الكتاب: توضيح المسائل
المؤلف: الشيخ محمد تقي بهجت
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة: الثانية
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر:
ردمك: ٩٦٤-٦٠٣٥٩-٣-١
ملاحظات: توزيع : انتشارات شفق - قم

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
توضيح المسائل
العبد
محمد تقي بهجت
1

رسالة
" توضيح المسائل "
لمساحة الشيخ آية الله العظمى بهجت (مد ظله العالي)
الطبعة الثانية
(الطبعة الأولى في بيروت)
الكمية المطبوعة: 5000 نسخة
التوزيع
قم - انتشارات شفق تلفون 741028 - فاكس 744836
شابك 1 - 3 - 90359 - 946
2

ملاحظات
ألف: الموارد التي استعملت فيها مثل عبارات " يجب "، " يلزم "،
" على الأظهر "، " على الأقوى "، " لا يبعد " و " لا يخلو من وجه " هي
جميعا بمنزلة الفتوى الصريحة والعمل بها واجب.
ب: الموارد التي استعملت فيها عبارة " على الأحوط " أو "
بناءا على الاحتياط " ونحو ذلك، إن كانت هذه العبارة مسبوقة أو
ملحوقة بالفتوى فالاحتياط فيها مستحب، وإلا فهو واجب.
ج: في موارد الاحتياط الوجوبي يتخير المكلف بين العمل
بالاحتياط وبين الرجوع إلى مجتهد آخر جامع لشرائط التقليد مع مراعاة
الأعلم فالأعلم، لكن هذا فيما لو كان للمجتهد الآخر فتوى في المسألة، وأما
لو كان هو أيضا محتاطا فإنه يجوز الرجوع إلى غيره مع مراعاة ما تقدم.
د: عبارة " محل تأمل " أو " محل إشكال " تفيد فائدة الاحتياط
الوجوبي، وعلى هذا فلو كان جواز شئ محل تأمل أو إشكال فالاحتياط
الواجب في ترك ذلك الشئ.
3

بسمه تعالى
لا بأس بالعمل بهذه الرسالة العملية المسماة
بتوضيح المسائل مع ما فيه مما أدى إليه
نظري القاصر حسب شهادة بعض الأفاضل
فهو مبرئ للذمة إن شاء الله تعالى.
الأحقر محمد تقي البهجت
5

أحكام التقليد
من المعلوم لكل أحد أن دين الإسلام الحنيف يشتمل على عقيدة وشريعة.
أما مسائل العقيدة فلا يجوز التقليد فيها، وأما الشريعة فهي تتضمن أحكاما و
تشريعات مختلفة وفي مجالات متنوعة. وبعض هذه الأحكام يعرفه المكلف
بالضرورة، لوضوحه وبداهته في دين الإسلام، كوجوب الصلاة وصيام شهر
رمضان، أو يتيقن به وإن لم يكن ضروريا، فلا يحتاج إلى التقليد في مثله. وبعضها
الآخر - وهو غالبية الأحكام - لا يعرف بالضرورة، ولا يحصل العلم به للعامي، بل
يحتاج المكلف إلى مقدمات لمعرفته وتحصيله. وعندئذ فقد يصل المكلف إلى مرتبة
من العلم يتمكن معها من استنباط هذه الأحكام جميعها أو بعضها بنفسه - وهو
المجتهد - فيلزمه حينئذ العمل بما يمليه عليه اجتهاده من العمل بما يستنبط أو
الاحتياط، ولا يجوز له تقليد الغير. أما من لم يكن أهلا للاستنباط، ولم يحصل له
العلم بالأحكام، فيتعين عليه بحكم العقل اتباع إحدى طريقتين.
الأولى: التقليد، وهو العمل وفق فتاوى المجتهد الجامع للشرائط.
الثانية: الاحتياط، وهو العمل على نحو يقطع معه بمطابقة الواقع، أو يوافق
به فتاوى جميع المجتهدين أو قسم منهم.
7

(1) - الاحتياط قد يقتضي أحيانا الفعل كما لو شك في وجوب فعل أو
جوازه. وقد يقتضي الترك كما لو دار الأمر بين حرمة شئ وإباحته. وقد يقتضي
التكرار كما لو تردد الواجب بين أحد فعلين.
(2) - يجوز الاحتياط حتى لو كان مستلزما للتكرار.
شروط مرجع التقليد
(3) - يجوز تقليد من اجتمعت فيه الشروط التالية:
1 - الإجتهاد 2 - الذكورة 3 - البلوغ 4 - العقل 5 - الإيمان بأن
يكون شيعيا اثني عشريا 6 - العدالة 7 - الحياة على تفصيل يأتي بيانه
8 و 9 - الحرية وطهارة المولد على الأحوط فيهما.
(4) - يجب على الأظهر تقليد الأعلم بين المجتهدين الجامعين للشرائط حتى
لو كان غيره أورع منه وأعدل.
(5) - المراد بالأعلمية من بقية المجتهدين أن يكون المرجع المقلد أقدر منهم
في استنباط الأحكام.
(6) - يجب الفحص عن الأعلم على الأحوط، ويتخير المكلف زمن
الفحص في تقليد من يشاء ممن يدور احتمال الأعلمية بينهم.
(7) - يسقط اشتراط الأعلمية فلا يجب تقليد الأعلم فيما لو تعسر على
المكلف تقليده بمعنى الحصول على فتاواه ولزمه من ذلك الحرج. فعندئذ يجوز له
الرجوع إلى الغير لكن بشرط مراعاة الأعلم فالأعلم.
(8) - إذا تعسر على المكلف معرفة الأعلم وتعيينه وجب عليه تقليد من
8

يظن بأعلميته إذا بلغ ظنه درجة الاطمئنان. أما إذا لم يحصل له اطمئنان بأعلمية
شخص معين فهنا صور:
الأولى: أن يظن أو يحتمل أعلمية شخص معين دون غيره، بنحو يعلم أنه إما
أعلم من الباقين أو مساو لهم فهنا يجب تقليد هذا المجتهد تعيينا.
الثانية: أن يظن أو يحتمل أعلمية شخص معين لكن يحتمل في نفس الوقت
وجود من هو أعلم منه إلا أن احتمال أعلمية هذا الشخص من غيره أرجح. وهنا
لا يبعد ترجيح العمل بقوله وإن كان الأفضل العمل بأحوط القولين.
الثالثة: أن يعلم بانحصار الأعلم ضمن شخصين أو عدة أشخاص ويتساوى
احتمالها في كل منهم من دون أن يتمكن من ترجيح أعلمية أحدهم بالخصوص ولو
احتمالا ففي هذه الصورة يتعين أن يعمل بأحوط القولين أو الأقوال إذا أمكن و
لم يلزم منه عسر، وإلا يتخير بينهم بعد الفحص واليأس عن تعيين الأعلم.
تساوي المجتهدين في العلم:
(9) - إذا لم يكن الأعلم منحصرا في شخص معين بل كان هناك عدة
أشخاص أعلم من سائر المجتهدين الجامعين للشرائط لكنهم متساوون فيما بينهم فهنا
عدة أحكام:
أ - يجب تقليد أحدهم مخيرا بينهم إذا كانوا متساوين في الورع والعدالة
أيضا. فإن كان أحدهم أورع من الباقين فتعين تقليده حينئذ لا يخلو من وجه.
ب - الأورعية إذن وإن لم تكن مرجحا لغير الأعلم على الأعلم لكنها مرجح
حين التساوي في العلم فإذا أحرزت أورعية أحد المتساويين فبها وإلا فالعبرة
بمظنونها أو محتملها كما تقدم في الأعلمية.
9

ج - يجوز التبعيض بينهم في التقليد في صورة جواز التخيير بينهم بأن يقلد
أحدهم في بعض المسائل وغيره في بعض آخر. لكن يشترط في المسائل التي يجوز
التبعيض فيها أن لا تكون مترابطة فيما بينها بأن يكون الحكم في إحديها مستلزما
لحكم معين آخر في الأخرى مماثل أو مخالف. ففي مثل هذه الصورة لا يجوز التبعيض
بتقليد مجتهد مختلف في كل من مثل هاتين المسألتين بل يجب أن يكون المرجع في
المسألتين المترابطتين واحدا.
د - يجوز العدول من المجتهد الحي إلى الحي المساوي له في العلم والورع في
غير المسائل التي لم يجز التبعيض فيها لاستلزام التفكيك بين المسائل المترابطة، وإن
كان الأحوط استحبابا الاقتصار في العدول على الواجب منه أي العدول إلى الأعلم
أو إلى الأورع بين المتساويين.
طرق ثبوت الاجتهاد والأعلمية:
(10) - يمكن معرفة اجتهاد المجتهد أو أعلميته بواسطة إحدى ثلاث طرق:
الأولى: أن يحصل للمكلف يقين بذلك كما لو كان من أهل الخبرة وتمكن من
تشخيص المجتهد أو الأعلم بنفسه.
الثانية: أن تشهد بذلك البينة - والمراد بها هنا عالمان عادلان من أهل
الخبرة - بشرط ألا تعارضها بينة أخرى.
الثالثة: أن يشهد جماعة من أهل العلم والخبرة باجتهاد شخص أو أعلميته
بشرط حصول الاطمئنان للمكلف من كلامهم. بل الأظهر جواز الاكتفاء بحصول
الاطمئنان للمكلف في ثبوت الاجتهاد أو الأعلمية من أي طريق عقلائي حصل.
10

حكم تقليد الميت:
(11) - يشترط الفقهاء حياة المجتهد في جواز تقليده ابتداءا فلا يجوزون
تقليد الميت كذلك لكنهم يختلفون في جواز البقاء على تقليده استدامة. فلو قلد
المكلف مجتهدا فمات فإن فتاوى الفقهاء مختلفة في جواز البقاء على تقليده وحدود
ذلك وقيوده. وعليه فإن كان المكلف مجتهدا في هذه المسألة فإنه يعمل فيها برأيه و
إلا وجب عليه الرجوع فيها إلى المجتهد الأعلم من بين الأحياء.
(12) - تارة يكون الميت أعلم من الحي وأخرى يكونان متساويين وثالثة
يكون الحي أعلم من الميت فهنا صور ثلاث:
الأولى: إذا كان الميت أعلم من الحي وجب البقاء على تقليده في خصوص
المسائل التي تعلمها المكلف وعمل بها دون سواها.
الثانية: إذا كانا متساويين يجوز على الأقوى البقاء على تقليد الميت في
المسائل المذكورة في الصورة الأولى دون سواها أيضا. كما يجوز الرجوع إلى الحي
فيها كذلك.
الثالثة: إذا كان الحي أعلم وجب العدول إليه وتقليده في جميع المسائل
بلا استثناء.
(13) - يجب الرجوع في الصور الثلاث المتقدمة جميعا إلى الحي في
غير المسائل التي تعلمها المكلف وعمل بها سواء كان قد تعلمها ليعمل بها لكنه
لم يعمل بها أم لم يكن قد تعلمها أصلا.
(14) - المسائل التي يشك المكلف أنه قد عمل بها أم لا، حكمها حكم
المسائل التي لم يعمل بها من لزوم الرجوع فيها إلى الحي.
11

(15) - لا فرق في جواز البقاء على تقليد الميت أو وجوبه - حيث يجوز أو
يجب - في المسائل التي تعلمها المكلف وعمل بها بين أن يكون قد تعلمها وعمل بها
في حياة الميت أو بعد وفاته بإجازة من مجتهد آخر.
(16) - إذا صار الحي فيما بعد أعلم من الميت وجب العدول إليه في جميع
المسائل بلا استثناء.
(17) - لا فرق بين كون الأعلمية محرزة أو محتملة في وجوب البقاء أو
العدول. فوجوب البقاء على تقليد الميت في قسم من المسائل إذا كان أعلم لا يفرق
فيه بين احرازنا أعلميته وكونها محتملة فيه على التعيين بنحو نعلم أنه إما أعلم من
الأحياء أو مساو لهم. كما أن وجوب العدول إلى الحي في تلك المسائل إذا كان أعلم
لا فرق فيه بين أن نحرز أعلميته من الميت أو نحتملها فيه بشكل متعين.
طرق تحصيل الفتوى ونقلها
(18) - للحصول على فتوى المجتهد أربع طرق:
1 - سماعها من المجتهد نفسه.
2 - سماعها من شخصين عادلين.
3 - سماعها من ثقة يطمأن بقوله بشرط حصول الاطمئنان للمكلف من كلامه
فعلا على الأحوط وجوبا.
4 - الاطلاع عليها من الرسالة العملية بشرط الاطمئنان بصحة نسبتها إلى
المجتهد على الأحوط وجوبا.
(19) - إذا شك المكلف في تبدل رأي المجتهد لم يجب عليه الفحص بل يجوز له
12

العمل بما في رسالة المجتهد حتى يتيقن بالتبدل. لكن لو علم فيما بعد أن رأي المجتهد
كان قد تبدل وجب عليه العمل بالوظيفة الفعلية بالنسبة لأعماله السابقة.
(20) - إذا نقل ناقل فتوى المجتهد لشخص آخر ثم تبدل رأي المجتهد فلا يجب
على الناقل إخبار من سمع منه الفتوى بذلك التبدل. نعم إذا نقل الفتوى خطأ وجب
عليه إصلاح ذلك عند اكتشافه خطأه وإخبار من سمع منه الفتوى باشتباهه إن
أمكن.
تعلم الأحكام
(21) - يجب تعلم المسائل التي يبتلى بها المكلف غالبا ويحتاج إلى معرفتها
ليتمكن من أداء تكليفه.
(22) - إذا عرضت للمكلف مسألة لا يعرف حكمها يجوز له الصبر إلى أن
يحصل على رأي المجتهد فيها أو العمل بالاحتياط إن أمكنه ذلك. فإن لم يكن
الاحتياط ممكنا يجوز له المبادرة إلى العمل - إن لم يلزم من ذلك محذور - ثم إذا تبين
فيما بعد مطابقته للواقع أو لفتوى المجتهد أجزأه وإذا تبين عدم مطابقته أعاده.
13

حكم العمل مدة من دون تقليد
(23) - إذا عمل المكلف مدة بلا تقليد فإنما يحكم بصحة أعماله العبادية إذا
اجتمع فيها شرطان:
الأول: أن يتبين مطابقتها للواقع أو لفتوى المرجع الذي كان يجب عليه
تقليده حين العمل أو لفتوى المرجع الذي يجب عليه تقليده حاليا حين الالتفات.
الثاني: أن تكون أعماله قد صدرت منه بقصد القربة.
أما الأعمال غير العبادية من عقود وإيقاعات وغيرها فحيث أنها لا يشترط
فيها نية القربة فيكفي في الحكم بصحتها تحقق الشرط الأول فيها وهو المطابقة.
تعابير الفتوى ومصطلحاتها
(24) - للمجتهد في رسالته العملية عادة أنحاء من التعبير عن رأيه:
1 - إذ تارة يفتي بشكل صريح بالوجوب أو الحرمة أو الجواز فيجب على
مقلده العمل بفتواه في هذه الحال ولا يجوز له الرجوع إلى غيره. وأمثال قوله
" الأقوى كذا " أو " الأظهر كذا " أو " لا يبعد كذا " أو " لا يخلو من وجه " كلها بمنزلة
الفتوى الصريحة. فيلزم العمل بها ولا يجوز الرجوع إلى الغير.
2 - وأحيانا لا يفتي وإنما يحتاط. والاحتياط على نحوين: وجوبي و
استحبابي.
أ - أما الاحتياط الوجوبي فهو الذي لا يكون ملحوقا ولا مسبوقا بفتوى على
14

خلافه أو الذي يصرح بكونه وجوبيا. وحكم هذا الاحتياط بالنسبة للمكلف أنه
يجب عليه إما العمل به أو الرجوع - على الأحوط وجوبا - إلى مجتهد آخر يتلو هذا
المجتهد في الأعلمية أي يكون أعلم من باقي المجتهدين أو مساويا لهم مع كونه
جامعا لسائر شرائط التقليد.
ويلحق بالاحتياط الوجوبي في الحكم تأمل المجتهد وتردده وإشكاله. فلو
قال المسألة محل تردد أو تأمل أو إشكال أو يجب على إشكال أو يجوز على إشكال
أو على تأمل ونحوه وجب على الأحوط إما العمل بالاحتياط أو الرجوع إلى الغير
مراعيا الأعلم فالأعلم.
ب - وأما الاحتياط الاستحبابي فهو الذي يصرح باستحبابه أو ما يفيد ذلك
كقوله الأفضل أو الأولى والأحوط كذا. أو الذي يكون مسبوقا بفتوى على خلافه
أو ملحوقا بها كذلك كأن يقول المجتهد: " يطهر الإناء النجس بغسله بالماء مرة وإن
كان الأحوط غسله ثلاث مرات " وهنا لا يجوز للمقلد الرجوع إلى الغير بل عليه
إما العمل بفتوى المجتهد من الاكتفاء بالغسل مرة واحدة أو بالاحتياط الاستحبابي
من الغسل ثلاث مرات.
15

أحكام الطهارة
أقسام المياه وأحكامها
ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء إلى قسمين: مطلق ومضاف.
1 - الماء المطلق: هو ما يصح استعمال لفظ الماء فيه دون إضافة شئ آخر و
بلا عناية. وهو يشمل الماء الموجود في البحر والنهر والبئر وغيرها. حيث يصح
إطلاق الماء عليه دون إضافة، وإنما يسمى بماء البحر أو النهر مثلا لأجل التعيين.
2 - الماء المضاف: هو ما لا يصح استعمال لفظ الماء فيه من دون مضاف إليه.
وهو يشمل المعتصر من الأجسام كعصير الليمون والرمان. والممتزج بالأجسام
بنحو يخرج فيه عن الإطلاق كالماء المختلط بالطين إلى حد لم يعد يصدق عليه لفظ
الماء دون إضافة.
17

أحكام الماء المطلق
من حيث تأثره بالنجاسة
الماء المطلق إما لا مادة له أو له مادة.
القسم الأول: ما لا مادة له، إما قليل لا يبلغ مقداره الكر أو كثير يبلغ مقداره
الكر.
أحكام القليل:
(25) - الماء القليل - الذي لا مادة له وليس بماء المطر حال النزول أو اتصال
المطر به - ينفعل بملاقاة النجس فينجس جميعه بشرط ألا يكون متدافعا بقوة.
(26) - إذا كان الماء القليل متدافعا بقوة ولا قي نجاسة يتنجس منه موضع
الملاقاة وما بعده دون ما قبله. وبيان ذلك أن الماء القليل تارة يكون متدافعا
جاريا من أعلى إلى أسفل ويلاقي نجاسة فينجس منه هنا موضع الملاقاة والقسم
الأسفل دون الأعلى. وأخرى يكون متدافعا من أسفل إلى أعلى كماء الفوارة
فتختص النجاسة حينئذ بموضع الملاقاة والقسم الأعلى دون الأسفل. وثالثة يكون
متدافعا من أحد الجانبين إلى الآخر وهنا ينجس موضع الملاقاة والطرف الذي يليه
من اتجاه حركة الماء دون ما قبله.
تنبيه: في خصوص ما لو كانت حركة الماء من أعلى إلى أسفل يكفي مطلق
الجريان والحركة دون حاجة إلى التدافع في الحكم بعدم تنجس ما عدا موضع
18

الملاقاة.
(27) - ماء الغسالة - بالقليل - المنفصل عن جسم متنجس نتيجة غسله
لإزالة عين النجاسة منه نجس. والأحوط وجوبا الاجتناب أيضا عن الماء القليل
الذي يغسل به المتنجس لتطهيره إن وقعت الغسلة بعد زوال عين النجاسة منه. و
يستثنى من هذا الحكم ماء الاستنجاء من الغائط فإنه طاهر بخمسة شروط:
1 - ألا يتغير بأحد أوصاف النجاسة (اللون أو الطعم أو الرائحة).
2 - ألا تصيبه نجاسة من الخارج.
3 - ألا يكون قد خرج مع الغائط نجاسة أخرى كالدم والبول.
4 - ألا يوجد في الماء أجزاء متميزة من الغائط.
5 - ألا تتجاوز النجاسة (الغائط) الحد المعتاد إصابته من جوانب المخرج.
أحكام الكر:
(28) - الماء الكثير الذي يبلغ مقداره الكر لا ينفعل بملاقاة النجاسة فضلا
عن المتنجس إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة (اللون والطعم والرائحة) بأوصاف
النجاسة.
(29) - العبرة في تغير الماء الكثير هو التغير بأوصاف النجاسة دون غيرها
فلو تغير بأوصاف المتنجس لم ينجس إلا أن يصير مضافا فعندئذ ينجس بمجرد
الملاقاة للنجاسة.
(30) - لو تغير أحد أوصاف الماء البالغ كرا (أو غيره من أقسام المياه
مطلقا) بسبب المجاورة للنجاسة لا بسبب ملاقاتها فإنه لا ينجس فلو تغيرت رائحة
الماء بسبب وجود جيفة ميتة بالقرب منه لا يحكم بنجاسته.
19

(31) - مقدار الكر على الأقوى هو سبعة وعشرون شبرا مكعبا من ناحية
المساحة و 740 / 376 كيلو غرام من ناحية الوزن.
(32) - الماء المنفصل عن جسم متنجس أثناء غسله بماء متصل بالكر يكون
طاهرا بشرطين.
1 - أن لا يتغير أحد أوصافه الثلاثة بأوصاف النجاسة.
2 - ألا يكون فيه ذرات متميزة من عين النجاسة.
(33) - إذا أصابت عين نجاسة ماءا يبلغ أكثر من كر وغيرت أحد
الأوصاف الثلاثة لقسم منه فإذا كان المقدار الباقي الذي لم يصبه التغير أقل من كر
ينجس الماء بجميعه، أما إذا كان أكثر من كر فيبقى هذا القسم على طهارته وتختص
النجاسة بالمقدار الذي أصابه التغير فقط.
(34) - إذا تحول قسم من ماء يبلغ كرا إلى جليد ولم يكن القسم الباقي كرا
بمفرده ينجس مقدار الماء غير المتجمد بمجرد ملاقاته للنجاسة. كما ينجس أيضا ما
يذوب بالتدريج من المقدار المتجمد لملاقاته المتنجس حال كونه قليلا.
ثبوت الكرية
(35) - تثبت كرية الماء بأحد ثلاثة طرق:
1 - بأن يتيقن المكلف بذلك أو يطمئن به على الأظهر.
2 - بإخبار رجلين عدلين.
3 - بإخبار ذي اليد، وهو من كان الماء تحت يده وتصرفه. كإخبار صاحب
المنزل بكرية الماء الموجود في حوض منزله مثلا.
20

الشك في الكرية
(36) - إذا كان الماء يبلغ كرا ثم شككنا في بقائه كذلك أو زوال الكرية فهو
محكوم بالكرية، فلا ينفعل بملاقاة النجاسة ما لم يتغير كما يطهر المتنجسات بنحو
تطهير الكر لها لكن ذلك بشرط أن يكون التفاوت بين مقداره السابق والحالي
قليلا.
أما إذا كان الماء في السابق قليلا لا يبلغ الكر وشككنا في بلوغه الكرية
فلا يحكم بكونه كرا.
القسم الثاني: وهو ما له مادة لا ينجس بملاقاة النجاسة إلا إذا تغير على
النهج السابق في الكر.
(37) - لا فرق في حكم الماء الذي له مادة بين أن يكون من الجاري مثل ماء
الأنهار والسواقي أو من الآبار الجوفية أو ماء العيون والينابيع أو المتصل بخزان
مياه أو حوض يمده.
الماء الجاري:
(38) - يعتبر في عدم انفعال الماء الجاري إذا كان قليلا اتصاله بالمادة فلو
كانت المادة تترشح وتتقاطر عليه من دون اتصال ينجس بملاقاة النجاسة ما لم يكن
متدافعا كما مر في حكم الماء القليل.
(39) - الراكد المتصل بالجاري كالجاري في عدم انفعاله بملاقاة النجاسة و
المتنجس ما لم يتغير.
(40) - الماء المنفصل من جسم متنجس بعد تطهيره بالماء المعتصم (الكر و
ذي المادة) طاهر ومطهر.
21

(41) - إذا تغير بعض الجاري دون بعضه الآخر فالطرف المتصل بالمادة
لا ينجس بالملاقاة وإن كان قليلا. والطرف الآخر حكمه حكم الراكد إن تغير تمام
قطر ذلك البعض - كأن يعترض الماء المتغير المجرى فيفصل أول الماء عن آخره - فإذا
كان قليلا ينجس دون ما إذا بلغ الكر. أما إذا اختص التغير بجانب من المجرى
فيختص النجاسة بالمتغير فقط حتى لو كان الماء في الطرف الآخر قليلا ما دام الماء
القليل غير المتغير متصلا بالمادة بواسطة ماء غير متغير.
(42) - مياه الأحواض التي في الحمامات العامة وغيرها حكمها حكم
الجاري حتى لو كانت أقل من كر ما دامت متصلة بخزان المياه الذي يبلغ الكر.
(43) - مياه الأنابيب الصحية المستعملة هذه الأيام في المنازل وغيرها إذا
كانت متصلة بالمادة البالغة كرا فحكمها حكم الكر والجاري.
(44) - العيون التي تنبع في الشتاء فقط وينقطع النبع عنها صيفا وتتحول إلى
مجرد أحواض غير متصلة بالنبع يكون لها حكم ذي المادة حين تنبع فقط.
(45) - مياه الينابيع التي لا تكون جارية لكنها بنحو لو أخذ منها مقدار من
الماء فإنه ينبع من النبع ما يغطي النقص الحاصل من جراء ذلك فحكمها حكم
الجاري ذي المادة من ناحية الاعتصام فلا تنجس بمجرد الملاقاة ما لم يتغير أحد
أوصافها الثلاثة بأوصاف النجاسة.
ماء البئر:
(46) - تختص الآبار التي تنبع من الأرض من بين ذي المادة بأنها وإن
كانت معتصمة لا تنجس بمجرد الملاقاة إلا أنه يستحب نزح مقدار منها لوقوع نجاسة
فيها، ويختلف المقدار المستحب نزحه بحسب نوع النجاسة وتفصيل ذلك في محله
22

من الكتب المبسوطة.
ماء المطر:
(47) - ماء المطر بحكم ذي المادة لا ينجس بملاقاة النجاسة حال نزوله. و
الأحوط اعتبار كونه بمقدار يجري على الأرض الصلبة.
(48) - يطهر المتنجس بمجرد وصول المطر إليه حال نزوله بشرطين:
1 - أن تكون قد زالت منه عين النجاسة.
2 - أن لا يكون المطر النازل بضع قطرات. بل يجب على الأحوط أن يكون
المطر بنحو يصدق عرفا أن السماء تمطر وأن يصل مقداره إلى حد الجريان على
الأرض فعلا أو تقديرا.
(49) - لا يشترط في التطهير بماء المطر العصر والتعدد في الأمور التي تحتاج
إلى ذلك لو أريد تطهيرها بغير ماء المطر.
(50) - تطهر الأرض النجسة بهطول المطر عليها بشكل مباشر. كما تطهر
الأرض النجسة المسقوفة التي لا يصلها المطر بشكل مباشر إذا جرى الماء على
الأرض فوصل إليها أثناء اتصال المطر حين هطوله به. بشرط ألا يكون قد صار
مضافا أو متغيرا بأحد أوصاف النجاسة الثلاثة.
(51) - يطهر التراب المتنجس إذا تحول إلى طين بواسطة ماء المطر بشرط
وصول ماء المطر إلى جميع أجزائه. ويشترط على الأحوط وجوب ألا يكون الماء
قد صار مضافا أثناء اختلاطه بالتراب.
(52) - يجوز استعمال الماء القليل الذي يكون ماء المطر مستمرا في الهطول
عليه في تطهير المتنجسات ويطهر المتنجس المغسول فيه ما لم تتغير أحد أوصافه
23

الثلاثة بالنجاسة.
(53) - إذا نزل ماء المطر على مكان فيه عين نجاسة وترشح منه إلى مكان
آخر فإن المترشح يكون طاهرا بشرطين:
1 - أن لا يحمل معه أجزاء متميزة من النجاسة.
2 - أن لا تتغير أحد أوصافه الثلاثة (اللون والطعم والرائحة) بأوصاف
النجاسة.
(54) - إذا نزل ماء المطر على سطح فيه نجاسة فالماء المتصل به النازل من
الميزاب أو السطح طاهر وإن لاقى عين النجاسة - ما دام المطر مستمرا بالهطول -
بشرط ألا يكون قد تغير بأوصاف النجاسة أو صار مضافا. أما إذا انقطع المطر عنه
فإن علم أن الماء النازل قد لاقى النجاسة فهو نجس ما دام قليلا وإلا فإن لم يعلم ذلك
فهو طاهر.
(55) - إذا نزل المطر على بساط موضوع على أرض نجسة بنحو جري ماء
المطر على الأرض فلا ينجس البساط وتطهر الأرض أيضا بشرط ألا يتغير الماء
بالنجاسة ولا يصير مضافا.
24

أحكام الماء المضاف
(56) - لا يطهر الماء المضاف المتنجسات ولا يصح الوضوء به ولا الغسل
فهو لا يرفع حدثا ولا خبثا.
(57) - إذا كان الماء المضاف راكدا وأصابته ولو ذرة من النجاسة فإنه
ينجس بجميعه مهما كان مقداره كبيرا في الموارد المتعارفة المحتمل تأثره فيها
بالملاقاة.
(58) - إذا كان المضاف جاريا فتارة يكون متدافعا من أعلى إلى أسفل، و
أخرى يكون متدافعا من أسفل إلى أعلى كما في الفوارة، وثالثة يكون جاريا مع
تساوي سطح أوله وآخره.
أما في الصورة الأولى إذا لاقى نجاسة فإنما يحكم بنجاسة المقدار الذي لاقى
النجاسة وما بعده دون ما سواه. كما لو صب ماء الورد مثلا من إبريق على يد
متنجسة فإنما يتنجس ما أصاب اليد دون ما كان في الإبريق أو ما نزل منه قبل
وصوله إلى النجاسة.
وأما في الصورة الثانية فينجس موضع الملاقاة وما ارتفع عنه دون سواه كما
في الفوارة فإذا لاقى أعلاها نجاسة ينجس موضع الملاقاة وما بعده دون ما قبله.
وأما الثالثة فيحكم بنجاسة القسم الأخير الملاقي للنجاسة وما بعده، أما
نجاسة الطرف الأول فلا يخلو من تأمل فيما لو لم يصدق في حقه حصول الانفعال و
التأثر عرفا بسبب الملاقاة بل الحكم بعدم تنجسه في هذه الصورة لا يخلو من وجه.
(59) - إذا تنجس الماء المضاف وسائر المائعات فإنه لا يطهر أصلا حتى لو
25

اتصل بالماء المعتصم إلا إذا استهلك في المعتصم بنحو زالت عينه وانتفى الاسم عنه
عرفا، وعد مع المعتصم ماءا واحدا.
الشك في الإضافة:
(60) - الماء الذي يشك في إضافته وإطلاقه إن كانت حالته السابقة
الإطلاق ولم يعلم صيرورته مضافا ولم يمكن التحقق من وضعه بقليل من الفحص
حكمه حكم الماء المطلق، فيطهر المتنجسات ويصح الوضوء والغسل به.
والماء الذي كان مضافا في السابق ولم يعلم صيرورته مطلقا حكمه حكم
المضاف فلا يطهر المتنجسات كما لا يصح الوضوء والغسل به.
(61) - الماء الذي يشك في كونه مطلقا أو مضافا ولم يعلم له حالة سابقة وإنه
هل كان مطلقا أم مضافا لا يطهر المتنجسات ولا يصح الوضوء والغسل به. لكنه لو
كان بمقدار كر أو أكثر (أو كان له مادة) وأصابته نجاسة لا يحكم بنجاسته.
26

تطهير الماء المتنجس
(62) - يطهر الماء الكثير الذي تنجس نتيجة تغير أحد أوصافه بتحقق
أمرين:
1 - زوال التغير، سواء كان بواسطة الاختلاط بماء آخر أم بنفسه بلا اختلاط.
2 - الاتصال بماء معتصم بلا فرق بين الجاري والكر وماء المطر. ولا يشترط
امتزاجه به، ويكفي في طهارته زوال تغيره بنفس اتصاله بالمعتصم.
(63) - يطهر الماء القليل المتنجس نتيجة تغير أحد أوصافه بنفس ما يطهر به
الكثير المتغير.
أما إذا كان تنجسه نتيجة ملاقاة النجاسة دون تغير شئ من أوصافه فيكفي
اتصاله بالمعتصم في الحكم بطهارته.
(64) - الماء الذي كان طاهرا ثم شك في نجاسته محكوم بالطهارة وهو مطهر
أيضا.
والماء الذي كان نجسا وشك في كونه قد صار طاهرا محكوم بالنجاسة.
الأسئار
(65) - سؤر الكلب والخنزير والكافر نجس ويحرم تناوله، وسؤر
الحيوانات المحرمة اللحم طاهر لكنه يكره تناوله.
27

أحكام التخلي
(66) - يجب حال التخلي، بل في سائر الأحوال، ستر العورة - وهي
للرجال القبل والدبر والخصيتان - عن كل ناظر مميز حتى المجنون، عدا الزوج و
الزوجة وشبههما، كالمالك ومملوكته - ما لم تكن مزوجة أو محللة أو معتدة - والأمة
المحللة بالنسبة إلى المحلل له، إذ يجوز لكل من هؤلاء النظر إلى عورة الآخر.
(67) - يحرم على المتخلي استقبال القبلة واستدبارها بمقاديم البدن (وهي
الصدر والبطن) حال التخلي، إذا كانت العورة في نفس الاتجاه أيضا.
(68) - الأحوط وجوبا ترك استقبال القبلة واستدبارها بمقاديم البدن حال
التخلي، حتى لو كانت العورة مائلة عن ذلك الاتجاه. كما أن الأحوط وجوبا ترك
الاستقبال والاستدبار بالعورة وحدها.
(69) - لا بأس باستقبال القبلة أو استدبارها، لمن اضطر إلى ذلك حذرا من
أن يرى عورته من يجب سترها منه، وكذا لو كان الاضطرار إلى الاستقبال أو
الاستدبار لأجل سبب آخر.
(70) - الأحوط وجوبا عدم إجلاس الطفل غير البالغ مستقبلا القبلة أو
مستدبرها حين التخلي. لكن لو جلس الطفل من نفسه مستقبلا أو مستدبرا لم يجب
منعه.
(71) - لا إشكال في استقبال القبلة أو استدبارها أثناء الاستنجاء.
(72) - يجوز استقبال القبلة أو استدبارها حين الاستبراء بشرطين:
1 - أن لا يخرج بول من المخرج أثناء الاستبراء.
28

2 - أن لا يعلم بخروج رطوبة مشكوكة بالبول حين ذلك. فإذا انتفى أحد
الشرطين حرم الاستقبال والاستدبار حين الاستبراء.
(73) - يحرم التخلي في مواضع:
1 - المكان المملوك الذي لم يعلم إذن صاحبه ولو بالفحوى.
2 - في الأماكن الموقوفة على فئة خاصة من الناس، كبعض المدارس.
3 - على قبور المؤمنين وسائر المقامات الدينية المقدسة، إذا لزم من ذلك هتك
لها.
4 - في الأزقة المغلقة دون إذن سكانها.
كيفية الاستنجاء:
1 - من البول
(74) - لا يطهر موضع البول إلا بالغسل بالماء المطلق.
(75) - يكفي في تطهير موضع البول غسله مرة واحدة بعد إزالة عين
النجاسة بشرطين:
1 - أن يكون البول خارجا من الموضع الطبيعي.
2 - ألا تتعدى النجاسة عن الموضع المعتاد تنجسه. فلو انتفى أحد هذين
الشرطين، بأن كان المكلف يبول من غير الموضع الطبيعي، أو كان يبول من الموضع
الطبيعي، لكن تجاوز البول عن الحدود المعتاد تنجسها به، وجب على الأحوط
غسل مكان وصول البول مرتين بعد إزالة عين البول.
(76) - حكم المرأة والرجل واحد في مسألة تطهير موضع البول.
29

2 - من الغائط
(77) - يتخير المكلف في مخرج الغائط بين غسله بالماء حتى ينقى، وبين
مسحه بالأحجار أو الخرق أو نحوهما من الأجسام القالعة للنجاسة، وإن كان
الغسل بالماء أفضل ويستثنى ثلاث حالات يتعين فيها الغسل بالماء وهي:
1 - إذا خرجت مع الغائط نجاسة أخرى كالدم.
2 - أن يكون قد أصاب المخرج نجاسة خارجية.
3 - أن يتعدى الغائط عن المقدار المعتاد تلوثه من المخرج، ليصيب شيئا من
أطرافه التي لا يصيبها الغائط عادة.
(78) - يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر ولا تجب إزالة اللون و
الرائحة. ويجزئ في المسح إزالة العين، ولا تجب إزالة الأثر الذي لا يزول بالمسح
بالأحجار أو بالخرق عادة كالأجزاء الصغار ورطوبة المحل.
(79) - يكفي في غسل مخرج الغائط الغسل مرة واحدة، إذا زالت العين و
الأثر بذلك.
(80) - لا يشترط في المسح استعمال ثلاثة أحجار أو ثلاث خرق، بل المناط
حصول النظافة وزوال العين ولو كان المستعمل في ذلك حجرا واحدا.
(81) - يجب أن تكون الأحجار أو نحوها مما يستعمل في المسح طاهرة.
(82) - يحرم الاستنجاء بالأجسام المحترمة، كالأوراق المكتوب عليها شئ
من أسماء الله تعالى وصفاته الخاصة به، أو أحد الأنبياء (عليهم السلام)، ومن الممكن أن
يوجب ذلك الكفر في صورة العلم والعمد. لكن مع عدم العلم والعمد، أو مع عدم
كون الكتابة المذكورة مقروئة، فالأظهر حصول الطهارة بالمسح بها.
(83) - الأظهر حصول الطهارة بالمسح بالعظم والروث، وإن كان استعمالهما
30

في ذلك محرما.
(84) - الأظهر تحقق طهارة مخرج الغائط إذا كان الاستنجاء بالمسح، ولا مانع
من الصلاة معه وإن لم يغسل الموضع. ولا ينجس ملاقيه أيضا، ولا إشكال
في بقاء شئ من الأثر والزوجة في المحل إذا كان هذا المقدار مما لا يزول بالمسح
عادة.
(85) - إذا شك المكلف في أنه قد طهر المخرج أم لا، فالأحوط وجوبا
تطهيره، حتى لو كان من عادته تطهيره بعد البول أو التغوط فورا.
(86) - إذا شك المكلف بعد الصلاة أنه كان قد استنجى قبل الصلاة أم لا،
فصلاته صحيحة، لكن عليه التطهير للصلوات الآتية.
مستحبات التخلي ومكروهاته:
(87) - يستحب للمتخلي أمور:
1 - أن يجلس للتخلي في مكان بحيث لا يراه الناظر.
2 - تغطية الرأس.
3 - تقديم الرجل اليسرى عند الدخول واليمنى عند الخروج.
4 - أن يتكئ حال الجلوس، على رجله اليسرى.
ويكره للمتخلي أمور:
1 - الجلوس في الشوارع، والمشارع، ومساقط الثمار، ومواضع اللعن:
كأبواب الدور ونحوها من المواضع التي يكون المتخلي عرضة فيها للعن الناس.
2 - استقبال قرص الشمس أو القمر بفرجه، إلا إذا كانت عورته مغطاة
فلا كراهة حينئذ.
31

3 - استقبال الريح بالبول.
4 - البول في الأرض الصلبة، وفي ثقوب الحيوان، وفي الماء خصوصا الراكد.
5 - الأكل والشرب حال الجلوس للتخلي.
6 - الكلام لغير ضرورة بغير ذكر الله.
7 - إطالة المكث حين التخلي.
8 - غسل الموضع باليد اليمنى.
(88) - يكره مدافعة البول والغائط ويجب الامتناع عنه إذا لزم فيه ضرر
يبلغ درجة الإضرار المحرم.
(89) - يستحب التبول قبل الصلاة، وقبل النوم، وقبل الجماع، وبعد إنزال
المني.
الاستبراء:
الاستبراء عمل يستحب للرجال اتيانه بعد التبول.
كيفيته
كيفية الاستبراء من البول المطابقة للاحتياط هي أن يطهر مخرج الغائط إن
كان قد تنجس بعد الانتهاء من البول، ثم يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب
بالإصبع الوسطى من اليد اليسرى ثلاثا، ثم منه إلى رأس الحشفة بوضع السبابة
تحت الذكر والإبهام فوقه ثلاثا، ثم يعصرها ثلاثا.
(90) - فائدة الاستبراء هي الحكم بطهارة البلل المشتبه الذي يخرج من
الموضع بعده، ويدور أمره بين كونه بولا أو أحد الثلاثة - المذي والوذي والودي -،
32

أو خليطا منه ومنها.
توضيح: المذي هو رطوبة تخرج عادة بعد الملاعبة الجنسية، والوذي رطوبة
تخرج أحيانا بعد نزول المني، والودي رطوبة تخرج أحيانا بعد البول، والمذي و
الوذي والودي كلها طاهرة.
(91) - إذا شك المكلف في كونه قد استبرأ، وخرجت منه رطوبة مشكوكة
بنى على نجاستها، وإذا كان قد توضأ فوضوؤه باطل.
(92) - إذا علم أنه استبرأ، وشك في كونه قد أتى به على الوجه الصحيح، بنى
على الصحة.
(93) - يلحق بالاستبراء في الفائدة طول المدة على وجه يقطع بعدم بقاء
شئ في المجرى.
(94) - إذا استبرأ المكلف بعد البول، ثم رأى رطوبة مرددة بين البول
والمني، فإن كان قد توضأ فيجب عليه على الأحوط أن يجمع بين الغسل والوضوء،
أما إذا لم يكن قد توضأ فيكفيه الوضوء.
(95) - الاستبراء من البول للنساء، وإذا شاهدت المرأة رطوبة مشتبهة
مشكوكة الطهارة فهي طاهرة، ولا تبطل الوضوء ولا الغسل.
33

الأعيان النجسة
النجاسات عشرة
الأول والثاني: البول والغائط من كل حيوان له نفس سائلة محرم الأكل. و
المراد بما له نفس سائلة، أن يكون له عروق يشخب منها الدم إذا فريت.
(96) - الحيوان الذي لا نفس سائلة له صنفان: صنف له لحم، وصنف صغير
لا لحم له. والأحوط وجوبا الاجتناب عن فضلات الأول إن لم يلزم من ذلك عسر
وحرج.
أما الثاني أمثال البرغوث والذباب، ففضلاته طاهرة.
(97) - الحيوان المحلل الأكل كالبقر والغنم بوله وخرؤه طاهران.
(98) - فضلات الطيور المحرمة الأكل نجسة، وكذا فضلة الخفاش على
الأحوط وجوبا.
(99) - الحيوان الجلال - وهو الذي اعتاد الاغتذاء على عذرة الإنسان
محضا، وصار محرما بالعارض، وإن كان محلل الأكل بحسب الأصل - بوله وغائطه
نجسان ما لم يستبرأ.
35

(100) - بول وغائط الحيوان الموطوء من قبل الإنسان، وبول وغائط الشاة
التي نما لحمها على الارتضاع من لبن الخنزير، نجسان على الأحوط وجوبا.
(101) - الحيوان المشكوك حلية أكل لحمه وحرمته محكوم بطهارة بوله و
خرئه.
الثالث: المني من كل حيوان له نفس سائلة، وإن حل أكل لحمه.
الرابع: الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة، وإن كان محلل الأكل.
(102) - المراد بالميتة ما استند موته إلى أمر آخر غير التذكية على الوجه
الشرعي، فتشمل ميتة الحيوان الذي يموت حتف أنفه، كما تشمل الحيوان الذي
ذبح على غير الوجه الشرعي.
(103) - ميتة ما لا نفس سائلة له طاهرة كالوزغ والعقرب والسمك.
(104) - ما شك في كونه ذا نفس سائلة حتى بعد الرجوع إلى الإمارات
المعتبرة على الأحوط فميتته طاهرة.
(105) - أجزاء الميتة المبانة منها مثلها في الحكم وإن كانت صغيرة إذا كانت
مما تحله الحياة.
(106) - أجزاء الميتة إذا كانت لا تحلها الحياة طاهرة إذا كانت من ميتة طاهر
العين سواء كانت من حيوان محلل الأكل أو محرمه. وإذا كانت قد لاقت الميتة
برطوبة يغسل موضع الملاقاة. أما ميتة نجس العين فلا يستثنى منها شئ من أجزائها
بل كلها نجسة حتى ما لا تحله الحياة.
توضيح: المراد بما لا تحله الحياة هو الجزء الذي لا حياة فيه بالأصالة
كالصوف والشعر والوبر والعظم والقرن والمنقار والظفر والمخلب والريش و
الظلف والسن.
36

(107) - الجزء المقطوع من الحي بمنزلة الميتة، ويستثنى من ذلك الثالول و
البثور وما يعلو الشفة ونحوها، فهي طاهرة إذا حان وقت سقوطها وانسلاخها
حتى لو قام الإنسان بسلخها حينئذ والأحوط وجوبا الاجتناب عن الجلدة منها
التي لم يحن وقت انسلاخها وسقوطها.
(108) - الإنفحة من الحيوان حلال اللحم طاهرة، لكن يجب غسل ظاهرها
على الأحوط في غير المأخوذ من المذكى.
توضيح: الإنفحة هي ما يستحيل إليه اللبن الذي يرتضعه الجدي أو السخل
قبل أن يأكل والظرف الذي يجتمع فيه وهو الكرش.
(109) - فأرة المسك المبانة من الحي أو الميت طاهرة على الأظهر، إذا زالت
عنها الحياة قبل الانفصال، أو أخذت بعد استكمالها بحيث تخرج عن الجزئية، وإلا
كانت محكومة بالنجاسة. أما مسكها فلا إشكال في طهارته في جميع الصور، إلا إذا
احتمل انجماده بعد الحكم بنجاستها، فالأحوط عندئذ الاجتناب عنه وهذا في
غير المسك المأخوذ من سوق المسلمين، وإلا حكم بطهارته من دون التفات إلى
الاحتمال المذكور.
(110) - البيضة التي تخرج من دجاجة ميتة طاهرة، بشرط أن تكون قشرتها
الخارجية قد تصلبت على الأحوط وجوبا، لكن يجب تطهير ظاهرها.
(111) - أنواع العطور والزيوت والصابون والمراهم التي تستورد من
غير البلاد الإسلامية، إذا لم يعلم بنجاستها، فهي طاهرة.
(112) - اللحوم والجلود والشحوم التي تباع في أسواق المسلمين، أو تؤخذ
من يد المسلم، محكومة بالطهارة، لكن إذا علمنا بأن المسلم قد أخذها من كافر و
لم يفحص عن تذكية حيوانها على الوجه الشرعي، فإنه يحكم بنجاستها.
37

الخامس: الدم من الحيوان ذي النفس السائلة.
(113) - دم ما لا نفس سائلة له، كالسمك والبرغوث والقمل طاهر.
(114) - الدم المتخلف في الذبيحة المذبوحة على الوجه الشرعي بعد خروج
ما يعتاد خروجه منها بالذبح طاهر، إلا أن يلاقي نجاسة خارجية، كالسكين التي
يذبح بها.
(115) - الدم الذي قد يرجع إلى الذبيحة بواسطة التنفس، أو بسبب كون
رأس الذبيحة مرفوعا إلى الأعلى لا يعد من الدم المتخلف، بل هو نجس وينجس ما
يلاقيه أيضا.
(116) - الأحوط وجوبا الاجتناب عن الدم الذي يوجد في البيضة أحيانا.
لكن إذا كان الدم في البياض فصفار البيضة طاهر، وإذا كان في الصفار فبياضها
طاهر.
(117) - الدم الذي ينزل مع الحليب أحيانا أثناء الحلب نجس ومنجس
للحليب.
(118) - الدم الذي يخرج من بين الأسنان أحيانا، إن استهلك في ريق الفم
فهو طاهر.
(119) - الدم الذي يموت تحت الجلد أو الظفر نتيجة التعرض لضربة أو كدمة،
إذا كان بنحو لا يصدق عليه أنه دم، فهو طاهر. أما إذا صدق عليه اسم الدم فهو
نجس. وإذا فرض ظهور هذا الدم النجس، بسبب حدوث ثقب في الجلد أو الظفر
الذي فوقه، وجب إزالته لأجل الوضوء أو الغسل، إن لم يكن في ذلك مشقة، وإلا
غسلت أطراف ذلك الدم على نحو لا يصل الماء إليه بحيث يوجب ازدياد النجاسة،
ثم توضع عليه خرقة طاهرة، ويمسح عليها كما في وضوء الجبيرة وغسلها.
38

(120) - الدم المشكوك أنه من ذي النفس السائلة أم من غيره طاهر إذا نشأ
الشك من جهة عدم معرفة مصدره وإنه من شاة أم برغوث مثلا. أما إذا كان الشك
من جهة عدم العلم بحال الحيوان فإن كان هناك إمارة معتبرة يرجع إليها على
الأحوط وإلا حكم بطهارته.
(121) - القيح الذي يظهر في أطراف الجرح عند تماثله للشفاء طاهر
بشرطين:
الأول: أن لا يعلم اختلاطه بالدم، والثاني: أن لا يصدق عليه أنه دم أصفر.
لكن إن كنا نعلم أنه كان دما، وشككنا في كونه لا يزال كذلك أم تغير فهو نجس.
السادس والسابع: الكلب والخنزير البريان، بجميع أجزائهما وفضلاتهما و
رطوباتهما. أما الكلب والخنزير البحريان فطاهران
الثامن: الكافر، وهو من أنكر وجود الله تعالى، أو أشرك به، أو لم يؤمن
بنبوة خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). وكذا من أنكر أحد ضروريات الدين الإسلامي
كالصلاة والصوم مع علمه بكونه ضروريا، وإن كان هذا المنكر ممن يشهد
الشهادتين.
(122) - منكر الضروري إن كان إنكاره جهلا بكونه ضروريا، وكان جهله
عن تقصير، فالأحوط وجوبا الاجتناب عنه.
(123) - الكافر نجس بجميع بدنه، حتى الظفر والشعر وسائر رطوباته.
(124) - المشكوك في كونه مسلما أو كافرا محكوم بالطهارة، لكن لا تترتب
عليه أحكام الإسلام الأخرى، فلا يجوز تزويجه من مسلمة، كما لا يجوز دفنه في
مقابر المسلمين.
(125) - من يسب أحد الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، أو ينصب لهم العداء نجس.
39

(126) - طفل الكفار إذا كان أبواه كافرين، فهو محكوم بالنجاسة تبعا لهما، و
لو كان أحدهما مسلما، فالطفل تابع له في الطهارة.
التاسع: المسكر المائع بالأصالة، فهو نجس وشربه حرام مهما كان قليلا، و
حتى لو كان اسكاره خفيفا.
(127) - المسكر الجامد كالحشيشة، طاهر، حتى لو غلى وصار مائعا.
(128) - الكحول الصناعية المتخذة في أيامنا هذه للاستعمال في الدهانات التي
تطلى بها الأبواب والجدران وأمثالها، إذا لم يعلم أنها متخذة من المسكر المائع، فهي
محكومة بالطهارة.
(129) - العصير العنبي إذا غلى بالنار أو بغيرها، فالأقوى والأحوط نجاسته،
كما أن شربه حرام حينئذ.
(130) - إذا غلى كل من الزبيب والتمر والكشمش، أو عصيره بالنار و
بغيرها، فطهارته وجواز أكله محل اشكال.
العاشر: الفقاع: وهو الشراب المخصوص المتخذ من الشعير غالبا والمعروف
باسم " البيرة "، هو نجس ومحرم الشرب. وليس منه ماء الشعير الذي يصفه
الأطباء عادة، فهذا الأخير طاهر.
عرق الجنب من الحرام:
(131) - عرق الجنب من الحرام طاهر. لكن الأظهر والأحوط ترك الصلاة
بثوب أو بدن أصابه شئ منه ما لم يجف. فهو مانع من الصلاة حال نزوله أو كونه
رطبا فقط.
(132) - من جامع زوجته في وقت يحرم عليه فيه ذلك، كأيام شهر رمضان،
40

أو أثناء حيضها، فالأحوط وجوبا له الاجتناب عن عرقه في الصلاة ما لم يجف، أو
يتيمم - إذا كانت وظيفته التيمم للصلاة - أما إذا تيمم، فلا يجب على الأظهر
الاجتناب عن العرق الحاصل بعد التيمم، حتى لو لم يجف.
(133) - إذا تيمم الجنب من الحرام بدلا عن الغسل، من دون عذر مسوغ
لذلك، ثم أصابه عرق بعد التيمم فعليه على الأحوط وجوبا الاجتناب عن عرقه
هذا حال الصلاة ما لم يجف.
(134) - إذا كان جنبا بالحرام ثم جامع بالحلال فلا يجوز له أن يصلي بهذا
العرق وإذا أجنب بالحلال أولا ثم أجنب بالحرام فيجوز له أن يصلي بهذا العرق.
عرق الإبل الجلالة:
(135) - عرق الإبل الجلالة طاهر على الأظهر وإن كان الأحوط استحبابا
اجتنابه، أما غير الإبل من الحيوانات الجلالة فلا يجب اجتناب عرقها.
في كيفية سراية النجاسة
(136) - يشترط في سراية النجاسة من الجسم النجس إلى الجسم الطاهر
الملاقي له أن يكون في أحدهما رطوبة مسرية. أي تنتقل من أحدهما إلى الآخر
بمجرد الملاقاة.
(137) - إذا كان الجسمان يابسين، أو كانت النداوة الموجودة فيهما أو في
أحدهما بحيث لا تسري من أحدهما للآخر، لم يتنجس الطاهر بالملاقاة. ويستثنى
من ذلك مس بدن الميت الانساني قبل غسله، حيث إن الأحوط وجوبا غسل
41

العضو الذي مسه، حتى لو كان كلاهما جافين.
(138) - إذا شك المكلف بوجود رطوبة مسرية على أحد المتلاقيين - مع كون
أحدهما نجسا والآخر طاهرا - فلا يحكم بنجاسة الطاهر، بل يبقى على طهارته.
(139) - يشترط في سراية النجاسة في المائعات أمران:
الأول: أن لا يكون الماء متدافعا إلى النجاسة، وإلا اختصت النجاسة بموضع
الملاقاة وما بعده دون ما قبله من الأجزاء. فإن صب الماء من الإبريق على شئ
نجس، لا تسري النجاسة إلى العمود، فضلا عما في الإبريق. ولا فرق في التدافع بين
أن يكون من أعلى إلى أسفل، أو من أسفل إلى أعلى كما في الفوارة، فتختص
النجاسة بموضع الملاقاة وما بعدها في كلتا الصورتين.
الثاني: يشترط لسراية النجاسة في المائعات أيضا أن يكون المائع رقيقا، و
تسري فيه النجاسة من موضع إلى آخر. أما إن كان غليظا، أو رقيقا لكن لا تسري
النجاسة فيه، فتختص النجاسة عندئذ بموضع الملاقاة لا غير.
توضيح: المناط في الغلظ والرقة هو أن المائع الغليظ ما لو أخذ منه شئ بقي
مكانه خاليا حين الأخذ، وإن امتلأ بعد ذلك. أما الرقيق فيمتلئ مكانه بمجرد
الأخذ. ومثل السمن والعسل والدبس يكون في الصيف رقيقا، وفي الشتاء غليظا
غالبا.
(140) - الأجسام الجامدة إذا لاقت النجاسة مع الرطوبة المسرية تنجس
موضع الملاقاة، أما غيره من الأجزاء المجاورة فلا تسري إليه النجاسة، وإن كانت
الرطوبة المسرية مستوعبة لكامل الجسم.
(141) - الأرض والقماش إذا كانا رطبين ولاقاهما نجاسة، وأمثال البطيخ و
الخيار إذا لاقتها نجاسة، يتنجس منها موضع الملاقاة للنجاسة دون غيره.
42

(142) - بدن الانسان إذا كان عليه عرق ولاقى نجاسة، اختصت النجاسة
بالموضع الملاقي لا غير. إلا إذا جرى العرق المتنجس إلى مواضع أخرى، فإنه
ينجسها عندئذ.
(143) - إذا انتقل الذباب وشبهه من مكان نجس رطب إلى مكان طاهر
رطب أيضا، فإن علم بأنه كان يحمل نجاسة حين انتقاله يتنجس ذلك الموضع
الطاهر الذي انتقل إليه، وإن لم نعلم بذلك كان طاهرا.
(144) - الأخلاط التي تخرج من الأنف أو الفم، إذا اختلط معها شئ من
الدم كان موضع الدم منها خاصة نجسا، والباقي طاهر. وإذا لاقت شيئا من ظاهر
الأنف والفم تختص النجاسة بالموضع الذي علمت الملاقاة له دون غيره. فعند
الامتخاط أو البصاق إنما ينجس الموضع الذي يتيقن المكلف أنه أصابه ذلك الدم
أو المتنجس بالدم. وأما المشكوك وصول النجاسة إليه فطاهر.
(145) - إذا وضع إبريق ماء مثقوب أسفله على أرض نجسة، فإذا اجتمع الماء
تحته بنحو عد فيه مع الماء الموجود في الإبريق واحدا عرفا تنجس ماء الإبريق،
لكن إذا كان ماء الإبريق يجري من خلال الثقب إلى الخارج متدافعا، أو احتمل
عدم سراية نجاسة الخارج إلى الداخل، لا يحكم بنجاسة ماء الإبريق، حتى لو كان
مستوى سطح الماء في الإبريق وخارجه واحدا.
(146) - إذا علم المكلف بنجاسة أحد شيئين وطهارة الآخر بنحو الإجمال،
دون معرفة النجس أو الطاهر منهما تفصيلا، لا يحكم بنجاسة الملاقي لأحدهما
برطوبة. نعم لو كان أحدهما نجسا سابقا، ولم يعلم تطهيره، يحكم بنجاسة ما يلاقيه
مع الرطوبة.
43

طرق ثبوت النجاسة
(147) - تثبت النجاسة بثلاث طرق:
الأولى: أن يتيقن المكلف بالنجاسة، أو يحصل لديه ظن مورث للاطمئنان
بها. فلو لم يحصل للمكلف العلم أو الاطمئنان بنجاسة شئ لا يجب عليه اجتنابه، و
عليه فيجوز تناول الأطعمة والأشربة في المطاعم والمقاهي التي يتردد إليها أناس
لا يبالون بالطهارة والنجاسة، ما دام المكلف لم يتيقن بنجاسة ما يقدمونه إليه.
الثانية: إخبار ذي اليد بنجاسة ما يكون تحت يده وفي تصرفه، بشرط
حصول الاطمئنان من إخباره. كما لو أخبرت الزوجة أو الخادمة بنجاسة الأواني و
شبهها مما هو تحت يدها.
الثالثة: أن يشهد بالنجاسة رجلان عادلان. والأحوط وجوبا الاجتناب
عما شهد عدل واحد بنجاسته أيضا.
(148) - من شك في نجاسة شئ، للجهل بحكمه وعدم الاطلاع عليه، كمن
لم يعلم أن عرق الجنب من الحرام نجس أم لا، وجب عليه إما البحث والسؤال عن
الحكم، أو الاحتياط. أما من شك في طهارة شئ ونجاسته، لجهله بالموضوع مع
معرفته للحكم، كمن يشك أن هذا الدم الذي على ثوبه طاهر أو نجس، لشكه في أنه
دم برغوث مثلا أو دم انسان، مع معرفته بحكم كل منهما، فعندئذ يحكم بطهارة هذا
المشكوك.
(149) - لا يعتد بقول الصبي المميز - وإن قارب وقت البلوغ - إن أخبر بأنه
قد طهر المتنجس، بل يجب إعادة تطهيره، إلا إذا حصل العلم للمكلف بصحة
44

تطهيره له. لكن لو أخبر عن نجاسة ما تحت يده، فالأحوط وجوبا الاجتناب عنه،
والتعامل معه معاملة المتنجس.
(150) - الجسم المتنجس الذي يشك في أنه قد طهر أم لا، محكوم بالنجاسة. و
الجسم الطاهر الذي يشك في أنه قد تنجس محكوم بالطهارة. ولا يجب الفحص عن
حاله وتحصيل العلم به وإن أمكن ذلك.
أحكام النجاسة
هناك أحكام متنوعة للنجاسات تذكر في مطاوي الأبواب الفقهية الأخرى
كالذي يتعلق منها بلباس المصلي وبدنه ومحل سجوده، وعدم جواز تنجيس
المساجد، حيث تذكر في كتاب الصلاة، وكحكم التكسب بالنجاسات، ويذكر في
كتاب المتاجر، وغير ذلك من الأحكام.
نقتصر هنا على البحث في أحكام النجاسة من بعض النواحي:
تنجيس القرآن:
(151) - يحرم تنجيس ورق القرآن وخطه. وإذا تنجس وجب المبادرة إلى
تطهيره فورا.
(152) - إذا تنجس غلاف القرآن وجب تطهيره إن كان في نجاسته هتك للقرآن.
(153) - يحرم وضع القرآن على عين نجاسة كالدم والميتة، حتى لو كانت
جافة وغير مسرية، ويجب رفعه عنها إذا كان موضوعا عليها.
(154) - تحرم كتابة شئ من القرآن بحبر متنجس، حتى الحرف الواحد منه.
45

وإن كتب به وجب غسله، أو محوه بالحك وما شابهه، بنحو لا يبقى من الحبر النجس
شئ، ثم تطهير الورق المتنجس بعد ذلك.
(155) - الأحوط وجوبا الامتناع عن إعطاء القرآن للكافر. ويجب أخذه
منه لو كان موجودا تحت يده إن أمكن ذلك.
(156) - إذا سقطت ورقة عليها كتابة من القرآن، أو سائر ما يجب احترامه
كأسماء الله أو صفاته الخاصة أو اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الأئمة (عليهم السلام) في مكان نجس
كالمرحاض، وجب على من سقطت منه إخراجها وتطهيرها، حتى لو احتاج في
سبيل ذلك إلى بذل نفقات. وإن لم يفعل ذلك، أو لم يتمكن منه، وجب القيام به على
الآخرين، وتكون التكاليف والنفقات على بيت المال. وإن لم يمكن إخراجها أصلا،
فيجب على من علم بأمرها ترك استعمال ذلك الموضع أو المرحاض حتى يتيقن
باضمحلال الورقة. لكن وجوب إعلامه الآخرين بأمرها موضع تأمل. وكذا لو
وقعت التربة الحسينية في المرحاض وشبهه أيضا، ولم يمكن إخراجها، فالواجب
عدم استعماله إلى أن يحصل اليقين باضمحلالها.
تناول النجاسة:
(157) - يحرم أكل النجس والمتنجس وشربهما.
(158) - يحرم إطعام الأطفال عين النجاسة إذا كان فيه ضرر بل الأحوط
وجوبا الاحتراز عن ذلك وإن لم يكن فيه ضرر. وكذا الحكم في الأشياء الطاهرة
المحرم أكلها على الأحوط وجوبا.
(159) - لا يحرم إطعام الأطفال الأشياء المتنجسة. لكن الأحوط استحبابا
ترك ذلك.
46

(160) - من علم بنجاسة أحد الشيئين اجمالا دون معرفة النجس منهما بعينه
وجب عليه ترك تناولهما إن كانا مما يؤكل كما يجب عليه ترك لبسهما في الصلاة إن
كانا مما يلبس.
(161) - لا بأس ببيع وإعارة المتنجس الذي يمكن تطهيره بالماء، وإن لم يخبر
الطرف الآخر بتنجسه، إذا لم يعلم أنه سيستعمله في الأكل والشرب، وإلا - فإن علم
بذلك - وجب إعلامه بالنجاسة. أما إن علم أنه سيستعمله في عمل محرم، فأصل
البيع والإعارة يكون محل اشكال.
(162) - لا يجب على من يرى شخصا يتناول طعاما متنجسا، أو يصلي بثوب
متنجس، أن يخبره بنجاسة ما يأكله، أو يصلي فيه. وكذا إذا كان موضع من البيت
أو أثاثه نجسا، وعلم أن هذا سيؤدي إلى تنجس ثياب أو أبدان أو حاجات
الآخرين ممن يدخلون البيت، فلا يجب عليه إخبارهم بالنجاسة في جميع هذه
الصور، إلا إذا كان يمتلك اختلاطا ونوعا من العشرة معهم بنحو يستلزم نجاسة
اللوازم المشتركة بينهم، ويوقعه في استعمال النجاسة حيث يحرم عليه ذلك، أو
يؤدي إلى بطلان بعض أعماله المشروطة بعدمها.
(163) - إذا علم صاحب البيت بنجاسة الطعام الذي يقدمه للضيوف أثناء
تناولهم إياه، وجب عليه إخبارهم بذلك. أما لو علم أحد الضيوف بذلك، فلا يجب
عليه إخبار الباقين، إلا إذا أدى عدم إخبارهم إلى وقوعه في استعمال النجاسة،
لكونه يمتلك عشرة وخلطة معهم، كما تقدم في المسألة السابقة، فيجب عليه حينئذ
إخبارهم بذلك بعد الانتهاء من الطعام.
(164) - إذا تنجست العارية عند المستعير وجب عليه إخبار صاحبها بذلك،
إذا علم أنه يستعملها في مجال الأكل والشرب.
47

المطهرات
المطهرات اثنا عشر:
1 - الماء
2 - الأرض
3 - الشمس
4 - الاستحالة
5 - الانقلاب
6 - نقصان ثلثي العصير العنبي
7 - الانتقال
8 - الاسلام
9 - التبعية
10 - زوال عين النجاسة
11 - استبراء الحيوان الجلال 12 - الغيبة
والكلام في كيفية التطهير بها وشروطه فيما يلي:
1 - الماء:
وهو مطهر لكل متنجس يغسل به على نحو يستولي على المحل النجس بعد
زوال عين النجاسة. كما يطهر الماء المطلق النجس أيضا كما تقدم تفصيله في الكلام
حول المياه. لكنه لا يطهر الماء حال كونه مضافا، ولا غيره من المائعات. إذ تقدم أن
49

المضاف لا يطهر إلا إذا استهلك في الماء.
(165) - يشترط في التطهير بالماء أمور:
1 - أن يكون الماء مطلقا. فالمضاف مثل ماء الورد وغيره لا يطهر
المتنجسات.
2 - أن يكون الماء طاهرا.
3 - أن لا يصير الماء مضافا حال التطهير، إلا أن يطهر المتنجس قبل
صيرورته مضافا.
4 - زوال عين النجاسة عن المتنجس الذي يراد تطهيره.
وهناك شروط أخرى تختص بالتطهير بالماء القليل يأتي بيانها.
(166) - يطهر الإناء المتنجس إذا غسل مرة واحدة، وإن كان بالماء القليل
على الأقوى، بشرط ألا يكون متنجسا بالبول، أو بلعق كلب أو خنزير فيه، أو
شربه منه.
(167) - إذا لعق الكلب إناءا، أو شرب منه ماءا أو غيره من المائعات،
فالأظهر الاكتفاء بغسله مرتين بالماء القليل، أو مرة واحدة بالكر أو الجاري، بعد
تعفيره بالتراب الممزوج بالماء. والأحوط استحبابا تعفيره بالتراب الخالص قبل
ذلك أيضا. ومثله الإناء الذي أصابه لعاب كلب ولو بغير الولوغ فيه، فيجب تعفيره
قبل غسله على الأحوط.
(168) - إذا كان فم الإناء الذي ولغ فيه الكلب ضيقا بحيث لم يمكن مسحه و
تعفيره بالتراب، وجب مع الامكان ادخال خرقة فيه بواسطة خشبة وما شابهه، و
تحريك التراب بواسطتها بنحو يتم به تعفير الإناء ومسح جميع أنحائه. كما يمكن
التوصل إلى تعفير الإناء من خلال هزه لتحريك التراب الممزوج بالماء فيه بنحو
50

يصل إلى جميع جوانبه.
(169) - إذا شرب الخنزير من إناء، يجب غسله سبع مرات على الأحوط إن
كان بالماء القليل، بل كذلك أيضا حتى لو غسل بالكثير على الأحوط وجوبا. و
يلحق لعقه الإناء بشربه منه على الأحوط وجوبا، ولا يجب تعفيره بالتراب على الأظهر.
(170) - يطهر المتنجس بالبول - إناءا كان أو غيره - إذا غسل بالماء القليل
مرتين، بشرط أن تزول عين النجاسة وتنفصل الغسالة من الغسلة الأولى، و
يشترط العصر بعد كل غسلة على الأحوط وجوبا في الثوب والبساط ونحوه مما
يحتاج إلى العصر.
(171) - يطهر المتنجس بغير ولوغ الكلب والخنزير - بولا كان أو غيره -
بغمسه في الكر أو الجاري مرة واحدة بعد زوال عين النجاسة منه، ويكفي زوال عين
النجاسة بنفس هذه الغسلة.
(172) - يطهر المتنجس بغير البول بغسله مرة واحدة بالماء القليل، بعد زوال
عين النجاسة. ولو زالت عين النجاسة بنفس هذه الغسلة كفى ذلك في طهارته، إذا
استمر نزول الماء عليه بعد زوالها. والأفضل الغسل مرتين. والأحوط وجوبا على
أية حال عصر الثياب ونحوها مما يحتاج إلى عصر أو تدليك لاخراج ماء الغسالة
منها.
(173) - الإناء المتنجس بالخمر يكفي فيه الغسل مرة واحدة بالماء القليل،
لكن الأحوط استحبابا غسله ثلاث مرات.
(174) - يطهر الإناء المصنوع من طين متنجس، أو الذي نفذ فيه الماء
المتنجس بوضعه بعد جفافه في الكر أو الجاري، فيطهر كل موضع وصل إليه الماء، و
51

إذا أريد تطهير باطنه، جفف ووضع في الكر أو الجاري كذلك، حتى ينفذ الماء في
جميع أجزائه. والأحوط استحبابا وضعه مرتين أو ثلاثا في الماء بهذا النحو،
خصوصا إذا كان متنجسا بالخمر، أو بميتة الجرذ الصحراوي الكبير.
(175) - كيفية تطهير الإناء المتنجس (بغير البول وولوغ الكلب وشرب
الخنزير) على نحوين:
الأول: أن يملأ بالماء ثم يفرغ الماء منه مرة واحدة على الأقوى.
الثاني: أن يوضع فيه مقدار من الماء ويتم تحريكه حتى يصل الماء إلى
المواضع المتنجسة ثم يفرغ منه مرة واحدة.
وإذا كان متنجسا بالبول يكرر هذا العمل مرتين.
(176) - تطهر الآنية الكبيرة كالجرار والقدور النحاسية الكبيرة، بأن تملأ
بالماء ثم يفرغ منها مرة واحدة على الأظهر. أو بغسلها بصب الماء فيها من الأعلى
إلى الأسفل، بحيث يستوعب الغسل أطرافها، ثم إفراغ ماء الغسالة المجتمع في أسفلها
بخرقة ونحوها.
(177) - يطهر ظاهر النحاس النجس ونحوه من الفلزات بعد إذابته وغسل
ظاهره.
(178) - إذا تنجس التنور بالبول يكفي غسله بالماء مرتين ليطهر، وذلك بأن
تغسل أطرافه بالماء من أعلى إلى أسفل. والأفضل أن تحفر حفيرة في أسفله ليجتمع
فيها ماء الغسالة، ثم اخراجه وردم الحفرة بالتراب الطاهر.
أما إذا كان متنجسا بغير البول، فيكفي غسله بالكيفية المذكورة مرة واحدة
بعد زوال عين النجاسة.
(179) - يطهر الحصير المنسوج بالخيوط إذا تنجس، بغمسه في الكر أو
52

الجاري، إذا وصل الماء إلى جميع المواضع المتنجسة منه بعد زوال عين النجاسة.
وإذا أريد تطهيره بالماء القليل، فالأحوط وجوبا اخراج الغسالة منه بعد كل
غسلة.
(180) - يطهر المتنجس ببول الصبي الرضيع ما دام رضيعا لم يتغذ بالطعام، و
ذلك قبل إكماله سنتين، بصب الماء القليل عليه دون حاجة إلى العصر ولا التعدد. و
يشترط على الأحوط وجوبا ألا يكون قد تناول حليبا نجسا، أو ارتضع من كافرة،
أو من حليب طفل غير ذكر. والأحوط مع ذلك أن يزول البول بصب الماء، أو
يكون قد جف قبل ذلك.
(181) - إذا تنجس ظاهر القمح والأرز والصابون وأمثالها، فإنه يطهر
بالغسل بالماء القليل، أو الغمس في الكثير أو الجاري. أما باطنها فلا يطهر بالغسل
بالقليل، ولا بالغمس فيه، وإن نفذ الماء إلى المواضع المتنجسة. ويطهر بالغمس في
الكثير أو الجاري إذا نفذ الماء إلى تلك المواضع. والأحوط وجوبا كون النافذ ماءا
مطلقا وأن تكون قد جففت قبل الغمس.
(182) - إذا شك في نفوذ الماء النجس إلى باطن الصابون، فهو محكوم
بالطهارة.
(183) - يمكن تطهير مثل اللحم، وظاهر الأرز وشبهه، بوضعها في طشت و
صب الماء عليها فيه مرة واحدة، ثم افراغ الطشت من الماء، فتطهر ويطهر الإناء
تبعا لها أيضا. لكن لو أريد تطهير مثل الثياب ونحوها في الطشت، فيجب أن يضاف
إلى صب الماء عليها العصر أو التدليك على الأحوط، وإمالة الطشت بنحو يسمح
بنزول الغسالة.
(184) - يطهر اللباس النجس الذي أضيف إليه النيل أو شبهه للتلوين، فيما إذا
53

وضع في الماء الكثير أو الجاري، ووصل الماء إلى جميعه قبل أن يصير مضافا بسبب
انحلال لون الثوب فيه، حتى لو انفصل منه ماء مضاف عند عصره. وكذا يطهر لو
غسل في الماء القليل بهذا الشرط، مع مراعاة بقية الشرائط.
(185) - إذا تم تطهير ثوب في ماء كر أو جار، ثم شوهد عليه فيما بعد بقع طين
مما يتجمع في قعر المياه، فإذا لم يحتمل كون هذه البقع قد منعت وصول الماء إلى جزء
منه، فالثوب طاهر.
(186) - بقايا الصابون التي توجد في الثوب بعد تطهيره طاهرة. إلا إذا كانت
النجاسة قد نفذت إلى باطنها، فعندئذ يكون ظاهرها طاهرا، وباطنها نجسا. لكن
الثوب طاهر على أية حال.
(187) - يشترط في طهارة المتنجس زوال عين النجاسة منه. لكن بقاء لونها
ورائحتها لا يمنع حصول الطهارة إلا إذا استلزم بقاؤهما القطع بوجود أجزاء ولو
صغيرة من النجاسة، أو احتمل ذلك.
(188) - إذا زالت عين النجاسة عن البدن بواسطة الماء الكر أو الجاري، يطهر
البدن دون حاجة إلى غمسه ثانية بالماء.
(189) - يطهر لون الحناء المتنجسة التي طلي الرأس أو اللحية بها بطهارة
الرأس وغسله. وإذا بقي منها أجزاء صغيرة متميزة بعد الغسل يكون ظاهرها
طاهرا أيضا.
(190) - تطهر بقايا الطعام العالقة في ثنايا الأسنان بالمضمضة بالماء، إذا وصل
إليها الماء المطلق. مع مراعاة التعدد فيما يشترط فيه ذلك.
(191) - لتطهير شعر الرأس واللحية بالماء القليل يجب على الأحوط دلكه
بنحو تنفصل الغسالة منه، هذا إذا كانت النجاسة قد تجاوزت ظاهره إلى البواطن.
54

لكنه على أية حال لا حاجة فيه إلى التعدد.
(192) - عند صب الماء القليل على موضع من البدن أو اللباس لتطهيره، فإن
أطراف ذلك الموضع المتصلة به تتنجس بوصول الماء المصبوب إليها، ولكنها تطهر
بانفصاله تبعا لطهارة نفس الموضع المتنجس. هذا فيما يطهر بصب الماء مرة واحدة، و
أما ما يحتاج إلى التعدد، فيجب في الغسلة الثانية أن يستوعب الماء الموضع النجس و
جميع أطرافه التي وصل إليها الماء في الغسلة الأولى. وكذا الحكم في كل متنجس
وضع إلى جانبه شئ طاهر، ووصل الماء إليهما جميعا أثناء تطهير المتنجس. مثلا إذا
تنجست إحدى أصابع اليد، فإن الماء الذي يصب عليها لتطهيرها يصل عادة إلى
سائر الأصابع وينجسها، ولكنها تطهر جميعا بالتبع بطهارة الإصبع المتنجس، و
وصول ماء تطهيرها إلى تلك الأصابع.
(193) - يطهر المتنجس بغسله مرة واحدة بماء الحنفية المتصل بالمادة الكرية،
إذا كانت قد زالت منه عين النجاسة. وكذا لو تمت إزالة عين النجاسة بهذه الغسلة
تحت الحنفية أيضا، بشرط عدم تغير أحد أوصاف ماء الغسالة المنفصل منه بأحد
أوصاف النجاسة (اللون والطعم والرائحة)، وإلا فإن كان التغير موجودا،
فلا يطهر المتنجس حتى يزول تغير غسالته نهائيا في خلال الاستمرار في غسله.
(194) - إذا غسل المتنجس بالماء وتيقن أنه طهره، ثم شك في أنه كان قد أزال
عين النجاسة عنه قبل الغسل أم لا فإن كان ملتفتا إلى إزالة العين حين الغسل فهو
طاهر وإلا فإذا علم أو احتمل أنه كان - حين علم بوجود النجاسة - ملتفتا إلى
وجوب إزالة عينها، فهو محكوم بالطهارة، وإلا فالأحوط وجوبا إعادة التطهير.
(195) - لا تطهر الأرض الرخوة التي لا يجري عليها الماء بالماء القليل إذا
تنجست وإنما يطهر طاهرها فقط. وكذا الأرض المفروشة بالرمل والحصى إذ يطهر
55

ظاهر الرمل والحصى الموجود على سطحها بانفصال الماء القليل منها وغوصه في
الباطن لكن باطنها وما تحت الحصى والرمل يبقى على نجاسته.
(196) - تطهر الأرض الصلبة والمفروشة بالآجر والحجر بالماء القليل لكن
بشرط أن يكون بمقدار يجري عليها بنحو تنتقل الغسالة عنها. وعندئذ فإن خرج
الماء منها من ثقب فيها مثلا طهرت جميعها وإن لم يخرج بقي موضع اجتماع الماء نجسا.
إلا أن تحفر حفيرة يجتمع ماء الغسالة فيها، ثم يخرج منها وتردم بالتراب الطاهر.
(197) - إذا تنجس ظاهر حجر الملح ونحوه فإنه يطهر بالماء القليل أيضا.
(198) - قطع السكر المصنوعة من السكر الناعم المذاب المتنجس لا تطهر
بغمسها في الكر أو الجاري.
2 - الأرض:
فإنها تطهر باطن القدم والحذاء إذا أصابه نجاسة، بشروط:
1 - أن تكون الأرض طاهرة على الأحوط وجوبا.
2 - أن تكون جافة وخالية من الرطوبة المسرية على الأحوط وجوبا.
3 - زوال عين النجاسة كالدم والبول، أو المتنجس كالوحل عن القدم و
الحذاء، سواء زالت بالمشي على الأرض، أو المسح بها، أو بأية وسيلة أخرى.
4 - أن تكون النجاسة قد حصلت نتيجة المشي على الأرض، فلا تطهر
الأرض النجاسات الأخرى العالقة بالقدم والحذاء على الأظهر.
(199) - المراد بالأرض التي تطهر باطن القدم وما يلحق بها، ما صدق عليه
اسم الأرض، أي ما كانت من رمل أو حجر أو آجر وشبهها. فلا يترتب الحكم
بالتطهير بالمشي على العشب والحصير والبساط، وأمثال ذلك مما لا يصدق عليه
56

اسم الأرض.
(200) - حصول الطهارة لما ذكر بواسطة الأرض المعبدة بالإسفلت، أو المكسية
بالخشب، أو نحو ذلك مما لا يصدق عليه اسم الأرض محل اشكال، والأظهر بقاء
النجاسة.
(201) - الأظهر كفاية مجرد التماس مع الأرض، بعد زوال عين النجاسة في
حصول الطهارة، سواء صدق المشي عليها أو المسح بها أم لا. وإن كان الأفضل
المشي مسافة خمس عشرة خطوة أو أكثر لتحقيق ذلك.
(202) - لا يشترط رطوبة باطن القدم أو النعل الذي يراد تطهيره، بل يطهر
حتى لو كان جافا.
(203) - إذا طهر باطن القدم أو النعل بالمشي على الأرض، يطهر أيضا تبعا له
الأطراف المحيطة به، مما يتلوث بالطين عادة نتيجة المشي.
(204) - من كان يمشي على يديه وركبتيه، يطهر منه ذلك إذا تنجس بواسطة
الأرض. فحكم ذلك منه كحكم باطن القدم والحذاء.
كما يلحق بباطن القدم في الحكم أيضا، أسفل العصا الذي يماس الأرض حين
الاعتماد عليها، وباطن القدم الاصطناعية لمقطوع الرجل، وحذوة الدواب، و
عجلة السيارة والعربة، وأمثال ذلك.
(205) - لا يضر بقاء لون النجاسة أو رائحتها في الموضع (باطن القدم أو الحذاء)
بعد المشي وتحقق التماس المطلوب. نعم في بقاء الذرات والأجزاء المتميزة إشكال.
(206) - لا تطهر الأرض داخل الحذاء، والجزء الذي لا يمس الأرض من
باطن القدم. نعم تطهر الجورب حين استعماله للتوقي به مكان الحذاء، حتى لو لم يكن
جلديا.
57

3 - الشمس:
فإنها تطهر الأرض وكل ما لا ينقل، من الأبنية، وما اتصل بها من أخشاب
وأعتاب وأبواب وأوتاد. وكذلك الأشجار والنبات والخضروات ما دامت
لم تقطف، كما تطهر الحصر أيضا. لكن كل ذلك بشروط:
1 - أن يكون على المتنجس رطوبة مسرية، فإن كان جافا وأريد تطهيره
يصار إلى ترطيبه.
2 - أن تقوم الشمس بتجفيف المتنجس، ويكون التجفيف مستندا إلى إشراق
الشمس عليه عرفا، وإن شاركها غيرها في الجملة كالريح، بنحو لا يضر في صدق
إسناد التجفيف إلى الشمس.
3 - زوال عين النجاسة قبل تحقق إشراق الشمس الذي استند إليه التجفيف.
4 - أن تكون أشعة الشمس مسلطة على المتنجس بشكل مباشر، فلو حجبها
غيم أو ستار لا يطهر المحل حتى لو جف. إلا أن يكون الغيم رقيقا بنحو لا يمنع أشعة
الشمس وإشراقها عليه.
5 - يشترط في تطهير خصوص الباطن المتنجس، إضافة إلى ما مر، أن يتم
تجفيفه مع الظاهر - بواسطة اشراق الشمس على الظاهر - دفعة واحدة. فإذا جف
الظاهر وحده أولا، ثم جف الباطن في اشراق آخر للشمس، يبقى الباطن على
نجاسته.
(207) - المنقولات التي أصلها من الأرض، لكن لم يعد يصدق عليها اسم
الأرض كالجرار والسبحة والتربة، لا تطهر بالشمس.
(208) - ما كان محسوبا من الأرض يطهر بالشمس حتى لو كان منقولا،
كالحجارة وأمثالها.
58

(209) - إذا أشرقت الشمس على أرض متنجسة، لكن شككنا في أنها كانت
رطبة حال الاشراق، أو في أن جفافها كان مستندا إلى الشمس أو في كون عين
النجاسة قد زالت عنها، تبقى محكومة بالنجاسة. إلا أن يكون الشك من قبيل الشك
في صحة تطهير سابق، أو في حصول مانع يمنع أشعة الشمس عند إشراقها، حيث
يحكم عندئذ بالطهارة.
(210) - إذا أشرقت الشمس على جهة من الحائط النجس، لا تطهر الجهة
الأخرى التي لم تصلها الأشعة.
4 - الاستحالة:
يطهر النجس والمتنجس باستحالته إلى جسم آخر. كاستحالة الخشب
المتنجس بواسطة النار رمادا، أو استحالة الكلب ملحا بواسطة وقوعه في مملحة.
(211) - لكي تتحقق الاستحالة يجب أن يتغير الجنس. فتحول القمح طحينا
أو الطحين خبزا لا يطهره، لأن جنسه لم يتغير.
(212) - البخار والدخان والشعلة المتصاعدة من الجسم النجس أو المتنجس
المشتعل طاهرة، لكنه لو تحول إلى سائل يبقى على نجاسته، كما يجب على الأحوط
الاجتناب عن الذرات الدهنية الحاصلة من دخان النجس والمتنجس.
(213) - آنية الفخار - ونحوها من الآجر والخزف - المصنوعة من الطين
المتنجس نجسة.
(214) - الأحوط وجوبا الاجتناب عن الفحم المصنوع من الخشب
المتنجس.
(215) - المتنجس الذي يشك في تحقق استحالته إلى جسم آخر محكوم
59

بالنجاسة.
5 - الانقلاب:
إذا انقلب الخمر خلا يطهر، سواء كان انقلابه بنفسه أو بوضع شئ فيه كالخل
أو الملح. ويشترط ألا يكون الخمر قد امتزج بنجس أو متنجس آخر.
(216) - الخل المصنوع من العنب أو التمر أو الزبيب المتنجس متنجس. وفي
حصول الطهارة بصيرورتها خمرا ثم انقلابه خلا تأمل.
(217) - إذا وجد ضمن العنب أو التمر أعواد صغيرة منها فلا يضر ذلك في
حصول الطهارة بواسطة التخليل. وكذا لو وضع في العنب أو التمر أو الزبيب شئ
من الخيار والباذنجان ونحوها كما هو المتعارف في صنع المخللات فلا يضر ذلك
بطهارتها بعد صيرورتها خلا على الأظهر.
6 - ذهاب ثلثي العصير العنبي:
ذكرنا فيما سلف إن العصير العنبي إذا غلى ولم يذهب ثلثاه بالغليان صار نجسا
على الأحوط الأقوى بلا فرق بين أن يكون غليانه بالنار أم بواسطة شئ آخر على
الأحوط والأظهر، لكن إذا ذهب ثلثاه أو تحول إلى خل فإنه يطهر.
(218) - إذا كان في عنقود الحصرم حبات قليلة من العنب بنحو يصدق على
عصيره إنه عصير حصرم لا عصير عنب ولم يكن فيه شئ من حلاوة العنب
فعصيره لو غلى طاهر وشربه حلال.
(219) - المشكوك كونه عنبا أو حصرما لا ينجس إذا غلى.
(220) - إذا تيقنا بحصول الغليان للعصير العنبي، فالحكم بالطهارة وحلية
60

الشرب متوقف على العلم بذهاب ثلثيه، أو انقلابه خلا.
(221) - إذا لم نتيقن بغليان العصير العنبي يكون طاهرا وشربه حلال. وبناءا
عليه فالعنب الذي يوضع في " أسيد النيتريك " لأجل أن يخضر، إذا شككنا في
غليانه يكون طاهرا ما لم نتيقن بذلك.
7 - الانتقال:
فإنه مطهر للمنتقل إذا أضيف إلى المنتقل إليه وعد جزءا منه. كدم الانسان،
أو غيره من الحيوان ذي النفس السائلة. الذي يمتصه البق ويصير معدودا جزءا
منه.
(222) - الدم الذي يمصه العلق، إذا لم يعد جزءا منها، فهو نجس.
(223) - الدم الذي يخرج من البعوضة حين قتلها وهي على بدن الانسان
طاهر، إذا لم يعلم حاله، وشك في كونه دم الانسان أو دم البعوضة. أما إذا علم أن
هذا الدم هو مما امتصه من الانسان، ولم تمض فترة يصدق معها عليه أنه دم بعوضة
، فهو نجس. وكذا لو شك في صيرورته دم بعوضة فهو نجس أيضا.
8 - الإسلام:
فهو مطهر للكافر. ويتحقق بالنطق بالشهادتين أو ترجمتهما بأية لغة أخرى.
وإذا أسلم الكافر يطهر بدنه ولعابه ومخاطه وعرقه.
(224) - لو كانت على الكافر عين نجاسة حين إسلامه، فيجب إزالتها وغسل
محلها لكي يطهر موضعها. أما إذا كانت قد زالت عنه عين النجاسة، فيطهر بعد الحكم
بإسلامه، من دون حاجة إلى غسل موضعها.
61

(225) - ثياب الكافر التي تنجست بعرقه مثلا حين كفره، لا تطهر باسلامه إلا
إذا كان مرتديا لها أثناء نطقه بالشهادتين فتطهر تبعا لطهارة بدنه. أما بدنه فيطهر
موضع إصابته برطوباته بإسلامه.
(226) - لا يشترط العلم بصدق الكافر قلبيا حين نطقه بالشهادتين، في الحكم
بطهارته. لكن اشتراط عدم العلم بالخلاف لا يخلو من وجه، فلو نطق بالشهادتين
مع علمنا بأنه لم يسلم قلبيا، فنجاسته لا تخلو من وجه.
9 - التبعية:
فالطفل الكافر الأسير يتبع المسلم الذي أسره في الطهارة. وكذا الحال في
بعض المتنجسات الأخرى، حيث تطهر تبعا لطهارة غيرها، وفيما يلي بعض
مواردها:
(227) - إذا طهر الخمر بصيرورته خلا، يطهر باطن الوعاء الذي كانت الخمر
موضوعة فيه، بالتبع.
(228) - تطهر الخشبة أو السرير التي يغسل عليها الميت، ويد المغسل، و
قطعة القماش التي تستر بها عورته أثناء الغسل، كلها، تبعا لطهارته بعد إتمام غسله.
(229) - يطهر الماء المتبقي في المتنجس من قبيل الثوب أو الإناء بعد الانتهاء
من غسله بالماء القليل واخراج الغسالة منه بالنحو المتعارف بعصر أو غيره، تبعا
للحكم بطهارة المغسول. كما تطهر يد غاسله أيضا تبعا له.
62

10 - زوال عين النجاسة:
عن بواطن الانسان وجسد الحيوان، فيطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة
بمجرد زوال عينها ورطوبتها، وكذا بدن الدابة المجروح وفم الهرة الملوث بالدم.
(230) - إذا خرج دم من بين الأسنان وأصاب باطن فم الإنسان فيطهر الفم
بمجرد استهلاك الدم في الريق من دون حاجة إلى غسله. نعم يجب غسل الأسنان
الاصطناعية إذا أصابها ذلك الدم ولا يكفي مجرد زوال عين النجاسة عنها.
(231) - إذا أصاب باطن الفم دم مع وجود بقايا طعام في ثنايا الأسنان. فإن
علم بوصول الدم إلى بقايا الطعام تنجس ظاهرها. وإلا فإن شك في إصابته لها فهي
محكومة بالطهارة.
11 - استبراء الحيوان الجلال:
الحيوان الجلال هو الحيوان الذي اعتاد التغذي من عذرة الانسان. ويكون
بوله وروثه نجسين كما مر لصيرورته محرم الأكل بالعارض. ويمكن زوال صفة
الجلل عنه والحكم بطهارته بمنعه عن تناول النجاسة مدة من الزمن وإعطائه العلف
الطاهر فيها حتى يزول عنه وصف الجلل. والأحوط وجوبا أن تكون مدة
الاستبراء هذه في الجمل الجلال أربعين يوما وفي البقر عشرين وفي الغنم عشرة وفي
البط سبعة أيام أو خمسة وفي الدجاج ثلاثة.
63

12 - غيبة المسلم:
فهي مطهرة لبدنه وثيابه وسائر لوازمه الموجودة معه حين غيبته، من آنية و
فراش ونحوها إذا كانت متنجسة، بشرط أن نحتمل قيامه بتطهيرها، أو حصول
الطهارة لها بشكل من الأشكال، ولو بواسطة تعرضها للغمس في الماء الجاري مثلا.
ثبوت طهارة المتنجسات
(232) - يثبت الطهارة بالعلم، والبينة (أي إخبار العدلين)، وإخبار ذي اليد
بحصول التطهير، أو بأن مسلما قد طهره، حتى لو لم نعلم بصحة تطهيره له.
(233) - يحكم بطهارة الثوب مثلا إذا أخبر الموكل بتطهيره بحصول ذلك بعد
استلامه له، بشرط عدم الظن بالخلاف.
(234) - إذا كان المكلف من صفاته التردد بنحو لا يحصل له اليقين الفعلي
بطهارة ما يقوم بتطهيره، يجوز له الاكتفاء باليقين التقديري المتعارف إذا تمكن من
تشخيصه، أي يغسل المتنجس بالمقدار الذي لو فعله يحصل به اليقين بالطهارة لسائر
المسلمين العاديين، وإن لم يحصل له اليقين شخصيا. وإذا لم يتمكن من تشخيص
اليقين التقديري يجوز له الاكتفاء بالظن في حصول الطهارة.
64

أحكام الأواني
(235) - يحرم الأكل والشرب من إناء مصنوع من جلد كلب أو خنزير أو ميتة
مع العلم بتأثر المأكول والمشروب بالإناء وانفعاله به كما لو كان الطعام رطبا رطوبة
مسرية. والأحوط وجوبا الاجتناب عن استعماله في الأكل والشرب حتى مع عدم
العلم بذلك. كما لا يجوز استعمال إناء كذا في الوضوء والغسل ونحوه مما يشترط فيه
الطهارة. بل الأحوط وجوبا ترك استعمال جلود الكلاب والخنازير والميتة مطلقا
حتى لو لم تكن من الأواني ولم يكن المجال المستعملة فيه مشروطا بالطهارة.
(236) - يحرم استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب.
(237) - لا بأس باقتناء آنية الذهب والفضة واستعمالها للزينة. أما استعمالها
في غير الزينة فالأحوط وجوبا تركه.
(238) - يحرم صناعة آنية الذهب والفضة للاستعمال المحرم. ويجوز لغير ذلك
ويحل أخذ الأجرة عليها عندئذ.
(239) - لا بأس ببيع وشراء آنية الذهب والفضة لغير الاستعمالات المحرمة، و
ما يؤخذ ثمنا لها محكوم بالحلية.
(240) - قوالب الفناجين المصنوعة من الذهب أو الفضة إذا صدق عليها أنها
آنية بعد فصلها عن الفنجان فاستعمالها محرم مطلقا منضمة للفنجان وبدونه. أما إن
لم يصدق كونها آنية عند استقلالها عن الفنجان فلا بأس باستعمالها.
(241) - استعمال الإناء المطلي بماء الذهب أو الفضة محل إشكال. فالأحوط
وجوبا تركه سواء صدق عليه أنه إناء واحد أم اعتبر إناءين متداخلين.
65

(242) - لا بأس باستعمال الإناء المصنوع من المعدن المخلوط بشئ من الذهب
أو الفضة إذا لم يكن مقدار الذهب أو الفضة فيه إلى درجة تسمح بتسميته إناء ذهب
أو فضة.
(243) - لا بأس باستعمال أواني الذهب والفضة حال الاضطرار لكن في غير
الوضوء والغسل.
(244) - لا بأس باستعمال الآنية المشكوك كونها من الذهب أو الفضة أم من
غيرهما.
(245) - لا يخلو استعمال رأس أنبوب النرجيلة وقراب السيف والخنجر و
قاب القرآن وظرف العطر والكحل من الإشكال إذا كانت من ذهب أو فضة بل
الأظهر المنع في ظرف العطر والكحل.
(246) - إفراغ الطعام الموجود في إناء الذهب أو الفضة في إناء آخر ليس من
الاستعمال المحرم إذا لم يكن مع قصد تناول الطعام من الإناء الثاني. بل يجوز مع هذا
القصد أيضا إذا كانت الغاية الفرار من حرمة استعمال إناء الذهب أو الفضة.
66

الوضوء
كيفية الوضوء وأحكامه
أعضاء الوضوء:
يجب في الوضوء غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والرجلين، كل ذلك
بنية القربة إلى الله، وامتثال أمره تعالى.
1 - غسل الوجه: يجب غسل الوجه من منبت الشعر إلى طرف الذقن طولا،
وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضا. ولا يصح الوضوء لو بقي شئ
ضمن هذا الحد لم يغسل، ولو كان مقداره قليلا.
(247) - يجب غسل شئ زائد عن هذه الحدود المذكورة للوجه تحصيلا
لليقين بغسل المقدار الواجب.
(248) - الميزان في منابت الشعر وفي طول الأصابع، هم الأشخاص المستوو
الخلقة. فغير مستوى الخلقة - لطول الأصابع أو لقصرها - يرجع إلى المتناسب الخلقة
المتعارف. وكذا لو كان أغم قد نبت الشعر على جبهته، أو كان أصلع قد انحسر الشعر
عن مقدم رأسه، فإنه يرجع إلى المتعارف.
67

(249) - إذا كانت بشرة الوجه ظاهرة من خلال الشعر النابت فيه، يجب على
الأحوط غسلها وايصال الماء إليها، فضلا عن غسل الشعر النابت عليها. إما إذا
لم تكن بادية من خلاله، فيكفي غسل ظاهر الشعر ولا يجب ايصال الماء إليها.
(250) - إذا شك في كون البشرة ظاهرة من خلال الشعر وعدمه، وجب على
الأحوط غسل الشعر وايصال الماء إلى البشرة.
(251) - لا يجب غسل باطن العين والفم والأنف ومطبق الشفتين والعينين،
لكن يجب غسل شئ منها مقدمة للعلم بغسل ظاهر الوجه المحيط بها. ومن لم يكن
يعلم بوجوب غسل مقدار منها، وشك في أنه كان يقوم بذلك فيما سلف من وضوئه،
يحكم بصحة صلواته الماضية.
(252) - إذا احتمل - احتمالا عقلائيا - وجود حاجب يمنع وصول الماء إلى
ظاهر الوجه، ولو كان مثل القيح الذي يلتصق بآماق العينين، أو الكحل أو الوسخ،
وجب عليه الفحص عنه وإزالته إن كان موجودا.
2 - غسل اليدين: يجب بعد غسل الوجه غسل اليدين من المرفقين إلى
أطراف الأصابع.
توضيح: المرفق هو مجمع عظمي الذراع والعضد، ويجب غسله مع اليد، و
غسل مقدار زائد عنه مقدمة لتحصيل اليقين بغسله.
(253) - يجب كون غسل اليدين بعد غسل الوجه، كما يجب الترتيب بينهما
بغسل اليمنى أولا ثم اليسرى.
(254) - يجب في غسل الوجه واليدين البدء من الأعلى إلى الأسفل. فلو
غسل ونكس في الغسل من الأسفل إلى الأعلى واكتفى بهذه الغسلة فالوضوء
باطل. بل يكون باطلا مع النكس مطلقا في بعض الموارد، والأحوط وجوبا مراعاة
68

غسل الأسفل فالأسفل ويكفي فيه ما يتحقق به ذلك عرفا.
(255) - ما هو المتعارف بين العوام من غسل اليدين إلى الزندين والاكتفاء
عن غسل الكفين بالغسل المستحب قبل الوجه باطل. فيجب الغسل إلى أطراف
الأصابع.
(256)
- الغسلة الأولى - للوجه واليدين - في الوضوء واجبة، والثانية
مستحبة، والثالثة وما بعدها محرمة. والمراد بالغسلة غسل كامل العضو، لا مجرد
صب الماء أو إمراره على جزء من العضو، فتعدد ذلك لا يوجب تعدد الغسلات.
الوضوء الارتماسي:
(257) - يجوز الوضوء برمس العضو - من الوجه أو اليدين - في الماء بنية
الوضوء. أو ينوي الوضوء حال إخراجه من الماء بعد رمسه. فيصح أن يرمس
العضو في الماء ناويا الوضوء بهذه العملية، إلى أن يتم إخراج العضو وانفصال الماء
عنه، كما يصح أن يقصد الوضوء - بعد أن يرمس العضو - بعملية اخراجه من الماء
حتى ينتهي تقاطر الماء منه وانفصاله عنه.
(258) - يجب أن يكون الغسل في الوضوء الارتماسي للأعضاء من الأعلى إلى
الأسفل أيضا. فلو نوى الوضوء حين الرمس يجب أن يرمس الوجه ابتداءا من
أعلاه، واليدين ابتداءا من المرفقين. ولو نوى الوضوء حين الاخراج من الماء،
يجب أن يكون الاخراج كذلك للوجه ابتداءا من أعلاه، ولليدين ابتداءا من
المرفقين.
(259) - يصح الوضوء بغسل بعض الأعضاء بالرمس، وبعضها بغير الرمس.
(260) - القادر على الوضوء الارتماسي لا يجوز له أن يوضئه غيره إذا عجز
69

عن غير الارتماسي، بل ينتقل إلى الارتماسي، فإن عجز عنه أيضا جاز أن يوضئه
شخص آخر.
3 - مسح مقدم الرأس: يجب بعد غسل اليدين، مسح مقدم الرأس، وهو
ما يقارب ربعه مما يلي الجبهة، ويكفي فيه المسمى طولا وعرضا، والأحوط
استحبابا أن يكون العرض قدر ثلاث أصابع مضمومة، والطول قدر إصبع. و
الأحوط وجوبا أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل.
(261) - يجب أن يكون المسح برطوبة اليدين، والأولى كونه باليد اليمنى.
(262) - لا يجب المسح على جلدة الرأس، بل يكفي المسح على الشعر المختص
بالمقدم، بشرط أن لا يخرج بمده عن حده، فلو كان كذلك فجمع وجعل على
الناصية، لم يجز المسح عليه. بل يجب في هذه الصورة مسح منابته، أو فرقه والمسح
على جلدة الرأس.
4 - مسح القدمين: يجب بعد مسح الرأس، مسح القدمين، من أطراف
الأصابع إلى الكعبين. والأحوط استحبابا المسح إلى مفصل الساق. ويجزئ
المسمى عرضا، لكن الأفضل كونه بمقدار عرض ثلاث أصابع مضمومة، والأفضل
منه مسح كامل القدم.
(263) - لا يجب الترتيب في مسح القدمين بتقديم اليمنى، فيجزي مسحهما معا
في وقت واحد، لكن الأحوط وجوبا عدم تقديم اليسرى على اليمنى.
(264) - يجوز في مسح القدمين أن يضع تمام كفه على ظهر القدم، ثم يجرها
قليلا. فلا يشترط وضعها على الأصابع وجرها بالتدريج.
(265) - الواجب اختيارا هو المسح بباطن الكف دون ظاهرها، فإن تعذر
بسبب غير جفاف الباطن مسح بظاهرها، فإن تعذر مسح بذراعه
70

(266) - يعتبر في مسح الرأس والقدمين أن تكون اليد هي الماسحة، فلو
وضع يده ثم حرك رأسه أو قدمه تحتها، بنحو صارت اليد ممسوحة والرأس أو
القدم ماسحين، بطل الوضوء. لكن لا يضر تحرك الرأس أو القدم حين المسح قليلا،
بنحو يصدق معه أن اليد هي الماسحة.
(267) - يجب أن يكون محل المسح (في الرأس والقدمين) جافا. لكن لو كان
فيه شئ من النداوة تستهلك في رطوبة المسح، بنحو لا يضر في صدق كون الرطوبة
الحاصلة فيه بعد المسح هي رطوبة الكف، فلا إشكال.
(268) - لو جف ما على الكف من البلل، أخذ من بلل أعضاء الوضوء
الأخرى، والأحوط وجوبا أن يأخذ أولا من بلل لحيته الداخلة في حد الوجه أو
حاجبه، فإن لم يكن عليهما رطوبة أخذ من بلل اليدين.
(269) - إذا جف ماء الوضوء عن سائر أعضائه قبل المسح، بسبب حرارة
الجو أو لسبب آخر، وجب عليه على الأحوط أن يجمع بين المسح بماء آخر غير ماء
الوضوء، ثم التيمم بعده.
(270) - إذا لم تكف رطوبة الكف إلا لمسح الرأس، فالأحوط وجوبا مسح
الرأس بتلك الرطوبة، ثم الاستعانة لمسح القدمين بالبلل الموجود في سائر أعضاء
الوضوء، والأحوط وجوبا أن يأخذ أولا من رطوبة لحيته الواجبة الغسل أو
الحاجبين، فإن كانت جافة أخذ من اليدين.
(271) - لا يجوز المسح على الحائل كالجورب والحذاء إلا مع الضرورة،
كالبرد الشديد أو الخوف من عدو أو حيوان مفترس، بنحو منعه من نزع حذائه أو
جوربه مثلا، فيجوز حينئذ.
(272) - إذا كان الحذاء - حين الاضطرار للمسح عليه - نجسا، وضع عليه
71

شيئا طاهرا كقطعة قماش مثلا ومسح عليه. وعليه أن يضم إليه التيمم أيضا على
الأحوط.
(273) - تكرار المسح لا يوجب بطلان الوضوء، خصوصا إذا كان لأجل
مراعاة الاحتياط، بشرط ألا يكون من باب الوسوسة أو التشريع المحرم. لكن مع
مراعاة جفاف الموضع الممسوح عند إعادة المسح.
الأدعية المستحبة حال الوضوء
(274) - يستحب أن يقول المتوضئ إذا وقع بصره على الماء: " بسم الله و
بالله، والحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا ".
وأن يقول عند غسل يديه قبل الوضوء: " اللهم اجعلني من التوابين، و
اجعلني من المتطهرين ".
وأن يقول حال المضمضة: " اللهم لقني حجتي يوم ألقاك، وأطلق
لساني بذكرك ".
وحال الاستنشاق: " اللهم لا تحرم على ريح الجنة، واجعلني ممن
يشم ريحها وروحها وطيبها ".
وحال غسل الوجه: " اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه، و
لا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه ".
وحال غسل اليد اليمنى: " اللهم أعطني كتابي بيميني، والخلد في
الجنان بيساري، وحاسبني حسابا يسيرا ".
وحال غسل اليد اليسرى: " اللهم لا تعطني كتابي بشمالي، ولا من
72

وراء ظهري، ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي، وأعوذ بك من مقطعات
النيران ".
وحال مسح الرأس: " اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك ".
وحال مسح القدمين: " اللهم ثبتني على الصراط يوم تزل فيه الأقدام،
واجعل سعيي فيما يرضيك عني يا ذا الجلال والاكرام ".
شرائط الوضوء
يشترط في صحة الوضوء أمور:
الشرط الأول والثاني: إطلاق ماء الوضوء وطهارته.
(275) - الوضوء بالماء المتنجس أو المضاف باطل ويجب إعادة الصلاة التي
صلاها به.
(276) - لا فرق في الحكم ببطلان الوضوء بالمضاف والمتنجس ولزوم إعادة
الصلاة مع الوضوء بأحدهما، بين العالم بالنجاسة أو الإضافة أو الجاهل بهما أو الناسي.
(277) - إذا لم يكن لدى المكلف ماء للوضوء سوى ماء متوحل ومضاف،
فإن كان وقت الصلاة ضيقا، بنحو لا يسمح بادراك ركعة منها مع الوضوء بالماء بعد
تصفيته، وجب عليه المبادرة إلى التيمم والصلاة. أما إذا كان لديه وقت كاف،
فالأحوط وجوبا له الصبر إلى أن يصفو الماء ثم يتوضأ ويصلي، ولا يجوز له
المبادرة إلى التيمم. نعم لو كان الوقت يكفي لتصفية الماء والوضوء وصلاة ركعة
واحدة أو للتيمم وأداء الصلاة بكاملها في الوقت، فهنا يتخير على الأظهر بين
الوضوء أو التيمم، وإن كان الأحوط تقديم التيمم. أما لو علم بوقوع قسم من
73

الصلاة خارج الوقت يقينا، بأن دار الأمر بين ادراك ركعة مع الوضوء أو أكثر مع
التيمم، لكنه على كل حال لا يدركها كلها ولو مع التيمم، فالأحوط بل الأقرب
اختيار الوضوء.
الشرط الثالث: ألا يستلزم الوضوء تصرفا غصبيا.
(278) - الوضوء بالماء المغصوب مع الالتفات إلى غصبيته باطل. أما مع عدم
الالتفات إلى الغصبية فيصح الوضوء حتى لو التفت في الأثناء قبل اتمامه وقام
باكماله من ماء آخر مباح. لكن عليه ضمان قيمة الماء المغصوب.
(279) - إذا أراق المكلف الماء المغصوب على وجهه ويديه من دون أن يقصد
الوضوء، ثم قام بمسحه عليها بقصد الوضوء بعد أن تحقق تلف الماء عرفا، فوضوؤه
صحيح.
(280) - إذا توضأ بالماء المغصوب حال نسيانه لغصبيته، فوضوؤه صحيح.
(281) - الوضوء من الأنهار الكبيرة المملوكة صحيح حتى مع عدم العلم
برضا أصحابها. لكن إذا نهى أصحابها عن ذلك، فإن كانت سيرة المسلمين قائمة
على استعمال مياهها، فالوضوء منها صحيح، وإلا فهو باطل.
(282) - لا بأس بالوضوء من أحواض المدارس (الدينية) التي لم يعلم نحو
وقفيتها وإنها بنحو يشمل عامة الناس، أو مختصة بطلاب المدرسة لكن بشرطين:
الأول - أن يكون عامة الناس يتوضؤون منها عادة، ولم يعلم أن تصرفهم هذا
ناشئ عن الغفلة أو اللامبالاة. والثاني - أن لا يؤدي ذلك إلى مزاحمة سكانها. و
الحكم في المساجد وشبهها كالمدارس أيضا، فيجوز الوضوء من أحواضها لمن لم يرد
الصلاة فيها مثلا إذا لم تعلم كيفية الوقفية لكن بهذين الشرطين.
(283) - إنما يصح الوضوء من أحواض الفنادق ونزل المسافرين وأمثالها
74

لغير النازل فيها بشرط جريان العادة على وضوء أمثاله من غير الساكنين فيها
منها.
(284) - لو أجريت ساقية أو بني حوض ماء في صحن حرم أحد الأئمة (عليهم السلام)
أو أبنائهم الذي كان في الأصل مقبرة فإذا لم يعلم المكلف أن أرض الصحن كانت
موقوفة للمقبرة فلا إشكال في الوضوء من تلك الساقية أو ذلك الحوض. أما إذا علم
أنها كانت موقوفة للمقبرة، ولم يكن دفن ميت تحت الساقية أو الحوض ممكنا
فعندئذ يشكل الوضوء. وكذا لو كان ايجاد الساقية أو الحوض موجبا لهتك بدن
المسلم المدفون هناك، إذ يشكل الحكم في هذه الصورة حتى لو كانت المقبرة مباحة
وغير موقوفة.
الشرط الرابع: إباحة إناء الوضوء لكن يمكن التوصل إلى الوضوء من الإناء
الغصبي بشكل صحيح بالنحو الذي مر في الشرط الثالث (حول إباحة ماء الوضوء)
بأن لا يكون المكلف قاصدا الوضوء عند اغترافه الماء من الإناء.
الشرط الخامس: ألا يكون إناء الماء المستعمل في الوضوء من الذهب أو
الفضة.
(285) - إذا لم يكن لدى المكلف ماء سوى الموضوع في إناء مغصوب أو إناء
من الذهب أو الفضة ولا وعاء يضع فيه ذلك الماء غير هذا الوعاء تنتقل وظيفته إلى
التيمم. أما إذا كان متمكنا من ماء آخر فإن توضأ بإناء من الذهب أو الفضة أو بإناء
مغصوب على نحو رمس الأعضاء بالماء فوضوؤه باطل أيضا. وكذا يبطل وضوؤه
لو استعمل الإناء في صب الماء على أعضاء الوضوء قاصدا الوضوء بذلك. نعم لو
أراق الماء على أعضاء الوضوء دون أن يكون قاصدا للوضوء، ثم نوى الوضوء و
مسح الماء على أعضائه بعد تلف الماء عرفا، يحكم بصحة وضوئه كما تقدم في الشرط
الثالث.
75

الشرط السادس: طهارة أعضاء الوضوء. ويكفي طهارة كل عضو حين
غسله ولا يجب أن تكون جميع الأعضاء - قبل الشروع - طاهرة، فلو كانت نجسة و
غسل كل عضو بعد تطهيره أو طهره بغسل الوضوء كفى.
(286) - إذا تنجس أحد مواضع الغسل أو المسح بعد الفراغ من غسله أو
مسحه لا يضر ذلك بصحة الوضوء.
(287) - إذا كان على بعض أعضاء البدن من غير أعضاء الوضوء نجاسة
لا يضر ذلك بصحة الوضوء. لكن الأحوط استحبابا تطهير خصوص مخرج البول و
الغائط إذا كانا نجسين قبل الشروع في الوضوء.
(288) - إذا كان في أحد مواضع الوضوء جراحة تنزف دما، ولم يكن الماء
مضرا بها، فإن تمكن من تأمين انقطاع الدم وتطهيرها يتخير بين الوضوء بالرمس
وغيره. أما إذا لم يتمكن من ايقاف نزف الدم فيمكنه الوضوء برمس العضو في الماء
الكر أو الجاري، إذا توفر على ايقاف النزف لحظة غسل العضو بنية الوضوء، بالنحو
الذي تم بيانه في الوضوء الارتماسي. ولا يضره عودة النزف بعد ذلك.
(289) - إذا كان على أحد أعضاء الوضوء نجاسة، وشك بعد الوضوء في أنه
كان قد طهرها قبل الوضوء أم لا، فإذا لم يكن ملتفتا حال الوضوء لطهارة ذلك
الموضع ونجاسته، ولم تكن نجاسته مما يطهر بالوضوء تلقائيا، فالأحوط وجوبا
الحكم ببطلان وضوئه. أما إذا كان ملتفتا حال الوضوء، أو شك في أنه كان ملتفتا أم
لا، أو لم يكن ملتفتا لكن كانت النجاسة مما يطهر بالوضوء تلقائيا، فوضوؤه
صحيح. لكن على أية حال يلزمه على الأحوط وجوبا أن يطهر ذلك الموضع
للصلاة وشبهها مما يعتبر فيه طهارة البدن.
الشرط السابع: أن يكون الوقت كافيا للوضوء والصلاة.
76

