الكتاب: العروة الوثقى
المؤلف: السيد محمد صادق الروحاني
الجزء: ٢
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: محرم ١٤١٢
المطبعة: العلمية
الناشر: مدرسة الإمام الصادق (ع) للسيد الروحاني
ردمك:
ملاحظات:

العروة الوثقى
مع فتاوى
فقيه العصر سماحة آية الله العظمى
السيد محمد صادق الحسيني الروحاني
مد ظله
الجزء الثاني
1

الكتاب: العروة الوثقى مع فتاوى السيد الروحاني
المؤلف: السيد الطباطبائي، والسيد الروحاني
نشر: مدرسة الإمام الصادق عليه السلام للسيد الروحاني
الطبعة: الأولى
التاريخ: محرم 1412
المطبعة: العلمية - قم
2

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الصوم
وهو الامساك عما يأتي من المفطرات بقصد القربة، وينقسم إلى، الواجب،
والمندوب، والحرام، والمكروه بمعنى قلة الثواب، والواجب منه ثمانية:
صوم شهر رمضان، وصوم القضاء، وصوم الكفارة على كثرتها، وصوم بدل الهدى
في الحج، وصوم النذر والعهد واليمين، وصوم الإجارة ونحوها كالمشروط في
ضمن العقد، وصوم الثالث من أيام الاعتكاف، وصوم الولد الأكبر عن أحد أبويه،
ووجوبه في شهر رمضان من ضروريات الدين، ومنكره مرتد يجب قتله ومن أفطر فيه
لا مستحلا عالما عامدا يعزز بخمسة وعشرين سوطا (1) فان عاد عزر ثانيا، فان عاد قتل
على الأقوى وإن كان الأحوط قتله في الرابعة (2) وانما يقتل في الثالثة أو الرابعة إذا
عزر في كل من المرتين أو الثلاث، وإذا ادعى شبهة محتملة في حقه درأ عنه الحد.

(1) لم يثبت هذا التقدير الا في الجماع برواية ضعيفة مجبورة بالعمل.
(2) كون ذلك أحوط غير ظاهر.
3

1 - فصل في النية
يجب في الصوم القصد اليه مع القربة والاخلاص كسائر العبادات، ولا يجب
الاخطار، بل يكفي الداعي، ويعتبر فميا عدا شهر رمضان حتى الواجب المعين أيضا
القصد إلى نوعه من الكفارة أو القضاء أو النذر مطلقا كان أو مقيدا بزمان معين، من
غير فرق بين الصوم الواجب والمندوب، ففي المندوب أيضا يعتبر تعيين نوعه من
كونه صوم أيام البيض مثلا، أو غيرها من الأيام المخصوصة، فلا يجزى القصد
إلى الصوم مع القربة من دون تعيين النوع، من غير فرق بين ما إذا كان ما في ذمته
متحدا أو متعددا، ففي صورة الاتحاد أيضا يعتبر تعيين النوع، ويكفى التعيين الاجمالي
كأن يكون ما في ذمته واحدا، فيقصد ما في ذمته وان لم يعلم أنه من أي نوع، وإن كان
يمكنه الاستعلام أيضا، بل فيما إذا كان ما في ذمته متعددا أيضا يكفي التعيين الاجمالي، كأن
ينوى ما اشتغلت ذمته به أولا أو ثانيا أو نحو ذلك، وأما في شهر رمضان فيكفي قصد
الصوم، وان لم ينو كونه من رمضان، بل لو نوى فيه غيره جاهلا أو ناسيا له أجزأ عنه،
نعم إذا ان عالما به وقصد غيره لم يجزه، كما لا يجزى لما قصده أيضا، بل إذا قصد
غيره عالما به مع تخيل صحة الغير فيه ثم علم بعدم الصحة وجدد نيته قبل الزوال
لم يجزه أيضا، بل الأحوط عدم الاجزاء إذا كان جاهلا بعدم صحة غيره فيه وان لم
يقصد الغير أيضا، بل قصد الصوم في الغد مثلا (1) فيعتبر في مثله تعيين كونه من
رمضان، كما أن الأحوط في المتوخى أي المحبوس الذي اشتبه عليه شهر رمضان
وعمل بالظن أيضا ذلك، أي اعتبار قصد كونه من رمضان، بل وجوب ذلك لا يخلو
عن قوة.
مسألة 1 - لا يشترط التعرض للأداء والقضاء، ولا الوجوب والندب، ولا سائر
الأوصاف الشخصية، بل لو نوى شيئا منها في محل الاخر صح الا إذا كان منافيا للتعيين

(1) الأظهر الاجزاء في هذا الفرض.
4

مثلا إذا تعلق به الامر الأدائي فتخيل كونه قضائيا فان قصد الفعلي المتعلق به
واشتبه في التطبيق فقصده قضاءا صح، اما إذا لم يقصد الامر الفعلي بل قصد الامر القضائي
بطل، (1) لأنه مناف للتعيين حينئذ، وكذا يبطل إذا كان مغيرا للنوع كما إذا قصد الامر
الفعلي لكن بقيد كونه قضائيا مثلا. أو بقيد كونه وجوبيا مثلا فبان كونه أدائيا أو كونه
ندبيا، فإنه حينئذ مغير للنوع ويرجع إلى عدم قصد الامر الخاص.
مسألة - إذا قصد صوم اليوم الأول من شهر رمضان فبان أنه اليوم الثاني مثلا
أو العكس، وكذا إذا قصد قضاء رمضان السنة الحالية فبان أنه قضاء رمضان السنة
السابقة وبالعكس.
مسألة 3 - لا يجب العلم بالمفطرات على التفصيل، فلو نوى الامساك عن أمور
يعلم دخول جميع المفطرات فيها كفى.
مسألة 4 - لو نوى الامساك عن جميع المفطرات، ولكن تخيل أن المفطر الفلاني
ليس بمفطر فان ارتكبه في ذلك اليوم بطل صومه، وكذا ان لم يرتكبه ولكنه لاحظ
في نيته الامساك عما عداه، وأما ان لم يلاحظ ذلك صح صومه في الأقوى (2).
مسألة 5 - النائب عن الغير لا يكفيه قصد الصوم بدون نية النيابة وإن كان
متحدا، نعم لو علم باشتغال ذمته بصوم ولا يعلم أنه له أو نيابة عن الغير يكفيه أن يقصد
ما في الذمة.
مسألة 6 - لا يصلح شهر رمضان لصوم غيره واجبا كان ذلك الغير أو ندبا سواء
كان مكلفا بصومه أولا، كالمسافر ونحوه، فلو نوى صوم غيره لم يقع عن ذلك الغير،
سواء كان عالما بأنه رمضان أو جاهلا، وسواء كان عالما بعدم وقوع غيره فيه أو جاهلا
ولا يجزى عن رمضان أيضا، إذا كان مكلفا به مع العلم والعمد، نعم يجزى عنه مع
5

الجهل أو النسيان كما مر، ولو نوى في شهر رمضان قضاء رمضان الماضي أيضا
لم يصح قضاءا ولم يجز عن رمضان أيضا مع العلم والعمد.
مسألة 7 - إذا نذر صوم يوم بعينه لا تجزيه نية الصوم بدون تعيين أنه للنذر
ولو اجمالا كما مر، ولو نوى غيره فإن كان مع الغفلة مع الغفلة عن النذر صح، وإن كان مع العلم
والعمد ففي صحته اشكال (1).
مسألة 8 - لو كان عليه قضاء رمضان السنة التي هو فيها، وقضاء رمضان السنة
الماضية لا يجب عليه تعيين أنه من أي منهما، بل يكفيه نية الصوم قضاءا، وكذا إذا
كان عليه نذران كل واحد يوم أو أزيد، وكذا إذا كان عليه كفارتان غير مختلفتين
في الآثار.
مسألة 9 - إذا نذر صوم يوم خميس معين ونذر صوم يوم معين من شهر معين
فاتفق في ذلك الخميس المعين يكفيه صومه، ويسقط النذران فان قصدهما أثيب
عليهما وان قصد أحدهما (2) أثيب عليه، وسقط عنه الاخر.
مسألة 10 - إذا نذر صوم أيام البيض أثيب عليهما، وان قصد النذر فقط أثيب عليه فقط
وسقط الاخر، ولا يجوز ان يقصد أيام البيض دون وفاء النذر.
مسألة 11 - إذا تعدد في يوم واحد جهات من الوجوب أو جهات من الاستحباب
أو من الامرين فقصد الجميع أثيب على الجميع، وان قصد البعض دون البعض أثيب
على المنوى وسقط الامر بالنسبة إلى البقية.
مسألة 12 - آخر وقت النية في الواجب المعين رمضان كان أو غيره عند طلوع
الفجر الصادق ويجوز التقديم في اي جزء من اجزاء ليلة اليوم الذي يريد صومه (3)

(1) الأظهر الصحة ووقوعه امتثالا لما نوى.
(2) إن كان العنوان المأخوذ في كل من النذرين ملحوظا موضوعا لا يبعد وجوب
قصدهما وإن كان ملحوظا طريقا إلى الزمان المعين بطل النذر الثاني للغوية.
(3) لا فرق بينها وبين ما قبلها من الزمان.
6

ومع النسيان أو الجهل بكونه رمضان أو المعين الاخر يجوز متى تذكر إلى ما قبل
الزوال إذا لم يأت بمفطر، وأجزاءه عن ذلك اليوم، ولا يجزيه إذا تذكر بعد الزوال
واما في الواجب الغير المعنى فيمتد وقتها اختيارا من أول الليل إلى الزوال دون
ما بعده على الأصح، ولا فرق في ذلك بين سبق التردد أو العزم على العدم، واما في
المندوب فيمتد إلى أن يبقى من الغروب زمان يمكن تجديدها فيه على الأقوى.
مسألة 13 - لو نوى الصوم ليلا ثم نوى الافطار (1) ثم بدا له الصوم قبل
الزوال فنوى وصام قبل أن يأتي بمفطر صح على الأقوى، الا أن يفسد صومه برياء
ونحوه، فإنه لا يجزيه لو أراد التجديد قبل الزوال على الأحوط (2).
مسألة 14 - إذا نوى الصوم ليلا لا يضره الاتيان بالمفطر بعده قبل الفجر مع
بقاء العزم على الصوم.
مسألة 15 - يجوز في شهر رمضان ان ينوى لكل يوم نية على حدة، والأولى أن
ينوى صوم الشهر جملة، ويجدد النية لكل يوم، ويقوى الاجتزاء بنية واحدة
للشهر كله (3) لكل لا يترك الاحتياط بتجديدها لكل يوم، واما في غير شهر رمضان
من الصوم المعين فلابد من نيته لكل يوم إذا كان عليه أيام كشهر أو أقل أو أكثر.
مسألة 16 - يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان يبنى على أنه من شعبان،
فلا يجب صومه، وأن صام ينويه ندبا أو قضاءا أو غيرهما، ولو بان بعد ذلك أنه من
رمضان أجزأ عنه ووجب عليه تجديد النية ان بان في أثناء النهار، ولو كان بعد الزوال
ولو صامه بنية أنه من رمضان لم يصح وان صادف الواقع.
مسألة 17 - صوم يوم الشك يتصور على وجوه:
الأول - أن يصوم على أنه من شعبان، وهذا الا اشكال فيه سواء نواه ندبا أو

(1) في الليل، واما ان نوى الافطار في اليوم فيشكل الحكم بالصحة.
(2) بل لعله الأظهر.
(3) مع استمرار حكمها ومعه لافرق بين المعين وغيره ومع عدم الاستمرار لا يجتزى
بها على الأحوط، بل الأظهر.
7

بنية عليه من القضاء أو النذر أو نحو ذلك، ولو انكشف بعد ذلك أنه كان من رمضان
أجزأ عنه وحسب كذلك.
الثاني - أن يصومه بنية أنه من رمضان والأقوى بطلانه وان صادف الواقع.
الثالث - أن يصومه على أنه إن كان من شعبان كان ندبا أو قضاءا مثلا وإن كان
من رمضان كان واجبا، والأقوى بطلانه أيضا (1).
الرابع - أن يصومه بنية القربة المطلقة بقصد ما في الذمة وكان في ذهنه أنه
اما من رمضان أو غيره بأن يكون الترديد في المنوى لا في نيته، فالأقوى صحته وإن كان
الأحوط خلافه (2).
مسألة 18 - لو أصبح يوم الشك بنية الافطار ثم بان له أنه من الشهر فان تناول
المفطر وجب عليه القضاء، وأمسك بقية النهار وجوبا تأدبا، وكذا لو لم يتناوله
ولكن كان بعد الزوال، وإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر جدد النية وأجزأ عنه.
مسألة 19 - لو صام يوم الشك بنية أنه من شعبان ندبا أو قضاءا أو نحوهما ثم
تناول المفطر نسيانا وتبين بعده أنه من رمضان أجزأ عنه أيضا، ولا يضره تناول المفطر
نسيانا، كما لو لم يتبين وكما لو تناول المفطر نسيانا بعد التبين.
مسألة 20 - لو صام بنية شعبان ثم أفسد صومه برياء ونحوه لم يجزه من
رمضان وان تبين له كونه منه قبل الزوال.
مسألة 21 - إذا صام يوم الشك بنية شعبان ثم نوى الافطار وتبيين كونه من
رمضان قبل الزوال قبل ان يفطر فنوى صح صومه (3)، وأما ان نوى الافطار في يوم
من شهر رمضان عصيانا ثم تاب فجدد النية قبل الزوال لم ينعقد صومه، وكذا لو صام
يوم الشك بقصد واجب معين ثم نوى الافطار عصيانا ثم تاب فجدد النية بعد تبين

(1) الأظهر صحته ولو انكشف انه من رمضان أجزأ عنه.
(2) كون خلافه أحوط محل تأمل.
(3) فيه اشكال وتأمل.
8

كونه من رمضان الزوال.
مسألة 22 - لو نوى القطع أو القاطع في الصوم الواجب المعين بطل
صومه سواء نواهما من حينه أو فيما يأتي، وكذا لو تردد، نعم لو كان تردده من
جهة الشك في بطلان صومه وعدمه لعروض عارض لم يبطل (1) وان استمر ذلك
إلى أن يسأل، ولا فرق في البطلان بنية القطع أو القاطع أو التردد بين أن يرجع
إلى نية الصوم قبل الزوال أم لا، واما في غير الواجب المعين فيصح لو رجع
قبل الزوال.
مسألة 23 - لا يجب معرفة كون الصوم هو ترك المفطرات مع النية أو كف
النفس عنها معها.
مسألة 24 - لا يجوز العدول من صوم إلى صوم واجبين كانا أو مستحبين أو
مختلفين، وتجديد نية رمضان إذا صام يوم الشك بينة شعبان ليس من باب العدول
بل من جهة ان وقتها موسع (2) لغير العالم به إلى الزوال.
2 - فصل
فيما يجب الامساك عنه في الصوم من المفطرات وهى أمور:
الأول والثاني - الأكل والشرب من غير فرق في المأكول والمشروب، بين
المعتاد كالخبز والماء ونحوهما، وغيره كالتراب والحصى وعصارة الأشجار ونحوهما،
ولا بين الكثير والقليل كعشر حبة الحنطة أو عشر قطرة من الماء أو غيرها من المبايعات
حتى أنه لو بل الخياط الخيط بريقه أو غيره ثم رده إلى الفم وابتلع ما عليه من الرطوبة
بطل صومه، الا إذا استهلك ما كان عليه من الرطوبة بريقه على وجه لا يصدق عليه
الرطوبة الخارجية (3)، وكذا لو استاك واخرج المسواك من فمه وكان عليه رطوبة

(1) إذا لم يستلزم هذا الشك التردد فعلا في رفع اليد عن صومه.
(2) لو كان الامر كذلك لزم عدم شمول الحكم لنا تبين بعد الزوال.
(3) بل على وجه يصدق عليه ريقه خاصة.
9

ثم رده إلى الفم فإنه لو ابتلع ما عليه بطل صومه الا مع الاستهلاك على الوجه
المذكور، وكذا يبطل بابتلاع ما يخرج من باقيا الطعام من بين أسنانه.
مسألة 1 - لا يجب التخليل بعد الاكل لمن يريد الصوم، وان احتمل ان تركه
يؤدى إلى دخول البقايا بين الأسنان في حلقه، ولا يبطل صومه لو دخل بعد ذلك
سهوا، نعم لو علم أن تركه يؤدى إلى ذلك وجب عليه وبطل صومه على فرض
الدخول.
مسألة 2 - لا بأس ببلع البصاق وإن كان كثيرا مجتمعا بل وإن كان اجتماعه
بفعل ما يوجبه كتذكر الحامض مثلا، لكن الأحوط الترك في صورة الاجتماع خصوصا
مع تعمد السبب.
مسألة 3 - لا بأس بابتلاع ما يخرج من الصدر من الخلط وما ينزل من الرأس
ما لم يصل إلى فضاء الفم، بل الأقوى جواز الجر من الرأس إلى الحلق وإن كان
الأحوط تركه، واما ما وصل منهما إلى فضاء الفم فلا يترك الاحتياط فيه بترك
الابتلاع (1).
مسألة 4 - المدار صدق الأكل والشرب وإن كان بالنحو الغير المتعارف،
فلا يضر مجرد الوصول إلى الجوف إذا لم يصدق الاكل أو الشرب (2) كما إذا
صب دواء في جرحه، أو شيئا في اذنه أو إحليله فوصل إلى جوفه، نعم إذا وصل من طريق
أنفه فالظاهر أنه موجب للبطلان إن كان متعمدا لصدق الأكل والشرب حينئذ.
مسألة 5 - لا يبطل الصوم بانفاذ الرمح أو السكين أو نحوهما بحيث يصل إلى
الجوف، وإن كان متعمدا.
الثالث - الجماع وان لم ينزل للذكر والأنثى، قبلا أو دبرا، صغيرا كان

(1) لا يبعد القول بعدم البأس فيه أيضا، بل هو الأقوى.
(2) الأحوط لزوما الاجتناب عن تلقيح مواد الأدوية والأغذية.
10

أو كبيرا، حيا أو ميتا، واطئا كان أو موطوءا وكذا لو كان الموطوء بهيمة (1) بل
وكذا لو كانت هي الواطئة، ويتحقق بادخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها (2)
فلا يبطل بأقل من ذلك، بل لو دخل بجملته ملتويا ولم يكن بمقدار الحشفة لم يبطل (3)
وا كان لو انتشر كان بمقدارها.
مسألة 6 - لا فرق في البطلان بالجماع بين صورة قصد الانزال به وعدمه.
مسألة 7 - لا يبطل الصوم بالايلاج في غير أحد الفرجين بلا انزل، الا إذا كان
قاصدا له فإنه يبطل (4) وان لم ينزل من حيث إنه نوى المفطر.
مسألة 8 - لا يضر ادخال الإصبع ونحوه لا بقصد الانزال
مسألة 9 - لا يبطل الصوم بالجماع إذا كان نائما أو كان مكرها بحيث خرج
عن اختياره (5) كما لا يضر إذا كان سهوا.
مسألة 10 - لو قصد التفخيذ مثلا فدخل في أحد الفرجين لم يبطل ولو قصد
الادخال في أحدهما فلم يتحقق كان مبطلا من حيث إنه نوى المفطر.
مسألة 11 - إذا دخل الرجل بالخنثى قبلا لم يبطل صومه ولا صومها، وكذا
لو دخل الخنثى بالأنثى ولو دبرا، أما لو وطء الخنثى دبرا بطل صومها ولو دخل
الرجل بالخنثى (6) ودخلت الخنثى بالأنثى بطل صوم الخنثى دونهما ولو وطئت لك

(1) لا اشكال في مفطرية وطء الغلام والبهيمة مع عدم الانزال، حتى بناءا على عدم
موجبيتها للجنابة ولكن في المفطرية إذا كانت هي الواطئة إذا كانت هي الواطئة اشكالا.
(2) مفطرية دخول مقدار الحشفة من مقطوعها محل تأمل، بل الأظهر العدم بل المفطر
حينئذ دخول تمام الباقي.
(3) فيه تأمل.
(4) إذا كان حين العمل ملتفتا إلى مفطريته.
(5) اما إذا كان صادرا عن اختياره ولو كان مكرها فالأظهر البطلان ولزوم القضاء
وان لم يكن محرما تكليف في صورة الاكراه.
(6) قبلا.
11

من الخنثيين الأخرى لم يبطل صومها.
مسألة 12. إذا جامع نسيانا أو من غير اختيار ثم تذكر أو ارتفع الجبر وجب
الاخراج فورا فان تراخى بطل صومه.
مسألة 13 - إذا شك في الدخول أو شك في بلوغ مقدار الحشفة لم يبطل صومه.
الرابع - من المفطرات الاستمناء، أي انزال المنى متعمدا بملامسة أو قبلة
أو تفخيذ ونظر أو تصوير صورة الواقعة أو تخيل صورة امرأة أو نحو ذلك من
الافعال التي يقصد بها حصوله، ف انه مبطل للصوم بجميع أفراده، وأما لو لم يكن
قاصدا للانزال وسبقه المنى من دون ايجاد شئ مما يقتضى لم يكن عليه شئ.
مسألة 14 - إذا علم من نفسه انه لو نام في نهار رمضان يحتلم فالأحوط تركه
وإن كان الظاهر جوازه خصوصا إذا كان الترك موجبا للحرج.
مسألة 15 - يجوز للمحتلم في النهار الاستبراء بالبول أو الخرطات، وان
علم بخروج بقايا المنى في المجرى، ولا يجب عليه التحفظ بعد الانزال من خروج
المنى ان استيقظ قبله خصوصا مع الاضرار أو الحرج.
مسألة 16 - إذا احتمل في النهار وأراد الاغتسال فالأحوط تقديم الاستبراء (1)
إذا علم أنه لو تركه خرجت البقايا بعد الغسل فتحدث جنابة جديدة.
مسألة 17 - لو قصد الانزال باتيان شئ مما ذكر ولكن لم ينزل بطل صومه
من باب نية ايجاد المفطر.
مسألة 18 - إذا أوجد بعض هذه الأفعال لابنيه الانزال لكن كان من عادته الانزال
بذلك الفعل بطل صومه أيضا إذا أنزل، وأما إذا أوجد بعض هذه ولم يكن قاصدا
للانزال ولا كان من عادته فاتفق أنه أنزل فالأقوى عدم البطلان (2) وإن كان الأحوط
القضاء خصوصا في مثل الملاعبة والملامسة والتقبيل.

(1) وإن كان الأظهر جواز تأخيره عن الاغتسال.
(2) إذا كان مطمئنا بعدم الخروج والا فالأظهر البطلان.
12

الخمس - تعمد الكذب (1) على الله تعالى (1) على الله تعالى أو رسوله أو الأئمة صلوات الله
عليهم سواء كان متعلقا بأمور الدين أو الدنيا، وسواء كان بنحو الاخبار أو بنحو الفتوى
بالعربي أو بغيره من اللغات، من غير فرق بين أن يكون بالقول أو الكتابة أو الإشارة
أو الكناية أو غيرها مما يصدق عليه الكذب عليهم، ومن غير فرق بين ان يكون الكذب
مجعولا له أو جعله غيره وهو اخبر به مسندا اليه لا على وجه نقل القول، واما لو كان
على وجه الحكاية ونقل القول فلا يكون مبطلا.
مسألة 19 - الأقوى الحاق باقي الأنبياء والأوصياء (2) بنبينا صلى الله عليه وآله، فيكون
الكذب عليهم أيضا موجبا للبطلان، بل الأحوط الحاق فاطمة الزهراء سلام الله عليها
بهم أيضا.
مسألة 20 - إذا تكلم بالخبر غير موجه خطابه إلى أحد، أو موجها إلى من لا يفهم
معناه فالظاهر عدم البطلان وإن كان الأحوط القضاء.
مسألة 21 - إذا سأله سائل هل قال النبي صلى الله عليه وآله كذا فأشار نعم في مقام لا،
أولا في مقام نعم بطل صومه.
مسألة 22 - إذا أخبر صادقا عن الله أو عن النبي صلى الله عليه وآله وسمل مثلا ثم قال: كذبت،
بطل صومه، وكذا إذا أخبر بالليل كاذبا ثم قال في النهار، ما أخبرت به البارحة صدق
مسألة 23 - إذا أخبر كاذبا ثم رجع عنه بلا فصل لم يرتفع عنه الأثر، فيكون
صومه باطلا، بل وكذا إذا تاب بعد ذلك فإنه لا تنفعه توبته في رفع البطلان.
مسألة 24 - لا فرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب مكتوبا في كتاب
من كتب الاخبار أو لا، فمع العلم بكذبه لا يجوز الاخبار به، وان أسنده إلى ذلك
الكتاب الا أن يكون ذكره له على وجه الحكاية دون الاخبار، بل لا يجوز الاخبار

(1) الأظهر عدم مفطريته وبه يظهر الحال في جملة من الفروع الآتية.
(2) إذا رجع الكذب عليهم إلى الكذب على الله، والا فالأشبه عدم الالحاق وإن كان
الأحوط ذلك، وكذا في فاطمة الزهراء عليها السلام.
13

به على سبيل الجزم مع الظن بكذبه، بل وكذا مع احتمال كذبه (1) الا على سبيل
النقل والحكاية فالأحوط لناقل الاخبار في شهر رمضان مع عدم العلم بصدق الخبر
أن يسنده إلى الكتاب، أو إلى قول الراوي على سبيل الحكاية.
مسألة 25 - الكذب على الفقهاء والمجتهدين والرواة وإن كان حراما لا يوجب
بطلان الصوم الا إذا كان إلى الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله.
مسألة 26 - إذا اضطر إلى الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وآله في مقام التقية من
ظالم لا يبطل صومه به، كما أنه لا يبطل مع السهو أو الجهل المركب.
مسألة 27 - إذا قصد الكذب فبان صدقا دخل في عنوان قصد المفطر بشرط العلم مفطرا.
مسألة 28 - إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر كما أشير اليه.
مسألة 29 - إذا أخبر بالكذب هزلا بأن لم يقصد المعنى أصلا لم يبطل صومه
السادس - ايصال الغبار الغليظ إلى حلقه، بل وغير الغليظ على الأحوط (2)
سواء كان من الحلال كغبار الدقيق، أو الحرام كغبار التراب ونحوه، وسواء كان
بإثارته بنفسه أو نحوه، أو باثاره غيره، بل أو بإثارة الهواء مع التمكين منه وعدم
تحفظه، والأقوى الحاق البخار الغليظ (3) ودخان التنباك ونحوه، ولا بأس بما يدخل
في الحلق غفلة أو نسيانا أو قهرا أو مع ترك التحفظ (4) بظن عدم الوصول ونحو ذلك
السابع - الارتماس في الماء (5) ويكفى فيه رمس الرأس فيه، وإن كان سائر البدن.

(1) إذا لم يقم حجة على خلافه والا جاز الاخبار به ولا يكون مفطرا حتى على القول
بمفطرية تعمد الكذب على الله تعالى.
(2) وإن كان الأقوى عدم مفطريته.
(3) فيه تأمل نعم الأحوط ذلك.
(4) الأحوط التحفظ الا مع الوثوق بعدم الوصول.
(5) الأقوى كراهة الارتماس لا حرمته ولا مفطريته ولكن الأحوط استحبابا الاجتناب
عنه وبه يظهر الحال في جملة من الفروع الآتية.
14

خارجا عنه من غير فرق بين أن يكون رمسه دفعة أو تدريجا على وجه يكون تمامه
تحت
الماء زمانا، وأما لو غمسه على التعاقب لاعلى هذا الوجه فلا بأس به وان استغرقه
والمراد بالرأس ما فوق الرقبة بتمامه، فلا يكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان
وإن كان هو الأحوط، وخروج العشر لا ينافي صدق الغمس.
مسألة 30 - لا بأس برمس الرأس أو تمام البدن في غير الماء من سائر المايعات
بل ولا رمسه في الماء المضاف وإن كان الأحوط الاجتناب خصوصا في الماء المضاف
مسألة 31 - لو لطخ رأسه بما يمنع من وصول الماء اليه ثم رمه في الماء
فالأحوط بل الأقوى بطلان صومه (1) نعم لو أدخل رأسه في اناء كالشيشة ونحوها
ورمس الاناء في الماء فالظاهر عدم البطلان.
مسألة 32 - لو ارتمس في الماء بتمام بدنه إلى منافذ رأسه وكان ما فوق المنافذ
من رأسه خارجا عن الماء كلا أو بعضا لم يبطل صومه على الأقوى، وإن كان الأحوط
البطلان برمس خصوص المنافذ كما مر.
مسألة 33 - لا بأس فإضافة الماء على رأسه، وان اشتمل على جميعه ما لم يصدق
الرمس في الماء، نعم لو أدخل رأسه أو تمام بدنه في النهر المنصب من عال إلى السافل
ولو على وجه التسنيم فالظاهر البطلان لصدق الرمس، وكذا في الميزاب إذا كان
كبيرا وكان الماء كثيرا كالنهر مثلا.
مسألة 34 - في ذي الرأسين إذا تميز الأصلي منهما فالمدار عليه، ومع عدم
التمييز يجب عليه الاجتناب عن رمس كل منهما، لكن لا يحكم ببطلان الصوم الا
برمسهما (2) ولو متعاقبا.

(1) بل الأحوط ذلك حتى بناءا على مفطرية الارتماس.
(2) على القول بمفطرية الارتماس لو غمس أحدهما ليس له البناء على صحة ما
بيده بل يجب عليه البناء على العدم قضاءا للعلم الاجمالي وقاعدة الاشتغال، وبه يظهر الحال
في المسألة الآتية إذ حكم الرمس في أحدهما حكم رمس أحد الرأسين.
15

مسألة 35 - إذا كان ما يعان يعلم بكون أحدهما ماء يجب الاجتناب عنهما، ولكن
الحكم بالبطلان يتوقف على الرمس فيهما.
مسألة 36 - لا يبطل الصوم بالارتماس سهوا أو قهرا أو السقوط في الماء من
غير اختيار.
مسألة 37 - إذا ألقى نفسه من شاهق في الماء بتخيل عدم الرمس (1) فحصل
لم يبطل صومه.
مسألة 38 - إذا كان مايع لا يعلم أنه ماء أو غيره أو ماء أو مضاف لم يجب
الاجتناب عنه.
مسألة 39 - إذا ارتمس نسيانا أو قهرا ثم تذكر أو ارتفع القهر وجب عليه
المبادرة إلى الخروج والا بطل صومه.
مسألة 40 - إذا كان مكرها في الارتماس لم يصح صومه (2) بخلاف ما إذا كان
مقهورا.
مسألة 41 - إذا ارتمس لانقاذ غريق بطل صومه وإن كان واجبا عليه.
مسألة 42 - إذا كان جنبا وتوقف غسله على الارتماس انتقل إلى التيمم (3) إذا كان
الصوم واجبا معينا وان أكن مستحبا أو كان واجبا موسعا وجب عليه الغسل وبطل صومه
مسألة 43 - إذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب المعين بطل صومه
وغسله (4) إذا كان متعمدا، وإن كان ناسيا لصومه صحا معا، وأما إذا كان الصوم مستحبا
أو واجبا موسعا بطل صومه وصح غسله.
مسألة 44 - إذا أبطل صومه بالارتماس العمدي فإن لم يكن من شهر رمضان ولا
من الواجب المعين غير رمضان يصح له الغسل حال المكث في الماء أو حال الخروج
وان ان من شهر رمضان يشكل صحته حال المكث لوجوب الامساك عن المفطرات.

(1) اي مع الاطمينان.
(2) على الأحوط الأولى وكذا ما بعده.
(3) على القول بمفطرية الارتماس.
(4) بل صحا وكذا في الصوم المستحب.
16

فيه بعد البطلان أيضا، بل يشكل صحته حال الخروج أيضا (1) لمكان النهى السابق
كالخروج من الدار الغصبية إذا دخلها عامدا، ومن هنا يشكل صحة الغسل (2) في
الصوم الواجب المعين أيضا سواء كان في حال المكث أو حال الخروج.
مسألة 45 - لو ارتمس الصائم في الماء المغصوب فإن كان ناسيا للصوم وللغصب
صح صومه وغسله وإن كان عالما بهما بطلا معا، (3) وكذا إن كان متذكرا للصوم (4)
ناسيا للغصب وإن كان عالما بالغصب ناسيا للصوم صح الصوم دون الغسل.
مسألة 46 - لا فرق في بطلان الصوم بالارتماس بين أن يكون عالما بكونه مفطرا
أو جاهلا.
مسألة 47 - لا يبطل الصوم بالارتماس في الوحل ولا بالارتماس في الثلج.
مسألة 48 - إذا شك في تحقق الارتماس بنى على عدمه.
الثام - البقاء على الجنابة عمدا إلى الفجر الصادق في صوم شهر رمضان
أو قضائه، دون غيرهما من الصيام الواجب موسعا كان أو مضيقا، وأما الاصباح
جنبا من غير تعمد فلا يوجب البطلان الا في قضاء شهر رمضان على الأقوى، وإن كان
الأحوط الحاق مطلق الواجب الغير المعين به في ذلك، واما الواجب المعين
رمضانا كان أو غيره فلا يبطل بذلك، كما لا يبطل مطلق الصوم واجبا كان أو مندوبا معينا
أو غيره بالاحتلام في النهار، ولا فرق في بطلان الصوم بالاصباح جنبا عمدا بين أن تكون
الجنابة بالجماع في الليل أو الاحتلام، ولا يبين أن يبقى كذلك متيقظا أو نائما بعد العلم
بالجنابة مع العزم على ترك الغسل، ومن البقاء على الجنابة عمدا الاجناب قبل الفجر

(1) الأظهر الصحة في حال الخروج مطلقا سيما إذا تاب وخرج ولا اثر للنهي السابق
على فرض وجوده.
(2) اما في حال الخروج فقد مر، واما في حال المكث فالأحوط الأولى ما ذكره.
(3) على الأحوط الأولى في الصوم.
(4) إذا كان الصوم غير معين لا اشكال في صحة الغسل وعدم مكروهيته.
17

متعمدا في زمان لا يسع الغسل ولا التيمم، واما لو وسع خاصة فتيمم صح صومه (1)
وإن كان عاصيا في الاجناب، وكما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمدا، كذا يبطل
بالبقاء على حدث الحيض والنفاس إلى طلوع الفجر، فإذا طهرت منهما قبل الفجر
وجب عليها الاغتسال أو التيمم ومع تركهما عمدا يبطل صومها، والظاهر اختصاص
البطلان بصوم رمضان وإن كان الأحوط الحاق قضائه به أيضا، بل الحلق مطلق
الواجب بل المندوب أيضا، واما لو طهرت قبل الفجر في زمان لا يسع الغسل
ولا التيمم أو لم تعلم بطهرها في الليل حتى دخل النهار فصومها صحيح واجبا كان
أو ندبا على الأقوى.
مسألة 49 - يشترط في صحة صوم المستحاضة على الأحوط (2) الأغسال
النهارية التي للصلاة، دون ما لا يكون لها، فلو استحاضت قبل الاتيان بصلاة الصبح
أو الظهرين بما يوجب الغسل كالمتوسطة أو الكثيرة فتركت الغسل بطل صومها،
واما لو استحاضت بعد الاتيان بالظهرين فتركت الغسل إلى الغروب لم يبطل صومها
ولا يشترط فيها الاتيان بأغسال الليلة المستقبلة وإن كان أحوط، وكذا لا يعتبر فيها
الاتيان بغسل الليلة الماضية بمعنى انها لو تركت الغسل الذي للعشائين لم يبطل صومها
لأجل ذلك، نعم يجب عليها الغسل حينئذ لصلاة الفجر فلو تركته بطل صومها من
هذه الجهة، وكذا لا يعتبر فيها ما عدا الغسل من الاعمال، وإن كان الأحوط اعتبار
جميع ما يجب عليها من الأغسال والوضوءات وتغيير الخرقة والقطنة، ولا يجب
تقديم غسل المتوسطة والكثيرة على الفجر وإن كان هو الأحوط.
مسألة 50 - الأقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلا قبل الفجر
حتى مضى عليه يوم أو أيام (3) والأحوط الحاق غير شهر رمضان من النذر المعين
ونحوه به، وإن كان الأقوى عدمه، كما أن الأقوى عدم الحاق غسل الحيض والنفاس

(1) في صحة الصوم والتيمم في القرض اشكال والاحتياط لا يترك نعم إن كان معذورا
في الاجناب صحا، ولكن لاوجه حينئذ للعصيان.
(2) بل الأقوى.
(3) ان لم يغتسل للجمعة.
18

لو نسيتهما بالجنابة في ذلك، وإن كان أحوط.
مسألة 51 - إذا كان المجنب من لا يتمكن من الغسل لفقد الماء أو لغيره من
أسباب التيمم وجب عليه التيمم فان تركه بطل صومه، وكذا لو كان متمكنا من الغسل
وتركه (1) حتى ضاق الوقت.
مسألة 52 - لا يجب على من تيمم بدلا عن الغسل أن يبقى مستيقظا حتى يطلع
الفجر، فيجوز له القوم بعد التيمم قبل الفجر على الأقوى، وإن كان الأحوط البقاء
مستيقظا لاحتمال بطلان تيممه بالنوم كما على القول بأن التيمم بدلا عن الغسل يبطل
بالحدث الأصغر.
مسألة 53 - لا يجب على من أجنب في النهار بالاحتلام أو نحوه من الاعذار
أن يبادر إلى الغسل فورا، وإن كان هو الأحوط.
مسألة 54 - لو تيقظ بعد الفجر من نومه فرأى نفسه محتلما لم يبطل صومه،
سواء علم سبقه على الفجر أو علم تأخره أو بقي على الشك، لأنه لو كان سابقا كان
من البقاء على الجنابة غير متعمد، ولو كان بعد الفجر كان من الاحتلام في النهار، نعم
إذا علم سبقه على الفجر لم يصح منه صوم قضاء رمضان مع كونه موسعا، وأما مع
ضيق وقته فالأحوط الاتيان به وبعوضه (2).
مسألة 55 - من كان جنبا في شهر رمضان في الليل لا يجوز له أن ينام قبل الاغتسال
إذا علم أنه لا يستيقظ قبل الفجر للاغتسال، ولو نام واستمر إلى الفجر لحقه حكم البقاء
متعمدا فيجب على القضاء والكفارة، وأما ان احتمل الاستيقاظ جاز له النوم (3)
وإن كان من النوم الثاني أو الثالث أو الازيد، فلا يكون نومه حراما، وإن كان الأحوط
ترك النوم الثاني فما زاد، وان اتفق استمراره إلى الفجر، غاية الأمر وجوب القضاء

(1) الاحتياط بالجمع بين الصوم مع التيمم والقضاء لا يترك.
(2) وإن كان الأظهر جواز الاكتفاء باتيان العوض خاصة.
(3) إن كان مطمئنا بالاستيقاظ، والا فالأحوط عدم جواز النوم.
19

أو مع الكفارة في بعض الصور كما سيتبين.
مسألة 56 - نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال الاستيقاظ
أو العلم به إذا اتفق استمراره إلى طلوع الفجر على أقسام: فإنه اما ان يكون مع
العزم على ترك الغسل، واما ان يكون مع التردد في الغسل، وعدمه، واما ان
يكون مع الذهول والغفلة عن الغسل، واما ان يكون مع البناء على الاغتسال حين
الاستيقاظ مع اتفاق الاستمرار، فإن كان مع العزم على ترك الغسل أو مع التردد فيه
لحقه حكم تعمد البقاء جنبا، بل الأحوط ذلك إن كان مع الغفلة والذهول أيضا
وإن كان الأقوى لحوقه بالقسم الأخير، وإن كان مع البناء على الاغتسال أو مع
الذهول على ما قوينا، فإن كان في النمة الأولى بعد العلم بالجنابة فلا شئ عليه
وصح صومه، وإن كان في النومة الثانية بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم انتبه ونام
ثانيا مع احتمال الانتباه فاتفق الاستمرار وجب عليه القضاء فقط دون الكفارة على
الأقوى، وإن كان في النومة الثالثة فكذالك على الأقوى، وإن كان الأحوط ما هو المشهور
من وجوب الكفارة أيضا في هذه الصورة، بل الأحوط وجوبها في النومة الثانية أيضا
بل وكذا في النومة الأولى أيضا إذا لم يكن معتاد الانتباه (1) ولا يعد النوم الذي
احتلم من نومه الأول (2) بل المعتبر فيه النوم بعد تحقق الجنابة، فلو استيقظ
المحتلم من نومه ثم نام كان من النوم الأول لا الثاني.
مسألة 57 - الأحوط الحاق غير شهر رمضان (3) من الصوم المعين به في حكم
استمرار النوم الأول أو الثاني أو الثالث حتى في الكفارة في الثاني والثالث إذا كان
الصوم مما له كفارة كالنذر ونحوه.
مسألة 58 - إذا استمر النوم الرابع أو الخامس فالظاهر أن حكمه حكم النوم الثالث.

(1) هذه الاحتياط لا يترك.
(2) الأقوى عده منه.
(3) وإن كان الأظهر العدم.
20

مسألة 59 - الجنابة المستصحبة كالمعلومة في الأحكام المذكورة.
مسألة 60 - ألحق بعضهم الحائض والنفساء بالجنب في حكم النومات،
والأقوى عدم الالحاق، وكون المناط فيهما صدق التوالي في الاغتسال، فمعه يبطل
وإن كان في النوم الأول، ومع عدمه لا يبطل وإن كان في النوم الثاني أو الثالث.
مسألة 61 - إذا شك في عدد النومات بنى على الأقل.
مسألة 62 - إذا نسي غسل الجنابة ومضى عليه أيام وشك في عددها يجوزها له
الاقتصار في القضاء على القدر المتيقن وإن كان الأحوط تحصيل اليقين بالفراغ.
مسألة 63 - يجوز قصد الوجوب في الغسل وان اتى به في أول الليل، لكن الأولى
مع الاتيان به قبل آخر الوقت ان لا يقصد الوجوب بل يأتي به بقصد القربة.
مسألة 64 - فاقد الطهورين يسقط عنه اشتراط رفع الحدث للصوم، فيصح صومه
مع الجنابة، أو مع حدث الحيض أو النفاس.
مسألة 65 - لا يشترط في صحة الصوم الغسل لمس الميت، كما لا يضر مسه في
أثناء النهار.
مسألة 66 - لا يجوز اجناب نفسه في شهر رمضان إذا ضاق الوقت عن الاغتسال
أو التيمم، بل إذا لم يسع للاغتسال ولكن وسع للتيم (1) ولو ظن سعة الوقت
فتبين ضيقه فإن كان بعد الفحص صح صومه، وإن كان مع ترك الفحص فعليه القضاء
على الأحوط.
التاسع - من المفطرات الحقنة بالمايع ولو مع الاضطرار إليها لرفع المرض
ولا بأس بالجامد وإن كان الأحوط اجتنابه أيضا.
مسألة 67 - إذا احتقن بالمايع لكن لم يصعد إلى الجوف بل كان بمجرد الدخول
في الدبر، فلا يبعد عدم كونه مفطرا وإن كان الأحوط تركه.
مسألة 68 - الظاهر جواز الاحتقان بما يشك في كونه جامدا أو مايعا وإن كان
21

الأحوط تركه.
العاشر - تعم القئ وإن كان للضرورة من رفع مرض أو نحوه، ولا بأس بما
كان سهوا أو من غير اختيار، والمدار على الصدق العرفي، فخروج مثل النواة
أو الدود لا يعد منه.
مسألة 69 - لو خرج بالتجشؤ شئ ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلا، ولو
وصل إلى فضاء الفم فبلعه اختيارا بطل صومه (1) وعليه القضاء والكفارة، بل تجب
كفارة الجميع إذا كان حراما من جهة خباثته أو غيرها.
مسألة 70 - لو ابتلع في الليل ما يجب عليه قيئه في النهار فسد صومه (2) إن كان
الاخراج منحصرا في القئ، وان لم ين منحصرا فيه لم يبطل الا إذا اختار القئ
مع امكان الاخراج بغيره، ويشترط ان يكون مما يصدق القئ على اخراجه، وأما
لو كان مثل درة أو بندقة أو درهم أو نحوهما مما لا يصدق معه القئ لم يكن مبطلا.
مسألة 71 - إذا أكل في الليل ما يعلم أنه يوجب القئ في النهار من غير اختيار
فالأحوط القضاء.
مسألة 72 - إذا ظهر أثر القئ وأمكنه الحبس والمنع وجب إذا لم يكن حرج
وضرر.
مسألة 73 - إذا دخل الذباب في حلقه وجب اخراجه مع امكانه ولا يكون من
القئ، ولو توقف اخراجه على القئ سقط وجوبه وصح صومه.
مسألة 74 - يجوز للصائم التجشؤ اختيارا وان احتمل خروج شئ من الطعام
معه، وأما إذا علم بذلك فلا يجوز (3).
مسألة 75 - إذا ابتلع شيئا سهوا فتذكر قبل أن يصل إلى الحلق وجب اخراج

(1) على الأحوط وكذا ما بعده.
(2) لان وجوب القئ مانع عن التقرب بالامساك عنه الذي هو جزء للصوم.
(3) على الأحوط.
22

وصح صومه، واما ان تذكر بعد الوصول اليه فلا يجب بل لا يجوز إذا صدق عليه
القئ، وان شك في ذلك فالظاهر وجوب اخراجه أيضا مع امكانه عملا بأصالة عدم
الدخول (1) في الحلق.
مسألة 76 - إذا كان الصائم بالواجب المعين مشتغلا بالصلاة الواجبة فدخل
في حلقه ذباب أوبق أو نحوهما أو شئ من بقايا الطعام الذي بين أسنانه وتوقف
اخراجه على ابطال الصلاة بالتكلم بأخ أو بغير ذلك، فان أمكن التحفظ والامساك
إلى الفراغ من الصلاة وجب، وان لم يمكن ذلك ودار الامر بين ابطال الصوم
بالبلع
أو الصلاة بالاخراج فإن لم يصل إلى الحد من الحق كمخرج الخاء وكان مما يحرم
بلعه في حد نفسه كالذباب ونحوه وجب قطع الصلاة باخراجه (2) ولو في ضيق
وقت الصلاة، وإن كان مما يحل بلعه في ذاته كبقايا الطعام ففي سعة الوقت
للصلاة
ولو بادراك ركة يجب القطع والاخراج، وفى الضيق يجب البلع وابطال الصوم
تقديما لجانب الصلاة لأهميتها، وان وصل إلى الحد فمع كونه مما يحرم بلعه وجب
اخراجه بقطع الصلاة وابطالها على اشكال، وإن كان مثل بقايا الطعام لم يجب وصحت
صلاته وصح صومه على التقديرين لعدم عد اخراج مثله قيئا في العرف.
مسألة 77 - قيل: يجوز للصائم أن يدخل أصبعه في حلقه (3) ويخرجه عمدا
وهو مشكل مع الوصول إلى الحد فالأحوط الترك.
مسألة 78 - لا بأس بالتجشؤ القهري (4) وان وصل معه الطعام إلى فضاء الفم
ورجع بل لا بأس بتعمد التجشؤ ما لم يعلم أنه يخرج معه شئ من الطعام وان خرج
بعد ذلك وجب القاؤه ول سبقه الرجوع إلى الحلق لم يبطل صومه وإن كان الأحوط
القضاء.

(1) لا يترتب الأثر على هذا الأصل والاحتياط أولى.
(2) إذا لزم فوات الصلاة بالمرة يشكل الحكم بجواز القطع.
(3) هذا هو الأظهر.
(3) تقدم حكم هذه المسألة.
23

3 - فصل
المفطرات المذكورة ما عدا البقاء على الجنابة الذي مر الكلام فيه تفصيلا، انما
توجب بطلان الصوم إذا وقعت على وجه العمد والاختيار، أما مع السهو وعدم القصد
فلا توجبه من غير فرق بين أقسام لصوم من الواجب المعين والموسع والمندوب
ولا فرق في البطلان مع العمد بين الجاهل بقسميه (1) والعالم، ولا بين المكره وغيره
فلو اكره على الافطار فأفطر مباشرة فرارا عن الضرر المترتب على تركه بطل صومه
على الأقوى، نعم لو وجر في حلقه من غير مباشرة منه لم يبطل.
مسألة 1 - إذا أكل ناسيا فظن فساد صومه فأفطر عامدا بطل صومه، وكذا لو أكل
بتخيل أن صومه مندوب يجوز ابطاله فذكر أنه واجب.
مسألة 2 - إذا أفطر تقية من ظالم بطل صومه (2).
مسألة 3 - إذا كانت اللقمة في فمه وأراد بلعها لنسيان الصوم فتذكر وجب
اخراجها، وان بلعها مع امكان القائها بطل صومه، بل يجب الكفارة أيضا، وكذا
لو كان مشغولا بالاكل فتبين طلوع الفجر.
مسألة 4 - إذا دخل الذباب أو البق أو الدخان الغليظ أو الغبار في حلقه من
غير اختياره لم يبطل صومه، وان أمكن اخراجه وجب ولو وصل إلى مخرج الخاء
مسألة 5 - إذا غلب على الصائم العطش بحيث خاف من الهلاك يجوز له أن
يشرب الماء مقتصرا على مقدار الضرورة، ولكن يفسد صومه بذلك، ويجب عليه
الامساك بقية النهار إذا كان في شهر رمضان، وأما في غيره من الواجب الموسع
والمعين فلا يجب الامساك، وإن كان أحوط في الواجب المعين.

(1) في بطلان صوم الجاهل بالحكم المعتقد لعدم المفطرية تأمل والاحتياط سبيل
النجاة.
(2) الا إذا كانت التقية باستعمال ما ليس مفطرا عندهم مع كونه مفطرا عندنا، فان الأظهر
عدم بطلان الصوم حينئذ.
24

مسألة 6 - لا يجوز للصائم أن يذهب إلى مكان الذي يعلم اضطرار ه فيه إلى
الافطار باكراه أو ايجار في حلقه أو نحوه ذلك، ويبطل صومه لو ذهب وصار مضطرا
ولو كان بنحو الايجار (1) بل لا يبعد بطلانه بمجرد القصد إلى ذلك فإنه كالقصد
للافطار.
مسألة 7 - إذا نسي فجامع لم يبطل صومه، وان تذكر في الأثناء وجب المبادرة
إلى الاخراج، ولا أوجب عليه القضاء والكفارة.
4 - فصل
لا بأس للصائم بمص الخاتم أو الحصى، ولا بمضغ الطعام للصبي، ولا بزق
الطائر، ولا بذوق المرق ونحو ذلك مما لا يتعدى إلى الخلق، ولا يبطل صومه إذا
اتفق التعدي إذا كان من غير قصد ولا علم بأنه يتعدى قهرا أو نسيانا، أما مع العلم بذلك
من الأول فيدخل في الافطار العمدي، وكذا لا بأس بمضغ العلك ولا يبلغ ريقه بعده
وان وجد له طعما فيه ما لم يكن ذلك بتفتت أجزاء منه بل كان لأجل المجاورة، وكذا
لا بأس بجلوسه في الماء ما لم يرتمس رجلا كان أو امرأة وإن كان يكره لها ذلك،
ولا ببل الثوب ووضعه على الجسد، ولا بالسواك باليابس بل بالرطب أيضا، لكن إذا
أخرج المسواك من فه لا يرده وعليه رطوبة والا كانت كالرطوبة الخارجية لا يجوز
بلعها الا بدع الاستهلاك في الريق، وكذا لا بأس بمص لسان الصبي أو الزوجة إذا لم يكن
عليه رطوبة، ولا بتقبيلها أو ضمها أو نحو ذلك.
مسألة 1 - إذا امتزج بريقه دم واستهلك فيه يجوز بلعه على الأقوى، وكذا
غير الدم من المحرمات والمحلات، والظاهر عدم جواز تعمد المزج والاستهلاك
للبلع، (2) سواء كان مثل الدم ونحوه من المحرمات أو الماء ونحوه من المحللات
فما ذكرنا من الجواز انما هو إذا كان ذلك على وجه الاتفاق.

(1) فيه تأمل ونظر، والأظهر انه غير مفطر.
(2) بل الظاهر جوازه.
25

يكره للصائم أمور: أحدهما - مباشرة النساء لمسا وتقبيلا وملاعبة خصوصا
لمن تتحرك شهوته بذلك، بشرط أن لا يقصد الانزال، ولا كان من عادته والا حرم إذا
كان في الصوم الواجب المعين.
الثاني - الاكتحال بما فيه صبر أو مسلك أو نحوهما مما يصل طعمه أو رائحته
إلى الحلق، وكذا إذا ذر مثل ذلك في العين.
الثالث - دخول الحمام إذا خشي منه الضعف.
الرابع - اخراج الدم المضعف بحجامة أو غيرها، وإذا علم بأدائه إلى الاغماء
المبطل للصوم حرم، بل لا يبعد كراهة كل فعل يورث الضعف أو هيجان المرة.
الخامس - السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق، والا فلا يجوز
على الأقوى.
السادس - شم الرياحين خصوصا النرجس، والمراد بها كل نبت طيب الريح.
السابع - بل الثوب على الجسد.
الثامن - جلس المرأة في الماء، بل الأحوط لها تركه.
التاسع - الحقنة بالجامد - العاشر - قلع الضرس بل مطلق ادماء الفم.
الحادي عشر - السواك بالعود الرطب.
الثاني عشر - المضمضة عبثا، وكذا ادخال شئ آخر في الفم لا لغرض
صحيح. الثالث عشر - انشاد الشعر ولا يبعد اختصاصه بغير لمراثى، أو المستعمل على
المطالب الحقة من دون اغراق أو مدح الأئمة عليهم السلام وإن كان يظهر من بعض الأخبار
التعميم. الرابع عشر - الجدل والمراء واذى الخادم والمسارعة إلى الحلف ونحو
ذلك من المحرمات والمكروهات في غير حال الصوم فإنه يشتد حرمتها أو كراهتها حاله.
26

6 - فصل
المفطرات المذكورة كما انها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة إذا كانت
مع العمد والاختيار من غير كره ولا اجبار، من غير فرق بين الجميع حتى الارتماس
والكذب (1) على الله وعلى رسوله، بل والحقنة والقئ على الأقوى نعم الأقوى عدم
وجوبها في النوم الثاني من الجنب بعد الانتباه، بل والثالث، وإن كان الأحوط فيها
أيضا ذلك، خصوصا الثالث، ولا فرق أيضا في وجوبها بين العالم والجاهل المقصر
والقاصر على الأحوط، وإن كان الأقوى عدم وجوبها على الجاهل (2) خصوصا القاصر
والمقصر الغير الملتفت حين الافطار، نعم إذا كان جاهلا بكون الشئ مفطرا مع
علمه بحرمته كما إذا لم يعلم أن الكذب على الله ورسوله من المفطرات فارتكبه حال
الصوم فالظاهر لحوقه بالعالم (3) في وجوب الكفارة.
مسألة 1 - تجب الكفارة في أربعة أقسام من الصوم:
الأول - صوم شهر رمضان وكفارته مخيرة بين العتق وصيام شهرين متتابعين
واطعام ستين مسكينا على الأقوى، وإن كان الأحوط الترتيب فيختار العتق مع الامكان
ومع العجز عنه فالصيام، ومع العجز عنه فالاطعام، ويجب الجمع بين الخصال
إن كان الافطار على محرم كأكل المغصوب وشرب الخمر والجماع المحرم ونحو ذلك
الثاني - صوم قضاء شهر رمضان إذا افطر بعد الزوال، وكفارته اطعام عشرة
مساكين لكل مسكين مد، فإن لم يتمكن فصوم ثلاثة أيام، والأحوط اطعام ستين مسكينا.
الثالث - صوم النذر المعين وكفارته كفارة افطار شهر رمضان. (4)
الرابع - صوم الاعتكاف وكفارته مثل كفارة شهر رمضان مخيرة بين الخصال
ولكن الأحوط الترتيب المذكور هذا، وكفارة الاعتكاف مختصة بالجماع فلا تعم

(1) على القول بمفطريتهما وقد تقدم الكلام فيها.
(2) القاصر، واما الجاهل المقصر فالأظهر وجوب الكفارة عليه.
(3) إذا كان جهله عن تقصير.
(4) بل كفارة يمين وهى عتق رقبة، أو اطعام عشرة مساكين، أو كسوة عشرة مساكين.
27

سائر المفطرات، والظاهر أنها لأجل الاعتكاف لا للصوم، ولذا تجب في الاجماع ليلا
أيضا، واما ما عدا ذلك من اقسام الصوم فلا كفارة في افطاره واجبا كان كالنذر المطلق
والكفارة، أو مندوبا فإنه لا كفارة فيها، وان افطر بعد الزوال.
مسألة 2 - تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين وأزيد من صوم له كفارة
ولا تتكرر بتكرره في يوم واحد في غير الجماع وان تخلل التكفير بين الموجبين أو اختلف
جنس الموجب على الأقوى، وإن كان الأحوط التكرار مع أحد الأمرين، بل الأحوط
التكرار مطلقا، وأما الجماع فالأحوط بل الأقوى (1) تكريرها بتكرره.
مسألة 3 - لا فرق في الافطار بالمحرم الموجب لكفارة الجمع بين أن يكون
الحرمة أصلية كالزناء وشرب الخمر، أو عارضية كالوطئ حال الحيض أو تناول
ما يضره.
مسألة 4 - من الافطار بالمحرم الكذب (2) على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله، بل
ابتلاع النخامة إذا قلنا بحرمتها من حيث دخولها في الخبائث لكنه مشكل.
مسألة 5 - إذا تعذر بعض الخصال في كفارة الجمع وجب عليه الباقي (3).
مسألة 6 - إذا جامع في يوم واحد مرات وجب عليه كفارات بعددها (4) وإن كان
على الوجه المحرم تعدد كفارة الجمع وبعددها (5).
مسألة 7 - الظاهر أن الأكل في مجلس واحد يعد افطارا واحدا وان تعددت
اللقم فلو قلنا بالتكرار مع التكرر في يوم واحد لا تتكرر بتعددها، وكذا الشرب إذا
كان جرعة فجرعة.

(1) القوة محل منع، بل الأظهر عدم التكرر.
(2) لا يبعد دعوى اختصاصه بالجماع المحرم والافطار على المحرم بمعنى اكله
أو شربه والاحتياط لا يترك واما الكذب على الله فقد مر عدم مفطريته.
(3) في وجوب الباقي تأمل ونظر.
(4) على الأحوط كما تقدم.
(5) على الأحوط كما مر.
28

مسألة 8 - في الجماع الواحد إذا أدخل وأخرج مرات لا تتكرر الكفارة وإن كان
أحوط.
مسألة 9 - إذا أفطر بغير الجماع ثم جامع بعد ذلك يكفيه التكفير مرة (1) وكذا
إذا افطر أولا بالحلال ثم افطر بالحرام تكفيه كفارة الجمع (2).
مسألة 10 - لو علم أنه اتى بما يوجب فساد الصوم وتردد بين ما يوجب القضاء
فقط أو يوجب الكفارة أيضا لم تجب عليه، وإذا علم أنه افطر أياما ولم يدر عددها
يجوز له الاقتصار على القدر المعلوم، وإذا شك في أنه افطر بالمحلل أو المحرم كفاه
احدى الخصال، وإذا شك في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه
وقد افطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة، وإن كان قد افطر بعد الزوال كفاه اطعام
ستين مسكينا، بل له الاكتفاء بعشرة مساكين.
مسألة 11 - إذا افطر متعمدا ثم سافر بعد الزوال لم تسقط عنه الكفارة بلا اشكال
وكذا إذا سافر قبل الزوال للفرار عنها (3) بل، وكذا لو بداله السفر لا بقصد الفرار
على الأقوى، وكذا لو سافر فأفطر قبل الوصول إلى حد الترخص، وأما لو أفطر متعمدا ثم
عرض له عارض قهري من حيض أو نفاس أو مرض أو جنون أو نحو ذلك من الأعذار
ففي السقوط وعدمه وجهان بل قولان أحوطهما الثاني وأقواهما الأول.
مسألة 12 - لو أفطر يوم الشك في آخر الشهر ثم تبين انه من شوال فالأقوى
سقوط الكفارة وإن كان الأحوط عدمه، وكذا لو اعتقد انه من رمضان ثم افطر متعمدا
فبان انه من شوال أو اعتقد في يوم الشك في أول الشهر أنه من رمضان فبان أنه من
شعبان.

(1) على القول بتكرر الكفارة يتكرر الجماع التكرر في الفرض قوى.
(2) لكن وجوب كفارة الجمع في الفرض مشكل نعم هو أحوط.
(3) الأظهر سقوط الكفارة مع فرض سقوط وجوب الصوم اختيارا أو اضطرارا
ولكن الأحوط ثبوتها مع كون المانع اختياريا.
29

مسألة 13 - قد مر ان من افطر في شهر رمضان عالما عامدا (1) إن كان مستحلا
فهو مرتد بل وكذا ان لم يفطر ولكن كان مستحلا له، وان لم يكن مستحلا عزر
بخمسة وعشرين سوطا فان عاد بعد التعزير عزر ثانيا فان عاد كذلك قتل في الثالثة
والأحوط قتله في الرابعة.
مسألة 14 - إذا جامع زوجته في شهر رمضان وهما صائمان مكرها لها كان
عليه كفارتان وتعزيران خمسون سوطا فيتحمل عنها الكفارة والتعزير، وأما إذا طاوعته
في الابتداء فعلى كل منهما كفارته وتعزيره وان أكرهها في الابتداء ثم طاوعته في الأثناء
فكذلك على الأقوى (2) وإن كان الأحوط كفارة منها وكفارتين منه، ولا فرق في الزوجة
بين الدائمة والمنقطعة.
مسألة 15 - لو جامع زوجته الصائمة وهو صائم في النوم لا يتحمل عنها
الكفارة ولا التعزير، كما أنه ليس عليها شئ ولا يبطل صومها بذلك، وكذا لا يتحمل
عنها إذا أكرهها على غير الجماع من المفطرات حتى مقدمات الجماع وان أوجبت
انزالها.
مسألة 16 - إذا أكرهت الزوجة زوجها لا تتحمل عنه شيئا.
مسألة 17 - لا تلحق بالزوجة الأمة إذا أكرهها على الجماع وهما صائمان فليس
عليه الا كفارته وتعزيره، وكذا لا يلحق بها الأجنبية إذا أكرهها عليه على الأقوى، وإن كان
الأحوط التحمل عنها خصوصا إذا تخيل انها زوجته فأكرهها عليه.
مسألة 18 - إذا كان الزوج مفطرا بسبب كونه مسافرا أو مريضا أو نحو ذلك
وكانت زوجته صائمة لا يجوز له اكراهها على الجماع وان فعل لا يتحمل عنها الكفارة
ولا التعزير، وهل يجوز له مقاربتها وهى نائمة اشكال (3).

(1) وقد مر الكلام فيه.
(2) بل الأظهر وجوب كفارتين عليه في صورة الاكراه مطلقا وكفارة واحدة عليها
إذا كانت في الابتداء مسلوبة الاختيار ثم طاوعته في الأثناء، وإذا فلا شئ عليها وإن كان
الأحوط ثبوت كفارة عليها.
(3) الجواز غير بعيد.
30

مسألة 19 - من عجز عن الخصال الثلاث في كفارة مثل شهر رمضان تخير
بين أن يصوم ثمانية عشر يوما (1) أو يتصدق بما يطيق، ولو عجز أتى بالممكن منهما (2)
وان لم يقدر على شئ منهما استغفر الله ولو مرة بدلا عن الكفارة وان تمكن بعد ذلك
منها أتى بها.
مسألة 20 - يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره، وفى جواز
التبرع بها عن الحي اشكال (3) والأحوط العدم خصوصا في الصوم.
مسألة 21 - من عليه الكفارة إذا لم يؤدها حتى مضت عليه سنين لم تتكرر.
مسألة 22 - الظاهر أن الوجوب الكفارة موسع فلا تجب المبادرة إليها نعم
لا يجوز التأخير إلى حد التهاون.
مسألة 23 - إذا أفطر الصائم بعد المغرب على حرام من زناء أو شرب الخمر
أو نحو ذلك لم يبطل صومه وإن كان في أثناء النهار قاصدا لذلك.
مسألة 24 - مصرف كفارة الاطعام الفقراء، اما باشباعهم، واما بالتسليم إليهم
كل واحد مدا، والأحوط مدان من حنطة أو شعير أو ارز أو خبز أو نحو ذلك، ولا يكفي
في كفارة واحدة (4) اشباع شخص واحد مرتين أو أزيد أو اعطاؤه مدين أو أزيد
بل لابد من ستين نفسا، نعم إذا كان للفقير عيال متعددون ولو كانوا أطفالا صغارا يجوز
اعطاؤه بعدد الجميع (5) لكل واحد مدا.
مسألة 25 - لا يجوز السفر في شهر رمضان لا لعذر وحاجة بل ولو كان للفرار من

(1) الأحوط لزوما لو لم يكن اظهر اختيار التصدق وضم الاستغفار اليه.
(2) على الأحوط والا ظهر عدم الوجوب.
(3) الظاهر هو عدم الجواز في الصوم، والجواز في غيره.
(4) مع التمكن من الستين، والا فيكفي.
(5) هذا في فرض التسليم، واما في فرض الاشباع فيحتسب الاثنان بواحد، ثم في
فرض التسليم يعتبر كون المدفوع اليه وكيلا عنهم إذا كانوا كبارا أو وليا عليهم إذا كانوا
صغارا، والله العالم.
31

الصوم لكنه مكروه.
مسألة 26 - المد ربع الصاع وهو ستمائة مثقال وأربعة عشر مثقالا وربع
مثقال، وعلى هذا فالمد مائة وخمسون مثقالا وثلاثة مثاقيل ونصف مثقال وربع ربع
المثقال وإذا أعطى ثلاثة أرباع الوقية من حقة النجف فقد زاد أزيد من واحد
وعشرين مثقالا إذ ثلاثة أرباع الوقية مائة وخمسة وسبعون مثقالا.
7 - فصل
يجب القضاء دون الكفارة في موارد: أحدها - ما مر من النوم الثاني، بل الثالث
وإن كان الأحوط فيهما الكفارة أيضا، خصوصا الثالث.
الثاني - إذا أبطل صومه بالاخلال بالنية مع عدم الاتيان بشئ من المفطرات،
أو بالرياء، أو بنية القطع أو القاطع كذلك.
الثالث - إذا نسي غسل الجنابة ومضى عليه يوم أو أيام كما مر.
الرابع - من فعل المفطر قبل مراعاة الفجر ثم ظهر سبق طلوعه وأنه كان في
النهار سواء كان قادرا على المراعاة أو عاجز عنها لعمى أو حبس أو نحو ذلك، أو كان
غير عارف بالفجر، وكذا مع المراعاة وعدم اعتقاد بقاء الليل (1) بأن شك في
الطلوع أو ظن فأكل ثم تبين سبقه، بل الأحوط القضاء حتى مع اعتقاد بقاء الليل، ولا فرق
في بطلان الصوم بذلك بين صوم رمضان وغيره من الصوم الواجب والمندوب، بل
الأقوى فيها ذلك حتى مع المراعاة واعتقاد بقاء الليل.
الخامس - الأكل تعويلا على من أخبر ببقاء الليل وعدم الطلوع الفجر مع
كونه طالعا.
السادس - الأكل إذا أخبره مخبر بطلوع الفجر لزعمه سخرية المخبر أو لعدم
العلم بصدقه.

(1) الأقوى في صورة المراعاة واعتقاد بقضاء الليل عدم وجوب القضاء، واما في
صورة الشك بعد المراعاة فالأحوط القضاء.
32

السابع - الافطار تقليدا لمن أخبر بدخول الليل وإن كان جايزا له لعمى أو نحوه
وكذا إذا أخبره عدل بل عدلان بل الأقوى وجوب الكفارة أيضا إذا لم يجز له التقليد
الثامن - الافطار لظلمة قطع بحصول الليل منها فبان خطائه ولم يكن في السماء
علة، وكذا لو شك أو ظن بذلك منها بل المتجه في الأخيرين الكفارة أيضا لعدم جواز
الافطار حينئذ، ولو كان جاهلا بعدم جواز الافطار فالأقوى عدم الكفارة وإن كان الأحوط
اعطاؤها (1) نعم لو كانت في السماء علة فظن دخول الليل فأفطر ثم بان له الخطاء لم
يكن عليه قضاء فضلا عن الكفارة ومحصل المطلب أن من فعل المفطر بتخيل عدم
طلوع الفجر أو بتخيل دخول الليل بطل صومه في جميع الصور (2) الا في صورة ظن دخول الليل مع وجود علة في السماء من غيم أو غبار أو بخار أو نحو ذلك من
غير فرق بين شهر رمضان وغيره من الصوم الواجب والمندوب، وفى الصور التي
ليس معذورا شرعا في الافطار كما إذا قامت البينة على أن الفجر قد طلع ومع ذلك
أتى بالمفطر أو شك في دخول الليل أو ظن ظنا غير معتبر ومع ذلك أفطر يجب الكفارة
أيضا فيما فيه الكفارة.
مسألة 1 - إذا أكل أو شرب مثلا مع الشك في طلوع الفجر ولم يتبين أحد
الأمرين لم يكن عليه شئ، نعم لم شهد عدلان بالطلوع ومع ذلك تناول المفطر وجب
عليه القضاء بل الكفارة أيضا وان لم يتبين له ذلك بعد ذلك ولو شهد عدل واحد
بذلك فكذلك على الأحوط (3).
مسألة 2 - يجوز له فعل المفطر ولو قبل الفحص ما لم يعلم طلوع الفجر ولم
يشهد به البينة، ولا يجوز له ذلك إذا شك في الغروب عملا بالاستصحاب في الطرفين
ولو شهد عدل واحد بالطلوع أو الغروب فالأحوط ترك المفطر عملا بالاحتياط للاشكال

(1) الأظهر وجوبها على المقصر غير المعتقد لعدم المفطرية.
(2) الأظهر انه ان افطر عن وجه شرعي وجب القضاء، وان افطر على غير وجه شرعي
وجب القضاء والكفارة.
(3) بل الأظهر.
33

في حجية خبر العدل الواحد (1) وعدم حجيته الا أن الاحتياط في الغروب الزامي
وفى الطلوع استحبابي نظرا للاستصحاب.
التاسع - ادخال الماء في الفم للتبرد بمضمضة أو غيرها فسبقه ودخل الجوف
فإنه يقضى ولا كفارة عليه، وكذا لو أدخله عبثا فسبقه، واما لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه
أيضا وإن كان أحوط، ولا يلحق بالماء غيره على الأقوى وإن كان عبثا، كما لا يلحق بالادخال
في الفم الادخال في الأنف للاستنشاق أو غيره وإن كان أحوط في الامرين.
مسألة 3 - لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء لم يجب عليه القضاء سواء
كانت الصلاة فريضة أو نافلة على الأقوى بل لمطلق الطهارة وإن كانت لغيرها من
الغايات من غير فرق بين الوضوء والغسل وإن كان الأحوط القضاء (2) فيما عدا ما كان
لصلاة الفريضة خصوصا فيما كان لغير الصلاة من الغايات.
مسألة 4 - يكره المبالغة في المضمضة مطلقا وينبغي له ان لا يبلع ريقه حتى يبزق
ثلاث مرات.
مسألة 5 - لا يجوز التمضمض مطلقا مع العلم بأنه يسبقه الماء إلى الحق أو ينسى
فيبلعه.
العاشر - سبق المنى بالملاعبة أو الملامسة إذا لم يكن ذلك من قصده ولا عادته
على الأحوط وإن كان الأقوى (3) عدم وجوب القضاء أيضا.
8 - فصل في الزمان الذي يصح فيه الصوم
وهو النهار من غير العيدين ومبدؤه طلوع الفجر الثاني ووقت الافطار ذهاب
الحمرة من المشرق (4) ويجب الامساك من باب المقدمة في جزء من الليل في كل من

(1) الأظهر حجيته وبه يظهر الحال في بقية المسألة.
(2) لا يترك.
(3) تقدم الكلام في ذلك.
(4) على الأحوط والأظهر انه غروب الشمس.
34

الطرفين ليحصل العلم بامساك تمام النهار ويستحب تأخير الافطار حتى يصلى العشائين (1)
لتكتب صلاته صلاة الصائم الا ان يكون هناك من ينتظره للافطار أو تنازعه نفسه على
وجه يسلبه الخضوع والاقبال ولو كان لأجل القهوة والتتن والترياك فان الأفضل
حينئذ الافطار ثم الصلاة مع المحافظة على وقت الفضيلة بقدر الامكان.
مسألة 1 - لا يشرع الصوم في الليل ولا صوم مجموع الليل والنهار بل ولا ادخال
جزء من الليل فيه الا بقصد المقدمية.
9 - فصل في شرايط صحة الصوم
وهى أمور: الأول - الاسلام والايمان (2) فلا يصح من غير المؤمن ولو في جزء
من النهار فلو اسلم الكافر في أثناء النهار ولو قبل الزوال لو يصح صومه وكذا لو ارتد
ثم عاد إلى الاسلام بالتوبة وإن كان الصوم معينا وجدد النية قبل الزوال على الأقوى.
الثاني - العقل فلا يصح من المجنون ولو أدوارا وإن كان جنونه في جزء من
النهار ولا من السكران ولا من المغمى عليه (3) ولو في بعض النهار وان سبقت منه
النية على الأصح.
الثالث - عدم الاصباح جنبا أو على حدث الحيض والنفاس بعد النقاء من
الدم على التفصيل المتقدم.
الرابع - الخلو من الحيض والنفاس في مجموع النهار فلا يصح من الحايض
والنفساء إذا فاجأهما الدم ولو قبل الغروب بلحظة أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة
ويصح من المستحاضة إذا أتت بما عليها من الأغسال النهارية.
الخامس - أن لا يكون مسافرا سفرا يوجب قصر الصلاة مع العلم بالحكم في
الصوم الواجب الا في ثلاثة مواضع:

(1) بل حتى يصلى المغرب خاصة.
(2) اعتبار الايمان في الصحة غير واضح، نعم لا ريب في اعتباره في القبول.
(3) صحته منهما مع سبق النية قوية.
35

أحدها - صوم ثلاثة أيام بدل هدى التمتع.
الثاني - صوم بدل البدنة ممن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا وهو ثمانية
عشر يوما.
الثالث - صوم النذر المشترط فيه سفرا خاصة أو سفرا وحضرا دون النذر المطلق
بل الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر أيضا الا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة
والأفضل اتيانها في الأربعاء والخميس والجمعة، واما المسافر الجاهل بالحكم لو صام
فيصح صومه ويجزيه حسبما عرفته في جاهل حكم الصلاة إذ الإفطار كالقصر والصيام
كالتمام في الصلاة لكن يشترط أن يبقى على جهله إلى آخر النهار، وأما لو علم بالحكم
في الأثناء فلا يصح صومه، واما الناسي فلا يلحق بالجاهل في الصحة، وكذا يصح الصوم
من المسافر إذا سافر بعد الزوال كما أنه يصح صومه إذا لم يقصر في صلاته كناوي
الإقامة عشرة أيام والمتردد ثلاثين يوما وكثير السفر والعاصي بسفره وغيرهم ممن
تقدم تفصيلا في كتاب الصلاة.
السادس - عدم المرض أو الرمد الذي يضره الصوم لا يجابه شدته أو طول
برئه أو شدة ألمه أو نحو ذلك سواء حصل اليقين بذلك أو الظن بل أو الاحتمال الموجب
للخوف، بل لو خاف الصحيح من حدوث المرض لم يصح منه، وكذا إذا خاف من
الضرر في نفسه أو غيره أو عرضه أو عرض غيره أو في مال يجب حفظه وكان وجوبه
أهم في نظر الشارع من وجوب الصوم، وكذا إذا زاحمه واجب آخر أهم منه، ولا
يكفي الضعف وإن كان مفرطا ما دام يتحمل عادة، نعم لو كان ممالا يتحمل عادة جاز الافطار
ولو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف بعد الفراغ من الصوم ففي الصحة اشكال
فلا يترك الاحتياط بالقضاء، وإذا حكم الطبيب بأن الصوم مضر وعلم المكلف من نفسه
عدم الضرر يصح صومه وإذا حكم بعدم ضرره وعلم المكلف أو ظن كونه مضر أوجب
عليه تركه ولا يصح منه.
مسألة 1 - يصح الصوم من النائم ولو في تمام النهار إذا سبقت منه النية في
36

الليل واما إذا لم تسبق منه النية فان استمر نومه إلى الزوال بطل صومه ووجب عليه
القضاء إذا كان واجبا، وان استيقظ قبله نوى وصح، كما أنه لو كان مندوبا واستيقظ
قبل الغروب يصح إذا نوى.
مسألة - يصح الصوم وساير العبادات من الصبي المميز على الأقوى من شرعية
عباداته ويستحب تمرينه عليها بل التشديد عليه لسبع من غير فرق بين الذكر والأنثى
في ذلك كله.
مسألة 3 - يشترط في صحة الصوم المندوب مضافا إلى ما ذكر ان لا يكون عليه
صوم واجب من قضاء أو نذر (1) أو كفارة أو نحوها مع التمكن من أدائه، واما مع
عدم التمكن منه كما إذا كان مسافرا وقلنا بجواز الصوم المندوب في السفر أو كان في
المدينة وأراد صيام ثلاثة أيام للحاجة فالأقوى صحته، وكذا إذا نسي الواجب واتى
بالمندوب فان الأقوى صحته إذا تذكر بعد الفراغ، واما إذا تذكر في الأثناء قطع ويجوز
تجديد النية حينئذ للواجب مع بقاء محلها كما إذا كان قبل الزوال، ولو نذر التطوع
على الاطلاق صح وإن كان عليه واجب فيجوز ان يأتي بالمنذور قبله بعد ما صار واجبا
وكذا لو نذر أياما معينة يمكن اتيان الواجب قبلها، واما لو نذر أياما معينة لا يمكن اتيان
الواجب قبلها ففي صحته اشكال من أنه بعد النذر يصير واجبا ومن أن التطوع قبل
الفريضة غير جايز فلا يصح نذره ولا يبعد (2) ان يقال إنه لا يجوز بوصف التطوع
وبالنذر يخرج عن الوصف ويكفى في رجحان متعلق النذر رجحانه ولو بالنذر، وبعبارة
أخرى المانع هو وصف الندب وبالنذر يرتفع المانع.
مسألة 4 - الظاهر جواز التطوع بالصوم إذا كان ما عليه من الصوم الواجب
استيجارا وإن كان الأحوط تقديم الواجب.

(1) على الأحوط في غير قضاء شهر رمضان بل لا يبعد القول بالصحة فيه.
(2) هذا بعيد.
37

10 - فصل في شرايط وجوب الصوم
وهى أمور: الأول الثاني - البلوغ والعقل فلا يجب على الصبي والمجنون
الا أن يكملا قبل طلوع الفجر دون ما إذا كملا بعده فإنه لا يجب عليهما وان لم يأتيا
بالمفطر بل وان نوى الصبي الصوم ندبا لكن الأحوط (1) مع عدم اتيان المفطر
الاتمام والقضاء إذا كان الصوم واجبا معينا، ولا فرق في الجنون بين الاطباقي والأدواري
إذا كان يحصل في النهار ولو في جزء منه واما لو كان دور جنونه في الليل بحيث
يفيق قبل الفجر فيجب عليه.
الثالث - عدم الاغماء فلا يجب معه الصوم ولو حصل في جزء من النهار نعم
لو كان نوى الصوم قبل الاغماء فالأحوط اتمامه (2).
الرابع - عدم المرض الذي يتضرر معه الصائم ولو برء بعد الزوال ولم
يفطر لم يجب عليه النية والاتمام، وأما لو برء قبله ولم يتناول مفطرا فالأحوط أن ينوى
ويصوم وإن كان الأقوى عدم وجوبه (3).
الخامس - الخلو من الحيض والنفاس فلا يجب معهما وإن كان حصولهما في
جزء من النهار.
السادس - الحضر فلا يجب على المسافر الذي يجب عليه قصر الصلاة بخلاف
من كان وظيفته التمام كالمقيم عشرا والمتردد ثلاثين يوما والمكاري ونحوه والعاصي
بسفره فإنه يجب عليه التمام إذ المدار في تقصير الصوم على تقصير الصلاة فكل
سفر يوجب قصر الصلاة يوجب قصر الصوم وبالعكس.

(1) الأظهر انه لو دخل الصبي في الصوم بنية الندب ثم بلغ وجب عليه الاتمام
كان البلوغ قبل الزوال أو بعده ولو لم يدخل فيه فبلغ فلا يجب عليه اتمام الصوم تناول
المفطر أم لا بلغ قبل الزوال أو بعده ولا قضاء عليه في الموردين.
(2) بل الأظهر ذلك.
(3) بل الأقوى وجوبه.
38

مسألة 1 - إذا كان حاضرا فخرج إلى السفر فإن كان قبل الزوال وجب عليه
الافطار وإن كان بعده وجب عليه البقاء على صومه، وإذا كان مسافرا وحضر بلده
أو بلدا يعزم على الإقامة فيه عشرة أيام فإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر وجب
عليه الصوم وإن كان بعده أو تناول فلا وان استحب له الامساك بقية النهار، والظاهر
أن المناط كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده لا الخروج عن حد الترخص
وكذا في الرجوع المناط دخول البلد لكن لا يترك الاحتياط بالجمع إذا كان الشروع
قبل الزوال والخروج عن حد الترخص بعده وكذا في العود إذا كان الوصول إلى
حد الترخص قبل الزوال والدخول في المنزل بعده.
مسألة 2 - قد عرفت التلازم بين اتمام الصلاة والصوم وقصرها والافطار لكن
يستثنى من ذلك موارد: أحدها - الأماكن الأربعة فان المسافر يتخير فيها بين القصر
واتمام في الصلاة وفى الصوم يتعين الافطار. الثاني - ما مر من الخارج إلى السفر
بعد الزوال فإنه يتعين عليه البقاء على الصوم مع أنه يقصر في الصلاة. الثالث - ما مر
من الراجع من سفره فإنه ان رجع بعد الزوال يجب عليه الاتمام مع أنه يتعين عليه الافطار.
مسألة 3 - إذا خرج إلى السفر في شهر رمضان لا يجوز له الافطار الا بعد الوصول
إلى حد الترخص وقد مر سابقا وجوب الكفارة عليه ان افطر قبله.
مسألة 4 - يجوز السفر اختيارا في شهر رمضان بل ولو كان للفرار من الصوم
كما مر، واما غيره من الواجب المعين فالأقوى عدم جوازه الا مع الضرورة كما أنه
لو كان مسافرا وجب عليه الإقامة لاتيانه مع الامكان.
مسألة 5 - الظاهر كراهة السفر في شهر رمضان (1) قبل ان يمضى ثلاثة وعشرون
يوما الا في حج أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه.

(1) بل أفضلية الإقامة والصوم.
39

مسألة 6 - يكره للمسافر في شهر رمضان بل كل من يجوز له الافطار التملى
من الطعام والشراب، وكذا يكره له الجماع في النهار بل الأحوط تركه وإن كان
الأقوى جوازه.
11 - فصل
وردت الرخصة في افطار شهر رمضان لأشخاص بل قد يجب:
الأول والثاني - الشيخ والشيخة إذا تعذر عليهما الصوم أو كان حرجا ومشقة
فيجوز لهما الافطار لكن يجب عليهما في صورة المشقة بل في صورة التعذر أيضا
التكفير بدل كل يوم من طعام والأحوط مدان والأفضل كونهما من حنطة والأقوى
وجوب القضاء عليهما (1) لو تمكنا بعد ذلك.
الثالث - من به داء العطش فإنه يفطر سواء كان بحيث لا يقدر على الصبر أو
كان فيه مشقة ويجب عليه التصدق بمد والأحوط مدان من غير فرق بين ما إذا كان
مر جو الزوال أم لا، والأحوط بل الأقوى وجوب القضاء عليه إذا تمكن بعد ذلك
كما أن الأحوط ان يقتصر على مقدار الضرورة.
الرابع - الحامل المقرب التي يضرها الصوم أو يضر حملها فتفطر وتتصدق
من مالها بالمد أو المدين وتقضى بعد ذلك.
الخامس - المرضعة القليلة اللبن إذا أضربها الصوم أو أضر بالولد ولا فرق
بين أن يكون الولد لها أو متبرعة برضاعه أو مستأجرة، ويجب عليها التصدق بالمد
أو المدين أيضا من مالها والقضاء بعد ذلك والأحوط بل الأقوى الاقتصار على صورة
عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع تبرعا أو بأجرة من أبيه أو منها أو من متبرع.

(1) بل الأقوى عدم الوجوب، نعم هو أحوط.
40

12 - فصل
في طريق ثبوت هلال رمضان وشوال للصوم والافطار وهى أمور:
الأول - رؤية المكلف نفسه. الثاني - التواتر.
الثالث - الشياع المفيد للعلم وفى حكمه كل ما يفيد العلم ولو بمعاونة القرائن
فمن حصل له العلم بأحد الوجوه المذكورة عليه العمل به وان لم يوافقه أحد
بل وان شهد ورد الحاكم شهادته.
الرابع - مضى ثلاثين يوما من هلال شعبان أو ثلاثين يوما من هلال رمضان
فإنه يجب الصوم معه في الأول والافطار في الثاني.
الخامس - البينة الشرعية وهى خبر عدلين سواء شهدا عند الحاكم وقبل شهادتهما
أو لم يشهدا عنده أو شهدا ورد شهادتهما فكل من شهد عنده عدلان عنده يجوز بل يجب
عليه ترتيب الأثر من الصوم أو الافطار، ولا فرق بين أن تكون البينة من البلد أو من
خارجة وبين وجود العلة في السماء وعدمها، نعم يشترط توافقهما في الأوصاف فلو
اختلفا فيها لا اعتبار بها نعم لو أطرقا أو وصف أحدهما وأطلق الاخر كفى، ولا يعتبر
اتحادهما في زمان الرؤية مع توافقهما على الرؤية في الليل ولا يثبت بشهادة النساء
ولا بعدل واحد (1) ولو مع ضم اليمين.
والسادس - حكم الحاكم الذي لم يعلم خطاؤه ولأخطاء مستنده كما إذا استند
إلى الشياع الظني ولا يثبت بقول المنجمين ولا بغيبوبة الشفق (2) في الليلة الأخرى
ولا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال (3) فلا يحكم بكون ذلك اليوم أول الشهر ولا بغير
ذلك مما يفيد الظن ولو كان قويا الا للأسير والمحبوس.
مسألة 1 - لا يثبت بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية بل شهدا شهادة علمية.

(1) الظاهر ثبوته به، بل وبخبر الثقة وان لم يكن عدلا.
(2) مراده انه لا عبرة بغيبوبة الهلال بعد الشفق في ليلة الرؤية في ثبوت كونه ليلة سابقة.
(3) فيه اشكال بل الأظهر بحسب الأدلة ثبوته بها والاحتياط سبيل النجاة.
41

مسألة 2 - إذا لم يثبت الهلال وترك الصوم ثم شهد عدلان برؤيته يجب قضاء
ذلك اليوم، وكذا إذا قامت البينة على هلال شوال ليلة التاسع والعشرين من هلال
رمضان أو رآه في تلك الليل بنفسه.
مسألة 3 - لا يختص اعتبار حكم الحاكم بمقلديه بل هو نافذ بالنسبة إلى الحاكم
الآخر أيضا إذا لم يثبت عنده خلافه.
مسألة 4 - إذا ثبت رؤيته في بلد آخر ولم يثبت في بلده فان كانا متقاربين
كفى والا فلا الا إذا علم توافق أفقهما (1) وان كانا متباعدين.
مسألة 5 - لا يجوز الاعتماد على البريد البرقي المسمى بالتلغراف في الاخبار
عن الرؤية الا إذا حصل منه العلم بأن كان البلدان متقاربين وتحقق حكم الحاكم
أو شهادة العدلين برؤيته هناك.
مسألة 6 - في يوم الشك في أنه من رمضان أو شوال يجب أن يصوم وفى يوم
الشك في أنه من شعبان أو رمضان يجوز الافطار ويجوز أن يصوم لكن لا بقصد انه من رمضان
كما مر سابقا تفصيل الكلام فيه، ولو تبين في الصورة الأولى كونه من شوال وجب الافطار
سواء كان قبل الزوال أو بعده، ولو تبين في الصورة الثانية كونه من رمضان وجب الامساك
وكان صحيحا إذا لم يفطر ونوى قبل الزوال ويجب قضاؤه إذا كان بعد الزوال (2).
مسألة 7 - لو غمت الشهور ولم ير الهلال في جملة منها أو في تمامها حسب
كل شهر ثلاثين ما لم يعلم النقصان عادة.
مسألة 8 - الأسير والمحبوس إذا لم يتمكنا من تحصيل العلم بالشهر عملا
بالظن ومع عدمه تخيرا في كل سنة بين الشهور فيعينان شهرا له، ويجب مراعاة المطابقة
بين الشهرين في سنتين بأن يكون بينهما أحد عشر شهرا ولو بان بعد ذلك ان ما ظنه

(1) أو رأي في البلاد الشرقية، أو كان اختلاف الأفق يسيرا لا يتعدى عن نصف ساعة
تقريبا، بل القول بالكفاية مطلقا هو الأظهر، وبه يظهر الحال في المسألة اللاحقة.
(2) ان لم يكن ناويا للصوم بعنوان انه من شعبان والا فلا قضاء عليه لو جدد النية
ولو بعد الزوال كما تقدم منه.
42

أو اختاره لم يكن رمضان فان تبين سبقه كفاه لأنه حينئذ يكون ما اتى به قضاء وان
تبين لحوقه وقد مضى قضاه وأن لم يمض أتى به ويجوز له في صورة عدم حصول
الظن أن لا يصوم حتى يتيقن أنه كان سابقا (1) فيأتي به قضاء، والأحوط اجراء احكام
شهر رمضان على ما ظنه من الكفارة والمتابعة والفطرة وصلاة العيد وحرمة صومه
ما دام الاشتباه باقيا وان بان الخلاف عمل بمقتضاه.
مسألة 9 - إذا اشتبه شهر رمضان بين شهرين أو ثلاثة اشهر مثلا فالأحوط
صوم الجميع وإن كان لا يبعد اجراء حكم الأسير والمحبوس، وأما ان اشتبه الشهر
المنذور صومه بين شهرين أو ثلاثة فالظاهر وجوب الاحتياط ما لم يستلزم الحرج
ومعه يعمل بالظن ومع عدمه يتخير (2).
مسألة 10 - إذا فرض كون المكلف في المكان الذي نهاره ستة أشهر وليله ستة
أشهر أو نهاره ثلاثة وليله ستة أو نحو ذلك فلا يبعد كون المدار في صومه وصلاته
على البلدان المتعارفة (3) المتوسطة مخيرا بين افراد المتوسط، وأما احتمال سقوط
تكليفهما عنه فبعيد كاحتمال سقوط الصوم وكون الواجب صلاة يوم واحد وليلة
واحدة ويحتمل كون المدار بلده الذي كان متوطنا فيه سابقا إن كان له بلد سابق.
13 - فصل في احكام القضاء
يجب قضاء الصوم ممن فاته بشروط وهى: البلوغ، والعقل، والاسلام،
فلا يجب على البالغ ما فاته أيام صباه نعم يجب قضاء اليوم الذي بلغ فيه قبل طلوع
فجره أو بلغ مقارنا لطلوعه إذا فاته صومه وأما لو بلغ بعد الطلوع في أثناء النهار
فلا يجب قضاؤه (4) وإن كان أحوط ولو شك في كون البلوغ قل الفجر أو بعده

(1) بل حتى يتيقن بعدم التقدم على رمضان.
(2) الأحوط تأخيره إلى الشهر الأخير فيقصد به الأعم من الأداء والقضاء.
(3) ما ذكره لا شاهد له ولنعم ما افاده بعض الأساطين من أنه لا يبعد القول بوجوب
الهجرة إلى بلاد يتمكن فيها من الصلاة والصيام.
(4) الا إذا كان ناويا للصوم فأفطر بعد البلوغ.
43

فمع الجهل بتاريخهما لم يجب القضاء وكذا مع الجهل بتاريخ البلوغ، وأما مع الجهل
بتاريخ الطلوع بأن علم أنه بلغ قبل ساعة مثلا ولم يعلم أنه كان قد طلع الفجر أم لا
فالأحوط القضاء ولكن في وجوبه اشكال (1) وكذا لا يجب على المجنون ما فات منه
أيام جنونه من غير فرق بين ما كان من الله أو من فعله على وجه الحرمة أو على وجه
الجواز، وكذا لا يجب على المغمى عليه سواء نوى الصوم قبل الاغماء أم لا، وكذا لا يجب
على من أسلم عن كفر الا إذا اسلم قبل الفجر ولم يصم ذلك اليوم فإنه يجب عليه
قضاؤه، ولو اسم في أثناء النهار لم يجب عليه صومه وان لم يأت بالمفطر ولا عليه قضاؤه
من غير فرق بين ما لو أسلم قبل الزوال أو بعده وإن كان الأحوط القضاء إذا كان قبل
الزوال.
مسألة 1 - يجب على المرتد قضاء ما فاته أيام ردته سواء كان عن ملة أو فطرة
مسألة 2 - يجب القضاء على من فاته لسكر من غير فرق بين ما كان للتداوي أو
على وجه الحرام.
مسألة 3 - يجب على الحايض والنفساء قضاء ما فاتهما حال الحيض والنفاس
وأما المستحاضة فيجب عليها الأداء وإذا فات منها فالقضاء.
مسألة 4 - المخالف إذا استبصر يجب عليه قضاء ما فاته وأما ما أتى به على وفق
مذهبه (2) فلا قضاء عليه.
مسألة 5 - يجب القضاء على ما فاته الصوم للنوم بأن كان نائما قبل الفجر إلى
الغروب (3) من غير سبق نية وكذا من فاته للغفلة كذلك.
مسألة 6 - إذا علم أنه فاته أيام من شهر رمضان ودار بين الأقل والأكثر يجوز
له الاكتفاء بالأقل ولكن الأحوط قضاء الأكثر خصوصا إذا كان الفوت لمانع من مرض

(1) الأظهر عدم الوجوب.
(2) أو مذهبنا.
(3) بل إلى الزوال.
44

أو سفر أو نحو ذلك وكان شكه في زمان زواله كأن يشك في أنه حضر من سفره بعد أربعة
أيام أو خمسة أيام مثلا من شهر رمضان.
مسألة 7 - لا يجب الفور في قضاء ولا التتابع، نعم يستحب التتابع فيه وإن كان
أكثر من ستة لا التفريق فيه مطلقا أو في الزائد على الستة.
مسألة 8 - لا يجب تعيين (1) الأيام فلو كان عليه أيام فصام بعددها كفى وان لم
يعين الأول والثاني وهكذا، بل لا يجب الترتيب أيضا فلو نوى الوسط أو الأخير تعين
ويترتب عليه أثره.
مسألة 9 - لو كان عليه قضاء من رمضانين فصاعدا يجوز قضاء اللاحق قبل السابق
بل إذا تضيق اللاحق بأن صار قريبا من رمضان آخر كان الأحوط تقديم اللاحق ولو
أطلق في نيته انصرف إلى السابق وكذا في الأيام.
مسألة 10 - لا ترتيب بين صوم القضاء وغيره من اقسام الصوم الواجب كالكفارة
والنذر ونحوهما، نعم لا يجوز التطوع بشئ لمن عليه صوم واجب كما مر (2).
مسألة 11 - إذا اعتقد ان عليه قضاء فنواه ثم تبين بعد الفراغ فراغ ذمته لم يقع
لغيره وأما لو ظهر له في الأثناء فإن كان بعد الزوال لا يجوز العدول إلى غيره وإن كان
قبله فالأقوى جواز تجديد النية لغيره وإن كان الأحوط عدمه.
مسألة 12 - إذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض أو حيض أو نفاس ومات فيه
لم يجب القضاء عنه ولكن يستحب النيابة عنه في أدائه (3) والأولى ان يكون بقصد
اهداء الثواب.
مسألة 13 - إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر واستمر إلى رمضان آخر فإن كان
العذر هو المرض سقط قضائه على الأصح وكفر عن كل يوم بمد والأحوط مدان

(1) بل يجب ولو بان يطلق حيث إنه ينصرف إلى السابق.
(2) وقد مر ان القول بالجواز في غير قضاء رمضان غير بعيد.
(3) لا يستحب النيابة بعنوان القضاء.
45

ولا يجزى القضاء عن التكفير، نعم الأحوط الجمع بينهما وإن كان العذر غير المرض
كالسفر ونحوه فالأقوى وجوب القضاء وإن كان الأحوط الجمع بينه وبين المد (1)
وكذا إن كان سبب الفوت هو المرض وكان العذر في التأخير غيره مستمرا من حين
برئه إلى رمضان آخر أو العكس (2) فإنه يجب القضاء أيضا في هاتين الصورتين على
الأقوى والأحوط الجمع خصوصا في الثانية.
مسألة 14 - إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر بل كان متعمدا في الترك ولم
يأت بالقضاء إلى رمضان آخر وجب عليه الجمع بين الكفارة والقضاء بعد الشهر (3)
وكذا ان فاته لعذر ولم يستمر ذلك العذر بل ارتفع في أثناء السنة ولم يأت به إلى
رمضان آخر متعمدا وعازما على الترك أو متسامحا واتفق العذر عند الضيق فإنه يجب
حينئذ أيضا الجمع وأما إن كان عازما على القضاء بعد ارتفاع العذر فاتفق العذر
عند الضيق فلا يبعد كفاية القضاء (4) لكن لا يترك الاحتياط بالجمع أيضا، ولا فرق فيما
ذكر بين كون العذر هو المرض أو غيره، فتحصل مما ذكر في هذه المسألة وسابقتها ان
تأخير القضاء إلى رمضان آخر، اما بواجب القضاء فقط وهى الصورة الأولى المذكورة
في المسألة السابقة، واما يوجب القضاء فقط وهى بقية الصور المذكورة فيها، واما يوجب
الجمع بينهما وهى الصور المذكورة في هذه المسألة نعم الأحوط الجمع في الصور
المذكورة في السابقة أيضا كما عرفت.
مسألة 15 - إذا استمر المرض إلى ثلاث سنين يعنى الرمضان الثالث وجبت
كفارة للأولى وكفارة أخرى للثانية ويجب عليه القضاء للثالثة إذا استمر إلى آخرها ثم
برء وإذا استمر إلى أربع سنين وجبت للثالثة أيضا ويقضى للرابعة إذا استمر إلى

(1) لا يترك الاحتياط في هذه الصورة وما يليها.
(2) الأظهر في هذه الصورة سقوط القضاء.
(3) لا دليل على وجوب الفدية في هذه الصورة، نعم هو أحوط بل لا يترك هذا
الاحتياط.
(4) الظاهر وجوب الامرين.
46

آخرها اي الرمضان الرابع وأما إذا اخر قضاء السنة الأولى إلى سنين عديدة فلا تتكرر
الكفارة بتكررها بل تكفيه كفارة واحدة.
مسألة 16 - يجوز اعطاء كفارة أيام عديدة من رمضان واحد أو أزيد لفقير
واحد فلا يجب اعطاء كل فقير مدا واحدا ليوم واحد.
مسألة 17 - لا تجب كفارة العبد على سيده من غير فرق بين كفارة التأخير وكفارة
الافطار، ففي الأولى إن كان له مال واذن له السيد اعطى من ماله والا استغفر بدلا عنها،
وفى كفارة الافطار يجب عليه اختيار صوم شهرين مع عدم المال والاذن من السيد، وان
عجز فصوم ثمانية عشر يوما (1) وان عجز فالاستغفار.
مسألة 18 - الأحوط عدم تأخير القضاء إلى رمضان آخر مع التمكن عمدا وإن كان
لا دليل على حرمته.
مسألة 19 - يجب على ولى الميت قضاء ما فاته من الصوم لعذر من مرض أو
سفر (2) أو نحوهما لا ما تركه عمدا أو اتى به وكان باطلا من جهة التقصير في أخذ
المسائل وإن كان الأحوط قضاء جميع ما عليه وإن كان من جهة الترك عمدا، نعم يشترط
في وجوب قضاء ما فات بالمرض ان يكون قد تمكن في حال حياته من القضاء واهمل
والا فلا يجب لسقوط القضاء حينئذ كما عرفت سابقا، ولا فرق في الميت بين الأب والام
على الأقوى، وكذا لا فرق بين ما إذا ترك الميت ما يمكن التصدق به عنه وعدمه وإن كان
الأحوط في الأول الصدقة (3) عنه برضا الوارث مع القضاء والمراد بالولي هو
الولد الأكبر (4) وإن كان طفلا أو مجنونا حين الموت بل وإن كان حملا.

(1) إذا تمكن من التصدق الأحوط لزوما اختياره وضم الاستغفار اليه.
(2) الأظهر هو التعميم لموجبات الفوات.
(3) لا يترك.
(4) بل المراد به أولى الناس بميراثه من الرجال فيجب مع فقد الولد الأكبر الذي
هو أولى من غيره، على غيره من الوراث فيقضى عنه أكبر أوليائه من أهله، وان لم يكن
فليس على النساء شئ وبه يظهر الحال في المسألة الآتية.
47

مسألة 20 - لو لم يكن للميت ولد لم يجب القضاء على أحد من الورثة وإن كان
الأحوط قضاء أكبر الذكور من الأقارب عنه.
مسألة 21 - ولو تعدد الولي اشتركا وان تحمل أحدهما كفى عن الآخر كما أنه
لو تبرع أجنبي سقط عن الولي.
مسألة 22 - يجوز للولي ان يستأجر من يصوم عن الميت وأن يأتي به مباشرة
وإذا استأجر ولم يأت به المؤجر أو اتى به باطلا لم يسقط عن الولي.
مسألة 23 - إذا شك الولي في اشتغال ذمة الميت وعدمه لم يجب عليه شئ
ولو علم به اجمالا ونردد بين الأقل والأكثر جاز له الاقتصار على الأقل.
مسألة 24 - إذا أوصى الميت باستيجار ما عليه من الصوم أو الصلاة سقط عن
الولي بشرط أداء الأجير صحيحا (1) والا وجب عليه.
مسألة 25 - انما يجب على الولي قضاء ما علم اشتغال ذمة الميت به أو شهدت
به البينة أو أقر به عند موته (2) وأما لو علم أنه كان عليه القضاء وشك في اتيانه حال
حياته أو بقاء شغل ذمته فالظاهر عدم الوجوب عليه (3) باستصحاب بقائه، نعم لو شك هو
في حال حياته وأجرى الاستصحاب أو قاعدة الشغل ولم يأت به حتى مات فالظاهر
وجوبه على الولي.
مسألة 26 - في اختصاص ما وجب على الولي بقضاء شهر رمضان أو عمومه
لكل صوم واجب قولان مقتضى اطلاق بعض الأخبار الثاني وهو الأحوط.
مسألة 27 - لا يجوز للصائم قضاء شهر رمضان إذا كان عن نفسه الافطار بعد الزوال
بل تجب عليه الكفارة به وهى كما مر اطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد ومع العجز
عنه صيام ثلاثة أيام، واما إذا كان عن غيره بإجارة أو تبرع فالأقوى جوازه وإن كان

(1) قبل الاتيان يكون وجوبه على كل من الولي والوصي كفائيا.
(2) إذا كان ثقة غير متهم والا ففيه اشكال.
(3) بل الظاهر هو الوجوب.
48

الأحوط الترك كما أن الأقوى الجواز في ساير أقسام الصوم الواجب الموسع (1) وإن كان
الأحوط الترك فيه أيضا، وأما الافطار قبل الزوال فلا مانع منه حتى في قضاء شهر
رمضان عن نفسه الا مع التعين بالنذر أو الإجارة أو نحوها أو التضيق بمجئ رمضان
آخر ان قلنا بعدم جواز التأخير اليه كما هو المشهور.
14 - فصل في صوم الكفارة
وهو أقسام " منها " ما يجب فيه الصوم مع غيره وهى كفارة قتل العمد وكفارة من
أفطر على محرم في شهر رمضان فإنه تجب فيهما الخصال الثالث " ومنها " ما يجب فيه
الصوم بعد العجز عن غيره وهى كفارة الظهار، وكفارة قتل الخطاء فان وجوب الصوم فيهما
بعد العجز عن العتق، وكفارة الافطار في قضاء رمضان فان الصوم فيها بعد العجز عن
الاطعام كما عرفت، وكفارة اليمين وهى عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم
وبعد العجز عنها فصيام ثلاثة أيام وكفارة صيد النعامة، وكفارة صيد البقر الوحشي
وكفارة صيد الغزال: فان الأول تجب فيه بدنة ومع العجز عنها صوم (2) ثمانية عشر
يوما، والثاني يجب فيه ذبح بقرة، ومع العجز عنها صوم تسعة أيام (3) والثالث يجب
فيه شاة، ومع العجز عنها صوم ثلاثة أيام (4) وكفارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب
عامدا وهى بدنة وبعد العجز عنها صيام ثمانية عشر يوما وكفارة خدش المرأة وجهها

(1) لا يترك الاحتياط في الصوم الواجب بعنوانه لا بعنوان آخر خارج عنه كالنذر
والإجارة ونحوهما.
(2) بل مع العجز عنها نفض ثمنها على الطعام واطعم ستين مسكينا لكل مسكين مد
والأحوط مدان، ولا يجب اتمام ما نقص ولا ما زاد، ومع العجز عنه صام ستين يوما وان عجز
صام ثمانية عشر يوما.
(3) بل مع العجز عنها نفض ثمنها على الطعام واطعم ثلثين مسكينا على التفصيل
السابق، وان عجز صام ثلثين يوما، وان عجز صام تسعة أيام.
(4) بل مع العجز عنها صرف ثمنها في اطعام عشرة مساكين على التفصيل المتقدم
وان عجز صام عشرة أيام وان عجز صام ثلاثة أيام.
49

في المصاب حتى أدمته ونتفها رأسها فيه، وكفارة شق الرجل ثوبه على زوجته أو ولده
فإنهما ككفارة اليمين " ومنها " ما يجب فيه الصوم مخيرا بينه وبين غيره، وهى كفارة
الافطار في شهر رمضان، وكفارة الاعتكاف وكفارة النذر والعهد وكفارة جز المرأة شعرها
في المصاب فان كل هذه مخيرة بين الخصال الثلاث على الأقوى، وكفارة حلق الرأس
في الاحرام وهى دم شاة أو صيام ثلاثة أيام أو التصدق على ستة مساكين لكل واحد
مدان " ومنها " ما يجب فيه الصوم مرتبا على غيره مخيرا بينه وبين غيره وهى كفارة الواطئ
أمته المحرمة باذنه فإنها بدنة أو بقرة (1) ومع العجز فشاة أو صيام ثلاثة أيام.
مسألة 1 - يجب التتابع في صوم شهرين من كفارة الجمع أو كفارة التخيير
ويكفى في حصول التتابع فيهما صوم الشهر الأول ويوم من الشهر الثاني، وكذا يجب
التتابع في الثمانية عشر (2) بدل الشهرين، بل هو الأحوط في صيام ساير الكفارات
وإن كان في وجوبه فيها تأمل واشكال.
مسألة 2 - إذا نذر صوم شهر أو أقل أو أزيد لم يجب التتابع الا مع الانصراف
أو اشتراط التتابع فيه.
مسألة 3 - إذا فاته النذر المعين أو المشروط فيه التتابع فالأحوط في قضائه
التتابع أيضا.
مسألة 4 - من وجب عليه الصوم اللازم فيه التتابع لا يجوز أن يشرع فيه في زمان
يعلم أنه لا يسلم له بتخلل العيد أو تخلل يوم يجب فيه صوم آخر من نذر أو إجارة أو شهر
رمضان فمن وجب عليه شهران متتابعان لا يجوز له أن يبتدء بشعبان بل يجب ان يصوم
قبله يوما أو أزيد من رجب، وكذا لا يجوز أن يقتصر على شوال مع يوم من ذي القعدة
أو على ذي الحجة مع يوم من المحرم لنقصان الشهرين بالعيدين نعم لو لم يعلم من

(1) بل كفارته إن كان موسرا بدنة أو بقرة أو شاة، وإن كان معسرا شاة أو صيام
ثلاثة أيام.
(2) على الأحوط، وكذا يجب التتابع في الصيام الواجبة في كفارة اليمين على الأظهر
.
50

حين الشروع عدم السلامة فاتفق فلا بأس على الأصح (1) وإن كان الأحوط عدم الاجزاء
ويستثنى مما ذكرنا من عدم الجواز مورد واحد وهو صوم ثلاثة أيام بدل هدى التمتع
إذا شرع فيه يوم التروية فإنه يصح وان تخلل بينها العيد فيأتي بالثالث بعد العيد
بلا فصل (2) أو بعد أيام التشريق بلا فصل لمن كان بمنى، وأما لو شرع فيه يوم عرفة أو
صام يوم السابع والتروية وتركه في عرفة لم يصح ووجب الاستيناف كسائر موارد
وجوب التتابع.
مسألة 5 - كل صوم يشترط فيه التتابع إذا افطر في أثنائه لا لعذر اختيارا يجب
استينافه، وكذا إذا شرع فيه في زمان يتخلل فيه صوم واجب آخر من نذر ونحوه
واما ما لم يشترط فيه التتابع وان وجب فيه بنذر أو نحوه فلا يجب استينافه وان أثم
بالافطار، كما إذا نذر التتابع في قضاء رمضان فإنه لو خالف وأتى به متفرقا صح وان
عصى من جهة خلف النذر.
مسألة 6 - إذا افطر في أثناء ما يشترط فيه التتابع لعذر من الاعذار كالمرض والحيض
والنفاس والسفر الاضطراري (3) دون الاختياري لم يجب استينافه بل يبنى على ما مضى
ومن العذر ما إذا نسي النية حتى فات وقتها بأن تذكر بعد الزوال، ومنه أيضا ما إذا نسي
فنوى صوما آخر ولم يتذكر الا بعد الزوال، ومنه أيضا ما إذا نذر قبل تعلق الكفارة (4)
صوم كل خميس فان تخلله في أثناء التتابع لا يضر به ولا يجب عليه الانتقال إلى غير
الصوم من الخصال في صوم الشهرين لأجل هذا التعذر، نعم لو كان قد نذر صوم الدهر
قبل تعلق الكفارة اتجه الانتقال إلى ساير الخصال.

(1) إذا كان عن غفلة أو اعتقاد عدم اتفاق العيد، واما مع الشك فلا يبعد القول
بعدم الأجزاء.
(2) على الأحوط.
(3) الأظهر عدم كون السفر من تلك الاعذار.
(4) الأظهر انه لو نذر صوم يوم الخميس بنحو الاطلاق أو صوم الدهر يحسب ذلك
من الكفارة ولا يوجب التخلل.
51

مسألة 7 - كل من وجب عليه شهران متتابعان من كفارة معينة أو مخيرة إذا صام
شهرا ويوما متتابعا يجوز له التفريق في البقية ولو اختيارا لا لعذر، وكذا لو كان من نذر
أو عهد لم يشترط فيه تتابع الأيام جميعها ولم يكن المنساق منه ذلك، والحق المشهور
بالشهرين الشهر المنذور فيه التتابع فقالوا إذا تابع في خمسة عشر يوما منه يجوز له
التفريق في البقية اختيارا وهو مشكل (1) فلا يترك الاحتياط فيه بالاستيناف مع تخلل
الافطار عمدا وان بقي منه يوم، كما لا اشكال في عدم جواز التفريق اختيارا مع تجاوز
النصف في ساير أقسام الصوم المتتابع.
مسألة 8 - إذا بطل التتابع في الأثناء لا يكشف عن بطلان الأيام السابقة فهي
صحيحة وان لم تكن امتثالا للأمر الوجوبي ولا الندبي لكونها محبوبة في حد نفسها
من حيث إنها صوم، وكذلك الحال في الصلاة إذا بطلت في الأثناء فان الأذكار والقراءة
صحيحة في حد نفسها من حيث محبوبيتها لذاتها.
15 - فصل
أقسام الصوم أربعة: واجب، وندب، ومكروه كراهة عبادة، ومحظور.
والواجب اقسام: صوم شهر رمضان وصوم الكفارة وصوم القضاء وصوم بدل الهدى
في حج التمتع وصوم النذر والعهد واليمين والملتزم بشرط أو إجارة وصوم اليوم
الثالث من أيام الاعتكاف، أما الواجب فقد مر جملة منه.
وأما المندوب منه فأقسام: " منه " ما لا يختص بسبب مخصوص ولا زمان
معين كصوم أيام السنة عدا ما استثنى من العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى فقد
وردت الأخبار الكثيرة في فضله من حيث هو ومحبوبيته وفوائده ويكفى فيه، ما ورد
في الحديث القدسي: الصوم لي وانا أجازي به، وما ورد من أن الصوم جنة من النار،
وان نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب ونعم ما قال

(1) وإن كان الأرجح ما ذكروه.
52

بعض العلماء من أنه لو لم يكن في الصوم الا الارتقاء عن حضيض حظوظ النفس
البهيمية إلى ذروة التشبه بالملائكة الروحانية لكفى به فضلا ومنقبة وشرفا و " منها "
ما يختص بسبب مخصوص وهى كثيرة مذكورة في كتب الأدعية " ومنها " ما يختص
بوقت معين وهو في مواضع " منها " وهو آكدها صوم ثلاثة أيام من كل شهر
فقد ورد أنه يعادل صوم الدهر ويذهب بوحر الصدر، وأفضل كيفياته ما عن المشهور
ويدل عليه جملة من الأخبار هو أن يصوم أو خميس من الشهر وآخر خميس منه
وأول أربعاء في العشر الثاني ومن تركه يستحب له قضاؤه ومع العجز عن صومه
لكبر ونحوه يستحب ان يتصدق عن كل يوم بمد من طعام أو بدرهم " ومنها " صوم
أيام البيض من كل شهر وهى الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر على الأصح
المشهور وعن العماني أنها الثلاثة المتقدمة.
" ومنها " صوم يوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وهو السابع عشر من ربيع الأول على
الأصح وعن الكليني أنه الثاني عشر منه " ومنها " صوم يوم الغدير وهو الثامن عشر
من ذي الحجة " ومنها " صوم يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله وهو السابع والعشرون من رجب
" ومنها " يوم دحو الأرض من تحت الكعبة وهو اليوم الخامس والعشرون من
ذي القعدة " ومنها " يوم عرفة لمن لا يضعفه الصوم عن الدعاء " ومنها " يوم المباهلة وهو
الرابع والعشرون من ذي الحجة " منها " كل خميس وجمعة معا أو الجمعة فقط
" ومنها " أول ذي الحجة بل كل يوم من التسع فيه " ومنها " يوم النيروز " ومنها "
صوم رجب وشعبان كلا أو بعضا ولو يوما من كل منهما " ومنها " أول يوم من المحرم
وثالثه وسابعه " ومنها " التاسع والعشرون من ذي القعدة " ومنها " صوم ستة أيام بعد
عيد الفطر بثلاثة أيام أحدها العيد " ومنها " يوم النصف من جمادى الأولى.
مسألة 1 - لا يجب اتمام صوم التطوع بالشروع فيه بل يجوز له الافطار إلى
الغروب وإن كان يكره بعد الزوال.
مسألة 2 - يستحب للصائم تطوعا قطع الصوم إذا دعاه اخوه المؤمن إلى الطعام
53

بل قبل بكراهته حينئذ.
وأما المكروه منه: بمعنى قلة الثواب ففي مواضع أيضا " منها " صوم عاشوراء
" ومنها " صوم عرفة لمن خاف أن يضعفه عن الدعاء الذي هو أفضل من الصوم وكذا
مع الشك في هلال ذي الحجة خوفا من أن يكون يوم العيد " ومنها " صوم الضيف
بدون اذن مضيفه والأحوط تركه مع نهيه بل الأحوط تركه (1) مع عدم اذنه أيضا
" ومنها " صوم الولد بدون اذن والده بل الأحوط تركه خصوصا مع النهى بل يحرم
إذا كان ايذاء له من حيث شفقته عليه والظاهر جريان الحكم في ولد الولد بالنسبة
إلى الجد، والأولى مراعاة اذن الوالدة ومع كونه ايذاء لها يحرم كما في الوالد.
واما المحظور منه: ففي مواضع أيضا أحدها - صوم العيدين الفطر والأضحى
وإن كان عن كفارة القتل في أشهر الحرم والقول بجوازه للقاتل شاذ والرواية الدالة
عليه ضعيفة سندا ودلالة. الثاني - صوم أيام التشريق وهى الحادي عشر والثاني عشر
والثالث عشر من ذي الحجة لمن كان بمنى ولا فرق على الأقوى بين الناسك وغيره
الثالث - صوم يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان بنية أنه من رمضان، واما بنية انه
من شعبان فلا مانع منه كما مر. الرابع - صوم وفاء نذر المعصية بأن ينذر الصوم إذا
تمكن من الحرام الفلاني أو إذا ترك الواجب الفلاني يقصد بذلك الشكر على تيسره
وأما إذا كان بقصد الزجر عنه فلا بأس به، نعم يلحق بالأول في الحرمة ما إذا نذر الصوم
زجرا عن طاعة صدرت منه أو عن معصية تركها. الخامس - صوم الصمت بأن ينوى
في صومه السكوت عن الكلام في تمام النهار أو بعضه بجعله في نيته من قيود صومه
واما إذا لم يجعله قيدا وان صمت فلا بأس به بل وإن كان في حال النية بانيا على ذلك
إذا لم يجعل الكلام جزءا من المفطرات وتركه قيدا في صومه. السادس - صوم الوصال
وهو صوم يوم وليلة إلى السحر أو صوم يومين بلا افطار في البين، وأما لو أخر الافطار
إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد جعل تركه جزءا من الصوم فلا بأس به

(1) لا يترك.
54

وإن كان الأحوط عدم التأخير إلى السحر مطلقا. السابع - صوم الزوجة (1) مع
المزاحمة لحق الزوج والأحوط تركه بلا اذن منه (2) بل لا يترك الاحتياط مع نهيه عنه
وان لم يكن مزاحما لحقه. الثامن - صوم المملوك مع المزاحمة لحق المولى
والأحوط تركه من دون اذنه بل لا يترك مع نهيه. التاسع - صوم الولد مع كونه
موجبا لتألم الوالدين وأذيتهما. العاشر - صوم المريض ومن كان يضره الصوم.
الحادي عشر - صوم المسافر الا في الصور المستثناة على ما مر. الثاني عشر - صوم
الدهر حتى العيدين على ما في الخبر وإن كان يمكن أن يكون من حيث اشتماله عليهما
لا لكونه صوم الدهر من حيث هو.
مسألة 3 - يستحب الامساك تأدبا في شهر رمضان وان لم يكن صوما في مواضع:
أحدها - المسافر إذا ورد أهله أو محل الإقامة بعد الزوال مطلقا أو قبله وقد أفطر، وأما
إذا ورد قبله ولم يفطر فقد مر أنه يجب عليه الصوم. الثاني - المريض إذا برء في
أثناء النهار وقد أفطر، وكذا لو لم يفطر إذا كان بعد الزوال بل قبله أيضا (3) على ما مر
من عدم صحة صومه وإن كان الأحوط تجديد النية والاتمام ثم القضاء. الثالث -
الحائض والنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار. الرابع - الكافر إذا أسلم في أثناء النهار
أتى بالمفطر أم لا. الخامس - الصبي (4) إذا بلغ في أثناء النهار. السادس - المجنون
والمغمى عليه إذا أفاقا في أثنائه. (5)
تم كتاب الصوم

(1) تطوعا وكذا الحال في صوم المملوك.
(2) بل الأظهر.
(3) قد مر ان الأظهر وجوب ان ينوى ويصوم إذا برأ قبله ولم يتناول مفطرا.
(4) قد تقدم ان الأظهر وجوب اتمام الصوم عليه إذا دخل فيه بنية الندب ثم بلغ
(5) قد مر ان المغمى عليه يجب عليه الاتمام ان نوى الصوم قبل الاغماء.
55

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الاعتكاف
وهو اللبث في المسجد بقصد العبادة، بل لا يبعد كفاية قصد التعبد بنفس اللبث
وان لم يضم اليه قصد عبادة أخرى خارجة عنه لكن الأحوط الأول، ويصح في كل وقت
يصح فيه الصوم، وأفضل أوقاته شهر رمضان، وأفضله العشر الأواخر منه وينقسم إلى
واجب ومندوب، والواجب منه ما وجب بنذر أو عهد أو يمين أو شرط في ضمن عقد
أو إجارة أو نحو ذلك والا ففي أصل الشرع مستحب، ويجوز الاتيان به عن نفسه وعن
غيره الميت، وفى جوازه نيابة عن الحي قولان لا يبعد ذلك بل هو الأقوى، ولا يضر
اشتراط الصوم فيه فإنه تبعي فهو كالصلاة في الطواف الذي يجوز فيه النيابة على الحي
ويشترط الصوم فيه فإنه تبعي فهو كالصلاة في الطواف الذي يجوز فيه النيابة عن الحي
ويشترط في صحته أمور: الأول - الايمان (1) فلا يصح من غيره.
الثاني - العقل فلا يصح من المجنون ولو أدوارا في دوره ولا من السكران
وغيره من فاقدي العقل.
الثالث - نية القربة كما في غيره من العبادات، والتعيين إذا تعدد ولو اجمالا
ولا يعتبر فيه قصد الوجه كما في غيره من العبادات وان أراد أن ينوى الوجه ففي الواجب

(1) قد تقدم ان الاسلام شرط في صحة العبادة، واما الايمان فهو شرط القبول، وكونه
شرطا للصحة غير واضح.
56

منه ينوى الوجوب وفى المندوب الندب، ولا يقدح في ذلك كون اليوم الثالث الذي
هو جزء منه واجبا لأنه من احكامه فهو نظير النافلة إذا قلنا بوجوبها بعد الشروع فيها
ولكن الأولى ملاحظة ذلك حين الشروع فيه بل تجديد نية الوجوب في اليوم الثالث
ووقت النية قبل الفجر، وفى كفاية النية في أول الليل كما في صوم شهر رمضان اشكال
نعم لو كان الشروع فيه في أول الليل أو في أثنائه نوى في ذلك الوقت، ولو نوى
الوجوب في المندوب أو الندب في الواجب اشتباها لم يضر الا إذا كان على وجه
التقييد (1) لا الاشتباه في التطبيق.
الرابع - الصوم فلا يصح بدونه وعلى هذا فلا يصح وقوعه من المسافر في غير
المواضع التي يجوز له الصوم فيها، ولا من الحايض والنفساء، ولا في العيدين بل لو دخل
فيه قبل العيد بيومين لم يصح وإن كان غافلا حين الدخول نعم لو نوى اعتكاف زمان
يكون اليوم الرابع أو الخامس منه العيد فإن كان على وجه التقييد بالتتابع لم يصح
وإن كان على وجه الاطلاق لا يبعد صحته (2) فيكون العيد فاصلا بين أيام الاعتكاف
الخامس - أن لا يكون أقل من ثلاثة أيام فلو نواه كذلك بطل، وأما الأزيد
فلا بأس به وإن كان الزايد يوما أو بعضه أو ليلة أو بعضها ولا حد لأكثره، نعم لو اعتكف
خمسة أيام وجب السادس بل ذلك بعضهم أنه كلما زاد يومين وجب الثالث فلو اعتكف
ثمانية أيام وجب اليوم التاسع وهكذا وفيه تأمل، واليوم من طلوع الفجر إلى غروب
الحمرة المشرقية (3) فلا يشترط ادخال الليلة الأولى ولا الرابعة وان جاز ذلك كما
عرفت ويدخل الليلتان المتوسطتان وفى كفاية الثلاثة التلفيقية اشكال (4).

(1) قد تقدم مرارا انه لا اثر للتقييد في أمثال المقام.
(2) بعد الفصل بالعيد لا يكون المجموع اعتكافا واحدا نعم يصح ما ذكره إن كان ما
بعد العيد اعتكافا آخر فيعتبر فيه ما يعتبر في كل اعتكاف من الشروط.
(3) بل إلى ما ينتهى به زمان الصوم.
(4) الأظهر عدم كفاية.
57

السادس - أن يكون في المسجد الجامع (1) فلا يكفي في غير المسجد ولا في
مسجد القبيلة والسوق، ولو تعدد الجامع تخير بينها ولكن الأحوط مع الامكان كونه
في أحد المساجد الأربعة المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة ومسجد
البصرة.
السابع - اذن السيد بالنسبة إلى مملوكه سواء كان قنا أو مدبرا أو أم ولد أو
مكاتبا لم يتحرر منه شئ ولم يكن اعتكافه اكتسابا، وأما إذا كان اكتسابا فلا مانع منه
كما أنه إذا كان مبعضا فيجوز منه في نوبته إذا هاياه مولاه من دون اذن بل مع المنع
منه أيضا، وكذا يعتبر اذن المستأجر (2) بالنسبة إلى أجيره الخاص واذن الزوج بالنسبة
إلى الزوجة إذا كان منافيا لحقه واذن الوالد أو الوالدة بالنسبة إلى ولدهما إذا كان
مستلزما لايذائهما، وأما مع عدم المنافاة وعدم الايذاء فلا يعتبر اذنهم وإن كان أحوط
خصوصا بالنسبة إلى الزوج والوالد.
الثامن - استدامة اللبث في المسجد فلو خرج عمدا اختيارا لغير الأسباب المبيحة
بطل من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به، وأما لو خرج ناسيا (3) أو مكرها
فلا يبطل، وكذا لو خرج لضرورة عقلا أو شرعا أو عادة كقضاء الحاجة من بول أو
غايط أو للاغتسال من الجنابة أو الاستحاضة ونحو ذلك ولا يجب الاغتسال في
المسجد وان أمكن من دون تلويث وإن كان أحوط (4) والمدار على صدق اللبث
فلا ينافيه خروج بعض أجزاء بدنه من يده أو رأسه أو نحوهما.
مسألة 1 - لو ارتد المعتكف في أثناء اعتكافه بطل وان تاب بعد ذلك إذا كان
ذلك في أثناء النهار بل مطلقا على الأحوط.

(1) الذي صلى فيه امام عدل بصلاة جماعة.
(2) إذا استأجره بنحو ملك عليه منفعة الاعتكاف.
(3) البطلان في صورة النسيان غير بعيد لو لم يكن هو الظاهر.
(4) الأظهر عدم الجواز إذا كان الاغتسال حال المكث، نعم الاغتسال في حال الخروج
جائز وهو الأحوط.
58

مسألة 2 - لا يجوز العدول بالنية من اعتكاف إلى غيره وان اتحدا في الوجوب
والندب، ولا عن نيابة ميت إلى آخر أو إلى حي، أو عن نيابة غيره إلى نفسه، أو العكس.
مسألة 3 - الظاهر عدم جواز النيابة عن أكثر من واحد في اعتكاف واحد نعم
يجوز ذلك بعنوان اهداء الثواب فيصح اهداؤه إلى متعددين أحياءا أو أمواتا أو مختلفين
مسألة 4 - لا يعتبر في صوم الاعتكاف ان يكون لأجله بل يعتبر فيه ان يكون صائما
أي صوم كان فيجوز الاعتكاف مع كون الصوم استيجاريا أو واجبا من جهة النذر ونحوه
بل لو نذر الاعتكاف يجوز له بعد ذلك ان يؤجر نفسه للصوم ويعتكف في ذلك ولا يضره
وجوب الصوم عليه بعد نذر الاعتكاف فان الذي يجب عليه هو الصوم الأعم من كونه
له أو بعنوان آخر، بل لا بأس بالاعتكاف المنذور مطلقا في الصوم المندوب الذي يجوز
له قطعه فإنه لم يقطعه تم اعتكافه وان قطعه انقطع ووجب عليه الاستيناف.
مسألة 5 - يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأولين ومع تمامهما
يجب الثالث، وأما المنذور فإن كان معينا فلا يجوز قطعه مطلقا والا فكالمندوب.
مسألة 6 - لو نذر الاعتكاف في أيام معينة وكان عليه صوم منذور أو واجب لأجل
الإجارة يجوز له أن يصوم في تلك الأيام وفاءا عن النذر أو الإجارة نعم لو نذر الاعتكاف
في أيام مع قصد كون الصوم له ولأجله لم يجز عن النذر أو الإجارة.
مسألة 7 - لو نذر اعتكاف (1) يوم أو يومين فان قيد بعدم الزيادة بطل نذره
وان لم يقيده صح ووجب ضم يوم أو يومين.
مسألة 8 - لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام معينة أو أزيد فاتفق كون الثالث عيدا بطل
من أصله ولا يجب عليه قضاؤه لعدم انعقاد نذره لكنه أحوط.
مسألة 9 - لو نذر اعتكاف يوم قوم زيد بطل (2) الا أن يعلم يوم قدومه قبل

(1) اي الاعتكاف المعهود.
(2) بل صح على الأقوى ووجب الاعتكاف من الفجر لو علم قدومه في أثناء النهار،
ومن حين القدوم لو لم يعلم بذلك، وحينئذ ان صام في ذلك اليوم يتمه ثلاثة أيام، والا ضم
اليه الثلاثة، نعم لو قصد الاعتكاف من الفجر ولو يعلم بالقدوم بطل.
59

الفجر ولو نذر اعتكاف ثاني يوم قدومه صح ووجب عليه ضم يومين آخرين.
مسألة 10 - لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام من دون الليلتين المتوسطتين لم ينعقد.
مسألة 11 - لو نذر اعتكاف ثلاثة أيام أو أزيد لم يجب ادخال الليلة الأولى فيه
بخلاف ما إذا نذر اعتكاف شهر فان الليلة الأولى جزء من الشهر.
مسألة 12 - لو نذر اعتكاف شهر يجزيه ما بين الهلالين وإن كان ناقصا ولو كان
مراده مقدار شهر وجب ثلاثون يوما.
مسألة 13 - لو نذر اعتكاف شهر وجب التتابع، وأما لو نذر مقدار الشهر جاز له
التفريق ثلاثة ثلاثة إلى أن يكمل ثلاثون، بل لا يبعد جواز التفريق يوما فيوما ويضم إلى كل
واحد يومين آخرين، بل الأمر كذلك في كل مورد لم يكن المنساق منه هو التتابع.
مسألة 14 - لو نذر الاعتكاف شهرا أو زمانا على وجه التتابع سواء شرطه
لفظا أو كان المنساق منه ذلك فأخل بيوم أو أزيد بطل وإن كان ما مضى ثلاثة فصاعدا
واستأنف آخر مع مراعاة التتابع فيه، وإن كان معينا وقد أخل بيوم أو أزيد وجب
قضاؤه (1) والأحوط فيه أيضا وان بقي شئ من ذلك الزمان المعين بعد الابطال
بالاخلال فالأحوط ابتداء القضاء منه.
مسألة 15 - لو نذر اعتكاف أربعة أيام فأخل بالرابع ولم يشترط التتابع ولا كان
منساقا من نذره وجب قضاء ذلك اليوم وضم يومين آخرين والأولى جعل المقضى
أول الثلاثة وإن كان مختارا في جعله أيا منها شاء.
مسألة 16 - لو نذر اعتكاف خمسة أيام وجب ان يضم إليها سادسا سواء تابع
أو فرق بين الثلاثتين.
مسألة 17 - لو نذر زمانا معينا شهرا أو غيره وتركه نسيانا أو عصيانا أو اضطرارا
وجب قضاؤه ولو غمت الشهور فلم يتعين عنده ذلك المعين عمل بالظن (2) ومع

(1) يعنى قضاء المنذور بتمامه وعليه فالأظهر اعتبار التتابع فيه.
(2) لا دليل على حجيته فلا بد من الاحتياط ما لم يستلزم الحرج، وان استلزم ذلك
فالأحوط اختيار الشهر الأخير ويقصد به الأعم من الأداء والقضاء.
60

عدمه يتخير بين موارد الاحتمال.
مسألة 18 - يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد فلا يجوز أن يجعله في
مسجدين سواء كانا متصلين أو منفصلين نعم لو كانا متصلين على وجه يعد مسجدا
واحدا فلا مانع.
مسألة 19 - لو اعتكف في مسجد ثم اتفق مانع من اتمامه فيه من خوف أو هدم
أو نحو ذلك بطل ووجب استينافه أو قضاؤه إن كان واجبا في مسجد آخر أو ذلك
المسجد إذا ارتفع عنه المانع وليس له البناء (1) سواء كان في مسجد آخر أو في ذلك
المسجد بعد رفع المانع.
مسألة 20 - سطح المسجد وسردابه ومحرابه منه ما لم يعلم خروجها، وكذا
مضافاته إذا جعلت جزءا منه كما لو وسع فيه.
مسألة 21 - إذا عين موضعا خاصا من المسجد محلا لاعتكافه لم يتعين وكان
قصده لغوا.
مسألة 22 - قبر مسلم وهاني ليس جزءا من مسجد الكوفة على الظاهر.
مسألة 23 - إذا شك في موضع من المسجد انه جزء منه أو من مرافقه لم يجر
عليه حكم المسجد.
مسألة 24 - لابد من ثبوت كونه مسجدا وجامعا بالعلم الوجداني أو الشياع
المفيد للعلم أو البينة الشرعية وفى كفاية خبر العدل الواحد اشكال (2) والظاهر كفاية
حكم الحاكم الشرعي (3).
مسألة 25 - لو اعتكف في مكان باعتقاد المسجدية أو الجامعية فبان الخلاف
تبين البطلان.
مسألة 26 - لا فرق في وجوب كون الاعتكاف في المسجد الجامع بين الرجل

(1) في اطلاقه تأمل.
(2) الأظهر الاكتفاء به.
(3) إذا صح منه الحكم كما لو كان موردا للنزاع في الملكية والمسجدية بين المتخاصمين
61

والمرأة فليس لها الاعتكاف في المكان الذي أعدته للصلاة في بيتها بل ولا في مسجد
القبيلة ونحوها.
مسألة 27 - الأقوى صحة اعتكاف الصبي المميز فلا يشترط فيه البلوغ.
مسألة 28 - لو اعتكف العبد بدون اذن المولى بطل، ولو أعتق في أثنائه لم يجب
عليه اتمامه، ولو شرع فيه بإذن المولى ثم أعتق في الأثناء فإن كان في اليوم الأول أو
الثاني لم يجب عليه الاتمام الا أن يكون من الاعتكاف الواجب، وإن كان بعد تمام اليومين
وجب عليه الثالث وإن كان بعد تمام الخمسة وجب السادس.
مسألة 29 - إذا اذن المولى لعبده في الاعتكاف جاز له الرجوع عن اذنه ما لم
يمض يومان وليس له الرجوع بعدهما لوجوب اتمامه حينئذ، وكذا لا يجوز له الرجوع
إذا كان الاعتكاف واجبا بعد الشروع فيه من العبد.
مسألة 30 - يجوز للمعتكف الخروج من المسجد (1) لإقامة الشهادة أو
لحضور الجماعة أو لتشييع الجنازة وان لم يتعين عليه هذه الأمور وكذا في ساير الضرورات
العرفية أو الشرعية الواجبة أو الراجحة سواء كانت متعلقة بأمور الدنيا أو الآخرة مما
يرجع مصلحته إلى نفسه أو غيره ولا يجوز الخروج اختيارا بدون أمثال هذه المذكورات.
مسألة 31 - لو أجنب في المسجد ولم يمكن الاغتسال فيه وجب عليه الخروج
ولو لم يخرج بطل اعتكافه (2) لحرمة لبثه فيه.
مسألة 32 - إذا غصب مكانا من المسجد سبق اليه غيره بأن أزاله وجلس فيه
فالأقوى بطلان اعتكافه (3) وكذا إذا جلس على فراش مغصوب (4) بل الأحوط

(1) الأحوط ان لا يخرج الا للعيادة أو الجمعة أو التشييع أو الجماعة في مكة أو لحاجة
لابد منها.
(2) لا كلام في عدم كون المكث الحرام جزءا الا ان بطلان الاعتكاف على اطلاقه
محل اشكال ومنع.
(3) بل صحته فان اللبث في ذلك المكان بعد ازالته عن مكانه له يكون حراما، وان
قلنا بحرمة ازالته.
(4) بل الأظهر هي الصحة فيه وفيما بعده.
62

الاجتناب على الجلوس على أرض المسجد المفروش بتراب مغصوب أو آجر مغصوب
على وجه لا يمكن ازالته وان توقف على الخروج خرج على الأحوط، وأما إذا كان
لا بسا لثوب مغصوب أو حاملا له فالظاهر عدم البطلان.
مسألة 33 - إذا جلس على المغصوب ناسيا أو جاهلا أو مكرها أو مفطرا لم
يبطل اعتكافه.
مسألة 34 - إذا وجب عليه الخروج لأداء دين واجب الأداء أو لاتيان واجب
آخر متوقف على الخروج ولم يخرج أثم ولكن لا يبطل اعتكافه على الأقوى.
مسألة 35 - إذا خرج عن المسجد لضرورة فالأحوط مراعاة أقرب الطرق، ويجب
عدم المكث الا بمقدار الحاجة والضرورة، ويجب أيضا أن لا يجلس تحت الضلال مع
الامكان بل الأحوط أن لا يمشى تحته أيضا (1) بل الأحوط عدم الجلوس مطلقا الا
مع الضرورة.
مسألة 36 - لو خرج لضرورة وطال خروجه بحيث انمحت صورة الاعتكاف بطل
مسألة 37 - لا فرق في اللبث في المسجد بين أنواع الكون من القيام والجلوس
والنوم والمشي ونحو ذلك فاللازم الكون فيه باي نحو ما كان.
مسألة 38 - إذا طلقت المرأة المعتكفة في أثناء اعتكافها طلاقا رجعيا وجب
عليه الخروج إلى منزلها للاعتداد وبطل اعتكافها ويجب استينافه إن كان واجبا موسعا
بعد الخروج من العدة، واما إذا كان واجبا معينا فلا يبعد التخيير (2) بين اتمامه ثم
الخروج وابطاله والخروج فورا لتزاحم الواجبين ولا أهمية معلومة في البين وأما
إذا طلقت بائنا فلا اشكال لعدم وجوب كونها في منزلها في أيام العدة.
مسألة 39 - قد عرفت أن الاعتكاف اما واجب معين أو واجب موسع واما
مندوب، فالأول يجب بمجرد الشروع بل قبله، ولا يجوز الرجوع عنه، واما الأخير ان

(1) الأظهر جوازه.
(2) الأحوط ان ترجح إلى منزلها للاعتداد.
63

فالأقوى فيهما جواز الرجوع قبل اكمال اليومين واما بعده فيجب اليوم الثالث لكن
الأحوط فيهما أيضا وجوب الاتمام بالشروع خصوصا الأول منهما.
مسألة 40 - يجوز له أن يشترط حين النية الرجوع متى شاء حتى في اليوم
الثالث سواء علق الرجوع على عروض عارض أولا، بل يشترط الرجوع متى شاء
حتى بلا سبب عارض، ولا يجوز له اشتراط جواز المنافيات كالجماع ونحوه مع
بقاء الاعتكاف على حاله، ويعتبر ان يكون الشرط المذكور حال النية فلا اعتبار بالشرط
قبلها أو بعد الشروع فيه وإن كان قبل الدخول في اليوم الثالث، ولو شرط حين النية
ثم بعد ذلك أسقط حكم شرطه فالظاهر عدم سقوطه وإن كان الأحوط ترتيب آثار
السقوط من الاتمام بعد اكمال اليومين.
مسألة 41 - كما يجوز اشتراط الرجوع في الاعتكاف حين عقد نيته كذلك
يجوز اشتراطه في نذره كأن يقول لله على أن اعتكف بشرط ان يكون لي الرجوع
عند عروض كذا أو مطلقا وحينئذ فيجوز له الرجوع وان لم يشترط حين الشروع في
الاعتكاف (1) فيكفي الاشتراط حال النذر في جواز الرجوع لكن الأحوط ذكر الشرط
حال الشروع أيضا، ولا فرق في كون النذر اعتكاف أيام معينة أو غير معينة متتابعة أو غير
متتابعة فيجوز الرجوع في الجميع مع الشرط المذكورة في النذر، ولا يجب القضاء
بعد الرجوع مع التعيين ولا الاستيناف مع الاطلاق.
مسألة 42 - لا يصح ان يشترط في اعتكاف ان يكون له الرجوع في اعتكاف آخر
له غير الذي ذكر الشرط فيه، وكذا لا يصح ان يشترط في اعتكافه جواز فسخ اعتكاف
شخص آخر من ولده أو عبده أو أجنبي.
مسألة 43 - لا يجوز التعليق في الاعتكاف (2) فلو علقه بطل الا إذا علقه على
شرط معلوم الحصول حين النية فإنه في الحقيقة لا يكون من التعليق.

(1) الظاهر اعتبار اشتراطه.
(2) على الأحوط حال الشروع.
64

فصل في احكام الاعتكاف
يحرم على المعتكف أمور: أحدها - مباشرة النساء بالجماع في القبل والدبر
وباللمس والتقبيل بشهوة (1) ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة فيحرم على
المعتكفة أيضا الجماع واللمس والتقبيل بشهوة، والأقوى عدم حرمة النظر بشهوة إلى
من يجوز النظر اليه وإن كان الأحوط اجتنابه أيضا.
الثاني - الاستمناء على الأحوط وإن كان على الوجه الحلال كالنظر إلى حليلته
الموجب له.
الثالث - شم الطيب مع التلذذ، وكذا الريحان، واما مع عدم التلذذ كما إذا كان
فاقدا لحاسة الشم مثلا فلا بأس به (2).
الرابع - البيع والشراء بل مطلق التجارة مع عدم الضرورة على الأحوط
ولا بأس بالاشتغال بالأمور الدنيوية من المباحات حتى الخياطة والنساجة ونحوهما،
وإن كان الأحوط الترك الا مع الاضطرار إليها بل لا باس بالبيع والشراء (3) إذا مست
الحاجة اليهما للاكل والشرب مع تعذر التوكيل أو النقل بغير البيع.
الخامس - المماراة اي المجادلة على امر دنيوي أو ديني بقصد الغلبة واظهار
الفضيلة، واما بقصد اظهار الحق ورد الخصم عن الخطاء فلا بأس به بل هو من أفضل الطاعات
فالمدار على القصد والنية فلكل امرء ما نوى من خير أو شر، والأقوى عدم وجوب اجتناب
ما يحرم على المحرم من الصيد وإزالة الشعر ولبس المخيط ونحو ذلك وإن كان أحوط.
مسألة 1 - لا فرق في حرمة المذكورات على المعتكف بين الليل والنهار نعم
المحرمات من حيث الصوم كالأكل والشرب والارتماس ونحوها مختصة بالنهار.

(1) على الأحوط.
(2) الأظهر عدم الفرق مع شم الطيب بين التلذذ وعدمه، نعم الفاقد لحاسة الشم
لا يحرم عليه ذلك لأنه لا يشم الطيب أصلا.
(3) فيه تأمل ونظر.
65

مسألة 2 - يجوز للمعتكف الخوض في المباح والنظر في معاشه مع الحاجة
وعدمها.
مسألة 3 - كلما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف إذا وقع في النهار من حيث اشتراط
الصوم فيه فبطلانه يوجب بطلانه، وكذا يفسده الجماع سواء كان في الليل أو النهار
وكذا اللمس بشهوة (1) بل الأحوط بطلانه بساير ما ذكر من المحرمات من
البيع والشراء وشم الطيب وغيرها مما ذكر بل لا يخلو عن قوة (2) وإن كان لا يخلو
عن اشكال أيضا وعلى هذا فلو أتمه واستأنفه أو قضاه بعد ذلك إذا صدر منه أحد
المذكورات في الاعتكاف الواجب كان أحسن وأولى.
مسألة 4 - إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة سهوا فالظاهر عدم بطلان
اعتكافه (3) الا الجماع فإنه لو جامع سهوا أيضا فالأحوط في الواجب الاستيناف
أو القضاء مع اتمام ما هو مشتغل به وفى المستحب الاتمام.
مسألة 5 - إذا أفسد الاعتكاف بأحد المفسدات فإن كان واجبا معينا وجب قضاؤه
وإن كان واجبا غير معين وجب استينافه، الا إذا كان مشروطا فيه أو في نذره الرجوع
فإنه لا يجب قضاؤه أو استينافه، وكذا يجب يجب قضاؤه إذا كان مندوبا وكان الافساد بعد
اليومين، واما إذا كان قبلهما فلا شئ عليه بل في مشروعية قضائه حينئذ اشكال (4).
مسألة 6 - لا يجب الفور في القضاء وإن كان أحوط.
مسألة 7 - إذا مات في أثناء الاعتكاف الواجب بنذر أو نحوه لم يجب على وليه
القضاء وإن كان أحوط، نعم لوم كان المنذور الصوم معتكفا وجب على الولي قضاؤه
لأن الواجب حينئذ عليه هو الصوم ويكون الاعتكاف واجبا من باب المقدمة بخلاف

(1) على الأحوط كما تقدم.
(2) بل هو الأقوى وبه يظهر الحال في بقية المسألة.
(3) هذا في مفسدات الصوم، واما في غيرها فالاحتياط الذي ذكره في الجماع
يجرى فيه.
(4) لا اشكال فيه.
66

ما لو نذر الاعتكاف فان الصوم ليس واجبا فيه وانما هو شرط في صحته والمفروض
ان الواجب على الولي قضاء الصلاة والصوم عن الميت لا جميع ما فاته من العبادات.
مسألة 8 - إذا باع أو اشترى في حال الاعتكاف لم يبطل بيعه وشراؤه وان
قلنا ببطلان اعتكافه.
مسألة 9 - إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع ولو ليلا وجبت الكفارة وفى
وجوبها في ساير المحرمات اشكال والأقوى عدمه وإن كان الأحوط ثبوتها، بل الأحوط
ذلك حتى في المندوب منه قبل تمام اليومين وكفارته ككفارة شهر رمضان على الأقوى
وإن كان الأحوط كونها مرتبة ككفارة الظهار.
مسألة 10 - إذا كان الاعتكاف واجبا وكان في شهر رمضان وأفسده بالجماع في النهار فعليه كفارتان.
إحداهما - للاعتكاف. والثانية - للافطار في نهار رمضان
وكذا إذا كان في صوم قضاء شهر رمضان وأفطر بالجماع بعد الزوال فإنه يجب عليه
كفارة الاعتكاف وكفارة قضاء شهر رمضان، وإذا نذر الاعتكاف في شهر رمضان
وأفسده بالجماع في النهار وجب عليه ثلاث كفارات. إحداها - للاعتكاف.
والثانية - لخلف النذر. والثالثة - للافطار في شهر رمضان، وإذا جامع امرأته المعتكفة
وهو معتكف في نهار رمضان فالأحوط اربع كفارات وإن كان لا يبعد كفاية الثلاث (1)
إحداها لاعتكافه واثنتان للافطار في شهر رمضان إحداهما عن نفسه والأخرى تحملا
عن امرأته ولا دليل على تحمل كفارة الاعتكاف عنها ولذا لو أكرهها على الجماع
في الليل لم تجب عليه الا كفارته ولا يتحمل عنها هذا، ولو كانت مطاوعة فعلى كل منهما
كفارتان إن كان في النهار وكفارة واحدة إن كان في الليل.
تم كتاب الاعتكاف

(1) وهى الأظهر.
67

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الزكاة
التي وجوبها من ضروريات الدين ومنكره مع العلم به الكافر، بل في جملة من
الأخبار ان مانع الزكاة كافر ويشترط في وجوبها أمور.
الأول - البلوغ (1) فلا تجب على غير البالغ في تمام الحول فيما يعتبر فيه
الحول ولا على من كان غير بالغ في بعضه فيعتبر ابتداء الحول من حين البلوغ، واما
ما لا يعتبر فيه الحول من الغلات الأربع فالمناط البلوغ قبل وقت التعلق وهو انعقاد
الحب وصدق الاسم على ما سيأتي.
الثاني - العقل فلا زكاة في مال المجنون في تمام الحول أو بعضه ولو أدوارا
بل قيل: ان عروض الجنون آنا ما يقطع الحول لكنه مشكل بل لابد من صدق
اسم المجنون وانه لم يكن في تمام الحول عاقلا، والجنون آنا ما بل ساعة وأزيد
لا يضر (2) لصدق كونه عاقلا.
الثالث - الحرية فلا زكاة على العبد وان قلنا بملكه من غير فرق بين القن

(1) هو شرط في النقدين، دون الغلات والمواشي، وكذا العقل.
(2) بل يضر إذ هذا النحو من الصدق مسامحي لا اعتبار به.
68

والمدبر وأم الولد والمكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئا من مال الكتابة،
واما المبعض فيجب عليه إذا بلغ ما يتوزع على بعضه الحر النصاب.
الرابع - ان يكون مالكا فلا تجب قبل تحقق الملكية كالموهوب قبل القبض
والموصى به قبل القبول أو قبل القبض (1) وكذا في القرض لا تجب الا بعد القبض.
الخامس - تمام التمكن من التصرف فلا تجب في المال الذي لا يتمكن المالك
من التصرف فيه، بأن كان غايبا ولم يكن في يده ولا في يد وكيله، ولا في المسروق والمغصوب
والمجحود والمدفون في مكان منسى، ولا في المرهون، ولا في الموقوف، ولا في المنذور
التصدق به والمدار في التمكن على العرف ومع الشك يعمل بالحالة السابقة ومع
عدم العلم بها فالأحوط الاخراج (2).
السادس - النصاب كما سيأتي تفصيله.
مسألة 1 - يستحب للولي الشرعي (3) اخراج الزكاة في غلات غير البالغ
يتيما كان أولا ذكرا كان أو أنثى دون النقدين، وفى استحباب اخراجها من مواشيه
اشكال والأحوط الترك، نعم إذا اتجر الولي بماله يستحب اخراج زكاته أيضا، ولا يدخل
الحمل في غير البالغ فلا يستحب اخراج زكاة غلاته ومال تجارته، والمتولي لاخراج
الزكاة هو الولي، ومع غيبته يتولاه الحاكم الشرعي، ولو تعدد الولي جاز لكل منهم
ذلك ومن سبق نفذ عمله، ولو تشاحوا في الاخراج وعدمه قدم من يريد (4) الاخراج
ولو لم يؤد الولي إلى أن بلغ المولى عليه فالظاهر ثبوت الاستحباب بالنسبة اليه.
مسألة 2 - يستحب للولي الشرعي اخراج زكاة مال التجارة للمجنون دون

(1) الظاهر، انه أثبت سهوا، بدل، قبل الوفاة، قبل القبض، وسيأتي الكلام في
المبنى في باب الوصية.
(2) إذا كان الشك في التمكن من جهة الشك في سعة المفهوم وضيقه، الأظهر لزوم
الاخراج، وإن كان من جهة الشبهة الموضوعية الأظهر عدم لزواج الاخراج.
(3) قد مر ان الأقوى وجوبها في غلات غير البالغ والمجنون ومواشيهما.
(4) بمعنى انه لا يؤثر منع الاخر في ابطالها لو أخرجها.
69

غيره من النقدين كان أو من غيرهما.
مسألة 3 - الأظهر وجوب الزكاة على المغمى عليه في أثناء الحول، وكذا
الكسران فالاغماء والسكر لا يقطعان الحول فيما يعتبر فيه ولا ينافيان الوجوب إذا عرضا
حال التعلق في الغلات.
مسألة 4 - كما لا تجب الزكاة على العبد، كذا لا تجب على سيده فيما ملكه
على المختار من كونه مالكا، واما على القول بعدم ملكه فيجب عليه مع التمكن العرفي
من التصرف فيه.
مسألة 5 - لو شك حين البلوغ في مجئ وقت التعلق من صدق الاسم وعدمه
أو علم تاريخ البلوغ وشك في سبق زمان التعلق وتأخره ففي وجوب الاخراج اشكال (1)
لأن أصالة التأخر لا تثبت البلوغ حال التعلق ولكن الأحوط الاخراج، وأما إذا شك
حين التعلق في البلوغ وعدمه أو علم زمان التعلق وشك في سبق البلوغ وتأخره
أو جهل التاريخين فالأصل عدم الوجوب (2) وأما مع الشك في العقل فإن كان مسبوقا
بالجنون وكان الشك في حدوث العقل قبل التعلق أو بعده فالحال كما ذكرنا في
البلوغ من التفصيل، وإن كان مسبوقا بالعقل فمع العلم بزمان التعلق والشك في زمان
حدوث الجنون فالظاهر الوجوب، ومع العلم بزمان حدوث الجنون والشك في سبق
التعلق وتأخره فالأصل عدم الوجوب، وكذا مع الجهل بالتاريخين، كما أن مع الجهل
بالحالة السابقة وانها الجنون أو العقل كذلك.
مسألة 6 - ثبوت الخيار للبائع ونحوه لا يمنع من تعلق الزكاة إذا كان في تمام
الحول ولا يعتبر ابتداء الحول من حين انقضاء زمانه بناءا على المختار من عدم منع
الخيار من التصرف (3) فلو اشترى نصابا من الغنم أو الإبل مثلا وكان للبايع الخيار

(1) الأظهر عدم الوجوب على القول باشتراط البلوغ.
(2) أصالة بقاء العقل إلى حين التعلق تثبت وجوب الاخراج.
(3) لا يبعد القول بمنعه في الخيار المشروط بردا لثمن من جهة ان حفظ المبيع يكون
مشروطا على المشترى ولو بالارتكاز العرفي وعليه فلا يتعلق الزكاة به.
70

جرى في الحول من حين العقد لامن حين انقضائه.
مسألة 7 - إذا كانت الأعيان الزكوية مشتركة بين اثنين أو أزيد يعتبر بلوغ
النصاب في حصة كل واحد فلا تجب في النصاب الواحد إذا كان مشتركا.
مسألة 8 - لا فرق في عدم وجوب الزكاة في العين الموقوفة بين أن يكون الوقف
عاما أو خاصا ولا تجب في نماء الوقف العام، وأما في نماء الوقف الخاص فتجب على
كل من بلغت حصته حد النصاب.
مسألة 9 - إذا تمكن من تخليص المغصوب أو المسروق أو المجحود بالاستعانة
بالغير أو البينة أو نحو ذلك بسهولة فالأحوط اخراج زكاتها (1) وكذا لو مكنه الغاصب
من التصرف فيه مع بقاء يده عليه أو تمكن من أخذه سرقة، بل وكذا لو أمكن تخليصه
ببعضه مع فرض انحصار طريق التخليص بذلك أبدا، وكذا في المرهون ان أمكنه
فكه بسهولة.
مسألة 10 - إذا أمكنه استيفاء الدين بسهولة ولم يفعل لم يجب عليه اخراج
زكاته بل وان أراد المديون الوفاء ولم يستوف اختيارا مسامحة أو فرارا من الزكاة
والفرق بينه وبين ما ذكر من المغصوب ونحوه أن الملكية حاصلة في المغصوب ونحوه
بخلاف الدين فإنه لا يدخل في ملكه الا بعد قبضه.
مسألة 11 - زكاة القرض على المقترض بعد قبضه لا المقرض، فلو اقترض
نصابا من أحد الأعيان الزكوية وبقى عنده سنة وجب عليه الزكاة، نعم أن يؤدى
المقرض عنه تبرعا، بل يصح تبرع الأجنبي أيضا (2) والأحوط الاستيذان من المقترض
في التبرع عنه وإن كان الأقوى عدم اعتباره، ولو شرط في عقد القرض أن يكون زكاته
على المقرض فأن قصد أن يكون خطاب الزكاة متوجها اليه لم يصح وإن كان المقصود

(1) بل الأظهر ذلك، وكذا فيما مكنه الغاصب من التصرف فيه ولو باخراجها،
وكذا فيما بعدهما، واما في المرهون ان أمكنه فكه فالأظهر عدم الوجوب.
(2) فيه تأمل.
71

أن يؤدى عنه صح.
مسألة 12 - إذا نذر التصدق بالعين الزكوية فإن كان مطلقا غير موقت ولا معلقا
على شرط لم تجب الزكاة فيها وان لم تخرج عن ملكه بذلك لعدم التمكن من
التصرف فيها سواء تعلق بتمام النصاب أو بعضه، نعم لو كان النذر بعد تعلق الزكاة وجب
اخراجها أولا (1) ثم الوفاء بالنذر وإن كان موقتا بما قبل الحول ووفى بالنذر فكذلك
لا تجب الزكاة إذا لم يبق بعد ذلك مقدار النصاب، وكذا إذا لم يف به وقلنا بوجوب
القضاء بل مطلقا لانقطاع الحول بالعصيان (2) نعم إذا مضى عليه الحول من حين
العصيان وجبت على القول بعدم وجوب القضاء، وكذا إن كان موقتا بما بعد الحول فان
تعلق النذر به مانع عن التصرف فيه، اما إن كان معلقا على شرط فان حصل المعلق
عليه قبل تمام الحول لم تجب وان حصل بعده وجبت (3) وان حل مقارنا لتمام
الحول ففيه اشكال ووجوه " ثالثها " التخيير بين تقديم أيهما شاء " ورابعها " القرعة.
مسألة 13 - لو استطاع الحج بالنصاب فان تم الحول قبل سير القافلة والتمكن
من الذهاب وجبت الزكاة أو لا فان بقيت الاستطاعة بعد اخراجها وجب والا فلا، وإن كان
مضى الحول متأخرا عن سير القافلة وجب الحج وسقط وجوب الزكاة (4) نعم
لو عصى ولم يحج وجبت بعد تمام الحول، ولو تقارن خروج القافلة مع تمام الحول
وجبت الزكاة أو لا لتعلقها بالعين بخلاف الحج.

(1) بل يجب الوفاء بالنذر، وأداء الزكاة ولو باخراج القيمة.
(2) بل بالتكليف بالوفاء بالنذر الموجب لعدم تمكنه من التصرف إلى زمان العصيان.
(3) الأظهر عدم وجوبها ان حل بعده أو مقارنا لتمام الحول ان علم بحصول الشرط،
ووجوبها ان علم بعدم حصوله، ولو شك في ذلك وجبت ظاهرا.
(4) الأظهر وجوب الزكاة مع بقاء العين حتى يمضى عليها الحول وان بقيت الاستطاعة
وجب الحج، ولا يبعد القول بوجوب حفظ الاستطاعة قبل مضى الحول ولو بتبديل الجنس
الزكوي.
72

مسألة 14 - لو مضت سنتان أو أزيد على ما لم يتمكن من التصرف فيه بأن كان
مدفونا ولم يعرف مكانه أو غايبا أو نحو ذلك ثم تمكن منه استحب زكاته لسنة بل
يقوى استحبابها بمضي سنة واحدة أيضا.
مسألة 15 - إذا عرض عدم التمكن من التصرف بعد تعلق الزكاة أو بعد مضى
الحول متمكنا فقد استقر الوجوب فيجب الأداء إذا تمكن بعد ذلك والا فإن كان
مقصرا يكون ضامنا والا فلا.
مسألة 16 - الكافر تجب عليه الزكاة لكن لا تصح منه (1) إذا أداها نعم للإمام عليه السلام
أو نائبه أخذها منه قهرا ولو كان قد أتلفها فله أخذ عوضها منه.
مسألة 17 - لو أسلم الكافر بعدما وجبت عليه الزكاة سقطت عنه (2) وان كانت
العين موجودة فان الاسلام يجب ما قبله.
مسألة 18 - إذا اشترى المسلم من الكافر تمام النصاب بعد تعلق الزكاة وجب
عليه اخراجها.
1 - فصل في الأجناس التي تتعلق بها الزكاة
تجب في تسعة أشياء الأنعام الثلاثة: وهى الإبل، والبقر، والغنم. والنقدين
وهما الذهب، والفضة، والغلات الأربع وهى الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب
ولا تجب فيما عدا ذلك على الأصح، نعم يستحب اخراجها من أربعة أنواع اخر.
أحدها - الحبوب (3) مما يكال أو يوزن كالأرز والحمص والماش والعدس
ونحوها، وكذا الثمار كالتفاح والمشمش ونحوهما دون الخضر والبقول كالقث
والباذنجان والخيار والبطيخ ونحوها.

