الكتاب: المسائل المنتخبة
المؤلف: السيد السيستاني
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة: الثالثة
سنة الطبع: ١٤١٤ - ١٩٩٣ م
المطبعة: مهر
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني - قم
ردمك:
ملاحظات:

(المسائل المنتخبة)
العبادات والمعاملات
فتاوى
سماحة آية الله العظمى
السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله
1

الطبعة الثالثة 1414 ه‍. 1993
2

(بسم الله الرحمن الرحيم)
3

مكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله
قم مقابل بيمارستان فاطمي ص. ب 3514 تلفاكس 37764.
4

(بسم الله الرحمن الرحيم)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين
وبعد: إن رسالة المسائل المنتخبة للسيد الأستاذ آية الله العظمى المغفور له
السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي قدس سره لما كانت مشتملة على أهم
ما يبلى به المكلف من المسائل الشرعية في العبادات والمعاملات فقد استجبت
لطلب جمع من المؤمنين أيدهم الله تعالى في تغيير موارد الخلاف منها بما يؤدي
إليه نظري مع بعض التصرف في العبارات للتوضيح والتيسير وتقديم بعض
المسائل أو تأخيرها، فالعمل بهذه الرسالة الشريفة مجزء ومبرئ للذمة و
العامل بها مأجور إن شاء الله تعالى. 5 ع - 1413
علي الحسيني السيستاني
5

(الاجتهاد والتقليد)
7

(التقليد)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين،
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين.
وبعد:
يجب على كل مكلف أن يحرز امتثال التكاليف الالزامية الموجهة إليه في
الشريعة المقدسة، ويتحقق ذلك بأحد أمور: اليقين التفصيلي، الاجتهاد،
التقليد، الاحتياط، وبما أن موارد اليقين التفصيلي في الغالب تنحصر في
الضروريات، فلا مناص للمكلف في احراز الامتثال فيما عداها من الأخذ
بأحد الثلاثة الأخيرة.
الاجتهاد: وهو استنباط الحكم الشرعي من مداركه المقررة.
التقليد: ويكفي فيه تطابق العمل مع فتوى المجتهد الذي يكون قوله
حجة في حقه فعلا مع احراز مطابقته لها.
المقلد قسمان: 1 - من ليست له أية معرفة بمدارك الأحكام الشرعية.
2 - من له حظ من العلم بها ومع ذلك لا يقدر على الاستنباط، ويعبر
عن القسمين ب‍ (العامي).
الاحتياط: وهو العمل الذي يتيقن معه ببراءة الذمة من الواقع
المجهول، وهذا هو الاحتياط المطلق، ويقابله الاحتياط النسبي كالاحتياط بين
9

فتاوى مجتهدين يعلم اجمالا بأعلمية أحدهم وسيجئ في المسألة 18.
الاجتهاد واجب كفائي، فإذا تصدى له من يكتفي به سقط التكليف
عن الباقين، وإذا تركه الجميع استحقوا العقاب جميعا. قد يتعذر العمل
بالاحتياط على بعض المكلفين، وقد لا يسعه تمييز موارده - كما ستعرف ذلك -
وعلى هذا فوظيفة من لا يتمكن من الاستنباط هو التقليد، إلا إذا كان واجدا
لشروط العمل بالاحتياط فيتخير - حينئذ - بين التقليد والعمل بالاحتياط.
(مسألة 1): المجتهد مطلق ومتجزئ، المجتهد المطلق هو (الذي يتمكن
من الاستنباط في جميع أنواع الفروع الفقهية)، المجتهد المتجزئ هو (القادر على
استنباط الحكم الشرعي في بعضها دون بعض)، فالمجتهد المطلق يلزمه العمل
باجتهاده أو أن يعمل بالاحتياط، وكذلك المتجزئ بالنسبة إلى الموارد التي
يتمكن فيها من الاستنباط، وأما فيما لا يتمكن فيه من الاستنباط فحكمه حكم
غير المجتهد، فيتخير فيه بين التقليد والعمل بالاحتياط.
(مسألة 2): المسائل التي يمكن أن يبتلى بها المكلف عادة - كجملة
من مسائل الشك والسهو - يجب عليه أن يتعلم أحكامها، إلا إذا أحرز من
نفسه عدم الابتلاء بها.
(مسألة 3): عمل العامي من غير تقليد ولا احتياط باطل بمعنى أنه لا
يجوز له الاجتزاء به، إلا إذا أحرز موافقته لفتوى من يجب عليه تقليده فعلا
- أو ما هو بحكم العلم بالموافقة كما سيتضح بعض موارده من المسألة 5 -
والأحوط الأولى - مع ذلك - أن يكون عمله موافقا لفتوى المجتهد الذي كانت
وظيفته الرجوع إليه حين عمله.
(مسألة 4): المقلد يمكنه تحصيل فتوى المجتهد الذي قلده بأحد طرق
ثلاثة:
10

(1) أن يسمع المسألة من المجتهد نفسه.
(2) أن يخبره بفتوى المجتهد عادلان أو شخص يثق بنقله.
(3) أن يرجع إلى الرسالة العملية التي فيها فتوى المجتهد مع الاطمينان
بصحتها.
(مسألة 5): إذا مات المجتهد ولم يعلم المقلد بذلك إلا بعد مضي مدة
فإن عرف كيفية أعماله خلال تلك الفترة رجع في الاجتزاء بها وعدمه إلى المجتهد
الذي يتعين عليه تقليده، فمع موافقة عمله لفتواه يحكم بصحته، بل يحكم
بالصحة في بعض موارد المخالفة أيضا، وذلك فيما إذا كانت المخالفة مغتفرة
حينما تصدر لعذر شرعي، كما إذا اكتفى المقلد بتسبيحة واحدة في صلاته
حسب ما كان يفتي به المجتهد الأول ولكن المجتهد الثاني - المفروض تعين
تقليده عليه - يفتي بلزوم الثلاث، ففي هذه الصورة يحكم أيضا بصحة
صلاته، وإذا لم يعرف كيفية أعماله السابقة بنى على صحتها - على الأظهر - إلا
في موارد خاصة لا يناسب المقام تفصيلها.
(مسألة 6): الأقوى جواز العمل بالاحتياط، سواء استلزم التكرار أم
لا.
(أقسام الاحتياط)
الاحتياط قد يقتضي العمل، وقد يقتضي الترك، وقد يقتضي الجمع بين
أمرين مع التكرار أو بدونه:
أما (الأول) ففي كل مورد تردد الحكم فيه بين الوجوب وغير الحرمة
فالاحتياط - حينئذ - يقتضي الاتيان به.
11

وأما (الثاني) ففي كل مورد تردد الحكم فيه بين الحرمة وغير الوجوب
فالاحتياط فيه يقتضي الترك.
وأما (الثالث) ففي كل مورد تردد الواجب فيه بين فعلين وكانا تدريجيين
ومن نوع واحد كما إذا لم يعلم المكلف في مكان خاص إن وظيفته الاتمام في
الصلاة أو القصر فيها فإن الاحتياط يقتضي - حينئذ - أن يأتي بها مرة قصر ومرة
تماما.
وأما (الرابع) فهو فيما إذا تردد متعلق الحكم بين أمرين مع فقد أحد
الشرطين المتقدمين في المورد الثالث كما إذا علم بحرمة شئ أو وجوب شئ
آخر، فإن الاحتياط يقتضي في مثله أن يترك الأول ويأتي بالثاني.
(مسألة 7): كل مورد لا يتمكن المكلف فيه من الاحتياط يتعين عليه
الاجتهاد أو التقليد كما إذا تردد مال شخصي بين صغيرين أو مجنونين أو صغير
ومجنون فإنه قد يتعذر الاحتياط في مثل ذلك فلا بد حينئذ من الاجتهاد أو
التقليد.
(مسألة 8): قد لا يسع العامي أن يميز ما يقتضيه الاحتياط التام، مثال
ذلك أن الفقهاء قد اختلفوا في جواز الوضوء والغسل بالماء المستعمل في رفع
الحدث الأكبر، فالاحتياط يقتضي ترك ذلك إلا أنه إذا لم يكن عند المكلف غير
هذا الماء فالاحتياط يقتضي أن يتوضأ أو يغتسل به ويتيمم أيضا إذا أمكنه
التيمم، فإذا عرف العامي كيفية الاحتياط التام في مثل ذلك كفاه العمل على
وفقه.
وقد يعارض الاحتياط من جهة الاحتياط من جهة أخرى فيتعذر
الاحتياط التام - وقد يعسر على العامي تشخيص ذلك - مثلا: إذا تردد عدد
التسبيحة الواجبة في الصلاة بين الواحدة والثلاث فالاحتياط يقتضي الاتيان
12

بالثلاث لكنه إذا ضاق الوقت واستلزم هذا الاحتياط أن يقع مقدار من الصلاة
خارج الوقت وهو خلاف الاحتياط ففي مثل ذلك ينحصر الأمر في التقليد أو
الاجتهاد.
(مسألة 9): إذا قلد مجتهدا يفتي بحرمة العدول - حتى إلى المجتهد
الأعلم - وجب عليه أن يقلد الأعلم في هذه المسألة - سواء أكان هو هذا
المجتهد أم غيره - وكذا الحال فيما إذا أفتى بجواز تقليد غير الأعلم ابتداء.
(مسألة 10): يصح تقليد الصبي المميز، فإذا مات المجتهد الذي قلده
الصبي قبل بلوغه فحكمه حكم غيره - الآتي في المسألة 14 - إلا في وجوب
الاحتياط بين القولين قبل البلوغ.
(مسألة 11): يجوز تقليد من اجتمعت فيه أمور: (1) البلوغ (2)
العقل (3) الرجولة (4) الايمان - بمعنى أن يكون اثنا عشريا - (5) العدالة
(6) طهارة المولد (7) الضبط بمعنى أن لا يقل ضبطه عن المتعارف (8)
الاجتهاد (9) الحياة على تفصيل سيأتي.
(مسألة 12): تقليد المجتهد الميت قسمان: ابتدائي، وبقائي، التقليد
الابتدائي هو أن يقلد المكلف مجتهدا ميتا من دون أن يسبق منه تقليده حال
حياته. التقليد البقائي هو أن يقلد مجتهدا معينا شطرا من حياته ويبقى على
تقليد ذلك المجتهد بعد موته.
(مسألة 13): لا يجوز تقليد الميت ابتداء ولو كان أعلم من المجتهدين
الأحياء.
(مسألة 14): الأقوى جواز البقاء على تقليد الميت ما لم يعلم - ولو إجمالا -
بمخالفة فتواه لفتوى الحي في المسائل التي هو في معرض الابتلاء بها، وإلا
13

فإن كان الميت أعلم وجب البقاء على تقليده، ومع كون الحي أعلم يجب
الرجوع إليه، وإن تساويا في العلم ولم يكن أحدهما أورع من الآخر فعليه
الاحتياط بين قوليهما على الأحوط مطلقا، وإن كان الأظهر كونه في سعة عملا
في تطبيق العمل على فتوى أي منهما ما لم يكن مقرونا بعلم اجمالي منجز أو حجة
اجمالية كذلك في خصوص المسألة، كما إذا أفتى أحدهما بوجوب القصر والآخر
بوجوب الاتمام فيجب عليه الجمع بينهما، أو أفتى أحدهما بصحة معاوضة
والآخر ببطلانها فإنه يعلم بحرمة التصرف في أحد العوضين فيجب عليه
الاحتياط حينئذ.
ويكفي في البقاء على التقليد - وجوبا وجوازا - الالتزام بالعمل بفتوى
المجتهد المعين، ولا يعتبر فيه التعلم أو العمل على الأظهر، نعم الحكم بعدم
جواز العدول - الآتي في المسألة اللاحقة - مختص بفرض التقليد بمعنى العمل
اعتمادا على فتوى المجتهد.
(مسألة 15): لا يجوز العدول إلى الميت - ثانيا - بعد العدول عنه إلى
الحي.
(مسألة 16): الأعلم هو: الأقدر على استنباط الأحكام وذلك بأن
يكون أكثر إحاطة بالمدارك وبتطبيقاتها من غيره بحيث يوجب صرف الريبة
الحاصلة من العلم بالمخالفة إلى فتوى غيره.
(مسألة 17): يجب الرجوع في تعيين الأعلم إلى أهل الخبرة
والاستنباط، ولا يجوز الرجوع في ذلك إلى من لا خبرة له بذلك.
(مسألة 18): إذا كان أحد المجتهدين أعلم من الآخر ففيه صورتان:
1 - أن لا يعلم الاختلاف بينهما في الفتوى في المسائل التي تكون في
14

معرض ابتلائه، ففي هذه الصورة يجوز تقليد أيهما شاء وإن كان هو غير الأعلم.
2 - أن يعلم الاختلاف بينهما تفصيلا أو اجمالا في المسائل التي تكون في
معرض ابتلائه فيجب في هذه الصورة تقليد الأعلم، وإذا تردد الأعلم بين
شخصين مثلا - ولو كان ذلك من جهة تعارض البينتين واتفاقهما على نفي
الأعلمية عن الغير - فالأحوط أن يحتاط مع الامكان بين قوليهما مطلقا، وإن
كان الأقوى هو التفصيل ووجوب الاحتياط فيما كان من قبيل اشتباه الحجة
باللاحجة في الأحكام الالزامية، سواء أكان في مسألة واحدة - كما إذا أفتى أحدهما
بوجوب الظهر والآخر بوجوب الجمعة، ولو مع احتمال الوجوب التخييري - أم في
مسألتين كما إذا أفتى أحدهما بالحكم الترخيصي في مسألة والآخر بالحكم
الإلزامي فيها وانعكس الأمر في مسألة أخرى، وأما إذا لم يكن كذلك فالظاهر
عدم وجوب الاحتياط كما إذا لم يعلم الاختلاف بينهما على هذا النحو إلا في
مسألة واحدة أو علم به في أزيد مع كون المفتي بالحكم الإلزامي في الجميع
واحدا.
هذا كله مع امكان الاحتياط، وأما مع عدم امكانه - سواء أكان ذلك
من جهة دوران الأمر بين المحذورين كما إذا أفتى أحدهما بوجوب عمل والآخر
بحرمته أم من جهة عدم اتساع الوقت للعمل بالقولين - فاللازم أن يعمل على
وفق فتوى من يكون احتمال أعلميته أقوى من الآخر، ومع تساويه في حق
كليهما يتخير في العمل على وفق فتوى من شاء منهما.
(مسألة 19): إذا لم يكن للأعلم فتوى في مسألة خاصة، أو لم يمكن
للمقلد استعلامها حين الابتلاء جاز له الرجوع فيها إلى غيره مع رعاية الأعلم
فالأعلم - على التفصيل المتقدم - بمعنى أنه إذا لم يعلم الاختلاف في تلك
15

الفتوى بين مجتهدين آخرين - وكان أحدهما أعلم من الآخر - جاز له الرجوع
إلى أيهما شاء وإذا علم الاختلاف بينهما لم يجز الرجوع إلى غير الأعلم.
(مسألة 20): يثبت الاجتهاد، أو الأعلمية بأحد أمور: (1) العلم
الوجداني أو الاطمينان الحاصل من المناشئ العقلائية - كالاختبار ونحوه - وإنما
يتحقق الاختبار فيما إذا كان المقلد قادرا على تشخيص ذلك. (2) شهادة
عادلين بها - والعدالة هي الاستقامة العملية في جادة الشريعة المقدسة الناشئة
غالبا عن خوف راسخ في النفس وينافيها ترك واجب أو فعل حرام من دون
مؤمن - ويعتبر في شهادة العدلين أن يكونا من أهل الخبرة، وأن لا يعارضها
شهادة مثلها بالخلاف، ولا يبعد ثبوتهما بشهادة من يثق به من أهل الخبرة وإن
كان واحدا، ومع التعارض يؤخذ بقول من كان منهما أكثر خبرة بحد يوجب
صرف الريبة الحاصلة من العلم بالمخالفة إلى قول غيره.
(مسألة 21): الاحتياط المذكور في هذه الرسالة قسمان: واجب
ومستحب، الاحتياط الواجب هو الذي لا يكون مسبوقا أو ملحوقا بذكر
الفتوى، وفي حكم الاحتياط ما إذا قلنا: فيه اشكال أو فيه تأمل أو المشهور
كذا أو ما يشبه ذلك. الاحتياط المستحب: ما يكون مسبوقا أو ملحوقا بذكر
الفتوى، وقد يعبر عنه بكلمة (الأحوط الأولى).
(مسألة 22): لا يجب العمل بالاحتياط المستحب، وأما الاحتياط
الواجب فلا بد في موارده من العمل بالاحتياط، أو الرجوع إلى الغير، مع رعاية
الأعلم فالأعلم، على التفصيل المتقدم.
16

(الطهارة)
17

(الطهارة)
تجب الطهارة بأمرين: الحدث والخبث، الحدث هي القذارة المعنوية
التي توجد في الانسان فقط بأحد أسبابها الآتية، وهو قسمان: أصغر وأكبر،
فالأصغر يوجب الوضوء، والأكبر يوجب الغسل. الخبث هي النجاسة الطارئة
على الجسم من بدن الانسان وغيره ويرتفع بالغسل أو بغيره من المطهرات
الآتية.
19

(الوضوء)
يتركب الوضوء من أربعة أمور:
(1) غسل الوجه، وحده ما بين قصاص الشعر والذقن طولا، وما دارت
عليه الابهام والوسطى عرضا، فيجب غسل كل ما دخل في هذا الحد، ويجب
- على الأحوط - أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل، ويكفي في ذلك
الصدق العرفي فيكفي صب الماء من الأعلى ثم اجراؤه على كل من الجانبين على
النهج المتعارف من كونه على نحو الخط المنحني.
(2) غسل اليدين من المرفق إلى أطراف الأصابع، والمرفق هو مجمع
عظمي الذراع والعضد، ويجب أن يكون الغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفا.
(3) مسح مقدم الرأس ويكفي مسماه والأحوط أن يسمح مقدار ثلاثة
أصابع مضمونة.
(4) مسح الرجلين، والواجب مسح ما بين أطراف الأصابع إلى الكعب
وهو المفصل بين الساق والقدم - على الأظهر - ويكفي المسمى عرضا، والأولى
المسح بكل الكف، ويجب غسل مقدار من الأطراف زائدا على الحد الواجب
وكذلك المسح إذا لم يحصل اليقين بتحقق المأمور به إلا بذلك، ولا بد في المسح
من أن يكون بالبلة الباقية في اليد فلو جفت لحرارة البدن أو الهواء أو غير ذلك
أخذ البلة من لحيته الداخلة في حد الوجه ومسح بها على الأحوط وإن كان
الأقوى جواز الأخذ من المسترسل أيضا إلا ما خرج عن المعتاد.
(مسألة 23): يجوز النكس في مسح الرجلين بأن يمسح من الكعب إلى
20

أطراف الأصابع، والأحوط الأولى في مسح الرأس أن يكون من الأعلى إلى
الأسفل، وأن يكون بباطن الكف وبنداوة الكف اليمنى.
(شرائط الوضوء)
يشترط في الوضوء أمور:
(1) النية، بأن يكون الداعي إليه قصد القربة ويجب استدامتها إلى آخر
العمل، ولو قصد أثناء الوضوء قطعه أو تردده في اتمامه ثم عاد إلى قصده الأول
قبل فوات الموالاة ولم يطرأ عليه مفسد آخر جاز له اتمام وضوئه من محل القطع
أو التردد.
(2) طهارة ماء الوضوء، وفي اعتبار نظافته - بمعنى عدم تغيره
بالقذارات العرفية كالميتة الطاهرة وأبوال الدواب والقيح - قول، وهو أحوط.
(3) إباحته، فلا يصح الوضوء بالماء النجس - ومنه المستعمل في إزالة
الخبث حتى ماء الاستنجاء على ما سيأتي في مسألة 163 - أو المغصوب، وفي
حكمهما ظاهرا المشتبه بالنجس والمشتبه بالحرام إذا كانت الشبهة محصورة،
وضابطها أن لا تبلغ كثرة الأطراف حدا يكون معه احتمال النجاسة أو التحريم
في كل طرف موهوما.
(مسألة 24): إذا انحصر الماء المباح أو الماء الطاهر بما كان مشتبها بغيره
ولم يمكن التمييز وكانت الشبهة محصورة وجب التيمم في الفرض الأول، ويجوز
التيمم بعد التخلص منهما - بمثل إراقتهما - في الفرض الثاني، ويشكل صحة
التيمم قبل ذلك مع التمكن من تحصيل الطهارة المائية ولو بأن يتوضأ بأحدهما
ويصلي ثم يغسل مواضع إصابة الماء الأول بالماء الثاني ويتوضأ منه ويعيد
21

الصلاة.
(مسألة 25): إذا توضأ بماء مغصوب - نسيانا أو جهلا - فانكشف له
الحال بعد الفراغ صح وضؤوه إذا لم يكن هو الغاصب، وأما الغاصب فلا يصح
منه الوضوء بالماء المغصوب ولو كان ناسيا على الأحوط.
(مسألة 26): الوضوء بالماء النجس باطل ولو كان ذلك من جهة الجهل
أو الغفلة أو النسيان.
(4) اطلاق ماء الوضوء، فلا يصح الوضوء بالماء المضاف وفي حكم
المضاف المشتبه به إذا كانت الشبهة محصورة ولا فرق في بطلان الوضوء بالماء
المضاف بين صورتي العمد وغيره.
(مسألة 27): إذا اشتبه الماء المطلق بالمضاف جاز له أن يتوضأ بهما
متعاقبا، وإذا لم يكن هناك ماء مطلق آخر وجب ذلك ولا يسوغ له التيمم.
(5) طهارة أعضاء الوضوء بمعنى أن يكون كل عضو طاهرا حين غسله
أو مسحه ولا يعتبر طهارة جميع الأعضاء عند الشروع فيه، فلو كانت نجسة
وغسل كل عضو بعد تطهيره أو طهره بغسلة الوضوء نفسها - حيث يكون الماء
عاصما - كفى.
(6) إباحة مكان الوضوء والإناء الذي يتوضأ منه بمعنى أنه إذا انحصر
المكان أو الإناء بالمغصوب سقط وجوب الوضوء ووجب التيمم، ولكنه لو
خالف وتوضأ في المكان المغصوب صح، وكذا إذا توضأ من الإناء المغصوب أثم
وصح وضؤوه من دون فرق بين الاغتراف منه دفعة أو تدريجا والصب منه
والارتماس فيه على الأظهر.
(مسألة 28): يحرم استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب
22

والأحوط ترك استعمالها في غيرها - كالطهارة من الحدث والخبث - أيضا، لكنه
إذا انحصر الماء بما كان في شئ من تلك الأواني وتوضأ به سواء بالاغتراف منه
تدريجا أو بالصب منه أو الارتماس فيه صح وضؤوه على الأظهر، وأما إذا لم
ينحصر الماء به فالصحة أوضح.
(8) أن لا يكون مانع من استعمال الماء شرعا وإلا وجب التيمم على
تفصيل يأتي.
(9) الترتيب بأن يغسل الوجه أولا ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ثم يمسح
الرأس ثم الرجلين والأحوط رعاية الترتيب في مسح الرجلين فيقدم مسح
الرجل اليمنى على مسح الرجل اليسرى، وإن كان الأظهر جواز مسحهما معا،
كما أن الأحوط مسح اليمنى باليد اليمنى واليسرى باليسرى وإن كان لا يبعد
جواز مسح كليهما بأي منهما.
(10) المولاة وهي التتابع العرفي في الغسل والمسح، ويكفي في
الحالات الطارئة - كنفاد الماء وطرو الحاجة والنسيان - أن يكون الشروع في
غسل العضو اللاحق أو مسحه قبل أن تجف الأعضاء السابقة عليه، فإذا أخره
حتى جفت جميع الأعضاء السابقة بطل الوضوء، ولا بأس بالجفاف من جهة
الحر أو الريح أو التجفيف إذا كانت الموالاة العرفية متحققة.
(11) المباشرة بأن يباشر المكلف بنفسه أفعال الوضوء إذا أمكنه
ذلك ومع الاضطرار إلى الاستعانة بالغير يجوز له أن يستعين به فيما لا يقدر على
مباشرته، سواء كان بعض أفعال الوضوء أم كلها، لكنه يتولى النية بنفسه
والأحوط أن ينوي المعين أيضا، ويلزم أن يكون المسح بيد نفس المتوضي وإن
لم يمكن ذلك أخذ المعين الرطوبة التي في يده ومسح بها.
(مسألة 29): من تيقن الوضوء وشك في الحدث بنى على الطهارة ومن
23

تيقن الحدث وشك في الوضوء بنى على الحدث، ومن تيقنهما وشك في المتقدم
والمتأخر منهما وجب عليه الوضوء.
(مسألة 30): من شك في الوضوء بعد الفراغ من الصلاة بنى على
صحتها - وتوضأ للصلوات الآتية - حتى فيما إذا تقدم منشأ الشك على الصلاة
بحيث لو التفت إليه قبلها لشك كما إذا أحدث ثم غفل ثم صلى ثم شك بعد
الصلاة في التوضي حال الغفلة، ولو شك في الوضوء أثناء الصلاة قطعها
وأعادها بعد الوضوء.
(مسألة 31): إذا علم اجمالا بعد الصلاة بطلان صلاته لنقصان ركن
فيها مثلا أو بطلان وضوئه وجبت عليه إعادة الصلاة فقط.
(نواقض الوضوء)
نواقض الوضوء سبعة:
(1، 2) البول - وفي حكمه ظاهرا البلل المشتبه به قبل الاستبراء -
والغائط - سواء أكان خروجهما من الموضع الأصلي - للنوع أو لفرد شاذ الخلقة
من هذه الجهة - أم من غيره مع انسداد الموضع الأصلي، وأما مع عدم انسداده
فلا يكون ناقضا إلا إذا كان معتادا له أو كان الخروج بدفع طبيعي لا بالآلة،
وإن كان الأحوط الانتقاض منه مطلقا، ولا ينتقض الوضوء بالدم أو الصديد
الخارج من أحد المخرجين ما لم يكن معه بول أو غائط كما لا ينتقض بخروج
المذي - الرطوبة الخارجة عند ملاعبة الرجل المرأة - والودي - الرطوبة الخارجة
بعد البول - والوذي - الرطوبة الخارجة بعد المني.
(3) خروج الريح من مخرج الغائط - المتقدم بيانه - إذا صدق عليها أحد
24

الاسمين المعروفين.
(4) النوم الغالب على الحواس.
(5) كل ما يزيل العقل من جنون أو أغماء أو سكر دون مثل البهت.
(6) الاستحاضة المتوسطة والقليلة.
(7) الجنابة فإنها تنقض الوضوء وإن كانت لا توجب إلا الغسل.
(موارد وجوب الوضوء)
يجب الوضوء لثلاثة أمور:
(1) الصلوات الواجبة ما عدا صلاة الميت، وأما الصلوات المستحبة
فيعتبر الوضوء في صحتها كما يعتبر في الصلوات الواجبة.
(2) الأجزاء المنسية من الصلاة الواجبة وكذا صلاة الاحتياط، ولا يجب
الوضوء لسجدتي السهو وإن كان أحوط.
(3) الطواف الواجب وإن كان جزءا لحجة أو عمرة مندوبة.
(مسألة 32): يحرم على غير المتوضئ أن يمس ببدنه كتابة القرآن،
والأحوط أن لا يمس اسم الجلالة والصفات المختصة به تعالى والأحوط الأولى
الحاق أسماء الأنبياء والأئمة والصديقة الطاهرة عليهم السلام بها.
(مسألة 33): يجب على المكلف حال التخلي وفي سائر الأحوال أن يستر
عورته عن الناظر المحترم - الشخص المميز - ويستثنى من هذا الحكم من له
حق الاستمتاع منه شرعا مثل الزوج والزوجة.
25

(مسألة 34): يحرم - على الأحوط - استقبال القبلة واستدبارها حال
البول أو التغوط وكذا الاستقبال بنفس البول أو الغائط وإن لم يكن الشخص
مستقبلا أو مستدبرا.
(مسألة 35): يستحب الاستبراء بعد البول، والأولى في كيفيته هو
المسح بالإصبع من مخرج الغائط إلى أصل القضيب ثلاث مرات ومسح
القضيب بإصبعين أحدهما من فوقه والآخر من تحته إلى الحشفة ثلاث مرات
وعصر الحشفة ثلاث مرات.
(مسألة 36): لا يجب الاستنجاء - أي تطهير مخرج البول والغائط - في
نفسه ولكنه يجب لما يعتبر فيه طهارة البدن، ويعتبر في الاستنجاء غسل مخرج
البول بالماء ولا يجزي غيره، والأظهر كفاية المرة الواحدة مطلقا وإن كان الأحوط
الأولى في الماء القليل أن يغسل به مرتين والثلاث أفضل، وأما موضع الغائط
فإن تعدى المخرج تعين غسله بالماء وإن لم يتعد تخير بين غسله بالماء حتى ينقى
ومسحه بحجر أو خرقة أو قرطاس أو نحو ذلك من الأجسام القالعة للنجاسة،
ويعتبر في المسح بالحجر ونحوه أن لا يصيب المخرج نجاسة أخرى من الخارج
أو الداخل كالدم، نعم لا يضر تنجسه بالبول في النساء على الأقوى، كما يعتبر
فيه طهارة الممسوح به فلا يجزي المسح بالأجسام المتنجسة، ولا يعتبر فيه مسح
المخرج بقطع ثلاث إذا زالت النجاسة بقطعة واحدة مثلا وإن كان ذلك أحوط،
نعم إذا لم تزل بها لزم المسح إلى أن تزول، ويحرم الاستنجاء بما هو محترم في
الشريعة الاسلامية، وفي حصول الطهارة بإزالة العين بالعظم والروث اشكال
وإن كان هو الأقرب.
26

(الغسل)
موجبات الغسل ستة:
(1) الجنابة.
(2) الحيض.
(3) النفاس.
(4) الاستحاضة.
(5) مس الميت.
(6) الموت.
(غسل الجنابة)
تتحقق الجنابة بأمرين:
(1) خروج المني - من الموضع المعتاد مطلقا وكذا من غيره إذا كان الخروج
طبيعيا وإلا ففيه اشكال - وفي حكمه ظاهرا الرطوبة المشتبهة به الخارجة بعد
خروجه وقبل الاستبراء بالبول.
(2) الجماع - ولو لم ينزل - في قبل المرأة ودبرها وهو يوجب الجنابة للرجل
والمرأة ولا يترك الاحتياط في وطء غير المرأة في الواطئ والموطوء.
(مسألة 37): يجب غسل الجنابة لأربعة أمور:
27

(1) الصلاة الواجبة ما عدا صلاة الميت.
(2) الأجزاء المنسية من الصلاة وكذا صلاة الاحتياط ولا تعتبر الطهارة
في سجود السهو وإن كان ذلك أحوط.
(3) الطواف الواجب وإن كان جزءا لحجة أو عمرة مندوبة.
(4) الصوم على تفصيل يأتي.
(مسألة 38): يحرم على الجنب أمور:
(1) مس لفظ الجلالة وكذا سائر أسمائه تعالى وصفاته المختصة به على
الأحوط، ويلحق به مس أسماء المعصومين عليهم السلام على الأحوط الأولى.
(2) مس كتابة القرآن.
(3) الدخول في المساجد وإن كان لأخذ شئ منها، نعم لا يحرم اجتيازها
بالدخول من باب والخروج من آخر أو نحوه.
(4) المكث في المساجد.
(5) وضع شئ في المساجد وإن كان في حال الاجتياز أو من الخارج على
الأحوط.
(6) الدخول في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله وإن كان على نحو
الاجتياز.
(7) قراءة إحدى العزائم الأربع وهي الآيات التي يجب السجود
لقراءتها، والأحوط الأولى أن لا يقرأ شيئا من السور التي فيها العزائم وهي (ألم
تنزيل. حم السجدة. النجم. إقرأ).
(مسألة 39): المشاهد المشرفة للمعصومين (ع) تلحق بالمساجد على
28

الأحوط ولا يلحق بها أروقتها - فيما لم يثبت كونه مسجدا كما ثبت في بعضها -
كما لا يلحق بها الصحن المطهر وإن كان الالحاق أحوط.
(كيفية الغسل)
الغسل قسمان: ارتماسي وترتيبي.
1 - (الارتماسي): وهو على نحوين: دفعي وتدريجي، والأول هو تغطية
الماء لمجموع البدن وستره لجميع أجزائه، وهو أمر دفعي يعتبر الانغماس
التدريجي مقدمة له، والثاني هو غمس البدن في الماء تدريجا مع انحفاظ الوحدة
العرفية فيكون غمس كل جزء من البدن جزءا من الغسل لا مقدمة له كما في
النحو الأول، والأظهر صحة الثاني كالأول.
ويعتبر في الثاني أن يكون كل جزء من البدن خارج الماء قبل رمسه بقصد
الغسل، ويكفي في النحو الأول خروج البدن كلا أو بعضا من الماء ثم رمسه
بقصده.
2 - (الترتيبي): والأحوط وجوبا في كيفية أن يغسل أولا تمام الرأس
والرقبة ثم بقية البدن كما أن الأحوط أن يغسل أولا تمام النصف الأيمن ثم تمام
النصف الأيسر وإن كان الأظهر أنه لا ترتيب بين الطرفين فيجوز غسلهما معا
أو بأية كيفية أخرى.
ويجب في غسل كل عضو ادخال شئ من الآخر مما يتصل به إذا لم يحصل
العلم باتيان الواجب إلا بذلك.
(مسألة 40): ذكر جماعة أن الغسل الترتيبي يتحقق بتحريك الرأس
والرقبة ثم الجانبين بقصد غسلها - فيما إذا كان جميع البدن تحت الماء - وكذلك
29

تحريك بعض الأعضاء وهو في الماء بقصد غسله، وقالوا أيضا بتحقق الغسل
الارتماسي الدفعي بتحريك البدن تحت الماء بقصد غسله.
ولكن هذا لا يخلو عن اشكال والأحوط عدم الاكتفاء به نعم إذا ارتمس
ولم يستول الماء على جميع أجزاء بدنه فنوى الغسل بالارتماس البقائي المقارن مع
وصوله إليه أو قصد الغسل من أول الارتماس إلى زمان استيلاء الماء على جميع
أجزاء بدنه فللصحة وجه.
(شرائط الغسل)
يعتبر في الغسل جميع ما تقدم اعتباره في الوضوء من الشرائط، ولكنه
يمتاز عن الوضوء من وجهين:
(1) أنه لا يعتبر في غسل أي عضو هنا أن يكون الغسل من الأعلى إلى
الأسفل وقد تقدم اعتبار هذا في الوضوء في الجملة.
(2) المولاة فإنها غير معتبرة في الغسل وقد كانت معتبرة في الوضوء.
(مسألة 41): غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء، والأظهر ذلك في بقية
الأغسال الواجبة أو الثابت استحبابها أيضا إلا غسل الاستحاضة المتوسطة فإنه
لا بد معه من الوضوء - كما سيأتي - والأحوط الأولى ضم الوضوء إلى سائر
الأغسال - غير غسل الجنابة - بالاتيان به قبلها.
(مسألة 42): إذا كان على المكلف أغسال متعددة كغسل الجنابة
والجمعة والحيض وغير ذلك جاز له أن يغتسل غسلا واحدا بقصد الجميع
ويجزيه ذلك كما جاز له أن ينوي خصوص غسل الجنابة وهو أيضا يجزئ عن
غيره، وأما إذا نوى غير غسل الجنابة فلا اشكال في اجزائه عما قصده وفي اجزائه
30

عن غيره كلام والأظهر هو الاجزاء، نعم في اجزاء أي غسل عن غسل الجمعة
من دون قصده ولو اجمالا اشكال، ثم إن ما ذكر من اجزاء غسل واحد عن
أغسال متعددة يجري في جميع الأغسال الواجبة والمستحبة - مكانية أو زمانية أو
لغاية أخرى - ولكن جريانه في الأغسال المأمور بها بسبب ارتكاب بعض
الأفعال - كمس الميت بعد غسله - مع تعدد السبب نوعا لا يخلو عن اشكال.
(مسألة 43): إذا أحدث بالأصغر أثناء غسل الجنابة فله أن يتمه،
والأحوط ضم الوضوء إليه حينئذ، وله العدول الاستئنافي من الترتيبي إلى
الارتماسي وبالعكس ولا حاجة حينئذ إلى ضم الوضوء بلا اشكال.
(مسألة 44): إذا شك في غسل الجنابة بنى على عدمه وإذا شك فيه بعد
الفراغ من الصلاة لم تجب إعادتها - إلا إذا كانت موقتة وحدث الشك في الوقت
وصدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة فإن الأحوط إعادتها حينئذ - ويجب عليه
الغسل لكل عمل يتوقف صحته أو جوازه على الطهارة من الحدث الأكبر من
غير فرق بين الصلاة وغيرها حتى مثل مس كتابة القرآن، وهذا الغسل يمكن
أن يقع على نحوين:
(الأول) أن يقطع بكونه مأمورا به - وجوبا أو استحبابا - كأن يقصد به
غسل يوم الجمعة أو غسل الجنابة المتجددة بعد الصلاة وحينئذ فله الاكتفاء به
في الاتيان بكل عمل مشروط بالطهارة سواء سبقه الحدث الأصغر أم لا.
(الثاني) أن لا يكون كذلك بأن أتى به لمجرد احتمال بقاء الجنابة
التي يشك في الاغتسال منها قبل الصلاة، وحينئذ يكتفي به في الاتيان بما هو
مشروط بالطهارة عن الحدث الأكبر فقط كجواز المكث في المساجد، وأما ما هو
مشروط بالطهارة حتى عن الحدث الأصغر فلا يكتفي فيه بالغسل بل يجب
ضم الوضوء إليه إن سبقه صدور الحدث منه دون ما لم يسبقه.
31

(الحيض وشرائطه)
الحيض: دم تعتاده النساء في كل شهر مرة في الغالب وقد يكون أكثر من
ذلك أو أقل.
(مسألة 45): الغالب في دم الحيض أن يكون أسود أو أحمر حارا عبيطا
يخرج بدفق وحرقة، وأقله ثلاثة أيام ولو ملفقة وأكثره عشرة أيام، ويعتبر فيه
الاستمرار في الثلاثة الأولى وكذا فيما يتوسطها من الليالي، فلو لم يستمر الدم لم
تجر عليه أحكام الحيض، نعم الفترات اليسيرة المتعارفة ولو في بعض النساء لا
تخل بالاستمرار المعتبر فيه.
(مسألة 46): يعتبر التوالي في الأيام الثلاثة التي هي أقل الحيض فلو
رأت الدم يومين ثم انقطع ثم رأت يوما أو يومين قبل انقضاء عشرة أيام من
ابتداء رؤية الدم فهو ليس بحيض وإن كان الأحوط استحبابا في مثل ذلك
الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة في أيام الدم والجمع بين أحكام
الحائض والطاهرة أيام النقاء.
(مسألة 47): يعتبر في دم الحيض أن يكون بعد البلوغ وقبل سن
الستين، فكل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين لا يكون دم حيض وكذا
ما تراه المرأة بعد بلوغها الستين لا تكون له أحكامه، والأحوط الأولى في غير
القرشية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة فيما بين الخمسين والستين
فيما إذا كان الدم بحيث لو رأته قبل الخمسين لحكم بكونه حيضا كالذي تراه
أيام عادتها، وأما سن اليأس الموجب لسقوط عدة الطلاق - بعد انقطاع الدم
وعدم رجاء عوده لكبر سن المرأة - فمحدد بالخمسين على الأظهر.
32

(مسألة 48): يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره، وبعد ظهوره، نعم
يلزم - على الأحوط - على الحامل ذات العادة الوقتية الجمع بين تروك الحائض
وأفعال المستحاضة في صورة واحدة وهي ما إذا رأت الدم بعد مضي عشرين
يوما من أول عادتها وكان الدم بصفات الحيض، وفي غير هذه الصورة حكم
الحامل وغير الحامل على حد سواء.
(مسألة 49): لا حد لأكثر الطهر بين الحيضتين ولكنه لا يكون أقل من
عشرة أيام وتسع ليال متوسطة بينها، فإذا كان النقاء بين الدمين أقل من عشرة
أيام فأحد الدمين ليس بحيض يقينا.
(مسألة 50): إذا تردد الدم الخارج من المرأة بين الحيض ودم البكارة
استدخلت قطنه في الفرج وصبرت فترة تعلم بنفوذ الدم فيها ثم استخرجتها
برفق فإن خرجت مطوقة بالدم فهو دم البكارة وإن كانت منغمسة به فهو دم
الحيض.
(أقسام الحائض)
الحائض قسمان: ذات عادة وغير ذات عادة.
وذات العادة ثلاثة أقسام: (1) وقتية وعددية (2) عددية فقط (3) وقتية
فقط.
وغير ذات العادة: مبتدئة ومضطربة وناسية العدد.
ذات العادة الوقتية والعددية: هي المرأة التي ترى الدم مرتين متماثلتين
من حيث الوقت والعدد من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة كأن ترى الدم في
شهر من أوله إلى اليوم السابع وترى في الشهر الثاني مثل الأول.
33

ذات العادة الوقتية فقط: هي التي ترى الدم مرتين متماثلتين من حيث
الوقت دون العدد كأن ترى الدم في الشهر الأول من أوله إلى اليوم السابع وفي
الشهر الثاني من أوله إلى اليوم السادس أو من ثانيه إلى اليوم السابع أو ترى
الدم في الشهر الأول من اليوم الثاني إلى اليوم السادس وفي الشهر الثاني من
أوله إلى اليوم السابع.
ذات العادة العددية فقط: هي التي ترى الدم مرتين متماثلتين من حيث
العدد دون الوقت كأن ترى الدم في شهر من أوله إلى اليوم السابع وفي الشهر
الثاني من الحادي عشر إلى السابع عشر مثلا.
المبتدئة: هي التي ترى الدم لأول مرة.
المضطربة: ويطلق عليها المتحيرة أيضا، هي التي تكررت رؤيتها للدم
ولكنها لم تستقر لها عادة من حيث الوقت أو العدد.
الناسية: هي التي كانت لها عادة ونسيتها.
(أحكام ذات العادة)
(مسألة 51): ذات العادة الوقتية - سواء كانت عددية أيضا أم لا -
تتحيض بمجرد رؤية الدم في أيام عادتها فتترك العبادة سواء كان الدم بصفة
الحيض أم لا، وكذا إذا رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين أو أزيد ما دام
يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة بحسب عرف النساء، وأما إذا رأت الدم
قبل العادة بزمان أكثر مما تقدم أو بعدها فحكمها حكم غيرها الآتي في المسألة
التالية، ثم إن في الفرض المتقدم إن انقطع الدم قبل أن تمضي عليه ثلاثة أيام
كان عليها قضاء ما فات عنها في أيام الدم من الصلاة.
34

(مسألة 52): ذات العادة العددية فقط تتحيض بمجرد رؤية الدم إذا
كان بصفات الحيض وأما مع عدمها فلا تتحيض إلا حين العلم باستمراره إلى
ثلاثة أيام - وإن كان ذلك قبل اكمال الثلاثة - وأما مع احتمال الاستمرار
فالأحوط وجوبا الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.
ثم إنه إن زاد الدم على الثلاثة ولم يتجاوز عن العشرة جعلت الزائد
حيضا أيضا وإن كان أزيد من عادتها، وأما إذا تجاوز عن العشرة فعليها أن
ترجع في العدد إلى عادتها وأما بحسب الوقت فإن كان لها تمييز يوافق العدد
رجعت إليه، وإن كان مخالفا له رجعت إليه أيضا لكن يزيد مع نقصانه عن
العدد وينقص مع زيادته عليه، ومع عدم التمييز تجعل العدد في أول الدم على الأظهر.
(مسألة 53): ذات العادة العددية فقط إذا رأت الدم ثلاثة أيام أو أكثر
بصفات الحيض ثم استمر بصفة الاستحاضة فإن لم يتجاوز المجموع العشرة
فالأظهر أنها تجعل المجموع حيضا وإذا تجاوز العشرة فلا بد أن ترجع
إلى العدد كما تقدم في ذيل المسألة السابقة.
(مسألة 54): من كانت عادتها دون العشرة وتجاوز الدم أيامها، فإن
علمت بانقطاع الدم قبل تجاوز العشرة حكم بكونه حيضا وإن علمت بالتجاوز
عنها وجب عليها أن تغتسل وتعمل عمل المستحاضة، وإن لم تعلم شيئا من
الأمرين بأن احتملت الانقطاع في اليوم العاشر أو قبله فالأحوط الأولى أن
تستظهر بيوم ثم تغتسل من الحيض وتعمل عمل المستحاضة ولها أن تستظهر
أزيد منه إلى تمام العشرة من أول رؤية الدم (والاستظهار هو الاحتياط بترك
العبادة) وجواز الاستظهار إنما ثبت في الحائض التي تمادي بها الدم كما هو محل
الكلام ولم يثبت في المستحاضة التي اشتبه عليها أيام حيضها فإن عليها أن
35

تعمل عمل المستحاضة بعد انقضاء أيام العادة.
(مسألة 55): إذا انقطع الدم قبل انقضاء أيام العادة وجب عليها
الغسل والصلاة ولو ظنت عود الدم بعد ذلك، فإذا عاد قبل انقضائها أو عاد
بعده ثم انقطع في اليوم العاشر أو دونه من أول زمان رؤية الدم فهو حيض،
وإذا تجاوز العشرة فما رأته في أيام العادة حيض والباقي استحاضة، وأما النقاء
المتخلل بين الدمين من حيض واحد فالأحوط فيه الجمع بين أحكام الطاهرة
والحائض.
(مسألة 56): ذات العادة الوقتية والعددية إذا رأت الدم قبل العادة
وفيها وبعدها دما مستمرا فإن لم يكن المجموع أزيد من العشرة جعلت المجموع
حيضا مطلقا على الأقوى، وإن كان أزيد منها فما كان في أيام العادة فهو حيض
وما كان في طرفيها فهو استحاضة مطلقا على الأقوى حتى فيما إذا رأت الدم
السابق قبل العادة بيوم أو يومين من دون أن يكون الدم اللاحق واجدا لصفة
الحيض وكذا عكسه بأن رأت الدم قبل زمان عادتها بثلاثة أيام أو أكثر وكان
الدم اللاحق واجدا لصفة الحيض.
(مسألة 57): إذا رأت الدم قبل أيام العادة ثلاثة أيام أو أكثر ثم عاد
عليها الدم كذلك بعد زمان عادتها فكل من الدمين حيض إذا كان النقاء بينهما
لا يقل عن عشرة أيام.
(مسألة 58): إذا رأت الدم قبل أيام العادة واستمر إليها وزاد المجموع
على العشرة فما كان في أيام العادة فهو حيض - وإن كان بصفات الاستحاضة -
وما كان قبلها استحاضة وإن كان بصفة الحيض، وإذا رأته أيام العادة وما
بعدها وتجاوز المجموع العشرة كان ما بعد العادة استحاضة حتى فيما كان منه
في العشرة بصفة الحيض ولم يتجاوزها بهذه الصفة.
36

(مسألة 59): إذا شكت المرأة في انقطاع دم الحيض وجب عليها
الفحص ولم يجز لها ترك العبادة بدونه، وكيفية الفحص أن تدخل قطنة وتتركها
في موضع الدم وتصبر أزيد من الفترة اليسيرة التي يتعارف انقطاع الدم فيها مع
بقاء الحيض - كما تقدم - ثم تخرجها فإن كانت نقية فقد انقطع حيضها فيجب
عليها الاغتسال والآتيان بالعبادة وإلا فلا.
(مسألة 60): المرأة التي يجب عليها الفحص إذا اغتسلت من دون
فحص حكم ببطلان غسلها إلا إذا انكشف أن الغسل كان بعد النقاء وقد
اغتسلت برجاء أن تكون نقية.
(أحكام المبتدئة والمضطربة)
(مسألة 61): حكم المبتدئة والمضطربة في التحيض برؤية الدم هو ما
تقدم في المسألة 52 في ذات العادة العددية، كما أنهما تشتركان معها فيما تقدم في
المسألة 53.
(مسألة 62): ما تراه المبتدئة أو المضطربة من الدم إذا تجاوز العشرة فإما
أن يكون واجدا للتمييز بأن يكون الدم المستمر بعضه بصفة الحيض وبعضه
بصفة الاستحاضة، وإما أن يكون فاقدا له بأن يكون ذا لون واحد وإن
اختلفت مراتبه كما إذا كان الكل بصفة دم الحيض ولكن بعضه أسود وبعضه
أحمر أو كان الجميع بصفة دم الاستحاضة - أي أصفر - مع اختلاف درجات
الصفرة.
ففي القسم الأول تجعل الدم الفاقد لصفة الحيض استحاضة كما تجعل
الدم الواجد لها حيضا مطلقا إذا لم يلزم من ذلك محذور عدم فصل أقل الطهر - أي
37

عشرة أيام - بين حيضتين مستقلتين وإلا فالأقوى جعل الثاني استحاضة أيضا،
هذا إذا لم يكن الواجد أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من العشرة وأما مع كونه أقل
أو أكثر فلا بد في تعيين عدد أيام الحيض من الرجوع إلى أحد الطريقين الآتيين
في القسم الثاني بتكميل العدد من الفاقد إذا كان أقل من ثلاثة وتنقيصه من
الواجد إذا كان أكثر من العشرة ولا يحكم بحيضية الزائد على العدد.
وأما في القسم الثاني: فالمبتدئة تقتدي ببعض نسائها في العدد، ويعتبر
فيمن تقتدي بها أمران:
الأول: عدم العلم بمخالفتها معها في مقدار الحيض، فلا تقتدي
المبتدئة بمن كانت قريبة من سن اليأس مثلا.
الثاني: عدم العلم بمخالفة عادة من تريد الاقتداء بها مع عادة من
يماثلها من سائر نسائها.
وإذا لم يمكن الاقتداء ببعض نسائها فالظاهر أنها مخيرة في كل شهر في
التحيض فيما بين الثلاثة إلى العشرة.
ولكن ليس لها أن تختار عددا تطمئن بأنه لا يناسبها، والأحوط اختيار
السبع إذا لم يكن كذلك.
وأما المضطربة فالأحوط لها الرجوع إلى بعض نسائها ثم الرجوع إلى
العدد على النحو المتقدم.
(أحكام الناسية للعادة)
(مسألة 63): إذا كانت ذات عادة عددية فقط ونسيت عادتها ثم رأت
الدم ثلاثة أيام أو أكثر ولم يتجاوز العشرة كان جميعه حيضا، وأما إذا تجاوزها
38

فحكمها في ذلك كله حكم المضطربة المتقدم في المسألة السابقة، ولكنها تمتاز
عنها في موردين:
- 1 - ما إذا كان العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط الثلاثة المتقدمة أقل
من المقدار المتيقن من عادتها، كما إذا كان العدد المفروض سبعة وهي تعلم أن
عادتها المنسية إما كانت ثمانية أو تسعة، ففي مثل ذلك لا بد أن تجعل القدر
المتيقن من عادتها حيضا وهو الثمانية في المثال.
- 2 - ما إذا كان العدد المفروض أكبر من عادتها كما إذا كان ثمانية وهي
تعلم بأن عادتها كانت خمسة أو ستة، ففي مثل ذلك لا بد أن تجعل أكبر عدد
تحتمل أنه كان عادة لها حيضا وهو الستة في المثال.
وأما في غير هذين الموردين فلا عبرة بالعدد المنسي، ولكنها إذا احتملت
العادة فيما زاد على العدد المفروض فالأحوط الأولى أن تعمل فيه بالاحتياط
بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.
(مسألة 64) إذا كانت ذات عادة وقتية فقط فنسيتها وتجاوز الدم عن
العشرة فحكمها ما تقدم في المضطربة وقتا وعددا من لزوم الرجوع إلى التمييز
أو الرجوع إلى بعض نسائها أو اختيار العدد على التفصيل المتقدم، ولا
خصوصية للمقام إلا في موردين: (الأول): ما إذا علمت بأن زمانا خاصا
- أقل من الثلاثة - ترى فيه الدم فعلا جزء من عادتها الوقتية ولكنها نسيت مبدأ
الوقت ومنتهاه فحكمها حينئذ لزوم التمييز بالدم الواجد للصفات المشتمل
على ذلك الزمان وأما مع عدم الاشتمال عليه فتعتبر فاقدة للتمييز فتختار العدد
المشتمل عليه على التفصيل المتقدم. (الثاني): ما إذا لم تعلم بذلك ولكنها
علمت بانحصار زمان الوقت في بعض الشهر كالنصف الأول منه وحينئذ فلا
أثر للدم الواجد للصفة إذا كان خارجا عنه كما أنه ليس لها اختيار العدد في
39

غيره، هذا والأحوط الأولى لها أن تحتاط في جميع أيام الدم مع العلم بالمصادفة
مع وقتها اجمالا.
(مسألة 65): إذا كانت ذات عادة عددية ووقتية فنسيتها ففيها صور:
(الأولى): أن تكون ناسية للوقت مع حفظ العدد والحكم فيها هو
الرجوع في العدد إلى عادتها وفي الوقت إلى التمييز على التفصيل المتقدم في
المسألة السابقة، ومع عدم امكان الرجوع إليه تجعل العدد في أول رؤية الدم
- إذا لم يكن مرجح لغيره - على الأظهر.
(الثانية): أن تكون حافظة للوقت وناسية للعدد، ففي هذه الصورة
- مع انحفاظ مبدأ الوقت - تجعل ما تراه من الدم في وقتها المعتاد - بصفة الحيض
أو بدونها - حيضا، فإن لم يتجاوز العشرة فجميعه حيض، وإن تجاوزها فعليها
أن ترجع في تعيين العدد إلى التمييز إن أمكن وإلا فإلى بعض أقاربها على
الأحوط، وإن لم يمكن الرجوع إلى الأقارب أيضا فعليها أن تختار عددا مخيرة
بين الثلاثة إلى العشرة، نعم لا عبرة بشئ من الضوابط الثلاثة في موردين تقدم
بيانهما في المسألة 63.
(الثالثة): أن تكون ناسية للوقت والعدد معا والحكم في هذه الصورة وإن
كان يظهر مما سبق إلا أنا نذكر فروعا للتوضيح:
1 - إذا رأت الدم بصفة الحيض أياما - لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على
عشرة - كان جميعه حيضا، وأما إذا كان أزيد من عشرة - ولم تعلم بمصادفته
لأيام عادتها - تحيضت به وترجع في تعيين عدده إلى بعض أقاربها وإلا فتختار
عددا بين الثلاثة والعشرة على التفصيل المشار إليه في الصورة الثانية.
2 - إذ رأت الدم بصفة الحيض أياما لا تقل عن ثلاثة ولا تزيد على عشرة
وأياما بصفة الاستحاضة ولم تعلم بمصادفة ما رأته من الدم مع أيام عادتها
40

جعلت ما بصفة الحيض حيضا وما بصفة الاستحاضة استحاضة إلا في موردين
تقدم بيانهما في المسألة 63.
3 - إذا رأت الدم وتجاوز عشرة أيام وعلمت بمصادفته لأيام عادتها
فالأولى أن تحتاط في جميع أيام الدم سواء كان جميعه أو بعضه بصفة الحيض أم
لا، ولكن الأظهر أن وظيفتها الرجوع إلى التمييز إن أمكن وإلا فإلى بعض
نسائها على الأحوط، فإن لم يمكن الرجوع إليهن أيضا فعليها أن تختار عددا
بين الثلاثة والعشرة، ولا أثر للعلم بالمصادفة مع الوقت إلا في موردين تقدم
التعرض لهما في المسألة 64، وإنما ترجع إلى العدد الذي يقتضيه أحد الضوابط
الثلاثة المتقدمة فيما إذا لم يكن أقل من القدر المتيقن من عددها المنسي ولا أزيد
من أكبر عدد تحتمل أن تكون عليه عادتها، وأما في هذين الموردين فحكمها ما
تقدم في المسألة 63.
(أحكام الحائض)
لا تصح من الحائض الصلاة الواجبة والمستحبة - ولا قضاء لما يفوتها من
الصلوات حال الحيض - ولا يصح منها الصوم أيضا لكن يجب عليها أن تقضي
ما يفوتها من الصوم في رمضان وكذا المنذور في وقت معين - على الأحوط -، ولا
يصح منها أيضا الاعتكاف ولا الطواف بلا فرق بين الواجب منه والمندوب.
(مسألة 66): يحرم على الحائض كل ما كان يحرم على الجنب وقد تقدم
ذلك في المسألة 38.
(مسألة 67): يحرم وطء الحائض في قبلها أيام الدم ويجوز وطؤها بعد
انقطاعه وقبل الغسل والأحوط وجوبا أن يكون ذلك بعد غسل الفرج، وأما
41

وطؤها في الدبر ففيه اشكال وإن كان الأظهر جوازه مطلقا مع رضاها وأما مع
عدمه فالأحوط تركه.
(مسألة 68): الأحوط الأولى للزوج أن يكفر عن وطء زوجته حال
الحيض مع علمه بذلك، والكفارة تختلف باختلاف زمان الوطء فإن أيام الدم
تنقسم إلى ثلاثة أقسام، فإذا كان الوطء في القسم الأول فكفارته ثماني عشرة
حبة من الذهب المسكوك وإذا كان في القسم الثاني فهي تسع حبات منه وإذا
كان في القسم الثالث فأربع حبات ونصف، وتجزئ قيمة الذهب عنه.
(مسألة 69): لا يصح طلاق الحائض وتفصيل ذلك يأتي في محله.
(مسألة 70): غسل الحيض كغسل الجنابة من حيث الترتيب
والارتماس، والظاهر اغناؤه عن الوضوء كما تقدم، وإن كان الأحوط الأفضل
الوضوء قبله.
42

(النفاس)
النفاس: هو الدم الذي تراه المرأة عند الولادة أو تراه بعدها على نحو
يستند خروج الدم إليها عرفا، وتسمى المرأة في هذه الحال بالنفساء، ولا نفاس
لمن لم تر الدم من الولادة أصلا، أو رأته بعد فصل طويل - بحيث لا يستند
إليها عرفا - كما إذا رأته بعد عشرة أيام منها.
(مسألة 71): لا حد لأقل النفاس ويمكن أن يكون بمقدار لحظة
فقط، وأكثره عشرة أيام وإن كان الأحوط الأولى فيما زاد عليها إلى ثمانية عشر
يوما الجمع بين تروك النفساء وأعمال المستحاضة، ويلاحظ في مبدأ الحساب
أمور:
1 - إن مبدأه اليوم، فإن ولدت في الليل ورأت الدم كان من النفاس
ولكنه خارج عن العشرة.
2 - إن مبدأه رؤية الدم لا نفس الولادة، فإن تأخر رؤية الدم عنها كانت
العبرة في الحساب بالرؤية.
3 - إن مبدأه الدم المرئي بعد الولادة - على الأظهر - وإن كان المرئي حينها
نفاسا أيضا.
(مسألة 72): النفساء إذا رأت دما واحدا فهي على أقسام:
1 - التي لا يتجاوز دمها العشرة فجميع الدم في هذه الصورة نفاس.
2 - التي يتجاوز دمها العشرة وتكون ذات عادة عددية في الحيض
وعلمت مقدار عادتها أو نسيتها، فإن الناسية تجعل أكبر عدد محتمل عادة لها في
43

المقام، ففي هذه الصورة يكون نفاسها بمقدار عادتها والباقي استحاضة.
3 - التي يتجاوز دمها العشرة ولا تكون ذات عادة عددية في الحيض أي
المبتدئة والمضطربة، ففي هذه الصورة يكون نفاسها عشرة أيام، والأظهر أنها
لا ترجع إلى عادة أقاربها في الحيض أو النفاس ولا إلى عادة نفسها في النفاس.
(مسألة 73): إذا كانت النفساء ذات عادة في الحيض وتجاوز دمها عن
عددها استحب لها الاستظهار بيوم وجاز لها الاستظهار إلى تمام العشرة من حين
رؤية الدم، وقد تقدم معنى الاستظهار في المسألة 54.
(مسألة 74): النفساء إذ رأت في عشرة الولادة أزيد من دم واحد كأن
رأت الدمين أو ثلاثة أو أربعة وهكذا - سواء النقاء المتخلل كالمستوعب لقصر
زمن الدمين أو الدماء أم لم يكن كذلك - ففيها صورتان:
الأولى: أن لا يتجاوز شئ منها العشرة ففي هذه الصورة يكون كل ما
تراه نفاسا، وأما النقاء المتخلل فالأحوط الجمع فيه بين أعمال الطاهرة وتروك
النفساء.
الثانية: أن يتجاوز الأخير منها اليوم العاشر وهي على قسمين:
الأول: أن لا تكون المرأة ذات عادة عددية في الحيض وحكمها ما تقدم
في الصورة الأولى، فما خرج عن العشرة من الدم الأخير يحكم بكونه
استحاضة.
الثاني: ما إذا كانت ذات عادة عددية فهل يحكم بلزوم رجوعها إلى
عادتها وإن كل دم خارج عنها ليس بنفاس أو تكون كغير ذات العادة التي تقدم
حكمها في القسم الأول وإن كل دم تراه في العشرة فهو نفاس؟ وجهان والأحوط
في الدم الخارج عن العادة الجمع بين تروك النفساء وأعمال المستحاضة.
44

(مسألة 75): المشهور أن أحكام الحائض من الواجبات والمحرمات
والمستحبات والمكروهات تثبت للنفساء أيضا ولكن جملة من الأفعال التي كانت
محرمة على الحائض يشكل حرمتها على النفساء وإن كان الأحوط أن تجتنب عنها
وهذه الأفعال هي:
(1) قراءة الآيات التي تجب فيها السجدة.
(2) الدخول في المساجد بغير اجتياز.
(3) المكث في المساجد.
(4) وضع شئ فيها.
(5) دخول المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله ولو على نحو الاجتياز.
45

(الاستحاضة)
الاستحاضة: هو الدم الذي تراه المرأة حسب ما يقتضيه طبعها غير
الحيض والنفاس فكل دم لا يكون حيضا ولا نفاسا ولا يكون من دم العذرة أو
القروح أو الجروح فهو استحاضة، والغالب في الاستحاضة أن يكون على
خلاف ما ذكرناه للحيض من الصفة ولا حد لأقله ولا لأكثره، ولا للطهر
المتخلل بين أفراده، ولا يتحقق قبل البلوغ وفي تحققه بعد الستين إشكال.
(أقسام الاستحاضة وأحكامها)
الاستحاضة على ثلاثة أقسام: كثيرة، ومتوسطة، وقليلة.
الكثيرة: هي أن يغمس الدم القطنة التي تحملها المرأة ويتجاوزها إلى
الخرقة ويلوثها.
المتوسطة: هي أن يغمسها الدم ولا يتجاوزها إلى الخرقة التي فوقها.
والقليلة: هي أن تتلوث القطنة بالدم ولا يغمسها.
(مسألة 76): يجب على المرأة في الاستحاضة الكثيرة ثلاثة أغسال:
غسل لصلاة الصبح وغسل للظهرين تجمع بينهما وغسل للعشائين كذلك،
ويجوز لها التفريق بين الظهرين أو العشائين على الأظهر ويجب عليها حينئذ
الغسل لكل صلاة والأحوط الأولى أن تتوضأ قبل كل غسل.
هذا كله إذا كان الدم صبيبا لا ينقطع بروزه على القطنة، وأما إذا كان بروزه
46

عليها متقطعا بحيث تتمكن من الاغتسال والآتيان بصلاة واحدة أو أزيد قبل
بروز الدم عليها مرة أخرى فالأحوط الاغتسال عند بروز الدم، وعلى ذلك فلو
اغتسلت وصلت ثم برز الدم على القطنة قبل الصلاة الثانية أو في أثنائها وجب
عليها الاغتسال لها وليس لها الجمع بين الصلاتين بغسل واحد ولو كان الفصل
بين البروزين بمقدار تتمكن فيه من الاتيان بصلاتين أو عدة صلوات فالأظهر
أن لها ذلك من دون حاجة إلى تجديد الغسل.
(مسألة 77): يجب على المرأة في الاستحاضة المتوسطة أن تتوضأ لكل
صلاة، كما يجب عليها - على الأحوط - أن تغتسل كل يوم مرة - مقدما على
الوضوء - تأتي به لكل صلاة حدثت قبلها، فإذا كانت الاستحاضة متوسطة قبل
أن تصلي صلاة الفجر اغتسلت ثم توضأت وصلت ويكفي لغيرها من
الصلوات الوضوء فقط وإذا كانت قبل صلاة الظهر اغتسلت وتوضأت لها
وصلت غيرها من الصلوات بالوضوء وهكذا، والضابط أنها تضم إلى الوضوء
غسلا واحدا للصلاة التي تحدث الاستحاضة المتوسطة قبلها.
(مسألة 78): لا يجب الغسل للاستحاضة القليلة ولكنه يجب معها
الوضوء لكل صلاة واجبة أو مستحبة.
(مسألة 79): الأحوط للمستحاضة أن تختبر حالها قبل الصلاة لتعرف
أنها من أي قسم من الأقسام الثلاثة، وإذا صلت من دون اختبار بطلت إلا
إذا طابق عملها الوظيفة اللازمة لها، هذا فيما إذا تمكنت من الاختبار وإلا تبني
على أنها ليست بمتوسطة أو كثيرة إلا إذا كانت مسبوقة بها فتأخذ بالحالة السابقة
حينئذ.
(مسألة 80): إذا انتقلت المرأة من الاستحاضة القليلة إلى المتوسطة
جرى عليها حكم المتوسطة بعد الانتقال فيجب عليها الغسل مرة في كل يوم
47

على الأحوط كما مر، وإذا انتقلت من القليلة أو المتوسطة إلى الكثيرة جرى عليها
حكم الكثيرة فلو كانت الاستحاضة قليلة أو متوسطة وصلت صلاة الفجر
بالوضوء وحده أو مع الغسل ثم انقلبت كثيرة قبل صلاة الظهر وجب عليها
الغسل للظهرين إذا جمعت بينهما ولكل منهما إذا فرقت بينهما على تفصيل قد مر.
(مسألة 81): الأحوط في الاستحاضة الكثيرة تبديل القطنة التي تحملها
أو تطهيرها لكل صلاة إذا تمكنت من ذلك، وكذلك الخرقة التي تشدها فوق
القطنة، وأما في غيرها فالأظهر عدم وجوب تبديل القطنة أو تطهيرها وإن كان
ذلك أحوط.
(مسألة 82): الأحوط للمستحاضة أن تصلي بعد الاغتسال من دون
فصل ويجب عليها أن تتحفظ من خروج الدم مع الأمن من الضرر من حين
الفراغ من الغسل إلى أن تتم الصلاة.
(مسألة 83): لا يجب الغسل لانقطاع الدم في المستحاضة المتوسطة على
الأظهر، وأما في الكثيرة فوجوبه مبني على الاحتياط فيما إذا كانت سائلة الدم ولم
يستمر دمها إلى ما بعد الصلاة التي أتت بها مع ما هو وظيفتها وكذا في غيرها
إذا لم يظهر الدم على الكرسف من حين الشروع في الغسل السابق.
(مسألة 84): يحرم على المستحاضة مس كتابة القرآن قبل طهارتها
بالوضوء أو الغسل، ولا يبعد جواز المس لها قبل اتمام الصلاة دون ما بعدها.
(مسألة 85): يجوز طلاق المستحاضة ولا يجري عليها حكم الحائض
والنفساء.
(مسألة 86): ما يترتب على الحيض من حرمة وطء الحائض وحرمة
دخولها المساجد - على ما مر - ووضع شئ أو المكث فيها وقراءة آيات السجدة
لا يترتب شئ من ذلك على الاستحاضة القليلة، كما أن تلك الأحكام لا
48

تترتب على الكثيرة أو المتوسطة إذا قامت بوظيفتها من الأغسال والأحوط الأولى
رعاية الاحتياط فيما إذا لم تقم بوظيفتها.
49

(أحكام الميت وغسله)
(مسألة 87): الأحوط توجيه المسلم ومن بحكمه حال احتضاره إلى
القبلة بأن يوضع على قفاه وتمد رجلاه نحوها بحيث لو جلس كان وجهه
تجاهها، والأحوط الأولى للمحتضر نفسه أن يفعل ذلك إن أمكنه، ولا يعتبر في
توجيه غير الولي إذن الولي إن علم رضا المحتضر نفسه بذلك - ما لم يكن قاصرا -
وإلا اعتبر إذنه على الأحوط، ولا فرق في الميت بين الرجل والمرأة والكبير
والصغير، ويستحب الاسراع في تجهيزه إلا أن يشتبه أمر موته فإنه يجب التأخير
حينئذ حتى يتبين موته.
(مسألة 88): يجب تغسيل الميت وسائر ما يتعلق بتجهيزه من الواجبات
التي يأتي بيانها على وليه، فعليه التصدي لها مباشرة أو تسبيبا ويسقط مع قيام
غيره بها بإذنه، بل مطلقا في الدفن ونحوه، نعم مع فقدان الولي يجب تجهيز
الميت على سائر المكلفين كفاية وكذا مع امتناعه عن القيام به بأحد الوجهين
ويسقط اعتبار إذنه حينئذ، ويختص وجوب التغسيل بالميت المسلم ومن بحكمه
كأطفال المسلمين ومجانينهم، ويستثنى من ذلك صنفان:
(1) من قتل رجما أو قصاصا بأمر الإمام (ع) أو نائبه فإنه يغتسل
- والأحوط أن يكون غسله كغسل الميت الآتي تفصيله - ثم يحنط ويكفن كتكفين
الميت ثم يقتل فيصلي عليه ويدفن بلا تغسيل.
(2) من قتل في الجهاد مع الإمام (ع) أو نائبه الخاص أو في الدفاع عن
الاسلام، ويشترط فيه أن لا تكون فيه بقية حياة حين يدركه المسلمون، وإن
50

أدركوه وبه رمق وجب تغسيله على الأظهر.
(مسألة 89): إذا أوصى الميت بتغسيله أو بسائر ما يتعلق به من التكفين
والصلاة عليه والدفن إلى شخص خاص فهو أولى به من غيره ومع عدم الوصية
فالزوج أولى بزوجته، وفي غير الزوجة كان الأولى بميراث الميت من أقربائه
- حسب طبقات الإرث - أولى بأحكامه من غيره، والأقوى أولوية الذكور في كل
طبقة من الإناث، وفي أولوية الأب من الأولاد والجد من الأخ والأخ من الأبوين
من الأخ من أحدهما والأخ من الأب من الأخ من الأم والعم من الخال اشكال
فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك، والأظهر عدم ثبوت الولاية
للقاصر، ولا للغائب الذي لا يتيسر اعلامه وتصديه لتجهيز الميت بأحد
الوجهين - مباشرة أو تسبيبا -، وإذا لم يكن للميت وارث غير الإمام فالأحوط
الأولى الاستيذان من الحاكم الشرعي في تجهيزه وإن لم يتيسر الحاكم فمن بعض
عدول المؤمنين.
(مسألة 90): يجب تغسيل السقط وتحنيطه وتكفينه إذا تمت له أربعة
أشهر بل وإن لم تتم له ذلك إذا كان مستوي الخلقة - على الأحوط - ولا تجب
الصلاة عليه كما أنها لا تستحب، وإذا لم تتم له أربعة أشهر ولم يكن مستوي
الخلقة فالأحوط أن يلف في خرقة ويدفن.
(مسألة 91): يحرم النظر إلى عورة الميت ومسها، كما يحرم النظر إلى
عورة الحي ومسها ولكن الغسل لا يبطل بذلك.
(مسألة 92): يعتبر في غسل الميت إزالة عين النجاسة عن بدنه ولكن
لا يعتبر إزالتها عن جميع جسده قبل أن يشرع في الغسل وإن كان ذلك أحوط،
بل يكفي إزالتها عن كل عضو قبل الشروع فيه، والأولى أن يوضع الميت
مستقبل القبلة حال الغسل كالمحتضر.
51

(شرائط المغسل)
يعتبر في من يباشر غسل الميت أن يكون عاقلا مسلما بل ومؤمنا أيضا على
المشهور، ولا يعتبر أن يكون بالغا على الأظهر فيكفي تغسيل الصبي المميز إذا
أتى به على الوجه الصحيح.
ويعتبر في المغسل أيضا أن يكون مماثلا للميت في الذكورة والأنوثة،
ويستثنى من ذلك موارد:
(1) الزوج والزوجة، فيجوز لكل منهما تغسيل الآخر اختيارا، والأحوط
الأولى أن يكون التغسيل من وراء الثياب.
(2) الطفل الذي لم يزد على ثلاث سنين على الأحوط، والأظهر
كفاية كونه غير مميز، فيجوز حينئذ للذكر والأنثى تغسيله سواء أكان ذكرا أم
أنثى.
(3) المحرم (أي كل من يحرم عليه نكاحه مؤبدا بنسب أو رضاع أو
مصاهرة دون المحرم بغيرها كالزنا واللواط واللعان) فيجوز له أن يغسل محرمه
غير المماثل فيما إذا لم يوجد مماثل على الأحوط، والأولى أن يكون التغسيل حينئذ
من وراء الثوب.
(مسألة 93): إذا غسل المسلم غير الاثنا عشري من يوافقه في المذهب
سقط الوجوب عن المؤمنين وإن لك يكن تغسيله على وفق مذهبنا، وإذا غسله اثنا
عشري وجب عليه أن يغسله على الطريقة الاثنا عشرية في غير موارد التقية.
(مسألة 94): إذا لم يوجد مسلم اثنا عشري مماثل للميت أو أحد محارمه
52

جاز أن يغسله المسلم المماثل غير الاثنا عشري، وإن لم يوجد هذا أيضا جاز أن
يغسله الكافر الكتابي المماثل بأن يغتسل هو أولا، ثم يغسل الميت ثانيا، وإن لم
يوجد المماثل حتى الكتابي سقط وجوب الغسل ودفن بلا غسل.
(كيفية تغسيل الميت)
يجب تغسيل الميت على الترتيب الآتي:
(1) بالماء المخلوط بالسدر (2) بالماء المخلوط بالكافور (3) بالماء
القراح.
ولا بد من أن يكون الغسل ترتيبا بأن يغسل الرأس والرقبة ثم الطرف
الأيمن ثم الطرف الأيسر، ولا يكفي الارتماسي مع التمكن من الترتيبي على
الأحوط، وإذا كان الميت محرما لا يجعل الكافور في ماء غسله إلا إذا كان موته
في احرام الحج بعد السعي.
(مسألة 95): السدر والكافور لا بد من أن يكونا بمقدار يصدق معه
عرفا إن الماء مخلوط بهما، ويعتبر أن لا يكونا في الكثرة بحد يخرج معه الماء من
الاطلاق إلى الإضافة.
(مسألة 96): إذا لم يوجد السدر أو الكافور أو كلاهما فالأحوط أن
يغسل حينئذ بالماء القراح بدلا عن الغسل بما هو المفقود منهما قاصدا به البدلية
عنه مراعيا للترتيب بالنية، ويضاف إليه تيمم واحد أيضا، وإذا لم يوجد الماء
القراح فإن تيسر ماء السدر أو الكافور فالأحوط أن يغسل به بدلا عن الغسل
بالماء القراح، ويضم إليه التيمم وإلا اكتفى بالتيمم.
(مسألة 97): إذا كان عنده من الماء ما يكفي لغسل واحد فقط، فإن لم
53

يوجد السدر والكافور غسل بالماء القراح وضم إليه تيمم واحد على الأحوط،
وإن وجد السدر مع الكافور أو بدونه يغسل الميت بماء السدر ثم ييمم مرة واحدة
على الأحوط، وإن وجد الكافور فقط غسل بماء الكافور وضم إليه تيمم واحد
أيضا على الأحوط.
(مسألة 98): إذا لم يوجد الماء أصلا ييمم الميت بدلا عن الغسل
والأظهر كفاية تيمم واحد، والأحوط أن ييمم ثلاث مرات ويقصد فيها البدلية
عن الأغسال الثلاثة على الترتيب المعتبر فيها، والأحوط أن يؤتي بأحد التيممات
بقصد ما في الذمة.
(مسألة 99): إذا كان الميت جريحا أو محروقا أو مجدورا وخيف من تناثر
لحمه إذا غسل وجب أن ييمم، ويعتبر أن يكون التيمم بيد الحي والأحوط
استحبابا مع التمكن الجمع بينه وبين التيمم بيد الميت.
(مسألة 100): يجوز تغسيل الميت من وراء الثوب وإن كان المغسل مماثلا
له، بل لا يبعد أن يكون ذلك أفضل من تغسيله مجردا مستور العورة حتى في
غير الزوج والزوجة والمحرم.
(مسألة 101): ما تقدم في غسل الجنابة من شرائط الماء والإناء والمكان
ونحو ذلك يجري في غسل الميت أيضا، والصخرة أو الساجة التي يغسل عليها
الميت يجري عليها حكم المكان، كما أن السدر والكافور يجري عليهما حكم
الماء.
(مسألة 102): يعتبر قصد القربة في التغسيل، ولا يجوز أخذ الأجرة
عليه على الأحوط، ولا بأس بأخذ الأجرة على المقدمات كبذل الماء ونحوه مما لا
يجب بذله مجانا.
(مسألة 103): إذا تنجس بدن الميت - أثناء الغسل أو بعده - بنجاسة
54

خارجية أو ميت لم تجب إعادة الغسل، بل وجب تطهير الموضع - إذا أمكن
بلا مشقة ولا هتك - ولو بعد وضعه في القبر على الأحوط.
(تكفين الميت)
يجب تكفين الميت المسلم بقطعات ثلاث: مئزر، وقميص، وإزار،
والأحوط في المئزر أن يكون من السرة إلى الركبة والأفضل أن يكون من الصدر
إلى القدم، والأحوط في القميص أن يكون من المنكبين إلى النصف من الساقين
والأفضل أن يكون إلى القدمين والواجب في الإزار أن يغطي جميع البدن
والأحوط أن يكون - طولا - بحيث يمكن أن يشد طرفاه، و - عرضا - بحيث
يقع أحد جانبيه على الآخر، والأحوط استحبابا في كل قطعة أن يكون وحده
ساترا لما تحته وإن كان الأظهر كفاية حصول الستر بالمجموع، وإذا لم تتيسر
القطعات الثلاث اقتصر في تكفين الميت بما يتمكن منها.
(مسألة 104): إذا لم يكن للميت تركة بمقدار الكفن لم يدفن عاريا،
بل يجب على المسلمين بذل كفنه - على الأحوط - ويجوز احتسابه من الزكاة.
(مسألة 105): يخرج المقدار الواجب من الكفن وكذا الزائد عليه من
المستحبات المتعارفة ولا سيما اللازمة بالنسبة إلى مثله من أصل التركة، وكذا
السدر والكافور والماء وقيمة الأرض التي يدفن فيها وأجرة حمل الميت وأجرة حفر
القبر إلى غير ذلك مما يصرف في أي عمل من واجبات الميت، فإن كل ذلك
يخرج من أصل التركة، وإن كان الميت مديونا أو كانت له وصية، وهذا فيما إذا لم
يوجد من يتبرع بشئ من ذلك وإلا لم يخرج من التركة، وأما ما يصرف فيما زاد
على القدر الواجب وما يلحق به فلا يجوز اخراجه من الأصل، وكذا الحال في
55

قيمة المقدار الواجب وما يلحقه فإنه لا يجوز أن يخرج من الأصل إلا ما هو
المتعارف بحسب القيمة، فلو كان الدفن في بعض المواضع اللائقة بحال الميت
لا يحتاج إلى بذل مال وفي البعض الآخر يحتاج إليه قدم الأول، نعم يجوز
اخراج الزائد على القدر المذكور من الثلث مع وصية الميت به أو وصيته بالثلث
من دون تعيين مصرف له كلا أو بعضا، كما يجوز اخراجه من حصص الورثة
الكبار منهم برضاهم دون القاصرين إلا مع إذن الولي على تقدير وجود مصلحة
تسوغ له ذلك.
(مسألة 106): كفن الزوجة على زوجها حتى مع يسارها والأظهر ذلك
في المنقطعة والناشزة أيضا، هذا إذا لم يتبرع غير الزوج بالكفن وإلا سقط عنه،
وكذلك إذا أوصت به من مالها، أو تقارن موتها مع موته، أو كان البذل حرجيا
على الزوج، فلو توقف على الاستقراض أو فك ماله من الرهن ولم يكن فيه حرج
عليه تعين ذلك وإلا لم يجب.
(مسألة 107): تجوز كتابة القرآن كلا أو بعضا على الكفن بشرط أن لا
تتنجس بالدم أو غيره من النجاسات، وقيل إن الأولى أن يكتب على خرقة
وتوضع على رأسه أو صدره ليؤمن به من النجاسة ولكنه لا يخلو عن تأمل.
(شروط الكفن)
يعتبر في الكفن أمور:
(1) الإباحة.
(2) الطهارة بأن لا يكون نجسا ولا متنجسا.
(3) أن لا يكون من الحرير الخالص ولا بأس بما يكون ممزوجا به بشرط
56

أن يكون حريره أقل من خليطه، والأحوط أن لا يكون الكفن مذهبا، ولا من
أجزاء ما لا يؤكل لحمه، ولا بأس أن يكون مصنوعا من وبر أو شعر مأكول
اللحم بل لا بأس أن يكون من جلده مع صدق الثوب عليه على الأظهر، وكل
هذه الشروط - غير الإباحة - يختص بحال الاختيار ويسقط في حال الضرورة،
فلو انحصر الكفن في الحرام دفن عاريا، ولو انحصر في غيره من الأنواع التي
لا يجوز التكفين بها اختيارا كفن به، فإذا انحصر في واحد منها تعين، وإذا تعدد
ودار الأمر بين تكفينه بالمتنجس وتكفينه بالنجس قدم الأول، وإذا دار الأمر
بين النجس أو المتنجس وبين الحرير قدم الثاني، ولو دار الأمر بين أحد الثلاثة
وبين غيرها قدم الغير، ومع دوران الأمر بين التكفين بالمذهب والتكفين بأجزاء
ما لا يؤكل لحمه فلا يبعد التخيير بينهما وإن كان الاحتياط بالجمع حسنا.
(مسألة 108): الشهيد لا يكفن بل يدفن بثيابه إلا إذا كان بدنه عاريا
فيجب تكفينه.
(مسألة 109): يستحب وضع جريدتين خضراوين مع الميت وينبغي
أن تكونا من النخل فإن لم يتيسر فمن السدر أو الرمان وإن لم يتيسرا فمن
الخلاف (الصفصاف) والأولى في كيفيته جعل إحداهما من الجانب الأيمن من
عند الترقوة ملصقة بالبدن والأخرى من الجانب الأيسر من عند الترقوة بين
القميص والإزار.
(الحنوط)
يجب تحنيط الميت المسلم وهو (امساس مواضعه السبعة للسجود
بالكافور المسحوق غير الزائلة رائحته) ويكفي فيه وضع المسمى، والأفضل أن
57

يكون سبعة مثاقيل، ويستحب خلطه بقليل من التربة الحسينية ولكن لا يمسح
به الموضع المنافية للاحترام، ويشترط في الكافور إباحته فيسقط وجوب التحنيط
عند عدم التمكن من الكافور المباح، كما يعتبر طهارته وإن لم يوجب تنجس بدن
الميت على الأحوط.
(مسألة 110): الأحوط الأولى أن يكون المسح بالكف وأن يبتدأ من
الجبهة، ولا ترتيب في سائر الأعضاء، ويجوز أن يباشر التحنيط الصبي المميز
بل وغيره أيضا.
(مسألة 111): يسقط التحنيط فيما إذا مات الميت في احرام العمرة أو
الحج فيجنب من الكافور بل من مطلق الطيب إلا إذا كان موته في احرام الحج
بعد السعي، فيجب تحنيطه كغيره من الأموات.
(مسألة 112): وجوب التحنيط كوجوب التغسيل وقد مضى تفصيله
في المسألة 88.
(الصلاة على الميت)
تجب الصلاة على كل مسلم ميت وإن كان فاسقا، ووجوبها كوجوب
التغسيل وقد مر في المسألة 88.
(مسألة 113): لا تجب الصلاة على أطفال المسلمين إلا إذا عقلوا
الصلاة وأمارته بلوغ ست سنين، وفي استحبابها على من لم يعقل الصلاة
اشكال والأحوط الاتيان بها رجاء.
(مسألة 114): تصح الصلاة على الميت من الصبي المميز، إلا أن في
اجزائها عن البالغين اشكالا.
58

(مسألة 115): يجب تقديم الصلاة على الدفن، إلا أنه إذا دفن قبل أن
يصلي عليه عصيانا أو لعذر فلا يجوز أن ينبش قبره للصلاة عليه، وفي مشروعية
الصلاة عليه وهو في القبر اشكال فلا بد من الاتيان بها رجاء.
(كيفية صلاة الميت)
يجب في الصلاة على الميت خمس تكبيرات والدعاء للميت عقيب إحدى
التكبيرات الأربع الأول، وأما في البقية فالظاهر أنه يتخير بينه وبين الصلاة على
النبي صلى الله عليه وآله والشهادتين والدعاء للمؤمنين والتمجيد لله تعالى، ولكن الأحوط
أن يكبر أولا ويقول (أشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله) ثم يكبر ثانيا
ويصلي على النبي وآله، ثم يكبر ثالثا ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ثم يكبر رابعا
ويدعو للميت، ثم يكبر خامسا وينصرف.
والأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي
الساعة).
وبعد التكبيرة الثانية: (اللهم صل على محمد وآل محمد وارحم محمدا
وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك
حميد مجيد وصل على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين وجميع عباد
الله الصالحين).
وبعد التكبيرة الثالثة: (اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين
والمسلمات الأحياء منهم والأموات تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات إنك مجيب
الدعوات إنك على كل شئ قدير).
59

وبعد الرابعة: (اللهم إن هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن
أمتك نزل بك وأنت خير منزول به، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم
به منا اللهم إن كان محسنا فزد في احسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته
واغفر له، اللهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف على أهله في الغابرين
وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين) ثم يكبر، وبها تتم الصلاة.
ولا بد من رعاية تذكير الضمائر وتأنيثها بالنسبة إلى الميت، وتختص هذه
الكيفية بما إذا كان الميت مؤمنا بالغا، وفي الصلاة على أطفال المؤمنين يقول بعد
التكبيرة الرابعة: اللهم اجعله لأبويه ولنا سلفا وفرطا وأجرا.
(مسألة 116): يعتبر في صلاة الميت أمور:
(1) أن تكون بعد الغسل والتحنيط والتكفين وإلا بطلت ولا بد من
إعادتها وإذا تعذر غسل الميت أو التيمم بدلا عنه، وكذلك التكفين والتحنيط
لم تسقط الصلاة عليه.
(2) النية على نحو ما مر في الوضوء مع تعيين الميت على نحو يرفع
الابهام.
(3) القيام مع القدرة عليه.
(4) أن يكون رأس الميت على يمين المصلي.
(5) أن يوضع على قفاه عند الصلاة عليه.
(6) استقبال المصلي للقبلة حال الاختيار.
(7) أن يكون الميت أمام المصلي.
(8) أن لا يكون حائل بينهما من ستر أو جدار ولا يضر الستر بمثل
النعش أو ميت آخر.
60

(9) المولاة بين التكبيرات والأذكار بأن لا يفصل بينها بمقدار تنمحي
به صورة الصلاة.
(10) أن لا يكون بين الميت والمصلي بعد مفرط إلا مع اتصال الصفوف
في الصلاة جماعة أو مع تعدد الجنائز في الصلاة عليها دفعة واحدة.
(11) أن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوا مفرطا، واعتبار بعض
هذه الأمور في الصلاة على الميت مبني على الاحتياط الوجوبي.
(دفن الميت)
يجب دفن الميت المسلم ومن بحكمه ووجوبه كوجوب التغسيل وقد مر
في المسألة 88، وكيفية الدفن أن يوارى في حفيرة في الأرض فلا يجزي البناء
عليه ولا وضعه في بناء أو تابوت مع القدرة على المواراة في الأرض، والأحوط
أن تكون الحفيرة بحيث يؤمن على جسده من السباع وايذاء رائحته للناس وإن كان
الأقوى كفاية مجرد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين ولو من جهة عدم
وجود السباع أو من يؤذيه رائحته من الناس أو البناء على قبره بعد مواراته،
ويجب أن يوضع الميت في قبره على طرفه الأيمن موجها وجهه إلى القبلة.
(مسألة 117): يجب دفن الجزء المبان من الميت، وأن كان شعرا أو سنا
أو ظفرا على الأظهر.
(مسألة 118): من مات في السفينة، ولم يمكن دفنه في البر، ولو بتأخيره
لخوف فساده أو غير ذلك غسل وكفن وحنط وصلي عليه ثم يوضع في خابية
ونحوها ويشد رأسها باستحكام أو يشد برجله ما يثقله من حجر أو حديد ثم
يلقى في البحر والأحوط استحبابا اختيار الوجه الأول مع الامكان، وكذلك
61

الحال في ميت خيف عليه من أن يخرجه العدو من قبره ويحرقه أو يمثل به.
(مسألة 119): لا يجوز دفن الميت في مكان يستلزم هتك حرمته
كالبالوعة والمواضع القذرة، كما لا يجوز دفنه في مقابر الكفار، ولا يجوز دفن
الكافر في مقبرة المسلمين.
(مسألة 120): يعتبر في موضع الدفن الإباحة، فلا يجوز الدفن في
مكان مغصوب أو فيما وقف لجهة خاصة كالمدارس والحسينيات ونحوهما.
(مسألة 121): إذا دفن الميت في مكان لا يجوز دفنه فيه وجب نبش قبره
واخراجه ودفنه في موضع يجوز دفنه فيه.
(مسألة 122): إذا دفن الميت بلا غسل أو كفن أو حنوط مع التمكن
منها وجب اخراجه مع القدرة لاجراء الواجب عليه ودفنه ثانيا بشرط أن لا
يستلزم ذلك هتكا لحرمته وإلا ففيه اشكال.
(مسألة 123): لا يجوز نبش القبر من غير ضرورة تقتضيه، وفي جواز
ذلك للنقل إلى المشاهد المشرفة حتى مع وصية الميت به أو أذن الولي فيه وعدم
استلزامه هتك حرمته اشكال.
(مسألة 124): إذا كان الموجود من الميت يصدق عليه عرفا أنه (بدن
الميت) كما لو كان مقطوع الأطراف - الرأس واليدين والرجلين - كلا أو بعضا،
أو كان الموجود جميع عظامه مجردة عن اللحم أو معظمها بشرط أن تكون من
ضمنها عظام صدره ففي مثل ذلك تجب الصلاة عليه وكذا ما يتقدمها من
التغسيل والتحنيط - إن وجد بعض مساجده - والتكفين بالإزار والقميص بل
وبالمئزر أيضا إن وجد بعض ما يجب ستره به.
وإذا كان الموجود من الميت لا يصدق عليه أنه بدنه بل بعض بدنه، فلو
كان هو القسم الفوقاني من البدن أي الصدر وما يوازيه من الظهر سواء كان
62

