الكتاب: مناسك الحج
المؤلف: السيد محمد الروحاني
الجزء:
الوفاة: ١٤١٨
المجموعة: فقه الشيعة ( فتاوى المراجع )
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: باقري
الناشر: مؤسسة المنار للطباعة بالكمبيوتر - قم
ردمك:
ملاحظات:

مناسك الحج
من فتاوى
آية الله العظمى
السيد محمد الحسيني الروحاني
" دام ظله الشريف " مؤسسة المنار
1

اسم الكتاب مناسك الحج
المؤلف سماحة آية الله العظمى
السيد محمد الحسيني الروحاني
الفلم والألواح الحساسة
حميد
صف واخراج مؤسسة المنار
المطبعة باقري
الكمية 3000
السعر 500 ريال
2

بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الرسالة المشتملة على مسائل
الحج والعمرة مطابقة لفتاوانا.
محمد الروحاني
3

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على أشرف
الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين. واللعنة على
أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
وبعد: إن هذه رسالة في مناسك الحج وافية بأغلب ما
يبتلى به عادة من المسائل. وهي رسالة منظمة مرتبة يسهل
فهمها ومراجعتها. وقد أفردت فيها المستحبات عن
الواجبات، لئلا يلتبس الأمر على المؤمنين. وأرجو من الله
تعالى أن يجعلها ذخرا لي يوم لا ينفع مال ولا بنون.
5

وجوب الحج
يجب الحج على كل مكلف جامع للشرائط الآتية،
ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة القطعية.
والحج ركن من أركان الدين، ووجوبه من
الضرويات، وتركه مع الاعتراف بثبوته معصية كبيرة، كما أن
إنكار أصل الفريضة - إذا لم يكن مستندا إلى شبهة - كفر.
قال الله تعالى في كتابه المجيد: (ولله على الناس حج
البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن
العالمين).
وروى الشيخ الكليني بطريق معتبر عن أبي عبد الله
عليه السلام، قال: (من مات ولم يحج حجة الإسلام، ولم
7

يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، ومرض لا يطيق معه الحج،
أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا).
وهناك روايات كثيرة تدل على وجوب الحج والاهتمام
به لم نتعرض لها طلبا للاختصار. وفي ما ذكرناه من الآية
الكريمة والرواية كفاية للمراد.
واعلم أن الحج الواجب على المكلف في أصل الشرع
إنما هو لمرة واحدة، ويسمى ذلك ب‍ (حجة الاسلام).
(مسألة 1): وجوب الحج بعد تحقق شرائطه فوري،
فتجب المبادرة إليه في سنة الاستطاعة، وإن تركه فيها عصيانا،
أو مسامحة وجب في السنة الثانية
(مسألة 2): إذا حصلت الاستطاعة وتوقف الاتيان
بالحج على مقدمات وتهيئة الوسائل، وجبت المبادرة إلى
تحصيلها، ولو تعدد الرفقة فإن وثق بالادراك مع التأخير جاز
له ذلك، وإلا وجب الخروج من دون تأخير.
(مسألة 3): إذا أمكنة الخروج مع الرفقة الأولى ولم
يخرج معهم لوثوقه بالادراك مع التأخير ولكن اتفق أنه لم
8

يتمكن من المسير، أو أنه لم يدرك الحج بسبب التأخير
فاستقرار الحج عليه عند عدم بقاء الاستطاعة مشكل.
نعم يجب عليه في السنة القادمة إذا بقيت الاستطاعة
أو لم يكن معذورا في التأخير.
شرائط وجوب حجة الإسلام
الشرط الأول: البلوغ.
فلا يجب على غير البالغ وإن كان مراهقا، ولو حج
الصبي لم يجزئه عن حجة الاسلام.
(مسألة 4): إذا خرج الصبي إلى الحج فبلغ قبل
أن يحرم من الميقات، وكان مستطيعا، فلا إشكال في أن
حجه حجة الاسلام، وإذا أحرم فبلغ بعد إحرامه لم يجز له
إتمام حجة ندبا، بل الأحوط عليه الرجوع إلى أحد
المواقيت، ناويا الوجوب والاحرام منه بقصد الأعم من البقاء على
الاحرام السابق وانشاء احرام جديد لحجة الاسلام، فإن
9

لم يتمكن من الرجوع إليه وجب الاحرام من المكان الذي
بلغ فيه بالنية السابقة ويجزيه عن حجة الاسلام
(مسألة 5): إذا حج ندبا معتقدا بأنه غير بالغ
فبان بعد أداء الحج أنه كان بالغا أجزأه عن حجة
الاسلام. إذا كان مخطئا في التطبيق وإلا فكفايته لا تخلو
عن إشكال
(مسألة 6): يستحب للصبي المميز أن يحج، ولا
ويشترط في صحته إذن الولي.
(مسألة 7): يستحب للولي أن يحرم بالصبي غير
المميز، ذكرا كان أم أنثى. وذلك بأن يلبسه ثوبي الاحرام
ويأمره بالتلبية ويلقنه إياها إن كان قابلا للتلقين، وإلا لبي
عنه، ويجنبه عما يجب على المحرم الاجتناب عنه، ويجوز أن
يؤخر تجريده عن الثياب إلى فخ، إذا كان سائرا من ذلك
الطريق، ويأمره بالاتيان بكل ما يتمكن منه من أفعال
الحج، وينوب عنه فيما لا يتمكن، ويطوف به ويسعى به بين
الصفا والمروة، ويقف به في عرفات والمشعر، ويأمره بالرمي
10

إن قدر عليه، وإلا رمى عنه، وكذلك صلاة الطواف، ويحلق
رأسه، وكذلك بقية الأعمال.
(مسألة 8): نفقة حج الصبي في ما يزيد على نفقة
الحضر على الولي لا على الصبي، نعم إذا كان حفظ الصبي
متوقفا على السفر به، أو كان السفر مصلحة له، جاز الانفاق
عليه من ماله
(مسألة 9): ثمن هدي الصبي على الولي، وكذلك
كفارة صيده، وأما الكفارات التي تجب عند الاتيان بموجبها
عمدا ففي تعلقها بمال الصبي أو الولي اشكال.
الشرط الثاني: العقل.
فلا يجب الحج على المجنون وإن كان أدواريا، نعم إذا
أفاق المجنون في أشهر الحج وكان مستطيعا ومتمكنا من
الاتيان بأعمال الحج وجب عليه، وإن كان مجنونا في بقية
الأوقات
الشرط الثالث: الحرية.
11

الشرط الرابع: الاستطاعة.
ويعتبر فيها أمور:
الأول: السعة في الوقت، ومعنى ذلك وجود القدر
الكافي من الوقت للذهاب إلى مكة والقيام بالأعمال الواجبة
هناك، وعليه فلا يجب الحج إذا كان حصول المال في وقت لا
يسع للذهاب والقيام بالأعمال الواجبة فيها. أو أنه يسع ذلك
ولكن بمشقة شديدة لا تتحمل عادة. وفي مثل ذلك يجب عليه
التحفظ على المال إلى السنة القادمة، على الأحوط.
الثاني: الأمن والسلامة، وذلك بأن لا يكون خطرا
على النفس أو المال أو العرض ذهابا وإيابا.
(مسألة 10): إذا كان للحج طريقان أحدهما مأمون
والآخر غير مأمون لم يسقط وجوب الحج، بل وجب الذهاب
من الطريق المأمون وإن كان أبعد.
(مسألة 11): إذا كان له في بلده مال معتد به وكان
ذهابه إلى الحج سببا لتلفه وموجبا للحرج لم يجب عليه الحج،
12

وكذلك إذا كان هناك ما يمنعه عن الذهاب شرعا، كما إذا
استلزم حجه ترك واجب أهم من الحج، كانقاذ غريق أو
حريق، أو توقف حجه على ارتكاب محرم كان الاجتناب عنه
أهم من الحج.
(مسألة 12): إذا حج مع استلزام حجه ترك واجب
أهم أو ارتكاب محرم كذلك فهو وإن كان عاصيا من جهة ترك
الواجب أو فعل الحرام إلا أن الظاهر أنه يجزئ عن حجة
الاسلام إذا كان واجدا لسائر الشرائط، ولا فرق في ذلك بين
من كان الحج مستقرا عليه ومن كان أول سنة استطاعته.
(مسألة 13): إذا كان في الطريق عدو لا يمكن دفعه
إلا ببذل مال معتد به، لم يجب بذله ويسقط وجوب الحج. في
صورة الحرج.
(مسألة 14): لو انحصر الطريق بالبحر لم يسقط
وجوب الحج، إلا مع خوف الغرق أو المرض، ولو حج مع
الخوف صح حجه على الأظهر.
الثالث: الزاد والراحلة، ومعنى الزاد هو وجوب ما
13

يتقوت به في الطريق من المأكول والمشروب وسائر ما يحتاج
إليه في سفره، أو وجود مقدار من المال (النقود وغيرها) يصرفه
في سبيل ذلك ذهابا وايابا، ومعنى الراحلة هو وجود وسيلة
يتمكن بها من قطع المسافة ذهابا وايابا، ويلزم في الزاد
والراحله أن يكونا مما يليق بحال المكلف.
(مسألة 15): إذا كان قادرا على المشي من دون مشقة
ولم يكن منافيا لشرفه. فاشتراط وجود الراحلة مشكل.
(مسألة 16): العبرة في الزاد والراحلة بوجودهما فعلا،
فلا يجب على من كان قادرا على تحصيلهما بالاكتساب ونحوه،
ولا فرق في اشتراط وجود الراحلة بين القريب والبعيد.
(مسألة 17): الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحج إنما
هي الاستطاعة من مكانه لا من بلده، فإذا ذهب المكلف إلى
المدينة مثلا للتجارة أو لغيرها وكان له هناك ما يمكن أن يحج
به من الزاد والراحلة أو ثمنهما وجب عليه الحج، وإن لم يكن
مستطيعا من بلده.
(مسألة 18): إذا كان للمكلف ملك ولم يوجد من
14

يشتريه بثمن المثل وتوقف الحج على بيعه بأقل منه بمقدار
معتد به استلزام الاجحاف لم يجب البيع، وأما إذا ارتفعت
الأسعار، فكانت أجرة المركوب مثلا في سنة الاستطاعة أكثر
منها في السنة الآتية لم يجز التأخير.
(مسألة 19): إنما يعتبر وجود نفقة الاياب في وجوب
الحج فيما إذا أراد المكلف العود إلى وطنه. وأما إذا لم يرد العود
وأراد السكنى في بلد آخر غير وطنه، فلا بد من وجود النفقة
إلى ذلك البلد، ولا يعتبر وجود مقدار العود إلى وطنه.
نعم إذا كان البلد الذي يريد السكنى فيه أبعد من
وطنه لم يعتبر وجود النفقة إلى ذلك المكان، بل يكفي في
الوجوب وجود مقدار العود إلى وطنه.
الرابع: الرجوع إلى الكفاية، وهو التمكن بالفعل أو
بالقوة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع، وبعبارة واضحة
يلزم أن يكون المكلف على حالة لا يخشى معها على نفسه
وعائلته من العوز والفقر بسبب صرف ما عنده من المال في
سبيل الحج، وعليه فلا يجب على من يملك مقدارا من المال
15

يفي بمصارف الحج وكان ذلك وسيلة لإعاشته وإعاشة عائلته،
مع العلم بأنه لا يتمكن من الإعاشة عن طريق آخر يناسب
شأنه، فبذلك يظهر أنه لا يجب بيع ما يحتاج إليه في ضروريات
معاشه من أمواله فلا يجب بيع دار سكناه اللائقة بحالة وثياب
تجمله وأثاث بيته، ولا آلات الصنائع التي يحتاج إليها في
معاشه، ونحو ذلك مثل الكتب بالنسبة إلى أهل العلم مما لا بد
منه في سبيل تحصيله، وعلى الجملة كل ما يحتاج إليه الانسان
في حياته وكان صرفه في سبيل الحج موجبا للعسر والحرج لم
يجب بيعه نعم لو زادت الأموال المذكورة عن مقدار الحاجة
وجب بيع الزائد في نفقة الحج، بل من كان عنده دار قيمتها
ألف دينار مثلا ويمكنه بيعها وشراء دار أخرى بأقل منها من
دون عسر وحرج لزمه ذلك إذا كان الزائد وافيا بمصارف الحج
ذهابا وإيابا وبنفقة عياله.
(مسألة 20): إذا كان عنده مال لا يجب بيعه في سبيل
الحج لحاجته إليه، ثم استغنى عنه وجب عليه بيعه لأداء
فريضة الحج مثلا إذا كان للمرأة حلي تحتاج إليه ولا بد لها
16

منه ثم استغنت عنه لكبرها أو لأمر آخر، وجب عليها بيعه
لأداء فريضة الحج.
(مسألة 21): إذا كانت له دار مملوكة وكانت هناك دار
أخرى يمكنه السكنى فيها من دون حرج عليه كما إذا كانت
موقوفة تنطبق عليه، وجب عليه بيع الدار المملوكة إذا كانت
وافية بمصارف الحج ولو بضميمة ما عنده من المال، ويجري
ذلك في الكتب العلمية وغيرها مما يحتاج إليه في حياته.
(مسألة 22): إذا كان عنده مقدار من المال يفي
بمصارف الحج وكان بحاجة إلى الزواج أو شراء دار لسكناه
أو غير ذلك مما يحتاج إليه فإن كان صرف ذلك المال في الحج
موجبا لوقوعه في الحرج لم يجب عليه الحج، وإلا وجب عليه
(مسألة 23): إذا كان ما يملكه دينا على ذمة شخص
وكان الدين حالا وجبت عليه المطالبة، فإن كان المدين مما طلا
وجب إجباره على الأداء، وإن توقف تحصيله على الرجوع إلى
المحاكم العرفية لزم ذلك، كما تجب المطالبة فيما إذا كان الدين
مؤجلا ولكن المدين يؤديه لو طالبه، وأما إذا كان المدين معسرا
17

أو مماطلا ولا يمكن إجباره أو كان الاجبار مستلزما للحرج أو
كان الدين مؤجلا والمدين لا يسمح بأداء ذلك قبل الأجل،
ففي جميع ذلك إن أمكنه بيع الدين بما يفي بمصارف الحج ولو
بضميمة ما عنده من المال ولم يكن في ذلك مشقة ولا حرج
وجب البيع، وإلا لم يجب.
(مسألة 24): كل ذي حرفة كالحداد والبناء والنجار
وغيرهم ممن يفي كسبهم بنفقتهم ونفقة عوائلهم، يجب عليهم
الحج إذا حصل لهم مقدار من المال بإرث أو غيره وكان وافيا
بالزاد والراحلة ونفقة العيال مدة الذهاب والإياب.
(مسألة 25): من كان يرتزق من الوجوه الشرعية
كالخمس والزكاة وغيرهما وكانت نفقاته بحسب العادة
مضمونة من دون مشقة، لا يبعد وجوب الحج عليه فيما إذا ملك
مقدارا من المال يفي بذهابه وإيابه ونفقة عائلته، وكذلك من
قام أحد بالانفاق عليه طيلة حياته، وكذلك كل من لا يتفاوت
حاله قبل الحج وبعده من جهة المعيشة إن صرف ما عنده في
سبيل الحج.
18

(مسألة 26): لا يعتبر في الاستطاعة الملكية اللازمة،
بل تكفي الملكية المتزلزلة أيضا، فلو صالحه شخص ما يفي
بمصارف الحج وجعل لنفسه الخيار إلى مدة معينة وجب عليه
الحج إلا أن يبقى الخيار وحق الاسترداد حتى بعد تلف العين
وكذلك الحال في موارد الهبة الجائزة.
(مسألة 27): لا يجب على المستطيع أن يحج من ماله،
فلو حج متسكعا أو من مال شخص آخر أجزأه، نعم إذا كان
ثوب طوافه أو ثمن هديه مغصوبا لم يجزئه ذلك.
(مسألة 28): لا يجب على المكلف تحصيل الاستطاعة
بالاكتساب أو غيره، فلو وهبه أحد مالا يستطيع به لو قبله لم
يلزمه القبول، وكذلك لو طلب منه أن يؤجر نفسه للخدمة بما
يصير به مستطيعا ولو كانت الخدمة لائقة بشأنه، نعم لو آجر
نفسه للخدمة في طريق الحج واستطاع بذلك، وجب عليه
الحج.
(مسألة 29): إذا آجر نفسه للنيابة عن الغير في الحج
واستطاع بمال الإجارة، قدم الحج النيابي إذا كان مقيدا بالسنة
19

الحالية، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة القادمة وجب عليه
الحج، وإلا فلا. وإن لم يكن الحج النيابي مقيدا بالسنة الفعلية
قدم الحج عن نفسه.
(مسألة 30): إذا اقترض مقدارا من المال يفي
بمصارف الحج وكان قادرا على وفائه بعد ذلك وجب عليه
الحج.
(مسألة 31): إذا كان عنده ما يفي بنفقات الحج
وكان عليه دين ولم يكن صرف ذلك في الحج منافيا لأداء ذلك
الدين وجب عليه الحج، وإلا فلا، ولا فرق في الدين بين أن
يكون حالا أو مؤجلا وبين أن يكون سابقا على حصول ذلك
المال أو بعد حصوله.
(مسألة 32): إذا كان عليه خمس أو زكاة وكان عنده
مقدار من المال ولكن لا يفي بمصارف الحج لو أداهما وجب
عليه أداؤهما ولم يجب عليه الحج، ولا فرق في ذلك بين أن
يكون الخمس والزكاة في عين المال أو يكونا في ذمته.
(مسألة 33): إذا وجب عليه الحج وكان عليه خمس
20

أو زكاة أو غيرهما من الحقوق الواجبة لزمه أداؤها قبل
الذهاب إلى الحج، ولو كان ثياب طوافه وثمن هديه من المال
الذي قد تعلق به الحق لم يصح حجه.
(مسألة 34): إذا كان عنده مقدار من المال ولكنه لا
يعلم بوفائه بنفقات الحج لم يجب عليه الحج، ولا يجب عليه
الفحص، وإن كان الفحص أحوط.
(مسألة 35): إذا كان له مال غائب يفي بنفقات الحج
منفردا أو منضما إلى المال الموجود عنده، فإن لم يكن متمكنا
من التصرف في ذلك المال ولو بتوكيل من يبيعه هناك لم يجب
عليه الحج، وإلا وجب.
(مسألة 36): إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج
وجب عليه الحج، ولم يجز له التصرف فيه على الأحوط بما
يخرجه عن الاستطاعة ولا يمكنه التدارك، ولا فرق في ذلك
بين تصرفه بعد التمكن من المسير وتصرفه فيه قبله، بل
الأحوط عدم جواز التصرف فيه قبل أشهر الحج أيضا، نعم
إذا تصرف فيه ببيع أو هبة أو عتق أو غير ذلك حكم بصحة
21

التصرف، وإن كان آثما بتفويته الاستطاعة.
(مسألة 37): الظاهر أنه لا يعتبر في الزاد والراحلة
ملكيتهما، فلو كان عنده مال يجوز له التصرف فيه وجب عليه
الحج إذا كان وافيا بنفقات الحج مع وجدان سائر الشروط.
(مسألة 38): كما يعتبر في وجوب الحج وحوب الزاد
والراحلة حدوثا كذلك يعتبر بقاء إلى إتمام الأعمال، فإن تلف
المال في بلده أو في أثناء الطريق إلى الحج لم يجب عليه الحج
نعم التلف عند العود إلى وطنه لا يخل باجزائه عن حجة
الاسلام ومثل ذلك ما إذا حدث عليه دين قهري، كما، إذا
أتلف مال غيره خطأ ولم يمكنه أداء بدله إذا صرف ما عنده في
سبيل الحج، نعم الاتلاف العمدي لا يسقط وجوب الحج على
الأحوط بل يبقى الحج في ذمته مستقرا فيجب عليه أداؤه ولو
متسكعا، هذا كله في تلف الزاد والراحلة وأما تلف ما به
الكفاية من ماله في بلده لا يضر باجزائه عن حجة الاسلام.
(مسألة 39): إذا كان عنده ما يفي بمصارف الحج
22

لكنه معتقد بعدمه أو كان غافلا عنه، أو كان غافلا عن وجوب
الحج عليه غفلة عذر لم يجب عليه الحج، وأما إذا كان شاكا
فيه أو كان غافلا عن وجوب الحج عليه غفلة ناشئة عن
التقصير ثم علم أو تذكر بعد أن تلف المال فلم يتمكن من
الحج فالظاهر استقرار وجوب الحج عليه إذا كان واجدا
لسائر الشرائط حين وجوده.
(مسألة 40): كما تتحقق الاستطاعة بوجدان الزاد
والراحلة تتحقق بالبذل، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون
الباذل واحدا أو متعددا، وإذا عرض عليه الحج والتزم بزاده
وراحلته ونفقة عياله وجب عليه الحج، وكذلك لو أعطى مالا
ليصرفه في الحج وكان وافيا بمصارف ذهابه وايابه وعياله.
(مسألة 41): لو أوصي له بمال ليحج به وجب الحج
عليه بعد موت الموصي إذا كان المال وافيا بمصارف الحج
ونفقة عياله، وكذلك لو وقف شخص لمن يحج أو نذر أو أوصى
بذلك وبذل له المتولي أو الناذر أو الوصي وجب عليه الحج.
إذا لم يكن بعنوان التمليك.
23

(مسألة 42): لا يجب الرجوع إلى الكفاية في
الاستطاعة البذلية، نعم لو كان له مال لا يفي بمصارف الحج
وبذل له ما يتمم ذلك وجب عليه القبول ولكن يعتبر حينئذ
الرجوع إلى الكفاية.
(مسألة 43): إذا أعطي مالا هبة على أن يحج أو
خيره الواهب بين الحج وعدمه، أو أنه وهبه مالا من دون ذكر
الحج لا تعيينا ولا تخييرا لم يجب عليه القبول.
(مسألة 44): لا يمنع الدين من الاستطاعة البذلية،
نعم إذا كان الدين حالا وكان الدائن مطالبا والمدين متمكنا
من أدائه إن لم يحج لم يجب عليه الحج.
(مسألة 45): إذا بذل مال لجماعة ليحج أحدهم فإن
سبق أحدهم بقبض المال المبذول سقط التكليف عن
الآخرين ولو ترك الجميع مع تمكن كل واحد منهم من القبض
استقر الحج على جميعهم.
(مسألة 46): لا يجب بالبذل إلا الحج الذي هو
وظيفة المبذول له على تقدير استطاعته، فلو كانت وظيفته حج
24

التمتع فبذل له حج القران أو الافراد لم يجب عليه القبول،
وبالعكس، وكذلك الحال لو بذل لمن حج حجة الاسلام، وأما
من استقرت عليه حجة الاسلام وصار معسرا فبذل له وجب
عليه ذلك، وكذلك من وجب عليه الحج لنذر أو شبهه ولم
يتمكن منه.
(مسألة 47): لو بذل له مال ليحج به فتلف المال
أثناء الطريق سقط الوجوب، نعم لو كان متمكنا من
الاستمرار في السفر من ماله وجب عليه الحج وأجزأه عن
حجة الاسلام، إلا أن الوجوب حينئذ مشروط بالرجوع إلى
الكفاية.
(مسألة 48): لا يعتبر في وجوب الحج البذل نقدا فلو
وكله على أن يقترض عنه ويحج به واقتراض وجب عليه.
(مسألة 49): الظاهر أن ثمن الهدي على الباذل فلو
لم يبذله وبذل بقية المصارف لم يجب الحج على المبذول له إلا
إذا كان متمكنا من شرائه من ماله، نعم إذا كان صرف ثمن
الهدي فيه موجبا لوقوعه في الحرج لم يجب عليه القبول، وأما
25

الكفارات فالظاهر أنها واجبة على المبذول له دون الباذل.
(مسألة 50): الحج البذلي يجزئ عن حجة الاسلام،
ولا يجب عليه الحج ثانيا إذا استطاع بعد ذلك.
(مسألة 51): يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل
الدخول في الاحرام أو بعده، لكن إذا رجع بعد الدخول في
الاحرام وجب على المبذول له إتمام الحج وليس إذا كان مستطيعا.
فعلا، وفي ضمان الباذل ما صرفه للاتمام إشكال وإذا رجع
الباذل في أثناء الطريق وجبت عليه نفقة العود.
(مسألة 52): إذا أعطي من الزكاة من سهم سبيل
الله على أن يصرفها في الحج وكان فيه مصلحة عامة وجب
عليه ذلك، وكذا لو أعطي من سهم الفقراء السادة أو من الزكاة من
سهم الفقراء واشترط عليه أن يصرفه في سبيل الحج.
(مسألة 53): إذا بذل له مال فحج به ثم انكشف أنه
كان مغصوبا لم يجزئه عن حجة الاسلام، وللمالك أن يرجع إلى
الباذل أو إلى المبذول له، لكنه إذا رجع إلى المبذول له رجع هو
إلى الباذل إن كان جاهلا بالحال، وإلا فليس له الرجوع.
26

(مسألة 54): إذا حج لنفسه أو عن غيره تبرعا أو
بإجارة لم يكفه عن حجة الاسلام، فيجب عليه الحج إذا
استطاع بعد ذلك.
(مسألة 55): إذا اعتقد أنه غير مستطيع فحج ندبا
قاصدا امتثال الأمر الفعلي ثم بان أنه كان مستطيعا أجزأه
ذلك، ولا يجب عليه الحج ثانيا.
(مسألة 56): لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحج
إذا كانت مستطيعة، كما لا يجوز للزوج منع زوجته عن الحج
الواجب عليها، نعم يجوز له منعها من الخروج في أول الوقت
مع سعة الوقت، والمطلقة الرجعية كالزوجة ما دامت في العدة.
(مسألة 57): لا يشترط في وجوب الحج على المرأة
وجود المحرم لها إذا كانت مأمونة على نفسها، ومع عدم الأمن
لزمها استصحاب محرم لها ولو بأجرة إذا تمكنت من ذلك، وإلا
لم يجب الحج عليها.
(مسألة 58): إذا نذر أن يزور الحسين عليه السلام
في كل يوم عرفة مثلا واستطاع بعد ذلك وجب عليه الحج
27

وانحل نذره، وكذلك كل نذر يزاحم الحج
(مسألة 59): يجب على المستطيع الحج بنفسه إذا كان
متمكنا من ذلك، ولا يجزئ عنه حج غيره تبرعا أو بإجارة.
(مسألة 60): إذا استقر عليه الحج ولم يتمكن من
الحج بنفسه لمرض أو حصر أو هرم، أو كان ذلك حرجا عليه
ولم يرج تمكنه من الحج بعد ذلك من دون حرج وجبت عليه
الاستنابة، وكذلك من كان موسرا ولم يتمكن من المباشرة أو
كانت حرجية، ووجوب الاستنابة كوجوب الحج فوري.
(مسألة 61): إذا حج النائب عمن لم يتمكن من
المباشرة فمات المنوب عنه مع بقاء العذر أجزأه حج النائب
وإن كان الحج مستقرا عليه، وأما إذا اتفق ارتفاع العذر قبل
الموت فالأحوط أن يحج هو بنفسه عند التمكن، وإذا كان قد
ارتفع العذر بعد أن أحرم النائب وجب على المنوب عنه الحج
مباشرة، ولا يجب على النائب إتمام عمله.
(مسألة 62): إذا لم يتمكن المعذور من الاستنابة
سقط الوجوب، ولكن يجب القضاء عنه بعد موته إن كان الحج
28

مستقرا عليه، وإلا لم يجب عليه، ولو أمكنه الاستنابة ولم يستنب
حتى مات وجب القضاء عنه.
(مسألة 63): إذا وجبت الاستنابة ولم يستنب ولكن
تبرع متبرع عنه لم يجزئه ذلك، ووجبت عليه الاستنابة.
(مسألة 64): يكفي في الاستنابة، الاستنابة من
الميقات، ولا تجب الاستنابة من البلد.
(مسألة 65): من استقر عليه الحج إذا مات بعد
الاحرام في الحرم أجزأه عن حجة الاسلام، سواء في ذلك حج
التمتع والقران والافراد، وإذا كان موته في أثناء عمرة التمتع
أجزأ عن حجه أيضا ولا يجب القضاء عنه، وإن مات قبل ذلك
وجب القضاء حتى إذا كان موته بعد الاحرام وقبل دخول
الحرم أو بعد الدخول في الحرم بدون إحرام، والظاهر
اختصاص الحكم بحجة الاسلام فلا يجري في الحج الواجب
بالنذر أو الافساد، بل لا يجري في العمرة المفردة أيضا، فلا
يحكم بالاجزاء في شئ من ذلك، ومن مات بعد الاحرام مع
عدم استقرار الحج عليه فإن كان موته بعد دخوله الحرم فلا
29

إشكال في إجزائه عن حجة الاسلام، وأما إذا كان قبل ذلك
فالظاهر وجوب القضاء عنه أيضا.
(مسألة 66): إذا أسلم الكافر المستطيع وجب عليه
الحج، وأما لو زالت استطاعته ثم أسلم لم يجب عليه.
(مسألة 67): المرتد يجب عليه الحج لكن لا يصح منه
حال ارتداده، فإن تاب صح منه وإن كان مرتدا فطريا على
الأقوى.
(مسألة 68): إذا حج المخالف ثم استبصر لا تجب
عليه إعادة الحج إذا كان ما أتى به صحيحا في مذهبه وإن لم
يكن صحيحا في مذهبنا.
(مسألة 69): إذا وحب الحج، وأهمل المكلف في أدائه
حتى زالت الاستطاعة وجب الاتيان به بأي وجه تمكن ولو
متسكعا ما لم يبلغ حد العسر والحرج، وإذا مات وجب القضاء
من تركته، ويصح التبرع عنه بعد موته من دون أجرة.
30

الوصية بالحج
(مسألة 70): تجب الوصية على من كانت عليه حجه
الاسلام وقرب منه الموت، فإن مات تقضى من أصل تركته
وإن لم يوص بذلك، وكذلك إن أوصى بها ولم يقيده بالثلث،
وإن قيدها بالثلث فإن وفى الثلث بها وجب إخراجها منه
وتقدم على سائر الوصايا، وإن لم يف الثلث بها لزم تتميمه من
الأصل.
(مسألة 71): من مات وعليه حجة الاسلام وكان له
عند شخص وديعة، واحتمل أن الورثة لا يؤدونها إن رد المال
إليهم وجب عليه أن يحج بها عنه. فإذا زاد المال من أجرة الحج
رد الزائد إلى الورثة، ولا فرق بين أن يحج الودعي بنفسه أو
يستأجر شخصا آخر، ويلحق بالوديعة كل مال للميت عند
شخص بعارية أو إجارة أو غصب أو دين أو غير ذلك.
31

(مسألة 72): من مات وعليه حجة الاسلام وكان
عليه دين وخمس وزكاة وقصرت التركة، فإن كان المال المتعلق
به الخمس أو الزكاة موجودا بعينه لزم تقديمهما وإن كانا في
الذمة يتقدم الحج عليهما، كما يتقدم على الدين.
(مسألة 73): من مات وعليه حجة الاسلام لم يجز
لورثته التصرف في تركته قبل استئجار الحج سواء كان مصرف
الحج مستغرقا أم لم يكن مستغرقا على الأحوط. نعم
إذا كانت التركة واسعة والتزم الوارث بأدائه جاز له التصرف
في التركة، كما هو الحال في الدين.
(مسألة 74): من مات وعليه حجة الاسلام ولم تكن
تركته وافية بمصارفها وجب صرفها في الدين أو الخمس أو
الزكاة إن كان عليه شئ من ذلك، وإلا فهي للورثة، ولا يجب
عليهم تتميمها من مالهم لاستئجار الحج.
(مسألة 75): من مات وعليه حجة الاسلام لا يجب
الاستئجار عنه من البلد، بل يكفي الاستئجار عنه من
الميقات، بل من أقرب المواقيت إلى مكة إن أمكن، وإلا فمن
32

الأقرب فالأقرب، والأحوط الأولى الاستئجار من البلد إذا
وسع المال، لكن الزائد عن أجرة الميقات لا يحسب على
الصغار من الورثة
(مسألة 76): من مات وعليه حجة الاسلام تجب
المبادرة إلى الاستئجار عنه في سنة موته، فلو لم يمكن
الاستئجار في تلك السنة من الميقات لزم الاستئجار من البلد،
ويخرج بدل الايجار من الأصل، ولا يجوز التأخير إلى السنة
القادمة، ولو مع العلم بامكان الاستئجار فيها من الميقات.
(مسألة 77): من مات وعليه حجة الاسلام إذا لم
يوجد من يستأجر عنه إلا بأكثر من أجرة المثل يجب
الاستئجار عنه ويخرج من الأصل ولا يجوز التأخير إلى
السنة القادمة توفيرا على الورثة وإن كان فيهم الصغار.
(مسألة 78): من مات وأقر بعض ورثته بأن عليه
حجة الاسلام، وأنكره الآخرون فالظاهر أنه لم يجب على المقر
الاستئجار للحج ويجري هذا الحكم في الاقرار بالدين أيضا،
(مسألة 79): من مات وعليه حجة الاسلام وتبرع
33

متبرع عنه بالحج لم يجب على الورثة الاستئجار عنه، بل
يرجع بدل الاستئجار إلى الورثة. نعم إذا أوصى الميت باخراج
حجة الاسلام من ثلثه لم يرجع بدله إلى الورثة، بل يصرف في
وجوه الخير أو يتصدق به عنه.
(مسألة 80): من مات وعليه حجة الاسلام وأوصى
بالاستئجار من البلد وجب ذلك، ولكن الزائد على أجرة
الميقات يخرج من الثلث، ولو أوصى بالحج ولم يعين شيئا
بالاستئجار من الميقات، إلا إذا كانت هناك قرينة على
إرادة الاستئجار من البلد كما إذا عين مقدارا يناسب الحج
البلدي.
(مسألة 81): إذا أوصى بالحج البلدي ولكن الوصي
أو الوارث استأجر من الميقات بطلت الإجارة إن كانت
الإجارة من مال الميت، ولكن ذمة الميت تفرغ من الحج بعمل
الأجير.
(مسألة 82): إذا أوصى بالحج البلدي من غير بلده،
كما إذا أوصى أن يستأجر من النجف مثلا وجب العمل بها
34

ويخرج الزائد عن أجرة الميقاتية من الثلث.
(مسألة 83): إذا أوصى بالاستئجار عنه لحجة
الاسلام وعين الأجرة لزم العمل بها، وتخرج من الأصل إن لم
تزد على أجرة المثل، وإلا كان الزائد من الثلث.
(مسألة 84): إذا أوصى بالحج بمال معين وعلم الوصي
إن المال الموصى به فيه الخمس أو الزكاة وجب عليه إخراجه
أولا وصرف الباقي في سبيل الحج، فإن لم يف الباقي بمصارفه
لزم تتميمه من أصل التركة، إن كان الموصى به حجه الاسلام،
وإلا صرف الباقي في وجوه البر.
(مسألة 85): إذا وجب الاستئجار للحج عن الميت
بوصية أو بغير وصية، وأهمل من يجب عليه الاستئجار فتلف
المال ضمنه ويجب عليه الاستئجار من ماله.
(مسألة 86): إذا علم استقرار الحج على الميت وشك
في أدائه وجب القضاء عنه، ويخرج من أصل المال.
(مسألة 87): لا تبرأ ذمة الميت بمجرد الاستئجار،
فلو علم أن الأجير لم يحج لعذر أو بدونه وجب الاستئجار
35

