الكتاب: مناسك الحج
المؤلف: الشيخ لطف الله الصافي
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١١ ذي القعدة ١٤١٤
المطبعة: مهر
الناشر: دار القرآن الكريم
ردمك:
ملاحظات:

مناسك الحج
مطابق لفتاوى
المرجع الديني سماحة آية الله العظمى
الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني
مد ظله الشريف
1

مناسك الحج
مطابق لفتوى
المرجع الديني سماحة آية الله
الشيخ لطف الله الصافي الگلپايكاني
مد ظله الشريف
الناشر: دار القرآن الكريم
طبع منه: 5000 نسخة
ليتوغراف: حميد، قم
المطبعة: مهر
الطبعة: الأولى
التاريخ: 11 ذي القعدة / 1414 ه‍ ق
2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه
وأشرف بريته محمد وآله الطاهرين، لا سيما بقية الله في
الأرضين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الرسالة مناسك الحج مطابقة
لفتاوى هذا العبد الفقير تقبل الله أعمال
الحجاج والمعتمرين بحق محمد وآله الطاهرين
صلوات الله عليهم أجمعين لطف الله الصافي
فضيلة الحج
قال الله تعالى: ((ولله على الناس حج البيت من
استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين))
الحج من أعظم شعائر الإسلام وأركانه القويمة، ووجوبه
على من استطاع من ضروريات الدين، ثابت بالتأكيد كتابا
3

وسنة واجماعا، وفوائد التربوية والاجتماعية والسياسية كثيرة
لا تحصى، ففي مشاهده ومشاعره تتجلى آيات الله البينات،
وشوكة الإسلام، وعزة الدين الحنيف، ونفوذ رسالة النبي
الأمين صلى الله عليه وآله، ووحدة المسلمين، وهو أكبر مؤتمر
روحاني عالمي يعقد في كل سنة، يشترك فيه ضيوف الله،
ويأتيه أصناف الناس، أبيضهم وأسودهم، يجتمعون على
صعيد واحد، لا فرق بين عربيهم وأعجميهم، كلهم أمام الله
سواء تظهر فيه المساواة الإنسانية الإسلامية.
وهو مدرسة عالمية أخلاقية عبادية، يتعلم الناس فيها
دروس التوحيد والتسليم الخالص لأحكام الله تعالى،
والرياضيات الروحية، والأخوة الايمانية، فينبغي لمن رزقه الله
تعالى توفيق درك هذه المشاعر والمشاهد الشريفة، وشرف
زيارة الروضة النبوية ومراقد العترة الطاهرة، أن يكون عارفا
بعظيم المنة من الله تعالى به عليه، شاكرا لأنعم الله عليه، ذكرا
لله تعالى في هذه المواقف الكريمة، لا يشتغل بأمر إلا بما يقربه
4

إليه للفوز بالحسنات، ورفع الدرجات.
فهذه المواطن كلها مواطن وقف فيه رسول الله تعالى
والأئمة الطاهرين من عترته صلى الله عليه وآله أجمعين،
ومواطن أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين عليهما السلام،
ومواقف مولانا وولي أمرنا صاحب الزمان المهدي عجل الله
تعالى فرجه، فالحري بالمؤمن العارف أن يغتنم هذه الفرض
الجليلة، ويتذكر شأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم، المبعوث بديننا الحنيف، وأن أحد أركانه هذه المراسم
التي يتجلى فيها روح عبوديتنا لله تعالى، وتقربنا إليه، حيث
نطوف حول بيته الحرام عابدين حامدين داعين مستغفرين.
فانظر يا أخي إلى جمال الدين في هذه المراسم
الجميلة، فسبحان الجميل الذي أكرمنا بالاسلام، وجعلنا من
أمة محمد صلى الله عليه وآله، وجعل القرآن كتابنا، والكعبة
المعظمة قبلتنا.
اللهم اعل بناء نبينا بناء البانين، وابعثه مقاما محمودا،
5

يغبطه الأولون والآخرون، وصل عليه وعلى عترته
الطاهرين، أعدال الكتاب، وسفن النجاة، أمان الأمة من
الضلال، وأدخلنا في رحمتك، يا أرحم الراحمين
6

أحكام الحج
7

بسم الله الرحمن الرحيم
بعد الحمد والصلاة، هذه رسالة وجيزة مشتملة على
واجبات الحج والعمرة بأقسامهما، ووضعناها لتسهيل الأمر على
الحاج والمعتمر. والله نسأل الله أن ينفع بها المؤمنين، ويجعلها
ذخرا ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون
وجوب الحج
الحج هو من أركان الدين، ووجوبه على من توفرت فيه
الشروط ضروري بين المسلمين، وقد صرح به الكتاب المبين،
ومنكره في سلك الكافرين، وتاركه مستخفا بمنزلة، الكفار،
وتركه من غير استخفاف من الكبائر.
(مسألة 1) يجب الحج في أصل الشرع في العمر مرة،
ولا يجب بالوجوب العيني أكثر من ذلك، حتى على أهل الجدة.
9

(مسألة 2) الأحوط وجوب الحج كفاية على كل
مكلف متمكن بحيث لا تبقى مكة خالية من الحجاج.
(مسألة 3) وجوب الحج بعد تحقق الشرائط فوري،
وتأخيره عن عام الاستطاعة معصية، بل لا يبعد أن يكون من
الكبائر، وإن عصى وتركه في العام الأول، ففي العام الثاني أيضا
وجوبه فوري وتركه كبيرة، كتركه العام الأول، وهكذا في كل
سنة إلى آخر العمر.
(مسألة 4) يجب على المستطيع المبادرة إلى تهيئة
ما يتوقف عليه إدراك الحج في عام الاستطاعة من الزاد
والراحلة، وغيرهما، ولو ببيع أو شراء، بحيث يتمكن من أدائه
في وقته.
(مسألة 5) لو تعدد الرفقة اختار الخروج مع
أوثقهم سلامة وإدراكا. ولو وجدت واحدة ولم يعلم حصول
أخرى، أو لم يعلم بتمكن المسير معهما، وجب الخروج مع
الأولى، إلا إذا وثق بإدراكه مع الأخرى.
10

(مسألة 6) لو ترك الخروج مع الأولى واتفق عدم
التمكن من المسير، أو عدم الادراك، استقر عليه، للتمكن من
المسير وإن لم يأثم بالتأخير مع الوثوق بالادراك مع الأخيرة.
أقسام الحج
الحج: واجب أو مستحب، والواجب منه على ثلاثة
أقسام:
الأول: حجة الإسلام، وهي واجبة على من توفرت فيه
الشروط - التي ستذكر - من الرجال والنساء والخناثى.
ولا يجب بأصل الشرع إلا مرة واحدة.
الثاني: ما يجب بالنذر، ما في معناه من العهد واليمين.
الثالث: ما يجب بالاستئجار للنيابة.
والمستحب من الحج ما كان غير ذلك.
11

شرائط وجوب حجة الإسلام.
يشترط في وجوب حجة الإسلام أمور:
الأول: البلوغ، فلا يجب على الصبي وإن كان مراهقا.
وإن حج عدة مرات لم يجز عن حجة الإسلام، وإن قلنا بشرعية
عباداته وصحتها.
(مسألة 7) يستحب للصبي المميز أن يحج وإن لم
يكن مجزيا عن حجة الإسلام.
ولا يشترط في صحة حجه إذن الولي وإن وجب عليه
الاستئذان في بعض الصور، لاستلزام حجة التصرف في أمواله
تصرفا يتوقف على إذن الولي.
(مسألة 8) لا يشترط في صحة حج البالغ إذن
الأبوين حتى في مندوب منه.
نعم، إذا نهى أحدهما عن الحج المندوب، بحيث توجب
13

مخالفته العقوق فالظاهر بطلانه، وأما الحج الواجب فلا إشكال
في صحته، وفي عدم جواز النهي عنه، وعدم ترتب أثر على
نهيهما.
(مسألة 9) يجوز للولي الاحرام بالصبي وإن كان نفسه
محلا.
(مسألة 10) المتيقن من الولي في إحرام الصبي غير
المميز هو الولي الشرعي، أي الأب والجد، والوصي لأحدهما،
والحاكم وأمينه ووكيل أحدهم، وأما غيره ممن يتكفل حاله،
مثل العم والخال والأخ ففيه إشكال، نعم لا إشكال في الأم
للنص الخاص. وأما المميز فلا يكفي فيه إذن غير الولي
الشرعي فيما اعتبر فيه الإذن.
(مسألة 11) النفقة الزائدة على نفقة الحضر على الولي،
إلا إذا كان حفظ الصبي متوقفا على سفر معه، أو كان السفر
مصلحة له، ولم تكن للحج نفقة زائدة على نفقة ذلك السفر.
(مسألة 12) الهدي على الولي، وكذا كفارة الصيد إذا
14

صاد الصبي، وأما سائر الكفارات ففيه إشكال، والأحوط (وجوبا)
تكفل الولي.
(مسألة 13) إن أحرم الصبي قبل البلوغ، وأدرك
المشعر بعد البلوغ، فالمشهور إجزاؤه عن حجة الإسلام، لكن
الأحوط (وجوبا) بل الأقوى عدم الإجزاء، وإعادة الحج بعد
الاستطاعة.
(مسألة 14) إذا بلغ قبل الميقات فلا إشكال في كون
حجه حجة الإسلام مع الاستطاعة، ولو من ذلك الموضع.
(مسألة 15) إذا حج ندبا باعتقاد أنه غير بالغ أو غير
مستطيع، فبان بعد الحج كونه بالغا أو مستطيعا، ففي إجزائه
عن حجة الإسلام تأمل وإشكال، فلا يترك الاحتياط (وجوبا)
بالإعادة.
نعم إذا قصدا ما عليهما من الحج وزعما أنه الاستحبابي
فالظاهر إجزاؤه عن حجة الإسلام.
الثاني: الحرية، فلا يجب على المملوك وإن أذن له مولاه
15

وكان مستطيعا من حيث المال، بناء على الأقوى من القول
بمالكيته. نعم لو حج بإذن مولاه صح بلا إشكال، لكن
لا يجزئ عن حجة الإسلام. فلو أعتق بعد ذلك وجبت عليه
الإعادة إذا اجتمعت له الشرائط، إلا إذا انعتق قبل إدراك
المشعر، فإنه يجزيه عن حجة الإسلام بشرائطه المذكورة في
محله.
ولا فرق في الأحكام المذكورة بين القن والمدبر والمكاتب
وأم الولد والمبعض على الظاهر.
الثالث: من حيث المال، وصحة البدن
وقوته، وتخلية السرب وسلامته، وسعة الوقت وكفايته.
(مسألة 16) إذا ترك الحج متعمدا مع تحقق جميع
الشرائط وبقائها إلى آخر وقت أعمال الحج، استقر عليه الحج،
ووجب عليه الاتيان به ولو متسكعا.
(مسألة 17) يجب الحج بالمباشرة مع التمكن، فلا يكفي
حج غيره عنه تبرعا أو بالإجارة أو غيرهما.
16

الحج الواجب بالنذر والعهد واليمين
ويشترط في انعقاده: البلوغ والعقل والقصد،
والاختيار. فلا ينعقد من الصبي وإن بلغ عشرا وقلنا بصحة
عباداته ولا من المجنون، والساهي، والغافل، والسكران،
والمكره.
والأقوى صحته من الكافر إذا اعتقد بوجود الصانع ولم
يقيد بإتيان الحج في حال كفره، فيجب عليه الإسلام والآتيان
به، ويعاقب على تركه، وتترتب على تركه الكفارة، وإن أسلم بعد
الحنث فلا يبعد الجب. وفي انعقاد النذر من الشاك وجه.
(مسألة 18) إذا نذر الحج مطلقا، أو مقيدا بسنة، ولم
يتمكن من الاتيان به حتى مات، لا يجب القضاء والكفارة،
ويكشف ذلك عن عدم انعقاد نذره.
(مسألة 19) لا يشترط في وجوب الحج بالنذر
17

الاستطاعة الشرعية، بل تكفيه القدرة العقلية، كما في سائر
الواجبات.
(مسألة 20) من كان عليه حج النذر الموسع
يجوز الاتيان بالمندوب قبله.
18

أحكام النيابة
لا إشكال في صحة النيابة في الحج عن الميت في الواجب
والمندوب، وعن الحي في المندوب مطلقا، وفي الواجب في
بعض الصور.
(مسألة 21) يشترط في النائب أمور:
الأول: البلوغ على المشهور، وهو الأحوط (وجوبا)، فلا يكتفى
بنيابة الصبي وإن كان مميزا. نعم لا يبعد صحة نيابة المميز في
المندوب.
الثاني: العقل، فلا تصح نيابة المجنون ولو أدواريا في
دور جنونه، ولا بأس بنيابة السفيه.
الثالث: الايمان، فلا تصح من غير المؤمن، وإن كان
مسلما معتقدا بوجوبه، وحصلت منه نية القربة.
وأما العدالة فلا تعتبر في صحة عمل النائب، فإذا أتى به
19

الفاسق صح وأجزأ عن المنوب عنه.
وإذا شك في إتيانه لا يجوز الاكتفاء به، وأما إذا علم باتيانه
وشك في صحة عمله حمل على الصحة.
وفي حجية قوله في الاتيان مع عدم الوثوق وجهان،
الأحوط (وجوبا) عدم الاكتفاء.
الرابع: معرفته بأفعال الحج، ولو بتعليم معلم عند كل
عمل، ولكن يشترط في صحة الإجارة معرفته بأفعال الحج
لئلا يكون الاقدام عليه غرريا.
الخامس: أن لا تكون ذمة النائب مشغولة بحج واجب،
فلا تصح استنابة المستطيع المتمكن من الاتيان به قبل أن يحج
عن نفسه، وكذا من وجب عليه الحج بالنذر.
هذا في العالم بوجوب الحج وأما الجاهل والغافل فقد
يقال بصحة نيابتهما، لكن فيها وكذا في صحة حجهما إشكال،
والأحوط عدم الاكتفاء به في براءة ذمة المنوب عنه.
(مسألة 22) تصح نيابة المملوك بإذن مولاه، ولا تصح.
20

بدونه
ولو حج بغير إذنه لا يصح، إلا إذا أحرز رضاه، أو كان
غافلا عن الحرمة، أو جاهلا بالموضوع أو الحكم مع القصور.
(مسألة 23) يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصح
النيابة عن الكافر المستطيع، لعدم كرامته، فلا يجب على وارثه
المسلم الاستنابة له لكن الأحوط استئجاره، لاحتمال وجوب
الحج عنه، وكون الحج كالدين يجب الأداء عنه وإن لم ينتفع به،
حتى لتخفيف العقاب، فيكون إتيان الحج موجبا لانتفاء
موضوع العقاب، فيصير المنوب عنه بعد حج النائب بمنزلة غير
المستطيع، وهذا غير الاستغفار الممنوع عنه في الآية الشريفة.
(مسألة 24) تجوز النيابة عن الصبي المميز، والمجنون
إن كانت له إفاقة في زمان يسع للحج، وإلا ففيه تأمل. نعم
يجب الاستئجار عنه إذا استقر عليه حال إفاقته، وإن مات
مجنونا.
(مسألة 25) لا تعتبر المماثلة في النيابة، فيجوز نيابة
21

الرجل عن المرأة وبالعكس، لكن لا يبعد أفضلية الرجل حتى
في النيابة عن المرأة.
ويعتبر في النيابة في الحج الواجب أن يكون المنوب عنه
ميتا أو عاجزا، فلا تصح النيابة عن المتمكن بنفسه، سواء
كانت النيابة تبرعا أو استئجارا. وأما في المندوب فتجوز
النيابة عن الحي المتمكن، والعاجز والميت.
(مسألة 26) لا بأس بنيابة الصرورة غير المستطيع،
رجلا كان أو امرأة عن الرجل والمرأة، بل لا يبعد عدم
الكراهة حتى في المرأة عن الرجل، إذا كانت عالمة بأحكام
الحج.
(مسألة 27) يعتبر في الحج النيابي قصد النيابة، بأن
يقصد بفعله امتثال أمر المنوب عنه، وأداء ما عليه واجبا أو
مندوبا، وبهذا الاعتبار يصح أن يقال: جعل نفسه بمنزلته، أو
عمله بمنزلة عمله في الامتثال.
ويعتبر تعيين المنوب عنه ولو بالإشارة الذهنية،
22

ولا يشترط ذكر اسمه وإن كان يستحب ذلك عند نية الاحرام،
وفي جميع المواقف.
(مسألة 28) إذا أتى النائب بما يوجب الكفارة فهي
عليه من ماله.
(مسألة 29) إطلاق الإجارة يقتضي التعجيل قبال
التأجيل، والأحوط الاتيان بالعمل فورا ففورا ما لم يشترط
الأجل إلا برضى المستأجر بالتأخير.
(مسألة 30) لو أفسد الأجير حجه بالجماع قبل
المشعر، فكالحاج عن نفسه، يجب عليه إتمامه والحج من قابل،
والظاهر وجوب قصد النيابة.
(مسألة 31)
إطلاق الإجارة يقتضي المباشرة، فلا يجوز
للأجير إيكال العمل إلى الغير، إلا بإذن المستأجر ورضاه.
(مسألة 32) لا يجوز لمن عليه التمتع استئجار من ضاق
وقته عن التمتع ويجب عليه العدول إلى الأفراد.
ولو استأجره مع سعة الوقت، ثم اتفق الضيق بعد نية
23

التمتع، فالأقوى جواز العدول، وإجزاؤه عن الميت، واستحقاق
الأجرة.
(مسألة 33) لا يجوز نيابة الواحد في حج واحد عن
المتعدد في الواجب، وأما في المندوب فيجوز نيابته كما يجوز
إهداء الثواب إليهم.
24

الحج المندوب
(مسألة 34) يستحب لغير واجد شرائط الوجوب أن
يحج مهما أمكن، وكذا لمن أتى بحجة الإسلام.
ويستحب تكراره، بل يستحب في كل سنة، بل يكره
تركه خمس سنين متوالية.
(مسألة 35) تستحب نية العود إلى الحج لمن يريد
الخروج من مكة، وفي الخبر: أنها توجب الزيادة في العمر.
وتكره نية عدم العود، وفي الخبر: أنها توجب النقص في العمر.
(مسألة 36) يستحب التبرع بالحج والطواف عن
الأقارب، وغيرهم، وعن المعصومين (عليهم السلام)، أمواتا
وأحياء، مع عدم حضورهم في مكة أو كونهم معذورين.
(مسألة 37) يستحب لفاقد الزاد والراحلة أن
يستقرض، ويحج مع الوثوق بالوفاء في حينه.
25

(مسألة 38) يستحب إحجاج غير المستطيع، ويجوز
إعطاء الزكاة له ليحج به من باب سبيل الله، بل يجوز إعطاء
الزكاة للفقير دفعة واحدة بمقدار تحصل له الاستطاعة.
(مسألة 39) الحج أفضل من التصدق بنفقته.
(مسألة 40) يستحب كثرة الانفاق في الحج، بل في
الخبر: إن الله يبغض الاسراف إلا في الحج والعمرة.
(مسألة 41) لا يجوز الحج بالمال الحرام، بل يبطل الحج
إن كان ثوبا الاحرام أو مركوبه أو بساطه أو نعله في الموقفين
غضبا، كما يوجب ذلك بطلان السعي.
(مسألة 42) يشترط في الحج المندوب إذن الزوج
والمولى والأبوين في بعض الصور، وأن لا يكون عليه حج
واجب، بل لو عصى وحج مع ذلك فصحة الحج مشكلة.
(مسألة 43) يصح إهداء ثواب الحج إلى الغير
بعد الفراغ، كما يصح أن يكون من نيته ذلك قبل الفراغ.
(مسألة 44) يستحب لمن ليس له مال يحج به الاتيان
26

بالحج ولو بإجارة نفسه للغير، وفي بعض الأخبار: أن للأجير
من الثواب تسعة أعشار وللمنوب عنه عشر واحد.
27

أنواع الحج
الحج ثلاثة أنواع:
1 - حج التمتع.
2 - حج القران.
3 - حج الافراد.
فالأول وهو حج التمتع يجب على كل مكلف مستطيع
يبعد وطنه عن مكة المكرمة بثمانية وأربعين (48) ميلا (1) من
كل جانب.
أما النوع الثاني والثالث: وهو حج القران وحج الافراد،
فإنه يجب أحدهما على كل مكلف مستطيع لم يبعد ذلك المقدار
(هامش)
أي ما يساوي ثمانية وسبعين (78) كيلو مترا تقريبا من كل
جانب.
29

(أي 78 كيلو مترا تقريبا) عن مكة المكرمة، ولا يكفي للبعيد
عن مكة المكرمة - ذلك المقدار - الحج الثاني أو الثالث (أي
القران أو الافراد).
هذا كله بالنسبة إلى حجة الإسلام، أي الحجة الأولى
الواجبة، وأما بالنسبة إلى الحج المندوب، أو المنذور مطلقا من
دون تقييد أو تعيين، أو الموصى به كذلك، (أي من دون
تعيين)، فيتخير المكلف بين الأقسام الثلاثة المذكورة أعلاه،
وإن كان الأفضل التمتع.
أما إذا كان للمكلف وطنان، أحدهما: داخل الحد، أي
دون المسافة المذكورة، والآخر: خارجه، فيلزم عليه العمل على الأغلب.
فإن كان يقضي أغلب أوقاته خارج المسافة، تعين عليه
حج التمتع، وإلا فيتعين عليه القران، أو الافراد، ومع التساوي
يتخير بين ذلك وإن حصلت الاستطاعة في أحدهما دون
الآخر، والأفضل التمتع.
30

كيفية حج التمتع إجمالا
أما كيفية حج التمتع على الاجمال، فهي: أن يحرم المكلف
من الميقات بالعمرة إلى الحج، ثم يأتي إلى مكة المكرمة،
فيطوف حول البيت المعظم سبعة أشواط، ثم يصلي بعد ذلك
ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم (عليه السلام)، ثم يسعى بعد
ذلك بين الصفا والمروة سبعا، (ولا يجب عليه طواف النساء)
ثم يقصر، وذلك بأن يأخذ شيئا من شعره أو يقلم شيئا من
أظفاره.
فإذا قصر حل من إحرامه، وحل له كل شئ حرم عليه
بالاحرام، إلا الحلق فإنه يحرم عليه قبل الحج.
فإذا صار يوم التروية، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة
على الأفضل ينشئ إحراما آخر للحج من مكة المكرمة، وإن
كان المقدار الواجب عليه، أن يحرم في وقت يمكنه من إدراك
31

الوقوف بعرفات حين الزوال اليوم التاسع من ذي الحجة.
فإذا أحرم المكلف من مكة المكرمة ذلك اليوم، ووصل
عرفات، وأدرك الوقوف حين الزوال، كفاه ذلك في أداء
الواجب.
ويجب الوقوف بعرفات من الزوال إلى الغروب، ثم يفيض
منها إلى المشعر الحرام، فيقف فيه من طلوع الفجر إلى طلوع
الشمس من يوم العيد، ثم يتوجه إلى منى فيؤدي مناسكها
الثلاثة، وهي: الرمي، ثم النحر أو الذبح، ثم الحلق خاصة على
الأحوط إذا كان صرورة، والحلق أو التقصير في غير
الصرورة.
فيرمي أولا جمرة العقبة، ثم يذبح أو ينحر هديه، ثم إن
تمكن حلق إن كان صرورة على الأحوط، وإن لم يكن في
رأسه شعر فيمر الموسى على رأسه ويقصر أيضا احتياطا
يقلم شيئا من أظفاره، أو يأخذ شيئا من شعره أو يحلق
إذا كان في الحجة الثانية أو ما بعدها.
32

فإذا فرغ من أداء هذه المناسك الثلاثة حل له جميع ما
حرم عليه بالاحرام إلا الطيب والنساء.
نعم يحرم عليه الصيد أيضا، لا من جهة الاحرام، بل من
جهة كونه في الحرم، لأن الصيد محرم داخل حدود الحرم، على
المحرم والمحل.
فإذا فرغ من المناسك المذكورة، فالأفضل للمكلف أن
يرجع إلى مكة في يومه، وإذا لم يتمكن ففي اليوم التالي، فإذا
جاء إلى مكة طاف طواف الحج، وصلى ركعتيه خلف المقام، ثم
سعى بين الصفا والمروة كما سبق، فيحل له الطيب، ثم طاف
طواف النساء سبعا حول الكعبة الشريفة وصلى ركعتيه،
فحينئذ تحل له النساء.
ويجب عليه الرجوع إلى منى قبل الغروب أو متى فرغ
من نسكه ولو بعد ثلث الليل لقضاء بقية المناسك فيها، وهي:
المبيت بمنى ليالي التشريق ورمي الجمرات في أيام التشريق.
فإذا فرغ من ذلك فقد كمل حجه حينئذ وفرغت ذمته من
حج التمتع.
33

شروط صحة حج التمتع
وهي ستة
الأول: النية عند الاحرام من الميقات، ويكفي فيها أن
يكون حال إحرامه من الميقات ناويا لحج التمتع، تفصيلا أو
إجمالا، وذلك بأن يكون ناويا على أن يأتي بها على طبق
الرسالة التي بيده، أو ما يعلمه المعلم الذي يطمئن إليه، ويقطع
بصحة تعليمه ومطابقته للرسالة.
الثاني: وقوع حج التمتع وعمرته في أشهر الحج، وهي:
شوال وذو القعدة وذو الحجة.
الثالث: وقوع حج التمتع وعمرته في عام واحد.
الرابع: إنشاء إحرام عمرة التمتع من الميقات مع الاختيار
على ما سنذكره تفصيلا.
الخامس: إنشاء إحرام الحج من مكة المكرمة إن أمكن.
فإن لم يمكنه ذلك وتعذر الاحرام منها، أحرم حيثما ارتفع عذره
34

بين مكة وعرفات، مع مراعاة الأقرب فالأقرب إلى مكة.
وإذا أحرم من غيرها جهلا أو نسيانا، ثم التفت بعد ذلك،
وجب عليه الرجوع إلى مكة وتجديد الاحرام منها، وإن لم
يمكنه ذلك، رجع إلى جهة مكة ما أمكن، وإن لم يتمكن من
الرجوع أصلا، أحرم من مكانه.
أما إذا تعمد الاحرام من غيرها بطل إحرامه، ووجب
عليه الرجوع إلى مكة وتجديد إحرامه منها، وإلا بطل حجه.
السادس: أن تكون العمرة والحج من واحد عن واحد،
فلا يجوز أن يستأجر اثنان عن واحد، أحدهما لعمرته، وآخر
لحجه حتى بعد انتهاء عمل النائب الأول من العمرة، والتعذر
عن أداء الحج. كما وأنه لا يجوز أن يتبرع شخص واحد بعمرة
التمتع عن أحد وبالحج عن آخر.
35

كيفية حج الافراد
الثاني (1): حج الافراد:
وكيفيته: أن يحرم المكلف للحج من الميقات أو من منزله
إذا كان دون الميقات إلى مكة، ثم يمضي إلى عرفات رأسا
فيقف فيها - كما سبق في كيفية حج التمتع - من الزوال إلى
الغروب، ثم يفيض (أي يذهب) بعد الغروب إلى المشعر الحرام
فيقف أيضا - كما سبق - من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،
ثم يمضي بعد ذلك إلى منى يوم العيد فيقضي مناسكه، وهي:
رمي جمرة العقبة، والحلق على الأحوط بعدها إذا كان في
الحجة الأولى وإن كانت مستحبة، ويخير بين الحلق والتقصير
إذا كان في ((الحجة الثانية)) أو أكثر وإن كانت واجبة، وليس
(هامش) (1) النوع الثاني من أنواع الحج.
37

عليه هدي مطلقا (أي ذبيحه) ويبيت في منى ليالي التشريق،
ويرمي الجمرات أيام التشريق، ثم يأتي إلى مكة في ذلك اليوم
أو فيما بعده، طيلة أيام ذي الحجة، وإن كان الأحوط والأولى
المبادرة إلى الطواف، فيطوف بالبيت سبعا، ويصلي ركعتيه
خلف المقام، ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعا، ثم يطوف
طواف النساء، ويصلي ركعتيه خلف المقام، فإذا فعل ذلك حل
من إحرامه، وحل له كل شئ حرم عليه بالاحرام، وعليه بعد
ذلك عمرة مفردة، يحرم بها من أدنى الحل أو من أحد
المواقيت. ويجوز الاتيان بها في تمام السنة، وإن كان الأحوط
المبادرة إليها.
أما إذا كان حجه مستحبا، أو منذورا وحده بغير عمرة،
كفاه الاتيان بالحج وحده، ولم تلزمه العمرة المفردة.
شروط صحة حج الافراد
وإما شروط صحة حج الافراد فهي ثلاثة:
38

الأول: النية عند الاحرام كما في حج التمتع.
الثاني: وقوعه تماما في أشهر الحج، سوى العمرة المفردة
التي يخير في تأديتها في أشهر الحج، أو في تمام السنة، وإن كان
الأحوط المبادرة إليها.
الثالث: عقد الاحرام من الميقات، أو من منزله كما مر
سابقا، وقد ذكرناه.
ولو أحرم شخص لحج الافراد استحبابا، لا يصح منه
العدول إلى العمرة المفردة للنيابة عن غيره لحج التمتع، ولكن
يجوز له العدول إلى عمرة التمتع لنفسه.
39

كيفية حج القران
النوع الثالث: حج القران
وكيفيته ككيفية حج الافراد تماما في جميع الأعمال، إلا إن
الفرق بينهما هو أن القارن يسوق الهدي (أي الذبيحة) عند
إحرامه، فيلزمه ذلك الهدي بسوقه (أي بمجرد سوق الهدي
معه)،
وليس على المفرد هدي أصلا، ويتخير القارن في عقد
إحرامه بين التلبية وبين الاشعار أو التقليد.
ويختص البقر والغنم بتقليدها بنعل قد صلى فيه، أما
البدن (وهي الإبل) فيخير بين تقليدها وبين إشعارها، وذلك
بأن يشق سنامها من الجانب الأيمن، ويلطخ صفحتها بدمها.
ويستحب الجمع بين الأمرين (أي الاشعار والتقليد) بل
الثلاثة (أي بإضافة التلبية في البدن)،
ولكن ينعقد إحرامه
بما بدأ به أولا.
41