(290) - إذا ضاق الوقت عن الوضوء والصلاة بنحو كان الوضوء مستلزما
لوقوع الصلاة كلها خارج الوقت وجب الانتقال إلى التيمم. أما إذا كان الوقت
يكفي لإتيان الوضوء مع ركعة من الصلاة أو أكثر، لكن يقع جزء منها خارج
الوقت، أو للتيمم مع وقوع الصلاة بكاملها في الوقت، فيجوز للمكلف هنا أن يختار
أيا من الوضوء أو التيمم على الأظهر. لكن لو دار الأمر بين إدراك ركعة مع
الوضوء، وادراك أكثر من ركعة مع التيمم، لكن علم على أية حال بوقوع شئ من
الصلاة خارج الوقت وعدم ادراكها كلها حتى مع التيمم، فالأحوط بل الأقرب
اختيار الوضوء.
(291) - من توضأ مع ضيق الوقت عن الصلاة وكونه مكلفا بالتيمم لا يصح
وضوؤه إذا قصد إتيانه لأجل هذه الصلاة. نعم يحكم بصحته فيما لو أتى به قربة إلى
الله، أو بقصد عمل آخر يشرع له الوضوء، كقراءة القرآن مثلا.
الشرط الثامن: النية. فيشترط في الوضوء إتيانه قربة إلى الله، أي بقصد
امتثال أمره تعالى.
(292) - إذا توضأ لأجل التبريد مثلا - كما لو كان الجو حارا - فوضوؤه
باطل. أما إذا توضأ قربة إلى الله، وقصد حصول التبريد بالتبع، فلا إشكال في
وضوئه
(293) - لا يجب التلفظ بنية الوضوء باللسان، كما لا يجب إخطارها بالقلب.
لكن يجب أن يكون ملتفتا إلى كونه يتوضأ طيلة إتيانه أفعال الوضوء، بنحو لو سئل
عما يصنع لأجاب بأنه يتوضأ.
الشرط التاسع: الترتيب بين أفعال الوضوء. بغسل الوجه أولا ثم غسل اليد
اليمنى، ثم اليسرى، ثم مسح الرأس، ثم مسح الرجلين. فيبطل الوضوء لو أخل بهذا
77

الترتيب.
(294) - الأحوط استحبابا الترتيب في مسح الرجلين، بأن يقدم مسح اليمنى
باليد اليمنى على اليسرى باليد اليسرى.
(295) - إذا أخل بالترتيب فعليه لتصحيح الوضوء التدارك من موضع
الاخلال، إن لم تكن قد فاتت الموالاة، وإلا بطل الوضوء، وعليه إعادته من رأس.
مثاله: ما لو غسل اليد اليسرى قبل اليمنى فيمكنه تصحيح الوضوء بأن يعيد غسل
اليسرى بعد اليمنى، ما لم يكن غسله لليسرى أولا قد استلزم فوات الموالاة الواجبة
بين غسل الوجه واليمنى، حيث يبطل وضوؤه عندئذ، ويجب عليه إعادته.
الشرط العاشر: الموالاة بين أفعال الوضوء. وهي التتابع بين أفعال الوضوء
من الغسل والمسح، بنحو لا يتحقق - في الأحوال العادية - جفاف تمام الأعضاء
السابقة قبل الشروع في العضو الحالي. كأن يكون قد جف كل من الوجه واليد
اليمنى، قبل الشروع في اليسرى. فعندئذ يحكم ببطلان الوضوء ولزوم إعادته.
(296) - الأحوط وجوبا ابطال الوضوء وإعادته، فيما لو اقتصر الجفاف على
العضو الذي يسبق العضو الحالي فقط. فلو جفت اليد اليمنى دون الوجه قبل غسل
اليسرى مثلا لزم إعادة الوضوء على الأحوط وجوبا.
(297) - إذا راعى التتابع في إتيان أفعال الوضوء، لكن جفت الأعضاء
السابقة نتيجة حرارة الجو أو البدن، فلا يقدح ذلك في صحة الوضوء.
(298) - لا بأس بالمشي أثناء الوضوء، فلا يقدح في صحة الوضوء السير عدة
خطوات بعد إتمام الغسل وقبل المسح مثلا.
الشرط الحادي عشر: مباشرة المكلف أفعال الوضوء من الغسل والمسح
بنفسه. فلو وضأه غيره، أو ساعده وشاركه في عملية الغسل أو المسح، بطل
78

وضوؤه في غير حال الاضطرار.
(299) - المراد من مساعدة الغير له في الغسل أو المسح القادحة في الوضوء
هي معاونته ومشاركته في نفس الفعل، فلا يقدح العون في المقدمات، من قبيل تهيئة
الماء وصبه على الأعضاء، إذا كان المباشر للغسل نفس المكلف.
(300) - من عجز عن الوضوء بنفسه يجب عليه استنابة شخص ليوضئه. وإذا
توقف ذلك على أن يبذل له أجرة وجب بذلها إن كان قادرا على ذلك. لكن يجب
عليه أن يتولى النية بنفسه ويقوم بالمسح بيده، فإن عجز أعانه النائب في ايصال يده
(المكلف) إلى موضع المسح والمسح عليه، وإن لم يمكن ذلك أيضا أخذ النائب من
رطوبة يده (المكلف) ومسح له رأسه وقدميه من هذه الرطوبة. والأحوط وجوبا
له ضم التيمم أيضا إن لم يكن فيه محذور، أو كان محذوره أقل.
(301) - إذا قدر على فعل من أفعال الوضوء وجب عليه مباشرته بنفسه و
لا يجوز له الاستنابة فيه.
الشرط الثاني عشر: عدم المانع من استعمال الماء لخوف مرض أو عطش
يصيبه شخصيا أو يصيب أحدا من عياله أو متعلقيه، أو مرافقيه في السفر بنحو
يكون في تحمله مشقة بل أو الدابة التي في ذبحها ضرر عليه كما يأتي تفصيله في باب
التيمم.
(302) - إذا كان المضر بحاله استعمال مقدار من الماء يزيد عما يحتاجه للوضوء
الواجب، لكن كان استعمال قليل من الماء - يكفي في الوضوء - لا يضره، يجب عليه
الوضوء مقتصرا على استعمال هذا المقدار.
(303) - لو توضأ في حال الخوف من الضرر أو العطش برجاء عدم حصوله،
ثم تبين له فيما بعد عدم الضرر، فوضوؤه صحيح.
79

(304) - من لم يكن عالما بحصول الضرر له من استعمال الماء، ولا خائفا من
حصوله، يصح وضوؤه، حتى لو تبين له فيما بعد وجود الضرر.
الشرط الثالث عشر: عدم وجود مانع من وصول الماء إلى أعضاء الوضوء،
وإلا كانت وظيفته وضوء الجبيرة أو التيمم. كما سيأتي تفصيله في بابه.
(305) - إذا علم بوجود شئ على أعضاء وضوئه، لكن شك في حاجبيته و
مانعيته عن وصول الماء، فيجب عليه إزالته أو إيصال الماء تحته.
(306) - إذا شك المكلف في وجود حاجب على أعضاء وضوئه، فإن كان
شكه واحتماله عقلائيا، كأن يشك بعد اشتغاله بالطين مثلا في بقاء شئ على يديه
يحجب ماء الوضوء، وجب عليه في هذه الصورة الفحص أو تنظيف الموضع إلى أن
يطمئن بزواله لو كان، أو وصول الماء تحته. وإذا توضأ في هذه الحال غافلا، ثم
انكشف فيما بعد وجود الحاجب، فوضوؤه باطل. أما إذا احتمل عدم وجود
الحاجب وتوضأ برجاء عدم وجوده، أو غفل عنه بعد أن شك في وجوده، ثم
انكشف عدم وجوده، فصحة وضوئه لا تخلو من وجه.
(307) - الأوساخ التي تكون تحت الأظفار لا تضر بصحة الوضوء، ما دام
طول الأظفار متعارفا، ولم تكن هذه الأوساخ تحجب شيئا من ظاهر اليد. نعم إذا
قلمت الأظفار، فصار ما تحتها معدودا من الظاهر، يجب إزالة الأوساخ المانعة عن
وصول الماء عنه.
(308) - الواجب في الوضوء حين الغسل أو المسح أن يكون ذلك لظاهر
العضو. فيجزي غسل أو مسح موضع الانتفاخ الحاصل في الجلد نتيجة الحروق
عادة، ما دام محسوبا جزءا من الموضع. حتى لو أمكن ثقب مكان منه بشكل يسمح
بوصول الماء إلى باطنه فلا يجب ذلك. بل يكتفي بغسل القشرة الخارجية. ولو سلخ
80

بعض الجلدة حتى صار ما تحتها من الظاهر وجب غسله، لكن يكفي غسل ظاهر
القسم المتبقي، ولا يجب ايصال الماء إلى تحته. وفي صورة ما لو سلخ الجلد لكنه بقي
معلقا بنحو يغطي مكانه من العضو تارة، ويتدلى عنه أخرى، يجب إما قطعه، أو
ايصال الماء تحته، أو العمل في كل حالة بوظيفتها، فيجتزى بغسله حين تغطيته
الموضع، بينما يغسل ما تحته حين انكشافه.
(309) - لا يضر وجود الأوساخ التي يقطع بعدم مانعيتها من وصول ماء
الغسل أو المسح إلى العضو، فيصح الوضوء مع وجود مثل التراب أو بقايا غبار
الجص والكلس، ونحوها مما يعلم عدم مانعيته من وصول الماء. أما إذا شك في
مانعيتها من وصول الماء وعدمها، فيجب إزالتها.
(310) - المواد الدهنية التي يفرزها الجسد لا تضر بالوضوء، إن لم يكن لها
جرم يمنع وصول الماء. وإذا علم المكلف أن في محل الوضوء دسومة بدرجة تمنع
وصول الماء، يمكنه تجفيف ذلك المحل، ثم الإتيان بالوضوء.
(311) - من كان يعلم بوجود الحاجب قبل الوضوء على بعض أعضائه، و
شك بعد الفراغ من وضوئه أنه قد أزال هذا الحاجب حين الوضوء أم لا. فإنما يصح
وضوؤه فيما لو احتمل أنه التفت إليه عند الوضوء وأزاله. أما إذا لم يحتمل ذلك،
فوضوؤه باطل.
(312) - إذا كان على بعض أعضاء الوضوء حاجب، يمنع من وصول الماء
تارة ويسمح به أخرى، وشك المكلف بعد الوضوء في وصول الماء تحته أثناء
الوضوء وعدمه، فإذا أحرز أنه لم يكن ملتفتا إلى وصول الماء تحته، فالأحوط
وجوبا إعادة الوضوء.
(313) - إذا رأى بعد الوضوء حاجبا على بعض أعضائه، ولم يحرز أنه كان
81

موجودا حين الوضوء أم حصل بعده، فوضوؤه صحيح. لكن لو علم أنه لم يكن
ملتفتا لهذا الحاجب حين الوضوء، فالأحوط وجوبا إعادة الوضوء.
(314) - إذا شك بعد الوضوء في وجود حاجب على الأعضاء أثناءه،
فوضوؤه صحيح.
أحكام الخلل والشك في الوضوء
(315) - كثير الشك في الوضوء لا يعتني بشكه، سواء كانت كثرة شكه متعلقة
بأفعال الوضوء أم بشروطه.
(316) - من توضأ ثم شك في بطلان وضوئه، بنى على بقائه. ويستثنى من
ذلك ما إذا كان قد بال، ثم توضأ دون أن يستبرئ من البول، فرأى رطوبة مشتبهة
بالبول بعد الوضوء، حيث يحكم ببطلان وضوئه في هذه الصورة كما مر في الكلام
حول الاستبراء.
(317) - من كان محدثا، ثم شك في أنه قد توضأ، يبني على أنه محدث، فيجب
عليه الوضوء لما يشترط به.
(318) - من شك بعد الصلاة في أنه كان متوضئا أم لا، فصلاته صحيحة، لكن
يجب عليه الوضوء للصلوات الآتية.
(319) - إذا شك في أثناء الصلاة أنه كان توضأ أم لا فصلاته باطلة، وعليه
الوضوء وإعادة الصلاة. نعم يجوز له في هذه الحالة اكمال صلاته برجاء ادراك
الواقع ووقوعها صحيحة، فإذا انكشف له بعد ذلك أنه كان متوضئا، يحكم بصحة
صلاته على الأظهر. بل يجوز له ذلك حتى لو كان مترددا في الوضوء قبل الشروع في
82

الصلاة إذا كان ظانا به، فيدخل فيها برجاء ادراك الواقع فإذا تبين فيما بعد أنه كان
متوضئا، يحكم بصحة صلاته على الأظهر.
(320) - من شك بعد الصلاة في أن بطلان وضوئه قد كان قبل الصلاة أو
بعدها، فصلاته التي صلاها صحيحة.
(321) - من تيقن - أثناء الوضوء أو بعده - أن بعض مواضع الوضوء لم تغسل،
أو لم تمسح، فإن كانت المواضع المتقدمة على ذلك الموضع قد جفت، فعليه إعادة
الوضوء، ولا يمكنه التدارك في هذه الصورة. أما إذا لم تكن تلك الأعضاء قد جفت
فيمكنه التدارك بغسل العضو أو مسحه مع رعاية الترتيب فيما بعد ذلك العضو، و
يصح وضوؤه. والحكم كذلك أيضا فيما لو شك أثناء الوضوء في تجاور بعض أعضائه
من دون غسل أو مسح.
(322) - من تيقن الوضوء والحدث، فعلم أنه توضأ كما علم أنه أحدث، لكن
شك في المتقدم منهما والمتأخر، فله ثلاث صور:
الأولى: أن يكون شكه هذا قبل الصلاة، فعليه أن يتوضأ.
الثانية: أن يكون الشك أثناء الصلاة، فيجب عليه قطعها والوضوء، ثم
إعادتها.
الثالثة: أن يكون الشك بعد الصلاة، فيحكم بصحة صلاته، لكن عليه
الوضوء للصلوات الآتية.
83

المسلوس والمبطون ونحوهما
توضيح: المسلوس: هو المصاب بمرض يمنعه من السيطرة على خروج البول،
فيخرج منه بشكل شبه مستمر ولو قطرة قطرة. والمبطون: هو المصاب بمرض يمنعه
من التحفظ على خروج الغائط كذلك.
(323) - من استمر به الحدث في الجملة كالمسلوس والمبطون ونحوهما، له
أربع حالات:
الأولى: أن تكون له فترة - ينقطع فيها البول أو الغائط - تسع الوضوء و
الصلاة الاختيارية ولو باتيان خصوص الواجبات فيها وإسقاط المستحبات. و
حكمه وجوب انتظار تلك الفترة، والوضوء والصلاة فيها، إذا لم يكن في مراعاة
تلك الفترة عسر وحرج عليه.
الثانية: أن يكون هناك فاصل بين الحدث والحدث يسع الطهارة وبعض
الصلاة، ولو كان ذلك في خصوص فترة معينة، ولا يكون عليه - في تجديد الوضوء
أثناء الصلاة مرة أو مرات - حرج، ولم يلزم من ذلك فعل مبطل للصلاة. ففي هذه
الصورة يجب عليه أن يضع الماء إلى جانبه، ويعيد الوضوء كلما فاجأه الحدث أثناء
الصلاة. والأحوط استحبابا في هذه الصورة أن يعيد الصلاة ثانية بوضوء واحد
أيضا، دون تكرار الوضوء أثناء الصلاة.
الثالثة: نفس الصورة الثانية، لكن كان عليه حرج ومشقة في إعادة الوضوء
عند كل حدث، فهنا عليه أن يتوضأ لكل فريضة وضوءا واحدا إن أمكنه ذلك.
الرابعة: أن يكون الحدث متتابعا منه، بشكل لا يكون بين الحدث والحدث
84

فترة أو فاصل زمني، يسمح بالوضوء واتيان جزء من الصلاة. والأحوط وجوبا
في هذه الصورة أن يتوضأ لكل صلاة، وإذا كان وضعه يسمح باتيان جزء من
الصلاة فيما لو تيمم بدلا عن الوضوء - لكون التيمم يأخذ وقتا أقل مثلا - فعليه أن
يضم التيمم إلى الوضوء كذلك.
(324) - من يستمر به الحدث كالمبطون والمسلوس، عليه أن يتوضأ لكل
صلاة والمبادرة إليها فورا. لكن لا يجب عليه تجديد الوضوء لقضاء السجدة و
التشهد المنسيين، ولا لصلاة الاحتياط، بشرط أن يأتي بذلك بعد الصلاة فورا.
(325) - الذي يستمر خروج الريح منه في الجملة، بنحو لا يتمكن من السيطرة
عليه وحبسه، حكمه حكم المسلوس والمبطون.
(326) - يجب على المسلوس التحفظ من تعدي بوله بكيس فيه قطن ونحوه، و
يجب تبديله مع كل وضوء إن تنجس وتغييره في أثناء الصلاة، إلا إذا استلزم
الفعل الكثير. والأحوط تطهير الحشفة إن أمكن من غير حرج ولا استلزام لترك
التستر اللازم تكليفا ووضعا ويجب التحفظ بما أمكن في المبطون أيضا كما أن
الأحوط فيه أيضا تطهير المخرج إن أمكن من غير حرج.
(327) - المسلوس والمبطون ونحوهما، إن تمكن من حبس البول والغائط
أثناء الصلاة، دون لزوم مشقة وحرج وخوف ضرر، وجب عليه ذلك، حتى لو
احتاج الأمر إلى بذل نفقات بمقدوره تحملها. والأحوط وجوبا معالجة مرضه، إن
كان مرضه ممكن العلاج من دون لزوم عسر.
(328) - لا يجب على المسلوس والمبطون ونحوهما قضاء ما صلاه حين مرضه،
فيما لو كان قد أداه مطابقا لوظيفته الفعلية حينئذ. نعم لو شفي وفي الوقت متسع لإعادة
الصلاة، فالأحوط استحبابا له إعادة الصلاة التي كان قد صلاها في ذلك الوقت.
85

غايات الوضوء
غايات الوضوء الواجبة:
(329) - يجب الوضوء لست غايات:
1 - للصلاة الواجبة، باستثناء الصلاة على الميت.
2 - لقضاء السجدة والتشهد المنسيين، فيما لو أحدث بعد الصلاة قبل قضائهما،
والأحوط وجوبا الوضوء أيضا لسجدتي السهو.
3 - للطواف الواجب حول الكعبة.
4 - وفاءا للنذر واليمين والعهد، لو نذر الوضوء أو حلف أو عاهد الله عليه.
5 - لمن نذر مس كتابة القرآن أو شئ من أسماء الله وصفاته الخاصة بشئ
من بدنه. فيتوقف وفائه بالنذر على الوضوء.
6 - لمباشرة فعل يلزم منه مس كتابة القرآن، أو شئ من أسماء الله وصفاته
الخاصة. كتطهير القرآن المتنجس، أو إخراجه من مكان نجس وقع فيه، ونحو ذلك،
فيما لو توقف تطهيره أو إخراجه على مسه بشئ من بدنه. لكن لو كان في تأخير
تطهيره أو اخراجه ريثما يتوضأ هتك القرآن، فالواجب اخراجه وتطهيره من دون
وضوء.
(330) - الأحوط وجوبا إلحاق أسماء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام) و
السيدة الزهراء (عليها السلام) بكلمات القرآن، في لزوم الوضوء لمن نذر مسها، أو لمن أراد
إخراجها من مكان نجس، أو تطهيرها، بنحو توقف ذلك على مسها.
86

(331) - يحرم مس كتابة القرآن بالبدن على غير المتوضئ، ولا بأس بمس
ترجمته. وكذا يحرم مس اسم الباري تعالى بأية لغة كان. أما المس بالشعر فالأظهر
عدم المنع منه، حتى لو كان الشعر قصيرا.
(332) - الأحوط وجوبا ترك مس أسماء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة والسيدة
الزهراء (عليهم السلام) من دون وضوء.
(333) - لا يجب منع الصبي والمجنون من مس كتابة القرآن أو أسماء الله و
صفاته الخاصة، إلا إذا كان في مسهما لها هتك لحرمتها، فيجب منعهما حينئذ.
(334) - يصح الوضوء أو الغسل قبل دخول وقت الصلاة بقصد الكون على
طهارة.
(335) - من تيقن دخول وقت الصلاة، فتوضأ بنية الوجوب، ثم تبين له أن
الوقت لم يدخل، فوضوؤه صحيح.
غايات الوضوء المستحبة:
(336) - يستحب الوضوء لكل من الأمور التالية:
الصلاة على الميت، وزيارة القبور، والذهاب إلى المسجد، وزيارة حرم
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام)، وكذا لحمل القرآن، وتلاوته، وكتابته، ولمس
هوامشه. كما يستحب للنوم أيضا.
(337) - يستحب لمن كان على وضوء أن يجدد وضوءه.
(338) - إذا توضأ المكلف لأحد هذه الأمور المستحبة المذكورة، يجوز له أن
يأتي بأي عمل يتوقف على الوضوء، كالصلاة مثلا.
87

مبطلات الوضوء
(339) - مبطلات الوضوء سبعة:
1 - البول. وفي حكم البول الرطوبة المشتبهة بالبول التي تخرج قبل الاستبراء
منه.
2 - الغائط.
3 - خروج الريح - إذا كان من المعدة أو الأمعاء - سواء خرج من مخرج
الغائط أو من غيره إذا صدق عليه الاسم.
4 - النوم الغالب على البصر والسمع معا، دون ما غلب على البصر وحده.
وكذا لا يبطل الوضوء انشغال الفكر بنحو يحجب السمع ما لم يتحقق النوم.
5 - ما يزيل العقل كالجنون والسكر والإغماء.
6 - الاستحاضة للنساء على تفصيل يأتي إن شاء الله. والحيض والنفاس
كذلك.
7 - الجنابة. وكذا مس الميت على الأحوط - وجوبا - بناء على عدم كفاية
غسل المس عن الوضوء. بمعنى أنه إذا قلنا بإجزاء غسل المس عن الوضوء، فبعد
الغسل لا حاجة للوضوء، سواء كان متوضئا قبل المس أم لا. أما إذا قلنا بعدم
إجزائه، فإن كان متوضئا قبل المس يجب الوضوء بعد الغسل احتياطا.
88

وضوء الجبيرة
(340) - إذا كان على أحد أعضاء الوضوء في المواضع التي يجب غسلها من
الوجه أو اليدين كسر أو جرح أو قرح مكشوف دون تضميد أو تجبير، فإن لم يكن
الوضوء مضرا به وجب الوضوء لأجل الصلاة كما في الحالات العادية. أما إن كان
إجراء الماء عليه بأقل ما يصدق معه الغسل مضرا به فله صورتان:
1 - تارة يمكنه المسح بنداوة يده على الموضع بنحو لا يصدق معه الغسل،
فالأحوط وجوبا في هذه الصورة أن يمسح عليه كذلك أولا، ثم يحتاط وجوبا بوضع
خرقة طاهرة عليه ومسحها برطوبة يده بقصد إتيان الوظيفة الفعلية من المسح أو
الغسل.
2 - وأخرى لا يتمكن من المسح كذلك لكونه مضرا به، أو لكون الجرح نجسا
ولا يمكن تطهيره، فيجب عندئذ غسل أطرافه مع مراعاة الأعلى فالأعلى، ثم يضع
على الأحوط وجوبا خرقة طاهرة على الموضع ويمسح عليها بنداوة يده إن أمكن
ذلك دون لزوم حرج، وإلا كفاه غسل الأطراف. والأحوط استحبابا ضم التيمم.
(341) - إذا كان الجرح ونحوه في مواضع المسح، وكان مكشوفا فلم يكن عليه
جبيرة، فإن أمكن المسح عليه دون مانع - من لزوم ضرر أو نجاسة الموضع بنحو
لا يمكن تطهيره - وجب ذلك، وإلا وضع خرقة طاهرة عليه ومسح عليها. وإن
لم يمكن ذلك أيضا لم يجب المسح، لكن عليه التيمم بعد الوضوء على الأحوط وجوبا.
(342) - إذا كانت الجبيرة في مواضع الغسل، وأمكن غسل ما تحتها بنزعها أو
غمسها في الماء بنحو يصدق معه الغسل، وجب ذلك إن لم يكن ثمة مانع من لزوم
89

ضرر أو كون الجرح نجسا بنحو لا يمكن تطهيره. وإذا لم يمكن غسل ما تحتها، لكن
أمكن نزعها ومسح الموضع بنداوة اليد، فالأحوط وجوبا الجمع بين مسحها و
وضع خرقة طاهرة عليها والمسح عليها أيضا، وإن لم يصدق الغسل على المسح
المذكور فالأحوط وجوبا ضم التيمم إليه أيضا. وكذا يجمع بين المسح والتيمم على
الأحوط وجوبا فيما لو خاف الضرر من المسح بنداوة اليد، حيث عليه في هذه
الصورة على الأحوط أن يمسح بيد جافة على الموضع ثم يضم التيمم. أما إذا لم يمكن
نزع الجبيرة، أو أمكن ذلك لكن كان في ايصال الماء إلى الموضع ضرر، أو كان
الموضع نجسا بنحو لا يمكن تطهيره، فعليه في هذه الصورة غسل أطراف الجبيرة و
المسح عليها إن كانت طاهرة. أما إن كانت نجسة، أو لم يمكن المسح عليها لوجود
دواء أو مرهم عليها يلصق باليد لدى المسح، فيضع خرقة طاهرة عليها بنحو تعد
معه جزءا منها، ويمسح عليها بنحو يتحقق معه الغسل والمسح على الأحوط. فإن
لم يمكن ذلك فليغسل أطرافها، ثم يضم إليه التيمم على الأحوط استحبابا.
(343) - إذا كانت الجبيرة في مواضع المسح من الرأس أو القدمين، فإن أمكن
نزعها والمسح على الموضع دون مانع من لزوم ضرر أو كون الجرح نجسا وجب
ذلك، وإلا مسح على الجبيرة إن كانت طاهرة، أو وضع خرقة طاهرة عليها بنحو
تعد معه جزءا منها إن لم تكن طاهرة، ومسح عليها.
(344) - أحكام الجبيرة المتقدمة مختصة بالجبيرة الموضوعة على الموضع في
موارد الجرح أو القرح أو الكسر. وأما في غيرها كالعصابة التي يعصب بها العضو
لألم أو ورم ونحو ذلك، أو فيما لو كان الماء مضرا بالعضو مع عدم وجود جبيرة،
فيجب التيمم والأحوط وجوبا ضم وضوء الجبيرة إليه، إذا لم يكن التضرر من الماء
شاملا لجميع أعضاء الوضوء.
90

(345) - إذا أجريت عملية فصد لأحد مواضع الوضوء، ولا يمكن غسله أو
مسحه للزوم ضرر من ذلك، يجب العمل بحكم الجبيرة. والأحوط وجوبا ضم
التيمم إليه
(346) - إذا غطت الجبيرة جميع الوجه أو تمام إحدى اليدين، أو كلتيهما، يجب
وضوء الجبيرة. والأحوط وجوبا ضم التيمم إليه.
(347) - إذا غطت الجبيرة جميع أعضاء الوضوء الواجب غسلها ومسحها،
وجب التيمم على الأظهر. لكن لو كان التيمم أيضا تيمم جبيرة، فالأحوط وجوبا
الجمع بين الوضوء والتيمم
(348) - إذا غطت الكف والأصابع جبيرة وقد مسح عليها أثناء وضوئه،
يجوز له مسح الرأس والقدمين من الرطوبة المتبقية عليها من ماء وضوء الجبيرة.
(349) - إذا غطت الجبيرة كامل القدم عرضا، لكن لم تشملها طولا فبقي
مقدار منها كالأصابع أو شئ من جهة الكعبين مكشوفا، فيجب المسح على القدم في
الموضع المكشوف منها، وعلى الجبيرة في الموضع المغطى بها.
(350) - إذا اجتمعت عدة جبائر على العضو، وجب غسل ما بينها إن كانت
في موضع الغسل، ومسحه إن كانت في موضع المسح، والعمل في موضع الجبيرة
بحسب الوظيفة المقررة.
(351) - إذا غطت الجبيرة مقدارا زائدا عما يغطى في مثل هذه الحالة عادة و
لم يمكن نزعها عنه أو ايصال الماء تحتها، وجب العمل بحكم الجبيرة. والأحوط
وجوبا ضم التيمم. وإذا أمكن نزعها أو ايصال الماء إلى المقدار الواجب ايصاله إليه
- غسلا أو مسحا - وجب القيام بذلك والعمل بما تبقى حسب الوظيفة المقررة
(352) - إذا لصق شئ في موضع الوضوء أو الغسل بنحو لم يمكن نزعه، أو كان
91

في نزعه مشقة لا تتحمل، وجب على الأظهر العمل بحكم الجبيرة. والأحوط الجمع
بين التيمم ووضوء الجبيرة.
(353) - غسل الجبيرة كوضوئها، لكن يجب على الأحوط إتيانه ترتيبيا.
(354) - من كانت وظيفته التيمم إذا كان في بعض مواضعه جرح أو قرح أو
كسر وجب عليه تيمم الجبيرة على نحو وضوء الجبيرة.
(355) - الأرمد ونحوه ممن لا يمكنه ايصال الماء إلى أطراف عينيه أو أهدابها
بسبب التصاقها، أو يضره ذلك، يجب عليه العمل بحكم الجبيرة في الوضوء والغسل
مع ضم التيمم على الأحوط وجوبا، هذا إذا لم يلزم منه العسر وإلا تعين التيمم
(356) - في كل مورد يشك في أن الوظيفة هي وضوء الجبيرة أو التيمم، من
دون حجة على تعيين أحدهما، فالأحوط وجوبا الجمع بينهما.
(357) - يجوز لمن وظيفته وضوء الجبيرة أو غسلها الصلاة في أول الوقت إذا
علم بعدم ارتفاع العذر إلى آخره، وعندئذ لا يجب عليه إعادة ما صلاه حتى لو
ارتفع العذر داخل الوقت، بل يمكنه الاتيان بالأعمال الأخرى المتوقفة على الطهارة
بوضوء الجبيرة هذا. أما إذا كان يرجو ارتفاع العذر قبل مضي الوقت، فالأحوط
وجوبا له الصبر، فإن لم يرتفع عذره آخر الوقت أتى بصلاته بعد وضوء الجبيرة أو
غسلها.
(358) - الصلوات التي يصليها المكلف بوضوء الجبيرة صحيحة، ولا يجب
عليه الوضوء أيضا بعد ارتفاع العذر للصلوات الآتية. لكنه لو كان قد جمع بين
وضوء الجبيرة والتيمم، بسبب عجزه عن تشخيص الواجب منهما عليه، فعليه على
الأحوط وجوبا في صورة استمرار الجهل الوضوء للصلوات الآتية.
92

الغسل
الأغسال الواجبة سبعة:
1 - غسل الجنابة
2 - غسل الحيض
3 - غسل النفاس
4 - غسل الاستحاضة
5 - غسل مس ميت
6 - غسل الميت
7 - الغسل الواجب بنذر أو شبهة
أحكام الجنابة
ما تتحقق به الجنابة:
(359) - تتحقق الجنابة بأحد أمرين: الأول - خروج المني، والثاني - الجماع.
خروج المني:
(360) - لا فرق في ترتب الجنابة على خروج المني بين كونه في اليقظة أو النوم،
باختيار أو بدونه، قليلا كان مقداره أو كثيرا، بشهوة أو بلا شهوة، ما دام قد أحرز
كونه منيا.
93

(361) - إن خرجت رطوبة وشك في كونها منيا، فإن كان معافى صحيح
الجسم، فالشهوة والدفق وفتور الجسد أمارة على كونها منيا، فمع تحقق هذه الثلاثة
يحكم بكونها منيا، بل ثبوت كونها منيا بمجرد الشهوة والدفق لا يخلو من وجه. أما
إذا كان مريضا فيكفي الخروج بشهوة، ولا يشترط الدفق على الأظهر الأحوط. و
إلحاق المرأة بالرجل في الحكم في الصحة والمرض لا يخلو من وجه.
(362) - يستحب الاستبراء بالبول بعد خروج المني ويترتب عليه عدم
الحكم بالجنابة لو خرجت رطوبة مشتبهة بالمذي ونحوه بعده، فلو لم يستبرء بالبول،
وخرجت منه رطوبة مشتبهة بالمني بعد الغسل، يحكم بكونها منيا. أما لو كان
قد استبرأ قبله فيحكم بكونها بولا إذا لم يكن قد استبرأ من البول، فلا توجب إعادة
الغسل.
(363) - من لم يتمكن من الاستبراء بالبول أجزأه الاستبراء بالخرطات
بالكيفية التي ذكرت في بحث التخلي. وهو يفيد فائدة الاستبراء بالبول.
(364) - إذا تحرك المني من موضعه لكنه لم يخرج، أو شك الانسان في خروجه و
عدمه، لا يجب الغسل. وكذا لو رأى نفسه أثناء النوم محتلما، لكنه لم يجد أثرا للمني
حين الاستيقاظ.
(365) - إذا خرج مني الرجل من المرأة بعد إتيانها الغسل، فلا يجب عليها
الغسل ثانية. وكذا لو شكت في أن الخارج هو مني الرجل أو منيها هي. أما إذا
علمت أو اطمأنت أن الخارج هو منيها، أو خليط منه ومن مني الرجل فيجب عليها
الغسل.
(366) - من وجد على ثوبه منيا، وعلم أنه مني خرج منه ولم يغتسل له،
وجب عليه أن يغتسل ويقضي أو يعيد الصلوات التي يتيقن - أو يطمأن - أنه صلاها
94

بعد خروج هذا المني.
الجماع:
(367) - تتحقق الجنابة بالجماع بدخول الحشفة أو مقدارها في قبل المرأة وإن
لم ينزل. فيحكم عندئذ بجنابة الطرفين، بل الأظهر تحقق الجنابة بجماع المرأة في دبرها
أيضا. بل الأظهر والأحوط ذلك أيضا لو جامع ذكرا في دبره. كما أن الأحوط
تحققها لو وطأ حيوانا كذلك.
(368) - إذا شك في تحقق دخول الحشفة - أو مقدارها - لم يجب عليه الغسل.
(369) - من وطأ حيوانا فإن كان قد أنزل فيكفيه الغسل. أما إذا لم ينزل فإن
كان على وضوء قبل الوطي، فيكفيه الغسل أيضا على الاحتياط المتقدم لكن إذا
لم يكن متوضئا ولم ينزل فيجب عليه على الأحوط وجوبا الجمع بين الغسل و
الوضوء.
(370) - العاجز عن الغسل لسبب من الأسباب يجوز له مجامعة زوجته، وإن
كان بعد دخول الوقت، بشرط أن يكون قادرا على التيمم.
ما يحرم على الجنب:
(371) - يحرم على الجنب أمور خمسة:
1 - مس خط القرآن الكريم أو اسم الله تعالى وسائر أسمائه وصفاته المختصة
به على الأقوى بشئ من بدنه. وكذا على الأحوط مس أسماء الأنبياء والأئمة و
السيدة الزهراء (عليهم السلام) كما مر في الوضوء.
2 - اللبث في المساجد، لكن لا مانع من اجتيازها بالدخول من باب و
الخروج من باب آخر كما لا مانع من الدخول لأخذ شئ منها. والأحوط وجوبا
95

عدم اللبث أيضا في مشاهد الأئمة (عليهم السلام) بل عدم العبور منها أيضا أو من أروقتها.
3 - المرور في المسجد الحرام أو مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى لو كان اجتيازا
بالدخول من باب والخروج من آخر. وكذا لا يجوز الدخول إليها لأخذ شئ منها
على الأحوط.
4 - وضع شئ في المساجد.
5 - قراءة سور العزائم وهي التي تتضمن سجدة واجبة. وهي أربع سور:
أ - السجدة (ألم) السورة " 32 " ب - فصلت رقمها " 41 "
ج - النجم رقمها " 53 " د - العلق رقمها " 96 "
فيحرم عليه قراءة هذه السور مطلقا ولو كلمة واحدة منها.
ما يكره للجنب:
(372) - يكره للجنب أمور:
1 و 2 - الأكل والشرب. وترتفع الكراهة بالوضوء، كما تقل بغسل الوجه و
اليدين والمضمضة والاستنشاق.
3 - قراءة أكثر من سبع آيات إلى سبعين آية من القرآن من غير سور العزائم
على الأحوط. وتشتد الكراهة في قراءة ما جاوز السبعين.
4 - مس جلد القرآن وحواشيه وما بين كلماته بشئ من بدنه.
5 - اصطحاب القرآن معه.
6 - النوم، وترتفع الكراهة بالوضوء، أو بالتيمم بدلا عن الغسل حين العجز
عن الغسل.
7 - الخضاب بالحناء ونحوها.
96

غسل الجنابة وكيفيته:
(373) - غسل الجنابة مستحب في نفسه. ويجب لأجل أمور كالصلاة و
الصوم وغيرهما فهو شرط فيها. لكنه ليس شرطا في صلاة الميت وسجدة الشكر و
سجدة التلاوة عند قراءة إحدى آيات السجود الواجب أو سماعها.
(374) - للغسل سواء كان واجبا أم مستحبا كيفيتان يمكن إتيانه بأي منهما،
هما: الترتيبي والارتماسي. والغسل الترتيبي أفضل من الارتماسي.
الغسل الترتيبي
(375) - يجب في الغسل الترتيبي غسل الرأس والرقبة أولا، ثم الجانب
الأيمن، ثم الأيسر كل ذلك بنية الغسل. فإن خالف هذا الترتيب، عمدا أو جهلا أو
نسيانا، بطل الغسل. لكن يمكن تصحيحه بإعادة ما معه يتحقق الترتيب بشرط أن
يكون قد تحقق منه قصد القربة فيما أتى به صحيحا أولا.
(376) - الأحوط وجوبا رعاية الترتيب في غسل كل عضو من الأعضاء في
الغسل الترتيبي، بأن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل.
(377) - يجب غسل النصف الأيمن من العورة والسرة مع الجانب الأيمن، و
نصفهما الأيسر مع الجانب الأيسر.
(378) - يجب غسل شئ زائد عن كل عضو لتحصيل اليقين بغسل العضو
بشكل كامل، فيدخل شيئا من البدن في غسل الرأس والرقبة، كما يدخل شيئا من
الرقبة والأيسر في غسل الأيمن، وكذا في الأيسر.
(379) - إذا علم بعد الغسل ببقاء موضع من البدن دون غسل من دون تحديد
97

مكانه، وجب عليه إعادة الغسل.
(380) - إذا علم بعد الغسل بوجود موضع معين لم يصله الماء ولم يغسل، فإن
لم يكن قد صدر منه ما ينقض الوضوء، وجب عليه غسل ذلك الموضع، ثم إعادة
غسل ما بعده من الأجزاء. فإن كان في الجانب الأيسر اكتفى بغسل المكان الذي
لم يصله الماء، أما إن كان في الجانب الأيمن فعليه أن يغسل الموضع ثم يعيد غسل
الجانب الأيسر. وإن كان في الرأس أو الرقبة، يغسل الموضع ثم يعيد غسل الأيمن
ثم الأيسر. وهذا كله بناءا على ما هو الأظهر من اعتبار الترتيب بين الرأس و
الرقبة مع جانبي البدن، وما هو الأحوط من لزوم الترتيب بين الجانبين، وبناء على
ما هو الأظهر أيضا من عدم اعتبار التدرج في الغسل من الأعلى إلى الأسفل في حال
النسيان. أما إذا كان قد صدر منه ما ينقض الوضوء، فعليه على الأحوط إعادة
الغسل ثانية، والوضوء لإتيان ما يشترط فيه الوضوء، كالصلاة وشبهها.
الغسل الارتماسي
(381) - يصح الغسل برمس البدن في الماء تدريجيا بنية الغسل الارتماسي. و
الأحوط أن يكون ناويا الغسل بما يتحقق به الغسل الارتماسي من لدن الشروع
برمس بدنه في الماء. والأظهر كفاية النية أثناء تغطية كامل البدن في الماء.
(382) - إذا نوى الغسل أثناء وجود بدنه بكامله تحت الماء، ثم حرك بدنه
بهذا القصد فغسله صحيح.
(383) - إذا علم بعد الغسل الارتماسي فورا بعدم وصول الماء إلى موضع في البدن،
يجزيه غسل ذلك الموضع إن تمكن من معرفته وتحديده. أما إن لم يعرف مكانه، أو
كان التفاته إلى عدم وصول الماء إليه بعد مضي مدة وفاصل زمني، فعليه إعادة الغسل.
98

أحكام الغسل
(384) - يشترط في الغسل الارتماسي طهارة كامل البدن قبل رمسه، إلا أن
تكون الطهارة مما تحقق مع الغسل في آن واحد.
(385) - لا يشترط في الغسل الترتيبي طهارة كامل البدن قبل الشروع، فلو
كان البدن نجسا يكفي تطهير كل عضو قبل غسله. وإن كان الأحوط استحبابا
طهارة البدن بكامله قبل الشروع في الغسل مطلقا.
(386) - لو بقي موضع من البدن دون غسل، فالغسل باطل. ولا يجب غسل
البواطن مثل باطن الأذن والعين.
(387) - لا يجب غسل الموضع الذي يشك في كونه من الباطن أو من الظاهر،
وإن كان الأحوط استحبابا غسله لكن هذا في غير موارد استصحاب الظاهر، أما
في موارده كما لو كان شئ معدودا من الظاهر ثم شك في صيرورته من الباطن
فاللازم غسله.
(388) - يشترط في الغسل عدم وجود حاجب أو مانع يمنع من وصول الماء
إلى البدن.
(389) - إذا شك قبل الغسل في وجود حاجب على البدن، يجب عليه على
الأحوط الفحص حتى يطمئن بعدم وجوده. لكن إذا اغتسل دون أن يفحص، ثم
انكشف بعد الغسل عدم وجوده، فغسله صحيح بشرط أن يكون قد تحقق منه قصد
القربة.
99

(390) - وجوب ايصال الماء في الغسل إلى الشعرات القصيرة التي تبدو
البشرة من خلالها لا يخلو من قوة، لكن لا يجب غسل الشعرات الطويلة.
(391) - يشترط في صحة الغسل جميع ما يشترط في صحة الوضوء مما ذكرناه
في بابه، كطهارة الماء وإطلاقه وغيرهما. لكن يفترق عنه بأنه لا يجب في الغسل
الشروع من الأعلى إلى الأسفل في غسل الأعضاء، نعم هو في الترتيبي أحوط
وجوبي، كما لا تجب الموالاة في غسل الأعضاء في الغسل خلافا للوضوء.
(392) - من لا يتمكن من التحفظ على بوله أو غائطه، كالمسلوس والمبطون و
نحوهما، إذا كان له فترة يتوقف فيها الحدث تسع الغسل والصلاة، وجب عليه
المبادرة إلى إتيانهما فيها والموالاة في الغسل حينئذ، وكذا الحكم في المرأة
المستحاضة، كما سيأتي بيانه.
(393) - إذا أحدث بالأصغر أثناء الغسل، فيحتاط باستئنافه بقصد الوظيفة
الواقعية - الأعم من الغسل الكامل أو اكمال الغسل - وبالوضوء لما يشترط به.
(394) - من اجتمعت عليه أغسال واجبة متعددة يجوز له جمعها بغسل
واحد، كما يجوز له تفريقها واتيان كل منها على حدة.
(395) - يجزي غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به - فلا يجب الوضوء
على من اغتسل من الجنابة للصلاة ونحوها - أما الأغسال الأخرى فلا تجزي عن
الوضوء.
100

الدماء الثلاثة وأحكامها
1) - الحيض:
الحيض دم يخرج من رحم المرأة كل شهر عادة ويستمر لعدة أيام. ويكون
غالبا أحمر مائلا إلى السواد غليظا حارا يخرج بشئ من الدفق والحرقة.
(396) - كل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنوات ليس بحيض بشرط
احراز كونها لم تكمل التسع وعدم وجود أمارة أخرى - غير السن - على البلوغ
لديها. وكذا كل دم تراه المرأة بعد بلوغ سن اليأس لا يكون حيضا.
(397) - تبلع المرأة سن اليأس إذا كانت قرشية باكمالها ستين عاما قمريا. أما
غيرها فيبلغ اليأس باكمال خمسين سنة قمرية.
(398) - إذا رأت الفتاة التي لا تعلم أنها قد بلغت التسع أم لا دما، وتيقنت أنه
دم حيض، يجب عليها أن ترتب عليه أحكام الحيض.
(399) - المرأة التي تشك في بلوغها اليأس، إذا رأت دما ولم تحرز كونه حيضا
أم لا، يجب عليها البناء على عدم بلوغها اليأس.
(400) - الأقوى امكان مجامعة الحيض للحمل والارضاع، فيمكن للمرأة
الحامل أو المرضعة أن ترى الحيض، لكن إذا كان متأخرا عن أيام عادتها أكثر من
عشرين يوما، عليها أن تجمع بين وظيفة الحائض ووظيفة المستحاضة على
الأحوط.
(401) - أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة، فلو نقص عن ثلاثة ولو قليلا
لا يكون حيضا.
101

(402) - إذا طهرت الحائض، ثم رأت الدم ثانية بعد مضي عشرة أيام أو
أكثر، فإذا اجتمعت فيه سائر شرائط الحيض، واستمر أكثر من ثلاثة أيام و
لم يتجاوز العشرة، يكون الدم الثاني حيضا أيضا.
(403) - يجب أن تكون أيام الحيض الثلاثة الأولى متتابعة، فلو رأت الدم
يومين مثلا، ثم طهرت يوما، ثم رأت الحيض يوما آخر، فلا يحكم بكون ما رأته
حيضا.
(404) - إذا رأت الحيض ثلاثة أيام، ثم انقطع ثم عاد، ولم يتجاوز مجموع أيام
الحيض وأيام الطهر عشرة أيام، يكون الجميع - مع الطهر المتخلل بينهما - حيضا.
(405) - إذا رأت المرأة الدم أقل من ثلاثة أيام ثم طهرت، ثم رأته ثلاثة أيام،
فالدم الثاني حيض، والدم الأول ليس حيضا حتى لو كان في أيام عادتها.
(406) - إذا رأت المرأة دما مشتبها بين كونه دم حيض أم دم جرح، واستمر
ثلاثة أيام أو أكثر وانقطع دون العشرة، فإن كان في أيام عادتها أو جامعا لصفات
الحيض، تحكم بكونه حيضا.
(407) - إذا رأت الدم المشكوك في كونه دم حيض أو جرح أكثر من ثلاثة
أيام وأقل من عشرة، ولم يكن أيام عادتها ولا بصفات الحيض، فإن كانت حائضا
قبل ذلك، واحتملت كون هذا الدم تتمة للسابق، يكون حيضا. لكن الأظهر اعتبار
خروجه من الجانب الأيسر في الحكم بحيضيته، وخروجه من الجانب الأيمن كأمارة
على عدم كونه حيضا. ومع عدم امكان الفحص والتأكد من جهة خروجه، تعمل
بحسب الحالة السابقة. أما إذا كانت طاهرة قبل ذلك فلا تكلف بالتحيض
(408) - إذا رأت دما واشتبهت فيه بين الحيض والنفاس، فإن كان في أيام
عادتها تحكم بكونه حيضا، وإلا وجب عليها العمل بالوظيفة المشتركة بين الحائض
102

والنفساء. أي لا يجب عليها اتيان ما يجب على الحائض ولا يجب على النفساء، ولا
ما يجب على النفساء ولا يجب على الحائض. وإن كان اتيان مجموع وظائف
الحائض والنفساء مطابقا للاحتياط. بل لا يترك الاحتياط مع الامكان، ومع عدم
الامكان تعمل بنحو لا تقع فيه في لمخالفة القطعية.
(409) - إذا رأت المرأة دما اشتبهت فيه بين كونه دم حيض أو بكارة - و
لم تحتمل كونه ناشئا من سبب آخر غيرهما كجرح مثلا - وجب عليها الفحص
بإدخال قطنة في الفرج، وتصبر عليها قليلا، ثم تخرجها، فإن كانت مغمسة بالدم
كان حيضا، وإن كانت مطوقة به فهو بكارة. ويجب بالطبع ألا يكون الدم كثيرا،
لتتمكن من التفرقة بين كونه دم حيض أو بكارة بهذه الطريقة. أما إذا لم يمكنها
التشخيص، ولم يحصل لها اليقين بحاله، فإن كان الدم في أيام العادة حكمت بكونه
حيضا، وإذا لم يكن في أيام العادة عملت بحسب الحالة السابقة فإن كانت حالتها
السابقة الحيض تحيضت وإلا حكمت بعدم كونه حيضا.
أقسام الحائض وحالاتها
للحائض بلحاظ عادتها ست حالات:
1 - أن تكون ذات عادة وقتية وعددية. ويتحقق ذلك بأن ترى الدم
لشهرين متتابعين في وقت معين من الشهر ويستمر لمدة معينة. كأن ترى الدم في كل
من الشهرين المتتابعين أول الشهر، ويستمر لسبعة أيام مثلا.
2 - أن تكون ذات عادة وقتية. وهي التي ترى الدم شهرين متتابعين في
وقت معين، مع اختلاف مدة الحيض.
3 - أن تكون ذات عادة عددية. وهي التي ترى الدم شهرين متتابعين في
103

وقتين مختلفين، لكن مع التوافق في عدد أيام الحيض.
4 - المضطربة، وهي المرأة التي رأت الدم عدة شهور، لكن لم يحصل لها عادة
معينة، أو كان لها عادة ثم اضطربت، ولم تستقر لها عادة جديدة.
5 - المبتدئة، وهي التي ترى الدم لأول مرة.
6 - الناسية لعادتها.
وللحائض بلحاظ كل من هذه الحالات أحكام نبينها في مسائل:
(410) - ذات العادة الوقتية والعددية تتحيض بمجرد رؤية الدم في وقت
عادتها، حتى لو لم يكن بصفات الحيض. بل تتحيض كذلك لو رأت الدم قبل عادتها
بيومين أو ثلاثة، أو بعدها كذلك، بنحو يصدق أن حيضها تقدم أو تأخر، حتى لو
لم يكن الدم بصفات الحيض. ثم إذا تبين بعد ذلك أنه لم يكن حيضا، بأن انقطع قبل
مضي ثلاثة أيام، تقضي ما فاتها من الأعمال العبادية أثناء حكمها بالتحيض.
(411) - إذا رأت ذات العادة الوقتية والعددية الدم تمام أيام عادتها ورأته
مع ذلك أياما قبل العادة أو أياما بعدها أو أياما قبلها وأياما بعدها فالحكم في جميع
هذه الصور أنه إذا لم يزد مجموع ما رأته على عشرة أيام فالجميع حيض أما إذا تجاوز
العشرة فتجعل الحيض أيام عادتها خاصة وجميع ما سوى ذلك فهو استحاضة وإذا
كانت قد تركت العبادة في الأيام التي تبين كونها استحاضة وجب عليها قضاء ما
فاتها منها في تلك الأيام.
(412) - ذات العادة الوقتية والعددية، إذا رأت الدم لبضعة أيام قبل أوان
عادتها، ثم استمر بها لبضعة أيام أثناء العادة، لكنه انقطع قبل انتهائها، ولم يتجاوز
المجموع عشرة أيام، كان كله حيضا. وإذا تجاوز العشرة، جعلت الحيض أيام العادة
التي رأت فيها الدم، مع مقدار مما رأت الدم فيه قبلها، بنحو يبلغ المجموع عدد
104

أيام عادتها. والباقي من الأيام المتقدمة على ذلك استحاضة. وإذا رأت الدم فترة
من أيام عادتها، واستمر بها عدة أيام بعدها، ولم يتجاوز المجموع العشرة، كان كله
حيضا. أما إذا تجاوز العشرة، جعلت الحيض خصوص أيام العادة التي رأت فيها
الدم، مع بضعة أيام بعدها، بنحو يساوي المجموع عدد أيام عادتها، والباقي المتأخر
عن ذلك استحاضة.
(413) - إذا رأت ذات العادة الوقتية والعددية الدم، أول أيام عادتها و
تجاوز عشرة أيام، تجعل ما كان في أيام العادة حيضا حتى لو لم يكن بصفات
الحيض، وما كان خارج أيام العادة استحاضة حتى لو كان بصفاته. فلو رأت المرأة
التي عادتها سبعة أيام من أول الشهر، الدم من أول الشهر إلى الثاني عشر منه،
جعلت الأيام السبعة الأولى حيضا، والباقي استحاضة.
(414) - إذ رأت ذات العادة الوقتية الدم أيام عادتها، أو متقدما عليها بيومين
أو ثلاثة، أو متأخرا كذلك، بنحو يصدق إن حيضها تقدم أو تأخر، وجب عليها
ترتيب أحكام الحيض حتى لو لم يكن الدم بصفات الحيض. ثم إذا تبين بعد ذلك أنه
لم يكن حيضا، بأن انقطع قبل إكمال ثلاثة أيام، تقضي ما فاتها من العبادات في تلك
الأيام.
(415) - ذات العادة العددية إذا رأت الدم أكثر من أيام عادتها وتجاوز
عشرة أيام، فإن كان كله بصفة واحدة، جعلت الحيض من أول رؤيتها الدم إلى
حين مضي مقدار عادتها، والباقي استحاضة. أما إذا لم يكن الدم في جميع الأيام
بصفة واحدة، بل كان في بعض الأيام واجدا لصفات الحيض، وفي بعضها الآخر
بصفات الاستحاضة، فإن كان الواجد لصفات الحيض مساويا لعدد أيام عادتها،
وجب عليها أن تجعله حيضا، والباقي استحاضة. وإن كان الواجد لصفات الحيض
105

أكثر من أيام عادتها، تجعل الحيض مقدار أيام عادتها، والباقي استحاضة. وإن
كان الواجد لصفات الحيض أقل من أيام عادتها، أضافت إليه من أيام الدم الفاقد
لصفات الحيض ما به يكمل عدد أيام عادتها، وجعلت المجموع منهما حيضا،
والزائد على أيام عادتها من الدم الفاقد للصفات استحاضة.
(416) - إذا رأت المضطربة - وهي التي لم تستقر لها عادة - الدم أكثر من
عشرة أيام، وكان كله بصفة واحدة، فإن كان لأقاربها عادة معلومة العدد جعلت
مقدار عادتهن حيضا، والباقي استحاضة.
(417) - إذا رأت المضطربة الدم، وتجاوز عشرة أيام، لكنه كان في بعض
الأيام بصفات الحيض وفي بعضها بصفات الاستحاضة، فإذا كان الواجد لصفات
الحيض لا يقل من ثلاثة أيام ولا يزيد عن عشرة، كان كله حيضا. وإذا انقطع قبل
اكمال ثلاثة أيام، وجب عليها على الأحوط أن تستمر في التحيض إلى حين اكمال
سبعة أيام.
(418) - إذا رأت المبتدئة - وهي التي ترى الدم لأول مرة - الدم وتجاوز
عشرة أيام، فإن كان جميعه بصفة واحدة، عليها أن تجعل مقدار عادة أقاربها
حيضا، والباقي استحاضة.
(419) - إذا رأت المبتدئة الدم وتجاوز عشرة أيام، لكن كان بعضه بصفات
الحيض، وبعضه الآخر بصفات الاستحاضة، فإن استمر الواجد لصفات الحيض
أكثر من ثلاثة أيام، ولم يتجاوز العشرة، كان كله حيضا. لكن لو عادت فشاهدت
الدم بصفات الحيض مرة أخرى بعد مضي أقل من عشرة أيام - كأن تراه أولا خمسة
أيام بصفات الحيض، ثم يستمر تسعة أيام بصفات الاستحاضة، ثم تراه خمسة أيام
أخرى بصفات الحيض - فعليها في هذه الصورة أن تجعل بداية الدم الأول حيضا، و
106

ترجع في عدد الأيام التي تتحيض فيها إلى عادة أقاربها وتجعل الباقي استحاضة.
(420) - إذا رأت المبتدئة الدم، واستمر لأكثر من عشرة أيام، وكان بعضه
بصفات الحيض، وبعضه الآخر بصفات الاستحاضة، فإذا كان الواجد لصفات
الحيض أقل من ثلاثة أيام أو أكثر من عشرة، وجب عليها أن تجعل بداية تحيضها
من أول رؤية الدم، وترجع في عدد الأيام التي تتحيضها إلى أقاربها، وتجعل الباقي
استحاضة.
(421) - إذا رأت الناسية - وهي التي نسيت وقت عادتها وعددها - الدم و
تجاوز عشرة أيام، جعلت حيضها عشرة أيام - بدايتها من أول رؤية الدم بصفات
الحيض - والباقي استحاضة. وإذا لم تتمكن من تشخيص الحيض بواسطة الصفات،
وجب عليها على الأحوط أن تجعل الأيام السبعة الأولى حيضا، والباقي
استحاضة. إلا إذا علمت بشكل قطعي - بحسب عادتها المنسية - بعدم حصول
الحيض في الأيام الأولى، حيث يجب عليها في هذه الصورة أن تجعل أول الحيض بعد
مضي هذه الأيام التي تقطع بعدم حصول الحيض فيها. وإذا حصل لديها اطمئنان
بأن عدد أيام عادتها مثل عادة أقاربها جعلت عادتهن عادة لها.
(422) - إذا رأت كل من المبتدئة، والمضطربة، والناسية، وذات العادة
العددية الدم، وكان بصفات الحيض، أو تيقنت بأنه سيستمر ثلاثة أيام على الأقل،
وجب عليها ترك العبادة. فإذا تبين فيما بعد أنه لم يكن دم حيض، تقضي ما فاتها من
العبادات. أما إذا لم يكن بصفات الحيض، ولم تتيقن باستمراره ثلاثة أيام على
الأقل، فيجب عليها على الأحوط أن تستمر لمدة ثلاثة أيام في الجمع بين أعمال
المستحاضة وترك المحرمات على الحائض، فإذا انقضت الأيام الثلاثة دون أن تطهر
جعلته حيضا.
107

(423) - إذا طهرت الحائض قبل انقضاء عشرة أيام، وأحرزت عدم وجود
الدم في باطن الفرج، يجب عليها الاغتسال لإتيان العبادات. لكنها لو تيقنت بأن
الدم سيعاودها ثانية قبل انقضاء هذه الأيام العشرة، فيجب عليها الاستمرار
بترتيب أحكام الحائض وترك العبادة.
(424) - المرأة ذات العادة العددية في الحيض إذا رأت الدم أكثر من مقدار
عادتها، فإن كان بصفات الحيض، وعلمت أنها ستطهر قبل انقضاء عشرة أيام أو
احتملت ذلك، كان عليها ترك العبادة وترتيب أحكام الحيض. وإذا طهرت في
الظاهر خلال عشرة أيام، وجب عليها على الأحوط إدخال قطنة داخل الفرج و
تتمهل قليلا ثم تخرجها، فإن كانت نقية اغتسلت، وإذا لم تكن نقية يجوز لها ترك
العبادة إلى أن تنقى من الداخل أيضا. أما لو علمت بأن الدم سيستمر لأكثر من
عشرة أيام، فعليها أن تجعل مقدار عادتها حيضا والباقي استحاضة.
(425) - إذا تركت المرأة العبادة أياما بزعم أنها حائض، ثم تبين عدم كونها
حائضا، يجب عليها قضاء ما فاتها من الصوم والصلاة في تلك الأيام. وإذا أتت
بالصلاة والصوم أياما، ظنا منها أنها طاهرة من الحيض، ثم تبين بعد ذلك أنها
كانت حائضا، فإن كان صوم تلك الأيام التي صامتها واجبا، كان عليها أن تقضي
صومها.
أحكام الحائض
(426) - يحرم على الحائض أمور:
1 - العبادات التي يشترط فيها الوضوء أو الغسل أو التيمم (كالصلاة و
الصوم). أما غير المشروطة بذلك كصلاة الميت فيجوز لها الاتيان بها.
108

2 - جميع ما يحرم على الجنب مما سلف ذكره في أحكام الجنابة.
3 - الجماع في القبل. وهو محرم عليها وعلى الرجل، وإن كان الدخول بمقدار
الحشفة ولم ينزل.
(427) - تحرم مجامعة المرأة في الأيام التي يجب عليها التحيض فيها شرعا، و
إن لم يكن الحيض ثابتا بشكل قطعي. فمثل المرأة التي ترى الدم ويتجاوز عشرة
أيام، وتكون وظيفتها جعل مقدار عادة أقاربها حيضا، يحرم على زوجها مقاربتها
في تلك الأيام التي جعلت حيضا شرعا.
(428) - يجب على الزوج إذا قارب زوجته وهي حائض التكفير، بدفع دينار
ذهبي على الأحوط إن كان الجماع في أول الحيض، ونصف دينار إن كان في وسطه،
وربع دينار إن كان في آخره (والدينار 18 حمصة). فلو كانت مدة حيض المرأة
ستة أيام مثلا، تكون كفارة مقاربتها في اليومين الأولين 18 حمصة، وفي الثالث و
الرابع تسع حمصات، وفي اليومين الأخيرين أربع حمصات ونصف من الذهب.
(429) - طلاق الحائض باطل بالتفصيل والشرائط المذكورة في كتاب
الطلاق.
(430) - يجب تصديق المرأة وقبول قولها في ادعائها الحيض أو الطهارة منه
فيما يترتب على ذلك من الأحكام، إلا أن يحصل الاطمئنان بكذبها.
(431) - إذا فاجأ المرأة دم الحيض وهي في الصلاة بطلت صلاتها.
(432) - يجب على الحائض الغسل بعد أن تنقى من الدم - للصلاة والصوم و
العبادات الأخرى المشروطة بالطهارة من الحدث. وغسل الحيض كغسل الجنابة في
الكيفية، لكن يجب عليها على الأظهر ضم الوضوء لأجل الصلاة، قبل الغسل أو
بعده، وإتيانه قبل الغسل أفضل.
109

(433) - لا يجب على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة أيام حيضها، ويجب
عليها قضاء ما فاتها من الصوم الواجب.
2) - الاستحاضة:
دم الاستحاضة غالبا أصفر بارد، يخرج من دون دفق أو حرقة، ويمكن أن
يكون بخلاف هذه الأوصاف أحيانا. ولا حد لكثيره ولا لقليله ولا للطهر المتخلل
بين أفراده. والاستحاضة على ثلاثة أقسام: قليلة ومتوسطة وكثيرة.
فالقليلة ما يكون الدم فيها قليلا بحيث لا يغمس القطنة. والمتوسطة ما يكون
فيها أكثر من ذلك بأن يغمس القطنة ولا يسيل. والكثيرة ما يكون فيها أكثر من
ذلك بأن يغمسها ويسيل منها.
(434) - حكم القليلة وجوب الوضوء لكل صلاة، والأحوط وجوبا تبديل
القطنة أو تطهيرها وتطهير ظاهر الفرج أيضا إن كان قد تنجس بالدم.
(435) - يجب على المستحاضة بالاستحاضة المتوسطة إن حدثت قبل صلاة
الصبح أو في أثنائها أن تغتسل غسلا في اليوم لصلاة الصبح، ووجوب الوضوء لكل
صلاة مع هذا لا يخلو من وجه. والأحوط وجوبا لها تبديل القطنة لكل صلاة أيضا
أو تطهيرها، مع تطهير ظاهر الفرج إن كان قد أصيب بالدم.
(436) - لو حدثت الاستحاضة المتوسطة بعد صلاة الصبح إلى ما قبل صلاة
الظهر أو خلالها، وجب عليها الغسل لصلاة الظهر. وهكذا حيثما وقعت الاستحاضة
المتوسطة يجب الغسل للصلاة الواجبة ذلك الوقت.
(437) - إذا تركت المستحاضة المتوسطة الغسل لصلاة الصبح عمدا أو سهوا،
وجب عليها الغسل لصلاتي الظهر والعصر، فإن لم تغتسل لهما وجب أن تغتسل
110

للمغرب والعشاء، سواء استمر الدم أم انقطع.
(438) - حكم الكثيرة مضافا إلى ما ذكر في المتوسطة وجوب تبديل الخرقة
أو تطهيرها لكل صلاة، وغسلان آخران: أحدهما لصلاتي الظهر والعصر،
والآخر للمغرب والعشاء. والأحوط وجوبا الوضوء مع كل غسل، بل يجب على
الأحوط الوضوء لصلاتي العصر والعشاء أيضا. ويجب كذلك عدم الفصل بين
صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء، فإذا فرقت بين الظهر و
العصر، وجب الغسل ثانية للعصر أيضا، وكذا لو فرقت بين المغرب والعشاء وجب
الغسل ثانية للعشاء.
(439) - إذا خرج دم الاستحاضة قبل وقت الصلاة وقامت المرأة بوظيفتها
تجاهه من غسل ووضوء فاللازم عليها مع هذا اتيان الغسل والوضوء حين الصلاة
ولا يجزيها ما أتت به قبل وقت الصلاة عن لزوم اتيانه حينها.
(440) - إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى كالقليلة إلى المتوسطة،
أو إلى الكثيرة، وكالمتوسطة إلى الكثيرة، وجب عليها أن تعمل عمل الأعلى
للصلوات الآتية. فلو تحولت القليلة إلى المتوسطة بعد صلاة الصبح مثلا، كان عليها
الغسل لصلاتي الظهر والعصر، وإن انتقلت إلى الكثيرة، كان عليها غسلان: واحد
للظهر والعصر، وواحد للمغرب والعشاء. وإن انتقلت المتوسطة إلى الكثيرة بعد
صلاة الصبح، كان عليها غسل للظهرين وغسل للعشاءين.
(441) - إذا انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى قبل اتيان الصلاة - و
لو بعد اتيان أعمال الأدنى - وجب على المستحاضة إتيان أعمال الأعلى ثم الصلاة.
فإذا انتقلت من القليلة إلى المتوسطة أو الكثيرة، أتت بأعمال ما انتقلت إليه منهما، و
إن انتقلت من المتوسطة إلى الكثيرة أتت بأعمال الكثيرة.
111

(442) - إذا انتقلت الاستحاضة من الأعلى إلى الأدنى، وجب على
المستحاضة إتيان أعمال الأعلى للصلاة الأولى، وأعمال الأدنى للصلوات الآتية.
فلو صارت الكثيرة متوسطة قبل صلاة الظهر مثلا وجب عليها الغسل للظهر، و
تكتفي بالوضوء للعصر والمغرب والعشاء. ولو صارت الكثيرة قليلة، فكذلك تأتي
بعمل الكثيرة للصلاة الأولى، وبعمل القليلة لما بعدها. وكذا لو صارت المتوسطة
قليلة، فإنها تأتي بعمل المتوسطة للصلاة الأولى، وبعمل القليلة لما بعدها.
(443) - إذا طهرت المستحاضة من الدم، وجب عليها اتيان أعمال
المستحاضة لأول صلاة تصليها بعد النقاء دون غيرها من الصلوات.
(444) - إن لم تعلم المستحاضة نوع استحاضتها من القليلة أو المتوسطة أو
الكثيرة، فعليها - مع الامكان - الفحص بادخال قطنة داخل الفرج وتصبر عليها
قليلا، ثم تخرجها وتحدد تكليفها من خلال ذلك.
(445) - إذا بادرت المستحاضة إلى الصلاة دون فحص لحالها مع تمكنها من
ذلك، فإنما تصح صلاتها بشرطين: الأول - أن يكون ما عملته من أعمال المستحاضة
مطابقا لوظيفتها الواقعية. والثاني - أن يكون قد تحقق منها قصد القربة. فإذا انتفى
أحد هذين الشرطين بأن تكون قد عملت عمل المستحاضة المتوسطة، وتبين كون
استحاضتها كثيرة مثلا، أو لم يكن قد تحقق منها قصد القربة فصلاتها باطلة.
(446) - إذا لم تتمكن المستحاضة من فحص حالها، فإذا كان لها حالة سابقة،
بأن كانت تعلم أن استحاضتها كانت متوسطة مثلا ثم شكت في انتقالها، فتبني على
الحالة السابقة. أما إذا لم يكن لها حالة سابقة، فعليها - على الأحوط وجوبا - الاتيان
بعمل المرتبة الأعلى والأشق. فلو دار أمرها بين القليلة والمتوسطة، لزمها على
الأحوط إتيان عمل المتوسطة، ولو دار أمرها بين المتوسطة والكثيرة، وجب عليها
112

على الأحوط عمل الكثيرة.
(447) - إذا علمت المستحاضة بعدم خروج الدم منذ شروعها بالغسل أو
الوضوء، وبأنه لن يخرج أيضا ولن يكون في الفرج إلى حين إكمالها الصلاة، فيجوز
لها تأخير إتيان الصلاة.
(448) - يجب على المستحاضة الكثيرة والمتوسطة الغسل لدى النقاء من الدم
بشكل كامل، لكن لو علمت بأنها من حين اغتسلت للصلاة السابقة لم ينزل منها
دم، فلا يجب عليها الغسل ثانية.
(449) - لو تركت المستحاضة المبادرة إلى الصلاة بعد الغسل، وجب عليها
إعادته ثانية إلا أن تعلم بعدم سيلان الدم إلى داخل فضاء الفرج.
(450) - يجب على المستحاضة التحفظ من خروج الدم أثناء الغسل
والوضوء، وبعدهما إلى حين إنهاء الصلاة، إذا لم يلزم من ذلك ضرر عليها. وإذا
تراخت في ذلك مما أدى إلى خروج الدم، وجب عليها على الأحوط إعادة ما أتت
به من غسل أو وضوء.
3) - النفاس:
دم النفاس هو دم تقذفه الرحم بالولادة معها أو بعدها، على نحو يعلم استناد
خروج الدم إليها. ولا حد لقليله، وأكثره عشرة أيام.
(451) - الدم الذي ينزل قبل خروج أول جزء من الطفل ليس دم نفاس.
(452) - لا يشترط أن يكون الولد تام الخلقة، بل حتى لو خرجت كتلة دم من
الرحم وعلمت المرأة بأن هذا الدم لو بقي في الرحم لصار طفلا، أو شهدت أربع
نساء قوابل بذلك، فالدم الذي تراه المرأة معه أو بعده إلى عشرة أيام دم نفاس على
113

الأحوط وجوبا.
(453) - يحرم على النفساء ما يحرم على الحائض، كمس كتابة القرآن، و
المكث في المساجد، وغير ذلك. وما يجب على الحائض أو يستحب لها أو يكره
يجب على النفساء ويستحب ويكره لها أيضا. فحكم الحائض والنفساء واحد في
الواجبات والمستحبات والمكروهات.
(454) - طلاق النفساء باطل، ومجامعتها حرام. والأحوط وجوبا لمن جامع
زوجته في نفاسها دفع كفارة الجماع في الحيض. وقد مر بيانها في بابه.
(455) - إذا انقطع دم النفاس يجب عليها الغسل وإتيان عباداتها، فإن رأت
الدم ثانية وكان مجموع أيام رؤيتها الدم وأيام نقائها في البين عشرة أيام أو أقل
منها فكلها نفاس وإن صامت في أيام نقائها فيجب عليها قضاؤها.
(456) - إذا انقطع دم النفاس، واحتملت وجود الدم في باطن الفرج، وجب
عليها الفحص بإدخال قطنة داخل الفرج والتمهل قليلا، فإن خرجت نقية
اغتسلت للأعمال العبادية.
(457) - إذا تجاوز دم النفاس عشرة أيام، فإن كانت المرأة ذات عادة (عددية) في
الحيض، جعلت مقدار عادتها نفاسا، والباقي استحاضة. وإن لم تكن ذات عادة
(عددية)، جعلت النفاس عشرة أيام على الأظهر، والباقي استحاضة. والأحوط
استحبابا لذات العادة إذا استمر بها الدم، أن تجمع بعد انتهاء أيام عادتها حتى اليوم
الثامن عشر من الولادة، بين أفعال المستحاضة وتروك النفساء، والأحوط
استحبابا ذلك لغير ذات العادة أيضا لكن من نهاية اليوم العاشر إلى الثامن عشر.
(458) - من كانت عادتها في الحيض أقل من عشرة أيام، إذا لم يتجاوز دم
نفاسها عشرة أيام تجعله كله نفاسا على الأظهر، وإن تجاوز عدد أيام العادة.
114

أحكام الأموات
(459) - يجب على الأحوط توجيه المحتضر - رجلا كان أو امرأة، كبيرا أو
صغيرا - إلى القبلة، بحيث يضجع على ظهره ويجعل وجهه وباطن قدميه إلى القبلة.
(460) - يجب تغسيل الميت المسلم، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه وجوبا
كفائيا. فإذا قام به البعض سقط عن الباقين، وإن لم يقم به أحد أثم الجميع.
(461) - إذا أخذ البعض بتجهيز الميت، لم يجب على الآخرين التصدي لذلك.
لكن لو فرض عدم اكماله لعملية التجهيز، وجب على الآخرين إتمام ذلك.
(462) - إذا تيقن المكلف بتصدي البعض لتجهيز الميت لم يجب عليه التصدي
لذلك.
(463) - إذا علم المكلف ببطلان شئ من غسل الميت، أو تكفينه، أو الصلاة
عليه، أو دفنه، وجب إعادة ذلك.
(464) - يجب استئذان الولي في تجهيز الميت من غسل أو تكفين أو صلاة
أو دفن.
(465) - ولي المرأة في أمور تجهيزها زوجها، وبعده يقدم ورثتها من الرجال
على ورثتها من النساء، والأقرب طبقة في الإرث منهم مقدم على الأبعد.
(466) - إذا أوصى الميت بالقيام بأمر تجهيزه - تغسيلا وتكفينا وصلاة و
دفنا - لشخص غير الولي، وجب على الموصى إليه أن يستأذن الولي في إنجاز هذه
الأعمال على الأظهر.
115

غسل الميت:
(467) - يجب تغسيل الميت ثلاثة أغسال: الأول - بماء السدر، والثاني - بماء
الكافور، والثالث - بالماء القراح.
(468) - تجب مراعاة الترتيب بين هذه الأغسال، فإن أخل به وجب التدارك
من موضع الاخلال.
(469) - يعتبر في كل من السدر والكافور أن لا يكون كثيرا بمقدار يوجب
خروج الماء عن الاطلاق إلى الإضافة، ولا قليلا بحيث لا يصدق أنه مخلوط بالسدر
أو الكافور.
(470) - إذا تعذر الحصول على السدر والكافور، أو أحدهما - أو لم يجز
استعمالهما لكونهما مغصوبين - يجب على الأحوط غسل الميت بالماء القراح بدلا عن
الغسل بما تعذر تحصيله منهما.
(471) - الأقوى اعتبار الإباحة في مكان الغسل.
(472) - يشترط في الغاسل للميت أن يكون مسلما، شيعيا اثني عشريا،
عاقلا، عارفا بأحكام الغسل.
(473) - يعتبر في الغسل نية القربة، أي يجب على الغاسل أن يقصد بعمله
امتثال أمر الله تعالى، ويكفي الاستمرار على هذه النية إلى آخر الغسل الثالث،
فلا يشترط تجديدها وإن كان أحوط استحبابا.
(474) - يجب تغسيل المتولد من مسلم، حتى لو تولد من زنا على الأحوط. و
لا يجوز غسل الكافر أو أولاده، ولا تكفينهم ولا دفنهم.
(475) - يجب تغسيل المجنون منذ طفوليته الذي اتصل جنونه ببلوغه إذا كان
116

أحد أبويه مسلما. أما إذا كان كلاهما كافرين فلا يجوز تغسيله.
(476) - يجب على الأحوط تغسيل السقط إذا كان لأربعة أشهر فما فوق. أما
إذا كان لدون ذلك وجب لفه في خرقة ودفنه من دون غسل.
(477) - لا يجب تغسيل من وجب قتله برجم أو قصاص فيما إذا كان قد أتى
بالأغسال الثلاثة قبل تنفيذ الحكم عليه - سواء كان قيامه بذلك بأمر الحاكم، أو من
تلقاء نفسه - حتى لو كان قد أحدث بالأصغر أو بالأكبر بعد الغسل.
(478) - اشتراط الاسلام والايمان في الغاسل إنما هو في حال الاختيار فإذا
انحصر المماثل بالكافر فالأحوط كونه كتابيا ويأمر المسلم الكتابي أو الكتابية بأن
يغتسل أولا احتياطا عندئذ ثم يغسل الميت مع عدم الزوج والزوجة وسائر
المحارم.
(479) - يجب أن يكون المغسل مماثلا للميت ذكورة وأنوثة، فتغسيل الرجل
المرأة وبالعكس باطل من غير ضرورة. ويستثنى من ذلك الزوج والزوجة،
إذ يجوز لكل منهما تغسيل الآخر حتى مع وجود المماثل، وإن كان الأحوط استحبابا
لهما ترك تغسيل أحدهما الآخر. كما أن الأحوط استحبابا - إن قاما بذلك - أن يكون
تغسيل أحدهما للآخر من وراء الثياب.
(480) - يستثنى من اشتراط المماثلة في المغسل ما لو كان الميت طفلا لم يبلغ
ثلاث سنوات، فيجوز للرجل تغسيل الطفلة التي لم تتجاوز الثلاث، كما يجوز للمرأة
تغسيل طفل لم يتجاوزها كذلك ولو من غير ضرورة.
(481) - إن كان الميت ذكرا ولم يعثر على رجل يقوم بتغسيله، يجوز القيام
بذلك لإحدى محارمه من النساء، من أم أو أخت أو خالة أو عمة، سواء بالنسب
أو بالرضاع، لكن يكون ذلك على الأحوط من وراء الثياب أو ما شابهه مما
117

يستر البدن. وكذا إذا كان الميت أنثى ولم يعثر على امرأة تغسلها، فيجوز أن يؤدي
ذلك رجل من محارمها النسبيين أو الرضاعيين من وراء الثياب، بعد استئذان جميع
أوليائها وخاصة الزوج.
(482) - يحرم النظر إلى عورة الميت، ولو نظر إليها غاسله يكون قد عصى،
لكن لا يبطل الغسل بذلك.
(483) - لو كان موضع من بدن الميت متنجسا، وجب تطهير ذلك الموضع قبل
غسله.
(484) - كيفية غسل الميت كغسل الجنابة، والأحوط استحبابا عدم تغسيله
بالارتماسي طالما أمكن الترتيبي. ويشترط في تغسيله بالارتماسي أن يكون الماء
كثيرا.
(485) - إذا مات الميت محدثا بالأكبر من حيض أو جنابة، فلا يجب تغسيله
لهما، بل يجزي غسل الميت عنهما، لكن الأحوط ضم نية غسل الحيض أو الجنابة معه
أيضا.
(486) - إذا تعذر وجود الماء، أو كان هناك مانع من استعماله، وجب على
الأحوط أن ييمم الميت ثلاث مرات، يقصد بالأول منها ما في الذمة. وأما إذا وجد
الماء، لكنه لم يكن يكفي لغير غسل واحد، فللمسألة حينئذ صورتان:
الأولى: أن يكون الماء الموجود بنحو يصلح لاستعماله في غسل معين فقط،
كأن يكون مخلوطا بالسدر أو الكافور، فيجب في هذه الصورة استعمال الماء فيما
يصلح له من الغسل المعين، وتيميم الميت مرتين بدلا عن الغسلين الآخرين. مع
مراعاة الترتيب في هذه الأعمال بالنحو الذي يعتبر فيه بين الأغسال.
الثانية: أن يكون بنحو يصلح لأي واحد من الأغسال. كأن يكون الماء
118

الموجود قراحا مع وجود السدر والكافور، فالأحوط وجوبا في هذه الصورة أن
يخلط الماء بشئ من السدر بنحو لا يصل فيه حد الإضافة، ويغسل الميت به الغسل
الأول بقصد الوظيفة الفعلية، ثم ييمم الميت مرتين بدلا عن الغسلين الآخرين.
(487) - إذا يمم الميت بسبب فقدان الماء، ثم وجد الماء بعد ذلك، فيجب - فيما
لو لم يكن هناك خوف على الميت بسبب تأخير دفنه - أن يصار إلى تغسيله وإعادة
تحنيطه وتكفينه، والأحوط وجوبا إعادة الصلاة عليه أيضا فيما لو كان قد صلي
عليه.
(488) - يجب على الأظهر - في تيمم الميت - أن يكون ذلك بيد الحي، وذلك
بأن يجلس الميت مع الإمكان وعدم وجود محذور، ويقف الميمم خلفه ويضرب
الأرض بيديه (الحي)، ثم يمسح بهما مواضع تيمم الميت من الوجه وظهر الكفين.
لكن الأحوط استحبابا أن يضم إلى ذلك تيميم الميت بيديه نفسه أيضا.
غسل مس الميت:
(489) - يجب الغسل بمس بدن الميت الانساني إذا حصل المس بعد برده وقبل
غسله. سواء كان الميت كافرا أو مسلما، حال اليقظة كان المس أم حال النوم، مع
الاختيار أم بدونه.
(490) - لا يجب الغسل بمس ميتة الحيوان.
(491) - مس الميت بعد تيميمه - فيما لو كانت الوظيفة تيميمه - كمسه بعد
غسله في كونه لا يوجب الغسل على الأظهر، وإن كان الأحوط استحبابا الاغتسال
لذلك.
(492) - لا يجب الغسل بمس الميت قبل برد كامل بدنه، وإن كان الموضع
119

الممسوس قد برد.
(493) - لا فرق في ما تحله الحياة وما لا تحله في ايجاب الغسل حين حصول
المس سواء في الماس والممسوس. نعم يستثنى الشعر من هذا الحكم فلا يجب الغسل
بمس بدن الميت بشعر الماس ولا بمس شعر الميت ببدن الماس ولا بمس شعر الميت
بشعره كذلك.
(494) - مس الميت ناقض للوضوء اجمالا.
(495) - يجب الغسل بمس الميت، من دون فرق بين أن يكون المس
برطوبة أو بدونها.
(496) - إذا وقع المس للميت قبل بلوغ الماس، أو أثناء جنونه، وجب عليه
غسل المس بعد بلوغه أو زوال جنونه.
(497) - الطفل الذي يستخرج من بطن أمه المتوفاة أثناء ولادته أو قبلها
يجب عليه غسل مس الميت حين بلوغه.
(498) - لا يجب الغسل بمس الميت بعد انتهاء تغسيله بالأغسال الثلاثة. و
يجب بمسه قبل انتهاء الثالث - إذا كان بدن الميت قد برد - حتى لو كان الموضع
الممسوس قد انتهي غسله في الغسل الثالث.
(499) - يجب غسل المس بمس القطعة المشتملة على العظم المنفصلة من بدن
الحي أو الميت قبل غسلها دون المجردة عنه.
(500) - يجب الغسل على الأحوط بمس عظام الميت وأسنانه المنفصلة منه
قبل غسلها. وكذا يجب على الأحوط بمس العظم الخالي عن اللحم المنفصل من الحي
أيضا.
(501) - غسل مس الميت كغسل الجنابة في الكيفية. لكنه لا يجزي عن
120

الوضوء للصلاة على الأحوط، فيجب على الأحوط ضم الوضوء إليه لمن أراد
الصلاة.
(502) - لا يتكرر الغسل بتكرر المس، ولا بتعدد الأموات الذين يمسهم. فلو
مس ميتا عدة مرات، أو مس عدة أموات، يجزيه غسل واحد.
(503) - لا يخلو جواز المكث في المساجد وقراءة العزائم لمن مس ميتا و
لم يغتسل من وجه، وإن كان الأحوط استحبابا اجتناب ذلك. لكن يجب عليه
الغسل للصلاة وشبهها.
(504) - من أتى بغسل الجنابة وغفل عن كونه مكلفا بغسل المس، فإن كان
قد أتى بهذا الغسل بقصد اتيان الوظيفة والتكليف، أجزأه ذلك عن غسل المس.
(505) - يشترط إحراز برد الميت حين مسه في وجوب الغسل، فلا يجب
الغسل بمس الميت مع الشك في كون المس قد حصل قبل برده أم بعده.
(506) - الشهيد بحكم من قد تم تغسيله، فلا يجب الغسل بمس بدنه. وكذا
حكم من وجب قتله بحد أو قصاص إذا كان قد اغتسل قبل إقامة الحد عليه،
فلا يجب الغسل بمس بدنه أيضا.
تكفين الميت:
(507) - يجب تكفين الميت المسلم بثلاث قطع هي:
1 - المئزر: ويعتبر فيه على الأحوط أن يكون ساترا أطراف البدن ما بين
السرة والركبة، والأفضل كونه من الصدر إلى قبة القدم.
2 - القميص: ويجب أن يكون ساترا جميع البدن ما بين المنكبين إلى نصف
الساق. والأفضل وصوله إلى قبة القدم، مع رعاية صدق القميص عليه عرفا.
121

3 - الإزار: ويجب أن يكون بمقدار يشمل جميع البدن، ويمكن عقد طرفيه
طولا، ورد أحد طرفيه على الآخر عرضا.
(508) - إذا تعذرت القطعات الثلاث اكتفي بالميسور بدلا من كل منها، وإن
لم يصدق عليه اسم أي من القطع الثلاث. بل إذا تعذر وجودها إلا مقدار ما يستر
العورة وجب سترها به.
(509) - إذا كان الورثة بالغين، وأجازوا أخذ ما يزيد على المقدار الواجب
من الكفن من حصتهم من الإرث، فلا إشكال. والأحوط وجوبا أن لا يؤخذ من
حصة الورثة غير البالغين شئ مما يزيد على الكفن الواجب.
(510) - إذا كان الميت قد أوصى بإخراج المقدار المستحب من كفنه من ثلث
تركته، أو أوصى بصرف الثلث في مصارفه - دون أن يعين مورده، أو مع تعيين
مورد قسم منه وبقاء قسم آخر دون تعيين - فيجوز في جميع هذه الصور إخراج
المقدار المستحب من الكفن من الثلث.
(511) - إذا لم يكن الميت قد أوصى باخراج الكفن من ثلث ماله، فيجوز
إخراج الكفن وواجبات الدفن الأخرى - بالمستوى الذي يليق بشأن الميت حسب
المتعارف - من أصل التركة.
(512) - كفن المرأة على زوجها - حتى لو كان لها مال - فيما لو كان لزوجها مال
يستطيع معه تكفينها، وإلا وجب على الأظهر إخراج كفنها من مالها. وكذا الحكم
على الأظهر في المطلقة الرجعية - حسب ما بين في كتاب الطلاق - إن ماتت قبل
إكمال عدتها، فيجب عندئذ على زوجها أداء كفنها. والأحوط استحبابا المصالحة
بين الزوج والورثة في هذه النفقات. وفيما لو كان الزوج مجنونا أو غير بالغ،
فالواجب على وليه تكفين المرأة من مال الزوج.
122

(513) - لا يجب كفن الميت على أقاربه، حتى لو كانوا ممن تجب عليهم نفقته
حال الحياة.
(514) - يشترط في المقدار الواجب من كل من قطع الكفن الثلاث ألا يكون
رقيقا إلى درجة يبدو بدن الميت من خلالها، والأحوط الأظهر رعاية هذا الشرط
في الزائد على المقدار الواجب أيضا. فمع عدم المراعاة لا تحصل الوظيفة الاستحبابية
وإن لم يضر ذلك بأصل الكفن.
(515) - لا يجوز تكفين الميت بالمغصوب حتى لو تعذر وجود المباح. ويجب
نزع الكفن عن الميت إذا كان مغصوبا ولم يرض صاحبه.
(516) - يشترط الطهارة في الكفن، فلا يجوز تكفين الميت بالمتنجس. و
الأحوط وجوبا ترك ذلك حتى لو كانت نجاسته معفوا عنها في الصلاة.
(517) - لا يجوز في حال الاختيار تكفين الميت بثوب مصنوع من صوف
الحيوان المحرم الأكل أو شعره. والأحوط وجوبا ترك تكفينه بجلد الحيوان المحلل
الأكل أيضا. أما التكفين بثوب مصنوع من صوف حيوان محلل الأكل أو شعره
فلا بأس به إذا صدق على المصنوع أنه ثوب أو لباس.
(518) - إذا تنجس الكفن بنجاسة من الميت أو بنجاسة خارجية، وجب
تطهيره ما لم يؤد ذلك إلى تلفه. وإن كان جواز قطع المتنجس - إذا كان زائدا عن
المقدار الساتر للعورة - لا يخلو عن وجه، فلو كان قد أنزل في قبره يجوز لهم قطعه،
بل لو كان في إخراج الميت من قبره توهين له تعين القطع، وإذا لم يمكن غسله أو
قطعه وجب تبديله مع الامكان.
(519) - لا يجوز تكفين الرجال بالحرير الخالص. والأحوط وجوبا ترك
تكفين النساء به أيضا.
123

التحنيط:
(520) - يجب تحنيط الميت بعد تغسيله، وذلك بإمساس مساجده السبعة -
أي الجبهة وباطن الكفين والركبتين ورأس إبهامي الرجلين - بالكافور، كما
يستحب مسح رأس أنفه به أيضا.
(521) - يشترط كون الكافور مسحوقا، جديدا، له رائحة. فلا يجزي العتيق
الذي قد زالت رائحته.
(522) - الأحوط استحبابا الشروع من الجبهة، ولا يشترط الترتيب في
المواضع الأخرى.
(523) - الأفضل تحنيط الميت قبل تكفينه، وإن جاز تحنيطه أثناء التكفين و
بعده.
(524) - إذا مات المحرم للحج قبل السعي بين الصفا والمروة، لم يجز تحنيطه. و
كذا لا يجوز تحنيط المحرم للعمرة إذا مات قبل التقصير.
(525) - يجب تحنيط المعتدة من وفاة زوجها إذا ماتت، وإن كان يحرم عليها
استعمال الطيب وهي على قيد الحياة.
(526) - يكره تعطير الميت بالمسك والعنبر والعود وغيرها من العطور، كما
يكره خلط المذكورات بالكافور لتحنيطه به في الحنوط.
(527) - يستحب خلط الكافور بشئ من تربة الإمام الحسين (عليه السلام)، لكن
يجب الامتناع عندئذ عن وضع الكافور في مواضع يلزم من وضعه فيها هتك للتربة
الحسينية. ويشترط عدم كون التربة بمقدار زائد ينتفي معه صدق الكافور على
الخليط.
124

(528) - إذا تعذر الحصول على مقدار من الكافور يكفي للغسل والتحنيط
يقدم الغسل على الأحوط وجوبا. وإذا لم يكف لتحنيط المساجد السبعة تقدم
الجبهة.
(529) - يستحب أن يجعل مع الميت جريدتان رطبتان: إحداهما من الجانب
الأيمن من عند الترقوة ملصقة ببدنه، والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة
بين القميص والإزار.
الصلاة على الميت:
(530) - تجب الصلاة وجوبا كفائيا على الميت الشيعي الاثنا عشري، بل تجب
على الأقوى على كل مسلم ينطق بالشهادتين ولم يصدر منه ما ينافيهما.
(531) - لا تجوز الصلاة على المحكوم بالكفر كالغلاة والنواصب.
(532) - يشترط في وجوب الصلاة على الطفل إكماله ست سنوات، بل تجب
على الأحوط وإن لم يكمل ست سنوات فيما لو كان عارفا بالصلاة. لكن يشترط في
وجوبها على الطفل أيضا كون أبويه أو أحدهما مسلما.
(533) - تجب الصلاة على المجنون إذا كان أبواه أو أحدهما مسلما، وكذا تجب
على من وجد ميتا في بلاد الاسلام، أو في بلاد الكفر التي يقطنها مسلمون، إذا
احتمل كونه مسلما أو متولدا من مسلم.
(534) - الصلاة على الميت واجب كفائي، إذا قام به البعض سقط عن الكل.
بشرط أن يكون المصلي شيعيا اثني عشريا، والأحوط في سقوط الواجب عن
الآخرين اعتبار كونه بالغا أيضا.
(535) - لا يشترط الصلاة على الميت بالطهارة من الحدث، فيجوز إتيانها
125

دون وضوء أو غسل أو تيمم. كما لا يشترط فيها طهارة بدن المصلي ولباسه، و
الإباحة لباسه أيضا. لكن الأحوط استحبابا لمن أراد الصلاة على الميت اتيان ما
عليه من غسل واجب إن كانت وظيفته الغسل، أو التيمم بدلا عنه إن كانت وظيفته
التيمم.
(536) - يشترط في الصلاة على الميت أمور:
1 - النية بأن تكون بقصد القربة، وتعيين الميت فيها بأن ينوي مثلا الصلاة
على هذا الميت قربة إلى الله.
2 - استقبال المصلي القبلة.
3 - أن يكون الميت مستلقيا على قفاه، ورأسه إلى يمين المصلي، ورجلاه إلى
جهة يساره.
4 - كون الميت أمام المصلي محاذيا له، إلا أن يكون المصلي مأموما و
قد استطال الصف حتى خرج عن المحاذاة.
5 - أن لا يكون بينهما حائل من ستر أو جدار أو نحوهما مما يضر بصدق
الصلاة عليه عرفا، ولا يضر الستر بمثل التابوت ونحوه.
6 - أن لا يكون المصلي بعيدا عنه بنحو لا يصدق الوقوف عنده عرفا، إلا مع
اتصال الصفوف إذا كانت الصلاة جماعة.
7 - أن لا يكون موقف المصلي مرتفعا عن الميت، أو منخفضا عنه، بنحو
لا يصدق الصلاة عليه عرفا. ولا يضر الارتفاع أو الانخفاض إذا كان يسيرا.
8 - أن يكون الميت مستور العورة، ولو بنحو الحجر واللبن إن تعذر الكفن.
9 - أن يكون المصلي قائما فلا تصح صلاة غير القائم، إلا مع عدم التمكن من
صلاة القائم. ولو صلى عليه من جلوس بسبب عدم وجود من يصلي عليه من
126

قيام، ثم وجد القادر على الصلاة من قيام، وجب على الأحوط إعادة الصلاة.
10 - أن تكون الصلاة بعد الغسل والتحنيط والتكفين، فلا يجزي اتيانها قبلها
أو قبل بعضها، حتى لو كان ذلك عن جهل أو نسيان. وإذا سقط وجوب هذه
الأمور أو بعضها يؤتى بالصلاة بعد اتيان الوظيفة البدلية عن الساقط منها إن كان ثمة
وظيفة بدلية.
11 - أن تكون الصلاة قبل الدفن. فإذا دفن الميت قبل الصلاة عليه عمدا أو
نسيانا أو لعذر، أو علم بعد الدفن إن الصلاة عليه كانت باطلة، فإذا لم يمكن إخراج
الميت من قبره، أو كان ذلك موجبا لهتكه، وجب الصلاة على قبره. وإلا فإن أمكن
اخراجه من دون لزوم هتك له، فيحتمل وجوب اخراجه والصلاة عليه كما هو
الحال في تغسيله وتكفينه. ثم لو فرض إن أخرج جسد الميت من قبره بعد الصلاة
على القبر لعامل من العوامل كسيل ونحوه، فالواجب على الأحوط عندئذ إعادة
الصلاة.
12 - إذن الولي، وحتى لو أوصى الميت لشخص معين بالصلاة عليه، فيجب
عليه على الأظهر استئذان الولي.
(537) - صلاة المرأة على الميت مجزية فيسقط وجوبها عن الآخرين إذا أتت
بها جامعة للشرائط المطلوبة.
(538) - يكره تكرار الصلاة على الميت إذا كانت الصلاتان متساويتين من
جميع الجهات. وترتفع الكراهة إذا كان الميت صاحب فضيلة في الدين، كما حكى في
الصلاة على حمزة وفاطمة بنت أسد وسهل بن حنيف.
(539) - إذا تزاحمت صلاة الميت مع صلاة الفريضة، قدمت المضيقة منهما. و
إذا كانت كلتاهما موسعتين ولم يضق وقت أي منهما، فالمصلي مخير في تقديم أي
127

واحدة شاء منهما. أما إذا ضاق وقت كلتيهما، بنحو كان هناك خوف على الميت من
تأخير دفنه، فالأظهر تقديم الفريضة، ثم الصلاة على قبر الميت بعد دفنه.
كيفية الصلاة على الميت
(540) - تتضمن صلاة الميت خمس تكبيرات ويجزي فيها أن يقول بعد النية
والتكبيرة الأولى: " أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله "، ثم يكبر الثانية
ويقول: " اللهم صل على محمد وآل محمد "، ثم يكبر الثالثة ويقول: " اللهم
اغفر للمؤمنين والمؤمنات "، ثم يكبر الرابعة ويقول: " اللهم اغفر لهذا
الميت "، إن كان رجلا. وإن كانت امرأة يؤنث فيقول: " اللهم اغفر لهذه
الميتة "، ثم يكبر الخامسة وتنتهي الصلاة.
والأفضل أن يقول بعد التكبير الأول: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا
بين يدي الساعة ".
وبعد التكبير الثاني: " اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على
محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل محمد، كأفضل ما صليت وباركت و
ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وصل على جميع
الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وجميع عباد الله الصالحين ".
وبعد التكبير الثالث: " اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين
والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، تابع بيننا وبينهم بالخيرات، إنك
مجيب الدعوات، إنك على كل شئ قدير ".
وبعد التكبير الرابع يقول إذا كان الميت رجلا: " اللهم إن هذا عبدك وابن
128

عبدك وابن أمتك، نزل بك وأنت خير منزول به، اللهم إنا لا نعلم منه إلا
خيرا، وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان
مسيئا فتجاوز عنه واغفر له، اللهم اجعله عندك في أعلى عليين، واخلف
على أهله في الغابرين، وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين ".
ثم يكبر التكبير الخامس.
وإن كان الميت امرأة يقول بعد التكبير الرابع: " اللهم إن هذه أمتك وابنة
عبدك وابنة أمتك، نزلت بك وأنت خير منزول به، اللهم إنا لا نعلم منها إلا
خيرا، وأنت أعلم بها منا، اللهم إن كانت محسنة فزد في إحسانها، وإن
كانت مسيئة فتجاوز عنها واغفر لها، اللهم اجعلها عندك في أعلى عليين،
واخلف على أهلها في الغابرين، وارحمها برحمتك يا أرحم الراحمين ".
(541) - يجب التوالي في التكبيرات والأدعية بحيث لا تفقد الصلاة صورتها.
وإذا تقدم المأموم على الإمام عمدا أو سهوا في غير التكبير الأول يستحب له إعادة
التكبير الذي سبق الإمام به مع الإمام.
(542) - يجب على من يصلي صلاة الميت جماعة أن يقرأ التكبيرات و
الأدعية، فهي لا تسقط عن المأموم فيها.
(543) - من وصل أثناء الصلاة جماعة على الميت وقد تمت بعض تكبيراتها،
يجوز له الالتحاق بالجماعة ويتابعهم في التكبير، لكن يقرأ بعد كل تكبير ما هو
وظيفته لا ما يقرأه الإمام. ثم يكمل بقية التكبيرات بعد فراغ الإمام.
(544) - إذا اجتمعت جنائز متعددة جاز تشريكها بصلاة واحدة، لكن
يراعى عندئذ جمع الضمائر في الدعاء بعد التكبيرة الرابعة.
129

مستحبات صلاة الميت
(545) - يستحب في صلاة الميت أمور:
1 - أن يكون المصلي على وضوء أو غسل أو تيمم. والأحوط أن ينحصر
لجوؤه إلى التيمم في صورة عجزه عن اتيان الوضوء أو الغسل أو استلزام اتيانهما
لعدم إدراكه الصلاة.
2 - أن يقف إمام الجماعة أو المصلي فرادى عند وسط الميت أو صدره إن كان
رجلا، وعند الصدر أو الرأس إن كان الميت امرأة.
3 - أن يقف المصلي للصلاة حافي القدمين.
4 - رفع اليدين عند كل تكبيرة على الأظهر.
5 - أن يكون موقف المصلي قريبا من الميت بنحو لو حركت الريح ثوبه
لأصاب أطراف الجنازة.
6 - اتيان الصلاة جماعة.
7 - جهر الإمام في التكبيرات والأدعية وإخفات المأمومين.
8 - أن يقف المأموم خلف الإمام في الجماعة حتى لو كان المأموم شخصا
واحدا.
9 - الاجتهاد في الدعاء للميت وللمؤمنين.
10 - أن يقول قبل الشروع: " الصلاة " ثلاث مرات.
11 - أن يؤتى بالصلاة في الموضع الذي يصلى فيه على الأموات غالبا.
12 - إذا شاركت المرأة الحائض في الصلاة على الميت جماعة فيستحب لها أن
تنفرد في صف وحدها.
130

دفن الميت:
(546) - تجب مواراة الميت في الأرض، بنحو يؤمن على جسده من السباع،
ويحجب رائحته عن الخروج والانتشار.
(547) - إذا تعذر دفن
الميت في الأرض، يجوز وضعه في تابوت أو بناء.
(548) - يجب وضع الميت في القبر نائما على جانبه الأيمن ووجهه ومقاديم
بدنه إلى القبلة.
(549) - إذا مات الميت في سفينة في البحر، فإن أمكن الانتظار به حتى بلوغ
اليابسة لدفنه، وجب ذلك. وإلا فإن لم يمكن الانتظار لكونه في معرض الفساد، أو
لوجود مانع من بقائه في السفينة، فالواجب تغسيله وتحنيطه وتكفينه والصلاة
عليه، ثم وضعه في خابية وسد فتحتها بإحكام، ثم إلقائه في البحر. وإن تعذر أو
أشكل ذلك، ربط برجليه ثقل ثم رمي في البحر، ويجب اختيار موضع لا يكون فيه
طعمة للأسماك والحيوانات فور رميه إن أمكن ذلك. والأحوط رعاية استقبال
الميت حين الإلقاء.
(550) - يحتمل إخراج نفقات تجهيز الميت في السفينة ورميه في البحر وكذا
نفقة إحكام قبر الميت، حيث يحتاج إلى ذلك ويكون لازما، من أصل تركته، لكن
الأحوط استحبابا تحصيل رضا الغرماء والورثة في ذلك.
(551) - إذا ماتت الحامل الكافرة، ومات في بطنها حملها من مسلم، وجب
على الأحوط وجوبا دفنها على جانبها الأيسر مستدبرة القبلة، ليكون الحمل
مستقبلا لها، حتى لو لم تكن قد ولجته الروح.
(552) - يجب دفن ما ينفصل من جسد الميت معه، حتى لو كان من قبيل
131

الشعر والظفر والأسنان. لكن لو توقف ذلك على نبش قبره، فالأحوط وجوبا
دفنه بشكل مستقل.
(553) - من مات في بئر وتعذر إخراجه منها، يجب ردم موضع وجود
جسده من البئر أن أمكن، وإن لم يمكن ذلك أغلق باب البئر، وجعلت قبرا له. ولو
كانت البئر مملوكة وجب إرضاء صاحبها ولو بدفع ثمنها.
مسائل متفرقة في أحكام الميت
(554) - إذا مات الطفل في رحم الأم، وكان بقاؤه فيه خطرا عليها، وجب
إخراجه بأيسر طريق ممكن. وإن توقف ذلك على تقطيعه، فلا مانع من ذلك. لكن
يقوم بذلك الزوج إن كان من أهل الاختصاص، فإن لم يكن كذلك قامت به امرأة
من أهل الخبرة والاختصاص، وإلا فرجل مختص من محارم الأم، وإن لم يمكن ذلك
أيضا فليقم به المختص القادر عليه وإن لم يكن من المحارم. فإن لم يوجد الخبير
المختص يسقط شرط الخبرة أيضا، ويؤدي ذلك من أمكنه القيام به وإن لم يكن
خبيرا.
(555) - إذا ماتت الأم الحامل، وبقي الطفل حيا في رحمها، وجب إخراجه
حتى لو لم يكن ثمة أمل في بقائه حيا. ويقوم بذلك من ذكرنا في المسألة المتقدمة على
الترتيب المذكور. ويعمل على إخراج الطفل من الجانب الذي يضمن به سلامته
أكثر ثم يخاط الموضع. وإذا لم يكن ثمة فرق بين اخراجه من الجانب الأيمن أو الأيسر
من هذه الناحية، فليخرج من الجانب الأيسر.
(556) - لا يجوز اللطمة على الميت ولا خمش الوجه أو البدن. بلا فرق في ذلك
132

بين الرجل والمرأة على الأحوط وجوبا.
(557) - لا يجوز شق الجيب - والمراد بالجيب فتحة الثوب والقميص مما يلي
العنق - على الميت إذا لم يكن أبا أو أخا.
نبش القبر وأحكامه:
(558) - يحرم نبش قبر المسلم حتى لو كان طفلا أو مجنونا، إلا إذا اندرس
بدنه وصار ترابا.
(559) - ذكر لجواز النبش موارد:
1 - أن يدفن الميت في أرض مغصوبة، ولا يرضى مالكها ببقائه فيها.
2 - أن يدفن مع الميت شئ مغصوب ككفنه أو شئ آخر، ولا يرضى
صاحبه ببقائه في القبر.
3 - أن يدفن مع الميت شئ غالي الثمن، ولا يمكن إخراجه من دون نبش
القبر.
4 - أن يكون قد دفن الميت من دون تغسيل أو تكفين أو تحنيط، أو يتبين
بطلان غسله، أو عدم صحة تكفينه شرعا، أو يكون موضوعا في القبر لغير جهة
القبلة. لكن الأحوط وجوبا ترك نبش القبر في هذه الموارد إذا لزم منه هتك للميت
بل عدم الجواز حينئذ متجه. وإذا كان قد دفن عاريا ودار الأمر بين تكفينه ونبش
القبر لذلك، أو ترك النبش وبقائه عاريا قدم الأهم منهما.
5 - أن يخاف على بدن الميت من سيل أو سبع أو عدو، أو يراد نقله إلى
المشاهد المشرفة، وإن لم يكن قد أوصى بذلك على الأظهر.
133

الأغسال المستحبة
(560) - الأغسال المستحبة في شرع الإسلام المقدس كثيرة نذكر جملة منها:
1 - غسل الجمعة: ووقته من طلوع الفجر حتى الظهر، والأفضل أن يؤتى به
قبيل الظهر. ومن لم يغتسل قبل حلول الظهر فالأحوط له أن يأتي به حتى عصر يوم
الجمعة بلا تعرض لنية الأداء أو القضاء، كما يستحب لمن لم يغتسل يوم الجمعة أن
يقضيه يوم السبت بين الفجر والغروب. ويجوز لمن خشي إعواز الماء يوم الجمعة أن
يغتسل يوم الخميس. ويستحب للمغتسل للجمعة أن يقول حين الغسل:
" أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله،
اللهم صل على محمد وآل محمد واجعلني من التوابين واجعلني من
المتطهرين ".
2 - غسل الليلة الأولى من شهر رمضان، وكل الليالي المفردة، مثل الليلة
الثالثة والليلة الخامسة والسابعة. بل في كل ليلة من العشر الأواخر أي من الليلة
الواحدة والعشرين فصاعدا. ويتأكد استحباب الغسل في الليلة الأولى، والليلة
الخامسة عشرة، والسابعة عشرة، والتاسعة عشرة، والواحدة والعشرين، و
الثالثة والعشرين، والخامسة والعشرين، والسابعة والعشرين، والتاسعة و
العشرين. وليس هناك وقت معين لهذه الأغسال، لكن الأفضل إيقاعها في أول الوقت. كما
يستحب أيضا أن يغتسل الليلة الثالثة والعشرين غسلا آخر في آخر الليل،
غير الغسل الذي أتى به في أول الليل.
3 - غسل يوم عيد الفطر وعيد الأضحى. ووقته من أذان الصبح حتى
134

الغروب، والأفضل إيقاعه قبل صلاة العيد، فإن أتى به ما بين الظهر والغروب
فليأت به بقصد الرجاء.
4 - غسل ليلة عيد الفطر، ووقته من أول المغرب حتى أذان الصبح، و
الأفضل إيقاعه في أول الليل.
5 - غسل اليوم الثامن من ذي الحجة والتاسع منه.
6 - غسل اليوم الأول، والخامس عشر، والسابع والعشرين، واليوم
الأخير من شهر رجب.
7 - غسل يوم عيد الغدير.
8 - غسل اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.
9 - غسل يوم عيد النوروز، والخامس عشر من شعبان، والسابع عشر من
الربيع الأول.
10 - غسل من ترك صلاة الآيات عمدا عند كسوف الشمس وخسوف
القمر، إذا كان الكسوف والخسوف تامين.
11 - غسل من سعى لرؤية المصلوب ورآه.
12 - ويستحب الغسل للإحرام، والطواف، والوقوف في عرفات والمشعر،
وللتضحية والحلق في منى، وللتوبة من المعاصي، وإن كانت ذنبا صغيرا، ولطلب
الحاجة، والاستخارة أي طلب الخير من الله.
(561) - يستحب للإنسان أن يغتسل قبل دخوله حرم مكة، ومدينة مكة و
المسجد الحرام، والكعبة، وحرم المدينة، والمدينة (مدينة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم))، و
مسجد النبي، ولدخول حرم الأئمة (عليهم السلام). ويجزي غسل واحد للدخول عدة مرات
في اليوم الواحد. بل يجزي غسل النهار لهذه الأعمال في الليلة التي تليه، وبالعكس
135

أيضا. ويستحب الغسل لزيارة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، والأئمة (عليهم السلام)، من بعيد أو قريب،
وإن اغتسل أحد الأغسال المذكورة في هذه المسألة ثم أتى بناقض للوضوء كالنوم
مثلا فلا يبطل غسله، ولكن يستحب له أن يعيده.
136

التيمم
يجب التيمم بدلا عن الوضوء أو الغسل في سبعة موارد:
1 - عدم وجدان الماء.
2 - لزوم المشقة الزائدة عن الحد من تحصيله أو استعماله.
3 - خوف الضرر من استعماله.
4 - الحاجة إليه لحفظ النفس وما يلحق بها.
5 - الحاجة إليه في إزالة الخبث والتطهير.
6 - عدم إباحة الماء الموجود.
7 - ضيق الوقت عن تحصيله أو استعماله في الوضوء أو الغسل.
وتفصيل هذه الموارد فيما يلي:
عدم وجدان الماء:
(562) - من لم يجد ماءا لوضوئه أو غسله وجب عليه الفحص عنه وطلبه.
فإن كان في أرض عامرة مسكونة، وجب عليه الفحص إلى أن ييأس من الحصول
عليه. أما إذا كان في فلاة غير عامرة، فالواجب عليه الطلب بمقدار رمية سهم - وهو
137

حوالي 200 قدم - في الجهات الأربع إذا كانت الأرض حزنة، أي ذات عوائق
طبيعية وتضاريس وأشجار تمنع من سهولة الحركة فيها. وبمقدار رمية سهمين في
الجهات الأربع أيضا، إذا كانت الأرض سهلة خالية من العوائق.
(563) - إذا كانت الأرض في بعض جهاتها حزنة، وفي بعضها الآخر سهلة،
يعمل في كل جهة بحكمها من البحث مقدار رمية سهم أو سهمين. وكذا إذا اختلفت
أبعاض الأرض في جهة واحدة، فكان قسم منها سهلا، وقسم حزنا.
(564) - إذا تيقن المكلف أو اطمأن بوجود الماء في إحدى الجهات، على
مسافة أبعد من المقدار المذكور الذي يجب الطلب فيه، وجب عليه الذهاب لتحصيله
بشرط أن يكون ثمة متسع من الوقت لإتيانه مع ادراك الصلاة، وعدم وجود مانع
من الذهاب، وعدم استلزام ذلك المشقة.
(565) - لا يجب الطلب على نفس المكلف، بل يجوز له الاستنابة فيه بإرسال
شخص يطمأن بقوله. ويجوز أن ينوب شخص واحد عن عدة أشخاص في ذلك. كما
يسقط وجوب الطلب من جهة ما أيضا بإخبار مخبر من أهل تلك المحلة بعدم وجود
الماء في تلك الناحية بشرط حصول الاطمئنان من قوله.
(566) - إذا احتمل وجود الماء في رحله، أو مع القافلة، أو في محل نزولها،
وجب عليه الفحص إلى أن يتيقن بعدم وجوده، أو ييأس من وجدانه وتحصيله.
(567) - إذا كان قد فحص عن الماء قبل دخول وقت الصلاة فلم يجد، فلا يجب
عليه إعادة الطلب بعد دخول الوقت ما دام لم يغادر مكانه. وكذا لو طلبه في وقت
صلاة ما، فلا يجب عليه تكرار الطلب بدخول وقت صلاة أخرى.
(568) - يسقط وجوب الطلب فيما لو خاف على نفسه من السباع، أو استلزم
البحث مشقة لا يمكنه تحملها، أو ضاق وقت الصلاة عن الطلب مطلقا. أما لو
138

عجز أو ضاق وقته عن مقدار منه، فلا يسقط وجوب الطلب في المقدار الممكن أو
الذي يتسع له الوقت. وإذا خاف على نفسه أو ماله من لص أو قاطع طريق،
فلا يجوز له الطلب.
(569) - إذا ترك البحث عن الماء إلى أن ضاق وقت الصلاة، فإنه يكون
قد عصى، لكن عليه أن يتيمم للصلاة، وتكون صلاته مع التيمم صحيحة.
(570) - من تيقن بعدم وجود الماء وصلى متيمما دون أن يفحص عنه ثم
تبين له بعد الصلاة أنه لو بحث عنه لوجده، وجب عليه على الأحوط إعادة الصلاة.
(571) - إذا فحص عن الماء ولم يجده، فصلى متيمما، ثم تبين له بعد الصلاة
وجود الماء في المكان الذي كان قد بحث فيه، فالأحوط استحبابا له إعادة الصلاة، و
إن كان عدم الوجوب لا يخلو من وجه.
(572) - من كان على وضوء حين دخول وقت الصلاة، وعلم أنه إن أبطل
وضوءه فلن يتمكن من الحصول على الماء أو من الوضوء ثانية، فلا يجوز له إبطاله إن
لم يلزم من المحافظة عليه ضرر أو مشقة.
(573) - من كان متوضئا قبل دخول وقت الصلاة، وعلم أو احتمل احتمالا
عقلائيا، أو أخبرته البينة - أي رجلان عادلان - أنه إن أبطل وضوءه فلن يتمكن
من الحصول على الماء للصلاة بعد دخول الوقت، فالأحوط وجوبا له في هذه
الصورة المحافظة على وضوئه، ما لم يلزم من ذلك ضرر أو مشقة.
(574) - من كان لديه مقدار من الماء يكفيه لخصوص الوضوء أو الغسل
فقط، فإذا علم أنه إن أراقه فلن يتمكن من الحصول على ماء آخر، حرم عليه إراقته
بعد دخول وقت الصلاة. والأحوط وجوبا ترك إراقته حتى قبل دخول الوقت
أيضا.
139