ثانيا، ويخرج من الأصل، وإن أمكن استرداد الأجرة من
الأجير تعين ذلك إذا كانت الأجرة مال الميت.
(مسألة 88): إذا تعدد الأجراء فالأحوط استئجار
أقلهم أجرة إذا كانت الإجارة بمال الميت، وإن كان الأظهر
جواز استئجار المناسب لحال الميت من حيث الفضل
والشرف فيجوز استئجاره بالأزيد.
(مسألة 89): العبرة في وجوب الاستئجار من البلد
أو الميقات بتقليد أو اجتهاده، لا بتقليد الوارث أو
اجتهاده، فلو كان الميت يعتقد وجوب الحج البلدي والوارث
يعتقد جواز الاستئجار من الميقات يلزم على الوارث
الاستئجار من البلد.
(مسألة 90): إذا كانت على الميت حجة الاسلام ولم
تكن له تركة لم يجب الاستئجار عنه على الوارث، نعم يستحب
ذلك على الولي.
(مسألة 91): إذا أوصى بالحج فإن علم أن الموصي
به هو حجة الاسلام أخرج من أصل التركة، إلا فيما إذا عين
36

إخراجه من الثلث، وأما إذا علم أن الموصى به غير حجة
الاسلام فيخرج من الثلث.
(مسألة 92): إذا أوصى بالحج وعين شخصا معينا لزم
العمل بالوصية، فإن لم يقبل إلا بأزيد من أجرة المثل أخرج
الزائد من الثلث، فإن لم يمكن ذلك أيضا استؤجر غيره بأجرة المثل.
(مسألة 93): إذا أوصى بالحج وعين أجرة لا يرغب
فيها أحد، فإن كان الموصى به حجة الاسلام لزم تتميمها من
أصل التركة، وإن كان الموصى به غيرها بطلت الوصية
وتصرف الأجرة في وجوه البر.
(مسألة 94): إذا باع داره بمبلغ مثلا واشترط على
المشتري أن يصرفه في الحج عنه بعد موته كان الثمن من
التركة، فإن كان الحج حجة الاسلام لزم الشرط ووجب صرفه
في أجرة الحج إن لم يزد على أجرة المثل وإلا فالزائد يخرج من
الثلث، وإن كان الحج غير حجة الاسلام لزم الشرط أيضا
ويخرج تمامه من الثلث، وإن لم يف الثلث لم يلزم الشرط في
37

المقدار الزائد.
(مسألة 95): إذا صالحه داره مثلا على أن يحج عنه
بعد موته صح ولزم، وخرجت الدار عن ملك المصالح الشارط،
ولا تحسب من التركة وإن كان الحج ندبيا، ولا يشملها حكم
الوصية، وكذلك الحال إذا ملكه داره بشرط أن يبيعها ويصرف
ثمنها في الحج عنه بعد موته. فجميع ذلك صحيح لازم، وإن
كان العمل المشروط عليه ندبيا، ولا يكون للوارث حينئذ حق
في الدار، ولو تخلف المشروط عليه عن العمل بالشرط لم ينتقل
الخيار إلى الوارث، وليس له إسقاط هذا الخيار الذي هو حق
للميت، وإنما يثبت الخيار للحاكم الشرعي، وبعد فسخه
يصرف المال فيما شرط على المفسوخ عليه، فإن زاد شئ
صرف في وجوه الخير.
(مسألة 96): لو مات الوصي ولم يعلم أنه استأجر
للحج قبل موته وجب الاستئجار من التركة فيما إذا كان
الموصى به حجة الاسلام، ومن الثلث إذا كان غيرها. وإذا
كان المال قد قبضه الوصي وكان موجودا أخذ، وإن احتمل
38

أن الوصي قد استأجر من مال نفسه وتملك ذلك بدلا عما
أعطاه، وإن لم يكن المال موجودا فلا ضمان على الوصي،
لاحتمال تلفه عنده بلا تفريط.
(مسألة 97): إذا تلف المال في يد الوصي بلا تفريط
لم يضمنه ووجب الاستئجار من بقية التركة إذا كان الموصى
به حجة الاسلام، ومن بقية الثلث إن كان غيرها فإن كانت
البقية موزعة على الورثة استرجع منهم بدل الايجار بالنسبة.
وكذلك الحال إن استؤجر أحد للحج ومات قبل الاتيان
بالعمل ولم يكن له تركة، أو لم يمكن الأخذ من تركته.
(مسألة 98): إذا تلف المال في يد الوصي قبل
الاستئجار ولم يعلم أن التلف كان عن تفريط لم يجز تغريم
الوصي.
(مسألة 99): إذا أوصى بمقدار من المال لغير حجة
الاسلام واحتمل أنه زائد على ثلثه لم يجز صرف جميعه.
39

فصل: في النيابة
(مسألة 100): يعتبر في النائب أمور:
الأول: البلوغ، فلا يجزئ حج الصبي من غيره في
حجة الاسلام وغيرها من الحج الواجب وإن كان الصبي
مميزا.
الثاني: العقل، فلا تجزئ استنابة المجنون، سواء في
ذلك ما إذا كان جنونه مطبقا أم كان أدواريا إذا كان العمل في
دور جنونه، وأما السفيه فلا بأس باستنابته.
الثالث: الايمان، فلا عبرة بنيابة غير المؤمن، وإن أتى
بالعمل على طبق مذهبنا.
الرابع: أن لا يكون النائب مشغول الذمة بحج واجب
عليه في عام النيابة إذا تنجز الوجوب عليه، ولا بأس باستنابته
فيما إذا كان جاهلا بالوجوب أو غافلا عنه. وهذا الشرط
40

شرط في صحة الإجارة لا في صحة حج النائب، فلو حج
والحالة هذه برئت ذمة المنوب عنه، ولكنه لا يستحق الأجرة
المسماة، بل يستحق أجرة المثل.
(مسألة 101): يعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه إحراز
عمل النائب والاتيان به صحيحا، فلا بد من معرفته بأعمال
الحج وأحكامه، وإن كان ذلك بارشاد غيره عند كل عمل، كما
لا بد من الوثوق به وإن لم يكن عادلا.
(مسألة 102): لا بأس بالنيابة عن الصبي المميز، كما
لا بأس بالنيابة عن المجنون، بل يجب الاستئجار عنه إذا
استقر عليه الحج في حال إفاقته ومات مجنونا.
(مسألة 103): لا تشترط المماثلة بين النائب والمنوب
عنه، فتصح نيابة الرجل عن المرأة وبالعكس.
(مسألة 104): لا بأس باستنابة الصرورة عن
الصرورة وغير الصرورة، سواء كان النائب أو المنوب عنه
رجلا أو امرأة. نعم المشهور أنه يكره استنابة الصرورة، ولا
سيما إذا كان النائب امرأة والمنوب عنه رجلا، ويستثنى من
41

ذلك ما إذا كان المنوب عنه رجلا حيا ولم يتمكن من حجة
الاسلام، فإن الأحوط فيه لزوما استنابة الرجل الصرورة.
(مسألة 105): يشترط في المنوب عنه الاسلام، فلا
تصح النيابة عن الكافر، فلو مات الكافر مستطيعا وكان
الوارث مسلما لم يجب عليه استئجار الحج عنه. والناصب
كالكافر، إلا أنه يجوز لولده المؤمن أن ينوب عنه في الحج
(مسألة 106): لا بأس بالنيابة عن الحي في الحج
المندوب تبرعا كان أو بإجارة، وكذلك في الحج الواجب إذا
كان معذورا عن الاتيان بالعمل مباشرة على ما تقدم، ولا تجوز
النيابة عن الحي في غير ذلك. وأما النيابة عن الميت فهي
جائزة مطلقا، سواء كانت بإجارة أو تبرع وسواء كان الحج
واجبا أو مندوبا.
(مسألة 107): يعتبر في صحة النيابة تعيين المنوب
عنه بوجه من وجوه التعيين، ولا يشترط ذكر اسمه، كما يعتبر
فيها قصد النيابة.
(مسألة 108): كما تصح النيابة بالتبرع وبالإجارة
42

تصح بالجعالة، وبالشرط في ضمن العقد ونحو ذلك.
(مسألة 109): من كان معذورا في ترك بعض
الأعمال، أو في عدم الاتيان به على الوجه الكامل لا يجوز
استئجاره، بل لو تبرع المعذور وناب عن غيره يشكل
الاكتفاء بعمله. نعم إذا كان معذورا في ارتكاب ما يحرم على
المحرم كمن اضطر إلى التظليل فلا بأس باستئجاره
واستنابته، ولا بأس لمن دخل مكة بعمرة مفردة أن ينوب عن
غيره لحج التمتع مع العلم أنه لا يستطيع الاحرام إلا من أدنى
الحل، كما لا بأس بنيابة النساء أو غيرهن ممن تجوز لهم
الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الفجر والرمي ليلا للحج عن
الرجل أو المرأة.
(مسألة 110): إذا مات النائب قبل أن يحرم لم تبرأ
ذمة المنوب عنه، فتجب الاستنابة عنه ثانية في ما تجب
الاستنابة فيه، وإن مات بعد الاحرام أجزأ عنه وإن كان موته
قبل دخول على الأظهر، ولا فرق في ذلك بين حجة
الاسلام وغيرها، ولا بين أن تكون النيابة بأجرة أو بتبرع.
43

(مسألة 111): إذا مات الأجير بعد الاحرام استحق تمام
الأجرة إذا كان أجيرا على تفريغ ذمة الميت، وأما إذا كان
أجيرا على الاتيان بالأعمال استحق الأجرة بنسبة ما أتى به،
وإن مات قبل الاحرام لم يستحق شيئا، نعم إذا كانت
المقدمات داخلة في الإجارة استحق من الأجرة بقدر ما أتى
به منها.
(مسألة 112): إذا استأجر للحج البلدي ولم يعين
الطريق كان الأجير مخيرا في ذلك، وإذا عين طريقا لم يجز
العدول منه إلى غيره. فإن عدل وأتى بالأعمال فإن كان اعتبار
الطريق في الإجارة على نحو الشرطية دون الجزئية استحق
الأجير تمام الأجرة وكان للمستأجر خيار الفسخ، فإن فسخ
يرجع إلى أجرة المثل، وإن كان اعتباره على نحو الجزئية كان
للمستأجر الفسخ أيضا، فإن لم يفسخ استحق من الأجرة
المسماة بمقدار عمله ويسقط بمقدار مخالفته.
(مسألة 113): إذا آجر نفسه للحج عن شخص
مباشرة في سنة معينة لم تصح إجارته عن شخص آخر في تلك
44

السنة مباشرة أيضا، وتصح الإجارتان مع اختلاف السنتين، أو
مع عدم تقيد إحدى الإجارتين أو كلتيهما بالمباشرة.
(مسألة 114): إذا آجر نفسه للحج في سنة معينة لم
يجز له التأخير ولا التقديم، ولكنه لو قدم أو أخر برئت ذمة
المنوب عنه، ولا يستحق الأجرة إذا كان التقديم أو التأخير
بغير رضى المستأجر.
(مسألة 115): إذا صد الأجير أو أحصر فلم يتمكن
من الاتيان بالأعمال كان حكمه حكم الحاج عن نفسه، ويأتي
بيان ذلك إن شاء الله تعالى، وانفسخت الإجارة إذا كانت
مقيدة بتلك السنة، ويبقى الحج في ذمته إذا لم تكن مقيدة بها.
(مسألة 116): إذا أتى النائب بما يوجب الكفارة
فهي من ماله، سواء كانت النيابة بإجارة أو بتبرع.
(مسألة 117): إذا استأجره للحج بأجرة معينة
فقصرت الأجرة عن مصارفه لم يجب على المستأجر تتميمها،
كما أنها إذا زادت عنها لم يكن له استرداد الزائد.
(مسألة 118): إذا استأجره للحج الواجب أو
45

المندوب فأفسد الأجير حجه بالجماع قبل المشعر وجب عليه
إتمامه وأجزأ المنوب عنه، وعليه الحج من قابل وكفارة بدنة،
والظاهر أنه يستحق الأجرة وإن لم يحج من قابل لعذر أو غير
عذر، وتجري الأحكام المذكورة في المتبرع أيضا غير أنه لا
يستحق الأجرة.
(مسألة 119): الأجير وإن كان يملك الأجرة
بالعقد، ولكن لا يجب تسليمها إليه إلا بعد العمل إذا لم
يشترط التعجيل، ولكن الظاهر جواز مطالبة الأجير للحج
الأجرة قبل العمل، وذلك من جهة القرينة على اشتراط ذلك،
فإن الغالب أن الأجير لا يتمكن من الذهاب إلى الحج أو
الاتيان بالأعمال قبل أخذ الأجرة.
(مسألة 120): إذا آجر نفسه للحج فليس له أن
يستأجر غيره إلا مع إذن المستأجر.
(مسألة 121): إذا استأجر شخصا لحج التمتع مع
سعة الوقت واتفق أن الوقت قد ضاق فعدل الأجير عن
عمرة التمتع إلى حج الافراد، وأتى بعمرة مفردة بعده برئت
46

ذمة المنوب عنه، لكن الأجير لا يستحق الأجرة إذا كانت
الإجارة على نفس الأعمال، نعم إذا كانت الإجارة على تفريغ
ذمة الميت استحقها.
(مسألة 122): لا بأس بنيابة شخص عن جماعة في
الحج المندوب، وأما الواجب فلا يجوز فيه نيابة الواحد عن
اثنين وما زاد إلا إذا كان وجوبه عليهما أو عليهم على نحو
الشركة، كما إذا نذر شخصان أن يشترك كل منهما مع الآخر
في الاستئجار في الحج، فحينئذ يجوز لهما أن يستأجرا شخصا
واحدا للنيابة عنهما.
(مسألة 123): لا بأس بنيابة جماعة في عام واحد عن
شخص واحد ميت أو حي تبرعا أو بالإجارة فيما إذا كان
الحج مندوبا، وكذلك في الحج الواجب فيما إذا كان متعددا، كما
إذا كان على الميت أو الحي حجان واجبان بنذر مثلا أو كان
أحدهما حجة الاسلام وكان الآخر واجبا بالنذر، فيجوز
حينئذ استئجار شخصين أحدهما لواجب والآخر لآخر
وكذلك يجوز استئجار شخصين عن واحد أحدهما للحج
47

الواجب والآخر للمندوب، بل لا يبعد استئجار شخصين
لواجب واحد، كحجة الاسلام من باب الاحتياط لاحتمال
نقصان حج أحدهما.
(مسألة 124): الطواف مستحب في نفسه، فتجوز
النيابة فيه عن الميت، وكذا عن الحي إذا كان غائبا عن مكة
أو حاضرا فيها ولم يتمكن من الطواف مباشرة.
(مسألة 125): لا بأس للنائب بعد فراغه من أعمال
الحج النيابي أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه أو عن غيره،
كما لا بأس أن يطوف عن نفسه أو عن غيره.
48

الحج المندوب
(مسألة 126): يستحب لمن يمكنه الحج أن يحج وإن
لم يكن مستطيعا أو أنه أتى بحجة الاسلام، ويستحب تكراره
في كل سنة لمن يتمكن من ذلك.
(مسألة 127): يستحب نية العود على الحج حين
الخروج من مكة.
(مسألة 128): يستحب إحجاج من لا استطاعة له،
كما يستحب الاستقراض للحج إذا كان واثقا بالوفاء بعد
ذلك، ويستحب كثرة الانفاق في الحج.
(مسألة 129): يستحب إعطاء الزكاة لمن لا يستطيع
الحج ليحج بها.
(مسألة 130): يشترط في حج المرأة إذن الزوج إذا
كان الحج مندوبا، وكذلك المعتدة بالعدة الرجعية ولا يعتبر
ذلك في البائنة وهي في العدة.
49

أقسام العمرة
(مسألة 131): العمرة كالحج، فقد تكون واجبة، وقد
تكون مندوبة، وقد تكون مفردة، وقد تكون متمتعا بها.
(مسألة 132): تجب العمرة كالحج على كل مستطيع
واجد للشرائط، ووجوبها كوجوب الحج فوري، فمن استطاع
لها ولو لم يستطع للحج وجبت عليه. نعم الظاهر عدم وجوبها
على من كانت وظيفته حج التمتع ولم يكن مستطيعا ولكنه
استطاع لها، وعليه فلا تجب على الأجير للحج بعد فراغه من
عمل النيابة وإن كان مستطيعا من الاتيان بالعمرة المفردة،
لكن الاتيان بها أحوط، وأما من أتى بحج التمتع فلا يجب
عليه الاتيان بالعمرة المفردة جزما.
(مسألة 133): يستحب الاتيان بالعمرة المفردة
مكررا، والأولى الاتيان بها في كل شهر، والأظهر جواز الاتيان
بعمرة في شهر وإن كان في آخره وبعمرة أخرى في شهر آخر
50

وإن كان في أوله، ولا يجوز الاتيان بعمرتين في شهر واحد فيما
إذا كانت العمرتان عن نفس المعتمر أو عن شخص آخر وإن
كان لا بأس بالاتيان بالثانية رجاء، ولا يعتبر هذا فيما إذا
كانت إحدى العمرتين عن نفسه والأخرى عن غيره، أو
كانت كلتاهما عن شخصين غيره، كما لا يعتبر هذا بين العمرة
المفردة وعمرة التمتع فمن اعتمر عمرة مفردة جاز له الاتيان
بعمرة التمتع بعدها ولو كانت في نفس الشهر، وكذلك الحال
في الاتيان بالعمرة المفردة بعد الفراغ من أعمال الحج، ولا
يجوز الاتيان بالعمرة المفردة بين عمرة التمتع والحج.
(مسألة 134): كما تجب العمرة المفردة بالاستطاعة
كذلك تجب بالنذر، أو الحلف أو العهد أو غير ذلك.
(مسألة 135): تشترك العمرة المفردة مع عمرة
التمتع في أعمالها، وسيأتي بيان ذلك، وتفترق عنها في أمور:
1 - أن العمرة المفردة يجب لها طواف النساء، ولا يجب
ذلك لعمرة التمتع.
2 - أن عمرة التمتع لا تقع إلا في أشهر الحج وهي
51

شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، وتصح العمرة المفردة في جميع
الشهور، وأفضلها شهر رجب وبعده شهر رمضان.
3 - ينحصر الخروج عن الاحرام في عمرة التمتع
بالتقصير فقط، ولكن الخروج عن الاحرام في العمرة المفردة
قد يكون بالتقصير وقد يكون بالحلق.
4 - يجب أن تقع عمرة التمتع والحج في سنة واحدة
على ما يأتي، وليس كذلك في العمرة المفردة، فمن وجب عليه
حج الافراد والعمرة المفردة جاز له أن يأتي بالحج في سنة
والعمرة في سنة أخرى.
5 - أن من جامع في العمرة المفردة عالما عامدا قبل
الفراغ من السعي فسدت عمرته بلا اشكال ووجبت عليه
الإعادة بأن يبقى في مكة إلى الشهر القادم فيعيدها فيه، وأما
من جامع في عمرة التمتع قبل السعي فسدت عمرته على
الأحوط.
(مسألة 136): يجوز الاحرام للعمرة المفردة من نفس
المواقيت التي يحرم منها لعمرة التمتع ويأتي بيانها، وإذا كان
52

المكلف في مكة وأراد الاتيان بالعمرة المفردة جاز له أن يخرج
من الحرم ويحرم، ولا يجب عليه الرجوع إلى المواقيت والاحرام
منها، والأولى أن يكون إحرامه من الحديبية أو الجعرانة، أو
التنعيم.
(مسألة 137): تجب العمرة لمن أراد أن يدخل
مكة، فإنه لا يجوز الدخول فيها إلا محرما ويستثنى من ذلك
من يتكرر منه الدخول والخروج كالحطاب والحشاش
ونحوهما، وكذلك من خرج من مكة بعد إتمامه أعمال الحج أو
بعد العمرة المفردة، فإنه يجوز له العود إليها من دون إحرام
قبل مضي الشهر الذي أدى نسكه فيه، ويأتي حكم الخارج
من مكة بعد عمرة التمتع وقبل الحج.
(مسألة 138): من أتى بعمرة مفردة في أشهر الحج
وبقي اتفاقا في مكة إلى أوان الحج جاز له أن يجعلها عمرة
التمتع ويأتي بالحج، ولا فرق في ذلك بين الحج الواجب
والمندوب.
53

أقسام الحج
(مسألة 139): أقسام الحج ثلاثة: تمتع، وإفراد، وقران
والأول فرض من كان البعد بين أهله والمسجد الحرام أكثر من
ستة عشر فرسخا، والآخران فرض من كان أهله حاضري
المسجد الحرام، بأن يكون البعد بين أهله والمسجد الحرام أقل
من ستة عشر فرسخا.
(مسألة 140): لا بأس للبعيد أن يحج حج الافراد
أو القران ندبا، كما لا بأس للحاضر أن يحج حج التمتع ندبا،
ولا يجوز ذلك في الفريضة، فلا يجزي حج التمتع عمن وظيفته
الافراد أو القران، وكذلك العكس، نعم قد تنقلب وظيفة
المتمتع إلى الافراد، كما يأتي.
(مسألة 141): إذا أقام البعيد في مكة، فإن كانت
إقامته بعد استطاعته ووجوب الحج عليه وجب عليه حج
54

التمتع، وأما إذا كانت استطاعته بعد إقامته في مكة وجب عليه
حج الافراد أو القران بعد الدخول في السنة الثالثة. وأما إذا
استطاع قبل ذلك وجب عليه حج التمتع، هذا إذا كانت
إقامته بقصد المجاورة، وأما إذا كانت بقصد التوطن فوظيفته
حج الافراد أو القران من أول الأمر إذا كانت استطاعته بعد
ذلك، وأما إذا كانت قبل قصد التوطن في مكة فوظيفته حج
التمتع، وكذلك الحال فيمن قصد التوطن في غير مكة من
الأماكن التي يكون البعد بينهما وبين المسجد الحرام أقل من
ستة عشر فرسخا.
(مسألة 142): إذا أقام في مكة وكانت استطاعته في
بلده، أو استطاع في مكة قبل انقلاب فرضه إلى حج الافراد
أو القران فالأظهر جواز إحرامه من أدنى الحل وإن كان
الأحوط أن يخرج إلى أحد المواقيت والاحرام منها لعمرة
التمتع، بل الأحوط أن يخرج إلى ميقات أهل بلده.
55

حج التمتع
(مسألة 143): يتألف هذا الحج من عبادتين تسمى
أولاهما بالعمرة والثانية بالحج، وقد يطلق حج التمتع على
الجزء الثاني منهما، ويجب الاتيان بالعمرة فيه قبل الحج.
(مسألة 144): تجب في عمرة التمتع خمسة أمور:
الأمر الأول: الاحرام من أحد المواقيت، وسيأتي
تفصيلها.
الأمر الثاني: الطواف حول البيت.
الأمر الثالث: صلاة الطواف.
الأمر الرابع: السعي بين الصفا والمروة.
الأمر الخامس: التقصير، وهو أخذ شئ من الشعر أو
الأظفار.
فإذا أتى المكلف بهذه الأعمال الخمسة خرج من
56

إحرامه، وحلت له الأمور التي كانت قد حرمت عليه بسبب
الاحرام.
(مسألة 145): يجب على المكلف أن يتهيأ لأداء
وظائف الحج فيما إذا قرب منه اليوم التاسع من ذي الحجة
الحرام، وواجبات الحج ثلاثة عشر، وهي كما يلي:
1 - الاحرام من مكة، على تفصيل يأتي:
2 - الوقوف في عرفات بعد مضي ساعة من ظهر اليوم
التاسع، أو من نفس الظهر من ذي الحجة الحرام إلى المغرب،
وتقع عرفات على بعد أربعة فراسخ من مكة.
3 - الوقوف في المزدلفة يوم عيد الأضحى من الفجر
إلى طلوع الشمس، وتقع المزدلفة بين عرفات ومكة.
4 - رمي جمرة العقبة في منى يوم العيد، ومنى على بعد
فرسخ واحد من مكة تقريبا.
5 - النحر أو الذبح في منى يوم العيد.
6 - الحلق أو أخذ شئ من الشعر أو الظفر في منى،
وبذلك يحل له ما حرم عليه من جهة الاحرام ما عدا النساء
57

والطيب، بل الصيد على الأحوط.
7 - طواف الزيارة بعد الرجوع إلى مكة.
8 - صلاة الطواف.
9 - السعي بين الصفا والمروة، وبذلك يحل الطيب
أيضا.
10 - طواف النساء.
11 - صلاة طواف النساء، وبذلك تحل النساء أيضا.
12 - المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني
عشر، بل ليلة الثالث عشر في بعض الصور كما سيأتي.
13 - رمي الجمار الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني
عشر، بل في اليوم الثالث عشر أيضا فيما إذا بات المكلف
هناك على الأحوط.
(مسألة 146): يشترط في حج التمتع أمور:
1 - النية بأن يقصد الاتيان بحج التمتع بعنوانه، فلو
نوى غيره أو تردد في نيته لم يصح حجه.
2 - أن يكون مجموع العمرة والحج في أشهر الحج،
58

فلو أتى بجزء من العمرة قبل دخول شوال لم تصح العمرة.
3 - أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة، فلو أتى
بالعمرة وأخر الحج إلى السنة القادمة لم يصح التمتع، ولا فرق
في ذلك بين أن يقيم في مكة إلى السنة القادمة وأن يرجع إلى
أهله ثم يعود إليها، كما لا فرق بين أن يحل من إحرامه
بالتقصير وأن يبقى محرما إلى السنة القادمة.
4 - أن يكون إحرام حجة من نفس مكة مع الاختيار،
وأفضل مواضعه المقام أو الحجر وإذا لم يمكنه الاحرام من
نفس مكة أحرم من أي موضع تمكن منه.
5 - أن يؤدي مجموع عمرته وحجه شخص واحد عن
شخص واحد، فلو استؤجر اثنان لحج التمتع عن ميت أو حي
أحدهما لعمرته والآخر لحجه لم يصح ذلك، وكذلك لو حج
شخص وجعل عمرته عن واحد وحجه عن آخر لم يصح.
(مسألة 147): إذا فرغ المكلف من أعمال عمرة
التمتع وجب عليه الاتيان بأعمال الحج، ولا يجوز له الخروج
من مكة لغير الحج، إلا أن يكون خروجه لحاجة ولم يخف
59

فوات أعمال الحج، فيجب والحالة هذه أن يحرم للحج من مكة
ويخرج لحاجته، ثم يلزمه أن يرجع إلى مكة بذلك الاحرام
ويذهب منها إلى عرفات، وإذا لم يتمكن من الرجوع إلى مكة
ذهب إلى عرفات من مكانه، وكذلك لا يجوز لمن أتى بعمرة
التمتع أن يترك الحج اختيارا ولو كان الحج استحبابيا، نعم
إذا لم يتمكن من الحج فالأحوط أن يجعلها عمرة مفردة ويأتي
بطواف النساء.
(مسألة 148): كما لا يجوز للمتمتع الخروج من مكة
بعد تمام عمرته كذلك لا يجوز له الخروج منها في أثناء العمرة،
فلو علم المكلف قبل دخوله مكة باحتياجه إلى الخروج منها،
كما هو شأن الحملدارية فله أن يحرم أولا بالعمرة المفردة
لدخول مكة فيقضي أعمالها، ثم يخرج لقضاء حوائجه، ويحرم
ثانيا لعمرة التمتع، ولا يعتبر في صحته مضي شهر من عمرته
الأولى كما مر.
(مسألة 149): المحرم من الخروج عن مكة بعد
الفراغ من أعمال العمرة أو أثنائها إنما هو الخروج عنها إلى
60

محل آخر، ولا بأس بالخروج إلى أطرافها وتوابعها، وعليه فلا
بأس للحاج أن يكون منزله خارج البلد فيرجع إلى منزله أثناء
العمرة أو بعد الفراغ منها.
(مسألة 150): إذا خرج من مكة بعد الفراغ من
أعمال العمرة من دون إحرام وتجاوز المواقيت ففيه صورتان:
الأولى: أن يكون رجوعه قبل مضي شهر عمرته، ففي
هذه الصورة يلزمه الرجوع إلى مكة بدون إحرام، فيحرم منها
للحج ويخرج إلى عرفات.
الثانية: أن يكون رجوعه بعد مضي شهر عمرته، ففي
هذه الصورة تلزمه إعادة العمرة.
(مسألة 151): من كانت وظيفته حج التمتع لم يجز له
العدول إلى غيره من إفراد أو قران، ويستثنى من ذلك من
دخل في عمرة التمتع ثم ضاق وقته فلم يتمكن من إتمامها
وادراك الحج، فإنه ينقل نيته إلى حج الافراد ويأتي بالعمرة
المفردة بعد الحج، وحد الضيق المسوغ لذلك خوف فوات
الركن من الوقوف الاختياري في عرفات.
61

(مسألة 152): إذا علم من وظيفته التمتع ضيق
الوقت عن إتمام العمرة وادراك الحج قبل أن يدخل في العمرة
لم يجز له العدول من الأول، بل وجب عليه تأخير الحج إلى
السنة القادمة.
(مسألة 153): إذا أحرم لعمرة التمتع في سعة
الوقت، وأخر الطواف والسعي متعمدا إلى زمان لا يمكن
الاتيان فيه بهما وادراك الحج بطلت عمرته، ولا يجوز له
العدول إلى الافراد على الأظهر، لكن الأحوط أن يعدل إلى
العمرة المفردة.
62

حج الافراد
مر عليك أن حج التمتع يتألف من جزئين، هما عمرة
التمتع والحج، والجزء الأول منه متصل بالثاني، والعمرة تتقدم
على الحج.
أما حج الافراد فهو عمل مستقل في نفسه واجب كما
علمت على من يكون الفاصل بين منزله وبين المسجد الحرام
أقل من ستة عشر فرسخا، وفيما إذا تمكن مثل هذا المكلف
من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضا.
وعليه فإذا تمكن من أحدهما دون الآخر وجب عليه ما
يتمكن منه خاصة، وإذا تمكن من أحدهما في زمان ومن الآخر
في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في كل وقت،
وإذا تمكن منهما في وقت واحد وجب عليه حينئذ الاتيان بهما،
والمشهور بين الفقهاء في هذه الصورة وجوب تقديم الحج على
63

العمرة المفردة، وهو الأحوط.
(مسألة 154): يشترك حج الافراد مع حج التمتع في
جميع أعماله، ويفترق عنه في أمور:
أولا: يعتبر اتصال العمرة بالحج في حج التمتع
ووقوعهما في سنة واحدة كما مر، ولا يعتبر ذلك في حج الافراد.
ثانيا: يجب النحر أو الذبح في حج التمتع كما مر ولا
يعتبر شئ من ذلك في حج الافراد.
ثالثا: لا يجوز تقديم الطواف والسعي على الوقوفين في
حج التمتع مع الاختيار، ويجوز ذلك في حج الافراد.
رابعا: إن إحرام حج التمتع يكون بمكة وأما الاحرام
في حج الافراد فهو من أحد المواقيت الآتية.
خامسا: يجب تقديم عمرة التمتع على حجه، ولا يعتبر
ذلك في حج الافراد.
سادسا: لا يجوز بعد إحرام حج التمتع الطواف
المندوب على الأحوط الوجوبي، ويجوز ذلك في حج الافراد.
(مسألة 155): إذا أحرم لحج الافراد ندبا جاز له أن
64

يعدل إلى عمرة التمتع، إلا فيما إذا لبي بعد السعي، فليس له
العدول حينئذ إلى التمتع.
(مسألة 156): إذا أحرم لحج الافراد ودخل مكة جاز
له أن يطوف بالبيت ندبا، ولكن يجب عليه على الأحوط
التلبية، بعد الفراغ من صلاة الطواف
65

حج القران
(مسألة 157): يتحد هذا العمل مع حج الافراد في
جميع الجهات، غير أن المكلف يصحب معه الهدي وقت
الاحرام، وبذلك يجب الهدي عليه، والاحرام في هذا القسم من
الحج كما يكون بالتلبية يكون بالاشعار أو بالتقليد، وإذا أحرم
لحج القران لم يجز له العدول إلى حج التمتع.
66

مواقيت الاحرام
هناك أماكن خصصتها الشريعة الاسلامية المطهرة
للاحرام منها، ويجب أن يكون الاحرام من تلك الأماكن،
ويسمى كل منها ميقاتا، وهي عشرة:
1 - مسجد الشجرة، ويقع قريبا من المدينة المنورة وهو
ميقات أهل المدينة وكل من أراد الحج عن طريق المدينة،
ويجوز الاحرام من خارج المسجد محاذيا له من اليسار أو
اليمين، والأحوط الاحرام من نفس المسجد مع الامكان.
(مسألة 158): لا يجوز تأخير الاحرام من مسجد
الشجرة إلى الجحفة إلا لضرورة من مرض أو ضعف أو
غيرهما من الموانع.
2 - وادي العقيق، وهو ميقات أهل العراق ونجد وكل
من مر عليه من غيرهم، وهذا الميقات له أجزاء ثلاثة: المسلخ
67

وهو اسم لأوله. والغمرة، وهو اسم لوسطه. وذات عرق، وهو
اسم لآخرة. والأحوط الأولى أن يحرم المكلف قبل أن يصل
ذات عرق، فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقية أو مرض.
(مسألة 159): يجوز الاحرام في حال التقية قبل ذات
عرق سرا من غير نزع الثياب إلى ذات عرق، فإذا وصل
ذات عرق نزع ثيابه ولبس ثوبي الاحرام هناك.
3 - الجحفة، وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب
وكل من يمر عليها من غيرهم إذا لم يحرم من الميقات السابق
عليها.
4 - يلملم، وهو ميقات أهل اليمن وكل من يمر من
ذلك الطريق، ويلملم اسم لجبل.
5 - قرن المنازل، وهو ميقات أهل الطائف وكل من
يمر من ذلك الطريق، ولا يختص بالمسجد، فأي مكان يصدق
عليه أنه من قرن المنازل جاز له الاحرام منه، فإن لم يتمكن
من إحراز ذلك فله أن يتخلص بالاحرام قبلا بالنذر كما هو
جائز اختيارا.
68

