الكتاب: مناسك الحج
المؤلف: الشيخ وحيد الخراساني
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:

بسم الله الرحمن الرحيم
1

مناسك الحج
فتاوى
سماحة آية الله العظمى
الشيخ حسين الوحيد الخراساني
" دام ظله الشريف "
3

مناسك الحج
سماحة آية الله العظمى الشيخ حسين الوحيد الخراساني
4

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد الأولين
والآخرين محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطاهرين
سيما خليفة الله في أرضه وحجته على خلقه.
وبعد فقد طلب جمع مني أن أبرز أنظاري في أحكام
الحج والعمرة، ورأيت أن رسالة مناسك الحج التي ألفها فقيه
عصره آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره)
محتوية على غالب المسائل المبتلى بها مع سلاسة في التعبير
فاخترتها وغيرت ما خالفته وأثبت ما وافقته، مع تغيير بعض
العبارات لبعض النكات، فما في هذه الرسالة موافق لما أدى
إليه نظري القاصر والله العالم بحقائق أحكامه.
ولا بد من ملاحظة أمرين:
1 - الاحتياطات المسبوقة أو الملحوقة بالفتوى
استحبابية فيجوز تركها، وأما غير المسبوقة والملحوقة فيجب
العمل بها أو الرجوع فيها إلى الأعلم فالأعلم.
نعم في ما عبر بالأحوط لو لم يكن أقوى أو ما هو
قريب من ذلك يتعين العمل به. وأما الأحوط الأولى فالمراد به
الاحتياط الاستحبابي مع رجحان في متعلقه.
2 - بما أن في المستحبات والمكروهات المذكورة في
هذه الرسالة ما لم يثبت استحبابها أو كراهتها بما نعتمد عليه في
الفتوى فيكون الفعل والترك فيهما بداعي الرجاء.
5

وجوب الحج
يجب الحج على كل مكلف جامع للشرائط الآتية،
ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة القطعية وبضرورة من الدين
وإجماع من المسلمين.
والحج ركن من أركان الدين، ففي الصحيح عن
أبي جعفر عليه السلام أنه قال: (بني الاسلام على خمسة
أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية)
وتركه من أعظم الكبائر، وإنكاره إذا لم يكن مستندا إلى
شبهة كفر، قال الله تعالى في كتابه المجيد: [ولله على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله
غنى عن العالمين] وفي المعتبرة التي رواها الشيخ الكليني
والشيخ المفيد والشيخ الطوسي والشيخ الصدوق (قدس الله
7

أسرارهم) عن أبي عبد الله عليه السلام: (من مات ولم
يحج حجة الاسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو
مرض لا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو
نصرانيا) وهناك روايات كثيرة تدل على وجوب الحج
ولزوم الاهتمام به وفيما ذكر من الكتاب والسنة كفاية.
واعلم أن الحج الواجب على المكلف في أصل
الشرع إنما هو مرة واحدة ويسمى ذلك بحجة الاسلام.
1 - وجوب الحج بعد تحقق شرائطه فوري،
فتجب المبادرة إليه في سنة الاستطاعة، وإن تركه فيها
عصيانا أو لعذر وجب في السنة الثانية وهكذا.
2 - إذا حصلت الاستطاعة وتوقف الاتيان بالحج
على مقدمات وتهيئة الوسائل لا بد من المبادرة إلى
تحصيلها، ولو قصر في تحصيلها ففاته الحج استقر عليه
ولو مع زوال الاستطاعة، ولو تعدد الرفقة فإن وثق
بالادراك مع التأخير جاز له ذلك وإلا فلا بد من الخروج
من دون تأخير.
8

3 - إذا أمكنه الخروج مع الرفقة الأولى ولم يخرج
معهم لوثوقه بالادراك مع التأخير ولكن اتفق أنه لم يتمكن
من المسير أو أنه لم يدرك الحج بسبب التأخير فهو معذور
في تأخيره، وفي استقرار الحج عليه إشكال.
شرائط وجوب حجة الاسلام
الشرط الأول: البلوغ، فلا يجب على غير البالغ
وإن كان مراهقا. ولو حج الصبي لم يجز عن حجة
الاسلام وإن كان حج الصبي المميز صحيحا.
4 - إذا خرج الصبي إلى الحج فبلغ قبل أن يحرم
من الميقات وكان مستطيعا فلا إشكال في أن حجه حجة
الاسلام، وإذا أحرم فبلغ بعد إحرامه لم يجز له اتمام حجه
ندبا وفي إجزائه عن حجة الاسلام إذا كان بلوغه قبل
المشعر وجه، كما عليه المشهور، ولكن الأحوط الرجوع
إلى أحد المواقيت وتجديد الاحرام بقصد إنشائه على تقدير
عدم إجزاء إحرامه السابق عن حجة الاسلام، فإن لم يتمكن
9

من الرجوع إليه ففي محل إحرامه تفصيل يأتي في المسألة
(166).
5 - إذا حج ندبا معتقدا بأنه غير بالغ فبان بعد أداء
الحج أنه كان بالغا أجزأ عن حجة الاسلام إذا لم يكن قاصدا
للأمر الندبي على وجه التقييد.
6 - يستحب للصبي المميز أن يحج ويعتبر في
صحته إذن الولي على الأحوط.
7 - يستحب للولي أن يحرم بالصبي غير المميز
ذكرا كان أو أنثى، وذلك بأن يلبسه ثوبي الاحرام، ويأمره
بالتلبية ويلقنه إياها إن كان قابلا للتلقين. وإلا لبى عنه
ويجنبه عما يجب على المحرم الاجتناب عنه، ويجوز أن
يؤخر تجريده عن الثياب إلى فخ إذا كان سائرا من ذلك
الطريق، ويأمره بالاتيان بكل ما يتمكن منه من أفعال الحج
وينوب عنه فيما لا يتمكن، ويطوف به ويسعى به بين
الصفا والمروة ويقف به في عرفات والمشعر، ويأمره
بالرمي إن قدر عليه وإلا رمى عنه، وكذلك صلاة
الطواف، ويحلق رأسه وكذلك بقية الأعمال، والظاهر
جواز الاحرام به مطلقا وإن ورد في بعض النصوص
التحديد بالاثغار.
10

8 - نفقة حج الصبي في ما يزيد على نفقة الحضر
على الولي لا على الصبي، نعم إذا كان حفظ الصبي
متوقفا على السفر به، أو كان السفر مصلحة له جاز
الانفاق عليه من ماله.
9 - ثمن هدي الصبي على الولي، وكذلك كفارة
صيده، وأما الكفارات التي تجب عند الاتيان بموجبها عمدا
فالظاهر أنها لا تجب بفعل الصبي لا على الولي ولا في
مال الصبي، والأحوط الاقتصار على الولي الشرعي،
والأقوى إلحاق الأم به.
الشرط الثاني العقل، فلا يجب الحج على
المجنون وإن كان أدواريا، نعم إذا أفاق المجنون في أشهر
الحج وكان مستطيعا ومتمكنا من الاتيان بأعمال الحج وجب
عليه وإن كان مجنونا في بقية الأوقات.
11

الشرط الثالث: الحرية.
الشرط الرابع: الاستطاعة، ويعتبر فيها أمور:
الأول: السعة في الوقت، ومعنى ذلك وجود القدر
الكافي من الوقت للذهاب إلى مكة والقيام بالأعمال الواجبة
هناك. وعليه فلا يجب الحج إذا كان حصول المال في
وقت لا يسع للذهاب والقيام بالأعمال الواجبة فيها، أو أنه
يسع ذلك ولكن بمشقة شديدة لا تتحمل عادة، وفي مثل
ذلك يشكل الحكم بوجوب التحفظ على المال.
الثاني: تخلية السرب، والمراد منها خلوه عن
الموانع كالخطر على النفس والعرض والمال - ذهابا
وإيابا - بل وعند القيام بالأعمال.
10 - إذا كان للحج طريقان، أحدهما أقرب لكنه
غير مأمون، لم يسقط الحج بذلك ووجب الذهاب من
الأبعد المأمون.
11 - إذا كان له في بلده مال معتد به وكان ذهابه
إلى الحج مستلزما لتلفه وكان تلفه حرجا عليه لم يجب عليه
12

الحج. وكذلك إذا كان هناك ما يزاحم الحج شرعا، كما إذا
استلزم حجه ترك واجب أهم أو محتمل الأهمية من الحج
أو توقف حجه على ارتكاب محرم كان الاجتناب عنه أهم
أو محتمل الأهمية من الحج.
12 - إذا حج مع استلزام حجه ترك واجب أهم
أو محتمل الأهمية أو ارتكاب محرم كذلك فلاجزاء حجه
عن حجة الاسلام وإن كان وجه، إلا أن الأحوط لو لم
يكن أقوى عدم الاجزاء.
13 - إذا كان في الطريق عدو لا يمكن دفعه إلا
ببذل مال يكون حرجا عليه لم يجب بذله ويسقط وجوب
الحج.
14 - لو انحصر الطريق بالبحر لم يسقط وجوب
الحج إلا مع خوف الغرق أو المرض، ولو حج مع
الخوف صح حجه.
الثالث: الزاد والراحلة، ومعنى الزاد هو وجود
ما يتقوت به في الطريق من المأكول والمشروب وسائر ما
يحتاج إليه في سفره، أو وجود مقدار من المال - النقود
13

وغيرها - يصرفه في سبيل ذلك ذهابا وإيابا. والمراد
بالراحلة الوسيلة التي يتمكن بها من قطع المسافة ذهابا
وإيابا، ويلزم في الزاد والراحلة أن يكونا مما يليق بحال
المكلف.
15 - لا يختص اشتراط وجود الزاد والراحلة
بصورة الحاجة إليها. بل يشترط ولو مع عدم الحاجة إليها
كما إذا كان قادرا على المشي من دون مشقة ولم يكن منافيا
لشرفه، وإن كان المشي لمن أطاقه من المسلمين مستحبا
مؤكدا.
16 - العبرة في الزاد والراحلة بوجودهما فعلا،
فلا يجب الحج على من كان قادرا على تحصيلهما
بالاكتساب ونحوه، ولا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين
القريب والبعيد.
17 - الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج إنما
هي الاستطاعة من مكانه لا من بلده، فإذا ذهب المكلف
إلى المدينة مثلا للتجارة أو لغيرها وكان له هناك ما يمكن
14

أن يحج به من الزاد والراحلة أو ثمنهما وجب عليه الحج،
وإن لم يكن مستطيعا من بلده.
18 - إذا كان للمكلف ملك ولم يوجد من يشتريه
بثمن المثل وتوقف الحج على بيعه بأقل منه بمقدار مجحف
بحاله لم يجب البيع، وأما إذا ارتفعت الأسعار فكانت أجرة
المركوب مثلا في سنة الاستطاعة أكثر منها في السنة
الآتية لم يجز التأخير إلا إذا كان الغلاء بمقدار يكون
الاستيجار به حرجيا عليه.
19 - إنما يعتبر وجود نفقة الإياب إلى الوطن في
وجوب الحج فيما إذا أراد المكلف العود إليه، وأما إذا لم
يرد العود وأراد السكنى في بلد آخر غير وطنه لعدم التمكن
من العود إلى وطنه أو لكون السكنى فيها حرجيا عليه فلا بد
من وجود النفقة إلى ذلك البلد، نعم إذا كان الذهاب إلى
البلد الذي يريد السكنى فيه أكثر نفقة من وطنه ويتمكن من
السكنى في وطنه بلا حرج لم يعتبر وجود النفقة إلى ذلك
المكان، بل يكفي في الوجوب وجود نفقة العود إلى وطنه.
15

الرابع: الرجوع إلى الكفاية، وهو التمكن بالفعل
أو بالقوة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع بحسب حاله
وشأنه، فلا يجب الحج على من يملك مقدارا من المال
يفي بمصارف الحج وكان ذلك وسيلة لإعاشته وإعاشة
عائلته إذا لم يتمكن من الإعاشة عن طريق آخر يناسب
شأنه، ولا يجب بيع ما يحتاج إليه في ضروريات معاشه
من أمواله كدار سكناه اللائقة بحاله وأثاث بيته وآلات
صنعته التي يحتاج إليها في معاشه وكل ما يحتاج إليه
الانسان وكل صرفه في سبيل الحج موجبا للعسر والحرج.
20 - إذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل
الحج لحاجة إليه ثم استغنى عنه وجب عليه بيعه لأداء
فريضة الحج، فإذا كان للمرأة حلي تحتاج إليه ولا بد لها
منه ثم استغنت عنه لكبرها أو لأمر آخر وجب عليها بيعه
إذا توقف عليه الحج.
21 - إذا كانت له دار مملوكة وكانت هناك
دار أخرى يمكنه السكنى فيها من دون حرج عليه - كما إذا
كانت هناك موقوفة تنطبق عليه - وجب عليه بيع الدار
16

المملوكة على الأحوط إذا كانت وافية بمصارف الحج ولو
بضميمة ما عنده من المال. وأما غير الدار كالكتب العلمية
وغيرها مما يحتاج إليه في حياته - ففي مثل هذا الفرض -
فالأقوى وجوب البيع إذا توقف الحج عليه.
22 - إذا كان عنده مقدار من المال يفي بمصارف
الحج وكان بحاجة إلى الزواج أو شراء دار لسكناه أو غير
ذلك مما يحتاج إليه، فإن كان صرف ذلك المال في الحج
موجبا لوقوعه في الحرج لم يجب عليه الحج وإلا وجب
عليه.
23 - إذا كان ما يملكه دينا على ذمة شخص
ويفي بمصارف الحج ولو بضميمة ما عنده من المال
وكان الدين حالا وجبت عليه المطالبة، فإن كان المدين
مماطلا وجب إجباره على الأداء، وإن توقف تحصيله على
الرجوع إلى المحاكم العرفية لزم ذلك، كما تجب المطالبة
فيما إذا كان الدين مؤجلا ولكن المدين يؤديه لو طالبه.
وأما إذا كان المدين معسرا أو مماطلا ولا يمكن إجباره أو
كان الاجبار مستلزما للحرج، أو كان الدين مؤجلا والمدين
17

لا يسمح بأدائه قبل الأجل ففي جميع ذلك إن أمكنه بيع
الدين بما يفي بمصارف الحج ولو بضميمة ما عنده من
المال ولم يكن في ذلك ضرر مجحف بحسب حاله ولا
حرج وجب البيع وإلا لم يجب.
24 - كل ذي حرفة كالحداد والبناء والنجار
وغيرهم ممن يفي كسبهم بنفقتهم ونفقة عوائلهم يجب عليهم
الحج إذا حصل لهم مقدار من المال بإرث أو غيره وكان
وافيا بالزاد والراحلة ونفقة العيال مدة الذهاب والإياب.
25 - من كان يرتزق من الوجوه الشرعية -
كالخمس والزكاة وغيرهما - وكانت نفقاته بحسب العادة
مضمونة من دون مشقة لا يبعد وجوب الحج عليه فيما إذا
ملك مقدارا من المال يفي بذهابه وإيابه ونفقة عائلته،
وكذلك من قام أحد بالانفاق عليه طيلة حياته، وهكذا كل
من لا يتفاوت حاله قبل الحج وبعده من جهة المعيشة إن
صرف ما عنده في سبيل الحج.
26 - لا تكفي الملكية المتزلزلة في الاستطاعة إلا
إذا كان واثقا بعدم الزوال، فإنه حينئذ يجب عليه الحج
18

ظاهرا، وأما وجوبه واقعا فمراع بعدم الزوال، فلو
صالحه شخص ما يفي بمصارف الحج وجعل لنفسه الخيار
إلى مدة معينة كان وجوب الحج عليه واقعا مراعيا بعدم
فسخه، وأما ظاهرا فيجب عليه إذا كان واثقا بعدم فسخه،
وكذلك الحال في موارد الهبة الجائزة.
27 - لا يجب على المستطيع أن يحج من ماله،
فلو حج متسكعا أو من مال شخص آخر - ولو غصبا -
أجزأه، نعم إذا كان ما يستر به عورته في طوافه أو صلاة
طوافه أو ثمن هديه مغصوبا لم يجزئه ذلك الطواف
والصلاة والهدي.
28 - لا يجب على المكلف تحصيل الاستطاعة.
فلو وهبه أحد مالا يستطيع به لو قبله لم يلزمه القبول،
وكذلك لو طلب منه أن يؤجر نفسه للخدمة بما يصير به
مستطيعا ولو كانت الخدمة لائقة بشأنه، نعم لو آجر نفسه
للخدمة في طريق الحج واستطاع بذلك وجب عليه الحج.
29 - إذا آجر نفسه للنيابة عن الغير في الحج
فصار مستطيعا بمال الإجارة قدم الحج النيابي إذا كان مقيدا
19

بالسنة الحالية، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة القادمة
وجب عليه الحج وإلا فلا، وإن لم يكن الحج النيابي مقيدا
بالسنة الفعلية قدم الحج عن نفسه إن لم يكن إتيانه مانعا عن
إتيان الحج النيابي في السنين الآتية.
30 - لا يجب الاقتراض للحج وإن كان متمكنا من
الأداء بسهولة، ولكنه إذا اقترض مقدارا من المال يفي
بمصارف الحج وكان قادرا على وفائه بعد ذلك من دون
مشقة وجب عليه الحج.
31 - إذا كان عنده ما يفي بنفقة الحج وكان عليه
دين ولم يكن صرف ذلك في الحج منافيا لأداء الدين وجب
عليه الحج وإلا فلا، ولا فرق في الدين بين أن يكون حالا
أو مؤجلا ولا بين أن يكون سابقا على حصول ذلك المال
أو بعد حصوله.
32 - إذا كان عليه خمس أو زكاة وكان عنده
مقدار من المال ولكن لا يفي بمصارف الحج لو أداهما
وجب عليه أدائهما ولم يجب عليه الحج، ولا فرق في
ذلك بين كون الخمس والزكاة في عين المال أو في ذمته.
20

33 - إذا وجب عليه الحج وكان عليه خمس أو
زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة وجب أدائها ولم يجز
له تأخيره لأجل السفر إلى الحج. ولو كان ما يستر به
عورته في طوافه أو صلاة طوافه أو ثمن هديه من المال
الذي تعلق به الحق لم يجزئه ذلك الطواف والصلاة
والهدي.
34 - إذا كان عنده مقدار من المال ولكنه لا يعلم
بوفائه بنفقة الحج وجب عليه الفحص على الأحوط.
35 - إذا كان له مال غائب يفي بنفقة الحج منفردا
أو منضما إلى المال الموجود عنده، فإن لم يكن متمكنا من
التصرف في ذلك المال ولو بتوكيل من يبيعه هناك لم يجب
عليه الحج، وإلا وجب.
36 - إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج وجب
عليه الحج مع اجتماع سائر الشرائط، فإن أحرز أنه متمكن
عن المسير في أوانه لم يجز له التصرف فيه بما يخرجه
عن الاستطاعة ولا يمكنه التدارك، فإن تصرف ببيع أو
هبة أو غير ذلك صح التصرف وإن كان آثما بتفريطه
21

للحج. وأما إذا احتمل التمكن فلا يجوز له التصرف
المخرج على الأحوط، ولو تصرف وانكشف التمكن استقر
الحج.
37 - لا يعتبر في الزاد والراحلة ملكيتهما، فلو
كان عنده مال يجوز له التصرف فيه وجب عليه الحج إذا
كان وافيا بنفقته مع وجدان سائر الشرائط.
38 - يعتبر في وجوب الحج الزاد والراحلة حدوثا
وبقاءا، فإن تلف المال ولو في أثناء الطريق كشف ذلك عن
عدم الاستطاعة، وكذا لو اشتغلت ذمته بدين قهرا عليه ولم
يمكنه أداء بدله من غير مؤونة الحج. وأما لو أتلف عمدا
ماله أو مال غيره ولم يمكنه أداء بدله إلا من مؤونة الحج
استقر الحج في ذمته ووجب إتيانه ولو متسكعا، وإذا تلف
بعد تمام الأعمال أو في أثنائها مؤونة العيال أو تلف ما به
الكفاية من ماله في وطنه لا يضر بحجه وأجزأه عن حجة
الاسلام.
39 - إذا كان عنده مال يفي بمصارف الحج وكان
جاهلا به أو بوجوب الحج عليه، أو كان غافلا عنه أو
22

عن وجوب الحج عليه، وكان جهله أو غفلته عن قصور لم
يجب عليه الحج. وأما إذا كان جهله بوجوب الحج أو
غفلته عنه عن تقصير ثم علم أو تذكر بعد أن تلف المال فلم
يتمكن من الحج فالحج مستقر عليه إذا كان واجدا لسائر
الشرائط حين وجوده، وفيما كانت غفلته عن وجود المال
أو جهله به عن تقصير - كتارك الفحص مع احتمال وجوده
- فالأحوط استقرار الحج عليه.
40 - كما تتحقق الاستطاعة بوجدان مؤونة الحج
تتحقق ببذلها، ولا فرق بين بذل الزاد والراحلة وثمنهما
كما لا فرق بين أن يكون البذل بإباحة التصرف - إذا
كانت الإباحة لازمة أو كان المباح له واثقا بعدم رجوع
المبيح - وبالتمليك - إذا كانت الملكية لازمة أو حصل
الوثوق بعدم الفسخ - ولا فرق بين وحدة الباذل وتعدده،
وبين وجوب البذل على الباذل - بنذر أو يمين أو شرط -
وعدمه.
ويعتبر أن يكون المبذول وافيا بمصارف ذهابه
وإيابه - إن كان مريدا للعود على ما تقدم في المسألة
23

(19) - وبمصارف عياله إلا أن يكون عنده ما يكفيهم
إلى أن يعود أو يكون غير متمكن من نفقتهم حتى مع ترك
الحج.
41 - لو أوصي له بمال ليحج به وجب عليه بعد
موت الموصي إذا كان المال وافيا بمصارف الحج ونفقة
عياله على ما تقدم في المسألة السابقة، وكذلك لو وقف
شخص لمن يحج أو نذر أو أوصى بذلك وبذل له المتولي
أو الناذر أو الوصي.
42 - لا يعتبر الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة
البذلية إلا إذا كان له مال لا يفي بمصارف الحج وبذل له
ما يتمم ذلك فيعتبر حينئذ الرجوع إلى الكفاية، كما يعتبر
إذا كان كسبه في أشهر الحج بحيث لو سافر إلى الحج وقع
في الحرج من جهة امرار معاشه.
43 - إذا أعطي مالا هبة على أن يحج وجب عليه
القبول والحج، ولو خيره الواهب بين الحج وعدمه يجب
عليه على الأحوط، وأما لو وهبه مالا من دون ذكر الحج
لا تعيينا ولا تخييرا لم يجب عليه.
24

44 - لا يمنع الدين من الاستطاعة البذلية إلا إذا
كان الدين حالا وكان الدائن مطالبا والمدين متمكنا من أدائه
إن لم يحج، فحينئذ لم يجب عليه الحج. وهكذا لو كان
مؤجلا ويعلم المدين أنه لو حج لا يتمكن من أداء دينه عند
حلول أجله ومطالبة الدائن.
45 - إذا بذل مال لجماعة ليحج أحدهم فإن سبق
أحدهم إلى قبض المال المبذول سقط التكليف عن الآخرين،
ولو تركه الجميع مع تمكن كل واحد من القبض استقر الحج
على جميعهم على الأحوط.
46 - لا يجب بالبذل إلا الحج الذي هو وظيفة
المبذول له على تقدير استطاعته. فلو كانت وظيفته حج
التمتع فبذل له حج القران أو الافراد لم يجب عليه القبول
وبالعكس، كما لا يجب القبول على من حج حجة الاسلام.
وأما من استقرت عليه حجة الاسلام وصار معسرا ولم
يتمكن من الحج ولو متسكعا فبذل له وجب عليه القبول
لأداء ما استقرت عليه. ولا يعتبر في هذا البذل ما يعتبر
في البذل للحج، فإذا كان المبذول بمقدار يتمكن به من
25

الحج ولو متسكعا وجب عليه القبول، وإن كان متمما لما
عنده فلا يعتبر الرجوع إلى الكفاية. ومن وجب عليه
الحج بنذر أو شبهه ولم يتمكن منه، إذا بذل له ما يقدر به
على الحج بلا حرج وجب عليه القبول.
47 - لو بذل له مال ليحج به فتلف المال أثناء
الطريق كشف ذلك عن عدم الوجوب، نعم لو كان متمكنا
من الاستمرار في السفر من ماله وجب عليه الحج وأجزأه
عن حجة الاسلام، إلا أن الوجوب حينئذ مشروط بالرجوع
إلى الكفاية.
48 - لو وكله في أن يقترض عنه ويحج به
فاقترض وجب عليه الحج، ولكنه لا يجب عليه
الاقتراض.
49 - ثمن الهدي على الباذل، فلو لم يبذله لم
يجب الحج على المبذول له إلا إذا كان متمكنا من شرائه
من ماله من دون حرج عليه، فحينئذ يكون مستطيعا
بالاستطاعة المركبة من المالية والبذلية، وأما الكفارات
فعلى المبذول له عمدية كانت أو خطأية.
26

50 - الحج البذلي يجزئ عن حجة الاسلام ولا
يجب عليه الحج ثانيا إذا استطاع بعد ذلك وإن كان
مستحبا، والأحوط استحبابا أن يأتي بالثانية حينئذ بقصد
القربة المطلقة الأعم من الوجوب والندب.
51 - يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول
في الاحرام وأما بعده فلا يجوز على الأحوط، فإن رجع
بعد الدخول في الاحرام وجب على المبذول له إتمام الحج
إذا كان مستطيعا فعلا. وعلى الباذل ضمان ما صرفه
للاتمام، وإن لم يكن مستطيعا فعلا وجب الاتمام على
الأحوط إن لم يكن حرجا عليه، والأحوط حينئذ التصالح
مع الباذل فيما صرفه للاتمام، وإذا رجع الباذل -
سواء أكان قبل الاحرام أو بعده - وجبت عليه نفقة العود.
52 - إذا أعطي من الزكاة من سهم سبيل الله على
أن يصرفها في الحج وكان فيه مصلحة عامة وجب عليه
ذلك. وإن أعطي من سهم السادة أو من الزكاة من سهم
الفقراء واشترط عليه أن يصرفه في سبيل الحج لم يصح
الشرط، فلا يجب عليه الحج.
27

53 - إذا بذل له مال فحج به ثم انكشف أنه كان
مغصوبا لم يجزئه عن حجة الاسلام، وهكذا إذا قال: (حج
وعلي نفقتك) ثم بذل له مالا وكان مغصوبا، وللمالك أن
يرجع إلى الباذل أو المبذول له، لكنه إذا رجع إلى المبذول
له رجع هو إلى الباذل إن كان جاهلا بالحال وإلا فليس له
الرجوع.
54 - إذا حج لنفسه استحبابا، أو وجوبا بنذر أو
نحوه، أو عن غيره تبرعا أو بإجارة أو بنذر أو نحو ذلك،
لم يكفه عن حجة الاسلام.
55 - إذا اعتقد أنه غير مستطيع فحج ندبا قاصدا
امتثال الأمر الفعلي - وإن اشتبه في التطبيق - ثم بان له
أنه كان مستطيعا أجزأه عن حجة السلام.
56 - لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحج إذا
كانت مستطيعة، ولا يجوز للزوج منع زوجته عن الحج
الواجب عليها، نعم يجوز له منعها من الخروج في أول
الوقت مع سعة الوقت، والمطلقة الرجعية كالزوجة ما
دامت في العدة.
28

57 - لا يشترط في وجوب الحج على المرأة
وجود المحرم لها إذا كانت مأمونة على نفسها، ومع عدم
الأمن يلزمها استصحاب من تأمن معه على نفسها ولو
بأجرة ولكن الأحوط وجوبا استصحاب محرم لها مع
وجوده ومع عدم التمكن من الأجرة لم يجب الحج عليها.
58 - إذا نذر أن يزور الحسين عليه السلام في كل
يوم عرفة مثلا واستطاع بعد ذلك وجب عليه الحج وانحل
نذره، وكذلك كل نذر يزاحم الحج.
59 - يجب على المستطيع الحج بنفسه إذا كان
متمكنا من ذلك، ولا يجزئ عنه حج غيره تبرعا أو
بإجارة.
60 - إذا استقر عليه الحج ولم يتمكن منه بنفسه -
لمرض، أو حصر، أو هرم، أو كان ذلك حرجا عليه ولم
يرج تمكنه من الحج بعد ذلك من دون حرج - وجبت عليه
الاستنابة فورا، وأما من لم يستقر عليه الحج وكان موسرا
ولم يتمكن من المباشرة أو كانت حرجية عليه فوجوب
الاستنابة عليه محل اشكال وإن كان أحوط. والأحوط
29

استحبابا إذا كان المنوب عنه رجلا أن يكون النائب
صرورة.
61 - إذا حج النائب عمن لم يتمكن من المباشرة
فمات المنوب عنه مع بقاء العذر أجزأه حج النائب وإن كان
الحج مستقرا عليه.
وإذا اتفق ارتفاع العذر قبل الموت فالأحوط أن
يحج هو بنفسه عند التمكن، وإذا ارتفع العذر بعد أن
أحرم النائب وجب على المنوب عنه الحج مباشرة ولا
يجب على النائب اتمام عمله.
62 - إذا لم يتمكن المعذور من الاستنابة، أو كانت
حرجية عليه سقط الوجوب ولكن يجب القضاء عنه بعد
موته إن كان الحج مستقرا عليه، وإلا لم يجب. ولو أمكنه
الاستنابة ولم يستنب حتى مات فإن كان الحج مستقرا عليه
وجب القضاء عنه بلا اشكال، وإلا ففي وجوب القضاء
إشكال وإن كان أحوط.
63 - إذا وجبت الاستنابة ولم يستنب ولكن تبرع
متبرع عنه لم يجزئه ذلك ووجبت عليه الاستنابة.
30

64 - يكفي في الاستنابة الاستنابة من الميقات،
ولا تجب الاستنابة من البلد.
65 - من استقر عليه الحج إذا مات بعد الاحرام
في الحرم أجزأه عن حجة الاسلام، سواء في ذلك حج
التمتع والقران والافراد، وإذا كان موته في أثناء عمرة
التمتع أجزأ عن حجه أيضا ولا يجب القضاء عنه. وإن
مات قبل ذلك وجب القضاء وإن كان موته بعد الاحرام
وقبل دخول الحرم أو بعد الدخول في الحرم بدون إحرام.
والظاهر اختصاص الحكم بحجة الاسلام، فلا يجري في
الحج الواجب بالنذر أو الافساد، بل لا يجري في العمرة
المفردة أيضا، فلا يحكم بالاجزاء في شئ من ذلك. ومن
مات بعد الاحرام مع عدم استقرار الحج عليه فإن كان موته
بعد دخوله الحرم فلا إشكال في إجزائه عن حجة الاسلام
وأما إذا كان قبل ذلك فالأظهر وجب القضاء عنه وإن كان
لعدم الوجوب وجه.
66 - إذا أسلم الكافر المستطيع وجب عليه الحج،
وأما لو زالت استطاعته ثم أسلم لم يجب عليه.
31

67 - المرتد يجب عليه الحج لكن لا يصح منه
حال ارتداده، فإن تاب صح منه وإن كان مرتدا فطريا.
68 - إذا حج المخالف ولو كان ناصبا ثم
استبصر لا تجب عليه إعادة الحج إذا كان ما أتي به
صحيحا في مذهبه، وإن لم يكن صحيحا في مذهبنا، أو
كان صحيحا في مذهبنا ولو لم يكن صحيحا في مذهبه إذا
تمشى منه قصد القربة، وإن كان الأحوط في هذه
الصورة الإعادة.
69 - إذا استقر عليه الحج بأن استكملت الشرائط
وأهمل حتى زالت الاستطاعة صار دينا عليه، ووجب
الاتيان به بأي وجه تمكن ولو متسكعا. وإن مات وجب
القضاء من تركته، ويصح التبرع عنه بعد موته.
32

الوصية بالحج
70 - تجب الوصية على من كانت عليه حجة
الاسلام والتسبيب إلى فراغ ذمته بما أمكن من الاستيجار أو
التبرع عنه إذا لم يكن مطمئنا بالبقاء والأداء، فإن مات
تقضى من أصل تركته وإن لم يوص بذلك.
وكذلك إن أوصى بها ولم يقيدها بالثلث، وإن
قيدها بالثلث فإن وفى الثلث بها وجب إخراجها منه وتقدم
على سائر الوصايا، وإن لم يف الثلث بها لزم تتميمه من
الأصل
71 - من مات وعليه حجة الاسلام وكان له عند
شخص وديعة واحتمل أن الورثة لا يؤدونها إن رد المال
إليهم وجب عليه أن يحج بها عنه، والأحوط الاستيذان من
33

الحاكم الشرعي من التمكن منه، فإن زاد المال مما يصرف
في الحج رد الزائد إلى الورثة، ولا فرق بين أن يحج
الودعي بنفسه أو يستأجر شخصا آخر، ويلحق بالوديعة
كل مال للميت يكون عند شخص بعارية أو إجارة أو
غصب أو دين أو غير ذلك
72 - من مات وعليه حجة الاسلام وكان عليه دين
وخمس وزكاة وقصرت التركة. فإن كان المال المتعلق به
الخمس أو الزكاة موجودا لزم تقديمهما، وإن كانا في
الذمة قدم الحج عليهما، وإن كان عليه دين ففي تقدم الحج
عليه في غير مورد النص إشكال.
(مورد النص: من مات في الطريق وهو
صرورة قبل أن يحرم، جعل جمله (أي راحلته - وزاده
ونفقته وما معه في حجة الاسلام ولو كان عليه دين.)
73 - من مات وعليه حجة الاسلام لم يجز لورثته
التصرف في تركته قبل فراغ ذمته عن الحج بالاستيجار أو
التبرع إذا كان مصرف الحج مستغرقا لها، وإذا لم يكن
34

مستغرقا فلا مانع من التصرف في الزائد على مصرف
الحج.
74 - من مات وعليه حجة الاسلام ولم تكن تركته
وافية بمصارفها وجب صرفها في الدين أو الخمس أو
الزكاة إن كان عليه شئ من ذلك، وإلا فهي للورثة ولا
يجب عليهم تتميمها من مالهم لاستيجار الحج.
75 - من مات وعليه حجة الاسلام يكفي
الاستيجار عنه من الميقات، بل من أقرب المواقيت إلى
مكة، والأحوط الاستيجار من البلد إذا وسع المال، لكن
الزائد عن أجرة الحج الميقاتي لا يحسب على غير الكامل
بالعقل والبلوغ من الورثة.
76 - من مات وعليه حجة الاسلام تجب المبادرة
إلى الاستيجار عنه في سنة موته، ولو لم يمكن الاستيجار
في تلك السنة من الميقات لزم الاستيجار من غير الميقات
على الأحوط، ولكن الزائد على أجرة الحج الميقاتي لا
يحسب على من لا يكون كاملا من الورثة.
35

77 - من مات وعليه حجة الاسلام إذا لم يوجد
من يستأجر عنه إلا بأكثر من أجرة المثل وجب الاستيجار
عنه ويخرج من الأصل، ولا يجوز التأخير إلى السنة
القادمة توفيرا على الورثة وإن كان فيهم من لا يكون
كاملا.
78 - من مات وأقر بعض الورثة بأن عليه حجة
الاسلام وأنكره الآخرون لم يجب على المقر إلا دفع ما
يخص حصته بعد التوزيع، فإن لم يف ذلك بالحج فلا
يجب عليه تتميمه من حصته، ويجري هذا الحكم في
الاقرار بالدين أيضا.
79 - من مات وعليه حجة الاسلام وتبرع متبرع
عنه بالحج يرجع بدل الاستيجار إلى الورثة، ولو أوصى
الميت بإخراج حجة الاسلام من ثلثه وتبرع متبرع عنه لم
يرجع بدله إلى الورثة، بل يصرف في وجوه الخير
الأقرب فالأقرب إلى نظره، وإن لم يعلم نظره يتصدق
عنه.
36

80 - من مات وعليه حجة الاسلام وأوصى
بالاستيجار من البلد وجب ذلك، ولكن الزائد على أجرة
الميقات يخرج من الثلث، ولو أوصى بالحج ولم يعين شيئا
أكتفي بالاستيجار من الميقات إلا إذا كانت هناك قرينة على
إرادة الاستيجار من البلد، كما إذا عين مقدارا يناسب الحج
البلدي.
81 - إذا أوصى بالحج البلدي ولكن الوصي أو
الوارث استأجر من الميقات بطلت الإجارة إن كانت
الإجارة من مال الميت، ولكن ذمة الميت تفرغ من الحج
بعمل الأجير وعلى الوصي أو الوارث أجرة المثل للأجير.
82 - إذا أوصى بالحج البلدي من غير بلده وجب
العمل بها، ويخرج الزائد عن أجرة الميقاتي من الثلث.
83 - إذا أوصى بالاستيجار عنه لحجة الاسلام
وعين الأجرة لزم العمل بها، وتخرج من الأصل إن لم
تزد على أجرة المثل، وإلا كان الزائد من الثلث.
84 - إذا أوصى بالحج بمال معين وعلم الوصي
أن المال الموصى به فيه الخمس أو الزكاة وجب عليه
37

إخراجه أولا ثم صرف الباقي في سبيل الحج. فإن لم يف
الباقي بمصارفه لزم تتميمه من أصل التركة إن كان
الموصى به حجة الاسلام، وإلا صرف الباقي فيما هو
الأقرب إلى نظره، وإن لم يعلم نظره يتصدق عنه.
85 - إذا وجب الاستيجار للحج عن الميت
بوصيته أو بغيرها وأهمل من يجب عليه الاستيجار فتلف
المال ضمنه، ويجب عليه الاستيجار من ماله.
86 - إذا علم استقرار الحج على الميت وشك في
أدائه وجب القضاء عنه، ويخرج من أصل المال.
87 - لا تبرء ذمة الميت بمجرد الاستيجار، فلو
علم أن الأجير لم يحج لعذر أو بدونه وجب الاستيجار ثانيا،
ويخرج من الأصل، وإن أمكن استرداد الأجرة من
الأجير تعين ذلك إذا كانت الأجرة من مال الميت.
88 - إذا كانت الإجارة بمال الميت، وتعدد
الاجراء فالأقوى استيجار أقلهم أجرة مع إحراز صحة عمله
وعدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم إلا أن يكون هتكا
للميت فحينئذ لا بد من الاستيجار بما لا يكون هتكا له.
38

89 - العبرة في وجوب الاستيجار من البلد أو
الميقات بتقليد الوارث أو اجتهاده لا بتقليد الميت أو
اجتهاده. فلو كان الميت يعتقد وجوب الحج البلدي والوارث
يعتقد جواز الاستيجار من الميقات لم يلزم على الوارث
الاستيجار من البلد.
90 - إذا كانت على الميت حجة الاسلام ولم تكن
له تركة لم يجب الاستيجار عنه على الوارث، نعم يستحب
ذلك من كل أحد خصوصا من الولي.
91 - إذا أوصى بالحج فإن علم أن الموصى به
حجة الاسلام أخرج من أصل التركة إلا فيما إذا عين
إخراجه من الثلث، وإن علم أن الموصى به غيرها أو
شك في ذلك أخرج من الثلث.
92 - إذا أوصى بحجة الاسلام وعين شخصا
معينا لزم العمل بالوصية، فإن لم يقبل إلا بأزيد من أجرة المثل
أخرج الزائد من الثلث، فإن لم يمكن ذلك أيضا
استؤجر غيره بأجرة المثل.
39

93 - إذا أوصى بالحج وعين أجرة لا يرغب فيها
أحد، فإن كان الموصى به حجة الاسلام لزم تتميمها من
أصل التركة. وإن كان الموصى به غيرها بطلت الوصية
وتصرف الأجرة إلى الأقرب فالأقرب إلى نظر الموصي،
وإن لم يعلم نظره يتصدق عنه.
94 - إذا باع داره بمبلغ مثلا واشترط على
المشتري أن يصرفه في الحج عنه بعد موته كان الثمن من
التركة، فإن كان الحج حجة الاسلام لزم الشرط ووجب
صرفه في أجرة الحج إن لم يزد على أجرة المثل وإلا
فالزائد يخرج من الثلث، وإن كان الحج غير حجة الاسلام
لزم الشرط أيضا ويخرج تمامه من الثلث، وإن لم يف
الثلث لم يلزم الشرط في المقدار الزائد.
95 - إذا صالحه داره مثلا على أن يحج عنه بعد
موته صح ولزم، وخرجت الدار عن ملك المصالح
الشارط، ولا تحسب من التركة وإن كان الحج ندبيا، ولا
يشملها حكم الوصية. وكذلك الحال إذا ملكه داره بشرط أن
يبيعها ويصرف ثمنها في الحج عنه بعد موته، فجميع ذلك
40

صحيح لازم وإن كان العمل المشروط عليه ندبيا، ولا
يكون للوارث حينئذ حق في الدار، ولو تخلف المشروط
عليه عن العمل بالشرط ولم يمكن إجباره لم ينتقل الخيار
إلى الوارث، وليس له إسقاط هذا الخيار الذي هو حق
الميت، وإنما يثبت الخيار لوليه، كوصيه في مطلق ما
يتعلق به، وإن لم يكن فللحاكم الشرعي والأحوط فسخ
الوارث بإذن الحاكم الشرعي وبعد فسخه يصرف المال في
ما شرط على المفسوخ عليه، فإن زاد شئ صرف في
وجوه الخير.
96 - لو مات الوصي ولم يعلم أنه استأجر للحج
قبل موته وجب الاستيجار من التركة فيما إذا كان
الموصى به حجة الاسلام، ومن الثلث إذا كان غيرها،
وإذا كان المال قد قبضه الوصي وكان موجودا أخذ وإن
احتمل أن الوصي قد استأجر من مال نفسه وتملك ذلك بدلا
عما أعطاه، وإن لم يكن المال موجودا فلا ضمان على
الوصي.
41