(575) - من علم بعدم وجود الماء، أو أخبرته البينة بذلك، فإذا أبطل وضوءه
بعد دخول الوقت، أو أراق ما لديه من الماء، يكون قد عصى، لكن صلاته مع التيمم
صحيحة.
لزوم المشقة الزائدة عن الحد من تحصيل الماء أو استعماله:
(576) - من لم يمكنه الوصول إلى الماء أو تحصيله - لعجز أو ضعف أو خوف
من لص أو سبع أو شبههما، أو لعدم الحصول على أداة يمكنه إخراج الماء بها من البئر
ونحوها مثلا - وجب عليه التيمم. وكذا لو كان تحصيل الماء أو استعماله مستلزما
لمشقة لا تتحمل عادة.
(577) - إذا توقف إخراج الماء من البئر مثلا على شراء دلو أو حبل أو
شبههما، أو استئجارهما، وجب عليه ذلك، حتى لو كان بأضعاف القيمة الأصلية، ما
لم يكن ذلك مجحفا بحقه. وكذا لو توقف تحصيل الماء على شرائه بأضعاف قيمته
بشرط أن لا يكون بذل المال اللازم في ذلك كله مضرا بحاله
(578) - إذا اضطر إلى الاقتراض من أجل شراء الماء وجب ذلك، إلا أن
يخشى عدم التمكن من أداء القرض فيما بعد، فلا يجب عليه في هذه الصورة.
(579) - إذا أمكن حفر بئر لتحصيل الماء دون لزوم مشقة وجب ذلك. إلا أن
يلزم منه ضرر - غير مالي - مهم ينتفي وجوب هذا العمل بسببه.
(580) - من لا يجد الماء، إذا وجد من يهبه إياه من دون منة، وجب عليه
القبول.
140

خوف الضرر من استعمال الماء:
(581) - إذا خاف المكلف أن يؤدي به استعمال الماء إلى الهلاك أو حدوث
مرض أو عيب فيه، أو ازدياد مرضه وشدته، أو تأخير شفائه منه، أو صعوبة
معالجته، وجب عليه التيمم. لكن لو فرض اختصاص المحذور باستعمال الماء البارد
مثلا وارتفاعه بتسخين الماء، فالواجب عندئذ الوضوء بالماء المسخن أو الاغتسال
به إذا كانت نفقة تسخينه في حدود المتعارف، دون ما إذا تجاوزته.
(582) - ليس المراد بخوف الضرر اليقين بترتبه، بل يكفي في لزوم الانتقال
إلى التيمم حصول الاحتمال لديه بالضرر إذا كان عقلائيا ويراه الناس في محله مع
تحقق خوف الضرر له بالفعل بسبب ذلك الاحتمال.
(583) - من كان مصابا بوجع في عينيه، وكان الماء مضرا بحاله، يجب عليه
التيمم.
(584) - إذا تيمم ليقينه بترتب الضرر، أو خوفه حصوله، ثم تبين له قبل
الصلاة أن لا ضرر عليه من استعمال الماء، فتيممه باطل. وإذا تبين له ذلك بعد أن
صلى، فإن كان يقينه ناشئا من دلائل معتبرة، فصلاته صحيحة. وإلا وجب عليه
إعادة الصلاة على الأحوط.
(585) - من تيقن عدم حصول الضرر من استعماله الماء، فاغتسل أو توضأ،
ثم انكشف له الخلاف، وأن الماء مضر بحاله، فغسله ووضوؤه صحيحان.
141

الحاجة إلى الماء لحفظ النفس وما يلحق بها:
(586) - يجب ترك الوضوء أو الغسل، والانتقال إلى التيمم بدلا عنهما، فيما لو
خاف المكلف أن يؤدي صرفه الماء فيهما (الوضوء والغسل) إلى وقوعه في
العطش، أو وقوع أحد من عياله، أو أولاده، أو رفيق سفره، ومن تعلق به
كخادمه، بنحو يصل إلى حد الهلاك، أو المرض، أو المشقة التي لا تتحمل عادة. و
كذا لو خاف أن يؤدي ذلك إلى تلف حيوان له يضر ذبحه بحاله، إذ يجب عليه في
هذه الصورة أيضا اعطاء الماء للحيوان والتيمم للصلاة. بل الحكم كذلك وإن لم يكن
الحيوان ملكا له. وكذا لو خاف التلف عطشا على شخص ممن يجب عليه حفظه، و
لو كان من غير من ذكر.
(587) - إذا كان لدى المكلف غير الماء الطاهر المحتاج إليه لحفظ النفس ومن
الحق بها مقدار آخر من الماء المتنجس يكفي لشربه وشرب المتعلقين به، فمع هذا
يجب عليه استبقاء الماء الطاهر للشرب ويتيمم للصلاة. لكن لو كانت الحاجة للماء
لسقي الحيوان الذي يخاف عليه التلف، وجب عليه في هذه الصورة سقيه الماء
النجس، والوضوء أو الغسل من الماء الطاهر.
الحاجة إلى الماء لإزالة الخبث والتطهير:
(588) - من كان لديه مقدار من الماء لا يكفي لإزالة النجاسة عن بدنه أو ثيابه
والغسل أو الوضوء، بنحو لو توضأ به أو اغتسل لم يبق ما يكفيه من الماء لتطهير
بدنه أو ثيابه للصلاة، وجب عليه تطهير البدن أو الثياب به والتيمم للصلاة. لكن
هذا فيما لو كان لديه ما يتيمم به من صعيد أو غيره. أما إذا كان فاقدا لما يصح التيمم
142

عليه أيضا، فالواجب عليه الوضوء أو الغسل بالماء الموجود والصلاة بالبدن أو
الثوب المتنجسين.
عدم إباحة الماء الموجود:
(589) - إن لم يكن لديه ماء أو إناء مما يجوز استعماله كأن لم يكن لديه سوى
الماء المغصوب أو الموضوع في إناء مغصوب وجب عليه التيمم بدلا عن الوضوء أو
الغسل.
ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو استعماله في الوضوء أو الغسل:
(590) - إذا ضاق الوقت عن الصلاة مع الوضوء أو الغسل بنحو لو أتى بواحد
منهما لزم وقوع الصلاة بكاملها خارج الوقت، فالواجب عندئذ الانتقال إلى التيمم.
أما إذا كان الوقت يتسع، إما للوضوء مع ادراك ركعة من الصلاة، أو للتيمم مع
ادراك كامل الصلاة في الوقت، فيجوز له على الأظهر حينئذ أن يختار أيا شاء من
الوضوء أو التيمم. وإن كان الأحوط استحبابا له التيمم وادراك كامل الصلاة في
الوقت لكن إذا كان الأمر بنحو أنه حتى لو تيمم فلن يدرك الصلاة بكاملها في
الوقت، وبعبارة أخرى دار الأمر بين الوضوء وادراك ركعة من الصلاة، أو التيمم
وادراك قسم من الصلاة مع وقوع شئ منها خارج الوقت، فيجب هنا على
الأحوط بل الأقرب الوضوء وادراك ركعة من الصلاة في الوقت.
(591) - إذا أخر الصلاة عامدا، بنحو لم يتسع الوقت للوضوء أو الغسل كان
آثما، لكن صلاته مع التيمم صحيحة.
(592) - من شك في ادراك الصلاة ولو ركعة منها إن توضأ أو اغتسل لخوف
143

ضيق الوقت عن إتيانه مع الصلاة، وجب عليه الانتقال إلى التيمم.
(593) - من تيمم لضيق الوقت، لو فقد الماء بعد الصلاة، وجب عليه إعادة
التيمم - إن كانت وظيفته ذلك - للصلوات الآتية، وإن لم يكن قد أتى بما ينقضه. أما
إن كان فقده للماء في أثناء الصلاة، فيجوز له اتيان ما يأتي من الصلوات بنفس هذا
التيمم ما لم ينقضه بناقض.
(594) - من كان لديه من الوقت ما يكفي لاتيان الواجب من الوضوء أو
الغسل، ثم اتيان الصلاة مقتصرا فيها على الواجبات، دون المستحبات من إقامة و
قنوت ونحوهما، وجب عليه الوضوء أو الغسل، ثم الصلاة مقتصرا على الواجبات
فقط. بل لو ضاق الوقت عن اتيان السورة أيضا في الفرض المذكور، وجب كذلك
الوضوء أو الغسل، واتيان الصلاة من دون مستحبات، ومن دون السورة أيضا.
ما يصح التيمم به
(595) - يصح التيمم بمطلق ما يصدق عليه اسم الأرض كالتراب والرمل و
الحجر والمدر. كما يصح التيمم بالآجر والخزف والجص والكلس قبل طبخها. أما
إذا كانت مطبوخة ولم يكن لديه شئ آخر مما يصح التيمم به حال الاختيار،
فالأحوط الجمع بين التيمم بها وبواحد من الطين أو الغبار.
(596) - لا يصح التيمم بالجواهر كحجارة العقيق والفيروزج.
(
(597) - إن فقد التراب والرمل والحجر والمدر، وجب عليه أن يعمل على
جمع شئ من التراب، من خلال نفض ثوب أو بساط أو شبههما، أو تجفيف شئ من
الطين أو الوحل، فإن لم يمكن تحصيل التراب بأي شكل من الأشكال، ضرب بيديه
144

على ثوبه أو بساطه، ليجتمع الغبار على وجههما ثم تيمم به. ولا يجوز له التيمم
بالغبار الموجود في أثناء الثوب أو البساط. وإذا لم يتمكن من تحصيل الغبار أيضا
وجب التيمم بالطين، فإن لم يوجد فالأحوط استحبابا له أن يأتي بالصلاة بلا تيمم،
والأقوى وجوب قضائها فيما بعد.
(598) - من لم يجد ماءا، فإن تمكن من الحصول على ثلج أو جليد وتذويبه،
وجب عليه ذلك، ثم الوضوء أو الغسل منه. وإذا لم يتمكن من ذلك، ولم يجد ما
يصح التيمم به، فالأحوط استحبابا له اتيان الصلاة بلا وضوء ولا تيمم، لكن يجب
عليه قضاؤها فيما بعد.
(599) - إذا اختلط التراب أو الرمل بما لا يصح التيمم به من قبيل التبن مثلا،
فلا يصح التيمم بهذا الخليط. إلا أن يكون المضاف إليه مما لا يصح التيمم به قليلا،
بنحو يعد مستهلكا في التراب أو الرمل، فيصح في هذه الصورة. بل لا يبعد صحة
التيمم به أيضا حتى لو لم يكن مستهلكا فيه، لكن كان قليلا إلى درجة يمكن معها
تسمية ذلك الخليط بالتراب أو الرمل عرفا.
(600) - يصح التيمم بالحائط المبني من الطين، وكذا يصح التيمم بالأرض و
التراب النديين، وبالطين اليابس كذلك. وعليه فالطين الذي لا يصح التيمم به مع
وجود الأرض والتراب الجافين هو الطين الموحل أي حال كونه مخلوطا بالماء.
(601) - يشترط الطهارة في ما يتيمم به. فإن لم يجد المكلف شيئا طاهرا مما
يصح التيمم به فالأحوط له اتيان الصلاة بلا تيمم، ثم إعادتها فيما بعد مع الوضوء
أو الغسل أو التيمم.
(602) - يشترط في ما يتيمم به أن يكون مباحا غير مغصوب.
(603) - المحبوس في مكان مغصوب إذا لم يجد سوى ماء وتراب غصبيين،
145

يجب عليه الصلاة مع التيمم فيما لو كان تيممه غير مستلزم لتصرف في الأرض زائد
عن مكثه هناك، أو مع كون صاحب الأرض راضيا بتيممه فيها.
كيفية التيمم
(604) - يجب في التيمم أربعة أمور:
الأول: النية.
الثاني: ضرب تمام كفى اليدين معا على ما يصح التيمم به، ولا يكفي مجرد
وضع اليدين دون ضرب على الأحوط.
الثالث: مسح تمام الجبهة وطرفيها بتمام الكفين، ابتداءا من منبت شعر الرأس
حتى الحاجبين ورأس الأنف الأعلى، والأحوط وجوبا مسح الحاجبين أيضا.
الرابع: مسح تمام ظاهر الكف اليمنى بباطن كف اليد اليسرى، ثم مسح تمام
ظاهر كف اليد اليسرى بباطن كف اليمنى.
(605) - لا تختلف كيفية التيمم بدلا عن الغسل عن كيفيته بدلا عن الوضوء،
لكن الأحوط استحبابا في التيمم بدلا عن الغسل بل في كل تيمم ضرب الأرض
بالكفين مرة أخرى بعد مسح الجبهة، ومسح ظاهر كل منهما بباطن الآخر بالنحو
الذي ذكرناه قريبا.
(606) - يستحب نفض اليدين بعد الضرب على ما يتيمم به لإسقاط الغبار
العالق عنهما.
146

أحكام التيمم
(607) - يشترط في التيمم المباشرة والترتيب والشروع من الأعلى إلى
الأسفل في مسح الجبهة وظاهر اليدين. كما يشترط فيه الموالاة بين أفعاله على
الأحوط، بمعنى عدم الفصل المنافي لهيئته وصورته.
(608) - يشترط طهارة أعضاء التيمم من الجبهة والكفين، ظاهرهما و
باطنهما. لكن إذا كان باطن الكف نجسا ولم يمكن تطهيره، وجب التيمم به على
نجاسته. والأحوط وجوبا في تلك الحال - إذا كان ظاهر اليد طاهرا - الجمع بين
التيمم بالكف النجس، والتيمم بظاهر اليد.
(609) - تجب إزالة الحواجب والموانع عن مواضع التيمم - سواء في الجبهة
أو الكفين ظاهرا وباطنا - ومنها الخاتم فهو حائل يجب نزعه.
(610) - إذا وجد على بعض مواضع التيمم جبيرة، ولم يمكن كشفها حين
التيمم، وجب المسح عليها، سواء كانت الجبيرة على الجبهة أو ظاهر الكفين. وإذا
كانت الجبيرة التي لا يمكن نزعها في باطن الكف، وجب الضرب بها على ما يصح
التيمم به. ثم مسح الجبهة وظاهر الكفين بها. وإذا كان الكف مقيدا بالجص مثلا -
لكسر ونحوه - بنحو لم يمكن تحريره واستعماله بالشكل المطلوب، وجب الاستعانة
بالآخرين في التيمم.
(611) - لا يضر وجود الشعر على الجبهة وظاهر اليدين حين المسح في
التيمم، لكن لو فرض كون شعر الرأس طويلا، وتدلى بنحو غطى جزءا من الجبهة،
وكان أكثر من المتعارف، وجب رفعه حين مسح الجبهة.
147

(612) - لا يجوز على الأحوط - لمن كانت وظيفته التيمم - التيمم للصلاة قبل
دخول وقتها، لكن لو تيمم قبل دخول الوقت لعمل آخر غير الصلاة - واجب أو
مستحب - واستمر عذره إلى وقت الصلاة، فيجوز له اتيانها بهذا التيمم.
(613) - من كانت وظيفته التيمم، إذا علم باستمرار العذر إلى آخر وقت
الصلاة، يجوز له المبادرة إلى التيمم والصلاة، حتى مع سعة الوقت. وكذا يجوز له
المبادرة على الأظهر إذا كان يرجو زوال عذره آخر الوقت، وإن كان تأخيرها
أفضل وأحوط استحبابا.
(614) - من عجز عن الوضوء أو الغسل، يجوز له قضاء صلواته الفائتة مع
التيمم، حتى لو احتمل ارتفاع عذره قريبا.
(615) - من عجز عن الوضوء أو الغسل، يجوز له اتيان الصلوات المستحبة
التي لها وقت معين كنوافل الليل والنهار مع التيمم، حتى في أول وقتها.
(616) - من تيمم لعذر، كفقدان الماء أو غيره، يبطل تيممه بارتفاع ذلك
العذر.
(617) - من كانت وظيفته التيمم، إذا تيمم لعمل من الأعمال، يجوز له اتيان
غيره من الأعمال المشروطة بالوضوء أو الغسل بنفس هذا التيمم، ما دام عذره
مستمرا ولم ينتقض تيممه. ويستثنى من ذلك ما لو كان عذره ضيق الوقت، أو كان
قد تيمم للصلاة على الميت أو لأجل النوم مع وجود الماء في الصورتين، حيث
لا يجوز له اتيان عمل آخر بهذا التيمم سوى ما تيمم لأجله.
148

أحكام الصلاة
الصلاة أهم الوظائف الدينية فهي إن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما
سواها، وقد ورد أنها مطهرة من الذنوب وأنها عمود الدين.
والأفضل إتيان الصلاة في أول وقتها، ومثل من استخف بصلاته كالتارك
لها، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " من لم يهتم بالصلاة واستخف بها فهو
مستحق لعذاب الآخرة ".
وورد: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلى
فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " نقر كنقر الغراب، لئن مات هذا و
هكذا صلاته ليموتن على غير ديني ".
فينبغي للانسان الاهتمام بالصلاة وعدم الاستعجال فيها، وأن يكون في حال
الصلاة ذاكرا لله، خاضعا، خاشعا، في حالة وقار، ملتفتا لكونه يخاطب المالك
القهار، وأن يرى نفسه ذليلا وأن يعترف بذلته وحقارته أمام عظمة الله و
جبروته، فإن توجه الإنسان في صلاته إلى هذا المعنى كاملا نسي نفسه كما كان الأمر
مع أمير المؤمنين (عليه السلام) إذ أخرجوا سهما من قدمه المباركة أثناء أدائه الصلاة دون أن
يشعر به.
149

ويجب على المصلي أيضا التوبة، والاستغفار، واجتناب الذنوب التي تمنع من
قبول الصلاة، مثل الحسد، والكبر، والغيبة، وأكل الحرام، وشرب المسكرات، و
منع الخمس والزكاة، وكل معصية.
كما ينبغي ترك ما يوجب نقصان ثواب الصلاة، كالوقوف للصلاة نعسا، أو
قد حصره البول، أو التحديق في السماء حالها. وينبغي الإتيان بما يوجب ازدياد
الثواب كالتختم بخاتم عقيق، ولبس الثياب النظيفة، والامتشاط والسواك و
التعطر.
الصلوات الواجبة
الصلوات الواجبة خمس:
1 - الصلاة اليومية وما يلحق بها كصلاة الجمعة، وصلاة الاحتياط، وصلاة
القضاء، والصلاة التي يعيدها المصلي وسنذكر أحكام كل منها بالتفصيل.
2 - صلاة الآيات كالزلزلة والخسوف والكسوف وما شابهها.
3 - صلاة الميت.
4 - صلاة الطواف الواجب حول بيت الله للحج والعمرة الواجبين.
5 - ما وجب من الصلوات بنذر أو يمين أو عهد أو استيجار.
150

الصلوات اليومية الواجبة
وهي خمس: الظهر والعصر كل منهما أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات،
والعشاء أربع ركعات، والصبح ركعتان.
(618) - تقصر الصلاة الرباعية في السفر، فتصبح ركعتين، إذا تحققت
الشروط لذلك، التي سنذكرها في باب صلاة المسافر.
(619) - يجب على المصلي رعاية عدة مقدمات وشرائط قبل الصلاة تتناول
ما يلي:
1 - الطهارة وقد مر الكلام حولها.
2 - الوقت.
3 - القبلة.
4 - الستر حال الصلاة.
5 - مكان الصلاة.
والتفصيل فيما يلي:
151

أوقات الصلاة
وقت الظهرين:
(620) - وقت الظهرين - أي صلاة الظهر وصلاة العصر - من الزوال إلى
الغروب، وتختص الظهر من أوله بمقدار أدائها بحسب حال المكلف، مع تحصيل
شرائطها - لمن لم يكن قد حصلها -، بنحو لو وقعت العصر في هذا الوقت اشتباها
بطلت. وتختص العصر من آخره بمقدار أدائها، بنحو لو ترك المكلف الظهر حتى
لم يبق من الوقت إلا ذلك المقدار، تكون قد فاتته، ويلزمه إتيانها قضاءا إذا لم يأت
بالعصر قبلها. وما بين هذين الوقتين من الوقت مشترك بين الصلاتين.
(621) - يعرف الزوال - أو وقت الظهر - بزيادة ظل كل شاخص معتدل بعد
نقصانه أو حدوثه بعد انعدامه، والمراد بذلك إن كل جسم معتدل يقوم على سطح
الأرض بشكل عمودي، يكون له ظل ناتج عن أشعة الشمس، وهذا الظل يكون
لجهة المغرب عند شروق الشمس صباحا، ثم يأخذ بالتناقص تدريجيا مع ارتفاع
الشمس في كبد الفضاء إلى أن يبلغ آخر درجة النقص عند صيرورة أشعة الشمس
في وسط السماء مسلطة بشكل عمودي على الأرض - وقد يختفي كليا عندئذ في
بعض البلاد القريبة من خط الاستواء - ثم يعود للازدياد أو الظهور، لكن في الاتجاه
المعاكس، بعد شروع تحول الشمس لجهة الغروب. فعلامة الظهر الشرعي هي بداية
ازدياد الظل هذا بعد نقصه، أو حدوثه بعد انعدامه في البلاد التي ينعدم فيها كليا.
(622) - من شرع في صلاة العصر قبل أن يصلي الظهر - سهوا - ثم التفت
أثناءها، فإن كان في الوقت المشترك وجب عليه العدول بنيته إلى الظهر، بأن يعتبر
152

ما أتى به منها وما سيأتي به ظهرا، ثم يصلي العصر بعدها. وكذا يعدل بنيته إلى
الظهر وتصح صلاته، لو شرع في العصر سهوا في الوقت المختص بالظهر، والتفت في
أثنائها، لكن كان التفاته بعد دخول الوقت المشترك. وإذا التفت إلى الأمر بعد انتهاء
الصلاة، فصلاته صحيحة في كلتا الصورتين وتحسب عصرا، فيصلي الظهر، و
لا يجب عليه إعادة العصر بعدها. أما إذا شرع في العصر في الوقت المختص بالظهر و
لم يأت بشئ من الصلاة في الوقت المشترك، فإن التفت بعد الصلاة فصلاته باطلة،
إلا أن يكون اشتباهه في التطبيق، بأن قصد الوظيفة الفعلية المطلوبة منه فيما أتى به،
لكن طبقها على العصر اشتباها. وذلك نظير ما لو تلفظ بكلمة العصر بدل الظهر، مع
أن مراده ونيته الظهر. أما إذا التفت أثناء الصلاة في هذا الفرض، فيجب عليه
العدول إلى صلاة الظهر، ولا يترك الاحتياط بإعادة كلتا الصلاتين بعد الفراغ.
(623) - إذا قدم العصر على الظهر في الوقت المشترك بينهما - سهوا - والتفت
أثناء الصلاة، لكن بعد دخول الوقت المختص بالعصر، وجب عليه اكمال الصلاة بنية
العصر، ثم اتيان الظهر احتياطا بقصد ما في الذمة.
(624) - إذا بقي من الوقت مقدار أداء أربع ركعات فقط، ونوى المسافر صلاة
الظهر وشرع فيها، لكنه نوى الإقامة عشرة أيام أو أكثر في أثنائها، فهنا تبطل
صلاته حيث صار هذا الوقت مختصا بالعصر بعد أن صارت رباعية بنية الإقامة.
فيجب عليه قطع الصلاة واتيان العصر، ثم قضاء الظهر بعدها. ولو كانت نية
الإقامة في مثل هذه الصورة بيده واختياره فالأحوط تركها.
(625) - يجوز على الأظهر اتيان صلاة الجمعة ركعتين يوم الجمعة بدلا عن
الظهر، لكن الأحوط أن تكون إقامتها بواسطة الفقيه إن أمكن. ووجوبها في عصر
الغيبة تخييري، وهي تجزي عن الظهر.
153

وقت العشاءين:
(626) - وقت صلاتي المغرب والعشاء للمختار من المغرب حتى منتصف
الليل، تختص المغرب من أوله بمقدار أدائها. فلو وقعت العشاء بكاملها فيه سهوا،
كما لو كانت قصرا، كانت باطلة. وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها، فيجب
على من أخر الصلاتين إلى ذلك الوقت، إتيان العشاء أولا، ثم إتيان المغرب. و
الأحوط وجوبا للمضطر ومن أخر الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل، لمعصية أو
عذر، أن يأتي بهما قبل الفجر، من دون تعرض لنية الأداء أو القضاء. وعندئذ
فيكون المختص بالعشاء للمضطر ومن أخر الصلاة هو مقدار أدائها من آخر الليل
قبل طلوع الفجر على الأحوط، وعليه فلو كان المتبقي من الوقت يكفي لأداء خمس
ركعات مثلا، يؤتى بالصلاتين بقصد ما في الذمة، أما إذا لم يكف إلا لأربع ركعات أو
أقل، فالواجب إتيان العشاء برجاء كونها الوظيفة، ثم يقضي المغرب بعدها، و
يقضي العشاء احتياطا أيضا بعد المغرب. وما بين الوقت المختص بالمغرب والوقت
المختص بالعشاء مشترك بين الصلاتين، فلو صلى المكلف العشاء قبل المغرب فيه
اشتباها، والتفت بعد الصلاة، صحت صلاته، ووجب عليه اتيان المغرب بعدها.
(627) - يتحقق المغرب الشرعي بغيبوبة الشمس خلف الأفق فعلا في
الأرض المبسوطة. وبغيبوبتها تقديرا في الأرض الجبلية، أي ببلوغها حدا لو كانت
الأرض مبسوطة لغابت معه. لكن الأحوط استحبابا انتظار زوال الحمرة المشرقية
التي تبقى لجهة الشرق بعد غيبوبة قرص الشمس فترة قصيرة.
(628) - نصف الليل هو منتصف ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر،
لا ما بين غروب الشمس وطلوعها.
154

(629) - يختلف الوقت المختص والمشترك باختلاف الأشخاص وتكليفهم.
فالوقت المختص بصلاة الظهر للمسافر مثلا مضي مقدار أداء ركعتين من الزوال، و
ما بعده مشترك. بينما هو لغير المسافر مقدار مضي أربع ركعات، ثم يدخل الوقت
المشترك.
(630) - إذا دخل المكلف في صلاة العشاء قبل اتيان المغرب - سهوا - والتفت
في أثناء الصلاة إلى ذلك، فإن كان التفاته قبل الدخول في ركوع الركعة الرابعة، و
كان ما أتى به لحد الآن قد وقع كله أو بعضه في الوقت المشترك، فالواجب عليه
العدول بنيته إلى المغرب، واكمال الصلاة، ثم اتيان العشاء بعدها. وإن كان قد دخل
في ركوع الركعة الرابعة، فعليه إتمامها عشاءا، ثم إتيان المغرب. أما لو كان قد وقع
كل ما أتى به من الصلاة في الوقت المختص بالمغرب، فصلاته لا تخلو من الاشكال،
حتى لو عدل إلى المغرب حين التفت فالأحوط العدول إلى المغرب، ثم إعادة
الصلاتين بعدها.
وقت صلاة الصبح:
(631) - أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر الصادق، وآخره طلوع
الشمس. والمراد بالفجر الصادق هو البياض المعترض في الأفق الذي يتزايد
وضوحا وجلاءا، وقبله الفجر الكاذب، وهو البياض المستطيل من الأفق صاعدا
إلى السماء، كالعمود الذي يتناقص ويضعف حتى ينمحي.
155

أحكام أوقات الصلاة:
(632) - يجب على المكلف إن أراد الصلاة تحصيل اليقين بدخول الوقت مع
الامكان. ويقوم مقام اليقين على الأظهر كل من أذان العادل العارف بأوقات
الصلاة، وإخبار البينة - وهي الرجلان العادلان - بدخول الوقت كذلك.
(633) - يجوز لكل من الأعمى والمحبوس الدخول في الصلاة بمجرد حصول
الظن لهما بدخول الوقت، وإن كان الأحوط لهما الصبر إلى حين حصول اليقين بذلك
أو الاطمئنان أو ظن أقوى. أما غير الأعمى والمحبوس، ممن لا يقدر على تحصيل
اليقين أو علامات معتبرة على دخول الوقت، نتيجة وجود غيم أو غبار أو شبههما،
فالأحوط له تأخير الصلاة، إذا احتمل التوصل إلى وسيلة يعلم أو يظن بواسطتها
بدخول الوقت. وإذا كان نفس التأخير موجبا للعلم بدخول الوقت، أو الظن به،
فيحتمل جواز الدخول في الصلاة بمجرد حصول الظن بدخول الوقت، لكن
الأحوط مع هذا تأخير الصلاة، إن لم يلزم منه عسر وحرج.
(634) - إذا شرع في الصلاة بعد أن أحرز دخول الوقت بطريق معتبر من
الطرق المذكورة، ثم انكشف له أثناءها عدم دخول الوقت، فصلاته باطلة. إلا أن
يعدل إلى النافلة، أو إلى قضاء صلاة مما في ذمته. وكذا تبطل صلاته لو علم بعد
الفراغ منها أنها وقعت قبل دخول الوقت بكاملها. أما إذا علم أثناء الصلاة بدخول
الوقت، أو علم بعد الصلاة بأن الوقت قد دخل أثناء اشتغاله بالصلاة، فأدرك ولو
قليلا منها كالتسليم مثلا في الوقت، فصلاته صحيحة في الصورتين، والحكم في صور
المسألة كلها مبني على كون المكلف دخل في الصلاة بعد أن أحرز دخول الوقت.
(635) - إذا جهل المكلف لزوم إحراز دخول الوقت قبل الشروع في الصلاة،
156

أو نسي هذا الحكم، فصلى دون احراز الدخول فإذا تبين له بعد الصلاة إن صلاته
وقعت بكاملها في الوقت، تكون صحيحة، لكن بشرط أن تكون قد صدرت منه
بقصد القربة.
(636) - إذا ضاق وقت الصلاة عن إتيانها مع المستحبات المتعارفة مثلا،
بنحو لو أريد إتيان شئ من المستحبات معها لزم وقوع جزء منها خارج الوقت،
فالواجب عندئذ أداؤها بالواجبات فقط وترك المستحبات. فلو استلزم اتيان
القنوت مثلا، وقوع قسم من الصلاة خارج الوقت، وجب ترك القنوت.
(637) - إذا بقي من وقت الصلاة ما يكفي لأداء ركعة واحدة، يجب إتيان
الصلاة بنية الأداء.
(638) - إذا بقي لغير المسافر من وقت الظهر والعصر ما يكفي لأداء خمس
ركعات، وجب عليه إتيانهما أداءا، أما إذا كان المتبقي من الوقت أقل من ذلك،
فالواجب إتيان العصر أداءا، ثم قضاء الظهر بعد ذلك. وإذا بقي لغير المسافر أيضا
مقدار أداء خمس ركعات لمنتصف الليل، يجب عليه اتيان كل من صلاتي المغرب و
العشاء أداءا، أما إذا كان الوقت المتبقي أقل من ذلك، فالواجب اتيان العشاء أداءا،
ثم اتيان المغرب بعدها بقصد ما في الذمة.
(639) - إذا بقي للمسافر من وقت الظهر والعصر مقدار أداء ثلاث ركعات،
وجب عليه إتيان كلتيهما أداءا. أما إذا كان المتبقي أقل من ذلك، فالواجب إتيان
العصر أداءا والظهر قضاءا بعد ذلك. وإذا بقي له إلى منتصف الليل مقدار أداء أربع
ركعات، فعليه إتيان المغرب والعشاء أداءا كلتيهما، أما إذا كان الوقت المتبقي أقل
من ذلك، فالواجب إتيان العشاء أداءا، ثم إتيان المغرب بعدها فورا احتياطا بقصد
ما في الذمة إذا بقي بعده مقدار أداء ركعة أو أزيد.
157

(640) - يستحب اتيان الصلاة أول وقتها، وقد ورد الحث عليه في الروايات
كثيرا. وكلما قرب من أول الوقت كان أفضل إلا في موارد معينة مستثناة في الشرع
سيأتي بيانها.
الترتيب بين الصلوات:
(641) - يجب اتيان صلاة العصر بعد صلاة الظهر، وصلاة العشاء بعد
المغرب. فلو قدم العصر على الظهر أو العشاء على المغرب عمدا بطلت.
(642) - لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة، فإذا دخل المكلف في صلاة
الظهر، ثم تذكر في الأثناء أنه قد صلاها، فلا يجوز له العدول بنيته إلى العصر، إلا أن
تكون نيته حين دخل فيها إتيان ما هو واجب عليه، وقد وردت الظهر في نيته
اشتباها في التطبيق، وفي صورة عدم جواز العدول يجب عليه إبطال الصلاة واتيان
العصر. وكذا الحكم في المغرب والعشاء
(643) - إذا شك بعد اتيانه العصر في أنه قد صلى الظهر أم لا، فلا يجب عليه
اتيانها على الأظهر، وإن كان ذلك أحوط، فيما لو كان الشك في الوقت المشترك
بينهما. وإذا شك أثناء إتيانه العصر في أنه قد أتى بالظهر أم لا، فلا يجب العدول إلى
الظهر، إن كان الشك في الوقت المشترك، بل عدوله محل تأمل، والأحوط استحبابا
أداء الظهر بعد الفراغ من العصر، أو قضاؤها إن كان قد انقضى وقت أدائها. وإن
كان الشك في اتيان الظهر أثناء أدائه العصر في الوقت المختص بالعصر، فالواجب
عليه اكمال العصر، ولا يجب قضاء الظهر، وإن كان الاحتياط بقضائها حسنا.
(644) - إذا شك أثناء اتيانه العشاء في أنه صلى المغرب أم لا، فحكمه كما لو
كان في العصر وشك في إتيان الظهر، سواء كان الشك قبل الدخول في ركوع الركعة
الرابعة، أو بعده.
158

الصلوات المستحبة
(645) - الصلوات المستحبة كثيرة، وتسمى بالنوافل. وقد ورد الحث و
التأكيد على اتيان النوافل اليومية من بين سائر النوافل، وهي في غير يوم الجمعة
أربع وثلاثون ركعة: ثمان منها نافلة الظهر، وثمان للعصر، وأربع نافلة المغرب، و
ركعتان نافلة العشاء، وإحدى عشرة ركعة نافلة الليل، وركعتان نافلة الصبح. وبما
أن الركعتين نافلة العشاء يؤتى بهما من جلوس فتعدان ركعة واحدة. أما يوم
الجمعة، فيضاف إلى نوافل الظهر والعصر أربع ركعات، فتصبح بمجموعها عشرين
ركعة، يجوز إتيانها جميعا قبل الزوال.
(646) - ركعات نوافل الليل الإحدى عشرة يؤتى بثماني ركعات منها بنية
نافلة الليل، وبعدها ركعتان بنية صلاة الشفع، ثم ركعة واحدة بنية صلاة الوتر. و
تفصيل كيفيتها وآدابها مبين في الكتب المبسوطة.
(647) - تسقط نوافل الظهر والعصر في السفر حيث تتعين الصلاة قصرا، أما
في مواضع التخيير بين القصر والتمام - وسيأتي بيانها - فالأظهر عدم سقوطها. وأما
نافلة العشاء، فالأحوط إتيانها في السفر برجاء المطلوبية. أما باقي النوافل وهي
نافلة المغرب ونوافل الليل والصبح فلا تسقط في السفر.
159

أوقات النوافل اليومية:
(648) - لنوافل الظهر والعصر ثلاثة أوقات متفاوتة في الفضل، أولها أفضل
من الثاني والثاني أفضل من الثالث. فيبدأ الوقت الأول لنوافل الظهر من حين
الزوال إلى بلوغ الظل الحادث سبعي الشاخص، أي بلوغ الظل طول شبرين مثلا لو
كان طول الشاخص سبعة أشبار. ويستمر الوقت الأول لنوافل العصر إلى حين
بلوغ الظل الحادث مقدار أربعة أسباع الشاخص. أما الوقت الثاني لنوافل الظهر،
فيبدأ من حين بلوغ الظل سبعي الشاخص ويستمر إلى حين بلوغه مقدار مثل
الشاخص. بينما يبدأ الوقت الثاني لنوافل العصر من حين بلوغ الظل أربعة أسباع
الشاخص، ويستمر إلى حين بلوغه مقدار مثليه. ويؤتى بكل من نوافل الظهر و
العصر في هذين الوقتين قبل اتيان فريضتها. ويجوز اتيان نوافل الظهر والعصر بعد
الوقت الثاني لكل منها أيضا - أي بعد بلوغ الظل الحادث مقدار مثل الشاخص
لنوافل الظهر، ومقدار مثليه لنوافل العصر - لكن الأظهر أن الأفضل عندئذ هو
الاتيان بنوافل الظهر بعد صلاة الظهر وبنوافل العصر بعد صلاة العصر، ويجب أيضا
على الأحوط في هذه الصورة أن لا يتعرض فيها - أي النوافل - إلى نية الأداء و
القضاء.
(649) - يجوز اتيان نوافل الظهر قبل الزوال أيضا برجاء المطلوبية من دون
تعرض لنية الأداء على الأحوط.
(650) - يبدأ وقت نافلة المغرب بعد أداء فريضتها، ويستمر إلى حين زوال
الحمرة المغربية.
(651) - وقت نافلة العشاء بعد اتيان فريضتها، ويستمر إلى آخر وقت
فريضة العشاء. والأحوط اتيانها بعد صلاة العشاء فورا.
160

(652) - وقت نافلة الصبح بعد الانتهاء من نافلة الليل إلى حين طلوع الحمرة
المشرقية. أما بعد طلوع الحمرة فيؤتى بصلاة الصبح أولا، ثم يؤتى بالنافلة بعدها.
(653) - يبدأ وقت نافلة الليل من منتصف الليل، ويستمر إلى طلوع الفجر، و
آخر الوقت أفضله. ويجوز لمن طلع عليه الفجر بعد أن صلى أربع ركعات من
نافلة الليل أن يكملها قبل نافلة الصبح وفريضتها، كما يجوز له قضاء الباقي منها بعد
اتيانهما، أما من لم يصل شيئا من صلاة الليل، أو كان ما صلاه أقل من أربع ركعات،
فالأفضل له أن يؤخر قضاءها، أو ما تبقى منها إلى ما بعد الفراغ من صلاة الصبح و
نافلتها.
(654) - يجوز للمسافر، ولمن يشق عليه إتيان صلاة الليل في وقتها بعد
منتصف الليل، أن يأتي بها أول الليل.
(655) - يجوز اتيان النافلة في وقت الفريضة، حتى لو لم تكن من النوافل
اليومية، ما لم يؤد ذلك إلى فوات الفريضة. كما يجوز التنفل أيضا لمن كان في ذمته
صلاة واجبة أخرى، من قضاء فريضة فائتة أو صلاة استئجارية.
صلاة الغفيلة:
(656) - إحدى الصلوات المستحبة صلاة الغفيلة، ويؤتى بها بين صلاتي
المغرب والعشاء. ووقتها على الأحوط من بعد الانتهاء من صلاة المغرب إلى حين
زوال الحمرة المغربية، وإن كان يحتمل جواز أدائها ما بين المغرب والعشاء مطلقا في
أي وقت وقعت. ويجوز على الأظهر الجمع بين نافلة المغرب والغفيلة بنية واحدة.
وهي ركعتان، يقرأ في الركعة الأولى منها مكان السورة بعد الحمد هذه الآية:
(وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في
161

الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له و
نجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين).
وفي الركعة الثانية - بعد الحمد بدل السورة - هذه الآية:
(وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر و
ما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس
إلا في كتاب مبين).
ثم يقول في القنوت: " اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا
أنت أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا... " فيذكر
حاجته بدل " كذا وكذا ". ثم يقول: " اللهم أنت ولي نعمتي، والقادر على
طلبتي، تعلم حاجتي فأسألك بحق محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام
لما قضيتها لي ".
162

القبلة
(657) - يجب استقبال الكعبة الشريفة في جميع الفرائض اليومية وتوابعها،
من صلاة الاحتياط وقضاء الأجزاء المنسية.
(658) - يجب الفحص عن القبلة ويكفي فيها على الأظهر حصول الظن
بالتوجه إليها، إذا كان ظنا عقلائيا، وإن كان الأحوط استحبابا تحصيل العلم أو
الاطمئنان بالتوجه إليها مع الامكان. وكذا إن أمكن تحصيل مرتبة من الظن أقوى
مما حصل لديه، فالأحوط استحبابا تحصيلها إن لم يكن ذلك متعسرا. وعليه
فالأحوط استحبابا لمثل الضيف الذي حصل له الظن بالقبلة من اخبار صاحب
البيت، أن يسعى لتحصيل ظن أقوى، فيما لو تيسر له ذلك من طريق آخر.
(659) - يجوز اتيان النوافل حال المشي، أو الركوب، أو في السفينة. وعندئذ
فلا يجب على من أداها بهذه الصورة استقبال القبلة، حتى في تكبيرة الاحرام على
الأظهر، وإن كان الأحوط استحبابا مراعاة الاستقبال حال تكبيرة الاحرام بل في
جميع الصلاة. كما أن الأحوط وجوبا مراعاة الاستقبال حال اتيان النوافل أثناء
العمل في المنزل.
(660) - يجوز اتيان الصلاة الواجبة حال الركوب لضرورة مانعة من النزول،
لكن يجب على الأظهر تأخير الصلاة على من علم أنه يتمكن من اتيان صلاته آخر
الوقت مستقرا من دون لزوم مشقة.
(661) - إذا لم يكن لدى المكلف أية وسيلة لمعرفة اتجاه القبلة، أو لم يتمكن من
تحصيل ظن به رغم الفحص والسعي، فينبغي له على الأحوط إذا كان في الوقت
163

متسع أن يصلي أربع صلوات، كل صلاة إلى جهة من الجهات الأربع، وإن كان
لا يبعد جواز الاكتفاء لصلاة واحدة، وكون الثلاث الأخرى مستحبة من باب
الاحتياط. أما إذا لم يكن الوقت متسعا لأربع صلوات، فالأحوط استحبابا أن
يصلي بمقدار ما يتسع له الوقت، فإن لم يتسع إلا لواحدة أجزأته إلى أية جهة شاء.
(662) - إذا تيقن المكلف أو ظن بانحصار اتجاه القبلة في جهتين، كأن يعلم أو
يظن أنها إما إلى الشرق أو الجنوب مثلا، فالواجب الإتيان بصلاتين، كل واحدة
إلى جهة من الجهتين.
(663) - من أراد الصلاة إلى عدة جهات، إن كان الواجب عليه إتيان الظهر و
العصر مثلا، أو المغرب والعشاء من الصلوات التي يشترط فيها الترتيب، فيجوز له
أن يصلي إحداها كالظهر مثلا إلى جهة، ثم يلحقها بالعصر إلى نفس الجهة، ثم يصلي
الظهر إلى جهة أخرى، ويلحقها بالعصر إلى نفس الجهة. ولا يجب عليه أن يصلي
الظهر أولا إلى أربع جهات، ثم يصلي العصر بعد الفراغ منها كذلك.
(664) - إذا التفت أثناء الصلاة إلى كونه منحرفا عن القبلة، فإن كان انحرافه
دون أقصى اليمين أو الشمال (أي أقل من تسعين درجة عن اتجاه القبلة)، فالواجب
عليه الميل واستقبال الاتجاه الصحيح للقبلة، وتصح صلاته. أما إذا كان انحرافه عن
القبلة يبلغ أقصى يمينها أو شمالها، أو يزيد عن ذلك، كأن يكون يصلي في الاتجاه
المعاكس مستدبرا لها تماما، فالواجب عليه قطع صلاته وإعادتها مع استقبال القبلة.
(665) - يجب على المكلف إذا أراد أداء شئ من الأعمال الأخرى التي يجب
فيها استقبال القبلة غير الصلاة - كالذبح مثلا - العمل بالظن إن لم يحصل له اليقين
باتجاه القبلة. فإن لم يتمكن من تحصيل الظن أيضا سقط عنه وجوب الاستقبال، و
أتى بالعمل إلى أية جهة شاء.
164

الستر والساتر
(666) - يجب على المكلف مع الاختيار ستر العورة في الصلاة وتوابعها،
كصلاة الاحتياط وقضاء الأجزاء المنسية، وإن لم يكن هناك ناظر، أو كان في
ظلمة.
(667) - عورة الرجل في الصلاة القضيب والأنثيان والدبر، والأفضل له
ستر جميع ما بين السرة والركبة.
(668) - عورة المرأة في الصلاة جميع بدنها حتى الرأس والشعر ما عدا
الوجه، والأحوط كون المكشوف منه لا يزيد عن المقدار الذي يغسل في الوضوء، و
عدا الكفين إلى الزندين والقدمين إلى الساقين، ظاهرهما وباطنهما، وإن كان
الأحوط استحبابا ستر الباطن. ولا بد من ستر شئ زائد عن الحدود المذكورة
لتحصيل اليقين بستر المقدار الواجب.
(669) - من تعمد ترك ستر عورته في الصلاة بطلت صلاته.
(670) - إذا التفت المصلي أثناء الصلاة إلى انكشاف عورته، وجب عليه
سترها دون تأخير أو إطالة وقت في ذلك وتصح صلاته، وإن كان الأحوط
استحبابا إتمام الصلاة ثم إعادتها. أما إذا التفت بعد الفراغ من الصلاة إلى أن عورته
كانت مكشوفة أثناءها، فصلاته صحيحة.
(671) - يجوز للمكلف ستر عورته في الصلاة بمثل الحشيش وورق الشجر،
لكن الأحوط ترك التستر بذلك إلا إذا لم يجد ساترا آخر.
(672) - إذا لم يجد المكلف ساترا في الصلاة سوى الطين فلا يترك الاحتياط
165

بالتستر به مع عدم الحرج فيه لأجل ادراك الركوع والسجود أما لو لم يجب على
المكلف اتيان الركوع والسجود لعذر فيجوز ترك التستر به عندئذ. هذا مع عدم
وجود ناظر محترم، أما مع وجوده فيجب التستر به تعيينا.
(673) - يجب تهيئة الساتر للصلاة الواجبة، ولو بشرائه أو استئجاره، إذا
لم يكن ذلك مضرا بحاله. أما إذا أضر بحاله، أو استلزم حصوله مذلة أو تحمل منة،
فلا يجب. والأحوط تأخير الصلاة لمن لا يجد الساتر إلى آخر الوقت، إلا أن ييأس
من البداية من تحصيله بالانتظار.
(674) - من لم يجد ساترا يؤدي الصلاة به، ولو من قبيل الحشيش وورق
الشجر، أو الطين فإن كان ثمة ناظر أجنبي يراه، فالواجب عليه أن يصلي جالسا، و
يستر عورته بفخذيه. أما إن لم يكن هناك ناظر أجنبي فتكليفه اتيان الصلاة قائما، و
يستر سوأته بيده، وإذا كانت عورته تبدو أكثر حين الركوع والسجود، فيجوز له
أن يومئ لهما برأسه قائما، ويجعل انحناءه للسجود أخفض من إنحناءه للركوع.
166

لباس المصلي
يشترط في لباس المصلي ستة أمور:
1 - طهارته
2 - إباحته
3 - ألا يكون من أجزاء الميتة
4 - ألا يكون من حيوان محرم اللحم
5 و 6 - يشترط لخصوص الرجال عدم كونه مذهبا أو من الحرير الخالص
الشرط الأول:
(675) - يجب أن يكون لباس المصلي طاهرا، فمن صلى بثوب أو بدن
متنجسين في حال الاختيار، بطلت صلاته. إلا في الموارد التي يعفى عنها في الصلاة.
وسيأتي ذكرها.
(676) - من جهل الحكم ببطلان الصلاة باللباس أو البدن المتنجسين، إذا كان
جهله عن تقصير، فصلاته باطلة إن لم يراع هذا الشرط.
(677) - إذا جهل الحكم بنجاسة بعض النجاسات، كجهله بنجاسة عرق
الكافر مثلا، فإن كان جهله عن تقصير، فصلاته بثوب أو بدن متنجس بمثله باطلة.
(678) - من صلى جاهلا بنجاسة ثوبه أو بدنه، ثم تبين له ذلك بعد الصلاة،
فصلاته صحيحة.
(679) - من صلى بثوب متنجس أو بدن كذلك ناسيا النجاسة، والتفت أثناء
167

الصلاة أو بعدها فصلاته باطلة، يجب عليه إعادتها إن كان التفاته في الوقت، أو
قضاؤها إن كان التفاته بعد أن انقضى وقتها.
(680) - من كان يصلي في سعة من الوقت، وأصاب ثوبه أو بدنه نجاسة
غير معفو عنها والتفت إليها قبل أن يأتي بشئ من أقوال الصلاة (أو أفعالها) أو
التفت إلى إصابة بدنه أو ثوبه بنجاسة غير معفو عنها، وشك في أنها أصابته الآن أو
كانت موجودة من قبل، فإن تمكن من تطهير موضع النجاسة، أو تبديل الثوب، أو
نزعه - على فرض ارتدائه شيئا آخر يتحقق به الستر الواجب - دون أن يخل ذلك
بالصلاة، فالواجب عليه عند ذلك أن يقوم بأحد هذه الأمور من تطهير موضع
النجاسة، أو التبديل أو النزع للثوب، واكمال صلاته، وتكون صحيحة. أما إذا كان
اتيانه لشئ مما ذكر، من التطهير أو التبديل أو النزع، يؤدي إلى اختلال الصلاة،
فيجب عليه قطعها ثم إعادتها بعد إزالة المانع. ويجري نفس هذا الحكم بالنسبة لما
بقي من الصلاة على الأظهر أيضا بالنسبة لمن التفت إلى وجود نجاسة غير معفو عنها
على ثوبه أو بدنه أثناء الصلاة وعلم أنها كانت قبل الصلاة ولم يعلم بها إلى الآن.
(681) - أما من كان يصلي في ضيق الوقت وأصابت ثوبه أو بدنه نجاسة
غير معفو عنها والتفت إلى وجودها قبل أن يأتي بشئ من أقوال الصلاة (أو
أفعالها) أو التفت إلى وجود نجاسة وشك في حصولها الآن أو قبل ذلك أو علم
بحصولها قبل ذلك فيتعين في حقه التطهير أو تبديل الثوب أو نزعه مع وجود ساتر
للعورة غيره إن أمكن شئ من ذلك ولم يؤد إلى اختلال الصلاة. وإلا فإن أدى أحد
هذه الأمور إلى اختلال الصلاة أو لم يمكن الاتيان بشئ منها أصلا فالواجب اكمال
الصلاة مع النجاسة. نعم في خصوص صورة ما لو كان الثوب هو المتنجس يسعى
أولا إلى تخفيف النجاسة ما أمكن بنزع ما أمكنه نزعه بنحو لا يخل بالصلاة ولا بستر
168

العورة فإن لم يمكن أكمل الصلاة حينئذ بالنجاسة على حالها.
(682) - من صلى مع الشك في نجاسة ثوبه أو بدنه، فصلاته صحيحة حتى لو
تبين فيما بعد كونهما نجسين في الواقع، لكن إذا كانت الحالة السابقة فيهما النجاسة، بأن
كان عالما بأنه قد أصابت ثوبه أو بدنه نجاسة وشك في أنه قد طهرهما أم لا، فيحكم
ببطلان صلاته في هذه الصورة، لو أنكشف بعد الفراغ من الصلاة أنه لم يطهرهما.
(683) - من تيقن بحصول الطهارة لثوبه بعد غسله وإزالة النجاسة منه، ثم
انكشف له بعد أن صلى به أنه لم يكن قد طهر، فصلاته صحيحة، سواء قام هو
بتطهيره، أم شخص آخر كان موكلا من قبله بذلك.
(684) - من اعتقد نجاسة ثوبه أو بدنه، وصلى مع هذا الاعتقاد، ثم تبين له أنه
كان مخطئا، وأنهما كانا طاهرين، فصلاته صحيحة بشرط تحقق قصد القربة.
(685) - من رأى على ثوبه أو بدنه دما، وصلى بعد أن تيقن أنه من الدماء
الطاهرة كدم البعوضة مثلا، لكن تبين له بعد الصلاة أنه دم نجس مما يبطل الصلاة و
لا يعفى عنه فيها، فصلاته صحيحة.
(686) - من تيقن إن الدم الموجود على ثوبه أو بدنه دم نجس لكن مما يعفى
عنه في الصلاة كأن يتيقن كونه دم جرح أو قرح فصلى دون تطهير وانكشف بعد
الصلاة كونه مما لا يعفى عنه في الصلاة فصلاته صحيحة.
(687) - من نسي نجاسة شئ، فمسه ببدنه أو ثوبه مع الرطوبة المسرية، ثم
صلى بهذه الحال مستمرا في نسيانه، ولم يتذكر إلى أن فرغ من الصلاة، فصلاته
صحيحة. ويستثنى من ذلك ما لو أثرت هذه النجاسة المنسية في بطلان طهارته من
الحدث. كما لو مسها ببدنه، ثم اغتسل وصلى دون أن يطهر موضع النجاسة من
بدنه، فغسله وصلاته باطلان، إلا أن يكون الغسل بنحو يطهر معه الموضع النجس.
169

وكذا الحكم لو أصابت هذه النجاسة أحد مواضع الوضوء، ثم توضأ وصلى دون
تطهير الموضع، حيث يبطل كل من الوضوء والصلاة، إذا لم يكن الموضع المتنجس
مما يطهر بماء الوضوء تلقائيا.
(688) - من لم يكن لديه سوى ثوب واحد للصلاة، وأصابت النجاسة كلا من
بدنه وثوبه جميعا، ولم يوجد لديه من الماء إلا ما يكفي لتطهير أحدهما فقط،
فالأحوط وجوبا له تطهير بدنه، والصلاة بالثوب المتنجس. لكن هذا في غير صورة
ما لو كانت النجاسة الموجودة في أحدهما أكثر من الآخر، وإلا فالأحوط عندئذ
تطهير ما كانت النجاسة فيه أكثر، بل لا يبعد لزوم ذلك.
(689) - من لم يكن لديه ثوب آخر غير الثوب المتنجس، ولم يتمكن من
تطهيره لضيق الوقت أو لسبب آخر، يجب عليه الصلاة فيه، وصلاته صحيحة.
(690) - من علم إجمالا بنجاسة أحد ثوبيه، ولم يكن لديه ثوب آخر
غيرهما، فالواجب عليه إن كان في الوقت متسع، أن يكرر الصلاة في كل ثوب مرة.
أما إن كان الوقت ضيقا فيجزيه الصلاة بأيهما شاء.
الشرط الثاني:
(691) - يشترط إباحة لباس المصلي فلا يجوز الصلاة بثوب مغصوب، و
الأحوط لمن صلى بثوب مغصوب عامدا أن يعيد الصلاة، سواء كان عالما بحرمة
الصلاة فيه، أو كان جاهلا بذلك لكن كان جهله عن تقصير. وإن كان الأظهر
صحة الصلاة بشرط تحقق قصد القربة.
(692) - الأحوط ترك الصلاة بما لا يكفي وحده لستر العورة إذا كان مغصوبا،
أو بما يكفي لسترها مع وجود ساتر مباح آخر لديه، وإن كان الأظهر صحة الصلاة
170

بشرط تحقق قصد القربة.
(693) - من صلى بثوب مغصوب عامدا عالما بحرمة الغصب، لكن جاهلا
بكونه يبطل الصلاة، فالأحوط وجوبا إعادة الصلاة بثوب مباح، وإن كان الأظهر
صحة الصلاة بشرط تحقق قصد القربة.
(694) - تحرم الصلاة بثوب مصبوغ بصبغ مغصوب - إذا كانت عين الصبغ
لا تزال باقية - أو مخيط بخيوط مغصوبة، إذا لم تعد الخيوط تالفة عرفا. والأحوط
بطلانها أيضا.
(695) - من صلى بثوب مغصوب جهلا بكونه مغصوبا، أو نسيانا منه لذلك -
وإن كان هو الذي غصبه - فصلاته صحيحة على الأظهر.
(696) - إذا أذن صاحب الثوب المغصوب باستعماله في خصوص الصلاة، أو
أحرز رضاه بذلك بشكل من الأشكال، فالصلاة فيه صحيحة.
(697) - من اشترى ثوبا بعين مال وجب فيه الخمس أو الزكاة، يحرم عليه
الصلاة فيه والأحوط بطلان الصلاة فيه أيضا. إلى أن يؤدي المقدار الواجب من
الخمس أو الزكاة من مال آخر.
الشرط الثالث:
(698) - يشترط في لباس المصلي عدم كونه من أجزاء ميتة الحيوان
ذي النفس السائلة. ولا بأس بالصلاة بالثوب المعد من أجزاء ميتة حيوان محلل
اللحم، إن لم يكن له نفس سائلة كالسمك مثلا.
(699) - لا بأس بحمل المصنوع مما لا تحله الحياة من أجزاء ميتة الحيوان المحلل
اللحم كالشعر والصوف في الصلاة، كما لا بأس بالصلاة بثوب معد منها، ولزوم
171

الاشكال من ذلك في الصلاة ضعيف.
الشرط الرابع:
(700) - يشترط في لباس المصلي عدم كونه من أجزاء الحيوان المحرم اللحم
ذي النفس السائلة. وتبطل الصلاة حتى بحمل شعرة منه على الأظهر والأحوط.
أما إذا كان من أجزاء ما ليس له نفس سائلة، فإن لم يكن له لحم كالبق والبرغوث
فلا بأس بأجزائه في الصلاة، أما إذا كان له لحم فالأحوط الاجتناب عنه، بل هو
لا يخلو من وجه، وإن لم يمكن تذكيته - بذبحه وفق القواعد الشرعية - أو كانت
تذكيته مشكوكة.
(701) - يجب اجتناب الصلاة بالثوب المصاب بريق حيوان محرم اللحم
كالقطة مثلا - أو شئ من رطوباته.
(702) - لا اشكال في الصلاة مع إصابة بدن المصلي أو ثوبه بشئ من شعر
انسان أو عرقه أو ريقه، بشرط عدم كونها متنجسة.
(703) - تجوز الصلاة بالثوب المعد من شعر حيوان أو صوفه، مع الشك في
كون حيوانه محلل اللحم أو محرمه. سواء كان من إنتاج البلاد الاسلامية أو غيرها.
أما إذا كان مصنوعا من الجلد وشبهه، فقد مر حكمه في أحكام الميتة من كتاب
الطهارة.
(704) - لا بأس بالصلاة في لباس يشك في كونه - أو كون جزء منه - من
أجزاء الحيوان. وكذا لا بأس بذلك لو علم أنه من الحيوان وشك في كونه مما له لحم
أم لا. أو من المأكول اللحم أو غيره إذا كانت الشبهة بدوية.
(705) - استثنى من عدم جواز الصلاة بأجزاء الحيوان المحرم اللحم الخز و
172

السنجاب فيجوز الصلاة بجلده ووبره على الأظهر، إذا أحرزت تذكية الحيوان على
الوجه الشرعي. لكن الأحوط استحبابا في السنجاب الاجتناب.
الشرط الخامس:
(706) - يحرم لبس الثوب الموشى بالذهب للرجل، وبطلان صلاته به مطلقا
وفي جميع الموارد محل تأمل، والأحوط بطلانها بل هو لا يخلو من وجه. أما لبسه
للمرأة فلا إشكال فيه في الصلاة وغيرها.
(707) - يحرم على الرجال التزين بالذهب، كالتختم بخاتم من ذهب أو لبس
ساعة يد منه أو تزيين العنق بسلسلة منه، في الصلاة وغيرها. وفي بطلان الصلاة
بذلك تأمل، وإن كان الأحوط البطلان، بل لا يخلو من وجه. أما حمل الذهب من
دون أن يصدق عليه اللبس، أو تلبيس الأسنان به، فلا يضر بالصلاة. هذا كله
بالنسبة للرجل، أما المرأة فلا يحرم عليها شئ من التزين بالذهب، لا في الصلاة و
لا في غيرها.
الشرط السادس:
(708) - يحرم على الرجال لبس الحرير الخالص، ولا يجوز لهم الصلاة به. نعم
لا تبطل الصلاة على الأظهر بمثل القلنسوة أو الحزام والتكة والجورب وأمثالها مما
لا يكفي وحده لستر العورة، حتى لو كان من الحرير الخالص. وإن كان ذلك خلاف
الاحتياط.
(709) - إذا كانت بطانة الثوب كله، أو قسم منه من الحرير الخالص، فلا يخلو
لبسه للرجال من اشكال.
173

(710) - يجوز للرجل حمل منديل حريري في جيبه وهو لا يبطل الصلاة.
(711) - يجوز للنساء والخناثى المشكلة لبس الحرير في الصلاة وغيرها على الأظهر. أما الصبي غير المكلف فصحة صلاته بالحرير حال الاختيار - بناءا على
شرعية صلاته - محل تأمل.
(712) - يجوز حال الضرورة لبس المغصوب والحرير الخالص والموشى
بالذهب والمعد من الميتة. كما تجوز الصلاة فيها لمن كان مضطرا للبس شئ لبرد و
نحوه، ولم يجد غيرها، إذا لم يكن اضطراره مما يرتفع قبل زوال الوقت. أما إذا لم يكن
مضطرا لللبس، بأن أمكنه الصلاة عاريا، فتكليفه الصلاة عاريا بالكيفية التي مر
ذكرها.
(713) - من لم يكن لديه ثوب للصلاة سوى المعد من جلد حيوان محرم اللحم
أو صوفه ونحو ذلك، فإن كان مضطرا للبسه، فيجوز له الصلاة فيه. أما إذا لم يكن
مضطرا لذلك بأن أمكنه الصلاة عاريا، فيصلي عاريا بالكيفية المبينة في محله.
(714) - يحرم تزين كل من الرجل والمرأة بزينة الآخر، كما يحرم على كل
منهما لبس الثياب المختصة بالآخر. لكن ما لم تكن الثياب مما يدخل في لباس الشهرة
فحرمتها محل تأمل. والمراد بلباس الشهرة هو الثوب الذي يكون منافيا لشأن
مرتديه وزيه، سواء من ناحية جنسه، أو لونه، أو نحو تفصيله وخياطته.
النجاسات المعفو عنها في الصلاة:
(715) - يستثنى من لزوم تطهير البدن والثياب في الصلاة أربعة موارد، تصح
الصلاة فيها مع وجود النجاسة لكونها معفوا عنها، وهي:
1 - دم الجروح والقروح الذي يصيب البدن والثوب.
174

2 - الدم في البدن واللباس، إذا كانت سعته أقل من درهم وهو يساوي
مقدار عقد السبابة أي أنملتها.
3 - في حالة الاضطرار للصلاة ببدن أو ثوب متنجس.
4 - كون اللباس مما لا تتم الصلاة به وحده - أي لا يستر العورة - كالتكة و
الجورب والقلنسوة. فنجاسة هذه الأمور لا تضر بالصلاة. وتفصيل هذه الموارد و
قيودها وأحكامها فيما يلي:
(716) - يشترط في العفو عن دم الجروح والقروح أن لا تكون قد برأت، و
أن يكون تطهير البدن أو الثوب منه مستلزما لمشقة نوعية - أي يعتبر أمرا شاقا
بالنسبة لأكثر الناس - بل العفو عنه لا يخلو من وجه إذا كان في التطهير مشقة
لخصوص الشخص، حتى لو لم يكن في ذلك مشقة نوعية.
(717) - كما يعفى عن الدم المذكور، يعفى أيضا عن القيح المتنجس به، والدواء
الموضوع عليه، إذا تنجس به البدن واللباس أيضا.
(718) - يعفى عن نجاسة البدن واللباس إذا كانت في المواضع التي تتنجس
عادة برطوبة الجرح أو القرح. أما المواضع البعيدة عنه، فلا يعفى عنها. فلو تنجست
برطوبة الجرح النجس لا يجوز الصلاة بها.
(719) - لا يعفى عن نجاسة الدم الخارج من البواسير غير الظاهرة، أو من
جرح في باطن الفم أو الأنف وما شابههما. فلا يجوز الصلاة بها من دون تطهيرها
على الأظهر، إلا أن يكون الشخص مجبورا ومضطرا عرفا لذلك، أو كان في التطهير
أو تبديل الثوب مشقة عليه. أما البواسير الظاهرة، أو الباطنة التي تنجس البدن و
اللباس عادة كالظاهرة، فالدم الخارج منها معفو عنه في الصلاة بلا اشكال.
(720) - الجريح الذي يرى في ثوبه أو بدنه دما يتجاوز مقدار الدرهم، و
175

يشك في كونه من دم الجرح أو من غيره، فالأظهر العفو عنه، وجواز
الصلاة به من
دون تطهير.
(721) - لا يعفى في الصلاة عن دم الكلب، والخنزير، والكافر، والميتة، و
الحيوان المحرم اللحم على الأحوط في الأخير، حتى لو كان بمقدار رأس الإبرة. و
الأحوط إلحاق دم الحيض والاستحاضة والنفاس بها في عدم العفو. أما الدماء
الأخرى - غير ما ذكر - كدم الانسان، أو الحيوان المحلل الأكل، فيعفى عنها في
الصلاة، حتى لو كانت منتشرة في عدة مواضع من البدن أو اللباس، ما دام مجموعها
لا يبلغ مساحة الدرهم.
(722) - إذا اجتمعت عدة جروح في بدن الانسان، فإن أمكن تطهير كل منها
بشكل مستقل، من دون مشقة على الشخص، يكون لكل منها حكم الجرح
المستقل، حتى لو كانت متقاربة، ويجب تطهير البدن والثوب من دم ما يبرأ منها،
حتى لو لم يبرأ الباقي.
(723) - يجب أن يكون مجموع الدم في الثوب أقل من مقدار درهم لكي يعفى
عنه، وعليه فالدم الذي ينفذ إلى باطن الثوب أو بطانته يحسب موضعا مستقلا له
مساحة مستقلة، فإذا بلغ مع المقدار الذي في الظاهر مساحة درهم، يجب تطهيره،
حتى لو لم يكن وحده، أو الدم الذي في الظاهر وحده يبلغ ذلك.
(724) - إذا أصاب موضع الدم - الذي لا يبلغ مساحة درهم في البدن أو
اللباس - رطوبة سرت إلى أطرافه، فإن كان مجموع الدم مع الرطوبة التي حوله
لا يبلغ الدرهم، فهو معفو عنه على الأظهر، وإلا وجب التطهير للصلاة.
(725) - إذا لاقى البدن أو الثوب الدم برطوبة، دون أن ينتقل إليهما شئ من
نفس الدم، فإن لم يبلغ الموضع المتنجس مقدار درهم، فهو معفو عنه في الصلاة على
176

الأظهر.
(726) - يشترط في العفو عن الدم الذي لم يبلغ الدرهم في الصلاة، أن لا تصيبه
نجاسة أخرى خارجية. فلو أصابته نجاسة أخرى، كالبول مثلا، فلا يجوز الصلاة
فيه.
(727) - يشترط في العفو عن نجاسة الملبوس الذي لا تتم الصلاة به وحده -
لأنه لا يستر العورة - كالتكة والقلنسوة والجورب، ألا يكون معدا من الميتة، أو
من حيوان نجس العين. والأحوط ألا يكون من سائر الحيوانات المحرمة الأكل
أيضا، ولا ملاقيا لشئ من رطوباتها.
(728) - يجوز الصلاة بخاتم متنجس.
(729) - لا بأس بحمل النجس في الصلاة، من قبيل المنديل والمفتاح و
السكين. كما يجوز حمل اللباس النجس الذي لا تتم الصلاة به وحده من دون أن
يلبسه. أما إذا كان مما يستر العورة، وتتم الصلاة به وحده، فالأحوط اجتناب
حمله في الصلاة.
(730) - إذا شك في كون الدم الأقل من درهم من الدماء المعفو عنها أم لا،
كأن يحتمل كونه من الدماء الثلاثة مثلا، فيجوز له الصلاة به من دون تطهير.
(731) - إذا صلى بدم أحرز كونه أقل من درهم، لكن شك في كونه من الدماء
المعفو عنها في الصلاة، ثم تبين كونه مما لا يعفى عنه، فصلاته صحيحة، ولا تجب
إعادتها. وكذا تصح صلاته في دم ما يعفى عنه لو اعتقد كونه أقل من درهم وصلى،
ثم انكشف كونه مقدار درهم أو أكثر. فلا تجب عليه إعادتها عندئذ أيضا.
177

مكروهات لباس المصلي:
(732) - هناك أمور يحسن للمصلي تركها طلبا لزيادة ثواب الصلاة. منها ما
يلي:
لبس السواد باستثناء العمامة والكساء، واللباس الرقيق الذي يستر به
العورة، ووضع القميص تحت الإزار، والصلاة بالعمامة من دون تحنك، وإمامة
الجماعة من دون رداء، وارتداء ثوب من لا يتورع عن النجاسة، والثوب ذي
التصاوير، والتختم بخاتم قد نقشت فيه صورة، والصلاة بنقاب وخلخال للنساء و
بالنقاب للرجال.
178

مكان المصلي
(733) - يشترط في مكان المصلي أمران:
الأول: كونه مباحا
الثاني: خلوه من النجاسة المسرية القابلة للانتقال إلى بدن المصلي أو ثيابه.
(734) - تبطل الصلاة في المحل المغصوب إذا لم يتحقق فيها قصد القربة، سواء
كان المغصوب نفس الأرض أو ما يفرش عليها كسجادة أو بساط أو سرير أو
نحوها. بل الأحوط بطلانها أيضا حتى مع تحقق قصد القربة. لكن لا تبطل الصلاة
على الأظهر تحت سقف أو خيمة مغصوبين، ولا في مكان قد غصبت جدرانه فقط.
(735) - جواز الصلاة في الملك الذي تكون منفعته مملوكة لشخص آخر
متوقف على إذن صاحب المنفعة، فلا يجوز الصلاة في منزل مؤجر مثلا إلا بإذن
المستأجر، بلا فرق في ذلك بين صاحب البيت وغيره. ويقوم مقام الإذن في تجويز
الصلاة العلم برضاه أو الظن المستند إلى وجود علامات وقرائن تفيد ذلك، بل
يكفي في الجواز وصحة الصلاة عدم العلم بعدم رضاه أو عدم وجود علامات تفيد
الظن بعدم رضاه على الأظهر، وكذا الحكم في الملك الذي يكون فيه حق لشخص
آخر. فلو أوصى الميت بصرف ثلث تركته في مورد ما، فلا يجوز الصلاة في أملاكه
قبل إخراج الثلث أو عزله.
(736) - لا فرق بين الأقارب وغيرهم في عدم جواز الصلاة في أملاكهم مع عدم
رضاهم. سواء في ذلك الأبوان والأولاد والأجداد والأعمام والأخوال وغيرهم.
(737) - المعذور كالمحبوس في مكان غصبي أو المضطر، يجب عليه على
179

الأحوط تأخير الصلاة إلى آخر الوقت، إذا كان هناك رجاء بارتفاع العذر.
وعلى فرض عدم التمكن من الخروج من المكان المغصوب، فصلاته فيه صحيحة.
(738) - تصح صلاة الجاهل بغصبية مكان أو الناسي لها على الأظهر، إذا علم
أو التفت بعد الفراغ من صلاته، حتى لو كان هو الغاصب. أما إذا التفت إلى الغصبية
أثناء الصلاة، فعليه مع الامكان اكمال بقية الصلاة في مكان مباح، إن أمكن ذلك،
من دون أن يقطعها. وإذا لم يمكن، فالواجب عليه قطعها، وإعادتها في مكان مباح،
إذا كان في الوقت متسع لذلك، وإلا ففي ضيق الوقت يصح ما أتى به من الصلاة، و
يكمل ما بقي منها أثناء خروجه من المكان المغصوب.
(739) - إذا علم بغصبية المكان، لكن لم يكن يعلم بأن الصلاة تبطل في المكان
المغصوب، وكان جهله هذا عن تقصير منه، فصلاته فيه باطلة، إن لم يتحقق منه
قصد القربة. بل الأحوط البطلان حتى لو تحقق منه قصد القربة أيضا.
(740) - إذا كان هناك ملك مشترك بين شخصين على سبيل الإشاعة لم يجز
لأحدهما الصلاة فيه من دون إذن الآخر بخلاف ما لو كانت حصة كل منهما معينة كما
لو كان لأحدهما غرفة من الدار وللآخر ما بقي منها فتصح صلاة كل منها في ملكه
من دون إذن الآخر.
(741) - لا بأس بالصلاة في الفنادق والحمامات العامة وأمثالها، مما أعد
للقادمين والنزلاء، إلا إذا علم المكلف، أو ظهرت له علامات توجب الظن بعدم
رضا أصحابها بذلك. وهذا الحكم عام لسائر الأماكن المملوكة، حيث تصح الصلاة
فيها ما لم يعلم المكلف، أو تظهر له علامات توجب الظن بعدم رضا أصحابها على الأظهر.
(742) - لا بأس بالصلاة والنوم والجلوس في الأراضي الكثيرة الاتساع،
180

من المزارع الكبيرة البعيدة عن العمران ومراتع الحيوانات، إلا أن يعلم المكلف، أو
تظهر له أمارات توجب الظن بعدم رضا أصحابها على الأظهر. وكذا الحكم في
الأراضي الزراعية غير المسورة القريبة من القرى، حتى لو كان بعض مالكيها
صغيرا أو مجنونا، فتصح الصلاة فيها واجتيازها وأمثاله من التصرفات المحدودة،
لكن يكفي في حرمة التصرف فيها وبطلان الصلاة عدم رضا أحد الشركاء في
ملكيتها بذلك.
(743) - تكره الصلاة على الأظهر متقدما على قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإمام (عليه السلام)، أو
بإزائه، إذا لم يكن في ذلك إساءة للأدب ومخالفة لاحترامهم الواجب
وإلا حرم. والأحوط استحبابا ترك ذلك مطلقا، خصوصا الصلاة متقدما على
الضريح الشريف.
(744) - ينتفي الاشكال في الصلاة متقدما على ضريح المعصوم (عليه السلام) أو
مساويا له بوجود جدار أو شبهه، يفصل بين المصلي والضريح، بنحو تنتفي معه
الإهانة وإساءة الأدب المحتملة، ولا يكفي في الفصل وجود الصندوق والضريح و
الستائر الموضوعة عليه.
(745) - يعتبر في مكان المصلي ألا يكون نجسا نجاسة مسرية، بنحو تنتقل معه
إلى البدن أو اللباس، إلا إذا كانت النجاسة بنحو لا تبطل الصلاة حتى لو سرت إلى
أحدهما كما سيأتي توضيح ذلك، ويشترط طهارة خصوص مكان السجود، فتبطل
الصلاة مع نجاسته حتى لو كان جافا.
(746) - يكره تقدم المرأة في الصلاة على الرجل أو مساواتها ومحاذاتها له
على الأظهر، إلا أن يفصل بينهما حائل من ستار ونحوه، حيث ترتفع الكراهة حينئذ
كما تخف أو ترتفع إذا فصل بينهما مسافة شبر فما فوق إلى عشرة أذرع.
181

أحكام المسجد
(747) - لا يعتبر اجراء صيغة الوقف في تحقق المسجدية على الأظهر، بل يكفي
فيه كل تصرف دال عليه، وإن كان استعمال اللفظ في ايجاب الوقفية بعنوان المسجد
والتلفظ بها أحوط. وكذا الحكم في قبول المتولي أو الحاكم الشرعي، إذ أنه ليس
بشرط، لكنه أحوط استحبابي.
(748) - الأظهر اعتبار قصد القربة في مثل المسجد، ويكفي فيه أن يقول - مع
النية والقصد - " جعلته مسجدا لله "، ويعلن مسجديته بالمعنى المتعارف في عرف
المسلمين (لا بالمعنى اللغوي)، ويكفي في تحقق القبض أن يصلي فيه شخص واحد
بإذن الواقف صلاة محكومة بالصحة.
(749) - الأقرب ترتيب أحكام المسجدية على مساجد المخالفين
(غير الشيعة)، ما لم يكونوا محكومين بالكفر. وحكم الكنائس والأديرة كمساجد
المخالفين في صحة وقفيتها من ناحية حصول التقرب بها، لكن الحاقها بمساجدهم في
سائر الجهات محل تأمل.
(750) - يحرم تنجيس المسجد: أرضه وسقفه وسطحه، ظاهرا وباطنا. و
تجب المبادرة إلى إزالة النجاسة عنه لمن علم بها. والأحوط وجوبا ترك تنجيس
وجه جدار المسجد من جهة الخارج، والمبادرة إلى تطهيره إذا تنجس أيضا، إلا أن
يكون الواقف لم يدخله ضمن المسجد.
(751) - يجب على الأحوط عدم دخول الكافر مساجد المسلمين.
(752) - لا بأس بوضع الثياب المتنجسة وغيرها من النجاسات والمتنجسات
في المسجد، بشرط عدم سراية النجاسة إلى المسجد، وعدم لزوم الهتك له من
182

وضعها فيه.
(753) - يحرم على الأحوط تزيين المساجد بالذهب، وكذا يحرم نقش رسوم و
تصاوير فيها، خصوصا إذا كانت من صور ذوات الأرواح من الانسان أو سائر
الحيوانات، مما يشكل تصويره حتى في غير المسجد. وتحتمل كراهة الصلاة في مثل
هذه المساجد أيضا. أما كتابة الآيات القرآنية والأحاديث الصحيحة فيها
فلا اشكال فيه.
(754) - لا يجوز بيع المسجد، ولا تملكه، أو ادخاله في شارع أو طريق، حتى
لو صار خرابا.
(755) - لا يجوز بيع توابع المسجد من أبواب وشبابيك ولوازم أخرى، وإذا
خرب المسجد يجب استعمال هذه الأمور في تجديد بنائه واصلاحه. فإن لم يمكن
الاستفادة منها في هذا المسجد، يجب استعمالها في مساجد أخرى، فإن لم يمكن
استعمالها في مساجد أخرى أيضا، جاز عندئذ بيعها وصرف ثمنها في إصلاح هذا
المسجد، وإلا ففي اصلاح مسجد آخر.
(756) - يجوز صرف غلة المسجد ونذوراته في تأمين حاجات مساجد
أخرى، بشرط أن لا يحتاج إليها في المسجد الذي عينت له واختصت به، أو يمنع من
صرفها فيه مانع. وكذا الحكم في غلة المشاهد المشرفة ونذوراتها. ومع تعذر
الصرف في الموارد المعينة أو ما يماثلها، يجوز صرف الغلات والنذورات في مطلق
البر والأمور الخيرية.
(757) - يستحب بناء المساجد واصلاح ما شارف على الخراب منها. ويجوز
هدم ما لا يمكن إصلاحه لأجل إعادة بنائه وتجديده، بل يجوز هدم المسجد - وإن
لم يخرب - لأجل توسعته تلبية لحاجة الناس.
183

(758) - يستحب في المساجد أمور: تنظيفها، وإسراجها، وجعل المراحيض
ومحال الطهارة خارجها. كما يستحب لمن أراد الذهاب إلى المسجد فحص حذائه،
والتأكد من عدم وجود نجاسة فيه. ويستحب تقديم الرجل اليمنى عند الدخول، و
اليسرى عند الخروج.
(759) - يستحب كون المسجد بلا سقف، بل تظليله بغير البواري مكروه، إذا
لم يكن هناك ضرورة أو مرجحات أخرى، حيث تزول الكراهة بوجودها على
الأقرب.
(760) - يكره النوم في المساجد لغير ضرورة، وكذا يكره الكلام في أمور
الدنيا، وممارسة الأعمال والمهن، وانشاد الشعر غير المتضمن للنصائح والحكم
فيها، كما يكره رمي البصاق وأخلاط الصدر والأنف فيها، وانشاد الضالة، ورفع
الصوت بغير الأذان، ويجب على أية حال اجتناب كل عمل من شأنه إهانة المسجد،
أو مزاحمة المصلين وإزعاجهم.
(761) - يستحب الامتناع عن أعمال البيع والشراء، وسائر المعاملات من
عقود وايقاعات في المساجد، ولا اشكال في مثل النذر والوقف والنكاح لوجود
حيثية عبادية فيها. ويستحب عدم السماح بدخول المجانين والأطفال غير المميزين
الذين لا يراعون آداب المساجد فيها. ويكره لمن تنبعث منه رائحة كريهة، كرائحة
الثوم والبصل، أن يدخل المسجد. ولا يبعد استحباب إعادته صلاته إن صلاها
على هذه الحال.
(762) - لا يجوز التعرض لمعابد اليهود والمسيحيين الذين هم في ذمة
الاسلام، إذا كانت تلك المعابد في أيديهم. وهي محترمة مثل المساجد، ولا يجوز
هدمها إلا بالشروط التي يجوز هدم المساجد معها.
184

الأماكن التي يستحب الصلاة فيها:
(763) - الصلاة في المسجد أفضل من الصلاة في غيره. وأفضل المساجد المسجد
الحرام، وبعده مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويليه مسجد الكوفة، ثم مسجد
السهلة، ثم مسجد الخيف، ومسجد الغدير، ومسجد بيت المقدس، ومسجد براثا،
ومسجد قبا، والمسجد الجامع في كل بلد، ثم مسجد القبيلة، ويليه مسجد السوق.
ومن الأماكن التي يستحب الصلاة فيها ولها فضيلة، المشاهد المشرفة للأنبياء و
الأئمة (عليهم السلام).
185

الأذان والإقامة
(764) - يستحب الأذان والإقامة قبل كل فريضة للرجال والنساء. و
الأحوط استحبابا عدم ترك الإقامة، خصوصا لصلاتي الصبح والمغرب، ولمن
يصلي منفردا. كما لا يبعد استحباب الأذان لإعلام الآخرين، بدخول وقت الصلاة.
وإتيان الأذان والإقامة في غير هذه الموارد بعنوان الورود في الشرع محرم.
(765) - صلاة العيد ليس فيها أذان ولا إقامة، لكن يستحب القول قبلها:
" الصلاة " ثلاث مرات.
(766) - يستحب الأذان في الأذن اليمنى للمولود حين ولادته، والإقامة في
اليسرى.
(767) - الأذان ثمانية عشر فصلا: " الله أكبر " (أربع مرات)، " أشهد أن
لا إله إلا الله "، " أشهد أن محمدا رسول الله "، " حي على الصلاة "، " حي على
الفلاح "، " حي على خير العمل "، " الله أكبر "، " لا إله إلا الله ". كل منها مرتان.
والإقامة سبعة عشر فصلا: " الله أكبر " (مرتان)، ثم تطابق الأذان في بقية
الفصول لكن يضاف بعد " حي على خير العمل "، " قد قامت الصلاة " (مرتين) و
ينقص من القول " لا إله إلا الله " آخرها مرة، فيؤتى بها مرة واحدة.
(768) - لا يبعد ثبوت الاستحباب الخاص للاقرار بالولاية لأمير
المؤمنين (عليه السلام) وكونه جزءا مستحبا في الأذان المستحب، إذا أتي بإحدى العبارات
المختلفة المروية في " النهاية " و " الفقيه " و " الإحتجاج "، من " أن عليا ولي الله "
أو " علي أمير المؤمنين " أو " أشهد أن عليا ولي الله " لكن برجاء المطلوبية. أما
186

الاقرار المطلق بالولاية في كل موضع حتى غير الأذان فهو حسن ومستحب،
فلا يحتاج إلى دليل خاص وليس له عبارة خاصة أيضا. وأكمل عبارة يؤتى بها هي
المتضمنة للاقرار بخلافة أو وصاية أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة الطاهرين (عليهم السلام).
(769) - يسقط الأذان في خمسة مواضع:
1 - صلاة العصر من يوم الجمعة، فيما لو جمعت مع صلاة الجمعة.
2 - صلاة العصر من يوم عرفة، إذا جمعت مع الظهر.
3 - صلاة العشاء من ليلة عيد الأضحى، لمن كان في المشعر الحرام، إذا جمعت
مع المغرب. والأحوط إن سقوط الأذان في هذه الحالات الثلاث عزيمة لا رخصة،
بمعنى عدم مشروعية اتيانه. لكن يستحسن ترك الأذان للعصر مطلقا حيث تجمع
فيها مع صلاة الظهر، في غير الموارد المذكورة.
4 - صلاة العصر والعشاء للمستحاضة.
5 - صلاة العصر والعشاء للمسلوس والمبطون ونحوهما.
وإنما يسقط الأذان في هذه الموارد الخمسة فيما لو جمعت الصلاة مع الصلاة
المتقدمة عليها بنحو لم يكن بينهما فصل، أو كان الفصل قليلا. أما لو فصل بينهما، ولو
باتيان النوافل، فالأظهر بقاء الأذان على استحبابه.
(770) - يسقط الأذان مع الإقامة عن المصلي في موارد:
1 - للداخل في الجماعة التي أذنوا لها وأقاموا وإن لم يسمعهما ولم يكن حاضرا
حينهما.
2 - لمن صلى في مكان فيه جماعة لم تتفرق بثلاثة شروط على الأظهر:
أ - أن يكونوا قد أذنوا لها وأقاموا. ب - أن لا تكون جماعتهم باطلة. ج - أن تكون
187

صلاته في نفس المكان الذي يصلون فيه عرفا والأحوط اشتراط كونه بنحو يلتحق
بأحد الصفوف. فلا يسقط الأذان والإقامة لمن أراد الصلاة على سطح المسجد مع
كون الجماعة داخل المسجد، ولا فرق عندئذ بين كونه قاصدا الصلاة جماعة أم
فرادى، وبين كون صلاتهم لا تزال قائمة أو انتهت لكن لم تتفرق صفوفهم بعد.
3 - لمن دخل المسجد قاصدا الصلاة جماعة فأدرك المصلين وقد انتهت الصلاة
لكن قبل تفرق الصفوف فيسقط الأذان والإقامة عنه سقوط رخصة لا عزيمة على
الأظهر بشرط أن يكونوا قد أذنوا للجماعة وأقاموا لها.
4 - لمن سمع أذان شخص وإقامته سواء رددهما معه أم لا.
(771) - يستحب لمن سمع الأذان أو الإقامة حكاية فصولهما مع المؤذن و
المقيم باستثناء " حي على الصلاة " و " حي على الفلاح " و " حي على خير
العمل "، حيث يقول مكان كل واحد منها " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم ".
(772) - يشترط كون الإقامة بعد الأذان فلا تصح قبله.
(773) - من أخل بالترتيب المعتبر في الأذان والإقامة فقدم " حي على الفلاح " على
" حي على الصلاة " مثلا، وجب عليه تصحيحهما بالتدارك والإعادة
من موضع الاخلال.
(774) - تعتبر الموالاة بين الأذان والإقامة على الأحوط، بأن لا يفصل
بينهما، بنحو لا يعد معه الأذان أذانا لهذه الإقامة، وإلا استحب إعادتهما. وكذا
يستحب إعادتهما لو فصل بين الأذان والإقامة وبين الصلاة، بنحو لم يعدا أذان هذه
الصلاة وإقامتها.
(775) - يجب كون الأذان والإقامة بعربية صحيحة خالية من اللحن على
188

الأحوط، بل لزومه لا يخلو من وجه. فلا يصحان إذن بالعربية الملحونة حتى لو
لم يتغير المعنى، أو مع تبديل كلمة بكلمة أخرى كما لا يصحان باتيان ترجمتهما أو
ترجمة شئ من كلماتهما بلغة أخرى كالفارسية.
(776) - يشترط دخول وقت الصلاة في صحة الأذان والإقامة، فيبطلان
باتيانهما قبل دخول الوقت، عمدا أو سهوا. نعم لا يبعد مشروعية وصحة الأذان
قبل الوقت، إذا كان بمثابة تنبيه للناس للاستعداد للصلاة وترك الأعمال.
هذا إذا لم يؤد إلى التباس الأمر عليهم واشتباهه مع أذان الوقت، ثم يؤتى
بأذان آخر للصلاة بعد دخول الوقت.
(777) - يستحب لمن نسي الأذان والإقامة ودخل في الصلاة قطعها، إذا
تذكر قبل الركوع، بقصد اتيانهما وتحصيل ثوابهما. ولا يجوز ذلك لو تذكر بعد
الدخول في الركوع. وإذا كان المنسي الأذان وحده، فالأظهر عدم جواز قطع
الصلاة لأجل إعادته، أما إذا كان المنسي الإقامة وحدها، فجواز القطع لا يخلو من
وجه، وإن كان خلاف الاحتياط الاستحبابي.
(778) - إذا شك قبل الإقامة في أنه أتى بالأذان أم لا، يأتي به، أما إذا شك في
اتيانه بعد أن شرع في الإقامة، فلا حاجة إلى الإعادة.
(779) - إذا شك في اتيان جزء من الأذان والإقامة في الأثناء قبل أن يأتي بما
بعده، فعليه الاتيان بالمشكوك. أما إذا شك في اتيان جزء بعد الشروع بما بعده،
فلا يبعد عدم لزوم اتيانه.
(780) - يستحب استقبال القبلة، والكون على طهارة حين الأذان. أما
الإقامة فالطهارة شرط فيها على الأحوط. ويستحب في أذان الاعلام بدخول
الوقت الوقوف في مكان مرتفع، ورفع الصوت به، والمد فيه، ووضع اليدين على
189

الأذنين أثناءه، والفصل قليلا بين جملاته، وعدم الكلام بينها.
(781) - يستحب مراعاة الطمأنينة أثناء الإقامة، واتيانها بصوت أخفض
من الأذان، وأن يكون الفصل بين جملاتها أقل منه في الأذان، لكن دون أن يصلها
ببعضها. وأن يأتي بها بحدر، خلافا للأذان الذي يستحب فيه التأني.
(782) - يستحب في غير صلاة المغرب، الصلاة ركعتين بين الأذان والإقامة،
أو الجلوس قليلا - إن لم يصل - أو السجود، أو التقدم خطوة. ويكفي في المغرب
السكوت قليلا، أو التقدم خطوة. ويكره الكلام بين أذان الصبح وإقامتها بغير
الذكر.
(783) - يستحب في المؤذن الراتب أن يكون عادلا، بصيرا (غير أعمى)،
عارفا بالوقت، أو يكون له من يرشده في ذلك، قوي الصوت.
(784) - لا يجوز للمؤذن أخذ الأجرة مقابل الأذان على الأحوط، ويجوز له
أخذ شئ بغير هذا العنوان، كأن يجعل له راتب ورزق من بيت المال، أو سهم من
وقف يشمله ويدر عليه.
190

واجبات الصلاة
واجبات الصلاة إحدى عشرة:
1 - النية 2 - القيام 3 - تكبيرة الاحرام 4 - الركوع 5 - السجود 6 - القراءة
7 - الذكر 8 - التشهد 9 - التسليم 10 - الترتيب 11 - الموالاة.
(785) - بعض هذه الواجبات ركن في الصلاة، تبطل الصلاة بزيادته ونقصه،
سواء مع العمد أو السهو. وهي خمسة أمور: أ - النية ب - تكبيرة الاحرام ج - القيام
حين التكبيرة، والقيام المتصل بالركوع د - الركوع ه‍ - السجود. وباقي الواجبات
لا تبطل الصلاة بزيادتها أو نقصانها إلا مع العمد دون السهو.
النية:
(786) - يجب على المكلف اتيان الصلاة بنية القربة، أي امتثالا لأمر الله
تعالى. ولا يجب فيها التلفظ، ولا اخطار هذا المعنى في القلب. بل يكفي أن يكون
الدافع لاتيان هذه الأعمال هو تأدية الصلاة المأمور بها. وإن كان الأفضل للمصلي
إخطار النية في قلبه، ما لم يصل ذلك إلى حد الوسوسة.
(787) - يجب في النية تعيين الصلاة التي يريد الاتيان بها، فلو قصد حين
إتيان صلاة الظهر مثلا اتيان أربع ركعات من الصلاة دون تعيين كونها ظهرا أو
عصرا مثلا، ولم يكن قاصدا لواحدة منهما معينة، فصلاته باطلة. وكذا الحال في من
وجب عليه قضاء فريضة كالظهر مثلا، وأراد في وقت الظهر إتيان الفريضة الأدائية
أو القضائية، فالواجب عليه تعيين الصلاة التي يؤديها على الأحوط.
191

(788) - يجب استمرار النية من أول الصلاة إلى آخرها. فلو غفل أثناءها
بنحو لو سئل عما يفعل لم يدر ما يقول، بطلت صلاته.
(789) - يشترط في النية كونها امتثالا لأمر الله تعالى وحده، فالصلاة بقصد
الرياء للناس باطلة على الأحوط، سواء كانت الغاية منها رئاء الناس محضا أم جمع
فيها بين امتثال أمر الله والرياء.
(790) - إذ أتى بجزء من الصلاة لغير قصد امتثال أمر الله، فالصلاة باطلة
أيضا، بلا فرق بين كونه من أجزائها الواجبة كالقراءة، أو المستحبة كالقنوت، وبين
كونه من أفعالها كالقيام والركوع، أو من قبيل الذكر والدعاء. إلا أن يكون - المأتي
لغير أمر الله - من الأمور التي لا تصح الصلاة بدونها، لكن لا يشترط فيه قصد
القربة. وذلك كستر العورة مثلا.
(791) - من قصد اتيان صلاة الظهر مثلا، لكن تلفظ حين الشروع بكلمة
العصر بدل الظهر اشتباها، أو أخطر في قلبه العصر اشتباها، فلا يضر ذلك بصحة
صلاته، ما دام الباعث له على العمل هو اتيان صلاة الظهر.
(792) - لا يجوز العدول من النافلة إلى الفريضة وتبطل الصلاة بالعدول
فلا تحسب لا نافلة ولا فريضة. كما لا يجوز العدول من الفريضة إلى النافلة إلا في
موارد، يأتي بيانها في باب صلاة الجماعة.
القيام:
(793) - القيام حين تكبيرة الاحرام ركن بحسب الظاهر. وكذا القيام المتصل
بالركوع. إما القيام حين قراءة الحمد والسورة، أو القيام بعد الركوع، فليس بركن
فلا تبطل الصلاة بتركه سهوا.
192

(794) - من نسي الركوع حتى جلس ثم تذكر، فالواجب عليه القيام أولا، ثم
الركوع. ولا يجوز له القيام متقوسا إلى أن يصل إلى حد الركوع. إذ يكون في هذه
الصورة قد فاته القيام المتصل بالركوع، فتبطل صلاته لفوات الركن.
(795) - يجب مع الامكان الاعتدال في القيام، وترك تحريك البدن، أو الميل
به، أو الانحناء، أو الاعتماد على موضع ما. ولا بأس بذلك حين الضرورة، كما لا مانع
من تحريك الرجلين أثناء الانحناء للركوع.
(796) - إذا حرك بدنه حال القيام سهوا، أو مال به إلى أحد الجانبين، أو
اعتمد على شئ ما كذلك، فلا بأس، ما لم يكن في القيام حال تكبيرة الاحرام، أو
المتصل بالركوع، حيث يجب على الأحوط حينئذ إتمام الصلاة، ثم إعادتها.
(797) - الأحوط وجوبا الوقوف على القدمين جميعا لا على قدم واحدة
ولا على الأصابع حين القيام، لكن لا يجب القاء ثقل البدن عليهما معا والتسوية بينهما
في الاعتماد. وإذا وقف على إحدى رجليه فقط سهوا، فلا تبطل صلاته إذا صدق
عليه القيام، وإن كان الإعادة أحوط.
(798) - لا يجوز تفريج الرجلين - لمن قدر على القيام الصحيح - بنحو يخرج
عن القيام المتعارف. لكن لا تبطل صلاته إذا صدق عليه القيام، مع كون تفريجهما
قد حصل سهوا، وإن زاد عن المتعارف، لكن الإعادة أحوط استحبابا.
(799) - لا بأس بتحريك اليد والأصابع أثناء قراءة الحمد وسائر الحالات في
الصلاة.
(800) - إذا عجز عن القيام أثناء الصلاة وجب الجلوس، فإن عجز عن
الجلوس بكافة صوره وجب الاضطجاع، وعلى أية حال فيجب التوقف عن
القراءة والتلفظ إلى حين حصول الاستقرار والطمأنينة.
193

(801) - لا يجوز الصلاة من جلوس للقادر على القيام بنحو من الأنحاء حتى
لو اضطر فيه إلى تحريك البدن أو الاعتماد على عصا أو جدار مثلا، أو إلى تفريج
رجليه بشكل فاحش، أو الانحناء، أو الميل، فهو مقدم على الجلوس، إلا أن يعجز
عنه بكافة صوره فينتقل إلى الصلاة من جلوس معتدلا عندئذ.
(802) - من عجز عن الركوع والسجود من قيام، فدار أمره بين الصلاة من
قيام مع الايماء لهما، وبين الصلاة من جلوس واتيانهما، يجب عليه الصلاة من قيام و
الايماء لهما على الأظهر. نعم إذا تمكن العاجز عن اتيان الركوع عن قيام من الجلوس
أثناء اتيانه الصلاة قائما، واتيانهما جالسا وجب عليه ذلك.
(803) - من عجز عن القيام مطلقا انتقل إلى الصلاة من جلوس، ولا يصلي
مضطجعا إلا مع العجز عن الجلوس بكافة اشكاله أيضا. فمن لم يتمكن من الجلوس
معتدلا، وجب عليه الجلوس بالنحو الممكن، فإن لم يقدر، انتقل إلى الصلاة نائما على
الجانب الأيمن، فإن عجز عن ذلك فعلى الأيسر على الأحوط، وإن عجز عنه أيضا
استلقى على ظهره، بنحو يكون باطن قدميه إلى القبلة. فإن عجز عن هذه الصورة،
فليصل بالنحو الذي يقدر عليه، مع مراعاة الصورة الأقرب إلى صلاة المختار من
قيام مع الامكان وإلا فالأقرب إلى المرتبة التي تليها، وهكذا....
(804) - من صلى من جلوس، إن تمكن بعد إنهاء القراءة من القيام واتيان
الركوع عن قيام، وجب عليه ذلك، وإلا ركع جالسا.
(805) - من كان يصلي مضطجعا إذا تمكن من الجلوس مقدارا ما أثناء الصلاة
وجب ذلك. وكذا لو قدر على القيام وجب عليه ذلك بالمقدار الذي يمكنه. لكن
يجب في كل الأحوال أن يتوقف عن القراءة إلى حين استقرار بدنه وحصول
الطمأنينة له.
194

(806) - من تمكن من الصلاة قائما لكن خشي حصول مرض له، أو ترتب
ضرر عليه من ذلك، يجوز له الصلاة جالسا وإن خشي حصول ذلك من
الجلوس، جاز له الاضطجاع.
تكبيرة الاحرام:
(807) - التكبيرة أول الصلاة واجب ركني وصورتها " الله أكبر " ويشترط
فيها على الأحوط وجوبا الموالاة بين كلمة " الله " وكلمة " أكبر "، وبين حروفهما.
كما يجب على المتمكن اتيانها بالنهج العربي الصحيح، فلا يجزي الملحون منها، و
لا ترجمتها.
(808) - يجب الطمأنينة والاستقرار حال التكبيرة. فلو تحرك عمدا بطلت، و
كذا تبطل على الأحوط بالتحرك سهوا ونسيانا.
(809) - الأخرس العاجز عن التلفظ بالتكبيرة بالشكل الصحيح يجزيه
إتيانها بالنحو الممكن له، فإن عجز عن إتيانها بأي صورة من الصور، وجب عليه
على الأحوط أن يشير إليها بإصبعه مع تحريك لسانه أيضا.
(810) - يستحب رفع اليدين حيال الأذنين أو الوجه أو الخدين، أو أسفل
العنق حين التكبير للإحرام، أو سائر تكبيرات الصلاة الأخرى. ولا ينبغي رفعها
أكثر من حذاء الأذنين أو الرأس. ويستحب في صلاة الجماعة الجهر بالتكبيرة
للإمام، والإخفات للمأمومين.
195

القراءة:
(811) - يجب قراءة سورة الحمد في الركعة الأولى والثانية من كل فريضة من
الصلوات اليومية، وكذا قراءة سورة كاملة بعدها على الأحوط لمن يعرفها، أو
يستطيع أن يتعلمها. ويجب على الأظهر لمن قرأ " الضحى " أن يتبعها
ب‍ " ألم نشرح "، ولمن قرأ " الفيل " أن يتبعها بسورة قريش. وعدم الاقتصار على
واحدة منهما.
(812) - لا تجوز قراءة السورة مع ضيق وقت الصلاة أو الاضطرار، كمن
خشي إن قرأ السورة أن يدركه لص أو سبع أو عدو يؤذيه. كما يجوز تركها حين
الاستعجال، حيث يلزم من قراءتها لحوق ضرر به.
(813) - من قرأ السورة قبل الفاتحة عمدا، قاصدا كونها جزءا من الصلاة
بطلت صلاته، أما إذا كان قصده مجرد قراءة القرآن، فلا بأس. ويقرأ سورة أخرى
عندئذ بعد الفاتحة، بناء على ما ذكر من وجوب السورة احتياطا في الصلاة. أما من
قدم السورة على الفاتحة سهوا، وتذكر أثناء قرائتها، فعليه قطعها وقراءة الحمد، ثم
قراءة السورة من جديد.
(814) - من نسي قراءة الحمد والسورة أو إحداهما والتفت بعد أن دخل في
الركوع، فصلاته صحيحة، لكن يجب عليه اتيان سجدتي السهو بعد الفراغ من
الصلاة لنسيانه القراءة.
(815) - إذا التفت إلى أنه نسي قراءة الحمد والسورة قبل الانحناء للركوع،
وجب عليه اتيانهما. ولو التفت إلى نسيانه السورة فقط، وجب اتيانها أيضا على
الاحتياط المذكور في وجوب السورة. أما إذا كان قد نسي الحمد وحدها والتفت
196

قبل الانحناء، فالواجب عليه إتيان الحمد ثم السورة، بالإضافة إلى سجدتي السهو
- لزيادة السورة - بعد الفراغ. وكذا الحكم فيما لو التفت بعد شروعه في الانحناء
للركوع، لكن قبل أن يصل إلى حد الركوع في كل ما ذكر من الفروع، من نسيان
القراءة كاملة، أو السورة وحدها، أو الحمد كذلك.
(816) - تبطل الصلاة على الأحوط بقراءة إحدى السور العزائم الأربع عمدا
- وهي التي تتضمن سجدة واجبة - ولا بأس بقراءتها في النوافل، ويسجد عند
الوصول إلى آية السجدة أثناء الصلاة، ثم يكملها.
(817) - إذا شرع بقراءة إحدى العزائم سهوا فإن التفت قبل الوصول إلى آية
السجدة، وجب عليه قطعها وقراءة سوره أخرى على الأحوط. أما إذا التفت بعد
أن قرأ آية السجود، فالواجب عليه على الأحوط قراءة سورة أخرى، ثم يؤدي
السجود الواجب لتلاوة الآية المذكورة بعد فراغه من الصلاة.
(818) - من سمع آية السجدة وهو في الصلاة، يؤدي السجود الواجب لها بعد
الفراغ من صلاته على الأحوط، وصلاته صحيحة.
(819) - يستحب قراءة سورة الجمعة بعد الحمد في الركعة الأولى، وسورة
المنافقين بعد الحمد في الثانية، في صلاة الجمعة، وصلاة الظهر يوم الجمعة، بل
الأحوط استحبابا عدم تركهما من غير عذر. ومن شرع في واحدة منهما، فلا يجوز له
على الأحوط قطعها والعدول إلى سورة أخرى.
(820) - من شرع في سورة أخرى غير " التوحيد " و " الكافرون "، يجوز له
قطعها والعدول إلى غيرها ما لم يبلغ النصف.
(821) - لا يجوز العدول من سورة التوحيد أو سورة الكافرون إلى سورة
أخرى. إلا في صلاة الجمعة أو صلاة الظهر يوم الجمعة، حيث يجوز العدول منهما إلى
197

خصوص الجمعة في الركعة الأولى والمنافقين في الركعة الثانية، بشرط ألا يكون
قد بلغ نصفهما.
(822) - من نسي شيئا من السورة، أو عجز عن اكمالها بسبب من الأسباب
كضيق الوقت مثلا، يجوز له قطعها والانتقال إلى سورة أخرى، حتى لو كان
قد تجاوز النصف والأحوط له في هذه الصورة العدول إلى سورة الجمعة في الركعة
الأولى والمنافقين في الركعة الثانية إذا كان في صلاة الجمعة، أو ظهر يوم الجمعة إن
أمكن، والعدول إلى سورة التوحيد أو الكافرون إن كان في غيرهما.
(823) - يجب الجهر في قراءة الفاتحة والسورة على الرجال في صلاة الصبح و
المغرب والعشاء، ويجب الاخفات عليهم وعلى النساء في القراءة في الظهرين، ما
عدا صلاة الظهر يوم الجمعة، حيث يستحب الجهر بالقراءة فيها في الركعتين
الأوليين.
(824) - تتخير المرأة بين الجهر والاخفات في قراءة الصلاة الجهرية، أي
الصبح والعشاءين، بشرط ألا يسمع صوتها أجنبي، حيث يتعين عليها الاخفات
على الأظهر عندئذ، فيما لو كان اسماع صوتها محرما، كأن يكون هناك خوف فتنة أو
تلذذ.
(825) - تبطل الصلاة بالإخفات عمدا في المواضع التي يجب فيها الجهر، كما
تبطل بالجهر عمدا في مواضع الاخفات. أما إذا كان ذلك عن سهو، أو جهل بالحكم
مع عدم وجود احتمال خلاف لديه، ولا تردد في صحة عمله، بنحو يتحقق معه قصد
القربة، فالصلاة صحيحة. ومن التفت إلى سهوه أو اشتباهه أثناء القراءة، لم يجب
عليه على الأظهر إعادة ما قرأه.
(826) - الميزان في الجهر ظهور جوهر الصوت، وأقله سماع القريب شأنا مع
198

تمييز الكلمات، وفي الاخفات سماع النفس كذلك، مع عدم ظهور جوهر الصوت.
(827) - تبطل الصلاة على الأحوط برفع الصوت في القراءة زائدا عن
المتعارف، بنحو يصل إلى حد الصياح مثلا. كما لا يجوز الافراط في الاخفات، بنحو
لا يسمع نفسه مع عدم المانع.
(828) - يجب على المكلف تعلم قراءة الصلاة بشكل صحيح. فمن لم يتمكن
من ذلك بأي شكل من الاشكال، وجب عليه اتيانها بما أمكنه من الصحة، و
الأحوط استحبابا له اتيان الصلاة جماعة عندئذ.
(829) - من لم يحسن قراءة الحمد والسورة وسائر ألفاظ الصلاة بشكل
صحيح، فإن كان قادرا على التعلم وجب عليه ذلك إن وسع وقت الصلاة، أما إن
كان الوقت ضيقا فله حالتان:
1 - إذ تارة يكون مقصرا في ترك التعلم فيجب عليه حينئذ على الأظهر إن
لم يلزم عسر وحرج أن يأتي بالصلاة جماعة، أو يقف إلى جانب شخص يقرأ الصلاة
فيتابعه في القراءة مرددا ما يقوله، أو تكتب له الصلاة على ورقة ونحوها فيقرأها
منها، إذا أمكن ذلك وتأدى الفرض به.
2 - أما إذا لم يكن مقصرا في ذلك فالأحوط استحبابا إتيان ما ذكر من الصلاة
جماعة، أو متابعة شخص في القراءة، أو قراءة الصلاة من ورقة.
(830) - من لم يعرف قراءة شئ من القرآن يأتي محل القراءة بالتسبيح و
التهليل والتكبير، بمقدار يساوي الواجب منها.
(831) - يجب القراءة العربية الصحيحة في الصلاة باخراج الحروف من
مخارجها بنحو يعد عند أهل اللسان مؤديا للحرف، والقواعد العربية المسلمة في
الصرف والنحو، فلو صلى وقد أخل عامدا بكلمة أو حرف أو حركة أو تشديد أو نحو
199

ذلك، بطلت صلاته والأحوط وجوبا موافقة إحدى القراءات السبع.
(832) - يجب مراعاة حركات الاعراب والبناء، وحذف همزة الوصل في
الدرج كهمزة " أل " وهمزة " اهدنا "، واثبات همزة القطع كهمزة " أنعمت ".
(833) - يجوز الوصل بالسكون في الصلاة على الأظهر، ولا تبطل الصلاة مع
الوقف بالحركة من دون تعمد، والأحوط تركه من دون عذر. والمراد بالوقف
بالحركة أن يقف على الكلمة، ولا يصلها بما بعدها في القراءة مع تحريك آخرها، و
الوصل بالسكون بالعكس، أي وصل الكلمة بما بعدها مع تسكين آخرها.
(834) - يجب مراعاة المد اللازم وهو ما كان حرف المد - الألف والواو و
الياء - وسبباه - أي الهمزة أو السكون - في كلمة واحدة مثل " جاء " و " سوء " و
" جئ " و " دابة " و " قاف " و " صاد " و " الضالين " حيث سبق حرف المد حرف
محرك بحركته، وتلاه همزة أو حرف ساكن فيجب المد في هذه الموارد.
(835) - يجب إدغام التنوين والنون الساكنة في حروف " يرملون ". أي لو
التقت كلمتان، أوليهما في آخرها تنوين أو نون ساكنة، والثانية في أولها أحد
الحروف: " ي، ر، م، ل، و، ن "، وجب إدغام النون أو التنوين بعدم التلفظ بها مع
تشديد الحرف الأول من الكلمة الثانية.
(836) - يتخير المكلف في الركعتين الثالثة والرابعة من الصلاة بين قراءة
الحمد وبين الذكر، والأفضل الذكر، وصورته: " سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلا الله والله أكبر "، ويكفي اتيانه مرة واحدة على الأقوى، لكن تكراره ثلاثا
أفضل وأحوط. ويجوز اتيان الحمد في ركعة، والذكر في ركعة أخرى من صلاة
واحدة، لكن الأفضل اتيان التسبيحات في كلتا الركعتين.
(837) - يتعين على المكلف في ضيق الوقت اتيان التسبيحات مرة واحدة.
200

(838) - يجب الإخفات في الثالثة والرابعة من ركعات الصلاة على الرجال و
النساء، سواء قرأت الحمد أم التسبيحات. وإذا قرأت الحمد، فالأحوط وجوبا
الاخفات في البسملة أيضا.
(839) - يتعين على من لا يتمكن من تعلم التسبيحات، أو لا يحسن قراءتها
اتيان الحمد.
(840) - إذا قرأ التسبيحات الأربع في الركعتين الأوليين من الصلاة معتقدا أنه
في الركعتين الأخيرتين فإن التفت قبل الدخول في الركوع قرأ الحمد والسورة وإن
التفت بعد دخوله فيه فصلاته صحيحة.
(841) - إذا أتى بالحمد في الركعتين الأخيرتين متوهما أنه في الركعتين
الأوليين اجتزأ بها، سواء التفت قبل الدخول في الركوع أم بعده. وكذا العكس، أي
إذا أتى بالحمد في الركعتين الأوليين بتخيل أنه في الأخيرتين.
(842) - إذا قصد في الركعتين الأخيرتين اتيان التسبيح فسبق لسانه إلى
القراءة، أو بالعكس، بأن قصد القراءة فسبق لسانه إلى التسبيح، فلا يجتزئ به، بل
عليه ترك ما شرع به واتيان فرد جديد من التسبيح أو القراءة. نعم لو كان من
عادته قراءة ما سبق إليه لسانه، وكان قاصدا له في خزانة قلبه، فيجوز له اكماله و
الاجتزاء به وتصح صلاته.
(843) - من اعتاد قراءة التسبيحات في الركعتين الأخيرتين، إذا شرع
بالفاتحة من دون قصد لذلك، وجب عليه تركها والشروع بفرد جديد من الحمد أو
التسبيحات.
(844) - يستحب في الركعة الأولى من كل صلاة اتيان الاستعاذة أي " أعوذ
بالله من الشيطان الرجيم " قبل البسملة مع الاخفات، كما يستحب الجهر
201

بالبسملة في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر والعصر، والتأني بقراءة الحمد و
السورة، والوقوف على كل آية وعدم وصلها بما بعدها، والالتفات إلى معاني
الآيات عند قراءة الحمد والسورة، وقول " الحمد لله رب العالمين " بعد فراغه
من قراءة الحمد لمن يصلي فرادى، وبعد فراغ الإمام منها لمن يصلي جماعة. وقول
" كذلك الله ربي " بعد الفراغ من التوحيد مرة أو مرتين أو " كذلك الله ربنا " ثلاث
مرات. والتمهل قليلا بعد قراءة السورة ثم التكبير للركوع أو اتيان القنوت.
الركوع:
(845) - يجب في كل ركعة من الفرائض اليومية ركوع واحد، وهو ركن تبطل
الصلاة بزيادته ونقصانه عمدا وسهوا، إلا في الجماعة للمتابعة.
(846) - لا يكفي مسمى الانحناء في الركوع الاختياري بل يعتبر فيه الانحناء
المتعارف، بحيث تصل أطراف الأصابع إلى الركبة على الأظهر وإن لم يجب وضع
اليدين على الركبتين بعد تحقق الانحناء المذكور. ويستحب الزائد، والأولى وصول
الراحة إليها. ويتحقق الركوع من المصلي جالسا بالانحناء الذي يحصل مسماه عرفا،
ويتحقق على الأحوط بانحنائه بحيث يحاذي وجهه مسجده.
(847) - لا يصح الركوع على غير النحو المتعارف، كأن ينحني مائلا إلى
الجانب الأيمن أو الأيسر، حتى لو وصلت أطراف الأصابع إلى الركبتين.
(848) - غير المتعارف في خلقته لطول زائد في يديه، أو قصر كذلك، أو
انخفاض موضع ركبتيه عن الناس العاديين، أو ارتفاعه كذلك، يرجع في المقدار
اللازم من الانحناء إلى المتعارف.
(849) - من لم يتمكن من الانحناء المذكور في الركوع اعتمد على شئ يعينه في
202