6 - مكة القديمة في زمان الرسول (صلى الله عليه
وآله) والتي حدها من عقبة المدنيين إلى ذي طوى، وهي ميقات
حج التمتع.
7 - المنزل الذي يسكنه المكلف، وهو ميقات من كان
منزله دون الميقات إلى مكة، فإنه يجوز له الاحرام من منزله،
ولا يلزم عليه الرجوع إلى المواقيت.
8 - الجعرانة: وهي ميقات أهل مكة لحج القران
والافراد، وفي حكمهم من جاور مكة بعد السنتين، فإنه بمنزلة
أهلها، وأما قبل ذلك فحكمه كما تقدم في المسألة (141).
9 - محاذاة مسجد الشجرة، فإن من أقام بالمدينة شهرا
أو نحوه وهو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق
المدينة، فإذا سار ستة أميال كان محاذيا للمسجد، ويحرم من
محل المحاذاة، وفي التعدي عن محاذاة مسجد الشجرة إلى
محاذاة غيره من المواقيت بل عن خصوص المورد المذكور
إشكال، بل الظاهر عدم التعدي إذا كان الفصل كثيرا.
10 - أدنى الحل وهو ميقات العمرة المفردة بعد حج
69

القران أو الافراد، بل لكل عمرة مفردة لمن كان بمكة وأراد
الاتيان بها، والأفضل أن يكون من الحديبية أو الجعرانة أو
التنعيم.
أحكام المواقيت
(مسألة 160): لا يجوز الاحرام قبل الميقات ولا
يكفي المرور عليه محرما، بل لا بد من الاحرام من نفس
الميقات، ويستثنى من ذلك موردان:
1 - أن ينذر الاحرام قبل الميقات، فإنه يصح ولا يلزمه
التجديد في الميقات، ولا المرور عليه، بل يجوز له الذهاب إلى
مكة من طريق لا يمر بشئ من المواقيت، ولا فرق في ذلك
بين الحج الواجب والمندوب والعمرة المفردة، نعم إذا كان
إحرامه للحج فلا بد من أن يكون إحرامه في أشهر الحج كما
تقدم.
2 - إذا قصد العمرة المفردة في رجب وخش عدم
70

إدراكها إذا أخر الاحرام إلى الميقات جاز له الاحرام قبل
الميقات، وتحسب له عمرة رجب وإن أتى ببقية الأعمال في
شعبان، ولا فرق في ذلك بين العمرة الواجبة والمندوبة.
(مسألة 161): يجب على المكلف اليقين بوصوله إلى
الميقات والاحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجة
شرعية، ولا يجوز له الاحرام عند الشك في الوصول إلى
الميقات.
(مسألة 162): لو نذر الاحرام قبل الميقات وخالف
وأحرم من الميقات لم يبطل إحرامه، ووجبت عليه كفارة مخالفة
النذر، إذا كان متعمدا.
(مسألة 163): كما لا يجوز تقديم الاحرام على
الميقات لا يجوز تأخيره عنه، فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة
أو دخول مكة أن يتجاوز الميقات اختيارا إلا محرما. حتى إذا
كان أمامه ميقات آخر، فلو تجاوزه وجب العود إليه مع
الامكان، نعم إذا لم يكن المسافر قاصدا لما ذكر لكن لما وصل
حدود الحرم أراد أن يأتي بعمرة مفردة جاز له الاحرام من أدنى
71

الحل.
(مسألة 164): إذا ترك المكلف الاحرام من الميقات
عن علم وعمد حتى تجاوزه، ففي المسألة صور:
الأولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات ففي هذه
الصورة يجب عليه الرجوع والاحرام منه سواء أكان رجوعه
من داخل الحرم أو كان من خارجه، فإن أتى بذلك صح عمله
من دون إشكال.
الثانية: أن يكون المكلف في الحرم ولم يمكنه الرجوع
إلى الميقات، لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم، ففي هذه
الصورة يجب عليه الرجوع إلى خارج الحرم والاحرام من
هناك.
الثالثة: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى
الميقات أو إلى خارج الحرم ولو من جهة خوفه فوات الحج،
وفي هذه الصورة يلزمه الاحرام من مكانه.
الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى
الميقات، وفي هذه الصورة يلزمه الاحرام من مكانه أيضا.
72

وقد حكم جمع من الفقهاء بفساد العمرة في الصور
الثلاث الأخيرة، ولكن الصحة فيها لا تخلو من وجه وإن
ارتكب المكلف محرما بترك الاحرام من الميقات، لكن الأحوط
مع ذلك إعادة الحج عند التمكن منها، وأما إذا لم يأت المكلف
بوظيفته في هذه الصور الثلاث وأتى بالعمرة فلا شك في فساد
حجه.
(مسألة 165): إذا ترك الاحرام عن نسيان أو إغماء
أو ما شاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم أو جهل بالميقات
فللمسألة كسابقتها صور أربع:
الصورة الأولى: أن يتمكن من الرجوع إلى الميقات،
فيجب عليه الرجوع والاحرام من هناك.
الصورة الثانية: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع
إلى الميقات لكن أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم، وعليه
حينئذ الرجوع إلى الخارج والاحرام منه، والأولى في هذه
الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم الاحرام من
هناك.
73

الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع
إلى الخارج، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه وإن كان
قد دخل مكة.
الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه
الرجوع إلى الميقات، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من محله.
وفي جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحة عمل المكلف
إذا قام بما ذكرناه من الوظائف، وفي حكم تارك الاحرام من
أحرم قبل الميقات أو بعده ولو كان عن جهل أو نسيان.
(مسألة 166): إذا تركت الحائض الاحرام من
الميقات لجهلها بالحكم إلى أن دخلت الحرم فعليها كغيرها
الرجوع إلى الخارج والاحرام منه إذا لم تتمكن من الرجوع
إلى الميقات، بل الأحوط لها في هذه الصورة أن تبتعد عن
الحرم بالمقدار الممكن ثم تحرم على أن لا يكون ذلك مستلزما
لفوات الحج، وفيما إذا لم يمكنها إنجاز ذلك فهي وغيرها على
حد سواء.
(مسألة 167): إذا فسدت العمرة وجبت إعادتها مع
74

التمكن، ومع عدم الإعادة ولو من جهة ضيق الوقت يفسد
حجه. وعليه الإعادة في سنة أخرى.
(مسألة 168): قال جمع من الفقهاء بصحة العمرة
فيما إذا أتى المكلف بها من دون إحرام لجهل أو نسيان، ولكن
هذا القول لا يخلو من إشكال والأحوط في هذه الصورة
الإعادة على النحو الذي ذكرناه فيما إذا تمكن منها، وهذا
الاحتياط لا يترك البتة.
(مسألة 169): قد تقدم أن النائي يجب عليه الاحرام
لعمرته من أحد المواقيت الخمسة الأولى، فإن كان طريقه منها
فلا إشكال، وإن كان طريقه لا يمر بها كما هو الحال في زماننا
هذا، حيث إن الحجاج يدخلون جدة ابتداء وهي ليست من
المواقيت فلا يجزئ الاحرام منها حتى إذا كانت محاذية لأحد
المواقيت على ما عرفت فضلا عن أن محاذاتها غير ثابتة بل
المطمأن به عدمها فاللازم على الحاج حينئذ أن يمضي إلى
أحد المواقيت مع الامكان أو بنذر الاحرام من بلده أو من
الطريق قبل الوصول إلى جدة بمقدار معتد به ولو في الطائرة
75

فيحرم من محل نذره ويمكن لمن ورد جدة بغير احرام أن
يمضي إلى " رابغ " الذي هو في طريق المدينة المنورة ويحرم منه
بنذر باعتبار أنه قبل الجحفة التي هي أحد المواقيت، وإذا لم
يمكن المضي إلى أحد المواقيت ولم يحرم قبل ذلك بنذر لزمه
الاحرام من جدة بالنذر ثم يجدد احرامه خارج الحرم قبل
دخوله فيه.
(مسألة 170): تقدم إن المتمتع يجب عليه أن يحرم
لحجه من مكة، فلو أحرم من غيرها عالما عامدا لم يصح
إحرامه وإن دخل مكة محرما، بل وجب عليه الاستئناف من
مكة مع الامكان، وإلا بطل حجه.
(مسألة 171): إذا نسي المتمتع الاحرام للحج بمكة
وجب عليه العود مع الامكان، وإلا أحرم في مكانه ولو كان في
عرفات وصح حجه، وكذلك الجاهل بالحكم.
مسألة 172): لو نسي إحرام الحج ولم يذكر حتى
أتى بجميع أعماله صح حجه، وكذلك الجاهل.
76

كيفية الاحرام
واجبات الاحرام ثلاثة أمور:
الأمر الأول: النية، ومعنى النية، ومعنى النية أن يقصد الاتيان
باحرام العمرة أو الحج متقربا به إلى الله تعالى ويكفي فيها
العلم بأعمالهما ولو اجمالا.
واللازم عليه حينئذ الأخذ بما يجب عليه شيئا فشيئا من
الرسائل العملية أو ممن يثق به من المعلمين، فلو أحرم من غير
قصد بطل إحرامه، ويعتبر في النية أمور:
1 - القربة، كغير الاحرام من العبادات.
2 - أن تكون مقارنة للشروع فيه.
3 - تعيين أن الاحرام للعمرة أو للحج، وأن الحج تمتع
أو قران أو افراد، وأنه لنفسه أو لغيره، وأنه حجة الاسلام أو
الحج النذري أو الواجب بالافساد أو الندبي، فلو نوى
77

الاحرام من غير تعيين بطل إحرامه إذا كان الواجب عليه
أكثر من حج واحد.
(مسألة 173): لا يعتبر في صحة النية التلفظ
والأحوط اعتبار الاخطار بالبال، كما في غير الاحرام من
العبادات.
(مسألة 174): لا يعتبر في صحة الاحرام العزم على
ترك محرماته حدوثا وبقاء إلا الجماع والاستمناء فلو عزم من
أول الاحرام في الحج على أن يجامع زوجته أو يستمني قبل
الوقوف بالمزدلفة أو تردد في ذلك بطل إحرامه على وجه، وأما
لو عزم على الترك من أول الأمر ولم يستمر عزمه، بأن نوى
بعد تحقق الاحرام الاتيان بشئ منهما لم يبطل إحرامه.
الأمر الثاني: التلبية، وصورتها أن يقول: " لبيك اللهم
لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك "، والأحوط الأولى إضافة
هذه الجملة: " إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك
لبيك "، ويجوز إضافة " لك " إلى الملك، بأن يقول: " والملك لك
لا شريك لك لبيك ".
(مسألة 175): على المكلف أن يتعلم ألفاظ التلبية
78

ويحسن أداها بصورة صحيحة كتكبيرة الاحرام في الصلاة
ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص
آخر، فإذا لم يتعلم تلك الألفاظ ولم يتيسر له التلقين يجب عليه
التلفظ بها بالمقدار الميسور، والأحوط في هذه الصورة الجمع
بين الاتيان بالمقدار الذي يتمكن منه والاتيان بترجمتها
والاستنابة لذلك.
(مسألة 176): الأخرس يشير إلى التلبية بإصبعه مع
تحريك لسانه، والأولى أن يجمع بينها وبين الاستنابة.
(مسألة 177): الصبي غير المميز يلبي عنه.
(مسألة 178): لا ينعقد إحرام حج التمتع، واحرام
عمرته، واحرام حج الافراد، واحرام العمرة المفردة إلا
بالتلبية، وأما حج القران فكما يتحقق إحرامه بالتلبية يتحقق
بالاشعار أو التقليد، والاشعار مختص بالبدن، والتقليد مشترك
بين البدن وغيرها من أنواع الهدي، والأولى الجمع بين الاشعار
والتقليد في البدن، والأحوط التلبية على القارن، وإن كان عقد
إحرامه بالاشعار أو التقليد، ثم إن الاشعار هو شق السنام
79

الأيمن بأن يقوم المحرم من الجانب الأيسر من الهدي ويشق
سنامه من الجانب الأيمن ويلطخ صفحته بدمه، والتقليد هو
أن يعلق في رقبة الهدي نعلا خلقا قد صلى فيها.
(مسألة 179): لا يشترط الطهارة عن الحدث
الأصغر والأكبر في صحة الاحرام، فيصح الاحرام من
المحدث بالأصغر أو الأكبر، كالمجنب والحائض والنفساء
وغيرهم.
(مسألة 180) التلبية بمنزلة تكبيرة الاحرام في
الصلاة، فلا يتحقق الاحرام إلا بها، أو بالاشعار أو التقليد
لخصوص القارن، فلو نوى الاحرام ولبس الثوبين وفعل شيئا
من المحرمات قبل تحقق الاحرام لم يأثم وليس عليه كفارة.
(مسألة 181): الأفضل لمن حج عن طريق المدينة
تأخير التلبية إلى البيداء، ولمن حج عن طريق آخر تأخيرها
إلى أن يمشي قليلا، ولمن حج من مكة تأخيرها إلى الرقطاء،
ولكن الأحوط التعجيل بها مطلقا، ويؤخر الجهر بها إلى
المواضع المذكورة، والبيداء بين مكة والمدينة على ميل من ذي
80

الحليفة نحو مكة، والرقطاء موضع يسمى مدعى دون الردم.
(مسألة 182): يجب لمن اعتمر عمرة التمتع قطع
التلبية عند مشاهدة موضع بيوت مكة القديمة ولمن اعتمر
عمرة مفردة قطعها عند دخول الحرم إذا جاء من خارج
الحرم، وعند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكة
لاحرامها، ولمن حج بأي نوع من أنواع الحج قطعها عند
الزوال من يوم عرفة.
(مسألة 183): إذا شك بعد لبس الثوبين، وقبل
التجاوز من الميقات في أنه قد أتى بالتلبية أم لا بنى على عدم
الاتيان، وإذا شك بعد الاتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أم
لا بنى على الصحة.
الأمر الثالث: لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب على
المحرم اجتنابه، يتزر بأحدهما ويرتدي بالآخر، ويستثنى من
ذلك الصبيان، فيجوز تأخير تجريدهم إلى فخ، كما تقدم.
(مسألة 184): لبس الثوبين للمحرم واجب تعبدي
وليس شرطا في تحقق الاحرام على الأظهر. والأحوط أن
81

يكون لبسهما على الطريق المألوف.
(مسألة 185): يعتبر في الإزار أن يكون ساترا من
السرة إلى الركبة، كما يعتبر في الرداء أن يكون ساترا
للمنكبين، والأحوط كون اللبس قبل النية والتلبية، فلو
قدمهما عليه أعادهما بعده.
(مسألة 186): لو أحرم في قميص جاهلا أو ناسيا
نزعه وصح إحرامه، بل الأظهر صحة إحرامه حتى فيما إذا
أحرم فيه عالما عامدا، وأما إذا لبسه بعد الاحرام فلا اشكال
في صحة إحرامه، ولكن يلزم عليه شقه واخراجه من تحت.
(مسألة 187): لا بأس بالزيادة على الثوبين في
ابتداء الاحرام وبعده للتحفظ من البرد أو الحر أو لغير ذلك.
(مسألة 188): يعتبر في الثوبين نفس الشروط
المعتبرة في لباس المصلي فيلزم أن لا يكونا من الحرير
الخالص، ولا من أجزاء ما لا يؤكل لحمه، ولا من المذهب،
ويلزم طهارتهما كذلك نعم لا بأس بتنجسهما بنجاسة معفو عنها
في الصلاة.
82

(مسألة 189): يلزم في الإزار أن يكون ساترا للبشرة
غير حاك عنها، والأحوط اعتبار ذلك في الرداء أيضا.
(مسألة 190): الأحوط في الثوبين أن يكونا من
المنسوج، ولا يكونا من قبيل الجلد والملبد.
(مسألة 191): يختص وجوب لبس الإزار والرداء
بالرجال دون النساء، فيجوز لهن أن يحرمن في ألبستهن
العادية على أن تكون واجدة للشرائط المتقدمة.
(مسألة 192): إن حرمة لبس الحرير وإن كانت
تختص بالرجال ولا يحرم لبسه على النساء إلا أنه لا يجوز
للمرأة أن يكون ثوباها من الحرير، والأحوط أن لا تلبس
شيئا من الحرير الخالص في جميع أحوال الاحرام.
(مسألة 193): إذا تنجس أحد الثوبين أو كلاهما بعد
التلبس بالاحرام، فالأحوط المبادرة إلى التبديل أو التطهير.
(مسألة 194): لا تجب الاستدامة في لباس الاحرام،
فلا بأس بالقائه عن متنه لضرورة، كما لا بأس
بتبديله على أن يكون البدل واجدا للشرائط.
83

تروك الاحرام
قلنا في ما سبق: إن الاحرام يتحقق بالتلبية أو الاشعار
أو التقليد، ولا ينعقد الاحرام بدونها وإن حصلت منه نية
الاحرام، فإذا أحرم المكلف حرمت عليه أمور، وهي خمسة
وعشرون كما يلي:
1 - صيد البر. 2 - مجامعة النساء. 3 - تقبيل النساء.
4 - لمس المرأة. 5 - النظر إلى المرأة. 6 - الاستمناء. 7 - عقد
النكاح. 8 - استعمال الطيب. 9 - لبس المخيط للرجال. 10
- الاكتحال. 11 - النظر في المرآة. 12 - لبس الخف والجورب
للرجال. 13 - الكذب والسب. 14 - المجادلة. 15 - قتل
القمل ونحوه من الحشرات التي تكون على جسد الانسان.
16 - التزيين. 17 - الادهان. 18 - إزالة الشعر من البدن.
19 - ستر الرأس للرجال، وهكذا الارتماس في الماء حتى على
84

النساء. 20 - ستر الوجه للنساء. 21 - التظليل للرجال. 22
- إخراج الدم من البدن. 23 - التقليم. 24 - قلع السن. 25
- حمل السلاح.
1 - صيد البر
(مسألة 195): لا يجوز للمحرم سواء كان في الحل أم
الحرم صيد الحيوان البري أو قتله سواء كان محلل الأكل أم
لم يكن، كما لا يجوز له قتل الحيوان البري وإن تأهل بعد
صيده، ولا يجوز صيد الحرم مطلقا وإن كان الصائد محلا.
(مسألة 196): كما يحرم على المحرم صيد الحيوان
البري تحرم عليه الإعانة على صيده، ولو بالإشارة، ولا فرق
في حرمة الإعانة بين أن يكون الصائد محرما أو محلا.
(مسألة 197): لا يجوز للمحرم إمساك الصيد البري
والاحتفاظ به وإن كان اصطياده له قبل إحرامه، ولا يجوز له
أكل لحم الصيد وإن كان الصائد محلا، ويحرم الصيد الذي
85

ذبحه المحرم على المحل أيضا، وكذلك ما ذبحه المحل في الحرم،
والجراد ملحق بالحيوان البري، فيحرم صيده وامساكه وأكله.
(مسألة 198): الحكم المذكور إنما يختص بالحيوان
البري، وأما صيد البحر كالسمك فلا بأس به، والمراد بصيد
البحر ما يعيش فيه فقط، وأما ما يعيش في البر والبحر كليهما
فملحق بالبري، ولا بأس بصيد ما يشك في كونه بريا على
الأظهر، وكذلك لا بأس بذبح الحيوانات الأهلية كالدجاج
والغنم والبقر والإبل والدجاج الحبشي وإن توحشت، كما لا
بأس بذبح ما يشك في كونه أهليا.
(مسألة 199): فراخ هذه الأقسام الثلاثة من
الحيوانات البرية والبحرية والأهلية وبيضها تابعة للأصول في
حكمها.
(مسألة 200): لا يجوز للمحرم قتل السباع إلا فيما
إذا خيف منها على النفس، وكذلك إذا آذت حمام الحرم، ولا
كفارة في قتل السباع حتى الأسد على الأظهر بلا فرق بين
ما جاز قتلها وما لم يجز.
86

(مسألة 201): يجوز للمحرم أن يقتل الأفعى
والأسود الغدر وكل حية سوء والعقرب والفأرة، ولا كفارة في
قتل شئ من ذلك.
(مسألة 202): لا بأس للمحرم أن يرمي الغراب
والحداة، ولا كفارة لو أصابهما الرمي وقتلهما.
كفارات الصيد
(مسألة 203): في قتل النعامة بدنة، وفي قتل بقرة
الوحش بقرة، وفي قتل حمار الوحش بدنة أو بقرة، وفي قتل
الظبي والأرنب شاة، وكذلك في الثعلب على الأحوط.
(مسألة 204): من أصاب شيئا من الصيد فإن كان
فداؤه بدنة ولم يجدها فعليه إطعام ستين مسكينا، لكل مسكين
مد، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما، وإن كان فداؤه بقرة ولم
يجدها فليطعم ثلاثين مسكينا، فإن لم يقدر صام تسعة أيام، وإن
كان فداؤه شاة ولم يجدها فليطعم عشرة مساكين، فإن لم يقدر
87

صام ثلاثة أيام.
(مسألة 205): إذا قتل المحرم حمامة ونحوها في
خارج الحرم فعليه شاة، وفي فرخها حمل أو جدي، وفي كسر
بيضها درهم على الأحوط، وإذا قتلها المحل في الحرم فعليه
درهم، وفي فرخها نصف درهم، وفي بيضها ربعه، وإذا قتلها
المحرم في الحرم فعليه الجمع بين الكفارتين، وكذلك في قتل
الفرخ وكسر البيض، وحكم البيض إذا تحرك فيه الفرخ
حكم الفرخ.
(مسألة 206): في قتل القطاة والحجل والدراج
ونظيرها حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر، وفي
العصفور والقبرة والصعوة مد من الطعام على المشهور،
والأحوط فيها حمل فطيم، وفي قتل جرادة واحدة تمرة، وفي
أكثر من واحدة كف من الطعام، وفي الكثير شاة.
(مسألة 207): في قتل اليربوع والقنفذ والضب وما
أشبهها جدي، وفي قتل العظاية كف من الطعام.
(مسألة 208): في قتل الزنبور متعمدا إطعام شئ
88

من الطعام، وإذا كان القتل دفعا لايذائه فلا شئ عليه.
(مسألة 209): يجب على المحرم أن ينحرف عن
الجادة إذا كان فيها الجراد، فإن لم يتمكن فلا بأس بقتلها.
(مسألة 210): لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد
فعلى كل واحد منهم كفارة مستقلة.
(مسألة 211): كفارة أكل الصيد ككفارة الصيد
نفسه، فلو صاده المحرم وأكله فعليه كفارتان.
(مسألة 212): من كان معه صيد ودخل الحرم يجب
عليه إرساله، فإن لم يرسله حتى مات لزمه الفداء، بل الحكم
كذلك بعد إحرامه وإن لم يدخل الحرم على الأحوط.
(مسألة 213): لا فرق في وجوب الكفارة في قتل
الصيد وأكله بين العمد والسهو والجهل.
(مسألة 214): تتكرر الكفارة بتكرر الصيد جهلا أو
نسيانا أو خطأ، وكذلك في العمد إذا كان الصيد من المحل في
الحرم، أو من المحرم مع تعدد الاحرام، وأما إذا تكرر الصيد
عمدا من المحرم في إحرام واحد لم تتعدد الكفارة.
89

مجامعة النساء
(مسألة 215): يحرم على المحرم الجماع أثناء عمرة
التمتع، وأثناء العمرة المفردة، وأثناء الحج، وبعده قبل الاتيان
بصلاة طواف النساء.
(مسألة 216): إذا جامع المتمتع أثناء عمرته قبلا أو
دبرا عالما عامدا، فإن كان بعد الفراغ من السعي لم تفسد
عمرته ووجبت عليه الكفارة، وهي مخيرة بين الجزور، والبقرة
والشاة، وإن كان قبل الفراغ من السعي فكفارته كما تقدم،
والأحوط فساد عمرته أيضا وعليه إعادة العمرة إن أمكنه قبل
الحج وإن لم يمكنه فعليه إعادة حجه في العام المقبل.
(مسألة 217): إذا جامع المحرم للحج امرأته قبلا أو
دبرا عالما عامدا قبل الوقوف بالمزدلفة وجبت عليه الكفارة
والاتمام وإعادة الحج من عام قابل سواء كان الحج فرضا أم
نفلا، وكذلك المرأة إذا كانت محرمة وعالمة بالحال ومطاوعة له
90

على الجماع، ولو كانت المرأة مكرهة على الجماع لم يفسد
حجها، وتجب على الزوج المكره كفارتان، ولا شئ على المرأة،
وكفارة الجماع بدنة مع اليسر ومع العجز عنها شاة، ويجب
التفريق بين الرجل والمرأة في حجتهما، وفي المعادة إلى تمام
مناسك الحج.
وإذا كان الجماع بعد تجاوزه من منى إلى عرفات لزم
استمرار الفصل بينهما من ذلك المحل إلى وقت النحر بمنى،
والأحوط استمرار الفصل إلى الفراغ من تمام أعمال الحج.
(مسألة 218): إذا جامع المحرم امرأته عالما عامدا
بعد الوقوف بالمزدلفة، فإن كان ذلك قبل طواف النساء وجبت
عليه الكفارة على النحو المتقدم، ولكن لا تجب عليه الإعادة،
وكذلك إذا كان جماعه قبل الشوط الخامس من طواف النساء،
وأما إذا كان بعده فلا كفارة عليه أيضا.
(مسألة 219): من جامع امرأته عالما عامدا في
العمرة المفردة وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم، ولا
تفسد عمرته إذا كان الجماع بعد السعي، وأما إذا كان قبله
91

بطلت عمرته أيضا، ووجب عليه أن يقيم بمكة إلى شهر آخر
ثم يخرج إلى أحد المواقيت ويحرم منه للعمرة المعادة، والأحوط
إتمام العمرة الفاسدة أيضا.
(مسألة 220): من أحل من إحرامه، إذا جامع زوجته
المحرمة وجبت الكفارة على زوجته، وعلى الرجل أن يغرمها،
بناء على ما روي والكفارة بدنة.
(مسألة 221): إذا جامع المحرم امرأته جهلا أو
نسيانا صحت عمرته وحجه، ولا تجب عليه الكفارة، وهذا
الحكم يجري في بقية المحرمات الآتية التي توجب الكفارة،
بمعنى أن ارتكاب أي عمل على المحرم لا يوجب الكفارة إذا
كان صدوره منه ناشئا عن جهل أو نسيان، ويستثنى من ذلك
موارد:
1 - ما إذا نسي الطواف في الحج وواقع أهله، أو نسي
شيئا من السعي في عمرة التمتع فأحل لاعتقاده الفراغ من
السعي، وما إذا أتى أهله بعد السعي وقبل التقصير جاهلا
بالحكم.
92

2 - من أمر يده على رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة
أو شعرتان.
3 - ما إذا دهن عن جهل، ويأتي جميع ذلك في محالها.
3 - تقبيل النساء
(مسألة 222): لا يجوز للمحرم تقبيل زوجته عن
شهوة، فلو قبلها وخرج منه المني فعليه كفارة بدنة أو جزور،
وإذا لم يخرج منه المني فعليه كفارة شاة على الأحوط، وأما إذا
لم يكن التقبيل عن شهوة فكفارته شاة.
(مسألة 223): إذا قبل الرجل بعد طواف النساء
امرأته المحرمة فالأحوط أن يكفر بدم شاة.
4 - مس النساء
(مسألة 224): لا يجوز للمحرم أن يمس زوجته عن
93

شهوة، فإن فعل ذلك لزمه كفارة شاة، فإذا لم يكن المس عن
شهوة فلا شئ عليه.
5 - النظر إلى المرأة وملاعبتها
(مسألة 225): إذا لاعب المحرم امرأته حتى يمني
لزمته كفارة بدنة، وإذا نظر إلى امرأة أجنبية عن شهوة أو غير
شهوة فأمنى وجبت عليه الكفارة، وهي بدنة أو جزور على
الموسر، وبقرة على المتوسط وشاة على الفقير، وأما إذا نظر
إليها ولو عن شهوة ولم يمن فهو وإن كان مرتكبا لمحرم إلا
أنه لا كفارة عليه.
(مسألة 226): إذا نظر المحرم إلى زوجته عن شهوة
فأمنى وجبت عليه الكفارة، وهي بدنة أو جزور، وأما إذا نظر
إليها بشهوة ولم يمن، أو نظر إليها بغير شهوة فأمنى فلا كفارة
عليه.
(مسألة 227): يجوز استمتاع المحرم من زوجته في
94

غير ما ذكر على الأظهر، إلا أن الأحوط ترك الاستمتاع منها
مطلقا.
6 - الاستمناء
(مسألة 228): إذا عبث المحرم بذكره فأمنى فحكمه
حكم الجماع، وعليه فلو وقع ذلك في إحرام الحج قبل الوقوف
بالمزدلفة وجبت الكفارة، ولزم إتمامه وإعادته في العام القادم،
كما أنه لو فعل ذلك في عمرته المفردة من السعي بطلت عمرته
ولزمه الاتيان والإعادة على ما تقدم، وكفارة الاستمناء كفارة
الجماع، ولو استمنى بغير ذلك كالنظر والخيال وما شاكل ذلك
فأمنى لزمته الكفارة، ولا تجب إعادة حجه ولا تفسد عمرته
على الأظهر، وإن كان الأولى رعاية الاحتياط.
7 - عقد النكاح
(مسألة 229): يحرم على المحرم التزويج لنفسه أو
95

لغيره، سواء أكان ذلك الغير محرما أم كان محلا وسواء أكان
التزويج تزويج دوام أم كان تزويج انقطاع، ويفسد العقد في
جميع هذه الصور.
(مسألة 230): لو عقد المحرم أو عقد المحل للمحرم
امرأة ودخل بها وكان العاقد والزوج عالمين بتحريم
العقد في هذا الحال فعلى كل منهما كفارة بدنة، وكذلك على
المرأة إن كانت عالمة بالحال.
(مسألة 231): المشهور حرمة حضور المحرم مجلس
العقد والشهادة عليه، وهو الأحوط، وذهب بعضهم إلى حرمة
أداء الشهادة على العقد السابق أيضا ولكن دليله غير ظاهر.
(مسألة 232): الأحوط أن لا يتعرض المحرم لخطبة
النساء، نعم لا بأس بالرجوع إلى المطلقة الرجعية، ولا إشكال
في شراء الإماء، وإن كان شراؤها بقصد الاستمتاع، والأحوط
أن لا يقصد بشرائه الاستمتاع حال الاحرام، والأظهر جواز
تحليل أمته، وكذا قبوله التحليل.
96

8 - استعمال الطيب
(مسألة 233): يحرم على المحرم استعمال الزعفران
والعود والمسك والورس والعنبر بالشم والدلك والأكل، وكذلك
لبس ما يكون عليه أثر منها، والأحوط الاجتناب عن كل
طيب.
(مسألة 234): لا بأس بأكل الفواكه الطيبة الرائحة
كالتفاح والسفرجل، ولكن يمسك عن شمها حين الأكل على
الأحوط.
(مسألة 235): لا يجب على المحرم أن يمسك على
أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا والمروة، إذا كان
هناك من يبيع العطور، ولكن الأحوط لزوما أن يمسك على
أنفه من الرائحة الطيبة في غير هذا الحال، ولا إشكال في شم
خلوق الكعبة وهو نوع خاص من العطر.
(مسألة 236): إذا استعمل المحرم متعمدا شيئا من
97

الروائح الطيبة فعليه كفارة شاة على المشهور، ولكن في ثبوت
الكفارة في غير الأكل إشكال، وإن كان الأحوط التكفير.
(مسألة 237): يحرم على المحرم أن يمسك على أنفه
من الروائح الكريهة. نعم لا إشكال في الاسراع في المشي
للتخلص من ذلك.
9 - لبس المخيط للرجال
(مسألة 238): يحرم على المحرم أن يلبس القميص
والقباء والسروال والثوب المزرور مع شد أزراره والدرع، وهو
كل ثوب يمكن أن تدخل فيه اليدان والأحوط الاجتناب عن
كل ثوب مخيط، بل الأحوط الاجتناب عن كل ثوب يكون
مشابها للمخيط، كالملبد الذي تستعمله الرعاة، ويستثنى من
ذلك " الهميان "، وهو ما يوضع فيه النقود للاحتفاظ بها ويشد
على الظهر أو البطن، فإن لبسه جائز وإن كان من المخيط،
وكذلك لا إشكال في التحزم بالحزام المخيط الذي يستعمله
98

المبتلى بالفتق لمنع نزول الأمعاء في الأنثيين، وكذلك التحزم
بالشال، ويجوز للمحرم أن يغطي بدنه ما عدا الرأس باللحاف
ونحوه من المخيط حالة الاضطجاع للنوم وغيره.
(مسألة 239): يجوز عقد الإزار أو غرزه بإبرة
والأحوط لزوما أن لا يعقده على عنقه ولا يغرزه بإبرة.
(مسألة 240): يجوز للنساء لبس المخيط مطلقا عدا
القفازين وهو لباس خاص يلبس لليدين.
(مسألة 241): إذا لبس المحرم متعمدا شيئا مما حرم
لبسه عليه فكفارته شاة، والأحوط لزوم الكفارة عليه ولو كان
لبسه للاضطرار.
10 - الاكتحال
(مسألة 242): الاكتحال على صور:
1 - أن يكون بكحل أسود، مع قصد الزينة وهذا حرام
على المحرم قطعا، وتلزمه كفارة شاة على الأحوط استحبابا.
99

2 - أن يكون بكحل أسود، مع عدم قصد الزينة.
3 - أن يكون بكحل غير أسود مع قصد الزينة،
والأحوط الاجتناب في هاتين الصورتين، كما أن الأحوط
استحبابا التكفير فيهما.
4 - الاكتحال بكحل غير أسود، ولا يقصد به
الزينة، ولا بأس به، ولا كفارة عليه بلا إشكال.
11 - النظر في المرآة
(مسألة 243): يحرم على المحرم النظر في المرآة للزينة
على الأحوط وجوبا، وكفارته شاة على الأحوط استحبابا،
وأما إذا كان النظر فيها لغرض آخر غير الزينة كنظر السائق
فيها لرؤية ما خلفه من السيارات فلا اشكال فيه، ويستحب
لمن نظر فيها للزينة تجديد التلبية، أما لبس النظارة فلا
إشكال فيه للرجل أو المرأة إذا لم يكن للزينة، والأولى
الاجتناب عنه، وهذا الحكم لا يجري في سائر الأجسام
100

الشفافة، فلا مانع من النظر إلى الماء الصافي أو الأجسام
الصقيلة الأخرى.
12 - لبس الخف والجورب
(مسألة 245): يحرم على الرجل المحرم لبس الخف
والجورب، وكفارة ذلك شاة على الأحوط، ولا بأس بلبسهما
للنساء، والأحوط الاجتناب عن لبس كل ما يستر تمام ظهر
القدم، وإذا لم يتيسر للمحرم نعل أو شبهه ودعت الضرورة
إلى لبس الخف فالأحوط الأولى خرقه من المقدم، ولا بأس
بستر تمام ظهر القدم من دون لبس
13 - الكذب والسب
(مسألة 246): الكذب والسب محرمان في جميع
الأحوال، لكن حرمتهما مؤكدة حال الاحرام، والمراد من
101