معه غيره أم لا وجبت الصلاة عليه وكذا التغسيل والتكفين بالإزار والقميص
وبالمئزر إن كان محله موجودا - ولو بعضا - على الأحوط، ولو كان معه بعض
مساجده وجب تحنيطه على الأحوط، ويلحق بهذا في الحكم ما إذا وجد جميع
عظام هذا القسم أو معظمها على الأحوط، وإذا لم يوجد القسم الفوقاني من بدن
الميت كأن وجدت أطرافه كلا أو بعضا مجردة عن اللحم أو معه، أو وجد بعض
عظامه ولو كان فيها بعض عظام الصدر فلا يجب الصلاة عليه بل ولا تغسيله
ولا تكفينه ولا تحنيطه على الأظهر، وإن وجد منه شئ لا يشتمل على العظم ولو
كان فيه القلب فالظاهر أنه لا يجب فيه أيضا شئ مما تقدم عدا الدفن والأحوط
أن يكون ذلك بعد اللف بخرقة.
(صلاة ليلة الدفن)
روى الشيخ الكفعمي عن ابن فهد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يأتي
على الميت أشد من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا فليصل
أحدكم ركعتين له يقرأ في الأولى بعد الحمد آية الكرسي وفي الثانية بعد الحمد
سورة القدر عشر مرات، فيقول بعد السلام: اللهم صلى على محمد وآل محمد
وابعث ثوابها إلى قبر فلان ويسمي الميت ورويت لهذه الصلاة كيفية أخرى
أيضا.
63

(غسل مس الميت)
يجب الغسل على من مس الميت بعد برده وقبل اتمام غسله، ولا فرق بين
أن يكون المس مع الرطوبة أو بدونها، كما لا فرق في الممسوس والماس بين أن
يكون مما تحله الحياة وما لا تحله كالسن والظفر، نعم لا يبعد عدم العبرة بالشعر
سواء كان ماسا أو ممسوسا، ولا يختص الوجوب بما إذا كان الميت مسلما، فيجب
في مس الميت الكافر أيضا، بل ولا فرق في المسلم بين من يجب تغسيله ومن لا
يجب كالمقتول في المعركة في جهاد أو دفاع عن الاسلام أو المقتول بقصاص أو
رجم بعد الاغتسال على الأحوط فيهما.
(مسألة 125): يجوز لمن عليه غسل المس دخول المساجد والمشاهد
والمكث فيها وقراءة العزائم، نعم لا يجوز له مس كتابة القرآن ونحوها مما لا يجوز
للمحدث ولا يصح له كل عمل مشروط بالطهارة كالصلاة إلا بالغسل
والأحوط ضم الوضوء إليه إذا كان محدثا بالأصغر وإن كان الأظهر عدم وجوبه.
(مسألة 126): لا يجب الغسل بمس القطعة المبانة من الميت أو الحي
وإن كانت مشتملة على العظم واللحم معا على الأظهر وإن كان الغسل
أحوط.
(مسألة 127): إذا يمم الميت بدلا عن تغسيله لعذر فالظاهر وجوب
الغسل بمسه.
64

(الأغسال المستحبة)
قد ذكر الفقهاء قدس الله أسرارهم كثيرا من الأغسال المستحبة ولكنه لم
يثبت استحباب جملة منها، والثابت منها ما يلي:
(1) غسل الجمعة وهو من المستحبات المؤكدة، ووقته من طلوع الفجر
إلى الغروب والأفضل الاتيان به قبل الزوال والأحوط الأولى أن يؤتى به فيما بين
الزوال إلى الغروب من دون قصد الأداء والقضاء، ويجوز قضاؤه إلى غروب يوم
السبت، ويجوز تقديمه يوم الخميس رجاء إذا خيف اعواز الماء يوم الجمعة،
وتستحب إعادته إذا وجد الماء فيه.
(2 - 7) غسل الليلة الأولى وليلة السابع عشر والتاسع عشر والحادي
والعشرين والثالث والعشرين والرابع والعشرين من شهر رمضان المبارك.
(8 - 9) غسل يومي العيدين الفطر والأضحى، ووقته من طلوع الفجر
إلى غروب الشمس على الأظهر، والأفضل أن يؤتى به قبل صلاة العيد.
(10 - 11) غسل اليوم الثامن والتاسع من ذي الحجة الحرام والأفضل
في اليوم التاسع أن يؤتى به عند الزوال.
(12) غسل الاحرام.
(13) غسل دخول الحرم المكي.
(14) غسل دخول مكة.
(15) غسل زيارة الكعبة المشرفة.
65

(16) غسل دخول الكعبة المشرفة.
(17) غسل النحر والذبح.
(18) غسل الحلق.
(19) غسل دخول حرم المدينة المنورة.
(20) غسل دخول المدينة المنورة.
(21) غسل دخول مسجد النبي صلى الله عليه وآله.
(22) الغسل لوداع قبر النبي صلى الله عليه وآله.
(23) غسل المباهلة مع الخصم.
(24) غسل الاستخارة.
(25) غسل الاستسقاء.
(26) غسل من مس الميت بعد تغسيله.
والأظهر أن هذه الأغسال تجزئ عن الوضوء، وأما غيرها فيؤتى بها
رجاء، ولا بد معها من الوضوء فنذكر جملة منها:
(1) الغسل في ليالي الافراد من شهر رمضان المبارك وتمام ليالي العشرة
الأخيرة.
(2) غسل آخر في الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك قريبا
من الفجر.
(3) غسل الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام.
(4) غسل يوم عيد النيروز.
66

(5) غسل يوم النصف من شعبان.
(6) الغسل في أول رجب وآخره ونصفه ويوم المبعث وهو السابع
والعشرون منه.
(7) الغسل لزيارة كل واحد من المعصومين عليهم السلام من قريب أو
بعيد.
(8) غسل اليوم الخامس والعشرين من ذي القعدة.
67

(أحكام الجبائر)
الجبيرة هي: (ما يوضع على العضو من الألواح أو الخرق ونحوها إذا
حدث فيه كسر أو جرح أو قرح) وفي ذلك صورتان:
(1) أن يكون شئ من ذلك في مواضع الغسل كالوجه واليدين.
(2) أن يكون في مواضع المسح كالرأس والرجلين، وعلى التقديرين فإن
لم يكن في غسل الموضع أو مسحه ضرر أو حرج وجب غسل ما يجب غسله
ومسح ما يجب مسحه، وأما إذا استلزم شيئا من ذلك ففيه صور:
(الأولى): أن يكون الكسر أو الجرح أو القرح في أحد مواضع الغسل،
ولم تكن في الموضع جبيرة بأن كان مكشوفا، ففي هذه الصورة يجب غسل ما
حول الجرح والقرح والأولى مع ذلك أن يضع خرقة على الموضع ويمسح عليها
وأن يمسح على نفس الموضع أيضا إذا تمكن من ذلك وأما الكسر المكشوف من
غير أن تكون فيه جراحة فالمتعين فيه التيمم.
(الثانية): أن يكون الكسر أو الجرح أو القرح في أحد مواضع الغسل،
وكانت عليه جبيرة ففي هذه الصورة يغسل ما حوله ويمسح على الجبيرة ولا
يجزي غسل الجبيرة عن مسحها على الأقوى.
(الثالثة): أن يكون شئ من ذلك في أحد مواضع المسح وكانت عليه
جبيرة ففي هذه الصورة يتعين المسح على الجبيرة.
(الرابعة): أن يكون شئ من ذلك في أحد مواضع المسح ولم تكن عليه
جبيرة والأظهر في هذه الصورة تعين التيمم.
68

(مسألة 128): يعتبر في الجبيرة أمران:
(1) طهارة ظاهرها فإذا كانت الجبيرة نجسة لم يصلح أن يمسح عليها
فإن أمكن تطهيرها أو تبديلها ولو بوضع خرقة طاهرة عليها بنحو تعد جزء منها
وجب ذلك فيمسح عليها ويغسل أطرافها، وإن لم يكن اكتفى بغسل
أطرافها، هذا إذا لم تزد الجبيرة على الجرح بأزيد من المقدار المتعارف، وأما لو
زادت عليه فإن أمكن رفعها، رفعها وغسل المقدار الصحيح ثم وضع عليها
الجبيرة الطاهرة أو طهرها ومسح عليها، وإن لم يمكن ذلك وجب عليه التيمم
إن لم تكن الجبيرة في مواضعه وإلا فالأحوط الجمع بين الوضوء والتيمم.
(2) إباحتها، فلا يجوز المسح عليها إذا لم تكن مباحة تكليفا وكذا وضعا
على الأحوط، وإذا كان ظاهرها مباحا وباطنها مغصوبا فإن لم يعد مسح الظاهر
تصرفا فيه لم يضر وإلا لزم رفعها وتبديلها أو استرضاء مالكها، وإن لم يتمكن
منهما فالأحوط الجمع بين الوضوء بالاقتصار على غسل أطرافه وبين التيمم.
(مسألة 129): يعتبر في جواز المسح على الجبيرة أمور:
(الأول): أن يكون في العضو كسر أو جرح أو قرح، فإذا لم يتمكن من
غسله أو مسحه لأمر آخر، كنجاسته مع تعذر إزالتها، أو لزوم الضرر من
استعمال الماء أو لصوق شئ - كالقير - بالعضو ولم يتمكن من إزالته بغير حرج
ففي جميع ذلك لا يجري حكم الجبيرة بل يجب التيمم، نعم إذا كان اللاصق
بالعضو دواء يجري عليه حكم الجبيرة ولو كان اللاصق غيره وكان في مواضع
التيمم تعين الجمع بينه وبين الوضوء.
(الثاني): أن لا تزيد الجبيرة على المقدار المتعارف، وإلا وجب رفع المقدار
الزائد وغسل الموضع السليم تحته إذا كان مما يغسل ومسحه إذا كان مما يمسح،
وإن لم يتمكن من رفعه أو كان فيه حرج أو ضرر على الموضع السليم نفسه سقط
69

الوضوء ووجب التيمم إذا لم تكن الجبيرة في مواضعه وإلا جمع بينه وبين
الوضوء، ولو كان رفعه وغسل الموضع السليم أو مسحه يستلزم ضررا على نفس
الموضع المصاب فالأظهر عدم سقوط الوضوء ووجوب المسح على الجبيرة.
(الثالث): أن يكون الجرح أو نحوه في نفس مواضع الوضوء فلو كان في
غيرها وكان مما يضر به الوضوء تعين عليه التيمم، وكذلك الحال فيما إذا كان
الجرح أو نحوه في جزء من أعضاء الوضوء وكان مما يضر به غسل جزء آخر اتفاقا
دون أن يكون مما يستلزمه عادة، كما إذا كان الجرح في إصبعه واتفق أنه يتضرر
بغسل الذراع، فإنه يتعين التيمم في مثل ذلك أيضا.
(مسألة 130): إذا كانت الجبيرة مستوعبة للعضو كما إذا كان تمام الوجه
أو إحدى اليدين أو الرجلين مجبرا جرى عليها حكم الجبيرة غير المستوعبة على
الأظهر، وأما مع استيعاب الجبيرة لتمام الأعضاء أو معظمها فالأحوط الجمع
بين الوضوء مع المسح على الجبيرة وبين التيمم.
(مسألة 131): إذا كانت الجبيرة في الكف مستوعبة لها ومسح
المتوضئ عليها بدلا عن غسل العضو فاللازم أن يمسح رأسه ورجليه بهذه
الرطوبة لا برطوبة خارجية، والأحوط الأولى فيما إذا لم تكن مستوعبة لها أن
يسمح بغير موضع الجبيرة.
(مسألة 132): إذا برئ ذو الجبيرة في ضيق الوقت أجزأه وضوؤه سواء
برئ في أثناء الوضوء أم بعده قبل الصلاة أو في أثنائها أو بعدها، ولا تجب عليه
إعادته لغير ذات الوقت كالصلوات الآتية، وكذلك الحال لو برئ في السعة
بعد اتمام الوضوء - على الأظهر - دون ما إذا برئ في أثنائه.
(مسألة 133): إذا اعتقد الضرر من غسل العضو الذي فيه جرح أو
نحوه فمسح على الجبيرة ثم تبين عدم الضرر فالظاهر صحة وضوئه، وإذا
70

اعتقد عدم الضرر فغسل ثم تبين أنه كان مضرا وكانت وظيفته الجبيرة ففي
الصحة اشكال وكذا إذا اعتقد الضرر ولكن ترك الجبيرة وتوضأ ثم تبين عدم
الضرر وإن وظيفته غسل البشرة، وأما إذا اعتقد الضرر في غسل العضو لاعتقاد
أن فيه قرحا أو جرحا أو كسرا فعمل بالجبيرة ثم تبين سلامة العضو فالظاهر
بطلان وضوئه.
(مسألة 134): يجري حكم الجبيرة في الأغسال - غير غسل الميت - كما
كان يجري في الوضوء ولكنه يختلف عنه في الجملة، فإن المانع عن الغسل إذا
كان قرحا أو جرحا - سواء كان المحل مجبورا أم مكشوفا - تخير المكلف بين
الغسل والتيمم، وإذا اختار الغسل وكان المحل مكشوفا فالأحوط أن يضع
خرقة على موضع القرح أو الجرح ويمسح عليها، وإن كان الأظهر جواز
الاجتزاء بغسل أطرافه، وأما إذا كان المانع كسرا فإن كان محل الكسر مجبورا
تعين عليه الاغتسال مع المسح على الجبيرة، وأما إذا كان مكشوفا، أو لم يتمكن
من المسح على الجبيرة تعين عليه التيمم.
71

(التيمم وأحكامه)
يصح التيمم بدلا عن الغسل أو الوضوء في سبعة مواضع:
(الأول): ما إذا لم يجد من الماء مقدار ما يفي بوظيفته الأولية من غسل
أو وضوء ولو لكون الموجود منه فاقدا لبعض الشرائط المعتبرة فيه، ولا يسوغ
للمسافر أن يتيمم بمجرد عدم علمه بوجود الماء لديه، بل لا بد له من احراز
عدمه بالفحص عنه في مظانه إلى أن يحصل له الاطمينان بالعدم، فلو احتمل
وجود الماء في رحله أو في القافلة أو عند بعض المارة وجب عليه الفحص عنه،
ولو كان في فلاة وجب عليه الفحص فيما يقرب من مكانه وفي الطريق،
والأحوط الفحص في المساحة التي حوله من الجوانب الأربعة غلوة سهم في
الأرض الحزنة (الوعرة) وغلوة سهمين في الأرض السهلة، ولا يجب الفحص
أكثر من ذلك، ويسقط وجوب الفحص عند تضييق الوقت بمقدار ما يتضيق
منه وكذا إذا خاف على نفسه أو ماله من لص ونحوه أو كان في الفحص حرج
لا يتحمله.
(مسألة 135): إذا تيمم من غير فحص - فيما يلزم فيه الفحص - ثم
صلى في سعة الوقت برجاء المشروعية ففي صحة تيممه وصلاته اشكال وإن
تبين عدم الماء.
(مسألة 136): إذا انحصر الماء الموجود عنده بما يحرم التصرف فيه كما
إذا كان مغصوبا لم يجب الوضوء ووجب التيمم والماء الموجود حينئذ بحكم
المعدوم.
72

(الثاني): عدم تيسر الوصول إلى الماء الموجود إما للعجز عنه تكوينا لكبر
ونحوه أو لتوقفه على ارتكاب عمل محرم كالتصرف في الإناء المغصوب أو لخوفه
على نفسه أو عرضه أو ماله المعتد به من سبع أو عدو أو لص أو ضياع أو غير
ذلك، ولو انحصر الماء المباح بما كان في أواني الذهب والفضة - حيث يحرم
استعمالها في الطهارة عن الحدث والخبث وعلى الأحوط كما تقدم في المسألة (28) -
فإن أمكن تخليصه منها بما لا يعد استعمالا في العرف لزم وإلا تعين عليه
التيمم.
(الثالث): ما إذا خاف ضررا على نفسه من استعمال الماء، كما إذا خاف
حدوث مرض أو امتداده أو شدته، وإنما يشرع التيمم في هذه الصورة إذا لم
تكن وظيفته الطهارة المائية مع المسح على الجبيرة وإلا وجبت، وقد مر تفصيل
ذلك.
(الرابع): خوف العطش على نفسه أو على غيره ممن يرتبط به ويكون من
شأنه التحفظ عليه والاهتمام بشأنه ولو من غير النفوس المحترمة انسان كان أو
حيوانا، ولو خاف العطش على غيره ممن لا يهمه أمره ولكن يجب عليه حفظه
شرعا اندرج ذلك في غيره من المسوغات.
(الخامس): استلزام الحرج والمشقة إلى حد يصعب تحمله عليه، سواء
كان في تحصيل الماء كما إذا توقف على الاستيهاب الموجب لذله وهوانه، أو على
شرائه بثمن يضر بحاله - وإلا وجب الشراء وإن كان بأضعاف قيمته - أم في
نفس استعماله لشدة برودته أو لتغيره بما يتنفر طبعه منه أو فيما يلازم استعماله كما
لو كان قليلا لا يكفي للجمع بين استعماله في الوضوء وبين تبليل الرأس به مع
فرض حاجته إليه لشدة حرارة الجو مثلا بحيث يقع لولاه في الحرج والمشقة.
(السادس): ما إذا استلزم تحصيل الماء أو استعماله وقوع الصلاة أو
73

بعضها خارج الوقت.
(السابع): أن يكون مكلفا بواجب يتعين صرف الماء الموجود فيه مثل
إزالة الخبث عن المسجد فإنه يجب عليه التيمم وصرف الماء في تطهيره وكذا إذا
كان بدنه أو لباسه متنجسا ولم يكف الماء الموجود عنده للطهارة الحدثية والخبثية
معا فإنه يتعين صرفه في إزالة الخبث وإن كان الأولى فيه أن يصرف الماء في إزالة
الخبث أولا ثم يتيمم بعد ذلك.
(ما يصح به التيمم)
يجوز عند تعذر الطهارة المائية التيمم بمطلق وجه الأرض من تراب أو
رمل أو حجر أو مدر، ومن ذلك أرض الجص والنورة وكذا الجص المطبوخ
والآجر والخرف على الأظهر، والأحوط الأولى تقديم التراب على غيره مع
الامكان، والأظهر جواز التيمم بالغبار المجتمع على الثوب ونحوه إذا عد ترابا
دقيقا بأن كان له جرم بنظر العرف وإن كان الأحوط تقديم غيره عليه، وإذا تعذر
التيمم بالأرض وما يلحق بها تيمم بالوحل وهو الطين الذي يلصق باليد
والأحوط عدم إزالة شئ منه إلا ما يتوقف على إزالته صدق المسح باليد، وإذا
تعذر التيمم بالوحل أيضا تعين التيمم بالشئ المغبر أي ما يكون الغبار كامنا
فيه أو لا يكون له جرم بحيث يصدق عليه التراب الدقيق - كما تقدم - وإذا عجز
عنه أيضا كان فاقدا للطهور والأظهر حينئذ سقوط الصلاة في الوقت ولزوم
القضاء خارجه.
(مسألة 137): إذا كان طين وتمكن من تجفيفه وجب ذلك ولا تصل معه
النوبة إلى التيمم بالطين أو الشئ المغبر، ولا بأس بالتيمم بالأرض الندية وإن
كان الأولى أن يتيمم باليابسة مع التمكن.
74

(مسألة 138): الأحوط - لو لم يكن أقوى - اعتبار علوق شئ مما يتيمم
به باليد فلا يجزي التيمم على مثل الحجر الأملس الذي لا غبار عليه.
(مسألة 139): لا يجوز التيمم بما لا يصدق عليه اسم الأرض وإن كان
أصله منها كالنباتات وبعض المعادن كالذهب والفضة ورماد غير الأرض ونحوها،
وإذا اشتبه ما يصح به التيمم بشئ من ذلك لزم تكرار التيمم ليتيقن معه بالامتثال.
(كيفية التيمم وشرائطه)
(مسألة 140): يجب في التيمم أمور:
(1) ضرب باطن اليدين على الأرض ولا يبعد كفاية الوضع أيضا،
والأحوط أن يفعل ذلك دفعة واحدة.
(2) مسح الجبهة - وكذا الجبينين على الأحوط - باليدين من قصاص
الشعر إلى طرف الأنف الأعلى وإلى الحاجبين والأحوط الأولى مسحهما أيضا.
(3) المسح بباطن اليد اليسرى تمام اليد اليمنى من الزند إلى
أطراف الأصابع، ثم المسح بباطن اليمنى تمام ظاهر اليسرى، والأظهر
الاجتزاء بضربة واحدة سواء كان بدلا عن الوضوء أو الغسل، والأحوط أن
يضرب بيديه مرة أخرى على الأرض بعد الفراغ، فمسح ظاهر يده اليمنى
بباطن اليسرى، ثم يسمح اليسرى ظاهر اليسرى بباطن اليمنى قاصدا بذلك ادراك
الواقع، وكذا الكلام في الوضع.
(مسألة 141): يشترط في التيمم أمور:
(1) أن يكون المكلف معذورا عن الطهارة المائية، فلا يصح التيمم في
موارد الأمر بالوضوء أو الغسل.
75

(2) إباحة ما يتيمم به.
(3) طهارته.
(4) أن لا يمتزج بغيره مما لا يصح التيمم به كالتبن أو الرماد، نعم لا
بأس بذلك إذا كان المزيج مستهلكا.
(5) طهارة أعضاء التيمم على الأحوط والأظهر عدم اعتبارها ما لم تكن
النجاسة حائلة أو متعدية إلى ما يتيمم به.
(6) أن لا يكون حائل بين الماسح والممسوح.
(7) أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل على الأحوط.
(8) النية على تفصيل مر في الوضوء مقارنا بها الضرب أو الوضع على
الأحوط.
(9) الترتيب بين الأعضاء على ما مر.
(10) الموالاة والمناط فيها أن لا يفصل بين الأفعال ما يخل بهيئته عرفا.
(11) المباشرة مع التمكن منها.
(12) أن يكون التيمم بعد دخول وقت الصلاة على الأحوط وإن كان
الأظهر صحته قبله أيضا مع عدم رجاء زوال العذر في الوقت، وإذا تيمم لأمر
واجب أو مستحب قبل الوقت ولم ينتقض تيممه حتى دخل وقت الصلاة لم
تجب عليه إعادة التيمم وجاز أن يصلي مع ذلك التيمم إذا كان عذره باقيا.
(مسألة 142): لا يجوز التيمم للصلاة الموقتة مع العلم بارتفاع العذر
والتمكن من الطهارة المائية قبل خروج الوقت، بل لا يجوز التيمم مع عدم
اليأس عن زوال العذر أيضا، وأما مع اليأس منه فلا اشكال في جواز البدار ولو
76

صلى معه فالأظهر عدم وجوب إعادتها حتى زوال العذر في الوقت.
(مسألة 143): إذا تيمم لصلاة فصلاها ثم دخل وقت صلاة أخرى
فمع عدم رجاء زوال العذر والتمكن من الطهارة المائية تجوز له المبادرة إليها في
سعة وقتها ولا يجب عليه إعادتها لو ارتفع عذره بعد ذلك، وأما مع رجاء زوال
العذر فالأحوط التأخير، ولو وجد الماء في أثناء الصلاة مضى في صلاته وصحت
مطلقا على الأظهر، نعم الأحوط الأولى الاستيناف مع الطهارة المائية إذا كان
الوجدان قبل الركوع بل أو بعده ما لم يتم الركعة الثانية.
(مسألة 144): إذا صلى مع التيمم الصحيح لعذر، ثم ارتفع عذره في
الوقت أو خارجه صحت صلاته ولا تجب إعادتها.
(مسألة 145): إذا تيمم المحدث بالحدث الأكبر لعذر، ثم أحدث
بالحدث الأصغر لم ينتقض تيممه فيتوضأ إن أمكن وإلا فيتيمم بدلا عن الوضوء
والأحوط الأولى أن يجمع بين التيمم بدلا عن الغسل وبين الوضوء مع
التمكن، وأن يأتي بتيممه بقصد ما في الذمة إذا لم يتمكن من الوضوء.
(دائم الحدث)
من استمر به البول أو الغائط أو النوم ونحو ذلك يختلف حكمه
باختلاف الصور الآتية:
(الأولى): أن يجد فترة في جزء من الوقت يمكنه أن يأتي فيه بالصلاة
متطهرا - ولو مع الاقتصار على واجباتها - ففي هذه الصورة يجب ذلك
ويلزمه التأخير سواء كانت الفترة في أثناء الوقت أو في آخره، نعم إذا كانت الفترة
في أول الوقت أو في أثنائه - ولم يصل حتى مضى زمان الفترة - صحت صلاته
إذا عمل بوظيفته الفعلية وإن أثم بالتأخير.
77

(الثانية): أن لا يجد فترة أصلا أو تكون له فترة يسيرة لا تسع الطهارة
وبعض الصلاة ففي هذه الصورة يتوضأ أو يغتسل أو يتيمم حسبما يقتضيه
تكليفه الفعلي ثم يصلي ولا يعتني بما يخرج منه بعد ذلك قبل الصلاة أو في أثنائها
وهو باق على طهارته - ما لم يصدر منه حدث غير حدثه المبتلى به أو نفس هذا
الحدث غير مستند إلى مرضه ولو قبل حصول البرء - وتصح منه الصلوات
الأخرى أيضا الواجبة والمستحبة، والأحوط الأولى أن يتطهر لكل صلاة وأن
يبادر إليها بعد الطهارة.
(الثالثة): أن تكون له فترة تسع الطهارة وبعض الصلاة، والأحوط في
هذه الصورة تحصيل الطهارة والآتيان بالصلاة في الفترة ولكن لا يجب تجديد
الطهارة إذا فاجأه الحدث أثناء الصلاة أو بعدها إلا أن يحدث حدثا آخر
بالتفصيل المتقدم في الصورة الثانية، والأحوط ولا سيما للمبطون أن يجدد
الطهارة كلما فاجأه الحدث أثناء صلاته ويبني عليها ما لم يكن التكرار كثيرا
بحيث يكون موجبا للحرج نوعا أو لفوات الموالاة المعتبرة بين أجزاء الصلاة
- بسبب استغراق الحدث المفاجئ أو تجديد الطهارة أو هما معا زمنا طويلا - كما
أن الأحوط إذا أحدث بعد الصلاة أن يجدد الطهارة لصلاة أخرى.
(مسألة 146): يجب على المسلوس والمبطون أن يتحفظ من تعدي
النجاسة إلى بدنه ولباسه مع القدرة عليه بوضع كيس أو نحوه، ولا يجب تبديله
لكل صلاة وإن وجب على الأحوط تطهير ما تنجس من بدنه لكل صلاة مع
التمكن منه كما في غير الصورة الثانية من الصور المتقدمة.
(مسألة 147): إذا احتمل حصول فترة يمكنه الاتيان فيها بالصلاة
متطهرا لم يجب تأخيرها إلى أن ينكشف له الحال، نعم لو بادر إليها وانكشف
بعد ذلك وجود الفترة لزمته إعادتها على الأحوط، وكذلك الحال فيما إذا اعتقد
78

عدم الفترة، ثم انكشف خلافه، نعم لا يضر بصحة الصلاة وجود الفترة خارج
الوقت، أو برؤه من مرضه فيه.
79

(النجاسات وأحكامها)
النجاسات عشر:
(1 - 2) البول والغائط من الانسان ومن كل حيوان لا يحل أكل لحمه
بالأصل أو بالعارض كالجلال وموطوء الانسان، إذا كانت له نفس سائلة، وأما
محلل الأكل فبوله وخرؤه طاهران وكذا خرء ما ليست له نفس سائلة، ولا يترك
الاحتياط بالاجتناب عن بوله إذا عد ذا لحم عرفا، ولا بأس ببول الطائر وخرئه
وإن كان مما لا يؤكل لحمه على الأظهر، والأحوط الاجتناب ولا سيما من بول
الخفاش.
(3) المني من الانسان ومن كل حيوان له نفس سائلة، وإن كان مأكول
اللحم على الأحوط.
(4) ميتة الانسان وكل حيوان له نفس سائلة وربما يستثنى منها الشهيد
ومن اغتسل لاجراء الحد عليه أو القصاص منه ولا يخلو عن وجه، ولا بأس بما
لا تحله الحياة من أجزاء الميتة كالوبر والصوف والشعر والظفر والقرن والعظم
ونحو ذلك، وفي حكم الميتة القطعة المبانة من الحي إذا كانت مما تحله الحياة ولا
بأس بما ينفصل من الأجزاء الصغار كالفالول والبثور والجلدة التي تنفصل من
الشفة، أو من بدن الأجرب ونحو ذلك، كما لا بأس باللبن في الضرع
والإنفحة من الحيوان الميتة ولا ينجس اللبن بملاقاة الضرع النجس وإن كان
الأحوط الاجتناب عنه خصوصا في غير مأكول اللحم، وأما الإنفحة فيجب
غسل ظاهرها لملاقاته أجزاء الميتة مع الرطوبة.
(مسألة 148): يطهر الميت المسلم بتغسيله، فلا يتنجس ما يلاقيه مع
80

الرطوبة وقد تقدم في ص 64 وجوب غسل مس الميت بملاقاته بعد برده وقبل
اتمام تغسيله، وإن كانت الملاقاة بغير رطوبة.
(5) الدم الخارج من الانسان ومن كل حيوان له نفس سائلة، ويستثنى
من ذلك الدم المتخلف في الحيوان المذكى بالذبح أو النحر فإنه محكوم بالطهارة
إذا خرج الدم بالمقدار المتعارف على تفصيل يأتي في المسألة 1173.
(مسألة 149): الدم المتكون في صفار البيض طاهر على الأقوى، وأما
دم العلقة المستحيلة من النطفة فنجس على الأحوط.
(6 - 7) الكلب والخنزير البريان بجميع أجزائهما.
(8) الكافر، وهو من لم ينتحل دينا أو انتحل دينا غير الاسلام أو انتحل
الاسلام وجحد ما يعلم أنه من الدين الاسلامي بحيث رجع جحده إلى إنكار
الرسالة ولو في الجملة بأن يرجع إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وآله في بعض ما بلغه عن
الله تعالى في العقائد - كالمعاد - أو في غيرها كالأحكام الفرعية، وأما إذا لم يرجع
جحده إلى ذلك بأن كان بسبب بعده عن محيط المسلمين وجهله بأحكام هذا
الدين فلا يحكم بكفره.
وأما الفرق الضالة المنتحلة للاسلام فتختلف الحال فيهم:
(فمنهم) الغلاة وهم على طوائف مختلفة العقائد، فمن كان منهم
يذهب في غلوه إلى حد ينطبق عليه التعريف المتقدم للكافر حكم بنجاسته دون
غيره.
و (منهم) النواصب وهم المعلنون بعداوة أهل البيت عليهم السلام ولا
اشكال في نجاستهم.
و (منهم) الخوارج وهم على قسمين ففيهم من يعلن بغضه لأهل البيت
81

(ع) فيندرج في النواصب، وفيهم من لا يكون كذلك وإن عد منهم - لاتباعه
فقههم - فلا يحكم بنجاسته، هذا كله في غير الكافر الكتابي والمرتد.
وأما الكتابي فالمشهور نجاسته ولكن لا يبعد الحكم بطهارته وإن كان
الاحتياط لا ينبغي تركه، وأما المرتد فيلحقه حكم الطائفة التي لحق بها.
(مسألة 150): لا فرق في نجاسة الكافر والكلب والخنزير بين الحي
والميت ولا بين ما تحله الحياة من أجزائه وغيره.
(9) الخمر، ويلحق به كل مسكر مائع بالأصالة على الأحوط الأولى،
والأظهر طهارة الاسبرتو بجميع أنواعه سواء في ذلك المتخذ من الأخشاب
وغيره.
(مسألة 151): العصير العنبي لا ينجس بغليانه بنفسه أو بالنار أو بغير
ذلك، ولكنه يحرم شربه ما لم يذهب ثلثاه بالنار أو بغيرها، فإذا ذهب ثلثاه صار
حلالا إذا لم يحرز صيرورته مسكرا - كما ادعي فيما إذا غلى بنفسه - وإلا فلا يحل
إلا بالتخليل، وأما عصير التمر أو الزبيب فالأظهر أنه لا ينجس ولا يحرم
بالغليان ولا بأس بوضعهما في المطبوخات مثل المرق والمحشي والطبيخ وغيرها.
(مسألة 152): الدن الدسم لا بأس بأن يجعل فيه العنب للتخليل إذا
لم يعلم اسكاره بعد الغليان، أو علم وكانت الدسومة خفيفة لا تعد عرفا من
الأجسام، وأما إذا علم اسكاره وكانت الدسومة معتدا بها، فالظاهر أنه يبقى
على نجاسته، ولا يطهر بالتخليل.
(مسألة 153): الفقاع - وهو قسم من الشراب يتخذ من الشعير غالبا
ولا يظهر اسكاره - يحرم شربه بلا اشكال والأحوط أن يعامل معه معاملة النجس.
(10) عرق الإبل الجلالة، وكذلك غيرها من الحيوان الجلال فإنه نجس
على الأظهر.
82

(مسألة 154): الأظهر طهارة عرق الجنب من الحرام وجواز الصلاة
فيه، وإن كان الأحوط الاجتناب عنه فيما إذا كان التحريم ثابتا لموجب الجنابة
كالزنا واللواط وكذا وطء الحائض مع العلم بالحال وأما مع الجهل أو الغفلة فلا
اشكال في طهارة عرقه وفي جواز الصلاة فيه.
(مسألة 155): ينجس الملاقي للنجس مع الرطوبة المسرية في أحدهما،
وكذلك الملاقي للمتنجس بملاقاة النجس بل وكذا الملاقي للمتنجس بملاقاة
المتنجس فيما لم تتعدد الوسائط بينه وبين عين النجاسة وإلا ففي تنجسه نظر بل
منع وإن كان هو الأحوط، مثلا إذا لاقت اليد اليمنى البول فهي تتنجس فإذا
لاقتها اليد اليسرى مع الرطوبة يحكم بنجاستها أيضا وكذا إذا لاقت اليد
اليسرى مع الرطوبة شيئا آخر كالثوب فإنه يحكم بنجاسته، ولكن إذا لاقى
الثوب شئ آخر مع الرطوبة سواء كان مائعا أم غيره فالحكم بنجاسته محل
اشكال بل منع.
(ما تثبت به الطهارة أو النجاسة)
كل ما شك في نجاسته مع العلم بطهارته سابقا فهو طاهر، وكذلك فيما
إذا لم تعلم حالته السابقة، ولا يجب الفحص عما شك في طهارته ونجاسته وإن
كان الفحص لم يحتج إلى مؤنة وأما إذا شك في طهارته بعد العلم بنجاسته سابقا
فهو محكوم بالنجاسة.
وتثبت النجاسة بالعلم الوجداني وبالاطمينان الحاصل من المناشئ
العقلائية وبالبينة العادلة بشرط أن يكون مورد الشهادة نفس السبب وباخبار
ذي اليد إذا لم يكن متهما، وفي ثبوتها باخبار العدل الواحد فضلا عن مطلق
الثقة اشكال مالك يوجب الاطمينان، ولا تثبت النجاسة بالظن وتثبت الطهارة
بما تثبت به النجاسة.
83

(المطهرات)
المطهرات اثنا عشر:
(الأول) الماء المطلق، وهو الذي يصح اطلاق الماء عليه من دون إضافته
إلى شئ، وهو على أقسام: الجاري، ماء المطر، ماء البئر الراكد الكثير (الكر
وما زاد)، الراكد القليل (ما دون الكر).
(مسألة 156): الماء المضاف - وهو الذي لا يصح اطلاق الماء عليه من
دون إضافة كماء العنب وماء الرمان وماء الورد ونحو ذلك - لا يرفع حدثا ولا
خبثا، ويتنجس بملاقاة النجاسة ولا أثر لكريته في عاصميته، ويستثنى من
ذلك ما إذا جرى من العالي إلى السافل أو من السافل إلى العالي بدفع، ففي
مثل ذلك ينجس المقدار الملاقي للنجس فقط مثلا إذا صب ما في الإبريق من
ماء الورد على يد كافر محكوم بالنجاسة لم يتنجس ما في الإبريق وإن كان متصلا
بما في يده.
(مسألة 157): الماء الجاري لا ينجس بملاقاة النجس وإن كان قليلا
إلا إذا تغير أحد أوصافه (اللون والطعم والريح) والعبرة بالتغير بأوصاف
النجس ولا بأس بالتغير بأوصاف المتنجس، ويعتبر في صدق عنوان (الجاري)
وجود مادة طبيعية له والجريان ولو بعلاج والدوام ولو في الجملة، والأظهر أنه لا
يعتبر فيه اتصاله بالمادة فلو كانت المادة من فوق تترشح وتتقاطر كفى ذلك في
عاصميته.
(مسألة 158): يطهر الماء المتنجس - غير المتغير بالنجاسة فعلا -
84

باتصاله بالماء الجاري، أو بغيره من المياه المعتصمة كالماء البالغ كرا وماء البئر
والمطر بشرط امتزاجه به بمقدار معتدا به.
(مسألة 159): المطر معتصم لا ينجس بمجرد ملاقاة النجس إذا نزل
عليه ما لم يتغير أحد أوصافه - على ما تقدم آنفا في الماء الجاري - وكذا لو نزل
أولا على ما يعد ممرا له عرفا - ولو لأجل الشدة والتتابع - كورق الشجر ونحوه،
وأما إذا نزل على ما لا يعد ممرا فاستقر عليه أو نزا منه ثم وقع على النجس كان
محكوما بالنجاسة.
(مسألة 160): لا يتنجس ماء البئر بملاقاة النجاسة وإن كان قليلا،
نعم إذا تغير أحد أوصافه المتقدمة يحكم بنجاسته ويطهر بزوال تغيره بنفسه
بشرط امتزاجه بما يخرج من المادة على الأحوط أو بنزح مقدار يزول به التغير.
(مسألة 161): الماء الراكد ينجس بملاقاة النجس وكذا المتنجس - على
التفصيل المتقدم في المسألة 155 - إذا كان دون الكر، إلا أن يكون جاريا على
النجس من العالي إلى السافل أو من السافل إلى العالي بدفع فلا ينجس حينئذ
إلا المقدار الملاقي للنجس كما تقدم آنفا في الماء المضاف، وأما إذا كان كرا فما
زاد فهو لا ينجس بملاقاة النجس فضلا عن المتنجس إلا إذا تغير أحد أوصافه
- على ما تقدم - وفي مقدار الكر بحسب المساحة أقوال والمشهور اعتبار أن يبلغ
مكعبه ثلاثة وأربعين شبرا إلا ثمن شبر وهو الأحوط، وإن كان الأظهر كفاية
بلوغه ستة وثلاثين شبرا، وأما تقديره بحسب الوزن فلا يخلو عن اشكال.
(مسألة 162): يعتبر في التطهير بالماء القليل - في غير المتنجس ببول
الرضيع الذي سيأتي بيان حكمه - مضافا إلى استيلاء الماء على المتنجس على
نحو تنحل فيه القذارة عرفا - حقيقة أو اعتبارا - مروره عليه وتجاوزه عنه على
النحو المتعارف بأن لا يبقى منه فيه إلا ما يعد من توابع المغسول، وهذا ما يعبر
عنه بلزوم انفصال الغسالة، فإذا كان باطن الشئ متنجسا وكان مما ينفذ فيه
85

الماء بوصف الاطلاق فلا بد في تطهيره من اخراج الغسالة منه بالضغط عليه
بعصر أو غمز أو نحوهما أو بسبب تدافع الماء أو توالي الصب.
(مسألة 163): الغسالة بالمعنى المتقدم محكومة بالنجاسة مطلقا على
الأحوط حتى في الغسلة التي تتعقبها طهارة المحل أو الغسلة غير المزيلة لعين
النجاسة.
(مسألة 164): غسالة الاستنجاء محكومة بحكم سائر الغسالات ولكن
لا يجب الاجتناب عن ملاقيها بشروط:
(1) أن لا تتميز فيها عين النجاسة.
(2) أن لا تتغير بملاقاة النجاسة.
(3) أن لا تتعدى النجاسة من المخرج على نحو لا يصدق معها
الاستنجاء.
(4) أن لا تصيبها نجاسة أخرى من الداخل أو الخارج.
(مسألة 165): تختلف كيفية التطهير باختلاف المتنجسات وما تنجست
به والمياه وهذا تفصيله:
1 - اللباس أو البدن المتنجس بالبول يطهر بغسله في الماء الجاري مرة،
ولا بد من غسله مرتين إذا غسل في غيره كالكر والماء القليل، ويعتبر في الغسل
بالماء القليل انفصال الغسالة عنه كما مر في المسألة 162.
2 - الأواني المتنجسة بالخمر لا بد في طهارتها من الغسل ثلاث مرات،
سواء في ذلك الماء القليل وغيره والأولى أن تغسل سبعا.
3 - يكفي في طهارة المتنجس ببول الصبي - ما دام رضعا لم يتغذ ولم
يتجاوز عمره الحولين على الأحوط - صب الماء عليه بمقدار يحيط به ولا حاجة
86

معه إلى العصر أو ما بحكمه فيما إذا كان المتنجس لباسا أو نحوه، ولا يبعد
الحاق الصبية بالصبي في الحكم المذكور.
4 - الإناء المتنجس بولوغ الكلب فيما فيه من ماء أو غيره مما يصدق معه
أنه فضله وسؤره يغسل ثلاثا أولاهن بالتراب وغسلتان بعدها بالماء، وإذا لطع
الكلب الإناء أو شرب بلا ولوغ لقطع لسانه كان ذلك بحكم الولوغ في كيفية
التطهير إن بقي فيه شئ يصدق أنه سؤره بل مطلقا على الأظهر.
5 - الإناء المتنجس بولوغ الخنزير، أو بموت الجرذ فيه لا بد في طهارته
من غسله سبع مرات من غير فرق بين الماء القليل وغيره.
6 - إذا تنجس داخل الإناء - بغير الخمر وولوغ الكلب أو الخنزير وموت
الجرذ فيه من النجاسات - وجب في تطهيره غسله بالماء ثلاث مرات حتى في
الجاري أو الكر أو المطر على الأحوط إن لم يكن أقوى، ويجري هذا الحكم فيما
إذا تنجس الإناء بملاقاة المتنجس أيضا، ويدخل في ذلك ما إذا تنجس
بالمتنجس بالخمر أو بولوغ الكلب أو الخنزير أو موت الجرذ.
7 - يكفي في طهارة المتنجس - غير ما تقدم - أن يغسل بالماء مرة واحدة،
وإن كان قليلا، والأحوط الغسل مرتين، ولا بد في طهارة اللباس ونحوه من
انفصال الغسالة عند الغسل بالماء القليل كما مر في المسألة 162.
(مسألة 166): الماء القليل المتصل بالكر - وإن كان الاتصال بوساطة
أنبوب ونحوه - يجري عليه حكم الكر فلا ينفعل بملاقاة النجاسة، ويقوم مقام
الكر في تطهير المتنجس به، وفي كون الراكد المتصل بالجاري كالجاري في عدم
انفعاله بملاقاة النجس والمتنجس اشكال بل منع، فالحوض المتصل بالنهر
بساقية ينجس بالملاقاة إذا كان المجموع أقل من الكر.
(مسألة 167): إذا تنجس اللباس المصبوغ، يغسل كما يغسل غيره
فيطهر بالغسل بالماء الكثير إذا بقي الماء على اطلاقه إلى أن ينفذ إلى جميع أجزائه
87

ويستولي عليها، بل بالقليل أيضا إذا كان الماء باقيا على اطلاقه إلى أن يتم
عصره أو ما بحكمه، ولا ينافي في الفرضين التغير بوصف المتنجس مطلقا.
(مسألة 168): ما ينفذ الماء فيه بوصف الاطلاق ولكن لا يخرج عن
باطنه بالعصر وشبهه - كالحب والكوز ونحوهما - يكفي في طهارة أعماقه إن
وصلت النجاسة إليها أن يغسل بالماء الكثير ويصل الماء إلى ما وصلت إليه
النجاسة، ولا حاجة إلى أن يجفف أولا ثم يوضع في الكر أو الجاري، وفي
امكان تطهير باطنه بالماء القليل وجهان: والأحوط لو لم يكن الأقوى هو العدم.
(مسألة 169): إذا تنجس العجين أو الدقيق أمكن تطهيره بأن يخبز ثم
يوضع في الكر أو الجاري لينفذ الماء في جميع أجزائه وكذلك الحال في الحليب
المتنجس فإنه إذا صنع جبنا ووضع في الكر أو الجاري يحكم بطهارته إذا علم
بوصول الماء إلى جميع أجزائه ولكنه لا يخلو عن بعد.
(الثاني من المطهرات): الأرض، وهي تطهر باطن القدم والنعل بالمشي
عليها أو المسح بها، بشرط أن تزول عين النجاسة بهما، ولو زالت النجاسة قبل
ذلك ففي كفاية تطهير موضعها بالمسح بها أو المشي عليها اشكال، ويعتبر في
الأرض أن تكون طاهرة والأحوط وجوبا اعتبار جفافها كما أن الأحوط الاقتصار
على النجاسة الحادثة من الأرض النجسة سواء بالمشي عليها أو بغيره كالوقوف
عليها، ولا فرق في الأرض بين التراب والرمل والحجر، بل الظاهر كفاية
المفروشة بالآجر أو الجص أو النورة أو السمنت ولا تكفي المفروشة بالقير
ونحوه.
(الثالث من المطهرات): الشمس، وهي تطهر الأرض وما يستقر عليها
من البناء وفي الحاق ما يتصل بها من الأبواب والأخشاب والأوتاد والأشجار
وما عليها من الأوراق والثمار والخضروات والنباتات اشكال، نعم لا يبعد
88

الالحاق في الحصر والبواري سوى الخيوط التي تشتمل عليها، ويعتبر في التطهير
بالشمس - مضافا إلى زوال عين النجاسة وإلى الرطوبة المسرية - اليبوسة
المستندة إلى الاشراق عرفا وإن شاركها غيرها في الجملة كالريح.
(الرابع من المطهرات): الاستحالة، وهي تبدل شئ إلى شئ آخر
مختلفين في الصورة النوعية عرفا، ولا أثر لتبدل الاسم والصفة فضلا عن تفرق
الأجزاء، فيطهر ما أحالته النار رمادا أو دخانا سواء كان نجسا كالعذرة أو
متنجسا كالخشبة المتنجسة، وكذا ما صيرته فحما على الأقوى إذا لم يبق فيه شئ
من مقومات حقيقته السابقة وخواصه من النباتية والشجرية ونحوهما.
وأما ما أحالته النار خزفا أو آجرا أو جصا أو نورة ففيه اشكال والأحوط
عدم طهارته، والأظهر أن مجرد تفرق أجزاء النجس أو المتنجس بالتبخير لا
يوجب الحكم بطهارة المائع المصعد فيكون نجسا ومنجسا، نعم لا ينجس
بخارهما ما يلاقيه من البدن والثوب وغيرهما.
(الخامس من المطهرات): الانقلاب، ويختص تطهيره بمورد واحد وهو
ما إذا انقلب الخمر خلا، سواء أكان الانقلاب بعلاج أم كان بغيره، ويلحق
به في ذلك العصير العنبي إذا انقلب خلا فإنه يحكم بطهارته لم قلنا بنجاسته
بالغليان.
(السادس من المطهرات): الانتقال، وذلك كانتقال دم الانسان إلى
جوف ما لا دم له عرفا من الحشرات كالبق والقمل والبرغوث، ويعتبر فيه أن
يكون على وجه يستقر النجس المنتقل في جوف المنتقل إليه بحيث يكون في
معرض صيرورته جزءا من جسمه، وأما إذا لم يعد كذلك أو شك فيه لم يحكم
بطهارته وذلك كالدم الذي يمصه العلق من الانسان على النحو المتعارف في
مقام المعالجة فإنه لا يطهر بالانتقال، والأحوط الأولى الاجتناب عما يمصه البق
89

أو نحوه حين مصه.
(السابع من المطهرات): الاسلام، فإنه مطهر لبدن الكافر من النجاسة
الناشئة من كفره، وأما النجاسة العرضية - كما إذا لاقى بدنه البول مثلا - فهي
لا تزول بالاسلام، بل لا بد من إزالتها بغسل البدن، والأقوى أنه لا فرق بين
الكافر الأصلي وغيره، فإن تاب المرتد ولو كان فطريا يحكم بطهارته.
(الثامن من المطهرات): التبعية، وهي عدة موارد:
(1) إذا أسلم الكافر يتبعه ولده الصغير في الطهارة بشرط كونه محكوما
بالنجاسة تبعا - لا بها أصالة ولا بالطهارة كذلك كما لو كان مميزا واختار الكفر
أو الاسلام - وكذلك الحال فيما إذا سلم الجد أو الجدة أو الأم، ولا يبعد
اختصاص طهارة الصغير بالتبعية بما إذا كان مع من أسلم بأن يكون تحت
كفالته أو رعايته بل وأن لا يكون معه كافر أقرب منه إليه.
(2) إذا أسر المسلم ولد الكافر فهو يتبعه في الطهارة إذا لم يكن معه أبوه
أو جده والحكم بالطهارة - هنا أيضا - مشروط بما تقدم في سابقه.
(3) إذا انقلب الخمر خلا يتبعه في الطهارة الإناء الذي حدث فيه
الانقلاب بشرط أن لا يكون الإناء متنجسا بنجاسة أخرى.
(4) إذا غسل الميت تتبعه في الطهارة يد الغاسل والسدة التي يغسل
عليها والثياب التي يغسل فيها والخرقة التي يستر بها عورته، وأما لباس الغاسل
وبدنه وسائر آلات التغسيل فالحكم بطهارتها تبعا للميت محل اشكال.
(مسألة 170): إذا تغير ماء البئر بملاقاة النجاسة فقد مر أنه يطهر
بزوال تغيره بنفسه بشرط الامتزاج أو بنزح مقدار منه، وقد ذكر بعضهم أنه إذا
نزح حتى زال تغيره تتبعه في الطهارة أطراف البئر والدلو والحبل وثياب النازح،
90

إذا أصابها شئ من الماء المتغير ولكنه مشكل.
(التاسع من المطهرات): غياب المسلم البالغ أو المميز، فإذا تنجس
بدنه أو لباسه ونحو ذلك مما في حيازته ثم غاب يحكم بطهارة ذلك المتنجس إذا
احتمل تطهيره احتمالا عقلائيا وإن علم أنه لا يبالي بالطهارة والنجاسة كبعض
أفراد الحائض المتهمة، ولا يشترط في الحكم بالطهارة للغيبة أن يكون من في
حيازته المتنجس عالما بنجاسته ولا أن يستعمله فيما هو مشروط بالطهارة كأن
يصلي في لباسه الذي كان متنجسا بل يحكم بالطهارة بمجرد احتمال التطهير كما
سبق، وفي حكم الغياب العمى والظلمة، فإذا تنجس بدن المسلم أو ثوبه ولم
ير تطهيره لعمى أو ظلمة يحكم بطهارته بالشرط المتقدم.
(العاشر من المطهرات): زوال عين النجاسة، وتتحقق الطهارة بذلك
في موضوعين: الأول - بواطن الانسان غير المحضة كباطن الأنف والأذن والعين
ونحو ذلك، فإذا خرج الدم من داخل الفم أو أصابته نجاسة خارجية فإنه يطهر
بزوال عينها، وأما البواطن المحضة للانسان وكذا الحيوان فلا تتنجس بملاقاة
النجاسة، الثاني - بدن الحيوان فإذا أصابته نجاسة خارجية أو داخلية فإنه يطهر
بزوال عينها.
(مسألة 171): مطبق الشفتين من الباطن وكذا مطبق الجفنين.
(مسألة 172): الملاقي للنجس في البواطن المحضة للانسان أو الحيوان
لا يحكم بنجاسته إذا خرج وهو غير ملوث به، فالنواة أو الدود أو ماء الاحتقان
الخارج من الانسان كل ذلك لا يحكم بنجاسته إذا لم يكن ملوثا بالنجس، ومن
هذا القبيل الإبرة المستعملة في التزريق إذا خرجت من بدن الانسان وهي غير
ملوثة بالدم، وأما الملاقي للنجس في باطن الفم ونحوه من البواطن غير المحضة
فلا بد من تطهيره.
91

(الحادي عشر من المطهرات) استبراء الحيوان، فكل حيوان مأكول
اللحم إذا صار جلالا - أي تعود أكل عذرة الانسان - يحرم أكل لحمه ولبنه
فينجس بوله ومدفوعه وكذا عرقه كما تقدم ويحكم بطهارة الجميع بعد الاستبراء،
وهو أن يمنع الحيوان عن أكل النجاسة لمدة يخرج بعدها عن صدق الجلال
عليه، والأحوط الأولى مع ذلك أن يراعى في الاستبراء مضي المدة المعينة له في
بعض الأخبار وهي للدجاجة ثلاثة أيام وللبطة خمسة وللغنم عشرة وللبقرة
عشرون وللبعير أربعون يوما.
(الثاني عشر من المطهرات) خروج الدم بالمقدار المتعارف من الذبيحة،
فإنه بذلك يحكم بطهارة ما يتخلف منه في جوفها وقد مر بيان ذلك في
الصفحة 81.
92

(الصلاة)
93

(الصلاة)
الصلوات الواجبة في زمان الغيبة خمسة أنواع:
(1) الصلوات اليومية وتندرج فيها صلاة الجمعة - كما سيأتي.
(2) صلاة الآيات.
(3) صلاة الطواف الواجب.
(4) الصلاة الواجبة بالإجارة والنذر والعهد واليمين ونحو ذلك.
(5) الصلاة على الميت، وتضاف إلى هذه الصلاة الفائتة عن الوالد
فإن الأحوط وجوبا أن يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محله.
95

(صلاة الجمعة)
وهي ركعتان كصلاة الصبح، نعم تمتاز عنها بخطبتين قبلها، ففي
الأولى منهما يقوم الإمام ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ويقرأ سورة
قصيرة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلا، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني
عليه ويصلي على محمد صلى الله عليه وآله وعلى أئمة المسلمين ويضم إلى ذلك على الأحوط
الأولى الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.
(مسألة 173): الأحوط إتيان الحمد والصلاة من الخطبة بالعربية، وأما
غيرهما من أجزائها كالثناء على الله والوصية بالتقوى فيجوز إتيانها بغير العربية
أيضا على الأظهر، بل الأحوط - إذا كان أكثر الحضور غير عارفين باللغة العربية -
أن تكون الوصية بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها.
(مسألة 174): صلاة الجمعة واجبة تخييرا على الأظهر، ومعنى ذلك أن
المكلف يوم الجمعة مخير بين الاتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفر فيه
شرائطها الآتية وبين الاتيان بصلاة الظهر ولكن إقامة الجمعة أفضل، فإذا أتى
بها مع الشرائط أجزأت عن الظهر.
(مسألة 175): تعتبر في صحة الجمعة الجماعة فلا تصح فرادى.
(مسألة 176): يشترط في جماعة الجمعة عدد خاص وهو خمسة نفر
أحدهم الإمام، فلا تجب الجمعة ما لم يجتمع خمسة نفر من المسلمين كان
أحدهم الإمام.
96

(مسألة 177): يشترط في وجوبها أيضا وجود الإمام الجامع لشرائط
الإمامة من العدالة وغيرها مما يعتبر في إمام الجماعة، فلا تجب الجمعة إذا لم
يوجد الإمام الجامع للشرائط.
(مسألة 178): تعتبر في صحة الجمعة في بلد أن لا تكون المسافة بينها
وبين جمعة أخرى دون فرسخ، فلو أقيمت جمعة أخرى فيما دون فرسخ بطلتا
جميعا إن كانتا مقترنتين زمانا، وأما إذا كانت إحداها سابقة على الأخرى ولو
بتكبيرة الاحرام صحت السابقة دون اللاحقة.
(مسألة 179): إقامة الجمعة إنما تكون مانعة عن جمعة أخرى في تلك
المسافة إذا كانت صحيحة وواجدة للشرائط، وأما إذا لم تكن واجدة لها فالأقرب
أنها لا تمنع عنها.
(مسألة 180): إذا أقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من
أقامها هو الإمام عليه السلام أو من يمثله وجب الحضور فيها عينا، وإن كان
غيره لم يجب الحضور على الأظهر بل يجوز الاتيان بصلاة الظهر.
(مسألة 181): لا يجب الحضور على المرأة ولا العبد ولا على المسافر
- وإن كانت وظيفته الاتمام - ولا على المريض ولا على الأعمى ولا على الشيخ
الكبير ولا على من كان بينه وبين الجمعة أكثر من فرسخين ولا على من كان
الحضور عليه حرجيا لمطر أو برد شديد أو نحوهما، فهؤلاء جميعا لا يجب عليهم
الحضور في صلاة الجمعة حتى في فرض وجوبها عينا الذي تقدم بيانه في المسألة
السابقة.
97

(النوافل اليومية)
يستحب التنفل في اليوم والليلة بأربع وثلاثين ركعة: ثمان ركعات لصلاة
الظهر قبلها، وثمان ركعات لصلاة العصر كذلك وأربع ركعات بعد صلاة
المغرب، وركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس وتحسبان بركعة، وثمان ركعات
نافلة الليل ومبدأ وقتها منتصف الليل على المشهور ويستمر إلى الفجر الصادق
والأفضل إتيانها في آخر الليل، وركعتان الشفع بعد صلاة الليل، وركعة الوتر
بعد الشفع، وركعتان نافلة الفجر قبل فريضته، ولا يبعد أن يكون مبدأ وقتها
مبدأ وقت صلاة الليل - بعد مضي مقدار يتمكن المكلف من الاتيان بها - ويمتد
إلى قبيل طلوع الشمس.
(مسألة 182): النوافل ركعتان ركعتان - إلا صلاة الوتر فإنها ركعة
واحدة - ويستحب فيها القنوت، ويجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون
سورة كما يجوز الاكتفاء ببعض أنواعها دون بعض، بل يجوز الاقتصار في نوافل
الليل على الشفع والوتر وعلى الوتر خاصة، وفي نافلة العصر على أربع ركعات
بل ركعتين، وإذا أريد التبعيض في غير هذه الموارد فالأحوط الاتيان به بقصد
القربة المطلقة حتى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين.
والأولى أن يقنت في صلاة الوتر بالدعاء الآتي: لا إله إلا الله الحليم
الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب
الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، وأن يدعو لأربعين مؤمنا، وأن يقول:
أستغفر الله ربي وأتوب إليه سبعين مرة، وأن يقول: هذا مقام العائذ بك من
98

النار سبع مرات، وأن يقول: العفو ثلاثمائة مرة.
(مسألة 183): تسقط - في السفر - نوافل الظهر والعصر، ولا تسقط
بقية النوافل، والأولى أن يأتي بنافلة العشاء رجاءا.
(مسألة 184): صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب والعشاء،
يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الحمد (وذا النون إذا ذهب مغاضبا فظن أن
لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) ويقرأ في الركعة
الثانية بعد سورة الحمد (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في
البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب
ولا يابس إلا في كتاب مبين) ثم يقنت فيقول: " اللهم إني أسألك بمفاتح
الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد وآل محمد " ويطلب حاجته
ويقول: " اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسألك بحق
محمد وآله عليه وعليهم السلام لما قضيتها لي " ويجوز أن يحتسب هاتين من نافلة
المغرب.
99

(مقدمات الصلاة)
مقدمات الصلاة خمس:
1 - الوقت
(مسألة 185): وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب،
وتختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها، كما تختص صلاة العصر من آخره
بمقدار أدائها، ولا تزاحم كل منهما الأخرى وقت اختصاصها، ولو صلى الظهر
قبل الزوال معتقدا دخول الوقت ثم علم بدخوله وهو في الصلاة صحت صلاته
على الأظهر، وجاز له الاتيان بصلاة العصر بعدها وإن كان الأحوط إتمامها
وإعادتها.
(مسألة 186): يعتبر الترتيب بين الصلاتين، فلا يجوز تقديم العصر
على الظهر عمدا، نعم إذا صلى العصر قبل أن يأتي بالظهر لنسيان ونحوه
صحت صلاته، فإن التفت في أثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر وأتم صلاته
وإن التفت بعد الفراغ فالأحوط الأولى أن يعدل بها إلى الظهر ثم يأتي بأربع
ركعات بقصد ما في الذمة من دون تعيين الظهر أو العصر.
(مسألة 187): لا يجوز تأخير صلاة الظهرين إلى سقوط قرص الشمس
على الأحوط بل الأظهر.
(مسألة 188): وقت صلاة العشاءين للمختار من أول المغرب إلى
100

نصف الليل (منتصف ما بين غروب الشمس والفجر) وتختص صلاة المغرب
من أوله بمقدار أدائها، كما تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها نظير ما تقدم
في الظهر ين، وأما المضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى
الفجر وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها، ويعتبر الترتيب بينهما، ولكنه لو
صلى العشاء قبل أن يصلي المغرب لنسيان ونحوه ولم يتذكر حتى فرغ منها
صحت صلاته، وأتى بصلاة المغرب بعدها ولو كان في الوقت المختص
بالعشاء.
(مسألة 189): لا يجوز تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة المشرقية
عند احتمال استتار القرص بحاجب كالجبال والأبنية والأشجار بل مطلقا على
الأحوط، والأولى عدم تأخيرها عن غروب الشفق.
(مسألة 190): إذا دخل في صلاة العشاء، ثم تذكر أنه لم يصل المغرب
عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكره قبل أن يدخل في ركوع الركعة
الرابعة، وإذا كان تذكره بعده صحت صلاته عشاءا على الأظهر ويأتي بعدها
بصلاة المغرب، وقد مر آنفا حكم التذكر بعد الصلاة.
(مسألة 191): إذا لم يصل صلاة المغرب أو العشاء اختيارا حتى
انتصف الليل، فالأحوط أن يصليها قبل أن يطلع الفجر بقصد ما في الذمة من
دون نية الأداء أو القضاء، ومع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثم يقضيها بعد قضاء
المغرب احتياطا.
(مسألة 192): وقت صلاة الفجر من الفجر إلى طلوع الشمس ويعرف
الفجر باعتراض البياض في الأفق المتزايد وضوحا وجلاءا ويسمى بالفجر
الصادق.
(مسألة 193): وقت صلاة الجمعة أول الزوال عرفا من يوم الجمعة،
101

ولو لم يصلها في هذا الوقت لزمه الاتيان بصلاة الظهر.
(مسألة 194): يعتبر في جواز الدخول في الصلاة أن يستيقن بدخول
الوقت، أو تقوم به البينة، ويجتزئ بأذان الثقة العارف بالوقت وباخباره مع
حصول الاطمينان منهما أو من غيرهما من الأمارات الموجبة له، وفي جواز
الاكتفاء بالظن في الغيم ونحوه من الأعذار النوعية - فضلا عن الموانع
الشخصية - اشكال، فالأحوط تأخير الصلاة إلى حين الاطمينان بدخول
الوقت.
(مسألة 195): إذا صلى معتقدا دخول الوقت بأحد الأمور المذكور ثم
انكشف له أن الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته، نعم إذا علم
أن الوقت قد دخل وهو في الصلاة فالأظهر صحة صلاته وإن كان الأحوط
إعادتها، وإذا صلى غافلا وتبين دخول الوقت في الأثناء ففي الصحة اشكال.
(مسألة 196): لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختيارا، ولا بد من
الاتيان بجميعها في الوقت، ولكنه لو أخرها عصيانا أو نسيانا حتى ضاق الوقت
وتمكن من الاتيان بها ولو بركعة وجبت المبادرة إليها وكانت الصلاة أداءا على
الأقوى.
(مسألة 197): الأقوى جواز التنفل في وقت الفريضة، والأولى الاتيان
بالفريضة أولا في غير النوافل اليومية السابقة على الفريضة.
2 - القبلة وأحكامها
(مسألة 198): يجب استقبال القبلة مع الامكان في جميع الفرائض
وتوابعها من الأجزاء المنسية، وأما النوافل فلا يعتبر فيها الاستقبال حال المشي
102

أو الركوب، والأحوط اعتباره فيها حال الاستقرار، والقبلة هي المكان الواقع
فيه البيت الشريف ويتحقق استقباله بالمحاذاة الحقيقية مع التمكن من تمييز
عينه والمحاذاة العرفية عند عدم التمكن من ذلك.
(مسألة 199): ما كان من الصلوات واجبة زمان الحضور كصلاة
العيدين يعتبر فيها استقبال القبلة وإن كانت مستحبة فعلا، وأما ما عرض عليه
الوجوب بنذر وشبهه فالأقوى عدم اعتبار الاستقبال فيه حال المشي والركوب
وإن كان الاستقبال أحوط.
(مسألة 200): يجب العلم باستقبال القبلة، وتقوم البينة مقامه - إذا
كان اخبارها عن حس أو ما بحكمه - ويكفي أيضا الاطمينان الحاصل من
المناشئ العقلائية كاخبار الثقة، ومع عدم التمكن يبذل جهده في معرفتها
ويعمل على ما يحصل له من الظن، ومع عدم التمكن منه أيضا يجزئ التوجه
إلى ما يحتمل وجود القبلة فيه، والأحوط أن يصلي إلى أربع جهات.
(مسألة 201): إذا اعتقد أن القبلة في جهة فصلى إليها، ثم انكشف
له الخلاف فإن كان انحرافه عنها لم يبلغ حد اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة
وأتم صلاته فيما إذا كان الانكشاف أثناء الصلاة وإذا كان بعد الفراغ منها لم
تجب الإعادة، وأما إذا بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار أو كانت صلاته إلى
دبر القبلة فإن كان الانكشاف قبل مضي الوقت أعادها، ولا يجب القضاء إذا
انكشف الحال بعد مضي الوقت وإن كان أحوط.
3 - الطهارة في الصلاة
(مسألة 202): تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر والشعر
103

وطهارة اللباس، نعم لا بأس بنجاسة ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس
كالقلنسوة والتكة والجورب بشرط أن لا يكون متخذا من الميتة النجسة ولا نجس
العين كالكلب على الأحوط، ولا بأس بحمل المتنجس في الصلاة إذا كان مما
لا تتم الصلاة فيه، بل لا يبعد جواز الحمل مطلقا.
(مسألة 203): لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو
الجروح قبل البرء إذا كان التطهير أو التبديل حرجيا نوعا، بل مطلقا على
الأظهر، نعم يعتبر في الجرح أن يكون مما يعتد به وله ثبات واستقرار وأما الجروح
الجزئية فيجب تطهيرها.
(مسألة 204): لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان أقل من الدرهم - أي
ما يساوي عقد الابهام - بلا فرق بين اللباس والبدن ولا بين أقسام الدم،
ويستثنى من ذلك دم الحيض على الأظهر ويلحق به على الأحوط دم نجس
العين والميتة والسباع، بل مطلق غير مأكول اللحم - على وجه - ودم النفاس
والاستحاضة فلا يعفى عن قليلها أيضا، وإذا شك في دم أنه أقل من الدرهم
أم لا بنى على العفو عنه إلا إذا كان مسبوقا بالأكثرية عن المقدار المعفو عنه،
وإذا علم أنه أقل من الدرهم وشك في كونه من الدماء المذكورة المستثناة فلا
بأس بالصلاة فيه.
(مسألة 205): إذا صلى جاهلا بنجاسة البدن أو اللباس ثم علم بها بعد
الفراغ منها صحت صلاته إذا لم يكن شاكا فيها قبل الصلاة أو شك وفحص
ولم يحصل له العلم بها، وأما الشاك غير المتفحص فتلزمه - على الأحوط -
الإعادة والقضاء إذا وجدها بعد الصلاة، وأما إذا علم بها في الأثناء فإن احتمل
حدوثها بعد الدخول في الصلاة وتمكن من التجنب عنها بالتبديل أو التطهير أو
النزع على نحو لا ينافي الصلاة فعل ذلك وأتم صلاته ولا شئ عليه، وإن
104

علم أنها كانت قبل الصلاة فالأحوط استينافها مع سعة الوقت وأما مع ضيقه
حتى عن ادراك ركعة فإن أمكن التجنب عن النجاسة من غير لزوم المنافي فعل
ذلك وأتم الصلاة وإلا صلى معها وتصح صلاته.
(مسألة 206): إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلى أعاد
صلاته على الأحوط، ولا فرق في ذلك بين أن يتذكرها أثناء الصلاة وبين أن
يتذكرها بعد الفراغ منها، بل لو تذكرها بعد مضي الوقت قضاها، هذا إذا كان
النسيان عن اهمال وعدم تحفظ، وإلا فالأظهر أن حكمه - حكم الجاهل
بالموضوع وقد تقدم في المسألة السابقة.
(مسألة 207): تجب في الصلاة الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل
أو التيمم وقد مر تفصيل ذلك في مسائل الوضوء والغسل والتيمم.
4 - مكان المصلي
(مسألة 208): يعتبر في مكان المصلي إباحته على الأحوط، فلا تصح
الصلاة في المكان المغصوب وإن كان الركوع والسجود بالايماء، ولو صلى
فيه جهلا فالأظهر صحة صلاته، وكذا لو صلى فيه اضطرارا، أو نسي الغصب
فصلى فيه ثم تذكر فإنه تصح صلاته إذا لم يكن هو الغاصب على الأحوط.
(مسألة 209): إذا أوصى الميت بصرف الثلث - من داره مثلا في
مصرف ما - لم يجز التصرف فيه قبل اخراج الثلث، فلا يجوز الوضوء أو الغسل
أو الصلاة في ذلك المكان.
(مسألة 210): إذا مات الميت مشغول الذمة بالزكاة ونحوها من
الحقوق المالية سواء أكان مستوعبا للتركة أو لا لم يجز التصرف فيها بما ينافي أداء
105

الحق منها، وأما التصرف بمثل الصلاة في داره فالظاهر جوازه بإذن الورثة.
(مسألة 211): لا تجوز الصلاة ولا سائر التصرفات في مال الغير إلا
برضاه وطيب نفسه وهو يستكشف بوجوه:
(1) الإذن الصريح من المالك.
(2) الإذن بالفحوى فلو أذن له بالتصرف في داره - مثلا - بالجلوس
والأكل والشرب والنوم فيها، وعلم منه إذنه في الصلاة أيضا جاز له أن يصلي
فيها، وإن لم يأذن للصلاة صريحا.
(3) شاهد الحال وذلك بأن تدل القرائن على رضا المالك بالتصرف في
ماله ولو لم يكن ملتفتا إليه فعلا لنوم أو غفلة بحيث يعلم أنه لو التفت لأذن.
(مسألة 212): لا بأس بالصلاة في الأراضي المتسعة اتساعا عظيما، كما
لا بأس بالوضوء من مائها وإن لم يعلم رضا المالك به بل وإن علم كراهته - سواء
أكان كاملا أم قاصرا صغيرا أم مجنونا - وبحكمها أيضا الأراضي غير المحجبة
كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب فيجوز الدخول إليها والصلاة فيها وإن
لم يعلم رضا المالك، نعم إذا ظن كراهته أو كان قاصرا فالأحوط الاجتناب
عنها، ولا بأس أيضا بالصلاة في البيوت المذكورة في القرآن والأكل منها ما لم
يحرز كراهة المالك، وتلك البيوت بيوت الأب والأم والأخ والأخت والعم
والعمة والخال والخالة والصديق، والبيت الذي كان مفتاحه بيد الانسان.
(مسألة 213): الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش
أو الأرض مغصوبا.
(مسألة 214): الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة ولا سائر
التصرفات، إذا لم يأذن فيها جميع الشركاء.
106

(مسألة 215): العبرة في الأرض المستأجرة بإجازة المستأجر دون المؤجر.
(مسألة 216): إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحق الغير وكان الحق
مما ينافيه مطلق التصرف في متعلقه حتى بمثل الصلاة فيه فلا بد في جواز
التصرف فيها من إجازة المالك وذي الحق معا.
(مسألة 217): المحبوس في الأرض المغصوبة - إذا لم يتمكن من
التخلص - تصح صلاته فيها، ويصلي صلاة المختار إذا لم تستلزم تصرفا زائدا
على الكون فيها على الوجه المتعارف وإلا صلى بما يمكنه من دون تصرف زائد.
(مسألة 218): يعتبر في مكان المصلي أن لا يكون نجسا على نحو
تسري النجاسة منه إلى اللباس أو البدن نجاسة غير معفو عنها، ومع عدم
السراية كذلك لا بأس بالصلاة عليها، نعم تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة كما
سيأتي.
(مسألة 219): لا يجوز استدبار قبور المعصومين عليهم السلام في حال
الصلاة وغيرها إذا كان فيه هتك وإساءة أدب لهم.
(مسألة 220): لا يجوز تقدم المرأة على الرجل ولا محاذاتهما في الصلاة
في مكان واحد - على الأحوط - بل يلزم تأخرها عنه بحيث يكون موضع
سجودها محاذيا لركبته - والأحوط الأولى أن تتأخر بحيث يكون مسجدها وراء
موقفه - أو يكون بينهما حائل أو مسافة أكثر من عشرة أذرع بذراع اليد.
(مسألة 221): تستحب الصلاة في المساجد للرجال والنساء، وإن كان
الأفضل للمرأة أن تختار الصلاة في المكان الأستر حتى في بيتها.
107

5 - لباس المصلي
(مسألة 222): يعتبر في الصلاة ستر العورة، وهي في الرجل القبل
والدبر والبيضتان، وفي المرأة جميع بدنها غير الوجه بالمقدار الذي لا يستره الخمار
عادة مع ضربه على الجيب - وإن كان الأحوط لها ستر ما عدا المقدار الواجب
غسله في الوضوء - واليدين إلى الزند، والرجلين إلى أول جزء من الساق ولا
يعتبر ستر الرأس وشعره والرقبة في صلاة غير البالغة.
(مسألة 223): الأحوط في الساتر الصلاتي في حال الاختيار صدق
عنوان (اللباس) عليه عرفا وإن كان الأظهر كفاية مطلق ما يخرج المصلي عن
كونه عاريا كالورق والحشيش والقطن والصوف غير المنسوجين، بل الطين إذا
كان من الكثرة بحيث لا يصدق معه كون المصلي عاريا، وأما في حال الاضطرار
فيجزي التلطخ بالطين ونحوه.
(مسألة 224): إذا انكشف له أثناء الصلاة أن عورته لم تستر فعلا
وجبت المبادرة إلى سترها وتصح صلاته على الأظهر، كما تصح أيضا إذا كان
الانكشاف بعد الفراغ من الصلاة.
(مسألة 225): إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه فإن تمكن من
الصلاة قائما مع الركوع والسجود بحيث لا تبدو سوأته للغير المميز - إما لعدم
وجوده أو لظلمة أو نحوها - فالأقوى وجوب الاتيان بها كذلك وإن كان الأحوط
الجمع بينها وبين الصلاة قائما موميا، ولو اقتضى التحفظ على عدم بدو سوءته
ترك القيام والركوع والسجود الاختياريين صلى جالسا موميا، ولو اقتضى ترك
واحد من الثلاثة تركه وأتى ببدله فيومي بالرأس بدلا عن الركوع والسجود
108

ويجلس بدلا عن القيام، ولكن الأحوط في الفرض الأخير الجمع بينه وبين
الصلاة قائما موميا، والأحوط لزوما للعاري ستر السوأتين ببعض أعضائه كاليد
في حال القيام والفخذين في حال الجلوس.
(شرائط لباس المصلي)
يشترط في لباس المصلي أمور:
(الأول): الطهارة وقد مر تفصيله في المسألة 202 وما بعدها.
(الثاني): إباحته على الأحوط لزوما فيما كان ساترا للعورة فعلا واستحبابا
في غيره.
(مسألة 226): إذا صلى في ثوب جاهلا بغصبيته ثم انكشف له ذلك
صحت صلاته وكذلك إذا كان ناسيا وتذكرها بعد الصلاة إذا لم يكن هو
الغاصب على الأحوط.
(مسألة 227): إذا اشترى ثوبا بما فيه الخمس كان حكمه حكم
المغصوب، وأما إذا اشترى بما فيه حق الزكاة ففي كونه كذلك اشكال بل منع
كما سيأتي في المسألة 551.
(الثالث): أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة من دون فرق
بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة على الأحوط، والأظهر اختصاص
الحكم بالميتة النجسة وإن كان الأحوط الاجتناب عن الميتة الطاهرة أيضا، وأما
ما لا تحله الحياة من ميتة حيوان يحل أكل لحمه - كالشعر والصوف - فلا بأس
بالصلاة فيه.
109

(مسألة 228): الأحوط عدم حمل ما تحله الحياة من أجزاء الميتة النجسة
في الصلاة وإن لم يكن ملبوسا، ولكن الأظهر جواز ذلك، وهكذا كل ما لم تثبت
تذكيته شرعا.
(مسألة 229): اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد المسلم يحكم
عليه بالتذكية ويجوز أكله بشرط اقترانها بما يقتضي تصرفه فيه تصرفا يناسب
التذكية، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون
وما يوجد في سوق المسلمين، وأما ما يوجد مطروحا في أرضهم فلا يبعد الحكم
بطهارته وأما حليته - مع عدم الاطمينان بسبق أحد الأمور الثلاثة - فمحل
اشكال.
(مسألة 230): اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من الكافر أو المجهول
إسلامه، أو ما وجد في بلاد الكفر أو ما أخذ من المسلم إذا علم أنه قد أخذه
من يد الكافر من غير استعلام عن تذكيته لا يجوز أكله، ولكن يجوز بيعه ويحكم
بطهارته وبجواز الصلاة فيه إذا احتمل أن يكون مأخوذ من الحيوان المذكى.
(مسألة 231): تجوز الصلاة في ما لم يحرز إنه جلد، وإن أخذ من يد
الكافر.
(مسألة 232): إذا صلى في ثوب جهلا، ثم علم أنه كان متخذا من
الميتة النجسة صحت صلاته على تفصيل تقدم في المسألة 205، وأما إذا نسي
ذلك وتذكره بعد الصلاة فإن كان الثوب مما تتم فيه الصلاة أعادها، وكذا إذا
لم يكن كذلك على الأحوط، على تفصيل ظهر مما تقدم في المسألة 206.
(الرابع): أن لا يكون من أجزاء السباع بل مطلق ما لا يؤكل لحمه من
الحيوان على الأحوط، والأظهر اختصاص المنع بما تتم الصلاة فيه وإن كان
الاجتناب عن غيره أيضا أحوط، وتجوز الصلاة في جلد الخز والسنجاب
110

وكذلك وبرهما ما لم يمتزج بوبر غيرهما من السباع بل مطلق غير مأكول اللحم
على ما تقدم.
(مسألة 233): لا بأس بالصلاة في شعر الانسان من نفس المصلي أو
غيره، والأحوط أن لا يصلي فيما نسج منه وإن كان الأظهر جوازه أيضا.
(مسألة 234): لا بأس بالصلاة في الشمع والعسل والحرير الممزوج ودم
البق والبرغوث والقمل ونحوها من الحيوانات التي لا لحم لها.
(مسألة 235): لا بأس بالصلاة في ما يحتمل أنه من غير المأكول
كالماهوت والفاستونة وغيرهما، وكذلك فيما إذا لم يعلم أنه من أجزاء الحيوان
كالصدف العادي الموجود في الأسواق.
(مسألة 236): إذا صلى في ما لا يؤكل لحمه جهلا أو نسيانا حتى فرغ
من الصلاة صحت صلاته إلا إذا كان جاهلا بالحكم عن تقصير فإنه تجب عليه
الإعادة.
(الخامس): أن لا يكون لباس الرجل من الذهب الخالص أو المغشوش
دون المموه، والمراد باللباس هنا مطلق ما يطلق على استعماله عنوان (اللبس)
عرفا وإن لم يكن من الثياب كالخاتم والزناجير المعلقة والساعة اليدوية، نعم لا
بأس بحمل الذهب في الصلاة ومن هذا القبيل حمل الساعة الذهبية الجيبية.
(مسألة 237): يحرم لبس الذهب للرجال في غير حال الصلاة أيضا،
والأحوط ترك التزين به مطلقا حتى فيما لا يطلق عليه اللبس عرفا كجعل أزرار
اللباس من الذهب أو جعل مقدم الأسنان منه، نعم لا بأس بشدها به أو جعل
الأسنان الداخلية منه.
(مسألة 238): إذا شك في فلز ولم يعلم أنه من الذهب جاز لبسه في
111

نفسه ولا يضر بالصلاة.
(مسألة 239): لا فرق في حرمة لبس الذهب وابطاله الصلاة بين أن
يكون ظاهرا وبين عدمه.
(مسألة 240): إذا صلى في فلز لم يعلم أنه من الذهب أو نسيه ثم
التفت إليه بعد الصلاة صحت صلاته.
(السادس): أن لا يكون لباس الرجل من الحرير الخالص إذا كان مما
تتم فيه الصلاة بل وكذا إذا كان مما لا تتم الصلاة فيه على الأحوط الأولى وأما
إذا امتزج بغيره ولم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه والصلاة فيه.
(مسألة 241): لا بأس بأن يكون سجاف الثوب ونحوه من الحرير
الخالص، والأحوط أن لا يزيد عرضه على أربعة أصابع مضمومة.
(مسألة 242): لا بأس بحمل الحرير في الصلاة، وإن كان مما تتم
الصلاة فيه.
(مسألة 243): لا يجوز للرجال لبس الحرير الخالص في غير حال
الصلاة أيضا، نعم لا بأس به في الحرب والضرورة والحرج كالبرد والمرض
ونحوهما، وفي هذه الموارد تجوز الصلاة فيه على الأظهر.
(مسألة 244): إذا صلى في الحرير جهلا أو نسيانا، ثم انكشف له
الحال بعد الصلاة صحت صلاته.
(مسألة 245): إذا شك في لباس ولم يعلم أنه من الحرير جاز لبسه
والصلاة فيه.
(مسألة 246): تختص حرمة لبس الذهب والحرير بالرجال - كما تقدم - ولا
بأس به للنساء في الصلاة وفي غيرها، وكذلك الحال في الأطفال الذكور ولو في
112

حال الصلاة على الأظهر.
(مسألة 247): يحرم لبس لباس الشهرة وهو اللباس الذي يظهر المؤمن
في شنعة وقباحة وفظاعة عند الناس، لحرمة هتك المؤمن نفسه واذلاله إياها.
(مسألة 248): الأحوط أن لا يتزيا كل من الرجل والمرأة بزي الآخر في
اللباس، وأما لبس الرجل بعض ملابس المرأة لغرض آخر - وكذا العكس - فلا
بأس به، وفيما إذا حرم اللبس لم يضر بصحة الصلاة مطلقا وإن كان ساترا له
حالها على الأظهر.
(مسألة 249): إذا انحصر لباس المصلي بالمغصوب أو الحرير أو الذهب
أو السباع صلى عاريا، وإذا انحصر بما عدا السباع من غير مأكول اللحم من
الحيوان فالأحوط الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عاريا، وإذا انحصر في
النجس فالأظهر الاجتزاء بالصلاة فيه وإن كان الأحوط الجمع بينها وبين
الصلاة عاريا.
(مسألة 250): الأقوى جواز الصلاة في جورب يستر ظهر القدم ولا
يستر الساق إلا أن الأحوط تركه.
113

(الأذان والإقامة)
يستحب الأذان والإقامة في الفرائض اليومية أداء وقضاء.
وكيفية الأذان أن يقول:
(الله أكبر) أربع مرات.
(أشهد أن لا إله إلا الله) مرتين.
(أشهد أن محمدا رسول الله) مرتين.
(حي على الصلاة) مرتين.
(حي على الفلاح) مرتين.
(حي على خير العمل) مرتين.
(الله أكبر) مرتين.
(لا إله إلا الله) مرتين.
وكيفية الإقامة أن يقول:
(الله أكبر) مرتين ثم يمضي على ترتيب الأذان إلى (حي على خير العمل)
وبعد ذلك يقول:
(قد قامت الصلاة) مرتين.
(الله أكبر) مرتين.
(لا إله إلا الله) مرة واحدة.
114

والشهادة بولاية أمير المؤمنين عليه السلام مكملة للشهادة بالرسالة
ومستحبة في نفسها وإن لم تكن جزءا من الأذان ولا الإقامة وكذا الصلاة على
محمد وآل محمد عند ذكر اسمه الشريف.
(مسألة 251): يتأكد استحباب الأذان والإقامة في خصوص المغرب
والغداة من الفرائض اليومية، كما يتأكدان للرجال وأشدهما تأكيدا لهم الإقامة،
بل الأحوط استحبابا لهم عدم تركها، ولا يتأكدان بالنسبة للنساء.
(مسألة 252): يسقط الأذان والإقامة في موارد منها:
(1) ما إذا دخل في الجماعة التي أذن لها وأقيم سواء كان الداخل هو
الإمام أم المأموم.
(2) ما إذا دخل المسجد للصلاة والجماعة قائمة أو لم تتفرق صفوفها بعد
التمام، فإنه إذا أراد الصلاة منفردا لم يتأكد له الأذان والإقامة - بل الأحوط
الأولى أن لا يأتي بالأذان إلا سرا - وإذا أراد الصلاة جماعة سقط عنه الأذان
والإقامة على وجه العزيمة.
(3) ما إذا سمع إقامة وأذان غيره للصلاة فإنه يجزي عن ذاته وإقامته
فيما إذا لم يقع بين صلاته وبين ما سمعه من الأذان والإقامة فصل كثير، ولا
فرق في ذلك بين أن يكون الآتي بهما إماما أو مأموما أو منفردا، وكذا الحال في
السامع، إلا أن في كفاية سماع الإمام فقط أو المأمومين كذلك في الصلاة جماعة
اشكال.
(مسألة 253): يسقط الأذان للصلاة الثانية من المشتركين في الوقت إذا
جمع بينهما عند استحباب الجمع - كما في الظهرين يوم عرفة في الوقت الأول
والعشاءين ليلة العيد بمزدلفة في الوقت الثاني - بل في مطلق موارده على
115

الأظهر، فمتى جمع بين الفرضين أداء سقط أذان الثانية وكذا إذا جمع بين قضاء
الفوائت في مجلس واحد فإنه يسقط الأذان عما عدا الأولى، ولا يترك الاحتياط
في الجميع بترك الأذان بداعي المشروعية بل لا ينبغي الاتيان به في الموردين
الأولين مطلقا ولو رجاء.
(مسألة 254): يعتبر في الإقامة الطهارة والقيام ويكره التكلم في
أثنائها.
116

(أجزاء الصلاة وواجباتها)
وهي أحد عشر أمرا:
(1) النية، وهي من الأركان، فتبطل الصلاة بنقصانها ولو كان عن
سهو، ومعنى النية القصد إلى العمل متعبدا به بإضافته إلى الله تعالى إضافة
تذللية، ويعتبر فيها الاستمرار بمعنى أنه لا بد من وقوع جميع أجزاء الصلاة
بالقصد المذكور، كما يعتبر فيها الاخلاص فإذا انضم الرياء إلى الداعي الإلهي
بطل العمل، وأما الضمائم الأخرى غير الرياء فإن كانت راجحة، أو مباحة
وكان الداعي إليها قصد القربة كما إذا أتى بالصلاة قاصدا تعليم الغير أيضا
قربة إلى الله تعالى لم تضر بالصحة مطلقا على الأقوى، وأما إذا لم يكن الداعي
إلى الضميمة قصد القربة فالظاهر بطلان العمل مطلقا وإن كان الداعي
الإلهي صالحا للاستقلال على الأحوط.
(مسألة 255): إذا تردد المصلي في اتمام صلاته، أو عزم على قطعها ولو
بعد ذلك أو نوى الاتيان بالقاطع مع الالتفات إلى كونه مبطلا فإن لم يأت بشئ
من أجزائها في الحال ولم يأت بمبطل آخر جاز له الرجوع إلى نيته الأولى واتمام
صلاته، وأما إذا أتى ببعض الأجزاء ثم عاد إلى النية الأولى فإن قصد به جزئية
الواجب وكان فاقدا للنية المعتبرة كما إذا أتى به بداعوية الأمر التشريعي بطلت
صلاته، وإن لم يقصد به الجزئية فالبطلان موقوف على كونه فعلا كثيرا ماحيا
لصورة الصلاة أو مما تكون زيادته ولو بغير قصد الجزئية مبطلة وسيأتي ضابطه
في أحكام الخلل.
117

(مسألة 256): إذا دخل في صلاة معينة، ثم قصد بسائر الأجزاء صلاة
أخرى غفلة واشتباها صحت صلاته على ما نواه أولا، ولا فرق في ذلك بين أن
يلتفت إلى ذلك بعد الفراغ من الصلاة أو في أثنائها، مثلا: إذا شرع في فريضة
الفجر ثم تخيل إنه في نافلة الفجر فأتمها كذلك، أو إنه التفت إلى ذلك قبل
الفراغ فأتمها على النية الأولى صحت صلاته.
(مسألة 257): إذا شك في النية وهو في الصلاة، فإن علم بنيته فعلا
وكان شكه في الأجزاء السابقة مضى في صلاته، كمن شك في نية صلاة الفجر
حال الركوع مع العلم بأن الركوع قد أتى به بعنوان صلاة الفجر، وأما إذا لم
يعلم بنيته حتى فعلا فلا بد له من إعادة الصلاة، هذا في غير المترتبتين
الحاضرتين، وأما فيهما فلو لم يكن آتيا بالأولى أو شك في اتيانه بها وكان في وقت
تجب عليه جعل ما بيده الأولى وأتمها ثم أتى بالثانية.
(تكبيرة الاحرام)
(2) تكبيرة الاحرام، وهي أيضا من الأركان، فتبطل الصلاة بنقصانها
عمدا وسهوا، والمشهور أن زيادتها السهوية مبطلة أيضا ولكن الأظهر خلافه.
(مسألة 258): الواجب في التكبيرة أن يقول (الله أكبر) على النهج
العربي مادة وهيئة، والأحوط الأولى عدم وصلها بجملة أخرى قبلها - لئلا
تدرج همزتها إذا لم يكن الوصل بالسكون (وأن يقتصر على هيئتها ولا يقول الله
أكبر من أن يوصف، أو من كل شئ، كما أن الأحوط الأولى عدم وصلها بما
بعدها من الاستعاذة أو البسملة.
(مسألة 259): الجاهل بالتكبيرة يلقنه غيره أو يتعلم فإن لم يمكن ولو
118