تحقيق ذلك، فإن لم يتمكن ولو بالاعتماد، أتى بما أمكن من الانحناء، ولا ينتقل إلى
الجلوس وإن تمكن من الركوع جالسا.
(850) - من لم يتمكن من الانحناء بمرتبة يصلح للبدلية عن الركوع يومئ
برأسه، وإن لم يمكن يومئ بعينيه، فيقصد الركوع بغمضهما والرفع منه بفتحهما، فإن
لم يمكن ذلك أيضا وجب نية الركوع في قلبه والتلفظ بذكره. وتقدم الايماء على
ركوع الجالس وإن بلغ حد الركوع الاختياري لا يخلو من وجه، بل يحتمل وجوبه.
(851) - لا يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع، فلو انحنى بقصد وضع
شئ على الأرض مثلا ثم قصد الركوع، يكتفى به على الأظهر.
(852) - من كان كالراكع خلقة أو لعارض، إن تمكن من الانتصاب، ولو
بالاعتماد على شئ لتحصيل القيام الواجب ليركع عنه وجب، وإن لم يتمكن من
الانتصاب التام يجزيه الانتصاب في الجملة بالنحو الذي يكون فيه أقرب إلى القيام
ليركع عنه، وإن لم يتمكن أصلا، وجب أن ينحني أزيد من المقدار الحاصل إذا
لم يخرج بذلك عن حد الركوع، فإن عجز عن ذلك أيضا نوى الركوع بانحنائه، و
يومئ برأسه إليه أيضا، فإن لم يقدر فبعينه قاصدا بالايماء الوظيفة الفعلية على
الأحوط.
(853) - إذا نسي الركوع فهوى إلى السجود، وتذكر قبل وضع جبهته على
الأرض، رجع إلى القيام ثم ركع. ولا يكفي أن يقوم متقوسا إلى حد الركوع، و
لا فرق في الحكم بين كون نسيانه حصل قبل الانحناء، وكونه شرع بالانحناء قاصدا
الركوع لكنه نسي اتيانه ونكل إلى السجود، لكن الأحوط استحبابا إعادة الصلاة
إن كان النسيان قبل الانحناء.
(854) - كفاية مطلق الذكر في الركوع لا يخلو من وجه، وإن كان الأحوط
203

اتيان ثلاث تسبيحات من الصغرى - أي " سبحان الله " - أو واحدة من الكبرى،
وهي " سبحان ربي العظيم وبحمده ".
(855) - تجب الطمأنينة والاستقرار طيلة الذكر الواجب في الركوع، فإن
تركها عمدا بطلت صلاته. فلو شرع بالذكر الواجب عامدا قبل الوصول إلى حد
الركوع، أو بعد الوصول، لكن قبل حصول الطمأنينة، أو أتمه حال الرفع من الركوع
قبل الخروج عن اسمه أو بعده، تبطل الصلاة. أما لو فاتته سهوا فلا تبطل، بشرط أن
يكون قد تحقق مسماها، لأن مسمى الطمأنينة داخل في الركن، فلا يتحقق الركوع من
دون مسمى الطمأنينة، والزائد عن المسمى واجب مثل الذكر الواجب، وترك
الزائد مثل ترك الذكر سهوا لا يبطل الصلاة.
(856) - من تحرك أثناء اتيانه ذكر الركوع الواجب قهرا لريح أو غيرها، بنحو
فقد الطمأنينة، وجب عليه إعادة الذكر بعد استقرار بدنه ثانية، أما إذا كانت الحركة
يسيرة بنحو لم يخرج البدن عن الاستقرار، أو كان المتحرك الأصابع وحدها،
فلا تجب إعادة الذكر.
(857) - من لم يتمكن من البقاء في الركوع بمقدار الذكر، فإذا تمكن من إتيان
الذكر قبل الخروج عن حد الركوع، وجب عليه ذلك.
(858) - لو لم يتمكن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت، لكن يجب عليه
اكمال الذكر الواجب قبل الخروج من مسمى الركوع.
(859) - يجب على المصلي رفع رأسه من الركوع حتى ينتصب قائما مطمئنا
فيه. حتى لو احتاج في ذلك إلى الاعتماد على شئ، فلو سجد عامدا قبل الانتصاب
من الركوع مطمئنا بطلت صلاته.
(860) - يستحب التكبير للركوع وهو قائم منتصب، ورفع اليدين حال
204

التكبير إلى محاذاة الوجه، ووضع الكفين مفرجات الأصابع على الركبتين حال
الركوع. وكذا يستحب رد الركبتين إلى الخلف، وتسوية الظهر، ومد العنق حتى
تتساوى مع الظهر وأن يكون نظره أثناءه بين قدميه وأن يصلي فيه على محمد و
آله (عليهم السلام) قبل اتيان ذكر الركوع أو بعده واختيار التسبيحة الكبرى، وتكرارها
ثلاثا، أو خمسا، أو سبعا، بل أزيد. وأن يقول بعد الانتصاب " سمع الله لمن
حمده ". ويكره في الركوع وسائر أحوال الصلاة وضع اليدين على البدن تحت
جميع الثياب. ويستحب للنساء في الركوع وضع اليدين أعلى من الركبة، وعدم رد
الركبتين إلى الخلف.
السجود:
(861) - يجب في كل ركعة سجدتان، وهما معا ركن تبطل الصلاة بزيادتهما
معا في الركعة الواحدة، ونقصانهما كذلك عمدا أو سهوا. أما لو أخل بواحدة زيادة
أو نقصانا سهوا فلا بطلان.
(862) - يعتبر في السجود الانحناء، ووضع الجبهة على الأرض على وجه
يتحقق به مسمى السجود. ووضع ستة أعضاء هي الكفان والركبتان وابهاما
الرجلين.
(863) - المدار في تحقق السجود الركني هو الانحناء ووضع الجبهة على
الأرض، بنحو يتحقق به مسمى السجود، دون وضع باقي المساجد، أو الشرائط
الأخرى المعتبرة فيه. فبتكرار هذا العمل يتكرر السجود وبفقدانه لا يتحقق
السجود.
(864) - يعتبر في الكفين وضع باطنهما على الأرض مع الاختيار،
205

والأحوط الاستيعاب العرفي بنحو يصدق وضعهما كاملا. أما مع الاضطرار والعجز
عن وضع الباطن فيجزي وضع ظاهرهما، والأحوط الجمع بين وضع بعض الباطن
وتمام الظاهر في صورة عدم التمكن من استيعاب الباطن عرفا. ومن لم يتمكن من
ذلك لكونه مقطوع الكف أو لغير ذلك ينتقل إلى الأقرب فالأقرب من الكف على
الأحوط.
(865) - يكفي في وضع الركبة وضع أي جزء من ظاهرها.
(866) - الأحوط في الابهامين مراعاة وضع رأسيهما، وإن كان كفاية كل من
طرفي أنملة الابهام لا يخلو من وجه.
(867) - لا يجب الاستيعاب في الجبهة بوضع كاملها على الأرض، بل يكفي
صدق السجود على مسماها، وإن كان الأحوط استحبابا ألا يكون أقل من طرف
أنملة، كما أن الأحوط استحبابا اعتبار كونه مجتمعا لا متفرقا، فيجوز السجود على
السبحة لكنه خلاف الاحتياط الاستحبابي.
(868) - لا بد من رفع ما يمنع من مباشرة الجبهة لمحل السجود، من وسخ أو
غيره، في الجبهة أو في الموضع. أما لو لصق بجبهته تربة أو تراب أو حصاة ونحوها في
السجدة الأولى مثلا، فالأظهر عدم منع اتصال الموضوع عليه في المساجد، مع
صدق تعدد السجود برفع الرأس.
(869) - يجب في السجود الذكر وكفاية مطلق الذكر فيه لا يخلو من وجه كما
تقدم في ذكر الركوع، لكن الأحوط اتيان " سبحان الله " ثلاثا، أو " سبحان ربي
الأعلى وبحمده " مرة واحدة.
(870) - يجب في السجود الطمأنينة بمقدار الذكر الواجب بالنحو الذي تقدم في
الركوع. فإن لم يتمكن من حفظ الطمأنينة مقدار الذكر الواجب لا يسقط أصل
206

وجوب الذكر. وتحقق السجود بلا توقف ومكث أصلا مشكل فمع العجز عن
الطمأنينة مطلقا، فالأحوط تكرار الصلاة مرتين إحداهما بسجود بلا طمأنينة و
الأخرى بالايماء.
(871) - من أتى بذكر السجدة الواجب قبل استقرار الجبهة على الأرض، أو
رفع جبهته قبل اكماله، فصلاته باطلة إذا كان عامدا. أما إن أتى بذلك سهوا، و
لم يلتفت حتى رفع رأسه من السجود، فصلاته صحيحة ما دام قد تحقق منه السجود
العرفي.
(872) - من التفت أثناء السجود إلى كونه أتى بالذكر الواجب قبل الاستقرار و
الطمأنينة سهوا، فيجب عليه إعادته مع الطمأنينة، وتصح صلاته.
(873) - إذا سجد على ما لا تستقر الجبهة عليه بطلت صلاته، لكن لا بأس
بالسجود على مثل الفراش واللحاف، الذي تستقر الجبهة عليه أخيرا بعد نزوله
قليلا بتأثير ثقلها.
(874) - يجب في السجود كون المساجد السبعة في محالها إلى حين انهاء الذكر.
نعم لا بأس بتعمد رفع ما عدا الجبهة منها قبل الشروع في الذكر مثلا ثم وضعه حاله،
فضلا عن السهو، من غير فرق بين كونه لغرض كالحك ونحوه وبدونه، إذا لم يصل
إلى حد من الكثرة يكون ماحيا لصورة السجود.
(875) - إذا رفع جبهته عن الأرض سهوا قبل اكمال الذكر لا يجوز له
إرجاعها، بل تحسب له سجدة، أما لو رفع أحد المساجد الأخرى غير الجبهة،
فيجب ارجاعها، واتيان الذكر حين وضعها.
(876) - يجب في السجود طهارة موضع الجبهة، ويكفي فيه طهارة ما يتحقق
معه مسمى السجود الواجب، حتى لو كان ما حوله نجسا نجاسة غير مسرية، فمثل
التربة إذا كان بعضها نجسا تصح الصلاة عليها ما دام فيها موضع طاهر، يتحقق معه
207

السجود عليه، بشرط أن يكون الموضع النجس الذي يماس الجبهة منها غير رطب
رطوبة مسرية وأن تكون الجبهة جافة أيضا. كما لا يضر نجاسة وجه التربة الآخر
مثلا أو مثل البساط الموضوع تحتها، إذ المطلوب في طهارة محل السجود طهارة
موضع مماسة الجبهة للمسجد.
(877) - إذا انحصر محل السجود بالموضع النجس، فسقوط شرطية طهارته
لا يخلو من وجه. وإذا دار الأمر بين السجود على الموضع النجس مما يصح السجود
عليه أو على الثوب الطاهر فالتخيير لا يخلو من وجه أيضا. وفي صورة رجاء
ارتفاع العذر قبل انقضاء الوقت الأحوط تأخير الصلاة إلى آخر الوقت.
(878) - من سجد في صلاته على موضع نجس جهلا بنجاسته أو نسيانا لها، و
التفت بعد الصلاة، فإن كان قد تحقق منه قصد القربة، فصلاته صحيحة، أما إذا التفت
أثناء الصلاة، فإن كان أثناء السجود، فعليه أن يجر جبهته إلى موضع طاهر، وإن
كان بعد رفع رأسه منه فما أتى به من السجود صحيح.
(879) - المراد بالجبهة هنا ما بين قصاص الشعر وطرف الأنف الأعلى طولا و
ما بين الجبينين عرضا.
(880) - يجب في السجود وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه من الأرض
أو ما ينبت منها غير المأكول والملبوس وسنعقد له فصلا مستقلا بعد هذا الفصل.
(881) - يجب في السجود رفع الرأس من السجدة الأولى، والجلوس معتدلا
مطمئنا.
(882) - يعتبر في السجود مساواة موضع الجبهة لمحل وضع الابهامين فلو
ارتفع أحدهما على الآخر لم تصح الصلاة، إلا أن يكون التفاوت بينهما مقدار أربع
أصابع مضمومات، إذا كانت الجبهة هي المرتفعة عن الموقف إما إذا كانت الجبهة
208

أخفض من الموقف فالأحوط احتياطا لا يترك عدم تجاوز التفاوت بينهما هذا
المقدار أيضا. ولا يعتبر التساوي على الأظهر في باقي المساجد من الكفين و
الركبتين، لا بالنسبة إلى بعضها مع البعض، ولا بالنسبة إلى الجبهة. فلا يقدح حينئذ
ارتفاع مكانها وانخفاضه.
(883) - لو وقعت الجبهة على مكان مرتفع أزيد من المقدار المغتفر - أي أربع
أصابع مضمومة - فإن كان الارتفاع بمقدار لا يصدق معه السجود عرفا، جاز رفعها
ووضعها ثانيا، كما يجوز جرها. أما إن كان بمقدار يصدق معه السجود عرفا، فيتعين
جرها إلى الأسفل.
(884) - لو وضع جبهته على موضع لا يصح السجود عليه، وجب عليه جرها
إذا أمكن إلى ما يجوز السجود عليه، ولا يجوز رفعها عنه لأنه يستلزم زيادة سجدة.
(885) - إذا وضع جبهته على موضع لا يصح السجود عليه، ولم يمكن نقلها إلى
موضع يصح السجود عليه إلا برفعها، فالأحوط إعادة الصلاة بعد إتمامها، مع
احتمال صحتها، سواء تدارك برفع جبهته ووضعها على ما يصح السجود عليه أو
لم يتدارك.
(886) - من كان بجبهته علة كالدمل، فإن لم تستوعب الجبهة، وأمكن وضع
الموضع السليم منها على الأرض، ولو بحفر حفيرة وجعل الدمل فيها وجب، وإن
استوعبتها، أو لم يمكن وضع الموضع السليم منها على الأرض، ولو بحفر حفيرة،
وجب السجود على أحد الجبينين، والأحوط تقديم الأيمن على الأيسر، فإن تعذر
السجود عليهما سجد على ذقنه، فإن تعذر ذلك اقتصر على الايماء بالرأس للسجود،
فإن لم يمكن أومأ بعينه.
(887) - إذا ارتفعت الجبهة عن الأرض قهرا ثم عادت إليها قهرا لم تتكرر
209

السجدة، ويأتي بالذكر، سواء كان الارتفاع القهري قد حصل قبل الاستقرار في
السجود أو بعده، ما دام حصوله قبل اتمام الذكر الواجب. هذا مع عود الجبهة قهرا
بأن لم يتمكن من امساكها لدى ارتفاعها القهري، أما لو تمكن من امساكها، فإن كان
قد تحقق منه الاستقرار في السجود، فيحسب له الوضع الأول سجدة، دون ما لو
لم يكن قد تحقق منه الاستقرار، حيث لا يحسب له سجدة حينئذ.
(888) - من عجز عن السجود، انحنى بنحو يصدق عليه السجود، ورفع
المسجد إلى جبهته، واضعا للجبهة عليه مع تحقيق الاعتماد المطلوب، ومع المحافظة
على الواجب من الذكر والطمأنينة ونحوهما، حتى وضع باقي المساجد في محالها على
الأحوط. أما إن لم يتمكن من الانحناء المذكور فتعين الايماء بالرأس ومع عدم
امكانه فبالعين لا يخلو من وجه. ومن لم يتمكن من الانحناء أصلا، ينتقل إلى الايماء
بالرأس فإن لم يمكن فبالعين، ولا يجب وضع ما يتمكن منه من المساجد في محله في
هذه الصورة على الأظهر، وإن كان الوضع في جميع الصور مع امكانه موافقا
للاحتياط.
(889) - الأظهر عدم وجوب جلسة الاستراحة - وهي الجلوس مطمئنا بعد
رفع الرأس من السجدة الثانية قبل أن يقوم في الركعة التي لا تشهد فيها - لكن اتيانها
أحوط استحبابا.
(890) - يستحب التكبير حال الانتصاب من الركوع، للأخذ في السجود، و
للرفع منه، والسبق باليدين إلى الأرض عند الهوي إليه للرجال، وعكس ذلك
للنساء، أي الجلوس أولا، ثم السجدة. والارغام بمسمى الأنف على مسمى ما
يصح السجود عليه، وتسوية موضع الجبهة مع الموقف، ولا يبعد تحقق المستحب
أيضا مع أخفضية الموقف في الجملة. والدعاء بالمأثور قبل الشروع، وبعد رفع
210

الرأس من السجدة الأولى، واختيار التسبيحة الكبرى أي: " سبحان ربي
الأعلى وبحمده " وتكرارها، والختم فيها على عدد وتر، والتورك في الجلوس
بين السجدتين، بأن يجلس على فخذه الأيسر جاعلا ظهر القدم اليمنى في بطن
اليسرى، مع وضع العقب على الأرض، ويكره الإقعاء بأن يجلس على القدمين. و
يستحب للنساء الجلوس على العجيزة مع رفع الركبتين، والصاق الفخذين. كما
يستحب للمصلى أن يقول بين السجدتين: " أستغفر الله ربي وأتوب إليه "، و
اتيان جلسة الاستراحة، وأن يقول إذا أراد النهوض إلى القيام: " بحول الله و
قوته أقوم وأقعد "، أو يزيد: " وأركع وأسجد "، ولا يبعد تحقق المستحب إن
قال ذلك بعد القيام.
ما يصح السجود عليه
(891) - يشترط في محل السجود أن يكون أرضا، أو نباتها من غير المأكول و
الملبوس. وتوضيح المراد بما يلي:
(892) - المراد بالمأكول ما يؤكل عادة مطبوخا، أو نيئا بلا طبخ، فيشمل
المخبوز والمطبوخ والحبوب المعتاد أكلها، كالحنطة والشعير ونخالتهما، والفواكه و
البقول، والثمرة المأكولة ولو قبل وصولها أوان الأكل. فهذه كلها لا يجوز السجود
عليها. نعم لا يشمل قشر النبات إذا كان القشر لا يؤكل عادة، مثل قشور البطيخ و
الشمام والرمان والأرز، حتى لو كان متصلا بالثمرة. وكذا لا مانع من السجود على
بعض الأعشاب الطبية التي لا يأكلها عادة إلا المريض، كما يجوز السجود على مثل
ورق التبغ ونحوه مما لا يؤكل، خلافا لمثل القهوة والشاي.
(893) - المراد بالملبوس ما يلبس عادة ولو بعد نسجه وخياطته، كالقطن و
211

الكتان والقنب، فلا يجوز السجود عليها قبل نسجها وبعده، لكن يجوز السجود على
ورق الشجر، والخشب، والمصنوع من الخشب، والحصير، والبواري، والمروحة
اليدوية، وما شابهها.
(894) - لا يجوز السجود على المعادن، كالذهب والفضة، والعقيق والفيروز، و
المرمر الأصيل، ويجوز السجود على الأحجار المعدنية كالمرمر المتعارف و
الأحجار السوداء على الأظهر.
(895) - يجوز السجود على النبات، مما يكون مأكولا للحيوانات عادة كالتبن و
العلف.
(896) - لا يجوز السجود على الثمرة قبل نضجها. أما النبات المأكول في بعض
البلدان دون بعضها، فلا يجوز السجود عليه في البلدان التي يؤكل فيها عادة، و
الأحوط ترك السجود عليه في البلاد التي لا يؤكل عادة فيها أيضا.
(897) - يجوز السجود على الأظهر على الخزف والآجر والنورة والجص
قبل الطبخ، بل بعد الطبخ أيضا.
(898) - يجوز السجود على القرطاس المتخذ من النبات غير المأكول عادة،
أما إذا احتمل كونه مأخوذا مما لا يجوز السجود عليه، ففي جواز السجود عليه
تأمل، فالأحوط وجوبا تركه.
(899) - السجود على الأرض أفضل من السجود على النبات والورق، و
أفضل الأرض التربة الحسينية (عليه السلام) التي تخرق الحجب السبع، وتنور إلى الأرضين
السبع.
(900) - لا بأس بالسجود على الطين والأرض الرخوة (كالأرض الرملية)
من المواضع التي لا تستقر عليها الجبهة فورا، إذا كانت تستقر عليها بعد نزولها قليلا.
212

(901) - إذا لصقت التربة بالجبهة عند السجدة الأولى، ثم عاد للسجدة ثانية
دون أن ينزعها عنها، فلا اشكال في ذلك، وإن كان خلاف الاحتياط الاستحبابي.
(902) - إذا لم يكن عنده ما يصح السجود عليه، أو كان لكن لم يتمكن من
السجود عليه، لحر أو برد أو تقية أو غيرها، سجد على ثوبه، والأحوط تقديم ثوب
القطن والكتان على مثل الوبر والصوف، فإن لم يتمكن من الثوب مطلقا سجد على
ظهر كفه، فإن لم يتمكن من ذلك أيضا سجد على شئ من المعادن كخاتم عقيق مثلا
على الأظهر، فإن لم يمكن ذلك أيضا ينحني قريبا من الأرض أو يومئ للسجود
برأسه.
(903) - إذا فقد ما يصح السجود عليه أثناء الصلاة، فإن كان في سعة الوقت
قطعها، وأعادها مع السجود على ما يصح السجود عليه. وإن كان في ضيق الوقت
يسجد على ثوبه القطن أو الكتان، فإن لم يكن فعلى مطلق الثوب كما مر، ثم على
ظهر الكف، ثم على المعادن على الترتيب.
سجدة التلاوة
(904) - يجب السجود عند تلاوة أربع آيات في السور الأربع: آخر النجم، و
آخر العلق، و " لا يستكبرون " في ألم تنزيل، و " تعبدون " في حم فصلت. وكذا
يجب السجود عند استماع هذه الآيات دون سماعها على الأظهر، وإن كان
الأحوط وجوب السجدة على السامع أيضا.
(905) - سبب السجود مجموع الآية، فلا يجب بقراءة بعضها، حتى لو كان لفظ
السجدة منها، وإن كان السجود عندئذ أحوط.
(906) - وجوب السجود - لآية التلاوة - فوري لا يجوز تأخيره، فإذا أخره و
213

لو عصيانا، وجب إتيانه فيما بعد.
(907) - يتكرر السجود بتكرر السبب إذا تخلله السجود، أما لو تكرر السبب
بتلاوة الآية، أو الاستماع إليها أكثر من مرة بشكل متوال دون أن يسجد بينها لكل
مرة، فالأحوط وجوبا تعدد السجود أيضا. خصوصا في صورة فوت الفورية في
الأولى، والأحوط قصد الوظيفة الفعلية في الأولى، والاحتياط في الباقي.
(908) - إذ اقرأها أو استمعها في حال السجود - أو كانت جبهته على الأرض
لغاية أخرى غير السجود - يجب على الأحوط رفع الرأس منه، ثم وضعه ثانيا بقصد
سجود التلاوة، ولا يكفي البقاء ساجدا بنية اتيانه، ولا الجر إلى مكان آخر
على الأحوط.
(909) - الظاهر أنه يعتبر في وجوب السجدة على المستمع كون المسموع
صادرا بعنوان التلاوة وقصد القرآنية، فلو تكلم شخص بالآية لا بقصد القرآنية
لا يجب السجود باستماعها، وكذا لو استمعها من صبي غير مميز أو من النائم.
(910) - الأظهر عدم اعتبار شروط السجدة الصلاتية في هذا السجود إلا
المحققات العرفية للسجود والنية وإباحة المكان بما كان لازما في السجدة الصلاتية،
وإن كان الأحوط اعتبار جميع شرائطها المذكورة آنفا. ولا يعتبر فيه الاستقبال، بل
يستحب ذلك. ولا الطهارة من الحدث - سواء الحدث الأصغر أم الأكبر حتى
الحيض على الأقرب - ولا من الخبث. والأولى ترك ايجاد سبب السجود من تلاوة
أو استماع مع عدم الطهارة.
(911) - ليس في هذا السجود تشهد ولا تسليم، بل ولا تكبيرة افتتاح. نعم
يستحب التكبير للرفع عنه، ولا يجب فيه الذكر وإن استحب، ويجزي فيه كل ما
كان، والأولى أن يقول:
214

" لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله ايمانا وتصديقا، لا إله إلا الله عبودية
ورقا، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا لا مستنكفا ولا مستكبرا، بل أنا عبد
ذليل خائف مستجير ".
التشهد:
(912) - يجب التشهد في الصلاة الثنائية مرة بعد رفع الرأس من السجدة
الأخيرة. وفي الصلاة الثلاثية والرباعية مرتين: الأولى بعد رفع الرأس من السجدة
الأخيرة في الركعة الثانية، والثانية بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة
الأخيرة من الصلاة.
(913) - التشهد واجب ليس بركن، فمن تركه عمدا بطلت صلاته، ومن تركه
سهوا إذا تذكر قبل الركوع عاد فجلس وأتى به ثم أكمل الصلاة، وأتى بسجدتي
السهو بعد الفراغ منها للقيام الزائد بالإضافة إلى سجدتي سهو للقراءة أو التسبيح
الزائدين، فيما لو كان قد أتى بهما حين القيام المهدوم. أما إذا تذكر بعد الدخول في
الركوع فما بعده، فالواجب عليه اكمال الصلاة، ثم يقضي التشهد بعد الفراغ من
التسليم. والأحوط وجوبا اتيان سجدتي السهو لنسيانه.
(914) - ذكر التشهد على الأحوط ما يلي:
" أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده و
رسوله اللهم صل على محمد وآل محمد ".
(915) - يعتبر في التشهد الجلوس مطمئنا مع استقرار البدن، واتيانه بعربية
صحيحة، مع مراعاة الترتيب المذكور، والموالاة العرفية بين فقراته.
(916) - يجب تعلم التشهد لمن لا يعرفه، ومن عجز في ضيق الوقت عن
215

تعلمه، أو متابعة غيره فيه، أو قراءته من ورقة وشبهها، فليأت بترجمته بلغته، فإن
عجز عن ترجمته أيضا، أتى بذكر آخر مكانه، أو بترجمة ذكر آخر.
(917) - يكره الإقعاء في الجلوس حال التشهد وهو أن يعتمد بصدور قدميه
على الأرض ويجلس على عقبيه. ويستحب التورك أثناءه، وأن يقول قبل الشروع
فيه " الحمد لله " أو " بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله ". كما
يستحب وضع اليدين أثناءه على الفخذين، مع ضم الأصابع، والنظر في حجره، و
أن يقول بعد الفراغ منه " وتقبل شفاعته وارفع درجته ".
التسليم:
(918) - يجب التسليم في الصلاة بعد التشهد في الركعة الأخيرة منها. ويعتبر
فيه الجلوس، والطمأنينة، والعربية الصحيحة، ويستحب فيه التورك.
(919) - للتسليم صيغتان يجزي اتيان كل منهما، الأولى: " السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين "، والثانية: " السلام عليكم "، ويستحب على الأظهر، بل الأحوط ضم: " ورحمة الله وبركاته " إليها. ويستحب قول "
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " قبل إتيان إحدى الصيغتين. و
الأفضل إتيان كلتا الصيغتين بعده، بأن يأتي بالأولى بعد السلام على النبي، ثم يختم
بقول " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
216

الترتيب:
(920) - يجب مراعاة الترتيب بين أفعال الصلاة، فمن أخل بذلك عمدا، كمن
قدم السجود على الركوع مثلا بطلت صلاته على الأحوط. من دون فرق بين
الأركان وغيرها.
(921) - من أخل بالترتيب سهوا فله صور:
1 - إن قدم ركنا على ركن بطلت صلاته وذلك كمن نسي الركوع إلى أن أتى
بالسجدتين بل لو نسي الركوع وتذكر بعد الاتيان بالسجدة الأولى فالأحوط أن
يرجع إلى المنسي ويعيد الصلاة بعد اتمامها مع سجدتي السهو.
2 - لو نسي اتيان شئ غير ركني، إلى أن أتى بغيره، فلا بأس بصلاته، كمن
نسي الحمد وأتى بالسورة. فإن تذكر قبل الدخول في الركن الذي بعده تدارك
بإتيان الحمد في المثال المذكور، ثم إعادة السورة، وإن لم يتذكر حتى دخل الركن
التالي مضى، وتصح صلاته في الصورتين.
3 - لو قدم ركنا على غير ركن، كمن قدم الركوع على القراءة مثلا تصح
صلاته، ويمضي فيها.
4 - لو نسي ركنا إلى أن أتى بما بعده مما ليس بركن، كمن نسي السجدتين إلى
أن أتى بالتشهد، فلا بأس بصلاته. ويأتي بالسجدتين ثم يعيد التشهد.
(922) - يشترط في بعض الصور المذكورة، مما تصح الصلاة فيها بالتدارك و
إعادة المنسي، أن لا تكون قد فاتت الموالاة. كما قد يجب في بعضها اتيان سجدتي
السهو بعد الفراغ من الصلاة. وتفصيل مواردها في محله من بحث سجود السهو.
217

الموالاة:
(923) - تجب الموالاة في الصلاة، بمعنى عدم الفصل بين أفعالها على وجه
تنمحي صورتها عند المتشرعة بحيث يصح سلب اسم الصلاة عنها عندهم. وترك
الموالاة بهذا المعنى مبطل للصلاة في صورتي العمد والسهو. أما الموالاة بمعنى
المتابعة العرفية، التي لا تنمحي صورة الصلاة عند المتشرعة بالاخلال بها في بعض
الصور، فالأحوط بطلان الصلاة مع تركها عمدا، لا سهوا أو مع العذر.
(924) - كما تجب الموالاة بين أفعال الصلاة بعضها مع بعض، تجب كذلك
بالنسبة إلى نفس أجزاء الفعل، فتجب الموالاة في حروف وكلمات القراءة والتكبير
والذكر وغيرها. لكن هذه الموالاة تبطل الصلاة بالاخلال بها عمدا، إذا كان بنحو
أوجب محو اسم الفعل. أما لو تركت سهوا أو لعذر فلا بأس، فيعيد ما يحصل به
الموالاة، إذا لم يكن قد تجاوز عن محل التدارك، بالدخول في الركن الذي يليه. أما إذا
كان قد دخل في الركن الذي بعده فيمضي وتصح صلاته في الصورتين.
(925) - إطالة الركوع والسجود وقراءة السور الطويلة لا يضر بالموالاة، إلا
إذا أدى إلى فوات وقت الصلاة.
218

مستحبات الصلاة
(926) - يستحب حال القيام أن يكون النظر إلى موضع السجود، ولا يبعد
أيضا استحباب كون النظر إلى ما بين القدمين حال الركوع، وإلى طرف الأنف حال
السجود، وإلى الحجر في الجلوس، وإلى باطن الكفين في القنوت. ويستحب كذلك
وضع الكفين على الفخذين بإزاء الركبتين حال القيام، ووضعهما بإزاء الوجه و
باطنهما إلى السماء حال القنوت، وبإزاء الأذنين أو الوجه أو الكتفين في السجود، و
على الفخذين في الجلوس، وعلى الركبتين للرجال في الركوع.
القنوت:
(927) - يستحب القنوت مؤكدا على الأظهر، بل الأحوط عدم تركه في
الفرائض اليومية. ويستحب أيضا في كل نافلة ثنائية، بل ووحدانية كالوتر، بل هو
مؤكد فيها أيضا.
(928) - محل القنوت في الركعة الثانية بعد الفراغ من القراءة قبل الركوع في
الفرائض والنوافل، وفي الوتر كذلك قبل الركوع. نعم في صلاة الجمعة قنوتان في
كل ركعة قنوت، ففي الأولى قبل الركوع، وفي الثانية بعده، وفي صلاة الآيات خمسة
قنوتات، وفي صلاة العيد في الركعة الأولى خمسة قنوتات، وفي الثانية أربعة.
(929) - لا يعتبر في القنوت قول مخصوص بل يكفي فيه كل ما تيسر من ذكر و
دعاء وحمد وثناء، ولو قول " سبحان الله ". والأفضل اتيان كلمات الفرج فيه و
هي: " لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب
219

السماوات السبع، ورب الأرضين السبع، وما فيهن وما بينهن، ورب
العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين ".
(930) - الأظهر جواز القنوت بغير العربية، لكن يشترط لتأدية وظيفته كونه
بقراءة صحيحة بأية لغة أتي به، ويجب على الأحوط ترك الدعاء بالملحون في
مختلف مواضع الصلاة.
(931) - يستحب في القنوت رفع اليدين بإزاء الوجه، بل الأحوط عدم ترك
ذلك في غير مواضع التقية. ويستحب كونهما متلاصقتين، وكون باطن كفيهما إلى
السماء. كما يستحب الجهر في القنوت، إلا لمن يصلي جماعة إذا كان الإمام يسمع
صوته، فلا استحباب في الجهر له حينئذ.
(932) - من ترك القنوت عمدا فلا قضاء له. أما من تركه سهوا، فإن تذكر
قبل الوصول إلى حد الركوع، استحب له الرجوع واتيانه، وإذا تذكر بعد الدخول
في حد الركوع، استحب له قضاؤه بعد الركوع، وإذا تذكر تركه أثناء السجود،
يستحب له قضاؤه بعد التسليم. ويحتمل جواز اتيانه القنوت في أي موضع تذكره
من الصلاة.
التعقيب:
(933) - يستحب التعقيب بعد الفراغ من الصلاة بالذكر، والدعاء، والقرآن.
والأفضل كونه قبل التحرك من موضعه، وقبل نقض طهارته، مستقبلا للقبلة. و
لا يشترط كونه بالعربية، لكن الأفضل الاتيان بالمأثور الوارد في كتب الأدعية.
(934) - من التعقيبات التي ورد الحث عليها كثيرا تسبيح السيدة
الزهراء (عليها السلام). وكيفيته: أربع وثلاثون مرة " الله أكبر "، ثم ثلاث وثلاثون مرة
220

" الحمد لله "، ثم ثلاث وثلاثون مرة " سبحان الله "، والأظهر جواز اتيان
" سبحان الله " قبل " الحمد لله "، وإن كان الأفضل كون " الحمد لله " أولا.
(935) - يستحب إتيان سجدة الشكر بعد الصلاة. ويكفي فيها مجرد وضع
الجبهة على الأرض بقصد الشكر، لكن الأفضل أن يقال فيها " شكرا لله " أو
" شكرا " أو " عفوا " مأة مرة، أو ثلاث مرات، أو مرة واحدة. كما يستحب
السجود شكرا عند تجدد كل نعمة، ودفع كل بلاء ونقمة.
221

مبطلات الصلاة
وهي اثنتا عشرة:
1 - فقدان أحد شروط الصلاة أثناءها.
2 - انتقاض الطهارة بالحدث الأصغر أو الأكبر، عمدا أو سهوا.
3 - تعمد التكفير بقصد الجزئية للصلاة.
4 - تعمد قول " آمين " بعد قراءة الفاتحة.
5 - الانحراف العمدي عن القبلة بكل البدن إلى اليمين أو اليسار أو الخلف.
6 - التكلم عمدا.
7 - تعمد القهقهة.
8 - البكاء بصوت عال عمدا، لأمر من أمور الدنيا.
9 - الفعل الكثير الماحي لصورة الصلاة.
10 - الأكل والشرب أثناءها.
11 - الشك في عدد ركعات الصلاة في بعض صوره وسيجئ توضيحه في
باب أحكام الشك.
12 - زيادة ركن أو تنقيصه، عمدا أو سهوا.
وتفصيل أحكام هذه المبطلات وقيودها فيما يلي:
الأول: تبطل الصلاة بفقدان شرط في أثنائها، كأن يلتفت المصلي إلى غصبية
المكان الذي يصلي فيه أثناء الصلاة.
222

الثاني: الحدث الأصغر والأكبر، فهو مبطل للصلاة أينما وقع فيها، ولو عند
الميم من التسليم، إذا كان قبل الفراغ من السلام الواجب المخرج عن الصلاة. و
لا فرق في مبطلية الحدث بين وقوعه عمدا أو سهوا أو اضطرارا. نعم يستثنى
المسلوس والمبطون ونحوهما، ممن لا يتمكن من التحفظ عن الحدث. إذ لا تبطل
صلاته بخروج ما لا يتمكن من التحفظ عنه إذا كان قد عمل بوظيفته كما مر تفصيله
في بابه من بحث الوضوء. كما يستثنى بالمستحاضة، فلو عملت بوظيفتها من الوضوء
أو الغسل لا تبطل صلاتها بخروج الدم أثناء الصلاة على التفصيل المبين في بابه.
الثالث: التكفير، وهو وضع إحدى اليدين على الأخرى كما يفعله
غير الشيعة، مبطل للصلاة إذا وقع أثناءها، بقصد كونه جزءا من الصلاة أو من
واجباتها، والأحوط إعادة الصلاة لو أتى به عمدا بغير هذا القصد أيضا.
(936) - من كفر في الصلاة تأدبا، وجب عليه على الأحوط إعادة الصلاة.
نعم لا بأس على الأظهر بما وقع منه سهوا، أو اضطرارا، أو بقصد أداء عمل آخر
كالحك مثلا.
الرابع: يحرم قول " آمين " بعد الفاتحة في الصلاة، وتبطل الصلاة بتعمد ذلك
لغير تقية على الأحوط. أما اتيانها سهوا أو لتقية، فلا يبطل الصلاة.
الخامس: تبطل الصلاة بالالتفات عن القبلة بالتفصيل التالي:
1 - تبطل الصلاة بالالتفات عمدا بالبدن والوجه جميعا إلى الخلف أو ما
يتجاوز أقصى اليمين واليسار، وإذا كان سهوا يعيد في الوقت ويقضى على
الأحوط في خارجه.
2 - تبطل بالالتفات بخصوص الوجه إلى الخلف أو إلى ما يتجاوز أقصى اليمين
واليسار مع انحراف البدن في الجملة إذا وقع ذلك عمدا. أما مع السهو فيستلزم
223

الإعادة في الوقت والأحوط القضاء في خارجه أيضا.
3 - تبطل الصلاة بالالتفات بالبدن والوجه جميعا إلى اليمين واليسار وما
بينهما إذا وقع عمدا لا سهوا وإن كان الأحوط استحبابا مع السهو إعادة ذلك الجزء
الذي التفت فيه مع بقاء محله بأن لم يدخل في ركن وإلا يقضيه بعد الصلاة إن كان
قابلا له وإلا يقتصر على سجود السهو على الأحوط.
4 - تبطل الصلاة على الأظهر والأحوط بالالتفات بالوجه بالخصوص إلى
الخلف مع بقاء البدن مستقبلا حال العمد في الجملة.
5 - الالتفات الذي لا يبطل سواء وقع عمدا أو سهوا هو الالتفات بالوجه
وحده إلى اليمين واليسار وما دونهما مع المحافظة على استقبال البدن لكنه مكروه.
السادس: تبطل الصلاة بتعمد الكلام ولو بحرفين مهملين لا معنى لهما، أو
بحرف واحد مفهم، ك‍ " - ق " و " ف ". فإنه مبطل للصلاة، إذا لم يكن قرآنا أو ذكرا أو
دعاءا. ولا تبطل الصلاة بالكلام سهوا، حتى لو وقع بتوهم الفراغ من الصلاة.
(937) - لا بأس بالسعال والتجشؤ والتنهد في الصلاة. لكن لا يجوز تعمد
التلفظ بمثل لفظ " آه " و " أخ " مما يتألف من حرفين، فتبطل الصلاة به. إلا في مثل "
آه من ذنوبي " فلا تبطل.
(938) - إذا أتى المصلي بكلمة بقصد الذكر لكن رفع صوته حين اتيانه بها
بقصد تنبيه شخص مثلا إلى أمر ما، فلا اشكال في ذلك، ما دام قاصدا للذكر في
الأصل. نعم لو تلفظ بقصد التنبيه بكلمة مناسبة لغرضه، تبطل الصلاة حتى لو قصد
الذكر بها أيضا.
(939) - لا بأس بالذكر والدعاء وقراءة القرآن في جميع أحوال الصلاة - ما
عدا آيات السجود الواجب - بشرط أن لا يستلزم الاخلال في نظم واجب آخر من
224

قراءة أو ذكر، ولا يكون مثل الدعاء على المؤمن، فإنه محرم ومبطل للصلاة.
(940) - لا بأس بالدعاء والذكر في الصلاة باللغة التي يعرفها المصلي وإن
كانت غير العربية، لكن الأحوط التقيد بالعربية حتى في القنوت. والأحوط وجوبا
عدم اتيان الذكر المستحب في الركوع والسجود والتشهد بغير العربية.
(941) - يجوز تكرار القراءة والذكر في الصلاة عمدا أو احتياطا، بشرط أن
لا يخل ذلك بنظم واجب آخر من قراءة أو ذكر.
(942) - لا يجوز للمصلي ابتداء السلام على الغير لكن يجب عليه رد سلام
الغير بمثله فلو قال له: " سلام عليكم " يجيب: " سلام عليكم ". وإن قال: " السلام
عليك " يجيب: " السلام عليك " أيضا.
(943) - تجب الفورية في رد السلام في الصلاة وغيرها، فلو أخر الرد عمدا
أو سهوا، بنحو لو أجاب لم يحسب جوابا لذلك السلام، لم يجز اتيانه في الصلاة، و
سقط وجوبه في غيرها.
(944) - يجب كون الرد بنحو يسمع المسلم. فلو كان أصم يكفي جوابه بالنحو
المتعارف.
(945) - يجوز للمصلي إجابة السلام بقصد الدعاء بدلا من قصد الرد.
(946) - يجب على المصلي رد السلام، حتى لو كان المسلم رجلا أجنبيا أو
امرأة كذلك أو صبيا مميزا.
(947) - لو ترك المصلي رد السلام فقد عصى، لكن صلاته صحيحة.
(948) - لا يجب على المصلي رد السلام الملحون، الذي وصل به اللحن إلى
درجة لا يعد معها سلاما، إلا أن يحتمل عجز المسلم عن اتيانه بشكل صحيح،
فيجب عليه الرد مع هذا الاحتمال.
225

(949) - لا يجب على المصلي رد السلام على غير المسلمين بل لا يجوز أيضا.
أما في غير الصلاة فيمكن جواز الرد بلفظ " سلام " فقط أو " عليك " كذلك. إلا أن
يكون ثمة مصلحة في الرد فيجوز اتيانه بقصد القرآنية بلفظ " سلام عليكم " أو " سلام
عليك "، وقد يكون عندئذ جائزا أو حسنا أو واجبا باختلاف درجة المصلحة.
(950) - لو سلم شخص على جماعة وجب الرد عليهم جميعا وجوبا كفائيا
فلو رد أحدهم سقط عن الباقين.
(951) - ابتداء السلام مستحب، وقد ورد الحث كثيرا على ابتداء الراكب
بالسلام على الماشي، والواقف على الجالس، والصغير على الكبير.
(952) - إذا سلم شخص على جماعة كان المصلي أحدهم، وشك في كونه
مشمولا معهم بالسلام أم لا، فلا يجوز له رد السلام، وكذا لا يجوز له الرد حتى لو
علم أنه قصده معهم بالسلام، إذا قام أحدهم بالرد، حتى لو كان الراد صبيا مميزا، إذ
يسقط الرد عندئذ عن المصلي وسائر الجماعة على الأظهر. نعم يجب على المصلي
الرد فيما لو علم أنه مقصود بالسلام وحده بالاستقلال، أو مقصود ضمن الجماعة مع
عدم قيام أحدهم بالرد.
(953) - إذا تقارن شخصان في السلام، وجب على كل منهما الرد على الآخر،
ويحتمل عدم وجوب الرد على أي منهما.
(954) - إذا سلم شخص على أحد شخصين من دون تعيين، ولم يعلما أيهما
أراد، لم يجب الرد على أي منهما. وفي الصلاة لا يجوز الرد كذلك.
السابع: تبطل الصلاة بالقهقهة عمدا. ولا تبطل بها سهوا أو نسيانا. و
الأظهر بطلان الصلاة بالضحك المشتمل على صوت، وإن لم يصل حد القهقهة فيما لو
كانت مقدمات الضحك اختيارية ملتفتا إليها. أما إذا لم تكن كذلك فالابطال هو
226

الأحوط، بمعنى اكمال الصلاة ثم إعادتها احتياطا.
(955) - من منع نفسه عن القهقهة، إلا أنه امتلأ جوفه ضحكا واحمر وجهه و
تغيرت حاله، فالظاهر عدم البطلان.
الثامن: تبطل الصلاة بتعمد البكاء لفوات أمر دنيوي إذا كان مع صوت،
دون ما كان منه بلا صوت. كما لا بأس بالبكاء من خشية الله أو لأجل الآخرة، سواء
مع الصوت وبدونه، بل هو من أفضل الأعمال.
التاسع: من مبطلات الصلاة إتيان الفعل الماحي لصورة الصلاة عند
المتشرعة بنحو يصح سلب الاسم عنها عندهم، كالتصفيق، والوثبة في الهواء و
نحوها. فهو مبطل للصلاة، عمدا كان أو سهوا. أما الفعل غير الماحي لصورة الصلاة،
كقتل العقرب، وحمل الطفل، وارضاعه، والإشارة باليد ونحوه، فليس بمبطل لها.
(956) - إذا سكت أثناء الصلاة مدة من الزمن، بنحو لم يصدق عليه أنه يصلي
في نظر المتشرعة فصلاته باطلة.
العاشر: الأكل والشرب، وهما يبطلان الصلاة إذا كانا كثيرين ماحيين
لصورتها، سواء وقعا عمدا أم سهوا. أما إن كانا قليلين، ولم يوجبا محو الصورة، أو
تفويت الموالاة، فالأظهر عدم بطلان الصلاة بوقوعهما سهوا، لكن الأحوط وجوبا
اكمال الصلاة ثم إعادتها لو وقعا عمدا.
(957) - لا تبطل الصلاة بابتلاع بقايا الطعام التي تكون بين الأسنان على
الأظهر، حتى لو قام بذلك عمدا. وكذا لا تبطل بابتلاع السكر الذي يكون في الفم
فيذوب وينزل في الجوف بالتدريج.
الحادي عشر: من مبطلات الصلاة الشك في عدد الركعات، إذا كان في
الصلاة الثنائية أو الثلاثية، أو في الركعتين الأوليين من الرباعية.
227

الثاني عشر: تبطل الصلاة بزيادة ركن أو نقيصته، سواء وقع عمدا أو
سهوا. كما تبطل بتعمد الاخلال بشئ من واجباتها الأخرى غير الأركان، زيادة أو
نقيصة.
(958) - من شك بعد الفراغ من صلاته في اتيان ما يبطل الصلاة أثناءها
فصلاته صحيحة.
مكروهات الصلاة
(959) - يكره في الصلاة اتيان بعض الأمور، منها: الالتفات اليسير بالوجه
يمينا أو شمالا، وتغميض العينين، والالتفات بهما للنظر يمينا وشمالا، ونفخ محل
السجود، والتثاؤب، والعبث باللحية أو اليد، وتشبيك الأصابع، والبصاق، و
الامتخاط، والنظر إلى نقش الخاتم وخط المصحف والكتاب، وكل عمل يسلب
الخضوع والخشوع.
(960) - تكره الصلاة مع النعاس، وحال مدافعة البول والغائط. وثمة
مكروهات أخرى في الصلاة يجدها من أراد مسطورة في الكتب المفصلة.
228

أحكام الشك في الصلاة
(961) - هناك ثلاثة وعشرون نحوا من الشك في الصلاة تختلف أحكامها.
فهناك ثمان من حالات الشك تبطل الصلاة. وست حالات منها لا يعتنى بها و
لا تؤثر شيئا في الصلاة، وتسع حالات هي الشكوك الصحيحة التي يترتب عليها
أحكام معينة ويمكن معالجة الصلاة فيها.
حالات الشك المبطل للصلاة:
هي ما يلي:
1 - الشك في عدد ركعات الصلاة الثنائية، كصلاة الصبح أو القصر كالظهرين
والعشاء في السفر. لكن يستثنى النوافل، وبعض موارد صلاة الاحتياط، حيث
لا تبطل بالشك فيها وإن كانت ثنائية.
2 - الشك في عدد ركعات الصلاة الثلاثية.
3 - إذا شك في الرباعية أنه صلى ركعة واحدة منها أو أكثر.
4 - إذا شك أنه أتى بركعتين أو أكثر في الصلاة الرباعية، قبل اتمام السجدة
الثانية، حيث تبطل الصلاة في هذا المورد وتجب إعادتها، لكن الأفضل العمل فيها
بحكم الشك ثم إعادتها.
5 - الشك في كونه صلى ركعتين أو خمس ركعات، أو صلى اثنتين أو أكثر من
خمس.
6 - الشك بين الثلاث والست، أو بين الثلاث والأكثر من الست.
229

7 - الشك في ركعات الصلاة دون إحراز مقدار معين بأن لا يدري عدد ما
صلاه أصلا.
8 - الشك بين الأربع والست أو بينها وبين الأكثر من الست، سواء كان بعد
اتمام السجدة الثانية أو قبلها.
(962) - إذا عرض أحد الشكوك المبطلة للمصلي، فلا يجوز له على
الأحوط المبادرة إلى قطع الصلاة فورا، بل يتأمل قليلا ويتمهل لعل شكه يزول و
يحصل العلم أو الظن بأحد الطرفين، فإن لم يزل شكه بعد التأمل، فلا مانع من إبطال
الصلاة، ولا يجب عليه الصبر إلى أن يخرج من حالة الصلاة تلقائيا على الأظهر.
الشكوك التي لا يعتنى بها:
وهي ما يلي:
1 - الشك في شئ من أفعال الصلاة بعد تجاوز محله. كأن يشك بعد الدخول
في الركوع في أنه أتى بالفاتحة أم لا.
2 - الشك بعد التسليم.
3 - الشك بعد انقضاء وقت الصلاة.
4 - شك كثير الشك.
5 - شك إمام الجماعة في عدد الركعات، مع حفظ المأموم، وبالعكس.
6 - الشك في النافلة.
وتفصيل الكلام في كل من هذه الشكوك فيما يلي:
230

1 - الشك بعد تجاوز المحل
(963) - من شك في شئ من الصلاة، فإن كان قبل الدخول في غيره مما هو
مترتب عليه وجب الاتيان به كما إذا شك في تكبيرة الاحرام قبل أن يدخل في
القراءة، أو في الحمد قبل أن يدخل في السورة، أو في السورة قبل الركوع، أو في
الركوع قبل الهوي إلى السجود، أو الشك في السجود قبل الدخول في القيام أو
التشهد. أما إن كان الشك بعد الدخول في غيره مما هو مترتب عليه، وإن كان
مندوبا لم يلتفت، وبنى على الاتيان به. من غير فرق بين الركعتين الأوليين و
الأخيرتين. وعليه فلا يلتفت إلى الشك في الفاتحة وهو آخذ في السورة، ولا إلى
السورة وهو في القنوت، ولا إلى الركوع وهو في السجود، ولا إلى السجود وهو
قائم أو في التشهد، ولا إلى التشهد وهو قائم.
(964) - إذا شك في التشهد وهو آخذ في القيام، وجب الرجوع وتداركه
على الأحوط. وكذا لو شك في السجود وهو آخذ في القيام على الأحوط. بل
الأظهر الرجوع إذا شك في السجود قبل استواء الجلوس أو قبل تحقق القيام، أما بعد
تحقق الجلوس أو القيام فلا يلتفت.
(965) - إذا شك في الركوع بعد الهوي إلى السجود ولم يسجد بعد وجب على
الأحوط الرجوع واتيان الركوع.
(966) - إذا شك حال الهوي للسجود أو الجلوس تمهيدا للسجود أنه انتصب
من الركوع أم لا، وجب عليه على الأحوط الرجوع والتدارك.
(967) - لا يلتفت إلى الشك بعد الدخول في الغير، ويبني على الاتيان
بالمشكوك، سواء كان من الأجزاء والأفعال المستقلة كالأمثلة المتقدمة، أو في
آيات وكلمات كل سورة بعد الاشتغال بما بعدها. فمن شك في آية بعد الدخول في
231

الآية التي بعدها، أو في أول الآية بعد الدخول في آخرها، لا يلتفت إلى شكه.
(968) - من كان يصلي جالسا أو مضطجعا، إذا شك في اتيان السجود أو
التشهد بعد الدخول في القراءة أو التسبيح لا يلتفت، أما إذا كان شكه قبل ذلك،
وجب عليه التدارك وإتيان المشكوك.
(969) - لا تبطل الصلاة باتيان المشكوك الذي يؤتى به، لأنه شك فيه قبل
تجاوز المحل، ثم يتذكر المصلي أنه كان قد أتى به، إلا أن يكون ركنا. فمن شك في اتيان
ركن كالركوع أو السجدتين مثلا قبل الدخول فيما يليه، وجب عليه تداركه. لكن لو
تذكر فيما بعد أنه كان قد أتى به، فصلاته باطلة لزيادة الركن. أما لو كان المشكوك
غير ركن كمن شك في قراءة الفاتحة قبل تجاوز المحل وأتى بها، ثم تذكر أنه كان
قد أتى بها قبل ذلك، فصلاته صحيحة.
(970) - لا تبطل الصلاة بترك المشكوك الذي يتركه المصلي لكون شكه فيه
كان بعد تجاوز المحل ثم يتبين أنه لم يكن قد أتى به، إلا أن يكون المتروك ركنا، و
لم يمكن تداركه بأن دخل المصلي في ركن آخر. فلو ترك القراءة مثلا لكونه شك فيها
وهو في القنوت، ثم تذكر أنه لم يكن قد أتى بها، فإن لم يكن قد دخل في الركن الذي
بعدها تداركها، وإلا مضى وكانت صلاته صحيحة في الصورتين. أما لو ترك
السجدتين لكونه شك فيهما وهو حال القيام، ثم تبين أنه لم يكن قد أتى بهما، فإن كان
تذكره قبل الدخول في الركن التالي - وهو ركوع الركعة التالية في المثال - رجع و
تداركهما
وصحت صلاته، وإلا كانت باطلة لنقصان الركن.
(971) - لو شك في اتيان التسليم لم يلتفت، إذا كان قد دخل فيما هو مترتب
على الفراغ من الصلاة، كالتعقيب، أو بعض المنافيات، ونحو ذلك مما لا يفعله المسلم
إلا بعد الفراغ، وإن كان الأحوط استحبابا إعادة الصلاة لو كان شكه في اتيان
232

التسليم في بعض موارد الاشتغال بالمنافيات. أما إذا كان الشك في التسليم قبل
الدخول فيما هو مترتب على الفراغ من الصلاة، فيجب اتيانه.
(972) - لو شك في صحة التسليم الذي أتى به، لا يعتني بشكه مطلقا، سواء
كان بعد الدخول في أمر آخر، أو قبله. وكذا في جميع موارد الشك في صحة ما أتى به
من أفعال الصلاة بعد الفراغ منه، كالشك في صحة تكبيرة الاحرام، أو قراءة الحمد،
أو آية منها، بعد الفراغ من اتيان المشكوك.
(973) - من شك في ما بيده من الصلاة أنه نواها ظهرا أم عصرا، فإن كان
يعلم أنه قد أتى بالظهر، فعليه أن يقصد بها العصر، إن كان لحد الآن قاصدا بها اتيان
الوظيفة الفعلية، ويكملها كذلك، سواء كان في الوقت المختص بالعصر، أم في الوقت
المشترك. أما إن لم يكن يعلم أنه أتى بالظهر أو علم أنه لم يأت بها فإن كان في الوقت
المختص بالظهر، أو في الوقت المشترك يقصد بها صلاة الظهر. وإن كان في الوقت
المختص بالعصر، فإن كان لحد الآن ناويا اتيان الوظيفة الفعلية، فعليه أن يقصد بها
العصر، ويكملها كذلك.
2 - الشك بعد التسليم
(974) - لا اعتبار بالشك إذا وقع بعد التسليم والفراغ من الصلاة، سواء تعلق
بعدد ركعاتها، أو أجزائها وأفعالها، أو شروطها بشرط أن يكون أحد طرفي الشك
الصحة. فمن شك بعد الفراغ من الرباعية أنه أتى بأربع ركعات أو خمس مثلا،
لا يعتنى بشكه. وكذا لو شك في إتيان جزء وعدمه كالركوع، أو فقدان شرط أثناء
الصلاة، كالطهارة مثلا ففي جميع هذه الموارد يحكم بصحة الصلاة ولا يعتنى بشكه.
وأما لو كان كلا طرفي الشك يستلزم البطلان كمن شك بعد الفراغ من
233

الصلاة الرباعية في أنه أتى بثلاث ركعات أو خمس، ففي هذه الصورة يحكم ببطلان
صلاته للعلم ببطلانها على أي حال.
(975) - من شك أثناء الصلاة بين الاثنتين والأربع فبنى على الأربع، وبعد
التسليم والفراغ تبدل شكه إلى الشك بين الثلاث والأربع، أو شك بين الاثنتين و
الثلاث والأربع، فبنى على الأربع، وبعد الفراغ انقلب شكه إلى الشك بين الثلاث
والأربع، فالأحوط العمل بوظيفة الشك الثاني. وإذا كان شكه بين الاثنتين والأربع،
فبنى على الأربع، ثم انقلب شكه بعد التسليم إلى الشك بين الاثنتين والثلاث، فعليه
مضافا إلى اتيان وظيفة الشاك بين الاثنتين والثلاث أن يأتي بسجدتي السهو أيضا
لكونه أتى بالسلام في غير محله.
(976) - إذا شك بعد الفراغ من الصلاة في أنه قصد الظهر فيما صلاه أم العصر،
فإن لم يكن مسافرا، لزمه إتيان صلاة رباعية بقصد ما في الذمة، أما إن كان مسافرا
فيكفيه اتيان صلاة ثنائية بهذا القصد كذلك. وإذا شك بعد الفراغ من الصلاة أن
الصلاة التي أتى بها كانت الواجبة أو صلاة أخرى مستحبة، وجب عليه إتيان
الواجبة.
3 - الشك بعد انقضاء الوقت
(977) - إذا شك المكلف بعد مضي وقت الصلاة في أنه أتى بها أم لا، فلا يجب
عليه قضاؤها، بل لا يجب ذلك حتى لو ظن بعدم اتيانها إلا أن يبلغ ظنه درجة
الاطمئنان. أما إذا شك في اتيان الصلاة قبل انقضاء وقتها، أو ظن بعدم اتيانها،
فالواجب عليه اتيانها، بل يجب اتيانها حتى لو ظن بأنه قد أتى بها. إلا أن يبلغ ظنه
درجة الاطمئنان.
234

(978) - من شك بعد انقضاء الوقت في صحة التي صلاها في الوقت، لا يعتني
بشكه.
4 - شك كثير الشك
(979) - كثير الشك عليه ألا يعتني بشكه. سواء كان في الركعات أو الأفعال،
فيبني على وقوع ما شك فيه، وإن كان الشك قبل تجاوز المحل. إلا إذا كان وقوعه
مفسدا للصلاة، فيبني على عدم وقوعه. فإذا شك في إتيان الركوع مثلا يبني على
إتيانه، أما لو شك في اتيان ركوع ثان في نفس الركعة، فيبني على عدم اتيانه.
(980) - المرجع في تحديد كثرة الشك إلى العرف، والأظهر تحقق الكثرة
العرفية بالشك ثلاث مرات في صلاة واحدة، أو في ثلاثة أفراد متوالية من عمل
ثلاثة شكوك متماثلة.
(981) - من كان كثير الشك في فعل خاص، يختص حكمه به على الأظهر،
فلو شك في غير ذلك الفعل، يعمل بوظيفة الشاك. فمن كان كثير الشك في السجود
فقط، لا يعتني بشكه به. لكن لو شك في الركوع مثلا فعليه العمل بوظيفة الشاك، من
اتيانه إن كان قبل تجاوز المحل، والمضي إن كان بعده.
(982) - لو شك في تحقق حالة كثرة الشك وعدمها، بنى على عدمها. أما لو
كان قد أحرز أنه كثير الشك، وشك في زوال الحالة عنه فيبني على بقائها إلى أن
يتيقن بالزوال.
235

5 - شك الإمام والمأموم
(983) - إذا شك إمام الجماعة في عدد الركعات، كأن يشك بين الثلاث و
الأربع، فعليه الرجوع إلى المأموم، إذا كان المأموم متيقنا من العدد أو ظانا به، وبين
للإمام ذلك بنحو من الأنحاء. وعليه فيكمل صلاته في مثال الشك بين الثلاث و
الأربع ولا يجب عليه اتيان صلاة الاحتياط بعد الفراغ. وكذا الحكم بالنسبة
للمأموم لو شك في عدد الركعات مع تذكر الإمام، فإنه يرجع إلى الإمام، ولا يعتني
بشكه.
(984) - لو عرض الشك لكل من الإمام والمأموم، لكن اختلف شك أحدهما
عن الآخر، كما لو شك الإمام بين الثلاث والأربع، بينما شك المأموم بين الاثنتين و
الأربع مثلا، فالواجب على كل منهما أن يعمل بتكليفه المستقل بحسب شكه. وكذا
الحكم في سهو الإمام أو المأموم، أو كليهما.
6 - الشك في النافلة
(985) - يتخير المكلف حين الشك في عدد ركعات النافلة في البناء على أي
طرفي الشك شاء من الأقل أو الأكثر، إلا أن يكون البناء على الأكثر مستلزما
لبطلان النافلة. فلو شك في نافلة الصبح مثلا بين الركعة الأولى والثانية، يتخير في
البناء على الأقل أو الأكثر. أما لو شك فيها بين الاثنتين والثلاث، فيبني على
الاثنتين لأن البناء على الثلاث يبطل الصلاة.
(986) - لو شك في شئ من أفعال النافلة يجوز له ألا يعتني بشكه على
الأظهر، سواء كان المشكوك ركنا أو غيره. لكن الأحوط استحبابا أن يأتي به فيما لو
كان الشك قبل تجاوز محل اتيانه، ولا يعتني بشكه إذا كان بعد التجاوز.
236

(987) - لا يجب في النافلة قضاء الأجزاء المنسية، ولا إتيان سجدتي السهو،
لو صدر منه ما يوجبها لو كان في غير النافلة، من نسيان جزء، أو كلام سهوي.
(988) - من نسي اتيان شئ من أجزاء النافلة، وتذكر مع بقاء محله، وجب
على الأظهر اتيانه. وحكم النافلة والفريضة من هذه الجهة واحد.
الشكوك الصحيحة:
(989) - الشكوك الصحيحة في الصلاة تسعة. وموضوعها الصلاة الرباعية،
دون غيرها من الثنائية أو الثلاثية والواجب على الأحوط عند حصول أحد هذه
الشكوك التأمل قليلا، فإن حصل يقين أو ظن بأحد الطرفين، عمل عليه وأكمل
الصلاة، وإلا وجب العمل بوظيفة الشاك، وتفصيلها لكل صورة من صور الشك
التسع كما يلي:
1 - إذا شك بين الاثنتين والثلاث من ركعات الصلاة، بعد رفع الرأس من
السجدة الثانية على الأظهر، يجب البناء على اتيان الثلاث، ويأتي بالرابعة وينهي
الصلاة، ثم يأتي بركعة صلاة الاحتياط من قيام، أو ركعتين من جلوس، بالكيفية
التي سيأتي بيانها. والأحوط استحبابا اختيار الركعة من قيام.
2 - من شك بين الاثنتين والأربع بعد رفع الرأس من السجدة الثانية، بنى
على الأربع، وأتم صلاته، وأتى بركعتين من قيام بعد الصلاة. ولا يبعد استحباب
سجدتي السهو بعد صلاة الاحتياط.
3 - من شك بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد اكمال السجدتين بنى على
الأربع، وأتم صلاته، ثم أتى بركعتين من قيام، ثم بركعتين من جلوس. لكن لو
حصل له الشك في هذه الصور الثلاث بعد السجدة الأولى، أو قبل رفع الرأس من
237

السجدة الثانية، يجب عليه قطع الصلاة وإعادتها من جديد.
4 - من شك بين الثلاث والأربع - أينما كان الشك - بنى على الأربع، وأتم
صلاته، ثم أتى بركعتين من جلوس، أو بركعة من قيام.
5 - من شك بين الأربع والخمس بعد اكمال السجدتين، بنى على الأربع و
سجد سجدتي السهو بعد الصلاة، ولا شئ عليه. لكن لو عرض له هذا الشك بعد
ركوع الركعة التي شك فيها، وقبل رفع الرأس من السجدة الثانية، فيجب عليه على
الأحوط العمل بوظيفة الشاك المذكورة ثم إعادة الصلاة.
6 - من شك بين الأربع والخمس حال القيام، هدم قيامه وأتى بوظيفة الشاك
بين الثلاث والأربع. والأحوط أن يضم إليه سجدتي السهو.
7 - من شك بين الثلاث والخمس حال القيام هدم قيامه، وأتى بوظيفة
الشاك بين الاثنتين والأربع، ولا يبعد استحباب سجدتي السهو للقيام الزائد الذي
أتى به. ولو حصل له هذا الشك بعد الركوع، فالأحوط له اكمال هذه الركعة، ثم
اتيان ركعة أخرى، ثم إعادة الصلاة بعد التسليم. والأحوط كذلك في الشك بين
الاثنتين والخمس بعد رفع الرأس من السجدة الثانية إكمال الصلاة ثم إعادتها.
8 - من شك بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام، هدم قيامه وأتى
بوظيفة الشاك بين الاثنتين والثلاث والأربع. ثم يأتي بسجدتي السهو للزيادة التي
أتى بها.
9 - من شك بين الخمس والست حال القيام، هدم قيامه وأتم صلاته ثم أتى
بسجدتي السهو بعدها.
(990) - يحرم قطع الصلاة إذا عرض أحد هذه الشكوك التسعة الصحيحة
للمصلي، بل يجب العمل بالوظيفة المقررة في كل مورد.
238

(991) - من وجب عليه اتيان شئ من صلاة الاحتياط بعد الفراغ من
صلاته، بسبب وقوعه في الشك المستوجب لذلك فيها، لا يجوز له ترك الاحتياط و
إعادة الصلاة من جديد، فلو فعل ذلك يكون قد عصى. لكن صلاته الثانية محكومة
بالصحة فيما لو تحقق منه قصد القربة فيها، كما لو أتى بها بعد أن يرتكب شيئا من
منافيات الصلاة مثلا.
(992) - إذا شك حال القيام بين الثلاث والأربع، أو بين الثلاث والأربع و
الخمس، وتذكر أنه قد ترك سجدة أو سجدتين من الركعة السابقة، فصلاته باطلة
على الأظهر.
موارد قطع الصلاة
(993) - يحرم قطع الصلاة الواجبة اختيارا، ولا بأس به لأجل حفظ المال، و
دفع ضرر مالي أو بدني. أما النافلة فيجوز قطعها، ولو اختيارا.
(994) - إذا لم يمكن للمكلف التوصل إلى حفظ نفسه أو من يجب عليه حفظه،
أو المال الذي يجب عليه المحافظة عليه من دون قطع الصلاة، وجب عليه قطعها.
(995) - من استمر في صلاته بعد أن وجب عليه قطعها فقد عصى، لكن صحة
صلاته لا تخلو من وجه.
239

صلاة الاحتياط
(996) - تجب المبادرة إلى صلاة الاحتياط - على من وجبت عليه - بعد
الصلاة فورا. وكيفيتها أن يكبر بعد النية، ثم يقرأ الحمد على الأظهر، ويركع و
يسجد السجدتين. ثم إن كان الواجب عليه ركعة واحدة تشهد وسلم، وإلا قام
فأتى بركعة ثانية كالأولى ثم تشهد وسلم.
(997) - صلاة الاحتياط ليس فيها سورة سوى الحمد. ويجب الاخفات في
قراءتها حتى البسملة على الأحوط ولا قنوت فيها على الأحوط. ولا يتلفظ بنيتها.
(998) - لا يجب اتيان صلاة الاحتياط إذا تبين له قبل اتيانها صحة الصلاة
التي صلاها، كما أنه لو تبين ذلك أثناء صلاة الاحتياط لم يجب عليه اكمالها، بل تكون
عندئذ مثل النافلة فيجوز كل من قطعها واكمالها.
(999) - من علم بعد إتيان صلاة الاحتياط أن النقصان الذي كان في صلاته
يساوي ما أتى به من ركعات الاحتياط. كمن تبين له في صورة الشك بين الثلاث و
الأربع إن صلاته كانت ثلاث ركعات، وقد أتى بركعة واحدة احتياطا. فصلاته
صحيحة.
(1000) - من تبين له بعد صلاة الاحتياط أن ما نقص من صلاته كان أكثر مما
أتى به من ركعات الاحتياط، كمن شك بين الثلاث والأربع ثم انكشف له أنه إنما
أتى بركعتين فقط من صلاته، مع كونه أتى بركعة واحدة احتياطا. فإن كان بعد
الفراغ من صلاة الاحتياط قد ارتكب شيئا من منافيات الصلاة بطلت صلاته
ووجب عليه إعادتها. وإلا فإن لم يأت بالمنافي أضاف ركعة إلى صلاة الاحتياط، و
240

الأحوط إعادة صلاته.
(1001) - من شك بين الاثنتين والثلاث والأربع، وبعد أن صلى ركعتين
احتياطا من قيام تذكر أنه إنما صلى ركعتين في صلاته الواجبة، فلا يجب عليه على
الأظهر اتيان ركعتي الاحتياط من جلوس عندئذ.
(1002) - من شك بين الثلاث والأربع، وتذكر أثناء إتيان ركعة الاحتياط من
قيام أنه إنما صلى ثلاث ركعات، فالواجب عليه إكمال ركعة الاحتياط، وتصح
صلاته على الأظهر. أما لو تذكر ذلك أثناء إتيانه صلاة الاحتياط بركعتين من
جلوس، فالواجب إعادة الصلاة على الأحوط.
(1003) - من شك بين الاثنتين والثلاث والأربع، وتذكر أثناء إتيانه ركعتي
الاحتياط من قيام، وقبل ركوع الركعة الثانية أنه إنما أتى بصلاته ثلاث ركعات،
وجب عليه هدم القيام واكمال صلاة الاحتياط ركعة واحدة، وتصح صلاته على
الأظهر.
(1004) - إذا تبين له أثناء صلاة الاحتياط أن الناقص من صلاته يختلف
زيادة أو نقصانا عن صلاة الاحتياط، فإن لم يتمكن من تطبيق صلاة الاحتياط
على المقدار الناقص من صلاته، وجب عليه اكمالها، ثم إعادة الصلاة على الأحوط
وجوبا. فمن شك مثلا بين الثلاث والأربع، إذا تذكر أثناء إتيانه صلاة الاحتياط
بركعتين من جلوس أنه إنما أتى بصلاته ركعتين، فبما أنه لا يتمكن من جعل ركعتي
الاحتياط من جلوس بدل الركعتين الناقصتين من صلاته، يجب عليه إعادة الصلاة
احتياطا بعد اتمام صلاة الاحتياط، والأحوط زيادة على هذا أيضا، أنه لو تذكر
قبل ركوع الركعة الاحتياطية الأولى، أن يقف ويأتي بصلاة الاحتياط ركعتين من
قيام، ثم يعيد صلاته من جديد.
241

(1005) - من شك في اتيان صلاة الاحتياط، يبني على أنه قد أتى بها، وإن كان
الأحوط استحبابا أن يأتي بها، إذا لم يكن قد خرج عن حال الصلاة.
(1006) - تبطل صلاة الاحتياط بزيادة ركن فيها أو نقصانه سهوا. والأحوط
في موارد بطلان صلاة الاحتياط سهوا أن يعيدها، ثم يعيد الصلاة من رأس.
(1007) - من شك أثناء صلاة الاحتياط في فعل من أفعالها لا يعتني بشكه،
حتى لو كان قبل تجاوز محله على الأظهر.
(1008) - من شك في عدد ركعات صلاة الاحتياط لا يعتني بشكه، ويبني على
صحة الصلاة على الأظهر. ومن شك بعد الصلاة في أن الواجب عليه من صلاة
الاحتياط ركعة أو ركعتان، يأتي على الأحوط بكل منهما، ثم يعيد الصلاة.
(1009) - من شك بعد التسليم لصلاة الاحتياط في اتيان بعض الأجزاء و
الشرائط لا يعتني بشكه.
(1010) - لا يجب سجود السهو على الأظهر إذا حصل موجبه في صلاة
الاحتياط، وإن كان الأحوط اتيانه.
(1011) - إذا اجتمع على المصلي وجوب صلاة الاحتياط وسجدتي السهو،
يقدم صلاة الاحتياط على الأظهر. أما إذا اجتمع قضاء السجود أو التشهد مع صلاة
الاحتياط، ففي الحكم بتقديم أي منهما تأمل، والأحوط على أية حال إعادة الصلاة
بعد اتيانهما، سواء قدم صلاة الاحتياط أو قضاء الجزء المنسي.
(1012) - حكم الظن بعدد الركعات حكم اليقين، فيبني عليه ولا يجب معه
صلاة الاحتياط. وكذا لو ظن بأفعال الصلاة فإنه يتعامل معه معاملة اليقين، فمن
ظن باتيان الحمد مثلا لا يجب عليه اتيانها، وإن ظن بعدم اتيانها وجب عليه ذلك
. ولا فرق في لزوم العمل بالظن بين كونه متعلقا بما يلزم معه بطلان الصلاة أو صحتها،
242

وسواء كان متعلقه ركنا أو غير ركن، حصل الظن ابتداء أو بعد الشك والنسيان،
ففي جمع هذه الصور يكون الظن بمنزلة اليقين، وله حكمه. وإن كان الأحوط
استحبابا إعادة الفعل الذي يظن باتيانه ما لم يكن ركنا.
سجود السهو
هناك خمسة أمور يستدعي كل منها اتيان سجدتي السهو بعد الصلاة وهي:
1 - الكلام سهوا أثناء الصلاة.
2 - نسيان سجدة واحدة منها.
3 - التسليم في غير محله. كمن يسلم في الركعة الأولى مثلا.
4 - زيادة جزء غير ركني أو نقيصته على الأحوط.
5 - لمن شك في الصلاة الرباعية بين الأربع والخمس بعد رفع الرأس من
السجدة الثانية. أما لو كان الشك قبل تمام السجدة الثانية، فيعمل بالوظيفة التي
بيناها قريبا، ويأتي بسجدتي السهو احتياطا. وكذا من شك حال القيام أنه صلى
خمسا أو ستا، حيث يجب عليه هدم القيام والتشهد والتسليم، ثم اتيان سجدتي
السهو للقيام في غير محله، ثم سجدتين أخريين للشك على الأحوط.
(1013) - من تكلم سهوا أو اشتباها متوهما انتهاء الصلاة، يجب عليه سجود
السهو.
(1014) - لا يجب سجود السهو لإعادة القراءة لمن قرأ بشكل غلط ثم أعاد
القراءة بشكل صحيح.
(1015) - يتعدد السجود بتعدد موجبه على الأحوط، لكن لو تكلم مدة، و
243

كان ذلك محسوبا سهوا واحدا، فيكفيه اتيان سجدتي السهو مرة واحدة.
(1016) - يجب سجود السهو لترك التسبيحات الأربع، أو للتنقيص منها.
(1017) - يكفي اتيان السجدتين مرة واحدة للسلام في غير محله، حتى لو كان
قد أتى بجمله الثلاث.
(1018) - من نسي إحدى السجدتين أو التشهد وتذكر قبل ركوع الركعة
التالية، وجب عليه الرجوع واتيان المنسي، ثم اتيان سجود السهو بعد الصلاة
احتياطا للقيام في غير محله. وسجود سهو آخر احتياطا أيضا لزيادة القراءة أو
التسبيحات فيما لو كان قد قرأ شيئا منهما حال القيام المهدوم. والحكم كذلك أيضا لو
ظن نسيان سجدة من الركعة السابقة، حيث يجب الرجوع والتدارك، ثم اتيان
سجود السهو احتياطا بعد الصلاة لزيادة القيام، وسجود آخر احتياطا كذلك
لزيادة القراءة أو التسبيحات أو شئ منهما على فرض حصوله.
(1019) - من تذكر أنه نسي إحدى السجدتين أو التشهد بعد الدخول في ركوع
الركعة اللاحقة، وجب عليه على الأظهر قضاء الجزء المنسي بعد التسليم من الصلاة،
ثم اتيان سجدتي السهو فيما لو كان المنسي التشهد. والأحوط وجوبا إتيانه كذلك لو
كان المنسي إحدى السجدتين.
(1020) - تجب المبادرة إلى سجود السهو بعد الفراغ من الصلاة على الأحوط
، ومن تعمد ترك المبادرة إليه فقد عصى، لكن صلاته صحيحة ولا يسقط عنه
وجوب السجود بذلك ولا فوريته. ومن تركه سهوا، وجب عليه اتيانه حين تذكره
فورا، ولا يجب إعادة الصلاة في الفرضين.
(1021) - من شك في تحقق موجب السجود بنى على عدمه، ولم يجب اتيانه. و
من تيقن بتحقق موجبه وتردد في حصوله مرة أو مرتين يكفيه اتيانه مرة واحدة.
244

(1022) - تجب إعادة سجود السهو للاخلال بعدد سجداته زيادة أو نقيصة،
فيجب إعادته على من أتى بسجدة واحدة له وكذا على من أتى بثلاث.
(1023) - يجب تدارك الجزء المنسي من سجود السهو، إذا تذكر قبل فوات
المحل، أما لو تذكر بعد السلام، فالأحوط إعادة السجود.
(1024) - لا يعتنى بالشك في سجود السهو، سواء تعلق بعدد السجدات، أم
بالذكر والطمأنينة، وسواء كان قبل فوات المحل، أو بعده. فمن شك في أنه أتى
بسجدة أو سجدتين، يبني على اتيان السجدتين، حتى لو كان قبل التشهد. ومن
شك بين الاثنتين والثلاث، يبني على الصحة واتيان الاثنتين. نعم لو شك في أصل
إتيان السجود مع العلم بتحقق موجبه، وجب عليه إتيانه.
كيفية سجود السهو:
(1025) - الأحوط وجوبا في كيفية سجود السهو أن يقول بعد النية ووضع
الجبهة على ما يصح السجود عليه: " بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وآل
محمد " أو " بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد ". والصيغة
الأفضل هي أن يقول: " بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله و
بركاته " ثم يجلس ثم يعود للسجود ثانية، ويكرر الذكر بإحدى الصيغ المذكورة،
ثم يأتي على الأظهر بالتشهد والتسليم بعد رفع الرأس من السجدة الثانية. و
الواجب من التسليم أن يختار على الأحوط: " السلام عليكم ".
(1026) - يجب في سجود السهو على الأحوط مراعاة شرائط السجود الواجب
في الصلاة، من وضع مواضع السجود السبعة على الأرض، وكون موضع الجبهة مما
يصح السجود عليه، والجلوس بين السجدتين، ومراعاة الطمأنينة فيهما، و
الطهارة، والستر، والاستقبال.
245

قضاء الأجزاء المنسية
(1027) - لا يقضى من الأجزاء المنسية في الصلاة غير السجود والتشهد و
أبعاضه كالصلاة على النبي وآله، فينوي أنهما عوض ذلك المنسي، مع مقارنة النية
للشروع فيهما.
(1028) - تجب مراعاة سائر شروط الصلاة في قضاء الأجزاء المنسية من
السجدة أو التشهد، من طهارة البدن واللباس والاستقبال وغيرها.
(1029) - لو فصل بين الصلاة وقضاء الجزء المنسي بالمنافي الذي يبطل الصلاة
لو وقع عمدا أو سهوا، كاستدبار القبلة مثلا، وجب عليه قضاء الجزء المنسي أولا،
ثم إعادة الصلاة من رأس على الأحوط.
(1030) - لو تكرر نسيان السجدة أو التشهد يتكرر قضاؤهما بعدد المنسي، و
لو نسي السجدة والتشهد معا فالأحوط تقديم قضاء السابق منهما في الفوت.
(1031) - لا يجب التسليم في التشهد القضائي، كما لا يجب التشهد والتسليم في
السجدة القضائية. نعم لو كان المنسي التشهد الأخير، وتذكر بعد الفراغ من التسليم
وقبل الاتيان بما ينافي الصلاة، فالأحوط إتيانه بقصد القربة من غير تعرض لنية
الأداء أو القضاء، ثم اتيان السلام بعده ثم سجدتي السهو بقصد الوظيفة الفعلية. ولو
كان المنسي هو السجدة من الركعة الأخيرة أتى بها كذلك بقصد القربة، من دون نية
أداء أو قضاء، ثم أتى بالتشهد والتسليم، والأحوط اتيان سجود السهو مرتين
بعدها، الأولى لاحتمال السجود المنسي والثانية لاحتمال وقوع التشهد والتسليم في
غير محله.
246

الزيادة والنقيصة
في واجبات الصلاة وشرائطها
(1032) - تبطل الصلاة بكل زيادة أو نقيصة في شئ من واجباتها عمدا بقصد
كونه كذلك ولو حرفا واحدا.
(1033) - من التفت أثناء الصلاة إلى بطلان طهارته من الوضوء أو الغسل، أو
إلى كونه قد دخل في الصلاة دون تحصيل الطهارة من الحدث أصلا، وجب عليه
قطعها، واتيان الواجب من الوضوء أو الغسل. كما يجب إعادة الصلاة إذا التفت إلى
ذلك بعد الفراغ منها في الوقت، وقضاؤها إذا التفت بعد انقضائه.
(1034) - من تذكر أنه لم يأت بالسجدتين من الركعة السابقة، بعد دخوله في
ركوع الركعة اللاحقة، بطلت صلاته. أما إذا تذكر قبل الوصول إلى حد الركوع،
فالواجب عليه الرجوع، واتيان السجدتين، واكمال الصلاة باتيان ما بعدهما.
(1035) - من تذكر عدم اتيانه السجدتين من الركعة الأخيرة قبل اتيان
التسليم الواجب، وجب عليه اتيانهما ثم إعادة التشهد ثم التسليم.
(1036) - إذا تذكر قبل التسليم أنه ترك ركعة أو أكثر من آخر الصلاة، وجب
عليه اتيان المقدار المنسي. أما إذا تذكر بعد التسليم، فإن كان تذكره قبل اتيان ما
يبطل الصلاة حال وقوعه عمدا أو سهوا، وجب عليه المبادرة إلى اتيان المنسي. أما
إذا كان بعد اتيان المبطل كذلك كاستدبار القبلة مثلا، بطلت صلاته.
(1037) - إذا تذكر أنه نسي السجدتين من الركعة الأخيرة، بعد التسليم واتيان
المنافي المبطل للصلاة في العمد والسهو، بطلت صلاته. أما إذا تذكر قبل إتيان
247

المنافي، فالواجب عليه اتيان السجدتين، ثم إعادة التشهد والتسليم، ثم اتيان
سجدتي السهو للتسليم الأول الذي وقع في غير محله، ثم إعادة الصلاة على
الأحوط وجوبا.
(1038) - إذا تبين له أن صلاته وقعت قبل دخول الوقت، وجب عليه إعادتها
في الوقت، وقضاؤها خارجه. وكذا لو تبين له أنه كان مستدبر القبلة أثناءها، أو
منحرفا إلى ما يزيد عن أقصى اليمين أو أقصى اليسار والحكم بوجوب القضاء لو
التفت خارج الوقت مبني على الاحتياط الوجوبي.
248

صلاة المسافر
تقصر الصلاة الرباعية في السفر فتصير ركعتين إذا تحققت ثمانية شروط:
1 - ألا تكون مسافة السفر أقل من ثمانية فراسخ شرعية.
2 - أن يكون المكلف قاصدا السفر من حين الشروع في قطع المسافة.
3 - ألا يعدل عن قصده أو يتردد فيه أثناء الطريق.
4 - عدم المرور بوطنه، أو محل يقصد الإقامة فيه عشرة أيام أو أكثر أثناء
قطع المسافة.
5 - ألا يكون سفره سفر معصية.
6 - ألا يكون من قبيل أهل البوادي الذين يدورون في البراري.
7 - ألا يكون عمله السفر.
8 - أن يصل حد الترخص بعد الخروج من البلد.
وتفصيل هذه الشروط فيما يلي:
الشرط الأول:
(1039) - تقصر الصلاة إذا بلغت مسافة السفر ثمانية فراسخ أو أكثر، امتدادية
- ذهابا أو إيابا - أو ملفقة، بأن يبلغ مجموع الذهاب والإياب ثمانية فراسخ، لا كل
واحد منهما بمفرده. لكن تارة يتعين القصر وأخرى يتخير بين القصر والتمام. أما
الصورة التي يحكم فيها بالتخيير بين القصر والتمام، فهي ما لو قصد المسافر الفصل
بين ذهابه وإيابه بمبيت ليلة أو أكثر، ما لم تصل إلى عشرة أيام، بشرط أن تبلغ
249

المسافة ثمانية فراسخ بالتلفيق، بألايكون كل من الذهاب وحده أو الإياب يساوي
الثمانية فراسخ. فهنا يتخير المكلف بين القصر والافطار، أو التمام والصيام، لكن
الأحوط اختيار القصر والافطار. أما لو بلغ كل من الذهاب أو الإياب المسافة
الشرعية، فيتعين عليه القصر والافطار، حتى لو قصد الفصل بمبيت ليلة أو أكثر، ما
لم تبلغ عشرة أيام. وكذا يتعين القصر والافطار، فيما لو لم يقصد المسافر الفصل بين
الذهاب والإياب بمبيت ليلة، سواء أراد الرجوع ليومه أو في ليلة ذلك اليوم،
بلا فرق بين بلوغ سفره المسافة الشرعية امتدادا أو بالتلفيق.
(1040) - إذا كان الذهاب خمسة فراسخ، والإياب ثلاثة، وجب القصر، و
كذا العكس.
(1041) - الفرسخ ثلاثة أميال، والمرجع في تحديده إلى العرف.
(1042) - مبدأ حساب المسافة من سور البلد في البلدان التي لها سور، أما
البلدان التي ليس لها سور فتحسب المسافة من آخر بيوتها.
(1043) - إذا كان للبلد طريقان أحدهما يبلغ المسافة دون الآخر. وجب على
من يسلك الطريق الذي يبلغ المسافة القصر، وعلى من يسلك الآخر التمام.
(1044) - من تردد جيئة وذهابا مرارا بين مكانين لا يفصل بينهما مسافة أربعة
فراسخ، بنحو كان يرجع فيه إلى حد الترخص لا يجوز له القصر، حتى لو بلغ مجموع
ما قطعه في تردده ثمانية فراسخ أو أكثر. أما إن لم يصل حد الترخص فيجب عليه
التقصير.
(1045) - إذا بلغ الصبي المميز - الذي خرج بقصد السفر - أثناء سفره الذي يبلغ
المسافة الشرعية، وجب عليه القصر من حين بلوغه.
(1046) - تثبت المسافة بالعلم، أو الاطمئنان، أو اخبار البينة بذلك. بل كفاية
250

مطلق الظن وإن لم يبلغ درجة الاطمئنان لا تخلو من وجه. ويجب السؤال والفحص
عنها على الأحوط، ما لم يكن فيه عسر وحرج.
(1047) - إذا تعارضت البينتان وجب على الأحوط الأخذ بالتي تنفي بلوغ
المسافة. فلو أخبر شخصان عادلان بكون المسافة ثمانية فراسخ، بينما أخبر عدلان
آخران بعدم بلوغها ذلك، وجب على الأحوط الاتمام في الصلاة، وإعادة ما صلاه
قصرا، حتى لو علم فيما بعد مطابقة اخبار البينة الأولى للواقع، وكون المسافة ثمانية
فراسخ. إلا أن يكون قد جاء بالصلاة الأولى بقصد القربة، فتجزيه حينئذ، ولا تجب
إعادتها.
(1048) - من كان متيقنا بعدم بلوغ مسافة سفره ثمانية فراسخ، أو شاكا في
ذلك، إذا تبين له أثناء السفر أنها تبلغ ثمانية فراسخ، وجب عليه القصر، حتى لو كان
المتبقي من الطريق قليلا. ولو كان قد صلى تماما، وجب عليه إعادته قصرا.
(1049) - إذا اختلف رفيقا السفر الواحد في بلوغ مسافة سفرهما المسافة
الشرعية وعدمه، عمل كل بوظيفته بحسب ما ثبت له. والأحوط وجوبا ترك ائتمام
أحدهما بالآخر.
الشرط الثاني:
أن يكون قاصدا قطع المسافة من حين الشروع في السفر. فمن سافر إلى مكان
لا يبلغ المسافة الشرعية، وبعد الوصول إليه تجدد لديه العزم على مكان آخر تبلغ
مجموع المسافة الفاصلة بينه وبين محل الانطلاق الأول ثمانية فراسخ لا يجوز له
القصر إذ لم يقصد قطع ثمانية فراسخ من الأول. نعم لو بلغت المسافة التي أراد قطعها
مجددا - بعد بلوغ الموضع الأول - بمفردها أو مع حساب مسافة العود إلى الوطن أو
251

محل الإقامة عشرة أيام أو أكثر ثمانية فراسخ فما زاد، وجب عليه القصر.
(1050) - من لم يدر أين يصل به السفر، كطالب الضالة، يجب عليه التمام مهما
بلغت مسافة ذهابه. إلا إذا وصل موضعا كان إيابه منه إلى وطنه أو محل إقامته
عشرة أيام يبلغ ثمانية فراسخ بمفرده، أو بضميمة المقدار المتبقي المتيقن أنه سيقطعه
من الطريق ذهابا مهما كان قليلا، حيث يجب عليه عندئذ القصر حين الذروع في
العود إذا بلغ بمفرده ثمانية فراسخ، أو في السير ذاهبا إلى المقصد الذي يبلغ مجموع
الذهاب إليه والإياب منه المسافة الشرعية.
(1051) - إنما يجب القصر على من صمم على السفر دون المتردد فيه. فمن خرج
من البلد مثلا بقصد السفر، معلقا على تحصيل رفيق يسافر معه، فإنما يجب عليه
القصر فيما لو كان مطمئنا بتحصيل الرفيق. وإلا وجب التمام. ويحتمل كفاية مطلق
الظن بوجود الرفيق في الحكم بالقصر.
(1052) - التابع لشخص آخر في السفر كالخادم مع سيده، والزوجة مع
زوجها، إنما يجب عليه القصر فيما لو علم أن متبوعه قاصد لقطع المسافة. أما إذا
لم يعلم بقصده المسافة وعدمه، فالواجب عليه على الأحوط التحقيق والتفحص،
فإن لم يمكن صلى تماما. فإذا تبين له فيما بعد أنه كان قاصدا قطع المسافة منذ البداية،
وجب عليه القصر على الأظهر، والأحوط له الجمع بين القصر والتمام، إلا أن
تكون المسافة المتبقية تبلغ بمفردها الثمانية فراسخ ولو تلفيقا، حيث يتعين عليه
حينئذ القصر.
(1053) - إذا علم التابع، أو ظن، أو احتمل أنه سينفصل عن متبوعه قبل بلوغ
الموضع الذي يساوي مجموع الذهاب إليه والإياب منه ثمانية فراسخ، فالواجب
عليه التمام.
252

الشرط الثالث:
عدم العدول عن قصد قطع المسافة أثناء الطريق. فلو عدل أو تردد قبل بلوغ
الموضع الذي يبلغ مجموع الذهاب إليه والرجوع منه المسافة الشرعية وجب عليه
التمام.
(1054) - يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع، وإن عدل عن الشخص.
كما لو قصد السفر إلى مكان خاص، فعدل في أثناء الطريق إلى آخر، يبلغ ما مضى
مع ما بقي إليه المسافة، فإنه يقصر حينئذ. وكذا يقصر لو كان قاصدا النوع منذ
البداية كمن خرج قاصدا أحد الأمكنة التي يبلغ السفر إلى كل منها المسافة.
(1055) - لو تردد في أثناء السفر قبل بلوغ الموضع الذي يبلغ المسافة - ولو
تلفيقا بضم الإياب - ثم عاد إلى الجزم باكمال السفر قبل أن يقطع شيئا من الطريق،
وجب عليه الاستمرار بالقصر. أما إذا قطع شيئا من الطريق وهو في حال التردد،
ثم عاد إلى الجزم، فيعتبر في الحكم بالقصر كون الباقي بمفرده مسافة شرعية ولو
ملفقة.
(1056) - إذا عرض للمسافر مانع عن إكمال سفره بعد خروجه عن حد
الترخص فما دام مصمما على الاستمرار في السفر من دون تعليقه على أمر آخر،
فالواجب عليه القصر. أما إذا عدل عن سفره، أو نوى الإقامة عشرة أيام في ذلك
الموضع، فالواجب الاتمام.
253

الشرط الرابع:
عدم المرور بوطنه، أو بمحل ينوي الإقامة فيه عشرة أيام أو أكثر، فمن قصد
المرور على وطنه قبل بلوغ المسافة، أو الإقامة في موضع كذلك عشرة أيام أو أكثر،
يجب عليه الاتمام. وكذا لو كان مترددا في ذلك أو محتملا المرور أو الإقامة.
(1057) - من كان قاصدا قطع سفره بالمرور على الوطن أو الإقامة عشرة أيام،
أو كان مترددا في ذلك، لو عدل في الأثناء عن قصده أو تردده، وجزم بعدم المرور
على الوطن أو الإقامة، فالواجب عليه اتمام الصلاة، إلا أن تكون المسافة الباقية من
سفره تساوي بمفردها ثمانية فراسخ ولو ملفقة.
الشرط الخامس:
أن يكون السفر مباحا، فلو كان سفر معصية لم يقصر، سواء كان نفس السفر
معصية، كسفر المرأة من دون إذن زوجها، أو الولد مع نهي والديه، مع عدم كون
السفر واجبا عليهما، أو كانت غايته المعصية، كالسفر لأجل السرقة، أو قطع
الطريق. فالواجب على المسافر الاتمام في جميع هذه الموارد.
(1058) - من كان سفره مباحا وجب عليه التقصير، حتى لو ارتكب معصية
خلاله.
(1059) - من قصد في سفره الطاعة والمعصية معا، فإن كان كلاهما قصدا
مستقلا يدعوه بمفرده إلى السفر، فالواجب الإتمام. وكذا لو اشتركا بحيث لولا اجتماعهما لم يسافر فالأظهر وجوب الاتمام عندئذ. نعم لو كان المقصود الأصلي
الطاعة، وقصد المعصية تابع وفرع، فتكليفه الصلاة قصرا.
254

(1060) - من سافر فرارا من أداء واجب، عليه الاتمام في صلاته، إذا كان
هدفه التوصل إلى ترك الواجب، وتوقف ذلك على السفر، كالمديون الذي يسافر
فرارا من الغرماء، مع مطالبتهم له وقدرته على الأداء في الحضر دون السفر، وليس
منه السفر فرارا من الصيام، فهو ليس سفرا محرما.
(1061) - من لم يكن سفره سفر معصية لكنه كان يسافر على دابة مغصوبة، أو
بواسطة وسيلة نقل أخرى كذلك، أو عبر أرضا مغصوبة، فالواجب عليه الاتمام على
الأظهر.
(1062) - التابع للجائر يقصر، إذا كان مجبورا في سفره، أو كان سفر الجائر
طاعة محضة، أو كان قصده دفع مظلمة ونحوه من الأغراض الصحيحة، مع عدم
إعانة الجائر في سائر ظلمه. وأما إذا كان من قصده إعانة الجائر في جوره ولم يكن
مجبورا، وجب عليه التمام.
(1063) - السفر للسياحة والترفيه عن النفس جائز، ويجب قصر الصلاة فيه.
(1064) - يلحق بسفر المعصية في وجوب التمام السفر للصيد لهوا كما يستعمله
أبناء الدنيا. أما إذا كان للقوت فإنه يقصر مع الاضطرار إليه.
(1065) - السفر للصيد لأجل التكسب وزيادة المال، إذا وصل حدا من
الكثرة يصير السفر معه شغلا له، فالواجب عندئذ التمام. إما إذا لم يصل هذا الحد،
فتفصيل بين الصوم والصلاة إذ الواجب فيه الافطار، أما الصلاة ففيها اشكال، و
الأحوط الجمع فيها بين القصر والتمام.
(1066) - الراجع من سفر المعصية يقصر إذا كان إيابه يبلغ المسافة الشرعية،
سواء ارتكب المعصية أم لم يرتكبها، حتى لو لم يتب على الأظهر. كما أنه لو عدل و
تاب عن المعصية أثناء ذهابه يقصر، فيما إذا كان الباقي من سفره ولو ذهابا وإيابا
255

يبلغ المسافة.
(1067) - إذا كان قسم من سفره للمعصية، والقسم الآخر ليس كذلك، فإنه
يتم في القسم الأول أما الثاني الذي لا معصية فيه فيقصر من حين الشروع فيه إذا
كان بمفرده يبلغ المسافة الشرعية، ولو ملفقا بين ذهابه والعود منه إلى الوطن أو محل
الإقامة.
الشرط السادس:
ألا يكون المسافر كبعض أهل البوادي الذين يدورون في الصحاري،
فينزلون حيث الماء والكلأ، ولم يتخذوا مقرا معينا، فيجب على هؤلاء التمام في
سيرهم الخاص، لأن بيوتهم معهم فلا يصدق عليهم المسافر.
الشرط السابع:
أن لا يتخذ السفر عملا له، كالمكاري، والملاح، والسائق، والساعي و
نحوهم، فإن هؤلاء يتمون الصلاة في سفرهم الذي هو عمل لهم، وإن استعملوه
لأنفسهم لا لغيرهم، كحمل المكاري مثلا متاعه.
(1068) - من كان عمله السفر يقصر لو سافر لغير عمله، كالسائق يسافر للحج و
الزيارة مثلا. ما لم يكن السفر ضمن عمله، وذلك كما لو سافر لينقل الركاب للحج
أو الزيارة فحج أو زار في هذا السفر حيث لا يقصر في هذه الصورة.
(1069) - السفر الذي يكون من لوازم العمل الثابتة حكمه حكم نفس العمل،
وذلك كمن يسافر قبل القافلة باستمرار لتأمين محل نزول لها قبل وصولها.
ولا يلحق به الأسفار العارضة التي يستلزمها العمل بشكل طارئ، فالحكم في مثلها
256

القصر لا الاتمام.
(1070) - من كان شغله السفر في فترة معينة من السنة، كمن يعمل سائقا في
الصيف فقط، فالأظهر وجوب التمام عليه حين أدائه هذا العمل، وصدق عنوان
السائق عليه. والأحوط استحبابا له الجمع بين القصر والتمام.
(1071) - لا يشترط في من شغله السفر أن يكون له أسفار متعددة بل لو كان له
سفر واحد طويل يستغرق أكثر أيام السنة لكفى، فالمناط في لزوم التمام عليه أن
يصدق عليه أنه سائق مثلا، أو شغله السفر.
(1072) - السائق والمتجول الذي يدور في عمله ضمن مسافة فرسخين أو
ثلاثة عن البلد، إذا حصل له سفر يبلغ ثمانية فراسخ اتفاقا، يجب عليه التمام إذا كان
هذا السفر جزءا من عمله.
(1073) - يعتبر في استمرار من عمله السفر على التمام أن لا يقيم في بلده أو
غيره عشرة أيام، وإلا أنقطع حكم عملية السفر، ويعود إلى التقصير في سفره الأول
إذا لم يصدق عليه عنوان من شغله السفر. فالمناط في وجوب التمام عليه في أسفاره
بعد الانقطاع بالإقامة عشرة أيام، أن يصدق عليه أن عمله السفر. ويشترط في
الإقامة عشرة أيام القاطعة لحكم عملية السفر، أن يكون ناويا لها على الأظهر إذا
كانت الإقامة في غير وطنه، أما إن كانت في وطنه، فلا يشترط ذلك، بل يترتب
الحكم بالانقطاع بمجرد الإقامة كذلك بنية أو بغير نية.
(1074) - السائح الذي يتردد في البلاد دون أن يتخذ وطنا معينا له يتم في
صلاته حين السفر.
(1075) - من لم يكن السفر عمله، إذا احتاج إلى عدة أسفار متتالية، لنقل
بضاعة أو انجاز عمل، فالواجب عليه القصر.
257

الشرط الثامن:
الوصول إلى حد الترخص. وذلك بأن يصل في سفره - من بلده، أو محل
إقامته عشرة أيام مع النية، أو أكثر من ثلاثين يوما مع التردد - موضعا تخفى عليه
فيه جدران البلد، ولا يسمع أذانه بشرط عدم وجود مانع خارجي يمنع من الرؤية
أو السماع.
(1076) - العبرة في خفاء الجدران والأذان خفاء الصورة المتميزة في البيوت،
والفصول المتميزة في الأذان على الأظهر، وإن كان الأحوط اعتبار خفاء شبح
البيوت وصوت الأذان للخارج في السفر. والحكم للقادم من سفره بالعكس.
(1077) - يكفي كل من خفاء الجدران أو سماع الأذان بمفرده في ترتب الحكم،
إذا لم يعلم بتخلف أحدهما مع تحقق الآخر، أما مع العلم بالتخلف فالأحوط وجوبا
الجمع في الصلاة بين القصر والتمام، أو تأخير الصلاة إلى الأبعد في الخروج عن
البلد، وإلى الأقرب في القدوم إليها.
(1078) - إنما يعتبر الخروج إلى حد الترخص - في القصر - للمسافر من وطنه،
أو محل إقامته عشرة أيام مع النية أو أكثر من ثلاثين يوما مترددا بلا نية، ولا يعتبر
في غيره. فمن خرج من وطنه إلى مسافة خارج حد الترخص بغير قصد السفر، ثم
حصل له قصد السفر من هناك، فلا يعتبر في القصر خروجه عن حد الترخص لذلك
الموضع، بل يقصر بمجرد الحركة بنحو يصدق عليه أنه شرع في السفر، ويكون مبدأ
حساب مسافة السفر من ذلك الموضع أيضا. والحكم كذلك أيضا في مثل طالب
الضالة وغيره، ممن خرج مسافة خارج حد الترخص تبلغ ثمانية فراسخ، لكنه
كان يتم في صلاته لعدم قصده السفر، إذ يشرع في التقصير - حين العودة مثلا - بمجرد
صدق الشروع في السفر عليه، وإن لم يصل حد الترخص من الموضع الذي وصل
258

إليه حين عودته منه.
(1079) - إذا رجع المسافر إلى ما دون حد الترخص يصلي تماما، سواء رجع
باختياره أم بغير اختياره. أما إذا كان رجوعه إلى خارج حد الترخص فإنه يظل
على التقصير ما دام لم يعدل عن سفره أو يتردد فيه.
(1080) - كما أنه من شروط القصر في ابتداء السفر الخروج إلى حد الترخص،
كذلك عند العود إلى الوطن ينقطع حكم السفر ووجوب التقصير بالوصول إليه،
فيجب عليه التمام عند ذلك. والأحوط في الإياب إلى الوطن اعتبار رؤية البيوت و
سماع الأذان معا في جواز الاتمام، فلا يكتفي بأحدهما، وإن كان الأظهر كفاية سماع
الأذان وحده. وأما بالنسبة إلى المحل الذي عزم على الإقامة فيه عشرة أيام، ففي
انقطاع حكم السفر بالوصول إلى حد الترخص وعدمه اشكال، والأحوط وجوبا
الجمع في الصلاة بين القصر والاتمام عند الوصول إليه، أو تأخير الصلاة إلى حين
دخول البلد.
(1081) - المدار في تحقق خفاء الجدران وعدم سماع الأذان على المتوسط في
البيوت، والرائي والسامع، وصوت المؤذن، وطبيعة الجو، فيترتب الحكم حتى لو
ظلت الجدران بادية لضخامة بنيانها، أو لتميز الناظر أو السامع بقوة غير عادية في
النظر أو السمع، أو لكون المؤذن قوي الصوت زائدا عن المتوسط. وبالعكس أيضا
، فلا عبرة بخفاء الجدران أو الأذان لقلة ارتفاعها عن المتعارف، أو لكون الرائي أو
السامع ضعيف النظر أو السمع، أو لتغير في الجو، أو لكون المؤذن ضعيف الصوت
أقل من المتوسط.
(1082) - العبرة في خفاء الجدران وعدمه على بلوغ مسافة تخفى فيه في البلاد
المسطحة، فلا عبرة بخفائها وعدمه في البلاد المرتفعة، بنحو ترى فيه من بعيد، و
259

لا المنخفضة بنحو تخفى فيه على القريب منها.
(1083) - العبرة بخفاء الجدران ولو تقديرا، فالبلاد التي ليس فيها بيوت و
جدران تقصر الصلاة فيها عند بلوغ مسافة تخفى معها الجدران لو كانت موجودة.
(1084) - العبرة في عدم سماع الأذان عدم سماع أذان مؤذن البلد، وإن كان
يهتف به من مكان مرتفع غالبا عن البيوت بنحو يبلغ صوته مسافة أبعد من أذان
البيوت، لكن بشرط ألا يكون ارتفاعه خارقا.
(1085) - العبرة في عدم سماع الأذان خفاء الأذان المتعارف من المواضع
المتعارفة، فيقصر المسافر في ذلك الموضع، وإن كان لا يزال يسمع الأذان الذي
يهتف به من أماكن مرتفعة عن المعتاد.
(1086) - حكم المدن الكبيرة كطهران والقاهرة مثلا حكم غيرها على
الأظهر، إذا صدق على الشخص عرفا أنه مقيم فيها، فلا يترتب على التجول فيها
حكم السفر، وإن قطع ما يزيد على الثمانية فراسخ خلاله بلا عسر وحالة سفر ما
دام العرف لا يراه مسافرا.
قواطع السفر:
وهي أمور:
الأول: الوطن فينقطع السفر بالمرور عليه، ويحتاج في القصر بعده إلى قصد
مسافة جديدة، وتحقق شروط السفر الأخرى. والمقصود بالمرور عليه الوصول
إلى حد الترخص.
(1087) - الأقوى أن الوطن منحصر بما يصدق عليه ذلك عرفا، سواء كان
مسقط الرأس أم وطنا مستجدا اختاره المكلف محلا لسكنه وتوطنه. ولا يعتبر فيه
260

أن يكون له فيه ملك، ولا الإقامة فيه ستة أشهر بل يكفي مجرد أن يصدق عرفا أنه
وطنه.
(1088) - يمكن أن يكون للانسان وطنان فعليان في زمان واحد، بأن يجعل
بلدين مسكنا دائما له، فيقيم في كل منها ستة أشهر مثلا في السنة، بل يمكن أن يكون
له ثلاثة أوطان أو أزيد، إذا كان يقيم في كل منها فترة من السنة يصدق التوطن
معها. والزوجة إذا كانت تعيش مرافقة مع زوجها في مثل هذه الأوطان، فهي تابعة
له في الحكم.
(1089) - إذا كانت المسافة بين وطني المكلف ثمانية فراسخ أو أزيد، وجب
القصر في السفر خلالها.
(1090) - إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجد، فالأقوى زوال حكم
الوطنية عنه، فلا يتم بالمرور عليه، وإن كان الأحوط الجمع بين القصر والتمام و
الصيام والقضاء في المكان الذي له فيه ملك وقد أقام فيه ستة أشهر بقصد التوطن
أبدا، بل ومن دون قصد التوطن أيضا. ولا فرق في هذا الحكم بين كونه قد اتخذ
لنفسه وطنا آخر أم لا.
الثاني: من قواطع السفر قصد الإقامة في موضع ما عشرة أيام متواليات، أو
العلم بالبقاء تلك المدة، وإن لم يكن باختياره. فيجب عندئذ الصلاة تماما وأداء
الصوم الواجب، كما يجوز اتيان الصوم المستحب وسائر النوافل حتى نوافل الظهر و
العصر والعشاء أيضا.
(1091) - لا يعتبر في قصد الإقامة عشرة أيام قصد عشر ليال معها أيضا، بل
يتحقق قصد الإقامة القاطع للسفر المذكور بنية الإقامة عشرة أيام مع الليالي التسع
المتوسطة بينها بأن ينوي الإقامة من فجر اليوم الأول إلى غروب اليوم العاشر من
261

دون دخول الليلة الأولى والأخيرة في حساب المدة.
(1092) - يكفي التلفيق في حساب المدة، فلا يشترط نية إقامة كل يوم من
العشرة بكامله، فلو نوى الإقامة من ظهر اليوم الأول إلى ظهر اليوم الحادي عشر
ترتب الحكم بوجوب الاتمام. لكن يشترط كون تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر
لا من الليلة الأخيرة على الأحوط.
(1093) - لا يعتبر في نية الإقامة قصد عدم الخروج عن سور البلد، بل لو قصد
حال نيتها الخروج إلى بعض بساتينها ومزارعها ضمن حد الترخص جرى عليه
حكم المقيم، بل لو كان من نيته الخروج عن حد الترخص لا يضر ذلك بنية الإقامة،
إذا كان معظم اليوم في محل الإقامة، والباقي في ما دون مسافة السفر ولو ملفقة إذ
الأظهر عندئذ صدق الإقامة عشرة أيام.
(1094) - من لم يجزم بالإقامة عشرة أيام، بل علقه على تحقق أمر ما كتحصيل
سكن مريح، أو مجئ رفيق معين، وجب عليه الصلاة قصرا.
(1095) - إذا عزم على الإقامة ثم عدل عن قصده أو تردد فيه، فإن كان
لم يصل فيه، أو صلى صلاة ليس فيها تقصير كالصبح مثلا فعليه التقصير في صلاته.
أما إن كان قد صلى صلاة رباعية كاملة مع الاتمام، فإنه يبقى على التمام ما دام في ذلك
المكان. ولا فرق على الأظهر بين كون هذه الصلاة الرباعية أدائية أو قضاء لرباعية
كانت قد فاتته في ذلك الموضع. لكن لا يكفي مجرد مضي وقت الرباعية إن لم يؤدها
أو يقضها قبل العدول، كما لو كان طيلة الوقت غائبا عن الوعي أو مجنونا أو كانت
المرأة حائضا مثلا.
(1096) - إذا عزم على الإقامة فنوى الصوم، ثم عدل عن البقاء بعد الظهر قبل
الصلاة تماما قصر في صلاته، لكن صومه صحيح في ذلك اليوم فقط.
262

(1097) - إذا شرع المسافر في الصلاة بنية القصر، ثم عزم على الإقامة في
أثنائها، وجب عليه اكمالها تماما. ولو عدل عن الإقامة أو تردد فيها بعد الفراغ منها،
فالواجب عليه الاستمرار في الصلاة مع الاتمام إلى أن يغادر.
(1098) - إذا رجع المسافر عن نية الإقامة أثناء أدائه لأول صلاة رباعية في
ذلك الموضع، فإن كان عدوله قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة، وجب عليه
انهاؤها قصرا، وإن كان بعد الدخول في ركوع الثالثة وقبل التسليم، فالأحوط
اكمال هذه الصلاة تماما ثم إعادتها قصرا، والاستمرار في الجمع بين القصر والتمام في
بقية صلواته إلى أن ينوي الإقامة مجددا، أو يغادر المحل.
(1099) - إذا تمت العشرة أيام التي نوى المسافر البقاء فيها من محل ما لا يحتاج
في البقاء على التمام إلى تجديد نية البقاء عشرة أخرى بعدها، بل يبقى على حكم التمام
إلى أن ينشئ سفرا جديدا.
(1100) - بعد تحقق الحكم بلزوم الاتمام لا يمنع الخروج من محل الإقامة إلى ما
دون المسافة الشرعية ولو تلفيقا من الاستمرار بالحكم بلزوم الصلاة تماما
(1101) - إذا خرج المسافر بعد نية الإقامة في محل، واتيان صلاة رباعية فيه،
إلى محل آخر ينوي البقاء فيه عشرة أيام أو أكثر، فإن كانت المسافة الفاصلة بين
المحلين لا تبلغ ثمانية فراسخ، فالواجب عليه أن يصلي تماما في الطريق أثناء ذهابه إلى
ذلك الموضع، وحين إقامته فيه. أما إذا كانت المسافة الفاصلة تبلغ ثمانية فراسخ أو
أكثر، فعليه أن يصلي قصرا في الطريق، بينما يتم في محل الإقامة.
(1102) - إذا خرج المسافر بعد نية الإقامة في محل واتيان صلاة رباعية فيه،
إلى محل آخر لا تفصل بينه وبين محل إقامته مسافة سفر ولو ملفقة، فالواجب عليه
الاستمرار في اتمام الصلاة في ذهابه وإيابه وفي المحلين، حتى لو كان مترددا في
263

الرجوع إلى محله الأول، أو غافلا عن ذلك، أو كان عازما على الرجوع لكن مترددا
في إقامة عشرة أيام وعدمه، أو غافلا عن ذلك أيضا.
(1103) - من سافر مع رفقة ونوى الإقامة عشرة أيام أو أكثر في مكان متوهما
أنهم سيقيمون تلك المدة هناك، ثم تبين له بعد أن أتى بصلاة رباعية تامة فيه أنه كان
مشتبها، وأنهم لم ينووا الإقامة فيه، فالواجب عليه الاستمرار في اتيان صلاته تامة
إلى أن يسافر، حتى لو أعرض عن نية اكمال عشرة أيام أيضا.
الثالث من قواطع السفر: البقاء في محل ثلاثين يوما مترددا بين البقاء فيه و
السفر دون أن ينوي الإقامة فيه عشرة أيام أو أكثر، فيجب على المسافر عندئذ
الاتمام في صلاته في المدة الباقية التي يقيم فيها في ذلك المحل مهما كانت قصيرة.
(1104) - من نوى الإقامة في مكان تسعة أيام، ثم عاد ونوى تسعة أخرى بعد
انقضاء التسعة الأولى أو قبل انقضائها، وهكذا إلى أن انقضى ثلاثون يوما دون أن
يغادر المحل، فالواجب عليه في اليوم الحادي والثلاثين أن يشرع بالصلاة تماما.
(1105) - يشترط على الأظهر في لزوم التمام على من بقي في مكان ثلاثين يوما
مترددا، أن يكون بقاؤه طيلة المدة في مكان واحد، بالنحو الذي يشترط فيه ذلك في
محل الإقامة عشرة أيام، فلا يقدح فيه الخروج فترة محدودة من اليوم إلى مكان
لا يفصله عن محل التردد مسافة سفر ولو ملفقة، إذا كان يقضي القسم الأعظم من
يومه في محل الإقامة مترددا.
264