(1) القول بصحة أدائها منه إذا قصد القربة غير بعيد، وعليه فيجوز للامام أو نائبه
الاخذ منه قهرا لو امتنع عن الداء، ولولا ذلك كان الحكم بجواز الاخذ منه قهرا مشكلا.
(2) الأظهر انها لا تسقط بالاسلام، سيما مع بقاء العين.
(2) استحباب الزكاة فيها غير ثابت.
73

الثاني - مال التجارة على الأصح (1).
الثالث - الخيل الإناث دون الذكور ودون البغال والحمير والرقيق.
الرابع - الأملاك (2) والعقارات التي يراد منها الاستمناء كالبستان والخان
والدكان ونحوها.
مسألة 1 - لو تولد حيوان بين حيوانين يلاحظ فيه الاسم في تحقق الزكاة
وعدمها سواء كانا زكويين أو غير زكويين أو مختلفين، بل سواء كانا محللين أو
محرمين أو مختلفين مع فرض تحقق الاسم حقيقة، لا أن يكون بمجرد الصورة،
ولا يبعد ذلك فان الله قادر على كل شئ.
(2) فصل في زكاة الأنعام الثلاثة
ويشترط في وجوب الزكاة فيها مضافا إلى ما مر من الشرائط العامة أمور: الأول -
النصاب وهو في الإبل اثنا عشر نصابا: الأول - الخمس وفيها شاة. الثاني - العشر
وفيها شاتان. الثالث - خمسة عشر وفيها ثلاث شياة. الرابع - العشرون وفيها أربع
شياة. الخامس - خمس وعشرون وفيها خمس شياة. السادس - ست وعشرون
وفيها بنت مخاض، وهى الداخلة في السنة الثانية. السابع - ست وثلاثون،
وفيها بنت لبون، وهى الداخلة في السنة الثالثة. الثامن - ست وأربعون وفيها
حقة، وهى الداخلة في السنة الرابعة. التاسع - احدى وستون، وفيها جذعة
وهى التي دخلت في السنة الخامسة. العاشر - ست وسبعون وفيها بنتا لبون.
الحادي عشر - احدى وتسعون وفيها حقتان. الثاني عشر - مائة واحدى
وعشرون، وفيها في كل خمسين حقة وفى كل أربعين بنت لبون بمعنى أنه يجوز
أن يحسب أربعين أربعين وفى كل منها بنت لبون، أو خمسين خمسين وفى كل منها
حقة، ويتخير. بينهما مع المطابقة لكل منهما، أو مع عدم المطابقة لشئ منهما، ومع

(1) على كلام.
(2) ثبوت استحباب الزكاة فيها غير ظاهر.
74

المطابقة لأحدهما الأحوط مراعاتها (1) بل الأحوط مراعاة الأقل عفوا ففي المأتين
يتخير بينهما لتحقق المطابقة لكل منهما، وفى المائة وخمسين الأحوط اختيار الخمسين
وفى المائتين وأربعين الأحوط اختيار الأربعين وفى المائتين وستين يكون الخمسون أقل
عفوا وفى المائة وأربعين يكون الأربعون أقل عفوا.
مسألة 1 - في النصاب السادس إذا لم يكن عنده بنت مخاض يجزى عنها ابن
اللبون، بل لا يبعد اجزاؤه عنها اختيارا أيضا (2) وإذا لم يكونا معا عنده تخير في شراء
أيهما شاء، وأما في البقر فنصابان: الأول - ثلاثون وفيها تبيع أو تبيعة وهو ما دخل
في السنة الثانية. الثاني - أربعون وفيها مسنة، وهى الداخلة في السنة الثالثة، وفيما زاد
يتخير (3) بين عد ثلاثين ثلاثين، ويعطى تبيعا أو تبيعة، وأربعين أربعين ويعطى مسنة
وأما في الغنم فخمسة نصب: الأول - أربعون وفيها شاة. الثاني - مائة واحدى وعشرون
وفيها شاتان. الثالث - مائتان وواحدة وفيها ثلاث شياة. الرابع - ثلاثمائة وواحدة
وفيها اربع شياة. الخامس - أربعمائة فما زاد، ففي كل مائة شاة، وما بين النصابين
في الجميع عفو فلا يجب فيه غير ما وجب بالنصاب السابق.
مسألة 2 - البقر والجاموس جنس واحد، كما أنه لا فرق في الإبل بين العراب
والبخاتى، وفى الغنم بين المعز والشاة والضأن، وكذا لا فرق بين الذكر والأنثى
في الكل.
مسألة 3 - في المال المشترك إذا بلغ نصيب كل منهم النصاب وجبت عليهم،
وان بلغ نصيب بعضهم وجبت عليه فقط، وإذا كان المجموع نصابا، وكان نصيب كل

(1) الأظهر هو التخيير بين العددين مطلقا، والأحوط ان يعدها بما يكون عدا لها
من العددين وعدها بهما إن كان ذلك أكثر استيعابا، وبه يظهر ما في المتن من الاحتياطات.
(2) الأظهر عدم الاجزاء.
(3) الأظهر تعين العد بالمطابق منهما أو الأكثر استيعابا، ولو لم يحصل الا بهما لو حظا
معا، ففي الستين يتعين العد بالثلاثين، وفى الثمانين بالأربعين، وفى السبعين بهما معا - نعم -
يتخير لو كان الاستيعاب حاصلا بكل منهما كالمائة والعشرين.
75

منهم أقل لم يجب على واحد منهم.
مسألة 4 - إذا كان مال المالك الواحد متفرقا ولو متباعدا يلاحظ المجموع،
فإذا كان بقدر النصاب وجبت، ولا يلاحظ كل واحد على حدة.
مسألة 5 - أقل أسنان الشاة التي تؤخذ في الغنم والإبل، من الضأن الجذع، ومن
المعز الثنى، والأول ما كمل له سنة واحدة (1) ودخل في الثانية، والثاني ما كمل له سنتان
ودخل في الثالثة، ولا يتعين عليه ان يدفع الزكاة من النصاب، بل له أن يدفع شاة
أخرى، سواء كانت من ذلك البلد أو غيره، وان كانت أدون قيمة من افراد ما في
النصاب، وكذا الحال في الإبل والبقر، فالمدار في الجميع الفرد الوسط من المسمى
لا الأعلى ولا الأدنى (2) وإن كان لو تطوع بالعالي أو الأعلى كان أحسن وزاد خيرا،
والخيار للمالك لا الساعي أو الفقير فليس لهما الاقتراح عليه، بل يجوز للمالك أن
يخرج من غير جنس الفريضة بالقيمة السوقية من النقدين أو غيرهما، وإن كان الاخراج
من العين أفضل.
مسألة 6 - المدار في القيمة على وقت الأداء سواء كانت العين موجودة أو تالفة
لا وقت الوجوب، ثم المدار على قيمة بلد الاخراج ان كانت العين، تالفة وان كانت
موجودة فالظاهر أن المدار على قيمة البلد التي هي فيه (3).
مسألة 7 - إذا كان جميع النصاب في الغنم من الذكور يجوز دفع الأنثى وبالعكس
كما أنه إذا كان الجميع من المعز يجوز أن يدفع من الضأن وبالعكس، وان اختلف
في القيمة، وكذا مع الاختلاف يجوز الدفع من أي الصنفين شاء، كما أن في البقر
يجوز أن يدفع الجاموس عن البقر وبالعكس، وكذا في الإبل يجوز دفع البخاتي
عن العراب وبالعكس تساوت في القيمة أو اختلفت.

(1) الأظهر كفاية ما كمل له سبعة اشهر في الضأن وما دخل في الثانية من المعز،
نعم ما ذكره أحوط.
(2) لا يبعد الاكتفاء بدفع الأدنى.
(3) بل على قيمة بلد الاخراج.
76

مسألة 8 - لا فرق بين الصحيح والمريض (1) والسليم والمعيب والشاب
والهرم في الدخول في النصاب والعد منه، لكن إذا كانت كلها صحاحا لا يجوز دفع
المريض وكذا لو كانت كلها سليمة لا يجوز دفع المعيب، ولو كانت كلها منها شابا
لا يجوز دفع الهرام، بل مع الاختلاف أيضا الأحوط اخراج الصحيح (2) من غير
ملاحظة التقسيط، نعم لو كانت كلها مراضا أو معيبة أو هرمة يجوز الاخراج منها. الشرط
الثاني - السوم طول الحول، فلو كانت معلوفة ولو في بعض الحول لم تجب فيها،
ولو كان شهرا بل أسبوعا، نعم لا يقدح في صدق كونها سائمة في تمام الحول عرفا
علفها يوما أو يومين، ولا فرق في منع العلف عن وجوب الزكاة بين ان يكون بالاختيار
أو بالاضطرار لمنع مانع من السوم من ثلج أو مطر أو ظالم غاصب أو نحو ذلك،
ولا بين أن يكون العلف من مال المالك أو غيره باذنه أو لا باذنه فإنها تخرج بذلك
كله عن السوم، وكذا لا فرق بين ان يكون ذلك باطعامها للعلف المجزوز أو بارسالها
لترعى بنفسها في الزرع المملوك، نعم لا تخرج عن صدق السوم باستيجار المرعى أو
بشرائه إذا لم يكن مزروعا، كما انها لا يخرج عنه بمصانعة الظالم على الرعى في
الأرض المباحة. الشرط الثالث - أن لا يكون عوامل، ولو في بعض الحول بحيث
لا يصدق عليها أنها ساكنة فارغة عن العمل طول الحول، ولا يضر اعمالها يوما أو
يومين في السنة كما مر في السوم. الشرط الرابع: مضى الحول عليها جامعة للشرائط
ويكفى الدخول في الشهر الثاني عشر، فلا يعتبر تمامه فبالدخول فيه يتحقق الوجوب
بل الأقوى استقراره أيضا، فلا يقدح فقد بعض الشروط قبل تمامه، لكنه الشهر
الثاني عشر محسوب من الحول الأول (3) فابتداء الحول الثاني انما هو بعد تمامه.
مسألة 9 - لو اختل بعض الشروط في أثناء الحول قبل الدخول في الثاني عشر

(1) الأظهر ان الأكولة وهى السمينة المعدة للاكل، وفحل الضارب، لا تعدان من النصاب
(2) بل الأظهر.
(3) اي لا يحسب من الثانية بل يكون عفوا.
77

بطل الحول، كما لو نقصت عن النصاب أو لم يتمكن من التصرف فيها أو عاوضها
بغيرها، وإن كان زكويا من جنسها، فلو كان عنده نصاب من الغنم مثلا ومضى ستة
أشهر فعاوضها بمثلها ومضى عليه ستة اشهر أخرى لم تجب عليه الزكاة، بل الظاهر
بطلان الحول بالمعاوضة وان كانت بقصد الفرار من الزكاة.
مسألة 10 - إذا حال الحول مع اجتماع الشرائط فتلف من النصاب شئ، فإن كان
لا بتفريط من المالك لم يضمن وإن كان بتفريط منه ولو بالتأخير مع التمكن (1)
من الأداء ضمن بالنسبة، نعم لو كان أزيد من النصاب وتلف منه شئ مع بقاء النصاب
على حاله لم ينقص من الزكاة شئ وكان التلف عليه بتمامه مطلقا على اشكال.
مسألة 11 - إذا ارتد الرجل المسلم فاما ان يكون عن ملة أو عن فطرة، وعلى
التقديرين اما أن يكون في أثناء الحول أو بعده، فإن كان بعده وجبت الزكاة، سواء
كان عن فطرة أو ملة، ولكن المتولي لاخراجها الإمام عليه السلام أو نائبه (2) وإن كان
في أثنائه وكان عن فطرة انقطع الحول ولم تجب الزكاة واستأنف الورثة الحول
لأن تركته تنتقل إلى ورثته، وإن كان عن ملة لم ينقطع ووجبت بعد حول الحول،
لكن المتولي الإمام عليه السلام أو نائبه ان لم يتب، وان تاب قبل الاخراج أخرجها بنفسه،
وأما لو أخرجها بنفسه قبل التوبة لم تجز عنه الا إذا كانت العين باقية في يد الفقير
فجدد النية، أو كان الفقير القابض عالما بالحال فإنه يجوز له الاحتساب عليه.
لأنه مشغول الذمة بها إذا قبضها مع العلم بالحال واتلفها أو تلفت في يده، واما
المرأة فلا ينقطع الحول بدرتها مطلقا.
مسألة 12 - لو كان مالكا للنصاب لا أزيد كأربعين شاة مثلا فحال عليه أحوال
فان اخرج زكاته كل سنة من غيره تكررت لعدم نقصانه حينئذ عن النصاب، ولو

(1) الضمان في صورة التأخير مع جوازه غير ثابت والاحتياط سبيل النجاة.
(2) ثبوت التولية للورثة في المرتد الفطري غير بعيد، وعلى اي حال ليس الامر
بيد الحاكم الشرعي، بل المرتد الملي يتصدى بنفسه للأداء والفطري يتصدى مع الورثة.
78

أخرجها منه أو لم يخرج أصلا لم تجب الا زكاة سنة واحدة، لنقصانه حينئذ عنه
ولو كان عنده أزيد من النصاب كأن كان عنده خمسون شاة وحال عليه أحوال لم
يؤد زكاتها وجب عليه الزكاة بمقدار ما مضى من السنين إلى أن ينقص عن النصاب،
فلو مضى عشر سنين في المثال المفروض وجب عشرة، ولو مضى أحد عشر سنة
وجب أحد عشر شاة، وبعده لا يجب عليه شئ لنقصانه عن الأربعين، ولو كان عنده
ست وعشرون من الإبل ومضى عليه سنتان وجب عليه بنت مخاض للسنة الأولى،
وخمس شياة للثانية، وان مضى ثلاث سنوات وجب للثالثة أيضا اربع شياة (1) وكذا
إلى أن ينقص من خمسة فلا تجب.
مسألة 13 - إذا حصل لمالك النصاب في الأنعام ملك جديد اما بالنتاج واما
بالشراء أو الإرث أو نحوهما، فإن كان بعد تمام الحول السابق قبل الدخول في اللاحق
فلا اشكال في ابتداء الحول للمجموع ان كمل بها النصاب اللاحق، وأما إن كان في أثناء
الحول، فاما ان يكون ما حصل بالملك الجديد بمقدار العفو ولم يكن نصابا مستقلا ولا
مكملا لنصاب آخر، واما ان يكون نصابا مستقلا، واما ان يكون مكملا للنصاب،
أما في القسم الأول فلا شئ عليه كما لو كان له هذا المقدار ابتداءا وذلك كما لو كان
عنده من الإبل خمسة فحصل له في أثناء الحول أربعة أخرى، أو كان عنده أربعون
شاة ثم حصل له أربعون في أثناء الحول، وأما في القسم الثاني فلا يضم الجديد إلى
السابق، بل يعتبر لكل منهما حول بانفراده، كما لو كان عنده خمسة من الإبل ثم
بعد ستة اشهر ملك خمسة أخرى، فبعد تمام السنة الأولى يخرج شاة، وبعد تمام
السنة للخمسة الجديدة أيضا يخرج شاة، وهكذا، وأما في القسم الثالث فيستأنف
حولا واحدا بعد انتهاء الحول الأول، وليس على الملك الجديد في بقية الحول
الأول شئ، وذلك كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر فملك في أثناء حولها أحد عشر

(1) إذا كان في الإبل ما تساوى قيمته بنت مخاض وخمس شياة وجب خمس شياة
أيضا للسنة الثالثة لأنه ملك في الثالثة أيضا خمسا وعشرين تامة.
79

أو كان عنده ثمانون من الغنم فملك في أثناء حولها اثنين وأربعين، ويلحق بهذا القسم
على الأقوى (1) ما لو كان الملك الجديد نصابا مستقلا ومكملا للنصاب اللاحق، كما
لو كان عنده من الإبل عشرون، فملك في الأثناء ستة أخرى، أو كان عنده خمسة ثم
ملك أحد وعشرين، ويحتمل الحاقه بالقسم الثاني.
مسألة 14 - لو أصدق زوجته نصابا وحال عليه الحول وجب عليها الزكاة،
ولو طلقها بعد الحول قبل الدخول رجع نصفه إلى الزوج ووجب عليها زكاة المجموع
في نصفها، ولو تلف نصفها يجب اخراج الزكاة من النصف الذي رجع إلى الزوج (2)
ويرجع بعد الاخراج عليها بمقدار الزكاة، هذا إن كان التلف بتفريط منها، وأما
ان تلف عندها بلا تفريط فيخرج نصف الزكاة من النصف الذي عند الزوج لعدم ضمان
الزوجة حينئذ لعدم تفريطها، نعم يرجع الزوج حينئذ أيضا عليها بمقدار ما أخرج.
مسألة 15 - إذا قال رب المال: لم يحل على مالي الحول، يسمع منه بلا
بينة ولا يمين، وكذا لو ادعى الاخراج أو قال: تلف منى ما أوجب على مالي الحول، يسمع منه بلا
بينة ولا يمين، وكذا لو ادعى الاخراج أو قال: تلف منى ما أوجب النقص عن النصاب
مسألة 16 - إذا اشترى نصابا وكان للبايع الخيار فان فسخ قبل تمام الحول
فلا شئ على المشترى، ويكون ابتداء الحول بالنسبة إلى البايع من حين الفسخ،
وان فسخ بعد تمام الحول عند المشترى وجب عليه الزكاة وحينئذ فإن كان الفسخ
بعد الاخراج من العين ضمن للبايع قيمة ما أخرج، وان أخرجها من مال آخر أخذ
البايع تمام العين، وإن كان قبل الاخراج فللمشتري أن يخرجها من العين ويغرم للبايع
ما أخرج، وأن يخرجها من مال آخر ويرجع العين بتمامها إلى البايع.

(1) الأظهر الحاقه بالقسم الثاني.
(2) بل من القيمة نعم لو امتنعت اخذت من النصف الذي عند الزوج وهو يرجع
عليها بقيمة ما اخذ منه وبه يظهر بقية المسألة.
80

فصل في زكاة النقدين
وهما الذهب والفضة، ويشترط في وجوب الزكاة فيهما مضافا إلى ما مر من
الشرائط العامة أمور: الأول - النصاب ففي الذهب نصابان:
الأول - عشرون دينارا، وفيه نصف دينار، والدينار مثقال شرعي، وهو ثلاثة
أرباع الصيرفي فعلى هذا النصاب الأول بالمثقال الصيرفي خمسة عشر مثقالا، وزكاته
ربع المثقال وثمنه.
والثاني - أربعة دنانير وهى ثلاث مثاقيل صيرفية، وفيه ربع العشر، أي من أربعين
واحد، فيكون فيه قيراطان إذ كل دينار عشرون قيراطا ثم إذا زاد أربعة فكذلك وليس قبل
أن يبلغ عشرين دينارا شئ، كما أنه ليس بعد العشرين قبل أن يزيد أربعة شئ، وكذا ليس
بعد هذه الأربعة شئ الا زاد ربعة أخرى، وهكذا، والحاصل أن في العشرين
دينارا ربع العشر وهو نصف دينار، وكذا في الزائد إلى أن يبلغ أربعة وعشرين وفيها
ربع عشره وهو نصف دينار وقيراطان، وكذا في الزائد إلى أن يبلغ ثمانية وعشرين
وفيها نصف دينار وأربع قيراطات، وهكذا، وعلى هذا فإذا أخرج بعد البلوغ إلى
عشرين فما زاد من كل أربعين واحدا فقد أدى ما عليه، وفى بعض الأوقات زاد على
ما عليه بقليل فلا بأس باختيار هذا الوجه من جهة السهولة، وفى الفضة أيضا نصابان:
الأول - مائتا درهم وفيها خمس دراهم. والثاني - أربعون درهما وفيها درهم، والدرهم
نصف المثقال الصيرفي وربع عشره، وعلى هذا فالنصاب. الأول - مائة وخمسة
مثاقيل صيرفية. والثاني - أحد وعشرون مثقالا، وليس فيما قبل النصاب الأول ولا فيما
بين النصابين شئ على ما مر، وفى الفضة أيضا بعد بلوغ النصاب إذا أخرج من كل
أربعين واحدا فقد أدى ما عليه، وقد يكون زاد خيرا قليلا. الثاني - أن يكونا مسكوكين
بسكة المعاملة، سواء كان بسكة الاسلام أو الكفر بكتابة أو غيرها، بقيت سكتهما
أو صارا ممسوحين بالعارض (1) وأما إذا كانا ممسوحين بالأصالة فلا تجب فيهما

(1) الأظهر عدم الوجوب في صور الممسوحية مطلقا.
81

الا إذا تعومل بهما فتجب على الأحوط، كما أن الأحوط ذلك أيضا (1) إذا ضربت للمعاملة
ولم يتعامل بهما، أو تعومل بهما لكنه لم يصل رواجهما إلى حد يكون دراهم أو
دنانير، ولو اتخذ الدرهم أو الدينار للزينة فان خرج عن رواج المعاملة لم تجب
فيه الزكاة والا وجبت. (2) الثالث: مضى الحول بالدخول في الشهر الثاني عشر جامعا
للشرائط التي منها النصاب، فلو نقص في أثنائه عن النصاب سقط الوجوب، وكذا
لو تبدل بغيره من جنسه أو غيره، وكذا لو غير بالسبك سواء كان التبديل أو السبك
بقصد الفرار من الزكاة أولا على الأقوى، وإن كان الأحوط الاخراج على الأول،
ولو سبك الدراهم أو الدنانير بعد حول الحول لم تسقط الزكاة، ووجب الاخراج
بملاحظة الدراهم والدنانير إذا فرض نقص القيمة بالسبك.
مسألة 1 - لا يجب الزكاة في الحلى ولا في أواني الذهب والفضة وان بلغت
ما بلغت، بل عرفت سقوط الوجوب عن الدرهم والدينار إذا اتخذا للزينة وخرجا
عن رواج المعاملة بهما، نعم في جملة من الأخبار أن زكاتها اعارتها.
مسألة 2 - ولا فرق في الذهب والفضة بين الجيد منها والردى، بل تجب إذا
كان بعض النصاب جيدا وبعضه رديا، ويجوز الاخراج من الردى وإن كان تمام النصاب
من الجيد، لكن الأحوط خلافه (3) بل يخرج الجيد من الجيد ويبعض بالنسبة مع
التبعض، وان أخرج الجيد عن الجميع فهو أحسن، نعم لا يجوز دفع الجيد عن
الردى بالتقويم بأن يدفع نصف دينار جيد يسوى دينارا رديا عن دينار الا إذا صالح
الفقير بقيمته في ذمته ثم احتسب تلك القيمة عما عليه من الزكاة، فإنه لا مانع منه
كما لا مانع من دفع الدينار الردى عن نصف دينار جيد إذا كان فرضه ذلك.
مسألة 3 - تتعلق الزكاة بالدراهم والدنانير المغشوشة إذا بلغ خالصهما

(1) بل الأظهر ذلك.
(2) لا تجب في الزينة مطلقا.
(3) بل الأظهر ذلك.
82

النصاب، ولو شك في بلوغه ولا طريق للعلم بذلك ولو للضرر لم تجب، وفى وجوب
التصفية ونحوها للاختبار اشكال، أحوطه ذلك وإن كان عدمه لا يخلو عن قوة (1)
مسألة 4 - إذا كان عنده نصاب من الجيد لا يجوز أن يخرج عنه من المغشوش
الا إذا علم اشتماله على ما يكون عليه من الخالص، وإن كان المغشوش بحسب القيمة
يساوى ما عليه الا إذا دفعه بعنوان القيمة إذا كان للخليط قيمة.
مسألة 5 - وكذا إذا كان عنده نصاب من المغشوش لا يجوز أن يدفع المغشوش
الا مع العلم على النحو المذكور.
مسألة 6 - لو كان عنده دراهم أو دنانير بحد النصاب وشك في أنه خالص أو
مغشوش فالأقوى عدم وجوب الزكاة وإن كان أحوط.
مسألة 7 - لو كان عنده نصاب من الدراهم المغشوشة بالذهب أو الدنانير
المغشوشة بالفضة لم يجب عليه شئ، الا إذا علم ببلوغ أحدهما أو كليهما حد النصاب
فيجب في البالغ منهما أو فيهما، فان علم الحال فهو والا وجبت التصفية (2) ولو
علم أكثرية أحدهما مرددا ولم يمكن العلم وجب اخراج الأكثر من كل منهما،
فإذا كان عنده الف وتردد بين أن يكون مقدار الفضة فيها أربعمائة والذهب ستمائة
وبين العكس أخرج عن ستمائة ذهبا وستمائة فضة، ويجوز أن يدفع بعنوان القيمة
ستمائة عن الذهب، وأربعمائة عن الفضة بقصد ما في الواقع.
مسألة 8 - لو كان عنده ثلاثمائة درهم مغشوشة وعلم أن الغش ثلثها مثلا على
التساوي في أفرادها يجوز له أن يخرج خمس دراهم من الخالص، وأن يخرج سبعة
ونصف من المغشوش، واما إذا كان الغش بعد العلم بكونه ثلثا في المجموع ولاعلى
التساوي فيها فلابد من تحصيل العلم بالبراءة، اما باخراج الخالص، واما بوجه آخر

(1) بل هو الأقوى.
(2) لا تجب التصفية فان أراد اخراج الفريضة وجب الجمع، وان أراد اخراج القيمة
جاز له الاكتفاء باخراج الأقل، ومنه يظهر الحال في الفرع الآتي.
83

مسألة 9 - إذا ترك نفقة لأهله مما يتعلق به الزكاة وغاب وبقى إلى آخر السنة
بمقدار النصاب لم تجب عليه الا إذا كان متمكنا (1) من التصرف فيه طول الحول مع
كونه غائبا.
مسألة 10 - إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة وكان كلها أو
بعضها أقل من النصاب فلا يجبر الناقص منها بالجنس الاخر، مثلا إذا كان عنده
تسعة عشر دينارا ومائة وتسعون درهما لا يجبر نقص الدنانير بالدراهم ولا العكس.
4 - فصل في زكاة الغلات الأربع
وهى كما عرفت الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وفى الحاق السلت الذي
هو كالشعير في طبعه وبرودته وكالحنطة في ملاسته وعدم القشر له اشكال فلا يترك الاحتياط
فيه، كالاشكال في العلس الذي هو كالحنطة، بل قيل: انه نوع منها في كل قشر حبتان
وهو طعام أهل صنعاء فلا يترك الاحتياط فيه أيضا، ولا تجب الزكاة في غيرها، وإن كان
يستحب اخراجها (2) من كل ما تنبت الأرض مما يكال أو يوزن من الحبوب كالماش
والذرة والأرز والدخن ونحوها الا الخضر والبقول، وحكم ما يستحب فيه حكم
ما يجب فيه في قدر النصاب وكمية ما يخرج منه وغير ذلك، ويعتبر في الوجوب الزكاة
في الغلات أمران:
الأول - بلوغ النصاب، وهو بالمن الشاهي وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالا
صيرفيا، مائة وأربعة وأربعون منا الا خمسة وأربعين مثقالا، وبالمن التبريزي الذي
هو ألف مثقال، مائة وأربعة وثمانون منا وربع من وخمسة وعشرون مثقالا، وبحقة النجف
في زماننا سنة 1326 وهى تسعمائة وثلاثة وثلاثون مثقالا صيرفيا وثلث مثقال، ثمان وزنات
وخمس حقق ونصف الا ثمانية وخمسين مثقالا وثلث مثقال، وبعيار الاسلامبول وهو
مائتان وثمانون مثقالا سبع وعشرون وزنة وعشر حقق وخمسة وثلاثون مثقالا ولا تجب

(1) ولو بتمكن وكيله المطلق.
(2) قد تقدم الاشكال في الاستحباب الشرعي.
84

في الناقص عن النصاب ولو يسيرا، كما انها تجب في الزائد عليه يسيرا كان
أو كثيرا.
الثاني - التملك بالزراعة فيما يزرع أو انتقال الزرع إلى ملكه قبل وقت تعلق
الزكاة، وكذا في الثمرة كون الشجر ملكا له إلى وقت التعلق أو انتقالها إلى ملكه
منفردة أو مع الشجر قبل وقته.
مسألة 1 - في وقت تعلق الزكاة بالغلات خلاف، فالمشهور على أنه في الحنطة
والشعير عند انعقاد حبهما (1) وفى ثمر النخل حين اصفراره أو احمراره، وفى ثمرة
الكرم عند انعقادها حصرما، وذهب جماعة إلى أن المدار صدق أسماء المذكورات
من الحنطة والشعير والتمر، وصدق اسم العنب في الزبيب، وهذا القول لا يخلو
عن قوة (2) وإن كان القول الأول أحوط، بل الأحوط مراعاة الاحتياط مطلقا إذ قد
يكون القول الثاني أوفق بالاحتياط.
مسألة 2 - وقت تعلق الزكاة وإن كان ما ذكر على الخلاف السالف الا أن
المناط في اعتبار النصاب هو اليابس من المذكورات، فلو كان الرطب منها بقدر
النصاب لكن ينقص عنه بعد الجفاف واليبس فلا زكاة.
مسألة 3 - في مثل البربن وشبهه من الدقل الذي يؤكل رطبا وإذا لم يؤكل
إلى أن يجف يقل تمره أو لا يصدق على اليابس منه التمر أيضا المدار على تقديره
يابسا، ويتعلق به الزكاة (3) إذا كان بقدر يبلغ النصاب بعد جفافه.
مسألة 4 - إذا أراد المالك التصرف في المذكورات بسرا أو رطبا أو حصرما
أو عنبا بما يزيد على المتعارف فيما يحسب من المؤن وجب عليه ضمان حصة الفقير
كما أنه لو أراد الاقتطاف كذلك بتمامه وجب عليه أداء الزكاة حينئذ بعد فرض بلوغ
يابسها النصاب.

(1) المشهور انه عند الاشتداد.
(2) الأقوى ان المدار على صدق أسماء المذكورات من الحنطة والشعير والتمر والزبيب.
(3) هذه المسألة وما بعدها من المسألتين مبنية على مسلك المشهور في وقت تعلق الزكاة.
85

مسألة 5 - لو كانت الثمرة مخروصة على المالك فطلب الساعي من قبل
الحاكم الشرعي الزكاة منه قبل اليبس لم يجب عليه القبول، بخلاف ما لو بذل
المالك الزكاة بسرا أو حصرما مثلا فإنه يجب على الساعي القبول.
مسألة 6 - وقت الاخراج الذي يجوز للساعي مطالبة المالك فيه وإذا أخرها
عنه ضمن عند تصفية الغلة (1) واجتذاذ التمر واقتطاف الزبيب، فوقت وجوب الأداء غير وقت التعلق.
مسألة 7 - يجوز للمالك المقاسمة مع الساعي مع التراضي بينهما قبل الجذاذ.
مسألة 8 - يجوز للمالك دفع الزكاة والثمر على الشجر قبل الجذاذ منه أو من
قيمته.
مسألة 9 - يجوز دفع القيمة حتى من غير النقدين من اي جنس كان، بل يجوز
أن تكون من المنافع كسكنى الدار مثلا، وتسليمها بتسليم العين إلى الفقير.
مسألة 10 - لا تتكرر زكاة الغلات بتكرر السنين إذا بقيت أحوالا، فإذا زكى
الحنطة ثم احتكرها سنين لم يجب عليه شئ وكذا التمر وغيره.
مسألة 11 - مقدار زكاة الواجب اخراجه في الغلات هو العشر فيما سقى بالماء
الجاري أو بماء السماء أو بمص عروقه من الأرض كالنخل والشجر، بل الزرع أيضا
في بعض الأمكنة، ونصف العشر فميا سقى بالدلو، والرشاء والنواضح والدوالي
ونحوها من العلاجات، ولو سقى بالأمرين فمع صدق الاشتراك في نصفه العشر،
وفى نصفه الآخر نصف العشر، ومع غلبة الصدق لأحد الأمرين فالحكم تابع لما
غلب، ولو شك في صدق الاشتراك أو غلبة صدق أحدهما فيكفي الأقل، والأحوط
الأكثر.
مسألة 12 - لو كان الزرع أو الشجر لا يحتاج إلى السقي بالدوالي ومع ذلك

(1) لا يبعد القول بأنه عند وقت التصفية فلو اخرها عن وقتها المعتاد لا لعذر اتجه
الالتزام بتحقق الضمان.
86

سقى بها من غير أن يؤثر في زيادة الثمر فالظاهر وجوب العشر، وكذا لو كان سقيه
بالدوالي وسقى بالنهر ونحوه من غير أن يؤثر فيه فالواجب نصف العشر.
مسألة 13 - الأمطار العادية في أيام السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه
الا إذا كانت بحيث لا حاجة معها إلى الدوالى أصلا، أو كانت بحيث توجب صدق
الشركة فحينئذ يتبعهما الحكم.
مسألة 14 - لو أخرج شخص الماء بالدوالي على أرض مباحة مثلا عبثا أو لغرض
فزرعه آخر وكان الزرع يشرب بعروقه فالأقوى العشر (1) وكذا إذا اخرجه هو بنفسه
لغرض آخر غير الزرع ثم بداله أن يزرع زرعا يشرب بعروقه، بخلاف ما إذا اخرجه
لغرض الزرع الكذائي، ومن ذلك يظهر حكم ما إذا اخرجه لزرع فزاد وجرى
على ارض أخرى.
مسألة 15 - انما تجب الزكاة بعد اخراج ما يأخذه السلطان باسم المقاسمة
بل ما يأخذه باسم الخراج أيضا بل ما يأخذه العمال (2) زائدا على ما قرره السلطان
ظلما إذا لم يتمكن من الامتناع جهرا وسرا فلا يضمن حينئذ حصة الفقراء من الزائد
ولا فرق في ذلك بين المأخوذ من نفس الغلة أو من غيرها إذا كان الظلم عاما، واما إذا
كان شخصيا فالأحوط الضمان فيما اخذ من غيرها بل الأحوط الضمان فيه مطلقا
وإن كان الظلم عاما، واما إذا اخذ من نفس الغلة قهرا فلا ضمان إذا الظلم حينئذ وارد
على الفقراء أيضا.
مسألة 16 - الأقوى اعتبار خروج المؤن: جميعها من غير فرق بين المؤن

(1) بل الأحوط.
(2) إذا عد المأخوذ جزءا من المقاسمة أو الخراج، والا فإن كان الظلم عما كان المأخوذ
بحكم المؤنة، وإن كان شخصيا فان اخذ من نفس الغلة لا ضمان، وان اخذ من غيرها فالاحتياط
بالضمان سبيل النجاة.
87

السابقة (1) على زمان التعلق واللاحقة، كما أن الأقوى اعتبار النصاب أيضا بعد خروجها
وإن كان الأحوط اعتباره قبله (2) بل الأحوط عدم اخراج المؤمن خصوصا اللاحقة
والمراد بالمؤنة كلما يحتاج اليه الزرع والشجر (3) من اجرة الفلاح والحارث والحارث
والساقي، وأجرة الأرضة إن كانت مستأجرة وأجرة مثلها إن كانت مغصوبة، وأجرة الحفظ
والحصاد والجذاذ وتجفيف الثمرة واصلاح موضع التشميس وحفر النهر وغير ذلك
كتفاوت نقص الآلات والعوامل حتى ثياب المالك ونحوها، ولو كانت سبب النقص
مشتركا بينها وبين غيرها وزع عليهما بالنسبة.
مسألة 17 - قيمة البذر إذا كان من ماله المزكى أو المال الذي لا زكاة فيه من
المؤن والمناط قيمة يوم تلفه وهو وقت الزرع.
مسألة 18 - اجرة العامل من المؤن ولا يحسب للمالك اجرة إذا كان هو العامل
وكذا إذا عمل ولده أو زوجته بلا اجرة، وكذا إذا تبرع به أجنبي، وكذا لا يحسب
اجرة الأرض التي يكون مالكا لها ولا اجرة العوامل إذا كانت مملوكة له.
مسألة 19 - لو اشترى الزرع فثمنه من المؤنة، وكذا لو ضمن النخل والشجر
بخلاف ما إذا اشترى نفس الأرض والنخل والشجر، كما أنه لا يكون ثمن العوامل
إذا اشتريها منها.
مسألة 20 - لو كان مع الزكوي غيره فالمؤنة موزعة عليهما إذا كانا مقصودين
وإذا كان المقصود بالذات غير الزكوي ثم عرض قصد الزكوي بعد اتمام العمل

(1) الاحتياط فيها لا ينبغي تركه.
(2) بل الأظهر.
(3) والضابط فيها ما يخسره على الزرع بمعنى انه لو لم يحصل من الزرع شئ
لما كان في مقابل ما انفقه عليه شئ بل لا يكون في مقابله الا الزرع كأجرة الحارس، ولو
كان في مقابله مع انتفاء الزرع عين من الأعيان أو شئ له مالية كالأرض التي اشتراها للزرع
والأنهار الكبار التي حفرها التي تعد بها الأرض من الحية ونحوهما فلا يعد من مؤنة الزرع،
وبه يظهر الحال في بقية المسألة وما بعدها من المسائل الثلاث.
88

لم يحسب من المؤن وإذا كان بالعكس حسب منها.
مسألة 21 - الخراج الذي يأخذه السلطان أيضا يوزع على الزكوي وغيره (1).
مسألة 22 - إذا كان للعمل مدخلية في ثمر سنين عديدة لا يبعد احتسابه على
ما في السنة الأولى وإن كان الأحوط التوزيع على السنين (2).
مسألة 23 - إذا شك في كون شئ من المؤن أولا لم يحسب منها.
مسألة 24 - حكم النخيل والزروع في البلاد المتباعدة حكمها في البلد الواحد
فيضم الثمار بعضها إلى بعض، وان تفاوتت في الادراك بعد إن كانت الثمرتان لعام واحد
وإن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر، وعلى هذا فإذا بلغ ما أدرك منها نصابا اخذ
منه ثم يؤخذ من الباقي قل أو كثر، وإن كان الذي أدرك أو لا أقل من النصاب ينتظر به
حتى يدركه الآخر ويتعلق به الوجوب فيكمل منه النصاب ويؤخذ من المجموع، وكذا
إذا كان نخل يطلع في عام مرتين يضم الثاني إلى الأول لأنهما ثمرة سنة واحدة لكن
لا يخلو عن اشكال لاحتمال كونهما في حكم ثمرة عامين كما قيل.
مسألة 25 - إذا كان عنده تمر يجب فيه الزكاة لا يجوز ان يدفع عنه الرطب (3)
على أنه فرضه وإن كان بمقدار لو جف كان بمقدار ما عليه من التمر وذلك لعدم كونه
من افراد المأمور به، نعم يجوز دفعه على وجه القيمة، وكذا إذا كان عنده زبيب
لا يجزى عنه دفع العنب الا على وجه القيمة، وكذا العكس فيهما، نعم لو كان عنده رطب
يجوز ان يدفع عنه الرطب فريضة، وكذا لو كان عنده عنب يجوز له دفع العنب فريضة
وهل يجوز ان يدفع مثل ما عليه من التمر أو الزبيب من تمر آخر أو زبيب آخر فريضة
أولا لا يبعد الجواز لكن الأحوط دفعه من باب القيمة أيضا (4) لان الوجوب تعلق

(1) إذا اخذه للزراعة.
(2) في كونه الأحوط اشكال ظاهر، إذ لو كانت مؤنة السنة الأولى وجبت الزكاة
في الثانية وان لم يبلغ الحاصل على فرض الاستثناء حد النصاب.
(3) هذا مبنى على تعلق الزكاة قبل صدق كونه تمرا، وكذا في العنب وقد مر ما في
المبنى.
(4) بل الأظهر.
89

بما عنده وكذا الحال في الحنطة والشعير إذا أراد ان يعطى من حنطة أخرى
أو شعير آخر.
مسألة 26 - إذا أدى القيمة من جنس ما عليه بزيادة أو نقيصة لا يكون من الربا
بل هو من باب الوفاء.
مسألة 27 - لو مات الزراع مثلا بعد زمان تعلق الوجوب وجبت الزكاة مع
بلوغ النصاب، اما لو مات الزراع مثلا قبله وانتقل إلى الوارث فان بلغ نصيب كل
منهم النصاب وجب على كل زكاة نصيبه وان بلغ نصيب دون البعض وجب
على من بلغ نصيبه وان لم يبلغ نصيب واحد منهم لم يجب على واحد منهم.
مسألة 28 - لو مات الزارع أو مالك النخل والشجر وكان عليه دين فاما ان
يكون الدين مستغرقا أولا، ثم اما ان يكون الموت بعد تعلق الوجوب أو قبله بعد ظهور
الثمر أو قبل ظهور الثمر أيضا، فإن كان الموت بعد تعلق الوجوب وجب اخراجها
سواء كان الدين مستغرقا أم لا فلا يجب التحاص مع الغرماء لان الزكاة متعلقة بالعين
نعم لو تلفت في حياته بالتفريط وصارت في الذمة وجب التحاص بين أرباب الزكاة
وبين الغرماء كسائر الديون، وإن كان الموت قبل التعلق وبعد الظهور فإن كان الورثة
قد أدوا الدين قبل تعلق الوجوب من مال آخر فبعد التعلق يلاحظ بلوغ حصتهم
النصاب وعدمه، وان لم يؤدوا إلى وقت التعلق ففي الوجوب وعدمه اشكال والأحوط
الاخراج مع الغرامة للديان أو استرضائهم، واما إن كان قبل الظهور وجب على من بلغ
نصيبه النصاب من الورثة بناءا على انتقال التركة إلى الوارث وعدم تعلق الدين بنمائها
الحاصل قبل أدائه وانه للوارث من غير تعلق حق الغرماء به.
مسألة 29 - إذا اشترى نخلا أو كرما أو ذرعا مع الأرض أو بدونها قبل تعلق
الزكاة فالزكاة عليه بعد التعلق مع اجتماع الشرائط، وكذا إذا انتقل اليه بغير الشراء
وإذا كان ذلك بعد وقت تعلق فالزكاة على البايع، فان علم بأدائه أو شك في ذلك
90

ليس عليه شئ، وان علم بعدم أدائه فالبيع بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضولي (1) فان
أجازه الحاكم الشرعي طالبه بالثمن بالنسبة إلى مقدار الزكاة، وان دفعه إلى البايع
رجع بعد الدفع إلى الحاكم عليه، ومان لم يجز كان له أخذ مقدار الزكاة من المبيع،
ولو أدى البايع الزكاة بعد البيع ففي استقرار ملك المشتري وعدم الحاجة إلى
الإجازة من الحاكم اشكال (2).
مسألة 30 - إذا تعدد أنواع التمر مثلا وكان بعضها جيدا أو أجود، وبعضها
الآخر ردئ أو أردئ فالأحوط الأخذ من كل نوع بحصته، ولكن الأقوى الاجتزاء
بمطلق الجيد وإن كان مشتملا على الأجود، ولا يجوز دفع الردى عن الجيد والأجود
على الأحوط.
مسألة 31 - الأقوى ان الزكاة متعلقة بالعين (3) لكن لا على وجه الإشاعة بل
على وجه الكلى في المعين وحينئذ باع قبل أداء الزكاة بعض النصاب صح إذا
كان مقدار الزكاة باقيا عنده، بخلاف ما إذا باع الكل فإنه بالنسبة إلى مقدار الزكاة
يكون فضوليا محتاجا إلى إجازة الحاكم على ما مر (4) ولا يكفي عزمه على الأداء
من غيره في استقرار البيع على الأحوط.
مسألة 32 - يجوز للساعي من قبل الحاكم الشرعي خرص ثمر النخل والكرم
بل والزرع (5) على المالك وفائدته جواز التصرف للمالك (6) بشرط قبوله كيف شاء

(1) بل صحيح، نعم المستحق يتبع العين أينما انتقلت فإذا اخذت الزكاة من العين يتبع المشترى بها البايع.
(2) الأظهر عدم الحاجة إلى الإجازة، ثم إن الظاهر كون العبارة، من البايع، بدل
من الحاكم.
(3) الأظهر انها متعلقة بمالية العين ويكون تعلقها بها من قبيل تعلق حق الجناية.
(4) قد عرفت ان الأظهر الصحة بلا حاجة إلى الإجازة.
(5) لم يثبت جواز الخرص في الزرع.
(6) بل فائدته جواز الاعتماد عليه بلا حاجة إلى الكيل والوزن، والا فجواز التصرف
للمالك لا يتوقف عليه.
91

ووقته بعد بدو الصلاح وتعلق الوجوب، بل الأقوى جوازه من المالك بنفسه (1) إذا
كان من أهل الخبرة، أو بغيره من عدل أو عدلين، وإن كان الأحوط الرجوع إلى الحاكم
أو وكيله مع التمكن، ولا يشترط فيه الصيغة فإنه معاملة خاصة وإن كان لو جئ بصيغة
الصلح كان أولى، ثم إن زاد ما في يد المالك كان له، وان نقص كان عليه، ويجوز لكل
من المالك والخارص الفسخ من الغبن الفاحش، ولو توافق المالك والخارص على
القسمة رطبا جاز (2) ويجوز للحاكم أو وكيله بيع نصيب الفقراء من المالك أو
غيره.
مسألة 33 - إذا اتجر بالمال الذي فيه الزكاة قبل أدائها يكون الربح الفقراء (3)
بالنسبة وان خسر يكون خسرانها عليه.
مسألة 34 - يجوز للمالك عزل الزكاة وافرازها من العين أو من مال آخر مع
عدم المستحق، بل مع وجوده أيضا على الأقوى، وفائدته صيرورة المعزول ملكا
للمستحقين قهرا حتى لا يشاركهم المالك عند التلف، ويكون أمانة في يده، وحينئذ
لا يضمنه الا مع التفريط أو التأخير مع وجود المستحق، وهل يجوز للمالك ابدالها
بعد عزلها؟ اشكال، وإن كان الأظهر عدم الجواز، ثم بعد العزل يكون نماؤها
للمستحقين متصلا كان أو منفصلا.
5 - فصل فيما يستحب فيه الزكاة
وهو على ما أشير اليه سابقا أمور: الأول - مال التجارة (4) وهو المال الذي تملكه
الشخص واعده للتجارة والاكتساب به سواء كان الانتقال اليه بعقد المعاوضة، أو بمثل
الهبة أو الصلح المجاني أو الإرث على الأقوى، واعتبر بعضهم كون الانتقال اليه

(1) لم يثبت ذلك.
(2) على القول بتعلق الوجوب قبله.
(3) بل له، سيما إذا أدى البايع الزكاة بعد البيع.
(4) على الأحوط.
92

بعنوان المعاوضة، وسواء كان قصد الاكتساب به من حين الانتقال اليه أو بعده، وان
اعتبر بعضهم الأول، فالأقوى أنه مطلق (1) المال الذي أعد للتجارة، فمن حين قصد
الاعداد يدخل في هذا العنوان، ولو كان قصده حين التملك بالمعاوضة أو بغيرها الاقتناء
والأخذ للقنية، ولا فرق فيه بين أن يكون مما يتعلق به الزكاة المالية وجوبا أو استحبابا
وبين غيره كالتجارة بالخضروات مثلا، ولا بين أن يكون من الأعيان أو المنافع كما
لو استأجر دارا بنية التجارة.
ويشترط فيه أمور: الأول - بلوغه حد نصاب أحد النقدين فلا زكاة فيما
لا يبلغه والظاهر أنه كالنقدين في النصاب الثاني أيضا. الثاني - مضى الحول عليه من
حين قصد التكسب (2). الثالث - بقاء قصد الاكتساب طول الحول، فلو عدل
عنه ونوى به القنية في الأثناء لم يلحقه الحكم، وان عاد إلى قصد الاكتساب اعتبر
ابتداء الحول من حينه. الرابع - بقاء رأس المال بعينه طول الحول (3). الخامس -
أن يطلب برأس المال أو بزيادة طول الحول، فلو كان رأس ماله مائة دينار مثلا فصار
يطلب بنقيصة في أثناء السنة ولو حبة من قيراط يوما منها سقطت الزكاة، والمراد برأس
المال الثمن المقابل للمتاع، وقدر الزكاة فيه ربع العشر كما في النقدين، والأقوى
تعلقها بالعين (4) كما في الزكاة الواجبة، وإذا كان المتاع عروضا فيكفي في الزكاة بلوغ
النصاب بأحد النقدين دون الآخر.
مسألة 1 - إذا كان مال التجارة من النصب التي تجب فيها الزكاة مثل أربعين
شاة أو ثلاثين بقرة أو عشرين دينارا أو نحو ذلك فان اجتمعت شرائط كلتيهما وجب
اخراج الواجبة وسقطت زكاة التجارة، وان اجتمعت شرائط إحداهما فقط ثبتت
ما اجتمعت شرائطها دون الأخرى.

(1) بل الأظهر انه المال المتجر به وهذا لا يصدق بمجرد النية بل بالمعاوضة مع
عدم قصد القنية بل بقصد الاسترباح.
(2) بل من حين التكسب.
(3) لا يعتبر الحول في نفس السلعة وانما يعتبر في المال المتجر به باعتبار ماليته.
(4) بل بمالية العين.
93

مسألة 2 - إذا كان مال التجارة أربعين غنما سائمة فعاوضها في أثناء الحول
بأربعين غنما سائمة سقط كلتا الزكاتين بمعنى أنه انقطع حول كلتيهما لاشتراط بقاء
عين النصاب (1) طول الحول، فلابد أن يبتدء الحول من حين تملك الثانية.
مسألة 3 - إذا ظهر في مال المضاربة ربح كانت زكاة رأس المال مع بلوغه
النصاب على رب المال، ويضم اليه حصته من الربح، ويستحب زكاته أيضا إذا بلغ
النصاب وتم حوله، بل لا يبعد كفاية (2) مضى حول الأصل، وليس في حصة العامل
من الربح زكاة الا إذا بلغ النصاب مع اجتماع الشرائط، لكن ليس له التأدية من
العين الا بإذن المالك أو بعد القسمة.
مسألة 4 - الزكاة الواجبة مقدمة على الدين سواء كان مطالبا به أولا، ما دامت
عينها موجودة، بل لا يصح وفاؤه بها بدفع تمام النصاب، نعم مع تلفها وصيرورتها
في الذمة حالها حال سائر الديون، وأما زكاة التجارة فالدين المطالب به مقدم عليها،
حيث إنها مستحبة، سواء قلنا بتعلقها بالعين أو بالقيمة، وأما مع عدم المطالبة فيجوز
تقديمها على القولين أيضا، بل مع المطالبة أيضا إذا أداها صحت وأجزأت، وإن كان
آثما من حيث ترك الواجب.
مسألة 5 - إذا كان مال التجارة أحد النصب المالية واختلف مبدأ حولهما، فان
تقدم حول المالية سقطت الزكاة للتجارة، وان انعكس فان أعطى زكاة التجارة قبل
حلول حول المالية سقطت، والا كان كما لو حال الحولان معا في سقوط مال التجارة.
مسألة 6 - لو كان رأس المال أقل من النصاب ثم بلغه في أثناء الحول استأنف
الحول عند بلوغه.
مسألة 7 - إذا كان له تجارتان ولكل منهما رأس مال فلكل منهما شروطه وحكمه
فان حصلت في إحداهما دون الأخرى استحبت فيها فقط، ولا يجبر خسران أحدهما

(1) قد تقدم عدم اشتراطه.
(2) الأظهر عدم كفايته.
94

بربح الأخرى، الثاني مما يستحب فيه الزكاة كل ما يكال أو يوزن (1) مما أنبتته الأرض
عدا الغلات الأربع فإنها واجبة فيها، وعدا الخضر كالبقل والفواكه والباذنجان
والخيار والبطيخ ونحوها، ففي صحيحة زرارة: عفى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الخضر
قلت: وما الخضر؟ قال عليه السلام: كل شئ لا يكون له بقاء البقل والبطيخ والفواكه وشبه
ذلك مما يكون سريع الفساد. وحكم ما يخرج من الأرض مما يستحب فيه الزكاة
حكم الغلات الأربع في قدر النصاب وقدر ما يخرج منها، وفى السقي والزرع ونحو
ذلك. الثالث - الخيل الإناث بشرط أن تكون سائمة، ويحول عليها الحول، ولا بأس
بكونها، عوامل ففي العتاق منها وهى التي تولدت من عربيين كل سنة ديناران هما
مثقال ونصف صيرفي، وفى البراذين كل سنة دينار ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي،
والظاهر ثبوتها حتى مع الاشتراك، فلو ملك اثنان فرسا تثبت الزكاة بينهما. الرابع -
حاصل العقار (2) المتخذ للنماء من البساتين والدكاكين والمساكن والحمامات
والخانات ونحوها، والظاهر اشتراط النصاب والحول، والقدر المخرج ربع العشر
مثل النقدين. الخامس - الحلى، وزكاته اعارته لمؤمن. السادس - المال الغائب
أو المدفون الذي لا يتمكن من التصرف فيه إذا حال عليه حولان أو أحوال (3)،
فيستحب زكاته لسنة واحدة بعد التمكن. السابع - إذا تصرف في النصاب بالمعاوضة
في أثناء الحول بقصد الفرار من الزكاة فإنه يستحب اخراج زكاته بعد الحول.
6 - فصل
أصناف المستحقين للزكاة ومصارفها ثمانية: الأول والثاني - الفقير والمسكين
والثاني أسوء حالا من الأول، والفقير الشرعي من لا يملك مؤنة السنة له ولعياله
والغنى الشرعي بخلافه، فمن كان عنده ضيعة أو عقار أو مواش أو نحو ذلك تقوم بكفايته

(1) تقدم الاشكال في استحباب الزكاة فيه.
(2) تقدم الاشكال فيه.
(3) ولا يبعد القول بالاستحباب مع العود لسنة واحدة.
95

وكفاية عياله في طول السنة لا يجوز له أخذ الزكاة، وكذا إذا كان له رأس مال
يقوم ربحه بمؤنته، أو كان له من النقد أو الجنس ما يكفيه وعياله، وإن كان لسنة
واحدة، وأما إذا كان أقل من مقدار كفاية سنته يجوز له أخذها، وعلى هذا فلو كان
عنده بمقدار الكفاية ونقص عنه بعد صرف بعضه في أثناء السنة يجوز له الاخذ ولا يلزم
أن يصبر إلى آخر السنة حتى يتم ما عنده ففي كل وقت ليس عنده مقدار الكفاية المذكورة
يجوز له الأخذ، وكذا لا يجوز لمن كان ذا صنعة أو كسب يحصل منهما مقدار مؤنته،
والأحوط عدم أخذ القادر على الاكتساب (1) إذا لم يفعل تكاسلا.
مسألة 1 - لو كان له رأس مال لا يقوم ربحه بمؤنته لكن عينه تكفيه لا يجب
عليه صرفها في مؤنته بل يجوز له ابقاؤه للاتجار به وأخذ البقية من الزكاة، وكذا
لو كان صاحب صنعة تقوم آلاتها أو صاحب ضيعة تقوم قيمتها بمؤنته ولكن لا يكفيه
الحاصل منهما لا يجب عليه بيعها وصرف العوض في المؤنة بل يبقيها ويأخذ من
الزكاة بقية المؤنة.
مسألة 2 - يجوز أن يعطى الفقير أزيد (2) من مقدار مؤنة سنته دفعة فلا يلزم
الاقتصار على مقدار مؤنة سنة واحدة، وكذا في الكاسب الذي لا يفي كسبه بمؤنة سنته،
أو صاحب الضيعة التي لا يفي حاصلها، أو التاجر الذي لا يفي ربح تجارته بمؤنة سنته
لا يلزم الاقتصار على اعطاء التتمة، بل يجوز دفع ما يكفيه لسنين، بل يجوز جعله غنيا
عرفيا وإن كان الأحوط الاقتصار، نعم لو أعطاه دفعات لا يجوز بعد أن حصل عنده
مؤنة السنة أن يعطى شيئا ولو قليلا ما دام كذلك.
مسألة 3 - دار السكنى والخادم وفرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله

(1) الأظهر عدم جواز الاخذ الا إذا خرج وقت التكسب وصار محتاجا لا يقدر على
التكسب فإنه يجوز الاخذ حينئذ.
(2) الأظهر بحسب الأدلة عدم الجواز والمانع عن الافتاء به ذهاب الأصحاب إلى
الجواز، والاحتياط سبيل النجاة.
96

ولو لعزه وشرفه لا يمنع من اعطاء الزكاة وأخذها. بل ولو كانت متعددة مع الحاجة
إليها، وكذا الثياب والألبسة الصيفية والشتوية السفرية والحضرية ولو كانت للتجمل
وأثاث البيت من الفروش والظروف وسائر ما يحتاج اليه فلا يجب بيعها في المؤنة
بل لو كان فاقدا لها مع الحاجة جاز أخذ الزكاة لشرائها، وكذا يجوز أخذها لشراء
الدار والخادم وفرس الركوب والكتب العلمية ونحوها مع الحاجة إليها، نعم لو
كان عنده من المذكورات أو بعضها أزيد من مقدار حاجته بحسب حاله وجب صرفه
في المؤنة (1) بل إذا كانت عنده دار تزيد عن حاجته وأمكنه بيع المقدار الزائد
منها عن حاجته وجب بيعه، بل لو كانت له دار تندفع حاجته بأقل منها قيمة فالأحوط
بيعها وشراء الأدون وكذا في العبد والجارية والفرس.
مسألة 4 - إذا كان يقدر على التكسب لكن ينافي شأنه كما لو كان قادرا على
الاحتطاب والاحتشاش الغير اللائقين بحاله يجوز له أخذ الزكاة، وكذا إذا كان
عسرا ومشقة من جهة كبر أو مرض أو ضعف فلا يجب عليه التكسب حينئذ.
مسألة 5 - إذا كان صاحب حرفة وصنعة ولكن لا يمكنه الاشتغال بها من جهة
فقد الآلات أو عدم الطالب جاز له اخذ الزكاة.
مسألة 6 - إذا لم يكن له حرفة ولكن يمكنه تعلمها من غير مشقة ففي وجوب
التعلم وحرمة أخذ الزكاة بتركه اشكال (2) والأحوط التعلم وترك الأخذ بعده، نعم
ما دام مشتغلا بالتعلم لا مانع من أخذها.
مسألة 7 - من لا يتمكن من التكسب طول السنة الا في يوم أو أسبوع مثلا ولكن
يحصل له في ذلك اليوم أو الأسبوع مقدار مؤنة السنة فتركه وبقى طول السنة لا يقدر

(1) إذا كان الزايد بحكم مال مستقل، والا فلا يجب، وبه يظهر الفرع المتأخر
عن هذا.
(2) الأظهر هو جواز اخذ الزكاة، الا إذا كان التعلم سهلا بنحو يصدق عرفا كونه قادرا
بالفعل على التعيش بلا حاجة إلى الزكاة.
97

على الاكتساب لا يبعد جواز أخذه، وان قلنا: انه عاص بالترك (1) في ذلك اليوم
أو الأسبوع لصدق الفقير عليه حينئذ.
مسألة 8 - لو اشتغل القادر على الكسب بطلب العلم المانع عنه يجوز له أخذ
الزكاة (2) إذا كان مما يجب تعلمه عينا أو كفاية، وكذا إذا كان مما يستحب تعلمه
كالتفقه في الدين اجتهادا أو تقليدا، وإن كان مما لا يجب ولا يستحب كالفلسفة والنجوم
والرياضيات والعروض والأدبية لمن لا يريد التفقه في الدين فلا يجوز أخذه.
مسألة 9 - لو شك في أن ما بيده كاف لمؤنة سنته أم لا فمع سبق وجود ما به
الكفاية لا يجوز الأخذ، ومع سبق العدم وحدوث ما يشك في كفايته يجوز عملا
بالأصل في الصورتين.
مسألة 10 - المدعى للفقر ان عرف صدقه أو كذبه عومل به، وان جهل الأمران
فمع سبق فقره يعطى من غير يمين ومع سبق الغنى أو الجهل بالحالة السابقة
فالأحوط عدم الاعطاء الا مع الظن بالصدق (3) خصوصا في الصورة الأولى.
مسألة 11 - لو كان له دين على الفقير جاز احتسابا زكاة، سواء كان حيا أو ميتا
لكن يشترط في الميت أن لا يكون له تركة تفي بدينه، والا لا يجوز، نعم لو كان
له تركة لكن لا يمكن الاستيفاء منها لامتناع الورثة أو غيرهم فالظاهر الجواز (4).
مسألة 12 - لا يجب اعلام الفقير أن المدفوع اليه زكاة، بل لو كان ممن يترفع
ويدخله الحياء منها وهو مستحق يستحب دفعها اليه على وجه الصلة ظاهرا والزكاة
واقعا، بل لو اقتضت المصلحة التصريح كذبا بعدم كونها زكاة جاز (5) إذا لم يقصد

(1) لم يظهر وجه العصيان.
(2) إن كان الوجوب عينيا جاز الاخذ من سهم الفقراء، وإن كان كفائيا، أو كان التعلم مستحبا،
لم يجز الاخذ من ذلك السهم، نعم يجوز الصرف عليه من سهم سبيل الله.
(3) بل مع حصول الوثوق من اخباره أو كونه ثقة، والا فجوز الاكتفاء بالظن محل
منع واشكال.
(4) بل عدم الجواز أيضا.
(5) ان كانت المصلحة مسوغة للكذب.
98

القابض عنوانا آخر غير الزكاة، بل قصد مجرد التملك.
مسألة 13 - لو دفع الزكاة باعتقاد الفقر فبان كون القابض غنيا، فان كانت العين
باقية ارتجعها، وكذا مع تلفها إذا كان القابض عالما بكونها زكاة وإن كان جهلا بحرمتها
للغنى، بخلاف ما إذا كان جاهلا بكونها زكاة فإنه لا ضمان عليه ولو تعذر الارتجاع
أو تلفت بلا ضمان أو معه ولم يتمكن الدافع من أخذ العوض كان ضامنا فعليه الزكاة
مرة أخرى، نعم لو كان الدافع هو المجتهد أو المأذون منه لا ضمان عليه ولا على المالك
الدافع اليه.
مسألة 14 - لو دفع الزكاة إلى غنى جاهلا بحرمتها عليه أو متعمدا استرجعها
مع البقاء أو عوضها مع التلف وعلم القابض، ومع عدم الامكان يكون عليه مرة
أخرى، ولا فرق في ذلك بين الزكاة المعزولة وغيرها، وكذا في المسألة السابقة
وكذا الحال لو بان أن المدفوع اليه كافر أو فاسق (1) ان قلنا باشتراط العدالة،
أو ممن تجب نفقته عليه، أو هاشمي إذا كان الدافع من غير قبيله.
مسألة 15 - إذا دفع الزكاة باعتقاد أنه عادل فبان فقيرا فاسقا، أو باعتقاد أنه
عالم فبان جاهلا، أو زيد فبان عمرا، أو نحو ذلك صح وأجزأ إذا لم يكن على وجه
التقييد، بل كان من باب الاشتباه في التطبيق، ولا يجوز استرجاعه حينئذ وان كانت
العين باقية، وأما إذا كان على وجه التقييد فيجوز كما يجوز نيتها مجددا مع بقاء
العين أو تلفها إذا كان ضامنا بأن كان عالما باشتباه الدافع وتقييده.
الثالث - العاملون عليها وهم المنصوبون من قبل الإمام عليه السلام أو نائبه الخاص
أو العام لاخذ الزكوات وضبطها وحسابها وايصالها اليه، أو إلى الفقراء على حسب
اذنه، فان العامل يستحق منها سهما في مقابل عمله وإن كان غنيا، ولا يلزم استيجاره
من الأول أو تعيين مقدار له على وجه الجعالة، بل يجوز أيضا ان لا يعين له ويعطيه
بعد ذلك ما يراه، ويشترط فيهم التكليف بالبلوغ والعقل والايمان بل العدالة والحرية

(1) لا يبعد القول بعدم الضمان في خصوص تخلف شرط الايمان، والأحوط ما في المتن.
99

أيضا على الأحوط، (1) نعم لا بأس بالمكاتب، ويشترط أيضا معرفة المسائل المتعلقة (2)
بعملهم اجتهادا أو تقليدا، وان لا يكونوا من بني هاشم، نعم يجوز استيجارهم من
بيت المال أو غيره، كما يجوز عملهم تبرعا، والأقوى عدم سقوط هذا القسم في
زمان الغيبة مع بسط يد نائب الإمام عليه السلام في بعض الأقطار، نعم يسقط بالنسبة إلى
من تصدى بنفسه لاخراج زكاته وايصالها إلى نائب الإمام عليه السلام أو إلى الفقراء بنفسه.
الرابع - المؤلفة قلوبهم من الكفار (3) الذين يراد من اعطائهم ألفتهم وميلهم
إلى الاسلام، أو إلى معاونة المسلمين في الجهاد مع الكفار أو الدفاع، ومن المؤلفة
قلوبهم الضعفاء العقول من المسلمين لتقوية اعتقادهم أو لامالتهم إلى المعاونة في
الجهاد أو الدفاع.
الخامس - الرقاب وهم ثلاثة أصناف: الأول - المكاتب العاجز عن أداء مال الكتابة
مطلقا كان أو مشروطا، والأحوط أن يكون بعد حلول النجم، ففي جواز اعطائه قبل
حلوله اشكال، ويتخير بين الدفع إلى كل من المولى والعبد لكن ان دفع إلى المولى
واتفق عجز العبد عن باقي مال الكتابة في المشروط فرد إلى الرق يسترجع منه، كما
أنه لو دفعها إلى العبد ولم يصرفها في فك رقبته لاستغنائه بابراء أو تبرع أجنبي يسترجع
منه، نعم يجوز الاحتساب حينئذ من باب سهم الفقراء إذا كان فقيرا، ولو ادعى العبد
أنه مكاتب أو انه عاجز فان علم صدقه أو أقام بينة قبل قوله والا ففي قبول قوله اشكال
والأحوط عدم القبول (4) سواء صدقه المولى أو كذبه، كما أن في قبول قول المولى

(1) ان لم يكن أقوى.
(2) إذا لم يتمكن من الاحتياط.
(3) الأظهر ان هذا السهم لضعفاء الاعتقاد الذين دخلوا في الاسلام ولم يثبت في
قلوبهم ويخاف عليهم ان يعادوا إلى الكفر فيتألفون بها للثبات على الاسلام، واما التأليف
للجهاد كان المؤلف مسلما أو كافرا فهو ليس موردا لهذا السهم، نعم يجوز اعطاء هؤلاء من
باب كون ذلك تشييدا للدين.
(4) بل الأظهر ذلك الا إذا كان ثقة فان الأقوى حينئذ قبول قوله، وكذا الكلام في
قبول قول المولى.
100

مع عدم العلم والبينة أيضا كذلك سواء صدقه العبد أو كذبه، ويجوز اعطاء المكاتب (1)
من سهم الفقراء إذا كان عاجزا عن التكسب للأداء، ولا يشترط اذن المولى في الدفع
إلى المكاتب، سواء كان من باب الرقاب أو من باب الفقر. الثاني - العبد تحت الشدة
والمرجع في صدق الشدة العرف فيشترى ويعتق، خصوصا إذا كان مؤمنا في يد غير
المؤمن. الثالث - مطلق عتق العبد مع عدم وجود المستحق للزكاة، ونية الزكاة
في هذا والسابق عند دفع الثمن إلى البايع والأحوط الاستمرار بها (2) إلى حين الاعتاق.
السادس - الغارمون وهم الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها وان كانوا
مالكين لقوت سنتهم، ويشترط أن لا يكون الدين مصروفا في المعصية والا لم يقض
من هذا السهم، وان جاز اعطاؤه من سهم الفقراء سواء تاب عن المعصية أو لم يتب
بناءا على عدم اشتراط العدالة في الفقير وكونه مالكا لقوت سنته لا ينافي فقره لأجل
وفاء الدين الذي لا يفي كسبه أو ما عنده به، وكذا يجوز اعطاؤه من سهم سبيل الله
ولو شك في أنه صرفه في المعصية أم لا فالأقوى جواز اعطائه من هذا السهم، وإن كان
الأحوط خلافه، نعم لا يجوز له الأخذ إذا كان قد صرفه في المعصية، ولو كان معذورا
في الصرف في المعصية لجهل أو اضطرار أو نسيان أو نحو ذلك لا بأس باعطائه. وكذا
لو صرفه فيها في حال عدم التكليف لصغر أو جنون، ولا فرق في الجاهل بين كونه
جاهلا بالموضوع أو الحكم (3).
مسألة 16 - لا فرق بين أقسام الدين مع قرض أو ثمن مبيع أو ضمان مال أو عوض
صلح أو نحو ذلك، كما لو كان من باب غرامة اتلاف، فلو كان الاتلاف جهلا أو
نسيانا ولم يتمكن من أداء العوض جاز اعطاؤه من هذا السهم بخلاف ما لو كان على
وجه العمد والعدوان.

(1) فيه اشكال - نعم - يجوز إذا كان فقيرا من غير تلك الجهة.
(2) لا يترك.
(3) إذا كان من قصور.
101

مسألة 17 - إذا كان دينه مؤجلا فالأحوط عدم الاعطاء من هذا السهم قبل حلول
أجله، وإن كان الأقوى الجواز.
مسألة 18 - لو كان كسوبا يقدر على أداء دينه بالتدريج، فإن كان الديان
مطالبا فالظاهر جواز اعطائه من هذا السهم (1) وان لم يكن مطالبا فالأحوط عدم اعطائه.
مسألة 19 - إذا دفع الزكاة إلى الغارم فبان بعده ان دينه في معصية ارتجع منه
الا إذا كان فقيرا فإنه يجوز احتسابه عليه من سهم الفقراء، وكذا إذا تبين انه غير مديون،
وكذا إذا أبرأه الداين بعد الأخذ لوفاء الدين.
مسألة 20 - لو ادعى أنه مديون فان أقام بينة قبل قوله، والا فالأحوط عدم
تصديقه (2) وان صدقه الغريم، فضلا عما لو كذبه أو لم يصدقه.
مسألة 21 - إذا اخذ من سهم الغارمين ليصرفه في أداء الدين ثم صرفه في غيره
ارتجع منه.
مسألة 22 - المناط هو الصرف في المعصية أو الطاعة لا القصد من حين الاستدانة
فلو استدان للطاعة فصرف في المعصية لم يعط من هذا السهم، وفى العكس بالعكس.
مسألة 23 - إذا لم يكن الغارم متمكنا من الأداء حالا وتمكن بعد حين كأن
يكون له غلة لم يبلغ أوانها أو دين مؤجل يحل اجله بعد مدة ففي جواز اعطائه من
هذا السهم اشكال، وإن كان الأقوى عدم الجواز (3) مع عدم المطالبة من الدائن،
أو امكان الاستقراض والوفاء من محل آخر ثم قضائه بعد التمكن.
مسألة 24 - لو كان دين الغارم لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة، بل
يجوز ان يحتسب ما عنده من الزكاة، وفاءا للدين ويأخذها مقاصة وان لم يقبضها

(1) الميزان في الجواز صدق الحاجة والعجز عن الأداء، كما إذا كان الدين حالا كان
الديان مطالبين أم لا.
(2) الا إذا كان ثقة.
(3) لا يبعد القول بالجواز مع كون الدين حالا وان لم يطالب.
102

المديون ولم يوكل في قبضها ولا يجب اعلام المديون بالاحتساب عليه أو بجعلها
وفاءا واخذها مقاصة.
مسألة 25 - لو كان الدين لغير من عليه الزكاة يجوز له وفاؤه عنه بما عنده
منها ولو بدون اطلاع الغارم.
مسألة 26 - لو كان الغارم ممن تجب نفقته على من عليه الزكاة جاز له اعطاؤه
لوفاء دينه أو الوفاء عنه، وان لم يجز اعطاؤه لنفقته.
مسألة 27 - إذا كان ديان الغارم مديونا لمن عليه الزكاة جاز له احالته على الغارم
ثم يحسب عليه، بل يجوز له ان يحسب ما على الديان وفاءا عما في ذمة الغارم، وإن كان
الأحوط أن يكون ذلك بعد الإحالة.
مسألة 28 - لو كان الدين للضمان عن الغير تبرعا لمصلحة مقتضية لذلك مع
عدم تمكنه من الأداء وإن كان قادرا على قوت سنته يجوز الاعطاء من هذا السهم، وإن كان
المضمون عنه غنيا.
مسألة 29 - لو استدان لاصلاح ذات البين كما لو وجد قتيل لا يدرى قاتله وكاد
أن يقع بسببه الفتنة فاستدان للفصل، فإن لم يتمكن من أدائه جاز الاعطاء من هذا السهم
وكذا لو استدان لتعمير مسجد أو نحو ذلك من المصالح العامة، واما لو تمكن من الأداء
فمشكل، نعم لا يبعد جواز الاعطاء من سهم سبيل الله وإن كان لا يخلو عن اشكال أيضا،
الا إذا كان من قصده حين الاستدانة ذلك (1).
السابع - سبيل الله وهو جميع سبل الخير كبناء القناطر والمدارس والخانات
والمساجد وتعميرها وتخليص المؤمنين من يد الظالمين ونحو ذلك من المصالح
كاصلاح ذات البين، ورفع وقوع الشرور والفتن بين المسلمين، وكذا إعانة الحجاج
والزائرين واكرام العلماء والمشتغلين مع عدم تمكنهم من الحج والزيارة والاشتغال
ونحوها من أموالهم، بل الأقوى جواز دفع هذا السهم في كل قربة مع عدم تمكن

(1) هذا أيضا مشكل.
103

المدفوع اليه من فعلها بغير الزكاة، بل مع تمكنه أيضا، لكن مع عدم اقدامه (1)
الا بهذا الوجه.
الثامن - ابن السبيل وهو المسافر إلى نفدت نفقته أو تلفت راحلته بحيث
لا يقدر معه على الذهاب وإن كان غنيا في وطنه بشر عدم تمكنه من الاستدانة (2)
أو بيع ما يملكه أو نحو ذلك، وبشرط أن لا يكون سفره في معصية فيدفع اليه قدر الكفاية
اللائقة بحاله من الملبوس والمأكول والمركوب أو ثمنها ان اجرتها إلى، ان يصل
إلى بلده بعد قضاء وطره من سفره، أو يصل إلى محل يمكنه تحصيلها بالاستدانة والبيع
أو نحوهما، ولو فضل مما اعطى شئ ولو بالتضييق على نفسه اعاده على الأقوى، من
غير فرق بين النقد والدابة والثياب ونحوها فيدفعه إلى الحاكم ويعلمه بأنه من
الزكاة، واما لو كان في وطنه وأراد انشاء السفر المحتاج اليه ولا قدرة له عليه فليس
من ابن السبيل، نعم لو تلبس بالسفر على وجه يصدق عليه ذلك يجوز اعطائه من هذا
السهم وان لم يتجدد نفاد نفقته بل كان أصل ماله قاصرا فلا يعطى من هذا السهم قبل ان
يصدق عليه اسم ابن السبيل نعم لو كان فقيرا يعطى من سهم الفقراء.
مسألة 30 - إذا علم استحقاق شخص للزكاة ولكن لم يعلم من اي الأصناف
يجوز اعطائه بقصد الزكاة من غير تعيين الصنف بل إذا علم استحقاقه من جهتين
يجوز اعطائه من غير تعيين الجهة.
مسألة 31 - إذا نذر ان يعطى زكاته فقيرا معينا لجهة راجحة أو مطلقا ينعقد
نذره فان سهى فأعطى فقيرا آخر أجزء ولا يجوز استرداده وإن كان العين باقية، بل
لو كان ملتفتا إلى نذره وأعطى غير متعمدا أجزء أيضا (3) وإن كان آثما في مخالفة
النذر وتجب عليه الكفارة ولا يجوز استرداده أيضا لأنه قد ملك بالقبض.

(1) لا يبعد القول بالجواز حتى مع وجود الداعي له إن كان المصرف هو ذلك الفعل
وتلك الجهة الخاصة لا الفاعل لكن الاحتياط طريق النجاة.
(2) إذا تمكن من ذلك ولكن كان حرجيا أو مخالفا لشأنه جاز اعطائه من هذا السهم.
(3) محل اشكال.
104

مسألة 32 - إذا اعتقد وجوب الزكاة عليه فأعطاها فقيرا ثم تبين له عدم
وجوبها عليه جاز له الاسترجاع إذا كانت العين باقية، واما إذا شك في وجوبها عليه
وعدمه فأعطى احتياطا ثم تبين له عدمه فالظاهر عدم جواز الاسترجاع (1) وان كانت
العين باقية.
فصل في أوصاف المستحقين
وهى أمور: الأول - الايمان فلا تعطى للكافر بجميع اقسامه ولا لمن يعتقد
خلاف الحق من فرق المسلمين حتى المستضعفين منهم، الا من سهم المؤلفة قلوبهم (2)
وسهم سبيل الله في الجملة، ومع عدم وجود المؤمن والمؤلفة وسبيل الله يحفظ إلى
حال التمكن.
مسألة 1 - تعطى الزكاة من سهم الفقراء لأطفال المؤمنين ومجانينهم، من غير
فرق بين الذكر والأنثى والخنثى، ولا بين المميز وغيره، اما بالتمليك بالدفع إلى
وليهم (3) واما بالصرف عليهم مباشرة أو بتوسط امين ان لم يكن لهم ولى شرعي
من الأب والجد والقيم.
مسألة 2 - يجوز دفع الزكاة إلى السفيه تمليكا وإن كان يحجر عليه بعد ذلك
كما أنه يجوز الصرف عليه من سهم سبيل الله، بل من سهم الفقراء أيضا على الأظهر
من كونه كسائر السهام أعم من التمليك والصرف.
مسألة 3 - الصبي المتولد بين المؤمن وغيره يلحق بالمؤمن خصوصا إذا

(1) إذا قصد الصدقة على تقدير عدم وجوب الزكاة أو الهبة مع كون المدفوع اليه
من ذوى أرحامه، والا فيجوز الاسترجاع ان كانت العين باقية.
(2) لا تعطى لهم أيضا، واما سهم سبيل الله فإن كان صرفا في الحقيقة في المصلحة
كالغزو وبعبارة أخرى كان صرفا في فعل يكون سبيلا وقربة مع صدوره عن غير المؤمن بلا
نظر إلى الفاعل الا من حيث إنه آلة، فلا مانع من اعطائه إياهم، والا فلا.
(3) أو إليهم مع اذن الولي.
105

كان هو الأب (1) نعم لو كان الجد مؤمنا والأب غير مؤمن ففيه اشكال والأحوط
عدم الاعطاء.
مسألة 4 - لا يعطى ابن الزنا من المؤمنين (2) فضلا من غيرهم من هذا السهم.
مسألة 5 - لو اعطى غير المؤمن زكاته أهل نحلته ثم استبصر أعادها بخلاف
الصلاة والصوم إذا جاء بهما على وفق مذهبه، بل وكذا الحج وإن كان قد ترك منه ركنا
عندنا على الأصح، نعم لو كان قد دفع الزكاة إلى المؤمن ثم استبصر أجزأ وإن كان
الأحوط الإعادة أيضا.
مسألة 6 - النية في دفع الزكاة للطفل والمجنون عند الدفع إلى الولي
إذا كان على وجه التمليك وعند الصرف عليهما إذا كان على وجه الصرف.
مسألة 7 - استشكل بعض العلماء في جواز اعطاء الزكاة لعوام المؤمنين
الذين لا يعرفون الله الا بهذا اللفظ والنبي صلى الله عليه وآله أو الأئمة عليهم السلام كلا أو بعضا أو شيئا من
المعارف الخمس واستقرب عدم الاجزاء، بل ذكر بعض آخر انه لا يكفي معرفة
الأئمة عليهم السلام بأسمائهم بل لابد في كل واحد ان يعرف انه من هو وابن من، فيشترط تعيينه
وتمييزه عن غيره وان يعرف الترتيب في خلافتهم، ولو لم يعلم أنه هل يعرف ما يلزم
معرفته أم لا يعتبر الفحص عن حاله ولا يكفي الاقرار الاجمالي باني مسلم مؤمن اثنى
عشرى، وما ذكروه مشكل جدا، بل الأقوى كفاية الاقرار الاجمالي وان لم يعرف أسمائهم
أيضا فضلا عن أسماء آبائهم والترتيب في خلافتهم لكن هذا مع العلم بصدقه في
دعواه انه من المؤمنين الاثني عشريين، واما إذا كان بمجرد الدعوى ولم يعلم صدقه
وكذبه فيجب الفحص عنه.
مسألة 8 - لو اعتقد كونه مؤمنا، فأعطاه الزكاة ثم تبين خلافه فالأقوى
عدم الاجزاء.
الثاني - ان لا يكون ممن يكون الدفع اليه إعانة على الاثم (3) واغراء بالقبيح

(1) الالحاق في غير هذا المورد مشكل.
(2) يعنى الأطفال.
(3) الأظهر عدم اعتبار شئ من ما ذكر في هذا الامر، نعم، الأحوط الترك إذا كان
ترك الاعطاء ردعا عن المعصية بل لا يترك.
106

فلا يجوز اعطائها لمن يصرفها في المعاصي خصوصا إذا كان تركه ردعا عنها، والأقوى
عدم اشتراط العدالة، ولا عدم ارتكاب الكبائر، ولا عدم كونه شارب الخمر فيجوز دفعها
إلى الفساق ومرتكبي الكبائر وشاربي الخمر بعد كونهم فقراء من أهل الايمان، وإن كان
الأحوط اشتراطها بل وردت رواية بالمنع عن اعطائها لشارب الخمر، نعم يشترط
العدالة في العالمين على الأحوط، ولا يشترط في المؤلفة قلوبهم، بل ولا في سهم سبيل الله
بل ولا في الرقاب وان قلنا باعتبارها في سهم الفقراء.
مسألة 9 - الأرجح دفع الزكاة إلى الاعدل فالأعدل والأفضل فالأفضل
والأحوج فالأحوج ومع تعارض الجهات يلاحظ الأهم فالأهم المختلف ذلك
بحسب المقامات.
الثالث - ان لا يكون ممن تجب نفقته على المزكى كالأبوين وان علوا، والأولاد
وان سفلوا من الذكور أو من الإناث، والزوجة الدائمة التي لم يسقط وجوب نفقتها
بشرط أو غيره من الأسباب الشرعية، والمملوك سواء كان آبقا أو مطيعا فلا يجوز اعطاء
زكاته إياهم للانفاق، بل ولا للتوسعة على الأحوط (1) وإن كان لا يبعد جوازه إذا لم
يكن عنده ما يوسع منه عليهم، نعم يجوز دفعها إليهم إذا كان عندهم من تجب نفقته
عليهم لا عليه كالزوجة للوالد أو الولد والمملوك لهما مثلا.
مسألة 10 - الممنوع اعطائه لو اجبى النفقة هو ما كان من سهم الفقراء ولاجل الفقر
واما من غيره من السهام كسهم العاملين إذا كان منهم أو الغارمين أو المؤلفة قلوبهم
أو سبيل الله أو ابن السبيل أو الرقاب إذا كان من أحد المذكورات فلا مانع منه.
مسألة 11 - يجوز لمن تجب نفقته على غيره ان يأخذ الزكاة من غير من تجب
عليه إذا لم يكن قادرا على انفاقه أو كان قادرا ولكن لم يكن باذلا، واما إذا كان باذلا
فيشكل الدفع اليه (2) وإن كان فقيرا كأبناء الأغنياء إذا لم يكن عندهم شئ بل

(1) بل على الأظهر.
(2) الأظهر جوازه، في غير زوجة الموسر الباذل، الا إذا انفق عليه وقبل وخرج عن
الفقر.
107

لا ينبغي الاشكال في عدم جواز الدفع إلى زوجة الموسر الباذل، بل لا يبعد عدم جوازه
مع امكان اجبار الزوج على البذل إذا كان ممتنعا منه، بل الأحوط عدم جواز الدفع
إليهم للتوسعة اللايقة بحالهم مع كون من عليه النفقة باذلا للتوسعة أيضا.
مسألة 12 - يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة المتمتع بها، سواء كان المعطى هو
الزوج أو غيره، وسواء كان للانفاق أو التوسعة، وكذا يجوز دفعها إلى الزوجة الدائمة
مع سقوط وجوب نفقتها بالشرط أو نحوه، نعم لو وجبت نفقة المتمتع بها على الزوج
من جهة الشرط أو نحوه لا يجوز الدفع إليها مع يسار الزوج (1).
مسألة 13 - يشكل دفع الزكاة إلى الزوجة الدائمة (2) إذا كان سقوط نفقتها
من جهة النشوز لتمكنها من تحصيلها بتركه.
مسألة 14 - يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج وان أنفقها عليها، وكذا
غيرها ممن تجب نفقته عليه بسبب من الأسباب الخارجية.
مسألة 15 - إذا عال بأحد تبرعا جاز له دفع زكاته له، فضلا عن غيره للانفاق
أو التوسعة، من غير فرق بين القريب الذي لا يجب نفقته على كالأخ وأولاده والعلم
والخال وأولادهم، وبين الأجنبي، ومن غير فرق بين كونه وارثا له لعدم الولد
مثلا وعدمه.
مسألة 16 - يستحب اعطاء الزكاة للأقارب مع حاجتهم وفقرهم وعدم كونهم
ممن تجب نفقتهم عليه، ففي الخبر أي الصدقة أفضل؟ قال عليه السلام: على ذي الرحم
الكاشح. وفى آخر: لا صدقة وذو رحم محتاج.
مسألة 17 - يجوز للوالد أن يدفع زكاته إلى ولده للصرف في مؤنة التزويج
وكذا العكس.

(1) وبذله.
(2) الأظهر عدم الجواز.
108

مسألة 18 - يجوز للمالك دفع الزكاة إلى ولده للانفاق على زوجته أو خادمه
من سهم الفقراء، كما يجوز له دفعه اليه التحصيل الكتب العلمية من سهم سبيل الله.
مسألة 19 - لا فرق في عدم جواز دفع الزكاة إلى من تجب نفقته عليه بين أن
يكون قادرا على انفاقه أو عاجزا (1) كما لا فرق بين أن يكون ذلك من سهم الفقراء
أو من سائر السهام (2) فلا يجوز الانفاق عليهم من سهم سبيل الله أيضا، وإن كان
يجوز لغير الانفاق، وكذا لا فرق على الظاهر الأحوط بين اتمام ما يجب عليه وبين
اعطاء تمامه، وان حكى عن جماعة أنه لو عجز عن انفاق تمام ما يجب عليه جاز له
اعطاء البقية، كما لو عجز عن اكسائهم أو عن ادامهم لاطلاق بعض الأخبار الواردة
في التوسعة بدعوى شمولها للتتمة، لأنها أيضا نوع من التوسعة، لكنه مشكل فلا يترك
الاحتياط بترك الاعطاء.
مسألة 20 - يجوز صرف الزكاة على مملوك الغير إذا لم يكن ذلك الغير باذلا
لنفقته اما لفقره أو لغيره سواء كان العبد آبقا أو مطيعا. الرابع - أن لا يكون هاشميا
إذا كانت الزكاة من غيره مع عدم الاضطرار، ولا فرق بين سهم الفقراء وغيره من
سائر السهام حتى سهم العاملين وسبيل الله، نعم لا بأس بتصرفه في الخانات والمدارس
وسائر الأوقاف المتخذة من سهم سبيل الله، أما زكاة الهاشمي فلا بأس بأخذها
له من غير فرق بين السهام أيضا حتى سهم العاملين، فيجوز استعمال الهاشمي على
جباية صدقات بني هاشم، وكذا يجوز أخذ زكاة غير الهاشمي له مع الاضطرار إليها
وعدم كفاية الخمس وسائر الوجوه، ولكن الأحوط حينئذ الاقتصار على قدر الضرورة
يوما فيوما مع الامكان.
مسألة 21 - المحرم من صدقات غير الهاشمي عليه انما هو زكاة المال الواجبة
وزكاة الفطرة، وأما الزكاة المندوبة ولو زكاة مال التجارة وسائر الصدقات المندوبة

(1) الأظهر هو الجواز في صورة العجز سواء عجز عن اعطاء تمامه، أو اتمام ما يجب عليه.
(2) تقدم جوازه من ساير السهام.
109

فليست محرمة عليه، بل لا تحرم الصدقات الواجبات ما عدا الزكاتين عليه أيضا
كالصدقات المنذورة والموصى بها للفقراء والكفارات ونحوها كالمظالم إذا كان
من يدفع عنه من غير الهاشميين، وأما إذا كان المالك المجهول الذي يدفع عنه
الصدقة هاشميا فلا اشكال أصلا، ولكن الأحوط في الواجبة عدم الدفع اليه، وأحوط
منه عدم دفع مطلق الصدقة ولو مندوبة خصوصا مثل زكاة مال التجارة.
مسألة 22 - يثبت كونه هاشميا بالبينة والشياع ولا يكفي مجرد دعواه (1) وان
حرم دفع الزكاة اليه مؤاخذة له باقراره، ولو ادعى أنه ليس بهاشمي يعطى من الزكاة
لا لقبول قوله، بل لأصالة العدم عند الشك في كونه منهم أم لا، ولذا يجوز اعطاؤها
المجهول النسب كاللقيط.
مسألة 23 - يشكل اعطاء زكاة غير الهاشمي لمن تولد من الهاشمي بالزنا،
فالأحوط عدم اعطائه، وكذا الخمس فيقتصر فيه على زكاة الهاشمي.
8 - فصل: في بقية أحكام الزكاة
وفيه مسائل: الأولى - الأفضل بل الأحوط نقل الزكاة إلى الفقيه الجامع
للشرائط في زمن الغيبة سيما إذا طلبها، لأنه أعرف بمواقعها، لكن الأقوى عدم وجوب
فيجوز للمالك مباشرة أو بالاستنابة والتوكيل تفريقها على الفقراء وصرفها في مصارفها
نعم لو طلبها الفقيه على وجه الايجاب بأن يكون هناك ما يقتضى وجوب صرفها في
مصرف بحسب الخصوصيات الموجبة لذلك شرعا وكان مقلدا له يجب عليه الدفع
اليه من حيث أنه تكليفه الشرعي، لا لمجرد طلبه، وإن كان أحوط كما ذكرنا، بخلاف
ما إذا طلبها الإمام عليه السلام في زمان الحضور فإنه يجب الدفع اليه بمجرد طلبه من حيث
وجوب طاعته في كل ما يأمر.
الثانية - لا يجب البسط على الأصناف الثمانية، بل يجوز التخصيص ببعضها

(1) الا إذا كان ثقة.
110

كما لا يجب في كل صنف البسط على أفراده ان تعددت، ولا مراعاة أقل الجمع
الذي هو الثلاثة، بل يجوز تخصيصها بشخص واحد من صنف واحد، لكن يستحب
البسط على الأصناف مع سعتها ووجودهم، بل يستحب مراعاة الجماعة التي أقلها
ثلاثة في كل صنف منهم حتى ابن السبيل وسبيل الله، لكن هذا مع عدم مزاحمة
جهة أخرى مقتضية للتخصيص.
الثالثة - يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب بمقدار فضله، كما
أنه يستحب ترجيح الأقارب وتفضيلهم على الأجانب، وأهل الفقه والعقل على غيرهم
ومن لا يسأل من الفقراء على أهل السؤال، ويستحب صرف صدقة المواشي إلى أهل
التجمل من الفقراء، لكن هذه جهات موجبة للترجيح في حد نفسها، وقد يعارضها
أو يزاحمها مرجحات اخر فينبغي حينئذ ملاحظة الأهم والأرجح.
الرابعة - الاجهار بدفع الزكاة أفضل من الاسرار به، بخلاف الصدقات
المندوبة فان الأفضل فيها الاعطاء سرا.
الخامسة - إذا قال المالك: أخرجت زكاة مالي أو لم يتعلق بمالي شئ قبل
قوله بلا بينة ولا يمين ما لم يعلم كذبه، ومع التهمة لا بأس بالتفحص والتفتيش عنه.
السادسة - يجوز عزل الزكاة وتعيينها في مال مخصوص، وإن كان من غير
الجنس الذي تعلقت به، من غير فرق بين وجود المستحق وعدمه على الأصح، وإن كان
الأحوط الاقتصار على الصورة الثانية، وحينئذ فتكون في يده أمانة لا يضمنها
الا بالتعدي أو التفريط، ولا يجوز تبديلها بعد العزل.
السابعة - إذا اتجر بمجموع النصاب قبل أداء الزكاة كان الربح للفقير (1)
بالنسبة والخسارة عليه، وكذا لو اتجر بما عزله وعينه للزكاة.
الثامنة - تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة قبله، وكذا

(1) تقدم انه للمالك.
111

الخمس وسائر الحقوق الواجبة ولو كان الوارث مستحقا جاز احتسابه عليه (1)
ولكن يستحب دفع شئ منه إلى غيره.
التاسعة - يجوز أن يعدل بالزكاة إلى غير من حضره من الفقراء، خصوصا مع
المرجحات وان كانوا مطالبين، نعم الأفضل حينئذ الدفع إليهم من باب استحباب قضاء
حاجة المؤمن الا إذا زاحمه ما هو أرجح.
العاشرة - لا اشكال في جواز نقل الزكاة من بلده إلى غيره من عدم وجود
المستحق فيه، بل يجب ذلك إذا لم يكن مرجو الوجود بعد ذلك، ولم يتمكن من
الصرف
في سائر المصارف، ومؤنة النقل حينئذ من الزكاة، وأما مع كونه مرجو
الوجود فيتخير بين النقل والحفظ إلى أن يوجد، وإذا تلفت بالنقل لم يضمن مع
عدم الرجاء وعدم التمكن من الصرف في سائر المصارف، واما معهما فالأحوط الضمان (2)
ولا فرق في النقل بين أن يكون إلى البلد القريب أو البعيد من الاشتراك في ظن السلامة
وإن كان الأولى التفريق في القريب ما لم يكن مرجح للبعيد.
الحادية عشر - الأقوى جواز النقل إلى البلد الآخر ولو مع وجود المستحق
في البلد، وإن كان الأحوط عدمه، كما أفتى به جماعة، ولكن الظاهر الاجزاء لو
نقل على هذا القول أيضا، وظاهر القائلين بعدم الجواز وجوب التقسيم في بلدها لا في
أهلها فيجوز الدفع في بلدها إلى الغرباء وأبناء السبيل، وعلى القولين إذا تلفت
بالنقل يضمن، كما أن مؤنة النقل عليه لا من الزكاة، ولو كان النقل باذن الفقيه لم
يضمن (3) وإن كان مع وجود المستحق في البلد، وكذا بل وأولى منه لو وكله في قبضها
عنه بالولاية العامة ثم أذن له في نقلها.
الثانية عشر - لو كان له مال في غير بلد الزكاة أو نقل مالا له من بلد الزكاة إلى

(1) اي يخرجها فيعود بها على نفسه أداءا للدين.
(2) وإن كان الأظهر عدم الضمان.
(3) فيه نظر بل منع ما لم يوكله في القبض.
112

بلد آخر جاز احتسابه زكاة عما عليه في بلده ولو مع وجود المستحق فيه، وكذا
لو كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه زكاة وليس شئ من هذه
من النقل الذي هو محل الخلاف في جوازه وعدمه فلا اشكال في شئ منها.
الثالثة عشر - لو كان المال الذي فيه الزكاة في بلد آخر غير بلده جاز له نقلها
اليه مع الضمان لو تلف، ولكن الأفضل صرفها في بلد المال.
الرابعة عشر - إذا قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية العامة (1) برئت ذمة
المالك، وان تلفت عنده بتفريط أو بدونه أو اعطى لغير المستحق اشتباها.
الخامسة عشر - إذا احتاجت الزكاة إلى كيل أو وزن كانت أجرة الكيال والوزان
على المالك لا من الزكاة.
السادسة عشر - إذا تعدد سبب الاستحقاق في شخص واحد كأن يكون فقيرا وعاملا
وغارما مثلا جاز أن يعطى بكل سبب نصيبا.
السابعة عشر - المملوك الذي يشترى من الزكاة إذا مات ولا وارث له ورثة أرباب
الزكاة دون الإمام عليه السلام ولكن الأحوط صرفه في الفقراء فقط.
الثامنة عشر - قد عرفت سابقا أنه لا يجب الاقتصار (2) في دفع الزكاة على
مؤنة السنة، بل يجوز دفع ما يزيد على غناه إذا أعطى دفعة فلا حد لأكثر ما يدفع اليه
وإن كان الأحوط الاقتصار على قدر الكفاف، خصوصا في المحترف الذي لا تكفيه حرفته
نعم لو أعطى تدريجا فبلغ مقدار مؤنة السنة حرم عليه أخذ ما زاد للانفاق، والأقوى
أنه لا حد لها في طرف القلة أيضا من غير فرق بين زكاة النقدين وغيرهما، ولكن
الأحوط عدم النقصان (3) عما في النصاب الأول من الفضة في الفضة وهو خمس دراهم
وعما في النصاب الأول من الذهب في الذهب وهو نصف دينار، بل الأحوط مراعاة

(1) بناءا على ثبوتها.
(2) قد مر ان الأظهر هو الاقتصار.
(3) لا يترك، في خصوص الفضة.
113

مقدار ذلك في غير النقدين أيضا، وأحوط من ذلك مراعاة ما في أول النصاب من
كل جنس، ففي الغنم والإبل لا يكون أقل من شاة، وفى البقر لا يكون أقل من تبيع
وهكذا في الغلات يعطى ما يجب في أول حد النصاب.
التاسعة عشر - يستحب للفقيه أو العامل أو الفقير الذي يأخذ الزكاة الدعاء للمالك
بل وهو الأحوط بالنسبة إلى الفقيه الذي يقبض بالولاية العامة.
العشرون - يكره لرب المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة والمندوبة
نعم لو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند من أراد كان المالك أحق به من غيره ولا كراهة
وكذا لو كان جزءا من حيوان لا يمكن للفقير الانتفاع به، ولا يشتريه غير المالك. أو
يحصل للمالك ضرر بشراء الغير فإنه تزول الكراهة حينئذ أيضا، كما أنه لا بأس بابقائه
في ملكه إذا عاد اليه بميراث وشبهه من المملكات القهرية.
9 - فصل في وقت وجوب اخراج الزكاة
قد عرفت سابقا أن وقت تعلق الوجوب فيما يعتبر فيه الحول حولانه بدخول
الشهر الثاني عشر، وأنه يستقر الوجوب بذلك وان احتسب الثاني عشر من الحول الأول
لا الثاني، وفى الغلات التسمية، وان وقت وجوب الاخراج في الأول هو وقت التعلق
وفى الثاني هو الخرص والصرم (1) في النخل والكرم، والتصفية في الحنطة والشعير،
وهل الوجوب بعد تحققه فوري أولا؟ أقوال، ثالثها: أو وجوب الاخراج ولو بالعزل
فوري، واما الدفع والتسليم فيجوز فيه التأخير، والأحوط عدم تأخير الدفع مع وجود
المستحق وامكان الاخراج الا لغرض كانتظار مستحق معين أو الأفضل، فيجوز حينئذ
ولو مع عدم العزل الشهرين والثلاثة بل الأزيد (2) وإن كان الأحوط حينئذ العزل
ثم الانتظار المذكور، ولكن لو تلف بالتأخير مع امكان الدفع يضمن (3).

(1) قد مر ان المناط صدق اسم التمر والزبيب.
(2) إلى قريب السنة الآتية.
(3) مع وجود المستحق، ومع عدمه الأظهر عدم الضمان وان أمكن صرفها في
ساير المصارف.
114

مسألة 1 - الظاهر أن المناط في الضمان مع وجود المستحق هو التأخير عن
الفور العرفي، فلو أخر ساعة أو ساعتين بل أزيد فتلفت من غير تفريط فلا ضمان، وان
أمكنه الايصال إلى المستحق من حينه مع عدم كونه حاضرا عنده، واما مع حضوره
فمشكل خصوصا إذا كان مطالبا.
مسألة 2 - يشترط في الضمان مع التأخير العلم بوجود المستحق فلو كان موجودا
لكن المالك لم يعلم به فلا ضمان لأنه معذور حينئذ في التأخير.
مسألة 3 - لو أتلف الزكاة المعزولة أو جميع النصاب متلف فإن كان مع عدم
التأخير الموجب للضمان يكون الضمان على المتلف فقط، وإن كان مع التأخير
المزبور من المالك فكل من المالك والأجنبي ضامن، وللفقيه أو العامل الرجوع على
أيهما شاء، وان رجع على المالك رجع هو على المتلف، ويجوز له الدفع من ماله ثم
الرجوع على المتلف.
مسألة 4 - لا يجوز تقديم الزكاة قبل وقت الوجوب على الأصح، فلو قدمها
كان المال باقيا على ملكه مع بقاء عينه، ويضمن تلفه القابض ان علم بالحال، وللمالك
احتسابه جديدا مع بقائه أو احتساب عوضه مع ضمانه، وبقاء فقر القابض، وله العدول
عنه إلى غيره.
مسألة 5 - إذا أراد أن يعطى فقيرا شيئا ولم يجئ وقت وجوب الزكاة عليه
يجوز ان يعطيه قرضا، فإذا جاء وقت الوجوب حسبه عليه زكاة بشرط بقائه على
صفة الاستحقاق وبقاء الدافع والمال على صفة الوجوب، ولا يجب عليه ذلك بل يجوز
مع بقائه على الاستحقاق الأخذ منه والدفع إلى غيره وإن كان الأحوط الاحتساب
عليه وعدم الأخذ منه.
مسألة 6 - لو أعطاه قرضا فزاد عنده زيادة متصلة أو منفصلة فالزيادة له لا
للمالك، كما أنه لو نقص كان النقص عليه، فان خرج عن الاستحقاق أو أراد المالك
الدفع إلى غيره يسترد عوضه لاعينه، كما هو مقتضى حكم القرض بل مع عدم الزيادة
أيضا ليس عليه الا رد المثل أو القيمة.
115

مسألة 7 - لو كان ما اقرض الفقير - في أثناء الحول بقصد الاحتساب عليه بعد
حلوله - بعضا من النصاب وخرج الباقي عن حده سقط الوجوب على الأصح، لعدم
بقائه في ملكه طول الحول، سواء كانت العين باقية عند الفقير أو تالفة، فلا محل
للاحتساب، نعم لو أعطاه بعض النصاب أمانة بالقصد المذكور لم يسقط الوجوب
مع بقاء عينه عند الفقير، فله الاحتساب حينئذ بعد حلول الحول إذا بقي على
الاستحقاق.
مسألة 8 - لو استغنى الفقير الذي أقرضه بالقصد المذكور بعين هذا المال
ثم حال الحول يجوز الاحتساب عليه لبقائه على صفة الفقر بسبب هذا الدين، ويجوز
الاحتساب من سهم الغارمين أيضا، واما لو استغنى بنماء هذا المال أو بارتفاع قيمته
إذا كان قيميا وقلنا: ان المدار قيمته يوم القرض لا يوم الأداء. لم يجز الاحتساب عليه.
10 - فصل
الزكاة من العبادات فيعتبر فيها نية القربة، والتعيين مع تعدد ما عليه بأن يكون
عليه خمس وزكاة وهو هاشمي فأعطى هاشميا فإنه يجب عليه أن يعين أنه من أيهما،
وكذا لو كان عليه زكاة وكفارة فإنه يجب التعيين، بل وكذا إذا كان عليه زكاة المال
والفطرة فإنه يجب التعيين على الأحوط. بخلاف ما إذا اتحد الحق الذي عليه فإنه
يكفيه الدفع بقصد ما في الذمة وان جهل نوعه، بل مع التعدد أيضا يكفيه التعيين
الاجمالي بأن ينوى ما وجب عليه أولا، أو ما وجب ثانيا مثلا، ولا يعتبر نية الوجوب
والندب، وكذا لا يعتبر أيضا نية الجنس الذي تخرج منه الزكاة انه من الأنعام أو
الغلات أو النقدين، من غير فرق بين أن يكون محل الوجوب متحدا أو متعددا،
بل ومن غير فرق بين ان يكون نوع الحق متحدا أو متعددا كما لو كان عنده أربعون
من الغنم وخمس من الإبل، فان الحق في كل منهما شاة، أو كان عنده من أحد
النقدين ومن الأنعام فلا يجب تعيين شئ من ذلك، سواء كان المدفوع من جنس
واحد مما عليه أولا، فيكفي مجرد قصد كونه زكاة، بل لو كان له مالان متساويان أو
116

مختلفان حاضران أو غائبان أو مختلفان فأخرج الزكاة عن أحدهما من غير تعيين
أجزأه وله التعيين بعد ذلك (1)، ولو نوى الزكاة عنهما وزعت، بل يقوى التوزيع
مع نية مطلق الزكاة.
مسألة 1 - لا اشكال في أنه يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة، كما يجوز
له التوكيل في الايصال إلى الفقير، وفى الأول ينوى الوكيل حين الدفع إلى الفقير
عن المالك، والأحوط تولى المالك للنية أيضا حين الدفع إلى الوكيل (2)، وفى
الثاني لابد من تولى المالك للنية حين الدفع (3) إلى الوكيل، والأحوط استمرارها
إلى حين دفع الوكيل إلى الفقير.
مسألة 2 - إذا دفع المالك أو وكيله بلا نية القربة له أن ينوى بعد وصول
المال إلى الفقير وان تأخرت عن الدفع بزمان بشرط بقاء العين في يده، أو تلفها مع
ضمانه، كغيرها من الديون، وأما مع تلفها بلا ضمان فلا محل للنية.
مسألة 3 - يجوز دفع الزكاة إلى الحاكم الشرعي بعنوان الوكالة عن المالك
في الأداء، كما يجوز بعنوان الوكالة في الايصال، ويجوز بعنوان أنه ولى عام على
الفقراء، ففي الأول يتولى الحاكم النية وكالة حين الدفع إلى الفقير، والأحوط
تولى المالك أيضا حين الدفع إلى الحكم، وفى الثاني يكفي نية المالك حين
الدفع اليه. وابقاؤها مستمرة إلى حين الوصل إلى الفقير، وفى الثالث أيضا ينوى
المالك حين الدفع اليه لأن يده حينئذ يد الفقير المولى عليه.
مسألة 4 - إذا أدى ولى اليتيم أو المجنون زكاة مالهما يكون هو المتولي للنية
مسألة 5 - إذا أدى الحاكم الزكاة عن الممتنع يتولى هو النية عنه، وإذا

(1) لا اثر للتعيين بعدا.
(2) بل الأحوط استحبابا توليه للنية أيضا حين الدفع إلى الفقير لان به يكون
الاعطاء للزكاة.
(3) بل حين الدفع إلى الفقير لأنه الموضوع للوجوب العبادي، وبذلك يظهر الحال
في المسألة الثالثة.
117

أخذها من الكافر يتولاها أيضا (1) عند أخذه منه أو عند الدفع إلى الفقير عند نفسه
لا عن الكافر.
مسألة 6 - لو كان له مال غائب مثلا فنوى أنه إن كان باقيا فهذا زكاته، وإن كان
تالفا فهو صدقة مستحبة صح بخلاف ما لو ردد في نيته ولم يعين هذا المقدار أيضا
فنوى أن هذا زكاة واجبة أو صدقة مندوبة فإنه لا يجزى.
مسألة 7 - لو اخرج عن ماله الغائب زكاة ثم بان كونه تالفا، فإن كان ما أعطاه
باقيا له أن يسترده، وإن كان تالفا استرد عوضه، إذا كان القابض عالما بالحال
والا فلا.
ختام فيه مسائل متفرقة
الأولى: استحباب استخراج زكاة مال التجارة ونحوه للصبي والمجنون
تكليف للولي وليس من باب النيابة عن الصبي والمجنون، فالمناط فيه اجتهاد
الولي أو تقليده، فلو كان من مذهبه اجتهادا أو تقليدا وجوب اخراجها أو استحبابه
ليس للصبي بعد بلوغه معارضته (2) وان قلد من يقول بعدم الجواز، كما أن الحال
كذلك في سائر تصرفات الولي في مال الصبي أو نفسه من تزويج ونحوه، فلو باع
ماله بالعقد الفارسي ا وعقد له النكاح بالعقد الفارسي أو نحو ذلك من المسائل الخلافية
وكان مذهبه الجواز ليس للصبي بعد بلوغه افساده (3) بتقليد من لا يرى الصحة،
نعم لو شك الولي بحسب الاجتهاد أو التقليد في وجوب الاخراج أو استحبابه أو
عدمها وأراد الاحتياط بالاخراج ففي جوازه اشكال (4) لأن الاحتياط فيه معارض
بالاحتياط في تصرف مال الصبي، نعم لا يبعد ذلك إذا كان الاحتياط وجوبيا وكذا

(1) قد تقدم الكلام في ذلك.
(2) الأظهر ان له ذلك إذا كان عين المال باقيا.
(3) بل المتعين على الصبي بعد البلوغ العمل بما يقتضيه اجتهاده أو تقليده.
(4) الأظهر عدم الجواز إذا كان الاحتياط غير وجوبي، ولا يبعد ذلك أيضا إذا كان وجوبيا
وكذا في ساير الموارد.
118

الحال في غير الزكاة كمسألة وجوب اخراج الخمس من أرباح التجارة للصبي
حيث إنه محل للخلاف، وكذا في سائر التصرفات في ماله، والمسألة محل اشكال
مع أنها سيالة.
الثانية: إذا علم بتعلق الزكاة بما له وشك في أنه أخرجها أم لا وجب عليه
الاخراج للاستصحاب، الا إذا كان الشك بالنسبة إلى السنين الماضية فان الظاهر جريان
قاعدة الشك (1) بعد الوقت أو بعد تجاوز المحل هذا، ولو شك في أنه اخرج الزكاة
عن مال الصبي في مورد يستحب اخراجها كمال التجارة له بعد العلم بتعلقها به
فالظاهر جواز العمل بالاستصحاب، لأنه دليل شرعي، والمفروض ان المناط فيه
شكه ويقينه، لأنه المكلف، لاشك الصبي ويقينه، وبعبارة أخرى ليس نائبا عنه.
الثالثة: إذا باع الزرع أو الثمر وشك في كون البيع بعد زمان تعلق الوجوب
حتى يكون الزكاة عليه أو قبله حتى يكون على المشترى ليس عليه شئ الا إذا كان
زمان التعلق معلوما (2) وزمان البيع مجهولا، فان الأحوط حينئذ اخراجه على اشكال
في وجوبه، وكذا الحال بالنسبة إلى المشترى إذا شك في ذلك فإنه لا يجب عليه
شئ (3) الا إذا علم زمان البيع وشك في تقدم التعلق وتأخره فان الأحوط حينئذ
اخراجه على اشكال في وجوبه.
الرابعة: إذا مات المالك بعد تعلق الزكاة وجب الاخراج من تركته، وان
مات قبله وجب على من بلغ سهمه النصاب من الورثة، وإذا لم يعلم أن الموت كان
قبل التعلق أو بعده لم يجب الاخراج من تركته، ولا على الورثة إذا لم يبلغ نصيب
واحد منهم النصاب، الا مع العلم بزمان التعلق والشك في زمان الموت، فان الأحوط
حينئذ الاخراج (4) على الاشكال المتقدم، واما إذا بلغ نصيب كل منهم النصاب أو

(1) لا مجال لجريان شئ من القاعدتين.
(2) لا يجب حتى في هذه الصورة.
(3) يجب عليه الاخراج، ولا يرجع فيه إلى المالك لأصالة الصحة.
(4) وإن كان الأظهر عدم الوجوب.
119

نصيب بعضهم فيجب على من بلغ نصيبه منهم للعلم الاجمالي بالتعلق به، اما بالتكليف
الميت في حياته، أو بتكليفه هو بعد موت مورثه بشرط ان يكون بالغا عاقلا، والا
فلا يجب عليه لعدم العلم الاجمالي بالتعلق حينئذ.
الخامسة: إذا علم أن مورثه كان مكلفا باخراج الزكاة وشك في أنه أداها
أم لا ففي وجوب اخراجه من تركته لاستصحاب بقاء تكليفه أو عدم وجوبه للشك في
ثبوت التكليف بالنسبة إلى الوارث واستصحاب بقاء تكليف الميت لا ينفع في تكليف
الوارث وجهان: أوجههما الثاني (1) لأن تكليف الوارث بالاخراج فرع تكليف
الميت حتى يتعلق الحق بتركته، وثبوته فرع شك الميت واجرائه الاستصحاب لا
شك الوارث، وحال الميت غير معلوم انه متيقن بأحد الطرفين أو شاك، وفرق بين
ما نحن فيه وما إذا علم نجاسة يد شخص أو ثوبه سابقا وهو نائم، ونشك في أنه
طهرها أم لا، حيث إن مقتضى الاستصحاب بقاء النجاسة مع أن حال النائم غير معلوم
أنه شاك أو متيقن، إذ في هذا المثال لا حاجة إلى اثبات التكليف بالاجتناب بالنسبة
إلى ذلك الشخص النائم، بل يقال: ان يده كانت نجسة والأصل بقاء نجاستها فيجب
الاجتناب عنها، بخلاف المقام حيث إن وجوب الاخراج من التركة فرع ثبوت
تكليف الميت واشتغال ذمته بالنسبة اليه من حيث هو، نعم لو كان المال الذي تعلق
به الزكاة موجودا أمكن أن يقال: (2) الأصل بقاء الزكاة فيه، ففرق بين صورة الشك
في تعلق الزكاة بذمته وعدمه، والشك في أن هذا المال الذي كان فيه الزكاة أخرجت
زكاته أم لا هذا كله إذا كان الشك في مورد لو كان حيا وكان شاكا وجب عليه
الاخراج، واما إذا كان الشك بالنسبة إلى الاشتغال بزكاة السنة السابقة أو نحوها
مما يجرى فيه قاعدة التجاوز (3) والمضي، وحمل فعله على الصحة فلا اشكال، وكذا

(1) لا لما ذكره بل لعدم احراز حدوث ما يوجب الضمان واشتغال ذمة المورث
لأن استصحاب عدم الأداء لا يوجب احراز ذلك، وعلى فرضه لا يثبت به دين الميت.
(2) بل المتعين ذلك.
(3) لا مجال لجريان شئ من القاعدتين.
120

الحال إذا علم اشتغاله (1) بدين أو كفارة أو نذر أو خمس أو نحو ذلك.
السادسة - إذا علم اشتغال ذمته اما بالخمس أو الزكاة وجب عليه اخراجهما (2)
الا إذا كان هاشميا، فإنه يجوز أن يعطى للهاشمي بقصد ما في الذمة، وان اختلف
مقدارهما قلة وكثرة أخذ بالأقل (3) والأحوط الأكثر.
السابعة - إذ علم اجمالا أن حنطته بلغت النصاب أو شعيره ولم يتمكن من
التعيين، فالظاهر وجوب الاحتياط باخراجهما، الا إذا أخرج بالقيمة فإنه يكفيه اخراج
قيمة أقلهما قيمة على اشكال (4) لان الواجب أولا هو العين ومردد بينهما إذا كانا موجودين
بل في صورة التلف أيضا، لأنهما مثليان، وإذا علم أن عليه اما زكاة خمس من الإبل
أو زكاة أربعين شاة يكفيه اخراج شاة، وإذا علم أن عليه مال زكاة ثلاثين بقرة أو
أربعين شاة وجب الاحتياط الا مع التلف، فإنه يكفيه قيمة شاة (5) وكذا الكلام
في نظائر المذكورات.
الثامنة - إذا كان عليه الزكاة فمات قبل أدائها هل يجوز اعطاؤها من تركته
لواجب النفقة عليه حال حياته أم لا اشكال (6).
التاسعة - إذا باع النصاب بعد وجوب الزكاة وشرط على المشترى زكاته
لا يبعد الجواز (7) الا إذا قصد كون الزكاة عليه لا أن يكون نائبا عنه فإنه مشكل.
العاشر - إذا طلب من غيره أن يؤدى زكاته تبرعا من ماله جاز وأجزأ عنه،

(1) لان دين الميت الذي هو موضوع لتوجه الخطاب إلى الوارث لا يثبت بالاستصحاب.
(2) يجوز له دفع مال واحد بقصد ما في الذمة إلى الحاكم ويكون ذلك بعد الدفع
من قبيل المال المردد بين شخصين فيلحقه حكمه.
(3) مع وحدة الجنس، ولا فالاحتياط بدفع الأكثر لا يترك.
(4) لا يبعد دعوى أظهرية عدم الكفاية.
(5) فيه تأمل بل منع.
(6) الأظهر هو الجواز.
(7) الأقوى هو الجواز إذا شرط الأداء في مقام العمل لأنه من قبيل النيابة في الأداء،
واما إذا شرط سقوط خطاب الزكاة عنه وتوجهه إلى المشترى بطل الشرط.
121

ولا يجوز للمتبرع الرجوع عليه، واما ان طلب ولم يذكر التبرع فاداها عنه من
ماله فالظاهر جواز رجوعه عليه بعوضه لقاعدة احترام المال الا إذا علم كونه متبرعا
الحادية عشر - إذا وكل غيره في أداء زكاته أو في الايصال إلى الفقير هل
تبرأ ذمته بمجرد ذلك أو يجب العلم بأنه أداها، أو يكفي اخبار الوكيل بالأداء؟
لا يبعد جواز الاكتفاء (1) إذا كان الوكيل عدلا بمجرد الدفع اليه.
الثانية عشر - إذا شك في اشتغال ذمته بالزكاة فأعطى شيئا للفقير، ونوى انه
إن كان عليه الزكاة كان زكاة، والا فإن كان عليه مظالم كان منها، والا فإن كان
على أبيه زكاة كان زكاة له والا فمظالم له، وان لم يكن على أبيه شئ فلجده إن كان
عليه وهكذا فالظاهر الصحة.
الثالثة عشر - لا يجب الترتيب في أداء الزكاة بتقديم ما وجب عليه أولا فأولا
فلو كان عليه زكاة السنة السابقة وزكاة الحاضرة جاز تقديم الحاضرة بالنية، ولو
اعطى من غير نية التعيين فالظاهر التوزيع.
الرابعة عشر - في المزارعة الفاسدة الزكاة مع بلوغ النصاب على صاحب
البذر، وفى الصحيحة منها عليهما إذا بلغ نصيب كل منهما، وان بلغ نصيب أحدهما
دون الاخر فعليه فقط، وان لم يبلغ نصيب واحد منهما فلا يجب على واحد منهما
وان بلغ المجموع النصاب.
الخامسة عشر - يجوز للحاكم الشرعي ان يقترض (2) على الزكاة ويصرفه
في بعض مصارفها، كما إذا كان هناك مفسدة لا يمكن دفعها الا بصرف مال ولم يكن
عنده ما يصرفه فيه، أو كان فقير مضطر لا يمكنه اعانته ورفع اضطراره الا بذلك، أو
ابن سبيل كذلك، أو تعمير قنطرة أو مسجد أو نحو ذلك وكان لا يمكن تأخيره فحينئذ

(1) هذا هو الأظهر ويكفى كونه موثوقا به.
(2) لا معنى للاقتراض على الزكاة، وعلى فرض صحته لا مجال لصرفه في مصارف
الزكاة، والاقتراض لأرباب الزكاة وان جاز في نفسه الا انه لم يثبت ولاية الحاكم في مثل
ذلك، وبه يظهر الحال في الوجهين الآخرين.
122

يستدين على الزكاة ويصرف، وبعد حصولها يؤدى الدين منها، وإذا أعطى فقيرا
من هذا الوجه وصار عند حصول الزكاة غنيا لا يسترجع منه إذ المفروض انه أعطاه
بعنوان الزكاة، وليس هذا من باب اقراض الفقير والاحتساب عليه بعد ذلك، إذ
في تلك الصورة تشتغل ذمة الفقير بخلاف المقام، فان الدين على الزكاة ولا يضر
عدم كون الزكاة ذات ذمة تشتغل، لأن هذه الأمور اعتبارية، والعقلاء يصححون هذا
الاعتبار، ونظيره استدانة متولي الوقف لتعميره ثم الأداء بعد ذلك من نمائه، مع أنه
في الحقيقة راجع إلى اشتغال ذمة أرباب الزكاة من الفقراء والغارمين وأبناء
السبيل من حيث هم من مصارفها، لا من حيث هم هم، وذلك مثل ملكيتهم للزكاة فإنها
ملك لنوع المستحقين، فالدين أيضا على نوعهم من حيث إنهم من مصارفه لا من حيث
أنفسهم، ويجوز ان يستدين على نفسه من حيث ولايته على الزكاة وعلى المستحقين
بقصد الأداء من مالهم، ولكن في الحقيقة هذا أيضا يرجع إلى الوجه الأول، وهل يجوز
لآحاد المالكين اقراض الزكاة قبل أو ان وجوبها أو الاستدانة لها على حذو ما ذكرنا
في الحاكم؟ وجهان ويجرى جميع ما ذكرنا في الخمس والمظالم ونحوهما.
السادسة عشر - لا يجوز للفقير ولا للحاكم الشرعي اخذ الزكاة من المالك ثم
الرد عليه المسمى بالفارسية بدست گردان، أو المصالحة معه بشئ يسير، أو قبول
شئ منه بأزيد من قيمته أو نحو ذلك فان كل هذه حيل في تفويت حق الفقراء،
وكذا بالنسبة إلى الخمس والمظالم ونحوهما، نعم لو كان شخص عليه من الزكاة
أو المظالم أو نحوهما مبلغ كثير وصار فقيرا لا يمكنه أداؤها وأراد ان يتوب إلى الله
تعالى لا بأس بتفريغ ذمته بأحد الوجوه المذكورة (1) ومع ذلك إذا كان مرجو
التمكن بعد ذلك الأولى ان يشترط عليه أدائها بتمامها عنده.
السابعة عشر - اشتراط التمكن من التصرف فيها يعتبر فيه الحول كالأنعام

(1) المتعين هو الوجه الأول.
123

والنقدين معلوم، واما فيما لا يعتبر فيه كالغلات ففيه خلاف واشكال (1).
الثامنة عشر - إذا كان له مال مدفون في مكان ونسي موضعه بحيث لا يمكنه
العثور عليه لا يجب فيه الزكاة الا بعد العثور ومضى الحول من حينه، واما إذا كان
في صندوقه مثلا لكنه غافل عنه بالمرة، فلا يتمكن من التصرف فيه من جهة غفلته،
والا فلو التفت اليه أمكنه التصرف فيه، يجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول ويجب
التكرار إذا حال عليه أحوال، فليس هذا من عدم التمكن الذي هو قادح في وجوب
الزكاة.
التاسعة عشر - إذا نذر ان لا يتصرف في ماله الحاضر شهرا أو شهرين، أو
أكرهه مكره على عدم التصرف أو كان مشروطا عليه في ضمن عقد لازم ففي منعه من
وجوب الزكاة وكونه من عدم التمكن من التصرف الذي هو موضوع الحكم
اشكال (2) لأن القدر المتيقن ما إذا لم يكن المال حاضرا عنده أو كان حاضرا وكان
بحكم الغائب عرفا.
العشرون - يجوز ان يشترى من زكاته من سهم سبيل الله كتابا أو قرآنا أو
دعاءا ويوقفه ويجعل التولية بيده أو يد أولاده، ولو أوقفه على أولاده وغيرهم ممن
يجب نفقته عليه فلا بأس به أيضا، نعم لو اشترى خانا أو بستانا ووقفه على من تجب
نفقته عليه لصرف نمائه في نفقتهم فيه اشكال.
الحادية والعشرون - إذا كان ممتنعا من أداء الزكاة لا يجوز للفقير المقاصة من
ماله الا بإذن الحاكم الشرعي في كل مورد.
الثانية والعشرون - لا يجوز اعطاء الزكاة للفقير (3) من سهم الفقراء للزيارة
أو الحج أو نحوهما من القرب، ويجوز من سبيل الله.

(1) لا يبعد دعوى ان الأظهر اشتراطه حين تعلق الوجوب.
(2) لا يبعد انقطاع الحول وسقوطه بذلك.
(3) بل يجوز، نعم، لا يجوز بعد اخذ مقدار كفايته لسنته.
124

الثالثة والعشرون - يجوز صرف الزكاة من سهم سبيل الله في كل قربة حتى
اعطائها للظالم لتخليص المؤمنين من شره إذا لم يمكن دفع شره الا بهذا (1).
الرابعة والعشرون - لو نذر ان يكون نصف ثمر نخله أو كرمه أو نصف حب
زرعه لشخص بعنوان نذر النتيجة وبلغ ذلك النصاب وجبت الزكاة على ذلك الشخص
أيضا، لأنه مالك له حين تعلق الوجوب، واما لو كان بعنوان نذر الفعل فلا تجب
على ذلك الشخص، وفى وجوبها على المالك بالنسبة إلى المقدار المنذور اشكال (2)
الخامسة والعشرون - يجوز للفقير ان يوكل شخصا يقبض له الزكاة من اي
شخص وفى اي مكان كان، ويجوز للمالك اقباضه إياه مع علمه بالحال، وتبرأ
ذمته وان تلفت في يد الوكيل قبل الوصول إلى الفقير ولا مانع من أن يجعل الفقير
للوكيل جعلا على ذلك.
السادسة والعشرون - لا تجرى الفضولية في دفع الزكاة (3) فلو اعطى فضولي زكاة
شخص من ماله من غير اذنه فأجاز بعد ذلك لم يصح، نعم لو كان المال باقيا في يد
الفقير أو تالفا مع ضمانه بأن يكون عالما بالحال يجوز له الاحتساب إذا كان باقيا على فقره.
السابعة والعشرون - إذا وكل المالك شخصا في اخراج زكاة من ماله أو أعطاه
له وقال: ادفعه إلى الفقراء يجوز له الأخذ منه لنفسه إن كان فقيرا مع علمه بأن غرضه
الايصال إلى الفقراء، واما إذا احتمل كون غرضه الدفع إلى غيره فلا يجوز.
الثامنة والعشرون - لو قبض الفقير بعنوان الزكاة أربعين شاة دفعة أو تدريجا
وبقيت عنده سنة وجب عليه اخراج زكاتها، وهكذا في سائر الأنعام والنقدين.
التاسعة والعشرون - لو كان مال زكوي مشتركا بين اثنين مثلا وكان نصيب
كل منهما بقدر النصاب فأعطى أحدهما زكاة حصته من مال آخر أو منه باذن الآخر قبل

(1) إذا كان المصرف نفس تلك الجهة الخاصة لا وجه لهذا التقييد.
(2) الحال فيه كما تقدم في منذور الصدقة.
(3) جريانها فيه لا يخلو عن وجه قوى ولعله الأظهر.
125

القسمة ثم اقتسماه فان احتمل المزكى ان شريكه يؤدى زكاته فلا اشكال، وان علم
أنه لا يؤدى ففيه اشكال (1) من حيث تعلق الزكاة بالعين فيكون مقدار منها في حصته.
الثلاثون - قد مر أن الكافر مكلف بالزكاة (2) ولا تصح منه، وإن كان لو اسلم
سقطت عنه وعلى هذا فيجوز للحاكم اجباره على الاعطاء له أو اخذها من ماله قهرا
عليه ويكون هو المتولي للنية، وان لم يؤخذ منه حتى مات كافرا جاز الأخذ من تركته
وإن كان وارثه مسلما وجب عليه، كما أنه لو اشترى مسلم تمام النصاب منه كان
شراؤه بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضوليا، وحكمه حكم ما إذا اشترى من المسلم قبل
اخراج الزكاة، وقد مر سابقا.
الحادية والثلاثون - إذا بقي من المال الذي تعلق به الزكاة والخمس مقدار
لا يفي بهما ولم يكن عنده غيره فالظاهر وجوب التوزيع بالنسبة، بخلاف ما إذا كانا
في ذمته ولم يكن عنده ما يفي بهما فإنه مخير بين التوزيع وتقديم أحدهما، وإذا
كان عليه خمس أو زكاة ومع ذلك عليه من دين الناس والكفارة والنذر والمظالم
وضاق ماله عن أداء الجميع فان كانت العين التي فيها الخمس أو الزكاة موجودة
وجب تقديمها على البقية، وان لم تكن موجودة فهو مخير بين تقديم أيها شاء ولا يجب
التوزيع وإن كان أولى، نعم إذا مات وكان عليه هذه الأمور وضاقت التركة وجب
التوزيع بالنسبة، كما في غرماء المفلس، وإذا كان عليه حج واجب أيضا كان في عرضها.
الثانية والثلاثون - الظاهر أنه لا مانع من اعطاء الزكاة للسائل بكفه، وكذا
في الفطرة، ومن منع من ذلك كالمجلسي في زاد المعاد في باب زكاة الفطرة لعل
نظره إلى حرمة السؤال واشتراط العدالة في الفقير والا فلا دليل عليه بالخصوص بل
قال المحقق القمي: لم أر من استثناه فيما رأيته من كلمات العلماء سوى المجلسي

(1) لا اشكال فيه بعد افراز حصته المزكاة حصة شريكه غير المزكاة.
(2) وقد مر الكلام في أصله وفى فروعه، كما أنه قد مر الكلام في شراء النصاب.
126

في زاد المعاد، قال: ولعله سهو منه، وكأنه كان يريد الاحتياط فسهى وذكره بعنوان
الفتوى.
الثالثة والثلاثون - الظاهر بناءا على اعتبار العدالة في الفقير عدم جواز أخذه
أيضا، لكن ذكر المحقق القمي أنه مختص بالإعطاء، بمعنى أنه لا يجوز للمعطى أن
يدفع إلى غير العادل، واما الآخذ فليس مكلفا بعدم الأخذ.
الرابعة والثلاثون - لا اشكال في وجوب قصد القربة في الزكاة، وظاهر كلمات
العلماء أنها شرط في الاجزاء، فلو لم يقصد القربة لم يكن زكاة ولم يجز، ولولا
الاجماع أمكن الخدشة فيه، ومحل الاشكال غير ما إذا كان قاصدا للقربة في العزل و
بعد ذلك نوى الرياء مثلا حين دفع ذلك المعزول إلى الفقير، فان الظاهر اجزاؤه (1)
وان قلنا باعتبار القربة إذا المفروض تحققها حين الاخراج والعزل.
الخامسة والثلاثون - إذا وكل شخصا في اخراج زكاته وكان الموكل قاصدا
للقربة وقصد الوكيل الرياء ففي الاجزاء اشكال (2) وعلى عدم الاجزاء يكون
الوكيل ضامنا.
السادسة والثلاثون - إذا دفع المالك الزكاة إلى الحاكم الشرعي ليدفعها
الفقراء فدفعها لا بقصد القربة، فإن كان اخذ الحاكم ودفعه بعنوان الوكالة عن المالك
أشكل الاجزاء كما مر، وإن كان المالك قاصدا للقربة حين دفعها للحاكم، وإن كان
بعنوان الولاية على الفقراء فلا اشكال في الاجزاء إذا كان المالك قاصدا للقربة بالدفع
إلى الحاكم، لكن بشرط أن يكون اعطاء الحاكم بعنوان الزكاة، واما إذا كان
لتحصيل الرياسة فهو مشكل (3) بل الظاهر ضمانه حينئذ وإن كان الآخذ فقيرا.

(1) فيه نظر.
(2) الأظهر هو الاجزاء في التوكيل في الايصال، وعدمه في التوكيل في الأداء الذي
حقيقته النيابة عن المالك في أداء العبادة، وبه يظهر الحال في الصورة الأولى من المسألة
الآتية.
(3) لا اشكال فيه مع كون الرياسة غير محرمة.
127

السابعة والثلاثون - إذا اخذ الحاكم الزكاة من الممتنع كرها يكون هو
المتولي للنية، وظاهر كلماتهم الاجزاء (1) ولا يجب على الممتنع بعد ذلك شئ،
وانما يكون عليه الاثم من حيث امتناعه، لكنه لا يخلو عن اشكال بناءا على اعتبار قصد
القربة، إذ قصد الحاكم لا ينفعه فيما هو عبادة واجبة عليه.
الثامنة والثلاثون - إذا كان المشتغل بتحصيل العلم قادرا على الكسب إذا ترك
التحصيل لا مانع من اعطائه من الزكاة (2) إذا كان ذلك العلم مما يستحب تحصيله
والا فمشكل (3).
التاسعة والثلاثون - إذا لم يكن الفقير المشتغل بتحصيل العلم أو الراجح شرعا
قاصدا للقربة لا مانع من اعطائه الزكاة، واما إذا كان قاصدا للرياء أو للرياسة المحرمة
ففي جواز اعطائه اشكال من حيث كونه إعانة على الحرام.
الأربعون - حكى عن جماعة عدم صحة دفع الزكاة في مكان المغصوب نظرا
إلى أنه من العبادات فلا يجتمع مع الحرام ولعل نظرهم إلى غير صورة الاحتساب
على الفقير من دين له عليه - إذ فيه لا يكون تصرفا في ملك الغير، بل إلى صورة الاعطاء
والأخذ حيث إنهما فعلان خارجيان، ولكنه أيضا مشكل من حيث إن الاعطاء الخارجي
مقدمة للواجب وهو الايصال الذي هو امر انتزاعي معنوي فلا يبعد الاجزاء (4).
الحادية والأربعون - لا اشكال في اعتبار التمكن من التصرف في وجوب الزكاة
فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام والنقدين كما مر سابقا، واما ما لا يعتبر فيه الحول
كالغلات فلا يعتبر التمكن من التصرف فيها قبل حال تعلق الواجب بلا اشكال وكذا
لا اشكال في أنه لا يضر عدم التمكن بعده إذا حدث التمكن بعد ذلك، وانما الاشكال

(1) وهو الصحيح.
(2) من سهم سبيل الله.
(3) الأظهر عدم الجواز.
(4) بل هو الأقوى.
128

والخلاف في اعتباره حال تعلق الوجوب والأظهر عدم اعتباره (1) فلو غصب زرعه
غاصب وبغى مغصوبا إلى وقت التعلق ثم رجع اليه بعد ذلك وجبت زكاته
10 - فصل في زكاة الفطرة.
وهى واجبة اجماعا من المسلمين، ومن فوائدها أنها تدفع الموت في تلك
السنة عمن أديت عنه، ومنها انها توجب قبول الصوم فعن الصادق [عليه السلام] أنه قال
لوكيله: اذهب فأعط من عيالنا الفطرة أجمعهم، ولا تدع منهم أحد فإنك ان تركت
منهم أحدا تخوفت عليه الفوت، قلت: وما الفوت؟ قال [عليه السلام]: الموت. وعنه
[عليه السلام] ان من تمام الصوم اعطاء الزكاة كما أن الصلاة على النبي [صلى الله عليه وآله] من تمام
الصلاة، لأنه من صام ولم يؤد الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمدا ولا صلاة له إذا
ترك الصلاة على النبي [صلى الله عليه وآله] ان الله تعالى قد بدأ بها قبل الصلاة، وقال: " قد أفلح من
تزكى وذكر اسم ربه فصلى " والمراد بالزكاة في هذا الخبر هو الفطرة كما يستفاد من
بعض الأخبار المفسرة للآية، والفطرة اما بمعنى الخلقة فزكاة الفطرة أي زكاة البدن من
حيث إنها تحفظه عن الموت، أو تطهره عن الأوساخ، واما بمعنى الدين، اي زكاة
الاسلام والدين، واما بمعنى الافطار لكون وجوبها يوم الفطر. والكلام في شرائط
وجوبها، ومن تجب عليه، وفى من تجب عنه، وفى جنسها، وفى قدرها، وفى وقتها،
وفى مصرفها فهنا فصول:
1 - فصل
في شرائط وجوبها وهى أمور: الأول - التكليف فلا تجب على الصبي والمجنون
ولا على وليهما أن يؤدى عنهما من مالهما، بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى
عيالهما أيضا. الثاني - عدم الاغماء (2) فلا تجب على من أهل شوال عليه وهو مغمى

(1) قد مر انه لا يبعد كون اعتباره اظهر.
(2) في اشتراطه تأمل والاحتياط لا يترك.
129

عليه. الثالث - الحرية فلا تجب على المملوك وان قلنا: انه يملك، سواء كان قنا أو
مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا مشروطا أو مطلقا (1) ولم يؤد شيئا فتجب فطرتهم على المولى نعم
لو تحرر من المملوك شئ وجبت عليه وعلى المولى بالنسبة مع حصول الشرائط.
الرابع - الغنى وهو أن يملك قوت سنته له ولعياله زائدا على ما يقابل الدين ومستثنياته
فعلا أو قوة بأن يكون له كسب يفي بذلك، فلا تجب على الفقير وهو من لا يملك ذلك
وإن كان الأحوط اخراجها إذا كان مالكا لقوت السنة وإن كان عليه دين، بمعنى ان الدين
لا يمنع من وجوب الاخراج ويكفى ملك قوت السنة، بل الأحوط الاخراج إذا كان
مالكا عين أحد النصب الزكوية أو قيمتها وان لم يكفه لقوت سنته، بل الأحوط اخراجها
إذا زاد على مؤنة يومه وليلته صاع.
مسألة 1 - لا يعتبر في الوجوب كونه مالكا مقدار الزكاة زائدا على مؤنة السنة
فتجب وان لم يكن له الزيادة على الأقوى والأحوط.
مسألة 2 - لا يشترط في وجوبها الاسلام فتجب على الكافر لكن لا يصح أداؤها
منه، وإذا أسلم بعد الهلال سقط عنه، واما المخالف إذا استبصر بعد الهلال
فلا تسقط عنه.
مسألة 3 - يعتبر فيها نية القربة كما في زكاة المال فهي من العبادات ولذا لا تصح
من الكافر.
مسألة 4 - يستحب للفقير اخراجها أيضا وان لم يكن عنده الا صاع يتصدق
به على عياله ثم يتصدق به على الأجنبي بعدان ينتهى الدور، ويجوز ان يتصدق به على
واحد منهم أيضا، وإن كان الأولى والأحوط الأجنبي، وإن كان فيهم صغير أو مجنون
يتولى الولي له الأخذ له والاعطاء عنه وإن كان الأولى والأحوط أن يتملك الولي لنفسه
ثم يؤدى عنهما.
مسألة 5 - يكره تملك ما دفعه زكاة وجوبا أو ندبا، سواء تملكه صدقة أو غيرها

(1) زكاة المكاتب على نفسه الا إذا كان عيالا لمولاه فإنه حينئذ تكون عليه.
130

على ما مر في زكاة المال.
مسألة 6 - المدار في وجوب الفطرة ادراك غروب ليلة العيد جامعا للشرائط (1)
فلو جن أو أغمي عليه أو صار فقيرا قبل الغروب ولو بلحظة بل أو مقارنا للغروب لم تجب
عليه، كما أنه لو اجتمعت الشرائط بعد فقدها قبله أو مقارنا له وجبت، كما لو بلغ الصبي
أو زال جنونه ولو الأدواري، أو افاق من الاغماء، أو ملك ما يصير به غنيا، أو تحرر وصار
غنيا، أو اسلم الكافر فإنها تجب، عليهم، ولو كان البلوغ أو العقل أو الاسلام مثلا بعد
الغروب لم تجب، نعم يستحب اخراجها إذا كان ذلك بعد الغروب إلى ما قبل الزوال
من يوم العيد.
7 - فصل فيمن تجب عنه
يجب اخراجها بعد تحقق شرائطها عن نفسه وعن كل من يعوله حين دخول
ليلة الفطر، من غير فرق بين واجب النفقة عليه وغيره والصغير والكبير والحر والمملوك
والمسلم والكافر والأرحام وغيرهم حتى المحبوس عنده ولو على وجه محرم، وكذا
تجب عن الضيف بشرط صدق كونه عيالا له وان نزل عليه في آخر يوم من رمضان
بل وان لم يأكل عنده شيئا، لكن بالشرط المذكور وهو صدق العيلولة عليه عند دخول
ليلة الفطر بأن يكون بانيا على البقاء عنده مدة، ومع عدم الصدق تجب على نفسه،
لكن الأحوط ان يخرج صاحب المنزل عنه أيضا حيث إن بعض العلماء اكتفى في
الوجوب عليه مجرد صدق اسم الضيف (2) وبعضهم اعتبر كونه عنده تمام الشهر،
وبعضهم العشر الأواخر، وبعضهم الليلتين الأخيرتين، فمراعاة الاحتياط أولى، واما
الضيف النازل بعد دخول لليلة فلا تجب الزكاة عنه وإن كان مدعوا قبل ذلك.
مسألة 1 - إذا ولد له ولد أو ملك مملوكا أو تزوج بامرأة قبل الغروب من ليلة

(1) بل ادراك الجزء الآخر من الشهر فلا تكفى المقارنة للغروب، ثم إن مبدأ الوجوب
لولا الاجماع طلوع الفجر، لا الغروب.
(2) وهو الصحيح، نعم لا يصدق هذا العنوان الا مع كونه ممن يعوله وينفق عليه.
131

الفطر أو مقارنا له (1) وجبت الفطرة عنه إذا كان عيالا له، وكذا غير المذكورين ممن
يكون عيالا، وإن كان بعده لم تجب، نعم يستحب الاخراج عنه إذا كان ذلك بعده
وقبل الزوال من يوم الفطر.
مسألة 2 - كل من وجبت فطرته على غيره سقطت عن نفسه وإن كان غنيا وكانت
واجبة عليه لو انفرد، وكذا لو كان عيالا لشخص ثم صار وقت الخطاب عيالا لغيره،
ولا فرق في السقوط عن نفسه بين أن يخرج عنه من وجبت عليه أو تركه عصيانا أو
نسيانا، لكن الأحوط الاخراج عن نفسه حينئذ، نعم لو كان المعيل فقيرا والعيال غنيا
فالأقوى وجوبها على نفسه، ولو تكلف المعيل الفقير بالاخراج على الأقوى، وإن كان
السقوط حينئذ لا يخلو عن وجه (2).
مسألة 3 - تجب الفطرة عن الزوجة سواء كانت دائمة أو متعة مع العيلولة
لهما من غير فرق بين وجوب النفقة عليه أولا لنشوز أو نحوه، وكذا المملوك وان
لم تجب نفقته عليه، واما مع عدم العيلولة فالأقوى عدم الوجوب عليه، وان كانوا
من واجبي النفقة عليه، وإن كان الأحوط الاخراج خصوصا مع وجوب نفقتهم عليه
وحينئذ ففطرة الزوجة على نفسها إذا كانت غنية ولم يعلها الزوج ولا غير الزوج أيضا
واما ان عالها أو عال المملوك غير الزوج والمولى فالفطرة عليه مع غناه.
مسألة 4 - لو أنفق الولي على الصغير أو المجنون من مالهما سقطت الفطرة.
عنه وعنهما.
مسألة 5 - يجوز التوكيل في دفع الزكاة إلى الفقير من مال الموكل، ويتولى
الوكيل النية، والأحوط نية الموكل أيضا على حسبما مر في زكاة المال، ويجوز
توكيله في الايصال ويكون المتولي حينئذ هو نفسه ويجوز الاذن في الدفع عنه
أيضا، لا بعنوان الوكالة، وحكمه حكمها بل يجوز توكيله أو اذنه في الدفع من ماله

(1) فيه تأمل بل الأظهر عدم كفاية المقارنة.
(2) ضعيف.
132

بقصد الرجوع عليه بالمثل أو القيمة. كما يجوز التبرع به من ماله باذنه أولا باذنه (1)
وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء في هذا وسابقه.
مسألة 6 - من وجب عليه فطرة غيره لا يجزيه اخراج ذلك الغير عن نفسه سواء
كان غنيا أو فقيرا وتكلف بالاخراج بل لا تكون حينئذ فطرة، حيث إنه غير مكلف
بها، نعم لو قصد التبرع بها عنه أجزأه على الأقوى وإن كان الأحوط العدم.
مسألة 7 - تحرم فطرة غير الهاشمي كما في زكاة المال، وتحل
فطرة الهاشمي على الصنفين، والمدار على المعيل لا العيال فلو كان العيال هاشميا دون
المعيل لم يجز دفع فطرته إلى الهاشمي، وفى العكس يجوز.
مسألة 8 - لا فرق في العيال بين أن يكون حاضرا عنده وفى منزله أو منزل
آخر أو غائبا عنه، فلو كان له مملوك في بلد آخر لكنه ينفق على نفسه من مال المولى
يجب عليه زكاته، وكذا لو كانت له زوجة أو ولد كذلك، كما أنه إذا سافر عن عياله
وترك عندهم ما ينفقون به على أنفسهم يجب عليه زكاتهم، نعم لو كان الغائب في
نفقة غيره لم يكن عليه سواء كان الغير موسرا ومؤديا أولا، وإن كان الأحوط في الزوجة
والمملوك اخراجه عنهما مع فقر العائل أو عدم أدائه، وكذا لا تجب عليه إذا لم يكونوا
في عياله ولا في عيال غيره، ولكن الأحوط في المملوك والزوجة ما ذكرنا من الاخراج
عنهما حينئذ أيضا.
مسألة 9 - الغائب عن عياله الذين في نفقته يجوز أن يخرج عنهم، بل يجب
الا إذا وكلهم (2) أن يخرجوا من ماله الذي تركه عندهم أو أذن لهم في التبرع عنه (3)
مسألة 10 - المملوك المشترك بين مالكين زكاته عليهما بالنسبة إذا كان في عيالهما
معا وكانا موسرين، ومع اعسار أحدهما تسقط وتبقى حصة الآخر ومع اعسارهما

(1) في جواز ذلك سيما مع عدم الإذن اشكال، ومنه يظهر الحال في المسألة الآتية.
(2) وكان واثقا بالاخراج أو كانوا ثقات.
(3) تقدم الاشكال فيه.
133

تسقط عنهما، وإن كان في عيال أحدهما وجبت عليه مع يساره، وتسقط عنه وعن
الآخر مع اعساره، وإن كان الآخر موسرا، لكن الأحوط اخراج حصته، وان لم
يكن في عيال واحد منهما سقطت عنهما، ولكن الأحوط الاخراج مع اليسار كما
عرفت مرارا، ولا فرق في كونها عليهما مع العيلولة لهما بين صورة المهايات وغيرها
وإن كان حصول وقت الوجوب في نوبة أحدهما فان المناط العيلولة المشتركة بينهما
بالفرض، ولا يعتبر اتفاق جنس المخرج من الشريكين فلأحدهما اخراج نصف صاع
من شعير والآخر من حنطة، لكن الأولى بل الأحوط الاتفاق (1).
مسألة 11 - إذا كان شخص في عيال اثنين بأن عالاه معا فالحال كما مر في
المملوك بين شريكين الا في مسألة الاحتياط المذكور فيه، نعم الاحتياط بالانفاق في
جنس المخرج جار هنا أيضا، وربما يقال بالسقوط عنهما، وقد يقال بالوجوب عليهما
كفاية، والأظهر ما ذكرنا.
مسألة 12 - لا اشكال في وجوب فطرة الرضيع على أبيه إن كان هو المنفق
على مرضعته سواء كانت أماله أو أجنبية، وإن كان المنفق غيره فعليه وان كانت
النفقة من ماله فلا تجب على أحد، واما الجنين فلا فطرة له الا إذا تولد قبل الغروب
نعم يستحب اخراجها عنه إذا تولد بعده إلى ما قبل الزوال كما مر.
مسألة 13 - الظاهر عدم اشتراط كون الانفاق من المال الحلال فلو أنفق على
عياله من المال الحرام من غصب أو نحوه وجب عليه زكاتهم.
مسألة 14 - الظاهر عدم اشتراط صرف عين ما أنفقه أو قيمته بعد صدق العيلولة
فلو أعطى زوجته نفقتها وصرفت غيرها في مصارفها وجب عليه زكاتها، وكذا
في غيرها.
مسألة 15 - لو ملك شخصا مالا هبة أو صلحا أو هدية وهو أنفقه على نفسه

(1) لا يترك الاحتياط في هذه المسألة وفى المسألة الآتية.
134

لا يجب عليه زكاته، لأنه لا يصير عيالا له بمجرد ذلك، نعم لو كان من عياله عرفا (1)
ووهبه مثلا لينفقه على نفسه فالظاهر الوجوب.
مسألة 16 - لو استأجر شخصا واشترط في ضمن العقد أن يكون نفقته عليه
لا يبعد وجوب اخراج فطرته، نعم لو اشترط عليه مقدار نفقته فيعطيه دراهم مثلا ينفق
بها على نفسه لم تجب عليه، والمناط الصدق العرفي في عده من عياله وعدمه.
مسألة 17 - إذا نزل عليه نازل قهرا عليه ومن غير رضاه وصار ضيفا عنده مدة
هل تجب عليه فطرته أم لا؟ اشكال وكذا لو عال شخصا بالاكراه والجبر (2) من
غيره، نعم في مثل العامل الذي يرسله الظالم لأخذ مال منه فينزل عنده مدة ظلما
وهو مجبور في طعامه وشرابه فالظاهر عدم الوجوب لعدم صدق العيال ولا الضيف عليه
مسألة 18 - إذا مات قبل الغروب من ليلة الفطر لم يجب في تركته شئ،
وان مات بعده وجب الاخراج من تركته عنه وعن عياله، وإن كان عليه دين وضاقت
التركة قسمت عليهما بالنسبة.
مسألة 19 - المطلقة رجعيا فطرتها على زوجها (3) دون البائن الا إذا كانت
حاملا ينفق عليها.
مسألة 20 - إذا كان غائبا عن عياله أو كانوا غائبين عنه وشك في حياتهم
فالظاهر وجوب فطرتهم مع احراز العيلولة على فرض الحياة.
3 - فصل في جنسها وقدرها
والضابط في الجنس القوت الغالب لغالب الناس وهو الحنطة والشعير والتمر
والزبيب والأرز والأقط واللبن والذرة وغيرها، والأحوط الاقتصار على الأربعة الأولى

(1) الانفاق من مال نفسه ينافي كونه عيالا له وإن كان هو الذي وهبه إياه.
(2) الوجوب في كليهما أحوط ان لم يكن اظهر.
(3) المدار في الوجوب وعدمه على العيلولة وعدمها من غير فرق بين الزوجة وغيرها.
135

وإن كان الأقوى ما ذكرنا، بل يكفي الدقيق والخبز (1) والماش والعدس، والأفضل
اخراج التمر ثم الزبيب ثم القوت الغالب هذا إذا لم يكن هناك مرجح من كون غيرها
أصلح بحال الفقير وأنفع له، لكن الأولى والأحوط حينئذ دفعها بعنوان القيمة.
مسألة 1 - يشترط في الجنس المخرج كونه صحيحا فلا يجزى المعيب، ويعتبر
خلوصه فلا يكفي الممتزج بغيره من جنس آخر أو تراب أو نحوه، الا إذا كان الخالص منه
بمقدار الصاع أو كان قليلا يتسامح به.
مسألة 2 - الأقوى الاجتزاء بقيمة أحد المذكورات من الدراهم والدنانير أو
غيرها من الأجناس الأخر (2) وعلى هذا فيجزى المعيب والممزوج ونحوهما بعنوان
القيمة، وكذا كل جنس شك في كفايته فإنه يجزى بعنوان القيمة.
مسألة 3 - لا يجزى نصف الصاع مثلا من الحنطة الأعلى، وإن كان يسوى صاعا
من الأدون أو الشعير مثلا الا إذا كان بعنوان القيمة.
مسألة 4 - لا يجزى الصاع الملفق من جنسين بأن يخرج نصف صاع من الحنطة
ونصفا من الشعير مثلا الا بعنوان القيمة.
مسألة 5 - المدار قيمة وقت الاخراج لا وقت الوجوب، والمعتبر قيمة بلد الاخراج
له وطنه ولا بلد آخر، فلو كان له مال في بلد آخر غير بلده وأراد الاخراج منه كان المناط
قيمة ذلك البلد لا قيمة الذي هو فيه.
مسألة 6 - لا يشترط اتحاد الجنس الذي يخرج عن نفسه مع الذي يخرج عن
عياله، ولا اتحاد المخرج عنهم بعضهم مع بعض، فيجوز أن يخرج عن نفسه الحنطة
وعن عياله الشعير أو بالاختلاف بينهم، أو يدفع عن نفسه أو عن بعضهم من أحد الأجناس
وعن آخر منهم القيمة أو العكس.
مسألة 7 - الواجب في القدر الصاع عن كل رأس من جميع الأجناس حتى

(1) لا يكتفى بهما.
(2) الاجتزاء بغير الأثمان محل اشكال، وبه يظهر الحال في المسائل الآتية.
136

اللبن على الأصح وان ذهب جماعة من العلماء فيه إلى كفاية أربعة أرطال. والصاع
أربعة امداد، وهى تسعة أرطال بالعراقي فهو ستمائة وأربعة عشر مثقالا وربع مثقال بالمثقال
الصيرفي فيكون بحسب حقة النجف التي هي تسعمائة مثقال وثلاثة وثلاثون مثقالا وثلث
مثقال، نصف حقة ونصف وقية واحد وثلاثون مثقالا الا مقدار حمصتين، وبحسب
حقة الاسلامبول وهى مائتان وثمانون مثقالا، حقتان وثلاثة أرباع الوقية ومثقال وثلاثة
أرباع المثقال، وبحسب المن الشاهي وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالا، نصف من
الا خمسة وعشرون مثقالا وثلاثة أرباع المثقال.
4 - فصل في وقت وجوبها
وهو دخول ليلة العيد (1) جامعا للشرائط، ويستمر إلى الزوال (2) لمن
لم يصل صلاة العيد، والأحوط عدم تأخيرها عن الصلاة إذا صلاها فيقدمها عليها،
وان صلى في أول وقتها، وان خرج وقتها ولم يخرجها فإن كان قد عزلها دفعها إلى
المستحق بعنوان الزكاة، وان لم يعزلها فالأحوط الأقوى عدم سقوطها، بل يؤديها
بقصد القربة من غير تعرض للأداء والقضاء.
مسألة 1 - لا يجوز تقديمها (3) على وقتها في شهر رمضان على الأحوط، كما
لا اشكال في عدم جواز تقديمها على شهر رمضان، نعم إذا أراد ذلك أعطى الفقير قرضا
ثم يحسب عند دخول وقتها.
مسألة 2 - يجوز عزلها في مال مخصوص من الأجناس أو غيرها بقيمتها، وينوى
حين العزل، وإن كان الأحوط تجديدها حين الدفع أيضا، (4) ويجوز عزل أقل من
مقدارها أيضا فيلحقه الحكم وتبقى البقية غير معزولة على حكمها، وفى جواز عزلها في

(1) بل طلوع الفجر ان لم ينعقد اجماع على خلافه.
(2) بل إلى غروب الشمس صلى العيد أم لم يصل.
(3) الأظهر جواز تعجيلها في شهر رمضان.
(4) لا يترك.
137

الأزيد بحيث يكون المعزول مشتركا بينه وبين الزكاة وجه، لكن لا يخلو عن اشكال وكذا
لو عزلها في مال مشترك بينه وبين غيره مشاعا وإن كان ماله بقدرها.
مسألة 3 - إذا عزلها وأخر دفعها المستحق فإن كان لعدم تمكنه من الدفع
لم يضمن لو تلف، وإن كان مع التمكن منه ضمن.
مسألة 4 - الأقوى جواز نقلها بعد العزل إلى بلد آخر ولو مع وجود المستحق
في بلده، وإن كان يضمن حينئذ مع التلف، والأحوط عدم النقل (1) الا مع عدم
وجود المستحق.
مسألة 5 - الأفضل أداؤها في بلد التكليف بها وإن كان ماله بل ووطنه في بلد
آخر ولو كان له مال في بلد آخر وعينها فيه ضمن بنقله عن ذلك البلد إلى بلده أو بلد
آخر مع وجود المستحق فيه.
مسألة 6 - إذا عزلها في مال معين لا يجوز له تبديلها بعد ذلك.
5 - فصل في مصرفها
وهو مصرف زكاة المال، لكن يجوز اعطاؤها للمستضعفين من أهل الخلاف عند
عدم وجود المؤمنين وان لم نقل به هناك، والأحوط الاقتصار على فقراء المؤمنين
ومساكينهم، ويجوز صرفها على أطفال المؤمنين أو تمليكها لهم بدفعها على أوليائهم.
مسألة 1 - لا يشترط عدالة من يدفع اليه فيجوز دفعها إلى فساق المؤمنين، نعم
الأحوط عدم دفعها إلى شارب الخمر والمتجاهر بالمعصية، بل الأحوط العدالة أيضا
ولا يجوز دفعها إلى من يصرفها في المعصية.
مسألة 2 - يجوز للمالك أن يتولى دفعها مباشرة أو توكيلا، والأفضل بن الأحوط
أيضا دفعها إلى الفقيه الجامع للشرائط وخصوصا مع طلبه لها.
مسألة 3 - الأحوط أن لا يدفع للفقير أقل من صاع (2) الا إذا اجتمع جماعة

(1) لا يترك.
(2) بل الأظهر ذلك حتى إذا اجتمع جماعة لا يسعهم ذلك.
138

لا تسعهم ذلك.
مسألة 4 - يجوز أن يعطى فقير واحد أزيد من صاع بل إلى حد الغنى.
مسألة 5 - يستحب تقديم الأرحام على غيرهم، ثم الجيران، ثم أهل العلم والفضل
والمشتغلين، ومع التعارض تلاحظ المرجحات والأهمية.
مسألة 6 - إذا دفعها إلى شخص باعتقاد كونه فقيرا فبان خلافه فالحال كما
في زكاة المال.
مسألة 7 - لا يكفي ادعاء الفقر (1) الا مع سبقه أو الظن بصدق المدعى.
مسألة 8 - تجب نية القربة هنا كما في زكاة المال، وكذا يجب التعيين ولو اجمالا
مع تعدد ما عليه (2) والظاهر عدم وجوب تعيين من يزكى عنه فلو كان عليه أصوع
لجماعة يجوز دفعها من غير تعيين أن هذا لفلان وهذا لفلان.
تم كتاب الزكاة

(1) تقدم الكلام فيه في زكاة المال.
(2) بل مع عدم تعدد أيضا، والأحوط تعيين من يزكى عنه أيضا.
139

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الخمس
وهو من الفرائض وقد جعلها الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وآله وسمل وذريته عوضا عن الزكاة
اكراما لهم، ومن منع منه درهما أو أقل كان مندرجا في الظالمين لهم، والغاصبين
لحقهم، بل من كان مستحلا لذلك كان من الكافرين، ففي الخبر عن أبي بصير قال:
قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال عليه السلام: من أكل من ماء
اليتيم درهما ونحن اليتيم. وعن الصادق عليه السلام ان الله لا إله إلا هو حيث حرم علينا
الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا
حلال. وعن أبي جعفر عليه السلام لا يحل لاحد أن يشترى من الخمس شيئا حتى يصل
الينا حقنا. وعن أبي عبد الله عليه السلام: لا يعذر عبد اشترى من الخمس شيئا أن يقول:
يا رب اشتريته بمالي حتى يأذن له أهل الخمس.
1 - فصل فيما يجب فيه الخمس.
وهو سبعة أشياء: الأول - الغنائم المأخوذة من الكفار من أهل الحرب قهرا
بالمقاتلة معهم بشرط أن يكون بأذن الإمام (ع): من غير فرق بين ما حواه العسكر
140

وما لم يحوه، والمنقول وغيره كالأراضي والأشجار ونحوهما بعد اخراج المؤن
التي أنفقت على الغنيمة بعد تحصيلها بحفظ وحمل ورعى ونحوها منا، وبعد اخراج
ما جعله الإمام (ع) من الغنيمة (1) على فعل مصلحة من المصالح، وبعد استثناء صفايا
الغنيمة كالجرية الورقة، والمركب الفارقة، والسيف القاطع والدرع فإنها للإمام (ع)
وكذا قطائع الملوك فإنها أيضا له (ع)، واما إذا كان الغزو بغير اذن الإمام (ع)، فإن كان
في زمان الحصور وامكان الاستيذان منه فالغنيمة للإمام (ع)، وإن كان في زمن
الغيبة فالأحوط اخراج خمسها من حيث الغنيمة (2) خصوصا إذا كان للدعاء إلى
الاسلام، فما يأخذه السلاطين في هذه الأزمنة من الكفار بالمقاتلة معهم من المنقول
وغيره يجب فيه الخمس على الأحوط، وإن كان قصدهم زيادة الملك لا الدعاء إلى
الاسلام، ومن الغنائم التي يجب فيها الخمس الفداء الذي يؤخذ من أهل الحرب
بل الجزية المبذولة لتلك السرية، بخلاف سائر أفراد الجزية، ومنها أيضا ما صولحوا
عليه، وكذا ما يؤخذ منهم عند الدفاع معهم إذا هجموا على المسلمين في أمكنتهم
ولو في زمن الغيبة فيجب اخراج الخمس من جميع ذلك قليلا كان أو كثيرا من
غير ملاحظة خروج مؤنة السنة على ما يأتي في أرباح المكاسب وسائر الفوائد.
مسألة 1 - إذا غار المسلمون على الكفار فأخذوا أموالهم فالأحوط بل الأقوى
اخراج خمسها (3) من حيث كونها غنيمة ولو في زمن الغيبة، فلا يلاحظ فيها مؤنة

(1) فيه تأمل بل الأظهر لزوم الخمس في ذلك أيضا.
(2) الأظهر في صورة عدم الإذن كون الغنيمة كلها للامام حتى في زمن الغيبة، من غير
فرق بين الجهاد والدفاع، ومن غير فرق بين كون قصد المقاتلين زيادة الملك أو الدعاء
إلى الاسلام.
(3) كل ما اخذ منهم بالحرب إن كان مع اذنه عليه السلام يجب اخراج خمسه من حيث
كونه غنيمة، والا فهو بتمامه له، وما اخذ منهم من دون حرب كالمأخوذ بالسرقة والرباء و
غيرهما يكون من أرباح المكاسب ويجب اخراج خمسه إن كان زايدا عن مؤنة السنة،
وإن كان الأحوط اخراج خمسه مطلقا.
141

السنة، وكذا إذا بالسرقة والغيلة نعم لو أخذوا منهم بالرباء أو بالدعوى الباطلة
فالأقوى الحاقة بالفوائد المكتسبة فيعتبر فيه الزيادة عن مؤنة السنة، وإن كان الأحوط
اخراج خمسه مطلقا (1).
مسألة 2 - يجوز أخذ مال النصاب أينما وجد لكن الأحوط اخراج خمسه
مطلقا، وكذا الأحوط اخراج الخمس مما حواه العسكر من مال البغاة إذا كانوا من
النصاب ودخلوا في عنوانهم والا فيشكل حلية ما لهم (2).
مسألة 3 - يشترط في المغتم أن لا يكون غصبا من مسلم أو ذمي أو معاهد أ (
نحوهم ممن هو محترم المال، والا فيجب رده إلى مالكه، نعم لو كان مغصوبا من
غيرهم من أهل الحرب لا بأس بأخذه واعطاء خمسه وان لم يكن الحرب فعلا مع
المغصوب منهم، وكذا إذا كان عند المقاتلين مال غيرهم من أهل الحرب بعنوان
الأمانة من وديعة أو إجارة أو عارية أو نحوها.
مسألة 4 - لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنائم بلوغ النصاب عشرين دينارا
فيجب اخراج خمسه قليلا كان أو كثيرا على الأصح.
مسألة 5 - السلب من الغنيمة فيجب اخراج خمسه على السالب (3).
الثاني - المعادن من الذهب والفضة والرصاص والصفر والحديد والياقوت
والزبرجد والفيروزج والعقيق والزيبق والكبريت والنفط والقير والنج والزاج
والزرنيخ والكحل والملح، بل والجص والنورة وطين الغسل وحجر الرحى والمغرة
وهى الطين الأحمر على الأحوط، وإن كان الأقوى عدم الخمس فيها من حيث المعدنية
بل هي داخلة في أرباح المكاسب فيعتبر فيها الزيادة عن مؤنة السنة، والمدار على
صدق كونها معدنا عرفا، وإذا شك في الصدق لم يلحقه حكمها فلا يجب خمسه من

(1) بل الأظهر ذلك.
(2) الأظهر عدم الحلية.
(3) وحيث إن الظاهر أنه ليس مما يستحقه السالب بحكم الشارع، وانما يكون له
إذا جعل له، فحكمه حكم غيره من الجعائل فلا يجب اخراج خمسه بهذا العنوان.
142

هذه الحيثية، بل يدخل في أرباح المكاسب، ويجب خمسه إذا زادت عن مؤنة السنة
من غير اعتبار بلغو النصاب فيه، ولافرق في وجوب اخراج خمس المعدن بين
ان يكون في ارض مباحة أو مملوكة، وبين ان يكون تحت الأرض أو على ظهرها
ولا بين ان يكون المخرج مسلما أو كافرا ذميا، بل ولو حربيا، ولا بين ان يكون بالغا أو صبيا
وعاقلا أو مجنونا فيجب على وليهما اخراج الخمس، ويجوز للحاكم الشرعي اجبار
الكافر على دفع الخمس مما اخرجه وإن كان لو أسلم سقط عنه مع عدم بقاء عينه،
ويشترط في وجوب الخمس في المعدن بلوغ ما أخرجه عشرين دينارا (1) بعد استثناء
مؤنة الاخراج والتصفية ونحوهما، فلا يجب إذا كان المخرج أقل منه، وإن كان
الأحوط اخراجه إذا بلغ دينارا بل مطلقا، ولا يعتبر في الاخراج أن يكون دفعة
فلو أخرج دفعات وكان المجموع نصابا وجب اخراج خمس المجموع، وان أخرج
أقل من النصاب فأعرض ثم أعاد وبلغ المجموع نصابا فكذلك على الأحوط (2) وإذا
اشتراك جماعة في الاخراج ولم يبلغه حصة كل واحد منهم النصاب ولكن بلغ المجموع
نصابا فالظاهر وجوب خمسه، وكذا لا يعتبر اتحاد جنس المخرج فلو اشتمل المعدن
على جنسين أو أزيد وبلغ قيمة المجموع نصابا وجب اخراجه، نعم لو كان هناك
معادن متعددة اعتبر في الخارج من كل منها بلوغ النصاب دون المجموع، وإن كان
الأحوط كفاية بلوغ المجموع، خصوصا مع اتحاد جنس المخرج منها سيما مع
تقاربها بل لا يخلو عن قوة مع الاتحاد والتقارب (3) وكذا لا يعتبر استمرار التكون
ودوامه، فلو كان معدن فيه مقدار ما يبلغ النصاب فاخرجه ثم انقطع جرى عليه الحكم

(1) الأحوط لزوما اخراج الخمس عما اخرج من المعادن مطلقا وإن كان أقل من
دينار، ثم إنه على فرض اعتبار النصاب الأظهر اعتباره قبل استثناء المؤنة لا بعدها.
(2) بل الأظهر.
(3) لا فرق في الحكم بين اتحاد جنس المخرج وتعدده، وبين تقارب المعادن و
تباعدها إذا لم يعد المجموع معدنا واحدا، فعلى القول باعتبار النصاب يعتبر ان يكون الخارج
من كل معدن بالغا حد النصاب، نعم، إذا عد المجموع معدنا واحدا يكفي بلوغها حده.
143

بعد صدق كونه معدنا.
مسألة 6 - لو اخرج خمس تراب المعدن قبل التصفية فان علم بتاوى الاجزاء
في الاشتمال على الجوهر أو بالزيادة فيما اخرجه خمسا أجزأ وإلا فلا لاحتمال زيادة
الجوهر فيما يبقى عنده.
مسألة 7 - إذا وجد مقدارا من المعدن مخرجا مطروحا في الصحراء فان علم
أنه خرج من مثل السيل أو الريح أو نحوهما، أو علم أن المخرج له حيوان أو
انسان لم يخرج خمسه (1) وجب عليه اخراج خمسه على الأحوط (2) إذا بلغ النصاب (3)
بل الأحوط ذلك وان شك في أن الانسان لمخرج له اخرج خمسه أم لا.
مسألة 8 - لو كان المعدن في ارض مملوكة فهو لمالكها، وإذا اخرجه غيره لم يملكه، بل يكون المخرج لصاحب الأرض وعليه الخمس من دون استثناء المؤنة
لأنه لم يصرف عليه مؤنة.
مسألة 9 - إذا كان المعدن في معمور الأرض المفتوحة عنوة إلى هي للمسلمين
فأخرجه أحد من المسلمين ملكه وعليه الخمس، وان اخرجه غير المسلم ففي تملكه
اشكال، واما إذا كان في الأرض الموات حال الفتح فالظاهر أن الكافر أيضا يملكه (4)
وعليه الخمس.
مسألة 10 - يجوز استيجار الغير لاخراج المعدن فيملكه المستأجر، وان قصد
الأجير تملكه لم يملكه.
مسألة 11 - إذا كان المخرج عبدا كان ما اخرجه لمولاه وعليه الخمس.
مسألة 12 - إذا عمل فيما اخرجه قبل اخراج خمسه عملا يوجب زيادة قيمته.