97 - إذا تلف المال في يد الوصي بلا تفريط لم
يضمنه، ووجب الاستيجار من بقية التركة إذا كان
الموصى به حجة الاسلام، ومن بقية الثلث إن كان غيرها،
فإن كانت البقية موزعة على الورثة استرجع منهم بدل
الايجار بالنسبة، وكذلك الحال إن استؤجر أحد للحج ومات
قبل الاتيان بالعمل ولم يكن له تركة أو لم يمكن الأخذ من
تركته.
98 - إذا تلف المال في يد الوصي قبل الاستيجار،
ولم يعلم أن التلف كان عن تفريط لم يجز تغريم الوصي.
99 - إذا أوصى بمقدار من المال للحج ندبا
واحتمل أنه زائد على ثلثه لم يجز صرف جميعه.
42

فصل في النيابة
100 - يشترط في النائب أمور:
الأول: البلوغ، فلا تصح نيابة الصبي، وأما
المميز الموثوق به فلا تصح نيابته في الحج الواجب على
الأحوط، وتصح نيابته في الحج المندوب بإذن الولي.
الثاني: العقل، فلا تجزي استنابة المجنون سواء
في ذلك ما إذا كان جنونه مطبقا أم كان أدواريا إذا كان
العمل في دور جنونه، وأما السفيه فلا بأس باستنابته.
الثالث: الايمان، فلا تصح نيابة غير المؤمن وإن
أتى بالعمل على طبق مذهبنا وحصل منه قصد القربة.
الرابع: أن لا يكون النائب مشغول الذمة بحج
واجب عليه في عام النيابة إذا تنجز الوجوب عليه، وهكذا
43

يشكل استنابته فيما إذا كان جاهلا بالوجوب وكان معذورا
لجهله. وهذا الشرط شرط في صحة الإجارة لا في صحة
حج النائب، فلو حج والحالة هذه برئت ذمة المنوب عنه
ولكنه لا يستحق الأجرة المسماة بل يستحق أجرة المثل.
101 - يعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه إتيان
النائب بالحج صحيحا، فلا بد من معرفته بأعمال الحج
وأحكامه وإن كان ذلك بإرشاد غيره عند كل عمل، ولا بد
من إحراز الاتيان به صحيحا بالوثوق به ولو شك في
صحة العمل المأتي به بنى على صحته.
102 - لا بأس بنيابة المملوك عن الحر إذا كان
بإذن مولاه
103 - لا بأس بالنيابة عن الصبي المميز، وفي
النيابة عن المجنون إشكال إلا أن تكون رجاء، ولكنه يجب
الاستيجار عنه إذا استقر عليه الحج في حال إفاقته ومات
مجنونا.
44

104 - لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب
عنه، فتصح نيابة الرجل عن المرأة وبالعكس لكن الأحوط
الأولى المماثلة.
105 - لا بأس باستنابة الصرورة عن الصرورة
وغير الصرورة، سواء كان النائب أو المنوب عنه رجلا
أو امرأة، والأحوط استحبابا استنابة الرجل الصرورة إذا
كان المنوب عنه رجلا حيا لم يتمكن من حجة الاسلام.
106 - يشترط في المنوب عنه الاسلام، فلا
تصح النيابة عن الكافر. فلو مات الكافر مستطيعا وكان
الوارث مسلما لم تصح استنابة الحج عنه، كما لا تصح
عن الناصب إلا أنه يجوز لولده المؤمن أن ينوب عنه في
الحج، كما يجوز لقريبه أن يحج ويجعل ثوابه له فإنه
يخفف عنه.
107 - لا بأس بالنيابة عن الحي في الحج
المندوب تبرعا كان أو بإجارة. وكذلك في الحج الواجب
إذا كان معذورا عن الاتيان بالعمل مباشرة على ما تقدم في
المسألة (60) ولا تجوز النيابة عن الحي في غير ذلك.
45

108 - النيابة أمر قصدي لا تتحقق إلا بأن يأتي
بالعمل عن الغير، ويعتبر في صحتها تعيين المنوب عنه
بوجه من وجوه التعيين، ولا يشترط ذكر اسمه، ولكنه
يستحب أن يسميه في المواطن والمواقف.
109 - كما تصح النيابة بالتبرع والإجارة، تصح
بالجعالة وبالشرط في ضمن العقد ونحو ذلك.
110 - من كان معذورا في ترك بعض الأعمال
أو في عدم الاتيان به على الوجه الكامل لا يجوز استيجاره
بل لو تبرع المعذور وناب عن غيره يشكل الاكتفاء بعمله،
نعم لو استناب من البلد أو الميقات في سعة الوقت من كان
يتمكن من تمام الأعمال والعمل على الوجه الكامل، ثم
اتفق له العجز عنه لضيق الوقت ونحو ذلك - فيما لا يكون
العجز عنه مبطلا لحج العاجز كالعجز عن الوقوفين - تصح
نيابته وتفرغ ذمة المنوب عنه. فلا يجوز استيجار العاجز
عن الوقوف الواجب بالمشعر في ما بين الطلوعين من يوم
النحر مثلا، ولا بأس بعجزه الطاري وقت الوقوف.
46

وتصح نيابة من كان معذورا في ارتكاب ما يحرم
على المحرم. كمن اضطر إلى التظليل، بل ولو لم يكن
معذورا. كما لا بأس بنيابة النساء أو غيرهن - ممن تجوز
لهم الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الفجر. والرمي ليلا -
للحج عن الرجل والمرأة
111 - إذا مات النائب قبل أن يحرم لم تبرء ذمة
المنوب عنه، فتجب الاستنابة عنه ثانية فيما تجب الاستنابة
فيه، وإن مات بعد الاحرام أجزء عنه وإن كان موته قبل
دخول الحرم إذا كان أجيرا، وأما المتبرع فالأحوط عدم
الاجزاء، ولا فرق في ذلك بين حجة الاسلام وغيرها.
112 - إذا مات الأجير بعد الاحرام استحق تمام
الأجرة إذا كان أجيرا على تفريغ ذمة الميت، وأما إذا كان
أجيرا على الاتيان بالأعمال استحق من الأجرة بنسبة ما
أتى به إذا لوحظت الأجرة بنحو التوزيع، وإن مات قبل
الاحرام فإن كانت المقدمات داخلة في الإجارة ولوحظت
الأجرة على وجه التوزيع استحق من الأجرة بقدر ما أتى
به منها، وإلا فلا يستحق شيئا.
47

113 - إذا استأجر للحج البلدي ولم يعين الطريق
كان الأجير مخيرا في ذلك، وإذا عين طريقا لم يجز
العدول عنه إلى غيره، فإن عدل وأتى بالأعمال فإن كان
اعتبار الطريق في الإجارة على نحو الشرطية دون الجزئية
استحق الأجير تمام الأجرة، وكان للمستأجر خيار الفسخ،
فإن فسخ يرجع إلى أجرة المثل على المشهور ولكن
الأحوط وجوبا التصالح، وإن كان اعتباره على نحو
الجزئية كان للمستأجر الفسخ أيضا، فإن فسخ فلا يستحق الأجرة
المسماة ولا يستحق الأجرة على الطريق الذي عدل
إليه، وأما بالنسبة إلى ما أتى من الأعمال فالأحوط وجوبا
التصالح - كما تقدم - وإن لم يفسخ استحق من الأجرة
المسماة بمقدار عمله ويسقط بمقدار مخالفته.
114 - إذا آجر نفسه الحج عن شخص مباشرة في
سنة معينة لم تصح إجارته عن شخص آخر في تلك السنة
مباشرة أيضا، نعم تصح الإجارتان مع اختلاف السنتين،
أو مع عدم تقيد إحدى الإجارتين أو كلتيهما بالمباشرة.
48

115 - إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة فلا
يجوز له التأخير ولا التقديم، ولكنه لو قدم أو أخر برئت
ذمة المنوب عنه، إذا لم يكن ما في الذمة مقيدا بتلك السنة
بنذر ونحوه، ولا يستحق شيئا من الأجرة إذا كان التقييد
على نحو وحدة المطلوب، وأما إذا كان بنحو الاشتراط
فالحكم فيه يظهر مما تقدم في المسألة (113).
116 - إذا صد الأجير أو أحصر فلم يتمكن من
الاتيان بالأعمال كان حكمه حكم الحاج عن نفسه - ويأتي
بيان ذلك انشاء الله تعالى - وانفسخت الإجارة إذا كان
الحج مقيدا بتلك السنة، وللمستأجر خيار الفسخ إن كان قد
اشترط عليه إتيانه فيها، ويبقى الحج في ذمته إذا لم يكن
مقيدا بها.
117 - إذا أتى النائب بما يوجب الكفارة فهي من
ماله، سواء أكانت النيابة بإجارة أو بتبرع.
118 - إذا استأجره للحج بأجرة معينة فقصرت
الأجرة عن مصارفه لم يجب على المستأجر تتميمها، كما
أنها إذا زادت عنها لم يكن له استرداد الزائد.
49

119 - إذا استأجره للحج الواجب أو المندوب
فأفسد الأجير حجه بالجماع قبل المشعر وجب عليه إتمامه،
وأجزأ المنوب عنه، وعليه الحج من قابل وكفارة بدنة
وإن لم يجد فشاة. ويستحق الأجرة وإن لم يحج من قابل
لعذر أو غير عذر.
وتجري الأحكام المذكورة في المتبرع أيضا،
غير أنه لا يستحق الأجرة.
120 - الأجير وإن كان يملك الأجرة بالعقد لكن
لا يجب تسليمها إليه إلا بعد العمل إذا لم يشترط التعجيل،
إلا أن الظاهر استحقاق الأجير للحج مطالبة الأجرة قبل
العمل، وذلك من جهة القرينة على اشتراط ذلك، فإن
الغالب أن الأجير لا يتمكن من الذهاب إلى الحج أو الاتيان
بالأعمال قبل أخذ الأجرة.
121 - إذا آجر نفسه للحج مباشرة ولو باطلاق
العقد المقتضي لها أو اشترطت عليه فليس له أن يستأجر
غيره إلا مع إذن المستأجر.
50

122 - إذا استأجر شخصا لحج التمتع مع سعة
الوقت واتفق أن الوقت قد ضاق فعدل الأجير عن عمرة
التمتع إلى حج الافراد وأتى بعمرة مفردة بعده، برئت ذمة
المنوب عنه، لكن الأجير لا يستحق الأجرة إذا كانت
الإجارة على نفس الأعمال، نعم إذا كانت الإجارة على
تفريغ ذمة الميت استحقها.
123 - لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في الحج
المندوب، وأما الحج الواجب فلا يجوز فيه نيابة الواحد
عن اثنين وما زاد إلا إذا كان وجوبه عليهما أو عليهم على
نحو الشركة. كما إذا نذر شخصان أن يشترك كل منهما
مع الآخر في الاستيجار في الحج. فحينئذ يجوز لهما أن
يستأجرا شخصا واحدا للنيابة عنهما.
124 - لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن
شخص واحد - ميت أو حي، تبرعا أو بالإجارة - فيما إذا
كان الحج مندوبا، وكذلك في الحج الواجب فيما إذا كان
متعددا، كما إذا كان على الميت أو الحي حجان واجبان
بنذر مثلا، أو كان أحدهما حجة الاسلام وكان الآخر واجبا
51

بالنذر، فيجوز حينئذ استيجار شخصين أحدهما لواجب
والآخر لآخر. وكذلك يجوز استيجار شخصين عن واحد
أحدهما للحج الواجب والآخر للمندوب، بل يجوز
استيجار شخصين لواجب واحد - كحجة الاسلام - من
باب الاحتياط، لاحتمال نقصان حج أحدهما.
125 - الطواف مستحب نفسي، فتجوز النيابة فيه
عن الميت. وكذا عن الحي إذا كان غائبا عن مكة، أو
حاضرا فيها ولم يتمكن من الطواف مباشرة.
126 - لا بأس للنائب بعد فراغه من أعمال الحج
النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه، أو عن غيره.
كما لا بأس أن يطوف عن نفسه، أو عن غيره.
52

الحج المندوب
127 - يستحب لمن يمكنه الحج أن يحج وإن لم
يكن مستطيعا أو أنه أتى بحجة الاسلام، ويستحب الاتيان
به في كل سنة لمن يتمكن من ذلك.
128 - تستحب نية العود إلى الحج، وتكره نية
عدم العود، فعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (من
خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا
عذابه.)
129 - يستحب إحجاج من لا استطاعة له، كما
يستحب الاستقراض للحج إذا كان واثقا بالوفاء بعد ذلك،
وتستحب كثرة الانفاق في الحج.
53

130 - يجوز إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع الحج
ليحج بها.
131 - يشترط في حج المرأة إذن الزوج إذا كان
الحج مندوبا، وكذلك المعتدة بالعدة الرجعية، ولا يعتبر
ذلك في البائنة.
132 - العمرة كالحج فقد تكون واجبة وقد تكون
مندوبة، والواجبة تنقسم إلى الواجب بالأصل والواجب
بنذر وشبهه، وقد تكون مفردة وقد تكون مرتبطة بالحج،
كالعمرة المتمتع بها.
133 - تجب العمرة كالحج على كل مستطيع
واجد للشرائط، ووجوبها كوجوب الحج فوري على
الأحوط، فمن استطاع لها - ولو لم يستطع للحج - وجبت
عليه. نعم الظاهر عدم وجوبها على من كانت وظيفته حج
التمتع ولم يكن مستطيعا له ولكنه استطاع لها وعليه فلا
تجب على الأجير للحج بعد فراغه من عمل النيابة وإن
كان مستطيعا من الاتيان بالعمرة المفردة، لكن الاتيان بها
54

أحوط، وأما من أتى بحج التمتع فلا يجب عليه الاتيان
بالعمرة المفردة جزما.
134 - يستحب الاتيان بالعمرة المفردة في كل
شهر، ولا إشكال في جواز الاتيان بعمرة في شهر وإن
كان في آخره. وبعمرة أخرى في شهر آخر وإن كان في
أوله، ولا يجوز الاتيان بعمرتين في شهر واحد على
الأحوط فيما إذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو عن
شخص آخر، ولا بأس بالاتيان بالثانية رجاء. ولا إشكال
فيما إذا كانت إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن
غيره، أو كانت كلتاهما عن شخصين غيره، كما لا إشكال
فيما إذا كانت إحديهما العمرة المفردة والثانية عمرة التمتع،
فمن اعتمر عمرة مفردة يجوز له الاتيان بعمرة التمتع
بعدها ولو كانت في نفس الشهر بلا إشكال، وكذلك الحال
في الاتيان بالعمرة المفردة بعد الفراغ من أعمال حج التمتع
ولا يجوز الاتيان بالعمرة المفردة بين عمرة
التمتع والحج.
55

135 - كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة
كذلك تجب بافساد العمرة الأولى وبعنوان ثانوي كالإجارة،
والشرط في ضمن العقد، والنذر، وشبهه.
136 - تشترك العمرة المفردة مع عمرة التمتع في
أعمالها - وسيأتي بيان ذلك - وتفترق عنها في أمور:
(1) إن العمرة المفردة يجب لها طواف النساء ولا
يجب ذلك لعمرة التمتع.
(2) إن عمرة التمتع لا تقع إلا في أشهر الحج،
وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة، وتصح العمرة
المفردة في جميع الشهور، وأفضلها شهر رجب وبعده
رمضان.
(3) ينحصر الخروج عن الاحرام في عمرة التمتع
بالتقصير فقط، ولكن الخروج عن الاحرام في العمرة
المفردة بالحلق أو التقصير.
(4) يجب إتيان عمرة التمتع والحج في سنة
واحدة على ما يأتي، وليس كذلك في العمرة
56

المفردة، فمن وجب عليه حج الافراد والعمرة المفردة جاز له أن
يأتي بالحج في سنة والعمرة في سنة أخرى.
(5) إن من جامع في العمرة المفردة عالما عامدا
قبل الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا إشكال، ووجبت
عليه الإعادة بأن يبقى في مكة إلى الشهر القادم فيعيدها فيه،
وأما من جامع في عمرة التمتع ففي فساد عمرته إشكال،
والأظهر عدم الفساد كما يأتي في المسألة (220).
137 - مواقيت الاحرام للعمرة المفردة - لمن منزله
قبل الميقات - نفس المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع
ويأتي بيانها، وإذا كان المكلف في مكة وأراد الاتيان
بالعمرة المفردة جاز له أن يخرج إلى أدنى الحل ويحرم و
لا يجب عليه الرجوع إلى المواقيت الخمسة والاحرام
منها، والأولى أن يكون احرامه من الحديبية أو الجعرانة
أو التنعيم. وأما من أفسد عمرته بالجماع قبل السعي
فسيأتي حكمه في المسألة (220)
138 - تجب العمرة المفردة لمن أراد أن يدخل
مكة، فإنه لا يجوز الدخول فيها إلا محرما، ويستثنى من
57

ذلك من يتكرر منه الدخول والخروج لحاجة كالحطاب
والحشاش ونحوهما، وكذلك من خرج من مكة بعد إتمامه
أعمال الحج. أو بعد العمرة المفردة، فإنه يجوز له العود
إليها من دون احرام قبل مضي الشهر الذي أدى نسكه فيه،
ويأتي حكم الخارج من مكة بعد عمرة التمتع وقبل الحج.
139 - من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج
وبقي في مكة إلى أوان الحج جاز له أن يجعلها عمرة التمتع
فيأتي بالحج، ولا فرق في ذلك بين الحج الواجب و
الندب.
58

أقسام الحج
140 - أقسام الحج ثلاثة: تمتع، وقران، و
إفراد. والأول فرض من كان البعد بين أهله ومكة ستة
عشر فرسخا أو أزيد، والآخران فرض أهل مكة ومن
يكون البعد بين أهله ومكة أقل من ستة عشر فرسخا.
141 - لا بأس للبعيد أن يحج حج الافراد أو
القران في غير حجة الاسلام ندبا كان أو فرضا، كما لا
بأس للحاضر أن يحج حج التمتع في غيرها ندبا كان أو
فرضا، والتمتع مطلقا أفضل.
ولا يجوز ذلك في حجة الاسلام فلا يجزئ حج
التمتع عمن وظيفته حج الافراد أو القران وكذلك العكس،
نعم قد تنقلب وظيفة المتمتع إلى الافراد كما سيأتي في
المسألة (152)
59

142 - إذا أقام البعيد في مكة، فإن كانت إقامته
بعد استطاعته ووجوب الحج عليه وجب عليه حج التمتع،
وأما إذا كانت استطاعته بعد إقامته في مكة وجب عليه
حج الافراد أو القران بعد الدخول في السنة الثالثة، سواءا
كانت إقامته بقصد المجاورة أو التوطن، وكذلك الحال إذا
أقام البعيد في غير مكة من الأمكنة التي يكون البعد بينها
وبين مكة أقل من ستة عشر فرسخا.
143 - إذا أقام في مكة وكانت استطاعته في بلده،
أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه إلى حج الافراد أو
القران، فالأحوط أن يخرج إلى ميقات أهل بلده ويحرم منه
لعمرة التمتع.
حج التمتع
144 - يتألف هذا الحج من عبادتين، تسمى
أولاهما بالعمرة والثانية بالحج، وقد يطلق حج التمتع على
الجزء الثاني منهما، ويجب الاتيان بالعمرة فيه قبل الحج.
145 - تجب في عمرة التمتع خمسة أمور:
60

الأول: الاحرام من أحد المواقيت.
الثاني: الطواف حول البيت.
الثالث: صلاة الطواف.
الرابع: السعي بين الصفا والمروة.
الخامس: التقصير.
وسيأتي تفصيل هذه الأمور في مواضعها.
146 - لا بد للمكلف أن يتهيأ لأداء وظائف الحج
فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة الحرام.
وواجبات الحج أحد عشر، وهي كما يلي إجمالا
وسيأتي التعرض لخصوصيتها في مواضعها:
(1) الاحرام من مكة. (2) الوقوف في عرفات.
(3) الوقوف في المزدلفة.
(4) رمي جمرة العقبة.
(5) النحر أو الذبح (6) الحلق أو التقصير.
(7) طواف الزيارة بعد الرجوع إلى مكة.
61

(8) صلاة الطواف.
(9) السعي بين الصفا والمروة.
(10) المبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني
عشر، بل في ليلة الثالث عشر في بعض الصور كما
سيأتي.
(11) رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر
والثاني عشر، بل في اليوم الثالث عشر أيضا فيما إذا
بات المكلف هناك على الأحوط.
ويجب أيضا طواف النساء وصلاته لحلية النساء.
147 - يشترط في حج التمتع أمور:
(1) النية، بأن يقصد الاتيان بحج التمتع بعنوانه
متقربا به إلى الله تعالى، فلو نوى غيره أو تردد في نيته
لم يصح حجه.
(2) أن يكون مجموع العمرة والحج في أشهر
الحج، فلو أتى بجزء من العمرة قبل دخول شوال لم تصح
العمرة.
62

(3) أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة، فلو
أتى بالعمرة وأخر الحج إلى السنة القادمة لم يصح التمتع،
ولا فرق في ذلك بين أن يقيم في مكة إلى السنة القادمة
وأن يرجع إلى أهله ثم يعود إليها، كما لا فرق بين أن يحل
من احرامه بالتقصير وأن يبقى محرما إلى السنة القادمة.
(4) أن يكون احرام حجه من نفس مكة مع
الاختيار، والأفضل أن يحرم من المقام أو الحجر، وإذا
لم يمكنه الاحرام من نفس مكة أحرم من أي موضع تمكن
منه.
(5) أن يؤدي مجموع العمرة والحج شخص واحد
عن شخص واحد، فلو استؤجر اثنان لحج التمتع - عن
ميت أو حي - أحدهما لعمرته والآخر لحجه لم يصح ذلك،
وكذلك لو حج شخص وجعل عمرته عن واحد وحجه عن
آخر.
148 - إذا فرغ المكلف من أعمال عمرة التمتع
وجب عليه الاتيان بأعمال الحج، ولا يجوز له الخروج من
مكة لغير الحج إلا أن يكون خروجه لحاجة ولم يخف فوات
63

أعمال الحج، وفي هذه الحالة يجب أن يحرم للحج من
مكة ويخرج لحاجته، والأقوى عدم لزوم رجوعه إلى مكة
وإن كان أحوط ولا يجوز لمن أتى بعمرة التمتع أن
يترك الحج اختيارا ولو كان الحج استحبابيا، نعم إذا لم
يتمكن من الحج فالأحوط أن يجعلها عمرة مفردة فيأتي
بطواف النساء.
149 - كما لا يجوز للمتمتع الخروج من مكة بعد
تمام عمرته كذلك لا يجوز له الخروج منها في أثناء
العمرة. فلو علم المكلف قبل دخول مكة باحتياجه إلى
الخروج منها - كما هو شأن الحملدارية - فله أن يحرم
أولا بالعمرة المفردة لدخول مكة فيقضي أعمالها، ثم يخرج
لقضاء حوائجه ويحرم ثانيا لعمرة التمتع، ولا يعتبر في
صحتها مضي شهر من عمرته الأولى كما مر.
150 - المحرم من الخروج عن مكة بعد الفراغ
من أعمال العمرة أو أثنائها إنما هو الخروج عما يصدق
عليه أنه من محلات مكة وإن لم يكن من مكة القديمة. فلا
يضر الخروج إلى المحلات المستحدثة ما لم تكن خارجة
عن الحرم.
64

151 - إذا خرج من مكة بعد الفراغ من أعمال
العمرة من دون احرام وتجاوز الميقات ففيه صورتان:
الأولى: أن يكون رجوعه قبل مضي شهر
عمرته، وفي هذه الصورة يلزمه الرجوع إلى مكة بدون
احرام، فيحرم منها للحج ويخرج إلى عرفات.
الثانية: أن يكون رجوعه بعد مضي شهر عمرته
ففي هذه الصورة تلزمه إعادة العمرة.
152 - من كانت وظيفته حج التمتع لم يجز له
العدول إلى غيره من إفراد أو قران، ويستثنى من ذلك
من دخل في عمرة التمتع ثم ضاق وقته فلم يتمكن من
إتمامها وإدراك الحج، فإنه ينقل نيته إلى حج الافراد و
يأتي بالعمرة المفردة بعد الحج، وحد الضيق المسوغ لذلك
خوف فوات الركن من الوقوف الاختياري في عرفات.
153 - إذا علم من وظيفته التمتع ضيق الوقت عن
إتمام العمرة وإدراك الحج قبل أن يدخل في العمرة لم يجز
65

له العدول من الأول، بل وجب عليه تأخير الحج إلى السنة
القادمة.
154 - إذا أحرم لعمرة التمتع في سعة الوقت
وأخر الطواف والسعي متعمدا إلى زمان لا يمكن الاتيان فيه
بهما وإدراك الحج بطلت عمرته، ولا يكفيه العدول إلى
الافراد، لكن الأحوط الأولى أن يتمها بإتيان أعمال العمرة
المفردة.
حج الافراد
وهو واجب على أهل مكة ومن يكون بين
منزله وبين مكة أقل من ستة عشر فرسخا، وإذا تمكن
من وظيفته هذا الحج من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو
الاستقلال أيضا. وعليه فإذا تمكن من أحدهما دون الآخر
وجب عليه ما يتمكن منه خاصة، وإذا تمكن من أحدهما
في زمان ومن الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما
تقتضيه وظيفته في كل وقت، وإذا تمكن منهما في وقت
واحد وجب الاتيان بهما، والأحوط حينئذ وجوب تقديم
الحج على العمرة المفردة.
66

155 - يشترك حج الافراد مع حج التمتع في
جميع الأعمال، ويفترق عنه في أمور:
الأول: يعتبر في حج التمتع ارتباط العمرة بالحج
ووقوعهما في سنة واحدة كما مر، ولا يعتبر ذلك في حج
الافراد إلا بعارض كنذر أو استيجار أو الاستطاعة لهما في
سنة واحدة.
الثاني: يجب النحر أو الذبح في حج التمتع كما
مر، ولا يعتبر شئ من ذلك في حج الافراد.
الثالث: لا يجوز تقديم الطواف والسعي على
الوقوفين في حج التمتع مع الاختيار، ويجوز ذلك في حج
الافراد.
الرابع: أن إحرام حج التمتع يكون بمكة، وأما
الاحرام في حج الافراد فمن مكة إن كان من أهلها، ومن
منزله إن كان منزله دون الميقات، وإلا فمن الميقات.
الخامس: يجب تقديم عمرة التمتع على حجه،
ولا يعتبر ذلك في حج الافراد، بل الأحوط تقديم الحج فيه
على العمرة المفردة.
67

السادس: لا يجوز الطواف المندوب بعد احرام
حج التمتع على الأحوط وجوبا، ويجوز ذلك في حج
الافراد.
156 - إذا أحرم لحج الافراد ندبا جاز له أن يعدل
إلى عمرة التمتع، إلا فيما إذا لبى بعد السعي فليس له
العدول حينئذ إلى التمتع.
157 - إذا أحرم لحج الافراد ودخل مكة جاز له
أن يطوف بالبيت ندبا، ولكن الأحوط أن يجدد التلبية بعد
الفراغ من صلاة الطواف، ويجب التجديد في الطواف
الواجب على الأظهر.
حج القران
158 - يتحد حج القران مع حج الافراد في جميع
الجهات، غير أن المكلف يصحب معه الهدي وقت
الاحرام. وبذلك يجب الهدي عليه. والاحرام في هذا القسم
من الحج يكون بالتلبية أو بالاشعار أو بالتقليد، وإذا أحرم
لحج القران لم يجز له العدول إلى حج التمتع.
68

مواقيت الاحرام
والمراد منها الأماكن التي عينها الشارع المقدس
للاحرام منها، وهي عشرة:
الأول: ذو الحليفة، ويقع قريبا من المدينة
المنورة، وهو ميقات أهل المدينة وكل من أراد الحج من
طريق المدنية، والأحوط الأفضل الاحرام من مسجدها
المعروف بمسجد الشجرة.
159 - لا يجوز تأخير الاحرام من ذي الحليفة
إلى الجحفة إلا لضرورة من مرض أو ضعف أو غيرهما
من الضرورات.
الثاني: وادي العقيق، وهو ميقات أهل العراق
ونجد وكل من مر عليه من غيرهم وهذا الميقات له
69

أجزاء ثلاثة: (المسلخ) وهو اسم لأوله، ولا يجوز الاحرام
قبله على الأحوط. و (الغمرة) وهو اسم لوسطه، و (ذات
عرق) وهو اسم لآخره. والأحوط عدم تأخير الاحرام من
الغمرة فيما إذا لم تمنعه من ذلك تقية أو مرض.
160 - يجوز الاحرام في حال التقية قبل الغمرة
سرا من غير نزع الثياب إلى ذات عرق، ويلبي سرا فإذا
وصل ذات عرق نزع ثيابه ولبس ثوبي الاحرام هناك،
ويفدي للبس المخيط على الأحوط.
الثالث: الجحفة، وهي ميقات أهل الشام ومصر
والمغرب وكل من يمر عليها من غيرهم.
الرابع: يلملم، وهو ميقات أهل اليمن وكل من
يمر من ذلك الطريق. ويلملم اسم لجبل.
الخامس: قرن المنازل، وهو ميقات أهل الطائف
وكل من يمر من ذلك الطريق،
السادس: مكة، وهي ميقات حج التمتع على ما
يأتي بيانها في المسألة (358).
70

السابع: المنزل الذي يسكنه المكلف، وهو
ميقات من كان منزله دون المواقيت المعروفة إلى مكة،
فإنه يجوز له الاحرام من منزله ولا يلزم عليه الرجوع إلى
تلك المواقيت.
الثامن: الجعرانة، وهي ميقات حج القران و
الافراد لمن جاور مكة بعد السنتين وأما قبلهما فحكمه كما
تقدم في المسألة (143)، وكذلك هي ميقات حج القران و
الافراد لأهل مكة على الأحوط.
التاسع: محاذاة مسجد الشجرة، فإن من أقام
بالمدينة شهرا أو نحوه وهو يريد الحج، ثم بدا له أن يخرج
في غير طريق أهل المدينة. فإذا سار نحو مكة وبلغ ما
يحاذي مسجد الشجرة أحرم من محل المحاذاة. وفي
التعدي عن محاذاة مسجد الشجرة إلى محاذاة غيره من
المواقيت، بل عن خصوص مورد النص إشكال.
العاشر: أدنى الحل، وهو ميقات العمرة المفردة
بعد حج القران أو الافراد، بل لكل عمرة مفردة لمن كان
بمكة وأراد الاتيان بها، إلا من أفسد عمرته المفردة
71

بالجماع قبل السعي، فإنه لا بد له من الإقامة إلى الشهر
الآخر والخروج إلى أحد المواقيت للعمرة المعادة.
والأفضل لمن يكون ميقاته أدنى الحل أن يحرم من الحديبية
أو الجعرانة أو التنعيم.
أحكام المواقيت
161 - لا يجوز الاحرام قبل الميقات، ولا يكفي
المرور عليه محرما، بل لا بد من الاحرام من نفس
الميقات.
ويستثنى من ذلك موردان:
الأول: أن ينذر الاحرام قبل الميقات من مكان
معين، فإنه يصح ولا يلزمه التجديد في الميقات، ولا
المرور عليه، بل يجوز له الذهاب إلى مكة من طريق لا
يمر بشئ من المواقيت، ولا فرق في ذلك بين الحج
الواجب والمندوب والعمرة المفردة. نعم احرام الحج
وعمرة التمتع لا بد أن يكون في أشهر الحج.
72

الثاني: إذا قصد العمرة المفردة في رجب وخشي
عدم إدراكها إذا أخر الاحرام إلى الميقات جاز له الاحرام
قبل الميقات، وتحسب له عمرة رجب وإن أتى ببقية
الأعمال في شعبان، ولا فرق في ذلك بين العمرة الواجبة
والمندوبة، وهذا الحكم يجري في من لو أخر الاحرام إلى
الميقات لم يدرك عمرة الشهر.
162 - يجب على المكلف اليقين بوصوله إلى
الميقات والاحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمينان أو حجة
شرعية. ولا يجوز له الاحرام عند الشك في الوصول إلى
الميقات.
163 - لو نذر الاحرام قبل الميقات وخالف
وأحرم من الميقات لم يبطل إحرامه، ووجبت عليه كفارة
مخالفة النذر إذا كان متعمدا.
164 - كما لا يجوز تقديم الاحرام على الميقات لا
يجوز تأخيره عنه، فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو
دخول مكة أن يتجاوز الميقات اختيارا إلا محرما حتى إذا
73

كان أمامه ميقات آخر، فلو تجاوزه وجب العود إليه مع
الامكان.
وفي وجوب الاحرام لدخول الحرم لمن لا يريد
دخول مكة إشكال وإن كان أحوط. نعم إذا لم يكن المسافر
قاصدا لما ذكر لكن لما وصل حدود الحرم أراد أن يأتي
بعمرة مفردة جاز له الاحرام من أدنى الحل.
165 - إذا ترك المكلف المريد للنسك الاحرام من
الميقات عن علم وعمد حتى تجاوزه، فإن تمكن من
الرجوع إلى الميقات وجب عليه الرجوع والاحرام منه،
سواء أكان رجوعه من داخل الحرم أم كان من خارجه،
وإن لم يتمكن من العود إليه - لضيق الوقت أو لعذر
آخر - ولم يكن أمامه ميقات آخر وجب عليه الاتيان
بالحج في السنة القادمة إذا كان مستطيعا وإلا فلا
166 - إذا ترك الاحرام عن نسيان أو إغماء أو ما
شاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات
فللمسألة صور أربع:
74

الأولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات،
فيجب عليه الرجوع والاحرام من هناك.
الثانية: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع
إلى الميقات لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم وعليه -
حينئذ - الرجوع إلى الخارج والاحرام منه، والأحوط في
هذه الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم الاحرام
من هناك.
الثالثة: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع
إلى الخارج وعليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه
وإن كان قد دخل مكة.
الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه الرجوع
إلى الميقات، فإن كان أمامه ميقات آخر أحرم من ذلك
الميقات. وإلا أحرم من مكانه ولا يؤخره إلى أدنى الحل
على الأحوط، وفي جميع هذه الصور يحكم بصحة عمل
المكلف إذا قام بما ذكرناه من الوظائف.
167 - إذا تركت الحائض الاحرام من الميقات
لجهلها بالحكم إلى أن دخلت الحرم ولم تتمكن من الرجوع
75

إلى الميقات، وجب عليها الرجوع إلى خارج الحرم،
والابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم تحرم على أن لا
يكون ذلك مستلزما لفوات الحج. وفي ما إذا لم يمكنها
إنجاز ذلك، فهي وغيرها على حد سواء.
168 - إذا فسدت العمرة وجبت إعادتها مع
التمكن، ومع عدم الإعادة - ولو من جهة ضيق الوقت -
يفسد حجه وعليه الإعادة.
169 - إذا أتى المكلف بالعمرة - مفردة كانت أو
تمتعا - من دون إحرام لجهل أو نسيان فالأحوط الإعادة.
170 - قد تقدم أن النائي يجب عليه الاحرام
لعمرته من أحد المواقيت الخمسة الأولى، فإن كان طريقه
منها فلا إشكال، وإن كان طريقه لا يمر بها - كما هو
الحال في الحجاج الذين يردون جدة ابتداء وهي ليست من
المواقيت - فلا يجزي الاحرام منها حتى إذا كانت محاذية
لأحد المواقيت، مع أن محاذاتها غير ثابتة، فاللازم على
الحاج حينئذ أن يمضي إلى أحد المواقيت مع الامكان أو
ينذر الاحرام من بلده أو من الطريق قبل الوصول إلى جدة
76

بمقدار يعلم أنه قبل الميقات فيحرم من محل نذره، وإذا
لم يمكن المضي إلى أحد المواقيت ولم يحرم قبل ذلك بنذر
- لجهل أو نسيان أو نحوهما من الأعذار - لزمه الاحرام
من جدة بالنذر، ثم يجدد إحرامه في أدنى الحل.
171 - تقدم أن المتمتع يجب عليه أن يحرم لحجه
من مكة، فلو أحرم من غيرها عالما عامدا لم يصح
إحرامه، وإن دخل مكة محرما، بل وجب عليه الاستيناف
من مكة مع الامكان وإلا بطل حجه.
172 - إذا نسي المتمتع الاحرام للحج بمكة وجب
عليه العود مع الامكان، وإلا أحرم في مكانه ولو كان في
عرفات وصح حجه، وكذلك الجاهل بالحكم.
173 - لو نسي إحرام الحج ولم يذكر حتى أتى
بجميع أعماله صح حجه، وكذلك الجاهل.
77

كيفية الاحرام
واجبات الاحرام ثلاثة أمور:
الأمر الأول: النية، ومعناها أن يقصد الاتيان بما
يجب عليه في الحج أو العمرة متقربا به إلى الله تعالى،
وفيما إذا لم يعلم المكلف به تفصيلا وجب عليه قصد الاتيان
به إجمالا، واللازم عليه حينئذ الأخذ بما يجب عليه شيئا
فشيئا من الرسائل العملية أو ممن يثق به.
ويعتبر في النية أمور:
الأول: الاتيان بالعمل خالصا لله تعالى.
الثاني: أن تكون مقارنة للشروع فيه.
الثالث: تعيين أن الاحرام للعمرة بخصوصيتها أو
للحج بخصوصيته ككونه تمتعا، أو قرانا، أو إفرادا، وأنه
78

لنفسه أو لغيره، وأنه حجة الاسلام، أو الواجب بالنذر أو
الواجب بالافساد أو ندبي.
فلو نوى الاحرام من غير تعيين - ولو إجمالا -
بطل إحرامه.
174 - لا يعتبر في صحة النية التلفظ ولا
الاخطار بالبال، بل يكفي الداعي كما في غير الاحرام من
العبادات.
175 - لا يعتبر في صحة الاحرام العزم على
ترك محرماته - حدوثا وبقاء - فيصح الاحرام حتى مع
العزم على ارتكابها. إلا إذا كان عازما من أول الاحرام
على الاتيان بما يكون مبطلا للاحرام كالجماع قبل الفراغ
من السعي في العمرة المفردة، أو كان مترددا في ذلك،
وهكذا - على الأحوط - إذا عزم من أول الاحرام في
الحج على أن يجامع زوجته قبل الوقوف بالمزدلفة أو تردد
في ذلك، وأما لو عزم على الترك من أول الأمر ولم
يستمر عزمه بأن نوى بعد تحقق الاحرام بالاتيان بما يبطله
لم يبطل إحرامه.
79

الأمر الثاني: التلبية وصورتها أن يقول:
" لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ".
وتستحب إضافة هذه الجملة: " إن الحمد
والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك، لبيك ذا
المعارج لبيك "، بل وما زاد على ذلك - كما في
النص - وسيأتي نقل الزيادة في عاشر مستحبات
الاحرام.
176 - على المكلف أن يتعلم ألفاظ التلبية ويحسن
أداءها بصورة صحيحة ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه
الكلمات من قبل شخص آخر، فإذا لم يتعلم تلك الألفاظ ولم
يتيسر له التلقين يجب عليه التلفظ بما يصدق عليه التلبية
ولو كان ملحونا، والأحوط استحبابا في هذه الصورة
الجمع بين الاتيان بما ذكر والترجمة والاستنابة لها.
177 - الأحوط في الأخرس أن يجمع بين الإشارة
إلى التلبية بإصبعه مع تحريك لسانه والاستنابة لها.
178 - الصبي غير المميز يلبى عنه.
80

179 - لا ينعقد إحرام حج التمتع وإحرام عمرته
وإحرام حج الافراد وإحرام العمرة المفردة إلا بالتلبية،
وأما حج القران فكما ينعقد إحرامه بالتلبية، ينعقد بالاشعار
أو التقليد، والاشعار مختص بالبدن والتقليد مشترك بين
البدن وغيرها من أنواع الهدي، والأحوط وجوبا الجمع بين
الاشعار والتقليد في البدن. والأحوط الأولى التلبية وإن
كان عقد إحرامه بالاشعار أو التقليد.
ثم إن الاشعار هو شق الجانب الأيمن من سنام
البدنة، والأحوط استحبابا أن يقوم المحرم من الجانب
الأيسر من الهدي ويشق الجانب الأيمن من سنامه ويلطخ
صفحته بدمه، وإذا كانت بدن كثيرة فأراد أن يشعرها
دخل بين كل بدنتين فيشعر هذه من الشق الأيمن ويشعر
هذه من الشق الأيسر، والتقليد هو أن يعلق في رقبة الهدي
نعلا خلقا قد صلى فيها.
180 - لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر
والأكبر في صحة الاحرام، فيصح الاحرام من المحدث
بالأصغر والأكبر كالجنب والحائض والنفساء وغيرهم.
81