لضيق الوقت اجتزأ بما أمكنه منها وإن كان غلطا ما لم يكن مغيرا للمعنى، فإن
عجز جاء بمرادفها، وإن عجز فبترجمتها على الأحوط وجوبا في الفرضين
الآخرين.
(مسألة 260): الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة التكبيرة يأتي بها
على قدر ما يمكنه فإن عجز حرك بها لسانه وشفتيه حين اخطارها بقلبه وأشار
بإصبعه إليها على نحو يناسب تمثيل لفظها، وأما الأخرس الأصم من الأول
فيحرك لسانه وشفتيه تشبيها بمن يتلفظ بها مع ضم الإشارة بالإصبع إليهما
أيضا، وكذلك حالهما في القراءة وسائر أذكار الصلاة.
(مسألة 261): يعتبر في تكبير الاحرام مع القدرة القيام التام
والاستقرار ومع عدم التمكن من أي منهما يسقط وجوبه والأحوط وجوبا رعاية
الاستقلال أيضا بأن لا يتكئ على شئ كالعصا ونحوه مع التمكن من تركه،
وإذا دار الأمر بين القيام مستندا والجلوس مستقلا تعين الأول.
(مسألة 262): إذا كبر وهو غير قائم بطلت صلاته وإن كان عن سهو،
ولا تبطل بعدم الاستقرار إذا لم يكن عن عمد.
(مسألة 263): الأحوط وجوبا أن يكون القيام على القدمين جميعا ولا
بأس بأن يجعل ثقله على أحدهما أكثر منه على الأخرى، ويجب أن لا يفصل
بينهما بمقدار لا يصدق معه القيام عرفا.
(مسألة 264): إذا لم يقدر على ما يصدق عليه القيام عرفا بلحاظ حاله
ولو منحنيا أو منفرج الرجلين كبر وصلى على الترتيب الآتي:
(1) جالسا.
(2) مضطجعا على الجانب الأيمن مستقبل القبلة.
119

(3) مضطجعا على الجانب الأيسر كذلك.
(4) مستلقيا على قفاه كالمحتضر، وهذه المراتب مرتبة - على الأحوط
وجوبا في الترتيب بين الثاني والثالث - بمعنى أنه مع التمكن من السابق لا
تصل النوبة إلى اللاحق.
(مسألة 265): إذا شك في تكبيرة الاحرام بعد الدخول في الاستعاذة
أو القراءة لم يعتن به ويجب الاعتناء به قبله، وإذا شك في صحتها بعد الفراغ
منها لم يعتن به، ولو كان الشك قبل الدخول فيما بعدها.
(مسألة 266): يجزي لافتتاح الصلاة تكبيرة واحدة ويستحب الاتيان
بسبع تكبيرات، والأحوط الأولى أن يجعل السابعة تكبيرة الاحرام مع الاتيان
بغيرها بقصد القربة المطلقة.
(القراءة)
(3) القراءة، وهي واجبة في الصلاة، ولكنها ليست بركن، وهي عبارة
عن قراءة سورة الفاتحة وسورة كاملة بعدها على الأحوط إلا في المرض
والاستعجال وكذا في ضيق الوقت والخوف ونحوهما من موارد الضرورة - حتى
العرفية على الأظهر - فإنه يجوز الاقتصار فيها على قراءة الحمد وترك السورة،
بل يجب ذلك في صورة ضيق الوقت وبعض موارد الخوف.
ومحل القراءة الركعة الأولى والثانية من الفرائض اليومية، وإذا قدم
السورة على الحمد فإن كان متعمدا بطلت صلاته، وإن كان ناسيا وذكر قبل
الركوع أعادها بعد الحمد وإن كان قد ذكر بعد الركوع صحت صلاته.
(مسألة 267): يجب أن يأتي بالقراءة صحيحة فيجب التعلم مع
120

الامكان، ومن لا يقدر على قراءة الحمد إلا على الوجه الملحون ولا يستطيع أن
يتعلم أجزأه ذلك إذا كان يحسن منه مقدارا معتدا به وإلا فالأحوط أن يضم إلى
قراءته ملحونا قراءة شئ يحسنه من سائر القرآن وإلا فالتسبيح.
وأما القادر على التعلم إذا ضاق وقته عن تعلم جميعه فإن تعلم بعضه
بمقدار معتد به قرأه، وإن لم يتعلم بعضه أيضا قرأ من سائر القرآن بمقدار
يصدق عليه (قراءة القرآن) عرفا وإن لم يعرف أجزأه أن يسبح، وفي كلتا
الصورتين إذا أتى بما سبق صحت صلاته ولا يجب عليه الائتمام، نعم المضطر
إلى الناقص بسوء الاختيار وإن صحت منه الصلاة على الوجه المتقدم إلا أنه
يجب عليه الائتمام تخلصا من العقاب.
هذا كله في الحمد وأما السورة فالظاهر سقوطها عن الجاهل بها مع
العجز عن تعليمها.
ثم إن الأنسب أن تكون القراءة على طبق المتعارف من القراءات السبع
وإن كان الأقوى كفاية القراءة على النهج العربي وإن كانت مخالفة لها في حركة
بنية أو اعراب، نعم لا يجوز التعدي عن القراءات التي كانت متداولة في عصر
الأئمة عليهم السلام فيما يتعلق بالحروف والكلمات، والأحوط الأولى ترك
الوقف بالحركة والوصل بالسكون في القراءة وكذا في سائر الأذكار.
(مسألة 268): إذا نسي القراءة في الصلاة حتى ركع مضى في صلاته
ولا شئ عليه، والأحوط الأولى أن يسجد سجدتين للسهو بعد الصلاة.
(مسألة 269): تجب قراءة البسملة في كل سورة - غير سورة التوبة -
ولكن في كونها جزءا منها فيما عدا سورة الفاتحة اشكال، فالأحوط عدم ترتيب
آثار الجزئية عليها كالاقتصار على قراءتها بعد الحمد في صلاة الآيات مثلا.
(مسألة 270): لا يجوز تفويت الوقت بقراءة السور الطوال، فإن قرأها
121

ولو سهوا بطلت صلاته إذا استلزم عدم ادراك ركعة من الوقت، بل وإن أدرك
ركعة منه إذا أتى بالمقدار المفوت عمدا، وأما إن أتى به سهوا فالأظهر صحة
صلاته.
ومن قرأ إحدى سور العزائم في الفريضة وجب عليه السجود للتلاوة فإن
سجد أعاد صلاته على الأحوط وإن عصى ولم يسجد فله اتمامها ولا تجب عليه
الإعادة وإن كانت أحوط، وإذا قرأها نسيانا وتذكر بعد قراءة آية السجدة فإن
سجد نسيانا أيضا أتمها وصحت صلاته، وإن التفت قبل السجود جرى عليه
ما تقدم في القراءة العمدية، ولا بأس بقراءة العزائم في النوافل فإن قرأها فيها
وجب عليه السجود أثناء النافلة عند قراءة آية السجدة فيسجد ثم يعود إلى
صلاته فيتمها ولا يجوز له تأخير السجدة حتى الفراغ منها.
(مسألة 271): يجب السجود فورا على من قرأ آية السجدة أو أصغى
إلى قراءتها، وأما من سمعها بغير اختيار لم يجب عليه السجود على الأظهر، ولو
استمع إلى آية السجدة وهو في صلاة الفريضة وجب عليه أن يومي إلى السجدة
وهو في الصلاة، ثم يأتي بها بعد الفراغ منها على الأحوط.
(مسألة 272): لا بأس بقراءة أكثر من سورة واحدة في الركعة الواحدة
في النوافل والأحوط أن لا يزيد على الواحدة في الفرائض وإن كان الأظهر جوازه
على كراهة.
(مسألة 273): لا يكره القران بين سورتي (الفيل) و (الايلاف) وكذا
بين سورتي (الضحى) و (ألم نشرح) بل الأحوط وجوبا عدم الاجتزاء بواحدة
منهما في الصلاة فيجمع بينهما مرتبة مع البسملة الواقعة بينهما.
(مسألة 274): الأقوى عدم وجوب تعيين البسملة حين قراءتها وإنها
لآية سورة، وإن كان الأحوط تعيينها وإعادتها لو عينها لسورة ثم أراد قراءة
غيرها.
122

(مسألة 275): يجوز العدول اختيارا من سورة إلى سورة أخرى ما لم
يبلغ نصفها على الأحوط، هذا في غير سورتي (التوحيد والكافرون) وأما هما
فلا يجوز العدول عنهما إلى أية سورة أخرى وإن لم يبلغ النصف، ويستثنى من
هذا الحكم مورد واحد وهو ما إذا قصد المصلي في صلاة الجمعة أو في صلاة
الظهر يوم الجمعة قراءة سورة الجمعة في الركعة الأولى وقراءة سورة المنافقون في
الركعة الثانية إلا أنه ذهل عما نواه فقرأ سورة أخرى وبلغ النصف أو قرأ سورة
الاخلاص أو الكافرون بدل إحداهما فإنه يجوز له أن يعدل حينئذ إلى ما نواه،
والأحوط عدم العدول عن سورة الكافرون وكذلك عن سورة الاخلاص فيما
إذا بلغ النصف، كما أن الأحوط عدم العدول عن سورتي الجمعة والمنافقون
يوم الجمعة إلى غيرهما حتى إلى سورتي التوحيد والكافرون نعم لا بأس بالعدول
إلى إحداهما مع الضرورة.
(مسألة 276): إذا لم يتمكن المصلى من اتمام السورة لضيق الوقت عن
اتمامها أو لنسيانه كلمة أو جملة منها ولم يتذكرها جاز له أن يعدل إلى أية سورة
شاء وإن كان قد بلغ النصف، أو كان ما شرع فيه سورة الاخلاص أو
الكافرون.
(مسألة 277): يجب المد عند علماء التجويد في موردين:
1 - أن يقع بعد الواو المضموم ما قبلها أو الياء المكسور ما قبلها أو الألف
المفتوح ما قبلها سكون لازم في كلمة واحدة مثل (أتحاجوني) وفواتح السور
ك‍ (ص).
2 - أن تقع بعد أحد تلك الحروف همزة في كلمة واحدة مثل جاء وجي ء
وسوء، والظاهر عدم توقف صحة القراءة على المد في شئ من الموردين، وإن
123

كان الأحوط رعايته ولا سيما في الأول، نعم إذا توقف عليه أداء الكلمة كما في
(الضالين) حيث يتوقف التحفظ على التشديد والألف على مقدار من المد
وجب بهذا المقدار لا أزيد.
(مسألة 278): إذا اجتمع حرفان متجانسان أصليان في كلمة واحدة
وجب الادغام (كمد، ورد) إلا فيما ثبت فيه جواز القراءة بوجهين كقوله تعالى
(من يرتد منكم عن دينه) والأحوط الأولى الادغام فيما إذا وقعت النون
الساكنة أو التنوين قبل حروف يرملون (ي ر م ل ون).
(مسألة 279): لا يجب شئ من المحسنات التي ذكرها علماء التجويد،
بل إن بعضا منها لا يخلو عن اشكال وهذا كالادغام في كلمتي (سلككم)
و (خلقكم) بادغام الكاف أو القاف في الكاف.
(مسألة 280): يجب على الأحوط على الرجل فيما إذا صلى منفردا أو كان
إماما أن يجهر بالقراءة في فريضة الفجر وفي الركعتين الأولتين من المغرب
والعشاء، وأن يخافت بها في الظهرين، ويستحب له الجهر بالبسملة فيهما،
ويأتي حكم قراءة المأموم في أحكام صلاة الجماعة، ويجب على الأحوط على المرأة
أن تخفت في الظهرين وتتخير في غيرهما مع عدم سماع الأجنبي صوتها وأما معه
فالأحوط خفوتهن فيما إذا كان الاسماع محرما كما إذا كان موجبا للريبة، والعبرة
في الجهر والخفوت بالصدق العرفي.
(مسألة 281): يجب الجهر بالقراءة في صلاة الجمعة على الأحوط،
ويستحب ذلك في الأوليين من صلاة الظهر يوم الجمعة على الأظهر.
(مسألة 282): إذا جهر في القراءة موضع الخفوت، أو خفت موضع
الجهر - جهلا منه بالحكم أو نسيانا - صحت صلاته، وإذا علم بالحكم أو تذكر
أثناء القراءة صح ما مضى ويأتي بوظيفته في الباقي.
124

(مسألة 283): لا بأس بقراءة الحمد وسورة في المصحف في الفرائض
والنوافل، سواءا تمكن من الحفظ أو الائتمام أو المتابعة للقارئ أم لم يتمكن
من ذلك، وإن كان الأحوط الاقتصار في ذلك على حال الاضطرار، ولا بأس
بقراءة الأدعية والأذكار في القنوت وغيره في المصحف وغيره.
(مسألة 284): يتخير المصلي - إماما كان أم مأموما - في الركعة الثالثة من
المغرب وفي الأخيرتين من الظهرين والعشاء بين قراءة الحمد والتسبيح، ويتعين
الخفوت في هذه الركعات على الأحوط، ولكن يجوز الجهر بالبسملة فيما إذا
اختار قراءة الحمد إلا في القراءة خلف الإمام فإن الأحوط ترك الجهر بالبسملة
فيها، ويجزي في التسبيح أن يقول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر) مرة واحدة، والأحوط ثلاث مرات، والأولى الاستغفار بعد التسبيحات
ولو بأن يقول (اللهم اغفر لي).
(مسألة 285): إذا لم يتمكن من التسبيح تعين عليه قراءة الحمد.
(مسألة 286): يجوز التفريق في الركعتين الأخيرتين بأن يقرأ في إحداهما
فاتحة الكتاب ويسبح في الأخرى.
(مسألة 287): من نسي قراءة الحمد في الركعة الأولى والثانية فالأحوط
الأولى أن يختارها على التسبيحات في الركعة الثالثة أو الرابعة.
(مسألة 288): من نسي القراءة أو التسبيحة حتى ركع فلا شئ عليه،
والأولى أن يسجد سجدتين للسهو بعد الصلاة.
(مسألة 289): حكم القراءة والتسبيحات من جهة اعتبار القيام
والطمأنينة والاستقلال فيها كما مر في تكبيرة الاحرام وما ذكرناه من الفروع هناك
يجري بتمامه هنا، غير أنهما يفترقان من جهتين:
125

(1) إذا نسي القيام حال القراءة أو التسبيح فقرأ أو سبح جالسا فإن
تذكره قبل الركوع تداركه وإن تذكر بعد ما قام وركع عن قيام صحت صلاته.
(2) إذا لم يتمكن من القيام في تمام القراءة أو التسبيح وجب القيام فيهما
بالمقدار الممكن فإذا عجز جلس، وكذلك إذا لم يتمكن من الجلوس في تمام
القراءة أو الاضطجاع على الجانب الأيمن أو الأيسر على الترتيب الذي ذكرناه
في المسألة 264.
(مسألة 290): إذا شك في القراءة فإن كان شكه في صحتها - بعد
الفراغ منها - لم يعتن بالشك، وكذلك إذا شك في نفس القراءة بعدما هوى إلى
الركوع أو دخل في القنوت، وأما إذا شك فيها قبل ذلك لزمت عليه القراءة.
(مسألة 291): إذا شك في قراءة الحمد - بعدما دخل في السورة - لم
يعتن بالشك، وكذا إذا دخل في جملة وشك في جملة سابقة عليها.
(الركوع)
(4) الركوع، وهو من الأركان أيضا، وتبطل الصلاة بنقيصته عمدا أو
سهوا، وكذلك تبطل بزيادته عمدا وكذا سهوا على الأحوط إلا في صلاة الجماعة
- على تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى - ويجب الركوع في كل ركعة مرة واحدة إلا
في صلاة الآيات، ففي كل ركعة منها خمسة ركوعات وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.
126

(واجبات الركوع)
يجب في الركوع أمور:
(الأول): أن يكون الانحناء بمقدار تصل أطراف الأصابع إلى الركبة
في الرجل وكذا في المرأة على الأحوط، والأحوط أن يكون بمقدار تصل الراحة
إليها، ومن كانت يده طويلة أو قصيرة يرجع في مقدار الانحناء إلى مستوي
الخلقة.
(الثاني): القيام قبل الركوع، وتبطل الصلاة بتركه عمدا، وفي تركه
سهوا صورتان: (1) أن يتذكر القيام المنسي بعد دخوله في السجدة الثانية أو
بعد الفراغ منها، ففي هذه الصورة تبطل الصلاة أيضا على الأحوط (2) أن
يتذكره قبل دخوله في السجدة الثانية فيجب عليه حينئذ القيام ثم الركوع
وتصح صلاته، والأحوط استحبابا أن يسجد سجدتي السهو إذا كان تذكره بعد
دخوله في السجدة الأولى.
(مسألة 292): إذا لم يتمكن من الركوع عن القيام وكانت وظيفته الصلاة
قائما يومي إليه برأسه إن أمكن، وإلا فيومي بعينيه تغميضا له وفتحا للرفع منه.
(مسألة 293): إذا شك في القيام قبل الركوع فإن كان شكه بعد
الوصول إلى حده لم يعتن به ومضى في صلاته وإن كان قبل ذلك لزمه القيام ثم
الركوع، والأحوط حينئذ إعادة الصلاة بعد اتمامها.
(الثالث): الذكر، وهو التسبيح أو غيره من الأذكار كالتحميد والتكبير
والتهليل بقدره، والأحوط اختيار التسبيح بأن يقول (سبحان الله) ثلاثا، أو
127

(سبحان ربي العظيم وبحمده) مرة واحدة.
(مسألة 294): يعتبر المكث حال الركوع مقدمة للذكر الواجب
بمقداره، كما يعتبر فيه استقرار بدن المصلي فلا يجوز الاخلال به مع القدرة عليه
قبل رفع الرأس منه ولو في حال عدم الاشتغال بالذكر الواجب على الأحوط،
وإذا نسي الذكر أو الاستقرار حتى رفع رأسه من الركوع صحت صلاته ولا شئ
عليه، وإذا تذكر عدم الاستقرار وهو في الركوع أعاد الذكر على الأحوط الأولى.
(الرابع): القيام بعد الركوع، ويعتبر فيه الانتصاب وكذا الطمأنينة على
الأحوط وإذا نسيه حتى خرج عن حد الركوع لم يلزمه الرجوع وإن كان ذلك
أحوط ما لم يدخل في السجود كما أن الأحوط اتمام الصلاة وإعادتها إذا تذكره
بعد الدخول في السجود، وإن تذكره بعد الدخول في السجدة الثانية صحت
صلاته بلا اشكال والأحوط الأولى أن يسجد للسهو بعدها.
(مسألة 295): إذا شك في الركوع، أو في القيام بعده وقد دخل في
السجود لم يعتن بشكه، وكذلك إذا شك في القيام وقد هوى إلى السجود وإن
كان الأحوط فيه الرجوع وتدارك القيام المشكوك فيه وهكذا إذا شك في الركوع
وقد هوى إلى السجود لم يعتن بشكه على الأظهر.
(مسألة 296): إذا نسي الركوع حتى دخل في السجدة الثانية أعاد
صلاته على الأحوط وإن تذكره قبل ذلك رجع وتداركه والأحوط الأولى أن
يسجد سجدتي السهو لزيادة السجدة الواحدة.
(مسألة 297): من كان على هيئة الراكع في أصل الخلقة أو لعارض فإن
تمكن من القيام منتصبا ولو بأن يتكئ على شئ لزمه ذلك قبل الركوع وإلا فإن
تمكن من الانتصاب بمقدار يصدق عرفا على الانحناء بعده عنوان الركوع ولو
في حقه تعين ذلك وإلا أومأ للركوع برأسه وإن لم يمكن فبعينيه، وما ذكر من
128

وجوب القيام التام ولو بالاستعانة والقيام الناقص مع عدم التمكن يجري في
حال التكبيرة والقراءة وبعد الركوع أيضا، ومع عدم التمكن من الجميع يقدم
القيام قبل الركوع على غيره، ومع دوران الأمر بين القيام حال التكبيرة والقيام
حال القراءة أو بعد الركوع يقدم الأول.
(مسألة 298): يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع فلو انحنى
بمقداره لا بقصد الركوع بل لغاية أخرى - كقتل العقرب ونحوه - لا يكفي
في جعله ركوعا.
(مسألة 299): إذا انحنى للركوع فهوى إلى السجود نسيانا ففيه صور أربع:
(1) أن يكون نسيانه قبل أن يصل حد الركوع ويلزمه حينئذ الرجوع
والانحناء للركوع.
(2) أن يكون نسيانه بعد الدخول في الركوع ولكنه لم يخرج عن حد
الركوع حين هويه إلى السجود ويلزمه حينئذ أن يبقى على حاله ولا يهوي أكثر
من ذلك ويأتي بالذكر الواجب.
(3) أن يكون نسيانه بعد توقفه شيئا ما في حد الركوع ثم نسي فهوى إلى
السجود حتى خرج عن حد الركوع، ففي هذه الصورة صح ركوعه، ويجري
عليه حكم ناسي ذكر الركوع والقيام بعده.
(4) أن يكون نسيانه قبل توقفه في حد الركوع حتى هوى إلى السجود
وخرج عن حد الركوع، فيلزمه أن يرجع إلى القيام ثم ينحني إلى الركوع ثانيا
والأحوط في هذه الصورة إعادة الصلاة أيضا.
129

(السجود)
(الخامس): السجود، ويجب في كل ركعة سجدتان، وهما معا من
الأركان، فتبطل الصلاة بنقيصتهما عمدا أو سهوا وكذا بزيادتهما عمدا بل
وسهوا أيضا على الأحوط، وسيأتي حكم زيادة السجدة الواحدة ونقصانها.
ويعتبر في السجود أمور:
(الأول): أن يكون على سبعة أعضاء: وهي الجبهة والكفان والركبتان
والابهامان من الرجل، وتتقوم السجدة بوضع الجبهة - أو ما يقوم مقامها من
الوجه - على المسجد مع الانحناء الخاص، وأما وضع غيرها من الأعضاء
المذكورة على مساجدها فهو وإن كان واجبا حال السجود إلا أنه ليس بركن،
فلا يضر بالصلاة تركه من غير عمد وإن كان الترك في كلتا السجدتين.
(مسألة 300): لا يعتبر في مسجد الجبهة اتصال أجزائها، فيجوز
السجود على السبحة إذا كانت مصنوعة مما يصح السجود عليه.
(مسألة 301): الواجب وضعه على المسجد من الجبهة مسماها ويتحقق
بمقدار الدرهم بل بقدر طرف الأنملة أيضا على الأظهر، ومن الكفين
استيعاب باطنهما عرفا مع الامكان على الأحوط، ومن الركبتين بمقدار
المسمى، ومن الابهامين طرفاهما على الأحوط، والأظهر جواز وضع الظاهر
والباطن منهما، ولا يعتبر في وضع هذه المواضع أن يجعل ثقله عليها أزيد من
المقدار الذي يصدق معه السجود عليها عرفا، ويعتبر أن يكون السجود على
النحو المتعارف فلو وضعها على الأرض وهو نائم على وجهه لم يجزه ذلك، نعم
130

لا بأس بالصاق الصدر والبطن بالأرض حال السجود، والأحوط تركه.
(مسألة 302): يشترط في الكفين وضع باطنهما مع الاختيار، ومع
الضرورة يجزي الظاهر، والأحوط لمن قطعت يده من الزند أو لم يتمكن من
السجود على كفه لسبب آخر أن يسجد على ما هو الأقرب إلى الكف فالأقرب
من الذراع والعضد ولمن قطع ابهام رجله أن يسجد على سائر أصابعها.
(الثاني): أن لا يكون مسجد الجبهة أعلى من موضع الركبتين والابهامين
ولا أسفل منه بما يزيد على أربعة أصابع مضمومة ولا يترك الاحتياط بمراعاة
ذلك بين المسجد والموقف أيضا، فلو وضع جبهته على مكان مرتفع لعذر من
سهو أو غيره فإن لم يصدق عليه السجود عرفا لزمه أن يرفع رأسه ويسجد، وإن
صدق عليه ذلك فإن التفت بعد الذكر الواجب لم يجب عليه الجر إلى الموضع
المساوي وإن التفت قبله وجب عليه الجر والآتيان بالذكر بعده وإن لم يمكن الجر
إليه أتى به في هذا الحال ثم يمضي في صلاته.
(الثالث): يعتبر في مسجد الجبهة أن يكون من الأرض أو نباتها غير ما
يؤكل أو يلبس، فلا يجوز السجود على الحنطة والشعير والقطن ونحو ذلك.
نعم لا بأس بالسجود على ما يأكله الحيوان من النبات، وعلى النبات
المستعمل دواء كأصل السوس وعنب الثعلب وورد لسان الثور وعلى ورق الكرم
بعد أوان أكله وعلى ورق الشاي وعلى قشر الجوز أو اللوز بعد انفصاله عن
اللب وعلى نواة التمر وسائر النوى حال انفصالها عن الثمرة.
ويجوز السجود اختيارا على القرطاس المتخذ من الخشب وكذا المتخذ من
القطن أو الكتان على الأظهر دون المتخذ من الحرير والصوف ونحوهما على
الأحوط بل الأقوى.
والسجود على الأرض أفضل من السجود على غيرها والسجود على
131

التراب أفضل من السجود على غيره وأفضل من الجميع التربة الحسينية على
مشرفها آلاف التحية والسلام.
ولا يجوز السجود على الذهب والفضة وسائر الفلزات وعلى الزجاج
والبلور وعلى ما ينبت على وجه الماء وعلى الرماد وغير ذلك مما لا يصدق عليه
الأرض أو نباتها.
وفي جواز السجود على الفحم وعلى القير والزفت اشكال ولا يبعد الجواز
في الأول وتقدم الأخيرين على غيرهما عند الاضطرار.
والأحوط أن لا يسجد على الخزف والآجر وعلى الجص والنورة بعد
طبخهما وعلى المرمر والعقيق والفيروزج والياقوت والماس ونحوها، وإن كان
الأظهر جواز السجود على جميع ذلك.
(مسألة 303): لا يجوز السجود على ما يؤكل في بعض البلدان إذا عد
مأكولا في غيره وإن لم يتعارف أكله.
(مسألة 304): إذا لم يتمكن من السجود على ما يصح السجود عليه
لفقدانه أو من جهة الحر أو البرد أو غير ذلك فالأظهر عدم ثبوت بدل خاص له
وإن كان الأحوط أن يسجد على ثوبه فإن لم يتمكن منه أيضا سجد على غيره مما لا يجوز
السجود عليه اختيارا كالذهب والفضة ونحوهما أو سجد على ظهر كفه.
(مسألة 305): إذا سجد سهوا على ما لا يصح السجود عليه والتفت
في الأثناء فإن كان ذلك بعد الاتيان بالذكر الواجب مضى ولا شئ عليه وإن
كان قبله فإن تمكن من جر جبهته إلى ما يصح السجود عليه فعل ذلك ومع عدم
الامكان يتم سجدته وتصح صلاته.
(مسألة 306): لا بأس بالسجود على ما لا يصح السجود عليه اختيارا
132

حال التقية ولا يجب التخلص منها بالذهاب إلى مكان آخر ولا تأخير الصلاة
إلى زوال سببها.
(الرابع): يعتبر الاستقرار في المسجد، فلا يجزي وضع الجبهة على
الوحل والطين أو التراب الذي لا تتمكن الجبهة عليه، ولا بأس بالسجود على
الطين إذا تمكنت الجبهة عليه ولكن إذا لصق بها شئ من الطين أزاله للسجدة
الثانية إذا كان مانعا عن مباشرة الجبهة للمسجد.
(الخامس): يعتبر في المسجد الطهارة وكذا الإباحة على الأحوط، وتجزي
طهارة الطرف الذي يسجد عليه، ولا تضر نجاسة الباطن أو الطرف الآخر،
واللازم طهارة المقدار الذي يعتبر وقوع الجبهة عليه في السجود فلا بأس بنجاسة
الزائد عليه على الأظهر، وقد تقدم الكلام في اعتبار الإباحة في مكان المصلي في
المسألة 208.
(السادس): يعتبر الذكر في السجود والحال فيه كما ذكرناه في ذكر
الركوع، إلا أن التسبيحة الكبرى هنا (سبحان ربي الأعلى وبحمده).
(السابع): يعتبر الجلوس بين السجدتين وأما جلسة الاستراحة بعد
السجدة الثانية فوجوبها مبنى على الاحتياط.
(الثامن): يعتبر المكث حال السجود مقدمة للذكر الواجب بمقداره،
كما يعتبر فيه استقرار بدن المصلي فلا يجوز الاخلال به مع القدرة عليه قبل رفع
الرأس منه ولو في حال عدم الاشغال بالذكر على الأحوط، نعم لا
بأس بتحريك بعض الأطراف كأصابع اليد ما لم يضر بصدق الاستقرار عرفا
والأحوط الأولى إعادة الذكر لو تحرك حاله من غير عمد.
(مسألة 307): من لم يتمكن من الانحناء التام للسجود وجب عليه أن
يرفع ما يسجد عليه إلى حد يتمكن من وضع الجبهة عليه فإن لم يتمكن من
133

الانحناء بمقدار يصدق معه السجود عرفا أومأ برأسه للسجود وجعل ايماءه له
أكثر من ايمائه للركوع على الأحوط ومع العجز عنه أومأ بعينيه غمضا له وفتحا
للرفع منه.
(مسألة 308): إذا ارتفعت الجبهة من المسجد قهرا فإن كان في السجدة
الأولى أتى بالسجدة الثانية، وإن كان في السجدة الثانية مضى في صلاته ولا
شئ عليه، وإذا ارتفعت الجبهة قهرا ثم عادت كذلك لم يحسب سجدتين،
نعم إذا كان الارتفاع قبل الاتيان بالذكر فالأحوط الأولى أن يأتي به بعد العود
لا بقصد الجزئية.
(مسألة 309): إذا كان بجبهته دمل أو نحوه لا يتمكن من وضعه على
الأرض ولو من غير اعتماد لتعذر أو تعسر أو تضرر، فإن لم يستغرق الجبهة سجد
على الموضع السليم ولو بأن يحفر حفيرة ليقع السليم على الأرض، وإن استغرقها
وضع شيئا من وجهه على الأرض والأحوط لزوما تقديم الذقن على الجبينين
- أي طرفي الجبهة بالمعنى الأعم - وتقديمهما على غيرهما من أجزاء الوجه، فإن لم
يتمكن من وضع شئ من الوجه ولو بعلاج أومأ برأسه أو بعينيه على التفصيل
المتقدم.
(مسألة 310): من نسي السجدتين حتى دخل في الركوع بعدهما أعاد
صلاته على الأحوط، وإن تذكرهما قبل ذلك رجع وتداركهما، ومن نسي سجدة
واحدة فإن تذكرها قبل الركوع رجع وتداركها وإن ذكرها بعد ما دخل في الركوع
مضى في صلاته وقضاها بعد الصلاة.
(مسألة 311): من نسي السجدتين من الركعة الأخيرة حتى سلم فإن
ذكرهما قبل أن يأتي بما ينافي الصلاة عمدا وسهوا رجع وتداركها وأتم صلاته
على الأظهر وسجد سجدتين لزيادة السلام سهوا على الأحوط، وأما إذا ذكرهما
134

بعد الاتيان بشئ من المنافيات بطلت صلاته.
(مسألة 312): من نسي سجدة من الركعة الأخيرة وذكرها بعد السلام
قبل الاتيان بما ينافي الصلاة عمدا وسهوا رجع وتداركها وأتم صلاته على الأظهر
وسجد سجدتي السهو لزيادة السلام سهوا على الأحوط، وإذا ذكرها بعد
الاتيان بالمنافي قضاها وسجد سجدتي السهو على الأحوط الأولى.
(مسألة 313): من نسي وضع عضو من الأعضاء السبعة - غير الجبهة -
على الأرض وذكره بعد رفع الجبهة صحت صلاته ولا شئ عليه.
(مسألة 314): إذا ذكر - بعد رفع الرأس من السجود - إن مسجده لم
يكن مما يصح السجود عليه أو أنه كان أعلى أو أسفل من موضع ركبتيه مثلا بما
يزيد على أربع أصابع مضمومة مضى في صلاته ولا شئ عليه
(مسألة 315): إذا نسي الذكر أو الطمأنينة حال السجود وذكره بعد رفع
الرأس من السجود صحت صلاته.
(مسألة 316): إذا نسي الجلسة بين السجدتين حتى سجد الثانية
صحت صلاته.
(التشهد)
(السادس) التشهد، وهو واجب في الركعة الثانية في جميع الصلوات وفي
الركعة الثالثة من صلاة المغرب، وفي الرابعة من الظهرين والعشاء، ولكل من
صلاة الاحتياط - وإن كانت ركعة واحدة - وصلاة الوتر إذا أتى بها منفصلة كما
هو الأفضل تشهد واحد، والأحوط في كيفيته أن يقول (أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صلى على محمد وآل
135

محمد) ويجب تعلم التشهد مع الامكان ولو بأن يتبع غيره فيلقنه، وإذا لم يتمكن
لضيق الوقت ونحوه من الاتيان بالشهادتين والتصلية بأي نحو كان أتى بما
يقدر عليه وبترجمة الباقي على الأحوط.
(مسألة 317): يعتبر في التشهد أمور:
(1) أداءه صحيحا.
(2) الجلوس حاله مع القدرة عليه، ولا تعتبر في الجلوس كيفية خاصة.
(3) الطمأنينة عند اشتغاله بالذكر.
(4) الموالاة بين أجزائه بأن يأتي بها متعاقبة على نحو يصدق عليه عنوان
التشهد ولا يضر بها الفصل بينهما بالأذكار المأثور.
(مسألة 318): إذا نسي التشهد الأول وذكره قبل أن يدخل في الركوع
الذي بعده لزمه الرجوع لتداركه، ولو تذكره بعده قضاه بعد الصلاة على
الأحوط الأولى ويسجد سجدتي السهو، ولو نسي الجلوس فيه تداركه مع
الامكان، وإلا مضى في صلاته وسجد بعدها سجدتي السهو على الأحوط
الأولى، ومن نسي الطمأنينة فيه فالأحوط تداركها مع التمكن ومع عدمه فلا
شئ عليه، ومن نسي التشهد الأخير حتى سلم فإن ذكره قبل الاتيان بما ينافي
الصلاة رجع وتداركه ثم أتى بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط
وجوبا، وإن ذكره بعد الاتيان بالمنافي فهو كمن نسي التشهد الأول وذكره بعد
الدخول في الركوع.
(مسألة 319): إذا تشهد فشك في صحته لم يعتن بشكه، وكذا إذا شك
في الاتيان بالشهادتين حال (الصلاة على محمد وآل محمد) أو شك في مجموع
التشهد أو في الصلاة على محمد وآله بعدما قام أو حين السلام الواجب وكذا إذا
136

كان شكه حال النهوض وقبل إن يصل إلى حد القيام.
(السلام)
(السابع): السلام، وهو واجب في كل صلاة وآخر أجزائها، ويعتبر
أداءه صحيحا حال الجلوس مع الطمأنينة كما في التشهد، وله صيغتان هما
(السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) و (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)
والأحوط عدم ترك الصيغة الثانية وإن أتى بالأولى ويستحب الجمع بينهما وأن
يقول قبلهما (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته).
(مسألة 320): من نسي السلام تداركه إذا ذكره قبل أن يأتي بشئ من
منافيات الصلاة وإن ذكره بعد ذلك كأن يذكره بعد ما صدر منه الحدث أو
بعد فصل طويل مخل بهيئة الصلاة صحت صلاته ولا شئ عليه وإن كان
الأحوط إعادتها.
(مسألة 321): إذا شك في صحة السلام - بعد الاتيان به - لم يعتن
بالشك وكذلك إذا شك في أصله بعدما دخل في صلاة أخرى أو أتى بشئ من
المنافيات، وإذا شك فيه قبل أن يدخل في شئ من التعقيب لزمه التدارك دون
ما إذا دخل فيه على الأظهر.
(الترتيب والموالاة)
يجب الاتيان بواجبات الصلاة مرتبة على النحو الذي ذكرناه، فإذا
خالف الترتيب عمدا بطلت صلاته، وقد تقدم حكم المخالفة سهوا في المسائل
137

المتقدمة، وتجب المولاة بين أجزاء الصلاة بأن يؤتى بها متوالية على نحو ينطبق
على مجموعها عنوان الصلاة، ولا يضر بالموالاة تطويل الركوع أو السجود أو
القنوت أو الاكثار من الأذكار أو قراءة السور الطوال ونحو ذلك.
(القنوت)
يستحب القنوت مرة واحدة في جميع الصلوات اليومية - فريضة كانت أو
نافلة - بل في جميع النوافل غير الشفع فإن الأحوط الاتيان به فيها رجاءا،
ويستحب القنوت في صلاة الجمعة مرتين: مرة في الركعة الأولى قبل الركوع
ومرة في الركعة الثانية بعده، ويتعدد القنوت في صلوات العيدين والآيات،
ومحله في بقية الصلوات قبل الركوع من الركعة الثانية وفي صلاة الوتر قبل ما
يركع، ويتأكد استحباب القنوت في الصلوات الجهرية ولا سيما صلاة الفجر
وصلاة الجمعة.
(مسألة 322): لا يعتبر في القنوت ذكر مخصوص، ويكفي فيه كل دعاء
أو ذكر وفي تحقق وظيفة القنوت بالدعاء الملحون أو بغير العربية اشكال وإن كان
لا يقدح ذلك في صحة الصلاة، والأولى أن يجمع فيه بين الثناء على الله
والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والدعاء لنفسه وللمؤمنين، نعم قد وردت أذكار
خاصة في بعض النوافل فلتطلب من مظانها.
(مسألة 323): من نسي القنوت حتى ركع يستحب له أن يأتي به بعد
الركوع وإن ذكره بعدما سجد يستحب أن يأتي به بعد الصلاة.
138

(مبطلات الصلاة)
مبطلات الصلاة أحد عشرا أمرا:
1 - أن تفقد الصلاة شيئا من الأجزاء أو مقدماتها على التفصيل المتقدم
في المسائل المتعلقة بها.
2 - أن يحدث المصلي أثناء صلاته ولو في الآنات المتخللة فإنه يوجب
بطلانها ولو وقع سهوا أو اضطرارا بعد السجدة الأخيرة على الأحوط، وقد
تقدم في الصفحة.. وما بعدها وفي المسألة 320 حكم دائم الحدث وناسي
السلام حتى أحدث.
3 - التكفير في الصلاة وهو أيضا مبطل لها - في غير حال التقية - على
الأحوط سواء قصد به الجزئية أم لا، والتكفير هو أن يضع المصلي إحدى يديه
على الأخرى خضوعا وتأدبا، ولا بأس بالوضع المزبور لغرض آخر كالحك
ونحوه.
4 - الالتفات عن القبلة لا عن عذر بحيث يوجب الاخلال بالاستقبال
المعتبر في الصلاة، وأما الالتفات عن عذر كسهو أو قهر كريح ونحوه فإما أن
يكون فيما بين اليمين واليسار وإما أن يكون أزيد من ذلك ومنه ما يبلغ حد
الاستدبار.
أما الأول فلا يوجب الإعادة - فضلا عن القضاء - ولكن إذا زال العذر
في الأثناء لزم التوجه إلى القبلة فورا.
139

وأما الثاني فيوجب البطلان في الجملة: فإن الساهي إذا تذكر في وقت
يتسع للاستيناف ولو بإدراك ركعة من الوقت وجبت عليه الإعادة وإلا فلا، وإن
تذكر بعد خروج الوقت لم يجب عليه القضاء، وأما المقهور فإن تمكن من ادراك
ركعة بلا التفات وجب عليه الاستيناف وإن لم يتمكن أتم صلاته ولا يجب عليه
قضاؤها.
هذا في الالتفات عن القبلة بكل البدن ويشترك معه في الحكم الالتفات
بالوجه إلى جهة اليمين أو اليسار التفاتا فاحشا بحيث يوجب لي العنق ورؤية
جهة الخلف في الجملة، وأما الالتفات اليسير الذي لا يخرج معه المصلي عن
كونه مستقبلا للقبلة فهو لا يضر بصحة الصلاة وإن كان مكروها.
5 - التكلم في الصلاة متعمدا ويتحقق بالتلفظ ولو بحرف واحد إذا
كان مفهما أما لمعناه مثل (ق) أمرا من الوقاية أو لغيره كما لو تلفظ ب‍ (ب) للتلقين
أو جوابا عمن سأله عن ثاني حروف المعجم، وأما التلفظ بغير المفهم مطلقا فلا
يترك الاحتياط بالاجتناب عنه إذا كان مركبا من حرفين فما زاد، ولا فرق فيما
ذكر بين صورتي الاختيار والاضطرار على اشكال في اطلاقه، وقد استثنى من
ذلك ما إذا سلم شخص على المصلي فإنه يجب عليه أن يرد سلامه بمثله بأن لا
يزيد عليه وكذا لا يقدم الظرف إذا سلم عليه مع تقديم السلام على الأحوط
بل الأحوط الأولى أن يكون الرد مما ثلا للسلام في جميع خصوصياته حتى في
التعريف والتنكير والجمع والافراد فإذا قال (السلام عليك) رده بمثله وكذلك
إذا قال (سلام عليك) أو (سلام عليكم) أو (السلام عليكم) نعم لو سلم عليه
بصيغة الجواب أي (عليكم السلام) جاز له الرد عليه بأية صيغة كانت.
ثم إن هذا الاستثناء يختص بما إذا وجب الرد على المصلي، وأما فيما إذا
لم يجب عليه كان رده مبطلا لصلاته، وهذا كما إذا لم يقصد المسلم بسلامه تحية
140

المصلي وإنما قصد به أمرا آخر من استهزاء أو مزاح ونحوهما، وكما إذا سلم
المسلم على جماعة منهم المصلي فرد عليه واحد منهم فإنه لا يجوز للمصلي أن يرد
عليه سلامه ولو رده بطلت صلاته.
(مسألة 324): لا بأس بالدعاء في الصلاة بشرط عدم مخاطبة الغير به
كقوله (غفر الله لك) على الأحوط، كما لا بأس بذكر الله سبحانه وبقراءة القرآن
فيها ولا يندرج شئ من ذلك في الكلام المبطل.
(مسألة 325): لا تبطل الصلاة بالتكلم أو بالسلام فيها سهوا وإنما
تجب بذلك سجدتان للسهو بعد الصلاة على الأحوط.
6 - القهقهة متعمدا، وهي تبطل الصلاة وإن كانت بغير اختيار إذا
كانت مقدماتها اختيارية بل مطلقا على الأحوط، ولا بأس بها إذا كانت عن
سهو، والقهقهة هي الضحك المشتمل على الصوت والمد والترجيع.
7 - البكاء متعمدا، وهو يبطل الصلاة سواء المشتمل منه على صوت
وغير المشتمل عليه على الأحوط إذا كان لأمر من أمور الدنيا، ولا فرق في بطلان
الصلاة به بين صورتي الاختيار والاضطرار على الأحوط، ولو غلب عليه البكاء
بحيث لم يقدر إلا على الصلاة باكيا فلا اشكال في صحة صلاته، ولا بأس
بالبكاء إذا كان عن سهو كما لا بأس به اختيارا إذا كان لأمر أخروي كخوف
من العذاب أو الطمع في الجنة أو كان خضوعا لله سبحانه ولو لأجل طلب أمر
دنيوي، وكذلك البكاء لشئ من مصائب أهل البيت سلام الله عليهم لأجل
التقرب به إلى الله.
8 - كل عمل يخل بهيئة الصلاة عند المتشرعة، ومنه الأكل والشرب إذا
كان على نحو تنمحي به صورة الصلاة، ولا فرق في بطلان الصلاة بذلك بين
العمد والسهو، نعم لا بأس بابتلاع السكر المذاب في الفم وما تخلف من
141

الطعام في فضاء الفم أو خلال الأسنان، كما لا بأس أيضا بالأعمال اليسيرة
كالايماء باليد أو التصفيق لتفهيم أمر ما، وكحمل الطفل أو ارضاعه وعد
الركعات بالحصى ونحوها فإن كل ذلك لا يضر بالصلاة كما لا يضر بها قتل
الحية أو العقرب.
(مسألة 326): من كان مشتغلا بالدعاء في صلاة الوتر عازما على
الصوم جاز له أن يتخطى إلى الماء الذي أمامه بخطوتين أو ثلاث ليشربه إذا
خشي مفاجأة الفجر وهو عطشان، بل الظاهر جواز ذلك في غير حال الدعاء
بل في كل نافلة.
9 - التأمين، وهو قول آمين بعد قراءة سورة الفاتحة، وهو مبطل للصلاة
إذا أتى به المأموم عامدا في غير حال التقية وأما إذا أتى به سهوا أو في حال التقية
فلا بأس به، وأما غير المأموم ففي بطلان صلاته به اشكال فلا يترك الاحتياط
بتركه، نعم لا اشكال في حرمته تشريعا إذا أتى به بعنوان الوظيفة المقررة في
المحل شرعا.
10 - الشك في عدد الركعات على تفصيل سيأتي.
11 - أن يزيد في صلاته أو ينقص منها شيئا متعمدا سواء أكان قولا أم
فعلا ركنا أم غيره، ولا يعتبر في صدق الزيادة قصد الجزئية ولكن في تحققها بما
ليس مسانخا لأجزاء الصلاة اشكال بل منع نعم قد يوجب البطلان من جهة
أخرى كما إذا كان ماحيا للصورة أو قصد به الجزئية تشريعا على نحو يخل بقصد
التقرب، وتبطل الصلاة أيضا بزيادة جزء فيها سهوا إذا كان ركعة بل ولو كان
ركوعا أو سجدتين من ركعة واحدة على الأحوط وإلا فلا تبطل.
142

(أحكام الشك في الصلاة)
(مسألة 327): من شك في الاتيان بصلاة في وقتها لزمه الاتيان بها،
ولا يعتني بالشك إذا كان بعد خروج الوقت ويستثنى من ذلك الوسواسي فإنه
لا يعتني بشكه ولو في الوقت، والأظهر الحاق كثير الشك به في ذلك.
(مسألة 328): من شك في الاتيان بصلاة الظهر - بعدما صلى العصر -
أو شك في الاتيان بصلاة المغرب - بعد ما صلى العشاء - لزمه الاتيان بها.
(مسألة 329): من شك في الاتيان بالظهرين ولم يبق من الوقت إلا
مقدار فريضة العصر لزمه الاتيان بها، ولا يجب عليه قضاء صلاة الظهر،
وكذلك الحال في العشائين.
(مسألة 330): من شك في صحة صلاته بعد الفراغ منها لم يعتن
بشكه، وكذا إذا شك في صحة جزء من الصلاة بعد الاتيان به، وكذا إذا شك
في أصل الاتيان به بعد ما دخل فيما لا ينبغي الدخول فيه شرعا مع الاخلال
بالمشكوك فيه عمدا، وأما إذا كان الشك قبل الدخول فيه لزمه الاتيان بالمشكوك
فيه (وقد مر تفصيل ذلك في مسائل واجبات الصلاة).
(الشك في عدد الركعات)
إذا شك المصلي في عدد ركعات الصلاة جاز له قطعها واستينافها على
الأظهر ولا يلزمه علاج ما هو قابل للعلاج إذا لم يستلزم محذور فوات الوقت
143

وإلا لم يجز له ذلك، والأحوط عدم الاستيناف قبل الاتيان بأحد القواطع
كالاستدبار مثلا، وما يذكر في المسائل الثلاث الآتية وفي فصل صلاة الاحتياط
في تمييز ما يقبل العلاج من الشكوك عن غيره وفي بيان كيفية العلاج إنما يتعين
العمل به خصوص الصورة المتقدمة.
(مسألة 331): من شك في صلاة الفجر أو غيرها من الصلوات الثنائية
أو في صلاة المغرب - ولم يحفظ عدد ركعاتها - فإن غلب ظنه على أحد طرفي
الشك بنى عليه، وإلا بطلت صلاته.
(مسألة 332): من شك في عدد ركعات الصلوات الرباعية فإن غلب
ظنه على أحد الطرفين بنى عليه وإلا عمل بوظيفة الشاك في المواضع التالية:
1 - من شك بين الاثنتين والثلاث بعد الدخول في السجدة الثانية
(بوضع الجبهة على المسجد ولو قبل الشروع في الذكر) بنى على الثلاث وأتم
صلاته ثم أتى بركعة من قيام احتياطا.
2 - من شك بين الثلاث والأربع - أينما كان الشك - بنى على الأربع
وأتم صلاته ثم أتى بركعتين من جلوس أو بركعة من قيام.
3 - من شك بين الاثنتين والأربع بعد الدخول في السجدة الثانية بنى
على الأربع وأتى بركعتين من قيام بعد الصلاة.
4 - من شك بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد الدخول في السجدة
الثانية بنى على الأربع وأتم صلاته ثم أتى بركعتين قائما ثم بركعتين جالسا.
5 - من شك بين الأربع والخمس - بعد الدخول في السجدة الثانية -
بنى على الأربع وسجد سجدتي السهو بعد الصلاة ولا شئ عليه، ولا يبعد
جريان هذا الحكم في كل مورد يكون الطرف الأقل هو الأربع كالشك بينها
144

وبين الست، كما لا يبعد في كل مورد شك فيه بين الأربع والأقل منها والأزيد
بعد الدخول في السجدة الثانية كفاية العمل بموجب الشكين بالبناء على
الأربع والآتيان بصلاة الاحتياط لاحتمال النقيصة ثم بسجدتي السهو لاحتمال
الزيادة.
6 - من شك بين الأربع والخمس - حال القيام - هدم قيامه وأتى بوظيفة
الشاك بين الثلاث والأربع.
7 - من شك بين الثلاث والخمس - حال القيام - هدم قيامه وأتى بوظيفة
الشاك بين الاثنتين والأربع.
8 - من شك بين الثلاث والأربع والخمس - حال القيام - هدم قيامه
وأتى بوظيفة الشاك بين الاثنتين والثلاث والأربع.
9 - من شك بين الخمس والست - حال القيام - هدم قيامه وأتى بوظيفة
الشاك بين الأربع والخمس بعد الدخول في السجدة الثانية، والأحوط الأولى في
المواضع الأربعة الأخيرة أن يسجد سجدتي السهو بعد صلاة الاحتياط لأجل
القيام الذي هدمه، والأولى فيها بل في جميع هذه المواضع المذكورة إعادة
الصلاة بعد العمل بوظيفة الشاك.
(مسألة 333): إذا شك في صلاته، ثم انقلب شكه إلى الظن - قبل أن
يتم صلاته - لزمه العمل بالظن، ولا يعتني بشكه الأول، وإذا ظن ثم انقلب
إلى الشك لزمه ترتيب أثر الشك، وإذا انقلب ظنه إلى ظن آخر، أو انقلب شكه
إلى شك آخر لزمه العمل على طبق الظن أو الشك الثاني، وعلى الجملة يجب
على المصلي أن يراعي حالته الفعلية ولا عبرة بحالته السابقة، مثلا: إذا ظن أن
ما بيده هي الركعة الرابعة ثم شك في ذلك لزمه العمل بوظيفة الشاك، وإذا
شك بين الاثنين والثلاث فبنى على الثلاث ثم انقلب شكه إلى الظن بأنها
145

الثانية عمل بظنه، وإذا انقلب إلى الشك بين الاثنتين والأربع لزمه أن يعمل
بوظيفة الشك الثاني، وإذا ظن أن ما بيده الركعة الثانية، ثم تبدل ظنه بالظن
بأنها الثالثة بنى على أنها الثالثة وأتم صلاته.
(الشكوك التي لا يعتنى بها)
لا يعتنى بالشك في ستة مواضع:
1 - ما إذا كان الشك بعد الفراغ من العمل، كما إذا شك بعد القراءة
في صحتها، أو شك بعد ما صلى الفجر في أنها كانت ركعتين أو أقل أو أكثر.
2 - ما إذا كان الشك بعد خروج الوقت، كما إذا شك في الاتيان بصلاة
الفجر بعدما طلعت الشمس.
3 - ما إذا كان الشك في الاتيان بجزء بعدما دخل فيما لا ينبغي الدخول
فيه شرعا مع الاخلال بالمشكوك فيه عمدا سواء أكان جزء أم غيره.
4 - ما إذا كثر الشك، فإذا شك في الاتيان بواجب بنى على الاتيان به،
كما إذا شك بين السجدة والسجدتين، فإنه يبني - حينئذ - على أنه أتى
بسجدتين، وإذا شك في الاتيان بمفسد بنى على عدمه كمن شك كثيرا في
صلاة الفجر بين الاثنين والثلاث فإنه يبني على أنه لم يأت بالثالثة ويتم صلاته
ولا شئ عليه، ولا فرق في عدم الاعتناء بالشك إذا كثر بين أن يتعلق
بالركعات أو الأجزاء أو الشرائط، وعلى الجملة لا يعتنى بشك كثير الشك ويبني
معه على صحة العمل المشكوك فيه، وتتحقق كثرة الشك بعروض الشك أزيد
مما يتعارف عروضه للمشاركين مع صاحبه في اغتشاش الحواس وعدمه زيادة
معتمدا بها عرفا فإذا كان الشخص في الحالات العادية لا تمضي عليه ثلاث
146

صلوات إلا ويشك في واحدة منها فهو من أفراد كثير الشك.
ثم إن كثرة الشك أن اختصت بموضع بأن كانت من خواصه وسماته،
فلا بد من أن يعمل فيما عداه بوظيفة الشاك كغيره من المكلفين، مثلا: إذا كانت
كثرة شكه في خصوص الركعات لم يعتن بشكه فيها، فإذا شك في الاتيان
بالركوع أو السجود أو غير ذلك مما لم يكثر شكه فيه لزمه الاتيان به إذا كان
الشك قبل الدخول في الغير، وأما إذا تحقق مسمى الكثرة
في فعل معين كالركوع ثم شك في عمل آخر أيضا كالسجود فالظاهر عدم
الاعتناء به أيضا.
5 - ما إذا شك الإمام وحفظ عليه المأموم وبالعكس، فإذا شك الإمام
بين الثلاث والأربع - مثلا - وكان المأموم حافظا لم يعتن الإمام بشكه ورجع إلى
المأموم وكذلك العكس، ولا فرق في ذلك بين الشك في الركعات والشك في
الأفعال، فإذا شك المأموم في الاتيان بالسجدة الثانية - مثلا - والإمام يعلم
بذلك رجع المأموم إليه، وكذلك العكس.
(مسألة 334): لا فرق في رجوع الشاك من الإمام أو المأموم إلى الحافظ
منهما بين أن يكون على حفظه على نحو اليقين وأن يكون على نحو الظن، فالشاك
منهما يرجع إلى الظان كما يرجع إلى المتيقن، وإذا اختلفا بالظن واليقين عمل
كل منهما بوظيفته، مثلا: إذا ظن المأموم في الصلوات الرباعية أن ما بيده هي
الثالثة وجزم الإمام بأنها الرابعة وجب على المأموم أن يضم إليها ركعة متصلة
ولا يجوز له أن يرجع إلى الإمام.
(مسألة 335): إذا اختلف الإمام والمأموم في جهة الشك فإن لم تكن
بينهما جهة مشتركة عمل كل منهما بوظيفته، كما إذا شك المأموم بين الاثنتين
والثلاث وشك الإمام بين الأربع والخمس، وإلا بأن كانت بينهما جهة مشتركة
147

أخذ بها، وألغى كل منهما جهة الامتياز من طرفه، مثلا: إذا شك الإمام بين
الثلاث والأربع وكان شك المأموم بين الاثنتين والثلاث بنيا على الثلاث فإن
المأموم يرجع إلى الإمام في أن ما بيده ليست بالثانية والإمام يرجع إلى المأموم في
أنها ليست بالرابعة ولا حاجة حينئذ إلى صلاة الاحتياط.
6 - ما إذا كان الشك في عدد الركعات من النوافل فإن هذا الشك لا يعتني
به، والمصلي يتخير بين البناء على الأقل والبناء على الأكثر فيما إذا لم يستلزم
البطلان، ويتعين البناء على الأقل فيما استلزمه كما إذا شك بين الاثنتين
والثلاث، والأفضل البناء على الأقل في موارد التخيير.
(مسألة 336): يعتبر الظن في عدد الركعات من النافلة أو الفريضة، ولا
عبرة به فيما إذا تعلق بالأفعال في النافلة أو الفريضة.
(مسألة 337): إذا وجبت النافلة لعارض - كنذر وشبهه - فالظاهر أنه
يجري عليها حكم الشك في النافلة.
(مسألة 338): إذا ترك في صلاة النافلة ركنا - سهوا - ولم يمكن تداركه
بطلت، ولا يبعد عدم بطلانها بزيادة الركن سهوا كما هو المشهور.
148

(صلاة الاحتياط)
صلاة الاحتياط هي ما يؤتي به بعد الصلاة تداركا للنقص المحتمل
فيها، ويعتبر فيها أمور:
1 - أن يؤتي بها بعد الصلاة قبل الاتيان بشئ من منافياتها على ما
سيأتي.
2 - أن يؤتي بها تامة الأجزاء والشرائط على النحو المعتبر في أصل
الصلاة، غير أن صلاة الاحتياط ليس لها أذان ولا إقامة وليس فيها سورة - غير
فاتحة الكتاب - ولا قنوت.
3 - أن يخفت في قراءتها على الأحوط، وإن كانت الصلاة الأصلية
جهرية، والأحوط الأولى الخفوت في البسملة أيضا.
(مسألة 339): من أتى بشئ من المنافيات قبل صلاة الاحتياط لزمته
إعادة أصل الصلاة على الأحوط، ولا حاجة معها إلى صلاة الاحتياط على الأظهر.
(مسألة 340): إذا علم قبل أن يأتي بصلاة الاحتياط إن صلاته كانت
تامة سقط وجوبها، وإذا علم أنها كانت ناقصة لزمه تدارك ما نقص ثم الاتيان
بسجدتي السهو لزيادة السلام على الأحوط.
(مسألة 341): إذا علم بعد صلاة الاحتياط نقص صلاته بالمقدار
المشكوك فيه لم تجب عليه الإعادة، وقامت صلاة الاحتياط مقامه، مثلا إذا شك
149

بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع وأتم صلاته، ثم تبين له بعد صلاة
الاحتياط إن صلاته كانت ثلاثا صحت صلاته وكانت الركعة من قيام
أو الركعتان من جلوس بدلا عن الركعة الناقصة.
(مسألة 342): إذا شك في الاتيان بصلاة الاحتياط فإن كان شكه بعد
خروج الوقت لم يعتن بشكه وأما إذا كان بعد الاتيان بما ينافي الصلاة عمدا
وسهوا فالأحوط استيناف الصلاة.
(مسألة 343): إذا شك في عدد الركعات من صلاة الاحتياط بنى على
الأكثر إلا إذا استلزم البناء عليه بطلانها فيبني حينئذ على الأقل، مثلا: إذا
كانت وظيفة الشاك الاتيان بركعتين احتياطا فشك فيها بين الواحدة والاثنتين
بنى على الاثنتين وإذا كانت وظيفته الاتيان بركعة واحدة، وشك فيها بين
الواحدة والاثنتين بنى على الواحدة.
(مسألة 344): إذا شك في شئ من أفعال صلاة الاحتياط جرى عليه
حكم الشك في أفعال الصلاة الأصلية.
(مسألة 345): إذا نقص أو زاد ركنا من صلاة الاحتياط - عمدا أو سهوا -
بطلت كما في الصلاة الأصلية على ما مر، ويجتزي حينئذ بإعادة أصل
الصلاة، ولا تجب سجدتا السهو بزيادة غير الأركان أو نقصانه فيها سهوا.
150

(قضاء الأجزاء المنسية)
(مسألة 346): من ترك سجدة واحدة سهوا ولم يمكن تداركها في
الصلاة قضاها بعدها، والأحوط الأولى أن يأتي بسجدتي السهو أيضا، ومن
ترك التشهد في الصلاة سهوا أتى بسجدتي السهو والأحوط الأولى قضاؤه أيضا،
ويعتبر في قضائهما ما يعتبر في أدائهما من الطهارة والاستقبال وغير ذلك، ويجري
هذا الحكم فيما إذا كان المنسي سجدة واحدة في أكثر من ركعة بمعنى أنه يجب
قضاء كل سجدة والآتيان بسجدتي السهو لكل منها على الأحوط الأولى، وإذا
كان المنسي الصلاة على محمد وآله أو بعض التشهد فالأحوط الأولى قضاؤه
أيضا.
(مسألة 347): يجب في قضاء السجدة أن يؤتى بها بعد الصلاة قبل
صدور ما ينافيها على الأحوط، ولو صدر المنافي فالأقوى جواز الاكتفاء بقضائها
والأحوط إعادة الصلاة أيضا.
(مسألة 348): يجب تقديم قضاء السجدة على سجدتي السهو، وإذا
كان على المكلف سجود السهو من جهة أخرى لزم تأخيره عن القضاء أيضا،
وإذا كان على المكلف قضاء السجدة وقضاء التشهد قدم الأول على الأحوط
وإذا كان عليه صلاة الاحتياط وقضاء السجدة قدم صلاة الاحتياط.
(مسألة 349): من شك في الاتيان بقضاء السجدة وجب الاتيان به
وإن كان الشك بعد خروج الوقت على الأحوط.
151

(مسألة 350): إذا نسي قضاء السجدة وتذكر بعد الدخول في صلاة
فريضة فالأحوط قطعها والآتيان بالقضاء وإن لم يقطعها لم تبطل صلاته، وإن
تذكر بعد الدخول في صلاة نافلة قضاها في أثنائها وله البناء على صلاته.
152

(سجود السهو)
- 465 - تجب سجدتان للسهو في موارد ولكن لا تتوقف صحة الصلاة على
الاتيان بهما، وهذه الموارد هي:
(1) ما إذا تكلم في الصلاة سهوا على الأحوط.
(2) ما إذا سلم في غير موضعه على الأحوط، كما إذا اعتقد أن ما بيده
هي الركعة الرابعة فسلم ثم انكشف إنها كانت الثانية والمراد بالسلام هو جملة
(السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) أو جملة (السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته) وإما جملة (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) فالظاهر أن
زيادتها سهوا لا توجب سجدتي السهو.
(3) ما إذا نسي التشهد في الصلاة على ما مر في المسألة 346.
(4) ما إذا شك بين الأربع والخمس أو ما بحكمه على ما مر في المسألة
332.
(5) ما إذا علم اجمالا - بعد الصلاة - أنه زاد فيها أو نقص، مع كون
صلاته محكومة بالصحة فإنه يسجد سجدتي السهو على الأحوط، والأحوط
الأولى أن يأتي بهما فيما لو نسي سجدة واحدة كما مر في المسألة 346 وفيما إذا قام
في موضع الجلوس أو جلس في موضع القيام سهوا بل الأولى أن يسجد لكل
زيادة ونقيصة.
(مسألة 351): إذا تعدد ما يوجب سجدتي السهو لزم الاتيان بهما
153

بتعداده، نعم إذا سلم في غير موضعه بكلتا الجملتين المتقدمتين أو تكلم سهوا
بكلام طويل لم يجب الاتيان بسجدتي السهو إلا مرة واحدة.
(مسألة 352): تجب المبادرة إلى سجدتي السهو، ولو آخرهما عمدا لم
يسقط وجوبهما على الأحوط ولزم الاتيان بهما فورا ففورا، ولو آخرهما نسيانا أتي
بهما متى تذكر.
(مسألة 353): تعتبر النية في سجدتي السهو والأحوط في كيفيتهما أن
يسجد ويقول في سجوده: (بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته) ثم يرفع رأسه ويجلس ثم يسجد ويأتي بالذكر المتقدم ثم يرفع رأسه
ويتشهد تشهد الصلاة، ثم يقول (السلام عليكم) والأولى أن يضيف إليه جملة
(ورحمة الله وبركاته) ولا يعتبر فيهما التكبير وإن كان أحوط.
(مسألة 354): يعتبر - على الأحوط - في سجود السهو أن يكون على ما
يصح السجود عليه في الصلاة وأن يضع مواضعه السبعة على الأرض ولا تعتبر
فيه بقية شرائط السجود أو الصلاة على الأظهر وإن كان الأحوط رعايتها.
(مسألة 355): من شك في تحقق ما يوجب سجدتي السهو لم يعتن به
ومن شك في الاتيان بهما مع العلم بتحقق موجبهما وجب عليه الاتيان بهما وإن
كان شكه بعد فوات المبادرة على الأحوط.
(مسألة 356): إذا علم بتحقق ما يوجب سجدتي السهو وشك في
الأقل والأكثر بنى على الأقل، مثلا: إذا علم أنه سلم في غير موضعه ولم يدر
أنه كان مرة واحدة أو مرتين، أو احتمل أنه تكلم أيضا لم يجب عليه إلا الاتيان
بسجدتي السهو مرة واحدة.
154

(مسألة 357): إذا شك في الاتيان بشئ من أجزاء سجدتي السهو
وجب الاتيان به إن كان شكه قبل تجاوز محله وإلا لم يعتن به وكذا لا يعتني به
إذا كان الشك بعد الفراغ.
(مسألة 358): إذا شك ولم يدر أنه أتي بسجدتين أو ثلاث لم يعتن به،
سواء أشك قبل دخوله في التشهد أم شك بعده وإذا علم أنه أتى بثلاث أعاد
سجدتي السهو على الأحوط.
(مسألة 359): إذا نسي سجدة واحدة من سجدتي السهو فإن أمكنه
التدارك بأن ذكر ها قبل أن يتحقق فصل طويل لزمه التدارك، وإلا أتى بسجدتي
السهو من جديد.
155

(صلاة الجماعة)
تستحب الجماعة في الصلوات اليومية، ويتأكد استحبابها في صلاة الفجر
وفي العشاءين وفي الحديث (الصلاة خلف العالم بألف ركعة وخلف القرشي
بمائة) وعليه فالصلاة خلف العالم القرشي أفضل وكلما زاد عدد الجماعة زاد
فضلها وتجب الجماعة في صلاة الجمعة كما تقدم في بيان شرائط صلاة الجمعة.
(مسألة 360): قد تجب الجماعة في الصلوات اليومية، وهو في موارد:
(1) ما إذا أمكن المكلف تصحيح قراءته وتسامح حتى ضاق الوقت عن
التعلم والصلاة وقد تقدم في المسألة 266.
(2) ما إذا ابتلى المكلف بالوسواس لحد تبطل معه الصلاة كلما صلى
وتوقف دفعه على أن يصلي جماعة.
(3) ما إذا لم يسع الوقت أن يصلي فرادي ووسعها جماعة كما إذا كان
المكلف بطيئا في قراءته أو لأمر آخر غير ذلك.
(4) ما إذا تعلق النذر أو اليمين أو العهد ونحو ذلك بأداء الصلاة جماعة
وإذا أمر أحد الوالدين ولده بالصلاة جماعة فالأحوط الأولى امتثاله.
(موارد مشروعية الجماعة)
تشرع الجماعة في جميع الفرائض اليومية، وإن اختلفت صلاة الإمام
وصلاة المأموم من حيث الجهر والخفوت أو القصر والتمام أو القضاء والأداء،
156

ومن هذا القبيل أن تكون صلاة الإمام ظهرا وصلاة المأموم عصرا وبالعكس
وكذلك في العشاءين.
(مسألة 361): لا تشرع الجماعة فيما إذا اختلفت صلاة الإمام وصلاة
المأموم في النوع كالصلوات اليومية والآيات والأموات، نعم يجوز أن يأتم في
صلاة الآيات بمن يصلي تلك الصلاة وإن اختلفت الآيتان وكذلك الحال في
صلاة الأموات، وفي مشروعية الائتمام في صلاة الطواف - ولو كان بمن يصلي
صلاة الطواف - اشكال والاحتياط لا يترك.
(مسألة 362): لا يجوز الائتمام في الصلوات اليومية بمن يصلي صلاة
الاحتياط، والأحوط ترك الائتمام في صلاة الاحتياط حتى بمن يصلي صلاة
الاحتياط، وإن كان الاحتياط في كلتي الصلاتين من جهة واحدة، فإذا شك كل
من الإمام والمأموم بين الثلاث والأربع وبنيا على الأربع انفرد كل منهما في صلاة
الاحتياط على الأحوط.
(مسألة 363): يجوز لمن يريد إعادة صلاته من جهة الاحتياط الوجوبي
أو الاستحبابي أن يأتم فيها، ولا يجوز لغيره أن يأتم به فيها ويستثنى من هذا
الحكم ما إذا كانت كل من صلاتي الإمام والمأموم احتياطية وكانت جهة احتياط
الإمام جهة لاحتياط المأموم أيضا، كما إذا صليا عن وضوء بماء مشتبه بالمضاف
غفلة ولزمتهما إعادة الوضوء والصلاة للاحتياط الوجوبي، أو صليا مع المحمول
النجس اجتهادا أو تقليدا وأرادا إعادة الصلاة للاحتياط الاستحبابي، ففي مثل
ذلك يجوز لأحدهما أن يأتم بالآخر في صلاته.
(مسألة 364): لا تشرع الجماعة في النوافل الأصلية وإن وجبت بنذر أو
شبهه مطلقا على الأحوط، ولا فرق في ذلك بين أن يكون كل من صلاتي الإمام
والمأموم نافلة، وأن تكون أحدهما نافلة، وتستثنى من ذلك صلاة الاستسقاء
157

فإن الجماعة مشروعة فيها، وكذا لا بأس بها فيما صار نفلا بالعارض فتجوز في
صلاة العيدين مع عدم توفر شرائط الوجوب.
(مسألة 365): يجوز لمن يصلي عن غيره - تبرعا أو استيجارا - أن يأتم
فيها مطلقا، كما يجوز لغيره أن يأتم به إذا علم فوت الصلاة عن المنوب عنه.
(مسألة 366): من صلى منفردا جاز له أن يعيد صلاته جماعة - إماما أو
مأموما - ويشكل جوازه فيما إذا صليا منفردين، ثم أراد إعادتها جماعة بائتمام
أحدهما بالآخر من دون أن يكون في الجماعة من لم يؤد فريضته، بل يشكل ذلك
أيضا لمن صلى جماعة - إماما أو مأموما - فأراد أن يعيدها جماعة.
158

(شرائط الإمامة)
تعتبر في الإمامة أمور:
1 - بلوغ الإمام، فلا يجوز الائتمام بالصبي، نعم في جواز الائتمام
بالبالغ عشرا وجه ولكنه لا يخلو عن اشكال.
2 - عقله، فلا يجوز الاقتداء بالمجنون وإن كان أدواريا، نعم لا بأس
بالاقتداء به حال إفاقته.
3 - إيمانه، وعدالته وقد مر تفسيرها في المسألة 20، ويكفي في احرازها
حسن الظاهر، وتثبت بالشياع المفيد لليقين أو الاطمينان وبشهادة عدلين، وفي
ثبوتها بشهادة العدل الواحد فضلا عن مطلق الثقة اشكال إلا مع حصول
الاطمينان.
4 - طهارة المولد، فلا يجوز الائتمام بولد الزنا.
5 - صحة قراءته، فلا يجوز الائتمام بمن لا يجيد القراءة وإن كان معذورا
في عمله، نعم لا بأس بالائتمام به في غير المحل الذي يتحمله الإمام عن المأموم
كأن يأتم به في الركعة الثانية بعد أن يركع أو في الركعتين الأخيرتين، ولا بأس
بالائتمام بمن لا يجيد الأذكار كذكر الركوع والسجود والتشهد والتسبيحات
الأربع إذا كان معذورا من تصحيحها.
6 - ذكورته، إذا كان المأموم ذكرا، ولا بأس بائتمام المرأة بالمرأة على
الأظهر وإن كان الأحوط تركه، وإذا أمت المرأة النساء فالأحوط أن تقف في
159

صفهن دون أن تتقدم عليهن.
7 - أن لا يكون ممن جرى عليه الحد الشرعي على الأحوط.
8 - أن تكون صلاته عن القيام إذا كان المأموم يصلي عن قيام، ولا بأس
بإمامة الجالس للجالسين، والأحوط عدم الائتمام بالمستلقي أو المضطجع - وإن
كان المأموم مثله - وعدم ائتمامهما بالقائم والقاعد.
9 - توجهه إلى جهة يتوجه إليها المأموم، فلا يجوز لمن يعتقد أن القبلة في
جهة أن يأتم بمن يعتقد أنها في جهة أخرى، نعم يجوز ذلك إذا كان الاختلاف
بينهما يسيرا تصدق معه الجماعة عرفا.
10 - صحة صلاة الإمام عند المأموم، فلا يجوز الائتمام بمن كانت صلاته
باطلة بنظر المأموم اجتهادا أو تقليدا، مثال ذلك:
(1) إذا تيمم الإمام في موضع باعتقاد أن وظيفته التيمم فلا يجوز لمن
يعتقد أن الوظيفة في ذلك الموضع هي الوضوء أو الغسل أن يأتم به.
(2) إذا علم أن الإمام نسي ركنا من الأركان لم يجز الاقتداء به وإن لم
يعلم الإمام به ولم يتذكره.
(3) إذا علم أن الماء الذي توضأ به الإمام كان نجسا لم يجز له الاقتداء
به وإن كان الإمام يعتقد طهارته نعم إذا علم بنجاسة بدن الإمام أو لباسه
- وهو جاهل به - جاز ائتمامه به ولا يلزمه إخباره وذلك لأن صلاة الإمام حينئذ
صحيحة في الواقع، وبهذا يظهر الحال في سائر موارد الاختلاف بين الإمام
والمأموم إذا كانت صلاة الإمام صحيحة واقعا مثال ذلك:
(1) إذا رأى الإمام جواز الاكتفاء بالتسبيحات الأربع في الركعة الثالثة
والرابعة مرة واحدة جاز لمن يرى وجوب الثلاث أن يأتم به.
160

(2) إذا اعتقد الإمام عدم وجوب السورة في الصلاة جاز لمن يرى وجوبها
أن يأتم به بعدما دخل في الركوع، وكذلك الحال في بقية الموارد إذا كان
الاختلاف من هذا القبيل.
161

(شرائط صلاة الجماعة)
يعتبر في صلاة الجماعة أمور:
1 - قصد المأموم الائتمام، ولا يعتبر فيه قصد القربة زائدا على قصد
القربة في أصل الصلاة فلا بأس بالائتمام بداع آخر غير القربة كالتخلص من
الوسواس أو سهولة الأمر عليه، ولا يعتبر قصد الإمامة إلا في ثلاث صلوات:
(1) الصلاة المعادة جماعة فيما إذا كان المعيد إماما (2) صلاة الجمعة (3) صلاة
العيدين حين وجوبها.
2 - تعين الإمام لدى المأموم ويكفي تعينه اجمالا، كما لو قصد الائتمام
بالإمام الحاضر وإن لم يعرف شخصه.
(مسألة 367): إذا ائتم باعتقاد أن الإمام زيد فظهر بعد الفراغ أنه
عمرو صحت صلاته وجماعته على الأظهر سواء اعتقد عدالة عمرو أيضا أم لم
يعتقدها، وإذا ظهر له ذلك في الأثناء ولم يعتقد عدالته انفرد في صلاته.
(مسألة 368): لا يجوز للمأموم أن يعدل في صلاة الجماعة عن إمام إلى
آخر إلا أن يحدث للإمام الأول ما يعجز به عن اكمال صلاته وفي مثله يجوز أن
يتقدم أحد المأمومين ويتم الصلاة جماعة.
3 - استقلال الإمام في صلاته، فلا يجوز الائتمام بمن ائتم في صلاته
بشخص آخر.
4 - أن يكون الائتمام من أول الصلاة، فلا يجوز لمن شرع في صلاة
162

فرادي أن يأتم في أثنائها.
5 - أن لا ينفرد المأموم في أثناء الصلاة لا لعذر وإلا فصحة جماعته محل
اشكال سواء أنوى الانفراد من أول الأمر أم بدا له ذلك في الأثناء ولكنه لا يضر
بصحة الصلاة إلا مع الاخلال بوظيفة المنفرد فإن الأحوط حينئذ إعادة الصلاة
نعم إذا أخل بما يغتفر الاخلال به عن عذر فلا حاجة إلى الإعادة وهذا فيما إذا
بدا له العدول بعد فوات محل القراءة أو بعد زيادة سجدة واحدة للمتابعة مثلا.
6 - إدراك المأموم الإمام حال القيام قبل الركوع أو في الركوع وإن كان
بعد الذكر، ولو لم يدركه حتى رفع الإمام رأسه من الركوع لم تنعقد له الجماعة.
(مسألة 369): لو ائتم بالإمام حال ركوعه وركع ولم يدركه راكعا بأن
رفع الإمام رأسه قبل أن يصل المأموم إلى حد الركوع فلا يبعد جواز اتمام صلاته
فرادي، وكذا لو شك في ادراكه الإمام راكعا مع عدم تجاوز المحل، وأما مع
التجاوز عنه كما لو شك في ذلك بعد الركوع فالأظهر صحة صلاته جماعة.
(مسألة 370): لو كبر بقصد الائتمام والإمام راكع ورفع الإمام رأسه
من الركوع قبل أن يركع المأموم فله أن يقصد الانفراد ويتم صلاته ويجوز له
أيضا متابعة الإمام في السجود بقصد القربة المطلقة ثم تجديد التكبير بعد
القيام بقصد الأعم من الافتتاح والذكر المطلق.
(مسألة 371): لو أدرك الإمام - وهو في التشهد من الركعة الأخيرة -
جاز له أن يكبر بنية الجماعة ويجلس قاصدا به التبعية ويجوز له أن يتشهد بنية
القربة المطلقة فإذا سلم الإمام قام وأتم صلاته ويكتب له ثواب الجماعة.
7 - أن لا ينفصل الإمام عن المأموم - إذا كان المأموم رجلا - بحائل يمنع
عن مشاهدته بل مطلق الحائل وإن لم يمنع عنها - كالزجاج - على الأقوى،
163

وكذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالإمام كمن
في صفه من طرف الإمام أو قدامه إذا لم يكن في صفه من يتصل بالإمام.
8 - أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأموم، ولا بأس بالمقدار
اليسير الذي لا يعد علوا عرفا كما لا بأس بالعلو التسريحي (التدريجي) وإن كان
موقف الإمام أعلى من موقف المأموم بمقدار معتد به إذا قيس ذلك بالمقاييس
الدقيقة، ولا بأس بأن يكون موقف المأموم أعلى من موقف الإمام بكثير وإن كان
العلو دفعيا ما لم يبلغ حدا لا تصدق معه الجماعة.
9 - أن لا يكون الفصل بين المأموم والإمام، أو بينه وبين من هو سبب
الاتصال بالإمام كثيرا في العادة، والأحوط لزوما أن لا يكون بين موقف الإمام
ومسجد المأموم أو بين موقف السابق ومسجد اللاحق أزيد من أقصى مراتب
الخطوة، والأفضل بل الأحوط أن لا يكون بين الموقفين أزيد مما يشغله انسان
متعارف حال سجوده.
(مسألة 372): من حضر الجماعة فرأى الإمام راكعا وكانت بينه وبين
الجماعة مسافة يحتمل أن لا يدرك الإمام راكعا بطيها جاز له أن يدخل في
الصلاة وهو في مكانه ويهوى إلى الركوع ثم يمشي حاله حق يلحق بالجماعة أو
يصبر فيتم ركوعه وسجوده في موضعه ثم يلحق بها حين يقوم الإمام إلى الركعة
التالية، ولا يبعد جواز المشي للالتحاق بها في القيام بعد الركوع أيضا، ويختص
هذا الحكم بما إذا لم يكن هناك مانع من الائتمام إلا البعد، ويلزمه أن لا ينحرف
أثناء مشيه عن القبلة والأحوط أن لا يشتغل حال مشيه بالقراءة.
10 - أن لا يتقدم المأموم على الإمام، والأحوط أن لا يحاذيه في الموقف
أيضا بل يقف متأخرا عنه إلا فيما إذا كان المأموم رجلا واحدا فإنه يجوز له
الوقوف بحذاء الإمام، هذا في الرجل وأما المرأة فتراعي في موقفها من الإمام -
164

إذا كان الرجل - وكذا مع غيره من الرجال ما مر في المسألة 220 من مكان
المصلي.
(مسألة 373): إذا أقيمت الجماعة في المسجد الحرام لزم وقوف المأمومين
- بأجمعهم - خلف الإمام وتشكل إقامتها مستديرة.
165

(أحكام صلاة الجماعة)
(مسألة 374): تسقط القراءة في الظهرين عن المأموم في الركعة الأولى
والثانية ويتحملها الإمام، ويستحب له أن يشتغل بالتسبيح أو التحميد أو غير
ذلك من الأذكار، وكذلك الحال في صلاة الفجر وفي العشاءين إذا سمع المأموم
صوت الإمام ولو همهمته لكن الأحوط حينئذ أن ينصت ويستمع لقراءة الإمام
ولا ينافيه الاشتغال بالذكر ونحوه في نفسه، وأما إذا لم يسمع شيئا من القراءة
ولا الهمهمة فهو بالخيار إن شاء قرأ مع الخفوت وإن شاء ترك والقراءة أفضل،
هذا كله فيما إذا كان الإمام في الركعة الأولى أو الثانية من صلاته، وأما إذا كان
في الركعة الثالثة أو الرابعة فلا يتحمل عن المأموم شيئا فلا بد للمأموم من أن
يعمل بوظيفته فإن كان في الركعة الأولى أو الثانية لزمته القراءة، وإن كان في
الركعة الثالثة أو الرابعة تخير بين القراءة والتسبيحات والتسبيح أفضل، ولا فرق
في بقية الأذكار بين ما إذا أتى بالصلاة جماعة وبين ما إذا أتى بها فرادى.
(مسألة 375): يختص سقوط القراءة عن المأموم في الركعة الأولى
والثانية بما إذا استمر في ائتمامه، فإذا انفرد أثناء القراءة لزمته القراءة من أولها
ولا تجزيه قراءة ما بقي منها على الأحوط، وكذا إذا انفرد لا لعذر بعد القراءة
قبل أن يركع مع الإمام فتلزمه القراءة حينئذ على الأحوط.
(مسألة 376): إذا ائتم بالإمام وهو راكع سقطت عنه القراءة وإن كان
الائتمام في الركعة الثالثة أو الرابعة للإمام.
(مسألة 377): لزوم القراءة على المأموم في الركعة الأولى والثانية له - إذا
166

كان الإمام في الركعة الثالثة أو الرابعة - يختص بما إذا أمهله الإمام للقراءة، فإن
لم يمهله جاز له أن يكتفي بقراءة سورة الفاتحة ويركع معه، وإن يمهله لذلك
أيضا بأن لم يتمكن من ادراك الإمام راكعا إذا أتم قراءته جاز له قطع الحمد
والركوع معه على الظهر وإن كان الأحوط أن ينفرد في صلاته.
(مسألة 378): تعتبر في صلاة الجماعة متابعة الإمام في الأفعال فلا يجوز
التقدم عليه فيها، بل الأولى التأخر عنه يسيرا، ولو تأخر كثيرا بحيث أخل
بالمتابعة في جزء بطل الائتمام في ذلك الجزء، بل مطلقا على الأحوط إذا لم يكن
الاخلال بها عن عذر وإلا فالأظهر صحة الائتمام كما إذا أدرك الإمام قبل ركوعه
ومنعه الزحام عن الالتحاق به حتى قام إلى الركعة التالية فإنه يجوز له أن يركع
ويسجد وحده ويلتحق بالإمام بعد ذلك.
(مسألة 379): إذا كان ركع المأموم أو سجد باعتقاد أن الإمام قد ركع أو
سجد فبان خلافه فالأحوط أن يرجع ويتابع الإمام في ركوعه أو سجوده إذا لم
يستوجب ذلك الاخلال بالذكر الواجب، والأحوط الأولى أن يأتي بذكر الركوع
أو السجود عند متابعة الإمام أيضا.
(مسألة 380): إذا رفع المأموم رأسه من الركوع - باعتقاد أن الإمام قد
رفع رأسه - لزمه العود إليه لمتابعة الإمام على الأحوط ولا تضره زيادة الركن فإن
لم يرجع ففي صحة صلاته جماعة اشكال، وإذا رفع رأسه قبل الإمام متعمدا
بطلت جماعته وينفرد في صلاته، وكذلك الحال في السجود.
(مسألة 381): إذا رفع المأموم رأسه من السجود فرأى الإمام ساجدا
واعتقد أنها السجدة الأولى فسجد للمتابعة، ثم انكشف أنها الثانية حسبت له
سجدة ثانية ولا تجب عليه السجدة الأخرى.
(مسألة 382): إذا رفع المأموم رأسه من السجدة فرأى الإمام في
167

السجدة واعتقد أنها الثانية فسجد، ثم انكشف إنها كانت الأولى لم تحسب له
الثانية، ولزمته سجدة أخرى مع الإمام.
(مسألة 383): لا تجب متابعة الإمام في الأقوال، ويجوز التقدم عليه
فيها سواء في ذلك الأقوال الواجبة والمستحبة من دون فرق بين حالتي سماع
صوت الإمام وعدمه، ويستثنى من ذلك تكبيرة الاحرام فلا يجوز التقدم فيها
على الإمام بحيث يفرغ منها قبل الإمام، بل الأحوط أن يأتي بها بعد تكبيرة
الإمام، ويجوز ترك المتابعة في التشهد الأخير لعذر، فيجوز أن يتشهد ويسلم
قبل الإمام، كما لا تجب رعايتها في التسليم الواجب مطلقا، فيجوز أن يسلم
قبل الإمام وينصرف.
(مسألة 384): لا يجب على المأموم أن يكبر بعد ما كبر من تقدمه من
المأمومين، ويجوز أن يكبر المأمومون دفعة واحدة بل يجوز أن يكبر المتأخر قبل أن
يكبر المتقدم المتهيئ له.
(مسألة 385): إذا كبر المأموم قبل الإمام سهوا كانت صلاته فرادي
ويجوز له قطعها واستينافها جماعة، وفي مشروعية العدول بها إلى النافلة
خصوصا مع كونه بانيا على قطعها اشكال.
(مسألة 386): إذا ائتم والإمام في الركعة الثانية من الصلوات الرباعية
لزمه التخلف عن الإمام لأداء وظيفة التشهد ثم يلتحق بالإمام وهو قائم، فإن
لم يمهله حتى ركع فالأحوط له قصد الانفراد وإن كان الأظهر كفاية اللحوق
به في الركوع.
(مسألة 387): إذا ائتم والإمام قائم ولم يدر أنه في الركعة الأولى أو
الثانية لتسقط القراءة عنه، أو أن الإمام في الثالثة أو الرابعة لتجب عليه القراءة
168

فالأحوط له الاتيان بالقراءة قاصدا بها القربة المطلقة.
(مسألة 388): إذا ائتم والإمام في الركعة الثانية، تستحب متابعته في
القنوت والتشهد، والأحوط له التجافي حال التشهد وهو أن يضع يديه على
الأرض ويرفع ركبتيه عنها قليلا.
(مسألة 389): لا تجب الطمأنينة على المأموم حال قراءة الإمام ولكنها
أحوط.
(مسألة 390): إذا انكشف للمأموم بعد الصلاة فسق الإمام صحت
صلاته وجماعته على الأظهر وإذا انكشف له ذلك في الأثناء انفرد في صلاته.
169

(أحكام صلاة المسافر)
يجب على المسافر التقصير في الصلوات الرباعية وهو أن يقتصر على
الأوليين ويسلم في الثانية، وللتقصير شرائط:
(الشرط الأول) قصد المسافة، بمعنى احراز قطعها ولو من غير إرادة،
فإذا خرج غير قاصد للمسافة لطلب ضالة أو غريم ونحوه لم يقصر في ذهابه
وإن كان المجموع مسافة أو أزيد، نعم إذا قصد المسافة بعد ذلك - ولو كانت
تلفيقية - لزمه التقصير، وكذا الحال في النائم والمغمى عليه إذا سوفر بهما من غير
سبق التفات.
والمسافة هي ثمانية فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف
ذراع بذراع انسان عادي، وعليه فالمسافة تتحقق بما يقارب (44) كيلو مترا.
(مسألة 391): يتحقق طي المسافة بأنحاء:
(1) أن يسير ثمانية فراسخ مستقيما.
(2) أن يسيرها غير مستقيم، بأن يكون سيره في دائرة أو خط منكسر.
(3) أن يسير أربعة فراسخ ويرجع مثلها، ولا يبعد كفاية التلفيق وإن
كان الذهاب أو الرجوع أقل من أربعة فراسخ إذا بلغ مجموعهما ثمانية فراسخ
والأحوط الأولى في ذلك الجمع بين القصر والتمام.
(مسألة 392): لا يعتبر في المسافة الملفقة أن يكون الذهاب والإياب في
يوم واحد، فلو سافر أربعة فراسخ قاصدا الرجوع وجب عليه التقصير ما لم
170

تحصل الإقامة القاطعة للسفر ولا غيرها من قواطعه، وإن كان الأحوط في غير
ما قصد الرجوع ليومه الجمع بين القصر والاتمام.
(مسألة 393): تثبت المسافة بالعلم وبالبينة وبالشياع وما في حكمه مما
يفيد الاطمينان، وفي ثبوتها بخبر العادل الواحد فضلا عن مطلق الثقة ما لم
يوجب الاطمينان اشكال، وإذا لم تثبت المسافة بشئ من ذلك وجب التمام.
(مسألة 394): إدا قصد المسافر محلا خاصا واعتقد أن مسيره لا يبلغ
المسافة، أو أنه شك في ذلك فأتم صلاته ثم انكشف إنه كان مسافة أعادها
قصرا فيما إذا بقي الوقت، ووجب عليه التقصير فيما بقي من سفره، وإذا اعتقد
أنه مسافة فقصر صلاته ثم انكشف خلافه أعادها تماما سواء كان الانكشاف
في الوقت أم في خارجه ويتمها فيما بقي من سفره ما لم ينشئ مسافة جديدة.
(مسألة 395): تحتسب المسافة من الموضع الذي يعد الشخص بعد
تجاوزه مسافرا عرفا وهو آخر البلد غالبا، ربما يكون آخر الحي أو المحلة في
بعض البلاد الكبيرة جدا.
(مسألة 396): إذا قصد الصبي مسافة ثم بلغ أثناءها قصر في صلاته
وإن كان الباقي من سفره لا يبلغ المسافة.
(مسألة 397): لا يعتبر الاستقلال في قصد المسافة فمن سافر بتبع غيره
كزوج أو والد باكراه أو باجبار أو غير ذلك وجب عليه التقصير إذا علم أن مسيره
ثمانية فراسخ، وإذا شك في ذلك لزمه الاتمام ولا يجب الاستعلام وإن تمكن
منه.
(مسألة 398): إذا اعتقد التابع أن مسيره لا يبلغ ثمانية فراسخ أو أنه
شك في ذلك فأتم صلاته، ثم انكشف خلافه لم تجب عليه الإعادة على
171