(1) ولا قصد تملكه.
(2) بلا الأظهر.
(3) على فرض اعتباره، والا فمطلقا.
(4) الظاهر أن المعادن في الأرض الموات للإمام عليه السلام وانما أبيحت للشيعة خاصة
فغير الشيعة لا يملكها.
144

كما إذا ضربه دراهم أو دنانير أو جعله أو كان مثل الياقوت والعقيق فحكه فصا
مثلا اعتبر في اخراج خمس مادته (1) فيقوم حينئذ سبيكة أو غير محكوم مثلا،
ويخرج خمسه، وكذا لو اتجر به فربح قبل أن يخرج خمسه ناويا الاخراج (2) من
مال آخر ثم أداه من مال آخر إذا اتجر به من غير نية الاخراج من غيره فالظاهر
أن الربح مشترك (3) بينه وبين أرباب الخمس.
مسألة 13 - إذا شك في بلوغ النصاب وعدمه فالأحوط الاختبار
الثالث - الكنز وهو المال المذخور في الأرض أو الجبل أو الجدار أو الشجر
والمدار الصد العرفي، سواء كان من الذهب أو الفضة المسكوكين أو غير مسكوكين
أو غيرهما من الجواهر (4) وسواء كان في بلاد الكفار الحربيين أو غيرهم، أو في
بلاد
الاسلام في الأرض الموات أو الأرض الخربة التي لم يكن لها مالك، أو في أرض
مملوكة له بالاحياء أو بالابتياع مع العلم بعدم كونه ملكا للبايعين، وسواء كان عليه
أثر الاسلام أم لا، ففي جميع هذه يكون ملكا لواجده وعليه الخمس، ولو كان في أرض
مبتاعة مع احتمال كونه لاحد البايعين عرفه المالك قبله، فإن لم يعرفه فالمالك قبله
وهكذا، فإن لم يعرفوه فهو للواجد وعليه الخمس، وان ادعاه المالك السابق فالسابق
أعطاه بلا بينة، وان تنازع الملاك فيه يجرى عليه حكم التداعي (5) ولو ادعاه المالك
السابق إرثا وكان له شركاء نفوه دفعت اليه حصته، ومالك الواجد الباقي وأعطى خمسه

(1) واما الزيادة فقيها خمس الفائدة بشروطه.
(2) بل مع عدم نية عدم الاخراج.
(3) مع نية عدم الاخراج ان رد الحاكم المعاملة بطلت بالنسبة إلى الخمس وان
أمضاها فالربح مختص بالمالك لما سيأتي في محله من أن تعلق الخمس بالعين انما يكون
من قبيل تعلق الحق لا بنحو الملكية.
(4) الأظهر عدم وجوب خمس الكنز في غير النقدين.
(5) إذا كان التنازع من الملاك المشتركين، واما إذا كان من المترتبين فيكون السابق
مدعيا واللاحق منكرا.
145

ويشترط في وجوب الخمس فيه النصاب وهو عشرون دينارا (1).
مسألة 14 - لو وجد الكنز في أرض مستأجرة أو مستعارة وجب تعريفها وتعريف
المالك أيضا، فان نفيا كلاهما كان له وعليه الخمس، وان ادعاه أحدهما أعطى بلا بينة
وان ادعاه منهما ففي تقديم قول المالك وجه (2) لقوة يده والأوجه الاختلاف
بحسب المقامات في قوة احدى اليدين. مسألة 15 - لو علم الواجد أنه لمسلم موجود هو أو وارثه في عصره مجهول
ففي اجراء حكم لكنز أو حكم مجهول المالك عليه وجهان (3) ولو علم أنه كان كان مثلا.
لمسلم قديم فالظاهر جريان حكم الكنز عليه.
مسألة 16 - الكنوز المتعددة لكل واحد حكم نفسه في بلوغ النصاب وعدمه
فلم لم يكن آحادها بحد النصاب وبلغت بالضم لم يجب فيها الخمس (4) نعم المال
الواحد المدفون في مكان واحد في ظروف متعددة يضم بعضه إلى بعض فإنه يعد
كنزا واحدا وان تعدد جنسها.
مسألة 17 - في الكنز الواحد لا يعتبر الاخراج دفعة بمقدار النصاب، فلو كان
مجموع الدفعات بقدر النصاب وجب الخمس، وان لم يكن كل واحدة منها بقدره.
مسألة 18 - إذا اشترى دابة ووجد في جوفها شيئا فحاله حال الكنز الذي يجده
في الأرض المشتراة في تعريف البايع (5) وفى اخراج الخمس ان لم يعرفه (6)

(1) في الذهب، وان ان من الفضة فهو مأتا درهم.
(2) الأظهر انه يقدم قول المستأجر أو المستعير.
(3) أوجههما اجراء حكم مجهول المالك عليه.
(4) اي خمس الكنز، واما خمس الفائدة بشروطه فهو ثابت.
(5) إذا لم تكن الدابة وحشية مصيدة، والا فالظاهر عدم وجوب تعريفه الا إذا احتمل
وجوده في جوفه بعد الصيد أو حيازة البايع ما في جوفها.
(6) الأظهر عدم وجوب الخمس فيه من هذه الجهة وإن كان يجب فيه من جهة صدق
القائدة والغنيمة، وفى حكم الدابة في هذين الحكمين السمك وغيرهما من الحيوانات.
146

ولا يعتبر بلوغ النصاب، وكذا لو وجد في جوفي السمكة المشتراة مع احتمال كونه
لبايعها، وكذا الحكم في غير الدابة والسمكة من سائر الحيوانات.
مسألة 19 - انما يعتبر النصاب في الكنز بعد اخراج.
مسألة 20 - إذا اشترك جماعة في كنز فالظاهر كفاية بلوغ المجموع نصابا
وان لم يكن حصة كل واحد بقدره.
الرابع - الغوص وهو اخراج الجواهر من البحر مثل اللؤلؤ والمرجان وغيرهما
معدنيا كان أو نباتيا، لا مثل السمك ونحوه من الحيوانات فيجب فيه الخمس بشرط أن
يبلغ قيمته دينارا فصاعدا فلا خمس فيما ينقص من ذلك، ولا فرق بين اتحاد النوع
وعدمه، فلو بلغ قيمة المجموع دينارا وجب الخمس، ولا بين الدفعة والدفعات
فيضم بعضها إلى بعض، كما أن المدار على ما أخرج مطلقا، ان اشترك فيه جماعة
لا يبلغ نصيب كل منهم النصاب، ويعتبر بلوغ النصاب بعد اخراج المؤن (1) كما مر
في المعدن، والمخرج بالآلات من دون غوص (2) في حكمه على الأحوط، واما لو غاص
وشده بآلة فأخرجه فلا اشكال في وجوب فيه، نعم لو خرج بنفسه على الساحل أو على وجه
الماء فاخذه من غير غوص لم يجب فيه من هذه الجهة، بل يدخل في أرباح المكاسب
فيعتبر فيه مؤنة السنة ولا يعتبر فيه النصاب.
مسألة 21 - المتناول من الغواص لا يجرى عليه حكم الغوص إذا لم يكن
غائصا، واما إذا تناول منه وهو غائص أيضا فيجب عليه إذا لم ينو الغواص الحيازة،
والا فهو له ووجب الخمس عليه.
مسألة 22 - إذا غاص من غير قصد للحيازة فصادف للحيازة فصادف شيئا ففي وجوب الخمس
عليه وجهان، والأحوط اخراجه (3).

(1) بل قبله كما مر في المعدن.
(2) الأظهر عدم كونه محكوما بحكمه، وإن كان أحوط.
(3) بل الأظهر.
147

مسألة 23 - إذا أخرج بالغوص حيوانا وكان في بطنه شئ من الجواهر، فإن كان
معتادا وجب فيه الخمس، وإن كان من باب الاتفاق بأن يكون بلع شيئا اتفاقا فالظاهر
عدم وجوبه وإن كان أحوط.
مسألة 24 - الأنهار العظيمة كدجلة والنيل والفرات حكمها حكم البحر (1)
بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص إذا فرض تكن الجوهر فيها كالبحر.
مسألة 25 - إذا غرق شئ في البحر وأعرض مالكه عنه (2) فأخرجه الغواص
ملكه، ولا يلحقه حكم الغوص (3) على الأقوى، وإن كان من مثل اللؤلؤ المرجان،
لكن الأحوط اجراء حكمه عليه.
مسألة 26 - إذا فرض معدن من مثل العقيق أو الياقوت أو نحوهما تحت الماء
بحيث لا يخرج منه الا بالغوص فالا اشكال في تعلق الخمس به، لكنه هل يعتبر نصاب
المعدن أو الغوص؟ وجهان، والأظهر الثاني.
مسألة 27 - العنبر إذا أخرج بالغوص جرى عليه حكمه (4) وان أخذ على وجه
الماء أو الساحل ففي لحوق حكمه له وجهان، والأحوط اللحوق، وأحوط منه اخراج
خمسه وان لم يبلغ النصاب أيضا.
الخامس - المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لا يتميز مع الجهل بصاحبه
وبمقداره فيحل باخراج خمسه، ومصرفه مصرف سائر اقسام الخمس على الأقوى، واما
ان علم المقدار ولم يعلم المالك تصدق به عنه، والأحوط أن يكون باذن المجتهد (5)

(1) فيه تأمل واشكال.
(2) بل لو ترك التعرض له وانقطع رجاه وان لم يعرض، هذا إذا اخرجه الغواص
واما ان قذف به البحر على ساحله فهو لأهله.
(3) بل يلحقه حكمه إن كان من الجواهرات.
(4) الأظهر انه لا نصاب له مطلقا، فيجب الخمس في قليله، وكثيره، سواء اخرج
بالغوص أو اخذ من وجه الماء أوس الساحل.
(5) الأظهر عدم اعتبار اذنه.
148

الجامع للشرائط، ولو انعكس بأن علم المالك وجهل المقدار تراضيا بالصلح ونحوه
وان لم يرض المالك بالصلح ففي جواز الاكتفاء بالأقل أو وجوب اعطاء الأكثر وجهان
الأحوط الثاني، والأقوى الأول (1) إذا كان المال في يده، وان علم المالك والمقدار
وجب دفعه اليه.
مسألة 28 - لا فرق في وجوب اخراج الخمس وحلية المال بعده بين أن يكون
الاختلاط بالإشاعة أو بغيرها، كما إذا اشتبه الحرام بين أفراد من جنسه أو من
غير جنسه.
مسألة 29 - لا فرق في كفاية اخراج الخمس في حلية البقية في صورة الجهل
بالمقدار المالك، بين أن يعلم اجمالا زيادة مقدار الحرام أو نقيصته عن الخمس،
وبين صورة عدم العلم ولو اجمالا، ففي صورة العلم الاجمالي بزيادته عن الخمس
أيضا يكفي اخراج الخمس فإنه مطهر للمال تعبدا، وإن كان الأحوط مع اخراج الخمس
المصالحة مع الحاكم الشرعي أيضا بما يرتفع به يقين الشغل واجراء حكم مجهول
المالك عليه. وكذا في صورة العلم الاجمالي بكونه أنقص من الخمس، وأحوط
من ذلك المصالحة معه بعد اخراج الخمس بما يحصل معه اليقين بعدم الزيادة.
مسألة 30 - إذا علم قدر المال ولم يعلم صاحبه بعينه لكن علم في عدد محصور،
ففي وجوب التخلص من لجميع ولو بارضائهم بأي وجه كان، أو وجوب اجراء حكم
مجهول المالك عليه، أو استخراج المالك بالقرعة، أو توزيع ذلك المقدار عليهم
بالسوية وجوه، أقواها الأخير (2) وكذا إذا لم يعلم قدر المال وعلم صاحبه في عدد

(1) مع الرجوع إلى الحاكم لأجل القسمة، فان رضى بها بعد الحكم، والا أجبره الحاكم
هذا إذا كان لامال في يده، وان لم يكن كذلك، يصالحهما الحاكم أو يجبرهما على
الصلح في المقدار المشكوك فيه، والأحوط ان يكون الصلح بالمتوسط بين الطرفين.
(2) إذا كان المال في يده وكان تسلطه عليه عدوانيا وجب التخلص من الجميع ولو
بارضائهم بأي وجه كان، وان لم يكن يده عدوانية كما لو أودعه المالك فتردد بين عدد محصور،
يصالح الحاكم مع كل من يحتمل كونه مالكا بالتوزيع بالسوية، وكذا إذا لم يكن المال
في يده يعامل الحاكم اي يصالح مع كل من يحتمل مالكيته ومنهم صاحب المال بالسوية.
149

محصور فإنه بعد الاخذ بالأقل كما هو الأقوى أو الأكثر كما هو الأحوط يجرى فيه
الوجوه المذكورة.
مسألة 31 - إذا كان حق الغير في ذمته لا في عين ماله فلا محل للخمس وحينئذ
فان علم جنسه ومقداره ولو يعلم صاحبه أصلا أو علم في عدد غير محصور تصدق
به عنه بإذن الحاكم (1) أو يدفعه اليه، وإن كان في عدد محصور ففيه الوجوه المذكورة
والأقوى هنا أيضا الأخير (2) وان علم جنسه ولم يعلم مقداره بان تردد بين الأقل
والأكثر أخذ بالأقل المتيقن ودفعه إلى مالكه، إن كان معلوما بعينه، وإن كان معلوما
في عدد محصور فحكمه كما ذكر، وإن كان معلوما في غير المحصور، أو لم يكن
علم اجمالي أيضا تصدق به عن المالك بإذن الحاكم أو يدفعه اليه، وان لم يعلم
جنسه وكان قيميا فحكه كصورة العلم بالجنس إذ يرج عالي القيمة (3) ويتردد فيها
بين أقل والأكثر، وإن كان مثليا ففي وجوب الاحتياط وعدمه وجهان (4).
مسألة 32 - الامر في اخراج هذا الخمس إلى المالك كما في سائر اقسام
الخمس فيجوز له الاخراج والتعيين من غير توقف على اذن الحاكم كما يجوز دفعه
من مال آخر وإن كان الحق في العين.
مسألة 33 - لو تبين المالك بعد اخراج الخمس فالأقوى ضمانه (5) كما
هو كذلك في التصدق عن المالك في مجهول المالك فعليه غرامته له حتى في النصف
الذي دفعه إلى الحاكم بعنوان انه للإمام (ع).

(1) تقدم عدم اعتباره.
(2) الأظهر فيه ما تقدم، وكذا فيما علم جنسه ولم يعلم مقداره.
(3) في ضمان اليد والاتلاف، لا في الضمان المعاوضي الثابت با حد العقود إذا لثابت
في الذمة حينئذ نفس ذلك الجنس لا قيمته.
(4) أقواهما الأول إذا كان ضمانه بغير أحد العقول، وإلا فالثاني، واما من يدفع اليه
المال فحكمه يظهر مما تقدم.
(5) الأظهر عدم الضمان، وكذا في التصدق بمجهول المالك.
150

مسألة 34 - لو علم بعد اخراج الخمس أن الحرام أزيد من الخمس أو أقل
لا يسترد الزائد على مقدار الحرام في الصورة الثانية، وهل يجب عليه التصدق بما
زاد على الخمس في الصورة الأولى أولا؟ وجهان، أحوطهما الأول وأقواهما الثاني.
مسألة 35 - لو كان الحرام الجهول مالكه معينا فخلطه بالحلال ليحلله بالتخميس
خوفا من احتمال زيادته على الخمس، فهل يجزيه اخراج الخمس أو يبقى على حكم
مجهول المالك؟ وجهان، والأقوى الثاني (1) لأنه كمعلوم المالك حيث إن مالكه
الفقراء قبل التخليط.
مسألة 36 - لو كان الحلال الذي في المختلط مما تعلق به الخمس وجب عليه
بعد التخميس للتحليل خمس آخر للمال الذي فيه.
مسألة 37 - لو كان الحرام المختلط في الحلال من الخمس أو الزكاة أو الوقف
الخاص أو العام فهو كمعلوم (2) على الأقوى، فلا يجوز به اخراج الخمس حينئذ
مسألة 38 إذا تصرف في المال المختلط قبل اخراج الخمس بالاتلاف
لم يسقط وان صار الحرام في ذمته فلا يجرى عليه حكم رد المظالم على الأقوى
وحينئذ فان عرف قدر العامل المختلط اشتغلت ذمته بمقدار خمسه، وان لم يعرفه ففي
وجوب دفع ما يتيقن معه بالبراءة أو جواز الاقتصار على ما يرتفع به يقين الشغل
وجهان الأحوط الأول، والأقوى الثاني.
مسألة 39 - إذا تصرف في المختلط قبل اخراج خمسه ضمنه (3) كما إذا باعه

(1) بل الأول.
(2) فيرد ما تيقن كونه كذلك إلى أربابه والمشكوك فيه إن كان تحت يده فهو له - والا
فيصالح مع الحاكم ولاية على أربابه، والأحوط ان يكون بالمتوسط بين الطرفين.
(3) إن كان التصرف بالاتلاف ينتقل الخمس الواجب اخراجه إلى ذمته، وإن كان
بالتبديل والمعاملة، كانت المعاملة فضولية بالنسبة إلى مقدار الحرام وللحاكم اجازتها،
فان أجازها الحاكم صار الثمن مشتركا بين البايع وصاحب ذلك المال وحكمه التخميس و
المثمن حينئذ ملك للمشتري، وان ردها كان المثمن مشتركا بين المشترى وصاحب ذلك
المال والثمن مشتركا بين البايع والمشترى
151

مثلا. فيجوز لولى الخمس الرجوع عليه، كما يجوز له الرجوع على من انتقل
اليه، ويجوز للحاكم أن يمضى معاملته فيأخذ مقدار الخمس من العوض إذا باعه
بالمساوي قيمة أو بالزيادة، واما إذا باعه بأقل من قيمته فامضاؤه خلاف المصلحة،
نعم لو اقتضت المصلحة ذلك فلا بأس.
السادس - الأرض التي اشتراها الذمي من المسلم سواء كانت أرض مزرع
أو مسكن أو دكان أو خان أو غيرها فيجب فيها الخمس، ومصرفه مصرف غيره من
الاقسام على الأصح، وفى وجوبه في المنتقلة اليه من المسلم بغير الشراء من المعاوضات
اشكال، فالأحوط اشتراط مقدار الخمس عليه في عقد المعاوضة، وإن كان القول
بوجوبه في مطلق المعاوضات لا يخلو عن قوة (1) وانما يتعلق الخمس برقبة الأرض
دون البناء والأشجار والنخيل إذا كانت فيه، ويتخير الذمي بين دفع الخمس من عينها
أو قيمتها، ومع عدم دفع قيمتها يتخير ولى الخمس بين أخذه وبين اجارته وليس
له قلع الغرس والبناء، بل عليه ابقاؤهما بالأجرة، وان أراد الذمي دفع القيمة و
كانت مشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء تقوم مشغولة بها مع الأجرة فيؤخذ منه
خمسها، ولا نصاب في هذا القسم من الخمس، ولا يعتبر فيه نية القربة حين الاخذ حتى
من الحاكم، بل ولا حين الدفع إلى السادس.
مسألة 40 لو كانت الأرض من المفتوحة عنوة وبيعت تبعا للآثار ثبت فيها
الحكم، لأنها للمسلمين فإذا اشتراها الذمي وجب عليه الخمس، وان قلنا بعدم دخول
الأرض في المبيع، وان المبيع هو الآثار، ويثبت في الأرض حق الاختصاص للمشترى
وأما إذا قلنا بدخولها فيه فواضح، كما أنه كذلك إذا باعها منه أهل الخمس بعد
أخذ خمسها، فإنهم ما لكون لرقبتها، ويجوز لهم بيعها.
مسألة 41 - لا فرق في ثبوت الخمس في الأرض المشتراة بين أن تبقى على
ملكية الذمي بعد شرائه أو انتقلت منه بعد الشراء إلى مسلم آخر، كما لو باعها منه

(1) الأظهر اختصاص الحكم بالشراء.
152

بعد الشراء أو مات وانتقلت إلى وارثه المسلم، أورده إلى البايع بإقالة أو غيرها
فلا يسقط الخمس بذلك، بل الظاهر ثبوت أيضا لو كان للبايع خيار ففسخ بخياره.
مسألة 42 - إذا اشترى الذمي الأرض من المسلم وشرط عليه عدم الخمس لم
يصح، وكذا لو اشترط كون الخمس على البايع، نعم لو شرط على البايع المسلم
أن يعطى مقداره عنه فالظاهر جوازه.
مسألة 43 - إذا اشتراها من مسلم ثم باعها منه أو من مسلم آخر ثم اشتراها
ثانيا وجب عليه خمسان: خمس الأصل للشراء أولا، وخمس أربعة أخماس للشراء
ثانيا.
مسألة 44 إذا اشترى الأرض من المسلم ثم أسلم بعد الشراء لم يسقط عنه
الخمس. (1) نعم لو كانت المعاملة مما يتوقف الملك فيه على القبض فأسلم بعد
العقد وقبل القبض سقط عنه لعدم تمامية ملكه في حال الكفر.
مسألة 45 - لو تملك ذمي من مثله بعقد مشروط بالقبض فأسلم الناقل قبل القبض
ففي ثبوت الخمس وجهان، أقواهما الثبوت (2).
مسألة 46 - الظاهر عدم سقوطه إذا شرط البايع على الذمي أن يبيعها بعد الشراء
من مسلم.
مسألة 47 - إذا اشترى المسلم من الذمي أرضا ثم فسخ بإقالة أو بخيار ففي
ثبوت الخمس وجه، لكن الأوجه خلافه، حيث إن الفسخ ليس معاوضة.
مسألة 48 - من بحكم المسلم بحكم المسلم.
مسألة 49 - إذا بيع خمس الأرض التي اشتراها الذمي عليه وجب عليه خمس
ذلك الخمس الذي اشتراه وهكذا.
السابع: ما يفضل عن مؤنة سنته ومؤنة عياله (3) من أرباح التجارات ومن سائر

(1) الأبناء على سقوط الخمس مطلقا بالاسلام كالزكاة، لحديث الجب.
(2) الأظهر عدم الثبوت.
(3) اي مؤنة سنة عياله.
153

التكسبات من الصناعات والزراعات والإجارات حتى الخياطة والكتابة والنجارة
والصيد وحيازة المباحات وأجرة العبادات الاستيجارية من الحج والصوم والصلاة
والزيارات وتعليم الأطفال وغير ذلك من الاعمال التي لها أجرة، بل الأحوط ثبوته.
في مطلق الفائدة (1) وان لم تحصل بالاكتساب كالهبة والهدية والجائزة والمال الموصى
به ونحوها، بل لا يخلو عن قوة، نعم لا خمس في الميراث الا في الذي ملكه من
حيث لا يحتسب فلا يترك الاحتياط فيه (2) كما إذا كان له رحم بعيد في بلد آخر لم
يكن عالما به فمات وكان هو الوارث له، وكذا لا يترك في حاصل الوقف الخاص
بل وكذا في النذور، والأحوط استحبابا ثبوته في عوض الخلع والمهر ومطلق الميراث
حتى المحتسب منه ونحو ذلك.
مسألة 50 - إذا علم أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب اخراجه سواء
كانت العين التي تعلق بها الخمس موجودة فيها، أو كان الموجود عوضها، بل لو علم
باشتغال ذمته بالخمس وجب اخراجه من تركته مثل سائر الدين.
مسألة 51 - لا خمس فيما ملك بالخمس (3) أو الزكاة أو الصدقة المندوبة
وان زاد عن مؤنة السنة، نعم لو نعمت في ملكه ففي نمائها يجب كسائر النماءات.
مسألة 52 - إذا اشترى شيئا ثم عليم أن البايع لم يؤد خمسه كان البيع بالنسبة
إلى مقدار الخمس فضوليا (4) فان أمضاه الحاكم يرجع عليه بالثمن ويرجع هو

(1) الأظهر ذلك.
(2) بل الأقوى ثبوته فيه، وفى حاصل الوقف الخص وفى النذر، وكذا في
عوض الخلع والمهر (3) الظاهر اتحاد حكم هذه الثلاثة مع حكم الهبة والهدية لاشتراك الجميع في صدق
الفائدة الاختيارية عليها، فالأظهر وجوب الخمس فيها.
(4) في صورة بناء البايع على عدم اعطاء الخمس من الثمن أو ماله الاخر، والا فالأظهر
صحة البيع بلا توقف على الإجازة وتعلق الخمس بالثمن، وصحة النقل بلا عوض مع تعلق
الخمس بذمته الناقل.
154

على البايع إذا أداه، وان لم يمض فله أن يأخذ مقدار الخمس من المبيع، وكذا
إذا انتقل اليه بغير البيع من المعاوضات، وان انتقل اليه بلا عوض يبقى مقدار خمسه
على ملك أله.
مسألة 53 - إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها
لكنه أداه فنمن وزادت زيادة متصلة أو منفصلة وجب الخمس في ذلك النما: (1)
وأما لو ارتفعت قيمتها السوقية من غير زيادة عينية لم يجب خمس تلك الزيادة (2)
لعدم صدق التكسب، ولا صدق حصول الفائدة، نعم لو باعها لم يبعد وجوب خمس
تلك الزيادة من الثمن، هذا إذا لم تكن تلك العين من مالك التجارة ورأس مالها كما
إذا كان المقصود من شرائها أو ابقائها في ملكه الانتفاع بنمائها أو نتاجها أو اجرتها
أو نحو ذلك من منافعها، وأما إذا كان المقصود الاتجار بها فالظاهر وجوب خمس
ارتفاع قيمتها بعد تمام السنة إذا أمكن بيعها واخذ قيمتها.
مسألة 54 - إذا اشترى عينا للتكسب بها فزادت قيمتها السوقية ولم يبعها غفلة
أو طلبا للزيادة ثم رجعت قيمتها إلى رأس مالها أو أقل قبل تمام السنة لم يضمن
خمس تلك الزيادة، لعدم تحققها في الخارج، نعم لو لم يبعها عمدا بعد تمام السنة
واستقرار وجوب الخمس ضمنه (3).
مسألة 55 - إذا عمر بستانا وغرس فيه أشجارا ونخيلا للانتفاع بثمرها وتمرها
لم يجب الخمس في نمو تلك الأشجار والنخيل (4)، واما إن كان من قصده الاكتساب
بأصل البستان فالظاهر وجوب الخمس في زيادة قيمته وفى نمو أشجاره ونخيله.
مسألة 56 - إذا كان له أنواع من الاكتساب والاستفادة كأن يكون له رأس

(1) بشرط الزيادة المالية أيضا.
(2) بل وجب في ارتفاع القيمة السوقية مطلقا اي سواء كان المقصود من الشراء
أو الابقاء في ملكه الاتجار به، أم لم يكن، إذا أمكن البيع واخذ القيمة.
(3) بل وكذا لو لم يبعها بعد تمام السنة غفلة أو طلبا للزيادة.
(4) قد مر ان الأظهر وجوبه فيه في صورة الزيادة المالية في غير ما يعد من المؤن.
155

مال يتجر به، وخان يؤجره، وأرض يزرعها، وعمل يد مثل الكتابة أو الخياطة أو
التجارة أو نحو ذلك يلاحظ في آخر السنة ما استفاده من المجموع من حيث المجموع
فيجب عليه خمس ما حصل منها بعد خروج مؤنته.
مسألة 57 - يشترط في وجوب خمس الربح أو الفائدة استقرارها، فلو اشترى
شيئا فيه ربح وكان للبايع الخيار لا يجب خمسه، الا بعد لزوم البيع (1) ومضى زمن
خيار البايع.
مسألة 58 - لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازما فاستقاله
البايع فأقاله لم يسقط الخمس (2) الا إذا كان من شأنه ان يقيله كما في غالب موارد
بيع شرط الخيار إذا رد مثل الثمن.
مسألة 58 - لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازما فاستقاله
البايع فأقاله لم يسقط الخمس (2) الا إذا كان من شأنه ان يقيله كما في غالب موارد
بيع شرط الخيار إذا رد مثل الثمن.
مسألة 59 - الأحوط اخراج خمس رأس المال (3) إذا كان من أرباح مكاسبه
فإذا لم يكن له مال من أول الأمر فاكتسب أو استفاد مقدارا وأراد ان يجعله رأس
المال للتجارة ويتجر به يجب اخراج خمسه على الأحوط ثم الاتجار به.
مسألة 60 - مبدء السنة التي يكون الخمس بعد خروج مؤنتها حال الشروع
في الاكتساب (4) فيمن شغله التكسب، واما من لم يكن مكتسبا وحصل له فائدة
اتفاقا فمن حين حصول الفائدة.

(1) الأظهر وجوبه عليه قبله، ويكون أداء الخمس حينئذ من قبيل التلف السماوي
ويلحقه حكمه، ثم إنه على فرض اعتبار الشرط فإنما هو من قبيل الشرط المتأخر فلو اشترى
ما فيه ربح وكان للبايع الخيار ولزم البيع في السنة اللاحقة يكون الربح من أرباح السابقة.
(2) إذا كانت الإقالة بعد الحول من غير فرق بين ما إذا كان من شأنه ان يقيله وبين
غيره، كما أنه إذا كانت في أثناء الحول سقط الخمس من غير فرق بين الصورتين.
(3) وإن كان الأظهر عدم الوجوب إذا كان محتاجا اليه في إعاشة سنته أو محتاجا اليه
في حفظ مقامه وشأنه بحيث إذا أدى خمسه لزمه التنزيل إلى كسب لا يفي بمؤنته أولا يليق
بشأنه، كما أن الأظهر هو الوجوب في غير هذين الموردين.
(4) بل من حين حصول القائدة.
156

مسألة 61 - المراد بالمؤنة مضافا إلى ما يصرف في تحصيل الربح ما يحتاج
اليه لنفسه وعياله في معاشه بحسب شأنه اللائق بحاله في العادة من المأكل والملبس
والمسكن وما يحتاج اليه لصدقاته وزياراته وهداياه وجوائزه وأضيافه والحقوق
اللازمة له بنذر أو كفارة أو أداء دين أو أرش جناية آو غرامة ما أتلفه عمدا أو خطاءا، وكذا
ما يحتاج اليه من دابة أو جارية أو عبد أو أسباب أو ظرف أو فرش أو كتب، بل وما
يحتاج اليه لتزويج أولاده أو ختانهم، ونحو ذلك مثل ما يحتاج اليه في المرض في موت
أولاده أو عياله إلى غير ذلك مما يحتاج اليه في معاشه، ولو زاد على ما يبلغ بحاله
مما يعد سفها وسرفا بالنسبة اليه لا يحسب منها (1).
مسألة 62 - في كون المال للتجارة مع الحاجة اليه من المؤنة اشكال (2)
فالأحوط كما مر اخراج خمسه أولا، وكذا في الآلات المحتاج إليها في كسبه، مثل آلات
النجارة للنجار، وآلات النساجة للنساج، وآلات الزراعة للزراعة وهكذا فالأحوط
اخراج خمسها أيضا أولا.
مسألة 63 - لا فرق في المؤنة بين ما يصرف عينه فتتلف مثل المأكول والمشروب
ونحوهما وبين ما ينتفع به مع بقاء عينه مثل الظروف والفروش ونحوها، فإذا احتاج
إليها في سنة الربح يجوز شراؤها من ربحها وان بقيت للسنين الآتية أيضا.
مسألة 64 - يجوز اخراج المؤنة من الربح وإن كان عنده مال لا خمس فيه بأن
لم يتعلق به أو تعلق وأخرجه فلا يجب اخراجها من ذلك بتمامها ولا التوزيع وإن كان
الأحوط التوزيع، وأحوط منه اخراجها بتمامها من المال الذي لا خمس فيه، ولو كان
عنده عبد أو جارية أو دار أو نحو ذلك مما لو لم يكن عنده كان من المؤنة لا يجوز
احتساب قيمتها من المؤنة (3). واخذ مقدارها، بل يكون حاله حال من لم يحتج
إليها أصلا.

(1) على الأحوط.
(2) تقدم الكلام فيه وفى حكمه الآلات المحتاج إليها في كسبه.
(3) وإن كان يجوز شراء مثلها وصرف ذلك فيما يحتاج اليه.
157

مسألة 65 - المناط في المؤنة ما يصرف فعلا لا مقدارها، فلو قتر على نفسه
لم يحسب له، كما أنه لو تبرع بها متبرع لا يستثنى له مقدارها على الأحوط، بل لا يخلو
عن قوة (1).
مسألة 66 - إذا استقرض من ابتداء سنته لمؤنته أو صرف بعض رأس المال
فيها قبل حصول الربح يجوز له وضع مقداره من الربح.
مسألة 67 - لو زاد ما اشتراه وادخره للمؤنة (2) من مثل الحنطة والشعير
والفحم ونحوهما مما يصرف عينه فيها يجب اخراج خمسه عند تمام الحول، واما
ما كان مبناه على بقاء عينه والانتفاع به مثل الفرش والأواني والألبسة والعبد والفرس
والكتب ونحوها فالأقوى عدم الخمس فيها، نعم لو فرض الاستغناء عنها فالأحوط
اخراج الخمس منها (3) وكذا في حلي النسوان إذا جاز وقت لبسهن لها.
مسألة 68 - إذا مات المكتسب في اثنا الحول بعد حصول الربح سقط اعتبار
المؤنة في باقية، فلا يوضع من الربح مقدارها على فرض الحياة.
مسألة 69 - إذا لم يحصل له ربح في تلك السنة وحصل في السنة اللاحقة لا يخرج
مؤنتها من ربح السنة اللاحقة.
مسألة 70 - مصارف الحج من مؤنة عام الاستطاعة فإذا استطاع في أثناء حول
حصول الربح وتمكن من المسير بان صادف سير الرفقة في ذلك العام احتسب مخارجه
من ربحه، واما إذا لم يتمكن حتى انقضى العام وجب عليه خمس ذلك الربح، فان بقيت
الاستطاعة إلى السنة الآتية وجب وإلا فلا، ولم تمكن وعصى حتى انقضى الحول
فكذلك على الأحوط (4) ولو حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب الخمس

(1) بل هو الأقوى.
(2) من الفائدة.
(3) بل الأظهر.
(4) الأظهر عدم وجوبه إذا لم يتمكن من أن يحج في السنة الآتية الا بحفظ هذا
الربح فإنه يعد حينئذ من المؤنة لوجوب حفظه، وفى غير هذا الفرض الأظهر الوجوب.
158

فيما سبق على عام الاستطاعة، واما المقدار المتمم لها في تلك السنة فلا يجب خمسه
إذا تمكن من المسير (1) وإذا لم يتمكن فكما سبق يجب اخراج خمسه.
مسألة 71 - أداء الدين من المؤنة (2) إذا كان في عام حصول الربح أو كان
سابقا ولكن لم يتمكن من أدائه إلى عام حصول الربح، وإذا لم يؤد دينه حتى انقضى
العام فالأحوط اخراج (3) الخمس أولا، وأداء الدين مما بقي، وكذا الكلام في النذور (4)
والكفارات.
مسألة 72 - متى حصل الربح وكان زائدا على مؤنة السنة تعلق به الخمس
وان جاز له التأخير في الأداء إلى آخر السنة فليس تمام الحول شرطا في وجوبه،
وانما هو ارفاق بالمالك لاحتمال تجدد مؤنة أخرى زائدا على ما ظنه فلو أسرف أو
اتلف ماله في أثناء الحول لم يسقط الخمس (5) وكذا لو وهبه (6) أو اشترى بغبن
حيلة في أثنائه.
مسألة 73 - لو تلف بعض أمواله مما ليس من مال التجارة أو سرق أو نحو

(1) بل إذا سار، ولو تمكن وعصى، فلما سبق الأظهر التفصيل بين الفرضين.
(2) إذا كان لمؤنته في هذا العالم، من غير فرق بين كون الدين في عام الربح أو في
سابقه، تمكن من أدائه إلى عام حصول الربح أولم يتمكن، واما إذا كان مصروفا في مؤنة
غير هذا العام من السنين الماضية أو الآتية فالأظهر عدم كونه من المؤنة حتى فيما لم يتمكن
من أدائه إلى عام حصول الربح، وكذا من المؤنة أداء الدين الحاصل قهرا كقيم المتلفات
بالتلف السماوي وأروش الجنايات.
(3) إذا كان الدين مصروفا في مؤنة سنة الربح يكون مقداره مستثنى من ربحها
وان لم يود دينه فيها.
(4) حكم النذور والكفارات حكم مؤنة الحج فإذا لم يخرجها في عام وجوبها
يأتي فيها التفصيل المتقدم، وان أخرجها في ذلك العام لا كلام في كونها من المؤنة.
(5) على الأحوط.
(6) الأظهر سقوطه في الهبة.
159

ذلك لم يجبر بالربح (1) وإن كان في عامه إذا ليس محسوبا من المؤنة.
مسألة 74 - لو كان له رأس مال وفرقه في أنواع من التجارة فتلف رأس المال
أو بعضه من نوع منها فالأحوط عدم جبره (2) بربح تجارة أخرى بل وكذا الأحوط
عدم جبر خسران نوع بربح أخرى، لكن الجبر لا يخلو عن قوة خصوصا في الخسارة
نعم لو كان له تجارة وزراعة مثل فخسر في تجارته أو تلف رأس ماله فيها فعدم الجبر
لا يخلو عن قوة خصوصا في صورة التلف، وكذا العكس، واما التجارة الواحدة
فلو تلف بعض رأس المال فيها وربح الباقي فالأقوى الجبر، وكذا في الخسران
والربح في عام واحد في وقتين سواء تقدم الربح أو الخسران فإنه يجبر الخسران بالربح
مسألة 75 - الخمس بجميع أقسامه متعلق بالعين (3)، ويتخير المالك بين
دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر نقدا أو جنسا ولا يجوز له التصرف (4)
في العين قبل أداء الخمس وان ضمنه في ذمته، ولو أتلفه بعد استقراره ضمنه، ولو
اتجر به قبل اخراج الخمس كانت المعاملة فضولية (5) بالنسبة إلى مقدار الخمس فان
أمضاه الحاكم الشرعي اخذ العوض والا رجع بالعين بمقدار الخمس ان كانت موجودة
وبقيمته ان كانت تالفة، ويتخير في اخذ القيمة بين الرجوع على المالك أو على الطرف
المقابل الذي اخذها واتلفها هذا إذا كانت المعاملة بعين الربح، واما إذا كانت في الذمة

(1) بل الأظهر الجبر، سيما إذا اشترى بدله وكان من المؤنة.
(2) الأظهر الجبر فيما إذا تأخر التلف عن حصول الربح، والا ففيه التفصيل المتقدم
في المسألة التاسعة والخمسين، وكذا في الفروع الآتية فان الأظهر الجبر في الجميع، الا إذا كان
الخسران أو التلف متقدما على أصل الربح ولو يحتج إلى ذلك المقدار من رأس المال في معاشه
وتجارته اللائقة بشأنه.
(3) الأظهر كونه حقا متعلقا بمالية العين.
(4) لا يبعد الجواز بضمانه في ذمته سيما مع عدم امكان ايصاله إلى أهله، وإن كان
الأحوط عدم التصرف في صورة الامكان هذا في الأرباح بعد تمام الحول - واما قبله
فلا اشكال في الجواز مطلقا.
(5) تقدم الكلام في ذلك في المسألة الثانية والخمسين.
160

ودفعها عوضا فهي صحيحة ولكن لم تبرأ ذمته بمقدار الخمس ويرجع الحاكم به
ان كانت العين موجودة، وبقيمته ان كانت تالفة مخيرا حينئذ بين الرجوع على المالك
أو الاخذ أيضا.
مسألة 76 - يجوز له أن يتصرف في بعض الربح ما دام مقدار الخمس منه
باق في يده مع قصده اخراجه من البقية، إذ شركة أرباب الخمس مع المالك
انما هي على وجه الكلى في المعين (1) كما أن الامر في الزكاة أيضا كذلك، وقد
مر في بابها.
مسألة 77 إذا حصل الربح الربح في ابتداء السنة أو في أثنائها فلا مانع من التصرف
فيه بالاتجار، وان حصل منه ربح لا يكون ما يقابل خمس الربح الأول منه لأرباب
الخمس بخلاف ما إذا اتجر به بعد تمام الحول فإنه ان حصل ربح كان ما يقابل الخمس
من الربح لأربابه (2) مضافا إلى أصل الخمس فيخرجهما أولا، ثم يخرج خمس
بقيته ان زادته على مؤنة السنة.
مسألة 78 - ليس للمالك ان ينقل الخمس إلى ذمته ثم التصرف فيه (3) كما
أشرنا اليه، نعم يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم (4) وحينئذ فيجوز له التصرف
فيه، ولا حصة له من الربح إذا اتجر به، ولو فرض تجدد مؤن له في أثناء الحول على
وجه لا يقوم بها الربح انكشف فساد الصلح.

(1) تقدم انه حق ثابت في العين بمالها من المالية.
(2) بناء على ما قويناه من كونه من قبيل الحق لا الملك لا يكون ذلك لهم بل للبايع
نفسه.
(3) تقدم الكلام فيه.
(4) ان كانت المصالحة في أثناء الحول لا يترتب عليها جواز التصرف وعدم ثبوت
حصة له فإنهما ثبتان قبلها، وان كانت بعده، فمضافا إلى أنه لا معنى لقوله: ولو فرض تجدد
مؤن له في أثناء الحلول الخ، لم تثبت مشروعية هذه المصالحة مطلقا لعدم ثبوت ولاية
للحاكم على أرباب الخمس في هذه التصرفات.
161

مسألة 79 - يجوز له تعجيل اخراج خمس الربح إذا حصل في أثناء السنة
ولا يجب التأخير إلى آخرها فان التأخير من باب الارفاق كما مره، وحينئذ فلو أخرجه
بعد تقدير المؤنة بما يظنه فبان بعد ذلك عدم كفاية الربح لتجدد مؤن لم يكن يظنها
كشف ذلك عن عدم صحته خمسا فله الرجوع به على المستحق مع بقاء عينه، لا مع
تلفها في يده الا إذا كان عالما بالحال فان الظاهر ضمانه حينئذ.
مسألة 80 - إذا اشترى بالربح قبل اخراج الخمس (1) جارية لا يجوز له وطيها
كما أنه لو اشترى به ثوبا لا يجوز الصلاة فيه، ولو اشترى به ماءا للغسل أو الوضوء
لم يصح، وهكذا، نعم لو بقي منه بمقدار الخمس في يده وكان قاصدا لاخراجه منه
جاز وصح كما مر نظيره.
مسألة 81 - قد مر أن مصارف الحج الواجب إذا استطاع في عم الربح وتمكن
من المسير من مؤنة تلك السنة، وكذا مصارف الحج المندوب والزيارات، والظاهر أن
المدار على وقت انشاء السفر (2) فإن كان انشاؤه في عام الربح فمصارفه من مؤنته
ذهابا وايابا، وان تم الحول في أثناء السفر فلا يجب اخراج خمس ما صرفه في العام
الاخر في الاياب أو مع المقصد وبعض الذهاب.
مسألة 82 - لو جعل الغوص أو المعدن مكسبا له كفاه اخراج خمسهما أو لا،
ولا يجب عليه خمس آخر من باب ربح المكسب بعد اخراج مؤنة سنته.
مسألة 83 - المرأة الت تكتسب في بت زوجها ويتحمل زوجها مؤنتها يجب
عليها خمس ما حصل لها من غير اعتبار اخراج المؤنة، إذا على زجها الا أن
لا يتحمل.
مسألة 84 - الظاهر عدم اشتراط التكليف والحرية، في الكنز، والغوص، والمعدن.

(1) يعنى بعد تمام الحول، وعرفت ان هذا في صورة البناء على عدم الاعطاء من
ماله الاخر، والا فينتقل الخمس إلى الثمن، أو الذمة.
(2) الظاهر أن المدار على الصرف في عام الربح كما مر في المسألة السبعين.
162

والحلال المختلط بالحرام، والأرض التي يشتريها الذمي من المسلم فيتعلق بها الخمس
ويجب على الولي والسيد اخراجه، وفى تعلقه بأرباح مكاسب الطفل اشكال (1)
والأحوط اخراجه بعد بلوغه.
2 - فصل في قسمة الخمس ومستحقه
مسألة 1 - يقسم الخمس ستة أسهم على الأصح: سهم الله سبحانه، وسهم للنبي
صلى الله عليه وآله) وسهم للإمام (عليه السلام) وهذه الثلاثة الان لصاحب الزمان أرواحنا له الفداء وعجل الله
تعالى فرجه، وثلاثة للأيتام والمساكين وأبناء السبيل، ويشترط في الثلاثة الأخيرة
الايمان (2) وفى الأيتام الفقر وفي أبناء السبيل الحاجة في بلد التسليم، وإن كان غنيا
في بلده، ولا فرق بين أن يكون سفره في طاعة أو معصية، ولا يعتبر في المستحقين العدالة
وإن كان الأولى ملاحظة المرجحات، والأولى أن لا يعطى لمرتكبي الكبائر خصوصا
مع التجاهر، بل يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الاثم (3) وسيما إذا
كان في المنع الردع عنه، ومستضعف كل فرقة ملحق بها.
مسألة 2 - لا يجب البسط على الأصناف، بل يجوز دفع تمامه إلى أحدهم،
وكذا لا يجب استيعاب أفراد كل صنف بل يجوز الاقتصار على واحد، ولو أراد البسط
لا يجب التساوي بين الأصناف أو الافراد.
مسألة 3 - مستحق الخمس من انتسب إلى هاشم بالأبوة، فان انتسب اليه بالام
لم يحل له الخمس، وتحل له الزكاة، ولا فرق بين أن يكون علويا أو عقيليا أو عباسيا
وينبغي تقديم الأتم علقة بالنبي (صلى الله عليه وآله) على غيره، أو توفيره كالفاطميين.

(1) الأظهر تعلقه بها، ويخرجه الولي قبل بلوغه، كساير حقوق الناس المتعلقة بماله
أو الثابتة في ذمته.
(2) على الأحوط.
(3) الأظهر جوازه، الا إذا كان في المنع الردع عنه، فالأحوط حينئذ عدم الدفع، وإن كان
لو دفع اليه تبرء الذمة لان ذلك لا يستلزم سلب الاستحقاق.
163

مسألة 4 - لا يصدق من ادعى النسب الا بالبينة (1) أو الشياع المفيد للعلم،
ويكفى الشياع والاشتهار في بلده، نعم يمكن الاحتيال في الدفع إلى مجهول الحال
بعد معرفة عدالته بالتوكيل على الايصال إلى مستحقه على وجه يندرج فيه الاخذ
لنفسه أيضا، ولكن الأولى بل الأحوط عدم الاحتيال المذكور.
مسألة 5 - في جواز دفع الخمس إلى من يجب عليه نفقته اشكال خصوصا
في الزوجة، فالأحوط عدم دفع خمسه إليهم بمعنى الانفاق عليهم محتسبا مما عليه
من الخمس، أما دفعه إليهم لغير النفقة الواجبة مما يحتاجون اليه مما لا يكون واجبا
عليه، كنفقة من يعولون ونحو ذلك فلا بأس به، كما لا بأس بدفع خمس غيره إليهم
ولو للانفاق مع فقره حتى الزوجة إذا لم يقدر على انفاقها.
مسألة 6 - لا يجوز دفع الزائد عن مؤنة السنة لمستحق واحد ولو دفعة على
الأحوط.
مسألة 7 - النصف من الخمس الذي للإمام عليه السلام أمره في زمان الغيبة راجع
إلى نائبه وهو المجتهد الجامع للشرائط، فلا بد من الايصال اليه أو الدفع إلى
المستحقين باذنه، والأحوط له الاقتصار على السادة (2) ما دام يكفهم النصف الآخر
، واما النصف الآخر الذي للأصناف الثلاثة فيجوز للمالك دفعه إليهم بنفسه
لكن الأحوط فيه أيضا الدفع إلى المجتهد أو باذنه، لأنه أعرف بمواقعه والمرجحات
التي ينبغي ملاحظتها.
مسألة 8 - لا اشكال في جواز نقل الخمس من بلده إلى غيره إذا لم يوجد
المستحق فهي، بل قد يجب كما إذا يمكن حفظه مع ذلك، أو لم يكن وجود
المستحق فيه متوقعا بعد ذلك، ولا ضمان حينئذ عليه لو تلف، والأقوى جواز النقل

(1) الأظهر الاكتفاء بخبر الواحد، والاطمينان.
(2) في اطلاق ذلك تأمل بل منع، والضابط هو الصرف فيما أحرز رضاه عليه السلام
بصرفه فيه.
164

مع وجود المستحق أيضا، لكن مع الضمان لو تلف، ولا فرق بين البلد القريب
والبعيد، وإن كان الأولى القريب الا مع المرجح للبعيد.
مسألة 9 - لو أذن الفقيه في النقل لم يكن عليه ضمان ولو مع وجود المستحق،
وكذا لو وكله في قبضه عنه بالولاية العامة ثم أذن في نقله.
صورة الوجوب.
مسألة 11 - ليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه فيه للمستحق
عوضا عن الذي عليه في بلده، وكذا لو كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر
فاحتسبه خمسا، وكذا لو نقل قدر الخمس من ماله إلى بلد آخر فدفعه عوضا عنه.
مسألة 12 - لو كان الذي فيه الخمس في غير بلده فالأولى دفعه هناك، ويجوز
نقله إلى بلده مع الضمان.
مسألة 13 - إن كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده جاز نقل حصة الإمام
عليه السلام اليه، بل الأقوى جواز ذلك ولو كان المجتهد الجامع للشرائط موجودا
في بلده (1) بل الأولى النقل، إذا كان من في بلد آخر أفضل، أو كان هناك مرجح
آخر.
مسألة 14 - قد مر أنه يجوز للمالك ان يدفع الخمس من مال آخر له نقدا
أو عروضا، ولكن يجب أن يكون بقيمته الواقعية، فلو حسب العروض بأزيد من قيمتها
لم تبرأ ذمته وان قبل المستحق ورضى به.
مسألة 15 - لا تبرأ ذمته من الخمس الا بقبض المستحق أو الحاكم، سواء
كان في ذمته أو في العين الموجودة، وفى تشخيصه بالعزل اشكال.
مسألة 16 - إذا كان له في ذمة المستحق دين جاز له احتسابه خمسا (2) وكذا في

(1) ولكن الأحوط حينئذ الضمان لو تلف،
(2) لكن الأحوط القبض والاقباض.
165

حصة الإمام عليه السلام إذا أذن المجتهد.
مسألة 17 - إذا أراد المالك أن يدفع العوض نقدا أو عروضا لا يعتبر فيه رضى
المستحق أو المجتهد بالنسبة إلى حصة الإمام عليه السلام وان كانت العين التي فيها الخمس
موجودة، لكن الأولى اعتبار رضاه خصوصا في حصة الإمام عليه السلام.
مسألة 18 - لا يجوز للمستحق ان يأخذ من باب الخمس ويرده على المالك الا
في بعض الأحوال، كما إذا كان عليه مبلغ كثير ولم يقدر على أدائه بأن صار معسرا
وأراد تفريغ الذمة فحينئذ لا مانع منه إذا رضى المستحق بذلك.
مسألة 19 إذا انتقل إلى الشخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه كالكفر
ونحوه لم يجب عليه اخراجه فإنهم عليهم السلام أباحوا لشيعتهم ذلك سواء كان من
ربح تجارة أو غيرها، وسواء كان من المناكح والمساكن والمتاجر أو غيرها.
تم كتاب الخمس
166

بسم الله الرحمن الرحيم
1 - فصل
من أر كان الدين الحج، وهو واجب على ل من استجمع الشرائط الآتية
من الرجال والنساء والخناثى بالكتاب والسنة والاجماع من جميع المسلمين، بل
بالضرورة، ومنكرة في سلك الكافرين وتاركه عمدا مستخفا به بمنزلتهم، وتركه
من غير استخفاف من الكبائر، ولا يجب في أصل الشرع الا مرة واحدة في تمام
العمر، وهو المسمى بحجة الاسلام، اي الحج الذي بنى عليه الاسلام، مثل الصلاة
والصوم والخمس والزكاة، وما نقل عن الصدوق في العلل من وجوبه على أهل
الجدة (1) كل عام على فرض ثبوته شاذ مخالف للاجماع والاخبار، ولا بد من
حمله على بعض المحامل، كالاخبار الواردة بهذا المضمون، من إرادة الاستحباب
المؤكد، أو الوجوب على البدل بمعنى انه يجب عليه في عامه، وإذا تركه ففي
العام الثاني وهكذا، ويمكن حملها على الوجوب الكفائي (2)، فإنه لا يبعد وجوب

(1) بكسر الجيم وتخفيف الدال الغنى.
(2) لكنه مخالف لظهورها بل صراحة بعضها، وما دل على عدم جواز تعطيل الكعبة
واجبار الوالي الناس على الحج لا يختص باهل الجدة.
167

الحج كفاية على كل أحد في كل عام إذا كان متمكنا بحيث لا تبقى مكة خالية عن
الحجاج، لجملة من الأخبار الدالة على أنه لا يجوز تعطيل الكعبة عن الحج، والأخبار الدالة
على أن على الامام كما في بعضها وعلى الوالي كما في آخر ان يجبر الناس
على الحج والمقام في مكة، وزيارة الرسول صلى الله عليه وآله، والمقام عنده، وانه ان لم
يكن لهم مال أنفق عليهم من بيت المال.
مسألة 1 - لا خلاف في أن وجوب الحج بعد تحقق الشرائط فوري، بمعنى
انه يجب المبادرة اليه في العام الأول من الاستطاعة، فلا يجوز تأخيره عنه، وان
تركه فيه ففي العام الثاني وهكذا، ويدل عليه جملة من الاخبار، فول خالف وأخر
مع وجود الشرائط بلا عذر يكون عاصيا، بل لا يبعد كونه كبيرة (1)، كما صرح به
جماعة، ويمكن استفادته من جملة من الاخبار.
مسألة 2 - لو توقف ادراك الحج بعد حصول الاستطاعة على مقدمات من
السفر وتهيئة أسبابه وجب المبادرة إلى اتيانها على وجه يدرك الحج في تلك السنة،
ولو تعددت الرفقة وتمكن من المسير مع كل منهم اختار أوثقهم سلامة وادراكا،
ولو وجدت واحدة ولو يعلم حصول أخرى أو لم يعلم التمكن من المسير والادراك
للحج بالتأخير، فهل يجب الخروج مع الأولى، أو يجز التأخير إلى الأخرى
بمجرد احتمال الادراك، أو لا يجوز الا مع الوثوق؟ أقوال، أقواها الأخير، وعلى
اي تقدير إذا لم يخرج مع الأولى واتفق عدم التمكن من المسير أو عدم ادراك الحج
بسبب التأخير استقر عليه الحج وان لم يكن آثما بالتأخير، لأنه كان متمكنا من
الخروج مع الأولى الا إذا تبين عدم ادراكه لو سار معهم أيضا.
2 - فصل
في شرائط وجوب حجة الاسلام وهى أمور: أحدها الكمال بالبلوغ والعقل،
فلا يجب على الصبي وإن كان مراهقا، ولا على المجنون وإن كان أدواريا إذا لم يف

(1) وقد تقدم ان كل معصية كبيرة.
168

دور افاقته باتيان تمام الاعمال، ولو حج الصبي لم يجز عن حجة الاسلام، وان قلنا
بصحة عبادته وشرعيتها كما هو الأقوى، وكان واجدا لجميع الشرائط سوى البلوغ
ففي خبر مسمع عن الصادق عليه السلام لو أن غلاما حج عشر حجج ثم احتلم كان عليه
قريضة الاسلام، وفى خبر إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام عن ابن عشر سنين،
يحج؟ قال عليه السلام: عليه حجة الاسلام إذا احتلم، وكذا الجارية عليها الحج إذا
طمثت.
مسألة 1 - يستحب للصبي المميزان يحج وان لم يكن مجزيا عن حجة الاسلام
ولكن هل يتوقف ذلك على اذن الولي أو لا؟ المشهور بل قيل: لا خلاف فيه، أنه
مشروط باذنه لاستتباعه المال في بعض الأحوال للهدى وللكفارة ولأنه عبادة متلقاة
من الشرع مخالف للأصل، فيحب الاقتصار فيه على المتيقن، وفيه انه ليس تصرفا
ماليا، وإن كان ربما يستتبع المال، وان العمومات كافية في صحته وشرعيته مطلقا،
فالأقوى عدم الاشتراط في صحته (1) وان وجب الاستيذان في بعض الصور، وأما
البالغ فلا يعتبر في حجة المندوب اذن الأبوين ان لم يكن مستلزما للسفر المشتمل
على الخطر الموجب لأذيتهما، واما في حجة الواجب فلا اشكال.
مسألة 2 - يستحب للولي أن يحرم بالصبي الغير المميز بلا خلاف، لجملة من
الاخبار، بل وكذا الصبية (2)، وان استشكل فيها صاحب المستند، وكذا المجنون
وإن كان لا يخلو عن اشكال لعدم نص فيه بالخصوص فيستحق الثواب عليه، والمراد
بالاحرام به جعله محرما، لا أن يحرم عنه، فيلبسه ثوبي الاحرام ويقول: " اللهم إني
أحرمت هذا الصبي " الخ، ويأمره بالتلبية، بمعنى أن يلقنه إياها، وان لم يكن قابلا
يلبى عنه ويجنبه عن كل ما يجب على المحرم الاجتناب عنه ويأمره بكل من أفعال
الحج يتمكن منه، وينوب عنه في كل ما لا يتمكن، ويطوف به، ويسعى به بين

الأظهر هو الاشتراط.
(2) لا دليل على الحاق الصبية بالصبي.
169

الصفا والمروة، ويقف به في عرفات ومنى، ويأمره بالرمي، وان لم يقدر يرمى عنه
وهكذا يأمره بصلاة الطواف، وان لم يقدر يصلى عنه ولابد من أن يكون طاهرا و
متوضئا ولو بصورة الوضوء، وان لم يمكن فيتوضأ هو عنه (1) ويحلق رأسه، وهكذا
جميع الأعمال.
مسألة 3 - لا يلزم كون الوالي محرما في الاحرام بالصبي، بل يجوز له ذلك
وإن كان محلا.
مسألة 4 - المشهور على أن المراد بالولي في الاحرام بالصبي الغير المميز الولي
الشرعي من الأب والجد والوصي لأحدهما والحاكم وأمينه أو وكيل أحد المذكورين
لا مثل العم والخال ونحوهما والأجنبي، نعم الحقوا بالمذكورين الأم وان لم تكن
وليا شرعيا للنص الخاص فيها، قالوا: لأن الحكم على خلاف القاعدة فاللازم الاقتصار
على المذكورين، فلا يترتب أحكام الاحرام إذا كان المتصدي غيرهم، ولكن لا يبعد
كون المراد الأعم منهم (2) وممن يتولى امر الصبي ويتكفله وان لم يكن وليا شرعيا
لقوله عليه السلام " قدموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مر " الخ فإنه
يشمل غير الولي الشرعي أيضا، واما في المميز فاللازم اذن الولي الشرعي ان اعتبرنا في
صحة احرامه الاذن.
مسألة 5 - النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الولي لا من مال الصبي، الا إذا
كان حفظه موقوفا على السفر به، أو يكون السفر مصلحة له.
مسألة 6 - الهدى على الولي، وكذا كفارة الصيد إذا صاد الصبي، واما الكفارات
الأخر المختصة بالعمد، فهل هي أيضا على الولي، أو في المال الصبي، أو لا يجب الكفارة
في غير الصيد (3) لأن عمد الصبي خطاء، والمفروض أن تلك الكفارات لا تثبت في

(1) بل يصلى عنه في هذه الصورة.
(2) الأظهر ما هو المشهور الا في الحاق الام.
(3) هذا هو الأظهر.
170

صورة الخطاء؟ وجوه لا يبعد قوة الأخير، اما لذلك، واما لانصراف أدلتها عن الصبي،
لكن الأحوط تكفل الولي، بل لا يترك هذا الاحتياط، بل هو الأقوى لأن قوله عليه السلام:
" عمد الصبي خطاء " مختص بالديات، والانصراف ممنوع، والا فيلزم الالتزام به في
الصيد أيضا.
مسألة 7 - قد عرفت أنه لو حج الصبي عشر مرات لم يجزه عن حجة الاسلام
بل يجب عليه بعد البلوغ والاستطاعة، لكن استثنى المشهور من ذلك ما لو بلغ
وأدرك المشعر فإنه حينئذ يجزى عن حجة الاسلام، بل ادعى بعضهم الاجماع عليه
وكذا إذا حج المجنون ندبا ثم كمل قبل المشعر، واستدلوا على ذلك بوجوه:
أحدها - النصوص الواردة في العبد على ما سيأتي بدعوى عدم خصوصية
للعبد في ذلك، بل المناط الشروع حال عدم الوجوب، لعدم الكمال ثم حصوله
قبل المشعر، وفيه انه قياس، مع أن لازمه الالتزام به فيمن حج متسكعا، ثم حصل
له الاستطاعة قبل المشعر ولا يقولون به.
الثاني - ما ورد من الأخبار من أن لم يحرم من مكة أحرم من حيث أمكنه،
فإنه يستفاد منها أن الوقت صالح لانشاء الاحرام، فيلزم أن يكون صالحا للانقلاب
أو القلب بالأولى وفيه ما لا يخفى.
الثالث - الأخبار الدالة على أن من أدرك المشعر فقد أدرك الحج، وفيه ان
موردها من لم يحرم فلا يشمل من أحرم سابقا لغير حجة الاسلام، فالقول بالاجزاء
مشكل، والأحوط الإعادة بعد ذلك إن كان مستطيعا بل لا يخلو عن قوة، وعلى القول
بالأجزاء يجرى فيه الفروع الآتية في مسألة العبد، من أنه هل يجب تجديد النية لحجة
الاسلام أو لا؟ وانه هل يشترط في الاجزاء استطاعته بعد البلوغ من البلد أو من الميقات
أو لا؟ وانه هل يجرى في حج التمتع مع كون العمرة بتمامها قبل البلوغ أو لا؟
إلى غير ذلك.
مسألة 8 - إذا مشى الصبي إلى الحج قبل أن يحرم من الميقات وكان
171

مستطيعا لا اشكال في أن حجه حجة الاسلام.
مسألة 9 - إذا حج باعتقاد أنه غير بالغ ندبا، فبان بعد الحج أنه كان بالغا
فهل يجزى عن حجة الاسلام أو لا؟ وجهان، أوجههما الأول، وكذا إذا حج الرجل
باعتقاد عدم الاستطاعة بنية الندب ثم ظهر كونه مستطيعا حين الحج.
الثاني - من الشروط الحرية، فلا يجب على المملوك وان أذن له مولاه وكان
مستطيعا من حيث المال، بناءا على ما هو الأقوى من القول بملكه أو بذل له مولاه
الزاد والراحلة، نعم لو حج بإذن مولاه صح بلا اشكال، ولكن لا يجزيه عن حجة
الاسلام، فلو أعتق بعد ذلك أعاد، للنصوص منها خبر مسمع: لو أن عبدا حج عشر
حجج كانت عليه حجة الاسلام إذا استطاع إلى ذلك سبيلا، ومنها: المملوك إذا حج
وهو مملوك أجزأه إذا مات قبل أن يعتق، فان أعتق أعاد الحج وما في خبر حكم
ابن حكيم: أيما عبد حج به مواليه فقد أدرك حجة الاسلام، محمول على ادراك ثواب
الحج، أو على أنه يجزيه عنها ما دام مملوكا، لخبر أبان: العبد إذا حج فقد قضى
حجة الاسلام حتى يعتق، فلا اشكال في المسألة، نعم لو حج بان مولاه ثم انعتق قبل
ادراك المشعر أجزأه عن حجة الاسلام بالاجماع والنصوص، ويبقى الكلام في أمور:
أحدها - هل يشترط في الاجزاء تجديد النية للاحرام بحجة الاسلام بعد الانعتاق
فهو من باب القلب، أو لا بل هو انقلاب شرعي. قولان، مقتضى اطلاق النصوص
الثاني - وهو الأقوى، فلو فرض انه لم يعلم بانعتاقه حتى فرغ أو علم ولم يعلم
الاجزاء حتى يجدد النية كفاه وأجزأه.
الثاني - هل يشترط في الاجزاء كونه مستطيعا حين الدخول في الاحرام،
أو يكفي استطاعته من حين الانعتاق، أو لا يشترط ذلك أصلا؟ أقوال: أقواها الأخير (1)
لاطلاق النصوص وانصراف ما دل على اعتبار الاستطاعة عن المقام.
الثالث - هل الشرط في الاجزاء ادراك خصوص المشعر، سواء ادراك الوقوف

(1) بل أقواها أوسطها.
172

بعرفات أيضا أولا - أو يكفي ادراك أحد الموقفين، فلو لم يدرك المشعر، لكن
أدرك الوقوف بعرفات معتقا كفى، قولان، الأحوط الأول، كما أن الأحوط اعتبار
ادراك الاختياري من المشعر، فلا يكفي ادراك الاضطراري منه، بل الأحوط اعتبار
ادراك كلا الموقفين، وإن كان يكفي الانعتاق قبل المشعر لكن إذا كان مسبوقا بادراك
عرفات أيضا ولو مملوكا.
الرابع - هل الحكم مختص بحج الافراد والقران، أو يجرى في حج التمتع
أيضا وان كانت عمرته بتمامها حال المملوكية؟ الظاهر الثاني، لاطلاق النصوص،
خلافا لبعضهم فقال بالأول، لأن ادراك المشعر معتقا انما ينفع للحج لا للعمرة الواقعة
حال المملوكية، وفيه ما مر من الاطلاق، ولا يقدح ما ذكره ذلك البعض لأنهما
عمل واحد، هذا إذا لم ينعتق الا في الحج، واما إذا انعتق في عمرة التمتع وأدرك
بعضها معتقا فلا يرد الاشكال.
مسألة 1 - إذا اذن المولى لمملوكه في الاحرام فتلبس به ليس له أن يرجع
في اذنه لوجوب الاتمام على المملوك، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، نعم لو
اذن له ثم رجع قبل تلبسه به لم يجز له ان يحرم إذا علم برجوعه، وإذا لم يعلم برجوعه
فتلبس به، هل يصح احرامه ويجب اتمامه، أو يصح ويكون للمولى حله، أو يبطل
وجوه أوجهها الأخير، لأن الصحة مشروطه بالاذن المفروض سقوطه بالرجوع،
ودعوى انه دخل دخولا مشروعا فوجب اتمامه فيكون رجوع المولى كرجوع الموكل
قبل التصرف ولم يعلم الوكيل، مدفوعة بأنه لا تكفى المشروعية الظاهرية وقد ثبت
الحكم في الوكيل بالدليل، ولا يجوز القياس عليه.
مسألة 2 - يجوز للمولى ان يبيع مملوكه المحرم باذنه وليس للمشترى حل
احرامه، نعم مع جهله بأنه محرم يجوز له الفسخ مع طول الزمان الموجب لفوات
بعض منافعه.
173

مسألة 3 - إذا انعتق العبد قبل المشعر فهديه عليه، وان لم يتمكن فعليه ان
يصوم، وان لم ينعتق كان مولاه بالخيار بين ان يذبح عنه أو يأمره بالصوم، للنصوص
والاجماعات.
مسألة 4 - إذا اتى المملوك المأذون في احرامه بما يوجب الكفارة، فهل هي
على مولاه، أو عليه ويتبع بها بعد العتق، أو تنتقل إلى الصوم فيما فيه الصوم مع العجز،
أو في الصيد عليه، وفي غيره على مولاه؟ وجوه أظهرها كونها على مولاه لصحيحة
حريز (1)، خصوصا إذا كان الاتيان بالموجب بأمره أو باذنه، نعم لو لم يكن مأذونا
في الاحرام بالخصوص بل كان مأذونا مطلقا احراما كان أو غيره لم يبعد كونها عليه،
حملا لخبر عبد الرحمن بن أبي نجران (2) النافي لكون الكفارة في الصيد على مولاه
على هذه الصورة.
مسألة 5 - إذا أفسد المملوك المأذون حجه بالجماع قبل المشعر فكالحر في
وجوب الاتمام والقضاء، واما البدنة ففي كونها عليه أو على مولاه فالظاهر أن حالها
حال سائر الكفارات على ما مر، وقد مر ان الأقوى (3) كونها على المولى الآذن له
في الاحرام، وهل يجب على المولى تمكينه من القضاء، لأن الاذن في الشئ اذن
في لوازمه أو لا، لأنه من سوء اختياره، قولان اقويهما الأول (4) سواء قلنا: ان القضاء
هو حجه، أو انه عقوبة وان حجه هو الأول، هذا إذا أفسد حجه ولم ينعتق، واما ان
أفسده بما ذكر ثم انعتق فان انعتق قبل المشعر كان حاله حال الحرفي وجوب الاتمام والقضاء
والبدنة، وكونه مجزيا عن حجة الاسلام إذا اتى بالقضاء على القولين من كون الاتمام
عقوبة، وان حجه هو القضاء، أو كون القضاء عقوبة بل على هذا ان لم يأت بالقضاء

(1) الخبر مختص بالصيد في أحد النقلين، ففي غيره الأظهر الثاني.
(2) الحق معارضته مع الصحيحة بنحو لا يمكن الجمع بينهما والترجيح مع الصحيحة.
(3) قد تقدم ان الأظهر في غير الصيد كونه عليه.
(4) ولكن لا للوجه الذي افاده بل لوجه آخر.
174

أيضا اتى بحجة الاسلام وإن كان عاصيا في ترك القضاء، وان انعتق بعد المشعر فكما
ذكر، الا انه لا يجزيه عن حجة الاسلام فيجب عليه بعد ذلك ان استطاع، وإن كان
مستطيعا فعلا ففي وجوب تقديم حجة الاسلام أو القضاء وجهان مبنيان على أن القضاء
فوري أو لا، فعلى الأول يقدم لسبق سببه (1) وعلى الثاني تقدم حجة الاسلام لفوريتها
دون القضاء.
مسألة 6 - لا فرق فيما ذكر من عدم وجوب الحج على المملوك وعدم صحته
الا بإذن مولاه، وعدم اجزائه عن حجة الاسلام الا إذا انعتق قبل المشعر بين القن والمدبر
والمكاتب وأم الولد والمبعض الا إذا هابا مولاه وكانت نوبته كافية، مع عدم كون
السفر خطريا فإنه يصح منه بلا اذن، لكن لا يجب، ولا يجزيه حينئذ عن حجة الاسلام
وإن كان مستطيعا، لأنه لم يخرج عن كونه مملوكا، وإن كان يمكن دعوى الانصراف
عن هذه الصورة، فمن الغريب ما في الجواهر (2) من قوله: ومن الغريب ما ظنه
بعض الناس من وجوب حجة الاسلام عليه في هذا الحال، ضرورة منافاته للاجماع
المحكى عن المسلمين الذي يشهد له التتبع على اشتراط الحرية المعلوم عدمها في
المبعض انتهى، إذا لا غرابة فيه بعد امكان دعوى الانصراف مع أن في أوقات نوبته
يجرى عليه جميع آثار الحرية.
مسألة 7 - إذا أمر المولى مملوكه بالحج وجب عليه طاعته وان لم يكن
مجزيا عن حجة الاسلام، كما إذا آجره للنيابة عن غيره فإنه لا فرق بين اجارته للخياطة
أو الكتابة وبين اجارته للحج أو الصلاة أو الصوم.
الثالث - الاستطاعة من حيث المال وصحة البدن، وقوته، وتخلية السرب،
وسلامته، وسعة الوقت، وكفايته بالاجماع والكتاب والسنة.

(1) سبق السبب لا يؤثر في التقديم.
(2) لا وجه للانصراف، وما ذكره صاحب الجواهر (ره) متين، وتقسيم المنافع زمانا
بالمهاياة لا يوجب حريته.
175

مسألة 1 - لا خلاف ولا اشكال في عدم كفاية القدرة العقلية في وجوب الحج،
بل يشترط فيه الاستطاعة الشرعية، وهى كما في جملة من الاخبار الزاد والراحلة،
فمع عدمهما لا يجب وإن كان قادرا عليه عقلا باكتساب ونحوه، وهل يكون اشتراط
وجود الراحلة مختصا بصورة الحاجة إليها لعدم قدرته على المشي، أو كونه مشقة
عليه أو منافيا لشرفه، أو يشترط مطلقا ولو مع عدم الحاجة اليه، مقتضى اطلاق الأخبار
والاجماعات المنقولة الثاني، وذهب جماعة من المتأخرين إلى الأول لجملة من الأخبار
المصرحة بالوجوب أن أطاق المشي بعضا أو كلا، بدعوى أن مقتضى الجمع بينها وبين
الأخبار الأولة حملها على صورة الحاجة، مع أنها منزلة على الغالب، بل انصرافها
إليها، والأقوى هو القول الثاني، لاعراض المشهور عن هذه الأخبار مع كونها
بمرأى منهم ومسمع، فاللازم طرحها أو حمله على بعض المحامل، كالحمل على الحج
المندوب وإن كان بعيدا عن سياقها، مع أنها مفسرة للاستطاعة في الآية الشريفة، وحمل
الآية على القدر المشترك بين الوجوب والندب، بعيد، أو حملها على من استقر عليه
حجة الاسلام سابقا، وهو أيضا بعيد، أو نحو ذلك، وكيف كان فالأقوى ما ذكرنا وإن كان
لا ينبغي ترك الاحتياط بالعمل بالأخبار المزبورة، خصوصا بالنسبة إلى من لا فرق
عنده بين المشي والركوب، أو يكون المشي أسهل، لانصراف الأخبار الأولة عن
هذه الصورة، بل لولا الاجماعات المنقولة والشهرة لكان هذا القول في غاية القوة.
مسألة 2 - لا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب والبعيد حتى بالنسبة
إلى أهل مكة لاطلاق الأدلة، فما عن جماعة من عدم اشتراطه بالنسبة إليهم لا وجه له.
مسألة 3 - لا يشترط وجودهما عينا عنده، بل يكفي وجود ما يمكن صرفه
في تحصيلهما من المال، من غير فرق بين النقود والأملاك من البساتين والدكاكين
والخانات ونحوها، ولا يشترط امكان حمل الزاد معه، بل يكفي امكان تحصيله في المنازل
بقدر الحاجة، ومع عدمه فيها يجب حمله مع الامكان من غير فرق بين علف الدابة
وغيره، ومع عدمه يسقط الوجوب.
176

مسألة 4 - المراد بالزاد هنا المأكول والمشروب وسائر ما يحتاج اليه المسافر
من الأوعية التي يتوقف عليها حمل المحتاج اليه وجميع ضروريات ذلك السفر
بحسب حاله قوة وضعفا، وزمانه حرا وبردا، وشأنه شرفا وضعة، والمراد بالراحلة
مطلق ما يركب ولو مثل السفينة في طريق البحر. واللازم وجود ما يناسب حاله بحسب
القوة والضعف، بل الظاهر اعتباره من حيث الضعة والشرف كما وكيفا، فإذا كان
من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة بحيث يعد ما دونهما نقصا عليه يشترط في الوجوب
القدرة عليه ولا يكفي ما دونه وان كانت الآية والاخبار مطلقة (1) وذلك لحكومة قاعدة
نفى العسر والحرج على الاطلاقات، نعم إذا لم يكن بحد الحرج وجب معه الحج، وعليه
يحمل ما في بعض الأخبار من وجوبه ولو على حمار أجدع مقطوع الذنب.
مسألة 5 - إذا لم يكن عنده الزاد ولكن كان كسوبا يمكنه تحصيله بالكسب
في الطريق لأكله وشربه وغيرهما من بعض حوائجه هل يجب عليه أولا؟ الأقوى عدمه
وإن كان أحوط.
مسألة 6 - انما يعتبر الاستطاعة من مكانه لا من بلده، بالعراقي إذا استطاع وهو
في الشام وجب عليه وان لم يكن عنده بقدر الاستطاعة من العراق، بل لو مشى إلى
ما قبل الميقات متسكعا أو لحاجة أخرى من تجارة أو غيرها وكان له هناك ما يمكن أن
يحج به وجب عليه، بل لو أحرم متسكعا فاستطاع وكان أمامه ميقات آخر أمكن أن يقال
بالوجوب عليه وإن كان لا يخلو عن اشكال.
مسألة 7 - إذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة ولم يوجد سقط الوجوب
ولو وجد ولم يوجد شريك للشق الآخر، فإن لم يتمكن من أجرة الشقين سقط أيضا
وان تمكن فالظاهر الوجوب لصدق الاستطاعة، فلا وجه لما عن العلامة من التوقف
فيه لأن بذل المال له خسران لا مقابل له، نعم لو كان بذله مجحفا ومضرا بحاله

(1) الظاهر عدم الاطلاق لشئ منهما بالنسبة إلى ما لو توقف على ما يكون له مهانة
وذل بحسب حاله.
177

لم يجب كما هو الحال في شراء ماء الوضوء.
مسألة 8 - غلاء أسعار ما يحتاج اليه أو أجرة المركوب في تلك السنة لا يوجب
السقوط، ولا يجوز التأخير عن تلك السنة مع تمكنه من القمية، بل وكذا لو توقف
على الشراء بأزيد (1) من ثمن المثل والقيمة المتعارفة، بل وكذا لو توقف على
بيع أملاكه بأقل من ثمن المثل، لعدم وجود راغب في القيمة المتعارفة، فما عن
الشيخ من سقوط الوجوب ضعيف، نعم لو كان الضرر مجحفا بماله مضرا بحاله لم
يجب، والا فمطلق الضرر لا يرفع الوجوب بعد صدق الاستطاعة وشمول الأدلة، فالمناط
هو الاجحاف والوصول إلى حد الحرج الرافع للتكليف.
مسألة 9 - لا يكفي في وجوب الحج وجود نفقة الذهاب فقط، بل يشترط وجود
نفقة العود إلى وطنه ان اراده، وان لم يكن له فيه أهل ولا مسكن مملوك ولو بالإجارة
للحرج في التكليف بالإقامة في غير وطنه المألوف له، نعم إذا لم يرد العود أو كان
وحيدا لا تعلق له بوطن لم يعتبر وجود نفقة العود، لاطلاق الآية والأخبار في كفاية
وجود نفقة الذهاب، وإذا أراد السكنى في بلد آخر غير وطنه لابد من وجود النفقة
اليه إذا لم يكن ابعد من وطنه (2) والا فالظاهر كفاية مقدار العود إلى وطنه.
مسألة 10 - قد عرفت انه لا يشترط وجود أعيان ما يحتاج اليه في نفقة الحج من
الزاد والراحلة، ولا وجود أثمانها من النقود، بل يجب عليه بيع ما عنده من الأموال
لشرائها، لكن يستثنى من ذلك ما يحتاج اليه في ضروريات معاشه فلا تباع دار سكناه
اللائقة بحاله. ولا خادمه المحتاج اليه، ولا ثياب تجمله اللائقة بحاله، فضلا عن ثياب
مهنته، ولا أثاث بيته من الفراش والأواني وغيرهما مما هو محل حاجته، بل ولا حلي المرأة
مع حاجتها بالمقدار اللائق بها بحسب حالها في زمانها ومكانها، ولا كتب العلم لأهله التي

(1) الظاهر عدم الوجوب في هذا المورد.
(2) ولم يكن نفقة الذهاب اليه أكثر من نفقة الاياب إلى وطنه، نعم مع اضطراره
إلى السكنى فيه يعتبر وجود النفقة اليه مطلقا.
178

لا بد له منها فيما يجب تحصيله، لان الضرورة الدينية أعظم من الدنيوية ولا آلات الصنائع
المحتاج إليها في معاشه، ولا فرس ركوبه مع الحاجة اليه ولا سلاحه ولا سائر ما يحتاج
اليه، لاستلزام التكليف (1) بصرفها في الحج العسر والحرج ولا يعتبر فيها الحاجة
الفعلية، فلا وجه لما عن كشف اللثام من أن فرسه إن كان صالحا لركوبه في طريق الحج
فهو من الراحلة، والا فهو في مسيره إلى الحج لا يفتقر اليه بل يفتقر إلى غيره، ولا دليل
على عدم وجوب بيعه حينئذ، كما لا وجه لما عن الدروس من التوقف في استثناء
ما يضطر اليه من أمتعة المنزل والسلاح وآلات الصنائع، فالأقوى استثناء جميع ما
يحتاج اليه في معاشه مما يكون ايجاب بيعه مستلزما للعسر والحرج، نعم لو زادت
أعيان المذكورات عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحج، وكذا لو
استغنى عنها بعد الحاجة كما في حلي المرأة إذا كبرت عنه ونحوه.
مسألة 11 - لو كان بيده دار موقوفة تكفيه لسكناه وكان عنده دار مملوكة فالظاهر
وجوب بيع المملوكة إذا كانت وافية لمصارف الحج أو متممة لها، وكذا في الكتب
المحتاج إليها إذا كان عنده من الموقوفة مقدار كفايته، فيجب بيع المملوكة منها،
وكذا الحال في سائر المستثنيات إذا ارتفعت حاجته فيها بغير المملوكة، لصدق الاستطاعة
حينئذ إذا لم يكن ذلك منافيا لشأنه ولم يكن عليه حرج في ذلك، نعم لو لم تكن
موجودة وأمكنه تحصيلها لم يجب عليه ذلك، فلا يجب بيع ما عنده وفي ملكه،
والفرق عدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة بخلاف الصورة الأولى الا إذا حصلت
بلا سعى منه، أو حصلها مع عدم وجوبه فإنه بعد التحصيل يكون كالحاصل أولا.
مسألة 12 - لو لم يكن المستثنيات زائدة عن اللائق بحاله بحسب عينها لكن
كانت زائدة بحسب القيمة وأمكن تبديلها بما يكون أقل قيمة مع كونه لائقا بحاله
أيضا، فهل يجب التبديل للصرف في نفقة الحج أو للتميمها؟ قولان من صدق الاستطاعة

(1) ولعدم صدق المستطيع عرفا على من ليس له زاد وراحلة زايدا على حوائجه
الضرورية.
179

ومن عدم زيادة العين عن مقدار الحاجة، والأصل عدم وجوب التبديل، والأقوى
الأول إذا لم يكن فيه حرج أو نقص عليه وكانت الزيادة معتدا بها، كما إذا كانت
له دار تسوى مائة وأمكن تبديلها بما يسوى خمسين مع كونه لائقا بحاله من غير عسر
فإنه يصدق الاستطاعة، نعم لو كانت الزيادة قليلة جدا بحيث لا يعتنى بها أمكن دعوى
عدم الوجوب، وإن كان الأحوط التبديل أيضا.
مسألة 13 - إذا لم يكن عنده من أعيان المستثنيات لكن كان عنده ما يمكن
شراؤها به من النقود أو نحوها ففي جواز شرائها وترك الحج اشكال، بل الأقوى عدم
جوازه الا ان يكون عدمها موجبا للحرج عليه، فالمدار في ذلك هو الحرج وعدمه
وحينئذ فان كانت موجودة عنده لا يجب بيعها الا مع عدم الحاجة وان لم يكن موجودة
لا يجوز شراؤها الا مع لزوم الحرج في تركه، ولو كانت موجودة وباعها بقصد
التبديل بآخر لم يجب صرف ثمنها في الحج، فحكم ثمنها حكمها، ولو باعها لا بقصد
التبديل (1) وجب بعد البيع صرف ثمنها في الحج الا مع الضرورة إليها على حد
الحرج في عدمها.
مسألة 14 - إذا كان عنده مقدار ما يكفيه للحج ونازعته نفسه إلى النكاح صرح
جماعة بوجوب الحج وتقديمه على التزويج، بل قال بعضهم: وان شق عليه ترك
التزويج، والأقوى وفاقا لجماعة أخرى عدم وجوبه مع كون ترك التزويج حرجا
عليه، أو موجبا لحدوث مرض، أو للوقوع في الزنا ونحوه (2) نعم لو كانت عنده
زوجة واجبة النفقة ولم يكن له حاجة فيها لا يجب أن يطلقها وصرف مقدار نفقتها في
تتميم مصرف الحج لعدم صدق الاستطاعة عرفا.
مسألة 15 - إذا لم يكن عنده ما يحج به ولكن كان له دين على شخص بمقدار

(1) الفرق بين القصدين بلا وجه، والضابط انه ان احتاج اليه في معيشته الحضرية،
لا يجب الحج مطلقا والا فيجب، وبذلك يظهر الحال في الفرض الأول.
(2) الأظهر وجوب الحج في هذا الفرض.
180

مؤنته أو بما تتم به مؤنته، فاللازم اقتضاؤه وصرفه في الحج إذا كان الدين حالا، وكان
المديون باذلا، لصدق الاستطاعة حينئذ، وكذا إذا كان مماطلا وأمكن اجباره بإعانة
متسلط أو كان منكرا وأمكن اثباته عند الحاكم الشرعي واخذه بلا كلفة وحرج، بل
وكذا إذا توقف استيفاؤه على الرجوع إلى حاكم الجور بناءا على ما هو الأقوى
من جواز الرجوع اليه مع توقف استيفاء الحق عليه، لأنه حينئذ يكون واجبا
بعد صدق الاستطاعة، لكونه مقدمة للواجب المطلق، وكذا لو كان الدين مؤجلا
وكان المديون باذلا قبل الاجل لو طالبه، ومنع صاحب الجواهر الوجوب حينئذ بدعوى
عدم صدق الاستطاعة، محل منع (1) واما لو كان المديون معسرا أو مماطلا لا يمكن
اجباره، أو منكرا للدين ولم يمكن اثباته، أو كان الترافع مستلزما للحرج، أو كان
الدين مؤجلا مع عدم كون المديون باذلا فلا يجب، بل الظاهر عدم الوجوب، لو لم يكن
واثقا ببذله مع المطالبة.
مسألة 16 - لا يجب الاقتراض للحج إذا لم يكن له مال وإن كان قادرا على
وفائه بعد ذلك بسهولة، لأنه تحصيل للاستطاعة وهو غير واجب، نعم لو كان له مال
غائب لا يمكن صرفه في الحج فعلا، أو مال حاضر لا راغب في شرائه أو دين مؤجل
لا يكون المديون باذلاله قبل الاجل، وأمكنه الاستقراض والصرف في الحج، ثم
وفاؤه بعد ذلك فالظاهر وجوبه (2) لصدق الاستطاعة حينئذ عرفا الا إذا لم يكن واثقا
بوصول الغائب، أو حصول الدين بعد ذلك فحينئذ لا يجب الاستقراض، لعدم صدق
الاستطاعة في هذه الصورة.
مسألة 17 - إذا كان عنده ما يكفيه للحج وكان عليه دين ففي كونه مانعا عن
وجوب الحج مطلقا، سواء كان حالا مطالبا به أو لا، أو كونه مؤجلا، أو عدم كونه مانعا

(1) بل هو في محله لان استحقاق المديون تأخير الأداء مانع عن صدق الاستطاعة
وإن كان الدائن مالكا للدين فعلا، نعم لو اخذ أو أعطاه المديون وجب الحج بلا كلام.
(2) الأظهر عدم وجوبه.
181

الا مع الحلول والمطالبة، أو كونه مانعا، الا مع التأجيل، أو الحلول مع عدم المطالبة،
أو كونه مانعا الا مع التأجيل وسعة الأجل للحج والعود أقوال، والأقوى كونه مانعا
الا مع التأجيل والوثوق بالتمكن من أداء الدين إذا صرف ما عنده في الحج، وذلك
لعدم صدق الاستطاعة في غير هذه الصورة، وهى المناط في الوجوب لا مجرد كونه
مالكا للمال وجواز التصرف فيه بأي وجه أراد، وعدم المطالبة في صورة الحلول
أو الرضا بالتأخير لا ينفع في صدق الاستطاعة، نعم لا يبعد الصدق إذا كان واثقا بالتمكن من
الأداء مع فعلية الرضا بالتأخير من الدائن، والأخبار الدالة على جواز الحج لمن عليه
دين لا تنفع في الوجوب، وفي كونه حجة الاسلام، واما صحيح معاوية بن عمار، عن
الصادق عليه السلام عن رجل عليه دين، أعليه أن يحج؟ قال: نعم ان حجة الاسلام واجبة
على من أطاق المشي من المسلمين. وخبر عبد الرحمن عنه عليه السلام أنه قال: الحج
واجب على الرجل وإن كان عليه دين، فمحمولان على الصورة التي ذكرنا، أو على
من استقر عليه الحج سابقا وإن كان لا يخلو عن اشكال كما سيظهر، فالأولى الحمل
الأول، واما ما يظهر من صاحب المستند من أن كلا من أداء الدين والحج واجب
فاللازم بعد عدم الترجيح التخيير بينهما في صورة الحلول مع المطالبة، أو التأجيل
مع عدم سعة الأجل للذهاب والعود، وتقديم الحج في صورة الحلول مع الرضا
بالتأخير، أو التأجيل مع سعة الاجل للحج والعود. ولو مع عدم الوثوق بالتمكن
من أداء الدين بعد ذلك حيث لا يجب المبادرة إلى الأداء فيهما فيبقى وجوب الحج
بلا مزاحم، ففيه أنه لا وجه للتخيير في الصورتين الأوليين، ولا لتعيين تقديم الحج
في الأخيرتين بعد كون الوجوب تخييرا أو تعيينا مشروطا بالاستطاعة الغير الصادقة
في المقام، خصوصا مع المطالبة وعدم الرضا بالتأخير، مع أن التخيير فرع كون
الواجبين مطلقين وفي عرض واحد والمفروض ان وجوب أداء الدين مطلق، بخلاف
وجوب الحج فإنه مشروط بالاستطاعة الشرعية، نعم لو استقر عليه وجوب الحج
182

سابقا فالظاهر التخيير لأنهما حينئذ في عرض واحد، وإن كان لا يحتمل تقديم الدين (1)
إذا كان حالا مع المطالبة، أو مع عدم الرضا بالتأخير لأهمية حق الناس من
حق الله لكنه ممنوع، ولذا لو فرض كونهما عليه بعد الموت يوزع المال عليهما،
ولا يقدم دين الناس، ويحتمل تقديم الأسبق منها في الوجوب لكنه أيضا لا وجه له
كما لا يخفى.
مسألة 18 - لا فرق في كون الدين مانعا من وجوب الحج بين أن يكون
سابقا على حصول المال بقدر الاستطاعة أو لا، كما إذا استطاع للحج ثم عرض عليه
دين بأن اتلف مال الغير مثلا على وجه الضمان من دون تعمد قبل خروج الرفقة،
أو بعده قبل ان يخرج هو، أو بعد خروجه قبل الشروع في الأعمال فحاله حال تلف
المال من دون دين فإنه يكشف عن عدم كونه مستطيعا.
مسألة 19 - إذا كان عليه خمس أو زكاة وكان عنده مقدار ما يكفيه للحج
لولاهما فحالهما حال الدين مع المطالبة، لأن المستحقين لهما مطالبون فيجب
صرفه فيهما، ولا يكون مستطيعا، وإن كان الحج مستقرا عليه سابقا يجئ الوجوه
المذكورة من التخيير. أو تقديم حق الناس، أو تقديم الأسبق، هذا إذا كان الخمس
أو الزكاة في ذمته، واما إذا كانا في عين ماله فلا اشكال في تقديمها على الحج، سواء
كان مستقرا عليه أو لا، كما أنهما يقدمان على ديون الناس أيضا ولو حصلت الاستطاعة
والدين والخمس والزكاة معا فكما لو سبق الدين.
مسألة 20 - إذا كان عليه دين مؤجل بأجل طويل جدا كما بعد خمسين سنة
فالظاهر عدم منعه عن الاستطاعة، وكذا إذا كان الديان مسامحا في أصله. كما في
مهور نساء أهل الهند، فإنهم يجعلون المهر ما لا يقدر الزوج على أدائه كمائة الف
روبية أو خمسين الف. لاظهار الجلالة، وليسوا مقيدين بالاعطاء والأخذ، فمثل ذلك.

(1) ولا يخفى ان مورد الاحتمالين ما إذا لم يتمكن من الجمع بينهما بصرف المال في
الدين والحج ولو ماشيا متسكعا، والا فيجب ذلك.
183

لا يمنع من الاستطاعة ووجوب الحج، وكالدين ممن بناؤه على الابراء (1) إذا لم يتمكن
المديون من الأداء أو واعداه بالابراء بعد ذلك.
مسألة 21 - إذا شك في مقدار ماله وانه وصل إلى حد الاستطاعة أولا، هل
يجب عليه الفحص أم لا؟ وجهان أحوطهما ذلك (2) وكذا إذا علم مقداره وشك في
مقدار مصرف الحج وانه يكفيه أولا.
مسألة 22 - لو كان بيده مقدار نفقة الذهاب والاياب وكان له مال غائب
لو كان باقيا يكفيه في رواج امره بعد العود. لكن لا يعلم بقائه أو عدم بقائه فالظاهر
وجوب الحج (3) بهذا الذي بيده استصحابا لبقاء الغائب فهو كما لو شك في أن
أمواله الحاضرة تبقى إلى ما بعد العود أولا فلا يعد من الأصل المثبت.
مسألة 23 - إذا حصل عنده مقدار ما يكفيه للحج يجوز له قبل أن يتمكن من
المسير أن يتصرف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة، واما بعد التمكن منه فلا يجوز
وإن كان قبل خروج الرفقة، ولو تصرف بما يخرجه عنها بقيت ذمته مشغولة به
والظاهر صحة التصرف مثل الهبة والعتق وإن كان فعل حراما، لان النهى متعلق
بأمر خارج، نعم لو كان قصده في ذلك التصرف الفرار من الحج لا لغرض شرعي
أمكن ان يقال (4) بعدم الصحة، والظاهر أن المناط في عدم جواز التصرف المخرج
هو التمكن في تلك السنة، فلو لم يتمكن فيها ولكن يتمكن في السنة الأخرى لم يمنع
عن جواز التصرف، فلا يجب ابقاء المال إلى العام القابل إذا كان له مانع في هذه
السنة، فليس حاله حال من يكون بلده بعيدا عن مكة بمسافة سنتين.
مسألة 24 - إذا كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو منضما إلى ماله
الحاضر وتمكن من التصرف في ذلك المال الغائب يكون مستطيعا، ويجب عليه

(1) في صدق الاستطاعة بمجرد البناء على الابراء أو الوعد به اشكال والاحتياط لا يترك.
(2) وإن كان الأظهر عدم وجوب الفحص.
(3) فيه تأمل والفرق بين الفرضين ظاهر.
(4) لكنه ضعيف.
184

الحج، وان لم يكن متمكنا من التصرف فيه ولو بتوكيل من يبيعه هناك فلا يكون
مستطيعا الا بعد التمكن منه، أو الوصول في يده، وعلى هذا فلو تلف في الصورة
الأولى بقي وجوب الحج مستقرا عليه إن كان التمكن في حال تحقق سائر الشرائط
ولو تلف في الصورة الثانية لم يستقر، وكذا إذا مات مورثه وهو في بلد آخر
وتمكن من التصرف في حصته أو لم يتمكن فإنه على الأول يكون مستطيعا بخلافه
على الثاني.
مسألة 25 - إذا وصل ماله إلى حد الاستطاعة لكنه كان جاهلا به، أو كان
غافلا عن وجوب الحج عليه، ثم تذكر بعد ان تلف ذلك المال، فالظاهر استقرار وجوب
الحج عليه، إذا كان واجدا لسائر الشرايط حين وجوده، والجهل والغفلة لا يمنعان
عن الاستطاعة، غاية الأمر انه معذور في ترك ما وجب عليه، وحينئذ فإذا مات قبل
التلف أو بعده وجب الاستيجار عنه ان كانت له تركة بمقداره، وكذا إذا نقل ذلك
المال إلى غيره بهبة أو صلح ثم علم بعد ذلك أنه كان بقدر الاستطاعة، فلا وجه
لما ذكره المحقق القمي في أجوبة مسائله من عدم الوجوب، لأنه لجهله لم يصر
موردا، وبعد النقل والتذكر ليس عنده ما يكفيه فلم يستقر عليه، لأن عدم التمكن
من جهة الجهل والغفلة لا ينافي الوجوب الواقعي والقدرة التي هي شرط في التكاليف
القدرة من حيث هي، وهى موجودة، والعلم شرط في التنجز لا في أصل التكليف
مسألة 26 - إذا اعتقد انه غير مستطيع فحج ندبا، فان قصد امتثال الأمر المتعلق
به فعلا وتخيل انه الأمر الندبي أجزأ عن حجة الاسلام، لأنه حينئذ من باب الاشتباه
في التطبيق، وان قصد الأمر الندبي على وجه التقييد لم يجز عنها (1) وإن كان حجه
صحيحا، وكذا الحال إذا علم باستطاعته ثم غفل عن ذلك، واما لو علم بذلك وتخيل
عدم فوريتها فقصد الأمر الندبي فلا يجزى (2)، لأنه يرجع إلى التقييد.

(1) الاجزاء قوى.
(2) الأقوى الاجزاء.
185

مسألة 27 - هل تكفى في الاستطاعة الملكية المتزلزلة للزاد والراحلة وغيرهما
كما إذا صالحه شخص ما يكفيه للحج بشرط الخيار له إلى مدة معينة، أو باعه
محاباة كذلك، وجهان أقواهما العدم (1). لأنها في معرض الزوال الا إذا كان واثقا
بأنه لا يفسخ، وكذا لو وهبه وأقبضه إذا لم يكن رحما، فإنه ما دامت العين موجودة
له الرجوع، ويمكن أن يقال بالوجوب هنا حيث إن له التصرف في الموهوب فتلزم
الهبة.
مسألة 28 - يشترط في وجوب الحج بعد حصول الزاد والراحلة بقاء المال
إلى تمام الأعمال، فلو تلف بعد ذلك ولو في أثناء الطريق كشف عن عدم الاستطاعة،
وكذا لو حصل عليه دين قهرا عليه، كما إذا أتلف مال غيره خطاءا، وأما لو أتلفه عمدا
فالظاهر كونه كاتلاف الزاد والراحلة عمدا في عدم زوال استقرار الحج.
مسألة 29 - إذا تلف بعد تمام الاعمال مؤنة عوده إلى وطنه، أو تلف ما به
الكفاية من ماله في وطنه بناءا على اعتبار الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة، فهل
يكفيه عن حجة الاسلام أولا؟ وجهان، لا يبعد. الاجزاء، ويقربه (2) ما ورد من أن
من مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأه عن حجة الاسلام، بل يمكن أن يقال بذلك
إذا تلف في أثناء الحج أيضا.
مسألة 30 - الظاهر عدم اعتبار الملكية في الزاد والراحلة، فلو حصلا بالإباحة
اللازمة كفى في الوجوب لصدق الاستطاعة، ويؤيده الأخبار الواردة في البذل،
فلو شرط أحد المتعاملين على الاخر في ضمن عقد لازم أن يكون له التصرف في
ماله بما يعادل مائة ليرة مثلا وجب عليه الحج، ويكون كما لو كان مالكا له.
مسألة 31 - لو أوصى له بما يكفيه للحج فالظاهر وجوب الحج عليه بعد موت
الموصى، خصوصا إذا لم يعتبر القبول (3) في ملكية الموصى له، وقلنا بملكيته

(1) الأقوى الكفاية، الا مع الوثوق بالفسخ.
(2) الاجزاء اظهر، وان لم يظهر وجه التقريب.
(3) الوجوب مبتن عليه، وستعرف انه الأظهر.
186

ما لم يرد، فإنه ليس له الرد حينئذ.
مسألة 32 - إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يزور الحسين عليه السلام في كل عرفة
ثم حصلت لم يجب عليه الحج (1) بل وكذا لو نذر ان جاء مسافره أن يعطى الفقير
كذا مقدارا، فحصل له ما يكفيه لأحدهما بعد حصول المعلق عليه، بل وكذا إذا
نذر قبل حصول الاستطاعة أن يصرف مقدار مائة ليرة مثلا في الزيارة أو التعزية
أو نحو ذلك، فان هذا كله مانع عن تعلق وجوب الحج به، وكذا إذا كان عليه واجب
مطلق فوري قبل حصول الاستطاعة، ولم يمكن الجمع بينه وبين الحج، ثم حصلت
الاستطاعة وان لم يكن ذلك الواجب أهم من الحج لأن العذر الشرعي كالعقلي في
المنع من الوجوب، وأما لو حصلت الاستطاعة أولا ثم حصل واجب فوري آخر
لا يمكن الجمع بينه وبين الحج يكون من باب المزاحمة، فيقدم الأهم منهما،
فلو كان مثل انقاذ الغريق قدم على الحج، وحينئذ فان بقيت الاستطاعة إلى العام القابل
وجب الحج فيه، وإلا فلا، الا أن يكون الحج قد استقر عليه سابقا، فإنه يجب عليه
ولو متسكعا.
مسألة 33 - النذر المعلق على أمر قسمان، تارة يكون التعليق على وجه الشرطية
كما إذا قال إن جاء مسافري فلله على أن أزور الحسين عليه السلام في عرفة، وتارة يكون
على نحو الواجب المعلق، كان يقول: لله على أن أزور الحسين عليه السلام في عرفة عند
مجئ مسافري، فعلى الأول يجب الحج إذا حصلت الاستطاعة قبل مجئ مسافره،
وعلى الثاني لا يجب (2) فيكون حكمه حكم النذر المنجز، في أنه لو حصلت الاستطاعة
وكان العمل بالنذر منافيا لها لم يجب الحج، سواء حصل المعلق عليه قبلها أو بعدها،
وكذا لو حصلا معا لا يجب الحج، من دون فرق بين الصورتين، والسر في ذلك
أو وجوب الحج مشروط والنذر مطلق، فوجوبه يمنع من تحقق الاستطاعة.

(1) بل يجب وينحل النذر.
(2) قد تقدم ما يظهر منه الوجوب في الصورتين، وبه يظهر حكم حصولهما معا.
187

مسألة 34 - إذا لم يكن له زاد وراحلة ولكن قيل له: حج وعلى نفقتك ونفقة
عيالك وجب عليه، وكذا لو قال: حج بهذا المال وكان كافيا له ذهابا وايابا ولعياله
فتحصل الاستطاعة ببذل النفقة كما تحصل بملكها، من غير فرق بين أن يبيحها له
أو يملكها إياه، ولا بين أن يبذل عينها أو ثمنها، ولا بين أن يكون البذل واجبا عليه
بنذر أو يمين أو نحوهما أولا، ولا بين كون الباذل موثوقا به أولا على الأقوى، و
القول بالاختصاص بصورة التمليك ضعيف، كالقول بالاختصاص بما إذا وجب عليه
أو بأحد الأمرين من التمليك أو الوجوب، وكذا القول بالاختصاص بما إذا كان موثوقا
به، كل ذلك لصدق الاستطاعة، واطلاق المستفيضة من الأخبار، ولو كان له بعض
النفقة فبذل له البقية وجب أيضا، ولو بذل له نفقة الذهاب فقط ولم يكن عنده نفقة
العود لم يجب، وكذا لو لم يبذل نفقة عياله الا إذا كان عنده ما يكفيهم إلى أن يعود
أو كان لا يتمكن من نفقتهم مع ترك الحج أيضا.
مسألة 35 - لا يمنع الدين من الوجوب في الاستطاعة البذلية، نعم لو كان حالا
وكان الديان مطالبا مع فرض تمكنه من أدائه لو لم يحج ولو تدريجا ففي كونه
مانعا أولا وجهان (1).
مسألة 36 - لا يشترط الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة البذلية.
مسألة 37 - إذا وهبه ما يكفيه للحج لأن يحج وجب عليه القبول على الأقوى
بل وكذا لو وهبه وخيره بين أن يحج به أولا، وأما لو وهبه ولم يذكر الحج لا تعيينا
ولا تخييرا فالظاهر عدم وجوب القبول كما عن المشهور.
مسألة 38 - لو وقف شخص لمن يحج أو أوصى أو نذر كذلك فبذل المتولي
أو الوصي أو الناذر له وجب عليه، لصدق الاستطاعة، بل اطلاق الأخبار، وكذا
لو أوصى له بما يكفيه للحج بشرط أن يحج، فإنه يجب عليه بعد موت الوصي (2)

(1) أقواهما المنع ان لم يتمكن من أدائه مع الحج.
(2) ان كانت من الوصية للجهة.
188

مسألة 39 - لو أعطاه ما يكفيه للحج خمسا أو زكاة وشرط عليه أن يحج به
فالظاهر الصحة ووجوب الحج عليه إذا كان فقيرا، أو كانت الزكاة من سهم سبيل الله.
مسألة 40 - الحج البذلي مجز عن حجة الاسلام، فلا يجب عليه إذا استطاع
مالا بعد ذلك على الأقوى.
مسألة 41 - يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الاحرام، وفى
جواز رجوعه عنه بعده وجهان (1) ولو وهبه للحج فقبل فالظاهر جريان حكم الهبة
عليه في جواز الرجوع قبل الاقباض، وعدمه بعده إذا كانت لذي رحم، أو بعد
تصرف الموهوب له.
مسألة 42 - إذا رجع الباذل في أثناء الطريق ففي وجوب نفقة العود عليه
أولا وجهان (2).
مسألة 43 - إذا بذل لأحد اثنين أو ثلاثة، فالظاهر الوجوب عليهم كفاية فلو
ترك الجميع استقر عليهم الحج (3) فيجب على الكل لصدق الاستطاعة بالنسبة إلى
الكل نظير ما إذا وجد المتيممون ماءا يكفي لواحد منهم فان تيمم الجميع يبطل.
مسألة 44 - الظاهر أن ثمن الهدى على الباذل، واما الكفارات، فان أتى بموجبها
عمدا اختيارا فعليه، وان اتى بها اضطرارا أو مع الجهل أو النسيان فيما لا فرق فيه بين
العمد وغيره ففي كونه عليه أو على الباذل وجهان (4).
مسألة 45 - انما يجب بالبذل الحج الذي هو وظيفته على تقدير الاستطاعة
فلو بذل للآفاقي بحج القران أو الافراد أو العمرة مفردة لا يجب عليه، وكذا لو بذل
للمكي لحج التمتع لا يجب عليه، ولو بذل لمن حج حجة الاسلام لم يجب عليه
ثانيا، ولو بذل لمن استقر عليه حجة الاسلام وصار معصرا وجب عليه، ولو كان

(1) أقربهما الجواز.
(2) أوجههما العدم.
(3) على نحو الوجوب الكفائي.
(4) أظهرهما الثاني.
189

عليه حجة النذر أو نحوه ولم يتمكن فبذل له باذل وجب عليه، وان قلنا بعدم الوجوب
لو وهبه لا للحج، لشمول الأخبار من حيث التعليل فيها بأنه بالبذل صار مستطيعا،
ولصدق الاستطاعة عرفا.
مسألة 46 - إذا قال له: بذلت لك هذا المال مخيرا بين أن تحج به أو تزور
الحسين عليه السلام وجب عليه الحج.
مسألة 47 - لو بذل له مالا ليحج بقدر ما يكفيه فسرق في أثناء الطريق سقط
الوجوب.
مسألة 48 - لو رجع عن بذله في الأثناء وكان في ذلك المكان يتمكن من أن
يأتي ببقية الأعمال من مال نفسه أو حدث له مال بقدر كفايته وجب عليه الاتمام (1)
وأجزأه عن حجة الاسلام.
مسألة 49 - لا فرق في الباذل بين أن يكون واحدا أو متعددا، فلو قالا له:
حج وعلينا نفقتك وجب عليه.
مسألة 50 - لو عين له مقدارا ليحج به واعتقد كفايته فبان عدمها وجب عليه
الاتمام في الصورة التي لا يجوز له الرجوع، الا إذا كان ذلك مقيدا بتقدير كفايته.
مسألة 51 - إذا قال: اقترض وحج وعلى دينك ففي وجوب ذلك عليه نظر
لعدم صدق الاستطاعة عرفا، نعم لو قال: اقترض لي وحج به وجب مع وجود
المقرض (2) كذلك.
مسألة 52 - لو بذل له مالا ليحج به فتبين بعد الحج انه كان مغصوبا ففي
كفايته للمبذول له عن حجة الاسلام وعدمها وجهان، أقواهما العدم، أما لو قال: حج
وعلى نفقتك، ثم بذل له مالا فبان كونه مغصوبا فالظاهر صحة الحج، وأجزأه عن
حجة الاسلام، لأنه استطاع بالبذل، وقرار الضمان على الباذل في الصورتين عالما كان

(1) إن كان ذلك مع صدق الاستطاعة الملكية من ذلك المكان.
(2) فيه تأمل، نعم لو اقترض وحج به أجزأه عن حجة الاسلام.
190

بكونه مال الغير أو جاهلا.
مسألة 53 - لو آجر نفسه للخدمة في طريق الحج بأجرة يصير بها مستطيعا
وجب عليه الحج، ولا ينافيه وجوب قطع الطريق عليه للغير، لأن الواجب عليه في
حج نفسه أفعال الحج، وقطع الطريق مقدمة توصلية بأي وجه اتى بها كفى، ولو
على وجه الحرام، أو لا بنية الحج، ولذا لو كان مستطيعا قبل الإجارة جاز له إجارة
نفسه للخدمة في الطريق، بل لو آجر نفسه لنفس المشي معه بحيث يكون العمل
المستأجر عليه نفس المشي صح أيضا، ولا يضر بحجه، نعم لو آجر نفسه لحج بلدي
لم يجز له ان يوجر نفسه لنفس المشي كإجارته لزيارة بلدية أيضا، أما لو آجر للخدمة في
الطريق فلا بأس، وإن كان مشيه للمستأجر الأول، فالممنوع وقوع الإجارة على نفس
ما وجب عليه أصلا أو بالإجارة (1).
مسألة 54 - إذا استؤجر اي طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعا
لا يجب عليه القبول، ولا يستقر الحج عليه فالوجوب عليه مقيد بالقبول ووقوع الإجارة،
وقد يقال بوجوبه إذا لم يكن حرجا عليه لصدق الاستطاعة، ولأنه مالك لمنافعه
فيكون مستطيعا قبل الإجارة، كما إذا كان مالكا لمنفعة عبده أو دابته وكانت كافية
في استطاعته، وهو كما ترى، إذ نمنع صدق الاستطاعة بذلك، لكن لا ينبغي ترك
الاحتياط في بعض صوره، كما إذا كان من عادته إجارة نفسه للاسفار.
مسألة 55 - يجوز لغير المستطيع ان يوجر نفسه للنيابة عن الغير، وان حصلت
الاستطاعة بمال الإجارة قدم الحج النيابي، فان بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب
عليه لنفسه والا فلا.
مسألة 56 - إذا حج لنفسه أو عن غيره تبرعا أو بالإجارة مع عدم كونه مستطيعا
لا يكفيه عن حجة الاسلام فيجب عليه الحج إذا استطاع بعد ذلك، وما في بعض الأخبار

(1) سيأتي ان صفة الوجوب لا تنافى الإجارة، فما وجب أصلا لا مانع من وقوع
الإجارة عليه، نعم لا يجوز وقوعها على ما وجب بالإجارة لخروجه عن ملك المؤجر بها.
191

من أجزائه عنها محمول على الاجزاء ما دام فقيرا، كما صرح به في بعضها الاخر
فالمستفاد منها ان حجة الاسلام مستحبة على غير المستطيع، وواجبة على المستطيع
ويتحقق الأول بأي وجه اتى به، ولو عن الغير تبرعا أو بالإجارة، ولا يتحقق الثاني
الا مع حصول شرائط الوجوب.
مسألة 57 - يشترط في الاستطاعة مضافا إلى مؤنة الذهاب والاياب وجود ما
يمون به عياله حتى يرجع، فمع عدمه لا يكون مستطيعا، والمراد بهم من يلزمه نفقته
لزوما عرفيا وان لم يكن ممن يجب عليه نفقته شرعا على الأقوى، فإذا كان له أخ
صغير أو كبير لا يقدر على التكسب وهو ملتزم بالانفاق عليه أو كان متكفلا لانفاق
يتيم في حجره ولو أجنبي يعد عيالا له فالمدار على العيال العرفي.
مسألة 58 - الأقوى وفاقا لأكثر القدماء اعتبار الرجوع إلى كفاية من تجارة
أو زراعة أو صناعة أو منفعة ملك له من بستان أو دكان أو نحو ذلك، بحيث لا يحتاج
إلى التكفف، ولا يقع في الشدة والحرج، ويكفى كونه قادرا على التكسب اللائق
به أو التجارة باعتباره ووجاهته، وان لم يكن له رأس مال يتجر به. نعم قد مر عدم اعتبار
ذلك في الاستطاعة البذلية، ولا يبعد (1) عدم اعتباره أيضا فيمن يمضى أمره بالوجوه
اللائقة به كطلبة العلم من السادة وغيرهم، فإذا حصل لهم مقدار مؤنة الذهاب والاياب
ومؤنة عيالهم إلى حال الرجوع وجب عليهم، بل وكذا الفقير الذي عادته وشغله أخذ
الوجوه ولا يقدر على التكسب إذا حصل له مقدار مؤنة الذهاب والاياب له ولعياله،
وكذا كل من لا يتفاوت حاله قبل الحج وبعده إذا صرف ما حصل له من مقدار مؤنة
الذهاب والاياب من دون حرج عليه.
مسألة 59 - لا يجوز للولد أن يأخذ من مال والده ويحج به، كما لا يجب على
الوالد أن يبذل له، وكذا لا يجب على الولد بذل المال لوالده ليحج به، وكذا لا يجوز للوالد
الأخذ من مال ولده للحج، والقول بجواز ذلك أو وجوبه كما عن الشيخ ضعيف،

(1) بل هو الأظهر واما الفقير المعتاد باخذ الوجوه ففيه اشكال.
192

وإن كان يدل عليه صحيح سعيد بن يسار سئل الصادق عليه السلام الرجل يحج من مال
ابنه وهو صغير؟ قال: نعم يحج منه حجة الاسلام، قال وينفق منه؟ قال: نعم ثم
قال: ان مال الولد لوالده، ان رجلا اختصم هو ووالده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقضى
أن المال والولد للوالد. وذلك لاعراض الأصحاب عنه، مع امكان حمله على الاقتراض
من ماله مع استطاعته من مال نفسه، أو على ما إذا كان فقيرا وكانت نفقته على ولده
ولم يكن نفقة السفر إلى الحج أزيد من نفقته في الحضر إذ الظاهر الوجوب حينئذ.
مسألة 60 - إذا حصلت الاستطاعة لا يجب أن يحج من ماله، فلو حج في نفقة
غيره لنفسه أجزأه، وكذا لو حج متسكعا، بل لو حج من مال الغير غصبا صح وأجزأه
نعم إذا كان ثوب احرامه وطوافه وسعيه من المغصوب لم يصح، وكذا إذا كان
ثمن هديه غصبا.
مسألة 61 - يشترط في وجوب الحج الاستطاعة البدنية، فلو كان مريضا لا يقدر
على الركوب أو كان حرجا عليه ولو على المحمل أو الكنيسة لم يجب، وكذا لو تمكن
من الركوب على المحمل لكن لم يكن عنده مؤنته، وكذا لو احتاج إلى خادم ولم يكن
عنده مؤنته.
مسألة 62 - ويشترط أيضا الاستطاعة الزمانية، فلو كان الوقت ضيقا لا يمكنه
الوصول إلى الحج أو أمكن لكن بمشقة شديدة لم يجب، وحينئذ فان بقيت الاستطاعة
إلى العام القابل وجب والا فلا.
مسألة 63 - ويشترط أيضا الاستطاعة السربية، بأن لا يكون في الطريق مانع
لا يمكن معه الوصول إلى الميقات أو إلى تمام الأعمال، والا لم يجب، وكذا لو كان
غير مأمون بأن يخاف على نفسه أو بدنه أو عرضه أو ماله وكان الطريق منحصرا فيه،
أو كان جميع الطرق كذلك، ولو كان هناك طريقان أحدهما أقرب لكنه غير مأمون
وجب الذهاب من الأبعد المأمون، ولو كان جميع الطرق مخوفا الا أنه يمكنه الوصول
إلى الحج بالدوران في البلاد، مثل ما إذا كان من أهل العراق ولا يمكنه الا ان يمشى
إلى كرمان، ومنه إلى خراسان، ومنه إلى بخارا، ومنه إلى الهند، ومنه إلى بوشهر،
193

ومنه إلى جدة ومنه إلى المدينة، ومنها إلى مكة فهل يجب أولا؟ وجهان أقواهما
عدم الوجوب، لأنه يصدق عليه انه لا يكون مخلى السرب.
مسألة 64 - إذا استلزم الذهاب إلى الحج تلف مال له في بلده معتد به لم
يجب، وكذا إذا كان هناك مانع شرعي من استلزامه ترك واجب فوري سابق على
حصول الاستطاعة أو لاحق مع كونه أهم (1) من الحج كانقاذ غريق أو حريق، و
كذا إذا توقف على ارتكاب محرم، كما إذا توقف على ركوب دابة غصبية أو المشي
في الأرض المغصوبة.
مسألة 65 - قد علم مما مر أنه يشترط في وجوب الحج مضافا إلى البلوغ
والعقل والحرية، الاستطاعة المالية، والبدنية، والزمانية، والسربية، وعدم استلزامه الضرر
أو ترك واجب، أو فعل حرام، ومع فقد أحد هذه لا يجب، فبقي الكلام في أمرين:
أحدهما - إذا اعتقد تحقق جميع هذه مع فقد بعضها واقعا أو اعتقد فقد
بعضها وكان متحققا فنقول: إذا اعتقد كونه بالغا أو حرا مع تحقق سائر الشرائط
فحج، ثم بان أنه كان صغيرا أو عبدا فالظاهر بل المقطوع عدم اجزائه عن حجة الاسلام،
وان اعتقد كونه غير بالغ أو عبدا مع تحقق سائر الشرايط وأتى به أجزأه عن
حجة الاسلام كما مر سابقا، وان تركه مع بقاء الشرائط إلى ذي الحجة (2) فالظاهر
استقرار وجوب الحج عليه، فان فقد بعض الشرائط بعد ذلك، كما إذا تلف ماله
وجب عليه الحج ولو متسكعا، وان اعتقد كونه مستطيعا مالا وأن ما عنده يكفيه فبان
الخلاف بعد الحج ففي اجزائه عن حجة الاسلام وعدمه وجهان، من فقد الشرط
واقعا، ومن أن القدر المسلم من عدم اجزاء حج غير المستطيع عن حجة الاسلام غير
هذه الصورة، وان اعتقد عدم كفاية ما عنده من المال وكان في الواقع كافيا وترك
الحج فالظاهر الاستقرار عليه، وان اعتقد عدم الضرر أو عدم الحرج فحج فبان الخلاف
فالظاهر كفايته، وان اعتقد المانع من العدو أو الضرر أو الحرج فترك الحج فبان الخلاف

(1) بل مطلقا.
(2) اي إلى آخر الاعمال.
194

فهل يستقر عليه الحج أولا؟ وجهان (1)، والأقوى عدمه، لان المناط في الضرر
الخوف وهو حاصل، الا إذا كان اعتقاده على خلاف روية العقلاء وبدون الفحص
والتفتيش، وان اعتقد عدم مانع شرعي فحج فالظاهر الاجزاء (2) إذا بان الخلاف
وان اعتقد وجوده فترك فبان الخلاف، فالظاهر الاستقرار.
ثانيهما - إذا ترك الحج مع تحقق الشرائط متعمدا أو حج مع فقد بعضها
كذلك، أما الأول فلا اشكال في استقرار الحج عليه مع بقائها إلى ذي الحجة (3) واما الثاني
فان حج مع عدم البلوغ أو مع عدم الحرية فلا اشكال في عدم اجزائه، الا إذا بلغ أو انعتق
قبل أحد الموقفين على اشكال في البلوغ قد مر (4) وان حج مع عدم الاستطاعة المالية
فظاهرهم مسلمية عدم الاجزاء (5) ولا دليل عليه الا الاجماع، والا فالظاهر أن
حجة الاسلام هو الحج الأول وإذا اتى به كفى ولو كان ندبا، كما إذا اتى الصبي صلاة الظهر
مستحبا بناءا على شرعية عباداته فبلغ في أثناء الوقت، فان الأقوى عدم وجوب اعادتها،
ودعوى ان المستحب لا يجزى عن الواجب، ممنوعة بعد اتحاد ماهية الواجب
والمستحب، نعم لو ثبت تعدد ماهية حج المتسكع والمستطيع تم ما ذكر، لا لعدم
اجزاء المستحب عن الواجب، بل لتعدد الماهية، وان حج مع عدم أمن الطريق، أو مع
عدم صحة البدن مع كونه حرجا عليه، أو مع ضيق الوقت كذلك فالمشهور بينهم
عدم اجزائه عن الواجب، وعن الدورس الاجزاء، الا إذا كان إلى حد الاضرار
بالنفس، وقارن بعض المناسك، فيحتمل عدم الاجزاء ففرق بين حج المتسكع
وحج هؤلاء، وعلل الاجزاء بان ذلك من باب تحصيل الشرط، فإنه لا يجب، لكن إذا
حصله وجب، وفيه ان مجرد البناء على ذلك لا يكفي في حصول الشرط، مع أن غاية

(1) أوجههما الثاني.
(2) الا إذا كان بعض اعمال الحج متحدا مع الحرام.
(3) إلى آخر الاعمال.
(4) قد تقدم المختار.
(5) وهو الأقوى.
195

الأمر حصول المقدمة التي هو المشي إلى مكة ومنى وعرفات، ومن المعلوم ان مجرد
هذا لا يوجب حصول الشرط الذي هو عدم الضرر، أو عدم الحرج، نعم لو كان الحرج
أو الضرر في المشي إلى الميقات فقط ولم يكونا حين الشروع في الاعمال تم ما ذكره
ولا قائل بعدم الاجزاء في هذه الصورة، هذا، ومع ذلك فالأقوى ما ذكره في الدروس (1)
لا لما ذكره، بل لأن الضرر والحرج إذا لم يصلا إلى حد الحرمة انما يرفعان الوجوب
والالزام لا أصل الطلب، فإذا تحملهما وأتى بالمأمور به كفى.
مسألة 66 - إذا حج مع استلزامه لترك واجب أو ارتكاب محرم لم يجزه عن
حجة الاسلام (2) وان اجتمع سائر الشرايط، لا لأن الأمر بالشئ نهى عن ضده،
لمنعه أولا، ومنع بطلان العمل بهذا النهى ثانيا، لأن النهى متعلق بأمر خارج، بل
لأن الأمر مشروط بعدم المانع ووجوب ذلك الواجب مانع، وكذلك النهى المتعلق
بذلك المحرم مانع ومعه لا أمر بالحج، نعم لو كان الحج مستقرا عليه وتوقف الاتيان
به على ترك واجب أو فعل حرام، دخل في تلك المسألة، وأمكن أن يقال بالاجزاء،
لما ذكر من منع اقتضاء الأمر بشئ للنهي عن ضده، ومنع كون النهى المتعلق
بأمر خارج موجبا للبطلان.
مسألة 67 - إذا كان في الطريق عدو لا يندفع الا بالمال، فهل يجب الحج، أولا
أقوال (3) ثالثها الفرق بين المضر بحاله وعدمه، فيجب في الثاني دون الأول.
مسألة 68 - لو توقف الحجر على قتال العدو لم يجب حتى مع ظن الغلبة عليه
والسلامة، وقد يقال: بالوجوب في هذه الصورة.
مسألة 69 - لو انحصر الطريق في البحر وجب ركوبه الا مع خوف الغرق
أو المرض خوفا عقلائيا، أو استلزامه الاخلال بصلاته أو ايجابه لأكل النجس أو

(1) إذا كان تحمل الضرر أو الحرج في الطريق، واما إذا كان مقارنا للمناسك فالأظهر
عدم الاجزاء.
(2) الا إذا كان ذلك قبل الوصول إلى الميقات.
(3) لا يبعد أظهرية الثاني إذا كان المال معتدا به، والأحوط الثالث.
196

شربه ولو حج مع هذا صح حجه، لأن ذلك في المقدمة، وهى المشي إلى الميقات
كما إذا ركب دابة غصبية إلى الميقات.
مسألة 70 - إذا استقر عليه الحج وكان عليه خمس أو زكاة أو غيرهما من
الحقوق الواجبة وجب عليه أداؤها، ولا يجوز له المشي إلى الحج قبلها ولو تركها
عصى، وأما حجه فصحيح إذا كانت الحقوق في ذمته، لا في عين ماله، وكذا إذا
كانت في عين ماله ولكن كان ما يصرفه في مؤنته من المال الذي لا يكون فيه خمس
أو زكاة أو غيرهما، أو كان مما تعلق به الحقوق، ولكن كان ثوب احرامه وطوافه
وسعيه وثمن هديه من المال الذي ليس فيه حق، بل وكذا إذا كانا مما تعلق به
الحق من الخمس والزكاة الا أنه بقي عنده مقدار ما فيه منهما، بناء على ما هو الأقوى (1)
من كونهما في العين على نحو الكلى في المعين لا على وجه الإشاعة.
مسألة 71 - يجب على المستطيع الحج مباشرة، فلا يكفيه حج غيره عنه تبرعا
أو بالإجارة إذا كان متمكنا من المباشرة بنفسه.
مسألة 72 - إذا استقر الحج عليه ولم يتمكن من المباشرة، لمرض لم يرج
زواله، أو حصر كذلك، أو هرم بحيث لا يقدر، أو كان حرجا عليه فالمشهور وجوب
الاستنابة عليه، بل ربما يقال: بعدم الخلاف فيه وهو الأقوى، وإن كان ربما يقال
بعدم الوجوب، وذلك لظهور جملة من الأخبار في الوجوب، وأما إن كان مؤسرا
من حيث المال ولم يتمكن من المباشرة مع عدم استقراره عليه ففي وجوب الاستنابة
وعدمه قولان، لا يخلو أولهما عن قوة لاطلاق الأخبار المشار إليها، وهى وان كانت
مطلقة من حيث رجاء الزوال وعدمه لكن المنساق من بعضها ذلك، مضافا إلى ظهور
الاجماع على عدم الوجوب مع رجاء الزوال، والظاهر فورية الوجوب كما في
صورة المباشرة، ومع بقاء العذر إلى أن مات يجزيه حج النائب، فلا يجب القضاء
عنه وإن كان مستقرا عليه، وان اتفق ارتفاع العذر بعد ذلك فالمشهور (2) أنه يجب

(1) قد مر انهما متعلقان بمالية العين على نحو تعلق حق الجناية، وانه لا يبعد جواز
التصرف في تمام المال بضمانه في ذمته.
(2) وهو الأقوى، وبه يظهر الحال فيما لو ارتفع العذر في أثناء عمل النائب.
197

عليه مباشرة وإن كان بعد اتيان النائب، بل ربما يدعى عدم الخلاف فيه، لكن الأقوى
عدم الوجوب لأن ظاهر الأخبار أن حج النائب هو الذي كان واجبا على المنوب
عنه، فإذا أتى به فقد حصل ما كان واجبا عليه، ولا دليل على وجوبه مرة أخرى، بل
لو قلنا: باستحباب الاستنابة فالظاهر كفاية فعل النائب، بعد كون الظاهر الاستنابة
فيما كان عليه، ومعه لا وجه لدعوى أن المستحب لا يجزى عن الواجب، إذ ذلك
فيما إذا لم يكن المستحب نفس ما كان واجبا، والمفروض في المقام انه هو، بل
يمكن أن يقال: إذا ارتفع العذر في أثناء عمل النائب (1) بان كان الارتفاع بعد
احرام النائب انه يجب عليه الاتمام ويكفى عن المنوب عنه. بل يحتمل ذلك (2)
وإن كان في أثناء الطريق قبل الدخول في الاحرام، ودعوى ان جواز النيابة مادامى
كما ترى، بعد كون الاستنابة بأمر الشارع، وكون الإجارة لازمة لا دليل على
انفساخها خصوصا إذا لم يمكن ابلاغ النائب المؤجر ذلك، ولا فرق فيما ذكرنا
من وجوب الاستنابة، بين من عرضه العذر من المرض وغيره، وبين من كان معذورا
خلقة، والقول بعدم الوجوب في الثاني وان قلنا بوجوبه في الأول ضعيف،
وهل يختص الحكم بحجة الاسلام أو يجرى في الحج النذري والافسادي أيضا؟
قولان، والقدر المتيقن هو الأول (3) بعد كون الحكم على خلاف القاعدة، وان
لم يتمكن المعذور من الاستنابة ولو لعدم وجود النائب أو وجوده مع عدم رضاه
الا بأزيد من أجرة المثل ولم يتمكن من الزيادة، أو كانت مجحفة سقط الوجوب
وحينئذ فيجب القضاء عنه بعد موته إن كان مستقرا عليه، ولا يجب مع عدم الاستقرار
ولو ترك الاستنابة مع الامكان عصى بناءا على الوجوب، ووجب القضاء عنه مع
الاستقرار، وهل يجب مع عدم الاستقرار أيضا أولا؟ وجهان: أقواهما نعم لأنه استقر

(1) حكمه حكم الفرض الآتي.
(2) لكنه ضعيف لان الإجارة تنفسخ بزوال ما كان موجبا لمشروعية العمل الذي استؤجر
عليه.
(3) والأظهر هو الثاني.
198

عليه بعد التمكن من الاستنابة، ولو استناب مع كون العذر مرجو الزوال لم يجز عن
حجة الاسلام فيجب عليه بعد زوال العذر، ولو استناب مع رجاء الزوال وحصل
اليأس بعد عمل النائب فالظاهر الكفاية (1)، وعن صاحب المدارك عدمها ووجوب
الإعادة لعدم الوجوب مع عدم اليأس فلا يجزى عن الواجب، وهو كما ترى،
والظاهر كفاية حج المتبرع عنه في صورة وجوب الاستنابة، وهل يكفي الاستنابة
من الميقات كما هو الأقوى في القضاء عنه بعد موته؟ وجهان، لا يبعد الجواز حتى
إذا أمكن ذلك في مكة مع كون الواجب عليه هو التمتع، ولكن الأحوط خلافه (2)
لأن القدر المتيقن من الأخبار الاستنابة من مكانه، كما أن الأحوط عدم كفاية التبرع
عنه لذلك أيضا.
مسألة 73 - إذا مات من استقر عليه الحج في الطريق فان مات بعد الاحرام
ودخول الحرم أجزأه عن حجة الاسلام، فلا يجب القضاء عنه، وان مات قبل ذلك
وجب القضاء عنه، وإن كان موته بعد الاحرام على المشهور الأقوى، خلافا لما عن
الشيخ وابن إدريس فقالا بالاجزاء حينئذ أيضا، ولا دليل لهما على ذلك الا اشعار بعض
الأخبار كصحيحة بريد العجلي حيث قال فيها بعد الحكم بالاجزاء إذا مات في الحرم
وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته في حجة الاسلام، فان
مفهومه الاجزاء إذا كان بعد ان يحرم، لكنه معارض بمفهوم صدرها، وبصحيح ضريس
وصحيح زرارة ومرسل المقنعة، مع أنه يمكن أن يكون المراد من قوله: قبل أن
يحرم، قبل أن يدخل في الحرم، كما يقال: أنجد، أي دخل في النجد، وأيمن اي
دخل اليمن، فلا ينبغي الاشكال في عدم كفاية الدخول في الاحرام، كما لا يكفي الدخول
في الحرم بدون الاحرام، كما إذا نسيه في الميقات ودخل الحرم ثم مات، لأن
المنساق من اعتبار الدخول في الحرم كونه بعد الاحرام، ولا يعتبر دخول مكة وان

(1) الأظهر عدم الكفاية.
(2) لا يترك هذا الاحتياط وكذا ما بعده.
199

كان الظاهر من بعض الأخبار ذلك لاطلاق البقية في كفاية الدخول الحرم، والظاهر
عدم الفرق بين كون الموت حال الاحرام أو بعد الاحلال، كما إذا مات بين الاحرامين
وقد يقال بعدم الفرق (1) أيضا بين كون الموت في الحل أو الحرم بعد كونه بعد
الاحرام ودخول الحرم، وهو مشكل، لظهور الأخبار في الموت في الحرم، والظاهر
عدم الفرق بين حج التمتع والقران والافراد، كما أن الظاهر أنه لو مات في أثناء
عمرة التمتع أجزأه عن حجه أيضا، بل لا يبعد الاجزاء إذا مات في أثناء حج القران
أو الافراد عن عمرتهما وبالعكس، لكنه مشكل، لأن الحج والعمرة فيهما عملان
مستقلان بخلاف حج التمتع فان العمرة فيه داخلة في الحج، فهما عمل واحد،
ثم الظاهر اختصاص حكم الاجزاء بحجة الاسلام فلا يجزى الحكم في حج النذر
والافساد إذا مات في الأثناء، بل لا يجرى في العمرة المفردة أيضا، وان احتمله
بعضهم، وهل يجرى الحكم المذكور فيمن مات مع عدم استقرار الحج عليه فيجزيه
عن حجة الاسلام إذا مات بعد الاحرام ودخول الحرم، ويجب القضاء عنه إذا مات
قبل ذلك؟ وجهان، بل قولان: من اطلاق الأخبار في التفصيل المذكور، ومن أنه
لا وجه لوجوب القضاء عمن لم يستقر عليه بعد كشف موته عن عدم الاستطاعة الزمانية
ولذا لا يجب إذا مات في البلد قبل الذهاب، أو إذا فقد بعض الشرائط الأخر مع كونه
موسرا، ومن هنا ربما يجعل الأمر بالقضاء فيها قرينة على اختصاصها بمن استقر عليه
وربما يحتمل اختصاصها بمن لم يستقر عليه، وحمل الأمر بالقضاء على الندب،
وكلاهما مناف لاطلاقها، مع أنه على الثاني يلزم بقاء الحكم فيمن استقر عليه
بلا دليل، مع أنه مسلم بينهم، والأظهر الحكم بالاطلاق، اما بالتزام وجوب القضاء
في خصوص هذا المورد من الموت في الطريق كما عليه جماعة، وان لم يجب إذا
مات مع فقد سائر الشرائط، أو الموت وهو في البلد، واما بحمل الأمر بالقضاء على

(1) وهو غير بعيد لكن الاحتياط لا يترك.
200

القدر المشترك (1) واستفادة الوجوب فيمن استقر عليه من الخارج، وهذا هو الأظهر
فالأقوى جريان الحكم المذكور فيمن لم يستقر عليه أيضا فيحكم بالاجزاء إذا مات
بعد الأمرين، واستحباب القضاء عنه إذا مات قبل ذلك.
مسألة 74 - الكافر يجب عليه الحج إذا استطاع، لأنه مكلف بالفروع، لشمول
الخطابات له أيضا، ولكن لا يصح منه ما دام كافرا كسائر العبادات وإن كان معتقدا
لوجوبه، وآتيا به على وجهه مع قصد القربة، لأن الاسلام شرط في الصحة، ولو
مات لا يقضى عنه لعدم كونه أهلا للاكرام والابراء، ولو أسلم مع بقاء استطاعته وجب
عليه، وكذا لو استطاع بعد اسلامه، ولو زالت استطاعته ثم اسلم لم يجب عليه على
الأقوى لأن الاسلام يجب ما قبله كقضاء الصلوات والصيام، حيث إنه واجب عليه
حال كفره كالأداء، وإذا أسلم سقط عنه، ودعوى أنه لا يعقل الوجوب عليه، إذ لا يصح
منه إذا أتى به وهو كافر ويسقط عنه إذا اسلم، مدفوعة بأنه يمكن أن يكون الأمر به حال
كفره امرا تهكميا ليعاقب، لا حقيقيا، لكنه مشكل بعد عدم امكان اتيانه به، لا كافرا
ولا مسلما، والأظهر أن يقال: انه حال استطاعته مأمور بالاتيان به مستطيعا وان تركه
فمتسكعا، وهو ممكن في حقه لامكان اسلامه واتيانه مع الاستطاعة ولا معها ان ترك،
فحال الاستطاعة مأمور به في ذلك الحال، ومأمور على فرض تركه حالها بفعله بعدها
وكذا يدفع الاشكال في قضاء الفوائت فيقال: انه في الوقت مكلف بالأداء، ومع
تركه بالقضاء وهو مقدور له بأن يسلم فيأتي بها أداءا، ومع تركها قضاءا، فتوجه
الأمر بالقضاء اليه انما هو في حال الأداء على نحو الأمر المعلق، فحاصل الاشكال أنه
إذا لم يصح الاتيان به حال الكفر، ولا يجب عليه إذا أسلم فكيف يكون مكلفا بالقضاء
ويعاقب على تركه؟ وحاصل الجواب أنه يكون مكلفا بالقضاء في وقت الأداء على

(1) المتعين حمل الامر على الوجوب، الا ان يثبت من الخارج عدم وجوب القضاء
فيمن لم يستقر عليه فيلتزم بالاستحباب بالنسبة اليه، ولا يلزم من ذلك استعمال الامر في معنيين
كما حقق في محله.
201

نحو الوجوب المعلق، ومع تركه الاسلام في الوقت فوت على نفسه الأداء والقضاء
فيستحق العقاب عليه، وبعبارة أخرى كان يمكنه الاتيان بالقضاء بالاسلام في الوقت
إذا ترك الأداء، وحينئذ فإذا ترك الاسلام ومات كافرا يعاقب على مخالفة الأمر بالقضاء
وإذا أسلم يغفر له، وان خالف أيضا واستحق العقاب.
مسألة 75 - لو أحرم الكافر ثم أسلم في الأثناء لم يكفه، ووجب عليه الإعادة
من الميقات، ولو لم يتمكن من العود إلى الميقات أحرم من موضعه، ولا يكفيه ادراك
أحد الوقوفين مسلما، لأن احرامه باطل.
مسألة 76 - المرتد يجب عليه الحج، سواء كانت استطاعته حال اسلامه السابق
أو حال ارتداده، ولا يصح منه، فان مات قبل أن يتوب يعاقب على تركه، ولا يقضى
عنه على الأقوى، لعدم أهليته للاكرام وتفريغ ذمته، كالكافر الأصلي، وان تاب
وجب عليه وصح منه وإن كان فطريا على الأقوى من قبول توبته، سواء بقيت استطاعته
أو زالت قبل توبته، فلا تجرى فيه قاعدة جب الاسلام لأنها مختصة بالكافر الأصلي
بحكم التبادر، ولو أحرم في حال ردته ثم تاب وجب عليه الإعادة كالكافر الأصلي،
ولو حج في حال احرامه ثم ارتد لم يحب عليه الإعادة على الأقوى ففي خبر زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام من كان مؤمنا فحج ثم أصابته فتنة ثم تاب يحسب له كل عمل
صالح عمله ولا يبطل منه شئ. وآية الحبط مختصة بمن مات على كفره بقرينة الآية
الأخرى وهى قوله تعالى: " ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت
أعمالهم " وهذه الآية دليل على قبول توبة المرتد الفطري، فما ذكره بعضهم من عدم
قبولها منه لا وجه له.
مسألة 77 - لو أحرم مسلما ثم ارتد ثم تاب لم يبطل احرامه (1) على الأصح
كما هو كذلك لو ارتد في أثناء الغسل ثم تاب، وكذا لو ارتد في أثناء الأذان أو الإقامة
أو الوضوء ثم تاب قبل فوات الموالاة، بل وكذا لو ارتد في أثناء الصلاة ثم تاب قبل

(1) لكن يعيد الافعال والاعمال التي اتى بها حال ردته.
202

أن يأتي بشئ أو يفوت الموالاة على الأقوى من عدم كون الهيئة الاتصالية جزءا
فيها، نعم لو ارتد في أثناء الصوم بطل وان تاب بلا فصل.
مسألة 78 - إذا حج المخالف ثم استبصر لا يجب عليه الإعادة، بشرط أن
يكون صحيحا في مذهبه (1) وان لم يكن صحيحا في مذهبنا، من غير فرق بين الفرق
لاطلاق الأخبار وما دل على الإعادة من الأخبار محمول على الاستحباب بقرينة بعضها
الآخر من حيث التعبير بقوله عليه السلام: يقضى أحب إلى. وقوله عليه السلام: والحج أحب إلى
مسألة 79 - لا يشترط اذن الزوج للزوجة في الحج إذا كانت مستطيعة، ولا يجوز
له منعها منه، وكذا في الحج الواجب بالنذر ونحوه إذا كان مضيقا، واما في الحج
المندوب فيشترط اذنه، وكذا في الواجب الموسع قبل تضيقه على الأقوى، بل في
حجة الاسلام يجوز له منعها من الخروج مع أول الرفقة مع وجود الرفقة الأخرى
قيل تضيق الوقت، والمطلقة الرجعية كالزوجة في اشتراط اذن الزوج ما دامت في
العدة، بخلاف البائنة لانقطاع عصمتها منه، وكذا المعتدة للوفاة فيجوز لها الحج
واجبا كان أو مندوبا، والظاهر أن المنقطعة كالدائمة في اشتراط الاذن، ولا فرق في
اشتراط الاذن بين أن يكون ممنوعا من الاستمتاع بها لمرض أو سفر أولا.
مسألة 80 - لا يشترط وجود المحرم في حج المرأة إذا كانت مأمونة على
نفسها وبضعها، كما دلت عليه جملة من الأخبار، ولا فرق بين كونها ذات بعل أولا
ومع عدم أمنها يجب عليها استصحاب المحرم ولو بالأجرة مع تمكنها منها، ومع
عدمه لا تكون مستطيعة، وهل يجب عليها التزويج تحصيلا للمحرم؟ وجهان (2)
ولو كانت ذات زوج وادعى عدم الأمن عليها وأنكرت قدم قولها مع عدم البينة (3)

(1) أو في مذهبنا.
(2) أقواهما لزوم التزويج ان لم يكن ذلك مهانة لها ولا شاقا عليها.
(3) الظاهر من النصوص اعتبار كونها مأمونة غير خائفة في وجوب الحج عليها -
وعليه - فإن كان الزوج مدعيا انه خائف فهذه الدعوى لا تمنع عن حجها وان ثبتت - وان
ادعى انها غير مأمونة وخائفة لا كلام في أنه يقدم قولها لأنها اعرف بحالها، الا ان يقيم
البينة على خلاف ذلك، أو تشهد القرائن المورثة للاطمينان به.
203

أو القرائن الشاهدة، والظاهر عدم استحقاقه اليمين عليها الا ان ترجع الدعوى إلى ثبوت
حق الاستمتاع له عليها، بدعوى أن حجها حينئذ مفوت لحقه مع عدم وجوبه عليها
فحينئذ عليها اليمين على نفى الخوف، وهل للزوج مع هذه الحالة منعها عن الحج
باطنا إذا أمكنه ذلك؟ وجهان (1) في صورة عدم تحليفها. واما معه فالظاهر سقوط
حقه، ولو حجت بلا محرم مع عدم الأمن صح حجها ان حصل الامن قبل الشروع في
الاحرام، والا ففي الصحة اشكال وإن كان الأقوى الصحة (2).
مسألة 81 - إذا استقر عليه الحج بأن استكملت الشرائط وأهمل حتى زالت
أو زال بعضها صار دينا عليه، ووجب الاتيان به بأي وجه تمكن، وان مات فيجب
أن يقضى عنه ان كانت له تركة، ويصح التبرع عنه، واختلفوا فيما به يتحقق
الاستقرار على أقوال، فالمشهور مضى زمان يمكن فيه الاتيان بجميع أفعاله مستجمعا
للشرائط، وهو إلى اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، وقيل باعتبار مضى زمان يمكن
فيه الاتيان بالأركان جامعا للشرائط، فيكفي بقاؤها إلى مضى جزء من يوم النحر يمكن
فيه الطوافان والسعي، وربما يقال باعتبار بقائها إلى عود الرفقة، وقد يحتمل كفاية
بقائها إلى زمان يمكن فيه الاحرام ودخول الحرم، وقد يقال بكفاية وجودها حين
خروج الرفقة، فلو أهمل استقر عليه وان فقدت بعض ذلك، لأنه كان مأمورا بالخروج
معهم، والأقوى اعتبار بقائها إلى زمان يمكن فيه العود إلى وطنه بالنسبة إلى الاستطاعة
المالية والبدنية والسربية، واما بالنسبة إلى مثل العقل فيكفي بقاؤه إلى آخر الأعمال
وذلك لأن فقد بعض هذه الشرائط يكشف عن عدم الوجوب عليه واقعا، وأن وجوب
الخروج مع الرفقة كان ظاهريا، ولذا لو علم من الأول أن الشرائط لا تبقى إلى الآخر
لم يجب عليه.
نعم لو فرض تحقق الموت بعد تمام الأعمال كفى بقاء تلك الشرائط إلى آخر

(1) أقواهما الثبوت مع ثبوت الخوف شرعا.
(2) بل الأقوى عدم الصحة.
204

الأعمال، لعدم الحاجة حينئذ إلى نفقة العود والرجوع إلى كفاية وتخلية السرب
ونحوها، ولو علم من الأول بأنه يموت بعد ذلك فإن كان قبل تمام الأعمال لم يجب
عليه المشي (1)، وإن كان بعده وجب عليه، هذا إذا لم يكن فقد الشرائط مستندا
إلى ترك المشي، والا استقر عليه كما إذا علم أنه لو مشى إلى الحج لم يمت أو لم يقتل
أو لم يسرق ماله مثلا، فإنه حينئذ يستقر عليه الوجوب، لأنه بمنزلة تفويت الشرط
على نفسه، وأما لو شك في أن الفقد مستند إلى ترك المشي أولا فالظاهر عدم الاستقرار
للشك في تحقق الوجوب وعدمه واقعا، هذا بالنسبة إلى استقرار الحج لو تركه،
وأما لو كان واجدا للشرائط حين المسير فسار ثم زال بعض الشرائط في الأثناء فأتم
الحج على ذلك الحال كفى حجه (2) عن حجة الاسلام، إذا لم يكن المفقود مثل العقل
بل كان هو الاستطاعة البدنية أو المالية أو السربية ونحوها على الأقوى.
مسألة 82 - إذا استقر عليه العمرة فقط أو الحج فقط كما فيمن وظيفته حج
الافراد والقران ثم زالت استطاعته فكما مر يجب عليه أيضا بأي وجه تمكن، وان
مات يقضى عنه.
مسألة 83 - تقضى حجة الاسلام من أصل التركة إذا لم يوص بها، سواء
كانت حج التمتع أو القران أو الافراد، وكذا إذا كان عليه عمرتهما، وان أوصى بها
من غير تعيين كونها من الأصل أو الثلث فكذلك أيضا، وأما ان أوصى باخراجها
من الثلث وجب اخراجها منه، وتقدم على الوصايا المستحبة وان كانت متأخرة عنها
في الذكر، وان لم يف الثلث بها اخذت البقية من الأصل، والأقوى ان حج النذر
أيضا كذلك، بمعنى أنه يخرج منه الأصل كما سيأتي الإشارة اليه ولو كان عليه دين
أو خمس أو زكاة وقصرت التركة، فإن كان المال المتعلق به الخمس أو الزكاة
موجودا قدم لتعلقهما بالعين، فلا يجوز صرفه في غيرهما، وان كانا في الذمة فالأقوى

(1) القول بالوجوب فيما إذا علم بالموت بعد الاحرام ودخول الحرم محتمل.
(2) الأظهر عدم الكفاية.
205

ان التركة توزع على الجميع بالنسبة، كما في غرماء المفلس، وقد يقال بتقدم
الحج على غيره، وإن كان دين الناس، لخبر معاوية بن عمار الدال على تقديمه
على الزكاة، ونحوه خبر آخر لكنهما موهونان باعراض الأصحاب مع أنهما في
خصوص الزكاة، وربما يحتمل تقديم دين الناس لأهميته، والأقوى ما ذكر من
التحصيص، وحينئذ فان وفت حصة الحج به فهو، والا فإن لم تف الا ببعض الافعال
كالطواف فقط أو هو مع السعي فالظاهر سقوطه وصرف حصته في الدين أو الخمس
أو الزكاة، ومع وجود الجميع توزع عليها، وان وفت بالحج فقط أو العمرة
فقط ففي مثل حج القران والافراد تصرف فيهما مخيرا بينهما، والأحوط تقديم
الحج (1) وفى حج التمتع الأقوى السقوط وصرفها في الدين وغيره، وربما
يحتمل فيه أيضا التخيير، أو ترجيح الحج لأهميته أو العمرة لتقدمها، لكن لا وجه
لها بعد كونهما في التمتع عملا واحدا، وقاعدة الميسور لا جابر لها في المقام.
مسألة 84 - لا يجوز للورثة التصرف في التركة قبل استيجار الحج إذا كان
مصرفه مستغرقا لها، بل مطلقا على الأحوط (2) الا إذا كانت واسعة جدا فلهم التصرف
في بعضها حينئذ مع البناء على اخراج الحج من بعضها الاخر كما في الدين، فحاله
حال الدين.
مسألة 85 - إذا أقر بعض الورثة بوجوب الحج على المورث وأنكره الآخرون
لم يجب عليه الا دفع ما يخص حصته بعد التوزيع، وان لم يف ذلك بالحج
لا يجب عليه تتميمه من حصته، كما إذا أقر بدين وأنكره غيره من الورثة، فإنه لا يجب
عليه دفع الأزيد، فمسألة الاقرار بالحج أو الدين مع انكار الآخرين نظير مسألة الاقرار
بالنسب، حيث إنه إذا أقر أحد الأخوين بأخ آخر وأنكره الاخر لا يجب عليه الا دفع
الزائد عن حصته، فيكفي دفع ثلث ما في يده، ولا ينزل اقراره على الإشاعة على

(1) بل هو الأظهر.
(2) لا يترك مطلقا، الا ان يؤدى مقدار الأجرة إلى ولى امر الميت، وكذا في الدين.
206

خلاف القاعدة للنص.
مسألة 86 - إذا كان على الميت الحج ولم تكن تركته وافية به ولم يكن دين
فالظاهر كونها للورثة، ولا يجب صرفها في وجوه البر عن الميت، لكن الأحوط
التصدق عنه، للخبر عن الصادق عليه السلام عن رجل مات وأوصى بتركته أن أحج بها،
فنظرت في ذلك فلم يكفه للحج فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا: تصدق بها،
فقال عليه السلام: ما صنعت بها؟ فقال عليه السلام: تصدقت بها، فقال عليه السلام ضمنت الا أن لا يكون يبلغ
ما يحج به من مكة، فإن كان لا يبلغ ما يحج به من مكة فليس عليك ضمان. نعم لو احتمل
كفايتها للحج بعد ذلك أو وجود متبرع بدفع التتمة لمصرف الحج وجب ابقاؤها.
مسألة 87 - إذا تبرع متبرع بالحج عن الميت رجعت اجرة الاستيجار إلى
الورثة، سواء عينها الميت أولا، والأحوط صرفها في وجوه البر أو التصدق عنه،
خصوصا فيما إذا عينها الميت للخبر المتقدم.
مسألة 88 - هل الواجب الاستيجار عن الميت من الميقات أو البلد؟ المشهور
وجوبه من أقرب المواقيت إلى مكة ان أمكن، والا فمن الأقرب اليه فالأقرب، و
ذهب جماعة إلى وجوبه من البلد مع سعة المال والا فمن الأقرب اليه فالأقرب، وربما
يحتمل قول ثالث وهو الوجوب من البلد مع سعة المال والا فمن الميقات، وان
أمكن من الأقرب إلى البلد فالأقرب، والأقوى هو القول الأول وإن كان الأحوط القول
الثاني، لكن لا يحسب الزائد عن اجرة الميقاتية على الصغار من الورثة، ولو أوصى
بالاستيجار من البلد وجب ويحسب الزائد عن اجرة الميقاتية من الثلث (1) ولو
أوصى ولم يعين شيئا كفت الميقاتية (2) الا إذا كان هناك انصراف إلى البلدية أو
كانت قرينة على ارادتها كما إذا عين مقدارا يناسب البلدية.

