الثانوية.
6 - اكتفيت بفهرس للمصادر والمراجع، وفهرس للمحتويات...
ولم أثقل الكتاب بالفهارس الفنية الأخرى، حذرا من الإطالة، وحفظا
لهدف المؤلف (قدس سره) من وضع الكتاب.
فهذه هي جملة الخطوات المتبعة في تحقيق هذا الكتاب... فإن
كنت أحسنت فيه فذلك هو المأمول والمرجو... وإن تكن الأخرى
فذلك هو مبلغ جهدي... وإنما لكل امرئ ما نوى... والله سبحانه هو
حسبي... عليه توكلت، وإليه أنيب... وهو الموفق للصواب.
كلمة المحقق 76

وختاما... أتقدم بالشكر الجزيل لجميع الإخوة الذين ساهموا
في إنجاز الكتاب، أخص بالذكر منهم الإخوة الأفاضل أسرة
(مؤسسة المنار)... إذ بذلوا قصارى الجهد في صف الكتاب...
وإخراجه الفني... وتصحيحه... سائلا المولى جل شأنه لهم دوام
الموفقية... وللمؤسسة الخير والازدهار...
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الأربعاء 6 / صفر الخير / 1416 ه‍ محمد السيد كاظم
المصادف 5 / تموز / 1995 م القاضي الطباطبائي
كلمة المحقق 77

دليل الناسك
تأليف
فقيه العصر آية الله العظمى
السيد محسن الطباطبائي الحكيم قدس سره
تحقيق
السيد محمد القاضي الطباطبائي مؤسسة المنار
1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل صلواته وأكمل تحياته على من
اصطفاه من الأولين والآخرين، محمد وآله الأئمة الطيبين الطاهرين،
واللعنة الدائمة على أعدائهم أبد الآبدين.
3

كتاب الحج
وهو من أركان الدين، والدعائم الخمس التي بني عليها الاسلام.
وتركه - بعد اجتماع شرائط وجوبه - من أعظم الكبائر، ويؤدي
إلى سوء الخاتمة، كما ورد أنه يقال لتارك الحج عند موته: (مت إن
شئت يهوديا، وإن شئت نصرانيا) *، ولعل أن يكون التعبير عنه بالكفر
في الكتاب العزيز لذلك *.
وكيف كان، فنورد المهم من أحكامه في مقدمة.. وبابين..
وخاتمة.

* لم أعثر عليه بلفظه، وفي صحيح ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من مات ولم يحج حجة
الاسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به... فليمت يهوديا أو نصرانيا.
[وسائل الشيعة: ب 7 / وجوب الحج / 1].
* * في قوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني
عن العالمين) آل عمران: 97.
5

أما المقدمة.. ففيها مباحث..
المبحث الأول
ينقسم الحج باعتبار حكمه إلى: واجب ومندوب، والواجب
- أيضا - إلى: عيني وكفائي، والعيني إلى: أصلي وعرضي..
فيجب عينا بأصل الشرع على كل مكلف اجتمعت فيه الشرائط
الآتية، في العمر مرة (1)، وهذا هو حجة الاسلام.
وكفاية على نوع المكلفين قدر ما يرتفع به تعطيل الكعبة
والمشاعر العظام في الموسم عن مناسكها (2).
ولو تركه الناس أجبرهم الوالي عليه (3)، ولو لم يكن لهم مال

(1) وسائل الشيعة: ب 3 / وجوب الحج.
(2) علل الشرائع: 405.
(3) مثل صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام، قال: إن الله عز وجل فرض الحج على أهل الجدة
في كل عام. [وسائل الشيعة: ب 2 / وجوب الحج / 1، 3، 4، 5].
(4) وسائل الشيعة: ب 4 / وجوب الحج.
(5) كما ورد في صحيح الفضلاء - حفص بن البختري، وهشام بن سالم، ومعاوية بن عمار، وغيرهم -
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام
عنده، ولو تركوا زيادة النبي صلى الله عليه وآله لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك وعلى المقام عنده، فإن لم
يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين. [وسائل الشيعة: ب 5 / وجوب الحج / 2].
7

أنفق عليهم من بيت المال (1).
ويجب بالعرض بالنذر ونحوه، وبالاستنابة، وبإفساد الحج - حتى
المندوب - بعد الاحرام له، كما سيأتي.
ويستحب - في ما عدا ذلك - لكل مكلف في كل سنة (2)، بأية
كيفية،
وإن كان المشي أفضل لو لم يكن من شح النفس، وإلا فالركوب
أفضل (3).
ولا يبعد أن يطرد ذلك في زيارة المشاهد أيضا (4)، بل لا يبعد
اطراده عند اختلاف المراكب في المشقة والراحة (5).

(1) كما في صحيح الفضلاء المتقدم.
(2) كما في صحيح الفضلاء المتقدم.
(3) وسائل الشيعة: ب 38 / وجوب الحج.
(4) المصدر السابق: ب 32، 33 / وجوب الحج.
(5) النهاية لابن الأثير 1: 440، وفيها: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن أفضل الأعمال؟ فقال: أحمزها.
8

ويتأكد استحبابه في كل خمس سنين (1).

(1) كما في رواية ذريح عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من مضت له خمس سنين فلم يفد إلى ربه - وهو
موسر - إنه لمحروم. [وسائل الشيعة: ب 49 / وجوب الحج / 1].
(2) كما في المروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: - في حديث - ثم يقول الله تبراك وتعالى: إن عبدا
أوسعت عليه في رزقي لم يفد إلى في كل أربعة لمحروم. [المصدر السابق: ب 49 / وجوب الحج / 4].
9

المبحث الثاني
يعتبر في وجوب حجة الاسلام أمور:
الأول والثاني: البلوغ، وكمال العقل.
فلا يجب على الصبي وإن كان مراهقا (1)، ولا على المجنون
وإن كان أدواريا (2)، إلا إذا صادف دور إفاقته الموسم - ولو قبل
الميقات - وكان وافيا بتمام الأعمال.
لكن لو لم يكن الصبي ولا المجنون مميزا استحب (3) لوليه

(1) وسائل الشيعة: ب 12 / وجوب الحج / 1، 2.
(2) وسائل الشيعة: ب 12 / وجوب الحج / 1، 2.
(3) المصدر السابق: ب 4 / مقدمة العبادات / 11.
(4) المصدر السابق: ب 4 / مقدمة العبادات / 11.
(5) كما في صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول: مر رسول الله صلى الله عليه وآله برويثة
وهو حاج، فقامت إليه امرأة ومعها صبي لها، فقالت: يا رسول الله أيحج عن هذا؟ قال: نعم، ولك
أجره. [وسائل الشيعة: ب 20 / وجوب الحج / 1].
11

الشرعي (1)، أو الأم (2)، أن يحج به،
فيلبسه ثوبي الاحرام، ويدعو
بالمأثور، ويلقنه التلبية (3) أو يلبي عنه (4)، ويجنبه عن محرمات
الاحرام، ويأمره بما يتمكن منه بمباشرة نفسه (5)، ويستنيب عنه في ما
لا يمكنه المباشرة، ويطوف به، ويسعى، ويقف به المواقف كلها إلى أن
يتم الأعمال.
ويلزمه الهدي (6)،

(1) مثل صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى
الجحفة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 17 / أقسام الحج / 3].
(2) وهو صحيح عبد الله بن سنان المتقدم في ص 11، هامش رقم 5.
(3) وهو صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السلام، قال إذا حج الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره أن يلبي
ويفرض الحج، فإن لم يحسن أن يلبي لبوا عنه... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 17 / أقسام الحج / 5].
(4) تقدم آنفا تحت رقم 3.
(5) المصدر السابق: ب 17 / أقسام الحج.
(6) مثل ما ورد في صحيح زرارة (يذبح عن الصغار)، وقريب منه غيره، انظر: المصدر السابق: ب 3 / الذبح.
12

وكفارة الصيد في ماله (1)، وكذا زيادة مؤنة سفره - أيضا - (2) إلا إذا
كان نفس السفر صلاحا له (3).
أما إذا كانا مميزين يتمكنان من مباشرة جميع الأعمال، ففي
استحباب إحجاجهما للولي، ولزوم الهدي، وكفارة الصيد، وكذا زيادة
مؤنة السفر - أيضا - عليه (4)، أو استحباب الحج لهما (5) بإذن الولي (6)،

(1) وسائل الشيعة: ب 17 / أقسام الحج / 5.
(2) جواهر الكلام 17: 240.
(3) وسائل الشيعة: ب 17 / أقسام الحج / 5.
(4) المصدر السابق: ب 12، 13 / وجوب الحج.
(5) كذا في العروة الوثقى، وعلق عليه في المستمسك بقوله: لم أقف على من نفى الخلاف فيه.
[مستمسك العروة الوثقى 10: 15].
13

وكون النفقات المذكورة من مالهما إشكال، لكن لا إشكال
في سقوط سائر الكفارات عنهما على كل تقدير (1)، ولا في
مشروعية حجهما وصحته بإذن الولي لا بدونه،
لكنه لا يجزي
عن حجة الاسلام وإن كملا بعد الشمس من يوم النحر،

(1) وسائل الشيعة: ب 8 / بقية كفارات الاحرام.
(2) المصدر السابق: ب 3 / كفارات الصيد / 1.
(3) جواهر الكلام 17: 240.
(4) لم أعثر عليه بلفظه، وفي صحيح محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عمد الصبي وخطأه
واحد. [تهذيب الأحكام 10: 233 / 53].
(5) مستمسك العروة الوثقى 10: 27.
14

بلا إشكال (1).
أما لو كملا قبل ذلك، وأدركا الموقفين، أو المشعر خاصة،
فإجزاؤه عن حجة الاسلام - مع اجتماع سائر الشرائط - وإن كان لا يخلو
عن الاشكال (2)، ولكنه الأقوى (3).
وكذا لو أدركا عرفة وحدها وإن فاتهما المشعر، بناء على ما هو

(1) وسائل الشيعة: ب 12، 13 / وجوب الحج، وقد تقدم مصحح إسحاق في ص -.
(2) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام، مملوك أعتق يوم عرفة، قال: إذا أدرك أحد
الموقفين فقد أدرك الحج. [المصدر السابق: ب 17 / وجوب الحج / 2].
(3) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من أدرك جمعا فقد أدرك الحج.
[المصدر السابق: ب 27 / الوقوف بالمشعر / 1، وانظر: ب 23، 24، 25، 26، 27 / الوقوف
بالمشعر].
(4) المصدر السابق: ب 12، 13 / وجوب الحج.
(5) المصدر السابق: ب 4 / مقدمات العبادات.
(6) من قبيل خبر مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: لو أن غلاما حج عشر حجج ثم احتلم
كانت عليه فريضة الاسلام. [المصدر السابق: ب 13 / وجوب الحج / 2].
(7) مستمسك العروة الوثقى 8: 430.
15

الأقوى (1) من كفاية ذلك في صحة الحج - كما ستعرفه - لكن الأحوط
الإعادة في جميع ذلك.
الثالث: الحرية.
فلا يجب على العبد (2) وإن كان مبعضا، ومالكا - باعتبار بعضه
الحر - ما يكفي في الاستطاعة، مع مهاياة (*) المولى له، ووفاء نوبته
بجميع الأعمال مع ذهابه وإيابه (3)، فضلا عما عدا ذلك.
نعم، لو أذن له المولى صح، ولا يجوز للمولى أن يرجع عن إذنه
بعد إحرام العبد (4)،

* المهاياة في كسب العبد: إنهما يقسمان الزمان بحسب ما يتفقان عليه، ويكون كسبه في كل وقت لمن
ظهر له بالقسمة. [مجمع البحرين 1: 485].
(1) في ص 351.
(2) كما في موثق الفضل بن يونس عن أبي الحسن موسى عليه السلام - في حديث - فليس على المملوك حج
ولا عمرة حتى يعتق. [وسائل الشيعة: ب 15 / وجوب الحج / 1].
(3) جواهر الكلام 17: 243.
16

وله الرجوع قبل ذلك (1).
ويتخير مولاه في هديه بين أن يذبح عنه، أو يأمره بالصوم (2).
وفي كفارات إحرامه، وكذلك البدنة - لو أفسد حجه قبل
الوقوفين - وجوه، وإشكال (3).
ولا يجزي حجه عن حجة الاسلام (4)، إلا إذا أدرك المشعر

(1) منتهى المطلب 2: 737، مدارك الأحكام 8: 17.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 / الذبح / 1.
(3) وهما... الأولى: صحيحة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كل ما أصاب العبد وهو محرم - في إحرامه
فهو على السيد إذا أذن له في الاحرام.
والثانية: صحيحة عبد الرحمن بن أبي نجران قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن عبد أصاب صيدا وهو
محرم، هل على مولاه شئ من الفداء؟ فقال: لا شئ على مولاه.
[وسائل الشيعة: ب 56 / كفارات الصيد / 1، 3].
(4) منتقى الجمان 3: 214 / العروة الوثقى: مسألة 4 / مسائل الشرط الثاني لوجوب الحج.
(5) منها صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام، قال: المملوك إذا حج ثم أعتق فإن عليه
إعادة الحج. [وسائل الشيعة: ب 16 / وجوب الحج].
17

معتقا (1)،
بل لو أدرك عرفة معتقا أجزأه (2) وإن فاته المشعر على
الأقوى، كما تقدم.
من دون فرق في ذلك بين المتمتع وغيره (3)، ولا بين أن يعلم
بانعتاقه ويجدد النية، أو يتم حجه بزعم البقاء (4) على الرقية (*).
نعم، لو لم يكن مستطيعا عند الانعتاق، ففي كفاية حجه عن حجة
الاسلام نظر، وإشكال (5).

(1) منها صحيح معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: مملوك أعتق يوم عرفة؟ قال إذا أدرك أحد
الموقفين فقد أدرك الحج. [وسائل الشيعة: ب 17 / وجوب الحج / 2].
(2) المصدر السابق: ب 17 / وجوب الحج / 2.
(3) مثل الصحيحة المتقدمة.
(4) مثل الصحيحة المتقدمة.
(5) الدروس الشرعية 1: 308.
18

ويلزمه الهدي في ماله، ويصوم لو عجز عنه، وكذا كفارات
إحرامه المتأخرة موجباتها عن انعتاقه (1)، وفي المتقدمة ما تقدم
من الاشكال (2).
الرابع: الاستطاعة،
ويتوقف حصولها على أمور..
أحدها: سعة الوقت للمسير على ما جرت به العادة، فلو توقف
إدراكه - بعد الاستطاعة - على ارتكاب ما لم تجر العادة به، كركوب
الطيارات - مثلا - في عصرنا، لم يجب (3)، ولو اعتيد ركوبها وجب،
فالمدار في ذلك على جريان العادة.

(1) مدارك الأحكام 7: 31 / جواهر الكلام 17: 243 / مستمسك العروة الوثقى 10: 50.
(2) تهذيب الأحكام 5: 304 / 5041.
19

ثانيها: فعلية تمكنه من الزاد والراحلة اللائقين به (1)، حتى
باعتبار شرفه ومقامه (2)، ومن جهة الحاجة إلى الخادم ونحوه. ومن
مؤنة عياله في مدة ذهابه وإيابه (3).
إما بأن يكون مالكا لما يفي من المال بذلك (4)، أو ببذل باذل له

(1) الخلاف 2: 247 / منتهى الطلب 2: 652.
(2) كما في صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - من كان صحيحا في بدنه،
مخلى سربه، له زاد وراحلة. [وسائل الشيعة: ب 8 / وجوب الحج / 7].
(3) كقوله عليه السلام: - في صحيح معاوية بن عمار - إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من
المسلمين.
وقوله عليه السلام: - في خبر أبي بصير - يخدم القوم ويمشي معهم.
وقوله عليه السلام: - في صحيح محمد بن مسلم - ولو على حمار أجدع أبتر.
وسائل الشيعة: ب 11 / وجوب الحج / 1، 2، و ب 10 / وجوب الحج / 1.
(4) مدارك الأحكام 7: 35 / الحدائق الناضرة 14: 83 / وسائل الشيعة: ب 11 / وجوب الحج.
(5) فقد ورد فيه: فقيل له: - أي لأبي عبد الله عليه السلام - فما السبيل؟ قال: فقال: السعة في المال إذا كان يحج
ببعض ويبقي بعضا لقوت عياله... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 9 / وجوب الحج / 1].
(6) المصدر السابق: ب 8 / وجوب الحج.
20

جميع ذلك (1).
لكن يعتبر في الاستطاعة المالكية - مضافا إلى تمامية الملك، بل
لزومه - عدم كونه ممنوعا عن التصرف فيه لمانع شرعي أو
خارجي (2)، وإلا لم يكن مستطيعا، ولا يجب الحج عليه، ولو مع

(1) منها ما رواه محمد بن مسلم - في الصحيح - عن أبي جعفر عليه السلام - في حديث - قلت: فمن عرض
عليه الحج فاستحيي؟ قال: هو ممن يستطيع. [وسائل الشيعة: ب 10 / وجوب الحج / 1].
(2) لعله يشير إلى مثل قوله عليه السلام: - في صحيح محمد بن مسلم - إذا كان له ما يحج به.
[المصدر السابق: ب 8 / وجوب الحج / 1].
(3) مثل ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قدر الرجل على ما
يحج به ثم دفع ذلك، وليس له شغل يعذره به... الحديث.
[المصدر السابق: ب 6 / أبواب وجوب الحج / 3].
21

تمكنه من رفع المانع المذكور، ويكون من القدرة على تحصيل
الاستطاعة دون الاستطاعة الفعلية، من دون فرق في ذلك بين العين
والدين.
فلو كان ماله من الدين حالا، والمديون باذلا، تحققت الاستطاعة
به دون ما إذا انتفى أحد الأمرين.
إذ لو كان مؤجلا كان الأجل مانعا شرعيا عن الاستحقاق،
ووجوب القبول، ولو مع إقدام الغريم بالتسليم قبل حلوله (1).
ولو كان المديون ممتنعا من التسليم - بعد حلوله - كان امتناعه
مانعا خارجيا لا يجب رفعه، ولو مع التمكن من الاستيفاء بالاستعانة من
الحاكم الشرعي، ونحوه (2).
وفي العين الخارجي - أيضا - تطرد هذه الأقسام، وتكون القدرة
على رفع المانع شرعيا كان أو خارجيا من القدرة على تحصيل
22

الاستطاعة في جميع ذلك (1)، وقد تقدم في كتاب الزكاة أيضا نظير
ذلك (2).
وأما الاستطاعة البذلية، فلو ملكه مالا ليحج به، وكان وافيا
بمؤنته ومؤنة عياله إلى أن يرجع إليهم، فلا إشكال في وجوب
القبول (3)، وتحقق الاستطاعة بنفس بذله، بل لو كان مالكا لبعض

(1) كما في صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا صدقة على الدين، ولا على المال
الغائب عنك حتى يقع في يديك. [وسائل الشيعة: ب 5 / من تجب على الزكاة / 6].
(2) المصدر السابق: ب 6 / وجوب الحج / 1، 3، 9.
(3) المصدر السابق: ب 6 / وجوب الحج / 1، 3، 9.
(4) المصدر السابق: ب 6 / وجوب الحج / 1، 3، 9.
(5) شرائع الاسلام 1: 226 / تحرير الأحكام 1: 91 / جواهر الكلام 17: 268.
23

مؤنته وأتمه الباذل فالظاهر كفايته في حصول الاستطاعة (1).
ولو أباح الباذل أن يحج بما بذله، أو كان بذله مجرد تعهد منه
بمؤنته، أو دعوة بأن يكون ضيفا له في ذهابه وإيابه، ونحو ذلك، فإن
كان ملزما بنذر ونحوه بذلك، بحيث لا يمكنه الرجوع عنه، ولا يبطل
بموت ونحوه، كان هو أيضا كالتمليك في تحقق الاستطاعة ووجوب
الحج به، أما إذا لم يكن ملزما به ففي وجوب القبول وحصول
الاستطاعة بذلك إشكال، ولكنه الأقوى إذا كان الباذل ممن
يوثق بتعهده، ودعوته، أو إباحته، لا مطلقا (2).

(1) جواهر الكلام 17: 266.
24

ثم لو توثق المبذول له بهذا البذل وتلبس بالمسير، فالظاهر جواز
رجوع الباذل عنه، وبطلانه بالموت ونحوه، قبل أن يحرم المبذول له
من الميقات، كغيره من العقود الإذنية، أما بعد إحرامه فالأقوى
لزوم البذل، ولغوية رجوعه (1)، نحو ما مر من لغوية رجوع مالك
المكان عن إذنه في الصلاة فيه بعد الاحرام لها (2).
25

ولو خرج الباذل عن أهلية التصرف بموت أو غيره، تخرج بقية ما
بذل له إلى تمام الأعمال من صلب ماله، على الأقوى.
نعم، لزوم مؤنة الرجوع إلى أهله على الباذل، أو من ماله في كلتا
الصورتين لا يخلو عن الاشكال (1)، والله العالم.
ثالثها: تخلية السرب (2)، وتمكنه عن المسير بلا مانع خارجي
ولا شرعي (3)، فلو كان الطريق مصدودا، أو غير مأمون على النفوس

(1) لم أعثر عليه بلفظه في المجاميع الحديثية، والظاهر أنه قاعدة متصيدة مما ورد في أبواب الفقه
المتفرقة.
(2) وسائل الشيعة: ب 1 / العيوب والتدليس / 1.
(3) المصدر السابق: ب 8 / وجوب الحج / 7.
26

والأموال، أو كان الاستطراق عنه متوقفا على قتال من صد عنه، أو دفع
مال مجحف إليه زائدا على ما جرت العادة به (1)، أو كان محرما لأحد
موجباته لم يكن مستطيعا.
وكذا لو كان الطريق سالما عن كل محذور، لكنه لا يمكنه المسير

(1) تقدم من الشارح قدس سره في تعليقة رقم 3، ص 19.
(2) انظر: وسائل الشيعة: باب 8 / وجوب الحج.
(3) شرائع الاسلام 1: 227.
(4) المعتبر: 329.
(5) منتهى المطلب 2: 56 / تحرير الأحكام 1: 92.
(6) العروة الوثقى: مسألة 67 من مسائل الاستطاعة.
(7) المبسوط 1: 301.
27

لهرم أو مرض ونحوهما (1)، أو لكونه مكلفا شرعا بما لا يمكنه الجمع
بينه وبين المسير، كما لو آجر نفسه قبل الاستطاعة لعمل في أشهر
الحج، أو لزيارة الحسين عليه السلام في عرفة، ونحو ذلك، فإن الاستطاعة
السربية منتفية في جميع ذلك (2).
لكن لو نذر ذلك العمل المنافي، أو زيارة عرفة قبل
الاستطاعة (3)،

(1) تقدم من الشارح قدس سره في تعليقة رقم 2، ص 26.
28

فالأقوى انحلال نذره (*).
(*) الفرق بين النذر والإجارة (1) هو كفاية سلطنة المؤجر على منفعة
نفسه عند عقد الإجارة في صحة تمليكها وتملك المستأجر لها، فلا يبقى مورد
لتأثير الاستطاعة، بخلاف النذر فإن اشتراطه حدوثا وبقاء برجحان المنذور من
حيث نفسه (2)، ومع الغض عن تعلق النذر به يوجب انحلاله بالاستطاعة.
(منه قدس سره)

(1) مستمسك العروة الوثقى 6: 195، وما بعدها.
(2) الدروس الشرعية: 1: 318.
(3) وسائل الشيعة: ب 18 / الأيمان / 1.
29

نعم، لو لم يتمكن من المسير لهرم أو مرض (1) لا يرجى زواله
بحسب العادة (2) وجبت الاستنابة مع تأخر عذره (3) عن عام

(1) جواهر الكلام 17: 337.
(2) وهو صحيح الحلبي، وقد ورد فيه: وحال بينه وبين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره الله فيه...
الحديث. [وسائل الشيعة: ب 24 / وجوب الحج / 2].
(3) منتهى المطلب 2: 655.
(4) مثل صحيح الحلبي المتقدم.
(5) مثل صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أمر شيخا
كبيرا لم يحج قط، ولم يطق الحج لكبره، أن يجهز رجلا يحج عنه.
[وسائل الشيعة: ب 24 / وجوب الحج / 6].
30

الاستطاعة بل مطلقا، على الأحوط (1).

(1) وفيه: إن شئت فجهز رجلا ثم ابعثه يحج عنك. [وسائل الشيعة: ب 24 / وجوب الحج / 3].
(2) وفيه: إن عليا عليه السلام قال لرجل كبير لم يحج قط: إن شئت أن تجهز رجلا ثم ابعثه يحج عنك.
[المصدر السابق: حديث 8].
(3) تقدم في هامش رقم - صحيح عبد الله بن سنان، ونحوه صحيح معاوية بن عمار وصحيح محمد بن مسلم. [المصدر السابق: 24 / وجوب الحج / 1، 5، 6].
(4) ففيه: عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له.
[المصدر السابق: ب 24 / وجوب الحج / 2، 7].
(5) ففيه: عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لا مال له.
[المصدر السابق: ب 24 / وجوب الحج / 2، 7].
(6) عن الفضل بن العباس قال: أتت امرأة من خثعم رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت: إن أبي أدركته فريضة الحج
وهو شيخ كبير لا يستطيع أن يلبث على دابته؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: فحجي عن أبيك.
[لم أعثر عليه في المقنعة، لكنه مروي عنها في المصدر السابق، حديث: 4].
31

ولو اتفق أنه تقوى أو عوفي من مرضه، على خلاف العادة،
فالأقوى وجوب الإعادة مع بقاء الاستطاعة (1).
ولو لم يستنب ومات لزم قضاؤها من أقرب الأماكن، من صلب
ماله، على الأحوط.
رابعها: الرجوع إلى الكفاية على أقوى الوجهين فيه.
وضابط ذلك: أن يكون بحسب حاله وزيه واجدا بالفعل أو
بالقوة لما يكفيه عائده لمؤنته ومؤنة عياله (2).

(1) تذكرة الفقهاء 1: 312.
(2) الخلاف 2: 246.
(3) انظر: وسائل الشيعة 6 ب 9 / وجوب الحج.
(4) وفيها: السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقى بعض يقوت به نفسه وعياله. [المقنعة: 385].
(5) وفيه: السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقي بعضا يقوت به عياله.
[الكافي - الفروع - 4: 267 / 3، وانظر: وسائل الشيعة: ب 9 / وجوب الحج / 1، 2]
32

ولاختلافه باختلاف الأشخاص والأحوال نحرره في طي مسائل:
الأولى: لو كان ذا حرفة يفي عائدها بمعيشته اللائقة به، كان ذلك
كافيا في رجوعه إلى الكفاية.
الثانية: لو لم يكن له صنعة وحرفة، لكنه لا يحتاج في تكسبه
اللائق به إلى رأس مال، بل يتجر بأموال الناس بمضاربة ونحوها
بوجاهته واعتباره، فهذا - أيضا - كاف كسابقه في الرجوع إلى الكفاية.
لكن ما يحتاج إليه هاتان الطائفتان من آلات الصنعة وأسباب
التكسب، داخلة كلها في المؤن المتوقف عليها حصول الاستطاعة.
الثالثة: لو كان تكسبه اللائق به متوقفا على رأس مال يتجر به،
توقف استطاعته - حينئذ - على أن يكون له من رأس المال ما يكفيه
عائده لمعيشته بعد رجوعه.
الرابعة: لو لم يكن له كسب وصنعة أصلا، وكانت معيشته
- اللائقة به - متوقفة على أن يكون له ضيعة أو عقار يتعيش بخراجها،
فهذا - أيضا - كسابقه في توقف استطاعته على العقار أو الضيعة،
الوافي خراجها بمعاشه.
الخامسة: لو صارت النيابة عن الأموات في العبادات عملا له،
وتعيش بأجرتها، لم يكن هذا من الصنائع الكافية في الرجوع إلى
الكفاية، فضلا عن مثل الحمالة ونحوها من الأعمال الخسيسة،
33

المنتهية في نوعها إلى الضرورة.
وكذا لو كان له أصدقاء موسرون يعطونه من الأخماس - مثلا - أو
الزكوات قدر الكفاية، أو كان له ولد، أو والد موسر ينفق عليه جميع
حوائجه، ونحو ذلك، أو تبرع أجنبي بذلك، ولا يندرج شئ من ذلك
في الرجوع إلى الكفاية.
نعم، لا يبعد أن يكون يسار الزوج وإنفاقه على زوجته كافيا في
ذلك، لكنه لا يخلو عن شوائب الاشكال.
السادسة: لا يعتبر الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة البذلية (1)
وإنما العبرة فيها ببذل الباذل مؤنة سفره وعياله إلى أن يرجع إليهم،
دون شئ آخر، ولو كان واجدا لبعض المؤنة وأكملها الباذل ففي
الاشتراط به وعدمه وجهان، والأول أقوى.
السابعة: ما يحتاج إليه بحسب زيه وشرفه من الألبسة، والأمتعة،
وأثاث البيت، والخادم، وفرس الركوب، والكتب العلمية، اللائقة به،
وغير ذلك حتى حلي المرأة الشابة، داخلة بأسرها في المؤن المتوقف
عليها حصول الاستطاعة، وكذا نفس دار السكنى أيضا إذا كان مالكا
لها، ولو لم يكن مالكا لها، ولكنه ملك قدر الثمن ودار أمره بين أن
يشتريها أو يحج به، فإن كانت قناعته بدار الإجارة إزراء به وهتكا لشرفه
لم يكن مستطيعا، وإلا وجب عليه الحج على الأقوى (2).
الثامنة: لو دار أمره بين أن يحج بما يجده، أو يتزوج به، فمع شدة
34

حاجته إلى الزواج (1) لم يكن مستطيعا (2)، ولو لم يقع من تركه في
الحرام على الأقوى (3).
ولو كان عليه دين، فالظاهر توقف استطاعته على تمكنه من وفائه
وإن كان مؤجلا (4) على الأقوى.

(1) المبسوط 1: 298 / الخلاف 2: 248 / شرائع الاسلام 1: 226 / قواعد الأحكام 1: 404 / إرشاد الأذهان 1: 310.
(2) وهو صحيح معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل عليه دين، أعليه أن يحج؟ قال:
نعم. [وسائل الشيعة: ب 50 / وجوب الحج / 2].
35

نعم، في الاستطاعة البذلية لا يشترط ذلك (1)، وإن كان حالا
مطالبا به، ويمكنه الأداء تدريجا مع عدم المسافرة، فضلا عما عدا ذلك
على الأقوى (2).
التاسعة: لو ملك ما استطاع به لم يجز إتلافه (3)، ولا إخراجه عن
ملكه مع توقف حجه عليه، بعد أن هل هلال شوال مطلقا، ولا قبله
أيضا - لمن حل عليه أوان الخروج، ولو أتلفه، أو أخرجه عن ملكه لم
تجد في سقوط الفرض عنه في الصورتين.

(1) وسائل الشيعة: ب 6 / وجوب الحج.
36

نعم، لو تلف بآفة سماوية، أو أمر بدفعه في غرامة قهرية عليه،
كما لو جنى خطأ، أو أتلف مالا لغيره كذلك، سقط عنه الفرض بذلك.
أما قبل أشهر الحج وأوان الخروج، ففي جواز الاتلاف، أو
الاخراج عن الملك، وسقوط الفرض بذلك وعدمه، إشكال، والأحوط
احتياطا شديدا تركه.
العاشرة: لو شك في الاستطاعة المالية، أو البذلية، أو السربية،
لزمه الفحص على الأقوى (1)، ولو شك في تضرره بالمسير
كفى الخوف المستند إلى المنشأ العقلائي في سقوط التكليف (2)، ولو
شك في مانع شرعي آخر فما لم يعلم به لا يوجب سقوطه (3).
الحادية عشر: من استطاع لم يجز أن يحج تطوعا، ولا نائبا (4)،
ويفسد حجه بذلك (5).
37



(1) وهو صحيح سعيد بن عبد الله الأعرج، سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصرورة أيحج عن الميت؟ فقال:
نعم، إذا لم يجد الصرورة ما يحج بن، فإن كان له مال فليس له ذلك حتى يحج من ماله، وهو يجزي
عن الميت كان له مال أو لم يكن له مال. [وسائل الشيعة: ب 5 / النيابة في الحج / 3].
(2) وهو خبر سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى عليه السلام، وهو قريب من صحيح سعيد - المتقدم -
جدا. هذا، وقد وصفه الشارح قدس سره في مستمسكه بالصحيح، فراجع: وسائل الشيعة: ب 5 / النيابة في
الحج / 1، مستمسك العروة الوثقى 10: 283.
(3) آل عمران: 97.
(4) انظر: وسائل الشيعة: ب 6، 7، 8 / وجوب الحج.
(5) انظر: المصدر السابق: ب 40 / وجوب الحج.
38

أما الحج المنذور، فإن اتحد ما نذره بحجة الاسلام، كما إذا نذرها
قبل استطاعته أو بعدها في ذلك العام صح، وتأكد وجوبها بنذره (1)،
وتلزمه الكفارة بتعمد تركها بلا عذر مطلقا (2)، ويجب تحصيل
الاستطاعة - أيضا - مع عدم حصولها في الصورة الأولى (3).
وكذا لو نذر قبل استطاعته أن يحج ذلك العام كيف ما اتفق،

(1) البقرة: 196.
39

فينطبق منذوره - حينئذ - بعد الاستطاعة على حجة الاسلام
ويتداخلان، ولو تركه في ذلك العام لزمته الكفارة أيضا، كما تقدم.
ولو تغايرا، كما لو نذر أن يحج شكرا لشفاء ابنه، ونحو ذلك، فإن
كان نذره بعد حصول الاستطاعة بطل من أصله، وإن كان قبله ففي
انحلاله بالاستطاعة، كما تقدم فيما لو نذر ما ينافي الحج أو المسير (1)،
أو صحته وتقديم المنذور على حجة الاسلام، وتوقف وجوبها على
بقاء الاستطاعة إلى القابل (2)، وجوه، لا يبعد رجحان الأخير، بناء على
ما هو الأقوى من إطلاق ثبوت القضاء في المنذور (3).
وأما إذا كان المنذور موسعا لم يجز الاتيان به إلا إذا أتى بحجة
الاسلام واحتمال العكس ضعيف غايته.
وكذا لو نذره فوريا ففوريا على الأقوى (4).

(1) ذخيرة المعاد: 566.
40

الثانية عشر: لو لم يكن في بلده مستطيعا، ومضى بتسكع (*)، أو
لتجارة ونحوها، ثم حصلت له الاستطاعة قبل إحرامه، وأحرم مستطيعا
من الميقات، وأتمه كذلك أجزأه وكان حجه - حينئذ - حجة
الاسلام (1)،
وكذا لو كان مستطيعا، جامعا لجميع الشرائط إلى تمام
الأعمال، ثم فقد الاستطاعة المالية، أو السربية، أو شرطا آخر بعد فراغه
على الأقوى (2)، فالمدار في شرطية الاستطاعة وغيرها على اجتماعها

* حج متسكعا: بلا زاد وراحلة. [مجمع البحرين 4: 346].
(1) وهو ما رواه معاوية بن عمار - في الصحيح - قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يمر مجتازا يريد
اليمن أو غيرها من البلدان، وطريقه بمكة، فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى
المشاهد، أنجزيه ذلك عن حجة الاسلام؟ قال: نعم.
[وسائل الشيعة: ب 22 / وجوب الحج / 2].
(2) مسالك الأفهام 2: 280.
(3) العروة الوثقى: مسألة 29 من مسائل الاستطاعة.
(4) جواهر الكلام 17: 301.
41



(1) مدارك الأحكام 7: 68.
الكامل في التاريخ: حوادث سنة 294 هجرية.
42

عند الاحرام، وبقائها إلى الفراغ عنها، على إشكال في دخول المبيت
بمنى في ليالي التشريق - أيضا - في ذلك وعدمه، وسيأتي أن الأول
أقوى.
نعم، لو مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأه ذلك عن حجة
الاسلام (1).
لكن الأحوط عدم التعدي إلى سائر الشرائط (2)، فلو زالت
استطاعته، أو فقد شرطا آخر بعد دخوله الحرم لم يجز ذلك عن حجة
الاسلام، على الأحوط.
ولو أخر المضي إلى الحج عن عام الاستطاعة، توقف استقرار
الحج، ولزوم القضاء عليه - على كل تقدير - على حياته (3) جامعا

* الخلاف 2: 390 / السرائر الحاوي 1: 628 / والحكم بالاجزاء فيهما بالنسبة إلى الأجير إذا مات بعد
الاحرام.
43

للشرائط كلها إلى اليوم الثاني عشر (1)، لا قبله (2)، ولا بعده (3)، على
الأقوى. والله العالم.
ولنقتصر من مهمات مسائل الاستطاعة على هذا اليسير.

(1) مسالك الأفهام 2: 143 / تذكرة الفقهاء 1: 308 / المهذب البارع 2: 124.
44

المبحث الثالث
في الحج النيابي
وفيه مسائل:
الأولى: تصح النيابة في الحج المندوب عن الحي والميت (1)،
وتصح في الواجب عن الميت (2)، وعن الحي - أيضا - إذا كان المعتاد
في مثله هو عدم التمكن من الاتيان به في مدة حياته، لهرم، أو مرض لا
يرجى زواله، كما تقدم (3).
ولا فرق في صحة النيابة في ما ذكر بين أن تكون بالاستنابة، أو
التبرع (4)، ولا في الاستنابة بين أن تكون بالإجارة أو الجعالة، وإن كان

(1) منها ما رواه محمد بن عيسى اليقطيني - في الصحيح - قال: بعث إلى أبو الحسن الرضا عليه السلام رزم ثياب،
وغلمانا، وحجة لي، وحجة لأخي موسى بن عبيد، وحجة ليونس بن عبد الرحمن، وأمرنا أن نحج
عنه... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 34 / النيابة في الحج / 1].
(2) مثل صحيح سعيد بن عبيد الله الأعرج، أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصرورة أيحج عن الميت؟ فقال:
نعم. [المصدر السابق: ب 5 / النيابة في الحج / 3].
(3) لا إشكال ولا خلاف في جواز التبرع عن الميت، بل ادعى - في الجواهر - عليه الاجماع. لكن ما
الاشكال في جواز التبرع عن الحي الذي لا يتمكن من الأداء بنفسه، فهو الذي منعه بعض الفقهاء،
منهم العلامة الحلي، والشهيد الأول محمد بن مكي العاملي. انظر: قواعد الأحكام 1: 412 /
منتهى المطلب 2: 863 / الدروس الشرعية 1: 324 / جواهر الكلام 17: 388 / مستمسك العروة
الوثقى 11: 71.
45

بينهما فرق في اشتغال ذمة النائب بما على المنوب عنه في الإجارة
دون الجعالة. ولكن لا تفرغ ذمته إلا إذا أتى به النائب على كل تقدير.
الثانية: يعتبر في النائب أمور:
الأول والثاني: البلوغ، والعقل، فلا يصح استنابة الصبي،
والمجنون (1) ولا تفرغ ذمة المنوب عنه بتبرعهما، إلا في المجنون
الأدواري الوافي دور إفاقته بجميع الأعمال، فيصح تبرعه حينئذ، بل
واستنابته أيضا (2) مع الاطمئنان بذلك (3).
الثالث: الايمان، فلا تصح استنابة غير المؤمن (4)، ولا نيابته، كما

(1) كما في صحيح البزنطي قال: سأل رجل أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يحج عن الرجل... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 16 / النيابة في الحج / 5].
46

لا يجوز الاستنابة لغير المسلم، ولا النيابة عنه (1).
الرابع: معرفته بأفعال الحج، وأحكامه، وإن كان بإرشاد معلم
عارف - كما سيأتي في الأصيل -، ويكفي في جواز استنابته الوثوق بأنه

(1) المعتبر: 332 / الدروس الشرعية 1: 319.
(2) شرائع الاسلام 1: 232.
(3) لم أعثر عليه في المقنعة، ولعله التباس ناشئ من عبارة التهذيب. [تهذيب الأحكام 5: 414].
(4) قواعد الأحكام 1: 410 / إرشاد الأذهان 1: 312.
(5) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أيحج عن الرجل الناصب؟ فقال: لا، قلت: فإن كان أبي، قال: فإن كان
أباك فنعم. [وسائل الشيعة: ب 20 / النيابة في الحج / 1].
(6) كأنه يريد موثق إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام: - في حديث - قلت: وإن كان ناصبيا ينفعه
ذلك؟ قال: نعم، يخفف عنه. [وسائل الشيعة: ب 25 / النيابة في الحج / 5].
47

يؤدي الأعمال صحيحة (1)،
وإن لم يكن عدلا، على الأقوى (2).
الخامس: عدم اشتغال ذمته بحج واجب عليه في ذلك العام
باستطاعة، أو نذر، أو إجارة، ونحو ذلك (3)، فلو نوى غير ما عليه أو
آجر (4) له نفسه بطل حجه وإجارته (5)،
على إشكال فيما لو آجر نفسه
لحج في ذمته بلا قيد المباشرة (6).
بل لو لم تكن ذمته مشغولة بحج أصلا، لكن آجر نفسه للمسير
مع من يريد الحج للخدمة، لم يجز أن يؤجر نفسه لحجة بلدية، ولا

(1) قواعد الأحكام 1: 410 / الدروس الشرعية 1: 320 / مجمع الفائدة والبرهان 6: 129.
48

ميقاتية (1)، ولو تبرع بها لم تبرأ ذمة المنوب عنه (2).
نعم، لو آجر نفسه أولا للنيابة، جاز أن يؤجرها بعد ذلك
للخدمة (3)، بل لو آجر نفسه أولا لنفس الخدمة، بلا تقيدها بمباشرة
نفسه، ولا بمسيره بحيث يصلح لأن يستنيب فيها (4)، صح أن يستأجر
- حينئذ - لكل من الحجة البلدية والميقاتية.
السادس: تمكنه مما على المنوب عنه من حج التمتع مثلا، أو
القران، أو الافراد، فلا يجوز أن يستناب من علم عدم تمكنه من طواف
العمرة قبل دخول وقت الوقوف لحج التمتع، كما لو أريد الاستنابة من

(1) مسالك الأفهام 2: 168.
(2) آل عمران: 97.
49

الميقات، وكان الوقت ضيقا لا يسع الطواف، أو كانت المرأة التي يراد
استنابتها حائضا، وعلم أنها لا تطهر قبل وقت الوقوف، ونحو ذلك.
نعم، لو استأجر من البلد، أو الميقات في سعة الوقت من كان
يتمكن منه، ثم اتفق العجز عنه لضيق الوقت، أو مفاجأة الحيض، ونحو
ذلك وانقلب حجه إفرادا فهذا لا بأس به (1)، ولا يقدح مغايرته لما في
ذمة المنوب عنه في براءته بذلك، لأن ما في ذمته قابل بنفسه لهذا
التبدل بعينه (2).

(1) العروة الوثقى: مسألة 24 من فصل النيابة.
(2) العروة الوثقى: مسألة 24 من فصل النيابة.
50

ويطرد ذلك بالنسبة إلى العجز عن جميع المناسك، فلا يجوز
استئجار العاجز عن الوقوف الواجب بالمشعر فيما بين الطلوعين من
يوم النحر.
ولا بأس بعجزه الطارئ وقت الوقوف، ويجزي عن المنوب عنه،
ويكون كعجز نفسه ونحو ذلك.
أما استئجار من يعلم أن وظيفته الجبيرة، أو التيمم، للطواف
الواجب، ونحو ذلك، فالأقرب جوازه (1) وإن كان الأولى - بل
الأحوط - استنابة المتمكن من الطهارة التامة وإن طرأه العجز بعد ذلك.
الثالثة: تجب المبادرة إلى الاستنابة عمن مات وذمته مشغولة
بحج واجب (2)، أو عمرة كذلك، بالنذر (3)،

(1) لم أجد تنظره في المسألة، وإنما ضعف الاستدلال على وجوب القضاء بوجهين، والذي تنظر فيه
صاحب كشف اللثام، حيث قال: للنظر فيه مجال. انظر: مدارك الأحكام 7: 96 / كشف اللثام 1: 295.
51



(1) جواهر الكلام 17: 340.
(2) مدارك الأحكام 7: 96، وفيه: فمقطوع به في كلام أكثر الأصحاب.
(3) قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل عليه حجة الاسلام نذر نذرا في شكر ليحجن به رجلا إلى مكة،
فمات الذي نذر قبل أن يحج عنه حجة الاسلام ومن قبل إن يفي بنذره الذي نذر، قال: إن ترك مالا
يحج عنه حجة الاسلام من جميع المال، وأخرج من ثلثه ما يحج به رجلا لنذره وقد وفى بالنذر...
الحديث. [وسائل الشيعة: ب 29 / وجوب الحج / 1].
(4) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل نذر لله إن عافي الله ابنه من وجعه ليحجنه إلى بيت الله
الحرام... إلى أن يقول: فقال: هي واجبة على الأب من ثلثه... الحديث.
[المصدر السابق: ب 29 / وجوب الحج / 3].
(5) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كانت لي جارية حبلى، فنذرت لله عز وجل إن ولدت غلاما أن أحجه أو
أحج عنه، فقال: إن رجلا نذر لله عز وجل في ابن له إن هو أدرك أن يحج عنه أو يحجه، فمات الأب
وأدرك الغلام بعد، فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله الغلام، فسأله عن ذلك؟ فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يحج عنه مما
ترك أبوه. [وسائل الشيعة: ب 16 / النذر / 1].
52

أو الاستطاعة (1) في أول أزمنة إمكانها (2)، وهو الأحوط فيما إذا
أوصى بأحدهما، أو بهما (3)، مع تمكن الوصي، أو الوارث من
المسارعة إليها، ويجب تعيين ما في ذمته (4)، أو أوصى به من أنواع
الحج، وكونه تمتعا، أو إفرادا، أو قرانا.
ولا يجوز للنائب أن يعدل عما عينه (5)، على إشكال فيما إذا
أوصى بحج مندوب إفرادا واتفق اندراجه في ما يكون العدول إلى
التمتع أفضل للأصيل (6)، بل لا يخلو جواز العدول في هذه الصورة
عن وجه قوي (7).

(1) منها صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: يقضى عن الرجل حجة الاسلام من
جميع ماله. [المصدر السابق: ب 28 / وجوب الحج / 3].
(2) عن أحدهما عليهما السلام، في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها حجة مفردة، فيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى
الحج؟ قال نعم، إنما خالف إلى الفضل. [وسائل الشيعة: ب 12 / النيابة في الحج / 1].
وفي الوسائل: (أبي بصير، يعني: المرادي). وعليه فالرواية في أعلى مراتب الصحة.
53

وكيف كان، فإن لم يوص بإخراج ما في الذمة لزم إخراجه من
أقرب المواقيت (1) من صلب ماله (2)، مقدما على الوصايا والميراث
كسائر ديونه.

(1) عن علي عليه السلام في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها حجة مفردة، قال: ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى
الحج، لا يخالف صاحب الدراهم. [المصدر السابق حديث: 2].
(2) النهاية: 203 / السرائر الحاوي 1: 516.
(3) المعتبر: 331 / مختلف الشيعة: 257.
(4) السرائر الحاوي 1: 516.
(5) منها ما رواه البزنطي - في الصحيح - عن محمد بن عبد الله قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن
الرجل يموت فيوصي بالحج، من أين يحج عنه؟ قال: على قدر ماله، إن وسعه ماله فمن منزله، وإن
لم يسعه ماله فمن الكوفة، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة.
[وسائل الشيعة: ب 2 / النيابة في الحج / 3].
(6) منها ما رواه سماعة بن مهران في الصحيح، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يموت ولم
يحج حجة الاسلام، ولم يوص بها، وهو موسر؟ فقال: يحج عنه من صلب ماله،
لا يجوز غير ذلك. [وسائل الشيعة: ب 28 / وجوب الحج / 4].
54

أما إذا أوصى بها، فإن عينها ميقاتية كان الحكم كما تقدم (1)، وإن
عينها بلدية وسكت عن الأجرة، فالقدر المتوقف عليه إخراجها من
الميقات يؤخذ من صلب المال (2) والزائد من الثلث (3)، فإن وسعها
من البلد وجب إخراجها منه، وإلا فمن حيث يسعه، وكذا لو أوصى بها
ولم يتعرض لشئ من الأمرين على الأقوى (4).
لكن لو لم يوص بالثلث وكان التفاوت بين الأجرتين تفويتا على
الورثة، فالأحوط أن يحتسبه الكبار على أنفسهم.
والمدار في ذلك على إخراجها من بلد الموت وإن كان غير

(1) قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الرجل يموت فيوصي بالحج، من أين يحج عنه؟ قال: على قدر
ماله، إن وسعه ماله فمن منزله، وإن لم يسعه ماله فمن الكوفة، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة.
[المصدر السابق: باب 2 / النيابة في الحج / 3].
(2) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل مات وأوصى بحجة، أيجوز أن يحج عنه من غير البلد الذي
مات فيه؟ فقال: أما ما كان دون الميقات فلا بأس. [المصدر السابق: حديث 4].
55

وطنه (1)،
ويجوز استنابة المتعددين (2)، بأن يستأجر نائبا إلى النجف
الأشرف - مثلا - ومنه إلى المدينة المنورة، ثم منها إلى مكة المعظمة،
لكن الأحوط - حينئذ - ترتبهم في المسير.
ولو كان عليه دين مستغرق سقطت الوصية بالبلدية (3)، وكانت

(1) مدارك الأحكام 7: 87 / السرائر الحاوي 1: 648.
(2) تقدم في هامش رقم 2، ص 55.
(3) قالوا: قلنا لأبي الحسن - يعني: علي بن محمد عليهما السلام - أن رجلا مات في الطريق وأوصى بحجة وما
بقي فهو لك، فاختلف أصحابنا فقال بعضهم: يحج عنه من الوقت فهو أوفر للشئ أن يبقى عليه،
وقال بعضهم: يحج عنه من حيث مات، فقال عليه السلام: يحج عنه من حيث مات. [السرائر الحاوي 3: 581 / وسائل الشيعة: ب 2 / النيابة في الحج / 9].
(4) تقدم في هامش رقم 1، ص 55.
(5) جواهر الكلام 17: 327.
(6) مثل صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمير المؤمنين عليه السلام: إن الدين قبل الوصية...
الحديث [وسائل الشيعة: ب 28 / الوصايا / 2].
56

أجرة الميقاتية - حينئذ - كسائر ديونه، ويوزع تركته (1) على الكل
بنسبة واحدة (2).
ولو ضاق النصيب - أو كل التركة عند انتفاء الدين - عن استئجار
الحج والعمرة معا، وكان وافيا بأحدهما، فإن كان غرض الميت هو حج
القران أو الافراد وجب الاستئجار لما يفي به ذلك المال، بتقديم الحج
- مع إمكانه - على العمرة (3)، ويسقط ما تعذر منهما، وأما إذا
كان فرضه حج التمتع، ففي جواز التفكيك بينهما - حينئذ - لتعذر
الجمع، وكذا في تقديم الحج على العمرة، أو العكس على فرض

(1) الحدائق الناضرة 14: 306.
(2) وسائل الشيعة: ب 42 / الوصايا / 1.
(3) الحدائق الناظرة 14: 187.
(4) مثل صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل توفي وأوصى أن يحج عنه قال: إن كان
صرورة فمن جميع المال، إنه بمنزلة الدين الواجب... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 25 / وجوب الحج / 4].
57

جوازه، إشكال (1).
ولو لم يكن ذلك النصيب أو كل التركة وافيا بحج ولا عمرة وزع
في الصورة الأولى على الديان، وفي الثانية على الورثة (2).
نعم، لو أوصى بحج مندوب، ولم يكن ما عينه له أو الثلث كله
وافيا بأجرته صرف في وجوه البر، ولا يرد على الورثة (3)،
والفرق ظاهر.
الرابعة: لو كانت الإجارة واقعة على عمل كلي في ذمة الأجير، بلا

(1) عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: قلت: رجل مات فأوصى بتركته أن أحج بها عنه، فنظرت
في ذلك فلم يكف للحج - إلى أن يقول - فقال: ما صنعت؟ قلت: تصدقت بها، فقال عليه السلام: ضمنت، إلا
أن لا يبلغ أن يحج به من مكة، فإن كان لا يبلغ أن يحج به من مكة فليس عليك ضمان.... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 37 / الوصايا / 2] وفيه: علي بن زيد.
(2) كما في خبر محمد بن الريان قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن إنسان أوصى بوصيته فلم
يحفظ الوصي إلا بابا واحدا منها، كيف يصنع في الباقي؟ فوقع عليه السلام: الأبواب الباقية اجعلها
في البر. [وسائل الشيعة: ب 62 / الوصايا / 1].
58

الدخل لمباشرته له، جازت له الاستنابة مطلقا (1)، ولا تنفسخ بموته، ولا
بتعذر مسيره، ويجب عليه أو على وارثه أن يستنيب من يحج عن
المنوب عنه (2).
ومع عدم التنصيص بإلغاء قيد المباشرة في متن العقد، فمقتضى
إطلاقه في الاستئجار - للحج ونحوه - هو مباشرة شخص الأجير له،
ويكون متعلق الإجارة عند الاطلاق - أيضا - هو عمل نفسه.
فلو مات أو تعذر عليه المسير قبل إن يتلبس بشئ منه
انفسخت الإجارة من أصلها (3)، ولو اتفق ذلك بعد أن تلبس به قبل

(1) كما في رواية علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل أوصى بثلاثين دينارا
يعتق بها رجل من أصحابنا، فلم يوجد بذلك؟ قال: يشترى من الناس فيعتق.
[المصدر السابق: ب 73 / الوصايا / 1].
(2) مدارك الأحكام 7: 151.
(3) جامع المقاصد 3: 148.
59

الاحرام ودخول الحرم انفسخ من ذلك الحين، وله من الأجرة قدر ما
قطع من الطريق بالنسبة إلى المسمى، على الأقوى (1).
ولو مات بعد الاحرام ودخول الحرم (2) برئت ذمة المنوب عنه
بذلك، وكان كمن حج تاما (3)، واستحق تمام الأجرة،

(1) الخلاف 1: 390 / جواهر الفقه: 46 / السرائر الحاوي 1: 628.
(2) جواهر الكلام 17: 368.
(3) الحدائق الناضرة 14: 257.
(4) منها ما رواه ابن أبي عمير - في الصحيح أو الحسن - عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام، في رجل
أخذ من رجل مالا ولم يحج عنه، ومات ولم يخلف شيئا، فقال: إن كان حج الأجير أخذت حجته
ودفعت إلى صاحب المال، وإن لم يكن حج كتب لصاحب المال ثواب الحج.
[وسائل الشيعة: ب 23 / النيابة في الحج / 1].
(5) مستند الشيعة 2: 172.
(6) جواهر الكلام 17: 366.
60

على الأقوى (1).
ولو صد انفسخت الإجارة (2)، من حينه (3)، أما إذا حصر
فستعرف حكمه.
هذا، إذا استؤجر للاتيان بما في ذمة المنوب عنه من حجة
الاسلام أو المنذور بلدية أو ميقاتية، أما إذا آجر نفسه لنفس الاحرام
من الميقات إلى آخر رمي الجمار في اليوم الثاني عشر، أو الثالث عشر
على وجه لا يتأدى بما إذا مات بعد الاحرام ودخول الحرم، لم يستحق

(1) قال: سألته عن الرجل يموت فيوصي بحجة، فيعطى رجل دراهم يحج بها عنه، فيموت قبل إن
يحج، ثم أعطي الدراهم غيره، فقال: إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزي
عن الأول... الحديث [وسائل الشيعة: ب 15 / النيابة في الحج / 1].
(2) كما في صحيح ضريس عن أبي جعفر عليه السلام، قال: في رجل خرج حاجا حجة الاسلام فمات في
الطريق؟ فقال: إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 15 / وجوب الحج / 1].
(3) الخلاف 1: 390 / السرائر الحاوي 1: 628، وقد تقدمت الإشارة إليه في هامش رقم 1 ص 43.
61

الأجرة إلا بإتيانه بتمام الأعمال (1).
لكن لا يخلو صحة الإجارة بهذا الوجه عن نظر وإشكال (2).
والله العالم بحقيقة أحكامه.
ولنقتصر من أحكام النيابة - أيضا - بذلك.

(1) مسالك الأفهام 2: 169 / المعتبر: 332.
62

المبحث الرابع
ينقسم الحج باعتبار أنواعه إلى تمتع، وقران، وإفراد.
أما حج التمتع.. فهو فرض من بعد عن مكة المعظمة (1)، من كل
جانب بثمانية وأربعين ميلا (2) فما زاد.

(1) أما من الكتاب فقوله تعالى: (فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي
فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام...) الآية. [سورة البقرة: 196].
وأما السنة ففيها الكثير، منها ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن أبي عبد الله عليه السلام في تفسير الآية
المتقدمة قال: فليس لأحد إلا التمتع، لأن الله أنزل ذلك في كتابه وجرت به السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله.
[انظر: وسائل الشيعة: ب 3 / أقسام الحج / 4].
(2) عن أبي جعفر عليه السلام - في حديث - قال: يعني فأهل مكة ليس عليهم متعة، كل من كان أهله دون ثمانية
وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية، وكل من كان أهله
وراء ذلك فعليهم المتعة. [المصدر السابق: ب 6 / أقسام الحج / 3].
(3) المبسوط 1: 306 / الجمل والعقود: 224 / السرائر الحاوي 1: 519 / شرائع الاسلام 1: 237 /
قواعد الأحكام 1: 398 / جواهر الكلام 18: 5.
(4) وهي قوله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام). [البقرة: 196].
63

وصورته على الاجمال: أن يحرم من الميقات بالعمرة إلى الحج،
ثم يدخل مكة فيطوف بالبيت سبعا، ويصلي ركعتي الطواف في المقام،
ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعا،
ولو أتى بطواف النساء - أيضا -
برجاء المطلوبية كان حسنا، وإن كان الأصح عدم وجوبه (1)، ثم يقصر
بأن يقلم شيئا من أظفاره، أو يأخذ شيئا من شعره، فيحل له حينئذ جميع
ما حرم عليه بالاحرام.
ثم ينشئ بعد ذلك إحراما للحج من مكة يوم التروية على

(1) وسائل الشيعة: ب 6 / أقسام الحج / 10.
(2) منها: صحيح صفوان بن يحيى قال: سأله أبو حرث عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فطاف وسعى
وقصر، هل عليه صواف النساء؟ قال: لا، إنما طواف النساء بعد الرجوع من منى.
[المصدر السابق: ب 82 / الطواف / 6].
(3) قال الشارح قدس سره في المستمسك: لم يعرف القائل بالوجوب. [مستمسك العروة الوثقى 11: 186].
(4) عن الفقيه عليه السلام قال: إذا حج الرجل فدخل مكة متمتعا فطاف بالبيت، وصلى ركعتين خلف مقام
إبراهيم عليه السلام وسعى بين الصفا والمروة وقصر فقد حل له كل شئ ما خلا النساء، لأن عليه لتحلة
النساء طوافا وصلاة. [وسائل الشيعة: ب 82 / الطواف / 7].
64

الأفضل، والقدر اللازم هو إدراك الوقوف بعرفة، ثم يمضي إلى عرفات
يوم التاسع فيقف بها من الزوال إلى المغرب، ثم يفيض إلى المشعر
فيقف به من فجر يوم العيد إلى طلوع الشمس، ثم يتوجه إلى منى
فيرمي أولا جمرة العقبة، ثم يذبح أو ينحر هديه، ثم يحلق، أو يقلم من
أظفاره، أو يأخذ من شعره، أو يمر الموسى على رأسه إن لم يكن عليه
الشعر، فيحل له حينئذ جميع ما حرم عليه بإحرامه إلا الطيب والنساء،
وإن حرم عليه الصيد - أيضا - لكونه في الحرم لا من جهة إحرامه.
وإذا فرغ عن ذلك، فالأفضل أن يرجع إلى مكة ليومه، وإلا فمن
الغد، والأحوط أن لا يتأخر عنه، فيطوف طواف الحج، ويصلي ركعتيه
في المقام، ثم يسعى بين الصفا والمروة - كما مر - فيحل له الطيب، فإذا
طاف طواف النساء وصلى ركعتيه حلت هي - أيضا - له.
ويجب الرجوع قبل الغروب، أو متى فرغ عن نسكه ولو بعد ثلث
الليل إلى منى، لبقية مناسكها (1) وهي: المبيت بها ليالي التشريق
بالتفصيل الآتي بيانه، ورمي الجمار الثلاث في أيامها.
وتفرغ ذمته عن حجة الاسلام بذلك.
فهذه صورة حج التمتع، وشروطه أربعة:

(1) يأتي في ص: 432.
65

الأول: النية (1)، ويكفي فيها أن يكون عند إحرامه من الميقات
ناويا لحج التمتع إما تفصيلا أو إجمالا بأن يكون ناويا للاتيان به
على طبق ما في الرسالة التي بيده، أو يتعلمه تدريجا من المعلم الذي
يقطع بصحة تعليمه، ونحو ذلك. ولا يجب أن ينويه بهذا التفصيل
وإن كان أولى.
الثاني: وقوعه في أشهر الحج (2)، وهي شوال، وذو القعدة،
وذو الحجة (3).

(1) جواهر الكلام 18: 12.
(2) وسائل الشيعة: ب 15 / أقسام الحج / 1.
(3) انظر: المصدر السابق: ب 10، 11، 15 / أقسام الحج.
(4) عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: ولا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال الله عز وجل:
(الحج أشهر معلومات) وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة.
[المصدر السابق: ب 11 / أقسام الحج / 1، 2، 3].
(5) عن أبي جعفر عليه السلام قال: (الحج أشهر معلومات) شوال وذو القعدة وذو الحجة، ليس لأحد أن
يحج في ما سواهن. [المصدر السابق حديث: 5].
(6) ثمة أقوال أربعة، وللتفصيل انظر: جواهر الكلام 18: 12 / مستمسك العروة الوثقى 11: 196.
(7) تحرير الأحكام 1: 94 / مختلف الشيعة: 260 / الدروس الشرعية 1: 334 / مسالك الأفهام
2: 195 / مدارك الأحكام 7: 167 / جواهر الكلام 18: 13.
66

الثالث: وقوع الحج والعمرة في عام واحد (1).
الرابع: إنشاء إحرام الحج من مكة المعظمة (2)، ولو تعذر الاحرام

(1) مدارك الأحكام 7: 168 / جواهر الكلام 18: 14.
(2) كشف اللثام 1: 281.
(3) كشف اللثام 1: 281 / مدارك الأحكام 7: 169.
(4) مثل صحصح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إذا كان يوم التروية - إن شاء الله - فاغتسل، ثم
البس ثوبيك، وادخل المسجد حافيا... ثم أحرم بالحج... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 52 / الاحرام / 1].
(5) كما في صحيح عمرو بن حريث الصيرفي، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام - وهو بمكة -: من أين أهل
بالحج؟ فقال: إن شئت من رحلك، وإن شئت من المسجد، وإن شئت من الطريق.
كذا رواه في الوسائل عن التهذيب، وفي التهذيب - المطبوع - وكذا في الكافي (إن شئت من
الكعبة) بدل (المسجد). انظر: وسائل الشيعة: ب 21 / المواقيت / 2، تهذيب الأحكام 5: 166،
الكافي 4: 455.
67

من مكة أحرم مما يتمكن منه (1).
ولو أحرم من غيرها جهلا، أو نسيانا وجب العود إليها (2)،
وتجديده لو أمكن، وإلا أحرم من مكانه.
ولو تعمد الاحرام من غيرها بطل إحرامه، ولو لم يتداركه بالعود،
والتجديد بطل حجه.
وزاد بعض شرطا خامسا، وهو أن يكون مجموع العمرة والحج
من واحد عن واحد (3)، فلا يجوز أن يستأجر اثنان عن واحد، أحدهما

(1) كما في موثق إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام، وفيه: إن أباه عليه السلام هو الذي أحرم بالحج من ذات
عرق. [وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 8].
(2) كما في صحيح علي بن جعفر عن أخية عليه السلام. [المصدر السابق: ب 20 / المواقيت / 3].
(3) المجموع شرح المهذب 7: 177.
(4) عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن رجل يحج عن أبيه، أيتمتع؟ قال: نعم، المتعة له، والحجة عن
أبيه. [وسائل الشيعة: ب 4 / أقسام الحج / 11].
68

لعمرته والآخر لحجه، ولا أن يتبرع بالعمرة عن أحد الشخصين،
وبالحج عن الآخر، وهو الأحوط.
نعم، لو تعذر الحج على النائب بعد تمام العمرة صح الاستئجار
للحج على الظاهر (1).
وأما حج الافراد، والقران: فمن كان منزله أقرب إلى مكة مما
تقدم تخير بينهما، وأيهما أتى به فهو فرضه (2).