مسائل متفرقة في صلاة المسافر:
(1106) - يتخير المسافر مع عدم قصد الإقامة بين القصر والاتمام في الأماكن
الأربعة على الأظهر، وهي: المسجد الحرام، ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومسجد
الكوفة، ومقام الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء. والأحوط استحبابا فيها اختيار
التقصير. والأحوط وجوبا في المساجد الثلاثة الاقتصار على ما كان من بنائها
قديما، أما المستحدث فيتعين فيه القصر على الأحوط، كما أن الأحوط الاقتصار في
الحائر الحسيني على الحرم الأصلي، ورعاية صدق الصلاة عند القبر.
(1107) - إذا صلى المسافر تماما في غير هذه المواضع الأربعة بعد تحقق شرائط
القصر فله صور:
1 - إذ تارة يكون عالما بالحكم وأن تكليفه التقصير، وبالموضوع وأنه
مسافر قد تحققت فيه شرائط القصر. فالواجب عليه حينئذ إعادة الصلاة قصرا في
الوقت، وقضاؤها كذلك إن كان قد انقضى وقتها.
2 - وأخرى يكون عالما بأصل الحكم بوجوب التقصير على المسافر، لكن
جاهلا ببعض الخصوصيات كأن يجهل أن المسافة الموجبة للقصر هي ثمانية فراسخ،
أو يجهل كفاية التلفيق في حساب المسافة، فالواجب عليه على الأحوط عندئذ
الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه.
3 - وثالثة يكون جاهلا بالموضوع، كما لو تخيل أن المكان الذي يقصده
لا يبعد مسافة توجب القصر، فالواجب عليه على الأحوط بعد تبين الخلاف
الإعادة إن التفت في الوقت والقضاء إن التفت بعد انقضائه.
4 - ورابعة يكون ناسيا لسفره، فإن تذكر في الوقت وجب عليه الإعادة، و
265

إن تذكر في خارجه لا يجب عليه القضاء.
(1108) - من صلى قصرا نسيانا مع اعتقاده بأن سفره لا يبلغ المسافة الشرعية
أو شكه في ذلك، لكن انكشف فيما بعد أنه يبلغ المسافة الشرعية الموجبة للقصر،
فتصح صلاته على الأظهر فيما لو كان قد تحقق منه قصد القربة فيها وكذا لو كان
جاهلا بأصل الحكم.
(1109) - إذا وصل المسافر إلى وطنه أو المحل الذي نوى الإقامة فيه، بعد
دخول وقت الصلاة ولما يصل بعد، فالواجب عليه على الأصح أن يصلي تماما. كما
أنه لو سافر بعد دخول وقت الصلاة، ولما يصل، فالواجب عليه على الأقوى القصر
إن أتى بها في السفر.
(1110) - المسافر الذي تفوته صلاة رباعية يقضيها قصرا، حتى لو لم يكن
مسافرا حين قضائها. كما أن الحاضر الذي تفوته رباعية يقضيها تامة، حتى لو كان
مسافرا حين قضائها.
(1111) - يستحب للمسافر أن يقول بعد كل صلاة قصر يصليها ثلاثين مرة:
" سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ".
266

صلاة القضاء
(1112) - يجب على المكلف قضاء ما فاته أداؤه في الوقت من الصلوات
الواجبة - اليومية وغيرها سوى العيدين حتى المنذورة في وقت معين - حتى لو كان
الفوت بسبب استغراقه في النوم أو السكر. نعم لا يجب قضاء ما فات قبل سن
البلوغ، أو حال الجنون، أو الاغماء، وكذا ما فات المرأة حال الحيض والنفاس مع
استيعاب الوقت، إذا لم يكن حصول الجنون أو الاغماء، أو الحيض أو النفاس للمرأة
باختيارهم، وإلا وجب على الأحوط القضاء، خصوصا إذا كان عملهم هذا بعد
دخول الوقت.
(1113) - لو بلغ الصبي، أو أفاق المجنون أو المغمى عليه، أو طهرت المرأة، وفي
الوقت متسع لأداء الصلاة - ولو ركعة منها مع الطهارة ولو تيمما - لكن لم يؤدوها،
فالواجب عليهم قضاؤها حينئذ. وكذا لو طرأ الجنون أو الاغماء أو الحيض أو
النفاس بعد مضي مقدار صلاة المختار من أول الوقت بحسب حالهم - من الحضر و
السفر والوضوء والتيمم، بل صلاة المضطر مع العلم بطرو العذر - ولم يأتوا بالصلاة
وجب عليهم القضاء.
(114) - لا يجب على الكافر الأصلي بجميع أقسامه قضاء ما فاته من
الصلوات حال كفره إذا أسلم. ويجب القضاء على المسلم التارك للصلاة، ولو لعذر
لقصور ونحوه، والمرتد بجميع أقسامه، وإن كان فطريا على الأظهر، والمحكوم
بالكفر ممن ينطق بالشهادتين كالخوارج. فيجب على هؤلاء جميعا قضاء ما فاتهم
من الصلوات الواجبة زمان تلبسهم بهذه الحالات.
267

(1115) - يجب على المخالف بعد استبصاره قضاء ما فات منه من الصلوات أو
أتى به على وجه يخالف مذهبه. بخلاف ما أتى به بنحو يوافق مذهبه، فإنه لا يجب
عليه قضاؤه، وإن كان فاسدا بحسب مذهبنا. وكذا لو أتى به على وفق مذهبنا، إذا
تمشى منه قصد القربة على الأظهر. نعم لو استبصر وفي الوقت متسع لإعادة الصلاة
وجب عليه ذلك على الأحوط، فلو تركها حينئذ وجب عليه قضاؤها.
(1116) - من التفت بعد خروج الوقت إلى أن الصلاة التي صلاها كانت باطلة،
وجب عليه قضاؤها.
(1117) - فاقد الطهورين أي غير المتمكن من الوضوء أو الغسل أو التيمم
لا يجب عليه الأداء، ويجب عليه القضاء على الأحوط عند تمكنه من تحصيل
الطهارة، خصوصا إذا كان فقدانه للطهارة باختياره بعد دخول الوقت. أما إذا
حصل الفقدان الاختياري بعد دخول الوقت ومضي وقت كاف لأداء الصلاة
فوجوب القضاء فيه ظاهر.
(1118) - لا يجوز التقصير في قضاء الصلاة، لكن لا تجب الفورية في ذلك. و
يجوز لمن عليه قضاء فريضة تقديم القضاء أو التنفل على الأدائية، ما دام وقتها
لم يتضيق.
(1119) - يجب قضاء الصلاة الجهرية جهرا، كما يجب قضاء الاخفاتية اخفاتا،
وقضاء النافلة يتبع أداءها في الجهر والإخفات.
(1120) - يجب على الأظهر والأحوط الترتيب في قضاء الصلوات اليومية
بتقديم الأسبق فوتا، فمن فاتته العصر من يوم، والظهر من يوم بعده، وجب عليه
على الأظهر والأحوط تقديم قضاء العصر، ثم قضاء الظهر. ولا يجب ذلك في قضاء
غير اليومية كصلاة الآيات مثلا، أو في قضاء صلاة يومية مع غير يومية، فيجوز له
268

تقديم قضاء كل من السابقة والمتأخرة في الفوت منهما.
(1121) - يسقط وجوب الترتيب في قضاء اليومية على الأقوى مع عدم معرفة
المتقدم والمتأخر ولو ظنا، فيتخير عندئذ في تقديم أي شاء منها، وإن كان
الأحوط استحبابا تحصيل اليقين بتحقق الترتيب، إن لم يلزم من ذلك عسر وحرج،
أو التفويت لما كان متيقن الفوات لتحصيل اليقين بالترتيب في البعض الآخر. فمن
فاته ظهر ومغرب ولم يضبط المتقدم منهما ولو ظنا، الأحوط استحبابا له أن يأتي
بظهر بين صلاتي مغرب، أو بمغرب بين صلاتي ظهر.
(1122) - من فاته صلاة ظهر وصلاة عصر مثلا لكن لم يعرف أنهما ليوم واحد
أو ليومين مختلفين، كما لم يميز المتقدمة فوتا منهما، يجزيه أن يأتي بصلاتين رباعيتين
الأولى بقصد ما فاته أولا، والثانية بقصد ما فاته متأخرا.
(1123) - من فاتته عدة صلوات ولم يعرف عددها، وجب عليه إن لم يكن في
ذلك عسر وحرج أن يقضي من الصلوات ما يتحقق به العلم بأنه قضى كل ما فاته
أو أكثر منه، فإن لم يكن تحقق العلم بذلك ممكنا فيكفي تحقق الاطمئنان، فإن لم يمكن
أيضا يكفيه أن يقضي إلى أن يحصل له الظن بذلك. وإنما تجب هذه الاحتياطات فيما
لو كان يعلم أو يحتمل أنه كان يعرف مقدار ما فاته في السابق ثم نسي مثلا، وإلا
أجزأه أن يقضي المقدار المتيقن فوته، والاحتياط بقضاء الزائد على ذلك حسن،
لكنه غير واجب بحسب الظاهر.
(1124) - من فاتته صلوات لهذا اليوم أو من الأيام السابقة جاز له اتيان
الصلاة الأدائية أولا ولم يجب عليه تقديم القضاء لما فات وإن كان أحوط.
(1125) - من علم أنه قد فاتته صلاة رباعية، ولم يدر أنها الظهر أم العصر أم
العشاء، يجزيه اتيان صلاة رباعية واحدة قضاء عما فاته ويتخير فيها بين الجهر و
269

الاخفات.
(1126) - من علم أنه فاتته إحدى الصلوات الخمس، ولم يدر أيها كانت يكفيه
إذا كان حاضرا اتيان صلاة صبح ومغرب ورباعية بقصد ما في الذمة، ويتخير في
الرباعية بين الجهر والاخفات. أما إذا كان مسافرا فيأتي بصلاة مغرب وصلاة
ثنائية عما في الذمة.
(1127) - من كان عليه قضاء صلوات من الأيام الماضية، وصلاة أو أكثر من
نفس اليوم أيضا، فإن لم يرغب بقضائها جميعا ذلك اليوم، لضيق الوقت منه أو لغيره
كعدم إرادته ذلك، فيستحب له قضاء ما فاته من ذلك اليوم فقط قبل اتيان الصلاة
الأدائية، بل ذلك مطابق للاحتياط.
(1128) - يجوز الاتيان بالقضاء جماعة، سواء كانت صلاة الإمام أدائية أو
قضائية. ولا يجب اتحاد صلاة الإمام والمأموم، فيجوز للمأموم قضاء الصبح مؤتما
بمن يؤدي الظهر أو العصر أو يقضيهما مثلا.
(1129) - يستحب قضاء النوافل الموقتة والرواتب لمن فاتته، لكن لا يتأكد
استحباب ذلك لو كان فوتها بسبب المرض. ويستحب لمن لم يقضها أن يتصدق لكل
ركعتين منها بمد من الطعام، فإن لم يتمكن فلكل أربع ركعات بمد، وإن لم يتمكن
فمد لصلاة الليل ومد لصلاة النهار.
270

صلاة الجماعة
وهي من المستحبات الأكيدة في جميع الفرائض وخصوصا اليومية، ويتأكد
استحبابها في الصبح والعشاءين، ولها ثواب عظيم، وفي الرواية إن ثوابها يتزايد
مع زيادة عدد المأمومين إلى أن يتجاوزوا العشرة، فعندئذ لو صارت السماوات
كلها مدادا والأشجار أقلاما، والثقلان مع الملائكة كتابا، لم يقدروا أن يكتبوا ثواب
ركعة واحدة.
(1130) - لا تشرع الجماعة في شئ من النوافل عدا صلاة الاستسقاء، وصلاة
العيدين في عصر الغيبة إذا لم تتحقق شرائط الوجوب على الأظهر. ولا يبعد
استحباب الجماعة في صلاة الغدير إذا أتي بها رجاء المطلوبية.
(1131) - لا يشترط في صلاة الجماعة اتحاد صلاة الإمام والمأموم نوعا أو
كيفية، فيأتم مصلي اليومية أي صلاة كانت بمصلي اليومية كذلك، وإن اختلفتا في
القصر والتمام أو الأداء والقضاء، وكذا مصلي صلاة الآيات بمصليها، وإن اختلفت
الآيتان، نعم لو كان الإمام يعيد صلاته اليومية احتياطا، فلا يجوز الائتمام به إلا لمن
كان يصلي احتياطا أيضا مع الموافقة له في جهة الاحتياط، كما يشكل الائتمام بمن
يقضي عن شخص آخر تبرعا.
(1132) - إذا أقيمت الجماعة يستحب لمن صلى فرادى إعادة صلاته جماعة، و
لو تبين فيما بعد بطلان صلاته الأولى أجزأته الثانية. أما إعادة ما صلاه جماعة مرة
ثانية مع جماعة أخرى، فجوازها محل تأمل. إلا أن تكون الجماعة الثانية واجدة
لمزايا راجحة على الأولى بنظر الشرع، وأتى بها المكلف برجاء مطلوبية الإعادة،
271

فيجوز عندئذ إعادتها على الأظهر.
(1133) - إذا أقيمت الجماعة يستحب لمن كان يصلي نافلة قطعها والالتحاق
بالجماعة، إذا لم يكن مطمئنا إلى تمكنه من ادراك الجماعة لو أكمل صلاته. بل يستحب
له القطع إذا لم يطمئن من إدراك ركوع الركعة الأولى من الجماعة أيضا.
(1134) - من كان يصلي فرادى صلاة ثلاثية أو رباعية وأقيمت الجماعة، فإذا
لم يكن مطمئنا إلى تمكنه من ادراك الجماعة لو أكملها، وكان ذلك قبل دخوله في
ركوع الركعة الثالثة، يستحب له العدول بها إلى النافلة، والتسليم على الركعة الثانية
للالتحاق بالجماعة.
(1135) - أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة اثنان أحدهما الإمام، سواء
كان المأموم رجلا أو امرأة.
(1136) - يكفي في تحقق الجماعة أن ينوي المأموم الائتمام بالإمام، ولا يشترط
في انعقادها وترتب أحكامها من الطرفين نية الإمام الجماعة والإمامة، و
الأحوط للإمام عدم ترتيب أحكام الجماعة بدون النية، وفي استحقاقه ثواب
الجماعة عندئذ تأمل.
(1137) - يجب في الجماعة وحدة الإمام، فلو نوى المأموم الاقتداء باثنين
لم تتحقق الجماعة لكن لو حدث للإمام أثناء الصلاة حادث يمنع من الاقتداء به،
كالموت، أو الاغماء، أو الجنون، أو بطلان الطهارة، أو الاضطرار لترك الصلاة لحاجة،
فيجوز للإمام أو المأمومين اتخاذ إمام آخر للجماعة، سواء كان من نفس المأمومين،
أو شخصا آخر أراد الشروع بصلاته في تلك اللحظة، وكذا يجوز اتخاذ إمام آخر لو
كانت صلاة الإمام الأول قصرا وفرغ منها، أو تبين له أنه لم يكن على طهارة.
(1138) - يجب في الجماعة تعيين الإمام حين النية، لكن لا يشترط معرفة اسمه و
272

وصفه، فيكفي أن ينوي الاقتداء بهذا الحاضر، ما دام يعلم صلاحيته للإمامة.
(1139) - إذا نوى الائتمام بشخص، فتبين فيما بعد كون الإمام شخصا آخر،
فجماعته باطلة حتى لو كان الشخص الآخر عادلا بنظره. نعم تصح صلاته فرادى،
لو كان قد أتى بالقراءة، وجوبا أو استحبابا أو احتياطا وكذا تصح جماعته وائتمامه
أيضا لو كان الأمر بنحو لو علم قبل الصلاة بأن الإمام هو هذا الشخص لائتم به
أيضا.
(1140) - إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع، أو أدركه قبله لكن لم يلتحق
بالجماعة إلى أن ركع، جاز له الدخول معه حتى لو كان الإمام قد فرغ من ذكر
الركوع، وتحسب له ركعة على الأظهر بشرط أن يدركه قبل أن يرفع رأسه منه. و
إذا رفع الإمام رأسه حال هوي المأموم فلا تتحقق الجماعة، لكن تصح صلاة المأموم
فرادى، ويجب عليه اكمالها.
(1141) - إذا دخل في الجماعة حال ركوع الإمام، لكن شك في أنه تمكن من
الركوع وادراك الإمام قبل رفع رأسه أم لا، فصلاته صحيحة على الأظهر، لكنها
تصير فرادى على الأحوط.
(1142) - من نوى وكبر للدخول في الجماعة والإمام راكع، لكن قبل أن يصل
حد الركوع رفع الإمام رأسه منه، يجوز له العدول بنيته إلى الانفراد، كما يجوز له
الصبر إلى أن يقوم الإمام فيتابع معه من أول الركعة التالية، ولا يحتاج إلى إعادة
التكبير عندئذ وتكون الركعة التالية هذه أول ركعة للمأموم.
(1143) - لو أدرك الإمام بعد رفع رأسه من الركوع، جاز له التكبير والدخول
في الجماعة، لكن لا يركع، بل يتابع الإمام في سجدة أو سجدتين، وعند ما يقف
الإمام للركعة التالية تكون هذه أول ركعة للمأموم، ولا يحتاج لتجديد تكبيرة
273

الاحرام على الأظهر.
(1144) - إذا خشي المكلف أن يرفع الإمام رأسه من الركوع، قبل أن يتمكن
من الوصول إلى صفوف الجماعة والالتحاق بها، يجوز له أن يكبر حيث هو، ثم
يركع، بشرط عدم وجود مانع من الائتمام كحائل يفصله عن الإمام، أو ارتفاع
موضع الإمام. وعليه فوجود مسافة تفصله عن الإمام أو المأمومين لا يمنعه بمجرده
من الائتمام على الأظهر، بل يلتحق بالجماعة ويمشي نحو الصفوف أثناء الركوع، أو
بعده، وبعد السجود على الأحوط استحبابا، ولو كلفه ذلك قطع المسافة على
مراحل من السير والتوقف. والأحوط وجوبا التوقف عن الذكر حين التحرك و
السير ويشترط على أية حال ألا يعد طي هذه المسافة من الفعل الكثير.
(1145) - إذا دخل في الجماعة في الركعة الثانية، استحب له اتيان القنوت و
التشهد مع الإمام، والأحوط استحبابا له الجلوس متجافيا حال التشهد، بأن يعتمد
بأصابع يديه وصدر قدميه على الأرض رافعا ركبتيه عنها. ويجب عليه القيام مع
الإمام، وقراءة الحمد والسورة، فإن لم يتسع الوقت لذلك أتى بالحمد ولحق الإمام
في الركوع. فإن كان لن يتمكن من ادراك الإمام في الركوع لو أراد اكمال الفاتحة
أو اتيانها أصلا، فالأظهر مع هذا اكمالها، وإن كان الأحوط العدول إلى الصلاة
منفردا.
(1146) - إذا دخل في الجماعة في الركعة الثانية من الصلاة الرباعية، وجب
عليه التشهد بعد السجدتين في ركعته الثانية، والتي تكون ثالثة بالنسبة للإمام، ثم
يقوم. وإن لم يتمكن من اتيان التسبيحات ثلاث مرات يكتفي بإتيانها مرة واحدة،
ويلحق بالإمام في ركوعه أو سجوده. وإن لم يتسع الوقت لاتيان التسبيحات ولو
مرة واحدة، يأتي بما قدر عليه منها، ويلحق بالإمام في الركوع، وإن لم يتسع الوقت
274

لاتيان شئ منها أصلا، فيقرب عدم اتيانه شيئا من الذكر ويركع مع الإمام، وإن
كان الأحوط العدول إلى الانفراد عندئذ.
(1147) - إذا دخل في الجماعة في الركعة الثالثة أو الرابعة حال قيام الإمام،
وجب عليه على الأحوط اتيان الحمد والسورة، فإن لم يتسع الوقت لاتيان السورة
وجب اتيان الحمد كاملة ولحوق الإمام في الركوع، فإن كان غير متمكن من
اللحوق بالإمام في الركوع لو أراد قراءة الحمد أو اكمالها، فالأحوط له أن ينوي
الانفراد، ويقرأ الحمد والسورة ويكمل صلاته. لكن لو كان المأموم في ركعته
الثانية، وكان الأمر بنحو لن يتمكن معه من اكمال الحمد ولحوق الإمام في الركوع
فلا يجوز له ترك الحمد والركوع مع الإمام، بل يجب عليه اكمالها ولحوق الإمام في
السجود، وإن كان الأحوط في هذه الصورة العدول إلى الانفراد.
(1148) - من علم أنه لو قرأ السورة فلن يتمكن من ادراك الإمام في الركوع
وجب عليه تركها.
(1149) - من اطمأن أنه لو شرع في قراءة السورة فسيتمكن من اكمالها و
ادراك الإمام في الركوع، فالأحوط وجوبا له الشروع فيها. وكذا لو اطمأن بعد أن
شرع فيها أنه سيتمكن من اكمالها وادراك الإمام في الركوع، فيجب عليه على
الأحوط اكمالها.
(1150) - إذا كان الإمام في حال القيام، ولم يعرف المكلف في أي ركعة هو،
يجوز له الائتمام به. لكن يجب عليه اتيان الحمد والسورة بقصد القربة، فإذا تبين له
فيما بعد أنه كان في الركعة الأولى أو الثانية فصلاته صحيحة.
(1151) - من ترك القراءة متوهما أن الإمام في إحدى الركعتين الأوليين من
الرباعية، وتبين له بعد الدخول في الركوع أنه كان في إحدى الأخيرتين، فصلاته
275

صحيحة. أما لو التفت إلى ذلك قبل الدخول في الركوع، فيجب عليه اتيان الحمد و
السورة، فإن لم يتسع الوقت لذلك، أكمل الحمد ولحق بالإمام.
(1152) - من قرأ الحمد والسورة متوهما أن الإمام في إحدى الركعتين
الأخيرتين من الرباعية، والتفت قبل الدخول في الركوع أو بعده إلى أنه كان في
إحدى الركعتين الأوليين، فصلاته صحيحة.
(1153) - إذا فرغ الإمام من صلاته أثناء اشتغال المأموم بالتشهد أو التسليم
الأول، فلا يجب على المأموم أن ينوي الانفراد.
(1154) - إذا أدرك الإمام في السجدة الأولى أو الثانية من الركعة الأخيرة، و
أراد ادراك فضل الجماعة، نوى وكبر وسجد معه السجدة أو السجدتين وتشهد، ثم
قام بعد تسليم الإمام واستأنف الصلاة. بل إذا أدركه في التشهد الأخير، يجوز له
الدخول معه، بأن ينوي ويكبر، ثم يجلس معه ويتشهد، ولا يسلم معه، بل ينتظر
فراغه من التسليم، والأحوط استحبابا أن يجلس متجافيا عند ذلك، فإذا سلم
الإمام يقوم فيصلي من دون تجديد نية أو تكبير. ويحصل له بذلك فضل الجماعة، و
يجوز له ذلك على الأظهر في غير تشهد الركعة الأخيرة للإمام أيضا.
شروط الجماعة:
الشرط الأول: أن لا يكون بين المأموم والإمام، أو بين بعض المأمومين مع
بعضهم الآخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالإمام حائل يمنع من مشاهدة الإمام
أو المأموم الذي يشاهد الإمام، وإنما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلا، أما المرأة
فلا بأس بالحائل بينها وبين الإمام إذا كان رجلا أو غيره من المأمومين من الرجال.
(1155) - الأقرب عدم كون الشباك من الحائل إلا مع ضيق فتحته، بحيث
276

يصدق عليه السترة والجدار. وإذا كان الحائل زجاجا بلا لون يحكي ما وراءه،
فالأقرب فيه عدم المانعية أيضا.
(1156) - لا يقدح عدم مشاهدة بعض الصف الأول أو أكثرهم للإمام، إذا كان
ذلك من جهة استطالة الصف، وكانوا يشاهدون من يشاهد الإمام. وكذا عدم
مشاهدة بعض الصف الثاني للصف الأول، إذا كان بسبب كون الثاني أطول من
الأول. والمراد بمن يشاهد الإمام المتمكن من مشاهدته لولا وجود المأمومين
بينهما، فحيلولة المأمومين من مشاهدة الإمام غير قادحة.
(1157) - إذا وقف الإمام في المحراب ولم يقف خلفه شخص تتصل الجماعة به
بواسطته فلا تصح جماعة المصلين في الصف الأول إلى جانبي المحراب الذين تحجبهم
جدران المحراب عن رؤية الإمام.
(1158) - إذا وصلت الصفوف إلى باب المسجد مثلا، ووقف صف في خارج
المسجد، بحيث وقف واحد منهم بحيال الباب، والباقون إلى جانبيه، بحيث
يشاهدون من يشاهد الإمام، صحت صلاة الجميع.
(1159) - تصح جماعة الواقف خلف عمود المسجد، إذا كان متصلا من أحد
الطرفين أو كليهما بالمأمومين، وكان يشاهد من يشاهد الإمام، وإلا بطلت.
الشرط الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين علوا
معتدا به، ولا بأس بغير المعتد به مما هو دون الشبر. كما لا بأس بالانحدار البسيط في
مكان الجماعة مع وقوف الإمام في الموضع المرتفع، إذا لم يمنع ذلك الانحدار من صدق
كونها مسطحة عرفا. أما ارتفاع مكان المأموم على الإمام فلا بأس به وإن كان
كثيرا.
277

الشرط الثالث: أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف على الأظهر، و
الأحوط تأخره عنه ولو يسيرا وإن كان الأظهر جواز المساواة في الموقف. و
الأفضل أن يقف المأموم إذا كان واحدا على يمين الإمام، وإذا كانوا أكثر فيقفون
خلفه
الشرط الرابع: أن لا يكون البعد بين الإمام والمأموم (أي موقف الإمام و
مسجد المأموم)، أو بين المأموم والصف المتقدم عليه الذي يتصل بالإمام بواسطته
بقدر مسقط جسم الانسان في حال السجود على الأظهر، وإلا بطلت الجماعة. و
لا مانع من الأقل من ذلك، كما إذا كان بمقدار خطوة متعارفة على الأظهر.
(1160) - لا يقدح وجود البعد المذكور بين المأموم والإمام، أو الصف المتقدم
عليه، إذا كان الشخص متصلا بالإمام بواسطة بعض المأمومين عن أحد الجانبين أو
كليهما.
(1161) - لو تجدد الحائل أو الفصل بالمسافة القادحة المذكورة أثناء الصلاة
بطلت الجماعة، لكن تصح الصلاة فرادى، حتى لو كان حصول الفصل بسبب
خروج جميع المصلين في الصف الذي يصل المأموم بالجماعة عن الائتمام، إما لفراغهم
من الصلاة أو عدولهم إلى الفرادى، أو بطلان صلاتهم. أما لو خرجوا عن الائتمام مع
عدم حصول الفصل المذكور بخروجهم، لكونهم كانوا يشغلون أقل من المسافة
المعتبرة في الفصل، فلا يقدح ذلك في جماعة من كان متصلا بالجماعة بواسطتهم.
278

شرائط إمام الجماعة:
يعتبر في إمام الجماعة أمور:
1 - كونه بالغا على الأحوط. فلا يجوز على الأحوط الائتمام بالصبي حتى لو
كان مميزا.
2 - كونه شيعيا اثني عشريا.
3 و 4 - كونه عاقلا حال الجماعة، طاهر المولد أي عدم ثبوت كونه ابن زنا
بنظر المأموم.
5 - صحة صلاة الإمام بنظر المأموم، فلو علم المكلف ببطلان صلاة الإمام،
كأن يعلم ببطلان وضوئه مثلا، لم يجز له الائتمام به، وإن كان الإمام غافلا عن ذلك.
6 - كونه عادلا، والمراد بالعدالة المعتبرة في إمام الجماعة هي عبارة عن
حسن الظاهر، أي الابتعاد عن الذنوب الكبيرة بنحو يستكشف منه في ظاهر
أحوال الشخص ولو بشكل ظني أنه بان على ترك المعاصي، ولا يتحقق ذلك بمجرد
ترك الذنوب بضعة أيام من باب الصدفة والاتفاق. والاصرار على الذنوب
الصغيرة بمنزلة ارتكاب الكبيرة. ويشترط أن يحرز المأموم حسن الظاهر هذا.
7 - أن تكون صلاته عن قيام إذا كان المأموم يصلي عن قيام، فلا يجوز لمن
يصلي عن قيام الائتمام بمن يصلي من جلوس أو مضطجعا على الأظهر، كما لا يجوز
على الأحوط ائتمام الجالس بالمضطجع. كما أن ائتمام القائم من دون اعتماد بمن يحتاج
إلى الاعتماد على شئ في قيامه محل اشكال واحتياط.
(1162) - يجوز للجالس الائتمام بالجالس، كما تصح الجماعة بالتساوي في
جهات النقص أما مع الاختلاف في ذلك كأن يقتدي القائم العاجز عن الركوع
279

الصحيح بالجالس المتمكن منه فمحل اشكال.
(1163) - إذا عرض العجز عن القيام للإمام أثناء الصلاة، وجب على المأموم
الانفراد بنيته واكمال الصلاة منفردا، وكذا لو عرض له أي نقص مانع عن الائتمام
به.
8 - كونه ذكرا إذا كان المأموم ذكرا، ولا بأس بإمامة المرأة لمثلها.
(1164) - يجوز لمن كان تكليفه الوضوء الاختياري الائتمام بمن كان تكليفه
وضوء الجبيرة أو التيمم. لكن الأحوط وجوبا ترك الائتمام بمن يصلي بثوب نجس.
(1165) - لا يجوز على الأحوط الائتمام بالمسلوس والمبطون للصحيح من هذا
المرض، والأحوط ترك ائتمام غير المستحاضة بالمستحاضة.
(1166) - إذا علم المأموم بعد الصلاة ببطلان صلاة الإمام لسبب من الأسباب
كبطلان وضوئه أو بكونه فاسقا أو كافرا فلا تبطل صلاته وكذا لا تبطل صلاته لو
اطلع على أحد هذه الأمور الثلاثة أثناء الصلاة بل يصح ما مضى منها وينوي
الانفراد ويتم ما بقي على الأظهر.
(1167) - تكره إمامة المجذوم والأبرص إلا لمثله، وكذا تكره إمامة الشخص
لمن لا يرغب بالائتمام به، وإمامة من أقيم عليه حد شرعي، وإن كان قد تاب منه و
صار محكوما بالعدالة، إلا لمثله على الأظهر. وإمامة من يصلي بالتيمم لمن يصلي
متوضئا.
(1168) - صاحب المسجد والإمام الراتب وصاحب المنزل أو منفعته أولى
من غيرهم في إمامة الجماعة إن تحققت فيهم شرائط الإمامة. ويستحب أيضا تقديم
الأفقه أو الأقرأ أو الأكبر سنا أو الهاشمي على غيره.
280

أحكام الجماعة:
(1169) - لا تجب قراءة الحمد والسورة في الأوليين على المأموم في الجماعة، و
يتحملهما عنه الإمام. ويجب عليه اتيان ما سواهما، لكن لو لم يلتحق بالجماعة من
أولها، فصادفت ركعته الأولى أو الثانية الركعة الثالثة أو الرابعة للإمام، فلا تسقط
القراءة عنه، بل يجب عليه العمل بوظيفته.
(1170) - يجب على الأحوط ترك المأموم قراءة الحمد والسورة في الركعة
الأولى والثانية من الجهرية، إذا كان يسمع صوت الإمام ولو همهمة من دون
تشخيص الكلمات، أما إذا لم يسمعه أصلا، فيستحب له قراءتهما اخفاتا، ولو جهر
بهما سهوا فلا إشكال. وإذا كان يسمع بعض الكلمات دون بعض، فالواجب احتياطا
ترك قراءة ما يسمعه.
(1171) - يكره للمأموم قراءة الحمد والسورة في الركعة الأولى والثانية من
الظهرين، ويستحب له الذكر بدلهما.
(1172) - يجب على المأموم إذا صلى مع المخالفين العمل بوظيفة المنفرد في
القراءة، وإذا وجبت عليه التقية قرأ الحمد والسورة، أو الحمد على الأقل مع
الاخفات. وإلا وجب عليه إعادة الصلاة.
(1173) - يجب متابعة المأموم للإمام في الأفعال، بمعنى أن لا يتقدم فيها عليه و
لا يتأخر عنه تأخرا فاحشا. والأظهر جواز المقارنة، وإن كان الأحوط الترك، إلا
في تكبيرة الاحرام، فالأحوط وجوبا فيها تأخر شروع المأموم عن فراغ الإمام. و
أما في الأقوال، فالأقوى عدم وجوبها فيها عدا تكبيرة الاحرام حتى التسليم، فإنه
يجوز التقدم فيه عمدا وبلا عذر، لكن الأحوط للمأموم عندئذ قصد
281

الانفراد إذا أراد سبق الإمام فيه بلا عذر. وإن كان الأحوط استحبابا المتابعة في
الأقوال.
(1174) - لو ترك المأموم متابعة الإمام فيما وجبت فيه فصلاته صحيحة على
الأقوى، إذا كان قد دخل في الجماعة وكبر للصلاة بعد الإمام، لكنه يكون قد عصى،
بل تصح جماعته أيضا على الأقوى، إلا إذا تقدم أو تأخر بشكل فاحش، على وجه
ذهبت معه هيئة الجماعة، خصوصا إذا كانت المخالفة وترك متابعة الإمام في أركان
متعددة، فعندئذ تكون صحة جماعة المأموم محل احتياط،
لكن أصل الصلاة صحيح.
(1175) - إذا رفع المأموم رأسه من الركوع قبل الإمام عمدا، وجب عليه
الانتظار قائما إلى أن يرفع الإمام رأسه، ولو عاد إلى الركوع ثانية بقصد متابعة
الإمام بطلت صلاته.
(1176) - إذا انحنى المأموم للركوع في غير ركعته الأولى قبل الإمام عمدا،
فلا يجوز له الرجوع، بل يجب عليه الصبر إلى أن يركع الإمام فيكمل الركوع معه، و
تصح صلاته فيما لو كان ركوعه بعد فراغ الإمام من القراءة. ولو رجع إلى القيام ثم
ركع مع الإمام ثانية بطلت صلاته، فإن رجع ولم يركع مع الإمام تصح صلاته و
جماعته، لكنه يكون قد عصى.
(1177) - إذا رفع المأموم رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا،
وجب عليه العود ومتابعة الإمام، ولا تبطل الصلاة بزيادة الركوع أو السجدتين لو
تكرر الأمر فيهما في نفس الركعة أيضا في هذه الصورة. وفي حكم السهو أيضا، ما لو
نسي كونه مأموما، أو ظن أن الإمام قد رفع رأسه من الركوع، وكل عذر يوجب
ترك متابعة الإمام.
(1178) - لو رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهوا، ثم عاد إليه للمتابعة،
282

فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حد الركوع، فالأظهر بطلان صلاته. وكذا لو رفع
رأسه من السجود قبل الإمام سهوا، ثم عاد إليه، لكن رفع الإمام رأسه قبل وصوله
لو تكرر ذلك في سجدتين من ركعة واحدة، أما إذا حصل ذلك في سجدة واحدة أو
أكثر لكن في أكثر من ركعة، فلا تبطل الصلاة.
(1179) - من رفع رأسه من الركوع قبل الإمام من دون أن يأتي بالذكر
الواجب سهوا، وجب عليه الرجوع للركوع بقصد متابعة الإمام، وعليه اتيان
الذكر عندئذ. لكن إذا رأى أنه لن يتمكن من ادراك الإمام في الركوع إذ سيرفع
الإمام رأسه قبل أن يصل فعليه إلا يرجع للركوع، ولا تبطل صلاته بترك ذكره.
(1180) - من رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا، وترك العود
إليهما للمتابعة سهوا أو متوهما عدم ادراك الإمام فيهما، فصلاته صحيحة.
(1181) - لو رفع رأسه من السجود فرأى الإمام ساجدا، فتخيل أنها السجدة
الأولى، فعاد إليها بقصد المتابعة، فبان كونها الثانية، حسبت له ثانية كذلك، وإن
تخيل أنها الثانية فسجد بقصد ذلك، ثم تبين كونها سجدة الإمام الأولى، حسبت له
الأولى أيضا، وأكمل صلاته مع الإمام.
(1182) - لو ركع قبل الإمام سهوا، فإن كان لو رفع رأسه يدرك شيئا من قراءة
الإمام، وجب عليه القيام ثم متابعة الإمام في الركوع، وتكون صلاته صحيحة. أما
إذا كان لا يدرك شيئا من قراءة الإمام لو رفع رأسه، فالواجب عليه الرجوع أيضا،
ومتابعة الإمام، لكن صلاته صحيحة سواء رجع أم لم يرجع.
(1183) - لو سجد قبل الإمام سهوا، وجب عليه العود والسجود مع الإمام
رعاية للمتابعة، لكن لا تبطل صلاته إن لم يرجع.
(1184) - إذا أتى الإمام بالقنوت أو التشهد في غير محله سهوا، لم تجب متابعته
283

باتيانهما، لكن لا يجوز الإخلال بمتابعته، بالركوع قبله أو القيام كذلك، بل يجب
الانتظار حتى يفرغ من قنوته ويركع، أو تشهده ويقوم.
(1185) - يجوز للمأموم الانفراد أثناء صلاة الجماعة التي لا تشترط الجماعة في
صحتها على الأظهر، حتى لو كان ناويا الانفراد قبل دخوله فيها، وذلك كمن نوى
الائتمام بإمام في بعض الركعات، ثم الانفراد وتعجيل باقي صلاته، ليتمكن من
ادراك صلاة أخرى معه جماعة. لكن يمكن أن يمنع من ذلك إن أدى إلى اختلال نظم
الجماعة، وايقاع المأمومين في الخطأ والاشتباه.
(1186) - إذا عدل المأموم إلى الانفراد لعذر بعد فراغ الإمام من قراءة الحمد و
السورة، لم يجب عليه اتيانهما. نعم لو عدل أثناء القراءة، وجب عليه اتيان ما بقي
منها مما لم يكن الإمام قد قرأه بعد.
(1187) - إذا نوى العدول إلى الانفراد أثناء الجماعة لم يجز له العدول إلى الائتمام
ثانية على الأحوط، لكن لو تردد في نية الانفراد وعدمه، ثم عاد فقرر الاستمرار في
الجماعة فجماعته صحيحة.
مستحبات صلاة الجماعة:
(1188) - إذا كان المأموم رجلا واحدا استحب له الوقوف على يمين الإمام و
إن كان امرأة فيستحب لها الوقوف خلف الإمام، وإذا كان رجل وامرأة، أو رجل
وعدة نساء، يستحب أن يقف الرجل على يمين الإمام، والبقية خلفه، وإن كانوا
عدة رجال، أو عدة نساء، استحب لهم الوقوف خلف الإمام، وإن كانوا عدة رجال وعدة
نساء استحب وقوف الرجال خلف الإمام، ووقوف النساء خلفهم.
(1189) - إذا أمت المرأة النساء وقفن جميعا صفا واحدا أو صفوفا من دون أن
284

تتقدم الإمام عليهن.
(1190) - يستحب في الجماعة وقوف الإمام في الوسط، ووقوف أهل العلم و
الكمال والتقوى في الصف الأول.
(1191) - يستحب للإمام رفع صوته فيما يقرأه جهرا من قراءة أو ذكر، بنحو
يسمع فيه المأمومين بشرط ألا يتجاوز الحد.
(1192) - يستحب مؤكدا للإمام البقاء جالسا بعد الصلاة، حتى يفرغ جميع
المأمومين منها.
مكروهات صلاة الجماعة:
(1193) - يكره للمأموم الوقوف في صف وحده إذا وجد موضعا في الصفوف،
كما يكره له اسماع الإمام ما يقوله من أذكاره ويكره السماح لناقصي العقل كالطفل و
المجنون والأبله بالوقوف في الصف الأول، وخصوصا قرب الإمام، أو في المواضع
التي يظن تسبيبهم لافساد صلاة الآخرين فيها.
(1194) - يكره التنفل للمأموم بعد الشروع في الإقامة بعد قول المقيم: "
قد قامت الصلاة ". والأقرب وجود الكراهة قبل قوله ذلك أيضا، إذا علم بعدم
ادراكه أول الجماعة إن تنفل.
(1195) - يكره ائتمام المسافر بغيره، وكذا العكس. والمراد بالكراهة في هذه
الموارد نقصان ثواب الجماعة.
285

صلاة الجمعة
صلاة الجمعة هي ركعتان كصلاة الصبح يؤتى بها بدل صلاة الظهر من يوم
الجمعة. ولها خطبتان وشرائط خاصة سوف تأتي إن شاء الله تعالى.
(1196) - وقت صلاة الجمعة كوقت صلاة الظهر، وهو من حين حصول زوال
الشمس. والأحوط وجوبا المبادرة إلى إقامتها أول الزوال مع مراعاة وقت
الخطبتين على الوجه الآتي. وفي فرض وجوبها تعيينا، لو فرض عدم العمل
بالاحتياط المذكور والمبادرة إليها في أول الوقت فالأحوط وجوبا الجمع بينها و
بين صلاة الظهر، بأن تصلى الجمعة أولا ثم تصلى الظهر.
(1197) - صلاة الجمعة واجبة تخييرا في زمان الغيبة وهي مجزية عن صلاة
الظهر.
(1198) - الأحوط أن لا يؤم صلاة الجمعة إلا الفقيه الجامع للشرائط، وإن
لم يكن ذلك لازما.
(1199) - لو وجبت الجمعة تعيينا - كما في زمان الحضور - كان وجوبها ساقطا
عن أشخاص هم: المسافر الذي يقصر في صلاته، والمرأة، والشيخ، والأعمى، و
العبد، وكل من يكون في حضوره حرج ومشقة كالمريض، لكن لو حضر أحدهم
وصلى الجمعة كانت صلاته صحيحة ومجزية عن صلاة الظهر. أما لو وجبت الجمعة
تخييرا - كما في زمان الغيبة - فوجوبها ثابت في حق جميع من ذكر كغيرهم، بل يجوز
لمثل هؤلاء أن يقيموا جمعة مستقلة - كأن يقيم الجمعة جماعة من المسافرين - مع
اجتماع سائر الشرائط. ومنها أن يكون فيهم من الرجال العدد المعتبر في انعقاد
286

الجمعة كما يأتي.
(1200) - لا تصح جمعتان إذا لم يفصل بينهما مسافة فرسخ فصاعدا فلو كانت
المسافة أقل من فرسخ وأقيمت جمعتان صحت السابقة منهما وبطلت اللاحقة سواء
علم بعضهم بصلاة الآخر أم لا. ولو تقارنت الصلاتان بطلتا جميعا، ولهم أن يقيموا
جمعة أخرى واحدة مع بقاء الوقت. والعبرة في السبق والتقارن بسبق إحدى
تكبيرتي الإحرام وتقارنهما.
(1201) - لا تنعقد الجمعة بأقل من خمسة رجال أحدهم الإمام. وعلى هذا
يكفي في مشروعيتها حضور أربعة أشخاص ممن تتوفر فيهم شرائط الوجوب - ولو
التخييري خاصة - بالانضمام إلى الإمام.
(1202) - يشترط في صحة صلاة الجمعة قراءة الخطبتين مع تقديمهما على
الصلاة. فلو أخل بتقديم الخطبتين عمدا وجبت قراءتهما وإعادة الصلاة بعدهما. و
أما مع الإخلال بهما نسيانا فقراءتهما وإعادة الصلاة بعدهما هو الأحوط.
(1203) - يشترط في صحة الخطبتين وقوع القدر الواجب منهما بعد الزوال على
الأظهر. فلو وقعت الخطبتان قبل الزوال وجب إعادة واجباتهما بعده.
(1204) - يجب في كل خطبة أن تكون مشتملة على حمد الله تعالى. والأظهر
اعتبار اشتمالها على الصلاة على النبي وآله (عليهم السلام). ولا بد من أن لا يخلو مجموع
الخطبتين من الوعظ وقراءة القرآن، بل الأحوط وجوبا اشتمال كل خطبة منهما على
الأمرين كما أن الأحوط مراعاة الترتيب المذكور وأن يكون ما يقرؤه من القرآن
سورة كاملة في كل خطبة. والأحوط أيضا في خصوص الخطبة الثانية اشتمالها على
الصلاة على المعصومين واحدا واحدا.
(1205) - الخطبتان يقرؤهما إمام الجمعة نفسه على الأحوط وجوبا، نعم
287

لا بأس بقراءة غيره مع عجزه.
(1206) - الأحوط وجوبا أن تقرأ الخطبتان بنحو يتمكن الحاضرون جميعا من
فهم معناهما حتى لو بينتا لهم بغير العربية، ويتأكد هذا الاحتياط في الفقرة المشتملة
على الوعظ من الخطبة.
(1207) - يجب على الخطيب القيام حال أداء الخطبة، كما يجب عليه الجلوس
آنا ما بين الخطبتين. وأن يرفع صوته بالنحو المتعارف الموجب لسماع من يمكنه
سماعه عادة من الحاضرين. وإن كانت صحة الصلاة بإسماع العدد المعتبر في
انعقادها لا تخلو من وجه.
(1208) - الأفضل للإمام أن يكون على طهارة حال الخطبة وإن كان الأظهر
عدم اشتراط صحة الخطبة بالطهارة. والحكم بعينه جار في حق المأمومين. و
لا يشترط أيضا في صحة الخطبة طهارة البدن واللباس.
(1209) - لا تبطل الخطبة بتكلم الخطيب أثناءها بكلام أجنبي عنها ما دامت
الموالاة والوحدة العرفيتان للخطبة - اللتان هما شرط فيها - لم تبطلا بذلك. ويعتبر
أيضا أن لا يؤدي ذلك إلى فوات وقت صلاة الجمعة. وكذا الحكم فيما لو توضأ
الإمام أثناء الخطبة مثلا.
(1210) - إذا كان صوت الخطيب يصل بواسطة مكبر الصوت إلى أسماع جميع
الحاضرين لم يبعد وجوب استعماله.
(1211) - يجب على المأموم الإنصات إلى الخطبة إذا كان لو أنصت لسمع. كما
أنه يحرم عليه التكلم أثناء الخطبة إذا كان يؤدي إلى فوات الإنصات الواجب، وإن
كان ذلك لا يبطل الخطبة والصلاة في حقه. وأما ما لا يفوت به الإنصات الواجب
فالأحوط استحبابا تركه.
288

(1212) - إذا فات المأموم الخطبتان ولكنه أدرك مع الإمام ركعة من صلاة
الجمعة فصلاته صحيحة.
(1213) - تجب الجماعة في صلاة الجمعة وهي شرط في صحتها، ولكن لو علم
بعد الصلاة بفسق الإمام أو بحدثه حال الصلاة فالأظهر صحتها.
(1214) - يشترط في إمام الجمعة أن يكون عاقلا، بالغا، ذكرا، عادلا، طاهر
المولد، وشيعيا اثني عشريا، ولا يجب أن تكون صلاة الجمعة واجبا تعيينيا عليه. و
على هذا يجوز للمسافر أن يؤم صلاة الجمعة. ويعتبر في جماعة صلاة الجمعة ما
يعتبر في جماعة الصلاة اليومية من عدم الفاصل بين المأمومين أو الحائل وغير ذلك.
(1215) - يجب في نية صلاة الجمعة على المأمومين قصد الاقتداء بالإمام، و
الأحوط استحبابا للإمام أن يقصد الإمامة، وإن كانت الصلاة مجردة عن نية
الإمامة وبقصد ما هي الوظيفة الفعلية صحيحة.
(1216) - لا يعتبر في صلاة الجمعة قراءة سورة معينة من القرآن، ولكن
يستحب أن يقرأ بعد الحمد سورة " الجمعة " في الركعة الأولى، وسورة " المنافقون "
في الركعة الثانية.
(1217) - يستحب الجهر بقراءة الحمد والسورة في صلاة الجمعة.
(1218) - يستحب في صلاة الجمعة قنوتان: الأول في الركعة الأولى بعد القراءة
وقبل الركوع، والثاني في الركعة الثانية بعد القيام من الركوع وقبل الهوي إلى
السجود.
(1219) - إذا هوى المصلي إلى الركوع سهوا بعد قنوت الركعة الثانية وتذكر
قبل أن يصل إلى حد الركوع وجب عليه الهوي إلى السجود، ولو التفت حال بلوغه
حد الركوع ولم يحصل منه أي مكث يصدق به الركوع وجب عليه الهوي إلى
289

السجود وتصح صلاته في الصورتين، وأما لو التفت بعد ما تحقق منه مكث ركوعي
فصلاته باطلة.
(1220) - إذا أدرك المأموم الركعة الثانية من صلاة الجمعة - بشرط وقوع تلك
الركعة في الوقت - فجمعته صحيحة وإن كان أدرك الإمام في الركوع، فيتم ركعته مع
الإمام ثم يأتي بالركعة الثانية منفردا. ولو شك أنه أدرك الركوع مع الإمام أم أنه بلغه
بعد ما رفع الإمام رأسه فصلاته باطلة، ويجب عليه أن يصلي الظهر.
(1221) - من وجبت عليه صلاة الجمعة تعيينا إذا علم أنه لا يلحق صلاة
الجمعة ولو بإدراك ركوع ركعتها الثانية مع الإمام جاز له أن يصلي الظهر في محله و
لم يجب عليه الحضور، ويجوز له الشروع في الظهر حالا ولا يجب عليه تحصيل العلم
بانتهاء صلاة الجمعة.
ولو فرض أنه شرع في صلاة الظهر من دون إحراز سقوط الجمعة عنه، ثم
تبين له في الأثناء أو بعد الفراغ موافقة عمله للواقع، وأنه لم يكن الحضور واجبا
عليه فصلاته صحيحة إذا تمشى منه قصد القربة.
(1222) - تصح صلاة الجمعة من الخنثى، ولكن لا تصح الجمعة بإمامته كما
لا يعتبر من جملة الخمسة الذين هم أقل ما تنعقد به الجمعة.
(1223) - يشرع الأذان الأول لصلاة الجمعة عند الزوال، وأما الأذان الثاني
بعد ذلك - الذي يفعله المخالفون - فهو بدعة وحرام. وإذا أقيمت صلاة الجمعة
فالأحوط وجوبا ترك الأذان لصلاة العصر ذلك اليوم.
(1224) - إذا مات الإمام أثناء الصلاة أو أغمي عليه وجب على المأمومين أن
يقدموا أحدهم ليكمل الصلاة بهم بشرط أن يكون واجدا لشرائط الإمامة، كما يجب
عليهم أيضا تجديد نية الائتمام بالإمام الجديد. وكذلك لو أحدث الإمام في صلاته
290

فيقدم هو أو غيره أحدا وصلاة المأمومين صحيحة.
(1225) - إذا لم يمكن تقديم شخص آخر لإتمام الصلاة بدل الإمام الذي فقد
القدرة على الإتمام بالموت أو الإغماء، فإن كان المأمومون قد أتموا ركعة كاملة خلف
الإمام أمكن القول باتيانهم بالركعة الثانية من صلاة الجمعة فرادى (كما في المأموم
الذي يدرك مع الإمام ركعة واحدة). وإن لم يكونوا أتموا مع الإمام ركعة كاملة
أمكن القول بإتمامهم الصلاة أربع ركعات بعنوان الظهر وتكون صحيحة مجزية. لكن
الاحتياط بإتمام صلاة الجمعة ثم الإتيان بصلاة الظهر بعدها في الصورة الثانية
لا يترك.
(1226) - إذا تفرق الحاضرون لصلاة الجمعة أثناء الخطبة ولم يرجعوا للصلاة و
كان عدد الباقين منهم أقل من خمسة أشخاص مع الإمام سقطت الجمعة ووجب
على كل منهم الإتيان بصلاة الظهر.
(1227) - إذا تفرق الحاضرون للصلاة بعد إكمال الخطبة أو بعد تحقق المقدار
الواجب منها ثم عادوا إلى أماكنهم، فإن كان وقت صلاة الجمعة باقيا أقاموها و
لا يجب إعادة الخطبة حتى لو كان الفاصل بين الخطبة والصلاة طويلا بسبب تفرقهم.
ولو لم يعد المتفرقون ولكن حضر الصلاة غيرهم ممن لم يستمعوا إلى الخطبة أقاموا
الجمعة بعد إعادة الخطبة.
(1228) - إذا حصل التفرق بعد الدخول في الصلاة، فإن كان المصلون قد أتموا
ركعة منها ثم تفرقوا فالباقون منهم يتمون صلاتهم بإتيان ركعة أخرى بعنوان إكمال
صلاة الجمعة وتكون صلاتهم صحيحة. ولو كان التفرق قبل إتمام ركعة منها
فالأحوط وجوبا للباقين إكمال صلاة الجمعة ثم الإتيان بصلاة الظهر بعدها.
(1229) - إذا تعذر على المأموم متابعة الإمام في سجدتي الركعة الأولى بسبب
291

الازدحام، فإن أمكنه الإتيان بهما واللحاق بالإمام قبل أن يرفع رأسه من ركوع
الركعة الثانية يفعل ذلك وتصح صلاته. وإن لم يمكنه ذلك صبر حتى يسجد الإمام
سجدتي الركعة الثانية فيسجدهما معه لركعته الأولى ثم يتم صلاته بالإتيان بركعة
أخرى منفردا وتصح صلاته، ويكون كمن أدرك مع الإمام ركعة واحدة.
صلاة الآيات
(1230) - تجب هذه الصلاة عند حصول أحد الأسباب الأربعة التالية:
1 و 2 - كسوف الشمس أو خسوف القمر. وإن كان جزئيا، ولم يحصل
الخوف بسببهما لأحد.
3 - الزلزلة وإن لم توجب الخوف لأحد أيضا.
4 - الرعد، والبرق، والريح السوداء، والصيحة، والصواعق وأمثال ذلك
من الآيات السماوية والأرضية الموجبة لخوف غالب الناس على الأظهر.
(1231) - إذا تعدد السبب وجب تكرار الصلاة بحسبه، فلو حصل كسوف و
زلزال في نفس الوقت، وجب اتيان صلاة الآيات مرتين.
(1232) - إنما تجب صلاة الآيات على أهل البلد الذي وقعت فيه الآية، دون
غيره من البلاد، وإن كان قريبا منه، أو تابعا له ومشتركا معه في الاسم والانتماء.
(1233) - وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الانكساف، ولا يجوز
تأخيرها إلى حين الشروع في الانجلاء. ولو أخرها إلى ذلك الوقت، وجب على
الأحوط اتيانها من دون التعرض لنية الأداء أو القضاء، أما لو أخر الشروع فيها
إلى ما بعد الانجلاء التام فالواجب أن ينويها قضاء.
292

(1234) - إذا اتسعت فترة الكسوف أو الخسوف لاتيان أكثر من ركعة واحدة،
ولم يأت بها المكلف، فما دام هناك متسع لأداء ولو ركعة واحدة يجب عليه نية الأداء.
(1235) - يجب الفور في اتيان صلاة الآيات عند حصول زلزلة أو شئ من الآيات
المخوفة، فلو أخرها عصى ويظل مكلفا باتيانها إلى آخر العمر وبنية الأداء أيضا.
(1236) - من لم يلتفت إلى حصول أحد الكسوفين إلا بعد تمام الانجلاء، وجب
عليه قضاء صلاة الآيات، إلا إذا علم بأن الانكساف كان جزئيا لا تاما، فلا يجب
القضاء عندئذ.
(1237) - إذا أخبر جماعة بحدوث أحد الكسوفين ولم يحصل للمكلف اليقين بما
أخبروا به، ثم تبين بعد ذلك صدقهم، أو شهد شخصان لم تثبت عدالتهما لدى
المكلف، ثم تبين بعد ذلك عدالتهما، ولم يكن صلى صلاة الآيات، فإن كان القرص
قد احترق بتمامه وجبت عليه الصلاة. بل الأحوط ذلك وإن كان الاحتراق جزئيا.
(1238) - إذا حصلت الآية في وقت الصلاة اليومية، فلا اشكال في تقديم أيتهما
شاء مع اتساع الوقت لكلتيهما، ولو تضيق وقت إحداهما خاصة وجب تقديم
المتضيقة، ولو تضيق وقتهما جميعا قدم اليومية.
(1239) - إذا علم أثناء أدائه الصلاة اليومية بتضيق وقت صلاة الآيات، فإن
كان وقت اليومية متسعا، وجب قطعها والإتيان بصلاة الآيات ثم يأتي باليومية
بعدها، وأما لو كان وقت اليومية أيضا متضيقا فالواجب عليه إكمالها ثم يصلي
صلاة الآيات بعدها.
(1240) - إذا علم أثناء أدائه صلاة الآيات بتضيق وقت الصلاة اليومية، وجب
قطعها والإتيان باليومية، لكنه يكمل صلاة الآيات من حيث قطعها بعد إتمام
اليومية، وقبل القيام بعمل ينافي الصلاة
293

كيفية صلاة الآيات:
(1241) - وهي ركعتان في كل منهما خمسة ركوعات، وصورتها - بعد النية - أن
يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يقرأ الحمد وسورة ثم يركع، فإذا رفع رأسه من الركوع
قرأ الحمد وسورة مرة ثانية ثم ركع، وهكذا حتى يتم خمس قراءات مع خمسة
ركوعات، فإذا رفع رأسه من الركوع الخامس سجد السجدتين وتتم له بذلك
الركعة الأولى. ويفعل مثل ذلك في الركعة الثانية، فإذا سجد السجدتين تشهد و
سلم وانصرف.
يجوز في كل ركعة الاقتصار على الحمد والسورة مرة واحدة، بأن يقرأ - بعد
تكبيرة الإحرام - الحمد، ويوزع السورة على الركوعات الخمسة فيقرأ بعد الحمد
جزءا من السورة ثم يركع، ويرفع رأسه من الركوع ويقرأ جزءا آخر من السورة
من غير أن يكرر الحمد، وهكذا حتى يستوفى السورة في الركوعات الخمسة. و
اللازم أن يتم السورة قبل الركوع الخامس، فمثلا يكبر تكبيرة الاحرام ويقرأ
الحمد، ثم - بقصد سورة التوحيد - يقرأ: " بسم الله الرحمن الرحيم " ويركع، فإذا
رفع رأسه من الركوع قرأ: " قل هو الله أحد "، ثم يركع ثانية ويرفع رأسه فيقرأ:
" الله الصمد " ويركع الثالثة، وبعد رفع الرأس يقرأ: " لم يلد ولم يولد " ويركع
الرابعة ويرفع رأسه فيقرأ: " ولم يكن له كفوا أحد " ثم يركع الركوع الخامس و
يرفع رأسه ويسجد السجدتين. ويفعل في الركعة الثانية مثل ذلك بزيادة التشهد و
التسليم كما مر.
(1242) - يجوز للمكلف الجمع بين النحوين من القراءة فيقرأ في إحدى ركعتي
صلاة الآيات الحمد خمس مرات وخمس سور، بأن يقرأ قبل كل ركوع الحمد و
294

سورة كاملة، بينما يقرأ في الركعة الأخرى منها الحمد مرة وسورة واحدة يوزعها
على النحو المتقدم في المسألة السابقة.
(1243) - يجب في صلاة الآيات ما يجب في الصلاة اليومية، ويستحب فيها ما
يستحب فيها، لكنه يقول فيها بدل الأذان والإقامة: " الصلاة " ثلاث مرات رجاء
للثواب، كما يستحب الجهر في قراءتها حتى في الكسوف.
(1244) - يستحب إقامة صلاة الآيات جماعة، ويتحمل الإمام القراءة حينئذ
كما يتحملها في جماعة اليومية.
(1245) - يستحب بعد رفع الرأس من الركوعين الخامس والعاشر، وقبل الهوي
إلى السجود، أن يقول: " سمع الله لمن حمده "، كما يستحب التكبير قبل كل ركوع
وبعد الرفع منه، إلا الركوعين الخامس والعاشر فإنه لا يستحب التكبير بعدهما.
(1246) - يستحب القنوت قبل الركوعات المزدوجة العدد، أي قبل الركوع
الثاني والرابع والسادس والثامن والعاشر، ويجزيه في العمل بالوظيفة
الاستحبابية أن يقنت مرتين قبل الركوع الخامس والعاشر، كما يجزيه قنوت واحد
قبل الركوع العاشر.
(1247) - إذا شك أنه في الركوع الخامس من الركعة الأولى، أو في الأول من
الركعة الثانية، ولم يستقر ظنه على أحدهما، فصلاته باطلة. ولو شك أنه ركع أربعة
أو خمسة ولم يسجد بعد، وجب تدارك الركوع المشكوك ثم يسجد، ولو كان الشك
المذكور بعد ما سجد لم يعتن به.
(1248) - كل ركوع من ركوعات صلاة الآيات ركن تبطل الصلاة بزيادته أو
نقيصته عمدا أو سهوا. وهي بمنزلة الثنائية في بطلانها بالشك في عدد الركعات، إذا
لم يقع ظنه على أحد الطرفين.
295

صلاة العيدين
(1249) - إذا كان زمان حضور الإمام (عليه السلام) فصلاة العيدين واجبة، ومن
شرائطها حينئذ أن تقام جماعة. وأما في زماننا هذا - زمان الغيبة - فهي مستحبة
على الأظهر.
(1250) - الأظهر استحباب الخطبتين في صلاة العيدين، لكن محلهما بعد
الصلاة. ويشترط في كل خطبة أن تكون مشتملة على ما يعتبر في خطبة الجمعة، و
هو على الأحوط حمد الله والثناء عليه، والشهادتان، والوصية بالتقوى، وقراءة
سورة من قصار سور القرآن، مع جلوس الإمام بين الخطبتين.
(1251) - إذا لم يثبت العيد إلا بعد زوال الشمس من ذلك اليوم، فلا يبعد
استحباب صلاة العيد في غد ذلك اليوم، على أن يؤتى بها بعد طلوع الشمس وقبل
الزوال، برجاء المطلوبية ومن دون قصد القضاء، وأن تكون في جماعة.
(1252) - وقت صلاة العيد ما بين طلوع الشمس من يوم العيد إلى الزوال.
(1253) - يستحب الإتيان بصلاة عيد الأضحى بعد ارتفاع الشمس، ثم ذبح
الأضحية بعدها، ويستحب له أن يأكل من أضحيته شيئا. أما عيد الفطر فيستحب
فيه الإفطار بعد ارتفاع الشمس، ثم اخراج زكاة الفطرة، ثم اتيان صلاة العيد بعد
ذلك.
(1254) - صلاة العيدين ركعتان، يقرأ في الأولى الحمد وسورة، ثم يكبر خمس
تكبيرات - على الأحوط - ويقنت بعد كل تكبيرة، فإذا فرغ من القنوت الخامس
كبر للركوع وركع ثم سجد السجدتين وأتم الركعة الأولى، ويقوم للركعة الثانية
296

فيقرأ الحمد وسورة ثم يكبر أربع تكبيرات بعد كل واحدة قنوت ثم يكبر و
يركع ويسجد السجدتين، ثم يتشهد ويسلم وينصرف.
(1255) - يجوز القنوت في صلاة العيد بكل ما جرى على اللسان من الدعاء و
الذكر، والأفضل الدعاء بالمأثور - رجاء للثواب - وهو:
" اللهم أهل الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، وأهل العفو
والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة، أسألك بحق هذا اليوم، الذي جعلته
للمسلمين عيدا، ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا وشرفا وكرامة و
مزيدا، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تدخلني في كل خير أدخلت
فيه محمدا وآل محمد، وأن تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل
محمد، صلواتك عليه وعليهم، اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك
الصالحون، وأعوذ بك مما استعاذ منه عبادك المخلصون ".
(1256) - يستحب الجهر بالقراءة في صلاة العيدين.
(1257) - يجوز في صلاة العيدين قراءة أية سورة كانت، لكن الأفضل أن يقرأ
في الركعة الأولى سورة الشمس، وفي الثانية سورة الغاشية، أو بالعكس، أي
الغاشية في الأولى والشمس في الثانية، أو يقرأ في الأولى سورة الأعلى وفي الثانية
سورة الشمس، أو بالعكس كذلك.
(1258) - يستحب في صلاة العيدين السجود على الأرض خاصة، ورفع
اليدين حال التكبير.
(1259) - يستحب التكبير ليلة الفطر ويومه في ثلاثة مواضع، بعد صلاة
العشائين ليلة الفطر، وبعد صلاة الصبح، وصلاة العيد يومه، وصورة التكبير أن يقول: " الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، ولله الحمد على ما هدانا، و
297

الحمد لله على ما أبلانا ".
(1260) - يستحب التكبير يوم الأضحى بعد عشر صلوات، أولها صلاة الظهر
من يوم العيد وآخرها صلاة الصبح من يوم الثاني عشر من ذي الحجة، وإذا كان
يوم العيد في " منى " استحب التكبير عقيب خمس عشرة صلاة أولها صلاة الظهر من
يوم العيد، وآخرها صلاة الصبح من يوم الثالث عشر من ذي الحجة، وصورة
التكبير أن يقول: " الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله
الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ".
(1261) - يستحب الإصحار بصلاة العيدين أو ايقاعها تحت السماء.
(1262) - من شك في عدد تكبيرات صلاة العيد أو قنوتاتها، بنى على الأقل و
أتى بالمشكوك فيه إن لم يكن تجاوز المحل. ولو تبين بعد ذلك أنه كان قد أتى
بالمشكوك فيه في محله لم تضر الزيادة. ولو شك حال القنوت أنه كبر قبله أم لا،
فالأظهر عدم الاعتناء بهذا الشك.
(1264) - من نسي شيئا من القراءة أو التكبير أو القنوت فصلاته صحيحة.
(1264) - إذا ابتلي في صلاة العيد بما يوجب سجدتي السهو لو كان في الصلاة
اليومية، فالأظهر عدم لزوم سجدتي السهو، وإن كان السجود أحوط.
298

صلاة الاستئجار
(1265) - يجوز استئجار من يقضي عن الميت ما فاته من الصلوات وسائر
العبادات حال حياته. ولو تبرع شخص بقضاء ذلك عن الميت صح وأجزأ، و
لا يجب حينئذ على الوصي أو الولي الاستئجار للقضاء.
(1266) - الأجير لقضاء الصلاة عن الميت لا بد أن يكون مجتهدا يعمل برأيه،
أو أن يعرف مسائل الصلاة معرفة صحيحة بالتقليد للمجتهد الجامع للشرائط.
(1267) - يجب على الأجير أن ينوي الصلاة عن الميت المعين، ولا يعتبر العلم
باسم ذلك الميت، وعلى هذا، فلو نوى أنه يصلي عمن استؤجر للصلاة عنه كفى.
(1268) - يجب على الأجير أن يفرض نفسه مكان الميت، ويقضي عباداته
بالنيابة عنه، أو أن يقصد قضاء ما في ذمة الميت، فلا يكفي أن يأتي بالعمل من دون
أن يقصد الميت، ثم يهدي ثوابه إليه.
(1269) - إنما يجوز استئجار من يطمأن بصحة صلاته.
(1270) - إذا علم المستأجر أن الأجير لم يؤد الصلوات التي استؤجر عليها، أو
أنه أداها باطلة، وجب عليه الاستئجار ثانية.
(1271) - إذا شك المستأجر في قيام الأجير بالعمل المستأجر عليه وعدمه،
جاز له الاكتفاء بإخبار الأجير أنه قام به. ولو شك في صحة ما أتى به الأجير من
العمل بنى على الصحة.
(1272) - لا يكفي استئجار من يصلي صلاة المعذور، كمن يصلي من جلوس،
لقضاء الصلاة عن الميت. بل الأحوط عدم كفاية استئجار من يصلي مع التيمم أو
299

وضوء الجبيرة.
(1273) - يجوز استئجار الرجل للصلاة عن المرأة وبالعكس. ويعمل الأجير
بوظيفته في الجهر والإخفات وإن كانت على خلاف وظيفة الميت.
(1274) - إذا علم الترتيب بين ما فات الميت من الصلوات، وجب على الأجير
قضاؤها مع مراعاة الترتيب، وأما مع عدم العلم، فلا يجب مراعاة الترتيب إذا كان
ذلك مستلزما لتكرار العمل، حتى لو علم أن الميت كان يعلم بترتيب ما فاته.
(1275) - إذا اشترط المستأجر على الأجير القيام بالعمل على وجه خاص،
وجب على الأجير القيام به على ذلك الوجه عملا بالشرط. وأما إذا لم يشترط عليه
شيئا فاللازم عليه القيام به على حسب وظيفته اجتهادا أو تقليدا.
(1276) - إذا لم يشترط المستأجر على الأجير شيئا من مستحبات الصلاة،
جاز للأجير الاقتصار على واجباتها.
(1277) - إذا استأجر ولي الميت أكثر من شخص لقضاء الصلاة عن الميت، فإن
كان ترتيب الصلوات التي فاتت الميت معلوما، وجب عليه أن يعين لكل أجير وقتا
خاصا يقضي فيه عنه، فيشتغل أحدهما مثلا فترة ما قبل الظهر في القضاء، بينما يقوم
الآخر بذلك فترة ما بعد الظهر، كما يجب أن يعين لكل منهما الصلاة التي يشرع فيها
أيضا حين شروعه، لتحصيل الترتيب.
(1278) - لو استأجر شخصا على أن يقضي جميع ما استؤجر عليه من صلاة
الميت في مدة سنة مثلا، ثم مات الأجير قبل تمام السنة، وجب الاستئجار ثانية
لقضاء ما علم أن الأجير الأول لم يأت به. بل الأحوط وجوبا الاستئجار ثانية لما
يحتمل عدم إتيان الأجير الأول به.
(1279) - إذا مات الأجير قبل أن يتم العمل الذي استؤجر عليه، وقد قبض
300

الأجرة كاملة، فلذلك صورتان:
الأولى: أن يكون المستأجر قد اشترط عليه مباشرة جميع العمل المستأجر
عليه بنفسه، ففي هذه الصورة يجب إرجاع ما قابل العمل الباقي من الأجرة إلى
المستأجر، فلو كان الأجير صلى نصف الصلوات ومات قبل الإتيان بالنصف
الآخر. استرجع المستأجر نصف الأجرة.
الثانية: ألا يكون المستأجر قد شرط المباشرة، فالواجب حينئذ على ورثة
الأجير أن يستأجروا من ماله من يكمل باقي الصلوات. فإن لم يكن للأجير المتوفى
مال لم يجب على الورثة أن يستأجروا من مالهم. والأحوط إعلام المستأجر بذلك
لكي يستأجر شخصا آخر لباقي الصلوات مع التمكن.
(1280) - إذا مات الأجير قبل أن يتم قضاء الصلوات عن الميت المستأجر
عنه، وقد قبض تمام الأجرة. وكان على الأجير قضاء صلوات عن نفسه أيضا،
فالواجب أن يستأجر من ماله من يكمل عنه ما كان استؤجر له من القضاء عن
الميت. وأما قضاء صلوات نفسه فهو واجب على وليه (الولد الأكبر الذكر).
301

أحكام الصوم
الصوم هو الامساك من المفطرات - الآتي بيانها - من أول الفجر إلى الغروب
امتثالا لأمر الله تعالى.
شرائط وجوب الصوم
يجب على كل انسان صوم شهر رمضان عند تحقق الشروط التالية:
1 - البلوغ: فلا يجب على غير البالغ، وإن كان يصح منه لو صام. نعم من بلغ
قبل الزوال وجب عليه على الأحوط، إن لم يكن قد ارتكب شيئا من المفطرات، أن
يصوم بقية ذلك اليوم، ثم يقضيه فيما بعد أيضا. لكن هذا الاحتياط بالقضاء ينحصر
بما لو لم يكن ناويا للصوم من الفجر، وإلا فلو نوى الصبي المميز الصوم من الفجر،
فبلغ أثناء النهار، فصومه ذلك اليوم صحيح، ولا يجب عليه قضاؤه.
2 - العقل: فلا يجب على من استمر جنونه طيلة النهار. نعم لو ارتفع جنونه
قبل الزوال، فالأحوط وجوبا له - إن لم يكن قد ارتكب شيئا من المفطرات - أن
يصوم بقية ذلك اليوم ثم يقضيه بعد ذلك.
303

3 - عدم الاغماء طيلة النهار، لكن لو أفاق المغمى عليه قبل الزوال، وجب
عليه على الأحوط اكمال صوم ذلك اليوم، ثم قضاؤه.
4 - الخلو من الحيض والنفاس، فلا يجب على الحائض والنفساء، ولا يصح
منهما ولو كان الحيض أو النفاس في جزء من النهار.
5 - الأمن من الضرر للمريض. فلو علم المريض أو ظن بكون الصوم مضرا
به، لم يجز له ولا يصح منه لو أتى به. كما يجوز له الافطار فيما لو خاف الضرر إذا كان
خوفه عقلائيا.
(1281) - إذا برئ المريض في شهر رمضان قبل الزوال، ولم يكن قد ارتكب
شيئا من المفطرات، فوجوب الصوم عليه وصحته لا يخلوان من وجه.
6 - الحضر أو ما بحكمه. فلا يجب الصوم على المسافر سفرا تقصر فيه الصلاة،
بل لا يجوز له ذلك.
(1282) - يجوز الصوم في السفر لمن نذر ذلك ويقع صحيحا عندئذ و
الأحوط وجوبا اتيان الصوم المستحب في السفر برجاء المطلوبية إلا لمن كان في
المدينة المنورة حيث يجوز للمسافر الصوم ثلاثة أيام هناك لقضاء الحاجة مطابقا
لما في صحيح معاوية بن عمار من تعيين أيام الصوم - والصلاة والدعاء -.
(1283) - يبطل الصوم بالسفر قبل الزوال، سواء كان المسافر قد بيت نية السفر
من الليل أم لا، لكن الأحوط استحبابا ترك السفر قبل الزوال لمن لم يبيت نيته من
الليل.
(1284) - إذا عاد المسافر من سفره الذي تقصر فيه الصلاة إلى وطنه أو محل
إقامته بعد الظهر، فصومه ذلك اليوم باطل. أما لو عاد قبل الظهر، فيجب عليه إن
كان لم يرتكب شيئا من المفطرات ذلك اليوم أن يجدد نية الصوم ذلك اليوم، ويصومه
304

ويكون صحيحا.
(1285) - يبطل الصوم في السفر، حتى لو صام نسيانا منه أنه مسافر، أو نسيانا
للحكم ببطلان صوم المسافر.
(1286) - لا يبطل صوم المسافر مع الجهل بالحكم، فمن صام في السفر جهلا
ببطلان صوم المسافر، فصومه صحيح.
(1287) - الشيخ والشيخة اللذان يعجزان عن الصوم أو يشق عليهما ذلك و
ذو العطاش وهو من به داء العطش بنحو يعجز معه عن تحمل العطش أو يشق عليه
ذلك حكمهم واحد، إذ يجوز لهم الافطار. ثم إن تمكنوا من قضائه قبل حلول شهر
رمضان من العام المقبل، وجب عليهم ذلك على الأقوى. أما إذا لم يتمكنوا من
قضائه إلى ذلك الحين أيضا، فيجب عليهم التصدق عن كل يوم بمد من طعام، وهو
ثلاثة أرباع الكيلو من الحنطة أو الشعير وشبههما.
(1288) - الصبي والصبية البالغان حديثا، إذا عجزا عن الصوم لم يجب عليهما، و
لا كفارة عليهما أيضا ولكن عليهما القضاء.
(1289) - الحامل المقرب التي يضر الصوم بها أو بحملها يجب عليها الافطار، و
التصدق عن كل يوم بمد من طعام، ثم قضاء ما أفطرته فيما بعد.
(1290) - المرضع القليلة اللبن - سواء كانت أما للرضيع أو مستأجرة أو
متبرعة - إذا أضر الصوم بها أو بالرضيع، وجب عليها الافطار والتصدق عن كل
يوم بمد من طعام، ثم قضاء ما أفطرته بعد ارتفاع العذر فيما بعد، لكن هذا إذا انحصر
الارضاع بها، أما لو وجدت من ترضع الطفل بأجرة أو بدونها، فلا يجوز لها الافطار.
(1291) - إذا أسلم الكافر في شهر رمضان قبل الزوال، فالأحوط استحبابا له
إن لم يكن قد ارتكب شيئا من المفطرات أن ينوي الصوم ويصوم بقية اليوم. أما إذا
305

استبصر المخالف قبل الزوال، فالأحوط وجوبا له اكمال ذلك اليوم، ثم قضاؤه فيما
بعد.
نية الصوم
يعتبر في صحة الصوم النية، ويجوز للمكلف احداثها لكل يوم من شهر
رمضان في الليلة السابقة عليه، مخيرا في وقت إتيانها ما بين أول الليل إلى طلوع
الفجر، كما يجوز له الاكتفاء بنية واحدة لصوم تمام الشهر من أوله، لكن لا يترك
الاحتياط عندئذ بتجديد النية في كل ليلة.
(1292) - لا يجب إخطار النية في القلب، ولا إجراؤها على اللسان، بأن يقول
مثلا: " أصوم غدا قربة إلى الله "، بل يكفي أن يكون الداعي إلى الصوم - بالامساك
عن المفطرات من أول الفجر إلى الغروب - هو امتثال أمر الله تعالى.
(1293) - يمتد وقت نية الصوم المستحب إلى أن يبقى من آخر النهار ما يكفي
لإحداثها، فيجوز للمكلف اتيانها ولو قبل الغروب بلحظة، إذا لم يكن قد ارتكب
مفطرا خلال النهار، ويصح صومه.
(1294) - من نام قبل الفجر من دون أن ينوي الصوم يجوز له تجديد النية
اختيارا في غير الواجب المعين إذا استيقظ قبل الزوال، ويصح صومه، سواء كان
واجبا غير معين أو مستحبا. أما إذا استيقظ بعد الظهر، فيمكنه أن ينوي الصوم
المستحب فقط دون الواجب.
(1295) - يجب على الأقوى في صوم غير رمضان - في صورة تعدد ما في الذمة -
تعيينه في النية، بأن ينوي أنه يصوم قضاءا أو وفاء لنذر أو كفارة مثلا. ولا يجب
306

ذلك في صوم رمضان. بل لو نسي المكلف أنه في شهر رمضان، أو كان جاهلا بذلك،
ونوى صوم غيره فيه لم يقع، بل يحسب له صوم رمضان، إلا إذا كان يصوم نيابة عن
ميت، حيث لا يحسب له صوم رمضان عندئذ، وفي صحته عن الميت تأمل، إلا أن
يكون قصده منحلا إلى جزئين مستقلين: الأول أنه يصوم واجبا، والثاني أنه نيابة
عن الغير، حيث يحسب له صوم رمضان في هذه الصورة على الأظهر.
(1296) - من ترك نية صوم شهر رمضان أو واجب معين غيره متعمدا حتى
طلع الفجر، بطل صومه ذلك اليوم، ووجب عليه القضاء، أما وجوب الكفارة فمحل
تأمل.
(1297) - من نوى صوم غير رمضان في شهر رمضان عامدا، مع علمه بكونه
في شهر رمضان، بطل صومه، فلا يقع عما نواه، ولا يحسب له من شهر رمضان.
(1298) - من صام بنية كونه اليوم الأول من الشهر مثلا، فتبين كونه الثاني أو
الثالث، فصومه صحيح.
(1299) - من نسي كونه في شهر رمضان، أو كان جاهلا بذلك، إذا التفت قبل
الزوال، فإن لم يكن قد ارتكب مفطرا، وجب عليه المبادرة بنية الصوم فورا، وإلا
بطل صومه.
(1300) - لا يجب صوم يوم الشك في أنه آخر شعبان أو أول رمضان. ولا يجوز
لمن أراد صومه أن ينويه من رمضان، بل يجب إما صومه على أنه من شعبان قضاءا
أو استحبابا أما شابههما أو بنية امتثال أمر الله الواقعي. وفي كلتا الصورتين إذا
تبين كونه من رمضان أجزأه.
(1301) - من صام يوم الشك بنية كونه من شعبان، ثم تبين أثناء النهار كونه
من رمضان، وجب عليه أن ينويه من رمضان.
307

المفطرات
المفطرات عشرة:
1 و 2 - الأكل والشرب.
3 - الجماع.
4 - الاستمناء.
5 - الكذب على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام).
6 - ايصال الغبار إلى الحلق.
7 - رمس الرأس في الماء.
8 - البقاء على حدث الجنابة والحيض والنفاس حتى طلوع الفجر.
9 - الاحتقان بالمائع.
10 - القئ.
وبيان أحكام هذه المفطرات وقيودها فيما يلي:
الأكل والشرب:
(1302) - يبطل الصوم بالأكل والشرب عمدا، سواء ما كان متعارفا أكله أو
شربه كالخبز والماء، أو غيره كالتراب وصمغ الشجر، بلا فرق بين كونه كثيرا أو
قليلا، حتى لو كان من الأجزاء الصغيرة المتبقية بين الأسنان.
(1303) - من التفت إلى طلوع الفجر وجب عليه التوقف عن الأكل والشرب، و
حتى لو كانت اللقمة في فمه وجب عليه اخراجها، فلو تعمد ابتلاعها بطل صومه، و
وجبت عليه الكفارة بالنحو الآتي بيانه.
308

(1304) - لا يبطل الصوم بالأكل أو الشرب سهوا.
(1305) - يجب على الصائم على الأحوط أن يجتنب تزريق الإبر (الحقن) التي
يستفاد منها في تغذية الجسم، بل وجوب اجتنابها لا يخلو من وجه، أما الإبر
الأخرى التي تستعمل للتخدير مثلا، أو لغيره من الغايات، فلا بأس بها. كما لا يجب
الاجتناب عن الإبر المشكوك كونها من القسم الأول أو الثاني.
(1306) - إذا علم الصائم أنه إن لم يخلل أسنانه وينظف ما بينها قبل الفجر،
فسيؤدي ذلك إلى نزول شئ من أجزاء الطعام المتبقية فيها إلى جوفه أثناء النهار،
وجب عليه تخليلها، فلو لم يفعل وأدى إلى ابتلاعه شيئا منها في النهار، بطل صومه.
بل حتى لو لم يبتلع شيئا، فإنه يكون قد أخل بالنية أيضا، ويترتب عليه حكم بطلان
الصوم بالاخلال بالنية. أما إذا لم يعلم بأنه سوف يبتلع شيئا من تلك الأجزاء لو ترك
التخليل، فلا يجب عليه ذلك، لكنه يستحب. ولو صادف ونزل شئ منها في جوفه
مع تركه التخليل، لا يبطل صومه في هذه الصورة.
(1307) - لا يخلو جواز ابتلاع أخلاط الصدر والرأس من وجه، فيما لو كان مما
يعتاد في غير أيام الصوم ولم يصل إلى فضاء الفم. أما إذا وصل إلى فضاء الفم،
فابتلاعه يوجب ابطال الصوم على الأحوط.
(1308) - إذا وصل الصائم درجة من العطش خاف معها على نفسه الهلاك،
جاز له شرب الماء بالمقدار الذي ينجيه من الموت، لكن يبطل صومه، ويجب عليه
الامساك عن المفطرات إلى الغروب إذا كان في نهار شهر رمضان.
(1309) - لا يبطل الصوم بمضغ الطعام للطفل أو الطير، وبتذوق الطعام وأمثال
ذلك بما لا يصل إلى الحلق عادة، حتى لو اتفق وصوله إليه. والأحوط استحبابا ترك
هذه الأمور إلا عند الحاجة والضرورة.
309

(1310) - الضعف الناتج عن الصيام لا يجوز للصائم الافطار، إلا إذا وصل
مرتبة المشقة الشديدة التي لا يمكن تحملها عادة، فيجوز عندئذ الافطار، لكن يجب
قضاؤه إذا تحسن حال الصائم قبل حلول شهر رمضان من العام التالي.
الجماع:
(1311) - يبطل الصوم بالجماع حتى لو اقتصر فيه على ادخال مقدار الحشفة
فقط ولم ينزل. ولا يبطل بإدخال أقل من مقدارها، إلا إذا كان الفاعل مقطوع
الذكر، حيث يكون صومه عندئذ محل اشكال.
(1312) - لا يبطل الصوم بالجماع نسيانا أو بالاكراه، لكن لو تذكر أو ارتفع
الاكراه أثناء الجماع وجب عليه المبادرة إلى ترك حالة الجماع فورا، فإن لم يفعل بطل
صومه.
الاستمناء:
(1313) - يبطل الصوم بفعل الصائم ما يوجب خروج المني. ولا يبطل بخروجه
من دون اختيار، إلا إذا قام الصائم بعمل يعلم أو يطمئن بأنه سوف يؤدي إلى
خروج المني من دون اختيار منه.
310

الكذب على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام):
(1314) - يبطل الصوم بالكذب عمدا على الله أو رسوله أو أوصيائه (عليهم السلام)،
بأن ينسب الصائم إليهم أمرا يعلم كونه كذبا، بلا فرق في ذلك بين القول والكتابة و
الإشارة وشبهها. والحاق الكذب على سائر الأنبياء وأوصيائهم والسيدة
الزهراء (عليهم السلام) بالكذب على الله ورسوله والأئمة (عليهم السلام) في إبطال الصوم لا يخلو من
وجه. والأقوى عدم بطلان الصوم بنسبة المشكوك كونه كذبا إليهم أو إلى واحد
منهم.
ايصال الغبار إلى الحلق:
(1315) - يبطل الصوم على الأظهر بايصال الغبار أو الدخان الغليظين إلى
الحلق، بلا فرق في ذلك بين غبار ما يحل أكله كالطحين أو غبار ما يحرم أكله
كالتراب.
(1316) - لا يخلو عدم بطلان الصوم بالغبار أو الدخان غير الغليظين والذي
لا يقوي ولا يقوم مقام الطعام من وجه، لكن الأحوط اجتنابه.
(1317) - لو نسي المكلف أنه صائم، فترك التحفظ مما أدى إلى وصول الغبار و
شبهه إلى حلقه، فلا يبطل صومه، وكذا لا يبطل لو وصل من دون اختيار أيضا.
311

رمس الرأس في الماء:
(1318) - يبطل الصوم على الأقوى بتعمد رمس كامل الرأس في الماء، حتى لو
كان سائر البدن خارجه. ولا يبطل بغمس البدن بكامله مع قسم من الرأس، ما دام
هناك قسم من الرأس خارج الماء. وكذا لا يبطل الصوم على الأظهر، فيما لو رمس
كامل الرأس والبدن مع وجود حائل أو حاجب غليظ حول الرأس يمنع وصول
الماء إليه، أو مع كون الرأس مصبوغا بما يمنع ذلك.
(1319) - لا يبطل الصوم على الأظهر برمس الرأس في الماء على دفعات، بأن
يرمس في كل مرة قسما منه، ما دام لم يتحقق رمسه بالكامل في لحظة واحدة.
(1320) - يبطل الصوم على الأحوط برمس الرأس في الماء المضاف.
(1321) - لا يبطل الصوم برمس الرأس في الماء من دون اختيار، كمن سقط في
الماء قهرا، أو كمن نسي كونه صائما فرمس رأسه في الماء. لكن إذا ارتفع العذر أثناء
الرمس، كأن يتذكر الناسي، أو يرتفع الاكراه عمن رمس رأسه مكرها، وجب
الاخراج من الماء فورا، فإن لم يفعل بطل صومه.
البقاء على حدث الجنابة أو الحيض أو النفاس حتى طلوع
الفجر:
(1322) - يبطل الصوم بتعمد البقاء على الجنابة، بترك الغسل أو التيمم لمن
وظيفته ذلك - حتى طلوع الفجر - أما حكم قضاء صوم رمضان، فسيأتي بيانه
قريبا.
(1323) - من ترك الغسل أو التيمم من الجنابة قبل طلوع الفجر في صوم
312

الواجب المعين كشهر رمضان من دون تعمد في ذلك كالمكره مثلا، فصومه صحيح.
أما من تركهما نسيانا في شهر رمضان فصومه باطل.
(1324) - إذا ترك الجنب الغسل في الواجب المعين - مع كونه مكلفا به - عمدا
إلى أن ضاق الوقت عن اتيانه، وجب عليه التيمم، ويكون صومه صحيحا على الأظهر.
(1325) - لا يجوز للمكلف اجناب نفسه في ليالي صوم الواجب المعين من
رمضان أو غيره إذا ضاق وقته عن تحصيل أي من الغسل أو التيمم، وكذا لا يجوز له
ذلك على الأظهر إن لم يتسع الوقت إلا للتيمم فقط، فإن عصى وأجنب وجب عليه
على الأحوط التيمم والصوم، ثم قضاؤه فيما بعد أيضا.
(1326) - من أجنب في ليالي رمضان أو غيره من الواجب المعين فله صور و
أحكام:
1 - إذا علم أنه إن نام فلن يتمكن من الاستيقاظ قبل طلوع الفجر بنحو يدرك
معه الغسل، ففي هذه الصورة لا يجوز له النوم - إذا لم يكن في ترك النوم عسر وحرج
عليه - قبل اتيان الغسل، فإن نام عندئذ ولم يستيقظ إلى أن طلع الفجر بطل صومه،
ووجب عليه القضاء والكفارة.
2 - إذا علم أو اطمأن أنه إن نام فسيستيقظ قبل طلوع الفجر، ونام مصمما
على الاغتسال حين الاستيقاظ، فلم يستيقظ إلى أن طلع الفجر فيجب عليه صيام
ذلك اليوم ويكون صومه صحيحا.
3 - إذا علم أو احتمل أنه إن نام فسيستيقظ قبل طلوع الفجر، لكنه نام مصمما
على ترك الاغتسال حين الاستيقاظ، أو مترددا في اتيانه وعدمه، فإن لم يستيقظ في
هذه الصورة حتى طلع الفجر بطل صومه، ووجب عليه القضاء والكفارة.
313

4 - إذا نام بعد الجنابة ثم استيقظ، فإن لم يكن مطمئنا للاستيقاظ قبل الفجر
لم يجز له النوم ثانية حتى لو احتمل ذلك.
5 - إذا نام بعد الجنابة ثم استيقظ، وكان مطمئنا إلى أنه إن نام ثانية فسوف
يتمكن من الاستيقاظ قبل الفجر، ففي هذه الصورة لا يحرم عليه معاودة النوم، وإن
كان ذلك خلاف الاحتياط. ولو نام ثانية ولم يستيقظ، وجب عليه القضاء، و
الأحوط وجوبا له دفع الكفارة أيضا. أما لو استيقظ للمرة الثالثة، ثم نام كذلك،
فلم يستيقظ إلى أن طلع الفجر، فالواجب عليه القضاء، والأحوط بل الأقوى
اعطاء الكفارة أيضا.
(1327) - النومة الأولى للمحتلم هي التي تقع بعد استيقاظه من النوم الذي
احتلم فيه. فلا تحسب له النومة التي احتلم فيها.
(1328) - إذا احتلم الصائم أثناء نومه نهارا، لم يجب عليه المبادرة إلى الغسل
فورا.
(1329) - لا يبطل صوم رمضان بالاصباح جنبا حتى لو علم المكلف إن
احتلامه كان قبل الفجر.
(1330) - يبطل صوم قضاء رمضان بالبقاء على الجنابة حتى طلوع الفجر، وإن
لم يكن عن عمد على الأظهر. إلا إذا تضيق وقته، بنحو لو بطل صوم ذلك اليوم لم يجد
فرصة أخرى لقضائه، فيحتمل عندئذ الحاقه بصوم رمضان في عدم البطلان إلا في
صورة البقاء على الجنابة متعمدا.
(1331) - يبطل صوم الحائض والنفساء إذا طهرت قبل الفجر ولم تغتسل - أو
تتيمم إن كانت وظيفتها التيمم - عمدا، ووجوب الكفارة عليها في هذه الصورة
لا يخلو من وجه. أما إذا تركت الغسل والتيمم لضيق الوقت عن أي منها، كما لو
314

طهرت في وقت لا يتسع لاتيان شئ منهما أو لجهلها بالنقاء، كما لو التفتت بعد طلوع
الفجر إلى كون النقاء قد حصل قبله، فصومها صحيح.
(1332) - إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس بعد الفجر لم يصح منها
الصوم. وكذا يبطل صومها لو أصابها الحيض أو النفاس أثناء النهار، ولو كان قبل
الغروب بقليل.
(1333) - إذا أتت المستحاضة الكثيرة بما يجب عليها من الأغسال، فصومها
صحيح. واشتراط صحة صومها باتيان الغسل الواجب لصلاة الصبح لا يخلو من
وجه، دون غسلي العشائين لليلة الماضية أو الآتية على الأظهر، فلا تشترط صحة
صومها بهما.
والأحوط وجوبا كون المستحاضة المتوسطة كالكثيرة في اشتراط صحة
صومها باتيان الغسل الواجب عليها. أما المستحاضة القليلة فلا تشترط صحة
صومها باتيان الوضوء الواجب عليها.
(1334) - في جميع موارد وجوب الغسل لا يخلو وجوب التيمم لمن عجز عن
الغسل من وجه، ويجب على المتيمم على الأحوط عندئذ البقاء مستيقظا حتى
طلوع الفجر.
الاحتقان بالمائع:
(1335) - يبطل الصوم بالاحتقان بالمائع، حتى لو كان مع الاضطرار ولأجل
العلاج على الأظهر.
315

التقيؤ:
(1336) - يبطل الصوم بتعمد القئ، حتى لو كان الصائم مضطرا إلى ذلك لمرض
ونحوه. ولا يبطل بالقئ سهوا أو من دون اختيار، لكن لا يجوز تعمد ازدراد ما
يقيئه.
(1337) - إذا تمكن الصائم من منع نفسه من التقيؤ وجب عليه ذلك، إن لم يكن
فيه ضرر ومشقة عليه.
(1338) - لا يجوز تعمد التجشؤ لمن يتيقن بخروج شئ من الحلق معه، أما إن
لم يتيقن بذلك فلا بأس.
(1339) - من تجشأ فخرج شئ من جوفه من دون اختيار منه، ووصل إلى
الحلق أو الفم، وجب عليه إخراجه، ولم يجز له بلعه ثانية، فإن بلعه عمدا بطل
صومه، ولزمه القضاء والكفارة. أما إن نزل إلى الجوف قهرا فلا بأس وصومه
صحيح.
316

كفارة الصوم
(1340) - تجب الكفارة بالافطار عمدا أو شبه عمد في شهر رمضان، إلا في
موارد يأتي بيانها. ويتخير فيها المكلف بين عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين،
أو اطعام ستين فقيرا واشباعهم، أو أن يعطي كلا منهم مد طعام من قمح أو شعير و
نحوهما. ولا يكفي اعطاؤه ثمنه إلا أن يوكل الفقير في شرائه عن الدافع، واقباضه
لنفسه بنية الدافع، فإذا فعل الفقير ذلك على هذا الوجه برئت ذمة الدافع.
(1341) - يكفي في تحقق التتابع في صوم الشهرين المتتابعين في الكفارة أن
يصوم واحدا وثلاثين يوما متتابعة، وإن صام الباقي متفرقا. وعليه فيجب على من
أراد صيام شهري الكفارة أن يختار زمانا يتمكن فيه من صيام واحد وثلاثين يوما
بشكل متتابع من دون أن يتخللها يوم يحرم صومه كيوم العيد مثلا، أو يجب صومه
معينا لنذر ونحوه أو لدخول شهر رمضان مثلا.
(1342) - من أفطر على محرم وجبت عليه كفارة الجمع على الأحوط، أي
لخصال الثلاثة من العتق والصوم شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا، فإن
لم يتمكن من الجميع وجب عليه اتيان ما أمكنه منها. ولا فرق في الافطار على محرم
بين كونه محرما بالذات كشرب الخمر والزنا، أو بالعرض كمجامعة الزوجة حال
الحيض.
(1343) - من أفطر متعمدا في يوم وجب صومه معينا بالنذر مثلا وجبت عليه
كفارة الافطار في شهر رمضان، من العتق أو صوم شهرين أو إطعام ستين مسكينا.
أما إذا كان النذر مطلقا واختار أداءه في يوم معين، فحكمه حكم الصوم المستحب
317

في جواز الافطار فيه قبل الظهر أو بعده، ثم أداؤه في يوم آخر.
(1344) - يجوز لمن كان يصوم قضاء عن شهر رمضان أن يفطر قبل الظهر إذا
اتسع الوقت للقضاء في يوم آخر، لكن يحرم عليه الافطار بعد الظهر. ولو أفطر
حينئذ وجبت عليه الكفارة، وكفارته اطعام عشرة مساكين، فإن لم يتمكن من
ذلك صام ثلاثة أيام.
(1345) - من كان متمكنا من معرفة الوقت، إذا أفطر عملا بقول من أخبر
بحلول الغروب، ثم تبين له أنه لم يكن قد حل، وجب عليه القضاء والكفارة.
(1346) - من أفطر عمدا لا تسقط عنه الكفارة بالسفر بعد الافطار فرارا منها،
حتى لو سافر عندئذ قبل الزوال.
(1347) - إذا تيقن المكلف بدخول شهر رمضان، ومع هذا أفطر متعمدا، ثم
انكشف عدم دخول رمضان، وإن اليوم الذي أفطره كان من شعبان، فلا تجب عليه
الكفارة. وكذا لا تجب الكفارة لو أفطر يوم الشك أنه آخر رمضان أو أول شوال، ثم
انكشف كونه أول الشوال.
(1348) - إذا جامع الصائم زوجته الصائمة في شهر رمضان، فإن كانت راضية
بذلك، وجب على كل منهما كفارة، أما إن أكرهها عليه، فالواجب عليه أداء الكفارة
عنها عدا عن كفارة نفسه، لكن إذا رضيت المرأة بذلك أثناء الجماع، فالأحوط
وجوبا أن تدفع هي كفارة أيضا بالإضافة إلى دفع الرجل كفارتين عنه وعنها.
(1349) - إذا أجبرت المرأة زوجها الصائم على الجماع أو ارتكاب أحد
المفطرات، لم يجب عليها دفع الكفارة عنه.
(1350) - لا يجوز لمن أفطر في شهر رمضان لعذر من سفر أو مرض أن يجبر
زوجته على الجماع.
318

(1351) - لا يجوز التقصير في أداء الكفارة إذا وجبت، لكن لا يجب أداؤها
فورا.
(1352) - التأخير في دفع الكفارة لا يستوجب زيادة عليها، وإن استمر لعدة
سنوات.
موارد وجوب القضاء دون الكفارة
(1353) - بالإضافة إلى ما ذكر في طي المسائل المتقدمة، فهناك موارد أخرى
أيضا يجب فيها قضاء الصوم دون الكفارة، وهي كما يلي:
1 - من أجنب في شهر رمضان ولم يستيقظ من النومة الثانية حتى طلع الفجر
بالتفصيل المتقدم في بحث المفطرات، لكن الأحوط وجوبا دفع الكفارة أيضا في هذه
الصورة كما مر.
2 - من ارتكب مفطرا من دون التحقيق من طلوع الفجر وعدمه مع تمكنه من
ذلك، ثم تبين أن الفجر كان قد طلع حين ارتكابه. أما إذا ارتكب المفطر بعد التحقيق
من طلوع الفجر واطمئنانه بعدم طلوعه، ثم تبين له فيما بعد أنه كان قد طلع، فلا يجب
عليه القضاء أيضا فضلا عن الكفارة.
3 - من ارتكب مفطرا اعتمادا على قول من أخبره بعدم طلوع الفجر وإن
حصل له الاطمئنان من كلامه مع قدرته على التحقيق بنفسه من ذلك ثم تبين له أن
الفجر كان قد طلع حين ارتكاب المفطر. بل وكذا لو أخبر شخصان عادلان بذلك، و
إن حصل له الاطمئنان من كلا مهما ما دام لم يصل درجة اليقين.
4 - إذا أخبر مخبر بطلوع الفجر، وارتكب المفطر مع قدرته على الفحص
319

بنفسه، ظنا منه أن المخبر يكذب أو يمزح، ثم انكشف إن الفجر كان طالعا.
5 - إذا أخبر شخصان عادلان أو شخص ثقة بحلول الغروب، وحصل
الاطمئنان للمكلف من أخبارهم فأفطر، وتبين فيما بعد أن المغرب لم يكن قد حل.
6 - إذا أفطر المكلف لظلمة في الجو، ثم تبين عدم حلول الغروب. لكن
الأحوط وجوبا في هذه الصورة دفع الكفارة أيضا، إلا إذا كان قد حصل له
الاطمئنان بحلول المغرب بسبب هذه الظلمة، فلا يجب عليه الكفارة لو أنكشف
الخلاف عندئذ، بل لا يجب عليه القضاء أيضا على الأظهر.
7 - من نسي غسل الجنابة وصام يوما أو أكثر كذلك أو ترك نية الصوم
لكونه ظل نائما طيلة النهار أو نسي أصل الصوم.
8 - إذا كان الصائم أعمى أو محبوسا في سجن، وارتكب المفطر من دون
سؤال أو تحقيق عن طلوع الفجر، ثم تبين كونه قد طلع حين ارتكابه.
(1354) - من تعمد القئ بطل صومه، ووجب عليه قضاؤه، لكن لا تجب عليه
الكفارة بذلك. أما الاحتقان بالمائع فالأحوط وجوبا لزوم الكفارة به.
(1355) - تجوز المضمضة للصائم حتى لو كانت لغير الوضوء، كالتبرد مثلا. و
الأفضل تركها لغير الوضوء، ويستحب البصاق بعدها ثلاثا. لكن يجب على
الأحوط قضاء الصوم فيما لو تمضمض أو استنشق لغير الوضوء الواجب أو العلاج،
فنزل شئ من الماء إلى حلقه من دون اختيار.
(1356) - إذا اكتحل الصائم، أو وضع دواء في أنفه أو أذنه لأجل العلاج من
غير ضرورة في ذلك، فنزل شئ منه إلى الحلق، فإن كان يعلم بأنه سوف ينزل بطل
صومه على الأظهر، ووجب عليه قضاؤه، أما إذا لم يكن يعلم بذلك ولكنه نزل
اتفاقا، فالأحوط وجوبا القضاء.
320

(1357) - يجوز السواك للصائم بل هو مستحب له أيضا، لكن لو أخرج
المسواك من فمه ثم عاد فأدخله ثانية إليه، وجب عليه منع نزول بلله إلى الحلق إلا
إذا كان ذلك البلل قليلا بنحو استهلك في ريق الفم، فلا يضر بلعه حينئذ.
(1358) - لا يجوز ارتكاب المفطر لمن شك في تحقق الغروب، أما من شك في
طلوع الفجر وعدمه، فيجوز له أن يأتي بالمفطر، ولو من دون فحص وتحقيق. لكن
يجب عليه القضاء دون الكفارة لو أنكشف الخلاف كما مر قريبا.
قضاء الصوم
(1359) - لا يجب على المجنون - بعد أن يعقل - قضاء ما فاته زمن جنونه. وكذا
لا يجب على الكافر الأصلي إذا أسلم قضاء ما فاته زمن كفره، أما الكافر المرتد
فيجب عليه قضاء ما فاته زمن ارتداده.
(1360) - يجب على السكران قضاء ما فاته زمن السكر بعد أن يفيق، حتى لو
كان سكره ناتجا عن علاج احتاج إليه.
(1361) - لا يجب الترتيب في قضاء ما يفوت من صوم شهر رمضان، فيجوز
تقديم قضاء ما فات من شهر رمضان هذا العام مثلا على الفائت من أعوام سابقة
عليه، لكن إذا تضيق وقت قضاء شهر رمضان هذا العام بأن لم يبق لحلول رمضان
الآتي وقت يزيد على قضاء ما فات من رمضان هذا العام، وجب تقديم الفائت هذا
العام على غيره.
(1362) - لا يجوز التطوع بالصوم استحبابا لمن عليه قضاء شئ من الصوم
الواجب. نعم يجوز له أن يصوم عن ميت بالأجرة.
321

(1363) - من أخر قضاء شهر رمضان مع قدرته عليه إلى أن حل رمضان من
العام التالي جهلا منه بالحكم، وجب عليه عدا عن القضاء التصدق عن كل يوم بمد
من طعام.
الصوم المحرم والمستحب
(1364) - يحرم صوم يوم عيدي الفطر والأضحى.
(1365) - لا يصح على الأحوط صوم المرأة استحبابا دون إذن زوجها، سواء
كان منافيا لحقه أم لا. أما الصوم الذي توجبه المرأة على نفسها بنحو من الأنحاء فهو
كذلك في سعة الوقت، ومع التضيق يسقط اعتبار إذن الزوج في الصحة.
(1366) - الأحوط استحبابا اشتراط صوم الولد المستحب بإذن والديه، وإن
كان الأقوى صحته بمجرد عدم ايجابه الأذى والانزعاج لهما، أو بمجرد عدم صدور
نهي عنه منهما
322

طرق ثبوت الهلال
يثبت دخول الشهر القمري بأحد طرق خمسة:
الأول: أن يراه الانسان بنفسه.
الثاني: أن يدعي رؤيته جماعة يحصل من كلامهم اليقين أو الاطمئنان بذلك،
ويلحق به كل ما أوجب اليقين بدخول الشهر. ويحتمل كون تطوق الهلال من هذا
القبيل فيدل على كون اليوم السابق من الشهر، وكذا لو لم ير الهلال ليلة الثلاثين من
الشهر السابق، فحكم بمقتضى الاستصحاب بأن هذا اليوم هو يوم الثلاثين. ثم رؤي
القمر ليلة الثالث عشر من الشهر التالي بدرا، فيمكن أن يكون ذلك علامة على أن
هذه الليلة في الواقع هي ليلة الرابع عشر، وأن الشهر السابق كان تسعة وعشرين
يوما.
الثالث: أن يشهد برؤية الهلال رجلان عدلان أو يشهد أحدهما برؤيته الآن
والآخر برؤيته لثلاثين يوما خلت. لكن لو اختلفت شهادتهما في وصف الهلال أو
كانت خلاف الواقع كما لو شهدا برؤية الهلال على نحو كانت الجهة الداخلية من
دائرته نحو الأفق سقطت عن الاعتبار ولم يثبت دخول الشهر بها.
الرابع: مرور ثلاثين يوما من أول الشهر السابق حيث يثبت بواسطته أول
اللاحق.
الخامس: أن يحكم الحاكم الشرعي بثبوته، على الأظهر.
(1367) - لا يثبت أول الشهر بتنبوءات المنجمين، إلا إذا حصل للمكلف اليقين
أو الاطمئنان من قولهم، فيجب عليه العمل به عندئذ.
323

(1368) - من ترك الصوم أول رمضان لعدم ثبوت دخول الشهر لديه، ثم تبين
له فيما بعد ثبوته، وجب عليه قضاؤه.
(1369) - إذا شوهد الهلال في بلد ما فلا يكفي ذلك لثبوته في بلد آخر شرقيا
كان أم غربيا، إلا إذا حصل لهم اليقين أو الاطمئنان من ذلك بأنه لو لم يكن هناك علة
في السماء أو الأرض لرؤي الهلال في بلدهم أيضا.
(1370) - يجب صوم اليوم الذي يشك أنه آخر رمضان أو أول شوال، لكن إذا
تبين قبل الغروب أنه أول شوال، وجب الافطار.
324

أحكام الخمس
يتعلق الخمس بسبعة أنواع من المال:
1 - أرباح المكاسب
2 - المعادن
3 - الكنز
4 - المال الحلال المخلوط بالحرام
5 - الغوص
6 - غنائم الحرب
7 - الأرض التي يشتريها الكافر الذمي من المسلم
وأحكام ذلك كله فيما يلي:
أرباح المكاسب:
(1371) - يجب على المكلف أداء خمس ما يفضل عن مؤونة سنته مما يستفيده و
يربحه في مكاسبه المختلفة، من صناعة أو تجارة أو زراعة وغيرها، بل حتى لو كان
قد اكتسبه من أجرة عبادات من صلاة أو صوم يؤديهما عن ميت مثلا، فكل ذلك
325

يجب الخمس فيما يفضل عن مؤونة السنة منه بالبيان والتفصيل الآتي.
(1372) - يجب الخمس في جهاز العروس الذي تأخذه من أهلها إلى بيتها
الجديد إذا مرت عليه السنة دون أن تستعمله، إلا أن يكون من حاجات منزلها التي
تستعملها عادة، وإنما اتفق عدم استعمالها هذه الفترة، أو يكون من الأمور التي
يعتبر عدم امتلاكها منافيا لشأنها.
(1373) - الأحوط وجوبا أداء الخمس مما يفضل عن المؤونة مما يناله الانسان
من غير طريق الاكتساب، كصلة أو هدية أو جائزة أو وصية يوصى له بها، أو نذر
خاص به أو عام يكون مشمولا له، أو وقف يدر عليه.
(1374) - يجب على الأحوط أداء خمس ما يفضل عن المؤونة من المهر الذي
تناله الزوجة، والإرث غير المحتسب أي الذي يصل الانسان من قريب لم يكن
يعرف بقرابته له. أما الإرث المحتسب الذي يصل من الأقارب المعروفين فلا يجب
الخمس فيه وإن فضل عن مؤونة السنة، إلا إذا علم المكلف بأن المورث لم يؤد خمسه
حين وجوبه، فيجب عندئذ على الوارث أداؤه.
(1375) - لا يجب تخميس المال الذي يقترضه الإنسان وإن حل رأس
سنته والمال موجود في يده، نعم يجب تخميس أرباحه كسائر الفوائد، بعد استثناء المؤونة.
ومن أقرض مالا لآخر وجب عليه أداء خمسه عند حلول رأس السنة إذا
كان الدين حالا وأمكن تحصيله دون عسر، وإلا خمسه فور تحصيله.
(1376) - يجب أداء خمس الفاضل عن المؤونة، حتى لو فضل بسبب التقتير
على النفس. وكذا يجب تخميس ما يصرفه المكلف زائدا عن شأنه وحاله.
(1377) - من كان له شخص آخر ينفق عليه - كالزوجة حيث يتولى زوجها
الانفاق عليها - يجب عليه أداء خمس جميع ما يكسبه إذا كان له كسب، ولا يستثني
326

منه مقدار المؤونة، إلا إذا كان ينفق على نفسه مقدارا منه ولو في نفقات غير واجبة
على المنفق، كسفر زيارة مثلا فعندئذ يجب عليه تخميس الفاضل من النفقة فقط.
(1378) - الوقف على معين إذا استفاد منه الموقوف عليهم في كسب معين
كزراعة ونحوها، وجب عليهم تخميس ما يفضل عن مؤونتهم مما يحصل لهم منه.
(1379) - إذا فضل شئ مما حصل عليه الفقير من مال الخمس والزكاة و
الصدقة المستحبة عن مؤونة سنته، وصار غنيا بواسطته، وجب عليه أداء خمسه.
(1380) - مبدأ حساب السنة للتاجر والصناعي ونحوه من حين الشروع في
التكسب، فيجب عليهم أداء خمس ما يفضل عن المؤونة بعد مرور سنة على
شروعهم في ذلك. أما من لم يكن شغله التكسب إذا قام بمعاملة حصل منها على ربح،
فمبدأ حساب سنته من حين استفادته ذلك الربح، فيجب تخميس ما يفضل عن
مؤونته منه بعد مرور سنة على ذلك.
(1381) - يجوز للمكلف تخميس كل ربح فور حصوله، كما يجوز له تأخيره إلى
آخر السنة القمرية، وبامكانه أن يجعل للزراعة ونحوها - مما يتحدد موسمه و
مراحله بحسب السنة الشمسية - رأس سنة شمسية أيضا.
(1382) - يجب على مثل التاجر أن يعين رأس سنة لأداء الخمس، فلو حصل
على ربح ومات أثناء السنة استثنيت مؤونته إلى حين وفاته من ذلك الربح، و
خمس الباقي.
(1383) - إذا ارتفعت القيمة السوقية لبضاعة اشتراها لأجل التجارة، فلم يبعها
ثم عادت وانخفضت قبل حلول رأس السنة، لم يجب عليه أداء خمس مقدار ذلك
الارتفاع في القيمة.
(1384) - من كان له عدة أنواع من الكسب من تجارة وزراعة ونحوها يمكنه
327

جعل رأس سنة واحدة لجميع موارده، يخمس فيه ما يفضل عن مؤونته من أرباحه
منها جميعا.
(1385) - يجوز حسم مؤونة تحصيل الربح من جملة المؤن والمصارف قبل
التخميس.
(1386) - لا يجب تخميس ما يصرفه من الأرباح أثناء السنة على المأكل
والملبس والأثاث والمسكن، أو على شراء جهاز لابنته مثلا وسائر النفقات
الأخرى كالزيارة، بشرط ألا يكون في ذلك زيادة أو افراط عما يليق بشأنه.
(1386) - لا يجب الخمس فيما يحتاجه المرء، لكنه لا يتمكن من تأمينه خلال
سنة واحدة، فيضطر لتأمينه بالتدريج خلال عدة سنوات. وذلك كالمنزل، وأثاثه،
وجهاز العروس مثلا. فمن كان محتاجا إلى منزل، وعجز عن شرائه من أرباح عام
واحد، فاشترى بأرباح العام الأول أرضا مثلا، وفي الثاني بعض لوازم البناء، وفي
الثالث غير ذلك، لم يجب عليه تخميس ما اشتراه لأجل بناء المنزل، وإن مرت عليه
سنة كاملة دون استعمال. بل لا يجب الخمس في مثل ذلك حتى لو ادخر المال لأجله
دون أن يشتري شيئا من اللوازم، فمن ادخر مبلغا من المال من عام إلى عام لأجل
شراء منزل، لم يجب عليه خمسه ما دام يصدق عليه عرفا أنه محتاج إليه، بشرط أن
يكون ادخاره المال لأجل شرائه. نعم لو كان إنما يتمكن من شراء المنزل بعد عملية
توفير وادخار تستمر عشرين سنة مثلا، بنحو لا يصدق عليه عرفا أنه محتاج إليه
فعلا أثناء سنوات الادخار، فالواجب عليه عندئذ تخميس المال الذي يحول عليه
الحول.
(1388) - لا يجب على الأظهر تخميس المال الذي يشك في أن مورد صرفه كان
من مؤونة السنة أم لا، ولم يتمكن من معرفة ذلك بالفحص وشبهه، وإن كان
328