الفسوق في قوله تعالى: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في
الحج)، هو الكذب والسب.
أما التفاخر وهو إظهار الفخر من حيث الحسب أو
النسب، فهو على قسمين: الأول: أن يكون ذلك لاثبات
فضيلة لنفسه مع استلزام الحط من شأن الآخرين، وهذا محرم
في نفسه. الثاني: أن يكون ذلك لاثبات فضيلة لنفسه من دون
أن يستلزم إهانة الغير، وحطا من كرامته، وهذا لا بأس به،
ويجوز للمحرم وغيره.
14 - الجدال
(مسألة 247): لا يجوز للمحرم الجدال، وهو قول " لا
والله "، بلى والله " والأحوط ترك الحلف حتى بغير هذه
الألفاظ.
(مسألة 248): يستثنى من حرمة الجدال أمران:
الأول: أن يكون ذلك لضرورة ه تقتضيه من إحقاق
102

حق أو إبطال باطل.
الثاني أن لا يقصد بذلك الحلف بل يقصد به أمرا آخر
كاظهار المحبة والتعظيم كقول القائل: لا والله لا تفعل ذلك.
(مسألة 249): لا كفارة على المجادل فيما إذا كان
صادقا في قوله، ولكنه يستغفر ربه، هذا فيما إذا لم يتجاوز حلفه
المرة الثانية، وإلا كان عليه كفارة شاة، وأما إذا كان الجدال
عن كذب فعليه كفارة شاة للمرة الأولى، وشاة أخرى للمرة
الثانية، وبقرة للمرة الثالثة.
15 - قتل هوام الجسد
(مسألة 250): لا يجوز للمحرم قتل القمل ولا إلقاؤه
من جسده، ولا بأس بنقله من مكان إلى مكان آخر، وإذا قتله
فالأحوط التكفير عنه بكف من الطعام للفقير، أما البق
والبرغوث وأمثالهما فالأحوط عدم قتلهما إذا لم يكن هناك
ضرر يتوجه منهما على المحرم، وأما دفعهما فالأظهر جوازه وإن
103

كان الترك أحوط.
16 - التزين
(مسألة 251): يحرم على المحرم التختم بقصد الزينة،
ولا بأس بذلك بقصد الاستحباب، بل يحرم عليه التزين
مطلقا، وكفارته شاة على الأحوط.
(مسألة 252): يحرم على المحرم استعمال الحناء فيما
إذ عد زينة خارجا وإن لم يقصد به التزين، نعم لا بأس به
إذا لم يكن زينة، كما إذا كان لعلاج ونحوه.
(مسألة 253): يحرم على المرأة المحرمة لبس الحلي
للزينة، ويستثنى من ذلك ما كانت تعتاد لبسه قبل إحرامها
ولكنها لا تظهره لزوجها ولا لغيره من الرجال.
104

17 - الادهان
(مسألة 254):
لا يجوز للمحرم الادهان ولو كان بما
ليست فيه رائحة طيبة، ويستثنى من ذلك ما كان لضرورة أو
علاج.
(مسألة 255): كفارة الادهان شاة إذا كان عن علم
وعمد، وإذا كان عن جهل فإطعام فقير، على الأحوط في
كليهما.
18 - إزالة الشعر عن البدن
(مسألة 256): لا يجوز للمحرم أن يزيل الشعر عن
بدنه أو بدن غيره المحرم أو المحل، وتستثنى من ذلك حالات
أربع: 1 - أن يتكاثر القمل على جسد المحرم ويتأذى بذلك.
2 - أن تدعو ضرورة إلى إزالته. كما إذا أوجبت كثرة الشعر
105

صداعا أو نحو ذلك. 3 - أن يكون الشعر نابتا في أجفان
العين ويتألم المحرم بذلك. 4 - أن ينفصل الشعر من الجسد
من غير قصد حين الوضوء أو الاغتسال.
(مسألة 257): إذا حلق المحرم رأسه من دون ضرورة
فكفارته شاة، وإذا حلقه لضرورة فكفارته شاة، أو صوم ثلاثة
أيام، أو إطعام ستة مساكين، لكل واحد مدان من الطعام، وإذا
نتف المحرم شعره النابت تحت إبطيه فكفارته شاة، وكذا إذا
نتف أحد إبطيه. وإذا نتف شيئا من شعر لحيته وغيرها فعليه
أن يطعم مسكينا بكف من الطعام، ولا كفارة في حلق المحرم
رأس غيره محرما كان أم محلا.
(مسألة 258): لا بأس بحك المحرم رأسه ما لم يسقط
الشعر عن رأسه وما لم يدمه، وكذلك البدن، وإذا أمر المحرم
يده على رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو شعرتان
فالأحوط التصدق بكف من طعام.
106

19 - ستر الرأس للرجال
(مسألة 259): لا يجوز للرجل المحرم ستر رأسه، ولو
جزء منه بأي ساتر كان حتى مثل الطين، بل وبحمل شئ
على الرأس على الأحوط، نعم لا بأس بستره بحبل القربة،
وكذلك تعصيبه بمنديل ونحوه من جهة الصداع، وكذلك لا
يجوز ستر الأذنين.
(مسألة 260): لا يجوز ستر الرأس بشئ من البدن
كاليد، والأولى تركه.
(مسألة 261): لا يجوز للمحرم الارتماس في الماء،
وكذلك في غير الماء على الأحوط، والظاهر أنه لا فرق في ذلك
بين الرجل والمرأة.
(مسألة 262): إذا ستر المحرم رأسه فكفارته شاة
على الأحوط، والأحوط لزوما الكفارة حتى في مورد
الاضطرار.
107

20 - ستر الوجه للنساء
(مسألة 263): لا يجوز للمرأة المحرمة أن تستر
وجهها بالبرقع أو النقاب وغيرهما مما يلاصق الوجه ولا مانع
من اسدال الخمار وإن لامس الوجه أحيانا، نعم يجوز لها أن
تغطي وجهها حال النوم، ولا بأس بستر بعض وجهها مقدمة
لستر الرأس في الصلاة، والأحوط رفعه عند الفراغ منها.
(مسألة 264): للمرأة المحرمة أن تتحجب من
الأجنبي بأن تنزل ما على رأسها من الخمار أو نحوه إلى ما
يحاذي أنفها، والأولى أن تجعل القسم النازل بعيدا عن
الوجه بواسطة اليد أو غيرها.
(مسألة 265): كفارة ستر الوجه شاة على الأحوط.
108

21 - التظليل للرجال
(مسألة 266): لا يجوز للرجل المحرم التظليل نهارا
حال مسيره بمظلة أو غيرها ولو كان بسقف المحمل أو
السيارة أو الطائرة ونحوها، ولا بأس بالسير في ظل جبل أو
جدار كما لا بأس بالسير تحت السحابة المانعة من شروق
الشمس، ولا فرق في حرمة التظليل بين الراكب والراجل على
الأحوط، ولا يشكل التظليل بما لا يكون فوق رأس المحرم
بأن يكون ما يتظلل به على أحد جوانبه، ويجوز للمحرم أن
يتستر من الشمس بيديه حال المسير، وكذلك لا بأس
بالاحرام في القسم المسقوف من مسجد الشجرة.
(مسألة 267): لا بأس بالتظليل تحت السقوف
للمحرم بعد وصوله إلى مكة بلا فرق بين القديمة والجديدة.
وإن كان بعد لم يتخذ بيتا كما لا بأس به حال الذهاب والإياب
109

في المكان الذي ينزل فيه المحرم، وكذلك فيما إذا نزل في
الطريق للجلوس أو لملاقاة الأصدقاء أو لغير ذلك، والأظهر
جواز الاستظلال في هذه الموارد بمظلة ونحوها أيضا وإن كان
الأحوط الاجتناب عنه.
(مسألة 268): لا بأس بالتظليل للنساء والأطفال،
وكذلك للرجال عند الضرورة والخوف من الحر أو البرد.
(مسألة 269): كفارة التظليل شاة، ولا فرق في ذلك
بين حالتي الاختيار والاضطرار، والأظهر كفاية كفارة واحدة
في كل إحرام نعم لا بأس بالتظليل ليلا مطلقا ولا كفارة فيه
أيضا.
22 - إخراج الدم من البدن
لا يجوز للمحرم إخراج الدم من جسده وإن كان ذلك
بحك بل بالسواك على الأحوط، ولا بأس به مع الضرورة أو
دفع الأذى، وكفارته شاة على الأحوط استحبابا
110

23 - التقليم
لا يجوز للمحرم تقليم ظفره ولو بعضه إلا أن يتضرر
المحرم ببقائه، كما إذا انفصل بعض ظفره وتألم من بقاء الباقي
فيجوز له حينئذ قطعه، ويكفر عن كل ظفر بقبضة من
الطعام.
(مسألة 270): كفارة تقليم كل ظفر مد من الطعام،
وكفارة تقليم أظافير اليد جميعها في مجلس واحد شاة، وكذلك
الرجل، وإذا كان تقليم أظافير اليد وأظافير الرجل في مجلس
واحد فالكفارة أيضا شاة، وإذا كان تقليم أظافير اليد في
مجلس وتقليم أظافير الرجل في مجلس آخر فالكفارة شاتان.
24 - قلع الضرس
(مسألة 271): ذهب جمع من الفقهاء إلى حرمة قلع
111

الضرس على المحرم وإن لم يخرج به الدم، وأوجبوا له كفارة
شاة، ولكن في دليله تأملا بل لا يبعد جوازه.
25 - حمل السلاح
(مسألة 272): لا يجوز للمحرم حمل السلاح
كالسيف والرمح وغيرهما مما يصدق عليه السلاح عرفا، وذهب
بعض الفقهاء إلى عموم الحكم لآلات التحفظ أيضا كالدرع
والمغفر، وهذا القول أحوط بل أظهر.
(مسألة 273): لا بأس بوجود السلاح عند المحرم
إذا لم يكن حاملا له. ومع ذلك فالترك أحوط.
(مسألة 274): تختص حرمة حمل السلاح بحال
الاختيار، ولا بأس به عند الاضطرار.
(مسألة 275): كفارة حمل السلاح شاة على
الأحوط.
إلى هنا انتهت الأمور التي تحرم على المحرم.
112

الصيد في الحرم وقلع شجره ونبته
وهناك ما تعم حرمته المحرم والمحل وهو أمران:
أحدهما: الصيد في الحرم، فإنه يحرم على المحل والمحرم كما
تقدم. ثانيهما: قلع كل شئ نبت في الحرم أو قطعه من شجر
وغيره، ولا بأس بما يقطع عند المشي على النحو المتعارف، كما
لا بأس بأن تترك الدواب في الحرم لتأكل من حشيشه،
ويستثنى من حرمة القلع أو القطع موارد:
1 - الإذخر وهو نبت معروف. 2 - النخل وشجر
الفاكهة. 3 - الأعشاب التي تجعل علوفة للإبل. 4 - الأشجار
أو الأعشاب التي تنمو في دار نفس الشخص أو في ملكه أو
يكون الشخص هو الذي غرس ذلك الشجر أو زرع
العشب، وأما الشجرة التي كانت موجودة في الدار قبل تملكها
فحكمها حكم سائر الأشجار.
(مسألة 276): الشجرة التي تكون أصلها في الحرم
113

وفرعها في خارجه أو بالعكس حكمها حكم الشجرة التي
يكون جميعها في الحرم.
(مسألة 277): كفارة قلع الشجرة قيمة تلك
الشجرة، وفي القطع منها قيمة المقطوع، ولا كفارة في قلع
الأعشاب وقطعها.
محل ذبح الكفارة ومورد مصرفها
(مسألة 278): إذا وجبت على المحرم كفارة لأجل
الصيد في العمرة فمحل ذبحها مكة المكرمة، وإذا كان الصيد
في احرام الحج فمحل ذبح الكفارة منى.
(مسألة 279): إذا وجبت الكفارة على المحرم بسبب
غير الصيد فإذا كانت في عمرة التمتع فيذبحها في مكة وإذا
كانت في الحج يذبحها في منى وإذا لم يذبحها لعذر أو عصيانا
فيمكن أن يذبحها في أي مكان، ومصرفها الفقراء، ولا بأس
بالأكل منها قليلا مع الضمان.
114

شرائط الطواف
الطواف هو الواجب الثاني في عمرة التمتع ويفسد
الحج بتركه عمدا سواء أكان عالما بالحكم أو كان جاهلا
به ويتحقق الترك بالتأخير إلى زمان لا يمكنه ادراك
الركن من الوقوف بعرفات والأحوط الاتيان بأعمال العمرة
المفردة للخروج من الاحرام وعلى كلا التقديرين، تجب
إعادة الحج في العام القابل، ويعتبر في الطواف أمور:
الأول: النية، فيبطل الطواف إذا لم يقترن بقصد
القربة.
الثاني: الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، فلو طاف
المحدث عمدا أو جهلا أو نسيانا لم يصح طوافه.
(مسألة 280): إذا أحدث المحرم أثناء طوافه
فللمسألة صور:
الأولى: أن يكون ذلك قبل بلوغه النصف، ففي هذه
115

الصورة يبطل طوافه وتلزمه إعادته بعد الطهارة.
الثانية: أن يكون الحدث بعد إتمامه الشوط الرابع ومن
دون اختياره، ففي هذه الصورة يقطع طوافه ويتطهر ويتمه
من حيث قطعه.
الثالثة: أن يكون الحدث بعد النصف وقبل تمام الشوط
الرابع، أو يكون بعد تمامه مع صدور الحدث عنه بالاختيار،
والأحوط في هذين الفرضين أن يتم طوافه بعد الطهارة من
حيث قطع ثم يعيده، ويجزئ عن الاحتياط المذكور أن يأتي
بعد الطهارة بطواف كامل يقصد به الأعم من التمام والاتمام.
ومعنى ذلك أن يقصد الاتيان بما تعلق بذمته سواء أكان هو
مجموع الطواف، أم هو الجزء المتمم للطواف الأول، ويكون
الزايد لغوا.
(مسألة 281): إذا شك في الطهارة قبل الشروع في
الطواف أو أثنائه، فإن علم أن الحالة السابقة كانت هي
الطهارة وكان الشك في صدور الحدث بعدها لم يعتن بالشك،
وإلا وجبت عليه الطهارة والطواف أو استينافه بعدها.
116

(مسألة 282): إذا شك في الطهارة بعد الفراغ من
الطواف لم يعتن بالشك، وإن كانت الإعادة أحوط، ولكن
تجب الطهارة لصلاة الطواف.
(مسألة 283): إذا لم يتمكن المكلف من الوضوء
يتيمم ويأتي بالطواف، وإذا لم يتمكن من التيمم أيضا جرى
عليه حكم من لم يتمكن من أصل الطواف، فإذا حصل له
اليأس من التمكن لزمته الاستنابة للطواف، والأحوط الأولى
أن يأتي هو أيضا بالطواف من غير طهارة.
(مسألة 284): يجب على الحائض والنفساء بعد
انقضاء أيامهما وعلى المجنب الاغتسال للطواف ومع تعذر
الاغتسال واليأس من التمكن منه يجب الطواف مع التيمم،
والأحوط الأولى حينئذ الاستنابة أيضا، ومع تعذر التيمم تتعين
الاستنابة.
(مسألة 285): إذا حاضت المرأة في عمرة التمتع
حال الاحرام أو بعده وقد وسع الوقت لأداء أعمالها صبرت إلى
أن تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها، وإن لم يسع الوقت فللمسألة
117

صورتان:
الأولى: أن يكون حيضها عند إحرامها أو قبل أن
تحرم، ففي هذه الصورة ينقلب حجها إلى الافراد، وبعد
الفراغ من الحج تجب عليها العمرة المفردة إذا تمكنت منها.
الثانية: أن يكون حيضها بعد الاحرام، ففي هذه
الصورة تتخير بين الاتيان بحج الافراد كما في الصورة الأولى
وبين أن تأتي بأعمال عمرة التمتع من دون طواف، فتسعى
وتقصر ثم تحرم للحج وبعد ما ترجع إلى مكة بعد الفراغ من
أعمال منى تقتضي طواف العمرة قبل طواف الحج، وفيما إذا
تيقنت ببقاء حيضها وعدم تمكنها من الطواف حتى بعد
رجوعها من منى استنابت لطوافها، ثم أتت بالسعي بنفسها،
ثم إن اليوم الذي يجب عليها الاستظهار فيه بحكم أيام
الحيض، فيجري عليه حكمها.
(مسألة 286): إذا حاضت المحرمة أثناء طوافها
فالمشهور على أن طروء الحيض إذا كان قبل تمام أربعة أشواط
بطل طوافها، وإذا كان بعده صح ما أتت به ووجب عليها
118

إتمامه بعد الطهر والاغتسال، والأحوط في كلتا الصورتين أن
تأتي بطواف كامل تنوي به الأعم من التمام والاتمام، هذا فيما
إذا وسع الوقت، وإلا سعت وقصرت وأحرمت للحج ولزمها
الاتيان بقضاء طوافها بعد الرجوع من منى وقبل طواف الحج
على النحو الذي ذكرناه.
(مسألة 287): إذا حاضت المرأة بعد الفراغ من
الطواف وقبل الاتيان بصلاة الطواف صح طوافها وأتت
بالصلاة بعد طهرها واغتسالها وإن ضاق الوقت سعت
وقصرت وقضت الصلاة قبل طواف الحج.
(مسألة 289): إذا طافت المرأة وصلت ثم شعرت
بالحيض ولم تدر أنه كان قبل الطواف أو قبل الصلاة أو في
أثنائها أو أنه حدث بعد الصلاة بنت على صحة الطواف
والصلاة، وإذا علمت أن حدوثه كان قبل الصلاة وضاق
الوقت سعت وقصرت وأخرت الصلاة إلى أن تطهر وقد تمت
عمرتها.
(مسألة 290): إذا دخلت المرأة مكة وكانت متمكنة
119

من أعمال العمرة ولكنها أخرتها إلى أن حاضت حتى ضاق
الوقت مع العلم والعمد فالظاهر فساد عمرتها، والأحوط أن
تعدل إلى العمرة المفردة، ولا بد لها من إعادة الحج في السنة
القادمة.
(مسألة 291): الطواف المندوب لا تعتبر فيه
الطهارة، فيصح بغير طهارة، ولكن صلاته لا تصح إلا عن
طهارة.
(مسألة 292): المعذور يكتفي بطهارته العذرية
كالمجبور والمسلوس، أما المبطون فالأحوط أن يجمع مع
التمكن بين الطواف بنفسه والاستنابة، وأما المستحاضة
فالأحوط في حقها أن تعتبر الطواف بمنزلة صلاة واحدة
وعليه يكون الطواف وصلاته بمنزلة الظهرين أو العشائين
فيجب عليها العمل بوظيفة الظهرين بالنسبة إلى الطواف
وصلاته وبحسب أحوالها المختلفة من (القليلة والمتوسطة
والكثيرة).
الثالث: من الأمور المعتبرة في الطواف: الطهارة من
الخبث على الأحوط، فلا يصح الطواف مع نجاسة البدن أو
120

اللباس، والنجاسة المعفو عنها في الصلاة كالدم الأقل من
الدرهم لا تكون معفوا عنها في الطواف على الأحوط.
(مسألة 293): لا بأس بدم القروح والجروح فيما
يشق الاجتناب عنه، ولا تجب إزالته عن الثوب والبدن في
الطواف إذا كان الوقت ضيقا، كما لا بأس بالمحمول
المتنجس، وكذلك نجاسة ما لا تتم الصلاة فيه.
(مسألة 294): إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه ثم
علم بها بعد الفراغ من الطواف صح طوافه، فلا حاجة إلى
إعادته، وكذلك تصح صلاة الطواف إذا لم يعلم بالنجاسة إلى
أن فرغ منها
(مسألة 295): إذا نسي نجاسة بدنه أو ثيابه ثم
تذكرها بعد طوافه صح طوافه على الأظهر، وإن كانت إعادته
أحوط، وإذا تذكرها بعد صلاة الطواف أعادها.
(مسألة 296): إذا لم يعلم بنجاسة بدنه أو ثيابه وعلم
بها أثناء الطواف أو طرأت النجاسة عليه قبل فراغه من
الطواف فإن كان معه ثوب طاهر مكانه طرح الثوب النجس
121

وأتم طوافه في ثوب طاهر، وإن لم يكن معه ثوب طاهر فإن
كان ذلك بعد إتمام الشوط الرابع من الطواف قطع طوافه
ولزمه الاتيان بما بقي منه بعد إزالة النجاسة، وإن كان العلم
بالنجاسة أو طروها عليه قبل اكمال الشوط الرابع قطع طوافه
وأزال النجاسة ويأتي بطواف كامل بقصد الأعم من التمام
والاتمام على الأحوط.
الرابع: الختان للرجال، والأحوط بل الأظهر اعتباره
في الصبي المميز أيضا إذا أحرم بنفسه. وأما إذا كان الصبي
غير مميز أو كان إحرامه من وليه فاعتبار الختان في طوافه غير
ظاهر وإن كان الاعتبار أحوط
(مسألة 297): إذا طاف المحرم غير مختون بالغا كان
أو صبيا مميزا فلا يجتزي بطوافه، فإن لم يعده مختونا فهو كتارك
الطواف يجري فيه ماله من الأحكام الآتية.
(مسألة 298): إذا استطاع المكلف وهو غير مختون
فإن أمكنه الختان والحج في سنة الاستطاعة وجب ذلك، وإلا
أخر إلى السنة القادمة، فإن لم يمكنه الختان أصلا لضرر أو
122

حرج أو نحو ذلك فاللازم عليه الحج، لكن الأحوط أن يطوف
بنفسه في عمرته وحجه ويستنيب أيضا من يطوف عنه ويصلي
هو صلاة الطواف بعد طواف النائب.
الخامس: ستر العورة حال الطواف على الأحوط،
ويعتبر في الساتر الإباحة. والأحوط اعتبار جميع شرائط
لباس المصلي فيه.
واجبات الطواف
تعتبر في الطواف أمور سبعة:
الأول: الابتداء من الحجر الأسود، والأحوط الأولى
أن يمر بجميع بدنه على جميع الحجر، ويكفي في الاحتياط أن
يقف دون الحجر بقليل فينوي الطواف من الموضع الذي
تتحقق فيه المحاذاة واقعا على أن تكون الزيادة من باب
المقدمة العلمية.
الثاني: الانتهاء في كل شوط بالحجر الأسود ويحتاط
123

في الشوط الأخير بتجاوزه عن الحجر بقليل على أن تكون
الزيادة من باب المقدمة العلمية.
الثالث: جعل الكعبة على يساره في جميع أحوال
الطواف، فإذا استقبل الطائف الكعبة لتقبيل الأركان أو لغيره
أو ألجأه الزحام إلى استقبال الكعبة أو استدبارها أو جعلها
على اليمين فذلك المقدار لا يعد من الطواف، والظاهر أن
العبرة في جعل الكعبة على اليسار بالصدق العرفي كما يظهر
ذلك من طواف النبي (صلى الله عليه وآله) راكبا، والأولى
المداقة في ذلك ولا سيما عند فتحي حجر إسماعيل وعند
الأركان، بحيث لا يخرج البيت الشريف عن كونه في يسار
الطائف.
الرابع: إدخال حجر إسماعيل في المطاف بمعنى أن
يطوف حول الحجر من دون أن يدخل فيه.
الخامس: خروج الطائف عن الكعبة وعن الصفة التي
في أطرافها المسماة بشاذروان.
السادس: أن يطوف بالبيت سبع مرات متواليات
124

عرفا، ولا يجزئ الأقل من السبع، ويبطل الطواف بالزيادة
على السبع عمدا كما سيأتي.
(مسألة 299): اعتبر المشهور في الطواف أن يكون
بين الكعبة ومقام إبراهيم (عليه السلام)، ويقدر هذا الفاصل
بستة وعشرين ذراعا ونصف ذراع، وبما أن حجر إسماعيل
داخل في المطاف فمحل الطواف من الحجر لا يتجاوز ستة
أذرع ونصف ذراع، ولكن الظاهر كفاية الطواف في الزائد على
هذا المقدار أيضا، ولا سيما لمن لا يقدر على الطواف في الحد
المذكور أو أنه حرج عليه، ورعاية الاحتياط مع التمكن أولى.
الخروج عن المطاف
إلى الداخل أو الخارج
(مسألة 300): إذا خرج الطائف عن المطاف فدخل
الكعبة بطل طوافه ولزمته الإعادة، والأولى إتمام الطواف ثم
125

إعادته إذا كان الخروج بعد تجاوز النصف.
(مسألة 301): إذا تجاوز عن مطافه إلى الشاذروان
بطل طوافه بالنسبة إلى المقدار الخارج عن المطاف، والأحوط
إتمام الطواف بعد تدارك ذلك المقدار ثم إعادته، والأحوط أن
لا يمد يده حال طوافه من جانب الشاذروان إلى جدار الكعبة
لاستلام الأركان أو غيره.
(مسألة 302): إذا دخل الطائف حجر إسماعيل
بطل الشوط الذي وقع ذلك فيه فلا بد من إعادته، والأولى
إعادة الطواف بعد إتمامه، هذا مع بقاء الموالاة، وأما مع عدمها
فالطواف محكوم بالبطلان وإن كان ذلك عن جهل أو نسيان،
وفي حكم دخول الحجر التسلق على حائطه على الأحوط، بل
الأحوط أن لا يضع الطائف يده على حائط الحجر أيضا.
(مسألة 303): إذا خرج الطائف من المطاف إلى
الخارج قبل تجاوزه النصف من دون عذر، فإن فاتته الموالاة
معرفية بطل طوافه ولزمته إعادته، وإن لم تفت الموالاة أو كان
خروجه بعد تجاوز النصف فالأحوط إتمام الطواف ثم إعادته.
126

(مسألة 304): إذا أحدث أثناء طوافه جاز له أن
يخرج ويتطهر ثم يرجع ويتم طوافه على ما تقدم، وكذلك
الخروج لإزالة النجاسة من بدنه أو ثيابه، ولو حاضت المرأة
أثناء طوافها وجب عليها قطعه والخروج من المسجد الحرام
فورا، وقد مر حكم طواف هؤلاء في شرائط الطواف.
(مسألة 305): إذا التجأ الطائف إلى قطع طوافه
وخروجه عن المطاف لصداع أو وجع في البطن أو نحو ذلك
فإن كان ذلك قبل إتمامه الشوط الرابع بطل طوافه ولزمته
إعادته، وإن كان بعده فالأحوط أن يستنيب للمقدار الباقي
ويحتاط بالاتمام والإعادة بعد زوال العذر بنية التمام والاتمام.
(مسألة 306): يجوز للطائف أن يخرج من المطاف
لعيادة مريض أو لقضاء حاجة لنفسه أو لأحد إخوانه
المؤمنين، ولكن تلزمه الإعادة إذا كان الطواف فريضة وكان ما
أتى به شوطا أو شوطين، وأما إذا كان خروجه بعد ثلاثة
أشواط فالأحوط أن يأتي بعد رجوعه بطواف كامل يقصد به
الأعم من التمام والاتمام.
127

(مسألة 307): يجوز الجلوس أثناء الطواف
للاستراحة، ولكن لا بد أن يكون مقداره بحيث لا تفوت به
الموالاة العرفية، فإن زاد على ذلك بطل طوافه ولزمه
الاستئناف على الأحوط.
النقصان في الطواف
(مسألة 308): إذا نقص من طوافه عمدا فإن فاتت
الموالاة بطل طوافه، وإلا جاز له الاتمام ما لم يخرج من
المطاف، وقد تقدم حكم الخروج من المطاف متعمدا.
(مسألة 309): إذا نقص من طوافه سهوا فإن تذكره
قبل فوات الموالاة ولم يخرج بعد من المطاف أتى بالباقي وصح
طوافه، وأما إذا كان تذكره بعد فوات الموالاة أو بعد خروجه
من المطاف فإن كان المنسي شوطا واحدا أتى به وصح طوافه
أيضا، وإن لم يتمكن من الاتيان به بنفسه ولو لأجل أن تذكره
كان بعد إيابه إلى بلده استناب غيره، وإن كان المنسي أكثر
128

من شوط واحد وأقل من أربعة رجع وأتم ما نقص، والأولى
إعادة الطواف بعد الاتمام، وإن كان المنسي أربعة أو أكثر
فالأحوط الاتيان بطواف كامل بقصد الأعم من التمام
والاتمام.
الزيادة في الطواف
للزيادة في الطواف خمس صور:
الأولى: أن لا يقصد الطائف جزئية الزائد للطواف
الذي بيده أو لطواف آخر، ففي هذه الصورة لا يبطل الطواف
بالزيادة.
الثانية: أن يقصد حين شروعه في الطواف أو في أثنائه
الاتيان بالزائد على أن يكون جزءا من طوافه الذي بيده ولا
إشكال في بطلان طوافه حينئذ ولزوم إعادته.
الثالثة: أن يأتي بالزائد على أن يكون جزءا من طوافه
الذي فرغ منه بمعنى أن يكون قصد الجزئية بعد فراغه من
129

الطواف والأحوط في هذه الصورة أيضا البطلان.
الرابعة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر ويتم
الطواف الثاني، والزيادة في هذه الصورة وإن لم تكن متحققة
حقيقة إلا أن الأحوط بل الأظهر فيها البطلان، وذلك من
جهة القران بين الطوافين في الفريضة.
الخامسة: أن يقصد جزئية الزائد لطواف آخر ولا يتم
الطواف الثاني من باب الاتفاق، فلا زيادة ولا قران إلا أنه
قد يبطل الطواف فيها لعدم تأتي قصد القربة، وذلك فيما إذا
قصد المكلف الزيادة عند ابتدائه بالطواف أو في أثنائه مع
علمه بحرمة القران وبطلان الطواف به، لعدم تحقق قصد
المأمور به فالطواف باطل.
(مسألة 310): إذا زاد في طوافه سهوا فإن كان الزائد
أقل من شوط قطعه وصح طوافه. وإن كان شوطا واحدا أو
أكثر فالأحوط أن يتم الزائد ويجعله طوافا كاملا بقصد القربة
المطلقة
130

الشك في عدد الأشواط
(مسألة 311): إذا شك في عدد الأشواط بعد الفراغ
من الطواف والتجاوز من محله لم يعتن بالشك، كما إذا كان
شكه بعد دخوله في صلاة الطواف.
(مسألة 312): إذا تيقن بالسبعة وشك في الزائد كما
إذا احتمل أن يكون الشوط الأخير هو الثامن لم يعتن
بالشك وصح طوافه، إلا أن يكون شكه هذا قبل تمام الشوط
الأخير، فإن الأظهر حينئذ بطلان الطواف. والأحوط إتمامه
رجاء وإعادته.
(مسألة 313): إذا شك في عدد الأشواط كما إذا شك
بين السادس والسابع أو بين الخامس والسادس وكذلك
الأعداد السابقة حكم ببطلان طوافه. وكذلك إذا شك في
الزيادة والنقصان معا كما إذا شك في أن شوطه الأخير هو
السادس أو الثامن.
131

(مسألة 314): إذا شك بين السادس والسابع وبنى
على السادس جهلا منه بالحكم وأتم طوافه لزمه الاستئناف،
وإن استمر جهله إلى أن فاته زمان التدارك لم تبعد صحة
طوافه.
(مسألة 315): يجوز للطائف أن يتكل على إحصاء
صاحبه في حفظ عدد أشواطه إذا كان صاحبه على يقين من
عددها.
(مسألة 316): إذا شك في الطواف المندوب يبني على
الأقل وصح طوافه.
(مسألة 317): إذا ترك الطواف في عمرة التمتع
عمدا مع العلم بالحكم أو مع الجهل به ولم يتمكن من التدارك
قبل الوقوف بعرفات بطلت عمرته وعليه إعادة الحج من
قابل، والأظهر الاتيان بأعمال العمرة المفردة لأجل الخروج
من احرامه. وإذا ترك الطواف في الحج متعمدا ولم يمكنه
التدارك بطل حجه ولزمته الإعادة من قابل، وإذا كان ذلك
من جهة الجهل بالحكم لزمته كفارة بدنة أيضا.
132

(مسألة 318): إذا ترك الطواف نسيانا وجب تداركه
بعد التذكر، فإن تذكره بعد فوات محله قضاه وصح حجه،
والأحوط إعادة السعي بعد قضاء الطواف، وإذا تذكره في
وقت لا يتمكن من القضاء أيضا كما إذا تذكره بعد رجوعه إلى
بلده وجبت عليه الاستنابة، والأحوط أن يأتي النائب بالسعي
أيضا بعد الطواف.
(مسألة 319): إذا نسي الطواف حتى رجع إلى بلده،
وواقع أهله لزمه بعث هدي إلى منى إن كان المنسي طواف
الحج، وإلى مكة إن كان المنسي طواف العمرة، ويكفي في
الهدي أن يكون شاة.
(مسألة 320): إذا نسي الطواف وتذكره في زمان
يمكنه القضاء قضاه باحرامه الأول من دون حاجة إلى تجديد
الاحرام، نعم إذا كان قد خرج من مكة ومضى عليه شهر أو
أكثر لزمه الاحرام لدخول مكة كما مر.
(مسألة 321): لا يحل لناسي الطواف ما كان حله
متوقفا عليه حتى يقضيه بنفسه أو بنائبه.
133

(مسألة 322): إذا لم يتمكن من الطواف بنفسه
لمرض أو كسر وأشباه ذلك لزمته الاستعانة بالغير في طوافه
ولو بأن يطوف راكبا على متن رجل آخر، وإذا لم يتمكن من
ذلك أيضا وجبت عليه الاستنابة فيطاف عنه، وكذلك الحال
بالنسبة إلى صلاة الطواف فيأتي المكلف بها مع التمكن
ويستنيب لها مع عدمه.
وقد تقدم حكم الحائض والنفساء في شرائط الطواف.
صلاة الطواف
وهي الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع، وهي
ركعتان يؤتى بهما عقيب الطواف، وصورتها كصلاة الفجر
ولكنه مخير في قرائتها بين الجهر والاخفات، والأحوط أن يقف
المصلي بنحو يكون المقام أمامه والأحوط استحبابا اختيار
الأقرب فالأقرب إلى المقام وإذا تعسر مراعاة كون المقام
أمامه من جهة الازدحام فليقف بنحو لا يخرج عن طرفي المقام
134