(1) منها ما رواه علي بن جعفر - في الصحيح - قال: قلت لأخي موسى بن جعفر عليه السلام: لأهل مكة أن
يتمتعوا بالعمرة إلى الحج؟ فقال: لا يصلح أن يتمتعوا... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 6 / أقسام الحج / 2].
69

ولو كان ذا وطنين أحدهما دون ذلك الحد والآخر فوقه، روعي
ما هو الغالب منهما في الإقامة فيه (1)، ولو تساويا تخير بين
الأنواع (2)، والأفضل التمتع (3).
وكذا لو نذر حجا مطلقا، أو أوصى إليه بحجة مطلقة، أو أراد
حجا مندوبا (4).

(1) المبسوط 1: 306.
(2) وهو مفهوم قوله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) [البقرة: 196].
(3) مثل صحيح علي بن جعفر المتقدم. ونحوه كثير، انظر: وسائل الشيعة: ب 6 / أقسام الحج.
(4) عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: سألته عن رجل من أهل مكة يخرج إلى بعض الأمصار ثم
يرجع إلى مكة، فيمر ببعض المواقيت، أله أن يتمتع؟ قال: ما أزعم أن ذلك ليس له لو فعل، وكان
الاهلال أحب إلي.
ونحوه صحيحه الآخر عن أبي الحسن موسى عليه السلام. [وسائل الشيعة: ب 7 / أقسام الحج / 1، 2].
(5) وفيه: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة، قال: فلينظر أيهما الغالب عليه
فهو من أهله. [المصدر السابق: ب 9 / أقسام الحج / 1].
(6) جواهر الكلام 18: 94.
70

ولو أقام الآفاقي بمكة سنتين، ثم استطاع، انقلب فرضه (1)،

(1) الخلاف 2: 226 / المعتبر: 338 / منتهى المطلب 2: 662 / اللمعة الدمشقية: 66.
(2) ذخيرة المعاد: 553.
(3) كقوله عليه السلام - في صحيح صفوان -: لو حججت ألف عام لم أقربها إلا متمتعا.
[وسائل الشيعة: ب 40 / أقسام الحج / 2].
(4) عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له... الحديث.
[المصدر السابق: ب 9 / أقسام الحج / 1].
(5) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج إلى سنتين، فإذا جاوز السنتين كان
قاطنا، وليس له أن يتمتع. [المصدر السابق: ب / 9 أقسام الحج / 2].
(6) النهاية: 206 / المبسوط 1: 308.
(7) كما في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام، - في حديث - قال: إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما
يصنع أهل مكة. [وسائل الشيعة: ب 9 / أقسام الحج / 3].
(8) كما في صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - فقال: إن كان مقامه أكثر من
ستة أشهر فلا يتمتع. [المصدر السابق: ب 8 / أقسام الحج / 3].
(9) كما في مرسل الحسين بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من أقام بمكة خمسة أشهر فليس له أن
يتمتع. [المصدر السابق: ب 8 / أقسام الحج / 5].
71

وفي كون العبرة في استطاعته على استطاعة المكي، أو النائي
إشكال (1).
ولو كانت استطاعته سابقة على إقامة السنتين كان فرضه
التمتع (2)، ويلزمه الخروج للاحرام إلى مهل (3) أرضه على

(1) جواهر الكلام 18: 91.
(2) تقدم في ص 41.
(3) إرشاد الأذهان 6: 40 / الروضة البهية 1: 217 / مسالك الأفهام 2: 208 / كشف اللثام 1: 284.
(4) جواهر الكلام 18: 82.
(5) مدارك الأحكام 7: 210 / الحدائق الناضرة 14: 429.
(6) وهما صحيحا زرارة وعمر بن يزيد المتقدمان في هامش رقم 4، 5.
72

الأقوى (1)، ولو تعذر عليه تخير بين المواقيت (2).

(1) الحدائق الناضرة 14: 412، وما بعدها.
(2) عن أبي الحسن عليه السلام، قال: سألته عن المجاور، أله أن يمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال: نعم، يخرج إلى
مهل أرضه فيلبي، إن شاء. [وسائل الشيعة: ب 8 / أقسام الحج / 1].
(3) وهو ما ورد في الجاهل والناسي، كصحيح الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن
يحرم حتى دخل الحرم؟ قال: قال أبي عليه السلام: عليه أن يخرج إلى ميقات أهل أرضه... الحديث.
[المصدر السابق: ب 14 / المواقيت / 1].
(4) الدروس الشرعية 1: 342 / مسالك الأفهام 2: 206.
(5) مثل صحيح حريز عمن أخبره عن أبي جعفر عليه السلام - في حديث - فليس له أن يحرم من مكة، ولكن
يخرج إلى الوقت... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 9 / أقسام الحج / 9].
(6) عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: فإن أحب أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج
منها حتى يجاوز ذات عرق أو عسفان... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 10 / أقسام الحج / 2].
(7) مجمع الفائدة والبرهان 6: 41 / مدارك الأحكام 7: 207.
(8) عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قلت: من أين يهلون بالحج؟ فقال: من مكة نحوا مما يقول الناس.
[وسائل الشيعة: ب 9 / أقسام الحج / 3].
73

وكيف كان، فصورة حج الافراد أن يحرم للحج من الميقات، أو
من منزله إن كان دون الميقات (1)، ثم يمضي إلى عرفات فيقف بها، ثم
إلى المشعر فيقف به، ثم إلى منى يوم النحر فيقضي مناسكه، ثم يأتي
مكة في ذلك اليوم أو بعده - طول ذي الحجة - فيطوف بالبيت، ويصلي
ركعتي الطواف، ويسعى، ثم يطوف طواف النساء، ويصلي ركعتيه،
فيحل من إحرامه.
وعليه عمرة مفردة يأتي بها من أدنى الحل، أو أحد المواقيت،
وتصح تمام السنة، وإن كان الأحوط الفورية، ولو كان حجه مندوبا، أو
منذورا وحده لم تلزمه أصلا.
وشروطه ثلاثة: النية، ووقوعه تاما في أشهر الحج، وعقد الاحرام
من الميقات أو منزله، كما تقدم.
وحج القران كالافراد في جميع ذلك، وإنما يتميز عنه بأن
القارن يسوق الهدي عند إحرامه فيلزمه بسياقه، وليس على المفرد
هدي أصلا.
ويتخير القارن في عقد إحرامه بين التلبية وبين الاشعار
والتقليد.
ويختص البقر والغنم بتقليدها بنعل قد صلى فيه، ويتخير في
البدن بينه وبين إشعارها، بأن يشق سنامها من الجانب الأيمن، ويلطخ
صفحته بدمه، ويستحب الجمع بين الأمرين، بل الثلاثة في البدن،
وينعقد إحرامه بما بدأ به.
74

ولو دخلا مكة قبل الوقوفين جاز لهما الطواف المندوب (1)، بل
تقديم الواجب (2)، وكذلك السعي (3) - أيضا - على كراهية في
التقديم (4) على الأشبه،

(1) إيضاح الفوائد 1: 262 / كشف اللثام 1: 283 / جواهر الكلام 18: 58.
(2) المعتبر: 339 / جواهر الكلام 18: 59.
(3) منها ما رواه حماد بن عثمان - في الصحيح - قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مفرد الحج، أيعجل طوافه
أو يؤخره؟ قال: هو والله سواء عجله أو أخره. [وسائل الشيعة: ب 14 / أقسام الحج / 1].
(4) السرائر الحاوي 1: 575.
(5) كصحيح عمر بن أذينة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في هؤلاء الذين يفردون الحج، إذا قدموا مكة
فطافوا بالبيت أحلوا، وإذا لبوا أحرموا، فلا يزال يحل ويعقد حتى يخرج إلى منى بلا حج ولا عمرة.
[وسائل الشيعة: ب 3 / أقسام الحج / 18].
(6) كموثق إسحاق بن عمار - في حديث - قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المفرد للحج، إذا طاف بالبيت
وبالصفا والمروة، أيعجل طواف النساء؟ فقال: لا... الحديث.
[المصدر السابق: ب 14 / أقسام الحج / 4، وانظر: ب 16 / منه / 1].
(7) شرائع الاسلام 1: 271 / قواعد الأحكام 1: 429.
75

لكنهما يجددان التلبية عقيب الصلاة (1) وقبلها عند كل طواف، على
الأحوط (2)، بخلاف المتمتع فإن الأحوط أن لا يطوف بعد إحرامه

(1) قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن مفرد الحج أيقدم طوافه أو يؤخره؟ قال: يقدمه، فقال رجل إلى جنبه:
لكن شيخي لم يفعل ذلك، كان إذا قدم أقام بفخ، حتى إذا رجع الناس إلى منى راح معهم، فقلت له:
من شيخك؟ فقال علي بن الحسين عليهما السلام... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 14 / أقسام الحج / 3].
(2) جواهر الكلام 18: 396 / كشف اللثام 1: 345.
(3) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن أريد الجوار فكيف أصنع؟ - إلى أن يقول -: ثم قال: كلما طفت طوافا
وصليت ركعتين فاعقد بالتلبية... الحديث.
[المصدر السابق: ب 16 / أقسام الحج / 1].
(4) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟ قال: نعم،
ما شاء، ويجدد التلبية بعد الركعتين... الحديث [المصدر السابق: حديث 2].
(5) كما في صحيح عبد الله بن مسكان عن إبراهيم بن ميمون قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن أصحابنا
مجاورون بمكة وهم يسألوني لو قدمت عليهم، كيف يصنعون؟ فقال: قل لهم... إلى أن يقول: ثم
يطوفوا فيعقدوا بالتلبية عند كل طواف... الحديث. [المصدر السابق: ب 9 / أقسام الحج / 4].
(6) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل يفرد الحج فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يبدو له أن
يجعلها عمرة، فقال: إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له.
[المصدر السابق: ب 5 / أقسام الحج / 9].
(7) غاية المراد: 63.
76

للحج إلا بعد رجوعه من منى (1)،
ولا يجوز له تقديم الطواف الواجب

(1) كما في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج وحسن معاوية بن عمار المتقدمين وغيرهما مما تقدم.
(2) لم أجده في الشرائع، والظاهر أنه تصحيف مطبعي، وأن عبارته - قدس سره - كانت (وفي الرائع...) ويريد به
التنقيح الرائع، لكنها صحفت عند الطبع إلى ما ترى. انظر: التنقيح الرائع 1: 442.
(3) جواهر الكلام 18: 68، 69.
(4) هذا القول ربما يستفاد من كلام الشيخ الطوسي في التهذيب، واستدل له بمرسل يونس بن يعقوب
عن أبي الحسن عليه السلام قال: ما طاف بين هذين الحجرين الصفا والمروة أحد إلا أحل، إلا سائق الهدي.
[انظر: تهذيب الأحكام 5: 44، 45].
(5) كصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن مفرد الحج، هل يطوف.. إلى أن يقول:
والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا بالتلبية. [وسائل الشيعة: ب 16 / أقسام الحج / 2].
(6) المقنعة: 391.
(7) جواهر الكلام 18: 85.
77

على الوقوفين، ومناسك يوم النحر (1) إلا لضرورة (2) كما ستعرفه.
ولو كان المفرد ممن يشرع له التمتع - أيضا - ودخل مكة بعد

(1) قال: سألته عن رجل أتى المسجد الحرام وقد أزمع بالحج أيطوف بالبيت؟ قال: نعم، ما لم يحرم.
[وسائل الشيعة: ب 83 / الطواف / 4]، ولا يخفى أن الرواية مضمرة.
(2) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يحرم بالحج من مكة ثم يرى البيت خاليا فيطوف به قبل أن
يخرج، عليه شئ؟ فقال: لا. [المصدر السابق: ب 10 / الطواف / 2].
(3) جواهر الكلام 18: 59.
(4) لم أجده في السرائر، وأظنه تصحيف من (المعتبر) ناشئ من استعمال الرموز كما تقدم ويأتي. انظر:
المعتبر: 340.
(5) منتهي المطلب 2: 708 / المعتبر: 340 / تذكرة الفقهاء 1: 367.
(6) وهو خبر أبي بصير، وسائل الشيعة: ب 13 / أقسام الحج / 5.
(7) ففي صحيح ابن الحجاج قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يتمتع ثم يهل بالحج، فيطوف بالبيت
ويسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه إلى منى؟ فقال: لا بأس.
ونحوه صحيحا جميل وعلي بن يقطين. [المصدر السابق: حديث 1، 2، 3].
(8) منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بتعجيل الطواف للشيخ الكبير والمرأة تخاف،
الحيض، قبل أن تخرج إلى منى. [المصدر السابق: ب 13 / أقسام الحج / 4].
(9) السرائر الحاوي 1: 575.
78

الاحرام وقبل الوقوف جاز أن يعدل إليه (1)، بل هو الأفضل (2)، فيحل
عن إحرامه بعمرة التمتع، ثم يحرم للحج من مكة قبل وقت الوقوف،
ولا يجوز ذلك للقارن (3)،
ولا يجوز للمتمتع - أيضا وإن كان حجه

(1) الخلاف 2: 262 / المعتبر: 340 / منتهى المطلب 2: 663.
(2) منها: ما رواه معاوية عن عمار - في الصحيح - قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لبى بالحج مفردا،
فقدم مكة وطاف بالبيت... إلى أن يقول: قال: فليحل، وليجعلها متعة، إلا أن يكون ساق الهدي.
[وسائل الشيعة: ب 5 / أقسام الحج / 4].
(3) جواهر الكلام 18: 71.
(4) مثل مكاتبة علي بن ميسر إلى أبي جعفر الثاني يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان، ثم حضر
الموسم، أيحج مفردا للحج أو يتمتع، أيهما أفضل؟ فكتب إليه: يتمتع أفضل.
[من لا يحضره الفقيه 2: 211 / 2551].
(5) مثل صحيح موسى بن القاسم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام - في حديث - فقلت: إني مقيم بمكة منذ
عشرين سنة، فقال: تمتع. [وسائل الشيعة: ب 4 / أقسام الحج / 3].
(6) جواهر الكلام 18: 74.
79

مندوبا - أن يعدل إلى الافراد (1)، إلا لضرورة، كما ستعرفه.
وهذه عمدة الفرق بين الأنواع الثلاثة (2).
وأما الفارق بين العمرة المتمتع بها والمفردة، فهو اشتراط الأولى
بأن يحرم بها من خصوص الميقات مع التمكن، ولا تقع إلا في أشهر
الحج، وليس فيها طواف النساء، ولا يحل عن إحرامها إلا بالتقصير.
عكس الثانية - واجبة كانت أو مندوبة - في جميع ذلك، فيجوز
الاحرام لها اختيارا من أدنى الحل، ولا تشترط بالوقوع في أشهر الحج،
ويجب فيها طواف النساء، ويتحلل عن إحرامها بكل من الحلق، أو
التقصير، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وإذ تبين أن حجة الاسلام عبادة مركبة من جزئين: أحدهما
العمرة، والآخر الحج، وأن أهم أقسامها هو حج التمتع، فينبغي أن
نبين أحكامه في بابين..

(1) جواهر الكلام 18: 74، 79، 75.
(2) جواهر الكلام 18: 74، 79، 75.
(3) جواهر الكلام 18: 74، 79، 75.
80

الباب الأول
في العمرة
81

الباب الأول
في العمرة، وفيها خمسة فصول..
الفصل الأول
في إحرام العمرة، وفيه مقاصد..
المقصد الأول
في سنن الاحرام وآدابه
ينبغي لمن يريد الاحرام أن لا يختضب بالحناء قبله (1) قدر ما
يبقى إليه أثره، بل الأحوط تركه (2).
ويستحب عند الاحرام أن يتهيأ له بتنظيف البدن (3)،

(1) وسائل الشيعة: ب 23 / تروك الاحرام / 2.
(2) الروضة البهية 2: 243.
(3) وسائل الشيعة: ب 23 / تروك الاحرام / 1.
(4) المبسوط 1: 314 / شرائع الاسلام 1: 244 / قواعد الأحكام 1: 418.
83

وتقليم الأظفار (1)، وأخذ الشارب (2)، وإزالة شعر إبطيه (3)، وعانته
بالنورة (4).
ثم غسل الاحرام (5)،

(1) وسائل الشيعة: ب 6 / الاحرام / 1.
(2) وسائل الشيعة: ب 6 / الاحرام / 1.
(3) المصدر السابق: حديث 3.
(4) المصدر السابق: ب 85 / آداب الحمام / 4.
(5) المصدر السابق: ب 6 / الاحرام / 4، 5.
(6) المصدر السابق: ب 8 / الاحرام و ب 26 / الأغسال المسنونة.
(7) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - ثم استك، واغتسل، والبس
ثوبيك... الحديث. [المصدر السابق: ب 6 / الاحرام / 4].
(8) مختلف الشيعة: 264.
84

ويدعو عند الغسل بالمأثور (1)، ولو أكل أو لبس بعد الغسل ما لا
يجوز للمحرم أعاده (2).
ولو خاف عدم وجدان الماء في الميقات جاز تقديمه (3)، لكن لو
وجد فيه الماء أعاده (4). ويجزئ الغسل في أول النهار لليلته الآتية،
وكذلك العكس (5).

(1) العروة الوثقى: الأمر الثالث من مقدمات الاحرام.
(2) من لا يحضره الفقيه 2: 327، باب سياق مناسك الحج.
(3) انظر: وسائل الشيعة: ب 11، 12 / الاحرام.
(4) انظر: المصدر السابق: ب 8 / الاحرام.
(5) كما في صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يغتسل بالمدينة للاحرام، أيجزيه عن
غسل ذي الحليفة؟ قال: نعم. [المصدر السابق: ب 8 / الاحرام / 5].
(6) مدارك الأحكام 7: 251 / جواهر الكلام 18: 181.
(7) وسائل الشيعة: ب 8 / الاحرام / 4.
(8) المصدر السابق: ب 9 / الاحرام / 1.
(9) مستند الشيعة: 2: 195 / مدارك الأحكام 7: 252 / ذخيرة المعاد: 586.
(10) انظر: وسائل الشيعة: ب 9 / الاحرام / 2، 3.
85

ولو أحدث بالأصغر بعد الغسل أعاده (1).
ويصح من الحائض والنفساء (2).
ولا يعتبر الطهارة عن الحدث الأكبر فضلا عن الأصغر في صحة

(1) انظر: وسائل الشيعة: ب 10 / الاحرام.
(2) مثل موثق إسحاق بن عمار قال سألت: أبا الحسن عليه السلام عن غسل الزيارة - إلى أن يقول: قال: يجزئه ما
لم يحدث ما يوجب وضوء... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 3 / زيارة البيت / 3].
(3) كأنه يشير إلى صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يغتسل لدخول
مكة ثم ينام، فيتوضأ قبل أن يدخل أيجزيه ذلك أو يعيد؟ قال: لا يجزيه، لأنه إنما دخل بوضوء.
وعلق عليه الشارح قدس سره في المستمسك بقوله: فالتعليل فيه لا يقتضي عموم الحكم لمطلق الحدث،
ولا لمطلق الغسل - نظير نصوص المقام - وإنما يقتضي انتقاض الغسل المستحب بالنوم، فيحتاج في
تعميم الحكم والموضوع إلى دليل. انظر: وسائل الشيعة: ب 6 / مقدمات الطواف / 1، مستمسك
العروة الوثقى 11: 339 - 340.
(4) كما في صحيح عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة،
ويلبس ثوبين ثم ينام قبل أن يحرم، قال: ليس عليه غسل. [وسائل الشيعة: ب 10 / الاحرام / 3].
(5) وسائل الشيعة: ب 48، 49 / الاحرام.
(6) مدارك الأحكام 7: 386.
86

الاحرام (1).
والأولى، بل الأحوط أن يكون عقيب (2) الصلاة (3)، وأفضلها
هو فريضة الظهر (4)،

(1) وسائل الشيعة: ب 48، 49 / الاحرام.
(2) مختلف الشيعة: 264.
(3) كما في صحيح الحسن بن سعيد قال: كتبت إلى العبد الصالح أبي الحسن عليه السلام: رجل أحرم بغير
صلاة أو بغير غسل جاهلا أو عالما، ما عليه في ذلك؟ وكيف ينبغي له أن يصنع؟ فكتب: يعيده.
[وسائل الشيعة: ب 20 / الاحرام / 1].
(4) المصدر السابق: ب 19 / الاحرام / 3.
(5) الحدائق الناضرة 15: 25.
(6) كما في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يضرك بليل أحرمت أو نهار، إلا أن أفضل ذلك
عند زوال الشمس. [وسائل الشيعة: ب 15 / الاحرام / 1].
87

ولو لم تكن ففريضة أخرى (1) ولو قضاء (2) ولو لم يكن عليه قضاء
فعقيب ست ركعات نافلة (3)، وأقلها ركعتان (4)، يقرأ في الأولى
التوحيد، وفي الثانية الجحد (5).
فإذا فرغ عن صلاته يدعو بالمأثور (6)،
ثم يلبس ثوبي

(1) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صل المكتوبة ثم أحرم بالحج أو المتعة...
الحديث. [وسائل الشيعة: ب 18 / الاحرام / 1].
(2) الدروس الشرعية 1: 343.
(3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تصلي للاحرام ست ركعات، تحرم في دبرها.
[وسائل الشيعة: ب 18 / الاحرام / 4].
(4) المصدر السابق: ب 52 / الاحرام / 2.
(5) المصدر السابق: ب 19 / الاحرام / 3.
(6) المصدر السابق: ب 16 / الاحرام / 1، و ب 18 / الاحرام / 5.
(7) انظر: المصدر السابق: ب 15 / القراءة في الصلاة / 1، 2.
(8) المصدر السابق: ب 16 / الاحرام / 1.
88

الاحرام،
يجعل أحدهما إزارا والآخر رداء (1)، ثم ينوي الاحرام،
ويستحب أن يتلفظ بالنية (2) ثم يلبي مقارنا لها.
ويستحب الجهر في التلبية (3)

(1) الكافي في الفقه: 207 / منتهى المطلب 2: 680 / تذكرة الفقهاء 1: 326.
(2) المهذب لابن البراج 1: 317.
(3) المقنعة: 396 / المبسوط 1: 314 / السرائر الحاوي 1: 530.
(4) جواهر الكلام 18: 238.
(5) المقنعة: 397 / المبسوط 1: 315 / السرائر الحاوي 1: 532.
(6) وسائل الشيعة: ب 16 / الاحرام / 2، و ب 17 / الاحرام / 1، 2.
(7) المصدر السابق: ب 37 / الاحرام.
(8) كشف اللثام 1: 317.
(9) نقله في السرائر الحاوي عن بعض أصحابنا، ونفى في الخلاف وجدان القائل بوجوب الجهر.
[السرائر الحاوي 1: 536 / الخلاف 2: 291].
89

إن كان رجلا (1)، وتكريرها في وقت اليقظة من النوم (2)، وبعد كل
فريضة (3)، وعند الركوب على البعير (4)، وعند نهوضه (5)، وعند كل
علو وهبوط (6)، وعند ملاقاة الركب (7).
وفي الأسحار يستحب إكثارها (8)، ولو كان جنبا (9)،

(1) وسائل الشيعة: ب 38 / الاحرام / 5.
(2) المصدر السابق: ب 38 / الاحرام.
(3) المصدر السابق: ب 40 / الاحرام / 2.
(4) المصدر السابق: حديث: 2، 4.
(5) المصدر السابق: حديث: 3.
(6) المصدر السابق: حديث: 2.
(7) المصدر السابق: حديث: 2، 3، 4.
(8) المصدر السابق: حديث: 2، 3، 4.
(9) عبارة صحيح معاوية بن عمار هكذا: (تقول ذلك... أو استيقظت من منامك وبالأسحار، وأكثر ما
استطعت واجهر بها...) وهكذا نقلها الشارح في مستمسكه أيضا. انظر: فروع الكافي 4: 335 /
تهذيب الأحكام 5: 91 / مستمسك العروة الوثقى 11: 408
90

أو حائضا (1).
ولا يقطعها في عمرة التمتع إلى أن يشاهد بيوت مكة (2)، ولا
يقطعها في حج التمتع إلى زوال يوم عرفة (3).

(1) وسائل الشيعة: ب 42 / الاحرام / 1.
(2) المصدر السابق: حديث 2.
(3) المصدر السابق: ب 48 / الاحرام / 4.
(4) منها صحيح معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا دخلت مكة وأنت متمتع فنظرت إلى
بيوت مكة فاقطع التلبية... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 43 / الاحرام / 1].
(5) جواهر الكلام 18: 276.
(6) الخلاف 2: 349، وفيه: يقطع المعتمر التلبية إذا دخل الحرم...
(7) وهو موثق زرارة، وسائل الشيعة: ب 43 / الاحرام / 7.
(8) وهو خبر زيد الشحام، بأدنى تفاوت. المصدر السابق: حديث 9.
(9) منها صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: الحاج يقطع التلبية يوم عرفة زوال
الشمس. [وسائل الشيعة: ب 44 / الاحرام / 1].
(10) جواهر الكلام 18: 274.
91

ويكره الاحرام في الثياب السود (1)، بل قيل: مطلق
المصبوغ (2). لكن الظاهر من بعض الأخبار المعتبرة عدم كراهة
الثياب الخضر (3).
ويكره النوم - أيضا - على الثياب السود، وعلى الوسادة
السوداء (4).
ويكره أن يحرم في الثياب الوسخة (5)، وإن وسخت بعد الاحرام

(1) وهو موثق الحسين بن المختار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يحرم الرجل في الثوب الأسود؟ قال:
لا يحرم في الثوب الأسود، ولا يكفن به الميت. [وسائل الشيعة: ب 26 / الاحرام / 1].
(2) منها صحيح علي بن جعفر قال: سألت أخي موسى بن جعفر عليه السلام: يلبس المحرم الثوب المشبع
بالعصفر؟ فقال: إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به. [المصدر السابق: ب 40 / تروك الاحرام / 4].
(3) المصدر السابق: ب 28 / الاحرام / 1.
(4) المصدر السابق: ب 28 / تروك الاحرام / 2.
(5) مدارك الأحكام 7: 375.
(6) وسائل الشيعة: ب 38 / تروك الاحرام / 1.
92

فالأولى أن لا يغسلها إلى أن يحل (1).
ويكره دخول الحمام (2)، وتدليك الجسد فيه (3)، وتلبية من
يناديه (4).
وألحق بعضهم (5) بدخول الحمام، غسل الرأس بالسدر
والخطمي (6).
وغسل البدن بالماء البارد (7)، والمبالغة في

(1) وهو صحيح محمد بن مسلم السابق.
(2) وسائل الشيعة: ب 76 / تروك الاحرام / 2.
(3) المصدر السابق: حديث 1.
(4) المصدر السابق: ب 75 / تروك الاحرام / 1.
(5) المصدر السابق: ب 91 / تروك الاحرام / 1.
(6) وهو مرسل الصدوق قال: قال الصادق عليه السلام: يكره للرجل أن يجيب بالتلبية إذا نودي هو محرم.
[المصدر السابق: حديث 2].
(7) الدروس الشرعية 1: 388.
(8) الدروس الشرعية 1: 388.
93

السواك (1)، وتدليك الوجه (2)، والمصارعة (3). والأحوط ترك استعمال الحناء وإن لم يقصد به الزينة (4)،
وكذلك الرياحين (5).

(1) كأنه يريد به ما رواه يعقوب بن شعيب - في الصحيح - قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم
يغتسل؟ فقال: نعم يفيض الماء على رأسه ولا يدلكه. [وسائل الشيعة: ب 75 / تروك الاحرام / 1].
(2) الدروس الشرعية 1: 388.
(3) وسائل الشيعة: ب 94 / تروك الاحرام / 2.
(4) الدروس الشرعية 1: 388.
(5) وسائل الشيعة: ب 93 / تروك الاحرام / 1.
(6) مدارك الأحكام 7: 377 / الحدائق الناضرة 15: 561.
(7) المقنعة: 432.
(8) المختلف 268 / تحرير الأحكام 1: 113 / تذكرة الفقهاء 1: 333.
(9) الأول: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تمس ريحانا وأنت محرم... الحديث.
الثاني: عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يمس المحرم، شيئا من الطيب ولا الريحان ولا يتلذذ
به.. الحديث. [وسائل الشيعة: ب 18 / تروك الاحرام / 3، 6].
94



(1) وسائل الشيعة: ب 25 / تروك الاحرام / 1.
(2) المصدر السابق: ب 26 / تروك الاحرام / 2.
95

المقصد الثاني
في المواقيت التي وقتها النبي صلى الله عليه وآله لأهل الآفاق
حين لم يكن للاسلام رسم ولا اسم، لا بمصر، ولا الشام، ولا
العراق. فكان ذلك من أعلام نبوته صلى الله عليه وآله.
وهي خمسة:
الأول: مسجد الشجرة (1)، ويسمى ذو الحليفة، وهو ميقات من

(1) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال - في حديث -: ووقت لأهل المدينة
ذا الحليفة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 1 / المواقيت / 2].
(2) منها: صحيح علي بن رئاب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأوقات التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله للناس؟
فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وقت لأهل المدينة ذا الحليفة وهي الشجرة... الحديث.
[المصدر السابق: حديث 7].
(3) منها صحيح الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام - في حديث - وقت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو
مسجد الشجرة... الحديث. [المصدر السابق: حديث 3].
(4) المقنعة: 394 / الكافي في الفقه: 202.
(5) إرشاد الأذهان 1: 315 / قواعد الأحكام 1: 416 / شرائع الاسلام 1: 241.
(6) المبسوط 1: 312 / السرائر الحاوي 1: 528 / منتهى المطلب 2: 665.
97

كان طريقه من المدينة المنورة (1).
والأفضل (2) بل الأحوط (3) هو الاحرام من نفس المسجد، وإن
كان الأقوى جوازه من خارجه المحاذي له (4).
ولا يجوز تأخيره إلى الجحفة (5)، إلا لضرورة (6)

(1) الدروس الشرعية 1: 340 / الروضة البهية 2: 224.
(2) جامع القاصد 3: 158.
(3) الوسيلة: 160.
(4) مثل صحيح معاوية بن عمار أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام: عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة؟
فقال لا بأس. [وسائل الشيعة: ب 6 / المواقيت / 1].
98

من مرض أو ضعف (1)، ونحوهما (2)، لا اختيارا على الأقوى.
نعم، لو سلك طريقا آخر لا يمر بذي الحليفة فلا يبعد جواز
التأخير (3) اختيارا إلى الجحفة (4) لكن لو علم أنه حاذاه

(1) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام - في حديث -: رخص رسول الله صلى الله عليه وآله لمن كان مريضا أو ضعيفا أن يحرم
من الجحفة. [المصدر السابق: حديث 5].
(2) الدروس الشرعية 1: 341 / مدارك الأحكام 7: 220 / مستند الشيعة 2: 182.
(3) لم أجد هذا اللفظ مرويا عن جميل، والذي وجدته هو ما رواه صفوان - في الصحيح - عن أبي
الحسن الرضا عليه السلام، قال: كتبت إليه... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 15 / المواقيت / 1].
(4) المصدر السابق: ب 8 / المواقيت / 1.
99

فالأحوط أن يحرم مما يحاذيه، ثم يجدده بالجحفة (1).
ولا يحرم الجنب والحائض والنفساء عن نفس المسجد إلا
مجتازين (2)، ولو تعذر الاجتياز فالأحوط الجمع بين إنشاء الاحرام من
خارجه المحاذي له (3) ومن الجحفة.
الثاني: وادي العقيق، وهو ميقات من كان طريقه من العراق
ونجد (4).
وأوله المسلخ (5)، ووسطه الغمرة،

(1) وسائل الشيعة: ب 7 / المواقيت / 1.
(2) المصدر السابق: ب 1 / المواقيت.
(3) المصدر السابق: ب 2 / المواقيت / 5، 7.
(4) من لا يحضره الفقيه 2: 207 / 2526.
100

وآخره ذات عرق (1).

(1) وسائل الشيعة: ب 2 / المواقيت / 1.
(2) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: وقت لأهل العراق - ولم
يكن يومئذ عراق - بطن العقيق... الحديث. [المصدر السابق: ب / المواقيت / 2].
(3) الحدائق الناضرة 14: 438.
(4) وفيها: حد العقيق ما بين المسلخ إلى عقبة غمرة. [وسائل الشيعة: ب 2 / المواقيت / 5].
(5) النهاية: 210 / المقنع 69 / الهداية: 55.
(6) مدارك الأحكام 7: 217 / الحدائق الناضرة 14: 440.
(7) وسائل الشيعة: ب 2 / المواقيت / 5.
(8) المصدر السابق: ب 2 / المواقيت / 6.
(9) المصدر السابق: ب 1 / المواقيت / 10.
101

والأفضل الاحرام في المسلخ (1) إن علمه، وإلا فالتأخير أحوط إلى أن
يتيقن الوصول إلى وادي العقيق.
والأحوط أن لا يؤخر إلى ذات عرق. ولو اقتضى التقية ذلك،
فقبل الوصول إليه ينوي الاحرام، ويلبي سرا، ولا ينزع ثيابه، ولو تمكن
أن ينزع الثياب خفية ويلبس ثوبي الاحرام ثم ينزعهما ويلبس ثوبه
فعل ذلك، ويفدي على الأحوط (2)، ثم يلبسهما في ذات عرق.
الثالث: الجحفة - بتقديم الجيم على الحاء المهملة - وهي
ميقات من كان طريقه من الشام، ومصر، ومن يمر عليها من الآفاق

(1) جواهر الكلام 18: 107.
(2) في المطبوع: حملها. وما أثبته أنسب.
(3) عن أبي الحسن عليه السلام - في حديث - قال: كان أبي مجاورا هاهنا فخرج يتلقى بعض هؤلاء، فلما رجع
فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحج... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 8].
(4) المصدر السابق: ب 3 / المواقيت / 1، 2، 4.
(5) كشف اللثام 1: 305.
102

الأخر (1)، ما لم يمر بميقات آخر، أو جاوزه بلا إحرام ولا يمكنه
الرجوع إليه.
الرابع: قرن المنازل، وهو ميقات من كان طريقه من الطائف (2).
الخامس: يلملم، على مرحلتين من مكة المعظمة، وهو ميقات
أهل اليمن (3)، ويلحق بهم من حج من طريق بحر عمان (4).
والأقوى لزوم تحصيل العلم بهذه الأماكن (5)، وإن لم يتمكن فلا

(1) وهي مكاتبة الحميري إلى صاحب الزمان عليه السلام، وفيها: فكتب إليه في الجواب: يحرم من ميقاته، ثم
يلبس الثياب، ويلبي في نفسه، فإذا بلغ إلى ميقاتهم أظهره. [وسائل الشيعة: ب 2 / المواقيت / 10].
(2) المصدر السابق: ب 1 / المواقيت / 1، 2، 3 وغيرها.
(3) منها صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: ووقت لأهل الطائف قرن
المنازل... الحديث. [المصدر السابق: ب 1 / المواقيت / 2].
(4) كما في صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: ولأهل نجد قرن المنازل...
الحديث. [المصدر السابق: حديث 6].
(5) وسائل الشيعة: ب 1 / المواقيت / 1، 2، 3، 5، وغيرها.
103

يبعد الاكتفاء بالاطمئنان الحاصل من أخبار العارفين بها (1).
ومن كان منزله دون المواقيت من مكة جاز له الاحرام من
منزله (2)،
بشرط أن يكون خارج الحرم وإلا لزمه الخروج منه للاحرام
على الأحوط (3).
ومن سلك طريقا لا يمر بشئ منها، فإن علم أنه يحاذي أحد
المواقيت قبل دخول الحرم وعلم موضع المحاذاة - أيضا - أحرم من

(1) المصدر السابق: ب 5 / المواقيت / 1.
(2) جواهر الكلام 18: 113.
(3) ففي الأول: قال: كنت مجاورا بمكة فسألت أبا عبد الله عليه السلام من أين أحرم بالحج؟ فقال. من حيث
أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله، من الجعرانة.
وفي الثاني: قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أريد الجوار، فكيف أصنع؟ فقال: إذا رأيت الهلال - هلال
ذي الحجة - فأخرج إلى الجعرانة فأحرم منها بالحج... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 9 / أقسام الحج / 5، 6].
(4) العروة الوثقى: السابع من المواقيت.
104

ذلك الموضع (1).
ولو علم أنه يحاذي ميقاتين لزمه الاحرام عند محاذاته لأولهما

(1) وسائل الشيعة: ب 17 / المواقيت.
(2) مدارك الأحكام 7: 222 / جواهر الكلام 18 / 113.
(3) جواهر الكلام 18 / 114.
(4) مدارك الأحكام 7: 223 / الحدائق الناضرة 14: 451 / جواهر الكلام 18: 113.
(5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أقام بالمدينة شهرا وهو يريد الحج، ثم بدا له أن يخرج في غير طريق
أهل المدينة الذي يأخذونه، فليكن إحرامه من مسيرة ستة أميال، فيكون حذاء الشجرة من البيداء.
[وسائل الشيعة: ب 7 / المواقيت / 1].
(6) وهو مرسل الكليني، حيث قال: وفي رواية أخرى: يحرم من الشجرة، ثم يأخذ أي طريق شاء.
[المصدر السابق: حديث 2].
105

على الأقوى (1)، ويجدده عند محاذاته للأخير - أيضا - على الأحوط.
ولو علم بالمحاذاة قبل دخول الحرم، لكن لا يعلم الموضع
المحاذي فإن حصل له الاطمئنان من أخبار العارفين بهذه المواضع
جاز له التعويل عليه وإلا فالأحوط أن يحرم من ميقات أهله إن أمكنه،
وإلا فمن ميقات آخر.
ولو لم يتمكن من المرور بميقات أصلا، فالأحوط أن ينذر
الاحرام من الموضع الذي يقطع بعدم المحاذاة قبله، ثم الاحرام منه. بل
لا يبعد كفاية ذلك عن المرور بالميقات والاحرام منه حتى مع التمكن
أيضا (2)، وإن كان هو الأحوط.
ولو لم يتمكن من نذر الاحرام على الوجه المذكور، أو فاته
موقعه فالأحوط أن يلبس ثوبي الاحرام أول ما يحتمل فيه المحاذاة،

(1) جواهر الكلام 18: 117.
(2) وتقدم أيضا في هامش رقم 5، ص 105.
(3) المبسوط 1: 313 / منتهى المطلب 2: 671 / مستند الشيعة 2: 183.
(4) مدارك الأحكام 7: 223.
106

ويكرر التلبية ناويا بها الاحرام في ما يحاذي الميقات.
ولو لم يعلم أنه يحاذي شيئا من المواقيت قبل دخول الحرم، أو
علم عدمه فإن أمكنه الاحرام من ميقات أهله لزمه على الأحوط (1)،
وإلا فمن أي ميقات أمكنه، وإلا أجزأه الاحرام من أدنى الحل على
الأقوى (2).
لكن لو نذر الاحرام مما يساوي أقرب المواقيت إلى مكة،
وهو مرحلتان (3)، ثم أحرم منه، وجدد التلبية في أدنى الحل - أيضا -

(1) قواعد الأحكام 1: 417.
(2) إيضاح الفوائد 1: 284 / مدارك الأحكام 7: 224.
(3) مسالك الأفهام 2: 216.
107

كان أحوط (1).
وهنا مسائل:
الأولى: محاذاة (2) الميقات عبارة عن كونه بالنسبة إلى جهة
القبلة بإزائه، بحيث لو استقبلها بوجهه، ومقاديم بدنه كان الميقات عن
يمينه أو شماله بالخط المستقيم، ويحدث من ذلك مثلث قائم الزاوية،
زاويته القائمة هي نقطة المحاذاة، ووترها الخط المستقيم الواصل بين
مكة والميقات، فلو كان الميقات على يمينه أو شماله عند استقباله
لجهة أخرى غير القبلة، أو كان عند استقباله لها على يمينه أو شماله
ولكن لا بالخط المستقيم المتقاطع مع الخط الخارج مستقيما من
الكعبة إلى تلك الجهة لم يكن من المحاذاة المعتبرة في الشريعة.
نعم، يكفي الصدق العرفي في جميع ذلك، ولا يعتبر الدقة
العقلية في شئ منه.

(1) تقدم في هامش رقم 5، ص 105.
(2) وفيه:... ثم بدا له أن يخرج في طريق أهل المدينة الذي يأخذونه، فليكن إحرامه من مسيرة ستة
أميال.
كذا نقله في الوسائل عن التهذيب، لكن الحديث في التهذيب موافق لما في الكافي والفقيه، أعني
هكذا: (في غير طريق أهل المدينة) بإثبات لفظ (غير). انظر: وسائل الشيعة: ب 7 / المواقيت / 1 /
تهذيب الأحكام 5: 57.
108

وكما تتسع القبلة بزيادة البعد، ولا تدور على الخط والنقطة فكذا
محاذاة الميقات أيضا (1)، ويكفي حدوث المثلث المذكور عرفا في
تحققها، بل لو كان البعد بين الميقات وما يحاذيه مفرطا يخل بصدق
التحاذي عرفا فالأحوط أن يحرم من الميقات (2) إن أمكن، وإلا فمن
ذلك الموضع بعد نذره، ويجدد التلبية قبل دخول الحرم - أيضا - على
الأحوط.
الثانية: الظاهر أن الموضع الذي يخبر قيم السفن بأنه يحاذي
(يلملم) في البحر، بين (قمران) و (جدة) وإن كان محاذيا له، لكنه واقع
هناك في نفس جهة القبلة لا على يمين من يستقبلها أو شماله (3)،
ومستقبل القبلة ثمة يستقبل (يلملم) - أيضا - من جهة واحدة، بتفاوت
يسير لا يضر باستقبال القبلة، فمحاذاة (يلملم) هناك بعينها عبارة
أخرى عن استقبال القبلة.
109

وتشخيص هؤلاء الجغرافيين لهذه الأمور وإن كان مما يوثق
بصحته، لكن لما لم يعرفوا حقيقة المحاذاة المعتبرة في الشريعة
المقدسة، وظنوا كفاية مطلق المقابلة في تحققها، فعينوا لها هذا
الموضع، ولو كانوا يعرفون حقيقتها لم يتفوهوا بذلك، كما يظهر
بالمراجعة إليهم في تعيين القبلة في ذلك المكان وغير ذلك.
وبالجملة، فتقدم المكان المذكور على الميقات ظاهر، ولا يجوز
الاحرام منه، بل ولا من جدة - أيضا - إلا بنذر ونحوه.
وإلا فالظاهر أن موضع المحاذاة إنما هو بين مكة وجدة (1)،
والمعروف أنه حدة - بالحاء المهملة - وكونها أقرب منه إلى مكة بكثير
هو الذي يقتضيه بعدها المفرط عن يلملم (*)، وكونها بمنزلة الزاوية
110

القائمة من مثلث المحاذاة، والخط المستقيم الواصل بين مكة ويلملم
بمنزلة وترها، لكنه لا يخلو مع ذلك عن شوائب الاشكال فلو لم يتيسر
المرور على نفس الميقات فالأحوط هو الاحرام من جدة بعد نذره، ثم
تجديد التلبية في حدة - بالحاء - وكذا عند الدخول في الحرم (1).
الثالثة: لو ترك الاحرام من الميقات ناسيا (2)، أو جاهلا بأنه
الميقات، أو بوجوب الاحرام منه (3)،
أو لعدم كونه عازما على النسك
ولا دخول مكة، ثم بدا له (4)، فإن تمكن من الرجوع إلى الميقات

(1) منها ما رواه الحلبي - في الصحيح - قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يحرم حتى دخل
الحرم؟ قال: قال أبي: يخرج إلى ميقات أهل أرضه... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 14 / المواقيت / 1].
(2) كما في صحيح عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل مر على الوقت الذي يحرم
الناس فيه فنسي أو جهل فلم يحرم حتى أتى مكة... الحديث. [المصدر السابق: حديث 2].
(3) جواهر الكلام 18: 131.
(4) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ترك الاحرام حتى دخل الحرم؟ فقال: يرجع إلى ميقات أهل
بلاده... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 14 / المواقيت / 7].
111

والاحرام منه لزمه ذلك (1) وإن كان أمامه ميقات آخر على
الأحوط (2)، وإلا أحرم من ذلك الميقات الذي أمامه (3)، ولو لم يمكن

(1) منهم: القاضي ابن البراج في المهذب 1: 214.
(2) الحدائق الناضرة 14: 471 / كشف اللثام 1: 310 / جواهر الكلام 18: 133.
(3) مسالك الأفهام 2: 222 / مدارك الأحكام 7: 231.
(4) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة كانت مع قوم فطمثت.. إلى أن يقول: فقال عليه السلام: إن كانت عليها
مهلة فترجع إلى الوقت فلتحرم منه... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 14 / المواقيت / 4].
(5) الحديث السابق والمصدر السابق.
112

فالأحوط أن يرجع القدر الممكن ثم يحرم (1).
ولو دخل الحرم وجب الرجوع، والاحرام خارج الحرم مع
إمكانه (2)، ولا يترك القدر الممكن من الرجوع في هذه الصورة أيضا.
ولو لم يتمكن من الرجوع أصلا أحرم من موضعه (3)، وصحت
عمرته.
ولو نسي الاحرام ولم يتذكر إلا بعد إتمام جميع الواجبات
صحت عمرته (4)،

(1) لم أجد من نفى الخلاف عنه، بل في المسالك: وظاهر الفتاوى عدم وجوب العود لمن لم يتمكن من
نفس الميقات... [مسالك الأفهام 2: 221].
(2) مثل صحيح الحلبي المتقدم في هامش رقم 4، ص 111.
(3) وسائل الشيعة: ب 14 / المواقيت / 10.
(4) منها صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام... إلى أن يقول: فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من
مكانه... الحديث. [المصدر السابق: حديث 1].
(5) الدروس الشرعية 1: 350.
113

وكذا لو تركه جهلا بوجوبه (1)، أو أحرم من غير ما يحاذي الميقات
بزعم أنه المحاذي له (2)، ونحو ذلك.
ولو تركه عمدا وتعذر عليه التدارك من الميقات، فإن لم يكن
مريدا للنسك ولا أتى به، ولكن كان عازما على دخول مكة كان آثما
بتركه، ولا قضاء عليه مطلقا، على الأقوى (3).
أما إذا كان مريدا للنسك، فإن كان ما أراده هو العمرة المفردة
أجزأه الاحرام من أدنى الحل، وإن أثم بتجاوزه من الميقات بلا إحرام

(1) عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهما السلام، في رجل نسي أن يحرم أو جهل وقد شهد المناسك كلها
وطاف وسعى، قال: تجزيه نيته إذا كان قد نوى ذلك، فقد تم حجه وإن لم يهل... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 20 / المواقيت / 1].
(2) مستند الشيعة 2: 185 / جواهر الكلام 18: 134.
(3) السرائر الحاوي 1: 529.
(4) ففي أحدهما: عن أخيه عليه السلام قال: سألته عن رجل كان متمتعا خرج إلى عرفات وجهل أن يحرم - يوم
التروية - بالحج حتى رجع إلى بلده؟ قال: إذا قضى المناسك كلها فقد تم حجه.
[وسائل الشيعة: ب 20 / المواقيت / 2، 3].
(5) مسالك الأفهام 2: 222.
114

منه (1)، ولو كان مريدا للحج بطل وعليه قضاؤه على الأقوى (2)، لكن
الأحوط أن يحرم من موضعه (3)، ويتم حجه، نحو ما مر في الناسي، ثم
يقضيه في القابل وإن كان ندبا على الأحوط.
ويلحق من أحرم قبل ميقاته بتارك الاحرام مطلقا (4)، ولا يجزيه
المرور بالميقات (5) في غير ما يأتي من الصورتين.

(1) جواهر الكلام 18: 133 / كشف اللثام 1: 310.
(2) الحدائق الناضرة 14: 471 / كشف اللثام 1: 310.
(3) تقدم البحث وصحيح الحلبي في ص 111.
(4) جواهر اللام 18: 132.
(5) منها صحيح ابن أذينة قال: قال: أبو عبد الله عليه السلام - في حديث - ومن أحرم دون الوقت فلا إحرام له.
[وسائل الشيعة: ب 9 / المواقيت / 3].
115

الرابعة: لا يجوز دخول مكة (1)، ولا دخول حرمها (2)، ولا
التجاوز عن الميقات (3) - مع قصد الدخول إليها - إلا بإحرام صحيح
من حيث يسوغ الاحرام منه، على ما مر تفصيله.
نعم، لو كان ممن يتكرر دخوله إليها وخروجه منها كالحطاب،
والحشاش، وناقل الميرة، ونحو ذلك جاز أن يدخلها بلا إحرام (4) إذا

(1) وسائل الشيعة: ب 50 / الاحرام.
(2) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يدخل الحرم أحد إلا محرما؟ قال: لا، إلا مريض أو مبطون.
[المصدر السابق: حديث 1].
(3) مدارك الأحكام 7: 234.
(4) الجامع للشرائع: 176 / تذكرة الفقهاء 1: 322.
(5) مستند الشيعة 2: 320.
(6) قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام إن الحطابة والمجتلبة [المختلية خ ل] أتوا النبي صلى الله عليه وآله فسألوه فأذن لهم أن
يدخلوا حلالا. [وسائل الشيعة: ب 51 / الاحرام / 2].
116

كان رجوعه إليها في شهر خروجه عنها (1)، أما إذا رجع في شهر آخر

(1) كشف اللثام 1: 320.
(2) يأتي في التعليقة الآتية.
(3) وسائل الشيعة: ب 51 / الاحرام / 4.
(5) مثل صحيح حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قلت: فإن جهل فخرج إلى المدينة
أو إلى نحوها بغير إحرام ثم رجع إبان الحج، في أشهر الحج، يريد الحج فيدخلها محرما أو بغير
إحرام؟ قال: إن رجع في شهره دخل بغير إحرام، وإن دخل في غير الشهر دخل محرما... الحديث.
ونحوه موثق إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام. انظر: وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 6، 8].
(5) جواهر الكلام 18: 445.
117

لم يجز أن يدخلها إلا بإحرام (1)، بل لو كان رجوعه بعد مضي شهر من
تحلله من إحرامه السابق فالأحوط أن لا يدخلها إلا بإحرام (2)، وأحوط
من ذلك رعاية الفصل بالشهر بين الاحرامين (3)، فلو كان الرجوع بعد
مضي شهر من إحرامه السابق فالأحوط أن لا يدخلها إلا بإحرام.
والعبرة في الشهر هنا إما بمضي ثلاثين يوما، أو الشهر الهلالي
تاما كان أو ناقصا (4)، لو صادف ما ذكر من الخروج، أو الاحلال، أو
الاحرام لأوله.

(1) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتمتع يجيئ فيقضي متعته، ثم تبدو له الحاجة فيخرج إلى
المدينة، وإلى ذات عرق، أو إلى بعض المعادن؟ قال: يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي
تمتع فيه، لأن لكل شهر عمرة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 8].
(2) تقدم من الشارح قدس سره في تعليقة رقم 1، ص 117.
(3) قواعد الأحكام 1: 420.
(4) كشف اللثام 1: 320.
118

الخامسة: لو وصل الميقات من فرضه التمتع قبل هلال شوال لم
يجز له أن يعتمر عمرة التمتع (1)، فلو أراد دخول مكة لزمه الاحرام
لعمرة مفردة لنفسه، أو غيره، بتبرع، أو إجازة، أو غير ذلك.
وإن كان بعد هلال شوال ففي جواز إحرامه لعمرة مفردة تطوعا،
أو بقصد النيابة عن الغير تبرعا، أو بإجارة، ناويا للرجوع إلى الميقات،
والاحرام لعمرة تمتعه بعد ذلك، إشكال (2)، والأقوى عدم جوازه.
السادسة: كما لا يجوز لكل من يريد النسك، أو يريد دخول مكة
أن يتجاوز الميقات المعين له بلا إحرام منه، فكذا لا يجوز - أيضا - أن
يحرم قبل ميقاته (3)، إلا إذا نذر ذلك (4)، أو أراد العمرة في رجب

(1) تقدم في ص 66.
(2) وسائل الشيعة: ب 11 / المواقيت / 3، 5، 6.
119

وخشي أن يفوته الاحرام فيه لو أخره إلى الميقات،
فيجوز أن يقدمه
حينئذ لادراك إحرام العمرة في رجب (1)، ويجزي المرور بالميقات
محرما في كلتا الصورتين على الأقوى (2)، وإن كان الأحوط تجديد
التلبية (3).
السابعة: لا يجوز للمتمتع أن يعتمر بعمرة مفردة قبل أن يحل من
إحرامه لعمرة التمتع (4)، ويجوز بعد إحلاله منه، ومضي عشرة أيام

(1) منها صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لله عليه شكرا أن يحرم من الكوفة،
قال: فليحرم من الكوفة وليف لله بما قال. [وسائل الشيعة: ب 13 / المواقيت / 1].
(2) السرائر الحاوي 1: 526 / المعتبر: 343.
(3) المعتبر: 343 / منتهى المطلب 2: 669 / مسالك الأفهام 2: 220.
(4) أما الأول: فهو صحيح معاوية بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ليس ينبغي أن يحرم دون
الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله، إلا أن يخاف فوت الشهر في العمرة.
والثاني: صحيح صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يجيئ
معتمرا ينوي عمرة رجب.... إلى أن يقول: قال: يحرم قبل الوقت لرجب، فإن لرجب فضلا وهو الذي
نوى.
وواضح أن المطلق منهما هو الأول لا الثاني. انظر وسائل الشيعة: ب 12 / المواقيت / 1، 2.
120

على الأحوط (1)،
فيجوز له أن يخرج إلى أدنى الحل لاحرامها، وكذا
إلى غيرها مما هو دون المسافة (2)، أما إلى المسافة فالأحوط أن لا
يخرج إلا محرما بالحج (3) وإن طال وشق عليه ذلك.

(1) كما في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في كتاب علي عليه السلام: في كل شهر
عمرة. [وسائل الشيعة: ب 6 / العمرة / 1].
(2) المصدر السابق: حديث 2.
(3) في ص 463.
(4) يأتي بعضها في التعليقة الآتية.
(5) مثل صحيح أبي ولاد الحناط قال: قلت: لأبي عبد الله عليه السلام: إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن
أقيم بها عشرة أيام... إلى أن يقول: فقال: إن كنت دخلت المدينة وصليت بها فريضة واحدة بتمام
فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها.. الحديث. [وسائل الشيعة: ب 18 / صلاة المسافر / 1].
(6) مدارك الأحكام 7: 173.
(7) وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 1، 6، 2.
(8) وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 1، 6، 2.
(9) وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 1، 6، 2.
121

ويجوز ذلك قبل تحلله من إحرام عمرته (1)، بل لا يبعد جوازه
بعد التحلل - أيضا - إذا علم أنه لا يفوته الحج بذلك (2).

(1) السرائر الحاوي 1: 633 / المبسوط 1: 363 / المختصر النافع: 123 / تذكرة الفقهاء 1: 368.
(2) العروة الوثقى: مسألة 2 / شرائط حج التمتع.
(3) العروة الوثقى: مسألة 2 / شرائط حج التمتع.
(4) وفيه: قال الصادق عليه السلام: إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى بعض المواضع فليس له ذلك لأنه
مرتبط بالحج حتى يقضيه، إلا أن يعلم أنه لا يفوته الحج... الحديث.
[من لا يحضره الفقيه 2: 248 / وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 10].
(5) وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 7.
(6) العروة الوثقى: مسألة 2 / شرائط حج التمتع.
(7) السرائر الحاوي 1: 633 / المختصر النافع: 123 / تذكرة الفقهاء 1: 368.
(8) وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 7.
122

لكن الأحوط أن لا يرجع إلا محرما (1) من حيث يسوغ له
الاحرام منه، بعمرة ينوي بها ما هو المطلوب منه (2)، ويطوف طواف
النساء - أيضا - برجاء المطلوبية، بلا رعاية فصل الشهر (3)

(1) تقدم في هامش رقم 4، ص 122.
(2) وفيه: ولا يجاوز إلا على قدر ما لا تفوته عرفة. [وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 9].
(3) وفيه: ولا يجاوز الطائف وشبهها مخافة أن لا يدرك الحج. [المصدر السابق: حديث 12].
(4) وفيه: قلت: فإن جهل فخرج إلى المدينة أو إلى نحوها بغير إحرام، ثم رجع في إبان الحج، في أشهر
الحج، يريد الحج، فيدخلها محرما أو بغير إحرام؟ قال: إن رجع في شهره دخل بغير إحرام، وإن دخل
في غير الشهر دخل محرما. [وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 6].
(5) وفيه: قلت: فأي الاحرامين والمتعتين متعته، الأولى أو الأخيرة؟ قال: الأخيرة هي عمرته...
الحديث. [المصدر السابق].
(6) كشف اللثام 1: 282.
(7) الدروس الشرعية 1: 335.
(8) تقدم الأول في هامش رقم (4) وأما الثاني: فهو عن أبي الحسن عليه السلام - في حديث - قال: يرجع إلى
مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتع فيه. [وسائل الشيعة: ب 22 / أقسام الحج / 8].
123

وعدمه (1).
الثامنة: كل من أنشأ إحراما لنسك فلا يجوز له أن ينشئ إحراما
آخر إلا بعد تحلله من إحرامه السابق (2).
نعم، لو بقي عليه طواف النساء فلا يبعد جوازه قبل هذا
التحلل (3)، لكن الأولى، بل الأحوط أن يكمل تحلله عن إحرامه
السابق، ثم ينشئ إحراما آخر.
والله العالم بحقايق أحكامه.

(1) الحديث المتضمن لهذه العبارة هو صحيح حماد، كما هو واضح.
(2) شرائع الاسلام 1: 252 / الجامع للشرائع: 176 / قواعد الأحكام 1: 420.
(3) لم أجده نصا في المصدر، لكنه ربما يستفاد من مجموع كلامه، فراجع. منتهى المطلب 2: 685.
(4) كشف اللثام 1: 321.
(5) جواهر الكلام 18: 250.
(6) السرائر الحاوي 1: 617.
124

المقصد الثالث
في واجبات الاحرام
وهي ثلاثة:
الأول: لبس ثوبي الاحرام (1) بعد نزع ما يجب على المحرم
اجتنابه، يأتزر بأحدهما ويرتدي أو يتوشح بالآخر (2).

(1) منتهى المطلب 2: 681 / ذخيرة المعاد: 580 / جواهر الكلام 18: 232.
(2) تحرير الأحكام 1: 96.
(3) مستند الشيعة 2: 198.
(4) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: ثم استك واغتسل والبس
ثوبيك... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 15 / الاحرام / 6].
(5) الدروس الشرعية 1: 344.
(6) جواهر الكلام 18: 233.
(7) النظر: ص 89.
125

ويعتبر في الرداء أن يستر المنكبين، وفي الإزار أن يستر ما بين
السرة والركبة (1). وأن لا يكون خفيفا يحكي البشرة (2)، وهو
الأحوط في الرداء أيضا (3).
ويعتبر فيهما أن يكونا مما تصح الصلاة فيه للرجال (4)، فلا

(1) مسالك الأفهام 2: 236 / ذخيرة المعاد: 580 / مستند الشيعة 2: 198.
(2) رياض المسائل 1: 368.
(3) مدارك الأحكام 7: 274.
(4) الإحتجاج 2: 574 / وسائل الشيعة: ب 53 / تروك الاحرام / 3.
(5) الدروس الشرعية 1: 344 / ذخيرة المعاد: 581 / مستند الشيعة 2: 199.
(6) وسائل الشيعة: ب 27 / الاحرام / 1.
(7) مجمع الفائدة والبرهان 6: 216.
(8) الدروس الشرعية 1: 344 / مجمع الفائدة والبرهان 6: 216.
126

يجوز في المتنجس مما لا يعفى عنه (1)، ولا في المتخذ من صوف ما
لا يؤكل لحمه (2)، ولا في المغصوب، ولا المذهب، ولا الحرير (3)
حتى للنساء (4) على الأحوط (5)، بل الأحوط لهن اجتنابه

(1) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المحرم يصيب ثوبه الجنابة؟ قال:
لا يلبسه حتى يغسله، وإحرامه تام. [وسائل الشيعة: ب 37 / تروك الاحرام / 1].
(2) منها: حديث العيص بن القاسم - في صحيح - قال: قال أبو عبد الله عليه السلام المرأة المحرمة تلبس ما
شاءت من الثياب غير الحرير والقفازين... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 33 / الاحرام / 9].
(3) النهاية: 218 / تهذيب الأحكام 5: 73 / الدروس الشرعية 1: 344 / مستند الشيعة 2: 200.
127

مطلقا (1).
والأحوط أن لا يكونا من الجلود مطلقا (2)، وأن يكونا
منسوجين لا ملبدين.
ولو تنجسا فالأحوط المبادرة إلى تبديلهما أو تطهيرهما (3).
وكذا تطهير البدن - أيضا - لو تنجس (4).
وفي وجوب لبسهما على النساء إشكال أحوطه ذلك (5).

(1) كما في الحديث المروي عن نوادر البزنطي عن جميل أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام... إلى أن يقول: وعن
المرأة تلبس الحرير؟ قال: لا. [وسائل الشيعة: 33 / الاحرام / 8].
(2) جواهر الكلام 18: 239.
(3) تقدم من الشارح قدس سره في تعليقة رقم 1، ص 127.
(4) جواهر الكلام 18: 245.
(5) الحدائق الناضرة 15: 75.
128

والأحوط أن يقدم لبسهما على عقد الاحرام (1)، وينوي أنه
يلبسهما لاحرام عمرة التمتع إلى الحج امتثالا لأمره سبحانه، وأن
لا يعقد الإزار في عنقه (2)،

(1) منها ما رواه يونس بن بعقوب - في الموثق - قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحائض تريد الاحرام؟
قال: تغتسل وتستثفر وتحتشي بالكرسف، وتلبس ثوبا دون ثياب إحرامها... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 48 / الاحرام / 2].
(2) لعله يريد ما ورد في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان يوم التروية - إن شاء
الله - فاغتسل والبس ثوبيك... فأحرم بالحج... الحديث.
ونحوه ما ورد في حديث أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أردت أن تحرم يوم التروية... والبس
ثوبيك ثم ائت المسجد الحرام فصل فيه ست ركعات قبل أن تحرم... الحديث.
وما ورد في الحائض من أنها: تغتسل وتحتشي بكرسف وتلبس ثياب الاحرام وتحرم. انظر: وسائل
الشيعة: ب 52 / الاحرام / 1، 2 / و ب 48 / الاحرام / 3.
(3) جواهر الكلام 18: 239.
(4) وسائل الشيعة: ب 53 / تروك الاحرام / 1.
(5) تذكرة الفقهاء 1: 326 / الدروس الشرعية 1: 344.
129

بل مطلقا (1)، ولا يغرزه بإبرة ونحوها (2)، بل يغرزه بنفسه،
ويجوز
الزيادة على الثوبين في ابتداء الاحرام وبعده (3).

(1) عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: المحرم لا يصلح له أن يعقد إزاره على رقبته ولكن يثنيه على
عنقه ولا يعقده. [وسائل الشيعة: ب / 53 / تروك الاحرام / 5].
(2) الدروس الشرعية: 1: 344.
(3) جواهر الكلام 18: 238.
(4) وسائل الشيعة: ب 53 / تروك الاحرام / 2، 3.
(5) وسائل الشيعة: ب 53 / تروك الاحرام / 2، 3.
(6) المتقدم في التعليقة السابقة.
(7) وفيه: جائز أن يتزر الانسان كيف شاء، إذا لم يحدث في المئزر حدثا بمقراض ولا إبرة تخرجه به عن
حد المئزر... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 53 / تروك الاحرام / 3].
(8) منها: ما رواه الحلبي - في الصحيح - قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن المحرم يتردى بالثوبين؟
قال: نعم، وبالثلاثة إن شاء يتقي بها البرد والحر. [وسائل الشيعة: ب 30 /
الاحرام / 1].
130

الثاني: النية (1)، وهي القصد إلى إحرام عمرة التمتع لحجة
الاسلام امتثالا لأمره تعالى.
ولو كان نائبا قصد النيابة عن المنوب عنه، وكذا لو كان منذورا.
ولو تعدد ما في ذمته لزمه التعيين (2).
ولا يجب التعرض في النية لما عدا ذلك من وجوب أو ندب (3)،
ولا الاخطار وإن كان هو الأحوط، بل يستحب التلفظ هنا بالنية دون
سائر العبادات (4)،
ض

(1) جواهر الكلام 18: 199.
(2) منها: صحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج،
فكيف أقول؟ قال: تقول: اللهم إني أريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك، وإن شئت
أضمرت الذي تريد. [وسائل الشيعة: ب 17 / الاحرام / 1].
(3) وسائل الشيعة: ب 17 / الاحرام / 1، 5، 6.
131

وأن يشترط (1) في خلال النية (2)، أو في أثناء التلبية (3) أن يحله
حيث حبسه عن الاتمام.
ومعنى الاحرام هو توطين النفس على ترك المحرمات (4) الآتي

(1) وسائل الشيعة: ب 17 / الاحرام / 1، 5، 6.
(2) الحدائق الناضرة 15: 100.
(3) وسائل الشيعة: ب 16 / الاحرام / 1، 2 / و ب 23 / الاحرام.
(4) منها خبر أبي الصباح الكناني قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشترط في الحج، كيف يشترط؟
قال: يقول حين يريد أن يحرم... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 23 / الاحرام / 1].
(5) السنن الكبرى للبيهقي 5: 222.
(6) جامع المقاصد 3: 170.
(7) جواهر الكلام 18: 280.
(8) غاية المراد: 66.
132

تفصيلها (1). ولو لم يعلم بها تفصيلا، ولكن قصد إجمالا أن يترك ما
فصله في رسالته، أو يتعلمه من معلمه العارف بتفصيلها أجزأه ذلك،
وصح إحرامه.
الثالث: التلبية، وبها ينعقد إحرام الحج والعمرة كإحرام الصلاة
بالتكبيرة (2)، ولا ينعقد إحرام عمرة التمتع وحجه، ولا حج الافراد
وعمرته إلا بها (3).
أما القارن فقد تقدم أنه ينعقد إحرامه بها،
(2) منها صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل إذا تهيأ للاحرام فله أن يأتي النساء ما لم يعقد
التلبية أو يلب. [المصدر السابق: ب 14 / الاحرام / 8]. (3) منها الحديث المتقدم، ونحوه غيره. [انظر: المصدر السابق].
(4) وسائل الشيعة: ب 14 / الاحرام / 14. (*)

(1) منها صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أردت الاحرام والتمتع فقل: اللهم إني أريد ما
أمرت به من التمتع... أحرم لك شعري وبشري من النساء والطيب والثياب... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 16 / الاحرام / 2].
133

وبالاشعار (1) المختص بالبدن (2)، أو التقليد المشترك بينه وبين
سائر النعم أيضا،
واستحباب الجمع له (3).