181 - لا يتحقق الاحرام إلا بالتلبية أو بالاشعار
أو التقليد لخصوص القارن، فلو نوى الاحرام ولبس
الثوبين وفعل شيئا من المحرمات قبل تحقق الاحرام لم يأثم
وليس عليه كفارة.
182 - الأفضل لمن عقد إحرام عمرة التمتع من
مسجد الشجرة أن يؤخر التلبية إلى أول البيداء، ولمن عقده
من سائر المواقيت تأخيرها إلى أن يمشي قليلا، ولمن عقد
إحرام الحج من مكة تأخيرها إلى الرقطاء، والأحوط
التعجيل بها مطلقا، ويؤخر الرجل الجهر بها إلى المواضع
المذكورة.
والبيداء أرض مخصوصة بين مكة ومدينة، على
ميل من ذي الحليفة نحو مكة، كما يظهر من كلمات
الفقهاء والرقطاء موضع دون الردم.
183 - يجب على الأقوى لمن اعتمر عمرة
التمتع قطع التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكة القديمة،
وحده - على ما قال الشهيد رحمه الله - لمن دخل مكة من
أعلاها عن طريق المدينة - عقبة المدنيين)، ولمن جاء من
82

أسفلها (عقبة ذي طوى). والأحوط لمن اعتمر عمرة
مفردة قطعها عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم،
وأما إذا كان قد خرج من مكة لاحرامها فالأقوى وجوب
قطعها عند مشاهدة المسجد أو الكعبة، كما أن الأقوى لمن
حج بأي نوع من أنواع الحج وجوب قطعها عند الزوال من
يوم عرفة.
184 - إذا شك بعد لبس الثوبين وقبل التجاوز من
الميقات في أنه قد أتى بالتلبية أم لا، بنى على عدم الاتيان،
وإذا شك بعد الاتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أم لا،
بنى على الصحة.
الأمر الثالث: لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب
على المحرم اجتنابه، يتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر،
ويستثنى من ذلك الصبيان فيجوز تأخير تجريدهم إلى فخ إذا
حج بهم من ذلك الطريق.
185 - لبس الثوبين للمحرم واجب تعبدي مستقل.
وليس شرطا دخيلا في تحقق الاحرام، والأحوط أن يكون
لبسهما على الطريق المألوف.
83

186 - الأحوط في الإزار أن يكون ساترا من
السرة إلى الركبة، ويعتبر في الرداء أن يكون ساترا
للمنكبين وشيئا من الظهر. والأحوط كون اللبس قبل النية
والتلبية.
187 - لو أحرم في قميص - جاهلا أو ناسيا -
نزعه وصح احرامه، بل الأظهر صحة احرامه حتى فيما
إذا أحرم فيه عالما عامدا، وأما إذا لبسه بعد الاحرام فلا
إشكال في صحة إحرامه، ولكن يلزم عليه شقه وإخراجه
من رجليه.
188 - لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء
الاحرام وبعده للتحفظ من البرد أو الحر أو لغير ذلك.
189 - يعتبر في الثوبين ما يعتبر في لباس
المصلي - وجودا وعدما - فيلزم أن لا يكونا من الحرير
الخالص، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه. ولا من
الذهب، ويلزم طهارتهما. نعم لا بأس بتنجسهما بنجاسة
معفو عنها في الصلاة.
84

190 - يلزم في الإزار أن يكون ساترا للبشرة
غير حاك عنها بمقدار العورة، وعلى الأحوط في الزائد
عليه من السرة إلى الركبة. والأحوط استحبابا اعتبار ذلك
في الرداء.
191 - الأحوط في الثوبين أن يكونا من المنسوج،
ولا يكونا من قبيل الجلد والملبد.
192 - يختص وجوب لبس الإزار والرداء
بالرجال دون النساء، فيجوز لهن أن يحرمن في ألبستهن،
على أن تكون واجدة للشرائط المتقدمة.
193 - لا يجوز للمرأة أن يكون الثوب الذي تحرم
فيه من الحرير، والأحوط أن لا تلبس شيئا من الحرير
الخالص في جميع أحوال الاحرام إلا في الحر والبرد.
194 - إذا تنجس أحد الثوبين أو كلاهما بعد
التلبس بالاحرام فالأقوى لزوم المبادرة إلى التبديل أو
التطهير.
85

195 - لا تجب الاستدامة في لباس الاحرام. فلا
بأس بإلقائه عن متنه لضرورة أو غير ضرورة، كما لا
بأس بتبديله إذا كان البدل واجدا للشرايط.
86

تروك الاحرام
قد تقدم - في ما سبق - أن الاحرام ينعقد بالتلبية
أو الاشعار أو التقليد، ولا ينعقد بدونها وإن حصلت نية
الاحرام. فإذا أحرم المكلف حرمت عليه أمور، وهي ستة
وعشرون كما يلي:
(1) الصيد البري (2) مجامعة النساء (3) تقبيل
النساء (4) مس النساء (5) النظر إلى المرأة وملاعبتها
(6) الاستمناء (7) عقد النكاح (8) استعمال الطيب
(9) لبس المخيط للرجال (10) الاكتحال (11) النظر
في المرآة (12) لبس الخف والجورب للرجال (13)
الفسوق (14) الجدال (15) قتل هوام الجسد (16)
التزين (17) الادهان (18) إزالة الشعر عن البدن
87

(19) تغطية الرأس للرجال (20) الارتماس (21) ستر
الوجه للنساء (22) التظليل للرجال (23) إخراج الدم
من البدن (24) التقليم (25) قلع الضرس (26) حمل
السلاح.
1 - الصيد البري
196 - يحرم على المحرم - سواء أكان في الحل
أو الحرم - صيد الحيوان البري، أو قتله، سواء أكان
محلل الأكل أم لم يكن، ويحرم عليه قتل الحيوان البري و
إن تأهل بعد صيده، ويحرم صيد الحرم مطلقا وإن كان
الصائد محلا.
197 - كما يحرم على المحرم صيد الحيوان
البري تحرم عليه الإعانة على صيده، ولو بالإشارة، ولا
فرق في حرمة الإعانة بين أن يكون الصائد محرما أو
محلا.
198 - لا يجوز للمحرم إمساك الصيد البري في
الحرم وهكذا في خارجه إذا انتهى إلى موته أو صيد غيره
88

وإن كان الاصطياد قبل إحرامه ولو من غيره، بل ولا
يجوز له الامساك في خارج الحرم ولو لم ينته إلى موته
وصيد غيره على الأحوط.
ولا يجوز له أكل لحم الصيد وإن كان الصائد محلا،
وما ذبحه المحل في الحرم مما دخل فيه من الوحش
والطير حرام على المحرم والمحل ويحرم على الأحوط
الصيد الذي ذبحه المحرم على المحل.
والجراد ملحق بالحيوان البري، فيحرم صيده وقتله و
إمساكه وأكله.
199 - يجوز للمحرم صيد البحر. والمراد به ما
يعيش فيه فقط، وأما ما يعيش في البر والبحر كليهما
فملحق بالبري، ولا بأس بصيد ما يشك في كونه بريا،
وكذلك لا بأس بذبح الحيوانات الأهلية، كالدجاج والغنم
والبقر والإبل والدجاج الحبشي وإن توحشت، كما لا بأس
بذبح ما يشك في كونه أهليا.
200 - لا إشكال في تبعية فراخ الحيوان البري
لأصله في الحرمة أكلا وإتلافا مباشرة وتسبيبا - ولو
89

بالإشارة - وهكذا في بيضه على الأحوط، كما لا إشكال
في تبعية فراخ الحيوانات البحرية والأهلية وبيضهما
لأصولهما في الجواز.
201 - يحرم على المحرم قتل الدواب - من
السباع وغيرها - إلا فيما إذا خاف منها على نفسه، أو
آذت حمام الحرم. ولا كفارة في قتل السباع إلا الأسد،
ففي قتله في الحرم - ولو كان محلا - كبش على الأحوط
استحبابا.
202 - يجوز للمحرم أن يقتل الأفعى، والأسود
الغدر، والعقرب، والفأرة، ولا كفارة في قتل شئ من
ذلك، وأما الحية إن أرادتك فاقتلها وإن لم تردك فلا
تردها.
203 - لا بأس للمحرم أن يرمي الغراب، و
الحداة، ولا كفارة لو أصابهما الرمي وقتلهما.
204 - في قتل النعامة بدنة، وفي قتل بقرة
الوحش بقرة، وفي قتل حمار الوحش بدنة أو بقرة،
90

والبقرة أحوط، وفي قتل الظبي والأرنب شاة، وكذلك في
الثعلب على الأحوط.
205 - من أصاب شيئا من الصيد، فإن كان فدائه
بدنة ولم يتمكن منها ولو بعدم التمكن من ثمنها فعليه
إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد، فإن لم يقدر صام
ثمانية عشر يوما، وإن كان فدائه بقرة ولم يتمكن منها
فليطعم ثلاثين مسكينا، وإن لم يقدر صام تسعة أيام، و
إن كان فدائه شاة ولم يتمكن منها فليطعم عشرة مساكين
فإن لم يقدر صام ثلاثة أيام.
206 - إذا قتل المحرم حمامة في خارج الحرم
فعليه شاة. وفي فرخها حمل على المشهور، وهو أحوط و
إن كان للتخيير بين الحمل والجدي وجه، وفي كسر بيضها
درهم على الأحوط.
وإذا قتلها المحل في الحرم فعليه درهم، وفي
فرخها نصف درهم. وفي بيضها ربعه، وإذا قتلها
المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفارتين وكذلك في قتل
91

الفرخ وكسر البيض، وحكم البيض إذا تحرك فيه الفرخ
حكم الفرخ.
207 - في قتل القطاة والحجل والدراج ونظيرها
حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر. والأحوط في
العصفور والقبرة والصعوة أن يكفر بمد من الطعام وحمل
فطيم، وفي قتل جرادة واحدة تمرة وفي الكثير شاة وفي
الأقل منه كف من الطعام علي الأحوط استحبابا.
208 - في قتل اليربوع والقنفذ والضب وما
أشبهها جدي، وفي قتل العظاية كف من الطعام.
209 - في قتل الزنبور - متعمدا - إطعام شئ من
الطعام، وإذا كان القتل خطأ أو دفعا لايذائه فلا شئ عليه.
210 - يجب على المحرم أن ينحرف عن الجادة
إذا كان فيها الجراد، فإن لم يتمكن فلا بأس بقتلها.
211 - لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد
فعلى كل واحد منهم كفارة مستقلة.
92

212 - تجب الكفارة على من أكل الصيد، وهي
ككفارة الصيد نفسه على الأحوط، فلو صاده المحرم و
أكله فعليه كفارتان.
213 - من كان معه صيد ودخل الحرم وجب
عليه إرساله، فإن لم يرسله حتى مات لزمه الفداء، بل
الحكم كذلك بعد إحرامه وإن لم يدخل الحرم على الأحوط.
214 - لا فرق في وجوب الكفارة في قتل الصيد
وأكله بين العمد والسهو والجهل.
215 - تتكرر الكفارة بتكرر الصيد جهلا أو نسيانا أو
خطأ، وكذلك في العمد إذا كان الصيد من المحل في الحرم،
أو من المحرم مع تعدد الاحرام. وأما إذا تكرر الصيد عمدا
من المحرم في إحرام واحد فلا تعدد الكفارة.
2 - مجامعة النساء
216 - يحرم على المحرم الجماع أثناء عمرة
التمتع وكذلك أثناء العمرة المفردة وأثناء الحج وبعدها قبل
الاتيان بصلاة طواف النساء.
93

217 - إذا جامع في إحرام عمرة التمتع - قبلا أو
دبرا - عالما بالحرمة عامدا للجماع ذاكرا للاحرام، فإن
كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد عمرته ووجبت عليه
الكفارة مخيرة بين الجزور والبقرة والشاة. والأحوط أن
يكفر الموسر بالجزور والمتوسط بالبقرة. وإن كان قبل
الفراغ من السعي فكفارته كذلك وتفسد عمرته على الأحوط
ويحتاط بإتمامها وإعادتها قبل الحج مع الامكان وإلا
فبإعادة حجه في العام القابل.
218 - إذا جامع المحرم للحج زوجته - دائمة
كانت أو منقطعة قبلا أو دبرا - عالما بالحرمة متعمدا
للجماع متذكرا للاحرام قبل الوقوف بالمزدلفة فعليه إتمام
الحج وإعادته من قابل وبدنة، وإن لم يجد فشاة، سواء
أكان الحج فرضا أو نفلا، ولو كانت زوجته محرمة
مطاوعة له عالمة بالحكم ذاكرة للاحرام لزمها ما يلزمه،
ولو كانت مكرهة على الجماع فلا شئ عليها وعلى
الزوج المكره كفارتان ويفرق بينهما في حجتهما وفي
المعادة إلا أن يكون معهما غيرهما إلى أن يرجعا إلى
94

المكان الذي وقع فيه الجماع، سواء أكان الجماع قبل
التجاوز من منى إلى عرفات أو بعده. والأحوط استمرار
الفصل إلى الفراغ من تمام المناسك.
219 - إذا جامع المحرم زوجته - سواء كانت
دائمة أو منقطعة قبلا أو دبرا - عالما بالحرمة متعمدا
للجماع متذكرا للاحرام، بعد الوقوف بالمزدلفة، قبل أن
يطوف طواف النساء فعليه الكفارة - على ما تقدم في
المسألة السابقة - ولكن لا تجب عليه الإعادة، وكذلك إذا
كان جماعه بعد الشوط الثالث وقبل تمام الخامس على
الأحوط وأما إذا كان بعد الشوط الخامس فلا شئ عليه.
220 - من جامع زوجته في العمرة المفردة عالما
بالحكم عامدا للجماع ذاكرا لاحرامه وجبت عليه بدنة ولا
تفسد عمرته إذا كان الجماع بعد السعي، وأما إذا كان قبله
بطلت عمرته أيضا، ووجب عليه أن يقيم بمكة إلى شهر
آخر ثم يخرج إلى أحد المواقيت - والأحوط وجوبا أن
يكون من المواقيت الخمسة - ويحرم منه للعمرة المعادة،
والأقوى عدم وجوب إتمام العمرة الفاسدة وإن كان أحوط.
95

221 - إذا أحل الرجل من إحرامه ولم تحل
امرأته فجامعها فعليها بدنة يغرمها زوجها، ولو كان الزوج
محلا من الأول وكانت المرأة محرمة، فإن كانت مطاوعة
فالكفارة عليها ولا غرامة على الزوج، وإن كانت مكرهة
فليس عليها شئ.
222 - إذا جامع المحرم امرأته جهلا أو نسيانا
صحت عمرته وحجه ولا تجب عليه الكفارة، وهكذا إذا ارتكب
غيره من المحرمات التي توجب الكفارة جهلا أو نسيانا، و
يستثنى من ذلك موارد تأتي في مواضعها إن شاء الله.
3 - تقبيل النساء
223 - يحرم على المحرم تقبيل زوجته عن شهوة
فلو قبلها كذلك فعليه بدنة أو جزور - أمنى أو لم يمن - و
إن لم يتمكن منهما فعليه شاة. ومن قبلها بغير شهوة فعليه
شاة.
224 - إذا قبل الرجل امرأته المحرمة بعد طواف
النساء فالأحوط استحبابا أن يكفر بدم يهريقه.
96

4 - مس النساء
225 - يحرم على المحرم أن يمس زوجته عن
شهوة، فإن فعل ذلك كان عليه شاة - أمنى أو لم يمن -
ولو مسها بغير شهوة لم يكن عليه شئ وإن أمنى،
والأحوط لمعتاد الامناء الاجتناب.
5 - النظر إلى المرأة وملاعبتها
226 - يحرم على المحرم أن يلاعب زوجته، فلو
لاعبها حتى يمني فعليه كفارة الجماع وهي على المتمكن
بدنة وعلى العاجز عنها شاة. وإذا نظر إلى امرأة أجنبية
فأمنى كانت عليه بدنة إن كان موسرا وإن كان وسطا
فعليه بقرة وإن كان فقيرا فعليه شاة، وأما إذا نظر إليها
ولم يمن فليتق الله ولا يعد وليس عليه شئ.
227 - يحرم نظر المحرم إلى زوجته عن شهوة.
فإن نظر عن شهوة فأمنى فعليه على الأحوط بدنة أو
جزور وإن لم يتمكن فعليه شاة، وأما إذا نظر إليها
بشهوة ولم يمن أو نظر إليها بغير شهوة فأمنى فلا شئ
عليه ويستغفر ربه.
97

228 - يجوز استمتاع المحرم من زوجته في غير
ما ذكر، والأحوط ترك الاستمتاع منها مطلقا.
6 - الاستمناء
229 - يحرم على المحرم الاستمناء ولو بالعبث
بأهله، وإذا استمنى بالعبث بذكره فأمنى فحكمه حكم
الجماع، فلو وقع ذلك في إحرام الحج قبل الوقوف
بالمزدلفة فعليه إتمام الحج وإعادته من قابل وبدنة، وإن
لم يجد فشاة، ولو وقع في عمرته المفردة قبل الفراغ من
السعي لزمته كفارة الجماع، والأحوط الاتمام والإعادة
في الشهر اللاحق، ولو استمنى بغير ذلك كالنظر والخيال
ونحوهما فأمنى لزمته الكفارة المتقدمة وليس عليه إعادة
الحج وعمرته، ولو استمع إلى من يجامع أهله فأمنى فليس
عليه شئ.
7 - عقد النكاح
230 - يحرم على المحرم التزويج لنفسه أو لغيره.
سواء أكان ذلك الغير محرما أو محلا، وسواء أكان
98

التزويج تزويج دوام أو تزويج انقطاع، ويفسد العقد في
جميع هذه الصور.
231 - لو عقد المحرم أو عقد المحل للمحرم امرأة
ودخل المحرم بها فعلى كل من علم بالاحرام وحرمة العقد
بدنة، فمن كان منهم جاهلا بهما أو بأحدهما فلا شئ عليه.
232 - الأحوط وجوبا أن لا يحضر المحرم
مجلس العقد ولا يتحمل الشهادة عليه، والظاهر جواز أداء
الشهادة على العقد السابق.
233 - لا بأس بالرجوع إلى المطلقة الرجعية
وبشراء الإماء وتحليل أمته وقبوله للتحليل. والأحوط
استحبابا أن لا يتعرض المحرم لخطبة النساء.
8 - استعمال الطيب
234 - يحرم على المحرم الطيب بأقسامه وأنحاء
استعمالاته من الشم والدلك والأكل ولبس ما يكون عليه أثر
منه وغير ذلك.
235 - لا بأس بأكل الفواكه الطيبة الرائحة كالتفاح
والسفرجل، والأحوط استحبابا الامساك عن شمها حين الأكل.
99

236 - لا يجب على المحرم أن يمسك على أنفه
من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا والمروة إذا كان
هناك من يبيع العطور، ويجب الامساك على أنفه من
الرائحة الطيبة في غير هذا الحال، ولا بأس بشم خلوق
الكعبة.
237 - إذا أكل المحرم ما فيه الطيب أو لبسه مع
بقاء أثره فيه مع العلم بالحكم والموضوع فعليه كفارة شاة،
ولا شئ عليه إذا فعل ناسيا أو جاهلا، ولا دم في غير
الأكل واللبس وإن كان أحوط.
238 - يحرم على المحرم أن يمسك على أنفه من
الروائح الكريهة، نعم لا بأس بالاسراع في المشي للتخلص
عن ذلك.
9 - لبس المخيط للرجال
239 - يحرم على الرجل المحرم أن يلبس كل
ثوب مخيط، والأحوط الاجتناب عن كل ثوب يكون بحكمه
كالملبد الذي تستعمله الرعاة أو المنسوج بهيئة الجبة.
ويحرم عليه لبس السروال والثوب المزرور مع شد أزراره
100

وكل ثوب يكون كالدرع - منسوجا أو غيره - والقميص
والقباء وإن لم تكن مخيطا ولا بأس بلبس المنطقة والهميان
والتحزم بالحزام الذي يستعمله المبتلى بالفتق وإن كانت
من المخيط. ويجوز للمحرم أن يغطي بدنه ما عدا الرأس
باللحاف ونحوه من المخيط حالة الاضطجاع للنوم وغيره.
240 - الأحوط لو لم يكن أقوى أن لا يعقد الإزار
في عنقه، والأحوط أن لا يعقد الرداء أيضا، ولا بأس
بغرزه بالإبرة وأمثالها.
241 - يجوز للمرأة لبس المخيط مطلقا عدا
القفازين وهو لباس يلبس لليدين.
242 - إذا لبس المحرم الثوب المخيط وما بحكمه
ولو لم يكن مخيطا مما تقدم ذكره عالما بالحكم عامدا للبس
فعليه شاة. وتتعدد اللبس ولو مع وحدة الملبوس،
وباختلاف الملبوس صنفا وإن لم يتعدد اللبس حتى مع
الحاجة إلى لبس ضروب الثياب إذا لم تصل إلى حد
الاضطرار، وفي ثبوت الكفارة على المضطر إشكال، ولا
إشكال في سقوطها عن الجاهل والناسي.
101

10 - الاكتحال
243 - يحرم على المحرم الاكتحال بالكحل الأسود
للزينة ولا كفارة فيه على الأقوى، والأحوط ترك الاكتحال
بالكحل الأسود ولو لم يكن للزينة وترك الاكتحال للزينة و
إن لم يكن بالكحل الأسود، ولا مانع من الاكتحال بكحل لا
يكون أسود ولا للزينة.
11 - النظر في المرآة
244 - يحرم على المحرم النظر في المرآة للزينة
ولا كفارة فيه، وأما إذا كان لغرض آخر فلا مانع منه.
ويستحب للناظر فيها للزينة أن يلبي. ولا بأس بلبس
النظارة إذا لم يكن للزينة كما لا بأس بالنظر إلى الأجسام
الصقيلة أي المصقولة.
12 - لبس الخف والجورب للرجال
245 - يحرم على الرجل المحرم لبس الخف
والجورب اختيارا، وكذلك لبس كل ما يستر ظهر القدم
102

كالشمشك ونحوه على الأحوط. وإن اضطر إلى لبس
الخف والجورب جاز ولا يجب خرقها وإن كان أحوط ولا
كفارة في لبس الخف، وفي لبس غيره كالجورب والشمشك
ونحوهما - عالما بالحكم ذكرا للاحرام - شاة على الأحوط
ولا بأس بلبسهما ولبس ما يستر تمام ظهر القدم للنساء.
كما لا بأس بستر تمام ظهر القدم من دون لبس للرجال.
13 - الفسوق
246 - يحرم على المحرم الفسوق وهو الكذب
والسباب والمفاخرة المحرمة أي المستلزمة لإهانة المؤمن،
بل مطلق المفاخرة على الأحوط وجوبا لو لم يكن أقوى.
وكفارته أن يتصدق بشئ على الأحوط الأولى ويستغفر
الله ويلبي.
14 - الجدال
247 - يحرم على المحرم الجدال وهو قول: (لا
والله) و (بلى والله) ولو مع عدم الخصومة. والأحوط
إلحاق مطلق اليمين بهما، والظاهر تحقق الجدال بكل واحد
منهما. وتختص الحرمة بما إذا حلف بهما أو بأحدهما
103

على ما أخبر به دون ما إذا لم يكن كذلك كالحلف في مقام
الاكرام ونحوه كقول المحرم: (لا والله لا تفعل ذلك)
ويجوز الحلف بغير الله تعالى.
248 - يجوز الجدال لضرورة تقتضيه من إحقاق
حق أو إبطال باطل.
249 - الجدال إما عن صدق أو عن كذب:
ففي الصدق منه ثلاثا ولاء فما زاد شاة فإن كفر
بعد الثلاث أو الزائد عليها ثم حلف ثلاثا فما زاد فعليه
كفارة أخرى، ولا كفارة فيما دون الثلاث ولا فيما إذا لم
تكن الثلاث متوالية.
وفي الكذب منه مرة شاة ومرتين شاتان وثلاثا فما
زاد بقرة، ولو كفر بعد كل موجب للكفارة ثم حلف كاذبا
فعليه الكفارة على ما تقدم.
15 - قتل هوام الجسد
250 - يحرم على المحرم تعمد قتل القمل ولا
شئ عليه في قتله، كما يجب عليه اتقاء قتل الدواب كلها
104

إلا ما استثني كالعقرب والأفعى والفأرة كما تقدم في المسألة
(202) ويجوز له إلقاء الدواب كلها عن جسده إلا القمل
فلا يرميه من ثوبه ولا جسده متعمدا، وكفارة إلقائه كف
من الطعام للفقير، ولا بأس بأن يحوله من مكان إلى مكان
آخر، ويجوز قتل البق والبرغوث عند إيذائهما.
16 - التزين
251 - يحرم على المحرم التزين ولبس الخاتم
للزينة. ويجوز لغيرها كالتختم به للسنة ولحفظه من
الضياع، ولا كفارة في لبسه للزينة على الأقوى.
252 - يحرم على المحرم التزين بالحناء. ويجوز
استعماله لغير الزينة كما إذا كان لعلاج ونحوه.
253 - يحرم على المرأة المحرمة لبس الحلي
الذي يكون مشهورا غير مستور للزينة. بل الأحوط تركه
وإن كان مستورا. ولا يجب نزع ما كان عليها من الحلي
قبل إحرامها مما كانت تلبسه في بيتها، فلا مانع من إحرامها
فيه ولكنها لا تظهره للرجال وإن كانوا من محارمها.
105

17 - الادهان
254 - يحرم على المحرم الادهان حتى بما ليس
فيه شئ من الطيب، ولا مانع منه قبل غسل الاحرام
ومعه وبعده. ويكره التدهن بالدهن الذي يبقى أثره إلى ما
بعد الاحرام، ولا حرمة فيما اضطر إليه لعلاج أو غيره.
255 - الأقوى عدم الكفارة في الادهان والأحوط
الأولى التكفير بشاة إذا كان عن علم وعمد وبإطعام فقير
إذا كان عن جهل.
18 - إزالة الشعر عن البدن
256 - يحرم على المحرم أن يزيل الشعر عن
بدنه أو بدن غيره المحرم أو المحل - حلقا كان أو نتفا أو
قصا قليلا كان الشعر أو كثيرا - إلا مع الضرورة أو
الحرج. ولا بأس بانفصال الشعر من الجسد من غير قصد
حين الوضوء أو الاغتسال.
257 - إذا حلق المحرم رأسه من دون ضرورة
فكفارته شاة، والأحوط عدم إجزاء الصوم والاطعام عنها،
106

وإذا حلقه لضرورة فكفارته شاة أو صوم ثلاثة أيام أو
إطعام ستة مساكين لكل واحد مدان من الطعام.
وإذا أزال المحرم الشعر النابت تحت إبطيه أو
أحدهما بالحلق أو النتف أو بغيرهما متعمدا فعليه شاة، و
إن فعل ذلك ناسيا أو جاهلا فلا شئ عليه، وفي ثبوتها إذا
حلق بعض رأسه أو أزال الشعر من بعض إبطه إشكال.
وإن أزال شيئا من شعر لحيته أو غيرها فعليه أن يطعم
مسكينا بكف من الطعام، وإذا مس لحيته فسقط منها
الشعر فليس عليه شئ، والأحوط إطعام مسكين بكف من
طعام. ولا كفارة في حلق المحرم رأس غيره محرما كان
أو محلا.
258 - لا بأس بحك المحرم رأسه ما لم يسقط
الشعر عن رأسه وما لم يدمه، وكذلك البدن. وإذا وضع
المحرم يده على رأسه أو لحيته عبثا أو مسهما كذلك
فسقطت شعرة أو شعرتان فالأحوط الأولى أن يتصدق بكف
من طعام، وأما إذا كان في الوضوء فلا شئ عليه بلا
إشكال.
107

19 - تغطية الرأس للرجل
259 - يحرم للرجل المحرم تغطية رأسه ولو
بعضا بأي ساتر كان حتى مثل الطين والدواء، بل وحمل
الشئ على رأسه. نعم لا بأس بوضع عصام القربة على
رأسه ولا بتعصيبه من الصداع، ويحرم أيضا تغطية
الأذنين. وفي جواز التغطية عند النوم إشكال، والأحوط
العدم. ولو غطى رأسه ناسيا يجب إلقاء الغطاء ويلبي
على الأحوط الأولى.
260 - تجوز تغطية الرأس بشئ من البدن كاليد
والأحوط تركه.
20 - الارتماس في الماء
261 - يحرم على المحرم الارتماس في الماء
وكذلك في ماء الورد - الجلاب - على الأحوط، ولا بأس
بالارتماس في غيرهما. وإن كان الأحوط تركه. ولا فرق
في ذلك بين الرجل والمرأة.
262 - إذا ستر المحرم رأسه فكفارته شاة على
الأحوط، ولا كفارة في موارد جواز الستر والاضطرار.
108

21 - تغطية الوجه للنساء
263 - تحرم على المرأة المحرمة تغطية وجهها
من الذقن إلى مارن الأنف بأي ساتر كان، وفي ما زاد
على ذلك على الأحوط، ويستثنى من ذلك ستر بعض
وجهها مقدمة لستر الرأس في الصلاة. ويجوز لها إسدال
الثوب على وجهها إلى طرف الأنف قدر ما تبصر،
وتجوز تغطية وجهها حال النوم.
264 - للمرأة المحرمة أن تتحجب من الأجنبي
بأن تنزل ما على رأسها من الخمار أو نحوه إلى نحرها،
والأحوط إبعاد الساتر عن الوجه بواسطة اليد أو غيرها.
265 - لا كفارة في تغطية الوجه على الأقوى وإن
كانت أحوط.
22 - التظليل للرجال
266 - لا يجوز على الرجل المحرم التظليل حال
سيره بما يكون سائرا كسقف القبة والكنيسة والسيارة
والطائرة والمظلة. ولا بأس بالتظليل بالسحابة كما لا بأس
بالتظليل بالأجسام الثابتة كالجبال والجدران والأشجار.
109

ولا فرق في عدم جواز التظليل بين الراكب
والراجل. والأقوى عدم جواز التظليل بما لا يكون فوق
رأس المحرم، نعم يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظل
المحمل، كما يجوز له أن يتستر من الشمس بيديه.
267 - لا إشكال في عدم جواز التظليل في النهار
وأما عمومه للتظليل في الليل ففيه إشكال وإن كان
الاجتناب أحوط.
268 - إنما لا يجوز التظليل في الطريق، فيجوز
التظليل في المنزل مطلقا ولو كان في حال السير - ذهابا
وإيابا - سواء أكان الظل ساكنا أو سائرا. فلا بأس
بالاستظلال بالسيارات المسقفة بعد وصوله إلى مكة.
269 - يجوز التظليل للنساء والأطفال وكذلك
للرجال عند الضرورة كما إذا كان مريضا أو لا يطيق حر
الشمس أو البرد.
270 - كفارة التظليل سائرا شاة. ولا فرق في
ذلك بين حالتي الاختيار والاضطرار. وإذا تكرر التظليل
في إحرام واحد تجزيه كفارة واحدة إلا أن يكون السبب
110

متعددا جنسا - كالتظليل بالشمس والمطر - فالأحوط عدم
الاجتزاء بكفارة واحدة.
23 - إخراج الدم من البدن
يحرم على المحرم إخراج الدم من جسده بالحجامة
وغيرها عند المشهور، وإن كان الأقوى الكراهة. ولا
إشكال فيه مع الضرورة أو لدفع الأذى، ولا كفارة فيه
على الأقوى وإن كان الأحوط التكفير بشاة.
24 - التقليم
يحرم على المحرم تقليم ظفره ولو بعضه إلا أن
يتأذى ببقائه فيجوز له حينئذ قطعه.
271 - كفارة تقليم كل ظفر مد من الطعام إلا إذا
كان يؤذيه ففي تقليمه قبضة من طعام، وفي ثبوتها في
تقليم البعض إشكال. وكفارة تقليم أظفار يديه ورجليه في
مجلس واحد شاة، ولو كان تقليم أظافير اليد في مجلس و
تقليم أظافير الرجل في مجلس آخر فالكفارة شاتان، هذا إذا
111

كان عن علم وعمد، وأما إذا كان جاهلا أو ناسيا أو ساهيا
فلا شئ عليه.
272 - لو أفتى المحرم مفت بتقليم ظفره فقلمه
فأدماه لزم المفتي شاة عند المشهور وهو أحوط.
25 - قلع الضرس
273 - الأقوى عدم حرمة قلع الضرس على
المحرم ولا كفارة فيه وإن قيل بهما.
26 - حمل السلاح
274 - يحرم على المحرم حمل ما يصدق عليه
السلاح عرفا كالسيف والرمح وغيرهما، وأما حمل آلات
التحفظ كالدرع والمغفر ونحوهما فالأقوى جوازه.
275 - لا بأس بوجود السلاح عند المحرم إذا لم
يكن حاملا له، كما إذا جعله في متاعه.
276 - يجوز حمل السلاح عند الاضطرار كما إذا
خاف عدوا أو سرقة.
112

277 - الأقوى عدم الكفارة في حمل السلاح ولو
مع عدم الضرورة وإن كان الأحوط التكفير بشاة.
إلى هنا انتهت محرمات الاحرام وللحرم أحكام
خاصة من لقطته ومن جنى فيه وغيرهما. وما يهم
ذكره هنا أمران:
الأول: الصيد في الحرم. فإنه يحرم على المحل
والمحرم.
الثاني: قطع الشجر والحشيش وهكذا قلعهما
ونزعهما، ولا بأس بما يقطع عند المشي على النحو
المتعارف، كما لا بأس بأن تترك الدواب في الحرم لتأكل
من حشيشه.
ويستثنى من حرمة القلع والقطع موارد:
(1) الإذخر. وهو نبت معروف.
(2) النخل وشجر الفاكهة.
(3) الأعشاب التي تجعل علوفة للإبل، والأحوط
فيها عدم النزع.
113

(4) الأشجار والأعشاب التي تنمو في دار نفس
الشخص ومنزله، أو يكون الشخص هو الذي أنبته وغرسه
ولو في غير ملكه. ولا يستثني ما كان من الشجر
والحشيش موجودا في الدار والمنزل قبل التملك أو النزول.
278 - الشجرة التي يكون أصلها في الحرم
وفرعها في الحل يحرم فرعها لمكان أصلها، والتي يكون
أصلها في الحل وفرعها في الحرم يحرم أصلها لمكان
فرعها.
279 - كفارة قلع الأراك الذي في الحرم ثمنه
يتصدق به، وفي القطع منه قيمة المقطوع وفي غيره
من الأشجار فالأحوط على من نزعه أن يكفر بذبح بقرة
يتصدق بلحمها على المساكين، ولا كفارة في قلع الأعشاب
وقطعها ولا في النخل وشجر الفواكه.
280 - إذا وجبت على المحرم كفارة لأجل الصيد
في العمرة فمحل ذبحها مكة المكرمة، وإذا كان الصيد في
إحرام الحج فمحل ذبح الكفارة منى.
114

281 - الأقوى في ما يلزم المحرم من كفارة لغير
الصيد - ذبحا كان أو نحرا - جواز تأخيرها إلى أن يرجع
إلى أهله، والأحوط أن يذبحها أو ينحرها بمكة إن كان
معتمرا وبمنى إن كان حاجا، والمعتمر بالمفردة لا يترك
الاحتياط مهما أمكن. ومصرفها الفقراء، ولا يأكل منها إلا
شيئا قليلا، فإن أكل فعليه قيمة ما أكل ولا ضمان في القليل
على الأقوى وإن كان أحوط.
115

الطواف
الثاني من واجبات عمرة التمتع الطواف:
ويفسد العمرة والحج بتركه عمدا سواء أكان
عالما أم كان جاهلا بالحكم أو الموضوع، ويتحقق الترك
بالتأخير إلى زمان لا يتمكن من إتمام العمرة وإدراك
الركن من الوقوف بعرفات. وإذا بطلت العمرة بطل
إحرامه أيضا، وتجب إعادة الحج في العام القابل،
والأحوط الأولى إتمامها بإتيان الأعمال العمرة المفردة.
وتشترط في الطواف بعد قصده المحقق لعنوانه
أمور:
الأول: النية بأن يأتي بالطواف متقربا به إلى الله
تعالى.
116

الثاني: الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر،
فلو طاف المحدث عمدا أو جهلا أو نسيانا لم يصح طوافه.
282 - إذا أحدث المحرم أثناء طوافه فللمسألة
صور:
الأولى: أن يكون ذلك قبل بلوغه النصف، ففي
هذه الصورة يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة.
الثانية: أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع
ومن دون اختياره، ففي هذه الصورة يقطع طوافه
ويتطهر ويتمه من حيث قطعه.
الثالثة: أن يكون الحدث بعد النصف وقبل تمام
الشوط الرابع مع صدور الحدث عنه من دون اختياره،
والأحوط فيها أن يتم طوافه بعد الطهارة من حيث قطع ثم
يعيده، ويجزئ عن الاحتياط المذكور أن يأتي بعد
الطهارة بطواف كامل يقصد به الأعم من الاتمام والتمام،
ومعنى ذلك أن يقصد الاتيان بما في ذمته، سواء أكان هو
الجزء المتمم للطواف الأول ويكون الزائد لغوا أم كان هو
الطواف الكامل.
117

الرابعة: أن يكون الحدث بعد النصف وقبل تمام
الشوط الرابع مع صدوره عنه بالاختيار. والأقوى فيها
البطلان.
283 - إذا شك في الطهارة قبل الشروع في
الطواف أو في أثنائه، فإن علم أن الحالة السابقة كانت هي
الطهارة وكان الشك في صدور الحدث بعدها لم يعتن بالشك
وإلا وجبت عليه الطهارة والطواف أو استينافه بعدها.
284 - إذا شك في الطهارة بعد الفراغ من
الطواف لم يعتن بالشك وإن كانت الإعادة أحوط، ولكن
تجب الطهارة لصلاة الطواف، إلا إذا كان محدثا بالحدث
الأكبر سابقا وأحدث بالحدث الأصغر بعد الطواف فلا بد له
من الجمع بين الوضوء والغسل والآتيان بالطواف وصلاته.
285 - إذا لم يتمكن المكلف من الوضوء وكان
آئسا من حصول التمكن في ما بعد تيمم وأتى بالطواف،
وإذا لم يتمكن من التيمم أيضا ولو في ما بعد لزمته
الاستنابة للطواف، والأحوط الأولى أن يأتي هو أيضا
بالطواف من غير طهارة.
118

286 - يجب على المجنب والحائض والنفساء بعد
انقضاء أيامهما الاغتسال للطواف، ومع تعذر الاغتسال
واليأس من التمكن منه يجب الطواف مع التيمم. والأحوط
الأولى حينئذ الاستنابة أيضا، ومع تعذر التيمم ولو في ما
بعد تتعين عليه الاستنابة، ولا يجوز له الدخول في المسجد
والاحتياط بالطواف بنفسه.
287 - إذا كانت المرأة حائضا في عمرة التمتع
حال الاحرام أو حاضت بعده وقد وسع الوقت لأداء أعمالها
صبرت إلى أن تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها، وإن لم
يسع الوقت فللمسألة صورتان:
الأولى: أن يكون حيضها عند إحرامها أو قبل أن
تحرم ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الافراد وبعد
الفراغ من الحج تجب عليها عمرة مفردة إذا تمكنت منها.
الثانية: أن يكون حيضها بعد الاحرام. ففي هذه
الصورة - وإن قيل: تتخير بين الاتيان بحج الافراد كما في
الصورة الأولى وبين أن تأتي بأعمال عمرة التمتع من
دون طواف فتسعى وتقصر ثم تحرم للحج وبعد ما ترجع
119

إلى مكة بعد الفراغ من أعمال منى تقضي طواف العمرة
قبل طواف الحج - ولكن الأحوط وجوبا انقلاب حجها إلى
الافراد.
وإذا تيقنت ببقاء حيضها وعدم تمكنها من الطواف
حتى بعد رجوعها من منى استنابت لطوافها وصلاته، ثم
أتت بالسعي بنفسها.
288 - إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها. فإذا
كان طروء الحيض قبل تمام أربعة أشواط بطل طوافها
وكان حكمها ما تقدم في المسألة السابقة في المرأة التي
حاضت بعد إحرامها.
وإذا كان بعده وكان الوقت واسعا فالأقوى عدم
صحة ما أتت به وعليها الاستيناف بعد الطهر والاغتسال،
والأحوط أن تأتي بالطواف ناوية به الأعم من الاتمام
والتمام، وإن لم يسع الوقت فالأحوط أن تسعى وتقصر
وتحرم للحج بقصد ما في ذمتها من الافراد أو التمتع فتأتي
بما يجب على المتمتع، وبعد الرجوع من منى تقضي ما
120

بقي من طوافها قبل طواف الحج، وبعد إتمام حجها تأتي
بعمرة مفردة.
289 - إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من الطواف
وقبل الاتيان بصلاة الطواف صح طوافها وأتت بالصلاة
بعد طهرها واغتسالها، وإن ضاق الوقت سعت وقصرت
وقضت الصلاة قبل طواف الحج.
290 - إذا طافت المرأة وصلت ثم شعرت
بالحيض ولم تدر أنه كان قبل الطواف أو قبل الصلاة أو
في أثنائها أو أنه حدث بعد الصلاة بنت على صحة الطواف
والصلاة. وإذا علمت أن حدوثه كان قبل إتمام الصلاة
أتت بالصلاة بعد طهرها واغتسالها، وإن ضاق الوقت
سعت وقصرت وأخرت الصلاة إلى أن تطهر وتأتي بها
قبل طواف الحج وقد تمت عمرتها.
291 - إذا دخلت المرأة مكة وكانت متمكنة من
أعمال العمرة ولكنها أخرتها إلى أن حاضت حتى ضاق
الوقت مع العلم والعمد فالظاهر فساد عمرتها، والأحوط أن
121