ولا يتقدمه هذا في طواف الفريضة، وأما في الطواف المستحب
فيجوز الاتيان بصلاته في أي موضع من المسجد اختيارا
(مسألة 323): من ترك صلاة الطواف عالما عامدا
بطل حجه.
(مسألة 324): تجب المبادرة إلى الصلاة بعد الطواف
بمعنى أن لا يفصل بين الطواف والصلاة عرفا.
(مسألة 325): إذا نسي صلاة الطواف وذكرها بعد
السعي أتى بها، ولا تجب إعادة السعي بعدها وإن كانت
الإعادة أحوط، وإذا ذكرها في أثناء السعي قطعه وأتى
بالصلاة في المقام ثم رجع وأتم السعي حيثما قطع، وإذا ذكرها
بعد خروجه من مكة لزمه الرجوع والاتيان بها في محلها، فإن
لم يتمكن من الرجوع أتى بها في أي موضع ذكرها فيه، وحكم
التارك لصلاة الطواف جهلا حكم الناسي، ولا فرق في
الجاهل بين القاصر والمقصر.
(مسألة 326): إذا نسي صلاة الطواف حتى مات
وجب على الولي قضاءها.
135

(مسألة 327): إذا كان في قراءة المصلي لحن فإن لم
يكن متمكنا من تصحيحها فلا إشكال في اجتزائه بما يتمكن
منه في صلاة الطواف وغيرها، وأما إذا تمكن من التصحيح لزمه
ذلك، فإن أهمل حتى ضاق الوقت عن تصحيحها فالأحوط
أن يأتي بصلاة الطواف حسب إمكانه وأن يصليها جماعة
ويستنيب لها أيضا.
136

السعي
وهو الرابع من واجبات عمرة التمتع، وهو أيضا من
الأركان، فلو تركه عمدا بطل حجه سواء في ذلك العلم بالحكم
والجهل به، ويعتبر فيه قصد القربة، ولا يعتبر فيه ستر العورة
ولا الطهارة من الحدث أو الخبث، والأولى رعاية الطهارة فيه.
(مسألة 328): محل السعي إنما هو بعد الطواف
وصلاته، فلو قدمه على الطواف أو على صلاته وجبت عليه
الإعادة بعدهما، وقد تقدم حكم من نسي الطواف وتذكره بعد
سعيه.
(مسألة 329): يعتبر في السعي النية، بأن يأتي به عن
العمرة إن كان في العمرة، وعن الحج إن كان في الحج، قاصدا
به القربة إلى الله تعالى.
(مسألة 330): يبدأ بالسعي من أول جزء من الصفا
137

ثم يذهب بعد ذلك إلى المروة، وهذا يعد شوطا واحدا، ثم يبدأ
من المروة راجعا إلى الصفا إلى أن يصل إليه، فيكون الاياب
شوطا آخر، وهكذا يصنع إلى أن يختم السعي بالشوط السابع
في المروة، والأحوط لزوما اعتبار الموالاة بأن لا يكون فصل
معتد به بين الأشواط.
(مسألة 331): لو بدأ بالمروة قبل الصفا فإن كان في
شوطه الأول ألغاه وشرع من الصفا، وإن كان بعده ألغى ما
بيده على الأحوط واستأنف السعي من الأول.
(مسألة 332): لا يعتبر في السعي المشي راجلا،
فيجوز السعي راكبا على حيوان أو على متن إنسان أو غير
ذلك، ولكن يلزم على المكلف أن يكون ابتداء سعيه من الصفا
واختتامه بالمروة.
(مسألة 333): يعتبر في السعي أن يكون ذهابه
وايابه فيما بين الصفا والمروة من الطريق المتعارف، فلا يجزئ
الذهاب أو الاياب من المسجد الحرام أو أي طريق آخر، نعم
لا يعتبر أن يكون ذهابه وايابه بالخط المستقيم.
138

(مسألة 334): يجب استقبال المروة عند الذهاب
إليها، كما يجب استقبال الصفا عند الرجوع من المروة إليه،
فلو استدبر المروة عند الذهاب إليها أو استدبر الصفا عند
الاياب من المروة لم يجزئه ذلك، ولا بأس بالالتفات إلى اليمين
أو اليسار أو الخلف عند الذهاب أو الاياب.
(مسألة 335): يجوز الجلوس على الصفا أو المروة
للاستراحة والأحوط ترك الجلوس فيما بينهما.
أحكام السعي
تقدم أن السعي من أركان الحج، فلو تركه عمدا عالما
بالحكم أو جاهلا به إلى زمان لا يمكنه التدارك قبل الوقوف
بعرفات بطل حجه ولزمته الإعادة من قابل، والأحوط وجوبا
الاتيان بالسعي والتقصير رجاء لأجل الخروج من الاحرام.
(مسألة 336): لو ترك السعي نسيانا أتى به حيث
139

ما ذكره، وإن كان تذكره بعد فراغه من أعمال الحج فإن لم
يتمكن منه مباشرة أو كان فيه حرج ومشقة لزمته الاستنابة
ويصح حجه في كلتا الصورتين.
(مسألة 337): من لم يتمكن من السعي بنفسه ولو
بحمله على متن إنسان أو حيوان ونحو ذلك استناب غيره،
فيسعى عنه ويصح حجه
(مسألة 338): الأحوط أن لا يؤخر السعي عن
الطواف وصلاته بمقدار يعتد به من غير ضرورة كشدة الحر
أو التعب وإن كان الأقوى جواز تأخيره إلى الليل، نعم لا
يجوز تأخيره إلى الغد في حال الاختيار.
(مسألة 339): حكم الزيادة في السعي حكم الزيادة
في الطواف، فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم وعمد
على ما تقدم في الطواف، نعم إذا كان جاهلا بالحكم فالأظهر
عدم بطلان السعي بالزيادة وإن كانت الإعادة أحوط.
(مسألة 340): إذا زاد في سعيه خطأ صح سعيه ولكن
الزائد إذا كان شوطا كاملا يستحب له أن يضيف إليه ستة
140

أشواط ليكون سعيا كاملا غير سعيه الأول، فيكون انتهاؤه
إلى الصفا، ولا بأس بالاتمام رجاء إذا كان الزائد أكثر من
شوط واحد.
(مسألة 341): إذا نقص من أشواط السعي عامدا
عالما بالحكم أو جاهلا به ولم يمكنه تداركه إلى زمان الوقوف
بعرفات فسد حجه ولزمته الإعادة من قابل، والأحوط
وجوبا إتمام السعي رجاء والاتيان بالتقصير. وأما
وأما إذا كان النقص نسيانا فإن كان شوطا واحدا وجب عليه
تداركه حيث ما تذكر ولو كان ذلك بعد الفراغ من أعمال
الحج، وتجب عليه الاستنابة لذلك إذا لم يتمكن بنفسه من
التدارك أو تعسر عليه ذلك ولو لأجل أن تذكره كان بعد
رجوعه إلى بلده، والأحوط حينئذ أن يأتي النائب
بسعي كامل ينوي به فراغ ذمة المنوب عنه بالاتمام أو بالتمام.
وأما إذا كان نسيانه أكثر من شوط واحد فالأظهر أن يأتي
بسعي كامل ومع التعسر يستنيب لذلك.
(مسألة 342): إذا نقص شيئا من السعي في عمرة
141

التمتع نسيانا فأحل لاعتقاده الفراغ من السعي فالأحوط
بل الأظهر لزوم التكفير عن ذلك ببقرة، ويلزمه إتمام السعي
على النحو الذي ذكرناه.
الشك في السعي
لا اعتبار بالشك في عدد أشواط السعي بعد التقصير،
وذهب جمع من الفقهاء إلى عدم الاعتناء بالشك بعد انصرافه
من السعي وإن كان الشك قبل التقصير، ولكن الأحوط لزوم
الاعتناء به حينئذ والاتيان بالمشكوك.
(مسألة 343): إذا شك وهو على المروة في أن شوطه
الأخير كان هو السابع أو التاسع فلا اعتبار بشكه ويصح
سعيه، وإذا كان هذا الشك أثناء الشوط بطل سعيه ووجب
عليه الاستئناف.
(مسألة 344): حكم الشك في عدد الأشواط من
السعي حكم الشك في عدد الأشواط من الطواف، فإذا شك
142

في عددها بطل سعيه.
143

التقصير
وهو الواجب الخامس في عمرة التمتع، ومعناه أخذ
شئ من ظفر يده أو رجله أو شعر رأسه أو لحيته أو شاربه،
ويعتبر فيه قصد القربة، ولا يكفي النتف عن التقصير.
(مسألة 345): يتعين التقصير في إحلال عمرة
التمتع، ولا يجزئ عنه حلق الرأس، بل يحرم الحلق عليه،
وإذا حلق لزمه التكفير عنه بشاة إذا كان عالما عامدا بل
مطلقا على الأحوط.
(مسألة 346): إذا جامع بعد السعي وقبل التقصير
جاهلا بالحكم فعليه كفارة بدنة على الأحوط.
(مسألة 347): يحرم التقصير قبل الفراغ من السعي،
فلو فعله عالما عامدا لزمته الكفارة.
(مسألة 348): لا تجب المبادرة إلى التقصير بعد
144

السعي، فيجوز فعله في أي محل شاء سواء كان في المسعي أو
في منزله أو غيرهما.
(مسألة 349): إذ ترك التقصير عمدا فأحرم للحج
بطلت عمرته، والأحوط في حقه أن يتم الحج ويأتي بعمرة
مفردة احتياطا، والأحوط لزوما إعادة الحج في السنة القادمة
وتجديد الاحرام.
(مسألة 350): إذا ترك التقصير نسيانا فأحرم للحج
صحت عمرته، والأحوط استحبابا التكفير عن ذلك بشاة.
(مسألة 351): إذا قصر المحرم في عمرة التمتع حل
له جميع ما كان يحرم عليه من جهة إحرامه ما عدا الحلق، أما
الحلق ففيه تفصيل: وهو أن المكلف إذا أتى بعمرة التمتع في
شهر شوال جاز له الحلق إلى مضي ثلاثين يوما من يوم عيد
الفطر، وأما بعده فالأحوط أن لا يحلق، وإذا حلق فالأحوط
التكفير عنه بشاة إذا كان عن علم وعمد.
(مسألة 352): لا يجب طواف النساء في عمرة
التمتع، ولا بأس بالاتيان به رجاء، وقد نقل شيخنا الشهيد
(قده) وجوبه عن بعض العلماء.
145

واجبات الحج
تقدم إن واجبات الحج ثلاثة عشر ذكرناها مجملة،
وإليك تفصيلها.
146

الاحرام
الأول: الاحرام وأفضل أوقاته يوم التروية، ويجوز
التقديم عليه بثلاثة أيام، ولا سيما بالنسبة إلى الشيخ الكبير
والمريض إذا خافا من الزحام، فيحرمان ويخرجان قبل خروج
الناس، وتقدم جواز الخروج من مكة محرما بالحج لضرورة بعد
الفراغ من العمرة في أي وقت كان.
(مسألة 353): كما لا يجوز للمعتمر إحرام الحج قبل
التقصير لا يجوز للحاج أن يحرم للعمرة المفردة قبل إتمام
أعمال الحج، نعم لا مانع منه بعد إتمام النسك قبل طواف
النساء.
(مسألة 354): يتضيق وقت الاحرام فيما إذا استلزم
تأخيره فوات الوقوف بعرفات يوم عرفة.
(مسألة 355): يتحد إحرام الحج واحرام العمرة في
كيفيته وواجباته ومحرماته، والاختلاف بينهما إنما هو في النية
147

فقط.
(مسألة 356): للمكلف أن يحرم للحج من مكة
القديمة من أي موضع شاء، ويستحب له الاحرام من المسجد
الحرام عند مقام إبراهيم أو في حجر إسماعيل.
(مسألة 357): من ترك الاحرام نسيانا أو جهلا منه
بالحكم إلى أن خرج من مكة ثم تذكر أو علم بالحكم وجب
عليه الرجوع إلى مكة ولو من عرفات والاحرام منها، فإن لم
يتمكن من الرجوع لضيق الوقت أو لعذر آخر يحرم من
الموضع الذي هو فيه، وكذلك لو تذكر أو علم بالحكم بعد
الوقوف بعرفات وإن تمكن من العود إلى مكة والاحرام منها،
ولو لم يتذكر ولم يعلم بالحكم إلى أن فرغ من الحج صح حجه.
(مسألة 358): من ترك الاحرام عالما عامدا لزمه
التدارك، فإن لم يتمكن منه قبل الوقوف بعرفات فسد حجه
ولزمته الإعادة من قابل.
(مسألة 359): الأحوط أن لا يطوف المتمتع بعد
إحرام الحج قبل الخروج إلى عرفات طوافا مندوبا، فلو طاف
جدد التلبية بعد الطواف على الأحوط.
148

الوقوف بعرفات
الثاني من الواجبات حج التمتع: الوقوف بعرفات
بقصد القربة، والمراد بالوقوف هو الحضور بعرفات من دون
فرق بين أن يكون راكبا أو راجلا ساكنا أو متحركا.
(مسألة 360): حد عرفات من بطن عرفة وثوية
ونمرة إلى ذي المجاز، ومن المازمين إلى أقصى الموقف، وهذه
حدود عرفات وخارجة عن الموقف.
(مسألة 361): الظاهر أن الجبل موقف، ولكن يكره
الوقوف عليه، ويستحب الوقوف في السفح من ميسرة الجبل.
(مسألة 362): يعتبر في الوقوف أن يكون عن
اختيار، فلو نام أو غشي عليه هناك في جميع الوقت لم يتحقق
منه الوقوف.
(مسألة 363): الأحوط للمختار أن يقف في عرفات
149

من أول ظهر التاسع من ذي الحجة إلى الغروب، والأظهر
جواز تأخيره إلى بعد الظهر بساعة تقريبا، والوقوف في تمام
هذا الوقت وإن كان واجبا يأثم المكلف بتركه إلا أنه ليس من
الأركان، بمعنى أن من ترك الوقوف في مقدار من هذا الوقت
لا يفسد حجه، نعم لو ترك الوقوف رأسا باختياره فسد حجه،
فما هو الركن من الوقوف هو الوقوف في الجملة.
(مسألة 364): من لم يدرك الوقوف الاختياري
(الوقوف في النهار) لنسيان أو لجهل يعذر فيه أو لغيرهما من
الأعذار لزمه الوقوف الاضطراري (الوقوف برهة من ليلة
العيد) وصح حجه، فإن تركه متعمدا فسد حجه.
(مسألة 365): تحرم الإفاضة من عرفات قبل غروب
الشمس عالما عامدا، لكنها لا تفسد الحج، فإذا ندم ورجع إلى
عرفات فلا شئ عليه، وإلا كانت عليه كفارة بدنة ينحرها
في مني، فإن لم يتمكن منها صام ثمانية عشر يوما، والأحوط أن
تكون متواليات، ويجري هذا الحكم في من أفاض من عرفات
نسيانا أو جهلا منه بالحكم، فيجب عليه الرجوع بعد العلم
150

أو التذكر، فإن لم يرجع حينئذ فعليه الكفارة على الأحوط وإن
لم يتمكن منها صام ثمانية عشر يوما.
(مسألة 366): إذا ثبت الهلال عند قاضي أهل السنة
وحكم على طبقه تجب متابعة الحاكم السني ويصح معها الحج.
نعم إذا لم يكن محذور في المخالفة يستحب الاحتياط بالوقوف.
151

الوقوف في المزدلفة
وهو الثالث من واجبات حج التمتع، والمزدلفة اسم
لمكان يقال له المشعر الحرام وحد الموقف من المازمين إلى
الحياض إلى وادي محسر، وهذه كلها حدود المشعر وليست
بموقف إلا عند الزحام وضيق الوقت، فيرتفعون إلى المازمين،
ويعتبر فيه قصد القربة.
(مسألة 371): إذا أفاض الحاج من عرفات
فالأحوط أن يبيت ليلة العيد في المزدلفة وإن كان لم يثبت
وجوبها.
(مسألة 372): يجب الوقوف في المزدلفة من طلوع
فجر يوم العيد إلى طلوع الشمس، لكن الركن منه هو
الوقوف في الجملة، فإذا وقف مقدارا ما بين الطلوعين ولم يقف
الباقي ولو متعمدا صح حجه وإن ارتكب محرما.
152

(مسألة 373): من ترك الوقوف فيما بين الفجر
وطلوع الشمس رأسا فسد حجه، ويستثنى من ذلك النساء
والصبيان والخائف والضعفاء كالشيوخ والمرضى، فيجوز لهم
حينئذ الوقوف في المزدلفة ليلة العيد والإفاضة منها قبل طلوع
الفجر إلى منى.
(مسألة 374): من وقف في المزدلفة ليلة العيد وأفاض
منها قبل طلوع الفجر جهلا منه بالحكم صح حجه على
الأظهر، وعليه كفارة شاة.
(مسألة 375): من لم يتمكن من الوقوف الاختياري
(الوقوف فيما بين الطلوعين) في المزدلفة لنسيان أو لعذر آخر
أجزأه الوقوف الاضطراري (الوقوف وقتا ما بعد طلوع
الشمس إلى زوال يوم العيد)، ولو تركه عمدا فسد حجه.
153

إدراك الوقوفين أو أحدهما
تقدم أن كلا من الوقوفين (الوقوف في عرفات
والوقوف في المزدلفة) ينقسم إلى قسمين: اختياري
واضطراري، فإذا أدرك المكلف الاختياري من الوقوفين
كليهما فلا إشكال، وإلا فله حالات:
الأولى: أن لا يدرك شيئا من الوقوفين الاختياري
منهما والاضطراري أصلا، ففي هذه الصورة يبطل حجه ويجب
عليه الاتيان بعمرة مفردة بنفس إحرام الحج، ويجب عليه الحج
في السنة القادمة فيما إذا كانت استطاعته باقية أو كان الحج
مستقرا في ذمته.
الثانية: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات
والاضطراري في المزدلفة.
الثالثة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات
154

والاختياري في المزدلفة، ففي هاتين الصورتين يصح حجه بلا
اشكال.
الرابعة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في كل من
عرفات والمزدلفة، والأظهر في هذه الصورة صحة حجه، وإن
كان الأحوط إعادته في السنة القادمة إذا بقيت شرائط
الوجوب أو كان الحج مستقرا في ذمته.
الخامسة: أن يدرك الوقوف الاختياري في المزدلفة
فقط، ففي هذه الصورة يصح حجه أيضا.
السادسة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في المزدلفة
فقط، ففي هذه الصورة لا تبعد صحة الحج، إلا أن الأحوط
أن يأتي ببقية الأعمال قاصدا فراغ ذمته عما تعلق بها من
العمرة المفردة أو اتمام الحج، وأن يعيد الحج في السنة القادمة.
السابعة: أن يدرك الوقوف الاختياري في عرفات
فقط، والأظهر في هذه الصورة بطلان الحج فينقلب حجه إلى
العمرة المفردة، ويستثنى من ذلك ما إذا وقف في المزدلفة ليلة
العيد وأفاض منها قبل الفجر جهلا منه بالحكم كما تقدم،
155

ولكنه إن أمكنه الرجوع ولو إلى زوال الشمس من يوم العيد
وجب ذلك، والوقوف في الجملة، وإن لم يمكنه صح حجه وعليه
كفارة شاة.
الثامنة: أن يدرك الوقوف الاضطراري في عرفات
فقط، ففي هذه الصورة يبطل حجه فيقلبه إلى العمرة المفردة.
156

منى وواجباتها
إذا أفاض المكلف من المزدلفة وجب عليه الرجوع إلى
منى لأداء الأعمال الواجبة هناك، وهي كما نذكرها تفصيلا
ثلاثة:
1 - رمي جمرة العقبة
الرابع من واجبات الحج: رمي جمرة العقبة يوم النحر،
ويعتبر فيه أمور:
1 - نية القربة.
2 - أن يكون الرمي بسبع حصيات، ولا يجزئ الأقل
من ذلك كما لا يجزئ رمي غيرها من الأجسام.
3 - أن يكون رمي الحصيات واحدة بعد واحدة، فلا
157

يجزئ رمي اثنتين أو أكثر مرة واحدة.
4 - أن تصل الحصيات إلى الجمرة.
5 - أن يكون وصولها إلى الجمرة بسبب الرمي، فلا
يجزئ وضعها عليها، والظاهر جواز الاجتزاء بما إذا رمى
فلاقت الحصاة في طريقها شيئا ثم أصابت الجمرة، نعم إذا
كان ما لاقته الحصاة صلبا فطفرت منه فأصابت الجمرة لم
يجزئ ذلك.
6 - أن يكون الرمي بين طلوع الشمس وغروبها،
ويجزئ للنساء وسائر من رخص لهم الإفاضة من المشعر في
الليل أن يرموا بالليل (ليلة العيد)، لكن يجب عليهم تأخير
الذبح والنحر إلى يومه، والأحوط تأخير التقصير أيضا،
ويأتون بعد ذلك أعمال لحج إلا الخائف على نفسه من العدو،
فإنه يذبح ويقصر ليلا كما سيأتي.
(مسألة 376): إذا شك في الإصابة وعدمها بنى على
انعدم إلا أن يدخل في واجب آخر مترتب عليه أو كان الشك
بعد دخول الليل.
158

(مسألة 377): يعتبر في الحصيات أمران:
1 - أن تكون من الحرم، والأفضل أخذها من المشعر.
2 - أن تكون أبكارا على الأحوط، بمعنى أنها لم تكن
مستعملة في الرمي قبل ذلك.
ويستحب فيها أن تكون ملونة، ومنقطة، ورخوة، وأن
يكون حجمها بمقدار أنملة، وأن يكون الرامي راجلا، وعلى
طهارة.
(مسألة 378): إذا زيد على الجمرة في ارتفاعها ففي
الاجتزاء برمي المقدار الزائد إشكال، فالأحوط أن يرمي
المقدار الذي كان سابقا، فإن لم يتمكن من ذلك رمى المقدار
الزائد بنفسه واستناب شخصا آخر لرمي المقدار المزيد عليه،
ولا فرق في ذلك بين العالم والجاهل والناسي.
(مسألة 379): إذا لم يرم يوم العيد نسيانا أو جهلا
منه بالحكم لزمه التدارك إلى اليوم الثالث عشر حسبما تذكر
أو علم، فإن علم أو تذكر في الليل لزمه الرمي في نهاره إذا لم
يكن ممن قد رخص له الرمي في الليل، وسيجئ ذلك في رمي
159

الجمار، ولو علم أو تذكر بعد اليوم الثالث عشر فالأحوط أن
يرجع إلى منى ويرمي ويعيد الرمي في السنة القادمة بنفسه أو
بنائبه، وإذا علم أو تذكر بعد الخروج من مكة لم يجب عليه
الرجوع، بل يرمي في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه على
الأحوط.
(مسألة 380): إذا لم يرم يوم العيد نسيانا أو جهلا
فعلم أو تذكر بعد الطواف فتداركه لم تجب عليه إعادة
الطواف، وإن كانت الإعادة أحوط، وأما إذا كان الترك مع
العلم والعمد فالظاهر بطلان طوافه، فيجب عليه أن يعيده بعد
تدارك الرمي.
160

2 - الذبح أو النحر في منى
وهو الخامس من واجبات حج التمتع، ويعتبر فيه قصد
القربة والايقاع في النهار، ولا يجزيه الذبح أو النحر في الليل
وإن كان جاهلا، نعم يجوز للخائف على نفسه الذبح والنحر
في الليل، ويجب الاتيان به بعد الرمي، ولكن لو قدمه على
الرمي جهلا أو نسيانا صح ولم يحتج إلى الإعادة، ويجب أن
يكون الذبح أو النحر بمنى، وإن لم يمكن ذلك كما قيل إنه
كذلك في زماننا لأجل تغيير المذبح وجعله في وادي محسر
فالأحوط في هذه الصورة الذبح يوم العيد في المذبح الفعلي
والاتيان بما يترتب عليه من الأعمال ثم إن تمكن بعد ذلك من
الذبح أو النحر في منى ولو كان ذلك إلى آخر ذي الحجة ذبح
فيها أيضا وأعاد الأعمال المترتبة على الذبح.
(مسألة 381): يجب أن يكون الذبح أو النحر
161

يوم العيد، ولكن إذا تركهما يوم العيد لنسيان أو لغيره من
الأعذار أو لجهل بالحكم لزمه التدارك إلى آخر أيام التشريق،
وإن استمر العذر جاز تأخيره إلى آخر ذي الحجة، فإذا تذكر
أو علم بعد الطواف وتداركه لم تجب عليه إعادة الطواف وإن
كانت الإعادة أحوط، وأما إذا تركه عالما عامدا فطاف
فالظاهر بطلان طوافه، ويجب عليه أن يعيده بعد تدارك الذبح.
(مسألة 382): لا يجزئ هدي واحد إلا عن شخص
واحد.
(مسألة 383): يجب أن يكون الهدي من الإبل أو
البقر أو الغنم ولا يجزي من الإبل إلا ما أكمل السنة
الخامسة ودخل في السادسة، ولا من البقر والمعز إلا ما أكمل
الثانية ودخل في الثالثة على الأحوط، ولا يجزئ من الظان
إلا ما أكمل الشهر السابع ودخل في الثامن، والأحوط أن
يكون قد أكمل السنة الواحدة ودخل في الثانية وإذا تبين له
بعد الذبح في الهدي أنه لم يبلغ السن المعتبر فيه لم يجزئه ذلك
ولزمته الإعادة، ويعتبر في الهدي أن يكون تام الأعضاء، فلا
162

يجزئ الأعور والأعرج والمقطوع أذنه والمكسور قرنه
الداخل ونحو ذلك، والأظهر عدم كفاية الخصي أيضا، ويعتبر
فيه أن لا يكون مهزولا عرفا، والأحوط الأولى أن لا يكون
مريضا ولا موجوءا ولا مرضوض الخصيتين ولا كبيرا لا مخ
له، ولا بأس بأن يكون مشقوق الأذن أو مثقوبها وإن كان
الأحوط اعتبار سلامته منهما، والأحوط الأولى أن لا يكون
الهدي فاقد القرن أو الذنب من أصل خلقته.
(مسألة 384): إذا اشترى هديا معتقدا سلامته فبان
معيبا بعد نقد ثمنه فالظاهر جواز الاكتفاء به.
(مسألة 385): ما ذكرناه من شروط الهدي إنما هو
في فرض التمكن منه، فإن لم يتمكن من الواجد للشرائط
أجزأه الفاقد وما تيسر له من الهدي.
(مسألة 386): إذا ذبح الهدي بزعم أنه سمين فبان
مهزولا أجزاه ولم يحتج إلى الإعادة.
(مسألة 387): إذا ذبح ثم شك في أنه كان واجدا
للشرائط حكم بصحته إن احتمل أنه كان محرزا للشرائط
163

حين الذبح، ومنه ما إذا شك بعد الذبح أنه كان بمنى أم كان
في محل آخر، وأما إذا شك في أصل الذبح فإن كان الشك بعد
الحلق أو التقصير لم يعتن بشكه، وإلا لزم الاتيان به، وإذا شك
في هزال الهدي فذبحه امتثالا لأمر الله تبارك وتعالى ولو رجاء
ثم ظهر سمنه بعد الذبح أجزأه ذلك.
(مسألة 388): إذا اشترى هديا سليما فمرض بعد ما
اشتراه أو أصابه كسر أو عيب أجزأه أن يذبحه ولا يلزمه
إبداله.
(مسألة 389): لو اشترى هديا فضل اشترى مكانه
هديا آخر، فإن وجد الأول قبل ذبح الثاني ذبح الأول على
الأحوط، وهو بالخيار في الثاني إن شاء ذبحه وإن شاء لم
يذبحه، وهو كسائر أمواله، والأحوط الأولى ذبحه أيضا، وإن
وجده بعد ذبحه الثاني ذبح الأول أيضا على الأحوط.
(مسألة 390): لو وجد أحد هديا ضالا عرفه إلى
اليوم الثاني عشر، فإن لم يوجد صاحبه ذبحه في عصر اليوم
الثاني عشر عن صاحبه.
164

(مسألة 391): من لم يجد الهدي وتمكن من ثمنه أودع
ثمنه عند ثقة ليشتري به هديا ويذبحه عنه إلى آخر ذي الحجة،
فإن مضى الشهر لزم الذبح في السنة القادمة.
(مسألة 392): إذا لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه
صام بدلا عنه، عشرة أيام: ثلاثة في الحج في اليوم السابع
والثامن والتاسع من ذي الحجة وسبعة إذا رجع إلى بلده،
والأحوط أن تكون السبعة متوالية، ويجوز أن تكون الثلاثة
من أول ذي الحجة بعد التلبس بعمرة التمتع، ويعتبر فيها
التوالي، فإن لم يرجع إلى بلده وأقام بمكة فعليه أن يصبر حتى
يرجع أصحابه إلى بلدهم أو يمضي شهر ثم يصوم بعد ذلك.
(مسألة 393): المكلف الذي وجب عليه صوم ثلاثة
أيام في الحج إذا لم يتمكن من الصوم في اليوم السابع صام
الثامن والتاسع ويوما آخر بعد رجوعه من منى، ولو لم يتمكن
في اليوم الثامن أيضا أخر جميعها إلى ما بعد رجوعه من منى،
والأحوط أن يبادر إلى الصوم بعد رجوعه من منى ولا يؤخره
من دون عذر، وإذا لم يتمكن بعد الرجوع من منى صام في
165

الطريق أو صامها في بلده أيضا، والأحوط أن لا يجمع بين
الثلاثة والسبعة، فإن لم يصم الثلاثة حتى أهل هلال محرم
سقط الصوم ويجب الذبح ناويا به الأعم من الكفارة والهدي
والأحوط الذبح في السنة القادمة.
(مسألة 394): من لم يتمكن من الهدي ولا من ثمنه
وصام ثلاثة أيام في الحج ثم تمكن منه وجب عليه الهدي على
الأحوط.
(مسألة 395): إذا لم يتمكن من الهدي باستقلاله
وتمكن من الشركة فيه مع الغير فالأحوط الجمع بين الشركة
في الهدي والصوم على الترتيب المذكور.
(مسألة 396): إذا أعطى الهدي أو ثمنه أحدا فوكله
في الذبح عنه ثم شك في أنه ذبحه أم لا بنى على عدمه، نعم
إذا كان ثقة وأخبره بذبحه اكتفى به.
(مسألة 397): ما ذكرناه من الشرائط في الهدي لا
تعتبر فيما يذبح كفارة، وإن كان الأحوط اعتبارها فيه.
(مسألة 398): الذبح الواجب هديا أو كفارة لا تعتبر
166

المباشرة فيه، بل يجوز ذلك بالاستنابة في حال الاختيار أيضا،
ولا بد أن يكون الذابح مسلما، وأن تكون النية مستمرة من
صاحب الهدي إلى الذبح، ولا يشترط نية الذابح وإن كانت
أحوط وأولى.
مصرف الهدي
الأظهر أن مصرف الهدي هم الفقراء فلا يجب اهداء
مقدار منه إلى بعض المؤمنين، نعم يجوز لصاحب الهدي الأكل
منه ولا يجب تسليم الهدي إلى الفقير مباشرة بل يجوز التسليم
إلى وكيله ويجوز لصاحب الهدي أن لا يكون وكيلا عن الفقير
للقبض عنه ثم يصرفه فيما عينه الموكل من هبة أو بيع أو ترك
في مكانه ويجوز اخراج الهدي من المذبح كما يجوز تسليمه إلى
المؤسسات الخيرية التي تقوم بجمع واعداد تلك اللحوم لفقراء
البلاد الاسلامية.
(مسألة 399): ينبغي للحاج أن يأخذ وكالة من أحد
167

فقراء المؤمنين ليقبض الهدي عنه ويتصرف فيه كما يراه صالحا
لأن الحصول على فقير مؤمن في منى صعب جدا.
(مسألة 400): يجوز لقابض الصدقة أو الهدية أن
يتصرف فيما قبضه كيفما شاء، فلا بأس بتمليكه غير المؤمن أو
غير المسلم.
(مسألة 401): إذا ذبح الهدي فسرق أو أخذه متغلب
عليه قهرا قبل التصدق فلا ضمان على صاحب الهدي، نعم لو
أتلفه هو باختياره ولو باعطائه لغير أهله ضمن.
168

الحلق والتقصير
وهو الواجب السادس من واجبات الحج، ويعتبر فيه
قصد القربة وايقاعه في النهار على الأحوط، والأحوط تأخيره
عن الذبح والرمي، ولكن لو قدمه عليهما أو على الذبح نسيانا
أو جهلا منه بالحكم أجزاه، ولم يحتج إلى الإعادة.
(مسألة 402): لا يجوز الحلق للنساء، بل يتعين
عليهن التقصير.
(مسألة 403): يتخير الرجل بين الحلق والتقصير،
والحلق أفضل، ومن لبد شعر رأسه بالصمغ أو العسل أو
نحوهما لدفع القمل، أو عقص شعر رأسه وعقده بعد جمعه
ولفه وجب عليه اختيار الحلق، ومن كان صرورة فالأحوط بل
الأقوى وجوب الحلق عليه.
169

(مسألة 404): من اختار الحلق يجب عليه المواظبة
لئلا يخرج الدم من رأسه فلو علم أن الحلاق يجرح رأسه
واضطر إلى الحلق عنده فحصل الادماء أثناء الحلق استحب
له التكفير بشاة.
(مسألة 405): الخنثى المشكل يجب عليه التقصير
إذا لم يكن ملبدا أو معقوصا، وإلا جمع بين التقصير والحلق،
ويقدم التقصير على الحلق على الأحوط.
(مسألة 406): إذا حلق المحرم أو قصر حل له جميع
ما حرم عليه الاحرام، ما عدا النساء والطيب بل الصيد أيضا
على الأحوط.
(مسألة 407): إذا لم يقصر ولم يحلق نسيانا أو جهلا
منه بالحكم إلى أن خرج من منى رجع وقصر أو حلق فيها،
فإن تعذر الرجوع أو تعسر عليه قصر أو حلق في مكانه وبعث
بشعر رأسه إلى منى إن أمكنه ذلك. وإذا كان في طريق رجوعه
إلى الوطن فالأحوط فيه أيضا ذلك.
(مسألة 408): إذا لم يقصر ولم يحلق نسيانا أو جهلا
170

فذكره، أو علم به بعد الفراغ من أعمال الحج وتداركه لم تجب
عليه إعادة الطواف على الأظهر، وإن كانت الإعادة أحوط،
بل الأحوط إعادة السعي أيضا، والأحوط وجوبا إعادة
الطواف فيما إذا كان تذكره أو علمه بالحكم قبل خروجه من
مكة.
171

طواف الحج وصلاته والسعي
الواجب السابع والثامن والتاسع من واجبات الحج:
الطواف وصلاته والسعي، وكيفيتها وشرائطها هي نفس
الكيفية والشرائط التي ذكرناها في طواف العمرة وصلاته
وسعيها.
(مسألة 409): يجب تأخير الطواف عن الحلق أو
التقصير في حج التمتع، فلو قدمه عالما عامدا وجبت إعادته
بعد الحلق أو التقصير ولزمته كفارة شاة.
(مسألة 410): الأحوط عدم تأخير طواف الحج عن
اليوم الحادي عشر وإن كان جواز تأخيره إلى ما بعد أيام
التشريق بل إلى آخر ذي الحجة لا يخلو من قوة.
(مسألة 411): لا يجوز في حج التمتع تقديم طواف
الحج وصلاته والسعي على الوقوفين، ويستثنى من ذلك الشيخ
172