(1) وسائل الشيعة: ب 12 / أقسام الحج / 11، 20.
(2) وسائل الشيعة: ب 12 / أقسام الحج / 11، 20.
(3) الإنتصار: 102 / السرائر الحاوي 1: 532.
(4) الجمل والعقود: 226 / الوسيلة: 158 / المهذب 1: 215.
(5) شرائع الاسلام 1: 246 / قواعد الأحكام 1: 419 / الدروس الشرعية 1: 349.
(6) ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: البدن تشعر في الجانب الأيمن... ثم يقلدها
بنعل.... الحديث. ونحوه غيره.
وفي صحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - ولكن إذا انتهى إلى الوقت فليحرم
ثم يشعرها ويقلدها... الحديث.
وفي موثق يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - فأشعرها من الجانب الأيمن من
سنامها... ثم انطلق حتى تأتي البيداء فلبه. [وسائل الشيعة: ب 12 / أقسام الحج / 4، 13، 2].
134

والذي يجب من التلبية هو الصيغ الأربع (1)، وصورتها أن يقول
مقارنا للنية (2): (لبيك اللهم لبيك - لبيك لا شريك لك لبيك - إن

(1) كشف اللثام 1: 315.
(2) جواهر الكلام 18: 226، 57.
(3) منتهى المطلب 2: 677.
(4) الإقتصاد: 477، وفيه: ثم يلبي فرضا واجبا فيقول: لبيك اللهم لبيك، إن الحمد والنعمة والملك لك
ليبك، لحجة وعمرة - أو حجة مفردة - تمامها عليك لبيك.
(5) المهذب البارع 2: 166، ونسبه إلى المرتضى قدس سره.
(6) وسائل الشيعة: ب 40 / الاحرام.
(7) منها صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صل المكتوبة ثم أحرم بالحج أو بالمتعة،
وأخرج بغير تلبية حتى تصعد إلى أول البيداء إلى أول ميل عن يسارك... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 34 / الاحرام / 6].
135

الحمد والنعمة لك والملك - لا شريك لك لبيك) (1) بكسر همزة

(1) ففي صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن كنت ماشيا فاجهر بإهلالك وتلبيتك من
المسجد، وإن كنت راكبا فإذا علت بك راحلتك البيداء. [المصدر السابق: حديث 1].
(2) شرائع الاسلام 1: 246 / منتهى المطلب 2: 677.
(3) وسائل الشيعة: ب 40 / الاحرام / 2.
(4) النهاية: 215.
(5) وسائل الشيعة: ب 36 / الاحرام / 6.
(6) وفيه: تقول: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك بحجة تمامها
عليك. [وسائل الشيعة: ب 40 / الاحرام / 3].
136

(إن) (1) وبسكون اللام وفتح كاف (الملك).
والأولى، بل الأحوط أن يضيف إليها خامسة، فيقول: (بحجة
وعمرة تمامها عليك لبيك) (2).
والأفضل أن يقول بعد ذلك (3): (لبيك ذا المعارج لبيك -
لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك - لبيك غفار الذنوب لبيك - لبيك

(1) وسائل الشيعة: ب 40 / الاحرام / 3.
(2) الكافي في الفقه: 193 / المبسوط 1: 315 / المهذب 1: 215 / السرائر الحاوي 1: 536.
(3) مدارك الأحكام 7: 270 / جواهر الكلام 18: 231.
(4) الإقتصاد: 477.
137

أهل التلبية لبيك - لبيك ذا الجلال والاكرام لبيك - لبيك تبدئ
والمعاد إليك لبيك - لبيك تستغني ويفتقر إليك لبيك - لبيك مرهوبا
ومرغوبا إليك لبيك - لبيك إله الحق (الخلق خ. ل) لبيك - لبيك ذا
النعماء والفضل الحسن الجميل لبيك - لبيك كشاف الكرب العظام
لبيك - لبيك عبدك وابن عبديك لبيك - لبيك يا كريم لبيك).
وليجتهد أن يكون بحضور قلبه مجيبا لدعوة ربه.
ويستحب أن يقول:
(لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد لبيك - لبيك بحجة أو
عمرة لبيك - لبيك وهذه عمرة متعة إلى الحج لبيك - لبيك أهل
التلبية لبيك - لبيك تلبية تمامها وبلاغها عليك).
ويجب الاهتمام بصحتها وتحسينها، ولو لم يحسنها يجب أن
يتعلمها، أو يتلقنها (1).
ولو لم يتمكن من التلفظ بها صحيحة أتى بما يمكنه منها (2)
وبترجمتها، ثم يستنيب من يقولها عنه على الأحوط (3).

(1) وسائل الشيعة: ب 40 / الاحرام / 2.
(2) المصدر السابق: ب 39 / الاحرام / 2.
138

ولو نسي التلبية في محلها وتذكر بعد أن تجاوز الميقات فإن
أمكنه الرجوع والتدارك لزمه (1) وإلا أتى بها عند تذكره (2). ولا
كفارة عليه لما فعله من منافيات الاحرام (3).

(1) منها صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يقع على أهله بعدما عقد
الاحرام ولم يلب؟ قال: ليس عليه شئ. [وسائل الشيعة: ب 14 / الاحرام / 3].
139

المقصد الرابع
في تروك الاحرام
وهي أمور:
الأول: صيد الحيوان البري (1)، وذبحه (2)، وأكله (3)،
وإمساكه، والإعانة عليه بدلالة أو إشارة، أو الاغلاق عليه (4)،

(1) يشير إلى قوله تعالى: (حرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) المائدة: 97.
ومن السنة صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: واجتنب في احرامك الصيد كله... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 1 / تروك الاحرام / 5].
(2) يشير إلى قوله تعالى: (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) المائدة: 96.
ونحو صحيح البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام - في حديث - قلت: فإنه أخذ طائرا متعمدا فذبحه
وهو محرم؟ قال: عليه الكفارة. [وسائل الشيعة: ب 31 / كفارات الصيد / 2].
(3) وهو صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تأكل شيئا من الصيد وأنت محرم، وإن
صاده حلال. [المصدر السابق: ب 2 / تروك الاحرام / 2].
(4) المصدر السابق: ب 1 / تروك الاحرام / 1.
(5) المصدر السابق: ب 1 / تروك الاحرام.
141

وغير ذلك،
عدا السباع لو أرادته (1)، أو سباع الطير لو آذت حمام
الحرم.
ولو صاده أو ذبحه كان ميتة يحرم على كل أحد أكله (2)،
والصلاة في جلده على الأحوط (3).

(1) منتهى المطلب 2: 800.
(2) وسائل الشيعة: ب 81 / تروك الاحرام / 1.
(3) المصدر السابق: حديث 9.
(4) جواهر الفقه: 46 / منتهى المطلب 2: 803.
(5) ففي الأول... عن علي عليه السلام قال: إذا ذبح المحرم الصيد لم يأكله الحلال والحرام وهو كالميتة، وإذا
ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام. ونحوه خبر إسحاق.
[انظر: وسائل الشيعة: ب 10 / تروك الاحرام / 4، 5].
(6) منها: صحيح معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أصاب صيدا وهو محرم، أيأكل
منه الحلال؟ فقال: لا بأس، إنما الفداء على المحرم. [المصدر السابق: ب 3 / تروك الاحرام / 5].
(7) مدارك الأحكام 7: 306.
142

ولا بأس بالبحري (1) وهو الذي يبيض ويفرخ في الماء (2)، ولا
بالأهلي وإن توحش (3). وفرخ كل واحد منها، وبيضه تابع لأصله (4)،
والجراد من البري (5).

(1) يشير إلى قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه...) [المائدة: 96].
والسنة بذلك مستفيضة. انظر: وسائل الشيعة: ب 6 / تروك الاحرام.
(2) جواهر الكلام 18: 297.
(3) عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: وفصل ما بينهما كل طير يكون في الآجام يبيض
في البر ويفرخ في البر فهو من صيد البر، وما كان من صيد البر يكون في البر ويبيض في البحر فهو
من صيد البحر. [وسائل الشيعة: ب 6 / تروك الاحرام / 3].
(4) جواهر الكلام 20: 174.
(5) وسائل الشيعة: ب 82 / تروك الاحرام.
(6) جواهر الكلام 18: 293.
(7) كما في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أصاب بيض نعام وهو محرم فعليه أن يرسل
الفحل في مثل عدد البيض من الإبل... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 23 / كفارات الاحرام / 1].
(8) منتهى المطلب 2: 801 / تذكرة الفقهاء 1 / 330.
143

ولو تردد حيوان بينهما لحقه حكم البري، على الأحوط (1).
الثاني: النساء وطيا (2)، وتقبيلا (3)،

(1) وسائل الشيعة: ب 7 / تروك الاحرام / 1.
(2) أما الكتاب فهو قوله تعالى: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق...) [البقرة: 197].
وأما السنة، فمنها: صحيح علي بن جعفر قال: سألت أخي موسى عليه السلام عن الرفث والفسوق والجدال ما
هو؟ وما على من فعله؟ فقال: الرفث جماع النساء... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 32 / تروك الاحرام / 4].
(3) منها: ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قلت: فإن قبل؟ قال: هذا
أشد ينحر بدنة. [المصدر السابق: ب 18 / كفارات الاستمتاع / 1].
144

ولمسا (1)،
ونظرا بشهوة (2).

(1) منها: صحيح مسمع قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا سيار إن حال المحرم ضيقه، فمن قبل امرأته
على غير شهوة هو محرم فعليه دم شاة... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 18 / كفارات الاستمتاع / 3].
(2) كما في خبر الحسين بن حماد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يقبل أمه؟ قال: لا بأس، هذه
قبلة رحمة، إنما تكره قبلة الشهوة. [المصدر السابق: حديث 5].
(3) ذخيرة المعاد: 590 / رياض المسائل / 1: 374.
(4) كما في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على
امرأته؟ قال: نعم، يصلح عليها خمارها، ويصلح عليها ثوبها ومحملها، قلت: أفيمسها وهي محرمة؟
قال: نعم... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 17 / كفارات الاستمتاع / 2].
(5) كما في صحيح مسمع قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: - في حديث - ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة
فأمنى فعليه جزور.
وصحيح زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل؟ قال: عليه جزور أو
بقرة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 17 / كفارات الاستمتاع / 3 و ب 16 / حديث: 1].
(6) وهما موثق إسحاق، وحسن معاوية بن عمار. [المصدر السابق: ب 17 / حديث: 7، 1].
(7) من لا يحضره الفقيه 2: 220.
145

الثالث: عقد النكاح (1)، والشهادة عليه (2).
ولا فرق في العقد بين أقسامه (3)، حتى المنقطع، والفضولي.
ولا في الشهادة عليه بين أدائها (4)، والتحمل، بل الأحوط اجتناب
التحليل أيضا (5)، وقبوله.
أما الرجوع إلى المطلقة فلا بأس به (6). وكذا ابتياع الأمة (7)

(1) وسائل الشيعة: ب 14 / تروك الاحرام.
(2) الخلاف 2: 317.
(3) وهما: مرسل ابن أبي شجرة عن أبي عبد الله عليه السلام في المحرم يشهد على نكاح محلين؟ قال: لا
يشهد.
ونحوه مرسل الحسن بن علي عن أبي عبد الله عليه السلام. [وسائل الشيعة: ب 14 / تروك الاحرام / 5، 7].
(4) كما في صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس للمحرم أن يتزوج ولا
يزوج... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 14 / تروك الاحرام / 1].
(5) قواعد الأحكام / جواهر الكلام 18: 301.
(6) وهو ما رواه سعد بن سعد الأشعري - في الصحيح - عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن
المحرم يشتري الجواري ويبيعها؟ قال: نعم. [وسائل الشيعة: ب 16 / تروك الاحرام / 1].
146

ولو للاستمتاع (1)، إلا إذا قصد الاستمتاع حال الاحرام. فالأحوط
تركه (2)، وكذا ترك الخطبة أيضا (3).
الرابع: الاستمناء مطلقا (4).
الخامس: الطيب بأقسامه (5)،

(1) مسالك الأفهام 2: 252 / مدارك الأحكام 7: 318.
(2) وفيه: المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب... الحديث. [فروع الكافي 4: 372].
(3) وسائل الشيعة: ب 14 / تروك الاحرام.
(5) وهو صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله - وهو
محرم - حتى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان، ماذا عليهما؟ قال: عليهما جميعا
الكفارة مثل ما على الذي يجامع. وموثق إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت: ما تقول في
محرم عبث بذكره فأمني؟ قال: أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم، بدنة، والحج من
قابل. [وسائل الشيعة: ب 14 / كفارات الاستمتاع / 1 و ب 15 / منه / 1].
(5) منها: ما رواه معاوية بن عمار - في الصحيح - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تمس شيئا من الطيب ولا
من الدهن في إحرامك، واتق الطيب في طعامك، وامسك على أنفك من الرائحة الطيبة، ولا تمسك
عليه من الرائحة المنتنة، فإنه لا ينبغي للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة.
[وسائل الشيعة: ب 18 / تروك الاحرام / 5].
147

وأنحاء استعمالاته (1)، وكذا أكل ما فيه الطيب (2)، أو لبسه مع بقاء

(1) المقنع: 73 / تهذيب الأحكام 5: 299 / الجامع: 183.
(2) ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - في حديث - وإنما يحرم عليك من الطيب
أربعة أشياء: المسك والعنبر والورس والزعفران، غير أنه يكره للمحرم الأدهان الطيبة... الحديث.
ونحوه خبر عبد الغفار. [وسائل الشيعة: ب 18 / تروك الاحرام / 8، 16].
(3) المصدر السابق: حديث 15.
(4) النهاية: 219 / الوسيلة: 162.
(5) كما في صحيح عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يموت كيف يصنع به؟
فحدثني: أن عبد الرحمن بن الحسن بن علي مات بالأبواء مع الحسين بن علي وهو محرم... إلى أن
يقول: فصنع به كما يصنع بالميت، وغطى وجهه ولم يمسه طيبا.
[وسائل الشيعة: ب 13 / غسل الميت / 3].
(6) الجمل والعقود: 228 / المهذب 1: 220.
(7) ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - في حديث - واتق الطيب في
زادك... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 18 / تروك الاحرام / 8].
148

أثره فيه (1).
ولو اضطر إلى ذلك سد أنفه (2)، وكذا لو اشتراه (3)، أو جلس
عند متطيب، ونحو ذلك. حتى بين الصفا والمروة أيضا إذا جاء ريح
الطيب من سوق العطارين، على الأحوط (4).
نعم، لا بأس بأكل التفاح، والسفرجل، ونحوهما مما له رائحة
طيبة (5)، لكن الأولى أن لا يستشمها.

(1) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني جعلت ثوبي إحرامي مع أثواب قد جمرت فأجد من ريحها، قال:
فانشرها في الريح حتى يذهب ريحها. [المصدر السابق: حديث 4].
(2) المصدر السابق: حديث 5.
(3) قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام كشف بين يديه طيب لينظر إليه وهو محرم، فأمسك بيده على أنفه بثوبه
من رائحته. [المصدر السابق: حديث 1].
(4) وسائل الشيعة: ب 20 / تروك الاحرام / 1.
(5) منتهى المطلب 2: 784.
149

والأحوط أن لا يسد أنفه عن الرائحة الكريهة. بل لا يخلو عن
قوة (1). وتقدم أن الأحوط عدم شم الرياحين.
السادس: لبس المخيط (2)، وما بحكمه من الملبد أو المنسوج

(1) وسائل الشيعة: ب 26 / تروك الاحرام / 2.
(2) قال: سألت ابن أبي عمير عن التفاح والأترج والنبق وما طاب ريحه؟ قال: تمسك عن شمه وتأكله.
وزاد الصدوق: ولم يرو فيه شيئا.
[فروع الكافي 4: 356 / من لا يحضره الفقيه 2: 225 / وسائل الشيعة: ب 26 / تروك الاحرام / 1].
(3) لم أجده في الغنية ولعل النسخة التي بين أيدينا ناقصة.
(4) منها صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المحرم إذا مر على جيفة فلا يمسك على أنفه.
[وسائل الشيعة: ب 24 / تروك الاحرام / 3].
(5) منتهى المطلب 2: 681 / تذكرة الفقهاء 1: 332.
(6) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تلبس ثوبا له أزرار وأنت محرم، إلا أن
تنكسه، ولا ثوبا تدرعه، ولا سراويل إلا أن لا يكون لك أزار، ولا خفين إلا أن لا يكون لك نعلين.
[وسائل الشيعة: ب 35 / تروك الاحرام / 1].
150

بهيئة الجبة، والقلنسوة، والقباء، والسراويل، وغير ذلك (1).
ولو لم يكن بصورة شئ ولكن كان ملبدا أو ملصقا بعضه ببعض
بلا خياطة فالأحوط اجتنابه (2).
ولا بأس بلبس المنطقة والهميان (3) التي فيها نفقته،
يشدها على بطنه أو في ظهره، والأولى أن يشده

(1) وسائل الشيعة: ب 36 / تروك الاحرام / 2، 3.
(2) وسائل الشيعة: ب 36 / تروك الاحرام / 2، 3.
(3) مدارك الأحكام: 7: 330.
(4) تذكرة الفقهاء 1: 332، 333.
(5) تذكرة الفقهاء 1: 332، 333.
(6) منها: صحيح يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يصر الدراهم في ثوبه؟ قال:
نعم، ويلبس المنطقة والهميان. [وسائل الشيعة: ب 47 / تروك الاحرام / 1].
151

بلا عقد (1)، وإن كان الأقوى جواز عقده (2)، كما أن الأقوى جواز ما
يشد لمنع نزول الريح في الأنثيين (3)، ويسمى بالفارسية: (فتق بند)،
وإن كان الأحوط الاقتصار فيه على الضرورة، والفداء بشاة معها كما في
سائر موارد الاضطرار إلى لبس المخيط.
هذا كله في الرجال، أما النساء فيجوز لهن لبس المخيط
مطلقا (4) عدا القفازين (5).

(1) منتهى المطلب 2: 783.
(2) جواهر الكلام 18: 337.
(3) السرائر الحاوي 1: 544 / تذكرة الفقهاء 1: 333 / التنقيح الرائع 1: 469.
(4) انظر: وسائل الشيعة: ب 33 / الاحرام.
(5) منها: صحيح العيص بن القاسم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب
غير الحرير والقفازين... الحديث. [المصدر السابق: حديث 9].
(6) الخلاف 2: 294 / الغنية: 513.
152

السابع: الاكتحال، وإن لم يقصد به الزينة على الأقوى (1).
الثامن: النظر في المرآة ولو لم يكن للزينة (2)، ولو نظر

(1) المقنعة: 432 / المراسم: 106 / السرائر الحاوي 1: 546.
(2) منها: صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تكتحل المرأة المحرمة بالسواد، إن السواد زينة.
[وسائل الشيعة: ب 33 / تروك الاحرام / 4].
(3) الحديث السابق.
(4) وفيه: وتكتحل المرأة المحرمة بالكحل كله إلا كحل أسود لزينة. [المصدر السابق: حديث 13].
(5) إذ ورد فيه: لا بأس أن يكتحل وهو محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه، فأما للزينة فلا.
[المصدر السابق: حديث 1].
(6) الخلاف 2: 313 / الغنية: 515 / المختصر النافع: 109.
(7) كما في صحيح حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تنظر في المرآة وأنت محرم فإنه من
الزينة. [وسائل الشيعة: ب 34 / تروك الاحرام / 1].
(8) وفيه: لا ينظر المحرم في المرآة لزينة... الحديث. [المصدر السابق: حديث 4].
(9) الجمل والعقود: 229 / الوسيلة: 164 / المهذب 1: 221 / المختصر النافع: 109.
153

استحب له التلبية (1). ولا بأس بالنظر في ما عدا المرآة مما يحكي
الوجه، كالماء الصافي (2) ونحوه، ولا بالمنظرة، ولو مع عدم الضرورة
على الأقوى (3).
التاسع: لبس الخف، والجورب، والشمشك (4)، ونحوها مما
يغطي ظهر القدم (5).

(1) وفيه: فإن نظر فليلب. [وسائل الشيعة: ب 34 / تروك الاحرام / 4].
(2) جواهر الكلام 18: 349.
(3) جواهر الكلام 18: 350.
(4) الأول: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - في حديث - ولا خفين إلا أن لا يكون لك
نعلان.
والثاني: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وأي محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن
يلبس الخفين إذا اضطر إلى ذلك، والجوربين يلبسهما إذا اضطر إلى لبسهما.
[وسائل الشيعة: ب 51 / تروك الاحرام / 1، 2].
154

ولو كان ساترا لبعضه أزيد مما يستره شراك النعل العربي
جاز لبسه على الأقوى (1) وإن كان الأحوط تركه.
ولو لم يجد النعل العربي (2) واحتاج إلى لبس الخف جاز (3)

(1) كما في حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل؟
قال: نعم، لكن يشق ظهر القدم. [المصدر السابق: حديث 5].
(2) كشف اللثام 1: 330 / جواهر الكلام 18: 350.
(3) الروضة البهية 2: 244.
(4) كأنه يريد النصوص المتقدمة المصرحة باشتراط جواز لبس الخفين بعدم النعلين، وإلا فلم أظفر بنص
في خصوص المورد.
(5) منها صحيحا معاوية بن عمار والحلبي المتقدمان.
155

بلا فداء (1)، ويشق ظهره على الأحوط (2).
العاشر: الفسوق (3)، وهو الكذب (4) خصوصا إذا كان على الله
سبحانه، ورسوله والأئمة عليهم السلام، والسباب والمفاخرة، والأحوط إلحاق

(1) المبسوط 1: 320 / مختلف الشيعة: 270 / الدروس الشرعية 1: 376 / مسالك الأفهام 2: 257.
(2) الأول: عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل هلكت نعلاه ولم يقدر على نعلين؟ قال: له أن يلبس الخفين إن
اضطر إلى ذلك فيشق عن ظهر القدم.
ونحوه خبر محمد بن مسلم. [وسائل الشيعة: ب 51 / تروك الاحرام / 3، 5].
(3) شرائع الاسلام 1: 225.
(4) السرائر الحاوي 1: 543.
(5) يشير إلى قوله تعالى: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) [البقرة: 197].
(6) النهاية: 219 / الكافي في الفقه: 203 / السرائر الحاوي 1: 545 / شرائع الاسلام 1: 225.
(7) وفيه: وأما الفسوق فهو الكذب... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 32 / تروك الاحرام / 8].
(8) جمل العلم والعمل: 65 / مختلف الشيعة: 270 / الدروس الشرعية 1: 387.
(9) وفيه: والفسوق الكذب والسباب... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 32 / تروك الاحرام / 1].
(10) المصدر السابق: حديث 3.
156

البذاء، واللفظ القبيح (1)، بل جميع الكبائر بالثلاثة المذكورة، فتكون
حرمة الجميع مؤكدة في حق المحرم (2) وإن لم يفسد إحرامه
بارتكابها (3)،

(1) الجمل والعقود: 229.
(2) الغنية 513 / المهذب 1: 221.
(3) التبيان 2: 164.
(4) مختلف الشيعة: 270.
(5) كما ورد في صحيح معاوية بن عمار، قال أبو عبد الله عليه السلام: من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام
قبيح.
وقوله عليه السلام - في الصحيح - فإن تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلا من خير.
[وسائل الشيعة: ب 32 / تروك الاحرام / 5، 1].
(6) جواهر الكلام 18: 359.
(7) منها صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: قلت: أرأيت من ابتلي بالفسوق ما
عليه؟ قال: لم يجعل الله له حدا، يستغفر الله ويلبي.
[وسائل الشيعة: ب 2 / بقية كفارات الاحرام / 2].
(8) المقنعة: 432.
157

ولم تلزمه كفارة (1) سوى الاستغفار (2).
الحادية عشر: الجدال (3)، وهو قول: (لا والله) أو (بلى والله) (4)
ولو مع عدم الخصومة على الأحوط (5).
نعم، لو كان إظهارا للمودة والاكرام لم يكن من الجدال (6).

(1) وسائل الشيعة: ب 32 / تروك الاحرام / 6.
(2) وهو صحيح الحلبي المتقدم.
(3) منها: صحيح معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام - في حديث - وإنما الجدال قول الرجل: لا
والله وبلى والله. [وسائل الشيعة: ب 1 / بقية كفارات الاحرام / 3].
(4) قال: سألته عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه: والله لا تعمله، فيقول: والله لأعملنه،
فيحالفه مرارا، يلزمه ما يلزم الجدال؟ قال: لا، إنما أراد بهذا إكرام أخيه، إنما كان ذلك ما كان لله
عز وجل فيه معصية. [وسائل الشيعة: ب 32 / تروك الاحرام / 7].
158

والأحوط إلحاق مطلق اليمين بهما (1).
ولو اضطر لاثبات حق أو دفع باطل إلى أحدهما فالظاهر
جوازه (2).

(1) الدروس الشرعية 1: 386.
(2) كما في صحيح معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن الرجل إذا حلف بثلاثة أيمان في مقام
ولاء - وهو محرم - فقد جادل، وعليه حد الجدال دم يهريقه ويتصدق به.
[وسائل الشيعة: ب 1 / بقية كفارات الاحرام / 5].
(3) وفيه: قال أبو عبد الله عليه السلام: - في حديث - والجدال قول الرجل لا والله، وبلى والله، واعلم أن الرجل
إذا حلف بثلاثة أيمان ولاء في مقام واحد - وهو محرم - فقد جادل، فعليه دم يهريقه ويتصدق به، وإذا
حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به، قال: وسألته عن الرجل يقول: لا
لعمري، وبلى لعمري؟ فقال: ليس هذا من الجدال، وإنما الجدال قول الرجل: لا والله، وبلى والله.
[المصدر السابق: حديث 3].
(4) كما في الحديث السابق.
(5) الدروس الشرعية 1: 387.
(6) مختلف الشيعة: 271.
(7) تقدم في هامش رقم 4 من الصفحة السابقة.
159

الثاني عشر: قتل ما يتكون من جسده من الهوام كالقمل
ونحوه (1) مباشرة أو تسبيبا (2).
وكذا إلقاؤه (3)، أو نقله إلى محل آخر معرض

(1) وسائل الشيعة: ب 78 / تروك الاحرام / 4، 1.
(2) وسائل الشيعة: ب 78 / تروك الاحرام / 4، 1.
(3) كما ورد في خبر زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بقتل البرغوث والقملة والبقة في الحرم.
[وسائل الشيعة: ب 79 / تروك الاحرام / 2].
(4) كما ورد في حديث زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن المحرم يقتل البقطة والبرغوث إذا أراده؟
قال: نعم.
وفي نسخة السرائر: (إذا آذاه). [فروع الكافي 4: 364 / السرائر الحاوي 3: 559].
(5) وسائل الشيعة: ب 15 / بقية كفارات الاحرام / 3.
(6) المصدر السابق: ب 78 / تروك الاحرام / 5.
160

لسقوطه (1)، دون ما لا يتكون منه كالحلمة (2) مثلا، ولكن لا يجوز
إلقاؤها عن البعير على الأقوى (3).
وفي البق والبرغوث يقوى الجواز للدفع عنه (4)، ولكن
الاجتناب خصوصا في الحرم أحوط (5).

(1) وسائل الشيعة: ب 78 / تروك الاحرام / 6.
(2) جواهر الكلام 18: 369.
(3) جواهر الكلام 18: 369.
(4) وسائل الشيعة: ب 79 / تروك الاحرام / 1.
(5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن القراد ليس من البعير، والحلمة من البعير بمنزلة القملة من جسدك، فلا
تلقها وألق القراد. [فروع الكافي 4: 364 / وسائل الشيعة: ب 80 / تروك الاحرام / 2].
(6) جواهر الكلام 18: 369.
(7) وسائل الشيعة: ب 78 / تروك الاحرام / 7 / فروع الكافي 4: 364.
(8) وفيه: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بقتل البرغوث والقملة والبقة في الحرم.
[وسائل الشيعة: ب 79 / تروك الاحرام / 2].
161

الثالث عشر: التختم للزينة (1)، ولا بأس به للسنة، وتفترقان
بالنية (2).
والأولى بل الأحوط اجتناب المحرم عن مطلق التزين (3)، بل
عن كل ما ينافي كونه أشعث أغبر (4).
وكذا يحرم على المرأة - أيضا - لبس الحلي للزينة (5).

(1) وسائل الشيعة: ب 46 / تروك الاحرام / 4.
(2) المصدر السابق: حديث 1.
(3) تقدم في الأمر السابع من تروك الاحرام.
(4) سنن البيهقي 5: 58.
(5) وسائل الشيعة: ب 49 / تروك الاحرام / 4، 6.
(6) وسائل الشيعة: ب 49 / تروك الاحرام / 4، 6.
(7) المصدر السابق: حديث 3.
162

نعم لا بأس ببقاء ما اعتادته قبل الاحرام (1)، لكن لا تظهرها
لزوجها ولسائر محارمها (2) إلا للضرورة على الأحوط.
بل الأحوط ترك الادهان مطلقا (3)، إلا لضرورة كتشقق الجلد
ونحوه (4).

(1) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة يكون عليها الحلي والخلخال والمسكة والقرطان من الذهب
والورق تحرم فيه وهو عليها، وقد كانت تلبسه في بيتها قبل حجها، أتنزعه إذا أحرمت أو تتركه على
حاله؟ قال: تحرم فيه وتلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها ومسيرها.
[المصدر السابق: ب 49 / تروك الاحرام / 1].
(2) وهو صحيح ابن الحجاج المتقدم.
(3) عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن المرأة المحرمة أي شئ تلبس من الثياب؟ قال: تلبس الثياب
كلها إلا المصبوغة بالزعفران والورس، ولا تلبس القفازين، ولا حليا تتزين به لزوجها... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 49 / تروك الاحرام / 3].
(4) وسائل الشيعة: ب 29 / تروك الاحرام / 1.
(5) المقنعة: 432 / الكافي في الفقه: 203 / المراسم: 106.
(6) عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن محرم تشققت يداه، قال: فقال: يدهنها بزيت أو سمن أو إهالة.
[وسائل الشيعة: ب 31 / تروك الاحرام / 2].
163

الرابع عشر: إزالة الشعر مطلقا (1) ولو بعض الشعرة، إلا لضرورة
من قمل أو قروح أو صداع ونحو ذلك فيجوز (2)، ويلزمه الفدية (3).

(1) يشير إلى قوله تعالى: (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا
أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك...) [البقرة: 196].
(2) يشير بذلك إلى ما ورد في الأبواب المتفرقة وبالألفاظ مختلفة من نهي المحرم عن إزالة شعره أو
قطعه عمدا. انظر: وسائل الشيعة: ب 62 / تروك الاحرام / 5، 11 / و ب 73 / منه / 1 / و ب 73 / منه / 2 /
و ب 10 / بقية كفارات الاحرام / 1، 3، 6 / و ب 11 / منه / 1، 2 وغيرها.
(3) منها: ما رواه حريز - في الصحيح - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله على كعب بن عجرة
الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه وهو محرم، فقال: أتؤذيك هوامك؟ فقال: نعم، قال: فأنزلت هذه
الآية (فمن كان منكم مريضا...) الآية فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله بحلق رأسه... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 14 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(4) البقرة: 196.
(5) كما في ذيل صحيح حريز المتقدم إذ ورد فيه: فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله بحلق رأسه وجعل عليه الصيام
ثلاثة أيام، والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان، والنسك شاة... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 14 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(6) منتهى المطلب: 793 / الدروس الشرعية 1: 383.
164

بل تحرم إزالته عن الغير (1) - أيضا - وإن كان محلا (2)، لكنه لا
فدية فيه (3).
ولا بأس بالحك ما لم يعلم سقوط الشعر به (4)، ولا بما يسقط
عند الوضوء أو الغسل (5)، إذا لم يخرج التخليل عما هو
المتعارف فيه، ولم يكن مظنة للسقوط، وإلا ففيه إشكال (6)،
والأحوط الفداء.
الخامس عشر: تغطية الرجل رأسه (7)، وهو منابت الشعر

(1) منتهى المطلب: 794 / مدارك الأحكام 7: 353، وقال في المدارك: لا يجوز للمحرم حلق رأس
المحرم إجماعا، وفي جواز حلق رأس المحل قولان...
(2) وسائل الشيعة: ب 63 / تروك الاحرام / 2.
(3) قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يريد إسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة أو
الشعرتان؟ فقال: ليس بشئ، ما جعل عليكم في الدين من حرج.
[وسائل الشيعة: ب 16 / بقية كفارات الاحرام / 6].
(4) منتهى المطلب 2: 789 / تذكرة الفقهاء 1: 336 / جواهر الكلام 18: 382.
(5) منها: صحيح حريز قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن محرم غطى رأسه ناسيا، قال: يلقي القناع عن رأسه
ويلبي، ولا شئ عليه. [وسائل الشيعة: ب 55 / تروك الاحرام / 3].
165

والأذنان (1) كلا أو بعضا، بكل ساتر ملاصق له حتى الطين والحناء (2)،

(1) ففيه: عن أحدهما عليهما السلام في المحرم، قال: له أن يغطي رأسه ووجهه إذا أراد أن ينام.
[وسائل الشيعة: ب 56 / تروك الاحرام / 2].
(2) تذكرة الفقهاء 1: 336 / الدروس الشرعية 1: 379.
(3) المبسوط 1: 351 / منتهى المطلب 2: 790.
(4) وسائل الشيعة: ب 67 / تروك الاحرام / 3.
(5) أما الأول: فهو صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المحرم يجد البرد في
أذنيه يغطيهما؟ قال: لا.
وأما الثاني: فكأنه يريد به حديث سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن المحرم يصيب أذنه
الريح فيخاف أن يمرض، هل يصلح له أن يسد أذنيه بالقطن؟ قال: نعم، لا بأس بذلك إذا خاف ذلك،
وإلا فلا.
لكن هذا الحديث ضعيف لتضمن سنده أكثر من مجهول واحد. انظر: وسائل الشيعة: ب 55 / تروك
الاحرام / 1 و ب 70 / منه / 8.
(6) لم أجد التردد في التحرير، بل ظاهره الجزم بحرمة تغطيتها. نعم، هو ظاهر التذكرة. أنظر: تحرير الأحكام 1: 114 / تذكرة الفقهاء 1: 337.
166

أو الرمس في مايع، أو حمل شئ عليه (1)، ونحو ذلك.
وتغطية المرأة وجهها (2) كلا أو بعضا - ولو عند النوم (3) -

(1) مدارك الأحكام 7: 354 / ذخيرة المعاد: 599.
(2) كما في صحيح محمد بن مسلم أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا
استسقى؟ فقال: نعم. [وسائل الشيعة: ب 57 / تروك الاحرام / 1].
(3) منها: ما رواه عبد الله بن سنان - في الصحيح - عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول: لا تمس
الريحان وأنت محرم - إلى أن قال: - ولا ترتمس في ماء تدخل فيه رأسك.
[المصدر السابق: ب 58 / تروك الاحرام / 1].
(4) منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مر أبو جعفر عليه السلام بامرأة متنقبة وهي محرمة، فقال:
أحرمي، وأسفري، وأرخي ثوبك من فوق رأسك، فإنك إن تنقبت لم يتغير لونك...
[المصدر السابق: ب 48 / تروك الاحرام / 3].
(5) المصدر السابق: ب 59 / تروك الاحرام / 1.
167

بنقاب أو غيره، وتتستر بإسدال قناع (1) ونحوه مع التجافي، على
الأحوط.
السادس عشر: التظليل للرجال اختيارا عند المسير (2)، بأن

(1) جواهر الكلام 18: 393.
(2) منها: صحيح عيص بن القاسم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام - في حديث - كره النقاب - يعني للمرأة
المحرمة - وقال: تسدل ثوبها على وجهها. [وسائل الشيعة: ب 48 / تروك الاحرام / 2].
(3) المبسوط 1: 320 / قواعد الأحكام 1: 424 / الدروس الشرعية 1: 381.
(4) جواهر الكلام 18: 393.
(5) منها: صحيح عبد الله بن المغيرة قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام أظلل وأنا محرم؟ قال: لا، قلت
أفاظلل وأكفر؟ قال: لا، قلت: فإن مرضت؟ قال: ظلل وكفر.
[وسائل الشيعة: ب 64 / تروك الاحرام / 3].
168

يكون سائرا وعلى رأسه مظلة (1)،
فلا بأس به للنساء (2)،
والصبيان (3)، ومع الضرورة (4)، وفي المنزل (5)، بل وفي حال السير

(1) منها: صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن المحرم يركب القبة؟ فقال: لا، قلت:
فالمرأة المحرمة؟ قال: نعم. [وسائل الشيعة: ب 64 / تروك الاحرام / 1].
(2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بالقبة على النساء والصبيان وهم محرمون.
[المصدر السابق: ب 65 / تروك الاحرام / 1].
(3) منها: خبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام - في حديث - حج رسول الله صلى الله عليه وآله فأحرم ولم
يظلل، ودخل البيت والخباء واستظل بالمحمل والجدار... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 66 / تروك الاحرام / 2].
(4) مسالك الأفهام 2: 246 / النهاية: 221 / منتهى المطلب 2: 793.
(5) وسائل الشيعة: ب 67 / تروك الاحرام / 1.
(6) الإحتجاج 2: 345 / وسائل الشيعة: ب 66 / تروك الاحرام / 6.
(7) جواهر الكلام 18: 404.
169

- أيضا - إذا كان الظل من أحد الجانبين (1).
وفي لحوق الركوب في السفن البحرية بحال المسير أو المنزل
وجهان، أقواهما الثاني، والأحوط الأول (2).
ومتى جاز التظليل للضرورة وجب الفدية (3)، والأحوط
تكررها بتكرر الأيام مع اليسار والسعة (4).

(1) الخلاف 2: 318.
(2) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لأبي وشكى إليه حر الشمس وهو محرم وهو يتأذى به، فقال:
ترى أن أستتر بطرف ثوبي؟ قال: لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك.
[وسائل الشيعة: ب 67 / تروك الاحرام / 4].
(3) كما في صحيح عبد الله بن المغيرة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الظلال للمحرم؟ فقال: أضح لمن
أحرمت له... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 64 / تروك الاحرام / 11].
(4) كأنه يشير بذلك إلى إطلاق النصوص الناهية عن التظليل، مثل قوله لأبي الحسن الأول عليه السلام: أظلل
وأنا محرم؟ قيل: لا. [المصدر السابق].
(5) وسائل الشيعة: ب 7 / بقية كفارات الاحرام / 1، 2.
170

السابع عشر: إخراج الدم مطلقا (1)، ولو بالسواك أو الحك

(1) وفيه: قلت: فالرجل يضرب عليه الظلال وهو محرم؟ قال: نعم، إذا كانت به شقيقة، ويتصدق بمد
لكل يوم. [وسائل الشيعة: ب 6 / بقية كفارات الاحرام / 8].
(2) المقنع: 74.
(3) الكافي في الفقه: 204 / الغنية: 515.
(4) المقنعة: 432 / الكافي: 203 / النهاية: 220، 221 / السرائر الحاوي 1: 547.
(5) كما في صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يحتجم؟ قال: لا، إلا أن لا يجد بدا
فليحتجم. [وسائل الشيعة: ب 62 / تروك الاحرام / 1].
(6) كما في صحيح معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم كيف يحك رأسه؟ قال:
بأظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر. [المصدر السابق: ب 73 / تروك الاحرام / 1].
(7) كما في صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يستاك؟ قال: نعم، ولا يدمي.
[المصدر السابق:: حديث 3].
171

المعتاد خروج الدم به، ومنه قلع الضرس - أيضا - إذا كان مدميا (1)،
وإلا ففيه الاشكال (2). ولو اقتضت الضرورة شيئا من ذلك جاز (3)،

(1) وسائل الشيعة: ب 61 / تروك الاحرام / 5، 7، 9، 10، 11.
(2) المصدر السابق: ب 71 / تروك الاحرام / 4.
(3) المصدر السابق: ب 70 / تروك الاحرام / 5.
(4) المصدر السابق: ب 71 / تروك الاحرام / 3.
(5) الخلاف 2: 315 / شرائع الاسلام / 1: 226.
(6) وسائل الشيعة: ب 95 / تروك الاحرام / 2.
(7) المصدر السابق: ب 19 / بقية كفارات الاحرام / 1.
(8) الدروس الشرعية 1: 387.
(9) كما ورد ذلك في صحيح الحلبي المتقدم في هامش رقم 5 ص 171.
172

والأحوط الفدية (1).
الثامن عشر: قلم الظفر ولو بعضه (2)، إلا مع الأذية، كما لو
انكسر بعضه، أو توقف علاج قرحة عليه، ونحو ذلك فيجوز، وعليه
الفدية (3).
التاسع عشر: لبس السلاح (4)،

(1) جواهر الكلام 18: 410.
(2) الدروس الشرعية 1: 376.
(3) الكافي: 204.
(4) كما في صحيح معاوية الآتي في التعليقة التالية.
(5) كما في صحيح علي بن رئاب عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قص ظفرا من
أظافيره وهو محرم؟ قال: عليه في كل ظفر قيمة مد من الطعام... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 12 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(6) المصدر السابق: حديث 4.
173

وحمله (1) على وجه يعد متسلحا (2)، بل مطلقا على الأحوط (3)،
إلا لضرورة كدفع عدو، أو سارق، ونحو ذلك (4).
العشرون: يحرم على المحرم وغيره قلع كل نابت في الحرم،
وقطعه (5)، إلا الإذخر، والنخل،

(1) كما في صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المحرم إذا خاف لبس السلاح.
[وسائل الشيعة: ب 54 / تروك الاحرام / 3].
(2) شرائع الاسلام 1: 266 / منتهى المطلب 2: 811.
(3) جواهر الكلام 18: 422.
(4) الكافي في الفقه: 203 / المهذب 1: 221.
(5) كما في صحيح عبد الله بن سنان المتقدم.
(6) كما في خبر منصور بن حازم أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الأراك يكون في الحرم فأقطعه؟ قال: عليك
فداؤه. [وسائل الشيعة: ب 18 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(7) كما في حديث حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم؟
فقال: إن بنى المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها... الحديث.
[المصدر السابق: ب 87 / تروك الاحرام / 3].
(8) كما في صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام على الناس
أجمعين. [المصدر السابق: ب 86 / تروك الاحرام / 1].
174

والفواكه (1)، وما كان هو غارسه (2)، أو كان نابتا في ملكه، أو
منزله (3).

(1) وسائل الشيعة: ب 87 / تروك الاحرام / 1، 4 و ب 88 / منه / 1، 4، و ب 18 / بقية كفارات الاحرام / 2.
(2) المصدر السابق: ب 86 / تروك الاحرام / 4.
(3) ففي حديث حماد بن عثمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقلع الشجرة من مضربه أو داره
في الحرم؟ فقال: إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن يبني الدار أو يتخذ المضرب فليس له أن
يقلعها... الحديث.
وفي حديثه الآخر عن أبي عبد الله عليه السلام في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم، فقال: إن بنى
المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 87 / تروك الاحرام / 2، 3].
(4) المصدر السابق: حديث 6.
(5) المصدر السابق: حديث 5.
(6) المصدر السابق: حديث 4.
(7) دعائم الاسلام: 1: 310.
175

ولا بأس بأن ترعى دوابه في الحرم، وتأكل من حشيشها (1)،
ولكن لا يجوز له الاحتشاش لها على الأقوى (2). والله العالم.

(1) وسائل الشيعة: ب 89 / تروك الاحرام / 1.
(2) في التهذيب وكذا في الوسائل: (جميل وعبد الرحمن بن أبي نجران عن محمد بن حمران). انظر:
تهذيب الأحكام 380 / وسائل الشيعة: ب 89 / تروك الاحرام / 2.
(3) المصدر السابق.
(4) مدارك الأحكام 7: 372.
176

المقصد الخامس
في كفارات الاحرام
وفيه فصلان..
الفصل الأول
في كفارة الصيد
وهو الحيوان الممتنع في البر..
لا كفارة في ما جاز صيده كصيد البحر (1)، وهو ما يبيض ويفرخ،
أو يتولد فيه (2)، ولا الدجاج الحبشي (3)، ولا في ذبح النعم وأكله (4).

(1) منها: صحيح معاوية بن عمار، أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الدجاج الحبشي، فقال: ليس من
الصيد... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 40 / كفارات الصيد / 1].
(2) جواهر الكلام 20: 174.
(3) منتهى المطلب 2: 800.
(4) كما في صحيح أبي بصير ليث بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تذبح في الحرم الإبل والبقر
والدجاج. [وسائل الشيعة: ب 82 / تروك الاحرام / 1].
177

أما السباع فلو أرادته، أو آذت حمام الحرم جاز قتلها (1)، وإلا
فالأحوط بل الأقوى عدم جوازه، لكن لا كفارة في قتلها (2) إلا في
الأسد، فعلى قاتله كبش في الحرم (3)، بل في غير الحرم - أيضا -
على الأحوط (4)، بل الأحوط أن يكفر عن قتله وإن كان

(1) المصدر السابق: ب 81 / تروك الاحرام / 1.
(2) جواهر الكلام 20: 176.
(3) وفيه: أنه أتي أبو عبد الله عليه السلام فقيل له: إن سبعا من سباع الطير على الكعبة، ليس يمر به شئ من
حمام الحرم إلا ضربه، فقال: فانصبوا له واقتلوه، فإنه قد ألحد.
[وسائل الشيعة: ب 42 / كفارات الصيد / 1].
(4) المبسوط 1: 338.
(5) وسائل الشيعة: ب 39 / كفارات الصيد / 1.
(6) الغنية: 623 / الخلاف 2: 417.
178

دفعا له (1)، ولكن الأقوى عدم وجوب الكفارة في هذه الصورة (2).
والمتولد بين جنسين لا يجوز قتله (3)، إلا إذا كان تابعا في
الصورة النوعية التي تتبعها الأسامي لما جاز قتله (4).
ولا بأس بقتل العقرب، والفأرة، والحيات (5) في الحرم

(1) وسائل الشيعة: ب 81 / تروك الاحرام / 2.
(2) انظر: المصدر السابق: حديث 1، 3، 4، 10.
(3) منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يقتل في الحرم والاحرام الأفعى، والأسود الغدر،
وكل حية سوء، والعقرب، والفأرة... الحديث. [المصدر السابق: حديث 6].
(4) كما ورد في خبر محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن المحرم وما يقتل من
الدواب؟ فقال: يقتل الأسود والأفعى والفأرة والعقرب وكل حية، وإن أرادك السبع فاقتله، وإن لم
يردك فلا تقتله... الحديث. [المصدر السابق: حديث 10].
(5) كما في صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كلما يخاف المحرم على نفسه من السباع والحيات
وغيرها فليقتله، وإن لم يردك فلا ترده. [المصدر السابق: حديث 1].
(6) جواهر الكلام 20: 180.
179

وغيره (1)،
ولا بقتل الحدأة، والغراب بجميع أقسامه (2).
وأما ما فيه الكفارة فقسمان..
القسم الأول: ما لكفارته بدل مخصوص، وهي خمسة أنواع..
الأول: النعامة، ففي قتلها بدنة (3)، ومع العجز يفض ثمن البدنة

(1) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: وارم الغراب والحدأة رميا
على ظهر بعيرك. [وسائل الشيعة: ب 81 / تروك الاحرام / 2].
(2) شرائع الاسلام 1: 259.
(3) المبسوط 1: 338.
(4) جواهر الكلام 20: 182 / مدارك الأحكام 8: 317.
(5) وسائل الشيعة: ب 81 / تروك الاحرام / 2.
(6) المقنع: 77 / كشف اللثام 1: 391.
(7) مثل صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: ويرجم الغراب والحدأة
رجما... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 81 / تروك الاحرام / 6].
(8) كما ورد ذلك في خبر حنان بن سدير. انظر: المصدر السابق: حديث 11.
(9) جواهر الكلام 20: 190.
180

على البر (1) أو غيره مما يجزي في الكفارة، ويطعم ستين مسكينا لكل

(1) منها: صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: في النعامة بدنة.
[وسائل الشيعة: ب 1 / كفارات الصيد / 1].
(2) المصدر السابق: حديث 3.
(3) النهاية: 222 / المبسوط 1: 339 / السرائر الحاوي 1: 556.
(4) تذكرة الفقهاء 1: 344 / منتهى المطلب 2: 820.
(5) يشير بذلك إلى ما ذكره بعض أهل اللغة من أن (البدنة) اسم للناقة والبقرة.
[الصحاح 5: 2077 / القاموس المحيط 4: 202].
(6) الكافي في الفقه: 205 / النهاية: 222 / المهذب 1: 227.
(7) عن علي بن الحسين عليه السلام - في حديث - قال: يقوم الصيد قيمة عدل، ثم يفض تلك القيمة على
البر... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 1 / بقية الصوم الواجب / 1].
(8) منها: صحيح محمد بن مسلم وزرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في محرم قتل نعامة، قال: عليه بدنة، فإن
لم يجد فإطعام ستين مسكينا... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 2 / كفارات الصيد / 7].
(9) تذكرة الفقهاء 1: 352 / منتهى المطلب 2: 833.
181

مسكين مدان (1) على الأحوط، وإن كان الأقوى كفاية المد،
واستحباب الزائد كما في سائر الكفارات (2)، وما زاد عن ستين له ولا
يجب عليه ما نقص عنه (3)، ولو عجز صام ثمانية عشر يوما، وإن كان

(1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه
الصيد، قوم جزاؤه من النعم دراهم، ثم قومت الدراهم طعاما، ثم جعل لكل مسكين نصف
صاع... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 2 / كفارات الصيد / 1].
(2) مثل صحيح معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل، فإن لم
يجد ما يشتري به بدنة فأراد أن يتصدق فعليه أن يطعم ستين مسكينا، كل مسكين مدا... الحديث.
[المصدر السابق: حديث 11].
(3) مدارك الأحكام 8: 323 / جواهر الكلام 20: 195.
(4) مستمسك العروة الوثقى 8: 374.
(5) منها: صحيح محمد بن مسلم وزرارة عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: فإن كانت قيمة البدنة
أكثر من إطعام ستين مسكينا لم يزد على إطعام ستين مسكينا، وإن كانت قيمة البدنة أقل من إطعام
ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة. [وسائل الشيعة: ب 2 / كفارات الصيد / 7].
182

الأحوط أن يصوم الستين (1).
الثاني: بقرة الوحش وحماره، ففي قتلهما بقرة (2)، فإن لم يجد

(1) المقنعة: 435: المراسم: 117.
(2) الكافي في الفقه: 205.
(3) وهو صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوله: (أو عدل ذلك صياما)
قال: عدل الهدي ما بلغ يتصدق به... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 2 / كفارات الصيد / 8].
(4) كما في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام - في حديث - قال: فليصم بقدر ما بلغ لكل
طعام مسكين يوما. [المصدر السابق].
(5) كما ورد في صحيح معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام - في حديث - فإن لم يقدر على ذلك
صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما، مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام. [المصدر السابق: حديث 11].
(6) منها: صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: في النعامة بدنة، وفي حمار وحش بقرة،
وفي الظبي شاة، وفي البقرة بقرة. [وسائل الشيعة: ب 1: كفارات الصيد / 1].
(7) المقنع: 77.
(8) منها: صحيح سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في الظبي شاة، وفي البقرة بقرة، وفي الحمار
بدنة، وفي النعامة بدنة، وفي ما سوى ذلك قيمته. [المصدر السابق: حديث 2].
183

فض ثمنها على البر أو غيره (1)، ويطعم ثلاثين مسكينا (2) كما تقدم،
ولا يجب عليه التتميم (3)، والفاضل له (4).
وإن عجز صام تسعة أيام (5)، وإن كان الأحوط أن يصوم
الثلاثين.
الثالث: الظبي والثعلب والأرنب، ففي قتلها شاة (6)، فإن
عجز فض ثمنها على البر أو غيره، وأطعم عشرة

(1) مختلف الشيعة 1: 272 / مدارك الأحكام 7: 326 / ذخيرة المعاد: 605.
(2) منها: صحيح معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: - في حديث - ومن مكان عليه شئ من الصيد
فداؤه بقرة، فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا، فإن لم يجد فليصم تسعة أيام... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 2 / كفارات الصيد / 11].
(3) كما في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوله: (أو عدل ذلك صياما)
قال: عدل الهدي ما بلغ يتصدق به... الحديث. [المصدر السابق: حديث 8].
(4) الخلاف 2: 422.
(5) منها: صحيح معاوية بن عمار المتقدم.
(6) منها: صحيح حريز المتقدم في هامش رقم 6 ص 183، وصحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الأرنب يصيبه المحرم؟ فقال: شاة، هدايا بالغ الكعبة. [وسائل الشيعة: ب 4 / كفارات الصيد / 2].
184

مساكين (1) نحو ما تقدم، والفاضل له (2)، ولا يجب عليه التتميم (3).
فإن عجز صام ثلاثة أيام (4)، وإن كان الأحوط أن يصوم عشرة
أيام.

(1) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قتل ثعلبا؟ قال: عليه دم، قلت: فأرنبا؟ قال: مثل ما على الثعلب.
[المصدر السابق: حديث 4].
(2) مدارك الأحكام 7: 329.
(3) وفيه: ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
[وسائل الشيعة: ب 2 / كفارات الصيد / 11].
(4) ففي صحيح أبي عبيدة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أصاب المحرم الصيد، ولم يجد ما يكفر من
موضعه الذي أصاب فيه الصيد، قوم جزاؤه من النعم دراهم، ثم قومت الدراهم طعاما لكل مسكين
نصف صاع، فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما... الحديث.
وقد تقدم صحيح محمد بن مسلم في هامش رقم 3 ص 184. [انظر: المصدر السابق: حديث 1، 8].
(5) تقدم في هامش رقم (3).
185

الرابع: بيض النعام إذا تحرك الفرخ، ففي كل بيضة بكر من
الإبل (1)، وإن لم يتحرك، أو لم يكن، أرسل فحولة الإبل على الإناث
منها - الصالحة للحمل - بعددها، فالنتاج هدي لبيت الله تعالى (2).
فإن عجز فعن كل بيضة شاة، فإن عجز أطعم عشرة مساكين، فإن

(1) وفيه: قلت أصاب ظبيا ما عليه؟ قال: عليه شاة، قلت: فإن لم يجد شاة؟ قال فعليه إطعام عشرة
مساكين، قلت: فإن لم يقدر على ما يتصدق به؟ قال: فعليه صيام ثلاثة أيام.
[وسائل الشيعة: ب 2 / كفارات الصيد / 10].
(2) هامش رقم 4 ص 185.
(3) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: في كتاب علي عليه السلام: في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم، مثل
ما في بيض النعام بكارة من الإبل. [وسائل الشيعة: ب 24 / كفارات الصيد / 4].
(4) ففيه: قال: سألت أخي عن رجل كسر بيض نعام وفي البيض فراخ قد تحرك، قال: عليه لكل فرخ قد
تحرك بعير ينحره في المنحر. [المصدر السابق: حديث 1].
(5) مختلف الشيعة 1: 275 / مدارك الأحكام 7: 332.
(6) منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أصاب بيض نعام وهو محرم، فعليه أن يرسل
الفحل في مثل عدد البيض من الإبل، فإنه ربما فسد كله، وربما خلق كله، وربما صلح بعضه وفسد
بعضه، فما نتجت الإبل فهديا بالغ الكعبة. [وسائل الشيعة: ب 23 / كفارات الصيد / 1].
(7) المقنعة: 436 / الإنتصار: 100 / المراسم: 119.
186

عجز صام ثلاثة أيام (1).
الخامس: بيض القطا، بل والحجل والدراج، إذا تحرك الفرخ، ففي

(1) مختلف الشيعة: 1: 275.
(2) وفيه: وإذا أصاب المحرم بيض نعم ذبح عن كل بيضة شاة... إلى أن يقول: وإذا وطئ بيض نعام
ففدغها (أي: كسرها) وهو محرم، وفيها أفراخ تتحرك، فعليه أن يرسل فحولة من البدن على الإناث
بقدر عدد البيض، فما لقح وسلم حتى ينتج فهو هدي لبيت الله الحرام. [من لا يحضره الفقيه 2: 234].
والذي يغلب على الظن أن هذه الزيادة ليست من الحديث، وإنما هي من كلام الصدوق رحمه الله تذييلا
لحديث محمد بن الفضيل، ولذا قال في المختلف - بعد نقله لكلام المقنع -: وكذا قال في من لا
يحضره الفقيه: إلا أنه قال: فإن وطئ بيض نعام ففدغها وهو محرم وفيها أفراخ... إلى آخره.
[انظر: مختلف الشيعة 1: 275].
(3) كما في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في بيضة النعام شاة.
[وسائل الشيعة: ب 23 / كفارات الصيد / 3].
(4) وفيه: فمن لم يجد إبلا فعليه لكل بيضة شاة، فإن لم يجد تصدق على عشرة مساكين لكل مسكين
مد، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام. [المصدر السابق: حديث 5].
(5) ففي خبر أبي بصير: فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، فمن لم يستطع فكفارته إطعام عشرة مساكين إذا
أصابه وهو محرم
187

كل بيضة بكرة من صغار الغنم (1)، وإن لم يتحرك أو لم يكن، أرسل
فحولة الغنم على الإناث منها بعددها، فالنتاج هدي لبيت الله تعالى،
ولو عجز كان كبيض النعام (2) على الأحوط.

(1) ونحوه، خبر محمد بن الفضيل. [المصدر السابق: حديث 3 / من لا يحضره الفقيه 2: 233].
(1) المقنع: 78.
(2) وفيه: في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم، مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل.
[وسائل الشيعة: ب 24 / كفارات الصيد / 4].
(3) المصدر السابق: باب 25 / كفارات الصيد / 4.
(4) هذا هو صدر الحديث المتقدم.
(5) النهاية: 227 / المبسوط 1: 345 / شرائع الاسلام 1: 261 / قواعد الأحكام 1: 459.
188

القسم الثاني: ما ليس لكفارته بدل مخصوص.
وهي الحمامة، ففي قتلها شاة (1)، وفي قتل فرخها في الحل
حمل (2)، وفي بيضها درهم على المحرم في الحل (3)، وعلى المحل

(1) جواهر الكلام 20: 224 / منتهى المطلب 2: 824 / الدروس الشرعية 1: 355 / مدارك الأحكام 8: 336 / الحدائق الناضرة 15: 216 / ذخيرة المعاد: 606.
(2) وسائل الشيعة: ب 25 / كفارات الصيد / 2.
(3) منها: صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة، وإن قتل فراخه
ففيه حمل، وإن وطئ البيض فعليه درهم. [المصدر السابق: ب 9 / كفارات الصيد / 1].
(4) منها: صحيح حريز المتقدم.
(5) المصدر السابق: حديث 6.
(6) مدارك الأحكام 8: 340.
(7) جواهر الكلام 20: 233.
(8) منها: صحيح حريز المتقدم.
(9) إذ فيه: وإن كان الفرخ لم يتحرك تصدق بقيمته ورقا يشتري به علفا يطرحه لحمام الحرم.
[وسائل الشيعة: ب 9 / كفارات الصيد / 8].
189

في الحرم في الحمامة درهم (1)، وفي الفرخ نصف (2) وفي البيضة
ربع (3).
ويجتمعان على المحرم في الحرم (4).

(1) وسائل الشيعة: ب 16 / كفارات الصيد / 3.
(2) منها: صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في الحمام درهم، وفي الفرخ نصف
درهم، وفي البيضة ربع درهم. [المصدر السابق: ب 10 / كفارات الصيد / 5].
(3) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن فرخين مسرولين ذبحتهما وأنا بمكة محل... إلى أن قال: فقال: تصدق
بثمنهما، فقلت: كم ثمنها؟ فقال: درهم خير من ثمنها. [المصدر السابق: حديث 7].
(4) منها: صحيح حفص بن البختري المتقدم.
(5) منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة وثمن
الحمامة درهم... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 11 / كفارات الصيد / 3].
(6) المصدر السابق: ب 16 / كفارات الصيد / 3.
190

وحكم البيض إذا تحرك فيه الفرخ حكم الفرخ (1).
وفي الضب، والقنفذ، واليربوع جدي (2).
وفي القطا، والدراج حمل فطيم (3).
وفي العصفور، والقبرة، والصعوة مد (4).

(1) منها: صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام قال: سألته عن رجل كسر بيض حمام وفي
البيض فراخ قد تحرك؟ قال: عليه أن يتصدق عن كل فرخ قد تحرك بشاة... الحديث.
[المصدر السابق: ب 9 / كفارات الصيد / 8].
(2) وسائل الشيعة: ب 6 / كفارات الصيد / 1.
(3) منها: صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام: في القطاة إذا
أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر. [المصدر السابق: ب 5 / كفارات الصيد / 1].
(4) وفيه: من أصاب قطاة أو حجلة أو دراجة أو نظيرهن فعليه دم. [المصدر السابق: حديث 2].
(5) عن أبي عبد الله عليه السلام، في القنبرة والعصفور والصعوة يقتلهم المحرم، قال: عليه مد من طعام لكل
واحد. [المصدر السابق: ب 7 / كفارات الصيد / 1].
(6) مختلف الشيعة 2: 273.
(7) وهو خبر سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام ما في القمري والدبسي والسمان والعصفور
والبلبل؟ قال: قيمته، فإن أصابه المحرم فعليه قيمتان، ليس عليه دم.
[وسائل الشيعة: ب 44 / كفارات الصيد / 7].
191

وفي قتل الجرادة تمرة (1).
وفي القملة يلقيها عن جسده كف من طعام (2).
وفي الجراد الكثير شاة لو تمكن من التحرز (3)، وإلا لم يكن
عليه شئ (4).

(1) أحدهما صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في محرم قتل جرادة؟ قال: يطعم تمرة، وتمرة خير من
جرادة. [وسائل الشيعة: ب 37 / كفارات الصيد / 2].
(2) المصدر السابق: حديث 3.
(4) شرائع الاسلام 1: 262 / المقنعة: 438 / قواعد الأحكام 1: 460.
(4) منها: صحيح حماد بن عيسى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يبين القملة عن جسده فيلقيها؟
قال: يطعم مكانها طعاما. [وسائل الشيعة: ب 15 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(5) منها: صحيح معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: المحرم يحك رأسه فتسقط منه القملة
والثنتان، قال: لا شئ عليه، ولا يعود. [المصدر السابق: حديث 5].
(6) وهو خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن محرم قتل جرادة؟ قال: كف من
طعام، وإن كان كثيرا فعليه دم شاة.
هذا، وفي سنده سهل بن زياد، ووصفه قدس سره بالصحيح تبعا للمدارك والحدائق والجواهر.
انظر: مدارك الأحكام 8: 348 / الحدائق الناضرة 15: 245 / جواهر الكلام 20: 245 / وسائل الشيعة:
ب 37 / كفارات الصيد / 6.
(7) منها: صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: المحرم يتنكب الجراد إذا كان على الطريق، فإن لم يجد
بدا فقتله فلا شئ عليه. [وسائل الشيعة: ب 38 / كفارات الصيد / 3]
192

ولو أكل ما قتله كان عليه فداءان (1)، ولو أكل ما ذبحه غيره
ففداء واحد (2).