(1) بل من الأصل.
(2) الأظهر وجوب البلدية مع عدم القرينة على إرادة الميقاتية.
207

مسألة 89 - لو لم يمكن الاستيجار الا من البلد وجب، وكان جميع المصرف
من الأصل.
مسألة 90 - إذا أوصى بالبلدية أو قلنا بوجوبها مطلقا فخولف واستؤجر من الميقات
أو تبرع عنه متبرع منه برئت ذمته وسقط الوجوب من البلد، وكذا لو لم يسع المال
الا من الميقات.
مسألة 91 - الظاهر أن المراد من البلد هو البلد الذي مات فيه (1) كما يشعر
به خبر زكريا بن آدم: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل مات وأوصى بحجة، أيجزيه
أن يحج عنه من غير البلد الذي مات فيه؟ فقال عليه السلام: ما كان دون الميقات فلا بأس
به. مع أنه آخر مكان كان مكلفا فيه بالحج، وربما يقال: انه بلد الاستيطان لأنه
المنساق من النص والفتوى، وهو كما ترى، وقد يحتمل البلد الذي صار مستطيعا
فيه، ويحتمل التخيير بين البلدان التي كان فيها بعد الاستطاعة، والأقوى ما ذكرنا
وفاقا لسيد المدارك، ونسبه إلى ابن إدريس أيضا، وإن كان الاحتمال الأخير وهو
التخيير قويا جدا.
مسألة 92 - لو عين بلدة غير بلده كما لو قال: استأجروا من النجف أو من
كربلا تعين.
مسألة 93 - على المختار من كفاية الميقاتية لا يلزم أن يكون من الميقات أو
الأقرب اليه فالأقرب، بل يكفي كل بلد دون الميقات، لكن الأجرة الزائدة على
الميقات مع امكان الاستيجار منه لا يخرج من الأصل، ولا من الثلث إذا لم يوص
بالاستيجار من ذلك البلد الا إذا أوصى باخراج الثلث من دون أن يعين مصرفه، و
من دون أن يزاحم واجبا ماليا عليه.
مسألة 94 - إذا لم يمكن الاستيجار من الميقات وأمكن من البلد وجب وإن كان
عليه دين الناس أو الخمس أو الزكاة فيزاحم الدين ان لم تف التركة بهما،

(1) إذا مات في أثناء مسافرته إلى الحج، والا فهو بلد الاستيطان.
208

بمعنى أنها توزع عليهما بالنسبة.
مسألة 95 - إذا لم تف التركة بالاستيجار من الميقات، لكن أمكن الاستيجار
من الميقات الاضطراري كمكة أو أدنى الحل وجب، نعم لو دار الأمر بين الاستيجار
من البلد أو الميقات الاضطراري قدم الاستيجار من البلد، ويخرج من أصل التركة
لأنه لا اضطرار للميت مع سعة ماله.
مسألة 96 - بناءا على المختار من كفاية الميقاتية لا فرق بين الاستيجار عنه وهو
حي أو ميت، فيجوز لمن هو معذور بعذر لا يرجى زواله ان يجهز رجلا من الميقات
كما ذكرنا سابقا أيضا، فلا يلزم ان يستأجر من بلده على الأقوى وإن كان الأحوط ذلك.
مسألة 97 - الظاهر وجوب المبادرة إلى الاستيجار في سنة الموت، خصوصا
إذا كان الفوت عن تقصير من الميت، وحينئذ فلو لم يمكن الا من البلد وجب وخرج
من الأصل، ولا يجوز التأخير إلى السنة الأخرى ولو مع العلم بامكان الاستيجار من
الميقات توفيرا على الورثة، كما أنه لو لم يمكن من الميقات الا بأزيد من الأجرة
المتعارفة في سنة الموت وجب، ولا يجوز التأخير إلى السنة الأخرى توفيرا عليهم
مسألة 98 - إذا أهمل الوصي أو الوارث الاستيجار فتلفت التركة أو نقصت
قيمتها فلم تف بالاستيجار ضمن، كما أنه لو كان على الميت دين وكانت التركة وافية
وتلفت بالاهمال ضمن.
مسألة 99 - على القول بوجوب البلدية وكون المراد بالبلد الوطن إذا كان له
وطنان، الظاهر وجوب اختيار الأقرب إلى مكة، الا مع رضى الورثة بالاستيجار من
الابعد، نعم مع عدم تفاوت الأجرة الحكم التخيير.
مسألة 100 - بناء على البلدية الظاهر عدم الفرق (1) بين أقسام الحج الواجب

(1) هذا بناءا على البلدية مطلقا، واما بناءا على ما اخترناه من البلدية في صورة
الوصية فالظاهر الاختصاص بحجة الاسلام، وإن كان القول بها في الوصية بالحج مطلقا
غير بعيد.
209

فلا اختصاص بحجة الاسلام، فلو كان عليه حج نذري لم يقيد بالبلد ولا بالميقات يجب
الاستيجار من البلد، بل وكذا لو أوصى بالحج ندبا، اللازم الاستيجار من البلد
إذا خرج من الثلث.
مسألة 101 - إذا اختلف تقليد الميت والوارث في اعتبار البلدية أو الميقاتية
فالمدار على تقليد الميت، وإذا علم أن الميت لم يكن مقلدا في هذه المسألة، فهل
المدار على تقليد الوارث أو الوصي، أو العمل على طبق فتوى المجتهد الذي كان
يجب عليه تقليده إن كان متعينا، والتخيير مع تعدد المجتهدين ومساواتهم؟ وجوه
وعلى الأول فمع اختلاف الورثة في التقليد يعمل كل على تقليده فمن يعتقد البلدية
يؤخذ من حصته بمقدارها بالنسبة فيستأجر مع الوفاء بالبلدية بالأقرب فالأقرب إلى
البلد، ويحتمل الرجوع إلى الحاكم لرفع النزاع، فيحكم بمقتضى مذهبه، نظير
ما إذا اختلف الولد الأكبر مع الورثة في الحبوة، وإذا اختلف تقليد الميت والوارث
في أصل وجوب الحج عليه وعدمه بأن يكون الميت مقلدا لمن يقول: بعدم اشتراط
الرجوع إلى كفاية فكان يجب عليه الحج، والوارث مقلدا لمن يشترط ذلك فلم
يكن واجبا عليه، أو بالعكس فالمدار على تقليد الميت (1).
مسألة 102 - الأحوط (2) في صورة تعدد من يمكن استيجاره الاستيجار من
أقلهم اجرة، مع احراز صحة عمله مع عدم رضا الورثة، أو وجود قاصر فيهم، سواء قلنا
بالبلدية أو الميقاتية، وإن كان لا يبعد جواز استيجار المناسب لحال الميت من حيث
الفضل والأوثقية مع عدم قبوله الا بالأزيد، وخروجه من الأصل، كما لا يبعد عدم
وجوب المبالغة في الفحص (3) عن أقلهم اجرة وان كانت أحوط.
مسألة 103 - قد عرفت ان الأقوى كفاية الميقاتية، لكن الأحوط الاستيجار

(1) بل المدار على تقليد الوارث، أو الوصي، أو اجتهادهما في جميع فروض المسألة.
(2) لا يترك.
(3) إذا لم يكن الفحص حرجيا أو ضرريا لا يترك الاحتياط بالفحص.
210

من البلد بالنسبة إلى الكبار من الورثة، بمعنى عدم احتساب الزائد عن اجرة الميقاتية
على القصر إن كان فيهم قاصر.
مسألة 104 - إذا علم أنه كان مقلدا ولكن لم يعلم فتوى مجتهده في هذه
المسألة، فهل يجب الاحتياط، أو المدار على تقليد الوصي، أو الوارث؟ وجهان أيضا (1).
مسألة 105 - إذا علم استطاعة الميت مالا ولم يعلم تحقق سائر الشرائط في
حقه فلا يجب القضاء عنه (2)، لعدم العلم بوجوب الحج عليه لاحتمال فقد بعض
الشرائط.
مسألة 106 - إذا علم استقرار الحج عليه ولم يعلم أنه اتى به أم لا، فالظاهر
وجوب القضاء عنه لأصالة بقائه في ذمته، ويحتمل عدم وجوبه (3) عملا بظاهر حال
المسلم، وانه لا يترك ما وجب عليه فورا، وكذا الكلام إذا علم أنه تعلق به خمس (4)
أو زكاة أو قضاء صلوات أو صيام ولم يعلم أنه أداها أولا.
مسألة 107 - لا يكفي الاستيجار في براءة ذمة الميت (5) والوارث، بل يتوقف
على الأداء، ولو علم أن الأجير لم يؤد وجب الاستيجار ثانيا، ويخرج من الأصل
ان لم يمكن استرداد الأجرة من الأجير.
مسألة 108 - إذا استأجر الوصي أو الوارث من البلد غفلة عن كفاية الميقاتية
ضمن ما زاد عن اجرة الميقاتية للورثة أو لبقيتهم.
مسألة 109 - إذا لم يكن للميت تركة وكان عليه الحج لم يجب على الورثة
شئ، وإن كان يستحب على وليه، بل قد يقال بوجوبه للامر به في بعض الأخبار.
مسألة 110 - من استقر عليه الحج وتمكن من أدائه ليس له ان يحج عن

(1) تقدم ان المدار على تقليد الوارث أو الوصي أو اجتهاد هما.
(2) الا مع سبق وجود ذلك الشرط.
(3) لكنه خلاف الظاهر.
(4) مع بقاء المال الذي تعلق به الزكاة أو الخمس، والا فلا يجب كما تقدم منه في
كتاب الزكاة.
(5) ظاهر جملة من الروايات المعتبرة كفايته فيها.
211

غيره تبرعا أو بإجارة، وكذا ليس له ان يحج تطوعا، ولو خالف فالمشهور البطلان
بل ادعى بعضهم عدم الخلاف فيه وبعضهم الاجماع عليه، ولكن عن سيد المدارك
التردد في البطلان، ومقتضى القاعدة الصحة وإن كان عاصيا في ترك ما وجب عليه، كما
في مسألة الصلاة مع فورية وجوب إزالة النجاسة عن المسجد، إذ لا وجه للبطلان الا دعوى
ان الأمر بالشئ نهى عن ضده وهى محل منع، وعلى تقديره لا يقتضى البطلان،
لأنه نهى تبعي، ودعوى انه يكفي في عدم الصحة عدم الامر، مدفوعة بكفاية المحبوبية
في حد نفسه في الصحة، كما في مسألة ترك الأهم والاتيان بغير الأهم من الواجبين
المتزاحمين، أو دعوى ان الزمان مختص بحجته عن نفسه، فلا يقبل لغيره، وهى
أيضا مدفوعة بالمنع، إذ مجرد الفورية لا يوجب الاختصاص، فليس المقام من قبيل
شهر رمضان حيث إنه غير قابل لصوم آخر، وربما يتمسك للبطلان في المقام بخبر
سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى عليه السلام عن الرجل الصرورة يحج عن الميت
قال عليه السلام: نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه، فإن كان له ما يحج به
عن نفسه فليس يجزى عنه حتى يحج من ماله، وهى تجزى عن الميت إن كان
للصرورة مال، وان لم يكن له مال، وقريب منه صحيح سعيد الأعرج عن أبي
عبد الله عليه السلام، وهما كما ترى بالدلالة على الصحة أولى، فان غاية ما يدلان عليه انه
لا يجوز له ترك حج نفسه واتيانه عن غيره.
واما عدم الصحة فلا (1)، نعم يستفاد منهما عدم اجزائه عن نفسه، فتردد
صاحب المدارك في محله، بل لا يبعد الفتوى بالصحة لكن لا يترك الاحتياط، هذا
كله لو تمكن من حج نفسه، واما إذا لم يتمكن فلا اشكال في الجواز والصحة عن
غيره، بل لا ينبغي الاشكال في الصحة إذا كان لا يعلم بوجوب الحج عليه، لعدم
علمه باستطاعته مالا، أولا يعلم بفورية وجوب الحج عن نفسه فحج عن غيره أو تطوعا
ثم على فرض صحة الحج عن الغير ولو مع التمكن والعلم بوجوب الفورية لو آجر

(1) الظاهر دلالتهما على البطلان، لكنهما مختصان بالاستنابة عن الميت.
212

نفسه لذلك، فهل الإجارة أيضا صحيحة أو باطلة، مع كون حجه صحيحا عن الغير؟
الظاهر بطلانها، وذلك لعدم قدرته شرعا (1) على العمل المستأجر عليه، لأن المفروض
وجوبه عن نفسه فورا، وكونه صحيحا على تقدير المخالفة لا ينفع في صحة الإجارة
خصوصا على القول بأن الأمر بالشئ نهى عن ضده، لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه
وان كانت الحرمة تبعية.
فان قلت: ما الفرق بين المقام وبين المخالفة للشرط في ضمن العقد مع قولكم
بالصحة هناك، كما إذا باعه عبدا وشرط عليه ان يعتقه فباعه، حيث تقولون: بصحة
البيع، ويكون للبايع خيار تخلف الشرط؟ قلت: الفرق ان في ذلك المقام المعاملة
على تقدير صحتها مفوتة لوجوب العمل بالشرط، فلا يكون العتق واجبا بعد البيع
لعدم كونه مملوكا له، بخلاف المقام حيث انا لو قلنا بصحة الإجارة لا يسقط وجوب
الحج عن نفسه فورا، فيلزم اجتماع أمرين متنافيين (2) فعلا، فلا يمكن أن تكون
الإجارة صحيحة، وان قلنا: ان النهى التبعي لا يوجب البطلان، فالبطلان من جهة
عدم القدرة على العمل لا لأجل النهى عن الإجارة.
نعم لو لم يكن متمكنا من الحج عن نفسه يجوز له ان يوجر نفسه للحج عن
غيره، وان تمكن بعد الإجارة عن الحج عن نفسه لا تبطل اجارته، بل لا يبعد صحتها
لو لم يعلم باستطاعته أو لم يعلم بفورية الحج عن نفسه فآجر نفسه للنيابة ولم يتذكر
إلى أن فات محل استدراك الحج عن نفسه كما بعد الفراغ أو في أثناء الأعمال، ثم
لا اشكال في أن حجه عن الغير لا يكفيه عن نفسه، بل اما باطل كما عن المشهور، أو صحيح
عمن نوى عنه كما قويناه، وكذا لو حج تطوعا لا يجزيه عن حجة الاسلام في الصورة
المفروضة، بل اما باطل أو صحيح ويبقى عليه حجة الاسلام، فما عن الشيخ من

(1) كيف لا يكون قادرا عليه، مع أن المفروض صحة الحج المستأجر عليه.
(2) حيث إن متعلق الإجارة لا محالة يكون هو الحج على تقدير ترك الحج عن نفسه
فالامر الإجاري يتعلق به هكذا، فلا محالة يكون الأمران بنحو الترتب ولا محذور فيه.
213

انه يقع عن حجة الاسلام لا وجه له، إذ الانقلاب القهري لا دليل عليه، ودعوى ان حقيقة
الحج واحدة، والمفروض اتيانه بقصد القربة، فهو منطبق على ما عليه من حجة الاسلام
مدفوعة بأن وحدة الحقيقة لا تجدي (1) بعد كون المطلوب هو الاتيان بقصد ما عليه
وليس المقام من باب التداخل بالاجماع كيف ولا لزم كفاية الحج عن الغير أيضا
عن حجة الاسلام (2)، بل لابد من تعدد الامتثال مع تعدد الأمر وجوبا وندبا، أو
مع تعدد الواجبين، وكذا ليس المراد من حجة الاسلام الحج الأول بأي عنوان كان
كما في صلاة التحية وصوم الاعتكاف، فلا وجه لما قاله الشيخ أصلا، نعم لو نوى
الأمر المتوجه اليه فعلا وتخيل انه امر ندبي غفلة عن كونه مستطيعا أمكن القول
بكفاية عن حجة الاسلام، لكنه خارج عما قاله الشيخ، ثم إذا كان الواجب عليه حجا
نذريا أو غيره وكان وجوبه فوريا فحاله ما ذكرنا في حجة الاسلام من عدم جواز
حج غيره، وانه لو حج صح، أولا، وغير ذلك من التفاصيل المذكورة بحسب القاعدة.
3 - فصل في الحج الواجب بالنذر، والعهد واليمين
ويشترط في انعقادها، البلوغ، والعقل، والقصد، والاختيار، فلا تنعقد من
الصبي وان بلغ عشرا وقلنا بصحة عباداته وشرعيتها، لرفع قلم الوجوب عنه، وكذا
لا تصح من المجنون والغافل والساهي والسكران والمكره، والأقوى صحتها من
الكافر وفاقا للمشهور في اليمين، خلافا لبعض، وخلافا للمشهور في النذر، وفاقا
لبعض، وذكروا في وجه الفرق عدم اعتبار قصد القربة في اليمين، واعتباره في

(1) مع وحدة الحقيقة لا محالة يكون آتيا بالمأمور به بجميع قيوده مضافا إلى المولى،
وكون الإضافة بقصد الامر الندبي لا يضر، سيما بناءا على المختار من خروج الوجوب والندب
عن حريم الموضوع له والمستعمل فيه، وحيث لا يعتبر في الامتثال شئ زايدا على ذلك
فلا مناص عن البناء على أنه يقع عن حجة الاسلام كما عن الشيخ.
(2) وفيه ان الحج عن نفسه وعن غيره متعددا من حيث الامر والمأمور به، فلا
محالة لا يكفي الاتيان بأحدهما عن الاخر، بخلاف حجة الاسلام وحج التطوع بناءا على
وحدة الحقيقة كما هو الأظهر إذ لم يثبت التعدد.
214

النذر، ولا تتحقق القربة في الكافر، وفيه أولا ان القربة لا تعتبر في النذر، بل هو
مكروه، وانما تعتبر في متعلقه (1) حيث إن اللازم كونه راجحا شرعا، وثانيا أن متعلق
اليمين أيضا قد يكون من العبادات، وثالثا انه يمكن قصد القربة من الكافر أيضا،
ودعوى عدم امكان اتيانه للعبادات لاشتراطها بالاسلام، مدفوعة بامكان اسلامه ثم اتيانه
فهو مقدور لمقدورية مقدمته، فيجب عليه حال كفره كسائر الواجبات، ويعاقب
على مخالفته، ويترتب عليها وجوب الكفارة فيعاقب على تركها أيضا، وان أسلم
صح ان أتى به، ويجب عليه الكفارة لو خالف، ولا يجرى فيه قاعدة جب الاسلام (2)
لانصرافها عن المقام، نعم لو خالف وهو كافر وتعلق به الكفارة فأسلم لا يبعد دعوى
سقوطها عنه كما قيل.
مسألة 1 - ذهب جماعة إلى أنه يشترط في انعقاد اليمين من المملوك اذن
المولى، وفى انعقاده من الزوجة اذن الزوج وفى انعقاده من الولد اذن الوالد،
لقوله عليه السلام: لا يمين لولد مع والده، ولا للزوجة مع زوجها، ولا للمملوك مع مولاه
فلو حلف أحد هؤلاء بدون الاذن لم ينعقد، وظاهرهم اعتبار الإذن السابق فلا تكفى
الإجازة بعده، مع أنه من الايقاعات وادعى الاتفاق على عدم جريان الفضولية فيها، وإن كان
يمكن دعوى أن القدر المتيقن من الاتفاق ما إذا وقع الايقاع على مال الغير، مثل
الطلاق والعتق ونحوهما، لا مثل المقام مما كان في مال نفسه. غاية الأمر اعتبار رضا
الغير فيه، ولا فرق فيه بين الرضا السابق واللاحق، خصوصا إذا قلنا: ان الفضولي
على القاعدة، وذهب جماعة إلى أنه لا يشترط الاذن في الانعقاد، لكن للمذكورين
حل يمين الجماعة إذا لم يكن مسبوقا بنهي أو اذن، بدعوى أن المنساق من الخبر
المذكور ونحوه، انه ليس للجماعة المذكورة يمين مع معارضة المولى أو الأب أو

(1) الظاهر أن مراد القوم من اعتبار القربة في النذر كون الداعي اليه التسبب
به إلى اتيان متعلقه قربة إلى الله تعالى، وعليه فكما أفاد لا مانع من صحة نذر الكافر.
(2) الأظهر جريانها فيه.
215

الزوج، ولازمه جواز حلهم له، وعدم وجوب العمل به من عدم رضاهم به، وعلى
هذا فمع النهى السابق لا ينعقد، ومع الاذن يلزم، ومع عدمها ينعقد ولهم حله، ولا يبعد
قوة هذا القول (1) مع أن المقدر كما يمكن أن يكون هو الوجود يمكن أن يكون هو
المنع والمعارضة، أي لا يمين مع منع المولى مثلا، فمع عدم الظهور في الثاني
لا أقل من الاجمال، والقدر المتيقن هو عدم الصحة مع المعارضة والنهى، بعد كون
مقتضى العمومات الصحة واللزوم، ثم إن جواز الحل أو التوقف على الاذن ليس
في اليمين بما هو يمين مطلقا كما هو ظاهر كلماتهم (2) بل انما هو فيما كان المتعلق
منافيا لحق المولى أو الزوج، وكان مما يجب فيه طاعة الوالد إذا أمر أو نهى، واما
ما لم يكن كذلك فلا، كما إذا حلف المملوك ان يحج إذا أعتقه المولى، أو حلفت
الزوجة ان تحج إذا مات زوجها أو طلقها، أو حلفا أن يصليا صلاة الليل، مع عدم
كونها منافية لحق المولى، أو حق الاستمتاع من الزوجة، أو حلف الولد ان يقرأ
كل يوم جزءا من القرآن، أو نحو ذلك مما لا يجب طاعتهم فيها للمذكورين، فلا
مانع من انعقاده، وهذا هو المنساق من الأخبار، فلو حلف الولدان يحج إذا استصحبه
الوالد إلى مكة مثلا لا مانع من انعقاده، وهكذا بالنسبة إلى المملوك والزوجة،
فالمراد من الأخبار أنه ليس لهم أو يوجبوا على أنفسهم باليمين ما يكون منافيا لحق
المذكورين، ولذا استثنى بعضهم الحلف على فعل الواجب أو ترك القبيح، وحكم
بالانعقاد فيهما، ولو كان المراد اليمين بما هو يمين لم يكن وجه لهذا الاستثناء، هذا
كله في اليمين، وأما النذر فالمشهور بينهم انه كاليمين في المملوك والزوجة، والحق
بعضهم بهما الولد أيضا، وهو مشكل لعدم الدليل عليه خصوصا في الولد الا القياس
على اليمين، بدعوى تنقيح المناط، وهو ممنوع، أو بدعوى ان المراد من اليمين

(1) بل هو الأقوى.
(2) وهو الأقوى لأنه ظاهر النص أيضا، ولا ينافيه استثناء الحلف على فعل الواجب
وترك الحرام فان الظاهر من النص عدم انعقاد اليمين مع معارضة الجماعة فيما لهم المنع
عن ما تعلق به ومعارضته، ومن الواضح انه ليس لهم النهى عن فعل الواجب وترك الحرام
إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
216

في الاخبار ما يشمل النذر لاطلاقه عليه في جملة من الأخبار، منها خبران في كلام
الإمام عليه السلام ومنها اخبار في كلام الراوي وتقرير الإمام عليه السلام له، وهو أيضا
كما ترى فالأقوى في الولد عدم الالحاق (1) نعم في الزوجة والمملوك لا يبعد
الالحاق باليمين لخبر قرب الإسناد عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام كان يقول:
ليس على المملوك نذر الا بإذن مولاه، وصحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام ليس
للمرأة مع زوجها امر في عتق ولا صدقة ولا تدبير ولا هبة ولا نذر في مالها الا باذن زوجها
الا في حج أو زكاة أو بر والديها أو صلة قرابتها. وضعف الأول منجبر بالشهرة،
واشتمال الثاني على ما لا نقول به لا يضر، ثم هل الزوجة تشمل المنقطعة أولا؟
وجهان (2) وهل الولد يشمل ولد الولد أولا (3)؟ كذلك وجهان، والأمة المزوجة
عليها الاستيذان من الزوج والمولى بناءا على اعتبار الاذن، وإذا اذن المولى للمملوك
أن يحلف ان ينذر الحج لا يجب عليه اعطاء ما زاد عن نفقته الواجبة عليه من مصارف
الحج، وهل عليه تخلية سبيله (4) لتحصيلها أولا؟ وجهان، ثم على القول بأن
لهم الحل هل يجوز مع حلف الجماعة التماس المذكورين في حل حلفهم أم لا؟
وجهان (5).
مسألة 2 - إذا كان الوالد كافرا ففي شمول الحكم له وجهان، أوجههما
العدم، للانصراف ونفى السبيل.
مسألة 3 - هل المملوك المبعض حكمه حكم القن أولا؟ وجهان، لا يبعد

(1) بل الأقوى الالحاق، ثم إن الظاهر في الولد ان للوالد حل نذره كما في اليمين
واما في الزوجة والمملوك فالظاهر اعتبار اذن الزوج المالك وعدم انعقاده بدونه.
(2) الأظهر الشمول.
(3) الأقوى هو الشمول.
(4) الظاهر ذلك فإنه بعد الاذن وانعقاد النذر يجب عليه تحصيل النفقة مقدمة للحج
ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
(5) أقواهما الأول.
217

الشمول، ويحتمل عدم توقف حلفه على الاذن (1) في نوبته في صورة المهايات،
خصوصا إذا كان وقوع المتعلق في نوبته.
مسألة 4 - الظاهر عدم الفرق في الولد بين الذكر والأنثى، وكذا في المملوك
والمالك، لكن لا تلحق الام بالأب.
مسألة 5 - إذا نذر أو حلف المملوك بإذن المالك ثم انتقل إلى غيره بالإرث أو
البيع أو نحوه بقي على لزومه.
مسألة 6 - لو نذرت المرأة أو حلفت حال عدم الزوجية ثم تزوجت وجب
عليها العمل به (2) وإن كان منافيا للاستمتاع بها، وليس للزوج منعها من ذلك الفعل
كالحج ونحوه، بل وكذا لو نذرت أنها لو تزوجت بزيد مثلا صامت كل خميس،
وكان المفروض أن زيدا أيضا حلف أن يواقعها كل خمسي إذا تزوجها، فان حلفها
أو نذرها مقدم على حلفه، وإن كان متأخرا في الايقاع لأن حلفه لا يؤثر شيئا في تكليفها
بخلاف نذرها فإنه يوجب الصوم عليها لأنه متعلق بعمل نفسها فوجوبه عليها يمنع
من العمل بحلف الرجل.
مسألة 7 - إذا نذر الحج من مكان معين كبلده أو بلد آخر معين فحج من غير
ذلك المكان لم تبرأ ذمته ووجب عليه ثانيا، نعم لو عينه في سنة فحج في تلك السنة
من غير ذلك المكان وجب عليه الكفارة، لعدم امكان التدارك، ولو نذر أن يحج
من غير تقييد بمكان ثم نذر نذرا آخر أن يكون ذلك الحج من مكان كذا وخالف فحج
من غير ذلك المكان برأ من النذر الأول، ووجب عليه الكفارة لخلف النذر الثاني،
كما أنه لو نذر أن يحج حجة الاسلام من بلد كذا فخالف فإنه يجزيه عن حجة الاسلام
ووجب عليه الكفارة لخلف النذر.
مسألة 8 - إذا نذر أن يحج ولم يقيده بزمان فالظاهر جواز التأخير إلى ظن

(1) لكنه ضعيف.
(2) الظاهر عدم الفرق بين الزوج حين النذر - والمتحقق بعده.
218

الموت أو الفوت فلا يجب عليه المبادرة الا إذا كان هناك انصراف، فلو مات قبل
الاتيان به في صورة جواز التأخير لا يكون عاصيا، والقول بعصيانه مع تمكنه في بعض
تلك الأزمنة وان جاز التأخير لا وجه له، وإذا قيده بسنة معينة لم يجز التأخير مع فرض
تمكنه في تلك السنة فلو أخر عصى وعليه القضاء والكفارة، وإذا مات وجب قضاؤه
عنه، كما أن في صورة الاطلاق إذا مات بعد تمكنه منه قبل اتيانه وجب القضاء عنه،
والقول بعدم وجوبه بدعوى أن القضاء بفرض جديد (1) ضعيف لما يأتي، وهل
الواجب القضاء من أصل التركة أو من الثلث؟ قولان، فذهب جماعة إلى القول
بأنه من الأصل، لأن الحج واجب مالي واجماعهم قائم على أن الواجبات المالية
تخرج من الأصل، وربما يورد عليه بمنع كونه واجبا ماليا، وانما هو أفعال مخصوصة
بدنية، وإن كان قد يحتاج إلى بذل المال في مقدماته، كما أن الصلاة أيضا قد تحتاج
إلى بذل المال في تحصيل الماء والساتر والمكان ونحو ذلك، وفيه أن الحج في
الغالب محتاج إلى بذل المال بخلاف الصلاة وسائر العبادات البدنية، فإن كان هناك
اجماع أو غيره على أن الواجبات المالية تخرج من الأصل يشمل الحج قطعا، وأجاب
صاحب الجواهر بأن المناط في الخروج من الأصل كون الواجب دينا، والحج
كذلك (2) فليس تكليفا صرفا، كما في الصلاة والصوم بل للأمر به جهة وضعية،
فوجوبه على نحو الدينية، بخلاف سائر العبادات البدنية، فلذا يخرج من الأصل
كما يشير اليه بعض الأخبار الناطقة بأنه دين أو بمنزلة الدين، قلت: التحقيق أن جميع
الواجبات الإلهية ديون لله تعالى، سواء كانت مالا أو عملا ماليا أو عملا غير مالي،
فالصلاة والصوم أيضا ديون لله ولهما جهة وضع، فذمة المكلف مشغولة بهما ولذا

(1) هذا هو الأقوى لولا الاجماع على وجوب القضاء والظاهر وجوده.
(2) ويشهد له ما في خبر معاوية في الوصية بحجة الاسلام بعد الحكم بأنها من جميع
المال - انها بمنزلة الدين الواجب وفى خبر حارث - انما هي دين عليه ومقتضى عموم
العلة كون كل ما هو دين واجب ولو كان من ديون الله تعالى مخرجا من الأصل، فجميع
الواجبات حتى مثل الصلاة تخرج من الأصل.
219

يجب قضاؤهما فان القاضي يفرغ ذمة نفسه أو ذمة الميت، وليس القضاء من باب
التوبة، أو من باب الكفارة بل هو اتيان لما كانت الذمة مشغولة به، ولا فرق بين
كون الاشتغال بالمال أو بالعمل، بل مثل قوله: لله على أن اعطى زيدا درهما، دين
الهى لا خلقي فلا يكون الناذر مديونا لزيد بل هو مديون لله بدفع الدرهم لزيد،
ولا فرق بينه وبين أن يقول: لله على أن أحج أو أن اصلى ركعتين، فالكل دين الله،
ودين الله أحق أن يقضى، كما في بعض الأخبار، ولازم هذا كون الجميع من الأصل
نعم إذا كان الوجوب على وجه لا يقبل بقاء شغل الذمة به بعد فوته لا يجب قضاؤه،
لا بالنسبة إلى نفس من وجب عليه، ولا بعد موته، سواء كان مالا أو عملا مثل وجوب
اعطاء الطعام لمن يموت من الجوع عام المجاعة، فإنه لو لم يعطه حتى مات لا يجب
عليه ولا على وارثه القضاء، لأن الواجب انما هو حفظ النفس المحترمة، وهذا
لا يقبل البقاء بعد فوته، وكما في نفقة الأرحام فاه لو ترك الانفاق عليهم مع تمكنه
لا يصير دينا عليه، لأن الواجب سد الخلة، وإذا فات لا يتدارك، فتحصل ان مقتضى
القاعدة في الحج النذري إذا تمكن وترك حتى مات وجوب قضائه من الأصل، لأنه
دين الهي الا أن يقال بانصراف الدين عن مثل هذه الواجبات، وهو محل منع،
بل دين الله أحق أن يقضى، وأما الجماعة القائلون بوجوب قضائه من الثلث فاستدلوا
بصحيحة ضريس وصحيحة ابن أبي يعفور الدالتين على أن من نذر الاحجاج ومات
قبله يخرج من ثلثه، وإذا كان نذر الاحجاج كذلك مع كونه ماليا قطعا فنذر الحج بنفسه
أولى بعدم الخروج من الأصل، وفيه ان الأصحاب لم يعملوا بهذين الخبرين (1)
في موردهما، فكيف يعمل بهما في غيره؟ وأما الجواب عنهما بالحمل على صورة
كون النذر في حال المرض بناءا على خروج المنجزات من الثلث، فلا وجه له بعد كون
الأقوى خروجها من الأصل، وربما يجاب عنهما بالحمل على صورة عدم اجراء الصيغة
أو على صورة عدم التمكن من الوفاء حتى مات، وفيهما ما لا يخفى خصوصا الأول.

(1) مع أنهما معارضان بصحيح مسمع بن عبد الملك الذي أفتى المشهور بصدره.
220

مسألة 9 - إذا نذر الحج مطلقا أو مقيدا بسنة معينة ولم يتمكن من الاتيان به
حتى مات لم يجب القضاء عنه، لعدم وجوب الأداء عليه حتى يجب القضاء عنه فيكشف
ذلك عن عدم انعقاد نذره.
مسألة 10 - إذا نذر الحج معلقا على أمر كشفاء مريضه أو مجئ مسافره
فمات قبل حصول المعلق عليه هل يجب القضاء عنه أم لا؟ المسألة مبنية على أن
التعليق من باب الشرط (1) أو من قبيل الوجوب المعلق، فعلى الأول لا يجب لعدم
الوجوب عليه بعد فرض موته قبل حصول الشرط، وإن كان متمكنا من حيث المال
وسائر الشرايط، وعلى الثاني يمكن أن يقال بالوجوب لكشف حصول الشرط عن
كونه واجبا عليه من الأول، الا أن يكون نذره منصرفا إلى بقاء حياته حين حصول
الشرط.
مسألة 11 - إذا نذر الحج وهو متمكن منه فاستقر عليه، ثم صار معضوبا لمرض
أو نحوه، أو مصدودا بعد واو نحوه، فالظاهر وجوب استنابته حال حياته لما مر من الأخبار
سابقا في وجوبها، ودعوى اختصاصها بحجة الاسلام ممنوعة (2) كما مر سابقا، وإذا مات
وجب القضاء عنه، وإذا صار معضوبا أو مصدودا قبل تمكنه واستقرار الحج عليه أو
نذر وهو معضوب أو مصدود حال النذر مع فرض تمكنه من حيث المال، ففي وجوب
الاستنابة وعدمه حال حياته ووجوب القضاء عنه بعد موته قولان، أقواهما العدم،
وان قلنا بالوجوب بالنسبة إلى حجة الاسلام الا أن يكون قصده من قوله: لله على
أن أحج، الاستنابة.
مسألة 12 - لو نذران يحج رجلا في سنة معينة فخالف مع تمكنه وجب عليه
القضاء والكفارة، وان مات قبل اتيانهما يقضيان من أصل التركة، لأنهما واجبان

(1) هذا هو المتعين فلا يجب القضاء.
(2) وقد مر في المسألة الواحدة والسبعين من الفصل السابق تصريحه بان المتيقن
من نصوص الاستنابة حجة الاسلام، ولا يتعدى عنها في الحكم المخالف للقاعدة - وهو
الحق كما مر.
221

ماليان بلا اشكال، والصحيحتان المشار اليهما سابقا الدالتان على الخروج من الثلث
معرض عنهما كما قيل، أو محمولتان على بعض المحامل، وكذا إذا نذر الاحجاج
من غير تقييد بسنة معينة مطلقا أو معلقا على شرط وقد حصل وتمكن منه وترك حتى
مات فإنه يقضى عنه من أصل التركة، وأما لو نذر الاحجاج بأحد الوجوه ولم يتمكن
منه حتى مات ففي وجوب قضائه وعدمه وجهان، أوجههما ذلك، لأنه واجب مالي
أوجبه على نفسه فصار دينا، غاية الأمر أنه ما لم يتمكن معذور، والفرق بينه و
بين نذر الحج بنفسه انه لا يعد دينا مع عدم التمكن منه، واعتبار المباشرة، بخلاف
الاحجاج فإنه كنذر بذل المال، كما إذا قال: لله على أن اعطى الفقراء مائة درهم
ومات قبل تمكنه، ودعوى كشف عدم التمكن عن عدم الانعقاد، ممنوعة، ففرق بين
ايجاب مال على نفسه أو ايجاب عمل مباشري وان استلزم صرف المال، فإنه لا يعد
دينا عليه بخلاف الأول.
مسألة 13 - لو نذر الاحجاج معلقا على شرط كمجئ المسافر أو شفاء المريض
فمات قبل حصول الشرط مع فرض حصوله بعد ذلك وتمكنه منه قبله، فالظاهر وجوب
القضاء عنه، الا ا يكون مراده التعليق على ذلك الشرط مع كونه حيا حينه، ويدل
على ما ذكرنا خبر مسمع بن عبد الملك فيمن كان له جارية حبلى فنذر ان هي ولدت
غلاما ان يحجه أو يحج عنه، حيث قال الصادق عليه السلام بعدما سئل عن هذا: ان رجلا
نذر في ابن له ان هو أدرك ان يحجه أو يحج عنه، فمات الأب وأدرك الغلام بعد،
فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله عن ذلك، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله ان يحج عنه، مما ترك
أبوه، وقد عمل به جماعة، وعلى ما ذكرنا لا يكون مخالفا للقاعدة (1) كما تخيله
سيد الرياض، وقرره عليه صاحب الجواهر وقال: ان الحكم فيه تعبدي على خلاف
القاعدة.

(1) لم يذكر ما يظهر منه عدم كونه مخالفا للقاعدة سوى ما افاده في المسألة العاشرة،
وعليه فما تخيله سيد الرياض متين كما مر.
222

مسألة 14 - إذا كان مستطيعا ونذر أن يحج حجة الاسلام انعقد على الأقوى،
وكفاه حج واحد، وإذا ترك حتى مات وجب القضاء عنه، والكفارة من تركته،
وإذا قيده بسنة معينة فأخر عنها وجب عليه الكفارة، وإذا نذره في حال عدم الاستطاعة
انعقد أيضا، ووجب عليه تحصيل الاستطاعة مقدمة، الا ان يكون مراده الحج بعد
الاستطاعة.
مسألة 15 - لا يعتبر في الحج النذري الاستطاعة الشرعية، بل يجب مع القدرة
العقلية، خلافا للدروس ولا وجه له إذ حاله حال سائر الواجبات التي تكفيها القدرة عقلا.
مسألة 16 - إذا نذر حجا غير حجة الاسلام في عامه وهو مستطيع لم ينعقد، الا
إذا نوى ذلك على تقدير زوالها فزالت، ويحتمل الصحة (1) مع الاطلاق أيضا إذا
زالت حملا لنذره على الصحة.
مسألة 17 - إذا نذر حجا في حال عدم الاستطاعة الشرعية ثم حصلت له فإن كان
موسعا أو مقيدا بسنة متأخرة قدم حجة الاسلام (2) لفوريتها، وإن كان مضيقا بأن قيده
بسنة معينة وحصل فيها الاستطاعة أو قيده بالفورية قدمه (3) وحينئذ فان بقيت الاستطاعة
إلى العام القابل وجبت، والا فلا، لأن المانع الشرعي كالعقلي، ويحتمل
وجوب تقديم النذر ولو مع كونه موسعا لأنه دين عليه، بناءا على أن الدين ولو كان
موسعا يمنع عن تحقق الاستطاعة، خصوصا مع ظن عدم تمكنه من الوفاء بالنذر ان
صرف استطاعته في حجة الاسلام.
مسألة 18 - إذا كان نذره في حال عدم الاستطاعة فوريا ثم استطاع وأهمل عن

(1) وهو الأقوى إذا حصل منه قصد القربة حين نذره، لان متعلق نذره راجح واقعا
وان لم يكن متبينا الا بعد زوال الاستطاعة.
(2) هذا إذا لم يكن نذره متعلقا بطبيعة الحج، والا يكفي حجة الاسلام مع قصد بر النذر
(3) على القول بعدم انعقاد نذر حج غير حجة الاسلام في عام الاستطاعة، الأظهر
عدم انعقاد النذر فيما لو قيده بسنة معينة ثم حصلت الاستطاعة فيها أو قيده بالفورية.
223

وفاء النذر في عامه وجب الاتيان به في العام القابل مقدما على حجة الاسلام (1) وان
بقيت الاستطاعة اليه لوجوبه عليه فورا ففورا، فلا يجب عليه حجة الاسلام الا بعد الفراغ
عنه، لكن عن الدروس أنه قال بعد الحكم بأن استطاعة النذر شرعية لا عقلية، فلو
نذر ثم استطاع صرف ذلك إلى النذر، فان أهمل واستمرت الاستطاعة إلى العام
القابل وجب حجة الاسلام أيضا، ولا وجه له، نعم لو قيد نذره بسنة معينة وحصل
فيها الاستطاعة فلم يف به وبقيت استطاعته إلى العام المتأخر، أمكن ان يقال بوجوب
حجة الاسلام أيضا، لأن حجه النذري صار قضاءا موسعا، ففرق بين الاهمال مع
الفورية، والاهمال مع التوقيت بناءا على تقديم حجة الاسلام مع كون النذري
موسعا.
مسألة 19 - إذا نذر الحج وأطلق من غير تقييد بحجة الاسلام ولا بغيره وكان
مستطيعا أو استطاع بعد ذلك، فهل يتداخلان فيكفي حج واحد عنهما، أو يجب
التعدد، أو يكفي نية الحج النذري عن حجة الاسلام دون العكس؟ أقوال: أقواها
الثاني (2) لأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب، والقول بأن الأصل هو التداخل ضعيف
واستدل للثالث بصحيحتي رفاعة ومحمد بن مسلم عن رجل نذر أن يمشى إلى بيت الله
فمشى، هل يجزيه عن حجة الاسلام؟ قال عليه السلام نعم. وفيه ان ظاهرهما كفاية الحج
النذري عن حجة الاسلام مع عدم الاستطاعة وهو غير معمول به، ويمكن حملهما

(1) بناءا على ما تقدم في المسألة السابقة لا مجال لهذه، واما بناءا على القول بالانعقاد
فإن كان متعلق نذره الحج فورا ففورا فحكمه ما في المتن، وإن كان متعلقه الحج في تلك
السنة وانما نقول بوجوبه في العام اللاحق من باب القضاء قدم حجة الاسلام، هذا إذا
كان النذر متعلقا بحج غير حجة الاسلام، وإن كان متعلقا بطبيعة الحج كفاه حجة الاسلام
مع قصد بر النذر.
(2) الأقوى كفاية حجة الاسلام مع قصد بر النذر بها، وليس هذا من التداخل، وعلى
فرض كونه منه الأصل هو التداخل، وهو قده في ملحقات العروة في مبحث العدة يصرح
بان الأصل هو التداخل.
224

على أنه نذر المشي لا الحج ثم أراد ان يحج فسئل عليه السلام عن انه هل يجزيه هذا الحج
الذي اتى به عقيب هذا المشي أم لا؟ فأجاب عليه السلام بالكفاية، نعم لو نذر أن يحج
مطلقا اي حج كان كفاه عن نذره حجة الاسلام، بل الحج النيابي وغيره أيضا، لأن
مقصوده حينئذ حصول الحج منه في الخارج بأي وجه كان.
مسألة 20 - إذا نذر الحج حال عدم استطاعته معلقا على شفاء ولده مثلا فاستطاع
قبل حصول المعلق عليه فالظاهر تقديم حجة الاسلام، ويحتمل تقديم المنذور (1)
إذا فرض حصول المعلق عليه قبل خروج الرفقة مع كونه فوريا، بل هو المتعين إن كان
نذره من قبيل الواجب المعلق.
مسألة 21 - إذا كان عليه حجة الاسلام والحج النذري ولم يمكنه الاتيان بهما
اما لظن الموت أو لعدم التمكن الا من أحدهما ففي وجوب تقديم الأسبق سببا أو
التخيير أو تقديم حجة الاسلام لأهميتها وجوه، أوجهها الوسط، وأحوطها الأخير (2)
وكذا إذا مات وعليه حجتان ولم تف تركته الا لإحداهما، وأما ان وفت التركة
فاللازم استيجارهما ولو في عام واحد.
مسألة 22 - من عليه الحج الواجب بالنذر الموسع يجوز له الاتيان بالحج
المندوب قبله.
مسألة 23 - إذا نذر أن يحج أو يحج انعقد ووجب عليه أحدهما على وجه
التخيير، وإذا تركهما حتى مات يجب القضاء عنه مخيرا، وإذا طرأ العجز من أحدهما
معينا تعين الآخر، ولو تركه أيضا حتى مات يجب القضاء عنه مخيرا أيضا، لأن
الواجب كان على وجه التخيير، فالفائت هو الواجب المخير، ولا عبرة بالتعيين العرضي
فهو كما لو كان عليه كفارة الافطار في شهر رمضان وكان عاجزا عن بعض الخصال ثم

(1) إن كان المنذور طبيعة الحج كفاه حجة الاسلام، والا فان قلنا بعدم انعقاده فلا كلام
وان قلنا بانعقاده وان لم يكن فوريا ولا متعلقا بالحج في تلك السنة قدم حجة الاسلام -
والا قدم المنذور مطلقا - والله العالم.
(2) بل أظهرها.
225

مات، فإنه يجب الاخراج عن تركته مخيرا، وان تعين عليه في حال حياته في إحداها
فلا يتعين في ذلك المتعين، نعم لو كان حال النذر غير متمكن الا من أحدهما معينا
ولم يتمكن من الآخر إلى أن مات أمكن أن يقال باختصاص القضاء بالذي كان متمكنا منه،
بدعوى أن النذر لم ينعقد بالنسبة إلى ما لم يتمكن منه، بناءا على أن عدم التمكن يوجب
عدم الانعقاد، لكن الظاهر أن مسألة الخصال ليست كذلك، فيكون الاخراج من
تركته على وجه التخيير وان لم يكن في حياته متمكنا الا من البعض أصلا، وربما
يحتمل في الصورة المفروضة ونظائرها عدم انعقاد النذر بالنسبة إلى الفرد الممكن
أيضا، بدعوى أن متعلق النذر هو أحد الأمرين على وجه التخيير، ومع تعذر أحدهما
لا يكون وجوب الآخر تخييريا، بل عن الدروس اختياره في مسألة ما لو نذر ان رزق
ولدا أن يحجه أو يحج عنه إذا مات الولد قبل تمكن الأب من أحد الأمرين، وفيه
أن مقصود الناذر اتيان أحد الأمرين من دون اشتراط كونه على وجه التخيير فليس النذر
مقيدا بكونه واجبا تخييريا، حتى يشترط في انعقاده التمكن منهما.
مسألة 24 - إذا نذر أن يحج أو يزور الحسين عليه السلام من بلده ثم مات قبل الوفاء
بنذره وجب القضاء من تركته، ولو اختلفت أجرتهما يجب الاقتصار على أقلهما اجرة
الا إذا تبرع الوارث بالزائد فلا يجوز للوصي اختيار الأزيد اجرة، وان جعل الميت
أمر التعيين اليه، ولو أوصى باختيار الأزيد اجرة خرج الزائد من الثلث.
مسألة 25 - إذا علم أن على الميت حجا ولم يعلم أنه حجة الاسلام أو حج النذر
وجب قضاؤه عنه من غير تعيين وليس عليه كفارة، ولو تردد ما عليه بين الواجب
بالنذر أو بالحلف وجبت الكفارة أيضا، وحيث انها مرددة بين كفارة النذر وكفارة
اليمين فلا بد من الاحتياط (1) ويكفى حينئذ اطعام ستين مسكينا، لأن فيه اطعام عشرة
أيضا الذي يكفي في كفارة الحلف.
مسألة 26 - إذا نذر المشي في حجه الواجب عليه أو المستحب انعقد مطلقا

(1) الظاهر كفاية الأقل.
226

حتى في مورد يكون الركوب أفضل، لأن المشي في حد نفسه أفضل من الركوب
بمقتضى جملة من الأخبار، وأن كان الركوب قد يكون أرجح لبعض الجهات، فان
أرجحيته لا توجب زوال الرجحان عن المشي في حد نفسه، وكذا ينعقد لو نذر الحج
ماشيا مطلقا، ولو مع الاغماض عن رجحان المشي، لكفاية رجحان أصل الحج في
الانعقاد، إذ لا يلزم أن يكون المتعلق راجحا بجميع قيوده وأوصافه، فما عن بعضهم
من عدم الانعقاد في مورد يكون الركوب أفضل لا وجه له. وأضعف منه دعوى الانعقاد
في أصل الحج لا في صفة المشي، فيجب مطلقا، لأن المفروض نذر المقيد فلا معنى
لبقائه مع عدم صحة قيده.
مسألة 27 - لو نذر الحج راكبا انعقد ووجب، ولا يجوز حينئذ المشي وإن كان
أفضل لما مر من كفاية رجحان المقيد دون قيده، نعم لو نذر الركوب في حجه في مورد
يكون المشي أفضل لم ينعقد (1) لأن المتعلق حينئذ الركوب لا الحج راكبا، وكذا
ينعقد لو نذر أن يمشى بعض الطريق من فرسخ في كل يوم أو فرسخين، وكذا ينعقد
لو نذر الحج حافيا، وما في صحيحة الحذاء من أمر النبي صلى الله عليه وآله بركوب أخت عقبة
ابن عامر مع كونها ناذرة أن تمشى إلى بيت الله حافية، قضية في واقعة يمكن أن يكون
لمانع من صحة نذرها من ايجابه كشفها أو تضررها أو غير ذلك.
مسألة 28 - يشترط في انعقاد النذر ماشيا أو حافيا تمكن الناذر وعدم تضرره
بهما (2) فلو كان عاجزا أو كان مضرا ببدنه لم ينعقد، نعم لا مانع منه إذا كان حرجا
لا يبلغ حد الضرر، لان رفع الحرج (3) من باب الرخصة لا العزيمة، هذا إذا كان
حرجيا حين النذر وكان عالما به، وأما إذا عرض الحرج بعد ذلك فالظاهر كونه
مسقطا للوجوب.

(1) الميزان عدم كون المتعلق راجحا، واما مجرد أفضلية غيره منه فهو لا يصلح مانعا
عن الانعقاد.
(2) ضررا يكون تحمله مرجوحا.
(3) هذا بمجرده لا يكفي، الا ان يدعى عدم شمول أدلة الحرج.
227

مسألة 29 - في كون مبدأ وجوب المشي أو الحفاة، بلد النذر، أو الناذر، أو أقرب
البلدين إلى الميقات، أو مبدأ الشروع في السفر، أو أفعال الحج أقوال، والأقوى
أنه تابع للتعيين أو الانصراف، ومع عدمهما فأول افعال الحج إذا قال: لله على أن
أحج ماشيا، ومن حين الشروع في السفر إذا قال: لله على أن امشي إلى بيت الله،
أو نحو ذلك، كما أن الأقوى ان منتهاه مع عدم التعيين رمى الجمار لجملة من الأخبار
لاطواف النساء كما عن المشهور، ولا الإفاضة من عرفات كما في بعض الأخبار.
مسألة 30 - لا يجوز لمن نذر الحج ماشيا أو المشي في حجه، ان يركب البحر
لمنافاته لنذره، وان اضطر اليه لعروض المانع من ساير الطرق سقط نذره كما أنه لو
كان منحصرا فيه من الأول لم ينعقد، ولو كان في طريقه نهر أو شط لا يمكن العبور الا
بالمركب فالمشهور أنه يقوم فيه (1) لخبر السكوني، والأقوى عدم وجوبه لضعف
الخبر عن اثبات الوجوب، والتمسك بقاعدة الميسور لا وجه له، وعلى فرضه فالميسور
هو التحرك لا القيام.
مسألة 31 - إذا نذر المشي فخالف نذره فحج راكبا، فإن كان المنذور الحج
ماشيا من غير تقييد بسنة معينة وجب عليه الإعادة ولا كفارة، الا إذا تركها أيضا (2) وإن كان
المنذور الحج ماشيا في سنة معية فخالف وأتى به راكبا وجب عليه القضاء
والكفارة، وإذا كان المنذور المشي في حج معين وجبت الكفارة دون القضاء لفوات
محل النذر، والحج صحيح في جميع الصور، خصوصا الأخيرة، لأن النذر لا يوجب
شرطية المشي في أصل الحج، وعدم الصحة من حيث النذر لا يوجب عدمها من حيث
الأصل، فيكفي في صحته الاتيان به بقصد القربة، وقد يتخيل البطلان من حيث إن
المنوى وهو الحج النذري لم يقع، وغيره لم يقصد، وفيه ان الحج في حد نفسه

(1) وهو الأظهر لعمل الأصحاب بخبر السكوني، فهو على فرض ضعف السند
منجبر بالعمل.
(2) على وجه يحصل الحنث.
228

مطلوب وقد قصده في ضمن قصد النذر، وهو كاف الا ترى انه لو صام أياما بقصد
الكفارة ثم ترك التتابع لا يبطل الصيام في الأيام السابقة أصلا، وانما تبطل من حيث كونها
صيام كفارة، وكذا إذا بطلت صلاته لم تبطل قرائته واذكاره التي اتى بها من حيث
كونها قرآنا أو ذكرا، وقد يستدل للبطلان إذا ركب في حال الاتيان بالأفعال بأن
الأمر باتيانها ماشيا موجب للنهي عن اتيانها راكبا، وفيه منع كون الأمر بالشئ نهيا
عن ضده، ومنع استلزامه البطلان على القول به، مع أنه لا يتم فيما لو نذر الحج
ماشيا مطلقا من غير تقييد بسنة معينة، ولا بالفورية لبقاء محل الإعادة.
مسألة 32 - لو ركب بعضا ومشى بعضا فهو كما لو ركب الكل، لعدم الاتيان
بالمنذور، فيجب عليه القضاء أو الإعادة ماشيا، والقول بالإعادة والمشي في موضع
الركوب ضعيف لا وجه له.
مسألة 33 - لو عجز عن المشي بعد انعقاد نذره لتمكنه منه أو رجائه سقط، وهل
يبقى حينئذ وجوب الحج راكبا أو لابل يسقط أيضا؟ فيه أقوال:
أحدها - وجوبه راكبا مع سياق بدنة. الثاني - وجوبه بلا سياق.
الثالث - سقوطه إذا كان الحج مقيدا بسنة معينة، أو كان مطلقا مع اليأس عن
التمكن بعد ذلك وتوقع المكنة مع الاطلاق وعدم اليأس.
الرابع - وجوب الركوب مع تعيين السنة، أو اليأس في صورة الاطلاق،
وتوقع المكنة مع عدم اليأس.
الخامس - وجوب الركوب إذا كان بعد الدخول في الاحرام، وإذا كان قبله
فالسقوط مع التعيين، وتوقع المكنة مع الاطلاق، ومقتضى القاعدة وإن كان هو
القول الثالث، الا ان الأقوى بملاحظة جملة من الأخبار هو القول الثاني (1) بعد حمل

(1) القول الأول لو لم يكن أقوى لا ريب في أنه أحوط، إذ السكوت عن سياق الهدى
لا يصلح قرينة لصرف الامر به في النصوص المعتبرة عن الوجوب، وخبر عنبسة ضعيف السند،
اللهم الا ان يقال إن عمل جماعة من الأساطين به جابر لضعفه فتأمل.
229

ما في بعضها من الأمر بسياق الهدى على الاستحباب بقرينة السكوت عنه في بعضها الآخر
مع كونه في مقام البيان، مضافا إلى خبر عنبسة الدال على عدم وجوبه صريا فيه،
من غير فرق في ذلك بين ان يكون العجز، قبل الشروع في الذهاب أو بعده، وقبل الدخول
في الاحرام أو بعده، ومن غير فرق أيضا بين كون النذر مطلقا أو مقيدا بسنة مع توقع
المكنة وعدمه، وإن كان الأحوط (1) في صورة الاطلاق مع عدم اليأس من المكنة
وكونه قبل الشروع في الذهاب الإعادة إذا حصلت المكنة بعد ذلك، لاحتمال
انصراف الأخبار عن هذه الصورة، والأحوط اعمال قاعدة الميسور أيضا بالمشي
بمقدار المكنة بل لا يخلو عن قوة للقاعدة، مضافا إلى الخبر: عن رجل نذر أن
يمشى إلى بيت الله حاجا قال عليه السلام: فليمش، فإذا تعب فليركب، ويستفاد منه كفاية
الحرج والتعب في جواز الركوب وان لم يصل إلى حد العجز، وفى مرسل حريز:
إذا حلف الرجل ان لا يركب أو نذران لا يركب فإذا بلغ مجهوده ركب.
مسألة 34 - إذا نذر الحج ماشيا فعرض مانع آخر غير العجز عن المشي من مرض
أو خوفه أو عدو أو نحو ذلك فهل، حكمه حكم العجز فيما ذكر أولا، لكون الحكم
على خلاف القاعدة؟ وجهان: ولا يبعد التفصيل بين المرض ومثل العدو باختيار الأول
في الأول، والثاني في الثاني، وإن كان الأحوط الالحاق مطلقا (2).
3 - فصل في النيابة
لا اشكال في صحة النيابة عن الميت في الحج الواجب والمندوب، وعن الحي
في المندوب مطلقا، وفى الواجب في بعض الصور.
مسألة 1 - يشترط في النائب أمور: أحدها - البلوغ على المشهور فلا يصح نيابة الصبي
عندهم، وإن كان مميزا، وهو الأحوط (3) لا لما قيل من عدم صحة عباداته لكونها

(1) لا يترك.
(2) الأقوى عدمه.
(3) بل الأظهر.
230

تمرينية، لأن الأقوى كونها شرعية ولا لعدم الوثوق به لعدم الرادع له من جهة عدم
تكليفه، لأنه أخص من المدعى، بل لأصالة عدم فراغ ذمة المنوب عنه بعد دعوى
انصراف الأدلة خصوصا مع اشتمال جملة من الأخبار على لفظ الرجل، ولا فرق بين
ان يكون حجه بالإجارة أو بالتبرع بإذن الولي أو عدمه، وإن كان لا يبعد (1) دعوى
صحة نيابته في الحج المندوب بإذن الولي.
الثاني - العقل فلا تصح نيابة المجنون الذي لا يتحقق منه القصد مطبقا كان
جنونه أو أدواريا في دور جنونه، ولا بأس بنيابة السفيه.
الثالث - الايمان لعدم صحة عمل غير المؤمن وإن كان معتقدا بوجوبه وحصل
منه نية القربة، ودعوى أن ذلك في العمل لنفسه دون غيره كما ترى.
الرابع - العدالة أو الوثوق بصحة عمله، وهذا الشرط انما يعتبر في جواز
الاستنابة (2) لا في صحة عمله.
الخامس - معرفته بأفعال الحج وأحكامه وإن كان بارشاد معلم حال كل عمل
السادس - عدم اشتغال ذمته بحج واجب عليه في ذلك العام، فلا تصح نيابة
من وجب عليه حجة الاسلام، أو النذر المضيق مع تمكنه من اتيانه، وأما مع عدم
تمكنه لعدم المال فلا بأس، فلو حج عن غيره مع تمكنه من الحج لنفسه بطل على
المشهور، لكن الأقوى أن هذا الشرط انما هو لصحة الاستنابة والإجارة (3) والا
فالحج صحيح وان لم يستحق الأجرة، وتبرأ ذمة المنوب عنه على ما هو الأقوى من
عدم كون الأمر بالشئ نهيا عن ضده، مع أن ذلك على القول به وايجابه للبطلان

(1) بل هو بعيد.
(2) اي في قبول خبره في الاتيان بالحج وسقوط ذمة المنوب عنه، والأظهر عدم
اعتباره فيه أيضا.
(3) قد مر انه لا يكون شرطا لصحة الاستنابة والإجارة أيضا، الا في خصوص استقرار
حجة الاسلام وكون النيابة عن الميت.
231

انما يتم مع العلم والعمد، وأما مع الجهل (1) أو الغفلة فلا، بل الظاهر صحة الإجارة
أيضا على هذا التقدير، لأن البطلان انما هو من جهة عدم القدرة الشرعية على العمل
المستأجر عليه، حيث إن المانع الشرعي كالمانع العقلي، ومع الجهل أو الغفلة لا
مانع لأنه قادر شرعا.
مسألة 2 - لا يشترط في النائب الحرية فتصح نيابة المملوك بإذن مولاه، ولا تصح
استنابته بدونه، ولو حج بدون اذنه بطل.
مسألة 3 - يشترط في المنوب عنه الاسلام، فلا تصح النيابة عن الكافر، لا لعدم
انتفاعه بالعمل عنه، لمنعه وامكان دعوى انتفاعه بالتخفيف في عقابه، بل لانصراف
الأدلة (2) فلو مات مستطيعا وكان الوارث مسلما لا يجب عليه استيجاره عنه، ويشترط
فيه أيضا كونه ميتا أو حيا عاجزا في الحج الواجب، فلا تصح النيابة عن الحي في
الحج الواجب الا إذا كان عاجزا، وأما في الحج الندبي فيجوز عن الحي والميت
تبرعا أو بالإجارة.
مسألة 4 - تجوز النيابة عن الصبي المميز والمجنون بل يجب الاستيجار عن
المجنون إذا استقر عليه حال افاقته ثم مات مجنونا.
مسألة 5 - لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه في الذكورة والأنوثة
فتصح نيابة المرأة عن الرجل كالعكس، نعم الأولى المماثلة.
مسألة 6 - لا بأس باستنابة الصرورة رجلا كان أو امرأة عن رجل أو امرأة، و
القول بعدم جواز استنابة المرأة الصرورة مطلقا أو مع كون المنوب عنه رجلا ضعيف
نعم يكره ذلك (3) خصوصا مع كون المنوب عنه رجلا، بل لا يبعد كراهة استيجار
الصرورة ولو كان رجلا عن رجل.

(1) إذا كان عن قصور.
(2) وللنهي عن الاستغفار له في الآية الشريفة.
(3) الأظهر عدم الكراهة.
232

مسألة 7 - يشترط في صحة النيابة، قصد النيابة، وتعيين المنوب عنه في النية
ولو بالاجمال، ولا يشترط ذكر اسمه وان كانت يستحب ذلك في جميع المواطن و
المواقف.
مسألة 8 - كما تصح النيابة بالتبرع وبالإجارة كذا تصح بالجعالة، ولا تفرغ
ذمة المنوب عنه الا باتيان النائب صحيحا، ولا تفرغ بمجرد الإجارة، وما دل من الاخبار
على كون الأجير ضامنا وكفاية الإجارة في فراغه منزلة على أن الله تعالى يعطيه ثواب
الحج إذا قصر النائب في الاتيان، أو مطروحة لعدم عمل العلماء بها بظاهرها.
مسألة 9 - لا يجوز استيجار المعذور في ترك بعض الأعمال بل لو تبرع المعذور
يشكل الاكتفاء به.
مسألة 10 - إذا مات النائب قبل الاتيان بالمناسك، فإن كان قبل الاحرام لم يجز
عن المنوب عنه، لما مر من كون الأصل عدم فراغ ذمته الا بالاتيان، بعد حمل الأخبار
الدالة على ضمان الأجير على ما أشرنا اليه، وان مات بعد الاحرام ودخول الحرم
أجزأ عنه، لا لكون الحكم كذلك في الحاج عن نفسه، لاختصاص ما دل عليه به.
وكون فعل النائب فعل المنوب عنه لا يقتضى الالحاق، بل لموثقة إسحاق بن عمار
المؤيدة بمرسلتي حسين بن عثمان وحسين بن يحيى الدالة على أن النائب إذا مات
في الطريق أجزأ عن المنوب عنه، المقيدة بمرسلة المقنعة: " من خرج حاجا فمات
في الطريق فإنه إن كان مات في الحرم فقد سقطت عنه الحجة " الشاملة للحاج عن
غيره أيضا، ولا يعارضها موثقة عمار الدالة على أن النائب إذا مات في الطريق عليه
أن يوصى، لأنها محمولة على ما إذا مات قبل الاحرام، أو على الاستحباب، مضافا
إلى الاجماع على عدم كفاية مطلق الموت في الطريق، وضعفها سندا بل ودلالة
منجبر بالشهرة والاجماعات المنقولة، فلا ينبغي الاشكال في الاجزاء في الصورة
المزبورة، واما إذا مات بعد الاحرام وقبل دخول الحرم ففي الاجزاء قولان،
ولا يبعد الاجزاء وان لم نقل به في الحاج عن نفسه لاطلاق الأخبار في المقام، والقدر
233

المتيقن من التقييد هو اعتبار كونه بعد الاحرام، لكن الأقوى عدمه، (1) فحاله حال
الحاج عن نفسه في اعتبار الأمرين في الاجزاء، والظاهر عدم الفرق بين حجة الاسلام
وغيرها من أقسام الحج، وكون النيابة بالأجرة أو بالتبرع.
مسألة 11 - إذا مات الأجير بعد الاحرام ودخول الحرم يستحق تمام الأجرة
إذا كان أجيرا على تفريغ الذمة (2) وبالنسبة إلى ما اتى به من الأعمال إذا كان أجيرا
على الاتيان بالحج، بمعنى الأعمال المخصوصة، وان مات قبل ذلك لا يستحق شيئا
سواء مات قبل الشروع في المشي أو بعده، وقبل الاحرام أو بعده، وقبل الدخول
في الحرم لأنه لم يأت بالعمل المستأجر عليه لا كلا ولا بعضا بعد فرض عدم اجزائه
من غير فرق بين ان يكون المستأجر عليه نفس الأعمال أو مع المقدمات من المشي
ونحوه، نعم لو كان المشي داخلا في الإجارة على وجه الجزئية بأن يكون مطلوبا
في الإجارة نفسا استحق مقدار ما يقابله من الأجرة، بخلاف ما إذا لم يكن داخلا
أصلا، أو كان داخلا فيها لا نفسا بل بوصف المقدمية، فما ذهب اليه بعضهم من توزيع
الأجرة عليه أيضا مطلقا لا وجه له (3) كما أنه لا وجه لما ذكره بعضهم من التوزيع
على ما اتى به من الأعمال بعد الاحرام، إذ هو نظير ما إذا استؤجر للصلاة فأتى بركعة
أو أزيد ثم أبطلت (4) صلاته، فإنه لا اشكال في أنه لا يستحق الأجرة المثل لما اتى به،
حيث إن عمله محترم، مدفوعة بأنه لا وجه له بعد عدم نفع للمستأجر فيه. والمفروض
أنه لم يكن مغرورا من قبله، وحينئذ فتنفسخ الإجارة إذا كانت للحج في سنة معينة
ويجب عليه الاتيان به إذا كانت مطلقة من غير استحقاق لشئ على التقديرين.

(1) الأظهر هو الاجزاء.
(2) أو الاتيان بطبيعة الحج.
(3) بل هو الأظهر، الا مع التصريح بالخروج عن مورد الإجارة.
(4) بل هو نظير ما لو استؤجر للصلاة فاتى بركعة أو أزيد ثم مات، والأظهر فيه
استحقاق الأجرة بالنسبة.
234

مسألة 12 - يجب في الإجازة تعيين نوع الحج من تمتع أو قران أو افراد
ولا يجوز للمؤجر العدول عما عين له، وإن كان إلى الأفضل، كالعدول من أحد الأخيرين
إلى الأول، الا إذا رضى المستأجر بذلك فيما إذا كان مخيرا بين النوعين أو الأنواع،
كما في الحج المستحبي والمنذور المطلق، أو كان ذا منزلين متساويين في مكة وخارجها
وأما إذا كان ما عليه من نوع خاص فلا ينفع رضاه (1) أيضا بالعدول إلى غيره، وفى
صورة جواز الرضا، يكون رضاه من باب اسقاط حق الشرط إن كان التعيين بعنوان
الشرطية، ومن باب الرضا بالوفاء بغير الجنس إن كان بعنوان القيدية، وعلى أي تقدير
يستحق الأجرة المسماة، وان لم يأت بالعمل المستأجر عليه على التقدير الثاني، لأن
المستأجر إذا رضى بغير النوع الذي عينه فقد وصل اليه ماله على المؤجر، كما في
الوفاء بغير الجنس في سائر الديون، فكأنه قد أتى بالعمل المستأجر عليه، ولا فرق
فيما ذكرنا بين العدول إلى الأفضل أو إلى المفضول، هذا، ويظهر من جماعة جواز
العدول إلى الأفضل، كالعدول إلى التمتع تعبدا من الشارع، لخبر أبي بصير عن
أحدهما عليهما السلام في رجل اعطى رجلا دراهم يحج بها مفردة أيجوز له أن
يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال عليه السلام: نعم انما خالف إلى الأفضل. والأقوى ما ذكرنا
والخبر منزل على صورة العلم برضا المستأجر بذلك مع كونه مخيرا بين النوعين،
جمعا بينه وبين خبر آخر في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها حجة مفردة قال عليه السلام:
ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج، لا يخالف صاحب الدارهم. وعلى ما ذكرنا
من عدم جواز العدول الا مع العلم بالرضا إذا عدل بدون ذلك لا يستحق الأجرة في
صورة التعيين على وجه القيدية، وإن كان حجه صحيحا عن المنوب عنه، ومفرغا
لذمته، إذا لم يكن ما في ذمته متعينا فيما عين، وأما إذا كان على وجه الشرطية فيستحق
الا إذا فسخ المستأجر الإجارة من جهة تخلف الشرط، إذ حينئذ لا يستحق المسمى بل
أجرة المثل.

(1) ولكنه ينفع في فراغ ذمة الأجير.
235

مسألة 13 - لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق وإن كان في الحج البلدي لعدم
تعلق الغرض بالطريق نوعا، ولكن لو عين تعين، ولا يجوز العدول عنه إلى غيره، الا إذا
علم أنه لا غرض للمستأجر في خصوصيته، وانما ذكره على المتعارف فهو راض بأي
طريق كان، فحينئذ لو عدل صح واستحق تمام الأجرة، وكذا إذا أسقط بعد العقد حق
تعيينه، فالقول بجواز العدول مطلقا أو مع عدم العلم بغرض في الخصوصية ضعيف،
كالاستدلال له بصحيحة حريز: عن رجل أعطى رجلا حجة يحج عنه من الكوفة فحج عنه
من البصرة، فقال: لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه. إذ هي محمولة على
صورة العلم بعدم الغرض كما هو الغالب، مع أنها انما دلت على صحة الحج من حيث
هو، لا من حيث كونه عملا مستأجرا عليه كما هو المدعى، وربما تحمل على محامل
اخر، وكيف كان لا اشكال في صحة حجه وبراءة ذمة المنوب عنه إذا لم يكن ما عليه
مقيدا بخصوصية الطريق المعين، انما الكلام في استحقاقه الأجرة المسماة على تقدير
العدول وعدمه، والأقوى انه يستحق من المسمى بالنسبة، ويسقط منه بمقدار
المخالفة إذا كان الطريق معتبرا في الإجارة على وجه الجزئية، ولا يستحق شيئا على
تقدير اعتباره على وجه القيدية، لعدم اتيانه بالعمل المستأجر عليه حينئذ، وان برئت ذمة
المنوب عنه بما أتى به، لأنه حينئذ متبرع بعمله، ودعوى انه يعد في العرف انه اتى
ببعض ما استؤجر عليه فيستحق بالنسبة، وقصد التقييد بالخصوصية لا يخرجه عرفا عن
العمل ذي الأجزاء، كما ذهب اليه في الجواهر لا وجه لها (1) ويستحق تمام الأجرة
إن كان اعتباره على وجه الشرطية الفقهية بمعنى الالتزام في الالتزام، نعم للمستأجر
خيار الفسخ لتخلف الشرط فيرجع إلى أجرة المثل.
مسألة 14 - إذا آجر نفسه للحج عن شخص مباشرة في سنة معينة، ثم آجر عن
شخص آخر في تلك السنة مباشرة أيضا بطلت الإجارة الثانية، لعدم القدرة على العمل
بها بعد وجوب العمل بالأولى، ومع عدم اشتراط المباشرة فيهما أو في إحداهما صحتا

(1) بل له وجه وجيه.
236

معا، ودعوى بطلان الثانية وان يشترط فيها المباشرة مع اعتبارها في الأولى لأنه
يعتبر في صحة الإجارة تمكن الأجير من العمل بنفسه، فلا يجوز إجارة الأعمى على قراءة
القرآن، وكذا لا يجوز إجارة الحائض لكنس المسجد وان لم يشترط المباشرة
ممنوعة، فالأقوى الصحة، هذا إذا آجر نفسه ثانيا للحج بلا اشتراط المباشرة، واما إذا
آجر نفسه لتحصيله فلا اشكال فيه، وكذا تصح الثانية مع اختلاف السنتين، أو مع
توسعة الاجارتين، أو توسعة إحداهما، بل وكذا مع اطلاقهما أو اطلاق إحداهما إذا
لم يكن انصراف إلى التعجيل، ولو اقترنت الإجارتان في وقت واحد بطلتا معا مع
اشتراط المباشرة فيهما، ولو آجره فضوليان من شخصين مع اقتران الإجارتين يجوز له
إجازة إحداهما كما في صورة عدم الاقتران، ولو آجر نفسه من شخص ثم علم أنه
آجره فضولي من شخص آخر سابقا على عقد نفسه ليس له إجازة ذلك العقد، وان
قلنا بكون الإجازة كاشفة، بدعوى انها حينئذ تكشف عن بطلان إجارة نفسه، لكون
اجارته نفسه مانعا عن صحة الإجازة حتى تكون كاشفة، وانصراف أدلة صحة الفضولي
عن مثل ذلك.
مسألة 15 - إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لا يجوز له التأخير، بل ولا
التقديم الا مع رضى المستأجر، ولو اخر لا لعذر أثم وتنفسخ الإجارة (1) إن كان
التعيين على وجه التقييد، ويكون للمستأجر خيار الفسخ لو كان على وجه الشرطية
وان أتى به مؤخرا لا يستحق الأجرة على الأول وان برئت ذمة المنوب عنه به، ويستحق
المسماة على الثاني الا إذا فسخ المستأجر فيرجع إلى أجرة المثل، وإذا أطلق الإجارة
وقلنا بوجوب التعجيل لا تبطل مع الا همال، وفى ثبوت الخيار للمستأجر حينئذ وعدمه
وجهان (2) من أن الفورية ليست توقيتا، ومن كونها بمنزلة الاشتراط.

(1) بل يستحق الأجير الأجرة المسماة، ويضمن للمستأجر أجرة المثل للعمل الخاص
الممتنع تسليمه.
(2) أقواهما الثبوت.
237

مسألة 16 - قد عرفت عدم صحة الإجارة الثانية فيما إذا آجر نفسه من شخص
في سنة معينة، ثم آجر من آخر في تلك السنة، فهل يمكن تصحيح الثانية بإجازة
المستأجر الأول أولا؟ فيه تفصيل: وهو انه ان كانت الأولى واقعة على العمل في
الذمة لا تصح الثانية بالإجازة لأنه لادخل للمستأجر بها إذ لم تقع على ماله حتى
تصح له اجازتها، وان كانت واقعة على منفعة الأجير في تلك السنة بأن تكون
منفعته من حيث الحج أو جميع منافعه له جاز له إجازة الثانية، لوقوعها على ماله
وكذا الحال في نظائر المقام، فلو آجر نفسه ليخيط أزيد في يوم معين ثم آجر
نفسه ليخيط أو ليكتب لعمرو في ذلك اليوم ليس لزيد إجازة العقد الثاني، واما إذا
ملكه منفعته الخياطي فآجر نفسه للخياطة أو للكتابة (1) لعمرو جاز له إجازة هذا العقد
لأنه تصرف في متعلق حقه وإذا أجاز يكون مال الإجارة له، لا للمؤجر، نعم لو ملك
منفعة خاصة كخياطة ثوب معين أو الحج عن ميت معين على وجه التقييد يكون كالأول
في عدم امكان اجازته.
مسألة 17 - إذا صد الأجير أو أحصر كان حكمه كالحاج عن نفسه فيما عليه
من الأعمال، وتنفسخ الإجارة مع كونها مقيدة بتلك السنة، ويبقى الحج في ذمته
مع الاطلاق، وللمستأجر خيار التخلف إذا كان اعتبار تلك السنة على وجه الشرط
في ضمن العقد، ولا يجزى عن المنوب عنه وإن كان بعد الاحرام ودخول الحرم،
لأن ذلك كان في خصوص الموت من جهة الأخبار، والقياس عليه لا وجه له، ولو
ضمن المؤجر الحج في المستقبل في صورة التقييد لم تجب اجابته، والقول بوجوبه
ضعيف، وظاهرهم استحقاق الأجرة بالنسبة إلى ما أتى به من الأعمال، وهو مشكل (2)
لأن المفروض عدم اتيانه للعمل المستأجر عليه، وعدم فائدة فيما أتى به، فهو نظير
الانفساخ في الأثناء لعذر غير الصد والحصر، وكالانفساخ في أثناء سائر الأعمال

(1) الظاهر زيادة هذه الكلمة.
(2) لا اشكال فيه كما تقدم.
238

المرتبطة لعذر في اتمامها وقاعدة احترام عمل المسلم لا تجرى، لعدم الاستناد إلى
المستأجر، فلا يستحق أجرة المثل أيضا.
مسألة 18 - إذا اتى النائب بما يوجب الكفارة فهو من ماله.
مسألة 19 - اطلاق الإجارة يقتضى التعجيل، بمعنى الحلول في مقابل الأجل
لا بمعنى الفورية، إذ لا دليل عليها، والقول بوجوب التعجيل إذا لم يشترط الأجل
ضعيف فحالها حال البيع في أن اطلاقه يقتضى الحلول بمعنى جواز المطالبة ووجوب
المبادرة معها.
مسألة 20 - إذا قصرت الأجرة لا يجب على المستأجر اتمامها، كما انها لو
زادت ليس له استرداد الزائد، نعم يستحب الاتمام كما قيل، بل قيل: يستحب على
الأجير أيضا رد الزائد، ولا دليل بالخصوص على شئ من القولين، نعم يستدل
على الأول بأنه معاونة على البر والتقوى، وعلى الثاني بكونه موجبا للاخلاص
في العبادة.
مسألة 21 - لو أفسد الأجير حجه بالجماع قبل المشعر فكالحاج عن نفسه يجب
عليه اتمامه، والحج من قابل، وكفارة بدنة، وهل يستحق الأجرة على الأول أولا؟
قولان مبنيان على أن الواجب هو الأول، وأن الثاني عقوبة، أو هو الثاني وأن الأول
عقوبة، قد يقال بالثاني للتعبير في الأخبار بالفساد الظاهر في البطلان، وحمله على
إرادة النقصان وعدم الكمال مجاز لا داعى اليه، وحينئذ فتنفسخ الإجارة إذا كانت معينة
ولا يستحق الأجرة، ويجب عليه الاتيان في القابل بلا اجرة، ومع اطلاق الإجارة
تبقى ذمته مشغولة، ويستحق الأجرة على ما يأتي به في القابل، والأقوى صحة الأول،
وكون الثاني عقوبة لبعض الأخبار الصريحة في ذلك في الحاج عن نفسه، ولا فرق
بينه وبين الأجير.
ولخصوص خبرين في خصوص الأجير عن إسحاق بن عمار عن أحدهما عليهما السلام
قال: قلت: فان ابتلى بشئ يفسد عليه حجه حتى يصير عليه الحج من قابل أيجزى عن
239

الأول؟ قال: نعم، قلت: فان الأجير ضامن للحج؟ قال: نعم.
وفى الثاني سئل الصادق عليه السلام عن رجل حج عن رجل فاجترح في حجه شيئا،
يلزم فيه الحج من قابل وكفارة؟ قال عليه السلام: هي للأول تامة، وعلى هذا ما اجترح
فالأقوى استحقاق الأجرة على الأول وان ترك الاتيان من قابل عصيانا، أو لعذر، ولا
فرق بين كون الإجارة مطلقة أو معينة، وهل الواجب اتيان الثاني بالعنوان الذي أتى
به الأول، فيجب فيه قصد النيابة عن المنوب عنه وبذلك العنوان، أو هو واجب
عليه تعبدا ويكون لنفسه؟ وجهان لا يبعد الظهور في الأول، ولا ينافي كونه عقوبة،
فإنه يكون الإعادة عقوبة، ولكن الأظهر الثاني، والأحوط أن يأتي به بقصد ما
في الذمة.
ثم لا يخفى عدم تمامية ما ذكره ذلك القائل من عدم استحقاق الأجرة في صورة
كون الإجارة معنية، ولو على ما يأتي به في القابل، لانفساخها وكون وجوب الثاني
تعبدا، ولكونه خارجا عن متعلق الإجارة، وإن كان مبرءا لذمة المنوب عنه، وذلك
لأن الإجارة وان كانت منفسخة بالنسبة إلى الأول لكنها باقية بالنسبة إلى الثاني تعبدا
لكونه عوضا شرعيا تعبديا عما وقع عليه العقد فلا وجه لعدم استحقاق الأجرة على
الثاني.
وقد يقال بعدم كفاية الحج الثاني أيضا في تفريغ ذمة المنوب عنه، بل لابد
للمستأجر أن يستأجر مرة أخرى في صورة التعيين، وللأجير أن يحج ثالثا في صورة
الاطلاق، لأن الحج الأول فاسد، والثاني انما وجب للافساد عقوبة فيجب ثالث،
إذ التداخل خلاف الأصل، وفيه أن هذا انما يتم إذا لم يكن الحج في القابل بالعنوان
الأول، والظاهر من الأخبار على القول بعدم صحة الأول وجوب إعادة الأول، وبذلك
العنوان، فيكفي في التفريغ، ولا يكون من باب التداخل، فليس الافساد عنوانا مستقلا
نعم انما يلزم ذلك إذا قلنا: ان الافساد موجب لحج مستقل لا على نحو الأول،
وهو خلاف ظاهر الأخبار، وقد يقال في صورة التعيين: ان الحج الأول إذا كان
240

فاسدا وانفسخت الإجارة يكون لنفسه، فقضاؤه في العام القابل أيضا يكون لنفسه،
ولا يكون مبرءا لذمة المنوب عنه، فيجب على المستأجر استيجار حج آخر، وفيه
أيضا ما عرفت من أن الثاني واجب بعنوان إعادة الأول، وكون الأول بعد انفساخ
الإجارة بالنسبة اليه لنفسه، لا يقتضى كون الثاني له، وإن كان بدلا عنه، لأنه بدل عنه
بالعنوان المنوى، لا بما صار اليه بعد الفسخ، هذا، والظاهر عدم الفرق في الأحكام المذكورة
بين كون الحج الأول المستأجر عليه واجبا أو مندوبا، بل الظاهر جريان
حكم وجوب الاتمام والإعادة في النيابة تبرعا أيضا، وإن كان لا يستحق الأجرة أصلا.
مسألة 22 - يملك الأجير الأجرة بمجرد العقد، لكن لا يجب تسليمها الا بعد
العمل، إذا لم يشترط التعجيل ولم تكن قرينة على ارادته من انصراف أو غيره، ولا
فرق في عدم وجوب التسليم بين أن تكون عينا أو دينا، لكن إذا كانت عينا ونمت
كان النماء للأجير، وعلى ما ذكر من عدم وجوب التسليم قبل العمل إذا كان المستأجر
وصيا أو وكيلا وسلمها قبله كان ضامنا لها على تقدير عدم العمل من المؤجر، أو كون
عمله باطلا، ولا يجوز لهما اشتراط التعجيل من دون اذن الموكل أو الوارث (1)
ولم لم يقدر الأجير على العمل مع عدم تسليم الأجرة كان له الفسخ وكذا للمستأجر،
لكن لما كان المتعارف تسليمها أو نصفها قبل المشي يستحق الأجير المطالبة في صورة
الاطلاق، ويجوز للوكيل والوصي دفعها من غير ضمان.
مسألة 23 - اطلاق الإجارة يقتضى المباشرة، فلا يجوز للأجير أن يستأجر غيره
الا مع الاذن صريحا أو ظاهرا، والرواية الدالة على الجواز محمولة على صورة
العلم بالرضا من المستأجر.
مسألة 24 - لا يجوز استيجار من ضاق وقته عن اتمام الحج تمتعا وكانت
وظيفته العدول إلى حج الافراد عمن عليه حج التمتع، ولو استأجره مع سعة الوقت
فنوى التمتع ثم اتفق ضيق الوقت، فهل يجوز له العدول ويجزى عن المنوب عنه

(1) لم يظهر وجه اعتبار اذن الوارث.
241

أولا؟ وجهان، من اطلاق أخبار العدول، ومن انصرافها إلى الحاج عن نفسه،
والأقوى عدمه، (1) وعلى تقديره فالأقوى عدم اجزائه عن الميت، وعدم استحقاق الأجرة
عليه، لأنه غير ما على الميت، ولأنه غير العمل المستأجر عليه.
مسألة 25 - يجوز التبرع عن الميت في الحج الواجب اي واجب كان، والمندوب
بل يجوز التبرع عنه بالمندوب، وان كانت ذمته مشغولة بالواجب، ولو قبل الاستيجار
عنه للواجب، وكذا يجوز الاستيجار عنه في المندوب كذلك، واما الحي فلا يجوز
التبرع عنه في الواجب الا إذا كان معذورا في المباشرة لمرض أو هرم، فإنه يجوز
التبرع عنه (2) ويسقط عنه وجوب الاستنابة على الأقوى كما مر سابقا، واما الحج
المندوب فيجوز التبرع عنه، كما يجوز له ان يستأجر له حتى إذا كان عليه حج واجب
لا يتمكن من أدائه فعلا، واما ان تمكن منه فالاستيجار للمندوب قبل أدائه مشكل، بل
التبرع عنه حينئذ أيضا لا يخلو عن اشكال (3) في الحج الواجب.
مسألة 26 - لا يجوز ان ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد، وإن كان
الأقوى فيه الصحة (4) الا إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة، كما إذا نذر
كل منهما ان يشترك مع الآخر في تحصيل الحج، واما في الحج المندوب فيجوز
حج واحد عن جماعة بعنوان النيابة، كما يجوز بعنوان اهداء الثواب لجملة من
الأخبار الظاهرة في جواز النيابة أيضا، فلا داعى لحملها على خصوص اهداء الثواب
مسألة 27 - يجوز ان ينوب جماعة عن الميت أو الحي في عام واحد في الحج
المندوب تبرعا أو بالإجارة، بل يجوز ذلك في الواجب أيضا، كما إذا كان على الميت
والحي الذي لا يتمكن من المباشرة لعذر حجان مختلفان نوعا كحجة الاسلام والنذر
أو متحدان من حيث النوع كحجتين للنذر، فيجوز ان يستأجر أجيرين لهما في عام

(1) بل الأقوى جواز العدول، ويترتب عليه الاجزاء عن الميت، واستحقاق الأجرة
(2) قد مر ان الأحوط العدم.
(3) الأظهر انه لا اشكال فيه، وفى الاستيجار له.
(4) الظاهر زيادة هذه الجملة.
242

واحد، وكذا يجوز إذا كان أحدهما واجبا، والآخر مستحبا، بل يجوز أن يستأجر
أجيرين لحج واجب واحد كحجة الاسلام في عام واحد احتياطا، لاحتمال بطلان
حج أحدهما، بل وكذا مع العلم بصحة الحج من كل منهما، وكلاهما آت بالحج
الواجب، وإن كان احرام أحدهما قبل احرام الآخر، فهو مثل ما إذا صلى جماعة
على الميت في وقت واحد. ولا يضر سبق أحدهما بوجوب الآخر، فان الذمة مشغولة
ما لم يتم العمل فيصح قصد الوجوب من كل منهما ولو كان أحدهما أسبق شروعا.
5 - فصل في الوصية بالحج
مسألة 1 - إذا أوصى بالحج، فان علم أنه واجب اخرج من أصل التركة،
وإن كان بعنوان الوصية، فلا يقال مقتضى كونه بعنوانها خروجه من الثلث، نعم لو
صرح باخراجه من الثلث اخرج منه، فان وفى به والا يكون الزائد من الأصل،
ولا فرق في الخروج من الأصل بين حجة الاسلام والحج النذري والافسادي، لأنه
بأقسامه واجب مالي، واجماعهم قائم على خروج كل واجب مالي من الأصل، مع أن
في بعض الأخبار ان الحج بمنزلة الدين، ومن المعلوم خروجه من الأصل، بل
الأقوى خروج كل واجب من الأصل وإن كان بدنيا كما مر سابقا، وان علم أنه ندبي
فلا اشكال في خروجه من الثلث، وان لم يعلم أحد الأمرين ففي خروجه من الأصل
أو الثلث وجهان، يظهر من سيد الرياض خروجه من الأصل حيث إنه وجه كلام
الصدوق الظاهر في كون جميع الوصايا من الأصل بأن مراده ما إذا لم يعلم كون
الموصى به واجبا أولا: فان مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصية خروجها من
الأصل، خرج عنها صورة العلم بكونها ندبيا، وحمل الخبر الدال بظاهره على ما
عن الصدوق أيضا على ذلك، لكنه مشكل، فان العمومات مخصصة بما دل على أن
الوصية بأزيد من الثلث، ترد اليه الا مع إجازة الورثة، هذا مع أن الشبهة مصداقية،
والتمسك بالعمومات فيها محل اشكال، واما الخبر المشار اليه وهو قوله عليه السلام: " الرجل
أحق بماله ما دام فيه الروح، ان أوصى به كله فهو جايز " فهو موهون باعراض العلماء
243

عن العمل بظاهره، ويمكن ان يكون المراد بماله هو الثلث الذي امره بيده، نعم
يمكن ان يقال في مثل هذه الأزمنة بالنسبة إلى هذه الأمكنة البعيدة عن مكة: الظاهر
من قول الموصى: حجو أعني هو حجة الاسلام الواجبة لعدم تعارف الحج المستحبي
في هذه الأزمنة والأمكنة، فيحمل على أنه واجب من جهة هذا الظهور والانصراف،
كما أنه إذا قال: أدوا كذا مقدارا خمسا أو زكاة، ينصرف إلى الواجب عليه
فتحصل ان في صورة الشك في كون الموصى به واجبا حتى يخرج من أصل التركة،
أولا حتى يكون من الثلث مقتضى الأصل الخروج من الثلث، لأن الخروج من الأصل
موقوف على كونه واجبا وهو غير معلوم، بل الأصل عدمه الا إذا كان هناك انصراف
كما في مثل الوصية بالخمس أو الزكاة أو الحج ونحوها، نعم لو كانت الحالة
السابقة فيه هو الوجوب، كما إذا علم وجوب الحج عليه سابقا ولم يعلم أنه اتى به
أولا فالطاهر جريان الاستصحاب والاخراج من الأصل، ودعوى أن ذلك موقوف على
ثبوت الوجوب عليه وهو فرع شكه لا شك الوصي أو الوارث ولا يعلم أنه كان شاكا
حين موته أو عالما بأحد الامرين، مدفوعة بمنع اعتبار شكه بل يكفي شك الوصي (1)
أو الوارث أيضا، ولا فرق في ذلك بين ما إذا أوصى أو لم يوص، فان مقتضى أصالة
بقاء اشتغال ذمته بذلك الواجب عدم انتقال ما يقابله من التركة إلى الوارث، ولكنه
يشكل على ذلك الأمر في كثير من الموارد لحصول العلم غالبا بأن الميت كان مشغول
الذمة بدين أو خمس أو زكاة أو حج أو نحو ذلك، الا ان يدفع بالحمل على الصحة،
فان ظاهر حال المسلم الاتيان بما وجب عليه، لكنه مشكل في الواجبات الموسعة،
بل في غيرها أيضا في غير الموقتة، فالأحوط في هذه الصورة (2) الاخراج من الأصل.
مسألة 2 - يكفي الميقاتية (3) سواء كان الحج الموصى به واجبا أو مندوبا،

(1) هذا ينافي ما ذكره في كتاب الزكاة وقد مر ان ما ذكره هناك هو المتعين.
(2) كون ذلك أحوط مطلقا ممنوع.
(3) قد مر انه مع الاطلاق تجب البلدية.
244

ويخرج الأول من الأصل، والثاني من الثلث، الا إذا أوصى بالبلدية، وحينئذ فالزائد
عن اجرة الميقاتية في الأول من الثلث (1)، كما أن تمام الأجرة في الثاني منه.
مسألة 3 - إذا لم يعين الأجرة فاللازم الاقتصار على أجرة المثل للانصراف
إليها، ولكن إذا كان هناك من يرضى بالأقل منها وجب استيجاره، إذ الانصراف
إلى أجرة المثل انما هو نفى الأزيد فقط، وهل يجب الفحص عنه لو احتمل وجوده؟
الأحوط ذلك (2) توفيرا على الورثة، خصوصا مع الظن بوجوده، وإن كان في
وجوبه اشكال، خصوصا مع الظن بالعدم، ولو وجد من يريد ان يتبرع فالظاهر جواز
الاكتفاء به، بمعنى عدم وجوب المبادرة إلى الاستيجار، بل هو المتعين (3) توفيرا على
الورثة، فان أتى به صحيحا كفى، والا وجب الاستيجار، ولو لم يوجد من يرضى بأجرة المثل
فالظاهر وجوب دفع الأزيد إذا كان الحج واجبا، بل وإن كان مندوبا أيضا مع وفاء الثلث
ولا يجب الصبر إلى العام القابل ولو مع العلم بوجود من يرضى بأجرة المثل أو أقل
بل لا يجوز لوجوب المبادرة إلى تفريغ ذمة الميت في الواجب، والعمل بمقتضى
الوصية (4) في المندوب، وان عين الموصى مقدارا للأجرة تعين وخرج من الأصل
في الواجب ان لم يزد على أجرة المثل، والا فالزيادة من الثلث، كما أن في المندوب
كله من الثلث.
مسألة 4 - هل اللازم في تعيين أجرة المثل الاقتصار على أقل الناس اجرة أو
يلاحظ اجرة من يناسب شأن الميت في شرفه وضعته؟ لا يبعد الثاني، والأحوط
الأظهر (5) الأول، ومثل هذا الكلام يجرى أيضا في الكفن الخارج من الأصل أيضا
مسألة 5 - لو أوصى بالحج وعين المرة أو التكرار بعدد معين تعين، وان

(1) قد تقدم انه من الأصل.
(2) بل هو الأظهر ما لم يكن ضرريا أو حرجيا.
(3) لا وجه له بل الأظهر عدم التعين.
(4) مع اطلاق الوصية وجوب التعجيل لا دليل عليه.
(5) الأظهرية ممنوعة نعم هو أحوط.
245

لم يعين كفى حج واحد الا ان يعلم أنه أراد التكرار، وعليه يحمل ما ورد في الأخبار
من أنه يحج عنه ما دام له مال، كما في خبرين، أو ما بقي من ثلثه شئ كما في
ثالث، بعد حمل الأولين على الأخير من إرادة الثلث من لفظ المال، فما عن
الشيخ وجماعة من وجوب التكرار ما دام الثلث باقيا ضعيف (1)، مع أنه يمكن
أن يكون المراد من الاخبار أنه يجب الحج ما دام يمكن الاتيان به ببقاء شئ من
الثلث بعد العمل بوصايا اخر، وعلى فرض ظهورها في إرادة التكرار ولو مع عدم
العلم بإرادته لابد من طرحها لا عراض المشهور عنها، فلا ينبغي الاشكال في كفاية
حج واحد مع عدم العلم بإرادة التكرار، نعم لو أوصى باخراج الثلث ولم يذكر
الا الحج يمكن أن يقال: بوجوب صرف تمامه في الحج، كما لو لم يذكر الا المظالم
أو الا الزكاة أو الا الخمس، ولو أوصى ان يحج عنه مكررا كفى مرتان، لصدق
التكرار معه.
مسألة 6 - لو أوصى بصرف مقدار معين في الحج سنين معينة وعين لكل
سنة مقدارا معينا واتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكل سنة صرف، نصيب سنتين في
سنة، أو ثلاث سنين في سنتين مثلا، وهكذا لا لقاعدة الميسور لعدم جريانها في
غير مجعولات الشارع، بل لأن الظاهر من حال الموصى إرادة صرف ذلك المقدار
في الحج، وكون تعيين مقدار كل سنة بتخيل كفايته، ويدل عليه أيضا خبر
علي بن محمد الحضيني، وحبر إبراهيم بن مهزيار، ففي الأول تجعل حجتين
في حجة، وفى الثاني تجعل ثلاث حجج في حجتين، وكلاهما من باب المثال
كما لا يخفى، هذا ولو فضل من السنين فضلة لا تفي بحجة فهل ترجع ميراثا، أو
في وجوه البر، أو تزاد على اجرة بعض السنين؟ وجوه (2) ولو كان الموصى به
الحج من البلد ودار الأمر بين جعل اجرة سنتين مثلا لسنة، وبين الاستيجار بذلك

(1) بل هو الأقوى.
(2) أظهرها أوسطها.
246

المقدار من الميقات لكل سنة ففي تعيين الأول أو الثاني وجهان، ولا يبعد التخيير
بل أولوية الثاني الا ان مقتضى اطلاق الخبرين الأول (1)، هذا كله إذا لم يعلم من
الموصى إرادة الحج بذلك المقدار على وجه التقييد، والا فتبطل الوصية إذا لم يرج
امكان ذلك بالتأخير، أو كانت الوصية مقيدة بسنين معينة.
مسألة 7 - إذا أوصى بالحج وعين الأجرة في مقدار فإن كان الحج واجبا
ولم يزد ذلك المقدار عن أجرة المثل، أو زاد وخرجت الزيادة من الثلث تعين،
وان زاد ولم تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصية، (2) ويرجع إلى أجرة المثل
وإن كان الحج مندوبا فكذلك تعين أيضا مع وفاء الثلث بذلك المقدار، والا فبقدر
وفاء الثلث، مع عدم كون التعيين على وجه التقييد، وان لم يف الثلث بالحج أو
كان التعيين على وجه التقييد بطلت الوصية، وسقطت وجوب الحج.
مسألة 8 - إذا أوصى بالحج وعين أجيرا معينا تعين استيجاره بأجرة المثل
وان لم يقبل الا بالأزيد، فان خرجت الزيادة من الثلث تعين أيضا، وإلا بطلت الوصية
واستؤجر غيره بأجرة المثل في الواجب مطلقا، وكذا في المندوب إذا وفى به
الثلث ولم يكن على وجه التقييد، وكذا إذا لم يقبل أصلا.
مسألة 9 - إذا عين للحج اجرة لا يرغب فيها أحد وكان الحج مستحبا بطلت
الوصية (3) إذا لم يرج وجود راغب فيها، وحينئذ فهل ترجع ميراثا، أو تصرف
في وجوه البر، أو يفصل بين ما إذا كان كذلك من الأول فترجع ميراثا أو كان
الراغب موجودا ثم طرأ التعذر؟ وجوه، والأقوى هو الصرف في وجوه البر،
لا لقاعدة الميسور، بدعوى ان الفصل إذا تعذر يبقى الجنس، لأنها قاعدة شرعية،
وانما تجرى في الأحكام الشرعية المجعولة للشارع، ولا مسرح لها في مجعولات

(1) وهو المتعين.
(2) مع عدم إجازة الورثة، وكذا في الفروع الآتية.
(3) بل مع وفاء الأجرة بالحج من بلد آخر أقرب إلى مكة تعين، ومع عدم الوفاء
الميقاتي، ومع عدم وفائها به أيضا تصرف في وجوه البر من غير فرق بين الصور.
247

الناس، كما أشرنا اليه سابقا، مع أن الجنس لا يعد ميسورا للنوع، فمحلها المركبات
الخارجية إذا تعذر بعض اجزائها، ولو كانت ارتباطية، بل لأن الظاهر (1) من حال
الموصى في أمثال المقام إرادة عمل ينفعه، وانما عين عملا خاصا لكونه انفع في نظره
من غيره، فيكون تعيينه لمثل الحج على وجه تعدد المطلوب وان لم يكن متذكرا لذلك
حين الوصية، نعم لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم اللب أيضا يكون
الحكم فيه الرجوع إلى الورثة، ولا فرق في الصورتين بين كون التعذر طاريا أو
من الأول، ويؤيد ما ذكرنا ما ورد من الأخبار في نظائر المقام، بل يدل عليه خبر
علي بن سويد عن الصادق عليه السلام قال: قلت: مات رجل فأوصى بتركته ان أحج بها
عنه فنظرت في ذلك فلم تكف للحج، فسألت من عندنا من الفقهاء، فقالوا: تصدق
بها، فقال عليه السلام: ما صنعت؟ قلت: تصدقت بها فقال عليه السلام: ضمنت الا ان لا تكون
تبلغ ان يحج بها من مكة، فان كانت تبلغ ان يحج بها من مكة فأنت ضامن. و
يظهر مما ذكرنا حال سائر الموارد التي تبطل الوصية لجهة من الجهات، هذا في
غير ما إذا أوصى بالثلث وعين له مصارف وتعذر بعضها، واما فيه فالامر أوضح،
لأنه بتعيينه الثلث لنفسه اخرجه عن ملك الوارث بذلك فلا يعود اليه.
مسألة 10 - إذا صالحه داره مثلا وشرط عليه ان يحج عنه بعد موته صح
ولزم وخرج من أصل التركة، وإن كان الحج ندبيا، ولا يلحقه حكم الوصية،
ويظهر من المحقق القمي قدس سره في نظير المقام اجراء حكم الوصية عليه، بدعوى انه
بهذا الشرط ملك عليه الحج، وهو عمل له اجرة فيحسب مقدار أجرة المثل لهذا العمل
فان كانت زائدة عن الثلث توقف على امضاء الورثة، وفيه انه لم يملك عليه الحج
مطلقا في ذمته، ثم أوصى ان يجعله عنه بل انما ملك بالشرط الحج عنه، وهذا ليس
ما لا تملكه الورثة فليس تمليكا ووصية، وانما هو تمليك على نحو خاص لا ينتقل إلى الورثة

(1) الظاهر استفادة هذه الكلية في باب الوقف والوصية من النصوص الواردة في
البابين بلا حاجة إلى احراز تعدد المطلوب، مع أنه يشهد له خبر علي بن سويد المذكور
في المتن.
248

وكذا الحال إذا ملكه داره بمائة تومان (1) مثلا بشرط ان يصرفها في الحج عنه أو عن
غيره، أو ملكه إياها بشرط ان يبيعها ويصرف ثمنها في الحج أو نحوه، فجميع ذلك
صحيح لازم من الأصل، وإن كان العمل المشروط عليه ندبيا، نعم له الخيار عند تخلف
الشرط، وهذا ينتقل إلى الوارث، بمعنى ان حق الشرط ينتقل إلى الوارث، فلو
لم يعمل المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث ان يفسخ المعاملة.
مسألة 11 - لو أوصى بان يحج عنه ماشيا أو حافيا صح واعتبر خروجه من
الثلث إن كان ندبيا، وخروج الزائد عن اجرة الميقاتية (2) عنه إن كان واجبا، ولو
نذر في حال حياته ان يحج ماشيا أو حافيا ولم يأت به حتى مات، وأوصى به أو لم
يوص وجب الاستيجار عنه من أصل التركة كذلك، نعم لو كان نذره مقيدا بالمشي
ببدنه أمكن ان يقال بعدم وجوب الاستيجار عنه، لأن المنذور هو مشيه ببدنه فيسقط
بموته، لأن مشى الأجير ليس ببدنه، ففرق بين كون المباشرة قيدا في المأمور به أو
موردا.
مسألة 12 - إذا أوصى بحجتين أو أزيد وقال: انها واجبة عليه صدق وتخرج
من أصل التركة، نعم لو كان اقراره بالوجوب عليه في مرض الموت وكان متهما
في اقراره، فالظاهر أنه كالاقرار بالدين فيه في خروجه من الثلث إذا كان متهما على ما
هو الأقوى.
مسألة 13 - لو مات الوصي بعد ما قبض من التركة اجرة الاستيجار، وشك في أنه
استأجر الحج قبل موته أولا، فان مضت مدة يمكن الاستيجار فيها فالظاهر حمل امره
على الصحة مع كون الوجوب فوريا منه، ومع كونه موسعا اشكال، وان لم تمض

(1) الأظهر تمامية ما افاده المحقق القمي (ره) في هذه الصورة فان المائة تومان
التي تكون في ذمة المشتري تكون للموصى وقد عهد بان يصرفها في الحج عنه بعد موته
فتكون وصية، نعم ما افاده سيد العروة يتم في الفرع الثاني.
(2) بل التفاوت بين اجرة الحج ماشيا أو حافيا وبين اجرته غير ماش أو حاف
إن كان.
249

مدة يمكن الاستيجار فيها وجب الاستيجار من بقية التركة إذا كان الحج واجبا، ومن
بقية الثلث إذا كان مندوبا، وفى ضمانه لما قبض وعدمه لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان
وجهان (1) نعم لو كان المال المقبوض موجودا اخذ حتى في الصورة الأولى، وان
احتمل ان يكون استأجر من مال نفسه إذا كان مما يحتاج إلى بيعه وصرفه في الأجرة
وتملك ذلك المال بدلا عما جعله اجرة، لأصالة بقاء ذلك المال على ملك الميت.
مسألة 14 - إذا قبض الوصي الأجرة وتلف في يده بلا تقصير لم يكن ضامنا،
ووجب الاستيجار من بقية التركة أو بقية الثلث، وان اقتسمت على الورثة استرجع
منهم، وان شك في كون التلف عن تقصير أولا فالظاهر عدم الضمان أيضا، وكذا
الحال ان استأجر ومات الأجير ولم يكن له تركة أو لم يمكن الأخذ من ورثته.
مسألة 15 - إذا أوصى بما عنده من المال للحج ندبا ولم يعلم أنه يخرج من
الثلث أولا، لم يجز صرف جميعه، نعم لو ادعى ان عند الورثة ضعف هذا، أو انه
أوصى سابقا بذلك والورثة أجازوا وصيته ففي سماع دعواه (2) وعدمه وجهان.
مسألة 16 - من المعلوم ان الطواف مستحب مستقلا من غير أن يكون في
ضمن الحج، ويجوز النيابة فيه عن الميت، وكذا عن الحي إذا كان غائبا عن مكة أو
حاضرا وكان معذورا في الطواف بنفسه (3) وأما مع كونه حاضرا وغير معذور فلا
تصح النيابة عنه، واما سائر افعال الحج فاستحبابها مستقلا غير معلوم، حتى مثل
السعي بين الصفا والمروة.
مسألة 17 - لو كان عند شخص وديعة ومات صابحها وكان عليه حجة الاسلام
وعلم أو ظن أن الورثة لا يؤدون عنه ان ردها إليهم، جاز بل وجب عليه ان يحج بها
عنه، وان زادت عن اجرة الحج رد الزيادة إليهم لصحيحة بريد عن رجل استودعني

(1) أظهرهما العدم.
(2) الأظهر السماع إذا كان ثقة.
(3) ولو حملا.
250

ما لا فهلك وليس لو ارثه شئ ولم يحج حجة الاسلام، قال عليه السلام: حج عنه وما فضل
فأعطهم. وهى وان كانت مطلقة الا ان الأصحاب قيدوها بما إذا علم أو ظن بعدم تأديتهم
لو دفعها إليهم، ومقتضى اطلاقها عدم الحاجة إلى الاستيذان من الحاكم الشرعي،
ودعوى ان ذلك للاذن من الإمام عليه السلام كما ترى، لأن الظاهر من كلام الإمام عليه السلام
بيان الحكم الشرعي ففي مورد الصحيحة لا حاجة إلى الاذن من الحاكم، والظاهر
عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شئ، وكذا عدم الاختصاص بحج الودعي
بنفسه لانفهام الأعم من ذلك منها، وهل يلحق بحجة الاسلام غيرها من أقسام
الحج الواجب أو غير الحج من سائر ما يجب عليه مثل الخمس والزكاة والمظالم
والكفارات والدين أولا؟ وكذا هل يلحق بالوديعة غيرها مثل العارية والعين
المستأجرة والمغصوبة والدين في ذمته أولا؟ وجهان، قد يقال بالثاني، لأن الحكم
على خلاف القاعدة إذا قلنا: ان التركة مع الدين تنتقل إلى الوارث وان كانوا
مكلفين بأداء الدين، ومحجورين عن التصرف قبله، بل وكذا على القول ببقائها
معه على حكم مال الميت لأن امر الوفاء إليهم، فلعلهم أرادوا الوفاء من غير هذا
المال، أو أرادوا ان يباشروا العمل الذي على الميت بأنفسهم، والأقوى مع العلم
بأن الورثة لا يؤدون بل مع الظن القوى أيضا جواز الصرف فيما عليه، لا لما
ذكره في المستند من أن وفاء ما على الميت من الدين أو نحوه واجب كفائي
على كل من قدر على ذلك، وأولوية الورثة بالتركة انما هي ما دامت موجودة
واما إذا بادر أحد إلى صرف المال فيما عليه لا يبقى مال حتى تكون الورثة أولى
به، إذ هذه الدعوى فاسدة جدا، بل لامكان فهم المثال من الصحيحة، أو دعوى
تنقيح المناط، أو ان المال إذا كان بحكم مال الميت فيجب صرفه عليه، ولا يجوز
دفعه إلى من لا يصرفه عليه، بل، وكذا على القول بالانتقال إلى الورثة، حيث إنه
يجب صرفه في دينه، فمن باب الحسبة يجب على من عنده صرفه عليه، ويضمن
251

لو دفعه إلى الوارث لتفويته على الميت، نعم يجب الاستيذان من الحاكم (1) لأنه
ولى من لا ولى له، ويكفى الاذن الاجمالي، فلا يحتاج إلى اثبات وجوب ذلك
الواجب عليه، كما قد يتخيل، نعم لو لم يعلم ولم يظن عدم تأدية الوارث لا يجب
الدفع اليه، بل لو كان الوارث منكرا أو ممتنعا وأمكن اثبات ذلك عند الحاكم أو
أمكن اجباره عليه لم يجز لمن عنده ان يصرفه بنفسه.
مسألة 18 - يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب عنه ان يطوف
عن نفسه وعن غيره، وكذا يجوز له ان يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه وعن غيره.
مسألة 19 - يجوز لمن أعطاه رجل مالا لاستيجار الحج ان يحج بنفسه ما لم يعلم
أنه أراد الاستيجار من الغير، والأحوط عدم مباشرته الا مع العلم بأن مراد المعطى
حصول الحج في الخارج، وإذا عين شخصا تعين الا إذا علم عدم أهليته، وان المعطى
مشتبه في تعيينه، أو ان ذكره من باب أحد الأفراد.
6 - فصل في الحج المندوب
مسألة 1 - يستحب لفاقد الشرائط من البلوغ والاستطاعة وغيرهما ان يحج
مهما أمكن، بل وكذا من اتى بوظيفته من الحج الواجب، ويستحب تكرار الحج
بل يستحب تكراره في كل سنة، بل يكره تركه خمس سنين متوالية، وفى بعض
الأخبار من حج ثلاث حجات لم يصبه فقر ابدا.
مسألة 2 - يستحب نية العود إلى الحج عند الخروج من مكة، وفى الخبر
انها توجب الزيادة في العمر، ويكره نية عدم العود، وفيه انها توجب النقص في العمر
مسألة 3 - يستحب التبرع بالحج عن الأقارب وغيرهم أحياءا وأمواتا، وكذا
عن المعصومين عليهم السلام أحياءا وأمواتا، وكذا يستحب الطواف عن الغير وعن المعصومين
عليهم السلام أمواتا وأحياءا مع عدم حضورهم في مكة، أو كونهم معذورين.

(1) على الأحوط، بل مقتضى الوجهين الأولين المذكورين في المتن للتعدى عدم
لزوم الاستيذان، فالأقوى عدم الوجوب.
252

مسألة 4 - يستحب لمن ليس له زاد وراحلة ان يستقرض ويحج إذا كان واثقا
بالوفاء بعد ذلك.
مسألة 5 - يستحب احجاج من لا استطاعة له.
مسألة 6 - يجوز اعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج ليحج بها.
مسألة 7 - الحج أفضل من الصدقة بنفقته.
مسألة 8 - يستحب كثرة الانفاق في الحج، وفى بعض الأخبار ان الله يبغض
الاسراف الا بالحج والعمرة.
مسألة 9 - يجوز الحج بالمال المشتبه كجوائز الظلمة مع عدم العلم بحرمتها.
مسألة 10 - لا يجوز الحج بالمال الحرام، لكن لا يبطل الحج إذا كان لباس
احرامه وطوافه وثمن هديه من حلال.
مسألة 11 - يشترط في الحج الندبي اذن الزوج والمولى بل الأبوين في بعض
الصور، ويشترط أيضا ان لا يكون عليه حج واجب مضيق، لكن لو عصى وحج صح
مسألة 12 - يجوز اهداء ثواب الحج إلى الغير بعد الفراغ عنه، كما يجوز
أن يكون ذلك من نيته قبل الشروع فيه.
مسألة 13 - يستحب لمن لا مال له يحج به ان يأتي به ولو بإجارة نفسه عن
غيره، وفى بعض الأخبار أن للأجير من الثواب تسعا، وللمنوب عنه واحد.
7 - فصل في اقسام العمرة
مسألة 1 - تنقسم العمرة كالحج إلى واجب أصلي وعرضي ومندوب، فتجب
بأصل الشرع على كل مكلف بالشرائط المعتبرة في الحج في العمر مرة بالكتاب والسنة
والاجماع، ففي صحيحة زرارة: العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج، فان الله
تعالى يقول: وأتموا الحج والعمرة لله. وفى صحيحة الفضيل في قول الله تعالى:
وأتموا الحج والعمرة، قال عليه السلام: هما مفروضان، ووجوبها بعد تحقق الشرائط فوري
253

كالحج، ولا يشترط في وجوبها استطاعة الحج (1) بل تكفى استطاعتها في وجوبها،
وان لم تتحقق استطاعة الحج، كما أن العكس كذلك، فلو استطاع للحج دونها
وجب دونها، والقول باعتبار الاستطاعتين في وجوب كل منهما وأنهما مرتبطان ضعيف
كالقول باستقلال الحج في الوجوب دون العمرة.
مسألة 2 - تجزى العمرة المتمتع بها عن العمرة المفردة بالاجماع والأخبار
وهل تجب على من وظيفته حج التمتع إذا استطاع لها ولم يكن مستطيعا للحج؟
المشهور عدمه، بل أرسله بعضهم ارسال المسلمات وهو الأقوى، وعلى هذا فلا تجب
على الأجير بعد فراغه عن عمل النيابة وإن كان مستطيعا لها وهو في مكة، وكذا لا تجب
على من تمكن منها ولم يتمكن من الحج لمانع، ولكن الأحوط الاتيان بها.
مسألة 3 - قد تجب العمرة بالنذر والحلف والعهد والشرط في ضمن العقد
والإجارة والافساد، وتجب أيضا لدخول مكة بمعنى حرمته بدونها فإنه لا يجوز دخولها
الا محرما الا بالنسبة إلى من يتكرر دخوله وخروجه كالحطاب والحشاش، وما عدا ما
ذكر مندوب، ويستحب تكرارها كالحج، واختلفوا في مقدار الفصل بين العمرتين فقيل
يعتبر شهر، وقيل: عشرة أيام، والأقوى عدم اعتبار فصل فيجوز اتيانها كل يوم،
وتفصيل المطلب موكول إلى محله.
8 - فصل في أقسام الحج
وهى ثلاثة بالاجماع والأخبار: تمتع، وقران، وافراد، والأول فرض من كان
بعيدا عن مكة، والآخران فرض من كان حاضرا، أي غير بعيد، وحد البعد الموجب
للأول ثمانية وأربعون ميلا من كل جانب على المشهور الأقوى لصحيحة زرارة عن أبي
جعفر عليه السلام قلت له: قول الله عز وجل في كتابه: " ذلك لمن لم يكن أهله حاضري

(1) هذا في العمرة المفردة التي هي فرض حاضري المسجد الحرام واما العمرة
المتمتع بها إلى الحج فلا ريب في توقف وجوبها على استطاعة الحج لأنهما عمل واحد
- وبه يظهر الحال في المسألة الثانية.
254

المسجد الحرم " فقال عليه السلام: يعنى أهل مكة ليس عليهم متعة، كل من كان أهله دون
ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في
هذه الآية وكل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة. وخبره عنه عليه السلام سألته عن قول الله
عز وجل ذلك الخ قال: لأهل مكة ليس لهم متعة ولا عليهم عمرة، قلت: فما حد
ذلك؟ قال ثمانية وأربعون ميلا من جميع نواحي مكة دون عسفان وذات عرق
ويستفاد أيضا من جملة من أخبار أخر، والقول بأن حده اثنى عشر ميلا من كل
جانب كما عليه جماعة ضعيف، لا دليل عليه الا الأصل، فان مقتضى جملة من الأخبار
وجوب التمتع على كل أحد والقدر المتيقن الخارج منها من كان دون الحد
المذكور وهو مقطوع بما مر، أو دعوى أن الحاضر مقابل للمسافر، والسفر أربعة
فراسخ، وهو كما ترى، أو دعوى أن الحاضر المعلق عليه وجوب غير التمتع
امر عرفي، والعرف لا يساعد على أزيد من اثنى عشر ميلا، وهذا أيضا كما ترى،
كما أن دعوى أن المراد من ثمانية وأربعين التوزيع على الجهات الأربع فيكون
من كل جهة اثنى عشر ميلا منافية لظاهر تلك الأخبار، وأما صحيحة حريز الدالة على
أن حد البعد ثمانية عشر ميلا فلا عامل بها، كما لا عامل بصحيحتي حماد بن عثمان
والحلبي الدالتين على أن الحاضر من كان دون المواقيت إلى مكة، وهل يعتبر
الحد المذكور من مكة أو من المسجد؟ وجهان، أقربهما الأول، ومن كان على
نفس الحد فالظاهر أن وظيفته التمتع، لتعليق حكم الافراد والقران على ما دون
الحد، ولو شك في كون منزله في الحد أو خارجه وجب عليه الفحص، ومع
عدم تمكنه يراعى الاحتياط، وإن كان لا يبعد (1) القول بأنه يجرى عليه حكم
الخارج، فيجب عليه التمتع، لأن غيره معلق على عنوان الحاضر، وهو مشكوك
فيكون كما لو شك في أن المسافة ثمانية فراسخ أولا، فإنه يصلى تماما، لأن القصر
معلق على السفر وهو مشكوك، ثم ما ذكر انما هو بالنسبة إلى حجة الاسلام حيث

(1) بل هو بعيد، وقياس المقام بالشك في المسافة مع الفارق.
255

لا يجزى للبعيد الا التمتع، ولا للحاضر الا الافراد أو القران، وأما بالنسبة إلى الحج
الندبي فيجوز لكل من البعيد والحاضر كل من الأقسام الثلاثة بلا اشكال، وإن كان
الأفضل اختيار التمتع، وكذا بالنسبة إلى الواجب غير حجة الاسلام كالحج النذري
وغيره.
مسألة 1 - من كان له وطنان: أحدهما في الحد، والآخر في خارجه لزمه فرض
أغلبهما، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة
ولا متعة له، فقلت لأبى جعفر عليه السلام: أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة؟ فقال
عليه السلام فلينظر أيهما الغالب، فان تساويا فإن كان مستطيعا من كل منهما تخير بين الوظيفتين
وإن كان الأفضل اختيار التمتع، وإن كان مستطيعا من أحدهما دون الآخر لزمه فرض
وطن الاستطاعة (1).
مسألة 2 - من كان من أهل مكة وخرج إلى بعض الأمصار ثم رجع إليها فالمشهور
جواز حج التمتع له، وكونه مخيرا بين الوظيفتين، واستدلوا بصحيحة عبد الرحمن
ابن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام عن رجل من أهل مكة يخرج إلى بعض الأمصار
ثم يرجع إلى مكة فيمر ببعض المواقيت. أله أن يتمتع؟ قال عليه السلام: ما أزعم ان
ذلك ليس له لو فعل، وكان الاهلال أحب إلى ونحوها صحيحة أخرى عنه وعن
عبد الرحمن بن أعين عن أبي الحسن عليه السلام، وعن ابن أبي عقيل عدم جواز ذلك، و
انه يتعين عليه فرض المكي إذا كان الحج واجبا عليه، وتبعه جماعة لما دل من الأخبار
على أنه لا متعة لأهل مكة، وحملوا الخبرين على الحج الندبي بقرينة ذيل الخبر
الثاني، ولا يبعد قوة هذا القول (2) مع أنه أحوط، لأن الأمر دائر بين التخيير و
التعيين، ومقتضى الاشتغال هو الثاني، خصوصا إذا كان مستطيعا حال كونه في مكة
فخرج قبل الاتيان بالحج، بل يمكن أن يقال: ان محل كلامهم صورة حصول

(1) الأظهر هو التخيير في هذه الصورة أيضا،
(2) بل هو بعيد.
256

الاستطاعة بعد الخروج عنها، وأما إذا كان مستطيعا فيها قبل خروجه منها فيتعين عليه
فرض أهلها.
مسألة 3 - الآفاقي إذا صار مقيما في مكة فإن كان بعد استطاعته ووجوب
التمتع عليه فلا اشكال في بقاء حكمه، سواء كانت اقامته بقصد التوطن أو المجاورة
ولو بأزيد من سنتين، وأما إذا لم يكن مستطيعا ثم استطاع بعد اقامته في مكة فلا
اشكال في انقلاب فرضه إلى فرض المكي في الجملة، كما لا اشكال في عدم الانقلاب
بمجرد الإقامة، وانما الكلام في الحد الذي به يتحقق الانقلاب، فالأقوى ما هو
المشهور من أنه بعد الدخول في السنة الثالثة، لصحيحة زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة ولا متعة له الخ. وصحيحة عمر
بن يزيد عن الصادق عليه السلام المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج إلى
سنتين، فإذا جاوز سنتين كان قاطنا، وليس له أن يتمتع، وقيل بأنه بعد الدخول
في الثانية لجملة من الأخبار، وهو ضعيف لضعفها باعراض المشهور عنها، مع أن
القول الأول موافق للأصل، وأما القول بأنه بعد تمام ثلاث سنين فلا دليل عليه الا
الأصل المقطوع بما ذكر، مع أن القول به غير محقق لاحتمال ارجاعه إلى القول
المشهور بإرادة الدخول في السنة الثالثة، واما الأخبار الدالة على أنه بعد ستة أشهر
أو بعد خمسة اشهر، فلا عامل بها مع احتمال صدورها تقية، وامكان حملها على محامل
اخر، والظاهر من الصحيحين اختصاص الحكم بما إذا كانت الإقامة بقصد المجاورة
فلو كانت بقصد التوطن فينقلب بعد قصده من الأول، فما يظهر من بعضهم من كونها أعم
لا وجه له (1) ومن الغريب ما عن آخر من الاختصاص بما إذا كانت بقصد التوطن،
ثم الظاهر أن في صورة الانقلاب يلحقه حكم المكي بالنسبة إلى الاستطاعة أيضا، فيكفي
في وجوب الحج الاستطاعة من مكة ولا يشترط فيه حصول الاستطاعة من بلده،
فلا وجه لما يظهر من صاحب الجواهر من اعتبار استطاعة النائي في وجوبه، لعموم أدلتها
وأن الانقلاب انما أوجب تغيير نوع الحج، وأما الشرط فعلى ما عليه فيعتبر بالنسبة إلى

(1) بل له وجه وجيه وهو الأظهر.
257

التمتع هذا، ولو حصلت الاستطاعة بعد الإقامة في مكة لكن قبل مضى السنتين
فالظاهر أنه كما لو حصلت في بلده فيجب عليه التمتع (1)، ولو بقيت إلى السنة
الثالثة أو أزيد، فالمدار على حصولها بعد الانقلاب، وأما المكي إذا خرج إلى سائر
الأمصار مقيما بها فلا يلحقه حكمها في تعين التمتع عليه، لعدم الدليل وبطلان القياس
الا إذا كانت الإقامة فيها بقصد التوطن وحصلت الاستطاعة بعده، فإنه يتعين عليه
التمتع بمقتضى القاعدة ولو في السنة الأولى، وأما إذا كانت بقصد المجاورة أو كانت
الاستطاعة حاصلة في مكة فلا، نعم الظاهر دخوله حينئذ في المسألة السابقة، فعلى
القول بالتخيير فيها كما عن المشهور يتخير، وعلى قول ابن أبي عقيل يتعين عليه
وظيفة المكي.
مسألة 4 - المقيم في مكة إذا وجب عليه التمتع كما إذا كانت استطاعته في
بلده أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه فالواجب عليه الخروج إلى الميقات
لاحرام عمرة التمتع، واختلفوا في تعيين ميقاته على أقوال: أحدها: أنه مهل أرضه
ذهب اليه جماعة، بل ربما يسند إلى المشهور كما في الحدائق لخبر سماعة عن أبي
الحسن عليه السلام سألته عن المجاور أله أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال عليه السلام نعم يخرج
إلى مهل أرضه فليلب ان شاء. المعتضد بجملة من الأخبار الواردة في الجاهل
والناسي الدالة على ذلك بدعوى عدم خصوصية للجهل والنسيان، وأن ذلك لكونه
مقتضى حكم التمتع، وبالأخبار الواردة في توقيت المواقيت، وتخصيص كل قطر
بواحد منها أو من مر عليها، بعد دعوى أن الرجوع إلى الميقات غير المرور عليه.
ثانيها: أنه أحد المواقيت المخصوصة مخيرا بينها، واليه ذهب جماعة أخرى
لجملة أخرى من الأخبار مؤيدة باخبار المواقيت، بدعوى عدم استفادة خصوصية كل
بقطر معين، ثالثها: انه أدنى الحل، نقل عن الحلبي، وتبعه بعض متأخري المتأخرين

(1) بشرط وقوع الحج على فرض المبادرة اليه قبل سنتين.
258

لجملة ثالثة من الأخبار والأحوط الأول (1) وإن كان الأقوى الثاني، لعدم فهم الخصوصية
من خبر سماعة، وأخبار الجاهل والناسي، وأن ذكر المهل من باب أحد الأفراد،
ومنع خصوصية للمرور في الأخبار العامة الدالة على المواقيت وأما اخبار القول الثالث
فمع ندرة العامل بها مقيدة بأخبار المواقيت، أو محمولة على صورة التعذر ثم الظاهر
أن ما ذكرنا حكم كل من كان في مكة وأراد الاتيان بالتمتع ولو مستحبا، هذا كله
مع امكان الرجوع إلى المواقيت، وأما إذا تعذر فيكفي الرجوع إلى أدنى الحل،
بل الأحوط الرجوع إلى ما يتمكن من خارج الحرم مما هو دون الميقات وان لم
يتمكن من الخروج إلى أدنى الحل احرم من موضعه، والأحوط الخروج إلى
ما يتمكن.
9 - فصل
صورة حج التمتع على الاجمال، ان يحرم في أشهر الحج من الميقات بالعمرة
المتمتع بها إلى الحج، ثم يدخل مكة فيطوف فيها بالبيت سبعا، ويصلى ركعتين
في المقام، ثم يسعى لها بين الصفا والمروة سبعا، ثم يطوف للنساء احتياطا وإن كان
الأصح عدم وجوبه، ويقصر، ثم ينشئ احراما للحج من مكة في وقت يعلم أنه يدرك
الوقوف بعرفة، والأفضل ايقاعه يوم التروية، ثم يمضى إلى عرفات فيقف بها من
الزوال إلى الغروب (2) ثم يفيض ويمضى منها إلى المشعر فيبيت فيه ويقف به بعد
طلوع الفجر إلى طلوع الشمس (3) ثم يمضى إلى منى فيرمى جمرة العقبة ثم ينحر
أو يذبح هديه ويأكل منه، ثم يحلق أو يقصر فيحل من كل شئ الا النساء، والطيب،
والأحوط اجتناب الصيد أيضا وإن كان الأقوى عدم حرمته عليه من حيث الاحرام، ثم
هو مخير بين ان يأتي إلى مكة ليومه فيطوف طواف الحج ويصلى ركعتيه ويسعى

(1) بل هو الأقوى.
(2) من يوم عرفة.
(3) من يوم النحر.
259

سعيه فيحل له الطيب، ثم يطوف طواف النساء ويصلى ركعتيه فتحل له النساء، ثم يعود
إلى منى لرمى الجمار فيبيت بها ليالي التشريق، وهى الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر
ويرمى في أيامها الجمار الثلاث، وأن لا يأتي إلى مكة ليومه بل يقيم بمنى حتى يرمى
جماره الثلاث يوم الحادي عشر ومثله يوم الثاني عشر، ثم ينفر بعد الزوال إذا كان
قد اتقى النساء والصيد، وان أقام إلى النفر الثاني وهو الثالث عشر ولو قبل الزوال
لكن بعد الرمي جاز أيضا، ثم عاد إلى مكة للطوافين والسعي ولا اثم عليه في شئ
من ذلك على الأصح، كما أن الأصح الاجتزاء بالطواف والسعي تمام ذي الحجة،
والأفضل الأحوط هو اختيار الأول بأن يمضى إلى مكة يوم النحر بل لا ينبغي التأخير
لغده فضلا عن أيام التشريق الا لعذر.
ويشترط في حج التمتع أمور أحدها: النية بمعنى قصد الاتيان بهذا النوع من
الحج حين الشروع في احرام العمرة، فلو لم ينوه أو نوى غيره أو تردد في نيته
بينه وبين غيره لم يصح، نعم في جملة من الأخبار انه لو اتى بعمرة مفردة في اشهر
الحج جاز ان يتمتع بها، بل يستحب ذلك إذا بقي في مكة إلى هلال ذي الحجة
ويتأكد إذا بقي إلى يوم التروية، بل عن القاضي وجوبه حينئذ، ولكن الظاهر
تحقق الاجماع على خلافه، ففي موثق سماعة عن الصادق عليه السلام من حج
معتمرا في شوال ومن نيته ان يعتمر ورجع إلى بلاده فلا بأس بذلك، وان هو أقام
إلى الحج فهو متمتع، لان اشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة، فمن
اعتمر فيهن فأقام إلى الحج فهي متعة ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحج
فهي عمرة، وان اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلى الحج فليس بمتمتع،
وانما هو مجاور افرد العمرة، فان هو أحب ان يتمتع في اشهر الحج بالعمرة
إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق أو يتجاوز عسفان فيدخل متمتعا
بعمرته إلى الحج، فان هو أحب ان يفرد الحج فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها
وفى صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام من اعتمر عمرة مفردة فله ان
260

يخرج إلى أهله الا ان يدركه خروج الناس يوم التروية، وفى قوية عنه عليه السلام من دخل
مكة معتمرا مفردا للحج فيقضى عمرته كان له ذلك، وان أقام إلى أن يدركه الحج
كانت عمرته متعة، قال عليه السلام: وليس تكون متعة الا في اشهر الحج، وفى صحيحة
عنه عليه السلام من دخل مكة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجة فليس له ان يخرج حتى
يحج مع الناس. وفى مرسل موسى بن القاسم: من اعتمر في اشهر الحج فليتمتع
إلى غير ذلك من الأخبار، وقد عمل بها جماعة، بل في الجواهر لا أجد فيه
خلافا، ومقتضاها صحة التمتع مع عدم قصده (1) حين اتيان العمرة، بل الظاهر
من بعضها، أنه يصير تمتعا قهرا من غير حاجة إلى نية التمتع بها بعدها، بل يمكن
ان يستفاد منها ان التمتع هو الحج عقيب عمرة وقعت في اشهر الحج باي نحو
اتى بها، ولا بأس بالعمل بها، لكن القدر المتيقن منها (2)، هو الحج الندبي
ففيما إذا وجب عليه التمتع فاتى بعمرة مفردة ثم أراد ان يجعلها عمرة التمتع يشكل
الاجتزاء بذلك عما وجب عليه، سواء كان حجة الاسلام أو غيرها مما وجب بالنذر
أو الاستيجار.
الثاني: ان يكون مجموع عمرته وحجه في اشهر الحج، فلو اتى بعمرته أو
بعضها في غيرها لم يجز له ان يتمتع بها، واشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة
بتمامه على الأصح، لظاهر الآية، وجملة من الاخبار كصحيحة معاوية بن عمار، وموثقة
سماعة، وخبر زرارة، فالقول بأنها الشهران الأولان مع العشر الأول من ذي الحجة
كما عن بعض أو مع ثمانية أيام كما عن آخر، أو مع تسعة أيام وليلة يوم النحر إلى
طلوع فجره كما عن ثالث، أو إلى طلوع شمسه كما عن رابع ضعيف، على أن
الظاهر أن النزاع لفظي، فإنه لا اشكال في جواز اتيان بعض الأعمال إلى آخر ذي الحجة

(1) الأظهر اعتبار قصده.
(2) لا وجه للاخذ بالقدر المتيقن، بعد اطلاق النصوص، وافتاء جمع من الأصحاب
بمضمونها على الاطلاق.
261

فيمكن ان يكون مرادهم ان هذه الأوقات هي آخر الأوقات التي يمكن بها ادراك الحج
مسألة 1 - إذا اتى بالعمرة قبل اشهر الحج قاصدا بها التمتع فقد عرفت عدم
صحتها تمتعا، لكن هل تصح مفردة أو تبطل من الأصل؟ قولان، اختار الثاني في
المدارك، لأن ما نواه لم يقع، والمفردة لم ينوها، وبعض اختار الأول لخبر الأحول
عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل فرض الحج في غير اشهر الحج، قال: يجعلها عمرة.
وقد يستشعر ذلك من خبر سعيد الأعرج قال أبو عبد الله عليه السلام: من تمتع في اشهر الحج
ثم أقام بمكة حتى يحضر الحج من قابل فعليه شاة، وان تمتع في غير اشهر الحج ثم
جاور حتى يحضر الحج فليس عليه دم، انما هي حجة مفردة، انما الأضحى على أهل
الأمصار. ومقتضى القاعدة وإن كان هو ما ذكره صاحب المدارك (1) لكن لا بأس بما
ذكره ذلك بعض للخبرين.
الثالث: ان يكون الحج والعمرة في سنة واحدة كما هو المشهور المدعى
عليه الاجماع، لأنه المتبادر من الأخبار المبينة لكيفية حج التمتع، ولقاعدة توقيفية
العبادات، وللأخبار الدالة على دخول العمرة في الحج وارتباطها به، والدالة على
عدم جواز الخروج من مكة بعد العمرة قبل الاتيان بالحج بل وما دل من الأخبار
على ذهاب المتعة بزوال يوم التروية أو يوم عرفة ونحوها، ولا ينافيها خبر سعيد الأعرج
المتقدم، بدعوى ان المراد من القابل فيه العام القابل فيدل على جواز ايقاع العمرة
في سنة، والحج في أخرى، لمنع ذلك، بل المراد منه الشهر القابل على أنه لمعارضة
الأدلة السابقة غير قابل، وعلى هذا فلو اتى بالعمرة في عام واخر الحج إلى العام
الاخر لم يصح تمتعا، سواء أقام في مكة إلى العام القابل، أو رجع إلى أهله ثم عاد
إليها، وسواء أحل من احرام عمرته أو بقي عليه إلى السنة الأخرى، ولا وجه لما عن
الدروس (2) من احتمال الصحة في هذه الصورة، ثم المراد من كونهما في سنة

(1) بل مقتضى القاعدة الصحة.
(2) بل له وجه، لكنه خلاف الاحتياط، ولعله خلاف الاجماع.
262

واحدة ان يكونا معا في اشهر الحج من سنة واحدة، لا ان لا يكون بينهما أزيد من
اثنى عشر شهرا، وحينئذ فلا يصح أيضا لو اتى بعمرة التمتع في أواخر ذي الحجة،
واتى بالحج في ذي الحجة من العام القابل.
الرابع: ان يكون احرام حجه من بطن مكة مع الاختيار للاجماع والأخبار، وما
في خبر إسحاق عن أبي الحسن عليه السلام من قوله: كان أبى مجاورا هيهنا فخرج يتلقى بعض
هؤلاء فلما رجع فبلغ ذات عرق احرم من ذات عرق بالحج ودخل وهو محرم بالحج
حيث إنه ربما يستفاد منه جواز الاحرام بالحج من غير مكة، محمول على محامل
أحسنها ان المراد بالحج عمرته، حيث إنها أول اعماله، نعم يكفي اي موضع منها
كان ولو في سككها للاجماع وخبر عمرو بن حريث عن الصادق عليه السلام من أين أهل
بالحج؟ فقال: ان شئت من رحلك، وان شئت من المسجد، وان شئت من الطريق
وأفضل مواضعها المسجد، وأفضل مواضعه المقام أو الحج، وقد يقال: أو تحت
الميزاب، ولو تعذر الاحرام من مكة أحرم مما يتمكن، ولو أحرم من غيرها اختيارا
متعمدا بطل احرامه، ولو لم يتداركه بطل حجه، ولا يكفيه العود إليها بدون التجديد
بل يجب ان يجدده لأن احرامه من غيرها كالعدم، ولو أحرم من غيرها جهلا أو نسيانا
وجب العود إليها، والتجديد مع الامكان، ومع عدمه جدده في مكانه.
الخامس: ربما يقال: انه يشترط فيه ان يكون مجموع عمرته وحجه من
واحد وعن واحد، فلو استؤجر اثنان لحج التمتع عن ميت أحدهما لعمرته والأخرى
لحجه لم يجز عنه، وكذا لو حج شخص وجعل عمرته عن شخص وحجه عن آخر
لم يصح، ولكنه محل تأمل بل ربما يظهر من خبر محمد بن مسلم (1) عن أبي جعفر
عليه السلام صحة الثاني، حيث قال: سألته عن رجل يحج عن أبيه أيتمتع؟ قال: نعم
المتعة له، والحج عن أبيه.
مسألة 2 - المشهور انه لا يجوز الخروج من مكة بعد الاحلال من عمرة التمتع

(1) لم يثبت وجود عامل به.
263

قبل ان يأتي بالحج، وانه إذا أراد ذلك عليه ان يحرم بالحج فيخرج محرما به، وان
خرج محلا ورجع بعد شهر فعليه ان يحرم بالعمرة، وذلك لجملة من الأخبار الناهية
للخروج، والدالة على أنه مرتهن ومحتبس بالحج، والدالة على أنه لو أراد الخروج
خرج ملبيا بالحج، والدالة على أنه لو خرج محلا فان رجع في شهره دخل محلا
وان رجع في غير شهره دخل محرما، والأقوى عدم حرمة الخروج (1) وجوازه محلا حملا
للاخبار على الكراهة كما عن ابن إدريس وجماعة أخرى بقرينة التعبير بلا أحب في
بعض تلك الأخبار، وقوله عليه السلام في مرسلة الصدوق: إذا أراد المتمتع الخروج من مكة
إلى بعض المواضع فليس له ذلك، لأنه مرتبط بالحج حتى يقضيه الا ان يعلم أنه لا يفوته
الحج. ونحو الرضوي، بل وقوله عليه السلام في مرسل أبان: ولا يتجاوز الا على قدر
مالا تفوته عرفة، إذ هو وإن كان بعد قوله: فيخرج محرما. الا انه يمكن ان يستفاد منه
أن المدار فوت الحج وعدمه، بل يمكن أن يقال: ان المنساق من جميع الأخبار
المانعة أن ذلك للتحفظ عن عدم ادراك الحج وفوته لكون الخروج في معرض ذلك.
وعلى هذا فيمكن دعوى عدم الكراهة أيضا مع علمه بعدم فوات الحج منه،
نعم لا يجوز الخروج، لا بنية العود، أو مع العلم بفوات الحج منه إذا خرج، ثم الظاهر أن
الأمر بالاحرام إذا كان رجوعه بعد شهر انما هو من جهة أن لكل شهر عمرة لا ان
يكون ذلك تعبدا، أو لفساد عمرته السابقة، أو لأجل وجوب الاحرام على من دخل
مكة، بل هو صريح خبر إسحاق بن عمار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتمتع
يجئ فيقضى متعته ثم تبدو له حاجة فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض
المنازل، قال عليه السلام: يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتع فيه، لأن
لكل شهر عمرة، وهو مرتهن بالحج. الخ. وحينئذ فيكون الحكم بالاحرام إذا رجع

(1) الأظهر حرمته الا في موردين - أحدهما - الخروج إلى ما يقرب مكة كالطائف
فإنه يجوز الخروج اليه محلا أيضا مع الكراهة - ثانيهما - ما إذا عرض له حاجة عرفية
فإنه يجوز له الخروج منها محرما على قدر لا يفوته عرفة.
264

بعد شهر على وجه الاستحباب (1) لا الوجوب، لأن العمرة التي هي وظيفة كل شهر ليست
واجبة، لكن في جملة من الأخبار كون المدار على الدخول في شهر الخروج أو بعده
كصحيحتي حماد وحفص بن البختري ومرسلة الصدوق والرضوي، وظاهرها
الوجوب الا ان تحمل على الغالب من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل، لكنه
بعيد، فلا يترك الاحتياط بالاحرام إذا كان الدخول في غير شهر الخروج، بل القدر
المتيقن من جواز الدخول محلا صورة كونه قبل مضى شهر من حين الاهلال، اي
الشروع في احرام العمرة والاحلال منها، ومن حين الخروج، إذ الاحتمالات في
الشهر ثلاثة، ثلاثين يوما من حين الاهلال، وثلاثين من حين الاحلال بمقتضى خبر
إسحاق بن عمار، وثلاثين من حين الخروج بمقتضى هذه الأخبار، بل من حيث
احتمال كون المراد من الشهر في الأخبار هنا والأخبار الدالة على أن لكل شهر عمرة
الأشهر الاثني عشر المعروفة، لا بمعنى ثلاثين يوما، ولازم ذلك أنه إذا كانت عمرة
في آخر شهر من هذه الشهور فخرج ودخل في شهر آخر ان يكون عليه عمرة ثانية
مراعاة الاحتياط من هذه الجهة أيضا.
وظهر مما ذكرنا أن الاحتمالات ستة: كون المدار على الاهلال، أو الاحلال،
أو الخروج، وعلى التقادير الشهر بمعنى، ثلاثين يوما، أو أحد الأشهر المعروفة، وعلى
اي حال إذا ترك الاحرام مع الدخول في شهر آخر ولو قلنا بحرمته لا يكون موجبا
لبطلان عمرته السابقة فيصح حجه بعدها، ثم إن عدم جواز الخروج على القول به
انما هو في غير حال الضرورة، بل مطلق الحاجة واما مع الضرورة أو الحاجة مع
كون الاحرام بالحج غير ممكن أو حرجا عليه فلا اشكال فيه، وأيضا الظاهر اختصاص
المنع على القول به بالخروج إلى المواضع فلا بأس بالخروج إلى فرسخ
أو فرسخين بل يمكن ان يقال باختصاصه بالخروج إلى خارج الحرم، وإن كان
الأحوط خلافه.
ثم الظاهر أنه لا فرق في المسألة بين الحج الواجب والمستحب، فلو نوى

(1) بل على وجه الوجوب.
265

التمتع مستحبا ثم اتى بعمرته يكون مرتهنا بالحج، ويكون حاله في الخروج محرما
أو محلا، والدخول كذلك، كالحج الواجب، ثم إن سقوط وجوب الاحرام عمن
خرج محلا ودخل قبل شهر مختص بما إذا اتى بعمرة بقصد التمتع، واما من لم يكن
سبق منه عمرة فيلحقه حكم من دخل مكة في حرمة دخوله بغير الاحرام الا مثل الحطاب
والحشاش ونحوهما، وأيضا سقوطه إذا كان بعد العمرة قبل شهر انما هو على وجه
الرخصة بناءا على ما هو الأقوى، من عدم اشتراط فصل شهر بين العمرتين، فيجوز الدخول
باحرام قبل الشهر أيضا، ثم إذا دخل باحرام فهل عمرة التمتع هي العمرة الأولى
أو الأخيرة؟ مقتضى حسنة حماد أنها الأخيرة المتصلة بالحج، وعليه لا يجب فيها
طواف النساء، وهل يجب حينئذ في الأولى أولا؟ وجهان أقواهما نعم، والأحوط
الاتيان بطواف مردد بين كونه للأولى أو الثانية، ثم الظاهر أنه لا اشكال في جواز الخروج
في أثناء عمرة التمتع قبل الاحلال منها.
مسألة 3 - لا يجوز لمن وظيفته التمتع ان يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين
اختيارا، نعم ان ضاق وقته عن اتمام العمرة وادراك الحج جاز له نقل النية إلى
الافراد، وان يأتي بالعمرة بعد الحج بلا خلاف ولا اشكال، وانما الكلام في حد
الضيق المسوغ لذلك، واختلفوا فيه على أقوال:
أحدها - خوف فوات الاختياري من وقوف عرفة.
الثاني - فوات الركن من الوقوف الاختياري وهو المسمى منه.
الثالث - فوات الاضطراري منه. الرابع - زوال يوم التروية.
الخامس - غروبه. السادس - زوال يوم عرفة.
السابع - التخيير بعد زوال يوم التروية بين العدول والاتمام إذا لم يخف
الفوت " والمنشأ اختلاف الأخبار فإنها مختلفة أشد الاختلاف، والأقوى أحد القولين
الأولين. لجملة مستفيضة من تلك الأخبار فإنها يستفاد منها على اختلاف ألسنتها ان
المناط في الاتمام عدم خوف فوت الوقوف بعرفة. " منها " قوله عليه السلام في رواية يعقوب
266

ابن شعيب الميثمي: لا بأس للمتمتع ان لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسر له ما لم
يخف فوات الموقفين، وفى نسخة: لا بأس للمتمتع ان يحرم ليلة عرفة الخ.
واما الأخبار المحددة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو بليلة عرفة أو سحرها
فمحمولة على صورة عدم امكان الادراك الا قبل هذه الأوقات، فإنه مختلف باختلاف
الأوقات والأحوال والأشخاص، ويمكن حملها على التقية إذا لم يخرجوا مع الناس
يوم التروية، ويمكن كون الاختلاف لأجل التقية كما في اخبار الأوقات للصلوات
وربما تحمل على تفاوت مراتب افراد المتعة في الفضل بعد التخصيص بالحج
المندوب فان أفضل أنواع التمتع أن تكون عمرته قبل ذي الحجة، ثم ما تكون
عمرته قبل يوم التروية، ثم ما تكون قبل يوم عرفة، مع أنا لو أغمضنا عن الاخبار
من جهة شدة اختلافها وتعارضها نقول: مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا لأن المفروض
ان الواجب عليه هو التمتع، فما دام ممكنا لا يجوز العدول عنه، والقدر المسلم من
جواز العدول صورة عدم امكان ادراك الحج، واللازم ادراك الاختياري من الوقوف
فان كفاية الاضطراري منه خلاف الأصل.
يبقى الكلام في ترجيح أحد القولين الأولين، ولا يبعد رجحان أولهما (1)
بناءا على كون الواجب استيعاب تمام ما بين الزوال والغروب بالوقوف، وإن كان
الركن هو المسمى، ولكن مع ذلك لا يخلو عن اشكال، فان من جملة الاخبار مرفوع
سهل عن أبي عبد الله عليه السلام في متمتع دخل يوم عرفة، قال: متعته تامة إلى أن يقطع
الناس تلبيتهم، حيث إن قطع التلبية بزوال يوم عرفة، وصحيحة جميل: المتمتع له
المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة، وله الحج إلى زوال الشمس من يوم النحر.
ومقتضاهما كفاية ادراك مسمى الوقوف الاختياري، فان من البعيد اتمام العمرة قبل
الزوال من عرفة وادراك الناس في أول الزوال بعرفات، وأيضا يصدق ادراك الموقف
إذا أدركهم قبل الغروب الا ان يمنع الصدق فان المنساق منه ادراك تمام الواجب
وياب عن المرفوعة والصحيحة بالشذوذ كما ادعى.

(2) بل الثاني أرجح.
267

وقد يؤيد القول الثالث وهو كفاية ادراك الاضطراري من عرفة بالأخبار الدالة
على أن من يأتي بعد إفاضة الناس من عرفات وأدركها ليلة النحر تم حجه، وفيه
ان موردها غير ما نحن فيه وهو عدم الادراك من حيث هو، وفيما نحن فيه يمكن
الادراك، والمانع كونه في أثناء العمرة، فلا يقاس بها، نعم لو أتم عمرته في سعة
الوقت ثم اتفق انه لم يدرك الاختياري من الوقوف كفاه الاضطراري، ودخل في مورد
تلك الأخبار، بل لا يبعد دخول من اعتقد سعة الوقت فأتم عمرته ثم بان كون
الوقت مضيقا في تلك الأخبار، ثم إن الظاهر عموم حكم المقام بالنسبة إلى الحج
المندوب وشمول الأخبار له، فلو نوى التمتع ندبا وضاق وقته عن اتمام العمرة
وادراك الحج جاز له العدول إلى الافراد، وفى وجوب العمرة بعده اشكال والأقوى
عدم وجوبها، ولو علم من وظيفته التمتع ضيق الوقت عن اتمام العمرة وادراك الحج
قبل ان يدخل في العمرة، هل يجوز له العدول من الأول إلى الافراد؟ فيه اشكال،
وأن كان غير بعيد، ولو دخل في العمرة بنية التمتع في سعة الوقت وأخر الطواف والسعي
متعمدا إلى ضيق الوقت، ففي جواز العدول وكفايته اشكال، والأحوط العدول وعدم
الاكتفاء إذا كان الحج واجبا عليه.
مسألة 4 - اختلفوا في الحائض والنفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر واتمام العمرة
وادراك الحج على أقوال:
أحدها - أن عليهما العدول إلى الافراد والاتمام، ثم الاتيان بعمرة بعد الحج
لجملة من الأخبار.
الثاني - ما عن جماعة من أن عليهما ترك الطواف، والاتيان بالسعي، ثم
الاحلال وادراك الحج، وقضاء طواف العمرة بعده، فيكون عليهما الطواف ثلاث
مرات: مرة لقضاء طواف العمرة، ومرة للحج، ومرة للنساء، ويدل على ما ذكروه
أيضا جملة من الأخبار.
الثالث - ما عن الإسكافي وبعض متأخري المتأخرين من التخيير بين الأمرين
268

للجمع بين الطائفتين بذلك.
الرابع - التفصيل بين ما إذا كانت حائضا قبل الاحرام فتعدل، أو كانت طاهرا
حال الشروع فيه ثم طرأ الحيض في الأثناء فتترك الطواف وتتم العمرة وتقضى بعد
الحج، اختاره بعض بدعوى انه مقتضى الجمع بين الطائفتين، بشهادة خبر أبي
بصير سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: في المرأة المتمتعة إذا أحرمت وهى طاهر ثم حاضت
قبل ان تقضى متعتها سعت ولم تطف حتى تطهر، ثم تقضى طوافها وقد قضت عمرتها
وان أحرمت وهى حائض لم تسع ولم تطف حتى تطهر. وفى الرضوي: إذا
حاضت المرأة من قبل ان تحرم إلى قوله عليه السلام: وان طهرت بعد الزوال يوم التروية
فقد بطلت متعتها، فتجعلها حجة مفردة، وان حاضت بعدما أحرمت سعت بين الصفا
والمروة وفرغت من المناسك كلها الا الطواف بالبيت، فإذا طهرت قضت الطواف
بالبيت وهى متمتعة بالعمرة إلى الحج، وعليها طواف الحج وطواف العمرة
وطواف النساء، وقيل في توجيه الفرق بين الصورتين: ان في الصورة الأولى
لم تدرك شيئا من أفعال العمرة طاهرا فعليها العدول إلى الافراد، بخلاف الصورة
الثانية فإنها أدركت بعض افعالها طاهرا فتبنى عليها وتقضى الطواف بعد الحج.
وعن المجلسي في وجه الفرق ما محصله: أن في الصورة الأولى لا تقدر على نية
العمرة لأنها تعلم أنها لا تطهر للطواف وادراك الحج، بخلاف الصورة الثانية، فإنها
حيث كانت طاهرة وقعت منها النية والدخول فيها. الخامس: ما نقل عن بعض من
أنها تستنيب للطواف ثم تتم العمرة وتأتي بالحج، لكن لم يعرف قائله. والأقوى من
هذه الأقوال هو القول الأول للفرقة الأولى من الأخبار التي هي أرجح من الفرقة الثانية
لشهرة العمل بها دونها، وأما القول الثالث وهو التخيير فإن كان المراد منه الواقعي
بدعوى كونه مقتضى الجمع بين الطائفتين ففيه انهما يعدان من المتعارضين، والعرف
لا يفهم التخيير منهما، والجمع الدلالي فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك
وإن كان المراد التخيير الظاهري العملي، فهو فرع مكافئة الفرقتين، والمفروض أن
269

الفرقة الأولى أرجح من حيث شهرة العمل بها. وأما التفصيل المذكور فموهون
بعدم العمل، مع أن بعض اخبار القول الأول ظاهر في صورة كون الحيض بعد
الدخول في الاحرام، نعم لو فرض كونها حائضا حال الاحرام وعالمة بأنها لا تطهر
لادراك الحج يمكن ان يقال: يتعين عليها العدول إلى الافراد من الأول، لعدم
فائدة في الدخول في العمرة، ثم العدول إلى الحج، وأما القول الخامس فلا وجه
له ولا له قائل معلوم.
مسألة 5 - إذا حدث الحيض وهى في أثناء طواف عمرة التمتع، فإن كان قبل تمام
أربعة أشواط بطل طوافه على الأقوى، وحينئذ فإن كان الوقت موسعا أتمت عمرتها
بعد الطهر، والا فلتعدل إلى حج الافراد، وتأتي بعمرة مفردة بعده، وإن كان بعد تمام
أربعة أشواط فتقطع الطواف، وبعد الطهر تأتى بالثلاثة الأخرى، وتسعى وتقصر مع
سعة الوقت، ومع ضيقه تأتى بالسعي وتقصر ثم تحرم للحج وتأتي بأفعاله ثم تقضى
بقية طوافها قبل طواف الحج أو بعده، ثم تأتى ببقية اعمال الحج، وحجها صحيح
تمتعا، وكذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطواف وقبل صلاته.
10 - فصل في المواقيت
وهى المواضع المعينة للاحرام، أطلقت عليها مجازا أو حقيقة متشرعية،
والمذكور منها في جملة من الأخبار خمسة، وفى بعضها ستة، ولكن المستفاد من
مجموع الأخبار أن المواضع التي يجوز الاحرام منها عشرة:
أحدها - ذو الحليفة، وهى ميقات أهل المدينة ومن يمر على طريقهم، وهل
هو مكان فيه مسجد الشجرة، أو نفس المسجد؟ قولان وفى جملة من الأخبار أنه هو الشجرة
وفى بعضها انه مسجد الشجرة وعلى اي حال فالأحوط الاقتصار على المسجد (1)
إذ مع كونه هو المسجد فواضح، ومع كونه مكانا فيه المسجد فاللازم حمل المطلق

(1) بل هو الأظهر، ولا يجوز الاحرام من خارج المسجد اختيارا.
270

على المقيد، لكن مع ذلك الأقوى جواز الاحرام من خارج المسجد ولو اختيارا،
وان قلنا: ان ذا الحليفة هو المسجد، وذلك لأنه مع الاحرام من جوانب المسجد
يصدق الاحرام منه عرفا، إذ فرق بين الأمر بالاحرام من المسجد، أو بالاحرام فيه
هذا مع امكان دعوى ان المسجد حد للاحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته، وان شئت
فقل المحاذاة كافية ولو مع القرب من الميقات.
مسألة 1 - الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة وهى ميقات أهل الشام
اختيارا، نعم يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما من الموانع، لكن
خصها بعضهم بخصوص المرض والضعف لوجودهما في الأخبار، فلا يلحق بهما غيرهما
من الضرورات، والظاهر إرادة المثال، فالأقوى جوازه مع مطلق الضرورة.
مسألة 2 - يجوز لأهل المدينة ومن اتاها، العدول إلى ميقات آخر كالجحفة
أو العقيق، فعدم جواز التأخير إلى الجحفة انما هو إذا مشى من طريق ذي الحليفة،
بل الظاهر أنه لو أتى إلى ذي الحليفة ثم أراد الرجوع منه والمشي من طريق آخر جاز،
بل يجوز أن يعدل عنه من غير رجوع، فان الذي لا يجوز هو التجاوز عن الميقات محلا،
وإذا عدل إلى طريق آخر لا يكون مجاوزا، وإن كان ذلك وهو في ذي الحليفة، وما
في خبر إبراهيم بن عبد الحميد من المنع عن العدول إذا أتى المدينة مع ضعفه منزل
على الكراهة.
مسألة 3 - الحائض تحرم خارج المسجد على المختار، ويدل عليه مضافا
إلى ما مر مرسلة يونس في كيفية احرامها ولا تدخل المسجد وتهل بالحج بغير صلاة،
وأما على القول بالاختصاص بالمسجد فمع عدم امكان صبرها إلى أن تطهر تدخل
المسجد وتحرم في حال الاجتياز ان أمكن، وان لم يمكن لزحم أو غيره أحرمت
خارج المسجد (1) وجددت في الجحفة أو محاذاتها.