الأظهر، ويجب عليه التقصير إذا كان الباقي بنفسه مسافة وإلا لزمه الاتمام،
نعم إذا كان قاصدا محلا خاصا معتقدا أنه لا يبلغ المسافة ثم انكشف الخلاف
جرى عليه حكم غيره المتقدم في المسألة 394.
(الشرط الثاني) استمرار القصد ولو حكما، فلو قصد المسافة وعدل عنه
أثناءها أتم صلاته، نعم إذا كان عازما على الرجوع وكان ما سبق منه قبل
العدول مع ما يقطعه في الرجوع بمقدار المسافة بقي على تقصيره.
(مسألة 399): إذا سافر قاصدا للمسافة فعدل عنه ثم بدا له في السفر
ففي ذلك صورتان: (1) أن يبلغ الباقي من سفره مقدار المسافة ولو كان
بضميمة الرجوع إليه، ففي هذه الصورة يتعين عليه التقصير (2) أن لا يكون
الباقي مسافة ولكنه يبلغها بضم مسيره الأول إليه، ولا يبعد وجوب القصر في
هذه الصورة أيضا وإن كان الأحوط أن يجمع بينه وبين الاتمام.
(مسألة 400): إذا قصد المسافة وصلى قصرا ثم عدل عن سفره
فالأحوط أن يعيدها تماما.
(مسألة 401): لا يعتبر في قصد المسافر موضعا معينا،
فلو سافر قاصدا ثمانية فراسخ مترددا في مقصده وجب عليه التقصير، وكذلك
الحال فيما إذا قصد موضعا خاصا وعدل في الطريق إلى موضع آخر وكان المسير
إلى كل منهما مسافة.
(مسألة 402): يجوز العدول من المسير في المسافة الامتدادية إلى المسير
في المسافة التلفيقية وبالعكس ولا يضر شئ من ذلك بلزوم التقصير.
(الشرط الثالث) إن لا يتحقق أثناء المسافة شئ من قواطع السفر:
(المرور بالوطن على ما سيجئ، قصد الإقامة عشرة أيام، والتوقف ثلاثين يوما
172

في محل مترددا وسيأتي تفصيل ذلك) فلو خرج قاصدا طي المسافة الامتدادية أو
التلفيقية وعلم أنه يمر بوطنه أثناء المسافة أو أنه يقيم أثناءها عشرة أيام لم يشرع
له التقصير من الأول، وكذلك الحال فيما إذا خرج قاصدا المسافة واحتمل أنه
يمر بوطنه أو يقيم عشرة أيام أثناء المسافة أو أنه يبقى أثناءها أو في محل ثلاثين يوما
مترددا فإنه في جميع ذلك يتم صلاته من أول سفره، نعم إذا اطمأن من نفسه
أنه لا يتحقق شئ من ذلك قصر صلاته وإن احتمل تحققه ضعيفا.
(مسألة 403): إذا خرج قاصدا المسافة واتفق أنه مر بوطنه أو قصد
إقامة عشرة أيام، أو أقام ثلاثين يوما مترددا، أو أنه احتمل شيئا من ذلك أثناء
المسافة احتمالا لا يطمأن بخلافه، ففي جميع هذه الصور يتم صلاته، وما
صلاه قبل ذلك قصرا يعيده تماما، ولا بد في التقصير بعد ذلك من إنشاء مسافة
جديدة وإلا أتم فيما بقي من سفره أيضا.
نعم في الصورة الأخيرة إذا عزم على المضي في سفره - بعد أن احتمل
قطعه ببعض القواطع - يجري عليه ما تقدم في المسألة 399.
(الشرط الرابع) أن يكون سفره سائغا، فإن كان السفر بنفسه حراما،
أو قصد الحرام بسفره أتم صلاته، ومن هذا القبيل ما إذا سافر قاصدا به ترك
واجب كسفر الغريم فرارا من أداء دينه مع وجوبه عليه، ومثله السفر على الدابة
المغصوبة إذا قصد الفرار بها عن المالك، ويدخل فيه أيضا السفر في الأرض
المغصوبة على الأظهر.
(مسألة 404): العاصي بسفره يجب عليه التقصير في إيابه إذا لم يكن
الإياب بنفسه من سفر المعصية، ولا فرق في ذلك بين من تاب عن معصيته
ومن لم يتب.
173

(مسألة 405): إذا سافر سفرا سائغا، ثم تبدل سفره إلى سفر المعصية
أتم صلاته ما دام عاصيا، فإن عدل عنه إلى سفر الطاعة قصر في صلاته سواء
كان الباقي مسافة أم لا على الأظهر.
(مسألة 406): إذا كانت الغاية من سفره أمرين: أحدهما مباح والآخر
حرام أتم صلاته، إلا إذا كان الحرام تابعا وكان الداعي إلى سفره هو الأمر
المباح.
(مسألة 407): اتمام الصلاة - إذا كانت الغاية محرمة - يتوقف على تنجز
حرمتها، فإن لم تتنجز أو لم تكن الغاية محرمة في نفس الأمر لم يجب الاتمام، مثلا
إذا سافر لغاية شراء دار يعتقد إنها مغصوبة فانكشف - أثناء سفره أو بعد
الوصول إلى المقصد - خلافه كانت وظيفته التقصير، وكذلك إذا سافر قاصدا
شراء دار يعتقد جوازه ثم انكشف إنها مغصوبة نعم لا يضر بالاتمام عدم تحقق
الغاية المحرمة صدفة.
(الشرط الخامس): أن لا يكون سفره للصيد لهوا، وإلا أتم صلاته في
ذهابه وقصر في إيابه إذا لم يكن كالذهاب للصيد لهوا، وإذا كان الصيد لقوت
نفسه أو عياله وجب التقصير، وكذلك إذا كان الصيد للتجارة.
(الشرط السادس): أن لا يكون ممن لا مقر له بأن يكون بيته معه
كالسائح الذي يرتحل من بلد إلى بلد وليس له مقر في أي منها، ولو كانت له
حالتان كأن يكون له مقر في الشتاء يستقر فيه ورحلة في الصيف يطلب فيها
العشب والكلأ مثلا كما هو الحال في بعض أهل البوادي كان لكل منهما حكمه
فيقصر لو خرج إلى حد المسافة في الحالة الأولى ويتم في الثانية.
(الشرط السابع): أن لا يكون السفر عملا له عرفا إما باتخاذ عمل
سفري مهنة له كالسائق والملاح أو بتكرر السفر منه خارجا، فالمعيار كثرة السفر
174

ولو تقديرا كما في القسم الأول، ولو سافر السائق أو شبهه في غير عمله وجب
عليه التقصير كغيره من المسافرين إلا مع تحقق الكثرة الفعلية في حقه.
(مسألة 408): الحطاب أو الراعي أو السائق أو نحوهم إذا كان عمله
فيما دون المسافة واتفق أنه سافر ولو في عمله يقصر في صلاته.
(مسألة 409): من كان السفر عمله في أكثر أيام السنة أو في بعض
فصولها كمن يدور في تجارته أو يشتغل بالمكاراة أو الملاحة أيام الصيف فقط يتم
صلاته حينما يسافر في عمله، وأما من كان السفر عمله في فترة قصيرة - كثلاثة
أسابيع - من كل عام وإن زاد على مرة واحدة كمن يؤجر نفسه للنيابة في حج
أو زيارة، أو لخدمة الحجاج أو الزائرين أو لإرائتهم الطريق أو للسياقة أو
الملاحة ونحوهما أياما خاصة فلا يبعد وجوب القصر عليهم.
(مسألة 410): لا يعتبر تعدد السفر في من اتخذ العمل السفري مهنة
له، فمتى ما صدق عليه عنوان السائق أو نحوه وجب عليه الاتمام، نعم إذا
توقف صدقه على تكرار السفر وجب التقصير قبله.
(مسألة 411): من كان مقره في بلد وعمله في بلد آخر من تجارة أو
تعليم أو تعلم أو نحوها ويسافر إليه في كل يوم أو يومين مثلا وكانت بينهما مسافة
فالأظهر جواز الاقتصار فيه على الصلاة تماما.
(مسألة 412): إذا أقام من عمله السفر في بلده وكذلك في غير بلده
عشرة أيام بنية الإقامة لم ينقطع حكم عملية السفر فيتم الصلاة بعده حتى في
سفره الأول على الأظهر، ولا يبعد جريان هذا الحكم حتى في المكاري وإن كان
لا ينبغي له ترك الاحتياط بالجمع بين القصر والاتمام في سفره الأول.
(الشرط الثامن): أن يصل إلى حد الترخص، فلا يجوز التقصير قبله،
وحد الترخص هو المكان الذي يتوارى المسافر بالوصول إليه عن أنظار أهل
175

البلد بسبب ابتعاده عنهم، وعلامة ذلك غالبا تواريهم عن نظره بحيث لا
يراهم، ومثله على المشهور المكان الذي لا يسمع فيه أذان البلد ولكنه لا يخلو
عن اشكال بل منع، والعبرة في عين الرائي وصفاء الجو بالمتعارف مع عدم
الاستعانة بالآلات المتداولة لمشاهدة الامكان البعيدة.
(مسألة 413): المشهور اعتبار حد الترخص في الإياب كما يعتبر في
الذهاب ولكن لا يبعد عدم اعتباره فيه، فالمسافر يقصر في صلاته حتى يدخل
بلده ولا عبرة بوصوله إلى حد الترخص وإن كان الأولى رعاية الاحتياط بتأخير
الصلاة إلى حين الدخول في البلد أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلى بعد
الوصول إلى حد الترخص.
(مسألة 414): إنما يعتبر حد الترخص ذهابا فيما إذا كان السفر من بلد
المسافر، وأما إذا كان من المكان الذي أقام فيه عشرة أيام أو بقي فيه ثلاثين يوما
مترددا فالظاهر أنه يقصر من حين شروعه في السفر، ولا يعتبر فيه الوصول إلى
حد الترخص والأحوط فيه رعاية الاحتياط وكذلك الحال فيما إذا رجع عن سفره
إلى بلد يقيم فيه عشرة أيام.
(مسألة 415): إذا شك المسافر في وصوله إلى حد الترخص بنى على
عدمه وأتم صلاته، فإذا انكشف بعد ذلك خلافه أعادها قصرا وكذلك الحال
في من اعتقد عدم وصوله حد الترخص ثم بان خطأوه.
176

(قواطع السفر)
إذا تحقق السفر واجدا للشرائط الثمانية المتقدمة بقي المسافر على تقصيره
في الصلاة ما لم يتحقق أحد الأمور (القواطع) الآتية:
(الأول: المرور بالوطن) فإن المسافر إذا مر به في سفره ونزل فيه وجب
عليه الاتمام ما لم ينشئ سفرا جديدا، وأما المرور اجتيازا من غير نزول ففي
كونه قاطعا اشكال، والمقصود بالوطن أحد المواضع الثلاثة:
1 - مقره الأصلي الذي ينسب إليه ويكون مسكن أبويه ومسقط رأسه
عادة.
2 - المكان الذي اتخذه مقرا ومسكنا لنفسه بحيث يريد أن يبقى فيه بقية
عمره.
3 - المكان الذي اتخذه مقرا لفترة طويلة بحيث لا يصدق عليه أنه مسافر
فيه ويراه العرف مقرا له حتى إذا اتخذ مسكنا موقتا في مكان آخر لمدة عشرة أيام
أو نحوها، ولا فرق في ما ذكر بين أن يكون ذلك بالاستقلال أو يكون بتبعية
غيرة من زوج أو غيره، ولا تعتبر إباحة المسكن في الأقسام المذكورة ولا يزول
عنوان الوطن فيها إلا بالخروج معرضا عن سكنى ذلك المكان.
وقد ذكر بعض الفقهاء نحوا آخر من الوطن يسمى بالوطن الشرعي
ويقصد به المكان الذي يملك فيه منزلا قد أقام فيه ستة أشهر متصلة عن قصد
ونية، ولكن الأظهر عدم ثبوت هذا النحو.
ثم إنه يمكن أن يتعدد الوطن الاتخاذي وذلك كأن يتخذ الانسان على
177

نحو الدوام والاستمرار مساكن لنفسه يسكن أحدها - مثلا - أربعة أشهر أيام
الحر، ويسكن ثانيها أربعة أشهر أيام البرد ويسكن الثالث باقي السنة.
(الثاني: قصد الإقامة في مكان معين عشرة أيام) وبذلك ينقطع حكم
السفر ويجب عليه التمام ونعني بقصد الإقامة اطمئنان المسافر بإقامته في مكان
معين عشرة أيام، سواء أكانت الإقامة اختيارية أم كانت اضطرارية أم
اكراهية، فلو حبس المسافر في مكان وعلم أنه يبقى فيه عشرة أيام وجب على
الاتمام، ولو عزم على إقامة عشرة أيام ولكنه لم يطمئن بتحققه في الخارج بأن
احتمل سفره قبل اتمام إقامته لأمر ما وجب عليه التقصير وإن اتفق أنه أقام عشرة
أيام.
(مسألة 416): من تابع غيره في السفر والإقامة كالزوجة والخادم
ونحوهما إن اعتقد أن متبوعه لم يقصد الإقامة، أو أنه شك في ذلك قصر في
صلاته فإذا انكشف له أثناء الإقامة أن متبوعه كان قاصدا لها من أول الأمر
بقي على تقصيره على الأظهر إلا إذا علم أنه يقيم بعد ذلك عشرة أيام وكذلك
الحكم في عكس ذلك فإذا اعتقد التابع أن متبوعه قصد الإقامة فأتم ثم
انكشف أنه لم يكن قاصدا لها فالتابع يتم صلاته حتى يسافر.
(مسألة 417): إذا قصد المسافر الإقامة في بلد مدة محددة وشك في أنها
تبلغ عشرة أيام أم لا كان حكمه القصر وإن تبين بعد ذلك أنها تبلغ العشرة،
مثال ذلك: ما إذا دخل المسافر بلدة النجف المقدسة في اليوم الحادي والعشرين
من شهر رمضان عازما على الإقامة إلى يوم العيد ولكنه شك في نقصان الشهر
وتمامه فلم يدر أنه يقيم فيها تسعة أيام أو عشرة قصر في صلاته وإن اتفق أن
الشهر لم ينقص، وهكذا الحال فيما إذا تخيل أن ما قصده لا يبلغ عشرة أيام ثم
انكشف خطأه كما إذا دخل النجف - في المثال المذكور - في اليوم الرابع عشر
178

من الشهر وعزم على الإقامة إلى نهاية ليالي القدر معتقدا أن اليوم الذي دخل
فيه هو اليوم الخامس عشر وأن مدة إقامته تبلغ تسعة أيام فإنه يقصر في صلاته
وإن انكشف له بعد ذلك أن دخوله كان في اليوم الرابع عشر منه.
(مسألة 418): لا يعتبر في قصد الإقامة وجوب الصلاة على المسافر،
فالصبي المسافر إذا قصد الإقامة في بلد وبلغ أثناء إقامته أتم صلاته وإن لم يقم
بعد بلوغه عشرة أيام، وكذلك الحال في الحائض أو النفساء إذا طهرت أثناء
إقامتها.
(مسألة 419): إذا قصد الإقامة في بلد ثم عدل عن قصده ففيه صور:
(1) أن يكون عدوله بعدما صلى صلاة أدائية تماما، ففي هذه الصورة
يبقى على حكم التمام ما بقي في ذلك البلد.
(2) أن يكون عدوله قبل أن يصليها تماما، ففي هذه الصورة يجب عليه
التقصير.
(3) أن يكون عدوله أثناء ما يصليها تماما، ففي هذه الصورة يعدل بها
إلى القصر ما لم يدخل في ركوع الركعة الثالثة ويتم صلاته والأحوط أن يعيدها
بعد ذلك، وإذا كان العدول بعدما دخل في الركوع الثالثة بطلت صلاته على
الأحوط ولزمه استئنافها قصرا.
(مسألة 420): لا يعتبر في قصد الإقامة أن لا ينوي الخروج من محل
الإقامة، فلا بأس بأن يقصد الخروج لتشييع جنازة أو لزيارة قبور المؤمنين أو
للتفرج وغير ذلك ما لم يبلغ حد المسافة ولو ملفقة ولم تطل مدة خروجه بمقدار
ينافي صدق الإقامة في البلد عرفا.
(مسألة 421): إذا نوى الخروج أثناء إقامته تمام اليوم فلا اشكال في
179

عدم تحقق قصد الإقامة ووجوب التقصير عليه وكذا لو نوى الخروج تمام الليل
على الأظهر، وأما لو نوى الخروج نصف النهار والرجوع ولو بعد دخول الليل
فالأظهر أنه لا ينافي قصد الإقامة ما لم يتكرر بحد تصدق معه الإقامة في أزيد
من مكان واحد.
(مسألة 422): يشترط التوالي في الأيام العشرة، ولا عبرة بالليلة الأولى
والأخيرة، فلو قصد المسافر إقامة عشرة أيام كاملة مع الليالي المتوسطة بينها
وجب عليه الاتمام، والظاهر كفاية التلفيق أيضا، بأن يقصد الإقامة من زوال
يوم الدخول إلى زوال اليوم الحادي عشر مثلا.
(مسألة 423): إذا قصد إقامة عشرة أيام في بلد وأقام فيها أو أنه صلى
تماما، ثم عزم على الخروج إلى ما دون المسافة ففي ذلك صور:
(1) أن يكون عازما على الإقامة عشرة أيام بعد رجوعه ففي هذه الصورة
يجب عليه الاتمام في ذهابه وإيابه ومقصده.
(2) أن يكون عازما على الإقامة أقل من عشرة أيام بعد رجوعه ففي هذه
الصورة يجب عليه الاتمام أيضا في الإياب والذهاب والمقصد على الأظهر.
(3) أن لا يكون قاصدا للرجوع وكان ناويا للسفر من مقصده ففي هذه
الصورة يجب عليه التقصير من حين خروجه من بلد الإقامة.
(4) أن يكون ناويا للسفر من مقصده، ولكنه يرجع فيقع محل إقامته في
طريقه وحكمه في هذه الصورة وجوب القصر أيضا في الذهاب والمقصد ومحل
الإقامة.
(5) أن يغفل عن رجوعه وسفره أو يتردد في ذلك فلا يدري أنه يسافر
من مقصده أو يرجع إلى محل الإقامة، وعلى تقدير رجوعه لا يدري بإقامته فيه
180

وعدمها ففي هذه الصورة يجب عليه الاتمام على الأظهر ما لم ينشئ سفرا
جديدا.
(الثالث): بقاء المسافر في محل خاص ثلاثين يوما، فإذا دخل المسافر
بلدة اعتقد أنه لا يقيم فيها عشرة أيام، أو تردد في ذلك حتى تم له ثلاثون يوما
وجب عليه الاتمام بعد ذلك ما لم ينشئ سفرا جديدا، والظاهر كفاية التلفيق
هنا، كما تقدم في إقامة عشرة أيام ولا يكفي البقاء في أمكنه متعددة، فلو بقي
المسافر في بلدين كالكوفة والنجف ثلاثين يوما لم يترتب عليه حكم الاتمام.
(مسألة 424): لا يضر الخروج من البلد لغرض ما أثناء البقاء ثلاثين
يوما بمقدار لا ينافي صدق البقاء في ذلك البلد - كما تقدم في إقامة عشرة أيام -
وإذا تم له ثلاثون يوما وأراد الخروج إلى ما دون المسافة فالحكم فيه كما ذكرناه
في المسألة السابقة والصور المذكورة هناك جارية هنا أيضا.
181

(أحكام الصلاة في السفر)
(مسألة 425): من أتم صلاته في موضع يتعين فيه التقصير عالما عامدا
بطلت صلاته وفي غير ذلك صور:
(1) أن يكون ذلك لجهله بأصل مشروعية التقصير للمسافر أو كونه
واجبا ففي هذه الصورة تصح صلاته، ولا تجب إعادتها.
(2) أن يكون ذلك لجهله بالحكم في خصوص المورد وإن علم به في
الجملة وذلك كمن أتم صلاته في المسافة التلفيقية لجهله بوجوب القصر فيها
وإن علم به في المسافة الامتدادية، وفي هذه الصورة الأحوط إعادة الصلاة،
ولا يبعد عدم وجوب قضائها إذا علم بالحكم بعد مضي الوقت.
(3) أن يكون ذلك لخطاه واشتباهه في التطبيق مع علمه بالحكم، ففي
هذه الصورة تجب الإعادة في الوقت ولا يبعد عدم وجوب القضاء إذا انكشف
له الحال بعد مضي الوقت.
(4) أن يكون ذلك لنسيانه سفره أو وجوب القصر على المسافر، ففي
هذه الصورة تجب الإعادة في الوقت ولا يجب القضاء إذا تذكر بعد مضي
الوقت.
(5) أن يكون ذلك لأجل السهو أثناء العمل مع علمه بالحكم والموضوع
فعلا، ففي هذه الصورة تجب الإعادة في الوقت فإن لم يتذكر حتى خرج الوقت
قضاها في خارجه على الأحوط.
(مسألة 426): إذا قصر في صلاته في موضع يجب فيه الاتمام بطلت
182

ولزمته الإعادة أو القضاء من دون فرق بين العامد والجاهل والناسي والخاطئ،
نعم إذا قصد المسافر الإقامة في مكان وقصر في صلاته لجهله بأن حكمه الاتمام
ثم علم به كان الحكم بوجوب الإعادة عليه مبنيا على الاحتياط الوجوبي.
(مسألة 427): إذا كان في أول الوقت حاضرا فأخر صلاته حتى سافر
يجب عليه التقصير حال سفره ولو كان أول الوقت مسافرا فأخر صلاته حتى
أتى بلده أو قصد الإقامة في مكان وجب عليه الاتمام، فالعبرة في التقصير
والاتمام بوقت العمل دون وقت الوجوب، وسيأتي حكم القضاء في هاتين
الصورتين في المسألة 435.
(التخيير بين القصر والاتمام)
يتخير المسافر بين التقصير والاتمام في مواضع أربعة: مكة المعظمة،
والمدينة المنورة، والكوفة، وحرم الحسين عليه السلام، فللمسافر السائغ له
التقصير أن يتم صلاته في هذه المواضع بل هو أفضل وإن كان التقصير أحوط،
وذكر جماعة اختصاص التخيير في البلاد الثلاثة بمساجدها ولكنه لا يبعد ثبوت
التخيير فيها مطلقا وإن كان الاختصاص أحوط، والظاهر أن التخيير ثابت في
حرم الحسين عليه السلام فيما يحيط بالقبر الشريف بمقدار خمسة وعشرين ذراعا
من كل جانب فتدخل بعض الأروقة في الحد المذكور ويخرج عنه بعض المسجد
الخلفي.
(مسألة 428): إذا شرع المسافر في الصلاة في مواضع التخيير قاصدا
بها التقصير جاز له أن يعدل بها إلى الاتمام على الأظهر وكذلك العكس.
183

(قضاء الصلاة)
من لم يؤد الفريضة اليومية أو أتى بها فاسدة حتى ذهب وقتها يجب عليه
قضاؤها خارج الوقت - إلا صلاة الجمعة فإنه إذا جاز وقتها يلزم الاتيان بصلاة
الظهر - ولا فرق في ذلك بين العامد والناسي والجاهل وغيرهم، ويستثنى من
هذا الحكم موارد:
(1) ما فات من الصلوات من الصبي أو المجنون.
(2) ما فات من المغمى عليه إذا لم يكن الاغماء بفعله واختياره وإلا
وجب عليه القضاء على الأحوط.
(3) ما فات من الكافر الأصلي فلا يجب عليه القضاء بعد اسلامه.
(4) الصلوات الفائتة من الحائض أو النفساء فلا يجب قضاؤها بعد
الطهر.
(مسألة 429): إذا بلغ الصبي أو أسلم الكافر أو أفاق المجنون أو
المغمى عليه أثناء الوقت فإن تمكن من الصلاة - ولو بادراك ركعة من الوقت مع
الطهارة ولو كانت ترابية - وجبت وإن لم يصلها وجب القضاء خارج الوقت وإن
لم يتمكن من ذلك فلا شئ عليه أداءا وقضاء، وهكذا الحكم في الحائض
المنقطع دمها أثناء الوقت، نعم إذا كانت وظيفتها الاغتسال ولم يسعها أن تصلي
مع الغسل لضيق الوقت حتى عن ادراك ركعة منه فوجوب الصلاة عليها مع
التيمم ولزوم قضائها إن لم تصل حتى فات الوقت مبني على الاحتياط.
184

(مسألة 430): من تمكن من الصلاة أول وقتها مع الطهارة ولو كانت
ترابية - سواء تمكن من تحصيل بقية الشرائط قبل ذلك أم لا - ولم يأت بها ثم
جن أو أغمي عليه حتى خرج الوقت وجب عليه القضاء.
(مسألة 431): إذا تمكنت المرأة بعد دخول الوقت من تحصيل الطهارة
ولو ترابية وأداء الفريضة ولم تفعل حتى حاضت وجب عليها القضاء وإلا لم
يجب.
(مسألة 432): من رجع إلى مذهبنا من سائر الفرق الاسلامية لا يجب
عليه أن يقضي الصلوات التي صلاها صحيحة في مذهبه أو على وفق مذهبنا مع
تمشي قصد القربة منه، بل لا تجب إعادتها إذا رجع وقد بقي من الوقت ما يسع
إعادتها.
(مسألة 433): الفرائض الفائتة يجوز قضاؤها في أي وقت من الليل أو
النهار في السفر أو في الحضر، ولكن ما يفوت في الحضر يجب قضاؤه تماما وإن
كان في السفر وما يفوت في السفر يجب قضاؤه قصرا وإن كان في الحضر، وما
فات المسافر في مواضع التخيير يجب قضاءه قصرا على الأحوط، وإن كان
القضاء في تلك المواضع، وأما ما يفوت المكلف من الصلوات الاضطرارية
كصلاة المضطجع والجالس فيجب قضاؤه على نحو صلاة المختار، وكذا الحكم
في صلاة الخوف وشدته.
(مسألة 434): من فاتته الصلاة وهو مكلف بالجمع بين القصر والتمام
- لأجل الاحتياط الوجوبي - وجب عليه الجمع في القضاء أيضا.
(مسألة 435): من فاتته الصلاة - وقد كان حاضرا في أول وقتها
ومسافرا في آخره أو بعكس ذلك - وجب عليه في القضاء رعاية آخر الوقت،
فيقضي قصرا في الفرض الأول وتماما في الفرض الثاني والأحوط الجمع في كلا
185

الفرضين.
(مسألة 436): لا ترتيب بين الفرائض على الأظهر، فيجوز قضاء
المتأخر فوتا قبل قضاء المتقدم عليه، والأحوط رعاية الترتيب، هذا في غير ما
كان مرتبا من أصله، كالظهرين أو العشاءين من يوم واحد، وأما ما كان مرتبا
من أصله فيجب الترتيب في قضائه بلا اشكال.
(مسألة 437): إذا لم يعلم بعدد الفوائت، ودار أمرها بين الأقل والأكثر
جاز أن يقتصر على المقدار المتيقن، ولا يجب عليه قضاء المقدار المشكوك فيه.
(مسألة 438): إذا فاتته صلاة واحدة وترددت بين صلاتين مختلفتي
العدد، كما إذا ترددت بين صلاة الفجر وصلاة المغرب وجب عليه الجمع بينهما
في القضاء، وإن ترددت بين صلاتين متساويتين في العدد كما إذا ترددت بين
صلاتي الظهر والعشاء جاز له أن يأتي بصلاة واحدة عما في الذمة ويتخير بين
الجهر والخفوت إذا كانت إحداهما اخفاتية دون الأخرى.
(مسألة 439): وجوب القضاء موسع فلا بأس بتأخيره ما لم ينته إلى
المسامحة في أداء الوظيفة.
(مسألة 440): لا ترتيب بين الحاضرة والفائتة فمن كانت عليه فائتة
ودخل عليه وقت الحاضرة تخير في تقديم أيهما شاء إذا وسعهما الوقت والأحوط
تقديم الفائتة ولا سيما إذا كانت فائتة ذلك اليوم، وفي ضيق الوقت تتعين
الحاضرة ولا تزاحمها الفائتة.
(مسألة 441): إذا شرع في صلاة حاضرة وتذكر أن عليه فائتة جاز له
أن يعدل بها إلى الفائتة إذا أمكنه العدول.
(مسألة 442): يجوز التنفل لمن كانت عليه فائتة سواء في ذلك النوافل
186

المرتبة وغيرها.
(مسألة 443): من لم يتمكن من الصلاة التامة لعذر لم يجز له أن يأتي
بقضاء الفوائت، إذا علم بارتفاع عذره فيما بعد مطلقا على الأحوط، ولا بأس
به إذا اطمأن ببقاء عذره وعدم ارتفاعه بل لا بأس به مع الشك أيضا، إلا أنه
إذا قضاها مع الاطمينان بالبقاء أو الشك في الارتفاع ثم ارتفع عذره لزمه
القضاء ثانيا على الأحوط، ويستثنى من ذلك ما إذا كان عذره في غير الأركان
ففي مثل ذلك لا يجب القضاء ثانيا وصح ما أتى به أولا، مثال ذلك:
إذا لم يتمكن المكلف من الركوع أو السجود لمانع واطمأن ببقائه إلى آخر
عمره أو أنه شك في ذلك فقضى ما فاته من الصلوات مع الايماء بدلا عن
الركوع أو السجود، ثم ارتفع عذره وجب عليه القضاء ثانيا، وأما إذا لم يتمكن
من القراءة الصحيحة لعيب في لسانه واطمأن ببقائه أو شك في ذلك فقضى ما
عليه من الفوائت ثم ارتفع عذره لم يجب عليه القضاء ثانيا.
(مسألة 444): لا يختص وجوب القضاء بالفرائض اليومية بل يجب
قضاء كل ما فات من الصلوات الواجبة سوى العيدين حتى المنذورة في وقت
معين على الأحوط وسيأتي حكم قضاء صلاة الآيات في محله.
(مسألة 445): من فاتته الفريضة لعذر ولم يقضها مع التمكن منه حتى
مات فالأحوط وجوبا أن يقضيها عنه ولده الأكبر أم لم يكن قاصرا حين موته
- لصغر أو جنون - ولم يكن ممنوعا من إرثه ببعض أسبابه كالقتل والكفر وإلا لم
يجب عليه ذلك، والأحوط الأولى القضاء عن الأم أيضا، ويختص وجوب
القضاء بما وجب على الميت نفسه، وأما ما وجب عليه باستيجار ونحو ذلك فلا
يجب على الولد الأكبر قضاؤه ومن هذا القبيل ما وجب على الميت من فوائت أبيه
ولم يؤده حتى مات فإنه لا يجب قضاء ذلك على ولده.
187

(مسألة 446) إذا تعدد الولد الأكبر وجب - على الأحوط - القضاء
عليهما وجوبا كفائيا، فلو قضى أحدهما سقط عن الآخر.
(مسألة 447): لا يجب على الولد الأكبر أن يباشر قضاء ما فات أباه من
الصلوات، بل يجوز أن يستأجر غيره للقضاء، بل لو تبرع أحد فقضى عن
الميت سقط الوجوب عن الولد الأكبر إذا وكذلك إذا أوصى الميت باستيجار
شخص لقضاء فوائته وعمل بوصيته.
(مسألة 448): إذا شك الولد الأكبر في فوت الفريضة عن أبيه لم يجب
عليه القضاء، وإذا دار أمر الفائتة بين الأقل والأكثر اقتصر على الأقل، وإذا
علم بفوتها وشك في قضاء أبيه لها وجب عليه القضاء على الأحوط.
(مسألة 449): لا تخرج أجرة قضاء ما فات الميت من الصلوات من
أصل التركة، فلو لم يكن له ولد أكبر، ولم يوص بذلك لم يجب الاستيجار على
سائر الورثة.
(مسألة 450): لا تفرغ ذمة الولد الأكبر ولا ذمة الميت بمجرد
الاستيجار ما لم يتحقق العمل في الخارج، فإذا مات الأجير قبل الاتيان
بالعمل، أو منعه مانع عنه وجب على الولي القضاء بنفسه أو باستيجار غيره على
الأحوط كما مر.
188

(صلاة الاستيجار)
يجب على المكلف أن يقضي بنفسه ما فاته من الصلوات كما مر، فإن لم
يفعل ذلك وجب عليه أن يتوسل إلى القضاء عنه بالايصاء أو باخباره ولده
الأكبر أو بغير ذلك، ولا يجوز القضاء عنه حال حياته باستيجار أو تبرع.
(مسألة 451): لا تعتبر العدالة في الأجير، بل يكفي الوثوق بأدائه على الوجه الصحيح، والأحوط اعتبار البلوغ فيه، ولا تعتبر المماثلة بين القاضي
والمقضي عنه، فالرجل يقضي عن المرأة وبالعكس، والعبرة في الجهر والخفوت
بمال القاضي فيجهر في القراءة في الصلوات الجهرية فيما إذا كان القاضي رجلا
وإن كان القضاء عن المرأة، وتتخير المرأة فيها بين الجهر والخفوت، وإن كان
القضاء عن الرجل.
(مسألة 452): يجب على الأجير أن يأتي بالعمل على النحو المتعارف إذا
لم تشترط في عقد الإجارة كيفية خاصة، وإلا لزمه العمل بالشرط.
189

(صلاة الآيات)
تجب صلاة الآيات بالكسوف والخسوف، وكذا بالزلزلة على الأحوط
وجوبا وإن لم يحصل الخوف بشئ من ذلك، والأحوط الأولى الاتيان بها لكل
حادثة سماوية مخوفة لأغلب الناس كهبوب الريح السوداء أو الحمراء أو الصفراء
وظلمة الجو الخارقة للعادة والصاعقة ونحو ذلك وكذا في الحوادث الأرضية
المخوفة كذلك كخسف الأرض وسقوط الجبل وغور ماء البحر ونحو ذلك،
وتتعدد صلاة الآيات بتعدد موجبها.
(مسألة 453): وقت صلاة الآيات في الكسوف والخسوف من ابتداء
حدوثهما إلى تمام الانجلاء، والأحوط الأولى عدم تأخيرها عن الشروع في
الانجلاء، والأحوط في غيرهما المبادرة إليها فورا ففورا.
(مسألة 454): صلاة الآيات ركعتان، وفي كل ركعة منها خمسة
ركوعات، وكيفية ذلك أن يكبر ويقرأ سورة الفاتحة وسورة تامة غيرها ثم يركع
فإذا رفع رأسه من الركوع قرأ سورة الفاتحة وسورة تامة، ثم يركع وهكذا إلى أن
يركع الركوع الخامس، فإذا رفع رأسه منه هوى إلى السجود وسجد سجدتين
كما في الفرائض اليومية، ثم يقوم فيأتي في الركعة الثانية بمثل ما أتى به في
الركعة الأولى ثم يتشهد ويسلم كما في سائر الصلوات.
ويجوز الاقتصار في كل ركعة على قراءة سورة الفاتحة مرة وقراءة سورة
أخرى بأن يقرأ بعد سورة الفاتحة شيئا من السورة بشرط أن لا يكون أقل من
آية إذا لم يكن جملة تامة على الأحوط ثم يركع فإذا رفع رأسه من الركوع يقرأ
190

جزءا آخرا من تلك السورة من حيث قطعها ثم يركع، وهكذا، ويتم السورة
بعد الركوع الرابع ثم يركع، وكذلك في الركعة الثانية.
ويجوز له التبعيض بأن يأتي بالركعة الأولى على الكيفية السابقة، ويأتي
بالركعة الثانية على الكيفية التالية أو بالعكس، ولها كيفيات أخر لا حاجة إلى
ذكرها.
(مسألة 455): يستحب القنوت في صلاة الآيات قبل الركوع الثاني
والرابع والسادس والثامن والعاشر، ويجوز الاكتفاء بقنوت واحد قبل الركوع
العاشر.
(مسألة 456): الأحوط عدم الاقتصار على قراءة البسملة بعد الحمد
في صلاة الآيات كما تقدم في المسألة (269).
(مسألة 457): يجوز الاتيان بصلاة الآيات جماعة، كما يجوز أن يؤتى
بها فرادى، ولكن إذا لم يدرك الإمام في الركوع الأول من الركعة الأولى أو
الركعة الثانية أتى بها فرادى.
(مسألة 458): ما ذكرناه في الصلوات اليومية من الشرائط والمنافيات
وأحكام الشك والسهو كل ذلك يجري في صلاة الآيات.
(مسألة 459): إذا شك في عدد الركعات في صلاة الآيات ولم يرجح
أحد طرفيه على الآخر بطلت صلاته، وإذا شك في عدد الركوعات لم يعتن به
إذا كان بعد تجاوز المحل وإلا بنى على الأقل وأتى بالمشكوك فيه.
(مسألة 460): إذا علم بالكسوف أو الخسوف ولم يصل عصيانا أو
نسيانا حتى تم الانجلاء وجب عليه القضاء، بلا فرق بين الكلي والجزئي
منهما، والأحوط وجوبا الاغتسال قبل قضائها فيما إذا كان كليا ولم يصلها
191

عصيانا، وإذا لم يعلم به حتى تم الانجلاء، فإن كان الكسوف أو الخسوف
كليا بأن احترق القرص كله وجب القضاء وإلا فلا، فالأحوط الأولى الاتيان
بها في غير الكسوفين سواء أعلم بحدوث الموجب حينه أم لم يعلم به.
(مسألة 461): لا تصح صلاة الآيات من الحائض والنفساء والأحوط
الأولى أن تقضياها بعد طهرهما.
(مسألة 462): إذا اشتغلت ذمة المكلف بصلاة الآيات وبالفريضة
اليومية، تخير في تقديم أيتهما شاء إن وسعهما الوقت وإن وسع إحداهما دون
الأخرى قدم المضيق ثم أتى بالموسع، وإن ضاق وقتهما قدم اليومية، وإذا اعتقد
سعة وقت صلاة الآيات فشرع في اليومية، فانكشف ضيق وقتها قطع اليومية
وأتى بالآيات، وأما إذا اعتقد سعة وقت اليومية فشرع في صلاة الآيات
فانكشف ضيق وقت اليومية قطعها وأتى باليومية ويعود إلى صلاة الآية من محل
القطع إذا لم يقع منه مناف غير الفصل باليومية.
192

(الصوم)
193

(الصوم وشرائط وجوبه)
يجب على كل انسان أن يصوم شهر رمضان عند تحقق هذه الشروط:
(1) البلوغ، فلا يجب على غير البالغ من أول الفجر، وإن كان الأحوط
اتمامه إذا كان ناويا للصوم ندبا فبلغ أثناء النهار.
(2، 3) العقل وعدم الاغماء، فلو جن أو أغمي عليه بحيث فاتت منه
النية المعتبرة في الصوم وأفاق أثناء النهار لم يجب عليه صوم ذلك اليوم، نعم إذا
كان مسبوقا بالنية في الفرض المذكور فالأحوط لزوما أن يتم صومه.
(4) الطهارة من الحيض والنفاس، فلا يجب على الحائض والنفساء ولا
يصح منهما ولو كان الحيض أو النفاس في جزء من النهار.
(5) عدم الضرر، مثل المرض الذي يضر معه الصوم لا يجابه شدته أو
طول برئه أو شدة ألمه، كل ذلك بالمقدار المعتد به، ولا فرق بين اليقين بذلك
والظن به والاحتمال الموجب لصدق الخوف المستند إلى المناشئ العقلائية، ففي
جميع ذلك لا يجب الصوم، وإذا أمن من الضرر على نفسه ولكنه خاف من
الضرر على عرضه أو ماله مع الحرج في تحمله لم يجب عليه الصوم، وكذلك فيما
إذا زاحمه واجب مساو أو أهم كما لو خاف على عرض غيره أو ماله مع وجوب
حفظه عليه.
(6) الحضر أو ما بحكمه، فلو كان في سفر تقصر فيه الصلاة لم يجب
عليه الصوم بل ولا يصح منه أيضا، نعم السفر الذي يجب فيه التمام لا يسقط
فيه الصوم.
195

(مسألة 463): الأماكن التي يتخير المسافر فيها بين التقصير والاتمام
يتعين عليه فيها الافطار ولا يصح منه الصوم.
(مسألة 464): يعتبر في جواز الافطار للمسافر أن يتجاوز حد الترخص
الذي يعتبر في قصر الصلاة وقد مر بيانه في ص 170.
(مسألة 465): يجب - على الأحوط - اتمام الصوم على من سافر بعد
الزوال ويجتزي به، وأما من سافر قبل الزوال فلا يصح منه صوم ذلك اليوم -
وإن لم يكن ناويا للسفر من الليل على الأحوط - فيجوز له الافطار بعد التجاوز
عن حد الترخص، وعليه قضاءه.
(مسألة 466): إذا رجع المسافر إلى وطنه أو محل يريد فيه الإقامة عشرة
أيام ففيه صور:
(1) أن يرجع إليه بعد الزوال فلا يجب عليه الصوم في هذه الصورة.
(2) أن يرجع قبل الزوال وقد أفطر في سفره فلا يجب عليه الصوم أيضا.
(3) أن يرجع قبل الزوال ولم يفطر في سفره، ففي هذه الصورة يجب عليه
أن ينوي الصوم ويصوم بقية النهار.
(مسألة 467): إذا صام المسافر جهلا بالحكم وعلم به بعد انقضاء
النهار صح صومه ولم يجب عليه القضاء.
(مسألة 468): يجوز السفر في شهر رمضان ولو من غير ضرورة، ولا بد
من الافطار فيه، وأما في غيره من الواجب المعين فالأقوى عدم جواز السفر إذا
كان واجبا بايجار ونحوه وكذا الثالث من أيام الاعتكاف، والأظهر جوازه فيما
كان واجبا بالنذر وفي الحاق اليمين والعهد به اشكال.
(مسألة 469): لا يصح الصوم الواجب من المسافر سفرا تقصر
196

الصلاة فيه - مع العلم بالحكم - إلا في ثلاثة مواضع.
1 - صوم الثلاثة أيام وهي التي بعض العشرة التي تكون بدل هدي
التمتع لمن عجز عنه.
2 - صوم الثمانية عشر يوما التي هي بدل البدنة كفارة لمن أفاض من
عرفات قبل الغروب.
3 - صوم النافلة في وقت معين المنذور ايقاعه في السفر أو الأعم منه ومن
الحضر، وكما لا يصح الصوم الواجب في السفر في غير المواضع المذكورة،
كذلك لا يصح الصوم المندوب فيه ألا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة المنورة
والأحوط أن يكون في الأربعاء والخميس والجمعة.
(مسألة 470): يعتبر في صحة صوم النافلة أن لا تكون ذمة المكلف
مشغولة بقضاء شهر رمضان، ولا يضر بصحته أن يكون عليه صوم واجب
لإجارة أو قضاء أو كفارة أو نحوها فيصح منه صوم النافلة في جميع ذلك على
الأظهر، كما يصح منه صوم النافلة الذي يصح ايقاعه في السفر وإن كان عليه
قضاء شهر رمضان على الأقوى.
(مسألة 471): الشيخ والشيخة إذا شق عليهما الصوم جاز لهما الافطار
ويكفران عن كل يوم بمد من الطعام، ولا يجب عليهما القضاء، وإذا تعذر
عليهما الصوم سقط عنهما ولا يبعد سقوط الكفارة حينئذ أيضا، ويجري هذا
الحكم على ذي العطاش (من به داء العطش) أيضا فإذا شق عليه الصوم كفر
عن كل يوم بمد وإذا تعذر عليه لا يبعد سقوط الكفارة عنه أيضا.
(مسألة 472): الحامل المقرب إذا خافت الضرر على نفسها أو على
جنينها جاز لها الافطار - بل قد يجب كما إذا كان الصوم مستلزما للاضرار المحرم
بأحدهما - وتكفر عن كل يوم بمد ويجب عليها القضاء أيضا.
197

(مسألة 473): المرضع القليلة اللبن إذا خافت الضرر على نفسها أو
على الطفل الرضيع جاز لها الافطار - بل قد يجب كما مر في المسألة السابقة -
وعليها القضاء والتكفير عن كل يوم بمد، ولا فرق في المرضع بين الأم
والمستأجرة والمتبرعة، والأحوط لزوما الاقتصار في ذلك على ما إذا انحصر
الارضاع بها بأن لم يكن هناك طريق آخر لارضاع الطفل ولو بالتبعيض من دون
مانع وإلا لم يجز لها الافطار.
(مسألة 474): المد يساوي ثلاثة أرباع الكيلو تقريبا، والأولى أن يكون
من الحنطة أو من دقيقها والأظهر اجزاء مطلق الطعام حتى الخبز.
198

(ثبوت الهلال في شهر رمضان)
يعتبر في وجوب صيام شهر رمضان ثبوت الهلال بأحد هذه الطرق:
(1) أن يراه المكلف نفسه.
(2) أن يتيقن أو يطمئن لشياع أو نحوه برؤيته في بلده أو فيما يلحقه
حكما.
(3) مضي ثلاثين يوما من شهر شعبان.
(4) شهادة رجلين عادلين بالرؤية (وقد مر معنى العدالة في الصفحة 16)
وتعتبر فيها وحدة المشهود به، فلو ادعى أحدهما الرؤية في طرف وادعى
الآخر رؤيته في طرف آخر لم يثبت الهلال بذلك، كما يعتبر فيها عدم وجود
معارض لشهادتهما - ولو حكما - كما لو استهل جماعة كبيرة من أهل البلد فادعى
الرؤية منهم عدلان فقط، أو استهل جمع ولم يدع الرؤية إلا عدلان ولم يره
الآخرون وفيهم عدلان يماثلانهما في معرفة مكان الهلال وحدة النظر مع فرض
صفاء الجو وعدم وجود ما يحتمل أن يكون مانعا عن رؤيتهما ففي مثل ذلك لا
عبرة بشهادة العدلين، ولا يثبت الهلال بشهادة النساء إلا إذا حصل اليقين به
من شهادتهن.
(مسألة 475): لا يثبت الهلال بحكم الحاكم ولا بتطوقه ليدل على أنه
لليلة السابقة، ولا بقول المنجم ونحوه.
(مسألة 476): إذا أفطر المكلف ثم انكشف ثبوت الهلال بأحد الطرق
199

المزبورة وجب عليه القضاء، وإذا بقي من النهار شئ وجب عليه الامساك فيه
على الأحوط.
(مسألة 477): يكفي ثبوت الهلال في بلد آخر وإن لم ير في بلد الصائم
إذا توافق أفقهما بمعنى كون الرؤية في البلد الأول ملازمة للرؤية في البلد الثاني
لولا المانع من سحاب أو جبل أو نحوهما.
(مسألة 478): لا بد في ثبوت هلال شوال من تحقق أحد الأمور المتقدمة
فلو لم يثبت بشئ منها لم يجز الافطار.
(مسألة 479): إذا صام يوم الشك من شهر شوال، ثم ثبت الهلال
أثناء النهار وجب عليه الافطار.
(مسألة 480): لا يجوز أن يصوم يوم الشك من شهر رمضان على أنه
منه، نعم يجوز صومه استحبابا أو قضاء فإذا انكشف - حينئذ - أثناء النهار إنه
من رمضان عدل بنيته وأتم صومه، ولو انكشف الحال بعد مضي الوقت حسب
له صومه ولا يجب عليه القضاء.
(مسألة 481): المحبوس أو الأسير إذا لم يتمكن من تشخيص شهر
رمضان وجب عليه التحري حسب الامكان فيعمل بما غلب عليه ظنه ومع
عدمه فالأظهر أنه يختار شهرا فيصومه ويجب عليه أن يحفظ الشهر الذي صامه
ليتسنى له - من بعد - العلم بتطابقه مع شهر رمضان وعدمه، فإن انكشفت له
المطابقة فهو وإن انكشف خلافها ففيه صورتان:
(الأولى) أن ينكشف إن صومه وقع بعد شهر رمضان، فلا شئ عليه في
هذه الصورة.
(الثانية) أن ينكشف إن صومه كان قبل شهر رمضان فيجب عليه في
هذه الصورة أن يقضي صومه إذا كان الانكشاف بعد شهر رمضان.
200

(نية الصوم)
يجب على المكلف قصد الامساك عن المفطرات المعهودة من أول الفجر
إلى المغرب متقربا به إلى الله تعالى، والأظهر جواز الاكتفاء بقصد صوم تمام
الشهر من أوله فلا يعتبر حدوث القصد المذكور في كل ليلة أو عند طلوع الفجر
وإن كان يعتبر وجوده عنده ولو ارتكازا.
(مسألة 482): كما تعتبر النية في صيام شهر رمضان تعتبر في غيره من
الصوم الواجب، كصوم الكفارة والنذر والقضاء، والصوم نيابة عن الغير، ولو
كان على المكلف أقسام من الصوم الواجب وجب عليه التعيين زائدا على قصد
القربة، نعم لا حاجة إلى التعيين في شهر رمضان لأن الصوم فيه متعين بنفسه.
(مسألة 483): يكفي في نية الصوم أن ينوي الامساك عن المفطرات
على نحو الاجمال ولا حاجة إلى تعيينها تفصيلا.
(مسألة 484): إذا لم تتحقق منه نية الصوم في يوم من شهر رمضان
لنسيان أنه منه مثلا ولم يأت بمفطر فإن تذكر بعد الزوال وجب عليه على
الأحوط وجوبا الامساك بقية النهار بقصد القربة المطلقة والقضاء بعد ذلك،
وإن كان التذكر قبل الزوال نوى الصوم واجتزأ به على الأظهر وإن كان الأحوط
القضاء بعد ذلك، وكذا الحال في غيره من الواجب المعين، وأما الواجب غير
المعين فيمتد وقت نيته إلى الزوال، وأما صوم النافلة فيمتد وقت نيته إلى الغروب
بمعنى أن المكلف إذا لم يكن قد أتى بمفطر جاز له أن يقصد صوم النافلة
ويمسك بقية النهار ولو كان الباقي شيئا قليلا ويحسب له صوم هذا اليوم -
201

(مسألة 485): لو عقد نية الصوم ثم نوى الافطار في وقت لا يجوز
تأخير النية إليه عمدا ثم جدد النية لم يجتزئ به على الأحوط.
(مسألة 486): إذا نوى ليلا صوم الغد، ثم نام ولم يستيقظ طول النهار
صح صومه.
202

(المفطرات)
وهي أمور:
(الأول والثاني تعمد الأكل والشرب) ولا فرق في المأكول والمشروب بين
المتعارف وغيره، ولا بين القليل والكثير، كما لا فرق في الأكل والشرب بين أن
يكونا من الطريق العادي أو من غيره، فلو شرب الماء من أنفه بطل صومه،
ويبطل الصوم ببلع الأجزاء الباقية من الطعام بين الأسنان اختيارا.
(مسألة 487): لا يبطل الصوم بالأكل أو الشرب بغير عمد، كما إذا
نسي صومه فأكل أو شرب، كما لا يبطل بما إذا وجر في حلقه بغير اختياره ونحو
ذلك.
(مسألة 488): لا يبطل الصوم بزرق شئ - كالدواء - بالإبرة في
العضلة أو الوريد، كما لا يبطل بالتقطير في الأذن أو العين ولو ظهر أثره من
اللون أو الطعم في الحلق.
(مسألة 489): يجوز للصائم بلع ريقه اختيارا ما لم يخرج من فضاء فمه
بل يجوز له جمعه في فضائه ثم بلعه.
(مسألة 490): لا بأس على الصائم أن يبلع ما يخرج صدره أو ينزل
من رأسه من الأخلاط ما لم يصل إلى فضاء الفم وإلا فالأحوط تركه، وإن كان
لا يبعد جوازه أيضا.
(مسألة 491): يجوز للصائم الاستياك، لكن إذا أخرج المسواك لا يرده
إلى فمه وعليه رطوبة إلا أن يبصق ما في فمه من الريق بعد الرد.
203

(مسألة 492): يجوز لمن يريد الصوم ترك تخليل الأسنان بعد الأكل ما
لم يعلم بدخول شئ من الأجزاء الباقية بين الأسنان إلى الجوف في النهار، وإلا
وجب التخليل.
(مسألة 493): لا بأس على الصائم أن يمضغ الطعام للصبي أو
الحيوان وأن يذوق المرق ونحو ذلك مما لا يتعدى إلى الحلق، ولو اتفق تعدي
شئ من ذلك إلى الحلق من غير قصد ولا علم بأنه يتعدى قهرا أو نسيانا لم
يبطل صومه.
(مسألة 494): يجوز للصائم المضمضة بقصد الوضوء أو لغيره ما لم
يبتلع شيئا من الماء متعمدا، ويستحب بعد المضمضة أن يبزق ريقه ثلاثا.
(مسألة 495): إذا أدخل الصائم الماء في فمه للتمضمض أو غيره فسبق
إلى جوفه بغير اختياره فإن كان عن عطش كان يقصد به التبريد وجب عليه
القضاء، وأما في غير ذلك من موارد ادخال المايع في الفم أو الأنف وتعديه إلى
الجوف بغير اختيار فالأظهر عدم وجوب القضاء وإن كان هو الأحوط الأولى فيما
إذا كان ذلك في الوضوء لصلاة النافلة بل مطلقا إذا لم يكن لوضوء صلاة
الفريضة.
(الثالث من المفطرات: على الأحوط لزوما تعمد الكذب على الله أو
على رسوله أو على أحد الأئمة المعصومين عليهم السلام) وقد تلحق بهم
الصديقة الطاهرة وسائر الأنبياء وأوصيائهم عليهم السلام.
(مسألة 496): إذا اعتقد الصائم صدق خبره عن الله أو عن أحد
المعصومين عليهم السلام ثم انكشف له كذبه لم يبطل صومه، نعم إذا أخبر
عن الله أو عن رسوله غير متعمد على حجة شرعية مع احتمال كذبه وكان الخبر
كذبا في الواقع جرى عليه حكم التعمد على الأحوط.
204

(مسألة 497): لا بأس بقراءة القرآن على وجه غير صحيح إذا لم يكن
القارئ في مقام الحكاية عن القرآن المنزل، ولا يبطل بذلك صومه.
(الرابع من المفطرات: - على المشهور - تعمد الارتماس في الماء) ولكن
الأظهر أنه لا يضر بصحة الصوم بل هو مكروه كراهة شديد، ولا فرق في ذلك
بين رمس تمام البدن ورمس الرأس فقط، ولا بأس بوقوف الصائم تحت المطر
ونحوه وإن أحاط الماء بتمام بدنه.
(مسألة 498): الأحوط للصائم في شهر رمضان وفي غيره عدم
الاغتسال برمس الرأس في الماء وإن كان الأظهر جواز ذلك.
(الخامس من المفطرات: تعمد الجماع الموجب للجنابة) ولا يبطل الصوم
به إذا لم يكن عن عمد.
(السادس من المفطرات: الاستمناء بملاعبة أو تقبيل أو ملامسة أو غير
ذلك) بل إذا أتى بشئ من ذلك، ولم يطمئن من نفسه بعدم خروج المني فاتفق
خروجه بطل صومه على الأظهر.
(مسألة 499): إذا احتلم في شهر رمضان جاز له الاستبراء بالبول وإن
تيقن بخروج ما بقي من المني في المجرى من غير فرق بين كونه قبل الغسل أو
بعده وإن كان الأحوط الترك في الثاني.
(السابع من المفطرات: تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر)
ويختص ذلك بصوم شهر رمضان وبقضائه وأما في غيرهما من أقسام الصوم
فالظاهر عدم بطلانه بذلك وإن كان الأحوط تركه في سائر أقسام الصوم
الواجب، كما أن الأحوط الأولى عدم قضاء شهر رمضان في اليوم الذي يبقى
فيه على الجنابة حتى يطلع الفجر من غير تعمد.
205

(مسألة 500): البقاء على حدث الحيض أو النفاس مع التمكن من
الغسل أو التيمم مبطل لصوم شهر رمضان بل ولقضائه أيضا على الأحوط دون
غيرهما.
(مسألة 501): من أجنب في شهر رمضان ليلا، ثم نام غير قاصد
للغسل - إذا كان ناويا لترك الغسل بل وكذا إذا كان مترددا فيه على الأحوط -
فاستيقظ بعد الفجر جرى عليه حكم تعمد البقاء على الجنابة، وأما إذا كان
ناويا للغسل واطمأن بالانتباه - لاعتياد أو غيره - فاتفق أنه لم يستيقظ إلا بعد
الفجر فلا شئ عليه وصح صومه، نعم إذا استيقظ ثم نام ولم يستيقظ حتى
طلع الفجر وجب عليه القضاء عقوبة، وكذلك الحال في النومة الثالثة إلا أن
الأحوط الأولى فيه الكفارة أيضا.
(مسألة 502): إذا أجنب في شهر رمضان ليلا وكان ناويا للغسل ولم
يكن مطمئنا بالاستيقاظ فالأحوط لزوما أن يغتسل قبل النوم فإن نام ولم يستيقظ
فالأحوط القضاء حتى في النومة الأولى، بل الأحوط الأولى الكفارة أيضا ولا
سيما في النومة الثالثة.
(مسألة 503): إذا علم بالجنابة ونسي غسلها حتى طلع الفجر من نهار
شهر رمضان كان عليه قضاؤه ولكن يجب عليه امساك ذلك اليوم بقصد ما في
الذمة على الأحوط، والأقوى عدم الحاق غير شهر رمضان به في ذلك حتى
قضائه كما مر، وإذا لم يعلم بالجنابة أو علم بها ونسي وجوب صوم الغد حتى
طلع الفجر صح صومه ولا شئ عليه.
(مسألة 504): إذا لم يتمكن الجنب من الاغتسال ليلا وجب عليه أن
يتيمم قبل الفجر بدلا عن الغسل فإن تركه بطل صومه على الأظهر، ولا يجب
عليه أن يبقى مستيقظا بعده حتى يطلع الفجر وإن كان ذلك أحوط.
206

(مسألة 505): حكم المرأة في الاستحاضة القليلة حكم الطاهرة، وأما
في الاستحاضة الكثيرة فالمشهور أنه يعتبر في صحة صومها أن تغتسل الأغسال
النهارية والليلية السابقة ولكن لا يبعد عدم اعتباره وإن كان ذلك أحوط بل
الأحوط أن تغتسل لصلاة الصبح قبل الفجر ثم تعيده بعده، وأما في
الاستحاضة المتوسطة فالأظهر عدم اعتبار الغسل في صحة صومها، وإن كان
الأحوط هو الاغتسال أيضا.
(الثامن من المفطرات: تعمد ادخال الغبار أو الدخان الغليظين في الحلق
على الأحوط) ولا بأس بغير الغليظ منهما وكذا بما يتعسر التحرز عنه عادة كالغبار
المتصاعد بإثارة الهواء.
(التاسع من المفطرات: تعمد القئ) ويجوز التجشؤ للصائم وإن احتمل
خروج شئ من الطعام أو الشراب معه والأحوط ترك ذلك مع اليقين بخروجه.
(مسألة 506): لو رجع شئ من الطعام أو الشراب بالتجشؤ أو بغيره
إلى حلق الصائم قهرا لم يجز ابتلاعه ثانيا، ويجري على الابتلاع حكم الأكل أو
الشرب على الأحوط.
(العاشر من المفطرات: تعمد الاحتقان بالماء أو بغيره من المائعات) ولا
بأس بغير المائع.
(تذييل)
المفطرات المتقدمة - عدا الأكل والشرب والجماع - إنما تبطل الصوم إذا
ارتكبها العالم بمفطريتها أو الجاهل المقصر، وكذا غير المقصر إذا كان مترددا،
ولا توجب البطلان إذا صدرت عن المتعمد في عدم مفطريتها على حجة شرعية
أو عن الجاهل المركب إذا كان قاصرا.
207

(أحكام المفطرات)
(مسألة 507): تجب الكفارة على من أفطر في شهر رمضان بالأكل أو
الشرب أو الجماع أو الاستنماء أو البقاء على الجنابة مع العمد والاختيار من غير
كره ولا اجبار، والتكفير يتحقق بتحرير رقبة أو اطعام ستين مسكينا أو صوم
شهرين متتابعين، بأن يصوم الشهر الأول بتمامه ومن الشهر الثاني ولو يوما
واحدا، ويصوم بقيته متى شاء، هذا فيما إذا كان الافطار بحلال وأما إذا كان
بحرام فالأحوط الأولى أن يجمع بين الأمور المذكورة وإذا لم يتمكن من الجمع
اقتصر على ما تمكن منه.
(مسألة 508): إذا أكره الصائم زوجته على الجماع في نهار شهر رمضان
وهي صائمة تضاعفت عليه الكفارة على الأحوط ويعزر بما يراه الحاكم
الشرعي، ومع عدم الاكراه ورضاء الزوجة بذلك فعلى كل منهما كفارة واحدة
ويعزران بما يراه الحاكم أيضا.
(مسألة 509): من ارتكب شيئا من المفطرات في صيام شهر رمضان
فبطل صومه وجب عليه الامساك بقية النهار مطلقا على الأحوط، بل الأحوط
أن يكون ذلك بقصد القربة المطلقة في ادخال الدخان أو الغبار الغليظين في
الحلق وفي الكذب على الله ورسوله، ولا تجب الكفارة إلا بأول مرة من الافطار
ولا تتعدد بتعدده حتى في الجماع والاستنماء فإن الأظهر عدم تكرر الكفارة
بتكررهما وإن كان ذلك أحوط.
(مسألة 510): من أفطر في شهر رمضان متعمدا ثم سافر لم يسقط عنه
208

وجوب الكفارة وإن كان سفره قبل الزوال.
(مسألة 511): يختص وجوب الكفارة بالعالم بالحكم ولا كفارة على
الجاهل القاصر أو المقصر - غير المتردد - على الأظهر، فلو استعمل مفطرا
باعتقاد أنه لا يبطل الصوم لن تجب عليه الكفارة سواء اعتقد حرمته في نفسه أم
لا على الأقوى، فلو استمنى عالما بحرمته معتقدا - ولو لتقصير - عدم
بطلان الصوم به فلا كفارة عليه، نعم لا يعتبر في وجوب الكفارة العلم
بوجوبها.
209

(موارد وجوب القضاء فقط)
(مسألة 512): من أفطر في شهر رمضان لعذر من سفر أو مرض ونحوهما
وجب عليه القضاء في غيره من أيام السنة إلا يومي العيدين (الفطر والأضحى)
فلا يجوز الصوم فيهما قضاءا وغير قضاء من سائر أقسام الصوم حتى النافلة.
(مسألة 513): من أكره في نهار شهر رمضان على الأكل أو الشرب أو
الجماع أو اقتضت التقية ارتكابها أو اضطر إليها أو إلى القئ أو الاحتقان جاز
له الافطار بها بمقدار الضرورة ولكن يبطل صومه ويجب عليه القضاء بل
الأحوط لزوما القضاء في الاكراه على الافطار بغير الثلاثة المتقدمة أيضا.
(مسألة 514): تقدمت جملة من الموارد التي يجب فيها القضاء فقط والبقية كما يلي:
(1) ما إذا أخل بالنية في شهر رمضان ولكنه لم يرتكب شيئا من المفطرات
المزبورة.
(2) ما إذا ارتكب شيئا من المفطرات من دون فحص عن طلوع الفجر،
فانكشف طلوعه حين الافطار، فيجب عليه الامساك بقصد القربة المطلقة على
الأحوط والقضاء بعد ذلك، وأما إذا فحص ولم يظهر له طلوع الفجر فأتى
بمفطر ثم انكشف طلوعه لم يجب عليه القضاء.
(3) ما إذا أتى بمفطر معتمدا على من أخبره ببقاء الليل ثم انكشف
خلافه.
210

(4) ما إذا أخبر بطلوع الفجر فأتى بمفطر بزعم أن المخبر إنما أخبر
مزاحا ثم انكشف إن الفجر كان طالعا.
(5) ما إذا أخبر من يعتمد على قوله شرعا كالبينة عن غروب الشمس
فأفطر وانكشف خلافه، وأما إذا كان المخبر ممن لا يعتمد على قوله وجبت
الكفارة أيضا إلا إذا انكشف أن الافطار كان بعد غروب الشمس.
(6) ما إذا أفطر الصائم باعتقاد غروب الشمس ثم انكشف عدمه،
حتى فيما إذا كان ذلك من جهة الغيم في السماء على الأحوط.
(أحكام القضاء)
(مسألة 515): لا يعتبر الترتيب ولا الموالاة في القضاء، فيجوز التفريق
فيه كما يجوز قضاء ما فات ثانيا قبل أن يقضي ما فاته أولا.
(مسألة 516): الأولى والأحوط أن يقضي ما فاته في شهر رمضان أثناء
سنته إلى رمضان الآتي، ولا يؤخره عنه، ولو أخره عمدا كفر عن كل يوم بمد
والأحوط ذلك في التأخير بغير عمد أيضا، نعم إذا استند التأخير إلى استمرار
المرض إلى رمضان الآتي، ولم يتمكن المكلف من القضاء في مجموع السنة سقط
وجوب القضاء ولزمته الكفارة فقط.
(مسألة 517): إذا تعين وجوب القضاء عن النفس في يوم لم يجز الافطار
فيه قبل الزوال وبعده، وأما إذا كان موسعا جاز الافطار قبل الزوال ولم يجز
بعده، وفي القسمين لو أفطر بعد الزوال لزمته الكفارة وهي اطعام عشرة
مساكين يعطى كل واحد منهم مدا من الطعام، فلو عجز عنه صام بدله ثلاثة
أيام، وأما الواجب - غير القضاء عن النفس - فإن كان معينا لم يجز الافطار فيه
211

مطلقا - بل قد تثبت فيه الكفارة كالافطار في الصوم المعين بالنذر - وإن كان
موسعا جاز الافطار فيه قبل الظهر وبعده، والأولى أن لا يفطر بعد الزوال ولا
سيما إذا كان الواجب هو قضاء صوم شهر رمضان عن غيره بإجارة أو غير
إجارة.
(مسألة 518): من فاته صيام شهر رمضان لعذر أو غيره ولم يقضه مع
التمكن منه حتى مات فالأحوط وجوبا أن يقضيه عنه ولده الأكبر بالشرطين
المتقدمين في المسألة (445)، والأحوط الأولى ذلك في الأم أيضا، وما ذكرناه في
المسألة (445) إلى المسألة (450) من الأحكام الراجعة إلى قضاء الصلوات
يجري في قضاء الصوم أيضا.
(مسألة 519): إذا فاته صوم شهر رمضان لمرض أو حيض أو نفاس ولم
يتمكن من قضائه كأن مات قبل البرء من المرض أو الحيض أو النفاس أو بعده
قبل مضي زمان يصح منه قضاؤه فيه لم يقض عنه.
212

(الزكاة)
213

(زكاة الأموال)
الزكاة من الوجبات التي اهتم الشارع المقدس بها وقد قرنها الله تبارك
وتعالى بالصلاة في غير واحد من الآيات الكريمة وإنها إحدى الخمس التي بني
عليها الاسلام، وقد ورد أن الصلاة لا تقبل من مانعها، وإن من منع قيراطا من
الزكاة فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا، وهي على قسمين: زكاة الأموال،
وزكاة الأبدان (زكاة الفطرة) وسيأتي بيان القسم الثاني بعد ذلك.
(مسألة 520): تجب الزكاة في أربعة أشياء:
(1) في الأنعام: الغنم بقسميها المعز والضأن، والإبل، والبقر حتى
الجاموس.
(2) في النقدين: الذهب والفضة.
(3) في الغلات: الحنطة والشعير والتمر والزبيب.
(4) في مال التجارة على الأحوط وجوبا.
ويعتبر في وجوبها في الجميع أمران:
(الأول): الملكية الشخصية، فلا تجب في الأوقاف العامة، ولا في المال
الذي أوصى بأن يصرف في التعازي أو المساجد، أو المدارس ونحوها.
(الثاني): الحرية، فلا تجب الزكاة في أموال الرق.
215

(زكاة الحيوان)
(مسألة 521): يشترط في وجوب الزكاة في الأنعام أمور فلا تجب
بفقدان شئ منها:
(1) استقرار الملكية في مجموع الحول فلو خرجت عن ملك مالكها أثناء
الحول لم تجب فيها الزكاة والمراد بالحول هنا مضي أحد عشر شهرا والدخول
في الشهر الثاني عشر، وابتداء السنة فيها من حين تملكها وفي نتاجها من حين
ولادتها.
(2) تمكن المالك أو وليه من التصرف فيها في تمام الحول، فلو غصبت
أو ضلت أو سرقت فترة يعتد بها عرفا لم تجب الزكاة فيها.
(3) السوم، فلو كانت معلوفة - ولو في بعض السنة - لم تجب فيها
الزكاة، نعم لا يقدح في صدق السوم علفها قليلا، والعبرة فيه بالصدق
العرفي، والأظهر احتساب مدة رضاع النتاج من الحول وإن لم تكن أمهاتها
سائمة.
(4) بلوغها حد النصاب، وسيأتي بيانه.
(مسألة 522): صدق السائمة على ما رعت من الأرض المستأجرة أو
المشتراة للرعي محل اشكال، ومع ذلك فلا يترك الاحتياط.
(مسألة 523): لا يشترط في وجوب الزكاة في البقر والإبل زائدا على
كونها سائمة أن لا تكون عوامل على الأحوط، فلو استعملت في السقي أو
الحرث أو الحمل أو نحو ذلك وجبت الزكاة فيها، وإذا كان استعمالها من القلة
216

بحد يصدق عليها إنها فارغة - وليست بعوامل - وجبت فيها الزكاة بلا اشكال.
(مسألة 524): في الغنم خمسة نصب:
(1) أربعون، وفيها شاة.
(2) مائة وإحدى وعشرون، وفيها شاتان.
(3) مائتان وواحدة، وفيها ثلاث شياه.
(4) ثلاثمائة وواحدة، وفيها أربع شياه.
(5) أربعمائة فصاعدا ففي كل مائة شاة، وما بين النصابين في حكم
النصاب السابق، والأحوط في الشاة المخرجة زكاة أن تكون داخلة في السنة
الثالثة إن كانت معزا وأن تكون داخلة في السنة الثانية إن كانت ضأنا.
(مسألة 525): في الإبل اثنا عشر نصابا:
(1) خمس، وفيها شاة.
(2) عشرة، وفيها شاتان.
(3) خمس عشرة، وفيها ثلاث شياه.
(4) عشرون، وفيها أربع شياه.
(5) خمس وعشرون، وفيها خمس شياه.
(6) ست وعشرون، وفيها بنت مخاض وهي الداخلة في السنة الثانية.
(7) ست وثلاثون، وفيها بنت لبون وهي الداخلة في السنة الثالثة.
(8) ست وأربعون، وفيها حقة وهي الداخلة في السنة الرابعة.
(9) إحدى وستون، وفيها جذعة وهي التي دخلت في السنة الخامسة.
217

(10) ست وسبعون، وفيها بنتا لبون.
(11) إحدى وتسعون، وفيها حقتان.
(12) مائة وإحدى وعشرون فصاعدا، وفيها حقة لكل خمسين، وبنت
لبون لكل أربعين، بمعنى أنه يتعين عدها بما يكون عادا لها من خصوص
الخمسين أو الأربعين، ويتعين عدها بهما إذا لم يكن واحدا منهما عادا لها، ويتخير
بين العدين إذا كان كل منهما عادا لها.
(مسألة 526): في البقر نصابان:
(1) ثلاثون، وزكاتها ما دخل منها في السنة الثانية والأحوط أن يكون
ذكرا.
(2) أربعون، وزكاتها مسنة وهي الداخلة في السنة الثالثة وفي ما زاد
على أربعين يعد بثلاثين أو أربعين على التفصيل المتقدم، وما بين النصابين في
البقر والإبل في حكم النصاب السابق كما تقدم في الغنم.
(مسألة 527): إذا تولى المالك اخراج زكاة ماله لم يجز له اخراج المريض
زكاة إذا كان جميع النصاب في الأنعام صحاحا، كما لا يجوز له اخراج المعيب
إذا كان النصاب بأجمعه سليما، وكذلك لا يجوز له اخراج الهرم إذا كان الجميع
شبابا، بل الأمر كذلك مع الاختلاف على الأحوط، نعم إذا كان كل واحد من
أفراد النصاب مريضا أو معيبا أو هرما جاز له الاخراج منها.
(مسألة 528): إذا ملك من الأنعام بمقدار النصاب ثم ملك مقدار
آخر ففيه صور:
(الأولى): أن يكون ملكه الجديد بعد تمام الحول لما ملكه أولا، ففي
هذه الصورة ابتداء الحول للمجموع، مثلا إذا كان عنده من الإبل خمس
218

وعشرون، وبعد انتهاء الحول ملك واحدة فحينئذ يبتدئ الحول لست
وعشرين.
(الثانية): أن يكون ملكه الجديد أثناء الحول، وكان هو بنفسه بمقدار
النصاب، ففي هذه الصورة لا ينضم الجديد إلى الملك الأول، بل يعتبر لكل
منهما حول بانفراده، فإذا كان عنده خمس من الإبل فملك خمسا أخرى بعد
مضي ستة أشهر، لزم عليه اخراج شاة عند تمام السنة الأولى، واخراج شاة
أخرى عند تمام السنة من حين تملكه الخمس الأخرى.
(الثالثة): أن يكون ملكه الجديد مكملا للنصاب اللاحق، ففي هذه
يجب اخراج الزكاة للنصاب الأول عند انتهاء سنته، وبعده يضم الجديد إلى
السابق، ويعتبر لهما حولا واحدا، فإذا ملك ثلاثين من البقر، وفي أثناء الحول
ملك أحد عشر رأسا من البقر وجب عليه - بعد انتهاء الحول - اخراج الزكاة
للثلاثين ويبتدئ الحول للأربعين.
(الرابعة): أن لا يكون ملكه الجديد نصابا مستقلا ولا مكملا للنصاب
اللاحق، ففي هذه الصورة لا يجب عليه شئ لملكه الجديد وإن كان هو بنفسه
نصابا لو فرض أنه لم يكن مالكا للنصاب السابق، فإذ ملك أربعين رأسا من
الغنم ثم ملك أثناء الحول أربعين غيرها لم يجب شئ في ملكه ثانيا ما لم يصل
إلى النصاب الثاني.
(مسألة 529): لو تلف شئ من الأنعام أثناء الحول فإن نقص الباقي
عن النصاب لم تجب الزكاة فيه، وإلا وجبت الزكاة فيما بقي منها، ولو كان
التلف بعد تمام الحول، فإن نقص به النصاب حسب التالف من الزكاة ومن
مال المالك بالنسبة، وإن لم ينقص به النصاب كان التلف من المالك فحسب
على الأحوط، ويجري هذا الحكم في النقدين أيضا.
219

(مسألة 530): لا يجب اخراج الزكاة من شخص الأنعام التي تعلقت
الزكاة بها، فلو ملك من الغنم أربعين جاز له أن يعطى شاة من غيرها زكاة.
220

(زكاة النقدين)
يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة أمور:
(الأول): كمال المالك بالبلوغ والعقل فلا تجب الزكاة في النقدين من
أموال الصبي والمجنون.
(الثاني): بلوغ النصاب، ولكل منهما نصابان، ولا زكاة فيما لم يبلغ
النصاب الأول منهما، وما بين النصابين بحكم النصاب السابق، فنصابا
الذهب: خمسة عشر مثقالا صيرفيا، ثم ثلاثة فثلاثة، ونصابا الفضة: مائة
وخمسة مثاقيل، ثم واحد وعشرون، فواحد وعشرون مثقالا وهكذا، والمقدار
الواجب اخراجه في كل منهما ربع العشر (5، 2 %).
(الثالث): أن يكونا مسكوكين بالسكة المتداولة الرائجة بالفعل، سواء
في ذلك السكة الاسلامية وغيرها، ولا فرق في السكة بين الكتابة والنقش.
(مسألة 531): لا زكاة في سبائك الذهب والفضة والأواني المتخذة
منهما، وفي غير ذلك مما لا يكون مسكوكا، وفي وجوب الزكاة في المسكوك المتخذ
حلية الباقي على رواجه في المعاملات اشكال، والأحوط اخراجها، وأما إذا
خرج بذلك عن رواج المعاملة فلا اشكال في عدم وجوب الزكاة فيه.
(الرابع): مضي الحول، بأن يبقى في ملك مالكه واجدا للشروط تمام
الحول، فلو خرج عن ملكه أثناء الحول أو نقص عن النصاب أو ألغيت سكته
- ولو بجعله سبيكة - لم تجب الزكاة فيه، نعم لو أبدل الذهب المسكوك بمثله
أو بالفضة المسكوكة أو أبدل الفضة المسكوكة بمثلها أو بالذهب المسكوك كلا
221

أو بعضا بقصد الفرار من الزكاة وبقي واجدا لسائر الشرائط إلى تمام الحول فلا
يترك الاحتياط باخراج زكاته حينئذ، ويتم الحول بمضي أحد عشر شهرا،
ودخول الشهر الثاني عشر.
(الخامس): تمكن المالك من التصرف فيه في تمام الحول، فلا تجب
الزكاة في المغصوب والمسروق والمال الضائع فترة يعتد بها عرفا.
(مسألة 532): لا فرق في وجوب الزكاة في النقدين بين الخالص
والمغشوش، بشرط أن لا يكون الغش بمقدار لا يصدق معه عنوان الذهب
والفضة، وإلا لم تجب الزكاة فيه.
(مسألة 533): تجب الزكاة في النقدين في كل سنة، فلو أداها في السنة
الأولى وكان الباقي بحد النصاب وجبت الزكاة في السنة الثانية أيضا وهكذا،
وهكذا الحال في الأنعام.
222

(زكاة الغلات الأربع)
يعتبر في وجوب الزكاة في الغلات الأربع أمران:
(الأول: بلوغ النصاب) ولها نصاب واحد وهو ثلاثمائة صاع وهذا يقارب
- فيما قيل - ثمانمائة وسبعة وأربعين كيلو غراما، ولا تجب الزكاة في ما لم يبلغ
النصاب، فإذا بلغه وجبت فيه وفي ما يزيد عليه، وإن كان الزائد قليلا.
(الثاني: الملكية حال تعلق الزكاة بها) فلا زكاة فيها إذا تملكها الانسان
بعد تعلق الزكاة بها.
(مسألة 534): تتعلق الزكاة بالغلات حينما يصدق عليها اسم الحنطة
أو الشعير أو التمر أو العنب إلا أن المناط في اعتبار النصاب بلوغها حده بعد
يبسها حين تصفية الحنطة والشعير من التبن واجتذاذ التمر واقتطاف الزبيب،
فإذا كانت الغلة حينما يصدق عليها أحد هذه العناوين بحد النصاب، ولكنه
لا تبلغه حينذاك لجفافها لم تجب الزكاة فيها.
(مسألة 535): لا تجب الزكاة في الغلات الأربع إلا مرة واحدة، فإذا
أدى زكاتها لم تجب في السنة الثانية، ولا يشترط فيها الحول المعتبر في النقدين
والأنعام.
(مسألة 536): يختلف مقدار الزكاة في الغلات باختلاف الصور
الآتية:
(الأولى): أن يكون سقيها بالمطر أو بماء النهر أو بمص عروقها الماء من
223

الأرض ونحو ذلك مما لا يحتاج السقي فيه إلى العلاج ففي هذه الصورة يجب
اخراج عشرها (10 %) زكاة.
(الثانية): أن يكون سقيها بالدلو والرشا والدوالي والمضخات ونحو
ذلك، ففي هذه الصورة يجب اخراج نصف العشر (5 %).
(الثالثة): أن يكون سقيها بالمطر أو نحوه تارة وبالدلو أو نحوه تارة
أخرى، ولكن كان الغلب أحدهما بحد يصدق عرفا أنه سقي به، ولا يعتد
بالآخر، ففي هذه الصورة يجري عليه حكم الغالب.
(الرابعة): أن يكون سقيها بالأمرين على نحو الاشتراك، بأن لا يزيد
أحدهما على الآخر، أو كانت الزيادة على نحو لا يسقط بها الآخر عن الاعتبار،
ففي هذه الصورة يجب اخراج ثلاثة أرباع العشر (5، 7 %).
(مسألة 537): لا يعتبر في بلوغ الغلات حد النصاب استثناء ما صرفه
المالك في المؤن، فلو كان الحاصل يبلغ حد النصاب ولكنه إذا وضعت المؤن لم
يبلغه وجبت الزكاة فيه، بل الأحوط إخراج الزكاة من مجموع الحاصل قبل
وضع المؤن، نعم ما تأخذه الحكومة من أعيان الغلات لا تجب زكاته على
المالك.
(مسألة 538): إذا تعلقت الزكاة بالغلات لم يجب على المالك تحمل
مؤونتها إلى أوان الحصاد أو الاجتناء وله المخرج عن ذلك بأن يسلمها إلى
مستحقها أو الحاكم الشرعي وهي على الساق أو على الشجر ثم يشترك معه في
المؤن.
(مسألة 539): لا يعتبر في وجوب الزكاة أن تكون الغلة في مكان
واحد، فلو كان له نخيل أو زرع في بلد لم يبلغ حاصله حد النصاب، وكان له
224

مثل ذلك في بلد آخر، وبلغ مجموع الحاصلين في سنة حد النصاب وجبت
الزكاة فيه.
(مسألة 540): إذا ملك شيئا من الغلات وتعلقت به الزكاة ثم مات
وجب على الورثة إخراجها، وإذا مات قبل تعلقها به انتقل المال بأجمعه إلى
الورثة، فمن بلغ نصيبه حد النصاب - حين تعلق الزكاة به - وجبت عليه،
ومن لم يبلغ نصيبه حده لم تجب عليه.
(مسألة 541): من ملك نوعين من غلة واحدة كالحنطة الجيدة والرديئة
جاز له اخراج الزكاة منهما مراعيا للنسبة، ولا يجوز اخراج تمامها من القسم
الردئ على الأحوط.
(مسألة 542): إذا اشترك اثنان أو أكثر في غلة - كما في المزارعة وغيرها -
لم يكف في وجوب الزكاة بلوغ مجموع الحاصل حد النصاب، بل يختص
الوجوب بمن بلغ نصيبه حده.
225

(زكاة مال التجارة)
وهو المال الذي يتملكه الشخص بعقد المعاوضة قاصدا به الاكتساب
والاسترباح، فيجب - على الأحوط - أداء زكاته، وهي ربع العشر (5، 2 %) مع
استجماع الشرائط التالية:
(الأول): كمال المالك بالبلوغ والعقل.
(الثاني): بلوغ المال حد النصاب وهو نصاب أحد النقدين المتقدم في
ص 221.
(الثالث): مضي الحول عليه بعينه من حين قصد الاسترباح.
(الرابع): بقاء قصد الاسترباح طول الحول، فلو عدل عنه ونوى به
القنية أو الصرف في المؤونة مثلا في الأثناء لم تجب فيه الزكاة.
(الخامس): تمكن المالك من التصرف فيه في تمام الحول.
(السادس): أن يطلب برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول فلو طلب
بنقيصة أثناء السنة لم تجب فيه الزكاة.
226

(أحكام الزكاة)
يجب قصد القربة في أداء الزكاة حين تسليمها إلى المستحق أو الحاكم
الشرعي أو العامل المنصوب من قبله أو الوكيل في ايصالها إلى المستحق،
والأحوط استمرار النية حتى يوصلها الوكيل، وإن أدى قاصدا به الزكاة من دون
قصد القربة فالأظهر تعينه واجزاؤه وإن أثم، والأولى تسليم الزكاة إلى الحاكم
الشرعي ليصرفها في مصارفها.
(مسألة 543): لا يجب اخراج الزكاة من عين ما تعلقت به فيجوز
اعطاء قيمتها من النقود.
(مسألة 544): من كان له على الفقير دين جاز له أن يحتسبه زكاة، سواء
في ذلك موت المديون وحياته، نعم يعتبر في المديون الميت أن لا تفي تركته بأداء
دينه.
(مسألة 545): يجوز اعطاء الفقير الزكاة من دون إعلامه بالحال.
(مسألة 546): إذا أدى الزكاة إلى من يعتقد فقره ثم انكشف خلافه
استردها إذا كانت عينها باقية، وكان له استرداد بدلها إذا تلفت العين وقد علم
الآخذ إن ما أخذه زكاة، وأما إذا لم يكن الآخذ عالما بذلك فلا ضمان عليه،
ويجب على المالك حينئذ وعند عدم امكان الاسترداد في الفرض الأول اخراج
بدلها وإن كان أداؤه بعد الفحص والاجتهاد أو مستندا إلى الحجة الشرعية
على الأحوط، وإذا سلم الزكاة إلى الحاكم الشرعي فصرفها في غير مصرفها
باعتقاد أنه مصرف لها برئت ذمة المالك، ولا يجب عليه اخراجها ثانيا.
227

(مسألة 547): يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر، وإذا كان في بلد
الزكاة مستحق كانت أجرة النقل على المالك، ولو تلفت الزكاة بعد ذلك
ضمنها، وإذا لم يجد المستحق في بلده فنقلها لغاية الايصال إلى مستحقه استجاز
الحاكم الشرعي أو وكيله في احتساب الأجرة على الزكاة ولم يضمنها إذا تلفت
بغير تفريط.
(مسألة 548): يجوز عزل الزكاة من العين أو من مال آخر فيتعين
المعزول زكاة ويكون أمانة عنده ولا يضمنه حينئذ إلا إذا فرط في حفظه أو أخر
أداءه مع وجود المستحق من دون غرض صحيح، وفي ثبوت الضمان إذا كان
التأخير لغرض صحيح كما إذا أخره لانتظار مستحق معين أو للايصال إلى
المستحق تدريجا اشكال.
(مسألة 549): لا يجوز للمالك أن يسترجع من الفقير ما دفعه زكاة إليه
مع عدم طيب نفسه بذلك، كما لا يجوز للفقير أن يصالح المالك على تعويض
الزكاة بشئ قبل تسلمها.
(مسألة 550): إذا تلف شئ من الغلات بعد تعلق الزكاة به وقبل
اخراجها من غير تفريط حسب التالف على المالك وعلى الزكاة معا بالنسبة، وقد
تقدم حكم تلف بعض النقدين والأنعام في المسألة 529.
(مسألة 551): إذا باع المالك ما تعلقت به الزكاة قبل اخراجها صح
البيع على الأظهر، سواء وقع على جميع العين الزكوية أو على بعضها المعين أو
المشاع، ويجب على البائع اخراج الزكاة ولو من مال آخر، وأما المشتري القابض
للمبيع فإن اعتقد أن البائع قد أخرجها قبل البيع أو احتمل ذلك لم يكن عليه
شئ وإلا فيجب عليه اخراجها فإن أخرجها وكان مغرورا من قبل البائع جاز له
الرجوع بها عليه.
228

(موارد صرف الزكاة)
تصرف الزكاة في ثمانية موارد:
(الأول والثاني: الفقراء والمساكين) والمراد بالفقير من لا يملك قوت
سنته لنفسه وعائلته بالفعل أو بالقوة، فلا يجوز اعطاء الزكاة لمن يجد من المال
ما يفي - ولو بالتجارة والاستنماء - بمصرفه ومصرف عائلته مدة سنة، أو كانت له
صنعة أو حرفة يتمكن بها من إعاشة نفسه وعائلته وإن لم يملك ما يفي بمؤونة
سنته بالفعل، والمسكين أسوأ حالا من الفقير كمن لا يملك قوته اليومي.
(مسألة 552): يجوز اعطاء الزكاة لمن يدعي الفقر إذا علم فقره سابقا
ولم يعلم غناه بعد ذلك، ولو جهل حاله من أول أمره فالأحوط عدم دفع الزكاة
إليه إلا مع الوثوق بفقره، وإذا علم غناه سابقا فلا يجوز أن يعطى من الزكاة ما
لم يثبت فقره بعلم أو بحجة معتبرة.
(مسألة 553): لا يضر بالفقر التمكن من الصنعة غير اللائقة بالحال،
فلا بأس باعطاء الزكاة لمن لا يتمكن إلا من الإعاشة بمهنة وصنعة لا تناسب
شأنه، وأيضا لا يضر بالفقر تملك ما يحتاج إليه من وسائل حياته اللائقة بشأنه
فيجوز اعطاء الزكاة لمن يملك دارا لسكناه وفرسا لركوبه وغير ذلك. ومن هذا
القبيل حاجياته في صنعته ومهنته، نعم إذا ملك ما يزيد على ذلك وأمكنه بيع
والإعاشة بثمنه سنة لم يجز له أخذ الزكاة، بل إذا كان له ما تندفع حاجته بأقل
منه قيمة وكان التفاوت بينهما بمقدار يكفيه لمؤونته لم يجز له أخذ الزكاة فيما إذا
بلغت الزيادة حد الاسراف وإلا جاز له أخذها على الأظهر.
229

(الثالث: العاملون عليها) من قبل النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام
عليه السلام أو الحاكم الشرعي أو نائبه.
(الرابع: المؤلفة قلوبهم) وهم طائفة من الكفار يتمايلون إلى الاسلام أو
يعاونون المسلمين بعطائهم الزكاة، أو يؤمن بذلك من شرهم وفتنتهم، وطائفة
من المسلمين شكاك في بعض ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله فيعطون من الزكاة ليحسن
اسلامهم ويثبتوا على دينهم، أو قوم من المسلمين لا يدينون بالولاية فيعطون
من الزكاة ليرغبوا فيها ويثبتوا عليها، والأظهر أنه لا ولاية للمالك في صرف
الزكاة على المذكورين في المورد الثالث والرابع بل ذلك منوط برأي الإمام (ع)
أو نائبه.
(الخامس: العبيد) فإنهم يعتقون من الزكاة على تفصيل مذكور في محله.
(السادس: الغارمون) فمن كان عليه دين وعجز عن أدائه جاز أداء
دينه من الزكاة وإن كان متمكنا من إعاشة نفسه وعائلته سنة كاملة بالفعل أو
بالقوة.
(مسألة 554): يعتبر في الدين أن لا يكون قد صرف في حرام وإلا لم
يجز أداؤه من الزكاة، والأحوط اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته، فلو كان عليه
دين مؤجل لم يحل أجله لم يجز أداؤه من الزكاة على الأحوط، وكذلك ما إذا قنع
الدائن بأدائه تدريجا وتمكن المديون من ذلك من دون حرج.
(مسألة 555): لا يجوز اعطاء الزكاة لمن يدعي الدين، بل لا بد من
ثبوته بعلم أو بحجة معتبرة.
(السابع: سبيل الله) ويقصد به المصالح العامة للمسلمين كتعبيد
الطرق وبناء الجسور والمستشفيات وملاجئ للفقراء والمساجد والمدارس
الدينية ونشر الكتب الاسلامية المفيدة وغير ذلك مما يحتاج إليه المسلمون، وفي
230