(1) لم أعثر على نص بخصوص المورد، وكأنه يشير إلى النصوص التي توجب الفداء على آكل الصيد،
منها: صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى ابن جعفر عليه السلام عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا -
وهم حرم - ما عليهم؟ قال: على كل من أكل منهم فداء صيد، كل انسان منهم على حدته فداء صيد
كاملا. [وسائل الشيعة: ب 18 / كفارات الصيد / 2].
(2) شرائع الاسلام 1: 263 / الخلاف 2: 405 / قواعد الأحكام 1: 462.
(3) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا اجتمع قوم على صيد - وهم محرمون -
في صيده، أو أكلوا منه فعلى كل واحد منهم قيمته.
[وسائل الشيعة: ب 18 / كفارات الصيد / 1].
(4) كما في صحيح زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اضطر إلى ميتة وصيد، وهو محرم؟ قال: يأكل
الصيد ويفدي. [المصدر السابق: ب 43 / كفارات الصيد / 3].
(5) كما في صحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن رجل محل اشترى لرجل محرم بيض
نعام فأكله المحرم؟... إلى أن يقول: قال: على المحل جزاء قيمة البيض لكل بيضة درهم، وعلى
المحرم لكل بيضة شاة. [المصدر السابق: ب 24 / كفارات الصيد / 5].
(6) الحدائق الناضرة 15: 265.
(7) تقدم في هامش رقم (1).
193

ولو اشترك جماعة محرمون في قتله في الحل فعلى كل واحد
فداء كامل (1).
وكل من كان معه صيد يزول ملكه عنه بالاحرام (2)، ويجب عليه
إرساله (3)، فإن أمسكه ضمنه إذا كان في الحرم (4)، بل مطلقا على
الأحوط، بل لا يخلو عن قوة (5).

(1) منها: صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السلام، في محرمين أصابا صيدا، فقال: على كل واحد منهما
فداء. [وسائل الشيعة: ب 18 / كفارات الصيد / 7].
(2) الخلاف 2: 413 / جواهر الفقه: 47 / منتهى المطلب 2: 830.
(3) وسائل الشيعة: ب 34 / كفارات الصيد / 3.
(4) ذخيرة المعاد: 612 / مدارك الأحكام 8: 362.
(5) وسائل الشيعة: ب 34 / كفارات الصيد / 3.
(6) المصدر السابق: ب 36 / كفارات الصيد / 3.
(7) جواهر الكلام 20: 276
194

مسائل:
الأولى: المحرم في الحل يجب عليه الفداء (1)، والمحل في
الحرم القيمة (2)، ويجتمعان على المحرم في الحرم (3) وإن بلغ
بدنة (4) على الأحوط.

(1) منها: صحيح صفوان عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: من أصاب طيرا في الحرم وهو محل فعليه
القيمة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 10 / كفارات الصيد / 3].
(2) تقدمت نصوص المسألة في ص 189، وما بعدها.
(3) وسائل الشيعة: ب 44 / كفارات الصيد / 5.
(4) الإنتصار: 99.
(5) مختلف الشيعة 2: 278.
(6) السرائر الحاوي 1: 563.
(7) ففي أحدهما: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنما يكون الجزاء مضاعفا في ما دون البدنة حتى يبلغ
البدنة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 46 / كفارات الصيد / 1، 2].
(8) مثل مصحح معاوية المتقدم.
195

الثانية: يضمن الصيد بالقتل عمدا، وسهوا، وجهلا (1)، ولو تكرر
الموجب نسيانا للاحرام، أو خطأ في الصيد، أو جهلا بالحكم تكررت
الكفارة (2)، وكذا عمدا إذا كان من المحل في الحرم (3)،

(1) وفيه: - بعد ذكره لحكم الوحش من الحمار والنعامة والظبي - وإن كان قتل من ذلك في الحرم فعليه
الجزاء مضاعفا. [وسائل الشيعة: ب 3 / كفارات الصيد / 1].
(2) وهو ما رواه في (تحف العقول) مرسلا عن أبي جعفر الجواد عليه السلام، وليس فيه حكم الحرم.
انظر: تحف العقول: 337 / وسائل الشيعة: ب 3 / كفارات الصيد / 2.
(3) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - في حديث - وليس عليك فداء ما أتيته
بجهالة إلا الصيد، فإن عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد.
[وسائل الشيعة: ب 31 / كفارات الصيد / 1].
(4) منها: مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه الكفارة، فإن
أصابه ثانية خطأ فعليه الكفارة أبدا إذا كان خطأ... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 48 / كفارات الصيد / 2].
(5) كما في ذيل مرسل ابن أبي عمير المتقدم: فإن أصابه متعمدا كان عليه الكفارة فإن أصابه ثانية متعمدا
فهو ممن ينتقم الله منه، والنقمة في الآخرة، ولم يكن عليه الكفارة. [المصدر السابق].
(6) كما في مرسل ابن عمير المتقدم ونحوه غيره. [انظر: المصدر السابق].
196

أو مع تعدد الاحرام (1)، لا مع وحدته (2) على الأقوى (3).
الثالثة: لو اضطر إلى أكل الصيد جاز أكله (4)، وفداه مع المكنة
في الحال، وإلا ثبت في ذمته.

(1) كأنه يشير إلى مرسل ابن أبي عمير المتقدم، وإلا فبقية النصوص خالية عن ذكر العمد.
(2) السرائر الحاوي 1: 536 / مختلف الشيعة 2: 277.
(3) جواهر الكلام 20: 335.
(4) وسائل الشيعة: ب 43 / كفارات الصيد.
(5) المقنعة: 438 / الإنتصار: 100 / المراسم: 121.
(6) السرائر الحاوي 1: 568.
(7) ففي الأول: إذا اضطر المحرم إلى الصيد وإلى الميتة فليأكل الميتة التي أحل الله له.
ونحوه الثاني. [وسائل الشيعة: ب 43 / كفارات الصيد / 11، 12].
(8) من لا يحضره الفقيه 2: 235.
197

الرابعة: فداء الصيد المملوك لصاحبه (1)، وعليه فداء آخر
للفقراء، وغير المملوك يتصدق به، وحمام الحرم يشتري بقيمته علفا
لحمامه، أو يتصدق بها فيه (2).
الخامسة: ما يلزم في إحرام الحج ينحره أو يذبحه بمنى (3)، وإن

(1) شرائع الاسلام 1: 268 / قواعد الأحكام 1: 467 / المختصر النافع: 129.
(2) مسالك الأفهام 2: 472 / مدارك الأحكام 8: 402 / جواهر الكلام 20: 340.
(3) وسائل الشيعة: ب 22 / كفارات الصيد / 5، بأدنى تفاوت.
(4) كما في صحيح صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: من أصاب طيرا في الحرم وهو
محل فعليه القيمة والقيمة درهم يشتري به علفا لحمام الحرم. [المصدر السابق: حديث 4].
(5) منها: صحيح عبد الله بن سنان، قال: قال: أبو عبد الله عليه السلام: من وجب عليه فداء صيد أصابه وهو
محرم، فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى، وإن كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة.
[المصدر السابق: ب 49 / كفارات الصيد / 1].
198



(1) وهي قوله تعالى: (فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة)
المائدة: 99.
(2) الخلاف 2: 444 / المراسم: 121 / شرائع الاسلام 1: 268.
(3) كما في صحيح محمد بن إسماعيل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الظل للمحرم من أذى مطر أو
شمس؟ فقال: أرى أن يفديه بشاة يذبحها بمنى. [وسائل الشيعة: ب 49 / كفارات الصيد / 6].
(4) وهو مرسل أحمد بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره
حيث شاء إلا فداء الصيد، فإن الله عز وجل يقول: (هديا بالغ الكعبة).
[المصدر السابق: حديث 3].
(5) وهو صحيح إسحاق بن عمار الآتي من الشارح قدس سره.
(6) كما في صحيح عبد الله بن سنان المتقدم.
(7) إذ فيه: وسألته عن كفارة العمرة أين تكون؟ فقال: بمكة إلا أن يؤخرها إلى الحج فيكون بمنى،
وتعجيلها أفضل وأحب إلى. [الكافي 4: 539].
(8) ففي صحيح منصور بن حازم، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن كفارة العمرة المفردة أين تكون؟ فقال:
بمكة إلا أن يشاء صاحبها أن يؤخرها إلى منى، ويجعلها بمكة أحب إلى وأفضل.
[وسائل الشيعة: ب 49 / كفارات الصيد / 4].
199



(1) المهذب 1: 230.
(2) كما في خبر الريان بن شبيب عن أبي جعفر الجواد عليه السلام - في حديث - وإذا أصاب المحرم ما يجب
عليه الهدي فيه وكان إحرامه بالحج نحره بمنى، وإن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 3 / كفارات الصيد / 1].
(3) المصدر السابق: ب 50 / كفارات الصيد / 1.
(4) المصدر السابق: ب 51 / كفارات الصيد / 1.
200

كان معتمرا فبمكة، بالموضع المعروف ب‍ (الحزورة) إن كان فداء
صيد (1)، بل مطلقا على الأحوط.

(1) لم أجده في ما لدي من المجاميع الحديثية، ولا رأيت من استدل به من الفقهاء أو أشار إليه، عدا
النراقي في المستند فإنه قال: وصحيحة حريز، وفيها: فإن قتل فرخا وهو محرم في غير الحرم فعليه
حمل قد فطم، وليس عليه قيمته، لأنه ليس في الحرم، ويذبح الفداء إن شاء بمنزله بمكة، وإن شاء
بالحزورة بين الصفا والمروة.
وهذا اللفظ موافق لخبر محمد بن الفضيل. انظر: مستند الشيعة 2: 304 / من لا يحضره الفقيه 2: 234.
201

الفصل الثاني
في باقي المحظورات
وفيه مسائل..
الأولى: لو جامع المحرم امرأته قبلا أو دبرا (1)، عالما (2)
عامدا (3) فإن كان في عمرة التمتع قبل السعي فعليه

(1) وفيه: قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل محرم وقع على أهله في ما دون الفرج؟ قال: عليه بدنة،
وليس عليه الحج من قابل... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 7 / كفارات الاستمتاع / 1].
(2) نقله في الدروس عن الشيخ الطوسي، وفي المدارك عن المبسوط، ولم أجده فيه. انظر: الدروس
الشرعية 1: 385 / مدارك الأحكام 8: 407.
(3) كما في صحيح زرارة، قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل وقع على أهله وهو محرم؟ قال: جاهل أو
عالم؟ قال: قلت: جاهل، قال: يستغفر الله، ولا يعود، ولا شئ عليه.
[وسائل الشيعة: ب 2 / كفارات الاستمتاع / 2].
(4) وفيه: قال الصادق عليه السلام: في حديث - وإن جامعت وأنت محرم - إلى أن قال - وإن كنت ناسيا أو
ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليك. [من لا يحضره الفقيه 2: 213].
(5) كما في صحيح زرارة المتقدم.
203

بدنة (1)، ويعيدها من الميقات إن وسع الوقت بعد إتمامها على
الأحوط، وإلا قطعها واستأنف، وإن لم يسع الوقت لإعادتها يتمها،
ثم يأتي بحج إفراد (2)، ويقضيه في السنة القابلة على الأحوط (3).

(1) كشف اللثام 1: 407.
(2) الكافي في الفقه: 203 / مختلف الشيعة 2: 283.
(3) منها: صحيح مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام، في الرجل يعتمر عمرة مفردة، ثم يطوف بالبيت طواف
الفريضة، ثم يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: قد أفسد عمرته، وعليه بدنة، وعليه
أن يقيم بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه، ثم يخرج إلى الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله
لأهله فيحرم منه ويعتمر. [وسائل الشيعة: ب 12 / كفارات الاستمتاع / 2].
(4) يأتي في ص 242.
204

وإن كان بعد السعي تمت عمرته (1)، وعليه بدنة مع يساره، وشاة
مع إعساره، وبقرة مع التوسط على الأحوط.
وإن كان في إحرام الحج، فإن كان قبل وقوف المشعر بطل
حجه (2)، وعليه إتمامه (3)،

(1) وسائل الشيعة: ب 13 / كفارات الاستمتاع / 2،
(2) المصدر السابق: حديث 4، 5، 3.
(3) المصدر السابق: حديث 4، 5، 3.
(4) المصدر السابق: ب 3 / كفارات الاستمتاع / 8.
(5) النهاية: 230 / مدارك الأحكام 8: 408.
(6) وسائل الشيعة: ب 3 / كفارات الاستمتاع / 9.
(7) وفيه: قلت: فإن كان طاف بالبيت طواف الفريضة، فطاف أربعة أشواط، ثم غمزة بطنه، فخرج فقضى
حاجته، فغشي أهله؟ فقال: أفسد حجه، وعليه بدنة... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 11 / كفارات الاستمتاع / 2].
(8) منها: صحيح معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل محرم وقع على أهله؟ فقال:
- إلى أن يقول - ويفرق بينهما حتى يقضيا المناسك، ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا،
وعليه الحج من قابل. [وسائل الشيعة: ب 3 / كفارات الاستمتاع / 2].
205

والقضاء من قابل، وبدنة (1).
سواء كان الحج فرضا أو نفلا (2).
وعليها مثل ذلك إن طاوعته (3).
وعليهما الافتراق (4)، وهو أن لا ينفردا بالاجتماع من موضع
المعصية إلى أن يفرغا من المناسك (5)،

(1) انظر: وسائل الشيعة: ب 3 / كفارات الاستمتاع.
(2) منها: صحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته... إلى أن يقول: فقال: إن كانت المرأة
أعانت بشهوة مع شهوة الرجل فعليهما الهدي جميعا... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 4 / كفارات الاستمتاع / 1].
(3) الخلاف 2: 368 / الغنية: 514.
(4) تقدم صحيح زرارة، وتأتي الإشارة إلى غيره في التعليقة الآتية.
(5) المبسوط 1: 336 / السرائر الحاوي 1: 548 / مستند الشيعة 2: 306.
(6) وسائل الشيعة: ب 3 / كفارات الاستمتاع / 2، 9، 15.
(7) المصدر السابق: ب 4 / كفارات الاستمتاع / 2.
(8) المصدر السابق: ب 3 / كفارات الاستمتاع / 5، 12.
(9) المصدر السابق: ب 4 / كفارات الاستمتاع / 2.
206

في حجة الاتمام وحجة القضاء (1).
ولو أكرهها صح حجها (2)، ويتحمل عنها الكفارة (3).

(1) لم أعثر عليه بلفظه، وفي صحيح زرارة: فرق بينهما حتى يقضيا نسكهما، ويرجعا إلى المكان الذي
أصابا فيه ما أصابا... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 3 / كفارات الاستمتاع / 9].
(2) الحدائق الناضرة 15: 371 / رياض المسائل 1: 467.
(3) جواهر الكلام 20: 359.
(4) من لا يحضره الفقيه 2: 212، نقلا عن أبيه / مختلف الشيعة: 2: 282.
(5) منها: صحيح زرارة، وفيه: وإن كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه، وعليهما بدنة،
وعليهما الحج من قابل، فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه فرق بينهما حتى يقضيا نسكهما.... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 3 / كفارات الاستمتاع / 9].
(6) منها: صحيح سليمان بن خالد، وفيه: وإن كانت المرأة لم تعن بشهوة، واستكرهها صاحبها، فليس
عليها شئ. [وسائل الشيعة: ب 4 / كفارات الاستمتاع / 1].
(7) تهذيب الأحكام 5: 318، وفيه: عليهما الحج من قابل / وسائل الشيعة: ب 7 / كفارات الاستمتاع / 1،
وفيه: وعليه الحج من قابل.
(8) الخلاف 2: 368.
(9) وهو صحيح معاوية بن عمار، وخبر علي بن أبي حمزة، وفي الأول: وإن كان استكرهها فعليه
بدنتان... الحديث. انظر: وسائل الشيعة: ب 7 / كفارات الاستمتاع / 1 و ب 4 / منه / 2.
207

ولو كان بعد الموقفين (1) قبل أن يطوف طواف النساء (2)، أو
طاف منه ثلاثة أشواط فما دون، صح الحج (3)، ووجبت البدنة (4)
على كل واحد منهما (5)، وأما إذا تجاوز المحرم النصف من طواف

(1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا وقع الرجل بامرأته دون مزدلفة، أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من
قابل. [المصدر السابق: ب 3 / كفارات الاستمتاع / 1].
(2) وسائل الشيعة: ب 9 / كفارات الاستمتاع / 1.
(3) وفيه: وإن كان طاف طواف النساء، فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشي فقد أفسد
حجه... الحديث. [المصدر السابق: ب 11 / كفارات الاستمتاع / 1].
(4) وفيه: وإن جامعت بعد وقوفك بالمشعر فعليك بدنة، وليس عليك الحج من قابل.
[من لا يحضره الفقيه 2: 213].
(5) وسائل الشيعة: ب 10 / كفارات الاستمتاع / 2، 5.
(6) في صحيح معاوية بن عمار المتقدم
(7) المقنع: 90.
208

النساء فواقع فلا كفارة عليه (1).
ولو جامع قبل طواف الزيارة لزمته بدنة (2)، فإن عجز عنها
فالأحوط بقرة، فإن عجز فشاة (3).
ولو جامع في إحرام العمرة المفردة قبل السعي (4) بطلت،

(1) المبسوط 1: 337 / مختلف الشيعة: 2: 284.
(2) عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن رجل كان عليه طاف النساء وحده، فطاف منه خمسة
أشواط... ثم غشي جاريته؟ قال: يغتسل، ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقي عليه
من طوافه، ويستغفر لله ولا يعود، وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج
فغشي فقد أفسد حجه وعليه بدنة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 11 / كفارات الاستمتاع / 1].
(3) شرائع الاسلام 1: 269 / قواعد الأحكام 1: 469.
(4) المهذب 1: 222 - 224 / إرشاد الأذهان 1: 322 / الدروس الشرعية 1: 370.
(5) شرائع الاسلام 1: 269.
(6) كما في خبر خالد القماط، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وقع على أهله يوم النحر قبل أن
يزور؟ قال: إن كان وقع عليها بشهوة فعليه بدنة، وإن كان غير ذلك فبقرة، قلت: أو شاة؟ قال: أو شاة.
[وسائل الشيعة: ب 9 / كفارات الاستمتاع / 3].
209

وعليه بدنة، وقضاؤها (1) في الشهر الداخل (2).
ولو نظر إلى غير أهله فأمنى، كان عليه بدنة إن كان موسرا، وإن
كان متوسطا فبقرة، وإن كان معسرا فشاة (3).
ولو نظر إلى أهله بغير شهوة فأمنى فلا شئ عليه (4)، وإن كان

(1) كما في صحيح بريد، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل اعتمر عمرة مفردة، فغشي أهله قبل أن
يفرغ من طوافه وسعيه؟ قال: عليه بدنة لفساد عمرته، وعليه أن يقيم إلى الشهر الآخر فيخرج إلى
بعض المواقيت فيحرم بعمرة. [وسائل الشيعة: ب 12 / كفارات الاستمتاع / 1].
(2) شرائع الاسلام 1: 270 / قواعد الأحكام 1: 469.
(3) وفيه: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل محرم نظر إلى ساق المرأة فأمنى؟ فقال: إن كان موسرا فعليه بدنة،
وإن كان وسطا فعليه بقرة، وإن كان فقيرا فعليه شاة... الحديث.
[وسائل الشيعة: 16 / كفارات الاستمتاع / 2].
(4) المصدر السابق: حديث 1.
(5) المقنع: 76 / مدارك الأحكام 8: 425.
(6) منتهى المطلب 2: 842.
(7) وفيه: عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم؟ قال: لا
شئ عليه... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 17 / كفارات الاستمتاع / 1].
210

بشهوة فجزور (1). وكذا لو أمنى عند الملاعبة (2).
ولو عقد المحرم لمحرم فدخل كان على كل واحد منهما بدنة (3).

(1) وفيه: ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور. [المصدر السابق: حديث 3].
(2) المصدر السابق: حديث 1.
(3) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعبث بأهله وهو محرم حتى يمني من غير جماع، أو يفعل
ذلك في شهر رمضان ماذا عليهما؟ قال: عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع.
[وسائل الشيعة: ب 14 / كفارات الاستمتاع / 1].
(4) عن أبي الحسن عليه السلام، قال: قلت: ما تقول في محرم عبث بذكره حتى أمنى؟ قال: أرى عليه مثل ما
على من أبي أهله وهو محرم، بدنة والحج من قابل.
[المصدر السابق: ب 15 / كفارات الاستمتاع / 1].
(5) تهذيب الأحكام 5: 324 / المهذب 1: 222 / مختلف الشيعة 2: 282.
(6) التنقيح الرائع 1: 561.
(7) كشف اللثام 1: 408.
(8) وفيه: لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما وهو يعلم أنه لا يحل له، قلت: فإن فعل فدخل بها
المحرم؟ قال: إن كان عالمين فإن على كل واحد منهما بدنة.
[وسائل الشيعة: ب 21 / كفارات الاستمتاع / 1].
211

وكذا لو كان العاقد محلا مع علمه بالاحرام والحرمة (1).
الثانية: من تطيب عمدا (2)، لزمه دم شاة، على الأحوط (3)،

(1) كشف اللثام 1: 408، جواهر الكلام 20: 378.
(2) وهو صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، قال: من أكل زعفرانا متعمدا، أو طعاما فيه طيب فعليه دم.
[وسائل الشيعة: ب 4 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(3) كما في صحيح زرارة المتقدم.
(4) كما في صحيح زرارة، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: - في حديث - أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله
وهو محرم - إلى أن يقول: ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة.
[وسائل الشيعة: ب 8 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(5) كما في خبر علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: لكل شئ خرجت من حجك
فعليه فيه دم تهريقه حيث شئت. [المصدر السابق: حديث 5].
(6) كما في مضمر معاوية بن عمار، في محرم كانت قرحة فداواها بدهن بنفسج؟ قال: إن كان فعله
بجهالة فعليه طعام مسكين، وإن كان تعمد فعليه دم شاة يهريقه.
[المصدر السابق: ب 4 / بقية كفارات الاحرام / 5].
212

سواء الصبغ، والاطلاء، والبخور، والأكل (1). ولا بأس بخلوق الكعبة (2).
الثالثة: في تقليم كل ظفر مد من طعام (3)، وفي يديه ورجليه شاة

(1) كما في مرسل المفيد قال: قال عليه السلام: كفارة مس الطيب للمحرم أن يستغفر الله.
[وسائل الشيعة: ب 4 / بقية كفارات الاحرام / 9].
(2) كما في صحيح حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يمس المحرم شيئا من الطيب ولا الريحان يتلذذ
به، فمن ابتلي بشئ من ذلك فليتصدق بقدر ما صنع بقدر شبعة، يعني من الطعام.
[المصدر السابق: ب 18 / تروك الاحرام / 11].
(3) شرائع الاسلام 1: 270 / قواعد الأحكام 1: 470 / الدروس الشرعية 1: 375.
(4) وسائل الشيعة: ب 21 / تروك الاحرام / 1، 2، 5.
(5) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل قلم ظفرا من أظافيره وهو محرم؟ قال: عليه مد من طعام حتى
يبلغ العشرة... الحديث. [من لا يحضره الفقيه 2: 227].
(6) تهذيب الأحكام 5: 332، وفيه: قيمة مد من طعام... الحديث.
213

مع اتحاد المجلس (1)، ولو تعدد فشاتان.
وعلى المفتي (2) إذا أفتى خطأ وقلم المستفتي فأدمى
إصبعه (3) شاة.
الرابعة: في لبس المخيط عالما عامدا شاة (4)،

(1) مختلف الشيعة: 2: 285.
(2) وسائل الشيعة: ب 12 / بقية كفارات الاحرام / 2.
(3) مختلف الشيعة: 2: 285.
(4) ففي الأول: عن أبي عبد الله عليه السلام في المحرم ينسى فيقلم ظفرا من أظافيره؟ قال: يتصدق بكف من
الطعام... إلى أن يقول: كل ظفر كف حتى يصير خمسة، فإذا قلم خمسة فعليه دم واحد... الحديث.
ونحوه المرسل، إلا أنه ليس فيه ذكر النسيان. انظر: وسائل الشيعة: ب 12 / بقية كفارات الاحرام / 3، 5.
(5) وهو صحيح أبي بصير، وفيه: فإن قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة، قلت: فإن قلم أظافير يديه
ورجليه جميعا؟ فقال: إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم، وإن كان فعله متفرقا في مجلسين
فعليه دمان. [من لا يحضره الفقيه 2: 227 / المصدر السابق: حديث 1].
(6) وفيه: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام، إن رجلا أحرم فقلم أظفاره، وكانت له إصبع عليلة فترك ظفرها لم
يقصه، فأفتاه رجل بعد ما أحرم، فقصه فأدماه، فقال: على الذي أفتى شاة.
[وسائل الشيعة: ب 13 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(7) منها: صحيح زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من نتف إبطه، أو قلم ظفره، أو حلق رأسه أو
لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه، أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم، ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا
فليس على شئ، ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة. [وسائل الشيعة: ب 8 / بقية كفارات الاحرام / 1].
214

وإن كان لضرورة (1).
الخامسة: في إزالة شعر الرأس شاة، أو إطعام ستة مساكين لكل
مسكين مدان، أو صيام ثلاثة أيام (2) وإن كان لغير ضرورة، ولكن
الاحتياط بالشاة حينئذ لا يترك.

(1) منها: صحيح محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من
الثياب يلبسها؟ قال: عليه لكل صنف منها فداء. [وسائل الشيعة: ب 9 / بقيد كفارات الاحرام / 1].
(2) الخلاف 2: 297 / منتهى المطلب 2: 782.
(3) وفيه: مر رسول الله صلى الله عليه وآله على كعب بن عجرة الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه - وهو محرم - فقال:
أتؤذيك هو أمك؟ فقال: نعم، قال: فأنزلت هذه الآية: (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه
ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله بحلق رأسه، وجعل عليه الصيام ثلاثة
أيام، والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان، والنسك شاة... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 14 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(4) وهو الصحيح التقدم في هامش رقم 7 ص 214.
(5) كشف اللثام 1: 410 / مدارك الأحكام 8: 439.
215

السادسة: في نتف الإبطين شاة (1)، وفي أحدهما إطعام ثلاثة
مساكين (2).
ولو سقط من رأسه أو لحيته شئ بمسه تصدق بكف من

(1) تذكرة الفقهاء 1: 354 / الروضة البهية 2: 360.
(2) تذكرة الفقهاء 1: 354 / الروضة البهية 2: 360.
(3) وفيه: فمن عرض له أذى أو وجع فتعاطى ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا، فصيام ثلاثة أيام،
والصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام والنسك شاة يذبحها فيأكل ويطعم، وإنما عليه واحد
من ذلك. [وسائل الشيعة: ب 14 / بقية كفارات الاحرام / 2].
(4) منهم الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام 5: 334.
(5) وفيه: إذا نتف الرجل إبطيه بعد الاحرام فعليه دم. [وسائل الشيعة: ب 11 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(6) وفيه: عن أبي عبد الله عليه السلام في محرم نتف إبطه؟ قال: يطعم ثلاثة مساكين.
[المصدر السابق: حديث 2].
(7) وهو الصحيح المتقدم في هامش رقم 7 ص 214.
(8) وفيه: إذا نتف الرجل إبطه... الحديث. [من لا يحضره الفقيه 2: 228].
216

طعام (1)، وإن كان في الوضوء - بل في مطلق الطهارة - فلا شئ
عليه (2)، إلا إذا خرج التخليل عن المتعارف المعتاد (3)، فالأحوط
الفداء.
السابعة: في التظليل سائرا شاة (4)،

(1) وسائل الشيعة: ب 16 / بقية كفارات الاحرام / 5.
(2) المصدر السابق: حديث 1.
(2) المصدر السابق: حديث 1.
(3) كما في خبر جعفر بن بشير وغيره، قال: دخل الساجبي على أبي عبد الله عليه السلام فقال: ما تقول في
محرم مس لحيته فسقط منها شعرتان؟ فقال: أبو عبد الله عليه السلام: لو مسست لحيتي فسقط منها عشر
شعرات ما كان علي شئ. [المصدر السابق: حديث 7].
(4) قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يريد إسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة أو
الشعرتان؟ فقال: ليس بشئ، ما جعل عليكم في الدين من حرج. [المصدر السابق: حديث 6].
(5) الدروس الشرعية 1: 382 / كشف اللثام 1: 410 / مدارك الأحكام 8: 441.
(6) منها: صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن الرضا عليه السلام، قال: وسأله رجل عن الظلال للمحرم من
أذى مطر أو شمس - وأنا أسمع - فأمره أن يفدي شاة ويذبحها بمنى.
[وسائل الشيعة: ب 6 / بقية كفارات الاحرام / 6].
(7) المقنع: 74.
(8) وفيه: قلت: فالرجل يضرب عليه الظلال وهو محرم؟ قال: نعم، إذا كانت به شقيقة، ويتصدق بمد
لكل يوم. [وسائل الشيعة: ب 6 / كفارات الاحرام / 8].
217

وكذا في تغطية الرأس (1)، وإن كان لضرورة (2)، على الأحوط.

(1) فقد ورد أنه قال: سألت أخي عليه السلام أظلل وأنا محرم؟ فقال: نعم، وعليك الكفارة، قال: فرأيت عليا إذا
قدم مكة ينحر بدنة لكفارة الظل. [المصدر السابق: 2].
(2) وهو قوله: ما روي في من غطى رأسه أن عليه الفدية. الخلاف 2: 299.
(3) وسائل الشيعة: ب 8 / بقية كفارات الاحرام / 5.
(4) تعليقة رقم 3 ص 212.
(5) انظر: جواهر الكلام 20: 418.
(6) وسائل الشيعة: ب 5 / بقية كفارات الاحرام.
(7) الوافي 8: 598 / وسائل الشيعة: ب 55 / تروك الاحرام / 4.
(8) مسالك الأفهام 2: 486.
218

الثامنة: في الجدال صادقا ثلاثا شاة (1)، وكذا في الكاذب
مرة (2)، ولو ثنى فبقرة، على الأحوط (3). وكذا لو ثلث على
الأقوى (4).

(1) منها: صحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن الجدال في الحج؟ فقال: من زاد
على مرتين فقد وقع عليه الدم، فقيل له: الذي يجادل وهو صادق؟ قال: عليه شاة، والكاذب عليه
بقرة. [وسائل الشيعة: ب 1 / بقية كفارات الاحرام / 6].
(2) كأنه يشير إلى مثل الصحيح المتقدم، وخبر أبي بصير عن أحدهما عليهما السلام قال: إذا حلف بثلاثة أيمان
متعمدا متتابعات صادقا فقد جادل، وعليه دم... الحديث. [المصدر السابق: حديث 4].
(3) المصدر السابق: حديث 10.
(4) منها: صحيح معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام - في حديث - وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة
فقد جادل، وعليه دم يهريقه، ويتصدق به. [المصدر السابق: حديث 3].
(5) فقه الرضا: 217.
(6) مدارك الأحكام 8: 445.
219

وإن كان الأحوط والأفضل بدنة في الكاذب مطلقا (1).
التاسعة: في قلع الضرس شاة (2) على الأحوط.
العاشرة: في قلع الشجرة الكبيرة في الحرم بقرة، وفي الصغيرة

(1) منها: صحيح محمد بن مسلم المتقدم، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال:
قلت: فمن ابتلي بالجدال ما عليه؟ قال: إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه، وعلى
المخطئ بقرة. [وسائل الشيعة: ب 1 / بقية كفارات الاحرام / 2].
(2) يأتي من الشارح قدس سره في التعليقة التالية.
(3) وسائل الشيعة: ب 1 / بقية كفارات الاحرام / 9.
(4) عن عدة من أصحابنا، عن رجل من أهل خراسان، إن مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه
فيها شئ، محرم قلع ضرسه؟ فكتب عليه السلام: يهريق دما.
[وسائل الشيعة: ب 19 / بقية كفارات الاحرام / 1].
(5) الكافي في الفقه: 204 / النهاية: 235 / المهذب 1: 224.
(6) مختلف الشيعة 2: 287.
220

شاة (1)، على الأحوط فيهما، وفي أبعاضها قيمتها (2).
الحادية عشر: تتكرر الكفارة بتكرر الوطي، واللبس،
والطيب (3)، بل مطلقا، كما سيأتي في الخاتمة.

(1) وفيه: إنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم تؤذيه ضرسه أيقلعه؟ فقال: نعم، لا بأس به.
[وسائل الشيعة: ب 95 / تروك الاحرام / 2].
(2) الخلاف 2: 408.
(3) عن موسى بن القاسم، قال: روى أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: إذا كان في دار الرجل شجرة
من شجر الحرم لم تنزع، فإن أراد نزعها كفر بذبح بقرة، يتصدق بلحمها على المساكين.
[وسائل الشيعة: ب 18 / بقية كفارات الاحرام / 3].
(4) المهذب 1: 223.
(5) أنه قال: في الدوحة بقرة، وفي الجزلة شاة. [الخلاف 2: 408].
(6) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن الرجل يقطع من الأراك الذي بمكة؟ قال: عليه ثمنه، يتصدق
به... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 18 / بقية كفارات الاحرام / 2].
(7) أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الأراك يكون في الحرم فأقطعه؟ قال: عليك فداؤه.
[المصدر السابق: حديث 1]
221

الثانية عشر: لا كفارة على الناسي والجاهل (1) وإن كان
مقصرا (2) في ما عدا الصيد مطلقا (3)، ولا على الصبي والمجنون
- أيضا - وإن كانا مميزين كما تقدم (4).

(1) يشير به إلى المرسل المروي عن الخلاف، وقد تقدم في المسألة السابعة ص 218
(2) وسائل الشيعة: ب 8 / بقية كفارات الاحرام / 1.
(3) قرب الإسناد: 237 / المصدر السابق: حديث 5.
(4) منها: صحيح معاوية عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - في حديث - وليس عليك فداء ما
أتيته بجاهلة إلا الصيد، فإن عليك فيه الفداء، بجهل كان أو بعمد.
[وسائل الشيعة: ب 31 / كفارات الصيد / 1].
(5) منها: الصحيح المتقدم.
(6) تقدم تفصيله في ص 14
222

أما الصيد فيجب فيه الكفارة على الجميع (1)، على إشكال في
ثبوت ما يجب بفعل الصبي والمجنون المميزين في مالهما، أو في مال
الولي (2) كما تقدم، والأحوط أن يؤديها الولي من ماله من دون أن
يقصد الأداء عن نفسه أو التبرع به. والله العالم.

(1) وسائل الشيعة: ب 3 / كفارات الصيد / 1.
(2) المصدر السابق: ب 17 / أقسام الحج / 5.
223

الفصل الثاني
في طواف العمرة
وفيه ثلاثة مقاصد:
المقصد الأول
يستحب أن يغتسل لدخول الحرم (1)، والأولى أن يغتسل غسلا
آخر لدخول مكة (2)، إما من فخ، أو بئر ميمون، أو عبد الصمد (3)،
وغسلا ثالثا لدخول مسجد الحرام (4)، ويخلع نعليه (5) عند دخول

(1) وفيه: إذا انتهيت إلى الحرم - إن شاء الله - فاغتسل حين تدخله... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 2 / مقدمات الطواف / 2].
(2) انظر: المصدر السابق: ب 1 / مقدمات الطواف / 1.
(3) المصدر السابق: ب 5 / مقدمات الطواف / 3.
(4) انظر: المصدر السابق.
(5) الخلاف 2: 286 / الغنية: 515.
225

الحرم، ويأخذهما بيده تواضعا وخشوعا لله سبحانه، ويدعو بهذا
الدعاء:
اللهم إنك قلت في كتابك وقولك الحق: وأذن في الناس بالحج
يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق.
اللهم إني أرجو أن أكون ممن أجاب دعوتك، وقد جئت من شقة
بعيدة، وفج عميق سامعا لندائك، ومستجيبا لك، مطيعا لأمرك، وكل
ذلك بفضلك على، وإحسانك إلى، فلك الحمد على ما وفقتني له،
أبتغي بذلك الزلفة عندك، والقربة إليك، والمنزلة لديك، والمغفرة
لذنوبي، والتوبة على منها بمنك.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وحرم بدني على النار،
وآمني من عذابك وعقابك، برحمتك يا أرحم الراحمين.
ويستحب أن يمشي حافيا (1)، ويدخل مكة متأنيا مطمئنا (2) على

(1) وسائل الشيعة: ب 5 / مقدمات الطواف / 2.
(2) المبسوط 1: 355 / شرائع الاسلام 1: 241 / قواعد الأحكام 1: 428.
(3) وفيه: لا يدخل مكة رجل بسكينة إلا غفر له، قلت: ما السكينة؟ قال: بتواضع.
[وسائل الشيعة: ب 7 / مقدمات الطواف / 2].
226

الطريق الأعلى، وليمضغ الإذخر عند دخول الحرم (1) ومكة (2) والمسجد.
وليدخله من باب بني شيبة (3)، وهو الآن في نفس المسجد في
مقابل باب السلام على الظاهر، فليقف بالباب ويدعو بهذا الدعاء (4):
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. بسم الله، وبالله، وما
شاء الله، السلام على أنبياء الله ورسله، السلام على رسول الله صلى الله
عليه وآله، السلام على إبراهيم خليل الله، والحمد لله رب العالمين.
وفي رواية أخرى (5) أن يقول:
بسم الله، وبالله، ومن الله، وإلى الله، وما شاء الله، وعلى ملة رسول
الله صلى الله عليه وآله، وخير الأسماء لله، والحمد لله، والسلام على

(1) وسائل الشيعة: ب 3 / مقدمات الطواف / 1.
(2) الكافي - الفروع - 4: 398.
(3) شرائع الاسلام 1: 241 / قواعد الأحكام 1: 428.
(4) وسائل الشيعة: ب 9 / مقدمات الطواف / 1.
(5) المصدر السابق: ب 8 / مقدمات الطواف / 1، بتفاوت يسير.
(6) المصدر السابق: حديث 2، بتفاوت يسير.
227

رسول الله، السلام على محمد بن عبد الله، السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته. السلام على أنبياء الله ورسله، السلام على إبراهيم
خليل الرحمن، السلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين،
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل
محمد، وارحم محمدا وآل محمد، كما صليت، وباركت، وترحمت
على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم صل على محمد وآل محمد عبدك ورسولك، اللهم صل
على إبراهيم خليلك، وعلى أنبيائك ورسلك، وسلم عليهم، وسلام
على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
اللهم افتح لي أبواب رحمتك، واستعملني في طاعتك
ومرضاتك، واحفظني بحفظ الايمان أبدا ما أبقيتني، جل ثناء وجهك.
الحمد لله الذي جعلني من وفده وزواره، وجعلني ممن يعمر
مساجده، وجعلني ممن يناجيه.
اللهم إني عبدك وزائرك في بيتك، وعلى كل مأتي حق لمن أتاه
وزاره، وأنت خير مأتي، وأكرم مزور، فأسألك يا الله يا رحمن بأنك أنت
الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وبأنك واحد أحد صمد، لم تلد
ولم تولد، ولم يكن لك كفوا أحد، وأن محمدا عبدك ورسولك
صلواتك عليه وعلى أهل بيته، يا جواد، يا كريم، يا ماجد، يا جبار، يا
كريم أسألك أن تجعل تحفتك إياي بزيارتي إياك أول شئ تعطيني
فكاك رقبتي من النار.
فتقول ثلاث مرات:
228

اللهم فك رقبتي من النار.
ثم تقول:
وأوسع على من رزقك الحلال الطيب، وادرأ عني شر شياطين
الإنس والجن، وشر فسقة العرب والعجم.
ثم تدخل المسجد فتقول:
بسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله (1).
ثم ارفع يديك وتوجه إلى الكعبة وقل:
اللهم إني أسئلك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تقبل
توبتي، وأن تتجاوز عن خطيئتي، وأن تضع عني وزري. الحمد لله الذي
بلغني بيته الحرام. اللهم إني أشهدك أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته
مثابة للناس، وأمنا، مباركا، وهدى للعالمين.
اللهم العبد عبدك، والبلد بلدك، والبيت بيتك، جئت أطلب
رحمتك، وأؤم طاعتك، مطيعا لأمرك، راضيا بقدرك، أسألك مسألة
الفقير إليك، الخائف من عقوبتك. اللهم افتح لي أبواب رحمتك
واستعملني بطاعتك ومرضاتك (2).
ثم اجعل الكعبة مخاطبا وقل:
الحمد لله الذي عظمك وشرفك وكرمك، وجعلك مثابة للناس،

(1) فقه الرضا: 218.
(2) وسائل الشيعة: ب 8 / مقدمات الطواف / 1.
229

وأمنا، مباركا وهدى للعالمين (1).
وإذا وقع نظرك على الحجر الأسود فتوجه إليه وقل:
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله،
سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. الله أكبر من خلقه، والله
أكبر مما أخشى وأحذر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله
الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت، بيده الخير
وهو على كل شئ قدير.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآله،
كأفضل ما صليت، وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك
حميد مجيد، وسلام على جميع النبيين والمرسلين، والحمد لله رب
العالمين.
اللهم إني أؤمن بوعدك، وأصدق رسلك، وأتبع كتابك (2).
ثم امش متأنيا ومطمئنا، وقصر خطواتك خوفا من عذاب الله. فإذا
قربت إلى الحجر الأسود فارفع يديك فاحمد الله وأثن عليه، وصل على
محمد وآله وقل:
اللهم تقبل مني.

(1) فقه الرضا: 218 / المقنع: 80.
(2) وسائل الشيعة: ب 12 / الطواف / 3.
230

ثم امسح يديك وجسدك بالحجر الأسود، وقبله، ولو لم تتمكن
من تقبيله فامسحه بيدك، ولو لم تتمكن منه - أيضا - فأشر إليه، وقل:
اللهم أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة.
اللهم تصديقا بكتابك، وعلى سنة نبيك صلواتك عليه وآله.
أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده
ورسوله.
آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت، واللات والعزى، وعبادة
الشيطان، وعبادة كل ند يدعى من دون الله.
ولو لم تتمكن من تمام الدعاء فاقرأ ما تيسر لك، وقل:
اللهم إليك بسطت يدي، وفي ما عندك عظمت رغبتي، فاقبل
سبحتي، واغفر لي، وارحمني.
اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، ومواقف الخزي في الدنيا
والآخرة (1).

(1) وسائل الشيعة: ب 12 / الطواف / 1.
231

المقصد الثاني
في أحكام الطواف وواجباته
يجب الطواف في العمرة المتمتع بها مرة (1)، وفي حجه،
وحج الافراد والقران (2)، وعمرتهما، والعمرة المفردة

(1) منتهى الطلب 2: 709.
(2) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: - في حديث - فعلى المتمتع إذا قدم مكة
طواف بالبيت، وركعتان عند مقام إبراهيم، وسعي بين الصفا والمروة، ثم يقصر، وقد أحل. هذا
للعمرة، وعليه للحج طوافان... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 2 / أقسام الحج / 1، وانظر: ب 82 / الطواف].
(3) وفيه: عن الفقيه عليه السلام، قال: إذا حج الرجل فدخل مكة متمتعا فطاف بالبيت... إلى أن يقول: فقد حل
له كل شئ ما خلا النساء، لأن عليه لتحلة النساء طوافا وصلاة. [المصدر السابق: حديث 7].
(4) جواهر الكلام 19: 405.
(5) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: - في حديث - فعلى المتمتع إذا قدم مكة
طواف بالبيت، وركعتان عند مقام إبراهيم، وسعي بين الصفا والمروة، ثم يقصر، وقد حل. هذا للعمرة،
وعليه للحج طوافان... إلى أن يقول: وأما مفرد للحج فعليه طواف بالبيت... وطواف الزيارة، وهو
طواف النساء [وسائل الشيعة: ب 2 / أقسام الحج / 1].
233

مرتين (1)، ثانيتهما طواف النساء. وليس هو من الأركان (2).
أما طواف عمرة التمتع فهو ركن فيها (3)، وتبطل بتعمد تركه نحو
سائر الأركان.

(1) منتهى المطلب 2: 768.
(2) منها: صحيح إبراهيم بن أبي البلاد أنه قال لإبراهيم بن عبد الحميد يسأل له أبا الحسن موسى عليه السلام
عن العمرة المفردة على صاحبها طواف النساء؟ فجاء الجواب: أن نعم، هو واجب لا بد منه... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 82 / الطواف / 5].
(3) الدروس 1: 329.
(4) منها: صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا دخل المعتمر مكة - من غير تمتع -
وطاف بالكعبة، وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم، وسعى بين الصفا والمروة، فليلحق بأهله إن شاء.
[وسائل الشيعة: ب 9 / العمرة / 2].
(5) السرائر الحاوي 1: 617.
(6) كأنه يشير إلى مثل صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل نسي طواف النساء حتى
أتى الكوفة، قال: لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت، قلت: فإن لم يقدر؟ قال: يأمر من يطوف عنه.
[وسائل الشيعة: ب 58 / الطواف / 4].
(7) تحرير الأحكام 1: 99.
234



(1) وهو صحيح علي بن يقطين، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف
الفريضة؟ قال: إن كان على وجه جهالة في الحج أعاد وعليه بدنة.
[وسائل الشيعة: ب 56 / الطواف / 1].
(2) الدروس الشرعية 1: 403 / مدارك الأحكام 8: 174 / جواهر الكلام 19: 370.
(3) وهو خبر علي بن أبي حمزة. انظر: وسائل الشيعة: ب 56 / الطواف / 2.
(4) جامع المقاصد 3: 201.
(5) جواهر الكلام 19: 373.
(6) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - في حديث - أيما حاج سائق هدي أو
مفرد للحج أو متمتع بالعمرة إلى الحج قدم وقد فاته الحج فليجعلها عمرة (فليحل بعمرة خ ل) وعليه
الحج من قابل. [وسائل الشيعة: ب 27 / الوقوف بالمشعر / 1].
235

وكذلك الطواف الأول من كل نسك ركن يبطل بتعمد تركه ذلك
النسك (1)، على إشكال في طواف العمرة المفردة (2)، ويلحق به
طواف عمرة القران والافراد أيضا، بناء على كونها موسعة ما دام العمر
كالمفردة.
ويتحقق تركه في الحج مطلقا بخروج ذي الحجة (3)، وفي عمرة
التمتع بأن يتضيق وقت الوقوف بعرفة على وجه لا يمكنه الطواف
قبله (4)، فيتم حجه إفرادا، ويقضيه في العام القابل بنفسه على

(1) مستمسك العروة الوثقى 11: 229.
236

الأحوط الذي لا يخلو عن قوة.
ويلحق الجاهل - أيضا - بالعامد في ذلك (1)، في وجه
قوي،
بخلاف الناسي فإنه يقضيه متى تذكر (2)،

(1) لم أعثر عليه في ما لدي من مصنفات الشيخ رحمه الله، نعم نقله عنه في المدارك والجواهر. انظر: مدارك الأحكام 8: 174 / جواهر الكلام 19: 370 / جامع المقاصد 3: 201.
(2) مجمع الفائدة والبرهان 7: 63.
(3) الغنية: 516.
(4) عن أخيه، قال: سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده، وواقع النساء، كيف يصنع؟
قال: يبعث بهدي، إن كان تركه في حج بعث به في حج، وإن كان تركه في عمرة بعث به في عمرة،
ووكل من يطوف عنه ما تركه من طوافه. [وسائل الشيعة: ب 58 / الطواف / 1].
(5) انظر: المصدر السابق.
(6) تهذيب الأحكام 5: 127 / الكافي في الفقه: 195.
237

وإن كان بعد أداء المناسك (1)، وخروج ذي الحجة (2)، ويعيد معه
السعي (3) على الأحوط، ولو تذكره بعد أن خرج عن مكة لزمه العود (4)
مع عدم المشقة، والأولى - بل الأحوط - أن يحرم حينئذ بعمرة (5)،

(1) الخلاف 2: 395 / الدروس الشرعية 1: 405 / مدارك الأحكام 8: 177.
(2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت؟ قال: يطوف
بالبيت، ثم يعود إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما. [وسائل الشيعة: ب 63 / الطواف / 2].
(3) مدارك الأحكام 8: 175.
(4) وسائل الشيعة: ب 58 / الطواف / 1.
238

ويقضي الفائت بهذا الاحرام، ولا يجتزئ بإحرامه السابق بعد إحلاله
منه، وإن كان الأقوى بقاء حكمه (1).
ولو تعذر أو شق عليه العود جاز أن يستنيب (2)، والأحوط
حينئذ أن يبعث بالهدي (3).

(1) مجمع الفائدة والبرهان 7: 67.
(2) مختلف الشيعة 2: 292 / الدروس الشرعية 1: 405 / مسالك الأفهام 2: 351.
(3) شرائع الاسلام 1: 245.
(4) وسائل الشيعة: ب 2 / كفارات الاستمتاع / 7.
(5) من لا يحضره الفقيه 2: 213 / المصدر السابق: حديث 5.
(6) تقدم في ص 237 هامش رقم 4.
(7) المبسوط 1: 359 / المهذب 1: 223.
(8) أما الأول: قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة؟ قال: إن كان
على وجه جهالة في الحج أعاد وعليه بدنة.
وأما الثاني: قال: سئل عن رجل جهل أن يطوف بالبيت حتى رجع إلى أهله، قال: إذا كان على وجه
جهالة أعاد الحج وعليه بدنة. [وسائل الشيعة: ب 56 / الطواف 1، 2].
239

ولو لم يواقع أهله (1)، وأن يكون بدنة (2).
والمريض الذي يعجز عن
الطواف بنفسه يحمله من يطوف به إن أمكنه (3)، وإلا فعليه الاستنابة.

(1) وفيه: قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن متمتع وقع على أهله ولم يزر البيت؟ قال: ينحر جزورا، وقد
خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، وإن كان جاهلا فلا شئ عليه... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 9 / كفارات الاستمتاع / 1].
(2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل واقع أهله حين ضحى قبل أن يزور البيت؟ قال؟ قال: يهريق دما.
[المصدر السابق: حديث 2].
(3) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الكسير يحمل فيطاف به.
[وسائل الشيعة: ب 47 / الطواف / 6].
(4) كما في صحيح حبيب الخثعمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أمر رسول الله عليه السلام أن يطاف عن المبطون
والكسير. [المصدر السابق: ب 49 / الطواف / 5].
240

ولو حاضت المرأة أو نفست انتظرت وقت الوقوف، فإن لم تطهر
بطلت متعتها (1)،

(1) كأنه يشير بذلك إلى نحو صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كانت المرأة مريضة لا
تعقل يطاف بها أو يطاف عنها. [المصدر السابق: ب 47 / الطواف / 9].
(2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية؟ قال: تمضي كما هي إلى
عرفات فتجعلها حجة، ثم تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم، فتجعلها عمرة. [المصدر السابق: ب 21 / أقسام الحج / 2].
(3) الكافي في الفقه: 195: 218.
(4) منها: صحيح عبد الرحمن بن الحجاج وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة
ثم حاضت، تقيم ما بينها وبنى التروية... إلى أن يقول: وإن لم تطهر إلى يوم التروية اغتسلت
واحتشت، ثم سعت بين الصفا والمروة، ثم خرجت إلى منى، فإذا قضت المناسك وزارت بالبيت
طافت بالبيت طوافا لعمرتها... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 84 / الطواف / 1].
(5) نقله في المختلف عن علي بن بابويه في أحد قوليه. انظر: مختلف الشيعة 1: 316.
(6) نقله في المختلف عن ابن الجنيد. انظر: المصدر السابق.
(7) وفيه: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: في المرأة المتمتعة إذا أحرمت وفي طاهر، ثم حاضت قبل أن
تقضي متعتها سعت، ولم تطف حتى تطهر، ثم تقضي طوافها، وقد تمت متعتها، وإن هي أحرمت
وهي حائض لم تسع ولم تطف حتى تطهر. [وسائل الشيعة: ب 84 / الطواف / 5].
241

وانقلب حجها إفرادا (1)، وتأتي بعمرة مفردة بعده.
ويشترط في صحة الطواف أمور:
الأول: الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر (2)، وتقوم الترابية

(1) منها: خبر إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل
أن تطوف بالبيت حتى تخرج إلى عرفات؟ قال: تصير حجة مفردة.
[المصدر السابق: 21 / أقسام الحج / 13].
(2) لم أعثر له على رواية تتضمن مثل هذا الحكم، نعم هو مصرح به في صحيح محمد بن إسماعيل بن
بزيع، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن المرأة تدخل مكة متمتعة فتحيض... إلى أن يقول: فقلت
فهي على إحرامها؟ أو تجدد إحرامها للحج؟ فقال: لا، هي على إحرامها، فقلت: عليها هدي؟ قال:
لا... الحديث. [المصدر السابق: حديث 14].
(3) المصدر السابق: حديث 6.
(4) المصدر السابق: حديث 13، وقد تقدم في هامش رقم 1
(5) المصدر السابق: ب 38 / الطواف.
(6) انظر: المصدر السابق: ب 38 / الطواف.
242

مقام المائية (1)، لكن الأحوط للمجنب المتيمم أن يستنيب بعد أن
يطوف بتيممه (2).
ويجزي المستحاضة (3) وغيرها من ذوي الأعذار طهارتهم
الاضطرارية (4)، وإن كان الأحوط للمبطون والمسلوس - أيضا - أن
يطوف بنفسه مثل الصلاة ثم يستنيب (5).
ولو ذكر بعد الفراغ من طوافه أنه كان محدثا أعاد

(1) إيضاح الفوائد 1: 66.
(2) ففي صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المستحاضة أيطؤها زوجها؟
وهل تطوف بالبيت؟ قال... وكل شئ استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت.
[وسائل الشيعة: ب 1 / الاستحاضة / 8].
(3) كشف اللثام 1: 333.
243

الواجب (1)،
ولو أحدث في الأثناء استأنف إن لم يتجاوز النصف (2)،
وإلا تطهر وبنى.
وحكم الشك في الحدث والطهارة قبل الطواف وبعده، وفي
الأثناء حكمه في الصلاة (3).

(1) كما في صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى
عنهما الجمار. [وسائل الشيعة: ب 49 / الطواف / 3].
(2) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - في حديث - المبطون يرمى عنه ويصلى
عنه. [المصدر السابق: حديث 7].
(3) ففي صحيح محمد بن مسلم قال: سألت أحدهما عليه السلام عن الرجل طاف طواف الفريضة وهو على
غير طهور؟ قال: يتوضأ ويعيد طوافه... الحديث.
وفي صحيح علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل طاف بالبيت وهو جنب،
فذكر وهو في الطواف؟ قال: يقطع الطواف ولا يعتد به. [وسائل الشيعة: ب 38 / الطواف / 3، 4، 5].
(4) المصدر السابق: ب 40 / الطواف / 1.
(5) المصدر السابق: ب 45 / الطواف و ب 85 / الطواف.
244

الثاني: طهارة بدنه ولباسه عن كل نجاسة (1) حتى المعفو عنها
في الصلاة على الأحوط (2).
نعم، لو شق عليه التجنب عن دم القروح والجروح جاز الطواف
معه، على الأقوى (3).

(1) جواهر الكلام 19: 273.
(2) سنن الدارمي 2: 44 / سنن النسائي 5: 222 / السنن الكبرى 5: 87.
(3) قال: سألت أبا عبد الله على السلام عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف؟ قال: ينظر الموضع الذي
رأى فيه الدم فيعرفه، ثم يخرج ويغسله، ثم يعود فيتم طوافه. [وسائل الشيعة: ب 52 / الطواف / 2].
(4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: رجل في ثوبه دم مما لا تجوز الصلاة في مثله، فطاف في ثوبه؟
فقال: أجزأه الطواف، ثم ينزعه ويصلي في ثوب طاهر. [المصدر السابق: حديث 3].
(5) السرائر الحاوي 1: 574 / مختلف الشيعة: 1: 291.
245

ولو علم بنجاسة ثوبه أو بدنه بعد الفراغ مضى طوافه (1).
ولو كان في الأثناء أو عرضته نجاسة كذلك فإن تمكن من إزالتها
مع عدم فصل المنافي يتم طوافه بعد الإزالة (2)، وإلا فالأحوط إن لم
يكن أقوى مراعاة تجاوز النصف وعدمه، ففي الأول يزيلها ويبني (3)،
ويستأنف في الثاني (4).

(1) الدروس الشرعية: 1: 404 / مسالك الأفهام 2: 339.
(2) تقدم الكلام فيه في ص 244
(3) وفيه: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط وفي معتمرة ثم طمثت؟ قال: تتم
طوافها، فليس عليها غيره، ومتعتها تامة فلها أن تطوف بين الصفا والمروة، وذلك لأنها زادت على
النصف وقد مضت متعتها، ولتستأنف بعد الحج. [وسائل الشيعة: ب 86 / الطواف / 1].
246

ولو كان ناسيا فالأحوط الاستئناف مطلقا (1).
الثالث: الختان للرجال (2)، والصبيان أيضا، فلو طاف الصبي
غير المختون، أو طيف به بعد أن أحرم به الولي لم يجز له أن يتزوج
بعد البلوغ، إلا بعد أن يتدارك طواف النساء بنفسه أو نائبه.
(4) منها: صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الأغلف لا يطوف بالبيت، ولا بأس أن
تطوف المرأة [وسائل الشيعة: ب 33 / مقدمات الطواف / 1]. (*)

(1) وفيه: ابتدأت في طواف الفريضة، فطفت شوطا واحدا، فإذا إنسان قد أصاب أنفي فأدماه، فخرجت
فغسلته، ثم جئت فابتدأت الطواف، فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام، فقال: بئس ما صنعت، كان ينبغي
لك أن تبني على ما طفت، ثم قال: أما إنه ليس عليك شئ.
[وسائل الشيعة: ب 41 / الطواف / 2].
(2) عن أبي الحسن عليه السلام، في رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتل علة لا يقدر معها على إتمام الطواف؟
فقال: إن كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه، وإن كان طاف ثلاثة
أشواط ولا يقدر على الطواف فإن هذا مما غلب الله عليه.. فإن خلته العلة عاد فطاف
أسبوعا... الحديث. [المصدر السابق: ب 45 / الطواف / 2].
(3) الدروس الشرعية: 1: 404.
247

الرابع: ستر العورة (1)، نحو ما مر في الصلاة، على الأحوط الذي
لا يخلو عن قوة.
ويعتبر في الساتر بل في مطلق لباسه الإباحة، فلا يجوز ولا يجزئ
في المغصوب (2)، بل لو طاف في ثوب مغصوب أو على دابة
مغصوبة بطل طوافه.
والأولى بل الأحوط رعاية سائر ما اعتبر في لباس المصلي من
الشرائط والموانع (3).

(1) كما في صحيح حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس أن تطوف المرأة غير مخفوضة... الحديث.
[المصدر السابق: حديث 3].
(2) الخلاف 2: 322 / قواعد الأحكام 1: 425 / الدروس الشرعية 1: 393.
(3) منها: خبر حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث براءة - إن عليا عليه السلام قال: لا يطوف بالبيت عريان
ولا عريانة ولا مشرك. [وسائل الشيعة: ب 53 / الطواف / 7].
(4) كشف اللثام 1: 333.
248

الخامس: النية (1) والأمر سهل فيها على ما هو الأقوى عندنا من
أنها الداعي، ولا يعتبر فيها أزيد من التعيين كما تقدم في سائر
العبادات (2)، وإن كان الأولى أن يقول في عمرة التمتع: (أطوف
بالبيت سبعة أشواط لعمرة التمتع إلى حج الاسلام لوجوبه قربة إلى الله
تعالى) (3). وهذه الخمسة هي المعبر عنها بالشروط الخارجية.
ويعتبر في حقيقة الطواف أيضا أمور:
الأول: الابتداء بالحجر الأسود والاختتام به (4)، ويتحقق ذلك
بأن يبتدئ في الطواف بقليل مما قبله (5) ناويا أن يكون ابتداء طوافه

(1) نجاة العباد: 129.
(2) كما في صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من اختصر في الحجر الطواف فليعد
طوافه من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود. [وسائل الشيعة: ب 31 / الطواف / 3].
(3) تذكرة الفقهاء 1: 361 / مسالك الأفهام 2: 331.
(4) كما في صحيح معاوية بن عمار المتقدم.
249

مما يحاذيه، والزائد خارجا عن طوافه مقدمة علمية له (1).
وكذا في الختام أيضا، فإذا طاف كذلك فقد علم بتحقق الابتداء
والاختتام بالحجر الواجبين عليه تحقيقا، وإن لم يعلم بهما حال
تحققهما، وهذا مما لا بأس به.
الثاني: جعل البيت على اليسار (2).

(1) مدارك الأحكام 8: 126.
(2) يشير بذلك إلى النصوص الواردة في آداب الطواف ومستحباتها، منها: صحيح عبد الله بن سنان قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا كنت في الطواف السابع فائت المتعوذ... إلى أن يقول: ثم استلم الركن اليماني،
ثم ائت الحجر فاختم به. [وسائل الشيعة: ب 26 / الطواف / 1].
250

ويكفي في تحققه الصدق العرفي، فلا ينافي الانحراف
اليسير (1) إذا لم يكن منافيا لذلك.
نعم، لو جعله على يمينه، أو استقبله بوجهه، أو استدبره، ولو
بخطوة عمدا، أو سهوا ولو بمزاحمة آخر لم يصح تلك الخطوة (2)،
ويلزمه تداركها.
وينبغي التباعد في الطواف عن البيت، والتحفظ على التياسر
المذكور عند فتحتي الحجر، وعند الأركان، وإن كان الأقوى عدم لزوم
المداقة (3).
الثالث: إدخال حجر إسماعيل في الطواف (4)، بأن يطوف به ولا
يدخله.
فلو طاف بينه وبين البيت بطل طوافه (5)، ولو دخله في أثناء

(1) ذخيرة المعاد: 628 / مدارك الأحكام 8: 128.
(2) جواهر الكلام 19: 292.
(3) مدارك الأحكام 8: 128 / جواهر الكلام 19: 292.
(4) الخلاف 2: 324 / الغنية: 516.
(5) منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قلت: رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في
الحجر؟ قال: يعيد ذلك الشوط. [وسائل الشيعة: ب 31 / الطواف / 1].
251

طوافه أعاد ذلك الشوط (1)، بل الطواف بعد إتمامه على الأحوط (2).
الرابع: خروجه عن البيت وما يحسب منه، وعن الحجر، فلو
مشى على شاذروان الكعبة (3)، أو على حائط الحجر بطل ذلك الجزء
من طوافه (4)، ولزمه تداركه، بل الأحوط أن لا يمس جدار البيت (5)،
ولا حائط الحجر بيده (6)، والأولى أن لا يصل أصابع قدمه بأساس

(1) ذخيرة المعاد: 628 / مدارك الأحكام 8: 129 / الحدائق الناضرة 16: 108.
(2) عن أبي عبد الله عليه السلام، في الرجل يطوف بالبيت فيختصر في الحجر؟ قال: يقضي ما اختصر من
طوافه. [وسائل الشيعة: ب 31 / الطواف 2].
(3) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من اختصر في الحجر لطواف فليعد
طوافه... الحديث. [المصدر السابق: حديث 3].
(4) تذكرة الفقهاء 1: 362.
(5) الدروس الشرعية 1: 395.
(6) قواعد الأحكام 1: 426.
252

الحجر والشاذروان (1)، ولا يدنو منه مما حول الباب، بل يتباعد عنه
قدر أربع أصابع (2)، ويكون بينه وبين البيت من الجانب الأقل قدر
عرض الشاذروان.
الخامس: أن يكون طوافه بين البيت والصخرة التي هي
المقام (3) مراعيا ذلك القدر من البعد في جميع جوانب

(1) نجاة العباد: 131.
(2) المصدر السابق.
(3) الغنية: 516.
(4) وفيه: والحد قبل اليوم واليوم واحد، قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلها: فمن طاف
فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت، بمنزلة من طاف بالمسجد، لأنه طاف في
غير الحد ولا طواف له. [وسائل الشيعة: ب 28 / الطواف / 1].
(5) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الطواف خلف المقام؟ قال: ما أحب ذلك، وما أرى به بأسا، فلا تفعله
إلا أن لا تجد منه بدا. [المصدر السابق: حديث 2].
(6) من لا يحضره الفقيه 2: 249.
(7) مختلف الشيعة 1: 288.
253

البيت (1) حتى جهة الحجر (2)، فيضيق المطاف حينئذ من تلك
الجهة، ويكون قريبا من ستة أذرع، ويقرب في سائر الجوانب من ستة
وعشرين ذراعا (3) حسب تحديدات الأساطين.
فلو وقع شئ من الطواف خارجا عن الحد المذكور لزم تداركه
إلا إذا كان للتقية (4).

(1) مختلف الشيعة 1: 288 / منتهى المطلب 2: 691 / تذكرة الفقهاء 1: 362.
(2) مدارك الأحكام 8: 131.
(3) مسالك الأفهام 2: 333.
(4) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحجر أمن البيت هو أو فيه شئ من البيت؟ فقال: لا، ولا قلامة ظفر.
[وسائل الشيعة: ب 30 / الطواف / 1].
(5) مدارك الأحكام 8: 131.
(6) كشف اللثام 1: 335 / أخبار مكة 2: 85.
254

السادس: العدد، وهو سبعة أشواط (1) بلا زيادة ولا نقيصة، فلو
زاد أو نقص في ابتداء النية أو في أثنائها بطل على كل تقدير، وكان آثما
في تشريعه (2).
وكذا لو زاد بعد إكماله - أيضا - بعنوان الجزئية له، أو لطواف
واجب آخر قرنه بالأول على الأحوط الذي لا يخلو عن قوة (3).