الأحوط استحبابا أداء خمسه.
(1389) - مصارف الحج من المؤونة، فلو حصل على ربح أثناء السنة وكان
وقت تخميسه بعد أشهر الحج، جاز له صرف هذا الربح في الحج إذا كان مستطيعا،
حتى لو كان هذا الربح يشكل جزءا من استطاعته، أما إذا كان وقت أداء خمسه قبل
أشهر الحج، فالواجب عليه أداء خمسه أولا. وكذا يجب أداء الخمس أولا لو كان
الربح من حاصل السنوات السابقة. ثم لو عصى ولم يحج تلك السنة مع استطاعته،
فيجب عليه على الأظهر أن يؤدي خمس المال الذي كان قد خصصه للحج، ولو كان
تخميسه موجبا لعجزه عن اتيان الحج الذي قد استقر وجوبه عليه، فلا يبعد أن
يستثنى مال الحج من مؤونة السنة التي يؤديه فيها.
(1390) - ما يصرفه المكلف في نذر أو كفارة يحسب من المؤنة، وكذا ما يوزعه
من هدايا أو صلات، فلا يجب تخميسه بشرط ألا يكون زائدا عما يليق بشأنه.
(1391) - يجوز على الأظهر لمن حصل على ربح أثناء العام استثناء مؤونة
السنة منه قبل تخميسه، حتى لو كان له مال آخر مخمس يمكنه صرفه في مؤونته، و
إن كان الأحوط استحبابا أن يجعل مؤونة السنة من المال الآخر الذي ليس فيه
الخمس، ويؤدي خمس كامل الربح هذا العام، دون استثناء شئ منه.
(1392) - أجرة المنزل التي يدفعها المستأجر تحسب من مؤونة سنته، إذا توقف
رفع حاجته للسكن على دفعها.
(1393) - إذا اشترى من أرباحه مقادير من الطعام، من قمح أو أرز أو سكر
مثلا، لتأمين حاجته خلال السنة، وفضل منها شئ حين حلول رأس سنته، وجب
عليه تخميس الفاضل.
(1394) - لا يجب تخميس أثاث المنزل الذي يشتريه المرء من أرباح السنة قبل
329

أداء الخمس منها، إذا كان يستعمله، وإن كانت عينه باقية.
(1395) - يجب تخميس الكفن والقبر والبرد اليماني التي يشتريها المكلف من
أرباح السنة بعد مرور سنة عليها. والواجب تخميسها مرة واحدة، فلا يتكرر ذلك،
وإن بقيت عدة أعوام دون استعمال.
(1396) - من كان غير قادر على تأمين مصارف سنته، وكان يفضل لديه شئ
من المال أو مؤونة المنزل بعد حلول رأس السنة، يجوز له صرف هذا الفاضل في
جبران النقص الحاصل في موارد حاجاته الأخرى من دون أن يخمسه.
(1397) - رأس المال والآلات التي يحتاج الانسان إليها أو إلى تكميلها للعمل و
التكسب لها ثلاث حالات:
1 - إذ تارة يؤمنها من مال لا يجب تخميسه، كالإرث مثلا، فعندئذ لا يجب
فيها الخمس.
2 - وأخرى يتم تأمينها من مال يجب منه الخمس فحكمها حكم ذلك المال.
3 - وثالثة يتم تأمينها من أجرة عمل قام به. ففي هذه الصورة، إذا كان
التكسب برأس المال أو هذه الآلات في هذه السنة يعتبر غرضا عقلائيا ومتناسبا
مع شأنه، فلا يجب عليه تخميس الأصل (من رأس المال أو الآلات) وإنما عليه
تخميس أرباحها وفوائدها. ويشترط في رأس المال الذي قلنا إنه لا يجب تخميسه
أن يكون مما لا يمكن تأمين حياة لائقة بشأنه من دونه، فلو زاد مقداره عن هذا
وجب تخميس الزائد.
(1398) - في بعض الموارد يشترط صاحب المنزل على المستأجر أن يدفع له
مبلغا معينا بعنوان القرض، ليخفف له من أجرة المنزل في مقابله - وهذا أسلوب في
الإجارة متعارف في بعض البلدان - ففي مثل هذه الموارد لا يجب على المستأجر
330

تخميس مال القرض إذا كانت حاجته للسكن لا يتم تأمينها من دون هذا المال،
حتى لو بقي بيد صاحب المنزل عدة سنوات.
(1399) - من لم يحصل على ربح في أول عامه، فاضطر للصرف على مؤونته من
رأس المال، جاز له جبران ما صرفه من أرباح العام التي تظهر قبل حلول رأس السنة.
(1400) - البضاعة المخمسة الموجودة في المحل التجاري، والتي تعد رأس مال
لصاحب المحل، إذا ارتفعت قيمتها السوقية عند حلول رأس السنة، فالملاك في
حساب الربح قيمتها الفعلية فيما لو كان بيعها بقيمة السوق مربحا.
(1401) - من فقد أثناء السنة شيئا من أمواله من غير رأس المال، فلا يجوز له
جبره من الربح الحاصل فيها، إلا إذا كان مما يحتاجه ذلك العام، فيستثنى من
المؤونة عندئذ.
(1402) - إذا اقترض أول السنة لتأمين مؤونته ومصارفه، وحصل له ربح
أثناءها، جاز له حسم مقدار القرض من الربح الحاصل. كما يجوز له أداؤه من
أرباح السنين التالية إن لم يحصل أرباحا هذه السنة ويحسب من مؤونتها عندئذ.
(1403) - لا بأس بمعاشرة من يعلم المكلف أنه لا يؤدي الخمس وتناول أمواله،
ما دام لم يحصل له العلم بوجود الخمس في مورد ابتلائه من تلك الأموال.
(1404) - لا يجوز التصرف في المال الذي يجب فيه الخمس بعد حلول رأس
السنة قبل أداء خمسه، حتى لو كان ناويا لأدائه.
(1405) - يجب على الشريك تحصيل إجازة من الحاكم الشرعي في التصرف في
المال المشترك الذي لا يؤدي شريكه خمس حصته منه، وإن كان هو يؤدي الخمس
الواجب في حصته.
(1406) - لا يجوز لمن وجب عليه أداء الخمس أن ينقله إلى ذمته، بأن يجعل
331

نفسه مدينا لأصحاب الخمس ويتصرف عندئذ بكامل المال، إلا إذا أجرى مصالحة
مع الحاكم الشرعي، أو استجازه في ذلك. ولو تصرف بالمال فتلف فهو ضامن
للخمس.
(1407) - يجوز لمن عليه الخمس بعد مصالحة الحاكم الشرعي التصرف في
كامل المال، وما يحصل عليه من أرباح بعد المصالحة يكون مختصا به.
(1408) - من تكسب بمال وجب فيه الخمس من دون أن يؤدي خمسه - أو
يصالح الحاكم الشرعي عليه - لم يملك ما يقابل الخمس من الأرباح. بل يجب عليه
أداء خمس أصل المال، وجميع ما يقابل الخمس من الربح الحاصل، بالإضافة إلى
خمس المتبقي من الربح بعد حسم حصة الخمس منه. فلو كان أصل المال الواجب فيه
الخمس مئة دينار مثلا، وربح بواسطته خمسين دينارا أخرى قبل أن يخمسه،
وجب عليه دفع عشرين دينارا خمس الأصل، وعشرة دنانير مقابل ربح ذلك
الخمس، وثمانية دنانير أخرى خمس الربح المتبقي من الخمسين دينارا بعد حسم
عشرة دنانير منها.
(1409) - في تعلق الخمس بالأرباح الحاصلة في أموال الطفل اشكال، والظاهر
عدم تعلق الخمس في مال الطفل، لكن الأحوط أداؤه بعد البلوغ، ووقت تعلقه
مرور سنة على أول ربح يعلم تاريخ حصوله.
(1410) - من لم يؤد خمس ماله ثم افتقر لم يسقط عنه وجوب أداء الخمس، كما
لا تسقط عنه سائر الديون، ويجب عليه مراجعة الحاكم الشرعي. وكذا الحكم في
من لو أدى الخمس الواجب عليه لصار فقيرا.
332

المعادن:
(1411) - كل ما صدق عليه المعدن عرفا، كالذهب، والفضة، والنحاس، و
الحديد، والكبريت، والزيبق، والفيروزج، والياقوت، والملح، والنفط، والفحم
الحجري، وأمثال ذلك، يجب الخمس فيما يستخرج منه إذا بلغ النصاب على
الأقوى، لكن لا يجوز تأخير اخراجه حتى حلول رأس السنة. خلافا لما مر في
أرباح المكاسب.
(1412) - نصاب المعدن خمسة عشر مثقالا صيرفيا من الذهب المسكوك، فإذا
بلغ قيمة المستخرج من المعدن هذا المقدار بعد استثناء مؤونة الاستخراج، وجب فيه
الخمس، وإلا لم يجب.
(1413) - إذا لم يبلغ المعدن مقدار النصاب وحصل له منه ربح فيجب خمسه
على الأقوى فيما إذا زاد بنفسه أو مع منافع كسبه الأخرى عن مؤونة سنته فيخمس
الزائد حينئذ.
(1414) - لا يشترط في وجوب الخمس فيما بلغ النصاب من المعدن كونه
مستخرجا دفعة واحدة بل يجب فيه الخمس وإن تعدد، بأن استخرج قسما منه
لا يبلغ النصاب ثم أعرض عنه، ثم عاد ثانية فاستخرج قسما آخر، فبلغ مجموع
المستخرج النصاب بعد استثناء المؤونة. كما لا يشترط وحدة المعدن، ولا كونه من
نوع واحد. فلو بلغ مجموع ما استخرجه من عدة أماكن، أو من عدة أنواع من
المعادن النصاب، وجب الخمس.
(1415) - إذا اشترك جماعة في استخراج المعدن، وجب الخمس على من بلغت
حصته النصاب منهم. والأحوط وجوبا إذا بلغ مجموع حصصهم النصاب أن يؤدي
333

كل منهم خمس حصته.
الكنز:
(1416) - الكنز هو المال المذخور في باطن الأرض، أو المخبأ في جدار أو كوة
أو شجرة ونحوها، بنحو يصدق عليه أنه كنز عرفا.
(1417) - من وجد كنزا في أرض غير مملوكة فهو له، ووجب عليه أداء خمسه، و
لا يعتبر في تعلق الخمس به مرور سنة فحكمه كحكم المعدن من هذه الجهة.
(1418) - يعتبر في تعلق الخمس بالكنز بلوغه النصاب بعد استثناء مؤونة
الاستخراج، ونصابه مئة وخمسة مثاقيل فضة مسكوكة أو خمسة عشر مثقال ذهب
كذلك.
(1419) - من وجد كنزا في أرض اشتراها من شخص آخر، واحتمل كون
هذا الكنز للبائع، وجب عليه اعلامه به. ولو ادعى البائع إنه له، واحتمل صدقه،
أعطي له. أما إذا نفى ملكيته له، فالواجب على الأحوط اخبار من سبقه في ملكية
الأرض، فلو لم يدع أي من ملاكها السابقين ملكية الكنز، كان لواجده، ووجب
عليه أداء خمسه. وكذا الحكم في الكنز الذي يجده الواجد في ملك شخص آخر، و
إن كان الأحوط استحبابا التصدق بجميع الكنز ليصرف في المصارف المشتركة بين
الصدقة والخمس.
(1420) - من اشترى حيوانا من الأنعام، فوجد في بطنه مالا من ذهب أو فضة
مثلا، فإن احتمل كونه للبائع أو للمالك الأسبق، وجب عليه اعلامه ويجري هنا
نفس ما ذكر في المسألة السابقة من الترتيب. أما من وجد مالا من قبيل ما ذكر في
بطن سمكة أو غزال صحراوي وشبهه، مما ليس له مالك معين، فلا يجب عليه اعلام
334

أحد، ويكون حكمه كما لو نفى جميع مالكي الحيوان السابقين ملكيته. وعليه
فالأحوط أداء خمسه والتصدق بالباقي، وإن كان الأظهر أنه لا يعتبر كنزا من
الأساس، بل هو من قبيل اللقطة.
المال الحلال المخلوط بالحرام:
(1421) - إذا اختلط المال الحلال بالحرام، بنحو عجز المكلف عن تمييزه، و
كان صاحب المال الحرام ومقداره مجهولين، وجب دفع خمس المال بكامله، وبعده
يحكم بحلية الباقي.
(1422) - إذا علم مقدار الحرام في المال المخلوط، لكن لم يعلم صاحبه، وجب
التصدق بذلك المقدار عن صاحبه، والأحوط وجوبا استئذان الحاكم الشرعي في
ذلك أيضا.
(1423) - إذا عرف صاحب المال الحرام المخلوط مع الحلال، لكن لم يعلم
مقداره فإن تيقن بثبوت مقدار معين له، وشك في الزائد، دفع له المقدار المعلوم، و
الأحوط اجراء مصالحة معه على المقدار الزائد المشكوك. هذا إذا أمكن اجراؤها
أما إذا لم يمكن فالأظهر عدم وجوب إعطائه شيئا زائدا عن المتيقن كونه له.
(1424) - إذا علم بعد تخميس المال المخلوط بالحرام أن مقدار الحرام كان أكثر
من الخمس، وجب عليه العمل بوظيفته الفعلية تجاه المقدار المعلوم زيادته عن
الخمس، أما المقدار المشكوك، فحكمه كحكم المشكوك في المسألة المتقدمة.
(1425) - إذا دفع خمس المال المخلوط بالحرام، أو تصدق بالمال الذي يجهل
صاحبه، ثم ظهر صاحبه، فإن كانت عين المال باقية عند المدفوع إليهم، أو كان
قد أعلم أهل الخمس بوجه المال حين دفعه إليهم، رجع عليهم فيه، ولم يجب الضمان
335

على الدافع أو المتصدق. وفي غير هذه الصورة يجب عليه على الأحوط دفع قيمة
المال لصاحبه، أو المصالحة معه. ويتخير المالك في الموارد التي تصدق فيها
بالمال نيابة عنه بين الرضا بثواب الصدقة واسترداد المال.
(1426) - إذا علم مقدار المال الحرام المخلوط بالحلال، لكن لم يعلم صاحبه على
التعيين، بل تردد فيه بين عدة أشخاص محصورين، وجب عليه على الأحوط
المصالحة معهم، فإن لم يتمكن من المصالحة وجب على الأظهر تقسيم المال بينهم
بالنسبة.
(1427) - لو خلط المال الحرام بالحلال عمدا، لأجل التوصل إلى الاكتفاء بدفع
الخمس في تحليل المجموع، لم يجزئه التخميس. وحلية المال المخلوط بالتخميس
لا تشمل هذا المورد على الأظهر، بل عليه على الأحوط وجوبا في مثله التصدق إلى أن يتيقن ببراءة الذمة.
الغوص:
(1428) - يجب الخمس في ما يستخرج من البحر بواسطة الغوص، من لؤلؤ أو
مرجان أو غيرهما من الجواهر التي تستخرج كذلك، سواء كان من المعادن أو
الأحياء، بشرط بلوغ قيمته النصاب بعد استثناء مؤونة الاخراج، ونصابه ثماني
عشرة حمصة من الذهب. ولا فرق في وجوب الخمس فيه بين استخراجه دفعة
واحدة أو على دفعات، والأنهار الكبيرة مثل دجلة والفرات ملحقة بالبحار في
وجوب تخميس ما يستخرج منها بالغوص، إذا فرض تكون الجوهر فيها كالبحر.
(1429) - الجواهر التي تخرج بنفسها إلى الساحل أو وجه الماء فتؤخذ من دون
غوص لا يجب فيها الخمس من هذه الناحية نعم هي ملحقة بأرباح المكاسب فيجب
336

تخميسها إذا صدق عليها التكسب بعد استثناء مؤونة السنة ولا يعتبر فيها تحقق
النصاب عندئذ. وكذا الحكم في الأسماك وغيرها من الحيوانات التي تصاد دون
حاجة إلى الغوص. أما العنبر فإن استخرج بالغوص فيجب فيه الخمس إن بلغ
قيمته النصاب (دينار أي 18 حمصة ذهب) أما إذا أخذ عن الشاطئ أو وجه الماء
فحكمه حكم الجواهر المأخوذة كذلك.
(1430) - من غاص في البحر لا بقصد استخراج شئ منه، لكنه حصل على
شئ من الجواهر اتفاقا، فإذا قصد تملك ما حصل عليه وجب فيه الخمس على الأظهر.
(1431) - من صاد حيوانا من البحر بواسطة الغوص فلا خمس فيه، لكن لو
وجد في بطن ذلك الحيوان شيئا من الجواهر فحكمه كحكم ما يجده في بطن حيوان
صحراوي، وقد مر بيانه قريبا في الكلام حول الكنز.
غنائم الحرب:
(1432) - يجب أداء الخمس من الغنائم المأخوذة في الحرب مع الكفار، إذا
كانت الحرب بأمر من الإمام (عليه السلام)، بعد استثناء مؤونة حملها وحفظها ونحو ذلك، و
بعد استثناء ما يختص بالإمام (عليه السلام) منها، وما يرى مصلحة في صرفه في موارد
معينة.
337

الأرض التي يشتريها الذمي من المسلم:
(1433) - يجب على الكافر الذمي دفع خمس الأرض التي يشتريها من مسلم،
أو تنتقل إليه بغير البيع، كالصلح مثلا، ولو دفع قيمة الخمس نقدا فلا بأس. والأظهر
عدم الفرق بين الأرض الزراعية وغيرها، أما لو اشترى من المسلم بيتا أو دكانا أو
نحوهما، فإن كان غرضه الأصلي من هذه المعاملة الأرض، أو كانت جزءا من
غرضه، بنحو وقعت المعاملة على كل من الأرض والبناء بشكل مستقل، وكان
لكل منهما قيمة مستقلة أيضا، فيجب عليه أداء خمس الأرض عندئذ، أما لو كان
غرضه من المعاملة البناء وحده، فلا خمس عليه حتى لو كانت الأرض داخلة في
المعاملة تبعا للبناء، والأحوط وجوبا لمن يأخذ الخمس من الذمي ويوصله إلى
أهله أن يؤدي عملية الأخذ والاعطاء عن نية.
(1434) - لا يسقط وجوب أداء الخمس من الأرض التي اشتراها الذمي من
المسلم ببيعها لمسلم آخر، وكذا لا يسقط الخمس عنها لو مات فورثه المسلم، فيجب
في الصورتين دفع الخمس أو قيمته من ماله الآخر.
(1435) - لو شرط الذمي عدم دفع الخمس حين شراء الأرض بطل الشرط و
صحت المعاملة، ووجب عليه على الأظهر دفع الخمس، أما لو شرط أن يدفع
البائع الخمس، فالشرط والمعاملة صحيحان كلاهما.
(1436) - إذا كان الذمي صغيرا أو مجنونا، وكان وليه هو الذي اشترى له
الأرض، فيجب على الأحوط أن يدفع الولي الخمس.
338

مصرف الخمس
(1437) - يجب أن يقسم الخمس إلى نصفين، أحدهما سهم السادة (الهاشميين و
هم من أنتسب إلى هاشم بالأب)، ويجب دفعه بإذن المجتهد الجامع للشرائط على
الأحوط إلى أيتامهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم، والآخر سهم الإمام (عليه السلام)، ويجب
دفعه في هذا العصر إلى المجتهد الجامع للشرائط، أو صرفه في المورد الذي يأذن
المجتهد بصرفه فيه مع عدم مطالبته به. لكن لو أراد المكلف دفع الخمس إلى غير من
يقلده من المجتهدين، فيشترط في جواز ذلك أن يحرز توافقه مع مرجعه في الرأي
حول صرف سهم الإمام (عليه السلام)، من ناحية الكمية والكيفية.
(1438) - يجب على من يدفع الخمس أن يؤديه بقصد القربة لله وامتثال أمره،
ووقت النية حين تسليمه المجتهد أو وكيله، أو دفعه لمستحقه بإذن المجتهد ولو وكل
شخصا في ايصاله فيكفي أن ينوي الوكيل ذلك.
(1439) - يشترط في جواز دفع الخمس لأيتام السادة أن يكونوا فقراء، و
لا يشترط ذلك في أبناء سبيلهم، فيجوز دفع سهم السادة للهاشمي المنقطع في سفر،
وإن كان غنيا في وطنه. نعم يشترط فيه ألا يكون سفره سفر معصية، وإلا لم يجز
اعطاؤه من الخمس.
(1440) - لا يجوز دفع الخمس على الأظهر لغير الشيعي الاثني عشري من
السادة وأما الاثنا عشري فيجوز دفعه له ولو لم يكن عادلا. لكن لا يجوز على
الأحوط اعطاؤه للعاصي منهم، إذا كان فيه معاونة له على الإثم، كما أن الأفضل
عدم دفعه للمتجاهر بالمعصية منهم، وإن لم يكن فيه معاونة له عليها.
339

(1441) - من كانت زوجته هاشمية، لم يجز له على الأحوط دفع ما يجب عليه
من الخمس لها، لتنفقه في مؤونتها. نعم لو وجب عليها الانفاق على أشخاص
آخرين، ولم تستطع تأمين نفقتهم، جاز له أن يعطيها من ذلك الخمس لتنفق عليهم.
وكذا الحكم في غير الزوجة، ممن تجب نفقته على المكلف أيضا، حيث لا يجوز له
على الأحوط الانفاق عليه من خمسه، لكن يجوز له تمليكه إياه ليصرفه في نفقة
أشخاص آخرين، ممن تجب على الآخذ نفقتهم إذا كان فقيرا.
(1442) - لا يجوز اعطاء الخمس لمن يدعي كونه هاشميا، إلا إذا صدقه على
ذلك شاهدان عادلان، أو كان مشهورا به بين الناس بنحو يورث اليقين أو
الاطمئنان به للمكلف، بل الأظهر كفاية حصول الظن بكونه هاشميا في جواز
اعطائه من الخمس، وإن لم يشهد له عدلان بذلك ولم يكن مشهورا به بين الناس، أو
في بلده.
(1443) - يجوز دفع الخمس للهاشمي الذي وجبت نفقته على شخص آخر، إذا
كان ذلك الشخص عاجزا عن الانفاق عليه.
(1444) - الأحوط استحبابا عدم اعطاء الهاشمي الفقير أكثر من مؤونة سنة
واحدة.
(1445) - إن لم يجد مستحقا للخمس في البلد، ولم يحتمل حصوله أيضا، أو
لم يمكن حفظ الخمس إلى حين حصوله، وجب عليه نقل الخمس إلى بلد آخر ودفعه
للمستحق، وتحسم مؤونة النقل من مال الخمس على الأظهر، وإن كان ذلك خلاف
الاحتياط. وإن تلف الخمس وجب عليه دفع بدله إن كان مفرطا في المحافظة عليه،
فإن لم يفرط فلا شئ عليه.
(1446) - إذا لم يجد مستحقا في بلده، لكنه احتمل ظهوره فيما بعد، جاز له نقل
340

الخمس إلى بلد آخر، وإن أمكن حفظه إلى حين ظهور المستحق، لكن لا يجوز له في
هذه الصورة استثناء مؤونة النقل منه. ولو تلف حين النقل من دون تقصير منه،
لم يجب عليه تحمل شئ من خسارته.
(1447) - يجوز نقل الخمس إلى بلد آخر حتى مع وجود المستحق له في بلده،
لكن تحسب مؤونة النقل على الناقل عندئذ، كما يضمن الناقل الخسارة لو تلف،
حتى لو لم يقصر في حفظه.
(1448) - يجوز للمالك دفع الخمس من مال آخر غير ما وجب فيه الخمس،
لكن عليه عندئذ أن يحسب ما يدفعه بقيمته الواقعية، فلو دفع صنفا معينا للمستحق، و
حسبه بأغلى من قيمته الواقعية، وجب عليه دفع الزيادة أيضا، حتى لو كان
المستحق راضيا من دونها.
(1449) - إذا كان للمالك دين على المستحق، وأراد أن يحتسبه من الخمس،
وجب عليه على الأحوط أن يسلم الخمس أولا، ثم يعيده إليه المستحق وفاء
للدين. نعم لو كان الاحتساب بإذن الحاكم الشرعي، لم يجب هذا الاحتياط.
(1450) - لا يجوز للمستحق أن يهب الخمس للمالك بعد أن يأخذه منه. إلا أن
يكون المالك مدينا بمبلغ كبير من الخمس، وقد افتقر، ولا يؤمل صيرورته غنيا، و
رغب في التخلص من دين أهل الخمس، فيجوز عندئذ للمستحق إذا رضي بذلك،
أن يأخذ الخمس منه ثم يهبه إياه.
(1451) - المداورة في الخمس هي تسليمه إلى الحاكم أو وكيله - أو السادة فيما
يختص بسهمهم - ثم استقراضه منهم لحاجة الدافع إليه فلو فعل المكلف ذلك لزمه في
السنة اللاحقة أن يؤديه من دون أن يستثنيه مما يجب فيه الخمس فيجب عليه
تخميس ما يفضل عن مؤونته من الربح ثم يؤدى القرض من الباقي بعد دفع خمسه،
341

ولا يجوز له استثنائه من الأرباح التي يجب فيها الخمس. فلو داور مع الحاكم ألف
دينار مثلا، ففضل عن مؤونته في السنة اللاحقة ألفان لم يجز له أن يرد الألف أولا ثم
يخمس الألف الثانية بل لا بد من تخميس الألفين أولا ثم يرد الألف التي اقترضها.
342

أحكام الزكاة
تجب الزكاة في ثلاثة أشياء:
1 - في الأنعام: الغنم بقسميها: المعز والضأن، والإبل والبقر حتى الجاموس.
2 - في النقدين: الذهب والفضة.
3 - في الغلات: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب.
(1452) - السلت والعلس - والأول بطراوة القمح وله خواص الشعير و
الثاني يشبه القمح وهو طعام أهل صنعاء - إذا صدق عليهما اسم القمح والشعير
وجبت زكاتهما وإلا فلا.
شرائط وجوب الزكاة
يعتبر في وجوب الزكاة أمور:
1 - البلوغ، فلا تجب في أموال الصبي. ولو بلغ المالك أثناء الحول فيما يشترط
فيه الحول لم تجب عليه الزكاة، وأما في الغلات الأربع فيكفي بلوغ المالك حين
وجوبها، فيجب عليه أداؤها لو بلغ عندئذ.
343

2 - العقل، فلا تجب في أموال المجنون. ويشترط كون المالك عاقلا تمام الحول
فيما يشترط فيه الحول فلو جن في قسم منه لم تجب الزكاة. ولا يشترط عدم
السكر أو الاغماء تمام العام فيما يشترط فيه الحول على الأحوط كما لا يشترط
عدمهما وقت وجوب زكاة الغلات الأربع في وجوبها.
3 - الحرية، فلا تجب الزكاة في أموال الرق.
4 - الملكية.
5 - تمكن المالك من التصرف، فلا تجب في المغصوب والمسروق، والمال
الضائع الذي لا يعلم المالك بمكانه.
6 - بلوغ النصاب، ويكفي بلوغ مجموع ما يملكه المالك ذلك وإن كان متفرقا
في عدة أماكن. كما أنه لو اشترك جماعة في ملكية مال زكوي فإنما تجب الزكاة على
من بلغت حصته النصاب منهم.
(1453) - إذا أوصي لشخص بمال مما يجب فيه الزكاة فإنما يجب أداء زكاته على
الموصى له بعد مرور حول على موت الموصي وقبول الموصى له.
(1454) - من اقترض شيئا من النقدين أو غيرهما مما تجب فيه الزكاة وبقي
عنده سنة كاملة وجب عليه أداء زكاته ولم يجب على المقرض شئ وإن كان
قد حصل تأخير في أداء القرض وكان سببه نفس المقرض على الأظهر لكن
الأحوط استحبابا للمقرض أداء الزكاة في الصورة الأخيرة.
(1455) - من حصلت له الاستطاعة للحج بعد بلوغ ماله النصاب وجب عليه
أداؤه إذا كان أوانه قبل تمام الحول فلو عصى ولم يحج وجب عليه أداء الزكاة حين
تمام الحول وإن استلزم دفع الزكاة فوات الاستطاعة منه للأعوام التالية، وأما إذا كان
تمام الحول قبل أول أشهر الحج (شوال، ذي القعدة، ذي الحجة) فيجب عليه دفع
344

الزكاة ولا يجب عليه أداء الحج عندئذ لو زالت الاستطاعة بسبب دفعها.
(1456) - من مات وعليه زكاة أو خمس أو غيرهما من الواجبات المالية التي
تتعلق بعين المال بالإضافة إلى قرض أو كفارة أو أمثالهما مما لا يتعلق بعين المال فإن
لم تف أمواله للجميع كان أداء الزكاة أو الخمس أو نحوهما مما يتعلق بعين المال مقدما
على غيره.
(1457) - من مات وقد وجب عليه كل من الحج والزكاة ولم يف ماله بهما
جميعا فإن كان المال الذي تعلقت به الزكاة باقيا كان أداء الزكاة مقدما، وإلا قسم
ماله بين الحج والزكاة بشرط أن تكون حصة الحج منه كافية لأداء أقل مراتبه، وإلا
فإن لم تف بذلك فيحتمل التخيير بين الحج والزكاة وإن كان الأحوط وجوبا اختيار
الحج خصوصا إذا كان يبقى مقدار من المال للزكاة بعد أداء الحج.
(1458) - تستحب الزكاة في غير الغلات الأربع المذكورة وذلك في كل ما تنبته
الأرض مما يكال أو يوزن بشرط ألا يكون من قبيل الخضار التي يسرع إليها
الفساد. ونصابه كالغلات الأربع أي ثلاثمائة من تبريزي.
(1459) - يستحب أداء زكاة المال الذي يتخذه الانسان رأس مال للتجارة
بشروط، منها بلوغه نصاب الذهب أو الفضة طوال العام فلو نقص عنه في قسم منه
لم تستحب زكاته.
345

زكاة الحيوان
(1460) - يشترط في وجوب الزكاة في الأنعام أمور فلا تجب بفقدان شئ منها:
1 - استقرار الملكية في مجموع الحول، فلو خرجت عن ملك مالكها أثناء
الحول ولو بالتبديل بمثلها لم تجب فيها الزكاة وكذا لو نقصت عن النصاب أثناءه. و
المراد بالحول هنا مضي أحد عشر شهرا والدخول في الشهر الثاني عشر على الأظهر لكن لا يحسب الشهر الثاني عشر من السنة الثانية على الأظهر وبمجرد
دخول الشهر الثاني عشر لا يجوز للمالك التصرف فيها بنحو تتلف فيه وإلا كان
ضامنا. وابتداء السنة فيها من حين تملكها، وفي نتاجها من حين ولادتها.
2 - السوم، فلو كانت معلوفة أو رعت من زراعة للمالك أو لغيره - ولو في
بعض السنة - لم تجب فيها الزكاة. نعم لا يقدح في صدق السوم علفها قليلا، والعبرة
فيه بالصدق العرفي.
3 - يشترط في وجوب الزكاة في البقر والإبل زائدا على ما ذكر أن لا تكون
عوامل، فلو استعملت - ولو في بعض الحول - في السقي أو الحمل أو نحو ذلك لم تجب
الزكاة فيها. والمرجع في تحديد كونها عوامل وعدمه العرف.
(1461) - في الغنم خمسة نصب:
1 - أربعون، وفيها شاة وما لم تبلغ الغنم أربعين فلا زكاة فيها.
2 - مائة وإحدى وعشرون، وفيها شاتان.
3 - مائتان وواحدة، وفيها ثلاث شياه.
4 - ثلاثمائة وواحدة، وفيها أربع شياه.
346

5 - أربعمائة فصاعدا، ففي كل مائة شاة. ولا شئ في ما بين النصابين، ويعتبر
في الشاة المخرجة زكاة أن تكون داخلة في السنة الثالثة إن كانت معزا، ويكفي أن
تكون داخلة في السنة الثانية إن كانت ضأنا. بل الأظهر فيها كفاية إتمامها سبعة
أشهر.
(1462) - في الإبل اثنا عشر نصابا:
1 - خمس، وفيها شاة. ولا زكاة في الإبل قبل بلوغ الخمس.
2 - عشر، وفيها شاتان.
3 - خمس عشرة، وفيها ثلاث شياه.
4 - عشرون، وفيها أربع شياه.
5 - خمس وعشرون، وفيها خمس شياه.
6 - ست وعشرون، وفيها بنت مخاض، وهي الداخلة في السنة الثانية و
لامها شأنية الحمل.
7 - ست وثلاثون، وفيها بنت لبون، وهي الداخلة في السنة الثالثة ولامها
شأنية الحمل.
8 - ست وأربعون، وفيها حقة، وهي الداخلة في السنة الرابعة ولها شأنية
الحمل.
9 - إحدى وستون، وفيها جذعة، وهي التي دخلت في السنة الخامسة.
10 - ست وسبعون، وفيها بنتا لبون.
11 - إحدى وتسعون، وفيها حقتان.
12 - مائة وإحدى وعشرون فصاعدا، وفيها حقة لكل خمسين، وبنت
لبون لكل أربعين، بمعنى أنه يتعين عدها بما يكون عادا لها من خصوص الخمسين،
347

أو الأربعين على الأحوط بل الأظهر ويتعين عدها بهما إذا لم يكن واحد منهما عادا
له، ويتخير بين العدين إذا كان كل منهما عادا له أو العد بهما فتراعى على وجه
يستوعب الجميع ما عدا النيف بين العقدين من الواحد إلى التسعة.
(1463) - في البقر نصابان:
1 - ثلاثون، وزكاتها تبيع أو تبيعة وهو ما دخل منها في السنة الثانية، و
لامها شأنية الحمل.
2 - أربعون وزكاتها مسنة، وهي الداخلة في السنة الثالثة ولامها شأنية
الحمل، وفي ما زاد على أربعين يعد بثلاثين أو أربعين ويجب مراعاة المطابقة هنا
أيضا كما مر في النصاب الثاني عشر من نصب الإبل الذي يعد بأربعين وخمسين
" على التفصيل المتقدم ". ولا شئ فيما بين النصابين في البقر والإبل كما تقدم في
الغنم.
(1464) - لا يجوز إخراج المريض زكاة، إذا كان جميع النصاب في الأنعام
صحاحا، كما لا يجوز إخراج المعيب إذا كان النصاب بأجمعه سليما، وكذلك لا يجوز
إخراج الهرم إذا كان الجميع شبابا، أما مع الاختلاف بأن كان بعضها سليما والآخر
معيوبا أو بعضها مريضا والآخر صحيحا أو بعضها هرما والآخر شابا فيستحب
ملاحظة المجموع واخراج المتوسط زكاة وإن كان الأظهر كفاية اخراج ما صدق
عليه اسم الحيوان. نعم إذا كان كل واحد من أفراد النصاب مريضا أو معيبا أو هرما
جاز الاخراج منها.
(1465) - لو تلف شئ من الأنعام أثناء الحول. فإن نقص الباقي عن النصاب
لم تجب الزكاة فيه، وإلا وجبت الزكاة في ما بقي منها.
348

زكاة النقدين
يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة ثلاثة أمور:
الأول: بلوغ النصاب كما مر، ولكل منهما نصابان، ولا زكاة فيما لم يبلغ
النصاب الأول منهما، ولا في ما بين النصابين. فنصابا الذهب: خمسة عشر مثقالا
صيرفيا، ثم ثلاثة فثلاثة. ونصابا الفضة: مائة وخمسة مثاقيل، ثم واحد و
عشرون، فواحد وعشرون مثقالا وهكذا. والمقدار الواجب إخراجه في كل منها
ربع العشر.
الثاني: أن يكونا مسكوكين بالسكة المتداولة الرائجة، وتجب الزكاة فيهما
عندئذ حتى لو كانت قد محيت السكة عنهما.
(1466) - لا زكاة في سبائك الذهب والفضة، والأواني المتخذة منهما، وفي
غير ذلك مما لا يكون مسكوكا. وتجب الزكاة في المسكوك المتخذ حلية الباقي على
رواجه في المعاملات. وأما إذا خرج بذلك عن رواج المعاملات فلا إشكال في عدم
وجوب الزكاة فيه.
الثالث: استقرار الملكية في مجموع الحول كما تقدم في زكاة الأنعام بأن يبقى في
ملك مالكه واجدا للشروط تمام الحول، فلو نقص عن النصاب لم تجب الزكاة فيه و
كذا على الأظهر لو خرج عن ملكه أثناء الحول، ولو بالتبديل بمثله أو ألغيت سكته
- ولو بجعله سبيكة - لكن يكره القيام بمثل هذه التصرفات لأجل الفرار من دفع
الزكاة، ويتم الحول بمضي أحد عشر شهرا، ودخول الشهر الثاني عشر.
(1467) - لا فرق في وجوب الزكاة في النقدين بين الخالص والمغشوش إذا بلغ
349

الخالص منه النصاب بمفرده وإلا لم تجب الزكاة فيه. وإذا شك في بلوغ الخالص
النصاب لم تجب الزكاة أيضا لكن الأحوط التحقيق من خلال تصفيته ونحوها مما
يعلم به مقدار الخالص أو دفع الزكاة المحتمل وجوبها احتياطا من دون فحص أو
تحقيق.
(1468) - إذا كان لديه من النقدين ما هو مغشوش بالمقدار المتعارف لم يجز له
اخراج زكاتهما من نقدين مغشوشين أزيد من المتعارف إلا إذا دفع مقدارا يعلم
بوجود مقدار من الذهب والفضة الخالصين فيه يساوي ما عليه من الزكاة
فلا إشكال عندئذ ولا ينوي الزكاة في المقدار الزائد الذي يدفعه حينئذ بل ينوي به
الهدية والاحسان.
(1469) - من كان لديه من النقدين صنفان جيد وردئ جاز له اخراج زكاة
الجيد من الجيد والردئ من الردئ لكن الأفضل أن يدفع زكاة الجميع من الصنف
الجيد وإن جاز له على الأظهر أن يدفع زكاة الجميع من الصنف الردئ أيضا.
(1470) - تجب الزكاة في النقدين في كل سنة، فلو أداها في السنة الأولى وكان
الباقي بحد النصاب وجبت الزكاة في السنة الثانية أيضا، وهكذا. وهكذا الحال في
الأنعام.
350

زكاة الغلات الأربع
يعتبر في وجوب الزكاة في الغلات الأربع أمران:
الأول: بلوغ النصاب، ولها نصاب واحد وهو تقريبا 288 منا تبريزيا (و
هذا بنظر بعض أهل الفن يساوي 847 كيلو غرام تقريبا، وبنظر أدق لبعض آخر
يساوي 194 / 849 كيلو. والأقل هو الموافق للاحتياط). ولا زكاة فيما دون
النصاب. وما بلغه ففيه الزكاة، وكذا في الزائد عليه ولو كان قليلا.
الثاني: الملكية حال تعلق الزكاة بها، فلا زكاة فيها إذا تملكها الإنسان بعد
تعلق الزكاة بها. كما أنه تجب زكاتها على من ملكها قبل تعلق الزكاة إذا اجتمعت
فيها شرائط الوجوب وهي في ملكه ولو باع الزرع والشجر بعد وجوبها لم تسقط
عنه الزكاة بل يجب عليه أداؤها عندئذ.
(1471) - الأظهر والأحوط إن وقت تعلق الزكاة في القمح والشعير هو وقت
انعقاد حباتها واشتدادها وفي الزبيب هو صيرورته حصرما وفي التمر وقت بداية
اصفراره أو احمراره، أما وقت اخراجها ففي القمح والشعير حين حصادهما و
درسهما وفي التمر حين اجتنائه وفي الزبيب حين يبسه.
(1472) - المدار في بلوغ النصاب ملاحظة حال الجفاف وإن كان زمان التعلق
قبل ذلك فلو كان عنده ما يبلغ النصاب من التمر حال كونه رطبا لكنه ينقص عنه
حال الجفاف لم تجب فيه الزكاة حتى أن بعض أنواع التمر الذي يؤكل رطبا إنما تجب
الزكاة فيه إذا بلغ النصاب بعد صيرورته تمرا.
(1473) - إنما يجوز للساعي المكلف من قبل الحاكم الشرعي بجمع الزكاة أن
يطالب المالك بها حين وجوب أدائها أي دراسة القمح والشعير وتصفية الغلة وبعد
351

جفاف التمر والعنب ويلزمه القبول، أما لو طالبه قبله فلا يجب عليه القبول
.
(1474) - يجوز تعيين مقدار ثمر النخل والكرم وما يجب فيهما من الزكاة
بخرص أهل الخبرة بإذن الولي، ووقته بعد بدو الصلاح وفائدته جواز تصرف
المالك في الثمر كيف شاء بعده. والخرص بإذن الولي مع التمكن أو العدل الخبرة
أو العدلين الضابطين أو نفس المالك بالترتيب مع عدم التمكن من المقدم مؤثر
(1475) - لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلا مرة واحدة، فإذا أدى زكاتها
لم تجب في السنة الثانية. ولا يشترط فيها الحول. وبهذين تفترق عن النقدين و
الأنعام.
(1476) - من كان له زراعة في أماكن متفرقة يختلف مواسم محاصيلها لكن يعد
الحاصل من الغلات الأربع فيها محصول سنة واحدة فإن بلغ ما يحصل في بعضها أولا
نصاب الزكاة وجب اخراجها منه ثم انتظار محصول الأماكن الأخرى لدفع زكاتها
أيضا. أما إذا لم يبلغ ما نتج أولا النصاب صبر إلى أن يخرج محصول يكمل به النصاب
من الأماكن الأخرى فإذا بلغ مجموع المحصول في بعض الأماكن أو كلها النصاب
وجب اخراج الزكاة منه ولا تجب الزكاة لو كان حاصل المجموع أقل من النصاب.
(1477) - إذا صرف شيئا مما تعلقت به الزكاة في مؤونته ومؤونة عياله أو
غير ذلك قبل اخراج الزكاة وجب عليه أداء زكاة ما صرفه واستهلكه أيضا.
(1478) - إذا كانت أشجار النخيل أو العنب تنتج مرتين في العام فإن بلغ مجموع
الناتج فيهما النصاب وجب أداء الزكاة على الأظهر.
(1479) - إذا حصل لديه محصول من التمر أو العنب أول نضجه يبلغ بعد يبسه
النصاب جاز له أن يدفع مقدارا منه للفقير بنية الزكاة قبل أن يجف ويتيبس بشرط
أن يكون ذلك المقدار يفي وزنه بعد أن يجف بما عليه من زكاة.
352

(1480) - يختلف مقدار الزكاة في الغلات باختلاف الصور الآتية:
الأولى: أن يكون سقيها بالمطر، أو بماء النهر، أو بمص عروقها الماء من
الأرض ونحو ذلك مما لا يحتاج السقي فيه إلى العلاج، ففي هذه الصورة يجب إخراج
عشرها (10 %) زكاة.
الثانية: أن يكون سقيها بالدلو والرشا والدوالي والمضخات، ونحو ذلك،
ففي هذه الصورة يجب إخراج نصف العشر (5 %).
الثالثة: أن يكون سقيها بالمطر أو نحوه تارة، وبالدلو أو نحوه تارة أخرى، و
لكن كان الغالب أحدهما، ففي هذه الصورة يجري عليه حكم الغالب.
الرابعة: أن يكون سقيها بالأمرين على نحو الاشتراك، بأن لا يزيد أحدهما
على الآخر، ففي هذه الصورة يجب إخراج ثلاثة أرباع العشر.
(1481) - يعتبر على الأظهر في بلوغ الغلات حد النصاب استثناء ما صرفه
المالك في المؤن، فلو كان الحاصل يبلغ حد النصاب ولكنه إذا وضعت المؤن لم يبلغه،
لم تجب الزكاة فيه على الأظهر. وما تأخذه الحكومة من أعيان الغلات لا تجب زكاته
على المالك. وكذا ما تأخذه نقدا باسم الخراج.
(1482) - إذا زرع شيئا من الغلات التي تجب الزكاة فيها مع ما لا تجب فيه
الزكاة في قطعة أرض واحدة فإنما يستثني من كل منها مؤونته ومصارفه الخاصة بها
لو كان لكل منهما مؤونة خاصة، أما لو كان قد بذل مصارف على الأرض مشتركة
بين الزكوي وغيره فالواجب تقسيمه عليهما بالنسبة. ويستثنى من الغلة الزكوية
حصتها الخاصة بها.
(1483) - المؤونة التي يبذلها لسنة معينة تستثنى من محصولها وإن استفيد منها
في سنوات أخرى كفلاحة الأرض مثلا. أما المؤونة التي تبذل عن عدة سنوات
353

فيتخير بين احتسابها من مؤونة السنة الأولى وبين تقسيمها على جميع السنين.
(1484) - لا يعتبر في وجوب الزكاة أن تكون الغلة في مكان واحد، فلو كان له
نخيل أو زرع في بلد لم يبلغ حاصله حد النصاب، وكان له مثل ذلك في بلد آخر، و
بلغ مجموع الحاصلين في سنة حد النصاب وجبت الزكاة فيه.
(1485) - إذا ملك شيئا من الغلات وتعلقت به الزكاة ثم مات وجب على
الورثة إخراجها. وإذا مات قبل تعلقها به انتقل المال بأجمعه إلى الورثة، فمن بلغ
نصيبه حد النصاب - حين تعلق الزكاة به - وجبت عليه، ومن لم يبلغ نصيبه حده
لم تجب عليه.
(1486) - من ملك نوعين من غلة واحدة: كالحنطة الجيدة والرديئة: جاز له
إخراج الزكاة منهما مراعيا للنسبة، ولا يجوز إخراج تمامها من القسم الردئ.
(1487) - لو مات المالك بعد تعلق وجوب الزكاة وكان عليه دين وجب على الأظهر اخراج الزكاة من المال الذي تعلقت به، ثم أداء القرض.
(1488) - إذا مات المالك قبل تعلق الزكاة وعليه دين فإن كان غير مستوعب
للتركة فالأظهر وجوب الزكاة على الوارث إذا بلغت حصته النصاب بعد استثناء ما
يقابل الدين في صورة عدم أدائه من مال آخر وأما إذا كان مستوعبا فالأظهر بناء
على مالكية الوارث للتركة فيه وجوب الزكاة أيضا على من بلغت حصته النصاب
حتى فيما كان موته بعد ظهور الثمر وقبل بدو صلاحه الذي هو وقت تعلق الزكاة على
اشكال فيه.
(1489) - إذا اشترك اثنان أو أكثر في غلة - كما في المزارعة وغيرها - لم يكف
في وجوب الزكاة بلوغ مجموع الحاصل حد النصاب، بل يختص الوجوب بمن بلغ
نصيبه النصاب.
354

أحكام الزكاة
(1490) - يعتبر نية القربة في أداء الزكاة فيجب أن يقصد المعطي بها امتثال أمر
الله تعالى. ولو وجب عليه اخراج مال آخر غير الزكاة لزمه تعيين كون ما يدفعه
زكاة لكن لو وجب عليه زكاة الفطرة بالإضافة إلى زكاة المال لم يجب ذلك بل يكفيه
أن يقصد بما يدفعه امتثال الواجب عليه وكذا لو وجب عليه زكاة صنفين كالحنطة و
الشعير فلا يجب عليه أن ينوي إن ما يدفعه زكاة عن أحدهما المعين مثلا. بل يكفي
أن يقصد بما يعطيه أداء الزكاة وإن تعددت أصناف ما يجب عليه أداؤها فيه.
(1491) - من وكل شخصا في دفع الزكاة عنه فيكفيه على الأظهر أن ينوي
الوكيل أداءها عنه حين تسليمها للفقير.
(1492) - لو دفع المالك أو الوكيل الزكاة إلى الفقير بدون قصد القربة فيكفي أن
ينوي المالك كون ما دفع زكاة فيما لو كانت عينه باقية وتحسب له زكاة.
(1493) - المخالف إذا استبصر لم يجب عليه إعادة عباداته التي أتى بها وفق
مذهبه إلا الزكاة فيجب عليه دفعها ثانية للفقير الشيعي إلا أن يكون قد دفعها منذ
البداية للشيعي مع تحقق قصد القربة منه فلا تجب إعادتها عندئذ.
(1494) - لا يجوز دفع الزكاة في غيبة الإمام (عليه السلام) لمن غصب منصبه لكن دفعها
إلى الفقيه الجامع للشرائط بمنزلة دفعها إلى الإمام المعصوم (عليه السلام) على الأقوى.
(1495) - يجب اخراج الزكاة أو عزلها حين حلول وقت أدائها ويجوز تأخير
أدائها بعد عزلها انتظارا لفقير معين أو لأجل اعطائها لفقير يمتاز بجهة أرجحيته على
غيره.
355

(1496) - لا يجب اخراج الزكاة من عين ما تعلقت به فيجوز إعطاء قيمتها من
النقود وغيرها هذا في الغلات الأربع والنقدين، أما زكاة الأنعام فيجوز دفع قيمتها
على الأظهر من النقود والأحوط وجوبا الاقتصار في اعطاء القيمة من غيرها على
ما لو رضي الآخذ بذلك فيجوز عندئذ اعطاء القيمة من أي شئ رضي به. والمراد
من القيمة، القيمة وقت اخراج الزكاة ودفعها للمستحق.
(1497) - يجوز إعطاء الفقير الزكاة ولا يعتبر إعلامه بالحال.
(1498) - إذا أدى الزكاة إلى من يعتقد فقره، ثم انكشف خلافه أو إلى
غير الفقير جهلا منه بالحكم استردها إذا كانت عينها باقية، واسترد بدلها مع
الامكان إذا تلفت العين وقد علم الآخذ أو احتمل أن ما أخذه زكاة مع علمه بكونه
ليس فقيرا واحتماله استرداد ذلك الشئ منه. وأما إذا لم يكن الآخذ عالما بذلك
فلا ضمان عليه على الأظهر ولو ادعى أنه لم يكن عالما بكون ما أخذه مال زكاة
فالقول قول المعطي لو ادعى أنه أعطاه إياه بعنوان الزكاة، وله حق أخذ عين المال
مع بقائه لكن يجوز له تركه أيضا وأداء الزكاة من مال آخر مرة ثانية. نعم إذا كان
أداؤه مستندا إلى الحجة الشرعية فالأظهر عدم الضمان مع عدم امكان الاسترجاع.
وإذا سلم الزكاة إلى الحاكم الشرعي فصرفها في غير مصرفها باعتقاد أنه مصرف
لها برئت ذمة المالك، ولا يجب عليه إخراجها ثانيا.
(1499) - يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر. وإذا كان في بلد النقل مستحق
أو مصرف يصرفها فيه كانت أجرة النقل على المالك، ولو تلفت الزكاة عندئذ
ضمنها إلا إذا كان النقل بطلب من الحاكم الشرعي، وإذا لم يجد المستحق أو المصرف
الذي يصرفها فيه في بلده وجب عليه نقلها إذا لم يكن يرجو ظهور مستحق فيما بعد
فلو نقلها عندئذ لغاية الايصال إلى مستحقه كانت الأجرة على الزكاة وإن كان
356

الأحوط استحبابا أداء الأجرة من ماله، ولم يضمنها إذا تلفت بغير تفريط.
(1500) - لا يجب المبادرة إلى دفع الزكاة للمستحق بعد عزلها بل يجوز عزلها و
إبقاؤها عنده أمانة، لكن الأحوط استحبابا عدم تأخيرها مع تيسر ايصالها
للمستحق أو سائر المصارف ثم لو تلفت بعد عزلها بغير تفريط لم يضمنها، إلا إذا كان
في البلد مستحقها وتساهل في إيصالها إليه فيضمن عندئذ على الأظهر.
(1501) - لا يجوز تبديل ما عزله للزكاة بشئ آخر بعد عزله.
(1502) - لو تاجر بمال الزكاة بعد عزله كان أصل المال وربحه للفقير وجبران
الخسارة لو حصلت على من تاجر.
(1503) - يكره لرب المال أن يطلب من الفقير تملك ما دفعه إليه صدقة ولو
مندوبة سواء كان التملك مجانا أو بعوض، لكن لو أراد المستحق بيع ما أخذه زكاة بعد
تقويمه كان المعطي مقدما على غيره.
(1504) - تدفع أجرة وزن وكيل الغلات من الزكاة على الأظهر فيما لو لم يدفعها
المالك أو لم يتصالح مع الفقير حولها.
357

موارد صرف الزكاة
تصرف الزكاة في ثمانية موارد:
الأول والثاني: الفقراء والمساكين. والمراد بالفقير من لا يملك قوت سنته
- لنفسه وعائلته - بالفعل وبالقوة. فلا يجوز إعطاء الزكاة لمن يجد من المال ما يفي
بمصرفه ومصرف عائلته مدة سنة، أو كانت له صنعة أو حرفة يتمكن بها من إعاشة
نفسه وعائلته، وإن لم يملك ما يفي بمؤونة سنته بالفعل، والمسكين أسوأ حالا من
الفقير كمن لا يملك قوته اليومي.
(1505) - يجوز إعطاء الزكاة لمن يدعي الفقر إذا علم فقره سابقا، ولم يعلم غناه
بعد ذلك. وأما من علم غناه سابقا أو لم يعلم فقره، فيجوز أن يعطى من الزكاة إذا
ادعى الفقر فيما إذا حصل الظن بفقره من ظاهر حاله.
(1506) - الفقير القادر على تعلم صنعة أو مهنة يعتاش منها دون حرج يجب
عليه ذلك على الأحوط وترك الاعتياش من الزكاة، لكن يجوز له أخذ الزكاة أثناء
تعلمها.
(1507) - يجوز للتاجر وصاحب المهنة الذي لا تفي تجارته أو صنعته بمؤونة
سنته جبرها من الزكاة ولا يجب عليه بيع أدوات مهنته أو صرف رأس ماله
التجاري إلا أن يكون مقدارها كبيرا بنحو يمكنه بعد تبديلها بشئ آخر أن يعتاش
بالمتبقي من قيمتها من دون عسر أو مشقة حيث يجب عليه القيام بذلك عندئذ.
(1508) - لا يضر بالفقر التمكن من الصنعة غير اللائقة بالحال، فلا بأس باعطاء
الزكاة لمن يتمكن من الإعاشة بمهنة وصنعة لا تناسب شأنه، وأيضا لا يضر بالفقر
358

تملك ما يحتاج إليه من وسائل حياته اللائقة بشأنه، فيجوز إعطاء الزكاة لمن يملك
دارا لسكناه وفرسا لركوبه وغير ذلك. ومن هذا القبيل حاجاته في صنعته ومهنته.
نعم إذا ملك ما يزيد على ذلك وأمكنه بيعه والإعاشة بثمنه سنة لم يجز له أخذ
الزكاة.
الثالث: العاملون عليها من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإمام (عليه السلام)، أو الحاكم
الشرعي أو نائبه.
الرابع: المؤلفة قلوبهم. وهم طائفة من الكفار يميلون إلى الإسلام، أو
يعاونون المسلمين باعطائهم الزكاة، وطائفة من المسلمين يتقوى إسلامهم بمعنى
الايمان الخاص بذلك.
الخامس: العبيد تحت الشدة أو المكاتبون المسلمون العاجزون عن أداء مال
الكتابة، فيشترون من الزكاة ويعتقون.
السادس: الغارمون. فمن كان عليه دين وعجز من أدائه، جاز أداء دينه
من الزكاة، وإن كان متمكنا من إعاشة نفسه وعائلته سنة كاملة بالفعل أو بالقوة.
(1509) - يعتبر في الدين أن لا يكون قد صرف في حرام وإلا لم يجز أداؤه من
الزكاة وإن تاب بعده على الأظهر ولا يعتبر استحقاق الدائن لمطالبته، فلو كان عليه
دين مؤجل لم يحل أجله جاز أداؤه من الزكاة.
السابع: سبيل الله. كتعبيد الطرق، وبناء الجسور، والمستشفيات وملاجئ
للفقراء، والمساجد، والمدارس الدينية، ونشر الكتب الاسلامية وغير ذلك من
المصالح العامة التي فيها نفع للاسلام والمسلمين.
الثامن: ابن السبيل. وهو المسافر الذي نفدت نفقته أو تلفت راحلته، و
لا يتمكن معه من الرجوع إلى بلده، وإن كان غنيا فيه فيعطى ما يكفي لإيصاله إلى
359

بلده. ويعتبر فيه أن لا يجد ما يبيعه ويصرف ثمنه في وصوله إلى بلده، وأن لا يتمكن
من الاستدانة بغير حرج، ويعتبر فيه أيضا أن لا يكون سفره في معصية، فإذا كان
شئ من ذلك لم يجز أن يعطى من الزكاة.
(1510) - إذا فضل مع ابن السبيل شئ مما أخذه من الزكاة بعد الوصول إلى
بلده فإن كان ايصاله إلى صاحب المال أو وكيله مستلزما للمشقة وجب عليه
تسليمه للحاكم الشرعي واخباره بكونه مال زكاة فإن لم يمكن تسليمه للحاكم
أعطاه لعدول المؤمنين ليصرفوه في مصارفه فإن لم يمكن جاز له صرفه في موارده
بنفسه.
(1511) - يعتبر في مستحق الزكاة أمور:
1 - الإيمان، ويستثنى من ذلك المؤلفة قلوبهم، ومن يمكن صرف الزكاة فيه
من سهم سبيل الله. ولا فرق في المؤمن بين البالغ وغيره. ويعطيها المالك لوليه إن
كان طفلا أو مجنونا فإن لم يتمكن من الوصول إليه جاز له أن يصرفها عليه بنفسه
أو بواسطة شخص مأمون. ويجب نية القربة حين الصرف. ولو كان الطفل مميزا و
اطمأن إلى أنه يصرفها في الموارد التي يصرفها فيها وليه جاز له اعطاؤه إياها و
كذا للسفيه مع اعلام وليه.
2 - الأحوط عدم اعطائها لمرتكب الكبيرة والمنكرات كتارك الصلاة أو
شارب الخمر خصوصا إذا كان متجاهرا بالفسق إلا بمقدار يفي بضرورياته و
ضروريات عائلته.
3 - أن لا تجب نفقته على المالك، فلا يجوز إعطاؤها لمن تجب نفقته كالولد و
الأبوين والزوجة الدائمة، ولا بأس باعطائها لهم لينفقوا على من تجب نفقته عليهم.
فإذا كان الوالد فقيرا وكانت له زوجة يجب نفقتها عليه، جاز للولد أن يعطي زكاته
360

له لذلك.
(1512) - يجوز للزوج الانفاق على المتمتع بها من الزكاة إذا كانت فقيرة إلا إذا
كانت قد اشترطت عليه الانفاق عليها في العقد أو وجب ذلك عليه لسبب آخر ففي
تلك الصورة إن تمكن من الانفاق عليها أو تمكنت هي من اجباره على ذلك لم يجز
اعطاؤها الزكاة.
(1513) - يختص عدم جواز إعطاء الزكاة - لمن تجب نفقته على المالك - بما إذا
كان الاعطاء بعنوان الفقر، فلا بأس باعطائها له بعنوان آخر، كما إذا كان مديونا، أو
ابن سبيل أو نحو ذلك
(1514) - يجوز للزوجة أن تدفع زكاتها للزوج إذا كان فقيرا وإن كان
سيصرف ما تعطيه إياه عليها.
(1515) - لا يجوز اعطاء الزكاة لمن تجب نفقته على شخص آخر وهو قائم بها،
فإن لم يقم بها - لعجز أو لعصيان - جاز اعطاؤها له.
4 - أن لا يكون هاشميا، فلا يجوز إعطاء الزكاة للهاشمي من سهم الفقراء، أو
من غيره. ويستثنى من ذلك ما إذا كان المعطي هاشميا، فلا تحرم على الهاشمي زكاة
مثله. وأما إذا اضطر الهاشمي إلى زكاة غير الهاشمي فيعطى منها والأحوط عدم
التجاوز عن قدر ضرورة سنته كما أن الأحوط جواز أخذه ما دام لم يكن عنده
كفاية سنته وسنة من يجب عليه نفقته فإن تمكن في أثناء السنة أعاد الزكاة أو صرفها
في مصارفها بإذن أهلها وأخذ لنفسه من الخمس.
(1516) - لا بأس بأن يعطى الهاشمي - غير الزكاة - من الصدقات الواجبة أو
المستحبة، وإن كان المعطي غير هاشمي، والأحوط الأولى أن لا يعطي من
الصدقات الواجبة كالمظالم والكفارات.
361

(1517) - لا تجب قسمة الزكاة على موارد صرفها، فيجوز صرفها في مورد
واحد منها. ويستحب التقسيم فيما إذا وفت الزكاة به بلا مزاحم كما لا يجب في كل
صنف البسط على أفراده وإن تعددت.
(1518) - الأولى أن لا يعطى للفقير من الزكاة أقل من خمسة دراهم عينا أو
قيمة، ولا بأس باعطائه الزائد، بل يجوز أن يعطي ما يفي بمؤونته ومؤونة عائلته
سنة واحدة. بل يجوز أن يعطى أكثر من ذلك دفعة واحدة إذا لم يستلزم ذلك
الاجحاف بحق الفقراء الآخرين كأن يعطي الجميع زكاتهم لفقير واحد بحيث يقع
بقية الفقراء في المشقة والضيق، فإنه لا يخلو من اشكال. وأما إذا أعطي تدريجا حتى
بلغ مقدار مؤونة سنة نفسه وعائلته لم يجز اعطاؤه الزائد عليه.
362

زكاة الفطرة
تجب الفطرة على كل مكلف اجتمعت فيه عند اهلال هلال شوال الشروط
التالية:
1 - البلوغ.
2 - العقل. فلا تجب على من أهل عليه هلال شوال وهو مجنون أو مغمى عليه.
3 - الحرية.
4 - الغنى. ويتحقق بامتلاك مؤونته ومؤونة عياله الواجبي النفقة سنة فعلا،
أما من لم يمتلكها فعلا لكنه كان يحصلها بالتدريج ويصرفها في حاجاته فإن كان
متمكنا من أداء زكاة الفطرة - عدا ما يصرفه في مؤونته - ولو بالاقتراض ونحوه
لكن بشكل لا تختل به أمور معاشه ولا يستلزم حرجا وإجحافا بحقه وجب عليه
على الأحوط أداؤها.
(1519) - يجب على المكلف اخراج الفطرة عن نفسه وعمن يعوله عند غروب
ليلة العيد، سواء في ذلك من تجب نفقته عليه وغيره، مسلما كان أم كافرا، صغيرا أم
كبيرا، عاقلا أم غير عاقل، وسواء فيه المسافر والحاضر. لكن لا يجب دفع الفطرة
عن الزوجة الناشزة على زوجها إذا لم تعد في عيلولته.
(1520) - يجب على المضيف أداء زكاة الفطرة عن الضيف إذا نزل عليه قبل
اهلال هلال شوال بشرط أن يكون قد قصد المضيف لتناول الطعام حتى لو حصل
مانع عن تناوله فيما بعد. أما لو أرسل طعاما هدية لشخص عند رؤية الهلال فلا يجب
على المرسل أداء فطرته وإن أفطر على ماله إلا إذا كانت هذه الهدية مستمرة و
363

صدق عليه أنه في عيلولته أو ضيفه.
(1521) - يجب أداء زكاة الفطرة على الصبي إذا بلغ قبل غروب ليلة العيد وكذا
على المجنون إذا أفاق وعلى المغمى عليه إذا استيقظ وعلى الكافر إذا أسلم وعلى
الفقير إذا صار غنيا في ذلك الوقت مع اجتماع سائر الشروط الأخرى. أما من حل
الغروب ليلة الفطر دون أن تجتمع فيه الشرائط فلا يجب عليه أداؤها، نعم يستحب له
أداؤها فيما لو اكتملت الشروط قبل ظهر يوم العيد.
(1522) - المخالف إذا استبصر وجب عليه أداء الفطرة ولو كان استبصاره بعد
الغروب.
(1523) - من كان في عيلولة شخص لكنه انتقل إلى عيلولة شخص آخر قبل
غروب ليلة العيد وجبت فطرته على من أنتقل إلى عيلولته. وذلك كالعروس تزف
إلى بيت زوجها قبل غروب ليلة العيد فتجب فطرتها على الزوج.
(1524) - لا تجب أداء فطرة المولود إذا ولد بعد الغروب من ليلة العيد و
لا الداخل في عيلولة الشخص كذلك وإن استحب اخراجها لو كانت الولادة أو
الدخول في العيلولة ما بين الغروب إلى ظهر يوم العيد.
(1525) - من وجبت فطرته على شخص آخر لم يجب عليه أداؤها بنفسه حتى
لو لم يؤدها ذلك الشخص. ولو أداها بنفسه لم تسقط عمن وجبت عليه على
الأحوط إلا أن يكون بإذنه وبقصد النيابة عنه حيث لا يبعد اجزاؤها عندئذ.
(1526) - تجب فطرة الرضيع على من ينفق على المرضعة، ولو كانت المرضعة
تعتاش من مال الطفل لم تجب فطرته على أحد.
(1527) - يجب اخراج زكاة الفطرة من مال حلال حتى لو كانت عن أشخاص
يعولهم المخرج من المال الحرام.
364

(1528) - من مات بعد الغروب من ليلة العيد، وجب اخراج فطرته وفطرة
من يعوله من تركته. أما من مات قبل الغروب فلا يجب اخراج فطرته وفطرة من
يعوله من تركته.
(1529) - المرأة التي لا ينفق عليها زوجها إذا كانت في عيلولة شخص آخر،
وجبت فطرتها على المعيل. أما إذا لم تكن في عيلولة أحد فيجب عليها أداء الفطرة
بنفسها مع غناها واجتماع سائر الشرائط.
(1530) - لو كانت الزوجة تنفق على الزوج لفقره وحاجته، تجب فطرته عليها
ولو دفع الزوج فطرة الزوجة عندئذ مع فقره وشدته هذه فسقوطها عن الزوجة
لا يخلو من وجه.
(1531) - لا يجب أداء الفطرة عن الأجير، كالبناء والنجار والخادم، إذا كانت
معيشتهم على أنفسهم، ولم يعدوا من عائلة المستأجر. وأما فيما إذا كانوا في عيلولته
فيجب عليه أداء فطرتهم.
(1532) - لا تحل فطرة غير الهاشمي للهاشمي، والعبرة بحال المعطي نفسه
لا بعياله، فلو كانت زوجة الرجل هاشمية وهو غير هاشمي لم تحل فطرتها لهاشمي. ولو
انعكس الأمر حلت فطرتها له.
(1533) - يستحب للفقير الذي لا يملك إلا صاعا واحدا اخراج الفطرة عنه و
عمن يعوله وذلك بأن يعطيه عن نفسه لأحد عائلته وهو يعطيه إلى آخر منهم، و
هكذا يفعل جميعهم حتى ينتهي إلى الأخير منهم، والأفضل أن يعطيها الأخير إلى
فقير غيرهم.
365

مقدار الفطرة ونوعها وسائر أحكامها:
(1534) - يجوز اعطاء زكاة الفطرة من الحنطة أو الشعير، أو التمر أو الزبيب
(الكشمش) أو الأرز أو الذرة وغيرها مما يأكله غالبية الناس ويجوز دفع قيمتها
نقدا لكن الأحوط الأولى الاقتصار على الأربعة الأولى أو قيمتها نقدا، ولا يجزي
اخراج الفطرة من القسم المعيب، ومقدار الفطرة صاع وهو أربعة أمداد، وهي
تعادل ثلاث كيلوات تقريبا. ويشترط في أدائها نية القربة بأن يقصد أداءها امتثالا
لأمر الله تعالى.
(1535) - لا يجزي اعطاء أقل من صاع في زكاة الفطرة فلو اختلط ما يدفعه من
الطعام بشئ آخر من تراب وغيره اعتبر بلوغ خالصه صاعا إلا أن يكون المخلوط
به قليلا بنحو لا يكون ملحوظا معه كما لا يجزي اعطاء المخلوط إن استلزم تخليصه مما
فيه نفقة أو عملا زائدا على المتعارف وإن بلغ خالصه صاعا.
(1536) - من وجب عليه اخراج الفطرة عن عدة أشخاص لم يجب عليه
اخراج صنف واحد عن الجميع فيجزيه أن يخرج عن بعضهم حنطة مثلا وعن
بعضهم الآخر شعيرا أو غيره كما يجزيه أن يخرج عن البعض طعاما وعن البعض
الآخر القيمة نقدا سواء كانت قيمة نفس الصنف الذي أخرجه عن ذلك البعض أو
غيره. لكن الأحوط وجوبا أن لا يؤدي فطرة شخص واحد من صنفين وإذا أراد
دفع القيمة فليقتصر على قيمة صنف واحد أيضا.
(1537) - الأفضل اخراج زكاة الفطرة من التمر ويليه الزبيب ويليه الطعام
الغالب عند عامة أهل البلد. لكن لو كان الطعام الغالب للمعطي مختلفا عن طعام
غالب أهل البلد فلا يبعد أفضلية أدائه الفطرة من طعامه الغالب هذا بعد التمر
366

والزبيب لا من طعام غالب الناس.
(
1538) - تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور، ويجوز تأخيرها
إلى زوال شمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد، والأحوط عدم تأخيرها عن
صلاة العيد لمن يصليه. وإذا لم يؤدها ولم يعزلها حتى زالت الشمس، قضاها بعد ذلك
على الأحوط استحبابا وإن كان الأظهر سقوطها عنه عندئذ ويكون قد عصي.
(1539) - إذا تلفت زكاة الفطرة بعد العزل ضمنها إذا وجد مستحقا لها، وأهمل
في أدائها إليه. وكذا يضمنها لو لم يجد لها مستحقا لكنه قصر في المحافظة عليها بل
الأحوط وجوبا ضمانها أيضا حتى لو لم يقصر.
(1540) - يجوز أن تنقل زكاة الفطرة إلى غير بلدها وإن كان في البلد من
يستحقها وإن كان الأحوط الأولى الترك عندئذ، ولو نقلها - والحال هذه - ضمنها
إن تلفت على الأحوط.
(1541) - لا بأس باعطاء الفقير قرضا في شهر رمضان أو قبله ثم احتسابه عليه
فطرة عند مجئ وقتها مع بقاء الشرائط في الآخذ والمعطي.
موارد صرف زكاة الفطرة:
(1542) - يجزي صرف زكاة الفطرة على الأظهر فيما تصرف فيه زكاة المال
لكن الأحوط الاقتصار في اعطائها على فقراء الشيعة فقط، ويجوز على الأظهر
اعطاؤها للمستضعفين وهم الذين لم يهتدوا إلى الحق لقصورهم دون عناد أو عداء
للشيعة، من سائر فرق المسلمين.
(1543) - يجوز للمكلف انفاق الفطرة على الطفل الفقير الشيعي كما يجوز له
تمليكه إياها من خلال تسليمها لوليه.
367

(1544) - لا يجوز اعطاء الفقير أكثر من مؤونة سنته من زكاة الفطرة و
الأحوط وجوبا عدم انقاص ما يعطيه له عن صاع (أي ثلاثة كيلوات).
(1545) - يستحب تقديم فقراء الأرحام على غيرهم، ومع عدمهم يتقدم
فقراء الجيران على سائر الفقراء، ثم أهل العلم لكن لو وجدت في الآخرين جهة
ترجيح على من ذكر استحب تقديمهم عليهم.
368

أحكام الحج
الحج هو زيارة بيت الله الحرام لأداء مناسك خاصة في وقت معين. وهو من
أركان الدين ويجب مرة واحدة في العمر على كل مكلف إذا اجتمعت فيه الشرائط
التالية:
1 - البلوغ 2 - العقل والحرية
3 - أن لا يكون ذهابه إلى الحج سببا في ارتكاب معصية يكون عدمها أهم في
نظر الشارع من أداء مناسك الحج، سواء كانت المعصية بفعل حرام أو ترك واجب.
4 - أن يكون مستطيعا، وتتحقق الاستطاعة الشرعية بتوفر الأمور التالية:
الأول: الزاد والراحلة، والمقصود من الزاد الطعام والشراب المحتاج إليهما في
سفره ذهابا وإيابا وفي المقصد، كما يعتبر توفر سائر ما يحتاج إليه في سفره مما
يقتضيه حاله على نحو ما فصل في كتب مناسك الحج. والمقصود من الراحلة المركب
الذي يحمله في سفره أو المال الكافي لاستئجار ذلك أو شرائه.
الثاني: توفر القدرة والسلامة البدنية التي تخوله القيام بأعمال الحج.
الثالث: تخلية سربه، بمعنى ألا يكون مانع في الطريق كعدو أو لص أو حيوان
مفترس، أو خوف ما يوجب مهانته وإراقة ماء وجهه وإلا لم يجب الحج، نعم لو كان
369

هناك طريق آخر مأمون وجب سلوكه والسفر للحج وإن كان أبعد من الأول، بشرط
أن لا يكون في سلوكه مشقة زائدة ولا يكون سلوكه للحج غير متعارف جدا.
الرابع: سعة الوقت للحضور في المشاعر في زمن الحج وأداء المناسك في
أوقاتها الشرعية.
الخامس: أن يكون مالكا لنفقة من يعوله سواء كانوا واجبي النفقة شرعا أم
لا، ما داموا يعدون عرفا عيالا له ويراه أهل العرف ملزما بتهيئة نفقتهم.
السادس: الرجوع إلى الكفاية، بمعنى أن يكون لديه مال أو حرفة يتكسب
بها بحيث يتمكن من مواصلة عيشه إذا رجع من الحج من دون الوقوع في المشقة و
الحرج.
(1546) - من توقف رفع احتياجه إلى المسكن على امتلاكه دارا خاصة به فإنما
يعد مستطيعا للحج إذا زاد معه عن ثمن الدار من المال ما يستطيع معه الحج.
(1547) - إذا لم يكن للشخص زاد وراحلة وتوفرت فيه سائر شرائط
الاستطاعة، فإذا تكفل شخص آخر بتهيئة زاده وراحلته ونفقات من يعوله طوال
مدة سفره وقال له حج فقد استطاع ووجب عليه الحج، فيما لو حصل له اطمئنان
من كلامه وتكفله.
(1548) - إذا بذل لشخص نفقات سفره ذهابا وإيابا ونفقات من يعوله طوال
مدة سفره حتى يرجع واشترط عليه أن يحج لم يجب عليه القبول. لكنه لو قبل ذلك
لزمه الشرط ووجب عليه الحج.
(1549) - إذا بذل شخص لآخر المال الكافي للحج واشترط عليه أن يخدمه في
طريق الحج لم يجب عليه القبول. لكن لو قبل لزمه الشرط ووجب عليه الحج.
(1550) - من بذل له المال الكافي فوجب عليه الحج، إذا حج أجزأه عن حجة
370

الإسلام فلا يجب عليه الإعادة وإن استطاع بعد ذلك بماله الخاص.
(1551) - إذا سافر للتجارة إلى مدينة جدة - مثلا - واكتسب هناك مالا
يستطيع معه السفر من هناك إلى مكة وأداء مناسك الحج فقد وجب عليه الحج. ثم
إنه لو حج كذلك أجزأه ولم يجب عليه الإعادة من وطنه وإن استطاع ووجد المال
الكافي لأداء الحج منه.
(1552) - المستأجر للحج نيابة عن آخر إذا طرأ ما يمنعه من مباشرة الحج
بنفسه وأراد أن يستنيب وجب عليه استئذان مستأجره في ذلك.
(1553) - من استطاع للحج ولم يحج ثم افتقر بعد ذلك وجب عليه الحج كيف
كان وإفراغ ذمته وإن استلزم ذلك المشقة.
(1554) - إذا استطاع ومضى لحجه من سنته ولكنه لم يدرك عرفة والمشعر
الحرام في الوقت المعين شرعا، فإن لم يكن في السنة التالية مستطيعا فالحج
غير واجب عليه. أما لو كانت استطاعته من سنة سابقة على السنة التي فاته فيها
الموقف فالحج مستقر في ذمته ويجب عليه إفراغها وإن استلزم ذلك المشقة ولم يكن
في السنة التالية التي فاته الموقف فيها مستطيعا.
(1555) - إذا استطاع ولم يحج في تلك السنة ثم عجز عن مباشرة الحج بنفسه
لمرض أو شيخوخة، فإن كان يائسا من تجدد قدرته على المباشرة وجب عليه
استنابة من يحج عنه.
(1556) - إذا كان المكلف مستطيعا للحج بالمعنى المتقدم - بمعنى توفر مصارف
حجه ونفقة عياله مدة غيابه - ولكن كان محتاجا إلى نفقة زائدة في سفره يتوقف
عليها حفظ ماء وجهه وتجنبه عن المهانة، فإن كان في السفر بدون تلك النفقة عسر
وحرج لا يتحملان عادة لم يجب عليه الحج، وإلا فالأحوط وجوبا الحج.
371

الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر
(1557) - يجب الأمر بالمعروف الواجب والنهي عن المنكر المحرم وجوبا كفائيا
بمعنى أنه يجب أمر من يترك شيئا من الواجبات الشرعية بالمعروف كما يجب نهي من
يرتكب شيئا من المحرمات عن ارتكاب ذلك المنكر. فلو قام البعض بهذه الوظيفة
سقط الوجوب عن الآخرين على الأظهر.
(1558) - إذا كان المعروف من المستحبات أو المنكر من المكروهات فالأمر
بالأول والنهي عن الثاني مستحب.
(1559) - إنما يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع تحقق الشروط
التالية:
الأول: علم المكلف بالحكم الشرعي. فلا يجوز الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر للجاهل بالحكم. وعليه فيجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن
يحصل على المعرفة الكافية بالأحكام الشرعية قبل ممارسة الأمر والنهي.
الثاني: احتمال التأثير. فلا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على من
يعلم بعدم تأثيره في الطرف المقابل. نعم أصل الجواز بل الرجحان لا يخلو من وجه
فيما لو لم يكن لديه خوف من الضرر.
373

الثالث: اصرار الفاعل على ترك الواجب أو فعل الحرام. فلا يجب الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر فيما لو علم المكلف إن من ترك الواجب أو فعل الحرام
قد تاب عنه أو ظهرت له أمارات تدل على ندمه.
الرابع: عدم ترتب مفسدة على الأمر أو النهي. فلا يجبان على من يخشى
ترتب مفسدة بسببهما. والمراد من المفسدة الضرر المعتد به سواء تعلق بالنفس أو
العرض أو المال.
فإذا تحققت هذه الشرائط وجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. و
لا يشترط في وجوبهما عدالة الآمر أو الناهي.
(1560) - يجوز تأديب الأطفال لتعويدهم على ترك المحرمات واتيان
الواجبات خصوصا على المقدمات الأخيرة التي يؤدي تركها إلى ترك اتيان
الواجب وترك الحرام بنحو لو لم يؤدبوا فيها أدى ذلك إلى تركهم الواجب أو فعلهم
الحرام في بعض الأحيان.
(1561) - للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب:
الأولى: الانكار بالقلب.
الثانية: الاظهار باللسان.
الثالثة: ايلام العاصي بشئ من الضرب.
وعليه فلو أدى إظهار الانزجار القلبي بأي شكل من الأشكال إلى امتناع
العاصي عن ارتكاب المعصية دون احتياج إلى النهي باللسان لم يجب على الآمر أن
يتجاوز ذلك إلى الأمر والنهي اللفظيين. وهذا بالطبع فيما لو لم يترتب على هذا العمل
أي إشكال شرعي. أما إذا لم يبق من وسيلة سوى الإظهار القولي فيجب الاقتصار
عندئذ أيضا على المراتب الخفيفة منه في الأمر أو النهي.
374

(1562) - لو علم المكلف أنه إن أراد منع حصول المعصية فسيؤدي ذلك إلى
الجرح أو القتل فلا يجوز له القيام بذلك إلا بإجازة من الإمام المعصوم (عليه السلام) أو نائبه
الخاص. وفي كفاية الاستئذان من المجتهد الجامع للشرائط في ذلك تأمل. أما إذا
لم يعلم بأن المنع من المعصية سيؤدي إلى الجرح أو القتل لكنه احتمل ذلك احتمالا
فالأحوط وجوبا عندئذ تحصيل الإذن بذلك من الإمام المعصوم أو نائبه الخاص
أو المجتهد الجامع للشرائط.
375

أحكام البيع والشراء
المعاملات المكروهة
(1563) - بعض المعاملات المكروهة ما يلي:
1 - التكسب بالأمور التي يؤدي التكسب بها إلى الوقوع بالحرام أو المكروه
غالبا كالموارد التي يبتلى فيها بالربا غالبا.
2 - التكسب بالذباحة باتخاذها حرفة.
3 - بيع الطعام لمن يحتكره وقت الغلاء.
4 - معاملة من لم يتعود اجتناب المحرمات وكذلك معاملة الأطفال الذين
تصح أصل المعاملة معهم شرعا لكنها تكون موردا للشبهة.
377

المعاملات الباطلة
(1564) - المعاملات الباطلة ست:
1 - بيع الأعيان النجسة لأجل الاستعمالات المشروطة بالطهارة.
2 - بيع المال المغصوب إلا أن يجيز صاحبه المعاملة.
3 - بيع ما لا مالية له.
4 - بيع ما تنحصر منفعته المتعارفة في الحرام كآلات القمار، واللهو بالتوضيح
الآتي قريبا.
5 - المعاملة الربوية.
6 - المعاملة المشتملة على الغش، وهو محرم، وللمشتري الخيار بين فسخ
المعاملة أو أخذ تفاوت القيمة. والغش هو " مزج المرغوب فيه بغيره مما يخفى من
دون إعلام " كمزج الدهن بالشحم، ففي النبوي: " ليس منا من غش مسلما، أو
ضره، أو ما كره " وفي آخر: " من غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه وسد
عليه معيشته، ووكله إلى نفسه ".
(1565) - لا بأس ببيع المتنجس إذا أمكن تطهيره، ويجب على البائع الاعلام
بنجاسته إذا كان قد قصد منه استعماله في الأكل والشرب.
(1566) - المائع المضاف القابل للتطهير من خلال الاستهلاك في الماء المطلق إذا
أمكن ارجاعه بعد ذلك إلى حالته الأولى والاستفادة منه جاز بيعه حال نجاسته لو
كان المقصود منه المنافع بعد التطهير، أما لو أريد منه استعماله في غير المشروط
بالطهارة فيجوز بيعه حينئذ على الأظهر حتى لو لم يقبل التطهير بشرط أن يكون له
378

مالية.
(1567) - المتنجس الذي لا يمكن تطهيره، كالسمن ونحوه إذا كان المقصود
استعماله في الأكل فبيعه محرم وباطل أما إذا أريد منه الاستعمال في غير المشروط
بالطهارة كالزيت لطلي بدن المريض فلا بأس ببيعه عندئذ.
(1568) - لا بأس ببيع الزيوت والأدوية والعطور المستوردة من بلاد
غير المسلمين إذا لم تعلم نجاستها، لكن الزيت أو الدواء المأخوذ من الحيوان بعد
خروج روحه إذا أخذ في بلاد الكفار من يد الكافر وكان له نفس سائلة فهو نجس
ويحرم أكله وبيعه باطل بل لو أخذ في بلاد المسلمين من يد الكافر كان بيعه باطلا
أيضا إلا أن يعلم أن الكافر قد اشتراه من مسلم.
(1569) - بيع الجلود، واللحوم، والشحوم المستوردة من البلاد
غير الإسلامية، والمأخوذة من يد الكافر باطل إلا إذا علم أنها من الحيوان المذكى
فيجوز بيعها حينئذ. أما ما أخذ من يد المسلم فلا اشكال فيه إلا إذا علم أنه قد أخذه
من يد الكافر من غير استعلام عن تذكيته.
(1570) - الدواء الذي صنع من خليط ممزوج بالمسكر لا يبعد جواز بيعه بناء
على جواز الاستشفاء بالمحرم بشرط أن يكون المريض مضطرا لاستعماله.
(1571) - جلد الثعلب غير المذكى نجس وعليه فبيعه محرم وباطل ما لم تكن له
منفعة محللة.
(1572) - لا يجوز بيع الكلب والخنزير باستثناء كلب الصيد والماشية والحائط
والزرع حيث يجوز على الأظهر المعاملة على هذه الأصناف من الكلاب لأجل
منافعها المذكورة.
(1573) - يحرم بيع المسكر والمعاملة عليه باطلة.
379

(1574) - بيع ما ليس له منفعة محللة مقصودة للعقلاء باطل وإن لم يكن نجس
العين وذلك من قبيل الحشرات وبعض الحيوانات وفضلاتها غير المحكومة
بالنجاسة وميتة ما لا نفس سائلة له. نعم لو كان لها منافع محللة عقلائية مختلفة
بحسب الزمان والمكان - كميتة السمك يؤخذ منها الزيت مثلا - صحت المعاملة
عليها.
(1575) - بيع المال المغصوب باطل، ويجب على البائع رد ما أخذه من الثمن إلى
المشتري.
(1576) - يحرم بيع آلات اللهو مثل البرابط، والمزامير، كما يحرم بيع آلات
القمار كالنرد والشطرنج كذلك إلا أن يكون لها منفعة محللة وتكون المعاملة عليها
لأجل هذه المنفعة فيصح بيعها والمعاملة عليها عندئذ على الأظهر ولو وقعت
المعاملة على مواد هذه الآلات وجب كسرها إلا مع الاطمئنان إلى أن المشتري
يكسرها بنفسه.
(1577) - الأشياء القابلة للاستعمال المحلل والمحرم إذا بيعت بشرط الاستعمال
المحرم كانت المعاملة عليها محرمة وباطلة وذلك كالعنب يباع بشرط أن يصنع خمرا.
أما إذا لم يشترط ذلك ولم يكن من قصد البائع استعمالها في الحرام ومساعدة
المشتري في ذلك فالمعاملة عليها صحيحة حتى لو علم البائع إن المشتري يستعملها
في الحرام على الأظهر وإن كان الأولى والأحوط تركها في صورة عدم لزوم العسر
والحرج. وكذا الحكم في بيع الطعام لمن يفطر في شهر رمضان عصيانا.
(1578) - يحرم صياغة المجسمات من ذوات الأرواح من إنسان وغيره ويجوز
على الأظهر اقتناؤها لغاية محللة ولا بأس بالمعاملة عليها لهذه الغاية أيضا وإن كان
الأحوط استحبابا تركها وأما رسم ذوات الأرواح فالأظهر جوازه وإن كان
380

الأحوط رسمها ناقصة أو مجزأة أجزاءا منفصلة عن بعضها.
(1579) - يحرم شراء المأخوذ بالقمار، أو السرقة، أو المعاملات الباطلة. ويجب
على المشتري أن يرده إلى مالكه.
(1580) - يحرم بيع المكيل والموزون بأكثر منه، كأن يبيع منا من الحنطة بمنين
منها، ويعم هذا الحكم ما إذا كان أحد العوضين صحيحا والآخر معيبا، أو كان
أحدهما جيدا والآخر رديئا، أو كانت قيمتها مختلفة لأمر آخر، فلو أعطى الذهب
المصوغ وأخذ أكثر منه من غير المصوغ فهو ربا وحرام. وفي الرواية إن الدرهم منه
أشد من سبعين زنية بالمحارم.
(1581) - لا يعتبر في الزيادة أن يكون الزائد من جنس العوضين، فإذا باع منا
من الحنطة بمن منها ودرهم، فهو أيضا ربا وحرام.
(1582) - لا بأس بالزيادة في أحد الطرفين إذا أضيف إلى الآخر شئ، كأن باع
منا من الحنطة مع منديل بمنين من الحنطة، وكذلك إذا كانت الإضافة في الطرفين
كأن باع منا من الحنطة مع منديل بمنين ومنديل.
(1583) - يجوز بيع ما يباع بالأمتار، أو العد، كالأقمشة والجوز بأكثر منه، كأن
يبيع عشر جوزات بخمس عشرة جوزة، لكنه مكروه في بعض الموارد.
(1584) - ما يختلف حاله في البلاد من ناحية بيعه بالكيل أو الوزن أو بالعد و
الذرع فحكمه في كل بلد يتبع ما تعارف فيه، فلا يجوز بيعه بالزيادة في بلد يباع فيه
بالكيل والوزن، ويجوز فيما يباع فيه بالعد.
(1585) - لو لم يكن العوضان من جنس واحد، جاز أخذ الزيادة كأن يبيع منا
من الأرز بمنين من الحنطة.
(1586) - لا يجوز التفاضل بين العوضين المأخوذين من أصل واحد. فلا يجوز
381

بيع من من الدهن الحيواني مثلا بمنين من الجبن.
(1587) - تعتبر الحنطة والشعير من جنس واحد في باب الربا، فلا يجوز بيع
من من أحدهما بمنين من الآخر، وكذا لا يجوز بيع من من الشعير نقدا بمن من الحنطة
نسيئة.
(1588) - يجوز للمسلم أخذ الربا من الكافر غير الذمي، لكن لا يجوز له
اعطاؤه إياه وكذا يجوز لكل من الوالد وولده أن يأخذ أحدهما الربا من الآخر و
كذا الزوج وزوجته.
شرائط المتبايعين
(1589) - يشترط في المتبايعين ستة أمور:
1 - البلوغ.
2 - العقل.
3 - عدم الحجر من قبل الحاكم الشرعي.
4 - القصد، فلا يصح بيع الهازل.
5 - الاختيار.
6 - ملك العقد (وستأتي أحكام جميع ذلك في المسائل الآتية).
(1590) - يصح على الأظهر استقلال غير البالغ في المعاملة إذا تمكن من اتيانها
صحيحة وأذن له الولي. ولا تصح معاملته مع عجزه عن إتيانها صحيحة أو الشك
في ذلك مع كونه مسبوقا بالعجز حتى لو أذن له الولي كما لا تصح معاملة الطفل
غير المميز والمجنون والسكران والغافل والمغمى عليه والمازح الفاقد للقصد الجدي
382

في معاملته.
(1591) - لو أكره أحد المتعاملين على المعاملة. ثم رضي بها صحت إذا كان
قد تحقق منه القصد إلى المعاملة حينها. لكن لو كان المالك هو المكره بأن أكره شخصا
على اجراء العقد فالمعاملة صحيحة على الأظهر ولا تحتاج إلى الرضا المتأخر.
(1592) - لا يصح بيع مال الغير فضولا، ومن دون إجازته، نعم إذا أجازه بعد
ذلك صح.
(1593) - يجوز للأب والجد من جهة الأب بيع مال الطفل بشرط عدم المفسدة
له في ذلك.
(1594) - إذا بيع المال المغصوب، ثم أجاز المالك البيع لنفسه صح.
(1595) - من غصب مالا وباعه لنفسه فالبيع باطل ما لم يجز المالك المعاملة.
شرائط العوضين
(1596) - يشترط في العوضين خمسة أمور:
1 - العلم بمقدار كل منهما بما يتقدر به خارجا من الوزن أو الكيل، أو العد، أو
المساحة.
2 - القدرة على إقباضه، فلو باع الدابة الشاردة، لم يصح إلا أن يضم إليها ما
يتمكن من تسليمه.
3 - معرفة الخصوصيات التي تختلف بها الرغبات.
4 - أن لا يتعلق به حق أحد، فلا يجوز بيع المرهون إلا بإذن المرتهن أو
إجازته.
383

5 - أن يكون المبيع من الأعيان، فلو باع منفعة الدار سنة لم يصح. نعم لا بأس
بجعل المنفعة ثمنا (وبيان هذه الأحكام يأتي في المسائل الآتية).
(1597) - ما يباع في بلد بالوزن أو الكيل، لا يصح بيعه في ذلك البلد إلا بالوزن
أو الكيل. ويجوز بيعه بالمشاهدة في البلد الذي يباع فيه بالمشاهدة.
(1598) - ما يباع بالوزن يجوز بيعه بالكيل، إذا كان الكيل طريقا إلى الوزن، و
ذلك كأن يجعل كيل يحوي منا من الحنطة، فتباع الحنطة بذلك الكيل.
(1599) - إذا بطلت المعاملة لفقدانها شيئا من هذه الشروط، ومع ذلك رضي
كل من المتبايعين بتصرف الآخر في ماله جاز لهما التصرف فيما انتقل إليهما.
(1600) - لا يجوز بيع الوقف إلا إذا خرب بحيث سقط عن الانتفاع به في جهة
الوقف. أو كان في معرض السقوط وذلك كحصير المسجد إذا خلق وتمزق بحيث
لا يمكن الصلاة عليه، وحينئذ لم يكن مانع من بيعه، لكن يستثنى من ذلك حالات
يجوز معها بيعه وإن لم يخرب، منها: إذا علم كون الوقف باطلا كأن يكون الواقف
غير بالغ عنده. فيجوز عندئذ للواقف أو وارثه بيعه لنفسه.
ومنها: أن يترتب على عدم بيعه مفسدة كبيرة كقتل الأنفس وهتك
الأعراض. فيجوز في هذه الصور بيع الوقف وتبديله إلى ما هو أقرب لنظر الواقف
ومقصوده.
ومنها: أن يعلم بأن الواقف لم يلاحظ مكانا خاصا في الوقف كأن يوقف
حماما للقرية مثلا فيجوز عندئذ تبديله إلى مثله كان يبنى حمام آخر في موضع آخر
بدلا عنه.
ومنها: ما لو وقع الخلاف بين أرباب الوقف بنحو يعلم أو يطمأن بتأديته إلى
خراب الوقف حيث يجوز بيعه على الأظهر حينئذ.
384

عقد البيع
(1601) - لا تشترط العربية في صيغة البيع، بل يجوز انشاؤه بأية لغة كانت،
لكن الأحوط استحبابا مراعاة صحة الأداء والتلفظ بأية لغة وقعت المعاملة و
لا يشترط على الأظهر تقدم الايجاب على القبول والظاهر صحته بالأخذ والإعطاء
من دون صيغة أصلا.
بيع الثمار
(1602) - يصح بيع الفواكه والثمار قبل الاقتطاف من الأشجار إذا تناثر الورد
وانعقد الحب، بل الأظهر جواز بيعها بعد ظهورها وإن كان قبل انعقاد الحب وتناثر
الورد، لكن يجب حينئذ أن يضم إليها شيئا آخر كبعض نباتات الأرض بنحو تكون
المعاملة في الأصل على ذلك الشئ ويكون بيع الثمار أو الفاكهة بالتبع والضميمة.
أو يتم ذلك بنحو الشرط أو الصلح ضمن معاملة أخرى.
(1603) - يجوز بيع التمر على النخل بعد اصفراره أو احمراره ويلزم على
الأظهر أن لا يجعل عوضه تمرا، إلا أن يكون لشخص نخلة في دار شخص آخر، أو
بستانه، فإنه يجوز تخمين مقدار تمرها وبيعه من صاحب الدار، أو البستان بذلك
المقدار من التمر لا أقل ولا أكثر.
(1604) - يجوز بيع الخيار والباذنجان ونحوهما من الخضروات التي تلتقط، و
تجز في كل سنة مرات عديدة فيما لو ظهرت وعين عدد اللقطات في أثناء السنة.
(1605) - لا يجوز بيع سنبل الحنطة والشعير وغيرهما بما يحصل منه، وأما بيعه
385

بغيره، فلا بأس به ما لم يكن بحب من جنسه.
(1606) - يجوز للمار أن يأكل من ثمار الأشجار الواقعة على الطريق العام حتى
لو كان لها مالك معين بشرط عدم ايجابه الافساد أو زوال الشجر أو الثمار و
الأحوط وجوبا ترك حمل شئ معه.
بيع السلف
(1607) - بيع السلف هو " تعجيل الثمن وتأجيل المثمن "، فلو قال المشتري
للبائع: " أعطيك هذا الثمن على أن تسلمني المتاع بعد ستة أشهر "، وقال البائع:
" قبلت "، أو أن البائع قبض الثمن من المشتري وقال: " بعتك متاع كذا، على أن
أسلمه لك بعد ستة أشهر "، فهذه المعاملة صحيحة.
(1608) - لا يجوز بيع النقود سلفا بالنقود ولا بأس ببيع غير النقود سلفا بالنقود و
غيرها.
شرائط بيع السلف:
(1609) - يعتبر في بيع السلف ستة أمور:
1 - تعيين الصفات الموجبة لاختلاف القيمة ولا يلزم الاستقصاء والتدقيق،
بل يكفي التعيين بنحو يكون البيع مضبوطا عرفا وعليه فمثل الخبز واللحم وجلود
الحيوان إن لم يمكن تحديد صفاتها بنحو تنتفي معه الجهالة بالنسبة للمشتري وكانت
المعاملة غررية يكون بيع السلف فيها باطلا.
2 - قبض تمام الثمن قبل افتراق المتبايعين. ولو كان البائع مديونا للمشتري
386

بمقدار الثمن، وجعل ذلك ثمنا فلا تخلو كفاية ذلك عن وجه وإن كان خلاف
الاحتياط، ولو قبض البائع بعض الثمن صح البيع بالنسبة إلى المقدار المقبوض فقط،
وثبت الخيار له في فسخ أصل البيع.
3 - تعيين زمان تسليم المبيع كاملا على الأحوط فلا يصح جعله وقت الحصاد
مثلا ولو لم يعين زمان التسليم صحت المعاملة لكنها لا تكون بيع سلف.
4 - أن لا يكون المتاع في زمان التسليم نادر الوجود بحيث لا يتمكن البائع من
تسليمه.
5 - تعيين مكان تسليم المبيع، إذا لم يكن له تعين عندهما. وكذا يجب تعيين
من يتحمل أجرة النقل.
6 - تعيين وزن المبيع أو كيله أو عدده. والمتاع الذي يباع بالمشاهدة يجوز
بيعه سلفا ولكن يلزم أن يكون التفاوت بين أفراده غير معتنى به عند العقلاء كبعض
أقسام الجوز والبيض. وعلى أية حال فيجب تعيين المبيع في بيع السلف بنحو ينتفي
فيه الغبن عن كل من البائع والمشتري.
أحكام بيع السلف:
(1610) - لا يجوز بيع ما اشتراه سلفا من غير البائع قبل انقضاء الأجل، ويجوز
بعد انقضائه ولو لم يقبضه.
(1611) - لو سلم البائع المبيع على طبق ما قرر بينه وبين المشتري في بيع
السلف وجب على المشتري قبوله، وكذلك الحال فيما إذا كان أحسن منه بشرط أن
يصدق عليه أنه من ذلك الجنس، إلا أن يشترط في المعاملة الاقتصار على المساوي
وعدم تسليم الأحسن ولا الأردأ. فإنه حينئذ لو لم يكن المبيع مطابقا لما اتفق عليه
387

لم يجب على المشتري قبوله حين التسليم.
(1612) - لو سلم البائع أردأ مما قرر بينهما فللمشتري رفضه.
(1613) - يجوز للبائع أن يسلم غير الجنس المعين، فيما إذا رضي المشتري به.
بيع النقدين
(1614) - لا يجوز بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة مع الزيادة، سواء في
ذلك المسكوك وغيره، ويبطل البيع.
(1615) - لا بأس ببيع الذهب بالفضة وبالعكس، ولا يعتبر تساويهما في
الوزن.
(1616) - يجب في بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة تسليم العوضين قبل
الافتراق وإلا بطل البيع، ولو تم تسليم جزء منهما صحت المعاملة فيه وبطلت في
الباقي.
(1617) - لو سلم بائع الذهب أو الفضة تمام المبيع وسلم المشتري بعض الثمن أو
بالعكس وافترقا صح البيع بالنسبة إلى ذلك البعض ويبطل البيع بالنسبة إلى الباقي
ويثبت الخيار في أصل البيع لمن لم يتسلم التمام.
(1618) - لا يباع على الأظهر تراب معدن الفضة بالفضة حذرا من الوقوع في
الربا، وكذلك لا يباع تراب معدن الذهب بالذهب ويصح بيع تراب الذهب
بالفضة، وبيع تراب الفضة بالذهب.
388

الخيارات
الخيار هو: " ملك فسخ العقد " وللمتبايعين الخيار في أحد عشر موردا:
1 - قبل أن يفترق المتعاقدان من مجلس البيع ولكل منهما فسخ البيع، و
يسمى هذا الخيار ب‍ " - خيار المجلس ".
2 - أن يكون أحد المتبايعين مغبونا، فللمغبون حق الفسخ، ويسمى " خيار
الغبن ".
3 - اشتراط الخيار في المعاملة للطرفين، أو لأحدهما إلى مدة معينة، ويسمى
ب‍ " خيار الشرط ".
4 - تدليس أحد الطرفين بإراءة ماله أحسن مما هو في الواقع ليزيد في قيمته،
فيثبت الخيار للطرف الآخر، ويسمى ب‍ " خيار التدليس ".
5 - أن يلتزم أحد الطرفين في المعاملة، بأن يأتي بعمل، أو بأن يكون ماله على
صفة مخصوصة، ولا يأتي بذلك العمل، أو لا يكون المال بتلك الصفة فللآخر حق
الفسخ، ويسمى ب‍ " خيار تخلف الشرط ".
6 - أن يكون أحد العوضين معيبا فيثبت الخيار لمن أنتقل إليه المعيب، و
يسمى ب‍ " خيار العيب ".
7 - أن يظهر أن بعض المتاع لغير البائع، ولا يجيز مالكه بيعه فللمشتري
حينئذ فسخ البيع كما يجوز له استرداد ثمن ذلك البعض وامضاء البيع في البقية كما أنه
لو ظهر أن قسما من الثمن لغير المشتري ولم يجز مالكه المعاملة تخير البائع بين فسخ
أصل البيع أو أخذ عوض ذلك المقدار من المشتري، ويسمى هذا ب‍ " خيار تبعض
الصفقة ".
389

8 - أن يصف البائع للمشتري صفات المتاع الذي لم يره، فينكشف أن المبيع
غير واجد لها، فللمشتري الفسخ، ويسمى هذا ب‍ " خيار الرؤية ". كما يثبت خيار
الرؤية للبائع أيضا فيما لو وصف له المشتري الثمن الذي لم يره فينكشف إنه غير واجد
لها.
9 - أن يؤخر المشتري الثمن ولا يسلمه إلى ثلاثة أيام مع كون البيع نقدا، و
لا يسلم البائع المتاع إلى المشتري، فللبائع حينئذ فسخ البيع إذا لم يشترط تأخير
الثمن ولا المبيع، ولو كان المبيع مما يفسد في يومه، كبعض الفواكه، فللبائع فسخ
البيع إذا لم يؤد المشتري الثمن إلى الليل، ولم يشترط تأخيره ولا تأخير المبيع، ويسمى
هذا ب‍ " خيار التأخير ".
10 - إذا كان المبيع حيوانا، فللمشتري فسخ البيع إلى ثلاثة أيام، ويسمى
هذا ب‍ " خيار الحيوان ".
11 - أن لا يتمكن البائع من تسليم المبيع، كما إذا شرد الفرس الذي باعه،
فللمشتري فسخ المعاملة، ويسمى هذا ب‍ " خيار تعذر التسليم ".
(1619) - إذا لم يعلم المشتري بقيمة المبيع أو غفل عنها حين البيع، واشتراه
بأزيد من المعتاد، فإن كان الفرق مما يعتنى به ويعد معه بنظر العرف مغبونا جاز له
الفسخ، وهكذا إذا كان البائع غير عالم بالقيمة، أو غفل عنها وباع بأقل من المعتاد،
فإن الفرق إذا كان مما يعتنى به وكان بنحو يعد معه بنظر العرف مغبونا جاز له
الفسخ.
(1620) - لو خلط الشاي الجيد مثلا بالردئ وباع الخليط على أنه من الجيد
جاز للمشتري فسخ المعاملة.
(1621) - لا بأس ببيع الشرط، وهو بيع الدار - مثلا - التي قيمتها ألف دينار
بألف دينار أو بمائتي دينار، مع اشتراط الخيار للبائع، لو أرجع مثل الثمن في الوقت
390

المقرر إلى المشتري، هذا إذا كان المتبائعان قاصدين للبيع والشراء حقيقة، وإلا
لم يتحقق البيع بينهما.
(1622) - لو اطلع المشتري على عيب في المبيع كأن اشترى حيوانا فتبين أنه
كان أعمى، فإذا كان العيب ثابتا قبل البيع ولم يكن يعلم به تخير بين الفسخ وبين
الامضاء مع استرداد الأرش وهو نسبة التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب من
الثمن، مثلا: المتاع المعيب المشترى بأربعة دنانير إذا كان قيمة سالمه ثمانية دنانير، و
قيمة معيبه ستة دنانير، فالمسترجع من الثمن ربعه، وهو نسبة التفاوت بين الستة و
الثمانية.
(1623) - لو اطلع البائع بعد البيع على عيب في العوض سابق على البيع تخير
بين الفسخ، وارجاعه إلى المشتري. وبين أن يأخذ من المشتري، الأرش وهو
التفاوت بين قيمة السالم من العوض، ومعيبه (بالبيان المتقدم في المسألة السابقة).
(1624) - لو طرأ عيب على المبيع بعد العقد وقبل التسليم ثبت الخيار
للمشتري، ولو طرأ على العوض عيب بعد العقد وقبل تسليمه ثبت الخيار للبائع، و
في جواز المطالبة بالتفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب هنا اشكال.
(1625) - الظاهر أنه يلزم في خيار العيب أن يكون الفسخ فوريا فلو لم يبادر
إليه بعد اكتشاف العيب سقط حقه فيه ويكفي في تحقق الفسخ اعلام الطرف المقابل
بذلك، أو اعلام الآخرين به إن لم يتمكن من اعلام الطرف الآخر، ولا يعتبر في
نفوذه حضور من عليه الخيار.
(1626) - لا يجوز للمشتري فسخ البيع بالعيب ولا المطالبة بالتفاوت في أربع
صور:
1 - أن يعلم بالعيب عند الشراء.
2 - أن يرضى بالمعيب بعد البيع.
391

3 - أن يسقط حقه من جهة الفسخ ومطالبته بالتفاوت.
4 - أن يتبرأ البائع من العيب. ولو تبرأ من عيب خاص فظهر فيه عيب
آخر، فللمشتري الفسخ به أو أخذ التفاوت (على ما تقدم).
ويحق للمشتري المطالبة بالأرش دون الفسخ في ثلاث صور:
1 - أن يحدث تغييرا في المبيع يصدق معه بنظر العرف إن المبيع لم يبق على
حالته حين الشراء والقبض.
2 - أن يعلم بوجود العيب بعد البيع ويكون قد أسقط عند المعاملة حقه في الرد
خاصة.
3 - إذا ظهر في المبيع عيب، ثم طرأ عليه عيب آخر بعد القبض. نعم لو اشترى
حيوانا معيبا فطرأ عليه عيب جديد في الأيام الثلاثة التي له فيها الخيار فله الرد وإن
قبضه، وكذلك الحال فيما إذا طرأ على المعيب عيب جديد في زمان كان الخيار فيه
للمشتري خاصة.
خاتمة في الإقالة
وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر، وتقع بكل لفظ
يدل على المراد وإن لم يكن عربيا، بل تقع بالفعل كما تقع بالقول، فإذا طلب أحد
المتبايعين مثلا الفسخ من صاحبه فدفع إليه ما أخذه منه كان فسخا وإقالة ووجب
على الطالب إرجاع ما في يده من العوض إلى صاحبه.
(1627) - لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن، أو نقصان، فلو أقال كذلك
بطلت وبقي كل من العوضين على ملك مالكه.
392

أحكام الشفعة
إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه مع توفر الشروط
الآتية أخذ المبيع بالثمن المقرر له في البيع، ويسمى هذا الحق ب‍ " الشفعة ".
(1628) - تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة، كالأراضي، و
الدور، والبساتين بلا إشكال، وهل تثبت فيما ينقل كالآلات والثياب، والحيوان و
السفينة؟ فيه خلاف والأظهر عدم الثبوت، وأما فيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة
كالضيق من النهر، والطريق، وغالب الحمامات وأحجار الرحى، فالأظهر أنه
تثبت فيها الشفعة وإن كان الأحوط ترك اعمال هذا الحق في موارد الخلاف.
(1629) - تختص الشفعة بالبيع فإذا انتقل الجزء المشاع بالهبة، أو الصلح، أو
التصدق أو الصداق فلا شفعة للشريك على الأظهر. وفي الصلح المعاوضي الذي
قصد به البيع ولا فرق بينهما إلا باختلاف الصيغة تأمل ولا يترك الاحتياط لطرف
الصلح والشريك.
(1630) - إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه فالظاهر ثبوت الشفعة لشريكه
صاحب الطلق في صورة الوحدة والموافقة في صحة بيع الوقف شرعا.
(1631) - يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين
393

فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة
على الأظهر، وإذا باعوا جميعا إلا واحدا منهم وكان المشتري منهم واحدا جاز للشفيع
الأخذ بالشفعة.
(1632) - يعتبر في الشفيع الإسلام، إذا كان المشتري مسلما، فلا شفعة للكافر
على المسلم وإن اشترى من كافر، وتثبت للمسلم على الكافر، وللكافر على مثله و
إن اشتراه من مسلم.
(1633) - يشترط في الشفيع أن يكون قادرا بالفعل أو بالقوة بدون أضرار أو
مماطلة على أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه وإن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلا أن
يرضى المشتري بذلك. نعم إذا ادعى غيبة الثمن في بلد آخر أجل بمقدار وصول المال
إليه وزيادة ثلاثة أيام فإن انتهى فلا شفعة، ويكفي في الثلاثة أيام التلفيق. كما
لا يبعد أن يكون مبدؤها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.
(1634) - الشفيع يأخذ بقدر الثمن لا بأكثر منه ولا بأقل، ولا يلزم أن يأخذ
بعين الثمن في فرض التمكن منها بل له أن يأخذ بمثله إن كان مثليا.
(1635) - في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بأن يأخذ المبيع بقيمته وجهان
الأقرب ثبوت الشفعة بأداء القيمة.
(1636) - الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فيسقط على الأظهر مع
المماطلة والتأخير بلا عذر، ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر كجهله بالبيع، أو
جهله باستحقاق الشفعة، أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلا، أو كون المشتري زيدا
فبان عمرا، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس، أو أنه واحد فبان اثنين، أو
العكس. أو أن المبيع النصف بمأة فتبين أنه الربع بخمسين، أو كون الثمن ذهبا فبان
فضة، أو لكونه محبوسا ظلما أو بحق يعجز عن أدائه وأمثال ذلك من الأعذار.
394

أحكام الشركة
(1637) - لا بد في عقد الشركة من إنشائها بلفظ أو فعل يدل عليها، ويعتبر في
صحته خلط المالين على وجه لا يتميز كل منهما عن الآخر.
(1638) - مورد الشركة الأعيان، أو الدين في ذمة المديون، أو المنفعة
كالإجارة، أو الحق.
(1639) - لو اشترك شخصان - مثلا - أو أكثر فيما يربحان من أجرة عملهما، كما
لو قرر حلاقان أن يقسما بينهما كل ما يأخذانه من أجر الحلاقة كانت الشركة باطلة،
لكن لو دفع للمشتركين شئ كأجرة لهم على عمل عملوه كان كل منهم شريكا فيه
بنسبة سهمه من الأجرة. وكذا لو اشترك عدة أشخاص في عمل ما له أجرة معينة
كانوا شركاء في تلك الأجرة.
(1640) - لا يجوز اشتراك شخصين - مثلا - على أن يشتري كل منهما متاعا
نسيئة لنفسه، ويشتركا في ما يربحانه، نعم إذا وكل كل منهما صاحبه في شراء المتاع
لهما نسيئة كانت الشركة صحيحة.
(1641) - يشترط في عقد الشركة: البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم
الحجر. فلا يصح شركة الصبي، والمجنون، والمكره، والسفيه، الذي يصرف أمواله
395

في غير موقعه.
(1642) - لا بأس باشتراط زيادة الربح لمن يقوم بالعمل من الشريكين، أو
الذي يكون عمله أكثر من عمل الآخر، ويجب الوفاء بهذا الشرط. وكذا على
الأظهر لو شرطا اعطاء الزيادة لمن لا يعمل منهما أو الذي يكون عمله أقل فيما لو كان
هذا الشرط عقلائيا.
(1643) - إذا لم يشترطا لأحدهما زيادة في الربح، فإن تساوى المالان تساويا
في الربح والخسران، وإلا كان الربح والخسران بنسبة المالين، فلو كان مال أحدهما
ضعف مال الآخر كان ربحه وضرره ضعف الآخر، سواء تساويا في العمل أو
اختلفا، أو لم يعمل أحدهما أصلا.
(1644) - لو اشترطا في عقد الشركة أن يشتركا في العمل أو يعمل كل منهما
مستقلا، أو يعمل أحدهما فقط وجب العمل على طبق الشرط.
(1645) - إذا لم يعين العامل منهما، لم يجز لكل منهما التصرف في رأس المال بغير
إجازة الآخر.
(1646) - يجب على من له العمل أن يكون عمله على طبق ما هو المقرر بينهما،
فلو قررا - مثلا - أن يشتري نسيئة أو يبيع نقدا، أو يشتري من المحل الخاص وجب
العمل به، ولو لم يعين شئ من ذلك لزم بما هو المتعارف على وجه لا يضر بالشركة.
(1647) - لو تخلف العامل عما شرطاه، أو عمل على خلاف ما هو المتعارف في
صورة عدم الشرط كان ضامنا لو ترتب على عمله خسارة للشركة.
(1648) - الشريك العامل في رأس المال أمين، فلا يضمن التالف كلا أو بعضا ما
لم يفرط أو يفرط.
(1649) - لو ادعى العامل التلف في مال الشركة وحلف عند الحاكم، صدق.
396