(1) الأظهر انه يتعين التيمم والاحرام من المسجد إن كان الدم منقطعا، والا فان
أمكن الاحرام من المسجد مجتازا تعين، وان لم يمكن أخرت الاحرام إلى الجحفة، والأحوط
ان تحرم من خارج المسجد ثم جددت من الجحفة، وبذلك يظهر الحال في المسألة الرابعة.
271

مسألة 4 - إذا كان جنبا ولم يكن عنده ماء جاز له أن يحرم خارج المسجد،
والأحوط ان يتيمم للدخول والاحرام، ويتعين ذلك على القول بتعيين المسجد، وكذا
الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد نقائها.
الثاني - العقيق وهو ميقات أهل نجد والعراق ومن يمر عليه من غيرهم.
وأوله المسلخ، وأوسطه غمرة، وآخره ذات عرق، والمشهور جواز الاحرام من
جميع مواضعه اختيارا، وأن الأفضل الاحرام من المسلخ ثم من غمرة، والأحوط
عدم التأخير إلى ذات عرق الا لمرض أو تقية، فإنه ميقات العامة، لكن الأقوى ما هو
المشهور، ويجوز في حال التقية الاحرام من أوله قبل ذات عرق سرا من غير نزع
ما عليه من الثياب إلى ذات عرق ثم اظهاره ولبس ثوبي الاحرام هناك، بل هو الأحوط
وان أمكن تجرده ولبس الثوبين سرا ثم نزعهما ولبس ثيابه إلى ذات عرق ثم التجرد
ولبس الثوبين فهو أولى (1).
الثالث - الجحفة وهى لأهل الشام ومصر ومغرب ومن يمر عليها من غيرهم
إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها.
الرابع - يلملم وهو لأهل اليمن.
الخامس - قرن المنازل وهو لأهل الطائف.
السادس - مكة وهى لحج التمتع.
السابع - دويرة الأهل، أي المنزل، وهى لمن كان منزله دون الميقات إلى
مكة، بل لأهل مكة أيضا (2) على المشهور الأقوى وان استشكل فيه بعضهم فإنهم
يحرمون لحج القران والافراد من مكة، بل وكذا المجاور الذي انتقل فرضه إلى فرض
أهل مكة، وإن كان الأحوط احرامه من الجعرانة وهى أحد مواضع أدنى الحل،

(1) والأظهر الافداء للبس المخيط حينئذ.
(2) أهل مكة يحرمون للحج مطلقا منها، والأحوط لهم في حج الافراد والقران الاحرام
من أدنى الحل - واما إذا أراد أهل مكة التمتع فيحرمون من أدنى الحل للعمرة - والمجاور
يحرم لحج الافراد والقران من أدنى الحل.
272

للصحيحين الواردين فيه، المقتضى اطلاقهما عدم الفرق بين من انتقل فرضه أو لم
ينتقل، وإن كان القدر المتيقن الثاني، فلا يشمل ما نحن فيه، لكن الأحوط ما ذكرنا
عملا باطلاقهما، والظاهر أن الاحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة،
والا فيجوز لهم الاحرام من أحد المواقيت، بل لعله أفضل، لبعد المسافة وطول زمان
الاحرام.
الثامن - فخ وهو ميقات الصبيان في غير حج التمتع عند جماعة بمعنى جواز
تأخير احرامهم إلى هذا المكان، لا أنه يتعين ذلك، ولكن الأحوط ما عن آخرين
من وجوب كون احرامهم من الميقات، لكن لا يجر دون إلى في فخ، ثم إن جواز
التأخير على القول الأول انما هو إذا مروا على طريق المدينة، واما إذا سلكوا طريقا
لا يصل إلى فخ فاللازم احرامهم من ميقات البالغين.
التاسع - محاذاة أحد المواقيت الخمسة، وهى ميقات من لم يمر على أحدها (1)
والدليل عليه صحيحتا ابن سنان، ولا يضر اختصاصهما بمحاذاة مسجد الشجرة بعد
فهم المثالية منهما، وعدم القول بالفصل، ومقتضاهما محاذاة أبعد الميقاتين إلى
مكة إذا كان في طريق يحاذي اثنين، فلا وجه للقول بكفاية أقربهما إلى مكة، وتتحقق
المحاذاة بان يصل في طريقه إلى مكة إلى موضع يكون بينه وبين مكة باب (2) وهى
بين ذلك الميقات ومكة بالخط المستقيم، وبوجه آخر ان يكون الخط من موقفه

(1) الأظهر اختصاص ذلك بمحاذاة مسجد الشجرة، مقيدا بكون الاحرام من مسيرة
ستة أميال - وكون المحرم مقيما في المدينة شهرا - وهو عازم على الحج لاختصاص
النص بذلك.
(2) ولقد دقق الأصحاب النظر في المقام، فمنهم من ذكر ذلك، ومنهم من ذكر في
مقام الضابط ان المحاذي له موضع من الطريق لو فرضنا دائرة تكون مكة على مركزها
ويمر محيطها بالميقات لمر بذلك الموضع أيضا، ومنهم من ذكر ان ضابط المحاذاة أن تكون
مكة المعظمة على جبهة المستقبل والميقات على يمينه أو شماله بالخط المستقيم، ولازم
هذه الضوابط شئ واحد، ولكن الظاهر كفاية المحاذاة العرفية التي هي أوسع من ذلك.
ثم لم يظهر المراد من كلمة الباب.
273

إلى الميقات أقصر الخطوط في ذلك الطريق، ثم إن المدار على صدق المحاذاة
عرفا، فلا يكفي إذا كان بعيدا عنه فيعتبر فيها المسامتة كما لا يخفى، واللازم حصول
العلم بالمحاذاة ان أمكن، والا فالظن الحاصل من قول أهل الخبرة، ومع عدمه
أيضا فاللازم الذهاب إلى الميقات أو الاحرام من أول موضع احتماله واستمرار
النية والتلبية إلى آخر مواضعه، ولا يضر احتمال كون الاحرام قبل الميقات حينئذ
مع أنه لا يجوز، لأنه لا باس به إذا كان بعنوان الاحتياط، ولا يجوز اجراء أصالة عدم
الوصول إلى المحاذاة، أو أصالة عدم وجوب الاحرام، لأنهما لا يثبتان كون ما
بعد ذلك محاذاة، والمفروض لزوم كون انشاء الاحرام من المحاذاة، ويجوز لمثل
هذا الشخص ان ينذر الاحرام قبل الميقات (1) فيحرم في أول موضع الاحتمال
أو قبله، على ما سيأتي من جواز ذلك مع النذر، والأحوط في صورة الظن أيضا عدم
الاكتفاء به، واعمال أحد هذه الأمور، وإن كان الأقوى الاكتفاء، بل الأحوط عدم
الاكتفاء بالمحاذاة مع امكان الذهاب إلى الميقات، لكن الأقوى ما ذكرنا من جوازه
مطلقا، ثم إن أحرم في موضع الظن بالمحاذاة ولم يتبين الخلاف فلا اشكال، وان
تبين بعد ذلك كونه قبل المحاذاة ولم يتجاوزه أعاد الاحرام، وان تبين كونه قبله
وقد تجاوز أو تبين كونه بعده فان أمكن العود والتجديد تعين، والا فيكفي في الصورة
الثانية، ويجدد في الأولى في مكانه، والأولى التجديد مطلقا. ولا فرق في جواز الاحرام
في المحاذاة بين البر والبحر، ثم إن الظاهر أنه لا يتصور طريق لا يمر على ميقات،
ولا يكون محاذيا لواحد منها، إذ المواقيت محيطة بالحرم (2) من الجوانب، فلابد

(1) وهو الأحوط.
(2) أو رد عليه جمع من المحشين بأنه ليس كذلك وان ذا الحليفة والجحفة كليهما
في شمال الحرم على خط واحد تقريبا، وقرن المنازل في المشرق منه، والعقيق بين الشمال
والمشرق فتبقى يلملم وحدها لثلاثة أرباع الدورة المحيطة بالحرم وبينها وبين قرن المنازل
أكثر من ثلاثة أثمان الدورة ومنها إلى الجحفة قريب من ذلك.
274

من محاذاة واحد منها. ولو فرض امكان ذلك فاللازم الاحرام من أدنى الحل (1) وعن بعضهم
انه يحرم من موضع يكون بينه وبين مكة بقدر ما بينها وبين أقرب المواقيت إليها
وهو مرحلتان، لأنه لا يجوز لأحد قطعه الا محرما، وفيه انه لا دليل عليه، لكن الأحوط
الاحرام منه وتجديده في أدنى الحل.
العاشر - أدنى الحل وهو ميقات العمرة المفردة بعد حج القران أو الافراد
بل لكل عمرة مفردة، والأفضل (2) يكون من الحديبية أو الجعرانة أو التنعيم فإنها
منصوصة، وهى من حدود الحرم على اختلاف بينها في القرب والبعد، فان الحديبية
بالتخفيف أو التشديد: بئر بقرب مكة على طريق جدة دون مرحلة، ثم أطلق على
الموضع، ويقال: نصفه في الحل، ونصفه في الحرم، والجعرانة بكسر الجيم والعين
وتشديد الراء، أو بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء: موضع بين مكة
والطائف على سبعة أميال، والتنعيم: موضع قريب من مكة وهو أقرب أطراف
الحل إلى مكة، ويقال: بينه وبين مكة أربعة أميال، ويعرف بمسجد عائشة، كذا
في مجمع البحرين، واما المواقيت الخمسة فعن العلامة في المنتهى ان أبعدها
من مكة ذو الحليفة، فإنها على عشرة مراحل من مكة، ويليه في البعد الجحفة،
والمواقيت الثلاثة الباقية على مسافة واحدة بينها وبين مكة ليلتان قاصدتان، وقيل:
ان الجحفة على ثلاث مراحل من مكة.
مسألة 5 - كل من حج أو اعتمر على طريق فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق
وإن كان مهل ارضه غيره، كما أشرنا اليه سابقا، فلا يتعين ان يحرم من مهل ارضه
بالاجماع والنصوص، منها صحيحة صفوان ان رسول الله صلى الله عليه وآله وقت المواقيت لأهلها
ومن اتى عليها من غير أهلها.
مسألة 6 - قد علم مما مر ان ميقات حج التمتع مكة واجبا كان أو مستحبا

(1) لا وجه لكفاية الاحرام من أدنى الحل، بل اللازم ان يذهب إلى المقيات ويحرم منه
(2) لا وجه للأفضلية.
275

من الآفاقي أو من أهل مكة، وميقات عمرته أحد المواقيت الخمسة (1) أو محاذاتها
كذلك أيضا، وميقات حج القران والافراد أحد تلك المواقيت مطلقا أيضا الا إذا
كان منزله دون الميقات أو مكة، فميقاته منزله ويجوز من أحد تلك المواقيت أيضا
بل هو الأفضل، وميقات عمرتهما أدنى الحل إذا كان في مكة، ويجوز من أحد
المواقيت أيضا، وإذا لم يكن في مكة فيتعين أحدها وكذا الحكم في العمرة المفردة
مستحبة كانت أو واجبة، وان نذر الاحرام من ميقات معين تعين والمجاور بمكة بعد
السنتين حاله حال أهلها، وقبل ذلك حاله حال النائي فإذا أراد حج الافراد أو القران
يكون ميقاته أحد الخمسة أو محاذاتها، وإذا أراد العمرة المفردة جاز احرامها من
أدنى الحل.
11 - فصل في احكام المواقيت
مسألة 1 - لا يجوز الاحرام قبل المواقيت، ولا ينعقد، ولا يكفي المرور عليها
محرما، بل لابد من انشائه جديدا، ففي خبر ميسرة: دخلت على أبى عبد الله عليه السلام
وانا متغير اللون، فقال عليه السلام: من أين أحرمت بالحج؟ فقلت: من موضع كذا وكذا
فقال عليه السلام: رب طالب خير يزل قدمه، ثم قال: أيسرك ان صليت الظهر في السفر
أربعا؟ قلت: لا، قال فهو والله ذاك، نعم يستثنى من ذلك موضعان:
أحدهما - إذا نذر الاحرام قبل الميقات فإنه يجوز ويصح للنصوص، منها: خبر أبي
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام لو أن عبدا أنعم الله تعالى عليه نعمة أو ابتلاه ببلية فعافاه
من تلك البلية فجعل على نفسه ان يحرم من خراسان كان عليه ان يتم. ولا يضر عدم
رجحان ذلك بل مرجوحيته قبل النذر، مع أن اللازم كون متعلق النذر راجحا، وذلك
لاستكشاف رجحانه بشرط النذر من الأخبار، واللازم رجحانه حين العمل ولو كان
ذلك للنذر، ونظيره مسألة الصوم في السفر المرجوح أو المحرم من حيث هو مع صحته

(1) على الأحوط بالنسبة إلى أهل مكة ومن منزله أقرب إليها من الميقات إذا أرادوا
التمتع، واما المجاور فقد مر انه يحرم من مهل ارضه، واما المحاذاة فقد عرفت حالها.
276

ورجحانه بالنذر، ولابد من دليل يدل على كونه راجحا بشرط النذر، فلا يرد ان لازم
ذلك صحة نذر كل مكروه أو محرم، وفى المقامين المذكورين الكاشف هو الأخبار
فالقول بعدم الانعقاد كما عن جماعة لما ذكر لا وجه له، لوجود النصوص، وامكان
تطبيقها على القاعدة، وفى الحاق العهد واليمين بالنذر وعدمه وجوه، ثالثها الحاق
العهد دون اليمين، ولا يبعد الأول (1) لامكان الاستفادة من الأخبار، والأحوط.
الثاني - لكون الحكم على خلاف القاعدة، هذا، ولا يلزم التجديد في الميقات
ولا المرور عليها، وإن كان الأحوط التجديد خروجا عن شبهة الخلاف، والظاهر
اعتبار تعيين المكان، فلا يصح نذر الاحرام قبل الميقات مطلقا، فيكون مخيرا بين
الأمكنة، لأنه القدر المتيقن بعد عدم الاطلاق في الأخبار، نعم لا يبعد الترديد (2) بين
المكانين بأن يقول: لله على أن أحرم اما من الكوفة أو من البصرة، وإن كان الأحوط خلافه
ولا فرق بين كون الاحرام للحج الواجب أو المندوب أو للعمرة المفردة، نعم لو كان
الحج أو عمرة التمتع يشترط ان يكون في اشهر الحج، لاعتبار كون الاحرام لهما
فيها، والنصوص انما جوزت قبل الوقت المكاني فقط، ثم لو نذر وخالف نذره فلم
يحرم من ذلك المكان نسيانا أو عمدا لم يبطل احرامه إذا أحرم من الميقات، نعم عليه
الكفارة إذا خالفه متعمدا. ثانيهما: إذا أراد ادراك عمرة رجب وخشي تقضيه ان اخر
الاحرام إلى الميقات، فإنه يجوز له الاحرام قبل الميقات، وتحسب له عمرة رجب
وان أتى ببقية الأعمال في شعبان لصحيحة إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن
رجل يجئ معتمرا ينوى عمرة رجب فيدخل عليه الهلال قبل ان يبلغ العقيق، أيحرم
قبل الوقت ويجعلها لرجب أو يؤخر الاحرام إلى العقيق ويجعلها لشعبان؟ قال: يحرم
قبل الوقت لرجب فان لرجب فضلا. وصحيحة معاوية بن عمار سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول ليس ينبغي ان يحرم دون الوقت الذي وقت رسول الله صلى الله عليه وآله الا ان يخاف فوت الشهر

(1) بل المتعين هو الثاني.
(2) بل هو بعيد.
277

في العمرة. ومقتضى اطلاق الثانية جواز ذلك لادراك عمرة غير رجب أيضا، حيث إن
لكل شهر عمرة، لكن الأصحاب خصصوا ذلك (1) برجب فهو الأحوط، حيث إن
الحكم على خلاف القاعدة، والأولى والأحوط مع ذلك التجديد في الميقات،
كما أن الأحوط التأخير إلى آخر الوقت، وإن كان الظاهر جواز الاحرام قبل الضيق إذا
علم عدم الادراك إذا اخر إلى الميقات، بل هو الأولى، حيث إنه يقع باقي اعمالها (2)
أيضا في رجب، والظاهر عدم الفرق بين العمرة المندوبة والواجبة بالأصل (3)
أو بالنذر ونحوه.
مسألة 2 - كما لا يجوز تقديم الاحرام على الميقات، كذلك لا يجوز التأخير عنها
فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو دخول مكة ان يجاوز الميقات اختيارا الا محرما
بل الأحوط عدم المجاوزة (4) عن محاذاة الميقات أيضا الا محرما، وإن كان أمامه
ميقات آخر، فلو لم يحرم منها وجب العود إليها مع الامكان الا إذا كان امامه ميقات
آخر فإنه يجزيه الاحرام منها (5) وان اثم بترك الاحرام من الميقات الأول، والأحوط
العود إليها مع الامكان مطلقا، وإن كان امامه ميقات آخر، وأما إذا لم يرد النسك ولا دخول
مكة بأن كان له شغل خارج مكة ولو كان في الحرم فلا يجب الاحرام، نعم في بعض
الأخبار وجوب الاحرام من الميقات إذا أراد دخول الحرم وان لم يرد دخول مكة،
لكن قد يدعى الاجماع على عدم وجوبه، وإن كان يمكن استظهاره من بعض
الكلمات.
مسألة 3 - لو أخر الاحرام من الميقات عالما عامدا ولم يتمكن من العود إليها لضيق

(1) والوجه فيه التعليل في الصحيح الأول.
(2) الظاهر زيادة هذه الجملة لعدم مناسبتها مع المعلل.
(3) في ثبوت هذا الحكم فيها تأمل ونظر.
(4) لا باس بتركه.
(5) مشكل والاحتياط لا يترك.
278

الوقت أو لعذر آخر ولم يكن امامه ميقات آخر بطل احرامه (1) وحجه على المشهور
الأقوى، ووجب عليه قضاؤه إذا كان مستطيعا، وأما إذا لم يكن مستطيعا فلا يجب، وان
أثم بترك الاحرام بالمرور على الميقات، خصوصا إذا لم يدخل مكة، والقول بوجوبه
عليه ولو لم يكن مستطيعا بدعوى وجوب ذلك عليه إذا قصد مكة فمع تركه يجب
قضاؤه، لا دليل عليه، خصوصا إذا لم يدخل مكة، وذلك لأن الواجب عليه انما كان
الاحرام لشرف البقعة كصلاة التحية في دخول المسجد فلا قضاء مع تركه، مع أن
وجوب الاحرام لذلك لا يوجب وجوب الحج عليه، وأيضا إذا بداله ولم يدخل مكة
كشف عن عدم الوجوب من الأول، وذهب بعضهم إلى أنه لو تعذر عليه العود إلى
الميقات أحرم من مكانه، كما في الناسي والجاهل نظير ما إذا ترك التوضي إلى أن
ضاق الوقت فإنه يتيمم وتصح صلاته وان اثم بترك الوضوء متعمدا، وفيه أن البدلية
في المقام لم تثبت، بخلاف مسألة التيمم، والمفرض انه ترك ما وجب عليه متعمدا.
مسألة 4 - لو كان قاصدا من الميقات للعمرة المفردة وترك الاحرام لها متعمدا
يجوز له ان يحرم من أدنى الحل، وإن كان متمكنا من العود إلى الميقات فأدنى الحل له
مثل كون الميقات امامه، وإن كان الأحوط مع ذلك (2) العود إلى الميقات، ولو
لم يتمكن من العود، ولا الاحرام من أدنى الحل بطلت عمرته.
مسألة 5 - لو كان مريضا لم يتمكن من النزع ولبس الثوبين يجزيه النية
والتلبية، فإذا زال عندها نزع ولبسهما، ولا يجب حينئذ عليه العود إلى الميقات، نعم
لو كان له عذر عن أصل انشاء الاحرام لمرض أو اغماء ثم زال وجب عليه العود إلى
الميقات إذا تمكن، والا كان حكمه حكم الناسي في الاحرام من مكانه إذا لم يتمكن
الا منه، وان تمكن العود في الجملة وجب، وذهب بعضهم إلى أنه إذا كان مغمى عليه
ينوب عنه غيره لمرسل جميل عن أحدهما عليهما السلام في مريض أغمي عليه فلم يفق حتى

(1) الأظهر انه يخرج من الحرم ويحرم منه، ومع عدم امكانه يحرم من موضعه.
(2) بل الأظهر ذلك.
279

أتى الموقف، قال عليه السلام: يحرم عنه رجل. والظاهر أن المراد انه يحرمه رجل ويجنبه
عن محرمات الاحرام، لا انه ينوب عنه في الاحرام، ومقتضى هذا القول عدم وجوب
العود إلى الميقات بعد افاقته، وإن كان ممكنا، ولكن العمل به مشكل (1) لارسال
الخبر وعدم الجابر، فالأقوى العود مع الامكان وعدم الاكتفاء به مع عدمه.
مسألة 6 - إذا ترك الاحرام من الميقات ناسيا أو جاهلا بالحكم أو الموضوع
وجب العود إليها مع الامكان، ومع عدمه فإلى ما أمكن، الا إذا كان امامه ميقات آخر
وكذا إذا جاوزها محلا لعدم كونه قاصدا للنسك ولا لدخول مكة، ثم بداله ذلك
فإنه يرجع إلى الميقات مع التمكن، والى ما أمكن مع عدمه.
مسألة 7 - من كان مقيما في مكة وأراد حج التمتع وجب عليه الاحرام لعمرته
من الميقات إذا تمكن، والا فحاله حال الناسي.
مسألة 8 - لو نسي المتمتع الاحرام للحج بمكة ثم ذكر وجب عليه العود مع
الامكان، والا ففي مكانه، ولو كان في عرفات بل المشعر وصح حجه، وكذا لو كان
جاهلا بالحكم، ولو أحرم له من غير مكة مع العلم والعمد لم يصح، وان دخل مكة
باحرامه، بل وجب عليه الاستيناف مع الامكان، والا بطل حجه، نعم لو أحرم من
غيرها نسيانا ولم يتمكن من العود إليها صح احرامه من مكانه.
مسألة 9 - لو نسي الاحرام ولم يذكر حتى اتى بجميع الأعمال من الحج أو
العمرة فالأقوى صحة عمله، وكذا لو تركه جهلا حتى اتى بالجميع.
12 - فصل في مقدمات الاحرام
مسألة 1 - يستحب قبل الشروع في الاحرام أمور:
أحدها - توفير شعر الرأس بل واللحية لاحرام الحج مطلقا، لا خصوص التمتع

(1) وفيه ان الخبر رواه ابن أبي عمير عن جميل عن بعض أصحابنا وجميل من
أصحاب الاجماع والظاهر أن هذا بضميمة رواية ابن أبي عمير عنه، وعمل جمع من القدماء به
يكفي في الحجية، ومع ذلك الأحوط رعاية ذلك بضميمة ما في المتن.
280

كما يظهر من بعضهم لاطلاق الأخبار من أول ذي القعدة (1)، بمعنى عدم إزالة
شعرهما لجملة من الأخبار، وهى وان كانت ظاهرة في الوجوب، الا انها محمولة على
الاستحباب لجملة أخرى من الأخبار ظاهرة فيه فالقول بالوجوب، كما هو ظاهر
جماعة ضعيف، وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط، كما لا ينبغي ترك الاحتياط باهراق
دم لو أزال شعر رأسه بالحلق، حيث يظهر من بعضهم وجوبه أيضا لخبر محمول على
الاستحباب، أو على ما إذا كان في حال الاحرام، ويستحب التوفير للعمرة شهرا.
الثاني - قص الأظفار والأخذ من الشارب وإزالة شعر الإبط والعانة بالطلي أو
الحلق أو النتف، والأفضل الأول، ثم الثاني، ولو كان مطليا قبله يستحب له الإعادة
وان لم يمض خمسة عشر يوما. ويستحب أيضا إزالة الأوساخ من الجسد لفحوى ما دل
على المذكورات، وكذا يستحب الاستياك.
الثالث - الغسل للاحرام في الميقات، ومع العذر عنه التيمم، ويجوز تقديمه
على الميقات مع خوف اعواز الماء، بل الأقوى جوازه مع عدم الخوف أيضا،
والأحوط الإعادة في الميقات، ويكفى الغسل من أول النهار إلى الليل، ومن أول
الليل إلى النهار، بل الأقوى كفاية غسل اليوم إلى آخر الليل وبالعكس، وإذا احدث
بعدها قبل الاحرام يستحب اعادته خصوصا في النوم، كما أن الأولى اعادته إذا اكل
أو لبس ما لا يجوز اكله أو لبسه للمحرم، بل وكذا لو تطيب، بل الأولى ذلك في
جميع تروك الاحرام، فلو اتى بواحد منها بعدها قبل الاحرام الأولى اعادته، ولو
أحرم بغير غسل اتى به، وأعاد صورة الاحرام، سواء تركه عالما عامدا أو جاهلا أو
ناسيا، ولكن احرامه الأول صحيح باق على حاله، فلو اتى بما يوجب الكفارة بعده
وقبل الإعادة وجبت عليه.
ويستحب ان يقول عند الغسل أو بعده: " بسم الله وبالله، اللهم اجعله لي نورا

(1) الأظهر ان مراتب الاستحباب متفاوتة - الأولى - ما إذا مضت عشرة أيام من
شوال - الثانية من أول ذي القعدة - الثالثة إذا بقي شهر.
281

وطهورا وحرزا وأمنا من كل خوف، وشفاءا من كل داء وسقم، اللهم طهرني وطهر
قلبي واشرح لي صدري، واجر على لساني محبتك ومدحتك والثناء عليك، فإنه لا قوة
لي الا بك. وقد علمت أن قوام ديني التسليم لك، والاتباع لسنة نبيك صلواتك
عليه وآله ".
الرابع - ان يكون الاحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة، وقيل بوجوب ذلك
لجملة من الأخبار الظاهرة فيه، المحمولة على الندب للاختلاف الواقع بينهما،
واشتمالها على خصوصيات غير واجبة، والأولى ان يكون بعد صلاة الظهر في غير
احرام حج التمتع، فان الأفضل فيه ان يصلى الظهر بمنى، وان لم يكن في وقت الظهر
فبعد صلاة فريضة أخرى حاضرة، وان لم يكن فمقضية، والا فعقيب صلاة النافلة.
الخامس - صلاة ست ركعات (1) أو أربع ركعات أو ركعتين للاحرام،
والأولى الاتيان بها مقدما على الفريضة، ويجوز اتيانها في اي وقت كان بلا كراهة حتى
في الأوقات المكروهة، وفى وقت الفريضة حتى على القول بعدم جواز النافلة لمن
عليه فريضة، لخصوص الأخبار الواردة في المقام، والأولى ان يقرأ في الركعة الأولى
بعد الحمد التوحيد وفى الثانية الجحد، لا العكس كما قيل.
مسألة 2 - يكره للمرأة إذا أرادت الاحرام ان تستعمل الحناء إذا كان يبقى اثره
إلى ما بعده مع قصد الزينة (2)، بل لا معه أيضا إذا كان يحصل به الزينة وان لم يقصدها
بل قيل بحرمته، فالأحوط تركه وإن كان الأقوى عدمها، والرواية مختصة بالمرأة
لكنهم الحقوا بها الرجل أيضا لقاعدة الاشتراك، ولا بأس به، واما استعماله مع عدم
إرادة الاحرام فلا بأس به، وان بقي اثره، ولا بأس بعدم ازالته وان كانت ممكنة.

(1) الأظهر انه لو كان في وقت الفريضة يأتي بها ويحرم في دبرها، والا فيأتي
بالنافلة مخيرا بين، الست، والأربع، والاثنتين ويحرم في دبرها.
(2) الأظهر الاختصاص بالتزيين للزوج.
282

13 - فصل في كيفية الاحرام
وواجباته ثلاثة:
الأول - النية بمعنى القصد اليه، فلو أحرم من غير قصد أصلا بطل، سواء كان
عن عمد أو سهو أو جهل، ويبطل نسكه أيضا إذا كان الترك عمدا، واما مع السهو
والجهل فلا يبطل، ويجب عليه تجديده من الميقات إذا أمكن، والا فمن حيث
أمكن على التفصيل الذي مر سابقا في ترك أصل الاحرام.
مسألة 1 - يعتبر فيها القربة والخلوص كما في سائر العبادات فمع فقدهما أو
أحدهما يبطل احرامه.
مسألة 2 - يجب أن تكون مقارنة للشروع فيه، فلا يكفي حصولها في الأثناء
فلو تركها وجب تجديده، ولا وجه لما قيل: من أن الاحرام تروك، وهى لا تفتقر إلى
النية، والقدر المسلم من الاجماع على اعتبارها انما هو في الجملة ولو قبل التحلل
إذ نمنع أولا كونه تروكا فان التلبية ولبس الثوبين من الأفعال، وثانيا اعتبارها فيه
على حد اعتبارها في سائر العبادات في كون اللازم تحققها حين الشروع فيها.
مسألة 3 - يعتبر في النية تعيين كون الاحرام لحج أو عمرة، وان الحج تمتع
أو قران أو أفراد، وأنه لنفسه عن غيره، وانه حجة الاسلام أو الحج النذري، أو
الندبي، فلو نوى الاحرام من غير تعيين وأوكله إلى ما بعد ذلك بطل، فما عن
بعضهم من صحته وان له صرفه إلى أيهما شاء من حج أو عمرة لا وجه له، إذا لظاهر
انه جزء من النسك فتجب نيته كما في اجزاء سائر العبادات، وليس مثل الوضوء
والغسل بالنسبة إلى الصلاة، نعم الأقوى كفاية التعيين الاجمالي حتى بان ينوى الاحرام
لما سيعينه من حج أو عمرة فإنه نوع تعيين (1) وفرق بينه وبين ما لو نوى مرددا مع
ايكال التعيين إلى ما بعد.

(1) ليس هذا من التعيين.
283

مسألة 4 - لا يعتبر فيها نية الوجه من وجوب أو ندب الا إذا توقف التعيين
عليها، وكذا لا يعتبر فيها التلفظ، بل ولا الاخطار بالبال فيكفي الداعي.
مسألة 5 - لا يعتبر الاحرام استمرار العزم على ترك محرماته، بل المعتبر
العزم على تركها مستمرا فلو لم يعزم من الأول على استمرار الترك بطل، واما لو عزم
على ذلك ولم يستمر عزمه بان نوى بعد تحقق الاحرام عدمه أو اتيان شئ منها لم يبطل
فلا يعتبر فيه استدامة النية كما في الصوم، والفرق ان التروك في الصوم معتبرة في
صحته بخلاف الاحرام فإنها فيه واجبات تكليفية.
مسألة 6 - لو نسي ما عينه من حج أو عمرة وجب عليه التجديد (1) سواء تعين
عليه أحدهما أولا: وقيل: انه للمتعين منهما، ومع عدم التعيين يكون لما يصح منهما
ومع صحتهما كما في اشهر الحج الأولى جعله للعمرة المتمتع بها وهو مشكل، إذ
لا وجه له.
مسألة 7 - لا تكفى نية واحدة للحج والعمرة، بل لابد لكل منهما من نيته
مستقلا، إذ كل منهما يحتاج إلى احرام مستقل، فلو نوى كذلك وجب عليه تجديدها،
والقول بصرفه إلى المتعين منهما إذا تعين عليه أحدهما والتخيير بينهما إذا لم يتعين
وصح منه كل منهما كما في اشهر الحج، لا وجه له، كالقول بأنه لو كان في اشهر الحج
بطل ولزم التجديد، وإن كان في غيرها صح عمرة مفردة.
مسألة 8 - لو نوى كاحرام فلان فان علم أنه لماذا أحرم صح، وان لم يعلم
فقيل بالبطلان (2) لعدم التعيين، وقيل بالصحة لما عن علي عليه السلام، والأقوى الصحة
لأنه نوع تعيين نعم لو لم يحرم فلان أو بقي على الاشتباه فالظاهر البطلان، وقد يقال:
انه في صورة الاشتباه يتمتع، لا وجه له الا إذا كان في مقام يصح له العدول إلى التمتع
مسألة 9 - لو وجب عليه نوع من الحج أو العمرة فنوى غيره بطل.

(1) في المسألة تفصيل لا يسعه المقام.
(2) بل الأظهر الصحة وان لم يعلم، ولكن كان احرام فلان متقدما أو متأخرا.
284

مسألة 10 - لو نوى نوعا ونطق بغيره كان المدار على ما نوى دون ما نطق.
مسألة 11 - لو كان في أثناء نوع وشك في أنه نواه أو نوى غيره بنى على
أنه نواه.
مسألة 12 - يستفاد من جملة من الأخبار استحباب التلفظ بالنية، والظاهر تحققه
بأي لفظ كان، والأولى ان يكون بما في صحيحة ابن عمار وهو أن يقول: " اللهم إني
أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله فيسر ذلك
لي وتقبله منى واعنى عليه، فان عرض شئ يحبسني فحلني حيث حبستني لقدرك
الذي قدرت على، اللهم ان لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك شعري وبشرى ولحمي
ودمي وعظامي ومخي وعصبي من النساء والطيب، ابتغى بذلك وجهك والدار الآخرة ".
مسألة 13 - يستحب ان يشترط عند احرامه على الله ان يحله إذا عرض مانع
من اتمام نسكه من حج أو عمرة، وان يتم احرامه عمرة إذا كان للحج ولم يمكنه
الاتيان كما يظهر من جملة من الأخبار، واختلفوا في فائدة هذا الاشتراط فقيل: انها سقوط
الهدى، وقيل: انها تعجيل التحلل وعدم انتظار بلوغ الهدى محله، وقيل: سقوط
الحج من قابل، وقيل: ان فائدته ادراك الثواب فهو مستحب تعبدي، وهذا هو الأظهر (1)
ويدل عليه قوله عليه السلام في بعض الأخبار: " هو حل حيث حبسه اشترط أو لم يشترط "
والظاهر عدم كفاية النية في حصول الاشتراط، بل لابد من التلفظ، لكن يكفي كل
ما أفاد هذا المعنى، فلا يعتبر فيه لفظ مخصوص وإن كان الأولى التعيين مما في الأخبار.
الثاني - من واجبات الاحرام التلبيات الأربع، والقول بوجوب الخمس
أو الست ضعيف، بل ادعى جماعة الاجماع على عدم وجوب الأزيد من الأربع،
واختلفوا في صورتها على أقوال:
أحدها - ان يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.
الثاني - ان يقول بعد العبارة المذكورة: ان الحمد والنعمة لك والملك
لا شريك لك.

(1) بل الأظهر هو الأول.
285

الثالث - ان يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك،
لا شريك لك لبيك.
الرابع - كالثالث الا انه يقول: " ان الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك
لبيك " بتقديم لفظ [والملك] على لفظ [لك] والأقوى هو القول الأول (1) كما هو
صريح صحيحة معاوية بن عمار، والزوائد مستحبة، والأولى التكرار بالاتيان بكل من
الصور المذكورة، بل يستحب ان يقول كما في صحيحة معاوية بن عمار: لبيك اللهم
لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ان الحمد والنعمة لك والملك لك لا شريك لك
لبيك ذا المعارج، لبيك لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك لبيك غفار الذنوب لبيك،
لبيك أهل التلبية، لبيك لبيك ذا الجلال والاكرام، لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك، لبيك
لبيك تبدأ والمعاد إليك، لبيك كشاف الكروب العظام، لبيك لبيك عبدك وابن عبديك
لبيك، لبيك يا كريم لبيك ".
مسألة 14 - اللازم الاتيان بها على الوجه الصحيح بمراعاة أداء الكلمات
على قواعد العربية، فلا يجزى الملحون مع التمكن من الصحيح بالتلقين أو التصحيح،
ومع عدم تمكنه فالأحوط الجمع (2) بينه وبين الاستنابة، وكذا لا تجزى الترجمة
مع التمكن، ومع عدمه فالأحوط الجمع بينهما وبين الاستنابة، والأخرس يشير
إليها بأصبعه مع تحريك لسانه، والأولى ان يجمع بينهما وبين الاستنابة، ويلبى
من الصبي الغير المميز ومن المغمى عليه، وفى قوله: " ان الحمد " الخ يصح ان يقرأ
بكسر الهمزة وفتحها، والأولى الأول (3) ولبيك مصدر منصوب بفعل مقدر، اي
ألب لك البابا بعد الباب، أو لبا بعد لب، اي إقامة بعد إقامة، من لب بالمكان أو ألب
اي أقام، والأولى كونه من لب، وعلى هذا فأصله لبين لك، فحذف اللام وأضيف

(1) لا ينبغي ترك الاحتياط بإضافة العبارة المذكورة في الثاني إليها.
(2) وإن كان الأظهر تعين الاستنابة وكذا في الترجمة.
(3) الأحوط الجمع بل لا يترك.
286

إلى الكاف، فحذف النون، وحاصل معناه اجابتين لك، وربما يحتمل ان يكون
من لب بمعنى واجه، يقال: دارى تلب دارك، اي تواجهها، فمعناه مواجهتي و
قصدي لك، واما احتمال كونه من لب الشئ، اي خالصه، فيكون بمعنى اخلاصي
لك فبعيد، كما أن القول بأنه كلمة مفردة نظير " على " و " لدى " فأضيفت إلى الكاف
فقلبت الفه ياء لا وجه له، لان على ولدى إذا أضيفا إلى الظاهر يقال فيهما بالألف
كعلا زيد ولدا زيد وليس لبى كذلك فإنه يقال فيه: لبى زيد بالياء.
مسألة 15 - لا ينعقد احرام حج التمتع واحرام عمرته، ولا احرام حج الافراد،
ولا احرام العمرة المفردة الا بالتلبية، واما في حج القران فيتخير بين التلبية وبين
الاشعار أو التقليد، والاشعار مختص بالبدن، والتقليد مشترك بينها وبين غيرها من
أنواع الهدى، والأولى في البدن الجمع بين الاشعار أو التقليد، فينعقد احرام حج
القران بأحد هذه الثلاثة، ولكن الأحوط مع اختيار الاشعار والتقليد ضم التلبية
أيضا، نعم الظاهر وجوب التلبية على القارن وان لم يتوقف انعقاد احرامه عليها،
فهي واجبة عليه في نفسها، ويستحب الجمع بين التلبية واحد الأمرين، وبأيهما
بدأ كان واجبا. وكان الآخر مستحبا ثم إن الاشعار عبارة عن شق السنام الأيمن.
بأن يقوم الرجل من الجانب الأيسر من الهدى ويشق سنامه من الجانب الأيمن،
ويلطخ صفحته بدمه، والتقليد ان يعلق في رقبة الهدى نعلا خلقا قد صلى فيه.
مسألة 16 - لا تجب مقارنة التلبية لنية الاحرام وإن كان أحوط، فيجوز ان
يؤخرها عن النية ولبس الثوبين على الأقوى.
مسألة 17 - لا تحرم عليه محرمات الاحرام قبل التلبية وان دخل فيه بالنية
ولبس الثوبين، فلو فعل شيئا من المحرمات لا يكون آثما. وليس عليه كفارة،
وكذا في القارن إذا لم يأت بها، ولا بالاشعار أو التقليد. بل يجوز له ان يبطل
الاحرام ما لم يأت بها في غير القارن، أو لم يأت بها ولا بأحد الامرين فيه، و
الحاصل ان الشروع في الاحرام وإن كان يتحقق بالنية ولبس الثوبين الا انه لا تحرم
287

عليه المحرمات، ولا يلزم البقاء عليه الا بها أو بأحد الأمرين فالتلبية وأخواها بمنزلة
تكبيرة الاحرام في الصلاة.
مسألة 18 - إذا نسي التلبية وجب عليه العود إلى الميقات لتداركها وان لم
يتمكن اتى بها في مكان التذكر، والظاهر عدم وجوب الكفارة عليه إذا كان آتيا بما
يوجبها، لما عرفت من عدم انعقاد الاحرام الا بها.
مسألة 19 - الواجب من التلبية مرة واحدة، نعم يستحب الاكثار بها وتكريرها
ما استطاع، خصوصا في دبر كل صلاة فريضة أو نافلة، وعند صعود شرف، أو هبوط
واد، وعند المنام، وعند اليقظة، وعند الركوب، وعند النزول، وعند ملاقاة
راكب، وفى الأسحار، وفى بعض الأخبار: " من لبى في احرامه سبعين مرة ايمانا
واحتسابا اشهد الله له الف الف ملك براءة من النار وبراءة من النفاق " ويستحب
الجهر بها خصوصا في المواضع المذكورة للرجال دون النساء، ففي المرسل أن التلبية
شعار المحرم، فارفع صوتك بالتلبية، وفى المرفوعة: لما أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله اتاه
جبرئيل فقال: مر أصحابك بالعج والثج، فالعج رفع الصوت بالتلبية، والثج نحر البدن.
مسألة 20 - ذكر جماعة ان الأفضل لمن حج على طريق المدينة تأخير التلبية
إلى البيداء مطلقا كما قاله بعضهم، أو في خصوص الراكب كما قيل، ولمن حج على
طريق آخر (1) تأخيرها إلى أن يمشى قليلا، ولمن حج من مكة تأخيرها إلى الرقطاء
كما قيل، أو إلى أن يشرف على الأبطح، لكن الظاهر بعد عدم الاشكال في عدم
وجوب مقارنتها للنية، ولبس الثوبين استحباب التعجيل بها مطلقا، وكون أفضلية
التأخير بالنسبة إلى الجهر بها، فالأفضل ان يأتي بها حين النية ولبس الثوبين سرا،
ويؤخر الجهر بها إلى المواضع المذكورة، والبيداء ارض مخصوصة بين مكة والمدينة
على ميل من ذي الحليفة نحو مكة، والأبطح: مسيل وادى مكة، وهو مسيل واسع
فيه دقاق الحصى، أو له عند منقطع الشعب بين وادى منى، وآخره متصل بالمقبرة

(1) الظاهر اختصاصه بمن حج من طريق العراق.
288

التي تسمى بالمعلى عند أهل مكة، والرقطاء: موضع دون الردم يسمى مدعى،
ومدعى الأقوام مجتمع قبائلهم، والردم حاجز يمنع السيل عن البيت ويعبر عنه،
بالمدعى.
مسألة 21 - المعتمر عمرة التمتع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة في الزمن
القديم، وحدها لمن جاء على طريق المدينة عقبة المدنيين، وهو مكان معروف،
والمعتمر عمرة مفردة عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم، وعند مشاهدة
الكعبة إن كان قد خرج من مكة لاحرامها، والحاج بأي نوع من الحج يقطعها عند
الزوال من يوم عرفة، وظاهرهم ان القطع في الموارد المذكورة على سبيل الوجوب
وهو الأحوط وقد يقال: بكونه مستحبا.
مسألة 22 - الظاهر أنه لا يلزم في تكرار التلبية ان يكون بالصورة المعتبرة في
انعقاد الاحرام، بل ولا بإحدى الصور المذكورة في الأخبار، بل يكفي أن يقول:
" لبيك اللهم لبيك " بل لا يبعد كفاية تكرار لفظ لبيك.
مسألة 23 - إذا شك بعد الاتيان بالتلبية انه اتى بها صحيحة أم لا بنى على الصحة.
مسألة 24 - إذا اتى بالنية ولبس الثوبين وشك في أنه اتى بالتلبية أيضا حتى
يجب عليه ترك المحرمات أولا يبنى على عدم الاتيان لها فيجوز له فعلها، ولا كفارة
عليه.
مسألة 25 - إذا اتى بما يوجب الكفارة وشك في أنه كان بعد التلبية حتى تجب
عليه أو قبلها فان كانا مجهولي التاريخ أو كان تاريخ التلبية مجهولا لم تجب عليه الكفارة،
وإن كان تاريخ اتيان الموجب مجهولا فيحتمل ان يقال بوجوبها لأصالة التأخير، لكن
الأقوى عدمه، لأن الأصل لا يثبت كونه بعد التلبية.
الثالث - من واجبات الاحرام لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب على المحرم
اجتنابه، يتزر بأحدهما، ويرتدى بالآخر، والأقوى عدم كون لبسهما شرطا في تحقق
الاحرام، بل كونه واجبا تعبديا، والظاهر عدم اعتبار كيفية مخصوصة في لبسهما،
289

فيجوز الاتزار بأحدهما كيف شاء، والارتداء بالآخر أو التوشح به (1) أو غير ذلك
من الهيئات، لكن الأحوط لبسهما على الطريق المألوف وكذا الأحوط عدم عقد
الإزار في عنقه (2)، بل عدم عقده مطلقا ولو بعضه ببعض، وعدم غرزه بإبرة ونحوها
وكذا في الرداء الأحوط عدم عقده، لكن الأقوى جواز ذلك كله في كل منهما ما لم
يخرج عن كونه رداء أو إزارا، ويكفى فيهما المسمى وإن كان الأولى بل الأحوط (3)
أيضا كون الإزار مما يستر السرة والركبة، والرداء مما يستر المنكبين، والأحوط
عدم الاكتفاء بثوب طويل يتزر ببعضه، ويرتدى بالباقي الا في حال الضرورة، والأحوط
كون اللبس قبل النية والتلبية، فلو قدمهما عليه أعادهما بعده، والأحوط ملاحظة
النية في اللبس. واما التجرد فلا يعتبر فيه النية، وإن كان الأحوط والأولى اعتبارها
فيه أيضا.
مسألة 26 - لو أحرم في قميص عالما عامدا أعاد، لا لشرطية لبس الثوبين
لمنعها كما عرفت، بل لأنه مناف للنية، حيث إنه يعتبر فيها العزم على ترك المحرمات
التي منها لبس المخيط، وعلى هذا فلو لبسهما فوق القميص أو تحته كان الأمر كذلك
أيضا، لأنه مثله في المنافاة للنية، الا ان يمنع كون الاحرام هو العزم على ترك المحرمات
بل هو البناء على تحريمها (4) على نفسه، فلا تجب الإعادة حينئذ هذا، ولو أحرم
في القميص جاهلا بل أو ناسيا أيضا نزعه وصح احرامه، أما إذا لبسه بعد الاحرام
فاللازم شقه واخراجه من تحت، والفرق بين الصورتين من حيث النزع والشق
تعبد، لا لكون الاحرام باطلا في الصورة الأولى كما قد قيل.

(1) الأظهر اعتبار الارتداء به.
(2) الأظهر عدم جواز عقد الإزار في عنقه، وجواز عقده في الوسط - واما الرداء
فالاحتياط بترك عقده مطلقا لا يترك.
(3) لا يترك.
(4) هذا هو الأظهر.
290

مسألة 27 - لا يجب استدامة لبس الثوبين، بل يجوز، تبديلهما ونزعهما
لإزالة الوسخ أو للتطهير، بل الظاهر جواز التجرد منهما مع الأمن من الناظر، أو كون
العورة مستورة بشئ آخر (1).
مسألة 28 - لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الاحرام، وفى الأثناء للاتقاء
عن البرد والحر، بل ولو اختيارا.
تم كتاب الحج

(1) في اتمام المناسك مع خلعهما وستر العورة بشئ آخر توقف واشكال.
291

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الإجارة
وهى تمليك عمل أو منفعة بعوض، ويمكن ان يقال إن حقيقتها التسليط (1)
على عين للانتفاع بها بعوض، وفيه فصول:
1 - فصل في أركانها
وهى ثلاثة: الأول - الايجاب والقبول، ويكفى فيهما كل لفظ دال على المعنى
المذكور، والصريح منه آجرتك أو أكريتك الدار مثلا، فيقول: قبلت أو استأجرت
أو استكريت، ويجرى فيها المعاطاة كسائر العقود، ويجوز ان يكون الايجاب بالقول
والقبول بالفعل، ولا يصح ان يقول في الايجاب: بعتك الدار مثلا، وان قصد الإجارة
نعم لو قال: بعتك منفعة الدار أو سكنى الدار مثلا بكذا لا يبعد صحته (2) إذا قصد الإجارة
الثاني - المتعاقد ان، ويشترط فيهما، البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم
الحجر لفلس أو سفه أو رقية.
الثالث - العوضان، ويشترط فيها أمور:

(1) الأظهر ان حقيقتها اعطاء منفعة أو عمل بإزاء شئ.
(2) بل هي الأظهر.
292

الأول - المعلومية، وهى في كل شئ بحسبه بحيث لا يكون هناك غرر فلو
آجره دارا أو حمارا من غير مشاهدة ولا وصف رافع للجهالة بطل، وكذا لو جعل
العوض شيئا مجهولا.
الثاني - ان يكونا مقدوري التسليم، فلا تصح إجارة العبد الآبق، وفى كفاية
ضم الضميمة هنا كما في البيع اشكال (1).
الثالث - ان يكونا مملوكين، فلا تصح إجارة مال الغير، ولا الإجارة بمال الغير
الا مع الإجازة من المالك.
الرابع - أن تكون عين المستأجرة مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها، فلا تصح
إجارة الخبز للأكل مثلا، ولا الحطب للاشعال وهكذا.
الخامس - أن تكون المنفعة مباحة فلا تصح إجارة، المساكن لاحراز المحرمات،
أو الدكاكين لبيعها، أو الدواب لحملها، أو الجارية للغناء، أو العبد لكتابة الكفر
ونحو ذلك، وتحرم الأجرة عليها.
السادس - أن تكون العين مما يمكن استيفاء المنفعة المقصودة بها، فلا تصح
إجارة ارض للزراعة إذا لم يمكن ايصال الماء إليها مع عدم امكان الزراعة بماء السماء
أو عدم كفايته.
السابع - ان يتمكن المستأجر (2) من الانتفاع بالعين المستأجرة، فلا تصح
إجارة الحائض (3) لكنس المسجد مثلا.
مسألة 1 - لا تصح الإجارة إذا كان المؤجر أو المستأجر مكرها عليها، الا مع
الإجازة اللاحقة، بل الأحوط (4) عدم الاكتفاء بها، بل تجديد العقد إذا رضيا،

(1) الأظهر عدم الكفاية.
(2) يتم ذلك إذا كان عدم التمكن لمنع شرعي أو لقصور في العين - ولا يتم إذا
كان لمانع يمنعه أو قصور في المستأجر.
(3) بل تصح.
(4) والأولى، ويكفى الرضا اللاحق.
293

نعم تصح مع الاضطرار، كما إذا طلب منه ظالم مالا فاضطر إلى إجارة دار سكناه
لذلك، فإنها تصح حينئذ، كما أنه إذا اضطر إلى بيعها صح.
مسألة 2 - لا تصح إجارة المفلس بعد الحجر عليه داره أو عقاره نعم تصح
اجارته نفسه لعمل أو خدمة، واما السفيه فهل هو كذلك؟ اي تصح إجارة نفسه
للاكتساب مع كونه محجورا عن إجارة داره مثلا أولا؟ وجهان (1) من كونه من
التصرف المالي وهو محجور، ومن أنه ليس تصرفا في ماله الموجود بل هو تحصيل
للمال، ولا تعد منافعه من أمواله، خصوصا إذا لم يكن كسوبا، ومن هنا يظهر النظر
فيما ذكره بعضهم من حجر السفيهة من تزويج نفسها، بدعوى ان منفعة البضع مال
فإنه أيضا محل اشكال (2).
مسألة 3 - لا يجوز للعبد ان يؤجر نفسه أو ماله أو مال مولاه الا باذنه، أو
اجازته.
مسألة 4 - لا بد من تعيين العين المستأجرة، فلو آجره أحد هذين العبدين أو
احدى هاتين الدارين لم يصح (3) ولابد أيضا من تعيين نوع المنفعة إذا كانت للعين
منافع متعددة نعم تصح اجارتها بجميع منافعها مع التعدد فيكون المستأجر مخيرا بينها
مسألة 5 - معلومية المنفعة اما بتقدير المدة كسكنى الدار شهرا، والخياطة
يوما، أو منفعة ركوب الدابة إلى زمان كذا، واما بتقدير العمل كخياطة الثوب

(1) الا وجه عدم الجواز لا لما افاده، بل للنصوص الدالة منطوقا أو مفهوما على عدم
جواز امر السفيه.
(2) الامر كذلك إذا كان المستند الدعوى المذكورة، واما إن كان المستند هي
النصوص المشار إليها، أو صحيح الفضلاء عن الإمام الباقر (ع) المرأة التي ملكت نفسها
غير السفيهة ولا المولى عليها تزويجها بغير ولى جائز، ونحوه موثق موسى بن بكير،
فلا اشكال في عدم الجواز.
(3) يصح في ا لمتساويين في الصفات إذا كان ذلك على وجه الكلى في المعين، أو
كان معينا في نفسه مرددا عندهما أو عند أحدهما.
294

المعلوم طوله وعرضه ورقته وغلظته، فارسية أو رومية، من غير تعرض للزمان،
نعم يلزم تعيين الزمان (1) الواقع فيه هذا العمل كأن يقول: إلى يوم الجمعة مثلا
وان أطلق اقتضى التعجيل على الوجه العرفي، وفى مثل استيجار الفحل للضراب
يعين بالمرة والمرتين، ولو قدر المدة والعمل على وجه التطبيق فان علم سعة الزمان
له صح (2) وان علم عدمها بطل، وان احتمل الأمران ففيه قولان (3).
مسألة 6 - إذا استأجر دابة للحمل عليها لابد من تعيين ما يحمل عليها بحسب
الجنس إن كان يختلف الأغراض باختلافه، وبحسب الوزن ولو بالمشاهدة والتخمين
ان ارتفع به الغرر، وكذا بالنسبة إلى الركوب لابد من مشاهدة الراكب أو وصفه،
كما لابد من مشاهدة الدابة أو وصفها حتى الذكورية والأنوثية ان اختلفت الأغراض
بحسبهما، والحاصل انه يعتبر تعين الحمل والمحمول عليه والراكب والمركوب
عليه من كل جهة يختلف غرض العقلاء باختلافها.
مسألة 7 - إذا استأجر الدابة لحرث جريب معلوم فلابد من مشاهدة الأرض
أو وصفها على وجه يرتفع الغرر.
مسألة 8 - إذا استأجر دابة للسفر مسافة، لابد من بيان زمان السير من ليل أو
نهار، الا إذا كان هناك عادة متبعة (4).
مسألة 9 - إذا كانت الأجرة مما يكال أو يوزن لابد من تعيين كيلها أو وزنها
ولا تكفى المشاهدة، وان كانت مما يعد لابد من تعيين عددها، وتكفى المشاهدة فيما
يكون اعتباره بها.
مسألة 10 - ما كان معلوميته بتقدير المدة لابد من تعيينها شهرا أو سنة أو نحو

(1) مع اختلاف الاغراض العقلائية بذلك.
(2) ما ذكره يتم إذا أريد وقوع العمل في الزمان، وان أريد التطبيق عليه أولا
وآخرا، يتم ما افاده أيضا إذا علم بامكان التطبيق والا فالأظهر البطلان.
(3) أقواهما البطلان.
(4) أو لم يختلف الاغراض والمالية بذلك.
295

ذلك، ولو قال: آجرتك إلى شهر أو شهرين بطل، ولو قال: آجرتك كل شهر
بدرهم مثلا، ففي صحته مطلقا أو بطلانه مطلقا أو صحته في شهر وبطلانه في الزيادة
فان سكن فأجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة، أو الفرق بين التعبير المذكور وبين أن
يقول: آجرتك شهرا بدرهم فان زدت فبحسابه بالبطلان في الأول والصحة في شهر
في الثاني أقوال: أقواها الثاني (1) وذلك لعدم تعيين المدة الموجب لجهالة الأجرة
بل جهالة المنفعة أيضا، من غير فرق بين ان يعين المبدأ أولا، بل على فرض عدم تعيين
المبدء يلزم جهالة أخرى الا أن يقال: انه حينئذ ينصرف إلى المتصل بالعقد، هذا إذا
كان بعنوان الإجارة، واما إذا كان بعنوان الجعالة (2) فلا مانع منه، لأنه يغتفر فيها
مثل هذه الجهالة، وكذا إذا كان بعنوان الإباحة بالعوض.
مسألة 11 - إذا قال: ان خطت هذا الثوب فارسيا اي بدرز فلك درهم، وان
خطته روميا اي بدرزين فلك درهمان، فإن كان بعنوان الإجارة بطل لما مر من
الجهالة، وإن كان بعنوان الجعالة كما هو ظاهر العبارة صح (3) وكذا الحال إذا
قال: ان عملت العمل الفلاني في هذا اليوم فلك درهمان، وان عملته في الغد فلك
درهم، والقول بالصحة إجارة في الفرضين ضعيف، واضعف منه القول بالفرق
بينهما بالصحة في الثاني دون الأول، وعلى ما ذكرناه من البطلان فعلى تقدير العمل
يستحق أجرة المثل، وكذا في المسألة السابقة إذا سكن الدار شهرا أو أقل أو أكثر
مسألة 12 - إذا استأجره أو دابته ليحمله أو يحمل متاعه إلى مكان معين في
وقت معين بأجرة معينة، كأن استأجر منه دابة لايصاله إلى كربلاء قبل ليلة النصف
من شعبان ولم يوصله، فإن كان ذلك لعدم سعة الوقت وعدم امكان الايصال، فالإجارة

(1) بل الرابع.
(2) بان يجعل منفعة الدار لمن أعطاه درهما مثلا، فلا يرد عليه ما ذكره جمع من أنه
لا معنى للجعالة هنا، والأظهر بطلانها أيضا، واما إذا كان بعنوان الإباحة بالعوض فإن كان
بلفظ ظاهر فيها صح، والا بطل لان انشاء عقد بما وضع لآخر لا يجوز.
(3) بل بطل وإن كان بهذا العنوان.
296

باطلة (1) وإن كان الزمان واسعا ومع هذا قصر ولم يوصله، فإن كان ذلك على وجه
العنوانية والتقييد لم يستحق شيئا من الأجرة (2)، لعدم العمل بمقتضى الإجارة أصلا
نظير ما إذا استأجره ليصوم يوم الجمعة فاشتبه وصام يوم السبت، وإن كان ذلك
على وجه الشرطية بأن يكون متعلق الإجارة الايصال إلى كربلاء ولكن اشترط عليه
الايصال في ذلك الوقت فالإجارة صحيحة، والأجرة المعينة لازمة، لكن له خيار
الفسخ من جهة تخلف الشرط، ومعه يرجع إلى أجرة المثل، ولو قال: وان
لم توصلني في وقت كذا فالأجرة كذا أقل مما عين أولا، فهذا أيضا قسمان،
قد يكون ذلك بحيث يكون كلتا الصورتين من الايصال في ذلك الوقت وعدم الايصال
فيه موردا للإجارة فيرجع إلى قوله: آجرتك بأجرة كذا ان أوصلتك في الوقت
الفلاني، وبأجرة كذا ان لم أوصلك في ذلك الوقت، وهذا باطل للجهالة (3)
نظير ما ذكر في المسألة السابقة من البطلان ان قال: ان عملت في هذا اليوم فلك درهمان
الخ، وقد يكون مورد الإجارة هو الايصال في ذلك الوقت، ويشترط عليه ان ينقص
من الأجرة كذا على فرض عدم الايصال والظاهر الصحة في هذه الصورة (4) لعموم
المؤمنون وغيره، مضافا إلى صحيحة محمد الحلبي ولو قال: ان لم توصلني

(1) بل تكون صحيحة إذا كان ذلك على وجه الشرطية، نعم للمستأجر الخيار فان
أمضاه كان عليه تمام الأجرة، وان فسخ العقد رجعت الأجرة المسماة إلى المستأجر ورجع
العمل الخاص إلى المؤجر ويكون مستحقا لأجرة المثل.
(2) بل يستحق الأجرة المسماة، ويضمن للمستأجر أجرة المثل للعمل الخاص الممتنع
تسليمه، واما العمل الماتى به فلا يستحق شيئا من ناحيته لأنه هتك حرمته بنفسه.
(3) ان كانت الإجارة بنحو التخيير، واما ان كانت بنحو الترتيب بان تكون الإجارة
الثانية مترتبة على عدم الوفاء بالإجارة الأولى أو عدم الوفاء بقيده اي الايصال في اليوم
المعين، فإن كان القيد في الإجارة الأولى عنوانا صحت الإجارتان، وإن كان شرطا صحت
الأولى وبطلت الثانية.
(4) إذا كان الشرط سقوط بعض الأجرة على تقدير عدم الايصال، وإن كان الشرط
عدم استحقاقه فالظاهر هو البطلان.
297

فلا اجرة لك، فإن كان على وجه الشرطية بأن يكون متعلق الإجارة هو الايصال الكذائي
فقط واشترط عليه عدم الأجرة على تقدير المخالفة صح (1) ويكون الشرط المذكور
مؤكدا لمقتضى العقد، وإن كان على وجه القيدية بأن جعل كلتا الصورتين مورد للإجارة
الا ان في الصورة الثانية بلا اجرة يكون باطلا (2) ولعل هذه الصورة مراد المشهور
القائلين بالبطلان دون الأولى، حيث قالوا: ولو شرط سقوط الأجرة ان لم يوصله
لم يجز.
مسألة 13 - إذا استأجر منه دابة لزيارة النصف من شعبان مثلا ولكن لم يشترط
على المؤجر ذلك، ولم يكن على وجه العنوانية أيضا واتفق انه لم يوصله لم يكن له
خيار الفسخ، وعليه تمام المسمى من الأجرة، وان لم يوصله إلى كربلاء أصلا سقط
من المسمى بحساب ما بقي، واستحق بمقدار ما مضى، والفرق بين هذه المسألة وما
مر في المسألة السابقة ان الايصال هنا غرض وداع، وفيما مر قيد أو شرط.
2 - فصل
الإجارة من العقود اللازمة لا تنفسخ الا بالتقايل أو شرط الخيار لأحدهما أو
كليهما إذا اختار الفسخ، نعم الإجارة المعاطاتية جايزة (3) يجوز لكل منهما الفسخ
ما لم تلزم بتصرفهما أو تصرف أحدهما فيما انتقل اليه.
مسألة 1 - يجوز بيع العين المستأجرة قبل تمام مدة الإجارة، ولا تنفسخ الإجارة
به فتنتقل إلى المشترى مسلوبة المنفعة مدة الإجارة، نعم للمشترى مع جهله بالإجارة
خيار فسخ البيع (4) لأن نقص المنفعة عيب، ولكن ليس كسائر العيوب مما يكون المشترى
معه مخيرا بين الرد والأرش فليس له ان لا يفسخ ويطالب بالأرش فان العيب الموجب للأرش

(1) وبطل الشرط.
(2) إذا كان ذلك على وجه التخيير، وإن كان على نحو الترتيب بطلت الثانية خاصة
(3) بل لازمة.
(4) لا كلام في ثبوت الخيار، الا انه ليس من جهة العيب بل من جهة تخلف
الشرط الضمني.
298

ما كان نقصا في الشئ في حد نفسه، مثل العمى والعرج، وكونه مقطوع اليد، أو
نحو ذلك، لا مثل المقام الذي العين في حد نفسها لا عيب فيها، وأما لو علم المشترى
انها مستأجرة ومع ذلك أقدم على الشراء فليس له الفسخ أيضا. نعم لو اعتقد كون
مدة الإجارة كذا مقدارا فبان انها أزيد له الخيار أيضا، ولو فسخ المستأجر الإجارة
رجعت المنفعة في بقية المدة إلى المشترى، نعم لو اعتقد البايع والمشترى بقاء مدة
الإجارة وأن العين مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا وتبين ان المدة منقضية، فهل منفعة تلك
المدة للبايع حيث إنه كأنه شرط كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا، أو للمشترى لأنها
تابعة للعين ما لم تفرز بالنقل إلى الغير أو بالاستثناء، والمفروض عدمها وجهان والأقوى
الثاني (1) نعم لو شرطا كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا بعد اعتقاد بقاء المدة كان لما ذكر
وجه، ثم بناءا على ما هو الأقوى من رجوع المنفعة في الصورة السابقة إلى المشترى فهل
للبايع الخيار أولا وجهان، لا يخلو أولهما من قوة خصوصا إذا أوجب ذلك له الغبن هذا
إذا بيعت العين المستأجرة على غير المستأجر، أما لو بيعت عليه ففي انفساخ الإجارة وجهان
أقواهما العدم، ويتفرع على ذلك أمور: منها اجتماع الثمن والأجرة عليه حينئذ،
ومنها بقاء ملكه للمنفعة في مدة تلك الإجارة لو فسخ البيع بأحد أسبابه، بخلاف ما لو
قيل بانفساخ الإجارة، ومنها ارث الزوجة من المنفعة في تلك المدة لو مات الزوج
المستأجر بعد شرائه لتلك العين، وان كانت مما لا ترث الزوجة منه، بخلاف ما لو
قيل بالانفساخ بمجرد البيع، ومنها رجوع المشترى بالأجرة لو تلف العين بعد قبضها
وقبل انقضاء مدة الإجارة، فان تعذر استيفاء المنفعة يكشف عن بطلان الإجارة، ويوجب
الرجوع بالعوض وإن كان تلف العين عليه.
مسألة 2 - لو وقع البيع والإجارة في زمان واحد كما لو باع العين مالكها على
شخص وآجرها وكيله على شخص آخر واتفق وقوعهما في زمان واحد، فهل يصحان

(1) بل الأقوى الأول، وكذا في الصورة اللاحقة، وما ذكر في وجه الثاني ضعيف.
299

معا، ويملكها المشترى مسلوبة المنفعة، كما لو سبقت الإجارة، أو يبطلان معا
للتزاحم في ملكية المنفعة، أو يبطلان معا بالنسبة إلى تمليك المنفعة فيصح البيع على أنها
مسلوبة المنفعة تلك المدة، فتبقى المنفعة على ملك البايع وجوه، أقواها الأول
لعدم التزاحم، فان البايع لا يملك المنفعة، وانما يملك العين، وملكية العين توجب
ملكية المنفعة للتبعية وهى متأخرة عن الإجارة (1).
مسألة 3 - لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر على الأقوى، نعم
في إجارة العين الموقوفة إذا آجر البطن السابق تبطل بموته بعد الانتقال إلى البطن
اللاحق، لأن الملكية محدودة، ومثله ما لو كانت المنفعة موصى بها للمؤجر ما دام حيا
بخلاف ما إذا كان المؤجر هو المتولي للوقف وآجر للمصلحة البطون إلى مدة، فإنها
لا تبطل بموته، ولا بموت البطن الموجود حال الإجارة، وكذا تبطل إذا آجر نفسه (2)
للعمل بنفسه من خدمة أو غيرها، فإنه إذا مات لا يبقى محل للإجارة، وكذا إذا مات
المستأجر الذي هو محل العمل من خدمة، أو عمل آخر متعلق به بنفسه، ولو جعل
العمل في ذمته لا تبطل الإجارة بموته، بل يستوفى من تركته، وكذا بالنسبة إلى
المستأجر إذا لم يكن محل للعمل، بل كان مالكا له على المؤجر، كما إذا آجره للخدمة
من غير تقييد بكونها له، فإنه إذا مات تنتقل إلى وارثه، فهم يملكون عليه ذلك العمل
وإذا آجر الدار واشترط على المستأجر سكناه بنفسه لا تبطل بموته، ويكون للمؤجر
خيار الفسخ (3) نعم إذا اعتبر سكناه على وجه القيدية تبطل بموته.
مسألة 4 - إذا آجر الولي أو الوصي الصبي المولى عليه مدة تزيد على زمان
بلوغه ورشده بطلت في المتيقن بلوغه فيه، بمعنى أنها موقوفة على اجازته وصحت

(1) لا اثر للتقدم والتأخر في الرتبة في المقام، مع، ان ملك المنفعة متأخر عن ملك
العين بالبيع لا عن الإجارة، ولكن الحكم ما ذكره ره وله وجه آخر.
(2) يختص البطلان في هذه الصورة وما يليها بما إذا كانت الإجارة مقيدة بزمان
ومات قبل مجئ زمانه أو في أثنائه، أو وقع الموت قبل مضى زمان يسع متعلق الإجارة.
(3) إذا تخلفت الورثة عن العمل بالشرط بان سكنوا الدار.
300

واقعا وظاهرا بالنسبة إلى المتيقن صغره، وظاهرا بالنسبة المحتمل، فإذا بلغ،
له أن يفسخ على الأقوى، أي لا يجيز، خلافا لبعضهم فحكم بلزومها عليه لوقوعها
من أهلها في محلها في وقت لم يعلم لها مناف، وهو كما ترى، نعم لو اقتضت المصلحة
اللازمة المراعاة اجارته مدة زائدة على زمان البلوغ بحيث يكون اجارته أقل من
تلك المدة خلاف مصلحته تكون لازمة (1) ليس له فسخها بعد بلوغه، وكذا الكلام
في إجارة أملاكه.
مسألة 5 - إذا آجرت امرأة نفسها للخدمة مدة معينة فتزوجت قبل انقضائها
لم تبطل الإجارة، وان كانت الخدمة منافية لاستمتاع الزوج.
مسألة 6 - إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه لا تبطل الإجارة بالعتق. وليس
له الرجوع على مولاه بعوض تلك الخدمة في بقية المدة لأنه كان مالكا لمنافعه أبدا
وقد استوفاها بالنسبة إلى تلك المدة، فدعوى أنه فوت على العبد ما كان له حال حريته
كما ترى، نعم يبقى الكلام في نفقته في بقية المدة ان لم يكن شرط كونها على المستأجر.
وفى المسألة وجوه: أحدها - كونها على المولى لأنه حيث استوفى بالإجارة
منافعه فكأنه باق على ملكه.
الثاني - أنه في كسبه ان أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة، وان
لم يمكن فمن بيت المال، وان لم يكن فعلى المسلمين كفاية.
الثالث - انه ان لم يمكن اكتسابه في غير زمان الخدمة ففي كسبه وإن كان
منافيا للخدمة. الرابع - أنه من كسبه، ويتعلق مقدار ما يفوت منه من الخدمة بذمته.
الخامس - انه من بيت المال من الأول، ولا يبعد قوة الوجه الأول (2).

(1) هذا لو تم فإنما هو في إجارة املاكه دون غيرها مع أن تماميته فيها محل
تأمل أيضا.
(2) بل هو الأقوى لا لما افاده، بل لان تسليم المنفعة حدوثا وبقاءا واجب على المؤجر
وهو انما يكون بإدامة العين بحيث يمكن الانتفاع بها على الوجه المقصود، وإدامة العبد
انما هي بحفظ حياته.
301

مسألة 7 - إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيبا سابقا على العقد وكان
جاهلا به، فإن كان مما تنقص به المنفعة فلا اشكال في ثبوت الخيار له بين الفسخ
والابقاء، والظاهر عدم جواز مطالبته الأرش فله الفسخ أو الرضا بها مجانا، نعم لو كان
العيب مثل خراب بعض بيوت الدار فالظاهر تقسيط الأجرة لأنه يكون حينئذ من قبيل
تبعض الصفقة، ولو كان العيب مما لا تنقص معه المنفعة، كما إذا تبين كون الدابة
مقطوع الاذن أو الذنب فربما يستشكل في ثبوت الخيار معه، لكن الأقوى ثبوته إذا
كان مما يختلف به الرغبات، وتتفاوت به الأجرة، وكذا له الخيار إذا حدث فيها عيب بعد
العقد (1) وقبل القبض، بل بعد القبض أيضا، وإن كان استوفى بعض المنفعة ومضى
بعض المدة هذا إذا كانت العين شخصية، واما إذا كانت كلية وكان الفرد المقبوض معيبا
فليس له فسخ العقد، بل له مطالبة البدل، نعم لو تعذر البدل كان له الخيار في أصل العقد.
مسألة 8 - إذا وجد المؤجر عيبا سابقا في الأجرة ولم يكن عالما به كان له
فسخ العقد، وله الرضا به، وهل له مطالبة الأرش معه؟ لا يبعد ذلك (2) بل ربما
يدعى عدم الخلاف فيه، لكن هذا إذا لم تكن الأجرة منفعة عين، والا فلا أرش
فيه، مثل ما مر في المسألة السابقة من كون العين المستأجرة معيبا هذا إذا كانت الأجرة
عينا شخصية، وأما إذا كانت كلية فله مطالبة البدل، لا فسخ أصل العقد الا مع تعذر
البدل على حذو ما مر في المسألة السابقة.
مسألة 9 - إذا أفلس المستأجر بالأجرة كان للمؤجر الخيار بين الفسخ واسترداد
العين، وبين الضرب مع الغرماء، نظير ما إذا أفلس المشترى بالثمن حيث إن للبايع
الخيار إذا وجد عين ماله.
مسألة 10 - إذا تبين غبن المؤجر أو المستأجر فله الخيار إذا لم يكن عالما به

(1) في ثبوت الخيار فيما لو حدث العيب بعد العقد ولو قبل القبض اشكال والاحتياط
طريق النجاة.
(2) فيه اشكال.
302

حال العقد الا إذا اشترطا سقوطه في ضمن العقد.
مسألة 11 - ليس في الإجارة خيار المجلس ولا خيار الحيوان، بل ولا خيار
التأخير على الوجه المذكور في البيع، ويجرى فيها خيار الشرط حتى للأجنبي، وخيار
العيب والغبن كما ذكرنا، بل يجرى فيها سائر الخيارات كخيار الاشتراط، وتبعض
الصفقة، وتعذر التسليم والتفليس والتدليس والشركة، وما يفسد ليومه وخيار شرط
رد العوض نطير شرط رد الثمن في البيع.
مسألة 12 - إذا آجر عبده أو داره مثلا ثم باعه من المستأجر لم تبطل الإجارة
فيكون للمشترى منفعة العبد مثلا من جهة الإجارة قبل انقضاء مدتها، لا من جهة تبعية
العين، ولو فسخت الإجارة رجعت إلى البايع، ولو مات بعد القبض رجع المشترى
المستأجر على البايع بما يقابل بقية المدة من الأجرة وإن كان تلف العين عليه والله العالم.
3 - فصل
يملك المستأجر المنفعة في إجارة الأعيان، والعمل في الإجارة على الأعمال
بنفس العقد من غير توقف على شئ كما هو مقتضى سببية العقود، كما أن المؤجر
يملك الأجرة ملكية متزلزلة به كذلك ولكن لا يستحق المؤجر مطالبة الأجرة الا بتسليم
العين أو العمل، كما لا يستحق المستأجر مطالبتهما الا بتسليم الأجرة، كما هو مقتضى
المعاوضة وتستقر ملكية الأجرة باستيفاء المنفعة أو العمل أو ما بحكمه، فأصل الملكية
للطرفين موقوف على تمامية العقد، وجواز المطالبة موقوف على التسليم، واستقرار
ملكية الأجرة موقوف على استيفاء المنفعة أو اتمام العمل أو ما بحكمهما فلو حصل
مانع عن الاستيفاء أو عن العمل تنفسخ الإجارة كما سيأتي تفصيله.
مسألة 1 - لو استأجر دارا مثلا وتسلمها ومضت مدة الإجارة استقرت الأجرة عليه
سواء سكنها أو لم يسكنها باختياره، وكذا إذا استأجر دابة للركوب أو لحمل المتاع
إلى مكان كذا ومضى زمان يمكن له ذلك وجب عليه الأجرة واستقرت، وان لم يركب
303

أو لم يحمل بشرط أن يكون مقدرا بالزمان المتصل بالعقد، وأما إذا عينا وقتا فبعد مضى
ذلك الوقت، هذا إذا كانت الإجارة واقعة على عين معينة شخصية في وقت معين،
وأما ان وقعت على كلى وعين في فرد وتسلمه فالأقوى أنه كذلك مع تعيين الوقت
وانقضائه، نعم مع عدم تعيين الوقت فالظاهر عدم استقرار الأجرة المسماة (1) و
بقاء الإجارة وإن كان ضامنا لأجرة المثل لتلك المدة من جهة تفويته المنفعة على المؤجر
مسألة 2 - إذا بذل المؤجر العين المستأجرة للمستأجر ولم يتسلم حتى انقضت
المدة استقرت عليه الأجرة، وكذا إذا استأجره ليخيط له ثوبا معينا مثلا في وقت
معين وامتنع من دفع الثوب اليه حتى مضى ذلك الوقت، فإنه يجب عليه دفع الأجرة
سواء اشتغل في ذلك الوقت مع امتناع المستأجر من دفع الثوب اليه بشغل آخر
لنفسه أو لغيره أو جلس فارغا.
مسألة 3 - إذا استأجره لقلع ضرسه ومضت المدة التي يمكن ايقاع ذلك
فيها وكان المؤجر باذلا نفسه استقرت الأجرة، سواء كان المؤجر حرا أو عبدا بإذن مولاه
واحتمال الفرق بينهما بالاستقرار في الثاني دون الأول لأن منافع الحر لا تضمن الا
بالاستيفاء لا وجه له، لأن منافعه بعد العقد عليها صارت مالا للمستحق، فإذا بذلها و
لم يقبل كان تلفها منه، مع انا لا نسلم أن منافعه لا تضمن الا بالاستيفاء، بل تضمن
بالتفويت (2) أيضا إذا صدق ذلك كما إذا حبسه وكان كسوبا فإنه يصدق في العرف
أنه فوت عليه كذا مقدارا، هذا ولو استأجره لقلع ضرسه فزال الا لم بعد العقد
لم تثبت الأجرة لانفساخ الإجارة حينئذ.
مسألة 4 - إذا تلفت العين المستأجرة قبل قبض المستأجر بطلت الإجارة، و
كذا إذا تلفت عقيب قبضها بلا فصل، واما إذا تلفت بعد استيفاء منفعتها في بعض
المدة فتبطل بالنسبة إلى بقية المدة فيرجع من الأجرة بما قابل المتخلف من المدة
ان نصفا فنصف، وان ثلثا فثلث، مع تساوى الأجزاء بحسب الأوقات، ومع التفاوت

(1) بل الظاهر الاستقرار.
(2) الأظهر انها لا تضمن به.
304

تلاحظ النسبة.
مسألة 5 - إذا حصل الفسخ في أثناء المدة بأحد أسبابه تثبت الأجرة المسماة
بالنسبة إلى ما مضى، ويرجع منها بالنسبة إلى ما بقي كما ذكرنا في البطلان على
المشهور، ويحتمل قريبا (1) ان يرجع تمام المسمى ويكون للمؤجر أجرة المثل
بالنسبة إلى ما مضى، لأن المفروض انه يفسخ العقد الواقع أولا، ومقتضى الفسخ عود
كل عوض إلى مالكه، بل يحتمل ان يكون الامر كذلك في صورة البطلان أيضا،
لكنه بعيد.
مسألة 6 - إذا تلف بعض العين المستأجرة تبطل بنسبته، ويجئ خيار تبعض
الصفقة.
مسألة 7 - ظاهر كلمات العلماء ان الأجرة من حين العقد مملوكة للمؤجر
بتمامها، وبالتلف قبل القبض أو بعده أو في أثناء المدة ترجع إلى المستأجر كلا أو
بعضا من حين البطلان، كما هو الحال عندهم في تلف المبيع قبل القبض، لا أن يكون
كاشفا عن عدم ملكيتها من الأول، وهو مشكل لأن مع التلف ينكشف عدم كون
المؤجر مالكا للمنفعة إلى تمام المدة، فلم ينتقل ما يقابل المتخلف من الأول اليه،
وفرق واضح بين تلف المبيع قبل القبض وتلف العين هنا، لأن المبيع حين بيعه
كان مالا موجودا قوبل بالعوض، واما المنفعة في المقام فلم تكن موجودة حين العقد
ولا في علم الله الا بمقدار بقاء العين، وعلى هذا فإذا تصرف في الأجرة يكون تصرفه
بالنسبة إلى ما يقابل المتخلف فضوليا ومن هذا يظهر أن وجه البطلان في صورة التلف
كلا أو بعضا انكشاف عدم الملكية للمعوض.
مسألة 8 - إذا آجر دابة كلية ودفع فردا منها فتلف لا تنفسخ الإجارة، بل ينفسخ
الوفاء، فعليه ان يدفع فردا آخر.

(1) هذا هو المتعين، الا في بعض موارد خيار الشرط، كجعل الخيار برد مثل بعض
الثمن.
305

مسألة 9 - إذا آجره دارا فانهدمت، فان خرجت عن الانتفاع (1) بالمرة بطلت
فإن كان قبل القبض أو بعده قبل ان يسكن فيها (2) أصلا رجعت الأجرة بتمامها، والا
فبالنسبة، ويحتمل تمامها في هذه الصورة أيضا، ويضمن أجرة المثل بالنسبة إلى
ما مضى، لكنه بعيد (3) وان أمكن الانتفاع بها (4) مع ذلك كان للمستأجر الخيار
بين الابقاء والفسخ، وإذا فسخ كان حكم الأجرة ما ذكرنا، ويقوى هنا رجوع تمام
المسمى مطلقا ودفع أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى، لأن هذا هو مقتضى فسخ العقد
كما مر سابقا، وان انهدم بعض بيوتها بقيت الإجارة بالنسبة إلى البقية، وكان للمستأجر
خيار تبعض الصفقة، ولو بادر المؤجر إلى تعميرها بحيث لم يفت الانتفاع أصلا ليس
للمستأجر الفسخ حينئذ على الأقوى خلافا للثانيين.
مسألة 10 - إذا امتنع المؤجر من تسليم العين المستأجرة يجبر عليه، وان لم
يمكن اجباره للمستأجر فسخ الإجارة والرجوع بالأجرة، وله الابقاء ومطالبة عوض
المنفعة الفائتة، وكذا ان أخذها منه بعد التسليم بلا فصل، أو في أثناء المدة ومع
الفسخ في الأثناء يرجع بما يقابل المتخلف من الأجرة، ويحتمل قويا (5) رجوع
تمام الأجرة ودفع أجرة المثل لما مضى، كما مر نظيره سابقا، لأن مقتضى فسخ العقد
عود تمام كل من العوضين إلى مالكهما الأول، لكن هذا الاحتمال خلاف فتوى المشهور
مسألة 11 - إذا منعه ظالم عن الانتفاع بالعين قبل القبض تخير بين الفسخ (6)

(1) أو عن الانتفاع الذي استأجرها له بنحو وحدة المطلوب.
(2) اي قبل ان يتمكن من السكنى الذي استحقه بالإجارة.
(3) بل ممنوع كما تقدم منه في المسألة الرابعة، نعم، حيث إن للمستأجر حينئذ
خيار تبعض الصفقة فلو اعمل خياره وفسخ العقد يرجع بتمام الأجرة ويضمن للمؤجر أجرة المثل
بالنسبة إلى ما مضى.
(4) فيما استؤجر فيه.
(5) قد مر ان هذا هو الأقوى.
(6) إذا كان المنع متوجها إلى المؤجر ومنعه عن التسليم ثبت خيار تعذر التسليم،
وإن كان متوجها إلى المستأجر تعين الرجوع عليه بعوض ما فات، ويمكن القول بانفساخ الإجارة
في الموردين.
306

والرجوع بالأجرة، وبين الرجوع على الظالم بعوض ما فات، ويحتمل قويا تعين
الثاني، وإن كان منع الظالم أو غصبه بعد القبض يتعين الوجه الثاني فليس له الفسخ
حينئذ، سواء كان بعد القبض في ابتداء المدة وفى أثنائها، ثم لو أعاد الظالم العين
المستأجرة في أثناء المدة إلى المستأجر فالخيار باق، لكن ليس له الفسخ الا في
الجميع، وربما يحتمل جواز الفسخ بالنسبة إلى ما مضى من المدة في يد الغاصب،
والرجوع بقسطه من المسمى واستيفاء باقي المنفعة، وهو ضعيف للزوم التبعيض في
العقد وإن كان يشكل الفرق بينه وبين ما ذكر من مذهب المشهور من ابقاء العقد فيما
مضى وفسخه فيما بقي، إذ اشكال العقد مشترك بينهما.
مسألة 12 - لو حدث للمستأجر عذر في الاستيفاء كما لو استأجر دابة لتحمله إلى
بلد فمرض المستأجر ولم يقدر فالظاهر البطلان (1) ان اشترط المباشرة على وجه القيدية
وكذا لو حصل له عذر آخر، ويحتمل عدم البطلان نعم لو كان هناك عذر عام بطلت
قطعا لعدم قابلية العين للاستيفاء حينئذ.
مسألة 13 - التلف السماوي للعين المستأجرة أو لمحل العمل (2) موجب
للبطلان، ومنه اتلاف الحيوانات، واتلاف المستأجر بمنزلة القبض واتلاف
المؤجر موجب للتخيير بين ضمانه والفسخ، واتلاف الأجنبي لضمانه (3)
والعذر العام بمنزلة التلف، واما العذر الخاص بالمستأجر كما إذا استأجر دابة
لركوبه بنفسه فمرض. ولم يقدر على المسافرة، أو رجلا لقلع سنه فزال المه
أو نحو ذلك ففيه اشكال (4)، ولا يبعد ان يقال: انه يوجب البطلان إذا كان بحيث

(1) العذر إن كان عاما بطلت الإجارة قطعا، وإن كان مختصا بالمستأجر، فإن كان
موجبا لعدم تمكنه من الاستيفاء شرعا أو عقلا، وكان متعلق الإجارة انتفاع شخص المستأجر
بنفسه بطلت، والا فالأظهر عدم البطلان.
(2) سيأتي في الفصل اللاحق حكم التلف والاتلاف لمحل العمل.
(3) إذا كان بعد القبض، واما إذا كان قبله فللمستأجر الفسخ.
(4) الأظهر هو البطلان كما مر في المسألة الثالثة، والمسألة المتقدمة.
307

لو كان قبل العقد لم يصح معه العقد.
مسألة 14 - إذا آجرت الزوجة نفسها بدون اذن الزوج فيما ينافي حق الاستمتاع
وقفت على إجازة الزوج، بخلاف ما إذا لم يكن منافيا فإنها صحيحة، وإذا اتفق إرادة
الزوج للاستمتاع كشف عن فسادها.
مسألة 15 - قد ذكر سابقا ان كلا من المؤجر والمستأجر يملك ما انتقل اليه بالإجارة
بنفس العقد، ولكن لا يجب تسليم أحدهما الا بتسليم الآخر، وتسليم المنفعة بتسليم
العين، وتسليم الأجرة باقباضها الا إذا كانت منفعة أيضا فبتسليم العين التي تستوفى منها
ولا يجب على واحد منهما الابتداء بالتسليم، ولو تعاسرا أجبرهما الحاكم. ولو كان
أحدهما باذلا دون الآخر ولم يمكن جبره كان للأول الحبس إلى أن يسلم الآخر، هذا
كله إذا لم يشترط في العقد تأجيل التسليم في أحدهما، والا كان هو المتبع، هذا،
وأما تسليم العمل فإن كان مثل الصلاة والصوم والحج والزيارة ونحوهما فباتمامه،
فقبله لا يستحق المؤجر المطالبة وبعده لا يجوز للمستأجر المماطلة الا أن يكون هناك شرط
أو عادة في تقديم الأجرة فيتبع، والا فلا فلا يستحق، حتى لو لم يمكن له العمل الا بعد
أخذ الأجرة، كما في الحج الاستيجاري إذا كان المؤجر معسرا، وكذا في مثل بناء جدار
داره أو حفر بئر في داره أو نحو ذلك، فان اتمام العمل تسليم، ولا يحتاج إلى شئ
آخر، واما في مثل الثوب الذي أعطاه ليخيطه أو الكتاب الذي يكتبه أو نحو ذلك
مما كان العمل في شئ بيد المؤجر، فهل يكفي اتمامه في التسليم، فبمجرد الاتمام يستحق
المطالبة، أولا الا بعد تسليم مورد العمل فقبل ان يسلم أثوب مثلا لا يستحق مطالبة
الأجرة؟ قولان، أقواهما الأول (1) لأن المستأجر عليه نفس العمل، والمفروض أنه
قد حصل، لا الصفة الحادثة في الثوب مثلا وهى المخيطية حتى يقال: انها في الثوب
وتسليمها بتسليمه، وعلى ما ذكرنا فلو تلف الثوب مثلا بعد تمام الخياطة في يد المؤجر
بلا ضمان يستحق اجرة العمل، بخلافه على القول الآخر، ولو تلف مع ضمانه أو

(1) بل الثاني.
308

أتلفه وجب عليه قيمته مع وصف المخيطية، لا قيمته قبلها، وله الأجرة المسماة، بخلافه
على القول الآخر، فإنه لا يستحق الأجرة، وعليه قيمته غير مخيط (1) وأما احتمال عدم
استحقاقه الأجرة مع ضمانه القيمة مع الوصف فبعيد، وإن كان له وجه، وكذا يتفرع
على ما ذكر أنه لا يجوز حبس العين بعد اتمام العمل إلى أن يستوفى الأجرة، فإنها
بيده أمانة، إذ ليست هي ولا الصفة التي فيها موردا للمعاوضة، فلو حبسها ضمن
بخلافه على القول الآخر.
مسألة 16 - إذا تبين بطلان الإجارة رجعت الأجرة إلى المستأجر واستحق
المؤجر أجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر من المنفعة، أو فاتت تحت يده إذا
كان جاهلا بالبطلان، خصوصا مع علم المستأجر، وأما إذا كان عالما فيشكل ضمان
المستأجر (2) خصوصا إذا كان جاهلا، لأنه بتسليمه العين اليه قد هتك حرمة ماله خصوصا
إذا كان البطلان من جهة جعل الأجرة ما لا يتمول شرعا أو عرفا، أو إذا كان اجرة بلا
عوض، ودعوى ان اقدامه واذنه في الاستيفاء انما هو بعنوان الإجارة، والمفروض
عدم تحققها فاذنه مقيد بما لم يتحقق، مدفوعة بأنه إن كان المراد كونه مقيدا بالتحقق
شرعا فممنوع، إذ مع فرض العلم بعدم الصحة شرعا لا يعقل قصد تحققه الا على وجه
التشريع المعلوم عدمه، وإن كان المراد تقيده بتحققها الانشائية فهو حاصل، ومن
هنا يظهر حال الأجرة أيضا، فإنها لو تلفت في يد المؤجر يضمن عوضها الا إذا كان
المستأجر عالما ببطلان الإجارة (3) ومع ذلك دفعها اليه، نعم إذا كانت موجودة له
أن يستردها، هذا، وكذا في الإجارة على الأعمال إذا كانت باطلة يستحق العامل اجرة

(1) بل قيمته مخيطا لان الثوب بهذا الوصف ملك للمستأجر، وعدم استحقاق المؤجر
مطالبة الأجرة على عمله قبل تسليمه انما هو لعدم التسليم نعم، لو اعطى المؤجر قيمته مخيطا
استحق مطالبة اجرة عمله لتسليمه العمل ببدله.
(2) الأظهر هو الضمان من غير فرق بين جهله وعلمه، نعم، في الإجارة بلا اجرة
الأظهر عدم الضمان، وكذا لو جعل الأجرة ما لا يتمول عرفا.
(3) الأقوى فيه أيضا الضمان.
309

المثل لعمله دون المسماة إذا كان جاهلا بالبطلان، وأما إذا كان عالما فيكون هو
المتبرع بعمله (1) سواء كان بأمر من المستأجر أولا، فيجب عليه رد الأجرة المسماة
أو عوضها، ولا يستحق أجرة المثل، وإذا كان المستأجر أيضا عالما فليس له مطالبة
الأجرة (2) مع تلفها ولو مع عدم العمل من المؤجر.
مسألة 17 - يجوز إجارة المشاع كما يجوز بيعه وصلحه وهبته، ولكن لا يجوز
تسليمه الا باذن الشريك إذا كان مشتركا، نعم إذا كان المستأجر جاهلا بكونه مشتركا كان
له خيار الفسخ للشركة، وذلك كما إذا آجره داره فتبين أن نصفها للغير ولم يجر ذلك
الغير فان له خيار الشركة بل وخيار التبعض، ولو آجره نصف الدار مشاعا وكان
المستأجر معتقدا ان تمام الدار له فيكون شريكا معه في منفعتها فتبين أن النصف الآخر
مال الغير فالشركة مع ذلك الغير، ففي ثبوت الخيار له حينئذ وجهان لا يبعد ذلك (3)
إذا كان في الشركة مع ذلك الغير منقصة له.
مسألة 18 - لا بأس باستيجار اثنين دارا على الإشاعة ثم يقتسمان مساكنها
بالتراضي أو بالقرعة، وكذا يجوز استيجار اثنين دابة للركوب على التناوب، ثم
يتفقان على قرار بينهما بالتعيين بفرسخ فرسخ أو غير ذلك، وإذا اختلفا في المبتدى
يرجعان إلى القرعة، وكذا يجوز استيجار اثنين دابة مثلا لا على وجه الإشاعة بل نوبا
معينة بالمدة أو بالفراسخ، وكذا يجوز إجارة اثنين نفسهما على عمل معين على وجه
الشركة كحمل شئ معين لا يمكن الا بالمتعدد.
مسألة 19 - لا يشترط اتصال مدة الإجارة بالعقد على الأقوى، فيجوز أن يؤجره
داره شهرا متأخرا عن العقد بشهر أو سنة، سواء كانت مستأجرة في ذلك الشهر الفاصل
أولا، ودعوى البطلان من جهة عدم القدرة على التسليم كما ترى، إذ التسليم لازم

(1) انما يكون متبرعا لو آجر نفسه بلا اجرة ولا تبرع في غيره.
(2) بل له تلك.
(3) بل هو بعيد، نعم إذا وقعت المعاملة مبنية على كونه بتمامه له وانه شريكه
ثبت الخيار.
310

في زمان الاستحقاق لا قبله، هذا، ولو آجره داره شهرا وأطلق انصرف إلى الاتصال
بالعقد، نعم لو لم يكن انصراف بطل.
4 - فصل
العين المستأجرة في يد المستأجر أمانة، فلا يضمن تلفها أو تعيبها الا بالتعدي
أو التفريط، ولو شرط المؤجر عليه ضمانها بدونها فالمشهور عدم الصحة لكن الأقوى
صحته (1) وأولى بالصحة إذا اشترط عليه أداء مقدار مخصوص من ماله على تقدير
التلف أو التعيب، لا بعنوان الضمان، والظاهر عدم الفرق في عدم الضمان مع عدم
الأمرين بين أن يكون التلف في أثناء المدة أو بعدها إذا لم يحصل منه منع للمؤجر
عن عين ماله إذا طلبها، بل خلى بينه وبينها ولم يتصرف بعد ذلك فيها، ثم هذا إذا
كانت الإجارة صحيحة، واما إذا كانت باطلة ففي ضمانها وجهان أقواهما العدم خصوصا
إذا كان المؤجر عالما بالبطلان حين الاقباض دون المستأجر.
مسألة 1 - العين التي للمستأجر بيد المؤجر الذي آجر نفسه لعمل فيها كالثوب
آجر نفسه ليخيطه أمانة فلا يضمن تلفها أو نقصها الا بالتعدي، أو التفريط، أو الاشتراط
ضمانها على حذو ما مر في العين المستأجرة ولو تلف أو اتلفها المؤجر أو الأجنبي
قبل العمل أو في الأثناء بطلت الإجارة (2) ورجعت الأجرة بتمامها أو بعضها إلى
المستأجر، بل لو أتلفها مالكها المستأجر كذلك أيضا، نعم لو كانت الإجارة واقعة
على منفعة المؤجر بأن يملك منفعته الخياطي في يوم كذا يكون اتلافه لمتعلق العمل
بمنزلة استيفائه لأنه باتلافه إياه فوت على نفسه المنفعة، ففرق بين أن يكون العمل

(1) بلا اشكال فيها لو شرط التدارك من ماله، وعلى تأمل فيما لو شرط النتيجة وإن كان
الأظهر ما افاده.
(2) قد تقدم هذه المسألة في الفصل السابق وهى المسألة الثالثة عشر، وما ذكره
في المقام مناف لما افاده هناك، والحق ان التلف السماوي واتلاف الأجنبي موجبان لبطلان
الإجارة، واتلاف المستأجر بمنزلة القبض، واتلاف الأجير موجب لتخيير المستأجر بين فسخ
العقد وامضائه، فان أمضاه جاز له مطالبة الأجير بقيمة العمل الفائت.
311

في ذمته أو يكون منفعته الكذائية للمستأجر، ففي الصورة الأولى التلف قبل العمل
موجب للبطلان ورجوع الأجرة إلى المستأجر وإن كان هو المتلف، وفى الصورة
الثانية اتلافه بمنزلة الاستيفاء وحيث انه مالك لمنفعة المؤجر وقد فوتها على نفسه
فالأجرة ثابتة عليه.
مسألة 2 - المدار في الضمان على قيمة يوم الأداء في القيميات لا يوم التلف
ولا أعلى القيم على الأقوى.
مسألة 3 - إذا تلف الثوب بعد الخياطة ضمن قيمته مخيطا واستحق الأجرة
المسماة، وكذا لو حمل متاعا إلى مكان معين ثم تلف مضمونا أو أتلفه فإنه يضمن
قيمته في ذلك المكان، لا أن يكون المالك مخيرا بين تضمينه غير مخيط بلا اجرة
أو مخيطا مع الأجرة، وكذا لا أن يكون في المتاع مخيرا بين قيمته غير محمول في
مكانه الأول بلا اجرة أو في ذلك المكان مع الأجرة كما قد يقال.
مسألة 4 - إذا أفسد الأجير للخياطة أو القصارة أو لتفصيل الثوب ضمن،
وكذا الحجام إذا جنى في حجامته، أو الختان في ختانه، وكذا الكحال والبيطار
وكل من آجر نفسه لعمل في مال المستأجر إذا أفسده يكون ضامنا إذا تجاوز عن
الحد المأذون فيه، وإن كان بغير قصده. لعموم من اتلف، وللصحيح عن أبي
عبد الله عليه السلام في الرجل يعطى الثوب ليصبغه، فقال عليه السلام: كل عامل أعطيته أجرا على
أن يصلح فأفسد فهو ضامن، بل ظاهر المشهور ضمانه وان لم يتجاوز عن الحد
المأذون فيه، وكلنه مشكل فلو مات الولد بسبب الختان مع كون الختان حاذقا من
غير أن يتعدى عن محل القطع بأن كان أصل الختان مضرا به (1) في ضمانه اشكال
مسألة 5 - الطبيب المباشر للعلاج (2) إذا أفسد ضامن، وإن كان حاذقا،

(1) إذا علم الولي بمضريته أو شك فيها لا يجوز له استيجار الختان فلو آجره وختنه
والحال هذه ضمن الختان.
(2) الأظهر هو الضمان في جميع صور الطبابة الا مع التبري.
312

واما إذا لم يكن مباشرا بل كان آمرا ففي ضمانه اشكال، الا ان يكون سببا وكان
أقوى من المباشر واشكل منه، إذا كان واصفا للدواء من دون أن يكون آمرا،
كأن يقول: ان دواءك كذا وكذا، بل الأقوى فيه عدم الضمان وان قال: الدواء
الفلاني نافع للمرض الفلاني، فلا ينبغي الاشكال في عدم ضمانه، فلا وجه لما عن
بعضهم من التأمل فيه، وكذا لو قال: لو كنت مريضا بمثل هذا المرض لشربت
الدواء الفلاني.
مسألة 6 - إذا تبرأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليه ولم يقصر في
الاجتهاد والاحتياط بر أعلى الأقوى.
مسألة 7 - إذا عثر الحمال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره مثلا ضمن
لقاعدة الاتلاف (1).
مسألة 8 - إذا قال للخياط مثلا: إن كان هذا يكفيني قميصا فاقطعه، فقطعه
فلم يكف ضمن في وجه، ومثله لو قال: هل يكفي قميصا؟ فقال: نعم فقال: اقطعه فلم يكفه
وربما يفرق بينهما (2) فيحكم بالضمان في الأول دون الثاني بدعوى عدم الإذن في
الأول دون الثاني وفيه أن في الأول أيضا الاذن حاصل، وربما يقال بعدم الضمان
فيهما للاذن فيهما، وفيه انه مقيد بالكفاية، الا ان يقال: انه مقيد باعتقاد الكفاية وهو
حاصل، والأولى الفرق بين الموارد والأشخاص بحسب صدق الغرور وعدمه أو تقيد
الاذن وعدمه، والأحوط مراعاة الاحتياط.
مسألة 9 - إذا آجر عبده لعمل فأفسد ففي كون الضمان عليه أو على العبد يتبع
به بعد عتقه أو في كسبه إذا كان من غير تفريط، وفى ذمته يتبع به بعد العتق إذا كان

(1) فيه تأمل واشكال والاحتياط طريق النجاة.
(2) الأظهر في المورد الأول، هو الضمان لتقييد الاذن بالكفاية، وفى المورد
الثاني عدم الضمان، الا مع علم الخياط بعدم الكفاية وجهل المالك به، فيضمن حينئذ لقاعدة
الغرور.
313

بتفريط، أو في كسبه مطلقا وجوه وأقوال، أقواها الأخير للنص الصحيح (1) هذا
في غير الجناية على نفس أو طرف، والا فيتعلق برقبته، وللمولى فداؤه بأقل الأمرين
من الأرش والقيمة.
مسألة 10 - إذا آجر دابة لحمل متاع فعثرت وتلف أو نقص لا ضمان على صاحبها
الا إذا كان هو المسبب بنخس أو ضرب.
مسألة 11 - إذا استأجر سفينة أو دابة لحمل متاع فنقص أو سرق لم يضمن
صاحبها، نعم لو اشترط عليه الضمان صح لعموم دليل الشرط وللنص.
مسألة 12 - إذا حمل الدابة المستأجرة أزيد من المشترط أو المقدار المتعارف
مع الاطلاق ضمن تلفها أو عوارها، والظاهر ثبوت أجرة المثل (2) لا المسمى مع
عدم التلف، لأن العقد لم يقع على هذا المقدار من الحمل، نعم لو لم يكن ذلك
على وجه التقييد ثبت عليه المسماة وأجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة.
مسألة 13 - إذا اكترى دابة فسار عليها زيادة عن المشترط ضمن، والظاهر
ثبوت الأجرة المسماة (3) بالنسبة إلى المقدار المشترط وأجرة المثل بالنسبة إلى الزائد.
مسألة 14 - يجوز لمن استأجر دابة للركوب أو الحمل أن يضربها إذا وقفت
على المتعارف، أو يكبحها باللجام أو نحو ذلك على المتعارف الا مع منع المالك
من ذلك أو كونه معها، وكان المتعارف سوقه هو، ولو تعدى عن المتعارف أو مع
منعه ضمن نقصها أو تلفها، اما في صورة الجواز ففي ضمانه مع عدم التعدي اشكال،

(1) النص الصحيح انما يكون مختصا بما لو استهلك مالا آخر للمستأجر غير ما استؤجر
لاصلاحه فافسده، واما في مورد الخطاء في صنعة استأجر عليها كما هو مفروض المسألة
فالأظهر هو الأول لما روى عن الكافي والتهذيب في الحسن عن أبي عبد الله (ع).
(2) بما ان المرتكز هو الاشتراط دون التقييد فالظاهر ثبوت اجرة المسماة مع اجرة
مثل الزائد ما لم يفسخ المؤجر والا فاجرة مثل المجموع، واما في صورة التقييد فالظاهر ثبوت
الأجرتين كما يصرح به في المسألة السادسة من الفصل الآتي.
(3) ما لم يفسخ المؤجر والا فاجرة مثل المجموع.
314

بل الأقوى العدم لأنه مأذون فيه.
مسألة 15 - إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن الا مع التقصير في الحفظ،
ولو لغلبة النوم عليه (1)، أو مع اشتراط الضمان وهل يستحق الأجرة مع السرقة؟
الظاهر لا، لعدم حصول العمل المستأجر عليه الا ان يكون متعلق الإجارة الجلوس
عنده وكان الغرض هو الحفظ لا ان يكون هو المستأجر عليه.
مسألة 16 - صاحب الحمام لا يضمن الثياب الا إذا أودع وفرط أو تعدى، و
حينئذ يشكل صحة اشتراط الضمان أيضا (2) لأنه امين محض فإنه انما اخذ الأجرة
على الحمام ولم يأخذ على الثياب، نعم لو استؤجر مع ذلك للحفظ أيضا ضمن مع
التعدي أو التفريط، ومع اشتراط الضمان أيضا، لأنه حينئذ يأخذ الأجرة على الثياب
أيضا فلا يكون أمينا محضا.
5 - فصل
يكفي في صحة الإجارة كون المؤجر مالكا للمنفعة، أو وكيلا عن المالك لها،
أو وليا عليه، وان كانت العين للغير كما إذا كانت مملوكة بالوصية أو بالصلح أو بالإجارة
فيجوز للمستأجر أن يوجرها من المؤجر أو من غيره، لكن في جواز تسليمه العين إلى
المستأجر الثاني بدون اذن المؤجر اشكال (3) فلو استأجر دابة للركوب أو لحمل المتاع
مدة معينة فآجرها في تلك المدة أو في بعضها من آخر يجوز، ولكن لا يسلمها اليه،
بل يكون هو معها، وان ركبها ذلك الآخر أو حملها متاعه فجواز الإجارة لا يلازم تسليم
العين بيده، فان سلمها بدون اذن المالك ضمن، هذا إذا كانت الإجارة الأولى مطلقة،
واما إذا كانت مقيدة كأن استأجر الدابة لركوبه نفسه فلا يجوز اجارتها من آخر كما أنه

(1) في اطلاقه تأمل.
(2) لا اشكال في صحته.
(3) الأظهر الجواز خصوصا إذا كان المستأجر الثاني أمينا، وبه يظهر عدم ضمانه
بالتسليم إلى المستأجر الثاني.
315

إذا اشترط المؤجر عدم اجارتها من غيره أو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه كذلك
أيضا، أي لا يجوز اجارتها من الغير، نعم لو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه ولم يشترط
كونها لنفسه جاز أيضا اجارتها من الغير بشرط ان يكون هو المباشر للاستيفاء لذلك
الغير، ثم لو خالف وآجر في هذه الصور، ففي الصورة الأولى، وهى ما إذا استأجر الدابة
لركوبه نفسه بطلت، لعدم كونه مالكا الا ركوبه نفسه فيكون المستأجر الثاني ضامنا
لأجرة المثل للمالك ان استوفى المنفعة، وفى الصورة الثانية والثالثة في بطلان الإجارة
وعدمه وجهان (1) مبنيان على أن التصرف المخالف للشرط باطل لكونه مفوتا لحق
الشرط أولا، بل حرام وموجب للخيار، وكذا في الصورة الرابعة إذا لم يستوف
هو بل سلمها إلى ذلك الغير.
مسألة 1 - يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها ان يؤجر
العين المستأجرة بأقل مما استأجر، وبالمساوي له مطلقا اي شئ كانت، بل بأكثر
منه أيضا إذا احدث فيها حدثا، أو كانت الأجرة من غير جنس الأجرة السابقة، بل
مع عدم الشرطين أيضا فيما عدا البيت والدار والدكان والأجير، واما فيها فاشكال (2)،
فلا يترك الاحتياط بترك اجارتها بالأكثر، بل الأحوط الحاق الرحى والسفينة بها أيضا
في ذلك، والأقوى جواز ذلك مع عدم الشرطين في الأرض على كراهة، وإن كان
الأحوط الترك فيها أيضا، بل الأحوط الترك في مطلق الأعيان الا مع احداث حدث
فيها، هذا، وكذا لا يجوز ان يوجر بعض أحد الأربعة المذكورة بأزيد من الأجرة،
كما إذا استأجر دارا بعشرة دنانير وسكن بعضها وآجر البعض الآخر بأزيد من العشرة،
فإنه لا يجوز بدون احداث حدث، واما لو آجر بأقل من العشرة فلا اشكال، والأقوى
الجواز بالعشرة أيضا، وإن كان الأحوط تركه.
مسألة 2 - إذا تقبل عملا من غير اشتراط المباشرة ولا مع الانصراف إليها يجوز

(1) أظهرهما الصحة مع الخيار للمؤجر الأول.
(2) الأقوى هو المنع، ويلحق بها السفينة، ولا يلحق بها الرحى.
316

أن يوكله إلى عبده أو صانعه أو أجنبي ولكن الأحوط عدم تسليم متعلق العمل كالثوب
ونحوه إلى غيره من دون اذن المالك، والا ضمن، وجواز الايكال لا يستلزم جواز الدفع
كما مر نظيره (1) في العين المستأجرة فيجوز له استيجار غيره لذلك العمل بمساوي
الأجرة التي قررها في اجارته أو أكثر، وفى جواز استيجار الغير بأقل من الأجرة
اشكال (2) الا ان يحدث حدثا، أو يأتي ببعض فلو آجر نفسه لخياطة ثوب بدرهم يشكل
استيجار غيره لها بأقل منه الا ان يفصله أو يخيط شيئا منه ولو قليلا، بل كيفى أن يشترى
الخيط أو الإبرة في جواز الأقل (3) وكذا لو آجر نفسه لعمل صلاة سنة أو صوم شهر
بعشر دراهم مثلا في صورة عدم اعتبار المباشرة يشكل استيجار غيره (4) بتسعة مثلا الا
أن يأتي بصلاة واحدة أو صوم يوم واحد مثلا.
مسألة 3 - إذا استؤجر لعمل في ذمته لا بشرط المباشرة يجوز تبرع الغير عنه،
وتفرغ ذمته بذلك ولا يستحق الأجرة المسماة، نعم لو اتى بذلك العمل المعين غيره لا بقصد
التبرع عنه لا يستحق الأجرة المسماة وتنفسخ الإجارة حينئذ لفوات المحل، نظير
ما مر سابقا من الإجارة على قلع السن فزال المه، أو لخياطة ثوب فسرق أو حرق.
مسألة 4 - الأجير الخاص وهو من آجر نفسه على وجه يكون جميع منافعه
للمستأجر في مدة معينة أو على وجه تكون منفعته الخاصة كالخياطة مثلا له، أو آجر
نفسه لعمل مباشرة مدة معينة، أو كان اعتبار المباشرة، أو كونها في تلك المدة، أو كليهما
على وجه الشرطية لا القيدية، لا يجوز له ان يعمل في تلك المدة لنفسه أو لغيره بالإجارة
أو الجعالة أو التبرع عملا ينافي حق المستأجر الا مع اذنه، ومثل تعيين المدة تعيين
أول زمان العمل بحيث لا يتوانى فيه إلى الفراغ، نعم لا بأس بغير المنافى كما إذا عمل

(1) ما ذكرناه في العين المستأجرة يجرى هنا.
(2) القول بالكراهة غير بعيد.
(3) في كفاية ذلك تأمل واشكال، سيما إذا اشتراه بمال الأجير.
(4) الجواز اظهر.
317

البناء لنفسه أو لغيره في الليل فإنه لا مانع منه إذا لم يكن موجبا لضعفه في النهار،
ومثل اجراء عقد أو ايقاع أو تعليم أو تعلم في أثناء الخياطة ونحوها، لانصراف
المنافع عن مثلها، هذا ولو خالف وأتى بعمل مناف لحق المستأجر فان كانت الإجارة
على الوجه الأول بأن يكون جميع منافعه للمستأجر وعمل لنفسه في تمام المدة أو بعضها
فللمستأجر أن يفسخ ويسترجع تمام الأجرة المسماة، أو بعضها (1) أو يبقيها ويطالب
عوض الفائت (2) من المنفعة بعضا أو كلا، وكذا ان عمل للغير تبرعا، ولا يجوز
له على فرض عدم الفسخ مطالبة الغير المتبرع له بالعوض (3) سواء كان جاهلا بالحال
أو عالما، لأن المؤجر هو الذي اتلف المنفعة عليه دون ذلك الغير، وإن كان ذلك
الغير آمرا له بالعمل الا إذا فرض على وجه يتحقق معه صدق الغرور، والا فالمفروض
أن المباشر للاتلاف هو المؤجر، وإن كان عمل للغير بعنوان الإجارة أو الجعالة
فللمستأجر أن يجيز ذلك، ويكون له الأجرة المسماة في تلك الإجارة أو الجعالة، كما أن
له الفسخ والرجوع إلى الأجرة المسماة، وله الابقاء ومطالبة عوض المقدار الذي
فات (4) فيتخير بين الأمور الثلاثة، وان كانت الإجارة على الوجه الثاني وهو كون
منفعته الخاصة للمستأجر فحاله كالوجه الأول، الا إذا كان العمل للغير على وجه الإجارة
أو الجعالة، ولم يكن من نوع العمل المستأجر عليه، كأن تكون الإجارة واقعة على
منفعة الخياطي فآجر نفسه للغير للكتابة، أو عمل الكتابة بعنوان الجعالة فإنه ليس
للمستأجر إجازة ذلك، لأن المفروض انه مالك لمنفعة الخياطي، فليس له إجازة
العقد الواقع على الكتابة، فيكون مخيرا بين الأمرين من الفسخ واسترجاع الأجرة

(1) لا وجه لاسترجاع بعض الأجرة المسماة.
(2) بل اجرة مثل ما استوفاه المستأجر أو غيره.
(3) الأظهر جواز مطالبته، لا لأنه اتلف المنفعة عليه، بل لأنه تسلم مال الغير من دون
تبرع من مالكه لان الأجير ليس مالكا له فلا يكفي تبرعه، نعم، مع جهل المتبرع له وعلم
الأجير يرجع المتبرع له إلى الأجير، لقاعدة الغرور.
(4) بل عوض الذي استوفاه الغير كما تقدم.
318

المسماة والابقاء ومطالبة عوض الفائت، وان كانت على الوجه الثالث فكالثاني الا
أنه لا فرق فيه في عدم صحة الإجازة بين ما إذا كانت الإجارة أو الجعالة واقعة على نوع
العمل المستأجر عليه أو على غيره، إذ ليست منفعة الخياطة مثلا مملوكة للمستأجر حتى
يمكنه إجازة العقد الواقع عليها، بل يملك عمل الخياطة في ذمة المؤجر، وان كانت
على الوجه الرابع وهو كون اعتبار المباشرة أو المدة المعينة على وجه الشرطية
لا القيدية ففيه وجهان (1) يمكن ان يقال بصحة العمل للغير بعنوان الإجارة أو الجعالة
من غير حاجة إلى الإجازة، وان لم يكن جايزا من حيث كونه مخالفة للشرط الواجب
العمل، غاية ما يكون ان للمستأجر خيار تخلف الشرط، ويمكن ان يقال بالحاجة إلى
الإجازة، لأن الإجارة أو الجعالة منافية لحق الشرط، فتكون باطلة بدون الإجازة.
مسألة 5 - إذا آجر نفسه لعمل من غير اعتبار المباشرة ولو مع تعيين المدة أو من
غير تعيين المدة ولو مع اعتبار المباشرة جاز عمله للغير ولو على وجه الإجارة قبل الاتيان
بالمستأجر عليه، لعدم منافاته له من حيث امكان تحصيله، لا بالمباشرة أو بعد العمل
للغير، لأن المفروض عدم تعيين المباشرة أو عدم تعيين المدة، ودعوى ان اطلاق
العقد من حيث الزمان يقتضى وجوب التعجيل ممنوعة (2) مع أن لنا ان نفرض
الكلام فيما لو كانت قرينة على عدم إرادة التعجيل.
مسألة 6 - لو استأجر دابة لحمل متاع معين شخصي أو كلى على وجه التقييد
فحملها غير ذلك المتاع أو استعملها في الركوب لزمه الأجرة المسماة، وأجرة المثل
لحمل المتاع الآخر أو للركوب، وكذا لو استأجر عبدا للخياطة فاستعمله في الكتابة
بل وكذا لو استأجر حرا لعمل معين في زمان معين وحمله على غير ذلك العمل مع
تعمده وغفلة ذلك الحر واعتقاده انه العمل المستأجر عليه، ودعوى ان ليس للدابة في

(1) أقواهما الصحة.
(2) قد تقدم منه في المسألة الخامسة من الفصل الأول التزامه بان اطلاق العقد
يقتضى التعجيل.
319

زمان واحد منفعتان متضادتان، وكذا ليس للعبد في زمان واحد الا احدى المنفعتين
من الكتابة أو الخياطة، فكيف يستحق أجرتين؟ مدفوعة بأن المستأجر بتفويته على
نفسه (1) واستعماله في غير ما يستحق كأنه حصل له منفعة أخرى.
مسألة 7 - لو آجر نفسه للخياطة مثلا في زمان معين فاشتغل بالكتابة للمستأجر مع
علمه بأنه غير العمل المستأجر عليه لم يستحق شيئا أما الأجرة المسماة فلتفويتها على
نفسه (2) بترك الخياطة، وأما أجرة المثل للكتابة مثلا فلعدم كونها مستأجرا عليها،
فيكون كالمتبرع بها بل يمكن ان يقال: بعدم استحقاقه لها، ولو كان مشتبها غير متعمد
خصوصا مع جهل المستأجر بالحال.
مسألة 8 - لو آجر دابته لحمل مناع زيد من مكان إلى آخر فاشتبه وحملها متاع
عمرو لم يستحق الأجرة على زيد ولا على عمرو.
مسألة 9 - لو آجر دابته من زيد مثلا فشردت قبل التسليم اليه أو بعده في أثناء
المدة بطلت الإجارة (3) وكذا لو آجر عبده فأبق، ولو غصبهما غاصب فإن كان قبل
التسليم فكذلك، وإن كان بعده يرجع المستأجر على الغاصب بعوض المقدار الفائت
من المنفعة، ويحتمل التخيير (4) بين الرجوع على الغاصب وبين الفسخ في الصورة
الأولى وهو ما إذا كان الغصب قبل التسليم.
مسألة 10 - إذا آجر سفينته لحمل الخل مثلا من بلد إلى بلد فحملها المستأجر

(1) بل يندفع بأنه لا مانع من ملكية المنفعتين المتضادتين.
(2) التفويت لا يقتضى بطلان الإجارة، بل يوجب تخيير المستأجر بين الفسخ ومطالبة
قيمة العمل المستأجر عليه، وبه يظهر الحال في المسألة اللاحقة.
(3) يعنى بالنسبة إلى ما بقي من المدة وللمستأجر، الخيار بالإضافة إلى ما مضى.
(4) هذا هو المتعين والفرق بين المقام وما تقدم في الفصل الثالث في المسألة
العاشرة الذي حكمنا فيه بتعين رجوعه على الظالم بعوض ما فات، ان المنع هناك كان
متوجها إلى المستأجر، وفى المقام انما يكون الغصب موجبا لتعذر التسليم فيثبت الخيار من
هذه الجهة.
320

خمرا لم يستحق المؤجر الا الأجرة المسماة، ولا يستحق أجرة المثل لحمل الخمر لأن
أخذ الأجرة عليه حرام، فليست هذه المسألة مثل مسألة إجارة العبد للخياطة فاستعمله
المستأجر في الكتابة، لا يقال: فعلى هذا إذا غصب السفينة وحملها خمرا كان اللازم عدم
استحقاق المالك أجرة المثل، لأن اجرة حمل الخمر حرام، لأنا نقول: انما يستحق
المالك أجرة المثل للمنافع المحللة الفائتة في هذه المدة، وفى المسألة المفروضة
لم يفوت على المؤجر منفعة لأنه أعطاه الأجرة المسماة لحمل الخل بالفرض.
مسألة 11 - لو استأجر دابة معينة من زيد للركوب إلى مكان فاشتبه وركب
دابة أخرى له لزمه الأجرة المسماة للأولى (1) وأجرة المثل للثانية، كما إذا اشتبه
فركب دابة عمرو فإنه يلزمه أجرة المثل لدابة عمرو، والمسماة لدابة زيد حيث فوت
منفعتها على نفسه.
مسألة 12 - لو آجر نفسه لصوم يوم معين عن زيد مثلا ثم آجر نفسه لصوم
ذلك اليوم عن عمرو لم تصح الإجارة الثانية، ولو فسخ الأولى بخيار أو إقالة قبل ذلك
اليوم لم ينفع في صحتها، بل ولو أجازها ثانيا بل لابد له من تجديد العقد، لأن الإجازة
كاشفة، ولا يمكن الكشف هنا لوجود المانع حين الإجارة، فيكون نظير من باع شيئا
ثم ملك بل أشكل (2).
6 - فصل
لا يجوز إجارة الأرض لزرع الحنطة أو الشعير بما يحصل منها من الحنطة أو
الشعير، لا لما قيل من عدم كون مال الإجارة موجودا (3) حينئذ لا في الخارج ولا في

(1) ان مكنه منها إلى مدة يمكنه الاستيفاء منها.
(2) لان الإجارة الثانية صدرت عمن لا قدرة له على التسليم فتكون باطلة.
(3) القائل هو صاحب الجواهر (ره) في كتاب المزارعة، وما افاده متين إذ الأجرة لابد
وأن تكون، موجودة، ومعلوم الحصول، ومملوكة أو بحكمها كالأعمال، والحاصل من الأرض
غير معلوم الحصول، مضافا إلى عدم وجوده حال الإجارة، وليس هو كالمنفعة التي هي موجودة
بوجود العين كما تقدم.
321

الذمة، ومن هنا يظهر عدم جواز اجارتها بما يحصل منها ولو من غير الحنطة والشعير
بل عدم جوازها بما يحصل من أرض أخرى أيضا لمنع ذلك، فإنهما في نظر العرف
واعتبارهم بمنزلة الموجود كنفس المنفعة، وهذا المقدار كاف في الصحة نظير بيع
الثمار (1) سنتين أو مع ضم الضميمة، فإنها لا يجعل غير الموجود موجودا، مع أن
البيع وقع على المجموع، بل للاخبار الخاصة، واما إذا آجرها بالحنطة أو الشعير
في الذمة لكن بشرط الأداء منها، ففي جوازه اشكال، والأحوط العدم (2) لما يظهر
من بعض الأخبار، وإن كان يمكن حمله على الصورة الأولى، ولو آجرها بالحنطة
أو الشعير من غير اشتراط كونهما منها فالأقوى جوازه، نعم لا يبعد كراهته، واما اجارتها
بغير الحنطة والشعير من الحبوب فلا اشكال فيه (3) خصوصا إذا كان في الذمة مع
اشتراط كونه منها أولا.
مسألة 1 - لا بأس بإجارة حصة من ارض معينة مشاعة، كما لا بأس بإجارة حصة
منها على وجه الكلى في المعين مع مشاهدتها على وجه يرتفع به الغرر، واما اجارتها
على وجه الكلى في الذمة فمحل اشكال، بل قد يقال بعدم جوازها لعدم ارتفاع
الغرر بالوصف، ولذا لا يصح السلم فيها، وفيه انه يمكن وصفها على وجه يرتفع
فلا مانع منها إذا كان كذلك.
مسألة 2 - يجوز استيجار الأرض لتعمل مسجدا (4) لأنه منفعة محللة، وهل يثبت
لها آثار المسجد من حرمة التلويث، ودخول الجنب والحائض ونحو ذلك؟ قولان
أقواهما العدم نعم إذا كان قصد عنوان المسجدية لا مجرد الصلاة فيه وكانت المدة

(1) الفارق بين المقام وبين تلك المسألة هو النص الخاص.
(2) إذا كان عالما بالتمكن من الأداء منها لا ينبغي الاشكال في الجواز، والا فلا كلام
في بطلان الشرط، ولكن الأظهر جواز الإجارة.
(3) لا فرق بين الحنطة والشعير وساير الحبوب.
(4) اي مصلى أو معبدا، واما ترتب آثار المسجد عليه وان طالت المدة فمحل اشكال
بل منع.
322

طويلة كمائة سنة أو أزيد لا يبعد ذلك لصدق المسجد عليه حينئذ.
مسألة 3 - يجوز استيجار الدراهم والدنانير للزينة أو لحفظ الاعتبار أو غير ذلك
من الفوائد التي لا تنافى بقاء العين.
مسألة 4 - يجوز استيجار الشجر لفائدة الاستظلال ونحوه كربط الدابة به أو
نشر الثياب عليه.
مسألة 5 - يجوز استيجار البستان لفائدة التنزه، لأنه منفعة محللة عقلائية.
مسألة 6 - يجوز الاستيجار لحيازة المباحات كالاحتطاب والاحتشاش والاستقاء
فلو استأجر من يحمل الماء له من الشط مثلا ملك ذلك الماء (1) بمجرد حيازة السقاء
فلو اتلفه متلف قبل الايصال إلى المستأجر ضمن قيمته له، وكذا في حيازة الحطب
والحشيش، نعم لو قصد المؤجر كون المحوز لنفسه فيحتمل القول بكونه له، ويكون
ضامنا للمستأجر عوض ما فوته عليه من المنفعة خصوصا إذا كان المؤجر آجر نفسه على وجه
يكون تمام منافعه في اليوم الفلاني للمستأجر أو يكون منفعته من حيث الحيازة له، وذلك
لاعتبار النية في التملك بالحيازة والمفروض انه لم يقصد كونه للمستأجر، بل قصد
نفسه، ويحتمل القول بكونه للمستأجر لأن المفروض أن منفعته من طرف الحيازة له
فيكون نية كونه لنفسه لغوا، والمسألة مبنية على أن الحيازة من الأسباب القهرية
لتملك الحائز ولو قصد الغير، ولازمه عدم صحة الاستيجار لها، أو يعتبر فيها نية التملك
ودائرة مدارها، ولازمه صحة الإجارة وكون المحوز لنفسه إذا قصد نفسه وإن كان أجيرا
للغير، وأيضا لازمه عدم حصول الملكية له إذا قصد كونه للغير من دون ان يكون
أجيرا له أو وكيلا عنه، وبقاؤه على الإباحة الا إذ قصد بعد ذلك كونه له، بناءا على
عدم جريان التبرع في حيازة المباحات، والسبق إلى المشتركات وإن كان لا يبعد
جريانه أو انها من الأسباب القهرية لمن له تلك المنفعة فإن لم يكن أجيرا يكون له

(1) يعتبر في صيرورة ما يحوزه الأجير ملكا للمستأجر قصد كون الحيازة عنه، ولا يعتبر
قصد التملك ولا غيره، وبه يظهر الحال في بقية المسألة.
323

وان قصد الغير فضولا، فيملك بمجرد قصد الحيازة، وإن كان أجيرا للغير يكون لذلك
الغير قهرا، وان قصد نفسه أو قصد غير ذلك الغير، والظاهر عدم كونها من الأسباب
القهرية مطلقا، فالوجه الأول غير صحيح، ويبقى الاشكال في ترجيح أحد الأخيرين
ولابد من التأمل.
مسألة 7 - يجوز استيجار المرأة للارضاع بل للرضاع بمعنى الانتفاع بلبنها،
وان لم يكن منها فعل مدة معينة، ولا بد من مشاهدة الصبي الذي استؤجرت لارضاعه،
لاختلاف الصبيان، ويكفى وصفه على وجه يرتفع الغرر، وكذا لابد من تعيين
المرضعة شخصا أو وصفا على وجه يرتفع الغرر، نعم لو استؤجرت على وجه يستحق
منافعها اجمع التي منها الرضاع لا يعتبر حينئذ مشاهدة الصبي أو وصفه، وان اختلف
الأغراض بالنسبة إلى مكان الارضاع لاختلافه من حيث السهولة والصعوبة والوثاقة
وعدمها لابد من تعيينه أيضا.
مسألة 8 - إذا كانت الامرأة المستأجرة مزوجة، لا يعتبر في صحة استيجارها اذنه
ما لم يناف ذلك لحق استمتاعه، لأن اللبن ليس له، فيجوز لها الارضاع من غير رضاه
ولذا يجوز لها أخذ الأجرة من الزوج على ارضاعها لولده سواء كان منها أو من غيرها،
نعم لو أفي ذلك حقه لم يجز الا باذنه (1) ولو كان غايبا فآجرت نفسها للارضاع
فحضر في أثناء المدة وكان على وجه ينافي حقه انفسخت الإجارة بالنسبة (2) إلى
بقية المدة.
مسألة 9 - لو كانت الامرأة خلية فآجرت نفسها للارضاع أو غيره من الأعمال
ثم تزوجت قدم حق المستأجر (3) على حق الزوج في صورة المعارضة، حتى أنه
إذا كان وطيه لها مضرا بالولد منع منه.

(1) على الأحوط.
(2) على الأحوط ما لم يجز الزوج، والا فلا اشكال في الصحة.
(3) إذا كانت الإجارة في مدة خاصة وطالبها الزوج فيها بالاستمتاع، واما إذا كانت
الإجارة مطلقة وطالبها المستأجر بالارضاع فالأظهر هو التخيير.
324

مسألة 10 - يجوز للمولى اجبار أمته على الأرضاع إجازة أو تبرعا، قنة كانت
أو مدبرة أوام ولد، واما المكاتبة المطلقة فلا يجوز له اجبارها، بل وكذا المشروطة
كما لا يجوز في المبعضة، ولا فرق بين كونها ذات ولد يحتاج إلى اللبن أولا، لامكان
ارضاعه من لبن غيرها.
مسألة 11 - لا فرق في المرتضع بين ان يكون معينا أو كليا، ولا في المستأجرة
بين تعيين مباشرتها للارضاع أو جعله في ذمتها، فلو مات الصبي في الصورة التعيين
أو الامرأة في صورة تعيين المباشرة انفسخت الإجارة، بخلاف ما لو كان الولد كليا
أو جعل في ذمتها، فإنه لا تبطل بموته أو موتها الا مع تعذر الغير من صبي أو مرضعة.
مسألة 12 - يجوز استيجار الشاة للبنها والأشجار للانتفاع بأثمارها (1) والآبار
للاستقاء ونحو ذلك، ولا يضر كون الانتفاع فيها باتلاف الأعيان، لأن المناط في
المنفعة هو العرف وعندهم يعد اللبن منفعة للشاة، والثمر منفعة للشجر، وهكذا،
ولذا قلنا: بصحة استيجار المرأة للرضاع وان لم يكن منها فعل بأن انتفع بلبنها في
حال نومها أو بوضع الولد في حجرها وجعل ثديها في فم الولد من دون مباشرتها
لذلك، فما عن بعض العلماء من اشكال الإجارة في المذكورات لأن الانتفاع فيها
باتلاف الأعيان وهو خلاف وضع الإجارة لا وجه له.
مسألة 13 - لا يجوز الإجارة لاتيان الواجبات العينية (2) كالصلوات الخمس
والكفائية كتغسيل الأموات وتكفينهم والصلاة عليهم، وكتعليم القدر الواجب من
أصول الدين وفروعه، والقدر الواجب من تعليم القرآن كالحمد وسورة منه،

(1) لا بأس باستيجار المذكورات للمنافع التي تتكون فيها بعد الايجار، وفى جواز
استيجارها للمنافع الموجودة فيها فعلا من الماء واللبن والثمرة اشكال، ولكن المعاملة
عليها صحيحة بعنوان الإباحة بالعوض، وكذا في ساير الموارد التي من هذا القبيل.
(2) صفة الوجوب لا تنافى الإجارة، نعم في بعض الواجبات ثبت من الخارج
لزوم الاتيان به مجانا وفيه لا يجوز اخذ الأجرة لذلك، كما أنه في بعض الموارد غير
الواجب ورد النص المتضمن لعدم الجواز كالاذان.
325

وكالقضاء والفتوى ونحو ذلك، ولا يجوز الإجارة على الأذان، نعم لا بأس بارتزاق
القاضي والمفتى والمؤذن من بيت المال، ويجوز الإجارة لتعليم الفقه والحديث
والعلوم الأدبية وتعليم القرآن ما عدا المقدار الواجب ونحو ذلك.
مسألة 14 - يجوز الإجارة لكنس المسجد والمشهد وفرشها واشعال السراج
ونحو ذلك.
مسألة 15 - يجوز الإجارة لحفظ المتاع أو الدار أو البستان مدة معينة عن السرقة،
والاتلاف، واشتراط الضمان لو حصلت السرقة أو الاتلاف، ولو من غير تقصير،
فلا بأس بما هو المتداول من اشتراط الضمان على الناطور إذا ضاع مال، لكن لابد من
تعيين العمل والمدة والأجرة على شرائط الإجارة.
مسألة 16 - لا يجوز استيجار اثنين (1) للصلاة عن ميت واحد في وقت واحد،
لمنافاته للترتيب المعتبر في القضاء بخلاف الصوم فإنه لا يعتبر فيه الترتيب، وكذا
لا يجوز استيجار شخص واحد لنيابة الحج الواجب عن اثنين، ويجوز ذلك في الحج
المندوب، وكذا في الزيارات، كما يجوز النيابة عن المتعدد تبرعا في الحج
والزيارات، ويجوز الاتيان بها لا بعنوان النيابة، بل بقصد اهداء الثواب لواحد أو متعدد.
مسألة 17 - لا يجوز الإجارة للنيابة عن الحي في الصلاة ولو في الصلوات
المستحبة (2) نعم يجوز ذلك في الزيارات والحج المندوب واتيان صلاة الزيارة
ليس بعنوان النيابة (3) بل من باب سببية الزيارة لاستحباب الصلاة بعدها ركعتين،
ويحتمل جواز قصد النيابة فيها لأنها تابعة للزيارة والأحوط اتيانها بقصد ما في الواقع
مسألة 18 - إذا عمل للغير لا بأمره ولا اذنه لا يستحق عليه العوض وإن كان يتخيل
انه مأجور عليه فبان خلافه.
مسألة 19 - إذا امر باتيان عمل فعمل المأمور ذلك فإن كان بقصد التبرع

(1) الأظهر هو الجواز الا فيما كان مرتبا شرعا كالظهرين ليوم واحد.
(2) جواز النيابة في الصلوات المستحبة لا يخلو عن قوة.
(3) بل بذلك العنوان بلا اشكال فيه.
326

لا يستحق عليه اجرة، وإن كان من قصد الآمر اعطاء الأجرة وان قصد الأجرة وكان ذلك
العمل مماله اجرة استحق، وإن كان من قصد الآمر اتيانه تبرعا سواء كان العامل ممن
شأنه أخذ الأجرة ومعدا نفسه لذلك أولا، بل وكذلك ان لم يقصد التبرع ولا اخذ
الأجرة، فان عمل المسلم محترم، ولو تنازعا بعد ذلك في أنه قصد التبرع أولا قدم قول
العامل، لأصالة عدم قصد التبرع بعد كون عمل المسلم محترما، بل اقتضاء احترام
عمل المسلم (1) ذلك وان أغمضنا عن جريان أصالة عدم التبرع ولا فرق في ذلك بين
أن يكون العامل ممن شأنه وشغله أخذ الأجرة وغيره، الا أن يكون هناك انصراف أو
قرينة على كونه بقصد التبرع أو على اشتراطه.
مسألة 20 - كل ما يمكن الانتفاع به منفعة محللة مقصودة للعقلاء مع بقاء عينه
يجوز اجارته، وكذا كل عمل محلل مقصود للعقلاء عدا ما استثنى يجوز الإجارة
عليه، ولو كان تعلق القصد والغرض به نادرا، لكن في صورة تحقق ذلك النادر بل
الأمر في باب المعاوضات الواقعة على الأعيان أيضا كذلك، فمثل حبة الحنطة
لا يجوز بيعها، لكن إذا حصل مورد يكون متعلقا لغرض العقلاء ويبذلون المال في
قبالها يجوز بيعها.
مسألة 21 - في الاستيجار للحج المستحبي أو الزيارة لا يشترط أن يكون الاتيان
بها بقصد النيابة، بل يجوز أن يستأجره لاتيانها بقصد اهداء الثواب إلى المستأجر
أو إلى ميته، ويجوز أن يكون لا بعنوان النيابة ولا اهداء الثواب، بل يكون المقصود
ايجادها في الخارج من حيث إنها من الأعمال الراجحة فيأتي بها لنفسه أو لمن يريد
نيابة أو اهداءا.
مسألة 22 - في كون ما يتوقف عليه استيفاء المنفعة كالمداد للكتابة والإبرة

(1) مع الاغماض عن أصالة عدم التبرع لا مجال بهذه القاعدة إذ الخارج
عنها ما لو قصد العامل التبرع، ومع الشك فيه يكون التمسك بها تمسكا بالعام في الشبهة
المصداقية، وهو لا يجوز، فيتعين الرجوع إلى أصالة البراءة.
327

والخيط للخياطة مثلا على المؤجر أو المستأجر قولان، والأقوى وجوب التعيين
الا إذا كان هناك عادة ينصرف إليها الاطلاق، وإن كان القول بكونه مع عدم التعيين
وعدم العادة على المستأجر لا يخلو عن وجه أيضا (1) لأن اللازم على المؤجر ليس
الا العمل.
مسألة 23 - يجوز الجمع بين الإجارة والبيع مثلا بعقد واحد، (2) كأن
يقول: بعتك دارى وآجرتك حماري بكذا، وحينئذ يوزع العوض عليهما بالنسبة
ويلحق كلا منهما حكمه، فلو قال: آجرتك هذه الدار وبعتك هذا الدينار بعشرة
دنانير فلابد من قبض العوضين بالنسبة إلى البيع في المجلس، وإذا كان في مقابل
الدينار بعد ملاحظة النسبة أزيد من دينار أو أقل منه بطل بالنسبة اليه، للزوم الربا
ولو قال: آجرتك هذه الدار وصالحتك هذا الدينار بعشرة دنانير مثلا فان قلنا:
بجريان حكم الصرف من وجوب القبض في المجلس وحكم الربا في الصلح فالحال
كالبيع والا فيصح بالنسبة إلى المصالحة أيضا.
مسألة 24 - يجوز استيجار من يقوم بكل ما يأمره من حوائجه فيكون له جميع
منافعه، والأقوى أن نفقته على نفسه، لا على المستأجر الا مع الشرط أو الانصراف
من جهة العادة، وعلى الأول لابد من تعيينها (3) كما وكيفا الا أن يكون متعارفا،
وعلى الثاني على ما هو المعتاد المتعارف، ولو انفق من نفسه أو انفقه متبرع يستحق
مطالبة عوضها. (4) على الأول، بل وكذا على الثاني لأن الانصراف بمنزلة الشرط.
مسألة 25 - يجوز ان يستعمل الأجير مع عدم تعيين الأجرة وعدم اجراء صيغة

(1) وهو الأظهر سيما في ما يبقى للمستأجر بعد العمل كالخيط.
(2) مع تعيين الأجرة والمثن ولو بالمقاولة، وايقاع العقد مبنيا عليها، واما بدون ذلك
فالجواز محل تأمل واشكال.
(3) على الأحوط.
(4) إذا كان الشرط من قبيل شرط النتيجة الموجب لمالكيته للنفقة على المستأجر
والا فلا يستحق ذلك.
328

الإجارة، فيرجع إلى أجرة المثل لكنه مكروه، ولا يكون حينئذ من الإجارة المعاطاتية
كما قد يتخيل، لأنه يعتبر في المعاملة المعاطاتية اشتمالها على جميع شرائط تلك
المعاملة عد الصيغة، والمفروض عدم تعيين الأجرة في المقام، بل عدم قصد الانشاء
منهما ولا فعل من المستأجر، بل يكون من باب العمل بالضمان، نظير الإباحة بالضمان
كما إذا أذن في أكل طعامه بضمان العوض ونظير التمليك بالضمان كما في القرض
على الأقوى من عدم كونه معاوضة، فهذه الأمور عناوين مستقلة غير المعاوضة
والدليل عليها السيرة بل الأخبار أيضا، واما الكراهة فللأخبار أيضا.
مسألة 26 - لو استأجر أرضا مدة معينة فغرس فيها أو زرع مالا يدرك في تلك
المدة فبعد انقضائها للمالك أن يأمره بقلعها، بل وكذا لو استأجر لخصوص الغرس
أو لخصوص الزرع وليس له الابقاء ولو مع الأجرة ولا مطالبة الأرش مع القلع،
لأن التقصير من قبله، نعم لو استأجرها مدة يبلغ الزرع فاتفق التأخير لتغير الهواء
أو غيره أمكن ان يقال (1) بوجوب الصبر على المالك مع الأجرة للزوم الضرر الا
أن يكون موجبا لتضرر المالك.
7 - فصل في التنازع
مسألة 1 - إذا تنازعا في أصل الإجارة قدم قول منكرها مع اليمين (2) فإن كان
هو المالك استحق أجرة المثل دون ما يقوله المدعى، ولو زاد عنها لم يستحق
تلك الزيادة وان وجب على المدعى (3) المتصرف ايصالها اليه، وإن كان المنكر

(1) وهو ضعيف.
(2) اليمين انما هو في غير صورة الزيادة، واما فيها سواء أكان المالك منكرا، أم
كان المتصرف كذلك فلا يمين، الا إذا كان اثر آخر على المدعى إذ دعوى الإجارة حينئذ
من الدعاوى غير الملزمة فلا يتوجه بها اليمين على منكرها.
(3) إذا كان يرى نفسه صادقا فيما بينه وبين ربه.
329

هو المتصرف فكذلك لم يستحق المالك الا أجرة المثل، ولكن لو زادت عما يدعيه
من المسمى لم يستحق الزيادة لاعترافه بعدم استحقاقها، ويجب على المتصرف
ايصالها اليه، هذا إذا كان النزاع بعد استيفاء المنفعة، وإن كان قبله رجع كل مال
إلى صاحبه.
مسألة 2 - لو اتفقا على أنه اذن للمتصرف في استيفاء المنفعة ولكن المالك
يدعى انه على وجه الإجارة بكذا أو الاذن بالضمان، والمتصرف يدعى انه على وجه
العارية ففي تقديم أيهما وجهان بل قولان، من أصالة البراءة بعد فرض كون التصرف
جايزا، ومن أصالة احترام مال المسلم الذي لا يحل الا بالإباحة، والأصل عدمها فتثبت
أجرة المثل بعد التحالف، ولا يبعد ترجيح الثاني (1) وجواز التصرف أعم من الإباحة
مسألة 3 - إذا تنازعا في قدر المستأجر قدم قول مدعى الأقل.
مسألة 4 - إذا تنازعا في رد العين المستأجرة قدم قول المالك (2).
مسألة 5 - إذا ادعى الصائغ أو الملاح أو المكارى تلف المتاع من غير تعد
ولا تفريط، وانكر المالك التلف، أو ادعى التفريط أو التعدي قدم قولهم مع اليمين
على الأقوى.
مسألة 6 - يكره تضمين الأجير (3) في مورد ضمانه من قيام البينة على اتلافه
أو تفريطه في الحفظ أو تعديه أو نكوله عن اليمين أو نحو ذلك.
مسألة 7 - إذا تنازعا في مقدار الأجرة قدم قول المستأجر.
مسألة 8 - إذا تنازعا في أنه آجره بغلا أو حمارا أو آجره هذا الحمار مثلا أو ذاك

(1) والأول أظهر بل لا وجه للثاني بعد اتفاقهما على عدم ثبوت ضمان المثل أو القيمة
كما لا يخفى.
(2) يشكل ذلك فيما لم يثبت التأخير في الأداء على وجه يوجب خروجه عن كونه
أمينا فان عدم قبول دعوى الرد اتهام للمؤتمن وقد ورد لاتتهم من ائتمنته، والصلح أحوط
(3) لم يثبت كراهة التضمين في هذا المورد، والمراد من النصوص غير ذلك والتفصيل
موكول إلى محل آخر.
330

فالمرجع التحالف وكذا لو اختلفا في الأجرة أنها عشرة دراهم أو دينار.
مسألة 9 - إذا اختلفا في أنه شرط أحدهما على الآخر شرطا أولا فالقول قول
منكره.
مسألة 10 - إذا اختلفا في المدة انها شهر أو شهران مثلا فالقول قول منكر
الأزيد.
مسألة 11 - إذا اختلفا في الصحة والفساد قدم من يدعى الصحة.
مسألة 12 - إذا حمل المؤجر متاعه إلى بلد فقال المستأجر: استأجرتك على
أن تحمله إلى البلد الفلاني غير ذلك البلد وتنازعا قدم قول المستأجر (1) فلا يستحق
المؤجر اجرة حمله، وان طلب منه الرد إلى المكان الأول وجب عليه وليس له رده
اليه إذا لم يرض، ويضمن له ان تلف أو عاب لعدم كونه أمينا حينئذ في ظاهر الشرع
مسألة 13 - إذا خاط ثوبه قباءا وادعى المستأجر أنه امره بأن يخيطه قميصا
فالأقوى تقديم قول المستأجر (2) لأصالة عدم الإذن في خياطته قباءا، وعلى هذا فيضمن
له عوض النقص الحاصل من ذلك، ولا يجوز له نقضه إذا كان الخيط للمستأجر وإن كان
له كان له ويضمن النقص الحاصل من ذلك، ولا يجب عليه قبول عوضه لو طلبه
المستأجر كما ليس عليه قبول عوض الثوب لو طلبه المؤجر هذا ولو تنازعا في هذه
المسألة والمسألة المتقدمة قبل الحمل وقبل الخياطة فالمرجع التحالف.
مسألة 14 - كل من يقدم قوله في الموارد المذكورة عليه اليمين للاخر.

(1) بل لابد من التحالف.
(2) على ما قرر الماتن هذا الفرع من جعل فرض المسألة من باب الإجارة الأظهر
هو التحالف، واما على ما هو ظاهر الأصحاب من فرض المسألة من باب استيفاء العمل
بعوض فيتم ما افاده.
331

خاتمة
فيها مسائل: الأولى - خراج الأرض المستأجرة في الأراضي الخراجية على مالكها
ولو شرط كونه على المستأجر صح على الأقوى، ولا يضر كونه مجهولا من حيث
القلة والكثرة لاغتفار مثل هذه الجهالة عرفا، ولاطلاق بعض الأخبار (1).
الثانية - لا بأس بأخذ الأجرة على قراءة تعزية سيد الشهداء وسائر الأئمة
صلوات الله عليهم، ولكن لو أخذها على مقدماتها من المشي إلى المكان الذي يقرأ
فيه كان أولى.
الثالثة - يجوز استيجار الصبي المميز (2) من وليه الاجباري أو غيره كالحاكم
الشرعي لقرائة القرآن والتعزية والزيارات، بل الظاهر جوازه لنيابة الصلاة عن
الأموات بناءا على الأقوى من شرعية عباداته.
الرابعة - إذا بقي في الأرض المستأجرة للزراعة بعد انقضاء المدة أصول
الزرع فنبتت فإن لم يعرض المستأجر عنها كانت له وان اعرض عنها وقصد صاحب
الأرض تملكها كانت له (3) ولو بادر آخر إلى تملكها ملك وان لم يجز له الدخول في
الأرض الا باذن مالكها.
الخامسة - إذا استأجر القصاب لذبح الحيوان فذبحه على غير الوجه الشرعي
بحيث صار حراما ضمن قيمته، بل الظاهر ذلك إذا امره بالذبح تبرعا، وكذا في
نظائر المسألة.

(1) بل ظهوره.
(2) لا دليل على مشروعية نيابة الصبي في العبادات مطلقا والأصل عدم الجواز
وشرعية عباداته لا تستلزم ذلك والتفصيل موكول إلى محله.
(3) الاعراض بنفسه لا يوجب الخروج عن الملك، نعم يجوز التصرف من جهة الإباحة
حتى التصرفات التي بنوا على توقفها على الملك كالبيع، لعدم تمامية المبنى، ويمكن ان
يقال إن له ان يهبه لنفسه عن مالكه وتخرج الهبة باباحتها عن الفضولية.
332

السادسة - إذا آجر نفسه للصلاة عن زيد فاشتبه وأتى بها عن عمرو، فإن كان من
قصده النيابة عن من وقع العقد عليه وتخيل انه عمرو فالظاهر الصحة عن زيد واستحقاقه
الأجرة، وإن كان ناويا النيابة عن عمرو على وجه التقييد لم تفرغ ذمة زيد ولم يستحق
الأجرة، وتفرغ ذمة عمرو ان كانت مشغولة، ولا يستحق الأجرة من تركته، لأنه بمنزلة
التبرع، وكذا الحال في كل عمل مفتقر إلى النية.
السابعة - يجوز أن يؤجر داره مثلا إلى سنة بأجرة ويوكل المستأجر في
تجديد الإجارة عند انقضاء المدة، وله عزله بعد ذلك، وان جدد قبل ان يبلغه خبر
العزل لزم عقده، ويجوز أن يشترط في ضمن العقد ان يكون وكيلا عنه في التجديد
بعد الانقضاء، وفى هذه الصورة ليس له عزله.
الثامنة - لا يجوز للمشترى ببيع الخيار بشرط رد الثمن للبايع ان يؤجر المبيع
أزيد من مدة الخيار للبايع، ولا في مدة الخيار من دون اشتراط الخيار حتى إذا فسخ
البايع يمكنه ان يفسخ الإجارة، وذلك لأن اشتراط الخيار من البايع في قوة ابقاء
المبيع على حاله حتى يمكنه الفسخ، فلا يجوز تصرف ينافي ذلك (1).
التاسعة - إذا استؤجر لخياطة ثوب معين لا بقيد المباشرة فخاطه شخص آخر
تبرعا عنه استحق الأجرة المسماة، وان خاطه تبرعا عن المالك لم يستحق المستأجر (2)
شيئا وبطلت الإجارة، وكذا ان لم يقصد التبرع عن أحدهما ولا يستحق على المالك أجرة،
لأنه لم يكن مأذونا من قبله، وإن كان قاصدا لها أو معتقدا ان المالك أمره بذلك.
العاشرة - إذا آجره ليوصل مكتوبه إلى بلد كذا إلى زيد مثلا في مدة معينة
فحصل مانع في أثناء الطريق أو بعد الوصول إلى البلد، فإن كان المستأجر عليه الايصال
وكان طي الطريق مقدمة لم يستحق شيئا، وإن كان المستأجر عليه مجموع السير والايصال

(1) تكليفا، واما وضعا فالقول بالجواز غير بعيد.
(2) بالفتح اي الأجير، ثم إن ذلك فيما إذا لم يمض زمان يتمكن فيه، الأجير من
الخياطة والا ثبت الخيار لكل منهما.
333

استحق بالنسبة، وكذا الحال في كل ما هو من هذا القبيل، فالإجارة مثل الجعالة
قد يكون على العمل المركب من اجزاء وقد تكون على نتيجة ذلك العمل، فمع
عدم حصول تمام العمل في الصورة الأولى يستحق الأجرة بمقدار ما اتى به، وفى الثانية
لا يستحق شيئا، ومثل الصورة ما إذا جعلت الأجرة في مقابلة مجموع العمل من حيث
المجموع، كما إذا استأجره للصلاة أو الصوم فحصل مانع في الأثناء من اتمامها.
الحادية عشر - إذا كان للأجير على العمل خيار الفسخ فان فسخ قبل الشروع فيه
فلا اشكال، وإن كان بعده استحق أجرة المثل، وإن كان في أثنائه استحق بمقدار ما اتى به
من المسمى أو المثل على الوجهين المتقدمين، الا إذا كان المستأجر عليه المجموع من
حيث المجموع فلا يستحق شيئا، وإن كان العمل مما يجب اتمامه بعد الشروع فيه كما
في الصلاة، بناءا على حرمة قطعها، والحج بناءا على وجوب اتمامه، فهل هو كما إذا
فسخ بعد العمل أولا، وجهان أوجههما الأول (1) هذا إذا كان الخيار فوريا، كما في
خيار الغبن ان ظهر كونه مغبونا في أثناء العمل وقلنا: ان الاتمام مناف للفورية، والا
فله ان لا يفسخ الا بعد الاتمام، وكذا الحال إذا كان الخيار للمستأجر الا أنه إذا
كان المستأجر عليه المجموع من حيث المجموع، وكان في أثناء العمل يمكن
أن يقال (2)، ان الأجير يستحق بمقدار ما عمل من أجرة المثل لاحترام عمل المسلم
خصوصا إذا لم يكن الخيار من باب الشرط.
الثانية عشر - كما يجوز اشتراط كون نفقة الدابة المستأجرة والعبد والأجير
المستأجرين للخدمة أو غيرها على المستأجر إذا كانت معينة بحسب العادة أو عيناها على
وجه يرتفع الغرر، كذلك يجوز اشتراط كون نفقة المستأجر على الأجير أو المؤجر بشرط
التعيين أو التعين الرافعين للغرر، فما هو المتعارف من إجارة الدابة للحج واشتراط
كون تمام النفقة ومصارف الطريق ونحوها على المؤجر لا مانع منه إذا عينوها على
وجه رافع للغرر.

(1) بل الثاني.
(2) لكنه بعيد.
334

الثالثة عشر - إذا آجر داره أو دابته من زيد إجارة صحيحة بلا خيار له، ثم آجرها
من عمرو كانت الثانية فضولية موقوفة على إجازة زيد، فان أجاز صحت له ويملك
هو الأجرة فيطالبها من عمرو، ولا يصح له اجازتها على أن تكون الأجرة للمؤجر،
وان فسخ الإجارة الأولى بعدها لأنه لم يكن مالكا للمنفعة حين العقد الثاني، وملكيته
لها حال الفسخ لا تنفع الا إذا جدد الصيغة (1)، والا فهو من قبيل من باع شيئا ثم ملك
ولو زادت مدة الثانية عن الأولى لا يبعد لزومهما على المؤجر في تلك الزيادة، وأن يكون
لزيد امضاؤها بالنسبة إلى مقدار مدة الأولى.
الرابعة عشر - إذا استأجر عينا ثم تملكها قبل انقضاء مدة الإجارة بقيت الإجارة
على حالها، فلو باعها والحال هذه لم يملكها المشترى الا مسلوبة المنفعة (2) في تلك
المدة، فالمنفعة تكون له، ولا تتبع العين، نعم للمشترى خيار الفسخ إذا لم يكن
عالما بالحال، وكذا الحال إذا تملك المنفعة بغير الإجارة في مدة ثم تملك العين،
كما إذا تملكها بالوصية أو بالصلح أو نحو ذلك فهي تابعة للعين إذا لم تكن مفروزة،
ومجرد كونها لمالك العين لا ينفع في الانتقال إلى المشترى، نعم لا يبعد تبعيتها للعين
إذا كان قاصدا لذلك حين البيع.
الخامسة عشر - إذا استأجر أرضا للزراعة مثلا فحصلت آفة سماوية أو أرضية
توجب نقص الحاصل لم تبطل، ولا يوجب ذلك نقصا في مال الإجارة ولا خيارا
للمستأجر، نعم لو شرط على المؤجر ابرائه من ذلك بمقدار ما نقص بحسب تعيين
أهل الخبرة ثلثا أو ربعا أو نحو ذلك، أو ان يهبه ذلك المقدار، إذا كان مال الإجارة عينا
شخصية فالظاهر الصحة، بل الظاهر صحة اشتراط البراءة على التقدير المذكور
بنحو شرط النتيجة، ولا يضره التعليق لمنع كونه مضرا في الشروط، نعم لو شرط
برائته على التقدير المذكور حين العقد بأن يكون ظهور النقص كاشفا عن البراءة من

(1) تكفى الإجازة بعد الفسخ ولا حاجة إلى تجديد الصيغة.
(2) بل يملك منفعتها أيضا تبعا.
335

الأول فالظاهر عدم صحته (1) لأوله إلى الجهل بمقدار مال الإجارة حين العقد
السادسة عشر - يجور إجارة الأرض مدة معلومة بتعميرها واعمال عمل فيها من
كرى الأنهار وتنقية الآبار وغرس الأشجار ونحو ذلك، وعليه يحمل قوله عليه السلام (2):
لا بأس بقبالة الأرض من أهلها بعشرين سنة أو أكثر فيعمرها ويؤدى ما خرج عليها،
ونحوها غيره.
السابعة عشر - لا بأس بأخذ الأجرة على الطبابة وان كانت من الواجبات الكفائية
لأنها كسائر الصنايع واجبة بالعوض، لانتظام نظام معايش العباد، بل يجوز وان وجبت
عينا لعدم من يقوم بها غيره، ويجوز اشتراط كون الدواء عليه من التعيين الرافع
للغرر، ويجوز أيضا مقاطعته على المعالجة إلى مدة أو مطلقا بل يجوز المقاطعة عليها
بقيد البرء أو بشرطه إذا كان مظنونا (3) بل مطلقا، وما قيل من عدم جواز ذلك لأن
البرء بيد الله فليس اختياريا له، وأن اللازم مع إرادة ذلك ان يكون بعنوان الجعالة
لا الإجارة، فيه انه يكفي كون مقدماته العادية اختيارية، ولا يضر التخلف في بعض
الأوقات، كيف والا لم يصح بعنوان الجعالة، أيضا.
الثامنة عشر - إذا استؤجر لختم القرآن لا يجب أن يقرأه مرتبا (4) بالشروع
من الفاتحة والختم بسورة الناس، بل يجوز أن يقرأ سورة فسورة على خلاف الترتيب،
بل يجوز عدم رعاية الترتيب في آيات السورة أيضا، ولهذا إذا علم بعد الاتمام انه قرأ
الآية الكذائية غلطا أو نسي قراءتها يكفيه قراءتها فقط، نعم لو اشترط عليه الترتيب
وجب مراعاته، ولو علم اجمالا بعد الاتمام انه قرأ بعض الآيات غلطا من حيث الاعراب

(1) هذا يتم لو كان المراد من الشرط عدم اشتغال الذمة به، واما لو كان المراد السقوط
عنها بعد الاشتغال فالظاهر الصحة.
(2) الإجارة المذكورة صحيحة، الا ان في حمل النصوص المتضمنة لما نقله عنه (ع)
على ذلك كلاما محررا في محله.
(3) بل إذا كان مطمئنا به والا فيشكل الحكم بالصحة.
(4) الظاهر لزوم ذلك من جهة الانصراف إلى القراءة المرتبة.
336

أو من حيث عدم أداء الحرف من مخرجه، أو من حيث المادة فلا يبعد كفايته وعدم
وجوب الإعادة، لأن اللازم القراءة على المتعارف والمعتاد، ومن المعلوم وقوع
ذلك من القارئين غالبا الا من شذ منهم، نعم لو اشترط المستأجر عدم الغلط أصلا
لزم عليه الإعادة مع العلم به في الجملة، وكذا الكلام في الاستيجار لبعض الزيارات
المأثورة أو غيرها، وكذا في الاستيجار لكتابة كتاب أو قرآن أو دعاء أو نحوها لا يضر
في استحقاق الأجرة اسقاط كلمة أو حرف أو كتابتهما غلطا.
التاسعة عشر - لا يجوز في الاستيجار للحج البلدي ان يستأجر شخصا من بلد
الميت إلى النجف، وشخصا آخر من النجف إلى مكة أو إلى الميقات، وشخصا آخر
منه إلى مكة إذ اللازم ان يكون قصد المؤجر من البلد الحج، والمفروض ان مقصده
النجف مثلا، وهكذا فما اتى به من السير ليس مقدمة للحج، وهو نظير أن يستأجر
شخصا لعمرة التمتع وشخصا آخر للحج، ومعلوم انه مشكل، بل اللازم على القائل
بكفايته ان يقول بكفاية استيجار شخص للركعة الأولى من الصلاة وشخص آخر للثانية
وهكذا.
العشرون - إذا استؤجر للصلاة عن الميت فصلى ونقص من صلاته (1) بعض
الواجبات الغير الركنية سهوا فإن لم يكن زائدا على القدر المتعارف الذي قد يتفق
أمكن ان يقال: لا ينقص من اجرته شئ، وإن كان الناقص من الواجبات والمستحبات
المتعارفة أزيد من المقدار المتعارف ينقص من الأجرة بمقداره الا أن يكون المستأجر
عليه الصلاة الصحيحة المبرئة للذمة، ونظير ذلك إذا استؤجر للحج فمات بعد الاحرام
ودخول الحرم، حيث إن ذمة الميت تبرأ بذلك، فإن كان المستأجر عليه ما يبرأ الذمة
استحق تمام الأجرة، والا فتوزع ويسترد ما يقابل بقية الأعمال
تم كتاب الإجارة

(1) تقدم الكلام فيه في بحث القضاء.
337

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المضاربة
وتسمى قراضا عند أهل الحجاز: والأول - من الضرب لضرب العامل في
الأرض لتحصيل الربح، والمفاعلة باعتبار كون المالك سببا له والعامل مباشرا، و
الثاني من القرض بمعنى القطع لقطع المالك حصة من ماله ودفعه إلى العامل ليتجر
به، وعليه العامل مقارض بالبناء للمفعول، وعلى الأول مضارب بالبناء للفاعل، وكيف
كان عبارة عن دفع الانسان مالا إلى غيره ليتجر به على أن يكون الربح بينهما، لا ان
يكون تمام الربح للمالك ولا ان يكون تمامه للعامل.
وتوضيح ذلك ان من دفع مالا إلى غيره للتجارة تارة على أن يكون الربح بينهما
وهى مضاربة، وتارة على أن يكون تمامه للعامل، وهذا داخل في عنوان القرض إن كان
بقصده، وتارة على أن يكون تمامه للمالك، ويسمى عندهم باسم البضاعة، وتارة
لا يشترطان شيئا، وعلى هذا أيضا يكون تمام الربح للمالك فهو داخل في عنوان
البضاعة، وعليهما يستحق العامل أجرة المثل لعمله الا ان يشترطا عدمه، أو يكون
العامل قاصدا للتبرع، ومع عدم الشرط وعدم قصد التبرع أيضا له ان يطالب الأجرة
الا ان يكون الظاهر منهما في مثله عدم أخذ الأجرة، والا فعمل المسلم محترم ما لم
يقصد التبرع.
338

ويشترط في المضاربة الايجاب والقبول، ويكفى فيهما كل دال قولا أو فعلا
والايجاب القولي كأن يقول: ضاربتك على كذا وما يفيد هذا المعنى، فيقول: قبلت،
ويشترط فيها أيضا بعد البلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر لفلس (1) أو جنون (2)
أمور: الأول: ان يكون رأس المال عينا فلا تصح بالمنفعة (3) ولا بالدين، فلو
كان له دين على أحد لم يجز أن يجعله مضاربة الا بعد قبضه، ولو اذن للعامل في قبضه
ما لم يجدد العقد بعد القبض، نعم لو وكله على القبض والايجاب من طرف المالك
والقبول منه بأن يكون موجبا قابلا صح، وكذا لو كان له على العامل دين لم يصح
جعله قراضا الا ان يوكله في تعيينه، ثم ايقاع العقد عليه بالايجاب والقبول بتولى
الطرفين.
الثاني - ان يكون من الذهب أو الفضة المسكوكين بسكة المعاملة (4) بأن
يكون درهما أو دينارا، فلا تصح بالفلوس ولا بالعروض بلا خلاف بينهم، وان لم يكن
عليه دليل سوى دعوى الاجماع، نعم تأمل فيه بعضهم وهو في محله لشمول العمومات
الا ان يتحقق الاجماع وليس ببعيد فلا يترك الاحتياط، ولا بأس بكونه من المغشوش
الذي يعامل به مثل الشاميات والقمرى ونحوها، نعم لو كان مغشوشا يجب كسره
بأن كان قلبا لم يصح (5) وإن كان له قيمة فهو مثل الفلوس، ولو قال للعامل: بع هذه
السلعة وخذ ثمنها قراضا لم يصح، الا ان يوكله في تجديد العقد عليه بعد ان نض ثمنه.