(1) كذا في المطبوع
(2) وسائل الشيعة: ب 34 / الطواف / 11
255

نعم، لا بأس بما إذا كانت الزيادة بعنوان المقدمية له (1) كما
تقدم، أو بقصد اللغوية، أو الجزئية لطواف مستحب آخر (2).
ولو زاد سهوا، فإن كان أقل من شوط قطعه (3)، وإن كان شوطا
فما زاد فالأحوط إكماله سبعا (4)، ويكون نافلة له. ويصلي للأول قبل

(1) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط، قال: إذا ذكر قبل أن يبلغ الركن
فليقطعه. [المصدر السابق: حديث 3].
(2) المصدر السابق: حديث 5.
(3) منها: صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام، قال: في كتاب علي عليه السلام إذا طاف الرجل بالبيت
ثمانية أشواط الفريضة، فاستيقن ثمانية أضاف إليها ستا. [وسائل الشيعة: ب 34 / الطواف / 10].
(4) من لا يحضره الفقيه 2: 248 / مختلف الشيعة 1: 289، ونسبه فيه إلى علي بن بابويه وابن الجنيد.
(5) قواعد الأحكام 1: 426 / الدروس الشرعية 1: 402 / الروضة البهية 2: 250.
(6) فقه الرضا: 220.
256

السعي، وللثاني بعده (1).
ويحرم القران بين الطوافين (2) - بمعنى عدم الفصل بينهما

(1) وفيه: إن الفريضة هي الطواف الثاني... الحديث. [من لا يحضره الفقيه 2: 248].
(2) المقنع: 85.
(3) ففي أحدهما: قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض؟ قال يعيد
حتى يثبته. ونحوه حديثه الآخر المضمر. [وسائل الشيعة: ب 34 / الطواف / 1، 2].
(4) الحدائق الناضرة 16: 205.
(5) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سمعته يقول: من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة
عشر شوطا، ثم ليصل ركعتين. [وسائل الشيعة: ب 34 / الطواف / 5].
(6) وفيه: يضيف إليها ستة، فإذا فرغ صلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام، ثم خرج إلى الصفا والمروة
فطاف بينهما، فإذا فرغ صلى ركعتين أخراوين، فكان طواف نافلة وطواف فريضة.
[المصدر السابق: حديث 15].
(7) منها: صحيح البزنطي قال: سأل رجل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يطوف الأسباع جميعا فيقرن؟ فقال:
لا، إلا أسبوع وركعتان... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 36 / الطواف / 7].
257

بالصلاة - في الفريضة، ويكره في النافلة (1).
ولو قرن ففي الفريضة يقوى بطلان الأخير (2)، بل الأول
أيضا (3) على الأحوط. وفي النافلة يقطعه على وتر كالثلاثة أو
الخمسة (4).
ولو نقص من طوافه فإن كان في المطاف ولم تفت الموالاة

(1) السرائر الحاوي 1: 572 / مختلف الشيعة 1: 290 / الدروس الشرعية: 1: 406.
(2) التنقيح الرائع 1: 502.
(3) كما في صحيح زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنما يكره أن يجمع الرجل بين الأسبوعين والطوافين
في الفريضة، وأما في النافلة فلا بأس. [وسائل الشيعة: ب 36 / الطواف / 1].
(4) عن جعفر، عن أبيه أنه كان يكره أن ينصرف في الطواف إلا على وتر من طوافه.
[وسائل الشيعة: ب 37 / الطواف / 1].
258

المعتبرة في الطواف - على ما هو الأحوط فيه (1) - أكمل النقص
وأجزأه مطلقا (2).
وكذا مع فوات الموالاة أيضا، إذا كان النقص عن سهو والطواف
نافلة مطلقا (3)، أو كان فريضة وقد تم له أربعة أشواط (4)، فيبني

(1) وسائل الشيعة: ب 41 / الطواف / 5.
(2) عن أحدهما عليهما السلام قال في الرجل يطوف ثم تعرض له الحاجة، قال: لا بأس أن يذهب في حاجته أو
حاجة غيره ويقطع الطواف... فإذا رجع بنى على طوافه، وإن كان نافلة بنى على الشوط والشوطين،
وإن كان فريضة ثم خرج في حاجة مع رجل لم يبن، ولا في حاجة نفسه.
[المصدر السابق: حديث 8].
(3) كشف اللثام 1: 337 / مدارك الأحكام 8: 148.
(4) جواهر الكلام 19: 327 / وسائل الشيعة: ب 85 / الطواف / 4.
(5) وسائل الشيعة: ب 86 / الطواف / 1.
(6) تقدم في تعليقة رقم (1) ص 4 ص 246.
259

حينئذ على موضع القطع متى تذكر، وإلا استأنف (1).
ولو تذكر النقص بعد خروجه عن مكة كان كمن نسي الطواف
رأسا، وقد تقدم حكمه
أما لو تعمد القطع فإن كان لضرورة أو حاجة تفوته جاز

(1) مدارك الأحكام 8: 149.
(2) قال: سأله سليمان بن خالد - وأنا معه - عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط؟ قال أبو عبد الله عليه السلام:
وكيف طاف ستة أشواط؟ قال: استقبل الحجر وقال: الله أكبر، وعقد واحدا، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
يطوف شوطا... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 32 / الطواف / 1].
(3) عن أبي الحسن عليه السلام، في رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتل علة لا يقدر معها على إتمام الطواف؟
فقال: إن كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه، وإن كان طاف ثلاثة
أشواط ولا يقدر على الطواف فإن هذا مما غلب الله عليه، فلا بأس بأن يؤخر الطواف يوما يومين،
فإن خلته العلة عاد فطاف أسبوعا... الحديث. [المصدر السابق: ب 45 / الطواف / 2]
260

القطع (1)، فإن تم له أربعة أشواط أكمله من موضع القطع (2)، وإلا
استأنف. ولو لم تكن لضرورة ولا تفوته حاجة لم يجز قطع الطواف
الواجب (3) حتى لدخول البيت على الأحوط.
ولو قطعه بطل مطلقا ولزم الاستئناف (4)، وإن كان الأحوط

(1) كما في مرسل النخعي وجميل عن أحدهما عليهما السلام قال: في الرجل يطوف ثم تعرض له الحاجة، قال:
لا بأس أن يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف... الحديث.
[وسائل الشيعة ب 41 / الطواف / 8].
(2) كأنه يشير إلى قوله عليه السلام في خبر أبان: لقضاء حاجة مؤمن خير من طواف وطواف حتى عد عشر
أسابيع، فقلت له: جعلت فداك فريضة أم نافلة؟ فقال: يا أبان إنما يسأل الله العباد عن الفرائض لا عن
النوافل. [وسائل الشيعة: ب 41 / الطواف / 7].
(3) كما ورد ذلك في ذيل مرسل النخعي وجميل عن أحدهما عليهما السلام، حيث يقول عليه السلام: وإن كان طواف
فريضة ثم خرج في حاجة مع رجل لم يبن، ولا في حاجة نفسه. [وسائل الشيعة: ب 41 / الطواف / 8].
(4) تقدم في تعليقة رقم 4 ص 259.
261

الاتمام ثم الإعادة فيما إذا كان القطع بعد أن تمت له أربعة أشواط.
ولو شك في عدد الأشواط أو في صحتها لم يلتفت إن كان بعد
الفراغ (1)، أو شك في آخر الشوط أنه السابع أو أزيد (2).
ولو حدث هذا الشك أو شك آخر في الأثناء مطلقا (3) استأنف
الطواف (4)،

(1) تقدم في هامش رقم 3 ص 260.
(2) قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام في الطواف فجاء رجل من إخواني فسألني أن أمشي معه في
حاجة... إلى أن يقول: قال: يا أبان اقطع طوافك وانطلق معه في حاجته فاقضها له، فقلت: إني لم أتم
طوافي، قال: احص ما طفت وانطلق معه في حاجته فاقضها له، فقلت: وإن كان طواف فريضة؟ فقال:
نعم، وكان كان طواف فريضة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 41 / الطواف / 7].
(3) منها: صحيح الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر
أسبعة طاف أم ثمانية، فقال: أما السبعة فقد استيقن، وإنما وقع وهمه على الثامن، فليصل ركعتين.
[وسائل الشيعة: ب 35 / الطواف / 1].
(4) منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام، في رجل لم يدر ستة طاف أو سبعة؟ قال: يستقبل.
[وسائل الشيعة: ب 33 / الطواف / 9].
262

في جميع الصور (1)، وإن كان الاتمام بالبناء على الأقل ثم الاستئناف
في جميعها هو الأحوط الذي لا ينبغي تركه.
ولو كان الطواف نافلة بنى على الأقل مطلقا (2).

(1) الكافي في الفقه: 195 / مختلف الشيعة: 4: 187، ونقله عن علي بن بابويه، وابن الجنيد.
(2) إذ يقول: من طاف بالبيت فلم يدر أستا طاف أم سبعا، فليطف طوافا آخر ليستيقن أنه قد طاف سبعا.
[المقنعة: 440].
(3) وفيه: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني طفت فلم أدر أستة طفت أم سبعة، فطفت طوافا آخر، فقال: هلا
استأنفت؟ قلت: طفت وذهبت، قال: ليس عليك شئ. [وسائل الشيعة: ب 33 / الطواف / 3].
(4) مدارك الأحكام 8: 180.
(5) نقله عنه في جواهر الكلام 19: 383.
(6) منها: خبر أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل شك في طواف الفريضة، قال: يعيد كلمات
شك، قلت: جعلت فداك شك في طواف نافلة، قال: يبني على الأقل.
[وسائل الشيعة: ب 33 / الطواف / 12].
263

ويستحب أن يطوف حافيا، مقصرا في خطوته، مشغولا
بالذكر (1)، والدعاء (2)، وقراءة القرآن (3)، تاركا كل ما يكره في
الصلاة (4)، وكل لغو وعبث.
وأن يستلم الحجر (5)، ويقبله في كل شوط (6) زيادة على

(1) ففي مرسل الصدوق: وسئل عليه السلام عن رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة... إلى أن يقول: قال: إن كان
طواف نافلة فابن على ما شئت. [من لا يحضره الفقيه 2: 249 / المصدر السابق: حديث 6].
(2) تذكرة الفقهاء 1: 365 / مسالك الأفهام 2: 350.
(3) وسائل الشيعة: ب 5 / الطواف / 1.
(4) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: دخلت الطواف فلم يفتح لي شئ من الدعاء إلا الصلاة على محمد
وآل محمد، وسعيت فكان كذلك، فقال: ما أعطي أحد ممن سأل أفضل مما أعطيت.
[وسائل الشيعة: ب 21 / الطواف / 1].
(5) المصدر السابق: ب 55 / الطواف / 1.
(6) المصدر السابق: ب 22 / الطواف / 3.
(7) المراسم: 114.
(8) الجمل والعقود: 231 / المهذب 1: 233 / تذكرة الفقهاء 1: 363.
264

الابتداء والاختتام (1)، إن أمكنه من دون أن يؤذي أحدا (2)، ويؤخره
عنه.
وأفضل أوقاته عند الزوال (3).
ويستحب أن يدعو حال الطواف بهذا الدعاء (4):
(اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشى به على ظلل الماء كما
يمشى به على جدد الأرض - وأسألك باسمك الذي يهتز له عرشك -
وأسألك باسمك الذي تهتز له أقدام ملائكتك - وأسألك باسمك الذي
دعاك به موسى من جانب الطور فاستجبت له وألقيت عليه محبة
منك - وأسألك باسمك الذي غفرت به لمحمد صلى الله عليه وآله ما
تقدم من ذنبه وما تأخر - وأتممت عليه نعمتك أن تفعل بي كذا وكذا).
فيطلب حاجته.
ويستحب - أيضا - في حال الطواف أن يقول:

(1) وسائل الشيعة: ب 16 / الطواف / 1.
(2) وفيه: أن رجلا أتى أبا عبد الله عليه السلام في الطواف فقال: ما تقول في استلام الحجر؟ فقال: استلمه
رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: ما أراك استلمته، قال: أكره أن أؤذي أحدا أو أتأذى... الحديث.
[وسائل الشيعة: حديث 8].
(3) المصدر السابق: ب 5 / الطواف / 1.
(4) المصدر السابق: ب 20 / الطواف / 1.
265

اللهم إني إليك فقير - وإني خائف مستجير - فلا تغير جسمي -
ولا تبدل اسمي.
وكلما انتهيت إلى باب الكعبة في كل شوط فصل على محمد
وآله وادع بهذا الدعاء:
(سائلك فقيرك مسكينك ببابك - فتصدق عليه بالجنة - اللهم
البيت بيتك - والحرم حرمك - والعبد عبدك - وهذا مقام العائذ بك -
المستجير بك من النار - فأعتقني ووالدي وأهلي وولدي وإخواني
المؤمنين من النار - يا جواد يا كريم).
فإذا وصل إلى حجر إسماعيل فليستقبل الميزاب الذهب
ويقول (1):
(اللهم أدخلني الجنة - وأجرني من النار برحمتك - وعافني
من السقم - وأوسع على من الرزق الحلال - وادرأ عني شر فسقة
الجن والإنس - وشر فسقة العرب والعجم).
وإذا مضى عن الحجر، ووصل إلى خلف البيت يقول (2):
(يا ذا المن والطول - يا ذا الجود والكرم - إن عملي ضعيف

(1) وسائل الشيعة: ب 20 / الطواف / 5.
(2) المصدر السابق: حديث 6، بأدنى تفاوت.
266

فضاعفه لي - وتقبله مني إنك أنت السميع العليم).
وإذا وصل إلى الركن اليماني يرفع يديه ويقول (1):
(يا الله - يا ولي العافية - وخالق العافية - ورازق العافية -
والمنعم بالعافية - والمنان بالعافية - والمتفضل بالعافية على وعلى
جميع خلقك - يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما - صل على محمد
وآل محمد - وارزقنا العافية - وتمام العافية - وشكر العافية في الدنيا
والآخرة يا أرحم الراحمين).
ثم يرفع رأسه إلى الكعبة ويقول (2):
(الحمد لله الذي شرفك وعظمك - والحمد لله الذي بعث محمدا
نبيا - وجعل عليا إماما - اللهم اهد له خيار خلقك - وجنبه شرار
خلقك).
وفي ما بين الركن اليماني والحجر الأسود يقول (3):
(ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب
النار).
وفي الشوط السابع إذا وصل المستجار، وهو خلف الكعبة،

(1) المصدر السابق: حديث 7، بأدنى تفاوت، وفيه: سعد بن سعد.
(2) وسائل الشيعة: ب 12 / الطواف / 5.
(3) المصدر السابق: ب 20 / الطواف / 2.
267

قريب من الركن اليماني، يقوم بحذاء الكعبة (1)، ويبسط يديه على
حائطه، ويلصق به بطنه، وخده، ويقر بذنوبه مسميا لها، ويتوب
ويستغفر الله تعالى منها ويقول:
اللهم البيت بيتك - والعبد عبدك - وهذا مقام العائذ بك من
النار.
اللهم من قبلك الروح والفرج والعافية.
اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي - واغفر لي ما اطلعت عليه
مني وخفي على خلقك.
أستجير بالله من النار.
ويقول (2):
اللهم إن عندي أفواجا من ذنوب - وأفواجا من خطايا - وعندك
أفواج من رحمة - وأفواج من مغفرة - يا من استجاب لأبغض خلقه إذ
قال: أنظرني إلى يوم يبعثون - استجب لي.
فاطلب حاجتك، وادع كثيرا، واعترف بذنوبك، فما كنت متذكرا
إياها فاذكرها مفصلا، وما كنت ناسيا إياها فاعترف بها

(1) المصدر السابق: ب 26 / الطواف / 9.
(2) تفسير العياشي: 2: 241، سورة الحجر: 36
268

مجملا (1)، واستغفر الله فإنه يغفر لك إن شاء الله.
فإذا وصلت الحجر الأسود فقل (2):
اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي في ما آتيتني.

(1) الخصال: 617 / وسائل الشيعة: ب 29 / الطواف / 8، 6.
(2) وسائل الشيعة: ب 26 / الطواف / 9.
269

المقصد الثالث
في صلاة الطواف
وهي ركعتان (1) مثل فريضة الغداة، يتخير المكلف فيها بين
الجهر والاخفات.
والأفضل قراءة التوحيد في أولاهما، والجحد في الثانية (2)،

(1) الخلاف 2: 327، وفيه: وبه قال: عامة أهل العلم...
(2) وسائل الشيعة: ب 76 / الطواف / 3.
(3) المصدر السابق: ب 72 / الطواف.
(4) الخلاف 2: 327، وفيه: - بعد ذكر القول بعدم الوجوب - وبه قال قوم من أصحابنا.
(5) وسائل الشيعة: ب 71 / الطواف / 3.
(6) لم أجده في السرائر، ويبدو لي - واضحا - أنه تصحيف عن التحرير، ولعله ناشئ عن
استعماله قدس سره رمزه (ير) فالتبس على الناسخ برمز السرائر (ئر). انظر: تحرير الأحكام 1: 98 / الدروس
الشرعية 1: 175.
271

والأحوط فيها رعاية الفورية العرفية (1).
وإذا كان الطواف فريضة فالأحوط الذي لا يخلو عن قوة هو
فعلهما خلف المقام (2)، وهو الصخرة التي عليها أثر قدم الخليل
(عليه وعلى نبينا وآله السلام)، قريبا منها قدر ما يصدق الصلاة

(1) ففي صحيح معاوية: ولا تؤخرها ساعة تطوف وتفرغ، فصلهما.
وفي صحيح محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل طاف طواف الفريضة وفرغ من
طوافه حين غربت الشمس؟ قال: وجبت عليه الساعة الركعتان فليصلهما قبل المغرب.
[وسائل الشيعة: ب 76 / الطواف / 3، 1].
(2) منتهى المطلب 2: 692.
(3) وسائل الشيعة: ب 76 / الطواف / 11.
(4) كما في صحيح محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن ركعتي طواف الفريضة؟ فقال: وقتهما
إذا فرغت من طوافك، وأكرهه عند اصفرار الشمس وعند طلوعها. [المصدر السابق: حديث 7].
(5) كما في صحيح معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: - في حديث - وهاتان الركعتان هما
الفريضة، ليس يكره لك أن تصليها في أي الساعات (الساعة خ. ل) شئت، عند طلوع الشمس، وعند
غروبها... الحديث. [المصدر السابق: حديث 3].
(6) الدروس الشرعية 1: 397 / مدارك الأحكام 8: 141 / جواهر الكلام 19: 31.
272

عندها (1) إن أمكنه، بل الأولى استقباله لها بوجهه (2)، وإلا يراعى
الأقرب فالأقرب من جهة الخلف (3)، ثم من أحد الجانبين (4)، ولو لم
يتيسر له فحيث شاء من المسجد مع رعاية الأقرب إلى الخلف
فالأقرب.
ولو نسيها أتى بها متى تذكر (5)، ولو لم يتذكر إلا بعد خروجه

(1) وسائل الشيعة: ب 71 / الطواف / 3.
(2) كما في خبر زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: لا ينبغي أن تصلي ركعتي طواف الفريضة إلا عند مقام
إبراهيم عليه السلام... الحديث. [المصدر السابق: ب 73 / الطواف / 1].
(3) شرائع الاسلام 1: 243 / المبسوط 1: 360 / قواعد الأحكام 1: 427.
(4) نجاة العباد: 133.
(5) مستند الشيعة 2: 235.
(6) منها: صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سئل عن رجل طاف طواف الفريضة ولم يصل
الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة... قال: يرجع إلى المقام فيصلي الركعتين.
[وسائل الشيعة: ب 74 / الطواف / 5].
273

من مكة لزمه الرجوع لفعلها خلف المقام مع عدم المشقة (1)، وإلا فلو
أمكنه الرجوع إلى الحرم وفعلها فيه بلا مشقة فهو الأحوط (2)، وإلا
فحيث شاء. والأولى أن يستنيب أيضا لفعلها خلف المقام (3).

(1) المصدر السابق: حديث 18.
(2) المصدر السابق: حديث 10.
(3) من لا يحضره الفقيه 2: 253 / الإستبصار 2: 234 وما بعدها.
(4) مستند الشيعة 2: 235.
(5) وسائل الشيعة: ب 74 / الطواف / 9، وفيه: حيثما ذكر.
(6) الدروس الشرعية 1: 396.
(7) كما في رواية عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام في من نسي ركعتي الطواف حتى ارتحل من مكة،
قال: إن كان قد مضى قليلا فليرجع فليصلهما، أو يأمر بعض الناس فليصلهما عنه.
[وسائل الشيعة: ب 74 / الطواف / 14].
274

ولو مات قبل أن يقضيها قضى عنه وليه (1).
ويلحق الجاهل وإن كان مقصرا - حتى في تعلم الصلاة -
بالناسي (2).
أما المقصر في تصحيح القراءة فإن كان غافلا عن تقصيره، مثل
من يبدل الضاد ظاء ويرى صحة قرائته فكالناسي يقضي صلاة طواف
العمرة والحج كسائر صلواته متى علم بهذا اللحن (3)، ويستنيب

(1) لم أجده في السرائر، بل هو في التحرير، ولعله التباس ناشئ من استعمال الرموز، كما تقدم نظيره
قريبا. انظر: تحرير الأحكام 1: 98.
(2) وسائل الشيعة: ب 74 / الطواف / 13.
(3) جواهر الكلام 19: 307 / مدارك الأحكام 8: 136.
(4) وسائل الشيعة: ب 74 / الطواف / 3.
275

أيضا على الأحوط كما تقدم في الناسي.
ولو كان ملتفتا إليه - كأغلب الأعجمين - فإن أمكنه التعلم ولو
قبل أن يتضيق وقت الطواف أخره وتعلم، ويجزيه أن يتلقن القراءة
الصحيحة من معلم حال فعل الصلاة.
ولو لم يتمكن من الأمرين فالأحوط أن يصلي أولا بقراءته
الملحونة، ثم يقتدي (1) ولو بمن يصلي اليومية (2) هناك برجاء
المطلوبية، ثم يستنيب من يصلي عنه على الأحوط.
ولو حاضت المرأة قبل صلاة الطواف، بل بعد أن تم لها أربعة
أشواط (3) أتت ببقية المناسك (4)، وتقضي الفائت بعد

(1) مستمسك العروة الوثقى 7: 163 و 176.
(2) تقدم في ص 259.
(3) السرائر الحاوي: 1: 623.
276

طهرها مطلقا (1).
لكن لو لم تطهر قبل وقت الوقوف فالأحوط أن تستنيب لقضاء
الفائت قبل خروجها إلى الموقف، وتقضيه بنفسها بعد ذلك.
ولو حاضت قبل الأربعة انقلب حجها إفرادا (2) كما تقدم.
والمستحاضة لو فعلت ما عليها فكالطاهرة (3).

(1) مدارك الأحكام 7: 182.
(2) إذ فيه: قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن المرأة تدخل مكة متمتعة فتحيض قبل أن تحل، متى
تذهب متعتها؟ فقال: كان جعفر عليه السلام يقول: زوال الشمس من يوم التروية، وكان موسى عليه السلام يقول:
صلاة الصبح من يوم التروية... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 21 / أقسام الحج / 14].
(3) المقنع: 84.
(4) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقل من ذلك ثم رأت دما؟ قال: تحفظ
مكانها، فإذا طهرت طافت واعتدت بما مضى. [المقنع: 84 / وسائل الشيعة: ب 85 / الطواف / 3].
(5) عن أبي جعفر عليه السلام، إن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله حين
أرادت الاحرام من ذي الحليفة أن تحتشي بالكرسف والخرق، وتهل بالحج، فلما قدموا وقد نسكوا
المناسك وقد أتى لها ثمانية عشر يوما، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تطوف بالبيت وتصلي ولم ينقطع
عنها الدم ففعلت ذلك. [وسائل الشيعة: ب 91 / الطواف / 1].
277

ولو ترك الصلاة الطواف عمدا ففي صحة المناسك المترتبة عليها
من السعي وغيره، وبقاء نفس الصلاة في ذمته كالناسي، أو فسادها
ووجوب الحج عليه في العام القابل، وجهان لا يخلو أولهما عن وجه
قوي (1). لكن الاحتياط شديد لا ينبغي تركه.

(1) جواهر الكلام 19: 307.
(2) وسائل الشيعة: ب 86 / الطواف / 1.
(3) مدارك الأحكام 8: 136 / ذخيرة المعاد: 630.
278

هذا كله إذا كان الطواف فريضة، ولو كان نافلة فالأولى بل
الأحوط أن لا يترك صلاته، لكنه مخير في الاتيان بها حيث شاء (1).
وبعد صلاة الطواف يستحب الحمد والثناء لله تعالى، والصلاة
على رسوله وآله صلوات الله عليهم، وأن يسأل القبول منه سبحانه،
ويدعو بهذا الدعاء (2):
اللهم تقبل مني، ولا تجعله آخر العهد مني.
الحمد لله بمحامده كلها على نعمائه كلها، حتى ينتهي الحمد إلى
ما يحب ويرضى.
اللهم صل على محمد وآل محمد، وتقبل مني، وطهر قلبي، وزك
عملي.

(1) وسائل الشيعة: ب 73 / الطواف / 1.
(2) مستند الشيعة 2: 235.
(3) عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: سألته عن الرجل يطوف بعد الفجر فيصلي
الركعتين خارجا من المسجد؟ قال: يصلي بمكة لا يخرج منها... الحديث.
[قرب الإسناد: / وسائل الشيعة: ب 73 / الطواف / 4].
(4) من لا يحضره الفقيه 2: 318.
279

وفي رواية أخرى (1) يقول:
اللهم ارحمني بطاعتي إياك وطاعتي رسولك صلى الله عليه
وآله. اللهم جنبني أن أتعدى حدودك، واجعلني ممن يحبك، ويحب
رسولك، وملائكتك، وعبادك الصالحين.
ثم يسجد ويقول (2):
سجد لك وجهي تعبدا ورقا، لا إله إلا أنت حقا حقا، الأول قبل كل
شئ، والآخر بعد كل شئ، وها أنا ذا بين يديك، ناصيتي بيدك، فاغفر
لي فإنه لا يغفر الذنب العظيم غيرك، فإني مقر بذنوبي على نفسي، ولا
يدفع الذنب العظيم غيرك.

(1) تهذيب الأحكام 5: 143، وفيه: اللهم ارحمني بطواعيتي إياك وطواعيتي رسولك... الدعاء. وانظر:
وسائل الشيعة ب 78 / الطواف / 1.
(2) المصدر السابق: حديث 2.
280

الفصل الرابع
في السعي
وهو واجب في عمرة التمتع (1)، بل في كل إحرام (2) مرة بعد
صلاة الطواف، وركن يبطل الحج بتعمد تركه (3)، وإن كان عن جهل،
على إشكال أقواه ذلك (4). وحكم الناسي هنا هو حكم ناسي
الطواف (5)، وقد تقدم.

(1) وسائل الشيعة: ب 1 / السعي / 1.
(2) المصدر السابق: ب 7 / السعي / 2.
(3) المصدر السابق: حديث 3.
(4) مسالك الأفهام 2: 359 / مدارك الأحكام 8: 212 / جواهر الكلام 19: 430.
281

ولا يحل من أخل به حتى يأتي به كلا بنفسه أو نائبه، فلو واقع
قبله بزعم الاحلال لزمته الكفارة (1)،

(1) الغنية: 516، 517.
(2) كما في صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الرجل نسي السعي بين الصفا
والمروة؟ قال: يعيد السعي، قلت: فإنه خرج، قال: يرجع فيعيد السعي... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب / 8 السعي / 1].
(2) كما في صحيح محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا
والمروة؟ قال: يطاف عنه. [المصدر السابق: حديث 3].
(4) وسائل الشيعة: ب 14 / السعي / 2.
(5) النهاية: 231 / السرائر الحاوي 1: 580 / الجامع للشرائع: 203.
(6) شرائع الاسلام 1: 249 / قواعد الأحكام 1: 431.
(7) إيضاح ترددات الشرائع 1: 204 / مجمع الفائدة والبرهان 7: 172.
(8) المبسوط 1: 337 / المهذب في الفقه 1: 223.
282

بل لو قلم أظفاره (1) أيضا على الأحوط.
ولنبين سننه وواجباته في مقصدين:
المقصد الأول
في السنن قبله وفيه وبعده.
يستحب بعد الفراغ من ركعتي الطواف وإرادة الخروج إلى الصفا
تقبيل الحجر واستلامه (2)، وإن لم يتمكن فالإشارة إليه (3).
والاستقاء بنفسه من زمزم (4) دلوا أو دلوين (5)، وليكن ذلك

(1) وسائل الشيعة: ب 14 / السعي / 1.
(2) المصدر السابق: ب 2 / السعي / 1.
(3) المصدر السابق: ب 2 / السعي / 4.
(4) المصدر السابق: حديث 2.
283

بالدلو الذي بحذاء الحجر (1)، وليشرب منه (2)، وليصب على رأسه
وظهره (3)، ويقول وهو مستقبل الكعبة:
اللهم اجعله علما نافعا، ورزقا واسعا، وشفاء من كل داء
وسقم (4).
والأولى استلام الحجر قبل الشرب (5) وبعده (6)، عند خروجه
إلى الصفا.
ويستحب الخروج من الباب الذي يقابل الحجر الأسود، بسكينة
ووقار حتى يقطع الوادي، ويصعد جبل الصفا بحيث ينظر إلى
البيت (7)، وليستقبل الركن الذي فيه الحجر، ويحمد الله، ويثني عليه،
ويتذكر نعماءه، ثم يقول سبع مرات: (الله أكبر)، ويقول سبع مرات:

(1) وسائل الشيعة: ب 14 / السعي / 4.
(2) المصدر السابق: حديث 1، 2.
(3) المصدر السابق: ب 2 / أقسام الحج / 14
(4) المصدر السابق: حديث 15.
(5) المصدر السابق: ب 4 / السعي / 1.
284

(الحمد لله)، وسبع مرات: (لا إله إلا الله)، ثم يقول ثلاث مرات:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي
ويميت (ويميت ويحيي خ)، وهو حي لا يموت. (بيده الخير خ) وهو
على كل شئ قدير.
ثم يصلي على محمد وآله، ويقول ثلاث مرات:
الله أكبر على ما هدانا، الحمد لله على ما أولانا، والحمد لله الحي
القيوم، والحمد لله الحي الدائم.
ثم يقول ثلاث مرات:
أشهد أن لا إله إلا الله (وحده لا شريك له خ) وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله، لا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره المشركون.
وثلاث مرات:
اللهم إني أسألك العفو والعافية، واليقين في الدنيا والآخرة.
وثلاث مرات:
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
ثم يقول مائة مرة: (الله أكبر)، ومائة مرة: (لا إله إلا الله) ومائة
مرة: (الحمد لله) ومائة مرة: (سبحان الله).
ثم يقول:
لا إله إلا الله وحده (وحده خ)، أنجز وعده ونصر عبده، وغلب
الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد وحده وحده.
اللهم بارك لي في الموت وفي ما بعد الموت. اللهم إني أعوذ بك
من ظلمة القبر ووحشته.
اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك.
285

وأكثر استيداع دينك ونفسك وأهلك لله، وقل:
أستودع الله الرحمن الرحيم الذي لا تضيع ودائعه ديني ونفسي
وأهلي. اللهم استعملني على كتابك وسنة نبيك، وتوفني على ملته،
وأعذني من الفتنة.
ثم يقول ثلاث مرات: (الله أكبر)، ثم يدعو بالدعاء السابق مرتين،
ثم يقول مرة (الله أكبر)، ثم يدعو بالدعاء السابق، وإن لم تتمكن من
جميع ذلك فأت بما تيسر لك.
ويستحب هذا الدعاء:
اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته قط، فإن عدت فعد علي بالمغفرة
فإنك أنت الغفور الرحيم. اللهم افعل بي ما أنت أهله، فإنك إن تفعل
بي ما أنت أهله ترحمني، وإن تعذبني فأنت غنى عن عذابي، وأنا
محتاج إلى رحمتك، فيا من أنا محتاج إلى رحمته ارحمني. اللهم لا
تفعل بي ما أنا أهله، فإنك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذبني ولم (ولن
خ. ل) تظلمني، أصبحت أتقي عدلك، ولا أخاف جورك. فيا من هو
عدل لا يجور ارحمني.
ثم قل:
يا من لا يخيب سائله، ولا ينفد نائله، صل على محمد وآل محمد
وأجرني من النار برحمتك.
وفي الحديث: من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف في الصفا (1).

(1) وسائل الشيعة: ب 5 / السعي / 1، 2.
286

وفي الدرجة الرابعة يتوجه إلى الكعبة ويقول:
اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وفتنته، وغربته، ووحشته،
وظلمته، وضيقه وضنكه.
اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك.
ثم ينحدر منها، ويكشف ظهره ويقول:
يا رب العفو، يا من أمر بالعفو، يا من هو أولى بالعفو، يا من يثيب
على العفو، العفو العفو العفو، يا جواد، يا كريم، يا قريب، يا بعيد، أردد
على نعمتك، واستعملني بطاعتك، ومرضاتك.
ويستحب أن يكون حال السعي ماشيا لا راكبا، وأن يقصد في
مشيه من الصفا إلى المنارة، ومنها يهرول إلى سوق العطارين مثل
البعير، وإن كان راكبا يحرك دابته ما لم يؤذ أحدا، ومنه يقصد في
المشي إلى المروة، وليس هذه الهرولة للنساء.
وإذا وصل إلى المنارة يقول:
بسم الله، وبالله، والله أكبر، وصلى الله على محمد وأهل بيته، اللهم
اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، واهدني للتي
هي أقوم. اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه لي، وتقبل مني.
اللهم لك سعيي، وبك حولي وقوتي، تقبل مني عملي، يا من
يقبل عمل المتقين.
ثم يهرول إلى المنارة الأخرى، وإذا تجاوز عنها يقول:
يا ذا المن، والفضل، والكرم، والنعماء، والجود، اغفر لي ذنوبي
إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.
وإذا وصل إلى المروة فيقرأ الأدعية الأولى التي يقرؤها في
287

الصفا، فيقول:
اللهم يا من أمر بالعفو، يا من يحب العفو، يا من يعطي على
العفو، يا من يعفو على العفو، يا رب العفو العفو العفو.
وينبغي أن يجد جده بالبكاء، ويدعو كثيرا ويتباكى ويقرأ هذا
الدعاء:
اللهم إني أسألك حسن الظن بك على كل حال، وصدق النية في
التوكل عليك.
ولو نسي الهرولة ففي أي موضع تذكر يرجع القهقهرى إلى
موضع الهرولة ويهرول.
ولا بأس بأن يجلس في خلال السعي للراحة على الصفا
والمروة، وإن كان لا ينبغي فعله إلا من جهد، كما لا ينبغي الجلوس
مطلقا إلا للراحة. والله أعلم.
288

المقصد الثاني
في واجباته
وهي أمور:
الأول: النية مقارنة لأوله، مشتملة على قصده، والقربة (1).
ولا يعتبر فيها شئ آخر (2)، وإن كان الأولى إخطارها، بل التلفظ
بها مشتملة على نية الوجه، بأن يقول: (أسعى بين الصفا والمروة سبعة
أشواط، لعمرة التمتع إلى حج الاسلام، لوجوبه، امتثالا لأمر الله
سبحانه)، ويستديم حكمها إلى آخره مع الاتصال، ولو فصل كفاه العود
بنية الاتمام، لكن الأحوط تجديدها.
ثانيها: البدأة بالصفا (3)،

(1) جواهر الكلام 19: 417.
(2) الخلاف 1: 328 / تذكرة الفقهاء 1: 366 / كشف اللثام 1: 346 / جواهر الكلام 19: 418.
(2) منها ما رواه معاوية بن عمار - في الصحيح - عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: ثم طف بينهما
سبعة أشواط، تبدأ بالصفا وتختم بالمروة. [وسائل الشيعة: ب 6 / السعي / 1].
289

ويتحقق بإلصاق عقبه به (1)، والأحوط إلصاق العقبين، وعند العود
- أيضا - يلصق أصابع قدميه على الأحوط، والأولى - بل الأحوط -
إلصاقها بموضع عقبه أولا (2)، وإن كان الأقوى كفاية مطلقه.
ويجزي استيعاب المسافة بالسعي وإن لم يكن بالخط المستقيم، وإن
كان هو الأولى، ولا يترك صعود الدرجة الرابعة (3)، والنية هناك

(1) كما في خبر علي بن أبي حمزة، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بدأ بالمروة قبل الصفا، قال:
يعيد، ألا ترى أنه لو بدأ بشماله قبل يمينه في الوضوء!!! أراد أن يعيد الوضوء.
[وسائل الشيعة ب 10 / السعي / 4].
(2) رياض المسائل 1: 422.
(3) الدروس الشرعية 1: 410 / مدارك الأحكام 8: 206.
(4) الدروس الشرعية 1: 410.
(5) المقنع: 82 / المقنعة: 404 / المراسم: 110.
(6) الخلاف 1: 329 / جواهر الفقه: 42 / منتهى المطلب 2: 705.
290

مستمرا لها إلى النزول عنها، وإن كان الأقوى عدم وجوبه، لكن لو
احتاط بالصعود فعليه رعاية البدأة (1) من الأسفل أيضا لا محالة (2).
ثالثها: الختم بالمروة (3)، بأن يلصق بها أصابع قدمه، والأحوط
القدمين (4) كما مر. ولا يترك الصعود على الدرجة هنا أيضا بعد الختم
بالأسفل، وإن كان الأقوى عدم الوجوب نحو ما مر في الصفا.
ولو بدأ بالمروة ولو سهوا استأنف، ولا يجزيه أن يجعل الرجوع
من الصفا أول السعي بعد أن لم يكن هو ابتداء سعيه (5).

(1) إحياء علوم الدين 1: 252.
(2) كشف اللثام 1: 346.
(3) وسائل الشيعة: ب 6 / السعي.
(4) جواهر الفقه: 43 / مدارك الأحكام 8: 206.
(5) منها: صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى
ويبدء بالصفا قبل المروة. [وسائل الشيعة: ب 10 / السعي / 1].
(6) منها: صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - ثم تبدء بالصفا وتختم
بالمروة... الحديث. [المصدر السابق: ب 6 / السعي / 1].
291

رابعها: العدد، بأن يقطع المسافة التي بينهما سبع مرات، فيحصل
بالذهاب أربعا من الصفا إلى المروة وبالاياب ثلاثا منها إليه سبعة
أشواط (1).
ويجب أن يسعى ذهابا وإيابا في الطريق المتعارف (2)، وأن
يستقبل المقصد في ذهابه وإيابه بوجهه، فلو اقتحم المسجد الحرام
وخرج من باب آخر، أو سلك سوق الليل لم يجز. وكذا لو أعرض عن
المقصد بوجهه، أو مشى القهقهرى.
نعم، لا بأس بالالتفات بالوجه (3) مع بقاء مقاديم البدن على
حالة الاستقبال، ولا بالاعراض بكل البدن ولو بلغ حد الاستدبار عند
الوقوف، بل لو رجع القهقهرى في الأثناء ثم عاد - لا بقصد الجزئية -

(1) جواهر الكلام 19: 419.
(2) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - ثم طف بينهما سبعة أشواط، تبدء
بالصفا وتختم بالمروة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 6 / السعي / 1].
() الدروس الشرعية 1: 410 / مدارك الأحكام 8: 207 / جواهر الكلام 19: 423.
292

للسعي لم يقدح في الصحة.
وحكم الزيادة هنا كما تقدم في الطواف (1). ولو زاد سهوا فإن
كان أقل من الشوط يطرحه (2)
وكذا لو كان شوطا فما زاد (3) على الأحوط الأولى، لكنه يجوز
الاكمال حينئذ أسبوعا آخر على الأظهر، وإن لم يكن ناويا له من أوله
وكانت البدأة فيه بالمروة، ويصح سعيه على كل تقدير.

(1) تقدم في تعليقة رقم 2 ص 255.
(2) منها: صحيح عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي إبراهيم عليه السلام في رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية
أشواط ما عليه؟ فقال: إن كان خطأ اطرح واحدا واعتد بسبعة. [وسائل الشيعة: ب 13 / السعي / 3].
(3) منها: صحيح جميل بن دراج، قال: حججنا ونحن صرورة، فسعينا بين الصفا والمروة أربعة عشر
شوطا، فسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك فقال: لا بأس، سبعة لك وسبعة تطرح.
[المصدر السابق: حديث 5].
(4) المصدر السابق: حديث 1.
293

ولو نقص سهوا أكمله، وصح سعيه (1)، وإن كان قد سهى قبل
تجاوز النصف وتذكر بعد فوات الموالاة (2) لكن الأحوط

(1) الغنية: 517.
(2) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: - في رجل طاف طواف الفريضة ثم نسي
الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة، ثم ذكر - قال: يعلم ذلك المكان، ثم يعود فيصلي الركعتين،
ثم يعود إلى مكانه. [وسائل الشيعة: ب 77 / الطواف / 1].
(3) كما في صحيح يحيى بن عبد الرحمن الأزرق قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يدخل في
السعي بين الصفا والمروة، فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يلقاه الصديق له فيدعوه إلى الحاجة أو
إلى الطعام، قال: إن أجابه فلا بأس. [المصدر السابق: ب 19 / السعي / 1].
(4) تذكرة الفقهاء 1: 367 / منتهى المطلب 2: 707.
(5) المقنعة: 441 / المراسم: 123 / الكافي في الفقه: 196.
(6) ففي خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت وبين الصفا
والمروة فجاوزت النصف فعلمت ذلك الموضع، فإذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع
الذي علمته، فإن هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله.
ونحوه خبر أحمد بن عمر الحلال. [وسائل الشيعة: ب 85 / الطواف / 1، 2].
294

مراعاة تجاوز النصف وعدمه (1) هنا أيضا كالطواف.
ولو شك في عدد الأشواط، أو البدأة بالصفا استأنف إن كان في
الأثناء (2)، ولا يلتفت لو كان بعد الفراغ (3)، والانصراف عن المسعى،

(1) كما في صحيح معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن
تسعى؟ قال: تسعى، قال: وسألته عن امرأة سعت بين الصفا والمروة فحاضت بينهما؟ قال: تتم سعيها.
[المصدر السابق: ب 89 / الطواف / 1].
(2) مفاتيح الشرائع 1: 376.
(3) يشير بذلك إلى ما ذكره النراقي في مستنده فإنه قال: كصحيحة ابن عمار (فإن سعى الرجل أقل من
سبعة أشواط ثم رجع إلى أهله، فعليه أن يرجع ليسعى تمامه، وليس عليه شئ، وإن كان لم يعلم ما
نقص فعليه أن يسعى سبعا).
لكن الظاهر أنه ليس برواية، بل هو من كلام الشيخ الطوسي في التهذيب، أورده ذيل رواية لمعاوية بن
عمار، فالتبس الأمر، وإلا فلم أر من استدل بها من الفقهاء. انظر: مستند الشيعة 2: 241 / تهذيب الأحكام 5: 153.
(4) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط، ثم رجع إلى منزله
وهو يرى أنه قد فرغ منه، فقلم أظافيره وأحل، ثم ذكر أنه قد سعى ستة أشواط، فقال لي: يحفظ أنه قد
سعى ستة أشواط؟ فإن كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطا - إلى أن يقول: - قال:
وإن لم يكن حفظ أنه قد سعى ستة فليعد فليبتدئ بالسعي حتى يكمل سبعة أشواط... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 14 / السعي / 1].
295

بل ومع عدم الانصراف أيضا إذا شك في الزيادة (1)، ولم يستلزم
شكه فيها للشك في البدأة بالصفا، كما لو شك في أنه السابع أو التاسع
مثلا وهو بالمروة، أما إذا استلزم ذلك استأنف (2)، ما لم يحدث بعد
الفراغ والانصراف عن المسعى.
نعم، لو شك فيها وكان حافظا عدد الأشواط زال شكه بالالتفات
إلى حاله الفعلي (3)، وكونه على أي المشعرين، أو متوجها إليه، كما
لا يخفى.
ويستأنف لو تبين أنه بدأ بالمروة مطلقا (4).
ولا يجوز تقديم السعي على الطواف اختيارا (5) لا في الحج ولا

(1) جواهر الكلام 19: 446.
296

في العمرة، فلو تعمد تقديمه بلا ضرورة أعاد، وإن كان لضرورة اجتزأ
به، بل لا يبعد الاجتزاء مع السهو أيضا (1) وإن كان الأحوط الإعادة.
ولو شرع فيه فذكر نقصان الطواف، فإن كان بعد أربعة أشواط منه
رجع وأتمه (2)، ثم يتم السعي من موضع قطعه مطلقا، وإلا استأنف
الطواف من رأس، ثم السعي كذلك بقصد ما عليه من التمام أو الاتمام
على الأحوط (3).

(1) وسائل الشيعة: ب 63 / الطواف / 2.
(2) تقدم في ص 238.
(3) تقدم في ص 259.
(4) وفيه: قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل طاف بالكعبة، ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة، فبينما هو
يطوف إذ ذكر أنه قد ترك من طوافه بالبيت؟ قال: يرجع إلى البيت فيتم طوافه، ثم يرجع إلى الصفا
والمروة فيتم ما بقي... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 63 / الطواف / 3].
(5) المبسوط 1: 362 / شرائع الاسلام 1: 249 / تذكرة الفقهاء 1: 367.
(6) المقنعة: 441 / الكافي في الفقه: 196 / المراسم: 123.
297

والأولى بل الأحوط هو المبادرة إلى السعي بعد الفراغ من
الطواف وصلاته، وإن جاز التأخير لرفع تعب ونحوه، بل إلى الليل على
الأقوى (1).

(1) مستند الشيعة 2: 242.
(2) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن الرجل يقدم مكة وقد اشتد عليه الحر، فيطوف بالكعبة ويؤخر
السعي إلى أن يبرد؟ فقال: لا بأس به، وربما فعلته، وقال: وربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل.
[وسائل الشيعة ب 60 / الطواف / 1].
(3) وفيه: وفي حديث آخر: يؤخره إلى الليل. [من لا يحضره الفقيه 2: 253].
(4) شرائع الاسلام 1: 245.
(5) ففي صحيح العلاء بن رزين قال: سألته عن رجل طاف بالبيت فأعيى، أيؤخر الطواف بين الصفا
والمروة إلى غد؟ قال: لا.
ومثله صحيح محمد بن مسلم. [وسائل الشيعة: ب 60 / الطواف / 3].
(6) جواهر الكلام 19: 391.
298

ولا يعتبر فيه الطهارة عن الحدث مطلقا (1) وإن كان الأفضل،
والأحوط رعايتها، بل الأولى رعاية الطهارة عن الخبث أيضا (2).
ولو سعى على دابة مغصوبة، أو في لباس مغصوب، أو لابسا
نعلا كذلك بطل على الأحوط (3)، وفي إلحاق المحمول باللباس
إشكال (4)، وإن كان هو الأحوط. والله العالم.

(1) منتهى المطلب 2: 703.
(2) مختلف الشيعة 1: 293.
(3) كما في صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: لا بأس أن تقضي المناسك كلها على غير
وضوء إلا الطواف، فإن فيه صلاة، والوضوء أفضل. [وسائل الشيعة: ب 15 / السعي / 1].
(4) كما في حديث زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة
على غير وضوء؟ فقال: لا بأس. [المصدر السابق: حديث 4].
(5) وهو صحيح الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة تطوف بين الصفا والمروة وهي حائض؟
قال: لا، إن الله يقول: (إن الصفا والمروة من شعائر الله). [المصدر السابق: حديث 3].
299

الفصل الخامس
في التقصير
وهو في كل من الحج والعمرة كالتسليم في الصلاة نسك
بنفسه (1)، ويتحلل به من عقد إحرامه (2)، ويجب بعد الفراغ من
السعي (3)، ويحصل بأخذ شئ (4) من شعر الرأس، أو الشارب أو
اللحية، أو الحاجب (5).

(1) ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: ثم قصر من رأسك من جوانبه
ولحيتك... إلى أن يقول: فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ يحل منه المحرم وأحرمت منه.
[المصدر السابق: ب 1 / التقصير / 1].
(2) كما في الصحيح السابق.
(3) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصر من
شعرك... الحديث. [المصدر السابق: حديث 4].
(4) تحرير الأحكام 1: 100، وليس فيه الاجماع المذكور، نعم قال في المنتهى: هذا اختيار علمائنا. انظر:
منتهى المطلب 2: 711.
301

وتقليم بعض الأظفار (1)، بحديد أو سن (2) أو نحو ذلك.
ولا يجزي حلق تمام الرأس (3)

(1) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا فرغت من سعيك - وأنت متمتع - فقصر
من شعرك من جوانبه ولحيتك، وخذ من شاربك، وقلم أظفارك، وأبق منها لحجك... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 1 / التقصير / 4].
(2) وسائل الشيعة: ب 3 / التقصير / 1.
(3) تحرير الأحكام 1: 100.
(4) كذا في المطبوع، والأنسب (النصوص).
(5) وسائل الشيعة: ب 3 / التقصير / 4.
(6) المصدر السابق: ب 4 / التقصير / 2.
(7) الخلاف 2: 330.
302

بل لا يجوز (1)،

(1) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل عقص شعر رأسه وهو متمتع، ثم قدم مكة فقضى نسكه، وحل
عقاص رأسه، فقصر وادهن وأحل؟ قال: عليه دم شاة. [وسائل الشيعة: ب 7 / الحلق والتقصير / 9].
(2) ففيه: إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبدته فقد وجب عليك الحلق، وليس لك التقصير، وإن
أنت لم تفعل فمخير لك التقصير والحلق في الحج، وليس في المتعة إلا التقصير.
[المصدر السابق: حديث 8].
(3) كما في حديث أبي سعيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يجب الحلق على ثلاثة نفر: رجل لبد، ورجل حج
بدوا لم يحج قبلها، ورجل عقص. [المصدر السابق: حديث 3].
(4) كما في صحيح هشام بن سالم، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إذا عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج أو
العمرة فقد وجب عليه الحلق. [المصدر السابق: حديث 2].
(5) جواهر الكلام 20: 453.
303

ويكفر لو حلق بدم شاة (1) وإن كان ناسيا أو جاهلا على الأحوط.
نعم، لا دم عليه بحلق بعضه (2)، ولكن لا يجتزئ به عن التقصير (3)
على الأحوط.
ويعتبر فيه النية - أيضا - كسائر ما تقدمه، مقارنة له، مشتملة على
التعيين والقربة، والأولى الاخطار، بل التلفظ هنا بأن يقول: (اقصر

(1) ففي خبر أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه؟ قال: عليه دم
يهريقه. [وسائل الشيعة: ب 4 / التقصير / 3].
(2) كما في صحيح جميل بن دراج إنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن متمتع حلق رأسه بمكة؟ قال: إن كان
جاهلا فليس عليه شئ، وإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شئ، وإن
تعمد بعد الثلاثين يوما التي يوفر فيها الشعر للحج فإن عليه دما يهريقه. [المصدر السابق: حديث 5].
(3) المهذب 1: 225، 242 / السرائر الحاوي 1: 580 / قواعد الأحكام 1: 431.
(4) السرائر الحاوي 1: 580 / قواعد الأحكام 1: 431 / الدروس الشرعية 1: 415.
304

للاحلال من إحرام عمرة التمتع لحج الاسلام الواجب، امتثالا لأمر الله
سبحانه).
ويحل له بفعله كل ما حرم عليه بعقد إحرامه حتى النساء (1)،
على إشكال في حلق جميع الرأس (2)، والأحوط تركه حتى يتحلل به
من إحرام حجه على الأفضل، بل الأحوط في بعض الصور كما
سيجئ. ولو طال وشق عليه ذلك فالأقوى جوازه (3).
وتقدم أنه لا يجب، بل لا يشرع طواف النساء في عمرة التمتع،
ويحللن له بدونه. لكن لو أتى به وبصلاته بعد التقصير برجاء
المطلوبية كان أولى.
ولو ترك التقصير حتى أهل بالحج فإن كان سهوا صحت متعته (4)،

(1) انظر: وسائل الشيعة: ب 1 / التقصير.
(2) تقدم في ص 233.
(3) وسائل الشيعة: ب 1 / التقصير.
(4) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أهل بالعمرة ونسي أن يقصر حتى دخل في الحج؟ قال: يستغفر
الله، ولا شئ عليه، وتمت عمرته. [وسائل الشيعة: ب 6 / التقصير / 1].
305

وكفر بدم شاة (1) على الأحوط،
ولو كان عن عمد أو جهل (2) ففيه
وجوه أقواها بطلان متعته، فينقلب حجه إفرادا (3)، ويقضيه في

(1) النهاية: 246 / المهذب 1: 225.
(2) قال: قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: الرجل يتمتع فينسى أن يقصر حتى يهل بالحج؟ فقال: عليه دم يهريقه.
[وسائل الشيعة: ب 6 / التقصير / 2].
(3) المراسم: 124 / السرائر الحاوي 1: 580 / قواعد الأحكام 1: 431.
(4) وسائل الشيعة: ب 6 / التقصير / 1.
(5) جواهر الكلام 20: 456.
(6) المبسوط 1: 363 / الجامع للشرائع: 179 / منتهى المطلب 2: 709.
(7) وسائل الشيعة: ب 54 / الاحرام / 5.
(8) المصدر السابق: حديث 4.
(9) ما بين المعقوفين زيادة ليست في المصدر.
(10) الدروس الشرعية 1: 333.
306

القابل (1) على الأحوط.
ولو جامع عامدا قبله كفر ببدنة على الأحوط (2).
ولو لم يتمكن من أحرم بعمرة التمتع من أفعالها لضيق الوقت،
أو عذر آخر انقلب حجه إفرادا (3)، ويأتي بعده بعمرة مفردة، ولا
قضاء عليه. والله العالم.

(1) منتهى المطلب 2: 710، وفيه: رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير..
(2) مختلف الشيعة 1: 267 / مسالك الأفهام 2: 240 / الروضة البهية 2: 220.
(3) الدروس الشرعية 1: 333.
(4) الروضة البهية 2: 221 / مسالك الأفهام 2: 240 / مدارك الأحكام 7: 283.
(5) لم أعثر عليه في الدروس، بل ظاهره الجزم بعدم الاجزاء، فراجع: الدروس الشرعية 1: 333.
(6) تقدم في ص 205.
(7) منها: صحيح الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أهل بالحج والعمرة جميعا، ثم قدم مكة
والناس بعرفات، فخشي إن طاف هو وسعى بين الصفا والمروة أن يفوته الموقف؟ قال: يدع العمرة،
فإذا أتم الحج صنع كما صنعت عائشة، ولا هدي عليه. [وسائل الشيعة: ب 21 / أقسام الحج / 6].
307

الباب الثاني
في أفعال الحج
309

الباب الثاني
في أفعال الحج
وفيه سبعة فصول:
الفصل الأول
في إحرامه
وفيه مقصدان:
المقصد الأول
في وجوب الاحرام وأحكامه
وهو ركن يبطل الحج بتعمد تركه كما تقدم في العمرة (1)، وأول
وقته لغير المتمتع دخول أشهر الحج (2)، وللمتمتع بعد الفراغ عن
عمرته، ويمتد إلى أن يتضيق وقت الوقوف، فيجب حينئذ على غير

(1) تقدم في ص 111، وما بعدها.
(2) منتهى المطلب 2: 714.
(3) البقرة: 197.
311

المتمتع أن يحرم من الميقات (1)، وعليه أن يحرم من مكة كما تقدم.
ويجب أن ينوي الاحرام للحج نحو ما تقدم في إحرام العمرة، ثم
التلبية كما تقدم.
ولو نسي الاحرام منها حتى خرج إلى منى أو عرفة، أو تركه
جهلا بوجوبه منها لزمه الرجوع إليها للاحرام كما تقدم (2).
ولو ضاق الوقت عن اختياري عرفة، أو كان الرجوع متعذرا عليه
أحرم من ذلك الموضع وأجزأه ذلك.
ولو لم يتذكر إلا بعد أداء المناسك أجمع فالمشهور صحة
حجه (3)، ولو تذكر بعد الوقوفين أتمه (4) وحج في القابل على
الأحوط (5).

(1) ص 111.
(2) ص 113.
(3) الدروس الشرعية 1: 416 / مسالك الأفهام 2: 145، 225 / جواهر الكلام 18: 131.
312

ولو تركه عمدا إلى أن فات وقت الوقوف بطل حجه (1) على
إشكال فيما إذا أدرك اختياري المشعر وحده، أو مع اضطراري
عرفة (2).
وكذا لو كان ناسيا أو جاهلا وتنبه عند إمكان الرجوع والتدارك،
ولكنه تعمد الاخلال به إلى أن فات وقته. والله العالم.

(1) تذكرة الفقهاء 1: 370 / منتهى المطلب 2: 715.
(2) عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام، قال: سألته عن رجل نسي الاحرام بالحج فذكر وهو بعرفات، ما
حاله؟ قال: يقول: (اللهم على كتابك وسنة نبيك) فقد تم إحرامه، فإن جهل أن يحرم يوم التروية
بالحج حتى رجع إلى بلده، فإن كان قضى المناسك كلها فقد تم حجه.
[وسائل الشيعة: ب 14 / المواقيت / 8].
(3) جواهر الكلام 18: 133 / مسالك الأفهام 2: 222.
(4) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل ترك الاحرام حتى دخل الحرم؟ فقال: يرجع إلى ميقات أهل
بلاده الذي يحرمون منه فيحرم، فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه، فإن استطاع أن يخرج
من الحرم فليخرج. [وسائل الشيعة: ب 14 / المواقيت / 7].
313

المقصد الثاني
في المستحبات إلى وقت الوقوف بعرفة.
يستحب الاحرام لحج التمتع يوم التروية (1)، بل هو الأحوط،
وعند الزوال (2) أفضله (3) لغير الإمام (4)، والأفضل له أن

(1) تذكرة الفقهاء 1: 370.
(2) مسالك الأفهام 2: 271.
(3) الوسيلة: 176.
(4) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إذا كان يوم التروية - إن شاء الله - فاغتسل، ثم البس ثوبيك، وادخل
المسجد حافيا... إلى أن يقول: فأحرم بالحج وعليك السكينة والوقار.
[وسائل الشيعة: ب 52 / الاحرام / 1].
(5) المصدر السابق: ب 15 / الاحرام / 1.
315

يخرج قبله على وجه يصلي فريضة الظهر بمنى (1).
ويستحب أن يحرم المجاور بمكة من أول ذي الحجة (2) أو
ثانيه إن كان صرورة، وإلا فبعد مضي خمسة أيام (3)، وإلا فيوم
التروية (4).
وتقدم أن الأولى بل الأحوط أن يكون الاحرام عقيب صلاة،
وأفضلها فريضة الظهر، ثم العصر، ثم فريضة مقضية، وإلا فبعد نافلة
أقلها ركعتان.
والأفضل إيقاعه في المسجد الحرام (5)، وأفضله الحجر، أو

(1) وسائل الشيعة: ب 4 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 2.
(2) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إني أريد الجوار بمكة فكيف أصنع؟ فقال: إذا رأيت الهلال هلال ذي
الحجة فأخرج إلى الجعرانة فأحرم منها بالحج... الحديث. [المصدر السابق: ب 9 / أقسام الحج / 5].
(3) عن أبي الفضل، قال: كنت مجاورا فسألت أبا عبد الله عليه السلام من أين أحرم بالحج، فقال: من حيث أحرم
رسول الله صلى الله عليه وآله من الجعرانة... إلى أن يقول: فقلت: متى أخرج؟ قال: إذا كنت صرورة فإذا مضى من
ذي الحجة يوم، فإذا كنت قد حججت قبل ذلك فإذا مضى من الشهر خمس.
[المصدر السابق: حديث 6].
(4) وسائل الشيعة: ب 8 / أقسام الحج / 2.
(5) المصدر السابق: ب 52 / الاحرام / 1.
316

عند المقام، فيلبس ثوبي الاحرام بعد الاتيان بجميع ما تقدم، وينوي
الاحرام لحج التمتع لوجوبه قربة إلى الله تعالى، والأفضل هنا - أيضا -
أن يتلفظ بالنية، ويلبي مقارنا لها، وأن يأتي بعد التلبيات الأربع
الواجبة بجميع ما تقدم من التلبية، فيحرم عليه حينئذ جميع ما تقدم
من محرمات الاحرام، ويكره ما يكره.
والأحوط أن لا يطوف بعد إحرامه حتى يرجع من منى (1)، ولو
طاف فالأحوط أن يجدد التلبية (2).
ويستحب أن يخرج بعد الاحرام وأداء المكتوبة إلى منى، ويلبي

(1) وفيه: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يحرم بالحج من مكة ثم يرى البيت خاليا فيطوف به قبل أن
يخرج، عليه شئ؟ فقال: لا. [وسائل الشيعة: ب 10 / الطواف / 2].
(2) عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: سألته عن رجل أحرم يوم التروية من عند المقام بالحج، ثم طاف
بالبيت بعد إحرامه وهو لا يرى أن ذلك لا ينبغي، أينقض طوافه بالبيت إحرامه؟ فقال: لا، ولكن
يمضي على إحرامه. [المصدر السابق: ب 83 / الطواف / 6].
(3) تقدم في ص 75.
(4) النهاية: 248 / المبسوط 1: 365 / الوسيلة: 177.
(5) النهاية: 248 / المبسوط 1: 365، وفيهما: فإن سها فطاف بالبيت لم ينتقض إحرامه، غير أنه يعقده
بتجديد التلبية.
317

في الطريق كما مر، غير رافع صوته، حتى إذا أشرف على الأبطح رفع
صوته بالتلبية.
وإذا توجه إلى منى فليقل:
اللهم إياك أرجو، وإياك أدعو، فبلغني أملي، وأصلح لي
عملي (1).
وإذا وصلها فليقل:
الحمد لله الذي أقدمنيها صالحا في عافية، وبلغني هذا المكان.
وعند دخولها يقول:
اللهم إن هذه منى، وهي مما مننت به علينا من المناسك،
فأسألك أن تمن على بما مننت به على أنبيائك، فإنما أنا عبدك وفي
قبضتك (2).
ويستحب أن يبيت ليلة عرفة بمنى مشتغلا بالعبادة، وأفضلها
في مسجد الخيف، ولا سيما الصلاة فيه، وأن يقيم بها إلى طلوع الفجر،
ولا يبعد كراهة الخروج قبله، بل الأحوط تركه لا لعذر مثل أن يكون
ماشيا ونحو ذلك.
والأولى الاصباح بها مشتغلا بالعبادة والتعقيب حتى تطلع
الشمس، فيفيض حينئذ إلى عرفات، وعند خروجه إليها يقول:

(1) وسائل الشيعة: ب 6 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 1، 2.
(2) وسائل الشيعة: ب 6 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 1، 2.
318

إليك صمدت، وإياك اعتمدت، ووجهك أردت، فأسألك أن
تبارك لي في رحلتي، وتقضي لي حاجتي، وأن تجعلني اليوم ممن
تباهي به من هو أفضل مني (1).
ويلبي عند كل صعود وهبوط، وغير ذلك مما تقدم حتى يصل
إلى عرفات.
والأولى أن يضرب خيمته بنمرة، وهي قريبة من عرفات،
وليست منها. والله العالم.

(1) وسائل الشيعة: ب 8 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 1.
319

الفصل الثاني
في الوقوف بعرفة
وفيه مقاصد:
المقصد الأول
في واجباته
يجب فيه النية (1)، والكون بها مستوعبا له من الزوال على
الأحوط (2)

(1) لم أجد دعوى الاجماع هذه، نعم نسبه في المدارك إلى الأصحاب. انظر: مدارك الأحكام 7: 393.
(2) المقنعة: 409 / المبسوط 1: 366 / السرائر الحاوي 1: 587.
(3) ذخيرة المعاد: 652 / مستند الشيعة 2: 246 / الحدائق الناضرة 16: 377.
(4) كما في صحيح معاوية بن عمار، في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ فيه: ثم صلى الظهر والعصر بأذان
واحد وإقامتين، ثم مضى إلى الموقف فوقف به... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 2 / أقسام الحج / 4].
(5) جواهر الكلام 19: 19، وما بعدها.
321

إلى المغرب (1) الشرعي (2)،
من دون فرق بين أنحاء الكون ولو كان
راكبا على الأصح (3).
نعم، لو نام، أو جن أو غشي عليه، أو كان سكرانا في تمام الوقت
بطل وقوفه (4).