كيفية حج التمتع
حج التمتع يتكون من عبادتين: عمرة التمتع وحج التمتع.
أما عمرة التمتع فواجباتها ستة:
الأول: النية.
الثاني: الاتيان بالعمرة والحج معا في أشهر الحج، وهي:
شوال وذو القعدة وذو الحجة، في عام واحد.
الثالث: الاحرام.
الرابع: الطواف وركعتاه.
الخامس: السعي.
السادس: التقصير.
تلك هي واجبات عمرة التمتع، ولا يجب فيها طواف
النساء، نعم لا بأس بالاتيان به وبركعتيه برجاء المطلوبية.
وإليك الآن واجبات عمرة التمتع تفضيلا:
43

1 - النية
أما نية عمرة التمتع فهي (القصد)، وهي أن يقصد الحاج
بقلبه: ((إني أحج حج التمتع وأفعل أولا عمرة التمتع التي
هي جزء من حج التمتع قربة إلى الله تعالى)).
ويستحب التلفظ بالنية في جميع أفعال الحج والعمرة.
فإذا عزم على الاحرام لعمرة التمتع، التي هي أول أفعال
الحج، يقول بعد نزع ملابسه الاعتيادية، قبل أن يلبس ثوبي
الاحرام احتياطا: ((أحج حج التمتع في حجة الإسلام
لوجوبه أداء قربة إلى الله تعالى)).
وإذا كان حجة قضاء يقول: ((أحج حج التمتع في حجة الإسلام
لوجوبه قضاء قربة إلى الله تعالى)).
وإذا كان الحج مستحبا يقول: ((أحج حج التمتع
استحبابا قربة إلى الله تعالى)).
هذا إذا كان حاجا عن نفسه، أما إذا كان حاجا عن غيره
فيقول: ((أحج حج التمتع في حجة الإسلام نيابة عن
44

(فلان) قربة إلى الله تعالى))، ويسمي المنوب عنه ذكرا
كان أو أنثى.
45

واجبات الاحرام
وهي ثلاثة:
الأول: لبس ثوبي الاحرام للرجال بعد نزع المخيط،
والأولى بل الأحوط إلحاق النساء بالرجال في لزوم لبس
الثوبين، لكن يجوز لهن نزعهما بعد عقد الاحرام، والاقتصار
على ملابسهن الاعتيادية.
الثاني: النية.
الثالث: التلبية.
تلك هي واجبات الاحرام على وجه الاجمال، وإليك
بيانها تفصيلا
(1) أما لبس ثوبي الاحرام، فيكون بعد نزع ما يحرم
لبسه على المحرم.
ويجب في لبس الثوبين أن يأتزر بأحدهما، ويرتدي
47

بالآخر، وذلك بأن يجعل أحدهما إزارا ساترا ما بين الركبتين
والسرة، ويجعل الآخر رداء ساترا للمنكبين أقلا.
ويشترط فيهما (في الإزار والرداء) أن لا يكونا رقيقين حاكيين للبشرة.
ويشترط فيهما أيضا، أن يكونا مما تصح الصلاة فيه
للرجال.
ولا يجوز الاحرام في المتنجس الذي لا يعفى عنه في
الصلاة، كما لا يجوز الاحرام في المتخذ مما لا يؤكل لحمه،
ولا يجوز الاحرام في المغصوب، ولا في المذهب، ولا في الحرير
حتى للنساء على الأحوط، بل الأحوط لهن اجتناب الذهب
والحرير (حال الاحرام) ولو في غير ثوبي الاحرام.
والأحوط أيضا في ثوبي الاحرام، أن لا يكونا من الجلود
وإن كانت مما يؤكل لحمه.
والأحوط استحبابا في الثوبين أن يكونا منسوجين (مثل
مناشف الحمام) لا ملبدين.
48

وإذا تنجس أحدهما أو كلاهما فالأحوط استحبابا
للمحرم تبديل المتنجس أو تطهيره.
ويقدم لبسهما على عقد الاحرام، وينوي أن يلبسهما
لاحرام عمرة التمتع إلى الحج امتثالا لأمر الله تعالى، وذلك في
الميقات.
وإن كان إحرامه للحج، أحرم من مكة ونوى لبسهما
لاحرام الحج امتثالا لأمر الله تعالى.
والأحوط عدم عقد الرداء في عنقه، بل مطلقا حتى في
غير العنق، ولا يغرزه بإبرة أو نحوها (مثل الدبوس، والچلاب
والقراصة).
نعم لا مانع من وضع حجر صغير ليكون ثقلا
لحفظ الرداء، أما شد طرفي الرداء على حجر واحد فوق الصدر
ليصير كالقميص فلا يجوز ذلك، كما لا يجوز شق الرداء وإدخال
الرأس فيه، فإنه يخرج عن كونه رداء.
ويجوز للمحرم أن يزيد على غير الثوبين إن اجتمعت
الشروط فيه، سواء كان ذلك في ابتداء الاحرام كأن يلبس
49

رداءين وإزارين أو أكثر عند الاحرام - أو في أثنائه.
كما لا يحب عليه إدامة لبس الثوبين (أي يبقى لابسا لهما
دائما مدة إحرامه)، فللمحرم أن ينزعهما، أو يبدلهما، أو يتجرد
منهما ويبقى عاريا في مكان يأمن فيه من النظار، كأن يذهب
إلى الحمام أو إلى قضاء حاجته مثلا.
ولا تجب الطهارة من الحدث حال الاحرام، فيجوز
الاحرام من الجنب، والحائض، والنفساء، وغير المتوضئ، إلا
لصلاة الاحرام فإن الصلاة لا تصح إلا بطهور.
(2) النية: وهي العزم على الاحرام، سواء في عمرة التمتع
أو في الحج، امتثالا لأمر الله تعالى، وأن يجعل الحاج على
نفسه ترك جميع محرمات الاحرام (الخمسة والعشرين التي
سنبينها إن شاء الله تعالى) ويلتزم به قربة إلى الله تعالى.
ويستحب هنا التلفظ بالنية دون سائر العبادات، فيقول
بعد نزع المخيط ولبس ثوبي الاحرام: ((أحرم لعمرة التمتع في
حجة الإسلام لوجوبه أداء أصالة قربة إلى الله تعالى)).
50

وإما إذا كان الحج مستحبا فيقول: ((لندبه)) بدل كلمة
((لوجوبه)).
وإذا كان نائبا عن غيره قصد النيابة عنه فيقول بدل
((أصالة)): ((نيابة عن فلان)) ويسميه.
وإذا كان قضاء قال: ((قضاء)) بدل كلمة ((أداء)).
وإذا كان منذورا قصد الوفاء بالنذر.
وإذا تعدد ما في الذمة (بمعنى أن يكون عليه حج واجب
بالاستطاعة وحج واجب بالنذر) فيجب عليه حينئذ التعيين
في النية.
وإما إذا كان المتعدد متحدا نوعا (بمعنى أن يكون عليه
حجا تمتع بالنذر مثلا) فلا يحتاج إلى تعيين، فإذا حج حج تمتع
مرة واحدة، سقط أحد الواجبين عنه، وبقي عليه الواجب
الآخر.
(3) التلبية: وهي التي لا ينعقد الاحرام إلا بها في غير
حج القران،
أما فيه فإحرامه بها، أو بالاشعار المختص
51

بالبدن أو بالتقليد المشترك بينها وبين سائر النعم.
ويستحب أن يجمع القارن بين الثلاثة (أي التلبية
والاشعار والتقليد)، ولكن بأي واحد بدأ فقد انعقد إحرامه
به.
كيفية التلبية الواجبة
أما كيفية التلبية الواجبة التي ينعقد بها الاحرام فهي
الصيغ الأربع: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك
لبيك)) والأحوط وجوبا أن يضيف إليها: ((إن الحمد
والنعمة لك والملك لا شريك لك))، والأولى أن يقول
بعدها: ((لبيك))، والأفضل أن يقول بعد ذلك: ((لبيك ذا
المعارج لبيك، لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك، لبيك
غفار الذنوب لبيك، لبيك أهل التلبية لبيك، لبيك ذا
الجلال والاكرام لبيك، لبيك تبدئ والمعاد إليك لبيك،
لبيك تستغني ويفتقر إليك لبيك، لبيك مرهوبا ومرغوبا
52

إليك لبيك، لبيك إله الحق (الخلق) لبيك، لبيك ذا النعماء
والفضل الحسن الجميل لبيك، لبيك كشاف الكرب
العظام لبيك، لبيك عبدك وابن عبديك لبيك، لبيك
يا كريم لبيك)).
ويستحب أيضا أن يضيف إليها: ((لبيك أتقرب إليك
بمحمد وآل محمد لبيك، لبيك بحجة أو عمرة لبيك
لبيك، وهذه عمرة متعة إلى الحج لبيك لبيك أهل التلبية
لبيك، لبيك تلبية تمامها وبلاغها عليك)).
وينبغي أن يكون الحاج عند التلبية متوجها إلى ربه
بحضور قلبه ومجيبا إلى دعوة ربه.
يجب الاتيان على العربية الفصحى، فلا يكفي الملحون
مع التمكن من التصحيح، فيجب على الحاج أن يقرأها
صحيحة.
وإذا لم يتمكن من قراءتها صحيحة يقف معه معلم يلقنه
بها صحيحة، ومع العدم فالأحوط أن يجمع بين الملحونة
53

وترجمتها وبين الاستنابة، كأن يستنيب شخصا يلبي بدلا عنه،
بعد أن يلبي هو بنفسه.
أما الأخرس فإنه يشير إليها بإصبعه مع تحريك لسانه.
أما إذا نسي التلبية في مكان الاحرام، وهو الميقات، ثم
تذكر بعد ذلك وقد تجاوز الميقات فحينئذ يجب عليه الرجوع
إلى الميقات ليتداركها - أي يأتي بها - إذا تمكن من ذلك، فإن لم
يتمكن من الرجوع إلى الميقات نفسه رجع إلى جهة الميقات
بمقدار ما يمكنه، وإن لم يمكنه أيضا أحرم من مكانه.
وإن كان زوال العذر بعد الدخول الحرم، فإنه يجب الخروج
منه إن أمكن، وإلا رجع بمقدار ما أمكن، وإلا فمن موضوع
زوال العذر.
وإذا كان قد فعل ما ينافي الاحرام قبل التلبية فليس عليه
كفارة وإن تجاوز الميقات.
وإذا شك بعد الاتيان بالتلبية أنها صحيحة أم لا، بنى على
صحتها.
54

وإذا شك في أنه لبى أم لا، بنى على العدم، فتجب عليه
التلبية حينئذ.
وإذا فعل شيئا من محرمات الاحرام مما يوجب الكفارة،
وشك في أن هذا الفعل بعد التلبية أو قبلها، لم تجب عليه
الكفارة.
ولو صحب معه طفلا إلى مكة المكرمة فلا يجب عليه أن
يحرم به، نعم يستحب للولي أن يحج به.
مكان الاحرام
الميقات، أو المواقيت:
فالاحرام يجب في المواقيت، وهي التي وقتها الرسول
الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم لأهل الآفاق والأقطار
والأمصار، حيث لم يكن للإسلام اسم ولا رسم، لا في مصر
ولا في العراق ولا في الشام ولا في اليمن.
والمراد من تلك المواقيت: الحدود المكانية المعينة بالذات،
55

لأن المواقيت على قسمين: زمانية ومكانية:
فالزمانية: هي الأيام المعلومة التي بينها الله تعالى في كتابه
العزيز بقول: ((الحج أشهر معلومات)). فيجب على كل مكلف
مستطيع للحج أن يحج في هذه الأشهر المعلومات التي هي:
شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، وتنتهي أعمال الحج بعد أيام
التشريق، وهي: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من
ذي الحجة.
هذا بالنسبة إلى الحج، وأما بالنسبة إلى العمرة المفردة فقد
جعل الله تعالى وقتها أوسع من وقت الحج، وهي طيلة السنة.
فهذه هي المواقيت الزمانية، والمواقيت المكانية فهي
الحدود التي لا يجوز للحاج أن يتجاوزها إلا باحرام منها أو مما
يحاذيها، في خصوص مسجد الشجرة، أما في غيره فالأحوط
ترك كل طريق لا يمر بالميقات، وفي مسجد الشجرة أيضا
الأحوط عدم الاكتفاء بالمحاذاة إلا لمن أقام بالمدينة شهرا وهو
يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير الطريق الذي يمر بمسجد
56

الشجرة.
ثم إن المواقيت، وهي التي حددها الرسول الأعظم صلى
الله عليه وآله وسلم تحديدا كاملا واضحا، محيطا بمكة المكرمة
من جميع جهاتها، وسائر أقطارها ونواحيها، شمالا وجنوبا
وشرقا وغربا فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
أولا: مسجد الشجرة، ويسمى ذو الحليفة ((أو آبيار
علي)) لأهل المدينة، ولمن كان طريقه على المدينة من أهل
الآفاق والأقطار، كسائر الحجاج الذين يقدمون زيارة النبي
صلى الله عليه وآله، على الحج، ويرجعون على الطريق
البري إلى مكة المكرمة، سواء كان ذلك بالسيارة أو غيرها.
أما الذين يذهبون إلى جدة بالطائرة ومنها إلى مكة فلا
يجب عليهم الاحرام من مسجد الشجرة، ويجوز لهم أن يحرموا
بالنذر من المدينة المنورة وغيرها وإن كان بلدهم، ويركبوا
الطائرة أو السيارة المسقوفة عند الحرج والمشقة وغيرهما ثم
يكفروا.
57

أما إذا لم ينذروا الاحرام قبل الميقات فيجب لحصول
العلم ببراءة الذمة أن لا يقصدوا دخول مكة قبل الذهاب إلى
أحد المواقيت، فيتوجهون من جدة إلى أحد المواقيت
ويحرمون منه أن تمكنوا، ومع عدمه ذهبوا إليه بالقدر الممكن
. وأحرموا منه، وأن لم يتمكنوا أصلا أحرموا من مكانهم في
جدة وجددوا النية رجاء من حديبية (أدنى الحل).
ومسجد الشجرة هو أبعد المواقيت عن مكة المكرمة،
ويبعد عن المدينة المنورة سبعة كيلو مترات تقريبا، فلا يجوز
لمن يمر على مسجد الشجرة المرور بدون إحرام، كما لا يجوز
تأخير الاحرام إلى الجحفة - وهو الميقات الثالث - إلا لضرورة
من مرض أو ضعف أو نحوهما.
نعم إذا سلك طريقا آخر، لا يمر بمسجد الشجرة ولا يحاذيه
أبدا، جاز له تأخير الاحرام إلى الجحفة، أو غيرها من
المواقيت.
وأما إذا حاذى مسجد الشجرة، فلا يجوز أن يتعدى موضع
58

المحاذاة إلا بالاحرام.
والمحاذاة الشرعية هي: إذا وقف الإنسان مقابل الكعبة
الشريفة كان الميقات عن يمينه أو عن يساره، مع عدم البعد
الكثير.
وأما الجنب والحائض فلا يجوز لهما دخول مسجد
الشجرة والاحرام منه، إلا إذا كانا مجتازين، كأن يكون
الدخول من باب والخروج من باب آخر ويحرمان في طريقهما،
وينويان ويلبيان. فإذا لم يمكن الاجتياز وجب عليهما الاحرام
من خارج المسجد قريبا منه.
ومن سافر من المدينة المنورة إلى جدة قاصدا مكة حرم
عليه الاجتياز من مسجد الشجرة بدون إحرام. ولا يجب عليه
الاحرام لو كان مترددا في الذهاب إلى مكة أو عدم الذهاب،
فإذا جاء إلى جدة وعزم على السفر إليها فالأحوط أن يذهب
إلى ميقات أهله ويحرم منه.
ثانيا: وادي العقيق، ويبعد عن مكة المكرمة مائة
59

كيلومتر تقريبا، وهو ميقات أهل العراق، وأهل نجد، وكل من
يذهب إلى مكة عن طريقهم.
وأول هذا الميقات من جهة العراق موضع يسمى:
((المسلخ)) ووسطه: ((غمرة)) وآخره ((ذات عرق))،
والأفضل أن يحرم الحاج من المسلخ إذا كان يعرفه، وأما إذا لم
يعرفه فالأحوط له التأخير إلى أن يتحقق عنده الوصول إلى
وادي العقيق، ولا يؤخره إلى ذات عرق.
نعم إذا اقتضت التقية التأخير إلى ذات عرق ولم يمكنه
الاحرام، فحينئذ ينوي الاحرام قبل ذلك، ويلبي سرا، بعد أن
ينزع ثيابه، ويلبس ثوبي الاحرام إن أمكنه ذلك، ثم ينزعهما
ويلبس المخيط للتقية، وإن لم يمكنه ذلك أحرم بثيابه، ثم إذا
وصل ذات عرق نزعهما، ويفدي للبس المخيط.
ثالثا: الجحفة، وهو لأهل الشام، ومصر، ومن يمر على
طريقهم إلى مكة، من أهل الآفاق والأقطار والأمصار الأخرى.
60

إذا لم يمروا بميقات آخر، أو مروا بميقات وتجاوزوه بدون
إحرام، ولم يمكنهم الرجوع إليه والاحرام منه، فيتعين عليهم
الاحرام من جحفة.
والمسافة بين جحفة وبين مكة المكرمة مائتين وعشرين
كيلو مترا تقريبا.
رابعا: قرن المنازل، ويبعد عن مكة المكرمة بأربعة
وتسعين كيلو مترا تقريبا، وهو ميقات أهل الطائف ومن يمر على طريقهم إلى مكة.
خامسا: يلملم، وهو جبل من جبال تهامة، ويبعد عن،
مكة المكرمة أربعة وتسعين كيلو مترا تقريبا أيضا، وهو
ميقات أهل اليمن ومن يمر على طريقهم إلى مكة من أهل
الآفاق والأقطار والأمصار الأخرى.
سادسا: أدنى الحل، وهو حدود الحرم، وميقات من لم
يمر على أحد المواقيت الخمسة المذكورة أو ما يحاذيها محاذاة
غير بعيدة، مع عدم التمكن من الذهاب إلى المواقيت الأخرى.
61

وكل حاج جاء إلى جدة بالطائرة، أو الباخرة ثم أراد
دخول مكة المكرمة، لا يجوز له الاحرام من جدة بالنذر، وقد
سبق حكمة تفصيلا، وأما المحاذاة بالطائرة فغير متيسرة.
ومن كان منزله أقرب من المواقيت إلى مكة فميقاته
منزله.
ومن ترك الاحرام من الميقات ولم يحرم، جهلا منه أو
نسيانا بوجوب الاحرام من الميقات، أو جاهلا بالميقات
(بمعنى أنه لا يعرف أن هذا هو الميقات) أو كان لا يريد النسك
ولا دخول مكة، فاجتاز، الميقات بذلك العزم، ثم بدا له أن
يدخل مكة أو يحج، وجب عليه الذهاب إلى الميقات إن تمكن
منه، وإن كان أمامه ميقات آخر على الأحوط.
وأما إذا لم يتمكن من الذهاب إلى الميقات الأول، فعليه
الاحرام من الميقات الذي أمامه، وإن لم يكن أمامه ميقات
رجع إلى جهة الميقات ما أمكنه، وأحرم، وإلا أحرم من محله.
وأما إذا كان قد دخل الحرم فيجب عليه الذهاب إلى.
62

الميقات، أو إلى ما تمكن من جهته وإلا خرج من حدود الحرم
وأحرم خارج الحرم إذا تمكن من ذلك. وأما إذا لم يتمكن من
الرجوع أصلا وجب عليه الاحرام من موضعه وصحت عمرته.
وكذلك تصح عمرته أيضا إذا نسي الاحرام حتى أتم جميع
الواجبات، وكذا إذا ترك الاحرام جهلا منه بوجوبه (أي
لا يعلم أن الاحرام واجب عليه)، أو أنه أحرم من مكان غير
محاذ للميقات، بتوهم أنه يحاذي الميقات، وغير ذلك من
الأعذار، ففي جميع هذه الصور المتقدمة تصح منه العمرة.
أما إذا كان قد ترك الاحرام متعمدا، ثم تعذر عليه
الذهاب إلى الميقات لتدارك إحرامه منه، ففي هذه المسألة
ثلاث صور:
الأولى: أن يكون قاصدا مكة فقط بدون أداء نسك،
فيكون آثما فقط بتركه الاحرام، وبدخول مكة بدونه، ولا قضاء
عليه مطلقا.
63

الثانية: أن يكون عازما على العمرة المفردة، فيكفيه
الاحرام من أدنى الحل، وإن أثم بتجاوزه الميقات بدون إحرام.
الثالثة: أن يكون عازما على الحج، فيتعين عليه الاحرام
كما مر في الناسي، فيجب عليه الذهاب إلى الميقات إن أمكنه ذلك،
والاحرام منه حتى لو كان أمامه ميقات آخر، وإذا لم يتمكن
أحرم من الميقات الذي أمامه وأتم حجه.
وأما إن لم يكن أمامه ميقات آخر فالأقوى بطلان عمرته
أو حجه، وإن كان الأحوط أن يحرم من أدنى الحل، ويأتي
بالحج، ويقضيه في العام القابل إن كان قد استقر عليه الحج.
ومن أحرم قبل الميقات بدون نذر شرعي، كان حكمه
حكم تارك الاحرام، فلا يجوز له العبور من الميقات بلا إحرام
جديد، كما لا يجوز له دخول الحرم وأداء المناسك، حتى يأتي بما
سبق ذكره، إلا أن يجدد إحرامه من الميقات بتجديد نيته مع
التلبية وغيرهما مما يجب على الحاج عند ابتداء الاحرام من
الميقات.
64

ولا يجوز الدخول مكة المكرمة، بل ولا دخول الحرم، وإن
لم يكن المكلف قاصدا دخول مكة على الأقوى، إلا باحرام
صحيح جامع للشرائط المعتبرة، ويكون هذا الاحرام من
الميقات الذي يجوز منه الاحرام على ما تقدم تفصيله في
الصفحة (57) وما بعدها.
وكذلك لا يجوز أيضا أن يتجاوز الميقات مع
قصده دخول مكة، إلا باحرام صحيح جامع للشرائط المعتبرة.
نعم إذا كان المكلف ممن يتكرر منه دخول مكة المكرمة
والخروج منها بموجب عمله، كالحطاب والحشاش وناقل
الميرة، ومن على شاكلتهم، فإن هؤلاء يجوز لهم دخول مكة بلا
إحرام.
وكذلك يجوز أيضا دخول مكة بلا إحرام لمن دخلها
محرما إحراما صحيحا جامعا للشرائط، ثم خرج منها، ورجع
إليها، ولم يمض من تاريخ إحلاله شهر.
أما إذا خرج من مكة ورجع إليها بعد مضي شهر كامل أو
65

أكثر من تاريخ إحلاله، فلا يجوز له دخول مكة بلا إحرام، بل
لا بد من الاحرام لدخول مكة ثانيا من الميقات إحراما
صحيحا جامعا للشرائط.
والعبرة في الشهر في هذا المقام بالشهر الهلالي لا بثلاثين
يوما.
ولا يجوز الاحرام قبل الميقات، إلا في موردين، أحدهما:
إذا كان المكلف قد نذر أن يحرم قبل الميقات.
ولو نذر الحاج أن يحرم بعد ساعة من المحل الفلاني
وأحرم من ساعته جهلا ونسيانا فلا يصح إحرامه قبل ذلك
الوقت.
وثانيهما: لو كان المكلف قاصدا العمرة المفردة في شهر
رجب، وخشي أن يفوته الاحرام إذا أخره إلى الميقات فإنه
يجوز له الاحرام قبل الميقات، ويحتسب له عمرة رجب.
ففي هذين الموردين يجوز للمكلف أن يحرم قبل الميقات
ويمر به، والأحوط استحبابا تجديد التلبية أيضا عند الوصول
66

إلى الميقات وفي غير هاتين الصورتين المذكورتين لا يجوز
الاحرام قبل الميقات.
صورة نذر الاحرام
هي أن يقول الحاج: ((لله على إن أبقاني الله تعالى إلى
مدة ساعة - مثلا - أن أحرم من المكان الفلاني)) ويعين
المكان، فإذا انقضت الساعة وجب عليه الاحرام من هذا
المكان، أو يقول: ((لله علي أن أحرم من هنا)) ثم يحرم
وجوبا.
67

محرمات الاحرام أو تروكه
وهي خمسة وعشرون محرما، يجب على المكلف أن يحرم
على نفسه فعلها، كما ذكرنا سابقا في نية الاحرام، ولا يجوز
للمحرم أن يفعلها أو بعضها أو شيئا منها، ولا فرق في ذلك بين
أن يكون الاحرام للعمرة أو للحج.
ويجب على الحاج أن يعرفها ولو إجمالا، ولو كان ذلك على
نحو ما في الرسالة التي بيده من مقلده أو المعلم الذي يعلمه
بموجب فتوى مرجعه.
وهي كما يلي:
1 - الصيد.
2 - النساء.
3 - عقد النكاح.
4 - الشهادة على النكاح.
5 - الاستمناء.
69

6 - استعمال الطيب، وسد الأنف عن شم الروائح الكريهة.
7 - لبس المخيط للرجال.
8 - لبس الخف والجورب للرجال.
9 - الاكتحال بالسواد.
10 - النظر في المرآة.
11 - الفسوق.
12 - الجدال.
13 - قتل هوام الجسد.
14 - التختم.
15 - الادهان.
16 - إزالة الشعر.
17 - الخضاب.
18 - تغطية الرأس للرجال.
19 - تغطية الوجه للنساء.
20 - التظليل حال السير للرجال.
70

21 - إدماء البدن.
22 - قلع الضرس.
23 - تقليم الأظافر.
24 - لبس السلاح وحمله.
25 - قلع نبت الحرم.
وإليك التفصيل:
الأول: صيد الحيوان البري، حلالا كان أكل لحمه، أم
حراما، كالغزال، والوعل، والثعلب، والأرنب، وأمثالها،
والطير، والجراد لو أمكن التحرز منه، وكذا ذبحه، وأكله،
وإمساكه، والإعانة على صيده بدلالة، أو إشارة، أو الاغلاق
عليه، أو نحو ذلك من أساليب الصيد أو الذبح، ما عدا السباع
الضارية لو كان يخاف منها، أو السباع من الطيور لو آذت حمام
الحرم، فيجوز قتلها، حفظا لنفسه، ولحمام الحرم.
ولو اصطاد الصيد أو ذبحه كان ميتة، ويحرم عليه، وعلى
كل أحد أن يأكل منه، بل ولا تجوز الصلاة في جلده.
71

هذا إذا كان الصيد بريا، أما الصيد البحري فلا يحرم،
وهو الحيوان الذي يبيض، ويفرخ، ويعيش في الماء، وإن كان
ماء نهر صغير.
وكذا لا يحرم الحيوان الأهلي الذي يعيش مع الإنسان وإن
توحش بعد ذلك، كالدجاج والبقر، والغنم، والبعير.
وحكم الفرخ تابع لما تولد منه، وكذلك البيض فحكمه
حكم أصله.
أما الجراد فيعتبر من الحيوانات البرية فلا يجوز صيده،
ويحرم أكله.
ولو شك في الحيوان، أهو بري أم بحري فلا يجب
الاجتناب عنه.
وكما يحرم الصيد على المحرم ولو كان في غير الحرم، كذا
يحرم الصيد على المحل في الحرم، ويلزمه الفدية، كما يلزم
المحرم، وإن اختلف في الفداء أحيانا.
ولو قتل المحرم الصيد في الحرم لزمته الكفارتان: القيمة،
72

والفداء.
الثاني: النساء، تحرم على المحرم مطلقا وطئا قبلا أو
دبرا، بل تقبيلا ولمسا لو كانا بشهوة، وكذا النظر إليها بشهوة،
ولو كان اللمس والنظر بغير شهوة فلا بأس في ذلك، كما
لا بأس بالضم مع عدم قصد الاستمتاع.
ولا فرق فيما ذكر بين الزوجة، وغيرها من المحارم،
والأجنبيات وإن كان غيرها حراما مطلقا في الاحرام وفي
غيره.
والمرأة في ذلك كله كالرجل، فلا يجوز لها التلذذ بالنظر
إلى زوجها، أو لمسه، أو تقبيله بشهوة. وكذا غيره من
الرجال، وإن كانوا محارم لها.
الثالث: عقد النكاح، سواء كان ذلك لنفسه أم لغيره،
كان العقد دائما أم منقطعا أم فضوليا، محرما كان الغير أم محلا،
ففي جميع هذه الصور يحرم عقد النكاح للمحرم، وكذا لو عقد
له غيره بوكالة منه، حتى ولو كانت الوكالة قبل الاحرام.
73

والأحوط ترك الخطبة ولو كان قاصدا النكاح بعد
الاحرام أما الرجوع بالطلاق فلا بأس به في حال الاحرام.
الرابع: الشهادة على النكاح ولو لغيره، بل ولو كان الغير
محلا وكذا يحرم عليه أداء الشهادة على النكاح، ولو كان قد
تحملها حينما كان محلا.
الخامس: الاستمناء، وهو طلب خروج المني بأي سبب
كان، بيده أو بغيرها، بالملاعبة أو غيرها، فإن كل ذلك حرام.
السادس: الطيب بجميع أقسامه وأنحاء استعمالاته،
كالمسك، والعنبر، والزعفران، والكافور، والعود، وعطر الورد،
وغيرها من العطور، وحتى الهيل والقرنفل وغيرهما، فلا يجوز
وضع ذلك في الطعام، أو الشراب، أو الثياب، أو التبخر به، أو
دهن البدن أو عضو منه.
ولو اضطر إلى ذلك أو بعضه، وجب عليه أن يسد أنفه.
ولو وقع شئ من الطيب على ثيابه أو بدنه وجب إزالته
فورا بغسل أو بغيره، وكذا لو اشتراه من العطار أو جلس عند
74