تعدل إلى حج الافراد ولا بد لها من إعادة الحج في السنة
القادمة.
292 - الطواف المندوب لا تعتبر فيه الطهارة،
فيصح بغير طهارة ولكن صلاته لا تصح إلا عن طهارة.
293 - المعذور يكتفي بطهارته العذرية كالمجبور
والمسلوس، أما المبطون فالأحوط أن يجمع - من التمكن
- بين الطواف وصلاته بنفسه وبين الاستنابة لهما وإن
كان لا يبعد كفاية الاستنابة.
وأما المستحاضة: فإن كانت قليلة يجب عليها
الوضوء، والأحوط وجوبا أن تتوضأ لكل من الطواف
وصلاته، وإن كانت متوسطة يجب عليها الغسل
والوضوء، والأحوط وجوبا الوضوء لكل منهما، وإن
كانت كثيرة فعليها الغسل، والأحوط وجوبا أن تغتسل لكل
منهما من دون حاجة إلى الوضوء وإن كانت محدثة
بالحدث الأصغر.
122

هذا كله فيما إذا لم تكن عاملة بوظيفتها لصلاتها
اليومية أو كانت ولكن رأت الدم بعدها، وإلا فما ذكر من
وجوب الوضوء والغسل مبني على الاحتياط.
الثالث: الطهارة من الخبث على الأحوط،
والنجاسة المعفو عنها في الصلاة كالدم الأقل من الدرهم لا
تكون معفوا عنها في الطواف.
294 - لا بأس بدم القروح والجروح فيما يكون
الاجتناب عنه حرجيا، كما لا بأس بالمحمول المتنجس.
والأحوط الاجتناب عن نجاسة ما لا تتم الصلاة فيه
295 - إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم علم بها
بعد الفراغ من الطواف صح طوافه، وكذلك تصح صلاة
الطواف إذا لم يعلم بالنجاسة إلى أن فرغ منها.
296 - إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم تذكرها بعد
طوافه صح طوافه، وإن كانت إعادته أولى، وإن تذكرها
بعد صلاة الطواف فإن كان نسيانه عن عدم الاهتمام يعد
صلاته عقوبة لنسيانه، وإلا فعليه الإعادة على الأحوط.
123

297 - إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه وعلم بها
أثناء الطواف أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه من
الطواف، فإن تمكن من إزالة النجاسة بما لا ينافي ما يعتبر
في الطواف أزالها على الأحوط وأتم طوافه، وإلا فالأقوى
صحة طوافه، وإن كان الأحوط أن يقطع طوافه ويأتي
بما بقي منه بعد إزالة النجاسة إن كان العلم بها أو طروها
عليه بعد إتمام الشوط الرابع، وإن كان قبل إكماله قطع
طوافه وأزال النجاسة ويأتي بطواف كامل بقصد الأعم من
الاتمام والتمام.
الرابع: الختان للرجال، والأقوى اعتباره في
الصبي المميز أيضا، وأما الصبي غير المميز فاعتبار
الختان في طوافه على الأحوط.
298 - إذا طاف المحرم غير مختون - بالغا كان
أو صبيا مميزا - فلا يجتزئ بطوافه. فإن لم يعده مختونا
فهو كتارك الطواف يجري فيه ماله من الأحكام الآتية.
299 - إذا استطاع المكلف وهو غير مختون، فإن
أمكنه الختان والحج في سنة الاستطاعة وجب ذلك، وإلا
124

أخر الحج إلى السنة القادمة، فإن لم يمكنه الختان أصلا أو
كان حرجيا أو ضرريا فلا يسقط عنه الحج، لكن الأحوط
أن يطوف بنفسه في عمرته وحجه ويستنيب أيضا من
يطوف عنه، ويصلي هو صلاة الطواف بعد طواف
النائب.
الخامس: ستر العورة حال الطواف على الأقوى،
ويعتبر في الساتر الإباحة، والأحوط اعتبارها في مطلق
لباسه، كما أن الأحوط رعاية سائر ما اعتبر في لباس
المصلي من الشرائط والموانع في ساتره ومطلق لباسه.
تعتبر في الطواف أمور:
الأول: الابتداء من الحجر الأسود، ويكفي فيه
الصدق العرفي، ولا بد من إحرازه، ولا يلزم أن يكون
أول جزء من الحجر محاذيا لأول جزء من مقاديم بدنه، و
إن كان الأحوط ذلك، ويتحقق هذا الاحتياط بأن يقف دون
الحجر بقليل فينوي الطواف من الموضع الذي تتحقق فيه
125

المحاذاة واقعا على أن تكون الزيادة من باب حصول العلم
بتحقق المأمور به.
الثاني: الانتهاء في كل شوط بالحجر الأسود
ويتحقق بالاختتام بأي جزء ابتدء الطواف منه، وإن كان
الأحوط في الشوط الأخير أن يتجاوز عن الحجر بقليل على
أن تكون الزيادة من باب حصول العلم بتحقق المأمور به.
الثالث: جعل البيت على اليسار في جميع أحوال
الطواف، فلو جعله على يمينه أو استقبله بوجهه أو
استدبره عمدا أو سهوا ولو من جهة مزاحمة غيره لا يعد
ذلك المقدار من الطواف، ولا بد من تداركه، والعبرة في
جعل البيت على اليسار بالصدق العرفي، ولا تجب
المداقة في ذلك ولو عند فتحتي حجر إسماعيل عليه السلام
وعند الأركان:
الرابع: إدخال حجر إسماعيل عليه السلام في
المطاف، بمعنى أن يطوف حول الحجر ولا يدخل فيه.
126

الخامس: كون الطواف حول البيت، بمعنى أن
يكون أساس البيت المسمى بشاذروان والحجر خارجين من
مطافه.
السادس: أن يطوف بالبيت باختياره سبع مرات،
بلا زيادة ولا نقيصة، فلا يجزئ الأقل من السبع ويبطل
بالزيادة على السبع عن علم وعمد، ولا بأس بالزيادة على
أن يكون من أجل حصول العلم بتحقق المأمور به، كما أنه
إذا طاف بلا اختيار منه، لا يصح ولا بد من تداركه.
السابع: الموالاة عرفا بين الأشواط وأجزائها إلا
فيما يأتي.
300 - الأحوط أن يكون الطواف بين البيت ومقام
إبراهيم عليه السلام، مراعيا ذلك المقدار من البعد في جميع
جوانب البيت، وحد ذلك المقدار ستة وعشرون ذراعا
ونصف ذراع تقريبا، وبما أن حجر إسماعيل عليه السلام
داخل في المطاف فيضيق المطاف من جانب الحجر و
يكون ستة أذرع ونصف ذراع تقريبا، ولكن الأقوى كفاية
الطواف في الزائد على هذا المقدار على كراهة للمتمكن
127

الذي لا حرج عليه، وأما من لا يقدر على الطواف في
ذلك الحد أو أنه حرج عليه فيجوز له الطواف خلف المقام
من دون كراهة.
301 - إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل الكعبة
بطل طوافه ولزمته الإعادة، والأولى إتمام الطواف ثم
إعادته إذا كان الخروج بعد تجاوز النصف.
302 - إذا تجاوز عن المطاف إلى الشاذروان لا
يحسب ذلك المقدار من الطواف ويلزمه التدارك،
والأقوى عدم بطلان طوافه وإن كان الأحوط الأولى إتمام
الطواف بعد تدارك ذلك المقدار ثم إعادته، والأحوط
استحبابا أن لا يمد يده حال طوافه إلى جدار الكعبة لاستلام
الأركان أو غيره.
303 - إذا دخل الطائف حجر إسماعيل عليه
السلام بطل الشوط الذي وقع ذلك فيه فلا بد من إعادته،
والظاهر عدم بطلان طوافه وإن كان الأحوط إعادة
الطواف بعد إتمامه، والأحوط وجوبا عدم الطواف على
128

حائط الحجر، والأحوط استحبابا أن لا يضع يده على
حائط الحجر أيضا.
304 - إذا خرج الطائف من المطاف في طواف
الفريضة قبل تجاوزه الشوط الرابع من دون عذر، فإن
فاتته الموالاة العرفية بطل طوافه، وإن لم تفته أو كان
خروجه بعد تجاوز الشوط الرابع فالأحوط إتمام الطواف ثم
إعادته، ويكفي في الاحتياط الاتيان بطواف تام بقصد
الأعم من الاتمام والتمام.
305 - إذا أحدث أثناء طوافه فقد تقدم حكمه في
المسألة (282)، وإذا التفت إلى نجاسة بدنه أو ثيابه أثناء
طوافه فقد مر حكمه في المسألة (297)، وإذا حاضت
المرأة أثناء طوافها وجب عليها قطعه والخروج من المسجد
الحرام فورا، وقد مر حكم طوافها في المسألة (288).
306 - إذا التجأ الطائف إلى قطع طوافه الفريضة
وخروج عن المطاف لمرض - كصداع أو وجع في
البطن - فإن كان ذلك قبل إتمامه الشوط الرابع لزمته
الإعادة، وإن كان بعده فالأحوط أن يستنيب للمقدار الباقي
129

ويأتي بطواف كامل بقصد الأعم من الاتمام والتمام إلا أن
يكون الخروج لقضاء حاجة أخيه المؤمن، فإنه يبني على
طوافه، وأما إن كان طواف نافلة فيبني عليه ولو كان
شوطا أو شوطين.
307 - يجوز للطائف أن يخرج من المطاف -
سواء أكان في طواف فريضة أم نافلة - لعيادة مريض أو
لقضاء حاجة لنفسه أو لأحد إخوانه المؤمنين، وأما حكم
طوافه فهو ما مر في المسألة السابقة، ويستحب قطع
الطواف - وإن كان فريضة - لادراك صلاة الفريضة،
ثم يعود فيتم ما بقي من طوافه، وهذا الحكم يجري في ما
إذا ضاق وقت صلاة الوتر.
308 - يجوز الجلوس أثناء الطواف للاستراحة
بمقدار لا تفوت به الموالاة العرفية، فإن فاتت بطل طوافه.
النقصان في الطواف
309 - إذا أتى ببعض طوافه ثم بنى على عدم
الاتيان بالباقي فلا يضر ذلك البناء، فإن لم تفت الموالاة
130

جاز له الاتمام ما لم يخرج من المطاف، وقد تقدم حكم
الخروج من المطاف في المسألة (304).
310 - إذا نقص من طوافه سهوا، فإن تذكره قبل
فوات الموالاة ولم يخرج بعد من المطاف أتى بالباقي
وصح طوافه، وإن تذكره بعد فوات الموالاة أو بعد
خروجه من المطاف، فإن كان المنسي شوطا واحدا أتى به
وصح طوافه أيضا، وإن لم يتمكن من الاتيان به بنفسه
- (ولو لأجل أن تذكره كان بعد إيابه إلى بلده - استناب غيره
بلا إشكال، وهذا الحكم يجري في ما إذا كان المنسي
شوطين أو ثلاثة أيضا على الأقوى، وإن كان المنسي
أربعة أو أكثر فالأحوط الاتيان بطواف واحد بقصد الأعم
من الاتمام والتمام.
الزيادة في الطواف
للزيادة في الطواف خمس صور:
الأولى: أن لا يقصد الطائف جزئية الزائد
للطواف الذي بيده أو لطواف آخر، ففي هذه الصورة لا
يبطل الطواف بالزيادة.
131

الثانية: أن يقصد حين شروعه في الطواف أو
في أثنائه الاتيان بالزائد على أن يكون جزء من طوافه الذي
بيده ولا إشكال في بطلان طوافه حينئذ ولزوم إعادته.
الثالثة: أن يأتي بالزائد على أن يكون جزء من
طوافه الذي فرغ منه بمعنى أن يكون قصد الجزئية بعد
فراغه من الطواف، فعليه الإعادة أيضا في هذه الصورة.
الرابعة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر ويتم
الطواف الثاني، والزيادة في هذه الصورة وإن لم تكن
متحققة لعدم قصد الجزئية للأول، إلا أنه لا يجوز القران
بين الطوافين - بأن لا يفصل بينهما بصلاة الطواف - في
الفريضتين ولا في الفريضة والنافلة، ويوجب بطلان
الطواف الأول على الأحوط والطواف الثاني على الأقوى.
الخامسة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر
ولا يتم الطواف الثاني من باب الاتفاق، بل وإن لم يأت
بالزائد أصلا، فلا زيادة ولا قران إلا أنه إذا قصد المكلف
للقران عند ابتدائه بالطواف أو في أثنائه مع علمه بحرمته
بطل طوافه على الأحوط.
132

311 - إذا زاد في طوافه سهوا، فإن كان الزائد
أقل من شوط قطعه وصح طوافه. وإن كان شوطا واحدا
أو أكثر فالأحوط أن يتم الزائد طوافا كاملا بقصد القربة
المطلقة الأعم من الوجوب والندب، ثم يصلي ركعتين
خلف المقام قبل السعي وركعتين بعد السعي، وإن كان
الأقوى كفاية الركعتين قبل السعي.
الشك في عدد الأشواط
312 - إذا شك في الطواف، فإن كان الشك في
الصحة حكم بصحته إذا كان الشك بعد الفراغ منه، و
كذلك إذا كان الشك في الأثناء بالنسبة إلى ما فرغ منه،
وإن كان في عدد الأشواط حكم بصحته أيضا إذا كان قد
تجاوز محل التدارك، كما إذا كان شكه بعد فوات الموالاة
أو بعد دخوله في ما يترتب عليه كصلاة الطواف.
313 - إذا تيقن بالسبعة وشك في الزائد - كما إذا
احتمل أن الشوط الأخير هو الثامن - صح طوافه، إلا أن
يكون شكه المذكور قبل تمام الشوط الأخير، فإن الأقوى
133

حينئذ بطلان الطواف، والأحوط إتمامه رجاء وإعادته،
ويكفي في الاحتياط الاتيان بطواف كامل بقصد الأعم من
الاتمام والتمام.
314 - إذا شك في عدد الأشواط في الطواف
الواجب، فإن كان الشك في النقصان وكان الشك بين
السادس والسابع فالأحوط إعادة الطواف، وإن كان
للصحة والبناء على اليقين وجه، وإن كان الشك في
الأعداد السابقة كالخامس والسادس وما دونهما حكم ببطلان
طوافه، وكذلك إذا شك في الزيادة والنقصان معا كما إذا
شك في أنه طاف ستة أم سبعة أم ثمانية أو شك في أنه
طاف ستة أم ثمانية.
315 - إذا شك بين السادس والسابع وبنى على
السادس جهلا منه بالحكم وأتم طوافه لزمه الاستيناف على
الأحوط، وإن فاته زمان التدارك فلا إعادة عليه.
316 - يجوز للطائف أن يتكل على إحصاء
صاحبه في حفظ عدد أشواطه إذا كان صاحبه على يقين
من عددها.
134

317 - إذا شك في عدد الأشواط في الطواف
المندوب بنى على المتيقن وصح طوافه.
318 - إذا ترك الطواف في عمرة التمتع عمدا مع
العلم بالحكم أو مع الجهل به ولم يتمكن من تداركه وإتمام
عمرته قبل إدراك الركن من الوقوف بعرفات بطلت
عمرته، وقد تقدم ما يتعلق به في أول الطواف.
319 - إذا ترك الطواف نسيانا وجب تداركه بعد
التذكر:
فإن تذكره قبل فوات محله - كمن نساه في عمرة
التمتع وتذكر بعد الدخول في السعي بين الصفا والمروة أو
بعد فراغه منه - وجب تداركه وإتمام ما بقي من السعي
في الأول واستيناف السعي في الثاني.
وإن تذكره بعد فوات محله - كما إذا نسي طواف
عمرة التمتع وتذكر بعد ما لم يتمكن من إدراك الركن من
الوقوف بعرفات، أو نسي طواف الحج وتذكر بعد ذي
الحجة - قضاه وصح حجه، والأحوط إعادة السعي بعد
قضاء الطواف وصلاته.
135

وإذا تذكره في وقت لا يتمكن من القضاء أيضا -
كما إذا تذكره بعد رجوعه إلى بلده - وجبت عليه
الاستنابة، والأحوط الأولى أن يأتي النائب بالسعي أيضا
بعد الطواف وصلاته.
320 - إذا نسي طواف الفريضة حتى قدم بلده و
واقع النساء لزمه بعث هدي إلى منى إن كان المنسي
طواف الحج، وإلى مكة إن كان المنسي طواف العمرة و
يكفي في الهدي أن يكون شاة.
321 - إذا نسي الطواف وتذكره في زمان يمكنه
القضاء قضاه وإن كان قد أحل من إحرامه، ولا حاجة
إلى تجديد الاحرام. نعم إذا كان قد خرج من مكة ومضى
عليه شهر أو أكثر لزمه الاحرام على الأحوط.
322 - لا يحل لناسي الطواف ما كان حله متوقفا
عليه حتى يقضيه بنفسه أو بنائبه.
323 - إذا لم يتمكن من الطواف بنفسه من دون
استعانة بالغير - لمرض أو كسر أو أشباه ذلك - لزمته
الاستعانة بالغير، بأن يساعده في طوافه، وإن لم يتمكن
136

من ذلك أيضا وجب أن يطاف به بأي وجه تيسر، ومع عدم
التمكن من ذلك أيضا يطاف عنه بالاستنابة، ومع عدم
القدرة عليها - كالمغمى عليه ومن لا يعقل - يطوف عنه
وليه أو غيره -. وقد تقدم حكم الحائض والنفساء في
شرائط الطواف.
صلاة الطواف
الثالث من واجبات عمرة التمتع صلاة الطواف:
وهي ركعتان، يؤتي بهما عقيب الطواف، و
صورتها كصلاة الفجر، ولكنه مخير في قرائتها بين الجهر
والاخفات. ويجب الاتيان بها قريبا من مقام إبراهيم عليه
السلام، والظاهر وجوب الاتيان بها خلف المقام، ومع
عدم التمكن من الاتيان بها قريبا من المقام لكثرة الناس
يجوز الاتيان بها خلف المقام إلى ما يقرب من ظلال
المسجد، وإن لم يتمكن من ذلك أيضا صلى قريبا منه في
أحد جانبيه على الأحوط، ومع عدم التمكن منه أيضا
يصلي في أي مكان من المسجد.
137

هذا في طواف الفريضة، وأما المندوب
فيجوز الاتيان بصلاته في أي موضع من المسجد اختيارا.
بل لا يبعد جواز الاتيان بها خارج المسجد أيضا.
324 - من ترك صلاة الطواف عالما عامدا بطل
حجه على الأقوى.
325 - الأقوى وجوب المبادرة إلى الصلاة بعد
الطواف، بأن لا يفصل بين الطواف والصلاة إلا بالمقدار
المتعارف.
326 - إذا نسي صلاة الطواف وذكرها بعد
السعي أتى بها، ولا تجب إعادة السعي بعدها وإن كانت
الإعادة أحوط، وإذا ذكرها في أثناء السعي قطعه وأتى
بالصلاة عند المقام ثم رجع وأتم السعي حيث ما قطع على
الأحوط وإن كان للترخيص له في أن يتم سعيه ثم يأتي
بالصلاة وجه.
وإذا ذكرها بعد خروجه من مكة، فإن كان
الخروج لاتيان بقية أعمال الحج وتذكر الصلاة في منى
138

فالأقوى التخيير بين الاتيان بمنى والرجوع ثم إتيانها عند
المقام وإن كان الثاني أحوط.
وإن ارتحل من مكة وتذكر، فإن كان قصد مضى
قليلا فليرجع فليصلها عند المقام، وإلا يأت بها في أي
موضع ذكرها فيه أو يستنب.
وحكم التارك لصلاة الطواف جهلا - قصورا كان
أو تقصيرا - حكم الناسي.
327 - إذا ترك صلاة الطواف نسيانا أو جهلا -
قصورا أو تقصيرا - حتى مات وجب على الولي قضائها.
328 - إذا كان في قراءة المصلي لحن، فإن لم
يكن متمكنا من تصحيحها فلا إشكال في اجتزائه بما يتمكن
منه في صلاة الطواف، وأما إذا تمكن من التصحيح لزمه
ذلك ويجزيه أن يتلقن القراءة الصحيحة من معلم حال فعل
الصلاة. فإن لم يتمكن منهما حتى ضاق الوقت عن
تصحيحها فعليه أن يأتي بصلاة الطواف بقرائته الملحونة،
والأحوط وجوبا أن يصليها جماعة ويستنيب أيضا.
139

329 - إذا كان جاهلا باللحن في قرائته عن
قصور صحت صلاته، حتى إذا علم بذلك بعد الصلاة أو
في أثنائها بعد مضي محل التدارك، كما لو علم باللحن في
القراءة بعد ما دخل في الركوع، وأما إذا كان عن تقصير
فعليه إعادتها بعد التصحيح إن كان في مكة، وإن كان
خارجا فحكمه حكم تارك صلاة الطواف نسيانا، وقد تقدم
في مسألة (326).
140

السعي
الرابع من واجبات عمرة التمتع السعي:
ويعتبر فيه قصد القربة، ولا يعتبر فيه ستر
العورة ولا طهارة من الحدث أو الخبث، وإن كان
الأحوط الأفضل رعاية الطهارة فيه.
330 - محل السعي إنما هو بعد الطواف وصلاته،
فلو قدمه على الطواف أو صلاته فعليه الإعادة بعدهما،
وقد تقدم حكم من نسي الطواف وتذكره بعد سعيه في
المسألة (319).
331 - تعتبر في السعي النية، بأن يقصد السعي
متقربا به إلى الله تعالى، وتعيين المنوي، بأن يأتي به
للعمرة إن كان في العمرة، وللحج إن كان في الحج.
332 - يعتبر في السعي العدد، بأن يقطع المسافة
التي بين الصفا والمروة سبع مرات، ويجب البدء
141

بالسعي من الصفا فيذهب إلى المروة، وهذا يعد شوطا
واحدا، ثم يبدء من المروة راجعا إلى الصفا إلى أن يصل
إليه، فيكون الإياب شوطا آخر، وهكذا يصنع إلى أن يتم
السعي بالشوط السابع في المروة.
ويجزئ قطع المسافة وإن لم يكن بالخط
المستقيم.
والأحوط الأولى الاستيعاب الحقيقي بين الجبلين،
ويتحقق بإلصاق العقبين بكل من الجبلين عند البدء وبإلصاق
أصابع قدميه عند العود.
والأقوى اعتبار الموالاة العرفية في السعي بين
الأشواط وأبعاضها، ويستحب قطعه للصلاة عند دخول
وقتها ثم البناء على ما سعى، ويجوز قطعه لقضاء حاجة
المؤمن وإن دعاه إلى الطعام، ولكن الأحوط وجوبا حينئذ
أن يتم سعيه ثم يعيد، ويتحقق الاحتياط بإتيان سعي كامل
بقصد الأعم من الاتمام والتمام.
333 - لو بدء بالمروة قبل الصفا استأنف السعي
من الأول مطلقا، كان في الشوط الأول أو فيما بعده.
142

334 - لا يعتبر في السعي المشي، فلا بأس
بالسعي راكبا والمشي أفضل.
335 - يعتبر في السعي أن يكون ذهابه وإيابه في
ما بين الصفا والمروة من الطرق المتعارف للسعي فلا يجزئ
الذهاب أو الإياب من المسجد الحرام أو أي طريق آخر.
336 - يجب استقبال المروة عند الذهاب إليها،
كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إليه، فلو
استدبر المروة عند الذهاب إليها أو استدبر الصفا عند
الإياب من المروة لم يجزئه ذلك، ولا بأس بالالتفات
بوجهه إلى اليمين أو اليسار أو الخلف عند الذهاب أو
الإياب.
337 - يجوز الجلوس على الصفا والمروة وفي
ما بينهما للاستراحة، وإن كان الأحوط ترك الجلوس في
ما بينهما إلا لجهد ومشقة.
أحكام السعي
من ترك السعي عمدا عالما بالحكم والموضوع إلى
زمان لا يمكنه التدارك قبل إدراك الركن من الوقوف
143

بعرفات بطل حجه، ولزمته الإعادة من قابل، والأقوى
بطلان إحرامه أيضا، وكذلك من كان جاهلا بالحكم أو
الموضوع على الأحوط لو لم يكن أقوى، والأحوط الأولى
الاتيان بأعمال العمرة المفردة.
338 - لو ترك السعي نسيانا أتى به حيث ما ذكره
وإن كان تذكره بعد فراغه من أعمال الحج، فإن لم يتمكن
منه مباشرة أو كان فيه حرج ومشقة لزمته الاستنابة،
ويصح حجه في كلتا الصورتين.
339 - من لم يتمكن من السعي بنفسه ولو
بمساعدة غيره استعان لأن يسعى به على متن انسان أو
وسيلة أخرى، وإن لم يتمكن من ذلك أيضا استناب للسعي
عنه، ومع عدم التمكن منها - كمن لا يعقل أو المغمى
عليه - سعى عنه وليه أو غيره.
340 - الأحوط المبادرة إلى السعي بعد الفراغ من
الطواف وصلاته، ولا بأس بتأخيره لرفع تعب ونحوه
كشدة الحر، ولا يجوز تأخيره إلى الغد، بل الأحوط عدم
تأخيره إلى الليل أيضا من غير ضرورة.
144

341 - لا تجوز الزيادة في السعي، ولو زاد
عامدا بطل سعيه، ولا يبطل بالزيادة سهوا وكذلك جهلا
بالحكم.
342 - إذا زاد في سعيه خطأ صح سعيه، ولكنه
إذا استيقن أنه سعى بين الصفا والمروة ثمانية يستحب أن
يضيف إليه ستة أشواط فيكون انتهاؤه إلى الصفا، ولا بأس
بالاتمام رجاء إذا زاد على الثمانية.
343 - إذا نقص شيئا من السعي عامدا عالما
بالحكم أو جاهلا به ولم يمكنه تداركه قبل إدراك الركن من
الوقوف بعرفات فسد حجه، ولزمته الإعادة من قابل،
والأقوى بطلان إحرامه أيضا، وإن كان الأحوط الاتمام
والتقصير رجاء.
وأما إذا كان النقص نسيانا، فإن كان بعد الشوط
الرابع وجب عليه تدارك الباقي حيث ما تذكر ولو كان ذلك
بعد الفراغ من أعمال الحج قبل انقضاء ذي الحجة، وأما
بعده فالأحوط وجوبا الاتمام والإعادة، ويتحقق الاحتياط
بالاتيان بسعي كامل بقصد الأعم من الاتمام والتمام، وإذا
145

لم يتمكن من التدارك بنفسه أو تعسر عليه ذلك فعليه
الاستنابة. وإن لم يقدر عليها - كالمغمى عليه ومن لا
يعقل - ناب عنه وليه أو غيره. والأحوط وجوبا أن يأتي
النائب بسعي كامل عن المنوب عنه بقصد الأعم من الاتمام
والتمام.
وأما إن كان نسيانه قبل تمام الشوط الرابع
فالأحوط أن يأتي بسعي كامل يقصد به الأعم من الاتمام
والتمام، ومع عدم التمكن أو التعسر تصل النوبة إلى
الاستنابة والنيابة كما تقدم.
344 - إذا نقص شيئا من السعي في عمرة التمتع
نسيانا فأحل لاعتقاده الفراغ من السعي فعليه بقرة يذبحها
وإتمام السعي على النحو الذي ذكرناه في المسألة السابقة.
الشك في السعي
لا اعتبار بالشك في صحة السعي بعد الفراغ منه،
وكذلك لا اعتبار بالشك في عدد أشواط السعي بعد التجاوز
عن محله، كما لو كان الشك فيه بعد التقصير في عمرة
146

التمتع أو العمرة المفردة أو في الحج بعد الشروع في
طواف النساء.
وذهب جمع من الفقهاء إلى عدم الاعتناء بالشك
بعد انصرافه من السعي وإن كان الشك قبل التقصير ولكن
الأقوى لزوم الاعتناء به حينئذ ولو خرج من المسعى إذا
كان الشك قبل فوات الموالاة.
345 - إذا كان الشك في زيادة الشوط على وجه
لا ينافي البدء بالصفا - كما إذا كان على المروة وشك بين
السبعة والتسعة - فلا اعتبار بشكه ويصح سعيه، وإذا
كان الشك في النقيصة فقط - كما إذا شك بين الخمسة
والستة - أو في الزيادة والنقيصة - كما إذا شك بين الستة
والثمانية - بطل سعيه ووجب عليه الاستيناف.
346 - الشك في عدد أشواط السعي في أثنائه
مبطل له كالشك في عدد أشواط الطواف في أثنائه.
147

التقصير
الخامس من واجبات عمرة التمتع التقصير:
وهو عبارة عن أخذ شئ من شعر الرأس، أو
اللحية، أو الشارب، أو الحاجب، أو تقليم ظفر يده أو
رجله، ويعتبر فيه النية بأن يقصد التقصير متقربا إلى
الله تعالى، ولا يجزئ النتف عن التقصير.
347 - يتعين التقصير في إحلال عمرة التمتع،
ولا يجزئ عنه حلق الرأس بل يحرم عليه، وإذا حلق
فعليه دم إذا كان عالما عامدا، ويكفي عنه شاة، وأما إذا
كان ناسيا أو جاهلا ففي ثبوت الكفارة عليه إشكال.
348 - إذا جامع بعد السعي وقبل التقصير جاهلا
بالحكم فعليه كفارة بدنة على الأحوط.
349 - محل التقصير بعد الفراغ من السعي
ويحرم قبله. فلو فعله قبله عالما عامدا فعليه الكفارة على
ما تقدم في تروك الاحرام في المسألة (257).
148

350 - لا تجب الموالاة بين السعي والتقصير،
وليس للتقصير مكان خاص، فيجوز فعله ما لم يتضيق
الوقت الحج في أي مكان شاء.
351 - إذا ترك التقصير عمدا فأحرم للحج بطلت
عمرته، والأحوط أن يأتي بوظيفة المفرد من إتمام حجه
والآتيان بعمرة مفردة بعده والآتيان بحج التمتع في السنة
القادمة.
352 - إذا ترك التقصير نسيانا فأحرم للحج
صحت عمرته، والأقوى عدم الكفارة عليه، وإن كان
التكفير بشاة أحوط.
353 - إذا قصر المحرم في عمرة التمتع حل له
جميع ما كان يحرم عليه من جهة إحرامه ما عدا الحلق،، و
أما الحلق فالمتمتع إذا حلق رأسه بمكة، فإن كان جاهلا
فليس عليه شئ. وكذلك إن تعمد في شوال إلى ثلاثين
يوما، وإن تعمد بعد الثلاثين فالحكم بعدم الجواز مشكل،
لكن عليه دم على الأحوط ويكفي عنه شاة.
354 - لا يجب طواف النساء في عمرة التمتع.
149

واجبات الحج
الأول من واجبات الحج الاحرام:
وأفضل أوقاته يوم التروية، ويجوز التقديم
للمريض والشيح الكبير إذا خافا من الزحام مطلقا،
والأحوط عدم التقديم أكثر من ثلاثة أيام لغيرهما، وقد تقدم
جواز الخروج من مكة محرما بالحج لضرورة بعد الفراغ
من العمرة في أي وقت كان.
355 - كما لا يجوز للمعتمر أن يحرم للحج قبل
التقصير، لا يجوز للحاج أن يحرم للعمرة المفردة قبل
إتمام أعمال الحج، ولا مانع منه بعد إتمام النسك قبل
طواف النساء وإن كان التأخير عنه أحوط.
150

356 - تجب المبادرة إلى الاحرام في ما إذا
استلزم تأخيره فوات ما يجب عليه من الوقوف بعرفات يوم
عرفة.
357 - يتحد إحرام الحج مع إحرام العمرة في
كيفيته وواجباته ومحرماته، والاختلاف بينهما إنما هو في
النية فقط.
358 - للمكلف أن يحرم للحج من مكة من أي
موضع شاء، والظاهر عدم الاقتصار على مكة القديمة
المحدودة في النص بذي طوى وعقبة المدنيين وإن كان
أحوط، والأفضل الاحرام من مقام إبراهيم أو حجر
إسماعيل عليهما السلام.
359 - من ترك الاحرام نسيانا أو جهلا بالحكم
إلى أن خرج من مكة ثم تذكر أو علم بالحكم وجب عليه
الرجوع إلى مكة ولو من عرفات والاحرام منها، فإن لم
يتمكن من الرجوع - لضيق الوقت أو لعذر آخر - أحرم
من الموضع الذي هو فيه، وكذلك لو تذكر أو علم بالحكم
بعد الوقوف بعرفات ولم يتمكن من العود إلى مكة، وأما
151

إذا تمكن فالأحوط العود إلى مكة والاحرام منها ثم الرجوع
والآتيان بسائر الأعمال، ولو لم يتذكر أو لم يعلم الحكم
إلى أن فرغ من الحج صح حجه.
360 - من ترك الاحرام عالما عامدا لزمه
التدارك، فإن لم يتمكن منه قبل إدراك الركن من الوقوف
بعرفات فسد حجه ولزمته الإعادة من قابل.
361 - الظاهر عدم جواز الطواف المندوب
للمتمتع بعد إحرام الحج قبل الخروج إلى عرفات. ولو
طاف فالأولى تجديد التلبية بعد الطواف.
الوقوف بعرفات
الثاني من واجبات حج التمتع الوقوف بعرفات:
والمراد بالوقوف هو الحضور بعرفات عن قصد
متقربا به إلى الله تعالى، من دون فرق بين أن يكون راكبا
أو راجلا ساكنا أو متحركا.
152

362 - حد عرفات من بطن عرنة وثوية ونمرة
إلى ذي المجاز، ومن المأزمين إلى أقصى الموقف، وهذه
الحدود خارجة عن الموقف.
363 - أفضل الموقف ميسرة الجبل في سفحه،
والأحوط عدم الوقوف على الجبل وإن لم يبعد كونه موقفا.
364 - لو نام أو غشي عليه في جميع الوقت لم
يتحقق منه الوقوف الواجب، ولا يضر النوم والغشيان في
بعض الوقت.
365 - الأحوط للمختار أن يقف في عرفات من
زوال اليوم التاسع من ذي الحجة إلى الغروب كما عليه
المشهور، ويجوز تأخيره عن الزوال بمقدار الاغتسال و
أداء صلاة الظهر والعصر جمعا بأذان واحد وإقامتين،
ويشكل التأخير عمدا من دون الاشتغال بما ذكر.
والوقوف في تمام هذا الوقت وإن كان واجبا إلا
أنه ليس من الأركان بمعنى أن من ترك الوقوف في
مقدار من هذا الوقت لا يفسد حجه. نعم لو ترك الوقوف
153

رأسا باختياره فسد حجه، فما هو الركن من الوقوف هو
الوقوف في الجملة.
366 - من لم يدرك الوقوف الاختياري (الوقوف
في النهار) لنسيان الحكم أو الموضوع، أو لجهل
بالموضوع أو الحكم عن قصور، أو لغير ذلك من الأعذار
لزمه الوقوف الاضطراري (الوقوف برهة من ليلة العيد
في عرفات) وصح حجه، فإن تركه متعمدا فسد حجه و
إن لم يتمكن من الوقوفين عن عذر وأدرك الوقوف في
المشعر قبل طلوع الشمس أجزأه ذلك وتم حجه، فإن الله
تعالى أعذر لعبده.
367 - تحرم الإفاضة من عرفات قبل غروب
الشمس عالما عامدا، لكنها لا تفسد الحج. فإذا رجع قبل
الغروب إلى عرفات فلا شئ عليه، وإلا كانت عليه
كفارة بدنة ينحرها يوم النحر. والأحوط أن يكون النحر
في منى فإن لم يقدر عليها صام ثمانية عشر يوما بمكة أو
في الطريق أو في أهله. والأحوط أن تكون متواليات، و
يجري هذا الحكم أيضا فيمن أفاض من عرفات نسيانا أو
154

جهلا منه بالحكم، فيجب عليه الرجوع بعد التذكر أو العلم،
فإن لم يرجع حينئذ ففي ثبوت الكفارة وبدلها عليه إشكال.
368 - إذا لم يثبت الهلال شرعا ولكنه ثبت عند
قاضي أهل السنة وحكم على طبقه، فإن احتملت مطابقة
الحكم للواقع وكان الاحتياط مخالفا لها فالأحوط الجمع بين
ترتيب آثار ثبوت الهلال على حكمهم والآتيان بوظيفته
الأولية وإن كان الأقوى كفاية ترتيب الآثار على حكمهم.
وأما إذا فرض العلم بالخلاف فللاجزاء وجه،
ولكن الأحوط وجوبا الاتيان بوظيفته الأولية وترتيب الآثار
على حكمهم كالوقوف معهم إذا لم يكن مخالفا للتقية، وإلا
فإن تمكن من الاتيان بالوقوف الاضطراري في المزدلفة
ولم تترتب عليه مخالفة للتقية أتى به على الأحوط وتم
حجه، وإن لم يتمكن من ذلك أيضا فالأحوط إعادة الحج إن
كان مستقرا عليه، وإن لم يكن مستقرا عليه - كمن كانت
استطاعته في السنة الحاضرة ولم تبق بعدها - فلا شئ
عليه، وإن بقيت أو تجددت الاستطاعة فالأحوط الإعادة.
155

الوقوف في المزدلفة
الثالث من واجبات حج التمتع الوقوف في المزدلفة:
والمزدلفة اسم لمكان يقال له (المشعر الحرام)،
وحد الموقف ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي
محسر، وإذا كثر الناس وضاقت عليهم يرتفعون إلى
المأزمين. ويعتبر فيه قصد الوقوف متقربا به إلى الله
تعالى.
369 - إذا أفاض الحاج من عرفات فالأحوط
الأولى أن يبيت في المزدلفة شطرا من ليلة العيد.
370 - يجب الوقوف في المزدلفة من طلوع فجر
يوم العيد، والأحوط وجوبا بقائه فيها حتى تطلع الشمس.
والركن منه هو الوقوف في الجملة، فإذا وقف مقدارا ما
بين الطلوعين ولم يقف الباقي ولو متعمدا صح حجه.
371 - يجوز لذوي الأعذار - كالنساء والصبيان
والضعفاء، كالشيوخ والمرضى، ومن يتولى أمر هؤلاء
والخائف - الوقوف في المزدلفة ليلة العيد والإفاضة منها
إلى منى قبل طلوع الفجر.
156

372 - من وقف في المزدلفة ليلة العيد وأفاض
منها قبل طلوع الفجر جهلا منه بالحكم صح حجه، وعليه
كفارة شاة.
373 - من لم يتمكن من الوقوف الاختياري في
المزدلفة (الوقوف في ما بين الطلوعين) لنسيان أو لعذر
آخر، أجزأه الوقوف الاضطراري (الوقوف وقتا ما بعد
طلوع الشمس إلى زوال يوم العيد).
إدراك الوقوفين أو أحدهما
تقدم أن كلا من الوقوفين - (الوقوف في عرفات
والوقوف في المزدلفة - ينقسم إلى قسمين: اختياري
واضطراري، فإذا أدرك المكلف الاختياري من الوقوفين
كليهما فلا إشكال، وإلا فله صور:
الأولى: أن لا يدرك شيئا من الوقوفين الاختياري
منهما والاضطراري أصلا، ففي هذه الصورة يبطل حجه،
ويجب عليه الاتيان بعمرة مفردة بنفس إحرام الحج،
157

ويجب عليه الحج في السنة القادمة في ما إذا كانت استطاعته
باقية أو كان الحج مستقرا في ذمته.
الثانية: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات
والاضطراري في المزدلفة.
الثالثة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في
عرفات والاختياري في المزدلفة.
وفي هاتين الصورتين يصح حجه بلا إشكال.
الرابعة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في كل
من عرفات والمزدلفة، والأقوى في هذه الصورة أيضا
صحة حجه.
الخامسة: أن يدرك الوقوف الاختياري في
المزدلفة فقط، وفي هذه الصورة يصح حجه أيضا.
السادسة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في
المزدلفة فقط، والأقوى بطلان حجه، فيجعلها عمرة مفردة
وعليه الحج من قابل.
السابعة: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات
فقط، والأقوى في هذه الصورة أيضا بطلان الحج، فينقلب
158

حجه إلى العمرة المفردة، ويستثنى من ذلك ما إذا وقف
في المزدلفة ليلة العيد وأفاض منها قبل الفجر جهلا منه
بالحكم ولكنه إن أمكنه الرجوع ولو إلى زوال الشمس من
يوم العيد وجب الرجوع والوقوف مقدارا ما، وإن لم
يمكنه صح حجه، وعليه في كلتا الصورتين كفارة شاة.
الثامنة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في
عرفات فقط، وفي هذه الصورة يبطل حجه، فليجعلها
عمرة مفردة.
منى وواجباتها
إذا أفاض المكلف من المزدلفة وجب عليه أداء
الأعمال الواجبة في منى، وهي ثلاثة:
1 - رمي جمرة العقبة
الرابع من واجبات الحج رمي جمرة العقبة يوم النحر:
ويعتبر فيه أمور:
1 - قصد الرمي متقربا به إلى الله تعالى.
159

2 - أن يكون الرمي بسبع حصيات، ولا يجزئ
الأقل من ذلك، كما لا يجزئ رمي غيرها من الأجسام.
3 - أن يكون رمي الحصيات واحدة بعد واحدة،
فلا يجزئ رمي اثنتين أو أكثر مرة واحدة.
4 - أن تصل الحصيات إلى الجمرة.
5 - أن يكون وصولها إلى الجمرة بسبب الرمي،
فلا يجزئ وضعها عليها، والظاهر جواز الاجتزاء بما إذا
رمى فلاقت الحصاة في طريقها شيئا ثم أصابت الجمرة،
نعم إذا كان ما لاقته الحصاة صلبا فطفرت منه فأصابت
الجمرة لم يجزئ ذلك.
6 - أن يكون الرمي بين طلوع الشمس وغروبها،
ويجزئ للنساء وسائر من رخص لهم الإفاضة من المشعر
في الليل أن يرموا بالليل ليلة العيد.
7 - أن يكون الرمي باليد، فلا يكفي بغيرها
كالرمي بالرجل والآلات المعدة للرمي.
374 - إذا شك في صحة الرمي وفساده بعد
الفراغ عنه بنى على الصحة، وإذا شك في الرمي وعدمه
160