(1) مدارك الأحكام 7: 394 / جواهر الكلام 19: 17.
(2) منها: صحيح معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب
الشمس، فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وآله، وأفاض بعد غروب الشمس. [وسائل الشيعة: ب 22 / إحرام الحج
والوقوف بعرفة / 1].
(3) المصدر السابق: حديث 2.
(4) الخلاف 2: 337.
(5) وسائل الشيعة: ب 12 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 1.
(6) كشف اللثام 1: 356.
(7) الدروس الشرعية 1: 420 / قواعد الأحكام 1: 436.
322

والواجب هو الوقوف في نفس ذلك المكان المعروف، فلا
يجزئ الوقوف في نمرة أو غيرها من حدودها (1)، فضلا عما إذا وقف
في خارج الحدود.
والظاهر أن نفس الجبل من الموقف (2)، وإن كره الوقوف
فيه (3)، بل الأحوط تركه (4).

(1) جواهر الكلام 19: 18.
(2) وسائل الشيعة: ب 10 / احرام الحج والوقوف بعرفة / 6.
(3) المصدر السابق: حديث 1.
(4) المصدر السابق: حديث 5.
(5) شرائع الاسلام 1: 230 / قواعد الأحكام 1: 435.
(6) كما في حديث سماعة، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: - في حديث - فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق
عليهم، كيف يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلى الجبل... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 11 / إحرام الحج
والوقوف بعرفة / 4].
(7) المهذب 1: 251.
(8) السرائر الحاوي 1: 587.
323

والركن منه هو مسماه (1)، والزائد عليه واجب غير ركني، فلو
تركه عمدا إلى أن خرج وقته الاختياري بطل حجه (2)، ولا يجديه
إدراكه الاضطراري (3) ولا إدراك المشعر مطلقا.
ولو كان ناسيا تداركه مع بقاء وقته الاختياري (4)، وإلا
فالاضطراري (5)،

(1) جواهر الكلام 19: 32.
(2) وسائل الشيعة: ب 19 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 10، 11.
(3) وفيه: الوقوف بالمشعر فريضة، والوقوف بعرفة سنة. [المصدر السابق: حديث 14].
(4) شرائع الاسلام 1: 229 / قواعد الأحكام 1: 435.
(5) كما في صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال في رجل أدرك الإمام وهو بجمع،
فقال: إن ظن أنه يأتي عرفات فيقف بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها، وإن ظن أنه لا
يأتيها حتى يفيضوا فلا يأتها، وليقم بجمع فقد تم حجه. [وسائل الشيعة: ب 22 / الوقوف بالمشعر / 1].
(6) كأنه يشير إلى صحيح الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي بعدما يفيض الناس من
عرفات؟ فقال: إن كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس في
قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات، وإن قدم رجل وقد فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام
فإن الله تعالى أعذر لعبده، فقد تم حجه... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 22 / الوقوف بالمشعر / 2].
324

واجتزأ بالمشعر (1)، وصح حجه، ويلحق الجاهل المقصر في تعلم
الأحكام بالعامد (2).
ولو لم يستوعب الكون فيها عمدا، فإن كان من أول الوقت
أثم (3) على ما هو الأحوط، وصح حجه (4)، ولا شئ عليه (5)، وإن
كان سهوا، أو لعذر آخر فلا إثم أيضا (6).
وإن أفاض قبل الغروب عمدا، فإن تاب ورجع قبل خروج الوقت
فلا كفارة عليه (7)،

(1) كما في صحيح مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أفاض من عرفات قبل غروب
الشمس، قال: إن كان جاهلا فلا شئ عليه، وإن كان متعمدا فعليه بدنة.
[المصدر السابق: ب 23 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 1].
325

كفر ببدنة (1)، وإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة (2)، أو في
الطريق، أو عند أهله (3)، والأحوط التوالي (4). ولو كان سهوا ولم
يتذكر في الوقت فلا شئ عليه (5)، ولو تذكر قبل الغروب لزمه
العود (6)، فإن لم يفعل أثم، ويلحقه حكم العامد (7) على الأحوط.

(1) كشف اللثام 1: 355 / مستند الشيعة 2: 247.
(2) المقنع: 86 / مختلف الشيعة 1: 299.
(3) لم أجده في الشرائع بل هو في الجامع للشرائع: 207.
(4) عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس؟ قال: عليه بدنة
ينحرها يوم النحر، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة، أو في الطريق، أو في أهله.
[وسائل الشيعة: ب 23 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 3].
(5) جواهر الكلام 17: 67 / مستمسك العروة الوثقى 8: 522.
(6) تقدم في هامش رقم (1) ص 325.
(7) مسالك الأفهام 2: 274.
326

ويلحق الجاهل (1) القاصر هنا أيضا بالساهي، والمقصر بالعالم
على الأحوط.

(1) المتقدم في هامش رقم (1) ص 325.
327

المقصد الثاني
في تحديد وقته
أما الاختياري: فقد عرفته، وأما الاضطراري الذي يجزئ (1)
الناسي وكل معذور (2) إدراكه: فهو بعد الاختياري إلى طلوع الفجر
من يوم النحر، ولا يعتبر الاستيعاب هنا (3) كما في الاختياري، بل
يكفي فيه المسمى. ويقوم مقام الاختياري في وجوب إدراكه (4)، إذا
أمكنه ذلك على وجه لا يفوته الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس (5)

(1) تأتي الإشارة إلى بعضها من الشارح قدس سره.
(2) وسائل الشيعة: ب 22 / الوقوف بالمشعر / 2، وقد تقدم في ص 324، هامش رقم 6، فراجع.
(3) منتهى المطلب 2: 721 / تذكرة الفقهاء 1: 373.
(4) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - فقال له: إن ظن أنه يأتي عرفات
فيقف قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 22 / الوقوف بالمشعر / 4].
329

ويبطل الحج - حينئذ - بتعمد تركه (1).
فلو خشي أن يفوته الوقوف بالمشعر في الوقت المذكور
بسببه (2) اقتصر على الوقوف بالمشعر وتم حجه (3).
وكذا لو فاته الوقوف بعرفة كليا ولم يتذكر إلا بعد خروج وقته،
لكنه أدرك الوقوف بالمشعر في وقته، فإنه يجز ذلك (4)، ويصح حجه.
ويلحق الجاهل بالناسي هنا أيضا (5) على إشكال في

(1) وهو صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي بعدما يفيض الناس من عرفات؟
فقال: إن كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها، ثم يفيض فيدرك الناس في المشعر قبل
أن يفيضوا، فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 22 / الوقوف بالمشعر / 2].
(2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أدرك الناس بجمع وخشي إن مضى إلى عرفات أن يفيض الناس
من جمع قبل أن يدركها؟ فقال: إن ظن أن يدرك الناس بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات، فإن
خشي أن لا يدرك جمعا فليقف بجمع ثم ليفيض مع الناس فقد تم حجه. [المصدر السابق: حديث 3].
(3) المصدر السابق: حديث 1.
330

المقصر (1) كما تقدم، والله العالم.

(1) جواهر الكلام 19: 35.
331

المقصد الثالث
في المندوبات
وهي كثيرة..
منها: الوقوف في ميسرة الجبل في السفح منه.
والغسل، والأولى أن يكون مقارنا للزوال.
وجمع الظهر والعصر بأذان وإقامتين، إماما كان أو مأموما أو
منفردا، متما أو مقصرا.
وضرب خباءه بنمرة.
وجمع متاعه بعضه إلى بعض، وسد الفرج بينه وبين أصحابه
بنفسه أو رحله إن كانت.
والمبادرة إلى الدعاء لنفسه، ولوالديه، ولاخوانه المؤمنين،
وأقلهم أربعون، والتوبة، والاستغفار، والاستعاذة بالله من الشيطان
الرجيم، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله، والتسبيح، والتمجيد ونحوهما من الأذكار والأدعية، بل الأحوط عدم ترك الدعاء والاستغفار، بل والصلاة
والذكر، بل ينبغي له القيام حال الدعاء، بل يكره له الركوب والجلوس
إذا لم يتعبه القيام بحيث يشغله عن الدعاء والابتهال فيه.
والأفضل الدعاء بالمأثور، كدعاء الحسين عليه السلام في يوم عرفة،
وعلي عليه السلام ولده في الصحيفة، ودعاء النبي صلى الله عليه وآله الذي علمه عليا عليه السلام
333

قائلا له: (هو دعاء من كان قبلي من الأنبياء):
(لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي
ويميت، ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل
شئ قدير.
اللهم لك الحمد كما تقول، وخير ما نقول، وفوق ما يقول
القائلون.
اللهم لك صلاتي، ونسكي، وديني، ومحياي، ومماتي، ولك
تراثي، وبك حولي، ومنك قوتي.
اللهم إني أعوذ بك من الفقر، ووساوس الصدر (الصدور خ ل)
ومن شتات الأمر، ومن عذاب القبر.
اللهم إني أسألك خير الرياح، وأعوذ بك من شر ما تجئ به
الرياح، وأسألك خير الليل والنهار.
اللهم اجعل لي في قلبي نورا، وفي سمعي وبصري نورا، وفي
لحمي، وعظامي، ودمي، وعروقي، ومقعدي، ومقامي، ومدخلي،
ومخرجي نورا، وأعظم لي نورا يا ربي يوم ألقاك، إنك على كل شئ
قدير (*).
وفي صحيح معاوية عن الصادق عليه السلام: إذا وقفت بعرفات فاحمد
الله تعالى، وهلله، ومجده، وأثن عليه، وكبره مائة مرة، واقرأ: قل هو الله
أحد مائة مرة، وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت، واجتهد فإنه يوم
دعاء ومسألة، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن الشيطان لن يذهلك
في موطن قط أحب إليه من أن يذهلك في ذلك الموضع والموطن،

* وسائل الشيعة: ب 14 / احرام الحج والوقوف بعرفة / 2، 3.
334

وإياك أن تشتغل بالنظر إلى الناس، وأقبل قبل نفسك، وليكن في ما
تقول:
اللهم رب المشاعر كلها فك رقبتي من النار، وأوسع على من
رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس.
اللهم لا تمكر بي، ولا تخدعني، ولا تستدرجني، يا أسمع السامعين،
ويا أبصر الناظرين، ويا أسرع الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، أسألك أن
تصلي على محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا..
وليكن في ما تقول وأنت رافع يديك إلى السماء:
اللهم حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني، وإن
منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، أسألك خلاص رقبتي من النار.
اللهم إني عبدك، وملك ناصيتي بيدك، وأجلي بعلمك، أسألك
أن توفقني لما يرضيك عني، وأن تسلم مني مناسكي التي أريتها خليلك
إبراهيم عليه السلام، ودللت عليها نبيك محمدا صلى الله عليه وآله.
وليكن في ما تقول:
اللهم اجعلني ممن رضيت عمله، وأطلت عمره، وأحييته بعد
الموت حياة طيبة (*).
وفي خبره الآخر عنه أيضا زيادة: واحمده مائة مرة، وسبحه مائة
مرة، ثم قال: وليكن فيما تقول:
اللهم إني عبدك فلا تجعلني من أخيب وفدك، وارحم مسيري
إليك من الفج العميق. اللهم إني أسألك بحولك، وجودك، وكرمك،

* وسائل الشيعة: ب 14 / احرام الحج والوقوف بعرفة / 1.
335

ومنك، وفضلك يا أسمع السامعين، ويا أبصر الناظرين... الحديث (*).
وليقل عندما تشرف الشمس أن تغيب:
اللهم إني أعوذ بك من الفقر، ومن تشتت الأمر، ومن شر ما
يحدث لي بالليل والنهار، أمسى ظلمي مستجيرا بعفوك، وأمسى
خوفي مستجيرا بأمانك، وأمسى ذلي مستجيرا بعزك، وأمسى وجهي
الفاني مستجيرا بوجهك الباقي. يا خير من سئل، ويا أجود من أعطى،
ويا أرحم من استرحم جللني برحمتك، وألبسني عافيتك، واصرف
عني شر جميع خلقك (*).
وفي خبر أبي بصير: إذا أتيت الموقف فاستقبل البيت، وسبح الله مائة
مرة، وكبر الله مائة مرة، وتقول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، مائة مرة، وتقول:
(أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد،
يحيي ويميت، ويميت ويحيي، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو
على كل شئ قدير. مائة مرة.
ثم تقرأ عشر آيات من سورة البقرة، ثم تقرأ: قل هو الله أحد ثلاث
مرات، وتقرأ آية الكرسي حتى تفرغ منها، ثم تقرأ آية السخرة (إن
ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) (1) إلى قوله:

* تهذيب الأحكام 5: 182.
* * وسائل الشيعة: ب 24 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 1.
(1) الأعراف: 54 - 56.
336

(قريب من المحسنين)، ثم تقرأ: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب
الناس، حتى تفرغ منها، ثم تحمد الله على كل نعمة أنعم بها عليك،
وتذكر النعمة واحدة بعد واحدة ما أحصيت منها، وتحمد الله على ما
أنعم عليك من أهل ومال، وتحمد الله على ما أبلاك، وتقول:
اللهم لك الحمد على نعمائك التي لا تحصى بعدد، ولا تكافى
بعمل.
وتحمده بكل آية ذكر فيها الحمد لنفسه في القرآن، وتسبحه بكل
تسبيح ذكر به نفسه في القرآن، وتكبره بكل تكبير كبر به نفسه في
القرآن، وتهلله بكل تهليل هلل به نفسه في القرآن، وتصلي على
محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله، وتكثر منه، وتجتهد فيه، وتدعو الله بكل اسم
سمى به نفسه في القرآن، وبكل اسم يخصه، وتدعوه بأسمائه في آخر
سورة الحشر، وتقول:
أسألك يا الله يا رحمن بكل اسم هو لك، وأسألك بقوتك،
وقدرتك، وعزتك، وبجميع ما أحاط به علمك، وبأركانك كلها، وبحق
رسولك صلواتك عليه وآله، وباسمك الأكبر الأكبر الأكبر، وباسمك
العظيم الذي من دعاك به كان حقا عليك أن تجيبه، وباسمك الأعظم
الأعظم الأعظم الذي من دعاك به كان حقا عليك أن لا ترده، وأن تعطيه
ما سأل أن تغفر لي جميع ذنوبي في جميع علمك بي.
وتسأل الله حاجتك كلها من أمر الدنيا والآخرة، وترغب إليه في
الوفادة في المستقبل، وفي كل عام.
وتسأل الله الجنة سبعين مرة، وليكن من دعائك:
اللهم فكني من النار وأوسع على من رزقك الحلال الطيب،
337

وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس، وشر فسقة العرب والعجم.
فإن نفد هذا الدعاء ولم تغرب الشمس فأعده من أوله إلى آخره،
ولا تمل من الدعاء والتضرع والمسألة (*).
إلى غير ذلك مما ورد من الأدعية، بل يستحب الاجتماع للدعاء
في الأمصار، فإنه يوم عظيم كثير البركة، وهو يوم دعاء ومسألة.
فإن غابت الشمس، وزالت الحمرة المشرقية أفاض إلى المشعر
بسكينة ووقار، مشتغلا بالدعاء والاستغفار، مقتصدا في المشي،
متحرزا عن وجيف الخيل وما شابهه، فإذا انتهى إلى الكثيب الأحمر
عن يمين الطريق يقول:
اللهم ارحم موقفي، وزد في علمي، وسلم لي ديني، وتقبل مني
مناسكي (*).
والأولى بل الأحوط أن يؤخر فرض العشائين - مع بقاء الوقت -
إلى المزدلفة، ويجمع بينهما بأذان وإقامتين، ثم يقضي نافلة المغرب
بعد العشاء الآخرة.

* وسائل الشيعة: ب 14 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 4.
* المصدر السابق: ب 1 / الوقوف بالمشعر / 1.
338

الفصل الثالث
في الوقوف بالمشعر
ويسمى (المشعر الحرام) و (المزدلفة) و (جمع) أيضا.
وفيه مقاصد..
المقصد الأول
في واجباته
حد الموقف هنا هو ما بين المأزمين إلى الحياض، إلى وادي
محسر (1)، وعند الزحام يجوز الارتفاع إلى حاشية الجبل (2).
والذي يجب هو مطلق الكون فيه وإن كان راكبا، بل ولو جن، أو

(1) منتهى المطلب 2: 726 / مدارك الأحكام 7: 421 / ذخيرة المعاد: 657.
(2) وسائل الشيعة: ب 8 / الوقوف بالمشعر / 1.
(3) المصدر السابق: حديث 2.
(4) المصدر السابق: ب 9 / الوقوف بالمشعر / 1.
339

أغمي عليه، أو نام بعد حصول مسماه، دون ما إذا كان مستوعبا نحو ما
مر في وقوف عرفة.
والقدر الواجب من الوقوف هو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع
الشمس من يوم النحر (1)،

(1) جواهر الكلام 19: 67.
(2) وسائل الشيعة: ب 9 / الوقوف بالمشعر / 2.
(3) مدارك الأحكام 7: 423 / كشف اللثام 1: 357.
340



(1) منها: مرسل جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس أن يفيض الرجل بليل إذا كان خائفا. [وسائل
الشيعة: ب 17 / الوقوف بالمشعر / 1].
(2) المصدر السابق: ب 11 / الوقوف بالمشعر / 1.
(3) قال العلامة في المنتهى: - ردا على ابن إدريس القائل ببطلان حج من أفاض قبل الفجر عامدا
مختارا - لا نعرف له موافقا، فكان خارقا للاجماع... فإنا لا نسلم أن الوقوف بعد طلوع الفجر ركن، نعم
مطلق الوقوف ليلة النحر أو يومه ركن، أما بعد طلوع الفجر فلا نسلم له ذلك... وكأن الشارح قدس سره يشير
إلى هذا وأمثاله مما ورد في كلام الفقهاء. فراجع: منتهى المطلب 2: 725 / مدارك الأحكام 7:
424 / جواهر الكلام 19: 70.
(4) وسائل الشيعة: ب 17 / الوقوف بالمشعر / 8.
(5) فقد ورد فيه: عن أبي إبراهيم (عبد الله خ ل) عليه السلام في رجل وقف مع الناس بجمع، ثم أفاض قبل أن
يفيض الناس، قال: إن كان جاهلا فلا شئ عليه، وإن كان أفاض قبل طلوع الفجر فعليه دم شاة.
[وسائل الشيعة: ب 16 / الوقوف بالمشعر / 1].
341

مستوعبا له على الأحوط (1). أما المبيت ليلا ففي وجوبه إشكال
أحوطه ذلك (2). ويكفي فيه صدق المبيت ولو كان بعد ثلث
الليل (3)، بل لا يبعد كفاية الكون فيه بعد انتصاف الليل أيضا في
ذلك (4).

(1) جواهر الكلام 19: 75، وفيه: قيل أنه المعروف المصرح به في كلام جماعة من الأصحاب...
(2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تجاوز وادي محسر حتى تطلع الشمس. [وسائل الشيعة: ب 15 / الوقوف
بالمشعر / 2].
(3) مدارك الأحكام 7: 423.
(4) جواهر الكلام 19: 73.
(5) وسائل الشيعة: ب 7 / الوقوف بالمشعر / 1 و ب 8 / من / 3، وأورد سنده هكذا: معاوية بن عمار
وحماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام... الحديث.
(6) الكافي - الفروع - 4: 468، وأورده في الوسائل مقطعا في أبواب متفرقة. وهو صحيح محمد بن
مسلم عن أحدهما عليهما السلام، قال: لا تصل المغرب حتى تأتي جمعا وإن ذهب ثلث الليل. [وسائل
الشيعة: ب 5 / الوقوف بالمشعر / 1].
342

ويجب في الوقوف أن يكون ناويا له، مقارنا بها لأوله، نحو ما مر
في سائر المناسك، فإن لم يكن ممن أدرك المبيت ليلا فعند الفجر
ينوي الوقوف الواجب لحج الاسلام امتثالا لأمر الله سبحانه، وإن أدركه
فالأولى أن ينوي في ابتداء مبيته الوقوف إلى طلوع الشمس امتثالا له
تعالى بلا تعرض لوجوبه (1)، وعند الفجر يجددها متضمنة لوجوبه،
وإن كانت النية الأولى مجزية على الأقوى (2).
ولو نوى أولا نفس المبيت إلى الفجر جاز، والأحوط أن ينوي به
القربة المطلقة، لكنه يجب حينئذ أن يجدد عند الفجر نية الوقوف
الواجب لحجة الاسلام.
وعلى كل حال فمسمى الوقوف في جزء من الليل إلى طلوع

(1) مسالك الأفهام 2: 284.
(2) جواهر الكلام 19: 75.
343

الشمس بنيته هو الركن الذي يبطل الحج بتعمد تركه (1)، وأما
خصوص ما بين الطلوعين فهو واجب غير ركني (2).
فلو أفاض قبل طلوع الشمس صح حجه مطلقا (3) ولا شئ
عليه (4)، وإن كان الأحوط أن يجبره بشاة (5) إذا تعمده لا لضرورة، أما
إذا كان في الوقوف في ما بين الطلوعين ضرر أو مشقة جازت

(1) وسائل الشيعة: ب 23 / الوقوف بالمشعر / 2.
(2) المصدر السابق: حديث 8، وفيه: من أدرك المشعر يوم النحر...
(3) السرائر الحاوي 1: 589 / الخلاف 2: 344.
(4) يأتي من الشارح قدس سره في تعليقة رقم 3، ص 345.
(5) منتهى المطلب 2: 725.
(6) من لا يحضره الفقيه 2: 327.
344

الإفاضة حينئذ قبل الفجر (1)، لكن الأحوط أن تكون بعد انتصاف
الليل (2).
ولو أفاض قبل الفجر بلا عذر يوجبه، فإن كان ساهيا، أو جاهلا
ولم يتنبه إلا بعد خروج الوقت فلا شئ عليه (3)، ولو تنبه قبل الفجر
لزمه الرجوع لادراك الوقوف الواجب، ولو تعمد عدمه، أو كان متعمدا
في الإفاضة قبل الفجر بلا عذر ففي بطلان حجه بذلك، أو صحته

(1) منتهى المطلب 2: 726 / مدارك الأحكام 7: 427.
(2) منها: حديث علي بن أبي حمزة عن أحدهما عليهما السلام قال: أي امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر
الحرام ليلا فلا بأس... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 17 / الوقوف بالمشعر / 4].
(3) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا بأس بأن يقدم النساء إذا زال الليل فيفضن عند المشعر الحرام في
ساعة، ثم ينطلق بهن إلى منى... الحديث. [المصدر السابق: حديث 7].
(4) المصدر السابق: ب 16 / الوقوف بالمشعر / 1.
345

ووجوب الجبر عليه بشاة وجهان، لا يخلو ثانيهما عن قوة (1) إذا كان
مدركا اختياري عرفة (2)، لكن الاحتياط شديد لا ينبغي تركه.
ولو فاته الوقوف كليا إلى أن طلعت الشمس لنسيان أو غيره
أجزأه الوقوف ما بين طلوع الشمس إلى الزوال (3)، وهذا هو
وقته الاضطراري الذي يقوم مقام الاختياري في وجوب إدراكه لمن
فاته الاختياري، وبطلان الحج بتعمد تركه.

(1) السرائر الحاوي 1: 589 / الخلاف 2: 344.
(2) مختلف الشيعة 2: 300.
(3) وسائل الشيعة: ب 24 / الوقوف بالمشعر / 1.
(4) المصدر السابق: ب 23 / الوقوف بالمشعر / 8، 9 وغيرها بأدنى تفاوت.
346

ولا يجب الاستيعاب هنا أيضا، بل يكفي المسمى (1) نحو ما مر
في اضطراري عرفة، ولو استمر به العذر إلى أن خرج الوقت
الاضطراري أيضا، فإن كان مدركا اختياري عرفة أجزأه ذلك (2)، وتم
حجه، وإلا فقد فاته مطلقا.
وفي لحوق المبيت ليلا مع الإفاضة قبل الفجر لعذر، بالوقوف
الاختياري (3)

(1) الإنتصار: 90.
(2) التنقيح الرائع 1: 480 / مسالك الأفهام 2: 278.
(3) عن أبي عبد الله عليه السلام، في من جهل ولم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى أتى منى؟ قال: يرجع، قلت:
إن ذلك قد فاته، فقال: لا بأس. [وسائل الشيعة: ب 25 / الوقوف بالمشعر / 5].
(4) المصدر السابق: حديث 1.
347

في كفايته بنفسه لادراك الحج (1)، ولو مع فوات اختياري عرفة، أو
كونه ملحقا بالاضطراري (2) في ذلك إشكال، والأحوط لمن لم يدرك

(1) وسائل الشيعة: ب 23 / الوقوف بالمشعر / 3.
(2) منها: صحيح عبد الله بن المغيرة، قال: جاءنا رجل بمنى فقال: إني لم أدرك الناس بالموقفين
جميعا... إلى أن قال: فدخل إسحاق بن عمار على أبي الحسن عليه السلام فسأله عن ذلك، فقال: إذا أدرك
مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج. [المصدر السابق: حديث 6].
(3) منها: صحيح حريز قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن مفرد الحج فاته الموقفان جميعا؟ فقال: له إلى طلوع
الشمس من يوم النحر، فإن طلعت الشمس يوم النحر فليس له حج، ويجعلها عمرة، وعليه الحج من
قابل... الحديث. [المصدر السابق: ب 27 / الوقوف بالمشعر / 3].
(4) مسالك الأفهام 2: 278 / مدارك الأحكام 7: 407.
(5) تقدم في ص 324.
348

اختياري عرفة هو عدم الإفاضة لعذره.
نعم، لو لم تكن الإفاضة لعذر كان ملحقا بالاضطراري (1) كما
تقدم (2).

(1) مختلف الشيعة 2: 301 / التنقيح الرائع 1: 480.
(2) تقدم صحيح حريز قريبا، وفي صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي بعدما
يفيض الناس من عرفات؟ فقال: - في حديث - فقد تم حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع
الشمس، وقبل أن يفيض الناس، فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج، فليجعلها عمرة مفردة،
وعليه الحج من قابل. [وسائل الشيعة: ب 22 / الوقوف بالمشعر / 2].
(3) تقدم صحيح عبد الله بن المغيرة، وفي موثق الفضل بن يونس عن أبي الحسن عليه السلام، قال: سألته عن
رجل عرض له سلطان فأخذه ظالما له يوم عرفة قبل أن يعرف، فبعث به إلى مكة فحبسه، فلما كان
يوم النحر خلى سبيله، كيف يصنع؟ فقال: يلحق فيقف بجمع، ثم ينصرف إلى منى فيرمي ويذبح
ويحلق ولا شئ عليه... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 3 / الاحصار والصد / 2].
(4) الإنتصار: 90 / مسالك الأفهام 2: 277 / مدارك الأحكام 7: 407.
349

المقصد الثاني
إنه لما علم أن لكل من الوقوفين وقت اختياري وآخر
اضطراري، فلادراك الناسك لهما معا، أو لأحدهما اختياريا أو
اضطراريا أو عدم إدراكه لشئ من ذلك تسع صور (1).

(1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر، فأقبل من عرفات ولم يدرك
الناس بجمع، ووجدهم قد أفاضوا، فليقف قليلا بالمشعر الحرام، وليلحق الناس بمنى ولا شئ عليه.
[وسائل الشيعة: ب 24 / الوقوف بالمشعر / 1].
351

ومحصل حكمها: أنه لو أدرك اختياري كل منهما فقد كمل
حجه (1)، وإن فاته المبيت ليلا بالمزدلفة، بل ومع تعمده لذلك وإن أثم
بذلك على ما هو الأحوط فيه من الوجوب كما تقدم.

(1) التنقيح الرائع 1: 480.
(2) الدروس الشرعية 1: 426.
(3) مستند الشيعة 2: 251.
352

ولو فاته الجميع اختياريا واضطراريا فقد فاته الحج، وإن كان
ناسيا، أو معذورا بأي عذر وإن كان هو التقية (1)، وكان مخالفونا وقفوا
يوم التروية بدعوى رؤية الهلال، ولم يمكن التخلف عنهم ولو لادراك
اختياري أحدهما، أو الاضطراريين، أو إدراكهما جميعا ليلة النحر.

(1) وسائل الشيعة: ب 24 / الأمر والنهي - كتاب الأمر بالمعروف - / 3، 23.
(2) وسائل الشيعة: ب 57 / ما يمسك عنه الصائم / 7.
(3) مستمسك العروة الوثقى 8: 320.
353

ويتحلل عن إحرامه بعمرة مفردة، ثم يحج من قابل (1) مع
استقرار الوجوب أو بقاء الاستطاعة مع سائر الشرائط.
ولو أدرك اختياري أحدهما فقد صح حجه، سواء أدرك
اضطراري الآخر أم لا، مع عدم تقصيره فيه، وإن كان المدرك هو
اختياري عرفة، لكنه لا يخلو عن خلاف (2)، ولو أعاده كان أولى
وأحوط.
ولو أدرك أحد الاضطراريين وحده فقد فاته الحج، وإن كان

(1) وسائل الشيعة: ب 27 / الوقوف بالمشعر / 1.
(2) المصدر السابق: ب 22 / الوقوف بالمشعر / 1.
(3) المصدر السابق: ب 27 / الوقوف بالمشعر / 4.
(4) المصدر السابق: ب 23 / الوقوف بالمشعر / 4.
(5) الحدائق الناضرة 16: 461.
354

المدرك هو اضطراري المشعر على الأقوى (1)، بل وإن أدركه ليلا
وأفاض لعذر على ما هو الأحوط فيه (2) كما تقدم.
ولو أدرك الاضطرارين فالأقوى صحة حجه (3) وإن كانت
الإعادة أحوط. والله العالم.

(1) زيادة ليست في المصدر.
(2) وسائل الشيعة: ب 24 / الوقوف بالمشعر / 1.
(3) وسائل الشيعة: ب 23 / الوقوف بالمشعر / 6، 8، 9، 11، بألفاظ متقاربة جدا.
355

المقصد الثالث
في المندوبات
يستحب أن يصبح على طهر (1)، فيصلي الغداة، ثم ليقف قريبا
من الجبل في سفحه متوجها إلى القبلة (2)، وليحمد الله، وليكبره،
وليثن عليه، وليذكر من آلائه وبلائه ما يقدر عليه، وليشهد
الشهادتين (3)، وليصل على النبي صلى الله عليه وآله، وليذكر الأئمة واحدا بعد
واحد، وليدع لهم، وليبرأ من عدوهم، بل الأحوط عدم ترك الذكر (4)

(1) وسائل الشيعة: ب 11 / الوقوف بالمشعر / 1.
(2) دعائم الاسلام 1: 322.
(3) المهذب 1: 253.
(4) المصدر السابق 1: 254.
(5) الإنتصار: 89 / فقه القرآن 1: 286.
357

والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله (1)، وليكن من قوله:
اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار، وأوسع على من
رزقك الحلال (الطيب خ) وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس، اللهم
أنت خير مطلوب إليه، وخير مدعو، وخير مسؤول، ولكل وافد جائزة
فاجعل جائزتي في موطني (وموقفي خ) هذا أن تقيلني عثرتي وتقبل
معذرتي، وتتجاوز عن خطيئتي، ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي
برحمتك يا أرحم الراحمين (2).
وادع الله تعالى كثيرا لنفسك (3)، ولوالديك، وولدك، وأهلك،
ومالك، والمؤمنين والمؤمنات.
ثم ليكبر الله سبحانه وتعالى مائة مرة (4)، ويحمده، ويسبحه،
ويهلله كذلك، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله، ويقول:
اللهم اهدني من الضلالة وأنقذني من الجهالة، واجمع لي خير
الدنيا والآخرة، وخذ بناصيتي إلى هداك، وانقلني إلى رضاك، فقد ترى

(1) المهذب 1: 253.
(2) كذا نقله في جواهر الكلام 19: 80.
(3) وسائل الشيعة: ب 11 / الوقوف بالمشعر / 1.
(4) من لا يحضره الفقيه 2: 327.
(5) المهذب 1: 254
358

مقامي بهذا المشعر الذي انخفض لك فرفعته، وذل لك فأكرمته،
وجعلته علما للناس، فبلغني فيه مناي ونيل رجائي.
اللهم إني أسألك بحق المشعر الحرام أن تحرم شعري وبشري
على النار، وأن ترزقني حياة في طاعتك، وبصيرة في دينك، وعملا
بفرائضك، واتباعا لأوامرك، وخير الدارين، وأن تحفظني في نفسي،
ووالدي، وولدي، وأهلي، وإخواني، وجيراني، برحمتك.
واجتهد في الدعاء والمسألة، والتضرع إلى الله سبحانه، والابتهال
حتى تطلع الشمس.
كما أنه ينبغي الاجتهاد في الدعاء كذلك ليلة ذلك اليوم، بل
ينبغي إحياؤها (1) فإن أبواب السماء لا تغلق فيها، ويقول الله جل شأنه:
أنا ربكم، وأنتم عبادي، أديتم حقي، وحق علي أن أستجيب لكم.
وليكن من قوله فيها:
اللهم هذه جمع، اللهم إني أسألك أن تجمع لي فيها جوامع
الخير، اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي،
(ثم خ) وأطلب إليك أن تعرفني ما عرفت أوليائك في منزلي هذا، وأن
تقيني جوامع الشر.
ويستحب وطي قزح برجله، ولا سيما الصرورة في حجة
الاسلام، بل الأحوط ذلك، والصعود عليه، وذكر الله تعالى شأنه
والدعاء.

(1) وسائل الشيعة: ب 10 / الوقوف بالمشعر / 1.
359

ويستحب لمن عدا الإمام الإفاضة قبل طلوع الشمس، ولكن
[لا] (*) يجوز وادي محسر قبل طلوعها، بل لا يدخل فيه قبل ذلك على
الأحوط، وأحوط منه عدم الإفاضة قبل الطلوع، بل لو فعل جبر بشاة،
وإن كان الأقوى جواز الدخول فيه.
أما الإمام فيستحب له التأخير حتى تطلع الشمس مؤكدا.
ويستحب السعي في وادي محسر للراكب والماشي، ولا أقل من
مائة ذراع، ودون ذلك مائة خطوة وليقل فيه:
اللهم سلم عهدي، واقبل توبتي، وأجب دعوتي، واخلفني في ما
تركت بعدي.
بل لو ترك السعي فيه جهلا، أو عمدا، أو سهوا استحب الرجوع
للسعي فيه.
ويستحب لمن ورد المشعر أن يلتقط منه الحصى لرمي الجمار،
وهي سبعون حصاة، ولو زاد استظهارا كان أولى، ودونه في الفضل
أخذها من منى، ويجوز من غيرهما من الحرم، عدا المساجد، ولا يجوز
من غير الحرم.
والمدار على صدق مسمى الحصى، فإن خرج عن ذلك لصغر أو
كبر وغير ذلك لم يجز.
ويعتبر أن تكون أبكارا لم ترم الجمار بها، والأولى بل الأحوط
طهارتها.
ويستحب أن تكون منقطة، كحلية، غير مكسورة، رخوة لا صلبة،
ملتقطة مثل رؤس الأنملة. والله العالم.

* ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها سياق الكلام.
360

الفصل الرابع
في واجبات منى
يجب بعد أن أفاض من المشعر يوم النحر أن يمضي إلى منى
لأداء المناسك الواجبة فيها، وهي ثلاثة:
أولها: رمي الجمرة العقبة (1) بما يسمى رميا، ووقته إلى غروب
يوم النحر (2)،

(1) السرائر الحاوي 1: 606 / منتهى المطلب 2: 729.
(2) الجمل والعقود: 234.
(3) منها: صحيح سعيد الأعرج، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك، معنا نساء فأفيض بهن بليل؟
فقال: نعم، - إلى أن قال: ولا تفض بهن حتى تقف بهن بجمع، ثم أفض بهن حتى تأتي الجمرة
العظمى فيرمين الجمرة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 17 / الوقوف بالمشعر / 2].
(4) وسائل الشيعة: ب 19 / إحرام الحج والوقوف بعرفة / 9.
(5) المصدر السابق: ب 13 / رمي جمرة العقبة / 6.
361

ولو نسيه فإلى اليوم الثالث عشر (1)، ولو لم يتذكر قضاه بنفسه، أو
بنائبه في العام القابل (2).
ويجب فيه أمور:

(1) الخلاف 2: 353 / مدارك الأحكام 8: 235.
(2) وسائل الشيعة: ب 15 / رمي جمرة العقبة / 2.
(3) يشير به إلى صحيح عبد الله بن سنان - الآخر - قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أفاض من جمع
حتى انتهى إلى منى، فعرض له عارض فلم يرم حتى غابت الشمس؟ قال: يرمي إذا أصبح مرتين، مرة
لما فاته، والأخرى ليومه الذي يصبح فيه، وليفرق بينهما، يكون أحدهما بكرة وهي للأمس، والأخرى
عند زوال الشمس. [المصدر السابق: حديث 1].
(4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها
من قابل... إلى أن يقول: فإنه لا يكون رمي الجمار إلا أيام التشريق.
[المصدر السابق: ب 3 / العود إلى منى / 4].
(5) المصدر السابق: ب 3 / العود من منى / 4.
362

الأول: النية (1)، مقارنة لأول الرمي، مع استدامة حكمها إلى
آخر الرمي، والأولى أن يقول: (أرمي جمرة العقبة سبعا لحج الاسلام
أداء لوجوبه، امتثالا لأمره تعالى).
الثاني: كونه بسبع حصيات (2).
الثالث: إصابة الجمرة أو موضعها بكل من السبع بنفس
الرمي (3)، فلا يجزي مطلق الوصول أو الوقوع (4).
نعم، لو لاقت الحصاة شيئا مرت عليه فأصابت الجمرة فلا
بأس (5)، إلا إذا كان صلبا فطفرت الحصاة منه وأصابت الجمرة (6).

(1) منتهى المطلب 2: 731.
(2) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: وقال في رجل رمى الجمار،
فرمى الأولى بأربع والأخيرتين بسبع سبع، قال: يعود فيرمي الأولى بثلاث وقد فرغ... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 6 / العود إلى منى / 1].
(3) المصدر السابق: ب 6 / رمي جمرة العقبة / 1.
(4) منتهى المطلب 2: 731 / الدروس الشرعية 1: 428 / جواهر الكلام 19: 105.
363

ولو شك في الإصابة بنى على عدمها (1).
الرابع: أن يرميها على التعاقب لا دفعة واحدة (2).
ويستحب أن يكون حال الرمي راجلا لا راكبا (3)، وعلى طهارة (4)

(1) السرائر الحاوي 1: 608.
(2) الخلاف 2: 352 / جواهر الفقه: 44.
(3) قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام بمنى يمشي ويركب، فحدثت نفسي أن أسأله حين أدخل عليه، فابتدأني
هو بالحديث فقال: إن علي بن الحسين عليهما السلام كان يخرج من منزله ماشيا إذا رمى الجمار، ومنزلي
اليوم أنفس (أبعد) منزله، فأركب حتى آتي إلى منزله، فإذا انتهيت إلى منزله مشيت حتى أرمي الجمار
(الجمرة). [وسائل الشيعة: ب 9 / رمي جمرة العقبة / 2].
(4) المصدر السابق: ب 2 / رمي جمرة العقبة / 3.
(5) وهو خبر حميد بن مسعود، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رمي الجمار على غير طهور؟ قال:
الجمار عندنا مثل الصفا والمروة حيطان، إن طفت بينهما على غير طهور لم يضرك، والطهر أحب إلى،
فلا تدعه وأنت قادر عليه. [المصدر السابق: حديث 5].
(6) كما في صحيح محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجمار؟ فقال: لا ترم الجمار إلا وأنت
على طهر. [المصدر السابق: حديث 1].
(7) المقنعة: 417 / جمل العلم والعمل: 68.
364

بل هو الأحوط، وأن يستدبر القبلة، ويستقبل الجمرة (1)، ويبعد عنها
بعشرة أذرع (2) والأفضل خمسة عشر ذراعا، ويقول: - إذا كانت
الحصيات في يده (3)، والأولى أن تكون اليسرى (4) -
اللهم إن هذه حصياتي فاحصهن لي، وارفعهن في
عملي.
ثم يضع الحصاة على الابهام ويدفعها بظفر السبابة (5)، وعند
رمي كل حصاة يقول:
الله أكبر. اللهم ادحر عني الشيطان. اللهم تصديقا بكتابك،
وعلى سنة نبيك (محمد صلى الله عليه وآله خ)، اللهم اجعله لي
حجا مبرورا، وعملا مقبولا، وسعيا مشكورا،

(1) وسائل الشيعة: ب 3 / رمي جمرة العقبة / 1.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق: ب 12 / رمي جمرة العقبة / 2.
(6) المصدر السابق: ب 7 / رمي جمرة العقبة / 1.
365

وذنبا مغفورا (1).
فإذا أكمل الرمي ورجع إلى منزله في منى يقول:
اللهم بك وثقت، وعليك توكلت، فنعم الرب، ونعم المولى،
ونعم النصير (2).
ثانيها: الذبح أو النحر، وفيه مسائل:
الأولى: يجب ذلك على المتمتع (3)، ولو ندبا (4)، وإن كان مكيا
على الأحوط الذي لا يخلو عن قوة (5)،

(1) وسائل الشيعة: ب 3 / رمي جمرة العقبة / 1.
(2) وسائل الشيعة: ب 3 / رمي جمرة العقبة / 1.
(3) وهو قوله تعالى: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام
ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري
المسجد الحرام...) [البقرة: 197].
(4) منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في المتمتع، قال: وعليه الهدي... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 10 / الذبح / 5].
(5) كأنه يشير إلى ما ورد من وجوب الذبح عن الصبيان إذا حج بهم، كما في الصحيح عن عبد الرحمن
ابن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: يصوم عن الصبي وليه إذا لم يجد له هديا وكان متمتعا.
وفي حديث عبد الرحمن بن أعين قال: حججنا سنة ومعنا صبيان، فعزت الأضاحي، فأصبنا شاة بعد
شاة فذبحنا لأنفسنا، وتركنا صبياننا، فأتى بكير أبا عبد الله عليه السلام فسأله؟ فقال: إنما كان ينبغي أن تذبحوا
عن الصبيان، وتصوموا أنتم عن أنفسكم... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 3 / الذبح / 2، 3].
(6) الخلاف 2: 272.
366

دون المفرد (1)، بل القارن - أيضا - إنما يجب عليه بسياقه، لا لكونه من
مناسك حجه.
ويتخير مولى المأذون في المتمتع بين الذبح عنه، أو أمره
بالصوم (2).
ولو أدرك أحد الموقفين معتقا لزمه الهدي (3) مع القدرة،
والصوم مع العجز عنه.
الثانية: من لم يجد الهدي، ووجد ثمنه، وأراد الانصراف وضعه
عند من يثق بأنه يذبحه عنه طول ذي الحجة، وإلا ففي العام المقبل في

(1) منها: صحيح معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام عن المفرد قال: ليس عليه هدي ولا أضحية.
[وسائل الشيعة: ب 1 / الذبح / 4].
(2) منها: صحيح جميل بن د راج، قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع؟ قال:
فمره فليصم، وإن شئت فاذبح عنه. [المصدر السابق: ب 2 / الذبح / 1].
(3) عن أبي إبراهيم عليه السلام، قال: سألته عن غلام أخرجته معي فأمرته فتمتع، ثم أهل بالحج يوم التروية
ولم أذبح عنه، أفله أن يصوم بعد النفر؟ قال: ذهبت الأيام التي قال الله، ألا كنت أمرته أن يفرد الحج؟!
قلت: طلبت الخير، قال: كما طلبت الخير فاذهب فاذبح عنه... الحديث. [المصدر السابق: حديث 4].
(4) تهذيب الأحكام 5: 201 / الإستبصار 2: 263.
367

ذي الحجة (1).
الثالثة: لا يجزئ الهدي الواحد إلا عن واحد (2) مطلقا، وإن كان
الأحوط عند الضرورة الجمع بين الاشتراك فيه والصوم (3).

(1) عن أبي عبد الله عليه السلام في متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم؟ قال: يخلف الثمن عند بعض أهل مكة،
ويأمر من يشتري له ويذبح عنه وهو يجزئ عنه، فإن مضى ذو الحجة أخر ذلك إلى قابل من ذي
الحجة. [وسائل الشيعة: ب 44 / الذبح / 1].
(2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج، فوجب عليه النسك فطلبه فلم يجده،
وهو موسر حسن الحال، وهو يضعف عن الصيام، فما ينبغي له أن يصنع؟ قال: يدفع ثمن النسك إلى
من يذبحه بمكة إن كان يريد المضي إلى أهله... الحديث. [المصدر السابق: حديث 2].
(3) سورة البقرة: الآية: 197.
(4) السرائر الحاوي 1: 592 / شرائع الاسلام 1: 261.
(5) وسائل الشيعة: ب 44 / الذبح / 3.
(6) المصدر السابق: ب 18 / الذبح / 1.
368

الرابعة: لو ضل الهدي فذبحه غير صاحبه في منى ناويا به الذبح
عنه أجزأه (1)،

(1) المقنع: 88 / المبسوط 1: 372 / الخلاف 2: 441 / مختلف الشيعة 2: 305.
(2) منها: خبر أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: البدنة والبقرة تجزئ عن سبعة إذا اجتمعوا من أهل
بيت واحد ومن غيرهم. [وسائل الشيعة: ب 18 / الذبح / 6].
(3) منها: خبر زيد بن جهم، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: متمتع لم يجد هديا، فقال: أما كان معه درهم
يأتي به قومه، فيقول: أشركوني بهذا الدرهم؟! [المصدر السابق: حديث 13].
(4) قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن قوم غلت عليهم الأضاحي، وهم متمتعون، وهم مترافقون، وليسوا
بأهل بيت واحد، وقد اجتمعوا في مسيرهم، ومضربهم واحد، ألهم أن يذبحوا بقرة؟ قال: لا أحب
ذلك إلا من ضرورة. [المصدر السابق: حديث 10].
(5) المصدر السابق: ب 28 / الذبح / 2.
(6) جواهر الكلام 19: 128.
369

لكن الأحوط (1) أن يعرفه (2) ما دام الوقت واسعا، ويذبحه في آخر
وقته، ويتصدق منه، ويهدي، ويسقط وجوب الأكل منه (3).
الخامسة: من ضل هديه وجب عليه شراء آخر (4)، ولو وجده
بعد شراء بدله ذبح الضال (5)، والأفضل ذبح الثاني

(1) وسائل الشيعة: ب 28 / الذبح / 1.
(2) جواهر الكلام 19: 129.
(3) مدارك الأحكام 8: 24 / مسالك الأفهام 2: 296.
(4) كذا في الجواهر، والمذكور في التهذيب وعنه في الوسائل: (عن أحمد بن محمد بن عيسى في
كتابه، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اشترى شاة لمتعته فسرقت منه أو
هلكت، فقال: إن كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه).
انظر: جواهر الكلام 19: 129 / تهذيب الأحكام 5: 217 / وسائل الشيعة: ب 30 / الذبح / 2.
(5) وسائل الشيعة: ب 32 / الذبح / 2.
(6) المصدر السابق.
370

أيضا (1)، ولو وجده بعد ذبح البدل فالأفضل بل الأحوط أن يذبحه (2).
السادسة: لا يخرج شيئا من الهدي الذي ذبحه عن منى (3)، حتى
الجلد والسنام أيضا على الأحوط (4).

(1) وسائل الشيعة: ب 32 / الذبح / 2.
(2) مدارك الأحكام 8: 25.
(3) وسائل الشيعة: ب 42 / الذبح / 1.
(4) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا تخرجن شيئا من لحم الهدي. [المصدر السابق: حديث 2].
(5) المصدر السابق: حديث 5.
(6) مسالك الأفهام 2: 297.
371

نعم، لو لم يكن مصرف فيها، أو اشتراه من مسكين بعد أن ملكه
جاز إخراجه (1).
السابعة: يجب أن يكون الهدي من النعم الثلاثة (2)، بل لا يجزئ
إلا الثني منها (3).

(1) وهو موثق إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام، قال: سألته عن الهدي، أيخرج شئ منه عن
الحرم؟ فقال: بالجلد والسنام والشئ ينتفع به... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 43 / الذبح / 6].
(2) جواهر الكلام 19: 133.
(3) الحج: 28.
(4) وسائل الشيعة: ب 10 / الذبح / 5.
(5) جواهر الكلام 19: 136، وفيه: بلا خلاف أجده في الحكم.
(6) منها: صحيح عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن علي عليه السلام أنه كان يقول: الثنية من الإبل،
والثنية من البقر، والثنية من المعز، والجذعة من الضأن. [وسائل الشيعة: ب 11 / الذبح / 1].
(7) المصدر السابق: حديث 2.
372

وهو من الإبل ما دخل في السادسة (1)، ومن البقر والمعز ما
دخل في الثالثة (2) على الأحوط الذي لا يخلو عن قوة.
نعم، يجزئ الجذع من الضأن (3)، وهو الداخل في الثانية (4)
على الأحوط.

(1) وسائل الشيعة: ب 11 / الذبح / 5.
(2) جواهر الكلام 19: 136.
(3) المصدر السابق 19: 138.
(4) المبسوط 1: 198.
(5) من لا يحضره الفقيه 2: 294 / وسائل الشيعة: ب 11 / الذبح / 11.
(6) جواهر الكلام 19: 138.
(7) منها: صحيح ابن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يجزي من الضأن الجذع ولا يجزي من
المعز إلا الثني. [وسائل الشيعة: ب 11 / الذبح / 2].
(8) الصحاح 3: 1194 / أدب الكاتب: 118 / القاموس المحيط 3: 19.
(9) منه قول العلامة الحلي: بأنه الذي له ستة أشهر. وقول المحقق الأردبيلي: أنه الذي دخل في الثامن.
انظر: منتهى المطلب 2: 740 / مجمع الفائدة والبرهان 7: 274.
373

ويجب أن يكون صحيحا (1)، تاما (2).
فلا تجزئ العوراء (3)، ولا العرجاء، ولا الكبيرة (4) التي لا مخ

(1) وفيه: ويجزي من المعز والبقر الثني وهو الذي تم له سنة ودخل في الثانية، ويجزي من الضأن
الجذع لسنة. [من لا يحضره الفقيه 2: 294].
(2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من اشترى هديا ولم يعلم أن به عيبا حتى نقد ثمنه ثم علم فقد تم.
[وسائل الشيعة: ب 24 / الذبح / 3].
(3) عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل يشتري هديا فكان به عيب عور وغيره، فقال: إن كان نقد ثمنه فقد
أجزأه عنه، وإن لم يكن نقد ثمنه رده واشترى غيره. [المصدر السابق: حديث 1].
(4) المصدر السابق: ب 21 / الذبح / 1.
(5) انظر: المصدر السابق: ب 12، 23، 22 / الذبح.
(6) جواهر الكلام 19: 139.
(7) منتهى المطلب 2: 740 / مدارك الأحكام 8: 30.
(8) قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله خطيبا فقال: (أربع لا تجوز في الأضحى: العوراء البين عورها،
والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والكبيرة التي لا تنقى). كذا في الجواهر، وفي سنن
البيهقي: الكسيرة التي لا تنقى. انظر: جواهر الكلام 19: 139 / السنن الكبرى 2: 242.
374

لها، ولا المكسور قرنها الداخل (1) مطلقا (2)، ولا مقطوعة الأذن (3)
أو غيرها من الأعضاء (4)، ولا الخصي (5)، ولا المهزولة (6)، وهي
التي لا شحم على كلتيها (7)، والأحوط أن لا يكون مما يعد في العرف
مهزولا وإن وجد الشحم على كليتها، وأن لا تكون جماء لم يخلق لها

(1) منها: صحيح جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام في الأضحية يكسر قرنها؟ قال: إن كان القرن الداخل
صحيحا فهو يجزي. [وسائل الشيعة: ب 22 / الذبح / 1].
(2) من لا يحضره الفقيه 2: 296.
(3) منها: صحيح أحمد بن محمد بن أبي نصر، بإسناد له عن أحدهما عليهما السلام، قال: سئل عن الأضاحي إذا
كانت الأذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة؟ فقال: ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس.
[وسائل الشيعة: ب 23 / الذبح / 1].
(4) منها: صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الأضحية بالخصي؟ فقال: لا.
[المصدر السابق: ب 12 / الذبح / 2].
(5) ففي صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام - في حديث - قال: وإن نواها مهزولة فخرجت
سمينة أجزأت عنه، وإن نواها مهزولة فخرجت مهزولة لم تجز عنه. [المصدر السابق: ب 16 / الذبح / 1].
(6) النهاية: 258 / السرائر الحاوي 1: 597 / الجامع للشرائع: 213 / شرائع الاسلام 1: 236 / قواعد الأحكام 1: 441.
(7) قال: حججت بأهلي سنة فعزت الأضاحي، فانطلقت فاشتريت شاتين بغلاء فلما ألقيت إهابيهما
ندمت ندامة شديدة لما رأيت بهما من الهزال، فأتيته فأخبرته بذلك، فقال: إن كان على كليتيهما شئ
من الشحم أجزأت. [وسائل الشيعة: ب 16 / الذبح / 3].
375

قرن (1)، ولا صماء لم يخلق لها أذن، ولا أبتر لم يخلق لها ذنب.
ولا بأس بمشقوق الأذن ومثقوبها إذا لم ينقص منها شئ (2)،
ولا بالمكسور قرنها الخارج (3).

(1) مدارك الأحكام 8: 35 / ذخيرة المعاد: 668.
(2) مدارك الأحكام 8: 33.
(3) تقدم في هامش رقم (3) ص 375.
(4) وهو صحيح الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الضحية تكون الأذن مشقوقة؟ فقال: إن كان
شقها وسما فلا بأس، وإن كان شقا فلا يصلح. [وسائل الشيعة: ب 23 / الذبح / 2].
(5) ففي صحيحه الأول: عن أبي عبد الله عليه السلام في الأضحية يكسر قرنها؟ قال: إن كان القرن الداخل
صحيحا فهو يجزئ.
ونحوه صحيحه الآخر. [وسائل الشيعة: ب 22 / الذبح / 1، 3].
376

ولو نحرها أو ذبحها بزعم أنها سمينة فبانت مهزولة أجزأت (1)،
وكذا لو كان يزعم أنها مهزولة، ولكن ذبحها برجاء أن تكون سمينة
فصادف الواقع (2).
أما لو ذبحها بزعم الصحة فبانت ناقصة فالظاهر عدم الاجزاء (3).

(1) عن أحدهما عليهما السلام - في حديث - قال: وإن اشترى أضحية وهو ينوي أنها سمينة فخرجت مهزولة
أجزأت عنه... الحديث. [المصدر السابق: ب 16 / الذبح / 1].
(2) ففي حديث منصور عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وإن اشترى الرجل هديا وهو يرى أنه سمين أجزأ عنه،
وإن لم يجده سمينا... الحديث. [المصدر السابق: حديث 2].
(3) ففي صحيح محمد بن مسلم: وإن نواها مهزولة فخرجت سمينة أجزأت. [المصدر السابق: حديث 1].
(4) مختلف الشيعة 2: 306.
(5) عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام أنه سأله عن الرجل يشتري الأضحية عوراء فلا يعلم إلا بعد شرائها،
هل تجزي عنه؟ قال: نعم، إلا أن يكون هديا واجبا فإنه لا يجوز ناقصا.
[وسائل الشيعة: ب 24 / الذبح / 2].
(6) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من اشترى هديا، ولم يعلم أن به عيبا حتى نقد ثمنه ثم علم فقد تم.
[المصدر السابق: حديث 3].
377

ويستحب أن يكون الهدي سمينا (1)،

(1) عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل يشتري هديا وكان به عيب، عور أو غيره، قال: إن كان نقد ثمنه فقد
أجزأ عنه، وإن لم يكن نقد ثمنه رده واشترى غيره... الحديث.
[الكافي - الفروع - 4: 490 / وسائل الشيعة: ب 24 / الذبح / 1].
(2) الرواية في التهذيب - المطبوع - موافقة لما في الكافي، لكنها في الاستبصار هكذا: (فقال: إن كان نقد
ثمنه رده واشترى غيره). وبهذا اللفظ نقله بعض الفقهاء عن التهذيب، وكذا في الوسائل نقلا عن
الشيخ الطوسي من دون تعيين كتاب.
انظر: تهذيب الأحكام: 214 / الإستبصار 2: 269 / منتهى المطلب 2: 742 / مدارك الأحكام 8:
37 / وسائل الشيعة: ب 24 / الذبح / 1.
(3) البقرة: 197.
(4) لم أجد هذا التعبير في نصوص الباب، نعم ورد في بعضها التعبير بقوله عليه السلام: (فإن لم تجد فما تيسر
عليك...)، وقوله عليه السلام: (فإن لم يجد فموجأ من الضأن، وإلا ما استيسر من الهدي شاة). انظر: وسائل
الشيعة: ب 8 / الذبح / 1 و ب 10 / منه / 11.
(5) ففي صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن الأضحية؟ فقال: أقرن، فحل، سمين،
عظيم العينين... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 13 / الذبح / 2].
378

إناثا من الإبل والبقر (1)، وذكرانا من الغنم (2)، وكبشا أسود (3)
فأملح (4)، أقرن، عظيم.

(1) ففي صحيح معاوية بن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل
والبقر... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 9 / الذبح / 1].
(2) المصدر السابق: حديث 4.
(3) النهاية: 258.
(4) منتهى المطلب 2: 742.
(5) كما في صحيح عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: والإناث أفضل.
[وسائل الشيعة: ب 9 / الذبح / 2].
(6) المصدر السابق: حديث 1.
(7) المصدر السابق: ب 13 / الذبح / 5.
(8) المصدر السابق: حديث 6.
(9) المصدر السابق: حديث 4، وفيه: الحسن بن عمارة.
(10) جواهر الكلام 19: 153.
379

وأفضل الهدي ما أحضره عشية عرفة بعرفات (1).
وأن تنحر الإبل قائمة (2) قد ربطت يداها بين الخف والركبة (3)،
ويطعنها من الجانب الأيمن (4).

(1) ففي صحيح أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: سئل عن الخصي... إلى أن يقول: وقال: لا يضحى إلا
بما قد عرف به. [وسائل الشيعة: ب 17 / الذبح / 1].
(2) المصدر السابق: حديث 4.
(3) منتهى المطلب 2: 742 / تهذيب الأحكام 5: 206.
(4) وسائل الشيعة: ب 35 / الذبح / 2.
(5) الحج: 36.
(6) وسائل الشيعة: ب 35 / الذبح / 5.
(7) المصدر السابق: الحديث 1، 3.
(8) المصدر السابق: حديث 2.
(9) المصدر السابق: حديث 3.
380

وأن يتولى الناسك الذبح، أو النحر بنفسه (1)، ولو لم يحسن
فليضع السكين بيده ويقبض الذابح على يده فيذبح (2)، وإلا فليشهد
ذبحه (3)، ولا بأس بأن يضع يده على يد الذابح.
الثامنة: يجب النية في الذبح أو النحر (4) كما مر في غيره من
المناسك، ولو استناب في الذبح أو النحر (5) فإن أخذ الذابح بيده
فذبح نويا جميعا (6)، وإلا نواه النائب. ولو نوى الناسك وحده أجزأه
على إشكال (7) أحوطه أن ينويا جميعا.

(1) ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا اشتريت هديك فاستقبل القبلة وانحره أو
اذبحه... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 37 / الذبح / 1].
(2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يجعل السكين في يد الصبي ثم يقبض الرجل
على يد الصبي فيذبح. [المصدر السابق: ب 36 / الذبح / 5].
(3) المصدر السابق: حديث 4.
(4) ففي الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للنساء والضعفاء أن
يفيضوا من جمع بليل، وأن يرموا الجمرة بليل، فإذا أرادوا أن يزوروا البيت وكلوا من يذبح عنهن.
[وسائل الشيعة: ب 17 / الوقوف بالمشعر / 6، وانظر: ب 36 / الذبح].
381

ويجب أن يكون بمنى (1)، وفي يوم النحر، بين الرمي
والتقصير (2).

(1) كشف اللثام 1: 369.
(2) منتهى المطلب 2: 738 / كشف اللثام 1: 373 / مدارك الأحكام 8: 19.
(3) وسائل الشيعة: ب 4 / الذبح / 1.
(4) كأنه يشير إلى صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل يضل هديه فيجده رجل آخر
فينحره، فقال: إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضل عنه، وإن كان نحره في غير منى لم
يجزئ عن صاحبه. [المصدر السابق: ب 28 / الذبح / 2].
(5) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت،
فاشترى بمكة ثم ذبح، قال: لا بأس، قد أجزأ عنه. [المصدر السابق: ب 39 / الذبح / 5].
(6) البقرة: 196.
(7) في خبر جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تبدأ بمنى بالذبح قبل الحلق.
[وسائل الشيعة: ب 39 / الذبح / 3].
(8) المصدر السابق: ب 1 / الحلق والتقصير / 1.
(9) الخلاف 2: 345 / السرائر الحاوي 1: 599 / الكافي في الفقه: 201.
(10) وفيه: قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق؟ قال: لا ينبغي، إلا أن يكون
ناسيا، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم: يا رسول الله إني حلقت قبل أن
أذبح، وقال بعضهم: حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئا كان ينبغي أن يؤخروه إلا قدموه، فقال: لا
حرج. [وسائل الشيعة: ب 39 / الذبح / 4].
382

لكن لو تأخر لعذر أو أخره عمدا أجزأه (1) إلى آخر أيام التشريق (2)،
بل طول ذي الحجة (3)،

(1) المصدر السابق: حديث 6.
(2) مجمع الفائدة والبرهان 7: 258 / رياض المسائل 1: 402.
(3) مدارك الأحكام 8: 101.
(4) منتهى المطلب 2: 765.
(5) منها: صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحي؟
قال: لا بأس، وليس عليه شئ، ولا يعودن. [وسائل الشيعة: ب 39 / الذبح / 10].
(6) عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن الأضحى كم هو بمنى؟ فقال: أربعة أيام... الحديث.
[المصدر السابق: ب 6 / الذبح / 1].
(7) انظر: المصدر السابق: حديث 2، 4، 5.
(8) وفيه: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فوجب عليه النسك فطلبه فلم
يجده... إلى أن يقول: قلت: فإنه دفعه إلى من يذبح عنه فلم يصب في ذي الحجة نسكا وأصابه بعد
ذلك؟ قال: لا يذبح عنه إلا في ذي الحجة، ولو أخره إلى قابل. [المصدر السابق: ب 44 / الذبح / 2].
383

وإن أثم بتأخيره (1).
ويستحب عند الذبح أو النحر أن يقول (2):
وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما

(1) مستند الشيعة: 2: 259.
(2) منتهى المطلب 2: 765.
(3) مستند الشيعة: 2: 258.
(4) وسائل الشيعة: ب 17 / الوقوف بالمشعر.
(5) شرائع الاسلام 1: 235 / قواعد الأحكام 1: 443.
(6) السرائر الحاوي 1: 595 / النهاية: 257 / الجامع للشرائع: 211.
(7) وسائل الشيعة: ب 37 / الذبح / 1.
384

أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب
العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين. اللهم منك
ولك. بسم الله وبالله والله أكبر. اللهم تقبل مني.
والأولى أن يقول بعد ذلك:
اللهم (1) تقبل مني كما تقبلت عن إبراهيم خليلك، وموسى
كليمك، ومحمد حبيبك صلى الله (2) عليه وآله وعليهم.
التاسعة: يستحب أن يأكل الناسك شيئا من هديه (3) ولو

(1) فقه الرضا: 224، ولفظ (اللهم) موجود فيه.
(2) المصدر السابق.
(3) السرائر الحاوي 1: 598 / الدروس الشرعية 1: 439.
(4) شرائع الاسلام 1: 236.
(5) الحج: 36.
(6) وسائل الشيعة: ب 40 / الذبح / 1.
(7) المصدر السابق: حديث 3.
385

قليلا (1)، بل هو الأحوط، ويجوز تخصيص ثلثه بنفسه (2)، أما
استحبابه - كما ينسب إلى المشهور (3) - ففيه إشكال (4).
والأحوط (5) أن يصرف ثلثيه على الغير، بأن يتصدق على
الفقير بثلثه، ويهدي ثلثه الآخر إلى فقير

(1) وفيه: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها؟ قال: بمكة، قلت: أي شئ أعطي
منها؟ قال: كل ثلثا، واهد ثلثا، وتصدق بثلث. [وسائل الشيعة: ب 40 / الذبح / 18].
(2) المبسوط 1: 374 / الجامع للشرائع: 214 / الدروس الشرعية 1: 450.
(3) جواهر الكلام 19: 160.
(4) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن سعيد بن عبد الملك قدم حاجا فلقي أبي فقال: إني سقت هديا فكيف
أصنع؟ فقال له أبي: أطعم أهلك ثلثا، وأطعم القانع والمعتر ثلثا، وأطعم المساكين ثلثا... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 40 / الذبح / 3].
(5) الدروس الشرعية 1: 450.
386

أو غني (1) على الأقوى.
ويعتبر الايمان في من يصرف عليه الثلثين مطلقا على
الأحوط (2)، فلو دفعه اختيارا إلى غير المؤمن، أو فرط في الاهداء،
والتصدق به، أو أتلفه ضمن الثلثين (3) على الأحوط.
نعم، لو نهبه غير المؤمن أو أخذه قهرا فلا ضمان عليه (4)، ولو
أهدى جميعه إلى غني فالأحوط ضمانه للفقير (5)، ولا يضمن لو

(1) وهما قوله: (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير)، وقوله تعالى: (فكلوا منها وأطعموا
القانع والمعتر) [الحج: 28، 36].
(2) السرائر الحاوي 1: 598.
(3) وسائل الشيعة: ب 40 / الذبح / 9.
387

تصدق به للفقير على الأقوى (1).
العاشرة: لو لم يجد الهدي ولا ثمنه وجب أن يصوم بدله عشرة
أيام (2)،
ثلاثة منها في الحج، ولا يعتبر فيها نية الإقامة (3)، ولا أن
يصومها بمكة المعظمة، بل تصح مطلقا. لكنه يجب فيها التوالي (4)،
وأن يصومها في ذي الحجة (5) ولو في أول العشرة (6)،

(1) تذكرة الفقهاء 1: 385 / منتهى المطلب 2: 752.
(2) يشير إلى قوله تعالى: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك
عشرة كاملة...) [البقرة: 196].
(3) انظر: وسائل الشيعة: ب 46 / الذبح.
(4) منها: صحيح رفاعة بن موسى، قلت: يصوم وهو مسافر؟ قال: نعم، أليس هو يوم عرفة مسافرا، إنا
أهل بيت نقول ذلك... الحديث [المصدر السابق: حديث 1].
(5) منها: قوله عليه السلام: - في حديث إسحاق بن عمار - لا تصوم الثلاثة الأيام متفرقة.
[المصدر السابق: ب 53 / الذبح / 1].
(6) المصدر السابق: ب 46 / الذبح / 1.
(7) النهاية: 255 / شرائع الاسلام 1: 237 / الجامع للشرائع: 211 / قواعد الأحكام 1: 440 / الدروس
الشرعية 1: 440.
388

بعد أن أحرم لعمرته (1)، لكن الأفضل أن يكون آخرها يوم عرفة (2)،
ودونه في الفضل أن يبادر إليها بعد أيام التشريق (3).