مطيب أو نحو ذلك، وجب أن يسد أنفه في جميع ذلك.
ولا بأس بأكل التفاح والسفرجل وبقية الفواكه التي
توجد فيها الروائح الطيبة وغاية الاحتياط أن لا يشمها.
كما وأنه يجب على المحرم أن لا يسد أنفه عندما يشم
الروائح الكريهة.
والأحوط ترك استعمال الرياحين كلها.
السابع: لبس المخيط للرجال فقط دون النساء،
كالقميص، والسراويل، والجبة، وغيرها مما هو متعارف لبسه
بين الناس وكان مخيطا، ومثله الملبد - وهو المسمى بالچبن - لو
كان بهيئة الملابس، كل ذلك يحرم على المحرم إلا عند
الضرورة، فحينئذ يجوز مع الفداء.
ويجوز للمحرم أن يلبس الأشياء الآتية وإن كانت مخيطة:
أ - الهميان أو الحزام، أو الكمر الذي يحفظ فيه دراهمه.
ب - المنطقة (التقميطة) التي توضع فيها الدراهم أيضا.
ج - رباط الفتق (الحفاظ) لحفظ نزول الأمعاء في الأنثيين
75

مع الحاجة إليه.
ويجوز عقده، كما يجوز عقد المنطقة والهميان، والأحوط
في رباط الفتق الفداء بشاة.
د - الحذاء الذي لا يستر ظهر القدم.
هذا كله للرجال، أما النساء فيجوز لهن لبس المخيط
مطلقا إلا القفازين - بالضم والتشديد - أي الكفوف، فلا يجوز
للمرأة أن تلبسهما.
الثامن: لبس الرجل الخف، والجورب ونحوهما، مما
يغطي ظهر القدم، مثل ((البوتين)) و ((الچزمة)) و ((السباط)).
نعم يجوز له إذا لم يجد النعل العربية أن يلبس الخف، لكن بعد
شق ظهره على الأحوط، وإظهار ظهر القدم.
ويجوز للمرأة أن تلبس الجورب والخف وغيرهما.
أما في زماننا هذا، فالمناسب للاحرام الأحذية المصنوعة
من المطاط (الإسفنج) التي هي غير مخيطة ولا تستر
ظهر القدم، ولا يشترط فيها أن تكون بيضاء، فيجوز لبس أي
76

لون منها بشرط أن لا تحسب زينة.
ولا بأس بتغطية ظهر القدم، بمثل الجلوس عليها، أو إلقاء
طرف الرداء، أو الإزار، أو الغطاء حال المشي، أو الجلوس، أو
النوم عليها.
التاسع: الاكتحال بالسواد لو كان زينة للعينين، وإن لم
يقصد به الزينة، والأحوط الاجتناب عن مطلق الاكتحال
للزينة، ولو اكتحل فلا كفارة عليه إلا الاستغفار.
العاشر: النظر في المرآة مطلقا، سواء قصد به التزيين أم
لم يقصد، ولو نظر فيها استحب له تجديد التلبية.
ولا بأس بالنظر فيها لو اقتضت الضرورة، وذلك كما
لسائق السيارة.
ولا بأس أيضا بالنظر في الماء الصافي وكلما كان حاكيا
لجسمه من المائعات أو غيرها، وكذا لا بأس بلبس المنظرة
(النظارات) إن لم تكن زينة.
ولو نظر في المرآة فلا كفارة عليه إلا الاستغفار.
77

الحادي عشر: الفسوق، وهو الكذب بأي نحو كان،
والسباب. وكذا المفاخرة، وإظهار الفضائل لنفسه وسلبها عن
الغير، وإثبات الرذائل للغير وسلبها عن نفسه، ونحوه البذاء،
وهو الكلام البذئ واللفظ القبيح.
ولا تجب عليه الكفارة بذلك إلا الاستغفار، ولا يفسد
إحرامه.
الثاني عشر: الجدال، وهو قول: ((لا والله)) و ((بلى
والله))، حتى مع عدم الخصومة على الأحوط، والأحوط إلحاق
مطلق اليمين بالله تعالى بهما.
ويجوز ذلك مع الضرورة لاثبات حق، أو دفع باطل، أو
اظهار مودة، أو إكرام مؤمن.
الثالث عشر: قتل ما يتكون في جسده من الهوام،
كالقمل. ولا فرق في كيفية القتل بين ما يكون بفعله مباشرة أم
تسبيبا، بدواء مثلا، أو إلقائه عن بدنه ليكون معرضا للقتل،
بل نقله من محله إلى محل آخر يكون معرضا لسقوطه على
78

الأحوط إن كان المحل الأول أحفظ.
أما التي لا تتكون من جسده فيجوز قتلها، كالقرادة
مثلا. نعم لا يجوز نقلها من جسم البعير، أما من جسم
الإنسان فلا مانع من نقلها أو قتلها.
ويجوز قتل البق والبرغوث وسائر الحشرات الأخرى
دفاعا عن نفسه، والأحوط الاجتناب، خصوصا في الحرم.
الرابع عشر: التختم، وهو لبس الخاتم للزينة، ولا بأس
بلبسه للسنة، أي للاستحباب الشرعي، وتفترقان بالنية.
والأحوط الأولى الاجتناب عن مطلق التزين، والأحوط
الاجتناب في الاحرام عن كل ما ينافي كونه أشعث أغبر.
ويحرم على المرأة حال الاحرام لبس الحلي للزينة، إلا
الذي قد اعتادت لبسه قبل الاحرام، فلا بأس به بشرط أن لا
تظهره لزوجها أو لأحد محارمها إلا للضرورة.
الخامس عشر: الادهان، بأن يطلي جسده بالسمن، أو
الزيت، أو غيرهما من الأدهان، حتى ولو لم تكن فيه رائحة
79

طيبة.
ويجوز ذلك لو كان لضرورة، كتشقق الجلد مثلا، أو كان
دواء لألم في بدنه، ولا كفارة عليه غير الاستغفار.
السادس عشر: إزالة الشعر مطلقا، سواء كان من بدنه
أو بدن غيره، حتى بعض الشعر، إلا لضرورة، مثل كثرة
القمل، أو الصداع، أو الشعرة المؤذية في عينه، فحينئذ تجوز
الإزالة وتلزمه الفدية، بخلاف ما لو كان قد أزالها عن غيره،
فلا فدية عليه، ولكن لا يجوز ذلك ولو كان الغير محلا.
ولا بأس بأن يحك المحرم جسده، ولكن بشرط أن
يتحرز من سقوط الشعر بسبب الحك.
ولا بأس بما يسقط من الشعر من غير قصد، حال
الوضوء، أو الغسل لو كان التخليل على المتعارف، ولم يكن
مظنة للسقوط، نعم لو كان التخليل خارجا عن المتعارف
فيشكل، والأحوط الفداء بكفين من الطعام.
السابع عشر: الحناء على الأحوط، والأولى تركه قبل
80

الاحرام لو كان يبقى أثرها إلى وقت الاحرام. والأولى
الاجتناب عن كل ما ينافي كون المحرم أشعث أغبر كما تقدم.
الثامن عشر: تغطية الرأس للرجل فقط دون المرأة،
والمراد به منابت الشعر والأذنان، ولا فرق بين أن يغطي كل
الرأس، أو بعضه، وذلك بكل ساتر ملاصق له حتى الطين،
والحناء، واللصقة، والارتماس في الماء، أو في مائع آخر، أو
حمل شئ عليه، ونحو ذلك على الأحوط. والأحوط للنساء
عدم الارتماس.
والأحوط الأولى ترك ستره بشئ من البدن كاليد، وإن
كان الأظهر جوازه. وأما مسح الرأس باليد عند صب الماء
عليه حين الغسل، وغيره، فلا يكون تغطية.
(ملحوظة): قد يشاهد أن بعض الحجاج المحرمين،
يحملون أمتعتهم على رؤوسهم، وإلى ذلك نلفت أنظار الحجاج
الكرام، فإن هذا ينافي الاحرام.
يجوز للمحرم أن ينام على رأسه، وإن استوجب ذلك
81

تغطية جهة من رأسه، كما ويجوز أن يفيض الماء على رأسه، أو
يقف تحت الدوش حين الاغتسال، وكما يجوز له حك رأسه لو
كان يتحرز من سقوط الشعر، ويعلم بعدم وقوعه.
ولا بأس عليه لو ستر رأسه نسيانا، ولكن يجب عليه
كشفه حين الالتفات فورا بدون تأخير.
وتجب الفدية لتغطية الرأس بشاة، وإن كانت لضرورة،
وتتعدد الفدية كلما تعدد الستر، فكلما ستر رأسه يجب
عليه شاة، خصوصا بلا عذر وخصوصا مع تعدد المجلس.
التاسع عشر: تغطية المرأة وجهها بنقاب وغيره، مما
يلصق على الوجه كلا أو بعضا، حتى في حال النوم.
ويجوز أن تنام على وجهها وإن استوجب ذلك تغطيته،
كما يجوز لها أن تستر وجهها ببرقع (بوشية) بحيث يكون
بعيدا عن وجهها.
ويجوز لها إسدال قناع ونحوه على وجهها إلى ما يحاذي
أنفها فقط، ولو زادت على ذلك لزمتها كفارة شاة.
82

ويجوز لها لبس عباءتها وستر وجهها بها، ولكن تحافظ
على ابعاد العباءة عن وجهها، كما يجوز لها ستر بعض الوجه
مقدمة لستر الرأس في الصلاة، ولا بد حينئذ من كشفه بعد
الفراغ من الصلاة فورا.
العشرون: التظليل حال السير في النهار للرجال فوق
الرأس بمثل: الهودج، والشمسية، ونحوهما. ولا فرق في ذلك
بين الراكب والراجل على الأحوط. والأحوط اجتناب مطلق
التظليل عن أحد جانبيه، وإن كان جواز المشي في ظل المحمل
وما لا يكون فوق رأسه لا يخلو عن قوة.
والأحوط عدم الاستظلال بطرف الثوب أو الشمسية
ونحوهما، ولو لم يكن فوق رأسه.
ويجوز التظليل حال النزول وإن تردد في أشغاله ولا
يجلس في مكان، وإن كان الأحوط ترك ذلك في حال التردد.
وكذا يجوز التظليل لضرورة، كبرد شديد، أو حر كذلك، أو
لمطر ولكن يكفر.
83

ويجوز ذلك للنساء والأطفال بلا كفارة.
والمعلم الذي مع النساء، المنحصر حفظه لهن بركوبه في
السيارة المظللة معهن يجوز له الركوب، وكذا سائق السيارة لو
يخاف عليها إن فارقها، وتجب عليهما في الفرضين الفدية.
ولو لم تتيسر للحاج طائرة أو باخرة أو سيارة إلا مظللة،
أو لم يتمكن من الركوب في المكشوفة لمرض، فلا يوجب ذلك
سقوط الحج، وإنما يلزم عليه الفدية.
والروابط الحديدية التي تربط جانبي السيارة المكشوفة،
لا يتحقق بها التظليل.
وكلما اضطر إلى التظليل وجبت عليه الفدية وهي شاة،
ويكتفي بالفدية الواحدة في الاحرام الواحد وإن تعدد التظليل،
وإن كان الأحوط مع التمكن أن يفدي لكل يوم شاة.
الحادي والعشرون: إخراج الدم من بدنه - لا من بدن
الغير - سواء كان بالفصد، أو الحجامة، أو السواك، أو الحك
الذي يعتاد خروج الدم به، أو غير ذلك، إلا مع الضرورة.
84

ومن الضرورة حك الجرب وشق الدمل وعصرها إن كان يتألم
منها لو تركها بدون ذلك، وفدية إخراج الدم شاة على
الأحوط.
الثاني والعشرون: قلع الضرس إن كان مدميا، أما
حال الاضطرار فيجوز، ويكفر على الأحوط بشاة.
الثالث والعشرون: تقليم الأظافر، ولو ظفرا واحدا،
أو بعض ظفر، إلا مع الأذية، كما لو انكسر بعض الظفر
أو احتاج علاج الإصبع من دمل أو جرح إلى تقليم الظفر،
فيجوز حينئذ تقليمه، وعليه فدية مد.
الرابع والعشرون: لبس السلاح، كالسيف، والخنجر،
والمسدس، والبندقية، وغيرها، مما يعد سلاحا على وجه
يصدق على حامله، أنه متسلح.
ولو لم يصدق عليه التسلح، كالسكينة الصغيرة التي
يستعملها الحاج، لشؤونه الخاصة، فلا بأس بذلك.
والأحوط عدم حمل السلاح الظاهر وإن لم يلبسه.
85

الخامس والعشرون: قلع كل نابت في الحرم، وقطعه.
ويستثنى من ذلك ((الأذخر)) وهو نبت معروف، وكذا
يستثنى النخل، والفواكه، وما كان الإنسان قد غرسه هو
بنفسه، أو كان نابتا في ملكه، أو في منزله إن نبت بعد
نزوله فيه.
ولا بأس بأن يرعى بعيره في الحرم فيأكل من حشيشه،
ولكن لا يجوز له الاحتشاش على الأقوى.
وكفارة قطع الحشيش الاستغفار.
ولو أمكنه الاستقراض للفدية بغير حرج، وجب الذبح
بمكة، وإلا فيذبحه عند أهله لو لم يتمكن من إرسال الفدية إلى
مكة.
وكل مورد كان الفداء شاة فيجوز أن يفدي بمعز اختيارا.
86

حدود الحرم
أما الحرم فإنه محيط بمكة من جهاتها الأربع، وهو بريد في
بريد (أي بريد طولا وبريد عرضا). والبريد أربعة فراسخ،
والفرسخ ستة كيلو مترات تقريبا.
وما من شك أن لكل حمى حدودا تحده، وعلامات
تفصله عن حدود غيره، ومن هنا كان حمى الله تعالى أولى
وأجدر بذلك، لذا جعل حول حرمه حدودا.
ولقد روي أن جبرئيل أخذ بيد إبراهيم الخليل عليه السلام
وأوقفه على حدود الحرم، فنصب عليها الخليل علامات
تعرف بها، فكان إبراهيم أول من وضع علامات حدود الحرم،
ثم جدد عهدها قصي بن كلاب، ثم قريش على عهد رسول الله
صلى الله عليه وآله، ثم جددها الرسول الأعظم صلى الله
عليه وآله، في أيامه، ولم تزل العلامات موجودة حتى الآن، يتعاهد
87

ولاة المسلمين تجديدها حتى اليوم.
وإليك بيان هذه الحدود مع بيان مسافاتها بالنسبة
إلى المسجد الحرام على ما قيل:
1 - شمالا من جهة المدينة المنورة، المكان المسمى ب‍
((التنعيم))، أو ((مسجد العمرة)) والمسافة بينه وبين المسجد الحرام
تقدر بنحو أربعة أميال.
2 - غربا من جهة جدة عند المكان المسمى ب‍ ((العلمين))
أو ((الحديبية))، والمسافة بينه وبين المسجد الحرام تقدر بنحو
عشرة أميال.
3 - شرقا من جهة نجد عند المكان المسمى ب‍
((الجعرانة))، والمسافة بينه وبين المسجد الحرام تقدر بنحو
ثمانية أميال.
4 - جنوبا من جهة عرفة عند ((نمرة))، والمسافة بينه
وبين المسجد الحرام تقدر بنحو ثلاثة عشر ميلا.
تلك هي حدود الحرم الشريف الذي حرم على المسلمين
88

الصيد فيه، ويحرم قلع شجره وحشيشه وقطعهما، ويمنع نقل
ترابه وأحجاره على الأحوط، ويمنع كل كافر من دخوله،
مقيما كان أو مارا.
وليست لقطته كغيره، بل لا بد من تركها كي يأتي إليها
صاحبها، ولو أخذها شخص لا بد من التعريف سنة كاملة،
فإن وجد المالك فهو وإلا تخير بين الصدقة أو حفظهما لمالكهما،
ولا يجوز تملكها بعد اليأس والتعريف، كما يجوز في لقطة غيره.
ويحرم دفن الكافر فيه، وينبش إذا دفن، ومضاعفة الأجر
بسائر الطاعات فيه، إلى آخر ماله من الخصائص.
مستحبات دخول الحرم
يستحب لدخول الحرم أمور:
1 - الغسل قبل دخول الحرم، ونيته: ((اغتسل لدخول
حرم مكة قربة إلى الله تعالى)).
2 - دخول الحرم ماشيا حافيا حاملا نعليه بيده، تواضعا
89

وخشوعا لله تعالى. ولو تمكن من بقائه هكذا حتى يدخل مكة
والمسجد الحرام فهو أولى له.
3 - قراءة الدعاء المأثور عند دخول الحرم فيقول:
((اللهم إنك قلت في كتابك وقولك الحق: وأذن في الناس
بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج
عميق. اللهم إني أرجو أن أكون ممن أجاب دعوتك،
وقد جئت من شقة بعيدة وفج عميق، سامعا لندائك
ومستجيبا لك، مطيعا لأمرك، وكل ذلك بفضلك علي
وإحسانك إلي، فلك الحمد على ما وفقتني له، أبتغي
بذلك الزلفة عندك، والقربة إليك، والمنزلة لديك،
والمغفرة لذنوبي، والتوبة علي منها بمنك. اللهم صل على
محمد وآل محمد، وحرم بدني على النار، وآمني من
عذابك وعقابك برحمتك يا أرحم الراحمين)).
4 - مضغ ((الأذخر))، وهو نبت معروف بمكة.
90

مستحبات دخول مكة
يستحب لدخول مكة المكرمة أمور:
1 - الغسل، مثل غسل دخول الحرم ونيته: ((أغتسل
لدخول مكة المكرمة قربة إلى الله تعالى)).
2 - دخول مكة من الطريق الأعلى أن أمكن من عقبة
كداء، بالفتح والمد.
3 - الدخول إلى مكة متأنيا مطمئنا على سكينة ووقار
وتواضع لله تعالى.
مستحبات دخول المسجد الحرام
مستحبات دخول المسجد الحرام ما يلي:
1 - الغسل من منزله، أو من بئر ميمون في الأبطح،
ونيته ((أغتسل لدخول المسجد الحرام قربة إلى الله
تعالى)).
91

2 - الدخول من باب ((بني شيبة))، وهو الآن داخل
المسجد الشريف بعد ما جرى عليه التوسيع، وهو مقابل باب
السلام على الظاهر.
3 - الدعاء بالمأثور عند الوقوف على الباب، بكمال
الخضوع، والخشوع، والسكينة، والوقار. ويدعو بما رواه
معاوية بن عمار عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام
قال: فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم وقل: ((السلام عليك
أيها النبي ورحمة الله وبركاته بسم الله وبالله ومن الله
وما شاء الله، السلام على أنبياء الله ورسله، السلام على
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، السلام على
إبراهيم خليل الله، والحمد لله رب العالمين)).
وفي رواية أبي بصير عن الإمام الصادق عليه السلام:
تقول وأنت على باب المسجد: ((بسم الله وبالله ومن الله
وإلى الله وما شاء الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله
عليه وآله، وخير الأسماء لله، والحمد لله، والسلام
92

على رسول الله، السلام على محمد بن عبد الله، السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام على
أنبياء الله ورسله، السلام على إبراهيم خليل الرحمان،
السلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، السلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين. اللهم صل على محمد وآل
محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمدا وآل
محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل
إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم صلى على محمد وآل محمد
عبدك ورسولك اللهم صل على إبراهيم خليلك، وعلى
أنبيائك ورسلك وسلم عليهم، وسلام على المرسلين،
والحمد لله رب العالمين. اللهم افتح لي أبواب
رحمتك، واستعملني في طاعتك ومرضاتك، واحفظني
بحفظ الايمان أبدا ما أبقيتني، جل ثناء وجهك، الحمد لله
الذي جعلني من وفده وزواره، وجعلني ممن يعمر
مساجده، وجعلني ممن يناجيه. اللهم إني عبدك وزائرك
93

في بيتك وعلى كل مأتي حق لمن أتاه وزاره، وأنت خير
مأتي وأكرم مزور، فأسألك يا الله يا رحمان بأنك أنت
الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وبأنك واحد
أحد صمد لم تلد ولم تولد، ولم يكن لك كفؤا أحد، وأن
محمدا عبدك ورسولك، صلواتك عليه وعلى أهل بيته،
يا جواد يا كريم يا ماجد يا جبار يا كريم، أسألك أن تجعل
تحفتك إياي بزيارتي إياك أول شئ تعطيني فكاك رقبتي
من النار)).
ثم تقول ثلاث مرات: ((اللهم فك رقبتي من النار)).
ثم تقول: ((وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب،
وادرأ عني شر شياطين الإنس والجن وشر فسقة
العرب والعجم)).
ثم تدخل المسجد الشريف فتقول، كما في الفقه المنسوب
إلى الإمام الرضا عليه السلام: ((بسم الله وبالله وعلى
ملة رسول الله صلى الله عليه وآله)).
94

ثم ارفع يديك وتوجه إلى الكعبة الشريفة وقل: ((اللهم
إني أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تقبل
توبتي، وأن تتجاوز عن خطيئتي، وأن تضع عني
وزري، الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام. اللهم إني أشهد
أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وأمنا
مباركا وهدى للعالمين. اللهم العبد عبدك والبلد بلدك
والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك، مطيعا
لأمرك راضيا بقدرك، أسألك مسألة الفقير إليك،
الخائف من عقوبتك. اللهم افتح لي أبواب رحمتك،
واستعملني بطاعتك ومرضاتك)).
ثم تخاطب الكعبة الشريفة وتقول: ((الحمد لله الذي
عظمك وشرفك وكرمك وجعلك مثابة للناس وأمنا
مباركا وهدى للعالمين)).
فإذا وقع نظرك على الحجر الأسود فتوجه إليه وقل:
((الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا
95

الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، الله
أكبر من خلقه، والله أكبر مما أخشى وأحذر، لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت
ويميت ويحيي وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل
شئ قدير. اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على
محمد وآله، كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وسلام على جميع
النبيين والمرسلين، والحمد لله رب العالمين. اللهم إني
أؤمن بوعدك وأصدق رسلك وأتبع كتابك)).
ثم امش متأنيا مطمئنا، وقصر خطواتك خوفا من عذاب
الله تعالى، فإذا قربت من الحجر الأسود، فارفع يديك
فاحمد الله واثن عليه وصل على محمد وآله وقل، ما رواه معاوية
بن عمار عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام: ((اللهم
تقبل مني))، ثم امسح يديك وجسدك بالحجر الأسود إن
أمكن وقبله، وإن لم تتمكن من تقبيله فامسحه بيدك، وإن لم
96

تتمكن من ذلك أيضا، لكثرة الازدحام، فأشر إليه وقل:
((اللهم أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته، لتشهد لي
بالموافاة. اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة نبيك
صلواتك عليه وآله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، آمنت بالله
وكفرت بالجبت والطاغوت واللات والعزى، وعبادة
الشيطان، وعبادة كل ند يدعو من دون الله)).
وإن لم تتمكن من قراءة تمام الدعاء فاقرأ ما استطعت
قراءته منه وقل: ((إليك بسطت يدي، وفيما عندك
عظمت رغبتي، فاقبل سبحتي، واغفر لي وارحمني. اللهم
إني أعوذ بك من الكفر والفقر ومواقف الخزي في الدنيا
والآخرة)).
97

أحكام الطواف وواجباته
يجب الطواف في عمرة التمتع مرة واحدة فقط مع صلاة
ركعتيه.
ويجب الطواف في حج التمتع، وحج الافراد، وحج القران،
وعمرة الافراد، وعمرة القران، والعمرة المفردة مرتين:
1 - طواف الحج، سواء للتمتع أو الافراد أو القران
وعمرتيهما والعمرة المفردة، وهو ركن.
2 - طواف النساء، ولكل من حج التمتع، حج الافراد، وحج
القران، وعمرة كل من: الافراد، والقران، والعمرة المفردة، ولكنه
ليس بركن، بخلاف الطواف السابق فإنه ركن، ويبطل كل
نسك بتعمد تركه.
شروط الطواف وواجباته
واجبات الطواف التي تتوقف عليها صحته، أربعة عشر
99

بعضها شروط، وبعضها أجزاء.
شروط الطواف:
1 - الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر فيما إذا كان
الطواف واجبا، أما إذا كان الطواف مستحبا فلا تشترط فيه
الطهارة من الحدث الأصغر. نعم يحرم على المحدث بالحدث
الأكبر دخول المسجد الشريف، والطواف لا يكون إلا في
المسجد الحرام حول الكعبة الشريفة، فمن هنا لا يمكن للمحدث
بالحدث الأكبر الطواف أبدا.
2 - طهارة البدن واللباس.
يجب على من يريد الطواف أن يطهر بدنه ولباسه عن كل
نجاسة حتى المعفو عنها في الصلاة، كالدم الأقل من درهم، أو
دم القروح والجروح على الأحوط.
نعم إذا شق عليه التجنب، كأن لم يستطع أن يتجنب دم
القروح والجروح جاز معها الطواف، بل لا يبعد جوازه أيضا
فيما لا تتم فيه الصلاة، والأحوط الاستنابة بعد طواف نفسه.
100

3 - الختان للرجال دون النساء، بل يشترط الختان للصبيان
أيضا في صورة عدم الختان خلقة، فلا يصح الطواف من غير
المختون.
4 - ستر العورة على نحو ما في الصلاة على الأقوى،
فيجب على من يريد الطواف أن يستر عورته ولو كان قد أمن
الناظر، فلا يصح طواف العاري.
5 - إباحة اللباس، أي لا يكون لباس الاحرام مغصوبا.
فلو طاف في لباس الاحرام المغصوب بطل طوافه.
6 - النية، بأن ينوي الطواف امتثالا لأمر الله تعالى،
ولا يشترط فيها أكثر من التعيين، فيقول مع العزم: ((أطوف
حول هذا البيت سبعة أشواط لعمرة التمتع إلى حجة
الإسلام لوجوبه قربة إلى الله تعالى)).
وجميع هذه الشروط الستة، التي مرت عليك تشترط أيضا
في كل طواف واجب، سواء كان لعمرة التمتع، أو لحج التمتع، أو
لطواف النساء، أو لطواف حج الافراد، أو لحج القران، أو للعمرة
101

المفردة، ويعبر عن هذه الشروط بالشروط الخارجية.
واجبات الطواف - الأجزاء الداخلية
وهي سبعة:
1 - البدء بالحجر الأسود والختم به، فلا يصح أن يبدأ
بالطواف من غيره، كما لا يصح الختم بغير الحجر الأسود.
أيضا.
ويكفي في حصول البدء والختم بالحجر الأسود المحاذاة
العرفية في بدء الشوط، وختامه، بأن يكون أول جزء من بدنه
بإزاء أول جزء من الحجر، وعليه يلزم تقديم النية، قبل الحجر
بقليل، بحيث يكون ابتداء الشوط الواجب محاذيا للحجر
وانتهاؤه بذلك الموضع، وجعل الزائد عليه من المقدمات
العلمية.
2 - جعل البيت على اليسار، فلا يصح الطواف بعكس
ذلك بأن يجعل البيت على يمينه.
102

ويكفي في تحقق جعل البيت على يساره الصدق العرفي،
فلا ينافي الانحراف اليسير البسيط إذا لم يكن منافيا لذلك.
3 - إدخال حجر إسماعيل في الطواف، وهو مدفن النبي
إسماعيل عليه السلام، وأمه هاجر، وجملة من الأنبياء عليهم
السلام.
4 - خروج تمام بدنه عن البيت، وعن حجر إسماعيل،
وعما يحسب من البيت، كجدار الحجر، أو شاذروان الكعبة.
5 - كون الطواف بين البيت والمقام مقام إبراهيم عليه
السلام على الأحوط، وعليه فلا يصح أن يجعل مقام إبراهيم
داخل المطاف.
هذا في حال الاختيار، أما في حال الاضطرار وعدم
إمكان الطواف بين البيت والمقام يطوف في الخارج عن هذا
الحد، مراعيا الأقربية الممكنة إلى البيت.
6 - العدد، أي كون العدد في الطواف حول الكعبة
الشريفة سبعة أشواط من الحجر الأسود، إلى الحجر الأسود،
103

بلا زيادة، ولا نقصان.
7 - الموالاة في الطواف، فإنها شرط في طواف الفريضة،
وهي: أن يتابع بين أشواط الطواف، ولا يعمل خلال الأشواط
عملا، ينافي تلك الموالاة في الطواف الواجب. ولا تشترط
الموالاة في الطواف المستحب.
مستحبات الطواف
1 - الطواف حول الكعبة الشريفة حافيا.
2 - تقصير الخطوات عند الطواف، والمشي على سكينة
ووقار لا مسرعا ولا مبطئا.
3 - المشي عند الطواف.
4 - الاشتغال بالذكر، والدعاء، وقراءة القرآن.
5 - ترك كل ما يكره في الصلاة، وكل لغو وعبث.
6 - استلام الحجر، وتقبيله في كل شوط إن أمكن، من
دون أن يؤذي أحدا، أو يزعجه أو يؤخره عنه، وإلا اكتفى
104

بالإشارة إليه مع التكبير.
7 - الطواف عند الزوال.
8 - غض البصر عند الطواف.
9 - القرب من البيت حال الطواف.
10 - قراءة الأدعية المأثورة عن أهل البيت عليهم
السلام، مثل ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد الله الصادق
عليه السلام، وهو: ((اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشي
به على ظلل الماء كما يمشي به على جدد الأرض،
وأسألك باسمك الذي يهتز له عرشك، وأسألك باسمك
الذي تهتز له أقدام ملائكتك، وأسألك باسمك الذي
دعاك به موسى من جانب الطور الأيمن فاستجبت له
وألقيت عليه محبة منك، وأسألك باسمك الذي غفرت به
لمحمد صلى الله عليه وآله ما تقدم من ذنبه وما تأخر،
وأتممت عليه نعمتك أن تفعل بي)) وتطلب حاجتك.
ويستحب أيضا في حال الطواف أن يقول: ((اللهم إني
105