أو في الإصابة وعدمها بنى على العدم، إلا أن يدخل في
واجب آخر مترتب عليه أو كان الشك بعد دخول الليل.
375 - يعتبر في الحصيات أمور:
أحدها: أن تكون من الحرم، والأفضل أخذها من
المشعر.
ثانيها: أن لا تؤخذ من المسجد الحرام ومسجد
الخيف، بل لا يبعد إلحاق سائر المساجد بهما.
ثالثها: أن تكون أبكارا على الأحوط، بمعنى أن
لا تكون مستعملة في الرمي قبل ذلك.
ويستحب فيها أن تكون ملونة ومنقطة ورخوة،
وأن يكون حجمها بمقدار أنملة.
376 - إذا زيد على الجمرة في ارتفاعها فالأحوط
أن يرمي المقدار الذي كان سابقا، فإن لم يتمكن من ذلك
رمى المقدار الزائد بنفسه واستناب شخصا آخر لرمي
المقدار المزيد عليه، ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل
والناسي.
161

377 - إذا لم يرم يوم العيد نسيانا أو جهلا منه
بالحكم لزمه التدارك إلى اليوم الثالث عشر حسب ما تذكر
أو علم، فإن علم أو تذكر في الليل لزمه الرمي في نهاره
إذا لم يكن ممن قد رخص له الرمي في الليل، والأقوى
وجوب التفريق وتقديم القضاء على الأداء، والأحوط أن
يكون القضاء أول النهار والأداء عند الزوال، وسيجئ
ذلك في رمي الجمار.
وإن علم أو تذكر بعد اليوم الثالث عشر فالأحوط
أن يرجع إلى منى ويرمي ويعيد الرمي في السنة القادمة
بنفسه أو بنائبه، وإذا علم أو تذكر بعد الخروج من مكة لم
يجب عليه الرجوع بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو
بنائبه على الأحوط.
378 - إذا لم يرم يوم العيد نسيانا أو جهلا فتذكر
أو علم بعد الطواف فتداركه لم تجب عليه إعادة الطواف،
وإن كانت الإعادة أحوط.
وأما إذا كان الترك مع العلم والعمد فالظاهر
بطلان طوافه، فيجب عليه أن يعيده بعد تدارك الرمي.
162

2 - الذبح أو النحر بمنى
الخامس من واجبات حج التمتع الذبح أو النحر
في منى:
ويعتبر فيه قصد العمل متقربا به إلى الله تعالى.
والايقاع في النهار، فلا يجزيه الذبح أو النحر في الليل و
إن كان جاهلا، نعم يجوز للخائف الذبح والنحر في الليل.
ويجب الاتيان به بعد الرمي، ولكن لو قدمه على الرمي
جهلا أو نسيانا صح، ويجب أن يكون الذبح أو النحر
بمنى، وإن لم يمكن ذلك ولو لأجل التقية إلى آخر أيام
التشريق أو كان حرجا عليه ذبح أو نحر في وادي محسر.
وإن لم يتمكن منه أيضا فالأحوط أن يذبح أو ينحر بمكة،
ومع عدم التمكن أو الحرج عليه يذبح أو ينحر في أي
موضع شاء من الحرم.
379 - لا يبعد جواز تأخير الذبح أو النحر إلى
آخر أيام التشريق وإن كان الأحوط الأفضل يوم العيد،
وإذا أخر ذلك عن أيام التشريق لعذر كنسيان أو لجهل
163

بالحكم لزمه التدارك، وإن استمر العذر جاز تأخيره إلى
آخر ذي الحجة.
وإذا تذكر أو علم بعد الطواف وتداركه لم تجب
عليه إعادة الطواف، وإن كانت الإعادة أحوط، وأما إذا
تركه عالما عامدا وطاف فالظاهر بطلان طوافه، ويجب
عليه أن يعيده بعد تدارك الذبح.
380 - لا يجزئ هدي واحد إلا عن شخص واحد.
381 - يجب أن يكون الهدي من الإبل، أو البقر،
أو الغنم، ولا يجزئ من الإبل إلا ما أكمل السنة الخامسة
ودخل في السادسة، ولا من البقر والمعز إلا ما أكمل
الثانية ودخل في الثالثة على الأحوط، كما أن الأحوط في
الضأن ما أكمل السنة الواحدة ودخل في الثانية، وإذا
تبين له بعد ذبح الهدي أنه لم يبلغ السن المعتبر فيه لم
يجزئه ذلك، ولزمته الإعادة.
ويعتبر في الهدي أن يكون تام الأعضاء فلا يجزئ
الأعور، والأعرج، والمقطوع أذنه، والمكسور قرنه
الداخل ونحو ذلك، والأظهر عدم كفاية الخصي أيضا.
164

ويعتبر فيه أن لا يكون مهزولا عرفا، والأحوط
الأولى أن لا يكون مريضا، ولا موجوءا. ولا
مرضوض الخصيتين، ولا كبيرا لا مخ له، ولا مثقوب
الأذن، ولا فاقد القرن والذنب من أصل خلقته، والأحوط
وجوبا أن لا يكون مشقوق الأذن إذا تيسر.
382 - إذا اشترى هديا معتقدا سلامته فبان معيبا
بعد نقد ثمنه جاز الاكتفاء به.
383 - إن لم يتمكن من الواجد للشرائط في أيام
التشريق فالأحوط أن يجمع بين الفاقد والبدل إلا إذا كان
الفاقد خصيا فإنه يجزئ مع عدم التمكن من غيره.
384 - إذا اشترى الهدي بزعم أنه سمين فبان
مهزولا أجزأه، وأما لو ملكه بغير الشراء - كالإرث
والهبة ونحوهما - واعتقد سمنه فذبحه فبان أنه مهزول ففي
الاجزاء إشكال.
385 - إذا ذبح ثم شك في أنه كان واجدا للشرائط
حكم بصحته إن احتمل أنه كان محرزا للشرائط حين الذبح،
ومنه ما إذا شك بعد الذبح أنه كان بمنى أو محل آخر.
165

وأما إذا شك في أصل الذبح، فإن كان الشك بعد الدخول في
ما يترتب عليه من الأعمال لم يعتن بشكه، وإلا لزم
الاتيان به، وإذا شك في شرط من الشرائط فذبحه بقصد
القربة ولو رجاء بمعنى أنه لو كان فاقدا ذبح ثانيا ثم ظهر
كونه واجدا للشرط بعد الذبح أجزأه ذلك.
386 - إذا اشترى هديا سليما فمرض بعد ما
اشتراه، أو أصابه كسر، أو عيب، أجزأه أن يذبحه،
والأحوط أن يهدي هديا آخر معه.
387 - لو اشترى هديا فضل اشترى مكانه هديا
آخر إن لم يعلم أنه وجده شخص آخر وذبحه عنه في
منى، فإن وجد الأول قبل ذبح الثاني ذبح الأول وهو
بالخيار في الثاني، إن شاء ذبحه وإن شاء لم يذبحه،
والأحوط الأولى ذبحه أيضا، وإن وجده بعد ذبح الثاني
ذبح الأول أيضا على الأحوط.
388 - لو وجد أحد هديا ضالا فليعرفه يوم النحر
والحادي عشر والثاني عشر، فإن لم يوجد صاحبه ذبحه
عن صاحبه آخر اليوم الثاني عشر.
166

389 - من لم يجد الهدي وتمكن من ثمنه أودع
ثمنه عند ثقة ليشتري به هديا ويذبحه عنه إلى آخر ذي
الحجة، فإن مضى الشهر أخر ذلك إلى ذي الحجة من
السنة القادمة.
390 - إذا لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه صام
بدلا عنه عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى
بلده، والأقوى وجوب إتيان الثلاثة في اليوم السابع والثامن
والتاسع من ذي الحجة، كما أن الأقوى اعتبار التوالي في
الثلاثة والسبعة، فإن لم يرجع إلى بلده وأقام بمكة فعليه
أن يصبر حتى يرجع أصحابه إلى بلدهم أو يمضي شهر ثم
يصوم بعد ذلك.
391 - من وجب عليه صوم ثلاثة أيام في الحج
إذا لم يتمكن من الصوم في اليوم السابع فالأحوط أن لا
يصوم يوم التروية ولا عرفة. بل يؤخر الصيام إلى ما بعد
أيام التشريق فيأتي بها بعدها متتابعات، ومن لم يتمكن في
اليوم الثامن وجب عليه التأخير إلى ما بعد رجوعه من
منى، والأحوط تأخير الصيام عن أيام التشريق.
167

والأحوط الأولى أن يبادر إلى الصوم بعد مضي
أيام التشريق، وإن كان الأقوى جواز إتيانها قبل انقضاء
ذي الحجة، وإذا لم يتمكن بعد الرجوع من منى صامها
في الطريق أو في بلده، والأحوط أن لا يجمع بين الثلاثة
والسبعة، فإن لم يصم الثلاثة حتى أهل هلال محرم سقط
الصوم وتعين الهدي للسنة القادمة.
392 - من لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه وصام
ثلاثة أيام في الحج ثم تمكن منه وجب عليه الجمع بين
الهدي والصوم على الأحوط.
393 - إذا لم يتمكن من الهدي باستقلاله وتمكن
من الشركة فيه مع الغير فالأحوط الجمع بين الشركة في
الهدي والصوم على النحو المتقدم.
394 - إذا أعطى الهدي أو ثمنه أحدا ووكله في
الذبح عنه، ثم شك في أنه ذبحه أم لا بنى على عدمه، نعم
إذا كان ثقة وأخبره بذبحه اكتفى به.
395 - ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا تعتبر
في ما يذبح كفارة، وإن كان الأحوط مراعاتها فيه.
168

396 - الذبح الواجب - هديا أو كفارة - يتحقق
بالمباشرة والتسبيب ولو في حال الاختيار على وجه الوكالة
لا الاستنابة، ولا بد أن تكون النية مستمرة من صاحب
الهدي إلى الذبح ولا اعتبار بنية الذابح، ويعتبر أن يكون
الذابح مسلما.
مصرف الهدي
الأقوى لزوم إعطاء ثلث الهدي للفقير المؤمن
صدقة، والأحوط إعطاء ثلثه للمؤمنين هدية، والأحوط أن
يأكل شيئا من هديه ولو قليلا، ويجوز له تخصيص ثلثه
بنفسه، ولا يجب إعطاء ما للفقير من الهدي لنفسه، بل
يجوز الاعطاء لوكيله - وإن كان الوكيل هو نفس من
عليه الهدي - ويتصرف الوكيل فيه حسب إذن موكله من
الهبة أو البيع أو الاعراض أو غير ذلك.
ويجوز إخراج لحم الهدي والأضاحي من منى إذا
لم يكن له مصرف فيها.
169

397 - لا يعتبر الافراز في ثلث الصدقة ولا في
ثلث الهدية، فلو تصدق بثلثه المشاع وأهدى ثلثه المشاع و
قبضهما الفقير والمؤمن أو وكيلهما - ولو بقبض الكل -
أجزأه ذلك.
398 - يجوز لقابض الصدقة أو الهدية أن
يتصرف في ما قبضه كيفما شاء، فلا بأس بتمليكه غير
المسلم.
399 - إذا ذبح الهدي فسرق أو أخذه متغلب عليه
قهرا قبل التصدق والاهداء فلا ضمان على صاحب الهدي،
نعم لو أتلفه هو باختياره - ولو بإعطائه لغير أهله - ضمن
الثلثين على الأحوط.
3 - الحلق أو التقصير
السادس من واجبات الحج الحلق أو التقصير:
ويعتبر فيه إتيانه عن قصد متقربا به إلى الله
تعالى، ولا يجوز تقديمه على يوم العيد، والأحوط الأولى
عدم تأخيره عنه.
170

والأحوط وجوبا تأخيره عن الرمي والذبح، ولكن
لو قدمه عليهما أو على الذبح نسيانا أو جهلا منه بالحكم
أجزأه، ولا إعادة عليه.
400 - لا يجوز الحلق للنساء، بل يتعين عليهن
التقصير.
401 - يتخير الرجل بين الحلق والتقصير،
والحلق أفضل، وأما من لبد شعر رأسه بالصمغ أو
العسل أو نحوهما، أو عقص شعر رأسه وعقده بعد جمعه و
لفه، فالأقوى تعين الحلق عليه، ومن كان صرورة
فالأقوى جواز التقصير له، وإن كان الحلق له مستحبا
مؤكدا.
402 - من كان مخيرا بين الحلق والتقصير
وعلم أن الحلاق يجرح رأسه فعليه أن يختار التقصير،
ومن تعين عليه الحلق ولم يتمكن إلا من الحلق المستلزم
للادماء فلا شئ عليه.
403 - الخنثى المشكل يجب عليه التقصير إذا لم
يكن ملبدا أو معقوصا، وإلا وجب عليه الجمع بين
171

التقصير والحلق، والأحوط الأولى له تقديم التقصير على
الحلق.
404 - إذا حلق المحرم أو قصر حل له جميع ما
حرم عليه بالاحرام ما عدا النساء والطيب، والظاهر حلية
الصيد المحرم بالاحرام له وإن كان الاجتناب أحوط.
405 - إذا لم يقصر ولم يحلق نسيانا أو جهلا منه
بالحكم إلى أن خرج من منى رجع وقصر أو حلق فيها.
وكذلك إذا نفر من مكة وذكر أو علم به في الطريق على
الأحوط.
فإن تعذر الرجوع أو تعسر عليه قصر أو حلق في
مكانه، وبعث بشعر رأسه إلى منى إن أمكنه ذلك ولم يكن
حرجا عليه.
406 - إذا لم يقصر ولم يحلق نسيانا أو جهلا
فذكره أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج تداركه، ولم
تجب عليه إعادة الطواف والسعي وإن كانت الإعادة
أحوط، خصوصا إذا تذكر أو علم بالحكم قبل خروجه من
مكة.
172

طواف الحج وصلاته والسعي
السابع والثامن والتاسع من واجبات الحج
الطواف وصلاته والسعي:
وكيفيتها وشرائطها هي نفس الكيفية والشرائط
التي ذكرناها في طواف العمرة وصلاته وسعيها.
407 - يجب تأخير الطواف عن الحلق أو التقصير
في حج التمتع فلو قدمه عالما عامدا وجبت إعادته بعد
الحلق أو التقصير ولزمته كفارة شاة.
408 - يستحب إتيان طواف الحج يوم النحر،
ويجوز تأخيره إلى آخر ذي الحجة. إلا أن التأخير للمتمتع
مكروه.
409 - لا يجوز في حج التمتع تقديم طواف الحج
وصلاته والسعي على الوقوفين، ويستثنى من ذلك الشيخ
الكبير، والمرأة التي تخاف الحيض، والمريض،
والمعلول، والخائف، فيجوز لهم بعد الاحرام تقديم الطواف
وصلاته على الوقوفين، والآتيان بالسعي في وقته،
173

والأحوط تقديم السعي أيضا وإعادته في وقته، وأما
الخائف الذي لا يتهيأ له الانصراف إلى مكة فيقدم السعي
أيضا، ولا إعادة عليه.
ولو عرض لهم التمكن بعد التقديم إلى آخر ذي
الحجة فلا تجب عليهم الإعادة وإن كانت أولى.
410 - يجوز لمن لا يتمكن من دخول مكة بعد
أعمال منى - كالخائف على نفسه - تقديم طواف النساء
وصلاته على الوقوفين.
411 - المرأة التي رأت الحيض أو النفاس ولم
يتيسر لها المكث في مكة لتطوف بعد طهرها لزمته
الاستنابة للطواف وصلاته ثم السعي بنفسها بعد طواف
النائب وصلاته.
412 - إذا طاف المتمتع وصلى وسعى فقد أحل
من كل شئ أحرم منه إلا النساء، والأقوى اختصاص
التحريم بالجماع وإن كان الأحوط الاجتناب عن سائر
الاستمتاعات المتقدمة أيضا.
174

413 - من كان يجوز له تقديم الطواف والسعي،
بل وطواف النساء إذا قدمهما على الوقوفين لا يتحلل من
إحرامه حتى يأتي بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق
أو التقصير.
طواف النساء
يجب على الحاج والمعتمر - عمرة مفردة - بعد
الحج والعمرة طواف النساء وصلاته، ولا يوقتان بذي
الحجة، فيجزئ إتيانهما بعدها أيضا. وهما وإن كانا من
الواجبات إلا أنهما ليسا من أجزاء الحج والعمرة، فتركهما
- ولو عمدا - لا يوجب فساد الحج والعمرة.
414 - كما يجب طواف النساء على الرجل - ولو
كل خصيا - يجب على المرأة ولو كانت كبيرة وكذلك
على الخنثى، ولو تركه الرجل حرمت عليه النساء، ولو
تركته المرأة حرم عليها الرجال، ولو تركه غير البالغ
حرمت عليه الاستمتاعات بعد بلوغه.
175

والنائب عن الغير يأتي بطواف النساء عن المنوب
عنه لا عن نفسه.
415 - طواف النساء وصلاته كطواف الحج
وصلاته في الكيفية والشرائط إلا في قصد العنوان.
416 - من لم يتمكن من طواف النساء وصلاته
فحكمه حكم من لم يتمكن من طواف الحج وصلاته. وقد
تقدم تفصيله في المسألة (323).
417 - من ترك طواف النساء نسيانا حرمت عليه
النساء إلى أن يتداركه، ولجواز الاستنابة مع التمكن من
المباشرة بلا حرج وجه، إلا أن الأحوط وجوبا الاتيان
بنفسه، ومع عدم التمكن أو الحرج جاز له الاستنابة، فإذا
طاف النائب عنه حلت له النساء.
والأقوى إلحاق الجاهل بالناسي، وأما من تركه
عامدا عالما بالحكم فلا تجوز له الاستنابة، إلا مع عدم
التمكن من الاتيان بنفسه أو كان حرجيا عليه.
176

ومن مات قبل تداركه فالأقوى أن يقضي عنه
وليه، وإن لم يكن له ولي ففي القضاء من صلب ماله
إشكال لو لم يكن الأقوى العدم.
418 - لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي،
فإن قدمه فإن كان عن علم وعمد فعليه إعادته بعد السعي،
وإن كان عن جهل أو نسيان فالأقوى عدم الإعادة، وإن
كانت الإعادة بعد السعي أحوط.
419 - من جاز له تقديم طواف النساء على
الوقوفين فلا تحل له النساء حتى يأتي بمناسك منى من
الرمي والذبح والحلق أو التقصير.
420 - إذا حاضت المرأة ولم تنتظر القافلة طهرها
جاز لها ترك طواف النساء والخروج مع القافلة، والأحوط
حينئذ أن تستنيب لطوافها ولصلاته.
وإذا كان حيضها بعد تجاوز النصف من طواف
النساء جاز لها ترك الباقي والخروج مع القافلة، والأحوط
الاستنابة لبقية الطواف ولصلاته.
177

421 - نسيان الصلاة في طواف النساء كنسيان
الصلاة في طواف العمرة وقد تقدم حكمه في المسألة
(326)
422 - إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلى
صلاته حلت له النساء، وإذا طافت المرأة وصلت
صلاته حل لها الرجال، والأحوط الأولى الاجتناب عن
الصيد إلى الظهر من اليوم الثالث عشر، وأما قلع الشجر
وما ينبت في الحرم وكذلك الصيد في الحرم فحرمتهما تعم
المحرم والمحل، كما تقدم.
المبيت في منى
العاشر من واجبات الحج المبيت بمنى ليلة الحادي
عشر والثاني عشر:
ويعتبر فيه قصد المبيت متقربا به إلى الله تعالى،
فإذا خرج الحاج إلى مكة يوم العيد لأداء فريضة الطواف
والسعي وجب عليه الرجوع ليبيت في منى، ومن أصاب
الصيد في إحرامه فعليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضا،
178

وكذلك من أتى النساء على الأحوط، ويجوز لغيرهما
النفر من منى بعد زوال الشمس من اليوم الثاني عشر،
ولكن إذا بقي في منى إلى أن دخل الليل وجب عليه
المبيت ليلة الثالث عشر حتى يصبح.
423 - إذا تهيأ للخروج وتحرك من مكانه ولم
يمكنه الخروج قبل الغروب للزحام أو نحوه، فإن أمكنه
المبيت ولم يكن حرجيا عليه وجب ذلك، وإن لم يمكنه أو
كان حرجيا جاز له الخروج. وعليه دم شاة على الأحوط.
424 - من وجب عليه المبيت بمنى لا يجب عليه
المكث فيها نهارا بأزيد من مقدار يرمي فيه الجمرات، ولا
يجب عليه المبيت في مجموع الليل فيجوز له المكث في
منى في النصف الأول من الليل بأن يكون خروجه بعد
الانتصاف أو المكث فيها في النصف الأخير بأن ينتصف
عليه الليل في منى ويكون خروجه بعد طلوع الفجر، إلا
من دخل عليه الليل في اليوم الثاني عشر فليس له أن يخرج
من منى حتى يصبح، والأولى لمن بات النصف الأول ثم
خرج أن لا يدخل مكة قبل طلوع الفجر.
179

425 - يستثنى ممن يجب عليه المبيت بمنى عدة
طوائف:
الأولى: المعذور، كالمريض والممرض ومن
يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله من المبيت بمنى،
وهكذا كل مورد يكون المبيت ضرريا أو حرجيا.
الثانية: من اشتغل بالعبادة في مكة تمام ليلته أو
تمام الباقي من ليلته إذا خرج من منى أول الليل، ما عدا
الحوائج الضرورية كالأكل والشرب ونحوهما.
الثالثة: من طاف بالبيت وبقي في عبادته ثم
خرج من مكة وتجاوز عقبة المدنيين فيجوز له أن يبيت في
الطريق دون أن يصل إلى منى.
ويجوز لهؤلاء التأخير في الرجوع إلى منى إلى
إدراك الرمي في النهار.
426 - من ترك المبيت بمنى فعليه كفارة شاة عن
كل ليلة، والأقوى عدم وجوب التكفير فيما إذا تركه نسيانا
أو جهلا منه بالحكم إذا كان عن قصور، وإن كان التكفير
أحوط.
180

والأحوط التكفير للمعذور من المبيت، ولا كفارة
على الطائفة الثانية والثالثة ممن تقدم
427 - من أفاض من منى ثم رجع إليها بعد دخول
الليل في الليلة الثالثة عشرة لم يجب عليه المبيت بها.
رمي الجمار
الحادي عشر من واجبات الحج رمي الجمرات
الثلاث:
وهي الأولى والوسطى وجمرة العقبة، ويجب
الرمي في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وإذا بات
ليلة الثالث عشر في منى وجب الرمي في اليوم الثالث
عشر أيضا على الأحوط، ويعتبر في رمي الجمرات
المباشرة، فلا تجوز الاستنابة اختيارا.
428 - يجب الابتداء برمي الجمرة الأولى ثم
الوسطى ثم العقبة، ولو خالف وجب الرجوع إلى ما
يحصل به الترتيب ولو كانت المخالفة عن جهل أو
نسيان.
181

نعم إذا نسي فرمى جمرة بعد أن رمى سابقتها
أربع حصيات أجزأه إكمالها سبعا ولا يجب عليه إعادة
رمي اللاحقة.
429 - ما ذكرناه مما يعتبر في رمي جمرة العقبة
يجري في رمي الجمرات الثلاث كلها.
430 - يجب أن يكون رمي الجمرات في النهار،
ويستثنى من ذلك العبد، والراعي، والمديون الذي يخاف
أن يقبض عليه، وكل من يخاف على نفسه أو عرضه أو
ماله، ويشمل ذلك الشيخ والنساء والصبيان والضعفاء
الذين يخافون على أنفسهم من كثرة الزحام، فيجوز لهؤلاء
الرمي ليلة ذلك النهار بل لو لم يتمكن الخائف من الرمي
في كل ليلة جاز له رمي الجميع في ليلة واحدة ويضحي و
يفيض بالليل.
ولكن لا يجوز لغير الخائف من المكث أن ينفر
ليلة الثاني عشر بعد الرمي حتى تزول الشمس من يومه.
182

431 - من نسي الرمي في اليوم الحادي عشر
وجب عليه قضاؤه في اليوم الثاني عشر ومن نسيه في
اليوم الثاني عشر قضاه في اليوم الثالث عشر.
والأقوى وجوب التفريق بين الأداء والقضاء
وتقديم القضاء على الأداء، والأحوط أن يكون القضاء أول
النهار والأداء عند الزوال.
432 - من ترك الرمي نسيانا أو جهلا فتذكر أو
علم به في مكة وجب عليه أن يرجع إلى منى ويرمي
فيها.
وإذا كان الفائت رمي يومين أو ثلاثة فالأحوط
مراعاة الترتيب في القضاء والفصل بين وظيفة يوم ويوم
بعده بساعة.
وإذا ذكره أو علم به بعد خروجه من مكة لم يجب
عليه الرجوع، بل يقضيه - على الأحوط - في السنة
القادمة بنفسه أو بنائبه.
433 - من لا يتمكن من الرمي بنفسه إلى المغرب
- كالمريض الذي لا يرجي برؤه - يستنب لرميه، وإن
183

لم يتمكن من الاستنابة - كالمغمى عليه ومن لا يعقل -
يرمي عنه وليه أو غيره، ولو اتفق برؤه قبل غروب
الشمس رمى بنفسه أيضا على الأحوط، وإن احتمل البرؤ
جاز له البدار ومع ارتفاع العذر قبل الغروب يجب عليه
الاتيان.
434 - لا يبطل الحج بترك الرمي ولو كان
متعمدا، ويجب - على الأحوط - قضاء الرمي بنفسه أو
بنائبه في العام القابل.
أحكام المصدود
435 - المصدود: هو الممنوع عن الحج أو
العمرة بعد تلبسه بالاحرام بمانع خارجي، من ظلم ظالم،
أو منع عدو، كمنع المشركين رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يوم الحديبية.
436 - المصدود عن العمرة - مفردة أو تمتعا -
يذبح أو ينحر في مكانه ويتحلل به، والأحوط ضم التقصير
أو الحلق إليه.
184

437 - المصدود عن الحج إن كان مصدودا عن
الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصة فوظيفته ذبح
الهدي أو نحره في محل الصد والتحلل به عن إحرامه،
والأحوط ضم الحلق أو التقصير إليه.
وإن كان عن الطواف والسعي بعد الموقفين قبل
أعمال منى أو بعدها، فإن لم يكن متمكنا من الاستنابة
فوظيفته ذبح الهدي في محل الصد، وإن كان متمكنا منها
فالأقوى وجوب الاستنابة لهما سواء أكان الصد عن دخول
مكة أو كان بعده.
وإن كان مصدودا عن مناسك منى خاصة دون
دخول مكة فمع التمكن من الاستنابة يستنيب للرمي والذبح
ثم يحلق أو يقصر ويتحلل ويبعث بشعره إلى منى مع
التمكن وعدم الحرج عليه، ثم يأتي ببقية الأعمال.
وإن لم يكن متمكنا من الاستنابة فالظاهر أن
وظيفته في هذه الصورة أن يودع ثمن الهدي عند من يذبح
عنه. ثم يحلق أو يقصر في مكانه، فيرجع إلى مكة لأداء
بقية الأعمال فيتحلل بعد هذه كلها عن جميع ما يحرم عليه
185

حتى النساء، وصح حجه، وعليه الرمي - على الأحوط -
في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه، وإن لم يتمكن من إيداع
الثمن أيضا فوظيفته الصيام بدلا عن الهدي.
438 - المصدود الذي يتحلل بالهدي لا يسقط عنه
الحج، بل يجب عليه الاتيان به في القابل إذا بقيت
الاستطاعة، أو كان الحج مستقرا في ذمته.
439 - إذا صد عن الرجوع إلى منى للمبيت و
رمي الجمار فقد تم حجه، ويستنيب للرمي إن أمكنه في
سنته، وإلا فالأحوط أن يأتي به في القابل بنفسه أو بنائبه.
440 - من تعذر عليه المضي في حجه أو عمرته
لمانع من الموانع غير الصد والحصر فالأقوى عدم جريان
حكمهما عليه وفساد إحرامه الأول، وإن كان الأحوط أن
يأتي بوظيفة المصدود.
441 - لا فرق في الهدي الذي يتحلل به بين أن
يكون بدنة أو بقرة أو شاة، ولو لم يتمكن منه فالأحوط أن
يصوم عشرة أيام بدلا عنه.
186

442 - من أفسد حجه بالجماع ثم صد جرى عليه
حكم الصد، وعليه زائدا على الهدي كفارة الجماع على
الأحوط.
443 - من ساق هديا معه ثم صد كفاه ذبح ما
ساقه، ولا يجب عليه هدي آخر.
أحكام المحصور
444 - المحصور: هو الممنوع - بعد تلبسه
بالاحرام - عن الحج أو العمرة بمرض أو نحوه.
445 - المحصور إن كان محصورا في عمرة
مفردة فوظيفته - على الأحوط وجوبا - أن يبعث هديا أو
ثمنه ويواعد أصحابه أن يذبحوه أو ينحروه بمكة في وقت
معين. فإذا جاء الوقت الميعاد قصر وأحل، وإن كان
للتخيير بينه وبين أن يذبح أو ينحر في مكانه ويتحلل
وجه.
187

وتحلل المحصور في العمرة المفردة إنما هو من
غير النساء، وأما منها فلا بد له من الاتيان بعمرة مفردة
بعد برئه.
وإن كان محصورا في عمرة التمتع فوظيفته أن
يبعث هديا أو ثمنه ويواعد أصحابه أن يذبحوه أو ينحروه
بمكة في وقت معين فإذا جاء وقت الميعاد قصر وأحل،
والأحوط عدم التحلل من النساء إلا بإتيان عمرة مفردة بعد
رفع الحصر.
وإن كان المحصور محصورا في الحج فتحلله
بالذبح يوم النحر في منى، والأحوط أنه لا يتحلل من
النساء حتى يطوف ويسعى ويأتي بطواف النساء بعد ذلك
في حج أو عمرة.
446 - إذا أحصر وبعث بهديه وبعد ذلك خف
المرض، فإن ظن إدراك الحج وجب عليه الالتحاق و
كذلك إذا احتمل على الأحوط، وحينئذ فإن أدرك الموقفين
أو الوقوف بالمشعر خاصة - حسب ما تقدم - فقد أدرك
الحج، وإلا فإن لم يذبح أو لم ينحر عنه انقلب حجه إلى
188

العمرة المفردة. وإن ذبح أو نحر عنه تحلل من غير
النساء، والأحوط الاتيان بالطواف وصلاته والسعي
وطواف النساء للتحلل من النساء في حج أو عمرة.
447 - إذا أحصر عن مناسك منى فعليه الاستنابة
للرمي والذبح ثم يحلق أو يقصر ويبعث بشعره إلى منى
إن كان خارجا منها مع التمكن وعدم الحرج عليه، ثم
يؤدي سائر المناسك، وإن لم يتمكن من الاستنابة فالظاهر
أن وظيفته في هذه الصورة أن يودع ثمن الهدي عند من
يذبح عنه. ثم يحلق أو يقصر في مكانه. فيؤدي بقية
المناسك، فيتحلل بعد هذه كلها عن جميع ما يحرم عليه
حتى النساء وصح حجه وعليه الرمي - على الأحوط -
في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه.
وإذا أحصر بعد الوقوفين عن أداء الأعمال فعليه
الاستنابة لأدائها، ويتحلل بعد عمل النائب عن كل ما حرم
عليه.
448 - إذا أحصر الرجل فبعث بهديه ثم آذاه رأسه
قبل أن يبلغ الهدي محله، جاز له الحلق، فإذا حلق رأسه
189

فعليه ذبح شاة في محله، أو صوم ثلاثة أيام أو التصدق
على ستة مساكين، لكل مسكين مدان.
449 - لا يسقط الحج عن المحصور بتحلله
بالهدي، فعليه الاتيان به في القابل إذا بقيت استطاعته أو
كان مستقرا في ذمته.
450 - المحصور إذا لم يجد هديا ولا ثمنه صام
عشرة أيام بدلا عنه.
190

مستحبات الاحرام
يستحب في الاحرام أمور:
(1) تنظيف الجسد، وتقليم الأظفار، وأخذ
الشارب وإزالة الشعر من الإبطين والعانة، كل ذلك قبل الاحرام.
(2) توفير شعر الرأس واللحية من أول ذي القعدة
لمن أراد الحج، وقبل شهر واحد لمن أراد العمرة المفردة.
وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك، وهذا القول و
إن كان ضعيفا إلا أنه أحوط.
(3) الغسل للاحرام في الميقات، ويصح من
الحائض والنفساء أيضا على الأظهر، وإذا خاف عوز
الماء في الميقات قدمه عليه، فإن وجد الماء في الميقات
191

أعاده، وإذا اغتسل ثم أحدث بالأصغر، أو أكل ما لا
ينبغي أكله للمحرم، أو لبس ما لا ينبغي لبسه له أعاد
غسله، ويجزئ الغسل نهارا إلى آخر الليلة الآتية،
ويجزئ الغسل ليلا إلى آخر النهار الآتي.
(4) أن يدعو عند الغسل على ما ذكره الصدوق
رحمه الله ويقول: " بسم الله وبالله اللهم اجعله لي
نورا وطهورا وحرزا وأمنا من كل خوف، وشفاءا من
كل داء وسقم اللهم طهرني وطهر لي قلبي واشرح لي
صدري وأجر على لساني محبتك، ومدحتك والثناء
عليك فإنه لا قوة لي إلا بك وقد علمت أن قوام ديني
التسليم، لأمرك والاتباع لسنة نبيك صلواتك عليه وآله ".
(5) أن يدعو عند لبس ثوبي الاحرام ويقول:
" الحمد لله الذي رزقني ما أواري به عورتي وأؤدي به
فرضي وأعبد فيه ربي وأنتهي فيه إلى ما أمرني الحمد
لله الذي قصدته فبلغني وأردته فأعانني وقبلني ولم يقطع
بي ووجهه أردت فسلمني فهو حصني وكهفي وحرزي
192

وظهري وملاذي وملجأي ورجائي ومنجاي وذخري
وعدتي في شدتي ورخائي ".
(6) أن يكون ثوباه للاحرام من القطن.
(7) أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر إلا للإمام
في إحرام الحج، فإنه لا ينبغي له أن يصلي الظهر يوم
التروية إلا بمنى، فإن لم يتمكن فبعد فريضة أخرى. وإلا
فبعد ركعتين أو ست ركعات من النوافل، والست أفضل،
يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة التوحيد وفي الثانية
الفاتحة وسورة الجحد فإذا فرغ حمد الله وأثنى عليه، و
صلى على النبي وآله، ثم يقول:
" اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك
وآمن بوعدك واتبع أمرك فإني عبدك وفي قبضتك لا أوقي
إلا ما وقيت ولا آخذ إلا ما أعطيت وقد ذكرت الحج
فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك وسنة نبيك (صلواتك
عليه وآله) وتقويني على ما ضعفت عنه وتسلم مني
مناسكي في يسر منك وعافية واجعلني من وفدك الذي
رضيت وارتضيت وسميت وكتبت اللهم إني خرجت من
193

شقة بعيدة وأنفقت مالي ابتغاء مرضاتك اللهم فتمم لي
حجتي وعمرتي اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج
على كتابك وسنة نبيك (صلواتك عليه وآله) فإن عرض
لي عارض يحبسني فحلني (فخلني خ. ل) حيث
حبستني لقدرك الذي قدرت علي اللهم إن لم تكن حجة فعمرة
أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخي
وعصبي من النساء والثياب والطيب أبتغي بذلك وجهك والدار
الآخرة ".
ولو أحرم بغير غسل أو صلاة تدارك ما تركه
وأعاد الاحرام.
(8) التلفظ بنية الاحرام مقارنا للتلبية.
(9) رفع الصوت بالتلبية للرجال. ورفع الصوت
بالتلبية للمحرم بالحج إذا أشرف على الأبطح حتى يأتي منى.
(10) أن يقول بعد قوله في تلبيته - لبيك اللهم لبيك
لبيك لا شريك لك لبيك -:
" إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك
لبيك ذا المعارج لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك لبيك
غفار الذنوب لبيك لبيك أهل التلبية لبيك لبيك ذا الجلال
194

والاكرام، لبيك لبيك تبدئ والمعاد إليك لبيك لبيك تستغني
ويفتقر إليك لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك لبيك إله
الحق لبيك لبيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل لبيك لبيك
كشاف الكرب العظام لبيك لبيك عبدك وابن عبديك لبيك
لبيك يا كريم لبيك ". ويستحب أن يقول ذلك بعد كل صلاة
فريضة ونافلة، وحين ينهض به بعيره، وعند كل علو
وهبوط، وإذا لقي راكبا أو استيقظ من منامه، وبالأسحار.
ثم يقول في عمرة التمتع على ما قاله الصدوق
(رحمه الله):
" لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد صلى الله
عليه وآله لبيك لبيك بحجة وعمرة معا لبيك لبيك فهذه متعة
عمرة إلى الحج لبيك لبيك تمامها وبلاغها عليك لبيك ".
(11) تكرار التلبية في إحرام سبعين مرة، فعن
أبي جعفر عليه السلام أنه قال: (قال رسول الله صلى
الله عليه وآله من لبى في إحرامه سبعين مرة إيمانا
واحتسابا أشهد الله له ألف ألف ملك ببراءة من النار
وبراءة من النفاق).
195

ويستحب الاجهار بالتلبية عند الركوب والنزول،
وعند كل علو وهبوط، وعند ملاقاة الراكب، وبالأسحار و
يستحب على كل حال إكثارها ولو كان جنبا أو حائضا.
وقد ذكرنا زمان قطع التلبية في المسألة (183)
مكروهات الاحرام
يكره في الاحرام أمور:
(1) الاحرام في ثوب أسود، بل الأحوط ترك
ذلك، والأفضل الاحرام في ثوب أبيض.
(2) النوم على الفراش الأصفر، وعلى الوسادة
الصفراء.
(3) الاحرام في الثياب الوسخة، ولو وسخت حال
الاحرام فالأولى أن لا يغسلها ما دام محرما، ولا بأس
بتبديلها.
(4) الاحرام في الثياب المعلمة، أي التي جعل لها
علم من طراز ونحوه كالخطوط.
196

(5) استعمال الحناء قبل الاحرام إذا كان أثره باقيا
إلى وقت الاحرام.
(6) دخول الحمام، والأولى، بل الأحوط أن لا
يدلك المحرم جسده.
(7) تلبية من يناديه، بل الأحوط ترك ذلك.
(8) لبس ما يشهره بين الناس.
(9) استعمال الرياحين التي ليست بطيب عرفا.
(10) الاحتباء، وهو ضم الانسان رجليه إلى بطنه
بثوب يجمعها به مع ظهره ويشده عليها، كما في اللغة.
(11) رواية الشعر وإن كان حقا.
دخول الحرم ومستحباته
يستحب في دخول الحرم أمور:
(1) النزول من المركوب عند وصول الحرم
والاغتسال لدخوله.
(2) خلع نعليه عند دخول الحرم وأخذهما بيده
تواضعا وخشوعا لله سبحانه.
197

(3) أن يدعو بهذا الدعاء عند دخول الحرم:
(اللهم إنك قلت في كتابك المنزل وقولك الحق وأذن في
الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل
فج عميق اللهم وإني أرجو أن أكون ممن أجاب دعوتك وقد
جئت من شقة بعيدة وفج عميق سامعا لندائك ومستجيبا لك
مطيعا لأمرك وكل ذلك بفضلك علي وإحسانك إلي فلك
الحمد على ما وفقتني له أبتغي بذلك الزلفة عندك والقربة
إليك والمنزلة لديك والمغفرة لذنوبي والتوبة علي منها بمنك
اللهم صل على محمد وآل محمد وحرم بدني على النار
وآمني من عذابك وعقابك برحمتك يا أرحم الراحمين).
(4) مضغ شئ من الإذخر عند دخوله الحرم.
آداب دخول مكة المكرمة
والمسجد الحرام
يستحب لمن أراد أن يدخل مكة أن يغتسل من فخ
قبل دخولها، وأن يدخلها ماشيا حافيا وعليه السكينة
والوقار، وإذا هبط وادي مكة لبس خلقان ثيابه، وأن
198

يكون دخوله من أعلاها - من عقبة المدنيين - لمن جاء من
المدينة والخروج من أسفلها أي من ذي طوى اقتداءا
برسول الله صلى الله عليه وآله، وأن يبدأ بمنزله قبل أن
يطوف اقتداء بعلي عليه السلام.
ويستحب أن يكون حال دخول المسجد حافيا على
سكينة ووقار وخشوع، وأن يكون دخوله من باب بني
شيبة، وهذا الباب وإن جهل فعلا من جهة توسعة المسجد
إلا أنه قال بعضهم إنه كان بإزاء باب السلام. فالأولى
الدخول من باب السلام، ثم يأتي مستقيما إلى أن يتجاوز
الأسطوانات.
ويستحب أن يقف على باب المسجد ويقول:
(السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته بسم
الله وبالله ومن الله وما شاء الله والسلام على أنبياء الله
ورسله والسلام على رسول الله والسلام على إبراهيم
(خليل الله) والحمد لله رب العالمين).
ثم يدخل المسجد متوجها إلى الكعبة رافعا يديه إلى
السماء ويقول:
199