(1) وسائل الشيعة: ب 46 / الذبح / 2.
(2) السرائر الحاوي 1: 593.
(3) جواهر الكلام 19: 179.
(4) الدروس الشرعية 1: 440 / تذكرة الفقهاء 1: 382.
(5) منتهى المطلب 2: 743 / الدروس الشرعية 1: 440.
(6) ففي صحيح رفاعة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتمتع لا يجد الهدي؟ قال: يصوم قبل التروية،
ويوم التروية، ويوم عرفة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 46 / الذبح / 1].
(7) منها: صحيح عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن متمتع يدخل يوم التروية وليس
معه هدي؟ قال: فلا يصوم ذلك اليوم، ولا يوم عرفة، ويتسحر ليلة الحصبة فيصبح صائما، وهو يوم
النفر، ويصوم يومين بعده. [المصدر السابق: حديث 3].
389

ولو صام يومي التروية وعرفة جاز التفريق (1) ولو اختيارا (2)
على الأقوى، فيصوم الثالث حينئذ بعد أيام التشريق (3) إذا كان
بمنى (4)، وإلا فبعد يوم النفر (5)، والأولى بل الأحوط عدم التواني

(1) منها: صحيح صفوان عن يحيى الأزرق عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل قدم يوم التروية
متمتعا وليس له هدي، فصام يوم التروية ويوم عرفة؟ قال: يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق.
[المصدر السابق: ب 52 / الذبح / 2].
(2) الكافي في الفقه: 188.
(3) نسبه في كشف اللثام إلى بعض المتأخرين، 1: 364.
(4) في المصدر: (والظاهر).
(5) كشف اللثام 1: 364 / الجامع للشرائع: 210.
390

فيها بعد أيام التشريق (1)، وإن كانت تصح طول ذي الحجة (2).
ولو وجد الهدي أو ثمنه وقد صامها فالأحوط الهدي (3)، ولو
خرج ذو الحجة ولم يصمها تعين الهدي عليه (4)، ويبعث به

(1) كشف اللثام 1: 364.
(2) وسائل الشيعة: ب 46 / الذبح / 13.
(3) كذا نقله في المستند عن المهذب، ولم أجده فيه فراجع: مستند الشيعة 2: 267.
(4) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تمتع وليس معه ما يشتري به هديا، فلما أن صام ثلاثة أيام في
الحج أيسر، أيشتري هديا فينحره، أو يدع ذلك ويصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله؟ قال: يشتري
هديا فينحره، ويكون صيامه الذي صامه نافلة له. [وسائل الشيعة: ب 45 / الذبح / 2].
(5) النهاية: 256 / شرائع الاسلام 1: 237 / الجامع للشرائع: 211 / قواعد الأحكام 1: 440 / الدروس
الشرعية 1: 440.
(6) مدارك الأحكام 8: 56.
(7) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هديا يوم خرج من منى؟
قال أجزأه صيام. [وسائل الشيعة: ب 45 / الذبح / 1].
(8) عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي، حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن
شاة، أيذبح أو يصوم؟ قال: بل يصوم، فإن أيام الذبح قد انقضت. [وسائل الشيعة: ب 44 / الذبح / 3].
(9) الخلاف 2: 279 / مدارك الأحكام 8: 55.
391

ليذبح بمنى (1).
والأحوط أن يقصد به ما في ذمته من الهدي أو الكفارة (2)، ولو
مات قبل أن يبعث به قضي من صلب ماله (3).
وأما السبعة الباقية فيصومها بعد الرجوع إلى أهله (4)، ولا

(1) وسائل الشيعة: ب 47 / الذبح / 1.
(2) المصدر السابق: حديث 3.
(3) منها: صحيح معاوية بن عمار قال: حدثني عبد صالح عليه السلام، قال: سألته عن المتمتع ليس له أضحية
وفاته الصوم حتى يخرج، وليس له مقام؟ قال: يصوم ثلاثة أيام في الطريق إن شاء، وإن شاء صام
عشرة أيام في أهله. [المصدر السابق: حديث 2].
392

يجب فيها التوالي (1) وإن كان أحوط.
ولو رجع قبل خروج ذي الحجة ولم يصم الثلاثة صام العشرة
جميعا عند أهله (2)، والأولى أن يفرق بين الثلاثة والسبعة (3).
الحادية عشر: لا يخرج هدي القران عن ملك صاحبه (4) وإن

(1) وسائل الشيعة: ب 55 / الذبح / 1.
(2) ففي حديث علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: - في حديث - والسبعة لا يفرق
بينها... الحديث. [المصدر السابق: حديث 2].
(3) الكافي في الفقه: 188.
(4) مستند الشيعة 2: 267.
(5) قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: إني قدمت الكوفة ولم أصم السبعة الأيام حتى فزعت
في حاجة إلى بغداد، قال: صمها في بغداد، قلت: أفرقها؟ قال: نعم. [وسائل الشيعة: ب 55 / الذبح / 1].
(6) المصدر السابق: حديث 2.
(7) جواهر الكلام 19: 187.
393

عقد إحرامه بإشعاره أو تقليده، ويجوز له ركوبه (1)، وحلبه، بل كل ما
لا يمنع عن نحره، أو ذبحه (2)، لكنه يجب عليه ذبحه، أو نحره (3)،
ولا يجوز له إبداله (4)، ويتبعه في وجوب النحر، أو الذبح نتاجه (5).
ولو تلف بلا تفريط فلا ضمان (6)، ولو فرط فلا يبعد ضمانه (7).
وكذا لو نذر سياق هدي موصوف، وعين الفرد

(1) منها: صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يحلب البدنة، ويحمل عليها
غير مضر. [وسائل الشيعة: ب 34 / الذبح / 4].
(2) انظر المصدر السابق: الأحاديث 2، 3، 5، 6، 7.
(3) وسائل الشيعة: ب 32 / الذبح / 1.
(4) منها: صحيح معاوية بن عمار عن رجل ساق بدنة فنتجت، قال: ينحرها وينحر ولدها... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 34 / الذبح / 1].
(5) المصدر السابق: ب 25 / الذبح / 1.
394

مصداقا له (1).
ولو ضل فذبحه الواجد عن صاحبه في محله أجزأ عنه (2)، لكن
الأحوط أن يكون بعد تعريفه نحو ما تقدم.
وينحره بمنى إن ساقه في إحرام حجه (3)، وبمكة (4)

(1) تقدم في ص 396.
(2) وسائل الشيعة: ب 4 / الذبح / 6.
(3) المصدر السابق: حديث 3.
395

- والأحوط الحزورة - إن ساقه في إحرام عمرته (1).
وكذا لو نذر هديا أو بدنة ونحو ذلك (2)، إلا إذا قيده بالذبح، أو
النحر بمنى.
الثانية عشر: تستحب الأضحية لمن تمكن عنها استحبابا
مؤكدا (3)، عبر عنه بالوجوب في بعض رواياتها (4).

(1) وهو صحيح معاوية بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام - في حديث - ومن ساق هديا وهو معتمر
نحر هديه في المنحر، وهو بين الصفا والمروة، وهي بالحزورة. [المصدر السابق: حديث 4].
(2) الخلاف 2: 439 / الغنية: 519.
(3) وسائل الشيعة: ب 5 / الذبح / 2.
(4) جواهر الكلام 19: 219.
(5) وسائل الشيعة: ب 60 / الذبح / 3.
396

ويجوز الاشتراك فيها (1)، والتبرع بها عن الحي أو الميت (2).
ويضحى عن الصبي ولو غير المميز لا عن الحمل (3).
وأفضل أوقاتها بعد طلوع الشمس من يوم النحر (4)، ومضي
قدر صلاة العيد. ويمتد وقتها بمنى أربعة أيام، وفي غيرها ثلاثة (5).

(1) راجع ص 368.
(2) وسائل الشيعة: ب 60 / الذبح / 6، 7، 9.
(3) المصدر السابق: حديث 8.
(4) وسائل الشيعة: ب 29 / صلاة العيد / 3، وفيه: استقلت الشمس.
(5) جواهر الكلام 19: 223.
(6) عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: سألته عن الأضحى كم هو بمنى؟ فقال: أربعة أيام، وسألته عن
الأضحى في غير منى؟ فقال: ثلاثة أيام، فقلت: فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين،
له أن يضحي في اليوم الثالث؟ فقال: نعم. [وسائل الشيعة: ب 6 / الذبح / 1].
(7) كما في خبر كليب الأسدي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النحر؟ فقال: أما بمنى فثلاثة أيام، وأما في
البلدان فيوم واحد. [المصدر السابق: حديث 6].
397

ولا يبعد كفاية سلامة العينين والأذنين هنا (1)، وجواز التضحية
بالموجوء، ونحوه (2). لكن الأفضل أن تكون كبشا أملح، أقرن، فحلا
سمينا، والأحوط أن تكون ثنيا (3) وإن كان الاجتزاء بالجذع من الضأن هنا
أيضا غير بعيد، ويجزئ عنها الهدي الواجب (4)، والجمع أفضل (5).
ويستحب عند إرادة الذبح، أو النحر أن يقول (6):
وجهت وجهي... إلى آخر الآيات الثلاثة المتقدمة، ثم يقول:

(1) نهج البلاغة: 155.
(2) مسائل علي بن جعفر: 141 / وسائل الشيعة: ب 60 / الذبح / 12.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(5) من لا يحضره الفقيه 2: 297.
398

اللهم منك ولك. اللهم تقبل مني، بسم الله الذي لا إله إلا هو، والله
أكبر، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته.
ويكره التضحية بالثور، والجمل (1)، والجاموس (2).
ويستحب الصدقة بجلود الأضاحي (3)، ويكره إعطاؤها أجرة
للجزارين (4). والله العالم.
الثالث من مناسك منى يوم النحر: الحلق (5)

(1) وسائل الشيعة: ب 9 / الذبح / 4.
(2) شرائع الاسلام 1: 236 / قواعد الأحكام 1: 441.
(3) كشف اللثام 1: 369.
(4) وسائل الشيعة: ب 43 / الذبح / 2.
(5) الحج: 36.
(6) وسائل الشيعة: ب 43 / الذبح / 8.
(7) وسائل الشيعة: ب 1 / الحلق والتقصير / 12.
399

أو التقصير (1)،
ويجب بعد الذبح أو النحر (2)، والحلق أفضل (3)،
بل هو الأولى، والأحوط للصرورة ومن لبد شعر رأسه بالصمغ
والعسل، ونحوهما لدفع القمل، وكذا من عقص شعر رأسه، وعقده بعد
جمعه، ولفه (4).

(1) تذكرة الفقهاء 1: 389 / مفاتيح الشرائع 1: 360 / مستند الشيعة 2: 269.
(2) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا ينبغي للصرورة أن يحلق، وإن كان قد حج
فإن شاء قصر وإن شاء حلق، فإذا لبد شعره أو عقصه فإن عليه الحلق، وليس له التقصير.
[وسائل الشيعة: ب 7 / الحلق والتقصير / 1].
(3) التبيان 2: 154.
(4) تقدم مفصلا في ص 382.
(5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - في حديث - ومن لم يلبده تخير إن شاء قصر، وإن شاء حلق، والحلق
أفضل. [وسائل الشيعة: ب 7 / الحلق والتقصير / 15].
(6) المقنع: 89 / تهذيب الأحكام 5: 160، 243، 344 / الجامع للشرائع: 216 / كشف اللثام 1: 374.
400

وليس على النساء حلق (1)، بل يحرم هو (2)، ويتعين عليهن
التقصير (3)، وهو أخذ شئ من الشعر أو الظفر كما مر، ولو حلقت
امرأة لم يجز عن التقصير (4) إذا كانت ناوية من أول الأمر، بل مطلقا
على الأحوط.
ومن ليس على رأسه شعر سقط عنه الحلق، وتعين عليه
التقصير (5)، لكن الأحوط أن يمر الموسى - أيضا - على

(1) وسائل الشيعة: ب 7 / الحلق والتقصير / 2، 3.
(2) المصدر السابق: حديث 3.
(3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس على النساء حلق، ويجزيهن التقصير.
[المصدر السابق: ب 8 / الحلق والتقصير / 3].
(4) مختلف الشيعة 2: 308.
(5) سنن الترمذي 3: 257 / الجامع الصغير 2: 707.
(6) جواهر الكلام 19: 238.
401

رأسه (1) خصوصا إذا لم يكن له شعر يقصره (2)، بل الأولى أن لا
يتركه الصرورة (3)، والملبد، والمعقوص شعره (4).

(1) وفيه: إن رجلا من أهل خراسان قدم حاجا وكان أقرع الرأس، لا يحسن أن يلبي، فاستفتي له أبو
عبد الله عليه السلام، فأمر له أن يلبى عنه، وأن يمر الموسى على رأسه، فإن ذلك يجزئ عنه.
[وسائل الشيعة: ب 11 / الحلق والتقصير / 3].
(2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه؟ قال: عليه دم يهريقه، فإذا كان يوم
النحر أمر الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق. [المصدر السابق: حديث 1].
(3) شرائع الاسلام 1: 240.
(4) مال إليه العلامة الحلي في منتهى المطلب 2: 764، وتذكرة الفقهاء 1: 390.
(5) مسالك الأفهام 2: 323.
402

ويجب أن يكون الحلق أو التقصير بمنى، فلو رحل
عامدا أو جاهلا، أو ناسيا رجع وحلق، أو قصر بها (1)، ولو
لم يتمكن حلق أو قصر مكانه، والأحوط أن يبعث به (2)

(1) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى؟ قال:
يرجع حتى يلقي شعره بها، حلقا كان أو تقصيرا. [وسائل الشيعة: ب 5 / الحلق والتقصير / 1].
(2) قال: سألته عن رجل جهل أن يقصر من رأسه أو يحلق حتى ارتحل من منى؟ قال: فليرجع إلى منى
حتى يحلق شعره بها أو يقصر، وعلى الصرورة أن يحلق. [المصدر السابق: حديث 4].
(3) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصر حتى نفر؟ قال: يحلق في الطريق
أو أين كان. [المصدر السابق: حديث 2].
(4) مدارك الأحكام 8: 95 / مفاتيح الشرائع 1: 361 / مستند الشيعة 2: 270.
(5) شرائع الاسلام 1: 240.
(6) منها: صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يحلق رأسه بمكة، قال: يرد الشعر
إلى منى. [وسائل الشيعة: ب 6 / الحلق والتقصير / 1].
(7) مختلف الشيعة 2: 308.
403

ليدفن بمنى (1).
ويجب فيه النية كسائر المناسك، فينوي: (أحلق - أو أقصر - في
فرض حج التمتع لوجوبه قربة إلى الله تعالى)، والأولى أن ينويه
المحلق أيضا (2).
ويجب الاتيان بالمناسك الثلاثة على هذا الترتيب (3)، لكن لو
خالف لم يلزمه شئ وإن أثم بتعمده (4)، والأحوط الإعادة بما يحصل
به الترتيب (5).

(1) شرائع الاسلام 1: 240 / الكافي في الفقه: 201.
(2) جواهر الكلام 19: 250.
(3) ففي صحيح جميل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق؟ قال: لا ينبغي
إلا أن يكون ناسيا، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه أناس يوم النحر، فقال بعضهم: يا رسول الله إني
حلقت قبل أن أذبح، وقال بعضهم: حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئا كان ينبغي أن يؤخروه إلا
قدموه، فقال: لا حرج.
وفي خبر البزنطي قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: جعلت فداك إن رجلا من أصحابنا رمى الجمرة
يوم النحر، وحلق قبل أن يذبح، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما كان يوم النحر... الحديث نحو ما تقدم في
صحيح جميل. [وسائل الشيعة: ب 39 / الذبح / 4، 6].
404

كما أنه يجب أن يقدم الحلق، أو التقصير على
طواف الزيارة (1)، فلو عكس أعاد (2) وجبره بشاة

(1) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصر حتى زارت البيت فطافت وسعت من
الليل، ما حالها؟ وما حال الرجل إذا فعل ذلك؟ قال: لا بأس به، يقصر ويطوف بالحج ثم يطوف
بالزيارة، ثم قد أحل من كل شئ. [وسائل الشيعة: ب 4 / الحلق والتقصير / 1].
(2) عن أبي جعفر عليه السلام في رجل زار البيت قبل أن يحلق، فقال: إن كان زار البيت قبل أن يحلق وهو عالم
أن ذلك لا ينبغي له فإن عليه دم شاة. [المصدر السابق: ب 2 / الحلق والتقصير / 1].
(3) تقدم في الهامش رقم 3، ص 404.
(4) لم أجد لجميل حديثا يناسب المقام، وكأنه قدس سره يشير به إلى ما ذكره في الجواهر من قوله: (صحيح
جميل عن الصادق عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه أناس يوم النحر... إلى آخر كلامه)، لكن الظاهر أنه ليس
بحديث مستقل بل هو ذيل الرواية المتقدمة آنفا في هامش رقم 3 ص 404.
(5) تقدم في ص 382
(6) الدروس الشرعية 1: 454.
405

وإن تعمده (1).
ويستحب عند إرادة الحلق استقبال القبلة (2)، والتسمية (3)،
وأن يبدأ فيه من قرنه الأيمن (4)، وينتهي به إلى العظمين النابتين قبالة
وتد الأذنين (5)، ويدعو بهذا الدعاء (6):

(1) المقنع: 88 / فقه الرضا: 225.
(2) وسائل الشيعة: ب 10 / الحلق والتقصير / 1.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق: حديث 2.
(5) الجامع للشرائع: 216 / الدروس الشرعية 1: 453.
(6) المقنع: 88.
(7) وسائل الشيعة: ب 10 / الحلق والتقصير / 1.
406

اللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة، وحسنات مضاعفات،
وكفر عني السيئات، إنك على كل شئ قدير.
والأفضل أن يختم دعاءه بالصلاة على النبي وآله صلوات الله
عليهم أجمعين (1).
وبالفراغ عن مناسك يوم النحر بمنى يتحلل المتمتع عما حرم
عليه بعقد إحرامه (2)، إلا الطيب، والنساء.

(1) المقنعة: 419.
(2) الكافي في الفقه: 216.
(3) انظر: وسائل الشيعة: ب 36 / الدعاء.
(4) من لا يحضره الفقيه 2: 328 / مختلف الشيعة 2: 308.
(5) وسائل الشيعة: ب 13 / الحلق والتقصير / 11.
(6) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحل من كل شئ
أحرم منه إلا النساء والطيب... الحديث. [المصدر السابق: حديث 1].
407

لكن يكره له تغطية الرأس (1)، ولبس المخيط (2) حتى يطوف
طواف الزيارة (3)،
فإذا طاف، وصلى صلاة الطواف (4)، وسعى حل

(1) كما في موثق إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المتمتع إذا حلق رأسه ما يحل له؟
فقال: كل شئ إلا النساء. [المصدر السابق: حديث 8].
(2) وفيه: وإذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا الصيد.
[المصدر السابق: حديث 1].
(3) منها: صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في رجل كان متمتعا فوقف بعرفات
وبالمشعر وذبح وحلق، قال: لا يغطي رأسه حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة.
[المصدر السابق: ب 18 / الحلق والتقصير / 1].
(4) كشف اللثام 1: 376.
408

له الطيب أيضا (1)، وإن كره حتى يطوف طواف النساء (2)، فإذا طاف

(1) وسائل الشيعة: ب 82 / الطواف / 7.
(2) المصدر السابق: ب 4 / زيارة البيت / 1.
(3) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحل من كل شئ
أحرم منه إلا النساء والطيب، فإذا زار البيت وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل من كل شئ أحرم منه
إلا النساء... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 13 / الحلق والتقصير / 1].
(4) كشف اللثام 1: 376.
(5) شرائع الاسلام 1: 240 / النهاية: 263 / قواعد الأحكام 1: 445.
(6) منها: حديث منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كنت متمتعا فلا تقربن شيئا فيه صفرة
حتى تطوف بالبيت. [وسائل الشيعة: ب 18 / تروك الاحرام / 12].
(7) وسائل الشيعة: ب 19 / الحلق والتقصير / 1.
409

حللن له أيضا (1)، كما يحل به الرجال لهن بعد صلاة الطواف (2) على
الأحوط، ويبقى الصيد بعد التحلل الأول بمنى محرما عليه من حيث
الحرم (3)، لا من جهة إحرامه، ولا يتضاعف بعده الجزاء (4).
أما المفرد، أو القارن فإن كان قد قدم الطواف والسعي على

(1) منها قوله عليه السلام: - في صحيح معاوية - إذا طاف النساء فقد أحل من كل شئ أحر منه إلا
الصيد. [وسائل الشيعة: ب 13 / الحلق والتقصير / 1].
(2) المصدر السابق: ب 4 / زيارة البيت / 1.
(3) كشف اللثام 1: 376 / الهداية: 64 / الإقتصاد: 457.
(4) وفيه: عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل نسي طواف النساء، قال: إذا زاد على النصف وخرج ناسيا أمر
من يطوف عنه، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصف. [وسائل الشيعة: ب 58 / الطواف / 10].
(5) الحدائق الناضرة 17: 291.
410

الوقوفين حل له الطيب - أيضا - بتحلله بمنى (1)، وإلا ففيه
إشكال أحوطه التحرز عنه حتى يطوف ويسعى، بل لو قدم طواف
النساء - أيضا - لضرورة مجوزة لتقديمه على الوقوفين حللن له
- أيضا - بذلك التحلل (2)، ويكون له حينئذ تحلل واحد بمنى عن

(1) المبسوط 1: 377 / السرائر الحاوي 1: 601 / قواعد الأحكام 1: 445.
(2) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: المتمتع ما يحل له إذا حلق رأسه؟ قال: كل شئ إلا النساء والطيب،
قلت: فالمفرد؟ قال: كل شئ إلا النساء، ثم قال: وإن عمر يقول: الطيب، ولا نرى ذلك شيئا. [السرائر
الحاوي 3: 559 / وسائل الشيعة: ب 14 / الحلق والتقصير / 4].
(3) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحاج غير المتمتع ما يحل له؟ قال: كل شئ إلا النساء... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 14 / الحلق والتقصير / 1].
(4) الدروس الشرعية 1: 455.
(5) جواهر الكلام 19: 257.
(6) الدروس الشرعية 1: 455.
(7) نقله عنه في المصدر السابق.
(8) الخلاف 2: 348 / شرائع الاسلام 1: 240.
411

جميع ما حرم عليه بعقد إحرامه.
وكذلك المتمتع - أيضا - لو جاز له تقديم الطوافين على
الوقوفين لبعض ما يوجبه، على إشكال فيهما لو تمكن منهما بعد
مناسك منى، كما ستعرفه.
412

الفصل الخامس
في ما يجب بمكة المعظمة بعد مناسك منى
وفيه مسائل:
الأولى: إذا قضى مناسك يوم النحر بمنى وجب عليه الرجوع
إلى مكة لأداء مناسكها وهي ثلاثة:
الأول: الطواف وصلاته، نحو ما مر في باب العمرة، إلا أنه ينويه
لحج الاسلام، ويسمى طواف الزيارة.
الثاني: السعي بين الصفا والمروة - أيضا - كذلك، وعرفت أنه لا
يحل الطيب إلا به على الأقوى.
الثالث: طواف النساء، ولا يحللن للمحرم (1)، ولا يتحللن عن
إحرامهن إلا به (2)، من دون فرق بين أن يكون بالغا،

(1) منها: قوله عليه السلام: - في صحيح معاوية بن عمار - وإذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شئ أحرم
منه إلا الصيد. [وسائل الشيعة: ب 13 / الحلق والتقصير / 1].
(2) مختلف الشيعة 2: 308.
(3) قواعد الأحكام 1: 445 / مختلف الشيعة 1: 292، 309.
413

أو صبيا (1)، ولو غير مميز أحرم به وليه (2)، أو مجنونا، أو رقا أحرم
بإذن مولاه (3)، ولا بين أن يكون إحرامه لحج (4)، أو عمرة مطلقا عدا

(1) مسالك الأفهام 2: 325، ولا يخفى أنه نقل بالمعنى.
(2) وسائل الشيعة: ب 84 / الطواف / 1.
(3) منتهى المطلب 2: 768 / تذكرة الفقهاء 1: 391.
(4) ففي صحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاث أطواف
بالبيت... الحديث.
وفي صحيحه الآخر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يكون القارن إلا بسياق الهدي، وعليه طوافان بالبيت،
وسعي بين الصفا والمروة كما يفعل المفرد. [وسائل الشيعة: ب 2 / أقسام الحج / 9، 10].
414

عمرة التمتع (1).
ويطوف الولي بالصبي الغير المميز (2)، ويستنيب في الصلاة
عنه (3)، ويطوف المميز ويصلي مباشرة بنفسه (4)، فلو تركه ولم
يطف الولي بغير المميز بقي على حكم إحرامه (5) إلى أن يطوف بعد
بلوغه، أو يستنيب حيث يجوز له ذلك، بل يبعد جواز استنابة الولي
أيضا (6).
المسألة الثانية: إذا تحلل بمنى فالأفضل أن يرجع ليومه إلى مكة

(1) في ص 233.
(2) وسائل الشيعة: ب 17 / أقسام الحج / 5.
(3) الدروس الشرعية 1: 458 / مسالك الأفهام 2: 355 / مدارك الأحكام 8: 200.
415

لمناسكها المذكورة (1)، وإلا فمن غده (2)، بل الأحوط أن لا يؤخره
عنه (3)،
وإن كان الأقوى جواز التأخير إلى آخر أيام التشريق (4)،

(1) وسائل الشيعة: ب 1 / زيارة البيت / 10، وفيه: (إن أخرها).
(2) المصدر السابق: ب 1 / زيارة البيت / 1.
(3) المقنعة: 420 / المراسم: 114 / شرائع الاسلام 1: 240 / قواعد الأحكام 1: 445.
(4) منها: صحيح منصور بن حازم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يبيت المتمتع يوم النحر بمنى
حتى يزور. [وسائل الشيعة: ب 1 / زيارة البيت / 6].
(5) مدارك الأحكام 8: 110.
(6) وسائل الشيعة: ب 1 / زيارة البيت / 10، 11، 9.
(7) المصدر السابق: حديث 2.
(8) ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن رجل نسي أن يزور البيت حتى أصبح؟
قال: لا بأس، أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق، ولكن لا تقرب النساء والطيب.
[المصدر السابق].
416

على كراهية هي على المتمتع شديدة (1)، بل لا يبعد جوازه للمفرد
والقارن اختيارا طول ذي الحجة (2)، وفي المتمتع لا يخلو عن
الاشكال (3)، لكنه لو أخر أجزاءه طوافه وسعيه ما لم يخرج

(1) رياض المسائل 1: 403 / مستند الشيعة 2: 274.
(2) البقرة: 197.
(3) تقدمت الإشارة إلى بعضهم في هامش رقم 3 ص 416.
(4) وسائل الشيعة: ب 1 / زيارة البيت / 9.
(5) المصدر السابق: حديث 3.
(6) السرائر الحاوي 1: 602 / مختلف الشيعة 2: 309 / مدارك الأحكام 8: 110.
417

ذو الحجة (1) على كل حال.
المسألة الثالثة: قد تقدم (2) أنه يجوز للمفرد والقارن أن يقدما
طواف الزيارة والسعي على الوقوفين اختيارا على كراهية، والترك
أحوط (3).
أما المتمتع فلا يجوز له ذلك (4)، إلا إذا علم، بل ظن أو خاف (5)
أنه لا يتمكن منهما بعد رجوعه عن منى لحيض، أو مرض، ونحو ذلك
مما يوجب تعذر الطواف عليه، أو كونه ذا مشقة شديدة، فيجوز له
التقديم حينئذ، ويجزئ مطلقا على الأقوى.
لكن لو تمكن منهما بعد رجوعه فالإعادة أحوط وأولى (6)،
والأولى حينئذ أن يتجنب الطيب إلى أن يطوف،

(1) شرائع الاسلام 1: 240 / قواعد الأحكام 1: 445 / الدروس الشرعية 1: 457.
(2) في ص 75.
(3) السرائر الحاوي 1: 575.
(4) في ص 77.
(5) كما في موثق إسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتمتع إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة
تخاف الحيض يعجل طواف الحج قبل أن يأتي منى؟ فقال: نعم، من كان هكذا يعجل... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 13 / أقسام الحج / 7].
418

ويسعى (1).
والظاهر أن مناط التعذر الموجب لجواز التقديم هو كونه متعذرا
أو ذا مشقة إلى آخر أيام التشريق، لا خصوص يوم النحر، ولا
مطلقا (2).
لكن لو تمكن منهما بعد أيام التشريق فالأحوط الإعادة برجاء
المطلوبية.
المسألة الرابعة: وقت طواف النساء هو وقت طواف الحج عقيب
الفراغ عنه على الأحوط (3)، والأولى والأفضل أن يبادر إليه بعد

(1) عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن امرأة تمتعت بالعمرة إلى الحج ففرغت من طواف العمرة
وخافت الطمث قبل يوم النحر، أيصلح لها أن تعجل طوافها طواف الحج قبل أن تأتي منى؟ قال: إذا
خافت أن تضطر إلى ذلك فعلت. [وسائل الشيعة: ب 64 / الطواف / 2].
(2) الكافي في الفقه: 195 / الغنية: 516 / الاصباح: 461.
(3) المبسوط 1: 310 / الاصباح: 469.
(4) كشف اللثام 1: 377.
419

الفراغ من السعي (1)، ولا يؤخره اختيارا إلى آخر أيام التشريق فضلا
عن التأخير أزيد من ذلك.
لكن لو أخره أجزأه متى فعله، بل لا إثم عليه لو أخره إلى آخر
ذي الحجة (2).

(1) البقرة: 197.
(2) كأنه يشير إلى نحو قوله عليه السلام: - في صحيح الحلبي - وعليه - أي القارن والمفرد - طواف بالبيت،
وصلاة ركعتين خلف المقام وسعي واحد بين الصفا والمروة، وطواف بالبيت بعد الحج... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 2 / أقسام الحج / 6].
(3) المصدر السابق: ب 1 / زيارة البيت / 9.
420

نعم، لو لم يأت به إلى أن خرج الشهر أثم (1) وصح مطلقا (2)،
بل تقدم أنه ليس من الأركان (3) كي يفسد الحج بتعمد تركه، وإنما
أقصى ما يوجبه هو عدم التحلل عن الاحرام حتى في العقد، والاشهاد
عليه (4) إلا به.
ولو خرج إلى أهله تاركا له عمدا، أو جهلا، أو نسيانا وجب عليه
الرجوع لفعله، ولو شق عليه الرجوع بنفسه يستنيب (5)، ولا يتحلل
عن إحرامه إلا إذا أتى به نائبه.

(1) مسالك الأفهام 2: 348 / السرائر الحاوي 1: 617.
(2) جواهر الكلام 19: 262، 390.
(3) قواعد الأحكام 1: 445.
(4) وسائل الشيعة: ب 58 / الطواف.
421

ولو مات قبله يقضى (1) من صلب ماله (2)، وفي جواز
الاستنابة له اختيارا إشكال (3).

(1) وهو صحيح معاوية بن عمار، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع
إلى أهله؟ قال: يرسل فيطاف عنه، فإن توفي قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليه.
[المصدر السابق: حديث 3].
(2) المصدر السابق: حديث 8.
(3) جواهر الكلام 19: 388.
(4) وسائل الشيعة: ب 58 / الطواف / 2.
(5) وسائل الشيعة: ب 58 / الطواف / 4.
422

ولو قدمه على السعي عمدا أعاد (1)، ويجزيه لو كان سهوا (2)،
ولو كان جهلا (3)

(1) جواهر الكلام 19: 390.
(2) وسائل الشيعة: ب 65 / الطواف / 1.
(3) المصدر السابق: حديث 2.
(4) شرائع الاسلام 1: 246 / مدارك الأحكام 8: 191.
(5) وهو الموثق المتقدم في تعليقة رقم (2).
423

ففيه إشكال (1).
ولو خافت الحيض فقدمت طواف الزيارة على الوقوف قدمت
السعي أيضا (2)، وكذا طواف النساء (3)، لكن لو تمكنت أن تطوف

(1) وسائل الشيعة: ب 64 / الطواف.
(2) قال: سمعت أبا الحسن الأول عليه السلام يقول: لا بأس بتعجيل طواف الحج وطواف النساء قبل الحج يوم
التروية، قبل خروجه إلى منى، وكذلك من خاف أمرا لا يتهيأ له الانصراف إلى مكة... الحديث.
[المصدر السابق: 1].
(3) السرائر الحاوي 1: 575، 624، وفي كلا الموضعين المنع من تقديم كل طواف عن وقته.
(4) قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل دخل مكة ومعه نساء... إلى أن يقول: فلينظر إلى التي يخاف
عليها الحيض فيأمرها فتغتسل وتهل بالحج من مكانها، ثم تطوف بالبيت وبالصفا والمروة، فإن حدث
بها شئ قضت المناسك وهي طامث، فقلت: أليس قد بقي طواف النساء؟ قال: بلى، فقلت: فهي
مرتهنة حتى تفرغ منه؟ قال: نعم، قلت: فلم لا يتركها حتى تقضي مناسكها؟ قال: يبقى عليها منسك
واحد أهون عليها من أن يبقى عليها المناسك كلها، مخافة الحدثان، قلت: أبى الجمال أن يقيم عليها
والرفقة؟ قال: ليس لهم ذلك، تستعدي عليهم، حتى يقيم عليها حتى تطهر وتقضي مناسكها.
[وسائل الشيعة: ب 64 / الطواف / 5].
424

بعد مناسك منى فالأحوط الإعادة (1)، وإلا فالاستنابة. وكذا (2) لو كان
فرضها الافراد أو القران - أيضا - وقدمت الطوافين على الوقوفين. والله
العالم.
المسألة الخامسة: يستحب لمن يمضي إلى مكة للطواف
والسعي الغسل قبل دخول المسجد (3)، بل مكة (4)، بل في منى (5)،

(1) وسائل الشيعة: ب 2 / زيارة البيت / 3.
(2) الحج: 26.
(3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثم احلق رأسك، واغتسل، وقلم أظفارك، وخذ من شاربك، وزر البيت،
وطف أسبوعا، تفعل كما صنعت يوم قدمت مكة. [وسائل الشيعة: ب 2 / زيارة البيت / 2].
(4) المصدر السابق: ب 3 / زيارة البيت / 1]
425

وتقليم الأظفار (1)، والأخذ من الشارب، والدعاء إذا وقف على باب
المسجد بما عن الصادق عليه السلام (2):
اللهم أعني على نسكي، وسلمني له، وسلمه لي. اللهم إني
أسألك مسألة العليل (الغليل خ) الذليل، المعترف بذنبه، أن تغفر لي
ذنوبي وأن ترجعني بحاجتي.
اللهم إني عبدك، والبلد بلدك، والبيت بيتك، جئت أطلب
رحمتك، وأؤم طاعتك، متبعا لأمرك، راضيا بقدرك، أسألك مسألة
(الفقير خ) المضطر إليك، المطيع لأمرك، المشفق من عذابك، الخائف
لعقوبتك، أن تبلغني عفوك، وتجيرني من النار برحمتك.
ثم تأتي الحجر الأسود فتستلمه وتقبله، فإن لم تستطع فاستلمه
بيدك وقبل يدك، وإن لم تستطع فاستقبله وأوم إليه بيدك وقبلها (3)،
وكبر وقل كما قلت يوم قدمت مكة، ثم طف بالبيت سبعة أشواط،
وصل خلف المقام ركعتي الطواف على نهج ما تقدم في طواف العمرة.
ثم ارجع إلى الحجر فقبله إن استطعت، وإلا فأوم إليه، وبعد
الاستقاء من زمزم تخرج للسعي بين الصفا والمروة نحو ما مضى،
ويحل لك الطيب به.

(1) وسائل الشيعة: ب 4 / زيارة البيت / 1.
426

ثم ارجع إلى البيت، وطف به أسبوعا آخر للنساء، إذا فرغت من
صلاته خلف المقام فقد أحللت منهن، وتم حجك.
وقد تلخص من ذلك: أنه إذا انتفى ما يوجب تقديم الطوافين
على الوقوف كان التحليل عن الاحرام تدريجيا حينئذ، وعرفت أن
مواطنه ثلاثة (1)، ولو قدمها عليه لبعض ما يوجبه كان دفعيا موطنه
عقيب الحلق أو التقصير بمنى، ولا يتحلل قبله عن الطيب والنساء
على الأقوى (2).

(1) من لا يحضره الفقيه 2: 330.
427

الفصل السادس
في ما يجب في ليالي التشريق
وفيه مسائل:
الأولى: يجب المبيت بمنى ليلة الحادية عشر، والثانية عشر على
كل ناسك غير معذور (1).
فإن كان قد اتقى الصيد، والنساء في إحرامه كليا جاز النفر (2)

(1) التبيان 2: 154.
(2) وسائل الشيعة: ب 1 / العود إلى منى / 21.
(3) جواهر الكلام 20: 36.
(4) وسائل الشيعة: ب 11 / العود إلى منى / 8.
(5) المصدر السابق: حديث 3.
429

بعد الزوال (1) من اليوم الثاني عشر، وهو النفر الأول،
وإلا وجب عليه
المبيت بها ليلة الثالثة عشر أيضا (2).
وكذا لو غربت عليه الشمس قبل أن يخرج عنها في اليوم

(1) المصدر السابق: حديث 1.
(2) وفيه: عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال، وما حرم الله عليه في إحرامه.
[المصدر السابق: حديث 7].
(3) الجامع للشرائع: 218.
(4) السرائر الحاوي 1: 605.
(5) مدارك الأحكام 8: 249.
(6) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر
حتى تزول الشمس... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 9 / العود إلى منى / 3].
(7) المصدر السابق: حديث 11.
(8) تذكرة الفقهاء 1: 394.
(9) منتهى المطلب 2: 769.
430

الثاني عشر (1)، ولو تأهب للخروج على الأقوى (2).
ولا يجب على من عدا هؤلاء (3)، وإن كان الأولى بل الأحوط أن
لا يتركه من ارتكب ما عدا الصيد والنساء من محرمات الاحرام (4)،
أو اقترف كبيرة أخرى (5)، والصرورة (6)، بل هو الأفضل

(1) منتهى المطلب 2: 776.
(2) وسائل الشيعة: ب 10 / العود إلى منى / 1.
(3) الدروس الشرعية 1: 461.
(4) جواهر الكلام 20: 14.
(5) تذكرة الفقهاء 1: 394، وفيها: ولو رحل من منى فغربت الشمس وهو راحل قبل انفصاله منها
فالأقرب عدم وجوب المبيت لمشقة الرفع والحط، ولو كان مشغولا بالتأهب فغربت الشمس فالأقرب
لزوم المقام.
(6) الغنية: 519 / الكافي في الفقه: 195 / الاصباح: 464.
(7) جواهر الكلام 20: 40.
431

لكل ناسك (1).
الثانية: القدر الواجب من المبيت في كل ليلة هو أن تغرب عليه
الشمس فيها، ويبقى بها إلى أن ينتصف الليل (2)، ويجوز له الخروج
بعد ذلك، وإن كرهت الدلجة قبل الصبح منها (3)، لكنه لو كان بمكة
وشغله نسكه عن الرجوع قبل الغروب إليها جاز، بل يجوز البقاء بمكة

(1) الدروس الشرعية 1: 458.
(2) ففي خبر عبد الغفار الجازي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل خرج من منى يريد البيت قبل
نصف الليل فأصبح بمكة؟ قال: لا يصلح له حتى يتصدق بها صدقة أو يهريق دما، فإن خرج من منى
بعد نصف الليل لم يضره شئ. [وسائل الشيعة: ب 1 / العود إلى منى / 14].
(3) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل إلا وهو بمنى،
وإذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس أن يصبح بغيرها. [المصدر السابق: حديث 20].
(4) ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - في حديث - فإن خرجت أول الليل فلا
ينتصف الليل إلا وأنت في منى... الحديث. [المصدر السابق: حديث 8].
(5) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الدلجة إلى مكة أيام منى وأنا أريد أن أزور البيت؟ فقال: لا، حتى
ينشق الفجر، كراهية أن يبيت الرجل بغير منى. [وسائل الشيعة: ب 1 / العود إلى منى / 11].
432

مشتغلا بالعبادة إلى الفجر (1)، ويجزئ عن المبيت بمنى، وإن كان
الأولى والأفضل هو الرجوع إليها قبل أن ينشق الفجر (2)، بل قبل أن
ينتصف الليل (3)، ويجب البقاء حينئذ إلى الفجر (4).
فيكفي في المبيت الواجب بمنى أحد الأمرين: إما أن تغرب
عليه الشمس بها، أو يطلع عليه الفجر فيها وقد شغله نسكه بمكة عن
الرجوع إليها قبل ذلك.
وفي الصورة الأولى يجب البقاء فيها إلى انتصاف الليل، وفي

(1) كما في صحيح معاوية بن عمار. المصدر السابق: حديث 9.
(2) السرائر الحاوي 1: 604.
(3) وسائل الشيعة: ب 1 / العود إلى منى / 5.
(4) وفيه: فإن خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل إلا وأنت في منى، إلا أن يكون شغلك
نسكك... الحديث. [المصدر السابق: حديث 8].
433

الثانية يجزئ الرجوع إليها قبل الفجر قدر المسمى، بل يجزئ الاشتغال
بالعبادة بمكة عن المبيت بمنى من أصله.
الثالثة: يجب أن يكون في المبيت بمنى ناويا له (1)، نحو ما تقدم
في سائر المناسك، مقارنا بها الأول جزئه عند الغروب، والأولى أن
يقدمها في جزء من النهار، ويقول: (أبيت هذه الليلة بمنى لحج الاسلام
لوجوبه قربة إلى الله تعالى)، ولو أخل بالنية أثم، ولا فدية عليه (2)،
ولكنها الأحوط.
الرابعة: لو بات بغير منى فإن كان بمكة مشتغلا بالعبادة حتى
أصبح فلا فدية عليه (3)، وكذا لو شغله نسكه عن إدراك أول الليل
بمنى، أما لو بات غير مشتغل بالعبادة، أو بات بغيرها مطلقا كان عليه (4)

(1) الدروس الشرعية 1: 460 / مسالك الأفهام 2: 364 / كشف اللثام 1: 379.
(2) جواهر الكلام 20: 4.
(3) مسالك الأفهام 2: 364.
(4) منها: صحيح علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام، عن رجل بات بمكة في ليالي منى
حتى أصبح؟ قال: إن كان أتاها نهارا فبات فيها حتى أصبح فعليه دم يهريقه.
[وسائل الشيعة: ب 1 / العود إلى منى / 2].
434

عن كل (1) ليلة شاة (2)، وإن كان ناسيا، أو جاهلا (3)، أو غير ذلك،

(1) ففي صحيح العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل فاتته ليلة من ليالي منى؟ قال:
ليس عليه شئ، وقد أساء.
وفي صحيح سعيد بن يسار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: فاتتني ليلة المبيت بمنى من شغل، فقال: لا
بأس. [المصدر السابق: حديث 7، 12].
(2) كما في حديث جعفر بن ناجية قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن بات ليالي منى بمكة؟ فقال: عليه
ثلاثة من الغنم يذبحهن. [المصدر السابق: حديث 6].
(3) كما في صحيح جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زار فنام في الطريق فإن بات بمكة فعليه
دم. [المصدر السابق: حديث 16].
(4) كما في صحيح علي بن جعفر المتقدم.
(5) المقنعة: 421 / المراسم: 115 / الكافي في الفقه: 198.
(6) كشف اللثام 1: 378.
435

على إشكال في من نام في طريق منى بعد أن جاوز عقبة المدنيين (1)،
وخرج عن حدود مكة.
ولو فاته جزء من أول الليل - لا في نسكه - لكنه أدرك البيتوتة بها
إلى الفجر ففي وجوب الفدية إشكال (2).

(1) نقله عنه في الدروس الشرعية 1: 460.
(2) تهذيب الأحكام 5: 259 / الإستبصار 2: 294.
(3) عن أبي الحسن عليه السلام، في الرجل يزور فينام دون منى، فقال: إذا جاز عقبة المدنيين فلا بأس أن ينام.
[وسائل الشيعة: ب 1 / العود إلى منى / 15].
(4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زار فنام في الطريق فإن بات بمكة فعليه دم، وإن كان قد خرج منها
فليس عليه شئ وإن أصبح دون منى. [المصدر السابق: حديث 16].
(5) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاوز بيوت مكة فنام، ثم أصبح قبل
أن يأتي منى فلا شئ عليه. [المصدر السابق: حديث 17].
(6) كذا في المطبوع، والظاهر أنه خطأ مطبعي والصحيح: هشام بن الحكم، كما في المصدر وغيره.
(7) رياض المسائل 1: 426.
(8) تقدم بعضها في ص 435.
(9) جواهر الكلام 20: 8.
436

وكذا في سقوطها عمن بات بغيرها ثم رجع قبل أن ينشق الفجر
إليها، وعن المعذور (1) الذي لا يجب عليه المبيت بها كالمريض،
ومن كان له مريض يخاف عليه، أو مال يخاف ضياعه، ونحو ذلك.
نعم، لا يجب الفدية على الرعاة والسقاة على الأقوى (2).
الخامسة: الأحوط عدم الفرق بين الوطئ وسائر ما يحرم من

(1) وسائل الشيعة: ب 1 / العود إلى منى / 3.
(2) مستند الشيعة 2: 279.
(3) مسالك الأفهام 2: 364.
(4) الدروس الشرعية 1: 460.
(5) جواهر الكلام 20: 13.
437

النساء، حتى العقد، أو الشهادة به في وجوب المبيت به ليلة الثالثة
عشر (1)، ولا بين الاصطياد وسائر ما يحرم من الصيد حتى الدلالة إليه،
ونحوها في ذلك (2).
السادسة: يستحب عند رجوعه من مكة إلى منى أن يقول: (اللهم
بك وثقت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، فنعم الرب،
ونعم المولى، ونعم النصير).

(1) وسائل الشيعة: ب 1 / العود إلى منى / 21.
(2) وهو خبر ابن المستنير المتقدم في ص 429.
(3) جواهر الكلام 20: 40.
(4) مدارك الأحكام 8: 248.
(5) تقدم في ص 429.
438

الفصل السابع
في ما يجب أيام التشريق بمنى وما يستحب فيه
يجب في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وكذلك الثالث
عشر - إن أقام ليلة بمنى - أن يرمي الجمار الثلاث (1)، كل جمرة
بسبع حصيات (2)، ويجب هنا - زيادة على ما تقدم من شروط

(1) السرائر الحاوي 1: 606.
(2) مفاتيح الشرائع 1: 378، وفيه: بلا خلاف.
(3) وسائل الشيعة: ب 4 / العود إلى منى / 1.
(4) كما في حديث بريد العجلي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي رمي الجمرة الوسطى في
اليوم الثاني؟ قال: فليرمها في اليوم الثالث لما فاته ولما يجب عليه في يومه، قلت: فإن لم يذكر إلا يوم
النفر؟ قال: فليرمها ولا شئ عليه. [وسائل الشيعة: ب 15 / رمي جمرة العقبة / 3].
(5) كما في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - إن الرمي سنة، والسعي بين
الصفا والمروة فريضة... الحديث. [المصدر السابق: ب 8 / السعي / 1].
(6) الجمل والعقود: 234 / المقنعة: 431.
439

الرمي (1) - الترتيب - أيضا - يبدأ بالأولى - ثم الوسطى، ثم جمرة
العقبة (2)، فلو رماها منكوسة أعاد على الوسطى، وجمرة العقبة (3).
ووقت الرمي للمختار ما بين طلوع الشمس إلى غروبها على
الأصح (4)، والأفضل - بل الأحوط - إيقاعه عند الزوال، كما أن الأفضل

(1) عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: وقال: في رجل رمى الجمار فرمى الأولى بأربع والأخيرتين
بسبع سبع، قال: يعود فيرمي الأولى بثلاث وقد فرغ... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 6 / العود إلى منى / 1].
(2) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: قلت له: الرجل يرمي الجمار
منكوسة، قال: يعيدها على الوسطى وجمرة العقبة. [المصدر السابق: ب 5 / العود إلى منى / 1].
(3) عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل نسي رمي يوم الثاني، فبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم الأولى،
ويؤخر ما رمى بما رمى، فيرمي الوسطى ثم جمرة العقبة. [المصدر السابق: حديث 2].
(4) المصدر السابق: حديث 1، 3، 4.
(5) وسائل الشيعة: ب 13 / رمي جمرة العقبة / 5.
(6) المصدر السابق: ب 12 / رمي جمرة العقبة / 1.
(7) الخلاف 2: 351 / جواهر الفقه: 43.
440

في كيفية ما في خبر ابن عمار (1) عن الصادق عليه السلام قال:
(ارم في كل يوم عند زوال الشمس، وقل كما قلت حين رميت
جمرة العقبة، فابدأ بالجمرة الأولى، فارمها عن يسارها من بطن
المسيل، وقل كما قلت يوم النحر، ثم قم عن يسار الطريق، فاستقبل
القبلة، واحمد الله، وأثن عليه، وصل على النبي وآله، ثم تقدم قليلا
فتدعو، وتسأله أن يتقبل منك، ثم تقدم أيضا ثم افعل ذلك عند الثانية،
واصنع كما صنعت في الأولى، وتقف، وتدعو الله كما دعوت، ثم
تمضي إلى الثالثة وعليك السكينة والوقار فارم، ولا تقف عندها).
وينبغي أن يرميها مستدبر القبلة (2).
وكيف كان، فلا يجوز الرمي ليلا (3) إلا لعذر (4)، كالخائف

(1) الكافي 4: 480 / التهذيب 5: 261 / وسائل الشيعة: ب 10 / رمي جمرة العقبة / 2 و ب 12 / منه / 1.
(2) شرائع الاسلام 1: 234 / قواعد الأحكام 1: 439 / الدروس الشرعية 1: 432.
(3) تقدم في ص 440.
(4) منها: حديث سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال: رخص للعبد والخائف والراعي في الرمي
ليلا. [وسائل الشيعة: ب 14 / رمي جمرة العقبة / 2].
441

والمريض، والعبيد فيجوز لهم رمي الجمرات كل يوم في ليلته (1)،
ولو لم يتمكن من ذلك جاز الجمع في ليلة واحدة (2).
ولو رمى الجمرة اللاحقة بعد أن رمى السابقة بأربع حصيات
ناسيا فيجزيه حينئذ إكمال السابقة سبعا (3)، ولو كان أقل من أربع

(1) مدارك الأحكام 8: 233.
(2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بأن يرمي الخائف بالليل، ويضحي ويفيض بالليل.
[وسائل الشيعة: ب 14 / رمي جمرة العقبة / 1].
(3) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذي ينبغي له أن يرمي بليل، من هو؟ قال: الحاطبة، والمملوك الذي
لا يملك من أمره شيئا، والخائف، والمدين... الحديث. [المصدر السابق: حديث 7].
(4) مدارك الأحكام 8: 233.
(5) جواهر الكلام 20: 20.
(6) الخلاف 2: 351.
(7) تذكرة الفقهاء 1: 393.
(8) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قال: وقال في رجل رمى الجمار
فرمى الأولى بأربع، والأخيرتين بسبع سبع، قال: يعود فيرمي الأولى بثلاث وقد فرغ.
[وسائل الشيعة: ب 6 / العود إلى منى / 1].
442

استأنفها مع اللاحقة (1)، ولا يكفيه إكمال الناقص وإعادة ما بعده (2)
في الأصح والأحوط.

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة 2: 311.
(2) فقه الرضا: 226.
(3) وسائل الشيعة: ب 6 / العود إلى منى / 3.
(4) وفيه: قلت: فإنه رمى الجمرة الأولى بأربع، والثانية بأربع، والثالثة بسبع، قال: يعيد فيرمي الأولى
بثلاث والثانية بثلاث ولا يعيد على الثالثة. [وسائل الشيعة: ب 6 / العود إلى منى / 2].
(5) جواهر الكلام 20: 23.
(6) ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل رمى الجمرة الأولى بثلاث، والثانية
بسبع، والثالثة بسبع؟ قال: يعيد يرميهن جميعا بسبع سبع... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 6 / العود إلى منى / 2].
(7) قواعد الأحكام 1: 448 / السرائر الحاوي 1: 610 / تحرير الأحكام: 110 / تذكرة الفقهاء 1: 393 /
منتهى المطلب 2: 772 / مختلف الشيعة 2: 311.
443

نعم، لو كان الناقص هو الثالثة أكملها واكتفى (1).
فلو رمى الجمرة الأولى أربعا - مثلا - وكلا من الثانية والثالثة
سبعا سبعا أجزأه إكمال الأولى سبعا (2).
أما لو كان قد رماها أقل من أربع أعاد على الجمرات الثلاث (3).
ولو رمى الأولى سبعا، والثانية ثلاثا، والثالثة سبعا استأنف الثانية
والثالثة (4).
أما لو رمى الثانية أربعا - أيضا - أجزأه إتماما سبعا (5)،
ولكن الأحوط الاستئناف في جميع الصور إذا فاتت الموالاة.
كما أن الأحوط، والأقوى ذلك - أيضا - في العالم

(1) جواهر الكلام 20: 23.
(2) وسائل الشيعة: ب 6 / العدو إلى منى / 1، وقد تقدمت الإشارة إليه قريبا.
(3) المصدر السابق: حديث 3.
444

العامد (1)، بل الأحوط إلحاق الجاهل به (2).
ولو نسي رمي يوم، أو تركه عمدا قضاه في الغد (3) في
وقت الأداء على الأصح (4)، مرتبا، يبدأ بالفائت،

(1) قواعد الأحكام 1: 447 / الدروس الشرعية 1: 430 / مسالك الأفهام 2: 367.
(2) مدارك الأحكام 8: 234.
(3) الحدائق الناضرة 17: 311.
(4) جواهر الكلام 20: 24.
(5) عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قلت: الرجل ينكس في رمي الجمار فيبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم
العظمى، قال: يعود فيرمي الوسطى ثم يرمي جمرة العقبة، وإن كان من الغد.
[وسائل الشيعة: ب 5 / العود إلى منى / 4].
(6) مدارك الأحكام 8: 236.
445

ونعقب بالحاضر (1). ويستحب أن يكون ما يرميه لامسه بكرة (2) أي
بعد طلوع الشمس، وما يرميه ليومه عند الزوال.
ولو فاتته جمرة وجهل عينها أعاد على الثلاث (3) مرتبا (4).
وكذا لو فاته أربع حصيات من جمرة وجهل عينها (5).

(1) جواهر الكلام 20: 26.
(2) الخلاف 2: 353.
(3) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى منى، فعرض له عارض فلم يرم
حتى غابت الشمس؟ قال: يرمي إذا أصبح مرتين: مرة لما فاته، والأخرى ليومه الذي يصبح فيه،
وليفرق بينهما، يكون أحدهما بكرة وهي للأمس، والأخرى عند زوال الشمس.
[وسائل الشيعة: ب 15 / رمي جمرة العقبة / 1].
(4) مستند الشيعة 2: 282.
(5) وفيه: قلت: فإنه نسيها حتى أتى مكة، قال: يرجع فيرمي متفرقا، يفصل بين كل رميتين
بساعة... الحديث. [وسائل الشيعة: ب 3 / العود إلى منى / 3].
446

نعم، لو فاته دون الأربع من جمرة وجهل عينها كرره على
الثلاث (1)، ولا يجب الترتيب (2) لأن الفائت من واحدة (3).
أما لو فاته من كل جمرة واحدة، أو اثنتان، أو ثلاث وجب
الترتيب (4).
ولو فاته ثلاث وشك في كونها من واحدة أو أكثر رماها من كل
واحدة مرتبا (5)، ولو كان الفائت أربعا استأنف.
ولو نسي رمي الجمار حتى دخل مكة رجع ورمى (6) مع بقاء
الوقت (7)،

(1) منها: صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: رجل نسي الجمار حتى أتى مكة؟ قال:
يرجع فيرميها، يفصل بين كل رميتين بساعة... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 3 / العود إلى منى / 2].
(2) المصدر السابق: حديث 4.
447

وكذا العالم العامد (1)، فضلا عن الجاهل (2)، أما إذا فات الزمان فلا
يجب عليه في العام شئ (3)، وإن كان الأحوط القضاء (4).

(1) كما في صحيح معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام ما تقول في امرأة جهلت أن ترمي الجمار
حتى نفرت إلى مكة؟ قال: فلترجع فلترم الجمار كما كانت ترمي، والرجل كذلك.
[المصدر السابق: حديث 1].
(2) ففي صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث - قلت: فاته ذلك وخرج، قال: ليس
عليه شئ. [المصدر السابق: حديث 2].
(3) المصدر السابق: حديث 4.
(4) وذلك لوجود (محمد بن عمر بن يزيد) في سنده، والذي لم يذكره الرجاليون بشئ من الجرح
والتعديل، سوى ابن داود فإنه جعله في القسم الأول وهو قسم الثقات، وهو مشعر بتوثيقه له. انظر:
رجال ابن داود: 181 / معجم رجال الحديث 17: 78.
(5) مدارك الأحكام 8: 237.
448

نعم، يجب عليه في القابل القضاء بنفسه، أو نائبه في الأحوط
والأقوى (1).
ولا تحرم عليه النساء في ما بين ذلك، ولو تعمد ترك الرمي على
الأصح (2)، كما أنه لا يجب عليه الحج من قابل، وإن كان الأحوط له
ذلك.
ويجوز أن يرمى عن المعذور، كالمريض ونحوه ممن لا يستطيع
الرمي بنفسه (3) بل الظاهر ذلك وإن لم يكن مأيوسا من

(1) المختصر النافع: 121 / تبصره المتعلمين: 76.
(2) كذا في كشف اللثام، وفي الدروس: - تعليقا على خبر ابن جبلة - ولم نقف على قائل به من
الأصحاب. [كشف اللثام 1: 380 / الدروس الشرعية 1: 435].
(3) وسائل الشيعة: ب 4 / العود إلى منى / 5.
(4) جواهر الكلام 20: 30.
449

برئه (1)، كما أنه لا إعادة عليه لو اتفق برؤه والوقت باق (2)، وإن كان
هو الأحوط، ولا تبطل النيابة هنا باغماء المنوب عنه على الأصح (3)،
بل يقوى إجزاء التبرع عنه من دون الاستنابة منه، وإن وجبت مع قابليته
لها (4)، بل ينبغي القطع به في مثل المغمى عليه (5)، وإن كان الأولى

(1) وسائل الشيعة: ب 17 / رمي جمهرة العقبة / 4.
(2) المصدر السابق: حديث 1، 3، 5، 7، 8، 9.
(3) لم أجده في المعتبر، وكأنه تصحيف عن التحرير ناشئ من استعمال الرموز، كما تقدم نظيره. انظر:
تحرير الأحكام: 110.
(4) منتهى المطلب 2: 774.
(5) مستند الشيعة 2: 283.
(6) حيث قال: ويجوز الرمي عن المعذور كالمريض، إذا لم يزل عذره في وقت الرمي.
[قواعد الأحكام 1: 447].
(7) مدارك الأحكام 8: 239.
(8) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل أغمي عليه؟ فقال: يرمى عنه الجمار.
[وسائل الشيعة: ب 17 / رمي جمرة العقبة / 5].
450

مباشرة الولي لذلك (1)، كما أن الأولى حمله إلى الجمار (2) مع
الامكان، ووضع الحصا في يده (3)، والرمي بها (4) مع الامكان، وإلا
رمى بها وهي في يده (5)، وإلا أخذها منه ورماها (6).
والمقام بمنى أيام التشريق بعد انقضاء زمن الرمي أفضل من

(1) المصدر السابق: حديث 9، 11.
(2) الدروس الشرعية 1: 430.
(3) وهو حديث إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن المريض ترمى عنه الجمار؟ قال: نعم،
يحمل إلى الجمرة ويرمى عنه. [وسائل الشيعة: ب 17 / رمي جمرة العقبة / 4].
(4) مستند الشيعة 2: 283.
(5) تذكرة الفقهاء 1: 393.
(6) منتهى المطلب 2: 774.
(7) المبسوط 1: 380 / السرائر الحاوي 1: 610.
451

المجئ إلى مكة للطواف المستحب - مثلا - ونحوه (1).
وقد عرفت - في ما مضى - استحباب الوقوف عند كل جمرة
داعيا بالمأثور، ورميها عن يسارها مستقبل القبلة، عدا جمرة العقبة،
فإنه يستدبر القبلة، ويرميها عن يمينه.
والتكبير بمنى (2) عقيب خمس عشر صلاة (3)، أولها ظهر يوم
النحر، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات. ولو لم ينفر يوم الثالث عشر
يستحب له التكبير بعد صلاة الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، بل

(1) وسائل الشيعة: ب 2 / العود إلى منى / 5.
(2) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الزيارة بعد زيارة الحج في أيام التشريق؟ فقال: لا.
[المصدر السابق: حديث 6].
(3) المصدر السابق: حديث 3.
(4) وسائل الشيعة: ب 21 / صلاة العيد / 10، بأدنى تفاوت.
(5) الإنتصار: 57 / الوسيلة: 189.
(6) وسائل الشيعة: ب 21 / صلاة العيد / 1، 2 و ب 8 / العود إلى منى / 4.
452

يستحب له التكبير عقيب النوافل (1)،
والأولى في كيفيته: تثليث
التكبير في أوله (2)، ثم يقول (3):
لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا،
الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، الحمد لله على ما أبلانا.
ومن جاز له النفر في اليوم الثاني عشر، فإنه يجوز له ذلك بعد

(1) المصدر السابق: ب 21 / صلاة العيد / 4.
(2) وسائل الشيعة: ب 25 / صلاة العيد / 3، 1.
(3) المصدر السابق: حديث 2.
(4) المصدر السابق: ب 21 / صلاة العيد / 2، 4.
(5) تهذيب الأحكام 3: 138.
(6) وسائل الشيعة: ب 21 / صلاة العيد / 4.
(7) المصدر السابق: حديث 3.
(8) المصدر السابق: حديث 2.
453

الزوال لا قبله (1)، ويلقي ما معه من الحصى في منى (2)، بل الأولى
دفنه فيها (3)، وأما النفر الثاني فيجوز قبل الزوال من اليوم الثالث
عشر (4) بعد رمي الجمار (5)،

(1) المصدر السابق: حديث 15.
(2) لم يظهر المقصود من قوله قدس سره: (غير ذلك)، فإن المروي في خبر علي بن جعفر الآخر هو الموافق
لصحيح منصور بن حازم المشار إليه آنفا، وأيضا نص على ذلك في الجواهر.
انظر: وسائل الشيعة: ب 21 / صلاة العيد / 11 / جواهر الكلام 11: 388.
(3) وهي: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، وله الشكر
في ما أبلانا، والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام. [من لا يحضره الفقيه 1: 328].
(4) في ص 430.
(5) دعائم الاسلام 1: 324.
(6) منتهى المطلب 2: 777.
(7) وسائل الشيعة: ب 9 / العود إلى منى / 3.
454

بل يستحب ذلك (1).
وينبغي لمن أقام هذه الأيام بمنى أن يصلي فرائضه ونوافله في
مسجد الخيف، وأفضلها مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو من المنارة إلى
نحو من ثلاثين ذراعا من جهة القبلة، وعن يمينها، ويسارها،
وخلفها (2). ويستحب التسبيح، والتهليل، والتحميد مائة مائة (3)،
وصلاة مائة ركعة فيه، وست ركعات في أصل الصومعة (4)، والأولى
أن تكون هذا الست عند إرادة الرجوع إلى مكة مودعا لها إذا ابيضت

(1) وفيه: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الظهر والعصر بمكة، فلا يكون ذلك إلا وقد نفر قبل
الزوال. [المصدر السابق: ب 12 / العود إلى منى / 2].
(2) وسائل الشيعة: ب 50 / أحكام المساجد / 1.
(3) المصدر السابق: ب 51 / أحكام المساجد / 1.
(4) المصدر السابق: حديث 2.
455

الشمس من اليوم الثالث عشر (1). والله العالم.