(1) سيصرح (قده) بعدم اعتباره في العامل.
(2) لا يبعد ان يكون مراده به السفه، والا كان ذكر العقل مغنيا عنه، وعليه فهو يعتبر
في المالك دون العامل.
(3) للاجماع الذي ادعاه غير واحد وفى ثبوت الاجماع التعبدي الكاشف عن رأى
المعصوم تأمل فلا يترك الاحتياط، نعم لا تصح المضاربة في الدين.
(4) الأظهر عدم اعتبار ذلك، فتصح المضاربة بالأوراق النقدية ونحوها.
(5) بل تصح.
339

الثالث - أن يكون معلوما قدرا ووصفا ولا يكفي المشاهدة وان زال به معظم الغرر.
الرابع - ان يكون معينا (1) فلو احضر مالين وقال: قارضتك بأحدهما أو بأيهما
شئت لم ينعقد الا ان يعين ثم يوقعان العقد عليه، نعم لا فرق بين ان يكون مشاعا أو
مفروزا بعد العلم بمقداره ووصفه، فلو كان المال مشتركا بين شخصين فقال أحدهما
للعامل: قارضتك بحصتي في هذا المال صح مع العلم بحصته من ثلث أو ربع،
وكذا لو كان للمالك مائة دينار مثلا فقال: قارضتك بنصف هذا المال صح.
الخامس - ان يكون الربح مشاعا بينهما فلو جعل لأحدهما مقدارا معينا والبقية
للآخر أو البقية مشتركة بينهما لم يصح.
السادس - تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك الا ان يكون
هناك متعارف ينصرف اليه الاطلاق.
السابع - ان يكون الربح بين المالك والعامل، فلو شرطا جزءا منه لأجنبي
عنهما لم يصح الا ان يشترط عليه عمل متعلق بالتجارة، نعم ذكروا انه لو اشترط كون
جزء من الربح لغلام أحدهما صح، ولا بأس به خصوصا على القول بأن العبد لا يملك،
لأنه يرجع إلى مولاه، وعلى القول الآخر يشكل الا انه لما كان مقتضى القاعدة صحة
الشرط حتى للأجنبي والقدر المتيقن من عدم الجواز ما إذا لم يكن غلاما لأحدهما
فالأقوى الصحة مطلقا (2)، بل لا يبعد القول به في الأجنبي أيضا وان لم يكن عاملا
لعموم الأدلة.
الثامن - ذكر بعضهم أنه يشترط ان يكون رأس المال بيد العامل، فلو اشترط

(1) الأظهر عدم اعتباره، نعم ايقاع المعاملة على المردد ولو في الواقع لا يصح
واما على المعين الواقعي المردد عندهما فلا باس به مع تساويهما في الصفات لولا الاجماع.
(2) الأظهر عدم الصحة للأجنبي وكذا لغلام أحدهما على القول بان العبد يملك،
بل يمكن القول بعدم الصحة على القول الآخر أيضا إذا قصد ملك العبد إذ الشرط حينئذ
مخالف للكتاب والسنة ولكن المضاربة صحيحة.
340

المالك ان يكون بيده لم يصح، لكن لا دليل عليه فلا مانع أن يتصدى العامل للمعاملة
مع كون المال بيد المالك كما عن التذكرة.
التاسع - ان يكون الاسترباح بالتجارة واما إذا كان بغيرها كأن يدفع اليه
ليصرفه في الزراعة مثلا ويكون الربح بينهما يشكل صحته إذ القدر المعلوم من الأدلة
هو التجارة، ولو فرض صحة غيرها للعمومات كما لا يبعد (1) لا يكون داخلا في عنوان
المضاربة.
العاشر - ان لا يكون رأس المال بمقدار يعجز العامل عن التجارة به، مع اشتراط
المباشرة من دون الاستعانة بالغير أو كان عاجزا حتى مع الاستعانة، بالغير، والا فلا يصح
لاشتراط كون العامل قادرا على العمل كما أن الامر كذلك في الإجارة للعمل،
فإنه إذا كان عاجزا تكون باطلة، وحينئذ فيكون تمام الربح للمالك، وللعامل
اجرة عمله مع جهله بالبطلان، (2) ويكون ضامنا لتلف المال الا مع علم المالك
بالحال، وهل يضمن حينئذ جميعه لعدم التمييز مع عدم الإذن في أخذه على هذا الوجه
أو القدر الزائد لأن العجز انما يكون بسببه فيختص به أو الأول إذا أخذ الجميع
دفعة والثاني إذا أخذ أولا بقدر مقدوره ثم أخذ الزائد ولم يمزجه مع ما أخذه أولا
أقوال أقواها الأخير (3) ودعوى أنه بعد أخذ الزايد يكون يده على الجميع وهو
عاجز عن المجموع من حيث المجموع ولا ترجيح الان لأحد أجزائه، إذ لو ترك
الأول وأخذ الزيادة لا يكون عاجزا كما ترى، إذ الأول وقع صحيحا، والبطلان
مستند إلى الثاني وبسببه، والمفروض عدم المزج، هذا ولكن ذكر بعضهم أن مع
العجز المعاملة صحيحة، فالربح مشترك، ومع ذلك يكون العامل ضامنا مع جهل
المالك، ولا وجه له لما ذكرنا، مع أنه إذا كانت المعاملة صحيحة لم يكن وجه للضمان

(1) بل هو بعيد.
(2) بل مع علمه أيضا إذا كان العمل مبنيا على المضاربة.
(3) الأقوى عدم الضمان مطلقا.
341

ثم إذا تجدد العجز في الأثناء وجب عليه رد الزائد والا ضمن.
مسألة 1 - لو كان له مال موجود في يد غيره أمانة أو غيرها فضاربه عليها صح
وإن كان في يده غصبا أو غيره مما يكون اليد فيه يد ضمان فالأقوى أنه يرتفع الضمان
بذلك، لانقلاب اليد (1) حينئذ فينقلب الحكم، ودعوى أن الضمان مغيا بالتأدية ولم
تحصل، كما ترى، ولكن ذكر جماعة بقاء الضمان الا إذا اشترى به شيئا ودفعه إلى
البايع فإنه يرتفع الضمان به، لأنه قد قضى دينه باذنه، وذكروا نحو ذلك في الرهن
أيضا، وان العين إذا كانت في يد الغاصب فجعله رهنا عنده أنها تبقى على الضمان،
والأقوى ما ذكرنا في المقامين لما ذكرنا.
مسألة 2 - المضاربة جايزة من الطرفين يجوز لكل منهما فسخها سواء كان قبل
الشروع في العمل أو بعده قبل حصول الربح، أو بعده، نض المال أو كان به عروض
مطلقا كانت أو مع اشتراط الأجل، وإن كان قبل انقضائه، نعم لو اشترط فيها عدم
الفسخ إلى زمان كذا يمكن أن يقال بعدم جواز فسخها قبله، بل هو الأقوى، لوجوب
الوفاء بالشرط، ولكن عن المشهور بطلان الشرط المذكور، بل العقد أيضا لأنه
مناف لمقتضى العقد (2) وفيه منع بل هو مناف لاطلاقه، ودعوى ان الشرط في العقود
الغير اللازمة غير لازم الوفاء ممنوعة، نعم يجوز فسخ العقد فيسقط الشرط والا فما دام

(1) إذا كان اطلاق العقد ظاهرا في الاذن بكونه في يد العامل، والا فالصحيح ما
ذكره الجماعة لما تقدم، من أنه لا يعتبر في المضاربة كون المال بيد العامل وظهوره في ذلك
محل تأمل.
(2) إن كان الشرط لزوم العقد وعدم انفساخه بالفسخ صح ما ذكره المشهور من
كونه منافيا لمقتضى العقد، وإن كان الشرط عدم الفسخ بطل الشرط، لا لما ذكره المشهور
بل لان حقيقة الشرط حيث تكون تعليق الالتزام بالعقد والوفاء به عليه، فلا يصح شرط عدم
الفسخ في العقود غير اللازمة - نعم - لا مانع من اشتراط عدم فسخ العقد الجائز في ضمن
عقد آخر لازم ويجب الوفاء به، ولكن لو فسخه ينفسخ وان عصى، وعلى جميع التقادير
لا يبطل العقد.
342

العقد باقيا يجب الوفاء بالشرط فيه، وهذا انما يتم في غير الشرط الذي مفاده
عدم الفسخ مثل المقام، فإنه يوجب لزوم ذلك العقد هذا، ولو شرط عدم فسخها
في ضمن عقد لازم آخر فلا اشكال في صحة الشرط ولزومه.
وهذا يؤيد ما ذكرنا من عدم كون الشرط المذكور منافيا لمقتضى العقد،
إذ لو كان منافيا لزم عدم صحته (1) في ضمن عقد آخر أيضا، ولو شرط في عقد
مضاربة عدم فسخ مضاربة أخرى سابقة صح ووجب الوفاء به (2) الا ان يفسخ هذه
المضاربة فيسقط الوجوب، كما أنه لو اشترط في مضاربة، مضاربة أخرى في مال آخر
أو اخذ بضاعة منه أو قرض أو خدمة أو نحو ذلك وجب الوفاء به ما دامت المضاربة
باقية، وان فسخها سقط الوجوب، ولابد ان يحمل ما اشتهر من أن لا شروط في
ضمن العقود الجايزة غير لازمة الوفاء على هذا المعنى، والا فلا وجه لعدم لزومها
مع بقاء العقد على حاله، كما اختاره صاحب الجواهر، بدعوى انها تابعة للعقد
لزوما وجوازا، بل مع جوازه هي أولى بالجواز وانها معه شبه الوعد، والمراد
من قوله تعالى: " أوفوا بالعقود " اللازمة منها، لظهور الأمر فيها في الوجوب المطلق
والمراد من قوله عليه السلام: " المؤمنون عند شروطهم " بيان صحة أصل الشرط، لا اللزوم
والجواز إذ لا يخفى ما فيه.
مسألة 3 - إذا دفع اليه مالا وقال: اشتر به بستانا مثلا أو قطيعا من الغنم فإن كان
المراد الاسترباح بهما بزيادة القيمة صح مضاربة، وإن كان المراد الانتفاع بنمائهما
بالاشتراك ففي صحته مضاربة وجهان: من أن الانتفاع بالنماء ليس من التجارة فلا يصح
ومن أن حصوله يكون بسبب الشراء فيكون بالتجارة، والأقوى البطلان مع إرادة
عنوان المضاربة إذ هي ما يكون الاسترباح فيه بالمعاملات وزيادة القيمة، لا مثل هذه
الفوائد، نعم لا بأس بضمها إلى زيادة القيمة وان لم يكن المراد خصوص عنوان

(1) تبين عدم الملازمة.
(2) قد ظهر مما قدمناه عدم لزومه.
343

المضاربة فيمكن دعوى صحته للعمومات (1).
مسألة 4 - إذا اشترط المالك على العامل ان يكون الخسارة عليهما كالربح
أو اشترط ضمانه لرأس المال ففي صحته وجهان، أقواهما الأول (2) لأنه ليس شرطا
منافيا لمقتضى العقد، كما قد يتخيل، بل انما هو مناف لاطلاقه، إذ مقتضاه كون
الخسارة على المالك وعدم ضمان العامل الا مع التعدي أو التفريط.
مسألة 5 - إذا اشترط المالك على العامل ان لا يسافر مطلقا أو إلى البلد الفلاني
أو الا إلى البلد الفلاني، أولا يشترى الجنس الفلاني، أو الا الجنس الفلاني،
أولا يبيع من زيد مثلا، أو الا من زيد، أولا يشترى من شخص أو الا من شخص
معين أو نحو ذلك من الشروط فلا يجوز له المخالفة، والا ضمن المال لو تلف
بعضا أو كلا، وضمن الخسارة مع فرضها، ومقتضى القاعدة وإن كان كون تمام
الربح للمالك على فرض إرادة القيدية إذا أجاز المعاملة، وثبوت خيار تخلف الشرط
على فرض كون المراد من الشرط التزام في الالتزام، وكون تمام الربح له على
تقدير الفسخ الا ان الأقوى اشتراكهما في الربح على ما قرر، لجملة من الأخبار
الدالة على ذلك، ولا داعى إلى حملها على بعض المحامل، ولا إلى الاقتصار على
مواردها لاستفادة العموم من بعضها الاخر.
مسألة 6 - لا يجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو غيره، الا مع
اذن المالك عموما، كأن يقول: اعمل به على حسب ما تراه مصلحة إن كان هناك مصلحة
أو خصوصا، فلو خلط بدون الاذن ضمن التلف الا ان المضاربة باقية والربح بين
المالين على النسبة.
مسألة 7 - مع اطلاق العقد يجوز للعامل التصرف على حسب ما يراه من حيث
البايع والمشترى، ونوع الجنس المشترى، لكن لا يجوز له ان يسافر (3) من دون

(1) فيه اشكال من جهة كونها غررية.
(2) الأظهر هو التفصيل بين ما لو كان الشرط تدارك الخسارة من كيسه، وبين
ما لو كان هو رجوع الخسارة اليه، والبناء على الصحة في الأول دون الثاني.
(3) فيه تأمل نعم لو كان نادرا ينصرف عنه الاطلاق لا يجوز.
344

اذن المالك الا إذا كان هناك متعارف ينصرف اليه الاطلاق، وان خالف فسافر فعلى ما
مر في المسألة المتقدمة.
مسألة 8 - مع اطلاق العقد وعدم الإذن في البيع نسيئة لا يجوز له ذلك الا ان
يكون متعارفا ينصرف اليه الاطلاق، ولو خالف في غير مورد الانصراف فان استوفى
الثمن قبل اطلاع المالك (1) فهو، وان اطلع المالك قبل الاستيفاء فان أمضى فهو،
والا فالبيع باطل وله الرجوع على كل من العامل والمشترى مع عدم وجود المال
عنده، أو عند مشتر آخر منه، فان رجع على المشترى بالمثل أو القيمة لا يرجع هو على
العامل الا ان يكون مغرورا من قبله، وكانت القيمة أزيد من الثمن، فإنه حينئذ يرجع
بتلك الزيادة عليه وان رجع على العامل يرجع هو على المشترى بما غرم الا ان يكون
مغرورا منه وكان الثمن أقل فإنه حينئذ يرجع بمقدار الثمن.
مسألة 9 - في صورة اطلاق العقد لا يجوز له ان يشترى بأزيد من قيمة المثل
كما أنه لا يجوز ان يبيع بأقل من قيمة المثل، والا بطل نعم إذا اقتضت المصلحة أحد
الأمرين لا بأس به.
مسألة 10 - لا يجب في صورة الاطلاق ان يبيع بالنقد، بل يجوز ان يبيع
الجنس بجنس آخر وقيل: بعدم جواز البيع الا بالنقد المتعارف ولا وجه له الا إذا
كان جنسا لا رغبة للناس فيه غالبا.
مسألة 11 - لا يجوز شراء المعيب الا إذا اقتضت المصلحة، ولو اتفق فله الرد
أو الأرش على ما تقتضيه المصلحة.
مسألة 12 - المشهور على ما قيل: أن في صورة الاطلاق يجب أن يشترى
بعين المال، فلا يجوز الشراء في الذمة، وبعبارة أخرى يجب ان يكون الثمن شخصيا

(1) لا يبعد البناء على كون المضاربة صحيحة والربح بينهما، نعم يكون العامل ضامنا
والخسارة عليه، ولكن الأحوط الاحتياج إلى إجازة المالك في جميع الصور، بل الأظهر
ذلك في صورة عدم استيفاء الثمن.
345

من مال المالك، لا كليا في الذمة، والظاهر أنه يلحق به الكلى في المعين أيضا،
وعلل ذلك بأنه القدر المتيقن، وأيضا الشراء في الذمة قد يؤدى إلى وجوب دفع
غيره، كما إذا تلف رأس المال قبل الوفاء، ولعل المالك غير راض بذلك، وأيضا
إذا اشترى بكلى في الذمة لا يصدق على الربح انه ربح مال المضاربة، ولا يخفى ما
في هذه العلل، والأقوى كما هو المتعارف جواز الشراء في الذمة والدفع من رأس
المال، ثم إنهم لم يتعرضوا لبيعه، ومقتضى ما ذكروه وجوب كون المبيع أيضا
شخصيا لا كليا ثم الدفع من الأجناس التي عنده، والأقوى فيه أيضا جواز كونه كليا
وان لم يكن في التعارف مثل الشراء ثم إن الشراء في الذمة يتصور على وجوه:
أحدها - ان يشترى العامل بقصد المالك وفى ذمته من حيث المضاربة.
الثاني - أو يقصد كون الثمن في ذمته من حيث إنه عامل ووكيل عن المالك
ويرجع إلى الأول وحكمها الصحة، وكون الربح مشتركا بينهما على ما ذكرنا،
وإذا فرض تلف مال المضاربة قبل الوفاء كان في ذمة المالك، يؤدى من ماله الآخر (1)
الثالث - أن يقصد ذمة نفسه، وكان قصده الشراء لنفسه ولم يقصد الوفاء
حين الشراء من مال المضاربة ثم دفع منه، وعلى هذا الشراء صحيح ويكون غاصبا
في دفع مال المضاربة من غير اذن المالك الا إذا كان مأذونا في الاستقراض وقصد
القرض.
الرابع - كذلك لكن مع قصد دفع الثمن من مال المضاربة حين الشراء، حتى
يكون الربح له فقصد نفسه حيلة منه، وعليه يمكن الحكم بصحة الشراء وإن كان
عاصيا في التصرف في مال المضاربة من غير اذن المالك، وضامنا له، بل ضامنا
للبايع أيضا، حيث إن الوفاء بمال الغير غير صحيح، ويحتمل القول ببطلان الشراء
لان رضا البايع مقيد بدفع الثمن، والمفروض ان الدفع بمال الغير غير صحيح
فهو بمنزلة السرقة، كما ورد في بعض الأخبار ان من استقرض ولم يكن قاصدا للأداء

(1) لكن في جعله مال قراض اشكالا أو منعا.
346

فهو سارق، ويحتمل صحة الشراء وكون قصده لنفسه لغوا، بعد أن كان بناؤه الدفع
من مال المضاربة، فان البيع وإن كان بقصد نفسه وكليا في ذمته الا انه ينصب على
هذا الذي يدفعه، فكان البيع وقع عليه، والأوفق بالقواعد الوجه الأول، وبالاحتياط
الثاني، وأضعف الوجوه الثالث وان لم يستبعده الآقا البهبهاني.
الخامس - ان يقصد الشراء في ذمته من غير التفات إلى نفسه وغيره، وعليه
أيضا يكون المبيع له، وإذا دفعه من مال المضاربة يكون غاصبا، ولو اختلف البايع
والعامل (1) في أن الشراء كان لنفسه أو لغيره، وهو المالك المضارب يقدم قول
البايع لظاهر الحال فيلزم بالثمن من ماله، وليس له ارجاع البايع إلى المالك
المضارب.
مسألة 13 - يجب على العامل بعد تحقق عقد المضاربة ما يعتاد بالنسبة اليه
والى تلك التجارة في مثل ذلك المكان والزمان من العمل وتولى ما يتولاه التاجر
لنفسه من عرض القماش والنشر والطي وقبض الثمن وايداعه في الصندوق ونحو ذلك
مما هو اللائق والمتعارف، ويجوز له استيجار من يكون المتعارف استيجاره مثل
الدلال والحمال والوزان والكيال وغير ذلك، ويعطى الأجرة من الوسط، ولو استأجر
فيما يتعارف مباشرته بنفسه فالأجرة من ماله ولو تولى بنفسه ما يعتاد الاستيجار له
فالظاهر جواز اخذ الأجرة ان لم يقصد التبرع، وربما يقال بعدم الجواز وفيه انه
مناف لقاعدة احترام عمل المسلم المفروض عدم وجوبه عليه.
مسألة 14 - قد مر أنه لا يجوز للعامل السفر من دون اذن المالك، ومعه فنفقته
في السفر من رأس المال الا إذا اشترط المالك كونها على نفسه، وعن بعضهم كونها
على نفسه مطلقا والظاهر أن مراده فيما إذا لم يشترط كونها من الأصل، وربما يقال:
له تفاوت ما بين السفر والحضر، والأقوى ما ذكرنا من جواز اخذها من أصل المال
بتمامها من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ونحو ذلك مما يصدق عليه النفقة ففي

(1) بان ادعى البايع انه اشترى لنفسه، وادعى المالك انه اشترى للمالك المضارب.
347

صحيح علي بن جعفر عن أخيه أبى الحسن عليه السلام " في المضارب ما انفق في سفره
فهو من جميع المال، فإذا قدم بلده فما انفق فمن نصيبه " هذا واما في الحضر فليس له
ان يأخذ من رأس المال شيئا الا إذا اشترط على المالك ذلك.
مسألة 15 - المراد بالنفقة ما يحتاج اليه من مأكول وملبوس ومركوب وآلات
يحتاج إليها في سفره وأجرة المسكن ونحو ذلك، واما جوائزه وعطاياه وضيافاته
ومصانعاته فعلى نفسه الا إذا كانت التجارة موقوفة عليها.
مسألة 16 - اللازم الاقتصار على القدر اللائق، فلو أسرف حسب عليه، نعم
لوقتر على نفسه أو صار ضيفا عند شخص لا يحسب له.
مسألة 17 - المراد من السفر العرفي لا الشرعي فيشمل السفر فرسخين أو ثلاثة
كما أنه إذا أقام في بلد عشرة أيام أو أزيد كان نفقته من رأس المال لأنه في السفر عرفا
نعم إذا أقام بعد تمام العمل لغرض آخر مثل التفرج أو لتحصيل مال له أو لغيره مما
ليس متعلقا بالتجارة فنفقته في تلك المدة على نفسه، وإن كان مقامه لما يتعلق بالتجارة
ولأمر آخر بحيث يكون كل منهما علة مستقلة لولا الآخر. فإن كان الأمر الآخر عارضا
في البين، فالظاهر جواز أخذ تمام النفقة من مال التجارة، وان كانا في عرض واحد ففيه
وجوه ثالثها التوزيع، وهو الأحوط في الجملة، وأحوط منه كون التمام على نفسه،
وان كانت العلة مجموعهما بحيث يكون كل واحد جزءا من الداعي فالظاهر التوزيع
مسألة 18 - استحقاق النفقة مختص بالسفر المأذون فيه، فلو سافر من غير اذن
أو في غير الجهة المأذون فيه أو مع التعدي عما اذن فيه ليس له أن يأخذ من مال التجارة
مسألة 19 - لو تعدد أرباب المال كأن يكون عاملا لاثنين أو أزيد أو عاملا لنفسه
وغيره توزع النفقة، وهل هو على نسبة المالين أو على نسبة العملين قولان (1).
مسألة 20 - لا يشترط في استحقاق النفقة ظهور ربح بل ينفق من أصل المال
وان لم يحصل ربح أصلا، نعم لو حصل الربح بعد هذا تحسب من الربح ويعطى

(1) لا يبعد أظهرية القول الأول، والاحتياط برعاية أقل الأمرين لا يترك.
348

المالك تمام رأس ماله ثم يقسم بينهما.
مسألة 21 - لو مرض في أثناء السفر فإن كان لم يمنعه من شغله فله أخذ النفقة،
وان منعه ليس له (1) وعلى الأول لا يكون منها ما يحتاج اليه للبرء من المرض.
مسألة 22 - لو حصل الفسخ أو الانفساخ في أثناء السفر فنفقة الرجوع على نفسه
بخلاف ما إذا بقيت ولم تنفسخ من مال المضاربة.
مسألة 23 - قد عرفت الفرق بين المضاربة، والقرض، والبضاعة، وان في الأول
الربح مشترك، وفى الثاني للعامل، وفى الثالث للمالك، فإذا قال: خذ هذا المال
مضاربة والربح بتمامه لي كان مضاربة فاسدة، الا إذا علم أنه قصد الابضاع فيصير
بضاعة، ولا يستحق العامل اجرة الا مع الشرط أو القرائن الدالة على عدم التبرع،
ومع الشك فيه وفى إرادة الأجرة يستحق الأجرة أيضا لقاعدة احرام عمل المسلم (2)
وإذا قال: خذه قراضا وتمام الربح لك فكذلك مضاربة فاسدة، الا إذا علم أنه أراد
القرض، ولو لم يذكر لفظ المضارة بان قال: خذه واتجر به والربح بتمامه لي كان
بضاعة الا مع العلم بإرادة المضاربة فتكون فاسدة، ولو قال: خذه واتجر به والربح
لك بتمامه فهو قرض الا مع العلم بإرادة المضاربة ففاسد، ومع الفساد في الصور
المذكورة يكون تمام الربح للمالك وللعامل اجرة عمله، الا مع علمه بالفساد (3).
مسألة 24 - لو اختلف العامل والمالك في أنها مضاربة فاسدة أو قرض، أو مضاربة
فاسدة أو بضاعة، ولم يكن هناك ظهور لفظي ولا قرينة معينة فمقتضى القاعدة التحالف،
وقد يقال: بتقديم قول من يدعى الصحة وهو مشكل، إذ مورد الحمل على الصحة
ما إذا علم أنهما أوقعا معاملة معينة واختلفا في صحتها وفسادها، لا مثل المقام الذي
يكون الأمر دائرا بين المعاملتين على أحدهما صحيح، وعلى الأخرى باطل، نظير

(1) إذا لم يكن المنشأ هو السفر للتجارة، أو العمل، واما على الأول فعدم كون
ما يحتاج اليه للبرء من المرض منها كما في المتن محل تأمل ونظر.
(2) بضميمة أصالة عدم التبرع.
(3) لا فرق بين علمه وجهله.
349

ما إذا اختلفا في أنهما أوقعا البيع الصحيح أو الإجارة الفاسدة مثلا، وفى مثل هذا
مقتضى القاعدة التحالف وأصالة الصحة لا تثبت كونه بيعا مثلا لا إجارة، أو بضاعة
صحيحة مثلا لا مضاربة فاسدة.
مسألة 25 - إذا قال المالك للعامل: خذ هذا المال قراضا والربح بيننا صح
ولكل منهما النصف، وإذا قال: ونصف الربح لك فكذلك، بل وكذا لو قال:
ونصف الربح لي فان الظاهر أن النصف الآخر للعامل، ولكن فرق بعضهم بين العبارتين
وحكم بالصحة في الأولى لأنه صرح فيها بكون النصف للعامل، والنصف الآخر
يبقى له على قاعدة التبعية، بخلاف العبارة الثانية فان كون النصف للمالك لا ينافي
كون الآخر له أيضا على قاعدة التبعية، فلا دلالة فيها على كون النصف الأخر للعامل،
وأنت خبير بان المفهوم من العبارة عرفا كون النصف الآخر للعامل.
مسألة 26 - لا فرق بين ان يقول: خذ هذا المال قراضا ولك نصف ربحه،
أو قال: خذه قراضا ولك ربح نصفه في الصحة والاشتراك في الربح بالمناصفة، وربما
يقال: بالبطلان في الثاني بدعوى ان مقتضاه كون ربح النصف الآخر بتمامه للمالك،
وقد يربح النصف فيختص به أحدهما أو يربح أكثر من النصف فلا يكون الصحة معلومة
وأيضا قد لا يعامل الا في النصف، وفيه ان المراد ربح نصف ما عومل به وربح فلا اشكال.
مسألة 27 - يجوز اتحاد المالك وتعدد العامل مع اتحاد المال أو تميز مال
كل من العاملين، فلو قال: ضاربتكما ولكما نصف الربح صح، وكانا فيه سواء،
ولو فضل أحدهما على الآخر صح أيضا، وان كانا في العمل سواء، فان غايته اشتراط
حصة قليلة لصاحب العمل الكثير، وهذا لا بأس به ويكون العقد الواحد بمنزلة عقدين
مع اثنين، ويكون كما لو قارض أحدهما في نصف المال بنصف وقارض الآخر في
النصف الآخر بربع الربح ولا مانع منه، وكذا يجوز تعدد المالك واتحاد العامل
بأن كان المال مشتركا بين اثنين فقارضا واحدا بعقد واحد بالنصف مثلا متساويا بينهما
أو بالاختلاف بأن يكون في حصة أحدهما بالنصف، وفى حصة الاخر بالثلث أو
350

الربع مثلا، وكذا يجوز مع عدم اشتراك المال بان يكون مال كل منهما ممتازا وقارضا
واحدا مع الأذن في الخلط مع التساوي في حصة العامل بينهما، أو الاختلاف بان
يكون في مال أحدهما بالنصف، وفى مال الآخر بالثلث أو الربع.
مسألة 28 - إذا كان مال مشتركا بين اثنين فقارضا واحدا واشترطا له نصف الربح
وتفاضلا في النصف الآخر، بأن جعل لأحدهما أزيد من الآخر مع تساويهما في ذلك
المال، أو تساويا فيه مع تفاوتهما فيه، فإن كان من قصدهما كون ذلك النقص على العامل
بالنسبة إلى صاحب الزيادة بأن يكون كأنه اشترط على العامل في العمل بماله أقل
من ما شرطه الآخر له، كأن اشترط هو للعامل ثلث ربح حصته، وشرط له صاحب
النقيصة ثلثي ربح حصته مثلا مع تساويهما في المال فهو صحيح لجواز اختلاف
الشريكين في مقدار الربح المشترط للعامل، وان لم يكن النقص راجعا إلى العامل
بل على الشريك الآخر بان يكون المجعول للعامل بالنسبة اليهما سواء، لكن اختلفا
في حصتهما بأن لا يكون على حسب شركتهما فقد يقال فيه بالبطلان لاستلزامه زيادة
لأحدهما على الآخر مع تساوى المالين أو تساويهما مع التفاوت في المالين بلا عمل
من صاحب الزيادة، لأن المفروض كون العامل غيرهما ولا يجوز ذلك في الشركة
والأقوى الصحة (1) لمنع عدم جواز الزيادة لأحد الشريكين بلا مقابلتها لعمل منه،
فان الأقوى جواز ذلك بالشرط، ونمنع كونه خلاف مقتضى الشركة، بل هو خلاف
مقتضى اطلاقها، مع أنه يمكن ان يدعى الفرق بين الشركة والمضاربة وان كانت
متضمنة للشركة.
مسألة 29 - تبطل المضاربة بموت كل من العامل والمالك، أما الأول
فلاختصاص الاذن به، واما الثاني فلانتقال المال بموته إلى وارثه، فابقاؤها يحتاج

(1) الأظهر عدم الصحة، وان قلنا بصحة شرط الزيادة في الشركة، إذ الشركة في
المقام ليست عقدية فان العقد يكون بين كل من المالكين والعامل، لا بين المالكين، وقد تقدم
عدم جواز شرط جزء من الربح للأجنبي.
351

إلى عقد جديد بشرائطه، فإن كان المال نقد أصح، وإن كان عروضا فلا (1) لما عرفت
من عدم جواز المضاربة على غير النقدين، وهل يجوز لوارث المالك إجازة العقد
بعد موته قد يقال بعدم الجواز لعدم علقة له بالمال حال العقد بوجه من الوجوه
ليكون واقعا على ماله أو متعلق حقه، وهذا بخلاف إجارة البطن السابق في الوقف
أزيد من مدة حياته فان البطن اللاحق يجوز له الإجازة، لأن له حقا بحسب جعل
الواقف، واما في المقام فليس للوارث حق حال حياة المورث أصلا، وانما ينتقل
اليه المال حال موته، وبخلاف إجازة الوارث لما زاد من الثلث في الوصية، وفى
المنجز حال المرض على القول بالثلث فيه، فان له حقا فيما زاد، فلذا يصح اجازته،
ونظير المقام إجارة الشخص ماله مدة مات في أثنائها على القول بالبطلان بموته،
فإنه لا يجوز للوارث اجازتها، لكن يمكن أن يقال (2): يكفي في صحة الإجازة
كون المال في معرض الانتقال اليه، وان لم يكن له علقة به حال العقد، فكونه سيصير
له كاف، ومرجع اجازته حينئذ إلى ابقاء ما فعله المورث لا قبوله ولا تنفيذه، فان الإجازة
أقسام قد تكون قبولا لما فعله الغير، كما في إجازة بيع ماله فضولا، وقد تكون راجعا
إلى اسقاط حق، كما في إجازة المرتهن لبيع الراهن، وإجازة الوارث لما زاد عن
الثلث، وقد تكون ابقاءا لما فعله المالك كما في المقام.
مسألة 30 - لا يجوز للعامل ان يوكل وكيلا في عمله، أو يستأجر أجيرا الا بإذن المالك
، نعم لا بأس بالتوكيل أو الاستيجار في بعض المقدمات على ما هو المتعارف
واما الايكال إلى الغير وكالة أو استيجارا في أصل التجارة فلا يجوز من دون اذن
المالك، ومعه لا مانع منه، كما أنه لا يجوز له ان يضارب غيره الا بأذن المالك.
مسألة 31 - إذا أذن في مضاربة الغير فاما ان يكون بجعل العامل الثاني عاملا

(1) على الأحوط كما تقدم منا ومنه.
(2) وإن كان ضعيفا، نعم في محكى المسالك، يمكن انشاء المضاربة بلفظ الإجازة
فيكون حينئذ عقدا موقوفا على القبول لا إجازة محضة، ولا بأس به، ويمكن تصحيحه إجازة
بوجه آخر ليس المقام موردا لذكره.
352

للمالك، أو بجعله شريكا معه في العمل والحصة، واما بجعله عاملا لنفسه، اما الأول
فلا مانع منه، وتنفسخ مضاربة نفسه على الأقوى، واحتمال بقائها (1) مع ذلك لعدم
المنافاة، كما ترى، ويكون الربح مشتركا بين المالك والعامل الثاني، وليس للأول شئ
الا إذا كان بعد ان عمل عملا وحصل ربح فيستحق حصته من ذلك، وليس له ان
يشترط على العامل الثاني شيئا من الربح بعد ان لم يكن له عمل بعد المضاربة الثانية،
بل لو جعل الحصة للعامل في المضاربة الثانية أقل مما اشترط له في الأولى كأن يكون
في الأولى بالنصف وجعله ثلثا في الثانية لا يستحق تلك الزيادة، بل ترجع إلى المالك
وربما يحتمل جواز اشتراط شئ من الربح أو كون الزيادة له، بدعوى ان هذا المقدار
وهو ايقاع عقد المضاربة ثم جعلها للغير نوع من العمل يكفي في جواز جعل حصة
من الربح له، وفيه انه وكالة لا مضاربة والثاني أيضا لا مانع منه وتكون الحصة
المجعولة له في المضاربة الأولى مشتركة بينه وبين العامل الثاني على حسب قرارهما،
واما الثالث فلا يصح من دون ان يكون له عمل مع العامل الثاني ومعه يرجع إلى
التشريك.
مسألة 32 - إذا ضارب العامل غيره مع عدم الإذن من المالك فان أجاز المالك
ذلك كان الحكم كما في الإذن السابق في الصور المتقدمة، فيلحق كلا حكمه، وان لم
يجر بطلت المضاربة الثانية وحينئذ، فإن كان العامل الثاني عمل وحصل الربح فما قرر
للمالك في المضاربة الأولى فله، واما ما قرر للعامل فهل هو أيضا له، أو للعامل
الأول، أو مشترك بين العاملين؟ وجوه وأقوال، أقواها الأول، لأن المفروض بطلان
المضاربة الثانية فلا يستحق العامل الثاني شيئا، وان العامل الأول لم يعمل حتى يستحق،
فيكون تمام الربح للمالك إذا أجاز تلك المعاملات الواقعة على ماله، ويستحق العامل
الثاني اجرة عمله مع جهله بالبطلان على العامل الأول، لأنه مغرور من قبله، وقيل:

(1) هذا هو الأظهر، وعليه فلكل منهما الاتجار بالمال ويكون الربح مشتركا بين
المالك والعامل.
353

يستحق على المالك (1)، ولا وجه له مع فرض عدم الإذن منه له في العمل، هذا إذا
ضاربه على أن يكون عاملا للمالك، واما إذا ضاربه على أن يكون عاملا له وقصد
العامل في عمله العامل الأول فيمكن ان يقال: ان الربح للعامل الأول، بل هو مختار
المحقق في الشرايع، وذلك بدعوى ان المضاربة الأولى باقية بعد فرض بطلان
الثانية، والمفروض ان العامل قصد العمل للعامل الأول فيكون كأنه هو العامل فيستحق
الربح، وعليه اجرة عمل العامل إذا كان جاهلا بالبطلان، وبطلان المعاملة لا يضر
بالاذن الحاصل منه للعمل له، لكن هذا انما يتم إذا لم يكن المباشرة معتبرة في
المضاربة الأولى، واما مع اعتبارها فلا يتم، ويتعين كون تمام الربح للمالك إذا أجاز
المعاملات وان لم تجز المضاربة الثانية.
مسألة 33 - إذا شرط أحدهما على الآخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا
كأن اشترط المالك على العامل ان يخيط له ثوبا أو يعطيه درهما أو نحو ذلك أو بالعكس
فالظاهر صحته، وكذا إذا اشترط أحدهما على الآخر بيعا أو قرضا أو قراضا أو بضاعة
أو نحو ذلك، ودعوى ان القدر المتيقن ما إذا لم يكن من المالك الا رأس المال، ومن
العامل الا التجارة، مدفوعة بأن ذلك من حيث متعلق العقد، فلا ينافي اشتراط مال أو
عمل خارجي في ضمنه، ويكفى في صحته عموم أدلة الشروط، وعن الشيخ الطوسي
فيما إذا اشترط المالك على العامل بضاعة بطلان الشرط دون العقد في أحد قوليه،
وبطلانهما في قوله الآخر، قال: لأن العامل في القراض لا يعمل عملا بغير جعل ولا قسط
من الربح، وإذا بطل الشرط بطل القراض، لأن قسط العامل يكون مجهولا، ثم
قال: وان قلنا: ان القراض صحيح والشرط جايز لكنه لا يلزم الوفاء به، لأن البضاعة
لا يلزم القيام بها كان قويا، وحاصل كلامه في وجه بطلانهما ان الشرط المفروض مناف
لمقتضى العقد فيكون باطلا، وببطلانه يبطل العقد، لاستلزامه جهالة حصة العامل من
حيث إن للشرط قسطان من الربح، وببطلانه يسقط ذلك القسط، وهو غير معلوم المقدار،

(1) لا بعد فيه أو استوفى نتيجة عمله بإجازة المعاملات الصادرة منه.
354

وفيه منع كونه منافيا لمقتضى العقد فان مقتضاه ليس أزيد من أن يكون عمله في مال القراض
بجزء من الربح، والعمل الخارجي ليس عملا في مال القراض، هذا مع أن ما
ذكره من لزوم جهالة حصة العامل بعد بطلان الشرط ممنوع، إذ ليس الشرط مقابلا
بالعوض في شئ من الموارد، وانما يوجب زيادة العوض فلا ينقص من بطلانه
شئ من الحصة حتى تصير مجهولة، واما ما ذكره في قوله: وان قلنا الخ فلعل غرضه
انه إذا لم يكن الوفاء بالشرط لازما يكون وجوده كعدمه فكأنه لم يشترط، فلا يلزم
الجهالة في الحصة، وفيه انه على فرض ايجابه للجهالة لا يتفاوت الحال بين لزوم
العمل به وعدمه حيث إنه على التقديرين زيد بعض العوض لأجله، وهذا وقد يقرر في
وجه بطلان الشرط المذكوران هذا الشرط لا أثر له أصلا، لأنه ليس بلازم الوفاء،
حيث إنه في العقد الجائز، ولا يلزم من تخلفه اثر التسلط على الفسخ، حيث إنه يجوز
فسخه، ولو مع عدم التخلف، وفيه أولا ما عرفت سابقا من لزوم العمل بالشرط في
ضمن العقود الجايزة ما دامت باقية ولم تفسخ، وإن كان له ان يفسخ حتى يسقط وجوب
العمل به، وثانيا لا نسلم ان تخلفه لا يؤثر في التسلط على الفسخ إذ الفسخ الذي يأتي
من قبل كون العقد جايزا انما يكون بالنسبة إلى الاستمرار، بخلاف الفسخ الآتي من
تخلف الشرط فإنه يوجب فسخ المعاملة من الأصل، فإذا فرضنا ان الفسخ بعد حصول
الربح فإن كان من القسم الأول اقتضى حصوله من حينه، فالعامل يستحق ذلك الربح
بمقدار حصته، وإن كان من القسم الثاني يكون تمام الربح للمالك، ويستحق العامل
أجرة المثل لعمله، وهى قد تكون أزيد من الربح، وقد تكون أقل فيتفاوت الحال
بالفسخ وعدمه إذا كان لأجل تخلف الشرط.
مسألة 34 - يملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره من غير توقف على
الانضاض أو القسمة، لا نقلا ولا كشفا على المشهور، بل الظاهر الاجماع عليه، لأنه
مقتضى اشتراط كون الربح بينهما ولأنه مملوك، وليس للمالك، فيكون للعامل، و
للصحيح: " رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم، قال:
355

يقوم فان زاد درهما واحدا انعتق واستسعى في مال الرجل " إذ لو لم يكن مالكا لحصته
لم ينعتق أبوه، نعم عن الفخر عن والده ان في المسألة أربعة أقوال، ولكن لم يذكر
القائل ولعلها من العامة: أحدها - ما ذكرنا.
الثاني - انه يملك بالانضاض، لأنه قبله ليس موجودا خارجيا، بل هو مقدر
موهوم.
الثالث - انه يملك بالقسمة لأنه لو ملك قبله لاختص بربحه، ولم يكن وقاية
لرأس المال.
الرابع - ان القسمة كاشفة عن الملك سابقا لأنها توجب استقراره، والأقوى
ما ذكرنا لما ذكرنا، ودعوى انه ليس موجودا كما ترى، وكون القيمة امرا وهميا
ممنوع، مع انا نقول: انه يصير شريكا في العين الموجودة بالنسبة، ولذا يصح له مطالبة
القسمة، مع أن المملوك لا يلزم ان يكون موجودا خارجيا، فان الدين مملوك، مع أنه
ليس في الخارج، ومن الغريب اصرار صاحب الجواهر على الاشكال في ملكيته
بدعوى انه حقيقة ما زاد على عين الأصل، وقيمة الشئ امر وهمى لا وجود له لا ذمة
ولا خارجا، فلا يصدق عليه الربح، نعم لا بأس ان يقال: انه بالظهور ملك ان يملك
بمعنى ان له الانضاض فيملك، واغرب منه أنه قال: بل لعل الوجه في خبر عتق
الأب ذلك أيضا، بناءا على الاكتفاء بمثل ذلك في العتق المبنى على السراية، إذ لا
يخفى ما فيه، مع أن لازم ما ذكره كون العين بتمامها ملكا للمالك حتى مقدار الربح
مع أنه ادعى الاتفاق على عدم كون مقدار حصة العامل من الربح للمالك، فلا ينبغي
التأمل في أن الأقوى ما هو المشهور، نعم ان حصل خسر ان أو تلف بعد ظهور الربح
خرج عن ملكية العامل، لا ان يكون كاشفا عن عدم ملكيته من الأول، وعلى ما ذكرنا
يترتب عليه جميع آثار الملكية من جواز المطالبة بالقسمة وان كانت موقوفة على رضا
المالك ومن صحة تصرفاته فيه من البيع والصلح ونحوهما، ومن الإرث (1) وتعلق

(1) الإرث ثابت على الأقوال الأخر أيضا، غايته على القول بعدم الملكية يكون
الموروث حق العامل في المال لا نفسه.
356

الخمس والزكاة وحصول الاستطاعة للحج وتعلق حق الغرماء به، ووجوب صرفه
في الدين مع المطالبة إلى غير ذلك.
مسألة 35 - الربح وقاية لرأس المال فملكية العامل له بالظهور متزلزلة، فلو
عرض بعد ذلك خسران أو تلف يجبر به إلى أن تستقر ملكيته، والاستقرار يحصل بعد
الانضاض والفسخ والقسمة فبعدها إذا تلف شئ لا يحسب من الربح، بل تلف كل
على صاحبه، ولا يكفي في الاستقرار قسمة الربح فقط مع عدم الفسخ، بل ولا قسمة
الكل كذلك (1) ولا بالفسخ مع عدم القسمة (2) فلو حصل خسران أو تلف أو ربح كان
كما سبق، فيكون الربح مشتركا والتلف والخسران عليهما ويتمم رأس المال بالربح،
نعم لو حصل الفسخ ولم يحصل الانضاض ولو بالنسبة إلى البعض وحصلت القسمة
فهل تستقر الملكية أم لا؟ ان قلنا بوجوب الانضاض على العامل فالظاهر عدم الاستقرار،
وان قلنا بعدم وجوبه ففيه وجهان أقواهما الاستقرار، والحاصل ان اللازم أو لا دفع
مقدار رأس المال للمالك ثم يقسم ما زاد عنه بينهما على حسب حصتهما فكل خسارة
وتلف قبل تمام المضاربة يجبر بالربح، وتماميتها بما ذكرنا من الفسخ والقسمة.
مسألة 36 - إذا ظهر الربح ونض تمامه أو بعض منه فطلب أحدهما قسمته، فان
رضى الآخر فلا مانع منها، وان لم يرض المالك لم يجبر عليها (3) لاحتمال الخسران
بعد ذلك، والحاجة إلى جبره به، قيل: وان لم يرض العامل فكذلك أيضا لأنه لو حصل
الخسران وجب عليه رد ما اخذه، ولعله لا يقدر بعد ذلك عليه لفواته في يده وهو ضرر
عليه، وفيه ان هذا لا يعد ضررا، فالأقوى أنه يجبر إذا طلب المالك وكيف كان إذا اقتسماه (4)

(1) الظاهر عدم انفكاك قسمة الكل عن الفسخ.
(2) حيث إن الظاهر أن القسمة خارجة عن عمل المضاربة وتكون كساير ما يميز به
المشتركات، وعدم وجوب الانضاض فالظاهر استقرار الملكية بالفسخ فقط، وبه يخرج
الربح عن كونه وقاية لرأس المال، وأولى منه ما لو انضم اليه الانضاض أو القسمة.
(3) مع عدم الفسخ.
(4) ولم ينفسخ العقد.
357

ثم حصل الخسران فان حصل بعده ربح يجبره فهو والارد العامل أقل الأمرين من مقدار
الخسران وما اخذ من الربح، لأن الأقل إن كان هو الخسران فليس عليه الا جبره و
الزائد له، وإن كان هو الربح فليس عليه الا مقدار ما أخذ، ويظهر من الشهيد أن
قسمة الربح موجبة لاستقراره، وعدم جبره للخسارة الحاصلة بعدها، لكن قسمة مقداره
ليست قسمة له من حيث إنه مشاع في جميع المال، فأخذ مقدار منه ليس أخذا له
فقط، حيث قال على ما نقل عنه: ان المردود أقل الأمرين مما أخذه العامل من رأس
المال لا من الربح فلو كان رأس المال مائة والربح عشرين فاقتسما العشرين فالعشرون
التي هي الربح مشاعة في الجميع نسبتها إلى رأس المال نسبة السدس، فالمأخوذ
سدس الجميع فيكون خمسة أسداسها من رأس المال، وسدسها من الربح، فإذا
اقتسماها استقر ملك العامل على نصيبه من الربح، وهو نصف سدس العشرين،
وذلك درهم وثلثان يبقى معه ثمانية وثلث من رأس المال، فإذا خسر المال الباقي
رد أقل الأمرين من ما خسر ومن ثمانية وثلث، وفيه مضافا إلى أنه خلاف ما هو
المعلوم من وجوب جبر الخسران الحاصل بعد ذلك بالربح السابق ان لم يلحقه
ربح، وان عليه غرامة ما اخذه منه، أنظار اخر، منها ان المأخوذ إذا كان من رأس
المال فوجوب رده لا يتوقف على حصول الخسران بعد ذلك، ومنها انه ليس
مأذونا في اخذ رأس المال فلا وجه للقسمة المفروضة، ومنها ان المفروض أنهما
اقتسما المقدار من الربح بعنوان انه ربح، لا بعنوان كونه منه ومن رأس المال،
ودعوى انه لا يتعين لكونه من الربح بمجرد قصدهما مع فرض اشاعته في تمام المال،
مدفوعة بان المال بعد حصول الربح يصير مشتركا بين المالك والعامل، فمقدار رأس
المال مع حصة من الربح للمالك، ومقدار حصة الربح المشروط للعامل له، فلا وجه
لعدم التعيين بعد تعيينهما مقدار ما لهما في هذا المال، فقسمة الربح في الحقيقة قسمة
لجميع المال ولا مانع منها.
مسألة 37 - إذا باع العامل حصته من الربح بعد ظهوره صح مع تحقق الشرايط
358

من معلومية المقدار وغيره وإذا حصل خسران بعد هذا لا يبطل البيع بل يكون بمنزلة
التلف فيجب عليه جبره بدفع أقل الأمرين من مقدار قيمة ما باعه ومقدار الخسران
مسألة 38 - لا اشكال في أن الخسارة الواردة على مال المضاربة تجبر بالربح
سواء كان سابقا عليها أو لاحقا ما دامت المضاربة باقية ولم يتم علمها، نعم قد عرفت
ما عن الشهيد من عدم جبران الخسارة اللاحقة بالربح السابق إذا اقتسماه، وأن مقدار
الربح من المقسوم تستقر ملكيته، واما التلف فاما ان يكون بعد الدوران في التجارة
أو بعد الشروع فيها أو قبله، ثم اما ان يكون التالف البعض أو الكل، وأيضا اما
ان يكون بآفة من الله سماوية أو أرضية، أو باتلاف المالك أو العامل أو الأجنبي
على وجه الضمان، فإن كان بعد الدوران في التجارة فالظاهر جبره بالربح، ولو كان
لاحقا مطلقا، سواء كان التالف البعض أو الكل، كان التلف بآفة أو باتلاف ضامن
من العامل أو الأجنبي، ودعوى ان مع الضمان كأنه لم يتلف لأنه في ذمة الضامن
كما ترى، نعم لو اخذ العوض يكون من جملة المال، بل الأقوى ذلك إذا كان بعد
الشروع في التجارة، وإن كان التالف الكل كما إذا اشترى في الذمة وتلف
المال قبل دفعه إلى البايع فأداه المالك (1) أو باع العامل المبيع وربح فادى، كما أن
الأقوى في تلف البعض الجبر، وإن كان قبل الشروع أيضا، كما إذا سرق في
أثناء السفر قبل ان يشرع في التجارة، أو في البلد أيضا قبل ان يسافر، واما تلف
الكل قبل الشروع في التجارة فالظاهر أنه موجب لانفساخ العقد إذ لا يبقى معه مال
التجارة حتى يجبر أو لا يجبر، نعم إذا اتلفه أجنبي وادعى عوضه تكون المضاربة
باقية، وكذا إذا اتلفه العامل.
مسألة 39 - العامل امين فلا يضمن الا بالخيانة، كما لو أكل بعض مال المضاربة
أو اشترى شيئا لنفسه فأدى الثمن من ذلك، أو وطئ الجارية المشتراة أو نحو ذلك

(1) في صيرورته جزءا من القراض السابق حتى يجبر تلفه بربحه محل اشكال أو
كما تقدم.
359

أو التفريط بترك الحفظ، أو التعدي بان خالف ما أمره به أو نهاه عنه، كما لو سافر
مع نهيه عنه أو عدم اذنه في السفر، أو اشترى ما نهى عن شرائه، أو ترك شراء
ما امره به فإنه يصير بذلك ضامنا للمال لو تلف ولو بآفة سماوية وان بقيت المضاربة
كما مر، والظاهر ضمانه للخسارة الحاصلة بعد ذلك أيضا، وإذا رجع عن تعديه
أو خيانته فهل يبقى الضمان أو لا وجهان، مقتضى الاستصحاب بقاؤه كما ذكروا
في باب الوديعة انه لو أخرجها الودعي عن الحرز بقي الضمان وان ردها بعد
ذلك اليه، ولكن لا يخلو عن اشكال لأن المفروض بقاء الاذن وارتفاع سبب الضمان
ولو اقتضت المصلحة بيع الجنس في زمان ولم يبع ضمن الوضيعة ان حصلت
بعد ذلك، وهل يضمن بنية الخيانة مع عدم فعلها؟ وجهان (1) من عدم كون مجرد
النية خيانة، ومن صيرورة يده حال النية بمنزلة يد الغاصب، ويمكن الفرق بين
العزم عليها فعلا وبين العزم على أن يخون بعد ذلك.
مسألة 40 - لا يجوز للمالك ان يشترى من العامل شيئا من مال المضاربة لأنه
ماله، نعم إذا ظهر الربح يجوز له ان يشترى حصة العامل منه مع معلومية قدرها،
ولا يبطل بيعه بحصول الخسارة بعد ذلك فإنه بمنزلة التلف، ويجب على العامل رد
قيمتها لجبر الخسارة، كما لو باعها من غير المالك، واما العامل فيجوز ان يشترى
من المالك قبل ظهور الربح بل وبعده، لكن يبطل الشراء بمقدار حصته من المبيع
لأنه ماله، نعم لو اشترى لأنه ماله، نعم لو اشترى منه قبل ظهور الربح بأزيد من قيمته بحيث يكون الربح
حاصلا بهذا الشراء يمكن الاشكال فيه، حيث إن بعض الثمن حينئذ يرجع اليه من
جهة كونه ربحا، فيلزم من نقله إلى البايع عدم نقله من حيث عوده إلى نفسه، ويمكن
دفعه بان كونه ربحا متأخر عن صيرورته للبايع فيصير أولا للبايع الذي هو المالك
من جهة كونه ثمنا وبعد ان تمت المعاملة وصار ملكا للبايع وصدق كونه ربحا
يرجع إلى المشترى الذي هو العامل، على حسب قرار المضاربة، فملكية البايع
متقدمة طبعا، وهذا مثل ما إذا باع العامل مال المضاربة الذي هو مال المالك من

(1) أقواهما العدم.
360

أجنبي بأزيد من قيمته، فان المبيع ينتقل من المالك والثمن يكون مشتركا بينه وبين
العامل، ولا بأس به فإنه من الأول يصير ملكا للمالك، ثم يصير بمقدار حصة العامل
منه له بمقتضى قرار المضاربة، لكن هذا على ما هو المشهور من أن مقتضى المعاوضة
دخول المعوض في ملك من خرج عنه العوض، وأنه لا يعقل غيره، وأما على ما هو
الأقوى من عدم المانع من كون المعوض لشخص، والعوض داخلا في ملك غيره،
وأنه لا ينافي حقيقة المعاوضة فيمكن أن يقال: من الأول يدخل الربح في ملك
العامل بمقتضى قرار المضاربة فلا يكون هذه الصورة مثالا للمقام ونظيرا له.
مسألة 41 - يجوز للعامل الأخذ بالشفعة من المالك في مال المضاربة، ولا يجوز
العكس، مثلا إذا كانت دار مشتركة بين العامل والأجنبي فاشترى العامل حصة الأجنبي
بمال المضاربة يجوز له إذا كان قبل ظهور الربح ان يأخذها بالشفعة، لأن الشراء قبل
حصول الربح يكون للمالك، فللعامل ان يأخذ تلك الحصة بالشفعة منه، وأما إذا
كانت الدار مشتركة بين المالك والأجنبي فاشترى العامل حصة الأجنبي ليس للمالك
الأخذ بالشفعة، لأن الشراء له فليس له ان يأخذ بالشفعة ما هو له.
مسألة 42 - لا اشكال في عدم جواز وطى العامل للجارية التي اشتراها بمال
المضاربة بدون اذن المالك، سواء كان قبل ظهور الربح أو بعده، لأنها مال الغير أو
مشتركة بينه وبين الغير الذي هو المالك فان فعل كان زانيا يحد مع عدم الشبهة كاملا
إن كان قبل حصول الربح وبقدر نصيب المالك إن كان بعده، كما لا اشكال في جواز
وطيها إذا اذن له المالك بعد الشراء، وكان قبل حصول الربح، بل يجوز بعده على
الأقوى من جواز تحليل أحد الشريكين صاحبه وطى الجارية المشتركة بينهما، وهل
يجوز له وطيها بالاذن السابق في حال ايقاع عقد المضاربة أو بعده قبل الشراء أم لا؟
المشهور على عدم الجواز لأن التحليل اما تمليك أو عقد، وكلاهما لا يصلحان قبل
الشراء، والأقوى كما عن الشيخ في النهاية الجواز لمنع كونه أحد الأمرين، بل هو
إباحة، ولا مانع من انشائها قبل الشراء إذا لم يرجع عن اذنه بعد ذلك، كما إذا قال
361

اشتر بمالي طعاما ثم كل منه، هذا مضافا إلى خبر الكاهلي عن أبي الحسن عليه السلام قلت
" رجل سألني ان أسألك ان رجلا عاطاه مالا مضاربة يشترى ما يرى من شئ، وقال له
اشتر جارية تكون معك، والجارية انما هي لصاحب المال إن كان فيها وضيعة فعليه
وإن كان ربح فله، فللمضارب ان يطأها؟ قال عليه السلام: نعم " ولا يضر ظهورها في كون
الشراء من غير مال المضاربة من حيث جعل ربحها للمالك، لأن الظاهر عدم الفرق
بين المضاربة وغيرها في تأثير الإذن السابق وعدمه، وأما وطئ المالك لتلك الجارية
فلا بأس به قبل حصول الربح، بل مع الشك فيه لأصالة عدمه، وأما بعده فيتوقف
على اذن العامل فيجوز معه على الأقوى من جواز اذن أحد الشريكين صاحبه.
مسألة 43 - لو كان المالك في المضاربة امرأة فاشترى العامل زوجها فإن كان
باذنها فلا اشكال في صحته، وبطلان نكاحها ولا ضمان عليه، وان استلزم ذلك الضرر
عليها سقوط مهرها ونفقتها، والا ففي المسألة أقوال: البطلان مطلقا للاستلزام
المذكور، فيكون خلاف مصلحتها، والصحة كذلك، لأنه من أعمال المضاربة
المأذون فيها في ضمن العقد، كما إذا اشترى غير زوجها، والصحة إذا أجازت بعد
ذلك، وهذا هو الأقوى، إذ لا فرق بين الإذن السابق والإجازة اللاحقة، فلا وجه للقول
الأول، مع أن قائله غير معلوم، ولعله من يقول بعدم صحة الفضولي الا فيما ورد
دليل خاص، مع أن الاستلزام المذكور ممنوع لأنها لا يستحق النفقة الا تدريجا،
فليست هي مالا لها قوته عليها والا لزم غرامتها على من قتل الزوج، وأما المهر فإن كان
ذلك بعد الدخول فلا سقوط، وإن كان قبله فيمكن ان يدعى عدم سقوطه أيضا
بمطلق المبطل، وأنما يسقط بالطلاق فقط، مع أن المهر كان لسيدها (1) لالها، وكذا
لا وجه للقول الثاني بعد أن كان الشراء المذكور على خلاف مصلحتها، لا من حيث
استلزام الضرر المذكور، بل لأنها تريد زوجها لأغراض أخر، والاذن الذي تضمنه
العقد منصرف عن مثل هذا، ومما ذكرنا ظهر حال ما إذا اشترى العامل زوجة المالك

(1) الظاهر العبارة غلط فان مفروض المسألة رقية الزوج دون المرأة.
362

فإنه صحيح مع الإذن السابق أو الإجازة اللاحقة، ولا يكفيه الاذن الضمني في العقد
للانصراف.
مسألة 44 - إذا اشترى العامل من ينعتق على المالك فاما أن يكون باذنه أو لا
فعلى الأول ولم يكن فيه ربح صح وانعتق عليه وبطلت المضاربة بالنسبة اليه، لأنه
خلاف وضعها، أو خارج عن عنوانها حيث إنها مبنية على طلب الربح المفروض عدمه
بل كونه خسارة محضة، فيكون صحة الشراء من حيث الاذن من المالك، لا من
حيث المضاربة، وحينئذ فان بقي من مالها غيره بقيت بالنسبة اليه والا بطلت من
الأصل، وللعامل اجرة عمله إذا لم يقصد التبرع، وإن كان فيه ربح فلا اشكال في صحته
لكن في كونه قراضا فيملك العامل بمقدار حصته من العبد، أو يستحق عوضه على
المالك للسراية، أو بطلانه مضاربة واستحق العامل أجرة المثل لعمله، كما إذا
لم يكن ربح أقوال، لا يبعد ترجيح الأخير، لا لكونه خلاف وضع المضاربة، للفرق
بينه وبين صورة عدم الربح، بل لأنه فرع ملكية المالك المفروض عدمها، ودعوى
أنه لابد أن يقال: أنه يملكه آنا ما ثم ينعتق أو بقدر ملكيته حفظا لحقيقة البيع على
القولين في تلك المسألة، وأي منهما كان يكفي في ملكية الربح، مدفوعة بمعارضتها
بالانعتاق الذي هو أيضا متفرع على ملكية المالك، فان لها اثرين في عرض واحد:
ملكية العامل للربح، والانعتاق، ومقتضى بناء العتق على التغليب تقديم الثاني، وعليه
فلم يحصل للعامل ملكية نفس العبد، ولم يفوت المالك عليه أيضا شيئا، بل فعل
ما يمنع عن ملكيته، مع أنه يمكن ان يقال: ان التفويت من الشارع لا منه، لكن
الانصاف ان المسألة مشكلة بناءا على لزوم تقدم ملكية المالك وصيرورته للعامل بعده
إذ تقدم الانعتاق على ملكية العامل عند المعارضة في محل المنع، نعم لو قلنا: ان
العامل يملك الربح أولا بلا توسط ملكية المالك بالجعل الأولى حين العقد وعدم
منافاته لحقيقة المعاوضة لكون العوض من مال المالك والمعوض مشتركا بينه وبين
العامل كما هو الأقوى لا يبقى اشكال، فيمكن ان يقال بصحته مضاربة، وملكية العامل
363

حصته من نفس العبد على القول بعدم السراية، وملكيته عوضها ان قلنا بها، وعلى
الثاني أي إذا كان من غير اذن المالك فان أجاز فكما في صورة الاذن وان لم يجز بطل
الشراء، ودعوى البطلان ولو مع الإجازة لأنه تصرف منهى عنه كما ترى، إذ النهى
ليس عن المعاملة بما هي، بل لأمر خارج فلا مانع من صحتها مع الإجازة، ولا فرق
في البطلان مع عدمها بين كون العامل عالما بأنه ممن ينعتق على المالك حين الشراء
أو جاهلا، والقول بالصحة مع الجهل لأن بناء معاملات العامل على الظاهر فهو كما
إذا اشترى المعيب جهلا بالحال ضعيف، والفرق بين المقامين واضح، ثم لا فرق
في البطلان بين كون الشراء بعين مال المضاربة أو في الذمة بقصد الأداء منه، وان لم
يذكره لفظا، نعم لو تنازع هو والبايع في كونه لنفسه أو للمضاربة قدم قول البايع
ويلزم العامل به ظاهرا وان وجب عليه التخلص منه، ولو لم يذكر المالك لفظا ولا
قصدا كان له ظاهرا وواقعا.
مسألة 45 - إذا اشترى العامل أباه أو غيره ممن ينعتق عليه، فإن كان قبل ظهور
الربح ولا ربح فيه أيضا صح الشراء، وكان من مال القراض، وإن كان بعد ظهوره
أو كان فيه ربح فمقتضى القاعدة وإن كان بطلانه لكونه خلاف وضع المضاربة فإنها
موضوعة كما مر للاسترباح بالتقليب في التجارة، والشراء المفروض من حيث استلزامه
للانعتاق ليس كذلك، الا ان المشهور بل ادعى عليه الاجماع صحته، وهو الأقوى
في صورة الجهل بكونه ممن ينعتق عليه، فينعتق مقدار حصته من الربح منه، ويسرى
في البقية، وعليه عوضها للمالك مع يساره، ويستسعى العبد فيه مع اعساره لصحيحة
ابن أبي عمير عن محمد بن قيس عن الصادق عليه السلام " في رجل دفع إلى رجل ألف
درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم قال عليه السلام: يقوم فان زاد درهما واحد انعتق و
استسعى في مال الرجل " وهى مختصة بصورة الجهل المنزل عليها اطلاق كلمات
العلماء أيضا، واختصاصها بشراء الأب، لا يضر بعد كون المناط كونه ممن ينعتق عليه، كما أن
اختصاصها بما إذا كان فيه ربح، لا يضر أيضا، بعد عدم الفرق بينه وبين الربح السابق
364

واطلاقها من حيث اليسار والاعسار في الاستسعاء أيضا منزل على الثاني، جمعا بين
الأدلة، هذا ولو لم يكن ربح سابق ولا كان فيه أيضا لكن تجدد بعد ذلك قبل أن
يباع فالظاهر أن حكمه أيضا الانعتاق والسراية بمقتضى القاعدة، مع امكان دعوى
شمول اطلاق الصحيحة أيضا للربح المتجدد فيه، فيلحق به الربح الحاصل من
غيره لعدم الفرق.
مسألة 46 - قد عرفت ان المضاربة من العقود الجايرة وانه يجوز لكل منهما
الفسخ إذا لم يشترط لزومها (1) في ضمن عقد لازم، بل أو في ضمن عقدها أيضا (2)
ثم قد يحصل الفسخ من أحدهما وقد يحصل البطلان والانفساخ لموت أو جنون أو
تلف مال التجارة بتمامها، أو لعدم امكان التجارة لمانع أو نحو ذلك فلا بد من التكلم
في حكمها من حيث استحقاق العامل للأجرة وعدمه، ومن حيث وجوب الانضاض
عليه وعدمه، إذا كان بالمال عروض، ومن حيث وجوب الجباية عليه وعدمه إذا كان
به ديون على الناس، ومن حيث وجوب الرد إلى المالك وعدمه وكون الأجرة عليه
أولا، فنقول: اما أن يكون الفسخ من المالك أو العامل، وأيضا اما ان يكون قبل
الشروع في التجارة أو في مقدماتها، أو بعده قبل ظهور الربح، أو بعده في الأثناء
أو بعد تمام التجارة بعد انضاض الجميع أو البعض، أو قبله، قبل القسمة أو بعدها
وبيان أحكامها في طي مسائل:
الأولى - إذا كان الفسخ أو الانفساخ ولم يشرع في العمل ولا في مقدماته، فلا
اشكال، ولا شئ له ولا عليه، وإن كان بعد تمام العمل والانضاض فكذلك إذ مع
حصول الربح يقتسمانه، ومع عدمه لا شئ للعامل ولا عليه ان حصلت خسارة، الا
ان يشترط المالك كونها بينهما على الأقوى من صحة هذا الشرط (3) أو يشترط

(1) مر انه لا يجوز شرط لزومها بنحو شرط النتيجة.
(2) تقدم انه لا يجوز شرط اللزوم في ضمن عقدها، ولو بنحو شرط الفعل اي عدم الفسخ.
(3) تقدم ان الأظهر صحة شرط تدارك العامل الخسارة من كيسه، وعدم صحة شرط
كون الخسارة أو بعضها عليه.
365

العامل على المالك شيئا ان لم يحصل ربح، وربما يظهر من اطلاق بعضهم ثبوت
أجرة المثل مع عدم الربح، ولا وجه له أصلا، لأن بناء المضاربة على عدم استحقاق
العامل لشئ سوى الربح على فرض حصوله كما في الجعالة.
الثانية - إذا كان الفسخ من العامل في الأثناء قبل حصول الربح فلا اجرة له
لما مضى من عمله، واحتمال استحقاقه لقاعدة الاحترام لا وجه له أصلا، وإن كان
من المالك أو حصل الانفساخ القهري ففيه قولان، أقواهما العدم أيضا بعد كونه هو
المقدم على المعاملة الجائزة التي مقتضاها عدم استحقاق شئ الا الربح، ولا ينفعه
بعد ذلك كون اقدامه من حيث البناء على الاستمرار.
الثالثة - لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك وصرف جملة من
رأس المال في نفقته فهل للمالك تضمينه مطلقا، أو إذا كان لا لعذر منه وجهان،
أقواهما العدم (1) لما ذكر من جواز المعاملة وجواز الفسخ في كل وقت، فالمالك
هو المقدم على ضرر نفسه.
الرابعة - لو حصل الفسخ أو الانفساخ قبل حصول الربح وبالمال عروض
لا يجوز للعامل التصرف فيه بدون اذن المالك ببيع ونحوه، وان احتمل تحقق الربح
بهذا البيع، بل وان وجد زبون يمكن ان يزيد في الثمن فيحصل الربح، نعم لو كان
هناك زبون بان على الشراء بأزيد من قيمته لا يبعد جواز اجبار المالك على بيعه منه
لأنه في قوة وجود الربح فعلا، ولكنه مشكل مع ذلك، لأن المناط كون الشئ في
حد نفسه زائد القيمة، والمفروض عدمه، وهل يجب عليه البيع والانضاض إذا طلبه
المالك أولا؟ قولان أقواهما عدمه، ودعوى أن مقتضى قوله عليه السلام: " على اليد ما أخذت
حتى تؤدى " وجوب رد المال إلى المالك كما كان، كما ترى.
الخامسة - إذا حصل الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح قبل تمام العمل
أو بعده وبالمال عروض فان رضيا بالقسمة كذلك فلا اشكال، وان طلب العامل

(1) إذا كان السفر لا لعذر يشكل الحكم بالعدم والاحتياط لا يترك.
366

بيعها فالظاهر عدم وجوب اجابته وان احتمل ربح فيه خصوصا إذا كان هو الفاسخ،
وان طلبه المالك ففي وجوب اجابته وعدمه وجوه ثالثها التفصيل بين صورة كون
مقدار رأس المال نقدا فلا يجب، وبين عدمه فيجب، لأن اللازم تسليم مقدار رأس
المال كما كان عملا بقوله عليه السلام: " على اليد " والأقوى عدم الوجوب مطلقا وإن كان
استقرار ملكية العامل للربح موقوفا على الانضاض، ولعله يحصل الخسارة بالبيع
إذ لا منافاة، فنقول: لا يجب عليه الانضاض بعد الفسخ لعدم الدليل عليه لكن لو حصلت
الخسارة بعده قبل القسمة بل أو بعدها يجب جبرها بالربح (1) حتى أنه لو أخذه
يسترد منه.
السادسة - لو كان في المال ديون على الناس، فهل يجب على العامل أخذها
وجبايتها بعد الفسخ أو الانفساخ، أم لا؟ وجهان أقواهما العدم (2) من غير فرق بين
ان يكون الفسخ من العامل أو المالك.
السابعة - إذا مات المالك أو العامل قام وارثه مقامه فيما مر من الأحكام.
الثامنة - لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية
بين المالك وماله، فلا يجب عليه الايصال اليه، نعم لو أرسله إلى بلد آخر غير بلد
المالك ولو كان باذنه يمكن دعوى وجوب الرد إلى بلده لكنه مع ذلك مشكل،
وقوله عليه السلام: " على اليد ما أخذت " أيضا لا يدل على أزيد من التخلية، وإذا احتاج
الرد اليه إلى الأجرة فالأجرة على المالك، كما في سائر الأموال، نعم لو سافر به بدون
اذن المالك إلى بلد آخر وحصل الفسخ فيه يكون حاله حال الغاصب في وجوب الرد
والأجرة، وإن كان ذلك منه للجهل بالحكم الشرعي من عدم جواز السفر بدون اذنه.
مسألة 47 - قد عرفت أن الربح وقاية لرأس المال من غير فرق بين ان يكون

(1) بناءا على ما عرفت من تمامية المضاربة بالفسخ، وعدم وجوب الانضاض لا وجه
لتوقف استقرار الملك عليه، وجبر الخسارة بعد الفسخ قبل القسمة أو بعدها بالربح.
(2) إذا كان الدين بإذن المالك.
367

سابقا على التلف أو الخسران أو لاحقا، فالخسارة السابقة تجبر بالربح اللاحق
وبالعكس، ثم لا يلزم أن يكون الربح حاصلا من مجموع رأس المال، وكذا لا يلزم
أن تكون الخسارة واردة على المجموع، فلو اتجر بجميع رأس المال فخسر ثم
اتجر ببعض الباقي فربح يجبر الخسران بهذا الربح، وكذا إذا اتجر بالبعض
فخسر ثم اتجر بالبعض الآخر أو بجميع الباقي فربح، ولا يلزم في الربح أو الخسران
أن يكون مع بقاء المضاربة حال حصولها، فالربح مطلقا جابر للخسارة والتلف مطلقا
ما دام لم يتم عمل المضاربة، ثم إنه يجوز للمالك ان يسترد بعض مال المضاربة في
الأثناء، ولكن تبطل بالنسبة اليه، وتبقى بالنسبة إلى البقية، وتكون رأس المال،
وحينئذ فإذا فرضنا انه اخذ بعد ما حصل الخسران أو التلف بالنسبة إلى رأس المال
مقدارا من البقية ثم اتجر العامل بالبقية أو ببعضها فحصل ربح يكون ذلك الربح
جابرا للخسران (1) أو التلف السابق بتمامه، مثلا إذا كان رأس المال مائة فتلف منها
عشرة أو خسر عشرة وبقى تسعون، ثم اخذ المالك من التسعين عشرة، وبقيت ثمانون
فرأس المال تسعون وإذا اتجر بالثمانين فصار تسعين، فهذه العشرة الحاصلة ربحا
تجبر تلك العشرة، ولا يبقى للعامل شئ، وكذا إذا اخذ المالك بعد ما حصل الربح
مقدارا (2) من المال سواء كان بعنوان استرداد بعض رأس المال أو هو مع الربح
أو من غير قصد إلى أحد الوجهين ثم اتجر العامل بالباقي أو ببعضه فحصل خسران
أو تلف يجبر بالربح السابق بتمامه، حتى المقدار الشايع منه في الذي اخذه المالك
ولا يختص الجير بما عداه حتى يكون مقدار حصة العامل منه باقيا له، مثلا إذا كان
رأس المال مائة فربح عشرة ثم اخذ المالك عشرة ثم اتجر العامل بالبقية فخسر عشرة
أو تلف منه عشرة يجب جبره بالربح السابق حتى المقدار الشايع منه في العشرة

(1) بعد تسليم انفساخ المضاربة بالنسبة إلى ما اخذه المالك وتماميتها بالإضافة
اليه لا وجه لاتجبار سهم المأخوذ من الخسران بربح البقية فيما بعد.
(2) بعد تمامية عمل المضاربة بالنسبة إلى المقدار المأخوذ كما هي الأظهر لا وجه
لجبر خسران الباقي بربحة، وبما ذكرناه ظهر الحال في بقية المسألة.
368

المأخوذة، فلا يبقى للعامل من الربح السابق شئ، وعلى ما ذكرنا فلا وجه لما ذكره
المحقق وتبعه من أن الربح اللاحق لا يجبر مقدار الخسران الذي ورد على العشرة
المأخوذة لبطلان المضاربة بالنسبة إليها، فمقدار الخسران الشايع فيها لا ينجبر بهذا
الربح، فرأس المال الباقي بعد خسران العشرة في المثال المذكور لا يكون تسعين
بل أقل منه بمقدار حصة خسارة العشرة المأخوذة وهو واحد وتسع، فيكون رأس
المال الباقي تسعين الا واحد وتسع، وهى تسعة وثمانون الا تسع، وكذا لا وجه
لما ذكره بعضهم في الفرض الثاني ان مقدار الربح الشايع في العشرة التي اخذها
المالك لا يجبر الخسران اللاحق، وان حصة العامل منه يبقى له ويجب على المالك
رده اليه، فاللازم في المثال المفروض عدم بقاء ربح للعامل بعد حصول الخسران
المذكور، بل قد عرفت سابقا انه لو حصل ربح واقتسماه في الأثناء وأخذ كل
حصته منه ثم حصل خسران انه يسترد من العامل مقدار ما اخذ، بل ولو كان الخسران
بعد الفسخ قبل القسمة، بل أو بعدها إذا اقتسما العروض وقلنا بوجوب الانضاض (1)
على العامل وانه من تتمات المضاربة.
مسألة 48 - إذا كانت المضاربة فاسدة فاما ان يكون مع جهلهما بالفساد. أو مع
علمهما، أو علم أحدهما دون الآخر، فعلى التقادير الربح بتمامه للمالك لاذنه في
التجارات، وان كانت مضاربته باطلة، نعم لو كان الاذن مقيدا بالمضاربة توقف ذلك
على اجازته، والا فالمعاملات الواقعة باطلة، وعلى عدم التقييد أو الإجازة يستحق
العامل مع جهلهما لأجرة عمله، وهل يضمن عوض ما أنفقه في السفر على نفسه
لتبيين عدم استحقاقه النفقة أولا لأن المالك سلطه على الانفاق مجانا وجهان،
أقواهما الأول (2) ولا يضمن التلف والنقص، وكذا الحال إذا كان المالك عالما دون
العامل، فإنه يستحق الأجرة، ولا يضمن التلف والنقص، وان كانا عالمين أو كان

(1) قد مر عدم وجوبه في هذا الفرض.
(2) بل أقواهما الثاني مع اذن المالك في الانفاق مجانا.
369

العامل عالما دون المالك فلا اجرة له (1) لاقدامه على العمل مع علمه بعدم صحة
المعاملة، وربما يحتمل في صورة علمهما انه يستحق حصته من الربح من باب الجعالة
وفيه ان المفروض عدم قصدها، كما أنه ربما يحتمل استحقاقه أجرة المثل إذا اعتقد
انه يستحقها مع الفساد، وله وجه وإن كان الأقوى خلافه، هذا كله إذا حصل ربح
ولو قليلا، وأما مع عدم حصوله فاستحقاق العامل الأجرة ولو مع الجهل مشكل (2)
لاقدامه على عدم العوض لعمله مع عدم حصول الربح، وعلى هذا ففي صورة
حصوله أيضا يستحق أقل الأمرين (3) من مقدار الربح وأجرة المثل، لكن الأقوى
خلافه، لأن رضاه بذلك كان مقيدا بالمضاربة، ومراعاة الاحتياط في هذا وبعض الصور
المتقدمة أولى.
مسألة 49 - إذا ادعى على أحد انه أعطاه كذا مقدارا مضاربة وأنكر ولم يكن
للمدعى بينة فالقول قول المنكر مع اليمين.
مسألة 50 - إذا تنازع المالك والعامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل
قدم قول العامل بيمينه مع عدم البينة، من غير فرق بين كون المال موجودا أو تالفا مع
ضمان العامل لأصالة عدم اعطائه أزيد مما يقوله وأصالة براءة ذمته إذا كان تالفا بالأزيد
هذا إذا لم يرجع نزاعهما إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من الربح، كما إذا كان
نزاعهما بعد حصول الربح وعلم أن الذي بيده هو مال المضاربة، إذ حينئذ النزاع
في قلة رأس المال وكثرته يرجع إلى النزاع في مقدار النصيب العامل من هذا المال
الموجود، إذ على تقدير قلة رأس المال يصير مقدار الربح منه أكثر، فيكون نصيب
العامل أزيد، وعلى تقدير كثرته بالعكس، ومقتضى الأصل كون جميع هذا المال (4)

(1) العلم بعدم الحصة لا يستلزم تبرعه بالعمل فله أجرة المثل.
(2) بل ممنوع.
(3) بل يستحق أجرة المثل.
(4) هذا على القول بان حصة العامل تنتقل أولا إلى المالك ومنه إلى العامل - واما
على القول الآخر الذي قويناه، وهو الانتقال أولا إلى العامل فمحل تأمل واشكال.
370

للمالك الا بمقدار ما أقربه للعامل، وعلى هذا أيضا لا فرق بين كون المال باقيا
أو تالفا بضمان العامل، إذ بعد الحكم بكونه للمالك الا كذا مقدار منه فإذا تلف مع
ضمانه لابد ان يغرم المقدار الذي للمالك.
مسألة 51 - لو ادعى المالك على العامل انه خان أو فرط في الحفظ فتلف،
أو شرط عليه ان لا يشترى الجنس الفلاني، أولا يبيع من زيد أو نحو ذلك فالقول
قول العامل في عدم الخيانة والتفريط، وعدم شرط المالك عليه (1) الشرط الكذائي
والمفروض ان مع عدم الشرط يكون مختارا في الشراء وفى البيع من اي شخص
أراد، نعم لو فعل العامل ما لا يجوز له الا باذن من المالك كما لو سافر أو باع بالنسيئة
وادعى الاذن من المالك فالقول قول المالك في عدم الإذن، والحاصل ان العامل
لو ادعى الاذن فيما لا يجوز الا بالاذن قدم فيه قول المالك المنكر، ولو ادعى المالك
المنع فيما يجوز الا مع المنع قدم قول العامل المنكر له.
مسألة 52 - لو ادعى العامل التلف وانكر المالك قدم قول العامل، لأنه أمين،
سواء كان بأمر ظاهر أو خفى، وكذا لو ادعى الخسارة أو ادعى عدم الربح أو ادعى عدم
حصول المطالبات في النسيئة مع فرض كونه مأذونا في البيع بالدين، ولا فرق في
سماع قوله بين ان يكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده، نعم لو ادعى بعد الفسخ
التلف بعده ففي سماع قوله لبقاء حكم أمانته، وعدمه لخروجه بعده عن كونه أمينا
وجهان (2) ولو أقر بحصول الربح ثم بعد ذلك ادعى التلف أو الخسارة وقال:
انى اشتبهت في حصوله. لم يسمع منه، لأنه رجوع عن اقراره الأول ولكن لو قال:
ربحت. ثم تلف، أو ثم حصلت الخسارة قبل منه.
مسألة 53 - إذا اختلفا في مقدار حصة العامل وأنه نصف الربح مثلا أو ثلثه قدم
قول المالك.

(1) في دعوى الشرط المزبور القول قول المالك.
(2) أظهرهما الأول إذا كان وضع يده على العين فعلا بنحو مشروع.
371

مسألة 54 - إذا ادعى المالك انى ضاربتك على كذا مقدار وأعطيتك فأنكر
أصل المضاربة، أو انكر تسليم المال اليه فأقام المالك بينة على ذلك فادعى العامل
تلفه لم يسمع منه (1) واخذ باقراره المستفاد من انكاره الأصل، نعم لو أجاب المالك
بأني لست مشغول الذمة لك بشئ، ثم بعد الاثبات ادعى التلف قبل منه لعدم المنافاة
بين الانكار من الأول وبين دعوى التلف.
مسألة 55 - إذا اختلفا في صحة المضاربة الواقعة بينهما وبطلانها قدم قول
مدعى الصحة.
مسألة 56 - إذا ادعى أحدهما الفسخ في الأثناء وأنكر الآخر قدم قول المنكر،
وكل من يقدم قوله في المسائل المذكورة لابد له من اليمين.
مسألة 57 - إذا ادعى العامل الرد وأنكره المالك قدم قول المالك (2).
مسألة 58 - لو ادعى العامل في جنس اشتراه لنفسه وادعى المالك
انه اشتراه للمضاربة قدم قول العامل، وكذا لو ادعى انه اشتراه للمضاربة وادعى
المالك انه اشتراه لنفسه، لأنه اعرف بنيته، ولأنه أمين فيقبل قوله، والظاهر أن الأمر
كذلك (3)، لو علم أنه أدى الثمن من مال المضاربة، بأن ادعى انه اشتراه في الذمة
لنفسه، ثم أدى الثمن من مال المضاربة ولو كان عاصيا في ذلك.
مسألة 59 - لو ادعى المالك انه أعطاه المال مضاربة وادعى القابض أنه أعطاه

(1) اي لا يسمع منه بيمينه لان لازم دعوى التلف كون انكاره لأصل المضاربة اقرارا
بالكذب، فتكون دعوى التلف اقرارا بالخيانة فعليه البينة في دعواه المخالفة للأصل، ولو
أقام البينة عليه طالبه المالك بالبدل.
(2) يشكل ذلك فيما لم يثبت التأخير في الأداء على وجه يوجب خروجه عن كونه
أمينا فان عدم قبول دعوى الرد اتهام للمؤتمن، وقد ورد: لا تتهم من ائتمنته - والصلح
أحوط.
(3) فيه تأمل واشكال.
372

قرضا يتحالفان (1) فان حلفا أو نكلا للقابض أكثر الأمرين (2) من أجرة المثل والحصة
من الربح، الا إذا كانت الأجرة زائدة عن تمام الربح فليس له أخذها، لاعترافه بعدم
استحقاق أزيد من الربح.
مسألة 60 - إذا حصل تلف أو خسران فادعى المالك انه أقرضه وادعى العامل
انه ضاربه قدم قول المالك (3) مع اليمين.
مسألة 61 - لو ادعى المالك الابضاع والعامل المضاربة يتحالفان (4) ومع
الحلف أو النكول منهما يستحق العامل أقل الأمرين من الأجرة والحصة من الربح،
ولو لم يحصل ربح فادعى المالك المضاربة لدفع الأجرة، وادعى العامل الابضاع
استحق العامل بعد التحالف (5) أجرة المثل لعمله.
مسألة 62 - إذا علم مقدار رأس المال ومقدار حصة العامل واختلفا في مقدار
الربح الحاصل، فالقول قول العامل، كما أنهما لو اختلفا في حصوله وعدمه كان القول
قوله، ولو علم مقدار المال الموجود فعلا بيد العامل واختلفا في مقدار نصيب العامل
منه، فإن كان من جهة الاختلاف في الحصة أنها نصف أو ثلث، فالقول قول المالك

(1) بما ان عقد المضاربة يتم بالفسخ، ولا يلزم شيئا على العامل، ويكون دعوى المالك
غير ملزمة، فلا يكون المالك مدعيا بل ينكر ما يدعيه العامل من استحقاق تمام الربح فيقدم قوله
(2) لا وجه لملاحظة أجرة المثل بعد اتفاقهما على عدم استحقاقها.
(3) بل قدم قول العامل لأصالة عدم الاقراض بعد كون دعوى القراض غير ملزمة
وأصالة الضمان في الأموال التالفة عند غير مالكها، لا مدرك لها سوى، على اليد، المعلوم عدم
شموله للمقام كان ذلك قرضا أو قراضا كما لا يخفى.
(4) إذا كانت الأجرة أقل من الحصة يقدم قول المالك لاتفاقهما على استحقاق مقدار
الأجرة والعامل يدعى الزايد والمالك ينكره - ولو كانت الحصة أقل لا وجه لحلف العامل
لاعترافه عدم استحقاق الزايد، بل يدخل المقام فيما لو تعارض اقرار بانكار المقر له، والمسألة
ذات أقوال ووجوه.
(5) لا وجه للتحالف بل يحلف المالك على عدم الابضاع وعدم استحقاق العامل
الأجرة ويحكم بعدم استحقاق العامل عليه شيئا.
373

قطعا، وإن كان من جهة الاختلاف في مقدار رأس المال فالقول قوله أيضا (1)، لأن
المفروض ان تمام هذا الموجود من مال المضاربة أصلا وربحا، ومقتضى الأصل
كونه بتمامه للمالك الا ما علم جعله للعامل، وأصالة عدم دفع أزيد من مقدار كذا
إلى العامل لا تثبت كونه البقية ربحا، مع أنها معارضة بأصالة عدم حصول الربح أزيد
من مقدار كذا، فيبقى كون الربح تابعا للأصل الا ما خرج.
مسائل:
الأولى - إذا كان عنده مال المضاربة فمات فان علم بعينه فلا اشكال، والا فان علم
بوجوده في التركة الموجودة من غير تعيين فكذلك، ويكون المالك شريكا مع الورثة
بالنسبة (2) ويقدم على الغرماء إن كان الميت مديونا لوجود عين ماله في التركة، وان
علم بعدم وجوده في تركته ولا في يده ولم يعلم أنه تلف بتفريط أو بغيره أورده على
المالك فالظاهر عدم ضمانه، وكون جميع تركته للورثة، وإن كان لا يخلو عن اشكال
بمقتضى بعض الوجوه الآتية، واما إذا علم ببقائه في يده إلى ما بعد الموت ولم يعلم أنه
موجود في تركته الموجودة أو لا بأن كان مدفونا في مكان غير معلوم، أو عند شخص
آخر أمانة أو نحو ذلك، أو علم بعدم وجوده في تركته مع العلم ببقائه في يده بحيث
لو كان حيا أمكنه الايصال إلى المالك، أو شك في بقائه في يده وعدمه أيضا ففي ضمانه
في هذه الصور الثلاث وعدمه خلاف واشكال على اختلاف مراتبه، وكلمات العلماء
في المقام وأمثاله كالرهن والوديعة ونحوهما مختلفة، والأقوى الضمان (3) في
الصورتين الأوليين لعموم قوله عليه السلام: " على اليد ما اخذت حتى تؤدى " حيث إن الأظهر

(1) قد مر التأمل فيه في المسألة الخمسين.
(2) في ثبوت الشركة مع الاشتباه وعدم تمييز المال خصوصا مع اختلاف الأجناس
كلام سيأتي في احكام الشركة.
(3) بل الأظهر عدم الضمان في الصورة الثانية الا مع ثبوت التفريط، ولو من جهة
ترك الوصية به - ووجوب التخلص في الصورة الأولى، واما التمسك بعموم الحديث لا ثبات
الضمان فيهما، فهو مخدوش من وجوه.
374

شموله للأمانات أيضا، ودعوى خروجها لأن المفروض عدم الضمان فيها مدفوعة،
بأن غاية ما يكون خروج بعض الصور منها، كما إذا تلفت بلا تفريط أو ادعى تلفها
كذلك إذا حلف، واما صورة التفريط والاتلاف ودعوى الرد في غير الوديعة ودعوى
التلف والنكول عن الحلف فهي باقية تحت العموم، ودعوى ان الضمان في صورة
التفريط والتعدي من جهة الخروج عن كونها أمانة أو من جهة الدليل الخارجي كما
ترى لا داعى إليها، ويمكن أن يتمسك بعموم ما دل على وجوب رد الأمانة، بدعوى
ان الرد أعم (1) من رد العين ورد البدل، واختصاصه بالأول ممنوع، الا ترى انه
يفهم من قوله عليه السلام: " المغصوب مردود " وجوب عوضه عند تلفه، هذا مضافا إلى
خبر السكوني عن علي عليه السلام: " انه كان يقول: من يموت وعنده مال مضاربة قال: ان
سماه بعينه قبل موته فقال: هذا لفلان فهو له، وان مات ولم يذكر فهو أسوة الغرماء ".
وأما الصورة الثالثة فالضمان فيها أيضا لا يخلو عن قوة (2) لأن الأصل بقاء يده عليه
إلى ما بعد الموت، واشتغال ذمته بالرد عند المطالبة، وإذا لم يمكنه ذلك لموته
يؤخذ من تركته بقيمته، ودعوى أن الأصل المذكور معارض بأصالة براءة ذمته من
العوض والمرجع بعد التعارض قاعدة اليد المقتضية لملكيته، مدفوعة بأن الأصل
الأول حاكم على الثاني، هذا مع أنه يمكن الخدشة في قاعدة اليد (3) بأنها مقتضية
للملكية إذا كانت مختصة، وفى المقام كانت مشتركة والأصل بقاؤها على الاشتراك،

(1) فيه أولا ان وجوب الرد تكليفي وموضوعه الأمانة، وثانيا انه بعد ثبوت عدم
الضمان مع عدم التفريط التمسك به تمسك بالعام في الشبهة المصداقية وهو لا يجوز، وبذلك
يظهر عدم جواز التمسك بخبر السكوني - مع أن مورده العلم بوجود مال المضاربة في التركة.
(2) لا قوة فيه - فان استصحاب بقاء يده عليه لا يثبت الضمان المترتب على ذلك
مع التفريط، واستصحاب اشتغال ذمته بالرد عند المطالبة لا يجرى لكونه من الاستصحاب
التعليقي، مضافا إلى أن المتيقن حكم تكليفي والمشكوك فيه الحكم الوضعي، مع أنه لا يترتب
عليه وجوب رد البدل فالأظهر عدم الضمان لأصالة البراءة والأحوط وجوب التخلص.
(3) وهى ضعيفة فان اليد حجة في اثبات الاختصاص أيضا.
375

بل في بعض الصور يمكن ان يقال: ان يده يد المالك من حيث كونه عاملا له، كما
إذا لم يكن له شئ أصلا فأخذ رأس المال وسافر للتجارة ولم يكن في يده سوى مال
المضاربة فإذا مات يكون ما في يده بمنزلة ما في يد المالك، وان احتمل ان يكون
قد تلف جميع ما عنده من ذلك المال وانه استفاد لنفسه ما هو الموجود في يده،
وفى بعض الصور يده مشتركة بينه وبين المالك، كما إذا سافر وعنده من مال المضاربة
مقدار، ومن ماله أيضا مقدار، نعم في بعض الصور لا يعد يده مشتركة أيضا، فالتمسك
باليد بقول مطلق مشكل، ثم إن جميع ما ذكر انما هو إذا لم يكن بترك التعيين عند
ظهور امارات الموت مفرطا، والا فلا اشكال في ضمانه.
الثانية - ذكروا من شروط المضاربة التنجيز، وانه لو علقها على امر متوقع
بطلت، وكذا لو علقها على امر حاصل إذا لم يعلم بحصوله، نعم لو علق التصرف
على امر صح، وإن كان متوقع الحصول، ولا دليل لهم على ذلك الا دعوى الاجماع
على أن اثر العقد لا بد ان يكون حاصلا من حين صدوره، وهو ان صح انما يتم في
التعليق على المتوقع، حيث إن الأثر متأخر، واما التعليق على ما هو حاصل فلا يستلزم
التأخير، بل في المتوقع أيضا إذا اخذ على نحو الكشف بأن يكون المعلق عليه
وجوده الاستقبالي لا يكون الأثر متأخرا، نعم لو قام الاجماع على اعتبار العلم بتحقق
الأثر حين العقد تم في صورة الجهل، لكنه غير معلوم، ثم على فرض البطلان لا
مانع من جواز التصرف ونفوذه من جهة الاذن، لكن يستحق حينئذ أجرة المثل لعمله،
الا ان يكون الاذن مقيدا بالصحة فلا يجوز التصرف أيضا.
الثالثة - قد مر اشتراط عدم الحجر بالفلس في المالك، واما العامل فلا يشترط
فيه ذلك لعدم منافاته لحق الغرماء، نعم بعد حصول الربح منع من التصرف الا بالاذن
من الغرماء، بناءا على تعلق الحجر بالمال الجديد.
الرابعة - تبطل المضاربة بعروض الموت كما مر، أو الجنون، أو الاغماء كما مر
في سائر العقود الجايزة، وظاهرهم عدم الفرق بين كون الجنون مطبقا أو أدواريا،
376

وكذا في الاغماء بين قصور مدته وطولها، فإن كان اجماعا، والا فيمكن ان يقال بعدم البطلان
في الأدواري والاغماء القصير المدة فغاية الأمر عدم نفوذ التصرف حال حصولهما،
واما بعد الإفاقة فيجوز من دون حاجة إلى تجديد العقد سواء كانا في المالك أو العامل
وكذا تبطل بعروض السفه لأحدهما (1) أو الحجر للفلس في المالك أو العامل أيضا إذا
كان بعد حصول الربح الا مع إجازة الغرماء.
الخامسة - إذا ضارب المالك في مرض الموت صح وملك العامل الحصة
وان كانت أزيد من أجرة المثل على الأقوى من كون منجزات المريض من الأصل
بل وكذلك على القول بأنها من الثلث لأنه ليس مفوتا لشئ على الوارث إذ الربح
امر معدوم وليس مالا موجودا للمالك وانما حصل بسعي العامل
السادسة - إذا تبين كون رأس المال لغير المضارب سواء كان غاصبا أو جاهلا
بكونه ليس له، فان تلف في يد العامل أو حصل خسران (2) فلمالكه الرجوع على كل
منهما، فان رجع على المضارب لم يرجع على العامل (3)، وان رجع على العامل
رجع إذا كان جاهلا على المضارب، وإن كان جاهلا أيضا (4) لأنه مغرور من قبله، وان
حصل ربح كان للمالك إذا أجاز المعاملات الواقعة على ماله وللعامل أجرة المثل على
المضارب مع جهله والظاهر عدم استحقاقه الأجرة عليه مع عدم حصول الربح، لأنه
اقدم على عدم شئ له مع عدم حصوله، كما أنه لا يرجع عليه إذا كان عالما (5) بأنه
ليس له لكونه متبرعا بعمله حينئذ.
السابعة - يجوز اشتراط المضاربة في ضمن عقد لازم فيجب على المشروط عليه

(1) قد تقدم ان سفه العامل لا يمنع من صحة المضاربة.
(2) ما لم يجز المعاملات، والا فلا يرجع على أحد بشئ.
(3) بل رجع عليه مع علمه.
(4) لا يصدق الغرور مع جهل المضارب.
(5) قد مر عدم الفرق بين صورتي العلم والجهل.
377

ايقاع عقدها مع الشارط، ولكن لكل منهما فسخه بعده (1) والظاهر أنه يجوز اشتراط
عمل المضاربة على العامل بان يشترط عليه أن يتجر بمقدار كذا من ماله إلى زمان كذا
على أن يكون الربح بينهما نظير شرط كونه وكيلا في كذا في عقد لازم وحينئذ لا يجوز
للمشروط عليه فسخها (2) كما في الوكالة.
الثامنة - يجوز ايقاع المضاربة بعنوان الجعالة كأن يقول إذا اتجرت بهذا
المال وحصل ربح فلك نصفه فيكون جعالة (3) تفيد فائدة المضاربة، ولا يلزم أن يكون
جامعا لشروط المضاربة فيجوز مع كون رأس المال من غير النقدين (4) أو دينا
أو مجهولا جهالة لا توجب الغرر وكذا في المضاربة المشروطة في ضمن عقد بنحو
شرط النتيجة فيجوز مع كون رأس المال من غير النقدين.
التاسعة - يجوز للأب والجد الاتجار بمال المولى عليه بنحو المضاربة بايقاع
عقدها، بل مع عدمه أيضا بان يكون بمجرد الاذن منهما (5) وكذا يجوز لهما المضاربة
بماله مع الغير على أن يكون الربح مشتركا بينه وبين العامل، وكذا يجوز ذلك للوصي
في مال الصغير مع ملاحظة الغبطة والمصلحة والأمن من هلاك المال.
العاشرة - يجوز للأب والجد الايصاء بالمضاربة بمال المولى عليه بايقاع
الوصي عقدها لنفسه أو لغيره مع تعيين الحصة من الربح أو ايكاله اليه، وكذا يجوز
لهما الايصاء بالمضاربة في حصة القصير من تركتهما بأحد الوجهين كما أنه يجوز
ذلك لكل منهما بالنسبة إلى الثلث المعزول لنفسه بان يتجر الوصي به أو يدفعه إلى

(1) الظاهر عدم جواز فسخه لان المفهوم عرفا من هذا الشرط ليس مجرد اجراء
الصيغة.
(2) اي تكليفا.
(3) ولكنها غير صحيحة بناءا على ما هو الأرجح من اعتبار معلومية الجعل في الجعالة
(4) بناءا على اعتبار كون رأس المال من النقدين في المضاربة يشكل الجواز
في المقام.
(5) اي القصد والنية.
378

غيره مضاربة ويصرف حصة الميت في المصارف المعينة للثلث، بل وكذا يجوز
الايصاء منهما بالنسبة إلى حصة الكبار أيضا (1) ولا يضر كونه ضررا عليهم من حيث
تعطيل مالهم إلى مدة لأنه منجبر بكون الاختيار لهم في فسخ المضاربة واجازتها
كما أن الحال كذلك بالنسبة إلى ما بعد البلوغ (2) في القصير فان له أن يفسخ أو
يجيز، وكذا يجوز لهما الايصاء بالاتجار بمال القصير على نحو المضاربة بان يكون
هو الموصى به لا ايقاع عقد المضاربة لكن إلى زمان البلوغ أو أقل، واما إذا جعل
المدة أزيد فيحتاج إلى الإجازة بالنسبة إلى الزائد، ودعوى عدم صحة هذا النحو
من الايصاء لان الصغير لا مال له حينه وانما ينتقل اليه بعد الموت ولا دليل على صحة
الوصية العقدية في غير التمليك فلا يصح ان يكون ايجاب المضاربة على نحو ايجاب
التمليك بعد الموت، مدفوعة بالمنع مع أنه الظاهر من خبر خالد بن بكر الطويل
في قضية ابن أبي ليلى وموثق محمد بن مسلم المذكورين في باب الوصية، واما
بالنسبة إلى الكبار من الورثة فلا يجوز بهذا النحو لوجوب العمل بالوصية وهو الاتجار
فيكون ضررا عليهم من حيث تعطيل حقهم من الإرث وإن كان لهم حصتهم من الربح
خصوصا إذا جعل حصتهم أقل من المتعارف.
الحادية عشر - إذا تلف المال في يد العامل بعد موت المالك من غير تقصير
فالظاهر عدم ضمانه، وكذا إذا تلف بعد انفساخها بوجه آخر.
الثانية عشر - إذا كان رأس المال مشتركا بين اثنين فضاربا واحدا ثم فسخ
أحد الشريكين هل تبقى بالنسبة إلى حصة الآخر أو تنفسح من الأصل وجهان أقربهما
الانفساخ (3) نعم لو كان مال كل منهما متميزا وكان العقد واحدا لا يبعد بقاء العقد
بالنسبة إلى الأخر.
الثالثة عشر - إذا اخذ العامل مال المضاربة وترك التجارة به إلى سنة مثلا

(1) فيه اشكال.
(2) صحة الوصية فيما بعد البلوغ مشكلة الا ان يجيز بعده.
(3) بل الأقرب عدمه.
379

فان تلف ضمن ولا يستحق المالك عليه غير أصل المال وإن كان آثما في تعطيل
مال الغير.
الرابعة عشر - إذا اشترط العامل على المالك عدم كون الربح جابرا للخسران
مطلقا فكل ربح حصل يكون بينهما وان حصل خسران بعده أو قبله أو اشترط أن
لا يكون الربح اللاحق جابرا للخسران السابق أو بالعكس فالظاهر الصحة (1) وربما
يستشكل بأنه خلاف وضع المضاربة وهو كما ترى.
الخامسة عشر - لو خالف العامل المالك فيما عينه جهلا أو نسيانا أو اشتباها كما
لو قال لا تشترى الجنس الفلاني أو من الشخص الفلاني مثلا فاشتراه جهلا فالشراء
فضولي (2) موقوف على إجازة المالك وكذا لو عمل بما ينصرف اطلاقه إلى غيره
فإنه بمنزلة النهى عنه ولعل منه ما ذكرنا سابقا من شراء من ينعتق على المالك من جهله
بكونه كذلك وكذا الحال إذا كان مخطئا في طريقة التجارة بأن اشترى مالا مصلحة في
شرائه عند أرباب المعاملة في ذلك الوقت بحيث لو عرض على التجار حكموا بخطائه.
السادسة عشر - إذا تعدد العامل كأن ضارب اثنين بمأة مثلا بنصف الربح
بينهما متساويا أو متفاضلا، فاما ان يميز حصة كل منهما من رأس المال كأن يقول
على أن يكون لكل منه نصفه واما لا يميز فعلى الأول الظاهر عدم اشتراكهما في الربح
والخسران والجبر الا مع الشرط (3) لأنه بمنزلة تعدد العقد وعلى الثاني يشتركان
فيها وان اقتسما بينهما فاخذ كل منهما مقدارا منه، الا ان يشترطا عدم الاشتراك (4)
فيها فلو عمل أحدهما وربح وعمل الاخر ولم يربح أو خسر يشتركان في ذلك الربح
ويجبر به خسران الآخر بل لو عمل أحدهما وربح ولم يشرع الآخر بعد في العمل

(1) فيه اشكال.
(2) الظاهر صحة المعاملة وكون الربح بينهما، وإن كان ضامنا لاطلاق جملة من
النصوص الواردة في مخالفة العامل فإنه يشمل المخالفة غير العمدية، نعم، شراء من ينعتق
على المالك خارج عن عمل المضاربة كما لا يخفى.
(3) الظاهر عدم صحة هذا الشرط.
(4) في صحة هذا الشرط اشكال.
380

فانفسخت المضاربة يكون الآخر شريكا، وان لم يصدر منه عمل لأنه مقتضى الاشتراك
في المعاملة ولا يعد هذا من شركة الأعمال كما قد يقال فهو نظير ما إذا آجرا نفسهما
لعمل بالشركة فهو داخل في عنوان المضاربة لا الشركة، كما أن النظير داخل في
عنوان الإجارة.
السابعة عشر - إذا اذن المالك للعامل في البيع والشراء نسيئة فاشترى نسيئة
وباع كذلك فهلك المال فالدين في ذمة المالك وللديان إذا علم بالحال أو تبين له
بعد ذلك الرجوع على كل منهما، فان رجع على العامل واخذ منه رجع هو على
المالك ودعوى انه مع العلم من الأول ليس له الرجوع على العامل لعلمه بعدم
اشتغال ذمته مدفوعة بان مقتضى المعاملة ذلك خصوصا في المضاربة وسيما إذا علم أنه
عامل يشترى للغير ولكن لم يعرف ذلك الغير انه من هو ومن اي بلد، ولو لم يتبين
للديان ان الشراء للغير يتعين له الرجوع على العامل في الظاهر ويرجع هو على المالك.
الثامنة عشر - يكره المضاربة مع الذمي خصوصا إذا كان هو العامل لقوله عليه السلام
لا ينبغي للرجل المسلم ان يشارك الذمي ولا يبضعه بضاعة ولا يودعه وديعة ولا يصافيه
المودة وقوله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام كره مشاركة اليهودي والنصراني والمجوسي
الا ان يكون تجارة حاضرة لا يغيب عنها المسلم ويمكن ان يستفاد من هذا الخبر
كراهة مضاربة من لا يؤمن منه في معاملاته من الاحتراز عن الحرام.
التاسعة عشر - الظاهر صحة المضاربة على مأة دينار مثلا كليا فلا يشترط كون
مال المضاربة عينا شخصية فيجوز ايقاعهما العقد على كلى ثم تعيينه في فرد، والقول
بالمنع لأن القدر المتيقن العين الخارجي من النقدين ضعيف وأضعف منه احتمال
المنع حتى في الكلى في المعين إذ يكفي في الصحة العمومات.
متمم العشرين - لو ضاربه على ألف مثلا فدفع اليه نصفه فعامل به ثم دفع اليه
النصف الآخر، فالظاهر جبران خسارة أحدهما بربح الاخر لأنه مضاربة واحدة واما
لو ضاربه على خمسمأة فدفعها اليه وعامل بها وفى أثناء التجارة زاده ودفع خمسمأة
381

أخرى فالظاهر عدم جبر خسارة إحداهما بربح الأخرى لأنهما في قوة مضاربتين،
نعم بعد المزج والتجارة بالمجموع يكونان واحدة.
7 - فصل في أحكام الشركة.
وهى عبارة عن كون شئ واحد لاثنين أو أزيد ملكا أو حقا وهى، اما واقعة
قهرية، كما في المال أو الحق الموروث، واما واقعية اختيارية من غير استناد إلى
عقد كما إذا أحيى شخصان أرضا مواتا بالاشتراك أو حفرا بئرا أو اغترفا ماءا أو اقتلعا
شجرا، واما ظاهرية قهرية (1) كما إذا امتزج مالهما من دون اختيارهما ولو بفعل أجنبي
بحيث لا يتميز أحدهما من الاخر سواء كانا من جنس واحد كمزج حنطة بحنطة أو
جنسين كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير أو دهن اللوز بدهن الجوز أو الخل بالدبس
واما ظاهرية اختيارية كما إذا مزجا باختيارهما لا بقصد الشركة فان مال كل منهما في
الواقع ممتاز عن الآخر ولذا لو فرض تمييزهما اختص كل منهما بماله واما الاختلاط
مع التمييز فلا يوجب الشركة ولو ظاهرا إذ مع الاشتباه مرجعه الصلح القهري
أو القرعة واما واقعية مستندة إلى عقد غير عقد الشركة كما إذا ملكا شيئا واحدا بالشراء
أو الصلح أو الهبة أو نحوها واما واقعة منشأة بتشريك أحدهما الآخر في ماله، كما
إذا اشترى شيئا فطلب منه شخص ان يشركه فيه ويسمى عندهم بالتشريك وهو صحيح
لجملة من الأخبار، واما واقعية منشأة بتشريك كل منهما الاخر في ماله ويسمى هذا
بالشركة العقدية ومعدود من العقود، ثم إن الشركة قد تكون في عين، وقد تكون في
منفعة وقد تكون في حق وبحسب الكيفية. اما بنحو الإشاعة واما بنحو الكلى في المعين
وقد تكون على وجه يكون كل (2) من الشريكين أو الشركاء مستقلا في التصرف كما

(1) الشركة الظاهرية لا دليل عليها - بل في موارد الامتزاج إن كان المالان بعد المزج
يعدان بنظر العرف شيئا واحدا كانت الشركة واقعية والا فلا شركة.
(2) هذا ليس من الشركة في المال بل يكون المالك هو الكلى والتفصيل لا يسعه
المقام.
382

في شركة الفقراء في الزكاة والسادة في الخمس والموقوف عليهم في الأوقاف العامة
ونحوها.
مسألة 1 - لا تصح الشركة العقدية الا في الأموال بل الأعيان، فلا تصح في الديون
فلو كان لكل منهما دين على شخص فأوقعا العقد على كون كل منهما بينهما لم يصح
وكذا لا تصح في المنافع بأن كان لكل منهما دار مثلا وأوقعا العقد على أن يكون
منفعة كل منهما بينهما بالنصف مثلا ولو أرادا ذلك صالح أحدهما الاخر نصف منفعة
داره بنصف منفعة دار الاخر، أو صالح نصف منفعة داره بدينار مثلا وصالحه الاخر
نصف منفعة داره بذلك الدينار، وكذا لا تصح شركة الأعمال وتسمى شركة الأبدان
أيضا وهى أن يوقعا العقد على أن يكون اجرة عمل كل منهما مشتركا بينهما سواء، اتفق
عملهما كالخياطة مثلا أو كان على أحدهما الخياطة والاخر النساجة وسواء كان ذلك
في عمل معين أو في كل ما يعمل كل منهما، ولو أرادا الاشتراك في ذلك صالح
أحدهما الاخر نصف منفعته المعينة أو منافعه إلى مدة كذا بنصف منفعة أو منافع الاخر أو
صالحه نصف منفعته بعوض معين وصالحه الاخر أيضا نصف منفعته بذلك العوض
ولا تصح أيضا شركة الوجوه وهى ان يشترك اثنان وجيهان لا مال لهما بعقد الشركة على أن
يبتاع كل منهما في ذمته إلى اجل ويكون ما يبتاعه بينهما فيبيعانه ويؤديان الثمن
ويكون ما حصل من الربح بينهما وإذا أرادا ذلك على الوجه الصحيح وكل كل
منهما الاخر في الشراء فاشترى لهما وفى ذمتهما وشركة المفاوضة أيضا باطلة وهى
ان يشترك اثنان أو أزيد على أن يكون كل ما يحصل لأحدهما من ربح تجارة أو زراعة
أو كسب آخر أو ارث أو وصية أو نحو ذلك مشتركا بينهما وكذا كل غرامة ترد
على أحدهما تكون عليهما فانحصرت الشركة العقدية الصحيحة بالشركة في الأعيان
المملوكة فعلا وتسمى بشركة العنان.
مسألة 2 - لو استأجر اثنين لعمل واحد بأجرة معلومة صح وكانت الأجرة مقسمة
عليهما بنسبة عملهما ولا يضر الجهل بمقدار حصة كل منهما حين العقد لكفاية معلومية
383

المجموع ولا يكون من شركة الأعمال التي تكون باطلة، بل من شركة الأموال فهو كما
لو استأجر كلا منهما لعمل وأعطاهما شيئا واحدا بإزاء أجرتهما ولو اشتبه مقدار عمل كل
منهما، فان احتمل التساوي حمل عليه لأصالة عدم زيادة (1) عمل أحدهما على الاخر وان
علم زيادة أحدهما على الاخر فيحتمل القرعة في المقدار الزائد ويحتمل الصلح القهري
مسألة 3 - لو اقتلعا شجرة أو اغترفا ماءا بآنية واحدة أو نصبا معا شبكة للصيد أو
أحييا أرضا معا فان ملك كل منهما نصف منفعته بنصف منفعة الاخر اشتركا فيه
بالتساوي والا فلكل منهما بنسبة عمله ولو بحسب القوة والضعف، ولو اشتبه الحال
فكالمسألة السابقة وربما يحتمل التساوي مطلقا لصدق اتحاد فعلهما في السببية
واندراجهما في قوله " من حاز ملك " وهو كما ترى.
مسألة 4 - يشترط على ما هو ظاهر كلماتهم في الشركة العقدية مضافا إلى الايجاب
والقبول والبلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر لفلس أو سفه، امتزاج المالين سابقا
على العقد أو لاحقا بحيث لا يتميز أحدهما من الاخر من النقود كانا أو من العروض
بل اشترط جماعة اتحادهما في الجنس والوصف والأظهر عدم اعتباره بل يكفي الامتزاج
على وجه لا يتميز أحدهما من الاخر كما لو امتزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير ونحوه
أو امتزج نوع من الحنطة بنوع آخر بل لا يبعد كفاية امتزاج الحنطة بالشعير وذلك
للعمومات العامة كقوله تعالى " أوفوا بالعقود " وقوله عليه السلام " المؤمنون عند شروطهم "
وغيرهما بل لولا ظهور الاجماع على اعتبار الامتزاج أمكن منعه مطلقا عملا بالعمومات
ودعوى عدم كفايتها لاثبات ذلك كما ترى لكن الأحوط مع ذلك ان يبيع كل منهما حصة
مما هو له بحصة مما للاخر أو يهبها كل منهما للاخر أو نحو ذلك في غيره صورة
الامتزاج (2) الذي هو المتقين هذا ويكفى في الايجاب والقبول كل ما دل على الشركة

(1) الأحوط الرجوع إلى الصلح ان أمكن، والا فالقرعة لان هذا الأصل معارض
بأصالة عدم المساواة.
(2) وقد مر ضابط الامتزاج الذي هو شرط للشركة، ولازمه عدم الشركة في الدراهم،
الا انه ادعى صاحب الجواهر الاجماع والسيرة على ثبوتها في الأثمان، ولا باس به.
384

من قول أو فعل.
مسألة 5 - يتساوى الشريكان في الربح والخسران مع تساوى المالين، ومع
زيادة فبنسبة الزيادة ربحا وخسرانا سواء كان العمل من أحدهما أو منهما مع التساوي
فيه، أو الاختلاف، أو من متبرع أو أجير هذا مع الاطلاق، ولو شرطا في العقد
زيادة لأحدهما فإن كان للعامل منهما أو لمن عمله أزيد فلا اشكال ولا خلاف على الظاهر
عندهم في صحته، اما لو شرطا لغير العامل منهما أو لغير من عمله أزيد ففي صحة الشرط
والعقد، وبطلانها، وصحة العقد، وبطلان الشرط فيكون كصورة الاطلاق أقوال أقواها
الأول، وكذا لو شرطا كون الخسارة على أحدهما أزيد وذلك لعموم " المؤمنون عند
شروطهم " ودعوى انه مخالف لمقتضى العقد كما ترى، نعم هو مخالف لمقتضى اطلاقه
والقول بأن جعل الزيادة لأحدهما من غير أن يكون له عمل يكون في مقابلتها ليس
تجارة بل هو اكل بالباطل كما ترى باطل، ودعوى ان العمل بالشرط غير لازم لأنه في
عقد جايز، مدفوعة أولا بأنه مشترك الورود إذ لازمه عدم وجوب الوفاء به في صورة
العمل أو زيادته، وثانيا بأن غاية الأمر جواز فسخ العقد فيسقط وجوب الوفاء بالشرط
والمفروض في صورة عدم الفسخ فما لم يفسخ يجب الوفاء به وليس معنى الفسخ
حل العقد من الأول بل من حينه فيجب الوفاء بمقتضاه مع الشرط إلى ذلك الحين
هذا، ولو شرطا تمام الربح لأحدهما بطل العقد (1) لأنه خلاف مقتضاه نعم لو شرطا
كون تمام الخسارة على أحدهما فالظاهر صحته لعدم كونه منافيا.
مسألة 6 - إذا اشترطا في ضمن العقد كون العمل من أحدهما أو منهما مع
استقلال كل منهما أو مع انضمامهما فهو المتبع ولا يجوز التعدي وان أطلقا لم يجز
لواحد منهما التصرف الا باذن الآخر ومع الاذن بعد العقد أو الاشتراط فيه، فإن كان
مقيدا بنوع خاص من التجارة لم يجز التعدي عنه، وكذا مع تعيين كيفية خاصة وإن كان
مطلقا فاللازم الاقتصار على المتعارف من حيث النوع والكيفية ويكون حال المأذون

(1) بل صح.
385

حال العامل في المضاربة فلا يجوز البيع بالنسيئة بل ولا الشراء بها ولا يجوز السفر
بالمال وان تعدى عما عين له أو عن المتعارف ضمن الخسارة والتلف (1) ولكن
يبقى الاذن بعد التعدي أيضا إذ لا ينافي الضمان بقائه، والأحوط مع اطلاق الاذن ملاحظة
المصلحة، وإن كان لا يبعد كفاية عدم المفسدة.
مسألة 7 - العامل امين فلا يضمن التلف ما لم يفرط أو يتعدى.
مسألة 8 - عقد الشركة من العقود الجايزة فيجوز لكل من الشريكين فسخه
لا بمعنى ان يكون الفسخ موجبا للانفساخ من الأول أو من حينه بحيث تبطل الشركة
إذ هي باقية ما لم تحصل القسمة، بل بمعنى جواز رجوع كل منهما عن الاذن في التصرف
الذي بمنزلة عزل الوكيل عن الوكالة، أو بمعنى مطالبة القسمة، وإذا رجع أحدهما
عن اذنه دون الآخر فيما لو كان كل منهما مأذونا لم يجب التصرف للآخر ويبقى الجواز
بالنسبة إلى الأول، وإذا رجع كل منهما عن اذنه لم يجز لواحد منهما، وبمطالبته القسمة
يجب القبول على الاخر، وإذا أوقعا الشركة على وجه يكون لأحدهما زيادة في الربح
أو نقصانا في الخسارة يمكن الفسخ بمعنى ابطال هذا القرار (2) بحيث لو حصل بعده
ربح أو خسران كان بنسبة المالين على ما هو مقتضى اطلاق الشركة.
مسألة 9 - لو ذكرا في عقد الشركة اجلا لا يلزم فيجوز لكل منهما الرجوع
قبل انقضائه الا أن يكون مشروطا في ضمن عقد لازم فيكون لازما (3).
مسألة 10 - لو ادعى أحدهما على الاخر الخيانة أو التفريط في الحفظ فأنكر
عليه الحلف مع عدم البينة.
مسألة 11 - إذا ادعى العامل التلف قبل قوله مع اليمين لأنه امين.

(1) ان لم يجز الشريك معاملة شريكه المتعدى بطلت المعاملة في حصته، وان أجاز
لا ضمان في الخسارة.
(2) بان يفسخ ذلك العقد، والا فمع عدم فسخه يجب الوفاء بالشرط.
(3) تكليفا، واما وضعا فيجوز الرجوع.
386

مسألة 12 - تبطل الشركة بالموت والجنون والإغماء والحجر بالفلس أو السفه
بمعنى انه لا يجوز للاخر التصرف، واما أصل الشركة فهي باقية نعم يبطل أيضا ما قرراه
من زيادة أحدهما في النماء بالنسبة إلى ماله أو نقصان الخسارة كذلك إذا تبين بطلان
الشركة فالمعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحة ويكون الربح على نسبة المالين
لكفاية الاذن المفروض حصوله، نعم لو كان مقيدا بالصحة تكون كلها فضوليا بالنسبة
إلى من يكون اذنه مقيدا، ولكل منهما اجرة مثل عمله بالنسبة إلى حصة الآخر إذا كان
العمل منهما وإن كان من أحدهما فله اجرة مثله عمله.
مسألة 13 - إذا اشترى أحدهما متاعا وادعى انه اشتراه لنفسه وادعى الاخر
انه اشتراه بالشركة فمع عدم البينة القول قوله مع اليمين لأنه اعرف بنيته، كما أنه
كذلك لو ادعى انه اشتراه بالشركة وقال الآخر انه اشتراه لنفسه فإنه يقدم قوله أيضا
لأنه اعرف ولأنه امين.
387

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المزارعة
وهى المعاملة على الأرض بالمزارعة بحصة من حاصلها وتسمى مخابرة أيضا
ولعلها من الخبرة بمعنى النصيب كما يظهر من مجمع البحرين، ولا اشكال في مشروعيتها
بل يمكن دعوى استحبابها لما دل على استحباب الزراعة بدعوى كونها أعم من
المباشرة والتسبيب. ففي خبر الواسطي قال: سئلت جعفر بن محمد عليه السلام عن الفلاحين
قال هم الزارعون كنوز الله في أرضه وما في الأعمال شئ أحب إلى الله من الزراعة
وما بعث الله نبيا الا زارعا الا إدريس عليه السلام فإنه كان خياطا. وفى آخر عن أبي عبد الله
عليه السلام الزارعون كنوز الأنام يزرعون طيبا اخرجه الله وهم يوم القيامة أحسن
الناس مقاما وأقربهم منزلة يدعون المباركين. وفى خبر عنه عليه السلام قال سئل النبي صلى الله عليه وآله
اي الأعمال خير قال زرع يزرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده قال: فأي
الأعمال بعد الزرع قال رجل في غنم له قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتى
الزكاة قال: فأي المال بعد الغنم خير قال البقر يغدو بخير ويروح بخير قال فأي المال
بعد البقر خير قال الرأسيات في الوحل المطعمات في المحل نعم المال النخل من
باعها فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهق اشتدت به الريح في يوم عاصف الا ان
يخلف مكانها قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله فأي المال بعد النخل خير فسكت فقام اليه رجل
388

فقال له فأين الإبل قال فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار تغد ومدبرة وتروح
مدبرة لا يأتي خيرها الامن جانبها الأشئم اما انها لا تعدم الأشقياء الفجرة. وعنه عليه السلام
الكيمياء الأكبر الزراعة. وعنه عليه السلام ان الله جعل ارزاق أنبيائه في الزرع والضرح كيلا
يكرهوا شيئا من قطر السماء. وعنه عليه السلام أنه سئل رجل فقال له: جعلت فداك أسمع
قوما يقولون إن المزارعة مكروهة فقال ازرعوا فلا والله ما عمل الناس عملا أحل
ولا أطيب منه ويستفاد من هذا الخبر ما ذكرنا من أن الزراعة أعم من المباشرة والتسبيب،
وأما ما رواه الصدوق مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى عن المخابرة قال وهى المزارعة
بالنصف أو الثلث أو الربع فلابد من حمله على بعض المحامل لعدم مقاومته لما
ذكر، وفى مجمع البحرين، وما روى من أنه صلى الله عليه وآله نهى عن المخابرة كان ذلك حين
تنازعا فنهاهم عنها ويشترط فيها أمور:
أحدها - الايجاب والقبول ويكفى فيها كل لفظ دال سواء كان حقيقة أو مجازا
مع القرينة كزارعتك أو سلمت إليك الأرض على أن تزرع على كذا، ولا يعتبر فيهما
العربية ولا الماضوية فيكفي الفارسي وغيره والأمر كقوله ازرع هذه الأرض على كذا
أو المستقبل، أو الجملة الاسمية مع قصد الانشاء بها، وكذا لا يعتبر تقديم الايجاب على
القبول، ويصح الايجاب من كل من المالك والزارع، بل يكفي القبول الفعلي بعد
الايجاب القولي على الأقوى، وتجرى فيها المعاطاة وان كانت لا تلزم (1) الا بالشروع
في العمل.
الثاني - البلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر لسفه أو فلس ومالكية التصرف
في كل من المالك والزارع، نعم لا يقدح فلس الزارع إذا لم يكن منه مال لأنه
ليس تصرفا ماليا.
الثالث - أن يكون النماء مشتركا بينهما فلو جعل الكل لأحدهما لم يصح
مزارعة.

(1) بل الظاهر هو اللزوم.
389

الرابع - ان يكون مشاعا بينها، فلو شرطا اختصاص أحدهما بنوع كالذي حصل
أولا، والآخر بنوع آخر، أو شرعا ان يكون ما حصل من هذه القطعة من الأرض لأحدهما
وما حصل من القطعة الأخرى للآخر لم يصح.
الخامس - تعيين الحصة بمثل النصف أو الثلث أو الربع أو نحو ذلك فلو
قال: ازرع هذه الأرض على أن يكون لك أولى شئ من حاصلها بطل.
السادس - تعيين المدة بالأشهر والسنين فلو أطلق بطل، نعم لو عين المزروع
أو مبدء الشروع في الزرع لا يبعد صحته إذا لم يستلزم غررا (1) بل مع عدم تعيين
ابتداء الشروع أيضا إذا كانت الأرض مما لا يزرع في السنة الا مرة لكن مع تعيين
السنة لعدم الغرر فيه، ولا دليل على اعتبار التعيين تعبدا والقدر المسلم من الاجماع
على تعيينها غير هذه الصورة، وفى صورة تعيين المدة لابد وأن تكون بمقدار يبلغ فيه
الزرع فلا تكفى المدة القليلة التي تقصر عن ادراك النماء.
السابع - أن تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج فلو كانت سبخة لا يمكن
الانتفاع بها أو كان يستولي عليها الماء قبل أو ان ادراك الحاصل أو نحو ذلك أو لم يكن
هناك ماء للزراعة ولم يمكن تحصيله ولو بمثل حفر البئر أو نحو ذلك ولم يمكن
الاكتفاء بالغيث بطل.
الثامن - تعيين المزروع من الحنطة والشعير وغيرهما مع اختلاف الأغراض
فيه فمع عدمه يبطل الا ان يكون هناك انصراف يوجب التعيين أو كان مرادهما التعميم
وحينئذ فيتخير الزارع بين أنواعه.
التاسع - تعيين الأرض ومقدارها فلو لم يعينها بأنها هذه القطعة أو تلك القطعة
أو من هذه المزرعة أو تلك أو لم يعين مقدارها بطل مع اختلافها بحيث يلزم الغرر
نعم مع عدم لزومه لا يبعد الصحة كأن يقول مقدار جريب من هذه القطعة من الأرض
التي لا اختلاف بين اجزائها أو اي مقدار شئت منها (2) ولا يعتبر كونها شخصية

(1) لكن الظاهر استلزامه له عادة فلا يصح.
(2) فيه اشكال للزوم الغرر.
390

فلو عين كليا موصوفا على وجه يرتفع الغرر فالظاهر صحته وحينئذ يتخير المالك في تعيينه
العاشر - تعيين كون البذر على اي منهما وكذا سائر المصارف واللوازم إذا
لم يكن هناك انصراف مغن عنه ولو سبب التعارف.
مسألة 1 - لا يشترط في المزارعة كون الأرض ملكا للمزارع بل يكفي كونه مسلطا
عليها بوجه من الوجوه، كأن يكون مالكا لمنفعتها بالإجارة، أو الوصية، أو الوقف عليه
أو مسلطا عليها بالتولية كمتولي الوقف العام أو الخاص والوصي، أو كان له حق
اختصاص بها بمثل التحجير والسبق ونحو ذلك أو كان مالكا للانتفاع بها كما إذا اخذها
بعنوان المزارعة فزارع غيره أو شارك غيره، بل يجوز أن يستعير الأرض (1) للمزارعة
نعم لو لم يكن له فيها حق أصلا لم يصح مزارعتها فلا يجوز المزارعة في الأرض
الموات مع عدم تحجير أو سبق أو نحو ذلك فان المزارع والعامل فيها سواء، نعم
يصح الشركة في زراعتها مع اشتراك البذر أو بإجارة أحدهما نفسه للآخر في مقابل
البذر أو نحو ذلك لكنه ليس حينئذ من المزارعة المصطلحة، ولعل هذا مراد الشهيد
في المسالك من عدم جواز المزارعة في الأراضي الخراجية التي هي للمسلمين قاطبة
الا مع الاشتراك في البذر أو بعنوان آخر، فمراده هو فيما إذا لم يكن للمزارعة جهة
اختصاص بها والا فلا اشكال في جوازها بعد الإجارة من السلطان كما يدل عليه
جملة من الأخبار.
مسألة 2 - إذا أذن لشخص في زرع ارضه على أن يكون الحاصل بينهما
بالنصف أو الثلث أو نحوهما فالظاهر صحته وان لم يكن من المزارعة المصطلحة، بل
لا يبعد كونه منها أيضا، وكذا لو أذن لكل من يتصدى للزرع وان لم يعين شخصا، وكذا
لو قال كل من زرع أرضى هذه أو مقدارا من المزرعة الفلانية فلى نصف حاصله أو
ثلثه مثلا فأقدم واحد على ذلك فيكون نظير الجعالة (2) فهو كما لو قال كل من بات

(1) على تأمل فيه.
(2) لو لم يكن ذلك من المزارعة المصطلحة - فهو من الإباحة بالعوض كما في مثال
الحمام والخان.
391

في خاني أو داري فعليه في كل ليلة درهم أو كل من دخل حمامي فعليه في كل مرة
ورقة فان الظاهر صحته للعمومات إذ هو نوع من المعاملات العقلائية ولا نسلم انحصارها
في المعهودات، ولا حاجة إلى الدليل الخاص لمشروعيتها بل كل معاملة عقلائية
صحيحة الا ما خرج بالدليل الخاص كما هو مقتضى العمومات.
مسألة 3 - المزارعة من العقود اللازمة لا تبطل الا بالتقايل أو الفسخ بخيار
الشرط أو بخيار الاشتراط اي تخلف بعض الشروط المشترطة على أحدهما، وتبطل أيضا
بخروج الأرض عن قابلية الانتفاع لفقد الماء أو استيلائه أو نحو ذلك، ولا تبطل بموت
أحدهما فيقوم وارث الميت منهما مقامه، نعم تبطل بموت العامل مع اشتراط مباشرته
للعمل سواء كان قبل خروج الثمرة أو بعده، واما المزارعة المعاطاتية فلا تلزم الا بعد
التصرف (1) واما الاذنية فيجوز فيها الرجوع دائما لكن إذا كان بعد الزرع وكان البذر
من العامل يمكن دعوى لزوم ابقائه (2) إلى حصول الحاصل لأن الاذن في الشئ اذن
في لوازمه وفائدة الرجوع اخذ اجرة الأرض منه حينئذ ويكون الحاصل كله للعامل
مسألة 4 - إذا استعار أرضا للمزارعة (3) ثم اجرى عقدها لزمت لكن للمعير
الرجوع في اعارته فيستحق أجرة المثل لأرضه على المستعير كما إذا استعارها للإجارة
فآجرها بناءا على ما هو الأقوى من جواز كون العوض لغير مالك المعوض.
مسألة 5 - إذا شرط أحدهما على الآخر شيئا في ذمته أو في الخارج من ذهب
أو فضة أو غيرهما مضافا إلى حصته من الحاصل صح وليس قراره مشروطا بسلامة
الحاصل، بل الأقوى صحة استثناء مقدار معين من الحاصل لأحدهما مع العلم ببقاء
مقدار آخر ليكون مشاعا بينهما فلا يعتبر إشاعة جميع الحاصل بينهما على الأقوى، كما
يجوز استثناء مقدار البذر لمن كان منه أو استثناء مقدار خراج السلطان أو ما يصرف في

(1) مر انها لازمة أيضا.
(2) لكنها ضعيفة.
(3) تقدم الاشكال فيه.
392

تعمير الأرض ثم القسمة وهل يكون قراره في هذه الصورة (1) مشروطا بالسلامة
كاستثناء الأرطال في بيع الثمار أولا، وجهان.
مسألة 6 - إذا شرط مدة معينة يبلغ الحاصل فيها غالبا فمضت والزرع باق
لم يبلغ فالظاهر أن للمالك الأمر بإزالته بلا أرش أو ابقائه ومطالبة الأجرة ان رضى
العامل باعطائها، ولا يجب عليه الابقاء بلا اجرة، كما لا يجب عليه الأرش مع إرادة
الإزالة لعدم حق للزارع بعد المدة والناس مسلطون على أموالهم، ولا فرق بين ان
يكون ذلك بتفريط الزارع أو من قبل الله كتأخير المياه أو تغير الهواء، وقيل بتخييره بين
القلع مع الأرش والبقاء مع الأجرة، وفيه ما عرفت خصوصا إذا كان بتفريط الزارع
مع أنه لا وجه لالزامه العامل بالأجرة بلا رضاه، نعم لو شرط الزارع على المالك
ابقائه إلى البلوغ بلا اجرة أو معها ان مضت المدة قبله لا يبعد صحته (2) ووجوب
الابقاء عليه.
مسألة 7 - لو ترك الزارع الزرع بعد العقد وتسليم الأرض اليه حتى انقضت
المدة، ففي ضمانه أجرة المثل للأرض كما أنه يستقر عليه المسمى في الإجارة، أو عدم ضمانه
أصلا غاية الأمر كونه آثما بترك تحصيل الحاصل، أو التفصيل بين ما إذا تركه اختيارا
فيضمن أو معذورا فلا، أو ضمانه ما يعادل الحصة المسماة من الثلث أو النصف أو غيرهما
بحسب التخمين في تلك السنة، أو ضمانه بمقدار تلك الحصة من منفعة الأرض من نصف
أو ثلث ومن قيمة عمل الزارع، أو الفرق بين ما إذا اطلع المالك على تركه للزرع فلم يفسخ
المعاملة لتدارك استيفاء منفعة أرضه فلا يضمن وبين صورة عدم اطلاعه إلى أن فات
وقت الزرع فيضمن وجوه وبعضها أقوال فظاهر بل صريح جماعة الأول (3) بل قال

(1) الظاهر أن الترديد بلحاظ انه لو تلف البعض ولم يسلم هل يسقط منه بحسابه
أم لا - والا فلا موقع له بعد كون المفروض استثناء هذه الأمور من الحاصل.
(2) وفيه ان هذا الشرط لكونه غرريا باطل والله أعلم، نعم لو شرط استحقاق الابقاء
ولو بالأجرة بلا تعليق صح لكنه غير ما هو محل الكلام.
(3) وهو الأظهر في مفروض المسألة وهو كون الأرض بيد الزارع إلى انقضاء
المدة - نعم - لو كان الأرض تحت استيلاء المالك دونه فلا ضمان.
393

بعضهم يضمن النقص (1) الحاصل بسبب ترك الزرع إذا حصل نقص واستظهر
بعضهم الثاني. وربما يستقرب الثالث. ويمكن القول بالرابع. والا وجه الخامس
وأضعفها السادس ثم هذا كله إذا لم يكن الترك بسبب عذر عام والا فيكشف عن بطلان
المعاملة، ولو انعكس المطلب بأن امتنع المالك من تسليم الأرض بعد العقد فللعامل
الفسخ ومع عدمه ففي ضمان المالك ما يعادل حصته من منفعة الأرض أو ما يعادل
حصته من الحاصل بسبب التخمين أو التفصيل بين صورة العذر وعدمه أو عدم
الضمان (2) حتى لو قلنا به في الفرض الأول بدعوى الفرق بينهما وجوه.
مسألة 8 - إذا غصب الأرض بعد عقد المزارعة غاصب ولم يمكن الاسترداد
منه فإن كان ذلك قبل تسليم الأرض إلى العامل تخير بين الفسخ وعدمه، وإن كان بعده
لم يكن له الفسخ، وهل يضمن الغاصب تمام منفعة الأرض في تلك المدة للمالك فقط
أو يضمن له بمقدار حصته من النصف أو الثلث من منفعة الأرض، ويضمن له أيضا مقدار
قيمة حصته من عمل العامل حيث فوته عليه ويضمن للعامل أيضا مقدار حصته من منفعة
الأرض وجهان (3) ويحتمل ضمانه لكل منهما ما يعادل حصته من الحاصل بحسب
التخمين.
مسألة 9 - إذا عين المالك نوعا من الزرع من حنطة أو شعير أو غيرهما
تعين ولم يجز للزارع التعدي عنه ولو تعدى إلى غيره، ذهب بعضهم إلى أنه
إن كان ما زرع أضر مما عينه المالك كان المالك مخيرا بين الفسخ وأخذ أجرة المثل
للأرض والامضاء واخذ الحصة من المزروع مع أرش النقص الحاصل من
الأضر وإن كان أقل ضررا لزم واخذ الحصة منه، وقال بعضهم يتعين اخذ أجرة المثل
للأرض مطلقا لأن ما زرع غير ما وقع عليه العقد فلا يجوز اخذ الحصة منه

(1) وهو الصحيح.
(2) وهو الأوجه في المقام.
(2) أوجههما الأول.
394

مطلقا والأقوى انه ان علم أن المقصود مطلق الزرق وان الغرض من التعيين ملاحظة
مصلحة الأرض وترك ما يوجب ضررا فيها، يمكن ان يقال لن الامر كما ذكر من
التخمين بين الامرين في صورة كون المزروع أضر وتعين الشركة في صورة
كونه أقل ضررا لكن التحقيق مع ذلك خلافه، وإن كان التعيين لغرض متعلق
بالنوع الخاص لا لأجل قلة الضرر وكثرته فاما ان يكون التعيين على وجه التقييد
والعنوانية أو يكون على وجه تعدد المطلوب والشرطية، فعلى الأول إذا خالف
ما عين فبالنسبة اليه يكون كما لو ترك الزرع أصلا حتى انقضت المدة فيجرى فيه
الوجوه الستة المتقدمة في تلك المسألة، واما بالنسبة إلى الزرع الموجود فإن كان
البذر من المالك فهو له ويستحق العامل اجرة عمله (1) على اشكال في صورة علمه
بالتعيين وتعمده الخلاف لاقدامه حينئذ على هتك حرمة عمله وإن كان البذر للعامل
كان الزرع له ويستحق المالك عليه اجرة الأرض مضافا إلى ما استحقه من بعض
الوجوه المقدمة، ولا يضر استلزامه الضمان للمالك من قبل ارضه مرتين على ما بينا
في محله لأنه من جهتين وقد ذكرنا نظير ذلك في الإجارة أيضا، وعلى الثاني يكون
المالك مخيرا بين ان يفسخ المعاملة لتخلف شرطه فيأخذ أجرة المثل للأرض وحال
الزرع الموجود حينئذ ما ذكرنا من كونه لمن له البذر وبين ان لا يفسخ (2) ويأخذ
حصته من الزرع الموجود باسقاط حق شرطه وبين ان لا يفسخ ولكن لا يسقط حق
شرطه أيضا بل يغرم العامل على بعض الوجوه الستة المتقدمة ويكون حال الزرع
الموجود كما مر من كونه لمالك البذر.
مسألة 10 - لو زارع على ارض لا ماء لها فعلا لكن أمكن تحصيله بعلاج
من حفر ساقية أو بئر أو نحو ذلك فإن كان الزارع عالما بالحال صح ولزم وإن كان
جاهلا كان له خيار الفسخ وكذا لو كان الماء مستوليا عليها وأمكن قطعه عنها واما لو

(1) بل لا يستحق من غير فرق بين صورتي العلم والجهل.
(2) الأظهر انه يتخير بين الوجهين الأولين.
395

لم يمكن التحصيل في الصورة الأولى أو القطع في الثانية كان باطلا سواء كان
الزارع عالما أو جاهلا وكذا لو انقطع في الأثناء ولم يمكن تحصيله أو استولى
عليها ولم يمكن قطعه، وربما يقال بالصحة مع علمه بالحال ولا وجه له وان أمكن
الانتفاع بها بغير الزرع لاختصاص المزارعة بالانتفاع بالزرع، نعم لو استأجر أرضا
للزراعة مع علمه بعدم الماء وعدم امكان تحصيله أمكن الصحة لعدم اختصاص الإجارة
بالانتفاع بالزرع الا ان يكون على وجه التقييد فيكون باطلا أيضا.
مسألة 11 - لا فرق في صحة المزارعة بين ان يكون البذر من المالك أو العامل
أو منهما، ولابد من تعيين ذلك الا أن يكون هناك معتاد ينصرف اليه الاطلاق، وكذا
لا فرق بين أن تكون الأرض مختصة بالزارع أو مشتركة بينه وبين العامل (1) وكذا
لا يلزم ان يكون تمام العمل على العامل فيجوز كونه عليهما وكذا الحال في سائر
المصارف، وبالجملة هنا أمور أربعة الأرض والبذر والعمل والعوامل فيصح ان يكون
من أحدهما أحد هذه ومن الاخر البقية ويجوز ان يكون من كل منهما اثنان منها بل
يجوز ان يكون من أحدهما بعض أحدها ومن الاخر البقية، كما يجوز الاشتراك في
الكل فهي على حسب ما يشترطان، ولا يلزم على من عليه البذر دفع عينه فيجوز له
دفع قيمته، وكذا بالنسبة إلى العوامل، كما لا يلزم مباشرة العامل بنفسه فيجوز له
اخذ الأجير على العمل الا مع الشرط.
مسألة 12 - الأقوى جواز عقد المزارعة (2) بين أزيد من اثنين بأن تكون
الأرض من واحد والبذر من آخر والعمل من ثالث والعوامل من رابع، بل يجوز أن

(1) الظاهر أنه يعتبر في المزارعة كون الأرض من أحدهما والعمل من الاخر -
ومع ذلك تصح المزارعة في الأرض المشتركة بالنسبة إلى حصة المزارع - كما تصح
فيما إذا كانت الأرض منهما والعمل منهما أيضا فإنه يرجع حينئذ إلى مزارعتين وكل واحد
مزارع في نصيبه وعامل بالنسبة إلى نصيب غيره.
(2) فيه تأمل واشكال والمتيقن من الأدلة ما كان بين الاثنين، بل يمكن دعوى استفادة
المنع من خبر أبي الربيع الشامي وما بمضمونه كما نبه عليه في الجواهر.
396

يكون بين أزيد من ذلك كأن يكون بعض البذر من واحد وبعضه الآخر من آخر وهكذا
بالنسبة إلى العمل والعوامل لصدق المزارعة وشمول الاطلاقات بل يكفي العمومات
العامة، فلا وجه لما في المسالك من تقوية عدم الصحة بدعوى انها على خلاف الأصل
فتتوقف على التوقيف من الشارع ولم يثبت عنه ذلك، ودعوى أن العقد لا بد أن يكون
بين طرفين موجب وقابل فلا يجوز تركبه من ثلاثة أو أزيد على وجه تكون أركانا
له، مدفوعة بالمنع فإنه أول الدعوى.
مسألة 13 - يجوز للعامل ان يشارك غيره في مزارعته أو يزارعه في حصته من
غير فرق بين ان يكون البذر منه أو من المالك ولا يشترط فيه اذنه، نعم لا يجوز (1)
تسليم الأرض إلى ذلك الغير الا باذنه والا كان ضامنا كما هو كذلك في الإجارة أيضا
والظاهر جواز نقل مزارعته (2) إلى الغير بحيث يكون كأنه هو الطرف للمالك بصلح
ونحوه بعوض ولو من خارج أو بلا عوض، كما يجوز نقل حصته (3) إلى الغير سواء
كان ذلك قبل ظهور الحاصل (4) أو بعده كل ذلك لأن عقد المزارعة من العقود اللازمة
الموجبة لنقل منفعة الأرض (5) نصفا أو ثلثا أو نحوهما إلى العامل فله نقلها إلى
الغير بمقتضى قاعدة السلطنة، ولا فرق فيما ذكرنا بين ان يكون المالك شرط عليه
مباشرة العمل بنفسه (6) أولا إذ لا منافاة بين صحة المذكورات وبين مباشرته للعمل
إذ لا يلزم في صحة المزارعة مباشرة العمل فيصح ان يشارك أو يزارع غيره ويكون
هو المباشر دون ذلك الغير.

(1) الأظهر هو الجواز وعدم الضمان كما تقدم نظيره في الإجارة.
(2) بل الظاهر عدم الجواز.
(3) ولكن لا يصير الغير بذلك زارعا بل الزارع هو الناقل، ويجب عليه القيام باعمال
الزراعة ولو بالتسبيب.
(4) نقل حصته قبل خروج الزرع لا يخلو عن اشكال.
(5) بل الظاهر كون المزارعة من المشاركات لا المعاوضات.
(6) يشكل صحة المزارعة مع هذا الشرط.
397

مسألة 14 - إذا تبين بطلان العقد فاما ان يكون قبل الشروع في العمل أو بعده
وقبل الزرع بمعنى نثر الحب في الأرض أو بعده وقبل حصول الحاصل أو بعده، فإن كان
قبل الشروع فلا بحث ولا اشكال، وإن كان بعده وقبل الزرع بمعنى الاتيان
بالمقدمات من حفر النهر وكرى الأرض وشراء الآلات ونحو ذلك فكذلك نعم لو
حصل وصف في الأرض يقابل بالعوض من جهة كريها أو حفر النهر لها أو إزالة الموانع
عنها كان للعامل قيمة ذلك الوصف وان لم يكن كذلك وكان العمل لغوا فلا شئ
له كما أن الآلات لمن أعطى ثمنها، وإن كان بعد الزرع كان الزرع لصاحب البذر فإن كان
للمالك كان الزرع له وعليه للعامل اجرة عمله وعوامله وإن كان للعامل كان له وعليه
اجرة الأرض للمالك وإن كان منهما كان لهما على النسبة نصفا أو ثلثا ولكل منهما على
الآخر اجرة مثل ما يخصه من تلك النسبة، وإن كان من ثالث (1) فالزرع له وعليه للمالك
اجرة الأرض وللعامل اجرة عمله وعوامله ولا يجب على المالك ابقاء الزرع إلى بلوغ
الحاصل إن كان التبين قبله بل له ان يأمر بقلعه وله ان يبقى بالأجرة إذا رضى صاحبه
والا فليس له الزامه بدفع الأجرة هذا كله مع الجهل بالبطلان، وأما مع العلم فليس
للعالم منهما الرجوع على الآخر بعوض ارضه أو عمله لأنه هو الهاتك (2) لحرمة ماله
أو عمله فكأنه متبرع به وإن كان الآخر أيضا عالما بالبطلان ولو كان العامل بعدما تسلم
الأرض تركها في يده بلا زرع فكذلك يضمن اجرتها للمالك مع بطلان المعاملة
لفوات منفعتها تحت يده الا في صورة علم المالك بالبطلان لما مر.
مسألة 15 - الظاهر من مقتضى وضع المزارعة (3) ملكية العامل لمنفعة الأرض
بمقدار الحصة المقررة له وملكية المالك للعمل على العامل بمقدار حصته واشتراك

(1) على القول بجوازه.
(2) قد مر ان العلم بالبطلان غير مستلزم لذلك، وبه يظهر الحال في بقية المسألة.
(3) قد تقدم ان المزارعة من المشاركات لا المعاوضات فلا يملك العامل من الأرض
ومنفعتها شيئا ولا المالك من عمل العامل، ومع ذلك يملك العامل من حين خروج الزرع
ما لم يشترط خلاف ذلك.
398

البذر بينهما على النسبة سواء كان منهما أو من أحدهما أو من ثالث فإذا خرج الزرع
صار مشتركا بينهما على النسبة، لا أن يكون لصاحب البذر إلى حين ظهور الحاصل
فيصير الحاصل مشتركا من ذلك الحين كما ربما يستفاد من بعض الكلمات أو كونه
لصاحب البذر إلى حين بلوغ الحاصل وادراكه فيصير مشتركا في ذلك الوقت كما
يستفاد من بعض آخر، نعم الظاهر جواز ايقاع العقد على أحد هذين الوجهين مع
التصريح والاشتراط به من حين العقد ويترتب على هذه الوجوه ثمرات، منها كون
التبن أيضا مشتركا بينهما على النسبة على الأول دون الأخيرين فإنه لصاحب البذر،
ومنها في مسألة الزكاة، ومنها في مسألة الانفساخ أو الفسخ في الأثناء قبل ظهور الحاصل
ومنها في مسألة مشاركة الزارع مع غيره ومزارعته معه، ومنها في مسألة ترك الزرع
إلى أن انقضت المدة إلى غير ذلك.
مسألة 16 - إذا حصل ما يوجب الانفساخ في الأثناء قبل ظهور الثمر أو بلوغه
كما إذا انقطع الماء عنه ولم يمكن تحصيله أو استولى عليه ولم يمكن قطعه أو حصل
مانع آخر عام فالظاهر لحوق حكم تبيين البطلان من الأول على ما مر لأنه يكشف عن
عدم قابليتها للزرع فالصحة كانت ظاهرية فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر
ويحتمل بعيدا كون الانفساخ من حينه فيلحقه حكم الفسخ في الأثناء على ما يأتي
فيكون مشتركا بينهما على النسبة.
مسألة 17 - إذا كان العقد واجدا لجميع الشرايط وحصل الفسخ في الأثناء
اما بالتقايل أو بخيار الشرط لأحدهما أو بخيار الاشتراط بسبب تخلف ما شرط على
أحدهما فعلى ما ذكرنا من مقتضى وضع المضارعة وهو الوجه الأول من الوجوه
المتقدمة فالزرع الموجود مشترك بينهما (1) على النسبة، وليس لصاحب الأرض على

(1) مع فسخ العقد الموجب لارتفاعه وفرضه كان لم يكن لا محالة يرجع كل من
العوضين أو ما بحكمهما إلى من انتقل عنه فيرجع الزرع إلى مالك البذر فإن كان هو
المالك عليه اجرة مثل عمل العامل، وإن كان هو العامل كان عليه اجرة مثل المنفعة الفائتة
من الأرض.
399

العامل اجرة ارضه، ولا للعامل اجرة عمله بالنسبة إلى ما مضى لأن المفروض صحة
المعاملة وبقاؤها إلى حين الفسخ، وأما بالنسبة إلى الآتي فلهما التراضي على البقاء
إلى البلوغ بلا اجرة أو معها ولهما التراضي على القطع قصيلا وليس للزارع
الابقاء إلى البلوغ بدون رضى المالك ولو بدفع اجرة الأرض ولا مطالبة الأرش
إذا أمره المالك بالقطع، وللمالك مطالبة القسمة وابقاء حصته في أرضه إلى حين
البلوغ وأمر الزارع بقطع حصته قصيلا هذا، وأما على الوجهين الآخرين فالزرع
الموجود لصاحب البذر والظاهر عدم ثبوت شئ عليه من اجرة الأرض أو العمل لأن
المفروض صحة المعاملة إلى هذا الحين وان لم يحصل للمالك أو العامل شئ من
الحاصل فهو كما لو بقي الزرع إلى الاخر ولم يحصل حاصل من جهة آفة سماوية
أو أرضية، ويحتمل ثبوت الأجرة عليه إذا كان هو الفاسخ.
فذلكة:
قد تبين مما ذكرنا في طي المسائل المذكورة ان هيهنا صورا.
الأولى - وقوع العقد صحيحا جامعا للشرائط والعمل على طبقه إلى الاخر
حصل الحاصل أو لم يحصل لآفة سماوية أو أرضية.
الثانية - وقوعه صحيحا مع ترك الزارع للعمل إلى أن انقضت المدة سواء
زرع غير ما وقع عليه العقد أو لم يزرع أصلا.
الثالثة - تركه العمل في الأثناء بعد أن زرع اختيارا أو لعذر خاص به.
الرابعة - تبين البطلان من الأول.
الخامسة - حصول الانفساخ في الأثناء لقطع الماء أو نحوه من الأعذار العامة
السادسة - حصول الفسخ بالتقايل أو بالخيار في الأثناء وقد ظهر حكم الجميع (1)
في طي المسائل المذكورة كما لا يخفى.