(1650) - لو رجع كل من الشريكين عن إجازة الآخر في التصرف في مال
الشركة لم يجز لهما التصرف، ولو رجع أحدهما لم يجز للآخر ذلك، وأما هو فيجوز له
التصرف فيه.
(1651) - متى طلب أحد الشريكين قسمة مال الشركة وجب على الآخر
القبول، وإن كان قد جعل أجل للشركة.
(1652) - إذا مات أحد الشركاء لم يجز للآخر التصرف في مال الشركة، و
كذلك الحال في الجنون والإغماء والسفه، لكن تبقى الشركة وتقسيم حصص
الأرباح على حالها ويقوم وارث الميت أو ولي المجنون أو السفيه مكانه في أمور
الشركة.
(1653) - لو اشترى أحد الشركاء بالدين لنفسه كان الربح له والخسارة عليه،
أما لو اشترى كذلك للشركة ورضي باقي الشركاء بالمعاملة كان الربح لهم جميعا و
الخسارة عليهم كذلك.
(1654) - لو اتجر أحد الشريكين بمال الشركة ثم ظهر بطلان عقد الشركة، فإن
لم يكن الإذن في التصرف مقيدا بصحة الشركة صحت المعاملة ويرجع ربحها إليهما.
وإن كان الإذن مقيدا بصحة الشركة كان المعاملة بالنسبة إلى الآخر فضوليا، فإن
أجاز صح وإلا بطل. وعلى أية حال فإن كان قد شرط للعامل حصة أكبر من الربح
وجب اعطاؤه أجرة عمله وإلا فإن لم يكن قد شرط شئ أصلا وعمل أحدهما
باختياره مدعيا أنه لم يقصد التبرع والعمل المجاني فلا يخلو استحقاقه للأجرة من
وجه.
397

أحكام الصلح
الصلح هو: " التسالم بين شخصين على تمليك عين، أو منفعة، أو على اسقاط
دين، أو حق بعوض أو مجانا ".
(1655) - الأظهر أن الصلح عقد مستقل له أحكامه وشرائطه الخاصة. و
لا يتبع ما يفيد فائدته من العقود. كما أنه لا فرق في مشروعية الصلح بين موارد
الاختلاف والتنازع وبين غيرها على الأظهر. نعم يعتبر في مشروعيته ألا يحل
حراما أو يحرم حلالا، وإلا كان باطلا.
(1656) - يعتبر في المتصالحين، البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد، وعدم
الحجر.
(1657) - لا يعتبر في الصلح صيغة خاصة، بل يكفي فيه كل لفظ أو فعل دال
عليه.
(1658) - اسقاط الحق أو الدين لا يحتاج إلى قبول، وأما المصالحة عليه فلا بد
فيها من القبول.
(1659) - لو علم المديون بمقدار الدين، ولم يعلم به الدائن وصالحه بأقل منه
لم يحل الزائد للمديون، إلا أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة، حتى لو علم بمقدار الدين
399

أيضا.
(1660) - لا تجوز المصالحة على مبادلة مالين من جنس واحد إذا كانا مما يكال
أو يوزن مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأحوط، ولا بأس بها مع احتمال
الزيادة.
(1661) - لو ظهر في عقد الصلح كون أحد العوضين غير قابل للتملك بطل
أصل العقد.
(1662) - لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ للمتضرر، وكذا لو ظهر كون
أحدهما مغبونا فإنه يثبت له خيار الغبن.
400

أحكام الإجارة
(1663) - يعتبر في المؤجر والمستأجر " البلوغ والعقل والاختيار، وعدم
الحجر ". نعم تصح على الأظهر إجارة الطفل المميز بإذن وليه وكذا لو رضي بعد
البلوغ بالإجارة التي قام بها قبله، أما المجنون فلا تصح إجارته وإن أذن فيها الولي.
(1664) - تصح إجارة غير المالك إذا كان وليا أو وكيلا عن المالك، وكذا يجوز
لولي الطفل أو القيم أو الوصي عليه أن يؤجر مال الطفل أو الطفل نفسه.
(1665) - إذا آجر الولي مال الطفل أو الطفل نفسه مدة، وبلغ الطفل أثناءها
فمع احراز رشده تسقط ولاية الولي وجاز للطفل فسخ الإجارة بالنسبة إلى ما بعد
بلوغه.
(1666) - لا تعتبر العربية في صيغة الإجارة، بل لا يعتبر اللفظ في صحتها، فلو
سلم المؤجر ماله للمستأجر بقصد الايجار وقبضه المستأجر بقصد الاستيجار
صحت الإجارة.
(1667) - من استؤجر لاتيان عمل ما من دون صيغة ولا عقد لفظي تصح
الإجارة بمجرد شروعه في العمل فيدل عمله على قبوله.
(1668) - تكفي في صحة إجارة الأخرس، الإشارة المفهمة للايجار أو
401

الاستيجار.
(1669) - لو استأجر دكانا، أو دارا، أو بيتا، بشرط أن ينتفع به هو بنفسه لم يجز
ايجاره للغير.
(1670) - إذا استأجر دارا، أو دكانا، أو بيتا، بدون أن يشترط اختصاص
الانتفاع به فله أن يؤجره للغير ولو لنفس المؤجر. نعم لو أراد أن يؤجره بأزيد مما
استأجره به فلا بد أن يحدث فيه شيئا مثل الترميم، أو التبييض، أو يؤجره بغير
الجنس الذي استأجره به، كأن يستأجر دارا بالنقود فيؤجرها بالحنطة، وأما في
غير هاتين الصورتين فالأظهر عدم جواز الإجارة مع الزيادة. وأما غير الدار، و
الدكان، والبيت، فلا بأس بايجارها بأزيد مما استأجره به مطلقا.
(1671) - لو اشترط في الإجارة أن يكون عمل الأجير لشخص المستأجر
لم يجز له ايجاره ليعمل لشخص آخر ويجوز ذلك مع عدم الاشتراط، إلا أنه لا يجوز
أن يؤجره بأزيد مما استأجره إذا كانت الأجرتان من جنس واحد، ولا بأس
بالزيادة مع اختلاف الجنس.
(1672) - إذا آجر نفسه لعمل من دون تقييد بالمباشرة لم يجز له على الأظهر أن
يستأجر غيره لذلك العمل بعينه بأقل من الأجرة في إجارة نفسه. نعم لا بأس بذلك
إذا أتى ببعض العمل ولو قليلا فاستأجر غيره للباقي بأقل من الأجرة.
(1673) - لا بأس على الأظهر بأن يستأجر دارا - مثلا - سنة بعشرة دنانير
فيسكن في نصفها ويؤجر نصفها الآخر بعشرة دنانير، ولا يجوز أن يؤجره بأزيد
من عشرة دنانير كاثني عشر دينارا، فلا بد أن يعمل فيه شيئا كالترميم مثلا أو
يؤجره بجنس آخر غير ما استأجره به.
(1674) - في جميع الموارد التي يجوز للمستأجر فيها تأجير العين يشترط أن
402

يكون حجم الانتفاع بها في الإجارة الثانية موافقا له في الإجارة الأولى فلو
استأجر الدابة مثلا لركوب شخص لم يجز له تأجيرها لركوب شخصين.
شرائط العين المستأجرة
يعتبر في العين المستأجرة أمور:
1 - التعيين، فلو قال: " آجرتك إحدى دوري "، لم تصح الإجارة.
2 - أن يشاهد المستأجر العين المستأجرة، أو يعلم بخصوصيتها ولو كان ذلك
بتوصيف المؤجر ولا يشترط بيان الخصوصيات التي يتعارف وجودها في مثل
مورد الإجارة وإنما الواجب هو أن يكون الأمر بنحو تحفظ معه الإجارة من وقوع
النزاع فيها لاحقا.
3 - التمكن من التسليم، فلا تصح إجارة الدابة الشاردة مثلا.
4 - امكان الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصح إجارة الخبز وغيره من
المأكولات للأكل.
5 - قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة، فلا تصح إجارة الأرض للزراعة
إذا لم يكن المطر وافيا ولم يمكن سقيها من النهر أو غيره.
6 - أن تكون العين ملكا للمؤجر أو تحت ولايته وعليه فلا يجوز تأجير
المباحات العامة التي يتساوى فيها المؤجر والمستأجر. ولو آجر ملك الغير توقفت
صحة الإجارة على رضا المالك.
(1675) - يصح ايجار الشجر للانتفاع بثمرها غير الموجود فعلا. وكذلك ايجار
الحيوان للانتفاع بلبنه أو البئر للاستقاء، كما يصح جعل هذه الأمور أجرة في
403

الإجارة لكن لا يحق للطرف المطالبة بها ما دامت لم تتحقق في الخارج.
(1676) - يجوز للمرأة ايجار نفسها للإرضاع من غير حاجة إلى إجازة زوجها
مع اطمئنانها إلى عدم تضييع حقه بذلك. أما لو أوجب ذلك تضييع حقه فتتوقف
صحة الإجارة عندئذ على إجازته.
(1677) - لو كان تأجير المرأة نفسها لاتيان أعمال أخرى غير الارضاع لغير
الزوج منافيا لحقه وجب أخذ إجازته في ذلك.
شرائط المنفعة المقصودة من الإجارة
(1678) - تعتبر في المنفعة التي يستأجر المال لأجلها أمور ثلاثة:
1 - أن تكون محللة، فلا تصح إجارة الدكان لبيع الخمر أو حفظه، أو إجارة
الحيوان لحمل الخمر.
2 - تعيين نوع المنفعة، فلو آجر حيوانا قابلا للركوب ولحمله الأثقال، وجب
تعيين حق المستأجر من الركوب، أو الحمل، أو كليهما. فلو لم يعين ولم يعلم قصدهما
منافع معينة جاز الانتفاع من العين بكل الانتفاعات.
3 - تعيين مقدار المنفعة، وهو إما بتعيين المدة كما في إجارة الدار والدكان و
نحوهما، وإما بتعيين العمل كخياطة الثوب المعين على كيفية معينة.
(1679) - لو لم يعين مبدأ مدة الإجارة كان ابتداؤها من حين إجراء الصيغة.
(1680) - لو آجر داره سنة، وجعل ابتداءها بعد مضي شهر - مثلا - من إجراء
الصيغة صحت الإجارة وإن كانت العين عند اجراء الصيغة مستأجرة للغير.
(1796) - لا تصح الإجارة إذا لم تتعين مدة الايجار فلو قال: " آجرتك الدار
404

شهرا أو شهرين "، لم تصح، وإذا قال: " آجرتك الدار كل شهر بدينار مهما أقمت
فيها " ولم يحدد أول الإجارة وآخرها لكن علم من القرائن كون الشهر الأول منها
هو المتصل بعقد الإجارة. أو آجرها شهرا معينا بدينار وقال: " كلما أقمت بعد ذلك
فبحسابه "، صحت الإجارة على الأظهر في الشهر الأول خاصة دون غيره من
الشهور إلا أن يشترط في ضمن عقد إجارة الشهر الأول أنه إذا سكن فيها أكثر من
شهر كان كل شهر بدينار فلا يضر عدم تعيين المدة عندئذ. وكذا لو جعل المستأجر
الأمر بنحو الجعالة فقال: " إذا أعطيتني الدار لأنتفع منها دفعت لك كل شهر
دينارا "، والأمر كذلك أيضا لو تصالحا على ذلك أيضا بنحو يحقق فائدة الإجارة.
ولو أباح المالك الانتفاع بالمنزل مقابل عوض معين كدينار مثلا، صح لكن جاز له
تغيير السعر أو طلب اخلاء المنزل في أي وقت شاء.
مسائل في الإجارة
(1682) - يعتبر في الأجرة أن تكون معلومة، فلو كانت من المكيل أو الموزون
قدرت بهما، ولو كانت من المعدود كالبيض قدرت بالعد. فإن كانت مما تعتبر
مشاهدته في المعاملات لزم أن يشاهدها المؤجر، أو يبين المستأجر خصوصياتها له.
(1683) - لو آجر أرضا للزراعة، وجعل الأجرة من حاصل تلك الأرض،
لم تصح الإجارة. إلا إذا كان الحاصل موجودا - فعلا - فتصح الإجارة عندئذ، و
تكون صحيحة أيضا وإن لم يكن الحاصل موجودا فيما لو جعل المستأجر الأجرة في
ذمته وشرط تأديتها من محصول هذه الأرض.
(1684) - لا يستحق المؤجر مطالبة الأجرة قبل تسليم العين المستأجرة، و
405

كذلك الأجير لا يستحق مطالبة الأجرة قبل اتيانه بالعمل.
(1685) - إذا سلم المؤجر العين المستأجرة وجب على المستأجر تسليم
الأجرة، وإن لم يتسلم العين المستأجرة، أو لم ينتفع بها في بعض المدة أو تمامها.
(1686) - إذا آجر نفسه لعمل وسلم نفسه إلى المستأجر ليعمل له استحق
الأجرة، وإن لم يستوفه المستأجر. مثلا: إذا آجر نفسه لخياطة ثوب في يوم معين، و
حضر في ذلك اليوم للعمل وجب على المستأجر إعطاء الأجرة، وإن لم يسلمه
الثوب ليخيطه. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الأجير فارغا في ذلك اليوم، أو
مشتغلا بعمل لنفسه أو لغيره.
(1687) - لو ظهر بطلان الإجارة بعد انقضاء مدتها وجب على المستأجر أداء
أجرة المثل، فلو استأجر دارا بمائة دينار وظهر بطلانها بعد مضي المدة، فإن كانت
أجرتها المتعارفة خمسين دينارا لم يجب على المستأجر أزيد من خمسين دينارا. ولو
ظهر بطلان الإجارة أثناء المدة فحكمه بالنسبة إلى ما مضى حكم ظهور البطلان بعد
تمام المدة. وهذا كله فيما لو لم يكن المالك عالما ببطلان الإجارة وإلا فلو كان عالما
بذلك كان استحقاقه أجرة المثل محل تأمل. ولو كان السبب في بطلان الإجارة عدم
تعيين أجرة للدار مثلا أصلا فلا يبعد كون العمل مجانيا وتبرعيا وليس فيه
استحقاق أجرة.
(1688) - إذا تلفت العين المستأجرة لم يضمنها المستأجر إذا لم يتعد ولم يقصر في
حفظها، وكذلك الحال في تلف المال عند الأجير كالخياط، فإنه لا يضمن تلف
الثوب، إذا لم يكن منه تعد أو تفريط ويقبل قولهما في ذلك.
(1689) - إذا أتلف الصانع ما تحت يده كان ضامنا.
(1690) - إذا استأجر دابة لحمل كمية معلومة من المتاع فحملها أكثر من تلك
406

الكمية، فتلفت الدابة، أو عابت كان عليه ضمانها، وكذا إذا لم تعين الكمية وحملها
أكثر من المقدار المتعارف، وعلى كلا التقديرين يجب عليه دفع أجرة الزائد أيضا.
(1691) - الختان ضامن لو مات الطفل بالختان، أو تضرر بغير الموت إذا تجاوز
الحد المتعارف بنحو يصدق عليه أنه تعدى، أما لو لم يتجاوز الحد فيما يقطعه منه
فلا ضمان بشرط أن يكون قد أخبر الولي بأنه لن يكون ضامنا فيما لو حصل شئ من
ذلك للطفل.
(1692) - لو عالج الطبيب المريض مباشرة، وأخطأ وتضرر المريض أو مات
فهو ضامن.
(1693) - لو تبرأ الطبيب من الضمان لم يضمن، ولو مات المريض أو تضرر
بمباشرته إذا كان قد أعمل دقته واحتاط في المعالجة.
(1694) - تنفسخ الإجارة بفسخ المؤجر والمستأجر إذا تراضيا على ذلك، و
كذلك تنفسخ بفسخ من اشترط له حق الفسخ في عقد الإجارة من المؤجر، أو
المستأجر، أو كليهما.
(1695) - إذا ظهر غبن المؤجر، أو المستأجر كان له حق الفسخ فيما لم يكن
ملتفتا إلى الغبن حين العقد. نعم لو أسقط ذلك في ضمن العقد أو بعده لم يستحق
الفسخ.
(1696) - إذا غصبت العين المستأجرة قبل التسليم إلى المستأجر فله فسخ
الإجارة واسترجاع الأجرة، وله أن لا يفسخ ويطالب الغاصب بالأجرة المتعارفة
للمنفعة الفائتة، فلو استأجر دابة شهرا بعشرة دنانير وغصبت عشرة أيام، وكانت
أجرتها المتعارفة في العشرة أيام ثلاثة دنانير، جاز للمستأجر أن يطالب الغاصب
بثلاثة دنانير.
407

(1697) - إذا غصبت العين المستأجرة بعد تسليمها إلى المستأجر لم يجز له
الفسخ وكان له المطالبة من الغاصب بالأجرة المتعارفة للمنفعة الفائتة.
(1698) - لا تبطل الإجارة ببيع المؤجر العين المستأجرة قبل انقضاء المدة من
المستأجر ووجب على المستأجر تسليم الأجرة للبائع وكذا لو باعها لشخص آخر
غير المستأجر. نعم لو كان المشتري غير مطلع على الإجارة جاز له فسخ البيع، ولو
فسخ المستأجر الإجارة قبل انتهاء مدتها كانت منفعة العين في المدة الباقية للبائع
لا للمشتري.
(1699) - تبطل الإجارة بسقوط العين المستأجرة عن قابلية الانتفاع بها
رأسا، أو عن قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة ولزم إعادة الأجرة للمستأجر
إن كان قد دفعها، بل يجوز للمستأجر فسخ الإجارة حتى لو أمكنه الانتفاع من العين
لكن بنحو يسير. فإذا استأجر دارا سنة - مثلا - فانهدمت قبل دخول السنة بطلت
الإجارة، وإذا انهدمت أثناء السنة بنحو لم يمكن الانتفاع بها مطلقا أو فيما هو
المقصود، تبطل الإجارة بالنسبة إلى المدة الباقية، وللمستأجر الفسخ بالنسبة إلى
المدة الباقية فيما لو أمكن الانتفاع بها لكن بشكل يسير.
(1700) - لو استأجر دارا تشتمل على غرفتين - مثلا - فانهدمت أحداهما و
عمرها المؤجر فورا على وجه لم يتلف من منفعتها شئ لم تبطل الإجارة، ولم يكن
للمستأجر حق الفسخ. وإذا تلف مقدار من منفعتها ولو كان ذلك لطول مدة العمارة
بطلت الإجارة بالنسبة إلى ذلك المقدار وكان للمستأجر الفسخ، وأداء أجرة مثل
ما استوفاه من المنفعة.
(1701) - لا تبطل الإجارة بموت المؤجر، أو المستأجر إلا فيما إذا لم يكن المؤجر
408

مالكا للعين المستأجرة، بل كان مالكا لمنفعتها ما دام حيا بوصية أو نحوها، فإذا
مات أثناء مدة الإجارة بطلت الإجارة بالنسبة إلى المدة الباقية. إلا أن يجيز مالك
تلك المنفعة الإجارة بقية المدة، وكذا تبطل الإجارة بموت المستأجر فيما لو كانت
الإجارة مشروطة بعدم انتفاع غير المستأجر بها.
(1702) - لو وكل شخصا في أن يستأجر له عمالا فاستأجرهم بأقل مما عين
الموكل حرمت الزيادة على الوكيل ووجب ارجاعها إلى الموكل. ولو استأجر
شخصا لبناء بيت مثلا وجعل له الحق في مباشرة العمل بنفسه أو استئجار شخص
آخر له فلا يجوز للأجير على الأظهر أن يستأجر شخصا بمبلغ أقل مما آجر نفسه
للمالك به.
409

أحكام الجعالة
الجعالة هو " الالتزام بعوض معلوم على عمل "، كأن يلتزم شخص بدينار
لكل من يجد ضالته، ويسمى الملتزم " جاعلا " ومن يأتي بالعمل " عاملا "، و
تفترق عن الإجارة بوجوب العمل هناك على الأجير بعد العقد دون العامل هنا، كما
تشتغل ذمة المستأجر للأجير قبل العمل بالأجرة، ولا تشتغل ذمة الجاعل للعامل
ما لم يأت بالعمل.
(1703) - يعتبر في الجاعل: البلوغ، والعقل، والاختيار وعدم الحجر،
فالسفيه الذي يصرف ماله فيما لا ينبغي، لا تصح الجعالة منه.
(1704) - يعتبر في الجعالة أن لا يكون العمل محرما، أو خاليا من الفائدة،
فلا يصح جعل العوض لشرب الخمر، أو الدخول ليلا في محل مظلم مثلا. كما يعتبر
فيها أن لا يكون العمل واجبا على العامل وعليه فلا تصح الجعالة على الصلاة
الواجبة على العامل.
(1705) - يعتبر في الجعالة تعيين العوض بخصوصياته إذا كان كليا، ولا يعتبر
ذلك إذا كان شخصيا.
(1706) - إذا كان العوض في الجعالة مبهما، وغير معين فللعامل أجرة المثل.
411

(1707) - لا يستحق العامل شيئا إذا أتى بالعمل قبل الجعالة أو بعدها تبرعا بأن
لم يكن قاصدا أخذ الأجرة عليه.
(1708) - يجوز للجاعل فسخ الجعالة قبل الشروع في العمل، ويجوز ذلك بعد
الشروع أيضا لكن يجب عليه عندئذ دفع أجرة المقدار الذي أتى به العامل من
العمل.
(1709) - لا يستحق العامل العوض إذا لم يتم العمل الذي لا ينتفع به الجاعل لولا الإتمام، كرد الدابة الشاردة، وكذا إذا جعل العوض على إتمام العمل، كأن يقول:
" من خاط ثوبي فله كذا "، ولو جعل على نحو التوزيع على أجزاء العمل استحق
العامل بنسبة ما أتى به من العمل، وإن كان الأحوط الرجوع إلى الصلح حينئذ.
412

أحكام المضاربة
المضاربة: هي عقد خاص بين طرفين يدفع بموجبه الانسان إلى غيره مالا
ليتجر فيه على أن يكون الربح بينهما بالنصف أو الثلث أو نحو ذلك ويعتبر فيها
أمور:
الأول: الايجاب والقبول، ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو نحو
ذلك، ولا يعتبر فيهما العربية ولا الماضوية.
الثاني: البلوغ، والعقل، والاختيار، في كل من المالك والعامل، وأما عدم
الحجر من سفه أو فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل.
الثالث: تعيين حصة كل منهما من نصف، أو ثلث، أو نحو ذلك. وعليه فلو
أعطى شخص مالا لآخر وعلم من القرائن أنه لم يقصد به الهبة أو القرض أو نحو
ذلك، فقام الآخر بالتكسب به دون أن يتفقا على نحو تقسيم الربح كانت الأرباح
الحاصلة لصاحب المال ويستحق العامل أجرة المثل مقابل عمله فقط.
(1710) - الأقرب صحة المضاربة بغير الذهب والفضة المسكوكين من
الأوراق النقدية ونحوها مما يستعمل عادة في عملية الشراء، ويشترط فيها أن
413

يكون مال المضاربة عينا فلا تصح بالمنفعة والدين.
(1711) - لا خسران على العامل من دون تفريط، وإنما هي على المالك وحده
نعم تجبر الخسارة من الأرباح اللاحقة، وإذا اشترط المالك على العامل في ضمن
العقد أن تكون الخسارة عليهما كالربح أو على العامل وحده صح ولا بأس به على الأظهر.
(1712) - لو تلف شئ من مال المضاربة بحريق أو سرقة أو نحوهما دون تفريط
من العامل ففي جبرانه من الأرباح الحاصلة تأمل ومقتضى القاعدة عدم الجبران.
(1713) - تحسم نفقات العامل في السفر من أصل المال فيما لو كان سفره لأجل
المضاربة إلا أن يشترط كونها على العامل فيجب العمل بالشرط عندئذ. ولو أسرف
العامل في الانفاق على مثل الضيافات والهدايا مما لا علاقة له بالتجارة لم يحسب
ذلك من نفقات المضاربة إلا أن يشترط ذلك في العقد ولو قتر ووفر شيئا من
النفقات لم يحق له أخذ الزيادة الحاصلة نتيجة ذلك.
(1714) - عقد المضاربة جائز من الطرفين فيجوز لكل منهما فسخه، سواء كان
قبل الشروع في العمل أم بعده، وسواء كان قبل تحقق الربح أو بعده، كما أنه لا فرق
في ذلك بين كونه مطلقا أو مقيدا إلى أجل خاص. ولو قيدت المضاربة بأجل معين
فالأقرب صحة العقد والشرط ولازم ذلك كون تصرف العامل بعد انقضاء المدة
منوطا بإذن المالك.
(1715) - لو اشترط في عقد المضاربة شراء نوع خاص من البضاعة لم يجز
للعامل العمل خلاف الشرط فإن خالف ضمن رأس المال والخسائر الواردة إلا أن
يأذن المالك فعندئذ تكون الأرباح بينهما طبق العقد والخسارة المحتملة على المالك.
(1716) - إذا بيع في المضاربة قسم من مال التجارة نسيئة وكان المالك عالما
414

بهذه المعاملة ثم أراد فسخ المضاربة فالمطالبة بالديون وتحصيلها ليس في عهدة
العامل. وأما إذا فسخ العامل المضاربة وكان تحصيل الديون بدون تدخله في خطر
فلزوم تحصيل الديون عندئذ بتوسط العامل لو طلب منه المالك ذلك موافق
للاحتياط.
(1717) - إذا كان عقد المضاربة فاسدا فإن إذن المالك في جميع المعاملات التي
قام العامل بها كان جميع الربح الحاصل للمالك، سواء علما بفساد المضاربة أم لا، أو
علم أحدهما وجهل الآخر ذلك، لكن يستحق العامل مع جهله بفساد المضاربة
أجرة المثل على أعماله.
(1718) - يجوز للعامل المضاربة مع عامل آخر لو أذن المالك بذلك سواء كان
بنحو يجعل فيه الثاني عاملا للمالك ويعتزل الأول، أي أن الأول يفسخ المضاربة
الأولى ويقيم الثانية بصفته وكيلا للمالك، أو بنحو يجعل الثاني فيه عاملا للأول،
حيث إن في الصورة الثانية إذا كانت حصته من الربح النصف مثلا فيجعل للعامل
الثاني نصف هذا النصف من الربح مثلا، فعلى هذا يكون حساب العامل الثاني مع
العامل الأول لامع المالك.
(1719) - إذا ضارب شخص بمال آخر بلا إذن أو وكالة أو ولاية، فالمضاربة
فضولية، ومع إجازة المالك يكون أصل المضاربة صحيحا فإن حدثت خسارة
تكون بعهدة المالك، ولكن الربح الحاصل يقسم بين المالك والعامل حسب
الاتفاق.
(1720) - المضاربة محل لاجتماع أو تبادل أحكام متعددة، لأن العامل أمين في
حالة صحة عقد المضاربة وعدم الربح، وشريك في الربح مع ظهوره، ووكيل في
التصرفات، وغاصب مع التعدي عن المورد المعين في المضاربة، وأجير لصاحب
415

المال مع فساد عقد المضاربة.
(1721) - إذا وضع المالك ماله في اختيار شخص آخر وقال له: " إذا اتجرت
بهذا المال وحصل ربح، فنصف الربح أو ثلثه لك "، لا يكون هذا العمل مضاربة بل
جعالة، فيه فوائد المضاربة، ولكن لا يشترط فيه شروط المضاربة.
(1722) - يجوز لأب الصغير وجده لأبيه أن يضاربا بمال ذلك الصغير مع
وجود المصلحة وعدم المفسدة. وكذا وصي الأب والجد وبعدهما الحاكم الشرعي
مع رعاية عدم المفسدة ووجود المصلحة.
(1723) - إذا لم يوجد في البين شرط فنفوذ تصرفات العامل تابع للمصلحة،
مثل البيع نقدا وبالقيمة المتعارفة، وإذا تعدى العامل حدود ما أذن له المالك مثل
البيع نسيئة أو بقيمة أقل من حدود المتعارف فلا تصح المعاملة إلا مع لحوق الإذن.
416

أحكام المزارعة
عقد المزارعة هو: " الاتفاق بين مالك الأرض والزارع على زرع الأرض
بحصة من حاصلها ".
(1724) - يعتبر في المزارعة أمور:
1 - الايجاب من المالك بقوله للزارع مثلا: " سلمت إليك الأرض لتزرعها "،
فيقول الزارع: " قبلت "، أو يسلم المالك الأرض إليه للزراعة ويتقبلها الزارع من
دون كلام.
2 - أن يكونا بالغين، عاقلين، مختارين، غير محجورين. بل يشترط كونهما
راشدين فلو كانا سفيهين لم تصح المزارعة منهما وإن لم يحجر عليهما الحاكم الشرعي
وهذا الحكم جار في جميع المعاملات.
3 - أن يجعل لكل منهما نصيب من حاصل الأرض، فلو جعل جميع المحصول
لواحد منهما خاصة بطلت.
4 - أن تجعل حصة كل منهما على نحو الإشاعة، كالنصف والثلث، فلو قال:
" إزرع وأعطني ما شئت "، لم تصح المزارعة، وهكذا لو عين للمالك أو الزارع مقدار
معين كعشرة أمنان، أو عين لأحدهما حاصل قطعة من الأرض وللآخر حاصل
417

قطعة أخرى.
5 - تعيين المدة بمقدار يمكن حصول الزرع فيه.
6 - أن تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج والاصلاح.
7 - تعيين الزرع مع اختلاف نوع ما يزرع في تلك البلاد، ولو اتحد نوع الزرع
في البلد أو كانت زراعة نوع معين أمرا متعارفا في الخارج تعين زراعته من دون
حاجة إلى تعيينه في عقد المزارعة.
8 - تعيين الأرض فلو كانت للمالك قطعات مختلفة، ولم يعين واحدة منها
بطلت المزارعة.
9 - تعيين ما على كل منهما من المصارف إذا لم يكن ذلك معلوما لكونه متعارفا
خارجا.
(1725) - لو اتفق المالك مع الزارع على أن يكون مقدار من الحاصل للمالك، و
يقسم الباقي بينهما بنسبة معينة، صحت المزارعة إن كان ذلك بنحو الشرط ضمن
عقد المزارعة بأن يشترطا أن يملك الزارع قسما من المحصول للمالك.
(1726) - إذا انقضت مدة المزارعة، ولم يدرك الحاصل دون تقصير أو تساهل
من الزارع فجواز قطع المالك الزرع أو اجبار الزارع عليه لا يخلو من اشكال وبما أن
كليهما كانا قاصدين الزراعة فالأظهر أن المالك لا يستحق الأجرة على بقاء الزرع
إلى حين الحصاد. أما لو كان عدم ادراك المحصول بسبب تقصير الزارع فيحتمل
استحقاق المالك أجرة المثل على بقاء الزرع في الأرض تلك المدة الزائدة لكن عدم
استحقاقه حصته من المزارعة لا يخلو من وجه.
(1727) - لو شرطا في مفروض المسألة المتقدمة في عقد المزارعة بقاء الزرع في
الأرض إلى حين الحصاد إن لم يدرك الحاصل في المدة المعينة أو بقاءه مدة معينة بعد
418

إدراك الحاصل لزم الوفاء بهذا الشرط ولم يستحق المالك المطالبة بأجرة الأرض.
أما لو لم يشترطا مثل هذا الشرط فيجوز للمالك في الصورة الثانية إجبار الزارع على
قلع الزرع وحصاده أو يقوم المالك بنفسه بذلك أما حكم الصورة الأولى فقد تقدم
في المسألة السابقة.
(1728) - إذا طرأ مانع من الزراعة في الأرض، كانقطاع الماء عنها، فإن كان
قد حصل شئ من الزرع ولو كان مثل القصيل الذي يصلح علفا للحيوانات فيعمل
فيه بمقتضى عقد المزراعة وتبطل المزارعة في الباقي، ولكن الزارع إذا ترك الزرع
بلا عذر وكانت الأرض في تصرفه، كان عليه أن يدفع إلى المالك مثل أجرة
الأرض.
(1729) - عقد المزارعة يلزم بإجراء الصيغة، ولا ينفسخ إلا برضاهما، و
لا يبعد اللزوم أيضا لو دفع المالك الأرض للزارع بقصد المزارعة، وتقبلها الزارع.
نعم لو اشترط في ضمن العقد استحقاق المالك أو الزارع، أو كليهما للفسخ جاز
الفسخ حسب الشرط.
(1730) - لا تنفسخ المزارعة بموت المالك أو الزارع، بل يقوم الوارث مقام
مورثه، ولو اشترط المالك مباشرة الزارع للزرع بنفسه، لم تنفسخ المزارعة بموته
لكن يكون للمالك الخيار في فسخها، ولو مات بعد أن أنجز قسما من العمل لم تنفسخ
أيضا وعليه فلو كان المقصود من الشرط حصر إتيان العمل به من البداية إلى
النهاية بنحو لو عجز عن اكمال العمل لم يتحقق الشرط جاز للمالك عندئذ فسخ
المزارعة بالنسبة لما مضى وسيأتي، أما لو كان المقصود من الشرط اتيانه العمل
بنفسه ما دام موجودا وقادرا عليه فإنما يثبت للمالك عندئذ حق فسخ المزارعة
بالنسبة لما سيأتي فقط دون ما مضى وتكون قيمة عمل الزارع إلى حين الموت
419

محفوظة للورثة.
(1731) - إذا ترك الزارع زراعة الأرض باختياره مع كونه قد استلم الأرض
كان ضامنا لما سببه من تضييع لحق المالك، وكذا يجب على المالك ضمان ما ضيعه من
حق الزارع لو امتنع عن تسليمه الأرض مع استعداد الزارع لذلك، ولو حصل
نقص في الأرض نتيجة تقصير الزارع وتركه زراعتها فلا يخلو استحقاق المالك
لأخذ عوض الخسارة من وجه.
(1732) - تبطل المزارعة إذا لم يتوفر الماء في الأرض ولم يمكن تأمينه لها، ولو
أمكن تأمينه واجراؤه لكن لم يكن الزارع عارفا بالوضع فإن كان تأمين الماء وسقي
الأرض موجبا لتضرره جاز له فسخ المزارعة.
(1733) - إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع، فإن كان البذر للمالك فالحاصل له
، وعليه للزارع ما صرفه. وكذا أجرة عمله وأعيانه التي استعملها في الأرض
كالبقر وغيره، وإن كان البذر للزارع فالزرع له وعليه للمالك أجرة الأرض وما
صرفه المالك وأجرة أعيانه التي استعملت في ذلك الزرع.
(1734) - الباقي من أصول الزرع في الأرض بعد الحصاد وانقضاء المدة إذا
اخضر في السنة الجديدة وأدرك، فإن لم يكن المالك والزارع قد أعرضا عنه يكون
المحصول لصاحب البذر منهما ولو كان صاحب البذر غير المالك وجب عليه أداء
أجرة مثل الأرض للمالك.
420

أحكام المساقاة
المساقاة هي: " اتفاق شخص مع آخر على سقي أشجار يرجع ثمرها إليه
بالملك أو غيره، وإصلاح شؤونها إلى مدة معينة بحصة من ثمرها ".
(1735) - يصح عقد المساقاة في الأشجار غير المثمرة التي يستفاد من ورقها أو
زهرها كشجر الحناء.
(1736) - لا تعتبر الصيغة في المساقاة، بل يكفي دفع المالك الأشجار للفلاح و
شروعه في العمل بهذا القصد.
(1737) - يعتبر في المالك والفلاح البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم الحجر
بسفه ونحوه. بل لو كانا سفيهين أو أحدهما لم تصح معاملتهما حتى لو لم يحجر عليهما
الحاكم الشرعي.
(1738) - يعتبر تعيين مدة المساقاة، ولو عين أولها وجعل آخرها إدراك الثمرة
صحت.
(1739) - يعتبر تعيين حصة كل منهما بالإشاعة كالنصف والثلث، وإن اتفقا
على أن تكون من الثمرة عشرة أمنان - مثلا - للمالك، والباقي للفلاح بطلت المساقاة،
إلا بالنحو الذي مر في المزارعة، ولو كانت الأشجار مختلفة وكان حاصل كل نوع
421

منها معلوما جاز أن يجعل لكل منهما سهم خاص من كل نوع.
(1740) - يعتبر في المساقاة أن يكون العقد قبل ظهور الثمرة، فإذا كان العقد
بعده، ولم يبق عمل تتوقف عليه تربية الأشجار كالسقي ففي المساقاة عندئذ إشكال.
وإن احتيج إلى عمل آخر كاقتطاف الثمرة والتحفظ عليها. وأما إذا بقي عمل
كالسقي يتوقف عليه تحسين الثمرة وزيادتها فالمساقاة صحيحة حينئذ.
(1741) - إذا لم يعين في عقد المساقاة نحو توزيع العمل بين المالك والفلاح كان
ما يتكرر من العمل في الأرض سنويا من قبيل الزراعة واصلاح الشجر ونحوه في
عهدة الفلاح، أما ما يلزم إتيانه في سنة واحدة ويبقى لسائر السنين كبناء السور و
حفر الآبار وشق الجداول ففي عهدة المالك.
(1742) - ضرائب الأرض الزراعية أو البستان على المالك لا على عامل
المساقاة أو المزارعة إلا إذا اشترط ذلك في العقد، فيلزم العمل به حينئذ.
(1743) - إذا اشترط في عقد المساقاة كون تمام العمل على المالك، بطلت لأنه
شرط يخالف مقتضى العقد إذ أنه في عقد المساقاة إنما يستحق العامل حصة من
المحصول مقابل ما يأتي به من العمل فإذا لم يعمل، لم يستحق شيئا.
(1744) - تنفسخ المساقاة بفسخها مع التراضي، وكذا بفسخ من اشترط الخيار
له في ضمن العقد، بل لو اشترط شئ في المعاملة ولم يعمل به المشروط عليه ثبت
الخيار للمشروط له.
(1745) - لا تنفسخ المساقاة بموت المالك، ويقوم ورثته مقامه.
(1746) - إذا مات الفلاح قام وارثه مقامه، إن لم تؤخذ المباشرة في العمل
شرطا، أما لو أخذت المباشرة شرطا فقد مر حكمه في المزارعة.
(1747) - المغارسة باطلة، وهي أن يدفع أرضا إلى الغير ليغرس فيها أشجارا
422

على أن يكون الحاصل لهما، لكن يمكن التوصل إلى هذه النتيجة بواسطة الصلح أو
الإجارة. ثم في صورة البطلان لو غرس الفلاح فيها أشجارا فإن كانت الأشجار
لمالك الأرض فعليه للفلاح أجرة العمل، وإن كانت للفلاح لم يكن له إجبار مالك
الأرض على إبقائها ولو بأجرة، بل يجوز للمالك قلعها لكن يكون عليه ضمان
الخسارة الواردة على الأشجار بسبب ذلك. وفيما لو لم يكن المالك عالما ببطلان هذا
العقد جاز له أخذ أجرة الأرض من أول العقد إلى آخره أو إلى يوم قلع الأشجار و
أجرة طم الحفر التي تحدث في الأرض بذلك، لكن لا يحق له إجبار صاحب الأشجار
على عدم قلعها وبيعه إياها كما لا يحق لصاحب الأشجار إجبار مالك الأرض على
إبقاء الأشجار وأخذ أجرة الأرض.
423

أحكام
المحجور عليهم
(1748) - لا ينفذ تصرف غير البالغ في ماله مستقلا. وعلامات البلوغ واحد
من ثلاث:
1 - نبات الشعر الخشن على العانة، وهي بين البطن والعورة.
2 - خروج المني.
3 - إكمال خمس عشرة سنة هلالية في الذكر، وتسع سنين في الأنثى.
(1749) - نبات الشعر الخشن في الخد وفي الشارب، وفي الصدر، وتحت
الإبط، وغلظة الصوت ونحوها لا يبعد أن تكون أمارة على البلوغ.
(1750) - نبات الشعر إذا كان بسبب استعمال الدواء، فلا يدل على البلوغ على
الأظهر، إلا أن تكون المعالجة من قبيل التقوية وتهيئة عوامل الانشراح المؤثرة في
نمو القوة البدنية.
(1751) - لو ادعى الصبي المميز المشارف على البلوغ تحقق البلوغ بالاحتلام،
فقبول قوله من دون بينة أو يمين، لا يخلو من وجه. ويثبت بلوغه أيضا باخبار البينة
(رجلان عادلان) بذلك أو حصول العلم أو الاطمئنان به.
(1752) - لا ينفذ تصرف المجنون ولو كان أدواريا حال جنونه في ماله.
425

(1753) - لا مانع من نفوذ تصرفات السفيه والمحجور عليه غير المالية، أما
المالية منها فلا.
والسفيه هو من يصرف أمواله عبثا ويكون عقله في تدبير أموره المالية و
إصلاحها أقل من الانسان المتعارف، فلا تنفذ تصرفاته المالية من دون إذن الولي.
أما لو أذن الولي فتصح جميع عقوده، وكذا يجوز أن يكون وكيلا عن الغير في إجراء
صيغة العقد أيضا.
(1754) - يجوز للمالك على الأقرب صرف ماله في مرض موته في مصالح
نفسه، ومن يمت به، ما لم يعد إسرافا، وكذا يصح هبته وبيعه وإجارته بأقل من
المتعارف.
426

أحكام الوكالة
الوكالة هي: " استنابة شخص غيره في عمل كانت له مباشرته ليأتي به من
قبله "، كأن يوكل شخصا في بيع داره، أو عقد امرأة له، فلا يصح التوكيل ممن ليس
له المباشرة لكونه محجورا عليه لسفه ونحوه.
(1755) - لا تعتبر الصيغة في الوكالة، بل يصح انشاؤها بكل ما دل عليها، فلو
دفع ماله إلى شخص لبيعه وقبضه الوكيل بهذا العنوان صحت الوكالة.
(1756) - يعتبر في الموكل والوكيل: العقل، والقصد، والاختيار، والبلوغ.
(1757) - من لا يتمكن من مباشرة عمل شرعا، لا يصح أن يتوكل فيه عن
الغير، فالمحرم لا يجوز أن يتوكل في عقد النكاح لأنه يحرم عليه إجراء العقد.
(1758) - يصح التوكيل العام في جميع الأعمال التي ترجع إلى الموكل ولا يصح
التوكيل في عمل غير معين منها.
(1759) - تبطل الوكالة ببلوغ العزل إلى الوكيل. والعمل الصادر منه قبل بلوغ
العزل إليه صحيح.
(1760) - للوكيل أن يتخلى عن الوكالة ويتركها وإن كان الموكل غائبا.
(1761) - ليس للوكيل أن يوكل غيره إلا أن يجيزه الموكل في ذلك، فيوكل في
427

حدود إجازته، فإذا قال له: " اختر وكيلا عني "، فلا بد أن يوكل شخصا عنه، لا عن
نفسه.
(1762) - ليس للوكيل عزل من وكله من قبل الموكل بإجازته، بل لو مات
الوكيل الأول، أو عزل لا تبطل وكالة الوكيل الثاني.
(1763) - إذا وكل الوكيل غيره عن نفسه بإجازة الموكل فللموكل والوكيل
الأول عزله. ولو مات الوكيل الأول أو عزل بطلت وكالة الوكيل الثاني. ولو مات
الموكل الأصلي أو جن أو أغمي عليه بطلت وكالة الوكيلين وكذا الحكم في المسألة
المتقدمة.
(1764) - إذا وكل شخص جماعة في عمل، وأجاز لكل منهم القيام بذلك
العمل وحده فلكل منهم أن يأتي به وإن مات أحدهم لم تبطل وكالة الباقين. وكذا
على الأظهر لو لم يحدد جواز قيام كل واحد منهم بالعمل أو لزوم اجتماعهم، وأما لو
صرح باتيانهم به جميعا لم يجز لواحد منهم أن يأتي بالعمل وحده، وإن مات أحدهم
في هذه الصورة بطلت وكالة الباقين.
(1765) - تبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكل، أو جنونه المطبق ولو جن
أحدهما أدواريا أو أغمي عليه، فالأحوط وجوبا تجديد الوكالة بعد زوال الجنون
أو الإغماء، وتبطل أيضا بتلف مورد الوكالة، كالحيوان الذي وكل في بيعه.
(1766) - لو جعل الموكل عوضا للعمل الذي يقوم به الوكيل وجب دفعه إليه،
بعد إتيانه به.
(1767) - إذا لم يقصر الوكيل في حفظ المال الذي دفعه الموكل إليه ولم يتصرف
فيه بغير ما أجازه الموكل فيه، فتلف اتفاقا لم يضمنه ويقبل قوله في عدم التعدي و
التفريط ما لم تقم بينة على الخلاف. وأما لو قصر في حفظه، أو تصرف فيه بغير ما
428

أجازه الموكل فيه وتلف ضمنه، فلو لبس الثوب الذي وكل في بيعه وتلف لزمه
عوضه.
(1768) - لو تصرف الوكيل في المال الذي دفعه الموكل إليه بغير ما أجازه
لم تبطل وكالته، فيصح منه الاتيان بما هو وكيل فيه، فلو توكل في بيع ثوب فلبسه ثم
باعه صح البيع.
(1769) - لو وجد الوكيل فيما اشتراه بالوكالة عيبا لزمه رده والفسخ عملا
بخيار العيب سواء كان الموكل حاضرا أم غائبا إلا إذا منعه الموكل من ذلك فلا يجوز
له الفسخ عندئذ.
(1770) - يجوز للمرأة أن تتوكل من قبل زوجها في طلاق زوجته الأخرى أو
من قبل رجل آخر في طلاق زوجته، بل يجوز لها التوكل من قبل زوجها في طلاق
نفسها أيضا.
429

أحكام القرض
إقراض المؤمن من المستحبات الأكيدة التي ورد الحث عليها في الكتاب و
السنة.
فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " من أقرض مؤمنا قرضا ينتظر
به ميسوره كان ماله في زكاة، وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه
إليه " وإنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " ومن أقرض أخاه المسلم كان له بكل درهم أقرضه
وزن جبل أحد من جبال رضوي وطور سيناء حسنات، وإن رفق به في
طلبه تعدى به على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب، و
لا عذاب، ومن شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرم الله عز وجل عليه
الجنة يوم يجزي المحسنين ".
(1771) - لا تعتبر الصيغة في القرض، فلو دفع مالا إلى أحد بقصد القرض و
أخذه ذلك بهذا القصد صح. لكن يجب أن يكون مقداره معلوما.
(1772) - ليس للدائن الامتناع عن قبض الدين من المدين في أي وقت كان.
(1773) - إذا جعل في القرض وقت للأداء فلا يحق للدائن على الأحوط وجوبا
أن يطالب المدين قبل حلول الوقت، وإذا لم يؤجل فله أن يطالب به في كل وقت
431

أراد.
(1774) - يجب على المديون أداء الدين فورا عند مطالبة الدائن إن قدر عليه، و
إن توانى فقد عصى.
(1775) - إذا اختفى الدائن وجب على المدين البحث عنه وحفظ ماله حتى
يصل إليه فإن لم يتمكن من الوصول إليه، ويئس منه يلزمه أن يؤديه إلى الحاكم
الشرعي أو يدفعه بإذن الحاكم إلى الفقير صدقة بقصد أداء الوظيفة الواقعية ثم إن
ظهر الدائن بعد ذلك كان مخيرا في أخذ دينه من المدين أو الرضا بثواب الصدقة التي
أداها.
(1776) - إذا لم تف تركة الميت إلا بمصارف كفنه ودفنه الواجبة وديونه
صرفت فيها. وليس للورثة حينئذ شئ من التركة.
(1777) - إذا استقرض شيئا من النقود من الذهب أو الفضة أو غيرهما،
فنقصت قيمته أو زادت، جاز له أداء مثله. ويجوز التراضي على أداء غيره في كلتا
الصورتين.
(1778) - لا يجوز اشتراط الزيادة في الدين، كأن يدفع عشر بيضات على أن
يستوفي خمس عشرة بيضة، بل لا يجوز اشتراط عمل على المديون، أو زيادة من
غير جنس الدين، كأن يدفع دينارا على أن يستوفي دينارا مع علبة كبريت مثلا، و
كذلك إذا اشترط على المديون كيفية خاصة - فيما يؤديه - كأن يدفع ذهبا
غير مصوغ، ويشترط عليه الوفاء بالمصوغ، فإن ذلك كله من الربا وهو حرام. نعم
يجوز للمديون دفع الزيادة بلا اشتراط بل هو مستحب.
(1779) - إذا زرع المستقرض الحنطة، أو مثلها مما أخذه بالقرض الربوي كان
الحاصل ملكا للمقرض.
432

أحكام الرهن
الرهن هو: " دفع المديون عينا إلى الدائن وثيقة ليستوفي دينه منها إذا لم يؤده
المديون ".
(1780) - لا تعتبر الصيغة في الرهن على الأقرب، بل يكفي دفع المديون مالا
للدائن بقصد الرهن، وأخذ الدائن له بهذا القصد.
(1781) - يعتبر في الراهن والمرتهن: البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم كون
الراهن سفيها أو محجورا عليه لفلس وغيره. ويجوز لولي الطفل أو المجنون أن يرهن
عنهما أو يرتهن لهما فيما لو كان في ذلك مصلحة لهما.
(1782) - بعد قبض المرتهن العين لتكون رهنا بإذن من الراهن لم يجز للراهن
استردادها إلا بعد أن يؤدي للمرتهن دينه.
(1783) - يعتبر في العين المرهونة جواز تصرف الراهن فيها شرعا، فإذا رهن
مال الغير فصحته موقوفة على إجازة المالك.
(1784) - يعتبر في العين المرهونة جواز بيعها وشرائها، فلا يصح رهن الخمر و
نحوه.
(1785) - لا يجوز للمرتهن التصرف في العين المرهونة بدون إذن الراهن، فلو
433

تصرف فيها بالاستفادة من منافعها كركوب الدابة أو سكنى الدار، وجب عليه أداء
أجرة المثل ولو تلفت العين بسبب التصرف كان ضامنا. وكذا لا يجوز للراهن
التصرف في العين بنحو ينافي الرهن ويسبب تغير العين أو نقص قيمتها بدون إذن
المرتهن ويجوز له غير ذلك من التصرفات كما تجوز سائر التصرفات التي تكون
لأجل حفظها وإصلاحها من قبيل السقي والعلف للحيوان أو إصلاح الشجر و
سقيه.
(1786) - لا يجوز للمرتهن ولا للراهن بيع العين المرهونة أو هبتها بغير إذن
الآخر، وإذا باعها أحدهما أو وهبها توقفت صحته على إجازة الآخر.
(1787) - لو باع المرتهن العين المرهونة بإذن الراهن كان ثمنها كالأصل رهنا.
(1788) - إذا كانت العين المرهونة مما يفسد قبل حلول وقت أداء الدين ويمكن
منع فسادها وجب ذلك كالبستان يحتاج إلى سقي أشجاره مثلا لمنع تيبسها و
فسادها. ولو شرط المرتهن بيعها قبل فسادها جاز له ذلك ويجعل قيمتها رهنا.
(1789) - الرهن أمانة في يد المرتهن لأنه بإذن من الراهن وعليه فلو تلف دون
تعد أو تفريط لم يكن على المرتهن ضمانه.
(1790) - إذا حان زمان قضاء الدين وطالبه الدائن فلم يؤده جاز له بيع العين
المرهونة واستيفاء دينه إذا كان وكيلا عنه في البيع، وإلا لزم الرجوع إلى الحاكم
الشرعي ويقوم الحاكم بدوره بالتصرف في أمر بيعها بما يراه صلاحا. ولو لم يتمكن
الدائن من الوصول إلى الحاكم الشرعي أو تعسر عليه ذلك أو ترتب عليه محذور
آخر يرجع إلى المؤمن العادل وينجز هذا الأمر بواسطته.
(1791) - إذا جاز للمرتهن بيع الرهن - لحلول وقت الدين مثلا - فعليه الاكتفاء
بما يفي بدينه فلو توقف تسديده على بيع كل الرهن فإن كان ثمنه يفي بمقدار دينه و
434

يزيد عنه كانت الزيادة أمانة عنده. ولو لم يرض الراهن ببيع تمام الرهن يرجع
المرتهن إلى الحاكم الشرعي فإن لم يمكن فإلى المؤمن العادل. ولو لم يف ثمن الرهن
بمقدار دينه كان المقدار الباقي منه دينا على الراهن. ولو أراد الراهن أداء دينه ببيع
العين المرهونة لزمه الاستجازة من المرتهن فإن لم يأذن له بذلك رجع إلى الحاكم
الشرعي.
(1792) - يتعارف في بعض البلدان - مثل إيران - في إجارة المنازل أن يخفف
صاحب المنزل من أجرته لو دفع له المستأجر مبلغا معينا من المال يكون في تصرفه
بعنوان القرض يعيده إليه بعد انتهاء مدة الإجارة. وهذه المعاملة لا إشكال فيها فيما
لو كانت معاملة متعارفة واشترط القرض ضمن عقد الإجارة.
435

أحكام الوديعة
الوديعة هي: " دفع شخص ماله إلى آخر ليبقى أمانة عنده "، وتحصل
بالإيجاب والقبول اللفظيين، أو بأن يفهم المودع الودعي بغير اللفظ أنه دفع المال
إليه لحفظه، ويتسلمه الودعي بهذا القصد.
(1793) - يعتبر في المودع والودعي: البلوغ، والعقل، فلا يصح ايداع الصبي و
المجنون ولا استيداعهما.
(1794) - من أكره على قبول الوديعة لم تترتب على قبوله أحكامها، إلا إذا
رضي بها بعد ارتفاع الإكراه.
(1795) - لا يجوز تسلم ما يودعه الصبي من أمواله بدون إذن وليه، ومن
أموال غيره بدون إذن مالكه، فإن تسلمه الودعي وجب رد مال الطفل إلى وليه، و
رد مال الغير إلى مالكه فإن لم يرده فتلف المال ضمنه. لكن لو استلم المال من الطفل
خوف تلفه في يده فإن لم يقصر في حفظه لم يكن ضامنا. والحكم في المجنون كما في
الصبي.
(1796) - إذا طلب شخص إيداع ماله عند أحد فأظهر عدم استعداده لذلك و
مع ذلك تركه المالك عنده ومضى فتلف المال لم يكن ضامنا، وإن كان الأحوط
استحبابا أن يحفظه بقدر الإمكان.
437

(1797) - الوديعة جائزة من الطرفين، فللمودع استرداد ماله متى شاء، وكذا
للودعي أن يرده متى شاء. ولو طلب المودع أمانته وامتنع الودعي عن تسليمها له
مع تمكنه من ذلك كان ضامنا وترتب عليها بعد ذلك حكم الغصب إذ أن بقاءها لديه
كان من دون إذن المالك.
(1798) - لو فسخ الودعي الوديعة وجب عليه أن يوصل المال فورا إلى
صاحبه، أو وكيله، أو وليه، أو يخبرهم بذلك، وإذا تركه من دون عذر وتلف فهو
ضامن.
(1799) - إذا لم يكن للودعي محل مناسب لحفظ الوديعة وجب عليه تهيئته على
وجه لا يقال في حقه أنه خان الأمانة وقصر في حفظها، فلو أهمل وقصر في ذلك
ضمن.
(1800) - لا يضمن الودعي المال إذا لم يتعد فيه، أو يقصر في حفظه، فلو تلف
اتفاقا - والحال هذه - لم يضمن، لكن لو قصر في حفظه أو تعدى بنحو يقال في حقه
أنه خان الأمانة يضمن لو تلف المال حتى لو كان تلفه بآفة سماوية.
(1801) - إذا عين المودع لحفظ ماله محلا فليس للودعي حينئذ أن ينقله إلى
محل آخر، فلو نقله إلى مكان دون ما عينه المالك في الإحراز كان ضامنا على
الأظهر. أما لو نقله إلى مكان مساو للمكان الذي عينه المالك أو أحرز منه وكان
الودعي عالما بكونه في نظر المودع مساويا للمكان المعين أو أحرز منه فلا إشكال
على الأظهر ولا يكون ضامنا في صورة التلف.
(1802) - لو أخذ شخص مالا لآخر لكن لا بعنوان الأمانة ولا بعنوان آخر
غيرها كان ضامنا.
(1803) - من أكره على قبول الأمانة لكنه أبقاها في يده بعد زوال الإكراه دون
أن يكون قاصدا لقبول الأمانة أو الرضى بالعقد الذي أكره عليه كان ضامنا.
438

(1804) - من أجبر الودعي على اتلاف الأمانة كان هو الضامن والأقرب
عدم ضمان المتلف بشرط ألا يكون قد تعدى حدود ما أكره عليه.
(1805) - لو أراد ظالم غصب الأمانة وتمكن الأمين من دفعه وجب عليه ذلك
فلو ترك دفعه مع عدم لزوم حرج عليه من ذلك وغصبت الأمانة كان ضامنا. وكذا
لو توقف حفظ الأمانة على بذل قسم منها فيجب بذله ليحفظ البقية فلو لم يفعل و
غصب الظالم كل المال كان ضامنا للمقدار الذي كان من الممكن حفظه. ولو توقف
دفع الظالم على بذل الأمين مالا جاز ذلك بل وجب فيما لو لم يكن في ذلك ضرر و
حرج عليه ولم يمكن استئذان المودع أو وليه - ولو كان الحاكم الشرعي - ويمكنه أن
يدفع ذلك المال بقصد الرجوع على الودعي فيه فيما بعد.
(1806) - لو جن المودع وجب على الودعي أن يوصل الوديعة فورا إلى وليه،
أو يخبر الولي بها، ولو ترك ذلك عن تقصير وتلفت ضمن.
(1807) - إذا مات المودع وجب على الودعي أن يوصل الوديعة إلى وارثه، أو
يخبره بها. فلو ترك ذلك عن تقصير وتلفت ضمن، ولكن إذا كان عدم دفعه المال
إلى الوارث وترك اخباره لتحقيق صدق مدعي الوراثة أو لمعرفة أن للميت وارثا
آخر أو لا، لم يكن به بأس، وإذا تلفت بغير تفريط لم يكن عليه ضمان على الأقرب.
(1808) - لو مات المودع وتعدد وارثه وجب على الودعي أن يدفع المال إلى
جميع الورثة، أو إلى وكيلهم في قبضه، فلو دفع تمام الوديعة إلى أحدهم من دون
إجازة الباقين ضمن سهامهم.
(1809) - لو توقف حفظ الأمانة على الكذب، وجب عليه التورية إن أمكن.
فإن لم يتمكن من التورية وجب عليه الكذب لحفظها. فلو ترك الكذب مما أدى إلى
ضياع الأمانة كان ضامنا. بل لو احتاج الأمر إلى الحلف كاذبا، وجب عليه ذلك و
إلا كان ضامنا.
439

(1810) - لو غصب المودع مالا للودعي جاز للودعي أخذ مقداره من الأمانة
التي بيده للمودع على نحو المقاصة. ولو كانت الأمانة مغصوبة من شخص آخر،
لم يجز للودعي ردها للمودع الغاصب، بل وجب عليه منع وصولها إليه ما أمكن ولو
مات الغاصب وطالب ورثته بالأمانة وجب على الأمين إنكارها. ولا يجوز له
أصل قبولها كأمانة فيما لو كان يعلم بغصبيتها إلا أن يطمئن بقدرته على إرجاعها إلى
مالكها الأصلي.
(1811) - إذا توقف حفظ الأمانة على السفر، وجب عليه ذلك أو رد الأمانة.
(1812) - إذا تلفت الوديعة وثبت تقصير الودعي في المحافظة عليها ببينة مثلا
أو اعترف هو بذلك، لكن اختلف في قيمتها، قدم قول الودعي المنكر للزيادة.
(1813) - لو مات الودعي أو جن وجب على وارثه، أو وليه إعلام المودع به
فورا، أو إيصال الوديعة إليه.
(1814) - إذا أحس الودعي بأمارات الموت في نفسه على وجه يطمئن بحصول
الموت له، فإن أمكنه إيصال المال إلى صاحبه أو وكيله وجب، وإلا وجب إيصاله
إلى الحاكم الشرعي، وإن لم يمكنه الإيصال إليه أيضا يسلمه لعدول المؤمنين، فإن
عجز عن ذلك، فإن كان وارثه أمينا - ويعلم بالوديعة - لم تلزم الوصية، وإلا وجب
الإيصاء والاستشهاد على ذلك، وإعلام الوصي والشاهد باسم صاحب المال و
خصوصياته ومحله.
(1815) - لو أحس الودعي بأمارات الموت في نفسه ولم يعمل بما تقدم وتلفت
الوديعة ضمن وإن لم يقصر في حفظها.
(1816) - من استلم أمانة من كافر أو فاسق وجب عليه ردها إليه حين مطالبته
بها ما لم يكن الكافر حربيا حيث لا يجب على الأظهر رد الأمانة إليه ويجوز للمسلم
تملكها بل لو كانت الأمانة من معدات الحرب فلا يجوز ردها في زمان الحرب.
440

أحكام العارية
العارية: " أن يدفع الإنسان ماله إلى الغير ليستفيد بمنافعه مجانا ".
(1817) - لا يعتبر في العارية التلفظ، فلو دفع ثوبه لشخص بقصد الإعارة، و
قصد الآخذ بأخذه الاستعارة صحت العارية.
(1818) - إنما يجوز الانتفاع في العارية بالمنافع المناسبة للعين بحسب الزمان و
المكان والعادة، ولا يجوز الانتفاع من غير المنافع الظاهرة إلا أن يعلم أو تقوم قرينة
على السماح بالانتفاع بجميع المنافع. ولو كانت للعين منافع متعددة ولم يكن ثمة قرينة
على المنع من الانتفاع ببعضها جاز للمستعير الانتفاع بها جميعا.
(1819) - إذا تعدى المستعير في الانتفاع بالعارية عن المقدار المعين له
كأن يحمل على الدابة التي استعارها أو يمتطيها أكثر من المقدار المسموح به أو يزرع
في الأرض أكثر مما أبيح له، كان عليه ضمان أجرة المثل للانتفاعات الزائدة. ولو
استعار العين للانتفاع بها في أمر معين لكنه استعملها في مجال آخر ضمن أجرتها
الكاملة ولو تلفت كان ضامنا لها أيضا.
(1820) - تصح إعارة المغصوب بإجازة المغصوب منه، وكذا ما يملك عينه و
لا يملك منفعته بإجازة مالك المنفعة.
441

(1821) - تصح إعارة المستأجر ما استأجره من الأعيان إلا إذا اشترط عليه
المباشرة في الانتفاع به.
(1822) - لا تصح إعارة الطفل ماله، وكذا المجنون. نعم إذا رأى ولي الطفل
مصلحة في إعارة ماله جاز له أن يأذن فيها، وحينئذ تصح إعارة الطفل.
(1823) - لا يضمن المستعير العارية إلا أن يقصر في حفظها، أو يتعدى في
الانتفاع بها. نعم لو اشترط ضمانها ضمنها على الأظهر وكذا تضمن على الأظهر
عارية الذهب والفضة، إلا إذا اشترط عدم ضمانهما.
(1824) - إذا مات المعير وجب على المستعير رد العارية إلى ورثته، وإذا
عرض عليه ما يمنع من التصرف في ماله شرعا كالجنون وجب على المستعير رد
العارية إلى وليه.
(1825) - العارية غير لازمة، فللمعير استرجاع ما أعاره متى أراد، وكذا
للمستعير رده متى شاء.
(1826) - من أعار أرضا ليدفن فيها مسلم أو من هو بحكم المسلم ثم رجع في
عاريته لم يجز له إجبار المستعير على نبش القبر إلا بعد اندراس بدن الميت.
(1827) - لا تجوز إعارة آنية الذهب والفضة للاستعمال المحرم وتجوز إعارتها
للزينة.
(1828) - تصح إعارة الشاة للانتفاع بلبنها وصوفها، وإعارة الفحل للتلقيح.
(1829) - لا يتحقق رد العارية بنقلها إلى مكان كان صاحبها ينقلها إليه إذا
لم يكن النقل بإجازة المالك، كأن يجعل الفرس في الإصطبل الذي هيأه المالك له، فإن
فعل ذلك ثم تلفت العارية أو أتلفها متلف ضمنها.
(1830) - لا يجوز للمستعير إعارة العارية أو تأجيرها من غير إجازة مالكها و
442

تصح مع إجازته، ولا تبطل العارية الثانية - حينئذ - بموت المستعير الأول.
(1831) - إذا علم المستعير بأن العارية مغصوبة وجب عليه إرجاعها إلى
مالكها، ولم يجز دفعها إلى المعير.
(1832) - إذا استعار ما يعلم بغصبيته، وانتفع به وتلف في يده فللمالك أن
يطالبه، أو يطالب الغاصب بعوض العين، وبعوض ما استوفاه المستعير من المنفعة،
وإن رجع المالك على الغاصب بشئ جاز له الرجوع إلى المستعير بما دفع. وإذا
استوفى المالك العوض من المستعير فليس للمستعير الرجوع به على الغاصب.
(1833) - إذا لم يعلم المستعير بغصبية العارية وتلفت في يده، ورجع المالك
عليه بعوضها فله أن يرجع على المعير بما غرمه للمالك إلا إذا كانت العارية ذهبا أو
فضة، أو اشترط ضمان العارية عليه عند التلف فلا يحق له الرجوع عليه عندئذ.
443

أحكام النكاح
تحل المرأة على الرجل بسبب عقد النكاح، وهو على قسمين: " دائم " و
" منقطع ". والعقد الدائم هو: " عقد لا تتعين فيه مدة الزواج وكانت دائمية " و
تسمى الزوجة ب‍ " الدائمة ". والعقد غير الدائم هو: " ما تتعين فيه المدة " كساعة أو
يوم أو سنة أو أكثر أو أقل، وتسمى الزوجة ب‍ " المتعة والمنقطعة ".
أحكام العقد
(1834) - يشترط في النكاح - دواما أو متعة - الإيجاب والقبول، فلا يكفي
مجرد التراضي. ويجوز للزوجين أو لأحدهما توكيل الغير في إجراء الصيغة كما يجوز
لهما المباشرة.
(1835) - لا يعتبر في الوكيل أن يكون رجلا، بل يجوز توكيل المرأة في إجراء
العقد.
(1836) - لو وكلت المرأة شخصا في أن يعقدها لرجل متعة مدة عشرة أيام
مثلا، ولم تعين العشرة جاز للوكيل أن يعقدها له متى شاء، وإن علم إنها قصدت
445

عشرة أيام خاصة لم يجز عقدها لأيام أخر.
صيغة العقد الدائم
(1837) - إذا باشر الزوجان العقد الدائم فقالت المرأة: " زوجتك نفسي على
الصداق المعلوم " وقال الزوج من دون فصل: " قبلت التزويج " صح العقد، ولو
وكلا غيرهما وكان اسم الزوج " أحمد " واسم الزوجة " فاطمة " مثلا فقال وكيل
الزوجة: " زوجت موكلتي فاطمة موكلك أحمد على الصداق المعلوم " وقال وكيل
الزوج من دون فصل: " قبلت التزويج لموكلي أحمد على الصداق المعلوم " صح
العقد.
صيغة العقد غير الدائم
(1838) - إذا باشر الزوجان العقد غير الدائم بعد تعيين المدة والمهر، فقالت
المرأة: " زوجتك نفسي في المدة المعلومة على المهر المعلوم " وقال الرجل من دون
فصل: " قبلت التزويج " صح العقد، ولو وكلا غيرهما فقال وكيل الزوجة: "
زوجت موكلتي موكلك في المدة المعلومة على المهر المعلوم " وقال وكيل الرجل
من دون فصل: " قبلت التزويج لموكلي هكذا " صح أيضا.
446

شرائط العقد
(1839) - يشترط في عقد الزواج أمور:
1 - قصد الإنشاء في إجراء الصيغة، بمعنى أن يقصد الزوجان أو وكيلهما تحقق
الزواج بلفظي الإيجاب والقبول، فتقصد الزوجة بقولها: " زوجتك نفسي "
صيرورتها زوجة له. كما أن الزوج يقصد بقوله: " قبلت " قبول زوجيتها له، وهكذا
الوكيلان. فلو كان المجري للصيغة سكرانا حين التلفظ لم يصح العقد.
2 و 3 - البلوغ، والعقل. في العاقد المجري للصيغة على الأحوط وجوبا سواء
أكان العاقد عاقدا لنفسه أم لغيره.
4 - تعيين الزوج والزوجة بالقصد واللفظ على وجه يمتاز كل منهما عن
غيره، فلو قال: " زوجتك إحدى بناتي " بطل، وكذا لو قال: " زوجت بنتي أحد
ابنيك أو أحد هذين ". ولا فرق في بطلان العقد حين انتفاء القصد بين الغفلة وقصد
الخلاف.
5 - رضا الزوجين واقعا، لكن يصح العقد الفضولي من دون إذنهما فيما لو
تعقبه الإجازة والرضا.
(1840) - لا يشترط العربية في عقد الزواج على الأظهر فيجزي ترجمته
بالفارسية أو غيرها من اللغات حتى مع التمكن من العربية على الأظهر والأحوط
استحبابا إتيانه بالعربية، كما أن الأحوط استحبابا لمن لا يعرف معناه بالعربية
ويمكنه انشاؤه بها فحسب أن يأتي بالعربية وترجمتها واكتفاؤه بالعربية لا يخلو من
تأمل. ومن عجز عن اتيانه بالعربية أو التوكيل تجزيه الترجمة قطعا.
447

(1841) - لو أكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك وأجازا العقد صح، و
كذلك الحال في إكراه أحدهما.
(1842) - الأب والجد من طرف الأب لهما الولاية على الطفل الصغير والصغيرة و
المتصل جنونه بالبلوغ، فلو زوجهم الولي صح إذا كان لهم مصلحة فيه و
لم يكن لهم خيار في الفسخ بعد البلوغ أو الإفاقة حتى لو كان الطفل ذكرا على
الأظهر.
(1843) - الأحوط تكليفا للبالغة الرشيدة البكر أن تستأذن أباها، أو الجد من
طرف الأب في تزويجها.
(1844) - لا يعتبر إذن الأب والجد إذا كانت البنت ثيبا وقد زالت بكارتها
بالزواج، وكذلك إذا كانت بكرا ولم تتمكن من استيذانهما، لغيابهما أو نحو ذلك مع
حاجتها إلى التزويج وكذا يجوز للبكر الزواج بدون إجازة أبيها أو جدها لأبيها فيما
لو منعاها من الزواج بالكفؤ مع توفر جميع المقدمات والشروط ورغبتها بذلك.
448

العيوب الموجبة لخيار الفسخ
(1845) - إذا علم الزوج بعد العقد بوجود أحد العيوب السبعة الآتية في
الزوجة، كان له الفسخ:
1 - الجنون.
2 - الجذام.
3 - البرص.
4 - العمى.
5 - الإقعاد، ومنه العرج البين.
6 - الإفضاء وهو اتحاد مخرج البول أو الغائط مع مخرج الحيض، لكن يشكل
جواز فسخ العقد في صورة اتحاد مجرى الحيض والغائط ويجب مراعاة الاحتياط
في هذه الصورة.
7 - العفل وهو " لحم ينبت في الرحم يمنع من الوطء ".
(1846) - يجوز للزوجة فسخ العقد إذا تبين لها بعد العقد إن الزوج كان مجنونا أو
مجبوبا (أي مقطوع الذكر) أو مصابا بالعنن المانع عن الإيلاج أو خصيا. و
الخصاء هو " سل الأنثيين أو رضهما ".
(1847) - إذا فسخ أحد الزوجين العقد نتيجة وجود أحد العيوب المذكورة في
الآخر، انفسخ الزواج وانفصل أحدهما عن الآخر بدون حاجة إلى الطلاق.
(1848) - إذا فسخت المرأة العقد بسبب كون الرجل عنينا كان لها نصف المهر،
وإذا فسخت المرأة أو الرجل لسائر العيوب الموجبة للخيار، فإن كان الفسخ بعد
449

الدخول استحقت المرأة تمام المهر، وإن كان الفسخ قبله لم تستحق شيئا.
أسباب التحريم
(1849) - يحرم التزويج من جهة النسب بالأم وإن علت، والبنت وإن نزلت،
وبالأخت وببنات الأخ والأخت وإن نزلن، وبالعمات وبالخالات وإن علون.
(1850) - تحرم من جهة المصاهرة أم الزوجة وجداتها من طرف الأب أو
الأم، فلا يجوز تزويجهن، وإن كانت الزوجة لم يدخل بها، وكذلك تحرم بنت
الزوجة المدخول بها، سواء أكانت بنتها بلا واسطة، أو مع واسطة، أو مع وسائط، و
سواء أكانت موجودة - حال العقد - أم ولدت بعده، ولا تحرم بنت الزوجة ما
لم يدخل بأمها. نعم لا يجوز نكاحها ما دامت أمها باقية على الزوجية.
(1851) - العمات والخالات للأب والأم جميعا من المحارم وإن علون، كعمات
وخالات الأجداد.
(1852) - يحرم على المرأة أبو زوجها وإن علا، وابنه وإن نزل، سواء من كان
من الأبناء موجودا حال العقد ومن ولد بعده.
(1853) - يحرم التزويج بمن تزوج بها الأب أو أحد الأجداد، كما يحرم
التزويج بمن تزوجها الابن، أو أحد الأحفاد أو الأسباط.
(1854) - يحرم الجمع بين الأختين، فإذا عقد على إحداهما، حرمت عليه
الثانية ما دامت الأولى باقية على زواجها، ولا فرق في ذلك بين العقد الدائم و
المنقطع.
(1855) - إذا عقد على امرأة لم يجز له أن يتزوج ببنت أخيها، أو ببنت أختها إلا
450

بإذنها. ولو عقد بدون إذنها توقفت صحته على إجازتها فإن أجازته صح على
الأقرب، وإلا بطل.
(1856) - لو زنى بخالته أو عمته قبل أن يعقد على ابنتها حرمت عليه البنت
على الأحوط، ولو زنى بالعمة أو الخالة بعد العقد على البنت لم تحرم عليه البنت سواء
كان بعد الدخول أم قبله.
(1857) - لو زنى بامرأة أجنبية لم يحرم عليه الزواج من ابنتها على الأظهر وإن
كان الأحوط استحبابا ترك ذلك، ولو كان قد عقد عليها - سواء أدخل بها أم
لم يدخل بها - ثم زنى بأمها لم تحرم عليه بلا إشكال.
(1858) - لا يجوز للمسلمة أن تتزوج الكافر، وكذا لا يجوز للمسلم أن يتزوج
بغير الكتابية من أصناف الكفار، وأما الكتابية فالأظهر جواز تزويجها متعة إذا
كانت يهودية أو نصرانية.
(1859) - لو زنى بذات بعل، أو بذات العدة الرجعية حرمت عليه مؤبدا، وأما
الزنا بذات العدة - غير الرجعية - فلا يوجب حرمة المزني بها، فللزاني تزويجها بعد
انقضاء عدتها.
(1860) - لو زنى بامرأة ليس لها زوج، وليست بذات عدة جاز له أن
يتزوجها على كراهة على الأظهر بل الأحوط استحبابا ترك الزواج منها إلا إذا
تابت من فعلتها.
(1861) - يحرم تزويج المرأة في عدتها رجعية كانت أو غير رجعية، فلو علم
الرجل أو المرأة بأنها في العدة وبحرمة التزويج فيها وتزوج بها حرمت عليه مؤبدا
وإن لم يدخل بها بعد العقد وإذا كانا جاهلين بأنها في العدة أو بحرمة التزويج فيها و
تزوج بها بطل العقد. فإن كان قد دخل بها في زمان العدة حرمت عليه مؤبدا أيضا و
451

إلا جاز التزويج بها بعد تمام العدة.
(1862) - لو تزوج بامرأة عالما بأنها ذات بعل، حرمت عليه مؤبدا - دخل بها
أم لم يدخل - وأما لو تزوجها مع جهله بالحال فسد العقد ولم تحرم عليه إلا مع
الدخول بها على الأظهر.
(1863) - لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها، والأولى - مع عدم التوبة - أن
يطلقها الزوج، لكن عليه اعطاؤها المهر.
(1864) - إذا لاط بغلام فأوقب حرمت على الواطئ أم الموطوء وأخته وبنته
بلا فرق بين كون الواطئ والموطوء بالغين وعدمه. ولا يحرمن عليه مع الشك في
الدخول، بل ومع الظن به أيضا.
(1865) - إذا تزوج امرأة ثم لاط بأبيها، أو أخيها، أو ابنها، لم تحرم عليه على
الأظهر وإن كان الأحوط ابطال العقد بالطلاق ونحوه.
(1866) - يحرم التزويج حال الإحرام وإن لم تكن المرأة محرمة، ويقع العقد
فاسدا حتى مع جهل الرجل المحرم بالحرمة ومع علمه بالحرمة تحرم عليه مؤبدا.
(1867) - لا يجوز للمحرمة أن تتزوج برجل ولو كان محلا ولو فعلت بطل
العقد مطلقا ومع علمها بالحرمة تحرم عليه مؤبدا على الأحوط.
(1868) - إذا لم يأت الرجل بطواف النساء في الحج أو العمرة المفردة لم تحل له
زوجته وقد كانت حرمت عليه بالإحرام، وإذا تركته المرأة في الحج أو العمرة
المفردة لم يحل لها زوجها وقد كان حرم عليها بإحرامها، نعم إذا أتيا به - بعد ذلك -
ارتفعت الحرمة.
(1869) - لا يجوز الدخول بالبنت قبل إكمالها تسع سنين، ولكنه لو تزوجها و
وطأها لم يحرم عليه وطؤها بعد بلوغها على الأظهر، لكن هذا إذا لم يفضها، أما إذا
452

أفضاها فتحرم عليه مؤبدا على الأحوط لكنها لا تخرج من زوجيته دون طلاق على
أية حال، فيجب عليه الانفاق عليها ما داما حيين كما يجب عليه دية الإفضاء
بالإضافة إلى المهر.
(1870) - تحرم المطلقة ثلاثا على زوجها المطلق لها، نعم لو تزوجت بغيره و
دخل بها فطلقها حلت لزوجها الأول (على تفصيل يأتي في كتاب الطلاق).
(1871) - لا يجوز التزوج بالخامسة لمن عنده أربع نساء دائميات، إلا أن يطلق
واحدة منهن وتنقضي عدتها إذا كانت رجعية، أما إن كان طلاقها بائنا، فلا يشترط
انقضاء عدتها في جواز التزوج من غيرها وإن كان ذلك قبل انقضائها مكروها بل
هو خلاف الاحتياط.
أحكام العقد الدائم
(1872) - يحرم على الزوجة الدائمة أن تخرج من دارها بدون إذن زوجها، و
يجب عليها أن تمكن زوجها من نفسها بما شاء من الاستمتاعات. وليس لها منعه من
المقاربة إلا لعذر شرعي، فإذا عملت بوظيفتها استحقت النفقة على زوجها من
الغذاء واللباس والمسكن وغير ذلك من الاحتياجات المذكورة في محله، فإن
لم يبذل الزوج لها نفقتها كانت النفقة دينا ثابتا في ذمته سواء كان متمكنا من أدائها أم
لا.
(1873) - إذا لم تطع الزوجة زوجها في الأمور المذكورة في المسألة المتقدمة
كانت آثمة ولم تستحق النفقة ولا المضاجعة، وأما المهر فهو لا يسقط بذلك.
(1874) - إذا لم يعين المهر في العقد الدائم صح العقد، ومع الدخول يجب على
453

الزوج مهر المثل.
(1875) - إذا لم تعين المدة لأداء المهر - حين العقد - جاز للزوجة الامتناع من
المقاربة قبل أخذه، سواء أكان الزوج متمكنا من الأداء أم لا، ولو دخل بها الزوج
برضاها قبل أداء المهر لم يكن لها الامتناع بعد ذلك، من دون عذر شرعي.
(1876) - لو مات أحد الزوجين قبل الدخول استحقت المرأة من المهر نصفه
على الأقوى.
النكاح المنقطع
(1877) - يصح النكاح المنقطع، وإن كان الداعي إليه أمرا آخر
غير الاستمتاع.
(1878) - يجوز للمرأة في النكاح المنقطع أن تشترط على زوجها عدم الدخول
بها، فلو اشترطت عليه ذلك لم يجز له مقاربتها ويجوز له ما سوى ذلك من
الاستمتاعات، نعم لو رضيت الزوجة بعد ذلك بمقاربتها جازت له.
(1879) - لا بأس على الزوج في تزويج المتمتع بها في عدتها منه دواما أو
منقطعا.
454

مسائل متفرقة
(1880) - لا يجوز للرجل أن ينظر إلى ما عدا الوجه والكفين من جسد المرأة
الأجنبية وشعرها، وكذا الوجه والكفين منها إذا كان النظر نظر تلذذ أو ريبة، أما
النظر إليهما دون تلذذ أو ريبة فالأظهر جوازه. وكذلك الحال في نظر المرأة إلى
الرجل الأجنبي على الأحوط في غير ما يكون مكشوفا منه غالبا كرأسه مثلا، وأما
نظرها إلى هذه المواضع منه فجوازه لا يخلو من وجه ما لم يكن في هذه النظرة إعانة
على المعصية، والأحوط وجوبا أيضا ترك نظر المرأة إلى الصبي المميز وإن لم يكن
بالغا.
(1881) - يحرم لمس كل من الرجل والمرأة بدن الآخر إن لم يكن من المحارم،
كما يحرم على الأظهر لمس كل منهما وجه الآخر ويديه كذلك.
(1882) - لا يجوز للرجل على الأحوط النظر إلى بدن وشعر الفتاة المميزة وإن
لم تبلغ التسع سنوات من عمرها حتى لو لم يكن بقصد التلذذ.
(1883) - يجوز النظر إلى نساء الكفار من أهل الذمة وغيرهم من المحكومين
بالكفر من حين الولادة إذا لم يكن نظر تلذذ ولم يخش الوقوع في الحرام، سواء في
ذلك الوجه والكفان، وما جرت عادتهن على عدم ستره من سائر أعضاء البدن،
كما يجوز على الأظهر النظر من نساء البادية إلى ما لم يعتدن ستره من دون قصد تلذذ
ما لم يخش الوقوع في الحرام وعليه فيجوز معاشرتهن والتعامل معهن بالبيع و
الشراء وسائر الأمور الأخرى.
(1884) - يجوز سماع صوت المرأة الأجنبية من دون قصد تلذذ.
455

(1885) - يجب على المرأة أن تستر شعرها وبدنها من الأجانب وإن لم يكن ثمة
قصد تلذذ أو إعانة على الحرام، بل الأحوط وجوبا التستر من غير البالغ إذا كان
مميزا، وكذا يجب على الرجل على الأحوط إن يستر بدنه عن غير المحارم من النساء
وإن لم يكن في ترك الستر إعانة على الحرام أما إذا كان فيه إعانة عليه فالستر
واجب قطعي حينئذ كوجوب ستر العورة عن المرأة الأجنبية. والأحوط وجوبا
للرجل أيضا أن يستر بدنه عن الفتاة المميزة التي لم تبلغ التسع من عمرها وإن
لم يكن قصد تلذذ في البين.
(1886) - يحرم النظر إلى عورة الغير، حتى الصبي المميز. نعم يجوز لكل من
الزوجين، ومن في حكمهما كالأمة ومولاها النظر إلى جميع أعضاء بدن الآخر، حتى
العورة.
(1887) - يجوز لكل من الرجل والمرأة أن ينظر إلى بدن محارمه - ما عدا
العورة منه - من دون تلذذ.
(1888) - لا يجوز لكل من الرجل والمرأة النظر إلى مماثله بقصد التلذذ ويجوز
بدونه.
(1889) - لا بأس بنظر الطبيب إلى بدن الأجنبية ومسه بيده إذا توقف عليهما
معالجتها وكذا نظر المرأة للرجل ومسها له بيدها في مقام العلاج، ومع إمكان
الاكتفاء بأحدهما - النظر والمس - لا يجوز الآخر، فلو تمكن من المعالجة بالنظر فقط
لا يجوز له المس وكذلك العكس.
(1890) - لو اضطر الطبيب في معالجة المرأة غير زوجته ومن بحكمها إلى النظر
إلى عورتها جاز له ذلك.
(1891) - يجوز النظر إلى بدن المرأة العجوز والطفل غير المميز من دون قصد
456

التلذذ، ومسهما كذلك.
(1892) - لا بأس بنظر الرجل إلى المرأة التي يريد الزواج منها بشرط علمه
بعدم وجود مانع من زواجه منها واحتماله قبولها بذلك واحتماله أيضا أن تفيده هذه
النظرة الاطلاع على أمر جديد، ومع تحقق هذه الشروط ينحصر جواز النظر به و
إن تكرر عدة مرات، بل يستحب مثل هذا النظر لمنع حصول نزاع بعد العقد، و
لا يشترط فيه إجازة المرأة، والأظهر جواز النظر أيضا إلى شعر المرأة ومحاسنها
الأخرى مع تحقق نفس هذه الشروط. أما جواز نظر المرأة إلى الرجل الذي تريد
الزواج منه مع تحقق الشروط المذكورة فله وجه.
(1893) - يتحقق ارتداد المسلم بإنكاره الألوهية، أو النبوة، أو المعاد، أو
بإنكاره حكما من الأحكام الضرورية بين المسلمين مع علمه بأنه ضروري،
كوجوب الصلاة والصوم ونحوهما، مما أطبق المسلمون على أنه جزء من الدين فيما لو
كان إنكار ذلك الحكم يرجع إلى إنكار الألوهية أو نبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
(1894) - إذا ارتد الزوج عن ملة، أو ارتدت الزوجة عن ملة، أو فطرة بطل
النكاح، فإن كان الإرتداد قبل الدخول بها أو كانت الزوجة يائسة لم تكن عليها
عدة، وأما إذا كان الإرتداد بعد الدخول وكانت المرأة في سن من تحيض وجب
عليها أن تعتد عدة الطلاق، ثم إن رجع المرتد منهما عن ارتداده إلى الإسلام قبل
انقطاع العدة بقي الزواج على حاله وإلا بطل.
(1895) - إذا ارتد الزوج عن فطرة - أي من كان أحد أبويه مسلما عند انعقاد
نطفته وأظهر الإسلام عند بلوغه - حرمت عليه زوجته ووجب عليها أن تعتد عدة
الوفاة (ويأتي مقدار عدة الطلاق والوفاة في باب الطلاق).
(1896) - إذا اشترطت المرأة في عقدها أن لا يخرجها الزوج من بلدها مثلا و
457

قبل ذلك زوجها لم يجز له إخراجها منه بغير رضاها.
(1897) - إذا كانت لزوجة الرجل بنت من غيره جاز له أن يزوجها من ابنه
من زوجة غيرها، وكذلك العكس.
(1898) - إذا كانت المرأة حاملا من السفاح لم يجز لها أن تسقط جنينها.
(1899) - المتولد من ولد الزنا إذا كان عن وطأ مشروع فهو ولد حلال.
(1900) - إذا جامع زوجته في نهار شهر رمضان أو في حيضها ارتكب معصية،
إلا أنها إذا حملت فولدت يعتبر الولد ولدا شرعيا لهما.
458

أحكام الرضاع
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وتفصيل ذلك في المسائل الآتية:
(1901) - تحرم على المرتضع عدة من النساء:
1 - المرضعة لأنها أمه من الرضاعة، كما أن صاحب اللبن أبوه.
2 - أم المرضعة وإن علت، نسبية كانت أم رضاعية لأنها جدته.
3 - بنات المرضعة ولادة لأنهن أخواته.
4 - البنات النسبية والرضاعية لأولاد المرضعة ولادة ذكورا وإناثا، لأن
المرتضع إما أن يكون عمهن، أو خالهن من الرضاعة.
5 - أخوات المرضعة وإن كانت رضاعية لأنهن خالات المرتضع.
6 - عمات المرضعة وخالاتها وعمات وخالات آبائها وأمهاتها نسبية كانت
أم رضاعية، فإنهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
7 - بنات صاحب اللبن النسبية والرضاعية بلا واسطة، أو مع الواسطة لأن
المرتضع إما أن يكون أخاهن، أو عمهن، أو خالهن من الرضاعة.
8 - أمهات صاحب اللبن وإن علون لأنهن جدات المرتضع من الرضاعة.
9 - أخوات صاحب اللبن النسبية، والرضاعية لأنهن عمات المرتضع.
459

10 - عمات صاحب اللبن وخالاته، وعمات وخالات آبائه وأمهاته
النسبية والرضاعية لأنهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
(1902) - تحرم المرتضعة على عدة من الرجال:
1 - صاحب اللبن لأنه أبوها من الرضاعة.
2 - آباء صاحب اللبن والمرضعة من النسب أو الرضاع، لأنهم أجدادها من
الرضاعة.
3 - أولاد صاحب اللبن النسبية والرضاعية وإن نزلوا. لأنها تكون أختهم،
أو عمتهم، أو خالتهم، وكذلك أولاد المرضعة ولادة وأولادهم نسبا أو رضاعا.
4 - إخوة صاحب اللبن النسبية والرضاعية، لأنهم أعمامها من الرضاعة.
5 - أعمام صاحب اللبن وأخواله وأعمام وأخوال آبائه وأمهاته النسبية أو
الرضاعية لأنهم إما أن يكونوا أعمامها، أو أخوالها.
(1903) - تحرم بنات المرتضع - أو المرتضعة - نسبية ورضاعية وإن نزلت على
آبائه وإخوته وأعمامه، وأخواله من الرضاعة.
(1904) - تحرم على أبناء المرتضع، أو المرتضعة، أمهاته وأخواته وخالاته و
عماته من الرضاعة.
(1905) - لا يجوز على الأظهر والأحوط أن يتزوج أبو المرتضع أو المرتضعة
بنات المرضعة النسبية وإن نزلت، لكن يجوز له أن يتزوج بناتها الرضاعية.
(1906) - لا يجوز أن يتزوج أبو المرتضع، أو المرتضعة بنات صاحب اللبن
النسبية بل وكذا الرضاعية على الأحوط وجوبا.
(1907) - لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة على صاحب اللبن.
(1908) - لا تحرم المرضعة وبناتها وسائر أقاربها من النساء على أخوة
460

المرتضع والمرتضعة (كما لا تحرم عليهم بنات صاحب اللبن وسائر أقاربه من
النساء).
(1909) - إذا تزوج امرأة ودخل بها حرمت عليه بنتها الرضاعية، كما تحرم
عليه بنتها النسبية، وإذا تزوج امرأة حرمت عليه أمها الرضاعية على الأحوط
وجوبا، وإن لم يكن دخل بها، كما تحرم عليه أمها النسبية.
(1910) - لا فرق في نشر الحرمة بالرضاع بين ما إذا كان الرضاع سابقا على
العقد وما إذا كان لاحقا له. مثلا: إذا تزوج الرجل صغيرة فأرضعتها أمه أو جدته،
أو زوجة أبيه صاحب اللبن بطل العقد (وحرمت الصغيرة عليه، لأنها تكون أخته
أو عمته أو خالته).
(1911) - لا بأس بأن ترضع المرأة طفل ابنها، وأما إذا أرضعت طفلا لزوج
بنتها، سواء أكان الطفل من بنتها، أم من ضرتها بطل عقد البنت وحرمت على
زوجها مؤبدا، لأنه يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد المرضعة النسبية.
(1912) - إذا أرضعت زوجة الرجل بلبنه طفلا لزوج بنته، سواء أكان الطفل
من بنته، أم من ضرتها، بطل عقد البنت وحرمت على زوجها مؤبدا، لأنه يحرم
على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن.
(1913) - ليس للرضاع أثر في التحريم ما لم تتوفر فيه شروط ثمانية وهي:
1 - حياة المرضعة، فلو كانت المرأة ميتة حال ارتضاع الطفل منها الرضعات
كلها، أو بعضها لم يكن لهذا الرضاع أثر.
2 - حصول اللبن للمرضعة في ولادة ناتجة من وطء مشروع، فلو ولدت
المرأة من الزنا فأرضعت بلبنها منه طفلا لم يكن لإرضاعها أثر.
3 - الارتضاع من الثدي، فلا أثر للحليب إذا وجر في فم الطفل أو حقن به و
461

نحو ذلك.
4 - خلوص اللبن فالممزوج بشئ آخر مائع أو جامد كاللبن والسكر لا أثر
له.
5 - كون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسبا بتمامه إلى شخص واحد، فلو طلق
الرجل زوجته وهي حامل، أو بعد ولادتها منه فتزوجت شخصا آخر، وحملت
منه، وقبل أن تضع حملها أرضعت طفلا بلبن ولادتها السابقة من زوجها الأول ثمان
رضعات - مثلا - وأكملت بعد وضعها لحملها بلبن ولادتها الثانية من زوجها الأخير
بسبع رضعات أو رضعتين على ما يأتي لم يكن هذا الرضاع مؤثرا، ويعتبر أيضا
وحدة المرضعة فلو كان لرجل واحد زوجتان ولدتا منه فارتضع الطفل من
أحداهما سبع رضعات ومن الأخرى ثماني رضعات - مثلا - لم يكن لرضاعه أثر.
6 - عدم قذف الطفل للحليب بالتقيؤ لمرض ونحوه، فلو قاءه وجب عليه
الاحتياط بعدم ترتيب الأثر على الرضاع من جهة النظر إلى ما لا يحل لغير المحارم،
وترتيب الأثر عليه من جهة ترك الزواج.
7 - بلوغ الرضاع درجة معينة تحدد بأحد أمور: فمن حيث الأثر بما أنبت
اللحم وشد العظم، ومن حيث العدد بما بلغ خمس عشرة رضعة بل تكفي على
الأظهر عشر رضعات أيضا في التحريم إذا لم يفصل بين الرضعات شئ آخر حتى
الطعام، لكن الأحوط إكمال خمس عشرة رضعة إذا أريد نشر الحرمة، وتحدد من
حيث الزمان بما استمر ارتضاع الطفل من المرأة يوما وليلة.
ويلاحظ في التقدير الزماني أن يكون ما يرتضعه الطفل من المرضعة هو
غذاءه الوحيد طيلة المدة المقررة، فلا يتناول طعاما آخر أو لبنا من مرضعة أخرى.
ولا بأس بتناول الماء أو الدواء أو الشئ اليسير من الأكل بدرجة لا يصدق عليه
462

الغذاء عرفا.
كما يلاحظ في التقدير الكمي توالي الرضعات الخمس عشرة - مثلا - بأن
لا يفصل بينها رضاع من امرأة أخرى، وأن تكون كل واحدة منها رضعة كاملة
تروي الصبي، فلا تندرج الرضعة الناقصة في العدد، ولا تعتبر الرضعات الناقصة
المتعددة بمثابة رضعة كاملة نعم إذا التقم الصبي الثدي ثم رفضه لا بقصد الإعراض
عنه، بل لغرض التنفس ونحوه، ثم عاد إليه اعتبر عوده استمرارا للرضعة، وكان
الكل رضعة واحدة كاملة.
8 - عدم تجاوز الرضيع للحولين، فلو رضع، بعد الحولين، أو أكمل الرضاع
بعدهما لم يؤثر شيئا. وأما المرضعة فلا يلزم في تأثير إرضاعها أن يكون دون
الحولين من ولادتها.
(1914) - إذا أرضعت امرأة صبيا رضاعا كاملا، ثم طلقها زوجها، وتزوجت
من آخر، وولدت له وتجدد لديها اللبن - لأجل ذلك - فأرضعت به صبية رضاعا
كاملا لم تحرم هذه الصبية على ذلك الصبي، لاختلاف اللبنين من ناحية تعدد
الزوج، وأما إذا ولدت المرأة مرتين لزوج واحد وأرضعت في كل مرة واحدا منهما
أصبح الطفلان أخوين، وحرم أحدهما على الآخر، كما حرما على المرضعة و
زوجها، وكذلك الحال إذا كان للرجل زوجتان ولدتا منه، وأرضعت كل منهما
واحدا، فإن الطفلين يحرم كل منهما على الآخر كما يحرمان على المرضعتين و
زوجهما، فاللازم - إذن - في حرمة أحد الطفلين على الآخر بالرضاعة وحدة الرجل
المنتسب إليه اللبن الذي ارتضعا منه، سواء اتحدت المرضعة، أم تعددت. نعم يعتبر
أن يكون تمام الرضاع المحرم من امرأة واحدة كما تقدم.
(1915) - إذا حرم أحد الطفلين على الآخر بسبب ارتضاعهما من لبن منتسب
463

إلى رجل واحد لم يؤد ذلك إلى حرمة إخوة أحدهما على إخوة الآخر، ولا إلى
حرمة الأخوة على المرضعة.
(1916) - الأخت الرضاعية بمنزلة الأخت النسبية، فلا يجوز الجمع في الزواج
بين الأختين الرضاعيتين، فلو عقد على إحداهما لم يجز عقده على الأخرى، ولو
عقد عليهما معا في زمان واحد، بطل العقدان ولو كانا في زمانين مختلفين بطل عقد
الثانية.
(1917) - لا تحرم على الرجل امرأة أرضعت طفل عمته أو طفل خالته.
آداب الرضاع
(1918) - يحسن اختيار المرضعة المؤمنة الاثني عشرية العفيفة الوضيئة
الحميدة في خلقها وخلقها، ويكره استرضاع المرأة الناقصة في عقلها، وسيئة
الخلق، وكريهة الوجه، وغير الاثني عشرية. كما يكره استرضاع الزانية من اللبن
الحاصل بالزنا.
464

مسائل متفرقة في الرضاع
(1919) - إذا اعترف الرجل بحرمة امرأة أجنبية عليه بسبب الرضاع، وكان
اعترافه معقولا لم يجز له أن يتزوجها، وإذا ادعى حرمة المرأة عليه - بعد عقده
عليها - وصدقته المرأة بطل العقد وثبت لها مهر المثل، إذا كان قد دخل بها ولم تكن
عالمة بالحرمة وقتئذ وأما إذا لم يكن قد دخل بها، أو كان قد دخل بها مع علمها
بالحرمة فلا مهر لها، ونظير اعتراف الرجل بحرمة المرأة اعتراف المرأة بحرمة رجل
عليها قبل العقد، أو بعده فيجري فيه (التفصيل الآنف الذكر).
(1920) - يثبت الرضاع المحرم بأمرين: الأول: إخبار جماعة يوجب
الاطمئنان بوقوعه، الثاني: شهادة البينة العادلة على وقوع الرضاع المحرم بالتفصيل
المتقدم، كأن تشهد على حصول الرضاع لمدة يوم وليلة بشكل متوال لم يتناول
أثناءها الطفل شيئا آخر ونحو ذلك مع سائر الشروط الأخرى لكن لو علم معرفة
الشهود بالشروط واتفاقهم فيها فيما بينهم واتفاقهم في نشر الحرمة كذلك مع الرجل
والمرأة اللذين ارتضعا من حليب واحد فلا يشترط عندئذ تفصيلهم للشروط حين
الشهادة، وتحصل البينة بشهادة رجلين، أو نساء أربع. ولو شهد أقل من هذا العدد
ففي قبول كلامهم تأمل وإن كان هو الأحوط.
(1921) - إذا شك في ارتضاع الطفل المقدار الموجب للحرمة مع تحقق سائر
الشروط، لم يحكم بانتشار الحرمة، وكذا لو ظن في ذلك ما دام هذا الظن لم يصل
مرتبة الاطمئنان.
465

أحكام الأولاد
والحضانة والنفقة
(1922) - الطفل الذي تلده المرأة ملحق بزوجها شرعا بشرط أن لا تقل المدة
الفاصلة بين مقاربته لها وولادة الطفل عن أقل مدة الحمل - وهي ستة أشهر قمرية -
ولا تزيد عن تسعة أشهر وإن كان الأنسب بالاحتياط جعل أقصى مدة الحمل سنة
كاملة.
(1923) - إذا زنت المرأة ذات البعل فإن أمكن كون الولد الذي تضعه من
زوجها فهو ملحق به شرعا ولا يعد متولدا من الزنا.
(1924) - يثبت حق حضانة الطفل للأم على الأظهر ما دام لم يكمل سنتين من
دون فرق بين كونه صبيا أم بنتا، ويكون للأب أيضا الحق في حضانته بعد ذلك إلى
حين إكماله السبع لكن الأحوط أن تكون الحضانة في هذه السنين الخمس للأب إذا
كان الطفل صبيا وللأم إذا كان بنتا. أما بعد إكمال السبع فحق حضانة الطفل للأب
وحده.
(1925) - في مدة الحضانة لكل من الأب والأم لا يجوز لصاحب الحضانة أن
يمنع الطرف الآخر عن رؤية الطفل أو إيصال شئ إليه أو دفع ضرر عنه أو الإقامة
معه فترة ما لو أراد ذلك.
467

(1926) - إذا مات كل من الأب أو الأم - ولو قبل حلول زمان حضانته
كالأب - انتقل حق الحضانة إلى الآخر منهما لا إلى وصي الميت أو أقاربه. وفيما
لو كان الأب هو المتوفى فإن أقدمت الأم على الزواج ففي ثبوت حق الحضانة لها
تأمل والأحوط تحصيل رضا من يثبت له حق حضانة الطفل بعد الأبوين في ذلك.
(1927) - إذا فقد الأبوان جميعا فالأظهر ثبوت حق حضانة الطفل لجده لأبيه
مكان الأب وجدته لأمه مكان الأم بالنحو الذي كان ثابتا للأبوين. والأحوط
تحصيل رضا الجد للأب. وإذا فقد هذان أيضا لا يخلو انتقال حق الحضانة للأقرب
إلى الطفل من ناحية الإرث من وجه والمراد به من لو مات الطفل لورثه.
(1928) - يجب الانفاق على الأبوين والأجداد وإن علوا والأولاد وإن
نزلوا. لكن بشرط كونهم فقراء. ولا يجب الإنفاق على غير الأبوين والأجداد و
الأولاد من الإخوة والأعمام والأخوال وإن كان فيه استحباب مؤكد.
468

أحكام الطلاق
(1929) - يشترط في المطلق أمور:
1 - البلوغ، فلا يصح طلاق الصبي. نعم يستثنى الصبي الذي قد أكمل عشر
سنين إذ طلاقه صحيح على الأظهر لكنه خلاف الاحتياط والأفضل أن لا يطلق
هو.
2 - العقل، فلا يصح طلاق المجنون.
3 - الاختيار، فلا يصح طلاق المكره والمجبور. ويكفي في تحقق الإكراه على
الأظهر سلب ماله - الذي يكون محتاجا إليه والذي يضر أخذه منه بحاله - من دون
حق. لكن لو كان قادرا على التورية حين التلفظ بصيغة الطلاق ولم يستعملها مع
التفاته إليها حينه فطلاقه صحيح حينئذ على الأظهر.
4 - قصد الفراق حقيقة بالصيغة، فلا يصح الطلاق إذا صدرت الصيغة حالة
النوم، أو هزلا، أو سهوا، أو نحو ذلك.
(1930) - لا يجوز الطلاق ما لم تكن المطلقة طاهرة من الحيض والنفاس. و
تستثنى من ذلك موارد:
الأول: أن لا يكون الزوج قد دخل بزوجته.
الثاني: أن تكون الزوجة حاملا، ولو لم يعلم الزوج بحملها حال الطلاق ثم
469

علم بعد ذلك فلا يمنع ذلك من تحقق الطلاق.
الثالث: أن يكون الزوج غائبا أو محبوسا، ولم يتمكن من استعلام حال
زوجته أو كان ذلك متعسرا عليه فيصح منه الطلاق، وإن وقع حال حيضها لكن
الأحوط استحبابا له في هذه الصورة الصبر مدة شهر ثم ايقاع الطلاق. وأما إذا
تمكن الغائب، أو المحبوس من استعلام الحال من جهة العلم بعادتها، أو ببعض
الأمارات الشرعية لم يجز له طلاقها ما لم تمض مدة يعلم فيها بالطهر، وكذلك إذا
سافر الزوج وترك زوجته - وهي حائض أو نفساء - فإنه لا يجوز له أن يطلقها، ما
لم تمض مدة يعلم فيها بطهارتها.
(1931) - من طلق زوجته بزعم أنها طاهرة فبان كونها حائضا بطل الطلاق.
وإن طلقها باعتقاد إنها حائض فبانت طاهرة صح الطلاق.
(1932) - كما لا يجوز طلاق المرأة في الحيض والنفاس كذلك لا يجوز طلاقها في
طهر قاربها فيه، فلو قاربها في طهر لزمه الانتظار حتى تحيض وتطهر، ثم يطلقها
بدون مواقعة. ولو سافر عنها وجب عليه الانتظار مدة تنتقل فيها المرأة - عادة -
إلى طهر جديد. ويستثنى من ذلك الصغيرة واليائسة، فإنه يجوز طلاقهما في طهر
المواقعة، وكذلك الحامل المستبين حملها. ولو طلقها في طهر واقعها فيه ثم ظهر إنها
كانت حاملا صح طلاقها على الأظهر.
(1933) - إذا أراد الرجل طلاق زوجته التي لا تحيض لمرض وجب عليه
انتظار مضي ثلاثة أشهر على آخر مرة قاربها فيها ثم ايقاع الطلاق بعدها.
(1934) - لا يقع الطلاق إلا بلفظ الطلاق بصيغة خاصة عربية، فإذا لم يتمكن
من العربية الصحيحة وجب إتيانه بلغة أخرى بلفظ صحيح ومن كان متمكنا من
إتيانه بالعربية لكن مع اللحن فالأحوط أن يكرره بالعربية الملحونة وبلغة المطلق
470

مع المحافظة على إتيانه صحيحا بها. ويشترط في الطلاق أيضا حضور عدلين
ذكرين يسمعان الإنشاء فيقول الزوج مثلا: " زوجتي فلانة طالق " أو يقول وكيله:
" زوجة موكلي فلانة طالق ". وإذا كانت الزوجة معينة لم يلزم ذكر اسمها.
(1935) - العاجز عن اللفظ بصيغة الطلاق كالأخرس مثلا يجزيه الإشارة إن
دلت على الطلاق بشكل قطعي كما يتحقق الطلاق منه بالكتابة التي يقصد منها ذلك.
(1936) - الطلاق مكروه وتشتد كراهته فيما لو كانت المرأة مريضة حينه.
(1937) - ليس في زواج المتعة طلاق، وعليه فلا يعتبر في الفراق فيه ما يعتبر
في الطلاق من الزواج الدائم، من حضور الشاهدين ونقاء المرأة من الحيض و
النفاس ولا غير ذلك. ويتحقق الفراق فيه بانقضاء مدة العقد أو أن يهب الزوج المدة
لزوجته.
عدة الطلاق
(1938) - لا عدة على الصغيرة التي لم تكمل التسع وإن دخل بها زوجها، و
كذلك اليائسة، فيسمح لها بالزواج بمجرد الطلاق، وكذلك من لم يدخل بها زوجها،
وإن كانت بالغة.
(1939) - إذا طلق الرجل زوجته المدخول بها - بعد إكمال التسع وقبل بلوغها
سن اليأس - وجبت عليها العدة، وعدة الحرة - غير الحامل - ثلاثة أطهار، ويحسب
الطهر الفاصل بين الطلاق وحيضها طهرا واحدا، فتنقضي عدتها برؤية الدم
الثالث.
(1940) - المطلقة الحامل، عدتها مدة حملها، فتنقضي بوضع الحمل تاما أو
471

سقطا، ولو كان بعد الطلاق بساعة.
(1941) - المطلقة - غير الحامل - إذا كانت لا تحيض - وهي في سن من تحيض -
عدتها ثلاثة أشهر هلالية إذا كانت مدخولا بها. فإذا طلقها - في أول الشهر - اعتدت
إلى ثلاثة أشهر هلالية، وإذا طلقها - في أثناء الشهر - اعتدت بقية شهرها وشهرين
هلاليين آخرين، ومقدارا من الشهر الرابع تكمل به نقص الشهر الأول، فمن طلقت
في غروب اليوم العشرين من شهر رجب - مثلا - وكان الشهر تسعة وعشرين يوما
وجب عليها أن تعتد إلى اليوم العشرين من شوال، والأحوط لها أن تعتد إلى اليوم
الواحد والعشرين منه ليكتمل بضمه إلى أيام العدة من رجب ثلاثون يوما.
(1942) - ابتداء عدة الطلاق من حين وقوعه، فلو طلقت المرأة وهي لا تعلم
به، فعلمت به والعدة قد انقضت، جاز لها التزويج دون أن تنتظر مضي زمان ما، و
إذا علمت بالطلاق - أثناء العدة - أكملتها.
عدة الوفاة
(1943) - إذا توفى الزوج وجبت على زوجته العدة مهما كان عمر الزوجة.
فتعتد الصغيرة والبالغة واليائسة على السواء، من دون فرق بين الزوجة المنقطعة، و
الدائمة، والمدخول بها، وغيرها. ويختلف مقدار العدة تبعا لوجود الحمل وعدمه،
فإذا لم تكن الزوجة حاملا اعتدت أربعة أشهر وعشرة أيام، وإذا كانت حاملا
كانت عدتها أبعد الأجلين من هذه المدة ووضع الحمل فتستمر الحامل في عدتها إلى
أن تضع ثم ترى، فإن كان قد مضى على وفاة زوجها - حين الوضع - أربعة أشهر و
عشرة أيام فقد انتهت عدتها، وإلا استمرت في عدتها إلى أن تكمل هذه المدة، ومبدأ
472

عدة الوفاة - فيما إذا كان الزوج غائبا أو في حكمه - من حين بلوغ خبر الموت إلى
الزوجة، دون زمان الوفاة واقعا.
(1944) - كما يجب على الزوجة أن تعتد عند وفاة زوجها، كذلك يجب عليها
إذا كانت بالغة الحداد طيلة زمان العدة بترك ما فيه زينة، من الثياب، والأدهان، و
الطيب، فيحرم عليها لبس الثياب الزاهية الألوان والتزين بالكحل والطيب و
الخضاب، وما إلى ذلك مما يعد زينة تتزين به الزوجات لأزواجهن.
(1945) - إذا غاب الزوج عن زوجته، وبعد ذلك تأكدت الزوجة لقرائن
خاصة من موت زوجها في غيبته، كان لها أن تتزوج بآخر بعد انتهاء عدتها، فلو
تزوجت شخصا آخر ثم ظهر أن زوجها الأول مات بعد زواجها من الثاني وجب
عليها الانفصال من زوجها الثاني، فإذا كانت حاملا اعتدت منه عدة الطلاق إلى أن
تضع حملها، ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا عدة الوفاة لزوجها الأول. وأما إذا لم تكن
حاملا فتعتد أولا عدة الوفاة للزوج الأول ثم تعتد عدة الطلاق للثاني.
(1946) - إذا ادعت المرأة انقضاء عدتها قبلت دعواها بشرطين:
الأول: أن لا تكون المرأة مظنة التهمة.
الثاني: أن يمضي زمان من الطلاق أو من موت الزوج بحيث يمكن أن تنقضي
العدة فيه.
(1947) - إذا طلقت المرأة غير الحامل طلاقا رجعيا ثم مات زوجها قبل
انقضاء العدة وجب عليها الاعتداد بعدة الوفاة من حين موته.
473

الطلاق البائن والرجعي
(1948) - الطلاق البائن ما ليس للزوج بعده الرجوع إلى الزوجة إلا بعقد جديد و
هو خمسة:
1 - طلاق الصغيرة التي لم تبلغ التسع.
2 - طلاق اليائسة.
3 - الطلاق قبل الدخول، وإن كانت الزوجة بالغة.
4 - الطلاق الذي سبقه طلاقان.
5 - طلاق الخلع والمباراة.
وستمر عليك أحكام تلك الأقسام، وأما غير الأقسام المذكورة فهو طلاق
رجعي وهو الذي يحق للمطلق - بعده - أن يراجع المطلقة ما دامت في العدة بلا عقد.
(1949) - يحرم على ذات العدة الرجعية في العدة، أن تخرج من دارها إلا في
حاجة لازمة، كما يحرم على زوجها إخراجها من الدار التي كانت فيها عند الطلاق،
إلا في بعض الموارد المذكورة في الكتب المبسوطة.
الرجعة وحكمها:
(1950) - الرجعة عبارة عن: " رد المطلقة الرجعية في زمان عدتها إلى نكاحها
السابق "، فلا رجعة في البائنة، ولا في الرجعية بعد انقضاء عدتها، وتتحقق الرجعة
بأحد أمرين:
الأول: أن يتكلم بكلام دال على إنشاء الرجوع كقوله: " راجعتك " ونحوه.
474

الثاني: أن يفعل فعلا يدل على الرجوع إليها. فإن قصد هذا الفعل ملازم
لقصد الرجوع.
(1951) - لا يعتبر الإشهاد في الرجعة، كما لا يعتبر فيها اطلاع الزوجة عليها، و
عليه فلو قال: " رجعت " من دون اطلاع أحد صحت الرجعة وعادت المرأة إلى
نكاحها السابق.
(1952) - لو طلق الرجل زوجته ثلاثا مع تخلل رجعتين أو عقدين جديدين
أو عقد ورجعة في البين حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، ويعتبر في زوال
التحريم بالنكاح الثاني أمور:
الأول: أن يكون العقد دائما لا متعة.
الثاني: أن يطأها الثاني في القبل وطأ يوجب الغسل، والأحوط لزوم تحقق
الإنزال.
الثالث: أن يفارقها الزوج الثاني بموت، أو طلاق.
الرابع: انقضاء عدتها من الزوج الثاني.
الخامس: أن يكون الزوج الثاني بالغا.
الطلاق الخلعي:
(1953) - الخلع هو: " الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها ".
(1954) - صيغة الخلع أن يقول الزوج: " زوجتي فلانة خالعتها على ما بذلت
هي طالق " ويجوز أن يكون المبذول غير المهر.
(1955) - إذا وكلت المرأة أحدا في بذل مهرها لزوجها ووكله زوجها أيضا في
طلاقها قال الوكيل: " عن موكلتي فلانة بذلت مهرها لموكلي فلان ليخلعها عليه " و
475