إليك فقير وإني خائف مستجير، فلا تغير جسمي ولا
تبدل اسمي)).
وكلما انتيهت إلى باب الكعبة في كل شوط فصل على
محمد وآل محمد، وادع بهذا الدعاء: ((سائلك فقيرك
مسكينك ببابك، فتصدق عليه بالجنة، اللهم البيت
بيتك والحرم حرمك، والعبد عبدك، وهذا مقام
العائذ بك، المستجير بك من النار، فأعتقني ووالدي
وأهلي وولدي وإخواني المؤمنين من النار، يا جواد يا
كريم)).
وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا بلغ حجر
إسماعيل يرفع رأسه ثم يقول: ((اللهم أدخلني الجنة،
وأجرني من النار بحرمتك وعافني من السقم، وأوسع
علي من الرزق الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس
، وشر فسقة العرب والعجم)).
ويستحب إذا مضى عن الحجر ووصل إلى خلف البيت
106

أن يقول ما رواه عمر بن أذينة عن الإمام أبي عبد الله الصادق
عليه السلام، وهو: ((يا ذا المن والطول، يا ذا الجود
والكرم، إن عملي ضعيف فضاعفه وتقبله مني إنك أنت
السميع العليم)).
وإذا وصل إلى الركن اليماني يرفع يديه، ويدعوا بما دعا به
أبو الحسن الرضا عليه السلام، وهو: ((يا الله يا ولي العافية،
ورازق العافية، وخالق العافية، والمنعم بالعافية،
والمنان بالعافية، والمتفضل بالعافية علي وعلى جميع
خلقك، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، صل على
محمد وآل محمد، وارزقنا العافية وتمام العافية وشكر
العافية في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين)).
ثم يرفع رأسه إلى الكعبة ويقول ما رواه إبراهيم بن
عيسى: ((الحمد لله الذي شرفك وعظمك، والحمد لله
الذي بعث محمدا نبيا وعليا إماما. اللهم اهد له خيار
خلقك، وجنبه شرار خلقك)).
107

وفيما بين الركن اليماني والحجر الأسود يقول ما رواه
عبد الله بن سنان عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام:
((ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا
عذاب النار)).
وفي الشوط السابع إذا وصل المستجار (وهو خلف
الكعبة قريب من الركن اليماني) يقوم بحذاء الكعبة، ويبسط
يديه على حائطه، ويلصق به بطنه وخده، ويقر بذنوبه مسميا
لها، ويتوب، ويستغفر الله تعالى منها، ويدعو بما دعا به أبو
عبد الله الصادق عليه السلام: ((اللهم البيت بيتك، والعبد
عبدك وهذا مقام العائذ بك من النار. اللهم من قبلك
الروح والفرج والعافية. اللهم إن عملي ضعيف فضاعفه
لي، واغفر لي ما اطلعت عليه مني وخفي على خلقك
، أستجير بالله من النار)).
ويدعو بما دعا به علي بن الحسين عليهما السلام: ((اللهم
إن عندي أفواجا من ذنوب، وأفواجا من خطايا،
108

وعندك أفواج من رحمة وأفواج من مغفرة، يا من
استجاب لا بغض خلقه إذ قال: أنظرني إلى يوم يبعثون
استجب لي)).
ثم أطلب حاجتك، وادع كثيرا، واعترف بذنوبك، فما
كنت ذاكرا لها فاذكرها مفصلا، وما كنت ناسيا إياه فاعترف
بها إجمالا، واستغفر الله فإنه يغفر لك إن شاء الله تعالى.
فإذا وصلت الحجر الأسود فادع بما رواه معاوية بن عمار
عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام: ((اللهم فنعمني
بما رزقتني وبارك فيما آتيتني)).
مكروهات الطواف
1 - الكلام بغير ذكر الله تعالى، والدعاء، وقراءة القرآن
الكريم.
2 - الضحك، والتمطي، والتثاؤب، وفرقعة الأصابع، وكل
ما يكره في الصلاة.
109

3 - مدافعة البول والغائط، بل الريح أيضا.
4 - الأكل والشراب.
5 - لبس ((البرطلة))، وهي قلنسوة طويلة كانت تلبس
قديما، لأنها من زي اليهود.
صلاة الطواف
وهي ركعتان مثل فريضة الصبح، يتخير المكلف فيها بين
الجهر والاخفات، يصليهما الحاج بعد الطواف مباشرة،
ويراعي فيها الفورية العرفية بعد
فراغه من الطواف يصلي خلف مقام إبراهيم
عليه السلام، وهو الصخرة التي عليها أثر قدم الخليل عليه
السلام، قريبا منها، بحيث يصدق عليه أنه صلاها عنده، إن
أمكنه ذلك.
والأحوط أن يستقبلها بوجهه، وإن لم يتمكن من الصلاة
خلف المقام صلاها عنده في أحد جانبيه، فإن لم يتيسر له ذلك
110

أيضا يصليها حيث شاء من المسجد الحرام ضمن الحدود التي
كانت في زمن النبي صلى الله عليه وآله، مع مراعاة الأقرب
فالأقرب إلى خلف المقام.
مستحبات ركعتي الطواف
1 - قراءة سورة التوحيد - قل هو الله أحد - بعد الحمد في
الركعة الأولى، وقراءة سورة الجحد - قل يا أيها الكافرون -
بعد الحمد في الركعة الثانية.
2 - الحمد والثناء على الله تعالى، والصلاة والسلام على
الرسول وآله بعد الصلاة.
3 - السؤال من الله تعالى قبول الدعاء، ويقول: ((اللهم
تقبل مني ولا تجعله آخر العهد مني. الحمد لله بمحامده
كلها على نعمائه كلها، حتى ينتهي الحمد إلى ما يحب
ويرضى. اللهم صل على محمد وتقبل مني وطهر قلبي
وزك عملي)).
111

وفي رواية أخرى يقول: ((اللهم ارحمني بطاعتي إياك
وطاعة رسولك صلى الله عليه وآله. اللهم جنبني أن
أتعدى حدودك، واجعلني ممن يحبك ويحب رسولك
وملائكتك وعبادك الصالحين)).
ثم يسجد ويقول، كما صنع الإمام أبو عبد الله الصادق
عليه السلام على ما رواه بكر بن محمد: ((سجد لك وجهي
تعبدا ورقا، لا إله إلا أنت حقا حقا، الأول قبل كل
شئ والآخر بعد كل شئ، وها أنا ذا بين يديك، ناصيتي
بيدك، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنب العظيم غيرك، فإني
مقر بذنوبي على نفسي، ولا يدفع الذنب العظيم
غيرك)).
112

السعي
السعي واجب في عمرة التمتع، بل هو واجب في كل
إحرام، سواء كان للحج، أو العمرة.
والسعي عبارة عن سبعة أشواط (ذهابا وإيابا) بين الصفا
والمروة بعد صلاة الطواف، وهو ركن تبطل العمرة والحج
بتعمد تركه، وإن كان عن جهل.
ويجوز تأخير السعي عن الطواف لرفع التعب وحرارة
الهواء، ولا يجوز تأخيره إلى الغد، والأقوى جواز تأخيره إلى
الليل، وإن كان الأحوط تركه.
ولا بأس أيضا بالفصل بين الطواف الواجب والسعي،
بطواف مستحب.
وأما إذا ترك السعي عن نسيان فيتعين عليه الاتيان به متى
تذكره، وإذا خرج من مكة فالأحوط له الرجوع في أي وقت
113

تذكره، ويفعله بنفسه، إن أمكنه ذلك، وإن شق وصعب عليه
فحينئذ يستنيب من يسعى عنه.
ولا يحل من إحرامه من أخل به، أي الذي لم يأت به على
الوجه الأكمل حتى يأتي به كاملا (كلا) بنفسه أو بنائبه.
ولو واقع أهله ولو سهوا بزعم الاحلال لزمته الكفارة
بعده وكذا تجب عليه الكفارة أيضا إذا قلم أظفاره ولو سهوا
على الأحوط.
واجبات السعي
وهي ثمانية:
1 - النية، ولا بد أن تكون مقارنة لأول السعي، مشتملة
على قصد القربة. والأولى التلفظ بها مشتملة على نية
الوجوب، فتقول: ((أسعى بين الصفا والمروة سبعة
أشواط لعمرة التمتع إلى حجة الإسلام لوجوبه امتثالا
114

لأمر الله سبحانه وتعالى)).
2 - الابتداء من الصفا، ويتحقق ذلك بإلصاق عقبه به،
والأحوط إلصاق العقبين والبدن به.
3 - الختم بالمروة، ويتحقق ذلك أيضا بأن يلصق بها
أصابع قدمه، والأحوط إلصاق القدمين والبدن كما في الصفا.
وإذا خالف ذلك فبدأ بالمروة ولو سهوا بطل سعيه
واستأنف.
4 - العدد، وهو أن يقطع المسافة التي بين الصفا والمروة
سبع مرات بلا زيادة ولا نقصان، فيحصل ب الذهاب أربعا من
الصفا إلى المروة وبالاياب ثلاثا من المروة إلى الصفا، فيكون
سبعة أشواط.
5 - السعي ذهابا وإيابا على الطريق المتعارف، وهو
المسعى المختص حاليا، فلو دخل المسجد في الأثناء وخرج
منه إلى المسعى، أو ذهب إلى سوق الليل، ثم رجع منه إلى
المسعى، لم يصح منه ذلك السعي.
115

ولا بأس بالسعي في الطابق الثاني من المسعى إن صدق
أنه سعى بين الجبلين (الصفا والمروة).
6 - استقبال المقصد، فإن كان من الصفا استقبل المروة،
وإن كان من المروة استقبل الصفا، ولا يجوز أن يمشي القهقري
أو يمشي عرضا.
نعم لا بأس بالالتفات بالوجه إلى اليمين أو اليسار، مع بقاء
مقاديم البدن على حالة الاستقبال حين السعي.
أما في حالة الوقوف، فلا بأس بالاعراض بكل البدن،
ولو بلغ حد الاستدبار، كما لا بأس بأن ينحرف الإنسان عن
جهة اليمين، عند نزوله من الصفا.
7 - إباحة الدابة، بل والنعل والثياب، فلا يجوز السعي
على الدابة المغصوبة، بل والمحمول والمغضوب، فلا يجوز أن
يحمل شيئا مغصوبا على الأحوط.
8 - الترتيب، بأن يكون السعي بعد صلاة الطواف، فلا
يجوز تقديم السعي على الطواف اختيارا، لا في الحج ولا في
116

العمرة، فإذا تعمد الإنسان تقديم السعي على الطواف بلا
ضرورة أعاده، وإن كان لضرورة أجزأه.
ويحتمل الاجزاء إن كان عن سهو أيضا كما تقدم في
الطواف، وإن كان الأحوط وجوبا الإعادة، وكذلك الجاهل
بالمسألة.
ولا تجب المبادرة فورا إلى السعي بعد الفراغ من الطواف
وصلاته، فيجوز تأخير السعي للاستراحة ونحوها، بل يجوز
تأخير السعي إلى الليل، ولا يجوز تأخير السعي إلى الغد
اختيارا، نعم يجوز اضطرارا.
مستحبات السعي
1 - الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، والحائض
يمكنها السعي، نعم تستحب لها الطهارة إن أمكنها، وإلا فتسعى
وهي حائض.
2 - المبادرة إلى السعي بعد ركعتي الطواف، ويمكن
117

للمتعب الاستراحة.
3 - تقبيل الحجر الأسود، واستلامه عند إرادة الخروج
إلى الصفا إن أمكن، وإلا أشار إلى الحجر بيده.
4 - الاتيان إلى زمزم للاستقاء بنفسه إن أمكنه، والشرب
من مائها، وليصب على رأسه وظهره، ويقول وهو مستقبل
الكعبة ما رواه معاوية بن عمار عن الإمام أبي عبد الله الصادق
عليه السلام: ((اللهم اجعله علما نافعا، ورزقا واسعا،
وشفاء من كل داء وسقم)).
5 - استلام الحجر بعد الشرب من زمزم أيضا، وهو أولى
عند خروجه إلى الصفا
6 - الخروج إلى الصفا من الباب الذي يقابل الحجر
الأسود وهو الباب الذي كان يخرج منه رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم، ويسمى الآن: باب الصفا.
7 - المشي في خروجه إلى الصفا بسكينة ووقار.
8 - الصعود على الصفا بحيث ينظر إلى البيت إن أمكن،
118

فإن النظر إلى البيت مستحب أيضا.
9 - استقبال الركن الذي فيه الحجر الأسود، بعد صعوده
على الصفا.
10 - حمد الله تعالى، والثناء عليه، وأن يتذكر الإنسان
نعم الله عليه، ويذكر من آلائه وبلائه، وحسن صنيعه إليه
ما يتمكن من ذكره، ثم يقول سبع مرات ((الله أكبر))، وسبع
مرات ((الحمد لله))، وسبع مرات ((لا إله إلا الله))، ثم يقول
ثلاث مرات: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك
وله الحمد، يحيي ويميت ويميت ويحيي، وهو حي
لا يموت بيده الخير، وهو على كل شئ قدير)).
ثم يصلي على محمد وآل محمد، ويقول ثلاث مرات:
((الله أكبر على ما هدانا، الحمد لله على ما أولانا،
والحمد لله الحي القيوم، والحمد لله الحي الدائم)).
ثم يقول ثلاث مرات: ((أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ولا نعبد إلا
119

إياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون)).
ويقول ثلاث مرات، ((اللهم إني أسألك العفو
والعافية واليقين في الدنيا والآخرة)).
ويقول ثلاث مرات، ((اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)).
ثم يقول مائة مرة: ((الله أكبر))، ومائة مرة ((لا إله إلا
الله))، ومائة مرة ((الحمد لله))، مائة مرة: ((سبحان الله))،
ثم يقول: ((لا إله إلا الله وحده وحده أنجز وعده ونصر
عبده وغلب الأحزاب وحده، فله الملك، وله الحمد
وحده. اللهم بارك لي في الموت، وفيما بعد الموت. اللهم
إني أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته. اللهم أظلني في
ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك)).
11 - ويستحب أن يكثر الإنسان من استيداع الله دينه،
ونفسه وأهل بيته حين وقوفه على الصفا، ويقول: ((أستودع
الله الرحمان الرحيم، الذي لا تضيع ودائعه، ديني ونفسي
120

وأهلي ومالي وولدي. اللهم استعملني على كتابك وسنة
نبيك، وتوفني على ملته وأعدني من الفتنة)).
ثم يقول ثلاث مرات: ((الله أكبر))، ثم يدعو بالدعاء
السابق مرتين، ثم يقول ((الله أكبر))، ثم يدعو بالدعاء
السابق إن تمكن من ذلك، وإلا فليأت بما تيسر له.
12 - استقبال الكعبة الشريفة، وقراءة هذا الدعاء
((اللهم اغفر لي ذنب أذنبته قط، فإن عدت فعد علي
بالمغفرة: فإنك أنت الغفور الرحيم. اللهم افعل بي ما أنت
أهله، فإنك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني، وأن تعذبني
فأنت غني عن عذابي، وأنا محتاج إلى رحمتك، فيا من أنا
محتاج إلى رحمته ارحمني. اللهم لا تفعل بي ما أنا أهله،
فإنك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذبني ولم تظلمني،
أصبحت أتقي عدلك ولا أخاف جورك، فيا من هو عدل
لا يجوز ارحمني)).
ثم قل ((يا من لا يخيب سائله، ولا ينفد نائله، صل
121

على محمد وآل محمد وأجرني من النار برحمتك)).
13 - إطالة الوقوف على الصفا، ففي الحديث: من أراد أن
يكثر ماله فليطل الوقوف في الصفا.
14 - إذا انحدر قليلا بعد الصعود على الصفا، فليقف
ويتوجه إلى الكعبة الشريفة، ويقول: ((اللهم إني أعوذ بك
من عذاب القبر وفتنته وغربته ووحشته وظلمته
وضيقه وضنكه. اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل
إلا ظلك)).
15 - ثم ينحدر قليلا، ويكشف عن ظهره، ويقول:
((يا رب العفو، يا من أمر بالعفو، يا من هو أولى بالعفو
يا من يثيب على العفو العفو، العفو، العفو، يا جواد
يا كريم يا قريب يا بعيد، أردد على نعمتك، واستعملني
بطاعتك ومرضاتك)). 16 - السعي ماشيا، ويجوز الركوب حال السعي على
دابة أو محمل أو كرسي متحرك، أو على ظهر انسان أو
122

يتكئ عليه، أو غير ذلك، ولكن المشي أفضل.
17 - كون المشي على سكينة ووقار، كما مر في الطواف.
18 - كون المشي متوسطا، لا سريعا ولا بطيئا، من الصفا
إلى المنارة الأولى، وهي الآن معلمة بلون أخضر، ثم يهرول
منها إلى المنارة الثانية المعلمة بلون أخضر أيضا.
إن كان راكبا حرك دابته، من دون أن يؤذي أحدا، ثم
يمشي منها إلى المروة، هكذا يفعل في الرجوع.
ولا هرولة على النساء
19 - الدعاء عند الوصول إلى المنارة الأولى، فيقول:
((بسم الله وبالله، والله أكبر، وصلى الله على محمد وأهل
بيته. اللهم اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم، إنك أنت
الأعز الأجل الأكرم، واهدني للتي هي أقوم. اللهم إن
عملي ضعيف، فضاعفه لي وتقبله مني. اللهم لك
سعيي وبك حولي وقوتي، تقبل مني عملي يا من يقبل
عمل المتقين)).
123

20 - فإذا تجاوز المنارة الثانية يقول: ((يا ذا المن والفضل
والكرم والنعماء والجود، اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر
الذنوب إلا أنت)).
21 - إذا وصل المروة فيصعد عليها، وليصنع كما صنع
على الصفا، وليقرأ الأدعية الأولى التي قرأها على الصفا
بالترتيب الذي تقدم، ويقول بعد ذلك: ((اللهم يا من أمر
بالعفو، يا من يحب العفو، يا من يعطي على العفو، يا من
يعفو على العفو، يا رب العفو العفو العفو)).
22 - أن يجد في البكاء ويدعوا كثيرا ويتباكى، ويقرأ هذا الدعاء:
((اللهم إني أسألك حسن الظن بك على كل حال،
وصدق النية في التوكل عليك)).
23 - ولو نسي الهرولة ففي أي موضع تذكرها يرجع
القهقري إلى موضع الهرولة ثم يهرول.
ولا بأس بأن يجلس الساعي في خلال السعي، على الصفا
أو المروة للاستراحة، وإن كان لا ينبغي ذلك إلا من التعب، كما
لا ينبغي الجلوس مطلقا أثناء السعي إلا للراحة، والله أعلم.
124

التقصير
وهو آخر واجبات عمرة التمتع. ويجب في كل من الحج
والعمرة، ففي الحج يكون بعد الذبح في منى، وفي العمرة يكون
بعد إكمال السعي.
وهو نسك في نفسه، كالتسليم في الصلاة، وبه يفرغ
الإنسان، ويتحلل من عقد إحرامه.
فالمعتمر بعد فراغه من السعي يجب عليه التقصير،
ويحصل بأخذ شئ من: شعر رأسه، أو لحيته، أو شاربه، أو
حاجبه، أو تقليم بعض أظفار يديه، أو رجليه بحديدة أو سن، أو
نحو ذلك.
ويجوز إتيانه في أي محل كان، ولا يجب المبادرة إليه.
ويجب في التقصير النية أيضا، مقارنة له، مشتملة على
التعيين والقربة، فيقول: ((أقصر للاحلال من إحرام عمرة
125

التمتع لحجة الإسلام الواجب امتثالا لأمر الله تعالى)).
126

أفعال حج التمتع
الأول: الاحرام.
وهو واجب في حج التمتع، بل هو ركن يبطل الحج بتعمد
تركه كما تقدم في العمرة.
وأول وقت هذا الاحرام لغير التمتع - أي المحرم لعمرة
التمتع -، دخول أشهر الحج، وهي: شوال وذو القعدة وذو
الحجة.
وأما المتمتع فيكون أول وقت إحرامه، من ثلاثة أيام قبل
يوم التروية، ثم يمتد وقت الاحرام إلى اليوم التاسع من ذي
الحجة، وهو يوم الموقف بعرفة.
فإذا ضاق وقت الوقوف وجب حينئذ على غير المتمتع أن
يحرم من الميقات، وعلى المتمتع أن يحرم من مكة.
127

مستحبات إحرام الحج
1 - الغسل، وهو أن يغتسل في منزله، أو مكان آخر بمكة
استحبابا.
2 - الدعاء بالأدعية المأثورة عند الغسل، المتقدم ذكرها
عند غسل الاحرام للعمرة.
3 - التوجه إلى المسجد الحرام بخضوع وخشوع، فيدخله
حافيا وعليه السكينة والوقار.
4 - ايقاع الاحرام بعد صلاة، وأفضل الاحرام أن يكون
بعد صلاة الظهر، أو صلاة العصر، أو فريضة مقضية، أو صلاة
نافلة أقلها ركعتان، وفضلها حسب ترتيبها.
5 - إيقاع الاحرام في المسجد الحرام، والأفضل أن يكون
في حجر إسماعيل أو مقام إبراهيم، فيلبس ثوبي الاحرام بعد أن
يأتي بالمستحبات التي مر ذكرها، وينوي الاحرام لحج التمتع
لوجوبه قربة إلى الله تعالى.
128

6 - التلفظ بالنية بأن يقول: ((أحرم لحج التمتع حج
الإسلام لوجوبه أداء أصالة قربة إلى الله تعالى))، وإن
كان الحج مستحبا يقول بدل كلمة ((لوجوبه)): ((لندبه))،
وإن كان الحج قضاء قال ((قضاء))، وإن كان نائبا عن
شخص قال ((نيابة عن فلان)). ثم يلبي بالتلبية فيقول:
((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك))، والأفضل
أن يضيف إليها ((إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك
لك)).
والأولى إضافة: ((لبيك)) في آخر تلك الجملة أيضا.
فيحرم عليه حينئذ جميع المحرمات التي مر ذكرها في
إحرام عمرة التمتع وهي خمسة وعشرون أمرا.
ويكره للمحرم أيضا المكروهات التي مر ذكرها في
العمرة.
7 - الخروج بعد الاحرام وأداء الصلاة المكتوبة (الواجبة)
إلى منى.
8 - أن يلبي في طريقه، حتى إذا أشرف على الأبطح رفع
129

صوته بالتلبية.
9 - إذا توجه إلى منى فليقل ما رواه معاوية بن عمار عن
الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام، وهو ((اللهم إياك
أرجو، وإياك أدعو، فبلغني أملي وأصلح لي عملي)).
10 - وعند وصوله إلى منى يقول: ((الحمد لله الذي
أقدمنيها صالحا في عافية وبلغني هذا المكان)).
وإذا دخلها يقول ما رواه معاوية بن عمار عن الإمام أبي
عبد الله الصادق عليه السلام وهو ((اللهم إن هذه منى،
وهي مما مننت به علي من المناسك، فأسألك أن تمن بما
مننت على أنبيائك، فإنما أنا عبدك وفي قبضتك)).
11 - المبيت في منى ليلة عرفة مشغولا بالعبادة، والدعاء،
والابتهال، والأفضل له أن يبيت في مسجد ((خفيف)).
12 - الصلاة في المسجد والإقامة فيه حتى طلوع الفجر،
ويكره الخروج قبل الفجر، بل الأحوط ترك الخروج، والأولى
البقاء في مسجد ((خيف)) مشغولا بالعبادة، والتعقيب، حتى
130

طلوع الشمس، فحينئذ يفيض إلى عرفات.
13 - وعند خروجه من منى إلى عرفات يقول ما رواه
معاوية بن عمار عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام،
وهو ((إليك صمدت، وإياك اعتقدت، ووجهك أردت،
فأسألك أن تبارك لي في رحلتي، وتقضي لي حاجتي، وأن
تجعلني اليوم ممن تباهي به من هو أفضل مني)).
14 - التلبية عند كل صعود وهبوط، حتى يصل إلى
عرفات.
15 - الأولى أن يضرب خيمته إن أمكن في ((نمرة))،
وهي قريبة من عرفة وليست منها، ولا يكفي الوقوف بنمرة.
الثاني من أفعال الحج: الوقوف بعرفات
يجب الوقوف بعرفة، بمعنى أن يكون حاضرا فيها،
مستوعبا الوقت كله، من زوال الشمس إلى غروبها. ولا يجب
على انسان أن يقف على رجليه.
نعم إذا نام، أو أصابه جنون، أو غشي عليه، أو كان
131

سكرانا في جميع الوقت المذكور، فحينئذ يبطل وقوفه.
لكن إذا كان قبل الوقت في عرفة ونام بقصد الوقوف فيها
فلا يبعد صحة وقوفه وإن كان نائما في تمام الوقت، وكذلك في
المشعر.
بعض ما يستحب في الموقف بعرفات:
1 - التلفظ بالنية، بأن يقول ((أقف بعرفات من
الزوال إلى الغروب لحج التمتع حج الإسلام لوجوبه قربة
إلى الله تعالى))، ولو كان الحج مستحبا قال بدل كلمة
((لوجوبه)): ((استحبابا))، ولو كان الحج قضاء قال:
((قضاء))، ولو كان نائبا عن شخص قال ((نيابة عن
فلان)) ويسميه.
2 - الوقوف في ميسرة الجبل، أي الطرف الذي يكون
على يسار القادم من مكة إذا استقبل الجبل بوجهه في السفح
منه ويكره الصعود على الجبل.
132

3 - الغسل، والأولى أن يكون مقارنا للزوال.
4 - جمع الظهر والعصر بأذان وإقامتين، ولا فرق في ذلك
بين الإمام، والمأموم، والمنفرد، والمتم، والمقصر.
5 - أن يضرب خيمته بنمرة.
6 - أن يجمع متاعه بعضه إلى بعض، وأن يسد الفروج بينه
وبين أصحابه.
7 - الطهارة من الحدث.
8 - التوجه إلى الله سبحانه وتعالى، فإنه يوم دعاء
ومسألة، وأن يفرغ ذهنه عن كل ما يشوش فكره.
9 - الوقوف تمام الوقت على قدميه، فإن لم يستطع فيقف
بعض الوقت، ويجلس في الباقي، إلا أن يشغله الوقوف قائما عن
التوجه للدعاء فحينئذ يكون الجلوس أفضل.
10 - أن يتوجه بوجهه إلى القبلة.
11 - أن يحمد الله تعالى، ويثني عليه، ويمجده، ويهلله، ويكبره.
133

12 - الاكثار من الدعاء والبكاء، فإن ذلك يوم دعاء
ومسألة، وليس هناك موطن أحب إلى الشيطان من أن يذهل
العبد فيه، من ذلك الموطن هذا، والدعاء أفضل الأعمال في ذلك
اليوم.
13 - المبادرة إلى الدعاء لنفسه، ولوالديه، ولاخوانه
المؤمنين وأقلهم أربعون مؤمنا.
14 - التوبة والاستغفار من ذنوبه، ويعدها واحدا واحدا
إن تمكن، وإلا استغفر ربه منها جميعا.
15 - الاستعاذة من الشيطان الرجيم.
16 - الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم،
والاكثار من الأدعية والأذكار، بل الأحوط عدم ترك الدعاء
والاستغفار، بل الصلاة والذكر.
17 - قول ((الله أكبر)) مائة مرة، ((ولا إله إلا الله))
مائة مرة، و ((الحمد لله)) مائة مرة، و ((سبحان الله)) مائة
مرة، و ((ما شاء الله ولا قوة إلا بالله)) مائة مرة، و ((اللهم
134

صل على محمد وآل محمد)) مائة مرة.
18 - أن يقول: ((أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت
ويحيي وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شئ
قدير)).
19 - قراءة عشر آيات من سورة البقرة.
20 - قراءة ((قل هو الله أحد)) مائة مرة.
21 - قراءة آية الكرسي مائة مرة.
22 - قراءة سورة ((إنا أنزلناه في ليلة القدر)) مائة
مرة.
23 - قراءة آية السخرة، وهي قوله تعالى: ((إن ربكم
الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة إيام ثم
استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا
والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق
والأمر تبارك الله رب العالمين)).
135

24 - قراءة سورة ((أعوذ برب الفلق)).
25 - قراءة سورة ((قل أعوذ برب الناس)).
26 - الاكثار من الصلاة على النبي محمد وآل محمد.
27 - أن يحمد الله تعالى على كل نعمة أنعم عليه من
الخلق، والسمع، والبصر، والأهل، والمال، والولد ويعدد نعم
الله تعالى عليه واحدة بعد واحدة حسب استطاعته وإمكانيته.
28 - أن يحمد الله تعالى بكل آية ذكر فيها الحمد لنفسه في
القرآن، ويسبحه بكل تسبيح ذكر به نفسه في القرآن، ويكبره
بكل تكبير كبر به نفسه في القرآن، ويهلله بكل تهليل هلل به
نفسه في القرآن، ويصلي على النبي محمد وآل محمد، ويكثر
منه، ويجتهد فيه، ويدعو الله بكل اسم سمى به نفسه في القرآن،
وبكل اسم يخصه، ويدعوه بأسمائه في آخر سورة الحشر
فيقول: ((أسأل الله بأنه هو الله الذي لا إله إلا هو الملك
القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر
سبحان الله عما يشركون، هو الله الخالق البارئ المصور
136

له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو
العزيز الحكيم)).
ثم يقول: ((اللهم لك الحمد على نعمائك التي لا تحصى
بعدد ولا تكافأ بعمل)).
29 - ثم يقول: ((أسألك يا الله يا رحمان بكل اسم هو
لك، وأسألك بقوتك وقدرتك وعزتك وبجميع ما أحاط
به علمك وبأركانك كلها، وبحق رسولك صلواتك عليه
وآله، وباسمك الأكبر الأكبر الأكبر، وباسمك العظيم
الذي من دعاك به كان حقا عليك أن تجيبه، وباسمك
الأعظم الأعظم الأعظم، الذي من دعاك به كان حقا
عليك أن لا ترده وأن تعطيه ما سأل أن تغفر لي جميع
ذنوبي في جميع علمك بي)).
30 - أن يسأل الله تعالى حاجته كلها من أمر الدنيا
والآخرة، ويرغب إليه في الوفادة بالمستقبل وفي كل عام.
31 - أن يسأل الله الجنة سبعين مرة.
137