(1) المقنعة: 422.
(2) إذ فيها: من صلى بمسجد الخيف بمنى مأة ركعة قبل أن يخرج منه... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 51 / أحكام المسجد / 1]
456

الخاتمة
457

وأما الخاتمة
ففيها فوائد:
الفائدة الأولى
في العمرة المفردة
وفيها مباحث:
المبحث الأول
تنقسم العمرة أيضا - كالحج - إلى واجب أصلي أو عرضي،
ومندوب.
أما الأصلي: فهو الواجب بأصل الشرع (1). بالشرائط المعتبرة
في الحج (2)، في العمر مرة (3).

(1) آل عمران: 97.
(2) وسائل الشيعة: ب 1 / العمرة / 7.
(3) المصدر السابق: ب 1 / العمرة / 8.
459

ولا يعتبر في وجوبها على المكي ومن بحكمه استطاعة الحج
أيضا، لأن كلا منهما في حقه نسك مستقل غير مرتبط بالآخر (1)،
فيمكن أن يستطيع لخصوص أحدهما دون الآخر، بل لا يبعد عدم
اعتبار الرجوع إلى الكفاية لا في وجوب الحج عليه، ولا العمرة (2).
أما الآفاقي الذي وظيفته التمتع ففي وجوبها عليه لو استطاع لها

(1) منها: صحيح الحلبي: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا استمتع الرجل بالعمرة فقد قضى ما عليه من
فريضة العمرة. [وسائل الشيعة: ب 5 / العمرة / 1].
(2) الدروس الشرعية: 1: 338.
(3) كشف اللثام: 1: 386.
460

دون الحج وجهان أقواهما عدمه (1)، فلا تجب على الأجير بعد فراغه

(1) جواهر الكلام: 20: 445 / مسالك الأفهام 2: 497.
(2) مسالك الأفهام: 2: 497.
(3) البقرة: 196.
461

من عمل النيابة وهو بمكة مع استطاعته لها، ولا على البعيد الذي
استطاع لها وكان لا يتمكن من الوقوفين، ولا يجب الاستئجار لها
من ماله إذا استطاع ومات قبل الموسم بعد أن مضى من أشهر الحج
ما يكفي لأداء العمرة وحدها، وإن كان الاحتياط لا ينبغي
تركه.
وأما العرضي: فهي الواجبة بالنذر، والعهد، والحلف، والشرط
في ضمن العقد، وبالافساد، أو فوات الحج أيضا، فيتحلل عن إحرامه
حينئذ بعمرة مفردة كما تقدم (1).
وتجب أيضا لدخول مكة، بمعنى: أن من أراد دخول مكة لم يجز
له أن يتجاوز الميقات، ولا دخول حرمها إلا محرما، لغير من يتكرر منه

(1) وسائل الشيعة: ب 5 / العمرة / 4.
(2) المصدر السابق: حديث 6.
(3) تقدمت الإشارة إليها في ص 354.
462

الخروج منها والدخول إليها قبل مضي شهر كما تقدم (2)، فإن لم يكن
مريدا لحج واجب أو مندوب يتحلل عن إحرامه حينئذ بعمرة مفردة.
وتستحب في ما عدا ذلك في كل شهر (1)، ويتأكد استحبابها في
رجب (2).
ويكره أن يأتي بعمرتين متواليتين لم يفصل بينهما عشرة أيام (3)،

(1) في ص 116.
(2) في المطبوع: ابن، وما أثبته أنسب.
(3) وسائل الشيعة: ب 6 / العمرة / 1، 4، 2، 11.
(4) المصدر السابق: حديث 6.
(5) المصدر السابق: حديث: 7.
(6) مختلف الشيعة 2: 319.
(7) وسائل الشيعة ب 3 / العمرة / 2.
463

بل الأحوط تركه (1) كما تقدم، وإن كان الجواز مع الكراهية
العبادية (2) أقوى.

(1) المبسوط 1: 304 / المختصر النافع: 123.
(2) وسائل الشيعة: ب 6 / العمرة / 3.
464

المبحث الثاني
تنقسم العمرة إلى: تمتع، وإفراد، وتقدم أفعال عمرة التمتع
وأحكامها.
أما المفردة فأفعالها ثمانية (1):
النية، ثم الاحرام من أحد المواقيت مع مروره عليه، وإلا فمن
دويرة أهله إن كان خارج الحرم، وإلا فمن أدنى الحل ثم الطواف،
وركعتاه، ثم السعي، ثم الحلق أو التقصير، ثم طواف النساء وركعتاه.

(1) في المطبوع: المقبولة، وما أثبته أصح.
(2) وسائل الشيعة: ب 9 / العمرة / 1.
(3) المصدر السابق: حديث 2.
(4) كأنه يشير إلى صحيح جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يزور البيت قبل أن
يحلق؟ قال: لا ينبغي، إلا أن يكون ناسيا، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه أناس يوم النحر فقال
بعضهم: يا رسول الله إني حلقت قبل أن أذبح، وقال: بعضهم حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئا كان
ينبغي أن يؤخروه إلا قدموه، فقال: لا حرج. [وسائل الشيعة: ب 39 / الذبح / 4].
465

المبحث الثالث
لو أحرم الآفاقي، أو المكي من الميقات بعمرة مفردة ندبا، ودخل
مكة جاز أن يعدل بها إلى عمرة التمتع (1)، بل هو الأفضل، فيتعين
عليه التقصير حينئذ، ولا يطوف طواف النساء، والأحوط شديدا أن
يحج حينئذ حج التمتع، وعليه دمه، بل لا يخلو وجوبه عن قوة، ولو لم
يعدل جاز له ترك الحج والخروج إلى أهله، ولو يوم التروية، وإن كان
الأولى خلافه.

(1) المهذب: 1: 272.
(2) وسائل الشيعة: ب 7 / العمرة / 9.
466



(1) وسائل الشيعة: ب 7 / العمرة / 3.
(2) في المصدر هكذا: من دخل مكة معتمرا مفردا للعمرة فقضى عمرته، ثم خرج كان ذلك له، وإن أقام
إلى أن يدرك الحج كانت عمرته متعة [المصدر السابق: ب 7 / العمرة / 5]
(3) المصدر السابق: ب 10 / أقسام الحج / 2.
(4) المصدر السابق: ب 7 / العمرة / 4.
(5) لم أجده بهذا اللفظ في ما لدي من المصادر الحديثية، نعم أورده بلفظه في الجواهر بعنوان مرسل
موسى بن القاسم، ولم أعثر عليه أيضا.
هذا، وفي المستدرك: عنه عليه السلام أنه قال: من اعتمر في أشهر الحج فإن انصرف ولم يحج فهي عمرة
مفردة، وإن حج فهو متمتع. [جواهر الكلام 20: 460 / مستدرك الوسائل: 10: 179].
467



(1) لم أجده في ما لدي من المصادر، ولم أجد من نسبه إليه من الفقهاء، والذي يغلب على الظن أنه
تصحيف عن (القاضي ابن البراج) ناشئ من استعمال الرموز. انظر: المهذب 1: 272 / الدروس
الشرعية 1: 336 / رياض المسائل 1: 435.
468

الفائدة الثانية
يستحب الدخول في الكعبة زادها الله تعالى شرفا (1) بلا
حذاء (2) - أي: نعل يحتذى به - ويتأكد استحبابه للصرورة (3)، بل
الأولى والأحوط أن لا يتركه.
نعم، لا يتأكد على النساء (4).

(1) وسائل الشيعة: ب 16 / العود إلى منى / 1.
(2) المصدر السابق: ب 36 / مقدمات الطواف / 1.
(3) المصدر السابق: ب 35 / مقدمات الطواف / 1.
(4) المصدر السابق: حديث 3.
(5) المصدر السابق: ب 41 / مقدمات الطواف / 1.
469

ويستحب الغسل قبل ذلك (1)، وليقل إذا دخل (2).
اللهم إنك قلت (في كتابك خ): ومن دخله كان آمنا، فآمني من
عذاب النار.
بل ينبغي للصرورة قول ذلك في جميع الزوايا، كما أنه ينبغي له
ولغيره (3) الصلاة بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين،
يقرأ في الأولى: الحمد، وحم السجدة، وفي الثانية: الحمد، وعدد آيها،
ويصلي في زوايا البيت كل زاوية ركعتين (4)، ويقول:
اللهم من تهيأ أو تعبأ، أو أعد، أو استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء
رفده، وجائزته، ونوافله، وفواضله، فإليك يا سيدي تهيئتي،
وتعبئتي - (وتعبئي خ ل)، وإعدادي واستعدادي، رجاء رفدك،
ونوافلك، وجائزتك، فلا تخيب اليوم رجائي، يا من لا يخيب عليه
سائل (سائله خ ل)، ولا ينقصه نائل (نائله خ ل) فإني لم آتك اليوم
بعمل صالح قدمته، ولا شفاعة مخلوق رجوته، ولكن أتيتك مقرا
بالظلم والإساءة على نفسي، فإنه لا حجة لي ولا عذر، فأسألك يا من

(1) وسائل الشيعة: ب 36 / مقدمات الطواف / 1.
(2) المصدر السابق
(3) المصدر السابق
(4) المصدر السابق.
470

هو كذلك (أن تصلي على محمد وآل محمد خ) وأن تعطيني مسألتي،
وتقيلني عثرتي، وتقلبني برغبتي، ولا تردني مجبوها ممنوعا، ولا
خائبا، يا عظيم، يا عظيم، يا عظيم أرجوك للعظيم، أسألك يا عظيم أن
تغفر لي الذنب العظيم، لا إله إلا أنت.
ولا تبزق (1) ولا تمتخط فيها ولو منع الزحام عن المضي إلى
الزوايا فليستقبل كل زاوية وهو في مكانه، وليكبر، وليدع، وليسأله
وهو في مكان صلاته (2).
ويستحب السجود فيها، وأن يقول في سجوده: (3).
لا يرد غضبك إلا حلمك، ولا يجير من عذابك إلا رحمتك، ولا
ينجي منك إلا التضرع إليك، فهب لي يا إلهي فرجا بالقدرة التي بها
تحيي أموات العباد، وبها تنشر ميت البلاد، ولا تهلكني يا إلهي حتى
تستجيب لي دعائي، وتعرفني الإجابة.
اللهم ارزقني العافية إلى منتهى أجلي، ولا تشمت بي عدوي،
ولا تمكنه من عنقي، من ذا الذي يرفعني إن وضعتني، ومن ذا الذي

(1) وسائل الشيعة: ب 36 / مقدمات الطواف / 1.
(2) نجاة العباد: 162.
(3) وسائل الشيعة: ب 37 / مقدمات الطواف / 1.
471

يضعني إن رفعتني، وإن أهلكتني فمن ذا الذي يعرض لك في عبدك،
أو يسألك عن أمره، فقد علمت يا إلهي أنه ليس في حكمك ظلم، ولا
في نقمتك عجلة، إنما يعجل من يخاف الفوت، ويحتاج إلى الظلم
الضعيف، وقد تعاليت يا إلهي عن ذلك.
إلهي فلا تجعلني للبلاء غرضا، ولا لنقمتك نصبا، ومهلني
ونفسي، وأقلني عثرتي، ولا ترد يدي في نحري، ولا تتبعني بلاء
(ببلاء خ ل) على إثر بلا فقد ترى ضعفي، وتضرعي إليك، ووحشتي
من الناس، وأنسي بك.
أعوذ بك اليوم فأعذني، وأستجير بك فأجرني، وأستعين بك
على الضراء فأعني، وأستنصرك فانصرني، وأتوكل عليك فاكفني،
وأؤمن بك فآمني، وأستهديك فاهدني، وأسترحمك فارحمني،
وأستغفرك مما تعلم فاغفر لي، وأسترزقك من فضلك الواسع فارزقني،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فإذا خرج من الكعبة استحب له التكبير (1) ثلاثا وهو خارج، ثم
يقول:
اللهم لا تجهد بلاءنا، ربنا ولا تشمت بنا أعداءنا، فإنك أنت الضار

(1) وسائل الشيعة: ب 40 / مقدمات الطواف / 1.
472

النافع.
ثم اخرج، واجعل الدرجة عن يسارك، وصل ركعتين (1).
وإذا أردت الولد أفض عليك دلوا من ماء زمزم (2)، ثم
ادخل البيت، فإذا قمت على باب البيت فخذ بحلقة الباب، ثم
قل:
اللهم إن البيت بيتك، والعبد عبدك، وقد قلت: من دخله كان آمنا،
فآمني من عذابك، وأجرني من سخطك.
ثم ادخل البيت، فصل على الرخامة الحمراء ركعتين، ثم قم إلى
الأسطوانة التي بحذاء الحجر، وألصق بها صدرك، ثم قل:
يا واحد، يا أحد، يا ماجد، يا قريب، يا بعيد، يا عزيز، يا حكيم لا
تذرني فردا وأنت خير الوارثين، وهب لي من لدنك ذرية طيبة إنك
سميع الدعاء.
ثم در بالأسطوانة فألصق بها ظهرك وبطنك، وتدعو بهذا
الدعاء.
ويستحب الشرب من ماء زمزم (3)، بل الارتواء منه، فإنه يحدث

(1) وسائل الشيعة: ب 40 / مقدمات الطواف / 1.
(2) المصدر السابق: ب 36 / مقدمات الطواف / 5.
(3) المصدر السابق: ب 20 / مقدمات الطواف، و ب 2 / السعي، وغيرهما.
473

به الشفاء (3)، ويصرف عنه الداء، وبه تنال الحاجات (4)، وتدرك
الطلبات، والأهم طلب المغفرة، والفوز بالجنة، والنجاة من النار،
وأهوال البرزخ والقيامة.
ويستحب حمله، وإهدؤه، واستهداؤه (1).

(1) من لا يحضره الفقيه: 2: 135.
(2) وسائل الشيعة: ب 20 / مقدمات الطواف / 2، وفيه: ماء زمزم شفاء لما شرب له.
(3) نجاة العباد: 163.
(4) وسائل الشيعة: ب 20 / مقدمات الطواف / 4.
474

الفائدة الثالثة
في المصدود والمحصور
فالمصدود: هو الممنوع بعد إحرامه بحج أو عمرة (1)، إما عن
الموقفين (2)، أو عن (3) دخول مكة (4) بحيث لا يمكنه الطواف
والسعي آخر وقتهما ولو بالاستنابة (5)،

(1) وسائل الشيعة: ب 1 / الاحصار والصد / 1.
475

فيتحلل عن إحرامه بالهدي (1) إما يذبحه، أو ينحره في محل

(1) الدروس الشرعية 1: 481، وفيه إضافة: الصيد.
(2) في المطبوع: الروض، وما أثبته أنسب.
(3) كشف اللثام: 1: 388 / الروضة البهية: 2: 372 / جواهر الكلام 20: 127 / مدارك الأحكام 8: 392.
(4) وسائل الشيعة: ب 9 / الاحصار والصد / 5.
(5) المصدر السابق: ب 1 / الاحصار والصد / 5.
(6) السرائر الحاوي: 1: 641 / الإنتصار: 104.
476

الصد (1)، أو يبعثه بنية التحلل (2)، فإن ذبحه في محل الصد فالأحوط
أن يكون في يوم النحر (3) وأحوط منه ضم الحلق أو

(1) منها: موثق زرارة المتقدم.
(2) الدروس الشرعية: 1: 479 / مسالك الأفهام 2: 389 / مدارك الأحكام: 8: 286.
(3) جواهر الكلام: 20: 117 / الخلاف 2: 424 / منتهى المطلب 2: 847 / تحرير الأحكام 1: 122.
(4) الكافي في الفقه: 218.
(5) وهو قوله تعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي
محله) [البقرة: 196].
(6) الخلاف: 2: 328 / المبسوط 1: 333 / الكافي في الفقه: 218.
(7) الخلاف 2: 328 / المبسوط 1: 333.
(8) وسائل الشيعة: ب 2 / الاحصار والصد / 2.
477

التقصير أيضا إليه (1)، ولكن ينوي التحلل عند الذبح أو النحر،
ويجزئ عنه هدي السياق (2)،

(1) وسائل الشيعة: ب 6 / الاحصار والصد / 1.
(2) المصدر السابق: ب 1 / الاحصار والصد / 5.
(3) المقنعة: 446 / المراسم: 118.
(4) وفيه: المصدود بالعدو ينحر هديه الذي ساقه بمكانه، ويقصر من شعر رأسه ويحل... الحديث.
[المقنعة: 446].
(5) الغنية: 521 / الكافي في الفقه: 218.
(6) وهي أنه صلى الله عليه وآله حلق يوم الحديبية. السنن الكبرى 5: 214.
(7) الدروس الشرعية: 1: 479 / مسالك الأفهام 2: 389.
(8) كشف اللثام: 1: 387.
(9) عن أبي عبد الله عليه السلام: قال خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد ساق بدنة، حتى انتهى إلى السقيا
فبرسم، فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه، ثم أقبل حتى جاء فضرب الباب... الحديث
[وسائل الشيعة: ب 6 / الاحصار والصد / 2].
478

وله أن يبقى على إحرامه (1)، ويتحلل بعمرة مفردة (2)، ولا يسقط
عنه الحج بذلك مع استقراره (3)، أو بقاء الاستطاعة إلى القابل.

(1) من لا يحضره الفقيه 2: 305 / مختلف الشيعة 2: / 317 مسالك الأفهام 2: 390.
(2) الدروس الشرعية 1: 477، 480.
(3) جواهر الكلام: 20: 122.
(4) المختصر النافع: 124، وفيه اختيار الاجزاء في الصورتين.
(5) قواعد الأحكام: 1: 453.
(6) جواهر الكلام 20: 129.
(7) المبسوط 1: 332 / شرائع الاسلام 1: 255.
479

ولو صد - بعد الوقوفين - عن مناسك منى، فإن كان مصدودا عن
دخول مكة أيضا طول ذي الحجة (1) فهو داخل في من عرفت
حكمه (2).
وإن اختص الصد بمناسك منى، فمع تمكنه من الاستنابة
يستنيب في الرمي والذبح (3)، ثم يحلق، ويتحلل، ثم يأتي ببقية

(1) كشف اللثام 1: 389.
(2) جواهر الكلام 20: 126.
(3) تذكرة الفقهاء 1: 396 / منتهى المطلب 2: 847.
(4) مسالك الأفهام 2: 391 / مدارك الأحكام 8: 293.
(5) منتهى المطلب 2: 847.
(6) رياض المسائل 1: 439.
480

المناسك، ولو لم يتمكن منها ففي جواز التحلل بالذبح مكانه
- كالمصدود - أو بقائه على إحرامه إلى أن يتحلل بمحلله، وجهان (1)،
لا يبعد أرجحية الأول، لكن الاحتياط لا يترك.
ولو صد عن الرجوع إلى منى للمبيت ورمي الجمار، تم
حجه (2)، ويستنيب في الرمي إن أمكنه في سنته، وإلا ففي القابل.
ولو وقف مخالفونا بالموقفين قبل وقته لثبوت الهلال عندهم
دوننا، ولم يمكن التخلف عنهم حتى في إدراك اضطراري الموقفين،
كان من فوات الحج (3) كما تقدم، وليس من الصد عن الموقفين،

(1) مدارك الأحكام 8: 293 / كشف اللثام 1: 388 / مستند الشيعة 2: 293 / رياض المسائل 1: 439 /
جواهر الأحكام 20: 126.
(2) مدارك الأحكام 8: 293.
(3) جواهر الكلام 20: 128.
(4) مسالك الأفهام 2: 391.
481

ويتحلل عن إحرامه بعمرة مفردة (1)، وكذا كل من تعذر عليه المضي
في حجه لمانع (2)، ولم يكن ممنوعا عن دخول مكة، ولا عن
الموقفين (3).
وأما المحصور: فهو الممنوع بالمرض (4) بعد إحرامه بأحد
النسكين عن أحد ما تقدم، فيبعث هديا إن لم يكن قد ساق، وإلا أجزأه
هدي السياق (5)، فإن كان قد شرط في إحرامه أن يحله حيث حبسه
جاز أن يتحلل بنفس بعثه (6)، وإلا يبقى على إحرامه إلى أن

(1) جواهر الكلام 20: 125.
(2) الإنتصار: 104.
482



(1) ففي صحيح ذريح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل متمتع بالعمرة إلى الحج وأحصر بعد ما
أحرم، كيف يصنع؟ قال: فقال: أو ما اشترط على ربه قبل أن يحرم أن يحله من إحرامه عند عارض
عرض له من أمر الله؟ فقلت: بلى، قد اشترط ذلك، قال: فليرجع إلى أهله حلا لا إحرام عليه، إن الله
أحق من وفى بما اشترط عليه.
ونحوه صحيح البزنطي. [وسائل الشيعة: ب 24 / الاحرام / 3 و ب 8 / الاحصار والصد / 1].
(2) شرائع الاسلام 1: 257 / المبسوط 1: 335 / إرشاد الأذهان 1: 339.
(3) الجامع للشرائع: 222.
(4) كما في صحيح رفاعة المتقدم في ص 478، هامش رقم 9، فراجع.
(5) الجامع للشرائع: 222.
(6) وسائل الشيعة: ب 25 / الاحرام / 1، 2.
483

يبلغ الهدي محله (1)، وهو منى (2) إن كان حاجا، وفناء الكعبة (3)

(1) مدارك الأحكام 8: 301 / جواهر الكلام 20: 143.
(2) كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا أحصر الرجل بعث بهديه... الحديث.
[وسائل الشيعة: ب 3 / الاحصار والصد / 1].
(3) كما في صحيح رفاعة المتقدم.
(4) جواهر الكلام 20: 146.
(5) وسائل الشيعة: ب 7 / الاحصار والصد / 1، 2.
(6) ففي موثق زرعة: ومحله منى يوم النحر... الحديث [المصدر السابق: ب 2 / الاحصار والصد / 2].
(7) مدارك الأحكام 8: 301.
(8) وسائل الشيعة: ب 2 / الاحصار والصد / 1، 2.
484

إن كان معتمرا، فإذا بلغ ومضى زمان ذبحه أو نحره قصر (1)، وحل له
كل شئ إلا النساء (2) حتى يحج في القابل (3) إذا كان إحصاره عن واجب
مستقر، ولو عجز عن الرجوع بنفسه جاز أن يستنيب على الأقوى (4).

(1) وسائل الشيعة: ب 2 / الاحصار والصد / 1.
(2) كشف اللثام 1: 390.
(3) وفيه: المصدود يذبح حيث صد، ويرجع صاحبه فيأتي النساء، والمحصور يبعث بهديه فيعدهم
يوما، فإذا بلغ الهدي أحل هذا في مكانه، قلت: أرأيت إن ردوا عليه دراهمه ولم يذبحوا عنه وقد أحل
فأتى النساء؟ قال: فليعد وليس عليه شئ، وليمسك الآن عن النساء إذا بعث.
[وسائل الشيعة: ب 1 / الاحصار والصد / 5].
(4) جواهر الكلام 20: 155.
(5) وسائل الشيعة: ب 1 / الاحصار والصد / 3.
(6) منتهى المطلب 2: 850.
485

ولو كان ندبا، أو واجبا غير مستقر، أو كان نائبا عن الغير بتبرع أو
إجارة، أجزأ أن يطاف عنه طواف النساء على الأقوى (1).

(1) مدارك الأحكام 8: 305.
(2) المراسم: 118.
(3) وفيه: المحصور بالمرض، إن كان ساق هديا أقام على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله، ثم يحل ولا
يقرب النساء حتى يقضي المناسك من قابل، هذا إذا كان حجة الاسلام، فأما حجة التطوع فإنه ينحر
هديه وقد أحل مما كان أحرم منه... الحديث.
[المقنعة: 446 / وسائل الشيعة: ب 1 / الاحصار والصد / 6].
(4) وسائل الشيعة: ب 1 / الاحصار والصد / 5، وقد تقدم في 485، هامش رقم 3.
(5) الحدائق الناضرة 16: 46.
486

ولو زال الحصر التحق (1)، فإن أدرك الموقفين فقد أدرك
الحج (2)، وإلا فلا.
ولو أحصر عن مناسك يوم النحر وما بعده، فيستنيب في ما لا
يمكنه (3)، ويسقط المبيت.

(1) مدارك الأحكام 8: 307.
(2) وفيه: إذا أحصر الرجل بعث بهديه، فإذا أفاق ووجد في نفسه خفة فليمض إن ظن أنه يدرك الناس...
الحديث. [وسائل الشيعة: ب 3 / الاحصار والصد / 1].
487

الفائدة الرابعة
في بقية ما يتأكد استحبابه مدة المقام بمكة المعظمة.
وهي أمور:
الأول: يستحب بعد الفراغ عن الحج طواف أسبوع، وصلاة
ركعتين عن أبيه، وأمه، وزوجته، وولده، وخاصته، وجميع أهل بلده،
ويجزيه طواف واحد بصلاته عن الجميع، لكن لو أفرد لكل واحد
طوافا وصلاة مستقلة كان أولى.
الثاني: يستحب أن يطوف مدة مقامه بمكة ثلاثمائة وستين
طوافا كل طواف سبعة أشواط، فإن لم يتمكن فبثلاثمائة وأربعة وستين
شوطا، اثنين وخمسين أسبوعا، فإن لم يستطع فبما يقدر عليه، فإنه
كالصلاة إن شاء استقل، وإن شاء استكثر.
ويكره فيه الكلام إلا بالذكر والدعاء، بل ينبغي أن يتجنب فيه
الأكل، والشرب، والضحك، والتمطي، والتثاؤب، ومدافعة الأخبثين،
وسائر ما يكره في الصلاة.
ويكره أن يطوف في برطلة، وهي قلنوسة طويلة كان زي اليهود
قديما لبسها، ولو كان محرما حرم عليه ذلك. والأولى بل الأحوط أن لا
يلبسها المؤمن مطلقا، ولا غيرها مما فيه التشبه بأعداء الله
ورسوله صلى الله عليه وآله.
488

الثالث: ينبغي أن يزار مولد رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو الآن في مسجد
زقاق يسمى زقاق المولد، ومنزل خديجة الذي توفيت فيه، وسكنه
النبي صلى الله عليه وآله معها في حياتها، وبعد وفاتها إلى أن هاجر إلى الطيبة، وهو -
أيضا - مسجد الآن.
ويستحب زيارة خديجة بالحجون، وقبرها هناك معروف في
سفح الجبل، وأن يزور قبر أبي طالب.
ويستحب أن يختم القرآن مدة إقامته بها، لا أقل مرة، وإتيان
مسجد راقم، والغار الذي بجبل حراء، وكان النبي صلى الله عليه وآله ينزله في ابتداء
الوحي، والغار الذي بجبل ثور تستر به صلى الله عليه وآله عن المشركين.
ويستحب لمن رجع من طريق المدينة النزول على معرس
النبي صلى الله عليه وآله - ويقال: إنه الآن مسجد بإزاء مسجد الشجرة - والاضطجاع
فيه قليلا ليلا أو نهارا، وصلاة ركعتين فيه. ولو جاوزه ولم ينزل فيه
استحب له الرجوع والتدارك.
وكذا يستحب الصلاة في مسجد غدير خم، والاكثار من الابتهال
والدعاء فيه، وهو الموضع الذي نص فيه النبي صلى الله عليه وآله بالولاية لأمير
المؤمنين عليه السلام، وعقد البيعة له، صلى الله عليهما وعلى آلهما الطاهرين.
489

الفائدة الخامسة
في ما يستحب عند الوداع
إذا أراد الخروج إلى أهله
فلا يخرج حتى يشتري بدرهم تمرا، ويتصدق به قبضة قبضة لما
كان منه في الحرم، أو حال إحرامه، فيكون كفارة لما دخل في الحج
غفلة من حك، أو سقوط قملة، ونحو ذلك.
ويستحب أن يعزم على العود، فإنه يزيد في العمر إن شاء الله
تعالى، وأن يطوف أسبوعا، ويستلم الحجر الأسود، والركن اليماني في
كل شوط مع الامكان، وإلا افتتح به واختتم به مع الامكان أيضا، ثم يأتي
المستجار مثل يوم قدومه، فيصنع عندها مثل ما صنع يوم قدوم مكة،
ثم يختار ما يشاء لنفسه من الدعاء، ثم يستلم الحجر الأسود، ثم يلصق
بطنه بالبيت، ويحمد الله ويثني عليه، ويصلي على محمد وآله، ثم
يقول:
اللهم صل على محمد عبدك، ورسولك ونبيك، وأمينك،
وحبيبك، ونجيبك، وخيرتك من خلقك، اللهم كما بلغ رسالاتك،
وجاهد في سبيلك، وصدع بأمرك، وأوذي فيك وفي جنبك، حتى أتاه
اليقين.
اللهم اقلبني منجحا، مفلحا، مستجابا لي، بأفضل ما يرجع به
490

أحد من وفدك من المغفرة، والبركة، والرضوان، والعافية مما يسعني
أن أطلب، أن تعطيني مثل الذي أعطيته أفضل من عبدك، وتزيدني
عليه.
اللهم إن أمتني فاغفر لي، وإن أحييتني فارزقنيه من قابل.
اللهم لا تجعله آخر العهد من بيتك.
اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، حملتني على دابتك،
وسيرتني في بلادك، حتى أوصلتني (أدخلتني خ ل) حرمك وأمنك،
وقد كان في حسن ظني بك أن تغفر لي ذنوبي، فإن كنت قد غفرت لي
ذنوبي فازدد عني رضى، وقربني إليك زلفى، ولا تباعدني، وإن كنت لم
تغفر لي فمن الآن فاغفر لي قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوان
انصرافي إن كنت قد أذنت لي غير راغب عنك، ولا عن بيتك، ولا
مستبدل بك، ولا به.
اللهم احفظني من بين يدي، وعن خلفي، وعن يميني، وعن
شمالي حتى تبلغني أهلي، فإذا بلغتني أهلي فاكفني مؤنة عبادك،
وعيالي، فإنك ولي ذلك من خلقك ومني.
ثم ائت زمزم، واشرب منها، ولا تصب على رأسك، وقل:
آئبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون، إلى ربنا منقلبون،
راغبون، إلى ربنا راجعون إن شاء الله.
ثم ائت المقام، وصل خلفه بركعتين، ثم ائت الملتزم والتزمه،
واكشف عن بطنك، وقف عليه قدر الطواف سبعة أشواط أو ثمانية، ثم
تأتي الحجر وتقبله، وتمسحه بيدك، ثم تمسحها بوجهك، ثم تأتي إلى
491

باب البيت، وتضع يدك عليها وتقول:
المسكين على بابك فتصدق عليه بالجنة.
فإذا أردت الخروج فخر ساجدا طويلا عند باب المسجد، ثم قم
واستقبل القبلة، وقل:
اللهم إني أنقلب على لا إله إلا الله.
ثم اخرج من باب الحناطين.
492

الفائدة السادسة
إن من تمام الحج هو زيارة سيد النبيين صلى الله عليه وآله، واستحبابها عينا
- خصوصا للحاج - من ضروريات الدين، بل مقتضى ما ورد من أنه لو
تركها الناس أجبرهم الوالي عليها، وينفق عليهم من بيت المال إذا لم
يتمكنوا منها بمالهم، هو وجوبها الكفائي على الأمة نحو ما مر في
الحج ضابطه.
وللمدينة حرم حده من (عائر) إلى (وعير)، وهما جبلان يكتنفان
المدينة من المشرق والمغرب، وإن كان لا يجب الاحرام فيه، إلا أن
الأحوط - إن لم يكن أقوى - أن لا يقطع شجرة، ولا سيما الرطب منه إلا
ما استثني مما سمعته في حرم مكة، بل الأحوط - إن لم يكن أقوى -
اجتناب صيد ما بين الحرمين منه، بل الأولى اجتناب مطلق الصيد فيه.
ويستحب الغسل عند دخولها، أو حين يدخلها، ثم المضي إلى
زيارة سيد النبيين صلى الله عليه وآله بغسل آخر، أو بذلك الغسل، وكيفية زيارته صلى الله عليه وآله
في كتب المزار.
ويستحب الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فإنها تعدل ألف
صلاة، وخصوصا بين القبر والمنبر الذي هو روضة من رياض الجنة،
وفي بيت فاطمة (صلوات والله وسلامه عليها) الذي هو أفضل من
الصلاة في الروضة.
493

والصوم ثلاثة أيام وإن كان مسافرا، وينبغي أن يكون الأربعاء
والخميس والجمعة، وليصل ليلة الأربعاء ويومها عند أسطوانة أبي
لبابة المسماة ب‍ (أسطوانة التوبة)، وليلة الخميس ويومها عند
الأسطوانة التي تليها مما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله، وليلة الجمعة ويومها
عند الأسطوانة التي تليها مما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله.
وإن استطعت أن لا تتكلم في هذه الأيام إلا ما لا بد لك منه فافعل،
كما أنه ينبغي لك الاعتكاف فيها، بل ينبغي أن لا تنام فيها في ليل ولا
نهار إلا مقدار الضرورة، واسأل الله كل حاجة لك دنيا وآخرة، وليكن في
ما تقول:
اللهم ما كانت إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها أو التماسها أو
لم أشرع، سألتكها أو لم أسألكها، فإني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي
الرحمة في قضاء حوائجي، صغيرها وكبيرها. اللهم إني أسألك
بعزتك، وقوتك، وقدرتك، وجميع ما أحاط به علمك، أن تصلي على
محمد وآل محمد، وأن تفعل بي كذا وكذا.
وإن شئت أن تكون في ليلة الأربعاء ويومها عند الأسطوانة التي
تلي رأس النبي صلى الله عليه وآله، وليلة الخميس ويومها عند أسطوانة أبي لبابة
وليلة الجمعة ويومها عند الأسطوانة التي تلي مقام النبي صلى الله عليه وآله فلا بأس
به. والله العالم.
ويستحب مؤكدا - بعد زيارة النبي صلى الله عليه وآله - زيارة بضعته الطاهرة
فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، والأولى أن تزار في الروضة، وفي
بيتها، وفي البقيع لمكان الاختلاف في دفنها، وإن كان الأوسط هو
الأوسط، إلا أنه لما زاد بنو أمية في المسجد صار قبرها فيه.
494

وكذا زيارة أئمة المسلمين بالبقيع الحسن بن أمير المؤمنين،
وعلي بن الحسين سيد الساجدين، ومحمد بن علي باقر علوم الأولين
والآخرين، وجعفر بن محمد الصادق، صلوات الله عليهم أجمعين.
ويستحب إتيان المساجد التي في المدينة، وقبور الشهداء
خصوصا حمزة، ومشربة أم إبراهيم - غرفتها التي كانت فيها - وهي
مارية القبطية، ويقال: إنها ولدت إبراهيم عليه السلام فيها.
وينبغي أن يبدأ بمسجد (قبا) منها، ثم يكثر من الصلاة فيه، فإنه
أول مسجد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيه، وهو المسجد الذي أسس على
التقوى من أول يوم، ثم ليأت مشربة أم إبراهيم، فإنها مسكن
رسول الله صلى الله عليه وآله ومصلاه، ثم مسجد الفضيخ فليصل فيه.
فإذا قضيت هذا الجانب أتيت جانب (أحد) فبدأت بالمسجد
الذي دون الحرة فصليت فيه، ثم مررت بقبر حمزة بن عبد المطلب
فسلمت عليه، ثم مررت بقبور الشهداء (رحمهم الله) فقمت عندهم،
وقلت:
السلام عليكم يا أهل الديار، أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون.
ثم تأتي المسجد الذي في المكان الواسع إلى جنب الجبل عن
يمينك حين تأتي (أحد)، فتصلي فيه، فمن عنده خرج النبي صلى الله عليه وآله إلى
(أحد) حين لقي المشركين فلم يبرحوا حتى حضرت الصلاة فيه، ثم
حين ترجع تصلي عند قبور الشهداء (رحمهم الله) ما كتب الله لك، ثم
امض على وجهك حتى تأتي مسجد الأحزاب فتصلي ما شئت،
وتدعو فيه، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا فيه يوم الأحزاب، وقال:
يا صريخ المكروبين، ويا مجيب دعوة المضطرين ويا مغيث
495

الملهوفين، اكشف همي، وكربي، وغمي، فقد ترى حالي وحال
أصحابي.
والظاهر إن هذا المسجد هو مسجد الفتح، لأن فيه دعا النبي صلى الله عليه وآله
يوم الأحزاب، فاستجاب الله تعالى بالفتح على يدي أمير المؤمنين،
وسيد الوصيين بقتله عمرو بن عبد ود، وانهزام الأحزاب، وهو الذي
يسمى ب‍ (مسجد الفضيخ) بل هو الذي ردت فيه الشمس لأمير
المؤمنين عليه السلام حتى صلى العصر، حين فاته الوقت بسبب نوم
النبي صلى الله عليه وآله في حجره، فلما فرغ من الصلاة انقضت انقضاض الكوكب.
وينبغي أيضا أن يأتي مقام جبرئيل، وهو تحت الميزاب، وليقل:
أي جواد، أي كريم، أي قريب، أي بعيد، أسألك أن تصلي على
محمد وأهل بيته، وأن ترد علي نعمتك.
وهذا المقام من خواصه لا تدعو فيه حائض بدعاء الدم إلا رأت
الطهر فيه.
وكذا يستحب زيارة إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله، وعبد الله بن
جعفر، وفاطمة بنت أسد، وجميع من في البقيع من الصحابة،
والتابعين.
ولا إشكال في استحباب المجاورة بالمدينة من حيث نفسها، وإلا
فقد يكون فيها ما يحرم معه مجاورته لمحذور شرعي، والله العالم.
496

تكملة..
تتضمن بعض المسائل التي يكثر السؤال عنها، وتعم البلوى بها.
الأولى: لو كان من يريد الحج عازما - عند وصوله إلى الميقات
أو ما يحاذيه - أن يبدأ بزيارة المدينة المنورة لم يجب عليه
الاحرام (1) إلا عند توجهه من المدينة إلى مكة، فيحرم حينئذ من
مسجد الشجرة وهو أفضل المواقيت.
وكذا لو كان - عند وصوله إلى الميقات - عازما على التوجه إلى
الطائف مثلا، أو بعض بلاد نجد، ثم التوجه منه إلى مكة (2).
497



(1) وسائل الشيعة: ب 8 / المواقيت / 1.
498

الثانية: لو أحرم في الميقات، أو قبله بعد نذره، ثم بدا له أن يبدأ
بزيارة المدينة لم يتحلل عن إحرامه (1) إلا بأن يرد مكة، ويطوف
ويسعى، ثم يقصر، ولا يجوز له شئ من محرمات الاحرام قبل ذلك،
ولو اقتضت الضرورة أن يلبس المخيط، أو يغطي رأسه جاز مع الفداء،
ويتكرر بتكرر اللبس، وفي التغطية إشكال، ويلحق التظليل أيضا
بلبس المخيط، وتتكرر كفارته بتكرر الأيام على الأحوط (2).
الثالثة: يجوز الخروج من مكة المعظمة بعد الاحلال من عمرة
التمتع لزيارة المقامات الشريفة كلها. وكذا إلى أدنى الحل لأن يحرم
499

للعمرة المفردة وغير ذلك مما هو دون المسافة بلا إشكال، وإنما
يختص الاشكال بالسفر إلى ما يبلغ حد المسافة (1)، وتقدم ما هو
الأقوى فيه.
الرابعة: لو كان النائب أجيرا للحج، وزيارة المدينة المنورة
جمعا، ولم يزر المدينة يرجع من الأجرة المسماة قدر ما وقع في العقد
بإزاء الزيارة (2).
وطريق تشخيصه: أن يرجع إلى أهل الخبرة في معرفة ما لزيارة
المدينة المنورة من النسبة إلى مجموع العمل، يرجع من الأجرة بتلك
النسبة.
أما إذا وقعت الإجارة على الحج، وكانت الزيارة شرطا في ضمن
العقد على الأجير، كان للمستأجر أن يفسخ العقد لفوات الشرط،
ويستحق الأجير حينئذ أجرة مثل عمله وإن زادت على الأجرة
المسماة في العقد، أو نقصت عنها بكثير.
الخامسة: تقدم في مبحث النيابة إن إطلاق عقد الإجارة لمثل
الحج من الأعمال المختلفة ماليتها، ورغبات الناس فيها يقتضي
مباشرة الأجير له بنفسه، وعدم جواز استئجاره نائبا آخر إلا مع
التنصيص به، أو قيام قرينة على ذلك.
500

لكن لو تعذر مباشرة النائب في أثناء الطريق لمرض، أو غير ذلك
فلا يبعد أن يكون تعذرها، وعدم رضى المستأجر بفوات الحج في
تلك السنة، مع سائر ما يترتب من المضار على بقاء قيدية المباشرة في
ذلك الحال، قرينة نوعية على سقوطها، وتسلط النائب على استئجار
نائب آخر من ذلك المكان، بل نفوذ وصيته - أيضا - بذلك (1).
ثم لو مات النائب من دون أن يوصي إلى أحد باستئجار نائب
آخر من ذلك المكان (2)، فإن كان هناك من وكله الحاكم الشرعي في
تصدي الأمور الحسبية كانت له الولاية على ما كان مع المتوفى من
الأموال، وإلا كانت الولاية على ضبط ذلك المال وحفظه راجعة إلى
من هناك من عدول المؤمنين.
ولا يبعد أن يكون استئجار نائب آخر من ذلك المكان لأن يحج
501

عن المنوب عنه، مع عدم المغالاة في الأجرة، واجتماع سائر ما يعتبر
في كونه صلاحا للمستأجر، وورثة المتوفى من الأمور الحسبية التي لا
بأس بتصديه، بناء على ثبوت الولاية المطلقة على مال الغائب، وعدم
كونها مقصورة على مجرد الضبط والحفظ، كما لا يبعد أن يكون هو
الأقوى.
فلا يكون استئجار وكيل الحاكم، أو عدول المؤمنين حينئذ
فضوليا متوقفا على الإجازة، ولا تسليم الأجرة إلى من استؤجر للحج
من التصرف غير المأذون فيه، وموجبا لضمان الدافع، وإنما هو تصرف
ممن له الولاية عليه، ومحض إحسان لا ضمان فيه، خصوصا مع القطع
برضى المستأجر، وورثة المتوفى جميعا.
السادسة: إذا اجتمعت أسباب مختلفة للكفارة كالصيد،
واللبس، وتقليم الأظفار، والطيب لزم من كل واحد كفارة، سواء فعل
ذلك في وقت واحد أو وقتين، كفر عن الأول أو لم يكفر، بل لو كرر
السبب الواحد وكان كالصيد، والوطء، ونحوهما مما لم يفرق الشرع
ولا العرف - في صدق السبب من مسماه - بين اتحاد المجلس والوقت،
وتعددهما، وتخلل التكفير، وعدمه لزمه - أيضا - لكل مرة كفارة.
نعم، لو كرر الايلاج والاخراج في وطئ واحد فلا يبعد عدم تكرر
الكفارة إلا إذا تعدد المجلس، أو تعقب السابق بالانزال فيعد اللاحق
حينئذ في العرف وطئ آخر.
وكذا لو حلق بعض رأسه غدوة، والآخر عشية، بخلاف ما إذا كرر
الحلق في وقت واحد بإعادة الموسى على رأسه للمبالغة في إزالة
الشعر فإنه يكون حلقا واحدا.
502

ولو لبس ثيابا متعددة واحدا بعد واحد تكررت الكفارة وإن كان
في مجلس واحد، وكانت الثياب من صنف واحد، بل لو كرر لبس
الثوب بأن ينزعه ثم يلبسه - وإن كان في يوم واحد - وهكذا تكررت
أيضا.
ولو لبس الثياب المتعددة دفعة واحدة لم يتكرر الفداء على
الأصح.
ولو تطيب مرة بعد أخرى تعددت أيضا. أما إذا جمع أنواعا من
الطيب وتطيب به دفعة فلا تعدد، وكذا لو تكرر منه تناول الطيب في
وقت واحد على وجه يعد تطيبا واحدا.
ولو قبل متعددا بأن نزع فاه، ثم عاد فقبل تكررت أيضا، بل
الأحوط إن لم يكن أقوى تكررها بتكرر التقبيل وإن لم ينزع فاه.
وبالجملة، فالمدار على صدق تعدد السبب عرفا واتحاده.
وكل محرم لبس أو أكل عامدا عالما ما لا يحل أكله أو لبسه، ولم
يكن له مقدر شرعي كان عليه دم شاة (1)، بل هو كذلك في كل محرم

(1) جواهر الكلام 20: 438.
(2) وسائل الشيعة: ب 8 / بقية كفارات الاحرام / 1.
503

على المحرم مما لم ينص على عدم الكفارة فيه، أو نص على أن فيه
دما من غير تعيين.
والله تعالى هو العالم بحقائق أحكامه.
وأفضل صلاته وتحياته على أشرف أنبيائه، وآله الأئمة
الطاهرين، صلواته عليهم أجمعين.
وقد تم كتاب الحج مقتصرا على مهمات مسائله التي تعم بها
البلوى، على يد مؤلفه أفقر البرية، وأحوجهم إلى رحمة ربه الغني
(محمد حسين) الغروي النائيني، في (12) شوال، سنة (1341) إحدى
وأربعين، بعد الألف والثلاثمائة، من الهجرة المقدسة النبوية، على
مهاجرها أفضل الصلاة، والتحية، في المشهد المقدس الغروي، زيد
شرفا وعزا.
504

المصادر والمراجع
1 - القرآن الكريم
2 - الإحتجاج
تأليف: أبي منصور، أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي (من أعلام القرن
السادس الهجري) - تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري، وغيره - نشر: انتشارات أسوة
- قم - إيران - 1413 ه‍.
3 - إحياء علوم الدين
تأليف: أبي حامد، محمد بن محمد الغزالي، (505 ه‍) - دار المعرفة -
بيروت - لبنان - 1402 ه‍ / 1982 م.
4 - أخبار مكة
تأليف: أبي الوليد، محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي (من أعلام القرن
الثالث الهجري) - تحقيق: رشدي الصالح ملحس - الطبعة الثالثة 1403 ه‍ / 1983 م.
5 - أدب الكاتب
تأليف: أبي محمد، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، (276 ه‍) - شرح
وضبط وتقديم: علي فاعور - دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان - الطبعة الأولى
1408 ه‍ / 1988 م.
6 - إرشاد الأذهان
تأليف: أبي منصور، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر (العلامة الحلي)،
(726 ه‍) - تحقيق: الشيخ فارس الحسون - مؤسسة النشر الاسلامي - قم - إيران -
1410 ه‍.
7 - الإستبصار
تأليف: أبي جعفر، محمد بن الحسن الطوسي، (460 ه‍) - تحقيق: السيد
505

حسن الموسوي الخرسان - دار الكتب الاسلامية - الطبعة الثالثة 1390 ه‍.
8 - إصباح الشيعة [ضمن سلسلة الينابيع الفقهية]
تأليف: نظام الدين، سلمان بن الحسن بن سليمان الصهرشتي، - جمع
وإشراف: الشيخ علي أصغر مرواريد - مؤسسة فقه الشيعة، والدار الاسلامية -
بيروت - لبنان - الطبعة الأولى 1410 ه‍ / 1990 م.
9 - الإقتصاد
تأليف: أبي جعفر، محمد بن الحسن الطوسي، (460 ه‍) - تحقيق: لجنة
التحقيق في جمعية منتدى النشر - الطبعة الثانية - دار الأضواء - بيروت - لبنان -
1406 ه‍ / 1986 م.
10 - الإنتصار
تأليف: السيد الشريف المرتضى، علي بن الحسين الموسوي، (436 ه‍) -
تقديم: السيد محمد رضا الخرسان - المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف - العراق
1390 ه‍ / 1971 م.
11 - إيضاح ترددات الشرائع
تأليف: نجم الدين، جعفر بن الزهدري الحلي (من أعلام القرن الثامن
الهجري) - تحقيق: السيد مهدي الرجائي - نشر: مكتبة آية الله المرعشي العامة -
الطبعة الأولى - 1408 ه‍.
12 - إيضاح الفوائد
تأليف: أبي طالب، محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي (771 ه‍)
- تعليق: السيد حسين الموسوي الكرماني - المطبعة العلمية - قم - إيران - 1387 ه‍
13 - تبصرة المتعلمين
تأليف: أبي منصور، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر (العلامة الحلي)،
(726 ه‍)، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، والشيخ هادي اليوسفي - مجمع الذخائر
الاسلامية.
506

14 - التبيان
تأليف: أبي جعفر، محمد بن الحسن الطوسي، (460 ه‍) - تحقيق: أحمد
حبيب قصير العاملي - دار احياء التراث العربي - بيروت - لبنان.
15 - تحرير الأحكام
تأليف: أبي منصور، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر (العلامة الحلي)،
(726 ه‍) - ط: حجر.
16 - تحف العقول
تأليف: أبي محمد، الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني، (من
أعلام القرن الرابع الهجري) - تقديم: السيد محمد صادق بحر العلوم - الطبعة
الخامسة - المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف - العراق.
17 - تذكرة الفقهاء
تأليف: أبي منصور، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر (العلامة الحلي)،
(726 ه‍) - ط: حجر.
18 - تفسير العياشي
تأليف: أبي النضر، محمد بن مسعود بن عياش السلمي، السمرقندي، (من
أعلام القرن الثالث الهجري) - تحقيق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي - المكتبة
الاسلامية - طهران - إيران - 1380 ه‍.
19 - التنقيح الرائع
تأليف: جمال الدين، مقداد بن عبد الله السيوري الحلي (826 ه‍) - تحقيق:
السيد عبد اللطيف الحسيني الكوه كمري - مطبعة الخيام - قم - إيران - 1404 ه‍.
20 - تهذيب الأحكام
تأليف: أبي جعفر، محمد بن الحسن الطوسي، (460 ه‍) - تحقيق: السيد
حسن الموسوي الخرسان - دار الكتب الاسلامية - الطبعة الثالثة 1390 ه‍.
21 - الجامع للشرائع
تأليف: الفقيه، يحيى بن سعيد الحلي (609 ه‍) - دار الأضواء - بيروت - لبنان
507

- الطبعة الثانية - 1406 ه‍ - 1986 م.
22 - الجامع الصغير
تأليف: جلال الدين، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (911 ه‍) - دار الفكر
بيروت - لبنان - 1401 ه‍ - 1981 م.
23 - جامع مقاصد
تأليف: نور الدين، أبي الحسن، علي بن الحسين بي عبد العالي العاملي،
الكركي (المحقق الثاني) - (940 ه‍) - تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهما السلام لإحياء التراث
- الطبعة الأولى - قم - إيران - 1408 ه‍.
24 - جمل العلم والعمل (ضمن رسائل الشريف المرتضى ج 3)
تأليف: السيد الشريف المرتضى، علي بن الحسين الموسوي (436 ه‍) -
نشر دار القرآن الكريم - مطبعة الخيام - قم - إيران - 1405 ه‍.
25 - الجمل والعقود (ضمن الرسائل العشر)
تأليف: أبي جعفر، محمد بن الحسن الطوسي، (460 ه‍) - تصحيح وتعليق:
محمد واعظ زاده الخراساني - مؤسسة النشر الاسلامي - قم - إيران.
26 - جواهر الفقه
تأليف: القاضي عبد العزيز بن البراج الطرابلسي، (841 ه‍) - تحقيق إبراهيم
البهادري - نشر: مؤسسة النشر الاسلامي - قم - إيران - 1411 ه‍.
27 - جواهر الكلام
تأليف: الشيخ محمد حسن النجفي، (1266 ه‍) - تحقيق: الشيخ عباس
القوجاني - الطبعة السابعة - دار احياء التراث العربي - بيروت - لبنان.
28 - الحدائق الناضرة
تأليف: الشيخ يوسف البحراني (1186 ه‍) - تحقيق: الشيخ محمد تقي
الإيرواني.
29 - الخصال
تأليف: أبي جعفر، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، (الشيخ
508

الصدوق)، (381 ه‍) - تحقيق: علي أكبر الغفاري - مؤسسة النشر الاسلامي - قم -
إيران - 1403 ه‍.
30 - الخلاف
تأليف: أبي جعفر، محمد بن الحسن الطوسي، (460 ه‍) - تحقيق: السيد
علي الخراساني، والسيد جواد الشهرستاني، والشيخ محمد مهدي نجف - نشر:
مؤسسة النشر الاسلامي - الطبعة الأولى - قم - إيران - 1409 ه‍.
31 - الدروس الشرعية
تأليف: شمس الدين، محمد بن مكي الجزيني، العاملي، (الشهيد الأول)،
(786 ه‍) - تحقيق: مؤسسة النشر الاسلامي - الطبعة الأولى - قم إيران - 1412 ه‍.
32 - دعائم الاسلام
تأليف: القاضي، أبي حنيفة، النعمان بن محمد التميمي، المغربي (363 ه‍) -
تحقيق: آصف بن علي أصغر فيضي - دار المعارف - القاهرة - مصر - 1383 ه‍ /
1963 م.
33 - ذخيرة المعاد
تأليف: ملا محمد باقر السبزواري - ط: حجر.
34 - رجال ابن داود
تأليف: تقي الدين، الحسن بن علي داود الحلي، (من أعلام القرن الثامن
الهجري) - تحقيق: السيد محمد صادق بحر العلوم - المطبعة الحيدرية - النجف
الأشرف - العراق 1392 ه‍ / 1972 م.
35 - الروضة البهية
تأليف: زين الدين بن علي العاملي (الشهيد الثاني)، (965 ه‍) - تعليق
وتصحيح: السيد محمد كلانتر - مطبعة الآداب - النجف الأشرف - العراق.
36 - رياض المسائل
تأليف: السيد علي الطباطبائي - ط: حجر.
509

37 - السرائر الحاوي
تأليف: أبي جعفر، محمد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلي (598 ه‍) -
تحقيق: لجنة التحقيق في مؤسسة النشر الاسلامي - قم - إيران - الطبعة الثانية
1410 ه‍.
38 - سنن الترمذي
تأليف: أبي عيسى، محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، (297 ه‍) - تحقيق:
محمد فؤاد عبدا لباقي - دار إحياء التراث العربي.
39 - سنن الدارمي
تأليف: أبي محمد، عبد الله بن بهرام الدارمي، (255 ه‍) - دار الفكر - القاهرة -
مصر - 1398 ه‍ / 1978 م.
40 - السنن الكبرى
تأليف: أبي بكر، أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، (458 ه‍) - دار المعرفة
- بيروت - لبنان.
41 - سنن النسائي
تأليف: أبي عبد الرحمن، أحمد بن شعيب بن علي بن بحر النسائي، (303
ه‍) - دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان.
42 - شرائع الاسلام
تأليف: أبي القاسم، نجم الدين، جعفر بن الحسن (المحقق الحلي)،
(676 ه‍) - تحقيق: عبد الحسين محمد علي - الطبعة الثانية - دار الأضواء - بيروت -
لبنان - 1403 ه‍ - 1983 م.
43 - الصحاح
تأليف: إسماعيل بن حماد الجوهري، (393 ه‍) - تحقيق: أحمد عبد الغفور
عطار - الطبعة الثالثة - دار العلم للملايين - بيروت - لبنان 1404 ه‍ / 1984 م.
44 - العروة الوثقى [ضمن مستمسك العروة الوثقى]
تأليف: السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي - مطبعة الآداب - النجف
510

الأشرف - العراق - 1390 ه‍ / 1970 م.
45 - علل الشرائع
تأليف: أبي جعفر، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، (الشيخ
الصدوق)، (381 ه‍) - الطبعة الثانية - المطبعة الحيدرية - النجف الأشرف - العراق -
1385 ه‍ / 1966 م.
46 - غاية المراد
تأليف: شمس الدين، محمد بن مكي الجزيني، العاملي، (الشهيد الأول)،
(786 ه‍) - ط: حجر.
47 - الغنية [ضمن الجوامع الفقهية]
تأليف: أبي المكارم، حمزة بن علي بن زهرة الحسيني، الحلبي (585 ه‍) -
ط: حجر.
48 - الفقه
المنسوب إلى الإمام الرضا عليه السلام - تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - الطبعة الأولى - قم - إيران - 1412 ه‍.
49 - فقه القرآن
تأليف: أبي الحسين، سعيد بن هبة الله الراوندي، (537 ه‍) - تحقيق: السيد
أحمد الحسيني - الطبعة الثانية - مطبعة الولاية - قم إيران - 1405 ه‍.
50 - القاموس المحيط
تأليف: مجد الدين، محمد بن يعقوب الفيروزآبادي، (817 ه‍) - الطبعة
الملونة الأولى - دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان - 1412 ه‍ / 1991 م.
51 - قرب الإسناد
تأليف: أبي العباس، عبد الله بن جعفر الحميري، (من أعلام القرن الثالث
الهجري)، تحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - الطبعة الأولى - قم -
إيران - 1413 ه‍.
511

- قواعد الأحكام
تأليف: أبي منصور، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر (العلامة الحلي)،
(726 ه‍) - تحقيق: مؤسسة النشر الاسلامي - قم - إيران - 1413 ه‍.
53 - الكافي
تأليف: ثقة الاسلام، أبي جعفر، محمد بن يعقوب الكليني، الرازي (328 ه‍)
- تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري - دار الكتب الاسلامية - 1391 ه‍.
54 - الكافي في الفقه
تأليف: أبي الصلاح، تقي الدين بن نجم الدين الحلبي، (446 ه‍) - تحقيق:
رضا الاستادي - نشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام العامة - أصفهان - إيران -
1403 ه‍
55 - الكامل في التاريخ
تأليف: أبي الحسن، علي بن محمد بن محمد الشيباني (ابن الأثير) - دار
صادر - بيروت - لبنان - 1402 ه‍.
56 - كشف اللثام
تأليف: بهاء الدين، محمد بن الحسن بن محمد الأصفهاني (الفاضل
الهندي) - ط: حجر.
57 - اللمعة الدمشقية
تأليف: شمس الدين، محمد بن مكي الجزيني، العاملي، (الشهيد الأول)،
(786 ه‍) - نشر: دار الناصر - الطبعة الأولى - 1406 ه‍.
58 - المبسوط
تأليف: أبي جعفر، محمد بن الحسن الطوسي، (460 ه‍) - تصحيح: السيد
محمد تقي الكشفي - المكتبة المرتضوية لاحياء الآثار الجعفرية.
59 - مجمع البحرين
تأليف: فخر الدين الطريحي (1085 ه‍) - تحقيق: السيد أحمد الحسيني -
دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان - الطبعة الثانية 1403 ه‍ / 1983 م.
512

60 - مجمع الفائدة والبرهان
تأليف: المولى أحمد الأردبيلي (993 ه‍) تصحيح وتعليق: الحاج مجتبى
العراقي وآخرين - مؤسسة النشر الاسلامي - قم - إيران - 1403 ه‍.
61 - المجموع في شرح المهذب
تأليف: محي الدين، يحيى بن شرف بن مري الحزامي، الحواربي (676 ه‍) -
دار الفكر.
62 - المختصر النافع
تأليف: أبي القاسم، نجم الدين، جعفر بن الحسن (المحقق الحلي)، (676
ه‍) - دار الأضواء - بيروت - لبنان - الطبعة الثالثة - 1405 ه‍ / 1985 م.
63 - مختلف الشيعة
تأليف: أبي منصور، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر (العلامة الحلي)،
(726 ه‍) - ط: حجر.
64 - مدارك الأحكام
تأليف: السيد محمد بن علي الموسوي العاملي، (1009 ه‍) - تحقيق:
مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - الطبعة الأولى - مشهد المقدسة - إيران -
1410 ه‍.
65 - المراسم
تأليف: حمزة بن عبد العزيز الديلمي، الملقب ب‍ (سلار)، (463 ه‍)، تحقيق:
محمود البستاني - الطبعة الأولى - النجف الأشرف - العراق - 1400 ه‍ / 1980 م.
66 - مسائل علي بن جعفر
جمع وتحقيق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث - الطبعة الأولى - قم -
إيران - 1409 ه‍.
- مسالك الأفهام
تأليف: زين الدين بن علي العاملي (الشهيد الثاني)، (965 ه‍) - تحقيق:
513

مؤسسة دار المعارف الاسلامية - الطبعة الأولى - 1413 ه‍.
68 - مستمسك العروة الوثقى
تأليف: السيد محسن الطباطبائي الحكيم (1390 ه‍) - الطبعة الثالثة - مطبعة
الآداب - النجف الأشرف - العراق - 1391 ه‍ / 1971 م.
69 - مستند الشيعة
تأليف: المولى أحمد بن المولى محمد مهدي النراقي (1244 ه‍) - ط: حجر.
70 - المعتبر
تأليف: أبي القاسم، نجم الدين، جعفر بن الحسن (المحقق الحلي)،
(676 ه‍) - ط: حجر.
71 - معجم رجال الحديث
تأليف: السيد أبي القاسم الموسوي الخوئي (1413 ه‍) - مطبعة الآداب -
النجف الأشرف - العراق - 1397 ه‍.
72 - مفاتيح الشرائع
تأليف: محمد محسن الفيض الكاشاني، (1091 ه‍) - تحقيق: السيد مهدي
الرجائي - مطبعة الخيام - قم - إيران - 1410 ه‍.
73 - المقنع
تأليف: أبي جعفر، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، (الشيخ
الصدوق)، (381 ه‍) - المطبعة الاسلامية - طهران - إيران - 1377 ه‍.
74 - المقنعة
تأليف: أبي عبد الله، محمد بن محمد بن النعمان العكبري، البغدادي،
(الشيخ المفيد)، (413 ه‍) - تحقيق: لجنة التحقيق في مؤسسة النشر الاسلامي - قم
- إيران - 1410 ه‍.
75 - منتقى الجمان
تأليف: جمال الدين، الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني (1011 ه‍) - تصحيح
وتعليق: علي أكبر الغفاري - مؤسسة النشر الاسلامي - قم - إيران - 1407 ه‍.
514

76 - منتهى المطلب
تأليف: أبي منصور، الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر (العلامة الحلي)،
(726 ه‍) ط: حجر.
77 - من لا يحضره الفقيه
تأليف: أبي جعفر، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، (الشيخ
الصدوق)، (381 ه‍) - تحقيق: السيد حسن الموسوي الخرسان - دار الكتب
الاسلامية - الطبعة الخامسة 1390 ه‍.
78 - المهذب البارع
تأليف: أبي العباس، أحمد بن محمد بن فهد الحلي (841 ه‍) - تحقيق:
الشيخ مجتبى العراقي - طبع ونشر: مؤسسة النشر الاسلامي - قم - إيران - 1411 ه‍.
79 - المهذب في الفقه
تأليف: القاضي عبد العزيز بن البراج الطرابلسي، (841 ه‍) - نشر: مؤسسة
النشر الاسلامي - قم - إيران - 1406 ه‍.
80 - نجاة العباد
تأليف: الشيخ محمد حسن النجفي، (صاحب الجواهر)، (1266 ه‍) -
ط: حجر.
81 - النهاية
تأليف: أبي جعفر، محمد بن الحسن الطوسي، (460 ه‍) - دار الكتاب
العربي - بيروت - لبنان - 1390 ه‍.
82 - النهاية في غريب الحديث والأثر
تأليف: مجد الدين، أبي السعادات، المبارك بن محمد بن الأثير الجزري
(606 ه‍) - تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، محمود محمد الطناحي - المكتبة
الاسلامية - بيروت - لبنان.
515

83 - نهج البلاغة
جمع: السيد الشريف، محمد بن الحسين بن موسى الرضي، الموسوي،
(406 ه‍) - شرح: الشيخ محمد عبده - مكتب الاعلام الاسلامي - 1411 ه‍.
84 - الهداية
تأليف: أبي جعفر، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، (الشيخ
الصدوق)، (381 ه‍) - المطبعة الاسلامية - طهران - إيران - 1377 ه‍.
85 - الوافي
تأليف: محمد محسن الفيض الكاشاني، (1091 ه‍) - تحقيق: ضياء الدين
الحسيني - مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام - الطبعة الأولى - أصفهان - إيران -
1411 ه‍.
86 - وسائل الشيعة
تأليف: محمد بن الحسن الحر العاملي، (1104 ه‍) - تحقيق: مؤسسة آل
البيت عليهم السلام لإحياء التراث - الطبعة الأولى - قم - إيران - 1412 ه‍.
87 - الوسيلة
تأليف: محمد بن علي الطوسي، المعروف ب‍ (ابن حمزة)، (من أعلام القرن
السادس) - تحقيق: الشيخ محمد الحسون - مطبعة الخيام - قم - إيران - 1408 ه‍.
516