ثبوت ولاية المالك على صرف الزكاة فيه اشكال، فلا يترك الاحتياط بالاستئذان
من الحاكم الشرعي.
(الثامن: ابن السبيل) وهو المسافر الذي نفذت نفقته أو تلفت راحلته
ولا يتمكن معه من الرجوع إلى بلده وإن كان غنيا فيه، ويعتبر فيه أن لا يجد ما
يبيعه ويصرف ثمنه في وصوله إلى بلده، وأن لا يتمكن من الاستدانة بغير
حرج، بل الأحوط اعتبار أن لا يكون متمكنا من بيع أو ايجار ماله الذي في
بلده ي ويعتبر فيه أيضا أن لا يكون سفره في معصية فإذا كان شئ من ذلك لم
يجز أن يعطى من الزكاة.
(مسألة 556): يجوز للمالك دفع الزكاة إلى مستحقيها مع استجماع
الشرائط الآتية:
(1) الايمان، ولا فرق في المؤمن بين البالغ وغيره، ويصرفها المالك على
غير البالغ بنفسه أو يعطيها لوليه.
(2) أن لا يصرفها الآخذ في حرام، فلا يعطيها لمن يصرفها فيه، بل
الأحوط اعتبار أن لا يكون في الدفع إليه إعانة على الإثم واغراء بالقبيح وإن لم
يكن يصرفها في الحرام، كما أن الأحوط عدم اعطائها لتارك الصلاة أو شارب
الخمر أو المتجاهر بالفسق.
(3) أن لا تجب نفقته على المالك، فلا يعطيها لمن تجب نفقته عليه كالولد
والأبوين والزوجة الدائمة، ولا بأس باعطائها لمن تجب نفقته عليهم، فإذا كان
الوالد فقيرا وكانت له زوجة تجب نفقتها عليه جاز للولد أن يعطي زكاته لها.
(مسألة 557): يختص عدم جواز اعطاء المالك الزكاة لمن تجب نفقته
عليه بما إذا كان الاعطاء بعنوان الفقر فلا بأس باعطائها له بعنوان آخر، كما إذا
231

كان مديونا أو ابن سبيل.
(مسألة 558): لا يجوز اعطاء الزكاة لمن تجب نفقته على شخص آخر
وهو قائم بها فإن لم يقم بها - لعجز أو لعصيان - جاز اعطاؤها له.
(4) أن لا يكون هاشميا، فلا يجوز اعطاء الزكاة للهاشمي من سهم
الفقراء أو من غيره، وهذا شرط عام في مستحق الزكاة وإن كان الدافع إليه هو
الحاكم الشرعي، ولا بأس بأن ينتفع الهاشمي - كغيره - من المشاريع الخيرية
المنشأ من سهم سبيل الله، ويستثنى مما تقدم ما إذا كان المعطي هاشميا، فلا
تحرم على الهاشمي زكاة مثله، وأما إذا اضطر الهاشمي إلى زكاة غير الهاشمي
فيعطى منها بمقدار قوت يومه.
(مسألة 559): لا بأس بأن يعطى الهاشمي - غير الزكاة - من
الصدقات الواجبة أو المستحبة، وإن كان المعطي غير هاشمي، والأحوط الأولى
أن لا يعطى من الصدقات الواجبة كالمظالم والكفارات.
(مسألة 560): لا تجب على المالك قسمة الزكاة على جميع الموارد التي
يجوز له صرفها فيها، بل له أن يقتصر على صرفها في مورد واحد منها فقط،
والأولى للحاكم التقسيم على جميع مواردها فيما إذا وفت بها من غير مزاحم.
(مسألة 561): الأولى أن لا يعطى للفقير من الزكاة أقل من خمسة
دراهم عينا أو قيمة، ولا بأس باعطائه الزائد، بل يجوز أن يعطى ما يفي بمؤنته
ومؤونة عائلته سنة واحدة، ولا يجوز أن يعطى أكثر من ذلك دفعة واحدة على
الأحوط، وأما إذا أعطي تدريجا حتى بلغ مقدار مؤونة سنة نفسه وعائلته فلا
يجوز اعطاؤه الزائد عليه بلا اشكال.
232

(زكاة الفطرة)
تجب الفطرة على كل مكلف بشروط:
(1) البلوغ.
(2) العقل وعدم الاغماء.
(3) الحرية في غير المكاتب وأما فيه فالأحوط الوجوب.
(4) الغنى - تقدم معنى الغنى والفقر في ص 229 ويعتبر تحقق
هذه الشروط آنا ما قبل الغروب إلى أول جزء من ليلة عيد الفطر على المشهور،
ولكن لا يترك الاحتياط في ما إذا تحققت الشرائط مقارنا للغروب بل بعده أيضا
ما دام وقتها باقيا، نعم لا يجب أداؤها على من أسلم بعد انقضاء الشهر كما لا
يجب أداؤها عن المولود بعده، ولا تجب أيضا على من بلغ أو أفاق أو انعتق أو
صار غنيا بعد انقضاء وقتها، ويجب في أدائها قصد القربة على النحو المعتبر في
زكاة المال وقد مر في الصفحة 227.
(مسألة 562): يجب على المكلف اخراج الفطرة عن نفسه وعمن يعوله
سواء في ذلك من تجب نفقته عليه وغيره سواء فيه المسافر والحاضر.
(مسألة 563): لا يجب أداء زكاة الفطرة عن الضيف إذا لم يعد عرفا
ممن يعوله مضيفه - ولو موقتا - سواء أنزل بعد دخول ليلة العيد أم نزل قبل
دخولها، وأما إذا عد كذلك فيجب الأداء عنه بلا اشكال فيما إذا نزل قبل دخول
ليلة العيد وبقي عنده وكذلك فيما إذا نزل بعده على الأحوط.
233

(مسألة 564): لا تجب الفطرة على من تجب فطرته على غيره لكنه إذا لم
يؤدها من وجبت عليه وجب على الأحوط أداؤها على نفسه إذا كان مستجمعا
للشرائط المتقدمة.
(مسألة 565): إذا أدى الفقير الفطرة عن عياله الغني لم تسقط عنه
ولزمه أداؤها على الأحوط، وإذا لم يؤدها الفقير وجب أداؤها على العيال الغني
بلا اشكال.
(مسألة 566): لا يجب أداء الفطرة عن الأجير، كالبناء والنجار والخادم
إذا كانت معيشتهم على أنفسهم ولم يعدوا ممن يعولهم المستأجر وإلا فيجب عليه
أداء فطرتهم.
(مسألة 567): لا تحل فطرة غير الهاشمي للهاشمي، والعبرة بحال
المعطي نفسه لا بعياله، فلو كانت زوجة الرجل هاشمية وهو غير هاشمي لم
تحل فطرتها لهاشمي ولو انعكس الأمر حلت فطرتها له.
(مسألة 568): يستحب للفقير اخراج الفطرة عنه وعمن يعوله فإن لم
يجد غير صاع واحد جاز له أن يعطيه عن نفسه لأحد عائلته وهو يعطيه إلى
آخر منهم، وهكذا يفعل جميعهم حتى ينتهي إلى الأخير منهم وهو يعطيها إلى
فقير غيرهم.
234

(مقدار الفطرة ونوعها)
الضابط في جنس زكاة الفطرة أن لا يكون قوتا شايعا لأهل البلد، يتعارف
عندهم التغذي به وإن لم يقتصروا عليه سواء أكان من الأجناس الأربعة
(الحنطة والشعير والتمر والزبيب) أم من غيرها كالأرز والذرة، وأما ما لا يكون
كذلك فالأحوط عدم اخراج الفطرة منه وإن كان من الأجناس الأربعة، كما أن
الأحوط أن لا تخرج الفطرة من القسم المعيب، ويجوز اخراجها من النقود عوضا
عن الأجناس المذكورة، والعبرة في القيمة بوقت الاخراج ومكانه، ومقدار
الفطرة صاع وهو أربعة أمداد، ويكفي فيها اعطاء ثلاث كيلوات.
(مسألة 569): تجب زكاة الفطرة بدخول ليلة العيد على المشهور ويجوز
تأخيرها إلى زوال شمس يوم العيد لمن لم يصل صلاة العيد، والأحوط عدم
تأخيرها عن صلاة العيد لمن يصليها، وإذا عزلها ولم يؤدها إلى الفقير لنسيان أو
غيره جاز أداؤها إليه بعد ذلك، وإذا لم يعزلها حتى زالت الشمس أداها بقصد
القربة المطلقة من دون نية الأداء والقضاء.
(مسألة 570): يجوز اعطاء زكاة الفطرة بعد دخول شهر رمضان، وإن
كان الأحوط أن لا يعطيها قبل حلول ليلة العيد.
(مسألة 571): تتعين زكاة الفطرة بعزلها، فلا يجوز تبديلها بمال آخر،
وإن تلفت بعد العزل ضمنها إذا وجد مستحقا لها وأهمل في أدائها إليه.
235

(مسألة 572): يجوز نقل زكاة الفطرة إلى الإمام (ع) أو نائبه وإن كان
في البلد من يستحقها والأحوط عدم النقل إلى غيرهما خارج البلد مع وجود
المستحق فيه، ولو نقلها - والحال هذه - ضمنها إن تلفت، وأما إذا لم يكن فيه
من يستحقها ونقلها ليوصلها إليه فتلفت من غير تفريط لم يضمنها، وإذا سافر
من بلده إلى غيره جاز دفعها فيه.
(مسألة 573): الأحوط اختصاص مصرف زكاة الفطرة بفقراء المؤمنين
ومساكينهم مع استجماع الشرائط المتقدمة في المسألة 556 وإذا لم يكن في البلد
من يستحقها منهم جاز دفعها إلى غيرهم من المسلمين ولا يجوز اعطاؤها
للناصب.
(مسألة 574): لا تعطى زكاة الفطرة لشارب الخمر وكذلك لتارك
الصلاة أو المتجاهر بالفسق على الأحوط.
(مسألة 575): لا تعتبر المباشرة في أداء زكاة الفطرة فيجوز ايصالها إلى
الفقير من غير مباشرة، والأولى اعطاؤها للحاكم الشرعي ليضعها في موضعها،
وأقل المقدار الذي يعطى للفقير من زكاة الفطرة صاع على الأحوط الأولى،
وأكثره ما ذكرناه في زكاة المال في المسألة 561.
(مسألة 576): الأولى تقديم فقراء الأرحام والجيران على سائر الفقراء
وينبغي الترجيح بالعلم والدين والفضل.
236

(الخمس)
237

(الخمس)
وهو في أصله من الفرائض المؤكدة المنصوص عليها في القرآن الكريم،
وقد ورد الاهتمام بشأنه في كثير من الروايات المأثورة عن أهل بيت العصمة سلام
الله عليهم، وفي بعضها اللعن على من يمتنع عن أدائه وعلى من يأكله بغير
استحقاق.
(مسألة 577): يتعلق الخمس بأنواع من المال:
(الأول: ما يغنمه المسلمون من الكفار في الحرب من الأموال المنقولة
وغيرها) ولا فرق فيه بين القليل والكثير، ويستثنى من الغنيمة ما يصطفيه
الإمام منها وكذا قطائع الملوك لخواصهم وما يكون للملوك أنفسهم فإن جميع
ذلك مختص به عليه السلام.
(مسألة 578): لا فرق في الحرب بين أن يبدأ الكفار بمهاجمة
المسلمين، وبين أن يبدأ المسلمون بمهاجمتهم للدعوة إلى الاسلام أو لتوسعة
بلادهم، فما يغنمه المسلمون من الكفار يجب فيه الخمس في تمام هذه الأقسام
إذا كانت الحرب بإذن الإمام (ع) وإلا فجميع الغنيمة له، نعم الأراضي التي
ليست من الأنفال فئ للمسلمين مطلقا.
(مسألة 579): في جواز تملك المؤمن مال الناصب وأداء خمسه اشكال.
(مسألة 580): ما يؤخذ من الكفار سرقة أو غيلة ونحو ذلك - مما لا
يرتبط بالحرب وشؤونها - لا يدخل تحت عنوان الغنيمة ولكنه يدخل في أرباح
المكاسب ويجري عليه حكمها (وسيأتي بيانه في الصفحة 542)، هذا إذا كان
239

الأخذ جائزا وإلا - كما إذا كان غدرا ونقضا للأمان - فيلزم رده إليهم على
الأحوط.
(مسألة 581): لا تجري أحكام الغنيمة على ما في يد الكافر إذا كان
المال محترما كأن يكون لمسلم أو لذمي أودعه عنده.
(الثاني: المعادن) فكل ما صدق عليه المعدن عرفا بأن تعرف له مميزات
عن سائر أجزاء الأرض توجب له قيمة سوقية - كالذهب والفضة والنحاس
والحديد والكبريت والزئبق والفيروزج والياقوت والملح والنفط والفحم الحجري
وأمثال ذلك - فهو من الأنفال وإن لم يكن أرضه منها على الأظهر ولكن يثبت
الخمس في المستخرج منه ويكون الباقي للمخرج إذا لم يمنع عنه مانع شرعي.
(مسألة 582): يعتبر في وجوب الخمس فيما يستخرج من المعادن بلوغه
حال الاخراج بعد استثناء مؤنته قيمة النصاب الأول (خمسة عشر مثقالا
صيرفيا) من الذهب المسكوك فإذا كانت قيمته أقل من ذلك لا يجب الخمس فيه
بعنوان المعدن، وإنما يدخل في أرباح السنة.
(مسألة 583): إنما يجب الخمس في المستخرج من المعادن بعد استثناء
مؤونة الاخراج وتصفيته، مثلا: إذا كانت قيمة المستخرج تساوي ثلاثين مثقالا
من الذهب المسكوك وقد صرف عليه ما يساوي خمسة عشر مثقالا وجب
الخمس في الباقي وهو خمسة عشر مثقالا.
(الثالث: الكنز) فعلى من ملكه بالحيازة أن يخرج خمسه، ولا فرق فيه
بين الذهب والفضة المسكوكين وغيرهما على الأظهر، ويعتبر فيه بلوغه نصاب
أحد النقدين في الزكاة، وتستثنى منه أيضا مؤونة الاخراج على النحو المتقدم في
المعادن.
(مسألة 584): إذا وجد كنزا وظهر من القرائن إنه لمسلم أو ذمي موجود
240

هو أو ورثته، فإن تمكن من ايصاله إلى مالكه وجب ذلك وإن لم يتمكن من
معرفته جرى عليه حكم مجهول المالك، وإذا لم يعرف له وارثا جرى عليه حكم
إرث من لا وارث له على الأحوط.
(مسألة 585): إذا ملك أرضا ووجد فيها كنزا فإن كان لها مالك قبله -
وكان ذا يد عليها واحتمل كونه له احتمالا معتدا به - راجعه فإن ادعاه دفعه إلى
وإلا راجع من ملكها قبله كذلك وهكذا فإن نفاه الجميع جاز له تملكه وأخرج
خمسه.
(الرابع: الغوص) فمن أخرج شيئا من البحر أو الأنهار العظيمة مما
يتكون فيها كاللؤلؤ والمرجان واليسر بغوص وبلغت قيمته دينارا وجب عليه
اخراج خمسه، وكذلك إذا كان بآلة خارجية على الأحوط، وما يؤخذ من سطح
الماء أو يلقيه البحر إلى الساحل لا يدخل تحت عنوان الغوص ويجري عليه حكم
أرباح المكاسب، نعم يجب اخراج الخمس من العنبر المأخوذ من سطح الماء على
الأحوط بل لا يخلو من قوة.
(مسألة 586): الحيوان المستخرج من البحر - السمك - لا يدخل
تحت عنوان الغوص، وكذلك إذا استخرج سمكة ووجد في بطنها لؤلؤا أو
مرجانا، وكذلك ما يستخرج من البحر من الأموال غير المتكونة فيه كما إذا
غرقت سفينة وتركها أربابها وأباحوا ما فيها لمستخرجه فاستخرج شخص لنفسه
شيئا منها فإن كل ذلك يدخل في الأرباح.
(الخامس: الحلال المخلوط بالحرام) في بعض صوره وتفصيلها أنه:
1 - إذا علم مقدار الحرام ولم تتيسر له معرفة مالكه - ولو اجمالا في ضمن
أشخاص معدودين - يجب التصدق بذلك المقدار عن مالكه قل أو كثر،
والأحوط الاستجازة في ذلك من الحاكم الشرعي.
241

2 - إذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام وعلم مالكه، فإن أمكن التراضي
معه بصلح أو نحوه فهو، وإلا اكتفى برد المقدار المعلوم إليه إذا لم يكن الخلط بتقصير منه.
وإلا لزم رد المقدار الزائد أيضا على الأحوط، هذا إذا لم يتخاصما وإلا تحاكما
إلى الحاكم الشرعي فيفصل النزاع بينهما ولو بالقرعة.
3 - إذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه وعلم أنه لا يبلغ خمس
المال وجب التصدق عن المالك، بالمقدار الذي يعلم أنه حرام - إذا لم يكن
الخلط بتقصير منه وإلا احتاط بالتصديق بالزائد ولو بتسليم المال كله إلى الفقير
بإذن الحاكم الشرعي - على الأحوط - قاصدا به التصدق بالمقدار المجهول
مالكه ثم يتصالح هو والفقير في تعيين حصة كل منهما.
4 - إذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه وعلم أنه يزيد على
الخمس فحكمها حكم الصورة السابقة ولا يجزي اخراج الخمس من المال.
5 - إذا لم تتيسر له معرفة مقدار الحرام ولا مالكه واحتمل زيادته على الخمس
ونقيصته عنه يجزئ اخراج الخمس وتحل له بقية المال، والأحوط وجوبا اعطاؤه
بقصد القربة المطلقة من دون قصد الخمس أو الصدقة عن المالك إلى من يكون
مصرفا للخمس ومجهول المالك معا.
(السادس: الأرض التي تملكها الكافر من مسلم ببيع أو هبة ونحو
ذلك) على المشهور، ولكن ثبوت الخمس فيها بمعناه المعروف لا يخلو عن
اشكال.
(السابع: أرباح المكاسب) وهي كل ما يستفيده الانسان بتجارة أو
صناعة أو حيازة أو أي كسب آخر، ويدخل في ذلك ما يملكه بهدية أو وصية
وما يأخذه من الصدقات الواجبة والمستحبة دون الخمس والزكاة على الأقرب،
ولا يجب الخمس في المهر وعوض الخلع ولا في ما يملك بالإرث عدا ما يجوز
242

أخذ بعنوان ثانوي كالتعصيب، والأحوط اخراج خمس الميراث الذي لا
يحتسب من غير الأب والابن.
(مسألة 587): يختص وجوب الخمس في الأرباح بعد استثناء ما صرفه
في سبيل تحصيلها بما يزيد على مؤونة سنته لنفسه وعائلته ويدخل في المؤونة
المأكول والمشروب والمسكن والمركوب وأثاث البيت، وما يصرفه في تزويج نفسه
أو ما يتعلق به والهدايا والاطعام ونحو ذلك ويختلف كل ذلك باختلاف
الأشخاص، والعبرة في كيفية الصرف وكميته بحال الشخص نفسه، فإذا
كانت حاله تقتضي أن يصرف في مؤونة سنته مائة دينار لكنه صرف أزيد منها على
نحو يعد سفها واسرافا منه عرفا وجب عليه الخمس فيما زاد على المائة وأما إذا
قتر على نفسه فصرف خمسين دينارا وجب عليه الخمس فيما زاد على الخمسين،
ولو كان المصرف راجحا شرعا ولكنه غير متعارف من مثل المالك وذلك كما إذا
صرف جميع أرباحه أثناء سنته في عمارة المساجد أو الزيارات أو الانفاق على
الفقراء ونحو ذلك ففي استثناء ذلك من وجوب الخمس اشكال.
(مسألة 588): الظاهر أن رأس مال التجارة ليس من المؤونة المستثناة
فيجب اخراج خمسه إذا اتخذه من أرباحه وإن كان مساويا لمؤونة سنته،
نعم إذا كان بحيث لا يفي الاتجار بالباقي بعد اخراج الخمس بمؤونته اللائقة
بحاله فلا يبعد حينئذ عدم ثبوت الخمس فيه.
(مسألة 589): إذا اشترى بربحه شيئا من المؤن فزادت قيمته ولو لزيادة
متصلة تستوجبها لم يجب فيه الخمس، نعم إذا باعه خلال سنته أو استغنى عنه
فيها مطلقا فالأحوط أداء خمسه، مثلا: إذا اشترى بشئ من أرباحه فرسا
لركوبه فزادت قيمته السوقية لم يجب الخمس فيه ما لم يبعه خلال سنته أو يستغن
عنه فيها بالمرة وإلا وجب أداء خمسه على الأحوط، ولو باعه خلال سنته أو بعدها
243

وربح فيه فلا اشكال في ثبوت الخمس على الربح. وأما الزيادات المنفصلة فهي
داخلة في الأرباح، فيجب فيها الخمس إن لم تصرف في مؤونة سنته فإذا ولد
الفرس - في مفروض المثال - كان النتاج من الأرباح، ومن هذا القبيل ثمر
الأشجار وأغصانها المعدة للقطع وصوف الحيوان ووبره وحليب وغير ذلك
وتلحق بالزيادة المنفصلة حكما الزيادة المتصلة إذا عدت عرفا مصداقا لزيادة
المال كما لو سمن الحيوان المعد للاستفادة من لحمه كالمسمى ب‍ (دجاج اللحم).
(مسألة 590): من اتخذ رأس ماله مما يقتني للاكتساب بمنافعه مع
المحافظة على عينه كالفنادق وبعض أقسام الحيوان لم يجب الخمس في زيادة
قيمته السوقية، وتدخل في الأرباح زيادته المنفصلة وكذا المتصلة الملحقة بها
حكما فيما يفرض له مثلها.
(مسألة 591): من اتخذ رأس ماله من النقود وما يماثلها مما يتجر به مع
عدم التحفظ على عينه فاتجر بشراء الأموال بها وبيعها وجب الخمس في زيادة
قيمتها السوقية وكذا فيما يفرض لها من زيادة منفصلة أو متصلة ملحقة بها حكما
فيما إذا زادت عن مؤونة سنته.
(مسألة 592): من كانت تجارته في أموال مختلفة من حيوان وطعام
وفرش جاز له أن يضم أرباحه بعضها إلى بعض ويخرج الخمس من مجموعها إذا
زاد عن مؤونة سنته وكذلك الحال فيما إذا كانت له صناعة أيضا.
(مسألة 593): رأس سنة المؤونة فيمن لا مهنة له يتعاطاها في معاش
وحصل له فائدة اتفاقا أول زمان حصولها فمتى حصلت جاز له صرفها في مؤونته
اللاحقة، وأما من له مهنة يتعاطاها في معاشه فرأس سنته حين الشروع في
الاكتساب فيجوز له احتساب المؤن المصروفة بعده من الربح اللاحق.
(مسألة 594): إذا أمكنه أن يعيش بغير الربح، كما إذا كان عنده مال
244

ورثه من أبيه لم يجب عليه صرفه في مؤونته، بل جاز له أن يصرف أرباحه في
مؤونة سنته، فإذا لم تزد عنها لم يجب فيها الخمس، نعم إذا كان عنده ما يغنيه
عن صرف الربح كأن كانت عنده دار لسكناه فسكنها مدة لم يجز له احتساب
أجرتها من المؤونة واستثناء مقدارها من الربح كما ليس له أن يشتري دارا أخرى
من الأرباح ويحسبها من المؤن.
(مسألة 595): إذا اشترى بربحه شيئا من المؤن فاستغنى عنه بعد مدة
فإن كان الاستغناء عنه بعد سنته فلا يبعد عدم وجوب الخمس فيه وإن كان
الاستغناء عنه في أثناء سنته فإن كان مما يتعارف أعداده للسنين الآتية كالثياب
الصيفية والشتوية فالظاهر عدم وجوب الخمس فيه أيضا وإلا وجب أداء خمسه
على الأحوط.
(مسألة 596): إذا ربح ثم مات أثناء سنته وجب أداء خمسه الزائد عن
مؤونته إلى زمان الموت ولا يتنظر به إلى تمام السنة.
(مسألة 597): إذا ربح واستطاع أثناء سنته أو كان مستطيعا قبلها ولم
يحج جاز له أن يصرفه في سفر الحج ولا يجب فيه الخمس، لكنه إذا لم يحج
بعصيان أو غيره - حتى انتهت السنة - وجب فيه الخمس.
(مسألة 598): إذا ربح ولكنه لم يف بتكاليف حجه لم يجز ابقاءه بلا
تخميس للحج في السنة الثانية إلا مع استقرار الحج في ذمته وعدم تمكنه من
أدائه لاحقا إلا مع ابقاء الربح بتمامه لمؤونته فإنه لا يجب عليه حينئذ اخراج
خمسه عند انتهاء سنته بل يجوز له إبقاؤه ليصرف في تكاليف حجه.
(مسألة 599): ما يتعلق بذمته من الأموال بنذر أو دين أو كفارة ونحوها
سواء كان التعلق في سنة الربح أم كان من السنين السابقة يجوز أداؤه من ربح
السنة الحالية، نعم إذا لم يؤد دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس من دون
245

استثناء مقداره من ربحه إلا أن يكون دينا لمؤونة سنته فإن مقداره يكون مستثنى
من الربح على الأظهر.
(مسألة 600): اعتبار السنة في وجوب الخمس إنما هو من جهة الارفاق
على المالك وإلا فالخمس يتعلق بالربح من حين ظهوره ويجوز للمالك اعطاء
الخمس قبل انتهاء السنة ويترتب على ذلك جواز تبديل حوله بأن يؤدي خمس
أرباحه أي وقت شاء ويتخذ مبدأ سنته الشروع في الاكتساب بعده أو حصول
الفائدة الجديدة.
(مسألة 601): ما يتلف أثناء السنة من الأموال فيه صور:
(1) أن لا يكون التالف من مال تجارته ولا من مؤنه، فلا يجوز في هذه
الصورة تداركه من الأرباح قبل اخراج خمسها.
(2) أن يكون التالف من مؤنه كالدار التي يسكنها واللباس الذي يحتاج
إليه وغير ذلك، ففي هذه الصورة يجوز تداركه من الأرباح دون أن يخرج
خمسها.
(3) أن يكون التالف من أموال تجارته، وفي هذه الصورة أيضا يجوز
تدارك التالف من أرباح سنته ولا فرق في ذلك بين أن تنحصر تجارته في نوع
واحد أم تتعدد، كما كان يتجر بأنواع من الأمعتة، فإنه يجوز تدارك التالف
من أي نوع بربح النوع الآخر، وفي حكم التالف في جواز التدارك في كلا
الفرضين ما إذا خسر في تجارته أحيانا، مثلا إذا كان يتجر ببيع السكر فاتفق إن
تلف قسم منه - أثناء السنة بغرق أو غيره أو أنه خسر في بيعه جاز له تدارك
التالف أو خسرانه من ربحه السابق في معاملة السكر أو غيره في تلك السنة،
ويجب الخمس في الزائد على مؤونة سنته بعد التدارك، نعم إذا كانت لديه
تجارات متعددة مستقلة بعضها عن بعض بأن تمايزت فيما يرتبط بشؤون التجارة
246

من رأس المال والحسابات والأرباح والخسائر ونحوها كان حكم ما يقع في
بعضها من التلف أو الخسران حكم الصورة الرابعة التالية.
(4) أن يقع التلف أو الخسران في مال التجارة وكان له ربح في غير
التجارة من زراعة أو غيرها فلا يجوز في هذه الصورة تدارك خسران التجارة
بربح الزراعة على الأحوط وكذلك العكس.
(مسألة 602): يتخير المالك بين اخراج الخمس من العين واخراجه من
النقود بقيمته.
(مسألة 603): إذا تعلق الخمس بمال ولم يؤده المالك لا من العين ولا
من قيمتها ثم ارتفعت قيمتها السوقية لزمه اخراج الخمس من العين أو من
قيمتها الفعلية، ولا يكفي اخراجه من قيمتها قبل الارتفاع وإذا نزلت القيمة
قبل الاخراج يجزي أداء القيمة الفعلية أيضا.
(مسألة 604): لا يجوز للمالك أن يتصرف فيما تعلق به الخمس بعد
انتهاء السنة وقبل أدائه ويجوز ذلك بمراجعة الحاكم الشرعي.
(مسألة 605): تقدم وجوب الخمس في الغوص والمعدن والكنز وغنائم
دار الحرب، فإذا أداه المالك في هذه الموارد لم يجب عليه الخمس ثانيا إذا زاد على
مؤونة سنته.
(مسألة 606): يجب على المرأة اخراج خمس ما تربحه بكسب أو غيره
في آخر السنة إذا لم تصرفه في مؤونتها لقيام زوجها أو غيره بها.
(مسألة 607): لا يشترط في ثبوت الخمس كمال المالك بالبلوغ والعقل
على الأظهر، فيثبت في أرباح الصبي والمجنون وعلى الولي اخراجه منها وإن لم
يخرجه وجب عليهما ذلك بعد البلوغ والإفاقة.
247

(مستحق الخمس)
يقسم الخمس نصفين نصف للإمام عليه السلام خاصة، ويسمى
(سهم الإمام) ونصف للأيتام الفقراء من الهاشميين والمساكين وأبناء السبيل
منهم ويسمى (سهم السادة) ونعني بالهاشمي من ينتسب إلى هاشم جد النبي
الأكرم (ص) من جهة الأب، وينبغي تقديم الفاطميين على غيرهم.
(مسألة 608): يجوز للمالك دفع سهم السادة إلى مستحقيه من
الطوائف الثلاث مع استجماع ما عدا الشرط الرابع من الشرائط المتقدمة في
المسألة (556) من الزكاة.
(مسألة 609): لا يجب تقسيم نصف الخمس على هذه الطوائف بل
يجوز اعطاؤه لشخص واحد، والأحوط لزوما أن لا يعطى ما يزيد على مؤونة سنته.
(مسألة 610): لا يتعين الخمس بمجرد عزل المالك بل يتوقف ذلك
على إذن الحاكم الشرعي ونحوه.
(مسألة 611): يجوز نقل الخمس من بلده إلى بلد آخر، ولكن إذا تلف
- قبل أن يصل إلى مستحقه - ضمنه إن كان في بلده من يستحقه على الأحوط
وإن لم يكن فيه مستحق ونقله للايصال إليه فتلف من غير تفريط لم يضمنه وقد
مر نظير هذا في الزكاة في المسألة 547.
(مسألة 612): تقدم أنه يجوز للدائن أن يحسب دينه زكاة ويشكل هذا
في الخمس بلا إجازة من الحاكم الشرعي، فإن أراد الدائن ذلك فالأحوط أن
يتوكل عن الفقير الهاشمي في قبض الخمس وفي ايفائه دينه أو أنه يوكل الفقير
248

في استيفاء دينه وأخذه لنفسه خمسا.
249

(سهم الإمام عليه السلام)
لا بد في سهم الإمام عليه السلام من إجازة الحاكم الشرعي في صرفه أو
تسليمه إياه ليصرف في وجوهه، والأحوط لزوما الاستجارة من المرجع الأعلم
المطلع على الجهات العامة، ومحل صرفه كل مورد أحرز فيه رضا الإمام عليه
السلام، ولا ريب في جواز صرفه في دفع ضرورات المؤمنين وفي مؤونة الفقراء
ممن يجد في حفظ الدين وترويج أحكامه، ولا فرق في ذلك بين الهاشميين
وغيرهم، غير أنه إذا دار الأمر بين الهاشمي وغيره ولم يف سهم السادة بمؤونة
الهاشمي ولم يكن لغير الهاشمي جهة ترجيح قدم الهاشمي عليه على الأحوط.
(مسألة 613): الأحوط اعتبار قصد القربة في أداء الخمس ولكن يجزي
أداؤه مجردا عنه أيضا على الأظهر.
(مسألة 614): إذا أدى الخمس إلى الحاكم أو وكيله أو مستحقه ثم بدا
له استرجاعه منه ودفعه إلى غيره لم يجز له ذلك.
(مسألة 615): ما ذكرناه في المسألة 549 من عدم جواز استرجاع المالك
من الفقير ما دفعه زكاة إليه مع عدم طيب نفسه بذلك وعدم جواز مصالحة
الفقير مع المالك على تعويض الزكاة بشئ قبل تسلمها يجري في الخمس حرفا
بحرف.
(مسألة 616): إذا أدى الخمس إلى من يعتقد استحقاقه ثم انكشف
خلافه، أو أداه إلى الحاكم فصرفه كذلك جرى فيه ما ذكرناه في الزكاة في المسألة
546، ولكن هنا لا يتعين عليه في الفرض الأول استرداد عين ما أداه خمسا بل
250

يتخير بين استردادها مع الامكان وأداء الخمس ثانيا.
(مسألة 617): يثبت الانتساب إلى هاشم بالقطع الوجداني وبالبينة
العادلة وباشتهار المدعي له بذلك في بلده الأصلي أو ما بحكمه.
(مسألة 618): إذا مات وفي ذمته شئ من الخمس جرى عليه حكم
سائر الديون فيلزم اخراجه من أصل التركة مقدما على الوصية والإرث، نعم
إذا كان الميت ممن لا يعتقد الخمس أو ممن لا يعطيه فلا يبعد تحليله للوارث
المؤمن.
(مسألة 619): ما يؤخذ من الكافر أو من المسلم الذي لا يتعقد
بالخمس كالمخالف بإرث أو معاملة أو هبة أو غير ذلك لا بأس بالتصرف فيه
ولو علم الآخذ إن فيه الخمس، فإن ذلك محلل من قبل الإمام عليه السلام،
بل الحال كذلك في ما يؤخذ ممن يعتقد بالخمس ولكنه لا يؤديه عصيانا والأولى
أن لا يترك الاحتياط في هذه الصورة باخراج الخمس.
قد تم القسم الأول في أحكام العبادات
ويتلوه القسم الثاني في أحكام المعاملات
والحمد لله أولا وآخرا
251

(أحكام المعاملات)
253

(أحكام التجارة)
(مسألة 620): ينبغي للمكلف أن يتعلم أحكام التجارة التي
يتعاطاه، بل يجب عليه ذلك إذا كان في معرض الوقوع في مخالفة تكليف
إلزامي بسبب ترك التعلم، وفي المروي عن الصادق عليه السلام: (من أراد
التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه، ومن لم يتفقه في
دينه ثم اتجر تورط في الشبهات).
ويستحب في التجارة - فيما ذكره الفقهاء رضوان الله عليهم - أمور منها:
(1) التسوية بين المبتاعين في الثمن إلا لمرجح كالفقر.
(2) التساهل في الثمن إلا إذا كان في معرض الغبن.
(3) الدفع راجحا والقبض ناقصا.
(4) الإقالة عند الاستقالة.
(مسألة 621): إذا شك في صحة المعاملة وفسادها بسب الجهل
بحكمها لم يجز له ترتيب آثار أي من الصحة والفساد، فلا يجوز له التصرف فيما
أخذه من صاحبه ولا فيما دفعة إليه، بل يتعين عليه إما التعلم أو الاحتياط ولو
بالصلح ونحوه، نعم إذا أحرز رضاه بالتصرف في المال المأخوذ منه حتى على
تقدير فساد المعاملة جاز له ذلك.
(مسألة 622): يجب على المكلف التكسب لتحصيل نفقة من تجب
نفقته عليه كالزوجة والأولاد إذا لم يكن واجدا لها ويستحب ذلك للأمور
المستحبة، كالتوسعة على العيال، وإعانة الفقراء.
255

(المعاملات المكروهة وما يكره في المعاملات)
(مسألة 623): يكره احتراف بعض المعاملات كبيع الصرف وبيع
الأكفان وبيع الطعام، كما تكره الجزارة والحجامة والمعاملة مع من لم ينشأ في
الخير، وبيع العقار إلا أن يشتري بثمنه عقارا آخر.
ويكره في المعاملات - على ما ذكره الفقهاء قدس الله أسرارهم - أمور
منها:
(1) مدح البائع سلعته وذم المشتري لها.
(2) الدخول في سوم المسلم.
(3) السوم بين الطلوعين.
(4) الحلف في المعاملة إذا كان صادقا وإلا حرم.
(5) البيع في موضع يستتر فيه العيب.
(المعاملات المحرمة)
(مسألة 624): المعاملات المحرمة - وضعا أو تكليفا - كثيرة: منها ما
يلي: (1) بيع المسكر المايع والكلب غير الصيود والخنزير، وكذا الميتة النجسة
على الأحوط، وغير هذه الأربعة من الأعيان النجسة يجوز بيعه على الأظهر، إذا
256

كانت له منفعة محللة كالعذرة للتسميد والدم للتزريق، وإن كان الأحوط تركه.
(2) بيع المال المغصوب.
(3) بيع ما لا مالية له على الأحوط، كالسباع إذا لم تكن لها منفعة محللة
معتد بها.
(4) بيع ما تنحصر منفعته المتعارفة في الحرام كآلات القمار واللهو
المحرم.
(5) المعاملة الربوية.
(6) المعاملة المشتملة على الغش، وهو على أنواع منها: (مزج المبيع
المرغوب فيه بغيره مما يخفى من دون إعلام) كمزج الدهن بالشحم، ومنها:
(إظهار الصفة الجيدة في المبيع مع أنها مفقودة واقعا) كرش الماء على بعض
الخضروات ليتوهم أنها جديدة، وفي النبوي: (ليس منا من غش مسلما أو ضره
أو ماكره) وفي آخر: (من غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه، وسد عليه
معيشته، ووكله إلى نفسه).
(مسألة 625): لا بأس ببيع المتنجس القابل للتطهير كالفراش، وكذا
غير القابل له مع عدم توقف منافعه المتعارفة السائغة على الطهارة - كبعض الأدهان -
بل حتى مع توقفها عليها - كالدبس والعسل - إذا كانت له منفعة محللة معتد
بها.
(مسألة 626): يجب على البائع إعلام المشتري بنجاسة المتنجس إذا
كان مع عدم الاعلام في معرض مخالفة تكليف إلزامي تحريمي - كاستعماله في
الأكل والشرب - أو وجوبي - كاستعمال الماء المتنجس في الوضوء والغسل وإتيان
الفريضة بهما - بشرط احتمال تأثير الاعلام في حقه، بأن لم يحرز كونه غير مبال
257

بالدين مثلا.
(مسألة 627): لا بأس ببيع الزيوت المستوردة من بلاد غير المسلمين
إذا لم تعلم نجاستها، لكن الزيت المأخوذ من الحيوان بعد خروج روحه إذا أخذ
من يد الكافر يحرم أكله، إلا إذا احتمل كونه مأخوذا من المذكى وكان مصنوعا
في أرض الاسلام، أو مسبوقا بوجوده في سوق المسلمين، أو بيد المسلم مقترنا
بما يقتضي تصرفه فيه تصرفا يناسب التذكية.
(مسألة 628): لا يجوز بيع جلد الميتة، وما ذبح على وجه غير شرعي
من كل حيوان محلل الأكل وغيره على الأحوط.
(مسألة 629): يجوز بيع الجلود واللحوم والشحوم المستوردة من البلاد
غير الاسلامية، والمأخوذة من يد الكافر، وكذا يحكم بطهارتها وجواز الصلاة
فيها فيما إذا احتمل أن تكون من الحيوان المذكى، ولكن يحرم أكلها ما لم يعلم
ذلك، إلا إذا كان مصنوعا في أرض الاسلام أو مسبوقا بسوق المسلمين أو بيد
المسلم بالشرط المتقدم، وهكذا الحال فيما أخذ من يد المسلم إذا علم أنه قد
أخذه من يد الكافر من غير استعلام عن تذكيته.
(مسألة 630): بيع المال المغصوب باطل، ويجب على البائع رد ما أخذه
من الثمن إلى المشتري.
(مسألة 631): إذا لم يكن من قصد المشتري إعطاء الثمن للبائع، أو
قصد عدمه لم يبطل البيع إذا كان قاصدا للمعاملة جدا، ويلزمه اعطاؤه بعد
الشراء، وكذلك إذا قصد أن يعطي الثمن من الحرام.
(مسألة 632): يحرم بيع آلات اللهو المحرم مثل البرابط والمزامير،
والأحوط الاجتناب عن بيع المزامير التي تصنع للعب الأطفال، وأما الآلات
258

المشتركة التي تستعمل في الحرام تارة وفي الحلال أخرى ولا تنحصر منفعتها
المتعارفة في الحرام فلا بأس ببيعها وشرائها كالراديو والمسجلة، وأما التلفزيون
فإن عد في العرف آلة للحرام فلا يجوز بيعه وشراءه، وإلا فلا مانع منه، وأما
الاصغاء إلى برامجه المحللة والنظر إليها فلا بأس بهما.
(مسألة 633): يحرم بيع العنب والتمر إذا قصد ببيعهما التخمير، ولا
بأس به مع عدم القصد وإن علم البائع أن المشتري يصرفه فيه.
(مسألة 634): يحرم تصوير ذوات الأرواح من إنسان وغيره إن كان
مجسما مطلقا - على الأحوط - وأما غير المجسم فالأظهر جوازه، وأما التصوير
الفتوغرافي المتعارف في عصرنا فلا بأس به، كما لا بأس باقتناء الصور المجسمة
وبيعها وإن كان يكره ذلك.
(مسألة 635): لا يصح شراء المأخوذ بالقمار، أو السرقة، أو المعاملات
الباطلة، وإن تسلمه المشتري وجب عليه أن يرده إلى مالكه.
(مسألة 636): لا يجوز بيع أوراق اليانصيب وشراؤها، فإذا كان إعطاء
المال بقصد البدلية عن الفائدة المحتملة فالمعاملة باطلة، وأما إذا كان الاعطاء
مجانا فلا بأس به، كما إذا كان بقصد الإعانة على مشروع خيري، كبناء مدرسة
أو جسر أو نحو ذلك، وعلى كلا التقديرين فالمال المعطى لمن أصابت القرعة
باسمه - إذا كان المتصدي لها شركة غير أهلية - من المال المجهول مالكه، فلا بد
من مراجعة الحاكم الشرعي لاصلاحه.
(مسألة 637): الدهن المخلوط بالشحم إذا بيع شخصيا كأن يقول:
بعتك هذا المن من الدهن، فإن كانت نسبة الشحم فيه كبيرة بحيث لا يصدق
عليه الدهن عرفا بطلت المعاملة، وإن كانت نسبته قليلة بحيث يعد دهنا
مغشوشا فالمعاملة صحيحة ولكن للمشتري خيار العيب، فله أن يفسخ البيع
259

ويسترجع الثمن، وأما كان الدهن متمايزا عن الشحم وبيع شخصيا فالمعاملة
بمقدار الشحم الموجود فيه باطلة، وما قبضه البائع عوضا عنه لا ينتقل إليه،
وللمشتري أن يفسخ البيع بالنسبة إلى الدهن الموجود فيه، ولو باع منا من
الدهن في الذمة فأعطاه من المخلوط فللمشتري أن يرده ويطالب البائع بالدهن
الخالص.
(مسألة 638): يحرم بيع المكيل والموزون بأكثر منه كأن يبيع منا من
الحنطة بمنين منها، ويعم هذا الحكم ما إذا كان أحد العوضين صحيحا والآخر
معيبا، أو كان أحدهما جيدا والآخر رديئا، أو كانت قيمتهما مختلفة لأمر آخر،
فلو أعطى الذهب المصوغ وأخذ أكثر منه من غير المصوغ فهو ربا وحرام.
(مسألة 639): لا يعتبر في الزيادة أن يكون الزائد من جنس العوضين،
فإذا باع منا من الحنطة بمن منها ودرهم فهو أيضا ربا وحرام، بل لو كان الزائد
من الأعمال - كأن شرط أحد المتبايعين على الآخر أن يعمل له عملا - فهو أيضا
ربا وحرام، وكذلك إذا كانت الزيادة حكيمة كأن باع منا من الحنطة نقدا بمن
منها نسيئة.
(مسألة 640): لا بأس بالزيادة في أحد الطرفين إذا أضيف إلى الآخر
شئ كأن باع منا من الحنطة مع منديل بمنين من الحنطة إذا قصد أن يكون
المنديل بإزاء المقدار الزائد وكانت المعاملة نقدية، وكذلك لا بأس بالزيادة إذا
كانت الإضافة في الطرفين كأن باع منا من الحنطة مع منديل بمنين ومنديل
وتصح المعاملة مطلقا إذا قصدا كون المنديل في كل طرف بإزاء الحنطة في
الطرف الآخر، وكذا تصح نقدا إذا قصدا كون المنديل في طرف الناقص بإزاء
المنديل والمن الزائد من الحنطة في الطرف الآخر.
(مسألة 641): يجوز بيع ما يباع بالأمتار، أو العد، كالأقمشة والجوز
260

بأكثر منه نقدا ونسيئة مع اختلافهما جنسا، وأما مع الاتحاد فجواز البيع نسيئة
محل اشكال، كأن يبيع عشر جوزات بخمس عشرة جوزة إلى شهر.
(مسألة 642): الأوراق النقدية بما أنها من المعدود يجوز بيع بعضها
ببعض متفاضلا مع اختلافهما جنسا نقدا ونسيئة، فيجوز بيع خمسة دنانير
كويتية بعشرة دنانير عراقية مطلقا، وأما مع الاتحاد في الجنس فيجوز التفاضل
في البيع بها نقدا وأما نسيئة فلا يخلو عن إشكال، ولا بأس بتنزيل الأوراق نقدا
بمعنى أن المبلغ المذكور فيها إذا كان الشخص مدينا به واقعا جاز خصمها في
المصارف وغيرها بأن يبيعه الدائن بأقل منه حالا ويكون الثمن نقدا.
(مسألة 643): ما يباع في غالب البلدان بالكيل أو الوزن يجوز بيعه
نقدا بأكثر منه في البلد الذي يباع بالعد على الأظهر، وما يختلف حاله في البلاد
من غير غلبة فحكمه في كل بلد يتبع ما تعارف فيه، فلا يجوز بيعه بالزيادة في
بلد يباع فيه بالكيل والوزن، ويجوز نقدا فيما يباع فيه بالعد.
(مسألة 644): إذا كان العوضان من المكيل أو الموزون ولم يكونا من
جنس واحد جاز أخذ الزيادة إن كانت المعاملة نقدية، وأما في النسيئة فجوازه
لا يخلو عن اشكال كأن يبيع منا من الأرز بمنين من الحنطة إلى شهر.
(مسألة 645): المشهور أنه لا يجوز التفاضل بين العوضين المأخوذين
من أصل واحد، فلا يجوز بيع من من الدهن بمنين من الجبن، ولكن اطلاق
هذا الحكم مبني على الاحتياط، ولا يجوز التفاضل في بيع الناضجة من فاكهة
بغير الناضجة منها.
(مسألة 646): تعتبر الحنطة والشعير من جنس واحد في باب الربا، فلا
يجوز بيع من من أحدهما بمنين من الآخر، وكذا لا يجوز بيع من من الشعير
نقدا بمن من الحنطة نسيئة.
261

(مسألة 647): لا ربا بين الوالد والولد فيجوز لكل منهما أن يبيع للآخر
مع التفاضل، وكذا لا ربا بين الرجل وزوجته، وبين المسلم والحربي إذا أخذ
المسلم الزيادة.
والأظهر حرمة الربا بين المسلم والذمي، ولكن بعد وقوع المعاملة الربوية
يجوز أخذ الربا منه إذا كان اعطاؤه جائزا في شريعته.
262

(شرائط المتبايعين)
(مسألة 648): يشترط في المتبايعين ستة أمور:
(1) البلوغ.
(2) العقل.
(3) الرشد.
(4) القصد، فلا يصح بيع المجنون والسفيه والهازل.
(5) الاختيار.
(6) ملك العقد، وستأتي أحكام جميع ذلك في المسائل الآتية.
(مسألة 649): لا يجوز استقلال غير البالغ في المعاملة على أمواله وإن
أذن له الولي، إلا في الأشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز
لمعاملتها فإن الصحة فيها لا تخلو عن وجه، وإذا كانت المعاملة من الولي وكان
الصبي وكيلا عنه في إنشاء الصيغة جازت على الأظهر، وكذا تجوز معاملته بمال
الغير إذا كان مميزا ومأذونا من قبل المالك، ولا حاجة إلى إذن الولي، كما لا مانع
من وساطة الصبي في ايصال الثمن أو المبيع إلى البائع أو المشتري.
(مسألة 650): إذا اشترى من غير البالغ شيئا من أمواله - في غير المورد
الذي تصح معاملته فيه - وجب رد ما اشتراه إلى وليه، ولا يجوز رده إلى الطفل
نفسه، وإذا اشترى منه مالا لغيره من دون إجازة المالك وجب رده إليه أو
استرضاءه فإن لم يتمكن من معرفة المالك تصدق بالمال عنه، والأحوط أن يكون
263

ذلك بإذن الحاكم الشرعي.
(مسألة 651): لو أكره أحد المتعاملين على المعاملة، ثم رضي بها
صحت، وإن كان الأحوط - حينئذ - إعادة الصيغة.
(مسألة 652): لا يصح بيع مال الغير فضولا، ومن دون إذنه، نعم إذا
أجازه بعد ذلك صح.
(مسألة 653): يجوز للأب والجد من جهة الأب أو وصيهما أن يبيع مال
الطفل، وكذا يجوز للمجتهد العادل أو وكيله، أو عدول المؤمنين - عند عدم
التمكن من الوصول إليهما - أن يبيع مال المجنون أو الطفل الفاقدين للولي أو
مال الغائب، إذا اقتضت الضرورة بيعه.
(مسألة 654): إذا بيع المال المغصوب، ثم أجازه المالك صح، وكان
المال ومنافعه من حين المعاملة للمشتري والعوض ومنافعه للمالك الأصيل، ولا
فرق في ذلك بين أن يبيعه الغاصب لنفسه أو للمالك.
264

(شرائط العوضين)
(مسألة 655): يشترط في العوضين خمسة أمور:
(1) العلم بمقدار كل منهما بما يتقدر به خارجا من الوزن أو الكيل أو
العد أو المساحة.
(2) القدرة على إقباضه، وإلا بطل البيع - إلا أن يضم إليه ما يتمكن
من تسليمه - والأظهر كفاية تمكن من أنتقل إليه العوض من الاستيلاء عليه،
فإذا باع الدابة الشاردة وكان المشتري قادرا على أخذها صح البيع.
(3) معرفة الخصوصيات التي تختلف بها الرغبات.
(4) أن لا يتعلق به لأحد حق يقتضي بقاء متعلقه في ملكية مالكه،
والضابط فوت الحق بانتقاله إلى غيرة.
(5) أن يكون المبيع من الأعيان وإن كانت في الذمة، فلا تصح بيع
المنافع، فلو باع منفعة الدار سنة لم يصح، نعم لا بأس بجعل المنفعة ثمنا،
وبيان هذه الأحكام يأتي في المسائل الآتية.
(مسألة 656): ما يباع في بلد بالوزن أو الكيل لا يصح بيعه في ذلك
البلد إلا بالوزن أو الكيل، ويجوز بيعه بالمشاهدة في البلد الذي يباع فيه
بالمشاهدة.
(مسألة 657): ما يباع بالوزن يجوز بيعه بالكيل، إذا كان الكيل طريقا
إلى الوزن، وذلك كأن يجعل كيل يحوي منا من الحنطة، فتباع الحنطة بذلك
265

الكيل.
(مسألة 658): إذا بطلت المعاملة لفقدانها شيئا من هذه الشروط - عدا
الشرط الرابع - ومع ذلك رضي كل من المتبايعين بتصرف الآخر في ماله جاز لهما
التصرف فيما انتقل إليهما.
(مسألة 659): لا يجوز بيع الوقف إلا إذا خرب بحيث سقط عن
الانتفاع به في جهة الوقف، أو كان في معرض السقوط وذلك كالحصير الموقوف
على المسجد إذا خلق وتمزق بحيث لا يمكن الصلاة عليه، فإنه يجوز بيعه
للمتولي ومن بحكمه، ولكنه لا بد أن يصرف ثمنه في ما يكون أقرب إلى مقصود
الواقف من شؤون ذلك المسجد مع الامكان على الأحوط.
(مسألة 660): لو وقع الخلاف بين أرباب الوقف على وجه يظن بتلف
المال أو النفس إذا بقي الوقف على حاله، ففي جواز بيعه وصرفه فيما هو أقرب
إلى مقصود الواقف إشكال.
(مسألة 661): لو شرط الواقف بيع الوقف إذا اقتضت المصلحة جاز
بيعه.
(مسألة 662): يجوز بيع العين المستأجرة من المستأجر وغيره، وإذا كان
البيع لغير المستأجر لم يكن له انتزاع العين من المستأجر، ولكن يثبت له الخيار
إذا كان جاهلا بالحال، وكذا الحال لو علم بالايجار لكنه اعتقد قصر مدته فظهر
خلافه.
266

(عقد البيع)
(مسألة 663): لا تشترط العربية في صيغة البيع، بل يجوز إنشاؤه بأية
لغة كانت، بل الظاهر صحته بالأخذ والاعطاء من دون صيغة أصلا.
267

(بيع الثمار)
(مسألة 664): يصح بيع الفواكه والثمار قبل الاقتطاف من الأشجار
إذا استبان حالها وأن بها آفة أم لا بحيث أمكن تعيين مقدارها بالخرص،
والأظهر جواز بيعها بعد ظهورها وإن كان قبل أن يستبين حالها إذا بيع ثمر
عامين فما زاد، أو كان المبيع نفس ما هو خارج منها فعلا - بشرط أن تكون له
مالية معتد بها - وإن لم يشترط على المشتري أن يقتطفها في الحال، أو ضم إليها
بعض نباتات الأرض أو غيره، والأحوط في الضميمة أن تكون بحيث يتحفظ
معها على رأس مال المشتري إن لم تخرج الثمرة، وأما مع انتفاء هذه الثلاثة
فجواز البيع محل اشكال.
وأما بيعها قبل ظهورها فلا يجوز إذا كان عاما واحدا وبغير ضميمة، ولا
بأس به إذا كان مع الضميمة أو عامين فما زاد.
(مسألة 665): يجوز بيع التمر على النخل، ويلزم أن لا يجعل عوضه
تمرا من ذلك النخل أو غيره، إلا أن يكون لشخص نخلة في دار شخص آخر
يشق دخوله إليها، فإنه يجوز تخمين مقدار تمرها وبيعه من صاحب الدار بذلك
المقدار من التمر، والظاهر عدم جواز بيع ثمر غير النخل أيضا بثمره.
(مسألة 666): يجوز بيع الخيار والباذنجان ونحوهما من الخضروات التي
تلتقط وتجز كل سنة مرات عديدة فيما لو ظهرت وعين عدد اللقطات في أثناء
السنة، ولا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط.
(مسألة 667): لا يجوز بيع سنبل الحنطة بالحنطة ولو من غيره، ويجري
268

هذا الحكم في الشعير أيضا على الأحوط الأولى.
(النقد والنسيئة)
(مسألة 668): يجوز لكل من المتبايعين مطالبة الآخر تسليم عوض ماله
في المعاملة النقدية بعد المعاملة في الحال، والتسليم الواجب في المنقول وغيره هو
التخلية برفع يده عنه ورفع المنافيات بحيث يتمكن من التصرف فيه، والظاهر
اختلاف صدقها بحسب اختلاف الموارد والمقامات.
(مسألة 669): يعتبر في النسيئة ضبط الأجل بحيث لا يتطرق إليه
احتمال الزيادة والنقصان، فلو جعل الأجل وقت الحصاد مثلا لم يصح.
(مسألة 670): لا يجوز مطالبة الثمن من المشتري في النسيئة قبل
الأجل، نعم لو مات وترك مالا فللبايع مطالبته من ورثته قبل الأجل.
(مسألة 671): يجوز مطالبة العوض من المشتري في النسيئة بعد انقضاء
الأجل، ولو لم يتمكن المشتري من أدائه فللبائع إمهاله أو فسخ البيع وارجاع
شخص المبيع إذا كان موجودا، وإن كان تالفا استقر في ذمة المشتري بدله من
المثل أو القيمة.
(مسألة 672): إذا باع مالا نسيئة بزيادة شئ كنصف العشر مثلا على
قيمته النقدية ممن لا يعلم قيمته، ولم يعلمه البايع بها بطلت المعاملة إلا إذا كان
وكيلا عنه في شرائه له على النحو المذكور فتصح حينئذ، وإذا باعه ممن يعلم
قيمته النقدية بأزيد منها نسيئة، بأن قال له أبيعه منك نسيئة بزيادة خمسين فلسا
على كل دينار من قيمته النقدية - مثلا - فقبل المشتري لم يكن به بأس.
269

(مسألة 673): إذا باع شيئا نسيئة وبعد مضي مدة من الأجل تراضيا
على تنقيص مقدار من الثمن وأخذه نقدا فلا بأس به.
270

(بيع السلف)
(مسألة 674): بيع السلف هو (ابتياع كلي مؤجل بثمن حال) عكس
النسيئة، فلو قال المشتري للبائع: (أعطيك هذا الثمن على أن تسلمني المتاع
بعد ستة أشهر) وقال البائع: (قبلت)، أو أن البائع قبض الثمن من المشتري
وقال: (بعتك متاع كذا، على أن أسلمه لك بعد ست أشهر) فهذه المعاملة
صحيحة.
(مسألة 675): لا يجوز بيع الذهب أو الفضة سلفا بالنقود الذهبية أو
الفضية، ولا بأس ببيع غير الذهب والفضة سلفا بالذهب أو الفضة أو بمتاع
آخر - على تفصيل يأتي في الأمر السابع من شرائط بيع السلف - والأحوط الأولى
أن يجعل بدل المبيع في السلف من النقود.
(شرائط بيع السلف)
(مسألة 676): يعتبر في بيع السلف سبعة أمور:
(1) أن يكون المبيع مضبوطا من حيث الصفات الموجبة لاختلاف
القيمة ولا يلزم الاستقصاء والتدقيق، بل يكفي التعيين بنحو يكون المبيع
مضبوطا عرفا.
(2) قبض تمام الثمن قبل افتراق المتبايعين، ولو كان البائع مديونا
للمشتري بمقدار الثمن وكان الدين حالا أو حل قبل افتراقهما وجعل ذلك ثمنا
كفى، ولو قبض البائع بعض الثمن صح البيع بالنسبة إلى المقدار المقبوض
271

فقط، وثبت الخيار له في فسخ أصل البيع.
(3) تعيين زمان تسليم المبيع كاملا، فلا يصح جعله وقت الحصاد
مثلا.
(4) أن يتمكن البائع من تسليم المبيع عند حلول الأجل سواء كان نادر
الوجود أم لا.
(5) تعيين مكان تسليم المبيع مضبوطا على الأحوط، إذا لم يكن تعين
عندهما ولو لانصراف ونحوه.
(6) تعيين وزن المبيع أو كيله أو عدده، والمتاع الذي يباع بالمشاهدة يجوز
بيعه سلفا، ولكن يلزم أن يكون التفاوت بين أفراده غير معتنى به عند العقلاء
كبعض أقسام الجوز والبيض.
(7) أن لا يلزم منه الربا، فإذا كان المبيع سلفا من المكيل أو الموزون لم
يجز أن يجعل ثمنه من جنسه، بل ولا من غير جنسه من المكيل والموزون أيضا
على الأحوط، وإذا كان من المعدود لم يجز - على الأحوط - جعل ثمنه من جنسه
بزيادة عينية.
(أحكام بيع السلف)
(مسألة 677): لا يجوز بيع ما اشتراه سلفا من غير البائع قبل اقضاء
الأجل، ويجوز بعد انقضائه ولو لم يقبضه، نعم لا يجوز بيع الحنطة والشعير
وغيرهما مما يباع بالكيل أو الوزن - عدا الثمار - قبل القبض إلا أن يبيعه بمقدار
ثمنه الذي اشتراه به أو بوضيعة منه.
272

(مسألة 678): لو سلم البائع المبيع على طبق ما قرر بينه وبين المشتري
في بيع السلف بعد حلول الأجل وجب على المشتري قبوله، ومنه ما إذا كان
واجدا لصفة لم يشترط وجودها أو انتفاؤها فيه وإن كانت صفة كمال.
(مسألة 679): إذا سلمه المبيع قبل الأجل، أو فاقدا للصفة التي
اشترطها لم يجب القبول، وكذا إذا أعطاه زائدا على المقدار المقرر بينهما.
(مسألة 680): إذا قبل المشتري تسلم المبيع قبل حلول الأجل، أو
رضي بما دفعه إليه البائع وإن لم يطابق المقرر بينهما - كما أو كيفما - جاز ذلك.
(مسألة 681): إذا لم يوجد المبيع سلفا في الزمان الذي يجب تسليمه فيه
فللمشتري أن يصبر إلى أن يتمكن منه، أو يفسخ البيع ويسترجع العوض أو
بدله، ولا يجوز له أن يبيعه من البائع أكثر مما اشتراه به على الأحوط.
(مسألة 682): إذا باع متاعا في الذمة مؤجلا إلى مدة بثمن كذلك بطل
البيع.
273

(بيع النقدين)
(مسألة 683): لا يجوز بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة مع
الزيادة، سواء في ذلك المسكوك وغيره.
(مسألة 684): لا بأس ببيع الذهب بالفضة وبالعكس نقدا، ولا يعتبر
تساويهما في الوزن، وأما بيع أحدهما بالآخر نسيئة فلا يجوز مطلقا على الأظهر.
(مسألة 685): يجب في بيع الذهب أو الفضة بالذهب أو الفضة
تبادل العوضين قبل الافتراق وإلا بطل البيع.
(مسألة 686): لو سلم بائع الذهب أو الفضة تمام المبيع وسلم المشتري
بعض الثمن أو بالعكس وافترقا صح البيع بالنسبة إلى ذلك البعض ويبطل
البيع بالنسبة إلى الباقي، ويثبت الخيار في أصل البيع لمن لم يتسلم التمام.
(مسألة 687): لا يباع تراب معدن الفضة بالفضة - إلا مع إحراز
التساوي - حذرا من الوقوع في الربا، وكذلك الحال في بيع تراب معدن الذهب
بالذهب، ويصح بيع تراب الذهب بالفضة، وبيع تراب الفضة بالذهب على
ما سبق.
274

(الخيارات)
(مسألة 688): الخيار هو " ملك فسخ العقد " وللمتبايعين الخيار في أحد
عشر موردا:
(1) قبل أن يتفرق المتعاقدان، فلكل منهما فسخ البيع قبل التفرق، ولو
فارقا مجلس البيع مصطحبين بقي الخيار لهما حتى يفترقا، ويسمى هذا الخيار
ب (خيار المجلس).
(2) أن يكون أحد المتبايعين أو أحد الطرفين في غير البيع من المعاملات
مغبونا، فللمغبون حق الفسخ، ويسمى ب (خيار الغبن) وثبوت هذا الخيار إنما
هو بمناط الشرط الارتكازي في العرف العام، فلو فرض مثلا كون المرتكز في
عرف خاص - في بعض أنحاء المعاملات أو مطلقا - هو اشتراط حق استرداد ما
يساوي مقدار الزيادة وعلى تقدير عدمه ثبوت الخيار يكون هذا المرتكز الخاص
هو المتبع في مورده، ويجري هذا الكلام في كل خيار مبناه على الشرط
الارتكازي.
(3) اشتراط الخيار في المعاملة للطرفين أو لأحدهما إلى مدة معينة،
ويسمى ب‍ (خيار الشرط).
(4) تدليس أحد الطرفين بآراءه ما له أحسن مما هو في الواقع ليرغب فيه
الطرف الآخر أو يزيد رغبة فيه، فإنه يثبت الخيار حينئذ للطرف الآخر، ويسمى
ب‍ (خيار التدليس).
(5) أن يلتزم أحد الطرفين في المعاملة، بأن يأتي بعمل أو بأن يكون ما
275

يدفعه - إن كان شخصيا - على صفة مخصوصة، ولا يأتي بذلك العمل أو لا
يكون ما دفعه بتلك الصفة، فللآخر حق الفسخ ويسمى ب‍ (خيار تخلف
الشرط).
(6) أن يكون أحد العوضين معيبا، فيثبت الخيار لمن أنتقل إليه المعيب،
ويسمى ب‍ (خيار العيب).
(7) أن يظهر إن بعض المتع لغير البائع، ولا يجيز مالكه بيعه،
فللمشتري حينئذ فسخ البيع، ويسمى هذا ب‍ (خيار تبعض الصفقة).
(8) أن يعتقد المشتري وجدان العين الشخصية الغائبة حين البيع
لبعض الصفات - إما لأخبار البائع أو اعتمادا على رؤية سابقة - ثم ينكشف
أنها غير واجدة لها، فللمشتري الفسخ ويسمى هذا ب‍ (خيار الرؤية).
(9) أن يؤخر المشتري الثمن ولا يسلمه إلى ثلاثة أيام، ولا يسلم البائع
المتاع إلى المشتري، فللبائع حينئذ فسخ البيع، هذا إذا أمهله البايع في تأخير
تسليم الثمن من غير تعيين مدة الامهال صريحا أو ضمنا بمقتضى العرف
والعادة، وإلا فإن لم يمهله أصلا فله حق فسخ العقد بمجرد تأخير المشتري في
تسليم الثمن، وإن أمهله مدة معينة أو اشترط المشتري عليه ذلك - في ضمن
العقد - لم يكن له الفسخ خلالها سواء كانت أقل من ثلاثة أيام أو أزيد ويجوز
له بعدها.
ومن هنا يعلم أن المبيع إذا كان مما يتسرع إليه الفساد - كبعض الفواكه -
فالامهال فيه محدود طبعا فيثبت للبائع الخيار بمضي زمانه، ويسمى هذا
ب‍ (خيار التأخير).
(10) إذا كان المبيع حيوانا، فللمشتري فسخ البيع إلى ثلاثة أيام،
276

وكذلك الحكم إذا كان الثمن حيوانا، فللبائع حينئذ الخيار إلى ثلاثة أيام،
ويسمى هذا ب‍ (خيار الحيوان).
(11) أن لا يتمكن البائع من تسليم المبيع، كما إذا شرد الفرس الذي
باعه، فللمشتري فسخ المعاملة ويسمى هذا ب‍ (خيار تعذر التسليم).
(مسألة 689): إذا لم يعلم المشتري بقيمة المبيع أو غفل عنها حين
البيع، واشتراه بأزيد من المعتاد، فإن كان الفرق مما يعتنى به فله الفسخ بشرط
وجود الفرق حين الفسخ أيضا، وإلا فجوازه محل إشكال، وهكذا إذا كان
البائع غير عالم بالقيمة، أو غفل عنها وباع بأقل من المعتاد، فإن الفرق إذا كان
مما يعتني به كان له الفسخ بالشرط المتقدم.
(مسألة 690): لا بأس ببيع الشرط، وهو بيع الدار - مثلا - التي قيمتها
ألف دينار بمائتي دينار، مع اشتراط الخيار للبائع لو أرجع مثل الثمن في الوقت
المقرر إلى المشتري، هذا إذا كان المتبائعان قاصدين للبيع والشراء حقيقة، وإلا
لم يتحقق البيع بينهما.
(مسألة 691): يصح بيع الشرط وإن علم البائع برجوع المبيع إليه،
حتى لو لم يسلم الثمن في وقته إلى المشتري لعلمه بأن المشتري يسمح له في
ذلك، نعم إذا لم يسلم الثمن في وقته ليس له أن يطالب المبيع من المشتري،
أو من ورثته على تقدير موته.
(مسألة 692): لو اطلع المشتري على عيب في المبيع الشخصي، كأن
اشترى حيوانا فتبين أنه كان أعمى، فله الفسخ إذا كان العيب ثابتا قبل البيع،
ولو لم يتمكن من الارجاع لحدوث تغيير فيه أو تصرف فيه بما يمنع من الرد، فله
أن يسترجع من الثمن بنسبة التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب، مثلا: المتاع
277

المعيب المشتري بأربعة دنانير إذا كانت قيمته سالمة ثمانية دنانير، وقيمة معيبه ستة
دنانير، فالمسترجع من الثمن ربعه، وهو نسبة التفاوت بين الستة والثمانية.
(مسألة 693): لو اطلع البائع بعد البيع على عيب في العوض
الشخصي سابق على البيع فله الفسخ، وارجاعه إلى المشتري، ولو لم يجز له الرد
للتغير أو التصرف فيه المانع من الرد فله أن يأخذ من المشتري التفاوت من قيمة
السالم من العوض ومعيبه (بالبيان المتقدم في المسألة السابقة).
(مسألة 694): لو طرأ عيب على المبيع بعد العقد وقبل التسليم ثبت
الخيار للمشتري إذا لم يكن طرو العيب بفعله، ولو طرأ على العوض عيب بعد
العقد وقبل تسليمه ثبت الخيار للبائع كذلك، وفي جواز المطالبة بالتفاوت بين
قيمتي الصحيح والمعيب هنا إذا لم يتمكن من الارجاع وجهان: أظهرهما
الثبوت.
(مسألة 695): الظاهر اعتبار الفورية العرفية في خيار العيب بمعنى
عدم التأخير فيه أزيد مما يتعارف عادة حسب اختلاف الموارد، ولا يعتبر في نفوذه
حضور من عليه الخيار.
(مسألة 696): لا يجوز للمشتري فسخ البيع بالعيب ولا المطالبة
بالتفاوت في أربع صور:
(1) أن يعلم بالعيب عند الشراء.
(2) أن يرضى بالمعيب بعد البيع.
(3) أن يسقط حقه عند البيع من جهة الفسخ ومطالبته بالتفاوت.
(4) أن يتبرأ البائع من العيب، ولو تبرأ من عيب خاص فظهر فيه عيب
آخر فللمشتري الفسخ به، وإذا لم يتمكن من الرد أخذ التفاوت على ما تقدم.
278

(مسألة 697): إذا ظهر في المبيع عيب، ثم طرأ عليه عيب آخر بعد
القبض فليس له الرد وله أخذ الأرش، نعم لو اشترى حيوانا معيبا فطرأ عليه
عيب جديد في الأيام الثلاثة التي له فيها الخيار فله الرد وإن قبضه، وكذلك
الحال في كل مورد طرأ على المعيب عيب جديد في زمان كان الخيار فيه للمشتري
خاصة.
(مسألة 698): إذا لم يعلم البائع بخصوصيات ماله بل أخبره بها غيره،
فذكرها للمشتري وباعه على ذلك، ثم ظهر أنه كان أحسن من ذلك فله
الفسخ.
(مسألة 699): إذا علم البائع المشتري برأس المال فلا بد أن يخبره أيضا
- حذرا من التدليس - بكل ما أوجب نقصانه أو زيادته مما لا يستغنى عن ذكره
لانصراف ونحوه، فإن لم يفعل كأن لم يخبره بأنه اشتراه نسيئة أو مشروطا بشرط،
أو باعه له برأس المال أو بأنقص منه ثم اطلع المشتري على ذلك كان له فسخ
البيع، ولو باعه مرابحة ولم يذكر أنه اشتراه نسيئة كان للمشتري مثل الأجل
الذي كان له، كما أن له حق فسخ المعاملة.
(مسألة 700): إذا أعطى شخص ماله لآخر وعين قيمته وقال
له (بعه بتلك القيمة، وإن بعته بأزيد منه فالزيادة أجرة بيعك) كانت الزيادة
للمالك، وللوكيل أن يأخذ أجرة عمله من المالك، وإذا قال له (إن بعته بأزيد
من ذلك فالزيادة لك) كانت الزيادة للوكيل جعالة.
(مسألة 701): لا يجوز للقصاب أن يبيع لحما على أنه لحم الخروف
ويسلم لحم النعجة، فإن فعل ذلك ثبت الخيار للمشتري إذا كانت المعاملة
شخصية، وله المطالبة بلحم الخروف إذا كان المبيع كليا في الذمة، وكذلك
الحال فيما إذا باع ثوبا على أن يكون لونه ثابتا فسلم إلى المشتري ما يزول لونه.
279

(خاتمة في الإقالة)
وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر، والظاهر
جريانها في عامة العقود اللازمة - غير النكاح - حتى الهبة اللازمة، وفي جريانها
في الضمان والصدقة إشكال، وتقع بكل لفظ يدل على المراد وإن لم يكن عربيا،
بل تقع بالفعل كما تقع بالقول، فإذا طلب أحد المتبايعين مثلا الفسخ من
صاحبه فدفع إليه ما أخذه منه كان فسخا وإقالة ووجب على الطالب إرجاع ما
في يده من العوض إلى صاحبه.
(مسألة 702): لا تجوز الإقالة بزيادة عن الثمن أو المثمن أو نقصان،
فلو أقال كذلك بطلت وبقي كل من العوضين على ملك مالكه.
(مسألة 703): إذا جعل له مالا في الذمة أو في الخارج ليقبله بأن قال
له أقلني ولك هذا المال، أو أقلني ولك علي كذا فالأظهر الصحة.
(مسألة 704): لو أقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل:
أقلتك بشرط أن تعطيني كذا، أو تخيط ثوبي فقبل صح.
(مسألة 705): في قيام وارث المتعاقدين مقام المورث في صحة الإقالة
إشكال، والظاهر العدم.
280

(الشفعة)
281

(أحكام الشفعة)
إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه - مع اجتماع
الشرائط الآتية - حق أن يمتلك المبيع بالثمن المقرر له في البيع، ويسمى هذا
الحق بالشفعة وصاحبه بالشفيع.
(مسألة 706): تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة
كالأراضي والدور والبساتين بلا إشكال، وهل تثبت فيما ينقل كالآلات
والثياب، وفيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة قولان: أقواهما الأول حتى في الحيوان
والسفينة والنهر والطريق والحمام والرحى، وإن كان الأولى مراعاة الاحتياط
فيها.
(مسألة 707): تثبت الشفعة في البيع، وهل يلحق به ما يفيد فائدته
كالهبة المعوضة والصلح بعوض أم لا؟ لا يخلو الالحاق عن وجه.
(مسألة 708): إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة
للشريك قولان أقربهما ذلك.
(مسألة 709): يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة
بين اثنين، فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تكن لأحدهم
شفعة، وإذا باعوا جميعا إلا واحدا منهم ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع،
ويستثنى مما تقدم ما إذا كانت داران يختص كل منهما بشخص وكانا مشتركين
في طريقهما فبيعت إحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق، ففي مثل
ذلك تثبت الشفعة لصاحب الدار الأخرى، ويجري هذا الحكم أيضا في فرض
283

تعدد الدور واختصاص كل واحدة منها بواحد على الشرط المتقدم.
(مسألة 710): يعتبر في الشفيع الاسلام، إذا كان المشتري مسلما فلا
شفعة للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر وتثبت للمسلم على الكافر
وللكافر على مثله.
(مسألة 711): يشترط في الشفيع أن يكون قادرا على أداء الثمن فلا
تثبت للعاجز عنه وإن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلا أن يرضى المشتري
بذلك، نعم إذا طلب الشفعة وادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام فإن لم يحضره
بطلت شفعته فإن ذكر أن المال في بلد آخر أجل بمقدار وصول المال إليه وزيادة ثلاثة
أيام فإن انتهى فلا شفعة، ويكفي في الثلاثة أياما التلفيق، كما أن مبدأها زمان
الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.
(مسألة 712): الشفيع يتملك المبيع باعطاء قدر الثمن لا بأكثر منه ولا
بأقل، ولا يلزم أن يعطي عين الثمن في فرض التمكن منها بل له أن يعطي مثله
إن كان مثليا.
(مسألة 713): في ثبوت الشفعة في الثمن القيمي بأن يأخذ المبيع
بقيمة الثمن إشكال.
(مسألة 714): الأقوى لزوم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة فيسقط مع
المماطلة والتأخير بلا عذر ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر - ولو كان عرفيا -
كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة أو توهمه كثرة الثمن فبان قليلا، أو
كون المشتري زيدا فبان عمرا، أو أنه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس، أو
أنه واحد فبان اثنين أو العكس، أو أن المبيع النصف بمائة فتبين أنه الربع
بخمسين، أو كون الثمن ذهبا فبان فضة، أو لكونه محبوسا ظلما أو بحق يعجز
عن أدائه، وأمثال ذلك من الأعذار.
284

(الشركة)
285

(أحكام الشركة)
(مسألة 715): لو اتفق شخصان - مثلا - على الاتجار والتكسب بعين
أو أعيان مشاعة بينهما بأحد أسباب الإشاعة كالامتزاج والتشريك أو غيرهما على
أن يكون بينهما ما يحصل من ذلك من ربح أو خسران كانت الشركة صحيحة،
وبعض الأحكام المذكورة في المسائل الآتية يختص بهذا النحو من الشركة
العقدية، ولها أيضا أنحاء صحيحة أخرى تطلب من المفصلات.
(مسألة 716): لو قرر شخصان - مثلا - الاشتراك فيما يربحانه من أجرة
عملهما، كما لو قرر حلاقان أن يكون كل ما يأخذنه من أجر الحلاقة مشتركا
بينهما كانت الشركة باطلة، نعم لو صالح أحدهما الآخر بنصف منفعته إلى مدة
معينة - كسنة مثلا - بإزاء نصف منفعة الآخر إلى تلك المدة وقبل الآخر صح
واشترك كل منهما فيما يحصله الآخر في تلك المدة من الأجرة.
(مسألة 717): لا يجوز اشتراك شخصين - مثلا - على أن يشتري كل
منهما متاعا نسيئة لنفسه ويكون ما يبتاعه كل منهما بينهما، فيبيعانه ويؤديان الثمن
ويشتركان فيما يربحانه منه، نعم لا بأس بأن يوكل كل منهما صاحبه في أن
يشاركه فيما اشتراه بأن يشتري لهما وفي ذمتهما، فإذا اشترى شيئا كذلك يكون
لهما ويكون الربح والخسران أيضا بينهما.
(مسألة 718): يعتبر في عقد الشركة - مضافا إلى لزوم إنشائها بلفظ أو
فعل يدل عليها - توفر الشرائط الآتية في الطرفين: البلوغ، والعقل،
والاختيار، وعدم الحجر - لسفه أو فلس - فلا يصح شركة الصبي والمجنون
287

والمكره والسفيه الذي يصرف أمواله في غير موقعه والمفلس فيما حجر عليه من
أمواله.
(مسألة 719): لا بأس باشتراط زيادة الربح عما تقتضيه نسبة المالين
لمن يقوم بالعمل من الشريكين، أو الذي يكون عمله أكثر أو أهم من عمل
الآخر، ويجب الوفاء بهذا الشرط، وهكذا الحال لو اشترطت الزيادة لغير العامل
منهما أو لغير من يكون عمله أكثر أو أهم من عمل صاحبه على الأظهر، ولو
اشتراطا أن يكون تمام الربح لأحدهما أو يكون تمام الخسران على أحدهما ففي
صحة العقد اشكال.
(مسألة 720): إذا لم يشترطا لأحدهما زيادة في الربح، فإن تساوى
المالان تساويا في الربح والخسران، وإلا كان الربح والخسران بنسبة المالين، فلو
كان مال أحدهما ضعف مال الآخر كان ربحه وضرره ضعف الآخر، سواء
تساويا في العمل أو اختلفا أو لم يعمل أحدهما أصلا.
(مسألة 721): لو اشترطا في عقد الشركة أن يشتركا في العمل كل منهما
مستقلا، أو يعمل أحدهما فقط، أو يعمل ثالث يستأجر لذلك وجب العمل
على طبق الشرط.
(مسألة 722): إذا لم يعينا العامل لم يجز لأي منهما التصرف في رأس
المال بغير إجازة الآخر.
(مسألة 723): يجب على من له العمل أن يكون عمله على طبق ما هو
المقرر بينهما، فلو قررا - مثلا - أن يشتري نسيئة ويبيع نقدا، أو يشتري من
المحل الخاص وجب العمل به، ولو لم يعين شئ من ذلك لزم العمل بما هو
المتعارف على وجه لا يضر بالشركة.
(مسألة 724): لو تخلف العامل عما شرطاه، أو عمل على خلاف ما هو
288

المتعارف في صورة عدم الشرط فالأظهر صحة المعاملة، فإن كانت رابحة
اشتركا في الربح وإن كانت خاسرة أو تلف المال ضمن العامل الخسارة أو
التلف.
(مسألة 725): الشريك العامل في رأس المال أمين، فلا يضمن التالف
كلا أو بعضا من دون تعد أو تفريط.
(مسألة 726): لو ادعى العامل التلف في مال الشركة فإن كان مأمونا
عند صاحبه لم يطالبه بشئ، وإلا جاز له رفع أمره إلى الحاكم فيفصل النزاع
بينهما حسب موازين القضاء.
(مسألة 727): لو رجع كل من الشريكين عن إجازة الآخر في التصرف في
مال الشركة لم يجز لها التصرف ولو رجع أحدهما لم يجز ذلك، وأما هو فيجوز له
التصرف فيه.
(مسألة 728): متى طلب أحد الشريكين قسمة مال الشركة لم يجب
على الآخر القبول إن كانت قسمة رد أو كانت مستلزمة للضرر المعتد به وإلا
وجب عليه ذلك وإن كان قد جعل أجل للشركة.
(مسألة 729): إذا مات أحد الشركاء لم يجز للآخرين التصرف في مال
الشركة، وكذلك الحال في الجنون والاغماء والسفه.
(مسألة 730): لو اتجر أحد الشريكين بمال الشركة ثم ظهر بطلان عقد
الشركة، فإن لم يكن الإذن في التصرف مقيدا بصحة الشركة صحت المعاملة
ويرجع ربحها إليهما، وإن كان الإذن مقيدا بصحة العقد كان العقد بالنسبة
إلى الآخر فضوليا، فإن أجاز صح وإلا بطل.
289

الصلح
291

أحكام الصلح
(مسألة 731): الصلح هو (التسالم بين شخصين على تمليك عين أو
منفعة أو على إسقاط دين أو حق بعوض مادي أو مجانا).
(مسألة 732): يعتبر في المتصالحين البلوغ، والعقل، والاختيار،
والقصد، كما يعتبر فيمن تقتضي المصالحة أن يتصرف في ماله من الطرفين أن لا
يكون محجورا عليه من ذلك لسفه أو فلس.
(مسألة 733): لا يعتبر في الصلح صيغة خاصة، بل يكفي فيه كل
لفظ أو فعل دال عليه.
(مسألة 734): لو تصالح مع الراعي بأن يسلم نعاجه إليه ليرعاها سنة
مثلا بإزاء لبنها، واشترط عليه أن يعطي له مقدارا معينا من الدهن صحت
المصالحة، بل لو آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض
مقدار معين من الدهن غير المقيد بالدهن المأخوذ منها صحت الإجارة أيضا،
(مسألة 735): اسقاط الحق أو الدين لا يحتاج إلى قبول، وأما المصالحة
عليه فلا بد فيها من القبول.
(مسألة 736): لو علم المديون بمقدار الدين، ولم يعلم به الدائن
وصالحه بأقل منه لم يحل الزائد للمديون، إلا أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة
حتى لو علم بمقدار الدين أيضا.
(مسألة 737): إذا كان شخصان لكل منهما مال في يد الآخر أو على
293

ذمته وعلمت زيادة أحدهما على الآخر، فإن كان المالان بحيث لا يجوز بيع
أحدهما بالآخر لاستلزامه الربا لم يجز التصالح على المبادلة بينهما أيضا، لأن
حرمة الربا تعم الصلح على هذا النحو على الأظهر، وهكذا الحكم في صورة
احتمال الزيادة وعدم العلم بها على الأحوط.
ويمكن الاستغناء عن الصلح بالمبادلة بين المالين بالصلح على نحو آخر
بأن يقول أحدهما لصاحبه في الفرض الأول (صالحتك على أن تهب لي ما في
يدي واهب لك ما في يدك) فيقبل الآخر، ويقول في الفرض الثاني (صالحتك
على أن تبرأني مما لك في ذمتي وأبرأك مما لي في ذمتك) فيقبل الآخر.
(مسألة 738): لا بأس بالمصالحة على مبادلة دينين على شخص واحد
أو على شخصين فيما إذا لم يستلزم الربا على ما مر في المسألة السابقة، مثلا إذا
كان أحد الدينين الحالين من الحنطة الجيدة والآخر من الحنطة الرديئة وكانا
متساويين في المقدار جاز التصالح على مبادلة أحدهما بالآخر، ومع فرض زيادة
أحدهما - في المثال - لا تجوز المصالحة على المبادلة بينهما على الأظهر.
(مسألة 739): يصح الصلح في الدين المؤجل بأقل منه إذا كان الغرض
ابراء ذمة المديون من بعض الدين وأخذ الباقي منه نقدا، هذا فيما إذا كان
الدين من جنس الذهب أو الفضة أو غيرهما من المكيل أو الموزون، وأما في غير
ذلك فيجوز الصلح والبيع بالأقل نقدا من المديون وغيره، وعليه فيجوز للدائن
تنزيل (الكمبيالة) في المصرف وغيره في عصرنا الحاضر على ما مر في المسألة
(642).
(مسألة 740): ينفسخ الصلح بتراضي المتصالحين بالفسخ، وكذا إذا
فسخ من جعل له حق الفسخ منهما في ضمن الصلح.
294

(مسألة 741): لا يجري خيار المجلس، ولا خيار الحيوان في الصلح، وفي
جريان خيار الغبن فيه إشكال، وكذا لا يجري فيه خيار التأخير على النحو المتقدم
في البيع، نعم لو أخر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف، أو اشترط تسليمه
نقدا فلم يعمل به فللآخر أن يفسخ المصالحة، وأما الخيارات السبعة الباقية
التي سبق ذكرها في البيع فهي تجري في الصلح أيضا.
(مسألة 742): لو ظهر العيب في المصالح به جاز الفسخ، وأما أخذ
التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب ففيه اشكال.
(مسألة 743): لو اشترط في عقد الصلح وقف المال المصالح به إذا لم
يكن للمصالح وارث بعد الموت وتمليكه إلى وارثه إن كان صح ولزم الوفاء
بالشرط.
295

(الإجارة)
297

(أحكام الإجارة)
(مسألة 744): يعتبر في المؤجر والمستأجر البلوغ والعقل والاختيار
والرشد، ولا تصح إجارة المفلس أمواله التي حجر عليها، ولكن تصح إجارته
نفسه على الأظهر.
(مسألة 745): لا تصح إجارة غير المالك إلا إذا كان وليا أو وكيلا عن
المالك، نعم تصح إذا تعقبت بالإجازة.
(مسألة 746): إذا آجر الولي مال الطفل مدة، وبلغ الطفل أثناءها
كانت صحة الإجارة بالنسبة إلى ما بعد بلوغه موقوفة على إجازته حتى فيما إذا
كان عدم جعل ما بعد البلوغ جزءا من مدة الايجار على خلاف مصلحة
الطفل، وهكذا الحكم فيما إذا آجر الولي الطفل نفسه إلى مدة فبلغ أثناءها،
نعم إذا كان امتداد مدة الايجار إلى ما بعد البلوغ مقتضى مصلحة ملزمة شرعا
بحيث يعلم عدم رضا الشارع بتركها صح الايجار كذلك بإذن الحاكم الشرعي
ولم يكن للطفل أن يفسخه بعد بلوغه.
(مسألة 747): لا يجوز استيجار الطفل الذي لا ولي له بدون إجازة
المجتهد العادل أو وكيله، وإذا لم يتمكن من الوصول إليه جاز استيجاره بإجازة
بعض عدول المؤمنين.
(مسألة 748): لا تعتبر العربية في صيغة الإجارة، بل لا يعتبر اللفظ
في صحتها، فلو سلم المؤجر ماله للمستأجر بقصد الايجار وقبضه المستأجر
بقصد الاستيجار صحت الإجارة.
299

(مسألة 749): تكفي في صحة إجارة الأخرس الإشارة المفهمة للايجار
أو الاستيجار.
(مسألة 750): لو أستأجر دكانا أو دارا أو بيتا بشرط أن ينتفع به هو
بنفسه لم يجز ايجاره للغير على وجه ينتفع به الغير، ويصح لو كان على نحو يرجع
الانتفاع به لنفس المستأجر الأول، كأن تستأجر امرأة دارا ثم تتزوج فتؤجر الدار
لبعلها لسكناها.
(مسألة 751): إذا استأجر عينا فله أن يؤجرها من غيره - إلا إذا اشترط
عليه عدم إيجارها صريحا أو كان الايجار غير متعارف خارجا بحيث أغنى ذلك
عن التصريح باشتراط عدمه - ولكن في جواز تسليمه العين إلى المستأجر الثاني
من دون رضا المؤجر المستكشف ولو من قرائن الحال إشكال.
ولو أراد المستأجر أن يؤجر العين المستأجر بأزيد مما استأجرها به فلا بد
أن يحدث فيها شيئا كالترميم أو التبييض أو يغرم فيها غرامة ولو لحفظها
وصيانتها، وإلا لم يجز له ذلك.
هذا في الدار والسفينة والحانوت، وكذا في غيرها من الأعيان المستأجرة
- حتى الأراضي الزراعية - على الأحوط، ولا فرق في عدم جواز الايجار بالأزيد
بين أن يؤجرها بنفس الجنس الذي استأجرها به أو بغير ذاك الجنس سواء كان
من النقود أم من غيرها على الأظهر.
(مسألة 752): لو اشترط في الإجارة أن يكون عمل الأجير لشخص
المستأجر لم يجز له إيجاره ليعمل لشخص آخر ويجوز ذلك مع عدم الاشتراط أو
ما بحكمه كما مر، إلا أنه لا يجوز أن يؤجره بأزيد مما استأجر سواء أكانت
الأجرتان من جنس واحد أم لا على الأظهر.
(مسألة 753): إذا آجر نفسه لعمل من دون تقييد بالمباشرة لم يجز له أن
300