32 - أن يقول: ((اللهم فكني من النار، وأوسع علي
من رزقك الحلال الطيب، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس،
وشر فسقة العرب والعجم)).
33 - إعادة هذا الدعاء السابق إذا انتهى منه ولم تغرب
الشمس.
34 - قراءة الدعاء الذي يرويه معاوية بن عمار عن الإمام الصادق
عليه السلام وهو: ((اللهم إني عبدك، فلا تجعلني
من أخيب وفدك، وارحم مسيري إليك من الفج
العميق)).
35 - قراءة هذا الدعاء أيضا: ((اللهم رب المشاعر
كلها، فك رقبتي من النار، وأوسع علي من رزقك
الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس. اللهم
لا تمكر بي ولا تخدعني ولا تستدرجني. اللهم إني أسألك
بحولك وجودك وكرمك وفضلك ومنك، يا أسمع
السامعين ويا أبصر الناظرين ويا أسرع الحاسبين
138

ويا أرحم الراحمين، أسألك أن تصلي على محمد وآل
محمد وأن تفعل بي كذا وكذا)) ثم يطلب حاجتك.
36 - قراءة هذا الدعاء أيضا، وهو رافع يديه إلى السماء:
((اللهم حاجتي إليك إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني،
وإن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، أسألك خلاص رقبتي
من النار. اللهم إني عبدك، وملك ناصيتي بيدك وأجلي
بعلمك، أسألك أن توفقني لما يرضيك عني، وأن تسلم
مني مناسكي التي أريتها خليلك إبراهيم عليه السلام،
ودللت عليها محمدا صلى الله عليه وآله)).
37 - قراءة هذا الدعاء أيضا ((اللهم اجعلني ممن
رضيت عمله وأطلت عمره وأحييته بعد الموت حياة
طيبة)).
38 - ويستحب قراءة دعاء النبي صلى الله عليه وآله
وسلم الذي علمه لعلي عليه السلام قائلا له: ((إنه دعاء من
كان قبلي من الأنبياء)) تجده في الملحق.
139

39 - دعاء الحسين عليه السلام يوم عرفة، تجده في
الملحق.
40 - دعاء الإمام زين العابدين المذكور في
الصحيفة السجادية، تجده في الملحق أيضا.
41 - زيارة الإمام الحسين عليه السلام يوم عرفة، تجدها
في الملحق.
42 - ويستحب أيضا في يوم عرفة قراءة هذا الدعاء
عندما تقرب الشمس من المغيب، وهو: ((اللهم إني
أعوذ بك من الفقر ومن تشتت الأمر ومن شر ما يحدث
لي بالليل والنهار، أمسى ظلمي مستجيرا بعفوك،
وأمسى خوفي مستجيرا بأمانك، وأمسى ذلي مستجيرا
بعزك وأمسى وجهي الفاني مستجيرا بوجهك الباقي،
يا خير من سئل وأجود من أعطى، يا أرحم من استرحم
، جللني برحمتك، وألبسني عافيتك واصرف عني شر
جميع خلقك)) ثم يطلب حاجتك.
140

43 - ويستحب أيضا قراءة هذا الدعاء بعد مغيب
الشمس، وهو ((اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا
الموقف، وارزقني العود أبدا ما أبقيتني، واقلبني اليوم
مفلحا منجحا مستجابا لي، مرحوما مغفورا لي، بأفضل
ما ينقلب به اليوم أحد من وفدك وحجاج بيتك الحرام،
واجعلني اليوم من أكرم وفدك عليك، وأعطني أفضل
ما أعطيت أحدا منهم من الخير والبركة والرحمة
والرضوان والمغفرة، وبارك لي فيما أرجع إليه من أهل
أو مال أو قليل أو كثير، وبارك في)).
44 - إذا غابت الشمس وزالت الحمرة المشرقية أفاض
إلى المشعر بسكينة ووقار، مشتغلا بالدعاء، والاستغفار،
ويقتصد في مشيه غير مزاحم لأحد، فإذا وصل إلى الكثيب
الأحمر عن يمين الطريق فيقول: ((اللهم ارحم موقفي، وزد
في عملي، وسلم لي ديني، وتقبل مناسكي)).
141

الثالث من أفعال الحج: الوقوف في المشعر
الحرام
المشعر الحرام، ويسمى ((المزدلفة))، ويسمى ((جمع))
أيضا، هو يقع بين منى وعرفات، وعلاماته معروفة معلومة،
ومنصوبة عند حدوده.
واجبات الوقوف بالمشعر
يجب الوقوف بالمشعر الحرام بعد الإفاضة من عرفات
ليلة العيد، والأحوط المبيت فيه، وينوي بأن يقول: ((أقف
بالمشعر الحرام إلى الصبح في حج التمتع قربة إلى الله))،
وإذا طلع الفجر ينويه بأن يقول ((أقف بالمشعر الحرام إلى
طلوع الشمس في حج التمتع قربة إلى الله تعالى)).
فلو أفاض منه وتجاوز وأدى ((محسر)) قبل طلوع
الشمس أثم، والأحوط أن يكفر بشاة.
142

لكل من الوقوفين بعرفة والمشعر وقتان: اختياري
واضطراري، والمكلف بملاحظة إدراك الموقفين، أو واحد منهما
في وقت اختياري، أو اضطراري، وعدم إدراكهما فتكون للمسألة
اثنتا عشرة صورة كما يلي:
(أ) درك عرفات من الظهر إلى الغروب:
1 - فوت المشعر في جميع أوقاته... (لا يترك الاحتياط
فيه، بأن يأتي بالأعمال بقصد ما في ذمته من العمرة والحج،
ويأتي بالحج في العام المقبل إن استقر عليه أو بقيت
استطاعته).
2 - درك الليل في المشعر فقط... (صحيح)
3 - درك ما بين الطلوعين... (صحيح).
4 - درك قبل الظهر... (صحيح)
(ب) درك عرفات ليلة العيد:
5 - فوت المشعر في جميع أوقاته... (باطل).
6 - درك الليل فقط... (صحيح).
143

7 - درك ما بين الطلوعين... (صحيح).
8 - درك قبل الظهر من يوم العيد... (صحيح).
(ج) فوت عرفات في جميع أوقاتها:
9 - فوت المشعر في جميع أوقاته... (باطل).
10 - درك الليل في المشعر... (لا يترك الاحتياط بما ذكر
في الصورة الأولى).
11 - درك ما بين الطلوعين... (صحيح).
12 - درك قبل الظهر من يوم العيد... (في هذه الصورة
أيضا لا يترك الاحتياط المذكور)
مستحبات الوقوف بالمشعر الحرام
1 - تمشي على سكينة ووقار إلى المشعر، مستغفرا لله
تعالى، وتقرأ هذا الدعاء ((اللهم لا تجعله آخر العهد من
هذا الموقف...))، إلى آخره الذي مضى في مستحبات
الموقف بعرفات، ويستحب الاكثار من قول ((اللهم اعتقني
144

من النار)).
2 - تقول حينما تصل إلى التل الأحمر ((اللهم ارحم
موقفي وزد في عملي وسلم لي ديني وتقبل مني
مناسكي)) وتكثر من قول: ((اللهم أعتق رقبتي من
النار)).
3 - وحينما تتوسط الوادي تنزل في الطرف الأيمن
وتقول: ((اللهم إني أسألك أن تجمع لي فيها جوامع
الخير. اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه
لي في قلبي وأطلب إليك أن تعرفني ما عرفت أولياءك
في منزلي هذا، وأن تقيني جوامع الشر)).
4 - أن تكون على طهارة، وتغتسل عند الصباح، وتصلي
صلاة الصبح.
5 - الوقوف قريبا من الجبل في سفحه متوجها إلى القبلة
الشريفة.
6 - الحمد لله تعالى، والتكبير له والثناء عليه، وذكر آلائه
145

وعظمته وبلائه بمقدار ما يستطيع على ذلك.
7 - التشهد بالشهادتين والصلاة على النبي صلى الله عليه
وآله وسلم، وذكر الأئمة عليهم السلام واحدا بعد واحد،
والدعاء لهم، وللحجة المنتظر عليه السلام بتعجيل الفرج،
والبراءة من أعدائهم، بل الأحوط أن لا يترك الذكر والصلاة
على النبي وآله.
8 - قراءة هذا الدعاء الشريف: ((اللهم رب المشعر
الحرام، فك رقبتي من النار، وأوسع علي من رزقك
الحلال الطيب، وادرأ عني فسقة الجن والإنس. اللهم
أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو، وخير مسؤول،
لكل وافد جائزة فاجعل جائزتي في موطني وموقفي هذا
أن تقيلني عثرتي وتقبل معذرتي وتتجاوز عن خطيئتي،
ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي، برحمتك يا أرحم
الراحمين)).
9 - الدعاء والابتهال لله تعالى كثيرا لنفسك، ولوالديك
146

وولدك وأهلك ومالك وللمؤمنين والمؤمنات.
10 - قول ((الله أكبر)) مائة مرة.
11 - قول ((الحمد لله)) مائة مرة.
12 - قول ((سبحان الله)) مائة مرة.
13 - قول ((لا إله إلا الله)) مائة مرة.
14 - قراءة هذا الدعاء ((اللهم اهدني من الضلالة،
وأنقذني من الجهالة، واجعل لي خير الدنيا والآخرة،
وخذ بناصيتي إلى هداك وانقلني إلى رضاك، فقد ترى
مقامي بهذا المشعر الذي انخفض لك فرفعته، وذل لك
فأكرمته، وجعلته علما للناس، فبلغني مناي ونيل
رجائي. اللهم إني أسألك بحق المشعر الحرام أن تحرم
شعري وبشري على النار. وأن ترزقني حياة في طاعتك
وبصيرة في دينك وعملا بفرائضك واتباعا لأمرك وخير
الدارين وأن تحفظني في نفسي ووالدي وولدي وأهلي
وإخواني وجيراني برحمتك)).
147

15 - الاجتهاد في الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه،
والابتهال حتى تطلع الشمس، كما وأنه ينبغي الاجتهاد في
الدعاء ليلة العيد بل ينبغي إحياؤها، فإن أبواب السماء لا تغلق
فيها، ويقول جل شأنه: ((أنا ربكم وأنتم عبادي، وأديتم
حقي وحق على أن أستجيب لكم)).
16 - أن يصلي المغرب والعشاء في المشعر لو وصل قبل
نصف الليل، وإلا فيصليها قبل وصول المشعر، وأن يجمع بين
المغرب والعشاء بأذان وإقامة للمغرب، وإقامة فقط للعشاء،
مع عدم الفصل بينهما، والآتيان بنافلة المغرب بعد العشاء.
17 - الصعود على ((قزح))، وهو جبل هناك، وذكر الله
تعالى عليه، ووطؤه برجليك حافيا خصوصا في الصرورة
حجة الإسلام، بل الأحوط ذلك.
18 - الإفاضة لغير الإمام من المشعر قبل طلوع الشمس
بقليل، ولكن لا يجوز أن يتعدى وادي ((محسر))، بل لا يدخل
فيه قبل طلوع الشمس على الأحوط.
ولو أفاض منه قبل
148

ذلك بمدة كثيرة فعليه شاة على الأحوط، وإن كان الأقوى
جواز الدخول في وادي ((محسر)).
19 - الاعتراف لله تعالى بخطاياه وذنوبه سبع مرات حين
طلوع الشمس على جبل ((ثبير))، ويستغفر منها.
20 - ذكر الله تعالى عند الإفاضة، أي عندما يتوجه إلى
منى، ويستحب أيضا الاستغفار.
21 - السعي في وادي ((محسر)) للراكب والماشي على
سكينة ووقار، ولا أقل من مائة ذراع، ودون ذلك مائة خطوة.
22 - أن يقول حين السعي ((اللهم سلم عهدي
واقبل توبتي وأجب دعوتي، واخلفني فيما تركت بعدي)).
23 - لو ترك السعي في وادي ((محسر)) جهلا أو عمدا أو
سهوا، استحب له الرجوع للسعي فيه.
24 - التقاط الحصيات لرمي الجمار في منى، وهي سبعون
حصاة، ولا بأس بالزيادة استظهارا، وهو أولى. ودونه في
149

الفضل أخذها من منى، كما يجوز أن يأخذها من غير المشعر
ومنى، من داخل حدود الحرم.
والمدار في الحصى ما يصدق عليها اسم الحصى، فإن خرج
عن ذلك، بأن تكون كبيرة أو صغيرة جدا، بحيث لا يطلق
عليها اسم الحصى فلا يصح الرمي فيها. كما وأنه يشترط في
الحصى أن تكون أبكارا، لم يرم بها الجمار، والأولى والأحوط
أن تكون طاهرة.
ما يستحب في الحصيات
1 - أن تلتقط من المشعر ليلا، وإلا فمن منى كما ذكرنا
سابقا.
2 - أن تكون كحلية، أي بلون الكحل.
3 - أن تكون منقطة بلون غير لونها.
4 - أن تكون غير مكسورة.
5 - أن تكون رخوة غير صلبة.
150

6 - أن تكون ملتقطة، ويكره تكسيرها من الحجارة.
7 - أن تكون بقدر رؤوس الأنملة، وهي رأس الإصبع
إلى العقدة.
8 - غسلها بالماء إن لم تكن نقية.
151

واجبات وأعمال منى
واجبات منى ثلاثة، وهي الرابع والخامس
والسادس من أفعال الحج.
1 - رمي جمرة العقبة
2 - الذبح أو النحر.
3 - الحلق أو التقصير.
تلك هي الواجبات الثلاثة التي تجب على الحاج، بعد أن
يفيض من المشعر الحرام بعد الطلوع الشمس إلى منى، لأداء
مناسكها الثلاثة السالفة الذكر:
الأول: رمي جمرة العقبة.
إذا وصل الحاج إلى منى، يتوجه أولا إلى جمرة العقبة،
وهي الجمرة الأولى، والمعروفة عند الناس ب‍ ((الجمرة
الكبرى)) لرميها بالحصيات السبع التي التقطها من المشعر، أو
153

من داخل حدود الحرم الشريف.
ووقت رميها يكون من طلوع الشمس من يوم العيد إلى
غروبها. والرمي هو أول أعمال منى، فلا يجوز للحاج أن يقدم
الذبح أو النحر، أو التقصير أو الحلق عليه، بل لا بد من أن يبدأ
برمي جمرة العقبة بسبع حصيات، مما يسمى رميا، ويجب في
ذلك أربعة أمور: 1 - النية، ويجب فيها أن تكون مقارنة لأول الرمي،
وتدوم إلى آخره، والأولى أن يتلفظ الحاج بالنية فيقول:
((أرمي جمرة العقبة سبعا لحجة الإسلام أداء لوجوبه
امتثالا لأمر الله تعالى))، فإن كان الحج مستحبا قال بدل
((لوجوبه)): ((لاستحبابه))، وإن كان في الحجة الثانية أو ما
بعدها يترك كلمة ((لحجة الإسلام))، وإن كان نائبا عن
شخص يقول إضافة إلى ما مر: ((نيابة عن فلان)) ويسميه
ذكرا كان أو أنثى.
154

2 - كون الرمي بسبع حصيات، فلو كانت أقل من ذلك لم
يكف، ولا بد من إكمال النقص.
3 - إصابة الجمرة أو موضعها بكل من الحصيات السبع
بنفس
الرمي، فلو أخل بواحدة فلا بد من تعويضها بأخرى
حتى يصيب الجمرة، لا يكفي مطلق الوصول أو الوقوع.
نعم إذا رمى الحصيات على الجمرة ثم لاقت شيئا مرت
عليه في طريقها وأصابت الجمرة فلا بأس في ذلك، وهي
محسوبة إلا إذا كان ذلك الشئ صلبا كالحجارة، فطفرت منه
الحصاة وأصابت الجمرة، ففي مثل هذه الحال لم يجز.
وإذا شك الرامي في إصابة الحصيات للجمرة فإنه يبني
على عدم الإصابة ويرمي بدلها.
4 - الرمي على التعاقب، أي واحدة بعد واحدة، حتى
يكمل سبعا يصيب بها جميعا، فلو قبض على السبعة ورماها
دفعة واحدة لا يكفي، حتى ولو أصاب بها جميعا، فلا بد من
رميها واحدة بعد واحدة، وكذا لا يكفي لو رمى بها اثنين أو
155

أكثر.
ولا يجب الرمي باليد اليمنى، فيجوز أن يرمي بيده اليسرى
ولو اختيارا، لكن الرمي باليد اليمنى أفضل.
مستحبات رمي الجمرات
1 - أن يكون الرامي راجلا لا راكبا.
2 - أن يكون الرامي على طهارة، بل هو الأحوط.
3 - المشي للرمي على سكينة ووقار إلى الجمرة.
4 - أن يستدبر القبلة ويستقبل الجمرة الأولى، بخلاف
الجمرتين الباقيتين، فإنه يرميهما مستقبلا للقبلة الشريفة.
5 - أن يبتعد عنها بمقدار عشرة أذرع، والأفضل خمسة
عشر ذراعا.
6 - أن يضع الحصيات في يده اليسرى ويرمي باليد اليمنى.
7 - أن يقول عند الرمي ما رواه معاوية بن عمار عن
الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام، وهو ((اللهم إن هذه
156

حصيات فاحصهن لي، وارفعهن في عملي)).
8 - وضع الحصاة على الابهام إن أمكن، ودفعها بظفر
السبابة.
9 - أن يقول عند كل حصاة يرميها: ((الله أكبر، اللهم
ادحر عني الشيطان، اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة
نبيك محمد صلى الله عليه وآله، اللهم اجعله حجا
مبرورا وعملا مقبولا وسعيا مشكورا وذنبا
مغفورا)).
ويجوز أن يقتصر الرامي على التكبير فقط.
10 - إذا أكمل الرمي ورجع إلى منزله في منى يقول:
((اللهم بك وثقت، وعليك توكلت، فنعم الرب ونعم
المولى ونعم النصير)).
الثاني من واجبات منى: الذبح أو النحر
والواجب هدي واحد، ويستحب الزيادة، بلا تحديد،
157

ويجب ذلك على من حج حج التمتع دون حج الافراد وإن كان
حجه مستحبا، بل وإن كان من أهل مكة على الأحوط.
وأما القارن فإنما يجب عليه الهدي، لأنه ساق الهدي معه
عند إحرامه.
إذا لم يوجد الهدي - أي الحيوان الذي يمكن ذبحه - ولم
يستطع الحاج الحصول عليه مع وجود ثمنه، وعزم على
الانصراف إلى أهله، وضع المال عند شخص مأمون يثق به
ليشتريه ويذبحه عنه خلال شهر ذي الحجة، فإن لم يستطيع
الحصول عليه في تلك السنة ففي السنة القادمة في ذي الحجة
أيضا.
ولا يكفي الهدي الواحد إلا عن شخص واحد، فلا يجوز أن
يشترك اثنان أو أكثر في هدي واحد مع الاختيار، وأما عند
الضرورة فالأحوط الجمع بين الهدي والصوم.
ومن اشترى هديا (أي ذبيحة)، ثم ضاعت، وجب عليه
أن يشتري هديا ثانيا، ولكنه إذا وجد الهدي الأول تعين عليه
158

ذبحه والأحوط له ذبح الثاني أيضا، وإذا ذبح الثاني - البدل -
قبل أن يجد الأول فالأفضل بل الأحوط ذبحه أيضا.
واجبات الهدي
وهي ثمانية:
1 - أن يكون من الإبل، أو البقر، أو الغنم، وهي النعم
الثلاثة، والمعز محسوب من الغنم.
2 - السن (العمر) فلا بد وإن يكون قد بلغ المقادير
المذكورة أدناه في النعم الثلاثة:
فالإبل: ما أكمل السنة الخامسة ودخل في السادسة.
والبقر: ما أكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة على
الأحوط.
والمعز: ما أكمل السنة الثانية ودخل في الثالثة على
الأحوط.
والضأن: أي الغنم، ما أكمل السنة الأولى ودخل في الثانية
159

على الأحوط.
3 - أن يكون الهدي صحيح الخلقة تاما، فلا يكفي
الأعور، ولا الأعرج، ولا الكبيرة، ولا المكسور قرنه الداخل
مطلقا ولا مقطوع الأذن أو غيرها من الأعضاء، ولا الخصي،
ولا المهزول.
والأحوط - احتياطا لا يترك - أن لا يكون أجم وهو
الذي لم يخلق له قرن، ولا أصم وهو الذي لم تخلق له أذن،
ولا أبتر وهو الذي لم يخلق له ذنب.
نعم إذا كان مشقوق الأذن أو مثقوبة، ولم ينقص منها
شئ فلا بأس به، كما لا بأس بالمكسور قرنه الخارج.
4 - الذبح يوم العيد، فلا يجوز تأخيره اختيارا على
الأحوط وإن كان الأقوى الجواز، ولكن أخر الذبح لعذر،
أو أخره متعمدا، أجزأه ذلك إلى آخر أيام التشريق، بل إلى
اليوم الرابع عشر، بل طول ذي الحجة على قول في الأخير.
والأحوط أن لا يقصد الأداء والقضاء في غير أيام النحر
160

(أي يوم العيد وثلاثة أيام بعده)، بل يقصد ما في الذمة.
5 - أن يكون الذبح بمنى، فلا يجوز في غير منى.
6 - الترتيب، أي كون الذبح بعد الرمي، وقبل التقصير أو
الحلق، فلا يجوز تقديمه على الرمي، ولا تأخيره عن التقصير أو
الحلق على الأحوط.
ولو خالف الترتيب سهوا أو جهلا فلا إشكال، ولو خالف
عمدا أعاد ما قدمه إن أمكن على الأحوط.
7 - أن لا يخرج شيئا من لحم الهدي من الحرم.
نعم إذا لم يكن في منى مصرف للهدي (الذبيحة) جاز
إخراجها، وهكذا إذا اشترى الحاج الهدي من مسكين كان قد
ملكه سابقا، فيجوز في كل من هاتين الحالتين الاخراج من
منى.
8 - النية، فإنها تجب في الذبح أو النحر.
وإذا لم يذبح الحاج بيده، نوى هو ونوى الذابح أيضا.
وكذا إذا وضع يده على يد الذابح وإلا نوى الذابح (أي
161

النائب).
وإذا نوى الحاج وحده دون الذابح، ففي الكفاية إشكال،
والأظهر لزوم نية النائب (الذابح) وكفايته، والأحوط أن
ينويا جميعا.
مستحبات الهدي
وهي:
1 - أن يكون سمينا.
2 - أن يكون من إناث الإبل والبقر، أو ذكران الغنم، أو
كبشا أسود ثم أملح أقرن، أي: ذو قرن عظيم الهيئة.
3 - أن تنحر الإبل وهي قائمة وقد ربطت يداها بين الخف
والركبة، ويطعنها قائما من الجانب الأيمن.
4 - أن يتولى الحاج الذبح أو النحر بنفسه، فإن لم يقدر
الذبح أو النحر، فليضع يده على يد الذابح أو الناحر.
5 - ويستحب أيضا عند الذبح أو النحر أن يقول ما رواه
162

معاوية بن عمار عن الإمام الصادق عليه السلام، وهو:
((وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا
مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك
أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، باسم الله
والله أكبر، اللهم تقبل مني)).
6 - والأولى أن يقول بعد ذلك أيضا: ((اللهم تقبل مني
كما تقبلت من إبراهيم خليلك وموسى كليمك ومحمد
حبيبك صلى الله عليه وآله وعليهم)).
الثالث من واجبات منى: الحلق أو التقصير.
أما الحلق فهو حلق الرأس كله، والتقصير هو أن أخذ شئ
من شعر الرأس، أو اللحية أو الشارب، أو تقليم شئ من
الأظفار.
والحلق يتعين على الأحوط على كل حاج في أول حجته،
163

وهي المسماة بين الفقهاء ب‍ ((الصرورة)) أي الحجة الأولى، فإذا
كان الحاج في أول حجيته تعين عليه الحلق، وإذا كان في السنة
الثانية أو ما بعدها تخير بين الحلق أو التقصير.
وإما إذا كان نائبا عن شخص فيلزمه حكم نفسه، أي إذا
كان الحاج نائبا عن شخص، وكان صرورة، تعين عليه الحلق
وإن كان المنوب عنه حاجا من قبل، وإذا كان النائب في الحجة
الثانية أو ما بعدها فهو مخير بين الحلق أو التقصير وإن كانت
النيابة هي الحجة الأولى للمنوب عنه.
هذا كله بالنسبة للرجال فقط، أما النساء فيتعين عليهن
التقصير وليس عليهن الحلق أبدا بل يحرم ذلك عليهن،
فيأخذن شيئا من شعرهن، أو أظفارهن كما مر في التقصير.
وأما إذا حلقت المرأة فلا يكفي حلقها عن التقصير، وبل لا بد
من التقصير أيضا، وكذلك الخنثى.
وأما الذي ليس على رأسه شعر، فيسقط عنه الحلق،
ويتعين عليه التقصير، لكن الأحوط أن يمر الموسى أيضا على
164

رأسه، خصوصا الرجل الذي ليس له شعر أبدا، بل لا يترك
هذا الاحتياط للصرورة، وهو الذي لم يحج قبل ذلك.
ولا يجوز للمحرم أن يحلق، أو يقصر لغيره قبل أن يحلق
أو يقصر لنفسه.
165

واجبات الحلق أو التقصير
وأما واجبات الحلق أو التقصير فهي ثلاثة:
1 - أن يكون الحلق، أو التقصير في منى، فلا يجوز في غير
منى فإذا ارتحل من منى عامدا، أو جاهلا، أو ناسيا وجب عليه
الرجوع إلى منى ليحلق أو يقصر فيها إن أمكن.
أما إذا لم يتمكن من الرجوع حلق، أو قصر في مكانه،
ويستحب له أن يبعث أن أمكن بشعره أو أظفاره لتدفن في
منى أو تلقى فيها.
2 - النية كسائر العبادات والمناسك، فيقول حين الحلق:
((أحلق في فرض حج التمتع حجة الإسلام لوجوبه قربة
إلى الله تعالى)).
وإذا أراد التقصير يقول بدل كلمة ((أحلق)): ((أقصر)).
وإذا كان في الحجة الثانية أو ما بعدها ترك كلمة ((حجة
167

الإسلام لوجوبه))، وقال بدلها: ((استحبابا)).
وإذا كان نائبا عن شخص قال: ((نيابة عن فلان))
ويسميه.
وإذا كان حجه قضاء قال: ((قضاء)) بدل ((وجوبا))
والأولى أن ينوي المباشر أيضا.
3 - الترتيب، وهو الاتيان بالمناسك الثلاثة - وهي
الرمي ثم الذبح أو النحر، ثم الحلق أو التقصير - متوالية، فإن
خالف في ذلك عمدا أثم وإن لم يلزمه شئ من الكفارة.
والأحوط له الإعادة مع الامكان بما يحصل به الترتيب
مستحبات الحلق أو التقصير:
أما مستحبات الحلق أو التقصير، ويؤتى بها برجاء
المطلوبية فهي:
1 - التلفظ بالنية، فيقول هكذا: ((أحلق في فرض حج
التمتع لوجوبه قربه إلى الله تعالى))، وإذا كان يريد التقصير
فيقول بدل ((أحلق)) ((أقصر)).
168

2 - استقبال القبلة، والتسمية عند الحلق أو التقصير.
3 - أن يبدأ بالحلق من قرنه الأيمن، وينتهي به إلى
العظمين الناتئين (أي البارزين) مقابل وتد الأذنين.
4 - أن يدعو بما رواه معاوية بن عمار عن الإمام جعفر
الصادق عليه السلام، فيقول: ((اللهم أعطني بكل شعرة
نورا يوم القيامة)) والأولى أن يزيد قوله: ((وحسنات
مضاعفات، وكفر عني السيئات، إنك على كل شئ
قدير)).
5 - الأولى أن يختم دعاءه بالصلاة على النبي محمد وآل
محمد صلى الله عليه وعليهم، وهو أفضل.
6 - ويستحب أن يدفن شعره في منى، أو في خيمته.
169

ما يجب أيام التشريق، ولياليها بمنى
وما يستحب
من لم يتق النساء والصيد. أو غربت عليه الشمس اليوم
الثاني عشر وهو في منى ولم يخرج من حدودها حتى ولو كان
على استعداد للرحيل منها، بل وحتى لو كان راكبا في السيارة
ولم تخرج به السيارة من حدود منى، فيجب حينئذ عليه المبيت
ليلة الثالث عشر أيضا ورمي الجمرات الثلاث في اليوم الثالث
عشر، وحينئذ الأفضل له النفر من منى قبل الزوال، والأولى
بل الأحوط للصرورة أن يبيت ليله الثالث عشر أيضا،
وكذا لمن ارتكب بعض محرمات الاحرام أو اقترف كبيرة
أخرى من الكبائر، بل هو الأفضل لكل ناسك.
والمقدار الواجب في المبيت هو إلى ما بعد منتصف الليل،
فإذا أراد الخروج من منى بعد منتصف الليل فلا مانع من ذلك.
171

والأحوط أن لا يدخل مكة إلا بعد طلوع الفجر،
والأفضل المبيت تمام الليل إلى الفجر.
وجوب النية في المبيت
تجب النية في المبيت بمنى ليلة الحادي عشر أو الثاني عشر
أو الثالث عشر، كما تقدم في سائر الواجبات والمناسك، وأن
تكون النية بعد دخول وقت العشاء إذا لم ينو من أول المغرب،
فيقول هكذا: ((أبيت هذه الليلة بمنى لحجة الإسلام
لوجوبه قربة إلى الله تعالى))،
وإذا أخل بالنية كان آثما، ولكن لا فدية عليه.
ويكفي في النية الداعي ولا يجب الاخطار بالبال ولا
التلفظ بها، ولكنها أحوط استحبابا.
ويستحب عند رجوعه من مكة المكرمة إلى منى أن
يقول ((اللهم بك وثقت، وبك آمنت، ولك أسلمت،
وعليك توكلت، فنعم الرب، ونعم المولى، ونعم النصير)).
172