(1) لم يتعرض (قده) لحكم الصورة الثالثة - والظاهر أن حكمها حكم الصورة
الثانية.
400

مسألة 18 - إذا تبين بعد عقد المزارعة ان الأرض كانت مغصوبة فمالكها مخير
بين الإجارة فتكون الحصة له سواء كان بعد المدة أو قبلها في الأثناء أو قبل الشروع
بالزرع، بشرط أن لا يكون هناك قيد أو شرط لم يكن معه محل للإجارة وبين الرد
وحينئذ، فإن كان قبل الشروع في الزرع فلا اشكال وإن كان بعد التمام فله أجرة المثل
لذلك الزرع، وهو لصاحب البذر، وكذا إذا كان في الأثناء ويكون بالنسبة إلى بقية المدة
الأمر بيده فاما يأمر بالإزالة واما يرضى بأخذ الأجرة بشرط رضا صاحب البذر، ثم
المغرور من المزارع والزارع يرجع فيما خسر على غاره ومع عدم الغرور فلا رجوع
وإذا تبين كون البذر مغصوبا فالزرع لصاحبه وليس عليه اجرة الأرض ولا أجرة
العمل، نعم إذا كان التبين في الأثناء كان لمالك الأرض الأمر بالإزالة هذا إذا لم يكن
محل للإجازة كما إذا وقعت المعاملة على البذر الكلى لا المشخص في الخارج أو
نحو ذلك أو كان ولم يجز، وإن كان له محل وأجاز يكون هو الطرف للمزارعة (1)
ويأخذ الحصة التي كانت للغاصب، وإذا تبين كون العامل عبدا غير مأذون فالأمر إلى
مولاه، وإذا تبين كون العوامل أو سائر المصارف مغصوبة فالمزارعة صحيحة ولصاحبها
أجرة المثل أو قيمة الأعيان التالفة، وفى بعض الصور يحتمل جريان الفضولية وامكان
الإجازة كما لا يخفى.
مسألة 19 - خراج الأرض على صاحبها وكذا مال الإجارة إذا كانت مستأجرة
وكذا ما يصرف في اثبات اليد عند أخذها من السلطان وما يؤخذ لتركها في يده، ولو
شرط كونها على العامل بعضا أو كلا صح وان كانت ربما تزاد وربما تنقص على

(1) هذا على مسلكه من جواز عقد المزارعة بين أزيد من اثنين وكون باذل البذر
طرفا لعقد المزارعة، واما بناءا على ما ذكرناه من عدم جواز ذلك فإن كان المشروط كون
البذر من المالك كان خارجا من مفروض المسألة، وإن كان كونه من العامل لا محل للإجازة
كما هو ظاهر، وبه يظهر الحال فيما إذا كانت العوامل أو نحوها مغصوبة.
401

الأقوى فلا يضر مثل هذه الجهالة للأخبار (1) وأما ساير المؤن كشق الأنهار وحفر
الابار وآلات السقي واصلاح النهر وتنقيته ونصب الأبواب مع الحاجة إليها والدولاب
ونحو ذلك مما يتكرر كل سنة أو لا يتكرر فلا بد من تعيين كونها على المالك أو
العامل الا إذا كان هناك عادة ينصرف الاطلاق إليها، واما ما يأخذه المأمورون من
الزارع ظلما من غير الخراج فليس على المالك وإن كان أخذهم ذلك من جهة الأرض
مسألة 20 - يجوز لكل من المالك والزارع أن يخرص على الاخر بعد ادراك
الحاصل بمقدار منه بشرط القبول والرضا من الاخر لجملة من الأخبار هنا وفى الثمار
فلا يختص ذلك بالمزارعة والمساقات بل مقتضى الأخبار جوازه في كل زرع مشترك (2)
أو ثمر مشترك، والأقوى لزومه بعد القبول وان تبين بعد ذلك زيادته أو نقيصته
لبعض تلك الأخبار مضافا إلى العمومات العامة خلافا لجماعة، والظاهر أنه معاملة
مستقلة وليس بيعا ولا صلحا معاوضيا فلا يجرى فيها اشكال اتحاد العوض والمعوض
ولا اشكال النهى عن المحاقلة والمزابنة ولا اشكال الربا ولو بناءا على ما هو الأقوى
من عدم اختصاص حرمته بالبيع وجريانه في مطلق المعاوضات، مع أن حاصل الزرع
والشجر قبل الحصاد والجذاذ ليس من المكيل الموزون، ومع الاغماض عن ذلك كله
يكفي في صحتها الاختبار الخاصة فهو نوع من المعاملة عقلائية ثبت بالنصوص ولتسم
بالتقبل، وحصر المعاملات في المعهودات ممنوع، نعم يمكن أن يقال إنها في المعنى راجعة
إلى الصلح الغير المعاوضي فكأنهما يتسالمان على أن يكون حصة أحدهما من المال
المشترك كذا مقدارا والبقية للاخر شبه القسمة أو نوع منها وعلى ذلك يصح ايقاعها

(1) اخبار الباب على طائفتين - الأولى مطلقة - الثانية ما تضمن التصريح بالزيادة
والنقص، اما الأولى فهي تقيد بما دل على مضرية الجهالة للحكومة واما الثانية فهي
مختصة بما إذا كان الخراج معينا وتدل على أنه ان زاد السلطان عليه بعد العقد صح
الشرط وكانت الزيادة على المالك فيختص الحكم بهذا الفرض، فاشترطا مالا يكون
معينا معلوما يكون مضرا.
(2) فيه اشكال.
402

بعنوان الصلح على الوجه المذكور مع قطع النظر عن الأخبار أيضا على الأقوى
من اغتفار المقدار من الجهالة فيه إذا ارتفع الغرر بالخرص وعلى
هذا لا يكون من التقبيل والتقبل، ثم إن المعاملة المذكورة لا تحتاج إلى صيغة مخصوصة
بل يكفي كل لفظ دال على التقبل بل الأقوى عدم الحاجة إلى الصيغة أصلا فيكفي
فيها مجرد التراضي (1) كما هو ظاهر الأخبار، والظاهر اشتراط كون الخرص بعد
بلوغ الحاصل وادراكه فلا يجوز قبل ذلك والقدر المتيقن من الأخبار كون المقدار
المخروص عليه من حاصل ذلك الزرع فلا يصح الخرص وجعل المقدار في الذمة
من جنس ذلك الحاصل، نعم لو أوقع المعاملة بعنوان الصلح على الوجه الذي ذكرنا
لا مانع من ذلك فيه لكنه كما عرفت خارج عن هذه المعاملة، ثم إن المشهور بينهم
ان قرار هذه المعاملة مشروط بسلامة الحاصل فلو تلف بآفة سماوية أو أرضية كان
عليهما ولعله لأن تعيين الحصة (2) في المقدار المعين ليس من باب الكلى في المعين
بل هي باقية على اشاعتها غاية الأمر تعيينها في مقدار معين مع احتمال ان يكون ذلك
من الشرط الضمني بينهما والظاهر أن المراد من الآفة الأرضية ما كان من غير الانسان
ولا يبعد لحوق اتلاف متلف من الانسان أيضا (3) به، وهل يجوز خرص ثالث حصة
أحدهما أو كليهما في مقدار وجهان أقواهما العدم.
مسألة 21 - بناءا على ما ذكرنا من الاشتراط من أول الأمر في الزرع يجب
على كل منهما الزكاة إذا كان نصيب كل منهما بحد النصاب وعلى من بلغ نصيبه ان
بلغ نصيب أحدهما، وكذا ان اشترطا الاشتراك حين ظهور الثمن، لأن تعلق الزكاة بعد
صدق الاسم، وبمجرد الظهور لا يصدق، وان اشترطا الاشتراط بعد صدق الاسم أو حين
الحصاد والتصفية فهي على صاحب البذر منهما لأن المفروض ان الزرع والحاصل

(1) بل يعتبر فيها كساير المعاملات ان يكون لها مبرز في الخارج.
(2) الحكم مما لا تأمل فيه، ولكن في التعليل شيئا والتفصيل لا يسعه المجال.
(3) فيه تأمل.
403

له إلى ذلك الوقت فتتعلق الزكاة في ملكه.
مسألة 22 - إذا بقي في الأرض أصل الزرع بعد انقضاء المدة والقسمة فنبت
بعد ذلك في العام الآتي فإن كان البذر لهما فهو لهما وإن كان لأحدهما فله الا مع
الاعراض (1) وحينئذ فهو لمن سبق ويحتمل ان يكون لهما مع عدم الاعراض مطلقا
لأن المفروض شركتهما في الزرع وأصله وإن كان البذر لأحدهما أو لثالث وهو
الأقوى، وكذا إذا بقي في الأرض بعض الحب فنبت فإنه مشترك بينهما (2) مع عدم
الاعراض، نعم لو كان الباقي حب مختص بأحدهما اختص به ثم لا يستحق صاحب
الأرض اجرة لذلك الزرع النابت (3) على الزرع في صورة الاشتراك أو الاختصاص
به وان انتفع بها إذا لم يكن ذلك من فعله ولا من معاملة واقعة بينهما.
مسألة 23 - لو اختلفا في المدة وأنها سنة أو سنتان مثلا فالقول قول منكر
الزيادة، وكذا لو قال أحدهما انها ستة اشهر والآخر قال إنها ثمانية اشهر، نعم لو ادعى
المالك مدة قليلة لا تكفى لبلوغ الحاصل ولو نادرا ففي تقديم قوله اشكال، ولو اختلفا
في الحصة قلة وكثرة فالقول قول صاحب البذر المدعى للقلة هذا إذا كان نزاعهما
في زيادة المدة أو الحصة وعدمها، وأما لو اختلفا في تشخيص ما وقع عليه العقد وأنه
وقع على كذا أو كذا فالظاهر التحالف وإن كان خلاف اطلاق كلماتهم فان حلفا أو
نكلا فالمرجع أصالة عدم الزيادة.
مسألة 24 - لو اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أيهما
فالمرجع التحالف ومع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة.
مسألة 25 - لو اختلفا في الإعارة والمزارعة فادعى الزارع ان المالك أعطاه الأرض

(1) قد تقدم ان الاعراض بنفسه لا يوجب الخروج عن الملك.
(2) قد تقدم ان الذي بينهما هو خصوص الحاصل، الا مع الاشتراط.
(3) بالإضافة إلى ما مضى، واما بالنسبة إلى بقائه فله ان يطالبه بقلعه أو دفع الأجرة
404

عارية للزراعة والمالك ادعى المزارعة فالمرجع التحالف أيضا (1) ومع حلفهما
أو نكولهما تثبت أجرة المثل للأرض فإن كان بعد البلوغ فلا اشكال، وإن كان في الأثناء
فالظاهر جواز الرجوع للمالك وفى وجوب ابقاء الزرع إلى البلوغ عليه مع الأجرة
ان أراد الزارع وعدمه وجواز أمره بالإزالة وجهان، وإن كان النزاع قبل نثر الحب
فالظاهر الانفساخ بعد حلفهما أو نكولهما.
مسألة 26 - لو ادعى المالك الغصب والزارع ادعى المزارعة فالقول قول
المالك مع يمينه على نفى المزارعة.
مسألة 27 - في الموارد التي للمالك قلع زرع الزارع هل يجوز له ذلك بعد
تعلق الزكاة وقبل البلوغ، قد يقال بعدم الجواز الا ان يضمن حصتها للفقراء لأنه
ضرر عليهم، والأقوى الجواز وحق الفقراء يتعلق بذلك الموجود وان لم يكن بالغا.
مسألة 28 - يستفاد من جملة من الأخبار أنه يجوز لمن بيده الأرض الخراجية
أن يسلمها إلى غيره ليزرع لنفسه ويؤدى خراجها عنه ولا بأس به.
مسائل متفرقة
الأولى - إذا قصر العامل في تربية الزرع فقل الحاصل فالظاهر ضمانه التفاوت (2)
بحسب تخمين أهل الخبرة كما صرح به المحقق القمي قدس سره في أجوبة مسائله.
الثانية - إذا ادعى المالك على العامل عدم العمل بما اشترط في ضمن عقد

(1) بل يقدم قول الزارع لأصالة البراءة بعد فرض كون التصرف جائزا وبه يظهر
الحال في بقية المسألة.
(2) لهذا وجه على مسلكه من اشتراك البذر بينهما، واما على ما اخترناه من أنه
إذا كان البذر للزارع لا يكون المالك شريكا فيه فلا وجه له أصلا، الا إذا كان التقصير
بعد ظهور الزرع، وبالجملة لذلك وجه فيما إذا كان البذر للمالك، أو كان التقصير بعد
ظهور الزرع، واما إذا كان للعامل وكان التقصير قبل ظهوره فلا وجه له، نعم للمالك
حينئذ الفسخ ومطالبة الزارع أجرة المثل لمنفعة الأرض.
405

المزارعة من بعض الشروط أو ادعى عليه تقصيره في العمل على وجه يضر بالزرع
وأنكر الزارع عدم العمل بالشرط أو التقصير فيه فالقول قوله لأنه مؤتمن في عمله
وكذا لو ادعى عليه التقصير في حفظ الحاصل بعد ظهوره وأنكر.
الثالثة - لو ادعى أحدهما على الآخر شرطا متعلقا بالزرع وأنكر أصل الاشتراط
فالقول قول المنكر.
الرابعة - لو ادعى أحدهما على الآخر الغبن في المعاملة فعليه اثباته وبعده له الفسخ.
الخامسة - إذا زارع المتولي للوقف الأرض الموقوفة بملاحظة مصلحة البطون
إلى مدة لزم ولا تبطل بالموت، وأما إذا زارع البطن المتقدم من الموقوف عليهم الأرض
الموقوفة ثم مات في الأثناء قبل انقضاء المدة فالظاهر بطلانها من ذلك الحين لانتقال
الأرض إلى البطن اللاحق، كما أن الأمر كذلك في اجارته لها لكن استشكل فيه المحقق
القمي قدس سره بأن عقد المزارعة لازمة ولا تنفسخ الا بالتقايل أو ببعض الوجوه
التي ذكروها ولم يذكروا في تعدادها هذه الصورة مع أنهم ذكروا في الإجارة
بطلانها إذا آجر البطن المتقدم ثم مات في أثناء المدة، ثم استشعر عدم الفرق بينهما
بحسب القاعدة فالتجأ إلى أن الإجارة أيضا لا تبطل بموت البطن السابق في أثناء
المدة وإن كان البطن اللاحق يتلقى الملك من الواقف لا من السابق وأن ملكية السابق
كانت إلى حين موته بدعوى أنه إذا آجر مدة لا تزيد على عمره الطبيعي ومقتضى
الاستصحاب بقاؤه بمقداره فكما انها في الظاهر محكومة بالصحة كذلك عند الشارع
وفى الواقع فبموت السابق ينتقل ما قرره من الأجرة إلى اللاحق لا الأرض بمنفعتها
إلى آخر ما ذكره من النقض والابرام وفيه ما لا يخفى ولا ينبغي الاشكال في البطلان
بموته في المقامين.
السادسة - يجوز مزارعة الكافر مزارعا كان أو زارعا.
السابعة - في جملة من الأخبار (1) النهى عن جعل ثلث للبذر وثلث للبقر

(1) قد تقدم انه لا يبعد دلالة هذه النصوص على ما قويناه، من عدم جواز المزارعة
بين أزيد من اثنين.
406

وثلث لصاحب الأرض وأنه لا ينبغي ان يسمى بذرا ولا بقرا فإنما يحرم الكلام والظاهر
كراهته وعن ابن الجنيد وابن البراج حرمته فالأحوط الترك.
الثامنة - بعد تحقق المزارعة على الوجه الشرعي يجوز لأحدهما بعد ظهور
الحاصل ان يصالح الآخر عن حصته بمقدار معين من جنسه أو غيره بعد التخمين
بحسب المتعارف بل لا بأس به قبل ظهوره (1) أيضا، كما أن الظاهر جواز مصالحة أحدهما
مع الآخر عن حصته في هذه القطعة من الأرض بحصة الآخر في الأخرى، بل الظاهر
جواز تقسيمهما بجعل احدى القطعتين لأحدهما والأخرى للآخر إذا لقدر المسلم لزوم
جعل الحصة مشاعة من أول الأمر وفى أصل العقد.
التاسعة - لا يجب في المزارعة على أرض امكان زرعها من أول الأمر وفى
السنة الأولى بل يجوز المزارعة على الأرض بائرة لا يمكن زرعها لا بعد اصلاحها
وتعميرها سنة أو أزيد، وعلى هذا إذا كانت أرض موقوفة وقفا عاما أو خاصا
وصارت بائرة يجوز للمتولى ان يسلمها إلى شخص بعنوان المزارعة إلى عشر
سنين أو أقل أو أزيد حسب ما تقتضيه المصلحة على أن يعمرها ويزرعها إلى سنتين
مثلا لنفسه ثم يكون الحاصل مشتركا بالإشاعة بحصة معينة. العاشرة: يستحب للزارع
كما في الاخبار الدعاء عند نثر الحب بأن يقول " اللهم قد بذرنا وأنت الزارع
واجعله حبا متراكما " وفى بعض الأخبار إذا أردت ان تزرع زرعا فخذ قبضة من
البذر واستقبل القبلة وقل " أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون "
ثلاث مرات ثم تقول بل الله الزارع ثلاث مرات ثم قل " اللهم اجعله حبا مباركا
وارزقنا فيه السلامة " ثم انثر القبضة التي في يدك في القراح. وفى خبر آخر لما
هبط آدم عليه السلام إلى الأرض احتاج إلى الطعام والشراب فشكى ذلك إلى جبرئيل فقال
له جبرئيل يا آدم كن حراثا فقال عليه السلام فعلمني دعاء قال قل: اللهم اكفني مؤنة الدنيا
وكل هول دون الجنة وألبسني العافية حتى تهنئني المعيشة.
تم كتاب المزارعة

(1) فيه اشكال.
407

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المساقاة
وهى معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرها ولا اشكال في مشروعيتها في الجملة
وبدل عليها مضافا إلى العمومات. خبر يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام سئلته عن
الرجل يعطى الرجل أرضه وفيها رمان أو نخل أو فاكهة ويقول: اسق هذا من الماء
واعمره ولك نصف ما اخرج قال عليه السلام لا بأس. وجملة من اخبار خيبر. منها صحيح الحلبي
قال أخبرني أبو عبد الله عليه السلام ان أباه حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وآله اعطى خيبرا بالنصف
أرضها ونخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة الخ هذا مع أنها من
المعاملات العقلائية ولم يرد نهى عنها ولا غرر فيها حتى يشملها النهى عن الغرر، ويشترط
فيها أمور:
الأول - الايجاب والقبول ويكفى فيهما كل لفظ دال على المعنى المذكور
ماضيا كان أو مضارعا أو امرا بل الجملة الاسمية مع قصد الانشاء بأي لغة كانت، ويكفى
القبول الفعلي بعد الايجاب القولي، كما أنه يكفي المعاطاة.
الثاني - البلوغ والعقل والاختيار.
الثالث - عدم الحجر لسفه أو فلس (1).

(1) هذا انما يعتبر في المالك دون العامل.
408

الرابع - كون الأصول مملوكة عينا ومنفعة أو منفعة فقط أو كونه نافذ التصرف
فيها لولاية أو وكالة أو تولية.
الخامس - كونها معينة عندهما معلومة لديهما.
السادس - كونها ثابتة مغروسة فلا تصح في الودي اي الفسيل قبل الغرس.
السابع - تعيين المدة بالأشهر والسنين وكونها بمقدار يبلغ فيه الثمر غالبا نعم
لا يبعد جوازها في العام الواحد إلى بلوغ الثمر من غير ذكر الأشهر لأنه معلوم بحسب
التخمين ويكفى ذلك في رفع الغرر مع أنه الظاهر من رواية يعقوب بن شعيب المتقدمة
الثامن - ان يكون قبل ظهور الثمر أو بعده (1) وقبل البلوغ بحيث كان يحتاج
بعد إلى سقى أو عمل آخر، واما إذا لم يكن كذلك ففي صحتها اشكال وإن كان محتاجا
إلى حفظ أو قطوف أو نحو ذلك.
التاسع - ان يكون الحصة معينة مشاعة، فلا تصح مع عدم تعيينها إذا لم يكن
هناك انصراف، كما لا تصح إذا لم تكن مشاعة بأن يجعل لأحدهما مقدارا معينا والبقية
للآخر، نعم لا يبعد (2) جواز ان يجعل لأحدهما أشجارا معلومة وللآخر أخرى، بل وكذا
لو اشترط اختصاص أحدهما بأشجار معلومة والاشتراك في البقية أو اشترط لأحدهما
مقدار معين مع الاشتراك في البقية إذا علم كون الثمر أزيد من ذلك المقدار وأنه تبقى بقيته.
العاشر - تعيين ما على المالك من الأمور وما على العامل من الأعمال إذا لم
يكن هناك انصراف.
مسألة 1 - لا اشكال في صحة المساقاة قبل ظهور الثمر كما لا خلاف في عدم
صحتها بعد البلوغ والادراك بحيث لا يحتاج إلى عمل غير الحفظ والاقتطاف، واختلفوا
في صحتها إذا كان بعد الظهور قبل البلوغ والأقوى كما أشرنا اليه صحتها (3) سواء

(1) في صحة المساقاة بعد ظهور الثمرة تأمل واشكال.
(2) بل هو بعيد.
(3) وقد مر الاشكال فيها.
409

كان العمل مما يوجب الاستزادة أولا خصوصا إذا كان في جملتها بعض الأشجار التي
بعد لم يظهر ثمرها.
مسألة 2 - الأقوى جواز المساقاة على الأشجار التي لا ثمر لها وانما ينتفع
بورقها كالتوت والحناء ونحوهما.
مسألة 3 - لا يجوز عندهم المساقاة (1) على أصول غير ثابتة كالبطيخ والباذنجان
والقطن وقصب السكر ونحوها وان تعددت اللقطات فيها كالأولين، ولكن لا يبعد الجواز
للعمومات وان لم يكن من المساقاة المصطلحة، بل لا يبعد الجواز في مطلق الزرع
كذلك فان مقتضى العمومات الصحة بعد كونه من المعاملات العقلائية ولا يكون من
المعاملات الغررية عندهم (2) غاية الأمر أنها ليست من المساقاة المصطلحة.
مسألة 4 - لا بأس بالمعاملة على أشجار لا تحتاج إلى السقي لاستغنائها بماء
السماء أو لمص أصولها من رطوبات الأرض وان احتاجت إلى اعمال اخر، ولا يضر
عدم صدق المساقاة حينئذ فان هذه اللفظة لم يرد في خبر من الأخبار وانما هي من
اصطلاح العلماء وهذا التعبير منهم مبنى على الغالب، ولذا قلنا بالصحة (3) إذا كانت
المعاملة بعد ظهور الثمر واستغنائها من السقي وان ضويق نقول بصحتها وان لم تكن
من المساقاة المصطلحة.
مسألة 5 - يجوز المساقاة على فسلان مغروسة وان لم تكن مثمرة الا بعد سنين
بشرط تعيين مدة تصير مثمرة فيها ولو بعد خمس سنين أو أزيد.
مسألة 6 - قد مر أنه لا تصح المساقاة على ودى غير مغروس لكن الظاهر جواز
ادخاله في المعاملة على الأشجار المغروسة بأن يشترط على العامل غرسه في البستان
المشتمل على النخيل والأشجار ودخوله في المعاملة بعد ان يصير مثمرا بل مقتضى

(1) وهو الأظهر.
(2) كيف لا يكون منها مع عدم معلومية مقدار الحاصل.
(3) لا ملازمة بين القول بالجواز هناك والقول به هنا.
410

العمومات صحة المعاملة (1) على الفسلان الغير المغروسة إلى مدة تصير مثمرة وان
لم تكن من المساقاة المصطلحة.
مسألة 7 - المساقاة لازمة لا تبطل الا بالتقايل أو الفسخ بخيار الشرط أو تخلف
بعض الشروط أو بعروض مانع عام موجب للبطلان أو نحو ذلك.
مسألة 8 - لا تبطل بموت أحد الطرفين فمع موت المالك ينتقل الأمر إلى
وارثه ومع موت العامل يقوم مقامه وارثه لكن لا يجبر على العمل فان اختار العمل
بنفسه أو بالاستيجار فله والا فيستأجر الحاكم من تركته من يباشره إلى بلوغ الثمر ثم
يقسم بينه وبين المالك، نعم لو كانت المساقاة مقيدة بمباشرة العامل تبطل بموته
ولو اشترط عليه المباشرة لا بنحو التقييد فالمالك مخير بين الفسخ لتخلف الشرط
واسقاط حق الشرط والرضا باستيجار من يباشر.
مسألة 9 - ذكروا أن مع اطلاق عقد المساقاة جملة من الأعمال على العامل
وجملة منها على المالك، وضابط الأولى ما يتكرر كل سنة وضابط الثانية مالا يتكرر
نوعا وان عرض له التكرر في بعض الأحوال، فمن الأول اصلاح الأرض بالحفر فيما
يحتاج اليه وما يتوقف عليه من الآلات وتنقية الأنهار والسقي ومقدماته كالدلو والرشا
واصلاح طريق الماء واستقائه إذا كان السقي من بئر أو نحوه وإزالة الحشيش المضرة
وتهذيب جرائد النخل والكرم والتلقيح واللقاط والتشميس واصلاح موضعه وحفظ
الثمرة إلى وقت القسمة، ومن الثاني حفر الآبار والأنهار وبناء الحائط والدولاب والدالية
ونحو ذلك مما لا يتكرر نوعا، واختلفوا في بعض الأمور أنه على المالك أو العامل مثل
البقر الذي يدير الدولاب والكش للتلقيح وبناء الثلم ووضع الشوك على الجدران وغير
ذلك ولا دليل على شئ من الضابطين فالأقوى انه إن كان هناك انصراف في كون شئ
على العامل أو المالك فهو المتبع، والا فلا بد من ذكر ما يكون على كل منهما رفعا للغرر
ومع الاطلاق وعدم الغرر يكون عليهما معا لأن المال مشترك بينهما فيكون ما يتوقف

(1) فيها اشكال.
411

عليه تحصيله عليهما.
مسألة 10 - لو اشترطا كون جميع الأعمال على المالك فلا خلاف بينهم في
البطلان لأنه خلاف وضع المساقاة نعم لو أبقى العامل شيئا من العمل عليه واشترط
كون الباقي على المالك، فإن كان مما يوجب زيادة الثمرة فلا اشكال في صحته وان
قيل بالمنع من جواز جعل العمل على المالك فلا خلاف بينهم في
البطلان لأنه خلاف وضع المساقاة نعم لو أبقى العامل شيئا من العمل عليه واشترط
كون الباقي على المالك، فإن كان مما يوجب زيادة الثمرة فلا اشكال في صحته وان
قيل بالمنع من جواز جعل العمل على المالك ولو بعضا منه، والا كما في الحفظ ونحوه
ففي صحته قولان أقواهما الأول (1) وكذا الكلام إذا كان ايقاع عقد المساقاة بعد
بلوغ الثمر وعدم بقاء عمل الا مثل الحفظ ونحوه وإن كان الظاهر في هذه الصورة
عدم الخلاف في بطلانه (2) كما مر.
مسألة 11 - إذا خالف العامل فترك ما اشترط عليه من بعض الأعمال فإن لم يفت
وقته فللمالك اجباره على العمل وان لم يمكن فله الفسخ وان فات وقته فله الفسخ
بخيار تخلف الشرط، وهل له ان لا يفسخ ويطالبه بأجرة العمل بالنسبة إلى حصته بمعنى
أن يكون مخيرا بين الفسخ وبين المطالبة بالأجرة وجهان بل قولان أقواهما ذلك (3)
ودعوى ان الشرط لا يفيد تمليك العمل المشروط لمن له على وجه يكون من أمواله
بل أقصاه التزام من عليه الشرط بالعمل واجباره عليه والتسلط على الخيار بعدم الوفاء
به، مدفوعة بالمنع من عدم افادته التمليك، وكونه قيدا في المعاملة لا جزءا من العوض
يقابل بالمال، لا ينافي افادته لملكية من له الشرط إذا كان عملا من الأعمال على من عليه
والمسألة سيالة في ساير العقود، فلو شرط في عقد البيع على المشترى مثلا خياطة
ثوب في وقت معين وفات الوقت فللبايع الفسخ أو المطالبة بأجرة الخياطة وهكذا.
مسألة 12 - لو شرط العامل على المالك أن يعمل غلامه معه صح، أما لو شرط
ان يكون تمام العمل على غلام المالك فهو كما لو شرط أن يكون تمام العمل على

(1) بل الثاني لا يخلو من قوة.
(2) وهو الأظهر كما مر.
(3) لا قوة فيه.
412

المالك وقد مر عدم الخلاف في بطلانه لمنافاته لمقتضى وضع المساقاة ولو شرط
العامل على المالك أن يعمل غلامه في البستان الخاص بالعامل فلا ينبغي الاشكال في
صحته، وإن كان ربما يقال بالبطلان بدعوى ان عمل الغلام في قبال عمل العامل فكأنه
صار مساقيا بلا عمل منه، ولا يخفى ما فيها ولو شرطا أن يعمل غلام المالك للعامل
تمام عمل المساقاة بأن يكون عمله له بحيث يكون كأنه هو العامل ففي صحته وجهان
لا يبعد الأول (1) لأن الغلام حينئذ كأنه نايب عنه في العمل بإذن المالك وإن كان
لا يخلو عن اشكال مع ذلك، ولازم القول بالصحة الصحة في صورة اشتراط تمام العمل
على المالك بعنوان النيابة عن العامل.
مسألة 13 - لا يشترط أن يكون العامل في المساقاة مباشرا للعمل بنفسه
فيجوز له أن يستأجر في بعض اعمالها أو في تمامها ويكون عليه الأجرة، ويجوز أن يشترط
كون اجرة بعض الأعمال على المالك والقول بالمنع لا وجه له، وكذا يجوز أن يشترط
كون الأجرة عليهما معا في ذمتهما أو الأداء من الثمر، وأما لو شرط على المالك أن
يكون اجرة تمام الأعمال عليه أو في الثمر ففي صحته وجهان. أحدهما - الجواز لأن
التصدي لاستعمال الاجراء نوع من العمل وقد تدعو الحاجة إلى من يباشر ذلك
لمعرفته بالآحاد من الناس وأمانتهم وعدمها والمالك ليس له معرفة بذلك. والثاني -
المنع (2) لأنه خلاف وضع المساقاة والأقوى الأول هذا، ولو شرطا كون الأجرة
حصة مشاعة من الثمر بطل العقد.
مسألة 14 - إذا شرطا انفراد أحدهما بالثمر بطل العقد وكان جميعه للمالك
وحينئذ فان شرطا انفراد العامل به استحق أجرة المثل لعمله وان شرطا انفراد المالك
به لم يستحق العامل شيئا لأنه حينئذ متبرع بعمله.
مسألة 15 - إذا اشتمل البستان على أنواع كالنخل والكرم والرمان ونحوها

(1) بل هو بعيد.
(2) وهو الأظهر.
413

من أنواع الفواكه فالظاهر عدم اعتبار العلم بمقدار كل واحد فيجوز المساقاة عليها
بالنصف أو الثلث أو نحوهما وان لم يعلم عدد كل نوع الا إذا كان الجهل بها موجبا
للغرر (1).
مسألة 16 - يجوز أن يفرد كل نوع بحصة مخالفة للحصة من النوع الآخر كأن
يجعل النخل بالنصف والكرم بالثلث والرمان بالربع مثلا وهكذا واشترط بعضهم
في هذه الصورة العلم بمقدار كل نوع، ولكن الفرق بين هذه وصورة اتحاد الحصة
في الجميع غير واضح والأقوى الصحة مع عدم الغرر في الموضعين والبطلان معه
فيهما.
مسألة 17 - لو ساقاه بالنصف مثلا ان سقى بالناضح وبالثلث ان سقى بالسيح
ففي صحته قولان أقواهما الصحة (2) لعدم اضرار مثل هذه الجهالة لعدم ايجابهما
الغرر مع أن بنائها على تحمله خصوصا على القول بصحة مثله في الإجارة كما إذا قال إن
خطت روميا فبدرهمين وان خطت فارسيا فبدرهم.
مسألة 18 - يجوز أن يشترط أحدهما على الآخر شيئا من ذهب أو فضة أو غيرهما
مضافا إلى الحصة من الفائدة، والمشهور كراهة اشتراط المالك على العامل شيئا من
ذهب أو فضة ومستندهم في الكراهة غير واضح، كما أنه لم يتضح اختصاص الكراهة
بهذه الصورة أو جريانها بالعكس أيضا، وكذا اختصاصها بالذهب والفضة أو جريانها
في مطلق الضميمة والأمر سهل.
مسألة 19 - في صورة اشتراط شئ من الذهب والفضة أو غيرهما على أحدهما
إذا تلف بعض الثمرة هل ينقص منهما شئ أولا وجهان أقواهما العدم فليس قرارهما
مشروطا بالسلامة، نعم لو تلف الثمرة بجميعها أو لم تخرج أصلا ففي سقوط الضميمة
وعدمه أقوال، ثالثها الفرق بين ما إذا كانت للمالك على العامل فتسقط وبين العكس

(1) الزايد عما يقتضيه طبع المساقاة، وبه يظهر الحال في المسألة اللاحقة.
(2) بل الأقوى عدم الصحة.
414

فلا تسقط، رابعها الفرق بين صورة عدم الخروج أصلا فتسقط وصورة التلف فلا
والأقوى عدم السقوط مطلقا لكونه شرطا في عقد لازم فيجب الوفاء به، ودعوى أن
عدم الخروج أو التلف كاشف عن عدم صحة المعاملة من الأول لعدم ما يكون مقابلا
للعمل أما في صورة كون الضميمة للمالك فواضح وأما مع كونها للعامل فلأن الفائدة
ركن في المساقاة فمع عدمها لا يكون شئ في مقابل العمل، والضميمة المشروطة
لا تكفى في العوضية فتكون المعاملة باطلة من الأول ومعه لا يبقى وجوب الوفاء بالشرط،
مدفوعة مضافا إلى عدم تماميته بالنسبة إلى صورة التلف لحصول العوض بظهور
الثمرة وملكيتها وان تلف بعد ذلك، بأنا نمنع كون المساقاة معاوضة بين حصة من
الفائدة والعمل، بل حقيقتها تسليط من المالك (1) للعامل على الأصول للاستنماء له
وللمالك ويكفيه احتمال الثمر وكونها في معرض ذلك ولذا لا يستحق العامل اجرة
عمله إذا لم يخرج أو خرج وتلف بآفة سماوية أو أرضية في غير صورة ضم الضميمة
بدعوى الكشف عن بطلانها من الأول واحترام عمل المسلم، فهي نظير المضاربة حيث إنها
أيضا تسليط على الدرهم أو الدينار للاسترباح له وللعامل وكونها جايزة دون
المساقاة لا يكفي في الفرق، كما أن ما ذكره في الجواهر من الفرق بينهما بان في
المساقاة يقصد المعاوضة بخلاف المضاربة التي يراد منها الحصة من الربح الذي
قد يحصل وقد لا يحصل وأما المساقاة فيعتبر فيها الطمأنية بحصول الثمرة ولا يكفي
احتمال مجرد، دعوى لا بينة لها ودعوى ان من المعلوم انه لو علم من أول الأمر
عدم خروج الثمر لا يصح المساقاة ولازمه البطلان إذا لم يعلم ذلك ثم انكشف بعد
ذلك، مدفوعة فأن الوجه في عدم الصحة كون المعاملة سفهية (2) مع العلم بعدم

(1) بل حقيقتها بحسب الارتكاز العرفي هي المشاركة في استخراج الأثمار بضم
العمل من أحدهما إلى الأصول من الآخر على أن تكون الفائدة بينهما نظير المضاربة
والمزارعة، ويستتبع العقد عليها السلطنة المشار إليها.
(2) لا دليل على بطلان المعاملة السفهية، بل الديل دل على بطلان معاملة السفيه - والوجه في البطلان في الفرض عدم القصد الجدى إلى المعاملة.
415

الخروج من الأول بخلاف المفروض، فالأقوى ما ذكرنا من الصحة ولزوم الوفاء
بالشرط وهو تسليم الضميمة وان لم يخرج شئ أو تلف بالآفة، نعم لو تبين عدم قابلية
الأصول للثمر اما ليبسها أو لطول عمرها أو نحو ذلك كشف عن بطلان المعاملة من
الأول ومعه يمكن استحقاق العامل للأجرة إذا كان جاهلا بالحال.
مسألة 20 - لو جعل المالك للعامل مع الحصة من الفائدة ملك حصة من
الأصول مشاعا أو مفروزا، ففي صحته مطلقا، أو عدمها كذلك، أو التفصيل بين ان يكون
ذلك بنحو الشرط فيصح أو على وجه الجزئية فلا أقوال، والأقوى الأول (1) للعمومات
ودعوى ان ذلك على خلاف وضع المساقاة كما ترى، كدعوى ان مقتضاها ان يكون
العمل في ملك المالك إذ هو أول الدعوى، والقول بأنه لا يعقل ان يشترط عليه العمل
في ملك نفسه، فيه انه لا مانع منه إذا كان للشارط فيه غرض أو فائدة كما في المقام
حيث إن تلك الأصول وان لم تكن للمالك الشارط الا ان عمل العامل فيها ينفعه في
حصول حصة من نمائها، ودعوى انه إذا كانت تلك الأصول للعامل بمقتضى الشرط
فاللازم تبعية نمائها لها، مدفوعة بمنعها بعد إن كان المشروط له الأصل فقط في عرض
تملك حصة من نماء الجميع، نعم لو اشترط كونها له على وجه يكون نماؤها له
بتمامه كان كذلك لكن عليه تكون تلك الأصول بمنزلة المستثنى من العمل فيكون
العمل فيما عداها مما هو للمالك بإزاء الحصة من نمائه مع نفس تلك الأصول.
مسألة 21 - إذا تبين في أثناء المدة عدم خروج الثمر أصلا هل يجب على
العامل اتمام السقي قولان أقواهما العدم.
مسألة 22 - يجوز أن يستأجر المالك أجيرا للعمل مع تعيينه نوعا ومقدارا
بحصة من الثمرة أو بتمامها بعد الظهور وبدو الصلاح، بل وكذا قبل البدو بل قبل الظهور

(1) في صحته اشكال الا ان يكون بنحو الاستثناء وجعل المستثنى للعامل بنحو
الشرط.
416

أيضا (1) إذا كان مع الضميمة الموجودة أو عامين، وأما قبل الظهور عاما واحدا بلا
ضميمة فالظاهر عدم جوازه لا لعدم معقولية تمليك ما ليس بموجود لأنا نمنع عدم
المعقولية بعد اعتبار العقلاء وجوده لوجوده المستقبلي ولذا يصح مع الضميمة أو
عامين حيث إنهم اتفقوا عليه في بيع الثمار وصرح به جماعة ههنا، بل لظهور اتفاقهم
على عدم الجواز كما هو كذلك في بيع الثمار، ووجه المنع هناك خصوص الأخبار
الدالة عليه وظاهرها أن وجه المنع الغرر لا عدم معقولية تعلق الملكية بالمعدوم ولولا
ظهور الاجماع في المقام لقلنا بالجواز مع الاطمينان بالخروج بعد ذلك كما يجوز
بيع ما في الذمة مع عدم كون العين موجودا فعلا عند ذيها بل وان لم يكن في الخارج
أصلا والحاصل ان الوجود الاعتباري يكفي في صحة تعلق الملكية فكأن العين موجودة
في عهدة الشجر كما أنها موجودة في عهدة الشخص.
مسألة 23 - كل موضع بطل فيه عقد المساقاة يكون الثمر للمالك وللعامل
أجرة المثل لعمله، الا إذا كان عالما بالبطلان ومع ذلك اقدم على العمل، أو كان الفساد
لأجل اشتراط كون جميع الفائدة للمالك حيث إنه بمنزلة المتبرع في هاتين
الصورتين (2) فلا يستحق أجرة المثل على الأقوى وإن كان عمله بعنوان المساقاة.
مسألة 24 - يجوز اشتراط مساقاة في عقد مساقاة كأن يقول ساقيتك على هذا البستان
بالنصف على أن أساقيك على هذا الآخر بالثلث، والقول بعدم الصحة لأنه كالبيعين في بيع
المنهى عنه، ضعيف لمنع كونه من هذا القبيل فان المنهى عنه البيع حالا بكذا ومؤجلا
بكذا أو البيع على تقدير كذا بكذا وعلى تقدير آخر بكذا، والمقام نظير أن يقول بعتك
دارى بكذا على أن أبيعك بستاني بكذا ولا مانع منه لأنه شرط مشروع في ضمن العقد.
مسألة 25 - يجوز تعدد العامل كأن يساقى مع اثنين بالنصف له والنصف لهما

(1) فيه اشكال والفارق بين الإجارة والبيع النص الخاص الذي هو المدرك للجواز
مع الضميمة أو عامين في البيع، والا فمقتضى القاعدة هو البطلان في البابين كما تقدم في
كتاب الإجارة.
(2) يتم ما ذكره في الصورة الثانية دون الأولى، فالأظهر فيها ثبوت أجرة المثل
417

مع تعيين عمل كل منهما بينهم أو فيها بينهما وتعيين حصة كل منهما، وكذا يجوز
تعدد المالك واتحاد العامل كما إذا كان البستان مشتركا بين اثنين فقالا لو أحد ساقيناك
على هذا البستان بكذا وحينئذ، فان كانت الحصة المعينة للعامل منهما سواء كالنصف
أو الثلث مثلا صح وان لم يعلم العامل كيفية شركتهما وأنها بالنصف أو غيره، وان
لم يكن سواء كأن يكون في حصة أحدهما بالنصف وفى حصة الآخر بالثلث مثلا فلا بد
من علمه بمقدار حصة كل منهما لرفع الغرر والجهالة في مقدار حصته من الثمر.
مسألة 26 - إذا ترك العامل العمل بعد اجراء العقد ابتداءا أو في الأثناء فالظاهر أن
المالك مخير بين الفسخ أو الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيجبره على العمل وان
لم يمكن استأجر من ماله من يعمل عنه، أو بأجرة مؤجلة إلى وقت الثمر فيؤديها منه
أو يستقرض عليه ويستأجر من يعمل عنه وان تعذر الرجوع إلى الحاكم أو تعسر فيقوم
بالأمور المذكورة عدول المؤمنين، بل لا يبعد جواز اجباره بنفسه إلى الحاكم أو تعسر فيقول
بالأمور المذكورة عدول المؤمنين، بل لا يبعد جواز اجباره بنفسه أو المقاصة من ماله (1)
أو استيجار المالك عنه ثم الرجوع عليه أو نحو ذلك، وقد يقال بعدم جواز الفسخ الا بعد
تعذر الاجبار وان اللازم كون الاجبار من الحاكم مع امكانه وهو أحوط، وإن كان الأقوى
التخيير بين الأمور المذكورة هذا إذا لم يكن مقيدا بالمباشرة والا فيكون مخيرا
بين الفسخ والاجبار، ولا يجوز الاستيجار عنه للعمل نعم لو كان اعتبار المباشرة بنحو
الشرط لا القيد يمكن اسقاط حق الشرط والاستيجار عنه أيضا.
مسألة 27 - إذا تبرع عن العامل متبرع بالعمل جاز إذا لم يشترط المباشرة بل
لو أتى به من غير قصد التبرع عنه (2) أيضا كفى، بل ولو قصد التبرع عن المالك كان كذلك
أيضا وإن كان لا يخلو عن اشكال فلا يسقط حقه من الحاصل، وكذا لو ارتفعت الحاجة إلى

(1) في جواز المقاصة، وجواز استيجار المالك بنفسه اشكال بل منع، بل في استيجار
الحاكم أيضا تأمل.
(2) إن كان الماتى به بعض عمل المساقاة يتم ذلك، وإن كان جميعه ففي كفايته
إذا لم يقصد التبرع به عن العامل اشكال بل منع، وبه يظهر حكم جميع الصور المفروضة.
418

بعض الأعمال كما إذا حصل السقي بالأمطار ولم يحتج إلى النزح من الآبار خصوصا إذا
كانت العادة كذلك، وربما يستشكل بأنه نظير الاستيجار لقلع الضرس إذا انقلع بنفسه
فان الأجير لا يستحق الأجرة لعدم صدور العمل المستأجر عليه منه فاللازم في المقام أيضا
عدم استحقاق ما يقابل ذلك العمل، ويجاب بأن وضع المساقاة وكذا المزارعة على
ذلك فان المراد حصول الزرع والثمرة فمع احتياج ذلك إلى العمل فعله العامل و
ان استغنى عنه بفعل الله أو بفعل الغير سقط واستحق حصته بخلاف الإجارة فان المراد
منها مقابلة العوض بالعمل منه أو عنه، ولا بأس بهذا الفرق فيما هو المتعارف سقوطه
أحيانا كالاستقاء بالمطر مع بقاء سائر الأعمال، واما لو كان على خلافه كما إذا لم يكن
عليه الا السقي واستغنى عنه بالمطر أو نحوه كلية فاستحقاقه للحصة مع عدم صدور عمل
منه أصلا مشكل.
مسألة 28 - إذا فسخ المالك العقد بعد امتناع العامل عن اتمام العمل يكون
الثمر له وعليه أجرة المثل للعامل بمقدار ما عمل هذا إذا كان قبل ظهور الثمر، وإن كان
بعده يكون للعامل حصته (1) وعليه الأجرة للمالك إلى زمان البلوغ ان رضى بالبقاء
والا فله الاجبار على القطع بقدر حصته الا إذا لم يكن له قيمة أصلا فيحتمل ان يكون
للمالك كما قبل الظهور.
مسألة 29 - قد عرفت انه يجوز للمالك مع ترك العامل العمل ان لا يفسخ و
يستأجر عنه (2) ويرجع عليه اما مطلقا كما لا يبعد أو بعد تعذر الرجوع إلى الحاكم، لكن
يظهر من بعضهم اشتراط جواز الرجوع عليه بالاشهاد على الاستيجار عنه فلو لم يشهد
ليس له الرجوع عليه حتى بينه وبين الله وفيه مالا يخفى، فالأقوى ان الاشهاد للاثبات
ظاهرا، والا فلا يكون شرطا للاستحقاق فمع العلم به أو ثبوته شرعا يستحق الرجوع

(1) مع فسخ العقد الموجب لارتفاعه وفرضه كأن لم يكن لا وجه لبقاء ملك العامل
لحصته بعد الفسخ بل حكم الفسخ بعده حكمه قبله.
(2) تقدم الاشكال فيه.
419

وان لم يكن اشهد على الاستيجار، نعم لو اختلفا في مقدار الأجرة فالقول قول العامل
في نفى الزيادة، وقد يقال بتقديم قول المالك لأنه امين وفيه مالا يخفى، واما لو اختلفا
في أنه تبرع عنه أو قصد الرجوع عليه فالظاهر تقديم قول المالك لاحترام ماله وعمله
الا إذا ثبت التبرع وإن كان لا يخلو عن اشكال بل يظهر من بعضهم تقديم قول العامل.
مسألة 30 - لو تبين بالبينة أو غيرها ان الأصول كانت مغصوبة فان أجاز المغصوب
منه المعاملة صحت المساقاة والا بطلت وكان تمام الثمرة للمالك المغصوب منه و
يستحق العامل أجرة المثل على الغاصب إذا كان جاهلا بالحال الا إذا كان مدعيا عدم
الغصبية وانها كانت للمساقي إذا حينئذ ليس له الرجوع عليه لاعترافه بصحة المعاملة
وان المدعى اخذ الثمرة منه ظلما هذا إذا كانت الثمرة باقية، واما لو اقتسماها وتلفت
عندهما فالأقوى ان للمالك الرجوع بعوضها على كل من الغاصب والعامل بتمامه و
له الرجوع على كل منهما بمقدار حصته، فعلى الأخير لا اشكال، وان رجع على أحدهما
بتمامه رجع على الآخر بمقدار حصته الا إذا اعترف بصحة العقد وبطلان دعوى المدعى
للغصيبة لأنه حينئذ معترف بأنه غرمه ظلما، وقيل إن المالك مخير بين الرجوع على كل منهما
بمقدار حصته وبين الرجوع على الغاصب بالجميع فيرجع هو على العامل بمقدار
حصته وليس له الرجوع على العامل بتمامه (1) الا إذا كان عالما بالحال ولا وجه له
بعد ثبوت يده على الثمر بل العين أيضا، فالأقوى ما ذكرنا لأن يد كل منهما يد ضمان
وقرار الضمان على من تلف في يده العين ولو كان تلف الثمرة بتمامها في يد أحدهما
كان قرار الضمان عليه هذا، ويحتمل في أصل المسألة (2) كون قرار الضمان على الغاصب
مع جهل العامل لأنه مغرور من قبله ولا ينافيه ضمانه لا جرة عمله فإنه محترم وبعد فساد

(1) هذا هو الأقوى فان يد العامل انما تكون على حصة من الثمر لا جميعه فان المراد
باليد الاستيلاء، ومن المعلوم ان حصة الغاصب ليست تحت استيلاء العامل بل هو مراع
لها ونائب عنه في حفظها - ولا فرق في ذلك بين علم العامل وجهله.
(2) هذا الاحتمال ضعيف فإنه اقدم على تملك حصته المجعولة له بإزاء عمله لا مجانا
فلا غرور.
420

المعاملة لا يكون الحصة عوضا عنه فيستحقها واتلافه الحصة إذا كان بغرور من الغاصب
لا يوجب ضمانه له.
مسألة 31 - لا يجوز للعامل في المساقاة ان يساقى غيره مع اشتراط المباشرة
أو مع النهى عنه، وأما مع عدم الأمرين ففي جوازه مطلقا كما في الإجارة والمزارعة
وإن كان لا يجوز تسليم الأصول إلى العامل الثاني الا بإذن المالك، أو لا يجوز مطلقا
وان أذن المالك، أو لا يجوز الا مع اذنه، أو لا يجوز قبل ظهور الثمر ويجوز بعده
أقوال أقواها الأول (1) ولا دليل على القول بالمنع مطلقا أو في الجملة بعد شمول
العمومات من قوله تعالى " أوفوا بالعقود " و " تجارة عن تراض " وكونها على
خلاف الأصل فاللازم الاقتصار على القدر المعلوم ممنوع بعد شمولها، ودعوى أنه
يعتبر فيها كون الأصل مملوكا للمساقي أو كان وكيلا عن المالك أو وليا عليه كما
ترى إذ هو أول الدعوى.
مسألة 32 - خراج السلطان في الأراضي الخراجية على المالك لأنه انما
يؤخذ على الأرض التي هي للمسلمين لا الغرس الذي هو للمالك وان أخذ على الغرس
فبملاحظة الأرض ومع قطع النظر عن ذلك أيضا كذلك فهو على المالك مطلقا الا
إذا اشترط كونه على العامل أو عليهما بشرط العلم بمقداره.
مسألة 33 - مقتضى عقد المساقاة ملكية العامل للحصة من الثمر من حين
ظهوره والظاهر عدم الخلاف فيه الا من بعض العامة حيث قال بعدم ملكيته له الا
بالقسمة قياسا على عامل القراض حيث إنه لا يملك الربح الا بعد الانضاض وهو
ممنوع عليه حتى في المقيس عليه، نعم لو اشترطا ذلك في ضمن العقد لا يبعد صحته
ويتفرع على ما ذكرنا فروع.
منها - ما إذا مات العامل بعد الظهور قبل القسمة مع اشتراط مباشرته للعمل

(1) بل أقواهما الثاني لأن هذه المعاملة على خلاف القواعد باعتبار الغرر والجهالة
ولا نص خاص في المقام، ومقتضى الاقتصار على القدر المتيقن هو ذلك.
421

فان المعاملة تبطل من حينه والحصة تنتقل إلى وارثه على ما ذكرنا.
ومنها - ما إذا فسخ أحدهما (1) بخيار الشرط، أو الاشتراط بعد الظهور وقبل
القسمة، أو تقايلا.
ومنها - ما إذا حصل مانع عن اتمام العمل بعد الظهور.
ومنها - ما إذا خرجت الأصول عن القابلية لادراك الثمر ليبس أو فقد الماء
أو نحو ذلك بعد الظهور فان الثمر في هذه الصور مشترك بين المالك والعامل وان
لم يكن بالغا.
ومنها - في مسألة الزكاة فإنها تجب على العامل أيضا إذا بلغت حصته النصاب
كما هو المشهور لتحقق سبب الوجوب وهو الملكية له حين الانعقاد أو بدو الصلاح
على ما ذكرنا بخلافه إذا قلنا بالتوقف على القسمة، نعم خالف في وجوب الزكاة عليه
ابن زهرة هنا وفى المزارعة بدعوى ان ما يأخذه كالأجرة، ولا يخفى ما فيه من الضعف
لان الحصة قد ملكت بعقد المعاوضة أو ما يشبه المعاوضة لا بطريق الأجرة مع أن
مطلق الأجرة لا تمنع من وجوب الزكاة بل إذا تعلق الملك بها بعد الوجوب، واما
إذا كانت مملوكة قبله فتجب زكاتها كما في المقام وكما لو جعل مال الإجارة
لعمل زرعا قبل ظهور ثمره فإنه يجب على المؤجر زكاته إذا بلغ النصاب فهو نظير
ما إذا اشترى زرعا قبل ظهور الثمر هذا وربما يقال بعدم وجوب الزكاة على العامل
في المقام ويعلل بوجهين آخرين.
أحدهما - انها انما تجب بعد اخراج المؤن والفرض كون العمل في مقابل
الحصة فهي من المؤن وهو كما ترى والا لزم احتساب اجرة عمل المالك والزارع
لنفسه أيضا فلا نسلم انها حيث كانت في قبال العمل تعد من المؤن.
الثاني - انه يشترط في وجوب الزكاة التمكن من التصرف وفى المقام وان حصلت
الملكية للعامل بمجرد الظهور الا انه لا يستحق التسلم الا بعد تمام العمل وفيه مع

(1) تقدم ان الفسخ يوجب زوال ملكية العامل عن الحصة.
422

فرض تسليم عدم التمكن من التصرف أن اشتراطه مختص بما يعتبر في زكاته الحول
كالنقدين والانعام لا في الغلات (1) ففيها وان لم يتمكن من التصرف حال التعلق
يجب اخراج زكاتها بعد التمكن على الأقوى كما بين في محله، ولا يخفى أن لازم
كلام هذا القائل عدم وجوب زكاة هذه الحصة على المالك أيضا كما اعترف به
فلا يجب على العامل كما ذكر ولا يجب على المالك لخروجها عن ملكه.
مسألة 34 - إذا اختلفا في صدور العقد وعدمه فالقول قول منكره، وكذا لو
اختلفا في اشتراط شئ على أحدهما وعدمه، ولو اختلفا في صحة العقد وعدمها قدم
قول مدعى الصحة، ولو اختلفا في قدر حصة العامل قدم قول المالك المنكر للزيادة
وكذا لو اختلفا في المدة، ولو اختلفا في قدر الحاصل قدم قول العامل، وكذا لو
ادعى المالك عليه سرقة أو اتلافا أو خيانة، وكذا لو ادعى عليه أن التلف كان بتفريطه
إذا كان أمينا له كما هو الظاهر ولا يشترط في سماع دعوى المالك تعيين مقدار ما
يدعيه عليه بناءا على ما هو الأقوى من سماع الدعوى المجهولة خلافا للعلامة في
التذكرة في المقام.
مسألة 35 - إذا ثبتت الخيانة من العامل بالبينة أو غيرها هل له رفع يد
العامل على الثمرة أولا قولان أقواهما العدم لأنه مسلط على ماله وحيث إن المالك
أيضا مسلط على حصته فله ان يستأجر أمينا يضمه مع العامل والأجرة عليه لأن
ذلك لمصلحته ومع عدم كفايته في حفظ حصته جاز رفع يد العامل (2) واستيجار
من يحفظ الكل والأجرة على المالك أيضا.
مسألة 36 - قالوا المغارسة باطلة وهى أن يدفع أرضا إلى غيره ليغرس فيها
على أن يكون المغروس بينهما سواء اشترط كون حصة من الأرض أيضا للعامل أو لا

(1) قد تقدم في كتاب الزكاة انه لا يبعد اقوائية اعتبار التمكن من التصرف فيها
حال التعلق، ولكن في المقام لا نسلم عدم تمكنه من التصرف الذي يعتبر في وجوب الزكاة
(2) فيه تأمل واشكال.
423

ووجه البطلان الأصل بعد كون ذلك على خلاف القاعدة بل ادعى جماعة الاجماع
عليه، نعم حكى عن الأردبيلي وصاحب الكفاية الاشكال فيه لامكان استفادة الحصة
من العمومات، وهو في محله (1) ان لم يتحقق الاجماع، ثم على البطلان يكون الغرس
لصاحبه فإن كان من مالك الأرض فعليه اجرة عمل الغارس إن كان جاهلا بالبطلان (2)
وإن كان للعامل فعليه اجرة الأرض للمالك مع جهله به وله الابقاء بالأجرة أو الأمر
بقلع الغرس أو قلعه بنفسه وعليه أرش نقصانه ان نقص من جهة القلع، ويظهر من
جماعة ان عليه تفاوت ما بين قيمته قائما ومقلوعا ولا دليل عليه بعد كون المالك مستحقا
للقلع ويمكن حمل كلام بعضهم على ما ذكرنا من أرش النقص الحاصل بسبب القطع
إذا حصل بأن انكسر مثلا بحيث لا يمكن غرسه في مكان آخر ولكن كلمات الآخرين لا يقبل
هذا الحمل بل هي صريحة في ضمان التفاوت بين القائم والمقلوع حيث قالوا مع
ملاحظة أوصافه الحالية من كونه في معرض الابقاء مع الأجرة أو القلع، ومن الغريب
ما عن المسالك من ملاحظة كون قلعه مشروطا بالأرش لا مطلقا فان استحقاقه للأرش من
أوصافه وحالاته فينبغي ان يلاحظ أيضا في مقام التقويم مع أنه مستلزم للدور كما اعترف
به، ثم إنه ان قلنا بالبطلان يمكن تصحيح المعاملة بادخالها تحت عنوان الإجارة أو
المصالحة أو نحوهما مع مراعاة شرائطهما كان تكون الأصول مشتركة بينهما اما
بشرائها بالشركة أو بتمليك أحدهما للاخر نصفا منها مثلا إذا كانت من أحدهما فيصالح
صاحب الأرض مع العامل بنصف منفعة ارضه مثلا أو بنصف عينها على أن يشتغل
بغرسها وسقيه إلى زمان كذا أو يستأجره للغرس والسقي إلى زمان كذا بنصف منفعة
الأرض مثلا.
مسألة 37 - إذا صدر من شخصين مغرسة ولم يعلم كيفيتها وانها على الوجه
الصحيح أو الباطل بناءا على البطلان يحمل فعلهما على الصحة إذا ماتا أو اختلفا في
الصحة والفساد.

(1) بل في غير محله باعتبار الجهل بالوجود والغرر.
(2) بل مع العلم به أيضا وكذا ما بعده.
424

تذنيب
في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام من أراد ان يلقح النخل إذا كان لا يجود عملها
ولا يتبعل بالنخل حيتانا صغارا يابسة فيدقها بين الدقين ثم يذر في كل طلعة
منها قليلا ويصر الباقي في صرة نظيفة ثم يجعله في قلب النخل ينفع بإذن الله تعالى.
وعن الصدوق في كتاب العلل بسنده عن عيسى ابن جعفر العلوي عن آبائه صلى الله عليه وآله ان
النبي صلى الله عليه وآله قال مراخى عيسى بمدينة فإذا في ثمارها الدود فسألوا اليه ما بهم فقال عليه السلام
دواء هذا معكم وليس تعلمون أنتم قوم إذا غرستم الأشجار صببتم التراب وليس
هكذا يجب بل ينبغي ان تصبوا الماء في أصول الشجر ثم تصبوا التراب كي لا يقع
فيه الدود فاستأنفوا كما وصف فأذهب عنهم ذلك. وفى خبر عن أحدهما عليه السلام قال
تقول إذا غرست أو زرعت " ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في
السماء تؤتى اكلها كل حين باذن ربها " وفى خبر آخر إذا غرست غرسا أو نبتا
فاقرأ على كل عود أو حبة سبحان الباعث الوارث فإنه لا يكاد يخطئ انشاء الله.
تم كتاب المساقاة
425

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الضمان
وهو من الضمن لأنه موجب لتضمن ذمة الضامن للمال الذي على المضمون
عنه للمضمون له فالنون فيه أصلية، كما يشهد له ساير تصرفاته من الماضي والمستقبل
وغيرهما، وما قيل من احتمال كونه من الضم فيكون النون زائدة، واضح الفساد إذ مع
منافاته لساير مشتقاته لازمه كون الميم مشددة، وله اطلاقان اطلاق بالمعنى الأعم الشامل
للحوالة والكفالة أيضا فيكون بمعنى التعهد بمال أو النفس، واطلاق بالمعنى الأخص
وهو التعهد بالمال عينا أو منفعة أو عملا وهو المقصود من هذا الفصل، ويشترط فيه أمور:
أحدها - الايجاب ويكفى فيه كل لفظ دال بل يكفي الفعل الدال ولو بضميمة
القرائن على التعهد والالتزام بما على غيره من المال.
والثاني القبول من المضمون له ويكفى فيه أيضا كل ما دل على ذلك من
قول أو فعل، وعلى هذا فيكون من العقود المفتقرة إلى الايجاب والقبول كذا ذكروه
ولكن لا يبعد دعوى عدم اشتراط القبول على حد سائر العقود اللازمة بل يكفي رضا
المضمون له سابقا أو لاحقا كما عن الايضاح والأردبيلي حيث قالا يكفي فيه الرضا
ولا يعتبر القبول العقدي بل عن القواعد وفى اشتراط قبوله احتمال ويمكن استظهاره (1)

(1) ويرد على ذلك بعد الغض عن سند ما تضمنها، انه استدل به على القول بعدم =
426

من قضية الميت المديون الذي امتنع النبي صلى الله عليه وآله ان يصلى عليه حتى ضمنه علي عليه السلام وعلى
هذا فلا يعتبر فيه ما يعتبر في العقود من الترتيب والموالاة وسائر ما يعتبر في قبولها
واما رضى المضمون عنه فليس معتبرا فيه إذ يصح الضمان التبرعي فيكون بمنزلة
وفاء دين الغير تبرعا حيث لا يعتبر رضاه وهذا واضح فيما لم يستلزم الوفاء أو الضمان
عنه ضررا عليه أو حرجا من حيث كون تبرع هذا الشخص لوفاء دينه منافيا لشأنه
كما إذا تبرع وضيع دينا عن شريف غنى قادر على وفاء دينه فعلا.
الثالث - كون الضامن بالغا عاقلا فلا يصح ضمان الصبي وإن كان مراهقا
بل وان اذن له الولي على اشكال، ولا ضمان المجنون الا إذا كان أدواريا في دور افاقته
وكذا يعتبر كون المضمون له بالغا عاقلا، واما المضمون عنه فلا يعتبر فيه ذلك فيصح
كونه صغيرا أو مجنونا، نعم لا ينفع اذنهما في جواز الرجوع بالعوض.
الرابع - كونه مختارا (1) فلا يصح ضمان المكره.
الخامس - عدم كونه محجورا لسفه الا بإذن الولي، وكذا المضمون له، ولا بأس
بكون الضامن مفلسا فان ضمانه نظير اقتراضه فلا يشارك المضمون له مع الغرماء، واما
المضمون له فيشترط عدم كونه مفلسا ولا بأس بكون المضمون عنه سفيها أو مفلسا
لكن لا ينفع اذنه في جواز الرجوع عليه.
السادس - أن لا يكون الضامن مملوكا غير مأذون من قبل مولاه على المشهور
لقوله تعالى " لا يقدر على شئ " ولكن لا يبعد صحة ضمانه وكونه في ذمته يتبع به
بعد العتق كما عن التذكرة والمختلف ونفى القدرة منصرف (2) عما لا ينافي حق
المولى ودعوى أن المملوك لا ذمة له كما ترى ولذا لا اشكال في ضمانه لمتلفاته هذا

= اعتبار رضا المضمون له، والانصاف انه لا يدل على شئ منهما والتفصيل لا يسعه المقام
فالأولى الاستدلال له باطلاق صحيح ابن سنان، المتضمن لقوله (ع) إذا رضى به الغرماء
فقد برئت ذمة الميت، ولكن مع ذلك يعتبر ابرازه بمبرز خارجي.
(1) وكذا المضمون له فلا يصح قبوله مع الاكراه.
(2) فيه تأمل.
427

واما إذا أذن به مولاه فلا اشكال في صحة ضمانه وحينئذ فان عين كونه في ذمة نفسه
أو في ذمة المملوك يتبع به بعد عتقه أو في كسبه فهو المتبع، وان أطلق الاذن ففي كونه
في ذمة المولى أو في كسب المملوك أو في ذمته يتبع به بعد عتقه أو كونه متعلقا برقبته
وجوه وأقوال، أوجهها الأول لانفهامه عرفا كما في اذنه للاستدانة لنفقته أو لأمر آخر
وكما في اذنه في التزويج حيث إن المهر والنفقة على مولاه، ودعوى الفرق بين الضمان
والاستدانة بأن الاستدانة موجبة لملكيته وحيث انه لا قابلية له لذلك يستفاد منه كونه على
مولاه بخلاف الضمان حيث إنه لا ملكية فيه، مدفوعة بمنع عدم قابليته للملكية وعلى
فرضه أيضا لا يكون فارقا بعد الانفهام العرفي.
السابع - التنجيز فلو علق الضمان على شرط كأن يقول انا ضامن لما على
فلان ان اذن لي أبى أو أنا ضامن ان لم يف المديون إلى زمان كذا أو ان لم يف أصلا
بطل على المشهور (1) لكن لا دليل عليه بعد صدق الضمان وشمول العمومات العامة
الا دعوى الاجماع في كلى العقود على أن اللازم ترتب الأثر عند انشاء العقد من غير
تأخير أو دعوى منافاة التفليق للانشاء وفى الثاني ما لا يخفى وفى الأول منع تحققه
في المقام، وربما يقال لا يجوز تعليق الضمان ولكن يجوز تعليق الوفاء على شرط مع
كون الضمان مطلقا، وفيه أن تعليق الوفاء عين تعليق الضمان ولا يعقل التفكيك نعم في
المثال الثاني يمكن أن يقال (2) بامكان تحقق الضمان منجزا مع كون الوفاء معلقا
على عدم وفاء المضمون له لأنه يصدق أنه ضمن الدين على نحو الضمان في الأعيان

(1) لا يترك الاحتياط برعاية ما عليه المشهور.
(2) وقد أوضحه بعض الأساطين بان الضمان في مورد تعليق الوفاء على عدم وفاء
المديون، ليس بمعنى النقل إلى الذمة ليرجع تعليق الوفاء عليه إلى تعليق الضمان،
بل هو بمعنى تعهد ما في ذمة الغير على حذو تعهد العين الخارجية، وعليه فالضمان فعلى
واثره الانتقال إلى الذمة على تقدير عدم وفاء المديون، كما أن اثره في ضمان العين الخارجية
ذلك على تقدير تلفها، وعلى هذا فلا باس بما افاده ولا يبعد ان يكون الضمان بالمعنى المزبور
من المرتكزات العرفية انتهى.
428

المضمونة إذ حقيقته قضية تعليقية الا أن يقال بالفرق بين الضمان العقدي والضمان
اليدي.
الثامن - كون الدين الذي يضمنه ثابتا في ذمة المضمون عنه سواء كان مستقرا
كالقرض والعوضين في البيع الذي لاخيار فيه أو متزلزلا كأحد العوضين في البيع
الخياري كما إذا ضمن الثمن الكلى للبايع أو المبيع الكلى للمشترى أو المبيع
الشخصي (1) قبل القبض وكالمهر قبل الدخول ونحو ذلك فلو قال: اقرض فلانا
كذا وأنا ضامن أو بعه نسيئة وأنا ضامن لم يصح على المشهور بل عن التذكرة الاجماع
قال: لو قال لغيره مهما أعطيت فلانا فهو على لم يصح اجماعا ولكن ما ذكروه من
الشرط ينافي جملة من الفروغ الآتية، ويمكن ان يقال بالصحة إذا حصل المقتضى
للثبوت وان لم يثبت فعلا بل مطلقا لصدق الضمان وشمول العمومات العامة وان لم
يكن من الضمان المصطلح عندهم، بل يمكن منع عدم كونه منه أيضا.
التاسع - أن لا يكون ذمة الضامن مشغولة للمضمون عنه بمثل الدين الذي
عليه على ما يظهر من كلماتهم في بيان الضمان بالمعنى الأعم حيث قالوا إنه بمعنى
التعهد بمال أو نفس فالثاني الكفالة والأول إن كان ممن عليه للمضمون عنه مال فهو
الحوالة وان لم يكن فضمان بالمعنى الأخص، ولكن لا دليل على هذا شرط فإذا ضمن
للمضمون عنه بمثل ماله عليه يكون ضمانا فإن كان باذنه يتهاتران بعد أداء مال الضمان
والا فيبقى الذي للمضمون عنه عليه وتفرغ ذمته مما عليه بضمان الضامن تبرعا وليس
من الحوالة، ولأن المضمون عنه على التقديرين لم يحل مديونه على الضامن حتى
تكون حوالة، ومع الاغماض عن ذلك غاية ما يكون أنه يكون داخلا في كلا العنوانين
فيترتب عليه ما يختص بكل منهما مضافا إلى ما يكون مشتركا.
العاشر - امتياز الدين والمضمون له والمضمون عنه عند الضامن على وجه
يصح معه القصد إلى الضمان ويكفى التميز الواقعي وان لم يعلمه الضامن فالمضر هو

(1) هذا خارج عما هو محل الكلام كما هو واضح.
429

الابهام والترديد، فلا يصح ضمان أحد الدينين ولو لشخص واحد على شخص واحد على
وجه الترديد مع فرض تحقق الدينين، ولا ضمان دين أحد الشخصين ولو لواحد، ولا ضمان
دين لأحد الشخصين ولو على واحد، ولو قال ضمنت الدين الذي على فلان ولم يعلم أنه
لزيد أو لعمرو أو الدين الذي لفلان ولم يعلم أنه على زيد أو على عمرو صح
لأنه متعين واقعا، وكذا لو قال ضمنت لك كلما كان لك على الناس، أو قال ضمنت
عنك كلما كان عليك لكل من كان من الناس، ومن الغريب ما عن بعضهم من اعتبار العلم
بالمضمون عنه والمضمون له بالوصف والنسب أو العلم باسمهما ونسبهما مع أنه
لا دليل عليه أصلا ولم يعتبر ذلك في البيع الذي هو أضيق دائرة من ساير العقود.
مسألة 1 - لا يشترط في صحة الضمان العلم بمقدار الدين ولا بجنسه ويمكن ان
يستدل عليه مضافا إلى العمومات العامة وقوله صلى الله عليه وآله الزعيم غارم، بضمان علي بن
الحسين عليه السلام لدين عبد الله بن الحسن وضمانه لدين محمد بن اسامة لكن الصحة
مخصوصة بما إذا كان له واقع معين، وأما إذا لم يكن كذلك كقولك ضمنت شيئا
من دينك فلا يصح ولعله مراد من قال: ان الصحة انما هي فيما إذا كان يمكن العلم
به بعد ذلك، فلا يرد عليه ما يقال من عدم الاشكال في الصحة مع فرض تعينه واقعا
وان لم يمكن العلم به فيأخذ بالقدر المعلوم هذا، وخالف بعضهم فاشترط العلم به لنفى
الغرر والضرر، ورد بعدم العموم في الأول لاختصاصه بالبيع أو مطلق المعاوضات
وبالاقدام في الثاني، ويمكن الفرق بين الضمان التبرعي والاذني فيعتبر في الثاني دون
الأول إذ ضمان علي بن الحسين عليه السلام كان تبرعيا واختصاص نفى الغرر بالمعاوضات
ممنوع بل يجرى في مثل المقام الشبيه بالمعاوضة إذا كان بالاذن مع قصد الرجوع
على الآذن وهذا التفصيل لا يخلو عن قرب (1).
مسألة 2 - إذا تحقق الضمان الجامع لشرائط الصحة انتقل الحق من ذمة

(1) إذا احتمل اختصاص عدم مانعية الغرر بخصوص التبرعي ولكنه خلاف المرتكز
العرفي، فالأظهر عدم الاعتبار في شئ منهما والاحتياط سبيل النجاة.
430

المضمون عنه إلى ذمة الضامن وتبرء ذمة المضمون عنه بالاجماع والنصوص خلافا
للجمهور حيث إن الضمان عندهم ضم ذمة إلى ذمة، وظاهر كلمات الأصحاب عدم
صحة ما ذكروه حتى مع التصريح به على هذا النحو ويمكن الحكم بصحته (1)
حينئذ للعمومات.
مسألة 3 - إذا أبرء المضمون له ذمة الضامن برئت ذمته وذمة المضمون عنه
وان ابرء ذمة المضمون عنه لم يؤثر شئ ا فلا تبرء ذمة الضامن لعدم المحل للابراء بعد
برائته بالضمان الا إذا استفيد منه الابراء من الدين الذي كان عليه بحيث يفهم منه عرفا
ابراء ذمة الضامن، واما في الضمان بمعنى ضم ذمة إلى ذمة فان ابرء ذمة المضمون عنه
برئت ذمة الضامن أيضا وان أبرء ذمة الضامن فلا تبرء ذمة المضمون عنه كذا قالوا
ويمكن أن يقال ببراءة ذمتهما على التقديرين.
مسألة 4 - الضمان لازم من طرف الضامن والمضمون له، فلا يجوز للضامن
فسخه حتى لو كان باذن المضمون عنه وتبين اعساره، وكذا لا يجوز للمضمون له فسخه
والرجوع على المضمون عنه لكن بشرط ملاءة الضامن حين الضمان أو علم المضمون له
باعساره بخلاف ما لو كان معسرا حين الضمان وكان جاهلا باعساره ففي هذه الصورة
يجوز له الفسخ على المشهور، بل الظاهر عدم الخلاف فيه ويستفاد من بعض الأخبار
أيضا والمدار كما أشرنا اليه في الاعسار واليسار على حال الضمان فلو كان موسرا ثم
أعسر لا يجوز له الفسخ، كما أنه لو كان معسرا ثم أيسر يبقى الخيار، والظاهر عدم الفرق في
ثبوت الخيار مع الجهل بالاعسار بين كون المضمون عنه أيضا معسرا أولا، وهل يلحق
بالاعسار تبين كونه مماطلا مع يساره في ثبوت الخيار أولا وجهان (2).
مسألة 5 - يجوز اشتراط الخيار في الضمان للضامن والمضمون له لعموم
أدلة الشروط، والظاهر جواز اشتراط شئ لكل منهما كما إذا قال الضامن أنا ضامن

(1) لكنه ضعيف جدا.
(2) الأظهر الأول.
431

بشرط أن تخيط لي ثوبا أو قال المضمون له اقبل الضمان بشرط ان تعمل لي كذا
ومع التخلف يثبت للشارط خيار تخلف الشرط.
مسألة 6 - إذا تبين كون الضامن مملوكا وضمن من غير اذن مولاه أو باذنه
وقلنا انه يتبع بما ضمن بعد العتق لا يبعد ثبوت الخيار للمضمون له.
مسألة 7 - يجوز ضمان الدين الحال حالا ومؤجلا، وكذا ضمان المؤجل حالا
ومؤجلا بمثل ذلك الأجل أو أزيد أو انقص، والقول بعدم صحة الضمان الا مؤجلا
وأنه يعتبر فيه الأجل كالسلم ضعيف، كالقول بعدم صحة ضمان الدين المؤجل حالا أو
بأنقص، ودعوى انه من ضمان ما لم يجب كما ترى.
مسألة 8 - إذا ضمن الدين الحال مؤجلا باذن المضمون عنه فالأجل للضمان
لا للدين فلو أسقط الضامن اجله وأدو الدين قبل الأجل يجوز له الرجوع على المضمون
عنه لأن الذي عليه كان حالا ولم يصر مؤجلا بتأجيل الضمان، وكذا إذا مات قبل انقضاء
أجله وحل ما عليه واخذ من تركته يجوز لوارثه الرجوع على المضمون عنه، واحتمال
صيرورة أصل الدين مؤجلا حتى بالنسبة إلى المضمون عنه ضعيف.
مسألة 9 - إذا كان الدين مؤجلا فضمنه الضامن كذلك فمات وحل ما عليه وأخذ
من تركته ليس لوارثه الرجوع على المضمون عنه الا بعد حلول أجل أصل الدين
لأن الحلول على الضامن بموته لا يستلزم الحلول على المضمون عنه، وكذا لو أسقط
أجله وأدى الدين قبل الأجل لا يجوز له الرجوع على المضمون عنه، الا بعد انقضاء
الأجل.
مسألة 10 - إذا ضمن الدين المؤجل حالا باذن المضمون عنه فان فهم من اذنه
رضاه بالرجوع عليه يجوز للضامن ذلك، والا فلا يجوز الا بعد انقضاء الأجل والاذن
في الضمان أعم من كونه حالا.
مسألة 11 - إذا ضمن الدين المؤجل بأقل من أجله وأداه ليس له الرجوع
على المضمون عنه الا بعد انقضاء أجله وإذا ضمنه بأزيد من أجله فأسقط الزائد
432

وأداه جاز له الرجوع عليه على ما مر من أن أجل الضمان لا يوجب صيرورة أصل الدين
مؤجلا، وكذا إذا مات بعد انقضاء أجل الدين قبل انقضاء الزائد فاخذ من تركته فإنه
يرجع على المضمون عنه.
مسألة 12 - إذا ضمن بغير اذن المضمون عنه برئت ذمته ولم يكن له الرجوع
عليه، وإن كان أداؤه باذنه أو امره الا أن يأذن له في الأداء عنه تبرعا منه في وفاء دينه
كأن يقول: أد ما ضمنت عنى وارجع به على على اشكال في هذه الصورة أيضا (1)
من حيث إن مدجعه حينئذ إلى الوعد الذي لا يلزم الوفاء به، وإذا ضمن باذنه فله
الرجوع عليه بعد الأداء وان لم يكن باذنه لأنه بمجرد الاذن في الضمان اشتغلت ذمته
من غير توقف على شئ، نعم لو أذن له في الضمان تبرعا فضمن ليس له الرجوع عليه
لأن الاذن على هذا الوجه كلا اذن.
مسألة 13 - ليس للضامن الرجوع على المضمون عنه في صورة الاذن الا
بعد أداء مال الضمان على المشهور بل الظاهر عدم الخلاف فيه، وانما يرجع عليه
بمقدار ما أدى فليس له المطالبة قبله، اما لأن ذمة الضامن وان اشتغلت حين الضمان
بمجرده الا ان ذمة المضمون عنه لا تشتغل الا بعد الأداء وبمقداره، واما لأنها تشتغل
حين الضمان لكن بشرط الأداء فالأداء على هذا كاشف عن الاشتغال من حينه، واما
لأنها وان اشتغلت بمجرد الضمان الا أن جواز المطالبة مشروط بالأداء وظاهرهم هو
الوجه الأول وعلى اي حال لا خلاف في أصل الحكم وامكان مقتضى القاعدة جواز
المطالبة (2) واشتغال ذمته من حين الضمان في قبال اشتغال ذمة الضامن سواء أدى
أو لم يؤد، فالحكم المذكور على خلاف القاعدة ثبت بالاجماع وخصوص الخبر عن
رجل ضمن ضمانا ثم صالح عليه قال ليس له الا الذي صالح عليه بدعوى الاستفادة
منه أن ليس للضامن الا ما خسر، ويتفرع على ما ذكروه أن المضمون له لو أبرأ ذمة

(1) لا اشكال فيه.
(2) بل القاعدة أيضا تقتضي الوجه الأول كالاجماع والنص.
433

الضامن عن تمام الدين ليس له الرجوع على المضمون عنه أصلا وان أبرئه من
البعض ليس له الرجوع بمقداره، وكذا لو صالح معه بالأقل كما هو مورد الخبر، وكذا
لو ضمن عن الضامن ضامن تبرعا فأدى فإنه حيث لم يخسر بشئ لم يرجع على المضمون
عنه وإن كان باذنه، وكذا لو وفاه عنه غيره تبرعا.
مسألة 14 - لو حسب المضمون له على الضامن ما عليه خمسا أو زكاة أو صدقة
فالظاهر أن له الرجوع على المضمون عنه ولا يكون ذلك في حكم الابراء، وكذا لو
أخذه منه ثم رده عليه هبة، وأما لو وهبه ما في ذمته فهل هو كالابراء أو لا؟ وجهان (1)
ولو مات المضمون له فورثه الضامن لم يسقط جواز الرجوع به على المضمون عنه.
مسألة 15 - لو باعه أو صالحه المضمون له بما يسوى أقل من الدين أو وفاه
الضامن بما يسوى أقل منه فقد صرح بعضهم بأنه لا يرجع على المضمون عنه الا
بمقدار ما يسوى وهو مشكل (2) بعد كون الحكم على خلاف القاعدة وكون القدر
المسلم غير هذه الصور وظاهر خبر الصرح الرضا من الدين بأقل منه لا ما إذا صالحه بما
يسوى أقل منه، وأما لو باعه أو صالحه أو وفاه الضامن بما يسوى أزيد فلا اشكال في
عدم جواز الرجوع بالزيادة.
مسألة 16 - إذا دفع المضمون عنه إلى الضامن مقدار ما ضمن قبل أدائه، فإن كان
ذلك بعنوان الأمانة ليحتسب بعد الأداء عما له عليه فلا اشكال ويكون في يده أمانة
لا يضمن لو تلف الا بالتعدي أو التفريط، وإن كان بعنوان وفاء ما عليه، فان قلنا باشتغال
ذمته حين الضمان وان لم يجب عليه دفعه الا بعد أداء الضامن، أو قلنا باشتغاله حينه
بشرط الأداء بعد ذلك على وجه الكشف فهو صحيح ويحتسب وفاء لكن بشرط حصول
الأداء من الضامن على التقدير الثاني، وان قلنا إنه لا تشتغل ذمته الا بالأداء وحينه كما هو
ظاهر المشهور (3) فيشكل صحته وفاء لأن المفروض عدم اشتغال ذمته بعد فيكون

(1) لا يبعد كون الثاني أوجه.
(2) لا اشكال فيه بعد كون الحكم على طبق القاعدة، واطلاق خبر الصلح.
(3) المنصور.
434

في يده كالمقبوض بالعقد الفاسد وبعد الأداء ليس له الاحتساب الا باذن جديد أو العلم
ببقاء الرضاية.
مسألة 17 - لو قال الضامن للمضمون عنه ادفع عنى إلى المضمون له ما على
من مال الضمان فدفع برئت ذمتهما معا أما الضامن فلانه قد أدى دينه واما المضمون عنه
فلان المفروض ان الضامن لم يخسر كذا قد يقال، والأوجه أن يقال إن الضامن حيث
أمر المضمون عنه بأداء دينه فقد اشتغلت ذمته بالأداء والمفروض أن ذمة المضمون عنه
أيضا مشغولة له حيث إنه اذن له في الضمان فالأداء المفروض موجب لاشتغال ذمة
الضامن من حيث كونه بأمره ولاشتغال ذمة المضمون عنه حيث إن الضمان باذنه
وقد وفى الضامن فيتهاتران أو يتقاصان (1) واشكال صاحب الجواهر في اشتغال ذمة
الضامن بالقول المزبور في غير محله.
مسألة 18 - إذا دفع المضمون عنه إلى المضمون له من غير اذن الضامن برءا
معا كما لو دفعه أجنبي عنه.
مسألة 19 - إذا ضمن تبرعا فضمن عنه ضامن باذنه وادى ليس له الرجوع
على المضمون عنه بل على الضامن، بل وكذا لو ضمن بالاذن يضمن عنه ضامن باذنه
فإنه بالأداء يرجع على الضامن ويرجع هو على المضمون عنه الأول.
مسألة 20 - يجوز ان يضمن الدين بأقل منه برضى المضمون له، وكذا يجوز
ان يضمنه بأكثر منه (2) وفى الصورة الأولى لا يرجع على المضمون عنه مع اذنه
في الضمان الا بذلك الأقل كما أن في الثانية لا يرجع عليه الا بمقدار الدين الا إذا
اذن المضمون عنه في الضمان بالزيادة.
مسألة 21 - يجوز الضمان بغير جنس الدين كما يجوز الوفاء بغير الجنس
وليس له ان يرجع على المضمون عنه الا بالجنس الذي عليه الا برضاه.

(1) لا موقع للتقاص بل هو من موارد التهاتر.
(2) فيه اشكال.
435

مسألة 22 - يجوز الضمان بشرط الرهانة فيرهن بعد الضمان، بل الظاهر جواز
اشتراط كون الملك الفلاني رهنا بنحو شرط النتيجة في ضمن عقد الضمان.
مسألة 23 - إذا كان على الدين الذي على المضمون عنه رهن فهل ينفك بالضمان (1)
أولا، يظهر من المسالك والجواهر انفكاكه لأنه بمنزلة الوفاء لكنه لا يخلو عن اشكال
هذا مع الاطلاق، واما مع اشتراط البقاء أو عدمه فهو المتبع.
مسألة 24 - يجوز اشتراط الضمان في مال معين على وجه التقييد (2) أو على
نحو الشرائط في العقود من كونه من باب الالتزام في الالتزام، وحينئذ يجب على
الضامن الوفاء من ذلك المال بمعنى صرفه فيه، وعلى الأول إذا تلف ذلك المال يبطل
الضمان ويرجع المضمون له على المضمون عنه، كما أنه إذا نقص يبقى الناقص في
عهدته، وعلى الثاني لا يبطل بل يوجب الخيار لمن له الشرط من الضامن (3) أو المضمون له
أو هما، ومع النقصان يجب على الضامن الاتمام مع عدم الفسخ، واما جعل الضمان
في مال معين من غير اشتغال ذمة الضامن بأن يكون الدين في عهدة ذلك المال فلا يصح
مسألة 25 - إذا اذن المولى لمملوكه في الضمان في كسبه فان قلنا إن الضامن
هو المولى للانفهام العرفي أو لقرائن خارجية يكون من اشتراط الضمان في مال معين
وهو الكسب الذي للمولى وحينئذ فإذا مات العبد تبقى ذمة المولى مشغولة إن كان
على نحو الشرط في ضمن العقود ويبطل إن كان على وجه التقييد وان انعتق يبقى
وجوب الكسب عليه (4) وان قلنا إن الضامن هو المملوك وان مرجعه إلى رفع الحجر
عنه بالنسبة إلى الضمان فإذا مات لا يجب على المولى شئ وتبقى ذمة المملوك مشغولة

(1) الظاهر ذلك.
(2) بان يقيد الكلى الذي يضمنه في ذمته بقيد يوجب انحصار فرده لو أريد الأداء
بمال معين خارجي.
(3) لا خيار للضامن في فرض المسألة وهو تلف ذلك المال.
(4) لاوجه له مع فرض كون الضامن هو المولى، بل تبقى ذمة المولى مشغولة كما
في الموت.
436

يمكن تفريغه بالزكاة ونحوها وان انعتق يبقى الوجوب عليه.
مسألة 26 - إذا ضمن اثنان أو أزيد عن واحد، فاما ان يكون على التعاقب
أو دفعة، فعلى الأول الضامن من رضى المضمون له بضمانه ولو أطلق الرضا بها كان
الضامن هو السابق، ويحتمل قويا (1) كونه كما إذا ضمنا دفعة خصوصا بناءا على اعتبار
القبول من المضمون له فان الأثر حاصل بالقبول نقلا لا كشفا، وعلى الثاني ان رضى
بأحدهما دون الآخر فهو الضامن، وان رضى بهما معا ففي بطلانه كما عن المختلف
وجامع المقاصد واختاره صاحب الجواهر، أو التقسيط بينهما بالنصف أو بينهم
بالثلث ان كانوا ثلاثة وهكذا، أو ضمان كل منهما فللمضمون له مطالبة من شاء كما
في تعاقب الأيدي وجوه، أقواها الأخير وعليه إذا أبرء المضمون له واحدا منهما برء
دون الآخر الا إذا علم ارادته ابراء أصل الدين لا خصوص ذمة ذلك الواحد.
مسألة 27 - إذا كان له على رجلين مال فضمن كل منهما ما على الأخر باذنه
فان رضى المضمون له بهما صح، وحينئذ فإن كان الدينان متماثلين جنسا وقدرا تحول
ما على كل منهما إلى ذمة الآخر، ويظهر الثمر في الاعسار واليسار وفى كون أحدهما عليه
رهن دون الآخر بناءا على افتكاك الرهن بالضمان، وان كانا مختلفين قدرا أو جنسا أو تعجيلا
وتأجيلا أو في مقدار الآجل فالثمر ظاهر، وان رضى المضمون له بأحدهما دون الآخر
كان الجميع عليه وحينئذ فان أدى الجميع رجع على الآخر بما أدى حيث إن المفروض
كونه مأذونا منه، وان أدى البعض فان قصد كونه مما عليه أصلا أو مما عليه ضمانا
فهو التبع ويقبل قوله ان ادعى ذلك وان أطلق ولم يقصد أحدهما فالظاهر التقسيط
ويحتمل القرعة ويحتمل كونه مخيرا في التعيين بعد ذلك والأظهر الأول، وكذا الحال
في نظائر المسألة كما إذا كان عليه دين عليه رهن ودين آخر لا رهن عليه فادى مقدار أحدهما
أو كان أحدهما من باب القصد والاخر ثمن مبيع وهكذا فان الظاهر في الجميع
التقسيط، وكذا الحال إذا ابرء المضمون له مقدار أحد الدينين مع عدم قصد كونه

(1) هذا هو المتعين.
437

من مال الضمان أو من الدين الأصلي ويقبل قوله إذا ادعى التعيين في القصد لأنه لا يعلم
الا من قبله.
مسألة 28 - لا يشترط علم الضامن حين الضمان بثبوت الدين على المضمون عنه
كما لا يشترط العلم بمقداره، فلو ادعى رجل على آخر دينا فقال على ما عليه صح
وحينئذ فان ثبت بالبينة يجب عليه أداؤه سواء كانت سابقة أو لاحقة، وكذا ان ثبت
بالاقرار السابق على الضمان أو باليمين المردودة كذلك، وأما إذا أقر المضمون عنه بعد
الضمان أو ثبت باليمين المردودة فلا يكون حجة على الضامن إذا أنكره ويلزم عنه
بأدائه في الظاهر، ولو اختلف الضامن والمضمون له في ثبوت الدين أو مقداره فأقر
الضامن أو رد اليمين على المضمون له فحلف ليس له الرجوع على المضمون عنه إذا
كان منكرا وإن كان أصل الضمان باذنه ولابد في البينة المثبتة للدين ان تشهد بثبوته
حين الضمان فلو شهدت بالدين اللاحق أو أطلقت ولم يعلم سبقه على الضمان أو
لحوقه لم يجب على الضامن أداؤه.
مسألة 29 - لو قال الضامن: على ما تشهر به البينة وجب عليه أداء ما شهدت
بثبوته حين التكلم بهذا الكلام لأنها طريق إلى الواقع وكاشف عن كون الدين ثابتا
حينه، فما في الشرايع من الحكم بعدم الصحة لا وجه له ولا للتعليل الذي ذكره بقوله
لأنه لا يعلم ثبوته في الذمة الا ان يكون مراده في صورة اطلاق البينة المحتمل للثبوت
بعد الضمان، وأما ما في الجواهر من أن مراده بيان عدم صحة ضمان ما يثبت بالبينة
من حيث كونه كذلك لأنه من ضمان ما لم يجب حيث لم يجعل العنوان ضمان ما في
ذمته لتكون البينة طريقا بل جعل العنوان ما يثبت بها والفرض وقوعه قبل ثبوته بها
فهو كما ترى لاوجه له.
مسألة 30 - يجوز الدور في الضمان بان يضمن عن الضامن من ضامن آخر
ويضمن عنه المضمون عنه الأصيل، وما عن المبسوط من عدم صحته لاستلزامه صيرورة
الفرع أصلا وبالعكس ولعدم الفائدة لرجوع الدين كما كان، مردود بأن الأول غير
438

صالح للمانعية بل الثاني أيضا كذلك مع أن الفائدة تظهر في الاعسار واليسار وفى
الحلول والتأجيل والأذن وعدمه وكذا يجوز التسلسل بلا اشكال.
مسألة 31 - إذا كان المديون فقيرا يجوز أن يضمن عنه (1) بالوفاء من طرف
الخمس أو الزكاة أو المظالم أو نحوها من الوجوه التي تنطبق عليه إذا كانت ذمته
مشغولة بها فعلا بل وان لم تشتغل فعلا على اشكال.
مسألة 32 - إذا كان الدين الذي على المديون زكاة أو خمسا جاز أن يضمن عنه
ضامن للحاكم الشرعي بل ولآحاد الفقراء على اشكال (2).
مسألة 33 - إذا ضمن في مرض موته فإن كان باذن المضمون عنه فلا اشكال
في خروجه من الأصل لأنه ليس من التبرعات بل هو نظير القرض والبيع بثمن المثل
نسيئة، وان لم يكن باذنه فالأقوى خروجه من الأصل كسائر المنجزات، نعم على القول
بالثلث يخرج منه.
مسألة 34 - إذا كان ما على المديون يعتبر فيه مباشرته لا يصح ضمانه، كما إذا
كان عليه خياطة ثوب مباشرة، وكما إذا اشترط أداء الدين من مال معين للمديون، وكذا
لا يجوز ضمان الكلى في المعين كما إذا باع صاعا من صبرة معينة فإنه لا يجوز الضمان
عنه والأداء من غيرها مع بقاء تلك الصبرة موجودة.
مسألة 35 - يجوز ضمان النفقة الماضية للزوجة لأنها دين على الزوج، وكذا
نفقة اليوم الحاضر لها إذا كانت ممكنة في صبيحته لوجوبها عليه حينئذ وان لم تكن
مستقرة لاحتمال نشوزها في أثناء النهار بناءا على سقوطها بذلك، وأما النفقة المستقبلة
فلا يجوز ضمانها عندهم (3) لأنه من ضمان ما لم يجب، ولكن لا يبعد صحته لكفاية
وجود المقتضى وهو الزوجية، وأما نفقة الأقارب فلا يجوز ضمانها بالنسبة إلى ما مضى

(1) بل لا يجوز مطلقا.
(2) قوى.
(3) وهو الأظهر إن كان الضمان فعليا لأنه من ضمان ما لم يجب، والأحوط إن كان
معلقا على ثبوته في ذمة المضمون عنه كما مر.
439

لعدم كونها دينا على من كانت عليه الا إذا أذن للقريب ان يستقرض وينفق على نفسه
أو أذن له الحاكم في ذلك إذ حينئذ يكون دينا عليه، وأما بالنسبة إلى ما سيأتي فمن
ضمان ما لم يجب مضافا إلى أن وجوب النفاق حكم تكليفي ولا تكون النفقة في ذمته
ولكن مع ذلك لا يخلو على اشكال (1).
مسألة 36 - الأقوى جواز ضمان مال الكتابة سواء كانت مشروطة أو مطلقة لأنه
دين في ذمة العبد وان لم يكن مستقرا لامكان تعجيز نفسه والقول بعدم الجواز مطلقا
أو في خصوص المشروطة معللا بأنه ليس بلازم ولا يؤل إلى اللزوم ضعيف كتعليله
وربما يعلل بأن لازم ضمانه لزومه مع أنه بالنسبة إلى المضمون عنه غير لازم فيكون
في الفرع لازما مع أنه في الأصل غير لازم وهو أيضا كما ترى.
مسألة 37 - اختلفوا في جواز ضمان مال الجعالة قبل الاتيان بالعمل، وكذا مال
السبق والرماية فقيل بعدم الجواز لعدم ثبوته في الذمة قبل العمل والأقوى وفاقا
لجماعة الجواز لا لدعوى ثبوته في الذمة من الأول وسقوطه إذا لم يعمل ولا لثبوته
من الأول بشرط مجئ العمل في المستقبل إذ الظاهر أن الثبوت انما هو بالعمل، بل
لقوله تعالى " ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم "، ولكفاية المقتضى للثبوت في
صحة الضمان، ومنع اعتبار الثبوت الفعلي كما أشرنا اليه سابقا.
مسألة 38 - اختلفوا في جواز ضمان الأعيان المضمونة كالغصب والمقبوض
بالعقد الفاسد ونحوهما على قولين ذهب إلى كل منهما جماعة والأقوى الجواز (2)

(1) لا اشكال في عدم الجواز.
(2) إذا كان المنشأ التعهد الفعلي للعين يترتب عليه وجوب ردها مع بقائها ورد
بدلها عند التلف، واما إذا كان المنشأ اشتغال الذمة بابدل، فإن كان الاشتغال فعلا فهو
باطل قطعا، وإن كان معلقا على اشتغال ذمة الضامن الأول به فصحته تبتنى على عدم اعتبار
التنجيز وقد تقدم الكلام فيه، وبذلك يظهر الحال في ضمان الأعيان غير المضمونة، فالمتحصل
جواز ضمان الأعيان مطلقا، بل الظاهر جواز ضمان الأعيان التي عند أصحابها.
440

سواء كان المراد ضمانها بمعنى التزام ردها عينا ومثلها أو قيمتها على فرض التلف، أو
كان المراد ضمانها بمعنى التزام مثلها أو قيمتها إذا تلفت وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وآله
الزعيم غارم، والعمومات العامة مثل قوله تعالى " أوفوا بالعقود " ودعوى انه على
التقدير الأول يكون من ضمان العين بمعنى الالتزام بردها مع أن الضمان نقل الحق
من ذمة إلى أخرى، وأيضا لا اشكال في أن الغاصب أيضا مكلف بالرد فيكون من ضم
ضمة إلى أخرى وليس من مذهبنا، وعلى الثاني يكون من ضمان ما لم يجب، كما أنه
على الأول أيضا كذلك بالنسبة إلى رد المثل أو القيمة عند التلف، مدفوعة بأنه لا مانع
منه بعد شمول العمومات غاية الأمر أنه ليس من الضمان المصطلح وكونه من ضمان
ما لم يجب لا يضر بعد ثبوت المقتضى ولا دليل على عدم صحة ضمان ما لم يجب من
نص أو اجماع وان اشتهر في الألسن بل في جملة من الموارد حكموا بصحته وفى
جملة منها اختلفوا فيه فلا اجماع وأما ضمان الأعيان الغير المضمونة كمال المضاربة
والرهن والوديعة قبل تحقق سبب ضمانها من تعد أو تفريط فلا خلاف بينهم في عدم
صحته والأقوى بمقتضى العمومات صحته أيضا.
مسألة 39 - يجوز عندهم بلا خلاف بينهم ضمان درك الثمن للمشترى (1)
إذا ظهر كون المبيع مستحقا للغير أو ظهر بطلان البيع لفقد شرط من شروط صحته
إذا كان ذلك بعد قبض الثمن كما قيد به الأكثر أو مطلقا كما أطلق آخر وهو الأقوى
قيل وهذا مستثنى من عدم ضمان الأعيان هذا، وأما لو كان البيع صحيحا وحصل
الفسخ بالخيار أو التقايل أو تلف المبيع قبل القبض فعلى المشهور لم يلزم الضامن
ويرجع على البايع بعدم ثبوت الحق وقت الضمان فيكون من ضمان ما لم يجب
بل لو صرح بالضمان إذا حصل الفسخ لم يصح بمقتضى التعليل المذكور نعم في
الفسخ بالعيب السابق أو اللاحق اختلفوا في أنه هل يدخل في العهدة ويصح الضمان

(1) حيث إنه لو ثبت الاجماع على هذا الضمان ليخرج به عن القواعد فالحال
فيه هو الحال في ضمان الأعيان المضمونة، وبذلك يظهر الحال في بقية المسألة.
441

أولا فالمشهور على العدم، وعن بعضهم دخوله ولازمه الصحة مع التصريح بالأولى
والأقوى في الجميع الدخول مع الاطلاق والصحة مع التصريح، ودعوى أنه من
ضمان ما لم يجب مدفوعة بكفاية وجود السبب هذا بالنسبة إلى ضمان عهدة الثمن إذا
حصل الفسخ وأما بالنسبة إلى مطالبة الأرش فقال بعض من منع من ذلك بجوازها
لأن الاستحقاق له ثابت عند العقد فلا يكون من ضمان ما لم يجب وقد عرفت أن الأقوى
صحة الأول أيضا وان تحقق السبب حال العقد كال مع امكان دعوى ان الأرش أيضا
لا يثبت الا بعد اختياره ومطالبته فالصحة فيه أيضا من جهة كفاية تحقق السبب ومما
ذكرنا ظهر حال ضمان درك المبيع للبايع.
مسألة 40 - إذا ضمن عهدة الثمن فظهر بعض المبيع مستحقا فالأقوى اختصاص
ضمان الضامن بذلك البعض وفى البعض الاخر يتخير المشترى بين الامضاء والفسخ
لتبعض الصفقة فيرجع على البايع بما قابله، وعن الشيخ جواز الرجوع على الضامن
بالجميع ولاوجه له.
مسألة 41 - الأقوى وفاقا للشهيدين صحة ضمان ما يحدثه المشترى من بناء
أو غرس في الأرض المشتراة إذا ظهر كونها مستحقة للغير وقلع البناء والغرس فيضمن
الأرش وهو تفاوت ما بين المقلوع والثابت عن البايع خلافا للمشهور (1) لأنه من
ضمان ما لم يجب وقد عرفت كفاية السبب هذا، ولو ضمنه البايع قيل لا يصح أيضا
كالأجنبي وثبوته بحكم الشرع لا يقتضى صحة عقد الضمان المشروط بتحقق الحق
حال الضمان، وقيل بالصحة لأنه لازم بنفس العقد فلا مانع من ضمانه لما مر من فاية
تحقق السبب فيكون حينئذ للضمان سببان نفس العقد والضمان بعقده، ويظهر الثمر فيما
لو أسقط المشترى عنه حق الضمان الثابت بالعقد فإنه يبقى الضمان العقدي كما إذا
كان لشخص خياران بسببين فأسقط أحدهما، وقد يرد عليه بأنه لا معنى لضمان شخص
عن نفسه (2) والمقام من هذا القبيل ويمكن أن يقال لا مانع منه مع تعرر الجهة هذا

(1) وما ذكروه أحوط.
(2) هذا الايراد متين جدا.
442

كله إذا كان بعنوان عقد الضمان وأما إذا اشترط ضمانه فلا بأس به ويكون مؤكدا
لما هو لازم العقد.
مسألة 42 - لو قال عند خوف غرق السفينة الق متاعك في البحر وعلى ضمانه
صح بلا خلاف بينهم بل الظاهر الاجماع عليه وهو الدليل عندهم وأما إذا لم يكن
لخوف الغرق بل لمصلحة أخرى من خفة السفينة أو نحوها فلا يصح عندهم (1)
ومقتضى العمومات صحته أيضا.
تتمة
قد علم من تضاعيف المسائل المتقدمة الاتفاقية أو الخلافية أن ما ذكروه في
أول الفصل من تعريف الضمان وأنه نقل الحق الثابت من ذمة إلى أخرى وانه لا يصح
في غير الدين ولا في غير الثابت حين الضمان لاوجه له وأنه أعم من ذلك حسب ما فصل.
مسألة 1 - لو اختلف المضمون له والمضمون عنه في أصل الضمان فادعى انه
ضمنه ضامن وأنكره المضمون له فالقول قوله، وكذا لو ادعى أنه ضمن تمام ديونه
وأنكره المضمون له لأصالة بقاء ما كان عليه، ولو اختلفا في اعسار الضامن حين العقد
ويساره فادعى المضمون له اعساره فالقول قول المضمون عنه (2) وكذا لو اختلفا
في اشتراط الخيار للمضمون له وعدمه فان القول قول المضمون عنه، وكذا لو اختلفا
في صحة الضمان وعدمها.
مسألة 2 - لو اختلف الضامن والمضمون له في أصل الضمان أو في ثبوت الدين
وعدمه أو في مقداره أو في مقدار ما ضمن أو في اشتراط تعجيله أو تنقيص أجله إذا
كان مؤجلا أو في اشتراط شئ عليه زائدا على أصل الدين فالقول قوق الضامن، ولو
اختلفا في اشتراط تأجيله مع كونه حالا أو زيادة اجله مع كونه مؤجلا أو وفائه أو
ابراء المضمون له عن جميعه أو بعضه أو تقييده بكونه من مال معين والمفروض تلفه

(1) وقد يدعى السيرة القطعية على الصحة في الموردين.
(2) مع سبق اليسار.
443

أو اشتراط خيار الفسخ للضامن أو اشتراط شئ على المضمون له أو اشتراط كون
الضمان بما يسوى أقل من الدين قدم قول المضمون له.
مسألة 3 - لو اختلف الضامن والمضمون عنه في الاذن وعدمه أو في وفاء الضامن
حتى يجوز له الرجوع وعدمه أو في مقدار الدين الذي ضمن وانكر المضمون عنه
الزيادة أو في اشتراط شئ على المضمون عنه أو اشتراط الخيار للضامن قدم قول
المضمون عنه، ولو اختلفا في أصل الضمان أو في مقدار الدين الذي ضمنه وانكر الضامن
الزيادة فالقول قول الضامن.
مسألة 4 - إذا انكر الضامن الضمان فاستوفى الحق منه بالبينة ليس له الرجوع
على المضمون عنه المنكر للاذن أو الدين لاعترافه بكونه اخذ منه ظلما نعم لو كان
مدعيا مع ذلك للاذن في الأداء بلا ضمان ولم يكن منكرا لأصل الدين وفرض كون
المضمون عنه أيضا معترفا بالدين والاذن في الضمان جاز له الرجوع عليه (1) إذ لا
منافاة بين انكار الضمان وادعاء الاذن في الأداء فاستحقاقه الرجوع معلوم، غاية الأمر
انه يقول إن ذلك للاذن في الأداء والمضمون عنه يقول إنه للاذن في الضمان فهو كما
لو ادعى على شخص انه يطلب منه عشر قرانات قرضا والمدعى ينكر القرض ويقول إنه
يطلبه من باب ثمن المبيع فاصل الطلب معلوم ولو لم يعترف المضمون عنه بالضمان
أو الاذن فيه وثبت عليه ذلك بالبينة فكذلك يجز له الرجوع عليه مقاصة عما اخذ
منه، وهل يجوز للشاهدين على الاذن في الضمان حينئذ ان يشهدا بالاذن من غير
بيان كونه الاذن في الضمان أو كونه الاذن في الأداء الظاهر ذلك (2) وإن كان لا يخلو
عن اشكال وكذا في نظائره كما إذا ادعى شخص على آخر أنه يطلب قرضا وبينته تشهد
بأنه يطلبه من باب ثمن المبيع لا القرض فيجوز لهما أن يشهدا بأصل الطلب من غير

(1) مقاصة عما اخذ منه.
(2) بل الظاهر عدمه، والشهادة بالدين ليست من نظائره لان الدين له في حد نفسه
تحقق واحكام ولا يكون متقوما بأسبابه، بخلاف الاذن كما لا يخفى.
444

بيان أنه للقرض أو لثمن المبيع على اشكال.
مسألة 5 - إذا ادعى الضامن الوفاء وأنكر المضمون له وحلف ليس له الرجوع
على المضمون عنه إذا لم يصدقه في ذلك وان صدقه جاز له الرجوع إذا كان باذنه وتقبل
شهادته له بالأداء إذا لم يكن هناك مانع من تهمة أو غيرها مما يمنع من قبول الشهادة
مسألة 6 - لو اذن المديون لغيره في وفاء دينه بلا ضمان فوفى جاز له الرجوع
عليه ولو ادعى الوفاء وأنكر الاذن قبل قول المأذون لأنه امين من قبله ولو قيد الأداء
بالاشهاد وادعى الاشهاد وغيبة الشاهدين قبل قوله أيضا ولو علم عدم اشهاده ليس له
الرجوع نعم لو علم أنه وفاه ولكن لم يشهد يحتمل جواز الرجوع عليه (1) لأن
الغرض من الاشهاد العلم بحصول الوفاء والمفروض تحققه.
تم كتاب الضمان

(1) لكنه ضعيف.
445

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الحوالة
وهى عندهم تحويل المال من ذمة، والأولى ان يقال إنها إحالة المديون
دائنه إلى غيره، أو إحالة المديون دينه من ذمته إلى ذمة غيره وعلى هذا فلا ينتقض
طرده بالضمان فإنه وإن كان تحويلا من الضامن للدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمته
الا انه ليس فيه الإحالة المذكورة خصوصا إذا لم يكن بسؤال من المضمون عنه
ويشترط فيها مضافا إلى البلوغ والعقل والاختيار وعدم السفه في الثلاثة (1) من
المحيل والمحتال والمحال عليه، وعدم الحجر بالسفه (2) في المحتال والمحال
عليه بل والمحيل الا إذا كانت الحوالة على البرئ فإنه لا بأس به فإنه نظير الاقتراض
منه، أمور:
أحدها - الايجاب والقبول على ما هو المشهور بينهم حيث عدوها من العقود
اللازمة فالايجاب من المحيل والقبول من المحتال، وأما المحال عليه فليس من أركان
العقد وان اعتبرنا رضاه مطلقا أو إذا كان بريئا فان مجرد اشتراط الرجا منه لا يدل على

(1) لا يضر سفاهة المحيل إذا كانت الحوالة على البرئ.
(2) والصحيح عدم الحجر بالفلس.
446

كونه طرفا وركنا للمعاملة، ويحتمل ان يقال يعتبر قبوله أيضا (1) فيكون العقد مركبا
من الايجاب والقبولين وعلى ما ذكروه يشترط فيها ما يشترط في العقود اللازمة
من الموالاة بين الايجاب والقبول ونحوها فلا تصح مع غيبة المحتال أو المحال
عليه أو كليهما بأن أوقع الحوالة بالكتابة، ولكن الذي يقوى عندي كونها من الايقاع (2)
غاية الأمر اعتبار الرضا من المحتال أو منه ومن المحال عليه ومجرد هذا لا يصيره
عقدا وذلك لأنها نوع من وفاء الدين وان كانت توجب انتقال الدين من ذمته إلى ذمة
المحال عليه فهذا النقل والانتقال نوع من الوفاء وهو لا يكون عقدا وان احتاج إلى
الرضا من الآخر كما في الوفاء بغير الجنس فإنه يعتبر فيه رضا الدائن ومع ذلك ايقاع
ومن ذلك يظهر أن الضمان أيضا من الايقاع فإنه نوع من الوفاء وعلى هذا فلا يعتبر
فيهما شئ مما يعتبر في العقود اللازمة ويتحققان بالكتابة ونحوها بل يمكن دعوى
أن الوكالة أيضا كذلك كما أن الجعالة كذلك وإن كان يعتبر فيها الرضا من الطرف
الأخر الا ترى انه لا فرق (3) بين ان يقول أنت مأذون في بيع دارى أو قال أنت وكيل
مع أن الأول من الايقاع قطعا.
الثاني - التنجيز فلا تصح مع التعليق على شرط أو وصف كما هو ظاهر
المشهور (4) لكن الأقوى عدم اعتباره كما مال اليه بعض متأخري المتأخرين.
الثالث - الرضا من المحيل والمحتال بلا اشكال وما عن بعضهم من عدم

(1) وهو ضعيف.
(2) لا قوة فيه بل الأقوى خلافه وما ذكره من التعليل عليل إذ الفرق بينه وبين ساير
أنواع وفاء الدين ما أشار اليه بقوله وان كانت توجب انتقال الدين من ذمة الخ، فالأظهر
انها من العقود ومتقومة بالايجاب من المحيل وقبول من المحتال، ولا ينافيه عدم اعتبار
ما ذكره فيها.
(3) الفرق واضح إذ الاذن في البيع ترخيص محض، والوكالة جعل نيابة وسلطنة
للوكيل ولها آثار خاصة.
(4) الاحتياط برعاية ما عليه المشهور لا يترك.
447

اعتبار رضا المحيل فيما لو تبرع المحال عليه بالوفاء بأن قال للمحتال أحلت بالدين
الذي لك على فلان على نفسي وحينئذ فيشترط رضا المحتال والمحال عليه دون
المحيل لا وجه له، إذا المفروض لا يكون من الحوالة بل هو من الضمان، وكذا من
المحال عليه إذا كان بريئا أو كانت الحوالة بغير جنس ما عليه، وأما إذ كانت بمثل ما عليه
ففيه خلاف (1) ولا يبعد التفصيل بين ان يحوله عليه بماله عليه بأن يقول: أعطه من
الحق الذي لي عليك فلا يعتبر رضاه فإنه بمنزلة الوكيل (2) في وفاء دينه، وإن كان
بنحو اشتغال ذمته للمحتال وبراءة ذمة المحيل بمجرد الحوالة بخلاف ما إذا وكله
فان ذمة المحيل مشغولة إلى حين الأداء، وبين ان يحوله عليه من غير نظر إلى الحق
الذي له عليه على نحو الحوالة على البرئ، فيعتبر رضاه لأن شغل ذمته بغير رضاه
على خلاف القاعدة وقد يعلل باختلاف الناس في الاقتضاء فلابد من رضاه ولا يخفى
ضعفه كيف والا لزم عدم جواز بيع دينه على غيره مع أنه لا اشكال فيه.
الرابع - أن يكون المال المحال به ثابتا في ذمة المحيل سواء كان مستقرا أو
متزلزلا فلا تصح في غير الثابت سواء وجد سببه كمال الجعالة قبل العمل ومال السبق
والرماية قبل حصول السبق أو لم يوجر سببه أيضا كالحوالة بما يستقرضه هذا
ما هو المشهور لكن لا يبعد كفاية حصول السبب كما ذكرنا في الضمان، بل لا يبعد
الصحة فيما إذا قال اقرضني كذا وخذ عوضه من زيد فرضى ورضى زيد أيضا لصدق
الحوالة وشمول العمومات فتفرغ ذمة المحيل وتشتغل ذمة المحال بعد العمل وبعد
الاقتراض.
الخامس - أن يكون المال المحال به معلوما جنسا وقدرا للمحيل والمحتال
فلا تصح الحوالة بالمجهول على المشهور للغرر، ويمكن ان يقال بصحته إذا كان آئلا

(1) الأظهر عدم الاعتبار والتفصيل لا محصل له.
(2) عنوان الوكالة غير عنوان الحوالة، ومع ما ذكره من الفرق الواضح بينهما
كيف يمكن الحكم بأنهما من واد واحد.
448

إلى العلم كما إذا كان ثابتا في دفتره على حد ما مر في الضمان من صحته مع الجهل
بالدين، بل لا يبعد الجواز مع عدم أوله إلى العلم بعد امكان الأخذ بالقدر المتيقن
بل وكذا لو قال كلما شهدت به البينة وثبت خذه من فلان، نعم لو كان مبهما كما إذا
قال أحد الدينين اللذين لك على خذ من فلان بطل وكذا لو قال خذ شيئا من دينك
من فلان هذا، ولو أحال الدينين على نحو الواجب التخييري أمكن الحكم بصحته
لعدم الابهام فيه حينئذ.
السادس - تساوى المالين اي المحال به والمحال عليه جنسا ونوعا ووصفا
على ما ذكره جماعة خلافا لآخرين وهذا العنوان وإن كان عاما الا أن مرادهم بقرينة
التعليل بقولهم تفصيا من التسلط على المحال عليه بما لم تشتغل ذمته به إذ لا يجب عليه
أن يدفع الا مثل ما عليه فيما كانت الحوالة على مشغول الذمة بغير ما هو مشغول الذمة
به كأن يحيل من له عليه دراهم على من له عليه دنانير بأن يدفع بدل الدنانير دراهم
فلا يشمل ما إذا أحال من له عليه الدراهم على البرئ، بأن يدفع الدنانير أو على
مشغول الذمة بالدنانير بأن يدفع الدراهم ولعله لأنه وفاء بغير الجنس برضا الدائن
فمحل الخلاف ما إذا أحال على من عليه جنس بغير ذلك الجنس والوجه في عدم
الصحة ما أشير اليه من أنه لا يجب عليه ان يدفع الا مثل ما عليه وأيضا الحكم على
خلاف القاعدة ولا اطلاق في خصوص الباب ولا سيرة كاشفة والعمومات منصرفة إلى
العقود المتعارفة، ووجه الصحة ان غاية ما يكون أنه مثل الوفاء بغير الجنس ولا بأس
به (1) وهذا هو الأقوى، ثم لا يخفى ان الاشكال انما هو فيما إذا قال: أعط مما لي
عليك من الدنانير دراهم بأن أحال عليه بالدراهم من الدنانير التي عليه، وأما إذا أحال
عليه بالدراهم من غير نظر إلى ما عليه من الدنانير فلا ينبغي الاشكال فيه إذ هو نظير
إحالة من له الدراهم على البرئ بأن يدفع الدنانير وحينئذ فتفرغ ذمة المحيل من
الدراهم وتشتغل ذمة المحال عليه بها وتبقى ذمة المحال عليه مشغولة بالدنانير وتشتغل

(1) مع رضا المحال عليه.
449

ذمة المحيل له بالدراهم فيتحاسبان بعد ذلك ولعل الخلاف أيضا مختص بالصورة
الأولى لا ما يشمل هذه الصورة أيضا وعلى هذا فيختص الخلاف بصورة واحدة، وهى
ما إذا كانت الحوالة على مشغول الذمة بأن يدفع من طرف ما عليه من الحق بغير جنسه
كأن يدفع من الدنانير التي عليه دراهم.
مسألة 1 - لافرق في المال المحال به أن يكون عينا في الذمة أو منفعة أو عملا
لا يعتبر فيه المباشرة ولو مثل الصلاة والصوم والحج والزيارة والقراءة سواء كانت
على برئ أو على مشغول الذمة بمثلها، وأيضا لا فرق بين ان يكون مثليا كالطعام أو
قيميا كالعبد والثوب والقول بعدم الصحة في القيمي للجهالة ضعيف والجهالة مرتفعة
بالوصف الرافع لها.
مسألة 2 - إذا تحققت الحوالة برئت ذمة المحيل وان لم يبرئه المحتال والقول
بالتوقف على ابرائه ضعيف والخبر الدال على تقييد عدم الرجوع على المحيل بالابراء
من المحتال المراد منه القبول لا اعتبارها بعده أيضا وتشتغل ذمة المحال عليه للمحتال
فينتقل الدين إلى ذمته وتبرء ذمة المحال عليه للمحيل ان كانت الحوالة بالمثل بقدر
المال المحال به وتشتغل ذمة المحيل للمحال عليه ان كانت على برئ أو كانت بغير
المثل ويتحاسبان بعد ذلك.
مسألة 3 - لا يجب على المحتال قبول الحوالة وان كانت على ملئ.
مسألة 4 - الحوالة لازمة فلا يجوز فسخها بالنسبة إلى كل من الثلاثة، نعم لو
كانت على معسر مع جهل المحتال باعساره يجوز له الفسخ والرجوع على المحيل
والمراد من الاعسار أن لا يكون له ما يوفى دينه زائدا على مستثنيات الدين وهو المراد
من الفقر في كلام بعضهم ولا يعتبر فيه كونه محجورا والمناط الاعسار واليسار حال
الحوالة وتماميتها، ولا يعتبر الفور في جواز الفسخ ومع امكان الاقتراض والبناء عليه
يسقط الخيار للانصراف على اشكال (1) وكذا مع وجود المتبرع.
مسألة 5 - الأقوى جواز الحوالة على البرئ ولا يكون داخلا في الضمان.

(1) الأوجه عدم السقوط، وكذا مع وجود المتبرع.
450

مسألة 6 - يجوز اشتراط خيار الفسخ لكل من الثلاثة.
مسألة 7 - يجوز الدور في الحوالة، وكذا يجوز الترامي بتعدد المحال عليه
واتحاد المحتال، أو بتعدد المحتال واتحاد المحال عليه.
مسألة 8 - لو تبرع أجنبي عن المحال عليه برئت ذمته، وكذا لو ضمن عنه
ضامن برضى المحتال وكذا لو تبرع المحيل عنه.
مسألة 9 - لو أحال عليه فقبل وادى ثم طالب المحيل بما أداه فادعى انه كان
له عليه مال وانكر المحال عليه فالقول قوله مع عدم البينة فيحلف على برائته ويطالب
عوض ما أداه لأصالة البراءة من شغل ذمته للمحيل، ودعوى ان الأصل أيضا عدم اشتغال
ذمة المحيل بهذا الأداء، مدفوعة بأن الشك في حصول اشتغال ذمته وعدمه مسبب عن
الشك في اشتغال ذمة المحال عليه وعدمه، وبعد جريان أصالة براءة ذمته يرتفع الشك
هذا على المختار من صحة الحوالة على البرئ، واما على القول بعدم صحتها فيقدم
قول المحيل لأن مرجع الخلاف إلى صحة الحوالة وعدمها ومع اعتراف المحال عليه
بالحوالة يقدم قول مدعى الصحة وهو المحيل، ودعوى ان تقديم قول مدعى الصحة انما
هو إذا كان النزاع بين المتعاقدين وهما في الحوالة المحيل والمحتال واما المحال عليه
فليس طرفا وان اعتبر رضاه في صحتها، مدفوعة أولا يمنع عدم كونه طرفا فان
الحوالة مركبة من ايجاب وقبولين (1) وثانيا يكفي اعتبار رضاه في الصحة في جعل
اعترافه بتحقق المعاملة حجة عليه بالحمل على الصحة نعم لو لم يعترف بالحوالة بل
ادعى انه اذن له في أداء دينه يقدم قوله لأصالة البراءة من شغل ذمته فباذنه في أداء
دينه له مطالبة عوضه ولم يتحقق هنا حوالة بالنسبة اليه حتى تحمل على الصحة
وان تحقق بالنسبة إلى المحيل والمحتال لاعترافهما بها.
مسألة 10 - قد يستفاد من عنوان المسألة السابقة حيث قالوا: " لو أحال عليه
فقبل وادى " فجعلوا محل الخلاف ما إذا كان النزاع بعد الأداء، ان حال الحوالة حال

(1) تقدم ما في ذلك.
451

الضمان (1) في عدم جواز مطالبة العوض الا بعد الأداء فقبله وان حصل الوفاء بالنسبة
إلى المحيل والمحتال لكن ذمة المحيل لا تشتغل للمحال عليه البرئ الا بعد الأداء
والأقوى حصول الشغل بالنسبة إلى المحيل بمجرد قبول المحال عليه إذ كما يحصل به
الوفاء بالنسبة إلى دين المحيل بمجرده فكذا في حصوله بالنسبة إلى دين المحال عليه
للمحيل إذا كان مديونا له وحصول شغل ذمة المحيل له إذا كان بريئا، ومقتضى
القاعدة في الضمان أيضا تحقق شغل المضمون عنه للضامن بمجرد ضمانه الا ان
الاجماع وخبر الصلح دلا على التوقف على الأداء فيه، وفى المقام لا اجماع ولا خبر
بل لم يتعرضوا لهذه المسألة وعلى هذا فله الرجوع على المحيل ولو قبل الأداء بل
وكذا لو أبره المحتال أو وفاه بالأقل أو صالحه بالأقل بالأقل فله عوض ما أحاله
عليه بتمامه مطلقا إذا كان بريئا.
مسألة 11 - إذا حال السيد بدينه على مكاتبه بمال الكتابة المشروطة أو المطلقة
صح سواء كان قبل حلول النجم أو بعده لثبوته في ذمته، والقول بعدم صحته قبل الحلول
لجواز تعجيز نفسه، ضعيف إذ غاية ما يكون كونه متزلزلا فيكون كالحوالة على المشترى
بالثمن في زمان الخيار، واحتمال عدم اشتغال ذمة العبد لعدم ثبوت ذمة اختيارية له
فيكون وجوب الأداء تكليفيا كما ترى، ثم إن العبد بقبول الحوالة يتحرر لحصول
وفاء مال الكتابة بالحوالة ولو لم يحصل الأداء منه فإذا أعتقه المولى قبل الأداء بطل
عتقه، وما عن المسالك من عدم حصول الانعتاق قبل الأداء لأن الحوالة ليست في حكم
الأداء بل في حكم التوكيل وعلى هذا إذا أعتقه المولى صح وبطلت الكتابة
ولم يسقط عن المكاتب مال الحوالة لأنه صار لازما للمحتال ولا يضمن السيد ما يغرمه من
مال الحوالة، فيه نظر من وجوه وكأن دعواه ان الحوالة ليست في حكم الأداء انما
هي بالنظر إلى ما مر من دعوى توقف شغل ذمة المحيل للمحال عليه على الأداء كما

(1) وهو الأظهر فان الحوالة على البرئ انما توجب الضمان من جهة استيفاء
مال المحال عليه بأمره ومن المعلوم ان قضية ذلك هو الاشتغال بعد الأداء وبمقداره، وبه
يظهر ان حالها حال الضمان في بقية الأمور المذكورة في المتن.
452

في الضمان فهي وإن كان كالأداء بالنسبة إلى المحيل والمحتال فبمجردها يحصل الوفاء
وتبرء ذمة المحيل لكن بالنسبة إلى المحال عليه والمحيل ليس كذلك وفيه منع
التوقف المذكور (1) كما عرفت فلا فرق بين المقامين في كون الحوالة كالأداء
فيتحقق بها الوفاء.
مسألة 12 - لو باع السيد مكاتبه سلعة فأحاله بثمنها صح لأن حاله حال الأحرار
من غير فرق بين سيده وغيره وما عن الشيخ من المنع ضعيف.
مسألة 13 - لو كان للمكاتب دين على أجنبي فأحال سيده عليه من مال الكتابة
صح فيجب عليه تسليمه للسيد ويكون موجبا لانعتاقه سواء أدى المحال عليه المال
للسيد أم لا.
مسألة 14 - لو اختلفا في أن الواقع منهما كانت حوالة أو وكالة فمع عدم البينة
يقدم قول منكر الحوالة سواء كان هو المحيل أو المحتال وسواء كان ذلك قبل القبض
من المحال عليه أو بعده وذلك، لأصالة بقاء اشتغال ذمة المحيل للمحتال وبقاء اشتغال
ذمة المال عليه للمحيل وأصالة عدم ملكية المال المحال به للمحتال، ودعوى انه إذا كان
بعد القبض يكون مقتضى اليد ملكية المحتال فيكون المحيل المنكر للحوالة مدعيا
فيكون القول قول المحتال في هذه الصورة، مدفوعة بأن مثل هذه اليد لا يكون امارة
على ملكية ذيها فهو نظير ما إذا دفع شخص ماله إلى شخص وادعى انه دفعه أمانة
وقال الآخر دفعتني حبة أو قرضا فإنه لا يقدم قول ذي اليد هذا كله إذا لم يعلم اللفظ
الصادر منهما، واما إذا علم وكان ظاهرا في الحوالة أو في الوكالة فهو المتبع ولو علم أنه
قال أحلتك على فلان وقال: قبلت ثم اختلفا في أنه حوالة أو وكالة، فربما يقال إنه
يقدم قول مدعى الحوالة لأن الظاهر من لفظ أحلت هو الحوالة المصطلحة واستعماله
في الوكالة مجاز فيحمل على الحوالة، وفيه منع الظهور المذكور نعم لفظ الحوالة

(1) وقد مر ان التوقف اظهر، ومع ذلك يرد عليه ان مورد الدعوى الثانية الحوالة
على البرئ، ومورد الأولى الحوالة على المديون فلا تتوقف الأولى على الثانية.
453

ظاهر في الحوالة المصطلحة، واما ما يشتق منها كلفظ أحلت فظهوره فيها ممنوع كما أن
لفظ الوصية ظاهر في الوصية المصطلحة واما لفظ أوصيت أو أوصيك بكذا فليس
كذلك فتقديم قول مدعى الحوالة في الصورة المفروضة محل منع.
مسألة 15 - إذا أحال البايع من له عليه دين على المشترى بالثمن أو أحال
المشترى البايع بالثمن على أجنبي برئ أو مديون للمشترى ثم بان بطلان البيع
بطلت الحوالة في الصورتين لظهور عدم اشتغال ذمة المشتري للبايع واللازم اشتغال
ذمة المحيل للمحتال هذا في الصورة الثانية، وفى الصورة الأولى وإن كان المشترى
محالا عليه ويجوز الحوالة على البرئ الا ان المفروض إرادة الحوالة عليه من حيث
ثبوت الثمن في ذمته فهي في الحقيقة حوالة على ما في ذمته لا عليه، ولا فرق بين ان
يكون انكشاف البطلان قبل القبض أو بعده فإذا كان بعد القبض يكون المقبوض
باقيا على ملك المشتري (1) فله الرجوع به ومع تلفه يرجع على المحتال في الصورة
الأولى وعلى البايع في الثانية.
مسألة 16 - إذا وقعت الحوالة بأحد الوجهين ثم انفسخ البيع بالإقالة أو بأحد
الخيارات فالحوالة صحيحة لوقوعها في حال اشتغال ذمة المشتري بالثمن فيكون كما
لو تصرف أحد المتبايعين في ما انتقل اليه ثم حصل الفسخ فان التصرف لا يبطل
بفسخ البيع، ولا فرق بين أن يكون الفسخ قبل قبض مال الحوالة أو بعده فهي تبقى
بحالها ويرجع البايع على المشترى بالثمن، وما عن الشيخ وبعض آخر من الفرق
بين الصورتين والحكم بالبطلان في الصورة الثانية وهى ما إذا أحال المشترى
البايع بالثمن على أجنبي لأنها تتبع البيع في هذه الصورة حيث إنها بين المتبايعين
بخلاف الصورة الأولى، ضعيف والتبعية في الفسخ وعدمه ممنوعة نعم هي تبع للبيع

(1) هذا في غير ما إذا أحال المشترى البايع على الأجنبي البرئ، واما في ذلك
المورد فهو باق على ملك البرئ يأخذه منه مع بقائه ومع تلفه يأخذ منه أو من المحيل بدله،
وان اخذ من المحيل يرجع هو على المحتال.
454

حيث إنها واقعة على الثمن وبهذا المعنى لأفرق بين الصورتين، وربما يقال ببطلانها
ان قلنا إنها استيفاء وتبقى ان قلنا إنها اعتياض والأقوى البقاء وان قلنا إنها استيفاء
لأنها معاملة مستقلة لازمة لا تنفسخ بانفساخ البيع وليس حالها حال الوفاء بغير معاملة
لازمة كما إذا اشترى شيئا بدراهم مكسرة فدفع إلى البايع الصحاح أو دفع بدلها
شيئا آخر وفاءا حيث إنه إذا انفسخ البيع يرجع اليه ما دفع من الصحاح أو الشئ
الآخر لا الدراهم المكسرة فان الوفاء بهذا النحو ليس معاملة لازمة بل يتبع البيع
في الانفساخ بخلاف ما نحن فيه حيث إن الحوالة عقد لازم وإن كان نوعا من الاستيفاء
مسألة 17 - إذا كان له عند وكيله أو أمينه مال معين خارجي فأحال دائنه عليه
ليدفع اليه بما عنده فقبل المحتال والمحال عليه وجب عليه الدفع اليه وان لم يكن
من الحوالة المصطلحة وإذا لم يدفع له الرجوع على المحيل لبقاء شغل ذمته ولو
لم يتمكن من الاستيفاء منه ضمن الوكيل المحال عليه (1) إذا كان الخسارة الواردة
عليه مستندا اليه للغرور.
تم كتاب الحوالة

(1) ضمانه للمالك لا كلام فيه إذ بعد التخلف عن امر المالك يكون يده يد ضمان،
واما ضمانه للمحتال فلم يظهر وجهه، والتمسك بقاعدة الغرور ضعيف.
455

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب النكاح
النكاح مستحب في حد نفسه بالاجماع والكتاب والسنة المستفيضة بل المتواترة
قال الله تعالى: " وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ان يكونوا
فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم " وفى النبوي المروى بين الفريقين " النكاح
سنتي فمن رغب عن سنتي فليس منى " وعن الصادق عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام
قال: تزوجوا فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من أحب ان يتبع سنتي فان من سنتي التزويج.
وفى النبوي ما بنى بناء أحب إلى الله تعالى من التزويج. وعن النبي صلى الله عليه وآله من تزوج
احرز نصف دينه فليتق الله في النصف الآخر، بل يستفاد من جملة من الأخبار استحباب
حب النساء. ففي الخبر عن الصادق عليه السلام من اخلاق الأنبياء حب النساء. وفى آخر عنه عليه السلام
ما أظن رجلا يزداد في هذا الأمر خيرا الا ازداد حبا للنساء والمستفاد من الآية وبعض
الأخبار انه موجب لسعد الرزق. ففي خبر إسحاق بن عمار قلت لأتى عبد الله عليه السلام
الحديث الذي يرويه الناس حق ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وآله فشكى اليه الحاجة فأمره
بالتزويج حتى امره ثلاث مرات قال أبو عبد الله عليه السلام نعم هو حق ثم قال عليه السلام: الرزق
مع النساء والعيال.
456

مسألة 1 - يستفاد من بعض الأخبار كراهة العزوبة فعن النبي صلى الله عليه وآله رذال موتاكم
العزاب ولا فرق على الأقوى في استحباب النكاح بين من اشتاقت نفسه ومن لم تشتق
لاطلاق الأخبار ولان فائدته لا تحصر في كسر الشهوة بل به فوائد منها زيادة النسل
وكثرة قائل لا إله إلا الله فعن الباقر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما يمنع المؤمن أن
يتخذ اهلا لعل الله ان يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلا الله.
مسألة 2 - الاستحباب لا يزول بالواحدة بل التعدد مستحب أيضا قال الله تعالى
" فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " والظاهر عدم اختصاص الاستحباب
بالنكاح الدائم أو المنقطع، بل المستحب أعم منهما ومن التسري بالإماء.
مسألة 3 - المستحب هو الطبيعة أعم من أن يقصد به القربة أولا نعم عباديته
وترتب الثواب عليه موقوفة على قصد القربة.
مسألة 4 - استحباب النكاح انما هو بالنظر إلى نفسه وطبيعته، واما بالنظر
إلى الطواري فينقسم بانقسام الأحكام الخمسة، فقد يجب بالنذر أو العهد أو الحلف
وفيما إذا كان مقدمة لواجب مطلق أو كان في تركة مظنة الضرر أو الوقوع في الزنا
أو محرم آخر، وقد يحرم كما إذا أفضى إلى الاخلال بواجب من تحصيل علم واجب
أو ترك حق من الحقوق الواجبة وكالزيادة على الأربع، وقد يكره كما إذا كان فعله
موجبا للوقوع في مكروه، وقد يكون مباحا كما إذا كان في تركه مصلحة معارضة
لمصلحة فعله مساوية لها، وبالنسبة إلى المنكوحة أيضا ينقسم إلى الأقسام الخمسة
فالواجب كمن يقع في الضرر لو لم يتزوجها أو يبتلى بالزناء معها لولا تزويجها
والمحرم نكاح المحرمات عينا أو جمعا، والمستحب المستجمع للصفات المحمودة
في النساء، والمكروه النكاح المستجمع للأوصاف المذمومة في النساء ونكاح القابلة
المربية ونحوها، والمباح ما عدا ذلك.
مسألة 5 - يستحب عند إرادة التزويج أمور، منها الخطبة، ومنها صلاة ركعتين
عند إرادة التزويج قبل تعيين المرأة وخطبتها والدعاء بعدها بالمأثور وهو " اللهم إني
457

أريد ان أتزوج فقدر لي من النساء أعفهن فرجا وأحفظهن لي في نفسها ومالي
وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة وقدر لي ولدا طيبا تجعله خلفا صالحا في حياتي وبعد
موتى " ويستحب أيضا ان يقول: أقررت بالذي اخذ الله امساك بمعروف أو تسريح
باحسان " ومنها " الوليمة يوما أو يومين لا أزيد فإنه مكروه ودعاء المؤمنين والأولى
كونهم فقراء ولا بأس بالأغنياء خصوصا عشيرته وجيرانه وأهل حرفته، ويستحب
اجابتهم وأكلهم، ووقتها بعد العقد أو عند الزفاف ليلا أو نهارا وعن النبي صلى الله عليه وآله
لا وليمة الا في خمس: عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو ركاز، العرس التزويج
والخرس النفاس، والعذار الختان، والوكار شراء الدار، والركاز العود من مكة " ومنها "
الخطبة امام العقد بما يشتمل على الحمد والشهادتين والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة
عليهم السلام والوصية بالتقوى والدعاء للزوجين والظاهر كفاية اشتمالها على الحمد والصلاة
على النبي وآله ولا يبعد استحبابها امام الخطبة أيضا " ومنها " الاشهاد في الدائم
والاعلان به ولا يشترط في صحة العقد عندنا " ومنها " ايقاع العقد ليلا.
مسألة 6 - يكره عند التزويج أمور " منها " ايقاع العقد والقمر في العقرب
أي في برجها لا المنازل المنسوبة إليها وهى القلب والإكليل والزبانا والشولة " ومنها "
ايقاع يوم الأربعاء " ومنها " ايقاعه في أحد الأيام المنحوسة في الشهر وهى الثالث
والخامس والثالث عشر والسادس عشر والحادي والعشرون والرابع والعشرون
والخامس والعشرون " ومنها " ايقاعه في محاق الشهر وهو الليلتان أو الثلاث من
آخر الشهر.
مسألة 7 - يستحب اختيار امرأة تجمع صفات: بأن تكون بكرا، ولودا،
ودودا، عفيفة، كريمة الأصل بأن لا تكون من زناء أو حيض أو شبهة أو ممن تنال
الألسن آبائها أو أمهاتها أو مسهم رق أو كفر أو فسق معروف، وأن تكون سمراء عيناء
عجزاء مربوعة طيبة الريح ورمة الكعب جميلة ذات شعر صالحة تعين زوجها على
الدنيا والآخرة عزيزة في أهلها ذليلة مع بعلها متبرجة مع زوجها حصانا مع غيره فعن
458

النبي صلى الله عليه وآله ان خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها
متبرجة مع زوجها الحصان على غيره التي تسمع قوله وتطيع امره وإذا خلا بها
بذلت له ما يرد منها ولم تبذل كتبذل الرجل ثم قال: الا أخبركم بشرار نسائكم
الذليلة في أهلها العزيزة مع بعلها العقيم الحقود التي لا تدرع من قبيح المتبرجة
إذا غاب عنها بعلها الحصان معه إذا حضر لا تسمع قوله ولا تطيع امره وإذا خلا بها
بعلها تمنعت منه كما تمنع الصعبة عن ركوبها لا تقبل منه عذرا ولا تغفر له ذنبا، ويكره
اختيار العقيم ومن تضمنته الخبر المذكور من ذات الصفات المذكورة التي يجمعها
عدم كونها نجيبة، ويكره الاقتصار على الجمال والثروة، ويكره تزويج جملة أخرى.
" منها " القابلة وابنتها للمولود " ومنها " تزويج ضرة كانت لامه مع غير أبيه
ومنها أن يتزوج أخت أخيه " ومنها " المتولد من الزناء " ومنها " الزانية " ومنها "
المجنونة " ومنها " المرأة الحمقاء أو العجوزة، وبالنسبة إلى الرجال يكره تزويج سيئ
الخلق والمخنث والزنج والأكراد والخزر والأعرابي والفاسق وشارب الخمر.
مسألة 8 - مستحبات الدخول على الزوجة أمور أمور " منها " الوليمة قبله أو بعده
" ومنها " أن يكون ليلا لأنه أوفق بالستر والحياء ولقوله صلى الله عليه وآله زفوا عرائسكم ليلا وأطعموا
ضحى بل لا يبعد استحباب الستر المكاني أيضا و " منها " ان يكون على وضوء " ومنها "
أن يصلى ركعتين والدعاء بعد الصلاة على محمد وآله بالألفة وحسن الاجتماع بينهما
والأولى المأثور وهو " اللهم ارزقني ألفتها وودها ورضاها بي وارضني بها واجمع
بيننا بأحسن اجتماع وأنفس ائتلاف فإنك تحب الحلال وتكره الحرام " ومنها " أمرها
بالوضوء والصلاة أو أمر من يأمرها بهما " ومنها " أمر من كان معها بالتأمين على دعائه
ودعائها " ومنها " أن يضع يده على ناصيتها مستقبل القبلة ويقول " اللهم بأمانتك أخذتها
وبكلماتك استحللتها فان قضيت لي منها ولدا فاجعله مباركا تقيا من شيعة آل محمد
صلى الله عليه وآله ولا تجعل لشيطان فيه شركا ولا نصيبا " أو يقول: " اللهم على كتابك تزوجتها
وفى أمانتك أخذتها وبكلماتك استحللت فرجها فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله مسلما
سويا ولا تجعله شرك شيطان " ويكره الدخول ليلة الأربعاء.
459

مسألة 9 - يجوز أكل ما ينثر في الأعراس مع الاذن ولو بشاهد الحال إن كان
عاما فللعموم وإن كان خاصا فللمخصوصين، وكذا يجوز تملكه مع الاذن فيه أو بعد
الاعراض عنه فيملك وليس لمالكه الرجوع فيه (1) وإن كان عينه موجودا ولكن
الأحوط لهما مراعاة الاحتياط.
مسألة 10 - يستحب عند الجماع الوضوء والاستعاذة والتسمية وطلب الولد
الصالح السوي والدعاء بالمأثور وهو أن يقول " بسم الله وبالله اللهم جنبني الشيطان
وجنب الشيطان ما رزقتني " أو يقول " اللهم بأمانتك اخذتها " إلى آخر الدعاء السابق أو
يقول " بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله الا هو بديع السماوات والأرض اللهم ان
قضيت منى في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا ولا حظا واجعله
مؤمنا مخلصا مصفى من الشيطان ورجزه جل ثناؤك " وأن يكون في مكان مستور.
مسألة 11 - يكره الجماع ليلة خسوف القمر ويوم كسوف الشمس وفى الليلة
واليوم اللذين يكون فيهما الريح السوداء والصفراء والحمراء واليوم الذي فيه
الزلزلة بل في كل يوم أو ليلة حدث فيه آية مخوفة، وكذا يكره عند الزوال وعند
غروب الشمس حتى يذهب الشفق وفى المحاق وبعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس
وفى أول ليلة من كل شهر الا في الليلة الأولى من شهر رمضان فإنه يستحب فيها وفى
النصف من كل شهر وفى السفر إذا لم يكن عنده الماء للاغتسال وبين الأذان والإقامة
وفى ليلة الأضحى ويكره في السفينة ومستقبل القبلة ومستدبرها وعلى ظهر الطريق والجماع
وهو عريان وعقيب الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء والجماع وهو مختضب أو هي مختضبة
وعلى الامتلاء والجماع قائما وتحت الشجرة المثمرة وعلى سقوف البنيان وفى وجه
الشمس الا مع الستر ويكره ان يجامع وعنده من ينظر اليه ولو الصبي الغير المميز وأن ينظر
إلى فرج الامرأة حال الجماع والكلام عند الجماع الا بذكر الله تعالى وأن يكون معه خاتم فيه
ذكر الله أو شئ من القرآن، ويستحب الجماع ليلة الاثنين والثلاثاء والخميس والجمعة
ويوم الخميس عند الزوال ويوم الجمعة بعد العصر، ويستحب عند ميل الزوجة اليه.

(1) فيه تأمل.
460

مسألة 12 - يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلا حتى يصبح.
مسألة 13 - يستحب السعي في التزويج والشفاعة فيه بارضاء الطرفين.
مسألة 14 - يستحب تعجيل تزويج البنت وتحصينها بالزوج عند بلوغها فعن أبي
عبد الله عليه السلام من سعادة المرء ان لا تطمث ابنته في بيته.
مسألة 15 - يستحب حبس المرأة في البيت فلا تخرج الا لضرورة ولا يدخل
عليها أحد من الرجال.
مسألة 16 - يكره تزويج الصغار قبل البلوغ.
مسألة 17 - يستحب تخفيف مؤنة التزويج وتقليل المهر.
مسألة 18 - يستحب ملاعبة الزوجة قبل المواقعة.
مسألة 19 - يجوز للرجل تقبيل اي جزء من جسد زوجته ومس اي جزء من
بدنه ببدنها.
مسألة 20 - يستحب اللبث وترك التعجيل عند الجماع.
مسألة 21 - يكره المجامعة تحت السماء.
مسألة 22 - يستحب اكثار الصوم وتوفير الشعر لمن لا يقدر على التزويج مع
ميله وعدم طوله.
مسألة 23 - يستحب خلع خف العروس إذا دخلت البيت وغسل رجليها و
صب الماء من باب الدار إلى آخرها.
مسألة 24 - يستحب منع العروس في أسبوع العرس من الألبان والخل
والكزبرة والتفاح الحامض.
مسألة 25 - يكره اتحاد خرقة الزوج والزوجة عند الفراغ من الجماع.
مسألة 26 - يجوز لمن يريد تزويج امرأة ان ينظر إلى وجهها وكفيها وشعرها
ومحاسنها، بل لا يبعد جواز النظر إلى سائر جسدها (1) ما عدا عورتها وإن كان الأحوط

(1) في الجواهر: فلا محيص للفقيه الذي كشف الله تعالى عن بصيرته عن القول
بجواز النظر إلى جميع جسدها - وهو متين.
461

خلافه، ولا يشترط ان يكون ذلك باذنها ورضاها، نعم يشترط ان لا يكون بقصد التلذذ
وان علم أنه يحصل بنظرها قهرا، ويجوز تكرار النظر إذا لم يحصل الغرض وهو الاطلاع
على حالها بالنظر الأول، ويشترط أيضا ان لا يكون مسبوقا بحالها وان يحتمل اختيارها
والا فلا يجوز، ولا فرق بين ان يكون قاصدا لتزويجها بالخصوص أو كان قاصدا لمطلق
التزويج وكان بصدد تعيين الزوجة بهذا الاختيار وإن كان الأحوط الاقتصار على الأول
وأيضا لا فرق بين ان يمكن المعرفة بحالها بوجه آخر من توكيل امرأة تنظر إليها وتخبره
أولا وإن كان الأحوط الاقتصار على الثاني، ولا يبعد جواز نظر المرأة أيضا (1) إلى الرجل
الذي يريد تزويجها ولكن لا يترك الاحتياط بالترك وكذا يجوز النظر إلى جارية يريد
شراءه وإن كان بغير اذن سيدها والظاهر اختصاص ذلك بالمشترى لنفسه فلا يشمل
الوكيل والولي والفضولي، وأما في الزوجة فالمقطوع هو الاختصاص.
مسألة 27 - يجوز النظر إلى نساء أهل الذمة بل مطلق الكفار مع عدم التلذذ
والريبة اي خوف الوقوع في الحرام والأحوط الاقتصار على المقدار الذي جرت
عادتهن (2) على عدم ستره وقد يلحق بهم نساء أهل البوادي والقرى من الأعراب
وغيرهم وهو مشكل، نعم الظاهر عدم حرمة التردد في الأسواق ونحوها مع العلم
بوقوع النظر عليهن ولا يجب غض البصر إذا لم يكن هناك خوف افتتان.
مسألة 28 - يجوز لكل من الرجل والمرأة النظر إلى ما عدى العورة من مماثله
شيخا أو شابا حسن الصورة أو قبيحها ما لم يكن بتلذذ أو ريبة، نعم يكره كشف المسلمة
بين يدي اليهودية والنصرانية بل مطلق الكافرة فإنهن يصفن ذلك لأزواجهن، والقول
بالحرمة للآية حيث قال تعالى " أو نسائهن " فخص بالمسلمات، ضعيف لاحتمال كون
المراد من نسائهن الجواري والخدم لهن من الحرائر.
مسألة 29 - يجوز لكل من الزوج والزوجة النظر إلى جسد الآخر حتى العورة

(1) فيه اشكال.
(2) في الأزمنة السابقة.
462

مع التلذذ وبدونه بل يجوز لكل منهما مس الاخر بكل عضو منه كل عضو من الآخر
مع التلذذ وبدونه.
مسألة 30 - الخنثى مع الأنثى كالذكر ومع الذكر كالأنثى.
مسألة 31 - لا يجوز النظر إلى الأجنبية، ولا للمرأة النظر إلى الأجنبي (1) من
غير ضرورة، واستثنى جماعة الوجه والكفين فقالوا بالجواز فيهما (2) مع عدم الريبة
والتلذذ، وقيل بالجواز فيهما مرة، ولا يجوز تكرار النظر، والأحوط المنع مطلقا.
مسألة 32 - يجوز النظر إلى المحارم التي يحرم عليه نكاحهن نسبا أو رضاعا أو
مصاهرة ما عدى العورة مع عدم تلذذ وريبة وكذا نظرهن اليه.
مسألة 33 - المملوكة كالزوجة بالنسبة إلى السيد إذا لم تكن مشركة (3) أو
وثنية أو مزوجة أو مكاتبة أو مرتدة.
مسألة 34 - يجوز النظر إلى الزوجة المعتدة بوطي الشبهة وان حرم وطيها
وكذا الأمة كذلك وكذا إلى المطلقة الرجعية ما دامت في العدة ولو لم يكن بقصد
الرجوع.
مسألة 35 - يستثنى من عدم جواز النظر من الأجنبي والأجنبية مواضع " منها "
مقام المعالجة وما يتوقف عليه من معرفة نبض العروق والكسر والجرح والفصد
والحجامة ونحو ذلك إذا لم يمكن بالمماثل بل يجوز المس واللمس حينئذ " ومنها " مقام
الضرورة كما إذا توقف الاستنقاذ من الغرق أو الحرق أو نحوهما عليه أو على المس.
" ومنها " معارضة كل ما هو أهم في نظر الشارع مراعاته من مراعاة حرمة
النظر أو اللمس " ومنها " مقام الشهادة تحملا أو أداءا مع دعاء الضرورة، وليس منها

(1) الظاهر جواز نظرها إلى مثل الرأس، والوجه، والرقبة، واليدين إلى الذراع
والساقين من الرجل للسيرة المتشرعية القطعية.
(2) وهو الأقوى بحسب الدليل، والأظهر عدم وجوب التستر عليها بالنسبة اليهما أيضا
(3) استثناء المشركة والوثنية والمرتدة انما يكون من جهة ما ادعاه جماعة من التلازم
في الأمة بين جواز النكاح ذاتا والنظر - وإذا لم يجز نكاحها ذاتا لم يجز النظر إليها
وحيث انه لم يدل دليل على ذلك فالأظهر عدم الاستثناء.
463

ما عن العلامة من جواز النظر إلى الزانيين لتحمل الشهادة فالأقوى عدم الجواز، وكذا
ليس منها النظر إلى الفرج للشهادة على الولادة أو الثدي للشهادة على الرضاع وان
لم يمكن اثباتها بالنساء وان استجوده الشهيد الثاني " ومنها " القواعد من النساء اللاتي
لا يرجون نكاحا بالنسبة إلى ما هو المعتاد له من كشف بعض الشعر (1) والذراع
ونحو ذلك لا مثل الثدي والبطن ونحوهما مما يعتاد سترهن له " ومنها " غير المميز من
الصبي والصبية فإنه يجوز النظر اليهما بل اللمس، ولا يجب التستر منهما بل الظاهر
جواز النظر اليهما قبل البلوغ إذا لم يبلغا مبلغا يترتب على النظر منهما أو اليهما ثوران
الشهوة.
مسألة 36 - لا بأس بتقبيل الرجل الصبية التي ليست له بمحرم ووضعها في
حجره قبل ان يأتي عليها ست سنى إذا لم يكن عن شهوة.
مسألة 37 - لا يجوز للمملوك النظر إلى مالكه، ولا للخصي النظر إلى مالكته أو
غيرها، كما لا يجوز للعنين والمجبوب بلا اشكال، بل ولا لكبير السن الذي هو شبه القواعد
من النساء على الأحوط.
مسألة 38 - الأعمى كالبصير في حرمة نظر المرأة اليه.
مسألة 39 - لا بأس بسماع صوت الأجنبية ما لم يكن تلذذ ولا ريبة من غير فرق
بين الأعمى والبصير وإن كان الأحوط الترك في غير مقام الضرورة، ويحرم عليها اسماع
الصوت الذي فيه تهييج للسامع بتحسينه وترقيقه قال تعالى " ولا يخضعن بالقول (2)
فيطمع الذي في قلبه مرض.
مسألة 40 - لا يجوز مصافحة الأجنبية نعم لا بأس بها من وراء الثوب كما لا بأس
بلمس المحارم.

(1) المستفاد من الاخبار جواز كشف ما يستره الخمار والجلباب من الشعر والرقبة
وبعض الصدر والذراع فلا وجه للتخصيص ببعض الشعر.
(2) الآية مختصة بنساء النبي (ص) فالأولى الاستدلال له بارتكاز المتشرعة فالقول
بالحرمة لو لم يكن أقوى لا ريب انه أحوط.
464

مسألة 41 - يكره للرجل (1) ابتداء النساء بالسلام ودعائهن إلى الطعام وتتأكد
الكراهة في الشابة.
مسألة 42 - يكره الجلوس في مجلس المرأة إذا قامت عنه الا بعد برده.
مسألة 43 - لا يدخل الولد على أبيه (2) إذا كانت عنده زوجته الا بعد الاستيذان
ولا بأس بدخول الوالد على ابنه بغير اذنه.
مسألة 44 - يفرق بين الأطفال في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين وفى رواية
إذا بلغوا ست سنين.
مسألة 45 - لا يجوز النظر إلى العضو المبان من الأجنبي (3) مثل اليد والأنف
واللسان ونحوها لا مثل السن والظفر والشعر ونحوها.
مسألة 46 - يجوز وصل شعر الغير بشعرها ويجوز لزوجها النظر اليه على
كراهة بل الأحوط الترك.
مسألة 47 - لا تلازم بين جواز النظر وجواز المس فلو قلنا بجواز النظر إلى الوجه
والكفين من الأجنبية لا يجوز مسها الا من وراء الثوب.
مسألة 48 - إذا توقف العلاج على النظر دون اللمس أو اللمس دون النظر
يجب الاقتصار على ما اضطر اليه فلا يجوز الآخر بجوازه.
مسألة 49 - يكره اختلاط النساء بالرجال الا للعجايز ولهن حضور الجمعة
والجماعات.
مسألة 50 - إذا اشتبه من يجوز النظر اليه بين من لا يجوز بالشبهة المحصورة
وجب الاجتناب عن الجميع، وكذا بالنسبة إلى من يجب التستر عنه ومن لا يجب، وان
كانت الشبهة غير محصورة أو بدوية فان شك في كونه مماثلا أولا أو شك في كونه من
المحارم النسبية أولا فالظاهر وجوب الاجتناب لأن الظاهر من آية وجوب الغض أن

(1) لا دليل على الكراهة في غير الشابة.
(2) مقتضى صحيح الخزاز وجوب الاستيذان مطلقا.
(3) على الأحوط.
465

جواز النظر مشروط بأمر وجودي وهو كونه مماثلا أو من المحارم فمع الشك يعمل
بمقتضى العموم لا من باب التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية بل لاستفادة شرطية
الجواز بالمماثلة أو المحرمية أو نحو ذلك فليس التخصيص في المقام من قبيل
التنويع (1) حتى يكون من موارد أصل البراءة بل من قبيل المقتضى والمانع، وإذا
شك في كونه زوجة أولا فيجرى مضافا إلى ما ذكر من رجوعه إلى الشك في الشرط
أصالة عدم حدوث الزوجية، وكذا لو شك في المحرمية من باب الرضاع نعم لو
شك في كون المنظور اليه أو الناظر حيوانا أو انسانا فالظاهر عدم وجوب الاحتياط
لانصراف عموم وجوب الغض إلى خصوص الانسان، وإن كان الشك في كونه بالغا
أو صبيا أو طفلا مميزا أو غير مميز ففي وجوب الاحتياط وجهان من العموم على الوجه
الذي ذكرنا ومن امكان دعوى الانصراف والأظهر الأول (2).
مسألة 51 - يجب على النساء التستر كما يحرم على الرجال النظر، ولا يجب على
الرجال التستر وإن كان يحرم على النساء النظر نعم حال الرجال بالنسبة إلى العورة حال
النساء، ويجب عليهم التستر مع العلم بتعمد النساء في النظر (3) من باب حرمة الإعانة
على الاثم.
مسألة 52 - هل المحرم من النظر ما يكون على وجه يتمكن من التمييز بين
الرجل والمرأة وأنه العضو الفلاني أو غيره أو مطلقه فلو رأى الأجنبية من بعيد بحيث
لا يمكنه تمييزها وتمييز أعضائها أو لا يمكنه تمييز كونها رجلا أو امرأة بل أو لا يمكنه

(1) التخصيص مطلقا يوجب التنويع ومع ذلك يجب الاجتناب في المقام: لاستصحاب
عدم المماثلة، وعدم النسب بناءا على جريان الأصل في العدم الأزلي كما اخترناه.
(2) بل الأظهر عدم الوجوب.
(3) إن كان مراده لزوم التستر بالنسبة إلى العورة لا وجه للتخصيص بالنساء بل لابد
من التعميم للرجال، وأيضا لاوجه للتخصيص بصورة العلم فإنه في صورة الاحتمال أيضا
كذلك لان الحفظ المأمور به يقتضى ذلك، وإن كان المراد لزوم التستر بالنسبة إلى غيرها
فالأظهر عدم الوجوب للسيرة وأصالة البراءة، واما الإعانة على الاثم فلا دليل على حرمتها
مع أن صدقها على المقام محل تأمل والتفصيل لا يسعه المجال.
466

تمييز كونها انسانا أو حيوانا أو جمادا فهل هو حرام أو لا وجهان الأحوط الحرمة.
1 - فصل
فيما يتعلق باحكام الدخول على الزوجة وفيه مسائل
مسألة 1 - الأقوى وفاقا للمشهور جواز وطء الزوجة والمملوكة دبرا على كراهة
شديدة بل الأحوط تركه (1) خصوصا مع عدم رضاها بذلك.
مسألة 2 - قد مر في باب الحيض الاشكال (2) في وطء الحائض دبرا وان قلنا
بجوازه في غير حال الحيض.
مسألة 3 - ذكر بعض الفقهاء ممن قال بالجواز أنه يتحقق النشوز بعدم تمكين
الزوجة من وطيها دبرا وهو مشكل لعدم الدليل على وجوب تمكينها في كل ما هو
جايز من أنواع الاستمتاعات حتى يكون تركه نشوزا.
مسألة 4 - الوطء في دبر المرأة كالوطء في قبلها في وجوب الغسل والعدة
واستقرار المهر وبطلان الصوم وثبوت حد الزناء إذا كانت أجنبية وثبوت مهر المثل
إذا وطئها شبهة وكون المناط فيه دخول الحشفة أو مقدارها (3) وفى حرمة البنت
والام وغير ذلك من احكام المصاهرة المعلقة على الدخول، نعم في كفايته في حصول
تحليل المطلقة ثلاثا اشكال (4) كما أن في كفاية الوطء في القبل فيه بدون الانزال
أيضا كذلك لما ورد في الأخبار من اعتبار ذوق عسيلته وعسيلتها فيه، وكذا في كفايته في

(1) استحبابا مع رضاها بذلك.
(2) وقد مران الأظهر الجواز.
(3) تقدم في كتاب الصوم الاشكال في ترتب احكام الجماع على ادخال مقدار
الحشفة من مقطوعها وانها تترتب بادخال تمام الذكر.
(4) الأظهر عدم كفاية الوطء في الدبر، وكفاية الوطء في القبل بدون الانزال لان
ذوق العسيلة عبارة عن لذة الجماع، والموجود في اخبارنا اعتبار ذوق عسيلتها خاصة.
467

الوطء الواجب في أربعة أشهر (1) وكذا في كفايته في حصول الفئة والرجوع في
الايلاء أيضا.
مسألة 5 - إذا حلف على ترك وطى امرأته في زمان أو مكان يتحقق الحنث
بوطئها دبرا الا ان يكون هناك انصراف إلى الوطي في القبل من حيث كون غرضه
عدم انعقاد النطفة.
مسألة 6 - يجوز العزل بمعنى اخراج الآلة عند الانزال وافراغ المنى خارج
الفرج في الأمة وان كانت منكوحة بعقد الدوام والحرة المتمتع بها ومع اذنها وان
كانت دائمة ومع اشتراط ذلك عليها في العقد وفى الدبر وفى حال الاضطرار من ضرر
أو نحوه، وفى جوازه في الحرة المنكوحة بعقد الدوام في غير ما ذكر قولان الأقوى
ما هو المشهور من الجواز مع الكراهة، بل يمكن ان يقال بعدمها أو اخفيتها في العجوزة
والعقيمة والسليطة والبذية والتي لا ترضع ولدها، والأقوى عدم وجوب دية النطفة عليه
وان قلنا بالحرمة، وقيل بوجوبها عليه للزوجة وهى عشرة دنانير للخبر الوارد فيمن أفزع
رجلا عن عرسه فعزل عنها الماء من وجوب نصف خمس المأة عشرة دنانير عليه
لكنه في غير ما نحن فيه ولا وجه للقياس عليه مع أنه مع الفارق، وأما عزل المرأة بمعنى
منعها من الانزال في فرجها فالظاهر حرمته بدون رضا الزوج فإنه مناف للتمكين الواجب
عليها بل يمكن وجوب دية النطفة عليها هذا، ولافرق في جواز العزل بين الجماع
الواجب وغيره حتى فيما يجب في كل أربعة أشهر.
مسألة 7 - لا يجوز ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة اشهر من غير فرق بين
الدائمة والمتمتع بها ولا الشابة والشائبة على الأظهر (2) والأمة والحرة لاطلاق

(1) الأظهر عدم كفاية الوطء في الدبر فيه، وكفاية الوطء في القبل بلا انزال، وكذا
في تاليه بالإضافة إلى الوطء في القبل، واما كفاية الوطء في الدبر فيه فلا تخلو عن
اشكال ولا يبعد دعوى أظهرية عدم الكفاية.
(2) بل على الأحوط غير لزومي.
468

الخبر كما أن مقتضاه عدم الفرق بين الحاضر والمسافر (1) في غير السفر الواجب وفى
كفاية الوطء في الدبر اشكال كما مر (2) وكذا في الادخال بدون الانزال لانصراف
الخبر إلى الوطء المتعارف وهو مع الانزال، والظاهر عدم توقف الوجوب على
مطالبتها ذلك ويجوز تركه مع رضاها أو اشتراط ذلك حين العقد عليها ومع عدم
التمكن منه لعدم انتشار العضو ومع خوف الضرر عليه أو عليها ومع غيبتها باختيارها
ومع نشوزها، ولا يجب أزيد من الادخال والانزال فلا بأس بترك سائر المقدمات من
الاستمتاعات ولا يجرى الحكم في المملوكة الغير المزوجة فيجوز ترك وطيها مطلقا.
مسألة 8 - إذا كانت الزوجة من جهة كثرة ميلها وشبقها لا تقدر على الصبر إلى
أربعة أشهر بحيث تقع في المعصية إذا لم يواقعها فالأحوط المبادرة إلى مواقعتها قبل
تمام الأربعة أو طلاقها وتخلية سبيلها.
مسألة 9 - إذا ترك مواقعتها عند تمام الأربعة الأشقر لمانع من حيض أو نحوه
أو عصيانا لا يجب عليه القضاء (3) نعم الأحوط ارضاؤها بوجه من الوجوه لأن الظاهر
أن ذلك حق لها عليه وقد فوته عليها، ثم اللازم عدم التأخير من وطء إلى وطء أزيد
من الأربعة فمبدء اعتبار الأربعة اللاحقة انما هو الوطء المتقدم لا حين انقضاء الأربعة
المتقدمة.
2 - فصل
مسألة 1 - لا يجوز وطء الزوجة قبل اكمال تسع سنين حرة كانت أو أمة
دواما كان النكاح أو متعة بل لا يجوز وطء المملوكة والمحللة كذلك، وأما الاستمتاع
بما عدى الوطء من النظر واللمس بشهوة والضم والتفخيذ فجائز في الجميع ولو
في الرضعية.