يستأجر غيره لذلك العمل بعينه بالأقل قيمة من الأجرة في إجارة نفسه، نعم
لا بأس بذلك إذا أتى ببعض العمل ولو قليلا فاستأجر غيره للباقي بالأقل قيمة
من الأجرة.
(مسألة 754): لا بأس بأن يستأجر دارا - مثلا - سنة بعشرة دنانير
فيسكن في نصفها ويؤجر نصفها الآخر بعشرة دنانير، ولا يجوز أن يؤجره بأزيد
من عشرة دنانير إلا أن يحدث فيه شيئا، فإذا أراد إيجاره بأكثر كاثني عشر دينارا
- مثلا - فلا بد أن يعمل فيه شيئا كالترميم.
(مسألة 755): يعتبر في العين المستأجرة أمور:
(1) التعيين، فلو قال آجرتك إحدى دوري لم تصح الإجارة.
(2) المعلومية، بأن يشاهد المستأجر العين المستأجرة، أو يعلم
بخصوصيتها التي تختلف فيها الرغبات ولو كان ذلك بتوصيف المؤجر.
(3) التمكن من التسليم، ويكفي تمكن المستأجر من الاستيلاء عليها،
فتصح إجارة الدابة الشاردة - مثلا - إذا كان المستأجر قادرا على أخذها.
(4) إمكان الانتفاع بها مع بقاء عينها، فلا تصح إجارة الخبز وغيره من
المأكولات للأكل.
(5) قابليتها للانتفاع المقصود من الإجارة، فلا تصح إجارة الأرض
للزراعة إذا لم يكن المطر وافيا ولم يمكن سقيها من النهر أو غيره.
(مسألة 756): يصح إيجار الشجر للانتفاع بثمرها غير الموجود فعلا،
وكذلك إيجار الحيوان للانتفاع بلبنه أو البئر للاستسقاء.
(مسألة 757): يجوز للمرأة إيجار نفسها للارضاع من غير حاجة إلى
إجازة زوجها
نعم لو أوجب ذلك تضييع حقه توقفت صحة الإجارة على إجازته
301

(شرائط المنفعة المقصودة من الإجارة)
(مسألة 758): تعتبر في المنفعة التي يستأجر المال لأجلها أمور أربعة:
(1) أن تكون محللة، فلو انحصرت منافع المال في الحرام أو اشترط
الانتفاع بخصوص المحرم منها أو أوقع العقد مبنيا على ذلك بطلت الإجارة،
كما لو آجر الدكان بشرط أن يباع أو يحفظ فيه الخمر، أو آجر الحيوان بشرط أن
يحمل الخمر عليه.
(2) أن تكون لها مالية يبذل المال بإزائها عند العقلاء على الأحوط.
(3) تعيين نوع المنفعة، فلو آجر حيوانا قابلا للركوب ولحمله الأثقال
وجب تعيين حق المستأجر من الركوب أو الحمل أو كليهما.
(4) تعيين مقدار المنفعة، وهو إما بتعيين المدة كما في إجارة الدار والدكان
ونحوهما، وإما بتعيين العمل كخياطة الثوب المعين على كيفية معينة.
(مسألة 759): يحرم حلق اللحية بغير عذر شرعي - كالحرج، والضرر
والتقية بمعناها الأعم - على الأحوط وجوبا، وعليه فلا يجوز أخذ الأجرة عليه.
(مسألة 760): لو لم يعين مبدأ مدة الإجارة كان ابتداؤها من حين ارجاء
الصيغة، ولو لم يعين الزمان الواقع فيه العمل اقتضى ذلك التعجيل على الوجه
العرفي.
(مسألة 761): لو آجر داره سنة، وجعل إبتداءها بعد مضي شهر - مثلا
- من إجراء الصيغة صحت الإجارة، وإن كانت العين عند اجراء الصيغة
302

مستأجرة للغير.
(مسألة 762): لا تصح الإجارة إذا لم تتعين مدة الايجار فلو قال
(آجرتك الدار كل شهر بدينار مهما أقمت فيها) لم تصح، وإذا آجرها شهرا
معينا بدينار وقال (كلما أقمت بعد ذلك فبحسابه) صحت الإجارة في الشهر
الأول خاصة.
(مسألة 763): الدور المعدة لإقامة الغرباء والزوار إذا لم يعلم مقدار
مكثهم فيها، وحصل الاتفاق على أداء مقدار معين عن إقامة كل ليلة - مثلا -
يجوز التصرف فيها، ولكن لا يصح ذلك إجارة حيث لا يعلم مدة الايجار
فللمالك إخراجهم حينما أراد.
(مسائل في الإجارة)
(مسألة 764): لا بأس بأخذ الأجرة على ذكر مصيبة سيد الشهداء
وسائر الأئمة عليهم السلام وذكر فضائلهم والخطب المشتملة على المواعظ ونحو
ذلك.
(مسألة 765): تجوز الإجارة عن الميت في العبادات الواجبة عليه نظير
الصلاة والصيام والحج، ولا يجوز ذلك عن الحي إلا في الحج عن المستطيع
العاجز عن المباشرة أو من استقر عليه الحج ولم يتمكن من المباشرة، وتجوز
الإجارة عن الحي والميت في بعض المستحبات العبادية كالحج المندوب وزيارة
الأئمة عليهم السلام، وما يتبعهما من الصلاة، ولا بأس باتيان المستحبات
واهداء ثوابها إلى الأحياء كما يجوز ذلك في الأموات.
(مسألة 766): لا تجوز - على الأحوط - الإجارة على تعليم مسائل
303

الحلال والحرام وتعليم الواجبات مثل الصلاة والصيام وغيرهما مما كان محل
الابتلاء بل في غيره أيضا اشكال وإن كان الأظهر الجواز، ولا يجوز أخذ الأجرة
على تغسيل الأموات وتكفينهم ودفنهم على الأحوط، نعم لا بأس بأخذ الأجرة
على خصوصية زائدة فيها على المقدار الواجب.
(مسألة 767): يعتبر في الأجرة أن تكون معلومة، فلو كانت من المكيل
أو الموزون قدرت بهما، ولو كانت من المعدود كالنقود قدرت بالعد، وإن كانت
مما تعتبر مشاهدته في المعاملات لزم أن يشاهدها المؤجر أو يبين المستأجر
خصوصياتها له.
(مسألة 768): لو آجر أرضا للزراعة، وجعل الأجرة من حاصل تلك
الأرض، أو جعلها كليا في الذمة مشروطا بأن تدفع من حاصلها لم تصح
الإجارة، وأما إذا كان الحاصل موجودا - فعلا - فتصح الإجارة.
(مسألة 769): لا يستحق المؤجر مطالبة الأجرة قبل تسليم العين
المستأجرة، وكذلك الأجير لا يستحق مطالبة الأجرة قبل اتيانه بالعمل إلا إذا
جرت العادة بتسليمها مسبقا - كالأجير للحج - أو اشترط ذلك.
(مسألة 770): إذا سلم المؤجر العين المستأجرة وجب على المستأجر
تسليم الأجرة، وإن لم يتسلم العين المستأجرة أو لم ينتفع بها في بعض المدة أو
تمامها.
(مسألة 771): إذا آجر نفسه لعمل وسلم نفسه إلى المستأجر ليعمل له استحق
الأجرة، وإن لم يستوفه المستأجر، مثلا: إذا آجر نفسه لخياطة ثوب في
يوم معين، وحضر في ذلك اليوم للعمل وجب على المستأجر اعطاء الأجرة وإن
لم يسلمه الثوب ليخيطه، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الأجير فارغا في ذلك
اليوم أو مشتغلا بعمل آخر لنفسه أو لغيره.
304

(مسألة 772): لو ظهر بطلان الإجارة بعد انقضاء مدتها وجب على
المستأجر أداء أجرة المثل، فلو استأجر دارا سنة بمائة دينار وظهر بطلانها بعد
مضي المدة، فإن كانت أجرته المتعارفة خمسين دينارا لم يجب على المستأجر أزيد
من خمسين دينارا، نعم لو كانت الأجرة المتعارفة مائتي دينار مثلا وكان المؤجر
هو المالك أو وكيله المطلق - وكان عاملا بأجرة المثل - لم يكن له أخذ الزائد على
أجرة المسمى وهو المائة دينار، ولو ظهر بطلان الإجارة أثناء المدة فحكمه بالنسبة
إلى ما مضى حكم ظهور البطلان بعد تمام المدة.
(مسألة 773): إذا تلفت العين المستأجرة لم يضمنها المستأجر إذا لم يتعد
ولم يقصر في حفظها، وكذلك الحال في تلف المال عند الأجير كالخياط، فإنه لا
يضمن تلف الثوب، إذا لم يكن منه تعد أو تفريط.
(مسألة 774): إذا ذبح القصاب حيوانا بطريق غير مشروع فهو ضامن
له، ولا فرق في ذلك بين الأجير والمتبرع بعمله.
(مسألة 775): إذا استأجر دابة لحمل كمية معلومة من المتع فحملها
أكثر من تلك الكمية، فتلفت الدابة أو عابت كان عليه ضمانها، وكذا إذا لم
تعين الكمية وحملها أكثر من المقدار المتعارف، وعلى كلا التقديرين يجب عليه
دفع أجرة الزائد أيضا سواء عابت الدابة أو تلفت أم لا.
(مسألة 776): لو آجر دابة لحمل الزجاج - مثلا - فعثرت فانكسر
الزجاج لم يضمنه المؤجر، إلا إذا كانت عثرتها بسببه كان ضربها ضربا غير
متعارف فعثرت.
(مسألة 777): الختان إن قصر أو أخطأ في عمله كأن تجاوز عن الحد
المتعارف فتضرر الطفل أو مات كان ضامنا، وإن تضرر أو مات بأصل الختان
لم يكن عليه ضمان إذا لم يعهد إليه إلا اجراء عملية الختان - دون تشخيص
305

ما إذا كان الطفل يتضرر بها أم لا - ولم يكن يعلم بتضرره مسبقا.
(مسألة 778): لو عالج الطبيب المريض مباشرة أو وصف له الدواء
حسب ما يراه، فاستعمله المريض وتضرر أو مات كان ضمانه عليه وإن لم يكن
مقصرا.
(مسألة 779): لو تبرأ الطبيب من الضمان ومات المريض أو تضرر
بطبابته لم يضمن إذا كان حاذقا وقد أعمل دقته واحتاط في المعالجة.
(مسألة 780): تنفسخ الإجارة بفسخ المؤجر والمستأجر إذا تراضيا على
ذلك، وكذلك تنفسخ بفسخ من اشترط له حق الفسخ في عقد الإجارة من
المؤجر أو المستأجر أو كليهما.
(مسألة 781): إذا ظهر غبن المؤجر أو المستأجر كان له خيار الغبن -
على تفصيل تقدم نظيره في البيع - ولو أسقط حقه في ضمن العقد أو بعده لم
يستحق الفسخ.
(مسألة 782): إذا غصبت العين المستأجرة قبل التسليم إلى المستأجر
فله فسخ الإجارة واسترجاع الأجرة، وله أن لا يفسخ ويطالب الغاصب بعوض
المنفعة الفائتة، فلو استأجر دابة شهرا بعشرة دنانير وغصبت عشرة أيام، وكانت
أجرتها المتعارفة في العشرة أياما خمسة عشر دينارا جاز للمستأجر أن يطالب
الغاصب بخمسة عشر دينارا.
(مسألة 783): إذا منع المستأجر من تسلم العين المستأجرة أو غصبت
منه بعد تسلمها أو منع من الانتفاع بها لم يجز له الفسخ، وكانت له المطالبة من
الغاصب بعوض المنفعة الفائتة.
(مسألة 784): لا تبطل الإجارة ببيع المؤجر العين المستأجرة قبل
انقضاء المدة من المستأجر أو من غيره.
306

(مسألة 785): تبطل الإجارة بسقوط العين المستأجرة عن قابلية
الانتفاع منها بالمنفعة الخاصة المملوكة، فإذا استأجر دارا سنة - مثلا - فانهدمت
قبل دخول السنة أو بعد دخولها بلا فصل بطلت الإجارة، وإذا انهدمت أثناء
السنة تبطل الإجارة بالنسبة إلى المدة الباقية وكان للمستأجر الخيار في فسخ
الايجار، فإن فسخ رجع على المؤجر بتمام الأجرة المسماة وعليه له أجرة المثل
بالنسبة إلى المدة الماضية، وأن لم يفسخ قسطت الأجرة بالنسبة وكان للمالك
حصة من الأجرة بنسبة المدة الماضية.
(مسألة 786): إذا استأجر دارا فانهدم قسم منها، فإن كانت بحيث
لو أعيد بناء القسم المهدوم على الوجه المتعارف لعدت بعد التعمير مغايرة لما
قبله في النظر العرفي كان حكمه ما تقدم في المسألة السابقة، وإن لم تعد كذلك
فإن أقدم المؤجر على تعميرها فورا على وجه لا يتلف شئ من منفعتها عرفا لم
تبطل الإجارة ولم يكن للمستأجر حق الفسخ، وإن لم يقدم على ذلك وكان قادرا
عليه فللمستأجر الزامه به، فإن لم يفعل كان له مطالبته بأجرة مثل المنفعة الفائتة
كما أن له الخيار في فسخ الإجارة رأسا - ولو مع التمكن من الزامه على الأظهر
- فإن فسخ كان عليه للمؤجر أجرة مثل ما استوفاه من المنافع ويرجع عليه بتمام
الأجرة المسماة، وإن لم يقدم على تعميرها على الوجه المذكور لتعذره ولو في حقه
فتلف مقدار من منفعة الدار بطلت الإجارة بالنسبة إلى المنافع الفائتة، وكان
للمستأجر حق فسخ أصل الإجارة فإن فسخ جرى عليه ما تقدم في الصورة
السابقة عند الفسخ.
(مسألة 787): الظاهر أن موت المؤجر أو المستأجر لا يقتضي بنفسه
بطلان الإجارة مطلقا، نعم قد يقتضيه من جهة أخرى، كما إذا لم يكن المؤجر
مالكا للعين المستأجرة بل مالكا لمنفعتها ما دام حيا - بوصية أو نحوها - فمات
307

أثناء مدة الإجارة فإنها تبطل حينئذ بالنسبة إلى المدة الباقية.
(مسألة 788): لو وكل شخصا في أن يستأجر له عمالا فاستأجرهم بأقل
مما عين الموكل حرمت الزيادة على الوكيل ووجب ارجاعها إلى الموكل.
(مسألة 789): لو آجر الصباغ نفسه بصبغ الثوب بالنيل - مثلا - فصبغه
بغيره، لم يستحق أجرة أصلا.
308

(الجعالة)
309

(أحكام الجعالة)
(مسألة 790): الجعالة: هو (الالتزام بعوض معلوم - ولو في الجملة -
على عمل كذلك) كأن يلتزم شخص بدينار لكل من يجد ضالته، ويسمى
الملتزم (جاعلا) ومن يأتي بالعمل (عاملا) ومما تفترق به عن الإجارة وجوب
العمل على الأجير بعد العقد دون العامل، كما تشتغل ذمة المستأجر للأجير قبل
العمل بالأجرة، ولا تشتغل ذمة الجاعل للعامل ما لم يأت بالعمل.
(مسألة 791): يعتبر في الجاعل: البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم
الحجر لسفه أو فلس، فالسفيه الذي يصرف ماله فيما لا يجدي لا تصح الجعالة
منه، وكذا المفلس فيما حجر عليه من أمواله.
(مسألة 792): يعتبر في الجعالة أن لا يكون العمل محرما، أو خاليا من
الفائدة، فلا يصح جعل العوض لشرب الخمر، أو الدخول ليلا في محل مظلم
- مثلا - إذا لم يكن فيه غرض عقلائي.
(مسألة 793): لا يعتبر في الجعالة تعيين العوض بخصوصياته، بل
يكفي أن يكون معلوما لدى العامل بحد لا تكون المعاملة معه سفهية فلو قال
(بع هذا المال بكذا والزائد لك) صح، وكذا لو قال (من رد فرسي فله نصفها
أو له كذا مقدار من الحنطة).
(مسألة 794): إذا كان العوض في الجعالة مبهما بطلت، وللعامل أجرة المثل.
(مسألة 795): لا يستحق العامل شيئا إذا أتى بالعمل قبل الجعالة أو
311

بعدها تبرعا.
(مسألة 796): يجوز للجاعل الرجوع عن الجعالة قبل الشروع في
العمل، وأما بعد الشروع فيشكل ذلك إلا مع التوافق مع العامل.
(مسألة 797): الجعالة لا تقتضي وجوب اتمام العمل على العامل إذا
شرع فيه، نعم قد تقتضيه لجهة أخرى، كما إذا أوجب تركه الاضرار بالجاعل
أو من يكون له العمل، كأن يقول: (كل من عالج عيني فله كذا) فشرع
الطبيب باجراء عملية في عينه، بحيث لو لم يتمها لتعيبت عينه فيجب عليه
الاتمام.
(مسألة 798): لا يستحق العامل شيئا من العوض إذا لم يتم العمل
الذي جعل بإزائه، فإذا جعل العوض على رد الدابة الشاردة مثلا فجاء بها إلى
البلد ولم يوصلها إليه لم يستحق شيئا، وكذا لو جعل العوض على مثل خياطة
الثوب فخاط بعضه ولم يكمله، نعم لو جعله موزعا على أجزاء العمل من دون
ترابط بينها في الجعل، استحق العامل منه بنسبة ما أتي به من العمل.
312

(المزارعة)
313

(أحكام المزارعة)
(مسألة 799): عقد المزارعة يقع على أنحاء منها (الاتفاق بين مالك
التصرف في الأرض والزارع على زرع الأرض بحصة من حاصلها) وهذا ما
نستعرض أحكامه في المسائل الآتية.
(مسألة 800): يعتبر في المزارعة على النحو المذكور أمور:
(1) الايجاب من المالك والقبول من الزارع بكل ما يدل عليهما من
لفظ: كأن يقول المالك للزارع (سلمت إليك الأرض لتزرعها) فيقول الزارع
(قبلت)، أو فعل دال على تسليم الأرض للزارع وقبوله لها.
(2) أن يكونا بالغين عاقلين مختارين غير محجورين، نعم لا بأس أن
يكون الزارع محجورا عليه لفلس إذا لم تقتض المزارعة تصرفه في أمواله التي
حجر عليها.
(3) أن يجعل لكل واحد منهما نصيب من الحاصل وأن يكون محددا
بالكسور كالنصف والثلث، فلو لم يجعل لأحدهما نصيب أصلا، أو عين له
مقدار معين كعشرة أمنان، أو جعل نصيبه ما يحصد في الأيام العشرة الأولى من
الحصاد والبقية للآخر لم تصح المزارعة.
(4) أن يجعل الكسر مشاعا في جميع حاصل الأرض - على الأحوط -
وإن كان الأظهر عدم اعتبار ذلك، فلا بأس أن يشترط اختصاص أحدهما بنوع
- كالذي يحصد أولا - والآخر بنوع آخر، فلو قال المالك (ازرع ولك النصف
الأول من الحاصل، أو النصف الحاصل من القطعة الكذائية) صحت
315

المزارعة. (5) تعيين المدة بمقدار يدرك الزرع فيه عادة، ولو عينا أول المدة وجعلا
آخرها ادراك الحاصل كفى.
(6) أن تكون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج والاصلاح.
(7) تعيين المزروع من حيث نوعه، وأنه حنطة أو شعير أو رز أو غيرها،
وكذا تعيين صنفه إذا كان للنوع صنفان فأكثر تختلف فيها الأغراض، ويكفي
في التعيين الانصراف المغني عن التصريح - لتعارف أو غيره - ولو صرحا
بالتعميم صح ويكون للزارع حق اختيار أي نوع أو صنف شاء.
(8) تعيين الأرض فيما إذا كانت للمالك قطعات مختلفة في مستلزمات
الزراعة وسائر شؤونها، فلو لم يعين واحدة منها والحالة هذه بطلت المزارعة، وأما
مع التساوي فالأظهر الصحة وعدم الحاجة إلى التعيين.
(9) تعيين ما عليهما من المصارف إذا لم يتعين مصرف كل منهما بالتعارف
خارجا.
(مسألة 801): لو اتفق المالك مع الزارع على أن يكون مقدار من
الحاصل لأحدهما، ويقسم الباقي بينهما بنسبة معينة بطلت المزارعة وإن علما
ببقاء شئ من الحاصل بعد استثناء ذلك المقدار، نعم لو اتفقا على استثناء
مقدار الخراج وكذا مقدار البذر لمن كان منه صحت على الأظهر.
(مسألة 802): إذا حدد للمزارعة أمدا معينا يدرك الزرع خلاله عادة،
فانقضى ولم يدرك، فإن لم يكن للتحديد المتفق عليه بينهما اطلاق يشمل صورة
عدم ادراك الزرع على خلاف العادة ألزم المالك ببقاء الزرع في الأرض إلى حين
الادراك، وإن كان له اطلاق من هذا القبيل فمع تراخي المالك والزارع على
316

بقاء الزرع، بعوض أو مجانا - لا مانع منه، وإن لم يرض المالك به فله أن يجبر
الزارع على إزالته وإن تضرر الزارع بذلك، وليس له إجبار المالك على بقاء
الزرع ولو بأجرة.
(مسألة 803): تنفسخ المزارعة بطرو مانع قهري من الزراعة في الأرض
كانقطاع الماء عنها، ولكن المزارع إذا ترك الزرع بلا مانع كذلك وكانت الأرض
في تصرفه، كان عليه أن يدفع إلى المالك أجرة مثل الأرض.
(مسألة 804): عقد المزارعة من العقود اللازمة ولا ينفسخ إلا برضا
الطرفين، نعم لو اشترط في ضمن العقد استحقاق المالك أو الزارع أو كليهما
للفسخ جاز الفسخ حسب الشرط، وكذا لو خولف بعض الشروط المأخوذة فيه
من أحدهما على الآخر.
(مسألة 805): لا تنفسخ المزارعة بموت المالك أو الزارع بل يقوم
الوارث مقام مورثه، إلا إذا قيدت بمباشرة الزارع للعمل فمات قبل انتهائه منه
فإنها تنفسخ بموته، وإذا كان العمل المستحق على الزارع كليا مشروطا
بمباشرته لم تنفسخ المزارعة بموته - وإن كان للمالك حق فسخها - كما لا تنفسخ
إذا مات الزارع بعد الانتهاء مما عليه من العمل مباشرة ولو قبل ادراك الزرع،
فتكون حصته من الحاصل لوارثه، كما أن له سائر حقوقه، ويحق له أيضا إجبار
المالك على بقاء الزرع في أرضه حتى انتهاء مدة المزارعة.
(مسألة 806): إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع، فإن كان البذر
للمالك فالحاصل له، وعليه للزارع ما صرفه، وكذا أجرة عمله وأعيانه التي
استعملها في الأرض كالبقر وغيره، وإن كان البذر للزارع فالزرع له وعليه
للمالك أجرة الأرض وما صرفه المالك وأجرة أعيانه التي استعملت في ذلك
الزرع.
317

(مسألة 807): إذا كان البذر للزارع فظهر بطلان المزارعة بعد الزرع
ورضي المالك والزارع ببقاء الزرع في الأرض بأجرة أو مجانا جاز، وإن لم يرض
المالك بذلك قيل إن له اجبار الزارع على إزالة الزرع وإن لم يدرك الحاصل
وليس للزارع اجبار المالك على بقاء الزرع في الأرض ولو بأجرة، ولكنه لا يخلو
عن إشكال، وليس للمالك إجبار الزارع على ابقاء الزرع في الأرض ولو مجانا
لو أراد قلعه.
(مسألة 808): الباقي من أصول الزرع في الأرض بعد الحصاد
وانقضاء المدة إذا اخضر في السنة الجديدة وأدرك فحاصله لمالك البذر إن لم
يشترط في المزارعة اشتراكهما في الأصول وإلا كان بينهما بالنسبة.
318

(المضاربة)
319

(أحكام المضاربة)
المضاربة: هي (عقد واقع بين شخصين على أن يدفع أحدهما إلى الآخر
مالا ليتجر به ويكون الربح بينهما).
ويعتبر فيها أمور:
(الأول): الايجاب والقبول ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو
نحو ذلك، ولا يعتبر فيهما العربية ولا الماضوية.
(الثاني): البلوغ والعقل والرشد والاختيار في كل من المالك والعامل،
وأما عدم الحجر من فلس فهو إنما يعتبر في المالك دون العامل إذا لم تقتض
المضاربة تصرفه في أمواله التي حجر عليها.
(الثالث): تعيين حصة كل منهما من نصف أو ثلث أو نحو ذلك، إلا
أن يكون هناك تعارف خارجي ينصرف إليه الاطلاق.
(الرابع): أن يكون الربح بينهما فلو شرط مقدار منه لأجنبي لم تصح
المضاربة إلا إذا اشترط عليه عمل متعلق بالتجارة.
(الخامس): أن يكون العامل قادرا على التجارة فيما كان المقصود مباشرته
للعمل فإذا كان عاجزا عنه لم تصح.
هذا إذا أخذت المباشرة قيدا، وأما إذا كانت شرطا لن تبطل المضاربة
ولكن يثبت للمالك الخيار عند تخلف الشرط.
وأما إذا لم يكن لا هذا ولا ذاك وكان العامل عاجزا من التجارة حتى
بالتسبيب بطلت المضاربة، ولا فرق في البطلان بين تحقق العجز من الأول
321

وطروه بعد حين فتنفسخ المضاربة من حين طرو العجز.
(مسألة 809): الأقوى صحة المضاربة بغير الذهب والفضة المسكوكين
من الأوراق النقدية ونحوها، وفي صحتها بالمنفعة أو بالدين اشكال.
(مسألة 810): لا خسران على العامل من دون تفريط، وإذا اشترط
المالك على العامل في ضمن العقد أن تكون الخسارة عليه فالأظهر صحة
الشرط وكون تمام الربح له أيضا من دون مشاركة المالك فيه.
(مسألة 811): المضاربة الإذنية - التي هي محل الكلام - عقد جائز من
الطرفين بمعنى أن للمالك أن يسحب إذنه في تصرف العامل في ماله متى شاء،
كما أن للعامل أن يكف عن العمل متى ما أراد سواء أكان قبل الشروع في
العمل أم بعده، وسواء كان قبل تحقق الربح أو بعده، وسواء كان العقد مطلقا
أو مقيدا إلى أجل خاص.
(مسألة 812): يجوز للعامل مع اطلاق عقد المضاربة التصرف حسب
ما يراه مصلحة من حيث البائع والمشتري ونوع الجنس، نعم لا يجوز له أن
يسافر به إلى بلد آخر من دون أذن المالك، إلا إذا كان هناك تعارف بحيث لا
ينصرف عنه الاطلاق، وعليه فلو خالف وسافر وتلف المال أو خسر ضمن.
(مسألة 813): تبطل المضاربة بموت كل من المالك والعامل، أما على
الأول فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته فابقاء المال بيد العامل يحتاج إلى
مضاربة جديدة، وأما على الثاني فلفرض اختصاص الإذن به.
322

(المساقاة)
323

(أحكام المساقاة)
(مسألة 814): المساقاة: هي (اتفاق شخص مع آخر على رعاية أشجار
ونحوها - يحق له التصرف في حاصلها بملك أو غيره - إلى مدة معينة بحصة من
حاصلها).
(مسألة 815): يصح عقد المساقاة في الأشجار غير المثمرة إذا كانت لها
حاصل آخر من ورق أو ورد ونحوهما مما له مالية يعتد بها عرفا كشجر الحناء
الذي يستفاد من ورقه.
(مسألة 816): لا تعتبر الصيغة في المساقاة، بل يكفي دفع المالك
أشجاره مثلا للفلاح، وتسلمه إياها بهذا القصد.
(مسألة 817): يعتبر في المالك والفلاح البلوغ، والعقل والاختيار،
وعدم الحجر لسفه أو فلس، نعم لا بأس بكون الفلاح محجورا عليه لفلس إذا
لم تقتض المساقاة تصرفه في أمواله التي حجر عليها.
(مسألة 818): يعتبر في المساقاة تعيين مدة تحصل فيها الثمرة عادة، ولو
عين أولها وجعل آخرها ادراك الثمرة صحت.
(مسألة 819): يعتبر أن يجعل لكل منهما نصيب من الحاصل وأن يكون
محددا بأحد الكسور، كالنصف والثلث، ولا يعتبر في الكسر أن يكون مشاعا في
جميع الحاصل - على الأظهر - كما تقدم نظيره في المزارعة، وإن اتفقا على أن تكون
من الثمرة عشرة أمنان - مثلا - للمالك والباقي للفلاح بطلت المساقاة.
(مسألة 820): لا يعتبر في المساقاة أن يكون العقد قبل ظهور الثمرة
325

فتصح إذا كان العقد بعده أيضا، إذا كان قد بقي عمل يتوقف عليه اكتمال نمو
الثمرة أو كثرتها أو جودتها أو وقايتها عن الآفات ونحو ذلك، وأما إذا لم يبق عمل
من هذا القبيل وإن احتيج إلى عمل من نحو آخر كاقتطاف الثمرة وحراستها أو
ما يتوقف عليه تربية الأشجار ففي الصحة إشكال.
(مسألة 821): تصح المساقاة في الأصول غير الثابتة، كالبطيخ والخيار
على الأظهر.
(مسألة 822): تصح لمساقاة في الأشجار المستغنية عن السقي بالمطر
أو بمص رطوبة الأرض إن احتاجت إلى أعمال أخر مما تقدم في المسألة (820).
(مسألة 823): تنفسخ المساقاة بفسخها مع التراضي، وكذا بفسخ من
اشترط الخيار له في ضمن العقد، بل لو اشترط شئ في المعاملة ولم يعمل به
المشروط عليه ثبت الخيار للمشروط له.
(مسألة 824): لا تنفسخ المساقاة بموت المالك، ويقوم ورثته مقامه.
(مسألة 825): إذا مات الفلاح قام وارثه مقامه، إن لم تؤخذ المباشرة في
العمل قيدا ولا شرطا، فإن لم يقم الوارث بالعمل ولا استأجر من يقوم به
فللحاكم الشرعي أن يستأجر من مال الميت من يقوم بالعمل، ويقسم الحاصل
بين المالك ووارث الميت، وأما إذا أخذت المباشرة في العمل قيدا انفسخت
المعاملة، كما أنها إذا أخذت شرطا كان المالك بالخيار بين فسخ المعاملة والرضا
بقيام الوارث بالعمل مباشرة أو تسبيبا.
(مسألة 826): إذا اتفق المالك والفلاح على أن يكون تمام الحاصل
للمالك وحده لم يصح العقد ولم يكن مساقاة، ومع ذلك يكون تمام الحاصل
للمالك، وليس للفلاح مطالبته بالأجرة، ولو بطلت المساقاة لفقد شرط آخر
326

وجب على المالك أن يدفع للفلاح أجرة ما عمله على النحو المتعارف.
(مسألة 827): المغارسة جائزة على الأظهر وهي أن يدفع أرضا إلى الغير
ليغرس فيه أشجارا على أن يكون الحاصل لهما، سواء اشترط كون حصة من
الأرض أيضا للعامل أم لا، وسواء كانت الأصول من المالك أم من العامل،
والأحوط الأولى ترك هذه المعاملة، ويمكن التوصل إلى نتيجتها بمعاملة لا
اشكال في صحتها كايقاع الصلح بين الطرفين على النحو المذكور، أو الاشتراك
في الأصول بشرائها بالشركة ثم إجارة الغارس نفسه لغرس حصة صاحب
الأرض وسقيها وخدمتها في مدة معينة بنصف منفعة أرضه إلى تلك المدة أو
بنصف عينها مثلا.
327

(الحجر)
329

(أحكام الحجر)
(مسألة 828): لا ينفذ تصرف غير البالغ في ماله ولا في ذمته مستقلا
ولو كان في كمال التمييز والرشد، ولا يجدي في الصحة إذن وليه، ويستثنى من
ذلك موارد منها: الأشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز
لمعاملتها كما مر في المسألة (649)، ومنها: وصيته لذوي أرحامه وفي المبرات
والخيرات العامة كما سيأتي في المسألة (1261)، وعلامة البلوغ في الأنثى اكمال
تسع سنين هلالية، وفي الذكر أحد الأمور الثلاثة: (1) نبات الشعر الخشن
على العانة، وهي بين البطن والعورة. (2) خروج المني. (3) إكمال خمس عشرة
سنة هلالية على المشهور.
(مسألة 829): لا يبعد كون نبات الشعر الخشن في الخد وفي الشارب
علامة للبلوغ، وأما نباته في الصدر وتحت الإبط، وكذا غلظة الصوت ونحوها
فليست أمارة عليه.
(مسألة 830): لا ينفذ تصرف المجنون ولو كان أدواريا حال جنونه في
ماله ولا في ذمته، وكذا لا ينفذ تصرف السفيه في ماله أو ذمته إلا بإذن وليه أو
إجازته، وهكذا المفلس إذا حجر عليه الحاكم لم تنفذ تصرفاته في أمواله التي
حجر عليها إلا بإذن غرمائه أو إجازتهم.
(مسألة 831): الولاية في مال الطفل وكذلك في المجنون والسفيه إذا
بلغا كذلك للأب والجد له، فإن فقدا فللوصي إذا كان وصيا في ذلك، فإن فقد
أيضا فالولاية للحاكم الشرعي، وأما السفيه والمجنون اللذان عرض عليهما
331

السفه والجنون بعد البلوغ ففي كون الولاية عليهما للجد والأب أيضا أو
للحاكم خاصة اشكال، فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معا، وأما المفلس فللحاكم
الولاية عليه في بيع أمواله التي حجر عليها لتسديد ديونه إن هو أبى من بيعها.
(مسألة 832): يجوز للمالك صرف ماله في مرض موته في الانفاق على
نفسه ومن يعوله والصرف على ضيوفه وفي حفظ شأنه واعتباره والتصدق لأجل
عافيته وشفائه وغير ذلك مما يليق به ولا يعد سرفا وتبذيرا، وكذا يجوز له بيع ماله
بالقيمة المتعارفة وإجارتها كذلك، وأما تصرفه في ماله بمثل الهبة والوقف والابراء
والصلح بلا عوض ونحوها من التصرفات التبرعية، وكذا بيع ماله وإجارته
بالأقل من المتعارف فالأظهر أن حكمه حكم وصاياه في نفوذه بمقدار الثلث فما
دونه، وأما بالنسبة إلى الأكثر منه فلا يصح إلا مع إجازة ورثته.
332

(الوكالة)
333

(أحكام الوكالة)
الوكالة هي: (تسليط الشخص غيره على معاملة من عقد أو ايقاع أو ما
هو من شؤونهما - كالقبض والاقباض - إذا كانت له سلطنة على ايجادها
مباشرة)، كأن يوكل شخصا في بيع داره، أو عقد امرأة له، فلا يصح التوكيل
في أمر ممن ليس له المباشرة فيه لكونه محجورا عليه لسفه ونحوه.
(مسألة 833): لا تعتبر الصيغة في الوكالة، بل يصح انشاؤها بكل ما
دل عليها، فلو دفع ماله إلى شخص لبيعه وقبضه الوكيل بهذا العنوان صحت
الوكالة.
(مسألة 834): يصح التوكيل بالكتابة، فإذا قبل الوكيل صحت
الوكالة وإن كان الوكيل في بلد آخر وتأخر وصول الكتاب إليه.
(مسألة 835): يعتبر في الموكل والوكيل: العقل والقصد والاختيار،
ويعتبر في الموكل البلوغ أيضا إلا فيما تصح مباشرته من الصبي المميز.
(مسألة 836): من لا يتمكن من مباشرة عمل شرعا لا يصح أن يتوكل
فيه عن الغير، فالمحرم لا يجوز أن يتوكل في عقد النكاح لأنه يحرم عليه اجراء
العقد.
(مسألة 837): يصح التوكيل العام في جميع الأعمال التي ترجع إلى
الموكل ولا يصح التوكيل في عمل غير معين منها، نعم يجوز التوكيل في الجامع
بين أمرين أو أكثر كأن يقول: وكلتك في بيع داري أو إجارتها.
(مسألة 838): تبطل الوكالة ببلوغ العزل إلى الوكيل، والعمل الصادر
335

منه قبل بلوغ العزل إليه صحيح.
(مسألة 839): للوكيل أن يعزل نفسه وإن كان الموكل غائبا.
(مسألة 840): ليس للوكيل أن يوكل غيره في ايقاع ما توكل فيه لا عن
نفسه ولا عن الموكل، إلا أن يأذن له الموكل في ذلك، فيوكل في حدود أذنه،
فإذا قال له: (اختر وكيلا عني) فلا بد أن يوكل شخصا عنه، لا عن نفسه.
(مسألة 841): ليس للوكيل عزل من وكله من قبل الموكل بإذنه، بل
لو مات الوكيل الأول، أو عزل لا تبطل وكالة الوكيل الثاني.
(مسألة 842): إذا وكل الوكيل غيره عن نفسه بإجازة الموكل فللموكل
والوكيل الأول عزله، ولو مات الوكيل الأول أو عزل بطلت وكالة الوكيل
الثاني.
(مسألة 843): إذا وكل شخص جماعة في عمل على أن يكون لكل
منهم القيام بذلك العمل وحده جاز لكل منهم أن ينفرد به، وإن مات أحدهم
لم تبطل وكالة الباقين، وإن وكلهم على أن يكون لكل واحد منهم القيام بالعمل
بعد موافقة الآخرين لم يجز لواحد منهم أن ينفرد به، وإن مات أحدهم بطلت
وكالة الباقين.
(مسألة 844): تبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكل وكذا بجنون
أحدهما أو اغمائه إن كان مطبقا، وأما إن كان أدواريا فبطلانها في زمان الجنون
أو الاغماء - فضلا عما بعده - مطلقا محل اشكال، وتبطل أيضا بتلف مورد
الوكالة كالحيوان الذي وكل في بيعه.
(مسألة 845): لو جعل الموكل عوضا للعمل الذي يقوم به الوكيل
وجب دفعه إليه بعد اتيانه به.
336

(مسألة 846): إذا لم يقصر الوكيل في حفظ المال الذي دفعه الموكل إليه
ولم يتصرف فيه بغير ما أجازه الموكل فيه، فتلف اتفاقا لم يضمنه، وأما لو قصر
في حفظه، أو تصرف فيه بغير ما أجازه الموكل فيه وتلف ضمنه، فلو لبس الثوب
الذي وكل في بيعه وتلف حينذاك لزمه عوضه.
(مسألة 847): لو تصرف الوكيل في المال الذي دفعه الموكل إليه بغير ما
أجازه لم تبطل وكالته، فيصح منه الاتيان بما هو وكيل فيه، فلو توكل في بيع
ثوب فلبسه ثم باعه صح البيع.
337

(القرض)
339

(أحكام القرض)
إقراض المؤمنين من المستحبات الأكيدة، لا سيما لذوي الحاجات منهم،
وأما الاقتراض فهو مكروه مع عدم الحاجة، وتخف كراهته مع الحاجة، وكلما
خفت الحاجة اشتدت الكراهة وكلما اشتدت خفت إلى أن تزول.
(مسألة 848): لا تعتبر الصيغة في القرض، فلو دفع مالا إلى أحد
بقصد القرض وأخذه ذلك بهذا القصد صح.
(مسألة 849): إذا أراد المقترض وفاء قرضه فليس للمقرض الامتناع
عن القبول في أي وقت كان، إلا إذا كان القرض مؤجلا وكان التأجيل حقا
للمقرض أو لهما معا فإن له حينئذ الامتناع عن القبول قبل حلول الأجل.
(مسألة 850): إذا جعل في القرض وقت للأداء فالأظهر أنه لا يحق
للدائن أن يطلب المدين قبل حلول الوقت، إذا كان اشتراط الوقت حقا
للمدين أو لهما معا، وأما إذا كان حقا للدائن فتجوز له المطالبة به في أي وقت
أراد، كما يجوز له ذلك فيما إذا لم يؤجل القرض.
(مسألة 851): يجب على المدين أداء الدين فورا عند مطالبة الدائن إن
قدر عليه، وإن توانى فقد عصى.
(مسألة 852): أن لم يملك المدين غير دار السكنى وأثاث المنزل وسائر
ما يحتاج إليه مما لولاه لوقع في عسر وشدة فليس للدائن مطالبته، بل يجب عليه
الصبر إلى أن يقدر على الأداء.
(مسألة 853): من لا يتمكن من أداء الدين فعلا، ويقدر على
341

التكسب، اللائق بحاله فالأحوط أن يكتسب ويؤدي دينه خصوصا فيما لا
يحتاج إلى تكلف وفيمن شغله التكسب، بل وجوبه حينئذ لا يخلو عن قوة.
(مسألة 854): إذا فقد المدين دائنه ويئس من الوصول إليه أو إلى
ورثته في المستقبل لزمه أن يؤديه إلى الفقير صدقة عنه، والأحوط أن يستجيز في
ذلك الحاكم الشرعي، وإن لم يكن الدائن هاشميا فالأولى أن يؤدي المديون دينه
إلى غير الهاشمي، وأما إذا احتمل الوصول إليه أو إلى ورثته ولم يفقد الأمل في
ذلك لزمه الانتظار والفحص عنه فإن لم يجده أوصى به عند الوفاة حتى يجئ
له طالبه، وإذا كان الدائن مفقودا عن أهله وجب تسليم دينه إلى ورثته مع
انقطاع خبره بعد مضي عشر سنين من غيبته، بل يجوز ذلك بعد مضي أربع
سنين إذا فحص عنه في هذه المدة.
(مسألة 855): إذا لم تف تركة الميت إلا بمصارف كفنه ودفنه الواجبة
صرفت فيها، وليس للدائن فضلا عن الورثة حينئذ شئ من التركة.
(مسألة 856): إذا استقرض شيئا من النقود من الذهب أو الفضة أو
غيرهما، فنقصت قيمته جاز له أداء مثله، وإذا زادت قيمته وجب أداء مثله،
ويجوز التراضي على أداء غيره في كلتا الصورتين.
(مسألة 857): إذا كان ما استدانه موجودا وطالبه الدائن به فالأولى أن
يرده إليه، وإن كان لا يجب عليه ذلك.
(مسألة 858): لا يجوز اشتراط الزيادة في الدين، كأن يدفع عشر
بيضات على أن يستوفي خمس عشرة بيضة، بل لا يجوز اشتراط عمل على
المديون، أو زيادة من غير جنس الدين، كأن يدفع دينارا على أن يستوفي دينارا
مع شخاطة مثلا، وكذلك إذا اشترط على المديون كيفية خاصة فيما يؤديه، كأن
يدفع ذهبا غير مصوغ ويشترط عليه الوفاء بالمصوغ، فإن ذلك كله من الربا
342

وهو حرام، نعم يجوز للمديون دفع الزيادة بلا اشتراط بل هو مستحب.
(مسألة 859): يحرم الربا على المعطي والآخذ، والظاهر أن القرض لا
يبطل باشتراط الزيادة فيملك المدين ما أخذه قرضا، بل يكون الشرط فقط
فاسدا فلا يملك الدائن ما يأخذه من الزيادة ولا يجوز له التصرف فيه، نعم
إذا كان المعطي راضيا بتصرفه فيه حتى لو فرض أنه لم تكن بينهما معاملة ربوية
جاز له التصرف فيه.
(مسألة 860): إذا زرع المستقرض الحنطة أو مثلها مما أخذه بالقرض
الربوي جاز له التصرف في حاصله ويملكه على الأظهر.
(مسألة 861): لو اشترى ثوبا مثلا بما في الذمة، ثم أدى ثمنه مما أخذه
الدائن من الزيادة في القرض الربوي أو من الحلال المخلوط به جاز له لبسه
والصلاة فيه، وأما إذا اشتراه بعين ذلك المال حرم لبسه، وقد تقدم حكم الصلاة
فيه في أحكام لباس المصلي.
(مسألة 862): يجوز دفع النقد قرضا إلى تاجر في بلد ليحوله إلى صاحبه
في بلد آخر بأقل مما دفعه.
(مسألة 863): لا يجوز دفع مال إلى أحد في بلد لأخذ أزيد منه في بلد
آخر بعد أيام إذا كان المدفوع مما يباع بالكيل أو الوزن كالحنطة أو الذهب
والفضة لأنه من الربا، ولو أعطى الدافع متاعا أو قام بعمل بإزاء الزيادة جاز ولا
يجوز أخذ الزيادة في المعدود - كالأوراق النقدية - قرضا، ويجوز ذلك بيعا إلا في
البيع نسيئة مع الاتحاد في الجنس فإن جوازه محل إشكال كما تقدم.
343

(الحوالة)
345

(أحكام الحوالة)
(مسألة 864): لو أحال المديون الدائن على شخص لينتقل الدين إلى
ذمته وقبل الدائن ذلك وتوفرت سائر شرائط الحوالة برئت ذمة المحيل، وانتقل
الدين إلى ذمة المحال عليه، فليس للدائن مطالبة المديون الأول بعد ذلك.
(مسألة 865): يعتبر في المحيل والمحال والمحال عليه البلوغ والعقل
والرشد والاختيار، ويعتبر في الأولين عدم الحجر لفلس أيضا، إلا في الحوالة
على البرئ فإنه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلسا.
(مسألة 866): يعتبر في الحوالة على البرئ قبوله وكذا يعتبر قبول الدائن
المحال عليه في الحوالة بغير جنس الدين، وفيما إذا كان الدين المحال به معجلا
والدين الذي في ذمته للمحيل مؤجلا، أو كانا مؤجلين جميعا مع تأخر أجل
الثاني عن الأول، وهل يعتبر قبوله في غير هذه الموارد أيضا أو لا؟ الأظهر
اعتباره.
(مسألة 867): يعتبر في الحوالة أن يكون المحيل مديونا حين الحوالة فلا
تصح الحوالة بما سيستقرضه.
(مسألة 868): يعتبر أن يكون المال المحال به معينا، فإذا كان الشخص
مدينا لآخر بمن من الحنطة ودينار لم يصح أن يحيله بأحدهما من غير تعيين.
(مسألة 869): يكفي تعين الدين واقعا وإن لم يعلم المحيل والمحال
بجنسه أو مقداره حين الحوالة، مثلا إذا كان الدين مسجلا في دفتر وقبل
مراجعته حوله على شخص صحت الحوالة.
347

(مسألة 870): للدائن أن لا يقبل الحوالة وإن كان المحال عليه مليا غير
مماطل في أداء الحوالة.
(مسألة 871): يستحق المحال عليه البرئ أن يطالب المحيل بالمحال به
ولو قبل أدائه على الأظهر، نعم إذا كان الدين المحال به مؤجلا لم يكن له مطالبة
المحيل به إلا عند حلول أجله وإن كان قد أداه قبل ذلك، ولو تصالح المحال
مع المحال عليه على أقل من الدين لم يجز له أن يأخذ من المحيل إلا الأقل.
(مسألة 872): ليس للمحيل والمحال عليه فسخ الحوالة، وكذلك
المحال وإن عسر المحال عليه بعدما كان موسرا حين الحوالة، بل لا يجوز
فسخها مع اعسار المحال عليه حين الحوالة إذا كان المحال عالما به، نعم لو لم
يعلم به - حينذاك - كان له الفسخ إلا إذا صار المحال عليه غنيا حين استحقاق
المحال للدين فإن في ثبوت حق الفسخ له في هذه الصورة إشكالا.
(مسألة 873): يجوز اشتراط حق الفسخ للمحيل والمحال والمحال عليه
أو لأحدهم.
(مسألة 874): إذا أدى المحيل الدين، فإن كان بطلب من المحال عليه
وكان مديونا للمحيل فله أن يطالب المحال عليه بما أداه، وإن لم يكن بطلبه أو
لم يكن مديونا فليس له ذلك.
348

(الرهن)
349

(أحكام الرهن)
الرهن: هو (جعل عين وثيقة للتأمين على دين أو عين مضمونة).
(مسألة 875): الرهن عقد مركب من ايجاب من الراهن وقبول من
المرتهن، ولا يعتبر فيه أن يكون المديون هو الراهن - وإن كان هذا هو الغالب -
بل يصح أن يكون غيره بأن يجعل شخص ماله رهنا لدين آخر، كما لا يعتبر فيه
القبض على الأظهر وإن كان هو الأحوط، نعم مقتضى اطلاقه كون العين
المرهونة بيد المرتهن إلا أن يشترط كونها بيد ثالث أو بيد الراهن ما لم يناف التأمين
المقوم له.
(مسألة 876): لا تعتبر الصيغة في الرهن، بل يكفي دفع المديون -
مثلا - مالا للدائن بقصد الرهن، وأخذ الدائن له بهذا القصد.
(مسألة 877): يعتبر في الراهن والمرتهن البلوغ، والعقل، والاختيار،
وعدم كون الراهن سفيها ولا محجورا عليه لفلس إلا إذا لم تكن العين المرهونة
ملكا له أو لم تكن من أمواله التي حجر عليها.
(مسألة 878): يعتبر في العين المرهونة جواز تصرف الراهن فيها، فإذا
رهن مال الغير فصحته موقوفة على إجازة المالك.
(مسألة 879): يعتبر في العين المرهونة جواز بيعها وشرائها فلا يصح
رهن الخمر ونحوه.
(مسألة 880): منافع العين المرهونة لمالكها - سواء أكان هو الراهن أم
غيره - دون المرتهن.
351

(مسألة 881): لا يجوز للراهن وإن كان مالكا ولا المرتهن أن يتصرف
في العين المرهونة ببيع أو هبة أو نحوهما بغير إذن الآخر وإن فعل توقفت صحته
على إجازته.
(مسألة 882): لو باع المرتهن العين المرهونة قبل حلول الأجل بإذن
الراهن ففي كون ثمنها كالأصل رهنا اشكال بل منع وكذلك لو باعها فأجازه
الراهن، ولو باعها الراهن بإذن المرتهن على أن يجعل ثمنه رهنا فلم يفعل بطل
البيع إلا أن يجيزه المرتهن.
(مسألة 883): إذا حان زمان قضاء الدين وطالبه الدائن فلم يؤده جاز
له بيع العين المرهونة، واستيفاء دينه إذا كان وكيلا عن مالكها في البيع واستيفاء
دينه منه، وإلا لزم استجازته فيهما، فإن لم يتمكن من الوصول إليه استجار
الحاكم الشرعي على الأحوط، وإذا امتنع من الإجازة رفع أمره إلى الحاكم
ليلزمه بالوفاء أو البيع، فإن تعذر على الحاكم الزامه باعها عليه بنفسه أو بتوكيل
الغير وعلى التقديرين لو باعها وزاد الثمن على الدين كانت الزيادة لمالكها.
(مسألة 884): إذا لم يملك المديون غير الدار وأثاث البيت ونحوها
فليس للدائن مطالبته بالأداء على ما تقدم في المسألة 852، وأما العين المرهونة
فيجوز للمرتهن بيعها واستيفاء دينه منها وإن كانت من المستثنيات المزبورة.
352

(الضمان)
353

(أحكام الضمان)
(مسألة 885): يعتبر في ضمان شخص للدائن ما في ذمة ثالث الايجاب
منه بلفظ أو فعل مفهم - ولو بضميمة القرائن - للتعهد بالدين، كما يعتبر رضا
الدائن بذلك، ولا يعتبر رضا المديون.
(مسألة 886): يشترط في الضامن والدائن: البلوغ، والعقل، والاختيار
وعدم السفه كما يعتبر في الدائن أن لا يكون محجورا عليه لفلس، ولا يعتبر شئ
من ذلك في المديون فلو ضمن شخص دين الصغير أو المجنون صح.
(مسألة 887): تشكل صحة الضمان إذا علق الضامن أداءه على أمر
كعدم أداء المضمون عنه ونحو ذلك.
(مسألة 888): الظاهر عدم صحة ضمان الدين غير الثابت بالفعل كأن
يطلب شخص قرضا من آخر فيضمنه ثالث قبل ثبوته.
(مسألة 889): يعتبر في الضمان تعيين الدائن والمدين والدين فإذا كان
أحد مديونا لشخصين فضمن شخص لأحدهما لا على التعيين لم يصح الضمان
وهكذا إذا كان شخصان مديونين لأحد فضمن شخص عن أحدهما لا على
التعيين، كما أنه إذا كان شخص مديونا لأحد منا من الحنطة ودينار فضمن
شخص أحد الدينين لا على التعيين لم يصح الضمان.
(مسألة 890): إذا أبرأ الدائن الضامن فليس للضامن مطالبة المديون
بشئ وإذا أبرأ بعضه فليس له مطالبته بذلك البعض.
(مسألة 891): ليس للضامن حق الرجوع عن ضمانه إذا لم يشترط
355

لنفسه ذلك وإلا ففيه اشكال وهكذا الحال في المضمون له.
(مسألة 892): إذا كان الضامن حين الضمان قادرا على أداء المضمون
فليس للدائن فسخ الضمان ومطالبة المديون الأول ولو عجز الضامن عن الأداء
بعد ذلك، وكذلك إذا كان الدائن عاملا بعجز الضامن ورضي بضمانه، وأما إذا
كان جاهلا بذلك ففي ثبوت حق الفسخ له اشكال.
(مسألة 893): ليس للضامن مطالبة المديون بالدين إذا لم يكن الضمان
بإذن منه وطلبه وإلا فله مطالبته به ولو قبل وفائه على الأظهر، وإذا أدى الدين
من غير جنسه لم يكن له اجبار المديون بالأداء من خصوص الجنس الذي دفعه
إلى الدائن.
356

(الكفالة)
357

(أحكام الكفالة)
(مسألة 894): الكفالة هي (التعهد لشخص باحضار شخص آخر له
حق عليه عند طلبه ذلك) ويسمى المتعهد: (كفيلا).
(مسألة 895): تصح الكفالة بالايجاب من الكفيل بلفظ أو بفعل مفهم
- ولو بحسب القرائن - بالتعهد المذكور وبالقبول من المكفول له وفي اعتبار
رضا المكفول اشكال والأحوط اعتباره بل الأحوط كونه طرفا للعقد بأن يكون
عقدها مركبا من ايجاب وقبولين من المكفول له والمكفول.
(مسألة 896): يعتبر في الكفيل: البلوغ، والعقل، والاختيار، والقدرة
على إحضار المكفول، وعدم الحجر عليه من التصرف في ماله - لسفه أو فلس -
إذا كان احضار المكفول يتوقف على التصرف فيه.
(مسألة 897): تبطل الكفالة بأحد أمور خمسة:
(1) أن يسلم الكفيل المكفول للمكفول له أو يبادر المكفول إلى تسليم
نفسه إليه.
(2) قضاء حق المكفول له.
(3) اسقاط المكفول له لحقه على المكفول أو نقله إلى غيره إذا كان قابلا
للنقل كما في الدين.
(4) موت الكفيل أو المكفول.
(5) ابراء المكفول له الكفيل من الكفالة.
359

(مسألة 898): من خلص غريما من يد صاحبه قهرا وجب عليه تسليمه
إياه أو أداء ما عليه إن كان قابلا للأداء كالدين.
360

(الوديعة)
361

(أحكام الوديعة)
(مسألة 899): الوديعة: هي (جعل الشخص حفظ عين وصيانتها على
غيره) ويقال لذلك الشخص (المودع) ولذلك الغير (الودعي) وتحصل الوديعة
بايجاب من المودع بلفظ أو فعل مفهم لمعناها ولو بحسب القرائن ولقبول من
الودعي دال على التزامه بالحفظ والصيانة.
(مسألة 900): يعتبر في المودع والودعي: البلوغ والعقل والاختيار
والقصد فلا يجوز استقلال الصبي بايداع ماله عند آخر وإن كان مميزا وأذن وليه
في ذلك، كما لا يصح استيداعه مطلقا، نعم يجوز أن يودع الطفل المميز مال
غيره بإذنه كما مر نظيره في البيع، ويعتبر في المودع أيضا أن لا يكون سفيها ولا
محجورا عليه لفلس إلا إذا لم تكن الوديعة من أمواله التي حجر عليها، كما يعتبر
في الودعي أن لا يكون محجورا عليه في ماله لسفه أو فلس إذا كانت صيانة
الوديعة وحفظها تتوقف على التصرفات الناقلة أو المستهلكة فيه.
(مسألة 901): لا يجوز تسلم ما يودعه الصبي من أمواله ومن أموال غيره
بدون إذن مالكه فإن تسلمه الودعي ضمنه ووجب رد مال الطفل إلى وليه، ورد مال الغير
إلى مالكه، نعم لو خيف على ما في يد الطفل من التلف والهلاك جاز أخذه منه
حسبة ووجب رده إلى الولي أو المالك ولا يضمنه الآخذ حينئذ من دون تعد أو
تفريط.
(مسألة 902): من لا يتمكن من حفظ الوديعة لا يجوز له قبولها على
الأقوى، ولو تسلمها كان ضامنا، نعم مع علم المودع بحاله يجوز له القبول ولا
ضمان عليه.
363

(مسألة 903): إذا طلب شخص من آخر أن يكون ماله وديعة لديه فلم
يوافق على ذلك ولم يتسلمه منه ومع ذلك تركه المالك عنده ومضى فتلف المال
لم يكن ضامنا وإن كان الأولى أن يحفظه بقدر الامكان.
(مسألة 904): الوديعة جائزة من الطرفين وإن كانت مؤجلة فيجوز لكل
منهما فسخها متى شاء.
(مسألة 905): لو فسخ الودعي الوديعة وجب عليه أن يوصل المال فورا
إلى صاحبه أو وكيله أو وليه أو يخبره بذلك وإذا لم يفعل من دون عذر شرعي
وتلف فهو ضامن.
(مسألة 906): إذا لم يكن للودعي محل مناسب لحفظ الوديعة وجبت
عليه تهيئته على وجه لا يقال في حقه إنه قصر في حفظها فلو أهمل وقصر في ذلك
ضمن.
(مسألة 907): لا يضمن الودعي المال إلا بالتعدي أو التفريط،
والتعدي هو أن يتصرف فيه بما لم يأذن له المالك كأن يلبس الثوب أو يركب
الدابة ونحو ذلك والتفريط هو أن يقصر في حفظه بأن يضعه - مثلا - في محل لا
يأمن عليه من السرقة، فلو تعدى أو فرط ضمنه، ولو رجع عن تعديه أو تفريطه
فهل يبقى الضمان أو لا؟ وجهان أوجههما العدم.
(مسألة 908): إذا عين المودع لحفظ ماله محلا وقال للودعي (احفظه
هنا ولا تنقله إلى محل آخر وإن احتملت تلفه فيه) لم يكن له حينئذ أن ينقله إلى
محل آخر ولو فعل وتلف ضمن، نعم إذا علم بأن بقاءه في ذلك المحل يؤدي
إلى تلفه وهلاكه جاز له نقله منه إلى مكان يؤمن عليه من ذلك.
(مسألة 909): إذا عين المودع للوديعة محلا معينا وكان ظاهر كلامه -
ولو بحسب القرائن - أنه لا خصوصية لذلك المحل عنده وإنما كان تعيينه نظرا
364

إلى أنه أحد موارد حفظه فللودعي أن يضعه في محل آخر أحفظ من المحل الأول
أو مثله ولو تلف المال - حينئذ - لم يضمن.
(مسألة 910): لو جن المالك المودع جنونا اطباقيا أو أغمي عليه كذلك
بطلت الوديعة ووجب على الودعي أن يوصل المال إلى وليه فورا أو اخبار الولي
به، ولو تركه من غير عذر شرعي وتلف ضمن، وأما لو كان جنونه أو اغماؤه
أدواريا ففي بطلان الوديعة به اشكال.
(مسألة 911): إذا مات المالك الودع بطلت الوديعة فإن انتقل المال إلى
وارثه من غير أن يكون متعلقا لحق الغير وجب على الودعي ايصاله إلى الوارث
أو وليه أو اعلامه بذلك (بخلاف ما إذا لم ينتقل إليه أصلا كما لو أوصى بصرفه
في الخيرات وكانت وصيته نافذة أو انتقل متعلقا لحق الغير كأن يكون عينا
مرهونة اتفق الراهن والمرتهن على ايداعها عند ثالث) فإن أهمل لا لعذر شرعي
ضمن ومن العذر عدم علمه بكون من يدعي الإرث وارثا أو انحصار الوارث
فيه، فإن في مثل ذلك يجوز له التأخير في رد المال لأجل التروي والفحص عن
حقيقة الحال ولا يكون عليه ضمان مع عدم التعدي والتفريط.
(مسألة 912): لو مات المودع وتعدد مستحق المال وجب على الودعي
أن يدفعه إلى جميعهم أو إلى وكيلهم في قبضه فلو دفع تمام الوديعة إلى أحدهم
من دون إجازة الباقين ضمن سهامهم.
(مسألة 913): لو مات الودعي أو جن جنونا مطبقا أو أغمي عليه
كذلك بطلت الوديعة ووجب على من بيده المال اعلام المودع به فورا أو ايصاله
إليه، وأما لو كان جنونه أو إغماؤه أدواريا ففي بطلان الوديعة به مطلقا اشكال.
(مسألة 914): إذا أحس الودعي بأمارات الموت في نفسه ولم يكن وكيلا
في تسليمها إلى غيره فإن أمكنه ايصالها إلى صاحبها أو وكيله أو وليه أو اعلامه
365

بذلك تعين عليه ذلك على الأحوط وإن لم يمكنه لزمه الاستيثاق من وصولها إلى
صاحبها بعد وفاته ولو بالايصاء بها والاستشهاد على ذلك واعلام الوصي
والشاهد باسم صاحب الوديعة وخصوصياته ومحله.
(مسألة 915): لو أحس الودعي بأمارات الموت في نفسه ولم يعمل بما
تقدم كان ضامنا للوديعة، وإن برئ من المرض أو ندم بعد مدة وعمل بما تقدم
ففي بقاء ضمانه وعدمه وجهان أوجههما العدم.
366

(العارية)
367

(أحكام العارية)
(مسألة 916): العارية: (تسليط الشخص غيره على عين ليستفيد من
منافعها مجانا).
(مسألة 917): تحصل العارية بالايجاب من المعير والقبول من المستعير
ولكن لا يعتبر أن يكونا لفظيين فلو دفع ثوبه لشخص بقصد الإعارة وقصد
الآخذ بأخذه الاستعارة صحت العارية.
(مسألة 918): تصح إعارة المغصوب بإجازة المغصوب منه وكذا ما
تملك عينه ولا تملك منفعته بإذن مالك المنفعة أو مع العلم برضاه ولو من قرائن
الحال.
(مسألة 919): تصح إعارة المستأجر ما استأجره من الأعيان، ولكن
جواز تسليم العين المستأجرة إلى المستعير من غير إذن مالكها محل اشكال.
(مسألة 920): لا تصح إعارة الطفل ماله، وكذا المجنون والسفيه، ولا
تصح إعارة المفلس ماله الذي حجر عليه وإذا رأى ولي الطفل مصلحة في إعارة
ماله جاز أن يكون الطفل وسيطا في ايصاله إلى المستعير.
(مسألة 921): لا يضمن المستعير العارية إلا أن يقصر في حفظها أو
يتعدى في الانتفاع بها، نعم لو اشترط ضمانها ضمنها وتضمن عارية الذهب
والفضة، إلا إذا اشترط عدم ضمانها.
(مسألة 922): حكم العارية في بطلانها بموت المعير أو جنونه أو اغمائه
369

حكم الوديعة في ذلك وقد تقدم في المسألة 910 - 911 -.
(مسألة 923): العارية جائزة من الطرفين وإن كانت مؤجلة فلكل منهما
فسخها متى شاء.
(مسألة 924): لا تصح إعارة ما تنحصر منافعه المتعارفة في الحرام
- كآلات اللهو المحرم والقمار - لينتفع به في ذلك، ولا تجوز إعارة آنية الذهب
والفضة للأكل والشرب بل ولا لغيرهما من الاستعمالات على الأحوط، ولا يبعد
جواز إعارتها للزينة.
(مسألة 925): تصح إعارة الشاة للانتفاع بلبنها وصوفها وإعارة الفحل
للتلقيح.
(مسألة 926): لا يتحقق رد العارية إلا بردها إلى مالكها أو وكيله أو
وليه، ولو ردها إلى حرزها الذي كانت فيه بلا يد للمالك ولا إذن منه كما إذا رد
الدابة إلى الإصطبل وربطها فيه فتلفت أو تلفها متلف ضمنها.
(مسألة 927): حكم العارية في وجوب الاعلام بالنجاسة في إعارة
المتنجس حكم البيع في ذلك وقد تقدم في المسألة 626.
(مسألة 928): لا يجوز للمستعير إعارة العارية من غير إذن مالكها
وتصح مع إذنه ولا تبطل العارية الثانية - حينئذ - بموت المستعير الأول.
(مسألة 929): إذا علم المستعير بأن العارية مغصوبة وجب عليه
ارجاعها إلى مالكها، ولم يجز دفعها إلى المعير.
(مسألة 930): إذا استعار ما يعلم بغصبيته فللمالك أن يطالبه أو
يطالب الغاصب بعوضه كما أن له أن يطالب كلا منهما بعوض ما استوفاه
المستعير أو تلف في يده أو الأيادي المتعاقبة عليها من المنافع، وإذا استوفى
370

المالك العوض من المستعير فليس للمستعير الرجوع به على الغاصب.
(مسألة 931): إذا لم يعلم المستعير بغصبية العارية وتلفت في يده،
ورجع المالك عليه بعوضها فله أن يرجع على المعير بما غرمه للمالك إلا إذا كانت
العارية ذهبا أو فضة أو اشترط المعير ضمان العارية عليه عند التلف وإن رجع
المالك عليه بعوض المنافع جاز له الرجوع إلى المعير بما دفع.
371

(الهبة)
373

(أحكام الهبة)
وهي تمليك عين من دون عوض عنها وهي عقد يحتاج إلى ايجاب وقبول
ويكفي في الايجاب كل ما دل على التمليك المذكور من لفظ أو فعل أو إشارة ولا
يعتبر فيه صيغة خاصة ولا العربية ويكفي في القبول كل ما دل على الرضا
بالايجاب من لفظ أو فعل أو نحو ذلك.
(مسألة 932): يعتبر في الواهب البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم
الحجر عليه من التصرف في الموهوب لسفه أو فلس.
(مسألة 933): تصح الهبة من المريض في مرض الموت على تفصيل
تقدم في المسألة 832.
(مسألة 934): تصح الهبة في الأعيان المملوكة وإن كانت مشاعة ولا
تبعد أيضا صحة هبة ما في الذمة لغير من هو عليه ويكون قبضه بقبض
مصداقه، ولو وهبه ما في ذمته قاصدا به اسقاطه كان ابراءا ولا يحتاج إلى
القبول.
(مسألة 935): يشترط في صحة الهبة القبض ولا بد من إذن
الواهب إلا أن يهبه ما في يده فلا حاجة حينئذ إلى قبض جديد وإن كان الأحوط
لزوما اعتبار الإذن في القبض بقاءا ولا تعتبر الفورية في القبض ولا كونه في
مجلس العقد فيجوز فيه التراخي عن العقد بزمان كثير ومتى تحقق القبض
صحت الهبة من حينه، فإذا كان للموهوب نماء سابق على القبض قد حصل
بعد الهبة كان للواهب دون الموهوب له وإن أوهبه شيئين فقبض الموهوب له
375

أحدهما دون الآخر صحت الهبة في المقبوض دون غيره.
(مسألة 936): للأب والجد ولاية القبول والقبض عن الصغير
والمجنون إذا بلغ مجنونا، أما لو جن بعد البلوغ ففي كون ولاية القبول والقبض
لهما أو للحاكم الشرعي اشكال فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معا، ولو وهب
الولي أحدهما وكانت العين الموهوبة بيد الولي لم يحتج إلى قبض جديد.
(مسألة 937): يتحقق القبض في المنقول وغير المنقول باستيلاء
الموهوب له على الموهوب وصيرورته تحت يده وسلطانه والظاهر اختلاف صدق
ذلك بحسب اختلاف الموارد.
(مسألة 938): ليس للواهب الرجوع بعد الاقباض إن كانت لذي
رحم أو بعد التلف أو مع التعويض وفي جواز الرجوع مع التصرف خلاف
والأقوى جوازه إذا كان الموهوب قائما بعينه وإلا كما لو صبغ الثوب أو قطعه أو
خاطه لم يجز له الرجوع وكذا لو نقله إلى غيره على الأظهر، وله الرجوع في غير
ذلك فإن عاب فلا أرش وإن زادت زيادة منفصلة فهي للموهوب له وإن كانت
متصلة فإن كانت غير قابلة للانفصال كالسمن والطول فهي تابعة للعين وإن
كانت قابلة له كالصوف والثمرة ونحوهما ففي التبعية اشكال والأظهر عدمها
وإن الزيادة للموهوب له بعد رجوع الواهب أيضا.
(مسألة 939): في إلحاق الزوج أو الزوجة بذي الرحم في لزوم الهبة
اشكال، والأقرب عدمه وإن كان الأحوط عدم الرجوع فيها ولو قبل القبض.
(مسألة 940): لو مات الواهب قبل القبض بطلت الهبة وانتقل
الموهوب إلى وارث الواهب وكذا تبطل بموت الموهوب له قبل القبض ويبقى
الموهوب في ملك الواهب.
376

(مسألة 941): لو مات الواهب أو الموهوب له بعد القبض لزمت الهبة
فليس للواهب الرجوع إلى ورثة الموهوب له بعد موته كما أنه ليس لورثة الواهب
بعد موته الرجوع إلى الموهوب له.
(مسألة 942): لا يعتبر في صحة الرجوع علم الموهوب له فيصح
الرجوع مع جهله أيضا.
(مسألة 943): في الهبة المشروطة يجب على الموهوب له العمل بالشرط
فإذا وهب شيئا بشرط أن يهبه شيئا وجب على الموهوب له العمل بالشرط فإذا
تعذر أو امتنع المتهب من العمل بالشرط جاز للواهب الرجوع في الهبة - ولو لم
يكن الموهوب قائما بعينه - بل الظاهر جواز الرجوع في الهبة المشروطة قبل العمل
بالشرط أيضا نعم إذا كان تدريجيا وشرع فيه الموهوب له لم يكن للواهب الرجوع
إلا مع عدم الاكمال في المدة المضروبة أو المتعارفة.
(مسألة 944): في الهبة المطلقة لا يجب التعويض وإن كان من الأدنى
إلى الأعلى على الأقوى لكن لو عوض المتهب لزمت الهبة ولم يجز للواهب
الرجوع.
(مسألة 945): لو بذل المتهب العوض ولم يقبل الواهب لم يكن
تعويضا.
(مسألة 946): العوض المشروط إن كان معينا تعين وإن كان مطلقا فإن
اتفقا على شئ فهو وإلا فالأحوط أن يعوض بالمساوي من مثل أو قيمة إلا إذا
كانت قرينة من عادة أو غيرها على الاجتزاء باليسير.
(مسألة 947): لا يعتبر في الهبة المشروطة بالعوض ولا في التعويض
الخارجي أن يكون العوض هبة الموهوب له عينا للواهب بل يجوز أن يكون
غيرها من العقود أو الايقاعات كبيع شئ على الواهب أو ابراء ذمته من دين له
377

عليه ونحو ذلك، بل يجوز أن يكون عملا خارجيا - ولو في العين
الموهوبة - يتعلق به غرض الواهب كأن يشترط على الموهوب له أن يبني في
الأرض الموهوبة مدرسة أو مسجدا أو غيرهما.
378

(الاقرار)
379

(أحكام الاقرار)
وهو إخبار الشخص عن حق ثابت عليه أو نفي حق له سواء كان من
حقوق الله تعالى أم من حقوق الناس، ولا يعتبر فيه لفظ خاص فيكفي كل
لفظ مفهم له عرفا، بل لا يعتبر أن يكون باللفظ فتكفي الإشارة المفهمة له
أيضا.
(مسألة 948): لا يعتبر في تحقق الاقرار وأخذ المقر به دلالة الكلام عليه
بأحد طرق الدلالة اللفظية (المطابقة والتضمن والالتزام) ولا كونه مقصودا
بالإفادة فيؤخذ المتكلم بلوازم كلامه وإن لم ينعقد له ظهور فيها بل وحتى مع
جهله بالملازمة أو غفلته عنها، فإذا نفى الأسباب الشرعية لانتقال مال إليه
واحدا بعد واحد كان ذلك اعترافا منه بعدم مالكيته له فيلزم به.
(مسألة 949): يعتبر في المقر به أن يكون مما لو كان المقر صادقا في
اخباره لأمكن الزامه به شرعا وذلك بأن يكون المقر به مالا في ذمته أو عينا
خارجية أو منفعة أو عملا أو حقا كحق الخيار والشفعة وحق الاستطراق في
ملكه أو اجراء الماء في نهره أو نصب ميزاب على سطح داره أو يكون فعلا
مستوجبا للحد شرعا كالزنا وشرب الخمر وما شاكل ذلك وأما إذا أقر بما لا
يمكن الزامه به شرعا فلا أثر له فإذا أقر بأن عليه لزيد شيئا من ثمن خنزير
ونحو ذلك لم ينفذ اقراره.
(مسألة 950): إذا أقر بشئ ثم عقبه بما يضاده وينافيه ينفذ اقراره ولا
أثر للمنافي فلو قال لزيد علي عشرون دينارا ثم قال لا بل عشرة دنانير ألزم
380

بالعشرين، وليس الاستثناء من التعقيب بالمنافي بل يكون المقر به ما بقي بعد
الاستثناء إن كان الاستثناء من المثبت ونفس المستثنى إن كان الاستثناء من
المنفي فلو قال هذه الدار التي بيدي لزيد إلا الغرفة الفلانية كان اقرارا بالدار
ما عدا الغرفة ولو قال ليس لزيد من هذه الدار إلا الغرفة الفلانية كان اقرارا له
بالغرفة خاصة.
(مسألة 951): يعتبر في المقر البلوغ والعقل والقصد والاختيار، فلا
ينفذ اقرار الصبي والمجنون والسكران وكذا الهازل والساهي والغافل وكذا
المكره، نعم لا يبعد صحة اقرار الصبي إذا تعلق بما يحق له أن يفعله كبيع
الأشياء اليسيرة كما مر في المسألة 649، ولا ينفذ اقرار السفيه في أمواله وما
يلحق بها وينفذ في غيرها كالطلاق ونحوه وأما المفلس فلا ينفذ اقراره فيما يتعلق
بماله الذي حجر عليه وينفذ فيما عدا ذلك كدار سكناه وأثاث بيته ونحوهما،
وكذا ينفذ اقراره في الدين سابقا ولاحقا، وأما المريض فينفذ اقراره كالصحيح
إلا في مرض الموت مع التهمة فلا ينفذ اقراره فيما زاد على الثلث سواء أقر لوارث
أو أجنبي.
(مسألة 952): إذا أقر بولد أو أخ أو أخت أو غير ذلك نفذ اقراره مع
احتمال صدقه فيما عليه من وجوب انفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث ونحو
ذلك وأما بالنسبة إلى غير ذلك مما عليه من الأحكام ففيه تفصيل، فإن كان
الاقرار بالولد فيثبت النسب باقراره مع احتمال صدقه عادة وشرعا وعدم المنازع
إذا كان الولد صغيرا وكان تحت يده ولا يشترط فيه تصديق الصغير ولا يلتفت
إلى إنكاره بعد بلوغه ويثبت بذلك النسب بينهما وكذا بين أولادهما وسائر
الطبقات على اشكال وأما في غير الولد الصغير فلا أثر للاقرار إلا مع تصديق
الآخر فإن لم يصدق الآخر لم يثبت النسب وإن صدقه - ولا وارث غيرهما - توارثا،
381

وفي ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إن لم يكن مقرا اشكال والاحتياط لا يترك
وكذلك في تعدي التوارث إلى غيرهما ولا يترك الاحتياط أيضا فيما لو أقر بولد أو
غيره ثم نفاه بعد ذلك.
382

(النكاح)
383

(أحكام النكاح)
يحل كل من الرجل والمرأة للآخر بسبب عقد النكاح، وهو على قسمين:
دائم ومنقطع، والعقد الدائم هو (عقد لا تتعين فيه مدة الزواج) وتسمى
الزوجة ب‍ (الدائمة) والعقد غير الدائم هو (ما تتعين فيه المدة) كساعة أو يوم أو
سنة أو أكثر أو أقل وتسمى الزوجة ب‍ (المتمتعة والمنقطعة).
(أحكام العقد)
(مسألة 953): يشترط في النكاح - دواما أو متعة - الايجاب والقبول
اللفظيان فلا يكفي مجرد التراضي القلبي ولا الكتابة، ويجوز للزوجين أو
لأحدهما توكيل الغير في اجراء الصيغة كما يجوز لهما المباشرة.
(مسألة 954): لا يعتبر في الوكيل أن يكون رجلا، بل يجوز توكيل المرأة
في اجراء العقد.
(مسألة 955): إذا وكلا الغير في اجراء الصيغة لم تجز لهما الاستمتاعات
الزوجية حتى النظر الذي لا يحل لهما قبل الزواج ما لم يطمئنا باجراء الوكيل
عقد النكاح ولا يكفي مجرد الظن، وفي كفاية اخبار الوكيل ما لم يوجب
الاطمينان اشكال.
(مسألة 956): لو وكلت المرأة شخصا في أن يعقدها لرجل متعة مدة
عشرة أيام مثلا، ولم تعين العشرة جاز للوكيل أن يعقدها له متى شاء وإن علم
385

أنها قصدت عشرة أيام خاصة أم يجز عقدها لأيام أخر.
(مسألة 957): يجوز أن يكون شخص واحد وكيلا عن الطرفين كما
يجوز أن يكون الرجل وكيلا عن المرأة في أن يعقدها لنفسه دواما أو متعة وإن
كان الأحوط - استحبابا - أن لا يتولى شخص واحد كلا طرفي العقد.
(صيغة العقد الدائم)
(مسألة 958): إذا باشر الزوجان العقد الدائم وبعد تعيين المهر قالت
المرأة مخاطبة للزوج (زوجتك نفسي على الصداق المعلوم) وقال الزوج من دون
فصل معتد به (قبلت التزويج) صح العقد، ولو وكلا غيرهما وكان اسم الزوج
(أحمد) واسم الزوجة (فاطمة) مثلا فقال وكيل الزوجة: (زوجت موكلك أحمد
موكلتي فاطمة أو زوجت موكلتي فاطمة موكلك أحمد على الصداق المعلوم) وقال
وكيل الزوج من دون فصل معتد به (قبلت التزويج لموكلي أحمد على الصداق
المعلوم) صح العقد والأحوط الأولى تطابق الايجاب والقبول مثلا لو قالت المرأة
(زوجتك) فعلى الزوج أن يقول: (قبلت التزويج) ولا يقول (قبلت النكاح)
مثلا.
(صيغة العقد غير الدائم)
(مسألة 959): إذا باشر الزوجان العقد غير الدائم بعد تعيين المدة
والمهر فقالت المرأة (زوجتك نفسي في المدة المعلومة على المهر المعلوم) وقال
الرجل من دون فصل معتد به (قبلت التزويج) صح العقد ولو وكلا غيرهما
386

فقال وكيل الزوجة: (زوجت موكلك موكلتي أو زوجت موكلتي موكلك في المدة
المعلومة على المهر المعلوم) وقال وكيل الرجل من دون فصل معتد به (قبلت
التزويج لموكلي هكذا) صح أيضا.
387

(شرائط العقد)
(مسألة 960): يشترط في عقد الزواج أمور:
(1) العربية - مع التمكن منها - على الأحوط لزوما ويكفي غيرها من
اللغات المفهمة لمعنى النكاح والتزويج لغير المتمكن منها وإن تمكن من
التوكيل.
(2) قصد الانشاء في اجراء الصيغة، بمعنى أن تقصد الزوجة بقولها:
(زوجتك نفسي) ايقاع الزواج وصيرورتها زوجة له كما أن الزوج يقصد بقوله
(قبلت) انشاء قبول زوجيتها له، وهكذا الوكيلان.
(3، 4) العقل وكذا البلوغ على الأحوط في العاقد المجري للصيغة
سواء أكان العاقد عاقدا لنفسه أو لغيره.
(5) تعيين الزوج والزوجة على وجه يمتاز كل منهما عن غيره بالاسم أو
الوصف أو الإشارة فلو قال: (زوجتك إحدى بناتي) بطل، وكذا لو قال
(زوجت بنتي أحد ابنيك أو أحد هذين).
(6) رضا الزوجين واقعا فلو أذنت الزوجة متظاهرة بالكراهة مع العلم
برضاها القلبي صح العقد كما أنه إذا علمت كراهتها واقعا وإن تظاهرت بالرضا
بطل العقد إلا أن تجيز بعده.
(مسألة 961): إذا لحن في الصيغة بحيث لم تكن معه ظاهرة في المعنى
المقصود لم يكف وإلا كفى وإن كان اللحن في المادة فيكفي (جوزتك) في اللغة
الدارجة بدل (زوجتك) إذا كان المباشر للعقد من أهل تلك اللغة.
388

(مسألة 962): إذا كان مجرى الصيغة عالما بمعناها اجمالا وقاصدا
لتحقق المعنى صح العقد ولا يشترط علمه به تفصيلا بأن يكون مميزا للفعل
والفاعل والمفعول مثلا.
(مسألة 963): العقد الواقع فضوليا إذا تعقب بالإجازة صح سواء أكان
فضوليا من الطرفين أم كان فضوليا من أحدهما.
(مسألة 964): لو أكره الزوجان على العقد ثم رضيا بعد ذلك وأجازا
العقد صح وكذلك الحال في اكراه أحدهما، والأولى إعادة العقد في كلتا
الصورتين.
(مسألة 965): الأب والجد من طرف الأب لهما الولاية على الطفل
الصغير والصغيرة والمتصل جنونه بالبلوغ، فلو زوجهم الولي صح إلا أن في
ثبوت الخيار للصغير والصغيرة بعد البلوغ والرشد اشكالا فإذا فسخا لا يترك
الاحتياط بتجديد العقد أو الطلاق هذا إذا لم تكن في العقد مفسدة وأما مع
المفسدة فيكون العقد فضوليا ولا يصح إلا مع الإجازة بعد البلوغ أو الإفاقة.
(مسألة 966): يشترط في نكاح البالغة الرشيدة البكر إذن أبيها أو
جدها من طرف الأب حتى فيما لو كانت مالكة لأمرها ومستقلة في شؤون حياتها
على الأحوط، ولا يشترط إجازة الأم والأخ وغيرهما من الأقارب.
(مسألة 967): يصح تزويج البالغة الرشيدة البكر من غير استئذان من
أبيها أو جدها، إذا تعقب بالإجازة من أحدهما.
(مسألة 968): لا يعتبر إذن الأب والجد إذا كانت البنت ثيبا وكذلك
إذا كانت بكرا ومنعاها عن التزويج بكفؤها شرعا وعرفا أو اعتزلا التدخل في
أمر زواجها مطلقا أو سقطا عن أهلية الإذن لجنون أو نحوه وكذا إذا لم تتمكن
389

من استئذان أحدهما لغيابهما مثلا فإنه يجوز لها التزويج حينئذ مع حاجتها الملحة
إليه فعلا من دون إذن أي منهما.
(مسألة 969): لو زوج الأب أو الجد صغيرا، فإن لم يكن له مال حين
العقد كان المهر على من زوجه، وإن كان له مال فإن ضمنه من زوجه كان عليه
أيضا، وإن لم يضمنه كان في مال الطفل إذا لم يكن أزيد من مهر المثل أو كانت
مصلحة في تزويجه بأكثر منه وإلا فالأظهر صحة العقد وتوقف ثبوت المهر
المسمى في مال الطفل على إجازته بعد البلوغ فإن لم يجز ثبت عليه مهر المثل.
390

(موجبات خيار الفسخ من العيب والتدليس)
(مسألة 970): يثبت للزوج خيار العيب إذا علم بعد العقد بوجود أحد
العيوب الستة الآتية في الزوجة حين العقد فيكون له الفسخ من دون طلاق:
(1) الجنون ولو كان أدواريا.
(2) الجذام.
(3) البرص.
(4) العمى.
(5) العرج ولو لم يبلغ حد الاقعاد.
(6) العفل وهو لحم أو عظم ينبت في الرحم سواء منع من الحمل أو
الوطء في القبل أم لا على الأظهر.
وفي ثبوت خيار العيب للزوج فيما لو علم بكون زوجته مفضاة حين
العقد اشكال فلا يترك الاحتياط بالطلاق إذا اختار الفسخ. وهل يثبت الخيار
له في العيوب المتقدمة في المتجدد منها بعد العقد قبل الوطء أم لا؟ الأقرب عدم
الثبوت.
(مسألة 971): يثبت خيار العيب للزوجة إذا كان الزوج مجبوبا (أي
مقطوع الذكر بحيث لم يبق منه ما يمكنه الوطء به) أو مصابا بالعنن (وهو
المرض المانع عن انتشار العضو بحيث لا يقدر معه على الايلاج) ويثبت الخيار
لها في الجب سواء كان سابقا على العقد أم كان حادثا بعده أو بعد العقد والوطء
391

معا على الأظهر.
وأما في العنن ففي ثبوت الخيار لها في المتجدد بعد الوطء ولو مرة اشكال
وإن كان الثبوت لا يخلو عن وجه ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالطلاق لو
اختارت الفسخ.
وهل يثبت للزوجة خيار العيب في جنون الزوج سواء كان سابقا على
العقد أم حادثا بعده أو بعد العقد والوطء أم لا؟ فيه اشكال، وكذا فيما لو كان
خصيا حين العقد (الخصاء هو اخراج الأنثيين) أو وجيا (الوجاء رص الأنثيين
بحيث يبطل أثرهما) أو مجذوما أو أبرص، فلا يترك الاحتياط في جميع ذلك بأن
يطلقها الزوج أو وليه إذا اختارت فسخ العقد.
(مسألة 972): يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون إذن الحاكم
وكذا المرأة بعيب الرجل، نعم مع ثبوت العنن إذا لم ترض المرأة بالصبر معه لا
يحق لها الفسخ إلا بعد رفع أمرها إلى الحاكم الشرعي فيؤجل الزوج بعد المرافعة
سنة فإن وطأها أو وطأ غيرها في أثناء هذه المدة فلا فسخ وإلا كان لها التفرد
بالفسخ عند انقضاء المدة وتعذر الوطء من دون مراجعة الحاكم.
(مسألة 973): إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة فإن كان الفسخ بعد
الدخول استحقت المرأة تمام المهر وعليها العدة كما في الطلاق وإن كان الفسخ
قبله لم تستحق شيئا ولا عدة عليها هذا إذا لم يكن تدليس، وأما مع التدليس
(المتحقق بالسكوت عن بيان العيب ممن عليه البيان مع اقدام الزوج بارتكاز
السلامة منه) فإن كان المدلس نفس المرأة لم تستحق المهر إذا اختار الرجل
الفسخ وإن اختار البقاء فعليه تمام المهر لها، وإن كان المدلس غير الزوجة فالمهر
المسمى يستقر على الزوج بالدخول ولكن يحق له بعد دفعه إليها أن يرجع به
على المدلس.
392

وإذا فسخت المرأة بعيب الرجل استحقت تمام المهر إن كان بعد الدخول
وإن كان قبله لم تستحق شيئا إلا في العنن فإنها تستحق عليه فيه نصف المهر
المسمى.
(مسألة 974): يثبت في النكاح خيار التدليس - في غير العيوب التي مر
أنه يثبت بسببها خيار العيب - عند التستر على عيب في أحد الزوجين (سواء
كان نقصا عن الخلقة الأصلية كالعور ونحوه أو زيادة عليها كاللحية للمرأة) أو
الايهام بوجود صفة كمال لا وجود لها كالشرف والنسب والجمال والبكارة ونحوها.
فلو خطب امرأة وطلب زواجها على أنه من بني فلان فتزوجته المرأة على
ذلك فبان أنه من غيرهم كان لها خيار التدليس فإن فسخت فلها المهر إذا كان
بعد الدخول وإن كان قبله فلا شئ لها، وإنما يتحقق التدليس الموجب للخيار
فيما إذا كان عدم العيب أو وجود صفة الكمال مذكورا في العقد بنحو الاشتراط
أو التوصيف ويلحق بهما توصيف الزوج أو الزوجة بصفة الكمال أو عدم العيب
أو إراءته متصفا بها قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثم ايقاع العقد مبنيا عليه.
(مسألة 975): إذا تزوج امرأة على أنها بكر فبانت ثيبا قبل العقد كان
له الفسخ على الأظهر وإذا لم يفسخ كان له تنقيص المهر بنسبة مقدار ما به
التفاوت بين مهر البكر ومهر الثيب.
393

(أسباب التحريم)
(مسألة 976): يحرم التزويج من جهة النسب بالأم وإن علت وبالبنت
وإن نزلت، وبالأخت وببنات الأخ والأخت وإن نزلن وبالعمات وبالخالات وإن
علون.
(مسألة 977): تحرم من جهة المصاهرة أم الزوجة وجداتها من طرف
الأب أو الأم، فلا يجوز تزويجهن، وإن كانت الزوجة لم يدخل بها، وكذلك
تحرم بنت الزوجة المدخول بها، سواء أكانت بنتها بلا واسطة أو مع الواسطة،
وسواء أكانت موجودة - حال العقد - أم ولدت بعده، ولا تحرم بنت
الزوجة ما لم يدخل بأمها، نعم لا يصح نكاحها ما دامت أمها باقية على
الزوجية على الأحوط، فلو تزوجها لم يحكم بصحة نكاح البنت ولا ببقاء زوجية
الأم.
(مسألة 978): يحرم التزويج بمعقودة الأب أو أحد الأجداد كما يحرم
التزويج بمعقودة الابن، أو أحد الأحفاد أو الأسباط.
(مسألة 979): يحرم الجمع بين الأختين، فإذا عقد على إحداهما
حرمت عليه الثانية ما دامت الأولى باقية على زواجها ولا فرق في ذلك بين العقد
الدائم والمنقطع.
(مسألة 980): إذا طلق زوجته - رجعيا - لم يجز له نكاح أختها في
عدتها، نعم إذا كان الطلاق بائنا صح ذلك، وإذا تزوج بامرأة بعقد منقطع
فانتهت المدة أو أبرأها لم يجز له التزوج بأختها في عدتها على الأحوط.
394

(مسألة 981): إذا عقد على امرأة لم يجز له أن يتزوج ببنت أخيها أو
ببنت أختها إلا بإذنها، ولو عقد بدون إذنها توقفت صحته على إجازتها فإن
أجازته صح، وإلا بطل وإن علمت بالتزويج فسكتت ثم أجازته صح أيضا.
(مسألة 982): لو زنى بخالته أو عمته قبل أن يعقد على بنتها حرمت
عليه البنت على الأحوط ولو زنى بالعمة أو الخالة بعد العقد على البنت
والدخول بها لم تحرم عليه وكذلك فيما إذا كان الزنا بعد العقد وقبل الدخول على
الأظهر.
(مسألة 983): لو زنى بامرأة أجنبية فالأحوط الأولى أن لا يتزوج بنتها،
ولو كان قد عقد عليها ودخل بها ثم زنى بأمها لم تحرم عليه بلا اشكال، وكذا
إذا لم يكن قد دخل بها على الأقوى.
(مسألة 984): لا يجوز للمسلمة أن تتزوج الكافر دواما أو متعة وكذا
لا يجوز للمسلم أن يتزوج بغير الكتابية من أصناف الكفار مطلقا وأما الكتابية
فالأظهر جواز تزويجها متعة والأحوط لزوما ترك نكاحها دواما ولا يجوز للمؤمن
أو المؤمنة أن ينكح دواما أو متعة بعض المنتحلين لدين الاسلام ممن يحكم
بنجاستهم كالنواصب وغيرهم ممن تقدم ذكرهم في ص 81.
(مسألة 985): لو زنى بذات بعل أو بذات العدة الرجعية حرمت عليه
مؤبدا على الأحوط وأما الزنا بذات العدة غير الرجعية فلا يوجب حرمة المزني
بها، فللزاني تزويجها بعد انقضاء عدتها.
(مسألة 986): لو زنى بامرأة ليس لها زوج وليس بذات عدة لم يجز له
أن يتزوجها إلا بعد توبتها على الأحوط، ويجوز لغيره أن يتزوجها قبل ذلك إلا
أن تكون امرأة مشهورة بالزنا، فإن الأحوط عدم تزويجها قبل أن تتوب كما أن
الأحوط عدم التزويج بالرجل المشهور بالزنا إلا بعد توبته، والأحوط الأولى
395