واجبات أيام التشريق
أما واجبات أيام التشريق فهي ثلاثة فقط:
1 - يجب في اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر، بل
واليوم الثالث عشر إن كان قد بات الحاج في منى ليلته رمي
الجمرات الثلاث، وهي: ((1)) الأولى، ((2)) الوسطى، ((3))
جمرة العقبة.
2 - رمي كل جمرة بسبع حصيات، كما تقدم في رمي
الجمرة يوم العيد في الصفحة (155).
3 - الترتيب، وذلك بأن يرمي أولا الجمرة ((الأولى))
وهي أقرب الجمرات إلى منى، ثم ((الوسطى)) وهي التي تليها،
ثم ((جمرة العقبة)) وهي آخر الجمرات من جهة مكة المكرمة
المعروفة بالكبرى، وهي التي رماها يوم العيد وحدها، فتكون
آخر الجمرات رميا.
173

فإذا رماها على عكس ذلك -، أي بدأ بجمرة العقبة أو
بالوسطى، أعاد الرمي من أوله على هذا الترتيب: الأولى، ثم
الوسطى، ثم جمرة العقبة.
وقت الرمي
أما وقت الرمي للجمرات فيكون من طلوع الشمس إلى
غروبها اختيارا، ويجوز الرمي ليلا اضطرارا للمعذور
كالخائف، والمريض، والراعي والحطاب، والعبد، فيرمون
ليلا عن النهار.
وإذا لم يتمكن المعذور من الرمي في كل ليلة، فيجوز له
الجمع حينئذ في ليلة واحدة.
مستحبات منى
ويؤتى بها برجاء المطلوبية، وهي:
1 - يستحب البقاء نهارا في منى، والمقام فيها أفضل من
المجئ إلى مكة للطواف المستحب.
174

2 - التكبير بمنى عقيب خمسة عشر صلاة.
3 - لو لم ينفر يوم الثالث عشر، يستحب له التكبير أيضا
عقيب النوافل.
4 - أن يقول ما رواه معاوية بن عمار عن الإمام الصادق
عليه السلام وهو: ((لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر
ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الحمد لله على ما
رزقنا من بهيمة الأنعام، الحمد لله على ما أبلانا)).
مستحبات وأعمال مسجد الخيف
وهي كما يلي:
1 - يستحب بل ينبغي لمن أقام في منى، أن يصلي جميع
صلواته في مسجد الخيف الفرائض والنوافل، وأفضلها مصلى
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ورد في الحديث
الشريف: أن صلاة مائة ركعة في مسجد الخيف قبل الخروج
من منى، تعدل عبادة سبعين سنة.
175

2 - ويستحب التسبيح مائة مرة، فقد ورد في ذلك: من
قال فيه مائة مرة ((سبحان الله)) كتب له ثواب عتق رقبة.
3 - التهليل مائة مرة، فقد ورد أيضا: ومن قال فيه مائة
مرة ((لا إله إلا الله)) كتب له ثواب إحياء نفس.
4 - التحميد مائة مرة، فقد ورد أيضا: من قال فيه مائة
مرة ((الحمد لله)) يعدل ذلك خراج العراقين ينفقه في سبيل الله.
5 - صلاة مائة ركعة.
6 - صلاة ست ركعات في أصل الصومعة، والأولى أن
تكون صلاة هذه الست ركعات عند إرادة الرجوع إلى مكة
مودعا لمنى، وذلك عندما تبيض الشمس من اليوم الثالث
عشر.
176

واجبات مكة مكرمة بعد مناسك منى
وهي الثلاثة:
1 - الطواف وصلاته، وقد مر عليك الطواف وأحكامه
وواجباته في أفعال عمره التمتع في الصفحة (99)، فإن هذا
الطواف مثل ذلك الطواف عينا، وواجباته عين واجباته، إلا أن
النية في هذا الطواف تختلف عنها في ذلك، ففي هذا الطواف
تنوي قائلا: ((أطوف حول هذا البيت سبعة أشواط لحج
التمتع حجة الإسلام قربة إلى الله تعالى)).
ويسمى هذا الطواف: طواف الزيارة، وطواف الحج
أيضا، ثم بعد الانتهاء من هذا الطواف تصلي ركعتي الطواف
خلف مقام إبراهيم الخليل عليه السلام، كما مر عليك أيضا في
طواف العمرة الصفحة (110).
2 - السعي بين الصفا والمروة أيضا، كما مر عليك في
177

السعي في عمرة التمتع تماما في الصفحة (113)، إلا أن هذا
السعي ليس بعده تقصير، بخلاف السعي في العمرة.
3 - طواف النساء، ويكون بعد السعي، ولا تحل النساء
للرجال ولا الرجال للنساء إلا بعد الاتيان بهذا الطواف
وركعتيه.
ولا فرق في ذلك بين الصغير والكبير، والبالغ أو الصبي، ولو
غير المميز أو المجنون لذي أحرم به وليه أو الرق الذي أحرم
بإذن مولاه.
الأحوط استحبابا الاتيان بطواف النساء وصلاته بعد
عمرة التمتع.
ولا فرق في إحرامه لحج أو لعمرة مطلقا، عدا عمرة التمتع
فإنها لا يجب طواف النساء، كما مر عليك في الصفحة
(99)
178

طواف الحج والسعي وطواف السعي
1 - طواف الزيارة (طواف الحج) وهو كطواف العمرة
تماما، ثم صلاة ركعتين له كصلاة ركعتي طواف العمرة تماما،
لكن في النية تقول بدل كلمة (لعمرة التمتع): ((أطوف حول
هذا البيت سبعة أشواط لحج التمتع لوجوبه قربة إلى الله
تعالى))، وفي النية صلاة الطواف تقول: ((أصلي ركعتي
طواف حج التمتع لوجوبه قربة إلى الله تعالى)).
2 - السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط مثل السعي
للعمرة تماما، إلا أن النية تختلف عن السعي في عمرة التمتع،
فتقول بدل كلمة ((العمرة التمتع)): ((أسعى بين الصفا
والمروة لحج التمتع لوجوبه قربه إلى الله تعالى)).
ويجب احتياطا قضاء طواف الإفاضة - أي طواف الحج -
عن الصبي إذا حج وهو غير مختون.
179

3 - طواف النساء وصلاة ركعتيه خلف المقام مثل الطواف
السابق، إلا أن النية هكذا: ((أطوف طواف النساء لحج
التمتع لوجوبه قربة إلى الله تعالى)).
ونية صلاة أيضا هكذا: ((أصلي ركعتي طواف النساء
لحج التمتع لوجوبه قربة إلى الله تعالى)).
ويجب على النائب في الحج أن يطوف طواف النساء عن
المنوب عنه.
أما المرأة إذا رجعت من منى لأداء أعمال مكة المكرمة
المذكورة أعلاه، ففاجأها الحيض قبل الطواف، ولم يمكنها
البقاء بمكة حتى تطهر، وأعجلها الرفقة (أي أن جماعتها الذين
هم عازمون على السفر لا ينتظرونها، ولا يمكنها مفارقتهم)
جاز لها حينئذ أن تستنيب في الطواف وركعتيه، فإذا فرغ
النائب من الطواف وصلاة ركعتيه سعت هي بنفسها بين الصفا
والمروة وهي الحائض، ثم تستنيب أيضا في طواف النساء
وركعتيه، فإذا فرغ النائب من ذلك أحلت من إحرامها وحل
180

لها كل شئ حتى الزوج، وجاز لها حينئذ السفر إلى أهلها.
مستحبات أعمال مكة المكرمة
وهي: 1 - الغسل قبل دخول المسجد الشريف، بل يستحب
أيضا الغسل في منى لدخول مكة المكرمة.
2 - تقليم الأظافر، والأخذ من الشارب.
3 - ذكر الله تعالى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله
وسلم عند توجهه إلى المسجد الشريف.
4 - الوقوف على الباب المسجد الشريف والدعاء بما رواه
معاوية بن عمار عن الإمام جعفر
الصادق عليه السلام، فيقول:
((اللهم أعني على نسكك، وسلمني له وسلمه لي. اللهم
إني أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه، أن تغفر
لي ذنوبي، وأن ترجعني بحاجتي. اللهم أني عبدك، البلد
بلدك، والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك وأوم
طاعتك، متبعا لأمرك راضيا بقدرك، أسألك مسألة
181

الفقير المضطر إليك، المطيع لأمرك، المشفق من عذابك،
الخائف لعقوبتك، أن تبلغني عفوك، وتجيرني من النار
برحمتك)).
5 - الإتيان إلى الحجر الأسود، واستلامه، وتقبيله إن كان
يستطيع ذلك، فإن لم يستطع التقبيل، يكتفي بالمس وتقبيل
يده وإن لم يستطع ذلك - كما هو في هذه الأيام - يستقبله،
ويومئ بيده إلى الحجر، ويقبل يده ويكبر ويقول ما تقدم في
العمرة.
6 - الاستقاء من زمزم كما مر في طواف العمرة.
7 - الخروج إلى السعي بين الصفا والمروة من باب الصفا
على نحو ما مر.
8 - ويستحب أيضا في طواف الزيارة (الحج) والسعي،
وطواف النساء، جميع ما يستحب في الطواف والسعي للعمرة
على نحو ما مر.
182

المصدود
المصدود: هو الذي صد بعد إحرامه للحج أو العمرة
وذلك لخوف عدو ونحوه، وسواء كان صده عن الموقفين
(عرفة والمشعر) أن كان إحرامه للحج فقط، أو عن دخول
مكة المكرمة في العمرة، لأداء الطواف والسعي فيها أن كان محرما للعمرة
كما ستعرفه إن شاء الله تعالى، بحيث يكون صده مانعا لأدائهما
- أي الطواف والسعي - ولم يمكنه الطواف والسعي آخر وقتهما،
فحينئذ يتحلل من إحرامه بالهدي، وذلك إما أن ينحره إن كان
الهدي من الإبل أو يذبحه إن كان الهدي من سائر النعم في
المكان الذي صد فيه.
المحصور
المحصور: هو الحاج الذي أحرم بأحد النسكين من الحج
183

أو العمرة ثم مرض مرضا يمنعه عن إتيان المناسك ما تقدم في
المصدود فإن كان قد اشترط في إحرامه حينما أحرم أن يحله
الله تعالى حيث حبسه، فإنه يتحلل من إحرامه من دون حاجة إلى أن
يبعث بهديه إلى محله.
هذا إذا كان غير قارن (بمعنى أن حجه يكون: إما حج
تمتع، إما حج افراد)، وأما إذا كان قارنا (بمعنى أن حجه حج
قران) وكان قد ساق الهدي فإنه يحل من إحرامه بمجرد
إرساله الهدي، ولا حاجة لأن ينتظر وصول الهدي إلى محله.
184

العمرة المفردة
أعلم إن العمرة المفردة على قسمين: واجبة، ومستحبة.
والواجبة أيضا على قسمين: واجبة عرضا، وواجبة أصلا.
الواجب الأصلي: هو الواجب بأصل الشرع بالشرائط
المعتبرة في الحج بالعمر مرة واحدة فقط،
ولا يشترط في وجوب العمرة على أهل مكة أو من
يجري عليه حكم أهل مكة استطاعة الحج أيضا، فيمكن
لهؤلاء أن يستطيعوا للعمرة دون الحج، أو للحج دون العمرة،
لأن كلا من الحج والعمرة المفردة نسك مستقل بنفسه، غير
مرتبط بالآخر.
أما غير أهل مكة ومن بحكمهم فلا تجب عليه العمرة
المفردة، حتى لو كان مستطيعا لها، بل يجب عليه عمرة التمتع
التي مرت عليك في الصفحة (43) وهي أول أفعال الحج.
185

وكذا لا تجب العمرة المفردة أيضا على الأجير إذا فرغ
من عمل النيابة، وهو بمكة المكرمة، مع استطاعته من الاتيان
بها.
ولا تجب العمرة المفردة أيضا على البعيد الذي استطاع لها،
وكان لا يتمكن من الوقوفين.
ولا يجب الاستئجار للعمرة المفردة بعد أن مضى من
أشهر الحج ما يكفي لأداء العمرة المفردة وحدها، من مال
الشخص الذي استطاع ومات قبل الموسم، وإن كان الاحتياط
في جميع ذلك كله لا ينبغي أن يترك.
هذه هي العمرة الواجبة بالأصل، وأما العمرة الواجبة
بالعرض فهي العمرة واجبة بالنذر، والعهد، والحلف،
والشرط في ضمن العقد وبإفساد الحج أو فواته أيضا، فإذا
فات الحج عن المكلف، تحلل حينئذ عن إحرامه بعمرة مفردة
كما تقدم.
وتجب العمرة المفردة أيضا لدخول مكة المكرمة، وذلك
186

لا يجوز لكل مكلف يريد دخول مكة أن يتجاوز أحد المواقيت
المذكورة في الصفحة (56)، بل ولا يجوز دخول الحرم الشريف
أي حدود حرم مكة - لمن أراد النسك أو دخول مكة، إلا
بإحرام من أحد المواقيت المذكورة في الصفحة (56) التي يمر
عليها المكلف.
وأما غير قاصد النسك و مكة المكرمة فدخوله الحرم
الشريف بلا أحرام محل إشكال، فلا يترك الاحتياط.
والعمرة تنقسم إلى قسمين: 1 - عمرة التمتع، وهي التي مرت عليك أحكامها تفصيلا
في الصفحة (43).
2 - العمرة المفردة، وهي التي سنذكر أفعالها تفصيلا:
أفعال العمرة المفردة
وهي ثمانية:
الأول: النية على ما عرفته سابقا في عمرة التمتع عينا.
187

الثاني: الاحرام من أحد المواقيت المذكورة في الصفحة
(55) إذا كان المكلف ممن يمر عليها، والذي لا يمر على الميقات
فيحرم من بلده إذا دون الميقات وخارج حدود الحرم،
وإذا كان المكلف داخل حدود الحرم فيحرم من حدود الحرم،
وهو الميقات السادس كما مر في الصفحة (61).
الثالث: الطواف حول الكعبة الشريفة سبعا، وهو عين
الطواف الذي مر في الصفحة (99).
الرابع: صلاة ركعتي الطواف، مثل ما مر في عمرة التمتع
في الصفحة (110).
الخامس: السعي بين الصفا والمروة كالسعي في عمرة
التمتع المذكورة في الصفحة (113).
السادس: - الحلق أو التقصير، كما مر في الصفحة (125).
السابع: طواف النساء، وهو عين طواف النساء الذي مر
في الصفحة (180).
الثامن: وصلاة ركعتي طواف النساء مثل ما مر في
الصفحة (180).
188

مسائل متفرقة
1 - لو نذر شخص الاحرام قبل الميقات وأحرم كذلك،
وعند وصوله إلى جدة تهيأت له زيارة المدينة المنورة، لا يجوز
له الخروج من الاحرام، لأن الانصراف من نية الاحرام
لا يكون سببا للخروج منه: وبعد الاحرام لا يجوز تجديده
بنحو الجزم
نعم لا بأس بتجديد النية في المسجد الشجرة رجاء، إلا أنه
ليس بلازم.
ولو خالف وأحل بزعم أنه جائز فقد مضى حكمه في
مسائل محرمات الاحرام.
2 - يراعى فيما يذبح في الكفارات، ما يشترط فيما يذبح في
منى على الأحوط الأولى.
3 - يجوز السجود على ما فرش به مسجد الحرام
189

والمشاهد المشرفة من الصخر، فإن المعادن التي لا يجوز
السجود عليها، هي ما لا يطلق عليه اسم الأرض، كمعادن
الذهب والفضة والأحجار الكريمة والفلزات.
4 - لا يجوز الاحرام بالثوب الذي اشتري بعين ثمن لم
يخمس أو لم يزك، وهكذا لو تعلق الخمس بنفس ثوب
الاحرام، والطواف بهذا الاحرام باطل.
لكن إذا اشترى ثوب الاحرام بثمن كلي ودفع الثمن مما لم
يخمس أو لم يزك لا يبطل إحرامه، إلا أن ذمته لم تبرأ من
الخمس، وهو ضامن له.
5 - لو كان الازدحام في مقام إبراهيم شديدا، بحيث لم
يتمكن المصلون من مراعاة عدم محاذاة النساء للرجال أو
تقدمهن عليهم فإن صلاتهم صحيحة.
6 - لو علم شخص أن السعي يبدأ من الصفا وينتهي إلى
المروة، ولكن لم يعلم مكانهما فسأل شخصا عنهما فدل الصفا
مكان المروة والمروة مكان الصفا، سعى سبعا هكذا، ثم علم
190

بخطأه، وسعى مرة أخرى، فالأقوى صحة سعيه وإن كان
الأحوط إعادته.
7 - لو حاضت المرأة بعد أعمال الحج في منى ورجعت
إلى مكة، وقبل الطهر اضطرت إلى الخروج منها لعدم انتظار
رفقتها وما أشبه، فلا بد أن تستنيب من يطوف عنها طواف
الحج وركعتيه، ثم تسعى هي بنفسها، وتستنيب أيضا من
يطوف عنها طواف النساء ويصلي ركعتيه.
8 - لو أحرم شخص، بحج التمتع ومات بعد الاحرام
ودخول في الحرم، أجزأه ذلك عن بقية الأعمال ولا يحتاج إلى
نائب، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الحج لنفسه أو نائبا عن غيره.
9 - إذا رأت المرأة أثر الحيض بعد إكمال أعمال الحج،
وشكت أن الحيض كان قبل الشروع في الأعمال أو بعد إكمالها
صح حجها، ولا تعتني بمثل هذا الشك.
10 - لا يجوز الصوم بمنى في أيام التشريق، ولا يصح أيضا
191

في يوم العيد لكل أحد، وفي كل مكان.
11 - المراد من المنزل الذي يجوز للحاج الاستظلال فيه
وهو محل نزوله، وهو يقابل الطريق الذي يسير فيه، فلا مانع
من الاستظلال في المقاهي الواقعة في طريق مكة ومنى
وعرفات بعد أن نزلها الحاج وقبل أن يرحل عنها.
12 - الأقوى جواز الالتحاف باللحاف والبطانية
المخيطة، بشرط أن لا يلتف بهما بحيث يكونان كالألبسة.
13 - لو لم يطف الحاج طواف النساء جهلا بالمسألة،
ولكن طاف طوافا مستحبا، بنية أنه يجير ما لو نقص من طوافه
شئ، وبعد سنة مثلا علم بعدم طوافه للنساء، الأحوط له
عدم مجامعة زوجته، والذهاب إلى مكة ليطوف طواف النساء
ولو في غير أشهر الحج، وأن شق عليه ذلك استناب من يطوف
عنه ويصلي ركعتيه.
14 - يجب أن يكون طواف النساء وركعتيه بعد طواف
الحج وركعتيه والسعي، فلو قدمه عليهما وجبت إعادته بعد
192

السعي، وفي صورة الجهل أو النسيان الأحوط أن يعيد أيضا،
ولو لم يتمكن من الإعادة بنفسه، استناب من يطوف عنه
ويصلي ركعتيه.
وفي العمرة المفردة يجب أن يكون بعد التقصير فلو قدمه
عليه فالحكم كما في الحج.
15 - في العمرة المفردة المستحبة يجب طواف النساء، كما في
الحج، فلا تحل النساء له إلا بعد الاتيان به.
16 - تجب إعادة صلاة الطواف بعده إذا أتى بها قبله
جهلا.
17 - إذا صلى ركعتي طواف الحج بعد السعي، فالأحوط
الأولى إعادة السعي بعد ركعتي الطواف، حفظا للترتيب.
18 - لو قدم السعي على طواف الزيارة جهلا، أعاد
السعي بعد الطواف على الأحوط.
19 - السعي بين الصفا والمروة - في الطابق الثاني من
المسعى المبني حديثا - صحيح إذا كان الجبلان أعلى من
193

المسعى، ليكون السعي بين الجبلين.
20 - يجوز التقصير في عمرة التمتع، قبل إحرام الحج في أي
وقت اتفق، ولا تشترط فيه الفورية بعد السعي.
21 - لا يشترط في الذبح أن يكون بمباشرة الحاج بنفسه،
بل يجوز أن يوكل شخصا في ذلك، لكن يجب أن يقصد الوكيل
حين الذبح، أنه يذبحه عن موكله فلان.
فلو كان وكيلا عن عدة أشخاص، يجب أن يعين كل واحد
منهم حين الذبح عنه.
22 - لو اشترى الحاج شاتين ليذبح إحداهما عن نفسه
والأخرى عن آخر، وجب التعيين عند الشراء، ويقصد ذبح
تلك الشاة عنه أيضا، ولا يكفي بدون التعيين والقصد.
23 - لا يجوز حلق الرأس بعد التقصير في عمرة التمتع، إلا
بعد إتمام أعمال الحج، والأحوط إذا حصل ذلك أن يفتدي
بشاة.
24 - لو وكل جماعة شخصا في شراء الهدي وذبحه،
194

وجب على الوكيل أن يشتري كل شاة لشخص معين، ويذبحها
عنه، ولا يجوز له شراء الشياة بالإشاعة، كما لا يجزئ ذبحها
مشاعة بين جماعة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على
سيدنا محمد وآله الطاهرين.
195

آداب وزيارة المدينة الطيبة
197

زيارة الرسول
(صلى الله عليه وآله)
قال الشيخ الكفعمي في المصباح: فإذا أردت الدخول على
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقل:
((اللهم إني قد وقفت على باب من أبواب بيوت نبيك
صلواتك عليه وآله، وقد منعت الناس أن يدخلوا إلا
بإذنه، فقلت: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي
إلا أن يؤذن لكم) اللهم إني أعتقد حرمة صاحب هذا
المشهد الشريف في غيبته، كما أعتقدها في حضرته،
وأعلم أن رسولك وخلفاءك عليهم السلام أحياء عندك
يرزقون، يرون مقامي ويسمعون كلامي ويردون
سلامي، وأنك حجبت عن سمعي كلامهم، وفتحت باب
فهمي بلذيذ مناجاتهم، وأني استأذنك يا رب أولا،
199

وأستأذن رسولك صلى الله عليه وآله ثانيا، وأستأذن
خليفتك الإمام المفروض علي طاعته.
(تسميه باسمه واسم أبيه)
((الحسين بن علي عليهما السلام...))
والملائكة الموكلين بهذه البقعة المباركة ثالثا،
أأدخل يا رسول الله، أأدخل يا حجة الله، أأدخل يا
ملائكة الله المقربين المقيمين في هذا المشهد، فأذن لي يا
مولاي في الدخول أفضل ما أذنت لأحد من أوليائك،
فإن لم أكن أهلا لذلك فأنت أهل لذلك.
ثم قبل العتبة وادخل وقل:
بسم الله وبالله وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله
صلى الله عليه وآله، رب أدخلني مدخل صدق
وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا
نصيرا، اللهم اغفر لي وارحمني، وتب على، إنك أنت
التواب الرحيم.
200

زيارة النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم)
السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبي
الله، السلام عليك يا محمد بن عبد الله، السلام عليك يا
خاتم النبيين، أشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأقمت
الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن
المنكر، وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين، فصلوات
الله عليك ورحمته وعلى أهل بيتك الطاهرين.
ثم قف عند رأس النبي صلى الله عليه وآله واستقبل
القبلة وقل:
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله، وأشهد أنك رسول الله، وأنك
محمد بن عبد الله، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك،
201

ونصحت لأمتك، وجاهدت في سبيل الله، وعبدت الله
حتى أتاك اليقين بالحكمة والموعظة الحسنة، وأديت
الذي عليك من الحق، وأنك قد رؤفت بالمؤمنين،
وغلظت على الكافرين، فبلغ الله بك أفضل شرف محل
المكرمين، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك
والضلالة، اللهم فاجعل صلواتك وصلوات ملائكتك
المقربين وأنبيائك المرسلين وعبادك الصالحين، وأهل
السماوات والأرضين، ومن سبح لك يا رب العالمين من
الأولين والآخرين، على محمد عبدك ورسولك ونبيك
وأمينك ونجيك وحبيبك وصفيك وخاصتك وصفوتك
وخيرتك من خلقك، اللهم اعطه الدرجة الرفيعة، وآته
الوسيلة من الجنة، وابعثه مقاما محمودا يغبطه به
الأولون والآخرون، اللهم إنك قلت: (ولو أنهم إذ
ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم
الرسول لوجدوا الله توابا رحيما)، وإني أتيت نبيك
202

مستغفرا تائبا من ذنوبي، ويا محمد إني أتوجه بك إلى
الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي.
أن كان لك حاجة فاجعل قبره صلى الله عليه وآله خلف
كتفيك واستقبل القبلة وارفع يديك وسل حاجتك تقضى إن شاء
الله تعالى.
203

زيارة فاطمة (عليها السلام)
السلام عليك يا بنت رسول الله، السلام عليك يا
بنت خليل الله، السلام عليك يا بنت نبي الله، السلام
عليك يا بنت حبيب الله، السلام عليك يا بنت صفي
الله، السلام عليك يا بنت أمين الله، السلام عليك يا
بنت خير خلق الله، السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء
الله ورسله وملائكته، السلام عليك يا بنت خير
البرية، السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الأولين
والآخرين، السلام عليك يا زوجة ولي الله وخير الخلق
بعد رسول الله، السلام عليك يا أم الحسن والحسين
سيدي شباب أهل الجنة، السلام عليك أيتها الصديقة
الشهيدة، السلام عليك أيتها الرضية المرضية، السلام
عليك أيتها الفاضلة الزكية، السلام عليك أيتها الحورية
204

الإنسية، السلام عليك أيتها التقية النقية، السلام عليك
أيتها المحدثة العلمية، السلام عليك أيتها المظلومة
المغضوبة، السلام عليك أيتها المضطهدة المقهورة،
السلام يا فاطمة بنت رسول الله، السلام عليك
وعلى بعلك وبنيك ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك
وعلى روحك وبدنك، أشهد أنك مضيت على بينة من
ربك، وأن من سرك فقد سر رسول الله، صلى الله عليه
وآله، ومن جفاك فقد جفا رسول الله، صلى الله عليه
وآله ومن آذاك فقد آذى رسول الله، صلى الله عليه
وآله، ومن وصلك فقد وصل رسول الله صلى الله
عليه وآله، ومن قطعك فقد قطع رسول الله، صلى الله
عليه وآله، لأنك بضعة منه، وروحه التي بين جنبيه،
أشهد الله ورسله وملائكته، أني راض عمن رضيت
عنه، ساخط على من سخطت عليه، متبري ممن تبرأت
منه، موال لمن واليت، معاد لمن عاديت، مبغض لمن
205

أبغضت، محب لمن أحببت، وكفى بالله شهيدا وحسيبا
وجازيا ومثيبا.
ثم تصل على رسول الله والأئمة عليهم السلام.
206

زيارة أخرى للزهراء
(عليها السلام)
ثم تقول: السلام عليك يا سيدة نساء العالمين، السلام عليك
يا والدة الحجج على الناس أجمعين، السلام عليك أيتها
المظلومة الممنوعة حقها.
ثم قل:
اللهم صل على أمتك وابنة نبيك وزوجة وصي
نبيك صلاة تزلفها فوق زلفى عبادك المكرمين من أهل
السماوات وأهل الأرضين.
اللهم صل على الصديقة فاطمة الزكية حبيبة
حبيبك ونبيك وأم أحبائك وأصفيائك التي انتجبتها
وفضلتها واخترتها على نساء العالمين، اللهم كن الطالب
207

لها ممن ظلمها واستخف بحقها وكن الثائر اللهم بدم
أولادها، اللهم وكما جعلتها أم أئمة الهدى وحليلة صاحب
اللواء، والكريمة عند الملأ الأعلى، فصل عليها وعلى أمها
صلاة تكرم بها وجه أبيها محمد صلى الله عليه وآله
تقر بها أعين ذريتها، وأبلغهم عني في هذه الساعة
أفضل التحية والسلام.
ثم تقول ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام):
يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك
فوجدك لما امتحنك صابره، وزعمنا إنا لك أولياء
ومصدقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك صلى الله
عليه وآله، وأتانا به وصيه، فإنا نسألك إن كنا
صدقناك إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما لنبشر أنفسنا بأنا قد
طهرنا بولايتك.
208

زيارة أئمة البقيع
(عليهم السلام)
يستحب استحبابا مؤكدا زيارة أئمة البقيع (عليهم
السلام)، فإذا فرغت من زيارة النبي الأعظم (صلى الله عليه
وآله وسلم) وبضعته الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام)
فتوجه إلى البقيع لزيارة الأئمة الأربعة من أئمة أهل البيت الذين
أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وهم:
1 - الإمام الحسن بن علي الزكي (عليه السلام).
2 - الإمام علي بن الحسن زين العابدين (عليه السلام).
3 - الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام).
4 - الإمام جعفر
بن محمد الصادق (عليه السلام).
يستحب الغسل لأجل الزيارة والدعاء بهذا الدعاء:
((بسم الله وبالله اللهم اجعله لي نورا وطهورا
209

وحرزا وشفاء من كل داء وآفة وعاهة، اللهم طهر به
قلبي واشرح به صدري ويسر به أمري)).
ويستحب أن يلبس الزائر أنظف الثياب، ويتطيب
بأفضل الطيب، ويذهب لزيارتهم على سكينة ووقار، فإذا
وصل إلى باب القبة الشريفة ويقف ويستأذن بها
الاستئذان قائلا:
يا موالي يا أبناء رسول الله، عبدكم وابن أمتكم،
الذليل بين أيديكم، والمضعف في علو قدركم،
والمعترف بحقكم، جاءكم مستجيرا بكم، قاصدا إلى
حرمكم، متقربا إلى مقامكم، متوسلا إلى الله تعالى
بكم، أأدخل يا موالي، أأدخل يا أولياء الله، أأدخل يا
ملائكة الله المحدقين بهذا الحرم، المقيمين بهذا المشهد.
ثم أدخل بخضوع وخشوع، وقدم رجلك اليمنى، وقل
وأنت في حال الدخول:
الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة
210