(اللهم إني أسألك في مقامي هذا وفي أول
مناسكي أن تقبل توبتي وأن تجاوز عن خطيئتي وتضع
عني وزري المد لله الذي بلغني بيته الحرام اللهم إني
أشهدك أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وأمنا
مباركا وهدى للعالمين اللهم إني عبدك والبلد بلدك والبيت
بيتك جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك مطيعا لأمرك
راضيا بقدرك أسألك مسألة المضطر (الفقير) إليك الخائف
لعقوبتك اللهم افتح لي أبواب رحمتك واستعملني بطاعتك
ومرضاتك).
وفي رواية أخرى يقف على باب المسجد ويقول:
(بسم الله وبالله ومن الله وما شاء الله وعلى ملة رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وخير الأسماء لله والحمد لله
والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وآله) السلام على
محمد بن عبد الله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته السلام على أنبياء الله ورسله السلام على إبراهيم
خليل الرحمن السلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اللهم صل
200

على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وارحم
محمدا وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم صل على محمد
وآل محمد عبدك ورسولك وعلى إبراهيم خليلك وعلى
أنبيائك ورسلك وسلم عليهم وسلام على المرسلين والحمد
لله رب العالمين اللهم افتح لي أبواب رحمتك واستعملني
في طاعتك ومرضاتك واحفظني بحفظ الايمان أبدا ما
أبقيتني جل ثناء وجهك الحمد لله الذي جعلني من وفده
وزواره وجعلني ممن يعمر مساجده وجعلني ممن يناجيه
اللهم إني عبدك وزائرك في بيتك وعلى كل مأتي حق لمن
أتاه وزاره وأنت خير مأتي وأكرم مزور فأسألك يا الله يا
رحمن وبأنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك
وبأنك واحد أحد صمد لم تلد ولم تولد ولم يكن له (لك)
كفوا أحد وأن محمدا عبدك ورسولك صلى الله عليه وعلى
أهل بيته يا جواد يا كريم يا ماجد يا جبار يا كريم أسألك أن
تجعل تحفتك إياي بزيارتي إياك أول شئ تعطيني فكاك
رقبتي من النار).
201

ثم يقول ثلاثا:
(اللهم فك رقبتي من النار)
ثم يقول:
(وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب وادرأ
عني شر شياطين الإنس والجن وشر فسقة العرب والعجم).
ويستحب عندما يحاذي الحجر الأسود أن يقول:
(أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله آمنت بالله وكفرت بالطاغوت
وباللات والعزى وبعبادة الشيطان وبعبادة كل ند يدعى من
دون الله).
ثم يذهب إلى الحجر الأسود ويستلمه ويقول:
(الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن
هدانا الله سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
أكبر من خلقه وأكبر مما أخشى وأحذر ولا إله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت
ويحيي بيده الخير وهو على كل شئ قدير).
202

ويصلي على محمد وآل محمد، ويسلم على
الأنبياء كما كان يصلي، ويسلم عند دخوله المسجد الحرام،
ثم يقول: (اللهم إني أؤمن بوعدك وأوفي بعهدك).
وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك واحمد الله وأثن
عليه وصل على النبي (صلى الله عليه وآله) واسأل الله أن
يتقبل منك، ثم استلم الحجر وقبله، فإن لم تستطع أن تقبله
فاستلمه بيدك فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه وقل:
(اللهم أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة
اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك (صلواتك عليه وآله)
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده
ورسوله آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت وباللات
والعزى وعبادة الشيطان وعبادة كل ند يدعى من دون
الله).
فإن لم تستطع أن تقول هذا فبعضه، وقل:
203

(اللهم إليك بسطت يدي وفيما عندك عظمت
رغبتي فاقبل سبحتي واغفر لي وارحمني اللهم إني أعوذ
بك من الكفر والفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة).
آداب الطواف
وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال
طف بالبيت سبعة أشواط وتقول في الطواف:
" اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشى به على
طلل الماء كما يمشى به على جدد الأرض أسألك باسمك
الذي يهتز له عرشك وأسألك باسمك الذي تهتز له أقدام
ملائكتك وأسألك باسمك الذي دعاك به موسى من جانب
الطور فاستجبت له وألقيت عليه محبة منك وأسألك باسمك
الذي غفرت به لمحمد (صلى الله عليه وآله) ما تقدم من
ذنبه وما تأخر وأتممت عليه نعمتك أن تفعل بي كذا وكذا "
ما أحببت من الدعاء.
204

وكلما انتهيت إلى باب الكعبة فصل على النبي
صلى الله عليه وآله وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر
الأسود:
(ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا
عذاب النار).
وقل في الطواف.
(اللهم إني إليك فقير، وإني خائف مستجير فلا
تغير جسمي ولا تبدل اسمي " وعن أبي عبد الله عليه
السلام قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا بلغ
الحجر قبل أن يبلغ الميزاب يرفع رأسه، ثم يقول:
(اللهم أدخلني الجنة برحمتك - وهو ينظر إلى
الميزاب - وأجرني برحمتك من النار وعافني من السقم
وأوسع علي من الرزق الحلال وادرأ عني شر فسقة الجن
والإنس وشر فسقة العرب والعجم).
وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه
لما انتهى إلى ظهر الكعبة حين يجوز الحجر قال:
205

(يا ذا المن والطول والجود والكرم إن عملي
ضعيف فضاعفه لي وتقبله مني إنك أنت السميع العليم).
وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه لما
صار بحذاء الركن اليماني قام فرفع يديه ثم قال:
(يا الله يا ولي العافية ويا خالق العافية ويا رازق
العافية والمنعم بالعافية والمنان بالعافية والمتفضل بالعافية
علي وعلى جميع خلقك يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما
صل على محمد وآل محمد وارزقنا العافية ودوام العافية
وتمام العافية وشكر العافية في الدنيا والآخرة يا أرحم
الراحمين).
وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة وهو بحذاء
المستجار دون الركن اليماني بقليل فابسط يديك على البيت
والصق بطنك (بدنك) وخدك بالبيت وقل:
(اللهم البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مكان العائذ
بك من النار).
206

ثم أقر لربك بما عملت، فإنه ليس من عبد مؤمن
يقر لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر الله له إن شاء الله،
وتقول:
(اللهم من قبلك الروح والفرج والعافية اللهم إن
عملي ضعيف فضاعفه لي واغفر لي ما اطلعت عليه مني
وخفي على خلقك).
ثم تستجير بالله من النار وتخير لنفسك من الدعاء.
ثم استلم الركن اليماني ثم إئت الحجر الأسود.
وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ثم
استقبل الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود واختم
به وتقول: " اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيما
آتيتني).
ومن جملة ما يستحب للطائف ما يلي:
(1) استلام الأركان كلها في كل شوط، ويتأكد
استحباب استلام الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر
وتقبيلهما ووضع الخد عليهما، والدعاء عند الركن اليماني.
(2) التزام المستجار في الشوط السابع.
207

(3) أن يقول عند استلام الحجر الأسود: (أمانتي
أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة).
(4) تكرار الطواف، فعن أبي عبد الله عليه
السلام أنه قال: إن الله تبارك وتعالى جعل حول الكعبة
عشرين ومائة رحمة، منها ستون للطائفين وأربعون
للمصلين وعشرون للناظرين.
(5) الطواف حين تزول الشمس حاسرا عن رأسه،
حافيا يقارب بين خطاه ويغض بصره ويستلم الحجر في
كل طواف من غير أن يؤذي أحدا ولا يقطع ذكر الله عن
لسانه.
(6) الطواف بالليل والنهار عشرة أسابيع، ثلاثة
أول الليل وثلاثة آخر الليل واثنين إذا أصبح واثنين بعد
الظهر.
(7) إحصاء طوافه في كل يوم وليلة.
(8) أن يطوف الحاج ثلاثمأة وستين أسبوعا على
عدد أيام السنة، وإن لم يستطع فثلاثمأة وستين شوطا.
ويستحب كثرة الطواف وحفظ متاع من ذهب
للطواف.
208

آداب صلاة الطواف
يستحب في صلاة الطواف أن يقرأ بعد الفاتحة
سورة التوحيد في الركعة الأولى، وسورة الجحد في
الركعة الثانية، فإذا فرغ من صلاته حمد الله وأثنى عليه
وصلى على محمد وآل محمد، وطلب من الله تعالى أن
يتقبل منه وعن الصادق عليه السلام أنه سجد بعد ركعتي
الطواف وقال في سجوده:
" سجد وجهي لك تعبدا ورقا لا إله إلا أنت حقا
حقا الأول قبل كل شئ والآخر بعد كل شئ وها أنا ذا
بين يديك ناصيتي بيدك فاغفر لي إنه لا يغفر الذنب العظيم
غيرك فاغفر لي فإني مقر بذنوبي على نفسي ولا يدفع
الذنب العظيم غيرك " ثم رفع رأسه ووجهه من البكاء
كأنما غمس في الماء ويستحب أن يدعو بهذا الدعاء بعد
ركعتي طواف الفريضة: " اللهم ارحمني بطواعيتي إياك
209

وطواعيتي رسولك (صلى الله عليه وآله) اللهم جنبني أن
أتعدى حدودك واجعلني ممن يحبك ويحب رسولك
وملائكتك وعبادك الصالحين).
ويستحب أن يشرب من ماء (زمزم) قبل أن
يخرج إلى (الصفا) ويقول:
(اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاءا من
كل داء وسقم).
وإن أمكنه أتى (زمزم) بعد صلاة الطواف وأخذ
منه ذنوبا أو ذنوبين، فيشرب منه، ويصب الماء على
رأسه وظهره وبطنه، ويقول:
(اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاءا من
كل داء وسقم).
ثم يأتي الحجر الأسود فيخرج منه إلى الصفا.
آداب السعي
يستحب الخروج إلى (الصفا) من الباب الذي
يقابل الحجر الأسود مع سكينة ووقار فإذا صعد على
210

(الصفا) نظر إلى الكعبة، ويتوجه إلى الركن الذي فيه
الحجر الأسود ويحمد الله ويثني عليه ويتذكر آلاء الله
ونعمه ثم يقول: (الله أكبر) سبع مرات، (الحمد لله)
سبع مرات (لا إله إلا الله) سبع مرات، ويقول ثلاث
مرات. (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله
الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت وهو على كل شئ
قدير ".
ثم يصلي على محمد وآل محمد (صلى الله عليه
وآله) ثم يقول: ثلاث مرات:
" الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا
والحمد لله الحي القيوم والحمد لله الحي الدائم ".
ثم يقول ثلاث مرات:
(أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره
المشركون).
ثم يقول ثلاث مرات:
211

(اللهم إني أسألك العفو والعافية واليقين في الدنيا
والآخرة).
ثم يقول ثلاث مرات:
(اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة و
قنا عذاب النار).
ثم يقول (الله أكبر) مائة مرة، و (لا إله إلا الله)
مائة مرة، و (الحمد لله) مائة مرة، و (سبحان الله) مائة
مرة، ثم يقول:
" لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده
وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد وحده وحده اللهم
بارك لي في الموت وفيما بعد الموت اللهم إني أعوذ بك
من ظلمة القبر ووحشته. اللهم أظلني في ظل عرشك يوم
لا ظل إلا ظلك ".
ويستودع الله دينه ونفسه وأهله كثيرا، فيقول:
" أستودع الله الرحمن الرحيم الذي لا تضيع
ودائعه ديني ونفسي وأهلي اللهم استعملني على كتابك
وسنة نبيك وتوفني على ملته وأعذني من الفتنة ".
212

ثم يقول: (الله أكبر) ثلاث مرات، ثم يعيدها
مرتين ثم يكبر واحدة، ثم يعيدها، فإن لم يستطع هذا
فبعضه.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: أنه إذا صعد
(الصفا) استقبل الكعبة، ثم يرفع يديه، ثم يقول:
" اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته قط فإن عدت فعد
علي بالمغفرة فإنك أنت الغفور الرحيم اللهم افعل بي ما
أنت أهله فإنك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني وإن
تعذبني فأنت غني عن عذابي وأنا محتاج إلى رحمتك فيا
من أنا محتاج إلى رحمته ارحمني اللهم لا تفعل بي ما أنا
أهله فإنك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذبني ولم تظلمني
أصبحت أتقي عدلك ولا أخاف جورك فيا من هو عدل لا
يجور ارحمني ".
وعن أبي عبد الله عليه السلام إن أردت أن يكثر
مالك فأكثر من الوقوف على (الصفا) ويستحب أن يسعى
ماشيا وأن يمشي مع سكينة ووقار حتى يأتي محل المنارة
الأولى فيهرول إلى محل المنارة الأخرى، ثم يمشي مع
213

سكينة ووقار حتى يصعد على المروة فيصنع عليها كما
صنع على (الصفا) ويرجع من المروة إلى الصفا على
هذا النهج، وإذا كان راكبا أسرع فيما بين المنارتين و
ينبغي أن يجد في البكاء، ويدعو الله كثيرا، ولا هرولة
على النساء، ويستحب أن يكون على طهارة من الحدث
الأكبر والأصغر.
آداب احرام الحج
إلى الوقوف بعرفات
ما تقدم من الآداب في الاحرام يجري في إحرام
الحج أيضا، وإذا أحرم للحج وخرج من مكة يلبي في
طريقه غير رافع صوته. حتى إذا أشرف على الأبطح
رفع صوته، فإذا توجه إلى منى قال:
" اللهم إياك أرجو وإياك أدعو فبلغني أملي
وأصلح لي عملي ".
ثم يذهب إلى منى بسكينة ووقار مشتغلا بذكر الله
سبحانه، فإذا وصل إليها قال:
214

" الحمد لله الذي أقدمنيها صالحا في عافية
وبلغني هذا المكان ".
ثم يقول:
" اللهم هذه منى وهذه مما مننت بها علينا من
المناسك فأسألك أن تمن علينا بما مننت به على أنبيائك فإنما
أنا عبدك وفي قبضتك ".
ويستحب له المبيت في منى ليلة عرفة، يقضيها
في طاعة الله تبارك وتعالى، والأفضل أن تكون عباداته
ولا سيما صلواته في مسجد الخيف، فإذا صلى الفجر عقب
إلى طلوع الشمس ثم يذهب إلى عرفات، ولا بأس
بخروجه من منى بعد طلوع الفجر. والأولى، بل الأحوط
أن لا يتجاوز وادي محسر قبل طلوع الشمس، ويكره
خروجه منها قبل الفجر، فإذا توجه إلى عرفات قال:
" اللهم إليك صمدت وإياك اعتمدت ووجهك
أردت فأسألك أن تبارك لي في رحلتي وأن تقضي لي
حاجتي وأن تجعلني اليوم ممن تباهي به من هو أفضل
مني ".
215

ثم يلبي إلى أن يصل إلى عرفات.
آداب الوقوف بعرفات.
يستحب في الوقوف بعرفات أمور وهي كثيرة
نذكر بعضها:
(1) الطهارة حال الوقوف.
(2) الغسل عند الزوال.
(3) تفريغ النفس للدعاء والتوجه إلى الله.
(4) الوقوف بسفح الجبل في ميسرته.
(5) الجمع بين صلاتي الظهرين بأذان وإقامتين.
(6) الدعاء بما تيسر من المأثور وغيره.
والأفضل المأثور:
فمن ذلك دعاء الحسين عليه السلام، ودعاء ولده
الإمام زين العابدين عليه السلام.
ومنه ما في صحيحة معاوية بن عمار عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: إنما تعجل الصلاة وتجمع بينهما
لتفرغ نفسك للدعاء، فإنه يوم دعاء ومسألة ثم تأتي الموقف
216

وعليك السكينة والوقار، فاحمد الله، وهلله ومجده وأثن
عليه، وكبره مائة مرة. وأحمده مائة مرة. وسبحه مائة
مرة وأقرأ قل هو الله أحد مائة مرة. وتخير لنفسك من
الدعاء ما أحببت واجتهد، فإنه يوم دعاء ومسألة، وتعوذ
بالله من الشيطان فإن الشيطان لن يذهلك في موطن قط
أحب إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن. وإياك أن تشتغل
بالنظر إلى الناس، وأقبل قبل نفسك، وليكن فيما تقول:
" اللهم إني عبدك فلا تجعلني من أخيب وفدك، وأرحم
مسيري إليك من الفج العميق " وليكن، فيما تقول:
" اللهم رب المشاعر كلها فك رقبتي من النار
وأوسع علي من رزقك الحلال وأدرأ عني شر فسقة الجن والإنس ".
وتقول: " اللهم لا تمكر بي ولا تخدعني ولا
تستدرجني ".
وتقول: " اللهم إني أسألك بحولك وجودك
وكرمك ومنك وفضلك يا أسمع السامعين ويا أبصر
الناظرين ويا أسرع الحاسبين ويا أرحم الراحمين أن تصلي
217

على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا " وتذكر
حوائجك.
وليكن فيما تقول وأنت رافع رأسك إلى السماء
" اللهم حاجتي إليك التي إن أعطيتنيها لم يضرني
ما منعتني والتي إن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني أسألك
خلاص رقبتي من النار).
(وليكن فيما تقول):
(اللهم إني عبدك وملك يدك ناصيتي بيدك وأجلي
بعلمك أسألك أن توفقني لما يرضيك عني وأن تسلم مني
مناسكي التي أريتها خليلك إبراهيم صلواتك عليه ودللت
عليها نبيك محمدا (صلى الله عليه وآله).
وليكن فيما تقول:
" اللهم اجعلني ممن رضيت عمله وأطلت عمره
وأحييته بعد الموت حياة طيبة ".
ومن الأدعية المأثورة ما علمه رسول الله صلى
الله عليه وآله عليا عليه السلام على ما رواه معاوية بن
عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: فتقول:
218

" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله
الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده
الخير وهو على كل شئ قدير اللهم لك الحمد أنت كما
تقول وخير ما يقول القائلون اللهم لك صلاتي وديني
ومحياي ومماتي ولك تراثي وبك حولي ومنك قوتي اللهم
إني أعوذ بك من الفقر ومن وسواس الصدر ومن شتات
الأمر ومن عذاب النار ومن عذاب القبر اللهم إني أسألك
من خير ما تأتي به الرياح وأعوذ بك من شر ما تأتي به
الرياح وأسألك خير الليل وخير النهار ".
ومن تلك الأدعية ما رواه عبد الله بن ميمون، قال
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رسول الله
(صلى الله عليه وآله) وقف بعرفات فلما همت الشمس أن
تغيب قبل أن تندفع قال: " اللهم إني أعوذ بك من الفقر
ومن تشتت الأمر ومن شر ما يحدث بالليل والنهار أمسى
ظلمي مستجيرا بعفوك وأمسى خوفي مستجيرا بأمانك
وأمسى ذلي مستجيرا بعزك وأمسى وجهي الفاني البالي
مستجيرا بوجهك الباقي يا خير من سئل ويا أجود من
219

أعطى جللني برحمتك وألبسني عافيتك واصرف عني شر
جميع خلقك ".
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل:
" اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف
وارزقنيه (من قابل) أبدا ما أبقيتني واقلبني اليوم مفلحا
منجحا مستجابا لي مرحوما مغفورا لي بأفضل ما ينقلب به
اليوم أحد من وفدك وحجاج بيتك الحرام واجعلني اليوم من
أكرم وفدك عليك وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا منهم من
الخير والبركة والرحمة والرضوان والمغفرة وبارك لي فيما
أرجع إليه من أهل أو مال أو قليل أو كثير وبارك لهم في ".
وروي أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
إذا أتيت الموقف فاستقبل البيت وسبح الله مائة
مرة، وكبر الله مائة مرة، وتقول: " ما شاء الله لا قوة
إلا بالله مائة مرة، وتقول: " أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت
ويحيي بيده الخير وهو على كل شئ قدير " مائة مرة ثم
220

تقرأ عشر آيات من أول سورة البقرة، ثم تقرأ: (قل هو
الله أحد) ثلاث مرات وتقرأ آية الكرسي حتى تفرغ منها،
ثم تقرأ آية السخرة: " إن ربكم الله الذي خلق السماوات
والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل
النهار يطلبه حثيثا) إلى آخره، ثم تقرأ: (قل أعوذ برب
الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) حتى تفرغ منهما ثم
تحمد الله عز وجل على كل نعمة ما أنعم عليك من أهل
ومال، وتحمد الله تعالى على ما أبلاك، وتقول: " اللهم
لك الحمد على نعمائك التي لا تحصى بعدد ولا تكافأ
بعمل " وتحمده بكل آية ذكر فيها الحمد لنفسه في القرآن،
وتسبحه بكل تسبيح ذكر به نفسه في القرآن، وتكبره بكل
تكبير كبر به نفسه في القرآن، وتهلله بكل تهليل هلل به
نفسه في القرآن، وتصلي على محمد وآل محمد وتكثر منه
وتجتهد فيه، وتدعو الله عز وجل بكل اسم سمى به نفسه
في القرآن، وبكل اسم تحسنه وتدعوه بأسمائه التي في آخر
الحشر وتقول: " أسألك يا الله يا رحمن بكل اسم هو لك،
وأسألك بقوتك وقدرتك وعزتك وبجميع ما أحاط به علمك،
221

وبجمعك وبأركانك كلها وبحق رسولك صلوات الله عليه
وباسمك الأكبر الأكبر وباسمك العظيم الذي من دعاك به
كان حقا عليك أن لا تخيبه وباسمك الأعظم الأعظم الذي
من دعاك به كان حقا عليك أن لا ترده وأن تعطيه ما سأل
أن تغفر لي جميع ذنوبي في جميع علمك في " وتسأل الله
حاجتك كلها من أمر الآخرة والدنيا وترغب إليه في الوفادة
في المستقبل في كل عام، وسأل الله الجنة سبعين مرة،
وتتوب إليه سبعين مرة، وليكن من دعائك: " اللهم فكني
من النار، وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب وادرأ
عني شر فسقة الجن والإنس وشر فسقة العرب والعجم ".
فإن نفد هذا الدعاء ولم تغرب الشمس فأعده من أوله إلى
آخره، ولا تمل من الدعاء والتضرع والمسألة.
آداب الوقوف بالمزدلفة
وهي أيضا كثيرة نذكر بعضها:
(1) الإفاضة من عرفات على سكينة ووقار
مستغفرا فإذا انتهى إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق
يقول:
222

(اللهم ارحم موقفي وزد في عملي وسلم لي ديني
وتقبل مناسكي).
(2) الاقتصاد في السير.
(3) تأخير العشائين إلى المزدلفة والجمع بينهما
بأذان وإقامتين وإن ذهب ثلث الليل.
(4) نزول بطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من
المشعر ويستحب للصرورة وطئ المشعر برجله.
(5) إحياء تلك الليلة بالعبادة والدعاء بالمأثور
وغيره. ومن المأثور أن يقول:
" اللهم هذه جمع اللهم إني أسألك أن تجمع لي
فيها جوامع الخير اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن
تجمعه لي في قلبي، وأطلب إليك أن تعرفني ما عرفت
أوليائك في منزلي هذا وأن تقيني جوامع الشر ".
(6) أن يصبح على طهر وبعد ما يصلي الفجر
ويحمد الله عز وجل ويثني عليه، ويذكر من آلائه وبلائه ما
قدر عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثم يقول:
223

" اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار
وأوسع علي من رزقك الحلال وادرأ عني شر فسقة الجن
والإنس اللهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو وخير
مسؤول ولكل وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطني هذا
أن تقيلني عثرتي وتقبل معذرتي وأن تجاوز عن خطيئتي ثم
اجعل التقوى من الدنيا زادي ".
(7) التقاط حصى الجمار من المزدلفة وعددها
سبعون.
(8) السعي - السير السريع - إذا مر بوادي محسر،
وقدر للسعي مائة خطوة ويقول:
" اللهم سلم لي عهدي واقبل توبتي وأجب دعوتي
واخلفني بخير فيمن تركت بعدي ".
آداب رمي الجمرات
يستحب في رمي الجمرات أمور منها:
(1) أن يكون على طهارة حال الرمي.
224

(2) أن يقول إذا أخذ الحصيات بيده:
" اللهم هؤلاء حصياتي فأحصهن لي وارفعهن
في عملي ".
(3) أن يقول عند كل رمية:
" الله أكبر اللهم ادحر عني الشيطان اللهم تصديقا
بكتابك وعلى سنة نبيك اللهم اجعله حجا مبرورا وعملا
مقبولا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا ".
(4) أن يقف الرامي على بعد من جمرة العقبة
بعشرة أذرع، أو خمسة عشر ذراعا.
(5) أن يرمي جمرة العقبة من قبل وجهها مستدبرا
للقبلة ويرمي الجمرتين الأولى والوسطى مستقبلا للقبلة.
(6) أن يضع الحصاة على ابهامه ويدفعها بظفر
السبابة.
(7) أن يقول إذا رجع إلى منى:
" اللهم بك وثقت وعليك توكلت فنعم الرب ونعم
المولى ونعم النصير ".
225

آداب الهدي
يستحب في الهدي أمور منها:
(1) أن يكون بدنة ومع العجز فبقرة، ومع العجز
عنها أيضا فكبشا.
(2) أن يكون سمينا.
(3) أن يقول عند الذبح أو النحر:
" وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض
حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت
وأنا من المسلمين اللهم منك ولك بسم الله والله أكبر اللهم
تقبل مني ".
(4) أن يباشر الذبح بنفسه، فإن لم يتمكن فليضع
السكين بيده، ويقبض الذابح على يده، ويستحب شهود
الذبح على ما في بعض الروايات، ولا بأس بأن يضع يده
على يد الذابح.
226

آداب الحلق
(1) يستحب في الحلق أن يبتدئ فيه من الطرف
الأيمن، وأن يقول حين الحلق: " اللهم أعطني بكل شعرة
نورا يوم القيامة ".
(2) أن يدفن شعره في خيمته في منى.
ويستحب بعد الحلق أن يقلم أظفاره ويأخذ من
شاربه ومن أطراف لحيته.
آداب طواف الحج والسعي
ما ذكرناه من الآداب في الطواف وصلاته و
السعي يجري في طواف الحج وصلاته وسعيه.
ويستحب الاتيان بالطواف يوم العيد فإذا قام على
باب المسجد يقول:
" اللهم أعني على نسك وسلمني له وسلمه لي
أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أو تغفر لي ذنوبي
وأن ترجعني بحاجتي اللهم إني عبدك والبلد بلدك والبيت
227

بيتك جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك متبعا لأمرك راضيا
بقدرك أسألك مسألة المضطر إليك المطيع لأمرك المشفق
من عذابك الخائف لعقوبتك أن تبلغني عفوك وتجيرني من
النار برحمتك ".
ثم يأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبله، فإن لم
يستطع استلم بيده وقبلها وإن لم يستطع من ذلك أيضا
استقبل الحجر وكبر وقال كما قال حين طاف بالبيت يوم
قدم مكة، وقد مر ذلك في آداب دخول المسجد الحرام.
آداب منى
يستحب المقام بمنى أيام التشريق، وعدم الخروج
منها وإن كان للطواف المندوب ويستحب التكبير فيها بعد
خمس عشرة صلاة. أولها ظهر يوم النحر، وبعد عشر
صلوات في سائر الأمصار.
والأولى في كيفية التكبير أن يقول:
228

" الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله
أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما
رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا ".
ويستحب أن يصلي فرائضه ونوافله في مسجد
الخيف، فقد روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه
السلام أنه قال: من صلى في مسجد الخيف بمنى مائة
ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، ومن
سبح الله فيه مائة تسبيحة كتب له كأجر عتق رقبة، ومن
هلل الله فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة، ومن حمد
الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به
في سبيل الله عز وجل.
آداب مكة المعظمة
يستحب فيها أمور منها ما تقدم في آداب دخول
مكة المكرمة والمسجد الحرام ومنها ما يلي:
(1) الاكثار من ذكر الله وقراءة القرآن.
(2) ختم القرآن فيها.
(3) الشرب من ماء زمزم ثم يقول:
229

" اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من
كل داء وسقم ". ثم يقول: " بسم الله الحمد لله الشكر
لله ".
(4) الاكثار من النظر إلى الكعبة.
(5) الطواف حول الكعبة عشر مرات: ثلاثة في
أول الليل وثلاثة في آخره، وطوافان بعد الفجر. وطوافان
بعد الظهر.
(6) أن يطوف أيام إقامته في مكة ثلاثمائة وستين
طوافا، فإن لم يتمكن فاثنين وخمسين طوافا، فإن لم يتمكن
أتى بما قدر عليه.
(7) دخول الكعبة للصرورة، ويستحب له أن
يغتسل قبل دخوله وأن يقول عند دخوله: " اللهم إنك قلت
ومن دخله كان آمنا فآمني من عذاب النار ".
ثم يصلي ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة
الحمراء يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة حم
السجدة، وفي الثانية بعد الفاتحة خمسا وخمسين آية.
230

(8) أن يصلي في كل زاوية من زوايا البيت،
وبعد الصلاة يقول:
" اللهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة
إلى مخلوق رجاء رفده وجائزته ونوافله وفواضله فإليك يا
سيدي تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك
ونوافلك وجائزتك فلا تخيب اليوم رجائي يا من لا يخيب
عليه سائل ولا ينقصه نائل فإني لم آتك اليوم بعمل صالح
قدمته ولا شفاعة مخلوق رجوته ولكني أتيتك مقرا بالظلم
والإساءة على نفسي فإنه لا حجة لي ولا عذر فأسألك يا من
هو كذلك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تعطيني
مسألتي وتقيلني عثرتي وتقلبني برغبتي ولا تردني
مجبوها ممنوعا ولا خائبا يا عظيم يا عظيم يا عظيم
أرجوك للعظيم أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم لا
إله إلا أنت ".
ويستحب التكبير ثلاثا عند خروجه من الكعبة وأن
يقول:
231

" اللهم لا تجهد بلاءنا ربنا ولا تشمت بنا أعداءنا
فإنك أنت الضار النافع ".
ثم ينزل ويستقبل الكعبة، ويجعل الدرجات على
جانبه الأيسر، ويصلي ركعتين عند الدرجات.
طواف الوداع
يستحب لمن أراد الخروج من مكة أن يطوف
طواف الوداع وأن يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في
كل شوط وأن يأتي بما تقدم في آداب الطواف من
المستحبات عند الوصول إلى المستجار وأن يدعو الله بما
شاء، ثم يستلم الحجر الأسود ثم يلصق بطنه بالبيت بأن
يضع إحدى يديه على الحجر والأخرى نحو الباب ثم يحمد
الله ويثني عليه ويصلي على النبي وآله، ثم يقول:
(اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك
وأمينك وحبيبك ونجيبك وخيرتك من خلقك اللهم كما بلغ
رسالاتك وجاهد في سبيلك وصدع بأمرك وأوذي فيك وفي
جنبك وعبدك حتى أتاه اليقين اللهم اقلبني مفلحا منجحا
232

مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من المغفرة
والبركة والرحمة والرضوان والعافية).
ويستحب له الخروج من باب الحناطين - ويقع
قبال الركن الشامي - ويطلب من الله التوفيق لرجوعه مرة
أخرى ويستحب أن يشتري عند الخروج من مكة مقدار
درهم من التمر ويتصدق به على الفقراء لما كان في
إحرامه ولما كان منه في حرم الله عز وجل.
زيارة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله
يستحب للحاج - استحبابا مؤكدا - أن يكون رجوعه
من طريق المدينة المنورة، ليزور الرسول الأعظم صلى
الله عليه وآله والصديقة الطاهرة سلام الله عليها وأئمة
البقيع سلام الله عليهم أجمعين وللمدينة حرم حده من عائر
إلى وعير وهما جبلان يكتنفان المدينة من المشرق
والمغرب، وذهب بعض الفقهاء إلى أن الاحرام وإن كان
لا يجب فيه إلا أنه لا يجوز قطع شجره ولا سيما الرطب
منه إلا ما استثني مما تقدم في حرم مكة، كما أنه لا يجوز
صيد ما بين الحرتين منه، ولكن الأظهر جوازهما وإن
كان رعاية الاحتياط أولى.
233

وكيفية زيارة الرسول الأعظم (صلى الله عليه و
آله) أن يقول:
" السلام على رسول الله (صلى الله عليه وآله)
السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا صفوة الله السلام
عليك يا أمين الله أشهد أنك قد نصحت لأمتك وجاهدت في
سبيل الله وعبدته حتى أتاك اليقين فجزاك الله أفضل ما
جزى نبيا عن أمته اللهم صل على محمد وآل محمد أفضل
ما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد).
زيارة الصديقة الزهراء عليها السلام
" يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك
فوجدك لما امتحنك صابرة وزعمنا أنا لك أولياء و
مصدقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك صلى الله عليه
وآله وأتانا به وصيه فإنا نسألك إن كنا صدقناك إلا ألحقتنا
بتصديقنا لهما) بالبشرى خ ل (لنبشر أنفسنا بأنا قد طهرنا
بولايتك ".
234

الزيارة الجامعة لأئمة البقيع عليهم السلام
السلام على أولياء الله وأصفيائه السلام على أمناء
الله وأحبائه السلام على أنصار الله وخلفائه السلام على
محال معرفة الله السلام على مساكن ذكر الله السلام على
مظهري أمر الله ونهيه السلام على الدعاة إلى الله السلام
على المستقرين في مرضاة الله السلام على المخلصين في
طاعة الله السلام على الادلاء على الله السلام على الذين
من والاهم فقد والى الله ومن عاداهم فقد عادى الله ومن
عرفهم فقد عرف الله ومن جهلهم فقد جهل الله ومن
اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ومن تخلى منهم فقد تخلى من
الله أشهد الله أني سلم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم
مؤمن بسركم وعلانيتكم مفوض في ذلك كله إليكم لعن الله
عدو آل محمد من الجن والإنس وأبرأ إلى الله منهم
وصلى الله على محمد وآله ".
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
235

زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله
" السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبي الله،
السلام عليك يا محمد بن عبد الله، السلام عليك يا خاتم
النبيين، أشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأقمت الصلاة وآتيت
الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وعبدت الله
مخلصا حتى أتاك اليقين، فصلوات الله عليك ورحمته وعلى
أهل بيتك الطاهرين ".
236

" أشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله، وأشهد أنك رسول الله،
وأنك محمد بن عبد الله، وأشهد أنك قد بلغت رسالات
ربك، ونصحت لأمتك، وجاهدت في سبيل الله،
وعبدت الله حتى أتاك اليقين بالحكمة والموعظة
الحسنة، وأديت الذي عليك من الحق، وأنك قد
رؤفت بالمؤمنين، وغلظت على الكافرين، فبلغ الله
بك أفضل شرف محل المكرمين، الحمد لله الذي استنقذنا
بك من الشرك والضلالة، اللهم فاجعل صلواتك
وصلوات ملائكتك المقربين وأنبياءك المرسلين
237

وعبادك الصالحين، وأهل السماوات والأرضين، ومن
سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين، على محمد
عبدك ورسولك ونبيك وأمينك ونجيك وحبيبك
وصفيك وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك،
اللهم اعطه الدرجة الرفيعة، وآته الوسيلة من
الجنة، وابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون
والآخرون، اللهم إنك قلت: (ولو أنهم إذ ظلموا
أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول
لوجدوا الله توابا رحيما)، وإني أتيت نبيك مستغفرا تائبا
من ذنوبي، ويا محمد إني أتوجه بك إلى الله ربي وربك
ليغفر لي ذنوبي ".
238

زيارة فاطمة الزهراء (عليها السلام)
يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك
فوجدك لما امتحنك صابرة وزعمنا أنا لك أولياء
ومصدقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك صلى الله
عليه وآله وأتى به وصيه فإنا نسئلك إن كنا
صدقناك إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما لنبشر
أنفسنا بأنا قد طهرنا بولايتك ".
" السلام عليك يا بنت رسول الله، السلام عليك
239

يا بنت خليل الله، السلام عليك يا بنت نبي الله،
السلام عليك يا بنت حبيب الله، السلام عليك
يا بنت صفي الله، السلام عليك يا بنت أمين الله،
السلام عليك يا بنت خير خلق الله، السلام عليك
يا بنت أفضل أنبياء الله ورسله وملائكته، السلام
عليك يا بنت خير البرية، السلام عليك يا سيدة
نساء العالمين، من الأولين والآخرين، السلام
عليك يا زوجة ولي الله وخير الخلق بعد رسول الله،
السلام عليك يا أم الحسن والحسين سيدي
شباب أهل الجنة، السلام عليك أيتها
الشهيدة الصديقة، السلام عليك أيتها
240

الرضية المرضية، السلام عليك أيتها
الفاضلة الزكية، السلام عليك
أيتها الحورية الإنسية، السلام عليك أيتها
التقية النقية السلام عليك أيتها
المحدثة العليمة السلام عليك أيتها
المظلومة المغصوبة السلام عليك أيتها
المضطهدة المقهورة السلام عليك يا فاطمة
بنت رسول الله ورحمة الله وبركاته صلى الله
عليك وعلى روحك وبدنك، أشهد أنك
مضيت على بينة من ربك، وأن من سرك
فقد سر رسول الله صلى الله عليه وآله
241

ومن جفاك فقد جفا رسول الله صلى الله
عليه وآله، ومن أذاك فقد أذى رسول الله
صلى الله عليه وآله ومن وصلك فقد وصل
رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن قطعك
فقد قطع رسول الله صلى الله عليه وآله،
لأنك بضعة منه، وروحه التي بين جنبيه،
كما قال صلى الله عليه وآله،
أشهد الله ورسله وملائكته أني راض عمن
رضيت عنه، ساخط عمن سخطت عليه،
متبرئ ممن تبرأت منه، موال لمن واليت،
معاد لمن عاديت، مبغض لمن أبغضت، محب
لمن أحببت، وكفى بالله شهيدا وحسيبا
وجازيا ومثيبا ".
ثم تصلى على النبي والأئمة الأطهار عليهم السلام
242

زيارة أئمة البقيع عليهم السلام
يا موالي يا أبناء رسول الله، عبدكم
وابن أمتكم، الذليل بين أيديكم، والمضعف في
علو قدركم، والمعترف بحقكم، جاءكم مستجيرا بكم،
قاصدا إلى حرمكم، متقربا إلى مقامكم، متوسلا
243

إلى الله تعالى بكم، أأدخل يا موالي، أأدخل يا أولياء
الله، أأدخل يا ملائكة الله المحدقين بهذا الحرم،
المقيمين بهذا المشهد ".
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله
بكرة وأصيلا، والحمد لله الفرد الصمد، الماجد
الأحد، المتفضل المنان، المتطول الحنان، الذي
من بطوله، وسهل زيارة ساداتي بإحسانه،
ولم يجعلني عن زيارتهم ممنوعا، بل تطول ومنح ".
وتقول في زيارتهم وأنت مستقبلا قبورهم، ومستدبرا القبلة الشريفة.
244

السلام عليكم أئمة الهدى، السلام عليكم أهل
التقوى، السلام عليكم أيها الحجج على أهل الدنيا،
السلام عليكم أيها القوام في البرية بالقسط،
السلام عليكم أهل الصفوة، السلام عليك آل
رسول الله، السلام عليكم أهل النجوى، أشهد
أنكم قد بلغتم ونصحتم وصبرتم في ذات الله،
وكذبتم وأسيئ إليكم فغفرتم، وأشهد أنكم
الأئمة الراشدون المهتدون، وأن طاعتكم
مفروضة، وأن قولكم الصدق، وأنكم
دعوتم فلم تجابوا، وأمرتم فلم تطاعوا، وأنكم
245

دعائم الدين وأركان الأرض، لم تزالوا بعين الله، ينسخكم
من أصلاب كل مطهر، وينقلكم من أرحام المطهرات،
لم تدنسكم الجاهلية الجهلاء، ولم تشرك فيكم فتن
الأهواء، طبتم وطاب منبتكم، من بكم علينا ديان
الدين، فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر
فيها اسمه، وجعل صلاتنا عليكم رحمة لنا وكفارة
لذنوبنا، إذ اختاركم الله لنا، وطيب خلقنا بما من
علينا من ولايتكم، وكنا عنده مسمين بعلمكم، معترفين
بتصديقنا إياكم، وهذا مقام من أسرف وأخطأ
واستكان وأقر بما جنى، ورجى بمقامه الخلاص،
246

وأن يستنقذه بكم مستنقذ الهلكى من الردى،
فكونوا لي شفعاء، فقد وفدت إليكم إذ رغب
عنكم أهل الدنيا، واتخذوا آيات الله هزوا،
واستكبروا عنها، يا من هو قائم لا يسهو، ودائم
لا يلهو، ومحيط بكل شئ، لك المن بما وفقتني،
وعرفتني بما أقمتني عليه، إذ صد عنه عبادك
وجهلوا معرفته، واستخفوا بحقه، ومالوا إلى سواه،
فكانت المنة منك علي مع أقوام خصصتهم بما
خصصتني به، فلك الحمد إذ كنت عندك في مقامي
هذا مذكورا مكتوبا، فلا تحرمني ما رجوت، ولا تخيبني
فيما دعوت، بحرمة محمد وآله الطاهرين، وصلى الله
على محمد وآل محمد ".
247

زيارة أمين الله
السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته على
عباده السلام عليك يا أمير المؤمنين أشهد أنك
جاهدت في الله حق جهاده وعملت بكتابه، واتبعت
سنن نبيه صلى الله عليه وآله حتى دعاك الله
إلى جواره فقبضك إليه باختياره، وألزم أعداءك
248