استبراء رحم الزانية من ماء الفجور بحيضة قبل التزويج بها سواء ذلك بالنسبة
إلى الزاني وغيره.
(مسألة 987): يحرم تزويج المرأة دواما ومتعة في عدتها من الغير رجعية
كانت أو غير رجعية، فلو علم الرجل أو المرأة بأنها في العدة وبحرمة التزويج
فيها وتزوج بها حرمت عليه مؤبدا وإن لم يدخل بها بعد العقد، وإذا كانا جاهلين
بأنها في العدة أو بحرمة التزويج فيها وتزوج بها بطل العقد، فإن كان قد دخل
بها في عدتها حرمت عليه مؤبدا أيضا وإلا جاز التزويج بها بعد تمام العدة.
(مسألة 988): لو تزوج بامرأة عالما بأنها ذات بعل حرمت عليه مؤبدا
- دخل بها أم لم يدخل - ولو تزوجها مع جهله بالحال فسد العقد ولم تحرم عليه
لو لم يدخل بها حتى مع علم الزوجة بالحال، وأما لو دخل بها فتحرم عليه مؤبدا
على الأحوط.
(مسألة 989): لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها، وإن كانت مصرة
على ذلك، والأولى - مع عدم التوبة - أن يطلقها الزوج.
(مسألة 990): إذا تزوجت المرأة ثم شكت في أن زواجها وقع في العدة
أو بعد انقضائها لن تعتن بالشك.
(مسألة 991): إذا لاط البالغ بغلام فأوقب حرمت على الواطئ أم
الموطوء وأخته وبنته، ويجري هذا الحكم أيضا فيما إذا كان اللائط غير بالغ أو لم
يكن الملوط غلاما على الأحوط، ولا يحرمن الثلاث المذكورات مع الشك
في الدخول بل ومع الظن به أيضا.
(مسألة 992): إذا تزوج امرأة ثم لاط بأبيها أو أخيها أو ابنها حرمت
عليه على الأحوط.
396

(مسألة 993): يحرم التزويج حال الاحرام وإن لم تكن المرأة محرمة ويقع
العقد فاسدا حتى مع جهل الرجل المحرم بالحرمة ومع علمه بالحرمة تحرم عليه
مؤبدا.
(مسألة 994): لا يجوز للمحرمة أن تتزوج برجل ولو كان محلا ولو
فعلت بطل العقد مطلقا ومع علمها بالحرمة تحرم عليه مؤبدا على الأحوط.
(مسألة 995): إذا لم يأت الرجل المحرم بطواف النساء في الحج أو
العمرة المفردة لم تحل له النساء حتى زوجته، وإذا تركته المرأة المحرمة في الحج
أو العمرة المفردة لم يحل لها الرجل حتى زوجها، نعم إذا أتيا به بعد ذلك
ارتفعت الحرمة.
(مسألة 996): لا يجوز الدخول بالزوجة قبل اكمالها تسع سنين ولكنه
لو فعل لم يحرم عليه وطؤها بعد بلوغها وإن كان قد أفضاها على الأظهر.
(مسألة 997): تحرم المطلقة ثلاثا على زوجها المطلق لها، نعم لو
تزوجت بغيره ودخل بها فطلقها حلت لزوجها الأول - على تفصيل يأتي في كتاب
الطلاق - وأما لو طلقها تسعا فهي تحرم عليه مؤبدا.
397

(أحكام العقد الدائم)
(مسألة 998): يحرم على الزوجة الدائمة أن تخرج من دارها مع نهي
زوجها عن ذلك بل يحرم عليها الخروج بدون إذنه إذا كان ذلك منافيا لحقه في
الاستمتاع بها بل مطلقا على الأظهر، ويجب عليها أن تمكن زوجها من نفسها
متى شاء، وليس لها منعه من المقاربة إلا لعذر شرعي، فإذا عملت بوظيفتها
استحقت النفقة على زوجها من الغذاء واللباس والمسكن وسائر ما تحتاج إليه
بحسب حالها بالقياس إليه.
(مسألة 999): إذا نشزت الزوجة على زوجها بأن منعت نفسها عنه
مطلقا لم تستحق النفقة عليه سواء خرجت من عنده أم لا على الأظهر، وأما إذا
منعت نفسها عنه في بعض الأحيان لا لعذر مقبول شرعا أو خرجت من بيتها
بغير إذنه كذلك فالمشهور أنها لا تستحق النفقة أيضا، لكن الأحوط عدم
سقوطها بذلك وأما المهر فهو لا يسقط بالنشوز بلا اشكال.
(مسألة 1000): لا يستحق الزوج على زوجته خدمة البيت وما
شاكلها.
(مسألة 1001): إذا استصحب الزوج زوجته في سفره كانت نفقتها
عليه وإن كانت أكثر من نفقتها في الحضر وكذا يجب عليه بذل أجور سفرها
ونحوها مما تحتاج إليه من حيث السفر، وهكذا الحكم فيما لو سافرت الزوجة
بنفسها في سفر واجب يرتبط بشؤون حياتها كأن كانت مريضة وتوقف علاجها
على السفر إلى طبيب، وأما السفر غير الواجب الذي إذن فيه الزوج لها فليس
398

عليه بذل أجوره، وهل يجب عليه بذل نفقتها فيه كاملة وإن كانت أزيد من
نفقتها في الحضر أم لا؟ الظاهر ذلك، نعم إذا علق الزوج إذنه لها في السفر
على اسقاطها لنفقتها فيه كلا أو بعضا وقبلت هي بذلك لم تستحقها عليه.
(مسألة 1002): لو امتنع الزوج الموسر عن بذل نفقة زوجته المستحقة
لها مع مطالبتها جاز لها أن تأخذها من ماله بدون إذنه فإذا لم تتمكن من الأخذ
ولا من رفع أمرها إلى الحاكم ليجبره على الانفاق - ولو بحبسه - واضطرت إلى
اتخاذ وسيلة لتحصيل معاشها لم يجب عليها إطاعة زوجها حال اشتغالها بتلك
الوسيلة.
(مسألة 1003): يثبت على الابن حق الانفاق على أبويه، كما يثبت على
الأب حق الانفاق على ولده ذكرا كان أو أنثى، ويشترط في الثبوت يسار المنفق
وفقر المنفق عليه بمعنى احتياجه إلى نفقة نفسه فعلا، وفي اعتبار شرائط
التكليف كالبلوغ والعقل في المنفق وعدمه وجهان، أقربهما الثاني.
والمشهور عدم اعتبار الذكورة في المنفق فيثبت حق الانفاق على الأم
لأولادها وعلى البنت لأبويها، كما أن المشهور وجوب الانفاق على الآباء
والأمهات وإن علوا وعلى الأولاد وإن نزلوا وعلى ذلك بنوا وجوب نفقة الأولاد
مع فقد الأب أو اعساره على الجد وإن علا - الأقرب فالأقرب - ومع فقده أو
اعساره فعلى الأم ومع فقدها أو اعسارها فعلى أبيها وأمها ولو كانت معها أم
الأب فعلى الجميع، ولكن هذا لا يخلو عن اشكال وإن كان أحوط.
وإذا تعدد من يثبت عليه حق الانفاق كما لو كان للشخص أب مع ابن
أو أكثر من ابن واحد ففي ثبوت الحق على الجميع كفاية أو الاشتراك فيه
بالسوية وجهان فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك.
(مسألة 1004): نفقة النفس مقدمة على نفقة الزوجة وهي مقدمة على
399

نفقة الأقارب، والأقرب منهم مقدم على الأبعد فالولد مقدم على ولد الولد،
ولو تساووا وعجز عن الانفاق عليهم جميعا فالأظهر وجوب توزيع الميسور
عليهم بالسوية إذا كان مما يقبل التوزيع ويمكنهم الانتفاع به، وإلا فالأحوط
الأولى أن يقترع بينهم وإن كان الأقرب أنه يتخير في الانفاق على أيهم شاء، هذا
فيما إذا لم يكن هناك ما يحتم تقديم الانفاق على بعض من ذكر بالخصوص
لتوقف حفظ حياته عليه مثلا وإلا قدم بلا اشكال، والأحوط للمالك الانفاق
على المملوك من الحيوان أو نقله إلى غيره أو ذبحه إن كان من المذكاة، ولا يجوز
حبسه من دون الانفاق عليه حتى يموت.
(مسألة 1005): إذا لم ينفق الشخص - لعجز أو غيره - على من تثبت
نفقته عليه فإن كان زوجة بقيت في ذمته يؤديها متى ما تمكن وإن كان غير زوجة
سقطت عنه ولا شئ عليه.
(مسألة 1006): نفقة الزوجة تقبل الاسقاط بالنسبة إلى الزمان الحاضر
وكذا بالنسبة إلى الأزمنة المستقبلة على الأظهر، وأما نفقة الأقارب فلا تقبل
الاسقاط إلا بالنسبة إلى الزمان الحاضر دون المستقبل.
(مسألة 1007): إذا كانت للرجل زوجتان دائمتان أو أزيد فبات عند
إحداهن ليلة ثبت لغيرها حق المبيت ليلة من أربع ليال، ولا يثبت حق المبيت
للزوجة على زوجها - سواء كانت واحدة أو أزيد - في غير هذه الصورة، نعم
الأحوط الأولى لمن عنده زوجة دائمة واحدة أن يقسم لها ليلة من كل أربع ليال
ولمن عنده زوجتان كذلك أن يقسم لها ليلتين وهكذا، ولا يثبت حق المبيت
للصغيرة ولا للمجنونة حال جنونها ولا للناشزة كما يسقط حال سفر الزوج وفيما
لو أسقطته الزوجة بعوض أو بدونه، ولا يجوز متاركة الزوجة الدائمة رأسا
وجعلها كالمعلقة لا هي ذات بعل ولا هي مطلقة.
400

(مسألة 1008): لا يجوز ترك وطء الزوجة الشابة أكثر من أربعة أشهر
إلا لعذر كالحرج والضرر أو مع رضاها أو نشوزها أو اشتراط تركه عليها حين
العقد ولا فرق في ذلك بين كون الزوجة دائمة أو منقطعة ولا بين كون الزوج
حاضرا أو مسافرا على الأحوط فيهما.
(مسألة 1009): إذا لم يعين المهر في العقد الدائم صح العقد ومع
الدخول يجب على الزوج مهر المثل.
(مسألة 1010): إذا كان المهر حالا فللزوجة الامتناع من التمكين قبل
قبضه سواء كان الزوج متمكنا من الأداء أم لا، ولو مكنته من نفسها فليس لها
الامتناع بعد ذلك لأجل أن تقبضه، وأما لو كان المهر كله أو بعضه مؤجلا
- وقد أخذت بعضه الحال - لم يكن لها الامتناع من التمكن وإن حل الأجل.
401

(النكاح المنقطع)
(مسألة 1011): يصح النكاح المنقطع، وإن كان الداعي إليه أمرا آخر
غير الاستمتاع، ولا بد فيه من تعيين المهر والمدة، فإن لم يتعينا بطل العقد، ولا
حد للمدة قلة وكثرة، نعم الظاهر بطلان العقد مع العلم بعدم وفاء عمر أحد
الزوجين أو كليهما للمدة المعينة.
(مسألة 1012): يجوز للمرأة في النكاح المنقطع وكذا الدائم أن تشترط
على زوجها عدم الدخول بها، فلو اشترطت عليه ذلك لم يجز له مقاربتها ويجوز
له ما سوى ذلك من الاستمتاعات، نعم لو رضيت الزوجة بعد ذلك بمقاربتها
جازت له.
(مسألة 1013): لا تجب نفقة الزوجة في النكاح المنقطع وإن حملت من
زوجها ولا تستحق من زوجها المبيت عندها، ولا توارث بينها وبين زوجها، ولو
شرط التوارث أو خصوص الزوج أو الزوجة ففي نفوذ الشرط اشكال فلا يترك
مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.
(مسألة 1014): يصح العقد المنقطع ولو مع جهل الزوجة بعدم
استحقاقها النفقة والمبيت، ولا يثبت لها حق على الزوج من جهة جهلها، ويحرم
عليها الخروج بغير إذن زوجها، إذا كان خروجها منافيا لحقه، لا مع عدم
المنافاة وإن كان الأحوط الترك معه أيضا.
(مسألة 1015): لو وكلت المرأة رجلا في تزويجها لمدة معينة بمبلغ معلوم
فخالف الوكيل فعقدها دواما أو متعة لغير تلك المدة أو بغير ذلك المبلغ، فإن
402

أجازت العقد صح وإلا بطل.
(مسألة 1016): لو زوج الأب أو الجد من طرفه بنته الصغيرة أو ابنه
الصغير لفترة قصيرة لا لغاية الاستمتاع بل لغاية أخرى من حصول المحرمية
ونحوه صح العقد مع عدم ترتب مفسدة عليه، نعم مع عدم قابلية المدة المعينة
للاستمتاع من الصغيرة أو لاستمتاع الصغير فيها بوجه فصحة العقد لا تخلو
من اشكال.
(مسألة 1017): لو وهب الزوج مدة زوجته المنقطعة بعد الدخول بها
لزمة تمام المهر، وينتصف المهر إذا كانت الهبة قبل الدخول على الأظهر.
(مسألة 1018): لا بأس على الزوج في تزويج المتمتع بها في عدتها منه
دواما أو منقطعا، ولكن لا يصح تجديد العقد عليها دائما أو منقطعا قبل انقضاء
الأجل أو بذل المدة.
403

(مسائل متفرقة)
(مسألة 1019): لا يجوز للرجل أن ينظر إلى ما عدا الوجه والكفين من
جسد المرأة الأجنبية وشعرها، وكذا الوجه والكفين منها إذا كان النظر بتلذذ
شهوي أو مع الريبة، بل الأحوط - استحبابا - تركه بدونهما أيضا، وكذلك
الحال في نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي على الأحوط لزوما في غير ما جرت السيرة
على عدم الالتزام بستره كالرأس واليدين والقدمين ونحوهما، وأما نظرها إلى هذه
المواضع منه فالظاهر جوازه من دون ريبة وتلذذ شهوي وإن كان الأحوط تركه
أيضا.
(مسألة 1020): يجوز النظر إلى النساء المبتذلات اللاتي لا ينتهين إذا
نهين عن التكشف بشرط عدم التلذذ الشهوي والريبة ولا فرق في ذلك بين
نساء الكفار وغيرهن كما لا فرق فيه بين الوجه والكفين وبين سائر ما جرت
عادتهن على عدم ستره من بقية أعضاء البدن.
(مسألة 1021): يجب على المرأة أن تستر شعرها وما عدا الوجه والكفين
من بدنها عن غير الزوج والمحارم من البالغين مطلقا، بل الأحوط أن تتستر عن
غير البالغ أيضا إذا كان مميزا وأمكن أن يترتب على نظره إليها ثوران الشهوة،
وأما الوجه والكفان فالأظهر جواز إبدائهما إلا مع خوف الوقوع في الحرام أو كونه
بداعي ايقاع الرجل في النظر المحرم فيحرم الابداء حينئذ حتى بالنسبة إلى
المحارم.
(مسألة 1022): يحرم النظر إلى عورة الغير حتى الكافر والصبي المميز
404

على الأحوط سواء كان النظر مباشرة أم من وراء الزجاج أو في المرآة أو في الماء
الصافي ونحو ذلك، نعم يجوز لكل من الزوجين النظر إلى جميع أعضاء بدن
الآخر حتى العورة.
(مسألة 1023): يجوز لكل من الرجل والمرأة أن ينظر إلى بدن محارمه
- ما عدا العورة منه - من دون تلذذ، وأما النظر مع التلذذ فلا فرق في حرمته بين
المحارم وغيرهم، والمقصود بالمحارم كل من يحرم عليه نكاحه مؤبدا لنسب أو
رضاع أو مصاهرة دون المحرم بغيرها كالزنا واللواط واللعان.
(مسألة 1024): لا يجوز لكل من الرجل والمرأة النظر إلى مماثله بقصد
التلذذ الشهوي.
(مسألة 1025): الأحوط ترك النظر إلى صورة المرأة الأجنبية غير
المبتذلة إذا كان الناظر يعرفها.
(مسألة 1026): إذا دعت الحاجة إلى أن يحقن الرجل رجلا أو امرأة
غير زوجته أو أن يغسل عورتهما لزمه التحفظ مع الامكان من لمس العورة بيده
أو النظر إليها، وكذلك المرأة بالنسبة إلى المرأة أو الرجل غير زوجها.
(مسألة 1027): إذا اضطرت المرأة إلى العلاج من مرض وكان الرجل
الأجنبي أرفق بعلاجها جاز له النظر إلى بدنها ومسه بيده إذا توقف عليهما
معالجتها، ومع امكان الاكتفاء بأحدهما - النظر والمس - لا يجوز الآخر، فلو
تمكن من المعالجة بالنظر فقط لا يجوز له المس وكذلك العكس.
(مسألة 1028): لو اضطر الطبيب في معالجة المريض غير زوجته إلى
النظر إلى عورته فالأحوط أن لا ينظر إليها مباشرة بل في المرآة وشبهها إلا إذا
اقتضى ذلك النظر لفترة أطول أو لم تتيسر المعالجة بغير النظر مباشرة.
405

(مسألة 1029): يجب الزواج على من لا يستطيع التمالك على نفسه عن
الوقوع في الحرام بسبب عدم زواجه.
(مسألة 1030): لا يجوز الخلوة بالمرأة الأجنبية مع عدم الأمن من
الفساد وإن تيسر دخول الغير عليهما، ولا بأس بها مع الأمن منه.
(مسألة 1031): لو تزوج امرأة على مهر معين وكان من نيته أن لا يدفعه
إليها صح العقد ووجب عليه دفع المهر.
(مسألة 1032): المرتد وهو من خرج عن الاسلام واختار الكفر على
قسمين: فطري وملي، والفطري من ولد على اسلام أبويه أو أحدهما ثم كفر،
وفي اعتبار اسلامه بعد التمييز قبل الكفر وجهان أقربهما الاعتبار، ويقابله الملي.
(مسألة 1033): لو ارتد الزوج عن ملة أو ارتدت الزوجة عن ملة أو
فطرة بطل النكاح، فإن كان الارتداد قبل الدخول بها أو كانت الزوجة يائسة
أو صغيرة لم تكن عليها عدة وأما إذا كان الارتداد بعد الدخول وكانت المرأة في
سن من تحيض وجب عليها أن تعتد عدة الطلاق والمعروف أن المرتد منهما إذا
رجع عن ارتداده إلى الاسلام قبل انقضاء العدة بقي الزواج على حاله ولكنه لا
يخلو عن اشكال وإن كان هو الأقرب.
(مسألة 1034): إذا ارتد الزوج عن الفطرة حرمت عليه زوجته ووجب
عليها أن تعتد عدة الوفاة وإن كانت غير مدخول بها أو يائسة أو صغيرة على
الأحوط ويأتي مقدار عدة الطلاق والوفاة في باب الطلاق.
(مسألة 1035): إذا اشترطت المرأة في عقدها أن لا يخرجها الزوج من
بلدها مثلا وقبل ذلك زوجها لم يجز له اخراجها منه بغير رضاها.
(مسألة 1036): إذا كانت لزوجة الرجل بنت من غيره جاز له أن
406

يزوجها من ابنه من زوجة غيرها وكذلك العكس.
(مسألة 1037): إذا حملت المرأة من السفاح لم يجز لها أن تسقط جنينها.
(مسألة 1038): لو فجر بامرأة ليست بذات بعل ولا في عدة الغير ثم
تزوج بها فولدت ولم يعلم أن الولد من الحلال أو الحرام فهو يلحق بهما شرعا
ويحكم عليه بأنه من الحلال.
(مسألة 1039): لو تزوج بامرأة جاهلا بكونها في العدة بطل العقد وإن
كان قد دخل بها في عدتها تحرم عليه مؤبدا كما مر وإن كانت ولدت منه فالولد
يلحق به شرعا إن أمكن لحوقه به ولم تكن المرأة مدخولة للزوج الأول، وإن
كانت مدخولة له وأمكن لحوقه بكل منهما - كما لو مضى من وطء الأول ستة
أشهر فأكثر ولم يتجاوز أقصى مدة الحمل وكذا من وطء الثاني - ففي لحوق الولد
بالثاني أو القرعة بينهما وجهان لا يخلو ثانيهما من قوة.
هذا في لحوق الولد بأبيه وأما لحوقه بأمه فإن كانت المرأة جاهلة بكونها في
العدة أو بحرمة التزويج فيها لحق الولد بها وإن كانت عالمة بذلك لم يلحق بها
شرعا فإنها زانية حينئذ.
(مسألة 1040): لو ادعت المرأة أنها يائسة لم تسمع دعواها ولو ادعت
أنها خلية من الزوج صدقت إلا إذا كانت متهمة فيجب الفحص عن حالها في
هذه الصورة على الأحوط.
(مسألة 1041): لو تزوج بامرأة ادعت أنها خلية وادعى - بعد ذلك -
مدع إنها زوجته فالقول قول المرأة ما لم يثبت شرعا إنه زوجها.
(مسألة 1042): لا يجوز للأب أن يفصل ولده ذكرا كان أم أنثى من
أمه مدة الرضاع أعني حولين كاملين والأحوط الأولى عدم فصله عنها حتى يبلغ
407

سبع سنين.
(مسألة 1043): ينبغي أن لا يرد الخاطب إذا كان ممن يرضى خلقه
ودينه فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه
فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
(مسألة 1044): إذا صالحت المرأة زوجها على أن لا يتزوج عليها
ويكون له مهرها صحت المصالحة ووجب على زوجها أن لا يتزوج عليها كما
ليس لها أن تطالب زوجها بالمهر.
(مسألة 1045): المتولد من ولد الزنا إذا كان من وطء مشروع فهو ولد
حلال.
(مسألة 1046): إذا جامع زوجته في نهار شهر رمضان أو في حيضها
ارتكب معصية إلا أنها إذا حملت فولدت يعتبر الولد ولد شرعيا لهما.
(مسألة 1047): إذا تيقنت زوجة الغائب بموت زوجها فتزوجت بعد
ما اعتدت عدة الوفاة ثم علمت بحياة زوجها الأول انفصلت عن زوجها الثاني
بغير طلاق، وهي محللة لزوجها الأول، ثم إن الثاني إن كان دخل بها لزمه مهر
مثلها ويجب عليها الاعتداد من وطئها شبهة فلا يجوز لزوجها الأول مقاربتها
أيام عدتها وأما سائر الاستمتاعات فالأظهر جوازها له، ولا تجب على الواطئ
نفقتها في العدة وإنما هي على زوجها.
408

(الرضاع)
409

(أحكام الرضاع)
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وتفصيل ذلك في المسائل الآتية:
(مسألة 1048): تحرم على المرتضع عدة من النساء:
(1) المرضعة لأنها أمه من الرضاعة، كما أن صاحب اللبن أبوه.
(2) أم المرضعة وإن علت نسبية كانت أم رضاعية لأنها جدته.
(3) بنات المرضعة ولادة لأنهن أخواته.
(4) البنات النسبية والرضاعية من أولاد المرضعة ولادة ذكورا وإناثا لأن
المرتضع إما أن يكون عمهن أو خالهن من الرضاعة.
(5) أخوات المرضعة وإن كانت رضاعية، لأنهن خالات المرتضع.
(6) عمات المرضعة وخالاتها وعمات آبائها وأمهاتها نسبية كانت أم
رضاعية، فإنهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
(7) بنات صاحب اللبن النسبية والرضاعية بلا واسطة أو مع الواسطة
لأن المرتضع إما أن يكون أخاهن أو عمهن أو خالهن من الرضاعة.
(8) أمهات صاحب اللبن النسبية والرضاعية لأنهن جدات المرتضع من
الرضاعة.
(9) أخوات صاحب اللبن النسبية والرضاعية لأنهن عمات المرتضع.
(10) عمات صاحب اللبن وخالاته وعمات وخالات آبائه وأمهاته
411

النسبية والرضاعية لأنهن عمات المرتضع وخالاته من الرضاعة.
(11) حلائل صاحب اللبن لأنهن حلائل أبيه.
(مسألة 1049): تحرم المرتضعة على عدة من الرجال:
(1) صاحب اللبن لأنه أبوها من الرضاعة.
(2) آباء صاحب اللبن والمرضعة من النسب أو الرضاع لأنهم أجدادها
من الرضاعة.
(3) أولاد صاحب اللبن النسبية والرضاعية وإن نزلوا لأنها تكون أختهم
أو عمتهم أو خالتهم وكذلك أولاد المرضعة ولادة وأولادهم نسبا أو رضاعا.
(4) إخوة صاحب اللبن النسبية والرضاعية لأنهم أعمامها من الرضاعة.
(5) أعمام صاحب اللبن وأخواله وأعمام آبائه وأمهاته النسبية أو
الرضاعية لأنهم إما أن يكونوا أعمامها أو أخوالها.
(مسألة 1050): تحرم بنات المرتضع - أو المرتضعة - نسبية ورضاعية
وإن نزلت على آبائه وإخوته وأعمامه وأخواله من الرضاعة.
(مسألة 1051): تحرم على أبناء المرتضع أو المرتضعة أمهاته وأخواته
وخالاته وعماته من الرضاعة.
(مسألة 1052): لا يجوز أن يتزوج أبو المرتضع أو المرتضعة بنات
المرضعة النسبية وإن نزلت والأولى أن لا يتزوج بناتها الرضاعية وإن كان يحرم
عليه أن ينظر منها إلى ما لا يحل النظر إليه لغير المحارم.
(مسألة 1053): لا يجوز أن يتزوج أبو المرتضع أو المرتضعة بنات
صاحب اللبن النسبية والرضاعية على الأحوط.
412

(مسألة 1054): لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة على صاحب اللبن
ولا على آبائه وأبنائه وأعمامه وإخوانه، وإن كان الأولى أن لا يتزوج صاحب اللبن
بها.
(مسألة 1055): لا تحرم المرضعة وبناتها وسائر أقاربها من النساء على
إخوة المرتضع والمرتضعة، كما لا تحرم عليهم بنات صاحب اللبن وسائر أقاربه
من النساء.
(مسألة 1056): إذا تزوج امرأة ودخل بها حرمت عليه بنتها الرضاعية.
كما تحرم عليه بنتها النسبية وإذا تزوج امرأة حرمت عليه أمها الرضاعية وإن لم
يكن دخل بها كما تحرم عليه أمها النسبية.
(مسألة 1057): لا فرق في نشر الحرمة بالرضاع بين ما إذا كان الرضاع
سابقا على العقد وما إذا كان لاحقا له مثلا: إذا تزوج الرجل صغيرة فأرضعتها
أمه أو جدته أو زوجة أبيه صاحب اللبن بطل العقد وحرمت الصغيرة عليه لأنها
تكون أخته أو عمته أو خالته.
(مسألة 1058): لا بأس بأن ترضع المرأة طفل ابنها وأما إذا أرضعت
طفلا لزوج بنتها سواء أكان الطفل من بنتها أو من ضرتها بطل عقد البنت
وحرمت على زوجها مؤبدا لأنه يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد المرضعة
النسبية كما مر في المسألة 1052.
(مسألة 1059): إذا أرضعت زوجة الرجل بلبنه طفلا لزوج بنته سواء
أكان الطفل من بنته أم من ضرتها بطل عقد البنت وحرمت على زوجها مؤبدا
بناءا على أنه يحرم على أبي المرتضع أن ينكح في أولاد صاحب اللبن كما مر في
المسألة 1053.
413

(مسألة 1060): ليس للرضاع أثر في التحريم ما لم تتوفر فيه شروط
ثمانية وهي:
(1) حياة المرضعة، فلو كانت المرأة ميتة حال ارتضاع الطفل منها
الرضعات كلها أو بعضها لم يكن لهذا الرضاع أثر.
(2) حصول اللبن للمرضعة من ولادة شرعية، فلو در اللبن من المرأة
من دون ولادة أو ولدت من الزنا فارتضعت بلبنها منه طفلا لم يكن لارضاعها
أثر.
(3) الارتضاع بالامتصاص من الثدي، فإذا ألقي اللبن في فم الطفل
أو شرب اللبن المحلوب من المرأة ونحو ذلك لم يكن له أثر.
(4) خلوص اللبن، فالممزوج في فم الطفل بشئ آخر مائع أو جامد
كاللبن والسكر لا أثر له.
(5) كون اللبن الذي يرتضعه الطفل منتسبا بتمامه إلى رجل واحد فلو
طلق الرجل زوجته وهي حامل، أو بعد ولادتها منه فتزوجت شخصا آخر
وحملت منه وقبل إن تضع حملها أرضعت طفلا بلبن ولادتها السابقة من زوجها
الأول ثمان رضعات مثلا وأكملت بعد وضعها لحملها بلبن ولادتها الثانية من
زوجها الأخير بسبع رضعات لم يكن هذا الرضاع مؤثرا، ويعتبر أيضا وحدة
المرضعة فلو كان لرجل واحد زوجتان ولدتا منه فارتضع الطفل من إحداهما
سبع رضعات ومن الأخرى ثمان رضعات - مثلا - لم يكن لرضاعه أثر.
(6) تغذي الطفل بالحليب فلو ارتضع ثم قاء الحليب لمرض أو نحوه لم
يترتب أثر على تلك الرضعة.
(7) بلوغ الرضاع حدا أنبت اللحم وشد العظم، ويكتفي مع الشك
414

في حصوله برضاع يوم وليلة أو بما بلغ خمس عشرة رضعة وأما مع القطع بعدم
حصوله وتحقق أحد التقديرين - الزماني والكمي - فلا يترك مراعاة مقتضى
الاحتياط.
ويلاحظ في التقدير الزماني - أي اليوم والليلة - أن يكون ما يرتضعه
الطفل من المرضعة هو غذاؤه الوحيد طيلة تلك المدة بحيث يرتضع منها متى
احتاج إليه أو رغب فيه، فلو منع منه في بعض المدة أو تناول طعاما آخر أو لبنا
من مرضعة أخرى لم يؤثر، نعم لا بأس بتناول الماء أو الدواء أو الشئ اليسير
من الأكل بدرجة لا يصدق عليه الغذاء عرفا، والأحوط اعتبار أن يكون الطفل
في أول المدة جائعا ليرتضع كاملا وفي آخرها رويا.
كما يلاحظ في التقدير الكمي - أي الخمس عشرة رضعة - توالي
الرضعات بأن لا يفصل بينها رضاع من امرأة أخرى، وأن تكون كل واحدة
منها رضعة كاملة بأن يكون الصبي جائعا فيرتضع حتى يروي، فلا تندرج
الرضعة الناقصة في العدد ولا تعتبر الرضعات الناقصة المتعددة بمثابة رضعة
كاملة، نعم إذا التقم الصبي الثدي ثم رفضه لا بقصد الاعراض عنه، بل
لغرض التنفس أو الانتقال من ثدي إلى آخر ونحوهما ثم عاد إليه اعتبر عوده
استمرارا للرضعة وكان الكل رضعة واحدة كاملة.
(8) عدم تجاوز الرضيع للحولين، فلو رضع أو أكمل الرضاع بعد ذلك
لم يؤثر شيئا، وأما المرضعة فلا يلزم في تأثير ارضاعها أن يكون دون الحولين من
ولادتها.
(مسألة 1061): يعتبر في تحقق الإخوة الرضاعية بين مرتضعين اتحاد
صاحب اللبن فإذا أرضعت امرأة صبيا رضاعا كاملا، ثم طلقها زوجها
وتزوجت من آخر وولدت منه وتجدد لديها اللبن - لأجل ذلك - فأرضعت به
415

صبية رضاعا كاملا لم تحرم هذه الصبية على ذلك الصبي ولا أولاد أحدهما على
أولاد الآخر لاختلاف اللبنين من ناحية تعدد الزوج، وأما إذا ولدت المرأة مرتين
لزوج واحد وأرضعت في كل مرة واحدا منهما أصبح الطفلان أخوين وحرم
أحدهما على الآخر كما يحرم الرضيع على المرضعة والرضيعة على زوجها،
وكذلك الحال إذا كان للرجل زوجتان ولدتا منه وأرضعت كل منهما واحدا منهما،
فإن أحد الطفلين يحرم على الآخر كما يحرمان على المرضعتين، وزوجهما، فالمناط
- إذن - في حرمة أحد الطفلين على الآخر بالرضاعة وحدة الرجل المنتسب إليه
اللبن الذي ارتضعا منه، سواء اتحدت المرضعة أم تعددت، نعم يعتبر أن يكون
تمام الرضاع المحرم من امرأة واحدة كما تقدم في المسألة 1060.
(مسألة 1062): إذا حرم أحد الطفلين على الآخر بسبب ارتضاعهما
من لبن منتسب إلى رجل واحد لم يؤد ذلك إلى حرمة إخوة أحدهما على أخوات
الآخر، ولا إلى حرمة الإخوة على المرضعة.
(مسألة 1063): لا يجوز التزويج ببنت أخي الزوجة وبنت أختها من
الرضاعة إلا برضاها، كما لا يجوز التزويج بهما من النسب إلا برضاها فإن
الرضاع بمنزلة النسب، وكذلك الأخت الرضاعية بمنزلة الأخت النسبية فلا
يجوز الجمع بين الأختين الرضاعيتين، فلو عقد على إحداهما لم يجز عقده على
الأخرى، ولو عقد عليهما معا في زمان واحد بطلا على الأظهر، ويحرم على من
ارتكب فاحشة اللواط بغلام الزواج من بنته وأمه وأخته الرضاعيات ويجري هذا
الحكم فيما إذا كان اللائط غير بالغ أو لم يكن الملوط غلاما على الأحوط كما هو
الحال في النسبيات.
(مسألة 1064): لا تحرم المرأة على زوجها فيما إذا أرضعت بلبنه من
أقربائها أخاها أو أولاد أخيها، أو أختها أو أولاد أختها، أو عمها أو خالها أو
416

أولادهما أو عمتها أو خالتها أو أولادهما أو ابن ابنها وكذلك لا تحرم المرأة على
زوجها فيما إذا أرضعت بلبنه من أقربائه أخاه أو أخته أو عمه أو عمته أو خاله
أو خالته أو ولد بنته من زوجته الأخرى أو ولد أخته.
(مسألة 1065): لا تحرم على الرجل امرأة أرضعت طفل عمته أو طفل
خالته وإن كان الأحوط ترك الزواج منها، كما لا تحرم عليه زوجته إذا ارتضع ابن
عمها من زوجة أخرى له.
(مسألة 1066): لا توارث في الرضاع فيما يتوارث به من النسب.
(الرضاع وآدابه)
(مسألة 1067): الأم أحق بارضاع ولدها من غيرها فليس للأب تعيين
غيرها لارضاع الولد، إلا إذا طالبت بأجرة وكانت غيرها تقبل الارضاع بأجرة
أقل أو بدون أجرة فإن للأب حينئذ أن ينزع الولد من الأم ويسترضع له أخرى
وإن كان الأفضل أن لا يفعل ذلك ويتركه مع أمه لأنها خير له وأرفق به كما ورد
في الخبر.
(مسألة 1068): ينبغي أن يختار لرضاع الولد المرضعة المسلمة العاقلة
ذات الصفات الحميدة خلقا وخلقا ففي الخبر عن علي (ع): (انظر من يرضع
أولادكم فإن الولد يشب عليه) ولا ينبغي أن تسترضع الكافرة والحمقاء والعشماء
وقبيحة الوجه كما يكره استرضاع الزانية من اللبن الحاصل من الزنا أو المرأة
المتولدة من الزنا.
(مسألة 1069): يحسن إرضاع الولد واحدا وعشرين شهرا ولا ينبغي
ارضاعه أقل من ذلك، كما لا ينبغي ارضاعه فوق حولين كاملين، ولو اتفق
أبواه على فطامه قبل ذلك كان حسنا.
417

(مسائل متفرقة في الرضاع)
(مسألة 1070): الأولى منع النساء من الاسترسال في ارضاع الأطفال
حذرا من نسيانهن وحصول الزواج المحرم بلا التفات إلى العلاقة الرضاعية.
(مسألة 1071): لا يجوز للزوجة ارضاع ولد الغير إذا زاحم ذلك حق
زوجها ما لم يأذن زوجها لها في ذلك.
(مسألة 1072): إذا أرضعت الزوجة الكبيرة ضرتها الرضيعة فالمشهور
أنه يؤدي إلى حرمتها على زوجها حرمة مؤبدة وتبقى زوجية الرضيعة إذا لم تكن
المرضعة مدخولا بها ولم يكن الرضاع بلبن زوجها وإلا تحرم هي أيضا مؤبدة،
ولكن حرمة الكبيرة المرضعة مؤبدة محل اشكال مطلقا وكذا بقاء زوجية الرضيعة
في الفرض الأول فإنه يحتمل فيه حرمتها معا حرمة جمعية فلا يترك مراعاة
الاحتياط بالاجتناب عن الكبيرة وتجديد العقد على الرضيعة.
(مسألة 1073): يمكن لأحد الأخوين أن يجعل نفسه محرما على زوجة
الآخر عن طريق الرضاع فيباح له النظر إليها، وذلك بأن يتزوج طفلة ثم ترضع
من زوجة أخيه من لبن غيره فتكون المرضعة أم زوجته وبذلك تندرج في محارمه
ويجوز له النظر إليها وأما لو ارتضعت من لبن الأخ ففي صيرورة المرضعة أم
زوجته ليحل له النظر إليها اشكال.
(مسألة 1074): إذا اعترف الرجل بحرمة امرأة أجنبية عليه بسبب
الرضاع وأمكن صدقه لم يسعه أن يتزوجها، وإذا ادعى حرمة المرأة عليه - بعد
أن عقد عليها - وصدقته المرأة حكم ببطلان العقد وثبت لها مهر المثل إذا كان قد
418

دخل بها ولم تكن عالمة بالحرمة وقتئذ، وأما إذا لم يكن قد دخل بها أو كان قد
دخل بها مع علمها بالحرمة فلا مهر لها، ونظير اعتراف الرجل بحرمة المرأة
اعتراف المرأة بحرمة رجل عليها قبل العقد أو بعده فيجري فيه التفصيل الآنف
الذكر.
(مسألة 1075): يثبت الرضاع المحرم بأمرين:
(الأول): اخبار شخص أو أكثر يوجب العلم أو الاطمينان بوقوعه.
(الثاني): شهادة عدلين على وقوع الرضاع المحرم بالتفصيل المتقدم كأن
يشهدا على خمس عشرة رضعة متوالية ونحو ذلك، وفي ثبوته بشهادة رجل مع
امرأتين أو نساء أربع اشكال.
(مسألة 1076): إذا لم يعلم بوقوع الرضاع أو كماله حكم بعدمه، وأن
كان الاحتياط مع الظن بوقوعه كاملا بل مع احتماله حسنا.
419

(الطلاق)
421

(الطلاق وأحكامه)
(مسألة 1077): يشترط في المطلق أمور:
(1) البلوغ، فلا يصح طلاق الصبي إن لم يبلغ عشر سنين، وأما طلاق
من بلغه فلا يترك مقتضى الاحتياط فيه.
(2) العقل، فلا يصح طلاق المجنون ومن فقد عقله باغماء أو شرب
مسكر ونحوهما.
(3) الاختيار، فلا يصح طلاق المكره والمجبور.
(4) قصد الفراق حقيقة بالصيغة، فلا يصح الطلاق إذا أصدرت
الصيغة حالة النوم، أو هزلا، أو سهوا، أو نحو ذلك.
(مسألة 1078): لا يجوز الطلاق ما لم تكن المطلقة طاهرة من الحيض
والنفاس، وتستثنى من ذلك موارد:
(الأول): أن لا يكون الزوج قد دخل بزوجته.
(الثاني) أن تكون الزوجة مستبينة الحمل، فإن لم يستبن حملها وطلقها
زوجها - وهي حائض - ثم علم أنها كانت حاملا - وقتئذ - فالأظهر بطلان
طلاقها وإن كان الأولى رعاية الاحتياط في ذلك ولو بتطليقها ثانيا.
(الثالث): أن يكون الزوج غائبا أو نحوه، والمناط انفصاله عن زوجته
بحيث لا يعلم حالها من حيث الطهر والحيض، فإنه يصح منه طلاقها حينئذ
وإن صادف أيام حيضها ولكن مع توفر شرطين: (أحدهما) أن لا يتيسر له
423

استعلام حالها ولو من جهة الاطمينان الحاصل من العلم بعادتها الوقتية أو بغيره
من الأمارات الشرعية (ثانيهما) أن تمضي على انفصاله عنها مدة شهر واحد على
الأحوط وجوبا وأحوط منه مضي ثلاثة أشهر، ولو طلقها ولم يتوفر الشرطان
وصادف أيام حيضها لم يحكم بصحة الطلاق.
وإذا انفصل الزوج عن زوجته وهي حائض لم يجز له طلاقها إلا بعد
مضي مدة يقطع بانقطاع ذلك الحيض وعدم طرو حيض آخر، ولو طلقها بعد
ذلك في زمان لم يعلم بكونها حائضا صح طلاقها بالشرطين المتقدمين.
وإذا طلق الزوج زوجته في غير هذه الصور الثلاث - وهي حائض - لم
يجز الطلاق، وإن طلقها باعتقاد أنها حائض فبانت طاهرة صح الطلاق.
(مسألة 1079): كما لا يجوز طلاق المرأة في الحيض والنفاس كذلك لا
يجوز طلاقها في طهر قاربها فيه، فلو قاربها في طهر لزمه الانتظار حتى تحيض
وتطهر ثم يطلقها بدون مواقعة، ويستثنى من ذلك الصغيرة واليائسة فإنه يجوز
طلاقها في طهر المواقعة، وكذلك الحامل المستبين حملها، ولو طلقها قبل ذلك
ثم ظهر أنها كانت حاملا فالأظهر بطلان وإن كان الأولى رعاية الاحتياط
في ذلك ولو بتطليقها ثانيا، وأما المسترابة التي لا تحيض ومثلها تحيض فلا يجوز
طلاقها إذا واقعها الزوج إلا بعد أن يعتزل عنها ثلاثة أشهر.
وإذا انفصل الزوج عن زوجته في طهر واقعها فيه لم يجز له طلاقها مدام
يعلم بعدم انتقالها من ذلك الطهر إلى طهر آخر، وأما مع الشك فيجوز له
طلاقها بالشرطين المتقدمين في المسألة السابقة.
(مسألة 1080): لا يقع الطلاق إلا لفظ الطلاق بصيغة خاصة عربية
بأن يقول الزوج مثلا (زوجتي فلانة طالق) أو يخاطب زوجته ويقول (أنت
424

طالق) أو يقول وكيله (زوجة موكلي فلانة طالق) وإذا كانت الزوجة معينة لم يلزم
ذكر اسمها، ولا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المذكورة من سائر اللغات مع
القدرة على ايقاعه بتلك الصيغة، وأما مع العجز عنه وعدم تيسر التوكل أيضا
فيجزي ايقاعه بما يرادفها بأي لغة كانت، ويشترط في صحة الطلاق ايقاعه
بمحضر عدلين ذكرين يسمعان الانشاء.
(مسألة 1081): لا يصح طلاق المستمتع بها، بل فراقها يتحقق
بانقضاء المدة أو بذله لها، بأن يقول الرجل: (وهبتك مدة المتعة) ولا يعتبر في
صحة البذل الاشهاد، ولا خلوها من الحيض والنفاس.
(عدة الطلاق)
(مسألة 1082): لا عدة على الصغيرة التي لم تكمل التسع وإن دخل بها
زوجها، وكذلك اليائسة، فيسمح لهما بالزواج بمجرد الطلاق، وكذلك من لم
يدخل بها زوجها وإن كانت بالغة إلا إذا دخل ماؤه في فرجها بجذب أو نحوه
فإن عليها العدة منه على الأظهر.
(مسألة 1083): إذا طلق الرجل زوجته المدخول بها بعد اكمال التسع
وقبل بلوغها سن اليأس - وجبت عليها العدة وعدة الحرة - غير الحامل - ثلاثة
أطهار، ويحسب الطهر الفاصل بين الطلاق وحيضها ولو كان لحظة طهرا واحدا
فتنقضي عدتها برؤية الدم الثالث.
(مسألة 1084): المطلقة الحامل عدتها مدة حملها فتنقضي بوضع
الحمل تاما أو سقطا ولو كان بعد الطلاق بساعة، ولكن يعتبر في ذلك الحاق
الولد بذي العدة، فلو لو يلحق به كما لو حملت من الزنا لم يكن وضعه موجبا
425

للخروج عن العدة منه على الأظهر بل تكون عدتها بالأقراء أو الشهور.
(مسألة 1085): إذا حملت باثنين فانقضاء عدتها بوضع الأخير منهما.
(مسألة 1086): المطلقة غير الحامل إذا كانت مسترابة ومثلها تحيض
عدتها ثلاثة أشهر، فإذا طلقها في أول الشهر اعتدت إلى ثلاثة أشهر هلالية،
وإذا طلقها في أثناء الشهر اعتدت بقية شهرها وشهرين هلاليين آخرين ومقدارا
من الشهر الرابع تكمل به نقص الشهر الأول ثلاثين يوما على الأحوط، فمن
طلقت في غروب اليوم العشرين من شهر رجب - مثلا - وكان الشهر تسعة
وعشرين يوما وجب عليها أن تعتد إلى اليوم الحادي والعشرين منه ليكتمل
بضمه إلى أيام العدة من رجب ثلاثون يوما.
(مسألة 1087): عدة المتمتع بها إذا كانت بالغة مدخولا بها غير يائسة
حيضتان كاملتان ولا تكفي حيضة واحدة على الأحوط، وأما من لا تحيض
لمرض ونحوه فعدتها خمسة وأربعون يوما، وعدة الحامل المتمتع بها وضع حملها
على الأظهر وإن كان الأحوط أن تعتد بأبعد الأجلين من وضع حملها ومن
انقضاء حيضتين أو مضي خمسة وأربعين يوما.
(مسألة 1088): ابتداء عدة الطلاق من حين وقوعه، فلو طلقت المرأة
- وهي لا تعلم به - فعلمت به والعدة قد انقضت جاز لها التزويج دون أن تنتظر
مضي زمان ما، وإذا علمت بالطلاق - أثناء العدة - أكملتها، وكذلك الحال في
المتمتع بها.
(مسألة 1089): إذا توفي الزوج وجبت على زوجته العدة مهما كان عمر
الزوجة فتعتد الصغيرة والبالغة واليائسة على السواء من دون فرق بين الزوجة
المنقطعة والدائمة والمدخول بها وغيرها، ويختلف مقدار العدة تبعا لوجود الحمل
وعدمه، فإذا لم تكن الزوجة حاملا اعتدت أربعة أشهر وعشرة أيام، وإذا كانت
426

حاملا كانت عدتها أبعد الأجلين من هذه المدة ووضع الحمل فتستمر الحامل
في عدتها إلى أن تضع ثم ترى، فإن كان قد مضى على وفاة زوجها - حين
الوضع - أربعة أشهر وعشرة أيام فقد انتهت عدتها، وإلا استمرت في عدتها إلى
أن تكمل هذه المدة، ومبدأ عدة الوفاة - فيما إذا كان الزوج غائبا أو في حكمه -
من حين بلوغ خبر الموت إلى الزوجة دون زمان الوفاة واقعا على اشكال في
المجنونة والصغيرة.
(مسألة 1090): كما يجب على الزوجة أن تعتد عند وفاة زوجها، كذلك
يجب عليها إذا كانت بالغة عاقلة الحداد بترك ما فيه زينة من الثياب والأدهان
والطيب، فيحرم عليها لبس الأحمر والأصفر والحلي والتزين بالكحل والطيب
والخضاب وما إلى ذلك مما يعد زينة تتزين به الزوجات لأزواجهن.
(مسألة 1091): إذا غاب الزوج عن زوجته، وبعد ذلك تأكدت الزوجة
لقرائن خاصة من موت زوجها في غيبته، كان لها أن تتزوج بآخر بعد انتهاء
عدتها، فلو تزوجت شخصا آخر ودخل بها ثم ظهر أن زوجها الأول مات بعد
زواجها من الثاني وجب عليها الانفصال من زوجها الثاني والاعتداد منه عدة
وطء الشبهة (وهي تماثل عدة الطلاق) ومن الأول عدة الوفاة، وهل تتداخل
العدتان أم لا؟ وجهان أحوطهما العدم وعليه فإذا كانت حاملا اعتدت منه عدة
وطء الشبهة إلى أن تضع حملها ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا عدة الوفاة لزوجها
الأول، وأما إذا لم تكن حاملا فتعتد أولا عدة الوفاة للزوج الأول ثم تعتد عدة
وطء الشبهة للثاني.
(مسألة 1092): إذا عدت المرأة انقضاء عدتها قبلت دعواها بشرط أن
لا تكون متهمة على الأحوط كأن لا تكون دعواها مخالفة للعادة الجارية بين
النساء كما لو ادعت أنها حاضت في شهر واحد ثلاث مرات فإنها لا تصدق إلا
إذا شهدت النساء من بطانتها بأن عادتها كانت فيما مضى كذلك.
427

(الطلاق البائن والرجعي)
(مسألة 1093): الطلاق البائن ما ليس للزوج بعده الرجوع إلى
الزوجة إلا بعقد جديد وهو ستة:
(1) طلاق الصغيرة التي لم تبلغ التسع.
(2) طلاق اليائسة.
(3) الطلاق قبل الدخول.
(4) الطلاق الذي سبقه طلاقان إذا وقع منه رجوعان في البين دون ما
لو وقع الثلاث متوالية.
(5) طلاق الخلع والمباراة مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت وإلا كانت
له الرجعة كما سيأتي.
(6) طلاق الحاكم زوجة الممتنع عن الطلاق وعن الانفاق عليها،
وستمر عليك أحكام تلك الأقسام، وأما غير الأقسام المذكورة فهو طلاق
رجعي وهو الذي يحق للمطلق بعده أن يراجع المطلقة ما دامت في العدة.
(مسألة 1094): تثبت النفقة والسكنى لذات العدة الرجعية في العدة،
ويحرم عليها أن تخرج من دارها بدون إذن زوجها إلا في حاجة لازمة، كما يحرم
على زوجها اخراجها من دار سكناها عند الطلاق إلا أن تأتي بفاحشة مبينة
وأبرزها الزنا.
428

(الرجعة وحكمها)
(مسألة 1095): الرجعة عبارة عن رد المطلقة الرجعية في زمان عدتها
إلى نكاحها السابق) فلا رجعة في البائنة ولا في الرجعية بعد انقضاء عدتها،
وتتحقق الرجعة بأحد أمرين:
(الأول) أن يتكلم بكلام دال على إنشاء الرجوع كقوله: (راجعتك)
ونحوه.
(الثاني) أن يأتي بفعل يقصد به الرجوع إليها، فلا يتحقق بالفعل الخالي
عن قصد الرجوع حتى مثل النظر بشهوة على الأظهر، نعم في تحققه باللمس
والتقبيل بشهوة من دون قصد الرجوع اشكال، وأما الوطء فالظاهر تحقق
الرجوع به مطلقا وإن لم يقصد به ذلك.
(مسألة 1096): لا يعتبر الاشهاد في الرجعة وإن كان أفضل، كما لا
يعتبر فيها اطلاع الزوجة عليها، وعليه فلو رجع بها عند نفسه من دون اطلاع
أحد صحت الرجعة وعادت المرأة إلى نكاحها السابق.
(مسألة 1097): إذا طلق الرجل زوجته طلاقا رجعيا ثم صالحها على
أن لا يرجع إليها بإزاء مال أخذه منها صحت المصالحة ولزمت، ولكنه مع ذلك
لو رجع إليها بعد المصالحة صح رجوعه.
(مسألة 1098): لو طلق الرجل زوجته ثلاثا مع تخلل رجعتين أو
عقدين جديدين أو عقد جديد ورجعة في البين حرمت عليه حتى تنكح زوجا
غيره، ويعتبر في زوال التحريم بالنكاح الثاني أمور:
429

(الأول) أن يكون العقد دائما لا متعة.
(الثاني) أن يطأها الزوج الثاني والأحوط أن يكون الوطء في القبل.
(الثالث) أن يكون الزوج الثاني بالغا حين الوطء فلا يكفي كونه مراهقا
على الأحوط.
(الرابع) أن يفارقها الزوج الثاني بموت أو طلاق.
(الخامس) انقضاء عدتها من الزوج الثاني.
(الطلاق الخلعي)
(مسألة 1099): الخلع هو (الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة
لزوجها) ولا يبعد أن يعتبر فيه بلوغ كراهتها حدا يحملها على تهديد زوجها بعدم
رعاية حقوقه الزوجية وعدم إقامة حدود الله فيه.
(مسألة 1100): صيغة الخلع أن يقول الزوج - بعد أن تقول الزوجة
لزوجها: بذلت لك مهري على أن تخلعني - (زوجتي فلانة خالعتها أو مختلعة -
بالكسر - على ما بذلت) والأحوط الأولى أن يعقبه بكلمة (هي طالق)، وإذا
كانت الزوجة معينة لم يلزم ذكر اسمها في الخلع ويجوز أن يكون المبذول غير
المهر.
(مسألة 1101): إذا وكلت المرأة أحدا في بذل مهرها لزوجها ووكله
زوجها أيضا في طلاقها قال الوكيل (عن موكلتي فلانة بذلت مهرها لموكلي فلان
ليخلعها عليه) ويعقبه فورا بقوله (زوجة موكلي خالعتها أو مختلعة - بالكسر -
على ما بذلت هي طالق) ولو وكلت الزوجة شخصا في بذل شئ آخر غير المهر
430

لزوجها يذكره الوكيل مكان كلمة المهر مثلا إذا كان المبذول مائة دينار قال
الوكيل (عن موكلتي بذلت مائة دينار لموكلي فلان ليخلعها عليه) ثم يعقبه بما
تقدم.
431

(المباراة وحكمها)
(مسألة 1102): المباراة هي (طلاق الزوج الكاره لزوجته بفدية من
الزوجة الكارهة لزوجها) فالكراهة في المباراة تكون من الطرفين.
(مسألة 1103): صيغة المباراة أن يقول الزوج: (بارأت زوجتي فلانة
على مهرها) والأحوط لزوما أن يعقبها بقوله (فهي طالق) ولو وكل غيره في ذلك
قال الوكيل (بارأت زوجة موكلي فاطمة على مهرها) أو (بمهرها) بدل جملة (على
مهرها) وإذا كانت المرأة معينة لم يلزم ذكر اسمها في المبارة كما عرفت نظيره في
الخلع.
(مسألة 1104): تعتبر العربية الصحيحة في صيغتي الخلع والمباراة مع
القدرة علي ايقاعهما بها، وأما مع العجز عن ذلك فحكمهما حكم الطلاق وقد
تقدم في المسألة (1080)، ولا تعتبر العربية في بذل الزوجة مالها للزوج ليطلقها
بل يقع ذلك بكل لغة مفيدة للمعنى المقصود.
(مسألة 1105): لو رجعت الزوجة عن بذلها في عدة الخلع والمباراة جاز
للزوج أيضا أن يرجع إليها، فينقلب الطلاق البائن رجعيا.
(مسألة 1106): يعتبر في المبارة أن لا يكون المبذول أكثر من المهر ولا
بأس بزيادته في الخلع.
432

(مسائل متفرقة في الطلاق)
(مسألة 1107): إذا وطأ الرجل امرأة شبهة باعتقاد أنها زوجته اعتدت
عدة الطلاق - على التفصيل المتقدم - سواء علمت المرأة بكون الرجل أجنبيا أم
لم تعلم به.
(مسألة 1108): إذا أزنى بامرأة مع العلم بكونها أجنبية لم تجب عليها
العدة مع علمها بالحال أيضا، وأما إذا اعتقدت أنه زوجها فالأحوط ثبوت
العدة عليها.
(مسألة 1109): إذا خدع الرجل ذات بعل فنشزت على زوجها حتى
طلقها فتزوجها الأول لم يقدح ذلك في صحة الطلاق والزواج وإن ارتكبا محرما.
(مسألة 1110): لو اشترطت الزوجة على زوجها في عقد الزواج أن
يكون اختيار الطلاق بيدها مطلقا أو إذا سافر أو إذا لم ينفق عليها بطل الشرط،
وأما إذا اشترط عليه أن تكون وكيلة عنه فعلا في طلاق نفسها مطلقا أو إذا
سافر، أو إذا لم ينفق عليها صح الشرط وصح طلاقها حينئذ.
(مسألة 1111): إذا غاب الزوج ولم يظهر له أثر، ولم يعلم موته ولا
حياته جاز لزوجته أن ترفع أمرها إلى المجتهد العادل فتعمل بما يقرره.
(مسألة 1112): طلاق زوجة المجنون - سواء بلغ كذلك أو عرض
عليه الجنون بعد البلوغ - بيد أبيه وجده لأبيه.
(مسألة 1113): إذا زوج الطفل أبوه أو جده من أبيه بعقد انقطاع جاز
لهما بذل مدة زوجته مع المصلحة، ولو كانت المدة تزيد على زمان صباه، كما إذا
433

كان عمر الصبي أربع عشرة سنة وكانت مدة المتعة سنتين مثلا، وليس لهما
تطليق زوجته الدائمة.
(مسألة 1114): لو اعتقد الرجل بعدالة رجلين وطلق زوجته عندهما
جاز لغيره تزويجها بعد انقضاء عدتها وإن لم يحرز هو عدالة الشاهدين، نعم
الأحوط الأولى أن لا يتزوجها بنفسه ولا يتصدى لتزويجها للغير ما لم يحرز
عدالتهما.
(مسألة 1115): إذا طلق الرجل زوجته دون أن تعلم به وأنفق عليها
على النهج الذي كان ينفق عليها قبل طلاقها وأخبرها به بعد مدة طويلة، وأثبت
ذلك جاز له أن يسترد ما بقي عندها مما هيأه لمعيشتها من المأكول أو غيره وأما ما
صرفها منه فليس له أن يطالبها ببدله.
434

(الغصب)
435

(أحكام الغصب)
(مسألة 1116): الغصب هو (استيلاء الانسان عدوانا على مال الغير
أو حقه) وهو مما تطابق العقل والنقل كتابا وسنة على حرمته، فعن النبي الأكرم
صلى الله عليه وآله (من غصب شبرا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين يوم
القيامة).
(مسألة 1117): الاستيلاء على الأوقاف العامة كالمساجد والمدارس
والقناطر ونحوها ومع الناس من الانتفاع بها غصب محرم، ومن سبق إلى مكان
في المسجد للصلاة أو لغيرها من الأغراض الراجحة كالدعاء وقراءة القرآن
والتدريس لم يجز لغيره إزاحته عن ذلك المكان ومنعه من الانتفاع به سواء توافق
السابق مع المسبوق في الغرض أم تخالفا فيه، نعم يحتمل عند التزاحم تقدم
الطواف على غيره في المطاف والصلاة على غيرها في سائر المساجد فلا يترك
الاحتياط للسابق بتخلية المكان للمسبوق في مثل ذلك.
(مسألة 1118): لو اتفق الراهن والمرتهن على أن تكون العين المرهونة
بيد المرتهن أو بيد ثالث لم يجز للراهن أخذها من دون رضا المرتهن قبل سقوط
الدين، ولو أخذها قبل ذلك لزمه ردها.
(مسألة 1119): إذا غصبت العين المرهونة فلكل من الراهن والمرتهن
مطالبتها من الغاصب وإن أخذ منه بدلها لأجل تلف العين فهو أيضا يكون
رهنا.
(مسألة 1120): يجب على الغاصب رفع اليد عن المغصوب ورده إلى
المغصوب منه، وإذا كان المغصوب من الأموال - عينا أو منفعة - وجب عليه رد
437

عوضه إليه على تقدير تلفه.
(مسألة 1121): ما يعد من منافع المغصوب من الأعيان الخارجية
- كالولد واللبن - ملك لمالكه، فيجب على الغاصب رده إليه ما دام باقيا ورد
عوضه على تقدير تلفه، وأما منافعه الأخرى - كسكنى الدار وركوب الدابة -
فيجب على الغاصب أن يعوض المالك عنها سواء استوفاها أم تلفت تحت يده
كما لو بقيت الدار معطلة لم يسكنها أحد.
(مسألة 1122): المال المغصوب من الصبي أو المجنون أو السفيه يرد
إلى وليهم ومع التلف يرد إليه عوضه.
(مسألة 1123): إذا كان الغاصب شخصين فإن اشتركا في الاستيلاء
على جميع المال كان لكل منهما ضامنا لجميعه - سواء كان أحدهما أو كلاهما متمكنا
- لوحده من الاستيلاء على جميعه أم كان بحاجة في ذلك إلى مساعدة الآخر
وتعاونه على الأظهر، فيتخير المالك في الرجوع إلى أيهما شاء كما في الأيادي
المتعاقبة.
(مسألة 1124): لو اختلط المغصوب بغيره - كما إذا غصب الحنطة
ومزجها بالشعير - فمع التمكن من تمييزه ولو بمشقة يجب على الغاصب أن يميزه
ويرده إلى مالكه.
(مسألة 1125): إذا غصب قلادة ذهبية أو نحوها فتلفت عنده هيئتها
كأن أذابها مثلا لزمه رد عينها إلى المالك وعليه الأرش أيضا - أي ما تتفاوت به
قيمتها قبل تلف الهيئة وبعده - ولو طلب الغاصب أن يصوغها ثانيا كما كانت
سابقا فرارا عن اعطاء الأرش لم يجب على المالك القبول، كما أن المالك ليس له
اجبار الغاصب بالصياغة وارجاع المغصوب إلى حالته الأولى.
(مسألة 1126): لو أوجد في العين المغصوبة أثرا محضا تزيد به قيمتها
438

كما إذا غصب ذهبا فصاغه قرطا أو قلادة، وطلب المالك ردها إليه بتلك الحالة
وجب ردها إليه، ولا شئ له بإزاء عمله بل ليس له ارجاعها إلى حالتها السابقة
من دون إذن مالكها، ولو ارجعها إلى ما كانت عليه سابقا أو إلى حالة أخرى
من دون إذنه ففي ضمانه للأرش نظر.
(مسألة 1127): لو تصرف الغاصب في العين المغصوبة بما تزيد به
قيمتها عما قبل وطلب المالك ارجاعها إلى حالتها السابقة وجب ولا يضمن
الغاصب حينئذ قيمة الصفة ولكن لو نقصت قيمتها الأولية بذلك ضمن أرش
النقصان، فالذهب الذي صاغه قرطا إذا طلب المالك إعادته إلى ما كان عليه
سابقا فأعاده الغاصب على ما كان عليه فنقصت قيمته ضمن النقص.
(مسألة 1128): لو غصب أرضا فغرسها أو زرعها فالغرس والزرع
ونماؤهما للغاصب وإذا لم يرض المالك ببقائها في الأرض - مجانا أو بأجرة - وجب
عليه إزالتهما فورا وإن تضرر بذلك، كما أن عليه أيضا طم الحفر وأجرة الأرض
ما دامت مشغولة بهما، ولو حدث نقص في قيمة الأرض بالزرع أو القلع وجب
عليه أرش النقصان، وليس له اجبار المالك على بيع الأرض منه أو إجارتها
إياه، كما أن المالك لو بذل قيمة الغرس والزرع لم تجب على الغاصب إجابته.
(مسألة 1129): إذا رضي المالك ببقاء غرس الغاصب أو زرعه في
أرضه بعوض لم يجب على الغاصب قلعهما، ولكن لزمته أجرة الأرض من لدن
غصبها إلى زمان رضاء المالك بالبقاء.
(مسألة 1130): إذا تلف المغصوب وكان قيميا - بأن اختلفت أفراده
في القيمة السوقية من جهة الخصوصيات الشخصية - كالبقر والغنم ونحوهما
وجب رد قيمته، فإن تفاوتت قيمته السوقية حسب اختلاف الأزمنة بسبب كثرة
الرغبات وقلتها كانت العبرة بقيمته في زمان التلف على الأظهر وإن كان الأولى
أن يدفع إلى المالك أعلى القيم من زمان الغصب إلى زمان التلف.
439

(مسألة 1131): المغصوب التالف إذا كان مثليا - بأن لم تختلف أفراده
في القيمة من جهة الخصوصيات الشخصية - كالحنطة والشعير ونحوهما وجب
رد مثله إلا أنه إنما يجزي فيما إذا اتحد المدفوع مع التالف في جميع الخصوصيات
النوعية والصنفية، فلا يجزي الردئ من الحنطة - مثلا - عن جيدها.
(مسألة 1132): لو غصب قيميا فتلف ولم تتفاوت قيمته السوقية في
زماني الغصب والتلف، إلا أن حصل في ما يوجب ارتفاع قيمته في الأثناء لا
بفعل الغاصب كما إذا كان الحيوان مهزولا حين غصبه ثم سمن ثم هزل فمات
فإنه يضمن قيمته حال سمنه.
(مسألة 1133): إذا غصبت العين من مالكها، ثم غصبها آخر من
الغاصب، فتلفت عنده فللمالك مطالبة أي منهما ببدلها من المثل أو القيمة كما
أن له مطالبة أي منهما بمقدار من العوض.
ثم إنه إذا أخذ العوض من الغاصب الأول فللأول مطالبة الغاصب
الثاني بما غرمه للمالك، وأما إذا أخذ العوض من الغاصب الثاني فليس له أن
يرجع إلى الأول بما دفعه إلى المالك.
(مسألة 1134): إذا بطلت المعاملة لفقدها شرطا من شروطها كما إذا
باع ما يباع بالوزن من دون وزن فإن رضي البائع والمشتري بتصرف كل منهما
في مال الآخر حتى على تقدير فساد المعاملة فهو، وإلا فما في يد كل منهما من
مال صاحبه كالمغصوب يجب رده إلى مالكه، فلو تلف تحت يده وجب رد
عوضه سواء أعلم ببطلان المعاملة أم لم يعلم.
(مسألة 1135): المقبوض بالسوم وما يبقيه المشتري عنده ليتروى في
شرائه إذا تلف ضمن المشتري للبائع عوضه من المثل أو القيمة على المشهور.
440

(اللقطة)
441

(أحكام اللقطة)
وهي المال المأخوذ المعثور عليه بعد ضياعه عن مالكه المجهول.
(مسألة 1136): إذا لم تكن للمال المتلقط علامة يصفه بها من يدعيه
جاز للملتقط أن يتملكه وإن بلغت قيمته درهما - 6 / 12 حمصة من الفضة
المسكوكة) أو زادت عليه على الأظهر، ولكن الأحوط أن يتصدق به عن مالكه.
(مسألة 1137): إذا كانت للقطة علامة يمكن أن يصفها بها من
يدعيها وكانت قيمتها دون الدرهم لم يجب تعريفها والفحص عن مالكها على
الأقرب، وفي جواز تملكها للملتقط اشكال والأحوط أن يتصدق بها عن
مالكها.
(مسألة 1138): اللقطة إذا كانت لها علامة يمكن الوصول بها إلى
مالكها وبلغت قيمتها درهما فما زاد وجب تعريفها في مجامع الناس أو ما بحكمها
سنة كاملة من يوم الالتقاط سواء أكان مالكها مسلما أو كافرا ذميا، ولا تعتبر
المباشرة في التعريف بل للملتقط الاستنابة فيه مع الاطمينان بوقوعه ويسقط
وجوبه عنه مع تبرع غيره به.
(مسألة 1139): يسقط وجوب التعريف فيما إذا كان الملتقط يخاف من
التهمة والخطر إن عرف باللقطة، كما يسقط مع الاطمينان بعدم الفائدة في
تعريفها - ولو لأجل احراز أن مالكها قد سافر إلى بلد بعيد لا يصله خبرها وإن
عرفها - وفي مثل ذلك الأحوط أن يحتفظ باللقطة لمالكها ما دام لم ييأس من
الوصول إليه - ولو لاحتمال أنه بنفسه يتصدى للتعريف بماله الضائع ليصل إلى
443

الملتقط خبره - ومع حصول اليأس من ذلك يتصدق بها عن المالك، ولو صادف
مجيئه كان الخيار بين أن يرضى بالتصدق وبين أن يطالبه ببدلها.
(مسألة 1140): إذا عرف اللقطة سنة ولم يظهر مالكها فإن كانت
اللقطة في الحرم - أي حرم مكة زادها الله شرفا - وجب عليه أن يتصدق بها عن
مالكها على الأحوط، وأما إذا كانت في غير الحرم تخير الملتقط بين أن يحفظها لمالكها
ولو بالايصاء ما لم ييأس من ايصالها إليه وله حينئذ أن ينتفع بها مع التحفظ على
عينها - وبين أن يتصدق بها عن مالكها، والأحوط وجوبا عدم تملكها.
(مسألة 1141): لو عرف اللقطة سنة ولم يظفر بمالكها فتلفت ثم ظفر
به فإن كان قد تحفظ بها لمالكها ولم يتعد في حفظها ولم يفرط لم يضمن، وإن كان
تصدق بها عن صاحبها كان المالك بالخيار بين أن يرضى بالتصدق وبين أن
يطالبه ببدلها.
(مسألة 1142): لو أخر تعريف اللقطة عن أول زمن الالتقاط عصى
إلا إذا كان لعذر، ولا يسقط عنه وجوبه على كل تقدير فيجب تعريفها بعد ذلك
إلا إذا كان التأخير بحد لا يرجى منه العثور على مالكها وإن عرف بها.
(مسألة 1143): إذا كان الملتقط صبيا أو مجنونا وكانت اللقطة ذات
علامة وبلغت قيمتها درهما فما زاد فللولي أن يتصدى لتعريفها - بل يجب عليه
ذلك مع استيلائه عليها - فإذا لم يجد مالكها جرى عليها التخيير المتقدم في
المسألة 1140.
(مسألة 1144): إذا يئس اللاقط من الظفر بمالك اللقطة - قبل تمام
السنة - تصدق بها بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط.
(مسألة 1145): لو تلفت اللقطة قبل تمام السنة، فإن لم يتعد في
حفظها ولم يفرط لم يكن عليه شئ وإلا ضمن عوضها ويجب عليه الاستمرار في
444

التعريف.
(مسألة 1146): اللقطة ذات العلامة البالغة قيمتها درهما فما فوق إذا
علم منذ اليوم الأول أنه لا يصل إلى مالكها حتى بتعريفها لزمه أن يتصدق بها
عنه بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط ولا ينتظر بها حتى تمضي سنة.
(مسألة 1147): لو عثر على مال وحسب أنه له فأخذه ثم ظهر أنه مال
ضائع للغير كان لقطة وتجري عليه أحكامها.
(مسألة 1148): يعتبر في التعريف أن يكون على نحو لو سمعه المالك
لاحتمل - احتمالا معتدا به - أن يكون المال المعثور عليه له، وهذا يختلف
بحسب اختلاف الموارد فقد يكفي أن يقول (من ضاع له شئ أو مال) وقد لا
يكفي ذلك بل لا بد أن يقول (من ضاع له ذهب) أو نحوه، وقد لا يكفي هذا
أيضا بل يلزم إضافة بعض الخصوصيات إليه كأن يقول (من ضاع له قرط
ذهب) مثلا، ولكن يجب على كل حال الاحتفاظ بابهام اللقطة فلا يذكر جميع
صفاتها حتى لا يتعين بل الأحوط عدم ذكر ما لا يتوقف عليه التعريف.
(مسألة 1149): لو ادعى اللقطة أحد، سئل عن أوصافها وعلاماتها
فإذا توافقت الصفات والعلائم التي ذكرها مع الخصوصيات الموجودة فيها.
وحصل الاطمئنان بأنها له - كما هو الغالب - أعطيت له ولا يعتبر أن يذكر
الأوصاف التي لا يلتفت إليها المالك غالبا.
(مسألة 1150): اللقطة ذات العلامة إذا لم يعمل الملتقط فيها بما تقدم
ضمنها، فلو وضعها في مجامع الناس كالمسجد والزقاق فأخذها شخص آخر أو
تلفت ضمن بدلها للمالك.
(مسألة 1151): لو كانت اللقطة مما لا يبقى سنة لزم الملتقط أن يحتفظ
بها إلى آخر زمان تبقى فيه محتفظة لصفاتها الدخيلة في ماليتها، والأحوط أن
445

يعرف بها خلال ذلك فإن لم يظفر بمالكها كان بالخيار بين أن يقومها على نفسه
ويتصرف فيها بما يشاء وبين أن يبيعها ويحفظ ثمنها لمالكها ولا يسقط عنه بذلك
ما سبق من التعريف فعليه أن يحفظ خصوصياتها وصفاتها ويتم تعريفها سنة
كاملة فإن وجد صاحبها دفع بدلها إليه وإلا عمل فيه بما تقدم في المسألة
1140.
هذا فيما إذا اختار المتلقط أن يقومها على نفسه أو تيسر بيعها فباعها، ومع
عدم الأمرين فيجب عليه أن يتصدق بها ولا يلزمه تعريفها بعد ذلك ولو عثر
على مالكها لم يضمن له قيمتها على الأظهر، والأحوط وجوبا أن يكون التقديم
والبيع والتصدق في الموارد المتقدمة بإجازة الحاكم الشرعي أو وكيله إن أمكنت.
(مسألة 1152): لا تبطل الصلاة بحمل اللقطة حالها وإن لم يكن من
قصده دفعها إلى المالك على تقدير الظفر به.
(مسألة 1153): إذا تبدل حذاء الشخص بحذاء غيره جاز له التصرف
فيه بكل نحو يحرز رضا صاحبه به، ولو علم أنه قد تعمد التبديل ظلما وعدوانا
جاز له أن يقابله بالمثل فيأخذ حذاءه بدلا عن حذاء نفسه بشرط أن لا تزيد
قيمة المتروك على قيمة المأخوذ وإلا فالزيادة من مهول المال وتترتب عليه
أحكامه، وهكذا الحكم فيما لو علم أنه قد اشتبه أولا ولكنه تسامح وتهاون في
الرد بعد الالتفات إلى اشتباهه، وأما في غير هاتين الصورتين - سواء علم
باشتباهه حدوثا وبقاءا أم احتمل الاشتباه ولم يتيقنه - فتجري على المتروك حكم
مجهول المالك الآتي في المسألة الثانية، هذا فيما إذا لم يكن الشخص هو الذي
بدل ماله بمال غيره - عمدا أو اشتباها - وإلا فلا يجوز له التقاص منه بل يجب
عليه رده إلى مالكه.
(مسألة 1154): إذا وقع المال المجهول مالكه - غير اللقطة - بيد
446

شخص فإن علم رضا مالكه بالتصرف فيه جاز له التصرف على النحو الذي
يحرز رضاه به، وإلا وجب عليه الفحص عنه ما دام يحتمل الفائدة في ذلك،
وأما مع العلم بعدم الفائدة في الفحص فإن لم يكن قد يأس من الوصول إلى
المالك حفظ المال له، ومع اليأس يتصدق به، والأحوط أن يكون ذلك بإجازة
الحاكم الشرعي، ولو صادف فجاء المالك ولم يرض بالتصدق ضمنه له على
الأحوط.
(مسألة 1155): إذا وجد حيوان مملوك في غير العمران كالبراري
والجبال والآجام والفلوات ونحوها فإن كان الحيوان يحفظ نفسه ويمتنع عن
صغار السباع كالذئب والثعلب لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير
والفرس والجاموس والثور ونحوها لم يجز أخذه سواء أكان في كلأ وماء أم لم يكن
فيهما إذا كان صحيحا يقوي على السعي إليهما، فإن أخذه الواجد حينئذ كان
آثما وضامنا له وتجب عليه نفقته ولا يرجع بها على المالك وإذا استوفى شيئا من
نمائه كلبنه وصوفه كان عليه مثله أو قيمته وإذا ركبه أو حمله حملا كان عليه أجرته
ولا تبرأ ذمته من ضمانه إلا بدفعه إلى مالكه ولا يزول الضمان ولو بإرساله في
الموضع الذي أخذه منه، نعم إذا يئس من الوصول إليه ومعرفته تصدق به عنه
بإذن الحاكم الشرعي.
(مسألة 1156): إن كان الحيوان المذكور لا يقوي على الامتناع من
صغار السباع - سواء كان غير ممتنع أصلا كالشاة أم لم يبلغ حد الامتناع كأطفال
الإبل والخيل أو زال عنه لعارض كالمرض ونحوه - جاز أخذه، فإن أخذه عرفه
في موضع الالتقاط إن كان فيه نزال، فإن لم يعرف المالك جاز له تملكه
والتصرف فيه بالأكل والبيع - والمشهور أنه يضمنه حينئذ بقيمته وقيل لا يضمن
بل عليه دفع القيمة إذا جاء صاحبه من دون اشتغال ذمته بمال وهذا هو الأوجه -
ويجوز له أيضا ابقاؤه عنده إلى أن يعرف صاحبه ما دام لم ييأس من الظفر به
447

ولا ضمان عليه حينئذ.
(مسألة 1157): إذا ترك الحيوان صاحبه وسرحه في الطرق والصحاري
والبراري فإن كان قد أعرض عنه وأباح تملكه لكل أحد جاز أخذه كالمباحات
الأصلية ولا ضمان على الآخذ، وإذا تركه للعجز عن الانفاق عليه أو عن
معالجته أو لجهد الحيوان وكلاله بحيث لا يتيسر له أن يبقى عنده ولا أن يأخذه
معه فإن كان الموضع الذي تركه فيه آمنا مشتملا على الكلاء والماء أو يقوى
الحيوان فيه على السعي إليهما بحيث يقدر على التعيش فيه لم يجز لأي أحد أخذه
فمن أخذه كان ضامنا له، وأما إذا كان الموضع مضيعة لا يقدر الحيوان على
التعيش فيه فإن لم يكن مالكه ناويا للرجوع إليه قبل ورود الخطر عليه جاز لكل
أحد أخذه وإلا لم يجز ذلك.
(مسألة 1158): إذا وجد الحيوان في العمران وهي مواضع يكون
الحيوان مأمونا فيها من السباع عادة كالبلاد والقرى وما حولها مما يتعارف وصول
الحيوان منها إليه لم يجز له أخذه ومن أخذه ضمنه ويجب عليه حفظه من التلف
والانفاق عليه بما يلزم وليس له الرجوع على صاحبه بما أنفق كما يجب عليه
تعريفه ويبقى في يده مضمونا إلى أن يؤديه إلى مالكه، فإن يئس منه تصدق به
بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط، نعم إذا كان غير مأمون من التلف لبعض
الطوارئ كالمرض ونحوه جاز له أخذه لدرء الخطر عنه من دون ضمان ويجب عليه
أيضا الفحص عن مالكه، فإن يئس من الوصول إليه تصدق به كما تقدم.
(مسألة 1159): إذا دخلت الدجاجة أو السخلة مثلا في دار انسان ولم
يعرف صاحبها لم يجز له أخذها، ويجوز له إخراجها من الدار وليس عليه شئ
إذا لم يكن قد أخذها، وأما إذا أخذها فالظاهر عدم جريان حكم اللقطة عليها
بل يجري عليه حكم مجهول المالك وقد تقدم في المسألة (1154).
448

(مسألة 1160): إذا احتاجت الضالة إلى النفقة فإن وجد متبرع بها
أنفق عليها، وإلا أنفق عليها من ماله فإن كان يجوز له أخذها ولم يكن متبرعا
في الانفاق عليها جاز له الرجوع بما أنفقه على المالك وإلا لم يجز له ذلك.
(مسألة 1161): إذا كان للضالة نماء أو منفعة جاز للآخذ - إذا كان
ممن يجوز له أخذها - أن يستوفيها ويحتسبها بدل ما أنفقه عليها، ولكن لا بد أن
يكون ذلك بحساب القيمة على الأقوى.
449

(الذباحة)
451

(أحكام الذباحة)
(مسألة 1162): الحيوان وحشيا كان أو أهليا غير المحرم أكله ولو
لعارض - وسيأتي بيان المحرم أكله في أحكام الأطعمة والأشربة - إذا ذكي بالذبح
على الترتيب الآتي في هذا الباب وخرجت روحه يحل أكله، هذا في غير الإبل
والسمك والجراد وأما هذه الثلاثة فتذكى بغير الذبح على ما سيتضح في المسائل
الآتية.
(مسألة 1163): الحيوان الوحشي المحلل لحمه كالغزال والحيوان الأهلي
المحلل إذا استوحش كالبقر يحل لحمهما بالاصطياد أيضا، وأما الحيوانات
المحللة الأهلية كالشاة والدجاجة والبقر غير المتوحش ونحوها، وكذلك
الحيوانات الوحشية إذا تأهلت فلا يحكم بطهارة لحمها ولا بحليتها بالاصطياد.
(مسألة 1164): الحيوان الوحشي الحلال أكله إنما يحكم بحليته
وطهارته بالاصطياد فيما إذا كان قادرا على العدو أو ناهضا للطيران، فولد
الوحش قبل أن يقدر على الفرار وفرخ الطير قبل أن ينهض للطيران لا يحلان
بالاصطياد ولا يحكم بطهارتهما حينئذ، فلو رمى ظبيا وولده غير القادر على
العدو، فماتا حل الظبي وحرم الولد.
(مسألة 1165): الحيوان المحلل لحمه الذي ليست له نفس سائلة
كالسمك إذا مات بغير تذكية حرم أكله لكنه طاهر.
(مسألة 1166): الحيوان المحرم أكله - إذا لم تكن له نفس سائلة كالحية
لا أثر لذبحه أو صيده لأن ميتته طاهرة.
453

(مسألة 1167): الكلب والخنزير لا يقبلان التذكية فلا يحكم بطهارتهما
ولا بحليتهما بالذبح أو الصيد، وأما السباع وهي ما تفترس الحيوان وتأكل
اللحم كالذئب والنمر فهي قابلة للتذكية فلو ذبحت أو اصطيدت بالرمي
ونحوه حكم بطهارة لحومها وجلودها وإن لم يحل أكلها بذلك، نعم إذا
اصطيدت بالكلب الصائد أشكل الحكم بطهارتها.
(مسألة 1168): لا يبعد أن يكون حكم القرد والفيل والدب حكم
السباع فيما مر، وأما الحشرات وهي الدواب الصغار التي تسكن باطن الأرض
كالضب والفأر فالأظهر عدم قبولها للتذكية، فإن كانت لها نفس سائلة وذبحت
مثلا لم يحكم بطهارة لحومها وجلودها.
(مسألة 1169): لو خرج الجنين ميتا من بطن أمه - وهي حية - أو خرج
كذلك لم يحل أكله.
(كيفية الذبح)
(مسألة 1170): الكيفية المعتبرة في الذبح هي: أن تقطع الأوداج
الأربعة تماما، فلا يكفي شقها عن قطعها، كما لا يكفي قطع الحلقوم وحده
على الأحوط فيهما، ولا يتحقق قطع الأوداج إلا إذا كان القطع من تحت العقدة
المسماة ب‍ (الجوزة) والأوداج الأربعة هي المرئ (مجرى الطعام والشراب)
والحلقوم (مجرى النفس) والعرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم.
(مسألة 1171): يعتبر قطع الأوداج الأربعة: أن يكون حال الحياة،
فلو قطع الذابح بعضها وأرسلها فمات لم يؤثر قطع الباقي، ولا يعتبر فيه التتابع
فلو قطع الأوداج قبل زهوق روح الحيوان إلا أنه فصل بينها بما هو خارج عن
المتعارف المعتاد فالأظهر حليته.
454

(مسألة 1172): لو قطعت الأوداج الأربعة على غير النهج الشرعي كأن
ضربها شخص بآلة فانقطعت أو عضها الذئب فقطعها بأسنانه أو غير ذلك
وبقيت الحياة، فإن لم يبق شئ من الأوداج أصلا لم يحل أكل الحيوان، وكذا
إذا لم يبق شئ من الحلقوم على الأظهر، وكذلك إذا بقي مقدار من الجميع
معلقة بالرأس أو متصلة بالبدن على الأحوط، نعم إذا كان المقطوع غير المذبح
وكان الحيوان حيا حل أكله بالذبح.
(شرائط الذبح)
(مسألة 1173): يشترط في تذكية الذبيحة أمور:
(الأول) أن يكون الذابح مسلما - رجلا كان أو امرأة أو صبيا مميزا - فلا
تحل ذبيحة الكافر حتى الكتابي وإن سمى على الأحوط، وكذا الناصب المعلن
بعداوة أهل البيت عليهم السلام.
(الثاني) أن يكون الذبح بالحديد مع الامكان نعم إذا لم يوجد الحديد
جاز ذبحها بكل ما بقطع الأوداج من الزجاجة والحجارة الحادة ونحوهما حتى
إذا لم تكن هناك ضرورة تدعو إلى الاستعجال في ذبحها - كالخوف من تلفها
بالتأخير - على الأظهر.
(الثالث) الاستقبال بالذبيحة حال الذبح إلى القبلة، ويتحقق
الاستقبال فيما إذا كان الحيوان قائما أو قاعدا بما يتحقق به استقبال الانسان حال
الصلاة في الحالتين، وأما إذا كان مضطجعا على الأيمن أو الأيسر فيتحقق
باستقبال المنحر والبطن ولا يعتبر استقبال الوجه واليدين والرجلين، وتحرم
الذبيحة بالاخلال بالاستقبال متعمدا، ولا بأس بتركه نسيانا أو خطأ أو
للجهل بالاشتراط أو لعدم العلم بجهتها أو عدم التمكن من توجيه الذبيحة
455

إليها، والأحوط الأولى أن يكون الذابح أيضا مستقبلا.
(الرابع) التسمية بأن يذكر الذابح اسم الله وحده عليها بنية الذبح حين
الشروع فيه أو متصلا به عرفا، ويكفي في التسمية الاتيان بذكر الله تعالى مقترنا
بالتعظيم مثل الله أكبر وبسم الله بل لا يبعد الاكتفاء بمجرد ذكر الاسم الشريف
وإن كان الأحوط عدمه، ولا أثر للتسمية من دون نية الذبح، ولو أخل بها
نسيانا لم تحرم الذبيحة ولو تركها جهلا فالظاهر الحرمة.
(الخامس): خروج الدم المتعارف فلا تحل إذا لم يخرج منها الدم أو كان
الخارج قليلا - بالإضافة إلى نوعها - بسبب انجماد الدم في عروقها أو نحوه وأما
إذا كانت قلته لأجل سبق نزيف الذبيحة - لجرح مثلا - لم يضر ذلك بتذكيتها.
(السادس) أن تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة يسيرة بأن
تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو تركض برجلها هذا فيما إذا شك في حياتها حال
الذبح وإلا فلا تعتبر الحركة أصلا.
(مسألة 1174): يحرم - على الأحوط - إبانة الرأس عمدا قبل خروج
الروح من الذبيحة وإن كان الأظهر حليتها حينئذ بلا فرق في ذلك بين الطيور
وغيرها، ولا بأس بالإبانة إذا كانت عن غفلة أو استندت إلى حدة السكين
وسبقه مثلا، وكذلك الحال في كسر رقبة الذبيحة أو إصابة نخاعها عمدا قبل
أن تموت، والنخاع هو الخيط الأبيض الممتد في وسط الفقار من الرقبة إلى
الذنب، والأحوط أن يكون الذبح في المذبح من القدام وإن جاز الذبح من
القفا أيضا على الأظهر، كما أن الأحوط وضع السكين على المذبح ثم قطع
الأوداج وإن كان يكفي أيضا ادخال السكين تحت الأوداج ثم قطعها من فوق.
456

(نحر الإبل)
(مسألة 1175): يعتبر في حلية لحم الإبل وطهارته - مضافا إلى الشرائط
الستة المتقدمة - أن يدخل سكينا أو رمحا أو غيرهما من الآلات الحادة الحديدية
في لبتها وهي الموضع المنخفض الواقع بين أصل العنق والصدر.
(مسألة 1176): يجوز نحر الإبل قائمة وباركة وساقطة على جنبها
والأولى نحرها قائمة.
(مسألة 1177): لو ذبح الإبل بدلا عن نحرها أو نحر الشاة أو البقرة
أو نحوها بدلا عن ذبحها حرم لحمها وحكم بنجاستها، نعم لو قطع الأوداج
الأربعة من الإبل ثم نحرها قبل زهوق روحها أو نحر الشاة مثلا ثم ذبحها قبل
أن تموت حل لحمهما وحكم بطهارتهما.
(مسألة 1178): لو تعذر ذبح الحيوان أو نحره لاستعصائه أو لوقوعه في
بئر أو موضع ضيق لا يتمكن من الوصول إلى موضع ذكاته وخيف موته هناك
جاز أن يعقره في غير موضع الذكاة بشئ من الرمح والسكين ونحوهما، فإذا
مات بذلك العقر طهر وحل أكله وتسقط فيه شرطية الاستقبال، نعم لا بد من
أن يكون واجدا لسائر الشرائط المعتبرة في التذكية.
(آداب الذباحة والنحر)
(مسألة 1179): ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم أنه يستحب عند ذبح
الغنم أن تربط يداه وإحدى رجليه، وتطلق الأخرى ويمسك صوفه أو شعره
457

حتى يبرد، وعند ذبح البقر أن تعقل يداه ورجلاه ويطلق ذنبه، وعند نحر الإبل
أن تربط يداها ما بين الخفين إلى الركبتين أو إلى الإبطين وتطلق رجلاها، هذا
إذا نحرت باركة، أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرى معقولة،
وعند ذبح الطير أن يرسل بعد الذباحة حتى يرفرف، ويستحب عرض الماء على
الحيوان قبل أن يذبح أو ينحر، ويستحب أن يعامل مع الحيوان عند ذبحه أو
نحره عملا يبعده عن الأذى والتعذيب بأن يحد الشفرة ويمر السكين على المذبح
بقوة ويجد في الاسراع وغير ذلك.
(مكروهات الذباحة والنحر)
(مسألة 1180): يكره في ذبح الحيوانات ونحرها - كما ورد في جملة من
الروايات - أمور:
(الأول) سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها.
(الثاني) أن تكون الذباحة في الليل أو يوم الجمعة قبل الزوال من دون
حاجة. (الثالث) أن تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر من جنسه.
(الرابع) أو يذبح ما رباه بيده من النعم.
458