وأصيلا، والحمد لله الفرد الصمد، الماجد الأحد،
المتفضل المنان، المتطول الحنان، الذي من بطوله، وسهل
زيارة ساداتي باحسانه، ولم يجعلني عن زيارتهم ممنوعا،
بل تطول ومنح.
وتقول في زيارتهم وأنت مستقبلا قبورهم، ومستدبرا
القبلة الشريفة:
السلام عليكم أئمة الهدى، السلام عليكم أهل
التقوى، السلام عليكم أيها الحجج على أهل الدنيا،
السلام عليكم أيها القوام في البرية بالقسط، السلام
عليكم أهل الصفوة، السلام عليك آل رسول الله،
السلام عليكم أهل النجوى، أشهد أنكم قد بلغتم
ونصحتم وصبرتم في ذات الله، وكذبتم وأسئ إليكم
فغفرتم، وأشهد أنكم الأئمة الراشدون المهتدون، وأن
طاعتكم مفروضة، وأن قولكم الصدق، وإنكم دعوتم
فلم تجابوا، وأمرتم فلم تطاعوا، وإنكم دعائم الدين
211

وأركان الأرض، لم تزالوا بعين الله، ينسخكم من
أصلاب كل مطهر، وينقلكم من أرحام المطهرات، لم
تدنسكم الجاهلية الجهلاء، ولم تشرك فيكم فتن
الأهواء، طبتم وطاب منبتكم، من بكم علينا ديان
الدين، فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها
اسمه، وجعل صلواتنا عليكم رحمة لنا وكفارة لذنوبنا،
إذ اختاركم الله لنا، وطيب خلقنا بما من علينا من
ولايتكم، وكنا عنده مسمين بعلمكم، معترفين
بتصديقنا إياكم، وهذا مقام من أسرف وأخطأ واستكان
وأقر بما جنى، ورجى بمقامه الخلاص، وأن يستنقذه بكم
مستنقذ الهلكى من الردى، فكونوا لي شفعاء، فقد
وفدت إليكم إذ رغب عنكم أهل الدنيا، واتخذوا آيات
الله هزوا، واستكبروا عنها، يا من هو قائم لا يسهو،
ودائم لا يلهو، ومحيط بكل شئ، لك المن بما وفقتني،
وعرفتني بما أقمتني عليه، إذ صد عنه عبادك وجهلوا
212

معرفته، واستخفوا بحقه، ومالوا إلى سواه، فكانت المنة
منك علي مع أقوام خصصتهم بما خصصتني به، فلك
الحمد إذ كنت عندك في مقامي هذا مذكورا مكتوبا، فلا
تحرمني ما رجوت، ولا تخيبني فيما دعوت، بحرمة محمد
وآله الطاهرين، وصلى الله عليه محمد وآل محمد.
وبعد ذلك ادع بما شئت ثم صل ثمان ركعات صلاة الزيارة يعني لكل إمام ركعتان.
213

زيارة أمين الله
رواها ابن طاووس بأسانيد عديدة عن الباقر (عليه
السلام) أن علي بن الحسين زار أمير المؤمنين (عليه السلام)
بهذه الزيارة:
السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته على
عباده السلام عليك يا أمير المؤمنين السلام عليك يا
أمير المؤمنين.
أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده وعملت
بكتابه، واتبعت سنن نبيه صلى الله عليه وآله حتى
دعاك الله إلى جواره فقبضك إليه باختياره، وألزم
أعداءك الحجة مع ما لك من الحجج البالغة على جميع
خلقه، اللهم اجعل نفسي مطمئنة بقدرك راضية بقضائك
مولعة بذكرك ودعائك، محبة لصفوة أوليائك، محبوبة في
215

أرضك وسمائك، صابرة على نزول بلائك، شاكرة
لفواضل نعمائك، ذاكرة لسوابغ آلائك، مشتاقة إلى
فرحة لقائك، ومتزودة التقوى ليوم جزائك مستنة بسنن
أوليائك، مفارقة لأخلاق أعدائك، مشغولة عن الدنيا
بحمدك وثنائك.
ثم وضع خده على قبره وقال:
اللهم إن قلوب المخبتين إليك والهة وسبل الراغبين
إليك شارعة وأعلام القاصدين إليك واضحة وأفئدة
العارفين منك فازعة وأصوات الداعين إليك صاعدة
وأبواب الإجابة لهم مفتحة ودعوة من ناجاك مستجابة
وتوبة من أناب إليك مقبولة وعبرة من بكى من
خوفك مرحومة والإغاثة لمن استغاث بك موجودة
والإعانة لمن استعان بك مبذولة وعداتك لعبادك منجزة
وزلل من استقالك مقالة وأعمال العالمين لديك محفوظة
وأرزاقك إلى الخلائق من لدنك نازلة وعوائد المزيد
216

إليهم واصلة وذنوب المستغفرين مغفورة وحوائج خلقك
عندك مقضية وجوائز السائلين عندك موفرة وعوائد
المزيد متواترة وموائد المستطعمين معدة ومناهل الظماء
مترعة اللهم فاستجب دعائي واقبل ثنائي واجمع بيتي
وبين أوليائي بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن
والحسين، إنك ولي نعمائي ومنتهى مناي وغاية رجائي
في منقلبي ومثواي.
وقد جاءت هذه الإضافات في كامل الزيارات.
أنت إلهي وسيدي ومولاي اغفر لأوليائنا وكف عنا
أعدائنا واشغلهم عن أذانا وأظهر كلمة الحق واجعلها
العليا وأدحض كلمة الباطل واجعلها السفلى إنك على
كل شئ قدير.
217

زيارة إبراهيم بن رسول الله
(صلى الله عليه وآله)
ويستحب أيضا زيارة إبراهيم بن رسول الله (صلى الله
علية وآله وسلم) فتقف على قبره وتقول:
السلام على رسول الله، السلام على نبي الله،
السلام على حبيب الله، السلام على صفي الله، السلام
على نجي الله، السلام على محمد بن عبد الله، سيد
الأنبياء وخاتم المرسلين، وخيرة الله من خلقه في أرضه
وسمائه، السلام على جميع أنبيائه ورسله، السلام على
الشهداء والسعداء والصالحين، السلام علينا وعلى عباد
الله الصالحين، السلام عليك أيتها الروح الزاكية،
السلام عليك أيتها النفس الشريفة. السلام عليك أيتها
السلالة الطاهرة، السلام عليك أيتها النسمة الزاكية،
219

السلام عليك يا بن خير الورى، السلام عليك يا بن
النبي المجتبى، السلام عليك يا بن المبعوث إلى كافة
الورى، السلام عليك يا بن البشير النذير، السلام
عليك يا بن السراج المنير، السلام عليك يا بن المؤيد
بالقرآن، السلام عليك يا بن المرسل إلى الإنس والجان،
السلام عليك يا بن صاحب الراية والعلامة، السلام
عليك يا بن الشفيع يوم القيمة، السلام عليك يا بن من
حباه الله بالكرامة، السلام عليك ورحمة الله وبركاته،
أشهد أنك قد اختار الله لك دار أنعامه قبل أن يكتب
عليك أحكامه، أو يكلفك حلاله وحرامه، فنقلك إليه طيبا
زاكيا مرضيا طاهرا من كل نجس مقدسا من كل دنس
وبوأك جنة المأوى، ورفعك إلى الدرجات العلى، وصلى
الله عليك صلاة تقر بها عين رسوله، وتبلغه أكبر
مأموله.
اللهم اجعل أفضل صلواتك وأزكاها، وأنمى بركاتك
220

وأوفاها، على رسولك ونبيك وخيرتك من خلقك محمد
خاتم النبيين، وعلى من نسل من أولاده الطيبين
الطاهرين وعلى من خلف من عترته الطاهرين، برحمتك
يا أرحم الراحمين. اللهم إني أسألك بحق محمد صفيك
وإبراهيم نجل نبيك أن تجعل سعيي بهم مشكورا، وذنبي
بهم مغفورا، وحياتي بهم سعيدة، وعاقبتي بهم حميدة،
وحوائجي بهم مقضية، وأفعالي بهم مرضية وأموري بهم
مسعودة، وشؤوني بهم محمودة، اللهم وأحسن لي التوفيق
ونفس عني كل هم وضيق، اللهم جنبني عقابك، وامنحني
ثوابك، وأسكني جنانك، وارزقني رضوانك وأمانك
واشرك لي في صالح دعائي والدي وولدي وجميع
المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك ولي
الباقيات الصالحات، آمين رب العالمين.
ثم تصلي الركعتين للزيارة وتدعوا بما أحببت
وتنصرف.
221

ويستحب زيارة فاطمة بنت أسد والدة الإمام علي بن أبي
طالب (عليه السلام) وهي مع الأئمة الأربعة (عليهم السلام) في
البقيع بمكان واحد، فتقول:
السلام على نبي الله، السلام على رسول الله،
السلام على محمد سيد المرسلين، السلام على محمد سيد
الأولين، السلام على محمد سيد الآخرين، السلام على
من بعثه الله رحمة لعالمين، السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته، السلام على فاطمة بنت أسد
الهاشمية، السلام عليك أيتها الصديقة المرضية، السلام
عليك أيتها التقية النقية، السلام عليك أيتها الكريمة
الرضية، السلام عليك يا كافلة محمد خاتم النبيين،
السلام عليك يا والدة سيد الوصيين، السلام عليك يا
223

من ظهرت شفقتها على رسول الله خاتم النبيين، السلام
عليك يا من تربيتها لولي الله الأمين، السلام عليك
وعلى روحك وبدنك الطاهر، السلام عليك وعلى
ولدك، ورحمة الله وبركاته، أشهد أنك أحسنت الكفالة،
وأديت الأمانة: واجتهدت في مرضات الله، وبالغت في
حفظ رسول الله، عارفة بحقه، مؤمنة بصدقه، معترفة
بنبوته، مستبصرة بنعمته، كافلة بتربيته، مشفقة على
نفسه، واقفة على خدمته، مختارة رضاه، مؤثرة هواه،
وأشهد أنك مضيت على الايمان والتمسك بأشرف
الأديان، راضية مرضية، طاهرة زكية، تقية نقية،
فرضى الله عنك وأرضاك، وجعل الجنة منزلك ومأواك،
اللهم صل على محمد وآل محمد، وانفعني بزيارتها،
وثبتني على محبتها، ولا تحرمني شفاعتها وشفاعة الأئمة
من ذريتها، وارزقني مرافقتها، واحشرني معها ومع
أولادها الطاهرين، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي
224

إياها، وارزقني العود إليها أبدا ما أبقيتني، وإذا توفيتني
فاحشرني في زمرتها، وأدخلني في شفاعتها، برحمتك يا
أرحم الراحمين، اللهم بحقها عندك ومنزلتها لديك،
اغفر لي ولوالدي ولجميع المؤمنين والمؤمنات، وآتنا في
الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا برحمتك عذاب
النار.
ثم تصلي ركعتين الزيارة وتدعوا بما أحببت وتنصرف.
225

زيارة حمزة بن عبد المطلب
ثم توجه إلى أحد لزيارة حمزة بن عبد المطلب عم رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويبعد قبره عن المدينة
المنورة أربعة كيلو مترات، وقم عند قبره وقل:
السلام عليك يا عم رسول الله، صلى الله عليه
وآله، السلام عليك يا خير الشهداء، السلام عليك يا
أسد الله وأسد رسوله، أشهد أنك قد جاهدت في الله عز
وجل، وجدت بنفسك، ونصحت رسول الله، وكنت فيما
عند الله سبحانه راغبا، بأبي أنت وأمي، أتيتك متقربا
إلى الله عز وجل بزيارتك، ومتقربا إلى رسول الله صلى
الله عليه وآله بذلك، راغبا إليك في الشفاعة، أبتغي
بزيارتك خلاص نفسي متعوذا بك من نار استحقها
مثلي بما جنيت على نفسي، هاربا من ذنوبي التي احتطبتها
227

على ظهري، فزعا إليك رجاء رحمة ربي، أتيتك من شقة
بعيدة، طالبا فكاك رقبتي من النار، وقد أوقرت ظهري
ذنوبي، وأتيت ما أسخط ربي، ولم أجد أحدا أفزع إليه
خيرا لي منكم أهل بيت الرحمة، فكن لي شفيعا يوم
فقري وحاجتي، فقد سرت إليك محزونا، وأتيتك
مكروبا، وسكبت عبرتي عندك باكيا، وصرت إليك
مفردا، وأنت ممن أمرني الله بصلته، وحثني على بره،
ودلني على فضله، وهداني لحبه، ورغبني في الوفادة
إليه، وألهمني طلب الحوائج عنده، أنتم أهل بيت لا يشقى
من تولاكم، ولا يخيب من أتاكم، ولا يخسر من
يهواكم، ولا يسعد من عاداكم.
فإذا فرغت من الزيارة تصلي ركعتين وتدعو بهذا الدعاء:
اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم إني تعرضت
لرحمتك بلزومي لقبر عم نبيك صلى الله عليه وآله،
ليجيرني من نقمتك وسخطك ومقتك في يوم تكثر فيه
228

الأصوات، وتشغل كل نفس بما قدمت، وتجادل عن
نفسها، فإن ترحمني اليوم فلا خوف علي ولا حزن، وإن
تعاقب فمولى له القدرة على عبده، ولا تخيبني بعد اليوم،
ولا تصرفني بغير حاجتي، فقد لصقت بقبر عم نبيك،
وتقربت به إليك ابتغاء مرضاتك ورجاء رحمتك، فتقبل
مني، وعد بحلمك على جهلي، وبرأفتك على جناية
نفسي، فقد عظم جرمي، وما أخاف أن تظلمني، ولكن
أخاف سوء الحساب، فانظر اليوم تقلبي على قبر عم
نبيك، فبهما فكني من النار، ولا تخيب سعيي، ولا يهونن
عليك ابتهالي، ولا تحجبن عنك صوتي، ولا تقلبني بغير
حوائجي، يا غياث كل مكروب ومحزون، ويا مفرجا
عن الملهوف الحيران الغريق المشرف على الهلكة، فصل
على محمد وآل محمد، وانظر إلي نظرة لا أشقى بعدها
أبدا، وارحم تضرعي وعبرتي وانفرادي، فقد رجوت
رضاك، وتحريت الخير الذي لا يعطيه أحد سواك، فلا
229

ترد أملي، اللهم إن تعاقب فمولى له القدرة على عبده
وجزاءه بسوء فعله، فلا أخيبن اليوم، ولا تصرفني بغير
حاجتي، ولا تخيبن شخوصي ووفادتي، فقد أنفدت نفقتي،
وأتعبت بدني، وقطعت المفازات، وخلفت الأهل والمال
وما خولتني، وآثرت ما عندك على نفسي، ولذت بقبر
عم نبيك صلى الله عليه وآله، وتقربت به ابتغاء
مرضاتك، فعد بحلمك على جهلي، وبرأفتك على ذنبي،
فقد عظم جرمي، برحمتك يا كريم يا كريم.
230

زيارة قبور الشهداء في أحد
(رضوان الله عليهم)
السلام على رسول الله، السلام على نبي الله،
السلام على محمد بن عبد الله، السلام على أهل بيته
الطاهرين، السلام عليكم أيها الشهداء المؤمنون،
السلام عليكم يا أهل بيت الايمان والتوحيد، السلام
عليكم يا أنصار دين الله وأنصار رسوله عليه وآله
السلام، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار، أشهد
أن الله اختاركم لدينه، واصطفاكم لرسوله، وأشهد أنكم
قد جاهدتم في الله حق جهاده، وذببتم عن دين الله وعن
نبيه، وجدتم بأنفسكم دونه، وأشهد أنكم قتلتم على
منهاج رسول الله، فجزاكم الله عن نبيه وعن الإسلام
وأهله أفضل الجزاء، وعرفنا وجوهكم في محل رضوانه
231

وموضع إكرامه مع النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
أشهد أنكم حزب الله، وأن من حاربكم فقد حارب
الله، وإنكم لمن المقربين الفائزين، الذين هم أحياء عند
ربهم يرزقون، فعلى من قتلكم لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين، أتيتكم يا أهل التوحيد زائرا وبحقكم
عارفا وبزيارتكم إلى الله متقربا، وبما سبق من شريف
الأعمال، ومرضي الأفعال عالما، فعليكم سلام الله
ورحمته وبركاته، وعلى من قتلكم لعنة الله وغضبه
وسخطه، اللهم انفعني بزيارتهم، وثبتني على قصدهم
وتوفني على ما توفيتهم عليه، واجمع بيني وبينهم في
مستقر دار رحمتك، أشهد أنكم لنا فرط، ونحن بكم
لاحقون.
232

وداع النبي
(صلى الله عليه وآله)
أيها الحاج الكريم إذا أردت السفر من المدينة المنورة،
وأردت وداع نبيك الأعظم (صلى الله عليه وآله) فافرغ
من جميع حوائجك واغتسل والبس أطهر ثيابك وتوجه إلى
الحرم الشريف وزر نبيك بما تقدم من زيارته، فإذا فرغت من
ذلك فودعه قائلا:
السلام عليك يا رسول الله، أستودعك الله
واسترعيك واقرأ عليك السلام، آمنت بالله وبما جئت
به ودللت عليه، اللهم لا تجعله آخر العهد مني لزيارة
قبر نبيك، فإن توفيتني قبل ذلك فإني أشهد في مماتي على
ما شهدت عليه في حياتي، أن لا إله إلا أنت، وأن محمدا
عبدك ورسولك، صلى الله عليه وآله.
233

صلى الله عليك، السلام عليك، لا جعله الله آخر
تسليمي عليك.
234

دعاء الحسين (عليه السلام)
في يوم عرفة
قراءة دعاء الحسين (عليه السلام) المعروف بدعاء عرفة
الذي يرويه ((بشر)) و ((بشير)) ابنا غالب قالا: حضرنا عرفة
بخدمة الحسين (عليه السلام)، وقد خرج من الخيمة ومعه
أهل بيته وأولاده وشيعته، ووقف على قدميه في ميسرة الجبل
تحت السماء، رافعا يديه بحذاء وجهه خاشعا متذللا فقال
(عليهما السلام):
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه
مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع، فطر
أجناس البدائع، وأتقن بحكمته الصنائع، لا تخفى عليه
الطلائع، ولا تضيع عنده الودائع، جازي كل صانع،
235

ورائش كل قانع، وراحم كل ضارع، ومنزل المنافع،
والكتاب الجامع بالنور الساطع، وهو للدعوات سامع،
وللكربات دافع، وللدرجات رافع، وللجبابرة قامع، فلا
إله غيره ولا شئ يعدله، وليس كمثله شئ، وهو
السميع البصير اللطيف الخبير، وهو على كل شئ قدير.
اللهم إني أرغب إليك، وأشهد بالربوبية لك، مقرا
بأنك ربي، وأن إليك مردي، ابتدأتني بنعمتك قبل أن
أكون شيئا مذكورا، وخلقتني من التراب ثم أسكنتني
الأصلاب، آمنا لريب المنون، واختلاف الدهور
والسنين، فلم أزل ظاعنا من صلب إلى رحم في تقادم
من الأيام الماضية والقرون الخالية، لم تخرجني لرأفتك
بي، ولطفك لي، واحسانك إلي في دولة أئمة الكفر
الذين نقضوا عهدك، وكذبوا رسلك، لكنك أخرجتني
للذي سبق لي من الهدى الذي له يسرتني، وفيه
أنشأتني، ومن قبل ذلك رؤفت بي، بجميل صنعك و
236

سوابغ نعمك، فابتدعت خلقي من مني يمنى، وأسكنتني
في ظلمات ثلاث، بين لحم ودم وجلد، لم تشهدني
خلقي، ولم تجعل إلى شيئا من أمري، ثم أخرجتني للذي
سبق لي من الهدى إلى الدنيا تاما سويا، وحفظتني في
المهد طفلا صبيا، ورزقتني من الغذاء لبنا مريا، و
عطفت علي قلوب الحواضن، وكفلتني الأمهات
الرواحم، وكلأتني من طوارق الجان، وسلمتني من
الزيادة والنقصان، فتعاليت يا رحيم يا رحمن، حتى إذا
استهللت ناطقا بالكلام، أتممت على سوابغ الأنعام، و
ربيتني زايدا في كل عام، حتى إذا اكتملت فطرتي،
واعتدلت مرتي، أوجبت علي حجتك بأن ألهمتني
معرفتك، وروعتني بعجائب حكمتك، وأيقظتني لما
ذرات في سماءك وأرضك من بدائع خلقك، ونبهتني
لشكرك وذكرك، وأوجبت علي طاعتك وعبادتك، و
فهمتني ما جاءت به رسلك، ويسرت لي تقبل
237

مرضاتك، ومننت علي في جميع ذلك بعونك ولطفك،
ثم إذ خلقتني من خير الثرى، ولم ترض لي يا إلهي نعمة
دون أخرى، ورزقتني من أنواع المعاش، وصنوف
الرياش، بمنك العظيم الأعظم علي، واحسانك القديم
إلى، حتى إذا أتممت علي جميع النعم، وصرفت عني كل
النقم، لم يمنعك جهلي وجرأتي عليك أن دللتني إلى ما
يقربني إليك، ووفقتني لما يزلفني لديك، فإن دعوتك
أجبتني وإن سألتك أعطيتني، وإن أطعتك شكرتني، و
إن شكرتك زدتني، كل ذلك اكمال لأنعمك علي، و
احسانك إلي، فسبحانك سبحانك من مبدئ معيد حميد
مجيد، وتقدست أسماؤك، وعظمت آلاؤك، فأي نعمك
يا إلهي أحصي عددا وذكرا، أم أي عطاياك أقوم بها
شكرا، وهي يا رب أكثر من أن يحصيها العادون، أو
يبلغ علما بها الحافظون، ثم ما صرفت ودرأت عني.
اللهم من الضر والضراء أكثر مما ظهر لي من العافية
238

والسراء، وأنا أشهد يا إلهي بحقيقة ايماني، وعقد
عزمات يقيني، وخالص صريح توحيدي، وباطن
مكنون ضميري، وعلائق مجاري نور بصري، و
أسارير صفحة جبيني، وخرق مسارب نفسي، و
خذاريف مارن عرنيني، ومسارب سماخ سمعي، وما
ضمت وأطبقت عليه شفتاي، وحركات لفظ لساني، و
مغرز حنك فمي وفكي، ومنابت أضراسي، ومساغ
مطعمي ومشربي، وحمالة أم رأسي، وبلوع فارغ
حبائل عنقي، وما اشتمل عليه تامور صدري، وحمائل
حبل وتيني، ونياط حجاب قلبي، وأفلاذ حواشي
كبدي، وما حوته شراسيف أضلاعي، وحقاق
مفاصلي، وقبض عواملي، وأطراف أناملي، ولحمي، و
دمي، وشعري، وبشري، وعصبي، وقصبي، و
عظامي، ومخي، وعروقي، وجميع جوارحي، وما
انتسج على ذلك أيام رضاعي، وما أقلت الأرض
239

مني، ونومي، ويقظتي، وسكوني، وحركات ركوعي
وسجودي، أن لو حاولت واجتهدت مدى الأعصار و
الأحقاب لو عمرتها أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك ما
استطعت ذلك إلا بمنك، الموجب علي به شكرك أبدا
جديدا وثناءا طارفا عتيدا، أجل، ولو حرصت أنا
والعادون من أنامك أن نحصي مدى أنعامك سالفه وآنفه
ما حصرناه عددا، ولا أحصيناه أمدا، هيهات أنى ذلك،
وأنت المخبر في كتابك الناطق، والنبأ الصادق (وأن
تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، صدق كتابك اللهم و
أنباؤك، وبلغت أنبياؤك ورسلك ما أنزلت عليهم من
وحيك، وشرعت لهم وبهم من دينك، غير أني يا إلهي
أشهد بجهدي وجدي، ومبلغ طاقتي ووسعي، وأقول
مؤمنا موقنا: الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا فيكون
موروثا، ولم يكن له شريك في ملكه فيضاده فيما ابتدع،
ولا ولي من الذل فيرفده فيما صنع، فسبحانه سبحانه،
240

لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا وتفطرتا، سبحان الله
الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له
كفوا أحد، الحمد لله حمدا يعادل حمد ملائكته المقربين،
وأنبيائه المرسلين، وصلى الله على خيرته محمد خاتم
النبيين وآله الطيبين الطاهرين المخلصين وسلم.
ثم طفق يسأل الله تعالى، واهتم في الدعاء وهو يبكي
فقال:
اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك، وأسعدني
بتقواك، ولا تشقني بمعصيتك، وخر لي في قضائك، و
بارك لي في قدرك، حتى لا أحب تعجيل ما أخرت، ولا
تأخير ما عجلت.
اللهم اجعل غناي في نفسي، واليقين في قلبي، و
الاخلاص في عملي، والنور في بصري، البصيرة في
ديني، ومتعني بجوارحي، واجعل سمعي وبصري
الوارثين مني، وانصرني على من ظلمني، وأرني فيه
241

ثاري ومأربي، وأقر بذلك عيني.
اللهم اكشف كربتي، واستر عورتي، واغفر لي
خطيئتي، واخسأ شيطاني، وفك رهاني، واجعل لي يا
إلهي الدرجة العليا في الآخرة والأولى.
اللهم لك الحمد كما خلقتني فجعلتني سميعا بصيرا،
ولك الحمد كما خلقتني فجعلتني خلقا سويا رحمة بي، وقد
كنت عن خلقي غنيا.
رب بما برأتني فعدلت فطرتي، رب بما أنشأتني
فأحسنت صورتي، رب بما أحسنت إلى وفي نفسي
عافيتني، رب بما كلأتني ووفقتني، رب بما أنعمت علي
فهديتني، رب بما أوليتني ومن كل خير أعطيتني، رب بما
أطعمتني وسقيتني، رب بما أغنيتني وأقنيتني، رب بما
أعنتني وأعززتني، رب بما ألبستني من سترك الصافي،
ويسرت لي من صنعك الكافي، صل على محمد وآل
محمد، وأعني على بوائق الدهور وصروف الليالي و
242

الأيام، ونجني من أهوال الدنيا وكربات الآخرة، واكفني
شر ما يعمل الظالمون في الأرض.
اللهم ما أخاف فاكفني، وما أحذر فقني، وفي نفسي
وديني فأحرسني، وفي سفري فاحفظني، وفي أهلي ومالي
فاخلفني، وفيها رزقتني فبارك لي، وفي نفسي فذللني، وفي
أعين الناس فعظمني، ومن شر الجن والإنس فسلمني،
وبذنوبي فلا تفضحني، وبسريرتي فلا تخزني، وبعملي
فلا تبتلني، ونعمك فلا تسلبني، وإلى غيرك فلا تكلني.
إلهي إلى من تكلني، إلى قريب فيقطعني، أم إلى بعيد
فيتجهمني، أم إلى المستضعفين لي، وأنت ربي ومليك
أمري، أشكو إليك غربتي وبعد داري، وهواني على
من ملكته أمري.
إلهي فلا تحلل على غضبك، فإن لم تكن غضبت
علي فلا أبالي سواك، سبحانك غير أن عافيتك أوسع
لي، فأسألك يا رب بنور وجهك الذي أشرقت له
243

الأرض والسماوات، وكشفت به الظلمات، وصلح به
أمر الأولين والآخرين، أن لا تميتني على غضبك، ولا
تنزل بي سخطك، لك العتبي لك العتبي حتى ترضى قبل
ذلك، لا إله إلا أنت، رب البلد الحرام، والمشعر الحرام،
والبيت العتيق الذي أحللته البركة، وجعلته للناس
أمنا، يا من عفا عن عظيم الذنوب بحلمه، يا من أسبغ
النعماء بفضله، يا من أعطى الجزيل بكرمه، يا عدتي في
شدتي، يا صاحبي في وحدتي، يا غياثي في كربتي، يا
وليي في نعمتي.
يا إلهي وآله آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق و
يعقوب ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، ورب
محمد خاتم النبيين وآله المنتجبين، ومنزل التوراة و
الإنجيل والزبور والفرقان، ومنزل كهيعص وطه
ويس والقرآن الحكيم، أنت كهفي حين تعييني المذاهب
في سعتها، وتضيق بي الأرض برحبها، ولولا رحمتك
244

لكنت من الهالكين، وأنت مقيل عثرتي، ولولا سترك
إياي لكنت من المفضوحين، وأنت مؤيدي بالنصر على
أعدائي، ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين.
يا من خص نفسه بالسمو والرفعة، فأولياءه بعزه
يعتزون، يا من جعلت له الملوك نير المذلة على أعناقهم،
فهم من سطواته خائفون، يعلم خائنة الأعين وما تخفي
الصدور، وغيب ما تأتي به الأزمنة والدهور، يا من
لا يعلم كيف هو إلا هو، يا من لا يعلم ما هو إلا هو، يا
من لا يعلمه إلا هو، يا من كبس الأرض على الماء، و
سد الهواء بالسماء، يا من له أكرم الأسماء، يا ذا المعروف
الذي لا ينقطع أبدا، يا مقيض الركب ليوسف في البلد
القفر، ومخرجه من الجب، وجاعله بعد العبودية ملكا،
يا راده على يعقوب بعد أن ابيضت عيناه من الحزن فهو
كظيم، يا كاشف الضر والبلوى عن أيوب، ويا ممسك
يدي إبراهيم عن ذبح ابنه بعد كبر سنه وفناء عمره، يا
245