الحجة مع ما لك من الحجج البالغة على جميع خلقه،
اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك راضية
بقضائك مولعة بذكرك ودعائك، محبة لصفوة أوليائك،
محبوبة في أرضك وسمائك، صابرة على نزول بلائك،
شاكرة لفواضل نعمائك، ذاكرة لسوابغ آلائك،
مشتاقة إلى فرحة لقائك، ومتزودة التقوى ليوم
جزائك مستنة بسنن أوليائك، مفارقة
لأخلاق أعدائك، مشغولة عن الدنيا بحمدك
وثنائك.
ثم وضع خده على قبره وقال: اللهم إن
قلوب المخبتين إليك والهة وسبل الراغبين إليك
249

شارعة وأعلام القاصدين إليك واضحة وأفئدة
العارفين منك فازعة وأصوات الداعين إليك
صاعدة وأبواب الإجابة لهم مفتحة ودعوة من
ناجاك مستجابة وتوبة من أناب إليك مقبولة
وعبرة من بكى من خوفك مرحومة والإغاثة لمن
استغاث بك موجودة والإعانة لمن استعان
بك مبذولة وعداتك لعبادك منجزة وزلل
من استقالك مقالة وأعمال العالمين لديك
محفوظة وأرزاقك إلى الخلائق من لدنك نازلة
وعوائد المزيد إليهم واصلة وذنوب المستغفرين مغفورة
250

وحوائج خلقك عندك مقضية وجوائز السائلين
عندك موفرة وعوائد المزيد متواترة وموائد المستطعمين
معدة ومناهل الظماء مترعة اللهم فاستجب
دعائي واقبل ثنائي واجمع بيتي وبين أوليائي بحق
محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين، إنك ولي نعمائي
ومنتهى مناي وغاية رجائي في منقلبي ومثواي.
وفي كامل الزيارات أضاف هذه الفقرات. أنت إلهي
وسيدي ومولاي اغفر لأوليائنا وكف عنا أعدائنا
واشغلهم عن أذانا وأظهر كلمة الحق واجعلها العليا
وأدحض كلمة الباطل واجعلها السفلى إنك على كل شئ قدير.
251

الزيارة الجامعة الكبيرة
السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة
ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ومعدن الرحمة
وخزان العلم ومنتهى الحلم وأصول الكرم وقادة
الأمم وأولياء النعم وعناصر الأبرار ودعائم
الأخيار وساسة العباد وأركان البلاد وأبواب
الإيمان وأمناء الرحمن وسلالة النبيين وصفوة
المرسلين وعترة خيرة رب العالمين ورحمة الله
وبركاته السلام على أئمة الهدى ومصابيح الدجى
252

وأعلام التقى وذوي النهى وأولي الحجى وكهف الورى
وورثة الأنبياء والمثل الأعلى والدعوة الحسنى وحجج
الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى ورحمة الله وبركاته
السلام على محال معرفة الله ومساكن بركة الله
ومعادن حكمة الله وحفظة سر الله وحملة كتاب الله
وأوصياء نبي الله وذرية رسول الله صلى الله عليه وآله
ورحمة الله وبركاته السلام على الدعاة إلى الله
والأدلاء على مرضات الله والمستقرين في أمر الله
والتأمين في محبة الله والمخلصين في توحيد الله
والمظهرين لأمر الله ونهيه وعباده المكرمين
253

الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ورحمة الله
وبركاته السلام على الأئمة الدعاة والقادة الهداة
والسادة الولاة والذادة الحماة وأهل الذكر وأولي الأمر
وبقية الله وخيرته وحزبه وعيبة علمه وحجته
وصراطه ونوره وبرهانه ورحمة الله وبركاته
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد
الله لنفسه وشهدت له ملائكته وأولو العلم من
خلقه لا إله إلا هو العزيز الحكيم وأشهد أن محمدا
عبده المنتجب ورسوله المرتضى أرسله بالهدى
ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
254

وأشهد أنكم الأئمة الراشدون المهديون
المعصومون المكرمون المقربون المتقون
الصادقون المصطفون المطيعون لله القوامون
بأمره العاملون بإرادته الفائزون بكرامته
اصطفاكم بعلمه وارتضاكم لغيبه واختاركم
لسره واجتباكم بقدرته وأعزكم بهداه وخصكم
ببرهانه وانتجبكم لنوره (بنوره) وأيدكم بروحه
ورضيكم خلفاء في أرضه وحججا على بريته
وأنصارا لدينه وحفظة لسره وخزنة لعلمه
ومستودعا لحكمته وتراجمة لوحيه وأركانا
255

لتوحيده وشهداء على خلقه وأعلاما لعباده
ومنارا في بلاده وأدلاء على صراطه عصمكم
الله من الزلل وآمنكم من الفتن وطهركم من
الدنس وأذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيرا
فعظمتم جلاله وأكبرتم شأنه ومجدتم كرمه
وأدمتم (وأدمنتم) ذكره ووكدتم (وذكرتم) ميثاقه وأحكمتم
عقد طاعته ونصحتم له في السر والعلانية ودعوتم
إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وبذلتم
أنفسكم في مرضاته وصبرتم على ما أصابكم في جنبه (حبه)
وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف
256

ونهيتم عن المنكر وجاهدتم في الله حق جهاده
حتى أعلنتم دعوته وبينتم فرائضه وأقمتم
حدوده ونشرتم (وفسرتم) شرايع أحكامه وسننتم
سنته وصرتم في ذلك منه إلى الرضا وسلمتم
له القضاء وصدقتم من رسله من مضى فالراغب
عنكم مارق واللازم لكم لاحق والمقصر في
حقكم زاهق والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم
وأنتم أهله ومعدنه وميراث النبوة عندكم
وإياب الخلق إليكم وحسابهم عليكم و فصل الخطاب
عندكم وآيات الله لديكم وعزائمه فيكم ونوره
257

وبرهانه عندكم وأمره إليكم من والاكم فقد
وإلى الله ومن عاداكم فقد عادى الله ومن
أحبكم فقد أحب الله ومن أبغضكم قد أبغض
الله ومن اعتصم بكم فقد اعتصم بالله أنتم
الصراط الأقوم وشهداء دار الفناء وشفعاء
دار البقاء والرحمة الموصولة والآية المخزونة
والأمانة المحفوظة والباب المبتلى به الناس
من أتاكم نجى ومن لم يأتكم هلك إلى الله
تدعون وعليه تدلون وبه تؤمنون وله
تسلمون وبأمره تعلمون وإلى سبيله ترشدون
258

وبقوله تحكمون سعد من تولاكم وهلك من
عاداكم وخاب من جحدكم وضل من فارقكم
وفاز من تمسك بكم وآمن من لجأ إليكم وسلم من
صدقكم وهدي من اعتصم بكم من اتبعكم
فالجنة ماويه ومن خالفكم فالنار مثواه
ومن جحدكم كافر ومن حاربكم مشرك ومن رد
عليكم في أسفل درك من الجحيم أشهد أن هذا
سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقي وأن أرواحكم
ونوركم وطينتكم واحدة طابت وطهرت بعضها
من بعض خلقكم الله أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين
259

حتى من علينا بكم فجعلكم في بيوت أذن الله أن
ترفع ويذكر فيها اسمه وجعل صلاتنا (صلواتنا) عليكم
وما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا وطهارة
لأنفسنا وتزكية (وبركة) لنا وكفارة لذنوبنا فكنا
عنده مسلمين بفضلكم ومعروفين بتصديقنا إياكم
فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين وأعلى منازل
المقربين وأرفع درجات المرسلين حيث لا يلحقه
لاحق ولا يفوقه فائق ولا يسبق سابق ولا
يطمع في إدراكه طامع حتى لا يبقى ملك مقرب
ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد ولا عالم
260

ولا جاهل ولا دني ولا فاضل ولا مؤمن صالح
ولا فاجر طالح ولا جبار عنيد ولا شيطان مريد
ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفهم جلالة
أمركم وعظم خطركم وكبر شأنكم وتمام نوركم
وصدق مقاعدكم وثبات مقامكم وشرف
محلكم ومنزلتكم عنده وكرامتكم عليه وخاصتكم
لديه وقرب منزلتكم منه بأبي أنتم وأمي وأهلي
ومالي وأسرتي أشهد الله وأشهدكم أني مؤمن
بكم وبما آمنتم به كافر بعدوكم وبما كفرتم به
مستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم موال
261

لكم ولأوليائكم مبغض لأعدائكم ومعاد لهم
سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم محقق لما
حققتم مبطل لما أبطلتم مطيع لكم عارف
بحقكم مقر بفضلكم محتمل لعلمكم محتجب
بذمتكم معترف بكم مؤمن بإيابكم مصدق
برجعتكم منتظر لأمركم مرتقب لدولتكم آخذ
بقولكم عامل بأمركم مستجير بكم زائر لكم
لائذ عائذ بقبوركم مستشفع إلى الله عز وجل
بكم ومتقرب بكم إليه ومقدمكم أمام طلبتي
وحوائجي وإرادتي في كل أحوالي وأموري مؤمن
262

بسركم وعلانيتكم وشاهدكم وغائبكم وأولكم
وآخركم ومفوض في ذلك كله إليكم ومسلم فيه
معكم وقلبي لكم مسلم وأني لكم تبع ونصرتي لكم
معدة حتى يحيي الله تعالى دينه بكم ويردكم في
أيامه ويظهركم لعدله ويمكنكم في أرضه
فمعكم معكم لا مع غيركم آمنت بكم وتوليت
آخركم بما توليت به أولكم وبرئت إلى الله عز وجل
من أعدائكم ومن الجبت والطاغوت والشياطين
وحزبهم الظالمين لكم الجاحدين لحقكم
والمارقين من ولايتكم أو الغاصبين لإرثكم
263

" و " الشاكين فيكم " و " المنحرفين عنكم ومن كل وليجة
دونكم وكل مطاع سواكم ومن الأئمة الذين
يدعون إلى النار فثبتني الله أبدا ما حييت على
موالاتكم ومحبتكم ودينكم ووفقني لطاعتكم
ورزقني شفاعتكم وجعلني من خيار مواليكم
التابعين لما دعوتم إليه وجعلني من يقتص
آثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدي بهديكم
ويحشر في زمرتكم ويكر في رجعتكم ويملك في
دولتكم ويشرف في عافيتكم ويمكن في أيامكم
وتقر عينه غدا برؤيتكم بأبي أنتم وأمي ونفسي
264

وأهلي ومالي من أراد الله بدأ بكم ومن وحده
قبل عنكم ومن قصده توجه بكم وموالي لا
أحصي ثناءكم ولا أبلغ من المدح كنهكم
ومن الوصف قدركم وأنتم نور الأخيار وهداة
الأبرار وحجج الجبار بكم فتح الله وبكم يختم الله
وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع
على الأرض إلا بإذنه وبكم ينفس الهم ويكشف
الضر وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت
به ملائكته وإلى جدكم (وإذا أردت زيارة أمير
المؤمنين عليه السلام فقل وإلى أخيك بعث الروح
265

الأمين آتاكم الله ما لم يؤت أحدا من العالمين
طأطأ كل شريف لشرفكم ونجع كل متكبر
لطاعتكم وخضع كل جبار لفضلكم وذل
كل شئ لكم وأشرقت الأرض بنوركم
وفاز الفائزون بولايتكم بكم يسلك إلى الرضوان
وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن بأبي أنتم
وأمي ونفسي وأهلي ومالي ذكركم في الذاكرين
وأسماؤكم في الأسماء وأجسادكم في الأجساد
وأرواحكم في الأرواح وأنفسكم في النفوس
وآثاركم في الآثار وقبوركم في القبور فما
266

أحلى أسماءكم وأكرم أنفسكم وأعظم شأنكم
وأجل خطركم وأوفى عهدكم وأصدق
وعدكم كلامكم نور وأمركم رشد
ووصيتكم التقوى وفعلكم الخير وعادتكم
الإحسان وسجيتكم الكرم وشأنكم الحق
والصدق والرفق وقولكم حكم وحتم ورأيكم
علم وحلم وحزم إن ذكر الخير كنتم أوله
وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه
بأبي أنتم وأمي ونفسي كيف أصف حسن
ثنائكم وأحصي جميل بلائكم وبكم أخرجنا الله
267

من الذل وفرج عنا غمرات الكروب
وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار
بأبي أنتم وأمي ونفسي بموالاتكم علمنا الله
معالم ديننا وأصلح ما كان فسد من دنيانا
وبموالاتكم تمت الكلمة وعظمت النعمة
وائتلفت الفرقة وبموالاتكم تقبل الطاعة
المفترضة ولكم المودة الواجبة والدرجات
الرفيعة والمقام المحمود والمكان (والمقام) المعلوم
عند الله عز وجل والجاه العظيم الشأن
الكبير والشفاعة المقبولة ربنا آمنا بما أنزلت
268

واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ربنا
لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من
لدنك رحمة إنك أنت الوهاب سبحان
ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا يا ولي الله
إن بيني وبين الله عز وجل ذنوبا لا يأتي عليها
إلا رضاكم فبحق من ائتمنكم على سره
واسترعاكم أمر خلقه وقرن طاعتكم بطاعته
لما استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي فإني لكم
مطيع من أطاعكم فقد أطاع الله ومن عصاكم
فقد عصى الله ومن أحبكم فقد أحب الله
269

ومن أبغضكم فقد أبغض الله اللهم إني لو
وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل
بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي
فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك أسئلك أن
تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم وفي
زمرة المرحومين بشفاعتهم إنك أرحم الراحمين
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم
تسليما كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل
270

زيارة حمزة عليه السلام
تقول عند قبره إذا مضيت لزيارته " السلام عليك
يا عم رسول الله، صلى الله عليه وآله، السلام عليك
يا خير الشهداء، السلام عليك يا أسد الله
وأسد رسوله، أشهد أنك قد جاهدت في الله
عز وجل، وجدت بنفسك، ونصحت رسول الله،
وكنت فيما عند الله سبحانه راغبا، بأبي أنت
وأمي، أتيتك متقربا إلى الله عز وجل بزيارتك،
ومتقربا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك،
راغبا إليك في الشفاعة، أبتغي بزيارتك خلاص نفسي
271

متعوذا بك من نار استحقها مثلي بما جنيت على
نفسي، هاربا من ذنوبي التي احتطبتها على ظهري،
فزعا إليك رجاء رحمة ربي، أتيتك من شقة
بعيدة، طالبا فكاك رقبتي من النار، وقد أوقرت
ظهري ذنوبي، وأتيت ما أسخط ربي، ولم أجد أحدا
أفزع إليه خيرا لي منكم أهل بيت الرحمة، فكن
لي شفيعا يوم فقري وحاجتي، فقد سرت إليك
محزونا، وأتيتك مكروبا، وسكبت عبرتي عندك
باكيا، وصرت إليك مفردا، وأنت ممن أمرني الله
بصلته، وحثني على بره، ودلني على فضله، وهداني
272

لحبه، ورغبني في الوفادة إليه، وألهمني طلب الحوائج
عنده، أنتم أهل بيت لا يشقى من تولاكم، ولا يخيب
من أتاكم، ولا يخسر من يهويكم، ولا يسعد من عاداكم ".
فإذا فرغت من الزيارة تصلي ركعتين وتدعو بهذا الدعاء:
" اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم
إني تعرضت لرحمتك بلزوقي لقبر عم نبيك صلى الله
عليه وآله، ليجيرني من نقمتك وسخطك ومقتك في
يوم تكثر فيه الأصوات، وتشغل كل نفس بما قدمت،
وتجادل عن نفسها، فإن ترحمني اليوم فلا خوف علي
ولا حزن، وإن تعاقب فمولى له القدرة على عبده،
273

ولا تخيبني بعد اليوم، ولا تصرفني بغير حاجتي،
فقد لصقت بقبر عم نبيك، وتقربت به إليك
ابتغاء مرضاتك ورجاء رحمتك، فتقبل مني،
وعد بحلمك على جهلي، وبرأفتك على جناية نفسي،
فقد عظم جرمي، وما أخاف أن تظلمني،
ولكن أخاف سوء الحساب، فانظر اليوم تقلبي
على قبر عم نبيك، فبهما فكني من النار، ولا تخيب
سعيي، ولا يهونن عليك ابتهالي، ولا تحجبن
عنك صوتي، ولا تقلبني بغير حوائجي، يا غياث
كل مكروب ومحزون، ويا مفرجا عن الملهوف
274

الحيران الغريق المشرف على الهلكة، فصل
على محمد وآل محمد، وانظر إلي نظرة لا أشقى بعدها
أبدا، وارحم تضرعي وعبرتي وانفرادي، فقد
رجوت رضاك، وتحريت الخير الذي لا يعطيه
أحد سواك، فلا ترد أملي، اللهم إن تعاقب
فمولى له القدرة على عبده وجزاءه بسوء
فعله، فلا أخيبن اليوم، ولا تصرفني بغير حاجتي،
ولا تخيبن شخوصي ووفادتي، فقد أنفدت
نفقتي، وأتعبت بدني، وقطعت المفازات،
وخلفت الأهل والمال وما خولتني، وآثرت
275

ما عندك على نفسي، ولذت بقبر عم
نبيك صلى الله عليه وآله، وتقربت به ابتغاء مرضاتك،
فعد بحلمك على جهلي، وبرأفتك على ذنبي، فقد
عظم جرمي، برحمتك يا كريم يا كريم ".
276

زيارة إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
تقف عند القبر وتقول: السلام على رسول الله،
السلام على نبي الله، السلام على حبيب الله، السلام
على صفي الله، السلام على نجي الله، السلام على محمد بن
عبد الله، سيد الأنبياء وخاتم المرسلين، وخيرة
الله من خلقه في أرضه وسمائه، السلام على جميع
أنبيائه ورسله، السلام على الشهداء والسعداء
والصالحين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين،
السلام عليك أيتها الروح الزاكية، السلام عليك
أيتها النفس الشريفة. السلام عليك أيتها السلالة
277

الطاهرة، السلام عليك أيتها النسمة الزاكية،
السلام عليك يا بن خير الورى، السلام عليك يا بن
النبي المجتبى، السلام عليك يا بن المبعوث إلى
كافة الورى، السلام عليك يا بن البشير النذير،
السلام عليك يا بن السراج المنير، السلام عليك
يا بن المؤيد بالقرآن، السلام عليك يا بن المرسل
إلى الإنس والجان، السلام عليك يا بن صاحب الراية
والعلامة، السلام عليك يا بن الشفيع يوم القيمة،
السلام عليك يا بن من حباه الله بالكرامة، السلام
عليك ورحمة الله وبركاته، أشهد أنك قد اختار الله
278

لك دار أنعامه قبل أن يكتب عليك أحكامه، أو
يكلفك حلاله وحرامه، فنقلك إليه طيبا زاكيا
مرضيا طاهرا من كل نجس مقدسا من كل دنس
وبوأك جنة المأوى، ورفعك إلى الدرجات العلى،
وصلى الله عليك صلاة تقر بها عين رسوله،
وتبلغه أكبر مأموله، اللهم اجعل أفضل صلواتك
وأزكاها، وأنمى بركاتك وأوفاها، على رسولك
ونبيك وخيرتك من خلقك محمد خاتم النبيين،
وعلى من نسل من أولاده الطيبين وعلى من خلف من
عترته الطاهرين، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم
279

إني أسألك بحق محمد صفيك وإبراهيم نجل نبيك أن
تجعل سعيي بهم مشكورا، وذنبي بهم مغفورا، وحياتي بهم
سعيدة، وعاقبتي بهم حميدة، وحوائجي بهم مقضية،
وأفعالي بهم مرضية وأموري بهم مسعودة، وشؤوني بهم
محمودة، اللهم وأحسن لي التوفيق ونفس عني كل هم
وضيق، اللهم جنبني عقابك، وامنحني ثوابك، وأسكني
جنانك، وارزقني رضوانك وأمانك وأشرك لي في
صالح دعائي والدي وولدي وجميع المؤمنين
والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك ولي
الباقيات الصالحات، آمين رب العالمين.
ثم تسأل حوائجك وتصلي ركعتين.
280

زيارة شهداء أحد
تقول في زيارتهم السلام على رسول الله السلام
على نبي الله السلام على محمد بن عبد الله السلام
على أهل بيته الطاهرين السلام عليكم أيها
الشهداء المؤمنون السلام عليكم يا أهل بيت
الايمان والتوحيد السلام عليكم يا أنصار دين
الله وأنصار رسوله عليه وآله السلام سلام عليكم
بما صبرتم فنعم عقبى الدار أشهد أن الله
اختاركم لدينه واصطفاكم لرسوله وأشهد
281

أنكم قد جاهدتم في الله حق جهاده وذببتم عن
دين الله وعن نبيه وجدتم بأنفسكم دونه
وأشهد أنكم قتلتم على منهاج رسول الله فجزاكم
الله عن نبيه وعن الاسلام وأهله أفضل الجزاء
وعرفنا وجوهكم في محل رضوانه وموضع اكرامه
مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وحسن أولئك رفيقا أشهد أنكم حزب الله
وأن من حاربكم فقد حارب الله وأنكم لمن
المقربين الفائزين الذين هم أحياء عند ربهم
يرزقون فعلى من قتلكم لعنة الله والملائكة
282

والناس أجمعين أتيتكم يا أهل التوحيد زائرا
وبحقكم عارفا وبزيارتكم إلى الله متقربا وبما سبق
من شريف الأعمال ومرضى الأفعال عالما
فعليكم سلام الله ورحمته وبركاته وعلى من
قتلكم لعنة الله وغضبه وسخطه اللهم
انفعني بزيارتهم وثبتني على قصدهم وتوفني على
ما توفيتهم عليه واجمع بيني وبينهم في مستقر
دار رحمتك أشهد أنكم لنا فرط ونحن بكم لاحقون.
283

دعاء الإمام الحسين عليه السلام في يوم عرفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع ولا لعطائه
مانع ولا كصنعه صنع صانع وهو الجواد الواسع
فطر أجناس البدايع وأتقن بحكمته الصنايع
لا تخفى عليه الطلايع ولا تضيع عنده الودايع
جازى كل صانع ورايش كل قانع وراحم كل
ضارع منزل المنافع والكتاب الجامع بالنور
الساطع وهو للدعوات سامع وللكربات دافع
وللدرجات رافع وللجبابرة قامع فلا إله غيره
284

ولا شئ يعد له وليس كمثله شئ وهو السميع
البصير اللطيف الخبير وهو على كل شئ قدير
اللهم إني أرغب إليك وأشهد بالربوبية لك
مقرا بأنك ربي وإليك مردي ابتدأتني
بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا وخلقتني من
التراب ثم أسكنتني الأصلاب آمنا لريب المنون
واختلاف الدهور والسنين فلم أزل ظاعنا من
صلب إلى رحم في تقادم من الأيام الماضية
والقرون الخالية لم تخرجني لرأفتك بي ولطفك
لي وإحسانك إلى في دولة أئمة الكفر الذين
285

نقضوا عهدك وكذبوا رسلك لكنك أخرجتني
للذي سبق لي من الهدى الذي له يسرتني وفيه
أنشأتني ومن قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك
وسوابغ نعمك فابتدعت خلقي من مني يمنى
وأسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم ودم وجلد
لم تشهدني خلقي ولم تجعل إلى شيئا من أمري
ثم أخرجتني للذي سبق لي من الهدى إلى الدنيا
تاما سويا وحفظتني في المهد طفلا صبيا
ورزقتني من الغذاء لبنا مريا وعطفت على
قلوب الحواضن وكفلتني الأمهات الرواحم
286

وكلأتني من طوارق الجان وسلمتني من الزيادة
والنقصان فتعاليت يا رحيم يا رحمن حتى إذا
استهللت ناطقا بالكلام أتممت على سوابغ
الإنعام وربيتني زايدا في كل عام حتى إذا اكتملت
فطرتي واعتدلت مرتي أوجبت على حجتك بأن
ألهمتني معرفتك وروعتني بعجايب حكمتك
وأيقظتني لما ذرات في سمائك وأرضك من بدايع
خلقك ونبهتني لشكرك وذكرك وأوجبت على
طاعتك وعبادتك وفهمتني ما جاءت به رسلك
ويسرت لي تقبل مرضاتك ومننت على في جميع
287

ذلك بعونك ولطفك ثم إذ خلقتني من خير الثرى
لم ترض لي يا إلهي نعمة دون أخرى ورزقتني من أنواع
المعاش وصنوف الرياش بمنك العظيم الأعظم
على واحسانك القديم إلى حتى إذا أتممت على
جميع النعم وصرفت عني كل النقم لم يمنعك جهلي
وجرأتي عليك أن دللتني إلى ما يقربني إليك
ووفقتني لما يزلفني لديك فإن دعوتك أجبتني
وإن سئلتك أعطيتني وإن أطعتك شكرتني
وإن شكرتك زدتني كل ذلك إكمال لأنعمك
علي وإحسانك إلي فسبحانك سبحانك من مبدئ
288

معيد حميد مجيد تقدست أسماؤك وعظمت
آلاؤك فأي نعمك يا إلهي أحصي عددا وذكرا أم
أي عطاياك أقوم بها شكرا وهي يا رب أكثر (أكبر) من
أن يحصيها العادون أو يبلغ علما بها الحافظون
ثم ما صرفت ودرأت عني اللهم من الضرو الضراء
أكثر مما ظهر لي من العافية والسراء وأنا أشهد
يا إلهي بحقيقة إيماني وعقد عزمات يقيني و
خالص صريح توحيدي وباطن مكنون ضميري و
علايق مجاري نور بصري وأسارير صفحة جبيني
وخرق مسارب نفسي وخذاريف مارن عرنيني
289

ومسارب سماخ سمعي وما ضمت وأطبقت عليه
شفتاي وحركات لفظ لساني ومغرز حنك فمي و
فكي ومنابت أضراسي ومساغ مطعمي ومشربي
وحمالة أم رأسي وبلوع فارغ حبائل عنقي وما
اشتمل عليه تامور صدري وحمايل حبل وتيني
ونياط حجاب قلبي وأفلاذ حواشي كبدي وما
حوته شراسيف أضلاعي وحقاق مفاصلي
وقبض عواملي وأطراف أناملي ولحمي ودمي
وشعري وبشري وعصبي وقصبي وعظامي ومخي
وعروقي وجميع جوارحي وما انتسج على ذلك
290

أيام رضاعي وما أقلت الأرض مني ونومي ويقظتي
وسكوني وحركات ركوعي وسجودي أن لو حاولت
واجتهدت مدى الأعصار والأحقاب لو عمرتها
أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك ما استطعت
ذلك إلا بمنك الموجب على به شكرك أبدا جديدا
وثناء طارفا عتيدا أجل ولو حرصت أنا والعادون
من أنامك أن نحصي مدى إنعامك سالفه وآنفه
ما حصرناه عددا ولا أحصيناه أمدا هيهات أنى
ذلك وأنت المخبر في كتابك الناطق والنبأ الصادق
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها صدق كتابك
291

اللهم وأنباؤك وبلغت أنبياؤك ورسلك ما أنزلت
عليهم من وحيك وشرعت لهم وبهم من دينك
غير أني يا إلهي أشهد بجهدي وجدي ومبلغ طاعتي
ووسعي وأقول مؤمنا موقنا الحمد لله الذي لم
يتخذ ولدا فيكون موروثا ولم يكن له شريك في ملكه
فيضاده فيما ابتدع ولا ولي من الذل فيرفده فيما
صنع فسبحانه سبحانه لو كان فيهما آلهة إلا الله
لفسدتا وتفطرتا سبحان الله الواحد الأحد الصمد
الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد الحمد
لله حمدا يعادل حمد ملائكته المقربين وأنبيائه
292

المرسلين وصلى الله على خيرته محمد خاتم النبيين
وآله الطيبين الطاهرين المخلصين وسلم.
ثم اندفع في المسألة والدعاء وقال وعيناه تنهمر بالدموع:
اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك وأسعدني
بتقواك ولا تشقني بمعصيتك وخر لي في قضائك
وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت
ولا تأخير ما عجلت اللهم اجعل غناي في نفسي
واليقين في قلبي والإخلاص في عملي والنور في
بصري والبصيرة في ديني ومتعني بجوارحي
واجعل سمعي وبصري الوارثين مني وانصرني على
293

من ظلمني وأرني فيه ثاري ومآربي وأقر بذلك عيني
اللهم اكشف كربتي واستر عورتي واغفر لي خطيئتي
واخسأ شيطاني وفك رهاني واجعل لي يا إلهي الدرجة
العليا في الآخرة والأولى اللهم لك الحمد كما خلقتني
فجعلتني سميعا بصيرا ولك الحمد كما خلقتني فجعلتني
خلقا سويا رحمة بي وقد كنت عن خلقي غنيا رب
بما برأتني فعدلت فطرتي رب بما أنشأتني فأحسنت
صورتي رب بما أحسنت إلى وفي نفسي عافيتني رب
بما كلأتني ووفقتني رب بما أنعمت على فهديتني
رب بما أوليتني ومن كل خير أعطيتني رب بما أطعمتني
294

وسقيتني رب بما أغنيتني وأقنيتني رب بما أعنتني
وأعززتني رب بما ألبستني من سترك الصافي ويسرت
لي من صنعك الكافي صل على محمد وآل محمد وأعني
على بوائق الدهور وصروف الليالي والأيام ونجني
من أهوال الدنيا وكربات الآخرة واكفني شر ما يعمل
الظالمون في الأرض اللهم ما أخاف فاكفني وما
أحذر فقني وفي نفسي وديني فاحرسني وفي سفري
فاحفظني وفي أهلي ومالي فاخلفني وفيما رزقتني
فبارك لي وفي نفسي فذللني وفي أعين الناس فعظمني
ومن شر الجن والإنس فسلمني وبذنوبي فلا تفضحني
295

وبسريرتي فلا تخزني وبعملي فلا تبتلني ونعمك
فلا تسلبني وإلى غيرك فلا تكلني إلهي إلى من تكلني
إلى قريب فيقطعني أم إلى بعيد فيتجهمني أم إلى
المستضعفين لي وأنت ربي ومليك أمري أشكو
إليك غربتي وبعد داري وهواني على من ملكته أمري
إلهي فلا تحلل على غضبك فإن لم تكن غضبت على
فلا أبالي سبحانك غير أن عافيتك أوسع
لي فأسئلك يا رب بنور وجهك الذي أشرقت له
الأرض والسماوات وكشفت به الظلمات وصلح
به أمر الأولين والآخرين أن لا تميتني على غضبك
296

ولا تنزل بي سخطك لك العتبى لك العتبى حتى
ترضى قبل ذلك لا إله إلا أنت رب البلد الحرام
والمشعر الحرام والبيت العتيق الذي أحللته
البركة وجعلته للناس أمنا يا من عفا عن
عظيم الذنوب بحلمه يا من أسبغ النعماء بفضله
يا من أعطى الجزيل بكرمه يا عدتي في شدتي يا صاحبي
في وحدتي يا غياثي في كربتي يا وليي في نعمتي يا
إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب
ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ورب محمد
خاتم النبيين وآله المنتجبين ومنزل التوراة
297

والإنجيل والزبور والفرقان ومنزل كهيعص وطه
ويس والقرآن الحكيم أنت كهفي حين تعييني المذاهب
في سعتها وتضيق بي الأرض برحبها ولولا رحمتك
لكنت من الهالكين وأنت مقيل عثرتي ولولا سترك
إياي لكنت من المفضوحين وأنت مؤيدي بالنصر
على أعدائي ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين
يا من خص نفسه بالسمو والرفعة فأوليائه بعزه
يعتزون يا من جعلت له الملوك نير المذلة على أعناقهم
فهم من سطواته خائفون يعلم خاينة الأعين وما
تخفي الصدور وغيب ما تأتي به الأزمنة والدهور
298

يا من لا يعلم كيف هو إلا هو يا من لا يعلم ما هو إلا هو
يا من لا يعلمه إلا هو يا من كبس الأرض على الماء
وسد الهواء بالسماء يا من له أكرم الأسماء يا ذا
المعروف الذي لا ينقطع أبدا يا مقيض الركب ليوسف
في البلد القفر ومخرجه من الجب وجاعله بعد
العبودية ملكا يا راده على يعقوب بعد أن ابيضت
عيناه من الحزن فهو كظيم يا كاشف الضر والبلوى
عن أيوب وممسك يدي إبراهيم عن ذبح ابنه
بعد كبر سنه وفناء عمره يا من استجاب لزكريا
فوهب له يحيى ولم يدعه فردا وحيدا يا من أخرج
299

يونس من بطن الحوت يا من فلق البحر لبني إسرائيل
فأنجاهم وجعل فرعون وجنوده من المغرقين يا
من أرسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته يا من
لم يعجل على من عصاه من خلقه يا من استنقذ
السحرة من بعد طول الجحود وقد غدوا في نعمته
يأكلون رزقه ويعبدون غيره وقد حادوه ونادوه
وكذبوا رسله يا الله يا الله يا بدئ يا بديع لا
ند لك يا دائما لا نفاد لك يا حيا حين لا حي يا
محيي الموتى يا من هو قائم على كل نفس بما كسبت
يا من قل له شكري فلم يحرمني وعظمت خطيئتي
300

فلم يفضحني ورآني على المعاصي فلم يشهرني يا من
حفظني في صغري يا من رزقني في كبري يا من
أياديه عندي لا تحصى ونعمه لا تجازى يا من
عارضني بالخير والإحسان وعارضته بالإساءة
والعصيان يا من هداني للإيمان من قبل أن أعرف
شكر الامتنان يا من دعوته مريضا فشفاني
وعريانا فكساني وجائعا فأشبعني وعطشان
فأرواني وذليلا فأعزني وجاهلا فعرفني و
وحيد فكثرني وغايبا فردني ومقلا فأغناني
ومنتصرا فنصرني وغنيا فلم يسلبني وأمسكت
301

عن جميع ذلك فابتدأني فلك الحمد والشكر يا من
أقال عثرتي ونفس كربتي وأجاب دعوتي وستر
عورتي وغفر ذنوبي وبلغني طلبتي ونصرني على
عدوي وإن أعد نعمك ومننك وكرايم منحك
لا أحصيها يا مولاي أنت الذي مننت أنت
الذي أنعمت أنت الذي أحسنت أنت الذي
أجملت أنت الذي أفضلت أنت الذي أكملت
أنت الذي رزقت أنت الذي وفقت أنت الذي
أعطيت أنت الذي أغنيت أنت الذي أقنيت
أنت الذي آويت أنت الذي كفيت أنت الذي
302

هديت أنت الذي عصمت أنت الذي سترت
أنت الذي غفرت أنت الذي أقلت أنت الذي
مكنت أنت الذي أعززت أنت الذي أعنت
أنت الذي عضدت أنت الذي أيدت أنت الذي
نصرت أنت الذي شفيت أنت الذي عافيت
أنت الذي أكرمت تباركت وتعاليت فلك الحمد
دائما ولك الشكر واصبا أبدا ثم أنا يا إلهي المعترف
بذنوبي فاغفرها لي أنا الذي أسأت أنا الذي أخطأت
أنا الذي هممت أنا الذي جهلت أنا الذي غفلت أنا
الذي سهوت أنا الذي اعتمدت أنا الذي تعمدت أنا الذي وعدت
303

وأنا الذي أخلفت أنا الذي نكثت أنا الذي أقررت
أنا الذي اعترفت بنعمتك على وعندي وأبوء بذنوبي
فاغفرها لي يا من لا تضره ذنوب عباده وهو
الغني عن طاعتهم والموفق من عمل صالحا منهم
بمعونته ورحمته فلك الحمد إلهي وسيدي إلهي
أمرتني فعصيتك ونهيتني فارتكبت نهيك فأصبحت
لا ذا براءة لي فأعتذر ولا ذا قوة فأنتصر فبأي
شئ أستقبلك يا مولاي أبسمعي أم ببصري أم بلساني
أم بيدي أم برجلي أليس كلها نعمك عندي
وبكلها عصيتك يا مولاي فلك الحجة والسبيل
304

علي يا من سترني من الآباء والأمهات أن يزجروني
ومن العشائر والإخوان أن يعيروني ومن السلاطين
أن يعاقبوني ولو اطلعوا يا مولاي على ما اطلعت عليه
مني إذا ما أنظروني ولرفضوني وقطعوني فها أنا ذا
يا إلهي بين يديك يا سيدي خاضع ذليل حصير حقير
لا ذو براءة فأعتذر ولا ذو قوة فأنتصر ولا حجة
فأحتج بها ولا قائل لم أجترح ولم أعمل سوء وما عسى
الجحود ولو جحدت يا مولاي ينفعني كيف وأنى
ذلك وجوارحي كلها شاهدة علي بما قد علمت و
علمت يقينا غير ذي شك إنك سائلي من عظايم
305

الأمور وأنك الحكم العدل الذي لا تجور
وعدلك مهلكي ومن كل عدلك مهربي فإن
تعذبني يا إلهي فبذنوبي بعد حجتك علي وأن تعف
عني فبحلمك وجودك وكرمك لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الظالمين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المستغفرين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الموحدين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الخائفين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الوجلين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الراجين لا إله إلا أنت
306

سبحانك إني كنت من الراغبين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المهللين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من السائلين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المسبحين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المكبرين لا إله إلا أنت
سبحانك ربي ورب آبائي الأولين اللهم هذا ثنائي
عليك ممجدا وإخلاصي لذكرك موحدا و
إقراري بالآئك معددا وإن كنت مقرا أني
لم أحصها لكثرتها وسبوغها وتظاهرها وتقادمها
إلى حادث ما لم تزل تتعهدني به معها منذ خلقتني
307

وبرأتني من أول العمر من الإغناء من الفقر وكشف
الضر وتسبيب اليسر ودفع العسر وتفريج الكرب
والعافية في البدن والسلامة في الدين ولو
رفدني على قدر ذكر نعمتك جميع العالمين من الأولين
والآخرين ما قدرت ولا هم على ذلك تقدست
وتعاليت من رب كريم عظيم رحيم لا تحصى آلاؤك
ولا يبلغ ثناؤك ولا تكافى نعماؤك صل على محمد
وآل محمد وأتمم علينا نعمك وأسعدنا بطاعتك
سبحانك لا إله إلا أنت اللهم إنك تجيب المضطر
وتكشف السوء وتغيث المكروب وتشفي السقيم
308

وتغني الفقير وتجبر الكسير وترحم الصغير وتعين
الكبير وليس دونك ظهير ولا فوقك قدير
وأنت العلي الكبير يا مطلق المكبل الأسير يا
رازق الطفل الصغير يا عصمة الخائف المستجير
يا من لا شريك له ولا وزير صل على محمد وآل محمد
وأعطني في هذه العشية أفضل ما أعطيت وأنلت
أحدا من عبادك من نعمة توليها وآلاء تجددها
وبلية تصرفها وكربة تكشفها ودعوة تسمعها
وحسنة تتقبلها وسيئة تتغمدها إنك لطيف
بما تشاء خبير وعلى كل شئ قدير اللهم إنك أقرب
309

من دعى وأسرع من أجاب وأكرم من عفى وأوسع
من أعطى وأسمع من سئل يا رحمن الدنيا والآخرة
ورحيمهما ليس كمثلك مسؤول ولا سواك مأمول
دعوتك فأجبتني وسئلتك فأعطيتني ورغبت
إليك فرحمتني ووثقت بك فنجيتني وفزعت
إليك فكفيتني اللهم فصل على محمد عبدك
ورسولك ونبيك وعلى آله الطيبين الطاهرين أجمعين
وتمم لنا نعمائك وهنئنا عطائك واكتبنا لك
شاكرين ولالآئك ذاكرين آمين آمين رب العالمين
اللهم يا من ملك فقدر وقدر فقهر وعصى
310

فستر واستغفر فغفر يا غاية الطالبين الراغبين
ومنتهى أمل الراجين يا من أحاط بكل شئ علما
ووسع المستقيلين رأفة ورحمة وحلما اللهم
إنا نتوجه إليك في هذه العشية التي شرفتها و
عظمتها بمحمد نبيك ورسولك وخيرتك من
خلقك وأمينك على وحيك البشير النذير
السراج المنير الذي أنعمت به على المسلمين و
جعلته رحمة للعالمين اللهم فصل على محمد
وآل محمد كما محمد أهل لذلك منك يا عظيم
فصل عليه وعلى آله المنتجبين الطيبين الطاهرين
311

أجمعين وتغمدنا بعفوك عنا فإليك عجت
الأصوات بصنوف اللغات فاجعل لنا اللهم
في هذه العشية نصيبا من كل خير تقسمه بين
عبادك ونور تهدي به ورحمة تنشرها وبركة
تنزلها وعافية تجللها ورزق تبسطه يا أرحم
الراحمين اللهم اقلبنا في هذا الوقت منجحين
مفلحين مبرورين غانمين ولا تجعلنا من القانطين
ولا تخلنا من رحمتك ولا تحرمنا ما نؤمله من
فضلك ولا تجعلنا من رحمتك محرومين ولا
لفضل ما نؤمله من عطائك قانطين ولا تردنا
312

خائبين ولا من بابك مطرودين يا أجود الأجودين و
أكرم الأكرمين إليك أقبلنا موقنين ولبيتك
الحرام آمين قاصدين فأعنا على مناسكنا وأكمل
لنا حجنا واعف عنا وعافنا فقد مددنا إليك أيدينا
فهي بذلة الاعتراف موسومة اللهم فاعطنا في
هذه العشية ما سئلناك واكفنا ما استكفيناك
فلا كافي لنا سواك ولا رب لنا غيرك نافذ فينا
حكمك محيط بنا علمك عدل فينا قضاؤك
اقض لنا الخير واجعلنا من أهل الخير اللهم
أوجب لنا بجودك عظيم الأجر وكريم الذخر ودوام
313