(أحكام الصيد بالسلاح)
(مسألة 1181): يشترط في تذكية الوحش المحلل أكله إذا اصطيد
بالسلاح أمور:
(منها) أن تكون الآلة كالسيف والسكين والخنجر وغيرها من الأسلحة
القاطعة، أو كالرمح والسهم والعصا مما يشاك بحده ويخرق في جسد الحيوان سواء
كان فيه نصل - من حديد أو فلز غيره - كالسهم أو صنع خارقا وشائكا بنفسه
كالمعراض، ولكن يعتبر فيما لا نصل فيه أن يخرق بدن الحيوان ولا يحل فيما لو
قتله بالوقوع عليه، وأما ما فيه نصل فلا يعتبر فيه ذلك فيحل الحيوان لو قتله
وإن لم يجرحه ويخرق بدنه، ولو اصطيد الحيوان بالحجارة أو العمود أو الشبكة
أو الحبالة أو غيرها من الآلات التي ليست بقاطعة ولا شائكة حرم أكله وحكم
بنجاسته، وإذا اصطاد بالبندقية فإن كانت الطلقة تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه
حل أكله وهو طاهر، وأما إذا لم تكن كذلك بأن قتلته بسبب ضغطها أو بسبب
ما فيها من الحرارة المحرقة فيشكل الحكم بحلية لحمه وطهارته.
و (منها): أن يكون الصائد مسلما أو بحكمه كالصبي المميز الملحق به،
ولا يحل صيد الكافر وكذا الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام على
ما مر في الذبح.
و (منها): قصد اصطياد الحيوان المحلل بالصيد، فلو رمى هدفا أو عدوا
أو خنزيرا أو شاة فأصاب غزالا مثلا فقتله لم يحل.
و (منها): التسمية عند استعمال السلاح في الاصطياد ويقوي الاجتزاء
بها قبل إصابة الهدف أيضا، ولو أخل بها متعمدا لم يحل صيده ولا بأس
459

بالاخلال بها نسيانا.
و (منها): أن يدركه ميتا أو يدركه وهو حي ولكن لم يكن الوقت متسعا
لتذكيته، فلو أدركه حيا وكان الوقت متسعا لذبحه ولم يذبحه حتى خرجت
روحه لم يحل أكله.
(مسألة 1182): أو اصطاد اثنان صيدا واحدا ولم تتوفر الشرائط
المتقدمة إلا في أحدهما فقط كأن سمى أحدهما ولم يسم الآخر متعمدا لم يحل
أكله.
(مسألة 1183): يعتبر في حلية الصيد أن تكون الآلة مستقلة في قتله
فلو شاركها شئ آخر كما إذا رماه فسقط الصيد في الماء ومات وعلم استناد الموت
إلى كلا الأمرين لم يحل، وكذا الحال فيما إذا شك في استناد الموت إلى الرمي
بخصوصه.
(مسألة 1184): لا يعتبر في حلية الصيد إباحة الآلة فلو اصطاد حيوانا
بالكلب أو السهم المغصوبين حل الصيد وملكه الصائد دون صاحب الآلة
أو الكلب، ولكن الصائد ارتكب معصية ويجب عليه دفع أجرة الكلب أو الآلة
إلى صاحبه.
(مسألة 1185): لو أبانت آلة الصيد كالسيف ونحوه عضوا من الحيوان
مثل اليد والرجل كان العضو المبان ميتة يحرم أكله ويحل أكل الباقي مع اجتماع
شرائط التذكية - المتقدمة في المسألة 1181 - ولو قطعت الآلة الحيوان نصفين
فإن لن يدركه حيا أو أدركه كذلك إلا أن الوقت لم يتسع لذبحه تحل كلتا
القطعتين مع توفر الشرائط المذكورة، وأما إذا أدركه حيا وكان الوقت متسعا
لذبحه فالقطعة الفاقدة للرأس والرقبة محرمة والقطعة التي فيها الرأس والرقبة
طاهرة وحلال فيما إذا ذبح على النهج المقرر شرعا.
(مسألة 1186): لو قسم الحيوان قطعتين بالحبالة أو الحجارة ونحوهما
460

مما لا يحل به الصيد حرمت القطعة الفاقدة للرأس والرقبة وأما القطعة التي فيها
الرأس والرقبة فهي طاهرة وحلال فيما إذا أدركه حيا واتسع الوقت لتذكيته
وذبحه مع الشرائط المعتبرة وإلا حرمت هي أيضا.
(مسألة 1187): الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة حيا إذا
وقعت عليه التذكية الشرعية حل أكله وإلا حرم سواء اتسع الوقت لتذكيته أم
لا.
(مسألة 1188): الجنين الخارج من بطن الصيد أو الذبيحة ميتا طاهر
وحلال بشرط عدم سبق موته على تذكية أمه، وعدم استناد موته إلى التواني عن
اخراجه على النحو المتعارف وكونه تام الخلقة وقد أشعر أو أوبر.
(حكم الصيد بالكلب)
(مسألة 1189): إذا اصطاد كلب الصيد حيوانا وحشيا محلل اللحم
فالحكم بطهارته وحليته بمجرد الاصطياد يتوقف على شروط ستة:
(1) أن يكون الكلب معلما، بحيث يسترسل ويهيج إلى الصيد متى
أغراه صاحبه به وينزجر عن الهياج والذهاب إذا زجر، نعم لا يضر عدم انزجاره
بزجره إذا قرب من الصيد ووقع بصره عليه كما هو الغالب في الكلاب المعلمة،
ولا يعتبر - على الأظهر - أن تكون من عادته أن لا يأكل من الصيد شيئا حتى
يصل إليه صاحبه، كما لا بأس بأن يكون معتادا بتناول دم الصيد.
(2) أن يكون صيده بإرساله للاصطياد فلا يكفي استرساله بنفسه من
دون ارسال، وكذا الحال فيما إذا استرسل بنفسه وأغراه صاحبه بعد الاسترسال
حتى فيما إذا أثر فيه الاغراء كما إذا زاد في عدوه بسببه على الأحوط.
461

(3) أن يكون المرسل مسلما على ما مر في شرائط الصيد بالسلاح.
(4) تسمية المرسل عند ارساله، ولو تركها متعمدا حرم الصيد وإن
سمى غيره، ولا بأس بتركها نسيانا.
(5) أن يستند موت الحيوان إلى جرح الكلب وعقره، فلو مات بسبب
آخر كخنقه واتعابه في العدو أو ذهاب مرارته من شدة خوفه لم يحل.
(6) أن لا يدرك صاحب الكلب الصيد إلا بعد موته أو إذا أدركه حيا
لا يتسع الوقت لذبحه بشرط أن لا يستند ذلك إلى توانيه في الوصول إليه، فلو
تمكن من ادراكه حيا وذبحه أو أدركه كذلك واتسع الوقت لتذكيته فلم يفعل
حتى مات لم يحل.
(مسألة 1190): إذا أدرك مرسل الكلب الصيد حيا والوقت متسع
لذبحه، ولكنه اشتغل عن التذكية بمقدماتها من سل السكين ونحوه على النهج
المتعارف فمات قبل تذكيته حل، وأما إذا استند تركه التذكية إلى فقد الآلة كما
إذا لم يكن عنده السكين - مثلا - حتى ضاق الوقت ومات الصيد قبل تذكيته لم
يحل على الأحوط، نعم لو تركه على حاله إلى أن قتله الكلب وأزهق روحه بعقره
حل أكله.
(مسألة 1191): لو أرسل كلابا متعددة للاصطياد فقتلت صيدا واحدا
فإن كانت الكلاب المسترسلة كلها واجدة للشرائط المتقدمة في المسألة 1189 حل
الصيد وإن لم يكن بعضها واجدا لتلك الشروط لم يحل.
(مسألة 1192): إذا أرسل الكلب إلى صيد حيوان محلل بالصيد
كالغزال وصاد الكلب حيوانا آخر كذلك فهو طاهر وحلال، وكذا الحال فيما إذا
أرسله إلى صيد حيوان فصاده مع حيوان آخر.
(مسألة 1193): لو كان المرسل متعددا بأن أرسل جماعة كلبا واحدا ولم
462

يسم أحدهم متعمدا حرم صيده وكذا الحال فيما إذا تعددت الكلاب ولم يكن
بعضها معلما على النحو المتقدم في المسألة 1189 فإن الصيد وقتئذ نجس
وحرام.
(مسألة 1194): لا يحل الصيد إذا اصطاده غير الكلب من أنواع
الحيوانات كالعقاب والصقر والباشق والنمر وغيرها، نعم إذا أدرك الصائد
الصيد وهو حي، ثم ذكاه على الترتيب المقرر في الشرع حل أكله.
(صيد السمك والجراد)
(مسألة 1195): لو أخذ من الماء أو من خارجه حيا السمك الذي له
فلس في الأصل وإن زال بالعارض ومات خارج الماء حل أكله وهو طاهر، ولو
مات داخل الماء فهو طاهر ولكن يحرم أكله، وأما ما لا فلس له من الأسماك
فيحرم أكله مطلقا.
(مسألة 1196): لو وثبت السمكة خارج الماء أو نبذتها الأمواج إلى
الساحل أو غار الماء وبقيت السمكة وماتت قبل أخذها حرمت، نعم إذا نصب
الصائد شبكة أو صنع حظيرة فدخلتها السمكة فماتت فيها قبل أن يستخرجها
الصائد فالظاهر حلية أكلها وإن كان الاجتناب أحوط.
(مسألة 1197): لا يعتبر في صائد السمك الاسلام ولا يشترط في
تذكيته التسمية فلو أخذه الكافر حل لحمه.
(مسألة 1198): السمكة الميتة إذا كانت فيد المسلم يحكم بحليتها
وإن لم يعلم بتذكيتها، وإذا كانت في يد الكافر لم تحل وإن أخبر بتذكيتها إلا أن
يعلم أو يطمئن بأنه أخرجها من الماء قبل موتها أو أنه أخذها خارج الماء حية أو
إنها ماتت داخل شبكته أو حظيرته في الماء.
463

(مسألة 1199): يجوز بلع السمكة حية والأولى الاجتناب عنه.
(مسألة 1200): لو شوى سمكة حية أو قطعها خارج الماء قبل أن تموت
حل أكلها وإن كان الاجتناب عنه أولى.
(مسألة 1201): إذا قطعت من السمكة الحية بعد أخذها قطعة وأعيد
الباقي إلى الماء حيا حلت القطعة المبانة عنها سواء أمات الباقي في الماء أم لم
يمت، ويكن الاجتناب أحوط.
(مسألة 1202): الجراد إذا أخذ حيا باليد أو بغيرها من الآلات حل
أكله، ولا يعتبر في تذكيته اسلام الآخذ ولا التسمية حال أخذه، نعم لو وجده
في يد كافر ميتا ولم يعلم أو يطمئن أنه أخذه حيا لم يحل وإن أخبر بتذكيته كما مر.
(مسألة 1203): لا يحل من الجراد (الدبا) وهو ما تحرك ولم تنبت
أجنحته بعد.
464

(الأطعمة والأشربة)
465

(أحكام الأطعمة والأشربة)
(مسألة 1204): كل طائر ذي ريش يحل أكل لحمه إلا ما كان من
السباع بأن يكون ذا مخلب، سواء كان قويا يقوى به على افتراس الطير كالبازي
والصقر أو ضعيفا لا يقوى به على ذلك كالنسر والبغات، والظاهر أن كل طائر
يكون صفيفه - أي بسط جناحيه عند الطيران - أكثر من دفيفه - أي تحريكهما
عنده - يكون ذا مخلب فيحرم لحمه بخلاف ما يكون دفيفه أكثر من صفيفه فإنه
محلل اللحم.
وعلى هذا فيتميز المحرم من الطيور عن غيره بملاحظة كيفية طيرانها،
كما يتميز فيما لا يعرف طيرانه بوجود (الحوصلة أو القانصة أو الصيصية) فيه،
فما تكون له إحدى الثلاث يحل أكله دون غيره، والحوصلة ما يجتمع فيه الحب
وغيره من المأكول عند الحلق، والقانصة ما تجتمع فيه الحصاة الدقاق التي يأكلها
الطير، والصيصة شوكة في رجل الطير خارجة عن الكف.
والأحوط لزوما الاجتناب عن أكل الغراب بجميع أنواعه حتى الزاغ،
وأما غير ما ذكر من الطيور مما له ريش فهو محلل الأكل بجميع أنواعه من
الدجاج والحمام والعصفور وغيرها حتى النعامة والطاووس على الأظهر، نعم
يكره قتل جملة من الطيور كالهدهد والخطاف والشقراق ولكن لا بأس بأكل
لحمها، وأما ما يطير وليس له ريش فيحرم منه الخفاش بل الزنبور والبق
والبرغوث ونحوها من الحشرات الطائرة على الأحوط.
(مسألة 1205): يحل من حيوان البحر من الأسماك ما كان له فلس كما
تقدم، وأما كان ذا حياتين كالضفدع والسرطان والسلحفاة فالأقوى حرمته،
467

وأما طيور الماء - من السابحة والغائصة وغيرهما - فيحل منها ما يحل مثله من
طيور البر.
(مسألة 1206): الغنم والبقر والإبل والخيل والبغال والحمير بجميع
أقسامها محللة الأكل سواء فيها الوحشية والأهلية وكذلك الغزال، ويكره أكل
لحم الخيل والبغال والحمير الأهلية.
(مسألة 1207): ما وطأه الانسان من البهائم أن كان مما يؤكل لحمه
كالبقر والغنم حرم لحمه وكذا لبنه ونسله المتجدد بعد الوطء على الأحوط
ووجب أن يذبح ويحرق، فإن كان لغير الواطئ وجب عليه أن يغرم قيمته
لمالكه، وأما إذا كان مما يركب ظهره كالخيل والبغال والحمير وجب نفيه من البلد
وبيعه في بلد آخر ويغرم الواطئ - إذا كان غير المالك - قيمته ويكون الثمن له،
وأما إذا كان مما يطلب لحمه ويركب ظهره معا كالإبل فيلحقه حكم القسم
الأول على الأظهر.
(مسألة 1208): يحرم الجدي - ولد المعز - إذا رضع من لبن خنزيرة
واشتد لحمه وعظمه ويحرم نسله ولبنه أيضا، ولو لم يشتد فالأحوط أن يستبرأ
سبعة أيام بلبن طاهر إن لم يكن مستغنيا عن الرضاع وإلا استبرئ بالعلف
والشعير ونحوهما ثم يحل بعد ذلك، وفي حكم الجدي العجل وسائر الحيوانات
المحلل لحمها على الأحوط.
(مسألة 1209): كل حيوان محلل الأكل - حتى الطير والسمك - إذا
صار جلالا حرم لحمه ولبنه وبيضه، فإذا استبرئ حل، وقد تقدم معنى الجلل
وكيفية الاستبراء في ص 92.
(مسألة 1210): تحرم من الذبيحة عدة أشياء وهي ما يلي:
(1) الدم.
468

(2) الروث.
(3) القضيب.
(4) الفرج.
(5) المشيمة.
(6) الغدة، وهي كل عقدة في الجسم مدورة تشبه البندق.
(7) البيضتان.
(8) خرزة الدماغ، وهي حبة بقدر الحمصة في وسط الدماغ.
(9) النخاع وهو خيط أبيض كالمخ في وسط فقار الظهر.
(10) العلباوان - على الأحوط - وهما عصبتان ممتدتان على الظهر من
الرقبة إلى الذنب.
(11) المرارة.
(12) الطحال.
(13) المثانة.
(14) حدقة العين.
هذا في غير الطيور، وأما الطيور فيحرم مما يوجد فيها من المذكورات
(الدم والرجيع) وأما تحريم غيرهما فمبني على الاحتياط اللزومي.
(مسألة 1211): لا تحل أبوال ما لا يؤكل لحمه بل وما يؤكل لحمه أيضا
حتى الإبل على الأحوط، نعم لا بأس بشرب أبوال الأنعام الثلاثة للتداوي
وإن لم ينحصر العلاج فيها.
(مسألة 1212): يحرم أكل الطين والمدر وكذا التراب والرمل على
469

الأحوط، ويستثنى من ذلك اليسير من تربة سيد الشهداء (ع) للاستشفاء،
والأحوط الأولى حله في الماء وشربه ولا بأس بأكل الطين الأرمني والطين
الداغستاني وغيرهما للتداوي عند انحصار العلاج فيها.
(مسألة 1213): لا يحرم بلع النخامة والأخلاط الصدرية الصاعدة إلى
فضاء الفم، وكذا بلع ما يخرج بتخليل الأسنان من بقايا الطعام.
(مسألة 1214): يحرم تناول كل ما يضر الانسان ضررا بليغا كالهلاك
وشبهه.
(مسألة 1215): يحرم شرب الخمر وغيره من المسكرات، وفي بعض
الروايات أنه من أعظم المعاصي، وروي عن الصادق عليه السلام إنه قال (إن
الخمر أم الخبائث ورأس كل شر، ويأتي على شاربها ساعة يسلب لبه فلا يعرف
ربه ولا يترك معصية إلا ركبها ولا يترك حرمة إلا انتهكها ولا رحما ماسة إلا
قطعها ولا فاحشة إلا أتاها وإن شرب منها جرعة لعنه الله وملائكته ورسله
والمؤمنون وإن شربها حتى سكر منها نزع روح الايمان من جسده وركبت فيه
روح سخيفة خبيثة ولم تقبل صلاته أربعين يوما).
(مسألة 1216): يحرم لبن الحيوان المحرم أكله - ولو لعارض - وكذلك
بيضه، وأما لبن الانسان فالأحوط ترك شربه.
(مسألة 1217): يحرم الأكل من مائدة يشرب عليها شئ من الخمر أو
المسكر، بل يحرم الجلوس عليها أيضا على الأحوط.
(مسألة 1218): إذا أشرفت نفس محترمة على الهلاك لشدة الجوع أو
العطش وجب على كل مسلم إنجاؤها بأن يبذل لها من الطعام أو الشراب ما
يسد به رمقها.
470

(آداب الأكل والشرب)
(مسألة 1219): قد عد من آداب أكل الطعام أمور:
(1) غسل اليدين معا قبل الطعام.
(2) غسل اليدين بعد الطعام، والتنشف بعده بالمنديل.
(3) أن يبدأ صاحب الطعام قبل الجميع ويمتنع بعد الجميع وأن يبدأ
الغسل قبل الطعام بصاحب الطعام ثم بمن على يمينه إلى أن يتم الدور على
من في يساره وأن يبدأ في الغسل بعد الطعام بمن على يسار صاحب الطعام إلى
أن يتم الدور على صاحب الطعام.
(4) التسمية عند الشروع في الطعام ولو كانت على المائدة ألوان من
الطعام استحبت التسمية على كل لون بانفراده.
(5) الأكل باليمين.
(6) أن يأكل بثلاث أصابع أو أكثر ولا يأكل بإصبعين.
(7) الأكل مما يليه إذا كانت على المائدة جماعة ولا يتناول من قدام
الآخرين.
(8) تصغير اللقم.
(9) أن يطيل الأكل والجلوس على المائدة.
(10) أن يجيد المضغ.
(11) أن يحمد الله بعد الطعام.
471

(12) أن يلعق الأصابع ويمصها.
(13) التخلل بعد الطعام وأن لا يكون التخلل بعودة الريحان وقضيب
الرمان والخوص والقصب.
(14) أن يلتقط ما يتساقط خارج السفرة ويأكله إلا في البراري
والصحاري فإنه يستحب فيها أن يدع المتساقط عن السفرة للحيوانات
والطيور.
(15) أن يكون أكله غداة وعشيا ويترك الأكل بينهما.
(16) الاستلقاء بعد الأكل على القفا وجعل الرجل اليمنى على
اليسرى.
(17) الافتتاح والاختتام بالملح.
(18) أن يغسل الثمار بالماء قبل أكلها.
(19) أن لا يأكل على الشبع.
(20) أن لا يمتلئ من الطعام.
(21) أن لا ينظر في وجوه الناس لدى الأكل.
(22) أن لا يأكل الطعام الحار.
(23) أن لا ينفخ في الطعام والشراب.
(24) أن لا ينتظر بعد وضع الخبز في السفرة غيره.
(25) أن لا يقطع الخبز بالسكين.
(26) أن لا يضع الخبز تحت الإناء.
(27) أن لا ينظف العظم من اللحم الملصق به على نحو لا يبقى عليه
472

شئ من اللحم.
(28) أن لا يقشر الثمار التي تؤكل بقشورها.
(29) أن لا يرمي الثمرة قبل أن يستقصي أكلها.
(مسألة 1220): قد عد من آداب شرب الماء أمور:
(1) شرب الماء مصا لا عبا.
(2) شرب الماء قائما بالنهار.
(3) التسمية قبل الشرب والتحميد بعده.
(4) شرب الماء بثلاثة أنفاس.
(5) شرب الماء عن رغبة وتلذذ.
(6) ذكر الحسين وأهل بيته عليهم السلام واللعن على قتله بعد
الشرب.
(7) أن لا يكثر من شرب الماء.
(8) أن لا يشرب الماء على الأغذية الدسمة.
(9) أن لا يشرب الماء قائما بالليل.
(10) أن لا يشرب من محل كسر الكوز ومن محل عروته.
(11) أن لا يشرب بيساره.
473

(النذر)
475

(النذر وأحكامه)
(مسألة 1221): النذر هو (أن يجعل الشخص لله على ذمته فعل شئ
أو تركه).
(مسألة 1222): يعتبر في صيغة النذر اشتمالها على قوله (لله) أو
ما يشابهه من أسمائه المختصة به فلو قال الناذر مثلا (لله علي أن أتي بنافلة الليل)
أو قال (للرحمن علي أن أدع التعرض للمؤمنين بسوء) صح النذر، وله أن يؤدي
هذا المعنى بأية لغة أخرى غير العربية على الأظهر.
(مسألة 1223): يعتبر في الناذر البلوغ والعقل والاختيار والقصد وعدم
الحجر عن التصرف في متعلق النذر، فيلغو نذر الصبي وإن كان مميزا وكذلك
نذر المجنون ولو كان أدواريا حال جنونه والمكره والسكران ومن اشتد به الغضب
إلى أن سلبه القصد أو الاختيار والمفلس إذا تعلق نذره بما تعلق به حق الغرماء
من أمواله والسفيه إذا تعلق نذره بمال خارجي أو بمال في ذمته.
(مسألة 1224): يعتبر في متعلق النذر من الفعل أو الترك أن يكون
مقدورا للناذر، فلا يصح منه أن ينذر الحج ماشيا مع عدم قدرته على ذلك،
وكذلك يعتبر فيه أن يكون راجحا شرعا حين العمل كأن ينذر فعل واجب أو
مستحب أو ترك حرام أو مكروه، وأما المباح فإن قصد به معنى راجحا كما لو
نذر شرب الماء قاصدا به التقوي على العبادة مثلا انعقد نذره وإلا لم ينعقد، كما
ينحل فيما إذا أصبح متعلقه مرجوحا ولو دنيويا لبعض الطوارئ كما لو نذر ترك
التدخين فضره تركه.
(مسألة 1225): لا يصح نذر الزوجة بدون إذن زوجها فيما ينافي
477

حقه في الاستمتاع منها، وفي صحة نذرها في مالها من دون إذنه - في غير الحج
والزكاة والصدقة وبر والديها وصلة رحمها - اشكال، ويصح نذر الولد سواء أذن
له الوالد فيه أم لا، ولكن إذا نهاه أحد الأبوين عما تعلق به النذر فلم يعد بسببه
راجحا في حقه انحل نذره ولم يلزمه الوفاء به كما لا ينعقد مع سبق توجيه النهي
إليه على هذا النحو.
(مسألة 1226): إذا نذر المكلف الاتيان بالصلاة في مكان بنحو كان
منذوره تعيين هذا المكان لها لا نفس الصلاة، فإن كان في المكان جهة رجحان
بصورة أولية، كالمسجد أو بصورة ثانوية طارئة مع كونها ملحوظة حين النذر كما
إذا كان المكان أفرغ للعبادة وأبعد عن الرياء بالنسبة إلى الناذر صح النذر وإلا
لم ينعقد وكان لغوا.
(مسألة 1227): إذا نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين
وجب عليه التقيد بذلك الزمان في الوفاء، فلو أتى بالفعل - قبله أو بعده لم
يعتبر وفاء، فمن نذر أن يتصدق على الفقير إذا شفي من مرضه، أو إن يصوم
أول كل شهر، ثم تصدق قبل شفائه، أو صام قبل أول الشهر أو بعده لم يتحقق
الوفاء بنذره.
(مسألة 1228): إذا نذر صوما ولم يحدده من ناحية الكمية كفاه صوم
يوم واحد، وإذا نذر صلاة بصورة عامة دون تحديد كفته صلاة واحدة، وإذا
نذر صدقة ولم يحددها نوعا وكما أجزأه كل ما يطلق عليه اسم الصدقة، وإذا
نذر التقرب إلى الله بشئ - على وجه عام - كان له أن يأتي بأي عمل قربي،
كالصوم أو الصدقة أو الصلاة ولو ركعة الوتر من صلاة الليل، ونحو ذلك من
طاعات وقربات.
(مسألة 1229): إذا نذر صوم يوم معين جاز له أن يسافر إذا شاء في
ذلك اليوم فيفطر ويقضيه، ولا كفارة عليه وكذلك إذا جاء عليه اليوم وهو
478

مسافر فإنه لا يجب عليه قصد الإقامة، بل يجوز له الافطار والقضاء، وإذا لم
يسافر فإن صادف في ذلك اليوم أحد موجبات الافطار كمرض أو حيض أو
نفاس أو اتفق أحد العيدين فيه أفطر وقضاه، أما إذا أفطر فيه - دون موجب -
عمدا فعليه القضاء والكفارة، والأظهر أن كفارة حنث النذر هي الكفارة في
مخالفة اليمين على ما يأتي.
(مسألة 1230): إذا نذر المكلف ترك عمل في زمان محدود لزمه تركه في
ذلك الزمان فقط وإذا نذر تركه مطلقا - قاصدا الالتزام بتركه في جميع الأزمنة -
لزمه تركه مدة حياته، فإن خالف وأتى بما التزم بتركه عامدا فعليه الكفارة ولا
جناح عليه فيما أتى به خطاءا أو غفلة أو نسيانا أو اكراها أو اضطرارا.
(مسألة 1231): إذا نذر المكلف التصدق بمقدار معين من ماله ومات
قبل الوفاء به، فالظاهر أنه لا يخرج من أصل التركة إلا أن الأولى لكبار الورثة
اخراج ذلك المقدار من حصصهم والتصدق به من قبله.
(مسألة 1232): إذا نذر الصدقة على فقير لم يجزه التصدق بها على
غيره، وإذا مات الفقير المعين قبل الوفاء بالنذر فالأحوط الأولى اعطاؤها لوارثه،
وكذلك إذا نذر زيارة أحد الأئمة عليهم السلام معينا فإنه لا يكفيه أن يزور
غيره وإذا عجز عن الوفاء بنذره فلا شئ عليه.
(مسألة 1233): من نذر زيارة أحد الأئمة (ع) لا يجب عليه عند الوفاء
غسل الزيارة ولا صلاتها، إذا لم يذكر ذلك في نذره والتزامه.
(مسألة 1234): المال المنذور لمشهد من المشاهد المشرفة إذا لم يقصد
الناذر له مصرفا معينا يصرف في مصالحه، فينفق منه على عمارته أو إنارته، أو
لشراء فراش له أو لأداء أجور خدمه والقائمين على حفظه وصيانته وما إلى ذلك
من شؤون المشهد.
479

(مسألة 1235): المال المنذور لشخص صاحب المشهد - من دون أن
يقصد الناذر له مصرفا معينا - يصرف على جهة راجعة إلى المنذور له كأن ينفق
على زواره الفقراء أو على مشهده الشريف أو على ما فيه احياء ذكره ونحو ذلك.
(مسألة 1236): لو نذر شاة للصدقة أو لأحد الأئمة (ع) أو لمشهد من
المشاهد فنمت نموا متصلا كالسمن كان النماء تابعا لها في اختصاصها بالجهة
المنذورة لها، وإذا نمت نموا منفصلا كما إذا ولدت شاة أخرى أو حصل فيها
لبن فالنماء للناذر إلا إذا كان قاصدا للتعميم حين انشاء النذر.
(مسألة 1237): إذا نذر المكلف صوم يوم إذا برئ مريضه أو قدم
مسافره، فعلم ببرء المريض وقدوم المسافر قبل نذره لم يكن عليه شئ.
(مسألة 1238): لا شأن لنذر الأب والأم في تزويج بنتهما من هاشمي
ونحو ذلك، فإن البنت إذا بلغت كان لها الخيار في رفض الزواج بهاشمي ونحوه
أو قبوله.
480

(العهد وحكمه)
(مسألة 1239): إذا عاهد المكلف ربه تعالى أن يعمل عملا بصورة
منجزة، أو فيما إذا قضى الله حاجته المشروعة بأن قال (عاهدت الله أو علي عهد
الله أن أقوم بهذا العمل أو أقوم به إذا برئ مريضي مثلا) وجب عليه أن يقوم
بذلك العمل وفقا لتعهده، فإن كان تعهده بدون شرط وجب عليه العمل على
أي حال، وإن شرط في تعهده قضاء حاجته - مثلا - وجب العمل إذا قضيت
حاجته، وإن خالف تعهده كانت عليه الكفارة وهي عتق رقبة أو اطعام ستين
مسكينا أو صوم شهرين متتابعين، ولا ينعقد العهد بمجرد النية بل يحتاج إلى
الصيغة فلا يجب العمل بالعهد القلبي، ويعتبر في متعلقه ما يعتبر في متعلق
اليمين الآتي بيانه في المسألة 1243.
481

(اليمين وحكمها)
(مسألة 1240): يجب الوفاء باليمين كالنذر والعهد، وإذا خالفها
المكلف - عمدا - وجبت عليه كفارة وهي: عتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين
أو كسوتهم، وفي حال العجز عن هذه الأمور يجب صيام ثلاثة أيام متواليات.
(مسألة 1241): يعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحالف بالغا عاقلا
مختارا قاصدا، فلا أثر ليمين الصغير أو المجنون ولو أدواريا إذا حلف حال
جنونه، ولا ليمين المكره والسكران ومن اشتد به الغضب حتى سلبه قصده أو
اختياره.
(مسألة 1242): يعتبر في اليمين اللفظ، أو ما هو بمثابته كالإشارة
بالنسبة إلى الأخرس، والأظهر كفاية الكتابة للعاجز عن التكلم بل لا يترك
الاحتياط في غيره، ويعتبر أن يكون القسم بالله تعالى دون غيره مطلقا وذلك
يحصل بأحد أمور:
(1) ذكر اسمه المختص به كلفظ الجلالة وما يلحق به كلفظ الرحمن.
(2) ذكره بأوصافه وأفعاله المختصة التي لا يشاركه فيها غيره كمقلب
القلوب والأبصار والذي نفسي بيده والذي فلق الحبة وبرأ النسمة.
(3) ذكره بالأوصاف والأفعال التي يغلب اطلاقها عليه بنحو ينصرف
إليه تعالى وإن شاركه فيها غيره، كالرب والخالق والبارئ والرازق وأمثال ذلك
بل لا يبعد فيما لا ينصرف إليه في نفسه ولكن كان مما ينصرف إليه في مقام
الحلف كالحي والسميع والبصير.
482

(مسألة 1243): يعتبر في متعلق اليمين أن يكون مقدورا في ظرف
الوفاء بها فلو كان مقدورا حين اليمين، ثم عجز عنه المكلف - لا لتعجيز نفسه -
انحل اليمين، وتنعقد اليمين فيما إذا كان متعلقها راجحا شرعا كفعل
الواجب والمستحب وترك الحرام والمكروه أو راجحا بحسب الأغراض العقلائية
الدنيوية مع عدم رجحان تركه شرعا، بل لا يبعد انعقادها إذا كان متعلقها غير
مرجوح شرعا وإن لم يكن راجحا بحسب الأغراض الدنيوية للعقلاء إذا كان
مشتملا على مصلحة دنيوية شخصية.
(مسألة 1244): إذا التزم بالاتيان بعمل، أو بتركه بنذر أو عهد أو
يمين، وكان مقدورا في ظرف الوفاء به إلا أنه تعسر عليه لم يجب الوفاء به إذا
بلغ العسر مبلغ الحرج الشديد، ولا كفارة عليه حينئذ.
(مسألة 1245): لا تنعقد يمين الولد إذا منعه أبوه، ويمين الزوجة إذا
منعها زوجها، ويمين المملوك إذا منعه المالك، وإذا أقسموا دون إذنهم كان
للأب والزوج والمالك حل اليمين، والقول بأنه لا تصح يمينهم بدون إذنهم
بعيد.
(مسألة 1246): إذا ترك الانسان الوفاء بيمينه نسيانا، أو اضطرارا أو
إكراها لا تجب عليه الكفارة، وعلى هذا الأساس إذا حلف الوسواسي على عدم
الاعتناء بالوسواس، كما إذا حلف أن يشتغل بالصلاة فورا، ثم منعه وسواسه
عن ذلك لم تجب عليه الكفارة فيما إذا كان الوسواس بالغا إلى درجة يسلبه
الاختيار وإلا لزمته الكفارة.
(مسألة 1247): الأيمان إما صادقة، وإما كاذبة، فالأيمان الصادقة
ليست محرمة ولكنها مكروهة بحد ذاتها، فيكره للمكلف أن يحلف على شئ
صدقا، أو أن يحلف على صدق كلامه، وأما الأيمان الكاذبة فهي محرمة، بل
قد تعتبر من المعاصي الكبيرة كاليمين الغموس وهي اليمين الكاذبة في مقام
483

فصل الدعوى، ويستثنى منها اليمين الكاذبة التي يقصد بها الشخص دفع
الظلم عنه أو عن سائر المؤمنين بل قد تجب فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه أو
عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه، ولكن إن التفت إلى امكان التورية وكان
عارفا بها ومتيسرة له فالأحوط وجوبا أن يوري في كلامه، بأن يقصد بالكلام
معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده فمثلا: إذا حاول ظالم
الاعتداء على مؤمن فسألك عن مكانه وأين هو؟ فتقول: (ما رأيته، وقد رأيته
قبل ساعة) وتقصد بذلك لم تره منذ دقائق.
484

(الوقف)
485

(الوقف وأحكامه)
(مسألة 1248): إذا تم الوقف بشرائطه الشرعية خرج المال الموقوف
عن ملك الواقف وأصبح مالا لا يوهب ولا يورث ولا يباع إلا في موارد معينة
يجوز فيها البيع كما تقدم في المسألة 659 وما بعدها.
(مسألة 1249): يعتبر في الواقف: البلوغ، والعقل، والاختيار
والقصد، وعدم الحجر عن التصرف في الموقوف لسفه أو فلس، فلا يصح وقف
الصبي والمجنون والمكره والمحجور عليه.
(مسألة 1250): يعتبر في الوقف عدم توقيته، بمدة، فلا يصح إذا وقته
الواقف، كما إذا أوقف داره على الفقراء إلى سنة، كما يعتبر فيه التنجيز فلو قال
هذا وقف بعد مماتي لم يصح إلا إذا فهم منه عرفا أنه أراد الوصية بالوقف فيجب
العمل بها عند تحقق شرائطها فيوقف بعده، ويعتبر في صحة الوقف أيضا أن
لا يكون وقفا على نفس الواقف ولو في ضمن آخرين، فلو وقف أرضا لأن يدفن
فيها لم يصح ولو وقف دكانا لأن تصرف منافعه بعد موته على من يقرأ القرآن على
قبره ويهدي ثوابه إليه فالأظهر صحته، وإذا وقف مالا على الفقراء لتصرف
منافعه عليهم وكان الواقف فقيرا حين الوقف أو أصبح كذلك بعده جاز له
الانتفاع بمنافعه كغيره ألا إذا كان من قصده خروج نفسه.
وكذلك يعتبر في الوقف إذا كان من الأوقاف الخاصة القبض، فلا يصح
من دون قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو وليه، نعم يكفي قبض الطبقة
الموجودة عن الطبقات اللاحقة، بل يكفي قبض الموجود من الطبقة الأولى عمن
يوجد منها بعد ذلك، وإذا وقف على أولاده الصغار وأولاد أولاده وكانت العين
487

في يده كفى ذلك في تحقق القبض ولم يحتج إلى قبض آخر، وأما الأوقاف العامة
فالظاهر أنه لا يعتبر القبض في صحتها.
(مسألة 1251): لا تعتبر الصيغة في الوقف فضلا عن كونها باللغة
العربية بل يتحقق بالعمل أيضا، مثلا لو بنى بناءا على طراز ما تبني به المساجد
بقصد كونه مسجدا كفى ذلك في صيرورته مسجدا، كما لا يعتبر القبول في
الوقف على الجهات العامة، كالمساجد والمدارس والمقابر والقناطر ونحوها،
وكذلك الوقف على العناوين العامة من الناس كالفقراء أو العلماء ونحوهما، بل
وكذا الأوقاف الخاصة كالوقف على الذرية على الأظهر.
(مسألة 1252): صحة الوقف على الحمل قبل أن يولد لا تخلو من
اشكال والاحتياط لا ينبغي تركه، نعم إذا لوحظ الحمل بل المعدوم تبعا لمن هو
موجود بالفعل بأن يجعل طبقة ثانية أو مساويا للموجود في الطبقة بحيث لو وجد
لشاركه صح الوقف بلا اشكال.
(مسألة 1253): للواقف أن يجعل - ضمن إنشاء الوقف - حق جعل
المتولي لنفسه أو لغيره، كما أن له أن يجعل نفسه متوليا ما دام الحياة، وله أن
ينصب غيره للتولية ولكن لا يجب على الغير القبول، فإن قبل تعين ووجب عليه
العمل بما قرره الواقف من الشروط وإن لم ينصب أحدا للتولية ولم يجعل حق
نصبه لنفسه أو لغيره فالمال الموقوف إن كان موقوفا على أفراد معينة على نحو
التمليك كأولاد الواقف مثلا جاز لهم التصرف في العين الموقوفة بما يتوقف عليه
انتفاعهم منها فعلا من دون أخذ إجازة أحد فيما إذا كانوا بالغين عاقلين وإذا لم
يكونوا بالغين أو عاقلين كان زمام ذلك بيد وليهم، وأما التصرف فيها بما يرجع
إلى مصلحة الوقف ومراعاة البطون من تعميرها وإجارتها على الطبقات اللاحقة
فالأمر فيه بيد الحاكم الشرعي أو المنصوب من قبله.
وإن كان المال موقوفا على جهة عامة أو خاصة أو عنوان كذلك كالأموال
488

الموقوفة على الفقراء أو الخيرات فالمتولي له في الحال عدم نصب الواقف أحدا
للتولية وعدم جعل حق النصب لنفسه أو لغيره هو الحاكم الشرعي أو المنصوب
من قبله.
(مسألة 1254): المال الموقوف على أشخاص كالأولاد طبقة بعد طبقة،
إذا آجره المتولي مدة من الزمن ملاحظا بذلك مصلحة الوقف ثم مات أثناءها
لم تبطل الإجارة بل تبقى نافذة المفعول إلى أن ينتهي أمدها وأما إذا آجرت
الطبقة الأولى الوقف بنفسها مدة وانقرضت الطبقة - أثناء تلك المدة - بطلت
الإجارة بالنسبة إلى بقية المدة إذا لم تجزها الطبقة المتأخرة، وفي صورة أخذ
الطبقة الأولى للأجرة كلها يكون للمستأجر استرجاع مقدار إجارة المدة الباقية
منها من أموال الطبقة الأولى.
(مسألة 1255): إذا ظهرت خيانة من المتولي للوقف كعدم صرفه منافع
الوقف في الموارد المقررة من الواقف فللحاكم أن يضم إليه من يمنعه عنها وإن
لم يمكن ذلك عزله ونصب شخصا آخر متوليا له.
(مسألة 1256): العين الموقوفة لا تخرج عن وصفها وقفا بمجرد الخراب
نعم إذا كانت الوقفية قائمة بعنوان كوقف البستان ما دام كذلك بطلت الوقفية
بذهاب العنوان وترجع ملكا للواقف ومنه إلى ورثته حين موته، وهذا بخلاف
ما إذا لوحظ في الوقف كل من العين والعنوان فإنه إذا زال العنوان فإن أمكن
تعمير العين الموقوفة وإعادة العنوان ولو بصرف حاصلها بالإجارة
ونحوها لزم وتعين، وإلا فالأقوى عدم خروج العين عن الوقفية فيستنمى منها
بوجه آخر كزرع ونحوه.
(مسألة 1257): إذا كان بعض المال وقفا وبعضه ملكا طلقا جاز لمن
يرجع إليه أمر الوقف من المتولي أو الموقوف عليه أو الحاكم طلب تقسيمه كما
489

يجوز ذلك لمن يملك البعض ملكا طلقا.
(مسألة 1258): إذا كان الفراش وقفا على حسينية - مثلا - لم يجز نقله
إلى المسجد للصلاة عليه وإن كان المسجد قريبا منها وكذلك لا يجوز صرف
منافع المال الموقوف على ترميم مسجد معين في ترميم مسجد آخر، نعم إذا كان
المسجد الموقوف عليه في غنى عن الترميم إلى أمد بعيد ولم يتيسر تجميع عوائد
الوقف وادخارها إلى حين احتياجه فالأحوط صرفها فيما هو الأقرب إلى المقصود
الواقف من تأمين سائر احتياجات المسجد الموقوف عليه أو ترميم مسجد آخر
حسب اختلاف المورد.
(مسألة 1259): إذا وقف عقارا لتصرف منافعه في عمارة مسجد معين
ويعطى لإمام الجماعة والمؤذن في المسجد منها ولم يعين كيفية خاصة لصرفها من
الترتيب أو التشريك - مع التفاضل أو بالسوية - قدم ترميم المسجد فإن بقي
من منافع الوقف شئ بعد الترميم كان الأمر في كيفية تقسيمه بين إمام الجماعة
والمؤذن بيد المتولي والأحسن لهما أن يتصالحا في القسمة.
490

(الوصية)
491

(الوصية وأحكامها)
(مسألة 1260): الوصية هي: (أن يوصي الانسان بشئ من تركته، أو
بالمحافظة على أولاده الصغار أو بأداء أعمال خاصة كتجهيزه وقضاء فوائته ووفاء
ديونه وغير ذلك، والوصي هو الشخص المعين لتنجيز وصايا الميت وتنفيذها فمن
عينه الموصي لذلك تعين وسمي وصيا.
(مسألة 1261): يعتبر في الموصي البلوغ والعقل والرشد والاختيار، فلا
تصح وصية المجنون والمكره ولا وصية السفيه في أمواله، وتصح في غيرها
كتجهيزه ونحوه، وكذا لا تصح وصية الصبي إلا إذا بلغ عشر سنين فإنه تصح
وصيته في الميراث والخيرات العامة وكذا لأرحامه وأقربائه وأما الغرباء ففي نفوذ
وصيته لهم اشكال وكذا في نفوذ وصية البالغ سبع سنين في الشئ اليسير فلا
يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيهما.
ويعتبر في الموصي أيضا أن لا يكون قاتل نفسه متعمدا، فإذا أوصى بعد
ما أحدث في نفسه ما يجعله عرضة للموت من جرح أو تناول سم أو نحو ذلك
لم تصح وصيته في ماله وتصح في غيره من تجهيز ونحوه، وكذا تصح فيما إذا فعل
ذلك خطاءا أو سهوا أو مع ظن السلامة فاتفق موته به، وكذا إذا عوفي ثم
أوصى أو أوصى بعد ما فعل السبب ثم عوفي ثم مات أو أوصى قبل أن يحدث
في نفسه ذلك ثم أحدث فيها وإن كان قبل الوصية بانيا على أن يحدث ذلك
بعدها.
(مسألة 1262): لا يعتبر في صحة الوصية اللفظ، بل تكفي الإشارة
493

المفهمة للمراد من الموصي، وإن كان قادرا على النطق، ويكفي في ثبوت الوصية
وجدان كتابة للميت يعلم من قرائن الأحوال أنه كتبها بعنوان الوصية، أو ما إذا
علم أنه كتبها ليوصي على طبقها بعد ذلك فالأظهر عدم لزوم العمل بها.
(مسألة 1263): إذا أوصى الانسان لشخص بمال فقبل الموصي له
الوصية ملك المال بعد موت الموصي وإن كان قبوله في حياته، وفي كفاية عدم
رفض الموصي له في دخوله في ملكه اشكال بل منع.
(مسألة 1264): إذا ظهرت للانسان علامات الموت وجب عليه أمور:
(منها) رد الأمانات إلى أصحابها أو اعلامهم بذلك على تفصيل تقدم في
المسألة 914.
و (منها) الاستيثاق من وصول ديونه إلى أصحابها بعد مماته، ولو بالوصية
بها والاستشهاد عليها، هذا في ديونه التي لم يحل أجلها بعد أو حل ولم يطالبه بها
الديان أو لم يكن قادرا على وفائها وإلا فتجب المبادرة إلى أدائها فورا وإن لم يخف
الموت.
و (منها) الوصية بأداء ما عليه من الحقوق الشرعية كالخمس والزكاة
والمظالم إذا كان له مال ولم يكن متمكنا من أدائها فعلا أو لم يكن له مال واحتمل
أن يؤدي ما عليه بعض المؤمنين تبرعا واحسانا، وأما إذا كان له مال وكان متمكنا
من الأداء وجب عليه ذلك فورا من غير تقيد بظهور أمارات الموت.
و (منها): الوصية باتخاذ أجير من ماله على الاتيان بما عليه من الصلاة
والصوم وإذا لم يكن له مال واحتمل أن يقضيها شخص آخر عنه تبرعا وجبت
عليه الوصية به أيضا، وربما يغني الاخبار عن الايصاء كما لو كان له من يطمئن
بقضائه لما فات عنه - كالولد الأكبر - فيكفي حينئذ اخباره بفوائته.
494

و (منها): اعلام الورثة بماله من مال عند غيره أو في ذمته أو في محل خفي
لا علم لهم به إذا عد تركه تضييعا لحقهم، ولا يجب على الأب نصب القيم على
الصغار إلا إذا كان اهمال ذلك موجبا لضياعهم أو ضياع أموالهم فإنه يجب على
الأب والحالة هذه جعل القيم عليهم، ويلزم أن يكون أمينا.
(مسألة 1265): يعتبر أن يكون الوصي عاقلا ويطمأن بتنفيذه للوصية
فيما يرجع إلى أداء الحقوق الواجبة على الموصي بل مطلقا على الأحوط، ويعتبر
أيضا أن يكون بالغا فلا تصح الوصاية إلى الصبي منفردا على الأحوط إذا أراد
منه التصرف في حال صباه مستقلا، وأما إذا أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ
أو مع إذن الولي فالأظهر الصحة، وإذا كان الموصي مسلما اعتبر أن يكون
الوصي مسلما أيضا على الأحوط.
(مسألة 1266): يجوز للموصي أن يوصي إلى اثنين أو أكثر وفي حالة
تعدد الأوصياء إن نص الوصي على أن لكل منهم صلاحية التصرف بصورة
مستقلة عن الآخرين أو على عدم السماح لهم بالتصرف إلا مجتمعين أخذ بنصه
وكذا إذا كان ظاهر كلامه أحد الأمرين ولو لقرينة حالية أو مقالية، وألا فلا
يجوز لكل منهم الاستقلال بالتصرف ولا بد من اجتماعهم، وإذا تشاح الأوصياء
ولم يجتمعوا بحيث يؤدي ذلك إلى تعطيل العمل بالوصية فإن لم يكن السبب فيه
وجود مانع شرعي لدى كل واحد منهم عن اتباع نظر غيره أجبرهم الحاكم على
الاجتماع، وإن تعذر ذلك أو كان السبب فيه وجود المانع عنه لدى الجميع
فالأظهر أن الحاكم يضم إلى أحدهم شخصا آخر حسب ما يراه من المصلحة
وينفذ تصرفهما.
(مسألة 1267): إذا أوصى أحد بثلث ماله لزيد - مثلا - ثم رجع عن
وصيته بطلت الوصية، وإذا غير وصيته كما إذا جعل رجلا خاصا قيما على
495

الصغار ثم جعل مكانه شخصا آخر بطلت الوصية الأولى وصحت الوصية
الثانية.
(مسألة 1268): إذا أتى الموصي بما يعلم به رجوعه عن وصيته، كما
إذا أوصى بداره لزيد ثم باعها بطلت الوصية وكذا إذا وكل غيره في بيعها مع
التفاته إلى وصيته.
(مسألة 1269): لو أوصى بشئ معين لشخص ثم أوصى بنصفه
لشخص آخر قسم المال بينهما بالسوية.
(مسألة 1270): إذا وهب المالك في مرض موته بعض أمواله وأوصى
ببعضها ثم مات، فإن وفي الثلث بهما نفذا جميعا، وكذا إذا لم يف بهما ولكن أمضاهما
الورثة، وإن لم يمضوهما أخرجا معا من الثلث - كما تقدم في المسألة 832 -
ويبدأ أولا بما وهبه فينفذ فإن بقي شئ صرف فيما أوصى به.
(مسألة 1271): إذا أوصى بابقاء ثلثه وصرف منافعه في مصارف معينة
كالخيرات وجب العمل على طبق وصيته.
(مسألة 1272): إذا اعترف في مرض الموت بدين عليه، ولم يتهم في
اعترافه بقصد الاضرار بالورثة جاز اعترافه وخرج المقدار المعترف به من أصل
ماله، ومع الاتهام يخرج من الثلث.
(مسألة 1273): إذا أوصى المالك باعطاء شئ من ماله إلى أحد بعد
موته لم يعتبر وجود الموصي له حال الوصية، فإن وجد في ظرف الاعطاء له
أعطي له، وإلا كان ميراثا لورثة الموصي إن لم تكن هناك قرينة على كونها من
باب تعدد المطلوب وإلا صرف فيما هو الأقرب إلى نظر الموصي من وجوه البر.
وإذا أوصى بشئ لأحد فإن كان موجودا عند موت الموصي ملكه بالقبول
وإلا بطلت الوصية ورجع المال ميراثا لورثة الموصي، مثلا: إذا أوصى لحمل فإن
496

تولد حيا ملك الموصي به بقبول وليه وإلا رجع المال إلى ورثة الموصي.
(مسألة 1274): لا يجب على الموصي إليه قبول الوصاية وله أن يردها
في حياة الموصي بشرط أو يبلغه الرد، بل الأحوط اعتبار تمكنه من الايصاء إلى
شخص آخر أيضا، فلو كان الرد بعد موت الموصي أو قبل موته ولكن الرد لم
يبلغه حتى مات، أو بلغه ولم يتمكن من الايصاء إلى غيره لشدة المرض مثلا لم
يكن للرد أثر، وكانت الوصاية لازمة، نعم إذا كان العمل بالوصية حرجيا على
الموصي إليه جاز له ردها.
(مسألة 1275): ليس للوصي أو يفوض أمر الوصية إلى غيره بمعنى
أن يعزل نفسه عن الوصاية ويجعلها له، كما ليس له أن يجعل وصيا لتنفيذها
بعد موته إلا إذا كان مأذونا من قبل الموصي في الايصاء، نعم له أن يوكل من
يثق به في القيام بشؤون ما يتعلق بالوصية فيما لم يكن غرض الموصي مباشرة
الوصي بشخصه.
(مسألة 1276): إذا أوصى إلى اثنين مجتمعين ومات أحدهما أو طرأ
عليه جنون أو غيره مما يوجب ارتفاع وصايته أقام الحاكم الشرعي شخصا آخر
مكانه، وإذا ماتا معا نصب الحاكم اثنين ويكفي نصب شخص واحد أيضا إذا
كان كافيا بالقيام بشؤون الوصية.
(مسألة 1277): إذا عجز الوصي عن انجاز الوصية لكبر ونحوه - ولو
على جهة التوكيل أو الاستيجار - ضم إليه الحاكم من يساعده فيه.
(مسألة 1278): الوصي أمين، فلا يضمن ما يتلف في يده إلا مع
التعدي أو التفريط مثلا: إذا أوصى الميت بصرف ثلثه على فقراء بلده، فنقله
الوصي إلى بلد آخر وتلف المال في الطريق فإنه يضمن لتفريطه بمخالفة
الوصية.
497

(مسألة 1279): لا بأس بالايصاء على الترتيب، بأن يوصي إلى زيد،
فإن مات فإلى عمرو، إلا أن وصاية عمرو تتوقف على موت زيد.
(مسألة 1280): الحج الواجب على الميت بالأصالة والحقوق المالية مثل
الخمس والزكاة والمظالم تخرج من أصل المال سواء أوصى بها الميت أم لا، إلا
إذا أوصى باخراجها من ثلثه فإنها تخرج من الثلث حينئذ، كما سيأتي.
(مسألة 1281): إذا زاد شئ من مال الميت - بعد أداء الحج والحقوق
المالية - فإن كان قد أوصى بإخراج الثلث، أو أقل منه فلا بد من العمل
بوصيته، وإلا كان تمام الزائد للورثة.
(مسألة 1282): لا تنفذ الوصية فيما يزيد على ثلث الميت فإن أوصى
بنصف ماله - مثلا - توقف نفوذها في الزائد على الثلث على امضاء الورثة، فإن
أجازوا - ولو بعد موت الموصي بمدة - صحت الوصية وإلا بطلت في المقدار
الزائد، ولو أجازها بعضهم دون بعض نفذت في حصة المجيز خاصة.
(مسألة 1283): إذا أوصى بنصف ماله مثلا، وأجازت الورثة ذلك
قبل موت الموصي نفذت الوصية، ولم يكن لهم ردها بعد موته.
(مسألة 1284): إذا أوصى بأداء الخمس والزكاة وغيرهما من الديون
وباستئجار من يقضي فوائته من الصلاة والصيام وبالصرف في الأمور المستحبة
كاطعام المساكين - كل ذلك من ثلث ماله - وجب أداء الديون أولا، فإن بقي
شئ صرف في أجرة الصوم والصلاة، فإن زاد صرف الزائد في المصارف
المستحبة فإذا كان ثلثه بمقدار دينه فقط ولم يجز الوارث وصيته في الزائد على
الثلث بطلت الوصية في غير الدين.
(مسألة 1285): لو أوصى بأداء ديونه وبالاستيجار للصوم والصلاة
بالاتيان بالأمور المستحبة، فإن لم يوصي بأداء الأمور المذكور من ثلث ماله
498

وجب أداء ديونه من أصل المال، فإن بقي منه شئ يصرف ثلثه في الاستئجار
للصلاة والصوم والآتيان بالأمور المستحبة إذا وفى الثلث بذلك، وإلا فإن
أجازت الورثة الوصية في المقدار الزائد وجب العمل بها، وإن لم تجزها الورثة
وجب الاستئجار للصلاة والصوم من الثلث، فإن بقي منه شئ يصرف الباقي
في الأمور المستحبة.
(مسألة 1286): إذا أوصى من لا وارث له إلا الإمام بجميع ماله
للمسلمين والمساكين وابن السبيل ففي نفوذ وصيته في جميع المال كما ذهب إليه
بعض أو عدم نفوذها كما هو المعروف اشكال ولا يبعد الثاني كما هو الحال فيما
لو أوصى بجميع ماله في غير الأمور المذكورة.
(مسألة 1287): تثبت دعوى مدعي الوصاية له بمال بشهادة مسلمين
عدلين وبشهادة مسلم عادل مع يمين المدعي وبشهادة مسلم عادل مع
مسلمتين عادلتين وبشهادة أربع مسلمات عادلات، ويثبت ربع الوصية بشهادة
مسلمة عادلة ونصفها بشهادة مسلمتين عادلتين وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث
مسلمات عادلات.
كما تثبت الدعوى الآنفة الذكر بشهادة رجلين ذميين عدلين في دينهما عند
الضرورة وعدم تيسر عدول المسلمين، وأما دعوى القيمومة على الصغار من
قبل أبيهم أو الوصاية على صرف مال الميت فلا تثبت إلا بشهادة عدلين من
الرجال ولا تقبل فيها شهادة النساء منفردات ولا منضمات إلى الرجال.
(مسألة 1288): إذا لم يرد الموصي له الوصية، ومات في حياة الموصي،
أو بعد موته قامت ورثته مقامه فإذا قبلوا الوصية ملكوا المال الموصي به إذا لم
يرجع الموصي عن وصيته.
499

(الكفارات)
501

(أحكام الكفارات)
(مسألة 1289): الكفارة قد تكون مرتبة وقد تكون مخيرة وقد يجتمع فيها
الأمران وقد تكون كفارة الجمع.
(مسألة 1290): كفارة الظهار وقتل الخطأ مرتبة، ويجب فيهما عتق
رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينا،
وكذلك كفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال ويجب فيها اطعام
عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام والأحوط الأولى أن تكون متتابعات.
(مسألة 1291): كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان بأحد الأمور
المذكورة في المسألة 507، أو خالف عهدا مخيرة، وهي عتق رقبة أو صيام
شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا.
(مسألة 1292): كفارة الايلاء وكفارة اليمين وكفارة النذر حتى نذر
صوم معين اجتمع فيها التخيير والترتيب وهي عتق رقبة أو اطعام عشرة
مساكين أو كسوتهم فإن عجز صام ثلاثة أيام متواليات.
(مسألة 1293): كفارة قتل المؤمن عمدا ظلما كفارة جمع وهي عتق رقبة
وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا، وكذلك الافطار على الحرام في
شهر رمضان على الأحوط الأولى.
(مسألة 1294): إذا اشترك جماعة في القتل العمدي وجبت الكفارة على
كل واحد منهم وكذا في قتل الخطأ.
(مسألة 1295): إذا ثبت على مسلم حد يوجب القتل كالزاني المحصن
503

واللائط فقتله غير الإمام أو المأذون من قبله فثبوت الكفارة على القاتل غير
بعيد، نعم لا كفارة في قتل المرتد - إذا لم يتب - مطلقا على الأظهر.
(مسألة 1296): قيل من حلف بالبراءة فحنث فعليه كفارة الظهار فإن
عجز فكفارة اليمين ولا دليل عليه، وقيل كفارته اطعام عشرة مساكين وبه رواية
معتبرة.
(مسألة 1297): المشهور أن في جز المرأة شعرها في المصاب كفارة
الافطار في شهر رمضان وفي نتفه أو خدش وجهها إذا أدمته أو شق الرجل ثوبه
في موت ولده أو زوجته كفارة اليمين، ولكن الأظهر عدم الوجوب نعم التكفير
أحوط.
(مسألة 1298): لو تزوج بامرأة ذات بعل أو في العدة الرجعية لزمه أن
يفارقها، والأحوط أن يكفر بخمسة أصوع من دقيق وإن كان الأقوى عدم وجوبه.
(مسألة 1299): لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتى خرج الوقت
أصبح صائما على الأحوط استحبابا.
(مسألة 1300): لو نذر صوم يوم أو أيام فعجز عنه فالأحوط أن
يتصدق لكل يوم بمد على مسكين أو يعطيه مدين ليصوم عنه.
(مسألة 1301): يجب التتابع في صوم الشهرين من كفارة الجمع أو
كفارة التخيير بعدم تخلل الافطار ولا صوم آخر غير الكفارة بين أيامها، نعم إذا
نذر قبل تعلق الكفارة صوم كل خميس مثلا على نحو الاطلاق لم يضر بالتتابع
بل يحسب من الكفارة أيضا.
(مسألة 1302): يكفي في تتابع الشهرين من الكفارة مرتبة كانت أو
مخيرة صيام شهر ويوم متتابعا ويجوز له التفريق بعد ذلك ولو اختيارا لا لعذر
على اشكال فيما إذا لم يكن لعارض يعد عذرا عرفا فلا يترك الاحتياط فيه.
504

(مسألة 1303): إنما يضر بالتتابع ما إذا وقع الافطار في البين بالاختيار
فلو وقع ذلك لعذر كالمرض والحيض والنفاس والسفر الاضطراري دون
الاختياري لم يجب استينافه بل يبني على ما مضى.
(مسألة 1304): إذا عجز عن الصيام في المرتبة ولو لأجل كونه حرجا
عليه وجب الاطعام، وكل مورد يجب فيه الاطعام فإن كان بالتسليم لزم لكل
مسكين مد من الحنطة أو الدقيق على الأحوط في كفارة اليمين وما بحكمها،
وأما في غيرها فيجزي مطلق الطعام كالتمر والأرز، والأقط، والماش، والذرة،
ولا تجزي القيمة والأفضل بل الأحوط مدان، ولو كان بالاشباع أجزأه كل ما
يتعارف التغذي به لغالب الناس من المطبوخ وغيره، وإن كان بلا أدام،
والأفضل أن يكون مع الأدام وكل ما كان أجود كان أفضل.
(مسألة 1305): يجوز اطعام الصغار بتمليكهم وتسليم الطعام إلى
وليهم ليصرفه عليهم، ولو كان بالاشباع فلا يعتبر إذن الولي على الأقوى،
والأحوط احتساب الاثنين منهم بواحد.
(مسألة 1306): يجوز التبعيض في التسليم والاشباع فيشبع بعضهم
ويسلم إلى الباقي ولكن لا يجوز التكرار مطلقا بأن يشبع واحدا مرات متعددة
أو يدفع إليه أمدادا متعددة من كفارة واحدة إلا إذا تعذر استيفاء تمام العدد.
(مسألة 1307): الكسوة لكل فقير ثوب وجوبا وثوبان استحبابا بل هما
مع القدرة أحوط.
(مسألة 1308): لا بد من التعيين مع اختلاف نوع الكفارة، ويعتبر
التكليف والاسلام في المكفر، كما يعتبر في مصرفها الفقر والأحوط اعتبار الايمان
ولكن يجوز دفعها إلى الضعفاء من غير أهل الولاية - عدا النصاب - إذا لم يجد
المؤمن، ولا يجوز دفعها إلى واجب النفقة ويجوز دفعها إلى الأقارب بل لعله
505

أفضل.
(مسألة 1309): المدار في الكفارة المرتبة على حال الأداء فلو كان قادرا
على الصوم ثم عجز أطعم، ولا يستقر الصوم في ذمته، ويكفي في تحقق الموجب
للانتقال إلى البدل فيها العجز العرفي في وقت التكفير، فإذا أتى بالبدل ثم
طرأت القدرة أجزأ بل يكفي الشروع فيه فإذا عجز عن الصوم فدخل في
الاطعام ثم تمكن منه اجتزأ باتمام الاطعام على الأظهر.
(مسألة 1310): في كفارة الجمع يجب الباقي بالعجز عن العتق وعليه
الاستغفار على الأحوط، وكذا إذا عجز عن غيره من الخصال.
(مسألة 1311): يجب في الكفارة المخيرة التكفير بجنس واحد فلا يجوز
أن يكفر بنصفين من جنسين بأن يصوم شهرا ويطعم ثلاثين مسكينا.
(مسألة 1312): الأظهر في الكفارة المالية وغيرها جواز التأخير بمقدار
لا يعد من المسامحة في أداء الواجب ولكن المبادرة أحوط.
(مسألة 1313): قد عد من الكفارات المندوبة ما روي عن الصادق
عليه السلام من أن كفارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان، وكفارة
المجالس أن تقول عند قيامك منها: سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام
على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وكفارة الضحك أن يقول: اللهم لا
تمقتني، وكفارة الاغتياب الاستغفار للمغتاب، وكفارة الطيرة التوكل، وكفارة
اللطم على الخدود الاستغفار والتوبة.
(مسألة 1314): إذا عجز عن الكفارة المخيرة لافطار شهر رمضان
عمدا تصدق بما يطيق، ومع التعذر يتعين عليه الاستغفار، ولكن إذا تمكن بعد
ذلك لزمه التكفير على الأحوط وجوبا.
506

(الإرث)
507

(أحكام الإرث)
(مسألة 1315): الأرحام في الإرث ثلاث طبقات، فلا يرث أحد
الأقرباء في طبقة إلا إذا لم يوجد للميت أقرباء من الطبقات السابقة عليها وترتيب
الطبقات كما يلي:
(الطبقة الأولى): الأبوان والأولاد مهما نزلوا، فالولد وولد الولد كلاهما
من الطبقة الأولى، غير أن الولد يمنع الحفيد والسبط عن الإرث عند اجتماعهما
مع الولد.
(الطبقة الثانية): الأجداد والجدات مهما تصاعدوا، والإخوة
والأخوات، أو أولادهما مع عدم وجودهما، وإذا تعدد أولاد الأخ منع الأقرب
منهم الأبعد عن الميراث، فابن الأخ مقدم في الميراث على حفيد الأخ، وهكذا
كما أن الجد يتقدم على ابن الجد.
(الطبقة الثالثة): الأعمام والأخوال والعمات والخالات، وإذا لم يوجد
أحد منهم قام أبناؤهم مقامهم ولوحظ فيهم الأقرب فالأقرب، فلا يرث الأبناء
مع وجود العم أو الخال أو العمة أو الخالة إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون
للميت عم أبوي يشترك مع أبي الميت في الأب فقط، وله ابن عم من الأبوين
يشارك أبا الميت في الوالدين معا، فإن ابن العم - في هذه الحالة - يقدم على
العم، ولو تعدد العم أو ابن العم أو كان زوج أو زوجة ففي جريان الحكم
المذكور اشكال.
وإذا لم يوجد للميت أقرباء من هذه الطبقات ورثته عمومة أبيه وأمه
509

وعماتهما وأخوالهما وخالاتهما وأبناء هؤلاء مع عدم وجودهم، وإذا لم يوجد للميت
أقرباء من هذا القبيل ورثته عمومة جده وجدته وأخوالهما وعماتهما وخالاتهما،
وبعدهم أولادهم مهما تسلسلوا بشرط صدق القرابة للميت عرفا والأقرب منهم
يقدم على الأبعد.
وهناك بإزاء هذه الطبقات الزوج والزوجة، فإنهما يرثان بصورة مستقلة
عن هذا الترتيب على تفصيل يأتي.
510

(إرث الطبقة الأولى)
(مسألة 1316): إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الأولى إلا أبناؤه
ورثوا المال كله، فإن كان له ولد واحد - ذكرا كان أو أنثى - كان كل المال له،
وإذا تعدد أولاده وكانوا جميعا ذكورا أو إناثا تقاسموا المال بينهم بالسوية، وإذا
مات عن أولاده ذكور وإناث كان للولد ضعف البنت، فمن مات عن ولد وبنت
واحدة قسم ماله ثلاثة أسهم وأعطي للولد سهمان، وللبنت سهم واحد.
(مسألة 1317): إذا لم يكن للميت قريب من الطبقة الأولى غير أحد
أبويه فقط أخذ المال كله، ومع وجود الأبوين معا يأخذ الأب ثلثي المال وتأخذ
الأم الثلث مع عدم الحاجب، ومع وجود الحاجب من الأقرباء ينقص سهم
الأم من الثلث إلى السدس ويعطى الباقي للأب، كما إذا كان للميت إخوة
فإنهم وإن لم يرثوا شيئا إلا أنهم يحجبون الأم عن الثلث فينخفض سهمها من
الثلث إلى السدس إذا توفرت فيهم شرائط معينة وهي ستة.
1 - وجود الأب.
2 - أن لا يقل الإخوة عن رجلين أو أربع نساء أو رجل وامرأتين.
3 - أن يكونوا إخوة الميت لأبيه وأمه أو للأب خاصة.
4 - أن يكونوا منفصلين بالولادة لا حملا.
5 - الاسلام.
6 - الحرية.
511

(مسألة 1318): لو اجتمع الأبوان مع الأولاد فلذلك صور:
(منها) أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة ولا تكون للميت إخوة تتوفر
فيهم الشرائط المتقدمة للحجب فيقسم المال خمسة أسهم، فلكل من الأبوين
سهم واحد وللبنت ثلاثة أسهم.
و (منها) أن يجتمع الأبوان مع بنت واحدة وللميت إخوة تجتمع فيهم
الشرائط المتقدمة للحجب وحكمها حكم الصورة السابقة - على قول - فيقسم
المال خمسة أسهم أيضا ولا أثر لوجود الإخوة، ولكن المشهور أن الإخوة يحجبون
الأم فيقسم المال أسداسا، وتعطى ثلاثة أسهم كاملة منها للبنت كما تعطى
أيضا ثلاثة أرباع سدس آخر، وتنخفض حصة الأم إلى السدس فتكون حصة
الأب السدس وربع السدس، فبالنتيجة يقسم المال أربعة وعشرين حصة:
تعطى أربعة منها للأم وخمسة منها للأب، والباقي - وهو خمس عشرة حصة -
للبنت، والمسألة لا تخلو عن اشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيما به
التفاوت بين الخمس والسدس من حصة الأم.
و (منها) أن يجتمع الأبوان مع ولد ابن، فيقسم المال إلى ستة أسهم، يعطى
كل من الأبوين منها سهما، ويعطى الولد سهاما أربعة، وكذلك الحال إذا تعدد
الأولاد مع وجود الأبوين، فإن لكل من الأب والأم السدس وتعطى السهام
الأربعة للأولاد يتقاسمونها بينهم بالسوية إن كانوا ذكورا جميعا أو إناثا وإلا
قسمت بينهم على قاعدة أن للابن ضعف ما للبنت.
(مسألة 1319): إذا اجتمع أحد الأبوين مع الأولاد فله صور أيضا:
(منها): أن يكون أحد الأبوين حيا - وللميت بنت واحدة - فيعطى ربع
المال للأب أو الأم، ويعطى الباقي كله للبنت.
512

و (منها): أن يجتمع أحد الأبوين مع ولد واحد أو أولاد ذكور للميت،
وفي هذه الحالة يعطى أحد الأبوين سدس المال والباقي للولد، ومع التعدد
يقسم بينهم بالسوية.
و (منها): أن يجتمع أحد الأبوين مع بنات للميت، فيأخذ الأب أو الأم
خمس المال ويكون الباقي للبنات يقسم بينهم بالسوية.
و (منها): أن يجتمع أحد الأبوين مع ابن وبنت معا، فيعطى سدس المال
للأب أو الأم ويقسم الباقي بين أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين.
(مسألة 1320): إذا لم يكن للميت ابن أو بنت بلا واسطة كان الإرث
لأولادهما فيرث حفيده حصة أبيه وإن كان أنثى، ويرث سبطه حصة أمه وإن
كان ذكرا، ومع التعدد في كلا الفرضين للذكر مثل حظ الأنثيين، فلو مات
شخص عن بنت ابن وابن بنت أخذت البنت سهمين وأخذ الابن سهما
واحدا.
513

(إرث الطبقة الثانية)
(مسألة 1321): سبق أن الإخوة من الطبقة الثانية، ووراثة الأخ لأخيه
تتصور على أنحاء:
1 - أن يكون وارث الميت أخا واحدا، أو أختا واحدة: فللأخ أو الأخت
- في هذه الحالة - المال كله سواء كانت الإخوة باعتبار الأب أو الأم أو باعتبارهما
معا.
2 - أن يرثه إخوة متعددون، كلهم إخوته لأبيه وأمه، أو كلهم إخوته
لأبيه فقط، فيقسم المال بينهم بالسوية إن كانوا جميعا ذكورا أو إناثا، وإلا قسم
على قاعدة أن للذكر ضعف ما للأنثى، فللأخت سهم وللأخ سهمان.
3 - أن يرثه إخوة متعددون، كلهم إخوته لأمه، فيقسم المال بينهم
بالسوية سواء كانوا ذكورا أم إناثا أم مختلفين.
4 - أن يجتمع الأخ للأبوين مع الأخ للأب دون أخ للأم، فيرث المال
كله الأخ للأبوين، ولا يرث الأخ للأب شيئا، ومع تعدد الإخوة للأبوين - في
هذه الحالة - يتقاسمون المال على قاعدة أن للذكر ضعف ما للأنثى.
5 - أن يجتمع الإخوة للأبوين - أو الإخوة للأب إذا لم يكن إخوة للأبوين
- مع أخ واحد أو أخت واحدة للأم، فيعطى للأخ أو الأخت للأم سدس
واحد، ويقسم الباقي على سائر الإخوة للذكر ضعف ما للأنثى.
6 - أن يجتمع الإخوة للأبوين - أو الإخوة للأب إذا لم تكن إخوة للأبوين
- مع إخوة وأخوات للأم، فينقسم الميراث ثلاثة أسهم يعطى سهم منها
514

للإخوة من الأم، يتقاسمون بالسوية ذكورا وإناثا والسهمان الآخران للباقين
للذكر ضعف ما للأنثى.
7 - أن يجتمع الإخوة من الأبوين مع إخوة للأب وأخ واحد أو أخت
واحدة للأم، فيحرم الإخوة للأب من الميراث ويعطى للأخ أو الأخت من الأم
سدس المال، ويقسم الباقي - كله - على إخوته من الأبوين للذكر ضعف ما
للأنثى.
8 - أن يجتمع للميت إخوة من الأبوين وإخوة للأب وإخوة للأم، فلا
يرث الإخوة للأب - كما في الصورة السابقة - ويعطى للإخوة المتعددين من الأم
ثلث المال، يقسم بينهم بالسوية ذكورا وإناثا، والثلثان الآخران للإخوة من
الأبوين للذكر ضعف ما للأنثى.
(مسألة 1322): إذا مات الزوج عن زوجة وإخوة، ورثته الزوجة - على
تفصيل يأتي - وورثته إخوته وفقا لما عرفت في المسائل السابقة، وإذا ماتت
الزوجة عن إخوة وزوج كان للزوج نصف المال والباقي للإخوة طبقا لما سبق
غير أن الإخوة للأم لا يرد عليهم النقص، وإنما يرد على الإخوة للأب أو
للأبوين، فإذا كانت التركة ستة دراهم، وكان للميت - زوج - مثلا - كان
للإخوة من الأم درهمان منها كما لو لم يوجد زوج لأختهم المتوفاة، ويعطى للزوج
ثلاثة دراهم هي نصف التركة ويبقى درهم واحد للإخوة من الأب أو الأبوين.
وهذا معنى أن الإخوة للأب أو الأبوين يرد النقص عليهم دون الإخوة من
الأم.
(مسألة 1323): إذا لم يكن للميت إخوة قامت ذريتهم مقامهم في
أنصبتهم وكذلك في طريقة توزيعها بالتساوي أو الاختلاف على المشهور،
فذرية الإخوة من الأم توزع التركة عليهم بالتساوي ذكورا وإناثا وذرية الإخوة
515

من الأب أو الأبوين يكون التقسيم بينهم على قاعدة أن للذكر ضعف حظ
الأنثى، هذا ولكن لا يبعد أن يكون التقسيم بينهم أيضا بالتساوي، والأحوط
الرجوع إلى الصلح.
(مسألة 1324): الأجداد والجدات من الطبقة الثانية كالإخوة - كما
سبق - ولإرثهم صور:
(1) أن ينحصر الوارث في جد أو جدة لأبيه أو لأمه فالمال كله للجد أو
الجدة، ومع الجد الأقرب أو الجدة لا يرث الأبعد.
(2) أن يرثه جده وجدته لأبيه، فللجد الثلثان وللجدة الثلث.
(3) أن يرثه جده وجدته لأمه، فيقسم بينهم المال جميعا بالسوية.
(4) أن يرثه أحد جديه لأبيه مع أحد جديه لأمه، فللجد أو الجدة من
الأم الثلث والباقي للجد أو الجدة من الأب.
(5) أن يرثه جداه لأبيه - الجد والجدة - وجداه لأمه، فيعطى للجدين
من الأب ثلثان، للجد منه ضعف ما للجدة، ويعطى للجدين من الأم ثلث
يقسم بينهما بالسوية.
(مسألة 1325): إذا مات الرجل وله زوجة وجدان - الجد والجدة - لأبيه
وجدان لأمه، فيعطى لجديه من الأم ثلث مجموع التركة يقسم بين الجد والجدة
على السواء وترث الزوجة نصيبها - على تفصيل سيأتي - ويعطى الباقي لجده
وجدته لأبيه للذكر منهما ضعف حظ الأنثى.
(مسألة 1326): إذا ماتت المرأة عن زوج وجد وجدة أخذ الزوج
نصف المال والباقي للجد والجدة وفقا للتفصيلات السابقة.
(مسألة 1327): إذا اجتمع الأخ أو الأخت أو الإخوة أو الأخوات مع
516

الجد أو الجدة أو الأجداد والجدات ففيه صور:
(الأولى): أن يكون كل من الجد أو الجدة والأخ أو الأخت جميعا من
قبل الأم ففي هذه الصورة يقسم المال بينهم بالسوية وإن اختلفوا في الذكورة
والأنوثة.
(الثانية): أن يكونوا جميعا من قبل الأب، ففي هذه الصورة يقسم المال
بينهم بالتفاضل للذكر من حظ الأنثيين مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة وإلا
فبالسوية.
(الثالثة): أن يكون الجد أو الجدة للأب والأخ أو الأخت للأبوين،
وحكم هذه الصورة حكم الصورة الثانية، وقد تقدم أنه إذا كان للميت أخ أو
أخت للأب فقط فلا إرث له إذا كان معه أخ أو أخت للأبوين.
(الرابعة): أن يكون الأجداد أو الجدات متفرقين فكان بعضهم للأب
وبعضهم للأم سواء أكانوا جميعا ذكورا أم إناثا أم مختلفين في الذكورة والأنوثة وكانت
الإخوة أو الأخوات أيضا كذلك، أي كان بعضهم للأم وبعضهم للأب كانوا
جميعا ذكورا أو إناثا أو مختلفين فيهما، ففي هذه الصورة يقسم المال على الشكل
التالي: للمتقرب بالأم من الإخوة أو الأخوات والأجداد أو الجدات جميعا الثلث
يقسمونه بينهم بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة وللمتقرب بالأب
منهم كذلك الثلثان الباقيان يقتسمونهما بينهم بالتفاضل للذكر مثل حظ الأنثيين
مع الاختلاف فيهما وإلا فبالسوية.
(الخامسة): أن يكون مع الجد أو الجدة من قبل الأب أخ أو أخت من
قبل الأم ففي هذه الصورة يكون للأخ أو الأخت السدس إن كان واحدا،
والثلث إن كان متعددا، يقسم بينهم بالسوية والباقي للجد أو للجدة واحدا كان
أو متعددا، نعم في صورة التعدد يقسم بينهم بالتفاضل مع الاختلاف في
517

الذكورة والأنوثة وإلا فبالسوية.
(السادسة): أن يكون مع الجد أو الجدة للأم أخ للأب، ففي هذه
الصورة يكون للجد أو الجدة الثلث واحدا كان أو متعددا وللأخ الثلثان وإن
كان واحدا، وإذا كانت مع إحداهما أخت للأب فإن كانتا اثنتين فما فوق فلهن
الثلثان وإن كانت واحدة فلها النصف وللجد أو الجدة الثلث في كلتا
الصورتين، فيبقى السدس زائدا من الفريضة في الصورة الأخيرة، ولا يترك
الاحتياط بالصلح فيه.
(السابعة): أن لا يكون الأجداد أو الجدات متفرقين فكان بعضهم
للأب وبعضهم للأم وكان معهم أخ أو أخت للأب واحدا كان أو أكثر، ففي
هذه الصورة يقسم المال على النحو التالي: للجد أو الجدة من قبل الأم الثلث،
ومع التعدد يقسم بينهم بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة، وللجد
أو الجدة والأخ أو الأخت للأب جميعا الثلثان الباقيان يقسمان بالتفاضل مع
الاختلاف وإلا فبالسوية، وإذا كان معهم أخ أو أخت للأم يكون للجد أو
الجدة للأم مع الأخ أو الأخت لها الثلث بالسوية ولو مع الاختلاف في الذكورة
والأنوثة، وللجد أو الجدة للأب الثلثان يقسمان بالتفاضل مع الاختلاف فيهما
وإلا فبالسوية.
(الثامنة): أن يكون مع الإخوة أو الأخوات المتفرقين جد أو جدة
للأب، ففي هذه الصورة يكون للأخ أو الأخت للأم السدس إن كان واحدا
والثلث إن كان متعددا يقتسمونه بينهم بالسوية، وللأخ أو الأخت للأب مع
الجد أو الجدة له الباقي يقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين مع الاختلاف وإلا
فبالسوية، وإن كان معهم جد أو جدة للأم فقط فللجد أو الجدة مع الأخ أو
الأخت للأم جميعا الثلث يقتسمونه بينهم بالسوية وللأخ أو الأخت للأب
الباقي يقتسمونه بينهم بالتفاضل مع الاختلاف وإلا فبالسوية.
518

(مسألة 1328): أولاد الإخوة لا يرثون مع الإخوة شيئا فلا يرث ابن
الأخ وإن كان للأبوين مع الأخ أو الأخت وإن كان للأب أو الأم فقط، هذا
فيما إذا زاحمه، وأما إذا لم يزاحمه كما إذا ترك جدا لأمه ابن أخ لأمه وأخا لأبيه
فإن ابن الأخ حينئذ يشارك الجد في الثلث والثلثان لأخيه.
519

(إرث الطبقة الثالثة)
(مسألة 1329): العم والعمة من الطبقة الثالثة، ولإرثهما صور:
(منها): أن ينحصر الوارث في عم واحد أو عمة واحدة، فالمال كله للعم
أو العمة سواء كانا مشتركين مع أب الميت في الأب والأم معا (العم أو العمة
للأبوين) أو في الأب فقط (العم أو العمة للأب) أو في الأم فقط (العم والعمة
للأم).
و (منها): أن يموت الشخص عن أعمام أو عمات، كلهم أعمام أو عمات
للأب، أو للأم أو للأبوين فيقسم المال جميعا عليهم بالسوية.
و (منها): أن يموت الشخص عن عم وعمة كلاهما للأب أو كلاهما
للأبوين فالأقوى أن للعم ضعف ما للعمة، ولا فرق في ذلك بين أن يكون
العم أو العمة واحدا أو أكثر من واحد.
و (منها): أن يموت الشخص عن أعمام وعمات للأم، وفي هذه الصورة
أيضا يقسم المال بينهم بالتفاضل وإن كان الأحوط التصالح في الزيادة.
و (منها): أن يموت الشخص عن أعمام وعمات، بعضهم للأبوين
وبعضهم للأب وبعضهم للأم، فلا يرثه الأعمام والعمات للأب وإنما يرثه
الباقون، فإذا كان للميت عم واحد للأم أو عمة واحدة كذلك فالأظهر أنه
يعطى السدس ويأخذ الأعمام والعمات للأبوين الباقي يقسم بينهم على قاعدة
أن الذكر ضعف حظ الأنثى، وإذا كان الميت عم للأم وعمة لها معا أخذ
الثلث والمشهور أن يقسم بينهما بالسوية ولكن لا يبعد التقسيم بالتفاصيل ههنا
520

أيضا، والأولى الرجوع إلى الصلح.
و (منها): أن يموت الشخص عن أعمام وعمات بعضهم للأب وبعضهم
للأم، فيقوم المتقرب بالأب - في هذه الصورة - مقام المتقرب بالأبوين في الصورة
السابقة.
(مسألة 1330): الأخوال والخالات من الطبقة الثالثة - كما مر - وإذا
اجتمع منهم المتقربون بالأب والمتقربون بالأم والمتقربون بالأبوين ففي سقوط
المتقربين بالأب - أي الخال المتحد مع أم الميت في الأب فقط - وانحصار الإرث
بالباقين اشكال، وعلى تقدير فلا يبعد أن تكون القسمة بينهم بالتفاضل
لا بالسوية، ولكن مع ذلك لا يترك الاحتياط بالتصالح.
(مسألة 1331): إذا اجتمع من الأعمام والعمات واحد أو أكثر مع واحد
أو أكثر من الأخوال قسم المال ثلاثة أسهم فسهم واحد للخؤولة وسهمان
للعمومة وإذا لم يكن للميت أعمام وأخوال قامت ذريتهم مقامهم على نحو ما
ذكرناه في الإخوة غير أن ابن العم للأبوين يتقدم على العم للأب كما تقدم.
(مسألة 1332): إذا كان ورثة الميت من أعمام أبيه وعماته وأخواله
وخالاته، ومن أعمام أمه وعماتها وأخوالها وخالاتها، أعطي ثلث المال لهؤلاء
المتقربين بالأم ويقسم ما بينهم بالسوية لا بالتفاضل على المشهور ولكن
لا يترك الاحتياط بالتصالح، وأعطي ثلث الباقي لخال الأب وخالته، ويقسم بينهما
كذلك والباقي لعم الأب وعمته يقسم بينهما كذلك أيضا وإذا لم يكن هؤلاء كان
الإرث لذريتهم مع رعاية الأقرب فالأقرب.
521

(إرث الزوج والزوجة)
(مسألة 1333): للزوج نصف التركة إذا لم يكن للزوجة ولد وإن نزل
وله ربع التركة إذا كان لها ولد، ولو من غيره وباقي التركة يقسم على سائر
الورثة، وللزوجة - إذا مات زوجها - ربع المال إذا لم يكن للزوج ولد وإن نزل،
ولها الثمن إذا كان له ولد ولو من غيرها، والباقي يعطى لسائر الورثة، غير أن
الزوجة لها حكم خاص في الإرث فإن بعض الأموال لا ترث منها مطلقا ولا
نصيب لها لا فيها ولا في قيمتها وثمنها وهي الأراضي بصورة عامة كأرض الدار
والمزرعة وما فيها من مجرى القنوات وبعض الأموال لا ترث منها عينا ولكنها ترث
منها قيمة بمعنى أنها لا حق لها في نفس الأعيان، وإنما لها نصيب من ماليتها
وذلك في الأشجار والزرع والأبنية التي في الدور وغيرها، فإن للزوجة سهمها
في قيمة تلك الأموال والعبرة بقيمتها يوم الدفع، ولو بذل الوارث لها نفس
الأعيان بدلا عن القيمة فالأحوط لها القبول بل لا يخلو من قوة.
وأما غير تلك الأموال من أقسام التركة فترث منه الزوجة كما يرث سائر الورثة، ثم
إن طريقة التقويم فيما ترث الزوجة من قيمته هي ما تعارف عند
المقومين في تقويم مثل الدار والبستان عند البيع من تقويم البناء أو الشجر بما
هو هو لا بملاحظته ثابتا في الأرض بدون أجرة ولا بملاحظته منقوضا أو
مقطوعا فيعطى إرث الزوجة من قيمته المستنبطة على هذا الأساس.
(مسألة 1334): لا يجوز لسائر الورثة التصرف فيما ترث منه الزوجة
حتى فيما لها نصيب من قيمته - على الأظهر - كالأشجار وبناء الدار إلا مع
الاستيذان منها.
522

(مسألة 1335): إذا تعددت الزوجات قسم الربع أو الثمن عليهن،
ولو لم يكن قد دخل بهن أو ببعضهن، نعم من لم يدخل بها وكان قد تزوجها في
مرضه الذي مات فيه فنكاحها باطل ولا مهر لها ولا ميراث، ولكن الزوج إذا
تزوج امرأة في مرض موتها يرث منها ولو لم يدخل بها.
(مسألة 1336): الزوجان يتوارثان - فيما إذا انفصلا بالطلاق الرجعي
- ما دامت العدة باقية، فإذا انتهت أو كان الطلاق بائنا فلا توارث.
(مسألة 1337): إذا طلق الرجل زوجته في حال المرض ومات قبل
انقضاء السنة - أي اثني عشر شهرا هلاليا - ورثت الزوجة عند توفر شروط
ثلاثة:
(1) أن لا تتزوج المرأة بغيره إلى موته أثناء السنة وإلا فالأظهر عدم ثبوت
الإرث وإن كان الصلح أحوط.
(2) أن لا يكون الطلاق بأمرها ورضاها - بعوض أو بدونه (وإلا لم ترثه
على الأقوى.
(3) موت الزوج في ذلك المرض بسببه أو بسبب أمر آخر فلو برئ من
ذلك المرض ومات بسبب آخر لم ترثه الزوجة.
(مسألة 1338): ما تستعمله الزوجة من ثياب ونحوها بسماح من
زوجها لها بذلك من دون تمليكها إياها يعتبر جزء من التركة يرث منه مجموع
الورثة ولا تختص به الزوجة.
523

(مسائل متفرقة في الإرث)
(مسألة 1339): يعطى من تركة الميت مجانا لولده الأكبر أو للولدين
المتساويين في العمر - مع عدم وجود أخ أكبر منهما - قرآن الميت وخاتمه وسيفه
وثياب بدنه - دون ما أعده للتجارة ونحوها - وإذا تعدد غير الثياب كما إذا كان
له سيفان تعين الاحتياط بالصلح مع باقي الورثة، وفي إلحاق الرحل ومثل
البندقية والخنجر وما يشبههما من الأسلحة بالأربعة المتقدمة وجه ولكن لا يترك
الاحتياط فيها بالمصالحة مع سائر الورثة.
(مسألة 1340): إذا كان على الميت دين فإن كان مستغرقا للتركة وجب
على الولد الأكبر صرف مختصاته الآنفة الذكر في أداء الدين أو فكها بما يخصها
منه، وإذا لم يكن مستغرقا فإن كان مزاحما لها لنقص ما تركه غيرها عن وفائه
كان على الولد الأكبر المساهمة في أدائه من تلك المختصات بالنسبة أو فكها بما
يخصها منه، وإذا لم يكن مزاحما فالأحوط له أن يساهم أيضا في أدائه بالنسبة،
فلو كان الدين يساوي نصف مجموع التركة صرف نصف تلك المختصات في
هذا السبيل، وفي حكم الدين فيما ذكر كفن الميت وغيره من مؤونة تجهيزه التي
تخرج من أصل التركة.
(مسألة 1341): يعتبر في الوارث أن يكون مسلما إذا كان المورث
كذلك، فلا يرث الكافر من المسلم وإن ورث المسلم الكافر، وكذلك يعتبر فيه
أن لا يكون قد قتل مورثه عمدا ظلما، وأما إذا قتله خطأ - كما إذا رمى بحجارة إلى
الهواء فوقعت على مورثه ومات بها - فيرث منه إلا أن إرثه من الدية محل نظر.
(مسألة 1342): الحمل يرث إذا انفصل حيا، ويجوز قبل ولادته تقسيم
524

التركة على سائر الورثة، والأحوط حينئذ أن يعزل له نصيب ذكر - مع عدم
الاطمينان بكونه أنثى - بل الأحوط أن يعزل له نصيب ذكرين - بل أزيد - إذا
احتمل تعدده احتمالا معتدا به، فإن ولد حيا وكان ذكرين فهو، وإن كان ذكرا
وأنثى أو أنثيين أو ذكرا واحدا أو أنثى واحدة قسم الزائد على سائر الورثة
بنسبة سهامهم.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
525