الكبير والمرأة التي تخاف الحيض، فيجوز لهما تقديم الطواف
وصلاته على الوقوفين والاتيان بالسعي في وقته، والأحوط
تقديم السعي أيضا وإعادته في وقته، والأولى إعادة الطواف
والصلاة أيضا مع التمكن في أيام التشريق أو بعدها إلى آخر
ذي الحجة.
(مسألة 412): يجوز للخائف على نفسه من دخول
مكة أن يقدم الطواف وصلاته والسعي على الوقوفين، بل لا
بأس بتقديمه طواف النساء أيضا فيمضي بعد أعمال منى إلى
حيث أراد.
(مسألة 413): من طرأ عليه العذر فلم يتمكن من
الطواف كالمرأة التي رأت الحيض أو النفاس ولم يتيسر لها
المكث في مكة لتطوف بعد طهرها لزمته الاستنابة للطواف ثم
السعي بنفسه بعد طواف النائب.
(مسألة 414): إذا طاف المتمتع وصلى وسعى حل له
الطيب، وبقي عليه من المحرمات النساء، بل الصيد أيضا على
الأحوط، والظاهر جواز العقد له بعد طوافه وسعيه، ولكن لا
173

يجوز له شئ من الاستمتاعات المتقدمة على الأحوط، وإن
كان الأظهر اختصاص التحريم بالاجماع.
(مسألة 415): من كان يجوز له تقديم الطواف
والسعي إذا قدمهما على الوقوفين لا يحل له الطيب حتى يأتي
بمناسك منى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير.
174

طواف النساء
الواجب العاشر والحادي عشر من واجبات الحج:
طواف النساء وصلاته، وهما وإن كانا من الواجبات إلا أنهما
ليسا من نسك الحج، فتركهما ولو عمدا لا يوجب فساد الحج.
(مسألة 416): كما يجب طواف النساء على الرجال
يجب على النساء، فلو تركه الرجل حرمت عليه النساء، ولو
تركته المرأة حرم عليها الرجال، والنائب في الحج عن الغير
فالأحوط أن يأتي بطواف النساء عن المنوب عنه وطواف عن
نفسه بقصد الرجاء.
(مسألة 417): طواف النساء وصلاته كطواف الحج
وصلاته في الكيفية والشرط.
(مسألة 418): من لم يتمكن من طواف النساء
باستقلاله لمرض أو غيره استعان بغيره فيطوف ولو بأن يحمل
175

على متن حيوان أو انسان، وإذا لم يتمكن منه أيضا لزمته
الاستنابة عنه، ويجري هذا في صلاة الطواف أيضا.
(مسألة 419): من ترك طواف النساء متعمدا مع
العلم بالحكم أو الجهل به حرمت عليه النساء إلى أن يتداركه،
وأما في صورة النسيان فمع تعذر المباشرة أو تعسرها جاز له
الاستنابة، فإذا طاف النائب عنه حلت له النساء.
(مسألة 420): لا يجوز تقديم طواف النساء على
السعي، فإن قدمه فإن كان عن علم وعمد لزمته إعادته بعد
السعي، وكذلك إن كان عن جهل أو نسيان على الأحوط.
(مسألة 421): من قدم طواف النساء على الوقوفين
لعذر لم تحل له النساء حتى يأتي بمناسك منى من الرمي
والذبح والحلق.
(مسألة 422): إذا حاضت المرأة ولم تنتظر القافلة
طهرها، جاز لها ترك طواف النساء والخروج مع القافلة،
والأحوط حينئذ أن تستنيب لطوافها ولصلاته، وإذا كان
حيضها بعد تجاوز النصف من طواف النساء جاز لها ترك
176

الباقي والخروج مع القافلة، والأحوط الاستنابة لبقية الطواف
ولصلاته.
(مسألة 423): نسيان الصلاة في طواف النساء
كنسيان الصلاة في طواف الحج، وقد تقدم حكمه.
(مسألة 424): إذا طاف المتمتع طواف النساء وصلى
صلاته حلت له النساء، وإذا طافت المرأة وصلت صلاته حل
لها الرجال، فتبقى حرمة الصيد إلى الظهر من اليوم الثالث
عشر على الأحوط، وأما قلع الشجر وما ينبت في الحرم وكذلك
الصيد في الحرم فقد ذكرنا أن حرمتهما تعم المحرم والمحل.
177

المبيت في منى
الواجب الثاني عشر من واجبات الحج:
المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر، ويعتبر
فيه قصد القربة، فإذا خرج الحاج إلى مكة يوم العيد لأداء
فريضة الطواف والسعي وجب عليه الرجوع ليبيت في مني،
ومن لم يجتنب الصيد في إحرامه فعليه المبيت ليلة الثالث عشر
أيضا، وكذلك من أتى النساء على الأحوط، وكذا من ارتكب
محرما من المحرمات عمدا وتجوز لغيرهم الإفاضة من منى بعد
ظهر اليوم الثاني عشر، ولكن إذا بقي في منى إلى أن دخل
الليل وجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر أيضا.
(مسألة 425): إذا تهيا للخروج وتحرك من مكانه ولم
يمكنه الخروج قبل الغروب للزحام ونحوه فإن أمكنه المبيت
وجب ذلك، وإن لم يمكنه أو كان المبيت حرجيا جاز له
178

الخروج، وعليه دم شاة على الأحوط.
(مسألة 426): من وجب عليه المبيت بمنى لا يجب
عليه المكث فيها نهارا بأزيد من مقدار يرمي فيه الجمرات، ولا
يجب عليه المبيت في مجموع الليل، فيجوز له المكث في منى
من أول الليل إلى ما بعد منتصفه أو المكث فيها قبل منتصف
الليل إلى الفجر، والأولى لمن بات النصف الأول ثم خرج أن
لا يدخل مكة قبل طلوع الفجر.
(مسألة 427): يستثنى ممن يجب عليه المبيت بمنى
عدة طوائف:
1 - المعذور، كالمريض والممرض ومن خاف على نفسه
أو ماله من المبيت بمنى.
2 - من اشتغل بالعبادة في مكة تمام ليلته أو تمام الباقي
من ليلته إذا خرج من منى بعد دخول الليل، ما عدا الحوائج
الضرورية كالأكل والشرب ونحوهما.
3 - من طاف بالبيت وبقي في عبادته ثم خرج من مكة
وتجاوز عقبة المدنيين، فيجوز له أن يبيت في الطريق دون أن
179

يصل إلى منى.
ويجوز لهؤلاء التأخير في الرجوع إلى منى إلى إدراك
الرمي في النهار.
(مسألة 428): من ترك المبيت بمنى فعليه كفارة شاة
عن كل ليلة، والأحوط التكفير فيما إذا تركه نسيانا أو جهلا
منه بالحكم أيضا، والأحوط التكفير للمعذور من المبيت، ولا
كفارة على الطائفة الثانية والثالثة ممن تقدم.
(مسألة 429): من أفاض من منى ثم رجع إليها بعد
دخول الليل في الليلة الثالثة عشر لحاجة لم يجب عليه المبيت
بها.
180

رمي الجمار
الثالث عشر من واجبات الحج: رمي الجمرات
الثلاث: الأولى، والوسطى، وجمرة العقبة. ويجب الرمي في
اليوم الحادي عشر والثاني عشر، وإذا بات ليلة الثالث عشر
في منى وجب الرمي في اليوم الثالث عشر أيضا على الأحوط،
ويعتبر في رمي الجمرات المباشرة، فلا تجوز الاستنابة اختيارا.
(مسألة 430): يجب الابتداء برمي الجمرة الأولى، ثم
الجمرة الوسطى، ثم جمرة العقبة، ولو خالف وجب الرجوع
إلى ما يحصل به الترتيب ولو كانت المخالفة عن جهل أو
نسيان، نعم إذا نسي فرمى جمرة بعد أن رمى سابقتها أربع
حصيات أجزأ إكمالها سبعا، ولا يجب عليه إعادة رمي اللاحقة.
(مسألة 431): ما ذكرناه من واجبات رمي جمرة
العقبة يجري في رمي الجمرات الثلاث كلها.
181

(مسألة 432): يجب أن يكون رمي الجمرات في
النهار، ويستثنى من ذلك الراعي والمديون الذي يخاف أن
يقبض عليه وكل من يخاف على نفسه أو عرضه أو ماله،
ويشمل ذلك الشيخ والنساء والصبيان والضعفاء الذين
يخافون على أنفسهم من كثرة الزحام، فيجوز لهؤلاء الرمي
ليلة ذلك النهار، ولكن لا يجوز لغير الخائف من المكث أن ينفر
ليلة الثانية عشر بعد الرمي حتى تزول الشمس من يومه.
(مسألة 433): من نسي الرمي في اليوم الحادي عشر
وجب عليه قضاؤه في الثاني عشر، ومن نسيه في الثاني عشر
قضاه في اليوم الثالث عشر، والأحوط أن يفرق بين الأداء
والقضاء، وأن يقدم القضاء على الأداء، وأن يكون القضاء أول
النهار والأداء عند الزوال.
(مسألة 434): من نسي الرمي فذكره في مكة وجب
عليه أن يرجع إلى منى ويرمي فيها، وإذا كان يومين أو ثلاثة
فالأحوط أن يفصل بين وظيفة يوم ويوم بعده بساعة، وإذا
ذكره بعد خروجه من مكة لم يجب عليه الرجوع، بل يقضيه
182

في السنة القادمة بنفسه أو بنائبه على الأحوط.
(مسألة 435): المريض الذي لا يرجي برؤه إلى
المغرب يستنيب لرميه، ولو اتفق برؤه قبل غروب الشمس
رمى بنفسه أيضا على الأحوط.
(مسألة 436): لا يبطل الحج بترك الرمي ولو كان
متعمدا، ويجب قضاء الرمي بنفسه أو بنائبه في العام القابل
على الأحوط.
183

أحكام المصدود
(مسألة 437): المصدود هو الممنوع عن الحج أو
العمرة بعد تلبسه باحرامهما.
(مسألة 438): المصدود عن العمرة يذبح في مكانه
ويتحلل به، والأحوط ضم التقصير أو الحلق إليه، بل الأحوط
اختيار الحلق إذا كان ساق معه الهدي في العمرة المفردة.
(مسألة 439): المصدود عن الحج إن كان مصدودا
عن الموقفين أو عن الموقف بالمشعر خاصة فوظيفته ذبح الهدي
في محل الصد والتحلل به عن احرامه، والأحوط ضم الحلق أو
التقصير إليه، وإن كان عن الطواف والسعي بعد الموقفين قبل
أعمال منى أو بعدها فحينئذ يجب عليه الاستنابة لبقية الأعمال
ما عدا الحلق والتقصير وإن لم يأت بطواف النساء ولم يتمكن
من الاستنابة له يشكل له حل النساء.
184

وإن كان مصدودا عن مناسك منى خاصة دون دخول
مكة فوقتئذ إن كان متمكنا من الاستنابة فيستنيب للرمي
والذبح ثم يحلق أو يقصر ويتحلل ثم يأتي ببقية المناسك، وإن
لم يكن متمكنا من الاستنابة فالظاهر أن وظيفته في هذه
الصورة أن يودع ثمن الهدي عند من يذبح عنه ثم يحلق أو
يقصر في مكانه، فيرجع إلى مكة لأداء مناسكها فيتحلل بعد
هذه كلها عن جميع ما يحرم عليه حتى النساء من دون حاجة
إلى شئ آخر، وصح حجه وعليه الرمي في السنة القادمة على
الأحوط.
(مسألة 440): المصدود من الحج قبل الوقوفين لا
يسقط عنه الحج بالهدي المزبور، بل يجب عليه الاتيان به في
القابل إذا بقيت الاستطاعة أو كان الحج مستقرا في ذمته.
(مسألة 441): إذا صد عن الرجوع إلى منى للمبيت
ورمي الجمار فقد تم حجه، ويستنيب للرمي إن أمكنه في سنته،
وإلا ففي القابل على الأحوط، ولا يجري عليه حكم المصدود.
(مسألة 442): من تعذر عليه المضي في حجه لمانع من
185

الموانع غير الصد والحصر فالأحوط في حقه أن يأتي بوظائف
الصد على ما تقدم تفصيله.
(مسألة 443): لا فرق في الهدي المذكور بين أن
يكون بدنة أو بقرة أو شاة، ولو لم يتمكن منه فالأحوط أن
يأتي بعمرة مفردة إن تمكن من ذلك.
(مسألة 444): من أفسد حجه ثم صد هل يجري
عليه حكم الصد أم لا وجهان، الظاهر هو الأول، ولكن عليه
كفارة الافساد زائدا على الهدي.
(مسألة 445): من ساق هديا معه ثم صد كفى ذبح
ما ساقه ولا يجب عليه هدي آخر.
186

أحكام المحصور
(مسألة 446): المحصور هو الممنوع عن الحج أو
العمرة بمرض ونحوه بعد تلبسه بالاحرام.
(مسألة 447): المحصور إن كان محصورا في عمرة
مفردة فوظيفته أن يبعث هديا ويواعد أصحابه أن يذبحوه أو
ينحروه في وقت معين، فإذا جاء الوقت تحلل في مكانه، ويجوز
له خاصة أن يذبح أو ينحر في مكانه ويتحلل، وتحلل المحصور
في العمرة المفردة إنما هو من غير النساء، وأما منها فلا تحلل
منها إلا بعد إتيانه بعمرة مفردة بعد إفاقته، وإن كان المحصور
محصورا في عمرة التمتع فحكمه ما تقدم إلا أنه يتحلل حتى
من النساء، وإن كان المحصور محصورا في الحج فحكمه ما
تقدم، والأحوط أنه لا يتحلل من النساء حتى يطوف ويسعى
ويأتي بطواف النساء بعد ذلك في حج أو عمرة مفردة
187

(مسألة 448): إذا أحصر وبعث بهديه وبعد ذلك
خف المرض فإن ظن أو احتمل إدراك الحج وجب عليه
الالتحاق، وحينئذ فإن أدرك الموقفين أو الوقوف بالمشعر
خاصة حسب ما تقدم فقد أدرك الحج، وإلا فإن لم يذبح أو
ينحر عنه انقلب حجه إلى العمرة المفردة، وإن ذبح عنه تحلل
من غير النساء ووجب عليه الاتيان بالطواف وصلاته والسعي
وطواف النساء وصلاته للتحلل من النساء أيضا على الأحوط.
(مسألة 449): إذا أحصر عن مناسك منى أو أحصر
من الطواف والسعي بعد الوقوفين فالحكم فيه كما تقدم في
(مسألة 451): لا يسقط الحج عن المحصور بتحلله
بالهدي، فعليه الاتيان به في القابل إذا بقيت استطاعته أو كان
مستقرا في ذمته.
(مسألة 452): المحصور إذا لم يجد هديا ولا ثمنه صام
عشرة أيام على ما تقدم.
(مسألة 453): يستحب للمحرم عند عقد الاحرام
188

أن يشترط على ربه تعالى أن يحله حيث حبسه وإن كان حله
لا يتوقف على ذلك، فإنه يحل عند الحبس اشترط أم لم
يشترط.
إلى هنا فرغنا من واجبات الحج فلنشرع الآن في
آدابه، وقد ذكر الفقهاء من الآداب ما لا تسعه هذه الرسالة
فنقتصر على يسير منها.
189

مستحبات الاحرام
يستحب في الاحرام أمور:
1 - تنظيف الجسد، وتقليم الأظفار، وأخذ الشارب،
وإزالة الشعر من الإبطين والعانة، كل ذلك قبل الاحرام.
2 - تسريح شعر الرأس، واللحية من أول ذي القعدة
لمن أراد الحج، وقبل شهر واحد لمن أراد العمرة المفردة.
وقال بعض الفقهاء بوجوب ذلك، وهذا القول وإن
كان ضعيفا إلا أنه أحوط.
3 - الغسل للاحرام في الميقات، ويصح من الحائض
والنفساء أيضا على الأظهر، وإذا خاف عوز الماء في الميقات
190

قدمه عليه، فإن وجد الماء في الميقات أعاده، وإذا اغتسل ثم
أحدث بالأصغر أو أكل أو لبس ما يحرم أعاد غسله، ويجزئ
الغسل نهارا إلى آخر الليلة الآتية، ويجزئ الغسل ليلا إلى
آخر النهار الآتي.
4 - أن يدعو عند الغسل على ما ذكره الصدوق
ويقول:
" بسم الله وبالله، اللهم اجعله لي نورا وطهورا
وحرزا وأمنا من كل خوف وشفاء من كل داء وسقم، اللهم
طهرني وطهر قلبي واشرح لي صدري، وأجر على لساني
محبتك ومدحتك والثناء عليك، فإنه لا قوة لي إلا بك، وقد
علمت أن قوام ديني التسليم لك، والاتباع لسنة نبيك
صلواتك عليه وآله ".
5 - أن يدعو عند لبس ثوبي الاحرام ويقول:
" الحمد لله الذي رزقني ما أواري به عورتي وأؤدي
فيه فرضي، وأعبد فيه ربي، وأنتهي فيه إلى ما أمرني،
191

الحمد لله الذي قصدته فبلغني، واردته فأعانني وقبلني ولم
يقطع بي، ووجهه أردت فسلمني فهو حصني وكهفي
وحرزي، وظهري وملاذي، ورجائي ومنجاي وذخري
وعدتي في شدتي ورخائي ".
6 - أن يكون ثوباه للاحرام من القطن.
7 - أن يكون إحرامه بعد فريضة الظهر. فإن لم
يتمكن فبعد فريضة أخرى، وإلا فبعد ركعتين أو ست ركعات
من النوافل، والست أفضل، يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة
وسورة التوحيد، وفي الثانية الفاتحة وسورة الجحد، فإذا فرغ
حمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وآله ثم يقول:
" اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك،
وآمن بوعدك، واتبع أمرك فإني عبدك وفي قبضتك، لا أوقي
إلا ما وقيت، ولا آخذ إلا ما أعطيت، وقد ذكرت الحج،
فأسألك أن تعزم لي عليه على كتابك وسنة نبيك صلى الله
عليه وآله، وتقويني على ما ضعفت عنه، وتسلم مني
192

مناسكي في يسر منك وعافية، واجعلني من وفدك الذين
رضيت وارتضيت وسميت وكتبت، اللهم إني خرجت من
شقة بعيدة وأنفقت مالي ابتغاء مرضاتك، اللهم فتمم لي
حجي وعمرتي، اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على
كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله وسلم، فإن عرض لي
عارض يحبسني، فحلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت
على، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك شعري وبشري
ولحمي ودمي، وعظامي ومخي وعصبي من النساء
والثياب والطيب، أبتغي بذلك وجهك والدار الآخرة ".
8 - التلفظ بنية الاحرام مقارنا للتلبية.
9 - رفع الصوت بالتلبية للرجال.
10 - أن يقول في تلبيته:
" لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك داعيا إلى دار
السلام لبيك، لبيك غفار الذنوب لبيك، لبيك أهل
التلبية، لبيك، لبيك ذا الجلال والاكرام لبيك، لبيك تبدئ
193

والمعاد إليك لبيك، لبيك تستغني ويفتقر إليك لبيك، لبيك
مرهوبا ومرعوبا إليك لبيك، لبيك إله الحق لبيك، لبيك ذا
النعماء والفضل الحسن الجميل لبيك، لبيك كشاف
الكرب العظام لبيك، لبيك عبدك وابن عبديك لبيك،
لبيك يا كريم لبيك ". ثم يقول:
" لبيك أتقرب إليك بمحمد وآل محمد لبيك، لبيك
بحجة أو عمرة لبيك، لبيك وهذه عمرة متعة إلى الحج
لبيك، لبيك تلبية تمامها وبلاغها عليك ".
11 - تكرار التلبية حال الاحرام، في وقت اليقظة من
النوم، وبعد كل صلاة، وعند الركوب على البعير والنزول منها،
وعند كل علو وهبوط، وعند ملاقاة الراكب، وفي الأسحار
يستحب إكثارها ولو كان جنبا أو حائضا، ولا يقطعها في عمرة
التمتع إلى أن يشاهد بيوت مكة وفي حج التمتع إلى زوال يوم
عرفة.
194

مكروهات الاحرام
يكره في الاحرام أمور:
1 - الاحرام في ثوب أسود، بل الأحوط ترك ذلك،
والأفضل الاحرام في ثوب أبيض.
2 - النوم على الفراش الأصغر، وعلى الوسادة
الصفراء.
3 - الاحرام في الثياب الوسخة، ولو وسخت حال
الاحرام فالأولى أن لا يغسلها ما دام محرما، ولا بأس بتبديلها.
4 - الاحرام في ثياب مخططة.
5 - استعمال الحناء قبل الاحرام إذا كان أثره باقيا إلى
195

وقت الاحرام.
6 - دخول الحمام، والأولى بل الأحوط أن لا يدلك
المحرم جسده.
7 - تلبية من يناديه، بل الأحوط ترك ذلك.
196

دخول الحرم ومستحباته
يستحب في دخول الحرم أمور:
1 - النزول من المركوب عند وصوله الحرم، والاغتسال
لدخوله.
2 - خلع نعليه عند دخوله الحرم، وأخذهما بيده تواضعا
وخشوعا لله سبحانه.
3 - أن يدعو بهذا الدعاء عند دخول الحرم:
" اللهم إنك قلت في كتابك، وقولك الحق: وأذن في
الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج
عميق، اللهم إني أرجو أن أكون ممن أجاب دعوتك، قد جئت
197

من شقة بعيدة وفج عميق، سامعا لندائك ومستجيبا لك،
مطيعا لأمرك، وكل ذلك بفضلك على واحسانك إلي، فلك
الحمد على ما وفقتني له أبتغي بذلك الزلفة عندك، والقربة
إليك والمنزلة لديك، والمغفرة لذنوبي، والتوبة علي منها
بمنك، اللهم صل على محمد وآل محمد وحرم بدني على النار
وآمني من عذابك برحمتك يا أرحم الراحمين ".
4 - أن يمضغ شيئا من الإذخر عند دخول الحرم.
198

آداب دخول مكة المكرمة والمسجد الحرام
يستحب لمن أراد أن يدخل مكة المكرمة أن يغتسل
قبل دخولها، وأن يدخلها بسكينة ووقار، ويستحب لمن جاء من
طريق المدينة أن يدخل من أعلاها ويخرج من أسفلها،
ويستحب أن يكون حال دخول المسجد حافيا على سكينة
ووقار وخشوع، وأن يكون دخوله من باب بني شيبة، وهذا
الباب وإن جهل فعلا من جهة توسعة المسجد إلا أنه قال
بعضهم إنه كان بإزاء باب السلام، فالأولى الدخول من باب
السلام، ثم يأتي مستقيما إلى أن يتجاوز الأسطوانات،
ويستحب أن يقف على باب المسجد ويقول:
199

" السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، بسم
الله وبالله، ومن الله وما شاء الله، السلام على أنبياء الله
ورسله، والسلام على رسول الله والسلام على إبراهيم
خليل الله، والحمد لله رب العالمين ".
ثم يدخل المسجد متوجها إلى الكعبة رافعا يديه إلى
السماء ويقول:
" اللهم إني أسألك في مقامي هذا، في أول مناسكي
أن تقبل توبتي وأن تجاوز عن خطئتي وتضع عني وزري،
الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام، اللهم إني أشهدك أن هذا
بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وأمنا مباركا وهدى
للعالمين، اللهم إني عبدك والبلد بلدك والبيت بيتك، جئت
أطلب رحمتك، وأؤم طاعتك، مطيعا لأمرك، راضيا بقدرك،
أسألك مسألة الفقير إليك، الخائف لعقوبتك، اللهم افتح
لي أبواب رحمتك، واستعملني بطاعتك ومرضاتك ".
وفي رواية أخرى يقف على باب المسجد ويقول:
" بسم الله وبالله، ومن الله وإلى الله وما شاء الله،
200

وعلى ملة رسول الله، صلى الله عليه وآله، وخير الأسماء لله،
والحمد لله، والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وآله،
السلام على محمد بن عبد الله، السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته، السلام على أنبياء الله ورسله، السلام
على إبراهيم خليل الرحمن، السلام على المرسلين. والحمد لله
رب العالمين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، اللهم
صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم
محمدا وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم
وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صل على محمد وآل محمد
عبدك ورسولك، اللهم صل على إبراهيم خليلك، وعلى
أنبيائك ورسلك، وسلم عليهم، وسلام على المرسلين، والحمد
لله رب العالمين، اللهم افتح لي أبواب رحمتك واستعملني
في طاعتك ومرضاتك واحفظني بحفظ الايمان أبدا ما
أبقيتني جل ثناء وجهك، الحمد لله الذي جعلني من وفده
وزواره، وجعلني ممن يعمر مساجده وجعلني ممن يناجيه، اللهم،
إني عبدك، وزائرك في بيتك وعلى كل مأتي حق لمن أتاه
201

وزاره، وأنت خير مأتي وأكرم مزور، فأسألك يا الله يا رحمن
وبأنك أنت الله لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وبأنك
واحد أحد صمد لم تلد ولم تولد، ولم يكن لك كفوا أحد، وأن
محمدا عبدك ورسولك صلى الله عليه وعلى أهل بيته، يا
جواد يا كريم يا ماجد يا جبار يا كريم، أسألك أن تجعل
تحفتك إياي بزيارتي إياك أول شئ تعطيني فكاك رقبتي
من النار ".
ثم يقول ثلاثا:
" اللهم فك رقبتي من النار ".
ثم يقول:
" وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب، وادرأ عني
شر شياطين الإنس والجن، وشر فسقه العرب والعجم ".
ويستحب عندما يحاذي الحجر الأسود أن يقول:
" أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله آمنت بالله، وكفرت بالطاغوت
202

وباللات والعزى وبعبادة الشيطان وبعبادة كل ند يدعى
من دون الله ".
ثم يذهب إلى الحجر الأسود ويستلمه ويقول:
" الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن
هدانا الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر،
أكبر من خلقه، أكبر ممن أخشى وأحذر ولا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت
ويحيي، بيده الخير، وهو على كل شئ قدير ".
ويصلي على محمد وآل محمد، ويسلم على الأنبياء كما
كان يصلي ويسلم عند دخول المسجد الحرام، ثم يقول:
" إني أؤمن بوعدك وأوفي بعهدك ".
وفي رواية صحيحة عن أبي عبد الله (عليه السلام):
" إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك، واحمد الله واثن
عليه، وصل على النبي، وأسأل الله أن يتقبل منك، ثم استلم
الحجر وقبله، فإن لم تستطع أن تقبله فاستلمه بيدك، فإن لم
تستطع أن تستلمه بيدك فأشر إليه وقل:
203

" اللهم أمانتي أديتها، وميثاقي تعاهدته لتشهد لي
بالموافاة، اللهم تصديقا بكتابك، وعلى سنة نبيك أشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله،
آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت باللات والعزى،
وعبادة الشيطان وعبادة كل ند يدعى من دون الله
تعالى ".
فإن لم تستطع أن يقول هذا فبعضه، وقل:
" اللهم إليك بسطت يدي، وفيما عندك عظمت
رغبتي قاقبل سبحتي، واغفر لي وارحمني، اللهم إني أعوذ بك
من الكفر والفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة ".
204

آداب الطواف
روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام)،
قال تقول في الطواف:
" اللهم إني أسألك باسمك الذي يمشي به على ظلل
الماء كما يمشي به على جدد الأرض، وأسألك باسمك الذي
يهتز له عرشك، وأسألك باسمك الذي تهتز له أقدام
ملائكتك وأسألك باسمك الذي دعاك به موسى من
جانب الطور فاستجبت له وألقيت عليه محبة منك،
وأسألك باسمك الذي غفرت به لمحمد ما تقدم من ذببه وما
تأخر، وأتمت عليه نعمتك أن تفعل بي كذا وكذا " ما أحببت
205

من الدعاء
وكل ما انتهيت إلى باب الكعبة فصل على محمد وآل
محمد، وتقول فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود:
" ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا
عذاب النار ".
وقل في الطواف:
" اللهم إني إليك فقير، وإني خائف مستجير، فلا
تغير جسمي، ولا تبدل اسمي ".
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان علي ابن
الحسين (عليه السلام) إذا بلغ الحجر قبل أن يبلغ الميزاب
يرفع رأسه، ثم يقول وهو ينظر إلى الميزاب:
اللهم أدخلني الجنة برحمتك، وأجرني برحمتك من
النار، وعافني من السقم، وأوسع علي من الرزق الحلال،
وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس، وشر فسقة العرب
والعجم ".
وفي الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه لما
206

انتهى إلى ظهر الكعبة حتى يجوز الحجر قال:
" يا ذا المن والطول والجود والكرم، إن عملي
ضعيف فضاعفه لي وتقبله مني، إنك أنت السميع العليم ".
وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أنه لما صار
بحذاء الركن اليماني أقام فرفع يديه ثم قال:
" يا الله، يا ولي العافية، وخالق العافية، ورازق
العافية، والمنعم بالعافية، والمنان بالعافية والمتفضل
بالعافية علي وعلى جميع خلقك يا رحمن الدنيا والآخرة
ورحيمهما، صل على محمد وآل محمد وارزقنا العافية، ودوام
العافية، وتمام العافية، وشكر العافية، في الدنيا والآخرة يا
أرحم الراحمين ".
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) إذا فرغت من
طوافك وبلغت مؤخر الكعبة وهو بحذاء المستجار دون الركن
اليماني بقليل فابسط يديك على البيت والصق بدنك وخدك
بالبيت وقل:
" اللهم البيت بيتك، والعبد عبدك وهذا مكان العائذ
207

بك من النار ".
ثم أقر لربك بما عملت، فإنه ليس من عبد مؤمن يقر
لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر الله له إن شاء الله، وتقول:
" اللهم من قبلك الروح والفرج والعافية، اللهم إن
عملي ضعيف فضاعفه لي، واغفر لي ما اطلعت عليه مني
وخفي على خلقك ".
ثم تستجير بالله من النار وتخير لنفسك من الدعاء، ثم
استلم الركن اليماني.
وفي رواية أخرى عنه (عليه السلام): ثم استقبل
الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود واختم به
وتقول:
" اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيما آتيتني ".
ويستحب للطائف في كل شوط أن يستلم الأركان
كلها وأن يقول عند استلام الحجر الأسود:
" أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي
بالموافاة ".
208

آداب صلاة الطواف
يستحب في صلاة الطواف أن يقرأ بعد الفاتحة سورة
التوحيد في الركعة الأولى، وسورة الجحد في الركعة الثانية،
فإذا فرغ من صلاته حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد وآل
محمد، وطلب من الله تعالى أن يتقبل منه.
وعن الصادق (عليه السلام) أنه سجد بعد ركعتي
الطواف وقال في سجوده:
" سجد وجهي لك تعبدا ورقا، لا إله إلا أنت حقا
حقا، الأول قبل كل شئ، والآخر بعد كل شئ وها أنا ذا
بين يديك، ناصيتي بيدك، واغفر لي إنه لا يغفر الذنب
209

العظيم غيرك، فاغفر لي، فإني مقر بذنوبي على نفسي ولا
يدفع الذنب العظيم غيرك ".
ويستحب أن يشرب من ماء زمزم قبل أن يخرج إلى
الصفا ويقول:
" اللهم اجعله علما نافعا، ورزقا واسعا وشفاء من
كل داء وسقم ".
وإن أمكنه أتى زمزم بعد صلاة الطواف وأخذ منه ذنوبا
أو ذنوبين، فيشرب منه ويصب الماء على رأسه وظهره وبطنه،
ويقول:
" اللهم اجعله علما نافعا، ورزقا واسعا وشفاء من
كل داء وسقم ".
ثم يأتي الحجر الأسود فيخرج منه إلى الصفا.
210

آداب السعي
يستحب الخروج إلى الصفا من الباب الذي يقابل
الحجر الأسود مع سكينة ووقار، فإذا صعد على الصفا نظر إلى
الكعبة، ويتوجه إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود، ويحمد
الله ويثني عليه ويتذكر آلاء الله ونعمه ثم يقول: " الله أكبر "
سبع مرات، " الحمد لله " سبع مرات، " لا إله إلا الله " سبع
مرات، ويقول ثلاث مرات:
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله
الحمد، يحيى ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على
كل شئ قدير ".
211

ثم يصلي على محمد وآل محمد، ثم يقول ثلاث مرات:
" الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا،
والحمد لله الحي القيوم، والحمد لله الحي الدائم ".
ثم يقول: ثلاث مرات:
" أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، لا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين، ولو كره
المشركون ".
ثم يقول ثلاث مرات:
" اللهم إني أسألك العفو والعافية واليقين في الدنيا
والآخرة ".
ثم يقول: " الله أكبر " مائة مرة، " لا إله إلا الله " مائة
مرة، " الحمد لله " مائة مرة، " سبحان الله " مائة مرة، ثم يقول:
" لا إله إلا الله وحده " أنجز وعده، ونصر عبده، وغلب
الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد، وحده وحده، اللهم
بارك لي في الموت وفيما بعد الموت، اللهم إني أعوذ بك من
ظلمة القبر ووحشته، اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا
212

ظل إلا ظلك ".
ويستودع الله دينه ونفسه وأهله كثيرا، فيقول:
" أستودع الله الرحمن الرحيم الذي لا تضيع ودائعه
ديني ونفسي وأهلي، اللهم استعملني على كتابك وسنة
نبيك، وتوفني على ملته، وأعذني من الفتنة ".
ثم يقول: " الله أكبر " ثلاث مرات، ثم يعيدها مرتين،
ثم يكبر واحدة ثم يعيدها، فإن لم يستطع هذا فبعضه.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه إذا صعد الصفا
استقبل الكعبة، ثم يرفع يديه، ثم يقول:
" اللهم اغفر لي كل ذنب أذنبته قط، فإن عدت فعد
علي بالمغفرة، فإنك أنت الغفور الرحيم، اللهم افعل بي ما
أنت أهله، فإنك إن تفعل بي ما أنت أهله ترحمني، وأن
تعذبني فأنت غني عن عذابي، وأنا محتاج إلى رحمتك، فيا من
أنا محتاج إلى رحمته ارحمني، اللهم لا تفعل بي ما أنا أهله
فإنك إن تفعل بي ما أنا أهله تعذبني ولم تظلمني، أصبحت
أتقي عدلك ولا أخاف جورك، فيا من هو عدل لا يجوز
213