اليسر واغفر لنا ذنوبنا أجمعين ولا تهلكنا مع
الهالكين ولا تصرف عنا رأفتك ورحمتك يا أرحم
الراحمين اللهم اجعلنا في هذا الوقت ممن
سئلك فأعطيته وشكرك فزدته وثاب إليك
فقبلته وتنصل إليك من ذنوبه كلها فغفرتها
له يا ذا الجلال والإكرام اللهم ونقنا وسددنا
واعصمنا واقبل تضرعنا يا خير من سئل ويا أرحم
من استرحم يا من لا يخفى عليه إغماض الجفون
ولا لحظ العيون ولا ما استقر في المكنون ولا
ما انطوت عليه مضمرات القلوب ألا كل ذلك
314

قد أحصاه علمك ووسعه حلمك سبحانك
وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا تسبح لك
السماوات السبع والأرضون ومن فيهن وإن
من شئ إلا يسبح بحمدك فلك الحمد والمجد وعلو
الجد يا ذا الجلال والإكرام والفضل والإنعام
والأيادي الجسام وأنت الجواد الكريم الرؤوف الرحيم
اللهم أوسع علي من رزقك الحلال وعافني
في بدني وديني وآمن خوفي وأعتق رقبتي من
النار اللهم لا تمكر بي ولا تستدرجني ولا
تخدعني وادرء عني شر فسقة الجن والإنس
315

ثم رفع رأسه وبصره إلى السماء وعيناه تفيضان بالدمع كأنهما مزادتان
وقال
يا أسمع السامعين يا أبصر الناظرين ويا أسرع
الحاسبين ويا أرحم الراحمين صل على
محمد وآل محمد السادة الميامين وأسئلك اللهم حاجتي التي
إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني وإن منعتنيها
لم ينفعني ما أعطيتني أسئلك فكاك رقبتي من
النار لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لك
الملك ولك الحمد وأنت على كل شئ قدير يا رب
يا رب.
316

وكان يكرر قوله يا رب فشغل من حوله عن الدعاء لأنفسهم
وأقبلوا على الاستماع له والتأمين على دعائه ثم علت أصواتهم بالبكاء
معه حتى غربت الشمس وأفاض الناس معه إلى هنا انتهى دعاء
الحسين (ع) يوم عرفة كما أورده الكفعمي وكذا المجلسي في كتاب
زاد المعاد، إلا أن السيد ابن طاووس أضاف بعد يا رب يا رب يا رب
هذه الزيادة
إلهي أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيرا في فقري
إلهي أنا الجاهل في علمي فكيف لا أكون جهولا في جهلي
إلهي إن اختلاف تدبيرك وسرعة طواء مقاديرك
317

منعا عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء
واليأس منك في بلاء إلهي مني ما يليق بلؤمي
ومنك ما يليق بكرمك إلهي وصفت نفسك باللطف
والرأفة لي قبل وجود ضعفي أفتمنعني منهما بعد
وجود ضعفي إلهي إن ظهرت المحاسن مني فبفضلك
ولك المنة علي وإن ظهرت المساوئ مني فبعدلك
ولك الحجة على إلهي كيف تكلني وقد تكفلت لي
وكيف أضام وأنت الناصر لي أم كيف أخيب وأنت
الحفى بي ها أنا أتوسل إليك بفقري إليك وكيف
أتوسل إليك بما هو محال أن يصل إليك أم كيف
318

أشكو إليك حالي وهو لا يخفى عليك أم كيف أترجم
بمقالي وهو منك برز إليك أم كيف تخيب أمالي
وهي قد وفدت إليك أم كيف لا تحسن أحوالي و
بك قامت إلهي ما ألطفك بي مع عظيم جهلي
ما أرحمك بي مع قبيح فعلي إلهي ما أقربك مني
وأبعدني عنك وما أرأفك بي فما الذي يحجبني
عنك إلهي علمت باختلاف الآثار وتنقلات
الأطوار أن مرادك مني أن تتعرف إلي في كل شئ
حتى لا أجهلك في شئ إلهي كلما أخرسني لؤمي
أنطقني كرمك وكلما أيستني أوصافي أطمعتني
319

مننك إلهي من كانت محاسنه مساوئ فكيف لا
تكون مساويه مساوئ ومن كانت حقايقه دعاوى
فكيف لا تكون دعاويه دعاوى إلهي حكمك النافذ
ومشيتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالا و
لا لذي حال حالا إلهي كم من طاعة بنيتها
وحالة شيدتها هدم اعتمادي عليها عدلك بل
أقالني منها فضلك إلهي إنك تعلم أني وإن لم تدم
الطاعة مني فعلا جزما فقد دامت محبة وعزما
إلهي كيف أعزم وأنت القاهر وكيف لا أعزم
وأنت الأمر إلهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار
320

فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك كيف
يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك
أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون
هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل
يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي
التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها
رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك
نصيبا إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار فارجعني
إليك بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار حتى
أرجع إليك منها كما دخلت إليك منها مصون
321

السر عن النظر إليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد
عليها إنك على كل شئ قدير إلهي هذا ذلي ظاهر
بين يديك وهذا حالي لا يخفى عليك منك
أطلب الوصول إليك وبك أستدل عليك
فاهدني بنورك إليك وأقمني بصدق العبودية
بين يديك إلهي علمني من علمك المخزون وصني
بسترك المصون إلهي حققني بحقايق أهل القرب
وأسئلك بي مسلك أهل الجذب إلهي أغنني بتدبيرك
لي عن تدبيري وباختيارك عن اختياري وأوقفني
على مراكز اضطراري إلهي أخرجني من ذل نفسي
322

وطهرني من شكي وشركي قبل حلول رمسي بك
أنتصر فانصرني وعليك أتوكل فلا تكلني وإياك
أسئل فلا تخيبني وفي فضلك أرغب فلا تحرمني
وبجنابك أنتسب فلا تبعدني وببابك أقف فلا تطردني
إلهي تقدس رضاك أن يكون (تكون) له علة منك فكيف
يكون له علة مني إلهي أنت الغني بذاتك أن يصل
إليك النفع منك فكيف لا تكون غنيا عني إلهي
إن القضاء والقدر يمنيني وإن الهوى بوثائق
الشهوة أسرني فكن أنت النصير لي حتى تنصرني و
تبصرني وأغنني بفضلك حتى أستغني بك عن
323

طلبي أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك
حتى عرفوك ووحدوك وأنت الذي أزلت الأغيار
عن قلوب أحبائك حتى لم يحبوا سواك ولم يلجئوا
إلى غيرك أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم
وأنت الذي هديتهم حيث استبانت لهم المعالم
ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك
لقد خاب من رضي دونك بدلا ولقد خسر
من بغى عنك متحولا كيف يرجى سواك وأنت
ما قطعت الإحسان وكيف يطلب من غيرك
وأنت ما بدلت عادة الامتنان يا من أذاق
324

أحبائه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملقين
ويا من ألبس أوليائه ملابس هيبته فقاموا
بين يديه مستغفرين أنت الذاكر قبل
الذاكرين وأنت البادئ بالإحسان قبل توجه
العابدين وأنت الجواد بالعطاء قبل طلب
الطالبين وأنت الوهاب ثم لما وهبت لنا من
المستقرضين إلهي اطلبني برحمتك حتى أصل
إليك واجذبني بمنك حتى أقبل عليك
إلهي إن رجائي لا ينقطع عنك وإن عصيتك
كما أن خوفي لا يزايلني وإن أطعتك فقد
325

دفعتني العوالم إليك وقد أوقعني علمي بكرمك
عليك إلهي كيف أخيب وأنت أملي أم كيف
أهان وعليك متكلي إلهي كيف أستعز وفي
الذلة أركزتني أم كيف لا أستعز وإليك
نسبتني إلهي كيف لا أفتقر وأنت الذي في
الفقراء أقمتني أم كيف أفتقر وأنت الذي
بجودك أغنيتني وأنت الذي لا إله غيرك
تعرفت لكل شئ فما جهلك شئ وأنت الذي
تعرفت إلى في كل شئ فرأيتك ظاهرا في كل
شئ وأنت الظاهر لكل شئ يا من استوى
326

برحمانيته فصار العرش غيبا في ذاته محقت
الآثار بالآثار ومحوت الأغيار بمحيطات أفلاك
الأنوار يا من احتجب في سرادقات عرشه عن
أن تدركه الأبصار يا من تجلى بكمال بهائه
فتحققت عظمته الاستواء كيف تخفى وأنت
الظاهر أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر
إنك على كل شئ قدير والحمد لله وحده
327

دعاء الإمام السجاد (عليه السلام) يوم عرفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد
بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام
رب الأرباب وإله كل مألوه وخالق كل
مخلوق ووارث كل شئ ليس كمثله شئ ولا يعزب
عنه علم شئ وهو بكل شئ محيط وهو على
كل شئ رقيب أنت الله لا إله إلا أنت الأحد
328

المتوحد الفرد المتفرد وأنت الله لا إله إلا
أنت الكريم المتكرم العظيم المتعظم الكبير
المتكبر وأنت الله لا إله إلا أنت العلي
المتعال الشديد المحال وأنت الله لا إله إلا
أنت الرحمن الرحيم العليم الحكيم وأنت الله لا إله
إلا أنت السميع البصير القديم الخبير وأنت الله
لا إله إلا أنت الكريم الأكرم الدائم
الأدوم وأنت الله لا إله إلا أنت الأول
قبل كل أحد والآخر بعد كل عدد وأنت
الله لا إله إلا أنت الداني في علوه والعالي
329

في دنوه وأنت الله لا إله إلا أنت ذو البهاء
والمجد والكبرياء والحمد وأنت الله لا إله
إلا أنت الذي أنشأت الأشياء من غير سنخ
وصورت ما صورت من غير مثال وابتدعت
المبتدعات بلا احتذاء أنت الذي قدرت
كل شئ تقديرا ويسرت كل شئ تيسيرا
ودبرت ما دونك تدبيرا أنت الذي لم يعنك
على خلقك شريك ولم يوازرك في أمرك
وزير ولم يكن لك مشاهد ولا نظير أنت
الذي أردت فكان حتما ما أردت وقضيت
330

فكان عدلا ما قضيت وحكمت فكان نصفا
ما حكمت أنت الذي لا يحويك مكان ولم يقم
لسلطانك سلطان ولم يعيك برهان ولا بيان
أنت الذي أحصيت كل شئ عددا وجعلت
لكل شئ أمدا وقدرت كل شئ تقديرا
أنت الذي قصرت الأوهام عن ذاتيتك
وعجزت الأفهام عن كيفيتك ولم تدرك
الأبصار موضع أينيتك أنت الذي لا تحد
فتكون محدودا ولم تمثل فتكون موجودا ولم تلد
فتكون مولودا أنت الذي لا ضد معك فيعاندك
331

ولا عدل لك فيكاثرك ولا ند لك فيعارضك
أنت الذي ابتدء واخترع واستحدث وابتدع
وأحسن صنع ما صنع سبحانك ما أجل شأنك
وأسنى في الأماكن مكانك وأصدع بالحق
فرقانك سبحانك من لطيف ما ألطفك ورؤوف
ما أرأفك وحكيم ما أعرفك سبحانك من
مليك ما أمنعك وجواد ما أوسعك ورفيع
ما أرفعك ذو البهاء والمجد والكبرياء والحمد
سبحانك بسطت بالخيرات يدك وعرفت الهداية
من عندك فمن التمسك لدين أو دنيا وجدك
332

سبحانك خضع لك من جرى في علمك وخشع
لعظمتك ما دون عرشك وانقاد للتسليم
لك كل خلقك سبحانك لا تحس ولا تجس
ولا تمس ولا تكاد ولا تماط ولا تنازع ولا
تجارى ولا تمارى ولا تخادع ولا تماكر
سبحانك سبيلك جدد وأمرك رشد وأنت
حي صمد سبحانك قولك حكم وقضاؤك
حتم وإرادتك عزم سبحانك لا راد لمشيتك
ولا مبدل لكلماتك سبحانك باهر الآيات
فاطر السماوات بارئ النسمات لك الحمد حمدا
333

يدوم بدوامك ولك الحمد حمدا خالدا بنعمتك
ولك الحمد حمدا يوازي صنعك ولك الحمد
حمدا يزيد على رضاك ولك الحمد حمدا مع
حمد كل حامد وشكرا يقصر عنه شكر كل
شاكر حمدا لا ينبغي إلا لك ولا يتقرب به
إلا إليك حمدا يستدام به الأول ويستدعى
به دوام الآخر حمدا يتضاعف على كرور
الأزمنة ويتزايد أضعافا مترادفة حمدا
يعجز عن إحصائه الحفظة ويزيد على ما أحصته
في كتابك الكتبة حمدا يوازن عرشك المجيد
334

ويعادل كرسيك الرفيع حمدا يكمل
لديك ثوابه ويستغرق كل جزاء جزاؤه
حمدا ظاهره وفق لباطنه وباطنه وفق
لصدق النية حمدا لم يحمدك خلق مثله
ولا يعرف أحد سواك فضله حمدا يعان
من اجتهد في تعديده ويؤيد من أغرق
نزعا في توفيته حمدا يجمع ما خلقت من
الحمد وينتظم ما أنت خالقه من بعد
حمدا لا حمد أقرب إلى قولك منه ولا أحمد
ممن يحمدك به حمدا يوجب بكرمك المزيد
335

بوفوره وتصله بمزيد بعد مزيد طولا منك
حمدا يجب لكرم وجهك ويقابل عز جلالك
رب صل على محمد وآل محمد المنتجب المصطفى
المكرم المقرب أفضل صلواتك وبارك
عليه أتم بركاتك وترحم عليه أمتع
رحماتك رب صل على محمد وآله صلاة
زاكية لا تكون صلاة أزكى منها وصل
عليه صلاة نامية لا تكون صلاة أنمى منها
وصل عليه صلاة راضية لا تكون صلاة
فوقها رب صل على محمد وآله صلاة ترضيه
336

وتزيد على رضاه وصل عليه صلاة ترضيك
وتزيد على رضاك له وصل عليه صلاة
لا ترضى له إلا بها ولا ترى غيره لها
أهلا رب صل على محمد وآله صلاة تجاوز
رضوانك ويتصل اتصالها ببقائك ولا ينفد
كما لا تنفد كلماتك رب صل على محمد
وآله صلاة تنتظم صلوات ملائكتك
وأنبيائك ورسلك وأهل طاعتك وتشتمل
على صلوات عبادك من جنك وإنسك
وأهل إجابتك وتجتمع على صلاة كل
337

من ذرات وبرات من أصناف خلقك رب
صل عليه وآله صلاة تحيط بكل صلاة
سالفة ومستأنفة وصل عليه وعلى آله
صلاة مرضية لك ولمن دونك وتنشئ مع
ذلك صلوات تضاعف معها تلك الصلوات
عندها وتزيدها على كرور الأيام زيادة
في تضاعيف لا يعدها غيرك رب صل على
أطائب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك
وجعلتهم خزنة علمك وحفظة دينك
وخلفائك في أرضك وحججك على عبادك
338

وطهرتهم من الرجس والدنس تطهيرا بإرادتك
وجعلتهم الوسيلة إليك والمسلك إلى
جنتك رب صل على محمد وآله صلاة تجزل
لهم بها من نحلك وكرامتك وتكمل لهم
الأشياء من عطاياك ونوافلك وتوفر
عليهم الحظ من عوائدك وفوائدك
رب صل عليه وعليهم صلاة لا أمد في
أولها ولا غاية لأمدها ولا نهاية لآخرها
رب صل عليهم زنة عرشك وما دونه
وملأ سمواتك وما فوقهن وعدد أرضيك
339

وما تحتهن وما بينهن صلاة تقربهم منك
زلفى وتكون لك ولهم رضى ومتصلة بنظائرهن
أبدا اللهم إنك أيدت دينك في كل أوان
بإمام أقمته علما لعبادك ومنارا في بلادك
بعد أن وصلت حبله بحبلك وجعلته الذريعة
إلى رضوانك وافترضت طاعته وحذرت
معصيته وأمرت بامتثال أوامره والانتهاء
عند نهيه وألا يتقدمه متقدم ولا يتأخر
عنه متأخر فهو عصمة اللائذين وكهف
المؤمنين وعروة المتمسكين وبهاء العالمين
340

اللهم فأوزع لوليك شكر ما أنعمت به عليه
وأوزعنا مثله فيه وآته من لدنك سلطانا
نصيرا وافتح له فتحا يسيرا وأعنه بركنك
الأعز واشدد أزره وقو عضده وراعه
بعينك واحمه بحفظك وانصره بملائكتك
وامدده بجندك الأغلب وأقم به كتابك
وحدودك وشرائعك وسنن رسولك، صلواتك
اللهم عليه وآله وأحي به ما أماته الظالمون
من معالم دينك وأجل به صداء الجور عن
طريقتك وابن به الضراء من سبيلك وأزل
341

به الناكبين عن صراطك وامحق به بغاة
قصدك عوجا وألن جانبه لأوليائك وابسط
يده على أعدائك وهب لنا رأفته ورحمته
وتعطفه وتحننه واجعلنا له سامعين مطيعين
وفي رضاه ساعين وإلى نصرته والمدافعة
عنه مكنفين وإليك وإلى رسولك صلواتك
اللهم عليه وآله بذلك متقربين اللهم
وصل على أوليائهم المعترفين بمقامهم
المتبعين منهجهم المقتفين آثارهم
المستمسكين بعروتهم المتمسكين بولايتهم
342

المؤتمين بإمامتهم المسلمين لأمرهم المجتهدين
في طاعتهم المنتظرين أيامهم المادين إليهم
أعينهم الصلوات المباركات الزاكيات
الناميات الغاديات الرائحات وسلم عليهم
وعلى أرواحهم واجمع على التقوى أمرهم
وأصلح لهم شؤونهم وتب عليهم إنك أنت
التواب الرحيم وخير الغافرين واجعلنا
معهم في دار السلام برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهم هذا يوم عرفة يوم شرفته وكرمته
وعظمته نشرت فيه رحمتك ومننت فيه
343

بعفوك وأجزلت فيه عطيتك وتفضلت به
على عبادك اللهم وأنا عبدك الذي أنعمت
عليه قبل خلقك له وبعد خلقك إياه، فجعلته
ممن هديته لدينك ووفقته لحقك وعصمته
بحبلك وأدخلته في حزبك وأرشدته لموالاة
أوليائك ومعاداة أعدائك ثم أمرته فلم يأتمر
وزجرته فلم ينزجر ونهيته عن معصيتك
فخالف أمرك إلى نهيك لا معاندة لك ولا
استكبارا عليك بل دعاه هواه إلى ما زيلته
وإلى ما حذرته وأعانه على ذلك عدوك
344

وعدوه فاقدم عليه عارفا بوعيدك راجيا
لعفوك واثقا بتجاوزك وكان أحق عبادك
مع ما مننت عليه إلا يفعل وها أنا ذا بين
يديك صاغرا ذليلا خاضعا خاشعا خائفا
معترفا بعظيم من الذنوب تحملته وجليل
من الخطايا اجترمته مستجيرا بصفحك لائذا
برحمتك موقنا أنه لا يجيرني منك مجير
ولا يمنعني منك مانع، فعد على بما تعود به
على من اقترف من تغمدك وجد على بما تجود
به على من ألقى بيده إليك من عفوك وامنن
345

علي بما لا يتعاظمك أن تمن به على من أملك
من غفرانك واجعل لي في هذا اليوم نصيبا
أنال به حظا من رضوانك ولا تردني صفرا
مما ينقلب به المتعبدون لك من عبادك
وإني وإن لم أقدم ما قدموه من الصالحات
فقد قدمت توحيدك ونفي الأضداد والأنداد
والأشباه عنك وأتيتك من الأبواب التي
أمرت أن تؤتى منها وتقربت إليك بما
لا يقرب أحد منك إلا بالتقرب به ثم
اتبعت ذلك بالإنابة إليك والتذلل
346

والاستكانة لك وحسن الظن بك والثقة
بما عندك وشفعته برجائك الذي قل
ما يخيب عليه راجيك وسألتك مسألة
الحقير الذليل البائس الفقير الخائف
المستجير ومع ذلك خيفة وتضرعا وتعوذا
وتلوذا لا مستطيلا بتكبر المتكبرين
ولا متعاليا بدالة المطيعين ولا مستطيلا
بشفاعة الشافعين وأنا بعد أقل الأقلين
وأذل الأذلين، ومثل الذرة أو دونها
فيا من لم يعاجل المسيئين ولا ينده المترفين
347

ويا من يمن بإقالة العاثرين ويتفضل بأنظار
الخاطئين أنا المسيئ المعترف الخاطئ العاثر
أنا الذي أقدم عليك مجترئا أنا الذي عصاك
متعمدا أنا الذي استخفى من عبادك وبارزك
أنا الذي هاب عبادك وأمنك أنا الذي
لم يرهب سطوتك ولم يخف بأسك أنا الجاني
على نفسه أنا المرتهن ببليته أنا القليل
الحياء أنا الطويل العناء بحق من انتجبت
من خلقك وبمن اصطفيته لنفسك بحق من
اخترت من بريتك ومن اجتبيت لشأنك
348

بحق من وصلت طاعته بطاعتك ومن جعلت
معصيته كمعصيتك بحق من قرنت موالاته
بموالاتك ومن نطت معاداته بمعاداتك
تغمدني في يومي هذا بما تتغمد به من جار إليك
متنصلا وعاذ باستغفارك تائبا وتولني بما
تتولى به أهل طاعتك والزلفى لديك
والمكانة منك وتوحدني بما تتوحد به من
وفى بعهدك وأتعب نفسه في ذاتك وأجهدها
في مرضاتك ولا تؤاخذني بتفريطي في جنبك
وتعدى طوري في حدودك ومجاوزة أحكامك
349

ولا تستدرجني بإملائك لي استدراج من
منعني خير ما عنده ولم يشركك في حلول
نعمته بي ونبهني من رقدة الغافلين وسنة
المسرفين ونعسة المخذولين وخذ بقلبي
إلى ما استعملت به القانتين واستعبدت
به المتعبدين واستنقذت به المتهاونين
وأعذني مما يباعدني عنك ويحول بيني وبين
حظي منك ويصدني عما أحاول لديك
وسهل لي مسلك الخيرات إليك والمسابقة
إليها من حيث أمرت والمشاحة فيها على ما أردت
350

ولا تمحقني فيمن تمحق من المستخفين بما أوعدت
ولا تهلكني مع من تهلك من المتعرضين
لمقتك ولا تتبرني فيمن تتبر من المنحرفين
عن سبلك ونجني من غمرات الفتنة وخلصني
من لهوات البلوى وأجرني من أخذ الإملاء
وحل بيني وبين عدو يضلني وهوى يوبقني
ومنقصة ترهقني ولا تعرض عني إعراض
من لا ترضى عنه بعد غضبك ولا تؤيسني
من الأمل فيك فيغلب على القنوط من
رحمتك ولا تمنحني بما لا طاقه لي به فتبهظني
351

مما تحملنيه من فضل محبتك ولا ترسلني من
يدك ارسال من لا خير فيه ولا حاجة بك
إليه ولا إنابة له ولا ترم بي رمي من سقط
من عين رعايتك ومن اشتمل عليه الخزي
من عندك بل خذ بيدي من سقطة المتردين
ووهلة المتعسفين وزلة المغرورين وورطة
الهالكين وعافني مما ابتليت به طبقات عبيدك
وإمائك وبلغني مبالغ من عنيت به وأنعمت
عليه ورضيت عنه فأعشته حميدا وتوفيته
سعيدا وطوقني طوق الإقلاع عما يحبط الحسنات
352

ويذهب بالبركات واشعر قلبي الازدجار
عن قبائح السيئات وفواضح الحوبات ولا تشغلني
بما لا أدركه إلا بك عما لا يرضيك عني غيره
وانزع من قلبي حب دنيا دنية تنهى عما عندك
وتصد عن ابتغاء الوسيلة إليك وتذهل
عن التقرب منك وزين لي التفرد بمناجاتك
بالليل والنهار وهب لي عصمة تدنيني من
خشيتك وتقطعني عن ركوب محارمك وتفكني
من أسر العظائم وهب لي التطهير من دنس
العصيان وأذهب عني درن الخطايا وسربلني
353

بسربال عافيتك وردني رداء معافاتك
وجللني سوابغ نعمائك وظاهر لدي فضلك
وطولك وأيدني بتوفيقك وتسديدك
وأعني على صالح النية ومرضي القول
ومستحسن العمل ولا تكلني إلى حولي
وقوتي دون حولك وقوتك ولا تخزني
يوم تبعثني للقائك ولا تفضحني بين يدي
أوليائك ولا تنسني ذكرك ولا تذهب عني
شكرك بل ألزمنيه في أحوال السهو عند
غفلات الجاهلين لآلائك وأوزعني أن
354

أثني بما أوليتنيه وأعترف بما أسديته إلي
واجعل رغبتي إليك فوق رغبة الراغبين
وحمدي إياك فوق حمد الحامدين ولا تخذلني
عند فاقتي إليك ولا تهلكني بما أسديته
إليك ولا تجبهني بما جبهت به المعاندين لك
فإني لك مسلم أعلم أن الحجة لك وأنك
أولى بالفضل وأعود بالاحسان وأهل التقوى
وأهل المغفرة وأنك بأن تعفو أولى منك
بأن تعاقب وأنك بأن تستر أقرب منك
إلى أن تشهر فأحيني حياة طيبة تنتظم بما أريد
355

وتبلغ ما أحب من حيث لا آتي ما تكره
ولا أرتكب ما نهيت عنه وأمتني ميتة من
يسعى نوره بين يديه وعن يمينه وذللني بين
يديك وأعزني عند خلقك وضعني إذا خلوت
بك وارفعني بين عبادك وأغنني عمن هو
غني عني وزدني إليك فاقة وفقرا وأعذني
من شماته الأعداء ومن حلول البلاء ومن
الذل والعناء تغمدني فيما اطلعت عليه مني
بما يتغمد به القادر على البطش لولا حلمه
والأخذ على الجريرة لولا أناته وإذا أردت
356

بقوم فتنة أو سوء فنجني منها لواذا بك وإذ
لم تقمني مقام فضيحة في دنياك فلا تقمني
مثله في آخرتك واشفع لي أوائل مننك
بأواخرها وقديم فوائدك بحوادثها ولا تمدد
لي مدا يقسو معه قلبي ولا تقرعني قارعة يذهب
لها بهائي ولا تسمني خسيسة يصغر لها قدري
ولا نقيصة يجهل من أجلها مكاني، ولا ترعني
روعة أبلس بها ولا خيفة أوجس دونها اجعل
هيبتي في وعيدك وحذري من إعذارك
وإنذارك ورهبتي عند تلاوة آياتك واعمر
357

ليلي بإيقاظي فيه لعبادتك وتفردي
بالتهجد لك وتجردي بسكوني إليك
وانزال حوائجي بك ومنازلتي إياك في
فكاك رقبتي من نارك وإجارتي مما فيه
أهلها من عذابك ولا تذرني في طغياني
عامها ولا في غمرتي ساهيا حتى حين ولا تجعلني
عظة لمن اتعظ ولا نكالا لمن اعتبر
ولا فتنة لمن نظر ولا تمكر بي فيمن
تمكر به ولا تستبدل بي غيري ولا تغير لي
اسما ولا تبدل لي جسما ولا تتخذني هزوا
358

لخلقك ولا سخريا لك ولا تبعا إلا لمرضاتك
ولا ممتهنا إلا بالانتقام لك وأوجدني برد
عفوك وحلاوة رحمتك وروحك وريحانك
وجنة نعيمك وأذقني طعم الفراغ لما تحب
بسعة من سعتك والاجتهاد فيما يزلف
لديك وعندك وأتحفني بتحفة من تحفاتك
واجعل تجارتي رابحة وكرتي غير خاسرة
وأخفني مقامك وشوقني لقاءك وتب على
توبة نصوحا لا تبق معها ذنوبا صغيرة
ولا كبيرة ولا تذر معها علانية ولا سريرة
359

وانزع الغل من صدري للمؤمنين واعطف
بقلبي على الخاشعين وكن لي كما تكون للصالحين
وحلني حلية المتقين واجعل لي لسان صدق
في الغابرين وذكرا ناميا في الآخرين وواف
بي عرصة الأولين وتمم سبوغ نعمتك علي
وظاهر كراماتها لدي أملا من فوائدك
يدي وسق كرائم مواهبك إلى وجاور بي
الأطيبين من أوليائك في الجنان التي زينتها
لأصفيائك وجللني شرائف نحلك في المقامات
المعدة لأحبائك واجعل لي عندك مقيلا
360

آوي إليه مطمئنا ومثابة أتبوؤها وأقر
عينا ولا تقايسني بعظيمات الجرائر ولا تهلكني
يوم تبلى السرائر وأزل عني كل شك وشبهة
واجعل لي في الحق طريقا من كل رحمة وأجزل
لي قسم المواهب من نوالك ووفر على حظوظ
الإحسان من إفضالك واجعل قلبي واثقا بما عندك
وهمي مستفرغا لما هو لك واستعملني بما تستعمل
به خالصتك وأشرب قلبي عند ذهول العقول
طاعتك واجمع لي الغنى والعفاف والدعة
والمعافات والصحة والسعة والطمأنينة
361

والعافية ولا تحبط حسناتي بما يشوبها من
معصيتك ولا خلواتي بما يعرض لي من نزعات
فتنتك وصن وجهي عن الطلب إلى أحد
من العالمين وذبني عن التماس ما عند الفاسقين
ولا تجعلني للظالمين ظهيرا ولا لهم على محو
كتابك يدا ونصيرا وحطني من حيث لا أعلم
حياطة تقيني بها وافتح لي أبواب توبتك
ورحمتك ورأفتك ورزقك الواسع إني
إليك من الراغبين وأتمم لي إنعامك
إنك خير المنعمين واجعل باقي عمري في الحج
362

والعمرة ابتغاء وجهك يا رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
والسلام عليه وعليهم أبد الآبدين.
363

دعاء كميل بن زياد عليه الرحمة
اللهم إني أسئلك برحمتك التي وسعت كل
شئ وبقوتك التي قهرت بها كل شئ
وخضع لها كل شئ وذل لها كل شئ
وبجبروتك التي غلبت بها كل شئ وبعزتك
التي لا يقوم لها شئ وبعظمتك التي ملأت
كل شئ وبسلطانك الذي علا كل
شئ وبوجهك الباقي بعد فناء كل شئ
وبأسمائك التي ملأت أركان كل شئ وبعلمك
364

الذي أحاط بكل شئ وبنور وجهك الذي أضاء
له كل شئ يا نور يا قدوس يا أول الأولين
ويا آخر الآخرين اللهم اغفر لي الذنوب التي
تهتك العصم اللهم اغفر لي الذنوب التي
تنزل النقم اللهم اغفر لي الذنوب التي
تغير النعم اللهم اغفر لي الذنوب التي
تحبس الدعاء اللهم اغفر لي الذنوب التي
تنزل البلاء اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته
وكل خطيئة أخطأتها اللهم إني أتقرب إليك
بذكرك وأستشفع بك إلى نفسك وأسئلك
365

بجودك أن تدنيني من قربك وأن توزعني
شكرك وأن تلهمني ذكرك اللهم إني أسئلك
سؤال خاضع متذلل خاشع أن تسامحني وترحمني
وتجعلني بقسمك راضيا قانعا وفي جميع الأحوال
متواضعا اللهم وأسئلك سؤال من اشتدت
فاقته وأنزل بك عند الشدائد حاجته
وعظم فيما عندك رغبته اللهم عظم سلطانك
وعلا مكانك وخفي مكرك وظهر أمرك وغلب
قهرك وجرت قدرتك ولا يمكن الفرار من
حكومتك اللهم لا أجد لذنوبي غافرا
366

ولا لقبائحي ساترا ولا لشئ من عملي القبيح بالحسن
مبدلا غيرك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك
ظلمت نفسي وتجرأت بجهلي وسكنت إلى قديم
ذكرك لي ومنك على اللهم مولاي كم من قبيح
سترته وكم من فادح من البلاء أقلته وكم من عثار
وقيته وكم من مكروه دفعته وكم من ثناء جميل
لست أهلا له نشرته اللهم عظم بلائي وأفرط
بي سوء حالي وقصرت بي أعمالي وقعدت بي
أغلالي وحبسني عن نفعي بعد أملي وخدعتني
الدنيا بغرورها ونفسي بجنايتها ومطالي يا سيدي
367

فأسئلك بعزتك أن لا يحجب عنك دعائي سوء عملي
وفعالي ولا تفضحني بخفي ما اطلعت عليه من
سري ولا تعاجلني بالعقوبة على ما عملته في خلواتي
من سوء فعلي وإسائتي ودوام تفريطي وجهالتي
وكثرة شهواتي وغفلتي وكن اللهم بعزتك لي
في كل الأحوال رؤوفا وعلى في جميع الأمور عطوفا
إلهي وربي من لي غيرك أسئله كشف ضري والنظر
في أمري إلهي ومولاي أجريت على حكما اتبعت فيه
هوى نفسي ولم أحترس فيه من تزيين عدوي
فغرني بما أهوى وأسعده على ذلك القضاء فتجاوزت
368

بما جرى على من ذلك بعض حدودك وخالفت
بعض أوامرك فلك الحمد على في جميع ذلك
ولا حجة لي فيما جرى على فيه قضاؤك والزمني
حكمك وبلاؤك وقد أتيتك يا إلهي بعد تقصيري
واسرافي على نفسي معتذرا نادما منكسرا مستقيلا
مستغفرا منيبا مقرا مذعنا معترفا لا أجد
مفرا مما كان مني ولا مفزعا أتوجه إليه في
أمري غير قبولك عذري وادخالك إياي في
سعة رحمتك اللهم فاقبل عذري وارحم
شدة ضري وفكني من شد وثاقي يا رب ارحم
369

ضعف بدني ورقة جلدي ودقة عظمي يا من
بدء خلقي وذكري وتربيتي وبري وتغذيتي هبني لابتداء
كرمك وسالف برك بي يا إلهي وسيدي وربي أتراك
معذبي بنار كبعد توحيدك وبعد ما انطوى
عليه قلبي من معرفتك ولهج به لساني من ذكرك
وأعتقده ضميري من حبك وبعد صدق اعترافي
ودعائي خاضعا لربوبيتك هيهات أنت أكرم من أن
تضيع من ربيته أو تبعد من أدنيته أو تشرد
من آويته أو تسلم إلى البلاء من كفيته ورحمته
وليت شعري يا سيدي وإلهي ومولاي أتسلط النار
370

على وجوه خرت لعظمتك ساجدة وعلى السن نطقت
بتوحيدك صادقة وبشكرك مادحة وعلى قلوب
اعترفت بإلهيتك محققة وعلى ضمائر حوت من العلم
بك حتى صارت خاشعة وعلى جوارح سعت إلى
أوطان تعبدك طائعة وأشارت باستغفارك
مذعنة ما هكذا الظن بك ولا أخبرنا بفضلك
عنك يا كريم يا رب وأنت تعلم ضعفي عن قليل من
بلاء الدنيا وعقوباتها وما يجري فيها من المكاره
على أهلها على أن ذلك بلاء ومكروه قليل مكثه
يسير بقائه قصير مدته فكيف احتمالي لبلاء
371

الآخرة وجليل وقوع المكاره فيها وهو بلاء تطول
مدته ويدوم مقامه ولا يخفف عن أهله لأنه
لا يكون إلا عن غضبك وانتقامك وسخطك وهذا
ما لا تقوم له السماوات والأرض يا سيدي فكيف لي
وأنا عبدك الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين
يا إلهي وربي وسيدي ومولاي لأي الأمور إليك
أشكو ولما منها أضج وأبكي لأليم العذاب وشدته
أم لطول البلاء ومدته فلئن صيرتني للعقوبات
مع أعدائك وجمعت بيني وبين أهل بلائك
وفرقت بيني وبين أحبائك وأوليائك فهبني يا إلهي
372

وسيدي ومولاي وربي صبرت على عذابك فكيف
أصبر على فراقك وهبني صبرت على حر نارك
فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك أم كيف أسكن
في النار ورجائي عفوك فبعزتك يا سيدي ومولاي
أقسم صادقا لئن تركتني ناطقا لأضجن إليك بين
أهلها ضجيج الآملين ولأصرخن إليك صراخ
المستصرخين ولأبكين عليك بكاء الفاقدين
ولأنادينك أين كنت يا ولي المؤمنين يا غاية آمال
العارفين يا غياث المستغيثين يا حبيب قلوب
الصادقين ويا إله العالمين أفتراك سبحانك
373

يا إلهي وبحمدك تسمع فيها صوت عبد مسلم سجن
فيها بمخالفته وذاق طعم عذابها بمعصيته
وحبس بين أطباقها بجرمه وجريرته وهو يضج إليك
ضجيج مؤمل لرحمتك ويناديك بلسان أهل توحيدك
ويتوسل إليك بربوبيتك يا مولاي فكيف يبقى في
العذاب وهو يرجو ما سلف من حلمك أم كيف تؤلمه
النار وهو يأمل فضلك ورحمتك أم كيف يحرقه
لهيبها وأنت تسمع صوته وترى مكانه أم كيف يشتمل
عليه زفيرها وأنت تعلم ضعفه أم كيف يتقلقل بين
أطباقها وأنت تعلم صدقه أم كيف تزجره زبانيتها
374

وهو يناديك يا ربه أم كيف يرجو فضلك في عتقه
منها فتتركه فيها هيهات ما ذلك الظن بك
ولا المعروف من فضلك ولا مشبه لما عاملت به
الموحدين من برك واحسانك فباليقين أقطع
لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك وقضيت
به من اخلاد معانديك لجعلت النار كلها بردا
وسلاما وما كان لأحد فيها مقرا ولا مقاما
لكنك تقدست أسماؤك أقسمت أن تملأها من
الكافرين من الجنة والناس أجمعين وأن تخلد
فيها المعاندين وأنت جل ثناؤك قلت مبتدئا
375

وتطولت بالانعام متكرما أفمن كان مؤمنا كمن كان
فاسقا لا يستوون إلهي وسيدي فأسئلك بالقدرة
التي قدرتها وبالقضية التي حتمتها وحكمتها
وغلبت من عليه أجريتها أن تهب لي في هذه الليلة
وفي هذه الساعة كل جرم أجرمته وكل ذنب أذنبته
وكل قبيح أسررته وكل جهل عملته كتمته أو أعلنته
أخفيته أو أظهرته وكل سيئة أمرت باثباتها الكرام
الكاتبين الذين وكلتهم بحفظ ما يكون مني
وجعلتهم شهودا على مع جوارحي وكنت أنت الرقيب
علي من ورائهم والشاهد لما خفي عنهم وبرحمتك
376

أخفيته وبفضلك سترته وأن توفر حظي من كل
خير أنزلته أو احسان فضلته أو بر نشرته أو
رزق بسطته أو ذنب تغفره أو خطأ تستره
يا رب يا رب يا رب يا إلهي وسيدي ومولاي ومالك
رقي يا من بيده ناصيتي يا عليما بضري ومسكنتي
يا خبيرا بفقري وفاقتي يا رب يا رب يا رب أسئلك
بحقك وقدسك وأعظم صفاتك وأسمائك أن
تجعل أوقاتي من الليل والنهار بذكرك معمورة
وبخدمتك موصولة وأعمالي عندك مقبولة حتى
تكون أعمالي وأورادي كلها وردا واحدا وحالي في
377

خدمتك سرمدا يا سيدي يا من عليه معولي يا من
إليه شكوت أحوالي يا رب يا رب يا رب قو على
خدمتك جوارحي واشدد على العزيمة جوانحي
وهب لي الجد في خشيتك والدوام في الاتصال
بخدمتك حتى أسرح إليك في ميادين السابقين
وأسرع إليك في البارزين واشتاق إلى قربك
في المشتاقين وأدنو منك دنو المخلصين وأخافك
مخافة الموقنين وأجتمع في جوارك مع المؤمنين
اللهم ومن أرادني بسوء فأرده ومن كادني فكده
واجعلني من أحسن عبيدك نصيبا عندك
378

وأقربهم منزلة منك وأخصهم زلفة لديك
فإنه لا ينال ذلك إلا بفضلك وجد لي بجودك
واعطف على بمجدك واحفظني برحمتك
واجعل لساني بذكرك لهجا وقلبي بحبك
متيما ومن على بحسن إجابتك وأقلني عثرتي
واغفر زلتي فإنك قضيت على عبادك بعبادتك
وأمرتهم بدعائك وضمنت لهم الإجابة
فإليك يا رب نصبت وجهي وإليك يا رب
مددت يدي فبعزتك استجب لي دعائي
وبلغني مناي ولا تقطع من فضلك رجائي
379

واكفني شر الجن والإنس من أعدائي يا سريع
الرضا اغفر لمن لا يملك إلا الدعاء فإنك فعال
لما تشاء يا من اسمه دواء وذكره شفاء
وطاعته غنى ارحم من رأس ماله الرجاء
وسلاحه البكاء يا سابغ النعم يا دافع النقم
يا نور المستوحشين في الظلم يا عالما لا يعلم
صل على محمد وآل محمد وافعل بي ما أنت
أهله وصلى الله على رسوله والأئمة الميامين
من آله وسلم تسليما كثيرا
380