يعقبه فورا بقوله: " زوجة موكلي خالعتها على ما بذلت هي طالق ". ولو وكلت
الزوجة شخصا في بذل شئ آخر غير المهر لزوجها يذكره الوكيل مكان كلمة المهر،
مثلا إذا كان المبذول مائة دينار قال الوكيل: " عن موكلتي بذلت مائة دينار لموكلي
فلان ليخلعها عليه "، ثم يعقبه بما تقدم.
المباراة وحكمها:
(1956) - المباراة هي: " طلاق الزوج الكاره لزوجته بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها "
فالكراهة في المباراة تكون من الطرفين.
(1957) - صيغة المباراة أن يقول الزوج: " بارأت زوجتي فلانة على مهرها
فهي طالق ". ولو وكل غيره في ذلك قال الوكيل: " بارأت زوجة موكلي فلانة على
مهرها فهي طالق ".
(1958) - تعتبر العربية الصحيحة في صيغة الخلع، والمباراة. نعم لا تعتبر
العربية في بذل الزوجة مالها للزوج ليطلقها بل يقع ذلك بكل لغة مفيدة للمعنى
المقصود.
(1959) - لو رجعت الزوجة عن بذلها في عدة الخلع والمباراة جاز للزوج
أيضا أن يرجع إليها، فينقلب الطلاق البائن رجعيا.
(1960) - يعتبر في المباراة أن لا يكون المبذول أكثر من المهر ولا بأس بزيادته
في الخلع.
(1961) - الشروط المعتبرة في الطلاق معتبرة في كل من الخلع والمباراة، وكذا
الشروط المعتبرة في الخلع - وقد فصلت في الكتب المبسوطة - معتبرة في المباراة
أيضا.
476

مسائل متفرقة في الطلاق
(1962) - إذا وطأ الرجل امرأة شبهة باعتقاد أنها زوجته وجب عليها
الاعتداد سواء علمت المرأة بكون الرجل أجنبيا أم لم تعلم به.
(1963) - إذا غاب الزوج ولم يظهر له أثر، ولم يعلم موته ولا حياته، جاز
لزوجته الدائمية أن ترفع أمرها إلى المجتهد العادل فتعمل بما يقرره.
(1964) - طلاق زوجة المجنون بيد أبيه، وجده لأبيه. فيجوز لهما تطليقها ما
لم يكن فيه مفسدة وضرر.
(1965) - لو اعتقد الرجل بعدالة رجلين وطلق زوجته عندهما، لم يجز لغيره
على الأظهر العقد عليها لنفسه أو لغيره بعد انقضاء عدتها، إذا كان يعلم بفسق
الشاهدين، نعم في صورة عدم علمه بفسقهما يكفيه للحكم بصحة الطلاق على
الأظهر أن يحتمل كونهما عادلين في نظر المطلق.
477

أحكام الغصب
الغصب هو: " استيلاء الإنسان - عدوانا - على مال الغير، أو حقه "، وهو
من كبائر المحرمات، ويؤاخذ فاعله - يوم القيامة - بأشد العذاب، وعن النبي
الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): " من غصب شبرا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين يوم
القيامة ".
(1966) - من الغصب منع الناس عن الانتفاع بالأوقاف العامة كالمساجد و
المدارس والقناطر ونحوها، وكذا الحال فيما إذا اتخذ أحد مكانا في المسجد للصلاة
أو لغيرها، فإن منعه عن الانتفاع به من الغصب الحرام.
(1967) - لا يجوز للراهن أن يأخذ من المرتهن رهنه قبل أن يوفي له دينه، لأنه
وثيقة للدين فلو أخذه منه قبل ذلك من دون رضاه فقد ارتكب إثما وإن لم يكن ذلك
غصبا.
(1968) - إذا غصبت العين المرهونة فلكل من الراهن والمرتهن مطالبتها من
الغاصب، وإن أخذ منه بدلها لأجل تلف العين فهو أيضا يكون رهنا.
(1969) - يجب على الغاصب رد المغصوب إلى مالكه كما يجب عليه رد عوضه
إليه على تقدير تلفه.
479

(1970) - منافع المغصوب - كالولد واللبن ونحوهما - ملك لمالكه، وكذلك
أجرة الدار التي غصبها، فإنه لا بد من دفعها إلى مالكها وإن لم يسكنها الغاصب قط.
(1971) - المال المغصوب من الصبي أو المجنون يرد إلى وليهما ومع التلف يرد
إليه عوضه.
(1972) - إذا كان الغاصب شخصين معا ضمن كل منهما نصف المغصوب، وإن
كان كل منهما متمكنا من غصب المال بتمامه.
(1973) - لو اختلط المغصوب بغيره - كما إذا غصب الحنطة ومزجها بالشعير -
فمع التمكن من تمييزه يجب على الغاصب أن يميزه ويرده إلى مالكه.
(1974) - لو تصرف في العين المغصوبة بما تزيد به قيمتها كما إذا غصب ذهبا
فصاغه قرطا أو قلادة، وطلب المالك ردها إليه بتلك الحالة وجب ردها إليه، و
لا شئ له بإزاء عمله، بل ليس له إرجاعها إلى حالتها السابقة من دون إذن مالكها.
(1975) - من غصب شيئا مما لا يجوز إبقاؤه على هيئته كالصنم والصليب و
آلات اللهو التي يجب كسرها وتغيير هيئتها وقام بتخريبها وجب عليه ارجاع
موادها إلى صاحبها ولم يضمن له أجرة صناعتها. أما لو كان للمغصوب منفعة محللة
كأواني الذهب والفضة - بناء على جواز اقتنائها - فضمان أجرة صناعتها لو كسرها
لا يخلو من وجه.
(1976) - لو تصرف الغاصب في العين المغصوبة بما تزيد به قيمته عما قبل و
طلب المالك إرجاعها إلى حالتها السابقة وجب، ولو نقصت قيمتها الأولية بذلك
ضمن أرش النقصان، فالذهب الذي صاغه قرطا إذا طلب المالك إعادته إلى ما كان
عليه سابقا فأعاده الغاصب على ما كان عليه فنقصت قيمته ضمن النقص.
(1977) - لو غصب أرضا فغرسها، أو زرعها فالغرس والزرع ونماؤهما
480

للغاصب، وعليه إزالتهما فورا، وإن تضرر بذلك إلا إذا رضي المالك بالبقاء، كما أن
عليه - أيضا - طم الحفر، وأجرة الأرض ما دامت مشغولة بهما. ولو حدث نقص في
قيمة الأرض بقلعهما وجب عليه أرش النقصان، وليس له إجبار المالك على بيع
الأرض منه أو إجارتها إياه، كما أن المالك لو بذل قيمة الغرس والزرع لم تجب على
الغاصب إجابته.
(1978) - إذا رضي المالك ببقاء غرس الغاصب، أو زرعه في أرضه بعوض
لم يجب على الغاصب قلعهما، ولكن لزمته أجرة الأرض من لدن غصبها إلى زمان
رضاء المالك بالبقاء.
(1979) - لو حفر الغاصب بئرا في الأرض التي غصبها من دون استئذان المالك
في ذلك فإن رضي المالك ببقائها لم يكن على الغاصب ضمان ردمها، أما إن لم يرض
فعلى الغاصب ردمها وعليه استئذان المالك في ما يتوقف عليه الردم من تصرفات،
ولو شاء المالك ردمها بنفسه جاز له أخذ أجرة ذلك من الغاصب.
(1980) - إذا تلف المغصوب وكان قيميا - بأن اختلفت أفراده في القيمة
السوقية، من جهة الخصوصيات الشخصية - كالبقر والغنم ونحوهما وجب رد قيمته
إن لم يكن هناك تفاوت في القيمة السوقية بحسب الأزمنة، ومع التفاوت لا بد من
دفع قيمة زمان المطالبة، بل لا يخلو من وجه جواز إلزامه بأن يدفع إلى المالك أعلى
القيم من زمان الغصب إلى زمان التلف، وإن كان الأحوط المصالحة على قيمة
المغصوب في أحد الأزمنة المذكورة أو على المقدار المتوسط منها.
(1981) - المغصوب التالف إذا كان مثليا - بأن لم تختلف أفراده في القيمة من جهة الخصوصيات الشخصية - كالحنطة والشعير ونحوهما وجب رد مثله. إلا أنه إنما
يجزي فيما إذا اتحد المدفوع مع التالف في جميع الخصوصيات النوعية والصنفية،
481

فلا يجزي الردئ من الحنطة - مثلا - عن جيدها.
(1982) - لو غصب قيميا فتلف ولم تتفاوت قيمته السوقية في زماني الغصب و
التلف، إلا أنه حصل فيه ما يوجب ارتفاع قيمته، كما إذا كان الحيوان مهزولا حين
غصبه، ثم سمن فإنه يضمن قيمته حال سمنه، حتى لو كان السمن بسبب فعل
الغاصب وعنايته. ولا فرق في ذلك بين أن يبقى الحيوان على سمنه إلى التلف، أو
يعود مهزولا.
(1983) - إذا غصبت العين من مالكها، ثم غصبها الآخر من الغاصب، ثم تلفت
فللمالك مطالبة أي منهما ببدلها من المثل أو القيمة. ثم إنه إذا أخذ العوض من
الغاصب الأول فللأول مطالبة الغاصب الثاني بما غرمه للمالك، وأما إذا أخذ
العوض من الغاصب الثاني فليس له أن يرجع إلى الأول بما دفعه إلى المالك.
(1984) - لو اشترى شخص عينا مغصوبة من الغاصب ولم يجز مالكها المعاملة
كان المشتري ضامنا للعين ومنافعها كالغاصب وجاز للمالك الرجوع على أي من
الغاصب الأول أو المشتري بعوض العين ومنافعها حتى المنافع الحاصلة حين كانت
العين بيد كل منهما ما دامت هذه المنافع قد أنهيت إلى المشتري. ثم لو استوفى ذلك
من المشتري فإن كان المشتري عالما بالغصبية وقد تلفت العين في يده لم يجز له
الرجوع على الغاصب بما دفعه. ولو استوفى المالك ذلك من الغاصب فيجوز
للغاصب الرجوع به على المشتري ما دامت العين قد تلفت بيده. أما لو كان المشتري
جاهلا بالغصبية، فيجوز له الرجوع على الغاصب بما دفعه له ثمنا للعين بل لو كان
ما دفعه المشتري للمالك زائدا عن ثمن العين جاز له على الأظهر أخذ تلك الزيادة من
الغاصب أيضا.
(1985) - إذا بطلت المعاملة لفقدها شرطا من شروطها، كما إذا باع ما يباع
482

بالوزن من دون وزن فإن رضي البائع والمشتري بتصرف كل منهما في مال الآخر -
مع قطع النظر عن صحة المعاملة - فهو، وإلا فما في يد كل منهما من مال صاحبه
كالمغصوب يجب رده إلى مالكه، فلو تلف تحت يده وجب رد عوضه مع جهل
صاحبه ببطلان المعاملة وإلا لم يجب على الأظهر.
(1986) - المقبوض بالسوم وما يبقيه المشتري عنده ليتروى في شرائه إذا تلف
لم يضمن المشتري للبائع عوضه من المثل أو القيمة على الأقرب بشرط أن يكون
قبضه وبقاؤه في يده بإذن صاحبه.
483

أحكام اللقطة
وهي المال المأخوذ المعثور عليه بعد ضياعه من مالكه.
(1987) - إذا لم تكن للمال الملتقط علامة يعرف بها صاحبه وبلغت قيمته
درهما (6 / 12 حمصة من الفضة المسكوكة) فإن لم يكن حيوانا جاز للملتقط
التصدق به عن مالكه أو تسليمه للحاكم الشرعي.
(1988) - إذا كانت قيمة اللقطة دون الدرهم، ولم يعلم مالكها فللملتقط أخذها
بنية التملك، ثم إذا ظهر مالكها لزم دفعها إليه على الأحوط إن لم يكن في ذلك مشقة و
إن كانت تالفة لم يضمن على الأظهر.
(1989) - اللقطة إذا كانت لها علامة يمكن الوصول بها إلى مالكها وبلغت
قيمتها درهما، وجب تعريفها في مجامع الناس سنة كاملة من يوم الالتقاط.
(1990) - لا تعتبر المباشرة في التعريف بل للملتقط الاستنابة فيه مع الاطمئنان
بوقوعه.
(1991) - إذا عرف اللقطة سنة ولم يظهر مالكها فإن كانت اللقطة في الحرم - أي
حرم مكة زادها الله شرفا - فإن لم يرد الاحتفاظ بها أمانة لمالكها فالظاهر أن تكليفه
التصدق بها عن مالكها. وأما إذا كانت في غير الحرم فللملتقط أن يتملكها بنية
485

التعويض لصاحبها إن ظهر، أو يحفظها لمالكها، أو يتصدق بها عن مالكها، أو
يسلمها للحاكم الشرعي.
(1992) - لو عرف اللقطة سنة ولم يظفر بمالكها، ثم ظفر به فإن كان قد تصدق
بها عنه أو سلمها للحاكم الشرعي فلا يضمن على الأقرب وكذا لا يضمن لو تلفت
إذا كان قد حفظها لمالكها ولم يتعد في حفظها ولم يفرط. وإن كان تملكها ضمنها
لمالكها وإن كان قد حفظها أمانة عنده لمالكها دفعها إليه.
(1993) - لو لم يعرف اللقطة - عمدا - عصى، ولا يسقط عنه وجوبه فيجب
تعريفها بعد العصيان أيضا. ولا يجوز له إتيان ما ذكرناه في المسائل المتقدمة في السنة
التي لم يقم فيها بالتعريف.
(1994) - إذا كان الملتقط صبيا أو مجنونا فيجب على وليه القيام بما ذكرناه من
حكم اللقطة.
(1995) - إذا يئس اللاقط من الظفر بمالك اللقطة - قبل تمام السنة - سقط
وجوب التعريف في بقيتها على الأظهر وجاز له العمل بما ذكرنا من حكمها.
(1996) - لو تلفت اللقطة قبل تمام السنة، فإن لم يتعد في حفظها، ولم يفرط
لم يكن عليه شئ، وإلا وجب رد عوضها إلى مالكها، ولو تملكها لنفسه قبل تمام
سنة التعريف وتلفت كان ضامنا لها.
(1997) - اللقطة (ذات العلامة) البالغة قيمتها درهما إذا علم أن مالكها
لا يوجد بتعريفها ولم يكن معلوما ولو إجمالا فحكمها حكم اللقطة التي لا تبلغ
الدرهم أما إذا كان مالكها معلوما ولو إجمالا فالواجب العمل بوظيفة ما بعد
التعريف على ما ذكر.
(1998) - يذكر في التعريف بعض صفات الملتقط التي تكفي لتعريفه ويترك ذكر
486

البعض الآخر ليتوصل بذلك إلى معرفة المالك الحقيقي.
(1999) - لو ادعى اللقطة أحد، سئل عن أوصافها وعلاماتها، فإذا توافقت
الصفات والعلائم التي ذكرها مع الخصوصيات الموجودة فيها، وحصل الاطمئنان
بأنها له - كما هو الغالب - أعطيت له، ولا يعتبر أن يذكر الأوصاف التي لا يلتفت
إليها المالك غالبا. وكذا تعطى له لو شهد له شاهدان عادلان بذلك أو حلف على
كونها له، أما لو لم تفد العلامات التي بينها أكثر من الظن بكونها له أو لم يشهد له
سوى شاهد عادل واحد فالملتقط بالخيار بين دفعها إليه وعدمه ولو حصل له ظن
قوي بأنها له فوجوب إعطائها له لا يخلو من وجه.
(2000) - لو كانت اللقطة مما يفسده البقاء، جاز للأقط أن يقومها على نفسه و
يتصرف فيها بما شاء ويبقى الثمن في ذمته للمالك والمناط في الثمن هو ثمنها زمان
تصرفه فيها، ويثبت وجوب التعريف وسائر تكاليف اللقطة للعوض عندئذ، كما
يجوز له الرجوع إلى الحاكم الشرعي والعمل بما يأمره به في ذلك.
487

أحكام
الذباحة والصيد
(2001) - الحيوان المحلل لحمه - وحشيا كان أم أهليا - إذا ذبح على الترتيب
الآتي في هذا الباب، وخرجت روحه يحل أكله. نعم موطوء الإنسان والشاة
المرتضعة بلبن الخنزيرة لا يحل أكلهما بالذبح، وكذلك الجلال قبل استبرائه.
(2002) - الحيوان الوحشي المحلل لحمه كالغزال، والحيوان الأهلي المحلل إذا
استوحش كالبقر، يحل لحمهما بالاصطياد، على الوجه الآتي ذكره. وأما الحيوانات
المحللة الأهلية، كالشاة والدجاجة، والبقر غير المتوحش، ونحوها، فلا يحكم
بطهارة لحمها ولا بحليتها بالاصطياد.
(2003) - الحيوان الوحشي الحلال أكله إنما يحكم بحليته وطهارته بالاصطياد،
فيما إذا كان قادرا على العدو أو ناهضا للطيران، فولد الوحش قبل أن يقدر على
الفرار، وفرخ الطير قبل أن ينهض للطيران لا يحلان بالاصطياد، ولا يحكم
بطهارتهما حينئذ، فلو رمى ظبيا وولده غير القادر على العدو، فماتا حل الظبي و
حرم الولد.
(2004) - ميتة الحيوان الحلال الذي ليست له نفس سائلة، كالسمك يحرم أكلها
لكنها طاهرة.
489

(2005) - الحيوان المحرم أكله - إذا لم تكن له نفس سائلة كالحية - لا يحل بذبحه أو
بصيده.
(2006) - الكلب والخنزير لا يقبلان التذكية فلا يحكم بطهارتهما ولا بحليتهما
بالذبح أو الصيد. وأما السباع وهي: - ما تفترس الحيوان وتأكل اللحم - كالذئب و
النمر فهي قابلة للتذكية، فلو ذبحت حكم بطهارة لحومها وجلودها على الأظهر وإن
لم يحل أكلها بذلك.
(2007) - الفيل والدب والقرد والضب والفأر والحيوانات التي تسكن باطن
الأرض كالحية - إذا كانت لها نفس سائلة - حكم بنجاسة ميتتها. نعم لو ذبحت
الثلاثة الأولى (الفيل والدب والقرد) فالحكم بطهارة لحومها وجلودها لا يخلو من
الوجه، أما البواقي فالحكم بطهارتها بالذبح الشرعي خلاف الاحتياط.
(2008) - لو خرج الجنين ميتا من بطن أمه - وهي حية - أو أخرج كذلك لم يحل
أكله.
كيفية الذبح
(2009) - الكيفية المعتبرة في الذبح هي: أن تقطع الأوداج الأربعة تماما، من
تحت العقدة المسماة ب‍ " الجوزة ". والأوداج الأربعة هي المري (مجرى الطعام و
الشراب) والحلقوم (مجرى النفس) والعرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم.
(201) - يعتبر في قطع الأوداج الأربعة: أن يكون حال الحياة، فلو قطع
الذابح بعضها وأرسلها فمات، ثم قطع الباقي حرمت الذبيحة.
(2011) - لو قطع الذئب - مثلا - مذبح الحيوان المحلل أكله فإن لم تبق الأوداج
490

الأربعة التي يعتبر قطعها في الذبح لم يحل أكله، وأما إذا كانت باقية وكان الحيوان
حيا وذبح على الوجه الشرعي حل أكله، وكذلك إذا كان المحل المقطوع غير المذبح
وكان الحيوان حيا فإنه يحل أكله بذبحه.
شرائط الذبح
(2012) - يشترط في تذكية الذبيحة أمور:
الأول: أن يكون الذابح مسلما - رجلا كان أو امرأة أو صبيا مميزا - فلا تحل
ذبيحة الكافر، ومنه المعلن بعداوة أهل البيت (عليهم السلام) والمرتد من المسلمين والغلاة و
الخوارج ومنكر بعض ضروريات الدين محكومون بالكفر.
الثاني: أن يكون الذبح بالحديد مع الإمكان. نعم إذا لم يوجد الحديد وخيف
فوت الذبيحة بتأخير ذبحها، أو كانت هناك ضرورة أخرى تقتضي الذبح جاز
- حينئذ - ذبحها بكل ما يقطع الأوداج من الزجاجة والحجارة الحادة ونحوهما. بل
ولو كانت الآلة غير الحديد ولكنها مثل الحديد في الحدة والاستحكام والاطراد إلى
آخر الذبح يقينا لا يبعد إلحاقها بالحديد في حصول التذكية بها إلغاءا للخصوصية.
الثالث: الاستقبال بالذبيحة - حال الذبح - بأن توجه مقاديم بدنها - من
الوجه واليدين والبطن والرجلين - إلى القبلة، وتحرم الذبيحة بالإخلال به
متعمدا، ولا بأس بتركه نسيانا أو خطأ، أو للجهل بالاشتراط، أو لعدم العلم بجهتها،
أو عدم التمكن من توجيه الذبيحة إليها.
الرابع: التسمية، بأن يذكر الذابح اسم الله عليها بنية الذبح عند إرادته، أو
حينما يضع السكين على مذبحها، ويكفي في التسمية أن يقول: " بسم الله " ولا أثر
491

للتسمية من دون نية الذبح على الأظهر. نعم لو أخل بها نسيانا لم تحرم الذبيحة.
الخامس: أن تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة يسيرة، بأن تطرف
عينها أو تحرك ذنبها، أو تركض برجلها ولا يعتبر خروج الدم منها.
(2013) - يكره على الأظهر أكل لحم الحيوان الذي تمت إبانة رأسه عمدا حين
الذبح قبل خروج روحه منه بل هو خلاف الاحتياط، أما لو لم يكن عن عمد فلا بأس
بذلك. ولا بأس بالإبانة إذا كانت عن غفلة، أو استندت إلى حدة السكين وسبقه مثلا.
(2014) - يكره سلخ جلد الحيوان أو قطع شئ من أعضائه قبل خروج روحه
وبرد بدنه بل ذلك خلاف الاحتياط.
نحر الإبل
(2015) - يعتبر في حلية لحم الإبل وطهارته - مضافا إلى الشرائط الخمسة
المتقدمة - أن يدخل سكينا، أو رمحا، أو غيرهما من الآلات الحادة الحديدية في لبتها
وهي " الموضع المنخفض الواقع بين أصل العنق والصدر ".
(2016) - يجوز نحر الإبل باركة أو ساقطة على جنبها متوجهة بمقاديم بدنها إلى
القبلة.
(2017) - لو ذبح الإبل بدلا عن نحرها، أو نحر الشاة أو البقرة أو نحوهما بدلا
من ذبحها حرم لحمها وحكم بنجاستها. نعم لو قطع الأوداج الأربعة من الإبل ثم
نحرها قبل زهوق روحها أو نحر الشاة مثلا ثم ذبحها قبل أن تموت حل لحمهما وحكم
بطهارتهما.
(2018) - لو تعذر ذبح الحيوان أو نحره لاستعصائه، أو لوقوعه في بئر، أو
492

موضع ضيق لا يتمكن من الوصول إلى موضع ذكاته وخيف موته هناك جاز أن
يعقره في غير موضع الذكاة بشئ من الرمح والسكين وغيرهما مما يجرحه، فإذا
مات بذلك العقر طهر وحل أكله وتسقط فيه شرطية الاستقبال. نعم لا بد من أن
يكون واجدا لسائر الشرائط المعتبرة في التذكية.
أحكام الصيد بالسلاح
(2019) - يشترط في تذكية الوحش المحلل أكله إذا اصطيد بالسلاح أمور:
الأول: أن تكون الآلة كالسيف والسكين والخنجر وغيرها من الأسلحة القاطعة،
أو كالرمح والسهم مما يشاك بحده ويخرق جسد الحيوان، فلو اصطيد بالحجارة أو
العمود أو الشبكة أو الحبالة أو غيرها من الآلات التي ليست بقاطعة ولا شائكة
حرم أكله وحكم بنجاسته على الأظهر. وإذا اصطيد بالبندقية فإن كانت الطلقة
حادة تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه حل أكله وهو طاهر. وأما إذا لم تكن كذلك، بأن
كان نفوذها في بدن الحيوان وقتله مستندا إلى ضغطها أو إلى ما فيها من الحرارة
المحرقة فيشكل الحكم بحلية لحمه وطهارته.
الثاني: أن يكون الصائد مسلما، و
لا بأس بصيد الصبي المسلم المميز، ولا يحل صيد الكافر ومنه المعلن بعداوة أهل
البيت (عليهم السلام).
الثالث: قصد الاصطياد، فلو رمى هدفا فأصاب حيوانا فقتله لم يحل.
الرابع: التسمية عند استعمال السلاح في الاصطياد فلو أخل بها متعمدا لم يحل
صيده، ولا بأس بالإخلال بها نسيانا إذا كان معتقدا لوجوبها حين ذلك أو معتادا
على إتيانها وإن لم يعتقد وجوبها.
الخامس: أن يدركه ميتا، أو إذا أدركه وهو حي
لم يكن الوقت متسعا لتذكيته، فلو أدركه حيا وكان الوقت متسعا لذبحه، ولم يذبحه
493

حتى خرجت روحه لم يحل أكله.
(2020) - لو اصطاد اثنان صيدا واحدا، أحدهما مسلم دون الآخر، أو سمى
أحدهما ولم يسم الآخر متعمدا، لم يحل أكله.
(2021) - يعتبر في حلية الصيد أن تكون الآلة مستقلة في قتله، فلو شاركها
شئ آخر كما إذا رماه فسقط الصيد في الماء ومات وعلم استناد الموت إلى كلا
الأمرين لم يحل وكذا الحال فيما إذا شك في استناد الموت إلى الرمي بخصوصه.
(2022) - لا يعتبر في حلية الصيد إباحة الآلة فلو اصطاد حيوانا بالكلب أو
السهم المغصوبين حل الصيد وملكه الصائد دون صاحب الآلة أو الكلب، ولكن
الصائد ارتكب معصية ويجب عليه دفع أجرة الكلب أو الآلة إلى صاحبه.
(2023) - لو قسم حيوانا بالسيف أو بغيره مما يحل به الصيد قطعتين ولم يدركه
حيا، أو أدركه كذلك إلا أن الوقت لم يتسع لذبحه فمع اجتماع شرائط التذكية
(المتقدمة) تحل كلتا القطعتين. وأما إذا أدركه حيا وكان الوقت متسعا لذبحه
فالقطعة الفاقدة للرأس والرقبة محرمة، والقطعة التي فيها الرأس والرقبة طاهرة و
حلال فيما إذا ذبح على النهج المقرر شرعا.
(2024) - لو قسم الحيوان قطعتين بالحبالة أو الحجارة ونحوهما مما لا يحل به
الصيد حرمت القطعة الفاقدة للرأس والرقبة، وأما القطعة التي فيها الرأس والرقبة
فهي طاهرة وحلال فيما إذا أدركه حيا وذبحه مع الشرائط المعتبرة وإلا حرمت هي
أيضا.
(2025) - الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة حيا إذا وقعت عليه التذكية
الشرعية حل أكله وإلا حرم.
(2026) - الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة ميتا طاهر وحلال بشرط
494

كونه تام الخلقة وقد أشعر أو أوبر.
حكم الصيد بالكلب
(2027) - إذا اصطاد كلب الصيد حيوانا وحشيا محلل اللحم فالحكم بطهارته و
حليته بعد الاصطياد يتوقف على شروط ستة:
1 - أن يكون الكلب معلما، بحيث يسترسل ويهيج إلى الصيد متى أغراه
صاحبه به، وينزجر عن الهياج والذهاب إذا زجر ولا بأس لو كان لا ينزجر إذا
زجر عند اقترابه من الصيد، كما يعتبر أن تكون من عادته أن لا يأكل من الصيد
شيئا حتى يصل إليه صاحبه، ولا بأس بأكله منه أحيانا، كما لا بأس بأن يكون
معتادا بتناول دم الصيد.
2 - أن يكون صيده بإرسال صاحبه للاصطياد فلا يكفي استرساله بنفسه من
دون إرسال، وكذا الحال فيما إذا استرسل بنفسه وأغراه صاحبه بعد الاسترسال،
فلا يجوز أكله عندئذ أيضا حتى فيما إذا أثر فيه الإغراء كما إذا زاد في عدوه بسببه
على الأظهر.
3 - أن يكون المرسل مسلما فإذا أرسله كافر - ومنه من يعلن ببغض آل
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) - لم يحل الصيد، ولا بأس بإرسال الصبي المسلم إذا كان مميزا.
4 - التسمية عند إرساله، فلو تركها متعمدا حرم الصيد ولا بأس بتركها
نسيانا فيما لو كان معتقدا لوجوبها عند الإرسال أو كان معتادا على إتيانها وإن لم ير
وجوبها. ولو ترك التسمية حين إرسال الكلب عمدا ثم أتى بها قبل وصوله إلى
الصيد فالأحوط اجتناب ذلك الصيد وإن كان الأظهر حليته بذلك.
495

5 - أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب وعقره، فلو مات بسبب آخر
كخنقه أو إتعابه في العدو، أو ذهاب مرارته من شدة خوفه لم يحل.
6 - أن يكون إدراك صاحب الكلب الصيد بعد موته، أو إذا أدركه حيا
أن لا يتسع الوقت لذبحه، فلو أدركه حيا واتسع الوقت لتذكيته كأن يدركه وذنبه
يتحرك أو عينه تطرف أو يضرب الأرض برجله وترك ذبحه حتى مات لم يحل، و
يجب على الأحوط على الصياد أن يسعى للوصول إلى الصيد بسرعة لكي يذبحه
على الوجه الشرعي إن كان حيا فلو لم يسرع - سواء كان معذورا في ذلك أم لا - و
احتمل إن الصيد كان لا يزال حيا بعد اصطياده وإنه مات بعد ذلك فالحكم بحليته و
طهارته محل إشكال.
(2028) - لو أرسل كلابا متعددة للاصطياد فقتلت صيدا واحدا فإن كانت
الكلاب المسترسلة كلها واجدة للشرائط المتقدمة حل الصيد، وإن لم يكن بعضها
واجدا لتلك الشروط لم يحل.
(2029) - إذا أرسل الكلب إلى صيد حيوان كالغزال وصاد الكلب حيوانا
آخر فهو طاهر وحلال، وكذا الحال فيما إذا أرسله إلى صيد حيوان فصاده مع
حيوان آخر.
(2030) - لو كان المرسل متعددا بأن أرسل جماعة كلبا واحدا، وكان أحدهم
كافرا، أو لم يسم متعمدا حرم صيده، وكذا الحال فيما إذا تعددت الكلاب، ولم يكن
بعضها معلما على النحو المتقدم فإن الصيد وقتئذ نجس وحرام.
(2031) - لا يحل الصيد إذا اصطاده غير الكلب من أنواع الحيوانات كالعقاب،
والصقر، والباشق، والنمر وغيرها. نعم إذا أدرك الصائد الصيد وهو حي، ثم ذكاه
على الترتيب المقرر في الشرع، حل أكله.
496

صيد السمك والجراد
(2032) - لو أخذ من الماء ما له فلس من الأسماك الحية ومات خارج الماء حل
أكله وهو طاهر، ولو مات داخل الماء فهو طاهر ولكن يحرم أكله. وأما ما لا فلس
له من الأسماك فيحرم أكله مطلقا.
(2033) - لو وثبت السمكة خارج الماء، أو نبذتها الأمواج إلى الساحل، أو غار
الماء وبقيت السمكة فإن أخذت قبل موتها باليد أو بوسيلة أخرى، حلت بعد أن تموت.
(2034) - لا يعتبر في صائد السمك الإسلام، ولا يشترط في تذكيته التسمية،
فلو أخذه الكافر حل لحمه لكن يشترط حينئذ الاطمئنان بكونه قد أخذ حيا ومات
خارج الماء.
(2035) - السمكة الميتة إذا كانت في يد المسلم يحكم بحليتها وإن لم يعلم أنها
أخذت من الماء حية، وإذا كانت في يد الكافر لم تحل، وإن أخبر بتذكيتها، إلا أن
يعلم من كلامه أو من قرائن أخرى أو يطمئن بأنه أخرجها من الماء قبل موتها أو أنه
أخذها خارج الماء حية.
(2036) - لا يجوز بلع السمكة حية على الأحوط.
(2037) - الجراد إذا أخذ حيا باليد، أو بغيرها من الآلات حل أكله، ولا يعتبر
في تذكيته إسلام الآخذ ولا التسمية حال أخذه، نعم لو وجده في يد كافر ميتا و
لم يعلم أنه أخذه حيا لم يحل، وإن أخبر بتذكيته إلا أن يعلم أو يطمأن بذلك من كلامه
أو من قرائن أخرى.
(2038) - لا يحل من الجراد (الدبا) وهو ما تحرك ولم تنبت أجنحته بعد.
497

أحكام
الأطعمة والأشربة
(2039) - يحرم أكل لحم كل ذي مخلب من الطير كالشاهين والعقاب والبازي، و
يكره لحم الهدهد وكذلك السنونو على الأظهر.
(2040) - لحم الأرنب حرام وكذلك الحرذون وسائر الحشرات.
(2041) - القطعة المبانة من الحيوان الحي ذي النفس السائلة إذا كانت مما تحله
الحياة كألية الخروف والقطعة المشتملة على اللحم منه مثلا فهي نجسة ومحرمة
الأكل.
(2042) - الغنم والبقر، والإبل والخيل، والبغال والحمير بجميع أقسامها محللة
الأكل سواء فيها الوحشية والأهلية، وكذلك الغزال، ويكره أكل لحم الخيل و
البغال والحمير.
(2043) - يحرم أكل ما وطأه الإنسان من الحيوان المحلل أكله ويحرم نسله كما
يحرم لبنهما، فإن كان مما يراد أكله كالإبل والبقر والغنم وجب أن يذبح ويحرق،
فإن كان لغير الواطئ وجب عليه أن يغرم قيمته لمالكه. وأما إذا كان مما يراد ظهره
كالخيل والبغال والحمير وجب نفيه من البلد وبيعه في بلد آخر.
(2044) - تحرم من الذبيحة عدة أشياء هي ما يلي:
499

1 - الدم.
2 - الروث.
3 - القضيب.
4 - البيضتان.
5 - الطحال.
(2045) - كل ما عد بنظر العرف من الخبائث وكانت تنفر منه طباع الإنسان
المتعارف فأكله حرام والأحوط وجوبا الاجتناب عن تناول عشرة أشياء وإن
لم تعد من الخبائث وهي التالية:
1 - الغدة وهي: " كل عقدة في الجسم مدورة تشبه البندق ".
2 - الرحم والمشيمة.
3 - خرزة الدماغ، وهي: " حبة بقدر الحمصة في وسط الدماغ ".
4 - النخاع وهو: " خيط أبيض كالمخ في وسط فقار الظهر ".
5 - العلباوان وهما: " عصبتان ممتدتان على الظهر من الرقبة إلى الذنب ".
6 - المرارة.
7 - الفرج.
8 - ذات الأشاجع.
9 - المثانة.
10 - حدقة العين.
(2046) - لا بأس بتناول شئ يسير من تربة سيد الشهداء (عليه السلام) لأجل
الاستشفاء إذا كان بمقدار حمصة وكان مأخوذا من قبره الشريف أو أطرافه. ومن
المظنون به إن تربة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسائر الأئمة الطاهرين (عليهم السلام) لها حكم تربة الإمام
500

الحسين (عليه السلام) إذا أريد الاستشفاء بها وإن كان الأحوط خلطها بالماء بنحو تستهلك
فيه معه. ولا بأس على الأظهر أيضا بتناول طين " الأرمني " وطين " الداغستاني "
للتداوي إذا انحصر العلاج بها.
(2047) - يحرم شرب الخمر وغيره من المسكرات، وفي بعض الروايات أنه
من أعظم المعاصي ومن شربها مستحلا لها مع التفاته إلى استلزام الاعتقاد بحليتها
تكذيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان كافرا. وعن الصادق (عليه السلام): " أن الخمر أم الخبائث و
رأس كل شر، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه فلا يعرف ربه، ولا يترك
معصية إلا ركبها، ولا يترك حرمة إلا انتهكها، ولا رحما ماسة إلا قطعها، و
لا فاحشة إلا أتاها، وإن شرب منها جرعة لعنه الله وملائكته ورسله و
المؤمنون، وإن شربها حتى سكر منها نزع روح الإيمان من جسده، وركبت
فيه روح سخيفة خبيثة ولم تقبل صلاته أربعين يوما ".
(2048) - يحرم على الأحوط الجلوس على مائدة يشرب عليها شئ من الخمر
إذا عد الجالس منهم. كما يجب اجتناب تناول شئ من المائدة أيضا.
آداب أكل الطعام
(2049) - الآداب في أكل الطعام أمور:
1 - غسل اليدين معا قبل الطعام.
2 - غسل اليدين بعد الطعام، والتنشف بعده بالمنديل.
3 - يبدأ صاحب الطعام قبل الجميع، ويمتنع بعد الجميع وأن يبدأ الغسل قبل
الطعام بصاحب الطعام ثم بمن على يمينه إلى أن يتم الدور على من في يساره، وأن
501

يبدأ في الغسل بعد الطعام بمن على يسار صاحب الطعام إلى أن يتم الدور على
صاحب الطعام.
4 - التسمية عند الشروع في الطعام، ولو كانت على المائدة ألوان من الطعام
استحبت التسمية على كل لون بانفراده.
5 - الأكل باليمين.
6 - أن يأكل بثلاث أصابع أو أكثر، ولا يأكل بأصبعين.
7 - الأكل مما يليه إذا كانت على المائدة جماعة، ولا يتناول من قدام
الآخرين.
8 - أن يطيل الأكل والجلوس على المائدة.
9 - أن يحمد الله بعد الطعام.
10 - أن يلتقط ما يتساقط خارج السفرة من أكله إلا في البراري و
الصحاري، فإنه يستحب فيها أن يدع المتساقط عن السفرة للحيوانات والطيور.
11 - الاستلقاء بعد الأكل على القفا، وجعل الرجل اليمنى على اليسرى.
12 - الافتتاح والاختتام بالملح.
13 - أن يجعل ثلثا من معدته للطعام وثلثا للماء وثلثا للتنفس بسهولة و
راحة.
(2050) - يكره تناول الطعام حال السير كما يكره التملي منه والشبع.
502

أحكام النذر
والعهد واليمين
النذر وحكمه
النذر هو: " الالتزام بفعل شئ أو تركه لله ".
(2051) - يعتبر في النذر قصد القربة لله فلا يصح النذر لغير الله وعليه فيكفي
على الأظهر أن يقول الناذر مثلا: " لله علي أن آتي بنافلة الليل، أو أدع التعرض
للمؤمنين بسوء " ومن لم يعرف العربية جاز له أن يؤدي هذا المعنى بأي لغة أخرى
غيرها.
(2052) - يعتبر في الناذر البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد، فيلغو نذر
الصبي وإن كان مميزا، وكذلك نذر الغافل والساهي والمجنون ولو كان أدواريا
حال جنونه، ومن اشتد به الغضب إلى أن سلبه القصد، كما لا يصح نذر السفيه و
المفلس إذا تعلق بالأمور المالية. ويعتبر في صحة النذر الإسلام أيضا، فلا يصح نذر
الكافر.
(2053) - يعتبر في متعلق النذر من الفعل أو الترك أن يكون مقدورا للناذر،
فلا يصح منه أن ينذر الحج ماشيا مع عدم قدرته على ذلك، وكذلك يعتبر فيه إذا
503

كان فعلا أن يكون على الأقرب واجبا أو مستحبا وإذا كان تركا يجب أن يكون
محرما أو مكروها.
(2054) - إذا نذر صوم يوم معين، فإن صادف في ذلك اليوم أحد مسوغات
الإفطار كمرض أو حيض أو نفاس أو اتفق أحد العيدين فيه أفطر وقضاه، أما إذا
أفطر فيه - دون مسوغ - عمدا، فعليه القضاء والكفارة كما في كل مورد يخالف فيه
مقتضى النذر باختياره حيث يجب التكفير بذلك، وكفارة حنث النذر هي نفس
كفارة حنث اليمين على الأظهر وإن كان الأحوط ندبا عتق رقبة أو إطعام ستين
مسكينا أو صوم شهرين متتابعين.
(2055) - إذا نذر المكلف التصدق بمقدار معين من ماله ومات قبل الوفاء به،
وجب التصدق بذلك المقدار من ماله.
(2056) - إذا نذر الصدقة على فقير لم يجزه التصدق بها على غيره، وإذا مات
الفقير المعين قبل الوفاء بالنذر فعليه إعطاؤها لوارثه.
(2057) - الأحوط انعقاد نذر الزوجة وضعا بدون إذن الزوج.
(2058) - المال المنذور لمشهد من المشاهد المشرفة يصرف في مصالحه، فينفق
منه على عمارته أو إنارته، أو لشراء فراش له وما إلى ذلك من شؤون المشهد.
(2059) - المال المنذور لشخص الإمام (عليه السلام) إذا قصد به مصرفا معينا وجب
صرفه فيه، أما إذا لم يقصد الناذر مصرفا معينا فإنه يصرف على جهة راجعة إلى
المنذور له، كأن ينفق على زواره الفقراء، أو على حرمه الشريف أو بناء مسجد ونحو
ذلك، ويهدى ثوابه لذلك الإمام، وكذا لو نذر لأحد أبناء الأئمة (عليهم السلام).
(2060) - الشاة المنذورة صدقة أو لأحد الأئمة (عليهم السلام) أو لمشهد من المشاهد إذا
نمت نموا متصلا كالسمن أو منفصلا كأن يولد منها شاة أخرى، كان النماء تابعا لها في
504

(2061) - إذا نذر المكلف صوم يوم مثلا إذا برئ مريضه أو قدم مسافره،
فعلم ببرء المريض وقدوم المسافر قبل نذره لم يكن عليه شئ.
العهد وحكمه
العهد هو معاهدة الانسان ربه تعالى على أن يفعل فعلا أو يتركه.
(2062) - إذا عاهد المكلف ربه تعالى أن يفعل فعلا راجحا بصورة منجزة، أو
فيما إذا قضى الله له حاجته المشروعة وأبرز تعهده هذا بصيغة كأن يقول: " عاهدت
الله، أو علي عهد الله أن أقوم بهذا الفعل، أو أقوم به إذا برئ مريضي "، وجب عليه
أن يقوم بذلك العمل وفقا لتعهده، فإن كان تعهده بدون شرط وجب عليه العمل
على أية حال، وإن شرط في تعهده قضاء حاجته - مثلا - وجب العمل إذا قضيت
حاجته، وإن خالف تعهده كانت عليه الكفارة، وهي مثل كفارة الإفطار العمدي
في شهر رمضان على الأحوط أي عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينا، أو صوم
شهرين متتابعين.
(2063) - جميع الشروط المعتبرة في صحة النذر من ناحية الناذر ومتعلق النذر
معتبرة في صحة العهد أيضا.
505

اليمين وحكمها
(2064) - يجب الوفاء باليمين، كالنذر والعهد، وإذا خالفها المكلف - عامدا -
وجبت عليه كفارة، وهي: " عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم ".
وفي حال العجز عن هذه الأمور يجب صيام ثلاثة أيام متواليات. أما لو خالفها
اضطرارا أو نسيانا فلا كفارة في ذلك.
(2065) - يعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحالف بالغا عاقلا مختارا قاصدا،
فلا أثر ليمين الصغير أو المجنون، ولو أدواريا إذا حلف حال جنونه، ولا ليمين المكره
والسكران ومن اشتد به الغضب حتى سلبه قصده واختياره.
(2066) - يعتبر في اليمين اللفظ، أو ما هو بمثابته كالإشارة بالنسبة إلى
الأخرس، فلا تكفي الكتابة، كما يعتبر أن يكون القسم بالله تعالى، وذلك يحصل
بأحد أمور:
1 - ذكر اسمه المختص به كلفظ الجلالة وما يلحق به، كلفظ الرحمن.
2 - ذكره بأوصافه وأفعاله المختصة التي لا يشاركه فيها غيره، كمقلب القلوب
والأبصار، والذي نفسي بيده، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة.
3 - ذكره بالأوصاف والأفعال التي يغلب إطلاقها عليه بنحو ينصرف إليه
تعالى وإن شاركه فيها غيره، كالرب، والخالق، والبارئ، والرازق، وأمثال
ذلك.
(2067) - يعتبر في متعلق اليمين أن يكون مقدورا في ظرف الوفاء بها فلو كان
مقدورا حين اليمين، ثم عجز عنه المكلف أو صار فيه مشقة عليه، انحل اليمين، و
506

يعتبر في اليمين أيضا أن يكون متعلقها راجحا شرعا كفعل الواجب والمستحب و
ترك الحرام والمكروه، فلا تنعقد على ترك أمر راجح ولو كان رجحانه دنيويا، و
انعقادها فيما إذا كان متعلقها المتساوي الطرفين مبني على الاحتياط.
(2068) - لا تنعقد يمين الولد إذا منعه أبوه، ويمين الزوجة إذا منعها زوجها، بل
إذا أقسما دون إذنهما لم تنعقد يمينهما أيضا.
(2069) - من حلف من دون تصميم وعزم على إتيان فعل أو تركه وذلك كما
يتفق في الكلام عادة أن يقول البعض: " والله لقد حصل كذا أو لم يكن الأمر كذا "،
فهذا النوع من الحلف لا يوجب الكفارة، لكنه لو كان صادقا فهو مكروه وإن كان
كاذبا فهو محرم وفاعله مأثوم.
(2070) - يحرم الحلف لأجل تضييع حق مسلم ويجوز الحلف ولو كذبا لدفع
الظلم عن النفس أو عن سائر المسلمين بل أحيانا يكون واجبا.
507

أحكام الوقف
الوقف: عقد ثمرته تحبيس أصل المال وإطلاق منفعته لتصرف في موارد معينة.
(2071) - إذا تم الوقف بشرائطه الشرعية خرج المال الموقوف عن ملك
لواقف وأصبح مالا لا يوهب، ولا يورث، ولا يباع، إلا في موارد معينة يجوز فيها
البيع كما تقدم فيما سلف.
(2072) - لو عين ملكا بقصد أن يجعله وقفا ثم انصرف عن ذلك أو مات قبل
التلفظ بالصيغة لم يكن وقفا.
(2073) - يعتبر في الواقف، البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد، وعدم
الحجر لسفه أو تفليس، فلا يصح وقف الصبي والمجنون والمكره، والمحجور عليه.
(2074) - لو وقف دكانا مثلا على نفسه بأن تصرف منافعه بعد موته على
مقبرته مثلا لم يصح، أما إذا وقف مالا على الفقراء، ثم أصبح فقيرا جاز له الانتفاع
بمنافعه كغيره.
(2075) - لا يصح الوقف من دون قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو وليه،
ويكفي قبض نفس الواقف إذا وقف مالا على أولاده الصغار بقصد أن يكون ملكا
509

لهم كي ينتفعوا بمنافعه لأنه الولي عليهم.
(2076) - يجوز للواقف على الأظهر أن يشترط بقاء الانتفاع من الوقف لنفسه
أو لمتعلقيه لمدة معينة أو طيلة حياته.
(2077) - لا تعتبر العربية في صيغة الوقف، كما لا يعتبر القبول في الوقف على
الجهات العامة، كالمساجد والمدارس والمقابر والقناطر ونحوها، أما في الوقف
الخاص فاعتبار القبول موافق للاحتياط.
(2078) - يتحقق وقفية المسجد بمجرد أن يصلي فيه شخص واحد بعد أن يأذن
الواقف بذلك قاصدا به التخلي عن المكان وتسليمه وقفا.
(2079) - لا يصح الوقف على الحمل قبل أن يولد. نعم إذا لوحظ الحمل بل
المعدوم تابعا لمن هو موجود بالفعل بأن يجعل شريكا له عند ولادته صح الوقف
عندئذ.
(2080) - إذا وقف الإنسان مالا فإما أن ينصب متوليا على الوقف، وإما أن
لا يجعل التولية لأحد فإن نصب للتولية أحدا، تعين ووجب على المنصوب العمل بما
قرره الواقف من الشروط، وإن لم ينصب أحدا فالمال الموقوف إن كان موقوفا على
أفراد معينة على نحو التمليك كأولاد الواقف مثلا كان التصرف في الوقف في الأمور
المتعلقة بمصلحة الوقف مما له دخل في انتفاع الطبقات الآتية منه بيد الحاكم الشرعي
أما ما يتعلق بانتفاع الطبقة الموجودة فيجوز للموجودين التصرف في العين الموقوفة
طبقا للوقف من دون أخذ إجازة من أحد، فيما إذا كانوا بالغين عاقلين، وإذا
لم يكونوا بالغين أو عاقلين كان زمام الوقف بيد وليهم يتصرف فيه وفقا لمقتضيات
الوقف. وإن كان المال موقوفا على جهة عامة أو خاصة، أو عنوان كذلك كالأموال
الموقوفة على الفقراء أو الخيرات فالمتولي له في حال عدم نصب الواقف أحدا للتولية
510

الحاكم الشرعي، أو المنصوب من قبله.
(2081) - المال الموقوف على أشخاص كالأولاد طبقة بعد طبقة، إذا آجره
المتولي مدة من الزمان، ملاحظا بذلك مصلحة الوقف أو مصلحة الطبقة اللاحقة ثم
مات أثناءها لم تبطل الإجارة بل تبقى نافذة إلى أن ينتهي أمدها، وأما إذا لم يكن
للوقف متول وآجرت الطبقة الأولى الوقف بنفسها مدة وانقرضت الطبقة - أثناء
تلك المدة - بطلت الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة ما لم تجز الطبقة اللاحقة، وفي
صورة أخذ الطبقة الأولى للأجرة - كلها - يكون للمستأجر استرجاع مقدار إجارة
المدة الباقية منها من أموال الطبقة الأولى.
(2082) - إذا ظهرت خيانة المتولي للوقف، وعدم صرفه منافع الوقف في
الموارد المقررة من الواقف، فإن كان الوقف لجهة عامة فعلى الحاكم عزله ونصب
شخص آخر أمين، متوليا له.
(2083) - إذا كان الفراش وقفا على حسينية - مثلا - لم يجز نقله إلى المسجد
للصلاة عليه وإن كان المسجد قريبا منها.
511

أحكام الوصية
الوصية هي: " أن يوصي الإنسان بشئ من تركته أو بالمحافظة على أولاده
الصغار، أو بأداء أعمال خاصة. كتجهيزه وقضاء فوائته، ووفاء ديونه و
غير ذلك ". والوصي هو: الشخص المعين لتنجيز وصايا الميت وتنفيذها، فمن عينه
الموصي لذلك تعين وسمي وصيا.
(2084) - يجوز لمن بقي حيا من الأب أو الجد للأب بمقتضى ولايته على
الأطفال الايصاء بولاية الأطفال وتدبير أمورهم إلى شخص آخر كما يجوز له أن
يوصي أيضا بأن يختار الموصى إليه شخصا ثالثا يليه في ولايتهم بعد وفاته. أما الأم
فليس لها هذا الحق بل قيم الأطفال هو وليهم الشرعي.
(2085) - لا يجوز الايصاء بصرف مال في المعصية فالوصية المشتملة على
معاونة الظالم في ظلم والفاسق في فسقه باطلة بشرط أن يكون مقصود الموصي
منحصرا في هذا المصرف الخاص والأصح أصل الوصية لكن صرف المال في
مصارف الخير وكذا لو كان مورد الوصية مشتركا بين الحلال والحرام فإنه يحمل
على الحلال ما لم نعلم أنه قصد الحرام في وصيته حيث تبطل الوصية في هذه الصورة.
ولو أوصى بأمر يكون الانتفاع به غالبا في الحرام لكن علمنا أنه إنما قصد به المنفعة
513

المحللة وكان هناك اطمئنان بصرفه في الحلال ولم يكن فيه إعانة على المعصية عرفا
فالوصية صحيحة.
(2086) - يشترط في المال الموصى به أن يكون قابلا للتملك فالوصية بالخمر
أو الكلب أو الخنزير وأمثالها باطلة إلا أن يكون المقصود منها الجهة المحللة كالوصية
بالخمر ليصنع خلا.
(2087) - تصح الوصية بالسكنى في بيت موقتا أو دائما، وكذا تصح بأثمار
الأشجار حيث تشمل عندئذ الثمار الموجودة حال الوصية أيضا إلا أن تقوم قرينة
على خروجها عن مورد الوصية.
(2088) - يعتبر في الموصي: البلوغ، والعقل، والاختيار، فلا تصح وصية
المجنون والمكره، وكذلك الصبي إلا إذا بلغ عشر سنين وكان مميزا وكانت وصيته
كوصية العقلاء البالغين فتصح منه عندئذ على الأظهر.
(2089) - لا تصح وصية السفيه إلا إذا كانت عقلائية ولم تكن تتعلق بأمور مالية
كأن يوصي بمال لأحد، وأما المفلس فتصح وصيته فيما لو لم تزاحم حقوق الديان.
(2090) - من أحدث في نفسه جرحا متعمدا وكذا على الأظهر من تناول سما
يتيقن أو يظن بموته بسببه، لو أوصى بصرف مبلغ من المال في مجال معين لم تصح
وصيته. ولو لم يمت بعد أن أوصى ففي نفوذ هذه الوصية تأمل والأحوط تجديدها
فلو لم يجددها وجب الاحتياط المناسب في طريقة تنفيذ وصيته.
(2091) - لا يعتبر في صحة الوصية اللفظ على الأظهر، بل تكفي الإشارة
المفهمة للمراد من الموصي، وإن كان قادرا على النطق، كما تكفي الكتابة في ذلك
أيضا على الأظهر.
(2092) - إذا أوصى الإنسان لشخص بمال فيشترط في تملك الموصى له المال
514

قبوله الوصية على الأحوط وإن كان القبول في حياة الموصي، ولو قبل في حياته ثم
رد بعد وفاته لم ينفع رده وكان المال له.
(2093) - لو جعل شخصا وصيا وآخر ناظرا كان تصرف الوصي مشروطا
بموافقة الناظر على الأظهر ولا يجوز للناظر الاستقلال بالتصرف أيضا. ولو مات
الناظر أو امتنع عن التدخل كان تصرف الوصي منوطا بنظر الحاكم على الأحوط
فلو مات الوصي تولى الحاكم الأمر.
(2094) - يجب أن يكون الوصي عاقلا بالغا مطمئنا به فلو ظهرت منه خيانة
بطلت وصايته وسلب منه حق التصرف. ويجوز أن يكون الوصي امرأة أو أعمى
وارثا للموصي أو غير وارث، ويجب أن يكون الوصي للمسلم مسلما.
(2095) - يجوز للموصي أن يوصي إلى اثنين أو أكثر وفي حالة تعدد الأوصياء
إن نص الموصي على أن لكل منهم صلاحية التصرف بصورة مستقلة عن الآخر، أو
على عدم السماح لهم بالتصرف إلا مجتمعين أخذ بنصه، وإن لم يكن للموصي نص
فيجوز على الأظهر لكل منهم الاستقلال بالتصرف، وإذا تشاح الأوصياء في
صورة شرط الموصي اجتماعهم - ولم يجتمعوا في تشخيص المصلحة - ففيما لو أدى
التأخير والتمهل إلى تعطيل العمل بالوصية أجبرهم الحاكم على الاجتماع على رأي
من له تشخيص المصلحة فإن لم يفعلوا عين آخرين بدلا عنهم وإن لم يطع البعض
دون الكل عزله وعين آخر مكانه وحده دون من أطاع.
(2096) - إذا أوصى أحد بثلث ماله لزيد ثم رجع عن وصيته بطلت الوصية
من أصلها، وإذا غير وصيته كما إذا جعل رجلا خاصا قيما على الصغار ثم جعل
مكانه شخصا آخرا بطلت الوصية الأولى ولزمت الوصية الثانية.
(2097) - إذا أتى الموصي بما يعلم به رجوعه عن وصيته كما إذا أوصى بداره
515

لزيد ثم باعها، أو وكل غيره في بيعها بطلت الوصية.
(2098) - لو أوصى بشئ معين لشخص ثم أوصى بنصفه لشخص آخر قسم
المال بينهما بالسوية.
(2099) - إذا وهب المالك في مرض الموت بعض أمواله وأوصى ببعضها ثم مات
نفذت الهبة من دون حاجة إلى إجازة الوارث ويخرج ما أوصى به من ثلثه من الباقي.
(2100) - إذا أوصى ببيع ثلثه وصرف منافعه في مصارف معينة كالخيرات
وجب العمل على طبق وصيته.
(2101) - إذا اعترف في مرض الموت بدين عليه، ولم يتهم في اعترافه بقصد
الاضرار بالورثة ولم ينكره أحد جاز اعترافه وخرج المقدار المعترف به من أصل
ماله، ومع الاتهام يخرج من الثلث.
(2102) - إذا أوصى المالك بإعطاء شئ من ماله إلى أحد بعد موته اعتبر
وجود الموصى له حال الوصية، فلو أوصى بشئ إلى طفل امرأة يمكن أن تحمل به
فيما بعد بطلت الوصية أما لو أوصى إلى الجنين الموجود فعلا في بطن أمه فالوصية
صحيحة حتى لو لم تكن قد ولجته الروح بعد. ثم إن ولد الجنين حيا ملك الموصى به و
إلا رجع المال إلى ورثة الموصي.
(2103) - إذا أوصى الميت لجماعة موصوفة بعنوان خاص كالفقراء مثلا، اعتبر
في صحة الوصية تحقق صفة الفقر عند موت الموصي أيضا ولم يكف تحققها حين
الوصية فقط.
(2104) - لا يجب على الموصى إليه قبول الوصاية وله أن يردها في حياة
الموصي بشرط أن يبلغه الرد، فلو لم يرد الوصية في حياته سواء كان عالما بها أم لا
أو ردها لكن كان الرد بعد موت الموصي أو قبل موته ولكن الرد لم يبلغه حتى مات،
516

كانت الوصاية لازمة. نعم إذا كان العمل بالوصية حرجيا على الموصى إليه جاز له
ردها.
(2105) - إذا أوصى إلى اثنين مجتمعين ومات أحدهما، أو طرأ عليه جنون، أو
غيره مما يوجب ارتفاع وصايته أقام الحاكم الشرعي شخصا آخر مكانه، وإذا ماتا
معا نصب الحاكم اثنين ويكفي نصب شخص واحد أيضا إذا كان كافيا بالقيام
بشؤون الوصية.
(2106) - إذا عجز الوصي عن إنجاز الوصية ضم إليه الحاكم من يساعده فيه.
(2107) - الوصي أمين، فلا يضمن ما يتلف في يده إلا مع التعدي أو التفريط
مثلا: إذا أوصى الميت بصرف ثلثه على فقراء بلده، فنقله الموصى إليه إلى بلد آخر،
وتلف المال في الطريق فإنه يضمن لتفريطه بمخالفة الوصية.
(2108) - لا بأس بالايصاء على الترتيب، بأن يوصي إلى زيد، فإن مات فإلى
عمرو، إلا أن وصاية عمرو تتوقف على موت زيد.
(2109) - الحج الواجب على الميت، والحقوق المالية مثل الخمس والزكاة و
المظالم تخرج من أصل المال، سواء أوصى بها الميت أم لا.
(2110) - إذا زاد شئ من مال الميت - بعد أداء الحج والحقوق المالية - فإن كان
قد أوصى بإخراج الثلث، أو أقل منه فلا بد من العمل بوصيته، وإلا كان تمام الزائد
للورثة.
(2111) - لا تنفذ الوصية فيما يزيد على ثلث الميت، فإن أوصى بنصف ماله
- مثلا - توقف نفوذها في الزائد على الثلث على إجازة الورثة لفظا أو عملا ولا يكفي
مجرد رضاهم، فإن أجازوا - ولو بعد موت الموصي بمدة - صحت الوصية وإلا
بطلت في المقدار الزائد.
517

(2112) - إذا أوصى بنصف ماله مثلا، وأجاز الورثة ذلك قبل موت الموصي،
نفذت الوصية، ولم يكن لهم ردها بعد موته على الأظهر.
(2113) - المقصود من الثلث الذي تنفذ فيه الوصية ثلث المال حين وفاة
الموصي فلو نقصت أمواله حين وفاته عنها زمان الوصية كانت وصيته نافذة في ثلث
ما تبقى من الأموال.
(2114) - إذا أوصى الميت بالثلث دون أن يعين له مصرفا محددا وجب صرفه
في أمور البر والخير.
(2115) - لو أوصى الميت بمال لجماعة معينة كطلاب مدرسة محددة وجب
تقسيمه بينهم بالسوية. أما لو كانت وصيته لجماعة غير معينة كأن يوصي لعنوان
طلاب العلم أجزأ صرفه في بعضهم ولو كان أقل من ثلاثة أشخاص.
(
(2116) - إذا أوصى بمال لشخص ولم يحدد له طريق صرفه وقبل الموصى له
صار مالكا لذلك المال. أما لو عين له طريق صرفه فيجب عليه الالتزام به ويضمن
لو خالف ذلك.
(2117) - إذا أوصى بأداء الخمس والزكاة وغيرهما من الديون، وباستئجار
من يقضي فوائته من الصلاة والصيام وبالصرف في الأمور المستحبة كإطعام
المساكين - كل ذلك من ثلث ماله - فإن كفى ثلث ماله لتنفيذ كل ذلك عمل بالوصية،
أما إن نقص عنها فالواجب أداء الواجبات المالية أولا كالخمس والزكاة والديون و
الحج الواجب، فإن بقي شئ صرف في أجرة الصوم والصلاة، فإن زاد صرف
الزائد في المصارف المستحبة إلا أن يعلم أنه لم يكن مراد الميت أن يخرج كل ذلك من
الثلث فعندئذ تخرج الواجبات المالية من أصل التركة والباقي من الثلث ولو كان
مراد الميت مبهما فالأحوط استجازة الورثة في صرف ما زاد على الثلث.
518

(2118) - لو أوصى بأداء ديونه وبالاستئجار للصوم والصلاة، وبالإتيان
بالأمور المستحبة، فإن لم يوص بأداء الأمور المذكورة من ثلث ماله وجب أداء
ديونه من أصل المال، فإن بقي منه شئ يصرف ثلثه في الاستئجار للصلاة والصوم
والإتيان بالأمور المستحبة إذا وفى الثلث بذلك، وإلا فإن أجازت الورثة الوصية
في المقدار الزائد وجب العمل بها، وإن لم تجزها الورثة وجب الاستئجار للصلاة و
الصوم من الثلث، فإن بقي منه شئ يصرف الباقي في الأمور المستحبة.
(2119) - تثبت دعوى مدعي الوصاية له بمال بشهادة رجلين عدلين، و
بشاهد ويمين، وبشهادة رجل وامرأتين، وبشهادة أربع نسوة، ويثبت ربع
الوصية بشهادة امرأة واحدة، ونصفها باثنتين، وثلاثة أرباعها بثلاث، وتمامها
بأربع مع عدالة الشهود في جميع ما ذكر. كما تثبت الدعوى الآنفة الذكر بشهادة
رجلين ذميين عدلين في دينهما عند الضرورة وعدم تيسر عدول المسلمين عند
الإيصاء، وأما دعوى القيمومة على الصغار من قبل أبيهم، أو الوصاية على صرف
مال الميت فتثبت بشهادة عدلين من الرجال، أما قبول شهادة النساء منفردات، أو
منضمات إلى الرجال فيها فمحل تأمل وكذا شهادة العدل الواحد مع يمين المدعي.
(2120) - إذا لم يرد الموصى له الوصية، ومات في حياة الموصي، أو بعد موته
قامت ورثته مقامه، فإذا قبلوا الوصية ملكوا المال الموصى به، إذا لم يرجع الموصي
عن وصيته وإلا لم يستحقوا شيئا. ولو مات الموصى له بعد قبول الوصية
كان الموصى به لورثته بدون حاجة إلى تجديد القبول منهم إلا أن يرجع الموصي عن وصيته.
(2121) - يستحب أن يوصي الإنسان لأقاربه وإن كانوا ممن يرثه لو مات و
يكره ترك الإيصاء بشئ للأقارب الذين لا يرثونه.
519

أحكام الإرث
(2122) - الأرحام في الإرث ثلاث طبقات، فلا يرث أحد الأقرباء في طبقة إلا
إذا لم يوجد للميت أقرباء من الطبقة السابقة عليها وترتيب الطبقات كما يلي:
الطبقة الأولى: الأبوان والأولاد مهما نزلوا، فالولد وولد الولد كلاهما من
الطبقة الأولى، غير أن الولد يمنع الحفيد والسبط عن الإرث عند اجتماعهما مع الولد.
إلا أن يكون الولد ممنوعا من الإرث شرعا فعندئذ يصل الدور إليهم.
الطبقة الثانية: الأجداد والجدات مهما تصاعدوا، للأب كانوا أو للأم، و
الإخوة والأخوات، أو أولادهم مع عدم وجودهم وإذا تعدد أولاد الأخ منع
الأقرب منهم الأبعد عن الميراث، فابن الأخ مقدم في الميراث على حفيد الأخ و
هكذا، كما أن الجد يتقدم على أب الجد.
الطبقة الثالثة: الأعمام والأخوال والعمات والخالات، وإذا لم يوجد أحد
منهم قام أبناؤهم مقامهم، ولوحظ فيهم الأقرب فالأقرب. فلا يرث الأبناء مع
وجود العم أو الخال أو العمة أو الخالة إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون للميت
عم أبوي يشترك مع أب الميت في الأب فقط، وله ابن عم من الأبوين يشارك أب
الميت في الوالدين معا، فإن ابن العم - في هذه الحالة - يقدم على العم.
521

وإذا كان للميت أولاد عمومة أو خؤولة من طرف الأب والأم وعمومة أو
خؤولة من طرف الأب أو الأم فالأحوط أن تتصالح الطبقتان حول الميراث.
(2123) - إذا لم يوجد للميت أقرباء من هذه الطبقات ورثته عمومة أبيه وأمه،
وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما، وأبناء هؤلاء مع عدم وجودهم، وإذا لم يوجد
للميت أقرباء من هذا القبيل ورثته عمومة جده وجدته وأخوالهما وعماتهما و
خالاتهما، وبعدهم أولادهم مهما تسلسلوا، والأقرب منهم يقدم على الأبعد.
(2124) - وهناك بإزاء هذه الطبقات الزوج والزوجة، فإنهما يرث أحدهما
من الآخر بصورة مستقلة عن هذا الترتيب (على تفصيل يأتي).
إرث الطبقة الأولى
(2125) - إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الأولى إلا أبناؤه ورثوا المال كله،
فإن كان له ولد واحد - ذكرا كان أو أنثى - كان له كل المال، وإذا تعدد أولاده و
كانوا جميعا ذكورا أو إناثا تقاسموا المال بينهم بالسوية، وإذا مات عن أولاد ذكور و
إناث كان للولد ضعف البنت، فمن مات عن ولد وبنت واحدة قسم ماله ثلاثة أسهم
وأعطي للولد سهمان، وللبنت سهم واحد.
(2126) - إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الأولى غير أبويه فإن كان أحدهما
حيا فقط أخذ المال كله، وإن كانا معا حيين أخذ الأب ثلثي المال، وأخذت الأم
الثلث مع عدم الحاجب، ومع وجود الحاجب من الأقرباء ينقص سهم الأم من
الثلث إلى السدس ويعطي الباقي للأب، كما إذا كان للميت إخوة، فإنهم وإن لم يرثوا
شيئا، إلا أنهم يحجبون الأم عن الثلث فينخفض سهمها من الثلث إلى السدس إذا
522

توفرت فيهم شرائط معينة، وهي ستة:
1 - وجود الأب.
2 - أن لا يقل الإخوة عن رجلين، أو أربع نساء أو رجل وامرأتين.
3 - أن يكونوا إخوة الميت لأبيه وأمه، أو للأب خاصة.
4 - الإسلام.
5 - الحرية، فيما لو كانت الأم حرة ومسلمة.
6 - أن يكونوا متولدين حين موت الميت.
(2127) - لو اجتمع الأبوان مع الأولاد فلذلك صور، منها: أن يجتمع الأبوان
مع بنت واحدة ولا تكون للميت إخوة يحجبون الأم - كما سبق - فيقسم المال خمسة
أسهم، فلكل من الأبوين سهم واحد، وللبنت ثلاثة أسهم.
ومنها: أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة وللميت إخوة فهم يحجبون الأم
فيقسم المال أسداسا، وتعطى ثلاثة أسهم كاملة منها للبنت، كما تعطي أيضا ثلاثة
أرباع سدس آخر، وتنخفض حصة الأم إلى السدس، فتكون حصة الأب السدس
وربع السدس، فبالنتيجة يقسم المال أربعا وعشرين حصة: تعطى أربع منها للأم،
وخمس منها للأب، والباقي - وهو خمس عشرة حصة - للبنت ولكن في ذلك تأمل.
ومنها: أن يجتمع الأبوان مع ولد واحد، فيقسم المال إلى ستة أسهم، يعطى
كل من الأبوين سهما، ويعطى الولد سهاما أربعة، وكذلك الحال إذا تعدد الأولاد
مع وجود الأبوين، فإن لكل من الأب والأم السدس، وتعطى السهام الأربعة
للأولاد، يتقاسمونها بينهم بالسوية إن كانوا ذكورا جميعا أو إناثا وإلا قسمت بينهم
على قاعدة أن للولد ضعف ما للبنت.
(2128) - إذا اجتمع أحد الأبوين مع الأولاد فله صور أيضا:
523

منها: أن يكون أحد الأبوين حيا - وللميت بنت واحدة - فيعطي ربع المال
للأب أو الأم، ويعطي الباقي كله للبنت.
ومنها: أن يجتمع أحد الأبوين مع ولد واحد، أو أولاد ذكور للميت، وفي
هذه الحالة يعطي أحد الأبوين سدس المال والباقي للولد، ومع التعدد يقسم بينهم
بالسوية.
ومنها: أن يجتمع أحد الأبوين مع بنات للميت، فيأخذ الأب أو الأم خمس
المال، ويكون الباقي للبنات، يقسم بينهن بالسوية.
ومنها: أن يجتمع أحد الأبوين مع ولد وبنت معا، فيعطي سدس المال للأب
أو الأم، ويقسم الباقي بين أولاده (للذكر مثل حظ الأنثيين).
(2129) - إذا لم يكن للميت ابن أو بنت بلا واسطة كان الإرث لأولادهما فيرث
حفيده حصة أبيه، وإن كان أنثى، ويرث سبطه حصة أمه، وإن كان ذكرا (ومع
التعدد في كلا الفرضين للذكر مثل حظ الأنثيين)، فلو مات شخص عن بنت ابن و
ابن بنت، أخذت البنت سهمين وأخذ الابن سهما واحدا.
524

إرث الطبقة الثانية
(2130) - سبق إن الإخوة من الطبقة الثانية ووراثة الأخ لأخيه تتصور على
أنحاء:
1 - أن يكون وارث الميت أخا واحدا، أو أختا واحدة، فللأخ أو الأخت
- في هذه الحالة - المال كله، سواء كانت الأخوة باعتبار الأب أو الأم، أو باعتبارهما
معا.
2 - أن يرثه إخوة متعددون، كلهم إخوته لأبيه وأمه، أو كلهم إخوته لأبيه
فقط فيقسم المال بينهم بالسوية، إن كانوا جميعا ذكورا أو إناثا، وإلا قسم على
قاعدة أن للذكر ضعف ما للأنثى، فللأخت سهم وللأخ سهمان.
3 - أن يرثه إخوة متعددون، كلهم إخوته لأمه، فيقسم المال بينهم بالسوية،
سواء كانوا ذكورا أو إناثا، أو مختلفين.
4 - أن يجتمع الأخ للأبوين، مع الأخ للأب، دون أخ للأم، فيرث المال كله
الأخ للأبوين، ولا يرث الأخ للأب شيئا ومع تعدد الإخوة للأبوين - في هذه
الحالة - يتقاسمون المال على قاعدة: أن للذكر ضعف ما للأنثى.
5 - أن يجتمع الأخوة للأبوين، أو الأخوة للأب، إذا لم يكن إخوة للأبوين مع
أخ واحد، أو أخت واحدة للأم، فيعطي للأخ أو الأخت للأم سدس واحد، ويقسم
الباقي على سائر الإخوة للذكر ضعف الأنثى.
6 - أن يجتمع الإخوة للأبوين، أو الإخوة للأب إذا لم تكن إخوة للأبوين، مع
إخوة وأخوات للأم، فينقسم الميراث ثلاثة أسهم يعطى سهم منها للإخوة من الأم،
525

يتقاسمونه بالسوية ذكورا وإناثا، والسهمان الآخران للباقين للذكر ضعف الأنثى.
7 - أن يجتمع الإخوة من الأبوين مع إخوة للأب، وأخ واحد أو أخت
واحدة للأم، فيحرم الإخوة للأب من الميراث ويعطي للأخ أو الأخت من الأم
سدس المال، ويقسم الباقي - كله - على إخوته من الأبوين للذكر ضعف الأنثى.
8 - أن يجتمع للميت إخوة من الأبوين، وإخوة للأب وإخوة للأم، فلا يرث
الإخوة للأب (كما في الصورة السابقة) ويعطي للإخوة المتعددين من الأم ثلث
المال، يقسم بينهم بالسوية ذكورا وإناثا، والثلثان الآخران للإخوة من الأبوين
للذكر ضعف الأنثى.
(2131) - إذا مات الزوج عن زوجة وإخوة، ورثته الزوجة (على تفصيل
يأتي) وورثته إخوته (وفقا لما عرفت في المسائل السابقة)، وإذا ماتت الزوجة عن
إخوة وزوج كان للزوج نصف المال والباقي للإخوة طبقا لما سبق، غير أن الإخوة
للأم لا يرد عليهم النقص، وإنما يرد على الإخوة للأب أو للأبوين، فإذا كانت التركة
ستة دراهم، وكان الميت له زوج - مثلا - كان للإخوة من الأم درهمان منها كما لو
لم يوجد زوج لأختهم المتوفاة، ويعطي للزوج ثلاثة دراهم هي نصف التركة، و
يبقى درهم واحد للإخوة من الأب أو الأبوين. وهذا معنى أن الإخوة للأب أو
الأبوين يرد النقص عليهم دون الإخوة من الأم.
(2132) - إذا لم يكن للميت إخوة، قامت ذريتهم مقامهم في أنصبتهم، وكذلك
في طريقة توزيعها بالتساوي أو الاختلاف على المشهور، فذرية الإخوة من الأم
توزع التركة عليهم بالتساوي ذكورا وإناثا، وذرية الإخوة من الأب أو الأبوين
يكون التقسيم بينهم على قاعدة أن للذكر ضعف الأنثى.
(2133) - الأجداد والجدات من الطبقة الثانية كالإخوة (كما سبق) ولإرثهم
526

صور:
1 - أن ينحصر الوارث في جد، أو جدة لأبيه أو لأمه، فالمال كله للجد أو
الجدة، ومع الجد الأقرب أو الجدة، لا يرث الأبعد.
2 - أن يرثه جده وجدته لأبيه، فللجد الثلثان، وللجدة الثلث.
3 - أن يرثه جده وجدته لأمه، فيقسم بينهم المال جميعا بالسوية.
4 - أن يرثه أحد جديه لأبيه، مع أحد جديه لأمه، فللجد أو الجدة من الأم
الثلث، والباقي للجد أو الجدة من الأب.
5 - أن يرثه جداه لأبيه - الجد والجدة - وجداه لأمه، فيعطي للجدين من
الأب ثلثان، للجد منه ضعف ما للجدة، ويعطي للجدين من الأم الثلث يقسم بينهما
بالسوية.
(2134) - إذا مات الرجل وله زوجة وجدان - الجد والجدة - لأبيه وجدان
لأمه، ترث الزوجة نصيبها (على تفصيل سوف يأتي)، ويعطي لجديه من الأم ثلث
مجموع التركة يقسم بين الجد والجدة على السواء، ويعطى الباقي لجده وجدته لأبيه
للذكر منهما ضعف حظ الأنثى.
(2135) - إذا ماتت المرأة عن زوج وجد وجدة أخذ الزوج نصف المال و
الباقي للجد والجدة (وفقا للتفصيلات السابقة).
527

إرث الطبقة الثالثة
(2136) - العم والعمة من الطبقة الثالثة، ولإرثهما صور، منها: أن ينحصر
الوارث في عم واحد، أو عمة واحدة، فالمال كله للعم أو العمة، سواء كانا مشتركين
مع أب الميت في الأب والأم معا (العم أو العمة للأبوين) أو في الأب فقط (العم أو
العمة للأب) أو في الأم فقط (العم والعمة للأم).
ومنها: أن يموت الشخص عن أعمام أو عمات، كلهم أعمام أو عمات للأب، أو
للأم أو للأبوين، فيقسم المال جميعا عليهم بالسوية.
ومنها: أن يموت الشخص عن عم وعمة، كلاهما للأب، أو كلاهما للأبوين،
فللعم ضعف ما للعمة، ولا فرق - في ذلك - بين أن يكون العم أو العمة واحدا، أو
أكثر من واحد، هذا.
ومنها: أن يموت الشخص عن أعمام وعمات للأم، وفي هذه الصورة يقسم
المال بينهم بالسوية، بدون تفرقة بين العم للأم والعمة للأم. لكن الأحوط في هذه
الصورة المصالحة فيما بينهم.
ومنها: أن يموت الشخص عن أعمام وعمات، بعضهم للأبوين وبعضهم
للأب، وبعضهم للأم، فلا يرثه الأعمام والعمات للأب وإنما يرثه الباقون، فإذا كان
للميت عم واحد للأم، أو عمة واحدة كذلك، فالمشهور على أنه يعطى السدس، و
يأخذ الأعمام والعمات للأبوين الباقي يقسم بينهم على قاعدة أن للذكر ضعف حظ
الأنثى، وإذا كان للميت عم للأم، وعمة لها معا أخذا الثلث يقسم بينهما بالسوية.
(2137) - الأخوال والخالات من الطبقة الثالثة كما مر، ولإرثهما صور، منها:
528

أن ينحصر الوارث في خال واحد أو خالة واحدة، فالمال كله للخال أو الخالة سواء
كانا مشتركين مع أب الميت في الأب والأم معا (أي كانا للأبوين) أو في الأب فقط
(خال وخالة للأب) أو في الأم فقط (خال وخالة للأم).
ومنها: أن يكون للميت حين موته أخوال وخالات كلهم أخوال وخالات
للأب أو للأم أو للأبوين، فيقسم المال عليهم بالسوية، والأحوط للأخوال و
الخالات للأم فقط أن يتصالحوا فيما بينهم حول القسمة.
ومنها: إذا اجتمع منهم المتقربون بالأب والمتقربون بالأم والمتقربون
بالأبوين لم يرث المتقربون بالأب - أي الخال المتحد مع أم الميت في الأب فقط - وإنما
يرثه الباقون، فإن كان المتقرب بالأم واحدا أعطي سدسا وكان الباقي للمتقربين
بالأبوين يقسم بينهم بالسوية، وإن كان المتقرب بالأم متعددا أعطي المتقربون
بالأم ثلثا يقسم بينهم بالسوية، والأحوط المصالحة فيما بينهم وللمتقربين بالأبوين
ثلثان يقسم بينهم بالسوية.
(2138) - إذا اجتمع من الأعمام والعمات واحد أو أكثر مع واحد، أو أكثر من
الأخوال، قسم المال ثلاثة أسهم، فسهم واحد للخؤولة، وسهمان للعمومة، و
تقسيم الأسهم فيما بينهم يكون بنفس الطريقة التي تقسم فيها فيما لو كان كل الورثة
خؤولة أو عمومة فقط. وإذا لم تكن للميت أعمام وأخوال قامت ذريتهم مقامهم
(على نحو ما ذكرناه في الإخوة)، غير أن ابن العم للأبوين يتقدم على العم للأب (كما
تقدم).
(2139) - إذا كان ورثة الميت من أعمام أبيه وعماته وأخواله وخالاته، ومن
أعمام أمه وعماتها، وأخوالها وخالاتها، أعطى ثلث المال لهؤلاء المتقربين بالأم و
يقسم بينهم بالسوية وإن كان الأحوط المصالحة فيما بينهم، والباقي يقسم ثلاثة
529

أقسام فيعطى الثلث لأخوال الأب وخالاته يقسم فيهم بالسوية والثلثان لأعمام
الأب وعماته يقسم بينهم للذكر ضعف حظ الأنثى.
إرث الزوج والزوجة
(2140) - للزوج نصف التركة إذا لم يكن للزوجة ولد، وله ربع التركة إذا كان
لها ولد، ولو من غيره وباقي التركة يقسم على سائر الورثة، وللزوجة - إذا مات
زوجها - ربع المال إذا لم يكن للزوج ولد، ولها الثمن إذا كان له ولد، ولو من غيرها.
والباقي يعطى لسائر الورثة، غير أن الزوجة لها حكم خاص في الإرث فإن بعض
الأموال لا ترث منها مطلقا، ولا نصيب لها لا فيها ولا في قيمتها وثمنها، وهي
الأراضي بصورة عامة، كأرض الدار والمزرعة، وما فيها من مجرى القنوات. و
بعض الأموال ترث منها قيمة، بمعنى أنها لها نصيب من قيمته وذلك في الأشجار و
الزرع والأبنية التي في الدور وغيرها، فإن للزوجة سهمها في قيمة تلك الأموال،
بل الأظهر أنها ترث من أعيان هذه الأمور أيضا فيما لو رضي الورثة كما أن الأظهر
عدم الفرق فيما ذكر بين كون المرأة لها أولاد من هذا الزوج أم لا وإن كان الاحتياط
بتوريث المرأة ذات الأولاد من المتوفى من الأراضي حسنا، وأما غير تلك الأموال
من أقسام التركة فترث منه الزوجة، كما يرث سائر الورثة.
(2141) - لا بد للورثة لكي يعطوا الزوجة نصيبها من قيمة البناء والأشجار و
نحوها، مما للزوجة نصيب في قيمته لا في عينه، أن يقوموا أجزاء البناء والشجر لكن
الأحوط استحبابا أن يكون ذلك بملاحظته ثابتا في الأرض بدون أجرة مدى بقائه
ويعطى إرث الزوجة من قيمته المستنبطة على هذا الأساس.
530

(2142) - لو لم يكن للزوجة وارث سوى الزوج كانت التركة كلها له. أما لو
لم يكن للزوج وارث سوى الزوجة فتأخذ الزوجة حصتها - أي الربع - وكانت
البقية للإمام (عليه السلام) على الأقرب.
(2143) - إذ تعددت الزوجات، قسم الربع أو الثمن عليهن، ولو لم يكن
قد دخل بهن أو ببعضهن.
(2144) - الزوجان يتوارثان - فيما إذا انفصلا بالطلاق الرجعي - ما دامت العدة
باقية، فإذا انتهت، أو كان الطلاق بائنا فلا توارث.
(2145) - من تزوج بامرأة حال المرض ثم مات قبل الدخول بها لم ترث منه
شيئا ولم تستحق شيئا من المهر أيضا، أما لو دخل بها أو شفي من مرضه ثم مات
بسبب آخر، فلها الحق بالإرث والمهر كذلك. ولو ماتت الزوجة قبل شفاء زوجها
أو دخوله بها لم يرثها هو كما لم تستحق المهر منه كذلك على الأظهر وإن كان الأحوط
استحبابا المصالحة عليه.
(2146) - إذا طلق الرجل زوجته في حال المرض ومات قبل انقضاء السنة من
حين الطلاق، أي اثنا عشر شهرا هلاليا، ورثت الزوجة حتى لو كان الطلاق بائنا
عند توفر شرطين:
1 - أن لا تتزوج المرأة بغيره إلى موته أثناء السنة.
2 - موت الزوج في ذلك المرض بسببه أو بسبب أمر آخر، فلو برئ من ذلك
المرض ومات بسبب آخر لم ترثه الزوجة.
(2147) - لا توارث بين الزوجين في زواج المتعة، فلا ترث الزوجة الموقتة
زوجها لو مات كما لا يرثها هو كذلك لو ماتت. نعم يثبت التوارث بين الأبوين وبين
أولادهما من المتعة.
531

مسائل متفرقة في الإرث
(2148) - يعطي من تركة الميت للولد الأكبر الذكر، أو للولدين المتساويين في
العمر - مع عدم وجود أخ أكبر منهما - قرآن الميت، وخاتمه، وسيفه ولباسه الذي
لبسه. أو أعده للبسه، لكن يشترط على الأحوط وجوبا أن يكون للميت مال آخر
غير هذه المذكورات، كما يجب على الولد الأكبر الذكر أن يقضي ما فات أباه من
الصلاة والصوم.
(2149) - إذا كان على الميت دين فإن كان مستغرقا للتركة وجب على الولد
الأكبر صرف مختصاته الآنفة الذكر في أداء الدين، وإن لم يكن مستغرقا كان عليه
على الأظهر المساهمة في أدائه من تلك المختصات بالنسبة، فلو كان الدين يساوي
نصف مجموع التركة كان عليه صرف نصف تلك المختصات في هذا السبيل.
(2150) - يعتبر في الوارث أن يكون مسلما إذا كان المورث كذلك، فلا يرث
الكافر من المسلم سواء كان أب الميت أم ابنه، وإن ورث المسلم الكافر، وكذلك
يعتبر فيه أن لا يكون قد قتل مورثه عمدا ظلما بلا فرق بين كونه قد قتله مباشرة أو
بالتسبيب بنحو تصح معه نسبة القتل إليه، وأما إذا قتله خطأ، كما إذا رمى بحجارة
إلى الهواء فوقعت على مورثه ومات بها فيرث منه سواء كان خطأ محضا أو خطأ
شبه عمد، إلا أنه لا يرث من الدية على الأظهر وإن كان الأحوط استحبابا
المصالحة.
(2151) - إسلام الوارث قبل تقسيم التركة كإسلامه قبل موت المورث، وذلك
في صورة تعدد الورثة، فلو أسلم إذن قبل التقسيم كان كباقي الورثة في استحقاق
532

الإرث وعندئذ فإن كان في طبقة مقدمة على طبقة سائر الوراث اختص بالمال
وحده سواء كان الميت كافرا أو مسلما. ولو كان إسلامه بعد تقسيم جزء من التركة
فإنما يرث عندئذ من الجزء الذي لم يقسم دون الذي تم تقسيمه.
(2152) - المحكومون بالإسلام يتوارثون فيما بينهم مهما كانت مذاهبهم سواء
كانوا على الحق أم على الباطل. دون المحكومون بالكفر من فرق الغلاة والخوارج و
النواصب ومنكري الضرورة، وهم لا يرثون المسلم لكن المسلم يرثهم كما يرث
سائر الكفار.
(2153) - المتولد من الزنا لا يرث أبويه الزانيين ولا أقاربهم. نعم يرثه أبناؤه و
زوجته، أو زوجها إن كان امرأة.
(2154) - الحمل يرث إذا انفصل حيا وعليه فما دام حملا يفرض له نصيب
ذكرين على الأحوط وجوبا مع وجود ورثة في طبقته كالأولاد الأخرين أو
الأبوين للميت. نعم يعطى سهم من يرث الميت على أية حال كالسهم الأدنى
للزوجة من البداية وكذا يعطى السهم الأدنى للأبوين لهما، ويقسم باقي التركة على
سائر الورثة، وإن احتمل كون الحمل أكثر من اثنين كأن يحتمل كون المرأة حاملا
بثلاثة عزل لهم حصة ثلاثة ذكور. ثم بعد الولادة إن كانت الحصة المعزولة زائدة عن
حصة المولود وزع الزائد على الورثة الآخرين ويكفي في عزل حصة الحمل وجوده
وانعقاد نطفته عند موت المورث فلا يشترط ولوج الروح فيه، نعم يشترط انفصاله
حيا، فلو ولد كذلك ثم مات بعد ساعة ورث وانتقلت حصته بعد موته إلى ورثته.
(2155) - الغائب المفقود الأثر الذي لا يعلم بقاؤه حيا إن كان له وارث عزل
ماله ثم يبحث عنه ويتحرى عن وضعه لمدة أربع سنوات على الأظهر ويصار إلى
تقسيم ماله بين الورثة بعدها، لكن لو تبين كونه حيا فيما بعد بطلت هذه القسمة و
533

رجع ماله إليه. والأحوط استحبابا ترك تقسيم ماله إلى أن يحصل العلم العادي أو
الاطمئنان بموته.
(2156) - الأقارب المهدوم عليهم مثلا إذا لم يعلم الأسبق موتا فهم يرث
بعضهم بعضا. أما لو علم الأسبق موتا كان الإرث لمن تأخر موته.
534

أحكام الديات
القتل على ثلاثة أقسام:
الأول: القتل العمدي، وهو أن يصدر القتل لشخص ما من القاتل مع قصده
له وتعمده لحصوله.
الثاني: القتل الشبيه بالعمد، وهو أن يقصد القاتل المقتول بشئ غير القتل،
مثل الضرب للتأديب، مع كون آلة الضرب مما لا تقتل عادة، فيتفق حصول القتل
بذلك الضرب.
الثالث: قتل الخطأ، وهو ألا يكون للقاتل قصد إلى المقتول بأي وجه،
لا بإرادة قتله ولا بإرادة إيصال أي ضرر آخر إليه، بل يقصد إلى شئ آخر فيتفق
إصابة المقتول، كمن يقصد بحجر إلى حيوان فيرميه به، فيتفق أن يصيب شخصا
فيقتله.
(2157) - عمد الصبي والمجنون ملحق بالقتل خطأ.
(2158) - لو اعتقد شخص استحقاق آخر للقتل قصاصا أو للكفر فقتله، ثم
تبين بعد ذلك أنه لم يكن مستحقا للقتل، فإن ذلك من موارد القتل الشبيه بالعمد.
(2159) - يتخير ولي المقتول عمدا بين العفو عن الجاني وبين القصاص منه، كما
535

يجوز له أن يصالحه على الدية، ويأتي بيان مقدار الدية فيما بعد. وأما المقتول خطأ
فلا يحق لوليه القصاص من القاتل، وليس له إلا المطالبة بالدية أو العفو.
(2160) - دية القتل العمدي أحد أمور ستة:
1 - مئة من الإبل من مسانها، والمسنة هي الداخلة في السنة السادسة، و
الأفضل الأحوط أن تكون فحولة، وإن كان الأظهر عدم اعتبار هذا الشرط.
2 - مئتا بقرة.
3 - ألف شاة.
4 - مئتا حلة، والحلة عبارة عن ثوبين رداء وإزار، والأحوط أن تكون من
برود اليمن.
5 - ألف دينار، والدينار مثقال شرعي من الذهب يساوي ثلاثة أرباع
المثقال الصيرفي، أي ثماني عشرة حمصة ويجب كونه في الدية من الذهب المسكوك
على الأظهر.
6 - عشرة آلاف درهم، وكل عشرة دراهم كانت تساوي في زمان تشريع
هذا الحكم في القانون الإسلامي دينارا مسكوكا مما تقدم ذكره.
والتخيير بين الأمور الستة بيد الجاني.
(2161) - دية قتل الخطأ والقتل الشبيه بالعمد واحدة، وهي مئة من الإبل،
لكن تختلف أسنان الإبل في إحداهما عن الأخرى. ويرجع في التفصيل إلى الكتب
المبسوطة.
(2162) - هناك بعض الجنايات لا تؤدي إلى القتل، ومع ذلك تكون دياتها
بمقدار دية القتل التي تقدم بيانها، وهذه الجنايات هي:
1 - الجناية على العينين معا الموجبة للعمى ومثله الجناية على الأجفان
536

الأربعة. ولو جنى على عين واحدة كان فيها نصف دية القتل.
2 - في الأذنين إذا قطعا جميعا، وكذا لو كانت الجناية موجبة لحدوث الصمم
فيهما، ولو قطع أذنا واحدة أو أصمها، فنصف الدية. وفي شحمة الأذن ثلث الدية.
3 - إذا استؤصل الأنف أو قطع مارنه.
4 - في استئصال اللسان الصحيح، أي ما لم يكن المجني عليه أخرس.
5 - في قلع الأسنان جميعها. والدية ألف دينار مقسمة على ثمانية وعشرين
سنا. منها اثنا عشر سنا أمامية، وستة عشر سنا خلفية. ففي كل سن أمامي خمسون
دينارا فيكون المجموع فيها ست مأة دينار، وفي كل سن خلفي نصف ذلك، أي
خمسة وعشرون دينارا، فيكون المجموع فيها أربعمئة دينار، فتلك ألف دينار
كاملة.
6 - قطع اليدين من الزند، وفي قطع إحداهما نصف الدية.
7 - قطع الأصابع العشرة، وفي كل واحد منها عشر الدية أي مئة دينار.
8 - في كسر الظهر بنحو لا يصلح، الدية كاملة. وكذا لو أصيب فأحدب.
9 - قطع الثديين فيه الدية كاملة، وفي أحدهما نصف الدية.
10 - قطع القدمين من المفصل فصاعدا، وكذا في قطع أصابعهما جميعا، ودية
كل إصبع عشر الدية الكاملة، كما تقدم في أصابع اليدين.
11 - قطع الخصيتين من الرجل، وكذا في قطع ذكره من الحشفة فصاعدا. و
أما حكم المرأة في هذا الباب فيرجع فيه إلى الكتب المبسوطة.
12 - الجناية على شخص بما يوجب ذهاب عقله.
13 - الجناية الموجبة لذهاب حاسة الشم بالكلية.
14 - إذهاب جميع شعر الرأس أو اللحية إذا كان لا ينبت ثانية، وأما الذي
537

ينبت ثانية، فإن كان شعر اللحية، ففيه ثلث الدية على الأظهر والأحوط، وإن كان
شعر الرأس ففيه الحكومة. والحكومة هي أن يفرض المجني عليه عبدا ويقوم
صحيحا، ثم يقوم معيبا بسبب تلك الجناية، ويؤخذ التفاوت الذي بين القيمتين.
15 - صعر العنق وكسره على وجه لا يقدر على تحريكه إلى الطرف الآخر.
16 - قلع عظمي الفكين إذا لم يكن ذلك مع ذهاب الأسنان (كما في الطفل و
الشيخ حيث لا سن لهما). وإلا وجبت بالإضافة إلى ذلك دية ما يذهب من
الأسنان
17 - قطع النخاع، وإن لم يؤد إلى قتل المجني عليه.
18 - إفضاء المرأة إذا كان المفضي أجنبيا، وأما إذا كان المفضي زوجها، فإن
كان ذلك بالجماع بعد بلوغها تسع سنين، فلا دية عليه.
19 - قطع الأليتين، وفي إحداهما نصف الدية.
20 - قطع الشفتين، وفي إحداهما نصف الدية.
21 - في الجناية الموجبة لذهاب البصر من العينين جميعا الدية كاملة، ومثلها
الجناية المذهبة للصوت كله والموجبة لسلس البول على وجه مستمر. وهناك
موارد أخرى تثبت فيها الدية الكاملة تراجع في الكتب المفصلة.
(2163) - إذا لم يقتص ولي الدم من القاتل عمدا، بل عفى عنه أو صالحه على
الدية، وجب على القاتل - مضافا إلى التوبة من فعله - الكفارة، وكفارة القتل
العمدي كفارة جمع، يعني: " أن يجمع بين عتق رقبة وإطعام ستين مسكينا وصيام
شهرين متتابعين ". وأما قتل الخطأ فكفارته عتق رقبة فإن لم يقدر، صام شهرين
متتابعين فإن لم يقدر على ذلك أيضا، أطعم ستين مسكينا.
(2164) - راكب الدابة إذا فعل ما يوجب هيجانها واضطرابها فجنت على
538

أحد، كان ضامنا للجناية. وكذا لو كان مهيجها شخصا آخر غير الراكب، فجنت
على راكبها أو على ثالث، فالمهيج لها هو الضامن.
(2165) - من فعل ما يوجب إسقاط المرأة الحبلى جنينها كان عليه دية الحمل،
وهي إذا كان الجنين نطفة عشرون دينارا، وإذا كان علقة أربعون دينارا، وإذا كان
مضغة ستون دينارا، وإن اشتمل على عظم فثمانون دينارا، وإذا اكتسى لحما و
لم تلجه الروح، ففيه مئة دينار، وإن كان الأحوط والأفضل في هذه الصورة دفع
الدية كاملة. وإذا ولجته الروح، ففيه الدية الكاملة، وهي ألف دينار للذكر و
خمسمئة للأنثى.
(2166) - إذا كان سقوط الجنين بفعل نفس المرأة الحامل، وجبت عليها ديته
على التفصيل المتقدم في المسألة السابقة، ومستحق الدية حينئذ هم ورثة الطفل، و
ليس للأم الجانية منها شئ.
(2167) - من قتل امرأة حاملا، وجب عليه ديتان للمرأة وحملها جميعا.
(2168) - الشجاج وهو الجرح المختص بالرأس والوجه، وهو على أقسام
لكل منها دية خاصة:
1 - فالخارصة، وهي التي تسلخ الجلد أو تقطعه ولا تخرج الدم، وفيها بعير،
أي جزء من مئة جزء من الدية.
2 - والدامية، وهي التي تصل اللحم وتأخذ منه يسيرا، وفيها بعيران على
الأظهر.
3 - والباضعة، وهي التي تصل اللحم وتأخذ منه كثيرا ولا تبلغ السمحاق،
وفيها ثلاثة أباعر (وسيأتي تفسير السمحاق).
4 - والسمحاق، وهي التي تخرق اللحم وتبلغ إلى الجلد الرقيق الذي يغطي
539

العظم ويفصل بينه وبين اللحم، وهذا الجلد هو السمحاق سميت الجناية باسمه، و
فيها أربع من الإبل.
5 - والموضحة، وهي التي تسلخ السمحاق وتوضح العظم، وفيها خمس من
الإبل.
6 - والهاشمة، وهي التي تبلغ العظم وتهشمه، وفيها عشرة من الإبل.
7 - والمنقلة، وهي التي تنقل العظم من الموضع الذي خلقه الله تعالى فيه إلى
موضع آخر، وفيها خمس عشرة من الإبل.
8 - المأمومة، وهي التي تبلغ أم الدماغ، وفيها ثلث الدية.
(2169) - في لطم الوجه إذا احمر دينار ونصف، وإذا اخضر ثلاثة دنانير، وفي
اسوداده ستة دنانير على الأظهر، وإذا كانت هذه الأمور في سائر البدن غير الوجه،
فديتها نصف ديتها في الوجه.
(2170) - يجب في الجناية على الحيوان المحلل اللحم بجرح أو قطع تفاوت ما بين
قيمته صحيحا وقيمته معيبا.
(2171) - الأحوط في قتل كلب الصيد المملوك لشخص آخر، التصالح بين
الجاني
ومالك الكلب على أربعين دينارا، ويجب في كلب الدار وكلب الماشية دفع
عشرين درهما أو شاة لصاحب الكلب على الأحوط. وأما كلب الحائط، ففيه
عشرون درهما أو قيمته.
540

أحكام البنوك
(2172) - القروض المأخوذة من البنوك، إذا اشتملت على اشتراط الفائدة،
فهي ربا محرم ومعاملتها فاسدة.
(2173) - يمكن الاحتيال للاقتراض من البنك مع عود النفع إلى المقرض، بأن
يشتري المقترض من البنك أو وكيله شيئا بقيمة أزيد من القيمة السوقية، ويشترط
على البنك في هذه المعاملة أن يقرضه مقدارا معينا من المال إلى مدة معينة.
(2174) - لو أراد شخص أن يقرض البنك قرضا فيمكن الاحتيال لذلك بنظير
ما مر في المسألة السابقة، أي بأن يبيع المقرض للبنك شيئا بأزيد من قيمته السوقية و
يشترط البنك عليه في المعاملة أن يقرضه مقدارا من المال إلى مدة معينة. كما يجوز في
الفرض أن يبيع البنك للشخص المقرض شيئا بأقل من القيمة ويشترط عليه
القرض كما ذكر، ويتحقق بهذه الطريقة الفرار من الربا المحرم.
(2175) - لا يجوز بيع مبلغ من المال مع ضميمة بمبلغ أكبر منه مؤجلا، كأن يبيع
مئة دينار وعلبة كبريت مثلا بمئة وعشرة دنانير مؤجلة إلى ثلاثة أشهر أو أقل أو
أكثر. وفي الحقيقة إن هذا من القرض الربوي المحرم يوقع بصورة البيع والشراء.
(2176) - تقدم إن أخذ القرض من البنك كإعطائه للبنك في الحكم، وإنه ربا
541

محرم إذا اشتمل على شرط الفائدة للمقرض. ولا فرق في هذا الحكم بين أن يعطى
المال للبنك بعنوان " الإيداع الثابت " الذي لا يستطيع صاحبه الاستفادة من المال
إلى مدة معينة، وبين أن يعطى بعنوان " الإيداع المتحرك " المسمى ب‍ " - الحساب
الجاري " والذي يستطيع صاحبه الاستفادة من ماله في أي وقت شاء، ويكون
البنك ملزما فيه بوضع المال تحت الطلب.
(2177) - يجوز الإيداع في البنك وأخذ الزيادة التي يعطيها بشرط ألا يشترط
في معاملة الإيداع أي فائدة، ولا يكون المودع قاصدا الإيداع لأخذ الزيادة، وإن
يعتبر نفسه غير مستحق لها على وجه لو أن البنك لم يدفعها إليه لم يطالب بها. ففي هذه
الصورة لو فرض أن البنك دفع زيادة جاز أخذها والتصرف فيها.
(2178) - إذا كان من قصد البنك إعطاء القرض لتحصيل الفائض، ولكن كان
من قصد الآخذ غير ذلك، بمعنى أنه لا يقصد الاقتراض المحرم المشروط عليه فيه
النفع، ففي هذه الصورة يكون المال المأخوذ بحكم مجهول المالك وأخذه والتصرف
فيه جائز بإذن الحاكم الشرعي، ومجرد علم الآخذ إن البنك قاصد لاسترجاع أصل
المبلغ منه مع فائدته لا يضر في جواز تصرفه فيه. نعم لا يجوز له دفع الفائدة مع تمكنه
من التفصي عنه، وإلا جاز الدفع أيضا.
(2179) - لا فرق في تحريم أخذ القرض الربوي - أي المشروط فيه النفع - من
البنك بين أن يجعل مع القرض وثيقة وبين عدمه. كما أنه على تقدير جعل الوثيقة
لا يفترق الحال بين أن تكون الوثيقة سندا ملكيا، وبين أن تكون سندا اعتباريا
كالكمبيالات.
(2180) - قد عرفت أن الإيداع في البنك بقصد أخذ الزيادة ربا محرم، وأنه
يمكن الفرار من الربا بأن لا يقصد المودع الإيداع لأجل الزيادة، وأن يبني في نفسه
542

على عدم الاستحقاق بحيث لو لم يدفعها البنك إليه لم يطالب بها، فإذا كان الحال
كذلك واتفق أن البنك دفع زيادة جاز التصرف فيها بعنوان المال المجهول المالك،
بعد الاستجازة من حاكم الشرع أو وكيله، وإذا علم المودع أنه على تقدير عدم
أخذه الزيادة فإن بعض موظفي البنك سيتصرف فيها لنفسه، جازت المطالبة
بالزيادة بعنوان مجهول المالك الذي يصرف في مصارف خاصة، فيأخذها و
يصرفها في تلك المصارف.
(2181) - ما تقدم من معاملة المال المأخوذ من البنك معاملة المال المجهول
المالك إنما هو بالنسبة إلى البنك الحكومي، والبنك المشترك - أي الذي تشترك فيه
الدولة مع أشخاص معينين - هو بحكم البنك الحكومي بالنسبة إلى المال المأخوذ منه
لاشتماله على مال مجهول المالك.
(2182) - في فرض صحة المعاملة مع البنك وجواز أخذ المال منه شرعا، تبقى
مسألة لا بد من مراعاتها وهي أن المفروض اختلاط الأموال في البنك الحكومي
بسبب إيداع الناس أموالهم فيها، فلا بد لمن أراد التصرف فيما أخذه من البنك بسبب
إيداع أو معاملة ما من أن يستجيز الحاكم الشرعي فإن إجازته مؤثرة في تمييز
الحصص المختلطة، ولو فرض أن البنك دفع زيادة أيضا جاز التصرف فيها عندئذ.
(2183) - يجوز أخذ المال من البنوك غير الإسلامية، كبنوك دول الكفر، سواء
كانت حكومية أم شخصية، لكن لا بعنوان القرض، والتصرف في المال المأخوذ منها
غير متوقف على إجازة حاكم الشرع، إلا إذا فرض أن مسلما قد أودع ماله في البنك
المأخوذ منه المال فيجب حينئذ بالنسبة إلى سهم المسلم من المال المأخوذ العمل
بالوظيفة التي تقدم تفصيلها في أحكام البنوك الإسلامية.
543

مسائل متفرقة
(2184) - في رقص المرأة في مجالس النساء إشكال، وكذا في رقص الرجل في
مجالس الرجال، والأحوط وجوبا الترك فيهما.
(2185) - في مشاهدة الأجنبية وسماع صوتها من خلال التلفزيون إشكال إذا
كان مقرونا بالفساد والريبة. بل بعض صور ذلك مقطوع بتحريمها.
(2186) - تبلغ الأنثى بإتمام تسع سنوات قمرية، فيجب عليها حينئذ القيام
بوظائف المكلفين. نعم إذا كانت عاجزة عن بعضها - كما قد يتفق بالنسبة إلى الصوم -
سقط وجوبه أداءا من جهة العجز، لكن يجب قضاء الفائت عند التمكن. هذا إذا
كانت عاجزة عن الصوم مطلقا، فلو تمكنت من التبعيض بصيام يوم أو أكثر و
الإفطار كذلك وجب عليها الصوم على هذا الوجه.
(2187) - يحرم حلق اللحية سواء في ذلك حلقها كاملة وحلق بعضها. نعم
حلق ما يكون من الشعر أعلى العنق وعلى الوجنات في حد إصلاحها وترتيبها
لا مانع منه. ويجب الاجتناب عن استعمال آلات الحلاقة التي يكون أثرها كأثر
الموسى.
(2188) - الأحوط وجوبا الاجتناب عن العطور المشتملة على نسبة من
545

السبيرتو إذا لم يعلم بنجاستها ولم يكن مضطرا إلى استعمالها. ولا مانع من الاستعمال
مع الشك في اشتمالها على السبيرتو.
(2189) - تعورف في بعض البلدان - كإيران - على أن يشترط المالك على
المستأجر - مضافا إلى الأجرة - أن يقرضه مقدارا من المال، ويخفف بذلك من
الأجرة. والقرض المذكور يبقى عادة مع المالك حتى نهاية سنة الإجارة. فلو فرض
أن حاجة المستأجر إلى المسكن لا تقضى عادة إلا بدفع هذا المال على الوجه المذكور
لم يجب فيه الخمس وإن بقي في يد المالك لعدة سنوات.
(2190) - يجوز للمرأة استعمال الأقراص المانعة للحمل لحاجة تأخير عادتها
الشهرية حتى تتمكن من صيام شهر رمضان كاملا فيما لم يكن في استعمالها ضرر
عليها.
(2191) - قضاء ما فات الأب الميت من الصلاة والصوم على عهدة ولده
الأكبر الذكر. وكذا الحكم على الأحوط وجوبا بالنسبة لما فات الأم منهما.
(2192) - يحرم اللعب بآلات القمار - كالنرد والشطرنج وغيرهما - إذا كان مع
الرهان. وأما من دونه فالاجتناب هو الأحوط ويشتد الاحتياط بالنسبة للشطرنج
خاصة.
(2193) - لا يجوز احتساب الضرائب التي يدفعها الناس للدولة من الخمس. ولو
دفعت في أثناء السنة اعتبرت من مؤونة تلك السنة.
(2194) - لا بأس في أن تمنع المرأة نفسها من الحمل ببعض الوسائل إذا كان ذلك
قبل انعقاد النطفة، حتى لو توقف ذلك على إجراء عملية جراحية فلا مانع منها مع
الضرورة العقلائية إليها ورضا الزوج بها. ولا بد حينئذ من أن يجتنب المباشر
للجراحة اللمس والنظر المحرمين. أما القيام بما يؤدي إلى العقم فلا يجوز أبدا.
546

(2195) - إذا علمت المرأة بوفاة زوجها فاعتدت وتزوجت بغيره، ثم تبين أن
زوجها حي فزواجها الثاني وطء شبهة يجب عليها الاعتداد منه بعدة وطء الشبهة
ثم تعود إلى زوجها الأول.
(2196) - لا بأس بالعمل للشخص المخلوط ماله بالحرام وأخذ الأجرة منه إذا
لم يتيقن العامل إن في المال الذي يقع تحت يده منه حراما.
(2197) - إذا قرر الطبيب إن استمرار الحمل قد يؤدي إلى موت الأم ولم يكن
نقص في تشخيصه بعد إعمال الدقة والتحقيق في هذا الأمر، فلا مانع من إسقاط
الحمل حينئذ ما لم تكن الروح ولجته.
(2198) - لا بأس ببيع الدم إذا عد ذا مالية عرفا وكانت له منافع محللة مقصودة
للعقلاء.
(2199) - يحرم أخذ الرشوة وإعطاؤها ولا يملكها الآخذ. ولو تجدد لمال
الرشوة نماء أو فائدة فهي لمالكه الأصلي. ولا فرق في هذا الحكم بين ما يؤخذ من
المسلم وما يؤخذ من غيره إذا كان محترم المال، كالذمي.
(2200) - إذا وهب الأب لبعض أولاده شيئا من أمواله وأقبضه إياه في حياته
انتقل إلى ملك الولد، ولا يحق للأب الرجوع في هبته، كما لا يكون للورثة حق في
هذا المال بعد موت الأب.
(2201) - لا يجوز للزوجة الخروج من منزل زوجها ما لم يأذن لها في ذلك أو تعلم
برضاه إلا إذا كان خروجها لأداء واجب عليها. ويجوز لها أن تشترط في عقد
الزواج حق الخروج من المنزل للعمل مثلا ويجب على الزوج الوفاء بالشرط. و
يكفي ابتناء العقد على الشرط المذكور في وجوب الوفاء به وإن لم يذكر فيه صريحا،
كما لو توافقا عليه قبل العقد وأوقعاه بهذا القصد.
547

(2202) - المتنجس منجس ولو مع تعدد الوسائط وكثرتها.
(2203) - يحرم استعمال الآلات اللهوية في اللهو مطلقا. والأحوط وجوبا
الاجتناب عن استعمالها في غير موارد اللهو. أما الموسيقى فيحرم الاستماع إلى
المطرب منها. والمدار في الإطراب على ما من شأنه ذلك فيحرم استماعه وإن
لم يحصل منه الإطراب بالفعل للمستمع.
(2204) - يجوز بيع أثاث المسجد وآلاته التي لا يكون استعمالها متعارفا في
زمان البيع، وتبديلها بآلات أخرى تكون محل احتياج المسجد. وذلك مثل
الصينيات النحاسية والظروف الكبيرة. لكن لا بد أن يكون البيع بنظر المتولي
الشرعي للمسجد.
(2205) - لا مانع من وضع المال في البنك على وجه الإقراض بلا مقابل. و
يترتب على ذلك عدم البأس في أخذ الجائزة التي يمنحها البنك كل مدة لبعض
المشتركين.
(2206) - إذا توفى الشخص وله أمانة عند آخر وعليه دين أيضا، سواء كان
الدائن هو المستأمن أم غيره، وكان المستأمن يعلم أنه لو أدى الأمانة إلى الورثة
فلن يفوا بدين الميت جاز في هذه الحالة للمستأمن أن يؤدي الدين مما تحت يده من
المال، لكن في صورة زيادته عن مقدار الدين يجب إعادة الزائد إلى الورثة.
(2207) - يجوز للمسلم أن يعطي عضوا من أعضاء بدنه - كالكلية مثلا - إلى
مسلم آخر، أو يوصي بانتزاع ذلك العضو من بدنه بعد موته وإعطائه للآخر، سواء
كان ذلك مجانا أم بعوض، بشرط أن يتوقف نجاة المسلم المريض على ذلك ولا يمكن
تهيئة ذلك العضو من بدن كافر.
(2208) - لا يصح قصد الإقامة في المحلين المتقاربين اللذين لا تفصل بينهما
548

مسافة شرعية إذا لم يعدا عرفا محلا واحدا إلا إذا صدق عرفا اتحاد الإقامة ولو مع
تعدد المحلين. ولا مانع من قصد الإقامة في أحد المحلين وقضاء الليل ومعظم النهار
فيه ويخرج إلى المحل الآخر في بعض نهاره لقضاء عمل ما هناك ثم يعود إلى محل
إقامته إذا كان مثل هذا الخروج لا يضر بصدق إقامته.
(2209) - المرأة التي تترك وطنها إلى وطن آخر برفقة زوجها يجب عليها
الصوم وإتمام الصلاة كلما مرت بوطنها إذا لم تكن قد أعرضت عنه. ولو أعرضت
عنه ولو لأجل تبعيتها لزوجها فحكمها عند المرور فيه حكم المسافر.
(2210) - إذا مر الزوج بوطنه الأصلي الذي لم يعرض عنه وكانت زوجته معه،
فالواجب على الزوجة الصلاة قصرا والإفطار إذا لم تكن قاصدة لإقامة عشرة أيام
هناك. والعبرة بقصد الزوجة نفسها للإقامة ولو كان ذلك بسبب التبعية للزوج.
(2211) - لا مانع من التصوير الفوتوغرافي إذا لم يستلزم ارتكاب محرم من جهة
أخرى.
(2212) - إذا باع شخص متاعا وقبض ثمنه بصورة شيك مصرفي مؤجل جاز
له بيع الشيك بأقل من قيمته حالا على نحو أن يجري معاملة شرعية على مقدار
التفاوت بين قيمة الشيك وقيمة عوضه، ويشترط في هذه المعاملة أن يقرضه ما
يساوي بقية قيمة الشيك بعد التفاوت، أو أن يشتري منه تلك البقية بما يساويها.
فمثلا لو كانت قيمة الشيك ألفا وأراد بيعه حالا بثمانمئة، فالتفاوت مئتان، فيجري
معاملة بيع المئتين مثلا بعوض ما - مثل كتاب - ويشترط في هذه المعاملة أن يقرضه
ثمانمئة على أن يردها عندما يقبض قيمة الشيك، أو أن يشتري منه في الحال الثمانمئة
بما يساويها.
(2213) - يجوز التصفيق في مجالس الاحتفال - كمواليد الأئمة (عليهم السلام) - ومجالس
549

الخطابة تشجيعا للخطيب إذا لم يبلغ حد اللهو.
(2214) - يجوز بيع وشراء الراديو والتلفزيون وسائر الآلات المشتركة - أي
التي لها منافع محللة وأخرى محرمة - بقصد منافعها المحللة، كما يجوز استعمالها في تلك
المنافع. ولا يجوز بوجه الوجوه الاستفادة منها في الجهات المحرمة، كما يحرم
تسليمها إلى من يستعملها عادة في تلك الجهات.
550