ارحمني ".
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) إن أردت أن يكثر
مالك فأكثر من الوقوف على الصفا، ويستحب أن يسعى ما
شيا وأن يمشي مع سكينة ووقار حتى يأتي محل المنارة الأولى
فيهرول إلى محل المنارة الأخرى، ثم يمشي مع سكينة ووقار
حتى يصعد على المروة فيصنع عليها كما صنع على الصفاء،
ويرجع من المروة إلى الصفا على هذا النهج أيضا، وإذا كان
راكبا أسرع فيما بين المنارتين فينبغي أن يجد في البكاء ويدعو
الله كثيرا، ولا هرولة على النساء.
214

آداب الاحرام إلى الوقوف بعرفات
ما تقدم من الآداب في إحرام العمرة يجري في إحرام
الحج أيضا، فإذا أحرم للحج وخرج من مكة يلبي في طريقه
غير رافع صوته، حتى إذا أشرف على الأبطح رفع صوته، فإذا
توجه إلى منى قال:
" اللهم إياك أرجو، وإياك أدعو، فبلغني أملي، وأصلح
لي عملي ".
ثم يذهب إلى منى بسكينة ووقار مشتغلا بذكر الله
سبحانه، فإذا وصل إليها قال:
" الحمد لله الذي أقدمنيها صالحا في عافية، وبلغني
215

هذا المكان ".
ثم يقول:
" اللهم هذه مني، وهذه مما مننت به علينا من
المناسك، فأسألك أن تمن علي بما مننت به على أنبيائك، فإنما
أنا عبدك وفي قبضتك "،
ويستحب له المبيت في منى ليلة عرفة، يقتضيها في
طاعة الله تبارك وتعالى، والأفضل أن تكون عباداته ولا سيما
صلواته في مسجد الخيف، فإذا صلى الفجر عقب إلى طلوع
الشمس ثم يذهب إلى عرفات، ولا بأس بخروجه من منى بعد
طلوع الفجر، والأولى بل الأحوط أن لا يتجاوز وادي محسر
قبل طلوع الشمس ويكره خروجه منها قبل الفجر، وذهب
بعضهم إلى عدم جوازه إلا لضرورة، كمرض أو خوف من
الزحام، فإذا توجه إلى عرفات قال:
" اللهم إليك صمدت، وإياك اعتمدت ووجهك
أردت، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي وأن تقضي لي حاجتي،
وأن تجعلني ممن تباهي به اليوم من هو أفضل مني ".
216

ثم يلبي إلى أن يصل إلى عرفات.
217

آداب الوقوف بعرفات
يستحب في الوقوف بعرفات أمور، وهي كثيرة نذكر
بعضها، منها:
1 - الطهارة حال الوقوف.
2 - الغسل عند الزوال.
3 - تفريغ النفس للدعاء والتوجه إلى الله.
4 - الوقوف بسفح الجبل في ميسرته.
5 - الجمع بين صلاتي الظهرين بأذان وإقامتين.
6 - الدعاء بما تيسر من المأثور وغيره، والأفضل
المأثور، فمن ذلك دعاء الحسين (عليه السلام)، ودعاء ولده
218

الإمام زين العابدين (عليه السلام).
ومنه ما في صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: إنما تعجل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ
نفسك للدعاء، فإنه يوم دعاء ومسألة، ثم تأتي الموقف وعليك
السكينة والوقار، فاحمد الله وهلله ومجده واثن عليه، وكبره مائة
مرة، واحمده مائة مرة، وسبحه مائة مرة، واقرأ قل هو الله أحد
مائة مرة، وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت، واجتهد فإنه
يوم دعاء ومسألة وتعوذ بالله من الشيطان فإن الشيطان لن
يذهلك في موطن قط أحب إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن،
وإياك أن تشتغل بالنظر إلى الناس، وأقبل قبل نفسك، وليكن
فيما تقول: اللهم إني عبدك فلا تجعلني من أخيب وفدك،
وارحم مسيري إليك من الفج العميق، وليكن فيما تقول:
" اللهم رب المشاعر كلها فك رقبتي من النار،
وأوسع علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن
والإنس "، وتقول: اللهم لا تمكر بي ولا تخدعني ولا
تستدرجني " وتقول:
219

" اللهم إني أسألك بحولك وجودك وكرمك ومنك
وفضلك يا أسمع السامعين ويا أبصر الناظرين ويا أسرع
الحاسبين ويا أرحم الراحمين أن تصلي على محمد وآل محمد،
وأن تفعل بي كذا وكذا "، وتذكر حوائجك، وليكن فيما تقول
وأنت رافع رأسك إلى السماء:
" اللهم حاجتي التي إن أعطيتنيها لم يضرني ما
منعتني، والتي إن منعتنيها لم ينفعني ما أعطيتني، أسألك
خلاص رقبتي من النار "، وليكن فيما تقول:
" اللهم إني عبدك وملك يدك، ناصيتي بيدك وأجلي
بعلمك، أسألك أن توفقني لما يرضيك عني وأن تسلم مني
مناسكي التي أريتها خليلك إبراهيم صلواتك عليه ودللت
عليها نبيك محمدا صلى الله عليه وآله. وليكن فيما تقول:
" اللهم اجعلني ممن رضيت عمله وأطلت عمره وأحييته بعد
الموت حياة طيبة ".
ومن الأدعية المأثورة ما علمه رسول الله صلى الله عليه
وآله عليا (عليه السلام) على ما رواه معاوية ابن عمار عن أبي
220

عبد الله (عليه السلام) قال: فتقول:
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد،
يحيى ويميت ويميت ويحيى، وهو حي لا يموت، بيده الخير
وهو على كل شئ قدير، اللهم لك الحمد أنت كما تقول،
وخير ما يقول القائلون، اللهم لك صلاتي وديني ومحياي
ومماتي، ولك تراثي وبك حولي ومنك قوتي، اللهم إني أعوذ
بك من الفقر ومن وسواس الصدر ومن شتاب الأمر ومن
عذاب النار ومن عذاب القبر، اللهم إني أسألك من خير
ما تأتي به الرياح، وأعوذ بك من شر ما تأتي به الرياح،
وأسألك خير الليل وخير النهار ".
ومن تلك الأدعية ما رواه عبد الله بن ميمون، قال:
سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن رسول الله صلى
الله عليه وآله وقف بعرفات، فلما همت الشمس أن تغيب قبل
أن يندفع، قال:
" اللهم إني أعوذ بك من الفقر، ومن تشتت الأمر،
ومن شر ما يحدث بالليل والنهار، أمسي ظلمي مستجيرا
221

بعفوك، وأمسي خوفي مستجيرا بأمانك، وأمسي ذلي
مستجيرا بعزك، وأمسي وجهي الفاني مستجيرا بوجهك
الباقي، يا خير من سئل، ويا أجود من أعطى جللني
برحمتك، وألبسني عافيتك، واصرف عني شر جميع خلقك ".
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
إذا غربت الشمس يوم عرفة فقل:
" اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا الموقف،
وارزقنيه من قابل أبدا ما أبقيتني، واقلبني اليوم مفلحا
منجحا مستجابا لي مرحوما مغفورا لي، بأفضل ما ينقلب
به اليوم أحد من وفدك وحجاج بيتك الحرام، واجعلني اليوم
من أكرم وفدك عليك، وأعطني أفضل ما أعطيت أحدا
منهم من الخير والبركة والرحمة والرضوان والمغفرة، وبارك
لي فيما أرجع إليه من أهل أو مال أو قليل أو كثير وبارك
لهم في ".
222

آداب الوقوف بالمزدلفة
وهي أيضا كثيرة نذكر بعضها:
1 - الإفاضة من عرفات على سكينة ووقار مستغفرا
فإذا انتهى إلى الكتب الأحمر عن يمين الطريق يقول:
" اللهم ارحم موقفي، وزد في عملي، وسلم لي ديني
وتقبل مناسكي ".
2 - الاقتصاد في السير.
3 - تأخير العشائين إلى المزدلفة، والجمع بينهما بأذان
وإقامتين وإن ذهب ثلث الليل.
4 - نزول بطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من
223

المشعر، ويستحب للصرورة وطء المشعر برجله.
5 - إحياء تلك الليلة بالعبادة والدعاء بالمأثور وغيره،
ومن المأثور أن يقول:
" اللهم هذه جمع، اللهم إني أسألك أن تجمع لي فيها
جوامع الخير، اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن
تجمعه لي في قلبي، واطلب إليك أن تعرفني ما عرفت
أوليائك، في منزلي هذا، وأن تقيني جوامع الشر ".
6 - أن يصبح على طهر، فيصلي الغداة ويحمد الله عز
وجل ويثنى عليه، ويذكر من آلائه وبلائه ما قدر عليه، ويصلي
على النبي صلى الله عليه وآله ثم يقول:
" اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار،
وأوسع علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقه الجن
والإنس، اللهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو وخير
مسؤول ولكل وافد جائزة، فاجعل جائزتي في موطني هذا
أن تقيلني عثرتي، وتقبل معذرتي، وأن تجاوز عن خطيئتي،
ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي ".
224

7 - التقاط حصى الجمار من المزدلفة، وعددها سبعون.
8 - السعي (السير السريع) إذا مر بوادي محسر وقدر
للسعي مائة خطوة، ويقول:
" اللهم سلم لي عهدي، واقبل توبتي، وأجب دعوتي،
واخلفني بخير في من تركت بعدي ".
225

آداب رمي الجمرات
يستحب في رمي الجمرات أمور، منها:
1 - أن يكون على طهارة حال الرمي.
2 - أن يقول إذا أخذ الحصيات بيده:
" اللهم هؤلاء حصياتي فاحصهن لي وارفعهن في
عملي ".
3 - أن يقول عند كل رمية:
" الله أكبر، اللهم ادحر عني الشيطان، اللهم تصديقا
بكتابك وعلى سنة نبيك، اللهم اجعله حجا مبرورا وعملا
مقبولا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا ".
226

4 - أن يقف الرامي على بعد من جمرة العقبة بعشر
خطوات، أو خمس عشرة خطوة.
5 - أن يرمي جمرة العقبة متوجها إليها مستدبرا القبلة،
ويرمي الجمرتين الأولى والوسطى مستقبل القبلة.
6 - أن يضع الحصاة على إبهامه، ويدفعها بظفر
السبابة.
7 - أن يقول إذا رجع إلى منى:
" اللهم بك وثقت، وعليك توكلت، فنعم الرب ونعم
المولى ونعم النصير ".
227

آداب الهدي
يستحب في الهدي أمور منها:
1 - أن يكون بدنه، ومع العجز فبقرة، ومع العجز عنها
أيضا فكبشا.
2 - أن يكون سمينا.
3 - أن يقول عند الذبح أو النحر:
" وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا
مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من
المسلمين، اللهم منك ولك، بسم الله والله أكبر، اللهم تقبل
228

مني ".
4 - أن يباشر الذبح بنفسه، فإن لم يتمكن فليضع
السكين بيده، ويقبض الذابح على يده، ولا بأس بأن يضع
يده على يد الذابح.
229

آداب الحلق
1 - يستحب في الحلق أن يبتدئ فيه من الطرف
الأيمن، وأن يقول حين الحلق:
" اللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة ".
2 - أن يدفن شعره في خيمته في مني.
3 - أن يأخذ من لحيته وشاربه ويقلم أظافيره بعد
الحلق.
230

آداب طواف الحج والسعي
ما ذكرناه من الآداب في طواف العمرة وصلاته
والسعي فيها يجري هنا أيضا، ويستحب الاتيان بالطواف يوم
العيد، فإذا قام على باب المسجد يقول:
" اللهم أعني على نسكك وسلمني له وسلمه لي،
أسألك مسألة العليل الذليل المعترف بذنبه أن تغفر لي
ذنوبي، وأن ترجعني بحاجتي، اللهم إني عبدك والبلد بلدك
والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك، متبعا
لأمرك راضيا بقدرك أسألك مسألة المضطر إليك، المطيع
لأمرك، المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك أن تبلغني
231

عفوك وتجيرني من النار برحمتك ".
ثم يأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبله، فإن لم يستطع
استلم بيده وقبلها، وإن لم يستطع من ذلك أيضا استقبل
الحجر وكبر وقال كما قال حين طاف بالبيت يوم قدم مكة، وقد
مر ذلك في صفحة (100).
232

آداب منى
يستحب المقام بمنى أيام التشريق وعدم الخروج منها
ولو كان الخروج للطواف المندوب، ويستحب التكبير فيها بعد
خمس عشرة صلاة أولها ظهر يوم النحر، وبعد عشر صلوات
في سائر الأمصار، والأولى في كيفية التكبير أن يقول:
" الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر
ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا
من بهيمة الأنعام، والحمد لله على ما أبلانا ".
ويستحب أن يصلي فرائضه ونوافله في مسجد الخيف،
روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال:
233

" من صلى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه
عدلت عبادة سبعين عاما، ومن سبح الله فيه مائة تسبيحة
كتب له كأجر عتق رقبة، ومن هلل الله فيه مائة تهليلة عدلت
أجر إحياء نسمة، ومن حمد الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر
خراج العراقين يتصدق به في سبيل الله عز وجل ".
234

آداب مكة المعظمة
يستحب فيها أمور منها:
1 - الاكثار من ذكر الله وقراءة القرآن.
2 - ختم القرآن فيها.
3 - الشرب من ماء زمزم ثم يقول:
" اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من
كل داء وسقم "، ثم يقول: " بسم الله، الحمد لله، الشكر لله ".
4 - الاكثار من النظر إلى الكعبة.
5 - الطواف حول الكعبة عشر مرات: ثلاثة في أول
الليل، وثلاثة في آخره، وطوافان بعد الفجر، وطوافان بعد
235

الظهر.
6 - أن يطوف أيام إقامته في مكة ثلاثة وستين طوافا،
فإن لم يتمكن فاثنين وخمسين طوافا فإن لم يتمكن أتى بما قدر
عليه.
7 - دخول الكعبة للصرورة، ويستحب له أن يغتسل
قبل دخوله وأن يقول عند دخوله:
" اللهم إنك قلت: ومن دخله كان آمنا، فآمني من
عذاب النار ".
ثم يصلي ركعتين بين الأسطوانتين على الرخامة
الحمراء يقرأ بعد الفاتحة في الركعة الأولى سورة حم
السجدة، وفي الثانية بعد الفاتحة خمسا وخمسين آية.
8 - أن يصلي في كل زاوية من زوايا البيت، وبعد
الصلاة يقول:
" اللهم من تهيا أو تعبا أو أعد، أو استعد لوفادة إلى
مخلوق رجاء رفده وجائزته ونوافله وفواضله فإليك يا سيدي
تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك ونوافلك
236

وجائزتك، فلا تخيب اليوم رجائي، يا من لا يخيب عليه
سائل، ولا ينقصه نائل فإني لم آتك اليوم بعمل صالح
قدمته، ولا شفاعة مخلوق رجوته، ولكني أتيتك مقرا
بالظلم والإساءة على نفسي، فإنه لا حجة لي ولا عذر،
فأسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد وآله، وتعطيني
مسألتي وتقيلني عثرتي وتقلبني برغبتي، ولا تردني مجبوها
ممنوعا ولا خائبا، يا عظيم يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم
أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم لا إله إلا أنت ".
ويستحب التكبير ثلاثا عند خروجه من الكعبة وأن يقول:
" اللهم لا تجهد بلائنا، ربنا ولا تشمت بنا أعداءنا،
فإنك أنت الضار النافع ".
ثم ينزل ويستقبل الكعبة، ويجعل الدرجات على جانبه
الأيسر، ويصلي ركعتين عند الدرجات.
237

طواف الوداع
يستحب لمن أراد الخروج من مكة أن يطوف طواف
الوداع، وأن يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل
شوط، وأن يأتي بما تقدم في ص (101) من المستحبات عند
الوصول إلى المستجار، وأن يدعو الله بما شاء، ثم يستلم الحجر
الأسود، ويلصق بطنه بالبيت، ويضع إحدى يديه على الحجر
والأخرى نحو الباب، ثم يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على
النبي وآله، ثم يقول:
" اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك
وأمينك وحبيبك ونجيبك وخيرتك من خلقك، اللهم كما
238

بلغ رسالاتك، وجاهد في سبيلك وصدع بأمرك، وأؤذي فيك
وفي جنبك، وعبدك حتى أتاه اليقين، اللهم اقلبني مفلحا
منجحا مستجابا لي بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك من
المغفرة والبركة والرضوان والعافية ".
ويستحب له الخروج من باب الحناطين، ويقع قبال
الركن الشامي، ويطلب من الله التوفيق لرجوعه مرة أخرى،
ويستحب أن يشتري عند الخروج مقدار درهم من التمر
ويتصدق به على الفقراء.
239

زيارة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)
يستحب للحاج استحبابا مؤكدا أن يكون رجوعه من طريق
المدينة المنورة، ليزور الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)
والصديقة الطاهرة (سلام الله عليها)، وأئمة البقيع (سلام الله
عليهم أجمعين) وللمدينة حرم حده عائر إلى وعير، وهما جبلان
يكتنفان المدينة من المشرق والمغرب، وذهب بعض الفقهاء إلى
أن الاحرام وإن كان لا يجب فيه إلا أنه لا يجوز قطع شجره
ولا سيما الرطب منه إلا ما استثنى مما تقدم في حرم مكة، كما
أنه لا يجوز صيد ما بين الحرتين منه، ولكن الأظهر جوازهما
وإن كان رعاية الاحتياط أولى، وكيفية زيارة الرسول الأعظم
240

(صلى الله عليه وآله) أن يقول:
" السلام على رسول الله السلام عليك يا حبيب
الله، السلام عليك يا صفوة الله، السلام عليك يا أمين الله،
أشهد أنك قد نصحت لأمتك، وجاهدت في سبيل الله،
وعبدته حتى أتاك اليقين فجزاك الله أفضل ما جزى نبيا
عن أمته، اللهم صل على محمد وآل محمد أفضل ما صليت
على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ".
241

زيارة الصديقة الزهراء (عليها السلام)
" يا ممتحنة امتحنك الله الذي خلقك قبل أن
يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة وزعمنا أنا لك أولياء
ومصدقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك صلى الله
عليه وآله وأتانا به وصية، فإنا نسألك إن كنا صدقناك
إلا ألحقتنا بتصديقنا لهما " بالبشرى خ ل " لنبشر أنفسنا
بأنا قد طهرنا بولايتك ".
242

الزيارة الجامعة لأئمة البقيع (عليهم السلام)
" السلام على أولياء الله وأصفيائه، السلام على
أمناء الله وأحبائه، السلام على أنصار الله وخلفائه،
السلام على محال معرفة الله، السلام على مساكن ذكر
الله، السلام على مظاهري أمر الله ونهيه، السلام على
الدعاة إلى الله، السلام على المستقرين في مرضاة الله،
السلام على المخلصين في طاعة الله، السلام على
الأدلاء على الله، السلام على الذين من والاهم فقد والى
الله، ومن عاداهم فقد عادى الله، ومن عرفهم فقد
عرف الله، ومن جهلهم فقد جهل الله ومن اعتصم بهم فقد
اعتصم بالله، ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله، أشهد الله
243

أني سلم لمن سالمتم، وحرب لمن حاربتم، مؤمن بسركم
وعلانيتكم، مفوض في ذلك كله إليكم، لعن الله عدو
آل محمد من الجن والإنس وأبرأ إلى الله منهم وصلى الله
على محمد وآله ".
والحمد لله أولا وآخرا
244

(دعاء الإمام الحسين (ع) في يوم عرفة)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع ولا لعطائه
مانع ولا كصنعه صنع صانع وهو الجواد الواسع
فطر أجناس البدايع وأتقن بحكمته الصنايع
لا تخفى عليه الطلايع ولا تضيع عنده الودايع
جازى كل صانع ورايش كل قانع وراحم كل
ضارع منزل المنافع والكتاب الجامع بالنور
الساطع وهو للدعوات سامع وللكربات دافع
وللدرجات رافع وللجبابرة قامع فلا إله غيره
245

ولا شئ يعد له وليس كمثله شئ وهو السميع
البصير اللطيف الخبير وهو على كل شئ قدير
اللهم إني أرغب إليك وأشهد بالربوبية لك
مقرا بأنك ربي وإليك مردي ابتدأتني
بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا وخلقتني من
التراب ثم أسكنتني الأصلاب آمنا لريب المنون
واختلاف الدهور والسنين فلم أزل ظاعنا من
صلب إلى رحم في تقادم من الأيام الماضية
والقرون الخالية لم تخرجني لرأفتك بي ولطفك
لي وإحسانك إلى في دولة أئمة الكفر الذين
246

نقضوا عهدك وكذبوا رسلك لكنك أخرجتني
للذي سبق لي من الهدى الذي له يسرتني وفيه
أنشأتني ومن قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك
وسوابغ نعمك فابتدعت خلقي من مني يمنى
وأسكنتني في ظلمات ثلاث بين لحم ودم وجلد
لم تشهدني خلقي ولم تجعل إلى شيئا من أمري
ثم أخرجتني للذي سبق لي من الهدى إلى الدنيا
تاما سويا وحفظتني في المهد طفلا صبيا
ورزقتني من الغذاء لبنا مريا وعطفت على
قلوب الحواضن وكفلتني الأمهات الرواحم
247

وكلأتني من طوارق الجان وسلمتني من الزيادة
والنقصان فتعاليت يا رحيم يا رحمن حتى إذا
استهللت ناطقا بالكلام أتممت على سوابغ
الإنعام وربيتني زايدا في كل عام حتى إذا اكتملت
فطرتي واعتدلت مرتي أوجبت على حجتك بأن
ألهمتني معرفتك وروعتني بعجايب حكمتك
وأيقظتني لما ذرات في سمائك وأرضك من بدايع
خلقك ونبهتني لشكرك وذكرك وأوجبت على
طاعتك وعبادتك وفهمتني ما جاءت به رسلك
ويسرت لي تقبل مرضاتك ومننت على في جميع
248

ذلك بعونك ولطفك ثم إذ خلقتني من خير الثرى
لم ترض لي يا إلهي نعمة دون أخرى ورزقتني من أنواع
المعاش وصنوف الرياش بمنك العظيم الأعظم
على واحسانك القديم إلى حتى إذا أتممت على
جميع النعم وصرفت عني كل النقم لم يمنعك جهلي
وجرأتي عليك أن دللتني إلى ما يقربني إليك
ووفقتني لما يزلفني لديك فإن دعوتك أجبتني
وإن سئلتك أعطيتني وإن أطعتك شكرتني
وإن شكرتك زدتني كل ذلك إكمال لأنعمك
علي وإحسانك إلي فسبحانك سبحانك من مبدئ
249

معيد حميد مجيد تقدست أسماؤك وعظمت
آلاؤك فأي نعمك يا إلهي أحصي عددا وذكرا أم
أي عطاياك أقوم بها شكرا وهي يا رب أكثر (أكبر) من
أن يحصيها العادون أو يبلغ علما بها الحافظون
ثم ما صرفت ودرأت عني اللهم من الضرو الضراء
أكثر مما ظهر لي من العافية والسراء وأنا أشهد
يا إلهي بحقيقة إيماني وعقد عزمات يقيني و
خالص صريح توحيدي وباطن مكنون ضميري و
علايق مجاري نور بصري وأسارير صفحة جبيني
وخرق مسارب نفسي وخذاريف مارن عرنيني
250

ومسارب سماخ سمعي وما ضمت وأطبقت عليه
شفتاي وحركات لفظ لساني ومغرز حنك فمي و
فكي ومنابت أضراسي ومساغ مطعمي ومشربي
وحمالة أم رأسي وبلوع فارغ حبائل عنقي وما
اشتمل عليه تامور صدري وحمايل حبل وتيني
ونياط حجاب قلبي وأفلاذ حواشي كبدي وما
حوته شراسيف أضلاعي وحقاق مفاصلي
وقبض عواملي وأطراف أناملي ولحمي ودمي
وشعري وبشري وعصبي وقصبي وعظامي ومخي
وعروقي وجميع جوارحي وما انتسج على ذلك
251

أيام رضاعي وما أقلت الأرض مني ونومي ويقظتي
وسكوني وحركات ركوعي وسجودي أن لو حاولت
واجتهدت مدى الأعصار والأحقاب لو عمرتها
أن أؤدي شكر واحدة من أنعمك ما استطعت
ذلك إلا بمنك الموجب على به شكرك أبدا جديدا
وثناء طارفا عتيدا أجل ولو حرصت أنا والعادون
من أنامك أن نحصي مدى إنعامك سالفه وآنفه
ما حصرناه عددا ولا أحصيناه أمدا هيهات أنى
ذلك وأنت المخبر في كتابك الناطق والنبأ الصادق
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها صدق كتابك
252

اللهم وأنباؤك وبلغت أنبياؤك ورسلك ما أنزلت
عليهم من وحيك وشرعت لهم وبهم من دينك
غير أني يا إلهي أشهد بجهدي وجدي ومبلغ طاعتي
ووسعي وأقول مؤمنا موقنا الحمد لله الذي لم
يتخذ ولدا فيكون موروثا ولم يكن له شريك في ملكه
فيضاده فيما ابتدع ولا ولي من الذل فيرفده فيما
صنع فسبحانه سبحانه لو كان فيهما آلهة إلا الله
لفسدتا وتفطرتا سبحان الله الواحد الأحد الصمد
الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد الحمد
لله حمدا يعادل حمد ملائكته المقربين وأنبيائه
253

المرسلين وصلى الله على خيرته محمد خاتم النبيين
وآله الطيبين الطاهرين المخلصين وسلم.
ثم اندفع في المسألة والدعاء وقال وعيناه تنهمر بالدموع:
اللهم اجعلني أخشاك كأني أراك وأسعدني
بتقواك ولا تشقني بمعصيتك وخر لي في قضائك
وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت
ولا تأخير ما عجلت اللهم اجعل غناي في نفسي
واليقين في قلبي والإخلاص في عملي والنور في
بصري والبصيرة في ديني ومتعني بجوارحي
واجعل سمعي وبصري الوارثين مني وانصرني على
254

من ظلمني وأرني فيه ثاري ومآربي وأقر بذلك عيني
اللهم اكشف كربتي واستر عورتي واغفر لي خطيئتي
واخسأ شيطاني وفك رهاني واجعل لي يا إلهي الدرجة
العليا في الآخرة والأولى اللهم لك الحمد كما خلقتني
فجعلتني سميعا بصيرا ولك الحمد كما خلقتني فجعلتني
خلقا سويا رحمة بي وقد كنت عن خلقي غنيا رب
بما برأتني فعدلت فطرتي رب بما أنشأتني فأحسنت
صورتي رب بما أحسنت إلى وفي نفسي عافيتني رب
بما كلأتني ووفقتني رب بما أنعمت على فهديتني
رب بما أوليتني ومن كل خير أعطيتني رب بما أطعمتني
255

وسقيتني رب بما أغنيتني وأقنيتني رب بما أعنتني
وأعززتني رب بما ألبستني من سترك الصافي ويسرت
لي من صنعك الكافي صل على محمد وآل محمد وأعني
على بوائق الدهور وصروف الليالي والأيام ونجني
من أهوال الدنيا وكربات الآخرة واكفني شر ما يعمل
الظالمون في الأرض اللهم ما أخاف فاكفني وما
أحذر فقني وفي نفسي وديني فاحرسني وفي سفري
فاحفظني وفي أهلي ومالي فاخلفني وفيما رزقتني
فبارك لي وفي نفسي فذللني وفي أعين الناس فعظمني
ومن شر الجن والإنس فسلمني وبذنوبي فلا تفضحني
256

وبسريرتي فلا تخزني وبعملي فلا تبتلني ونعمك
فلا تسلبني وإلى غيرك فلا تكلني إلهي إلى من تكلني
إلى قريب فيقطعني أم إلى بعيد فيتجهمني أم إلى
المستضعفين لي وأنت ربي ومليك أمري أشكو
إليك غربتي وبعد داري وهواني على من ملكته أمري
إلهي فلا تحلل على غضبك فإن لم تكن غضبت على
فلا أبالي سبحانك غير أن عافيتك أوسع
لي فأسئلك يا رب بنور وجهك الذي أشرقت له
الأرض والسماوات وكشفت به الظلمات وصلح
به أمر الأولين والآخرين أن لا تميتني على غضبك
257

ولا تنزل بي سخطك لك العتبى لك العتبى حتى
ترضى قبل ذلك لا إله إلا أنت رب البلد الحرام
والمشعر الحرام والبيت العتيق الذي أحللته
البركة وجعلته للناس أمنا يا من عفا عن
عظيم الذنوب بحلمه يا من أسبغ النعماء بفضله
يا من أعطى الجزيل بكرمه يا عدتي في شدتي يا صاحبي
في وحدتي يا غياثي في كربتي يا وليي في نعمتي يا
إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب
ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ورب محمد
خاتم النبيين وآله المنتجبين ومنزل التوراة
258

والإنجيل والزبور والفرقان ومنزل كهيعص وطه
ويس والقرآن الحكيم أنت كهفي حين تعييني المذاهب
في سعتها وتضيق بي الأرض برحبها ولولا رحمتك
لكنت من الهالكين وأنت مقيل عثرتي ولولا سترك
إياي لكنت من المفضوحين وأنت مؤيدي بالنصر
على أعدائي ولولا نصرك إياي لكنت من المغلوبين
يا من خص نفسه بالسمو والرفعة فأوليائه بعزه
يعتزون يا من جعلت له الملوك نير المذلة على أعناقهم
فهم من سطواته خائفون يعلم خاينة الأعين وما
تخفي الصدور وغيب ما تأتي به الأزمنة والدهور
259

يا من لا يعلم كيف هو إلا هو يا من لا يعلم ما هو إلا هو
يا من لا يعلمه إلا هو يا من كبس الأرض على الماء
وسد الهواء بالسماء يا من له أكرم الأسماء يا ذا
المعروف الذي لا ينقطع أبدا يا مقيض الركب ليوسف
في البلد القفر ومخرجه من الجب وجاعله بعد
العبودية ملكا يا راده على يعقوب بعد أن ابيضت
عيناه من الحزن فهو كظيم يا كاشف الضر والبلوى
عن أيوب وممسك يدي إبراهيم عن ذبح ابنه
بعد كبر سنه وفناء عمره يا من استجاب لزكريا
فوهب له يحيى ولم يدعه فردا وحيدا يا من أخرج
260

يونس من بطن الحوت يا من فلق البحر لبني إسرائيل
فأنجاهم وجعل فرعون وجنوده من المغرقين يا
من أرسل الرياح مبشرات بين يدي رحمته يا من
لم يعجل على من عصاه من خلقه يا من استنقذ
السحرة من بعد طول الجحود وقد غدوا في نعمته
يأكلون رزقه ويعبدون غيره وقد حادوه ونادوه
وكذبوا رسله يا الله يا الله يا بدئ يا بديع لا
ند لك يا دائما لا نفاد لك يا حيا حين لا حي يا
محيي الموتى يا من هو قائم على كل نفس بما كسبت
يا من قل له شكري فلم يحرمني وعظمت خطيئتي
261

فلم يفضحني ورآني على المعاصي فلم يشهرني يا من
حفظني في صغرى يا من رزقني في كبرى يا من
أياديه عندي لا تحصى ونعمه لا تجازى يا من
عارضني بالخير والإحسان وعارضته بالإسائة
والعصيان يا من هداني للإيمان من قبل أن أعرف
شكر الامتنان يا من دعوته مريضا فشفاني
وعريانا فكساني وجائعا فأشبعني وعطشان
فأرواني وذليلا فأعزني وجاهلا فعرفني و
وحيد فكثرني وغايبا فردني ومقلا فأغناني
ومنتصرا فنصرني وغنيا فلم يسلبني وأمسكت
262

عن جميع ذلك فابتدأني فلك الحمد والشكر يا من
أقال عثرتي ونفس كربتي وأجاب دعوتي وستر
عورتي وغفر ذنوبي وبلغني طلبتي ونصرني على
عدوي وإن أعد نعمك ومننك وكرايم منحك
لا أحصيها يا مولاي أنت الذي مننت أنت
الذي أنعمت أنت الذي أحسنت أنت الذي
أجملت أنت الذي أفضلت أنت الذي أكملت
أنت الذي رزقت أنت الذي وفقت أنت الذي
أعطيت أنت الذي أغنيت أنت الذي أقنيت
أنت الذي آويت أنت الذي كفيت أنت الذي
263

هديت أنت الذي عصمت أنت الذي سترت
أنت الذي غفرت أنت الذي أقلت أنت الذي
مكنت أنت الذي أعززت أنت الذي أعنت
أنت الذي عضدت أنت الذي أيدت أنت الذي
نصرت أنت الذي شفيت أنت الذي عافيت
أنت الذي أكرمت تباركت وتعاليت فلك الحمد
دائما ولك الشكر واصبا أبدا ثم أنا يا إلهي المعترف
بذنوبي فاغفرها لي أنا الذي أسأت أنا الذي أخطأت
أنا الذي هممت أنا الذي جهلت أنا الذي غفلت أنا
الذي سهوت أنا الذي اعتمدت أنا الذي تعمدت أنا الذي وعدت
264

وأنا الذي أخلفت أنا الذي نكثت أنا الذي أقررت
أنا الذي اعترفت بنعمتك على وعندي وأبوء بذنوبي
فاغفرها لي يا من لا تضره ذنوب عباده وهو
الغنى عن طاعتهم والموفق من عمل صالحا منهم
بمعونته ورحمته فلك الحمد إلهي وسيدي إلهي
أمرتني فعصيتك ونهيتني فارتكبت نهيك فأصبحت
لا ذا براءة لي فأعتذر ولا ذا قوة فأنتصر فبأي
شئ أستقبلك يا مولاي أبسمعي أم ببصري أم بلساني
أم بيدي أم برجلي أليس كلها نعمك عندي
وبكلها عصيتك يا مولاي فلك الحجة والسبيل
265

على يا من سترني من الآباء والأمهات أن يزجروني
ومن العشائر والإخوان أن يعيروني ومن السلاطين
أن يعاقبوني ولو اطلعوا يا مولاي على ما اطلعت عليه
مني إذا ما أنظروني ولرفضوني وقطعوني فها أنا ذا
يا إلهي بين يديك يا سيدي خاضع ذليل حصير حقير
لا ذو براءة فأعتذر ولا ذو قوة فأنتصر ولا حجة
فأحتج بها ولا قائل لم أجترح ولم أعمل سوء وما عسى
الجحود ولو جحدت يا مولاي ينفعني كيف وأنى
ذلك وجوارحي كلها شاهدة علي بما قد علمت و
علمت يقينا غير ذي شك إنك سائلي من عظايم
266

الأمور وأنك الحكم العدل الذي لا تجور
وعدلك مهلكي ومن كل عدلك مهربي فإن
تعذبني يا إلهي فبذنوبي بعد حجتك علي وأن تعف
عني فبحلمك وجودك وكرمك لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الظالمين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المستغفرين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الموحدين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الخائفين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الوجلين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من الراجين لا إله إلا أنت
267