(1) فيه تعمل بل القول بالجواز فيه قوى.
(2) قد مر ان الأظهر كفاية الثاني دون الأول.
(3) لا اشكال في أنه لا يرتفع الوجوب بذلك بل يجب بعد رفع المانع فورا ففورا
ولا يسقط بالعصيان، نعم لا يجب وطء آخر قضاءا لما فات.
469

مسألة 2 - إذا تزوج صغيرة دواما أو متعة ودخل بها قبل اكمال تسع سنين
فأفضاها حرمت عليه ابدا على المشهور وهو الأحوط وان لم تخرج عن زوجيته وقيل
بخروجها عن الزوجية أيضا بل الأحوط حرمتها عليه بمجرد الدخول وان لم يفضها
ولكن الأقوى بقاؤها على الزوجية وان كانت مفضاة وعدم حرمتها عليه أيضا خصوصا
إذا كان جاهلا بالموضوع أو الحكم أو كان صغيرا أو مجنونا أو كان بعد اندمال جرحها
أو طلقها ثم عقد عليها جديدا، نعم يجب عليه دية الافضاء وهى دية النفس ففي الحرة
نصف دية الرجل وفى الأمة أقل الأمرين من قيمتها ودية الحرة وظاهر المشهور ثبوت
الدية مطلقا وان أمسكها ولم يطلقها الا ان مقتضى حسنة حمران وخبر بريد المثبتين
لها عدم وجوبها عليه إذا لم يطلقها والأحوط ما ذكره المشهور، ويجب عليه أيضا نفقتها
ما دامت حية وان طلقها بل وان تزوجت بعد الطلاق على الأحوط (1).
مسألة 3 - لافرق في الدخول الموجب للافضاء بين ان يكون في القبل أو
الدبر والافضاء أعم من أن يكون باتحاد مسلكي البول والحيض أو مسلكي الحيض
والغائط أو اتحاد الجميع وإن كان ظاهر المشهور الاختصاص بالأول.
مسألة 4 - لا يلحق بالزوجة في الحرمة الأبدية على القول بها ووجوب النفقة
المملوكة والمحللة والموطوءة بشبهة أو زناء ولا الزوجة الكبيرة، نعم تثبت الدية
في الجميع عدى الزوجة الكبيرة (2) إذا أفضاها بالدخول بها حتى في الزنا، وان
كانت عالمة مطاوعة وكانت كبيرة، وكذا لا يلحق بالدخول الافضاء بالأصبع ونحوه
فلا تحرم عليه مؤبدا نعم تثبت فيه الدية.
مسألة 5 - إذا دخل بزوجته بعد اكمال التسع فأفضاها لم تحرم عليه ولا تثبت الدية
كما مر ولكن الأحوط الانفاق عليها ما دامت حية (3).

(1) بل الأظهر.
(2) والمملوكة.
(3) لا يترك إذ القول بالوجوب من حيث الدليل قوى، والمانع عن الافتاء به ذهاب
المشهور إلى عدم الوجوب.
470

مسألة 6 - إذا كان المفضى صغيرا أو مجنونا ففي كون الدية عليهما أو على
عاقلتهما اشكال وإن كان الوجه الثاني لا يخلو عن قوة (1).
مسألة 7 - إذا حصل بالدخول قبل التسع عيب آخر غير الافضاء ضمن أرشه
وكذا إذا حصل مع الافضاء عيب آخر يوجب الأرش أو الدية ضمنه مع دية الافضاء
مسألة 8 - إذا شك في اكمالها تسع سنين لا يجوز له وطئها لاستصحاب الحرمة
السابقة (2) فان وطئها مع ذلك فأفضاها ولم يعلم بعد ذلك أيضا كونها حال الوطء
بالغة أولا لم تحرم ابدا ولو على القول بها لعدم احراز كونه قبل التسع والأصل
لا يثبت ذلك (3) نعم يجب عليه الدية والنفقة عليها ما دامت حية.
مسألة 9 - يجرى عليها بعد الافضاء جميع احكام الزوجة من حرمة الخامسة
وحرمة الأخت واعتبار الاذن في نكاح بنت الأخ والأخت وسائر الأحكام ولو على
القول بالحرمة الأبدية، بل يلحق به الولد وان قلنا بالحرمة لأنه على القول بها يكون
كالحرمة حال الحيض.
مسألة 10 - في سقوط وجوب الانفاق عليها ما دامت حية بالنشوز اشكال (4)
لاحتمال كون هذه النفقة لا من باب انفاق الزوجة ولذا تثبت بعد الطلاق بل بعد التزويج
بالغير وكذا في تقدمها على نفقة الأقارب، وظاهر المشهور أنها كما تسقط بموت الزوجة
تسقط بموت الزوج أيضا لكن يحتمل بعيدا (5) عدم سقوطها بموته والظاهر عدم
سقوطها بعدم تمكنه وتصير دينا عليه ويحتمل بعيدا سقوطها، وكذا تصير دينا إذا امتنع
من دفعها مع تمكنه إذ كونها حكما تكليفيا صرفا بعيد هذا بالنسبة إلى ما بعد الطلاق
والا فما دامت في حبالته الظاهر أن حكمها حكم الزوجة.

(1) بل الأول أقوى.
(2) بل لاستصحاب عدم بلوغها تسع سنين.
(3) الظاهر اثباته له وعدم كونه من الأصول المثبتة.
(4) الأظهر عدم السقوط.
(5) ضعيف غايته وكذا ما بعده.
471

3 - فصل
لا يجوز في العقد الدائم الزيادة على الأربع حرا كان أو عبدا والزوجة حرة
أو أمة، وأما في الملك والتحليل فيجوز ولو إلى الف وكذا في العقد الانقطاعي
ولا يجوز للحر أن يجمع بين أزيد من أمتين ولا للعبد أن يجمع بين أزيد من حرتين
وعلى هذا فيجوز للحر أن يجمع بين أربع حرائر أو ثلاث وأمة أو حرتين وأمتين
وللعبد أن يجمع بين اربع إماء أو حرة أو أمتين أو حرتين، ولا يجوز له أن يجمع بين
أمتين وحرتين أو ثلاث حرائر أو اربع حرائر أو ثلاث إماء وحرة، كما لا يجوز للحر
أيضا ان يجمع بين ثلاث إماء وحرة.
مسألة 1 - إذا كان العبد مبعضا أو الأمة مبعضه ففي لحوقهما بالحر أو القن اشكال
ومقتضى الاحتياط ان يكون العبد المبعض كالحر بالنسبة إلى الإماء فلا يجوز له الزيادة
على أمتين وكالعبد القن بالنسبة إلى الحرائر فلا يجوز له الزيادة على حرتين وأن تكون
الأمة المبعضة كالحرة بالنسبة إلى العبد وكالأمة بالنسبة إلى الحر، بل يمكن ان
يقال إنه بمقتضى القاعدة بدعوى ان المبعض حر وعبد فمن حيث حريته لا يجوز له
أزيد من أمتين ومن حيث عبديته لا يجوز له أزيد من حرتين وكذا بالنسبة إلى الأمة
المبعضة، الا ان يقال إن الأخبار الدالة على أن الحر لا يزيد على أمتين والعبد لا يزيد على
حرتين منصرفة إلى الحر والعبد الخالصين وكذا في الأمة، فالمبعض قسم ثالث خارج
عن الأخبار فالمرجع عمومات الأدلة على جواز التزويج غاية الأمر عدم جواز الزيادة على
الأربع فيجوز له نكاح اربع حرائر أو اربع إماء لكنه بعيد (1) من حيث لزوم كونه أولى
من الحر الخالص وحينئذ فلا يبعد ان يقال إن المرجع الاستصحاب (2) ومقتضاه اجراء
حكم العبد والأمة عليهما، ودعوى تغير الموضوع كما ترى، فتحصل ان الأولى الاحتياط
الذي ذكرنا أولا والأقوى العمل بالاستصحاب واجراء حكم العبيد والإماء عليهما

(1) لا بعد فيه بل هو الأظهر.
(2) فيه نظر لكونه من الاستصحاب التعليقي
472

مسألة 2 - لو كان عبد عنده ثلاث أو اربع إماء فأعتق وصار حرا لم يجز ابقاء
الجميع لأن الاستدامة كالابتداء فلابد من اطلاق الواحدة أو الاثنتين والظاهر كونه
مخيرا بينهما كما في اسلام الكافر عن أزيد من اربع ويحتمل القرعة، والأحوط ان يختار
هو القرعة بينهن (1) ولو أعتقت أمة أو أمتان فان اختارت الفسخ حيث إن العتق موجب
لخيارها بين الفسخ والبقاء فهو وان اختارت البقاء يكون الزوج مخيرا، والأحوط
اختياره القرعة كما في الصورة الأولى.
مسألة 3 - إذا كان عنده اربع وشك في أن الجميع بالعقد الدائم أو البعض
المعين أو غير المعين منهن بعقد الانقطاع ففي جواز نكاح الخامسة دواما اشكال (2).
مسألة 4 - إذا كان عنده أربع فطلق واحدة منهن وأراد نكاح الخامسة فإن كان
الطلاق رجعيا لا يجوز له ذلك الا بعد خروجها عن العدة وإن كان بائنا ففي الجواز قبل
الخروج عن العدة قولان المشهور على الجواز لانقطاع العصمة بينه وبينها، وربما قيل
بوجوب الصبر (3) إلى انقضاء عدتها عملا باطلاق جملة من الأخبار والأقوى المشهور
والأخبار محمولة على الكراهة هذا ولو كانت الخامسة أخت المطلقة فلا اشكال في
جواز نكاحها قبل الخروج عن العدة البائنة لورود النص فيه (4) معللا بالانقطاع العصمة
كما أنه لا ينبغي الاشكال إذا كانت العدة لغير الطلاق كالفسخ بعيب أو نحوه، وكذا إذا
ماتت الرابعة فلا يجب الصبر إلى أربعة اشهر وعشر والنص الوارد بوجوب الصبر
معارض بغيره ومحمول على الكراهة، وأما إذا كان الطلاق أو الفراق بالفسخ قبل الدخول
فلا عدة حتى يجب الصبر أو لا يجب.

(1) لا يترك الاحتياط باختيار القرعة ثم اختيار ما خرج بها.
(2) الأظهر هو الجواز.
(3) هذا القول اظهر بحسب الدليل، الا ان تسالم الأصحاب على عدم وجوبه يمنع
عن الافتاء به فالاحتياط بالترك لا يترك.
(4) النص وارد في الجواز من حيث الجمع بين الأختين لا من حيث الجمع بين
الخمس، فلا فرق بين كون الخامسة أختا أو غيرها.
473

4 - فصل
لا يجوز التزويج في عدة الغير دواما أو متعة سواء كانت عدة الطلاق بائنة أو
رجعية أو عدة الوفاة أو عدة وطء الشبهة حرة كانت المعتدة أو أمة، ولو تزوجها حرمت
عليه أبدا إذا كانا عالمين بالحكم والموضوع أو كان أحدهما عالما بهما مطلقا سواء
دخل بها أولا، وكذا مع جهلهما بهما لكن بشرط الدخول بها، ولا فرق في التزويج
بين الدوام والمتعة، كما لا فرق في الدخول بين القبل والدبر، ولا يلحق بالعدة أيام استبراء
الأمة فلا يوجب التزويج فيها حرمة أبدية ولو مع العلم والدخول بل لا يبعد جواز
تزويجها فيها وان حرم الوطء قبل انقضائها فان المحرم فيها هو الوطء دون سائر
الاستمتاعات، وكذا لا يلحق بالتزويج الوطء بالملك أو التحليل فلو كانت مزوجة
فمات زوجها أو طلقها وإن كان لا يجوز لمالكها وطيها ولا الاستمتاع بها في أيام عدتها
ولا تحليلها للغير لكن لو وطئها أو حللها للغير فوطئها لم تحرم ابدا عليه أو على ذلك
الغير ولو مع العلم بالحكم والموضوع.
مسألة 1 - لا يلحق بالتزويج في العدة وطء المعتدة شبهة من غير عقد بل ولا
زناء الا إذا كانت العدة رجعية كما سيأتي، وكذا إذا كان بعقد فاسد لعدم تمامية أركانه
وأما إذا كان بعقد تام الأركان وكان فساده لتعبد شرعي كما إذا تزوج، أخت زوجته في
عدتها أو أمها أو بنتها (1) أو نحو ذلك مما يصدق عليه التزويج، وإن كان فاسدا شرعا
ففي كونه كالتزويج الصحيح الا من جهة كونه في العدة وعدمه لأن المتبادر من
الأخبار التزويج الصحيح مع قطع النظر عن كونه في العدة اشكال والأحوط الالحاق
في التحريم الأبدي فيوجب الحرمة مع العلم مطلقا ومع الدخول في صورة الجهل.
مسألة 2 - إذا زوجه الولي في عدة الغير مع علمه بالحكم والموضوع أو
زوجه الوكيل في التزويج بدون تعيين الزوجة كذلك لا يوجب الحرمة الأبدية لأن

(1) ذكر الام من سهو القلم لأنها من المحرمات الأبدية، واما البنت فلابد من تقييدها
بما إذا لم يدخل بالام.
474

المناط علم الزوج لا وليه أو وكيله، نعم لو كان وكيلا في تزويج امرأة معينة وهى
في العدة فالظاهر كونه كمباشرته بنفسه لكن المدار علم الموكل لا الوكيل.
مسألة 3 - لا اشكال في جواز تزويج من في العدة لنفسه سواء كانت عدة الطلاق
أو الوطء شبهة أو عدة المتعة أو الفسخ بأحد الموجبات أو المجوزات له والعقد
صحيح الا في العدة الرجعية فان التزويج فيها باطل لكونها بمنزلة الزوجة والا في
الطلاق الثالث الذي يحتاج إلى المحلل فإنه أيضا باطل بل حرام (1) ولكن مع ذلك
لا يوجب الحرمة الأبدية، والا في عدة الطلاق التاسع في الصورة التي تحرم ابدا، والا
في العدة لوطئه زوجة الغير شبهة لكن لامن حيث كونها في العدة بل لكونها ذات
بعل، وكذا في العدة لوطئه في العدة شبهة إذا حملت منه بناءا على عدم تداخل
العدتين فان عدة وطء الشبهة حينئذ مقدمة على العدة السابقة التي هي عدة الطلاق
أو نحوه لمكان الحمل وبعد وضعه تأتى بتتمة العدة السابقة فلا يجوز له تزويجها في
هذه العدة أعني عدة وطء الشبهة وان كانت لنفسه فلو تزوجها فيها عالما أو جاهلا بطل
ولكن في ايجابه التحريم الأبدي اشكال.
مسألة 4 - هل يعتبر في الدخول الذي هو شرط في الحرمة الأبدية في صورة
الجهل أن يكون في العدة أو يكفي كون التزويج في العدة مع الدخول بعد انقضائها
قولان الأحوط الثاني بل لا يخلو عن قوة لاطلاق الأخبار بعد منع الانصراف إلى
الدخول في العدة.
مسألة 5 - لو شك في أنها في العدة أم لا مع عدم العلم سابقا جاز التزويج
خصوصا إذا أخبرت بالعدم، وكذا إذا علم كونها في العدة سابقا وشك في بقائها
إذا أخبرت بالانقضاء، وأما مع عدم اخبارها بالانقضاء فمقتضى استصحاب بقائها عدم
جواز تزويجها، وهل تحرم ابدا إذا تزوجها مع ذلك الظاهر ذلك (2) وإذا تزوجها

(1) لم أقف عاجلا على ما يدل على حرمة العقد التكليفية، نعم لا اشكال في بطلانه.
(2) إذا دخل بها ولم ينكشف الخلاف، وإذا انكشف الخلاف لم تحرم، ومع
عدم الدخول أيضا كذلك والأحوط الترك.
475

باعتقاد خروجها عن العدة أو من غير التفات إليها ثم أخبرت بأنها كانت في العدة
فالظاهر قبول قولها (1) واجراء حكم التزويج في العدة فمع الدخول بها تحرم أبدا
مسألة 6 - إذا علم أن التزويج كان في العدة مع الجهل بها حكما أو موضوعا
ولكن شك في أنه دخل بها حتى تحرم ابدا أولا يبنى على عدم الدخول، وكذا إذا
علم بعدم الدخول بها وشك في أنها كانت عالمة أو جاهلة فإنه يبنى على عدم علمها
فلا يحكم بالحرمة الأبدية.
مسألة 7 - إذا علم اجمالا بكون احدى الامرأتين المعينتين في العدة ولم
يعلمها بعينها وجب عليه ترك تزويجهما، ولو تزوج إحداهما بطل ولكن لا يوجب الحرمة
الأبدية لعدم احراز كون هذا التزويج في العدة، نعم لو تزوجهما معا حرمتا عليه في
الظاهر عملا بالعلم الاجمالي.
مسألة 8 - إذا علم أن هذه الامرأة المعينة في العدة لكن لا يدرى انها في عدة
نفسه أو في عدة لغيره جاز له تزويجها (2) لأصالة عدم كونها في عدة الغير فحاله حال
الشك البدوي.
مسألة 9 - يلحق بالتزويج في العدة في ايجاب الحرمة الأبدية تزويج ذات
البعل فلو تزوجها مع العلم بأنها ذات بعل حرمت عليه أبدا مطلقا سواء دخل بها أم لا
ولو تزوجها مع الجهل لم تحرم (3) الا مع الدخول بها من غير فرق بين كونها
حرة أو أمة مزوجة وبين الدوام والمتعة في العقد السابق واللاحق، وأما تزويج أمة
الغير بدون اذنه مع عدم كونها مزوجة فلا يوجب الحرمة الأبدية وإن كان مع الدخول
والعلم.
مسألة 10 - إذا تزوج امرأة عليها عدة ولم تشرع فيها كما إذا مات زوجها

(1) بل الظاهر أن قولها بعد العقد والدخول لا يقبل، وبعد العقد قبل الدخول ان
أخبرت لزم الفحص كما دلت على ذلك الاخبار.
(2) في اطلاقه تأمل.
(3) العقد على ذات البعل مع الجهل لا يوجب الحرمة الأبدية وان دخل بها بل
وان علمت الزوجة بالحال.
476

ولم يبلغها الخبر فان عدتها من حين بلوغ الخبر فهل يوجب الحرمة الأبدية أم لا قولان
أحوطهما الأول بل لا يخلو عن قوة (1).
مسألة 11 - إذا تزوج امرأة في عدته ودخل بها مع الجهل فحملت مع
كونها مدخولة للزوج الأول فجائت بولد فان مضى من وطء الثاني أقل من ستة
أشهر ولم يمض من وطء الزوج الأول أقصى مدة الحمل لحق الولد بالأول وان
مضى من وطء الأول أقصى المدة ومن وطء الثاني ستة اشهر أو أزيد إلى ما قبل
الأقصى فهو ملحق بالثاني وان مضى من الأول أقصى المدة ومن الثاني أقل من ستة
أشهر فليس ملحقا بواحد منهما وان مضى من الأول ستة فما فوق وكذا من الثاني
وهل يلحق بالأول أو الثاني أو يقرع وجوه أو أقوال والأقوى لحوقه بالثاني لجملة من
الأخبار، وكذا إذا تزوجها الثاني بعد تمام العدة للأول واشتبه حال الولد.
مسألة 12 - إذا اجتمعت عدة وطء الشبهة مع التزويج أولا معه وعدة الطلاق
أو الوفاة أو نحوهما فهل تتداخل العدتان أو يجب التعدد قولان المشهور على الثاني (2)
وهو الأحوط وإن كان الأول لا يخلو عن قوة حملا للأخبار الدالة على التعدد على
التقية بشهادة خبر زرارة وخبر يونس، وعلى التعدد يقدم ما تقدم سببه الا إذا كان احدى
العدتين بوضع الحمل فتقدم وإن كان سببها متأخرا لعدم امكان التأخير حينئذ، ولو كان
المتقدمة عدة وطء الشبهة والمتأخرة عدة الطلاق الرجعي، فهل يجوز الرجوع قبل
مجئ زمان عدته وهل ترث الزوج إذا مات قبله في زمان عدة وطء الشبهة وجهان
بل قولان لا يخلو الأول منهما من قوة، ولو كانت المتأخرة عدة الطلاق البائن فهل
يجوز تزويج المطلق لها في زمان عدة الوطء قبل مجئ زمان عدة الطلاق وجهان
لا يبعد الجواز (3) بناءا على أن الممنوع في عدة وطء الشبهة وطء الزوج لها

(1) بل الأقوى الثاني وإن كان العقد فاسدا للاجماع.
(2) وهو الأقوى.
(3) بل هو بعيد، والظاهر جريان حكم التزويج في العدة عليه حتى الحرمة الأبدية.
477

لا سائر الاستمتاعات بها كما هو الأظهر ولو قلنا بعدم جواز التزويج حينئذ للمطلق
فيحتمل كونه موجبا للحرمة الأبدية أيضا لصدق التزويج في عدة الغير لكنه بعيد
لانصراف اخبار التحريم المؤبد عن هذه الصورة هذا، ولو كانت العدتان لشخص واحد
كما إذا طلق زوجته بائنا ثم وطئها شبهة في أثناء العدة فلا ينبغي الاشكال في التداخل
وإن كان مقتضى اطلاق بعض العلماء التعدد في هذه الصورة أيضا.
مسألة 13 - لا اشكال في ثبوت مهر المثل في الوطء بالشبهة المجردة عن
التزويج إذا كانت الموطوءة مشتبهة وإن كان الواطي عالما وأما إذا كان بالتزويج ففي
ثبوت المسمى أو مهر المثل قولان أقواهما الثاني (1) وإذا كان التزويج مجردا عن
الوطي فلا مهر أصلا.
مسألة 14 - مبدء العدة في وطء الشبهة المجردة عن التزويج حين الفراغ
من الوطء وأما إذا كان مع التزويج فهل هو كذلك أو من حين تبين الحال وجهان
والأحوط الثاني بل لعله الظاهر من الأخبار.
مسألة 15 - إذا كانت الموطوئة بالشبهة عالمة بأن كان الاشتباه من طرف الواطي
فقط فلا مهر لها إذا كانت حرة إذ لا مهر لبغي ولو كانت أمة ففي كون الحكم كذلك أو
يثبت المهر لأنه حق السيد وجهان لا يخلو الأول منهما من قوة.
مسألة 16 - لا يتعدد المهر بتعدد الوطء (2) مع استمرار الاشتباه نعم لو كان
مع تعدد الاشتباه تعدد.
مسألة 17 - لا بأس بتزويج المرأة الزانية غير ذات البعل للزاني وغيره والأحوط
الأولى (3) ان يكون بعد استبراء رحمها بحيضة من مائه أو ماء غيره ان لم تكن حاملا
وأما الحامل فلا حاجة فيها إلى الاستبراء بل يجوز تزويجها ووطئها بلا فصل نعم الأحوط (4)
ترك تزويج المشهورة بالزناء الا بعد ظهور توبتها بل الأحوط ذلك بالنسبة إلى الزاني

(1) بل الأول.
(2) في غير وطء المعقود عليها في العدة جهلا تأمل.
(3) بل الأحوط وجوبا.
(4) الأولى.
478

بها وأحوط من ذلك ترك تزويج الزانية مطلقا الا بعد توبتها ويظهر ذلك بدعائها إلى
الفجور فان أبت ظهر توبتها.
مسألة 18 - لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها وان كانت مصرة على ذلك
ولا يجب عليه ان يطلقها.
مسألة 19 - إذا زنا بذات بعل دواما أو متعة حرمت عليه أبدا فلا يجوز له
نكاحها بعد موت زوجها أو طلاقه لها أو انقضاء مدتها إذا كانت متعة، ولافرق على
الظاهر بين كونه حال الزنا عالما بأنها ذات بعل أو لا، كما لا فرق بين كونها حرة أو
أمة وزوجها حرا أو عبدا كبيرا أو صغيرا، ولا بين كونها مدخولا بها من زوجها أولا،
ولا بين ان يكون ذلك باجراء العقد عليها وعدمه بعد فرض العلم بعدم صحة العقد، ولا بين
أن تكون الزوجة مشتبهة أو زانية أو مكرهة، نعم لو كانت هي الزانية وكان الواطء مشتبها
فالأقوى عدم الحرمة الأبدية، ولا يلحق بذات البعل الأمة المستفرشة ولا المحللة نعم
لو كانت الأمة مزوجة فوطئها سيدها لم يبعد الحرمة الأبدية عليه وإن كان لا يخلو عن اشكال
ولو كان الواطء مكرها على الزناء فالظاهر لحوق الحكم وإن كان لا يخلو عن اشكال أيضا.
مسألة 20 - إذا زنا بامرأة في العدة الرجعية حرمت عليه ابدا دون البائنة وعدة
الوفاة وعدة المتعة والوطء بالشبهة والفسخ، ولو شك في كونها في العدة أولا، أو في
العدة الرجعية أو البائنة فلا حرمة ما دام باقيا على الشك، نعم لو علم كونها في عدة
رجعية وشك في انقضائها وعدمه فالظاهر الحرمة خصوصا إذا أخبرت هي بعدم الانقضاء
ولافرق بين أن يكون الزنا في القبل أو الدبر وكذا في المسألة السابقة.
مسألة 21 - من لاط بغلام فأوقب ولو بعض الحشفة حرمت عليه أمه ابدا وان علت
وبنته وان نزلت (1) وأخته من غير فرق بين كونهما كبيرين أو صغيرين (2) أو مختلفين

(1) الاخبار وان كانت مختصة بالام والبنت ولكن الظاهر صدقهما على الجدة وبنت
البنت.
(2) الأظهر عدم شمول الحكم لما إذا كان الواطء صغيرا، كما أن ظاهر النص
يقتضى البناء على عدم الشمول لما إذا كان الموطوء كبيرا فالأظهر اختصاص الحرمة بما إذا
كان الواطء كبيرا والموطوء صغيرا.
479

ولا تحرم على الموطوء أم الواطي وبنته وأخته على الأقوى، ولو كان الموطوء خنثى
حرمت أمها وبنتها على الواطي لأنه اما لواط أو زنا وهو محرم إذا كان سابقا
كما مر (1) والأحوط حرمة المذكورات (2) على الواطي وإن كان ذلك بعد التزويج
خصوصا إذا طلقها وأراد تزويجها جديدا والام الرضاعية كالنسبية وكذلك الأخت
والبنت، والظاهر عدم الفرق في الوطئ بين ان نكون عن علم وعمد واختيار أو مع
الاشتباه كما إذا تخيله امرأته أو كان مكرها أو كان المباشر للفعل هو المفعول (3) ولو كان
الموطوء ميتا ففي التحريم اشكال (4) ولو شك في تحقق الايقاب وعدمه بنى على
العدم ولا تحرم من جهة هذا العمل الشنيع غير الثلاثة المذكورة فلا بأس بنكاح ولد
الواطئ ابنة الموطوء أو أخته أو أمه وإن كان الأولى الترك في ابنته.
5 - فصل
من المحرمات الأبدية التزويج حال الاحرام: لا يجوز للمحرم ان يتزوج امرأة
محرمة سواء كان بالمباشرة أو بالتوكيل مع اجراء الوكيل العقد حال الاحرام سواء
كان الوكيل محرما أو محلا وكانت الوكالة قبل الاحرام أو حاله، وكذا لو كان بإجازة
عقد الفضولي الواقع حال الحرام أو قبله مع كونها حاله بناءا على النقل بل على
الكشف الحكمي بل الأحوط مطلقا ولا اشكال في بطلان النكاح في الصور المذكورة
وإن كان مع العلم بالحرمة حرمت الزوجة عليه ابدا سواء دخل بها أولا وإن كان

(1) بل يأتي في الفصل الآتي وستعرف ان الزناء لا يكون محرما.
(2) لا يترك الاحتياط في غير صورة تجديد العقد بعد الطلاق، واما فيها فالأظهر
الحرمة.
(3) فيه تأمل والاحتياط لا يترك.
(4) الأظهر عدم التحريم.
480

مع الجهل بها لمتحرم عليه على الأقوى دخل بها أولم يدخل لكن العقد باطل على اي
حال، بل لو كان المباشر للعقد محرما بطل وإن كان من له العقد محلا، ولو كان الزوج
محلا وكانت الزوجة محرمة فلا اشكال في بطلان العقد لكن، هل يوجب الحرمة الأبدية
فيه قولان الأحوط الحرمة بل لا يخلو عن قوة، ولا فرق في البطلان والتحريم الأبدي
بين ان يكون الاحرام لحج واجب أو مندوب أو لعمرة واجبة أو مندوبة ولا في النكاح
بين الدوام والمتعة.
مسألة 1 - لو تزوج في حال الاحرام مع العلم بالحكم لكن كان غافلا عن
كونه محرما أو ناسيا له فلا أشكل في بطلانه لكن في كونه محرما ابدا اشكال (1)
والأحوط ذلك.
مسألة 2 - لا يلحق وطء زوجته الدائمة أو المنقطعة حال الاحرام بالتزويج في
التحريم الأبدي فلا يوجبه وإن كان مع العلم بالحرمة والعمد.
مسألة 3 - لو تزوج في حال الاحرام ولكن كان باطلا من غير جهة الاحرام
كتزويج أخت الزوجة أو الخامسة هل يوجب التحريم أولا الظاهر ذلك (2) لصدق
التزويج فيشمله الأخبار، نعم لو كان بطلانه لفقد بعض الأركان بحيث لا يصدق عليه
التزويج لم يوجب.
مسألة 4 - لو شك في أن تزويجه هل كان في الاحرام أو قبله بنى على عدم
كونه فيه بل، وكذا لو شك في أنه كان في حال الاحرام أو بعده على اشكال (3)
وحينئذ فلو اختلف الزوجان في وقوعه حاله أو حال الاحلال سابقا أولا حقا قدم قول
من يدعى الصحة من ير فرق بين جهل التاريخين أو العلم بتاريخ أحدهما، نعم لو كان
محرما وشك في أنه أحل من احرامه املا، لا يجوز له التزويج فان تزوج مع ذلك

(1) لا يبعد عوى أظهرية عدم التحريم.
(2) قد مر منه الاشكال في نظيره في الفصل سابق وهو الحق كما تقدم.
(3) لا اشكال فيه.
481

بطل وحرمت عليه ابدا كما هو مقتضى استصحاب بقاء الاحرام (1).
مسألة 5 - إذا تزوج حال الاحرام عالما بالحكم والموضوع ثم انكشف فساد
احرامه صح العقد ولم يوجب الحرمة نعم لو كان احرامه صحيحا فافسده ثم تزوج
ففيه وجهان (2) من أنه قد فسد، ومن معاملته معاملة الصحيح في جميع احكامه.
مسألة 6 - يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدة الرجعية وكذا تملك الإماء
مسألة 7 - يجوز للمحرم ان يوكل محلا في أن يزوجه بعد احلاله، وكذا يجوز
له ان يوكل محرما في أن يزوجه بعد احلالهما.
مسألة 8 - لو زوجه فضولي في حال احرامه لم يجز له اجازته في حال احرامه
وهل له ذلك بعد احلاله الأحوط العدم (3) ولو على القول بالنقل هذا إذا كان الفضولي
محلا، والا فعقده باطل لا يقبل الإجازة ولو كان المعقود له محلا.
7 - فصل في المحرمات بالمصاهرة
وهى علاقة بين أحد الطرفين مع أقرباء الآخر تحدث بالزوجية أو الملك
عينا أو انتفاعا بالتحليل أو الوطء شبهة أو زناء أو النظر واللمس في صورة مخصوصة
مسألة 1 - تحرم زوجة كل من الأب والابن على الاخر فصاعدا في الأول ونازلا
في الثاني نسبا أو رضاعا دواما أو متعة بمجرد العقد وان لم يكن دخل ولا فرق في
الزوجين والأب والابن بين الحر والمملوك.
مسألة 2 - لا تحرم مملوكة الأب على الابن وبالعكس مع عدم الدخول
وعدم اللمس والنظر وتحرم مع الدخول أو أحد الأمرين إذا كان بشهوة (4)،

(1) الاستصحاب لا يقوم مقام العلم المأخوذ في الموضوع، وحيث إن المأخوذ في
موضوع التحريم العلم فلا يكفي الاستصحاب لترتبة.
(2) أظهرهما الثاني.
(3) الأظهر الجواز على القول بالنقل، أو الكشف غير الحقيقي.
(4) وكان النظر إلى ما لا يبد غالبا من الجواري.
482

وكذا لا تحرم المحللة لأحدهما على الاخر إذا لم تكن مدخولة.
مسألة 3 - تحرم على الزوج أم الزوجة وان علت نسبا أو رضاعا مطلقا، وكذا
بنتها وان نزلت بشرط الدخول بالام سواء كانت في حجره أولا وإن كان تولدها
بعد خروج الام عن زوجيته، وكذا تحرم أم المملوكة الموطوئة على الواطء وان
علت مطلقا وبنتها.
مسألة 4 - لا فرق في الدخول بين القبل والدبر ويكفى الحشفة أو مقدارها
ولا يكفي الانزال على فرجها من غير دخول وان حبلت به، وكذا لا فرق بين ان يكون
في حال اليقظة أو النوم اختيارا أو جبرا منه أو منها.
مسألة 5 - لا يجوز لكل من الأب والابن وطء مملوكة الاخر من غير عقد ولا
تحليل وان لم تكن مدخولة له والا كان زانيا.
مسألة 6 - يجوز للأب ان يقوم مملوكة ابنه الصغير على نفسه ووطئها، والظاهر
الحاق الجد بالأب والبنت بالابن وإن كان الأحوط خلافه (1) ولا يعتبر اجراء صيغة
البيع أو نحوه وإن كان أحوط (2) وكذا لا يعتبر كونه مصلحة للصبي نعم يعتبر عدم
المفسدة وكذا لا يعتبر الملائة في الأب وإن كان أحوط.
مسألة 7 - إذا زنى الابن بمملوكة الأب حد، واما إذا زنى الأب بمملوكة الأبن
فالمشهور عدم الحد عليه وفيه اشكال.
مسألة 8 - إذا وطء أحدهما مملوكة الآخر شبهة لم يحد ولكن عليه مهر المثل
ولو حبلت فإن كان الواطء هو الأبن عتق الولد قهرا مطلقا وإن كان الأب لم ينعتق
الا إذا كان أنثى نعم يجب على الأب فكه إن كان ذكرا.
مسألة 9 - لا يجوز نكاح بنت الأخ أو الأخت على العمة والخالة الا باذنهما
من غير فرق بين الدوام والانقطاع ولا بين علم العمة والخالة وجهلهما، ويجوز العكس

(1) لا يترك في الجد.
(2) وله وجه فلا يترك الاحتياط.
483

وان كانت العمة والخالة جاهلتين بالحال على الأقوى.
مسألة 10 - الظاهر عدم الفرق بين الصغيرتين والكبيرتين والمختلفتين ولابين
اطلاع العمة والخالة على ذلك وعدم اطلاعهما ابدا ولابين كون مدة الانقطاع قصيرة
ولو ساعة أو طويلة على اشكال (1) في بعض هذه الصور لامكان دعوى انصراف الأخبار
مسألة 11 - الظاهر أن حكم اقتران العقدين حكم سبق العمة والخالة (2).
مسألة 12 - لا فرق بين المسلمتين والكافرتين والمختلفتين.
مسألة 13 - لافرق في العمة والخالة بين الدنيا منهما والعليا.
مسألة 14 - في كفاية الرضا الباطني منهما من دون اظهاره وعدمها وكون
اللازم اظهاره بالاذن قولا أو فعلا وجهان (3).
مسألة 15 - إذا اذنت ثم رجعت ولم يبلغه الخبر فتزوج لم يكفه الإذن السابق
مسألة 16 - إذا رجعت عن الاذن بعد العقد لم يؤثر في البطلان.
مسألة 17 - الظاهر كفاية اذنهما وإن كان عن غرور بأن وعدها ان يعطيها شيئا
فرضيت ثم لم يف بوعده سواء كان بانيا على الوفاء حين العقد أم لا، نعم لو قيدت الاذن
باعطاء شئ فتزوج ثم لم يعط كشف عن بطلان اذن العقد وإن كان حين العقد بانيا
على العمل به.
مسألة 18 - الظاهر أن اعتبار اذنهما من باب الحكم الشرفى لا أن يكون لحق
منهما فلا يسقط بالاسقاط.
مسألة 19 - إذا اشترط في عقد العمة أو الخالة اذنهما في تزويج بنت الأخ
أو الأخت ثم لم تأذنا عصيانا منهما في العمل بالشرط لم يصح العقد على احدى البنتين

(1) أقواه التعميم.
(2) بل حكم لحوقهما.
(3) أظهرهما العدم.
484

وهل له اجبارهما في الاذن وجهان (1) نعم إذا اشترط عليهما في ضمن عقدهما ان
يكون له العقد على ابنة الأخ أو الأخت فالظاهر الحصة (2) وان أظهرتا الكراهة
بعد هذا.
مسألة 20 - إذا تزوجهما من غير اذن ثم أجازتا صح على الأقوى.
مسألة 21 - إذا تزوج العمة وابنة الأخ وشك في سبق عقد العمة أو سبق عقد
الابنة حكم بالصحة، وكذا إذا شك في السبق والاقتران بناءا على البطلان مع الاقتران
مسألة 22 - إذا ادعت العمة أو الخالة عدم الإذن وادعى هو الاذن منهما قدم
قولهما، وإذا كانت الدعوى بين العمة وابنة الأخ مثلا في الاذن وعدمه فكذلك قدم
قول العمة.
مسألة 23 - إذا تزوج ابنة الأخ أو الأخت وشك في أنه هل كان عن اذن من
العمة والخالة أولا حمل فعله على الصحة.
مسألة 24 - إذا حصل بنتية الأخ أو الأخت بعد التزويج بالرضاع لم يبطل و
كذا إذا جمع بينهما في حال الكفر ثم اسلم على وجه.
مسألة 25 - إذا طلق العمة أو الخالة طلاقا رجعيا لم يجز تزويج احدى البنتين
الا بعد خروجهما عن العدة ولو كان الطلاق بائنا جاز من حينه.
مسألة 26 - إذا طلق أحدهما بطلاق الخلع جاز له العقد على البنت لأن طلاق
الخلع بائن وان رجعت في البذل لم يبطل العقد.
مسألة 27 - هل يجرى الحكم في المملوكتين والمختلفتين وجهان أقواهما
العدم.
مسألة 28 - الزنا الطاري على التزويج لا يوجب الحرمة إذا كان بعد الوطء
بل قبله أيضا (3) على الأقوى فلو تزوج امرأة ثم زنى بأمها أو بنتها لم تحرم عليه

(1) أظهرهما ان له ذلك.
(2) بل الظاهر الفساد.
(3) الاحتياط في هذه الصورة مما ينبغي رعايته وإن كان الأقوى ما افاده.
485

امرأته، وكذا لو زنى الأب بامرأة الابن لم تحرم على الابن، وكذا لو زنى الابن بالمرأة
الأب لا تحرم على أبيه، وكذا الحال في اللواط الطاري على التزويج فلو تزوج امرأة
ولاط بأخيها أو أبيها أو ابنها لم تحرم عليه امرأة الا ان الاحتياط فيه لا يترك، واما
إذا كان الزنا سابقا على التزويج فإن كان بالعمة أو الخالة يوجب حرمة بنتيهما (1) و
إن كان بغيرهما ففيه خلاف والأحوط التحريم بل لعله لا يخلو عن قوة (2) وكذا الكلام
في الوطي بالشبهة فإنه إن كان طاريا لا يوجب الحرمة وإن كان سابقا على التزويج أو جبها.
مسألة 29 - إذا زنى بمملوكة أبيه فإن كان قبل ان يطأها الأب حرمت على الأب
وإن كان بعد وطئه لها لم تحرم وكذا الكلام إذا زنى الأب بمملوكة ابنه.
مسألة 30 - لا فرق في الحكم بين الزناء في القبل أو الدبر.
مسألة 31 - إذا شك في تحقق الزناء وعدمه بنى على العدم، وإذا شك في
كونه سابقا أولا بنى على كونه لاحقا.
مسألة 32 - إذا علم أنه زنى بأحد الامرأتين ولم يدر أيتهما هي؟ وجب عليه
الاحتياط إذا كان لكل منهما أم أو بنت، واما إذا لم لكن لإحداهما أم ولا بنت فالظاهر
جواز نكاح الام أو البنت من الأخرى.
مسألة 33 - لا فرق في الزناء بين كونه اختياريا أو اجباريا أو اضطراريا ولا بين
كونه في حال النوم أو اليقظة ولا بين كون الزاني بالغا أو غير بالغ، وكذا المزني
بها بل لو أدخلت الامرأة ذكر الرضيع في فرجها نشر الحرمة على اشكال، بل لو زنى
بالميتة فكذلك على اشكال أيضا وأشكل من ذلك لو أدخلت ذكر الميت المتصل وأما
لو أدخلت الذكر المقطوع فالظاهر عدم النشر.
مسألة 34 - إذا كان الزناء لاحقا فطلقت الزوجة رجعيا ثم رجع الزوج في
أثناء العدة لم يعد سابقا حتى ينشر الحرمة لأن الرجوع إعادة الزوجية الأولى وأما إذا نكحها
بعد الخروج عن العدة أو طلقت بائنا فنكحها بعقد جديد ففي صحة النكاح وعدمها

(1) على الأحوط، وعدم التحريم أقوى.
(2) في القوة منع بل عدم التحريم أقوى، وكذا في الواطء بالشبهة.
486

وجهان من أن ألزمها حين وقوعه لم يؤثر في الحرمة لكونه لاحقا فلا أثر له بعد هذا
أيضا ومن أنه سابق بالنسبة إلى هذا العقد الجديد والأحوط النشر (1).
مسألة 35 - إذا زوجه رجل امرأة فضولا فزنى بأمها أو بنتها ثم أجاز العقد فان
قلنا بالكشف الحقيقي كان الزناء لاحقا وان قلنا بالكشف الحكمي أو النقل كان سابقا.
مسألة 36 - إذا كان للأب مملوكة منظورة أو ملموسة له بشهوة حرمة على
ابنه وكذا العكس على الأقوى فيهما بخلاف ما إذا كان النظر أو اللمس بغير شهوة كما
إذا كان للاختبار أو للطبابة أو كان اتفاقيا بل وان أوجب شهوة أيضا (2) نعم لو لمسها
لإثارة الشهوة كما إذا مس فرجها أو ثديها أو ضمها لتحريك الشهوة فالظاهر النشر.
مسألة 37 - لا تحرم أم المملوكة الملموسة والمنظورة على اللامس والناظر
على الأقوى وإن كان الأحوط الاجتناب كما أن الأحوط اجتناب الربيبة الملموسة أو
المنظورة أمها وإن كان الأقوى عدمه، بل قد يقال إن اللمس والنظر يقومان مقام الوطء
في كل مورد يكون الوطء ناشرا للحرمة فتحرم الأجنبية الملموسة أو المنظورة شبهة
أو حراما على الأب والابن وتحرم أمها وبنتها حرة كانت أو أمة وهو وإن كان أحوط
الا ان الأقوى خلافه وعلى ما ذكر فتنحصر الحرمة في مملوكة كل من الأب والابن
على الآخر إذا كانت ملموسة أو منظورة بشهوة.
مسألة 38 - في ايجاب النظر أو اللمس إلى الوجه والكفين إذا كان بشهوة نظر
والأقوى العدم (3) وإن كان هو الأحوط.
مسألة 39 - لا يجوز الجمع بين الأختين في النكاح دواما أو متعة سواء كانتا
نسبيتين أو رضاعيتين أو [مختلفتين] (4) وكذا لا يجوز الجمع بينهما في الملك مع

(1) على القول به في الزناء وقد مر عدم كون الزناء مؤثرا في الحرمة مطلقا.
(2) فيه تأمل والاحتياط لا يترك.
(3) في النظر كما تقدم دون اللمس.
(4) هذه الكلمة ان لم تكن غلطا يراد بها ما إذا كانت الأختية بينهما ناشئة من ولادة
إحداهما وارضاع الأخرى.
487

وطئهما، وأما الجمع بينهما في مجرد الملك من غير وطء فلا مانع منه وهل يجوز
الجمع بينهما في الملك الاستمتاع بما دون الوطء بأن لم يطأهما أو وطء إحداهما
واستمتع بالأخرى تما دون الوطء فيه نظر مقتضى بعض النصوص الجواز وهو الأقوى
لكن الأحوط العدم (1).
مسألة 40 - لو تزوج بإحدى الأختين وتملك الأخرى لا يجوز له وطء المملوكة
الا بعد طلاق المزوجة وخروجها عن العدة ان كانت رجعية فلو وطئها قبل ذلك فعل
حراما لكن لا تحرم عليه الزوجة بذلك ولا يحد حد الزنا بوطء المملوكة بل يعزر
فيكون حرمة وطئها كحرمة وطء الحائض.
مسألة 41 - لو وطء احدى الأختين بالملك ثم تزوج الأخرى فالأظهر بطلان
التزويج وقد يقال بصحته (2) وحرمة وطء الأولى الا بعد طلاق الثانية.
مسألة 42 - لو تزوج بإحدى الأختين ثم تزوج بالأخرى بطل عقد الثانية سواء
كان بعد وطء الأولى أو قبله ولا يحر. بذلك وطء الأولى وإن كان قد دخل بالثانية نعم
لو دخل بها مع الجهل بأنها أخت الأولى يكره له وطء الأولى قبل خروج الثانية عن
العدة بل قيل يحرم للنص الصحيح وهو الأحوط (3).
مسألة 43 - لو تزوج بالأختين ولم يعلم السابق واللاحق فان علم تاريخ أحد
العقدين حكم بصحته (4) دون المجهول وان جهل تاريخهما حرم عليه وطئهما، وكذا
وطء إحداهما الا بعد طلاقهما أو طلاق الزوجة الواقعية منهما ثم تزويج من شاء
منهما بعقد جديد بعد خروج الأخرى عن العدة إن كان دخل بها أو بهما، وقل يجبر
على هذا الطلاق دفعا لضرر الصبر عليهما لا يبعد ذلك لقوله تعالى " فامساك بمعروف
أو تسريح باحسان " وربما يقال بعدم وجوب الطلاق عليه وعدم اجباره وأنه

(1) لا يترك.
(2) وهى الأظهر.
(3) لا يترك.
(4) حكم العلم بتاريخ أحدهما حكم الجهل بتاريخهما.
488

يعين بالقرعة وقد يقال إن الحاكم يفسخ نكاحهما ثم مقتضى العلم الاجمالي بكون
إحداهما زوجة وجوب الانفاق عليهما (1) ما لم يطلق ومع الطلاق قبل الدخول
نصف المهر لكل منهما وإن كان بعد الدخول فتمامه لكن ذكر بعضهم أنه لا يجب عليه (2)
الا نصف المهر لهما فلكل منهما الربع في صورة عدم الدخول وتمام أحد المهرين
لهما في صورة الدخول والمسألة محل اشكال كنظائرها من العلم الاجمالي في الماليات.
مسألة 44 - لو اقترن عقد الأختين بأن تزوجهما بصيغة واحدة أو عقد على
إحداهما ووكيله على الأخرى في زمان واحد بطلا معا، وربما يقال بكونه مخيرا في
اختيار أيتهما شاء لرواية محمولة على التخيير (3) بعقد جديد ولو تزوجهما وشك
في السبق والاقتران حكم ببطلانهما أيضا.
مسألة 45 - لو كان عنده أختان مملوكتان فوطء إحداهما حرمت عليه الأخرى
حتى تموت الأولى أو يخرجها عن ملكه ببيع أو صلح أو هبة أو نحوهما ولو بأن
يهبها من ولده والظاهر كفاية التمليك الذي له فيه الخيار وإن كان الأحوط اعتبار لزومه
ولا يكفي على الأقوى ما يمنع من المقاربة مع بقاء الملكية كالتزويج للغير والرهن
والكتابة ونذر عدم المقاربة ونحوها ولو وطئها من غير اخراج للأولى لم يكن زناء
فلا يحد ويلحق به الولد نعم يعزر.
مسألة 46 - إذا وطء الثانية بعد وطء الأولى حرمتا عليه مع علمه بالموضوع
والحكم وحينئذ فان اخرج الأولى عن ملكه حلت الثانية مطلقا وإن كان ذلك بقصد
الرجوع إليها وان اخرج الثانية عن ملكه يشترط في حلية الأولى ان يكون اخراجه
لها لا بقصد الرجوع إلى الأولى والا لم تحل وأما في صورة الجهل بالحرمة موضوعا

(1) لا يبعد القول بتنصيف النفقة الواحدة الواجبة بينهما أيضا.
(2) هذا وجيه.
(3) هذا الحمل خلاف ظاهر النص الصحيح المعمول به عند جماعة، فالأظهر هي
الصحة والتخيير في اختيار أيتهما شاء، وبه يظهر ما في الحكم ببطلانهما في فرض الشك
في السبق والاقتران.
489

أو حكما فلا يبعد ببقاء الأولى على حليتها والثانية على حرمتها وإن كان الأحوط عدم
حلية الأولى الا باخراج الثانية ولو كان بقصد الرجوع إلى الأولى وأحوط من ذلك
كونها كصورة العلم.
مسألة 47 - لو كانت الأختان كلتاهما أو إحداهما من الزناء فالأحوط لحوق
الحكم من حرمة الجمع بينهما في النكاح والوطء إذا كانتا مملوكتين.
مسألة 48 - إذا تزوج بإحدى الأختين ثم طلقها طلاقا رجعيا لا يجوز له نكاح
الأخرى الا بعد خروج الأولى عن العدة، وأما إذا كان بائنا بأن كان قبل الدخول أو ثالثا
أو كان الفراق بالفسخ لأحد العيوب أو بالخلع أو المباراة جاز له نكاح الأخرى والظاهر
عدم صحة رجوع الزوجة في البذل بعد تزويج أختها كما سيأتي في باب الخلع
إن شاء الله. نعم لو كان عنده احدى الأختين بعقد الانقطاع وانقضت المدة لا يجوز له
على الأحوط نكاح أختها في عدتها وان كانت بائنة للنص الصحيح (1) والظاهر
أنه كذلك إذا وهب مدتها وإن كان مورد النص انقضاء المدة.
مسألة 49 - إذا زنى بإحدى الأختين جاز له نكاح الأخرى في مدة استبراء الأولى
وكذا إذا وطئها شبهة جاز له نكاح أختها في عدتها لأنها بائنة نعم الأحوط اعتبار الخروج
عن العدة خصوصا في صورة كون الشبهة من طرفه والزناء من طرفها من جهة الخبر
الوارد (2) في تدليس الأخت التي نامت في فراش أختها بعد لبسها لباسها.
مسألة 50 - الأقوى جواز الجمع بين فاطميتين على كراهة، وذهب جماعة
من الأخبارية إلى الحرمة والبطلان بالنسبة إلى الثانية ومنهم من قال بالحرمة دون
البطلان فالأحوط الترك ولو جمع بينهما فالأحوط طلاق الثانية أو طلاق الأولى
وتجديد العقد على الثانية بعد خروج الأولى عن العدة وإن كان الأظهر على القول

(1) الساقط عن الحجية باعراض المشهور عنه.
(2) ومورده وإن كان وطء الزوجة قبل خروج أختها الموطوئة شبهة من عدتها، الا
ان الظاهر عدم الفرق بينه وبين نكاح أخت الموطوئة.
490

بالحرمة عدم البطلان لأنها تكليفية فلا تدل على الفساد، ثم الظاهر عدم الفرق في
الحرمة أو الكراهة بين كون الجامع بينهما فاطميا أولا، كما أن الظاهر اختصاص
الكراهة أو الحرمة بمن كانت فاطمية من طرف الأبوين أو الأب فلا تجرى في
المنتسب إليها صلوات الله عليها من طرف الأم خصوصا إذا كان انتسابها إليها بإحدى
الجدات العاليات وكيف كان فالأقوى عدم الحرمة وإن كان النص الوارد في المنع
صحيحا على ما رواه الصدوق في العلل باسناده عن حماد قال: سمعت أبا عبد الله
عليه السلام يقول: لا يحل لأحد أن يجمع بين ثنتين من ولد فاطمة عليها السلام ان ذلك يبلغها فيشق
عليها قلت: يبلغها؟ قال عليه السلام أي والله وذلك لاعراض المشهور عنه مع أن تعليله
ظاهر في الكراهة إذ لا نسلم أن مطلق كون ذلك شاقا عليها ايذاء، لها حتى يدخل في
قوله صلى الله عليه وآله من آذاها فقد آذاني.
مسألة 51 - الأحوط ترك تزويج الأمة (1) دواما مع عدم الشرطين من عدم
التمكن من المهر للحرة وخوف العنت بمعنى المشقة أو الوقوع في الزناء بل الأحوط
تركه متعة أيضا وإن كان القول بالجواز فيها غير بعيد وأما مع الشرطين فلا اشكال
في الجواز لقوله تعالى " ومن لم يستطع " إلى آخر الآية ومع ذلك الصبر أفضل
في صورة عدم خوف الوقوع في الزناء كما لا اشكال في جواز وطئها بالملك بل
وكذا بالتحليل ولا فرق بين القن وغيره نعم الظاهر جوازه في المبعضة لعدم صدق
الأمة عليها وان لم يصدق الحرة أيضا.
مسألة 52 - لو تزوجها مع عدم الشرطين فالأحوط طلاقها ولو حصلا بعد
التزويج جدد نكاحها ان أراد على الأحوط.
مسألة 53 - لو تحقق الشرطان فتزوجها ثم زالا أو زال أحدهما لم يبطل ولا يجب
الطلاق.
مسألة 54 - لو لم يجد الطول أو خاف العنت ولكن أمكنه الوطء بالتحليل

(1) عدم الابتلاء بهذه المسألة وما بعدها من مسائل احكام العبيد والإماء يغنيا عن
التعرض لها.
491

أو بملك اليمين يشكل جواز التزويج.
مسألة 55 - إذا تمكن من تزويج حرة لا يقدر على مقاربتها لمرض أو رتق أو
قرن أو صغر أو نحو ذلك فكما لم يتمكن وكذا لو كانت عنده واحدة من هذه أو كانت
زوجته الحدة غائبة.
مسألة 56 - إذا لم تكفه في صورة تحقق الشرطين أمة واحدة يجوز الاثنتين
أما الأزيد فلا يجوز كما سيأتي.
مسألة 57 - إذا كان قادرا على مهر الحرة لكنها تريد أزيد من مهر أمثالها بمقدار
يعد ضررا عليه فكصورة عدم القدرة لقاعدة نفى الضرر نظير سائر المقامات كمسألة
وجوب الحج إذا كان مستطيعا ولكن يتوقف تحصيل الزاد والراحلة على بيع بعض
أملاكه بأقل من ثمن المثل أو على شراء الراحلة بأزيد من ثمن المثل فان الظاهر
سقوط الوجوب وإن كان قادرا على ذلك والأحوط في الجميع اعتبار كون الزيادة
مما يضر بحاله لا مطلقا.
8 - فصل
الأقوى جواز نكاح الأمة على الحرة مع عذنها والأحوط اعتبار الشرطين من عدم
الطول وخوف العنت، وأما مع عدم اذنها فلا يجوز وان قلنا في المسألة المتقدمة بجواز
عقد الأمة مع عدم الشرطين بل هو باطل نعم لو أجازت بعد العقد صح على الأقوى
بشرط تحقق الشرطين على الأحوط ولا فرق في المنع بين كون العقدين دو الميين
أو انقطاعيين أو مختلفين بل الأقوى عدم الفرق بين امكان وطء الحرة وعدمه لمرض
أو قرنن أو رتق الا مع عدم الشرطين نعم لا يبعد الجواز إذا لم تكن الحرة قابلة للاذن
لصغر أو جنون خصوصا إذا كان عقدها انقطاعيا ولكن الأحوط مع ذلك المنع وأما
العكس وهو نكاح الحرة على الأمة فهو جائز ولازم إذا كانت الحرة عالمة بالحال
وأما مع جهلها فالأقوى خيارها في بقائها مع الأمة وفسخها ورجوعها إلى أخلها و
الأظهر عدم وجوب اعلامها بالحال فعلى هذا لو أخفى عليها ذلك ابدا لم يفعل محرما
492

مسألة 1 - أو نكح الحرة والأمة في عقد واحد مع علم الحرة صح ومع جهلها
صح بالنسبة إليها وبطل بالنسبة إلى الأمة الا مع اجازتها وكذا الحال لو تزوجهما
بعقدين في زمان واحد على الأقوى.
مسألة 2 - لا اشكال في جواز نكاح المبعضة على المبعضة وأما على الحرة
ففيه اشكال وإن كان لا يبعد جوازه لأن الممنوع نكاح الأمة على الحرة ولا يصدق
الأمة على المبعضة وإن كان لا يصدق أنها حرة أيضا.
مسألة 3 - إذا تزوج الأمة على الحرة فماتت الحرة أو طلقها أو وهب مدتها في
المتعة أو انقضت لم يثمر في الصحة بل لابد من العقد على الأمة جديدا إذا أراد.
مسألة 4 - إذا كان تحته حرة فطلقها طلاقا بائنا يجوز له نكاح الأمة في عدتها
وأما إذا كان الطلاق رجعيا ففيه اشكال وإن كان لا يبعد الجواز لانصراف الأخبار
عن هذه الصورة.
مسألة 5 - إذا زوجه فضولي حرة فتزوج أمة ثم أجاز عقد الفضولي فعلى النقل
لا يكون من نكاح الأمة على الحرة فلا مانع منه وعلى الكشف مشكل.
مسألة 6 - إذا عقد على حرة وعقد وكيله له على أمة وشك في السابق منهما
لا يبعد صحتهما وان تجز الحرة والأحوط طلاق الأمة مع عدم إجازة الحرة.
مسألة 7 - لو شرط في عقد الحرة ان تأذن في نكاح الأمة عليها صح ولكن
إذا لم تأذن لم يصح بخلاف ما إذا شرط عليها ان يكون له نكاح الأمة.
9 - فصل في نكاح العبيد والإماء
مسألة 1 - أمر تزويج العبد والأمة بيد السيد فيجوز له تزويجهما ولو من غير
رضاهما أو اجبارهما على ذلك ولا يجوز لهما العقد على نفسهما من غير أذنه كما
لا يجوز لغيرهما العقد عليهما كذلك حتى لو كان لهما أب حر بل يكون ايقاع العقد
منهما أو من غيرهما عليهما حراما إذا كان ذلك بقصد ترتيب الأثر ولو لامع إجازة
المولى نعم لو كان ذلك بتوقع الإجازة منه فالظاهر عدم حرمته لأنه ليس تصرفا في
493

مال الغير عرفا كبيع الفضولي مال غيره وأما عقدهما على نفسهما من غير اذن المولى
ومن غيرهما بتوقع الإجازة فقد يقال بحرمته لسلب قدرتهما وان لم يكونا مسلوبي
العبارة لكنه مشكل لانصراف سلب القدرة عن مثل ذلك وكذا لو باشر أحدهما العقد
للغير باذنه أو فضولة فإنه ليس بحرام على الأقوى وان قيل بكونه حراما.
مسألة 2 - لو تزوج العبد من غير اذن المولى وقف على اجازته فان أجاز صح
وكذا الأمة على الأقوى والإجازة كاشفة ولافرق في صحته بها بين ان يكون بتوقعها
أولا، بل على الوجه المحرم، ولا يضره النهى لأنه متعلق بأمر خارج متحد والظاهر
اشتراط عدم الرد منه قبل الإجازة فلا تنفع الإجازة بعد الرد وهل يشترط في تأثيرها
عدم سبق النهى من المولى فيكون النهى الثابت كالرد بعد العقد أولا وجهان أقواهما
الثاني.
مسألة 3 - لو باشر المولى تزويج عبده أو اجبره على التزويج فالمهر
ان لم يعين في عين يكون في ذمة المولى ويجوز أن يجعله في ذمة العبد يتبع به بعد العتق
مع رضاه وهل له ذلك قهرا عليه فيه اشكال كما إذا استدان على أن يكون الدين في
ذمة العبد من غير رضاه وأما لو اذن له في التزويج فان عين كون المهر في ذمته أو
في ذمة العبد أو في عين معين تعين وان اطلق ففي كونه في ذمته أو في ذمة العبد
مع ضمانه له وتعهده أداءه عنه أو كونه في كسب العبد وجوه أقواها الأول لان الاذن
في الشئ اذن في لوازمه، وكون المهر عليه بعد عدم قدرة العبد على شئ
وكونه كلا على مولاه من لوازم الاذن في التزويج عرفا، وكذا الكلام في النفقة
ويدل عليه أيضا في المهر رواية علي بن أبي حمزة وفى النفقة موثقة عمار الساباطي
ولو تزوج العبد من غير اذن مولاه ثم أجاز ففي كونه كالاذن السابق في كون المهر على
المولى أو بتعهده أولا وجهان، ويمكن الفرق بين ما لو جعل المهر في ذمته فلا دخل له
بالمولى، وان أجاز العقد، أو في مال معين من المولى أو في ذمته فيكون كما عين أو اطلق
فيكون على المولى، ثم إن المولى إذا اذن فتارة يعين مقدار المهر وتارة يعمم
494

وتارة يطلق، فعلى الأولين لا اشكال وعلى الأخير ينصرف إلى المتعارف وإذا تعدى
وقف على اجازته وقيل يكون الزائد في ذمته يتبع به بعد العتق، وكذا الحال بالنسبة
إلى شخص الزوجة فإنه ان لم يعين ينصرف إلى اللائق بحال العبد من حيث الشرف
والضعة فان تعدى وقف على اجازته.
مسألة 4 - مهر الأمة المزوجة للمولى سواء كان هو المباشر أو هي باذنه أو
بإجازته ونفقتها على الزوج الا إذا منعها مولاها عن التمكين لزوجها أو اشترط كونها
عليه وللمولى استخدامها بما لا ينافي حق الزوج والمشهور أن للمولى أن يستخدمها
نهارا ويخلى بينهما وبين الزوج ليلا ولا بأس به بل يستفاد من بعض الأخبار ولو
اشترطا غير ذلك فهما على شرطهما ولو أراد زوجها ان يسافر بها هل له ذلك من دون
اذن السيد قد يقال ليس له بخلاف ما إذا أراد السيد ان يسافر بها يجوز له من دون
اذن الزوج والأقوى العكس لأن السيد إذا اذن بالتزويج فقد التزم بلوازم الزوجية
والرجال قوامون على النساء وأما العبد المأذون في التزويج فأمره بيد مولاه فلو
منعه من الاستمتاع يجب عليه طاعته الا ما كان واجبا عليه من الوطء في كل أربعة
أشهر ومن حق القسم.
مسألة 5 - إذا اذن المولى للأمة في التزويج وجعل المهر لها صح على الأقوى
من ملكية العبد والأمة وإن كان للمولى ان يتملك ما ملكاه بل الأقوى كونه مالكا لهما
ولما لهما ملكية طويلة.
مسألة 6 - لو كان العبد أو الأمة لمالكين أو أكثر توقف صحة النكاح على
اذن الضمنع أو اجازتهم ولو كانا مبعضين توقف على اذنهما واذن المالك وليس له
اجبارهما حينئذ.
مسألة 7 - إذا اشترت العبد زوجته بطل النكاح وتستحق المهر إن كان ذلك بعد
الدخول واما إن كان قبله ففي سقوطه أو سقوط نصفه أو ثبوت تمامه وجوه مبنية على
أنه بطلان أو انفساخ ثم هل يجرى عليها حكم الطلاق قبل الدخول أولا وعلى
495

السقوط كلا إذا اشترته بالمهر الذي كان لها في ذمة السيد بطل الشراء للزوم خلو البيع
عن العوض نعم لا بأس به إذا كان الشراء بعد الدخول بالاستقرار المهر حينئذ وان
العلامة في القواعد البطلان إذا اشترته بالمهر الذي في ذمة العبد وإن كان بعد الدخول
لأن تملكها له يستلم براءة ذمته من المهر فيخلو البيع عن العوض وهو مبنى على عدم
صحة ملكية المولى في ذمة العبد ويمكن منع عدم الصحة مع أنه لا يجتمع ملكيتها
له ولما في ذمته بل ينتقل ما في ذمته إلى المولى بالبيع حين انتقال العبد إليها.
مسألة 8 - الولد بين المملوكين رق سواء كان عن تزويج مأذون فيه أو مجاز
أو عن شبهة مع العقد أو مجردة أو عن زنا منهما أو من أحدهما بلا عقد أو عن عقد
معلوم الفساد عندهما أو عند أحدهما وأما إذا كان أحد الأبوين حرا فالولد حر إذا كان
عن عقد صحيح أو شبهة مع العقد أو مجردة حتى فيما لو دلست الأمة نفسها بدعواها
الحرية فتزوجها حر على الأقوى وإن كان يجب عليه حينئذ دفع قيمة الولد إلى مولاها
وأما إذا كان عن عقد بلا اذن مع العلم من الحر بفساد العقد أو عن زنا من الحر منهما
فالولد رق ثم إذا كان المملوكان لمالك واحد فالولد له وإن كان كل منهما لمالك فالولد
بين المالكين بالسوية الا إذا اشترطا التفاوت أو الاختصاص بأحدهما هذا إذا كان العقد
باذن المالكين أو مع عدم الإذن من واحد منهما، وأما إذا كان بالاذن من أحدهما
فالظاهر أنه كذلك ولكن المشهور أن الولد حينئذ لمن لم يأذن ويمكن أن يكون مرادهم
في صورة اطلاق الاذن بحيث يستفاد منه اسقاط حق نمائية الولد حيث إن مقتضى
الاطلاق جواز التزويج بالحرا والحرة والا فلا وجه له وكذا لو كان الوطء شبهة منهما
سواء كان مع العقد أو شبهة مجردة فان الولد مشترك
واما لو كان الولد عن زنا من العبد
فالظاهر عدم الخلاف في أن الولد لمالك الأمة مواء كان من طرفها شبهة أو زناء.
مسألة 9 - إذا كان أحد الأبوين حرا فالولد حر لا يصح اشتراط رقيته على
الأقوى في ضمن عقد التزويج فضلا عن عقد خارج لازم ولا يضر بالعقد إذا كان في
ضمن عقد خارج واما إن كان في ضمن عقد التزويج فمبنى على فساد العقد بفساد الشرط
496

وعدمه والأقوى عدمه ويحتمل الفساد وان لم نقل به في سائر العقود إذا كان من له
الشرط جاهلا بفساده لأن في سائر العقود يمكن جبر تخلف شرطه بالخيار بخلاف المقام
حيث إنه لا يجرى خيار الاشتراط في النكاح، نعم مع العلم بالفساد لا فرق إذ لا خيار
في سائر العقود أيضا.
مسألة 10 - إذا تزوج حر أمة من غير اذن مولاها حرم عليه وطئها وإن كان
بتوقع الإجازة وحينئذ فان أجاز المولى كشف عن صحته على الأقوى من كون الإجازة
كاشفة وعليه المهر والولد حد ولا يحد حد الزنا وإن كان عالما بالتحريم بل يعزر، وإن كان
عالما بلحوق الإجازة فالظاهر عدم الحرمة وعدم التعزير أيضا وان لم يجز المولى
كشف عن بطلان التزويج ويحد حينئذ حد الزنا إذا كان عالما بالحكم ولم يكن
مشتبها من جهة أخرى وعليه المهر بالدخول وان كانت الأمة أيضا عالمة على الأقوى
وفى كونه المسمى أو مهر المثل أو العشر ان كانت بكرا ونصفه ان كانت ثيبا وجوه بل
أقوال أقواها الأخير ويكون الولد لمولى الأمة، واما إذا كان جاهلا بالحكم أو مشتبها
من جهة أخرى فلا يحد ويكون الولد حرا نعم ذكر بعضهم ان عليه قيمته يوم سقط
حيا ولكن لا دليل عليه في المقام، ودعوى انه تفويت لمنفعة الأمة كما ترى إذا لتفويت
انما جاء من قبل حكم الشارع بالحرية وعلى فرضه فلا وجه لقيمة يوم التولد بل
مقتضى القاعدة قيمة يوم الانعقاد لأنه انعقد حرا فيكون التفويت في ذلك الوقت.
مسألة 11 - إذا لم يجز المولى العقد الواقع على أمته ولم يرده أيضا حتى
ماتا فهل يصح إجازة وارثه له املا وجهان أقواهما العدم لأنها على فرضها كاشفة
ولا يمكن الكشف هنا لأن المفروض انها كانت للمورث وهو نظير من باع شيئا
ثم ملك.
مسألة 12 - إذا دلست أمة فادعت انها حرة فتزوجها حر ودخل بها ثم تبين
الخلاف وجب عليه والمفارقة وعليه المهر لسيدها وهو العشر ونصف العشر على الأقوى
لا المسمى ولا مهر المثل وإن كان أعطاها المهر استرد منها إن كان موجودا والا تبعت به
497

بعد العتق، ولو جاءت بولد ففي كونه حرا أو رقا لمولاها قولان فعن المشهور انه رق
ولكن يجب على الأب فكه بدفع قيمته يوم سقط حيا وان لم يكن عنده ما يفكه به
سعى في قيمته وان أبى وجب على المام عليه السلام دفعها من سهم الرقاب أو من مطلق
بيت المال، والأقوى كونه حرا كما في سائر موارد اشتباه الحر حيث إنه لا اشكال في
كون الولد حرا فلا خصوصية لهذه الصورة، والأخبار الدالة على رقيته منزلة على أن
للمولى اخذه ليتسلم القيمة جمعا بينها وبين ما دل على كونه حرا، وعلى هذا القول
أيضا يجب عليه ما ذكر من دفع القيمة أو السعي أو دفع الإمام عليه السلام لموثقة سماعة هذا
كله إذا كان الوطء حال اعتقاده كونها حرة، واما إذا وطئها بعد العلم بكونها أمة
فالولد رق لأنه من زناء حينئذ، بل وكذا لو علم سبق رقيتها فادعت ان مولاها أعتقها
ولم يحصل له العلم بذلك ولم يشهد به شاهدان فان الوطء حينئذ أيضا لا يجوز
لاستصحاب بقائها على الرقية، نعم لو لم يعلم سبق رقيتها جاز له التعويل على قولها
لأصالة الحرية فلو تبين الخلاف لم يحكم برقية الولد وكذا مع سبقها مع قيام البينة
على دعواها.
مسألة 13 - إذا تزوج عبد بحرة من دون اذن مولاه ولا اجازته كان النكاح باطلا
فلا تستحق مهرا ولا نفقة بل الظاهر أنها تحد حد الزنا إذا كانت عالمة بالحال وأنه
لا يجوز لها ذلك نعم لو كان ذلك لها بتوقع الإجازة واعتقدت جواز الاقدام حينئذ بحيث
تكون شبهة في حقها لم تحد كما أنه كذلك إذا علمت بمجئ الإجازة، وأما إذا كان
بتوقع الإجازة وعلمت مع ذلك بعدم جواز ذلك فتحد مع عدم حصولها بخلاف ما
إذا حصلت فإنها تعزر حينئذ لمكان تجريها وإذا جاءت بولد فالولد لمولى العبد مع
كونه مشتبها بل مع كونه زانيا أيضا لقاعدة النمائية بعد عدم لحوقه بالحرة، وأما إذا
كانت جاهلة بالحال فلا حد والولد حر وتستحق عليه المهر يتبع به بعد العتق.
مسألة 14 - إذا زنى العبد بحرة من غير عقد فالولد حر وان كانت الحرة أيضا
زانية ففرق بين الزنا المجرد عن عقد والزنا المقرون به مع العلم بفساده حيث قلنا
498

ان الولد لمولى العبد.
مسألة 15 - إذا زنى حر بأمة فالولد لمولاها وان كانت هي أيضا زانية، وكذا
لو زنى عبد بأمة الغير فان الولد لمولاها.
مسألة 16 - يجوز للمولى تحليل، أمته لعبده وكذا يجوز له ان ينكحه إياها
والأقوى انه حينئذ نكاح لا تحليل، كما أن الأقوى كفاية ان يقول له: أنكحتك فلانة
ولا يحتاج إلى القبول منه أو من العبد لاطلاق الأخبار ولأن الأمر بيده فايجابه مغن عن
القبول، بل لا يبعد ان يكون الأمر كذلك في سائر المقامات مثل الولي والوكيل عن
الطرفين، وكذا إذا وكل غيره في التزويج فيكفي قول الوكيل أنكحت أمة موكلي
لعبده فلان أو أنكحت عبد موكلي أمته، وأما لو أذن للعبد والأمة في التزويج بينهما
فالظاهر الحاجة إلى الايجاب والقبول.
مسألة 17 - إذا أراد المولى التفريق بينهما لا حاجة إلى الطلاق بل يكفي أمره
إياهما بالمفارقة ولا يبعد جواز الطلاق أيضا بأن يأمر عبده بطلاقها وإن كان لا يخلو من
اشكال أيضا.
مسألة 18 - إذا زوج عبده أمته يستحب ان يعطيها شيئا سواء ذكره في العقد
أو لا بل هو الأحوط وتملك الأمة ذلك بناءا على المختار من صحة ملكية المملوك إذا
ملكه مولاه أو غيره.
مسألة 19 - إذا مات المولى وانتقلا إلى الورثة فلهم أيضا الامر بالمفارقة بدون
الطلاق والظاهر كفاية امر أحدهم في ذلك.
مسألة 20 - إذا زوج الأمة غير مولاها من حر فأولدها جاهلا بكونها لغيره عليه العشر
أو نصف العشر لمولاها وقيمة الولد ويرجع بها على ذلك الغير لأنه كان مغرورا من
قبله، كما أنه إذا غرته الأمة بتدليسها ودعواها الحرية تضمن القيمة وتتبع به بعد العتق
وكذا إذا صار مغرورا من قبل الشاهدين على حريتها.
مسألة 21 - لو تزوج أمة بين شريكين باذنهما ثم اشترى حصة أحدهما أو
499

بعضها أو بعضا من حصة كل منهما بطل نكاحه ولا يجوز له بعد ذلك وطئها، وكذا لو
كانت لواحد واشترى بعضها وهل يجوز له وطئها إذا حللها الشريك قولان أقواهما
نعم للنص، وكذا لا يجوز وطء من بعضه حر إذا اشترى نصيب الرقية لا بالعقد ولا
بالتحليل منها، نعم لو هاياها فالأقوى جواز التمتع بها في الزمان الذي لها عملا
بالنص الصحيح وإن كان الأحوط خلافه.
10 - فصل في الطواري
وهى العتق والبيع والطلاق، اما العتق فإذا أعتقت الأمة المزوجة كان لها فسخ
نكاحها إذا كانت تحت عبد بل مطلقا وان كانت تحت حر على الأقوى والظاهر عدم
الفرق بين النكاح الدائم والمنقطع نعم الحكم مخصوص بما إذا أعتق كلها فلا خيار لها
مع عتق بعضها على الأقوى عم إذا أعتق البعض الأخر أيضا ولو بعد مدة كان
لها الخيار.
مسألة 1 - إذا كان عتقها بعد الدخول ثبت تمام المهر، وهل هو لمولاها أولها
تابع للجعل في العقد فان جعل لها فلها والا فله ولمولاها في الصورة الأولى تملكه
كما في سائر الموارد إذ له تملك مال مملوكه بناءا على القول بالملكية لكن هذا
إذا كان قبل انعتاقها، واما بعد انعتاقها فليس له ذلك وإن كان قبل الدخول ففي سقوطه
أو سقوط نصفه أو عدم سقوطه أصلا وجوه: أقواها الأخير وإن كان مقتضى الفسخ
الأول وذلك لعدم معلومية كون المقام من باب الفسخ لاحتمال كونه من باب بطلان
النكاح مع اختيارها المفارقة والقياس على الطلاق في ثبوت النصف لا وجه له.
مسألة 2 - إذا كان العتق قبل الدخول والفسخ بعده فإن كان المهر جعل
لها فلها وان جعل للمولى أو أطلق ففي كونه لها أو له قولان أقواهما الثاني لأنه ثابت
بالعقد وإن كان يستقر بالدخول والمفروض انها كانت أمة حين العقد.
مسألة 3 - لو كان نكاحها بالتفويض فإن كان بتفويض المهر فالظاهر أن حاله
500

حال ما إذا عين في العقد، وإن كان بتفويض البضع فإن كان الانعتاق بعد الدخول
وبعد التعيين فحاله حال ما إذا عين حين العقد وإن كان قبل الدخول فالظاهر أن
المهر لها لأنه يثبت حينئذ بالدخول والمفروض حريتها حينه.
مسألة 4 - إذا كان العتق في العدة الرجعية فالظاهر أن الخيار باق فان اختارت
الفسخ لم يبق للزوج الرجوع حينئذ وان اختارت البقاء بقي له حق الرجوع ثم
إذا اختارت الفسخ لا تتعدد العدة بل يكفيها عدة واحدة ولكن عليها تتميمها عدة الحرة
وان كانت العدة بائنة فلا خيار لها على الأقوى.
مسألة 5 - لا يحتاج فسخها إلى اذن الحاكم.
مسألة 6 - الخيار على الفور على الأحوط فورا عرفيا نعم لو كانت جاهلة
بالعتق أو بالخيار أو بالفورية جاز لها الفسخ بعد العلم ولا يضره التأخير حينئذ.
مسألة 7 - ان كانت صبية أو مجنونة فالأقوى ان وليها يتولى خيارها.
مسألة 8 - لا يجب على الزوج اعلامها بالعتق أو بالخيار إذا لم تعلم بل يجوز
له اخفاء الامر عليها.
مسألة 9 - ظاهر المشهور عدم الفرق في ثبوت الخيار لها بين ان يكون هو
المباشر لتزويجها أو اذنها فاختارت هي زوجا برضاها ولكن يمكن دعوى انصراف
الاخبار إلى صورة مباشرة المولى بلا اختيار منها.
مسألة 10 - لو شرط مولاها في العتق عدم فسخها فالظاهر صحته.
مسألة 11 - لو أعتق العبد لا خيار له ولا لزوجته.
مسألة 12 - لو كان عند العبد حرة وأمتان فأعتقت احدى الأمتين فهل لها الخيار
أولا وجهان، وعلى الأول ان اختارت البقاء فهل يثبت للزوج التخيير أو يبطل نكاحها
وجهان وكذا إذا كان عنده ثلاث أو اربع إماء فأعتقت إحداها ولو أعتق في هذا الفرض
جميعهن دفعة ففي كون الزوج مخيرا وبعد اختياره يكون التخيير للباقيات أو التخيير
من الأول للزوجات فان اخترن البقاء فله التخيير أو يبطل نكاح الجميع وجوه.
501

11 - فصل في العقد واحكامه
مسألة 1 - يشترط في النكاح الصيغة بمعنى الايجاب والقبول اللفظيين، فلا يكفي
التراضي الباطني ولا الايجاب والقبول الفعليين، وأن يكون الايجاب بلفظ النكاح أو
التزويج على الأحوط فلا يكفي بلفظ المتعة في النكاح الدائم وإن كان لا يبعد كفايته
مع الاتيان بما يدل على إرادة الدوام، ويشترط العربية مع التمكن منها (1) ولو
بالتوكيل على الأحوط، نعم مع عدم التمكن منها ولو بالتوكيل يكفي غيرها من
الألسنة إذا اتى بترجمة اللفظين من النكاح والتزويج والأحوط اعتبار الماضوية
وإن كان الأقوى عدمه فيكفي المستقبل والجملة الخبرية، كأن يقول أزوجك أو انا
مزوجك فلانة، كما أن الأحوط تقديم الايجاب على القبول وإن كان الأقوى جواز
العكس أيضا (2) وكذا الأحوط ان يكون الإيجاب من جانب الزوجة والقبول من
جانب الزوج وإن كان الأقوى جواز العكس، وأن يكون القبول بلفظ قبلت، ولا يبعد
كفاية رضيت، ولا يشترط ذكر المتعلقات فيجوز الاقتصار على لفظ قبلت من دون
ان يقول قبلت النكاح لنفسي أو لموكلي بالمهر المعلوم، والأقوى كفاية الاتيان بلفظ
الامر كأن يقول زوجني فلانة فقال زوجتكها وإن كان الأحوط خلافه.
مسألة 2 - الأخرس يكفيه الايجاب والقبول بالإشارة مع قصد الانشاء وان تمكن
من التوكيل على الأقوى.
مسألة 3 - لا يكفي في الإيجاب والقبول الكتابة (3).
مسألة 4 - لا يجب التطابق بين الايجاب والقبول في ألفاظ المتعلقات فلو قال

(1) لا دليل على اعتبارها نعم رعايتها أحوط لدعوى الشيخ والعلامة الاجماع على
ذلك، وعلى فرض الاعتبار يختص ذلك بصورة التمكن.
(2) كان ذلك بلفظ تزوجتك ونحوه فتقول هي قبلت، أو كان بلفظ أنكحتك نفسي.
أو زوجتك نفسي ونحوهما.
(3) على الأحوط.
502

أنكحتك فلانة فقال قبلت التزويج أو بالعكس كفى وكذا لو قال على المهر المعلوم
فقال الآخر على الصداق المعلوم وكذا في سائر المتعلقات.
مسألة 5 - يكفي على الأقوى في الايجاب لفظ نعم بعد الاستفهام كما إذا قال
زوجتني فلانة بكذا؟ فقال نعم فقال الأول قبلت لكن الأحوط عدم الاكتفاء (1).
مسألة 6 - إذا لحن في الصيغة فإن كان مغيرا للمعنى لم يكف وان لم يكن مغيرا
فلا بأس به إذا كان في المتعلقات وإن كان في نفس اللفظين كأن يقول جوزتك بدل
زوجتك فالأحوط عدم الاكتفاء به (2) وكذا اللحن في الاعراب.
مسألة 7 - يشترط قصد الانشاء في اجراء الصيغة.
مسألة 8 - لا يشترط في المجرى للصيغة أن يكون عارفا بمعنى الصيغة تفصيلا
بأن يكون مميزا للفعل والفاعل والمفعول بل يكفي علمه اجمالا بأن معنى هذه
الصيغة انشاء النكاح والتزويج لكن الأحوط العلم التفصيلي.
مسألة 9 - يشترط الموالاة بين الايجاب والقبول (3) وتكفى العرفية منها
فلا يضر الفصل في الجملة بحيث يصدق معه ان هذا قبول لذلك الايجاب كما لا يضر
الفصل بمتعلقات العقد من القيود والشروط وغيرها وان كثرت.
مسألة 10 - ذكر بعضهم أنه يشترط اتحاد مجلس الايجاب والقبول فلو كان
القابل غائبا عن المجلس فقال الموجب زوجت فلانا فلانة وبعد بلوغ الخبر اليه
قال قبلت لم يصح، وفيه انه لا دليل على اعتباره من حيث هو وعدم الصحة في الفرض
المذكور انما هو من جهة الفصل الطويل أو عدم صدق المعاقدة والمعاهدة لعدم

(1) لا يترك.
(2) الأظهر هو الاكتفاء إن كان بنحو لا يضر بظهور الكلام عرفا في إرادة النكاح
وعدم الاكتفاء ان لم يكن له ذلك، ولعل المثال المذكور في المتن يختلف بحسب
الأمكنة والافراد، فان جوزت لغة أهالي سواد العراق في هذا الزمان محرفة عن اللغة
العربية الأصلية، فلا بأس به إذا كان المباشر للعقد من أهالي تلك اللغة.
(3) على الأحوط وإن كان لا دليل عليه.
503

التخاطب والا فلو فرض صدق المعاقدة وعدم الفصل مع تعدد المجلس كما إذا
خاطبه وهو في مكان آخر لكنه يسمع صوته ويقول قبلت، بلا فصل مضر فإنه يصدق
عليه المعاقدة.
مسألة 11 - ويشترط فيه التنجيز كما في سائر العقود فلو علقه على شرط أو
مجئ زمان بطل نعم لو علقه على امر محقق معلوم كأن يقول إن كان هذا يوم الجمعة
زوجتك فلانة مع علمه بأنه يوم الجمعة صح وأما مع عدم علمه فمشكل.
مسألة 12 - إذا أوقعا العقد على وجه يخالف الاحتياط اللازم مراعاته فان أرادا
البقاء فاللازم الإعادة على الوجه الصحيح وان أرادا الفراق فالأحوط الطلاق (1) وإن كان
يمكن التمسك بأصالة عدم التأثير في الزوجية وإن كان على وجه يخالف الاحتياط
الاستحبابي فمع إرادة البقاء الأحوط الاستحبابي اعادته على الوجه المعلوم صحته
ومع إرادة الفراق فاللام الطلاق.
مسألة 13 - يشترط في العاقد المجرى للصيغة الكمال بالبلوغ والعقل سواء
كان عاقدا لنفسه أو لغيره وكالة أو ولاية أو فضولا فلا اعتبار بعقد الصبي ولا المجنون ولو
كان أدواريا حال جنونه وان أجاز وليه أو أجاز هو بعد بلوغه أو افاقته على المشهور بل
لا خلاف فيه، لكنه في الصبي الوكيل عن الغير محل تأمل (2) لعدم الدليل على سلب
عبارته إذا كان عارفا بالعربية وعلم قصده حقيقة، وحديث رفع القلم منصرف عن مثل
هذا، وكذا إذا كان لنفسه بإذن الولي أو اجازته أو اجازته هو بعد البلوغ، وكذا
لا اعتبار بعقد السكران فلا يصح ولو مع الإجازة بعد الإفاقة، وأما عقد السكرى إذا أجازت
بعد الإفاقة ففيه قولان فالمشهور أنه كذلك، وذهب جماعة إلى الصحة مستندين إلى
صحيحة ابن بزيع ولا بأس بالعمل بها وإن كان الأحوط خلافه لامكان حملها على

(1) لا يترك.
(2) الأظهر نفوذ عقد الصبي إذا كان بإذن الولي، أو كان وكيلا في اجراء الصيغة
خاصة، وبطلانه إذا كان مستقلا في التصرف وبه يظهر الحال فيما قبله وما بعده.
504

ما إذا لم يكن سكرها بحيث لا التفات لها إلى ما تقول مع أن المشهور لم يعملوا بها
وحملوها على محامل فلا يترك الاحتياط.
مسألة 14 - لا بأس بعقد السفيه إذا كان وكيلا عن الغير في اجراء الصيغة أو
أصيلا مع إجازة الولي، وكذا لا بأس بعقد المكره على اجراء الصيغة للغير أو لنفسه
إذا أجاز بعد ذلك.
مسألة 15 - لا يشترط الذكورة في العاقد فيجوز للمرأة الوكالة عن الغير في
اجراء الصيغة كما يجوز اجراؤها لنفسها.
مسألة 16 - يشترط بقاء المتعاقدين على الأهلية إلى تمام العقد فلو أوجب ثم
جن أو أغمي عليه قبل مجئ القبول لم يصح، وكذا لو أوجب ثم نام بل أو غفل عن
العقد بالمرة، وكذا الحال في سائر العقود والوجه عدم صدق المعاقدة والمعاهدة (1)
مضافا إلى دعوى الاجماع وانصراف الأدلة.
مسألة 17 - يشترط تعيين الزوج والزوجة على وجه يمتاز كل منهما عن غيره
بالاسم أو الوصف الموجب له أو الإشارة فلو قال زوجتك احدى بناتي بطل، وكذا
لو قال زوجت بنتي أحدا بنيك أو أحد هذين، وكذا لو عين كل منهما غير ما عينه الآخر
بل وكذا لو عينا معينا من غير معاهدة بينهما بل من باب الانفاق صار ما قصده أحدهما
عين ما قصده الآخر، وأما لو كان ذلك مع المعاهدة لكن لم يكن هناك دال على ذلك
من لفظ أو فعل أو قرينة خارجية مفهمة فلا يبعد الصحة وإن كان الأحوط خلافه، ولا
يلزم تميز ذلك المعين عندهما حال العقد بل يكفي التميز الواقعي مع امكان العلم به
بعد ذلك كما إذا قال زوجتك بنتي الكبرى ولم يكن حال العقد عالما بتاريخ تولد
البنتين لكن بالرجوع إلى الدفتر يحصل له العلم نعم إذا كان مميزا واقعا ولكن
لم يمكن العلم به ظاهرا كما إذا نسي تاريخ ولادتهما ولم يمكنه العلم به فالأقوى
البطلان (2) لانصراف الأدلة عن مثله فالقول بالصحة والتشخيص بالقرعة ضعيف.

(1) هذا الوجه لا يتم، وبيان وجه العدم، كبيان وجه الاشتراط لا يسعه المجال.
(2) الصحة لا تخلو عن وجه وجيه فلا يترك الاحتياط بالطلاق.
505

مسألة 18 - لو اختلف الاسم والوصف أو أحدهما مع الإشارة اخذ بما هو
المقصود والغى ما وقع غلطا مثلا لو قال زوجتك الكبرى من بناتي فاطمة وتبين أن
اسمها خديجة صح العقد على خديجة التي هي الكبرى، ولو قال زوجتك فاطمة وهى
الكبرى فتبين انها صغرى صح على فاطمة لأنها المقصودة ووصفها بأنها كبرى وقع غلطا
فيلغى، وكذا لو قال زوجتك هذه وهى فاطمة أو وهى الكبرى فتبين ان اسمها خديجة
أو أنها صغرى فان المقصود تزويج المشار إليها وتسميتها بفاطمة أو وصفه بأنها
الكبرى وقع غلطا فيلغى.
مسألة 19 - إذا تنازع الزوج والزوجة في التعيين وعدمه حتى يكون العقد
صحيحا أو باطلا فالقول قول مدعى الصحة كما في سائر الشروط إذا اختلفا فيها وكما
في سائر العقود، وان اتفق الزوج وولى الزوجة على أنهما عينا معينا وتنازعا فيه أنها
فاطمة أو خديجة فمع عدم البينة المرجع التحالف كما في سائر العقود، نعم هنا صورة
واحدة اختلفوا فيها وهى ما إذا كان لرجل عدة بنات فزوج واحدة ولم يسمها عند
العقد ولا عينا بغير الاسم لكنه قصدها معينة واختلفا فيها فالمشهور على الرجوع إلى
التحالف الذي هو مقتضى قاعدة الدعاوى وذهب جماعة إلى التفصيل بين ما لو كان
الزوج رآهن جميعا فالقول قول الأب وما لو لم يرهن فالنكاح باطل ومستندهم
صحيحة أبى عبيدة الحذاء وهى وان كانت صحيحة الا ان اعراض المشهور عنها (1)
مضافا إلى مخالفتها للقواعد مع امكان حملها على بعض المحامل يمنع عن العمل بها
فقول المشهور لا يخلو عن قوة ومع ذلك الأحوط مراعاة الاحتياط وكيف كان لا يتعدى
عن موردها.
مسألة 20 - لا يصح نكاح الحمل وانكاحه وان علم ذكوريته أو أنوثيته وذلك

(1) الأصحاب لم يعرضوا عنها، نعم جماعة منهم حملوها على غير ظاهرها، فإذا العمل
بما تضمنه الصحيح متعين، ومع ذلك الاحتياط برعاية ما عليه المشهور لا ينبغي تركه.
506

لانصراف الأدلة (1) كما لا يصح البيع أو الشراء منه ولو بتولي الولي وان قلنا بصحة
الوصية له عهدية (2) بل أو تمليكية أيضا.
مسألة 21 - لا يشترط في النكاح علم كل من الزوج والزوجة بأوصاف الآخر
مما يختلف به الرغبات وتكون موجبة لزيادة المهر أو قلته فلا يضر بعد تعيين شخصها
الجهل بأوصافها فلا تجرى قاعدة الغرر هنا.
12 - فصل في مسائل متفرقة
الأولى - لا يجوز في النكاح دواما أو متعة اشتراط الخيار في نفس العقد فلو
شرطه بطل وفى بطلان العقد به قولان المشهور على أنه باطل (3) وعن ابن إدريس
انه لا يبطل ببطلان الشرط المذكور ولا يخلو قوله عن قوة إذ لا فرق بينه وبين سائر
الشروط الفاسدة فيه مع أن المشهور على عدم كونها مفسدة للعقد، ودعوى كون هذا
الشرط منافيا (4) لمقتضى العقد بخلاف سائر الشروط الفاسدة التي لا يقولون بكونها
مفسدة كما ترى واما اشتراط الخيار في المهر فلا مانع منه ولكن لا بد من تعيين مدته
وإذا فسخ قبل انقضاء المدة يكون كالعقد بلا ذكر المهر فيرجع إلى مهر المثل هذا في
العقد الدائم الذي لا يلزم فيه ذكر المهر، واما في المتعة حيث إنها لا تصح بلا مهر
فاشتراط الخيار في المهر فيها مشكل.

(1) ولأنه قبل ولوج الروح ليس انسانا، وبعده وإن كان انسان الا انه لم يثبت الولاية
على الحمل بالنسبة إلى ذلك فيكون المتصرف قاصرا.
(2) اي منضما إلى البالغ.
(3) وهو الأظهر.
(4) هذه الدعوى ذكرها صاحب الجواهر (ره) ويمكن توجيهها بان شرط الخيار
مرجعه إلى تحديد الزوجية بما قبل الفسخ وهذا ينافي قصد الدوام أو المؤجل إلى اجل
معلوم، واما ساير الشروط فهي انما يكون مرجعها إلى تعليق الالتزام بترتيب الآثار على
وجودها لا جعل الخيار على تقدير التخلف فتدبر.
507

الثانية إذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدقته أو ادعت امرأة زوجية رجل فصدقها
حكم لهما بذلك في ظاهر الشرع ويرتب جميع آثار الزوجية بينهما لأن الحق لا يعدوهما
ولقاعدة الاقرار وإذا مات أحدهما ورثه الآخر ولا فرق في ذلك بين كونهما بلديين
معروفين أو غريبين، واما إذا ادعى أحدهما الزوجية وانكر الآخر فيجرى عليهما قواعد
الدعوى فإن كان للمدعى بينة والا فيحلف المنكر أو يرد اليمين فيحلف المدعى ويحكم
له بالزوجية وعلى المنكر ترتيب آثاره في الظاهر، لكن يجب على كل منهما العمل
على الواقع بينه وبين الله وإذا حلف المنكر حكم بعدم الزوجية بينهما لكن المدعى
مأخوذ باقراره المستفاد من دعواه فليس له، إن كان هو الرجل تزويج الخامسة ولا أم
المنكرة ولا بنتها مع الدخول بها ولا بنت أخيها أو أختها الا برضاها، ويجب عليه ايصال
المهر إليها، نعم لا يجب عليه نفقتها لنشوزها بالانكار، وان كانت هي المدعية لا يجوز لها
التزويج بغيره الا إذا طلقها ولو بأن يقول هي طالق ان كانت زوجتي، ولا يجوز لها السفر
من دون اذنه، وكذا كل ما يتوقف على اذنه، ولو رجع المنكر إلى الاقرار هل يسمع
منه ويحكم بالزوجية بينهما فيه قولان والأقوى السماع (1) إذا اظهر عذرا لانكاره
ولم يكن متهما وإن كان ذلك بعد الحلف، وكذا المدعى إذا رجع عن دعواه وكذب
نفسه نعم يشكل السماع منه إذا كان ذلك بعد إقامة البينة منه على دعواه الا إذا كذبت
البينة أيضا نفسها.
الثالثة - إذا تزوج امرأة تدعى خلوها عن الزوج فادعى زوجيتها رجل آخر
لم تسمع دعواه الا بالبينة (2) نعم له مع عدمها على كل منهما اليمين فان وجه الدعوى

(1) هذا بالإضافة إلى الحقوق التي تكون على المدعى، واما بالنسبة إلى الحقوق
التي ادعى عليه فالظاهر أنه لا يعتبر في السماع شئ من القيدين، وكذا الحال فيما إذا
رجع المدعى عن دعواه وكذب نفسه من غير فرق بين الرجوع قبل إقامة البينة أو بعدها
(2) إذا أقام البينة تسمع دعواه، والا فإن كان ثقة فالأحوط ان يطلقها الزوج،
وان لم يكن ثقة لا تسمع دعواه وليس له حينئذ احلاف الزوج ولا الزوجة، وبذلك يظهر
الحال في بقية المسألة.
508

على الامرأة فأنكرت وحلفت سقط دعواه عليها، وان نكلت أو ردت اليمين عليه فحلف
لا يكون حلفه حجة على الزوج وتبقى على زوجية الزوج مع عدمها سواء كان عالما
بكذب المدعى أولا، وان اخبر ثقة واحد بصدق المدعى وإن كان الأحوط حينئذ
طلاقها فيبقى النزاع بينه وبين الزوج، فان حلف سقط دعواه بالنسبة اليه أيضا، وان
نكل أورد اليمين عليه فحلف حكم له بالزوجية إذا كان ذلك بعد ان حلف في الدعوى
على الزوجية بعد الرد عليه، وإن كان قبل تمامية الدعوى مع الزوجية فيبقى النزاع بينه
وبينها كما إذا وجه الدعوى أولا عليه، والحاصل ان هذه دعوى على كل من الزوج
والزوجة فمع عدم البينة ان حلفا سقط دعواه عليهما وان نكلا أورد اليمين عليه فحلف
ثبت مدعاه وان حلف أحدهما دون الآخر فلكل حكمه فإذا حلف الزوج في الدعوى
عليه فسقط بالنسبة اليه والزوجة لم تحلف بل ردت اليمين على المدعى أو نكلت
ورد الحاكم عليه فحلف وإن كان لا يتسلط عليها لمكان حق الزوج الا انه لو طلقها أو
مات عنها ردت اليه سواء قلنا إن اليمين المردودة بمنزلة الاقرار أو بمنزلة البينة أو
قسم ثالث نعم في استحقاقها النفقة والمهر المسمى على الزوج اشكال خصوصا ان
قلنا إنه بمنزلة الاقرار أو البينة هذا كله إذا كانت منكرة لدعوى المدعى، واما إذا صدقته
وأقرت بزوجيته فلا يسمع بالنسبة إلى حق الزوج ولكنها مأخوذة باقرارها فلا تستحق
النفقة على الزوج ولا المهر المسمى بل ولا مهر المثل إذا دخل بها لأنها بغية بمقتضى
اقرارها الا ان تظهر عذرا في ذلك وترد على المدعى بعد موت الزوج أو طلاقه إلى
غير ذلك.
الرابعة - إذا ادعى رجل زوجية امرأة وأنكرت، فهل يجوز لها ان تتزوج من
غيره قبل تمامية الدعوى مع الأول وكذا يجوز لذلك الغير تزويجها أولا الا بعد
فراغها من المدعى وجهان، من أنها قبل ثبوت دعوى المدعى خلية ومسلطة على نفسها،
ومن تعلق حق المدعى بها وكونها في معرض ثبوت زوجيتها للمدعى مع أن ذلك
تفويت حق المدعى إذا ردت الحلف عليه وحلف فإنه ليس حجة على غيرها وهو
509

الزوج، ويحتمل التفصيل بين ما إذا طالت الدعوى فيجوز للضرر عليها بمنعها حينئذ
وبين غير هذه الصورة، والأظهر الوجه الأول وحينئذ فان أقام المدعى بينة وحكم له بها
كشف عن فساد العقد عليها، وان لم يكن له بينة وحلفت بقيت على زوجيتها وان ردت
اليمين على المدعى وحلف ففيه وجهان من كشف كونها زوجة للمدعى فيبطل العقد
عليها ومن أن اليمين المردودة لا يكون مسقطا لحق الغير وهو الزوج وهذا هو الأوجه (1)
فيثمر فيما إذا طلقها الزوج أو مات عنها فإنها حينئذ ترد على المدعى والمسألة سيالة
تجرى في دعوى الأملاك وغيرها أيضا والله العالم.
الخامسة - إذا ادعى رجل زوجية امرأة فأنكرت وادعت زوجية امرأة أخرى
لا يصح شرعا زوجيتها لذلك الرجل مع الامرأة الأولى كما إذا كانت أخت الأولى
أو أمها أو بنتها فهناك دعويان إحداها من الرجل على الامرأة والثانية من الامرأة الأخرى
على ذلك الرجل وحينئذ فاما أن لا يكون هناك بينة لواحد من المدعيين أو يكون لأحدهما
دون الآخر أو لكليهما فعلى الأول يتوجه اليمين على المنكر في كلتا الدعويين فان حلفا سقطت
الدعويان، وكذا ان نكلا وحلف كل من المدعيين اليمين المردودة، وان حلف أحدهما
ونكل الآخر وحلف مدعيه اليمين المردودة سقطت دعوى الأول وثبت مدعى الثاني
وعلى الثاني وهو ما إذا كان لأحدهما بينة ثبت مدعى من له البينة وهل تسقط دعوى الآخر
أو يجرى عليه قواعد الدعوى من حلف المنكر أو رده، قد يدعى القطع بالثاني لأن
كل دعوى لابد فيها من البينة أو الحلف، ولكن لا يبعد تقوية الوجه الأول لأن البينة
حجة شرعية وإذا ثبت بها زوجية احدى الامرأتين لا يمكن معه زوجية الأخرى لأن
المفروض عدم امكان الجمع بين الامرأتين فلازم ثبوت زوجية إحداهما بالأمارة الشرعية
عدم زوجية الأخرى، وعلى الثالث فاما أن يكون البينتان مطلقتين أو مؤرختين متقارنتين
أو تاريخ إحداهما أسبق من الأخرى، فعلى الأولين تتساقطان ويكون كما لو لم يكن

(1) لا يبعد كون الوجه الأول أظهر من جهة ان اليمين المردودة تثبت الدعوى حين
ما كانت خلية عن الزوج ولم يكن لدعواه توجه اليه أصلا.
510

بينة أصلا، وعلى الثالث ترجح الأسبق إذا كانت تشهد بالزوجية من ذلك التاريخ
إلى زمان الثانية وان لم تشهد ببقائها إلى زمان الثانية فكذلك إذا كانت الامرأتان الام
والبنت مع تقدم تاريخ البنت بخلاف الأختين والام والبنت مع تقدم تاريخ الام
لامكان صحة العقدين بأن طلق الأولى وعقد على الثانية في الأختين وطلق الام مع
عدم الدخول بها وحينئذ ففي ترجيح الثانية أو التساقط وجهان (1) هذا ولكن وردت
رواية تدل على تقديم بينة الرجل الا مع سبق بينة الامرأة المدعية أو الدخول بها في
الأختين وقد عمل بها المشهور في خصوص الأختين، ومنهم من تعدى إلى الام والبنت
أيضا ولكن العمل بها حتى في موردها مشكل (2) لمخالفتها للقواعد وامكان حملها
على بعض المحامل التي لا تخالف القواعد.
السادسة - إذا تزوج العبد بمملوكة ثم اشتراها بإذن المولى فان اشتراها
للمولى بقي نكاحها على حاله ولا اشكال في جواز وطئها وان اشتراها لنفسه بطل نكاحها
وحلت له بالملك على الأقوى من ملكية العبد، وهل يفتقر وطئها حينئذ إلى الاذن من
المولى أولا وجهان أقواهما ذلك لأن الإذن السابق انما كان بعنوان الزوجية وقد زالت
بالملك فيحتاج إلى الاذن الجديد، ولو اشتراها لا بقصد كونها لنفسه أو للمولى فان
اشتراها بعين مال المولى كانت له وتبقى الزوجية وان اشتراها بعين ماله كانت له
وبطلت الزوجية، وكذا ان اشتراها في الذمة لانصرافه إلى ذمة نفسه وفى الحاجة إلى
الاذن الجديد وعدمها الوجهان.
السابعة - يجوز تزويج امرأة تدعى أنها خلية من الزوج من غير فحص مع
عدم حصول العلم بقولها، بل وكذا إذا لم تدع ذلك ولكن دعت الرجل إلى تزويجها
أو أجابت إذا دعيت اليه، بل الظاهر ذلك وان علم كونها ذات بعل سابقا وادعت طلاقها
أو موته، نعم لو كانت متهمة في دعواها فالأحوط الفحص عن حالها ومن هنا ظهر

(1) لا يبعد دعوى أقربية الأول.
(2) العمل بالرواية في موردها متعين نعم لاوجه للتعدي.
511

جواز تزويج زوجة من غاب غيبة منقطعة ولم يعلم موته وحياته إذا ادعت حصول
العلم لها بموته من الأمارات والقرائن أو باخبار المخبرين وان لم يحصل العلم بقولها
ويجوز للوكيل أن يجرى العقد عليها ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم ولكن الأحوط
الترك خصوصا إذا كانت متهمة.
الثامنة - إذا ادعت امرأة أنها خلية فتزوجها رجل ثم ادعت بعد ذلك كونها
ذات بعل لم تسمع دعواها نعم لو أقامت البينة على ذلك فرق بينها وبينه وان لم يكن
هناك زوج معين بل شهدت بأنها ذات بعل على وجه الاجمال.
التاسعة - إذا وكلا وكيلا في اجراء الصيغة في زمان معين لا يجوز لهما المقاربة
بعد مضى ذلك الزمان الا إذا حصل لهما العلم بايقاعه ولا يكفي الظن بذلك وان حصل
من اخبار مخبر بذلك وإن كان ثقة (1) نعم لو أخبر الوكيل بالاجراء كفى إذا كان
ثقة بل مطلقا لان قول الوكيل حجة فيما وكل فيه.
12 - فصل في أولياء العقد
وهم الأب والجد من طرف الأب بمعنى أب الأب فصاعدا فلا يندرج فيه أب
أم الأب والوصي لأحدهما (2) مع فقد الاخر والسيد بالنسبة إلى مملوكه والحاكم
ولا ولاية للام ولا الجد من قبلها ولو من قبل أم الأب ولا الأخ والعم والخال وأولادهم
مسألة 1 - تثبت ولاية الأب والجد على الصغيرين والمجنون المتصل جنونه
بالبلوغ بل والمنفصل على الأقوى، ولا ولاية لهما على البالغ الرشيد، ولا على البالغة
الرشيدة إذا كانت ثيبة، واختلفوا في ثبوتها على البكر الرشيدة على الأقوال وهى،
استقلال الولي، واستقلالها (3) والتفصيل بين الدوام والانقطاع باستقلالها في الأول

(1) الأظهر حجية خبر الثقة.
(2) على اشكال يأتي.
(3) هذا هو الأقوى ولكن الاحتياط بالاستيذان من الأب أيضا لا ينبغي تركه.
512

دون الثاني، والعكس، والتشريك بمعنى اعتبار اذنهما معا والمسألة مشكلة فلا يترك
مراعاة الاحتياط بالاستيذان منهما ولو تزوجت من دون اذن الأب أو زوجها الأب
من دون اذنها وجب اما إجازة الآخر أو الفراق بالطلاق، نعم إذا عضلها الولي أي
منعها من التزويج بالكفو مع ميلها سقط اعتبار اذنه، وأما إذا منعها من التزويج بغير
الكفؤ شرعا فلا يكون عضلا، بل وكذا لو منعها من التزويج بغير الكفؤ عرفا ممن
في تزويجه غضاضة وعار عليهم وإن كان كفوا شرعيا، وكذا لو منعها من التزويج
بكفو معين مع وجود كفو آخر، وكذا يسقط اعتبار اذنه إذا كان غايبا لا يمكن الاستيذان
منه مع حاجتها إلى التزويج.
مسألة 2 - إذا ذهبت بكارتها بغير الوطء من وصبة ونحوها فحكمها حكم
البكر (1) وأما إذا ذهبت بالزنا أو الشبهة ففيه اشكال ولا يبعد الالحاق (2) بدعوى
أن المتبادر من البكر من لم تتزوج وعليه فإذا تزوجت ومات عنها أو طلقها قبل أن يدخل
بها لا يلحقها حكم البكر (3) ومراعاة الاحتياط أولى.
مسألة 3 - لا يشترط في ولاية الجد حياة الأب ولا موته، والقول بتوقف ولايته
على بقاء الأب كما اختاره جماعة ضعيف، وأضعف منه القول بتوقفها على موته كما
اختاره بعض العامة.
مسألة 4 - لا خيار للصغيرة إذا زوجها الأب أو الجد بعد بلوغها ورشدها بل
هو لازم عليها، وكذا الصغير على الأقوى (4) والقول بخياره في الفسخ والامضاء ضعيف
وكذا لا خيار للمجنون بعد افاقته.

(1) على القول بولاية الأب ولايته على غير البكر مشكلة.
(2) بل هو بعيد غايته ودعوى التبادر كما ترى.
(3) فيه تأمل، بل منع.
(4) القول بخياره في الفسخ والامضاء له وجه لورود رواية حسنة به وقد أفتى بمضمونها
جماعة، ولكن الأظهر عدم الخيار له، والاحتياط لا ينبغي تركه.
513

مسألة 5 - يشترط في صحة تزويج الأب والجد ونفوذه عدم المفسدة والا يكون
العقد فضوليا كالأجنبي ويحتمل عدم الصحة (1) بالإجازة أيضا بل الأحوط مراعاة
المصلحة (2) بل يشكل الصحة (3) إذا كان هناك خاطبان أحدهما أصلح من الاخر
بحسب الشرف أو من أجل كثرة المهر أو قلته بالنسبة إلى الصغير فاختار الأب غير
الأصلح لتشهى نفسه.
مسألة 6 - لو زوجها الولي بدون مهر المثل أو زوج الصغير بأزيد منه فإن كان
هناك مصلحة (4) تقتضى ذلك صح العقد والمهر ولزم، والا ففي صحة العقد وبطلان
المهر والرجوع إلى مهر المثل أو بطلان العقد أيضا قولان أقواهما الثاني والمراد
من البطلان عدم النفوذ بمعنى توقفه على اجازتها بعد البلوغ ويحتمل البطلان (5) ولو
مع الإجازة بناءا على اعتبار وجود المجيز في الحال.
مسألة 7 - لا يصح نكاح السفيه المبذر الا بإذن الولي وعليه أن يعين المهر
والمرأة ولو تزوج بدون اذنه وقف على اجازته فان رأى المصلحة وأجاز صح ولا يحتاج
إلى إعادة الصيغة لأنه ليس كالمجنون والصبي مسلوب العبارة ولذا يصح وكالته عن
الغير في اجراء الصيغة ومباشرته لنفسه بعد اذن الولي.
مسألة 8 - إذا كان الشخص بالغا رشيدا في الماليات لكن لا رشد له بالنسبة
إلى أمر التزويج وخصوصياته من تعيين الزوجة وكيفية الأمهار ونحو ذلك فالظاهر
كونه كالسفيه في الماليات في الحاجة إلى اذن الولي وان لم أر من تعرض له.
مسألة 9 - كل من الأب والجد مستقل في الولاية فلا يلزم الاشتراك ولا الاستيذان
من الآخر فأيهما سبق مع مراعاة ما يجب مراعاته لم يبق محل للاخر ولو زوج كل

(1) الأظهر هي الصحة بالإجازة بعد البلوغ.
(2) وإن كان الأظهر عدم لزومها.
(3) لا اشكال فيها.
(4) أو لم يكن مفسدة ومنقصة وضرر في العقد بذلك المهر.
(5) لكنه ضعيف.
514

منهما من شخص، فان علم السابق منهما فهو المقدم ولغى الآخر، وان علم التقارن قدم
عقد الجد وكذا ان جهل التاريخان، وأما ان علم تاريخ أحدهما دون الآخر فإن كان
المعلوم تاريخ عقد الجد قدم أيضا، وإن كان المعلوم تاريخ عقد الأب احتمل تقدمه
لكن الأظهر تقديم عقد الجد لان المستفاد من خبر عبيد بن زرارة أولوية الجد ما لم
يكن الأب زوجها قبله فشرط تقديم عقد الأب كونه سابقا وما لم يعلم ذلك يكون
عقد الجد أولى، فتحصل أن اللازم تقديم عقد الجد في جميع الصور الا في صورة
معلومية سبق عقد الأب، ولو تشاح الأب والجد فاختار كل منهما واحدا قدم اختيار
الجد ولو بادر الأب فعقد فهل يكون باطلا أو يصح وجهان بل قولان (1) من كونه
سابقا فيجب تقديمه ومن أن لازم أولوية اختيار الجد عدم صحة خلافه والأحوط مراعاة
الاحتياط، ولو تشاح الجد الأسفل والأعلى هل يجرى عليهما حكم الأب والجد أولا
وجهان أوجههما الثاني لأنهما ليسا أبا وجدا بل كلاهما جد فلا يشملهما ما دل على
تقديم الجد على الأب.
مسألة 10 - لا يجوز للولي تزويج المولى عليه بمن به عيب سواء كان من
العيوب المجوزة للفسخ أولا لأنه خلاف المصلحة، نعم لو كان هناك مصلحة لازمة المراعاة
جاز وحينئذ لا خيار له ولا للمولى عليه ان لم يكن من العيوب المجوزة للفسخ، وإن كان
منها ففي ثبوت الخيار للمولى عليه بعد بلوغه أو افاقته وعدمه لأن المفروض
اقدام الولي مع علمه به وجهان، أوجههما الأول لاطلاق أدلة تلك العيوب وقصوره
بمنزلة جهله وعلم الولي ولحاظه المصلحة لا توجب سقوط الخيار للمولى عليه وغاية
ما تفيد المصلحة انما هو صحة العقد فتبقى أدلة الخيار بحالها بل ربما يحتمل ثبوت
الخيار للولي أيضا من باب استيفاء ما للمولى عليه من الحق، وهل له اسقاطه أم لا مشكل
الا ان يكون هناك مصلحة ملزمة لذلك، وأما إذا كان الولي جاهلا بالعيب ولم يعلم

(1) أقواهما الصحة.
515

به الا بعد العقد فإن كان من العيوب المجوزة للفسخ فلا اشكال في ثبوت الخيار
له وللمولى عليه (1) ان لم يفسخ وللمولى عليه فقط إذا لم يعلم به الولي إلى أن
بلغ أو أفاق، وإن كان من العيوب الاخر فلا خيار للولي وفى ثبوته للمولى عليه وعدمه
وجهان أوجههما ذلك (2) لأنه يكشف عن عدم المصلحة في ذلك التزويج بل يمكن
ان يقال إن العقد فضولي (3) حينئذ لا انه صحيح وله الخيار.
مسألة 11 - مملوك المملوك كالمملوك في كون امر تزويجه بيد المولى.
مسألة 12 - للوصي أن يزوج المجنون (4) المحتاج إلى الزواج بل الصغير
أيضا (5) لكن بشرط نص الموصى عليه سواء عين الزوجة أو الزوج أو أطلق، ولا
فرق بين أن يكون وصيا من قبل الأب أو من قبل الجد لكن بشرط عدم وجود الآخر
والا فالامر اليه.
مسألة 13 - للحاكم الشرعي تزويج من لا ولى له من الأب والجد والوصي
بشرط الحاجة اليه أو قضاء المصلحة اللازمة المراعاة.
مسألة 14 - يستحب للمرأة المالكة امرها أن تستأذن أباها أو جدها وان لم يكونا
فتوكل أخاها وان تعدد اختارت الأكبر.
مسألة 15 - ورد في الاخبار ان اذن البكر سكوتها عند العرض عليها وافتى
به العلماء لكنها محمولة على ما إذا ظهر رضاها وكان سكوتها لحيائها عن النطق بذلك.
مسألة 16 - يشترط في ولاية الأولياء المذكورين البلوغ والعقل والحرية
والاسلام إذا كان المولى عليه مسلما، فلا ولاية للصغير والصغيرة على مملوكهما من
عبد أو أمة بل الولاية حينئذ لوليهما، وكذا مع فساد عقلهما بجنون أو اغماء أو نحوه

(1) لا خيار له بل هو للمولى عليه خاصة.
(2) بعد فرض كون العقد صحيحا الا وجه العدم.
(3) ولكنه ضعيف.
(4) لا ولاية للوصي على تزويج المجنون.
(5) لا ولاية له على تزويجه.
516

وكذا لا ولاية للأب والجد مع جنونهما ونحوه، وان جن أحدهما دون الآخر فالولاية
للاخر، وكذا لا ولاية للمملوك ولو مبعضا على ولده حرا كان أو عبدا بل الولاية في
الأول للحاكم وفى الثاني لمولاه، وكذا لا ولاية للأب الكافر على ولده المسلم فتكون
للجد إذا كان مسلما وللحاكم إذا كان كافرا أيضا والأقوى ثبوت ولايته على ولده
الكافر، ولا يصح تزويج الولي في حال احرامه أو احرام المولى عليه سواء كان بمباشرته
أو بالتوكيل، نعم لا بأس بالتوكيل حال الاحرام ليوقع العقد بعد الاحلال.
مسألة 17 - يجب على الوكيل في التزويج أن لا يتعدى عما عينه الموكل من
حيث الشخص والمهر وسائر الخصوصيات والا كان فضوليا موقوفا على الإجازة،
ومع الاطلاق وعدم التعيين يجب مراعاة مصلحة الموكل من سائر الجهات، ومع
التعدي يصير فضوليا، ولو وكلت المرأة رجلا في تزويجها لا يجوز له أن يزوجها من
نفسه للانصراف عنه نعم لو كان التوكيل على وجه يشمل نفسه أيضا بالعموم أو الاطلاق
جاز ومع التصريح فأولى بالجواز ولكن ربما يقال بعدم الجواز مع الاطلاق والجواز
مع العموم، بل قد يقال بعدمه حتى مع التصريح بتزويجها من نفسه لرواية عمار (1)
المحمولة على الكراهة أو غيرها من المحامل.
مسألة 18 - الأقوى صحة النكاح الواقع فضولا مع الإجازة سواء كان فضوليا
من أحد الطرفين أو كليهما كان المعقود له صغيرا أو كبيرا حرا أو عبدا، والمراد
بالفضولي العقد الصادر من غير الولي والوكيل سواء كان قريبا كالأخ والعم والخال
وغيرهم أو أجنبيا وكذا الصادر من العبد أو الأمة لنفسه بغير اذن الولي ومنه العقد
الصادر من الولي أو الوكيل على غير الوجه المأذون فيه من الله أو من الموكل كما
إذا أوقع الولي العقد على خلاف المصلحة أو تعدى الوكيل عما عينه الموكل، ولا
يعتبر في الإجازة الفورية سواء كان التأخير من جهة الجهل بوقوع العقد أو مع العلم

(1) الرواية ظاهرة في عدم جواز تولى الايجاب والقبول بنفسه ولا ربط لها بما
افاده فلا وجه للكراهة أيضا وعليه فله ان يوكل عنها من يتولى الايجاب عنها، ولا بأس له ان
يوكلها فتولى الايجاب منها والقبول عنه.
517

به وإرادة التروي أو عدمها أيضا نعم لا تصح الإجازة بعد الرد (1) كما لا يجوز الرد
بعد الإجازة فمعها يلزم العقد.
مسألة 19 - لا يشترط في الإجازة لفظ خاص بل تقع بكل ما دل على انشاء الرضا
بذلك العقد بل تقع بالفعل الدال عليه.
مسألة 20 - يشترط في المجيز علمه بأن له أن لا يلتزم بذلك العقد فلو اعتقد
لزوم العقد عليه فرضى به لم يكف في الإجازة (2) نعم لو اعتقد لزوم الإجازة عليه
بعد العلم بعدم لزوم العقد فأجاز فإن كان على وجه التقييد لم يكف وإن كان على
وجه الداعي يكون كافيا.
مسألة 21 - الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه فيجب ترتيب الآثار
من حينه.
مسألة 22 - الرضا الباطني التقديري لا يكفي في الخروج عن الفضولية فلو
لم يكن ملتفتا حال العقد الا أنه كان بحيث لو كان حاضرا وملتفتا كان راضيا
لا يلزم العقد عليه بدون الإجازة بل لو كان حاضرا حال العقد وراضيا به الا أنه
لم يصدر منه قول ولا فعل بدل على رضاه فالظاهر أنه من الفضولي (3) فله أن لا يجيز.
مسألة 23 - إذا كان كارها حال العقد الا أنه لم يصدر منه رد له فالظاهر صحته
بالإجازة نعم لو استوذن فنهى ولم يأذن ومع ذلك أوقع الفضولي العقد يشكل صحته
بالإجازة لأنه بمنزلة الرد بعده ويحتمل صحته (4) بدعوى الفرق بينه وبين الرد بعد
العقد فليس بأدون من عقد المكره الذي نقول بصحته إذا لحقه الرضا وإن كان
لا يخلو ذلك أيضا من اشكال.
مسألة 24 - لا يشترط في الفضولي قصد الفضولية ولا الالتفات إلى ذلك فلو

(1) الأظهر الصحة.
(2) إن كان رضاه بمعنى إرادة ترتيب الأثر عليه.
(3) بل الظاهر عدم كونه منه.
(4) الأقوى الصحة وكذا في صورة الإجازة بعد الرد كما مر.
518

تخيل كونه وليا أو وكيلا وأوقع العقد فتبين خلافه يكون من الفضولي ويصح
بالإجازة.
مسألة 25 - لو قال في مقام اجراء الصيغة زوجت موكلتي فلانة مثلا مع أنه
لم يكن وكيلا عنها فهل يصح ويقبل الإجازة أم لا الظاهر الصحة نعم لو لم يذكر
لفظ فلانة ونحوه كأن يقول زوجت موكلتي وكان من قصده امرأة معينة مع عدم
كونه وكيلا عنها يشكل صحته (1) بالإجازة.
مسألة 26 - لو أوقع الفضولي العقد على مهر معين هل يجوز إجازة العقد دون
المهر أو بتعيين المهر على وجه آخر من حيث الجنس أو من حيث القلة والكثرة
فيه اشكال، بل الأظهر عدم الصحة في الصورة الثانية (2) وهى ما إذا عين المهر على
وجه آخر كما أنه لا تصح الإجازة مع شرط لم يذكر في العقد أو مع الغاء ما ذكر
فيه من الشرط (3).
مسألة 27 - إذا أوقع العقد بعنوان الفضولية فتبين كونه وكيلا فالظاهر صحته
ولزومه إذا كان ناسيا لكونه وكيلا، بل وكذا إذا صدر التوكيل ممن له العقد ولكن
لم يبلغه الخبر على اشكال فيه، وأما لو أوقعه بعنوان الفضولية فتبين كونه وليا ففي
لزومه بلا إجازة منه أو من المولى عليه اشكال (4).
مسألة 28 - إذا كان عالما بأنه وكيل أو ولى ومع ذلك أوقع العقد بعنوان
الفضولية فهل يصح ويلزم أو يتوقف على الإجازة أو لا يصح وجوه أقواها عدم الصحة (5)

(1) لا اشكال فيها مع تعيين المرأة بالقرينة.
(2) وكذا الأولى.
(3) الأظهر صحتها في الموردين، نعم في الأول لا يجب الوفاء بالشرط، وفى الثاني
الخيار للطرف.
(4) الأقوى لزومه بلا حاجة إلى الإجازة.
(5) الأظهر الصحة، نعم إذا علق العقد على رضاه أو رضا موكله جاء فيه اشكال
التعليق.
519

لأنه يرجع إلى اشتراط كون العقد الصادر من وليه جائزا فهو كما لو أوقع البالغ
العاقل بقصد أن يكون الأمر بيده في الابقاء والعدم وبعبارة أخرى أوقع العقد متزلزلا
مسألة 29 - إذا زوج الصغيرين وليهما فقد مر أن العقد لازم عليهما ولا يجوز
لهما بعد البلوغ رده أو فسخه، وعلى هذا فإذا مات أحدهما قبل البلوغ أو بعده ورثه
الاخر، وأما إذا زوجهما الفضوليان فيتوقف على اجازتهما بعد البلوغ أو إجازة وليهما
قبله فان بلغا وأجازا ثبتت الزوجية ويترتب عليها أحكامها من حين العقد لما مر من
كون الإجازة كاشفة، وان ردا أورد أحدهما أو ماتا أو مات أحدهما قبل الإجازة كشف
عن عدم الصحة من حين الصدور، وان بلغ أحدهما وأجاز ثم مات قبل بلوغ الاخر
بعزل ميراث الاخر على تقدير الزوجية فان بلغ وأجاز يحلف على أنه لم يكن اجازته
للطمع في الإرث فان حلف يدفع اليه وان لم يجز أو أجاز ولم يحلف لم يدفع
بل يرد إلى الورثة، وكذا لو مات بعد الإجازة وقبل الحلف هذا إذا كان متهما بأن
اجازته للرغبة في الإرث، وأما إذا لم يكن متهما بذلك كما إذا أجاز قبل ان يعلم موته
أو كان المهر اللازم عليه أزيد مما يرث أو نحو ذلك فالظاهر عدم الحاجة إلى الحلف
مسألة 30 - يترتب على تقدير الإجازة والحلف جميع الآثار المرتبة على
الزوجية من المهر وحرمة الام والبنت (1) وحرمتها ان كانت هي الباقية على الأب
والابن ونحو ذلك، بل الظاهر ترتب هذه الآثار بمجرد الإجازة من غير حاجة إلى
الحلف (2) فلو أجاز ولم يحلف مع كونه متهما لا يرث ولكن يرتب سائر الأحكام.
مسألة 31 - الأقوى جريان الحكم المذكور في المجنونين بل الظاهر التعدي
إلى سائر الصور كما إذا كان أحد الطرفين الولي والطرف الآخر الفضولي أو كان أحد
الطرفين المجنون والطرف الآخر الصغير أو كانا بالغين كاملين أو أحدهما بالغا
والآخر صغيرا أو مجنونا أو نحو ذلك ففي جميع الصور إذا مات من لزم العقد

(1) هذه الكلمة زايدة.
(2) يتم ذلك في غير المهر، واما المهر فحكمه حكم الميراث.
520

بالنسبة اليه لعدم الحاجة إلى الإجازة أو لاجازته بعد بلوغه أو رشده وبقى الآخر فإنه
يعزل حصة الباقي من الميراث إلى أن يرد أو يجيز بل الظاهر عدم الحاجة إلى الحلف
في الثبوت الميراث في غير الصغيرين من سائر الصور لاختصاص الموجب له من الأخبار
بالصغيرين ولكن الأحوط الاحلاف في الجميع (1) بالنسبة إلى الإرث بل بالنسبة
إلى سائر الأحكام أيضا.
مسألة 32 - إذا كان العقد لازما على أحد الطرفين من حيث كونه أصيلا أو
مجيزا والطرف الآخر فضوليا ولم يتحقق إجازة ولا رد فهل يثبت على الطرف اللازم
تحريم المصاهرات فلو كان زوجا يحرم عليه نكاح أم المرأة وبنتها وأختها والخامسة
وإذا كانت زوجة يحرم عليها التزويج بغيره؟ وبعبارة أخرى هل يجرى عليه آثار
الزوجية وان لم تجر على الطرف الآخر أولا؟ قولان أقواهما الثاني الا مع فرض العلم (2)
بحصول الإجازة بعد ذلك الكاشفة عن تحققها من حين العقد نعم الأحوط الأول
لكونه في معرض ذلك بمجئ الإجازة نعم إذا تزوج الأم أو البنت مثلا ثم حصلت
الإجازة كشفت عن بطلان ذلك (3).
مسألة 33 - إذا رد المعقودا والمعقودة فضولا العقد ولم يجزه لا يترتب عليه شئ
من أحكام المصاهرة سواء أجاز الطرف الآخر أو كان أصيلا أم لا لعدم حصول الزوجية بهذا
العقد الغير المجاز وتبين كونه كأن لم يكن، وربما يستشكل في خصوص نكاح أم المعقود
عليها وهو في غير محله بعد ان لم يتحقق نكاح ومجرد العقد لا يوجب شيئا مع أنه
لا فرق بينه وبين نكاح البنت وكون الحرمة في الأول غير مشروطة بالدخول بخلاف
الثاني لا ينفع في الفرق.
مسألة 34 - إذا زوجت امرأة فضولا من رجل ولم تعلم بالعقد فتزوجت من

(1) لا يترك بالنسبة إلى الإرث واخذ المهر.
(2) الأقوى هو الثاني مطلقا.
(3) بل الأظهر بطلان الإجازة.
521

آخر ثم علمت بذلك العقد ليس لها ان تجيز لفوات محل الإجازة، وكذا إذا زوج رجل
فضولا بامرأة وقبل ان يطلع على ذلك تزوج أمها أو بنتها أو أختها ثم علم، ودعوى
ان الإجازة حيث إنها كاشفة إذا حصلت تكشف عن بطلان العقد الثاني كما ترى.
مسألة 35 - إذا زوجها أحد الوكيلين من رجل وزوجها الوكيل الآخر من
آخر فان علم السابق من العقدين فهو الصحيح وان علم الاقتران بطلا معا وان شك
في السبق والاقتران فكذلك لعدم العلم بتحقق عقد صحيح والأصل عدم تأثير واحد
منهما وان علم السبق واللحوق ولم يعلم السابق من اللاحق فان علم تاريخ أحدهما
حكم بصحته (1) دون الآخر وان جهل التاريخان ففي المسألة وجوه. أحدها - التوقيف
حتى يحصل العلم. الثاني - خيار الفسخ للزوجة. الثالث - أن الحاكم يفسخ. الرابع -
القرعة والأوفق بالقواعد هو الوجه الأخير (2) وكذا الكلام إذا زوجه أحد الوكيلين
برابعة والآخر بأخرى أو زوجه أحدهما بامرأة والآخر ببنتها أو أمها أو أختها، وكذا
الحال إذا زوجت نفسها من رجل وزوجها وكيلها من آخر أو تزوج بامرأة وزوجه
وكيله بأخرى لا يمكن الجمع بينهما، ولو ادعى أحد الرجلين المعقود لهما السبق
وقال الآخر لا أدرى من السابق وصدقت المرأة المدعى لسبق حكم بالزوجية بينهما
لتصادقهما عليها.
هذا آخر ما بر زمنه رضو الله تعالى عليه من النكاح

(1) الظاهر أن حكم المعلوم تاريخه حكم مجهوله.
(2) هذا وإن كان قويا الا ان الأحوط ان يطلقها أحد الزوجين ويزوجها الآخر،
وان أم ينشأ تزويجها طلقها أيضا، وكذا الحال في الفروع الآتية.
522

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الوصية
وهى اما مصدر وصي يصي بمعنى الوصل حيث إن الموصى يصل تصرفه بعد
الموت بتصرفه حال الحياة، واما اسم مصدر بمعنى العهد من وصى يوصى توصية أو
أوصى يوصى ايصاءا وهى اما تمليكية أو عهدية وبعبارة أخرى اما تمليك عين أو منفعة
أو تسليط على حق أو فك ملك أو عهد متعلق بالغير أو عهد متعلق بنفسه كالوصية بما
يتعلق بتجهيزه وتنقسم انقسام الأحكام الخمسة.
مسألة 1 - الوصية العهدية لا تحتاج إلى القبول، وكذا الوصية بالفك كالعتق
وأما التمليكية فالمشهور على أنه يعتبر فيها القبول جزءا وعليه تكون من العقود أو
شرطا على وجه الكشف أو النقل فيكون من الايقاعات ويحتمل قويا (1) عدم اعتبار
القبول فيها بل يكون الرد مانعا وعليه تكون من الايقاع الصريح، ودعوى أنه يستلزم
الملك القهري وهو باطل في غير مثل الإرث مدفوعة بأنه لا مانع منه عقلا ومقتضى
عمومات الوصية ذلك مع أن الملك القهري، موجود في مثل الوقف.
مسألة 2 - بناءا على اعتبار القبول في الوصية يصح ايقاعه بعد وفات الموصى

(1) الظاهر عدم كون القبول جزءا ولولا الاجماع لقلنا بعدم اعتباره أصلا وعدم
كون الرد مانعا، وعليه فهذا الاحتمال هو الصحيح لأنه المتيقن من معقده
523

بلا اشكال وقبل وفاته على الأقوى، ولا وجه لما عن جماعة من عدم صحته حال الحياة
لأنها تمليك بعد الموت فالقبول قبله كالقبول قبل الوصية فلا محل له ولأنه كاشف
أو ناقل وهما معا منتفيان حال الحياة إذ نمنع عدم المحل له إذ الانشاء المعلق على
الموت قد حصل فيمكن القبول المطابق له والكشف والنقل انما يكونان بعد تحقق
المعلق عليه فهما في القبول بعد الموت لا مطلقا.
مسألة 3 - تتضيق الواجبات الموسعة بظهور أمارات الموت مثل قضاء الصلوات
والصيام والنذور المطلقة والكفارات ونحوها فيجب المبادرة إلى اتيانها مع الامكان
ومع عدمه يجب الوصية بها سواء فاتت لعذر أولا لعذر لوجوب تفريغ الذمة بما أمكن
في حال الحياة، وان لم يجر فيها النيابة فبعد الموت تجرى فيها يجب التفريغ بها
بالايصاء وكذا يجب رد أعيان أموال الناس التي كانت عنده كالوديعة والعارية ومال
المضاربة ونحوها ومع عدم الامكان يجب الوصية بها، وكذا يجب أداء ديون الناس
الحالة ومع عدم الامكان أو مع كونها مؤجلة يجب الوصية بها الا إذا كانت معلومة
أو موثقة بالأسناد المعتبرة، وكذا إذا كان عليه زكاة أو خمس أو نحو ذلك فإنه يجب
عليه أداؤها أو الوصية بها، ولا فرق فيما ذكر بين ما لو كانت له بركة أولا إذا احتمل
وجود متبرع أو أداؤها من بيت المال.
مسألة 4 - رد الموصى له للوصية مبطل (1) لها إذا كان قبل حصول الملكية
وإذا كان بعد حصولها لا يكون مبطلا لها فعلى هذا إذا كان الرد منه بعد الموت وقبل
القبول أو بعد القبول الواقع حال حيات الموصى مع كون الرد أيضا كذلك يكون
مبطلا لها لعدم حصول الملكية بعد، وإذا كان بعد الموت وبعد القبول لا يكون مبطلا
سواء كان القبول بعد الموت أيضا أو قبله وسواء كان قبل القبض أو بعده بناءا على

(1) الرد في ساير العقود لا يكون مبطلا، وكذا في العقد الفضولي لولا الاجماع
التعبدي على خلافه، واما في الوصية فقبل القبول وبعد موت الموصى قد تقدم حاله، واما
فيها قبل موته فالمشهور انه لا يكون مبطلا، وهو الحق.
524

الأقوى من عدم اشتراط القبض في صحتها لعدم الدليل على اعتباره وذلك لحصول
الملكية حينئذ له فلا تزول بالرد ولا دليل على كون الوصية جائزة بعد تماميتها بالنسبة
إلى الموصى له كما انها جائزة بالنسبة إلى الموصى حيث إنه يجوز له الرجوع في
وصيته كما سيأتي، وظاهر كلمات العلماء حيث حكموا ببطلانها بالرد عدم صحة
القبول بعده لأنه عندهم مبطل للايجاب الصادر من الموصى كما أن الأمر كذلك في
سائر العقود حيث إن الرد بعد الايجاب يبطله وان رجع وقبل بلا تأخير، وكما في إجازة
الفضولي حيث إنها لا تصح بعد الرد لكن لا يخلو عن اشكال إذا كان الموصى باقيا
على ايجابه بل في سائر العقود أيضا مشكل ان لم يكن اجماع خصوصا في الفضولي
حيث إن مقتضى بعض الأخبار صحتها ولو بعد الرد، ودعوى عدم صدق المعاهدة
عرفا إذا كان القبول بعد الرد ممنوعة، ثم إنهم ذكروا أنه لو كان القبول بعد الرد
الواقع حال الحياة صح وهو أيضا مشكل على ما ذكروه من كونه مبطلا للايجاب
إذ لا فرق حينئذ بين ما كان في حال الحياة أو بعد الموت الا إذا قلنا إن الرد والقبول
لا أثر لهما حال الحياة وان محلهما انما هو بعد الموت وهو محل منع.
مسألة 5 - لو أوصى له بشيئين بايجاب واحد فقبل الموصى له أحدهما دون
الآخر صح فيما قبل وبطل فيما رد، وكذا لو أوصى له بشئ فقبل بعضه مشاعا أو
أو مفروزا ورد بعضه الآخر وان لم نقل بصحة مثل ذلك في البيع ونحوه بدعوى عدم
التطابق حينئذ بين الايجاب والقبول لأن مقتضى القاعدة الصحة في البيع أيضا ان
لم يكن اجماع ودعوى عدم التطابق ممنوعة نعم لو علم من حال الموصى ارادته تمليك
المجموع من حيث المجموع لم يصح التبعيض (1).
مسألة 6 - لا يجوز للورثة التصرف في العين الموصى بها قبل ان يختار الموصى
له أحد الأمرين من القبول أو الرد وليس لهم اجباره على اختيار أحدهما معجلا الا

(1) بل صح فيه أيضا.
525

إذا كان تأخيره موجبا للضرر عليهم (1) فيجبره الحاكم حينئذ على اختيار أحدهما.
مسألة 7 - إذا مات الموصى له قبل القبول أو الرد فالمشهور قيام وارثه مقامه
في ذلك فله القبول إذا لم يرجع الموصى عن وصيته من غير فرق بين كون موته في
حياة الموصى أو بعد موته وبين علم الموصى بموته وعدمه، وقيل بالبطلان بموته
قبل القبول وقيل بالتفصيل بين ما إذا علم أن غرض الموصى خصوص الموصى له
فتبطل وبين غيره فلورثته والقول الأول وإن كان على خلاف القاعدة مطلقا بناءا على
اعتبار القبول في صحتها لأن المفروض ان الايجاب مختص بالموصى له وكون قبول
الوارث بمنزلة قبوله ممنوع، كما أن دعوى انتقال حق القبول إلى الوارث أيضا محل
منع صغرى وكبرى لمنع كونه حقا ومنع كون كل حق منتقلا إلى الوارث حتى
مثل ما نحن فيه من الحق الخاص به الذي لا يصدق كونه من تركته وعلى ما قوينا
من عدم اعتبار القبول فيها بل كون الرد مانعا أيضا يكون الحكم على خلاف
القاعدة في خصوص صورة موته قبل موت الموصى له لعدم ملكيته في حياة
الموصى، لكن الأقوى مع ذلك هو اطلاق الصحة كما هو المشهور وذلك لصحيحة
محمد بن قيس الصريحة في ذلك حتى في صورة موته في حياة الموصى المؤيدة
بخبر الساباطي وصحيح المثنى، ولا يعارضها صحيحتا محمد بن مسلم ومنصور بن
حازم بعد اعراض المشهور عنهما وامكان حملهما على محامل منها التقية لأن
المعروف بينهم عدم الصحة، نعم يمكن دعوى انصراف الصحيحة عما إذا علم كون
غرض الموصى خصوص شخص الموصى له على وجه التقييد، بل ربما يقال إن محل
الخلاف غير هذه الصورة لكن الانصراف ممنوع وعلى فرضه يختص الاشكال بما إذا
كان موته قبل موت الموصى والا فبناءا على عدم اعتبار القبول بموت الموصى صار
مالكا بعد فرض عدم رده فينتقل إلى ورثته.

(1) التأخير انما يوجب تفويت الانتفاع لو اخر الرد لا الضرر فلا وجه لاجبار
الحاكم.
526

بقي هنا أمور:
أحدها - هل الحكم يشمل ورثة الوارث كما إذا مات الموصى له قبل القبول
ومات وارثه أيضا قبل القبول فهل الوصية لوارث الوارث أو لا؟ وجوه الشمول (1)
وعدمه لكون الحكم على خلاف القاعدة والابتناء على كون مدرك الحكم انتقال حق
القبول فتشمل وكونه الأخبار فلا.
الثاني - إذا قبل بعض الورثة ورد بعضهم فهل تبطل أو تصح ويرث الراد
أيضا مقدار حصته أو تصح بمقدار حصة القابل فقط أو تصح وتمامه للقابل أو التفصيل
بين كون موته قبل موت الموصى فتبطل أو بعده فتصح بالنسبة إلى مقدار حصة القابل
وجوه (2).
الثالث - هل ينتقل الموصى به بقبول الوارث إلى الميت ثم اليه أو اليه ابتداءا
من الموصى وجهان (3) أوجههما الثاني وربما يبنى على كون القبول كاشفا لو ناقلا
فعلى الثاني الثاني وعلى الأول الأول وفيه انه على الثاني أيضا يمكن ان يقال بانتقاله
إلى الميت آنا ما ثم إلى وارثه بل على الأول يمكن ان يقال بكشف قبوله عن الانتقال
اليه من حين موت الموصى لأنه كأنه هو القابل فيكون منتقلا اليه من الأول.
الرابع - هل المدار على الوارث حين موت الموصى له إذا كان قبل موت
الموصى أو الوارث حين موت الموصى أو البناء على كون القبول من الوارث
موجبا للانتقال إلى الميت ثم اليه أو كونه موجبا للانتقال اليه أو لا من الموصى فعلى

(1) وهو الأقوى
(2) إذا مات الموصى قبل الموصى له تعين الوجه الثاني، وإن كان بعده فعلى القول
بان تملك الوارث يتوقف على عدم الرد، وإن كان لا يخلو عن اشكال، تعين الوجه الثالث
(3) هذا فيما إذا مات الموصى له قبل موت الموصى، والا فلا اشكال في انتقال
المال من الموصى له إلى الورثة.
527

الأول الأول وعلى الثاني الثاني وجوه (1).
الخامس - إذا أوصى له بأرض فمات قبل القبول فهل ترث زوجته منها أولا
وجهان مبنيان على الوجهين في المسألة المتقدمة فعلى الانتقال إلى الميت ثم إلى
الوارث لا ترث وعلى الانتقال اليه أو لا لا مانع من الانتقال إليها لأن المفروض أنها
لم تنتقل اليه إرثا من الزوج بل وصية من الموصى كما أنه يبنى على الوجهين اخراج
الديون والوصايا من الموصى به بعد قبول الوارث، وعدمه أما إذا كانت بما يكون
من الحياة ففي اختصاص الولد الأكبر به بناءا على الانتقال إلى الميت أولا فمشكل
لانصراف الأدلة عن مثل هذا.
السادس - إذا كان الموصى به ممن ينعتق على الموصى له فان قلنا بالانتقال
اليه أولا بعد قبول الوارث فان قلنا به كشفا وكان موته بعد موت الموصى (2) انعتق
عليه وشارك الوارث ممن في طبقته ويقدم عليهم مع تقدم طبقته فالوارث يقوم مقامه
في القبول ثم يسقط عن الوارثية لوجود من هو مقدم عليه وإن كان موته قبل موت
الموصى (3) أو قلنا بالنقل وأنه حين قبول الوارث ينتقل اليه آنا ما فينعتق لكن لا يرث
الا إذا كان انعتاقه قبل قسمة الورثة وذلك لأنه على هذا التقدير انعتق بعد سبق سائر
الورثة بالإرث، نعم لو انعتق قبل القسمة في صورة تعدد الورثة شاركهم وان قلنا
بالانتقال إلى الوارث من الموصى لا من الموصى له فلا ينعتق عليه لعدم ملكه بل يكون
للورثة الا إذا كان ممن ينعتق عليهم أو على بعضهم فحينئذ ينعتق ولكن لا يرث الا
إذا كان ذلك مع تعدد الورثة وقبل قسمتهم.
السابع - لافرق في قيام الوارث مقام الموصى له بين التمليكية والعهدية.
مسألة 8 - اشتراط القبول على القول به مختص بالتمليكية كما عرفت فلا يعتبر

(1) الأوجه الأول.
(2) في هذا الفرض ينعتق الموصى به من الأول بلا حاجة إلى القبول.
(3) في هذا الفرض بما انه ينتقل المال من الموصى إلى الموصى له لا وجه
للانعتاق أصلا.
528

في العهدية ويختص بما إذا كان لشخص معين أو اشخاص معينين، وأما إذا كان للنوع أو
للجهات كالوصية للفقراء والعلماء أو للمساجد فلا يعتبر قبولهم أو قبول الحاكم فيما للجهات
وان احتمل ذلك أو قيل، ودعوى ان الوصية لها ليست من التمليكية بل هي عهدية
والا فلا يصح تمليك النوع أو الجهات كما ترى وقد عرفت سابقا قوة عدم اعتبار
القبول مطلقا وانما يكون الرد مانعا وهو أيضا لا يجرى في مثل المذكورات فلا تبطل
برد بعض الفقراء مثلا بل إذا انحصر النوع في ذلك الوقت في شخص فرد لا تبطل.
مسألة 9 - الأقوى في تحقق الوصية كفاية كل ما دل عليها من الألفاظ، ولا يعتبر
فيه لفظ خاص بل يكفي كل فعل دال عليها حتى الإشارة والكتابة ولو في حال الاختيار
إذا كانت صريحة في الدلالة بل أو ظاهرة فان ظاهر الأفعال معتبر كظاهر الأقوال، فما
يظهر من جماعة اختصاص كفاية الإشارة والكتابة بحال الضرورة لا وجه له بل يكفي وجود
مكتوب منه بخطه ومهره إذا علم كونه انما كتبه بعنوان الوصية، ويمكن ان يستدل
عليه بقوله عليه السلام لا ينبغي لامرء مسلم ان يبيت ليلة الا ووصيته تحت رأسه بل يدل عليه
ما رواه الصدوق عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت اليه كتب رجل كتابا
بخطه ولم يقل لورثته هذه وصيتي ولم يقل انى أوصيت الا انه كتب كتابا فيه ما أراد
أن يوصى به هل يجب على ورثته القيان بما في الكتاب بخطه ولم يأمرهم بذلك؟
فكتب إن كان له ولد ينفذون كل شئ يجدون في كتاب أبيهم في وجه البر وغيره.
مسألة 10 - يشترط في الموصى أمور: الأول - البلوغ فلا تصح وصية غير
البالغ، نعم الأقوى وفاقا للمشهور صحة وصية البالغ عشرا إذا كان عاقلا في وجوه
المعروف للأرحام أو غيرهم لجملة من الأخبار المعتبرة خلافا لابن إدريس وتبعه
جماعة.
الثاني - العقل فلا تصح وصية المجنون، نعم تصح وصية الأدواري منه إذا
كانت في دور افاقته، وكذا لا تصح وصية السكران حال سكره ولا يعتبر استمرار العقل
فلو أوصى ثم جن لم تبطل كما أنه لو أغمي عليه أو سكر لا تبطل وصيته باعتبار العقل
529

انما هو حال انشاء الوصية.
الثالث - الاختيار. الرابع - الرشد (1) فلا تصح وصية السفيه وان كانت
بالمعروف سواء كانت قبل حجر الحاكم أو بعده، وأما المفلس فلا مانع من وصيته
وان كانت بعد حجر الحاكم لعدم الضرر بها على الغرماء لتقدم الدين على الوصية.
الخامس: الحرية فلا تصح وصية المملوك بناءا على عدم ملكه وان أجاز
مولاه بل وكذا بناءا على ما هو الأقوى من ملكه لعموم أدلة الحجر وقوله عليه السلام لا وصية
لمملوك بناءا على إرادة نفى وصيته لغيره لا نفى الوصية له نعم لو أجاز مولاه صح على
البناء المذكور ولو أوصى بما له ثم انعتق وكان المال باقيا في يده صحت على اشكال
نعم لو علقها على الحرية فالأقوى صحتها ولا يضر التعليق المفروض كما لا يضر إذا قال
هذا لزيد ان مت في سفري ولو أوصى بدفنه في مكان خاص لا يحتاج إلى صرف مال
فالأقوى الصحة وكذا ما كان من هذا القبيل.
السادس - أن لا يكون قاتل نفسه بأن أوصى بعد ما احدث في نفسه ما يوجب
هلاكه مع جرح أو شرب سم أو نحو ذلك فإنه لا تصح وصيته على المشهور المدعى عليه
الاجماع للنص الصحيح الصريح خلافا لابن إدريس وتبعه بعض والقدر المنصرف اليه
الاطلاق الوصية بالمال، وأما الوصية بما يتعلق بالتجهيز ونحوه مما لاتعلق له
بالمال فالظاهر صحتها، كما أن الحكم مختص بما كان فعل ذلك عمدا لا سهوا
أو خطئا وبرجاء أن يموت لا لغرض آخر وعلى وجه العصيان لا مثل الجهاد في سبيل
الله وبما لو مات من ذلك وأما إذا عوفي ثم أوصى صحت وصيته بلا اشكال وهل
تصح وصيته قبل المعافاة اشكال (2) ولا يلحق التنجيز بالوصية هذا، ولو أوصى قبل أن
يحدث في نفسه ذلك ثم احدث صحت وصيته وإن كان حين الوصية بانيا على أن يحدث

(1) لم أقف على نص أو غيره يدل على اعتباره، الا اطلاق ما دل على المنع من تصرفه
في ماله فيختص المنع على فرضه بالوصية المتعلقة بماله.
(2) الأقوى الصحة.
530

ذلك بعدها للصحيح المتقدم مضافا إلى العمومات.
مسألة 11 - يصح لكل من الأب والجد الوصية بالولاية على الأطفال مع فقد
الآخر ولا تصح مع وجوده، كما لا يصح ذلك لغيرهما حتى الحاكم الشرعي فإنه بعد
فقدهما له الولاية عليهم ما دام حيا ولمس له ان يوصى بها لغيره بعد موته فيرجع
الأمر بعد موته إلى الحاكم الآخر فحاله حال كل من الأب والجد مع وجود الآخر
ولا ولاية في ذلك للام خلافا لابن الجنيد حيث جعل لها بعد الأب إذا كانت رشيدة
وعلى ما ذكرنا، فلو أوصى للأطفال واحد من أرحامهم أو غيرهم بمال وجعل امره
إلى غير الأب والجد وغير الحاكم لم يصح بل يكون للأب والجد مع وجود أحدهما
وللحاكم مع فقدهما، نعم لو أوصى لهم على أن يبقى بيد الوصي ثم يملكه لهم بعد
بلوغهم أو على أن يصرفه عليهم من غير أن يملكهم يمكن ان يقال بصحته وعدم رجوع
أمره إلى الأب والجد أو الحاكم.
فصل في الموصى به
تصح الوصية بكل ما يكون فيه غرض عقلائي محلل من عين أو منفعة أو حق قابل
للنقل، ولا فرق في العين بين أن تكون موجودة فعلا أو قوة فتصح بما تحمله الجارية
أو الدابة أو الشجرة وتصح بالعبد الآبق منفردا ولو لم يصح بيعه الا بالضميمة، ولا تصح
بالمحرمات كالخمر والخنزير ونحوهما ولا بآلات اللهو ولا بما لا نفع فيه ولا غرض
عقلائي كالحشرات وكلب الهراش، وأما كلب الصيد فلا مانع منه، وكذا كلب الحايط
والماشية والزرع وان قلنا بعدم مملوكية ما عدى كلب الصيد إذ يكفي وجود الفائدة
فيها، ولا تصح بما لا يقبل النقل من الحقوق كحق القذف ونحوه، وتصح بالخمر المتخذ
للتخليل ولا فرق في عدم صحة الوصية بالخمر والخنزير بين كون الموصى والموصى له
مسلمين أو كافرين أو مختلفين لأن الكفار أيضا مكلفون بالفروع نعم هم يقرون على
مذهبهم وان لم يكن عملهم صحيحا، ولا تصح الوصية بمال الغير ولو أجاز ذلك الغير
531

إذا أوصى لنفسه (1) نعم لو أوصى فضولا عن الغير احتمل صحته إذا أجاز.
مسألة 1 - يشترط في نفوذ الوصية كونها بمقدار الثلث أو بأقل منه فلو كانت
بأزيد بطلت في الزائد الا مع إجازة الورثة بلا اشكال، وما عن علي بن بابويه من
نفوذها مطلقا على تقدير ثبوت النسبة شاذ، ولا فرق بين ان يكون بحصة مشاعة من التركة
أو بعين معينة ولو كانت زائدة وأجازها بعض الورثة دون بعض نفذت في حصة
المجيز فقط ولا يضر التبعيض كما في سائر العقور، فلو خلف ابنا وبنتا وأوصى بنصف
تركته فأجاز الابن دون البنت كان للموصى له ثلاثة الا ثلث من ستة ولو انعكس كان
له اثنان وثلث من ستة.
مسألة 2 - لا يشترط في نفوذها قصد الموصى كونها من الثلث الذي جعله
الشارع له فلو أوصى بعين غير ملتفت إلى ثلثه وكانت بقدره أو أقل صحت ولو قصد
كونها من الأصل أو من ثلثي الورثة وبقاء ثلثه سليما مع وصيته بالثلث سابقا أو
لاحقا بطلت مع عدم إجازة الورثة بل وكذا ان اتفق انه أم يوص بالثلث أصلا لأن
الوصية المفروضة مخالف للشرع وان لم تكن حينئذ زائدة على الثلث (2) نعم لو
كانت في واجب نفذت لأنه يخرج من الأصل (3) الا مع تصريحه باخراجه من
الثلث.
مسألة 3 - إذا أوصى بالأزيد أو بتمام تركته ولم يعلم كونها في واجب حتى
تنفذ أولا حتى يتوقف الزائد على إجازة الورثة، فهل الأصل النفوذ الا إذا ثبت عدم
كونها بالواجب أو عدمه الا إذا ثبت كونها بالواجب وجهان ربما يقال بالأول ويحمل
عليه ما دل من الأخبار على أنه إذا أوصى بماله كله فهو جائز وأنه أحق بماله ما دام فيه

(1) الأظهر الصحة في الموردين.
(2) بعد عدم كونها زائدة على الثلث كيف يدعى انها مخالفة للشرع وباطلة، بل
الأظهر الصحة في قدر ما يسعه الثلث على اي تقدير.
(3) تقدم حكمه.
532

الروح لكن الأظهر الثاني لأن مقتضى ما دل على عدم صحتها إذا كانت أزيد من ذلك
والخارج منه كونها بالواجب وهو غير معلوم، نعم إذا أقر بكون ما أوصى به من
الواجب عليه يخرج من الأصل، بل وكذا إذا قال أعطوا مقدار كذا خمسا أو زكاة أو
نذرا أو نحو ذلك وشك في أنها واجبة عليه أو من باب الاحتياط المستحبي فإنها
أيضا تخرج من الأصل لأن الظاهر من الخمس والزكاة الواجب منهما والظاهر من
كلامه اشتغال ذمته بهما.
مسألة 4 - إذا أجاز الوارث بعد وفات الموصى فلا اشكال في نفوذها ولا يجوز
له الرجوع في اجازته، وأما إذا أجاز في حياة الموصى ففي نفوذها وعدمه قولان
أقواهما الأول كما هو المشهور للأخبار المؤيدة باحتمال كونه ذا حق في الثلثين فيرجع
اجازته إلى اسقاط حقه، كما لا يبعد استفادته من الأخبار الدالة على أن ليس للميت من
ماله الا الثلث هذا والإجازة من الوارث تنفيذ لعمل الموصى وليست ابتداء عطية من
الوارث فلا ينتقل الزائد إلى الموصى له من الوارث بأن ينتقل اليه بموت الموصى
أولا ثم ينتقل إلى الموصى له بل ولا بتقدير ملكه بل ينتقل اليه من الموصى من الأول
مسألة 5 - ذكر بعضهم انه لو أوصى بنصف ماله مثلا فأجاز الورثة ثم قالوا ظننا
انه قليل قضى عليهم بما ظنوه وعليهم الحلف على الزائد، فلو قالوا ظننا أنه ألف درهم وبان
انه ألف دينار قضى عليهم بصحة الإجازة في خمسمأة درهم وأحلفوا على نفى ظن الزائد
فللموصى له نصف ألف درهم من التركة وثلث البقية وذلك لأصالة عدم تعلق
الإجازة بالزائد وأصالة عدم علمهم بالزائد، بخلاف ما إذا أوصى بعين معينة كدار أو
عبد فأجازوا ثم ادعوا انهم ظنوا ان ذلك أزيد من الثلث بقليل فبان انه أزيد بكثير
فإنه لا يسمع منهم ذلك لأن اجازتهم تعلقت بمعلوم وهو الدار أو العبد ومنهم من سوى
بين المسئلتين في القبول ومنهم من سوى بينهما في عدم القبول وهذا هو الأقوى
أخذا بظاهر كلامهم في الإجازة كما في سائر المقامات كما إذا أقر بشئ ثم ادعى أنه
ظن كذا أو وهب أو صالح أو نحو ذلك ثم ادعى انه ظن كذا فإنه لا يسمع منه بل
533

الأقوى عدم السماع حتى مع العلم بصدقهم في دعواهم الا إذا علم كون اجازتهم
مقيدة بكونه بمقدار كذا فيرجع إلى عدم الإجازة ومعه يشكل السماع فيما ظنوه
أيضا.
مسألة 6 - المدار في اعتبار الثلث على حال وفات الموصى لا حال الوصية بل
على حال حصول قبض الوارث للتركة ان لم تكن بيدهم حال الوفاة فلو أوصى بحصة
مشاعة كالربع أو الثلث وكان ماله بمقدار ثم نقص كان النقص مشتركا بين الوارث
والموصى ولو زاد كانت الزيادة لهما مطلقا وان كانت كثيرة جدا، وقد يقيد بما إذا لم تكن
كقيرة إذ لا يعلم ارادته هذه الزيادة المتجددة والأصل عدم تعلق الوصية بها ولكن
لا وجه له للزوم العمل باطلاق الوصية، نعم لو كان هناك قرينة قطعية على عدم ارادته الزيادة
المتجددة صح ما ذكر لكن عليه لا فرق بين كثرة الزيادة وقلتها، ولو أوصى بعين معينة
كانت بقدر الثلث أو أقل ثم حصل نقص في المال أو زيادة في قيمة تلك العين بحيث
صارت أزيد من الثلث حال الوفاة بطلت بالنسبة إلى الزائد مع عدم إجازة الوارث
وان كانت أزيد من الثلث كال الوصية ثم زادت التركة أو نقصت قيمة تلك العين
فصارت بقدر الثلث أو أقل صحت الوصية فيها، وكذا الحال إذا أوصى بمقدار معين
كلى كمائة دينار مثلا.
مسألة 7 - ربما يحتمل فيما لو أوصى بعين معينة أو بكلي كمائة دينار مثلا أنه
إذا اتلف من التركة بعد موت الموصى يرد النقص عليهما أيضا بالنسبة كما في
الحصة المشاعة وإن كان الثلث وافيا وذلك بدعوى ان الوصية بهما ترجع إلى الوصية
بمقدار ما يساوى قيمتهما فيرجع إلى الوصية بحصة مشاعة والأقوى عدم ورود النقص
عليهما ما دام الثلث وافيا ورجوعهما إلى الحصة المشاعة في الثلث أو في التركة
لاوجه له خصوصا في الوصية بالعين المعينة.
مسألة 8 - إذا حصل للموصى مال بعد الموت كما إذا نصب شبكة فوقع فيها
صيد بعد موته يخرج منه الوصية كما يخرج منه الديون فلو كان أوصى بالثلث أو
534

الربع اخذ ثلث ذلك المال أيضا مثلا وإذا أوصى بعين وكانت أزيد من الثلث حين
الموت وخرجت منه بضم ذلك المال نفذت فيها وكذا إذا أوصى بكلي كمائة دينار
مثلا بل لو أوصى ثم قتل حسبت ديته من جملة تركته فيخرج منها الثلث كما يخرج
منها ديونه إذا كان القتل خطئا بل وإن كان عمدا وصالحوا على الدية للنصوص
الخاصة مضافا إلى الاعتبار وهو كونه أحق بعوض نفسه من غيره وكذا إذا اخذ دية
جرحه خطئا بل أو عمدا.
تم كتاب الوصية
535