من استجاب لزكريا فوهب له يحيى، ولم يدعه فردا
وحيدا، يا من أخرج يونس من بطن الحوت، يا من فلق
البحر لبني إسرائيل فأنجاهم، وجعل فرعون وجنوده من
المغرقين، يا من أرسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته
يا من لم يجعل على من عصاه من خلقه، يا من استنقذ
السحرة من بعد طول الجحود، وقد غدوا في نعمته
يأكلون رزقه ويعبدون غيره، وقد حادوه ونادوه
وكذبوا رسله.
يا الله يا الله يا بدئ، يا بديعا لا ند لك، يا دائما لا
نفاد لك، يا حيا حين لا حي، يا محيي الموتى، يا من هو
قائم على كل نفس بما كسبت، يا من قل له شكري فلم
يحرمني، وعظمت خطيئتي فلم يفضحني، ورآني على
المعاصي فلم يشهرني، يا من حفظني في صغري، يا من
رزقني في كبري، يا من أياديه عندي لا تحصى، ونعمه
لا تجازى، يا من عارضني بالخير والاحسان وعارضته
246

بالإساءة والعصيان، يا من هداني للايمان من قبل أن
أعرف شكر الامتنان، يا من دعوته مريضا فشفاني،
وعريانا فكساني، وجائعا فأشبعني، وعطشان فأرواني،
وذليلا فاعزني، وجاهلا فعرفني، ووحيدا فكثرني، و
غائبا فردني، ومقلا فأغناني، ومنتصرا فنصرني، و
غنيا فلم يسلبني، وأمسكت عن جميع ذلك فابتدأني
فلك الحمد والشكر، يا من أقال عثرتي، ونفس كربتي و
أجاب دعوتي، وستر عورتي، وغفر ذنوبي، وبلغني
طلبتي، ونصرني على عدوي، وإن أعد نعمك ومننك
وكرائم منحك لا أحصيها.
يا مولاي، أنت الذي مننت، أنت الذي أنعمت،
أنت الذي أحسنت، أنت الذي أجملت، أنت الذي
أفضلت، أنت الذي أكملت، أنت الذي رزقت، أنت
الذي وفقت، أنت الذي أعطيت، أنت الذي أغنيت،
أنت الذي أقنيت، أنت الذي آويت، أنت الذي كفيت،
247

أنت الذي هديت، أنت الذي عصمت، أنت الذي
سترت، أنت الذي غفرت، أنت الذي أقلت، أنت الذي
مكنت، أنت الذي أعززت، أنت الذي أعنت، أنت
الذي عضدت، أنت الذي أيدت، أنت الذي نصرت،
أنت الذي شفيت، أنت الذي عافيت، أنت الذي
أكرمت، تباركت وتعاليت، فلك الحمد دائما، ولك
الشكر واصبا أبدا.
ثم أنا يا إلهي المعترف بذنوبي فاغفرها لي، أنا الذي
أسأت، أنا الذي أخطأت، أنا الذي هممت، أنا الذي
جهلت، أنا الذي غفلت، أنا الذي سهوت، أنا الذي
اعتمدت، أنا الذي تعمدت، أنا الذي وعدت وأنا
الذي أخلفت، أنا الذي نكثت، أنا الذي أقررت، أنا
الذي اعترفت بنعمتك على وعندي، وأبوء بذنوبي
فاغفرها لي، يا من لا تضره ذنوب عباده، وهو الغني
عن طاعتهم، والموفق من عمل صالحا منهم بمعونته
248

ورحمته، فلك الحمد إلهي وسيدي.
إلهي أمرتني فعصيتك، ونهيتني فارتكبت نهيك،
فأصبحت لا ذا براءة لي فأعتذر، ولا ذا قوة فأنتصر،
فبأي شئ أستقبلك يا مولاي، أبسمعي أم ببصري أم
بلساني أم بيدي أم برجلي، أليس كلها نعمك عندي و
بكلها عصيتك يا مولاي، فلك الحجة والسبيل علي، يا
من سترني من الآباء والأمهات أن يزجروني، ومن
العشائر والإخوان أن يعيروني، ومن السلاطين أن
يعاقبوني، ولو اطلعوا يا مولاي علي ما اطلعت عليه
مني إذا ما أنظروني، ولرفضوني وقطعوني، فها أنا ذا يا
إلهي بين يديك يا سيدي خاضع ذليل حصير حقير، لا
ذو براءة فأعتذر، ولا ذو قوة فأنتصر، ولا حجة فاحتج
بها، ولا قائل لم أجترح ولم أعمل سوء وما عسى
الجحود، ولو جحدت يا مولاي ينفعني، كيف وأنى
ذلك، وجوارحي كلها شاهدة علي بما قد عملت، و
249

علمت يقينا غير ذي شك إنك سائلي من عظائم الأمور،
وإنك الحكم العدل الذي لا تجور، وعدلك مهلكي، و
من كل عدلك مهربي، فإن تعذبني يا إلهي فبذنوبي بعد
حجتك علي، وإن تعف عني فبحلمك
وجودك وكرمك.
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لا
إله إلا أنت سبحانك إني كنت من المستغفرين، لا إله إلا
أنت سبحانك إني كنت من الموحدين، لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الخائفين، لا إله إلا أنت سبحانك
إني كنت من الوجلين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت
من الراجين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الراغبين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
المهللين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
السائلين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
المسبحين،
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
250

المكبرين، لا إله إلا أنت سبحانك ربي ورب آبائي
الأولين.
اللهم هذا ثنائي عليك ممجدا، وإخلاصي لذكرك
موحدا، وإقراري بآلائك معددا، وإن كنت مقرا أني لم
أحصها لكثرتها وسبوغها وتظاهرها وتقادمها إلى
حادث، ما لم تزل تتعهدني به معها منذ خلقتني وبرأتني
من أول العمر من الاغناء من الفقر وكشف الضر و
تسبيب اليسر ودفع العسر وتفريج الكرب والعافية
في البدن والسلامة في الدين، ولو رفدني على قدر ذكر
نعمتك جميع العالمين من الأولين والآخرين ما قدرت
ولا هم على ذلك، تقدست وتعاليت من رب كريم
عظيم رحيم، لا تحصى آلاؤك، ولا يبلغ ثناؤك، ولا
تكافى نعماؤك، صل على محمد وآل محمد، وأتمم علينا
نعمك، وأسعدنا بطاعتك، سبحانك لا إله إلا أنت.
اللهم إنك تجيب المضطر وتكشف السوء، وتغيث
251

المكروب، وتشفي السقيم، وتغني الفقير، وتجبر
الكسير، وترحم الصغير، وتعين الكبير، وليس دونك
ظهير، ولا فوقك قدير، أنت العلي الكبير، يا مطلق
المكبل الأسير، يا رازق الطفل الصغير، يا عصمة
الخائف المستجير، يا من لا شريك له ولا وزير، صل
على محمد وآل محمد، وأعطني في هذه العشية،
أفضل ما أعطيت وأنلت أحدا من عبادك من نعمة توليها، وآلاء
تجددها، وبلية تصرفها، وكربة تكشفها، ودعوة
تسمعها، وحسنة تتقبلها، وسيئة تتغمدها، إنك لطيف
بما تشاء خبير، وعلى كل شئ قدير.
اللهم إنك أقرب من دعي، وأسرع من أجاب،
وأكرم من عفى، وأوسع من أعطى، وأسمع من سئل، يا
رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ليس كمثلك مسؤول
ولا سواك مأمول، دعوتك فأجبتني، وسألتك
فأعطيتني، ورغبت إليك فرحمتني، ووثقت بك
252

فنجيتني، وفزعت إليك فكفيتني.
اللهم فصل على محمد عبدك ورسولك ونبيك،
وعلى آله الطيبين الطاهرين أجمعين، وتمم لنا نعماءك،
وهنئنا عطاءك، واكتبنا لك شاكرين، ولآلائك ذاكرين،
آمين آمين رب العالمين.
اللهم يا من ملك فقدر، وقدر فقهر، وعصي فستر،
واستغفر فغفر، يا غاية الطالبين الراغبين، ومنتهى أمل
الراجين، يا من أحاط بكل شئ علما، ووسع
المستقيلين رأفة ورحمة وحلما.
اللهم إنا نتوجه إليك في هذه العشية، التي شرفتها و
عظمتها بمحمد نبيك ورسولك وخيرتك من خلقك،
وأمينك على وحيك، البشير النذير، السراج المنير،
الذي أنعمت به على المسلمين، وجعلته رحمة للعالمين.
اللهم فصل على محمد وآل محمد، كما محمد أهل
لذلك منك يا عظيم، فصل عليه وعلى آله المنتجبين
253

الطيبين الطاهرين أجمعين، وتغمدنا بعفوك عنا، فإليك
عجت الأصوات بصنوف اللغات، فاجعل لنا اللهم في
هذه العشية نصيبا من كل خير تقسمه بين عبادك، و
نور تهدي به، ورحمة تنشرها، وبركة تنزلها، وعافية
تجللها، ورزق تبسطه، يا أرحم الراحمين.
اللهم اقلبنا في هذا الوقت منجحين مفلحين
مبرورين غانمين ولا تجعلنا من القانطين، ولا تخلنا من
رحمتك، ولا تحرمنا ما نؤمله من فضلك، ولا تجعلنا من
رحمتك محرومين، ولا لفضل ما نؤمله من عطاءك
قانطين، ولا تردنا خائبين، ولا من بابك مطرودين، يا
أجود الأجودين وأكرم الأكرمين، إليك أقبلنا موقنين،
ولبيتك الحرام آمين قاصدين، فأعنا على مناسكنا،
وأكمل لنا حجنا، واعف عنا وعافنا، فقد مددنا إليك
أيدينا، فهي بذلة الاعتراف موسومة.
اللهم فاعطنا في هذه العشية ما سألناك، واكفنا ما
254

استكفيناك، فلا كافي لنا سواك، ولا رب لنا غيرك،
نافذ فينا حكمك، محيط بنا علمك، عدل فينا قضاؤك،
اقض لنا الخير، واجعلنا من أهل الخير.
اللهم أوجب لنا بجودك عظيم الأجر وكريم الذخر و
دوام اليسر، واغفر لنا ذنوبنا أجمعين، ولا تهلكنا مع
الهالكين، ولا تصرف عنا رأفتك ورحمتك يا أرحم
الراحمين.
اللهم اجعلنا في هذا الوقت ممن سألك فأعطيته،
وشكرك فزدته، وتاب إليك فقبلته، وتنصل إليك من
ذنوبه كلها فغفرتها له، يا ذا الجلال والاكرام.
اللهم ونقنا وسددنا واعصمنا، واقبل تضرعنا يا خير
من سئل، ويا أرحم من استرحم، يا من لا يخفى
عليه اغماض الجفون، ولا لحظ العيون، ولا ما استقر في
المكنون، ولا ما انطوت عليه مضمرات القلوب، الأكل
ذلك قد أحصاه علمك ووسعه حلمك، سبحانك و
255

تعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا، تسبح لك
السماوات السبع والأرضون ومن فيهن، وإن من شئ
إلا يسبح بحمدك، فلك الحمد والمجد وعلو الجد، يا ذا
الجلال والاكرام والفضل والإنعام، والأيادي
الجسام، وأنت الجواد الكريم الرؤوف الرحيم.
اللهم أوسع علي من رزقك الجلال، وعافني في
بدني وديني، وآمن خوفي وأعتق رقبتي من النار.
اللهم لا تمكر بي، ولا تستدرجني، ولا تخدعني،
وادرء عني شر فسقة الجن والإنس.
ثم رفع (عليه السلام) طرفه إلى السماء ودموعه تجري
على خديه ورفع صوته عاليا:
يا أسمع السامعين، يا أبصر الناظرين، ويا أسرع
الحاسبين، ويا أرحم الراحمين، صل على محمد وآل
محمد السادة الميامين، وأسألك اللهم حاجتي التي إن
أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني، وإن منعتنيها لم ينفعني ما
256

أعطيتني، أسألك فكاك رقبتي من النار، لا إله إلا أنت
وحدك لا شريك لك، لك الملك ولك الحمد، وأنت
على كل شئ قدير، يا رب يا رب.
ولم يزل يقول ((يا رب)) حتى ضج الجميع بالبكاء على
بكائه (عليه السلام) حتى وصلوا المشعر الحرام.
وزاد ((ابن طاووس)) في الاقبال بعد كلمة ((يا رب)) هذا
الدعاء.
إلهي أنا الفقير في غناي، فكيف لا أكون فقيرا في
فقري، إلهي أنا الجاهل في علمي، فكيف لا أكون جهولا
في جهلي.
إلهي إن اختلاف تدبيرك وسرعة طواء مقاديرك
منعا عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء و
اليأس منك في بلاء، إلهي مني ما يليق بلؤمي، ومنك
ما يليق بكرمك. إلهي وصفت نفسك باللطف والرأفة
لي قبل وجود ضعفي، أفتمنعني منهما بعد وجود
257

ضعفي. إلهي إن ظهرت المحاسن مني فبفضلك ولك المنة
علي، وإن ظهرت المساوي مني فبعدلك ولك الحجة
علي. إلهي كيف تكلني وقد تكفلت لي، وكيف أضام
وأنت الناصر لي، أم كيف أخيب وأنت الحفي بي، ها أنا
أتوسل إليك بفقري إليك، وكيف أتوسل إليك بما هو
محال أن يصل إليك، أم كيف أشكو إليك حالي وهو لا
يخفى عليك، أم كيف أترجم بمقالي وهو منك برز إليك،
أم كيف تخيب آمالي وهي قد وفدت إليك، أم كيف لا
تحسن أحوالي وبك قامت. إلهي ما ألطفك بي مع عظيم
جهلي، وما أرحمك بي مع قبيح فعلي. إلهي ما أقربك مني
وأبعدني عنك، وما أرأفك بي فما الذي يحجبني
عنك. إلهي علمت باختلاف الآثار وتنقلات الأطوار
أن مرادك مني أن تتعرف إلي في كل شئ حتى لا أجهلك
في شئ. إلهي كلما أخرسني لؤمي أنطقني كرمك، وكلما
آيستني أوصافي أطمعتني مننك. إلهي من كانت محاسنه
258

مساوي، فكيف لا تكون مساويه مساوي، ومن
كانت حقائقه دعاوي، فكيف لا تكون دعاويه
دعاوي. إلهي حكمك النافذ ومشيتك القاهرة لم يتركا
لذي مقال مقالا، ولا لذي حال حالا. إلهي كم من
طاعة بنيتها، وحالة شيدتها، هدم اعتمادي عليها
عدلك، بل أقالني منها فضلك. إلهي إنك تعلم أني وإن
لم تدم الطاعة مني فعلا جزما فقد دامت محبة وعزما،
إلهي كيف اعزم وأنت القاهر، وكيف لا اعزم وأنت
الأمر. إلهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار، فاجمعني
عليك بخدمة توصلني إليك، كيف يستدل عليك بما هو
في وجوده مفتقر إليك، أيكون لغيرك من الظهور ما
ليس لك حتى يكون هو المظهر لك، متى غبت حتى
تحتاج إلى دليل يدل عليك، ومتى بعدت حتى تكون
الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها
رقيبا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك
259

نصيبا. إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار، فارجعني إليك
بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار حتى أرجع إليك
منها كما دخلت إليك منها مصون السر عن النظر
إليها، ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليها، إنك على كل
شئ قدير. إلهي هذا ذلي ظاهر بين يديك، وهذا حالي
لا يخفى عليك، منك أطلب الوصول إليك، وبك أستدل
عليك، فاهدني بنورك إليك، وأقمني بصدق العبودية
بين يديك. إلهي علمني من علمك المخزون، وصني
بسترك المصون. إلهي حققني بحقائق أهل القرب، واسلك
بي مسلك أهل الجذب. إلهي أغنني بتدبيرك لي عن
تدبيري، وباختيارك عن اختياري، وأوقفني على
مراكز اضطراري. إلهي أخرجني من ذل نفسي، وطهرني
من شكي وشركي قبل حلول رمسي، بك أنتصر
فانصرني، وعليك أتوكل فلا تكلني، وإياك أسأل فلا
تخيبني، وفي فضلك أرغب فلا تحرمني، وبجنابك
260

أنتسب فلا تبعدني، وببابك أقف فلا تطردني. إلهي
تقدس رضاك أن يكون له علة منك، فكيف تكون له
علة مني. إلهي أنت الغني بذاتك أن يصل إليك النفع
منك، فكيف لا تكون غنيا عني. إلهي إن القضاء و
القدر يمنيني، وإن الهوى بوثائق الشهوة أسرني، فكن
أنت النصير لي حتى تنصرني وتبصرني، وأغنني
بفضلك حتى استغني بك عن طلبي. أنت الذي أشرقت
الأنوار في قلوب أولياءك حتى عرفوك ووحدوك، و
أنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحباءك حتى لم يحبوا
سواك، ولم يلجئوا إلى غيرك، أنت المؤنس لهم حيث
أوحشتهم العوالم، وأنت الذي هديتهم حيث استبانت
لهم المعالم، ماذا وجد من فقدك، وما الذي فقد من
وجدك، لقد خاب من رضى دونك بدلا، ولقد خسر من
بغى عنك متحولا، كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت
الاحسان، وكيف يطلب من غيرك وأنت ما بدلت عادة
261

الامتنان، يا من أذاق أحباءه حلاوة المؤانسة فقاموا بين
يديه متملقين، ويا من ألبس أولياءه ملابس هيبته
فقاموا بين يديه مستغفرين، أنت الذاكر قبل الذاكرين،
وأنت البادي بالاحسان قبل توجه العابدين، وأنت
الجواد بالعطاء قبل طلب الطالبين، وأنت الوهاب ثم لما
وهبت لنا من المستقرضين. إلهي اطلبني برحمتك حتى
أصل إليك، واجذبني بمنك حتى أقبل عليك. إلهي إن
رجائي لا ينقطع عنك وإن عصيتك، كما أن خوفي لا
يزايلني وإن أطعتك، فقد دفعتني العوالم إليك، وقد
أوقعني علمي بكرمك عليك. إلهي كيف أخيب وأنت
أملي، أم كيف أهان وعليك متكلي، إلهي كيف أستعز و
في الذلة أركزتني، أم كيف لا أستعز وإليك نسبتني، إلهي
كيف لا افتقر وأنت الذي في الفقراء أقمتني، أم كيف
افتقر وأنت الذي بجودك أغنيتني، وأنت الذي لا إله
غيرك، تعرفت لكل شئ فما جهلك شئ وأنت الذي
262

تعرفت إلى في كل شئ، فرأيتك ظاهرا في كل شئ، و
أنت الظاهر لكل شئ. يا من استوى برحمانيته فصار
العرش غيبا في ذاته، محقت الآثار بالآثار ومحوت
الأغيار بمحيطات أفلاك الأنوار، يا من احتجب في
سرادقات عرشه عن أن تدركه الأبصار، يا من تجلى
بكمال بهاءه فتحققت عظمته الاستواء، كيف تخفى وأنت
الظاهر، أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر، إنك على
كل شئ قدير، والحمد لله وحده)).
263

زيارة الحسين (عليه السلام)
في يوم عرفة
ويستحب أيضا زيارة الحسين (عليه السلام)، واتماما
للفائدة أدرجنا هذه الزيارة للحسين (عليه السلام) ليتمكن
الواقف بعرفة أن يزوره ولو على البعد، فإليك نص الزيارة:
((الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا،
وسبحان الله بكرة وأصيلا، والحمد لله الذي هدانا لهذا
وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا
بالحق، السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله،
السلام على أمير المؤمنين، السلام على فاطمة الزهراء
سيدة نساء العالمين، السلام على الحسن والحسين،
السلام على علي بن الحسين، السلام على محمد بن علي،
السلام على جعفر بن محمد، السلام على موسى بن جعفر،
265

السلام على علي بن موسى، السلام على محمد بن علي،
السلام على علي بن محمد، السلام على الحسن بن علي،
السلام على الخلف الصالح المنتظر، السلام عليك يا
أبا عبد الله، السلام عليك يا بن رسول الله، عبدك وابن
عبدك وابن أمتك، الموالي لوليك، المعادي لعدوك،
استجار بمشهدك، وتقرب إلى الله بقصدك، الحمد لله الذي
هداني لولايتك، وخصني بزيارتك، وسهل لي قصدك.
ثم ادخل الروضة الشريفة فقف محاذيا للرأس الشريف
وقل:
السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام
عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث
إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم
الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام
عليك يا وارث محمد حبيب الله، السلام عليك يا وارث
أمير المؤمنين، السلام عليك يا وارث فاطمة الزهراء،
266

السلام عليك يا بن محمد المصطفى، السلام عليك يا بن
علي المرتضى، السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء، السلام
عليك يا بن خديجة الكبرى، السلام عليك يا ثار الله
وابن ثاره والوتر الموتور، أشهد أنك قد أقمت الصلاة،
وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر،
وأطعت الله حتى أتيك اليقين، فلعن الله أمة قتلتك،
ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به، يا مولاي
يا أبا عبد الله، أشهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله أني
بكم مؤمن وبإيابكم موقن، بشرائع ديني، وخواتيم
عملي، ومنقلبي إلى ربي، فصلوات الله عليكم وعلى
أرواحكم وعلى أجسادكم وعلى شاهدكم وعلى غائبكم
وظاهركم وباطنكم، السلام عليك يا بن خاتم النبيين،
وابن سيد الوصيين، وابن إمام المتقين، وابن قائد الغر
المحجلين إلى جنات النعيم، وكيف لا تكون كذلك وأنت
باب الهدى، وإمام التقى، والعروة الوثقى، والحجة على
267

أهل الدنيا، وخامس أصحاب أهل الكساء، غذتك يد
الرحمة، ورضعت من ثدي الايمان، وربيت في حجر
الإسلام، فالنفس غير راضية بفراقك، ولا شاكة في
حياتك، صلوات الله عليك وعلى آباءك وأبنائك،
السلام عليك يا صريع العبرة الساكبة، وقرين المصيبة
الراتبة، لعن الله أمة استحلت منك المحارم، وانتهكت
فيك حرمة الإسلام، فقتلت صلى الله عليك مقهورا،
وأصبح رسول الله صلى الله عليه وآله بك موتورا،
وأصبح كتاب الله بفقدك مهجورا، السلام عليك وعلى
جدك وأبيك، وأمك وأخيك، وعلى الأئمة من بنيك،
وعلى المستشهدين معك، وعلى الملائكة الحافين بقبرك،
والشاهدين لزوارك، المؤمنين بالقبول على دعاء
شيعتك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، بأبي أنت
وأمي يا بن رسول الله، بأبي أنت وأمي يا أبا عبد الله، لقد
عظمت الرزية، وجلت المصيبة بك علينا وعلى جميع
268

أهل السماوات والأرض، فلعن الله أمة أسرجت وألجمت
وتهيأت لقتالك، يا مولاي يا أبا عبد الله، قصدت حرمك،
وأتيت مشهدك، أسأل الله بالشأن الذي لك عنده،
وبالمحل الذي لك لديه، أن يصلي على محمد وآل محمد،
وأن تجعلني معكم في الدنيا والآخرة، بمنة وجوده
وكرمه)).
ثم قبل الضريح وصل ركعتين عند الرأس الشريف اقرأ
فيها ما تشاء، وإذا فرغت فقل:
((اللهم إني صليت وركعت وسجدت لك وحدك
لا شريك لك، يكون لأن الصلاة والركوع والسجود
لا يكون إلا لك، لأنك أنت الله لا إله إلا أنت. اللهم صلى
على محمد وآل محمد، وأبلغهم عني أفضل التحية
والسلام، اللهم وهاتان الركعتان هدية مني إلى مولاي
وسيدي وإمامي الحسين بن علي عليهما السلام. اللهم
صل على محمد، وتقبل ذلك مني واجزني على ذلك
269

أفضل أملي ورجائي فيك، وفي وليك يا أرحم
الراحمين)).
ثم توجه إلى جهة الرجلين لزيارة ولده علي بن الحسين
الأكبر (عليه السلام) وقل:
((السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن
نبي الله، السلام عليك يا بن الحسين الشهيد، السلام
عليك أيها الشهيد بن الشهيد، السلام عليك أيها
المظلوم ابن المظلوم، لعن الله أمة قتلتك، ولعن الله أمة
ظلمتك، ولعن الله أمة سمعت بذلك فرضيت به، السلام
عليك يا مولاي، السلام عليك يا ولي الله وابن وليه،
لقد عظمت المصيبة، وجلت الرزية بك علينا وعلى جميع
المؤمنين، فلعن الله أمة قتلتك، وأبرء إلى الله وإليك منهم
في الدنيا والآخرة)).
ثم توجه إلى جهة الشهداء (عليهم السلام) وزرهم قائلا:
((السلام عليكم يا أولياء الله وأحباءه، السلام
270

عليكم يا أصفياء الله وأوداءه، السلام عليكم يا أنصار
دين الله وأنصار نبيه، وأنصار أمير المؤمنين، وأنصار
فاطمة سيدة نساء العالمين، السلام عليكم يا أنصار أبي
محمد الحسن الولي الناصح، السلام عليكم يا أنصار أبي
عبد الله الحسين الشهيد المظلوم، صلوات الله عليهم
أجمعين، بأبي أنتم وأمي، طبتم وطابت الأرض التي فيها
دفنتم، وفزتم والله فوزا عظيما، يا ليتني كنت معكم
فأفوز معكم في الجنان مع الشهداء والصالحين، وحسن
أولئك رفيقا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته)).
ثم ارجع إلى جهة رأس الحسين (عليه السلام) وادع الله
تعالى لك ولأهلك وأبويك وأولادك وللمؤمنين جميعا، فإذا
فرغت من الدعاء توجه إلى مشهد أبي الفضل العباس (عليه
السلام) وقف عند قبره وقل:
((السلام عليك يا أبا الفضل العباس بن
أمير المؤمنين، السلام عليك يا بن سيد الوصيين
271

السلام عليك يا بن أول القوم إسلاما، وأقدمهم ايمانا،
وأقومهم بدين الله، وأحوطهم على الإسلام، أشهد لقد
نصحت لله ولرسوله ولأخيك، فنعم الأخ المواسي،
فلعن الله أمة قتلك، الله أمة استحلت منك
المحارم، انتهكت في قتلك حرمة الإسلام، فنعم الأخ
الصابر المجاهد المحامي الناصر، والأخ الدافع عن
أخيه، المجيب إلى طاعة ربه، الراغب فيما زهد فيه غيره
من الثواب الجزيل، والثناء الجميل، وألحقك الله بدرجة
آباءك في دار النعيم، إنه حميد مجيد.
ثم الصق نفسك بالقبر وقل:
اللهم لك تعرضت، ولزيارة أولياءك قصدت،
رغبة في ثوابك، ورجاء لمغفرتك وجزيل احسانك،
فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل رزقي
بهم دارا، وعيشي بهم قارا، وزيارتي بهم مقبولة،
وذنبي بهم مغفورا، واقلبني بهم مفلحا منجحا مستجابا
272

دعائي، بأفضل ما ينقلب به أحد من زواره
والقاصدين إليه، برحمتك يا أرحم الراحمين)).
273

زيارة الجامعة
الزيارة الثالثة ما جعلها العلامة المجلسي الثامنة من
الزيارات الجامعة في كتابه تحفة الزائر وقال هذه زيارة رواها
السيد ابن طاووس في خلال أدعية عرفة عن الصادق صلوات
الله عليه ويزار بها في كل مكان وزمان لا سيما في يوم عرفة
وهي هذه الزيارة:
السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله
السلام عليك يا خيرة الله من خلقه وأمينه على وحيه
السلام عليك يا مولاي يا أمير المؤمنين السلام عليك
يا مولاي أنت حجة الله على خلقه وباب علمه ووصي
نبيه والخليفة من بعده في أمته لعن الله أمة غصبتك حقك
وقعدت مقعدك أنا برئ منهم ومن شيعتهم إليك
السلام عليك يا فاطمة البتول السلام عليك يا زين
275

نساء العالمين السلام عليك يا بنت رسول الله رب
العالمين صلى الله عليك وعليه السلام يا أم الحسن
والحسين لعن الله أمة غصبتك حقك ومنعتك ما جعله الله
لك حلالا أنا برئ إليك منهم ومن شيعتهم السلام
عليك يا مولاي يا أبا محمد الحسن الزكي السلام عليك
يا مولاي لعن الله أمة قتلتك وبايعت في أمرك وشايعت
أنا برئ منهم ومن شيعتهم السلام عليك
يا مولاي يا أبا عبد الله الحسين بن علي صلوات الله عليك
وعلى أبيك وجدك محمد صلى الله عليه وآله لعن الله أمة
استحلت دمك ولعن الله أمة قتلتك واستباحت حريمك
ولعن الله أشياعهم وأتباعهم ولعن الله الممهدين لهم
بالتمكين من قتالكم أنا برئ إلى الله وإليك منهم السلام
عليك يا مولاي يا أبا محمد على ابن الحسين السلام عليك
يا مولاي يا أبا جعفر محمد بن علي السلام عليك
يا مولاي يا أبا عبد الله جعفر بن محمد السلام عليك
276

يا مولاي يا أبا الحسن موسى بن جعفر السلام عليك
يا مولاي يا أبا الحسن علي بن موسى السلام عليك
يا مولاي يا أبا جعفر محمد بن علي السلام عليك يا مولاي
يا أبا الحسن علي بن محمد السلام عليك يا مولاي يا أبا
محمد الحسن بن علي السلام عليك يا مولاي يا أبا
القاسم محمد بن الحسن صاحب الزمان صلى الله عليك
وعلى عترتك الطاهرة الطيبة يا موالي كونوا شفعائي في
حط وزري وخطاياي آمنت بالله وبما أنزل إليكم
وأتوالى آخركم بما أتوالى أولكم وبرئت من الجبت
والطاغوت واللات والعزى يا موالي أنا سلم لمن سالمكم
وحرب لمن حاربكم وعدو لمن عاداكم وولي لمن والاكم
إلى يوم القيمة ولعن الله ظالميكم وغاصبيكم ولعن الله
أشياعهم وأتباعهم وأهل مذهبهم وأبرأ إلى الله وإليكم
منهم
277