سبحانك إني كنت من الراغبين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المهللين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من السائلين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المسبحين لا إله إلا أنت
سبحانك إني كنت من المكبرين لا إله إلا أنت
سبحانك ربي ورب آبائي الأولين اللهم هذا ثنائي
عليك ممجدا وإخلاصي لذكرك موحدا و
إقراري بالآئك معددا وإن كنت مقرا أني
لم أحصها لكثرتها وسبوغها وتظاهرها وتقادمها
إلى حادث ما لم تزل تتعهدني به معها منذ خلقتني
268

وبرأتني من أول العمر من الإغناء من الفقر وكشف
الضر وتسبيب اليسر ودفع العسر وتفريج الكرب
والعافية في البدن والسلامة في الدين ولو
رفدني على قدر ذكر نعمتك جميع العالمين من الأولين
والآخرين ما قدرت ولا هم على ذلك تقدست
وتعاليت من رب كريم عظيم رحيم لا تحصى آلاؤك
ولا يبلغ ثناؤك ولا تكافى نعماؤك صل على محمد
وآل محمد وأتمم علينا نعمك وأسعدنا بطاعتك
سبحانك لا إله إلا أنت اللهم إنك تجيب المضطر
وتكشف السوء وتغيث المكروب وتشفي السقيم
269

وتغني الفقير وتجبر الكسير وترحم الصغير وتعين
الكبير وليس دونك ظهير ولا فوقك قدير
وأنت العلي الكبير يا مطلق المكبل الأسير يا
رازق الطفل الصغير يا عصمة الخائف المستجير
يا من لا شريك له ولا وزير صل على محمد وآل محمد
وأعطني في هذه العشية أفضل ما أعطيت وأنلت
أحدا من عبادك من نعمة توليها وآلاء تجددها
وبلية تصرفها وكربة تكشفها ودعوة تسمعها
وحسنة تتقبلها وسيئة تتغمدها إنك لطيف
بما تشاء خبير وعلى كل شئ قدير اللهم إنك أقرب
270

من دعى وأسرع من أجاب وأكرم من عفى وأوسع
من أعطى وأسمع من سئل يا رحمن الدنيا والآخرة
ورحيمهما ليس كمثلك مسؤول ولا سواك مأمول
دعوتك فأجبتني وسئلتك فأعطيتني ورغبت
إليك فرحمتني ووثقت بك فنجيتني وفزعت
إليك فكفيتني اللهم فصل على محمد عبدك
ورسولك ونبيك وعلى آله الطيبين الطاهرين أجمعين
وتمم لنا نعمائك وهنئنا عطائك واكتبنا لك
شاكرين ولالآئك ذاكرين آمين آمين رب العالمين
اللهم يا من ملك فقدر وقدر فقهر وعصى
271

فستر واستغفر فغفر يا غاية الطالبين الراغبين
ومنتهى أمل الراجين يا من أحاط بكل شئ علما
ووسع المستقيلين رأفة ورحمة وحلما اللهم
إنا نتوجه إليك في هذه العشية التي شرفتها و
عظمتها بمحمد نبيك ورسولك وخيرتك من
خلقك وأمينك على وحيك البشير النذير
السراج المنير الذي أنعمت به على المسلمين و
جعلته رحمة للعالمين اللهم فصل على محمد
وآل محمد كما محمد أهل لذلك منك يا عظيم
فصل عليه وعلى آله المنتجبين الطيبين الطاهرين
272

أجمعين وتغمدنا بعفوك عنا فإليك عجت
الأصوات بصنوف اللغات فاجعل لنا اللهم
في هذه العشية نصيبا من كل خير تقسمه بين
عبادك ونور تهدي به ورحمة تنشرها وبركة
تنزلها وعافية تجللها ورزق تبسطه يا أرحم
الراحمين اللهم اقلبنا في هذا الوقت منجحين
مفلحين مبرورين غانمين ولا تجعلنا من القانطين
ولا تخلنا من رحمتك ولا تحرمنا ما نؤمله من
فضلك ولا تجعلنا من رحمتك محرومين ولا
لفضل ما نؤمله من عطائك قانطين ولا تردنا
273

خائبين ولا من بابك مطرودين يا أجود الأجودين و
أكرم الأكرمين إليك أقبلنا موقنين ولبيتك
الحرام آمين قاصدين فأعنا على مناسكنا وأكمل
لنا حجنا واعف عنا وعافنا فقد مددنا إليك أيدينا
فهي بذلة الاعتراف موسومة اللهم فاعطنا في
هذه العشية ما سئلناك واكفنا ما استكفيناك
فلا كافي لنا سواك ولا رب لنا غيرك نافذ فينا
حكمك محيط بنا علمك عدل فينا قضاؤك
اقض لنا الخير واجعلنا من أهل الخير اللهم
أوجب لنا بجودك عظيم الأجر وكريم الذخر ودوام
274

اليسر واغفر لنا ذنوبنا أجمعين ولا تهلكنا مع
الهالكين ولا تصرف عنا رأفتك ورحمتك يا أرحم
الراحمين اللهم اجعلنا في هذا الوقت ممن
سئلك فأعطيته وشكرك فزدته وثاب إليك
فقبلته وتنصل إليك من ذنوبه كلها فغفرتها
له يا ذا الجلال والإكرام اللهم ونقنا وسددنا
واعصمنا واقبل تضرعنا يا خير من سئل ويا أرحم
من استرحم يا من لا يخفى عليه إغماض الجفون
ولا لحظ العيون ولا ما استقر في المكنون ولا
ما انطوت عليه مضمرات القلوب ألا كل ذلك
275

قد أحصاه علمك ووسعه حلمك سبحانك
وتعاليت عما يقول الظالمون علوا كبيرا تسبح لك
السماوات السبع والأرضون ومن فيهن وإن
من شئ إلا يسبح بحمدك فلك الحمد والمجد وعلو
الجد يا ذا الجلال والإكرام والفضل والإنعام
والأيادي الجسام وأنت الجواد الكريم الرؤوف الرحيم
اللهم أوسع علي من رزقك الحلال وعافني
في بدني وديني وآمن خوفي وأعتق رقبتي من
النار اللهم لا تمكر بي ولا تستدرجني ولا
تخدعني وادرء عني شر فسقة الجن والإنس
276

ثم رفع رأسه وبصره إلى السماء وعيناه تفيضان بالدمع كأنهما مزادتان
وقال
يا أسمع السامعين يا أبصر الناظرين ويا أسرع
الحاسبين ويا أرحم الراحمين صل على
محمد وآل محمد السادة الميامين وأسئلك اللهم حاجتي التي
إن أعطيتنيها لم يضرني ما منعتني وإن منعتنيها
لم ينفعني ما أعطيتني أسئلك فكاك رقبتي من
النار لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لك
الملك ولك الحمد وأنت على كل شئ قدير يا رب
يا رب.
277

وكان يكرر قوله يا رب فشغل من حوله عن الدعاء لأنفسهم
واقبلوا على الاستماع له والتأمين على دعائه ثم علت أصواتهم بالبكاء معه
حتى غربت الشمس وأفاض الناس معه إلى هنا انتهى دعاء
الحسين (ع) يوم عرفة كما أورده الكفعمي وكذا المجلسي في كتاب
زاد المعاد، إلا أن السيد ابن طاووس أضاف بعد يا رب يا رب يا رب
هذه الزيادة
إلهي أنا الفقير في غناي فكيف لا أكون فقيرا في فقري
إلهي أنا الجاهل في علمي فكيف لا أكون جهولا في جهلي
إلهي إن اختلاف تدبيرك وسرعة طواء مقاديرك
278

منعا عبادك العارفين بك عن السكون إلى عطاء
واليأس منك في بلاء إلهي مني ما يليق بلؤمي
ومنك ما يليق بكرمك إلهي وصفت نفسك باللطف
والرأفة لي قبل وجود ضعفي أفتمنعني منهما بعد
وجود ضعفي إلهي إن ظهرت المحاسن مني فبفضلك
ولك المنة علي وإن ظهرت المساوئ مني فبعدلك
ولك الحجة على إلهي كيف تكلني وقد تكفلت لي
وكيف أضام وأنت الناصر لي أم كيف أخيب وأنت
الحفى بي ها أنا أتوسل إليك بفقري إليك وكيف
أتوسل إليك بما هو محال أن يصل إليك أم كيف
279

أشكو إليك حالي وهو لا يخفى عليك أم كيف أترجم
بمقالي وهو منك برز إليك أم كيف تخيب أمالي
وهي قد وفدت إليك أم كيف لا تحسن أحوالي و
بك قامت إلهي ما ألطفك بي مع عظيم جهلي
ما أرحمك بي مع قبيح فعلي إلهي ما أقربك مني
وأبعدني عنك وما أرأفك بي فما الذي يحجبني
عنك إلهي علمت باختلاف الآثار وتنقلات
الأطوار أن مرادك مني أن تتعرف إلي في كل شئ
حتى لا أجهلك في شئ إلهي كلما أخرسني لؤمي
أنطقني كرمك وكلما أيستني أوصافي أطمعتني
280

مننك إلهي من كانت محاسنه مساوئ فكيف لا
تكون مساويه مساوئ ومن كانت حقايقه دعاوى
فكيف لا تكون دعاويه دعاوى إلهي حكمك النافذ
ومشيتك القاهرة لم يتركا لذي مقال مقالا و
لا لذي حال حالا إلهي كم من طاعة بنيتها
وحالة شيدتها هدم اعتمادي عليها عدلك بل
أقالني منها فضلك إلهي إنك تعلم أني وإن لم تدم
الطاعة مني فعلا جزما فقد دامت محبة وعزما
إلهي كيف أعزم وأنت القاهر وكيف لا أعزم
وأنت الأمر إلهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار
281

فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك كيف
يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك
أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون
هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل
يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي
التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها
رقيبا وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك
نصيبا إلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار فارجعني
إليك بكسوة الأنوار وهداية الاستبصار حتى
أرجع إليك منها كما دخلت إليك منها مصون
282

السر عن النظر إليها ومرفوع الهمة عن الاعتماد
عليها إنك على كل شئ قدير إلهي هذا ذلي ظاهر
بين يديك وهذا حالي لا يخفى عليك منك
أطلب الوصول إليك وبك أستدل عليك
فاهدني بنورك إليك وأقمني بصدق العبودية
بين يديك إلهي علمني من علمك المخزون وصني
بسترك المصون إلهي حققني بحقايق أهل القرب
وأسئلك بي مسلك أهل الجذب إلهي أغنني بتدبيرك
لي عن تدبيري وباختيارك عن اختياري وأوقفني
على مراكز اضطراري إلهي أخرجني من ذل نفسي
283

وطهرني من شكي وشركي قبل حلول رمسي بك
أنتصر فانصرني وعليك أتوكل فلا تكلني وإياك
أسئل فلا تخيبني وفي فضلك أرغب فلا تحرمني
وبجنابك أنتسب فلا تبعدني وببابك أقف فلا تطردني
إلهي تقدس رضاك أن يكون (تكون) له علة منك فكيف
يكون له علة مني إلهي أنت الغني بذاتك أن يصل
إليك النفع منك فكيف لا تكون غنيا عني إلهي
إن القضاء والقدر يمنيني وإن الهوى بوثائق
الشهوة أسرني فكن أنت النصير لي حتى تنصرني و
تبصرني وأغنني بفضلك حتى أستغني بك عن
284

طلبي أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك
حتى عرفوك ووحدوك وأنت الذي أزلت الأغيار
عن قلوب أحبائك حتى لم يحبوا سواك ولم يلجئوا
إلى غيرك أنت المؤنس لهم حيث أوحشتهم العوالم
وأنت الذي هديتهم حيث استبانت لهم المعالم
ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك
لقد خاب من رضي دونك بدلا ولقد خسر
من بغى عنك متحولا كيف يرجى سواك وأنت
ما قطعت الإحسان وكيف يطلب من غيرك
وأنت ما بدلت عادة الامتنان يا من أذاق
285

أحبائه حلاوة المؤانسة فقاموا بين يديه متملقين
ويا من ألبس أوليائه ملابس هيبته فقاموا
بين يديه مستغفرين أنت الذاكر قبل
الذاكرين وأنت البادئ بالإحسان قبل توجه
العابدين وأنت الجواد بالعطاء قبل طلب
الطالبين وأنت الوهاب ثم لما وهبت لنا من
المستقرضين إلهي اطلبني برحمتك حتى أصل
إليك واجذبني بمنك حتى أقبل عليك
إلهي إن رجائي لا ينقطع عنك وإن عصيتك
كما أن خوفي لا يزايلني وإن أطعتك فقد
286

دفعتني العوالم إليك وقد أوقعني علمي بكرمك
عليك إلهي كيف أخيب وأنت أملي أم كيف
أهان وعليك متكلي إلهي كيف أستعز وفي
الذلة أركزتني أم كيف لا أستعز وإليك
نسبتني إلهي كيف لا أفتقر وأنت الذي في
الفقراء أقمتني أم كيف أفتقر وأنت الذي
بجودك أغنيتني وأنت الذي لا إله غيرك
تعرفت لكل شئ فما جهلك شئ وأنت الذي
تعرفت إلى في كل شئ فرأيتك ظاهرا في كل
شئ وأنت الظاهر لكل شئ يا من استوى
287

برحمانيته فصار العرش غيبا في ذاته محقت
الآثار بالآثار ومحوت الأغيار بمحيطات أفلاك
الأنوار يا من احتجب في سرادقات عرشه عن
أن تدركه الأبصار يا من تجلى بكمال بهائه
فتحققت عظمته الاستواء كيف تخفى وأنت
الظاهر أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر
إنك على كل شئ قدير والحمد لله وحده
288

دعاء الإمام علي بن الحسين
(عليه السلام)
يوم عرفة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد بديع السماوات
والأرض ذا الجلال والإكرام رب الأرباب وإله كل مألوه وخالق
كل مخلوق ووارث كل شئ ليس كمثله شئ ولا يعزب عنه
علم شئ وهو بكل شئ محيط وهو على كل رقيب أنت الله لا
إله إلا أنت الأحد المتوحد الفرد المتفرد وأنت الله لا إله إلا
أنت الكريم المتكرم العظيم المتعظم الكبير المتكبر وأنت الله لا
إله إلا أنت العلي المتعال الشديد المحال وأنت الله لا إله إلا
أنت الرحمن الرحيم العليم الحكيم وأنت الله لا إله إلا أنت
السميع البصير القديم الخبير وأنت الله لا إله إلا أنت الكريم
الأكرم الدائم الأدوم وأنت الله لا إله إلا أنت الأول قبل كل أحد
والآخر بعد كل عدد وأنت الله لا إله إلا أنت الداني في علوه
والعالي في دنوه وأنت الله لا إله إلا أنت ذو البهاء والمجد
والكبرياء والحمد وأنت الله لا إله إلا أنت الذي أنشأت الأشياء
من غير سنخ وصورت ما صورت من غير مثال وابتدعت
المبتدعات بلا احتذاء أنت الذي قدرت كل شئ تقديرا
ويسرت كل شئ تيسيرا ودبرت ما دونك تدبيرا أنت الذي لم
يعنك على خلقك شريك ولم يوازرك في أمرك وزير ولم يكن
لك مشاهد ولا نظير أنت الذي أردت فكان حتما ما أردت
وقضيت فكان عدلا ما قضيت وحكمت فكان نصفا ما حكمت
أنت الذي لا يحويك مكان ولم يقم لسلطانك سلطان ولم يعيك
برهان ولا بيان أنت الذي أحصيت كل شئ عددا وجعلت
لكل شئ أمدا وقدرت كل شئ تقديرا أنت الذي قصرت
الأوهام عن ذاتيتك وعجزت الأفهام عن كيفيتك ولم تدرك
الأبصار موضع أينيتك أنت الذي لا تحد فتكون محدودا ولم
تمثل فتكون موجودا ولم تلد مولودا أنت الذي لا ضد معك فيعاندك
289

ولا عدل لك فيكاثرك ولا ند لك فيعارضك أنت الذي
ابتدء واخترع واستحدث وابتدع وأحسن صنع ما صنع سبحانك
ما أجل شأنك وأسنى في الأماكن مكانك وأصدع بالحق فرقانك
سبحانك من لطيف ما ألطفك ورؤوف ما أرأفك وحكيم ما
أعرفك سبحانك من مليك ما أمنعك وجواد ما أوسعك ورفيع ما
أرفعك ذو البهاء والمجد والكبرياء والحمد سبحانك بسطت
بالخيرات يدك وعرفت الهداية من عندك فمن التمسك لدين أو
دنيا وجدك سبحانك خضع لك من جرى في علمك وخشع
لعظمتك ما دون عرشك وانقاد للتسليم لك كل خلقك سبحانك
لا تحس ولا تجس ولا تمس ولا تكاد ولا تماط ولا تنازع ولا
تجارى ولا تمارى ولا تخادع ولا تماكر سبحانك سبيلك جدد
وأمرك رشد وأنت حي صمد سبحانك قولك حكم وقضاؤك
حتم وإرادتك عزم سبحانك لا راد لمشيتك ولا مبدل لكلماتك
سبحانك باهر الآيات فاطر السماوات بارئ النسمات لك الحمد
حمدا يدوم بدوامك ولك الحمد حمدا خالدا بنعمتك
ولك الحمد حمدا يوازي صنعك ولك الحمد حمدا يزيد على
رضاك ولك الحمد حمدا مع حمد كل حامد وشكرا يقصر عنه
شكر كل شاكر حمدا لا ينبغي إلا لك ولا يتقرب به إلا إليك
حمدا يستدام به الأول ويستدعى به دوام الآخر حمدا يتضاعف
على كرور الأزمنة ويتزايد أضعافا مترادفة حمدا يعجز عن
إحصائه الحفظة ويزيد على ما أحصته في كتابك الكتبة حمدا
يوازن عرشك المجيد ويعادل كرسيك الرفيع حمدا يكمل
لديك ثوابه ويستغرق كل جزاء جزاؤه حمدا ظاهره وفق لباطنه
وباطنه وفق لصدق النية حمدا لم يحمدك خلق مثله ولا يعرف
أحد سواك فضله حمدا يعان من اجتهد في تعديده ويؤيد من
أغرق نزعا في توفيته حمدا يجمع ما خلقت من الحمد وينتظم
ما أنت خالقه من بعد حمدا لا حمد أقرب إلى قولك منه ولا
أحمد ممن يحمدك به حمدا يوجب بكرمك المزيد بوفوره
290

وتصله بمزيد بعد مزيد طولا منك حمدا يجب لكرم وجهك
ويقابل عز جلالك رب صل على محمد وآل محمد المنتجب
المصطفى المكرم المقرب أفضل صلواتك وبارك عليه أتم
بركاتك وترحم عليه أمتع رحماتك رب صل على محمد وآله
صلاة زاكية لا تكون صلاة أزكى منها وصل عليه صلاة نامية لا
تكون صلاة أنمى منها وصل عليه صلاة راضية لا تكون صلاة
فوقها رب صل على محمد وآله صلاة ترضيه وتزيد على رضاه
وصل عليه صلاة ترضيك وتزيد على رضاك له وصل عليه
صلاة لا ترضى له إلا بها ولا ترى غيره لها أهلا رب صل على
محمد وآله صلاة تجاوز رضوانك ويتصل اتصالها ببقائك ولا
ينفد كما لا تنفد كلماتك رب صل على محمد وآله صلاة تنتظم
صلوات ملائكتك وأنبيائك ورسلك وأهل طاعتك وتشتمل
على صلوات عبادك من جنك وإنسك وأهل إجابتك وتجتمع
على صلاة كل من ذرات وبرات من أصناف خلقك رب صل
عليه وآله صلاة تحيط بكل صلاة سالفة ومستأنفة وصل عليه
وعلى آله صلاة مرضية لك ولمن دونك وتنشئ مع ذلك
صلوات تضاعف معها تلك الصلوات عندها وتزيدها على
كرور الأيام زيادة في تضاعيف لا يعدها غيرك رب صل على
أطائب أهل بيته الذين اخترتهم لأمرك وجعلتهم خزنة علمك
وحفظة دينك وخلفائك في أرضك وحججك على عبادك
وطهرتهم من الرجس والدنس تطهيرا بإرادتك وجعلتهم
الوسيلة إليك والمسلك إلى جنتك رب صل على محمد وآله
صلاة تجزل لهم بها من نحلك وكرامتك وتكمل لهم الأشياء من
عطاياك ونوافلك وتوفر عليهم الحظ من عوائدك وفوائدك رب
صل عليه وعليهم صلاة لا أمد في أولها ولا غاية لأمدها ولا
نهاية لآخرها رب صل عليهم زنة عرشك وما دونه وملأ
سمواتك وما فوقهن وعدد أرضيك وما تحتهن وما بينهن صلاة
291

تقربهم منك زلفى وتكون لك ولهم رضى ومتصلة بنظائرهن
أبدا اللهم إنك أيدت دينك في كل أوان بإمام أقمته علما لعبادك
ومنارا في بلادك بعد أن وصلت حبله بحبلك وجعلته الذريعة
إلى رضوانك وافترضت طاعته وحذرت معصيته وأمرت بامتثال
أوامره والانتهاء عند نهيه وألا يتقدمه متقدم ولا يتأخر عنه متأخر
فهو عصمة اللائذين وكهف المؤمنين وعروة المتمسكين وبهاء
العالمين اللهم فأوزع لوليك شكر ما أنعمت به عليه وأوزعنا
مثله فيه وآته من لدنك سلطانا نصيرا وافتح له فتحا يسيرا وأعنه
بركنك الأعز واشدد أزره وقو عضده وراعه بعينك واحمه
بحفظك وانصره بملائكتك وامدده بجندك الأغلب وأقم به
كتابك وحدودك وشرائعك وسنن رسولك، صلواتك اللهم
عليه وآله وأحي به ما أماته الظالمون من معالم دينك واجل به
صداء الجور عن طريقتك وابن به الضراء من سبيلك وأزل به
الناكبين عن صراطك وامحق به بغاة قصدك عوجا وألن جانبه
لأوليائك وابسط يده على أعدائك وهب لنا رأفته ورحمته
وتعطفه وتحننه واجعلنا له سامعين مطيعين وفي رضاه ساعين
وإلى نصرته والمدافعة عنه مكنفين وإليك وإلى رسولك
صلواتك اللهم عليه وآله بذلك متقربين اللهم وصل على
أوليائهم المعترفين بمقامهم المتبعين منهجهم المقتفين آثارهم
المستمسكين بعروتهم المتمسكين بولايتهم المؤتمين بإمامتهم
المسلمين لأمرهم المجتهدين في طاعتهم المنتظرين أيامهم
المادين إليهم أعينهم الصلوات المباركات الزاكيات الناميات
الغاديات الرائحات وسلم عليهم وعلى أرواحهم واجمع على
التقوى أمرهم وأصلح لهم شؤونهم وتب عليهم إنك أنت التواب
الرحيم وخير الغافرين واجعلنا معهم في دار السلام برحمتك يا
أرحم الراحمين اللهم هذا يوم عرفة يوم شرفته وكرمته وعظمته
نشرت فيه رحمتك ومننت فيه بعفوك وأجزلت فيه عطيتك
292

وتفضلت به على عبادك اللهم وأنا عبدك الذي أنعمت عليه قبل
خلقك له وبعد خلقك إياه، فجعلته ممن هديته لدينك ووفقته
لحقك وعصمته بحبلك وأدخلته في حزبك وأرشدته لموالاة
أوليائك ومعاداة أعدائك ثم أمرته فلم يأتمر وزجرته فلم ينزجر
ونهيته عن معصيتك فخالف أمرك إلى نهيك لا معاندة لك ولا
استكبارا عليك بل دعاه هواه إلى ما زيلته وإلى ما حذرته وأعانه
على ذلك عدوك وعدوه فاقدم عليه عارفا بوعيدك راجيا لعفوك
واثقا بتجاوزك وكان أحق عبادك مع ما مننت عليه إلا يفعل
وها أنا ذا بين يديك صاغرا ذليلا خاضعا خاشعا خائفا معترفا
بعظيم من الذنوب تحملته وجليل من الخطايا اجترمته مستجيرا
بصفحك لائذا برحمتك موقنا أنه لا يجيرني منك مجير ولا
يمنعني منك مانع، فعد على بما تعود به على من اقترف من
تغمدك وجد على بما تجود به على من ألقى بيده إليك من
عفوك وامنن علي بما لا يتعاظمك أن تمن به على من أملك من
غفرانك واجعل لي في هذا اليوم نصيبا أنال به حظا من
رضوانك ولا تردني صفرا مما ينقلب به المتعبدون لك من
عبادك وإني وإن لم أقدم ما قدموه من الصالحات فقد قدمت
توحيدك ونفي الأضداد والأنداد والأشباه عنك وأتيتك من
الأبواب التي أمرت أن تؤتى منها وتقربت إليك بما لا يقرب
أحد منك إلا بالتقرب به ثم اتبعت ذلك بالإنابة إليك والتذلل
والاستكانة لك وحسن الظن بك والثقة بما عندك وشفعته
برجائك الذي قل ما يخيب عليه راجيك وسألتك مسألة الحقير
الذليل البائس الفقير الخائف المستجير ومع ذلك خيفة وتضرعا
وتعوذا وتلوذا لا مستطيلا بتكبر المتكبرين ولا متعاليا بدالة
المطيعين ولا مستطيلا بشفاعة الشافعين وأنا بعد أقل الأقلين
وأذل الأذلين، ومثل الذرة أو دونها فيا من لم يعاجل المسيئين
ولا ينده المترفين ويا من يمن بإقالة العاثرين ويتفضل بانظار
293

الخاطئين أنا المسيئ المعترف الخاطئ العاثر أنا الذي أقدم
عليك مجترئا أنا الذي عصاك متعمدا أنا الذي استخفى من
عبادك وبارزك أنا الذي هاب عبادك وأمنك أنا الذي لم يرهب
سطوتك ولم يخف بأسك أنا الجاني على نفسه أنا المرتهن
ببليته أنا القليل الحياء أنا الطويل العناء بحق من انتجبت من
خلقك وبمن اصطفيته لنفسك بحق من اخترت من بريتك ومن
اجتبيت لشأنك بحق من وصلت طاعته بطاعتك ومن جعلت
معصيته كمعصيتك بحق من قرنت موالاته بموالاتك ومن نطت
معاداته بمعاداتك تغمدني في يومي هذا بما تتغمد به من جار
إليك متنصلا وعاذ باستغفارك تائبا وتولني بما تتولى به أهل
طاعتك والزلفى لديك والمكانة منك وتوحدني بما تتوحد به
من وفى بعهدك وأتعب نفسه في ذاتك وأجهدها في مرضاتك
ولا تؤاخذني بتفريطي في جنبك وتعدى طورى في حدودك
ومجاوزة أحكامك ولا تستدرجني بإملائك لي استدراج من
منعني خير ما عنده ولم يشركك في حلول نعمته بي ونبهني من
رقدة الغافلين وسنة المسرفين ونعسة المخذولين وخذ بقلبي
إلى ما استعملت به القانتين واستعبدت به المتعبدين واستنقذت
به المتهاونين وأعذني مما يباعدني عنك ويحول بيني وبين
حظي منك ويصدني عما أحاول لديك وسهل لي مسلك
الخيرات إليك والمسابقة إليها من حيث أمرت والمشاحة فيها
على ما أردت ولا تمحقني فيمن تمحق من المستخفين بما
أوعدت ولا تهلكني مع من تهلك من المتعرضين لمقتك ولا
تتبرني فيمن تتبر من المنحرفين عن سبلك ونجني من غمرات
الفتنة وخلصني من لهوات البلوى وأجرني من أخذ الإملاء
وحل بيني وبين عدو يضلني وهوى يوبقني ومنقصة ترهقني ولا
تعرض عني إعراض من لا ترضى عنه بعد غضبك ولا تؤيسني
من الأمل فيك فيغلب على القنوط من رحمتك ولا تمنحني بما
لا طاقه لي به فتبهظني مما تحملنيه من فضل محبتك ولا
294

ترسلني من يدك ارسال من لا خير فيه ولا حاجة بك إليه ولا
إنابة له ولا ترم بي رمي من سقط من عين رعايتك ومن اشتمل
عليه الخزي من عندك بل خذ بيدي من سقطة المتردين ووهلة
المتعسفين وزلة المغرورين وورطة الهالكين وعافني مما ابتليت
به طبقات عبيدك وإمائك وبلغني مبالغ من عنيت به وأنعمت
عليه ورضيت عنه فأعشته حميدا وتوفيته سعيدا وطوقني طوق
الإقلاع عما يحبط الحسنات ويذهب بالبركات واشعر قلبي
الازدجار عن قبائح السيئات وفواضح الحوبات ولا تشغلني بما
لا أدركه إلا بك عما لا يرضيك عني غيره وانزع من قلبي حب
دنيا دنية تنهى عما عندك وتصد عن ابتغاء الوسيلة إليك وتذهل
عن التقرب منك وزين لي التفرد بمناجاتك بالليل والنهار وهب
لي عصمة تدنيني من خشيتك وتقطعني عن ركوب محارمك
وتفكني من أسر العظائم وهب لي التطهير من دنس العصيان
وأذهب عني درن الخطايا وسربلني بسربال عافيتك وردني رداء
معافاتك وجللني سوابغ نعمائك وظاهر لدي فضلك وطولك
وأيدني بتوفيقك وتسديدك وأعني على صالح النية ومرضي
القول ومستحسن العمل ولا تكلني إلى حولي وقوتي دون
حولك وقوتك ولا تخزني يوم تبعثني للقائك ولا تفضحني بين
يدي أوليائك ولا تنسني ذكرك ولا تذهب عني شكرك بل ألزمنيه
في أحوال السهو عند غفلات الجاهلين لآلائك وأوزعني أن
أثني بما أوليتنيه وأعترف بما أسديته إلي واجعل رغبتي إليك
فوق رغبة الراغبين وحمدي إياك فوق حمد الحامدين ولا
تخذلني عند فاقتي إليك ولا تهلكني بما أسديته إليك ولا
تجبهني بما جبهت به المعاندين لك فإني لك مسلم أعلم أن
الحجة لك وأنك أولى بالفضل وأعود بالاحسان وأهل التقوى
وأهل المغفرة وأنك بأن تعفو أولى منك بأن تعاقب وأنك بأن
تستر أقرب منك إلى أن تشهر فأحيني حياة طيبة تنتظم بما أريد
295

وتبلغ ما أحب من حيث لا آتي ما تكره ولا أرتكب ما نهيت عنه
وأمتني ميتة من يسعى نوره بين يديه وعن يمينه وذللني بين
يديك وأعزني عند خلقك وضعني إذا خلوت بك وارفعني بين
عبادك وأغنني عمن هو غني عني وزدني إليك فاقة وفقرا
وأعذني من شماته الأعداء ومن حلول البلاء ومن الذل والعناء
تغمدني فيما اطلعت عليه مني بما يتغمد به القادر على البطش
لولا حلمه والأخذ على الجريرة لولا أناته وإذا أردت بقوم فتنة
أو سوء فنجني منها لواذا بك وإذ لم تقمني مقام فضيحة في
دنياك فلا تقمني مثله في آخرتك واشفع لي أوائل مننك
بأواخرها وقديم فوائدك بحوادثها ولا تمدد لي مدا يقسو معه
قلبي ولا تقرعني قارعة يذهب لها بهائي ولا تسمني خسيسة
يصغر لها قدري ولا نقيصة يجهل من أجلها مكاني، ولا ترعني
روعة أبلس بها ولا خيفة أوجس دونها أجعل هيبتي في وعيدك
وحذري من إعذارك وإنذارك ورهبتي عند تلاوة آياتك واعمر
ليلي بإيقاظي فيه لعبادتك وتفردي بالتهجد لك وتجردي
بسكوني إليك وانزال حوائجي بك ومنازلتي إياك في فكاك
رقبتي من نارك وإجارتي مما فيه أهلها من عذابك ولا تذرني
في طغياني عامها ولا في غمرتي ساهيا حتى حين ولا تجعلني
عظة لمن اتعظ ولا نكالا لمن اعتبر ولا فتنة لمن نظر ولا تمكر
بي فيمن تمكر به ولا تستبدل بي غيري ولا تغير لي اسما ولا
تبدل لي جسما ولا تتخذني هزوا لخلقك ولا سخريا لك ولا
تبعا إلا لمرضاتك ولا ممتهنا إلا بالانتقام لك وأوجدني برد
عفوك وحلاوة رحمتك وروحك وريحانك وجنة نعيمك
وأذقني طعم الفراغ لما تحب بسعة من سعتك والاجتهاد فيما
يزلف لديك وعندك وأتحفني بتحفة من تحفاتك واجعل
تجارتي رابحة وكرتي غير خاسرة وأخفني مقامك وشوقني
لقاءك وتب على توبة نصوحا لا تبق معها ذنوبا صغيرة ولا كبيرة
ولا تذر معها علانية ولا سريرة وأنزع الغل من صدري للمؤمنين
296

واعطف بقلبي على الخاشعين وكن لي كما تكون للصالحين
وحلني حلية المتقين واجعل لي لسان صدق في الغابرين وذكرا
ناميا في الآخرين وواف بي عرصة الأولين وتمم سبوغ نعمتك
علي وظاهر كراماتها لدي أملا من فوائدك يدي وسق كرائم
مواهبك إلى وجاور بي الأطيبين من أوليائك في الجنان التي
زينتها لأصفيائك وجللني شرائف نحلك في المقامات المعدة
لأحبائك واجعل لي عندك مقيلا آوى إليه مطمئنا ومثابة أتبوؤها
وأقر عينا ولا تقايسني بعظيمات الجرائر ولا تهلكني يوم تبلى
السرائر وأزل عني كل شك وشبهة واجعل لي في الحق طريقا
من كل رحمة وأجزل لي قسم المواهب من نوالك ووفر على
حظوظ الإحسان من إفضالك واجعل قلبي واثقا بما عندك
وهمي مستفرغا لما هو لك واستعملني بما تستعمل به خالصتك
وأشرب قلبي عند ذهول العقول طاعتك واجمع لي الغنى
والعفاف والدعة والمعافات والصحة والسعة والطمأنينة والعافية
ولا تحبط حسناتي بما يشوبها من معصيتك ولا خلواتي بما
يعرض لي من نزعات فتنتك وصن وجهي عن الطلب إلى أحد
من العالمين وذبني عن التماس ما عند الفاسقين ولا تجعلني
للظالمين ظهيرا ولا لهم على محو كتابك يدا ونصيرا وحطني
من حيث لا أعلم حياطة تقيني بها وافتح لي أبواب توبتك
ورحمتك ورأفتك ورزقك الواسع إني إليك من الراغبين وأتمم
لي إنعامك إنك خير المنعمين واجعل باقي عمري في الحج
والعمرة ابتغاء وجهك يا رب العالمين وصلى الله على محمد
وآله الطيبين الطاهرين والسلام عليه وعليهم أبد الأبدين.
297